وتسرَّبت إلى الثمر النائم
كيف نسجت ظلالا وتستَّرت بها زمنا ،
ثم حلمت
أن تأتي وتقاوم
في هذا الغسق الدمويَّ من السَّلم ،
أم أنك شاهدة نزعت من قبر غائم!
أو نصب ما
يتجوَّل بين العاصمة وبين النهر
كيف اقترفت قدماك خطيئة هذا السير!
***
شيء ما يحدث ..
شيء ما
هل مرَّ هنا عبد الله
هل مرَّ هنا عبد الله فأحدث هذي النكهة وأثار الأشياء
أم أنَّا نتوَّهم صورته في الماء
فنعدُّ له شكلا
وقواما ورداء
أو أنّا نحلم ونطوَّف في الصحراء وحيدين ،
يجلَّلنا الهم!!
يا عبد الله
ها إنَّك توقظ أحزان العامَّة،
وتثير حفيظة أبناء العم
فلماذا لا تبحث عن زاوية في أيَّ فراغ كونيّ
تسكنها ..
حتى ينفذ نسلك من آخر حيّ
كي ترتاح الأرض ، وترتاح العرب البائدة ..
فقد أثقلت عليهم قيلولتهم في دوحة هذا السلم
يا عبد الله ونفَّرت مواشيهم في هذي البيد ،
فماذا تطلب ، ماذا تطلب،ماذا تطلب..
قطعة أرض تنصب خيمتك عليها،
دعك أذن ، دعك اذن ..
فهنا وهناك
كلأ يا عبد الله لزغب قطاك
فأرح قطعانك في هذا الشعب ونم
يا عبد الله ولكنَّك تطلقها داوية
في هذا الصمت فلسطينيّ
***
شيء ما يحدث ، يحدث
آخ يا عبد الله .
أين تقود خطاك رياح النّفيّ؟
-أين تقود خطاي رياح النفيّ؟
تنثرني حتى أتجمَّع
تكسرني حتى أتوجَّع
فألمُّ عظامي من أطراف الأرض وأنفخ فيها،
سبحان الحيّ
- سبحانك يا شعبي الحيّ
يا سادة من تجتمعون الآن حواليّ
أنت من يخرج في هدأة هذا الوقت إليَّ عليّ
أنت من يخرج في ذلَّ الصمت إليَّ عليّ
وأنا عبد الله العربيُّ ، أنا عبد الله العربيّ
هذا ما أنبأني الأمس به واليوم
أنبأني من رحلوا
أنبأني من لم يصلوا
أنبأني من سيجيئون من الجرح العربيَّ ، غدا ...
أنبأني الأمل .
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> صور وما تحلمون
صور وما تحلمون
رقم القصيدة : 67283
-----------------------------------
قصيدة في أربع حركات
دمي نافر وحده
جارحا ودمويا ينبغي أن يظلّ صوتي(61/228)
صارخا في نثار جسدي تجّمع , تجّمع
وفي الأشجار تفرّعي , تفرّعي
لا حدود تفصل بين الجسد الموزّع ,
في القطارات الدمويّة
في الجنون العصريّ
وفي المدى الملتهب بشظايا الأعضاء والتذكّرات
فالدم في كلّ شيء
الدمّ في الطعام , في الكلام
و الدمّ في الصحيفة ,
الدمّ موج الهواء الذي لا نرى
و الدمّ الذي نرى
في العيون والتوهّجات , ليس الحرب
هذا دم غريب نابع من صحاري البلاد
ليس هذا دم عبدالله
هذا دمّ من سلالة المسلسل القديم ..
من تعرّجات البدء والولادة
من خطا القبيلة , من قطعان الإبل السارحة
ومن هذه البريّة
التي تتناسل في فراش العراء
دم صاخب في العروق
دم لاهب في طبقات الرأس
وهذا جسد في أمّة تلوب , أنا أمّة تلوب
وهذا هو الأسى المضيء , فاحترقي بي
واسكبي من دمي البقية
للزهر وقت وللقصائد أيضا
ويا بلادي أسلّ نفسي منك ..
مثل شعرة من العجين
وأرفع سبابتي أمام لوحك الأسود
ليس كتلميذ مهذّب , ولكن كخارجي
جارح ودمويا ينبغي أن يظلّ صوتي
صارخا في نثار جسدي تجّمع , تجّمع
هذه نتف , وأسموها بلادي
هذا غبار وقالوا إنّه الغمام
لا وجه هذه العواصم وجهي
ولا نسب لي بجيوش الطوائف أو قرابة
هذا أنا وحدي
ولا قمر في الوحشة
لا عباءة أو ربابة ولا صوت معي
دمي نافر وحده , دمي نافر وحده
وحده ذاهب في جراح النبيّ الجنوبيّ ,
أعطني قطرة يا دمي .. ظمئت
أعطني نقطة لأواصل ,
سقفا لأعبره باتجاه السماء
وعمرا لأسفحه عند أوّل طلقة
دمي هائج كالذبيحة
للشوارع صمت , كما للإذاعات ,
والوقت مبتدأ الكلام ,
ومبتدأ للتفاسير ,
العرائض لا تأخذ الآن ملابسها الأوليّة ,
إلاّ عباراتها ورنين التأسف فيها
وإلاّ دمي السائل الآن نهرا غريب الضفاف ,
أوقفوا أيّها السادة هذا المسلسل ,
موتي يقول بأنّ ادعاءاتكم باطلة ,
فانظروا ..
بين هذي الحروف دمي هائج كالذبيحة ,
كلّ المحافل ما كان منها وما سيكون ,
سيوف لنحري , وشاهدة للقبور التي ترسمون ,
هنا فوق صدري الفسيح ,(61/229)
هنا وردة الأغنيات الطليقة كالطلقات ,
فلا تحزني يا بلادي كثيرا ,
دمي قابل للتجدّد في كلّ آن ,
وقبّرتي للصدوح ,
ويومي لإشراقة تصدق الوعد ,
لا تحزني يا بلادي
لعمري أكثر من حالة يتناسل فيها ,
مرة يختفي , مرّة لا يغيب ,
ولي نعمة الحسّ بالموت في كلّ آن ,
بلادي لماذا تفرّ عصافير حزنك ,
يرعشها الدمع ,
لا يا بلادي , اغسليني بأمطارك اللاهبات ,
اغسلي طرقات البلاد ,
بكلّ الصراخ الذي يملأ القلب ,
ها دعوة للصراخ المجلّجل ,
لا تنزعي صفحة من كتاب محبيّك ,
واستغفري لغة الأمهات , هو النبع يعطي ,
وأطرافك اللاسعات تمور بكلّ المرارات من
صمتك المستبدّ ,
وينضج تفاحك العربيّ ,
ليخرج من كلّ قطر إليك ,
ليرجم قاتلك المتخّفي هنا في البيانات ,
طيّ ثيابك ,
من يدّعي نفسه الحارس ,هذا عدوك ,
هذي علاماته الصمت والجبن من قاتليك ,
و هذي علاماته الاكتفاء بشجب الأعادي
علاماته يا بلادي
مزيد من الشجب فلنتفق يا بلادي
غزاتك هم خاذلوك ,
غزاتك هم صالبوك ,
غزاتك هم حاصروك ومن رجموك , وقالوا
اذهبي
أين يا مهرة الله نذهب ,
كلّ الجهات مهيأة للمهالك ,
كلّ البنادق جاهزة للصدور ,
اذهبي , في الجنوب هنالك متسعّ للردى الكبريائيّ
اهربي من هوان الردى العربيّ ,
هنالك متسعّ يا بلادي
ليس صور التي تمسح النار جبهتها الآن ,
ليس ملاك الجنوب الوحيد الذي يجرع الكأس ,
لا , ليس أشجار صور ,
ولا العاديات التي ترفع الآن أسوار صور ,
وتزرع أعلام صور ,
بعيدا بعيدا ,
وتوغل توغل في الخلق ,
إنّ مفاتنها تظهر اليوم في أوج وهج القيامة ,
في موج هذي السيول ,
توّزع حلوى الزفاف الجنوبيّ ,
كلّ الشبابيك والشرفات بصور تنادي
وكلّ الممالك موصدة دونها والحدود تنادي
بلادي بلادي بلادي
بلادي
ليس صور التي في الحصار ,
تشقّ الثياب ولكّنها الأمة السائبة
ليس صور التي في الحصار ,
ولكّنها الأمة الغائبة
إنّ صور توزّع أنفاسها العربيّة ,
خبزا لأيتامنا يا بلادي(61/230)
تتجوّل مطعونة في العواصم وهي تنادي
ألا من يشدّ زنّاري
ألا من يشدّ زنّاري
ولكّنها صور , صور التي في الحصار بلادي
وصور التي في اللهيب فؤادي
وصور وصور وصور
وصور وصور
وصور
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> طقوس عربية
طقوس عربية
رقم القصيدة : 67284
-----------------------------------
-1-
وصلنا معا للنسيج المعقّد ,
والنرجس المتشابك في المذبحة
وصلنا معا عند هذا الحطام المسمّى بلادا ,
وصلنا إلى العربيّ الغريب ,
وصلنا إلى حومة الصمت ,
مالت إلى صدرها الأضرحة
وصلنا إليك جميعا
وصلنا بلاد أسلحة
-2-
لمنديل أمي ,
لبيروت ,
للصرخات الطليقة في قفص الصدر ..
هذا المدى الشاسع البرتقاليّ من قبّرات الجنوب
إلى أين يا سيّدي القرطبيّ ,
إلى أين موكبك العربيّ ,
وصلنا إليك فهّيء لنا من لدنك الحروب
ويا سيّدي عاجلتك الرماح .. وعالجتها ,
جلّلتك الجراح .. وباركتها
صحت في النادبات , استقمت ..
فمالت عليك الخطوب
لمنديل أمي ,
لبيروت ,
للصرخات الطليقة في قفص الصدر ..
هذا الوشاح المطرّز بالموت ,
من أوّل العمر حتى امتحان الجنوب ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> وضوء الدم
وضوء الدم
رقم القصيدة : 67285
-----------------------------------
كلّ الذين شاهدوا دمي , قالوا إنّه دمي
هائجا ونافوريّا كان , فقالوا دمي
وحين امتشق جسدي الجبليّ دمه السائح
وأدّى رقصة الفاتن بين كلّ شجرة وشجرة
كامنا في خلايا الهواء
أو ذاهبا في قذيفة
قالوا إنّه دمي
و قالوا إنّ هذا العرس لا يليق إلاّ به
لأنّ الصراخ في البرية ,
ما عاد نسبا
وهكذا اكتسب دمي نهار حيويته , وعتمة الظلال
وعبر عرسه الجنوبيّ
امتدّ في نسيج لياليه السبع
مجلّلا كلّ نافذة بالتهاليل والمواويل والأوشحة
ناشرا على المدى وفي الصدر
سور قرآنه الأبديّ , قرآنه الجديد
معطيا شارة التلاوة الجماعيّة
ثم نفر , فقالوا إنّه دمي
تعرّفوا عليه في ضياء الوقت(61/231)
لم تكن الظهيرة , وكان أوان القيامة
ولم تكن النزهة , وكان السفر
ولدمي سفره , ونزهته , ووقته
ولي هذا الوضوء
وضوء الدمّ ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> اليوم أتممت تعليمي
اليوم أتممت تعليمي
رقم القصيدة : 67286
-----------------------------------
يا مساء الخير يا غرناطة الحزن ,
و يا غرناطة الوحشة والرعشة ,
ما هذا الزحام , الموج ..
فالزينة لا تأخذ من أكليلك العشبيّ ,
إلاّ الظاهر الغّشاش ..
لي هذا العرار النابض الجيّاش ,
في الأضلاع ,
لي نجد وكمّثري
ولي من ناقتي زاد الأغاني الجارحة
وجهك النعناع لا يبعد عني
وجهك الليمون كم يأخذ منّي
أصفر هذا المدى الشاسع والضّيق في آن
وناريّ هو الوصل ,
حدادي كفصل البارحة ..
سأسمي الآن سهلا
وأقول السهل قلبي
سأسمّي الآن نهرا
وأقول النهر أصلي
وأسمّي الآن وعدا
وأقول الوعد أهلي
وأسمّيك .. فأحتار ..
أقول الدمع لا
أو
أقول اليأس لا
الشمس ؟
سمّيتك الآن فغوصي في المياه المالحة ..
ما انتسابي لمزامير وبرق النهر نقش أثريّ
ما انتسابي لمزامير وبرق النهر ,
إلاّ بعض أسفاري لعينيك ,
فيا عائلة الأعشاب
هذا كورس حيّ يؤدي الآن ,
إصحاح الخروج الملحميّ العفويّ الوجه والإيقاع ..
تمتدّ البساتين إلى الصحراء والبحر ,
خذي فاكهة الدرس الختاميّ , وهذي الرائحة ..
يمنعون الآن ماعوني
يحضّون على قتل اليسار الطالبيّ ,
اليوم يستبدل الرجم بهذا الزيّ ..
آه يا حقول الجوع والحنطة ,
أسفاري إليك ابتدأت
ها إنّ موتي فنار
وردة بيضاء
قاموس
وناقوس
وقبري ضائع في الأرض بحثا ,
عن جواد للأماني الجامحة ..
آه يا حقول الجوع والحنطة ,
أتممت تعاليمي إلى الأشجار في كفتيريا الجامعة ,
الهمّ احتساني
فاحتسيت القهوة المرّة
في جمع من الناس
على رنّة أمّي النائحة ..
يا حقول الجوع والحنطة ,
أتممت تعاليمي إلى الأطفال في الشارع ,
والعمّال في هذا المدى الدامع ,
آنست إلى الراحة والطعن ,
ويا عصفورة البين ,(61/232)
احفظي عنّي فصول الأرض ,
زوري نخلة الله بغرناطة ليلا
واحملي لي بلحا أو قبلة منها
وقولي , مرحبا
يا حقول الجوع والحنطة هاتي الكتبا
بدأ العام الدراسيّ فما نقرأ ؟
إقرأ باسم هذا الجوع , واقرأ ما خلق
خلق الإنسان من فقر وجوع وعرق
وقرأت الأرض دورتها الأولى ,
عروسا مشتهاة ..
نضج التفاح والبرقوق في الكرم
دمي صار الشفق
وقرأت الأرض تحديدا بلادي
فرأيت
عنقها الفارع يلوى ويدقّ ..
***
سأغنّي الآن توقيع اعتذار
للسطوح الواطئه
سأغنّي ودمي باب النهار
يا شموسي الدافئه
يا شموسي الدافئه
ملكوتي أنت ..
عزفي الحارق اليوميّ
فوّضت عن الجوع ,
فعانقت القرى والريف والصحراء من نافذة القبر ,
وطوّفت رسولا موفدا ,
من ليل غرناطة ,
طوّفت إلى الطلاّب في العالم ,
ناديت اخرجي غرناطة الآن إلى ..
جدولك النائم والمجهول
أمداء وبيتا
واخرجي من هذه العتمة مشكاة وزيتا
فإذا الليل سجى
ما ودّع الطالب ظلّ النخل والرمل ,
ولا القلب قلى
يا حقول الجوع هاتي الكتبا
أنا ما أغمضت عيني تعبا
أنا ضوّأت لياليك بأشواق المصابيح ,
وأشعلت حنيني لهبا
فاقرأيني الفاتحة
اقرأيني الفاتحة
يا مساء الخير يا غرناطة الوعد ,
ويا فصلا جميل الرعد ,
لي هذا العرار النابض الجيّاش في الأضلاع ,
لي نجد وكمّثري
ولي من ناقتي زاد الأغاني الجارحة ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> النهر يتلو الكتب
النهر يتلو الكتب
رقم القصيدة : 67287
-----------------------------------
كان في نعمان يعنّي ويجوس الأفق عشرون جوادا
وثلاثون نشيدا جامعيّا ,
وطريق عابس
يهتف :
يا نعمة نعمان أعدّة الآن أثلامك
عشرين جوادا , وثلاثين نشيدا جامعيّا ودواة
وليكن صدرك ممدودا
ودودا
- أمض مشّط شعري
مواعيدك حانت ..
هكذا نعمة - مالت جانبا والرمح في خاصرة الوادي
أجابت
فانثنى نعمان كالظبيّ هتافا
ومضت عيناه ,
وامتدّ , استطال الظلّ
قال الوصل في الفصل
ولم يهدأ
ولم يبدأ صدى(61/233)
قال الفراق الآن في أوج العناق
المركب الرجراج , والبحر الأجاج ..
اليوم عشرون جوادا
وثلاثون نشيدا جامعيّا وصلاة
***
كان من يقرع في الليل الجرس
- عبرت روحي المروج
فإذا الريح حرس
فإلى أين , إلى أين يلوج ؟
- طوّقتني النار من كلّ البروج ..
***
بدأ الرحلة في حقل الأجاص
كتبت يسراه فوق اللوح بالطبشور ..
آيات بديات الخلاص
***
قفزت أمي إلى يقظتها ,
هزّت جذوع الطلبة
فمضى النهر إلى الشارع يتلو كتبه
وإذا بالشرطة المرتعبه
***
نقرت عصفورة خضراء عنقود العنب
فالتهب ..
***
ركضت مهرة حلمي في ضلوع الجامعة
فإذا بالقارعة ..
***
آه من نعمة لا تأتي ,
ولا يأتي إليّ النهر في هذا النهار
هل تخيط الآن تنورتها حالمة
بالنهر والأقراط والعمر الرضيّ !
أعطني شعرك يا لوركا لهذا العرس فالحزن شجي
ولنمل نحو انعطاف الشارع الآخر حتى يعبر الحرّاس
هل نشرب كأسين من البيرة في صحة هذا السوسن
المطعون , هل نمضي إلى كلية الآداب في هذا
النشيد الانتحاريّ , ونهوي نجمتين ..
ما لهذا الدفتر الغامض لا يوضح , لا يشرح أفق
الحجل الخافق , فالليل صهيل أزرق الريح ,
يتيم الأبوين ,
آه من هذي الفرس
أيقظت صدر البراري
فإذا البيت محاط بالحرس ..
***
هل أنادي يومك الغارق في الهمّ ..
يدي بوصلة الدمّ ,
إلى وجهك ..
هذا الراجف
الراعف
والعاصف ,
قولي ..
ما لهذا القفر يحتلّ كروم اللوز ,
ما للغابة الآن زفاف ونصال ؟
هذه باقة ورد , وأكاليل اشتعال
سأسوّي الآن أوراقي وأغفو
في انتظار البرتقال
نازفا متّهما بالعشب والوجد ,
وفيّاضا بنيرانك حتى الصمت والموت أرود المهرجان
آه يا لوركا ..
لهذا القصب الناحل في الوديان أمشي
ولحزن السنديان
فأعرني من دجى غرناطة الساجي
ومن ليل أغانيك اليتيمات كمان
لأغنّي لمناديل مساء كستنائيّ على الباب ..
تناديني تعال
ناصعا من جهة الزيتون
يأتي الألم الأسود يا حبّي رداء
ينبغي أن أستعيد الآن نهرا يتلوّى في الحقول
وأقول :(61/234)
ضدّ هذا القمر الخدّاع قلبي
ضدّ هذي الغابة السوداء , ضدّ النصل ,
ضدّ الحبل , ضدّ الليل ,
يطوي حسرات الفقراء
ضدّ أن تعتقل الأزهار والغزلان ,
أو تحرم ظلّ الصحراء
ضدّ أن يبكي طفل , أو أبّ كهل ,
وأن يقضي على نعمة بالوحدة في هذا العراء
ضدّ خوف الشعراء ..
***
هكذا قدّم نعمان الفتى الريفيّ أوراق اعتماد الليلك الدامي
وأدلى باعتراف القلب منحازا إلى نعمة , لم يلجأ إلى رمز ولم
يهرب إلى أيّ ضفاف
وأضاف :
يا بروقي المقبلة
جسدي في سنبلة
وثماري للقطاف
فأعدّي من جديد
لزفاف وزفاف وزفاف ...
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> رباعيتان لسارا ونعمة
رباعيتان لسارا ونعمة
رقم القصيدة : 67288
-----------------------------------
-1-
لينم هذا الأوز , النهر , والمحراث وليبدأ
نشيد الطائر الأخضر متراسا ,
وشبّاكا على البحر ,
قميصا أو صهيل
ولتعد هذي العصافير إلى الأعشاش ,
تزجي عشقها الدامي إلى الأشجار ,
وليأت الأمير الأخضر الضاعن والطاعن
في الحبّ , وفي برق العشّيات الجميل
لتعد سارا إلى غرفتها دون هديل
بالوشاح الشجريّ الذابل ,
الغصن اليتيم المائل ,
الأرض , الصدى ...
يا مصطفى الشفّاف
ما ضاع المدى الهتّاف
ما كلّ الندى الطوّاف
هل نمضي إلى بستانها سرّا
ونأتي بالدليل !
-2-
آه يا نعمة ما نعمان إلاّ طالبا ..
كان يرى المستور خلف الشجره
ويرى الشمس التي تسطع لا تسطع ..
في هذي الجذوع النخره
قال ما قال فأردته بواد
غير ذي زرع ,
عيون السحره
فأقلّي الحزن يا سيّدة الصفصاف والدّمع ,
أقلّي من أسى السروة والنبع ,
ومن لوع فضاء القبّرة ...
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أغنية الكوكب البرتقاليّ
أغنية الكوكب البرتقاليّ
رقم القصيدة : 67289
-----------------------------------
في الصباح
يرسم الكوكب البرتقاليّ تفاحة ,
ثم يقسمها فلقتين
لرلى واحدة
ولأيامه الصاعدة
وردة يشرب القلب منها بساتينه ,
وتمدّ له سلّما وعتاب
***(61/235)
يخرج الكوكب البرتقاليّ من صورة في كتاب
فإذا شارع ,
وإذا قدمان
ويرى الكوكب الطرقات , الأزقة ,
ظلّ النهار الشتائيّ , في يومه الإرتجاليّ ..
يلمس شيئا ,
فيطلع جسر ويمتدّ , يلمح ناسا ,
يرى وجه سيدة
يمشيان معا
يقطفان أغانيهما تحت سقف الظهيرة ,
أو يسبحان
في فضاء بعيد
ويرى السيدة
غيمة مجهدة
يقرآن قليلا من التبغ والشاي أو يصكتان
يشعلان القصائد حينا ولا يبتسمان
فلسيّدة التبغ والشاي أوجاعها ,
وطقوس أحاديثها الصامتة
وله دهشة المهرجان
***
في المساء
يرسم الكوكب البرتقاليّ قبّرة ,
ثم يطلقها ..
ويعود إلى صورة في كتاب ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> رجل وامرأة
رجل وامرأة
رقم القصيدة : 67290
-----------------------------------
كانت على محطة " السرفيس "
وحيدة
حمامة وحيدة
كانت تضمّ شيئا ما
في صدرها
وكان شعرها
دفاتر الريح ,
لم يصل أحد
ولم تكن وحيدة
***
كان يزفّ صامتا إلى محطة " السرفيس "
يشيّع اليوم الذي يمضي
ويرسم القصيدة
دالية , وشرفة بعيدة
***
كلّمها
فأينعت زنبقة ,
وحين كانا يهبطان الدرج
تهدّل القرنفل البريّ فوق خاصرة
وبعد ساعة تناولا القهوة
وانصرفا ..
***
كانا وحيدين على محطة " السرفيس "
قرطين ما التقيا
قرطين لا رقبة
ولم تصل عربة ...
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> حلم
حلم
رقم القصيدة : 67291
-----------------------------------
شارع يتفرّع من شارع ,
ويعود الطريق
حالة مبهمة
والأواني تضيق
لا الأغاني أغاني ,
لا البريق بريق
***
شارع يتفرّع من شارع ,
والزحام
نجمة مظلمة
في هشيم الكلام
وأرى جثّتي وأرى
وأنا أبدأ القهقرى
زهرة في الحريق
وأفيق ...
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> محاولة لرسمها
محاولة لرسمها
رقم القصيدة : 67292
-----------------------------------
في المقهى
كان يخربش أو يرسم وجها
قال لها أمس : أراك ؟
وقالت للأيام شواغلها
- لو لم يكن الهاتف ما نفعل ؟
* لا حيلة لي(61/236)
- أو نصمت ؟
* بعد قليل يصل الزوّار ,
- إذن ..
* لا حيلة لي
***
في المقهى ظلّ وحيدا
كان المذياع يردّد أغنية عن شجر ,
وعصافير تغيب , وكان يفيض شجن
يجرع قهوته ,
ويحدّث عن شجر وعصافير ويرسمها
وجها وبنفسجة وسكن ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أغنية شمالية
أغنية شمالية
رقم القصيدة : 67293
-----------------------------------
ولها
هذه الإطلالة الأولى من الطوق الحديديّ ,
لها هذا الغناء
ولها الوقت المضاء
ولها أن تمرح الآن , وأن أسكن برد الصحراء
لا أقول الزمن القاسي ..
ولا أشكو المجاعات ,
ولكّني أقول النرجس المطعون جاء ..
***
فأعدّي لمغنّيك الرماح
وأعدّي فرسا بيضاء لا تكبو
ووردا للجراح
وإذا دقّت على الباب يد ..
قولي لها :
مرّ هنا الشاعر , غنّى ثم راح ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> كرّاس للكتابة
كرّاس للكتابة
رقم القصيدة : 67294
-----------------------------------
لسراج آخذ في الانحدار ارتفعت أغنيتي
وأريد الآن أن أبدأ يا سيّدتي الأغنية الأولى
وأن أرسم في هذا المدى المغبرّ وجها وانتظارا ,
إنّه البحر عصيّ , وضبابيّ هو الأفق
ووقتي خارج من صالة النوم
إلى ساحة هذا الموت , فتّأنا ورنّانا
ولولب عنقك الفضيّ , يمعن في تصاوير المجاعة ,
إنّه العنّاب ما يسّاقط الآن من القلب
إلى آنية الأرض
ولا تدخل في أغصانك الأيام
لا تعطي سوى البرق المكّبل بالزحام
رسمت بين يديك أغنية ففرّت للحقول
حلمت بالصحراء والكابوس
هذا الارتحال الفوضويّ على سرير الليل
أسأل من يخطّ الآن أشكال البدايات
ويعطي الريح لونا
والأماسي الهزيلة مهرجانا للحياة
هي الشبابيك الوطيئة
لا النساء القادمات من الخيانة
والرضى الوهميّ والتطمين
من يعطي لهذي الأغنيات دما
وكرّاسا صغيرا للكتابة , غير سارا !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> مواصلات
مواصلات
رقم القصيدة : 67295
-----------------------------------(61/237)
يأتيني صوتك في مطلع هذا العام
رفّة عصفور ,
أو هدهدة يد دافئة ,
تمسح حزن الأيام
من أيّ رياض يأتيني هذا الزهر الحالم
هذا الهمس الناعم ,
من أيّ سماوات يسّاقط هذا الكرز النابض
هذا الصدر الناهض
بسلال الرّمان !
مطر عيناك ومطر هذا الشعر الذهبيّ ,
وصبح فتّان
وشتاء يتموّج بين يديّ ,
عواصف تبعثها الشفتان
يأتيني صوتك في مطلع هذا العام
قبّرة صادحة عبر براري الصدر ترشّ الأنسام
فأطوّ بذراعي جذع النخلة ,
أشعل فيك أغاني الأوراق ,
فتطلع في الخصر بنفسجتان
من أيّ جهات الأرض أتيت إليّ ,
و من أيّ الأزمان ؟
هذا الشفق الورديّ المنسكب على الأجفان
حلم أم أنّ أصابع فنّان
رسمت هذا السحر المجنون ,
وأعطته الألوان ؟!
يأتيني صوتك عبر الهاتف في مطلع هذا العام
ويزفّ إليّ عروس الحبّ ,
يجردّني في ملكوت الوحشة ,
من خوف الصحراء ويرسمني
عند حدود
الغيم ,
علامة
استفهام ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أغنية لعائشة
أغنية لعائشة
رقم القصيدة : 67296
-----------------------------------
إنّ صوتا يدحرجني من مساء بعيد
إلى شرفة راعشة
ينتهي عند زيتونة ظلّلت عائشة
ظلّلت بيتها الأبيضا
فأشاع الرضا
آه يا بيتها
نرجس أم عصافير من غبطة وأمان
يا مساء الرضا
إنّها تتسلّل محفوفة بالأغاني
ثوبها المدرسيّ حزين ومرتعش
مثل روح غريب
أصابعها وتر صادح
والمدى جارح
وأنا لائذ بالنشيد
فمن يأسر الآن شكل الثواني
يا مساء الرضا
يا مساء الرضا
بيننا طاولة
ودقائق محمومة جافلة
ومتاعب تنبع مثل خطى السابلة
أيّ ظلّ يلوح لنا في الزجاج
فيكسرنا
أيّ وقت يبعثرنا
إنّها لحظة فاصلة
***
يا مساء الرضا
بيننا البارحة
بيننا الكلمات الجريحة والجارحة
بيننا أنّنا نلتقي
لنودّع أيامنا الصادحة
آه أيّتها الغيمة السارحة
إغفري لي شحوبي
واغفري بعض ذنوبي
ووقوفي في العشيّات ,
وزوارك يمضون ,
اغفري لي حالتي المنهمرة
وصلاتي لاكتمال الشجرة(61/238)
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الفاتحة
الفاتحة
رقم القصيدة : 67297
-----------------------------------
إلى ماجد أبو شرار
إقترح مقعدا ,
ومكانا قصيّا
واقترح حانة صالحة
جرّدوا الروح من سورة الفاتحة
واقترح أن ننام وحيدين ,
في حجرة ,
في ثياب الرياح
ويتيمين من عشبة ساحليّة
أو طعام بلا غصّة ,
واقترح للجراح
أسرة ,
ويدا ,
واقترح
كفّة الطعنة الراجحة
***
واقترح أيّ نخب لأحزاننا
وفضاء نجمع فيه الغصون
واقترح أنت ألوان قمصاننا
يا جميل العيون
واقترح
أن نغنّي معا ونقول
في كتاب الذبول
جملة جارحة
***
واقترح أن نرى مسلكا
في مناخ العداوة هذا ..
اقترح سببا موجبا للبكاء
واقترح أن نرى ما نرى
في الخراب الذي حولنا
والسكوت الذي يحمل الفادحة
اقترح
واقترح ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> المنزل
المنزل
رقم القصيدة : 67298
-----------------------------------
منزل عند باب المدينة ينزف , ذلك قلبي
وهذي الشوارع أعضاء جسمي الذي لم يمت
وزّعوه على كلّ ناحية في البلاد
وزّعوه على كلّ منفى , وضاحية فاستعاد
دمه من أواني الرماد
***
شرفة أو حجر
عند باب المدينة يعزف محترقا
تلك أغنيتي والصجى
لم يكن دفتري ورقا
لم يكن منزلي وتر
فكتابي المدى
وكلامي المطر
والذي لم تقله الحمامة , والشرفة الساحليّة ,
قالته أمي وقال السفر :
تحت أيّ القباب
تنزوي , أو تقيم لنا خيمة ,
فالشوارع مقفلة دوننا , دونك البرتقال
زرقة البحر , مرثية الشفق الأرجوانيّ ,
خضرة هذا المساء النديّ , بكاء الشجر
***
منزل عند باب المدينة أعرف ,
كان يضمّ ويجمع سارا بأطفالها القادمين
لم يعد عند باب المدينة , جئت , إذن
كان في هذه الناحية
منزل .. ورجعت
مطر والرصيف رصيف
كيف أرسم قوسا وأعبر هذا الخريف
هذه وجهتي أم جديلتها
أم دمي في العباب
سابح , إنّ هذي البلاد
وضعتني علامة بين مخلبها والبطالة ,
ما للغزالة ,
هادئة , بينما هيأ الصائدون الرماح !(61/239)
أم ترى أنّ عزفي البعيد
أسلمته البوادي إلى الظلّ والعوسج اليابس
وهل العلّة الآن في الثوب أم
أنها العلّة , الموت في اللابس ؟
أيها البحر والقارب
إنّك الغالب ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> المعلّقة الوداعيّة
المعلّقة الوداعيّة
رقم القصيدة : 67299
-----------------------------------
لأيامي ,
لدفقة زعتر الجبل
لنعناع القرى ,
لمرافىء الأهل .
لسارا وهي تخلع معطفا ويدا
لكلّ صبية غازلتها يوما
لقهوتي التي بردت ولم أشرب
لنرجسة لها بستاننا أبدا
لكلّ دقيقة ذبلت
بلا فرح
وكلّ حمامة وصلت
ولم تصل
أهزّ أهزّ جذعي الآن منفرطا
أدور الكوكب الفضيّ منتشيا
على أنّي أعود فدورتي اكتملت
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الليلكة
الليلكة
رقم القصيدة : 67300
-----------------------------------
أيّ نافذة سكنت هذه الليلكة
وزّعت في الجهات يدي
وضلوعي
شظايا غدي
وانزوت في الخطى المربكة !
***
قلت من أين إلى أين تدور الشبكة
لا رعاياك ناموا وكفّوا
ولا
قرّ في جسدي
طائر الحركة
قلت آتيك ذات ضحى ,
من شقوق الخيام
داخلا في التفاصيل أو خارجا ,
من صليل العظام
قلت سيّدتي ,
ها أنا أذرع الأرض فاتحة ودما
وأميرا بدون حمى
ضالعا في الضلالة والصعلكة
مشرعا قامتي مثل صفصافة لا تنام
وزرائي معي
ناقتي ودمي , ورغيف الكلام
وأرى ما يمور بعينيك من فرح غائب ,
وسبيل
أرى دعوة القلب أن أسلكه
أترين الذي فيّ لهوا إذن
أم ترين على جبهتي
شارة التهلكة !!
***
ليس تفاحة ما توّهج في الصدر ,
لكنّ فلبي الذي قادني لرنين الخسارة ,
قلبي الذي كان قيدّني بالسبب
ثم قلّدني في احتفال طويل ,
وسام التعب ,
ها هو اليوم ينفض عنه الرذاذ
شفقا يدفق الضوء , دفلى
عصافير تفرد , أضلاعها وتغّني ,
فضاء يد ,
وعناقيد مشتبكة
يدخل الآن تجربة اللون منفردا ,
ساحلا
ومدى موحشا في الظلال ,
وقبّرة هالكة
كوكب غامض ما أرى ,
أم ترى كرة برتقالية ,
زهرة تتهدّل في خفّة ,(61/240)
قمر نابض في الخطوط , وأجنحة ,
وقصائد جارحة مشركة
إنّها بجعة اللون , حالمة مرّة ,
ومرارا أرى وجهها ليلكه
في يديها أناشيد بحر ,
فأين حدود الرضا !
أيّ زهر تفتّح في ذروة اللؤلؤة !
كرنفال امرأة
وسرير من العشب هذا ..
حنايا تراب بعيد ,
وأيقونة موشكة
أن تقول الذي في دمي من صراخ ,
ولجلجة وعيون
أن تقول الجنون
وهي توميء لي مدركة
أنّ نهرا من الأخضر الإنفعاليّ يلبس وجهي ,
يجوس البراري غزالا ,
وأنّي لن أتركه
أيّ درب سيفضي إلى بنية اللون ,
أو كرمة في الرؤى غائمة !
أيّ شمس تكون دليلي إلى بيت أمي ,
ودفقة رعشتها الحالمة
لا يد تسند الآن صدر المغنّي
وقد أوشك الصمت
أن يدركه !!
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> تقرير موجز لشخص بين الشرفة والطريق بين الواحدة والسادسة
تقرير موجز لشخص بين الشرفة والطريق بين الواحدة والسادسة
رقم القصيدة : 67301
-----------------------------------
رجل واحد ,
غرفة واحدة
وسريران من خشب شاسعان كبريّة ,
ووحيدام ,
أو مثلما خيّل الآن لي :
لعبتان وطفلان لا يبكيان
صالة باردة
( دقّت الساعة الواحدة
كان مذياعه صامتا ,
ويداه مجردّتين
وأنا قابلا لهدير الخراب
وجنون الكتابة والطعنات )
رجل مشرقيّ
رجل مغربيّ
رجل من دمي , ويراني , ويشبهني
رجل يشبع اللعبيّ
مقعدا يشبه بنيس ,
أو يشبه عبد القادر الشاوي
رجل بيته من نخيل
ونحيل
رجل طاعن في الأسى البابليّ
رجل في الفراق
يحتسي دمه جرعة , جرعة ,
رجل من يسار المحبّين ,
يبكي حبيبته في البعاد
رجل لا يرى بيته القصبة
رجل واحد ووحيد بلا غربة
وله نكهة الهاوية
رجل هادىء
يعبر الآن من جهة الزاوية
رجل في البداية
رجل في النهاية
يصعد السلّم الحجريّ إلى طابق في البناية
رجل واحد ,
أم أوزّة بغداد مطعونة شاردة
رجل وخطى خامدة
رجل يصعد الآن في معطف غامق ,
وفم مطبق ,
وأصابع تكمش في وحشة الروح ,
طلقته الواحدة
يقرع الباب مجتهدا في الوقوف
يقرع الذاكرة(61/241)
ثم يدخل صالتة الباردة
(صالة باردة
نصف كوب من الشاي ملقى على الطاولة
وردة ذابلة
وجرائد مهملة , كتب للغبار ,
بقايا نبيذ ,
وأرغفة يابسة
وسريران من تعب ,
وسريران من خشب ,
وأنا
والقتيل ..)
هيأ المائدة
في اختصار سريع
فقليل من اللحم والخبز يكفي ,
قليل من الخمر والشعر يشفي ,
قليل من المرأة الراحلة
( دقّت الساعة السادسة
كان وحدي
وجالسني وحده
ونفر
ثم أطلق صرخته , مستعدّا وقام
لينام )
رجل واحد ,
غرفة واحدة
وسريران , وامرأة في الغياب
وكتاب ...
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الشروع في قصيدة الضدّ تحت اسم أهجية إلى صاحبي
الشروع في قصيدة الضدّ تحت اسم أهجية إلى صاحبي
رقم القصيدة : 67302
-----------------------------------
صاحبي لم يعد صاحبي
باعني في الجريدة يوم الأحد
باعني وابتعد
بيننا أنّنا وحّد الفقر بين مراكبنا
وحّد الباب والنافذة
وحّد اللون والكلمات
وحّد أصفادنا والخطى
ووهبنا من العشب ما أبهج الروح يوما ,
وكان لنا غرفة نصطفيها
ومقهى وأرصفة حانية
ما الذي أذبل الدالية !
ودعى صاحبي للقطاف المحرّم ,
حتى أتاه اليباس
باكرا ..؟
صاحبي باعني في المزاد
باعني واستزاد
من رآنا قرنفلة ,
من رآنا سراج
من رأى الحقل والقمح والقبّرة
مطفأ صاحبي دون ظل ,
أرى صدره مقبرة
سقطت قشرة الشجرة
وبدا عاريا فأسفت
وعرفت
أنه باع أقراط عمّته , وطفولته في البلد
وطريق الكروم ,
وأرغول نعمان راعي البلد
باع أحجار , أشجار , أسرار نبع البلد
وتراب البلد
وأغاني البلد
عندما باعني ,
في الجريدة ,
يوم الأحد
***
لم يكن أوّل العابرين إلى جثّة ,
لم يكن آخر الخاسرين ولا أوّلهم
فهنالك مثلا :
ولد ضالع في السقوط
كان في جبينه فاكهة
فتنازل عنها
وضيّع سرواله راضيا
وسلّمها حينما استقبلوه على دفعتين
سلّم الفاكهة
وغدا بين بين
ثم عاد ينظّر للفرح الواقعيّ
وهو ما زال حيّ
ويشيد بسيرة من عطسوا مرة ,
في أقاصي البلد
هكذا يلتقي صاحبي والولد(61/242)
لم يكن أوّل العابرين إلى جثّة ,
لم يكن آخر الخاسرين ولا أوّلهم
كان يعرف خطوته جيدا
وهو يحصي علاماته الرابحة :
أولا : .............
ثانيا : .............
ثالثا : ............
وله وجه الوطنيّ
إنّه صاحبي
من ترى يلبس الآن هذا القميص ,
ويشعل سيجاره بيننا
أو يعبىء غليونه في أناة وخفّة يد
يقتل الوقت , يجمع ما يتناثر في ضجر
الأربعاء ,
وفوضى الأحد
أترى لا أحد ؟
لا أحد !؟
لا أحد
فلتدم هذه الرائحة
وليعدّد إذن صاحبي في هدوء ,
علاماته الرابحة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> كان يرى طريق المدرسة
كان يرى طريق المدرسة
رقم القصيدة : 67303
-----------------------------------
في أوّل النهار يرتدي قميصه ,
في أوّل النهار
ويشرع النوافذ
يرى إلى الأصابع النحيلة
يرى سحابة الغبار
يرى إلى الطفولة
يرى إلى يديه
ترفرفان ثم تهويان
يرى إلى عينيه في المرآة
يتمنين في المدى
صفصافتين تذبلان
أو طائرين يشربان من قرارة الأشياء
ويشردان في ملالة
يرى إلى جبينه
أفقا من الندى
قرصا من الدخان
ويطلب الغزالة
***
يعدّ شايه وحيدا
يعدّ خبزه وحيدا
ويشعل السراج , لا يرى الذبالة
يرى إلى المفكرة
أيامه المبعثرة
والشارع الرمليّ والقطا
وبيته الطينيّ والصبيان والبنات
يرى طريق المدرسة
كأنّما يرى دمه
يرى دمه
هل كان ناضجا , وقابلا للحب والهواء
ولاحتمال الورد والمفاجأة !
أم كان يحتمي بالحاجز الأخير
والطلقة الأخيرة !
هل كانت الظهيرة
أم شرفة خضراء وامرأة
طريقه إلى دمه ؟!
أم كانت الكتابة
كمينه السريّ , والرصاصة
معدّة للحنجرة !
حتى إذا انتهت أيام المبعثرة
وقلّب الأوراق في المفكّرة
وجال في فراغ صوته ومال
هنيهة وقال
حنينه بلا كلام
هوت رصاصتان .. أو هوى
وغطّ في المنام
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الشبابيك
الشبابيك
رقم القصيدة : 67304
-----------------------------------
كان يفكّر في صمت ويداه مصفّدتان :
الغرفة مغلقة ,(61/243)
العتمة في الخارج ,
والأحباب بعيدون
والأضلاع شبابيك إلى غده ومرايا ,
كان يفكّر :
من يعزف هذا الوقت
من يرسم أفق الريح
من يشرب قدح الشاي معي
أو يقرأ وجعي
من يخرج في هذي العتمة ويراني !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> فصل م
فصل م
رقم القصيدة : 67305
-----------------------------------
تبدأ من دمعتها مريم
يبدأ من طعنته عبدالله
وأنا أبدأ في تفصيل ضريح لهما
كوني لائقة يا أغنيتي
كوني جسدي
كوني سندي
وخذي بيدي
في محنة مريم
وصحارى عبدالله
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> عبدالله يسأل عن مكاتيب مريم
عبدالله يسأل عن مكاتيب مريم
رقم القصيدة : 67306
-----------------------------------
يا قصب الأرض تجمّع
وامددني بالقدرة لأغنّي
يا قصب الروح أعنّي
في السعي إلى ملكوت الحب لأخرج أكثر صدقا ,
وشفافية ,
وليصفو صوتي ,
فتكون له شرفات أبعد ضوءا
وحدائق يأوي المغلوب إليها
فيبلّ الريق ويأخذ زادا
ويواصل أسئلته
مريم يا قصب الروح
وكتابي المفتوح
يا أختي
أيتها الطالبة يدي ونشيدي
النائمة على أيّ رصيف أعبر ,
أو وجه أنظر ,
والراعية هنا لكروم الوحشة ,
يا ثمري
يا سفري الممنوع
هل كتب علينا الجوع !
آه مريم
كم أنّ وشاحك غامض
كم أنّ يديك تلوحان بعيدا
ومكاتيبك لا تصل ولا أصل إلى قرية
أو قربة ماء
أو جمل في هذي الصحراء
كم أنّ جدائلك القمحيّة ناضجة لعذابي
قابلة للمنفى
وأنا للشنق
هذي الدالية الممهورة بكتاب السنوات
مريم ,
هذي الأغنية الصاعدة إلى الله ,
الهابطة إلى أعمق واد ,
في أرض يبوس ,
الممتدّة حتى أول كنعانيّ من نسل فلسطين ,
إلى آخر امرأة ,
ضربتها الكوليرا في الوحدات ..
كم أنّ مناديلك لا تومىء إلاّ
لدم آت ,
إلاّ لحنين مقتول ,
ومواعيد بلا أرض ,
أو أعراس
هل نسرح وحدينا في الفلوات
هل يبدأ هذا الحقل قصيدته ,
من طرف القلب ,
ولا تنزف قامة عبدالله
إذ يتوزّعه الصدر ولا
يأكل من تفاحك شيئا !
أين إذن يلجأ يا مريم(61/244)
أين هي البريّة
أين هو الأفق لأنقل قدمي
مريم أين هي الطلقة
أين يداي هنا
أينّك ؟!
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> وصول الزبّاء
وصول الزبّاء
رقم القصيدة : 67307
-----------------------------------
أيتها الزبّاء
من أين أتيت إليّ
من أيّ جنوب يطلع وجهك بكلام الوحي
رمحا ..
وسراجا وهّاجا ,
ودماء
أيتها الزبّاء!!
في شارعنا العربيّ تجوّلت طويلا ,
كنت تفرّين إلى سفح
لا تصلك أضواء المدن المزدانة برماد الأشياء
وغبار الخوف العاديّ
كنت تفرّين إلى حضنك
حيث يرفرف علم الله ,
وتنهض في الأرض سلالتك الأولى
ويفيء إليك الكنعانيّ
وأناديك فلا صور هنا
وأناديك فلا صيدا
وأنادي في كلّ مخيم
من يعرف مريم
من يعرف يا سكّان الأرض هنا مريم
وأناديك فلا نسمع بيروت
وأناديك فلا أجد هنا بيروت
من كان يموت
من كان يموت
أيتّها الشجرة والشبّاك
من أين أتتك الأشواك
وأتيت إليّ !!
أيتها الزبّاء!!
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> سيناريو الطلق والطلقة
سيناريو الطلق والطلقة
رقم القصيدة : 67308
-----------------------------------
حين أتاها الطلق , وحين أتته الطلقة
كانت تبحث عن إسم ,
كان يقول الأخضر ,
أتريد صبيّا
ونسميّه الأخضر يا مريم
ضحكا ..
كان الطقس جميلا ,
فدعاها للنزهة ,
مشيا نحو الباب ,
أشار بإصبعه ,
هذا البيت الأخضر
فاقتربت بحنان منه
مالت سنبلة في الحقل
شبّب راع ,
رفرف عصفور بجناحيه وطار
صارا خلف الباب ,
وقبّلها في فرح , وابتدأ القصف ,
ثنى قامته نحو الداخل ,
أين يخبئها ,
ابتدأ القصف ,
يخبئّها ..
صرخت
والبيت تهدّم
صرخت للشارع
خرجت لترى وحدتها
وتلمّ عباءاتها
وتنادي الأخضر
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> كم يلزم من موت لنكون معا
كم يلزم من موت لنكون معا
رقم القصيدة : 67309
-----------------------------------
رجل وامرأة ورصيف
رجل ورصيف
رجل ,
والدائرة بعيدة
أسراب حمام تعبر تحت قباب السنة وحيدة
القلب وحيد(61/245)
والأغنية وحيدة
شجر الصفصاف يحدّثني عنك ويأخذني
من صدر قميصي ,
لأرى آخر ظلّ يبعد وراء الغابة ,
ويغيم
لأرى أو أحلم أنك في منعطف ما
في مقهى ما
أو بعد قليل يبزع قمر ,
ويضيء إليك طريقي
يأخذني هذا الصفصاف الكاذب ,
يأخذني من صدر قميصي ,
فأرى :
كم أنّ الدائرة بعيدة
كيف أفسّر هذا الوقت إذن
كيف أرى الأوراق , أرى وجهك ,
أو أتسّمع صوت رحيلك ,
أية قاطرة تعبر ,
أي دم لوّن كلماتي
وانتشر على ساحة قلبي !
هل ثمّة مدن أخرى ,
حتى أدخل بوابة كلّ مدينة
وأنادي أو أسأل عن طير الماء
عن طيف أبيض ,
عن موجة
في ثوب صنوبرة ,
أدعوها مريم
وبمن أستأنس من وحش البريّه
لآحدّثه ,
ويجالسني ؟!
لا لغة لي توصل هذا الصمت ,
مراسيمي اليوميّة تبدأ بالفقدان
تبدأ بالعتمة والمزمار
أنزف .. أو
أتلو آيات في القمح وحيدا
كم يلزم لصراخي هذا
حتى يصل مساحاتك يا مريم
كم يلزم من موت , لنكون معا
كم يلزم من عمر ,
حتى أتلّمس بيديّ الناحلتين ,
عناقيد نبيذك وأفيق
كم يلزم من ورق ,
حتى تكتمل شروقية روحي
وتليق بهذي الحمّى المنسكبة من جدول خصرك ,
وفضاء أصابعك الذاهل
يا مريم من فينا المقتول ,
ومن فينا القاتل ؟!
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> فصل ع
فصل ع
رقم القصيدة : 67310
-----------------------------------
أتممت كتاب مراثيك , وأتممت ضريحي
هدأت يا مريم ريحي
أغلقت على نفسي نفسي ,
ورميت مفاتيحي
بين يديك ,
فقد هدأت ريحي
سأنام الآن
ويقول الحجر ثوى عبدالله أخيرا
ويقول الشجر هنا كان
ويقول النهر هنا كان
وإذا نزلت فاكهة السوق ونادى البائع
أحمر يا رمّان
سأطلّ من القبر قليلا
وأقول سلاما أيتها الأرض
سلاما أيّتها المعجونة بدم الإنسان
وأنام قريرا ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الجثة
الجثة
رقم القصيدة : 67311
-----------------------------------
إثنان وحيدان
وصباح يدخل في الأسئلة ,
صباح عادي
يتسكّع في الأشجار ,
صباح جاف
يفتقدان الوقت ,(61/246)
ويفتقدان الصفصاف
وخيوط دخان
تصّاعد بينهما
وهما في المقعد يحتسيان
أيامهما ,
وتغيم الألوان
من يبكي الآن
إذ تشتبك الكفّان , ولا يشتعلان
في المنزل
والموسيقى
***
- ماذا في الدّاخل
* في الدّاخل نحن ,
ولكّنا نجلس فوق
المقعد في الساحة !
ووحيدين ,
يمرّ علينا الحارس ,
تحكين عن الوقت ,
وأحكي كيف يمرّ العمر ,
وكيف نقضّي الساعات معا
بينا أنت بعيدة
وأنا وحدي
- ماذا في الدّاخل ؟
* في الدّاخل سيدّتي لا شك ,
أثاث وفراغ
في الدّاخل بعض حرائق
ورماد صباح عاديّ
في الداخل قتلى ,
وصعاليك ,
نبيّون ,
نساء عربيّات
في الدّاخل أشياء الروح
في الدّاخل جثتّنا
فعلام سؤالك ..؟!
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> صباح الأحد
صباح الأحد
رقم القصيدة : 67312
-----------------------------------
لم يكن أيّ يوم
أيّ أغنية ,
أيّ طاولة ,
أو سبيل
لم يكن واسعا وأليفا ودالية وحديث
كان يوم الأحد
أرجوان القتيل
***
كنت أنزف كان الغبار
وادعا
ويليق بصدري
فقلت أودّع نجمة أو أستظلّ بروحي
أنا الدائريّ ,
رغيفي إذن يابس ,
ويدي لا تسرّح شيئا
فشكرا ليوم مضى
قلت أسدل حزني رقيقا
وأطلق ما في القفص
ثمّ أنسى
صباح الأحد
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أيها السكرتير
أيها السكرتير
رقم القصيدة : 67313
-----------------------------------
أيها السكرتير
أيتها السكرتيرة
إسمحا لي إذن بالخروج
واسمحا أن أرى الأرض تحتي
اسمحا أن أسافر في الملكوت
واسمحا أن أموت
***
أيها الجنرال
ليس لي قبعّة
أو عصا ( المايسترو )
فأنا معرض يتجوّل لا سرّ لي ,
أيها الجنرال
واضح مثل زيتونة , أو سؤال
ومقيم على نار أمي ,
أغنّي الليالي الطوال
أيها الجنرال
***
أيّها الشرطيّ
كن أخي , صاحبي
كن معي لا عليّ
أيّها الشرطيّ
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> لغة من شفق
لغة من شفق
رقم القصيدة : 67314
-----------------------------------
واسع أيها الكرادور
وعديد الغرف(61/247)
أيها السكرتير
هل صدف
أن رأيت دمي ينحني
قامتي تنثني ,
أو دليلي ارتجف
فالكلام الصدف
والكلام الخزف
ليس في لغتي أيها السكرتير
لغتي من شفق
فلتدعني إذن في الورق
أيها السكرتير
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الجملة الطويلة
الجملة الطويلة
رقم القصيدة : 67315
-----------------------------------
أبقى الشاعر في القنينة
صرخته وأنينه
أبقى في المطعم أشياء وأشياء
آنية ودما ,
وفراغا لا ينضب
أبقى رجلا في الكأس
طاولة ,
وكتابا ,
ويدا تشحب
يوما يعبر كالأيام
حرته الدائمة , رصيفا ممتدّا
وحديثا ما
عن رجل كان يغيم أصابع وكلام
رجل يركض فينا
لا يصل إلى فاكهة ووشاح
لا يصل إلى مترو
رجل صفصافة
يسّاقط في جوف الليل مواويل
رجل أمسك بالكلمات
أمسك بالريح ,
وأمسك بالجمرة ,
كان وحيدا كالفاقة والأغنية
وطريدا كالنيل
تتنّزه في الطرقات
يتنّزه فيه الأسف المرّ
يتنّزه فيه النهر
تتنّزه فيه القاهرة بلا تعب أو شكوى
تتنّزه في دمه مصر
رجل في المقهى
كان يخطّط جمهوريته ويقول
وجليد الصمت على شفتيه
" الصمت نعاس الضجة
التجوال ثماري
والخبز هو الملكوت "
رجل أبقى التفاحة والماء
أبقى الصحراء
أبقى في المسرح , أبقى في القنينة
صرخته وأنينه
ومشى ليموت
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> نشيد كندة
نشيد كندة
رقم القصيدة : 67316
-----------------------------------
أوّل المنشدين لكندة أعطى رسوماته ,
ورحل
لم يقل نخلة ,
لم يذق أغنية
لم يخلّف إذن في كتاب الغزل
غير ما تحمل الأحجية
وأنا آخر المنشدين
آخر المنشدين لكندة ,
روحي تحوّم في فلك لا يبين
ودمي صارخ في البراري ,
دمي موغل في الصحاري ,
حزين
أيّ عمر أوزّعه في المقاهي ,
وتحت سقوف الخراب ,
أوزّعه نرجسا ,
وقرنفل في ثوب كندة ,
حتى أراها
ويمتدّ جسري إليها
وأيّ مساء يجرّدني من نعيم القبل
أيّ معنى لخطوتها في الضحى
وهي تطرق بابي
وأيّ جبل
بيننا !
نلتقي في غبار البوادي طريدين ,(61/248)
لا حانة أصطفى
لا نبيذ المقل
أيّ مبنى يليق بها غير منزلها ,
وبروحي سوى أفقها اللازورديّ ,
قرميد غرفتها ,
والندى يغسل الشرفات !
أيها الحجر المرمري
من ترى يسكن الآن فيّ
من ترى يخرج الآن من بين أضلاع كندة ,
يسكب جمرا على ما تبقّى من العمر ,
من نافل العمر ,
ايّتها الطرقات !!
أيها الشجر المرتوي حيرة وظمأ
ها أنا مفرد كالصدى
والمدى قدح ما اكتمل
أيها الأسف المجتلى , يا حصان
أننا توأمان
أيها المبتدأ
ما العمل ؟
ما العمل ؟
في الدخان الذي يحجب الآن ,
أسوار عكا
وما ساعدي في المنافي إذا ما وصل
أوّل المنشدين رحل
وأتاني النبأ
وأنا بين خمر وأمر ,
أحاول أن أستعيد سبأ ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الحجر الكنعاني
الحجر الكنعاني
رقم القصيدة : 67317
-----------------------------------
1- الألوان
جاء لها في الورقة أنّ الشاعر مسكون بالريحان ,
وسرّ الألوان ,
وجمّع في الأبيات , حنين اللوحات ,
وجمّع ما يقدر من صمت وضجيج يملؤه ,
جمّع من بيدره القمح ,
وجمّع برقوق الروح ,
وقال لها من أنت إذن
أيتها السيدة الذاهبة بعيدا في أفق الوحدة والصحراء
بساتيني مشرعة الأسوار ,
وحرّاسي يغفون ,
ولا قاطف إلاّ الريح ,
ولا ملكوت لنقشي , من أنت ؟
لماذا يبحر صوب ديارك هذا الشاعر أبدا ,
دون وصول
ولماذا يمنع من فاكهة الأرض نشيدا ودخول
***
ولماذا تكذبه الألوان , لماذا تكذبه الأوراق ,
وتنكره الأشعار , وتنكره السيدة الشفقيّة ,
دون سؤال أو هم تبعثه غربة هذا المخلوق ,
ولون يديه المائل للصفرة والموت ,
فلا تشرق يوما وتزور حرائقه الليلية ,
وسط خرائب الموجودات الأولى ,
وبنفسجة الحسرة ,
أيّ ندى يتشوّق , أيّ جدائل ,
ولماذا الأشعار تضيع ,
لماذا يذبل هذا الورق الساقط من أشجار القلب ,
وتنفيه الريح , بعيدا عن ساحة غرفتها ,
لا يعرف أين يقرّ ,
و لا يعرف أين يفرّ ,
ولا كيف يهيء شعر النسيان
ولماذا تتكسّر فيه الأغصان ؟
***(61/249)
بردت قهوته الآن
ورماد سجائره صار إلى النسيان
والوقت مضى ..
سيغيب إذن في صمت الشارع ,
أو خلف الكثبان
قال لها سيدتي
ستظلّ عيونك أغنيتي
وتظلّ الألوان
أجمل ما تمنحه الروح ,
وأكمل ما تبدعه الشفتان
وتظلّين معي وعدا
وبقايا من حلم كان
لا أعرف إن كنّا سنرى اليوم الآتي ,
أو أنّا في بعض الأحيان
نتقابل ,
أو أني أشرب قهوتك الطيبة ,
وألمح في عينيك الأشجان
لا أعرف سيدتي
يا قبرّتي الضائعة بعيدا
في صمت شوارع عمّان ..
2- غزالة كنعان
جاءته الحرب وكان يوّدعها
جاءته الحرب وكان على شرفتها
جاءته الحرب وكان يخبيء في جنبيه
نرجستين ولا يحكي
جاءته الحرب وما كان لديه
إلا دمه ويداها
والقيد
جاءته الحرب
جاءته بيروت
جاء صراخ الله وكان يهيء قدّاسا
وتراتيل تليق بيوم عابر
كان يجانس بين أصابعها الناحلة ,
وبين الأغصان
بين جدائلها وسنابل مقصوفة
ويرى الطوفان
جاءته الحرب وكانيودّعها
كان على باب حديقتها
منطفئا وترصّعه الفضّة
كان خريفا من ورق وذبول
كان على باب حديقتها يهوي
كإناء فخاريّ
ليس له في الأرض سرير
ليس له مائدة أو مقهى
أو أسبوع من فرح أو قمح
أغلق باب حديقتها ومشى دون وداع
وتلّفت نحو ستائر بيضاء
ستائر واضحة كالدمع ,
وأفق تتشابك فيه الأشياء
كان المغرب مرتبكا , وخجولا ,
أضيق من حفرة
كان بلا إيقاع
أغلق دفترها , واستقبل يوما عاديا
واستقبل أخبارا أخرى
وجرائد أخرى
جاءت صبرا
جاءت أيام دراسته في الجامعة هناك ,
وجاء البحر
جاءت غرفته المتواضعة , فما الأمر !
جاء اللحم البشريّ رصاصّيا
جاء الأفق رماديّا
جاءته غزالة كنعان وماتت بين يديه
جاءته الكنعانيات وحيدات
إلاّ من أطفال الكنعانيين
جاءته البريّة
جاءته عصافير الأرض من الشيّاح
جاءته النافذة الأولى
ورأى شمل العائلة ,
راى المفتاح
ورأى ..
***
ماذا بعد ؟
ماذا بعد ؟
جاءته الحرب وما كان لديه
إلاّ دمه ويداها
والرّد
3- دم الزنبقة
للأغاني طقوس المحبّين ,(61/250)
للنهر أسراره والبراري ولي
هذه الفسحة الضّيقة
ودم الزنبقة
ولي الآن هذا الفلك
أن أدور وحيدا وأصرخ في غرفة مغلقة
هذه الأرض سيّدتي محرقة
والبلاد التي زرتها في الضحى
لم تعد في البلاد
دخلت قميص السواد
للأغاني طقوس المحبّين , لي أن أغنّي الضنك
خبزنا مشترك
يومنا مشترك
أيها القلب يا سيّدي , يا أنيس التعب
يا كروما من اللوز , يا وطنا ,
من حقول القصب
ما الذي يسكن الآن فيك وكيف أسمّي اللهب !
والجنون الذي يملأ الحلقة
هذه الأرض سيّدتي محرقة
يا سفينة , يا بحر , لا أسأل الآن ,
لا أحتمي بملاذ
لم يعد في ظلال المساءات من مطر ,
لم تعد يا مساء الرذاذ
لم تعد زنبقة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> في انتظار الندى
في انتظار الندى
رقم القصيدة : 67318
-----------------------------------
ومنذ ساعتين , منذ أغنية
أجلس في انتظارها
أرقب صيف السنبلة
وأرسم القرنفلة
تقول لي لفائف التبغ وأعقاب السجائر الكثيرة
يقول صمت الغرف
ووحشة المقاعد المصطفّة
تقول لي نفتقد اللفة
نفتقد الصوت هنا والندى
فلا صدى
لخطوة تهبط , تصعد الدرج
ولا ابتسامة , تلوح في فضاء دارها
فمنذ ساعتين
أجلس في انتظارها
فأين ياسمينة الأصابع
شربت قهوتي , شربت قهوة المواجع
ولم أزل أتابع
هذا الرماد في الكلام
ولم أزل أدوّن الهواجس
وليس غير الريح ما ..
يدقّ صدر النافذة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الأغنية التي تنام في الورق
الأغنية التي تنام في الورق
رقم القصيدة : 67319
-----------------------------------
على الورق
يمكن أن أحصي حسرات العام
واحدة , واحدة , وأقول
ما يسكن الصدر ,
وما يزنّر الأيام من أرق
يمكن يا أسيرة الغياب , يا كثيرة السفر
أن أجمع النجوم والكروم
قلادة ,
إن شئت أو حلق
على الورق
والياسمين تاج
على جبينك الوهّاج
يمكن أن أجوب البحر
في مركب وأنت جانبي
يمكن , فالزمان صاحبي
وتحت إمرتي الأشياء
يمكن فالصحراء
بعيدة ..(61/251)
يمكن أن اقول قلبي احترق
على الورق
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أعطني جمرة أعطني نايا
أعطني جمرة أعطني نايا
رقم القصيدة : 67320
-----------------------------------
يناسبها وهي تهرب منّي
يناسبها أن أغنّي
وأن أجمع الروح , أجمع هذي الشظايا
وما يتناثر من خفقان الجوارح ,
لا أحتسي في صباح الخميس سوى
صوتها
من بعيد يجيء
ومن مقعد من أمامي يجيء
فما بيننا غير طاولة , غير نادله ,
غير كوبين ,
غير خريف ومنفى
وغير رصيف التعب !
لماذا تصير الأغاني حطب !
يناسبها وهي تهرب منّي
يناسبها أن أغنّي
وترشقني بالرماح أشورية ,
كيف تهطل برّاقة في سحاب يديها
وتأتي الفراشات , تأتي إليها
تحوم وتهوي
وحزني يأوي .. إليّ ..
ويومي ليس يضيء
ومن آخر الأرض , من بيتها
في أقاصي الجبل
يطلّ إذن وجهها ويجيء :
بريد الليالي الوحيدة , لا أصدقاء ,
ولا ضوء مقهى
بريد الهديل
بريد الصحارى التي صاحبتني
فما مسحت بالمناديل حزني
ولا تركتني
أعالج هذا الرحيل
بريد الكتاب الذي لا أصل
فيا أيّها الغامض المشتعل
ويا أيّها السرّ ,
يا أيّها المستقر , الذي لا يقّر ,
الذي لوّن الأفق بالفضة البابليّة ,
والأقحوان الغريب
وأعطى شفافية الكائنات ,
وأعطى يدي صمتها المتكّبر , أعطى
البدايات ,
أعطى المساءات , أعطى الوشاح
وأعطى الرياح
ممراتها باتجاه قلوعي ,
أعطني لحظة , لأعدّ ضلوعي ,
ومن بعد يا سيدي الغامض المشتعل
أعني , أعطني جمرة ,
وأعط عمري نايا
يناسبها وهي تهرب منّي
يناسبها أن أغنّي
وأن أجمع الروح , أجمع هذي الشظايا
أنا النهر , والنهر ثوبي , ولا ثوب لي
أنا الحجل المرتحل
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> ويكون لنا أن نبكي فرحا ونغني
ويكون لنا أن نبكي فرحا ونغني
رقم القصيدة : 67321
-----------------------------------
ذات أساور من فضة
ذات نشيد من فرح وعسل
ذات بلاج قادمة في المطر البلوريّ
في موجات الريح الهادئة المهتاجة(61/252)
في أيقونات الحزن السريّ
ذات نهار
سأميل إلى قلبي
هذي الفاكهة الوهّاجة
سأميل بنا يشبه خجل العاشق
خجل يدين ملّوحتين بلا أغنية أو عشب
سأميل قليلا
وأحاول أن أكتب عبلة
أكتب عينيها
أكتب هذا الدمع المختبيء الحيران
خلف الأجفان
أكتب هذا الخوف الإيجابي ,
على صفحة مقعدها الصامت ,
وفي ثوب الأسئلة القلقة
أجمع كلّ خيوط الورقة
خطوتها المتأنية إلى العمل اليوميّ
رنة وحشتها
في ساعات الضيق
وأنين الإبريق
أكتب كيف يسيل العمر كلاما ,
وكرات حمراء
في فلك الصحراء
أكتب برق الروح الليليّ
برقوق اللوعة ,
هذا الطوق الدّوار الراكض ,
نحو غزالات الله ,
ونحو بروج الملكوت
حيث يفيء البحر إلى دالية ,
والعمر إلى صارية ,
والأرض إلى يوم موقوت
كيف أقول عذابات الحلاّج , أقول ليديك ,
أقول مرايا الصدر المكسور
و أقول الوجه ,
أقول غبار الموت ,
أقول أصابعنا ,
و أقول المستور
و أقول :
ما فعلته قيود الأرض بنا
ما فعل الدولاب
بكتاب الأحباب
ببراعم زهر المنفى
ببراعم هذا الحلم الممتدّ إلى آخر ما
يسكن فينا من طعنات
ما يسكن فينا من نرجس
كيف شربنا الكوب وحيدين وكيف
أطبقت الأرض علينا
كيف ملاك الخوف
كان فتيّا ورشيقا ,
لا يلبث أن يقطف أجمل أزهار البيت ,
ويذهب
كيف نعود إلى المكتب
ونواصل في اليوم الثاني بهجتنا الغائبة ,
وكيف نموت ,كيف نجيء من الوقت الحجريّ مضيئين ,
بلا ميعاد
نتنفّس مفتونين بأسرار الخلق الأولى
من ينثر حنّون الوديان
ويعيد لنا رائحة العشب ,
يعيد الألوان
هل نفتح أعيننا يوما
ونرى يا عبلة برّ الشام
ونرى الأيتام
كيف يقيمون على مدّ الأرض لهم
أعراسا
ويرشون ندى الآتي
حيث تفيق الأشياء
ويهلّ الماء
هل يخفق صدر الأم ,
وترتعش نباتات الربّ , تجود الأنهار
واو ..طاء .. نون
حجر مسنون
هذا قلبي حتى
ينبلج الفجر المكنون
ويكون , نكون
يا عبلة ويكون لنا أن نبكي فرحا ,
ونغنّي
ويكون لنا بستان ,
ويكون لنا في هذي الأرض مقام ,
ويكون لنا دار
ذات نهار(61/253)
ذات نهار
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الوقوف في جرش
الوقوف في جرش
رقم القصيدة : 67322
-----------------------------------
وقفا نحك على أسوارها
بعض ما يوجع من أسرارها
ولنمل حينا من الوقت على
غابة تفضي إلى أغوارها
يا خليليّ فلم يبق سوى
ومضة أو قبس من نارها
ليس ما يسكنني الآن شجى
بل صبا الأحباب من تذكارها
نفرت عنّي ظبيات الحمى
وتسّربن إلى أشجارها
وتذوّقت النوى مشتعلا
وسكبت الروح في مزمارها
فكأنّ الحبّ ما كان ولا
كانت الأضلاع من سمّارها
يا خليليّ وما من نجمة
ضوّأت إلاّ على ابيارها
حمّلتني فوق ما أحمله
ورمتني بشظى زوّارها
يا خليليّ ولا تستعجلا
ما شفي القلب سوى غوّارها
فأعدّا لي بساطا أخضرا
واستراني بسنا أقمارها
لم يعد لي في الورى من وطن
فاحسباني من لظى نوّارها
***
لأقل إنّ أحبائي ينامون هنا
وعلى مقربة منّا ,
على باب جرش
و لأقل إنّي أشم الآن عطرا من دم ,
ما جفّ يوما وارتعش
باسمهم أجمع أوتاري وأبدأ
باسمهم أنزف لوني ,
أتلألأ
تحت شمس الجرح لكن ..
كيف لي أن أقتفي اللحظة غزلانا ,
على مدّ براري السنوات
باسم من يصعد الآن قلبي
إلى تلّة الهاوية
باسم من أرسم الجملة العاصية
أو أهزّ الستار
سأغنّي إذن
باسم من
باعني للقفار
وأتاني يتيم الضحى ونقش
إسمه جيدا قرب باب جرش
وأغنّي :
دفنّا أجمل الفتيان فيك
وقلنا يا صبّية هل نفيك
فمن أسقاك هذا الكأس مرّا
سقاني من لظاه بختم فيك
وقفت على طلولك في جلال
أريك من الهوى ما لا أريك
لئن طوّفت في البلدان عهدا
فقد كانت يداك هما شريكي
***
وأصمت لحظة , وأرى حبيبي
أراه هنا
أرى عينيه , قامته
وخطوته
أرى الشجر الكثيف ورقصة الأغصان
أرى في الفندق الصيفيّ مقعده
أرى يده ,
أرى ما يكتب النسيان
أرى ما كان يرسم أو يغنّي القلب والشفتان
أرى ما خطّ في يوم على كفّي من الكلمات
وأقرأه , وأعرف أنّ شيئا مات
وأنّ يديّ من حطب ,
وأني صرخة في أبعد الغابات
وأصمت لحظة وأرى حبيبي(61/254)
وسنبلتين من قمح الجنوب
أرى برقوقة الوضّاح
على خدّيه ينتشر
أرى ما يفعل السفر
أرى التفاح
أرى أفقا
ونخلا لاح
فأصمت لحظة وأرى حبيبي
فمن أعطاه هذا الوهج ,
من أعطاه أيتها الشوارع نعمة السلوى
وأعطاني أنا الأقداح
***
لا عصافير هنا , لا طلقات
لا حبيبتي
أيّ نبع , موحش دون حبيبي
أيّ نهر ميّت ,
وأياد في الفراغ
يبست دون حبيبي
أيّ راع قادم بالماشية
أيّ درب كان يوما
في ضحى العمر قطوفا دانية
يا حبيبي
أيّها القلب تحسّر
أيّها النهر المبعثر
في حبيبي
أيهّا النبع الذي ما جفّ بعد
في نسيمات حبيبي
أيها الراعي المضيّع
قف قليلا وتجمّع
وتوزّع
باسم روحي ثانية
في شعاب البادية
واغفري لي يا جرش
اغفري ما كان من جهل وطيش
واسكني في وجعي
وتعالي وابدأي الرقص معي
في تراتيل حبيبي
ربما كنت مع الطعنة أوذي من أحب
ربما كنت مع الطلقة مفتونا
بما غاب طويلا عن يديّ
فإذا عاد إليّ
لم أر المطعون والموجوع مثلي
وإذا نيران أهلي
تقصف الروح وتنهال عليّ
ثم تذروني مع الريح بعيدا عن حبيبي
وقف القلب وحيدا يا جرش
وقف المغرب يبكي يا جرش
وقفت كلّ القرى
وقف النهر ومال
شجر الدفلى وقال :
لا عصافير هنا للمقصلة
لا عصافير هنا
لا عصافير هنا
أين يا أرض حبيبي
أين يا أحجار , يا آثار , يا أشجار ألقى ..
بعض أجزاء حبيبي
طوّف الأرض وما عاد حبيبي
طاف في كلّ المحّطات حبيبي
كان في الشبّاك , في الباب حبيبي
كان في الساحة والحفل حبيبي
كان في الدبكة والموّال والعرس حبيبي
كان يا ما كان أسبوعا من الرقص الغريب
كان يوما لحبيبي
ساعة للموت في حضن حبيبي
لحظة وانتهت الرقصة في صمت على وجه حبيبي
وغفا واستيقظت روحي
وما عاد حبيبي
أين يا أرض حبيبي
أين يا أرض حبيبي
واصلي عزفك لا تنتظريني
واملأي الأفق بعطر الياسمين
ودعيني في نواعيرك صوتا
أتملّى عمرك الآتي دعيني
شاهدا حيّا على أيقونة
أو رخام ها هنا أو كوم طين
ضوئي القنديل في العتم إذا
شاقك الحزن إلى رؤيا جبيني(61/255)
تجديني مثلما كنت ندى
وعلى مرّ الثواني تجديني
****
كيف على مرذ الساعات تدور الأفلاك
كيف يجيء الصيف وأنت هناك
كيف يجيء الصيف ولا ألقاك
كيف أراك ؟
لغيابك وقع السيف ,
يقول دمي ويقول هواك
كيف يؤوب العشّاق من النزهة ,
فرحين ولا ألقاك
أو ينتشرون غزيرين على الطرقات ,
ولا ألقاك
كيف تسبّح في الأفق الأطيار ,
وتسبح في البحر الأسماك
تتمايل أعشاب الأرض إذا داعبها الريح ,
ولا ألقاك
وأنا لا أرضا أصل ولا أنساك
كيف يلوّن هذا الحنّون الأحمر وجه الأرض ,
وتزهر في الحقل شجيرات اللوز ,
ولا ألقاك
كيف تعرّج نحو السفح ,
ويمتليء الوادي بشذاك
تتسّرب في خضرة هذي الأوراق ,
وتنسلّ خفيفا في الريح ,
ولا ألقاك
وتنام وحيدا في الأحراش ,
وأبحث عنك ولا ألقاك
وإذا لاحت في البعد يداك
والتمعت عيناك
تحتفل الغابة ,
والأشجارتخف لمسراك
وأدوّر ولا ألقاك
كيف إذن يسعفني الإدراك
كيف أراك
كيف أراك
***
تشير لي أن أتبعك
أمشي معك
أمشي إلى الأفق
أمشي إلى حدود الورد
أمشي ولا ألقاك
أمشي إلى كلّ النواحي لا أرى من أحد
أمشي إليك
أمشي معك
أمشي ولا أراك
والآن أيّها الملاك
أريد أن أودّعك
أريد أن أردّ الروح لي ,
أن أنزعك
من دفتر الموتى
وأزرعك
في أيّ خيمة , أو منزل ,
وأسكبك
في كوب أضلاعي وأشربك
أريد أن أودّعك
أريد أن أودّعك
كي أستريح منك أو معك
أريد أن أودّعك
***
أكتفي بالكلام ,
فأخذ منك الكلام
أكتفي بالصدى
فيجيء الحمام
أكتفي بيديك اللتين
تزهران
وسط هذا الحطان
أكتفي بالغناء فيشرق فيك المكان
أكتفي بالقوام
أكتفي بالأصابع
أكتفي بالشوارع
أكتفي بالزحام
أكتفي أيّها الدم والأرجوان
أكتفي بالبريق
أكتفي بحجار الطريق
أكتفي بارتعاشة روحي وأسعى
أكتفي بالذي يكتفيه الغريق
أكتفي بالذي أكتفيه ,
فيفزع هذا الصنوبر منّي ,
ويفزع حتى الكلام
يفزع الصدر , كيف أنام
يفزع الأقحوان
يفزع العابرون إلى يومهم ,
في صباح الطعام
يفزع الباب والطاولة
تفزع الطاوله(61/256)
يفزع المقعد الخشبي
يفزع الطير والريح , تفزع فيّ العظام
تفزع اليابسة
فاستقري إذن واهدأي
لا بديل ليومي
لا بديل لتفاحتي الناضجة
لا بديل
وإلى أبد الآبدين إلى أبد الآبدين ,
تظلّين لي
وتظلّين أنت اليمام
ابتدىء في الرماد
ابتدىء من ثياب الحداد
وابتدىء يا حبيبي
ابتدىء
كلّ شيء بدا
من خراب سبأ
ابتدىء كالبدايه
ابتدىء كالغوايه
ابتدىء من أساس السقيفة , من خرقة بالية
وابتدىء دالية
تشتريني في مزاد القلق
ابتدىء في الورق
ابتدىء في الأزقة والمدرسة
ابتدىء من يدي , واقتصدني
فمن يشتريني
ابتدىء يا حبيبي
يا حبيبي ابتدىء
ليس في هذه الأبنية
ما يضيء طريقي إليك , فمن يشتريني
خذ جبيني
لتكون الأغنية
خذ جبيني
خذ جبيني يا حبيبي
وابتدىء
***
ويقول هذا الصمت أحيانا
ويكمل ما أريد
فإذا سرحت ,
وحدّقت عيناي فيك ,
فلا جديد
وتنوب موسيقى المكان ,
تكون أنت ,
يكون عيد
ويكون أن تتعانق الأيدي ,
ولا يصل البريد
***
ويا حقلا من الدّراق
أتيناه
زمانا والرضا دفّاق
وتيّاه
بعدنا عنه في الآفاق
بعدنا ما نسيناه
وجبّأناه في الأحداق
وفي جنباتنا تتوالد الآه
سكبنا ظلّه العسليّ في الأوراق
فأنّ القلب في الأنحاء :
لكم هذا الهوى حرّاق !
وحين تنام عين الناس
وتشكو الروح منفاه
نجيء إليه مرتاعين والحرّاس
هنا انتشروا بلا عدد
هنا حبسوا إلى الأبد
ختام الوعد والإشراق
أيا حقلا من الدرّاق
على طرف من البلد
نظرت وليس من أحد
على جنباته يشتاق
لقد كان المحبّ هنا
وكانت ناره أسواق
وكان البيت مأهولا
فلم يغلق نوافذه
أمام الريح والطرّاق
فأين ثمارك الأولى
أيا حقلا من الدرّاق
لكم هذا الهوى حرّاق !
لكم هذا الهوى حرّاق !
***
وأسأل عنك البيوت
وأسأل عنك الصبايا
إلا من رأى في حواريّ جرش
فتى للمنايا
رأى ما رأى فاندهش
فتى كان قرآنه في الجبل
فتى ما ارتعش
فتى دافئا كالرذاذ ,
توزّع بين الغصون
وكان يغنّي , يموت
فتى ما وصل
وأسأل عنك البيوت
ألا من يدلّ خطاي إلى الملكوت(61/257)
ألا من يدعني أمرّ لأبحث عنه وأبكيه ,
أو ألتقيه ,
وماذا لو أنّي سألت الحجارة
سألت الشجر
سألت الفلا عن حبيبي
سألت المؤرخ أين وضعت حبيبي
وكيف تزيّن لي هذه الواقعة
وماذا لو أنّي سألت جرش
وفتيانها
و سألت غيوم جرش
وفي كلّ حرش توّقفت ,
أو ملت حينا ,
إلى أنّة ضارعة
أو شققت الفضاء
وماذا لو أنّي ..
ألست حبيبي ,
فكيف إذن يا حبيبي تموت
أموت !
تراني أموت
ولا أزهر الآن في شتلة التبغ ,
أو في حقول الذرة
تراني أموت
وما زال ينبض صدر الكمان
بما يلهج العاشقان
تراني أموت ولا مغفرة
تراني أموت
ولا ألتقي بأحد
تراني أموت
ولا قبر لي مثلما تعرفين
فمن أين آتيك ,
من أين أعبر هذا النفق
وجسمي احترق
كما احترق العشب في لغتي
والغناء على شفتي
وبكاني الشفق
تراني أموت
فكيف سألقاك وسط البلد
وكيف أجيء
وحيدا
وكيف أضيء
قتامة يوم الأحد
وما بيننا العنكبوت
وهذا الدم , الجبروت
تراني أموت , أموت ,
أموت !
وما غبت , لكنّني نمت وقتا ,
وخلت بأنّك في حجرتي ,
ترقدين ,
وأنّي أزور سريرك ,
قلت قليلا وتستيقظين ,
ونشرب قهوتنا
أو نسّرح قطعاننا مع بزوغ الشعاع ,
ونجمع بعض الحطب
وكان الهديل
وكنت أناديك باسمك لكّنهم أقبلوا
وانتهيت إليك شظايا ..
ابتدأت الرحيل
وها أنا في زهرة التبغ ,
في سروة ,
أو يد ,
في ظلال التعب
ألوح دخانا ,
ألوح لهب
ولا يعرف الموت يومي , إسمعيني , اسمعي :
ما متّ هذا الموت أخدعه
وأظلّ أبدع في الدنا نقشي
مهما يحزذ الطوق من عنقي
والناس كلّ الناس تستعشي
يبقى لي اليوم الذي جهلوا
يبقى لعينيك أنّني أمشي
أستلّ من ناب الردى رمحا
وأصوغ من قحط الذرى عيشي
لي في الفضاء الحرّ منطلق
لي في المخيم عدّة العش
لي أنّني أبني على مهل ,
كوخي وأرفع من دمي عرشي
***
مثلما أية ساقية جبليّة
كنت أشقّ الطريق
يتخلّلني الحصى والشوك
التبر والتراب
تتخلّلني الأعشاب
طيبة وسامة
يتخلّلني القريب والغريب
البنفسج والعوسج
وتأتيني العصافير والأفاعي(61/258)
وجنبا إلى جنب
كان ابن آوى
وكانت الحمامة
كانوا جميعا يحرصون على النفاذ إليّ
والزواج بي
كما يحرص الوالد على حفظ اسمه في إبن ,
أو حفيد
ومثلما يحرص الفلاح على محراثه
والسلحفاة على ثوبها الواقي
كنت أشقّ الطريق
وأكتم صراخي
أو أطلقه كأسير
كنت أسعى وسط هذا العرس الفقير
بلا جواد أو حجاب
لأصل إليك
حيث تنام وحيدا في الوادي
مجلّلا بالبياض
ومضيئا بنوري
***
فاعطني يدك الناعمة
راية لدمي
واعط للريح نكهة أيامنا القادمة
فلعلّي أرى أمي النائمة
ولعلّي أراك
مرة ثانية
يا أمير الهلاك
وأغيّر رنّة هذا النشيد إليك
نشيد يدك
أعطنيها
لأرى الحنطة فيها
لأرى عمري الذي ضاع ,
أرى الزعتر والنعناع ,
والكرم الذي يختال تيها
أعطنيها
أعطني أيامي الأولى وأغنيتي
أعطني معطف روحي
أعطني الإبريق مكسورا ,
وأعط الماء بئرا
واعطني آنية ,
أنت اصطفيها
يعتريني الآن صفصاف بعيد ,
وأرى ما يعتريها
يدك الضوء التي لم أنس ما قالت ,
أغانيها ,
وقد طوّفت فيها
إقرأيني واقرأيها
تجديني في خطوط العرض والطول ,
أسمّي كلّ يوم قبّرة
وأسمّي المجزرة
وأسمّي ما يليها
وابتعدنا , فإلى أين يدك
وابتعدنا فإلى أين حصانك
وانتظاري ,
وإلى أين غدك ,
***
أتوّقف في كاتدرائية أحزاني
وأحدّث غرناطة
من أيّ الأبواب إليك سأدخل ,
يا امرأتي الغافية بلا زنبق
يا منفى قلبي
يا صدري المغلق
يا رمّان المغرب إذ يتهدّل ياقوت
يا حبّ التوت
من أين إذن أتدّفق
في خاصرة الأزرق
يا امرأتي الغافية ,
سأفتح من روحي بابا
وأشق التابوت
ليكون الزنبق
***
غرناطة
آه يا غرناطة
يا نهرا يخفي عن عين الأعداء عياطه
القلب تجزّأ يا غرناطة
الصدر براه الهمّ طويلا يا غرناطة
الجسد هنا يذبل ,
والشّباك يئن , وتستجر الغابة
أغصانا ورياحا ,
وكآبة
وامرأتي تبكي
آه يا غرناطة
يا أختي المغتربه
في هذه العربه
هل سيكون لنا عتبة
غرناطة أيّتها الموجه
غرناطة يا قرميد البيت
يا أول حجر يسقط من غرفة نومي(61/259)
غرناطة , آه يا غرناطة
ما أجمل وجهك
ما أبعده عنّي
ما أجمل هذي الخصل على سهل جبينك
ما أجمل هذي الخصلة
ما أجملك وأنت بعيدة
ما أجملك الليلة
وأنا استحضر فضّة صدرك ,
وأساور وخواتم أيامي
غرناطة ,
يا دمعا ينساب على الخدّين نحيلا
ويهزّ عظامي
ما أعذب رنّة يدك الصامتة معي
أية موسيقى تقطر وأنا ..
أنطق غرناطة حرفا حرفا
ما أجمل هذا الساعد
ما أجمل هذا الخصر
ما أجمل هذي السيقان
إذ تتنقّل من لبلاب الدار إلى
قصب الوديان
غرناطة
ما أجمل فرحي بك
وأرقّ عذاباتي
أنت جميلة
ويداي مراكب
والبحر بعيد يا غرناطة
البحر بعيد
وأنا من دون حبيب أو صاحب
أتوّقف في كاتدرائية أحزاني
أتجوّل فيك ,
وأسأل غرناطة عن غرناطة
***
عرّج على حاكورة العنب
واقطف عناقيدي ولا تهب
واسمع نشيد الأرض محتدما
واقرأ لذكري سورة الغضب
ما نام أهلي في الخليل ولا
هدأت هناك شرارة اللهب
وإذا وصلت إلى منازلنا
وتوجّعت عيناك يا ابن أبي
واصل طريقك غير منكسر
واحبس - فديتك - دمعة العرب
***
تعال كي أقبّلك
تعال كي أقبّلك
وأسألك
من أرسلك
من ظلّ حيا أو هلك ؟
ومن سلك
في ذمّة المنفى بلا فلك
تعال كي أقول لك
نشيدي العاري
خبزي وأشجاري
تعال إنّني وحيدة بلا يديك
وحيدة بلا سند
وحيدة بلا أحد
تعال أيّها الملك
هيأت لك
هيأت منهلك
هيأت أثمارك
طرزّت منزلك
باليلك الدامي
فكان منتهاك , كان أوّلك
تعال أيّها الملك
تعال من جرش
تعال من صبرا
تعال أيّها الملك
عيناي لك
وساعداي لك
والقلب يا معذّبي وما ملك
تعال كي أقبّلك
تعال أيّها الملك
***
خارج الكلام
خارج الجدل
خارج السروة المخيّمة
خارج الأحراش
خارج الشجر فيه
كانت تتكيء على رمح ذكرياتها
وترى إلى دم الأشياء
ترى إلى دم الأيام
ترى إلى النسيان
ترى إلى الخطى التي إمّحت
ترى إلى عينيّ كيف غامتا
في حضرة المكان
ترى وجودها
وحين زاد الصمت
واتّسعت هذي الرقعة
اتّسعت نظرتها
كانت أنوار البقعة
تصعد من خاصرة السفح إلينا(61/260)
كان الجبل يعود إلى هيئته الأولى
والغابة تتزّين بالألوان
أخذت تركض
تركض في الريح
تركض كغزالة
تركض بين الأغصان
أو تتوقّف كي تنشد موّالا
أو أغنية
كانت تولد ثانية في عائلة أخرى
تدخل بيت الذكرى
تضحك في خفّة
كانت تنظر غربا , نحو الضفّة
آن توقّف سيل الضحك الرنّان
و توقّف في نظرتها الجبل ,
توقّف شلاّل الحركة
نهدت للصمت بلا توقيت
وبكت في عينيها الأشياء
***
أشربك الآن على جرعات
أشربك الآن
غصنا ملآن
وأرى كيف تجلّلك النيران
يا امرأتي
وأنا زوجك وابنك وأرى
كم تتوزّع فيك الأرض
بهجتها وأساها
تتوزّع فيك البلدان
تتألق فيك الطرقات
يتألق فيك الأطفال حنونين ,
وتبتهج الغابات
يتألق هذا الورد
وأراك بلا حد
كيف أقبّل هذي الوجنة , هذا الخد
كيف تراني منتشرا في الأنحاء ,
ولا يد
وبساتين حبيبي تمتدّ
أشربك الآن على جرعات
أشربك الآن
أشربك حنينا ,
أشربك حياة
أشرب هذا الألق الريّان
والفرح الرنّان
نشرب هذا الكوب على مهل ,
نحن الإثنان
***
كانا على الشرفات طيفين
قرأ كتاب ( الغور ) ألفين
والريح من بين إلى بين
عصفت بحلمها فيا عيني
ما عاد بالشبّاك أو عادت
ما عاد طيرهما يغنّينا
ما عاد هذا الأفق نسرينا
هل كان في الأيام أم فينا
موت الهديل فآه يا عيني
ما عاد بالشبّاك أو عادت
ذهبت إلى أقفالها أمّي
وألغيت فيّاض ولا يهمي
وتجمّلت بيارق الهمّ
جمل المحامل ضاق يا عيني
ما عاد بالشبّاك أو عادت
***
وأخيرا يا جرش
وأخيرا يا أحبائي , أخيرا يا دمي
وأخيرا يا بنات
وأخيرا أيّها السرو الذي غطّى الرفات
أيّها الديجور , والبلّلور ,
يا اسفلت , يا منعطفات
يا أخي النائم , يا إبرة أمي ,
يا ثيابي
يا رغيف الخبز في البيت ,
إذا ما القلب جاع
يا شعاع
أيّها الكاتب والقارىء والأميّ والجنديّ ,
والدفلى
ويا صمت الملاك
أيّها الحارس يا عاديّ ,
يا حلو ,
أخيرا سيّداتي سادتي
يا رماحا كسّرت , أو لم تكسّر
يا رياحا وصدورا عرّيت ,
يا طعنات
يا لصوص(61/261)
أيّها العشّاق , يا فستان , يا قمصان إخوتي , يا ماء
أيّها العصفور , يا أفق , أخيرا , يا جرش
أيّها الصيّاد , يا أولاد , يا حبّ ,
أخيرا يا ولد
أيّها الراقص والقنّاص والمقلاع , يا نعناع ,
يا كرم , أخيرا يا أجاص
يا نهار الحب , يا شبّاك ,
يا صدر فتى ,
يا صبيّة
يا سفرجل
وأخيرا يا بلد
وأخيرا أيّها الأسبوع , يا مجموع ,
يا ناس الأحد
وأخيرا يا جرش
جئت لم تحمل يدي إلا يدي
لأغني
ومعي أنت أغنّي
وحبيبي وأغنّي
وأغنّي
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> إلى عبلة
إلى عبلة
رقم القصيدة : 67323
-----------------------------------
منزل 1
هي أول الكلمات
هي أجمل الطعنات
ضمّت إلى ألبومها روحي
وأهدتني الغزاة
هي ما تجّمع في قرار البحر من أصداف
هي أول السارين نحو البئر ,
أول من سعى بين الضلوع وطاف
هي دمعة الأسلاف
قفزت إلى صدري
فأينع حزنها الليليّ ,
جللّني ,
فكيف أخاف
هي أول الأنهار , أعرف ..
أول الأطياف
هي يومي المائي ,
أول من أسبّح باسمها الشفّاف
هي نجمة العرّاف
هي أول الكلمات , من حجر الخليل ,
وغابة الصفصاف
هي ما أحاول أن أقول..
فلتهرب الأوصاف
منزل 2
في الصباح الذي كنت أعبر فيه المدينة ,
كانت معي
كنت أطلق رفّ الحجل
وأثير الفراشات في أفقها
جملة , جملة , وأرى ما تراه
كنت أقرأ أهدابها في أناة ,
وأهدي أصابعها برتقال الإله
وأحاول أغنية ,
أو حديثا , يوازي الضلوع , تراني
أحدّد زنزانة عرفتها هناك
أم تراني أهيّء روحي لهذا العراك
كنت أسمع صمتا غريبا على شفتيها
فهل يهطل العشب فوق يديها
وتبني لها منزلا ,
وأكون صديق الخزامى
هل أكفّ عن الأسئلة
حينما تحضر السنبلة
هل يكون دمي كافيا
ونشيدي حماما
والمدى مقعد لليتامى
يا إلاهي , أعطنا مطعما هادئا ,
وانسنا
منزل 3
أيتها الدالية
أيتها الدمعة العالية
إهدأي ساعة ,
بعد حين يكون لنا زاوية
ويكون لنا
منزل في الأفق
وتكون الفاكهة
أيتها الوالهة ,
منزل 4
في الصباح المبكّر ,(61/262)
أين ترى يذهب العاشقان
كيف يمكن جمع أغانيهما في مكان
يطلبان إذن مقعدا
يطلبان يدا
يطلبان الطريق التي يحلمان
يطلبان ولا يجدان ,
منزل 5
- من تراك ؟
* نجمة في ثياب الهلاك
- والمدى ,
* مستراح يديها
مستراح الأغاني
مستراح عذوبتها وإناء الفرح
- ويداك ؟
* تسرحان على ساحل لا يحدّ ولا تقطفان
غير موعدها المغربي
ترسمان النبات الطري
ترسمان
لظلال اليدين
غيمة الياسمين
- والحنين ؟
* أن أظلّ هنا باحثا عن يدي
منزل 6
طائر ونوافذ لا تستريح ,
ويوم بلا ضفّة ,
وغبار الطريق
كيف نسلك هذا المضيق
كيف نسلك حتى نصل
بهجة ,
كيف نملك هذا المدى
ويكون لنا أفق ,
وتكون رموشك مرسى ,
وننسى ,
أصابعنا عند ظلّ حجر
كيف نمشي إلى صمتنا
ونقول الشجر
منزل 7
إختاري أيّ نهار ليكون لنا .
إختاري أيّ جبل
إختاري الضاحية ,
إختاري أيّ مكان
إختاري الأفق ليبدعه اثنان
إختاري العشب وأغنية المذياع
إختاري الليمون ,
إختاري النعناع
إختاري شاي الصبح ,
وإفطار اليوم
وإختاري منزلنا عند حدود الغيم
إختاري المقعد
لتكون يدي المسند
ونكون المشهد
منزل 8
وانتظرت القرنفل أن يستحمّ بماء يديك ,
انتظرت الرياح
وانتظرتك أطول مما انتظرت الصباح
انتظرت يدي أن تقول
جملة ,
أو تلّوح ,
أو تستكين إلى جانبي
وانتظرتك حتى إذا الفجر لاح
وارتوت نجمة العاتب
من إناء الجراح
كان ليلا طويلا
وطيرا ثقيلا
على راحتيّ استراح
منزل 9
أيّها المركب
أيّها المركب
أخيرا ليس أمامك إلاّ هذا البحر
وأخيرا أخيرا ,
ليس أمامي إلاّ أنت
أيّها المركب
يا حطامي الأبهى
وأيامي ,
أيامي التي انصرفت
أيامي الغريقة
أيامي التي بلا ثوب أو أغنية
ولم تعد لي
فبأيّ الأصابع
بأيّ الحبال
بأيّ المواويل أشدّك إلى بقايا الضلوع
إلى هذا المرسى
الذي لا بحر سواه
والذي أيّها المركب
ليس لي فيه علامة
منزل 10
وأسند ظهري إلى الباب ,
ماذا أرى
مناديل من فضة وصدى
غزال يفرّ من الوقت ,
أم شرفة في غيوم بعيدة (61/263)
أرى في تمام الوضوح
طيورا ,
وأشرعة ,
وقلاع
أرى ما يلوح
أرى موجة ,
ويدين ,
وبحرا , غريقا , أرى في فضاء الأصابع
فسبحان هذا الصباح ,
وسبحان هذي الشوارع
وسبحان ما عزفته العيون ,
وما يتفّتح في برعم الأسئلة
إذ المرأة السنبلة
تواصل كشفي
وتخلع هذا القناع
منزل 11
لم آت على كلمات القاموس
لم آت إلى زهرة تشكيلك
لم أرسم قوس قزح
منديلا لبراريك , ولم أعزف بعد قرنفلة ,
لائقة بعذابي
أو قمرا في البال يليق بإكليلك
طوّحني الموج فكيف أجوس
هذا الأوقيانوس
لم آت على كلمات القاموس
كرمك أوسع من لغتي
وثمارك دون حدود , كيف أواصل أغنيتي
وأواصل إنجيل يديك ,
أدّق الناقوس
لم آت على كلمات القاموس
نفرت قطعاني نحو الجبل وحيدة
وأنا نائم
وسرى الرعيان فما أيقظني أحد ,
وأنا نائم
أغلقت سقيفة روحي وبكيت
ووصلت إليك أخيرا
كيف أحيط كرومك , وأجمّع أغنامي
كيف أواجه وحشة أيامي
وحسابي القادم
يا مولاي النائم !
منزل 12
لكم أحسّ يا مولاي
أنّ العمر قصير !
إذ كيف تكفي برهة عشرين سنة
هي ما تبقّى لي
في حقيبة يدها
لقول ما يختلج به كتابي
وما تضمّه الحنايا
منذ تشكّلت الأرض ,
وسوّى الله الأشياء
وأعدّ ناسها
وقال لهم : تعارفوا
إنّ أقربكم إليّ العشاق
فآه يا مولاي
لكم أحسّ أيامي قصيرة
وكم يفوتني من المباهج
وكم الأرض خضراء ,
خضراء , خضراء , خضراء ,
وموحشة !!
منزل 13
في زاوية الغرفة
أتفقّد فضّتك المتجمّعة هنا
وأضمّ إلى صدري هذا العقد
هذي الأسورة , القرط
وأرى كيف يوزّع أسفه
إذ يتمدّد مثل جناحين كسيرين ,
بلا أذنيك ,
وهذا الخاتم
كيف يداري خوفه
في زاوية الغرفة
أتفقّد كنزي
أتفقّد دفتر أضلاعي ,
وملابسك الملقاة على القعد ,
في تشكيل عفويّ
علب التبغ على الأرض ,
وصحن العنب الجرشيّ
أتفقّد هذي الفوضى الحلوة
أتفقّد فضّتك المتجمّعة , وأنت تعدّين القهوة
يصل إليّ غناؤك
يصل من الصالة إيقاع خطاك ,
بصندلك الفضي
تصل إليّ
رعشة خصرك ,
تصل الغرفة(61/264)
موسيقى الآنية ,
وأنت تعديّن صباحا ,
ونهارا من نشوة
وتهلّ القهوة
منزل 14
مرتويا بالجدول
مرتويا بقطوف أغانيك ,
وطائر أضلاعي الأعزل
مرتويا برنين الفّضة , وحديث أصابعك الأجمل
مرتويا ,
وأظلّ إلى نبعك أرحل
فإذا أنت بعدت لبعض الوقت ,
فماذا أفعل !
منزل 15
اليدان زائدتان
الأصابع زائدة
كذلك العينان
وباختصار وجودي
إن لم تكن اليدان لضمّك
والأصابع لتسريح شعرك
والعينان لتكتشفا تضاريس هذه القارّة
إذ لماذا أصابعي
إن لم تعزف الأغنية التي تليق
بصفصافة أو غدير !
وتلك مساحاتك
ولماذا عيناي
إن لم تريا هذه السهوب
سهوب يديك
سهوب الأسلاف
السهوب التي تعوزني حسرة يوسف
وجنون جلجامش
لأحيط بها
وأعزف نشيدي
نشيدي الذي من غيم وتراب
والذي ما كان وجودي
إلاّ لأقوله
وإلاّ ليكون عرس الكائنات
على هامش واحدة ,
من أغنياتي إليك
منزل 16
ألمدينة دونك فارغة
الشوارع صمّاء , ولا أسماء لها
والضجيج أخرس
الوقت مسدّس وبحر ميت
ولا سمك ينمو
لا شجر أو أزهار
ولا شرفات مضاءة
سعاة البريد هجروا داباتهم
وأحذيتهم الجبلية
واقتعدوا عتبات الدور
في انتظار بريد ما
بعد أن نفّق العمر
والنساء بلا زينة
الأبنية تحّدث عن صمتها
فأين تفاحة الفوضى
أين عزف الحركة
وموسيقى السّلام العاطفي
ايّ نهر لا يتكّلم أو يغنّي
أيّ سوق عاطبة هذه ,
مثل باذنجانه ذابلة
مثل روحي
وأيّ مخطوطة أيهّا الكتبي
تقتني في دكانك
أيّ مخطوطة تفسّر هذا الغياب
وتفسّر المدينة ,
التي دونها فارغة
منزل 17
لتسقط الأزهار في كوبي
لتسقط الأوراق
خضراء أو صفراء
ليسقط القشّ الذي قد طيّرته الريح في جفنيّ
في كوبي
وليعتكر نبعي
وليكتمل شحوبي
لا بدّ أن أحتسي وقتي
وأن أضمّ كوبي
وجرعة فجرعة ,
مواصلا حروبي
وأن يظلّ النهر
مسدّسي وخطوتي إلى حبيبي
وليسقط الغبار
على ملابسي وصدري
وليملأ الحصى طريقي
والشّوك شرفتي ,
إمّا نسيت كوبي
وعاف قلبي الماء
أو صاح من ذنوبي
عليك يا يدي..
عليك يا قصائدي ..(61/265)
عليك يا دروبي
دمي , دمي عليكمو فلتحرسوا حبيبي ..
منزل 18
في فمي قهوة مرّة
فبايّ نشيد سأبدأ
وبأيّ جمل
انتهي ليديك فأهدأ
موقدي خامد , وسراجي بعيد ,
وصوتي مطفأ
والشوارع ليست مهيأة الخطى
والقطا
أطبقت حولها المصيدة
والمطاعم سيّان مشرعة موصدة
كيف أجلس وحدي ,
ولا تتحسّس روحي يدك
وإذا ما دخلت
كيف لي أن أرى مقعدك
كيف أضمن أن لا يشقّ صراخي
فضاء المكان
أو أحدّث نفسي أمام الملأ
كيف أجرع هذا القدح
فارغا .. وفقير الفرح
من ترى جردّك
من غصوني ,
وأعطى ثمارك هذا الذبول , ومن أوردك
هذه المساحة الدائريّة , من أفردك
وأقال يدك
عن إمارة قلبي
وماذا من الأسئلة
بيننا تكبر السنبلة
بيننا الأرض , نعرف هذا..
يعرف القلب ما قلدّك
يعرف الصدر من جدّدك
فالوشاة الذين سعوا بيننا
والظلام الذي أبعدك
كلّهم قدّموا لورودي المياه ,
وأعطوا وجودي السبب
أن أرى الأرض تفاحة في يديّ ,
وأن أعبدك
***
ويهاتف يومي غدك
يمدّ له من دمي سلّما
يرسم الأفق نافذة ,
والمدى دالية
إنّما
حين آوي إلى زاوية
أو أفكر في الأمر ,
يسكنني قلقي ثانية
في فمي قهوة مرّة
في فمي حرقة كاوية
هل يدي للفراغ إذن
هل إلى الصمت نأوي أخيرا بلا مملكة
أم هي اللحظة المهلكة
لنعدّ الكفن
ونواري معا
هذه الليلكة ؟!
منزل 19
ما الذي يجعل الأرض تبكي
ويجعلني عرضة لرياح القنوط
الحبيبة تبكي ,
الشعوب الفقيرة تبكي ,
الجداول تبكي
وتبكي مدائن لوط
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> قصيدة الأزرق
قصيدة الأزرق
رقم القصيدة : 67324
-----------------------------------
أيّها الأزرق المبتعد
إتئد
حيث تعوي هنا الأرض ,
حيث يشقّ المساء له جدولا
وتنام القرى منزلا منزلا
حيث أولم روحي
أهيء مائدتي كلّ يوم
لم أجدك هنا
أيّها الأزرق المبتعد
لم أجد
لهواي سريرا
يفلت الموج منّي أخيرا
لم أجد آنية
لدمي
لم أجد قافية
في فمي
لم أجد في الصحف
ما يوازي ضلوعي ,
فأبعث أغنيتي الغافية
أيّها الأزرق المبتعد(61/266)
إعتمدني رسولا إلى الهاوية
أيّها الأزرق المبتعد
كيف لي أن أعد
ببلابل أو فاكهة
كيف لي عبر هذا السدى
أن أمدّ اليدا
وتطال الكرز
من فروع الرمال , وأعناقها الذاوية
فأعدني إلى شجر في جهات يديها ,
أعد
أيّها الأزرق المبتعد
وابتعد
كي أرى كم أراك
أيّها السيد المنفرد
بأساك
خذ غناء يدي كاملا
خذ قميصي السواد
وانتشر ساحلا ساحلا
وأبدأ اليوم منّي ,
وأرّخ لهذا الطواف
خذ قوارب روحي إلى الصحراء وخذ
ما تبقّى من الخلجات
أي برّ إذن يستعدّ لتغريبتي ,
في البلاد
يا بريد الحداد
خذ شكاةي الحجارة والأمهات
خذ بكاء الصبايا وخذ
من ضلوع الشظايا ورود الزفاف
خذ مواعيدنا
وأودع الموج ما كان يوما وفات
نظّف اليابسة
من بقايا قبائلنا الدارسة
وانسنا
وانس هذي الضفاف
وآنس يوما أقمنا هنا
وتجّول فينا الشجر
كيف هشّ التراب ,
ومال إلى الشدو وصمت الحجر
وآنس ما خطّ أحبابنا من صور
إنس هذا الطريق
وانس وجه الغريق
وانس حتى الأبد
أيّها الأزرق المتجمّع واللاأحد
المدجّج بالرمل والريح , قل ما يريح
قل لنا باختصار
بعدكم سنة من غبار
بعدكم طعنة في الجبين
يزهر الياسمين !
بعدكم طلقة واشتباك
يستعيد النزيل هواك
وأجب
أيّها الأزرق الملتهب
بعدكم عثرة ,
بعدكم هجرة ,
بعدكم ... تصل القبرّة
ويقوم القتيل
وأراك
يا فقيه المنافي دليل !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> لماذا ؟
لماذا ؟
رقم القصيدة : 67325
-----------------------------------
في الشوارع , تلك التي لا
أرى
لحصاني بها منفذا
دائما تعبرين سريعا
تعبرين إلى وجهة غامضة
تعبرين وحيدة
بخطاك الوئيدة
تعبرين إلى غيمة وأفق
وتضيع الطرق
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> نغنّي وننأى
نغنّي وننأى
رقم القصيدة : 67326
-----------------------------------
يبعد الحجل
والمناديل تشتعل
ونغنّيك دوما وننأى وننأى
ويكبر ما نحمل
ونغنيك لا نصل
ونغنيك لا بحر بين يدينا
ولا نورس يقبل
يبعد الحجل(61/267)
تبعد الروح عن بيتها تذبل
والرمال هنا هودج يتكّسر فينا
ولا يرحل
ينطق الصمت بالجارحات
فهل نبخل
وتبوح الأهازيج إذ تنحني
نحو ورود الحديقة ,
أو تسأل
ما الذي يهطل
من حدود يديك وأنت تغيمين
في مهرة تصهل
ما الذي يهطل
من عواصف عينيك إذ تصمتين
وإذ يهدل الجدول
أنت تدرين
خلفك لا زرع يعطي ,
ولا أية تنزل
يبعد الزمن الأول
يبعد الظلّ والمنزل
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> زواج الكركدن الأخير
زواج الكركدن الأخير
رقم القصيدة : 67327
-----------------------------------
هكذا أستقيل من الأرض , أعني
أهيم على وجهها
كركدنا وحيدا بلا غاية ,
أحتفي بالبراري التي تستجيب إلى شهواتي ,
أعرّي السهول ,
وأدعو الوعول ,
إلى مائدة
هكذا مرّة واحدة
يتضاعف نسلي ,
وأنجب ما لا يعدّ ويحصى من الكائنات ,
وأهدي إلى العرب البائدة
وردة من دمي صاعدة
هكذا أستقيل من الأرض ,
أعني أهيم على وجهها , ألثم السرّة الغافية
وأداعب صدر التلال ,
فترتعش الأودية
وأسوّي جدائلها أو
تجول يدي حول خاصرة الأفق أو
كتف الرابية
لآرى الخطوة التالية
***
ليس ثمة من جبل ,
أو حصاة ,
بلا زهرة أو نشيد يسيل
ليس ثمة من زهرة ,
لم تشاهد زواجي الطويل
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أغنية حب , ليوم غامض , موشوم بالفضة
أغنية حب , ليوم غامض , موشوم بالفضة
رقم القصيدة : 67328
-----------------------------------
يوم غامض
يوم يبدأ من عينيك غزير الأشجار
يتدحرج من أغنية سريرك ,
موشوما بالفضة ,
وبسيطا كالأزهار
يوم غامض
يوم لحديثك , وغيابي فيك
وتجوالي تحت الأسوار
يوم للجمعة ,
يسقط من غيم الرب
على بريّة روحي ,
ويثير الأسرار
يتناثر كرزا من أفق يديك
ويمعن في الإبحار
يوم للسفر
ويوم للعزف بلا أوتار
يوم للشارع
يوم للأمطار تهلّ على كرمي الواسع
كرمي الممتدّ إلى خفقة أضلاعك
حتى حرقة أيامي
حيث أرى في عينيك بداية عامي
في هذا المنفى
غسل كالدمع مصفّى(61/268)
ويدان كأغصان الورد
وصدر يخفق نشوان
ويخطف ساعاتي خطفا
هنّ ثلاث ليال من حمّى الخوخ الجبليّ
على طرف الأرض
توهّج وعل الوجد , وأينع كشفا
رق وذاب
وأنّ وغاب
وما استكفى
في هذا المنفى
ما أخفيت مزامير الليل
ولا قلبك أخفى
يا للشجر المتوّزع فوق أصابعك اللهفى
يا للزعتر يشرق فيك ندّيا فوّاح
يا للتفاح
يعطي بالرجفة أحيانا
يعطي بالرّاح
يا للأزهار المنثورة في شفتيك
على مدّ ملابسك المزدانة بالليلك
وأنا أسكن ليلك
يا لدمي إذ ينهض فيّ
ويأخذ جولته الآن
ويغني النيزك
يا للمقهى إذ يجمعنا في هذي الزاوية
غريبين لنهلك
وبعيد قليل ينفضنا عنه
بلا حسبان
ويضيق المسلك
والأرض تحوّمها النيران
يا للموسيقى النابعة هنا
من صمتك وضجيج الأشياء
يا للصحراء
يا للنبت الطالع والماء
كيف أطرّز وجهك
في هذا الفرح العاصف
وبأيّ مديح اتوجه للأعشاب
واحضن هذا الأفق الراجف
أيّ نشيد أبعث وأحيط العالم
وأحيط الخصر بأغنية
وأحيط الأغنية بروحي
وأحيط بك الروح
كيف أعالج هذا اليوم الغامض
في يسر
وأبوح
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> يوم إجازة
يوم إجازة
رقم القصيدة : 67329
-----------------------------------
أعفيت صباح الأثنين من
الموسيقى
أعفيت المذياع
أعفيت يدي من كلّ وظائفها
أعفيت الأضلاع
أعفيت اليوم من الهمّ الأرضيّ
وأطفأت الأوجاع
أعفيت الصمت من التصريح
أعفيت الباب من المفتاح
وأطلقت الريح
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> مرايا ليلية
مرايا ليلية
رقم القصيدة : 67330
-----------------------------------
مرايا دموعك قمح
وساعات ليلك صبح
وأصطاد يومك , إنّ الخريف بعيد
وروحي تصّح
فلي من رياحك وعد
ولي في ظلالك دوح
وخبز وملح
أجاهر أنّ يديك الأغاني
وأني على مدّ كرمك أصحو
فلا خمر حفلك جفّ
ولا ساعدي كفّ
عمّا يلحّ
لأنت حمام يحطّ على شرفاتي
فيزهر سفح
أراك فيخفق فيّ الغمام
ويمتدّ صمت وشرح
على راحتيّ ويغسلني
من ذنوبي ويمحو
وأمشي وقد(61/269)
شقّني منك رمح
مرايا دموعك قمح
وساعات ليلك صبح
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> قالت
قالت
رقم القصيدة : 67331
-----------------------------------
..........................................
..........................................
..........................................
ولا أحبّ أن أكون فاكهة
أحبّ أن أكون ماء البئر ,
والرغيف
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> شجار
شجار
رقم القصيدة : 67332
-----------------------------------
وفجأة,
أريد أن أسافر
أليس جيّدا ؟
ويهطل الندى
يدقّ صدره , يخلخل الجهات
وظلّ صامتا , وما تنسّمت
لكنّ بعد برهة تكلّمت :
يحلّ كلّ المعضلات
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> اجتماع عائلي
اجتماع عائلي
رقم القصيدة : 67333
-----------------------------------
حيث تنام علبة التبغ على الطاولة
مدّ أصابعه الذابلة
فانكسر الصمت إلى أغنية ,
واغترب الوقت ,
وما أشعل إلاّ ضلعه ,
في الدخان
قبرّة الحقل وحيدة ,
وثمّ في الجوار عازف ,
وثمّ في المدى يدان
شيئا فشيئا تجرعان
هذا الصباح ,
ثمّ تشحبان
قبرّة الحقل بعيدة ,
ومثل جوع سنبلة
مدّ أصابعه الذابلة
فلم يجد عائلة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الكمان
الكمان
رقم القصيدة : 67334
-----------------------------------
هل يفسّر هذا الكمان
دمعة الأقحوان
هل يعالج روحي المريضة ,
واسترجع الكائنات إلى صدر أمي ,
قبل فوات الأوان ..
***
هل تناديني تعال
طفلة الموج إلى البحر ,
وأحتاج إلى عمري ,
ويرتاح السؤال !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> سيرانادا
سيرانادا
رقم القصيدة : 67335
-----------------------------------
أجلس مرتاحا إلى يديك
أجلس طفلا عاقلا ,
وأحتسي النهار من يديك
ما أجمل الأكواب في يديك
أبتديء الحنطة والنرجس والموّال من يديك
أيّان ملت لا أرى
إلاّ النبيذ قد حملت في يديك
إلاّ دمعي يسيل بهجة ,
وينحني إليك(61/270)
ما أجمل العرس الذي رقرق أيامنا
زوّق أكمامنا
صفّ من الأشجار ها هنا
وها هنا شبّاك
ما أجمل الصبح الذي يرفّ من يديك
كأنّه ملاك
أغار منه , أم يغار مني
ما أجمل الأفق الذي رسمنا
والمنزل الذي أغنّي
يا سيدي أعنّي
يا سيدي أعنّي
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> العاذلون
العاذلون
رقم القصيدة : 67336
-----------------------------------
وأقطف ما أشتهي ,
من ثمار الجبال علانية ,
ليس بي رغبة في جوار المدينة ,
أو نهرها
وأقطف ما أشتهي
ليكون طريقي إلى غيرها
فليس على بابها ما أراه جديرا بحزني
جديرا بممتلكات دمي ,
وجديرا بما ضاع منّي
فيا عاذلي لا تلمني
لقد عقرت ناقتي ..
حين كنت أغنّي
وأنشر فوق السطوح مناديل عبلة ,
والأرض تأخذ عنّي
فهل صار عنترة الآن نسيا ,
وغابت بروق يديه ,
لتبدأ قصة لوني !
وأعرف عنها ..
فلا خلّها الآن خلّي
ولا ظلّها عاد ظلّي
وأعرف كانت هواي ,
وكانت صباي ,
وأهلي
وكانت نوافذ يومي
أطلّ إلى الأرض منها ,
وأحضن وجها بعيدا لأمي
ووشما على خصرها
فيا أيّها العاذلون لماذا أقف !
حمام القباب بعيد ,
وروحي هنا قطرة قطرة ,
تستوي وتجف
وأغنيتي ترتجف
ولم يبق من سرّها
حجاب ,
ولا غامض ,
ما كشف
وما كنت فتاها
أجيء إليها ,
فأبحث عمّا يوحدّني بالأزقة ,
كانت تضمّ إلى صدرها
نشيدي ..
وألقي برأسي إلى حجرها
وثمّة ما كان يرعش في اللمسة الحانية
وكانت تخف
إذا ما ندت آهة في البعيد ,
وتجزع إمّا قصف
غزال على راحتي ,
فلماذا أقف !
أرى وجهه لم يعد صافيا ,
مثلما كان قبل مئئئات السنين ,
وقبل نصال السكاكين ,
قبل كهولة روحي على بابها
فهل عرفت ما بها
لماذا أقف
ولا عشب في بحرها !
وكيف إذا ما مررت وعاينت ما ..
تفعل الآن بي
كيف لا انعطف
فماذا تبقّى لديّ
لقد بدّلت ثوبها الساحليّ
***
وألفيتني في بوادي يديها ,
بلا كسرة ,
أو مزامير ,
تفضي إلى دالية
فيا أيّها الفلكيّ
نجومك ماذا تقول , وأين تراه حبيبي
لماذا تأخر جدا عليّ(61/271)
لماذا تأخر ؟
رأيت المدينة تغفو على عرشها خاوية
وقلبي وحيد على ناصية
يدور , يدور ,
وطعنته داوية
لماذا إذن أيّها العاذلون أقف !
وهل تعرفون لماذا
إذا ما تمهّلت ,
تصرخ فيّ الجبال : انصرف ؟!
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> كوكب على شرفة
كوكب على شرفة
رقم القصيدة : 67337
-----------------------------------
ويسقط كوكب
على شرفتي ,
من كتاب الثلاثاء متعب
غدا عيد ميلادها ,
فتأهب
وأحمل بيتي إليها
وأحمل صمتي ,
وأذهب ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> دون كيشوت
دون كيشوت
رقم القصيدة : 67338
-----------------------------------
أرى خيمة في الجبل
تنكّس أعلامها مؤمنة
بما وعدت من جرار العسل
وطيبة حزب العمل
أراها تجّمع هذا الحطام ,
حطامي ,
وما يتبّقى من الراية المثخنة
أرى علّتي المزمنة
أرى خيمة تلمع الآن ضدّي
أراني وحدي
أدور كما حجر مطحنة
أواجه أيام هذي السنة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> طوبي ليوم تناهى إليّ
طوبي ليوم تناهى إليّ
رقم القصيدة : 67339
-----------------------------------
كأنّ الشوارع ملكي
كأنّ البنايات حولي ,
فتات تناثر
والعربات دمي تتقافز ,
والريح فلكي
كأنّ النهار بلا منتهى
كأنّي بلغت ذرى المشتهي
وجاورت شكّي
فهل كان إبريقها دانيا من شفاهي
إلهي
لإلهي
لقد فاض نبعك فيّ ,
وعمّت مياهي
فطوبى ليوم تناهى إليّ ,
فأزهر شوكي
كأنّ الشوارع ملكي !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أصطحبك لأبحث عنك
أصطحبك لأبحث عنك
رقم القصيدة : 67340
-----------------------------------
كيف آخذك إلى كرمي
كيف أصطحبك لأبحث عنك
وأريك كم أنا وحدي
وكم يداي بلا عزف
كيف آخذك إلى كرمي
وأريك ما يرمي من ثمار
وأريك أعواد الذرة ,
تلك التي كسياج يحيط ممتلكاتي
وأريك العصافير , أريك الفراغ
كيف أصطحبك والظلمة قائمة ,
وأنا لا أمطر ,
والأهم من ذلك ,
أنّي بلا كرم ..(61/272)
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> مريض الآس
مريض الآس
رقم القصيدة : 67341
-----------------------------------
سيكون عليّ
أن أدعوك إلى بيتي في يوم ما
وأعدّ لك الأوتار
وترا , وترا
وأزيّن روحي بطمأنينة وجهك
سيكون عليّ
أن أجد الأغنية , وأصطاد غزال الماء
أن انتظرك ثانية ,
وإقيم لك الأقواس
فأنا رجل ذهب به الحب إلى أبعد مذهب
فرح بيديك ومتعب
ومريض بالآس
وأنا أحتاج
أغنية واحدة ,
كي تهدأ فيّ الأمواج
سيكون عليّ
أن أدعوك إلى بيتي في يوم ما
لكنّي ماذا أفعل هذي الأيام ,
وقيثاري غائب
والبناؤون انصرفوا عن قطع حجارة بيتي
أبقوني في الجبل وحيدا ,
وانحدروا
دوني !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الردهة
الردهة
رقم القصيدة : 67342
-----------------------------------
أدعوك إلى نزهة
ولبرهة
يسكننا خطو الحرّاس
إذ ينتشرون هنا وهناك ,
ويحون الأنفاس
ونرى الناس
كيف يعدّون لنا الطوق
ويغيب الأفق
وأنا أدعوك إلى نزهة
كيف إذن نعبر في يسر ,
هذي الردهة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الحانة
الحانة
رقم القصيدة : 67343
-----------------------------------
وأنا أذرع الطرقات مساء الأحد
معتما ومضيئا ,
عرجت إلى حانة ,
واحتسيت قليلا من الخمر وحدي ,
فما من نديم
لم تكن شرفة الأربعين
غير قطرة خمر تسيل
من إناء الحياة الثقيل
وأنا أذرع الطرقات وحيدا ,
مساء الأحد
مثل إيقونة لا تميل إلى الصمت ,
رحت أحاور كوبي اليتيم
أيّها الأرخبيل
إنتظرني فعّما قليل
نحتسي ما تبقّى , ونمشي معا ,
في المساء العليل
إنتظرني على باب هذا الجسد
حيث لا نجمة , أو أحد
في شوارع روحي الطعين
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> امرؤ القيس
امرؤ القيس
رقم القصيدة : 67344
-----------------------------------
أنهى عروق البحر وانتظرا
لا بارق غنّى ولا خطرا
فنجانه الثاني تجرّعه
وتجرّع الإسمنت والحجرا
لم تأت موعدها ولا بعثت
في صدر طارقها ولو خبرا(61/273)
وطوى كتاب الأرض , خبّأه
وتوزّعت أنفاسه شررا
في كلّ منعطف وناحية
سكب الضلوع وأطلع الشّجرا
لم ينفق الأيام في عبث
كلّ الرمال تراود المطرا
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الأباريق
الأباريق
رقم القصيدة : 67345
-----------------------------------
وتكسّرت كلّ الأباريق
ما بيننا يا عذبة الريق
لم يبق من ماء الحديث لنا
ما يسعف الصادي من ضيق
هل تعلم الريح التي عصفت
كم طال تأويلي وتحديقي
حتى إذا هدأت مجرّحة
وهبطت من أوجاع تحليقي
زفرت طيور الأفق خافقة
وتبعثرت كلّ المواثيق
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> تحوّلات الأميرة
تحوّلات الأميرة
رقم القصيدة : 67346
-----------------------------------
تأتين في الصباح جدولا ,
وفي المساء سنبلة
ونخلة في أول الكلام ,
جملة محّملة
بالعاصف الجميل مرّة ,
ومرّة بحزن أرملة
ومثل غيمة ,
أو شرفة مكلّلة
بياسمين الدمع ,
والعبارة المؤجلّة
يمتدّ بيننا الحديث نقلة فنقلة ,
وتصمتين مثقلة
هل كان ورد الله هينّا ,
عليّ يا أميرتي ,
لأذبله !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الخامس
الخامس
رقم القصيدة : 67347
-----------------------------------
يعبثون بروحي كثيرا ,
ويجتمعون على قتلها
حول مائدة شعشعت بالشّراب الّلذيذ ,
وأجساد من تشتهي من نساء ,
تفجّر فيهن رقص ,
ودار على كلّ صدر ذراع
سرّهم لا يذاع
هل أسمّيهمو واحدا واحدا
لو بدأت متى أنتهي
فلأقل إنهم أربعة
وأرى بينهم ..
من يغيب ويحضر دوما
أرى الخامس المتخفّي ,
بلا أقنعة
يتجوّل فيهم ..
وتمضي على رسلها
قبّراتي ,
وروحي ,
ولا يقدرون على قتلها
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الحكيم
الحكيم
رقم القصيدة : 67348
-----------------------------------
لم أكن لأعزّي أحد
أنّما أنت ,
لا أدّعي متّ ,
أو هدّت العاتيات يديك ولكن
فقدت البلد
فاجترح لمحبيك نهرا ,
يليق بما نزفوا من نشيد ,
وما فقدوا من عدد
واجترح يا حكيمي(61/274)
طريقا جديدا يعيد الولد
لم أكن لأعزّي أحد
فأنا من فقد
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الخيط
الخيط
رقم القصيدة : 67349
-----------------------------------
عيناها دوريّان طعينان
والأرض كما تبدو ضيّقة ,
يأخذها الرجفان
كانت تلمس قلبي
وأنا أرفو أيامي كجوارب بالية ,
وأحاول أوّل خيط يوصلني بالموّال ,
أغني هذا الريحان
كيف يسبّح في بستان يديها ,
ويسيل
إذ تهدل أو تسكن أوتارا وأناجيل !
كانت تلمس قلبي وتقوم
فتشيع الموسيقى صامتة من خجل ,
وينّور لوز ,
ويحوم
رفّ نورس في أفق ,
من قمح وغيوم
كانت تلمس قلبي وأغنّي
عيناها دوريّان طعينان
والأرض كما تبدو ضيّقة ,
لا تسع اثنين معا ..
لا تسع اثنين فهل
يأتي الطوفان !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> لها ولي
لها ولي
رقم القصيدة : 67350
-----------------------------------
التراب لها والحجارة لي
الأغاني لها والهوامش لي
النهار الشفيف لها ,
والزوايا البعيدة لي
والهديل الذي ينتهي عند شرفتها فرحا
والضحى
والأريكة والبيلسان
ورنين الكمان
وقطوف الكروم لها
كلّها
ولها المرجان
ثمّ لا شيء لي
غير هذي الحجارة تسقط من منزلي
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> رومية
رومية
رقم القصيدة : 67351
-----------------------------------
على خطأ رأيتك أو صواب
أغنّي ما اعتراك من الخراب
فلا روحي بمنجاة ولكن
سقيت السمّ من أدنى القراب
ولست ألوم من أعطيت نفسي
وكان يسنّ لي أمضى حراب
سأسأل أيّ واش كان يسعى
ليهدم ما بنيت من القباب
أعوذ بما وهبتك من نشيد
وما خطّت يداك على التراب
لئن بعدت قوارب أرتجيها
ونهر كنت أسكنه كتابي
يظلّ صدى رنينك في انتشار
كما امتدّ السحاب إلى السحاب
ويبقى أنّ ضوء في الحنايا
يشيع الدفء في هذا الغياب
وأنّك في الضلوع لظى ووشم
وأنّي لا أميل إلى العتاب
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> نوم الملاك
نوم الملاك
رقم القصيدة : 67352(61/275)
-----------------------------------
تترك في الروح
آثار أناملها ,
ومنازلها
تترك موسيقاها وتروح
تتهدّل أعنابا
تذبل أهدابا
ما بعد الواحدة صباحا , وتنام
يا الله ..
كيف أسلسل أغنيتي
بجعا ويمام
وأحيط بما لا يوصف
وجه كالنقطة في المصحف
وهلالان بعيدان بعيدان ,
وكمثرى بينهما تقطف
وسرير جامع
يا الله
كم أنّ بساطك واسع !
يترامى عند حوافيه العشب ,
وتندلع الأزهار
والأكواب تفيض بأحوال العازف ,
والأوتار
يا الله ..
قبل قليل كانت تلسع كالأمطار
قبل قليل
كانت بين يديّ تضجّ بأسرار الأنثى
وتميل
تنثال كما الموجة , أو
تهدأ فوق القعد
مستسلمة , كملاك مجهد
يا الله
قبل قليل !
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> ختام الأغاني
ختام الأغاني
رقم القصيدة : 67353
-----------------------------------
لم يعد ما يحتسى
كلّما ازددت من النبع اقترابا
كلّما ازددت أسى
ورأيت الأرض بابا
ورأيت الأفق شبّاكا مدلّى
قلت للقادم أهلا
لم يعد ما يحتسى
بلغ العمر المسا ..
بلغ العمر المسا ..
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> شقراء
شقراء
رقم القصيدة : 67354
-----------------------------------
هدهد همومك عندي
على حيائي و صدّي
حور النعيم تمنّت
نعمى هواي و وجدي
هل عندهنّ رحيقي
و هل لديهنّ شهدي
يا ساكب الشعر خمرا
من شعر ربّك خدّي
و من معانيه عطري
و من قوافيه وردي
تأنّق الله دهرا
يعيد فيّ و يبدي
حتّى جلاني شعرا
يا حسرة الشعر بعدي!
خياله السمح نديّ
ثغري و نمنم عقدي
و قلبه كان كأسي
و جفنه كان مهدي
و الأنجم الزهر حولي
دمى للهوى و عدّي
فغارت الحور منّي
و كلّ زهو و مجد
و هبّ في روض عدن
عليّ عاصف حقد
فكان لله حكم
لشقوتي بل لسعدي
و اختار بعدي عنه
و راح يبكي لبعدي
***
دنياي أحلى و أغلى
من ألف جنّة خلد
أنّا الربيع المندّى
قارورة العطر نهدي
يهيم حسني بحسني
و يجتلي و يفدّي
و جنّ ثغري بريقي
و حنّ جيدي لزندي
و كلّ وشي حرير
يودّ لو لفّ قدّي(61/276)
و كلّ عطر تشتهي
أن أسفح العطر وحدي
شقراء تحلم شمس الـ
ضحى بخدّي و بردي
رفّت خصيلات شعري
بأشقر النور جعد
سكران تيه و دلّ ....
مخمور وهج و وقد
يا شاكيا زور و عدي
أحلى من الوصل و عدي
هيامنا يا حبيبي
أريد حلما لسهدي
كلّ المحبّين ملكي
و أنت وحدك نديّ
و كبرياء جمالي
تريد منك التحدّي
***
شقراء يا لون حسن
محبّب مستبد
و يا جمالا غريبا
على ظباء معدّ
لا وسم ليلاي فيه
و لا ملامح هندي
و لا اسمرار الغريرات
بالعقيق و نجد
ظمآن أنشد وردا
و عند عينيك وردي
يا سكرة بعد صحوي
و فتنة بعد رشدي
يا رغبة العين و القلب
بعد يأس و زهد
بيني و بينك حرب
و هول أخذ وردّ
صراع روحين فيه
عنف العدوّ الألدّ
و غزو قلب لقلب
فتح يبيد و يردي
فناء دنيا بدنيا
و طيّ بند ببند
الحبّ لا حكم شورى
لكنّه حكم فرد
فهيّئي فتنة الحسن
كلّها و استعدّي
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> امّا الشباب
امّا الشباب
رقم القصيدة : 67355
-----------------------------------
أمّا الشباب فربّما نادمته
ريّان من حبّي و من عبراتي
صاحبته عشرين أذنب في الهوى
دلاّ و تغتفر الملاح هناتي
قصرت لياليه و كلّ قصيرة
في الطّيبات عريضة اللّذاّت
في ذمّة الحدق المراض عهوده
سكرى المنى قدسيّة النّفحات
أصبحت لا لعس الشفاه كعهدها
كأسي و لا حدق المها مرآتي
***
يا من يلحّ هواي في استعطافها
و تلحّ في ظلمي و في إعناتي
أنكرتني بعد الشباب و ما خبت
نار على شفتيك من قبلاتي
أيّام أرشف من لماك سلافتي
و أعلّ من آهاتك العطرات
و أمدّ أشراك الغواية و الهوى
لأثير فيك كوامن الشهوات
فتثور و هي عنيفة صخّابة
هوجاء بعد رويّة و أناة
هيهات يرجعها إلى اطمئنانها
إلاّ هوى شرس الشمائل عات
و حلفت ثغرك ما تقبّل رشفة
من عابديك أحبّ من رشفاتي
و نعم تنكّر لي الشباب و فاتني
ما فات من أيّامه النضرات
فتقبّلي ذكرى هواي بقيّة
منه ترفّ لماك في نغماتي(61/277)
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> أنني قدمت روحي في الضحايا
أنني قدمت روحي في الضحايا
رقم القصيدة : 67356
-----------------------------------
يا صبابا طال عهدي بالهوى
أو ترضين بهذا يا صبايا
إنّ في قلبي زوايا للمنى
هل يثور الحبّ من تلك الزّوايا
أرجعي كأسي يا فاتنتي
إنّ في كأسي من الخمر بقايا
رقدت روحي على أغنيّة
لخيالات الأماني و المنايا
فتلاشت مع صدى أنشودة
فرغت منها إلاهات الخطايا
يا إلهات الهوى لا تغضبي
إنّني قدّمت روحي في الضحايا
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> المعبد المسحور
المعبد المسحور
رقم القصيدة : 67357
-----------------------------------
أيّها الضاحك الطّروب ألا تأسى
لهذي الدموع في عينيّا
أنا أبكي و كرّم الله و الحسن
عن الدّمع خدّك الورديّا
شوّه العاذلون عندك حبّي
لا عليهم فعار حبّي عليّا
قسموه بين البراءة و الإثم
و وحّدته أثيما بريّا
***
يا حبيبي دعني أقبّل خدّيك
و أشتفّ ثغرك اللؤلؤيّا
و تبذّل للحبّ سكرا و عريا
جسدا فاتنا و روحا غويّا
ألهوى جنّة بقلبي و الشهوة
نار حمراء في شفتيّا
***
مهرجان لمتعة الجسم حال
يرحم الله حبّنا العذريا
طاف بي طائف من المعبد المسحور
يدعو فقالت النفس هيّا
يا حبيبي و سحر عينيك يغنيني
أشاهدت سحره البابليّا
معبد للهوى الأثيم بنينا
الفجر فيه و المشرق الذهبيّا
و أقمنا على الكهانة فيه
و العبادات شاعرا عبقريّا
يتغنّى سكران بين عوار
رضيت عريها كسا و حليّا
و إذا يشتهي الأغانيّ يسمع
معبدا و الغريض و الموصليّا
و إذا حنّ للكرى فذراعان
و نهدان و ابتسام و ريّا
حالم فالزمان يرقب أمري
و المنى الحاليات طوع يديّا
و الرؤى عالم خفيّ أراه
عالما ضاحك السنا مرئيا
صوّرت قدرة الخيال من العسجد
و النّور كأسي الخزفيّا
ربّ حلم تناقلته اللّيالي
و الخيالات فاستحال نبيّا
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> الكنز المقدّس
الكنز المقدّس
رقم القصيدة : 67358(61/278)
-----------------------------------
بثغرك من ذكرى شبابي صحيفة
مطرّزة بالحبّ و الأمل السامي
و في لحظك الساجي من الشعر و الهوى
تركت خيالاتي و سكري و أحلامي
و لي قبلات بين نهديك أودعت
شبابي و آمالي العذاب و آلامي
فلا يمتهن نهداك كنزا مقدّسا
خبأت به روحي و بهجة أيّامي
خذوا فاغسلوا يا آثمين ذنوبكم
ألم يجر دمع الله من قلبي الدّامي
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> الحبّ و الله
الحبّ و الله
رقم القصيدة : 67359
-----------------------------------
تأنّق الدوح يرضر بلبلا غردا
من جنّة الله قلبانا جناحاه
يطير ما انسجما حتّى إذا اختلفا
هوى . و لم تغن عن يسراه يمناه
ألخافقان معا فالنجم أيكهما
و سدرة المنتهى و الحبّ : أشباه
أسمى العبادة ربّ لي يعذّبني
بلا رجاء و أرضاه و أهواه
و أين من ذلّة الشكوى و نشوتها
عند المحبّين عزّ الملك و الجاه
تقسّم الناس دنياهم و فتنتها
و قد نفرّد من يهوى بدنياه
ما فارق الريّ قلبا أنت جذوته
و لا النعيم محبّا أنت بلواه
غمرت قلبي بأسرار معطّرة
و الحبّ أملكه للروح أخفاه
و ما امتحنت خفاياه لأجلوها
و لا تمنّيت أن تجلى خفاياه
الخافقان _ و فوق العقل سرّهما
كلاهما للغيوب : الحبّ و الله
كلاهما انسكبت فيه سرائرنا
و ما شهدناه لكنّا عبدناه
أرخصت للدمع جفني ثم باكره
في هدأة الفجر طيف منك أغلاه
و أسكرتني دموعي بعد زورته
أطيف ثغرك ساقاها حميّاه
طيف لشقراء كاس من متارفه
لو لم أصنه طغى وجدي فعرّاه
حمنا مع العطر ورّادا على شفة
فلم نغر منه لكنّا أغرناه
تهدّلت بالجنى المعسول و اكتنزت
و الثغر أملؤه للثغر أشهاه
نعبّ منه بلا رفق و يظمؤنا
فنحن أصدى إليه ما ارتشفناه
في مقلتيك سماوات يهدهدها
من أشقر النور أصفاه و أحلاه
و رنوة لك راح النجم يرشفها
حتّى ترنّح سكر في محيّاه
أطلّ خلف الجفون الوطف موطنه
بعد الفراق فحيّاه و فدّاه
يضيع عنّي وسيم من كواكبها
فحين أرنو إلى عينيك ألقاه(61/279)
قلبي و للشقرة المغناج - لهفته
ليت الحنين الذي أضناه أفناه
تضفّر الحور غارا من مواجعه
و تستعير روءاها من خطاياه
أغفين فيه لماما ثمّ عدن إلى
جنّاتهنّ و قد لملمن ريّاه
يسألن باللهفة الغيرى على خجل :
من فجّر العطر منه حين أدماه ؟
لم تعرف الحور أشهى من سلافتنا
رفّ الهجير ندى لما سقيناه
مدلّه فيك ، ما فجر و نجمته !
مولّه فيك ، ما قيس و ليلاه !
من كان يسكب عينيه و نورهما
لتستحمّ روءاك الشقر لولاه
سما بحسنك عن شكواه تكرمة
و راح يسمو عن الدنيا بشكواه
يريد بدعا من الأحزان مؤتلقا
و من شقاء الهوى يختار أقساه
سكبت قلبك في وجدانه فرأت
يا عزّ ما شئت لا ما شاء عيناه
أنت السراب عذاب و قده و ردى
و تؤنس العين أفياء و أمواه
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> اتسألين عن الخمسين ؟
اتسألين عن الخمسين ؟
رقم القصيدة : 67360
-----------------------------------
أتسألين عن الخمسين ما فعلت
يبلى الشباب و لا تبلى سجاياه
في القلب كنز شباب لا نفاد له
يعطي و يزداد ما ازدادت عطاياه
فما انطوى واحد من زهو صبوته
إلاّ تفجّر ألف في حناياه
هل في زواياه من راح الصبا عبق
كلّ الرحيق المندّى في زواياه
يبقى الشباب نديّا في شمائله
فلم يشب قلبه إن شاب فوداه
تزيّن الورد ألوانا ليفتننا
أيحلف الورد أنّا ما فتنّاه
صادي الجوانح في مطلول أيكته
فما ارتوى بالندى حتّى قطفناه
هذا السلاف أدام الله سكرته
من الشفاه البخيلات اعتصرناه
جلّ الذي خلق الدنيا و زيّنها
يالشعر أصفى المصفّى من مزاياه
نحن الذين اصطفانا من أحبّته
فلو تدار الطلى كنّا نداماه
و شرّف الشعر لما صاغه ترفا
فكنت نعمته النشوى و معناه
و راح ينشدنا عصماء شفّة
و مقلة و جننّا فاستعدناه
***
روحي فدى و ثن ما كان أفقرنا
إليه في عزّة النعمى و أغناه
إن كان يذكر أو ينسى فلا سلمت
عيني و لا كبدي إن كنت أنساه
يا من سقانا كؤوس الهجر مترعة
بكى بساط الهوى لما طويناه
***(61/280)
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> اللهب القدسي
اللهب القدسي
رقم القصيدة : 67361
-----------------------------------
يحبّ قلبي خباياه و يعبدها
إذا تبرّأ قلب من خباياه
طفولة الروح أغلى ما أدلّ به
و الحبّ أعنفه عندي و أوفاه
قلبي الذي لوّن الدنيا بجذوته
أحلى من النور نعماه و بؤساه
غرّ و أرفع ما فيه غرارته
و أنذل الحبّ - جلّ الحبّ - أدهاه
ما الحسن إلاّ لبنات منمّقة
لكن يؤلهه أناّ عشقناه
لم يرده ألف جرح من فواجعه
حتّى أصيب بسهم منك أرداه
***
آمنت باللّهب القدسيّ مضرمه
أذكى الألوهة فينا حين أذكاه
نزيّن الروح قربانا لفتنته
و قد يضنّ فتستجدى مناياه
و لو أقام الضحايا من مصارعها
لآثرت موتها فيه ضحاياه
ألعبقرّيات وهج من لوافحه
و الشمس مجلوّة إحدى هداياه
و تلئهين بهدي من عقولهم
لو يمّموا اللّهب القدسيّ ما تاهوا
ما راعنا الدهر بالبلوى و غمرتها
لكنّنا بالإباء المرّ رعناه
إن نحمل الحزن لا شكوى و لا ملل
غدر الأحبّة حزن ما احتملناه
و ما رعانا على عصف الخطوب بنا
هوى حبيب رعيناه و نرعاه
ليت الذين و هبناهم سرائرنا
في زحمة الخطب أغلوا ما وهبناه
و لا وفاء لقلب حين نؤثره
حتى تكون رزايانا رزاياه
أشامت عند جلاّنا و ما نزلت
إلاّ على الحبّ و الإيثار جلاّه
هان و محنتي العصماء دامية
راو و من لوعتي الشمّاء سقياه
ما ضجّ في قلبه جرح فكابده
و لا ألمّ به وجد فعاناه
تضنّ باللّهفة الحرّى جوانحه
و القلب أخضبه بالنور أسخاه
فما ترشّفت إيمانا بمعبده
و لا شممت طيوبا في مصلاّه
ناء عن النّار لو طاف اللّهيب به
لوهّجت هذه الدّنيا شظاياه
قد هان حتّى سمت عنه ضغينتنا
فما حقدنا عليه بل رحمناه
يرضيه أن يتشفّى من مدامعنا
لم نبك منه و لكنّا بكيناه
حسب الأحبّة ذلاّ عار غدرهم
و حسبنا عزّة أنّا غفرناه
يهنيك أنّك في نعمى لمحنته
و أنّ غدرك قبل الدهر أشقاه
جاه خلقناه من ألوان قدرتنا
فكيف بكفر فينا من خلقناه(61/281)
لو رفّ حبك في بيداء لاهبة
على الظماء رحيقا ما وردناه
حلوت طيفك عن عيني فأسلمه
إلى الدجى و إلى الإعصار مأواه
فيا لكنز شكت منه جواهره
و ضاع عن نفسه لمّا أضعناه
صحا الفؤاد الذي قطّعته مزقا
حرّى الجراح و لملمنا بقاياه
***
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> هواجس
هواجس
رقم القصيدة : 67362
-----------------------------------
هواجسي فيك إيمان و غالية
و أنجم و فراش تعبد اللّهبا
و سالفات رؤى حين اشتهيت لنا
في البيد خيمتها السمراء و الكثبا
هواجس أنت دنياها و معدنها
فكيف تبدع إلاّ النّور و الطربا
النازلات على قلبي و نعمته
حورا من الأفق القدسيّ لا ريبا
المترفات و أحلاها و أملحها
طيف مع الفجر من أهدابك انسربا
روى لنا عنك ما ندّى سرائرنا
من المنى السمر إن صدقا و إن كذبا
تصوّف القلب تدليلا لساكنه
فما شكى عنت البلوى و لا عتبا
و كيف يوحش قلبي من سلافته
و قد أدرت عليه الحبّ و الأدبا
يا عذبة الثغر .. لو طاف الخيال به
قرأت في وجهك الإشفاق و الغضبا
إذا تمنّاك قلب لا نجوم به
تململ الفلك الغيران و اضطربا
يردّ حسنك أهواء النفوس تقى
و يسكب الخير و الأطياب و الشهبا
كأنّه الكعبة الزهراء ، ما اجترحت
منى الحجيج بها إثما و لا لعبا
***
غيب لحبّك من نعمى اليقين به
كأنّني كاشف عن سرّه الحجبا
بيني و بينك أنساب موثّقة
هذا اللهيب بقلبي خيرها سببا
فلو بخلت بنعماء العذاب لما
نشدت عندك إلاّ جمره أربا
لم يشهد الله قلب لا لهيب به
و يشرق الله في القلب الذي التهبا
أعيذ مؤنس ، روحي ، بعد وحشتها
أن يستردّ من النعماء ما وهبا
يا ضيعة النغم الأسمى و لوعته
إذا محى الخالق الفنّان ما كتبا
شفّعت عندك حبّي في مواجعه
و ما تمزّق من قلبي و ما سلبا
أخفيت ظلمك عن نفسي لأرحمها
ثمّ ابتدعت له الأعذار و السببا
***
هواك عندي مقيم في مواطنه
فإن تحوّل عن نعمائها اغتربا
أحبّك الحبّ تأليها خلعت به
على تدلّهي الإجلال و الرهبا
***(61/282)
سكبت في دربك الأطياب والهة
و جلّ كأسك عن عطري الذي انسكبا
لعلّه - و الخطى السمراء تسلكه
يعلّها من حنيني بعض ما شربا
أغليت نعمى الهوى عندي و محنته
فحبّ ما مرّ منه حبّ ما عذبا
مدامعي فيك لو أكرمت جوهرها
أكرمت فيها الهوى و الشعر و العربا
أجلّ بابك عن طول الوقوف به
فقر الكريم تجلّى صمته طلبا
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> ظمأ الى السراب
ظمأ الى السراب
رقم القصيدة : 67363
-----------------------------------
يرافقني سرابك أريحيّا
فأغمر بالرحيق و بالملاب
سراب أسمر القسمات هان
نديّ اللمح ورديّ الحباب
يزوّق لي الرّمال جنى و ظلاّ
و يغمز بالكؤوس و بالشراب
و قطّف ما ينور من طيوف
على أجفان ناهدة كعاب
و علّل بالرجاء فكان أحنى
عليّ من الأحبّة و الصحاب
محا حقد الهجير على الصحارى
و وحدتي المريرة و اغترابي
فيا نعمى القلوب و لا أداري
و يا نعمى العيون و لا أحابي
سرابك رحمة و منى حسان
سكبن طيوبهنّ على عذابي
أحثّ خطاي في اللّهب المدمّى
إلى أفيائه الخضر الرطاب
سقى عيني متارفه و روّى
ظماء الرمل بالنطف العذاب
فلو كان الشباب كما عهدنا
و هبت جزاء نعمته شبابي
بكيت من السراب فحين ولّى
و أوحدني . بكيت على السراب
و أشقاني اليقين فيا حنيني
إلى الخدع المنضّرة السوابي
مغان للسراب خفين إلاّ
طيوف الجنّ في الةهج المذاب
أتمحو يا سراب خطاك ... هوج
مواح للمعالم و القباب
يدلّ على خطاك شذا و حبّ
فأرشف ما وطئن من التراب
سقى اللخ السراب وفاء قلبي
و عطر سريرتي و صبا ربابي
و نضّره بأندى من دموعي
و دللّه بأنعم من عتابي
بما بين الجوانح من حنين
ملحّ في الشهود و في الغياب
بنار تدلّهي ، برؤى جنوني
بإيماني بحبّك ، بارتيابي
بوجهك و هو نور في صلاتي
بهمسك و هو ورد في كتابي
بعزّة لوعتي ، بحياء حزني
بسكري عند لمحك و اضطرابي
بأنداء الصّباح منمنمات
بما سكب الربيع على الروابي
سقى الله السراب منى بروحي
على الحرمان زاخرة العباب(61/283)
فيصبح و هم نعمته يقينا
و تستغني الرمال عن السحاب
و تلثم ما أسبّح من شفاه
و ترشف ما أقدّس من رضاب
***
هواي سجيّة و شباب قلب
و جلّ صبا القلوب عن التصابي
خضبت بلون سمرتك المصفّى
حياتي و المحبّب من رغابي
و لامك عندنا قوم و عابوا
يجلّ النور عن لوم و عاب
و أنت النور في عيني و قلبي
على حاليك من شهد و صاب
سريرتك الضياء بلا غروب
و عيناك الغيوب بلا حجاب
وقفت بباب جاهك مطمئنا
كأنّ الدّهر و الدنيا ببابي
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> السراب المظلم
السراب المظلم
رقم القصيدة : 67364
-----------------------------------
حنا السراب على قلبي يخادعه
بالوهم من نشوة السقيا و يغريه
فكيف رحت و لي علم ببطاله
أهوى السراب و أرجوه و أغليه
ويح السراب على الصحراء تسلمه
رمالها السمر من تيه إلى تيه
يزوّر الماء للسقيا و لهفته
حرّى إلى منهل يحنو فيسقيه
جلا النمير و ما ابتلّت جوانحه
من النمير و لا ابتّلت مآقيه
أيّامه خدع الركب ضاحكة
سخرا و للعدم القاسي لياليه
صرعاه لو عرفوا الأسرار ما جزعوا
ممّا يعانون بل ممّا يعانيه
ألا يملّ السراب الغمر وحدته
ألا يحنّ إلى نعمى تندّيه
هيمان لهفان لا مأوى لوحشته
قلبي الذي وسع الأكوان يؤويه
أبكي لبلواه تحنانا و مغفرة
روح الألوهة روحي حين أبكيه
إذا خدعت فقد جازيت خدعته
بالعذر أبسطه و الذنب أطويه
ادعو السراب إلى روحي فقد حليت
بها اللبانات ترضيه و تغويه
لهفي عليه أسيرا في يدي قدر
يميته كلّ يوم ثمّ يحييه
يغيض قبل رفيف الجفن زاخرة
أقلبه جفّ أم جفّت سواقيه
ماء و لا ريّ يندي في شمائله
كأنّه القول فاتته معانيه
يزوّق الحسن ألوانا و ما عصفت
بروحه سورة للحسن تصيبه
هذي مراعيه عطل من بشاشتها
حنّت لشبّابة الراعي مراعيه
لو صعّد القصب الولهان زفرته
لنوّرت بيده و اخضلّ واديه
ما للسّراب دنا حتّى إذا اكتحلت
بسحر دنياه عيني شطّ دانيه
أنت السراب و لكني على ظمأي(61/284)
بأنهر الخمر في الفردوس أفديه
محوت من قلبي الدنيا فما سلمت
إلاّ طيوف هوانا وحدها فيه
***
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> النبع المسحور
النبع المسحور
رقم القصيدة : 67365
-----------------------------------
بردك فوق الخصر جار الرؤى
فخلفه تطفر جنّيّتان
شيطانتان اصطفتا جنّة
قد تؤنس الجنّة شيطانتان
دارت على الظمأى حميّاهما
فاللهو في الجنّة طلق العنان
يدنيهما الشوق و لم تدنوا
فهل هما نهدان أم نجمتان
تموج ألحان الصبا فيهما
كأنّما نهداك أغرودتان
عشّان لا للطّير بل للهوى
عشّان ، بل للمسك قاروتان
عندي طيوب لك أعددتها
عطر لباناتي و عطر البيان
رشّا على حسنك ريّاهما
فهل درى عطراي ما يفعلان
حسنك عطر العطر في جنّتي
على غناها و لبان اللبان
فاغدي على الرمل و روحي يضع
ورد و يفرش طيبه أقحوان
عيناك بحر حين أغفى انحنت
فلملمت أحلامه الضفّتان
تغفو بعينيك طيوف المنى
عيناك للأشواق أرجوحتان
قلبي و قرطاك حليفا ضنى
ألم يئن أن يتعب الخافقان
و خصلتان ارتاحتا في يدي
من الدجى المخمور مسكوبتان
شذاهما باق و إن غابتا
كأنّما فرعاك ريحانتان
تغامزين البدر في موعد
فغرت لمّا التقت الغمزتان
ينمنم الأحلام فضّيّة
و تنسج الشمس لك الأرجوان
و ملكك البدر و شمس الضحى
و ما يصوغان و ما يغزلان
قد باح جفناك بسرّ الدجى
جفناك من سرّ الدجى مترعان
تضحك عيناك و إن جدّتا
لا سحر في عينين لا تضحكان
تنطق عيناك و لم تنطقي
و قد تطيلان و قد توجزان
و لم تضيقا بمعاني الهوى
ألا تلومان ألا تتعبان
***
رشيقة الأحزان و القدّ . هل
ينبت في جمر الغضا غصن بان
نزلت قلبي سدرة المنتهى
ما أرز لبنان و ما الغوطتان
و بيننا قربى الشذى للشذى
ألحسن و الشعر رضيعا لبان
ترشف من نهديك إغفاءتي
كأسين قد أترعتا بنت حان
طافت بك الكأس فرنّحتها
و جنّ لمّا شمّك الزعفران
نبع الصبا المسحور يشتفّه
قلبي و السمراء و الفرقدان
نشتفّه حتّى ثمّالاته(61/285)
فنحن لا نفنى و يفنى الزمان
نشتفّه حتّى يعود الصبا
و اللّمّة السوداء و العنفوان
و بيننا في ربوة سمحة
حلو السفوح الخضر ، حلو الرعان
و غابة يغفو الضحى عندها
و شمسها تغرب قبل الأوان
قبورنا فيها بلا وحشة
يؤنسها في الوحدة السنديان
و قبّة تحرس كنز الدجى
كأنّها في الغابة الديدبان
و النبع و القبّة في هدأة
يسرع دهر و هما وانيان
ما هزّت الدنيا أناتيهما
فتغرب الدنيا و لا يدهشان
و لوّحت من بعض أفيائنا
كفّان بالحنّاء مخضوبتان
حضنت في السمراء دنيا المنى
حين التقينا كبّر العالمان
جزنا حدودو الكون ، لا مشرقان
في جلوة النّور ، و لا مغربان
جزنا حدود الكون ، حتّى التقى
كلّ مغيب عندنا بالعيان
و عاد للأنجم ما ضاع من
أضوائها و اعتنق الأزهران
و اختصر الدنيا شذا مسكر
أو لهفة عذراء أو قبلتان
بحت بأسراري فعبّوا الشذى
فضّت عن الراح العتيق الدنان
نا غاب عن أعراسنا أهلنا
ألشمس و الأنجم في المهرجان
و الناس لا تعرف أحزاننا
يرثى لنا الشوق و يبكي الحنان
يرفعني الموج . إلى شاهق
و حطّني .. لا تهدأ الكفّتان
زلزلت الأمواج زلزالها
و احتضنتها دجنة من دخان
قد رجّها العاصف حتى طغى
لؤلؤها - طوع يدي و الجمان
و محنة طالت و أكرمتها
بالصبر حتّى ملّ دهر فلان
لا يقنط الحرّ و لا يشتكي
لكلّ بحر هائج شاطئان
فتّشت عن خوفي فلم ألفه
كيف أرى الخوف و أنت الأمان
***
قرّبنا الله ففوق الزمان
نحن مع النور و فوق المكان
يضوّئ الظلمة إيماننا
و يسكر الفجر رحيق الأذان
نحن و قلبانا و أسرارنا
شوق إلى الله و أغنيّتان
أوجهها أم بيته قبلتي
أستغفر الله فلي قبلتان
نريد جمرا لبخور الهوى
في النار هذا الجمر لا في الجنان
صلاتنا النور فمن وهجها
شعّ الضحى و أتلق النيّران
من وردنا الأفلاك تسبيحة
و الصبح و النجمة تكبيرتان
تغمزني الشمس عناق الهوى
فلفّني من فرعها خصلتان
وجهي - و لم تخدع أساريره -
و القلب مرآتان مجلوّتان
كتبت ( بسم الله ) فالطرس من(61/286)
عدن ( و بسم الله ) حوريّتان
لم يعنني عسر و لا شدّة
الله و السمراء لي المستعان
عرّيت فقري عند بابيهما
و تعذّب الشكوى و يحلو الهوان
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> أيّها المعرض عني
أيّها المعرض عني
رقم القصيدة : 67366
-----------------------------------
أيّها المعرض عنّي ما الذي رابك منّي
أنت حلو في الرضى السمح و حلو في التجنّي
دع يقيني - و هو الجمر - إلى أفياء ظنّي
لي كنوز الحبّ ، يستغني بها قلبي و يغني
و المنى ضاعت فهبني منك نعماء التمنّي
تعدل الدنيا طيوف علقت منك بخفني
و أنا البلبل في الأيك و في الأسر يغنّي
ترف الإحسان أن أضفي على دنياي حسني
قد جلاني الله من نعماه إشراقه يمن
أنا و الأنجم أغفينا على مهد و حضن
و ابتدعنا ألف دنيا و خلقنا ألف فنّ
أنا و الأنجم لا نفنى على الدّهر ... و نفني
أنا إن أدن من الله فإنّ الشوق يدني
ناعم النور نماني و الأعاصير نمتني
يظمأ العقل فأسقي العقل أسطورة جنّ
لم يضق حبّي بما ألقاه من حقد و غبن
أنزل الآثام أضيافا علة جنّة عدني
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> خالقه
خالقه
رقم القصيدة : 67367
-----------------------------------
من نعمياتك لي ألف منوّعة
و كلّ واحدة دنيا من النور
رفعتني بجناحي قدرة و هوى
لعالم من رؤى عينيك مسحور
تعبّ من حسنه عيني فإن سكرت
أغفت على سندسيّ من أساطير
أخادع النّوم إشفاقا على حلم
حان على الشفة اللمياء مخمور
وزار طيفك أجفاني فعطّرها
يا للطيوف الغريرات المعاطير
طيوبها في زيارات الرؤى نزلت
من مقلتيّ على أصفى القوارير
كأنّ همسك في ريّاه وشوشة
دار النسيم بها بين الأزاهير
تندى البراءة فيه فهو منسكب
من لغو طفل و من تغريد عصفور
رشفت صوتك في قلبي معتّقة
لم تعتصر و ضياء غير منظور
لو كنت في جنّة الفردوس واحدة
من حورها لتجلىّ الله للحور
خلقتني من صبابات مدلهة
ظمأى الحنين إلى دلّ و تغرير
فكيف اغفلت قلبي من تجلّده(61/287)
لمّا تولّيت أبداعي و تصويري ؟
و كيف تشكين من حبّي غوايته
و أنت كوّنت تفكيري و تعبيري
و هل تريدين روحي هدأة و ونى
فكيف أنشأت روحي من أعاصير ؟
ألفت نفسي على ما صغت جوهرها
يا غربتي عند تحويري و تغييري !
***
كبّرت للطلعة النشوى أسبّحها
أكان لله أم للحسن تكبيري
يا طفلة الروح : حبّات القلوب فدى
ذنب لحسنك عند الله مغفور
آثامك الخفرات البيض لو جليت
لطور موسى لندّت ذروة الطور
كأنّها أقحوانات منضّرة
بمخضب عبق الريحان ممطرة
يا نجمة تختفي حينا و تشرق لي
حينا أفانين تعريف و تنكير
لقد هجرت أخاك الفجر و انتبهت
شمس الصباح على أنّات مهجور
من موطن النّور هذا الحسن أعرفه
حلو الشمائل قدسيّ الأسارير
ففي السماء على مطلول زرقتها
أرى مساحب ذيل منك مجرور
***
لا تجزعي من مقادير مخبّأة
حنا يدلّلنا ظلم المقادير
عندي كنوز حنان لا نفاد لها
أنهبتها كلّ مظلوم و مقهور
أعطي بذلّة محروم فوا لهفي
لسائل يغدق النعماء منهور
جواهري في العبير السكب مغفية
من الونى بعد تغليس و تهجير
تاهت عن العنق الهاني فأرشدها
إلى سناه حنين النور للنور
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> إلى أستاذي مصطفى الغلاييني
إلى أستاذي مصطفى الغلاييني
رقم القصيدة : 67368
-----------------------------------
أتسمع أنّه صوت الشباب
فدته النفس من داع مجاب
و ما غير الشباب حمى عزيز
يرجّى للثواب و للعقاب
أبا النشء الجديد بنيت نشأ
من الأخلاق و الأدب اللباب
هنيئا ما أصابك من خطوب
و ما لاقيت من محن صعاب
و ما غالبت من زمن و ناس
و أنت الليث ينهد للغلاب
و أعوام الشبيبة و هي تطوى
على شمل شتيت و اغتراب
تجاهر بالحقيقة لا تداري
و تصدع بالنصيحة لا تحابي
تعهّدت الشباب فمن قصيد
سقيت به البيان إلى كتاب
دعوتهم إلى الفصحى فلبّوا
و بورك في الدعاء المستجاب
جلوت فتونها فهفوا إليها
و فلّت حدّة النّفر الغضاب
و ما اختلفوا على الأنساب إلاّ
هديتهم إلى النسب القراب(61/288)
تؤلّف بينهم و تذود عنهم
ذياد الليث عن أشبال غاب
***
أتذكر في الشام لنا عهودا
معطّرة كأنفاس الكعاب
بدمّر لا السفوح معطّلات
من الغزل النديّ و لا الروابي
و هل عند الخمائل ما قطفنا
من الفتن المنوّرة العذاب
نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي
إل أفنانها النضر الرطاب
و ننشدها النسيب على ذبول
فيغنيها النسيب عن الرباب
ورود الشام تسكرها القوافي
و تهفو للتوجّع و العتاب
و تطرب للنديّ من المعاني
فتجزي بالظلال ز بالملاب
لئن نضرت خمائلها فإنّي
خلعت على خمائلها شبابي
و ودّعت الصبى فيها حميدا
و رحت أغشّ قلبي بالتّصابي
أحنّ إلى شبابي حين أهفو
إلى تلك المعالم و القباب
و من ينعم بصحبته فإنّي
جنى مرّ الإباء على صحابي
لدات طفولتي ذهبوا تباعا
و عاقتني الخطوب عن الذهاب
أسائل عنهم فأرى وجوما
فأغضي ، قد عثرت على الجواب
و أسمع للقبور صدى وجيعا
حنين الغائبين إلى الإياب
سقى تلك القبور دمي و دمعي
و جلّ القبر عن سقيا السحاب
و من فوق التراب فدى بدور
خبا لألآؤها تحت التراب
***
أتعذلني و قلبي في وجيب
من الذكرى و دمعي في انسكاب
فديتك إن بكيت أسى و ذكرى
فهذا الدمع لم يك في حسابي
و عيدك بهجة الدنيا عليه
رواء من شمائلك السوابي
صحبتك في الشام و كنت برّا
تخاطبني و تلطف في خطابي
تعلّمني الوسيم من القوافي
و تهديني القويم من الشّعاب
و تكرم مشهدي و تذود عنّي
إذا الحسّاد أنطقها غيابي
فتاك و إن تأوّلت الأعادي
و لجّت في أذاي و في اغتيابي
و غسّان العلى قومي و لكن
إلى أدابك الغرّ انتسابي
***
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> أيّكما الرّبيع
أيّكما الرّبيع
رقم القصيدة : 67369
-----------------------------------
ثنائي عن لقائك يا أميري
عثار الجدّ و القدم الوجيع
فخفّ من الجموع إليك قلبي
يرافقها و ما درت الجموع
و مزّقه الحنين فكلّ جرح
هوى يشكو و غالية تضوع
***
أميري و العلى حسب رفيع
يمكّن مجده أدب رفيع
جمعت كليهما فزكت أصول(61/289)
على نعمائها و زكت فروع
تنمّر كلّ خوّان لئيم
و تاه النذل و اختال الوضيع
و نالت من حرائرنا بغيّ
لكلّ هوى مسخّرة تبوع
و ربّة حرّة جاعت و تغنى
بثدييها البغيّ فلا تجوع
رأيت الكفر يكتمه ذووه
و كفر القوم عريان خليع
و أوصدت الشام السمع عنّا
فما في الشام للبلوى سميع
عنوا للخائنين و دلّلوهم
و ما بالوا بأرحام تضيع
و ما صرعوا عدوّهم بنعمى
و لكنّ الوفاء هو الصريع
فلو درت الضلوع صنيع قلبي
لما غفرت جريرته الضلوع
يطيع أحبّة جاروا عليه
و يأمره الزمان فلا تطيع
تشفّع في ذنوبهم وفائي
ففاز الحبّ و انتصر الشفيع
***
أميري هذه شكوى ألحّت
فضاق بجمرها الصدر الوسيع
و عندك مثلها و لدى كلينا
لأسرار العلى حرم منيع
و أهلا بالامير فكلّ قلب
على لقياك خفّاق نزوع
نزلت مع الربيع على ربانا
فقال الناس : أيّكما الرّبيع
***
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> بين الأمير و الشاعر
بين الأمير و الشاعر
رقم القصيدة : 67370
-----------------------------------
أيا شاعر العرب الذي سار شعره
يدوّي فلا يثنيه برّ و لا بحر
تذكّر بثغر اللاذقيّة صاحبا
إذا دبّ فيه اليأس أنعشه الذكر
الأمير مصطفى الشهابي
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمير الندى و الأريحيّة و العلى
أحبّ من النعمى شمائلك الغرّ
بيانك لا عطر الجنان و سحرها
و طبعك لا الشهد المصفّى و لا الخمر
صحبتك من عشرين تجنع بيننا
من الأدب الأعلى الشمائل و الفكر
و أنّا تحدّينا الطغاة فلم يضيق
بطغيانهم منّا كفاح و لا صبر
و أنّت اناخ الدهر حينا بعسفه
علينا فلم يسلس شكائمنا الدهر
و أنّا تقاسمنا الإمارة بيننا
لك النثر في آفاقها و لي الشعر
أقارب لا من أسرة أو عشيرة
فمن صور القربى الشمائل و النجر
و أهل على بعد الجدود و إنّما
أخو الحرّ في الدّنيا هو الماجد الحرّ
فدلّل وفائي ما قدرت فإنّه
و حقّك نعم الذخر إن فقد الذخر
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> سكب المروءات
سكب المروءات(61/290)
رقم القصيدة : 67371
-----------------------------------
لي أخ سكب المرؤات إذا الداعي دعاه
اريحيّ اليد و الفكر ، و للفكر نداه
ما حاكاه الهندوانيّ و لا أغنى غناه
أكرم الودّ تفيأنا على الجلىّ حماه
صاغه الخير من الخير لبابا و اصطفاه
معرق الأمجاد و الأنساب ، طابت نبعتاه
فاذا عدّت أساطين النّهى فاذكر أخاه
و إذا الميدان جلّى الشوط كان ابن جلاه
ضاحك ما شئت تخفي عزّة الكبر أساه
عبقريّ القلب و العقل ترشّفنا سناه
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> أخا الجلّى ..
أخا الجلّى ..
رقم القصيدة : 67372
-----------------------------------
أ أكرم حبّنا أصفى و أسمى
على عتت الخطوب من العتاب
و ما عزّيت حين ألمّ خطب
مصابك في جلاته مصابي
أخا الجلّى : و رب أخ تعرّى
لدى الجلّى عن الحسب القراب
أحبّك للنبيل من المعالي
و للعطر السّريّ من الرغاب
و أنت إذا تحدتك الرزايا
ضياء الشمس يسخر بالسحاب
تحنّ إليك عند البعد روحي
حنين الورد للنّطف العذاب
و حبّك نعمة الدنيا و أحلى
من النّعمى شمائلك السوابي
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> صهرت من الخطوب
صهرت من الخطوب
رقم القصيدة : 67373
-----------------------------------
أ أكرم ما تضوّعت الغوالي
بأعطر منك مأثرة و عرفا
صهرت من الخطوب فزدت قدرا
و تلك سجيّة الذهب المصفى
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> سيذكرني
سيذكرني
رقم القصيدة : 67374
-----------------------------------
سيذكرني بعد الفراق أحبّتي
و يبقى من المرء الأحاديث و الذكر
ورود الرّبى بعد الرّبيع بعيدة
و يدنيك منه قواريره العطر
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> مرابع الأحباب
مرابع الأحباب
رقم القصيدة : 67375
-----------------------------------
أمرباع الأحباب بقلبي لمن ظعنوا مرابع
فسلي الأضالع عن هواه .. فسرّه عند الأضالع
أتبعته ركب الحبيب ميمّما ذات الأجارع
و سألت عن الراجعين فقيل قلبك غير راجع
***(61/291)
بعد الذين أحبّهم و الوجد يذكيه البعاد
ويل الجياد فقد نأت بأحبّتي تلك الجياد
بعثوا خيالهم و كيف به لمن حرم الرقاد
أتراهم علموا بمن أصفاهم صدق الوداد
***
يا ساكني القصر المهيب عفت ، و حقّكم ، القصور
و تغيّر الزمن الخؤون فما وفى لكم عشير
نقضت عهودكم و خانكم المقرّب و السمير
و تنكّر الإخوان حين تنكّر الدهر الغدور
***
أبوابكم هجرت فلا نور هناك و لا ازدحام
قد كان يؤنسها الضياء فصار يوحشها الظلام
واحسرتاه ! لمت الخطوب فما انتفعت من الملام
جدّ تنبّه ثمّ أدركه الكرى طفلا فنام
***
أحبابنا أين الألى نظموا بمدحكم الجواهر
أين القصائد تزدهي متباهيات كالضرائر
أين المغنّي و النديم و أين ذو الغرر السوائر
صمت الجميع و لم يفه غيري من الشعراء شاعر
***
غنّيت ما شاء القريض لديكم مترنّما
و نطقت عن سرّ القلوب معبّرا و مترجما
حتّى إذا نزل القضاء معبّسا متجهّما
ردّدت شعري في حماكم باكيا متألّما
***
أنا لا يغيّرني الصدود و لا الجفاء و لا النوى
ولع بسكّان اللوى مرحى لسكّان اللّوى
و الله قلبي ما تنكّب عن هواه و لا ارعوى
لا خان عهدكم الوثيق على البعاد و لا نوى
***
يسمات شعري حوّلتها الفاجعات إلى دموع
فإذا بكيت على الرّبوع فإنّ ذا حقّ الربوع
الفاخرات على الزمان التائهات على الرّبيع
سلب الزّمان جلالها و جمال فرقدها الرفيع
***
أحبابنا لا تضعفوا فالضعف داعية الفناء
و تعلّموا أنّ الحياة وصفوها للأقوياء
النّاهدين إلى النزال الصابرين على البلاء
القاحمين على الخطوب عرينها و على القضاء
***
أين الشرائع ؟ لم يعد في الأرض ظلّ للشرائع
درست و قام بنا على أنقاضها دين المطامع
الصدق ما نطقت به في الناس أفواه المدافع
و الحقّ ما قامت تؤيّده الظبى البيض القواطع
***
ضلّ الذي زعم الأنام عن القديم تقدّموا
الناس في كلّ العصور كما علمت هم هم
يشقى الضعيف و يستبدّ به الكميّ المعلم
و تحلّل الأطماع ما تختاره و تحرّم(61/292)
دول تدول و غيرها نبنى على أنقاضها
و ممالك مرضت فحار الطبّ في أمراضها
قصّت قوادمها فمن يحنو على منهاضها
ترمي الليالي الخطوب و نحن من أغراضها
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> إلى الحبيبة الصغيرة
إلى الحبيبة الصغيرة
رقم القصيدة : 67376
-----------------------------------
أنا إن بعدت عن الدّيار فإنّني
يا ميّ قلبي في ديارك باقي
حبّي و إنّ شطّ النوى بمزاركم
حبّي و اشواقي لكم أشواقي
لا ترقبوا منّي تناسي عهدكم
إنّ الوفاء المحض من أخلاقي
أنا لست أخلف بالنوى ميثاقكم
أو تخلفون على النوى ميثاقي
و يريق أدمعي الصدود و إن يكن
دمعي لهول الموت غير مراق
أنا كالحسام إذا جلاه صاقل
يزداد إشراقا على إشراق
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> الشاعر و البؤس
الشاعر و البؤس
رقم القصيدة : 67377
-----------------------------------
خلق الشاعر و البؤس معا
فهما خلاّن لم يفترقا
***
ذهب العمر و لم تمسك بدي
بين أترابي صفيّا أو خليلا
أنا في الكون شقيّ حائر
لا أرى نورا و لا أهدى سبيلا
أنا طير لم يغرّد فاسمعوا
بالدجى منه نواحا و عويلا
أنا إنسان غريب أمره
شرب السمّ و عاف السلسبيلا
أنا روح حرّة طائرة
رضيت بين الراري مقيلا
تومق الدنيا فتبكي جزعا
و تناجي أهلها جيلا فجيلا
شاركت في الحزن من ذاق الأسى
و أبت حين نوى الإلف الرحيلا
بورك الحبّ و ما أعدله
ملك الروح و لم ينس الهيولي
***
قد سرى في الكون حتّى لم يدع
في قلوب الناس قلبا مغلقا
هو حزن هادئ في غبطة
و هو لو ذقت نعيم في شقا
***
إيه يا موج سلاما هكذا
يرسل الصبّ مع الموج سلامه
أنا مظلوم فمن هذا الذي
يرفع الغمّة عنّي و الظلامه ؟
مرّ بي الدهر فأدمى مقلتي
بعد أن اثبت في قلبي سهامه
لم يغيّرني سقاما و هوى
إن يكن غيّرني وجها و قامه
هات حدّثني عن العهد الذي
كان في ثغر لياليّ ابتسامه
لا أرى من بعد عشرين مضت
عجبا إن عاود القلب غرامه
ذكر الشام سقاها صيّب(61/293)
طاهر المزن وحيّتها غمامه
لا تلمه حين يصفيها الهوى
إنّما الشام بوجه الدّهر شامه
***
كيف لم أقض حنينا ز أسى
يوم فارقت برغمي جلّقا
للّقا : قالت : و من أعلمها
أنّني أحيا إلى يوم اللّقا
***
أنشقي أزهار شعري غضّة
إنّني ألقيتها بين يديك
و اعذريني حين أبكي و اذرفي
دمعة طاهرة من مقلتيك
حرت في الحبّ إلى أن لاح لي
سرّه مجتجبا في ناظريك
قوّة قاهرة تجذبني
حيثما يمّمت مضطرّا إليك
هذه الموجة فرّت بعدما
قبّلت بالسرّ إحدى قدميك
لا تلوميها فما في قبلة
طهرت إثم عليها أو عليك
و نسيم الصبح ما أسعده
حين ترويه حميّا شفتيك
ويح شنفيك قد اهتزّا هوى
حينما شمّا الشذى من وجنتيك
كلّ ما في الكون يهواك فهل
حلية الزندين تهوى معصميك
***
إنّ في نهديك طيبا عبقا
أنشقي الشاعر هذا العبقا
و اذكري الشاعر و البؤس معا
فهما خلاّن لم يفترقا
***
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> حياة أسير القيد لفظ بلا معنى
حياة أسير القيد لفظ بلا معنى
رقم القصيدة : 67378
-----------------------------------
أتغني و ما أجدى الحسام و لا أجدى
قواف من الأشعار تبقى و لا تفنى
أدرت على الأسماع منها سلافة
و ارضيت فيها الله و العرب و الفنّا
تحذّرني قرض القريض مهذّبا
عصابة شرّ لا تقيم له وزنا
و هدّدني بالسجن قوم سفاهة
فتى العرب الأنجاد لا يرهب السجنا
سأبعث من شعري جيادا مغيرة
عليها كماة تحسن الضرب و الطعنا
و أذري على الأطلال أطلال يعرب
مدامع حرّ تستحيل قنا لدنا
هل الشعر إلا بسمة تمنح الفتى
هناء المنى أو دمعة تبعث الحزنا
يظنّون أنّ الشعر وزن ز طالما
قرأت من الأشعار ما خالف الوزنا
من الشعر - أصفى الشعر
بيت منمنم
من الشعر - أحلى الشعر - ثغر مقبّل
رشفت به السّلوى و لم أحرم المنّا
و في عين سلمى قد تلوت قصيدة
من الشعر لم تترك لضرّاتها حسنا
و للشعر آي في النهود قرأتها
و في الشفة اللمياء و المقلة الوسنى
نأيت عن الفيحاء - لا عن ملالة(61/294)
وحيدا و دمعي يوم فرقتها مثنى
فللّه مغنى الغوطتين و لا سقت
على البعد إلاّ أدمعي ذلك المغنى
يقولون : عنّ الغوطتين و هل رأوا
محبّا على مثوى حبيبته غنّى
فيا جنّة الفردوس لو لم يعث بها
شياطين إنس روّعوا الإنس و الجنّا
و يا جنّة الفردوس ، لكن قطوفها
بغير أكفّ الصيد من أهلها تجنى
حننت إلى ريّاك و السيف مصلت
و قد يعذر النائي الغريب إذا حنّا
و ذكّرني ريّاك روح شممته
كأنّ شذاه من خمائلك الغنّا
فيا واردي ماء الشام رويتم
فللّه ما أصفى و لله ما أهنى
و يا ناظري غيد الشام نعمتم
فللّه ما ابهى و للّه ما أسنى
و يا عصبة في الغوطتين ، فتاهم
إذا جاد لم يتبع عطيّته منّا
أرى أنّ هذا الأمر قد جدّ جدّه
فكونوا لنا حصنا نكن لكم حصنا
و لا تثن من هذي الأعنّة قوّة
فإنّ عنان اليعربين لا يثنى
و لا تقنطوا من بارق الفوز إنّني
أرى الفوز منكم قاب قوسين أو أدنى
لقد زعم الواشون أنّي نسيتكم
شروط الهوى : أن لا تعيروهم أذنا
يريدون هذا البعد بيني و بينكم
فلا نعموا بالا و لا صحبوا يمنا
هم حجبوا عنّا نسيم حماكم
و هم نقلوا زور الحديث لكم عنّا
أسئوا بهم ظنّا و إن لان مسّهم
فوا الله ودّوا أن تسيؤا بنا ظنّا
و إنّا على جور الخطوب و عنفها
و حقّ هواكم ما غدرنا و لا خنّا
لسرّ من الأسرار لا تجهلونه
تخلّت عن اليسرى شقيقتها اليمنى
***
لئن خان عهد الغوطتين عصابة
رأوا بيعهم ربحا و ألفيته غبنا
ففي الجبل النائي لعصبة جلّق
من القوم خدن لم يحن في الهوى خدنا
أمين على عهد الشام كأنّه
يرى و هي قيس الحبّ جلّق لبنى
إذا همّ أمضى همّه غير جازع
و راح و لم يقرع لفعلته سنّا
نمته إلى أبناء جفنه فتية
ميامين لم تألف سيوفهم جفنا
إذا طرقوا باب الملوك فإنّهم
بغير العوالي السمر لم يسألوا إذنا
خذوا حذركم يا ناقمين مع العدى
على النفر الأدنين من أهلكم جبنا
خذةا حذركم يا دافني رأي قومهم
فللشمس نور لن تطيقوا له دفنا
دعونا و هذا الأمر ننهض بعبئه(61/295)
فما نحن منكم لا و لا أنتم منّا
رقدتم و ما نمنا غرارا على الأذى
و دنتم لأعداء الشام و ما دنّا
إذا أغمضوا جفنا عن الشرّ رحتم
تودّون أنّ القوم لم يغمضوا جفنا
فلا تكبروا هذي البرود نواعما
و إن فوّقت ذيلا و إن وسّعت ردنا
فليست تزين المرء حلّة سيّد
إذا كان عبدا في شمائله قنّا
لأهنأ من ربّ القصور مقيّدا
طليق من الأطيار أبقوا له وكنا
***
أديري عليّ الكأس صرفا و علّلي
فتاك فقد أفنى الهوى منه ما أفنى
و غنّى على لحن الشباب فإنني
لأعشق هذا الثغر و الناي و اللّحنا
لئن أطفئت يا ميّ نيران يعرب
هوانا فإنّا سوف نضرمها إنّا
و لا بدّ من يوم أغرّ محجّل
تطير الجبال الراسيات به عهنا
يصافح فيه قائم السيف خالد
فيضرب حتّى يكسر السيف أو يحنى
و كم في بطون اليعربيّات خالد
سيرجع ظهر الأرض من خنق بطنا
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> ماك سويني
ماك سويني
رقم القصيدة : 67379
-----------------------------------
أحقّا ما روت عنك الرّواة
ترى أم قي حديثهم هنات
و هل نبأ رواه البرق صدق
أم الأسلاك فيه كاذبات
غلبت الموت فيه و ذاك أمر
ستكبره القرون الآتيات
و هوّنت المنون لشاربيها
فلا ألم هناك و لا شكاة
سلكت صعابها ما فلّ حدّ
لعزمك لا و لا غمزت قناة
و أرخصت الحياة فيا لكنز
أزالته المقاديم الأباة
بسطت يديك بسطة أريحيّ
فكانت من عطاياك الحياة
و كنت هناك أجرأهم جنانا
إذا طاشت من القوم الحصاة
و أثبتهم لدى الجلّى فؤادا
إذا ما أعوز القوم الثبات
***
بلغت من العدى بالموت ما لم
تبلّغه السيوف المرهفات
لقد و قفوا لديك و هي حيارى
فراعهم سكونك و الأناة
رأوك تهشّ في وجه المنايا
و حولك في الحياة الطّيبات
و تبتسم للمنون و قد تسنّت
لو اخترت النجاة لك النجاة
و تقتبل الردى ظمأ و جوعا
ليذكو الغرس بعدك و النبات
فأكبرك العداة و ربّ حرّ
تغنّت في بطولته العداة
***
عصيت العاطفات فمتّ جوعا
و من بعض القيود العاطفات(61/296)
و لم تبخل بنفسك و هي كنز
متى بخلت بأنفسها الكماة
لقد حرّرتعا فسمت صعودا
كما سمت النجوم النّيرات
علوت بها عن الأعراض حتّى
تساوى الموت عندك و الحياة
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> أي أمر سآءها ؟
أي أمر سآءها ؟
رقم القصيدة : 67380
-----------------------------------
إنّي استعرت من الكواكب في الدّجى لألاءها
و من الغزالة و هي تركع في السماء ضياءها
و من الحمائم في الغصون نواحها و غناءها
و أخذت من نجل العيون فتورها و صفاءها
و من الخمائل حين باكرها الحيا أنداءها
و سرقت من لعس الشفاه على الهوى صهباءها
و من الورود عبيرها و من العقود سناءها
لأصوغ منها حلية و قفت عليك رواءها
تغضي العيون لحسنها أو لم تري إغضاءها
و تودّ تيجان الملوك لو اغتدين إماءها
***
واحسرتاه فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بحايتي النفيسة : أيّ أمر ساءها
***
من رنّة العيدان و هي جوامد تتكلّم
من ضحكة الأطفال و هي بنطقها تتلعثم
من شدو ورقاء تنوح و بلبل يترنّم
و من النسيم العذب يهمس بكرة و يتمتم
ألّفت ألحاني لأسعد أنفسا تتألّم
و رفعتها لك و هي أنفس ما لديّ و أوسم
أهديتها لك ربّما أهدى المقلّ المعدم
هي للقلوب الدّاميات و حقّ حسنك مرهم
يسلو الحزين بها و يرتاح الكئيب المغرم
و يعود للقلب الشباب و عصره المتقدّم
***
واحسرتاه فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بألحاني الرفيعة : أيّ أمر ساءها
***
ألذلّ لست أطيقه أترى سواي يطيقه
ماذقته قبل الهوى لكنّني سأذوقه
قلبي بحبّك خافق فمتى يقرّ خفوقه
شرّدت عنك و ضمّني نائي المزار سحيقه
فأرقت دمع أخي هوى في الخطب قلّ صديقه
إن كنت لم ترضي به هذا دمي سأريقه
أعلمت أنّي شاعر حرّ البيان طليقه
يوحى إليّ من القريض بديعه و رقيقه
هذي قلائده و ذا ياقوته و عقيقه
فتقبّليها و اسمعي شعرا يدار رحيقه
***(61/297)
واحسرتاه . فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بأشعاري النفيسة : أيّ أمر ساءها
شعراء العراق والشام >> بدوي الجبل >> يا قمر
يا قمر
رقم القصيدة : 67381
-----------------------------------
هات حدّثني فقد طاب السمر
و أنر ظلمة نفسي يا قمر
سور الحسن فلا تبخل بها
إنّ للشاعر ألحان السور
***
أنا نشوان و من خمر الهوى
قد ترشّفت رحيقا بابليّا
سكرة الحبّ في عهد الصبا
كيف لا يعذر من كان صبيّا
في ظلال الورد أحسو خمرتي
مشركا في كأسي الزهر النديّا
نهلة منّي و منه نهلة
هكذا نرتشف الكأس هنيّا
لامني الناس على حبّ الطلى
فاعذر الشاعر فيها يا قمر
***
آه للأزهار من شاعرة
تجهل الأوزان و الشّعر شعور
آه للأزهار في أوراقها
كتب الدّهر روايات العصور
هذه الأغصان هزّتها الصّبا
نضرات كنّ بالأمس خصور
و ثغور الورد في أكمامه
كنّ للغيد المعاطير ثغور
هذه أسرار جنّات الرّبى
فاسمع السرّ وصنه يا قمر
***
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الطريق إلى الوالدة
الطريق إلى الوالدة
رقم القصيدة : 67262
-----------------------------------
لاسمك رائحة الحزن والياسمين ,
ورائحة الأمم البائدة
فهل أتوقف حينا ,
وألغي الفراقا
وأعقد مع صمتك الكارثيّ اتّفاقا
ونهوي على شرفات البكاء قليلا ,
ونجمع أيامنا الشارده ؟
لاسمك رائحة الموت أيتها المرأة المارده
فماذا عن الطقس , والحالة البارده !
* تعوّدت ..
- لماذا أراك تموتين ؟ لا ,
أنت لا يعرف الموت دربا إليك ,
ولكن لماذا أراك تنامين مكشوفة في العراء ؟
تنامين وحدك كالشاهده
وكيف تبيعين نفسك للغرباء
وترضين صكّ انتدابك للقبّعات ,
وللعملة الوافده ؟
وتنسين ابنك في مهرجان البكاء
ولا تمنحين سوى السحنة الجامده ؟
فهل أنت مأواي ,
هل أنت أمي التي أرضعتني الحليب ,
وأفرحها برق أيامنا الواعده ؟
وما الفائده
إذا كنت تسقينني الآن , مرّ العذاب ,
تدعينني نحو كلّ المنافي ,(61/298)
وأنت على لإرثنا قاعده ؟
لمن أقرأ الآن من دفتر الجوع ,
آخر ما سطّر الفقراء
وما جرّع القلب أو كابده ؟
وكنت أسير غيابك ,
سجّلت أسماء كلّ المقاهي التي رفضتني ,
وكلّ النساء اللواتي عرفت ,
وأحببت ,
خلّيني للتسكع في حدقات الشوارع ,
والمدن الجاحده
تبارك هذا الشجى والحضور
تبارك هذا البعاد وحذر المرور
تبارك هذا الطريق الجديد إلى الوالده ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> التطواف
التطواف
رقم القصيدة : 67263
-----------------------------------
إلى محمد العلي
-1-
وجهي يفقد في التطواف كثيرا
وجهي كرة , والعالم يلهو
وأضيّع ,
من يملك منكم وجهه ؟
فليغرس في عيني سبابته
من يملك منكم وجهه
-2-
وجهي وطن
يحفل بالمدن المهزومة , والرايات المنكسرة
وجهي زهره
تحمل أوراق كآباتي المستتره
يقطفها طفل ,
يلقيها عرض الشارع
وأنا أركض عريانا جائع
يتقاسمني البحر , وشرفة منزلنا
وسؤالك يوقظ فيّ الصحراء ,
سؤالك يوقظ فيّ الصحراء
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن علوان >> بغداد
بغداد
رقم القصيدة : 65357
-----------------------------------
(( و .. تنادوا مُصبحينْ :
أيها الليل احتدمْ،
واغدُوا على بغدادَ
ما دمتم عليها قادرينْ !))
* * * *
- أنتِ، ماذا تفعلين هنا ؟،
- أصلي..
- لا تصلي..
لات حين الموتِ..
وانغلق الطريقُ الكوكبيُّ
إلى السماءْ !
أغلقي عينيكِ..
وانطلقي وراءي..
لم يعد في الأرضِ متّسعٌ..
سنبحثُ عن خريطة !
* * * *
آهِ يا بغدادُ..
...................
يا لغةً..
ولا أفواه فوق الأرضِ
تنطقها..
صحيحة !
دائماً يتلعثمُ التاريخُ فيكِ !،
وتسقطين بدون معنى..
تركضين بدون أقدامٍ
على الأرض الكسيحة !
دائماً.. في البوح
تضطهدُ التعاليم اسمكِ
العلويَّ..
أو تنساه فوق الحقد..
أو ترميه مثل الكُفر في شفةٍ قبيحة !
دائماً تتمرغين على
تراب اللغو..
حافيةً،
ممزقة الكلام،
كآيةٍ مما يريق النور فوق
مفاوز الأرض البوار !.
دائماً..(61/299)
تتحدَّبين على ظهور
الموتِ..
أو تتجاذبين مع انكسار
الضلع.. أطراف الدمار !
دائماً..
تلكَ الشوارع
ليس من فجرٍ يخضبُ قلبه
في إثمها المزعوم،
أو يمتص من أورادها
قيحَ الفضيحة !
دائماً تزني بكِ الأعوام
في صمتٍ،
وتفضحها المآذنُ حين تهوي
تحت أرجلهم،
وتسقطُ غمغماتُ الله
عاجزةً.. جريحة !
* * * *
وانطلقنا..
حتى إذا ارتجفت يدي،
وطفقتُ أمشُطُ شَعرَكِ
المجدول منذ البدء مع أوراق قلبي..
قال ربي:
(( قد أمرنا مترفيها ..))،
واندفعتُ أسفُّ ملح الحزن
من صدأ العيون،
ومن بقايا قطعةٍ ملويّةٍ
كانت قذيفة !
آه.. يا بغداد..
والأحزان قافلةٌ تسير
على اللظى..
وتجرُّ منذ البدء خيطاً تائهاً
من نسغ آلامي الكثيفة..
يا ضياء محاجري الجوفاء
لا تتلمسي بيديكِ دون هدىً،
فبعض التيه محرقةٌ..
وبوصلتي التي في القلب
صامتةٌ.. كسيفة !
ليس صعباً أن تبول الشمسُ
فوق رؤوسنا،
لو تبصرين.. رأيتِ
حتى الأنجمَ البيضاء
يابسةً.. كجيفة !
أنتِ أنقى من
نوافذ عهرهم،
يتعاقبون عليكِ مثل الرمل
لكن تنفضين فراشكِ
المغصوبَ في ليلٍ،
وتبقين: الشريفة !
* * * *
وانطلقنا..
حتى إذا التاثت جراح
الوجه..
والتبس الجبينُ على الجبين..
ولم نجد في الأرض قِبلة!
نزَّ حرفٌ أسمرٌ من بقعةٍ
مجهولةٍ في الأفْقِ..
واستقرى.. وسلّمْ..
- من أين جئتَ ؟،
- أنا خرير الرافدين..
- وكنتَ تعملُ؟،
- كنتُ أعملُ قبل أن تتبرّأ الكلماتُ من
منفاي حرفاً غارقاً بالنور في طُغراء عرش الله
لكن..
أبطل السفهاء قوله !.
- بعد ذلك؟،
- صرتُ ريش حمامةٍ بيضاء تعرفها الملائكة
التي نزلت لتغسل وجهها في النهر،
واجتمعت لتأكل عند بابلْ!
- ثم ماذا؟،
- صرتُ جاريةً، ولي إيوان كسرى..
حين أغمس إصبعي في بركة اللبن المصفى
يستدير الزبد حوله !
- ثم ماذا؟،
- صرتُ عنقوداً من الأعنابِ يجمع
سكّر الدنيا ويستلقي كغيم الصيف
في شفتي زبيدة..
- ثم ماذا؟،
- نمتُ في أحضان سامرّاء أعوماً عديدة..
- ثم ماذا؟،(61/300)
- صرتُ فوحاً من نحيب الحبر يغرقُ
دون أن تستقرئ الظلماتُ
حكمته..
ترسّبَ..
واستعاد النهر جهله !
- ثم ماذا؟،
- صرتُ ملحاً داكناً في مقلة السيّاب
يمسحني..
فأسقط..
ثم يرفعني..
فأجلس مرةً أخرى بمقلته،
وأنشدُ في خراب الروح.. مثله!
- ثم ماذا؟،
- داهمتنا ألف عاصفةٍ
وخانتنا القبائل،
فاختبأتُ..
وصرتُ جوعاً كافراً في بطن طفلة!
- ثم ماذا؟،
ثم ماذا؟،
ثم ماذا؟،
.................................
.................................
- صرتُ جُرحاً غائراً..
في خصر دولة !
* * * *
وانطلقنا..
ريثما يبكي هنا النجمان فوقكِ
سوف أبحثُ عن بقايا جذوةٍ
من نار أعرابٍ..
لعلك تصطلين..
اجمعي الأغصان
حتى يستريح البردُ في كفيكِ،
وانتظري..
سيأتي الدفء من تحت الحنين!
حرِّكي عينيكِ
فوق الأرض..
لا تتراجعي بالحلم نحو الخلف،
نحو الهاوية..
افعلي ما شئتِ لكن
لا تصلِّي..
لا تصلّي..
ليس هذا الوقت وقتُ
الطيبين..
الساجدين..
الراكعينْ !
حدّثي رؤياكِ باسم الوهم،
واستلقي على عشب السراب اللؤلؤيْ..
الفظي طعم الرجوع المر
من فمكِ الممزقِ،
وابصقي الحلم القديم،
ومرمر الماضي النديّ
أدخلي المذياع في الجوف
الذي ملأته أوجاع الكلام،
وغرغري الرؤيا،
وقيئي منكِ أشلاء اليقينْ !
لم يعد في الغيب حلٌ
عادلٌ.. لو تعلمين..
كل حلٍ جاء من بوابة الإيحاء،
أو ألقاه فوق الأرض مخلبُ
طائرٍ متعاطفٍ معنا..
تحوّل فجأةً..
سيجارةً بلهاءَ في شفتي "عُديّ" !
آه يا بغدادُ..
ما عادت خرائط هذه الدنيا
تريدكُ..
ضاق صدر العالمين !
لملمي شرف البقايا..
وارحلي..
مثل اليمام..
ولا تصلي..
لا تصلي..
ربما.. إذا قنطْتِ
يُكذّبُ الله القنوط،
وترجعينْ !
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن علوان >> عزاءٌ.. إلى مواطن حزين !
عزاءٌ.. إلى مواطن حزين !
رقم القصيدة : 65358
-----------------------------------
1
لا شيء يجديكَ !،
يا أيها المُستَفَزُّ بكل التفاصيل،
فاجمع خيوط التضاريسِ،
.
.(61/301)
وارحلْ
وخذ حفنةً من شآبيب ضوءكَ،
تبصرْ بها كلّ ما في السماءِ من الغيبِ،
واتبع خطوط يديكَ فقط!،
ستهديكَ خيراً من الأمنياتِ الكفيفةِ،
والحُلُمِ الخشبيّ المعطّلْ
واكْتب لأمكَ:
((يا أمِّ.. ما زال في الظهر بعض الكلام الرشيق،
وفي القلب سطران لم يُكتبا بعدُ،
لكن بلادي تجوعُ،
وسنبلتي موقفٌ.. لا يُؤجَّلْ !
وعنديْ مآذنُ تخرج من فتحة الصدر طوعاً،
وعنديَ منطقةٌ لا يُراهِنُ قومي على خصبها،
وفي كلماتي..
قوافلُ حاجٍّ أخيرٍ
تململ في حجه..
وتعجّلْ !))
2
يُحبُّكَ ربكَ حين تمدُّ يديكَ رحيلاً،
وتُعْلنُ بين البيوتِ القديمة
حكمته في احتسابِ المسافاتِ بين الحقائقِ،
حتى تظلّ الحوانيتُ مفتوحةً.. للصلاةِ،
وتبقى الحكاياتُ.. أطولْ
يحبكَ جداً..
إذا ما رآك تُرتب مثل الحقائبِ
كلَّ البكاء الذي يتناسلُ في سفح قلبكَ،
جيلاً.. فجيلْ
وحين تجغرفُ كل قبائل حزنكَ
من بعد ذلك،
في دفتر واحدٍ للرحيلْ..!
يحبكِ حين تغني: وداعاً..
بحنجرة الأنبياءِ،
وحين تلوِّحُ من خلفِ ظهركَ عياً،
كأنك تعرف أن المدينة لن تتداعى،
ولن تتحمّلْ
لماذا ستشتاقُ؟،
حتى دماؤك كانت تضخ جنوباً،
وحتى يمينكَ كانت تعد الثقوبَ
وتحفر في رئتيكَ.. كمعولْ
ولا شيء في الخلفِ
إلا رميمُ الشيوخ الثقاتِ،
جنون الملوكِ،
وخردلةٌ من نُعاسٍ،
و..
دُمّلْ !
3
وقبل الخلاص..
تصير النفاياتُ أكبر حجماً !،
وصدركَ ممتلئٌ بغبار الصحاري،
وما خلّفته الأناشيد في ضجّة العقل
من لَغطٍ..
فاحشٍ..
وطويلْ..!
وتصبح أعناقهم قاسماً
بين ما ابتلعَتْهُ قديماً من العمر،
والشجبُ،
يقطر من إفكهم
كصديد الصهيلْ !
قلْ، أيها العائل المستقيلْ:
((لا أنتُمُ الآن قومي،
ولا تشهدون على ما ترسّب
في الروح من سقمكم،
كذّبتكم يدي، حين خطّت على الرمل خارطةً
نصفها.. مستحيلْ !
كذّبتكم يدي..
حين حدّثني الورق العربيُّ
وحين بكينا معاً في الفراغ،
وخيّم في الروح حبرٌ ثقيلْ !
كذَّبتكم يدي!،
أيها الأبعدون عن الله،(61/302)
ردوا عليّ الذي قد سرقتم من الشمس في عهدتي!،
والكلام الجليلْ..
ردوا السهاد الذي مات في آخر الصدغ
مقترعاً بين همّين في بقعة الظن،
أيهما سيسيلْ !
ردوا اليقين الذي قرّحته أباطيلكم،
وخذوا كل أشيائكم،
لا أريد النساءَ،
ولا الأولياءَ،
ولستُ أريد غثاء العجائز،
أو كذبة الرمل،
أو ترهاتِ النخيلْ !
أنا وطني حيث تنبتُ لعناتكم
فرحاً في أساريرهمْ،
حيث لا يشتري الناس وجهي،
ولا يكسبون الدنانير من سَجَداتي،
إذا عدّني في العديد..
القليل !
لا أنتُمُ الآن قومي،
ولا تفهمون كلامي،
لا..
تفهمون..
كلامي..
.
.
فخلّوا السبيلْ!))
4
لا شيء يجديكَ،
فاشنق ضحاياكَ..
من أول المارقين على قسماتِ الرصيفِ،
إلى آخر المنحنى العصبيّ،
فلا شيء يثمر.. إلا الخطيئة!
وبعض السكوت مراجعةٌ لاحتمال السقوط
وبعض الوقوف معادلةٌ في اقتصاد الشوارعْ
أعلم هذا..
وأعلم أنك تخسر كل الخشوع النبيل،
وكل الطريق المضارعْ!
حذاؤكَ ما زال يمشي،
تحرك!،
غداً سوف يضمُرُ حتى الحذاءُ،
وتبلعكَ الأرض قبل انفصامكَ عنها،
وكلُّ ظهيرة شكٍ تمرُّ
تزيدُ حموضة عينيكَ شبراً من الوهمِ،
والحلقاتُ التي كنتَ ربيتَها منذ عامين
تنمو..
سؤالاً..
سؤالاً..
وتخنق في شفتيك المشيئة!
ومهما تسربتَ من حشرجاتِ المكان
تظلَّ غريباً بحلمكَ !،
مضطهدٌ أنت عند عبور السواقي،
ومازلتَ تتعب حتى تكون جديراً
برائحة الأرضِ
أو.. لا تكونْ !
يتاجر فيكَ الهواءُ
كمروحةٍ لا تليقُ،
ويرحلُ عنك الكلامُ
كعرّافةٍ..
ثقبتها الظنونْ !
من أنتَ لو لم ترمِّمْكَ بضعُ ملامحَ
زوَّرها القدماءْ
ومن أنت لو لم تكوِّنكَ بضعُ خرائطَ
حرّفها الأغبياءْ
ومن أنت لو لم تصغ ذكرياتكَ
بضع حكايا تخيطكَ من أخمص الأمس حتى النهاياتِ..
ألّفها.. نفرٌ .. مُبْهَمونْ !
عرِّف بنفسكَ،
إن كنت ترفض هذي الخرافةَ،
أو كنت تأبى عبور الرميم على أفقكَ اللاإراديّ،
أو..
ستظلُّ إلى آخر الوهم تمضغ نعل البخاري،
وتمتصُّ عظم ابن حنبلْ!(61/303)
عرِّف بنفسكَ،
فالزائفون تولوا من البدء طمسَ الهوياتِ عمداً،
وما زال منهم إلى الآن من يتولى ختان العقول التي
تتمادى..
فتسألْ !
ستمشي رويداً كما يحقنُ الليل نطفته
في ذراع السماء فتهمي..
ظلاماً خديجاً..
تجبُّ قواميسَه الكائناتُ،
ويحتلُّ شطرنجه الخائنونْ !
فكن طيباً حين تمشي إلى الخلف،
كن طيباً في البكاءِ،
فلا شيء يجديكَ حتى احترافُ السبابِ
وركلُ الحجارةِ، كالطفل، في طرقات الحنقْ
سيُخبركَ الأمسُ بعد انتظارٍ طويلٍ
بأنكَ دون خيارٍ،
تقاعدتَ من سُلّم الأمل الأبجدي أخيراً،
أخيراً..
كما يفعل الإخوة اليائسونْ !
رمادُك يُعلنُ في الطرقاتِ غيابكَ،
لا شيء في دفتر الأرض يسقُطُ سهواً.. سواكَ،
فغرغر بماء النهاية حلقاً تجرِّحه
اللعناتُ الثقيلة كل صباحٍ..
ولا تفتعل غضباً ليس يفهم معناه غيركَ،
لا أنت تعرف ما يكتب الحزن منكَ،
وما يمسح الله بعد قرونْ !
لا شيء يجديك يا رجل التعب الأزلي،
فحنّط بقايا السعادةِ،
ماذا تريدُ،
إذا كان حتى الكلام مع الله
قنَّنَه الأوصياءُ على الخلق من البدء،
.
.
حتى الكلام !!!
5
لا شيء يجديكَ،
فاطوِ بساطك هذا اليجادل
منذ قرونٍ رياح التعاسة،
وارحل بعيداً..
كما يرحلونْ
قد كنتَ تعلَمُ منذ وُلدت بمن
سرقوا في الضلالاتِ أقلام ربكَ،
والزائفين الذين،
على مهلهم،
خربشوا فوق دينكْ !
ها أنتَ.. أنتَ
يصلي بك الحزنُ عكس اتجاه الأمانِ،
ولم تفهم الدرس بعدُ،
ولن يفهم الشيخُ شيئاً،
ولن يفهم السادة.. الشاهقون!
عزائي لوجهكَ حين تقلبه
في السماءِ،
وتبحثُ في الأفق عن قِبلةٍ لم
تشوِّه مداها أحاديثُ
أحدثها الكاذبونْ !
ومسجدكَ: الأرضُ،
لم يبق في رحبها طاهرٌ
للسجود..
سوى ما يباركه الشرذمُ الآثمونْ !
عزائي لمصحفكَ القرشيّ
إذا أوّلته الصحاري!،
عزائي له..
حين لم يبق في الأرض حلمٌ
عصيٌّ على الموتِ.. إلا وأصبح كافرْ !
فالطير حين يحطُّ على شاهد القبر.. كافرْ
والحب حين يصلي بمحراب قلبكَ.. كافرْ(61/304)
وجارك.. كافرْ !
عزائي لروحكَ حين يمزِّقها
الشيخ بعد صلاة العشاءِ،
ويأكلُ من نورها القانتونْ !
لحزنكَ حين تقلِّبُ عينيكَ
في وطنٍ ساذجٍ
لم يمارس من الرأي
إلا نكاح المرايا..
وقدحَ الظنونْ !
عزائي لكَ الآن،
بعد احتقان الحقيقة في مقلتيكَ،
وأردتكَ أعمى..
كأن الحقائق تركض عكس مفاهيمها،
والذي عشتَ تقرأه
طول عمركَ،
من كلماتِ الحقيقة..
غيرَ الكلام الذي يقرأونْ !
عزائي لكَ الآنَ،
فيما قرأتَ..
وفيما كتبتَ..
يعوِّضُكَ الله، قبل مماتكَ،
دمعاً غزيراً..
فقط!،
يليقُ.. بتلك.. العيونْ
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن علوان >> بُكَاءُ النَّبِيِّ الأخِيْر
بُكَاءُ النَّبِيِّ الأخِيْر
رقم القصيدة : 65359
-----------------------------------
يَأتِيْ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ ويَدْرُونَ أنَّ الإلَه يَجِيءُ مِنَ الدَّاخِِلِ المُسْتَكِينِ على رُقْعَةٍ رَطْبَةٍ مِنْ تُرَابِ الفضيلةِ، يَخْرُجُ منها سَلامٌ كثيرٌ، وَحِيْنَ تَفِيْضُ عَلَى النَّاسِ أضْغَاثُهُمْ يَمْلأونَ المَكَانَ ضَبَابَاً، وَلا يَخْرُجُ
يَأتِيْ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ وَيَنْسَوْنَ جَدْوَى الْكَلامِ، وَيَقْتَرِبُوْنَ مِنَ النُّوْرِ مَا بَيْنَ أقْدَامِهِم، ثُمَّ تَخْرُجُ فَوْضَى وَلا يَسَألُ الله ُعَنْ إثْمِهَا أحَدَاً، ثُمَّ لا يَرْكُنُوْنَ لِصَوْتِ الَّذِيْنَ يَدُبُّوْنَ فِيْ صَفْحَةِ الأر
أبَدَاً.. أبَدَاً !
يَأْتِيْ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ وَيُصْبِحُ أصْغَرُهُمْ نَائِمَاً فَوْقَ نُدْبَةِ تَارِيْخِهِ الخَشَبِيِّ، وَدَفْتَرُهُ صَاْخِبٌ بالتَّفَاهَاتِ، خَرْبَشَهَا جَيِّدَاً !، قَبْلَ أنْ يَتَطَاوَلَ مِنْ قَعْرِهِ البَشَرُ الميِّتُونَ، وَيَأتِيْ عَلَيْهِمْ زَمَانٌ(61/305)
يَأَتِي عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ وَلا يَسْكُتُوْنَ عَلَى مَا يَرَوْنَ بِضِلْعِ السَّمَاءِ، وَلا يَبْدَأونَ بِهَا فِيْ تَوَارِيْخِ مِيْلادِهِمْ، ثُمَّ يُصْبِحُ أوَّلُهُمْ مِثْلَ آخِرِهِمْ، لا يَخَافُ سِوَى مِنْ فَتِيْلِ البِدَايَةِ يُحْرِقُ أقْلامَهُ، ثُمَّ ي
يَا قَوْمِ، يَأتِيْ عَلَيْكُمْ زَمَانٌ وَيُصْبِحُ كُلُّ نَبِيٍّ إلَهَاً، فَكُوْنُوْا مِنَ الآنَ آلِهَةً أو تَظَلُّوْنَ حَتَّى قَرِيْبٍ عَبِيْدَاً، وَكُوْنُوْا عَلَى الحَّقِ أفْسَقَ قَوْمٍ جِدَالاً.. وَلا تَتَّقُوْا، قَدْ أتَاكُمُ مِنَ العُمْرِ مَا تَقْلِب
يَا قَوْمِ، قَدْ كَانِتِ الأرْضُ مُوْلَعُةً بافْتِعَالِ الحَقِيْقَةِ فَاخْتَلَفَ الأنْبِيَاءُ بِهَا، وَتَنَكَّبتُمُ العَهْدَ مِنْ بَعْدِ ذَلكَ حُزْنَاً طَوِيْلاً، أَلَمْ تَكُنِ الدُّوْرُ مُتْرَعَةً مِثْلَكُمْ، وَالقَوَامِيْسُ مَوْجُوْدَةً بَيْنَكُمْ، والن
ألا تَفْقَهُوْنْ..
ألا..
تَفْـ..
قَـ..
هُـ..
وْن !!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن علوان >> إياب
إياب
رقم القصيدة : 65360
-----------------------------------
I
يبقى وقتٌ للخَدَرِ الصلبِ.. ولا يبقى وقتٌ للتأبينْ
يبقى وقتٌ لبناءِ الوجهِ الدامعِ في الشرفةِ، أو تلقينِ النورسِ آدابَ البعدِ، وهدرِ الكلماتِ العجلى عند البائعِ، لكن لا يبقى وقتٌ لصلاةِ الغيم، ولا شربِ النهر، ومضغِ الغاباتْ!
يبقى وقتٌ للحالاتِ الصغرى دوماً..
للترتيلِ على عُقَدِ الشنقِ، وتحقيقِ الأمنيةِ المحدودة،
لكن.. لا يبقى وقتٌ يُبدِئُ، من فجرٍ، أعمارَ الأمواتْ!
لاحظتُ كثيراً أن الشمس إذا انشَغَلَت بعظامِ الأطفال، ورسمِ ظلالِ المارّة، تخلُفُها في القلبِ دقائقُ خائنةٌ للضوءِ، ومخطئةٌ في تقدير زوايا الحزنِ، وشمِّ الجدرانِ المبتعدة..
يحزنني ألا تنتبه الشمسُ لهذا إلا في الضائعِ من غيّ تذاكرنا!
II
لا ترحلْ في الليلِ الهاربِ:(61/306)
1) ورقُ الشجرِ النائمُ في صدركَ لن يفعل في الصبحِ الأشياءَ العاديةَ دون سؤالْ!
2) القَدَحُ المائلُ عند جبينكَ لم يتأهبْ، ((لا ترحلْ والأفكارُ صيامْ))!
3) الشارعُ مكسوٌ بمواعيدَ ستُخلِفها حتماً، وفراغاتٍ مُلئت بالأشقرْ!
4) قميصكَ يدخلُ من كُمَّيه حَمَامٌ أزرقُ لا يعرفُ بيتاً إلا الصدرَ، ولا دفئاً إلا الصعداء!
يا أنتَ المبتلَّ بدهشتهم.. يوم أتيتَ.. ويوم رحلتْ..!
يبقى وقتٌ لتقيس الدرب البالي عكس الأرض ولكن لا يبقى وقتٌ تنقشُ فيه على مهلٍ تلك الشبهاتِ التاريخية في طرقاتِ الغرباء!
الأحرى أن تكسر ما دون الجفنين: الآنيتين/الطافحتين بخذلان العمرِ/الخاسرتين دماء القلبِ البكرِ بلا شبقٍ/والعائدتين من الثقب إلى الثقب بدون عشاءْ..
أو تُقسِمُ أنكَ لن تنفق من عمركَ ميلاً في أفقٍ تخطئه الريح، وتسخرُ من وجهته أعناق الطير، وأوراق الشجعانْ!
III
بين الصُدْفةِ والصُدْفةِ.. توتْ!
لا تنكرْ يوماً شفتيكَ إذا التقتا بكلامٍ لا تفهمه، بعضُ الماءِ هناك يُعلِّمُ لغةً أخرى!
بعضكَ يتفاقمُ تدريجياً، والمشهدُ من نافذة السيارة يفتحُ في القلب مدارس للصبيان، وأسواقاً لبناتِ الحيّ، ويُنجزُ في أود الجفنين: حضارة.
والإلكُ حكيمٌ يتراءى فوق العشبِ وتمتدَّ الحكمة في الأفقِ قروناً تكتبُ ما يمشي!
الآن بحيرتنا هذي الأولى بعد الألف الثانية، وسجِّل يا كوكبْ!
والشجرُ يسميه القرويون هناكَ: (الأخضرُ دوماً)، هل تعرفُ إيماناً هذا الحدّ؟
لا فرقَ إذن ما بين خريطتنا هذي والأديان: وكلُّ الدهشاتِ إلى الجنة!
IV
بالأمسِ، العاجيّون اجتمعوا..
رقصوا حتى غفتِ الشمسُ على الزندِ المتعب، واتكأ على حد القوسِ المكسور (ثلاثُ) رفاقٍ بسطاء وليس (ثلاثة)!
شربوا رَوْحاً، وانكسروا. انهمروا مثل الحشراتِ الزرقاءِ على ذمةِ عودٍ خصبٍ، واشتركوا في ترتيبِ البحرِ، وتصحيح الأفقِ، وتمزيقِ الواجبِ بالأحمرْ.(61/307)
اقتسموا الضحكاتِ الصوفية مثل سجائرهم. وارتجلوا بالخطأ مخاوفَ لا تعنيهم، واعتذروا بالقبلاتِ الشائعة بلا معنى، ثم إذا أزف الحزن القادم: رقصوا أخرى.. أخرى..
في الخلفِ، احتجزوا ذاكرةً أقرب من رائحة الشمع على أطرافِ أصابعهم، والمنفضةِ الملئى بالبصماتِ، وجوُّ الغرفة مشحونٌ بغبارٍ ضوضائيّ الفتنة، وقنانيَ فارغةٍ دون رسائلَ فيها، وانتبهوا للأشياءِ الغائبة: ورائحة العرَق الفضية.. أخطرْ..!
رقصوا أخرى.. محترفينَ، وغسلوا العالم بالصابونْ!
اليومُ،
العاجيّان اجتمعا..!
V
صباحُ القلق الغائر يا مايو،
هل أنصحكَ بظهر جدارِ الغيبِ، ولا تخجلْ؟
قلبي دلوٌ من خشبٍ لا تعرفه، مملوءٌ ملحاً/ خرزاً أبيضَ/ تابوتين/ قواميسَ معطلةً/ آلهةً عمياءَ/ وأرقامَ بلادي..
وفلاناً.. وفلاناً.. وفلانة..
وأنتَ، الوردُ الفائض عن أرحامكَ أصبح صمغاً في الأرض، وأقدامُ العابر فوق الحلمِ.. خفيفة!
صباحُكَ فخمٌ يا مايو،
ممهورٌ ذيلُ القهوةِ بالجينز، ومكتوبٌ فوق الأرصفة الخضراء هنالك ((لا فضل لحلمٍ في الأرض على حلمٍ إلا بالسعي)) تزخرفه الأضواء البشرية!
VI
ومريم كانت ترقصُ بهدوءٍ في الشارعِ، وتهزُّ الجذعَ، ويسّاقط رزقْ..
يسّاقط خيلٌ، ووجوهٌ، ووسائدْ
يتحرّكُ كدرٌ لا يفهم ماذا كدّره في الأصل، ويصبح مشيُ المارّة ما بين المتحفِ والبحرِ نقوشٌ في ذهن القرناءِ العاديينْ..
لكن مريمُ تمشي أكثر..
مريمُ ترقصُ، ثم تفرُّ لتنظر ماذا يحدثُ في الخلف، وترقصُ، ثم تصافح ضيفاً قبّل أنملها، ترقصُ، ثم تعيد الأغنية إذا انحرفت عن طربِ الوقتِ، وترقصُ، ثم تعاتبُ في الزاوية البكماءِ مواربة الزوجِ، وترقصُ، ثم ترتب كل الأشياء، وتغسلُ كل الأطباقِ، وتشكرُ كل الشرفاءِ،
مريمُ ملئى.. مثل البحرْ!
VII
وقضينا اليومَ على الشاطئِ..
كنّا نغرز عوداً خشبياً في الرمل، ونسحبه جهة الأفقِ.. ونقتسم الدنيا !(61/308)
نتذكّرُ حتى تبتلّ القبعةُ بما يذرفه الذهنُ من الأبيضِ، وأصيح به: لا تحرقنا !، دعنا نعبر مثل السوّاح، ونبتاع التذكاراتِ، ونأكل في المطعمِ إياه..
لكن، كالعادة، عبد الله..
كان يصلي قبل أذان النورسِ، كي يدركَ فضلَ الغرباء!
.. أكملتُ مع المطر الهادئ تفسير كتاب الغربة، وكسرتُ الهامش عمداً، كي لا يكمل هذا الوجع الطافر دورته حولي، وجلستُ أغني كالبحارة حتى يعرف مفتاحي كيف يشمُّ، كقطٍّ، ثقب الشقة!
هائنذا مبتلٌّ بالصبح الغامض، وجبيني مفقودٌ.. وبعيد..
VIII
كسر الحلمُ ثقابي،
(كي أشعل فجراً ذهبياً لا بد لظفري أن يحترق قليلاً..)
قررتُ على منهاج الصوف المجدول بأن أغمس تفاحي في الأفواه.. وأرجعْ..
يبقى عندي ظلٌ، وطوابعُ، وقليلٌ من حذق الوقتِ، وأشباحِ الأرقامْ..
أذكر أني أطعمتُ النافذة المغلقة كؤوساً، وسألتُ الليل بأن يصبغ خصلات القلبِ البيضاء، ويأتيني فردا..
وجلستُ على حافة يأسي، ولبستُ النظاراتِ الحولية كي أحسبَ تاريخي المشدودَ كقطعةٍ جلدٍ ما بين الناتئ من حزني، وكتبتُ كثيراً، ومحوتُ كثيراً، وتفاجأتُ بأني لن أملك شيئاً أنفقه إن بقيت أوراقي كل مساءٍ تخصم كفراً من إيمانْ..!
IX
يبقى وقتٌ للإغواءِ، وللإسراءِ، وللإيماءِ، وكل بوادر دهشتنا، لكن لا يبقى بعد اليقظة وقتٌ لطلاءِ الروحِ، وترتيبِ ثيابي فوق الرفِّ، وطرد العثّة..
يبقى وقتٌ نعتنقُ به كل دياناتِ الأرض، ولكن لا يبقى وقتٌ نسجدُ فيه إلى الضوء مباشرةً، ونكنِّسُ سبعَ سماواتٍ ترهقنا، ومواقيتَ كثيرة..
هل تعلمُ أن دعاءً يصدأ في الدربِ، يكلفنا أحزاناً أكثر؟
يجعلنا نثملُ كل الأيام ونكبرُ مهووسين بأشياءَ مؤقتةٍ كالسلمِ،
وأشياءَ مؤجلةٍ.. كالحلمْ
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن علوان >> وهن
وهن
رقم القصيدة : 65361
-----------------------------------
أقم وَهَني،
لا بُليتَ بوهنٍ كهذا أخي!،
لا أتتكَ على غَبَشِ النوم نائحةٌ تكسِرُ الحلقَ،(61/309)
أو فَجَعٌ قادمٌ من.. بعيدْ!
لا رعيتَ من العشبِ ما يُبْهِقُ الأمنياتِ العديدة في ظهرِ كفكَ،
لا نِمْتَ، والوطنُ القرمطيُّ يمجّك في لعناتِ العراءِ كماءٍ قديمٍ،
ولا سِرتَ يوماً تريد الخلاصَ من السهدِ فاقتَحَمَتْ دربكَ المستمرَّ جيوشٌ من اللافتاتِ الخطأ !
و.. لا التَقَطَتْ، في الظلام، أصابعُكَ المنجَلَ اللولبيَّ.. كهاتفْ!
أبوءُ إليكَ بذنبِ البكاءِ على الأرضِ،
بالهذيانِ الذي شلَّ وجهَ الصباحِ،
وأعتذرُ الآن عن كلِّ ما حطَّمتْهُ يدي في المكانِ،
وما قلتُ من كلماتٍ بذيئة!
كان هذا الرنينُ الذي مزَّق الروحَ.. محضُ خطيئة!
كان هذا الطريقُ الذي قَطَعته الرياحُ الحزينةُ من أولِ الأرضِ إلى آخرِ الأرضِ مضيعةٌ لجهودِ الحقولِ، وأرغفةِ الشمسِ، والصبرِ، والحبِ، والقصدِ، والخمرِ، والسعي، والكتبِ العصبية، والرعشاتِ التي تعتري نبتة الداْرسِ في غرفتي!
كان فقراً يسافرُ مثقابُهُ في جِفَانِ العيالِ،
وكانت يدٌ لا أراها تمزِّقُ قلبَ ألبومنا القمريِّ وتنثرنا في الفراغِ،
وكانت، إذا شئتَ أن أشرحَ الوضعَ أكثَرَ، كانت خيوطاً من الهمِّ يغزلها منذ قرنين دودُ الشقاءِ المجيدْ!
كانتا شبه بوصلتين من الوهمِ،
((كيف تُصاغُ الخرائطُ في ضوءِ بوصلتين!))،
إحداهما كَفَّلتني الأمامَ لتشغلني عن ورائي،
وأخرى على مهلها، دون أن يشعر العَصَبُ التَلِفُ، استخلفتني لتسرقَ من عظم ظهري: الجنوبَ السعيدْ!
كان موعظةً، ((لا تزال المواعظُ تفتحُ ربعَ الحقيقةِ ثم تحيلُ البقيةَ للألم المستقلِّ، والصرخاتِ البطيئة!))،
تتركني حائراً!، ((منذ أن كنتُ طفلاً وكل المواعظ ترقص في حجرة الخوف مثل كهولٍ سكارى!))،
تراقبني دائماً..
............
((لم أخيِّب إلى الآن ظنَّ موعظةٍ دَخَلَت في دمي!))
أقم وهني،
مُدَّ لي أفقاً لا يتوبُ إذا ما استمرَّ الصداعُ ركيكاً،
وظلَّ النشيجُ رتيباً كصوتِ السلاسلِ،
فالهاتفُ اقتحمتهُ الرسائلُ، والدعواتُ الحميدةُ،(61/310)
والقلبُ لا يتحملُ هذا البكاءَ التقيَّ.. البليدْ!
خذني إلى حيثُ لا يتحول حزني مجردَ تجربةٍ أجبرتني عليها الحياةُ!،
فلم أحتسب لشتاتٍ كهذا الذي يصعدُ بالوهنِ
من أخمصِ الطرقاتِ إلى شرفة الذاهلينَ
كالغرغرينا !
ولي عنقٌ واحدٌ لا يطيق انتباهاً لظرفين ينتهبانِ السماء إليّ،
ولا أحدٌ هاهنا قد يعير التفاتاته لانتباه صبيٍّ وحيدْ!
خذني إلى الخمر،
لا بد من مشهدٍ يستحق النزوعَ إلى الفوقِ،
تلك الخمور التي عتَّق القلبُ جداً رديئة!
* * * * * * *
سأحكي لك الآن عني،
سأخلطُ أوراقي الألفَ كوتشينةً ترتقُ الطاولاتِ الصغيرة واللعبَ الفوضويَّ!،
سأرمي، ((كما عشتُ أرمي طوالَ حياتي وأخسرُ دوماً))،
فلا فرقَ إن كنتَ فعلاً تجيدُ الذي نلعبُ الآن أو لا تجيده!
كنتُ ذاك الحفيدَ الذي يتملّق في وجنتيها الحبورَ،
يجيء عفيفاً إذا ملأ الوردُ أرصفةَ اللحظاتِ،
ولا يشتهي غير نصفِ الحكاياتِ دوماً،
ويرجع حين يغيبُ الجميعُ ليسرق أنصافها الباقية!
وكنتُ، إذا أفَلَ الوعدُ تحت السماءِ الكئيبة،
واضطَرَمت في خيامي الأكاذيبُ،
أقسِمُ وجهيَ لخمسِ فرائضَ،
ثم أدير على وجهة القلبِ مذياعنا الأزليَّ الحنونَ،
وأنصتُ وحدي له كالأثير:
.
.
((هنا جدتي))!
ما زال كيسيَ ممتلئاً بالحديثِ النبيلِ،
وما زال عندي أحاجٍ تؤرجحني بين حكمتها سنواتٍ،
وعندي رغيفٌ بحجم يدي الآن لكنه كان يوماً بطول ذراعي،
وعندي مخطوطةً عمرها عمرُ ربٍّ صغيرٍ ترعرع في كنْف حنَّائها الحرِّ،
عندي ملكٌ.. ملكة..
كثيرٌ من الورق الصعبِ..
................................................................
((ما زلتُ أرمي، كما عشتُ أرمي طوال حياتي وأخسر دوماً))،
فضع كل أوراقكَ الآن.. هل أنت تملك مثلي كنوزاً أثيرة؟
عندما ترتدي الشمسُ قبعةً،
ويجيءُ الصباحُ أنيقاً على غير حرفته في المدينةِ،
أختار أفضلَ ما في جبينيَ من شذراتِ السكونِ،
وأحلقُ ما كان من شغب الليل باقٍ بذقني،(61/311)
وأجمعُ بعضي الذي كنتُ وزَّعتُهُ في المساءِ على الناسِ،
ثم أجيء إليها جميعاً، كأني جريدة!
لا تحبُّ الفناجينَ لكنها كلما جئتُ تقرأ تفاحتي،
وتقولُ الكلام الذي كنتُ أعددته، ثم أصلح ساعتها، وأعود سعيداً،
وقد وعدتني بأني سأبقى بخيرٍ، وسوف تراني غداً في المنام، وتصلح بيني وبين أخي.
ما زالتُ الريحُ تعشقُ جمع الخراباتِ في رقعة البازل الورقية،
والدور دوري..
وخاصرتي فجوةٌ لزقاقٍ يعيدُ التفاصيل سيئةً مثلما ابتَدَأتْ:
((أحبكَ، لا تختفِ الآن عن سفح جفني المريضِ،
أحبكَ، لا تتنازل عن الله يا ولدي،
أحبك، كل صلاةٍ..))
وماتت،
وما عاد يقبلُ ربي الصلاة!
...........................................................
((ما زلتُ أرمي، كما عشتُ أرمي طوال حياتي وأخسر دوماً))،
فهل أنت تشربُ مثلي.. أم أنني قد شربتُ لوحديَ هذي الكؤوس العديدة؟!!
هل أنت تفهمُ؟!،
كنتُ أجيء إليها إذا أصبحَ الوقتُ أكتعَ، لا يستطيعُ، ولو شاء، أن يُطعمَ الجوعَ فيّ،
ولا أن يَضيء التوابيتَ في قفلها السرمديِّ، ولا أن يداعب أغنيتي الفارغة!
أجيء إذا أنجب القَدَرُ الصعبُ طفلاً كثيرَ السوابقِ ترفضُ كل القواميس تعميدَه بالحلول،
فأحمله في الحقيبة، كالواجبِ المدرسيَّ، إليها!
إذا ما سُرِقْتُ بدون دليلٍ،
وأصبحتُ أفتقدُ الكلماتِ العريقة في جيب فهمي،
وجعتُ صباحاً ككل الفلاسفة المحدثين،
أديرُ على وجهة الخبزِ مذياعنا الأزلي الحنون،
وأنصتُ وحدي له كالأثير:
.
.
((هنا جدتي))!
ولم يكن الزمهرير ليغتصب الجلدَ مني إذا لوَّحت في المكان عصاها!،
وكنتُ إذا انتثرت في طريقي إليها ظنونيَ أتركها في الطريق!،
وأمشي لكي لا تغادر من فتحاتِ غيابيَ قهوتُها القُدُسيّةُ،
ثم هناك سألقى ظنوناً أقلَّ ضلالاً، وأفضل من ورقي المطفأ المستحيل..
...........................................................
((وما زلتُ أرمي، كما عشتُ أرمي طوال حياتي وأخسر دوماً))،(61/312)
فهل ما تزال هنا.. أم تراني أقصُّ حياتي على نفر الحانة المبهمين؟!!
* * * * * * *
يا أيها السادة الضائعونْ..
يا أهل حانتنا المشمئزة منّا..
هنا ولدٌ قذفته السماءُ بأثقل ما في كوابيسه،
كان يحلمُ أن يقضيَ الحرَّ من عمره سيداً في أصيصٍ كبير مليءٍ بريحانةٍ لا تموتُ!،
ولا.. لستُ أعرف كيف أترجم "ريحانةً" علّكم تفهمون،
ولستُ أكيداً إذا كان ثمة مصطلحٍ عندكم ليترجم هذا النبات المهم،
ولكنَّ اسمه ((جدتي))!!
يا أيها السادة الضاحكونْ..
يا أهل حانتنا المستريبة من خُطُبُ الحزن حين نمططها آخر السكْرِ كقطٍ عجوز..
لو كانتِ القُبُلاتُ كلاماً يُقالُ لأصبح وجهي رفاً ثقيلاً تنام عليهِ،
ولو كان في جيب محفظتي الآن صورتها لاستطعتُ إدخالكم جنة الله فوراً،
ولكننا نتجاهلُ هذا، ونحمل في جيبنا صور التافهاتْ!
لا شيء يجمعنا الآن إلا اتساعُ العيونِ،
وحالة أيامنا الفاسدة!
بينما جدتي تتقدم نحو السماءِ، ليحضنها الله مثل صديقٍ قديم!!
تستحقون لعناً يليق بكم أيها الإخوة الفاسقونْ..
في صحة النادلِ الأبلهِ المتعاطفِ مع جدتي..
في صحة الرجلِ الجالسِ في آخر البار يشتم في سرّه جدتي..
في صحة الفجر، صحكتم، ..
صحة كل..
صحـ..
((أترك يدي!!، لن أعودَ إلى البيتِ..))
في صحة الحنق المتراكم..
في
ص
ح
ت
ها!
................................................
................................................
................................................
................................................
................................................
لا.. لستُ أحتاج منديلكِ الآن سيدتي،
فالدموعُ الطويلة تُكملُ ما بدأته الكحولُ،
ولكن دعينيَ أكمل كوتشينة الحزن عندكِ..
طاولتي استعمرتها الكؤوس، ويبدو بأن صديقي رحلْ!
وكنتُ أقولُ له:
((أنني عشتُ أرمي طوال حياتي وأخسر دوماً))،
ولا يخفيَنَّكِ أن صديقي، وإن كان يبدو صديقي، لديه دوامٌ صباحاً،(61/313)
وجدَّتُهُ لم تمت بعدُ، وليس يحب التفاوض مع نزعاتِ السكارى،
فهل تفعلين؟
كم أنتِ طيبةٌ،
لا بُليتِ بوهنٍ كهذا،
لا أتتكِ على غبشِ النوم نائحةٌ تكسر الحلق،
أو فجعٌ قادمٌ من بعيد!
.
.
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن علوان >> جفاف
جفاف
رقم القصيدة : 65362
-----------------------------------
يا ربي.. لم أطلب أكثرْ
جاع جبيني في أصقاعِ العمياواتِ،
فخذ بيدي..
نقّط لي شيئاً أكتبه،
.
.
واجعل لي دفتر!
* * * * * *
ذكّرني ما أنسى من نفسي،
فلقد أصبحتُ قنوعاً جداً حين أطارد رزقي في الأوراقِ،
وما عدتُ أناضل كي أنشب ظفري فيها
أصبحتُ أطالع صفحاتٍ كان يحرِّمها الشعرُ علينا،
كالرأي العام، وأخبار المسؤولين، ومقالُ سياسيٍّ بارزْ!
أصبحتُ بليداً كالأرقام، ومركوناً تحت هموم الواقع كملفٍ أزليّ التصنيفْ!
يا ربي، من يتشابهْ مع هذا الوقت تمورُ بمهجته اللحظاتُ،
ومن يقطعه عرضاً، أو يخدشُ رغبته، أو يمشي عكس السائد،
أو.. (دعني أكمل!)، من يتمددُ فوق رصيف تمرده،
يا ربي.. يتيبَّسْ في بطء القيظ الزاحفِ.. مثل رغيفْ!
ذكّرني يا ربي مقياساً أعتمد عليه لفهم العمر، وما يحتاجُ إليه،
وتفسير الجوع المتشابكِ في صدري،
وأقلني من خطئي الدائم في تحديد الرغبة!
اليوم استيقظتُ على دقاتِ التلفِ وقد قَطَعَت مشواراً جبلياً في عقلي!،
واحتجَزَت أطفال الشعر بركنٍ قمريٍّ مظلمْ!
يا ربي ذكرني كيف أمارسُ صرخة!
ذكرني أي سلوكٍ يحدث تحت الشمسِ بلا خجلٍ،
فلقد تثقبني الدنيا بالحزن الروتينيّ،
وتطحن كل ملامح قلبي طحناً،
كي تتساوى فيه نساء الأرض، وآيات التحريم!
ذكّرني يا ربي،
فالعهد القادم عهدُ القهوةِ والقلق المأجورِ،
فكيف سأحمي نفسي من غدر مناخ الحزن،
وإنفلونزا الضجة والتغيير!
بعض الأشياء تعاندني دون مبررْ!
ولقد يركض طفلٌ من أول دكان في الحي إلى آخر شريانٍ في وجهي،
دون حكاياتٍ تسكن فيه، ودون أراجيحَ يعانقها،(61/314)
لكن كي يجعلني أبدو عادياً وسخيفاً كالصور الفوتوغرافية!
ذكّرني يا ربِّ معوِّذةً تصرف عني صدف البحر المتراكم فوق سريري،
والحلقات السوداء إذا تلقيها الظلمة مللاً فتطير تطير وتسقط في عنقي!
فأنا أقلق في صمتٍ منذ نعومة أصفادي،
وأخاف من الباب تواربه الريح، ومن قسوة خادمتي الحولاء، ومنك!
ذكرني يا ربي نشوة حرفٍ يتسلق جذع الحبر ويقضم إبهامي،
فأنا أتعاون مع كل هزائم هذا العمر، وأيأسُ تدريجياً كالغرباء،
وأنفق من روحي كل صباحٍ مكيالاً من إيمانْ!
ذكِّرني يا ربي كيف أقشِّر نسغ الليلِ،
وأنكشُ من أقصى الجذع اليابس.. نصفَ اطمئنانْ!
إني أكره أن أبقى ممضوغاً في التقويم كمنتصف الشهر،
وأكره أيضاً أن لا يبقى للناس شهورٌ أخرى!،
أكره أن يصبح وجهي مأدبةً لكلامٍ لا أسمعه،
أو يكنسني الصمت القاسي مثل بقايا الطير على الشرفة،
كي يحرمني من مجد حكاية!
ذكرني يا ربي خصباً يجعلني لا أذرع هذي الريح وحيداً كلقاحٍ فاسدْ!
* * * * * *
ذكّرني كيف أكون أنيقاً في الحفلِ،
وبين عيون الحسناواتِ المنتبهاتِ لكل الهالاتِ الزرقاء بجفني،
المزدرداتِ كلامي، المقتسماتِ، إلى الأمس، ثلاثة أقنعةٍ سوداء،
من السهدِ، ومن شبح العمرِ، ومن جسمي!
ذكّرني صوتاً ينصرني حين ألوِّحُ حزناً للمذهولين أمام قراري!
(( أنكثُ عهد النسق المفروض لمن حولي،
وأسافر عكس ظنون الضوء،
وأقتل كل نصائحهم!))
لكن ذكّرني، يا ربِّي، قانون اللعبة!
أحتاجُ إلى صُهدٍ يجرف هذا الشلل المُحدثَ في أنحائي،
هذا الطنَّ من السخفِ اليحتاجُ إلى تفكير!
أحتاجُ إلى طوفانٍ يختزل جميع التعديلات المطلوبة،
هل عندك طوفانٌ آخرُ يا ربي؟!
لا شيء يعيد إليّ صداع الشعر، يداي تجفان تجفان كأعواد سجائر!
ذكّرني إيماءاتِ الترتيل السبعةِ،
والإدغام بغنة!
وطقوساً كنتُ أمارسها محموماً مثل الثور،
ولا عدل مع الأحزان، ولا ميثاق، ولا هدنة!
ذكّرني جهة الحرف إذا ضلّ بأحياء البطّالين،(61/315)
وعاد ليأوي مثل الفقد المنداح من الناي إلى حانٍ لاتينيٍّ مغمورْ
ذكرني كم كان مقاس قميص أبي،
هل صرتُ كبيراً كي أدخل فيه؟،
وأصبَحَ عندي أحذيةٌ، مثل أبي، تصعد للأعلى!
ذكرني أي كلامٍ خزفيٍّ يتكسّر قبل بلوغي،
كانت أمي تزرعه في بصري المحدود لكي أنجح في الصف، ولا أكثر!
ذكرني نصف طموحي يوم بدأتُ، ويكفي هذا!
ذكرني الأشياء الصغرى.. والكبرى أيضاً!،
فالذاكرة العمياء تؤبجد عمري ببلادة أستاذ النحو،
وتنقِصني من أطراف العمر، ولا تترك صوتاً للتاريخ،
ولا مجداً للقيصرْ
* * * * *
ذكّرني معنى أن تترك لي امرأةٌ دمعتها،
والأحداثَ العاديةَ مثل ركوب السيارة عند الفجر،
وتوزيع الأحزان على الطرقات،
وترديد القيح المتسرب من مذياعْ!
ذكّرني شجناً ينقذني من هذا الحس الباردِ حتى لو جاء غبياً،
سوف أزيد عليه كذباتٍ أخرى كي أجعله سريالياً جداً،
لكن ذكّرني كيف أحسُّ به يا رب، وشكراً لكْ
لن أطلب أكثر من هذا،
لم يبق لدي دعاءٌ..
أقفل شباكك يا ربي..
.
.
واتركني!
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> شهادة تعريف
شهادة تعريف
رقم القصيدة : 65363
-----------------------------------
ولد ٌ / إلاّ سبع سنابل
يرتكب قصيدتهُ
و يغنّي للأخضر ِ
حين تهمّ به الصحراء
ينهض في الحنطة ِ
ويشيل ُ الهم ّ إذا أغمضت الرؤيا
والتبس الدّربُ
"و غيض الماء "
تشهق في الخطواتِ مراثيه
تلوّنه بالفجر ِ الغائم ِ
وذنوب ِ الشعراء
يقرأ في الشجر الطالع ِ صبوته
في الشرق الذابل
تاريخ الأنهار المخنوقة
والغيم ـ الزّعلان ـ
وآهات الفقراء
* * *
ولد ٌ
من ماء ٍ
وتراب ٍ
وهواء
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> رحلة
رحلة
رقم القصيدة : 65364
-----------------------------------
حين دخلنا في باب الحكمة ِ
فاجأنا العصفور
يشدو ، ويذرُّ فتافيت الوجد
على حزن الفقراء ْ
وينقِّر في ظلّ مواجعنا
يبحث
عن حلمٍ مكسور
كنا نهذي بالباب
ونرحل بين " الفاتحة ِ " و " يس "(61/316)
ونفكّ ضفائر رؤيانا
لتمرّ الأسماء ْ
وكان النهر يخاصر موتانا
والحلم يجفّ ُ
وكنا نتردّّد في لمّ أغانينا
عن حبل الفتنة ِ
ونفتش في راحات أيادينا
عن معنى الخيبة ِ
وندوّن نصّ الروح ِ
بنايات الغرباء ْ
آه .........
وكنا ندعو أن يرسمنا الله تعالى
في اللوحة أولاداً نبلاءْ
نغرق في البوح الدافق ِ
مبهورين برؤيا تومض في كفّ الليل
أصابع من برق ٍ
ويتامى يبتسمون َ
تسيل خطاهم فوق خطوط اللوحة ِ
..............
وقرىً دافئة ً
وسنابل خضراءْ
آه ِ .......
وكنا نأمل أن نستنسخ ابطالاً
من رحم التاريخ
وكنا .........نبكي
ونراود أنفسنا عن بهجتها ، كي
ننسى تلك الأيام المملوءة بالقلب
وأيلول الظامئ ِ لثياب الأولاد الغادين
إلى مدرسة القرية ، والولد النائم في جفن
التاسعة صباحاً ، وحروف كتابي المفتوح
على صور البيت
وكنا ننشد :
يا عصفور
يا عصفور
غنّ ِ
غنّ ِ
عن زمن ٍ حلو ٍ ، ومكانٍ مسحور
قل حتّى لو كذباً
أنك حين تسلقت جبال الريح
رأيت غيوماً مقبلة ً
يا عصفور
يا عصفور
في سبأ الحلوة سيدة ٌ
من وردٍ وكلام
في قصر ٍ تملؤه الحوريّات
وأشجار الزيتون الحبلى
بوميض النور
يا عصفور
كن مرسالي ـ حين يدبّ الليل ُـ
إليها
جمّلني ـ وحياتك ـ في عينيها
قل حتى لو كذباً
" نشميٌّ ، ووسيم ٌ ، لم تهزمه
الحرب ُ ، ولم تغلبه الأنثى
حين هوى النجمُ ،إغريقيّ
أبحر في ملحمة الريح ، وصفّق
للراوي " .
قل ما شئت
* * *
في التفاح الأول سافر مولاي
أوقفني في باب الطالب ِ
وأناخ َ تباريح العشّاق ِِ بذاك الباب
سمع لي متن الألفية في الصبح ِ
وكافأني بالتوت ِ الأحمر ِ حين حفظت ُ
وأوصاني خيراً بالحزن
كان الشيخ يعزّينا إن هلك الحرثُ
وغاب الوبلُ
وأفلس أنصاف الشعراءْ
آه ِ وكان يمرّ علينا إن أولمنا
يغرينا بكروم البصرة ِ
ودروب سمرقند َ
وبالجرح ِ الأخضر ِ
في صمت الشهداءْ
حين شربنا الحزن الأولَ
أكملنا تفسير النهر
وطفقنا نخصف من ورق الكلماتِ
على سيرتنا(61/317)
فانكشف النبع ُ عن السيرة ِ
وتدثر دمع ٌ بحكايات الأجفان
وتعثر بالدمع ِ الواقف وطن ٌ
ونداء ْ
في الشجر الثاني
أكمل مولاي دلالات مراثينا
وانسابت مدنٌ
وبقايا جملٍ
ومرايا
ثمة حطّابون اكتشفوا معنى الخضرة
ودروبٌ آثرت الصمت َ الهاجع َ
تقرؤه أقدام ُ الرحلة ِ
ونجوم ُ البدويِّ الباحث ِ عن عشب ٍٍ
يرفل ُ في ليل الصحراء
*
في الموت الأول
شاهدناه يلوّح
كان المشهد ملتبساً
والأطفال عنيدين
وكنا نتماوتُ
نشرب ما يكفي اللوعة أن تهجع َ
دون مناديل
والمشهدُ محتشدٌ بالممكن ِ
والطارئ ِ
والمتوجّس ِ
والمتخيَّل ِ
والأسود ِ
والأسود ِ
والمشهد مرتبكٌ
فالكذبة رحلت أمس ِ
تركتنا من دون غطاء
فكيف ندثر هذي الخيبات ِ
وكيف نلم ُّ جروح الرحلة ِ
كي نقرأ في الليل عليها
وجع َ التغريبة َوجنون َ الزير
رحلت
يا ويل أصابعنا المرفوعة ِ
في وجه الريح ِ
ويا ويل خطانا
لو أنّ الشجرَ تلفّع خضرتَه
لرسمتُ حروف ربيعي فرحانَ
وجئت إلى الكذبة كي ترسمني
بحّارا ً تأخذه الرؤيا
حين يسيل الليل على المدن المنصوبة
في الإعراب
لو أنّ الشمسَ تخبّئنا في ثوب الكذبة ِ
بينا نحتاط ُ لهذا البرد الآتي
لرسمناها في الدفتر كعيون الفقراء
و المشهد ذبلان
خامرني أن أرفو قمصان المشهد ِ
بالوله الممكن ِ
والدمع المتمكن ِ
فلعل العصفور يعيد إلى الكذبة ِ
وهج جناحيها
ويعيد فتافيت الوجد إلى
حزن الفقراء
* * *
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إليهم
إليهم
رقم القصيدة : 65365
-----------------------------------
سأموتُ
إذا غاب عن خاطري
شايها في العصاري
صدى صوتها :
" يا بنيّ انتظر
إنّ إخوتك استغرقوا في الصلاة ِِ
ولم يحزموا أمرهم في دعاء القنوت "
*
سأموت ُ
إذا غاب عن خاطري
ثلّة ُ الأصدقاء
يحوكون أحزانهم نجمة ً
في ظلال البيوت
*
سأموت ُ
إذا ضلّت الذاكرة
صورة ً للفتاة التي سرّحت
في دمي دهشة عابرة
*
سأموت ُ
إذا مرّ سربٌ من الذكريات
ولم أنحن ِ
وأسدّدْ
لأصطادها مونة ً(61/318)
لشتاء صموت
*
سأموت ُ
إذا انكسرت جرّةٌ من غناء ٍ
على حزني المستباح ِ
ولم أنتم ِ
للبلاد التي تستحم ّبأشواقنا
في مساء ٍ يفوت ُ
وليس يفوت
**
آه ِ.... أموت
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> رثاء متأخر جداً
رثاء متأخر جداً
رقم القصيدة : 65366
-----------------------------------
كان أبي ...
يطيل في السفر
ويدمن الغياب
فيرتدي وجوهنا الشحوب
ونسأل القمر
عن غائبٍ في الليل لا يؤوب
وعندما يعود
تطفر من عيوننا
أسئلةٌ طيّبةٌ .....صغيرة
فيشتري عتابنا الودود
بالخبز والتفاح والثياب
فتنشي داخلنا
طفولة فقيرة
وتكبر الصور
لكنه في الرحلة الأخيرة
حدّق في وجوهنا
وأمعن النظر
وعندما استحثه الصحاب
قبّلني
وودّع الجدران والحصيرة
وشدّني / بلّلني بدمعه ِ
أجهش عند الباب
وعندما ناديته في اللحظة الكسيرة
لوّح لي مبتعداً
وغاب....
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> وطن من كلام
وطن من كلام
رقم القصيدة : 65367
-----------------------------------
سيكون علينا إذن أن نعدّ الحصا
في حساب الطفولة والذكرياتِ
يكون لنا أن نعود إلى حكمة صالحة
لتخطّي الفضاء المجاز
الفضاء الذي لا يحور إذا ناوشته الأغاني بحبّات أدمعها
لا يغيم إذا ناشدته الخطى
واستقالت بلا رحلة يانعة
وإذأً كي ننام طويلاً
فلابدّ أن نتغاضى عن البرد ِ
حين يحثّ الأصابع كي تتلاشى
عن الأصدقاء إذا لوّحوا دون وعد لقاء
إذا لوّحوا في مساء ثقيل
وإذا حال ما بيننا سفرٌ يستطيل
وإذاً سوف نغدق في همسنا صاعداً
في دروب الشتاءِ الذي يتأخر ُ
آه ٍ ونرمي على أوّل القلب بيتاً من الشعر ِ
تسكنه السيّدة
ولا بدّ أن ننتمي
ونطير إلى حلم ٍ من لغة
ويكون لنا أن نعود إلى شكلنا
ونسمّي تفاصيلنا
سيكون لنا بيدرٌ
وبيوتٌ من الطين تسعى إلى زرقةٍ ممكنة
ونهار يغنّي لنا فيه أيّوبنا عن سخام ٍ أليف
نغمّس حزن البلاد بأشواقنا
لتمرّ الصبابات في شارع الموت حتى النهايةِ
في المنعطف(61/319)
وتكون لنا جرّةٌ من ضلوع الندامى
تحبّرنا باحتمال العنب
ويكون على الجمر أن يتثاءب دون حطب
وعلى النهر أن يستميح الجفاف
وعلى النمل أن يدخلوا في مساكنهم
وعلى اللاحقين أن يقرؤوا سورة الفاتحة
وعلينا إذاً أن نعدّ لها الورد والعطر والرائحة
سيكون على الغيث أن يستشير الهواء
على بسمةٍ لا تجيء بأن لا تجيء
على الصبر أن يتمطّى
على الحزن أن يستغيث بنصٍّ يجوس المساء َ الذي لاينام
أنجزتنا البلاغة يا صاحبي
ولدينا هنا وطنٌ من كلام
بتضاريسه ، وحدود مجازاته
والشواطئ ، والمدن الصاخبة
ولدينا هنا أرخبيل ٌ من الشعر واللغة الغامضة
جزرٌ من شروحٍ تفلّي الرثاء َ
قرىً تزرع النحو في آخر الصيف
كي تبكّر في بيع أخطائنا
ويكون علينا غداً
أن نحرّر وشماً على يدها
الفتاة التي حملتنا إلى أوّل الفكرة القاتلة
سيكون على همزة الوصل ِ
محو الخلاف الذي يتصاعد ُ
بين النداءات والخيبة المزمنة
ويكون علينا إذاً أن نخبّئ أطفالنا
سيكون الحداء ضئيلاً
ويكون النهار بلا سَمْتِه ِ
والدخانُ الدخانُ صبيّا ً لجوجا ً
لابثاً في الحياة القصيرة والوردة الذابلة
فاضحاً سيرة البرق والرعد والزلزلة
سيكون على البنت ألاّ تلوّح قبل اكتمال السفر
وعلى قلبه أن يخبّئ ضحكاتها لتعود إليه
على الموت أن يستريح َ
على البحر ألاّ يثور َ
على الخوف ِ أن يتحرّى ابتكاراته
وعلى الشاعر المختبي
أن يحثّ الحروف إلى حبره
وعلى النصّ
أن " يتوارى من القوم من سوء ما "
قرأته الرياح ُ
وهزّت ظلالاً تخبّّئ في ثوبها الأجوبة
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> ما تيسر من حزن
ما تيسر من حزن
رقم القصيدة : 65368
-----------------------------------
كما عاشقِين على أول الليل
نحثّ الأغاني إلى عشبها
كما الوقت يفتح أحلامنا النائية
نضيّع أسماءنا في الرحيل
نهش ّعلى ممكن ٍ واجفٍ
لعلّي أراهن موتي
على قطرةٍ باقية
تعيد انتظاري لترنيمة الشيخ
حين يعود إلى ورده
ويجهش في السجدة الثانية(61/320)
كما أمهاتٍ
تثرثر ملء مواويلهنّ الدموع
أخبّ إلى نسغي المستضام ِ
القصيّ عن النخلِ
الشجيّّّّّ بلا رفّةٍ حانية
لافضاء أراه يهيم بقاماتنا
ولاقمرٌ يستحمّ بليل الرؤى
و لا سنونوةٌ تشرئبّ إلى ما نشيم
نشيم نهاراتها
وفستقها
والذي أغفلته الحكايات من برد كانون
في الحنطة الآتية
أقاسمك الآن هذي المراثي
وهذا الوجيع من الوجد
وهذا المطر
غداة يمرّ على باب بيتي موتٌ أليف
غداة أعودُ
ملاكاً من الورد
أشهقُ كلّ الفضاء
أعدّ الخطايا التي لم أذقها
أعدّ الوجوه التي رسمتها عذاباتها في حروفي
وكلّ الوجوه التي مارست لعبة الأقنعة
ومرّت عليّ بثوب النصيحة ِ
آه ٍ وأعرف قلبي
سيتركني وخطاي الكسولة َ
في غمرة السابلة
سيسرفُ في ذا المسمّى " الحنين "
و لاحول لي
كي أماري صباباته
ويعرف أني صبرت عليه
وهذّبت ورد العتاب
و أتقنت عدّ خطاه
ولكن
سيمشي وحيداً
ويمضي إلى جملةٍ في الغياب
وأعرفه يستحي ويكابرْ
ولن ينحني للبكاء
إذا نادمته الحروف
وظلّلها بعريش العنب
وأعرفه
إذ يطلّ نداماه ليلاً
من الأغنيات ِ
وكأس القصيد ِ
يغنّي لهم
ويجوس المكان البعيد
براحات أنّاتِه ِ
أجل
وأعرفه حين تملأ أمّي له كأساً
من الشاي
وتوقد حقلاً من الذكريات
لعلّ على النار بعض الحطب
وأعرفه لايردّ علي ََّ السلام َ
ولايحتفي بندوبي
أجل عاتبٌ
لأنّي تأخّرت جدّاً عليه
حين استفاق الحمام ُ
على طعنة في المساء الرطيبِ
أجل
ويمدّ البحار إلى ليله ِ
ثمّ يعدو
يبارزُ وهجَ الظهيرة ِ
يفني تباريح نشوانةً ً
ويزعم أنّ اليمام على نقطة النون يشدو
وأعرف قلبي
يطيب له أن يعبّ حروف البلاد
ويحرس معنى البياض ِ
الذي يتضاءل حتّى السواد
كما لا يطيب له أن تذلّ القبيلة
و لا أن يرى خوذةً تستريح
ولم يتعلّم من النهر كيف يسافر دون حصاه
ولم يتعلّم من الآخرين احتراف النميمة
كذلك أحلامه لم تشذّ عن المتن
غماماته
لم تكفّ مناديلها عن غناء الطيور
وأعرفه
لايحنّ عليّ
وأنا سادرٌ ـ كنتُ ـ في لمّ أشواقه(61/321)
بلا حجّة أتسلّى بتقليبها
ولا رعشةٍ في ارتباك اليدين
أسمّّّي النهار حصاد السريرةِ
أشدو بلا غيمةٍ
قد تردّ العصافير نحو المغيب
وأرمي لما يتبقّى من العاديات
حروف الصهيل
ولي من بكائي على داثرات الطلول
احتمائي بنزفي
ولي في صلاتي على شاطئ الليل
فصلٌ قديمٌ من النحو
يسرفُ في طيّبات الشواهد ِ
لي ما يبلّ المسافة بين السكون الجميل
وبين انثيال الأغاني التي غسّلتني
بحزن ٍ طويلٍ طويل
ولي قبّراتي
إذا كان أجهش بين الأصابع قلبي
ومال على وردةٍ ذابلة
تلهّى / ليتركني وخطاي الكسولة َ
في غمرة السابلة
ولي وجع ٌنازفٌ لايريم
إذا تركتني رفيقة دربي
وقالت " تأخرت عنّي
وأسرفْت َ في غربة ٍ قاتلة
فمن سوف يأخذُ فيّّ العزاء
ومن سيزيّن قبري الصغير ببيت رثاء "
فأمضي قصيّاً.......قصيّاً
إلى دفتر العائلة
إلى بيت قلبي
ولكنّ قلبي سيمشي وحيداً
لأهجع في فسحةٍ من غناء
أحنّ إلى مزنةٍ هاطلة
غير أنّي أخاف إذا ما بكيت بأن يستفيقوا
يبلّل ُ دمعي مناماتهم
فأضحك ُ
أضحكُ
أضحك ُ
حتّى البكاء الطليق
ولي كلّ ما تركته النجوم من الضوء
يفلّي الطريق
ولي كلّ آهةِ حزن ٍ
تندّّّ ُ عن الطّين
وعشب النهار الحزين
ولي ثَّمّ َ لي جمرةٌ طيّبة
يموت بها إخوتي الطيّبون
تؤوّل فينا رماد النصوص
وتقرأ أيّامنا المتعبة
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> أغنية للمسافر
أغنية للمسافر
رقم القصيدة : 65369
-----------------------------------
ـ الغريب الذي شدّ أنشوطةً في دمي
لاحتمال اللقاء
ـ الغريب الذي رفّ في دهشتي وارتمى
في مساء الحجاز
كلّما شفّ من شاي صاحبه
غاب في "هفهفات" العصاري على
حنطة ٍ يانعة
ثم ذاب على فتية في الشمال
ثمّ فكّر في طفلةٍ ترتدي حزنه
قامةً ....قامة ً
سوف تقرأ أيامه في الأكفّ التي
لامست وجه عرّافةٍ
وتراه يحطّ على راحتيها ، يفتّشُ
بين الخطوط ِ
عن الماء واللحظة الضائعة
ستقول :
"بأنّّ الولد
عائدٌ يابنتي ..
في يديه " البرازق"للزائرينَ(61/322)
على شفتيه ابتساماته الوادعة "
ــ الغريب الذي لم يعد ينتمي للبكاءِ
الأليفِ ، ولا لاحتمال الوقوفِ
على شاردات المعاني
إنّه يشرب الحزن في قطرات المطر
هو لن يتّقي هطلها
بالهروب إلى ساحةٍ نائمة
فالغيوم التي صادفته وحيداً
يجوس خطاياه
ينأى عن الضالعين بتأويل أوجاعه
ويبحث عن وجهه في مرايا الشجر
الغيوم التي لم تكن تنحني كي يراه له
صبية العاصمة
حملت حزنه لشمالٍ بعيدٍ .... بعيد
الغيوم ُ مكاتيبه
ربّما وصلتهم قبيل المسا..
دمعة ً ...دمعة ً
في الدموع التي لامست شالها
في الدموع التي لامست وجهها
في الدموع التي لامست دمعها
كلماتٌ تقول لها :
"إنّه عائد ٌ
في يديه "البرازق " للزائرين
والفناجين للبيت
والبسمة الحالمة "
وهو يدرك أن القطارات قد غادرت
كي يردّد في صبوات الشوارع ِ
كلّ الأغاني التي حلّقت ثمّ حطّت
على ذكريات الطفولة والآخرين
ولأنّ التذاكر في جيبه فتّتتها الأصابع
سيعدّ علينا احتراقاته مشهداً ..مشهدأً
لانديم .... ولاكأس ..... لاذكريات
آه ِ .... لا وردةٌ تمنح المشهد الأسئلة
ولأمّي التي يستريح ُ على راحتيها التعب
كلّ هذا البنفسج
كلّ البخور الذي يهتدي للجهات
السلام على حزنك المستطيل
السلام على غصص الراحلين
السلام على دمعهم
في متاهات أيامنا يعبرون
السلام على النافذة
حين تغلق كلّ الحقول على طيرها
في ارتباكٍ نبيل
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> التفات
التفات
رقم القصيدة : 65370
-----------------------------------
إخوتي
غادروا دفتر العائلة
واحدا ً
واحدا ً
تركوا كومة الذكريات ِ
على دكّة البيت
و مضوا نحو أيامهم
واحدا ً
واحدا ً
دون أن يأخذوا صيفهم من ثغاء الدوابْ
وكذلك أسنانهم
من شموس الضحى
والثياب التي نتبادلها
والرسوم على حائط ِ الأسئلة
وخزاناتهم
وانتظار الذين يغيبون عن وله ٍ في اليدين
إخوتي غادروا
تركوا نصفهم حاضراً
في الطريق إلى حقلنا
والمساء إلى بيتنا
و الصور ْ(61/323)
وبإمكانها أن تصبّ العشاء ْ
أمّنا
غصّة ً غصّة ً
وتفكّر في سبعة ٍ تحت أنجمهم
غادروا
واحدا ً واحدا ً
والصحون التي تنزوي آخر المائدة
أكملت عدّهم
دون أن تحتفي بمساءاتهم
إخوتي نشوة ٌ من فضاء ٍ عَبَرْ
هجؤوا أول الدرب
يا صاحبي نحو أيّامهم
ومضوا
دمعة ً دمعة ً
في نشيد السفرْ
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> يدا محمد العمر
يدا محمد العمر
رقم القصيدة : 65371
-----------------------------------
تحدّثني غمغمات يديه
عن الخبز والملح
والصدفة الباردة
يلمّ البياض على رأسه
يقول :
"ألا ليت هذا الشباب يعود
فأخبره
بصنيع المشيب
ونشرة أحزانه الوافدة".
*
يرتّب يوم تلاميذه
يداه تطيلان الشروح
عن الفعل والاسم والحرف
والنجمة الواعدة
تسافر بين يديه العيون
تمدّان نهر المعاني رشيقاً
كأنّ الحياة على ضفّتيه
تُمشّطها لحظةٌ شاردة
أراه يصلّي
يشيل يديه إلى كتفيه
يكبِّرُ
يقرأ أمّ الكتاب بصوت جهير
يضمّهما فوق صدرٍ كسير
فأحسب أنّهما واحدة
*
يهزّهما في حماسةِ طفلٍ
إذا ما الفريق تألّق
تطيران إن سجّلوا هدفاً
كأنّ انتصار الفريق
سيطعم ُ خبزاً
ولحماً طريّاً
ويمسح خيباته الراكدة
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> أسئلة
أسئلة
رقم القصيدة : 65372
-----------------------------------
كم يلزمنا من حبّك
كي نغدو فرساناً
ونهاراتٍ بيضاً
وعصافير تشدّ الوقت بأسراب أغانيها
وحقولاً تخضرّ
وفتنة عشّاقٍ يلتمسون مواجدهم
في البئر المردومة ِ
وأقاليم من النهر المتأخر عن درس القهر
كم يلزمنا من حزنك
لنفكّ حروف الأشجار
لنقرأ في الخيط العقدة
لنحكّ ملامحنا بوميض التاريخ
نزفّ مراثينا
كي ننسى أنّا غرباء إلى آخر هذا العمر
كم يلزمنا من وجهكِ
كي يحتفل الخطّابُ بصدِّ الأهلين
الحاضرُ الماضي
والصلواتُ بفيض الذكر
الناياتُ بشدوكِ
والأغصان بنشوة أيّار
الحاضرُُ ثانية ً بوجيب ِ الأحلام المقتولة
والسفَّان ُ بقاربه ِ
والحسناء ُ الحلوة ُ(61/324)
بالآتي فوق جوادٍ أبيضَ لا يُغليها المهر
كم يلزمنا من عينيك
لنؤمن أنّ السفر َ إليكِ طويلا ً حقٌّ
والوجد المذبوح أمام العنوان الباقي حقٌّّ
والرحلة َ حقّ ٌ
والعودة َ حقّ ٌ
لا تعدمُه غير السيّارةِ
يلتقطون تفاصيل خطاهم
من وجع ٍ مفضوح ٍ في قاع ِ البئر
كم يلزمنا من رؤيا
تختصرُ سنابلها الصفراء العطشى
والبقر المهزولة َ
والرمل النائس في الريح
ونرقبُ أيّاماً لم يحلمها وردٌ في نيسان
ولاقمرٌ في عرس ٍ عربيّ
أو مدنٌ تنسلُّّ فراشات الضوء
إلى مخدعها السريّ
كي تأخذ كلّ لياليها نحو فوانيس الشعر
يلزمنا
كم يلزمنا
أن نكتب مابين الغصّة والغصّة
أنّا ذبلانون ، وموجوعون ، وعطشانون ، ومصدوعون ،ومكلومون
خطاة ٌ مشنوقون من الذنب
رماة ٌ كسلانون ، غيورون ، رديئون
على غير العادة ِ أو كالعادة ِ
لافرق إذا جاس الوسميّ مفاصلنا
أو جاد الغمر
يلزمنا
ألاّ نكتب
ألاّّ نقرأ
ألاّّ نملأ كل مواسمنا بخوابي الآجرّ ِ
وأن نستبدل َ أنهاراً
تسكنها الإيقاعات العطشى
بالمتبقّي من هذا المسكين النهر .
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إعتراف بحجم الممكن
إعتراف بحجم الممكن
رقم القصيدة : 65373
-----------------------------------
ذات رؤيا
هبط الشعر علينا
لم يكن ثمّ سوانا
جرّة الحبر
وحنّاء الأغاني
والبلد
نحن لم نثمل هوانا
عندما جاءت إلينا
جرحنا كان غضيراً
وهي لم تدع ُ أحد
*
ها هنا ليل ٌ وبيتُ
وسراجٌ
تعبر الرؤيا مداه ُ
ثَمّ أنخابٌ وزيت ُ
ينهض ُ المشمش ُ في ذاكرة ِالطفل
الذي مرّ على بيدرنا
كي تغنّيه المراثي
بعدما أحياه موت ُ
وهنا مرّت أميرة
دثرّتني بالحكايات القديمة
فمشى حزني إليها
غيمة ً وارفة الدمع ِ صغيرة ْ
و " الدراريب ُ "* تناسوا دّربهم
عندما مرّت وذاب الغيم ُ
مجنونا ً عليها
ولنا أن نحتفي بالموت
يتلو هدأة الروح ِ على جمر ِ الحقيقة
ولنا أن تجزع الأشجار
في ليل الحديقة
فإذا ما جئت ُ مغسولا ً بذنب الشعر
وردا ً في يديها(61/325)
كي تراني راشحا ً في موقف العاشقِ
يمحو نومه بالحلم ِ
يعدو في المواويل الرشيقة
فلها أن تضع الأيّام شالا ً
لاحتمالات الضفيرة
ولها أن تأخذ الموّال منّي
هي لاتعبر رؤيانا تماما ً
في المساءات الطويلة
بل تضلّ الخيط في كفّ المغنّي
وتحل ّ الواجب اليوميّ
في الدّرب الجديد
علّ نهراً شارد الوديان يحبو
بين حلمينا ويبكي
نحن أدرى يا أبا الطيّب بالدرب
وبالشوق العنيد
غير أنّ الفاصلة
كلّما جمّعت أطراف الكلام ْ
باعدت بين حروفي
واحتفت بالسكّر ِ المطحون ِ في أقلامنا
ولنا أن ترسل البنت ُ مكاتيب َ إليه
تنتقي فيها العبارات ِ الجديدة َوالدعاء ْ
ولنا أن نحبس َ الأيّام َ عن نشوتها
في الشتاءات ِ العسيرة
ولها أن تدّعي أنّ الولد
ذاب حزنا ً في احتمالات الضفيرة
وارتمى والليل َ قوسين صغيرين ِ
يضمّان الأميرة
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> نشوة
نشوة
رقم القصيدة : 65374
-----------------------------------
لا..ليس على قلبي حرج ٌ
إن مدّ أصابع دهشته وتهجى اسمك ِِ
ليس عليه جُناح ٌ
إن هش ّ غريراً
لأغان ٍ تتدفّق ُ في الروح ِ
المكلومة ِ
كي يلمح َ نجمك ِ
آه ٍ حين تمرّين
وآه ٍ حين تغيبين عن البال ِ
فأستدعي رسمك ِ
يارؤياي
وملهمتي
كم مر ّ على كرمك ِ عُشّاق ٌ
فلا ّحون قساة ٌ
ونواطير ُ ...
ولم يُفنوا كرمَك ِ
ها إنّي
يابنة هذا المشمش ِ
والخوخ ِ الطالع ِ
والليمون..
أتداعى أسئلة ً
كي أُتقن َ فهمك ِِِ :
من شمّك ِ
من ضمّك ِ
من زوّجََ في الليل ِالحالك ِأمّك ِ
من أمسى عمّك ِ
من سمّل عينيك ِ الدّافئتين ِ
ففاجأه نهر ٌ من رؤيا
من بعثر أشجارك
فالتمّت ..
تتفيّّأ ُ غيمك ِ
عرّافون
سرابٌ
رمل ٌ يجري في ملكوت الريح
ترمي أشياءك ِ
وحدودي تكلؤني
والبنت الطالعة الآن من الموسيقا
ستلمّ ذنوبي
أحتاج ُ إليك ِ
إذا ذبل َ الورد ُ بنيسانَ
إذا أفلت من عينيّ
خيالك ِ
أو مات َ النهر ُ
و أطرقت الغيمة ُ
وابتهلَ العشاق ُ
جميع ُ العشاق ِ المرسومينَ(61/326)
على آنية الصبح الداني
كي أنشد في الغسق الممتد ّّ
مقام خطاها
هي تبحث ُ عن جبل ٍ يعصم
من فيض الخيبات ِ النازف
حلمَكِ
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> في المغني والنشيد
في المغني والنشيد
رقم القصيدة : 65375
-----------------------------------
أيّ درب ٍ
يجعل النصّ لذيذا ً
ــ جمرة ُ الحرف ِ المعنّى ؟
ــخمرة ُ اللغة النبيّة ؟
ــ نار معناها تماما ً
قال أطفال القصيدة
ــ نورها الأبيض يسعى
في بهاء ِ اللفظ ِ والحزن ِ المشيق
ــقال شيخي
ثمّ سدّ الباب من دون حروفي
وأنا في موقف التائب أستجدي سناه
علّه يأمر ُ نايات المساء ِ
فأغنّي
ملء ما في الكون
من حزن الخريف ِ
*
أيّ حرب ٍ
تمنح الآن نبيذا ً
ــ صبرنا المصبوغ باليأس تمطّى
ــ أم تراه
شغبٌ حرّ ٌ طليق
قال لي شيخي :
بأنّ الصبر من زاد ِ المريد
كلّما طاف الندامى في معانينا
ملأنا كأسهم
صاح بي الأولاد ُ :
فات الوقت ُ
ما عدنا نطيق
..........................
..........................
............
............
وتغشّانا مطر
أسود اللون ولم نلمح بريق
آه غنّينا طويلا ً
للحصى المبتل ّ في رمل الطريق
وتركنا جبّة الشيخ يغطيها تراب
آه ِ عذّبنا المغنّي
خلف ذاك المطر ِ الممدود ِ
في صوت الرعود
ثمّ أبقى لي دلاء ً عامرة
باحتمال الخصب ِ
والرؤيا وموت الفقراء
هو يدري
أنّ هذا المطر المشغول
بالحلم ِ العتيق ِ
سوف َ يجرفنا ويمضي
مثلَ سيلٍ في الشتاء
طاوياً في سيره ِ الصاخب ِ
آهات ِ البروقِ ِ
وهو يدري
أنّ هذا النهر يذوي دائما ً
في كلّ صيف
فلماذا يأخذ الأطفال شيخي
نحو قلبي
ولماذا يوسف الصّدّيق يبكي
باحثا ً في كلّ جب ِّ
عن بلادٍ تملأ ُ الرؤيا غناء ْ
احتمال
في اللعبة ِ
تتداخل أوراقي
فإذا ضحّيتُ ببنت الآسْ
من يدريني
أنّي أكسب هذي الجولة ْ
*
في المجلس ِ
حين يغادرني الناسْ
ألمح ُ نخلا ً يهوي
وفضاء ً ينهضُ
وشعوبا ً
تتدفأ بالبرد ِ القارس ِ
و تغنّي حولهْ(61/327)
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> كش
كش
رقم القصيدة : 65376
-----------------------------------
جنديّ ٌ قي أوّل رحلته
يدأبُ في السير على درب الأيّام
أسرف في الرحلة
أخذته الأحلام
أتقن إطلاق النار ِ
و سمّى أعداء القلب ِ
ورمّم جسرا ً هدّته الحرب ُ
ونام
أرداه حصان الرحلة ِ
داسته الأقدام
..........
...........
جنديٌّ في أوّل ِ رقعته ِ
يحمي سيّدَه
لا يتراجع ُ
ويغنّي للقلعة ِ كي تصمد َ
وتخبّي الأحلام
لم يدر ِ أنّ حصان الأسود ِ
يرصده
جنديٌّّ
مجهول ٌ
وغريب ٌ
يحكي في البلد ِ النّائي
عن كيد الشطرنج
وفلسفة اللعبة ِ
وخيول ٍ لا تصهلُ
والباقي من وجع الأوهام
جنديٌّ
يحكي فمُه الأدردُ
عن تفّاح ٍ مركون ٍ
وحصى ً تملأ قصعته ُ
جنديّ ٌ
يتعثّّر بحكايته
ويهزّ سرير التراجيديا
وينام
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> ما يحدث
ما يحدث
رقم القصيدة : 65377
-----------------------------------
في الصبح الرافل بحبور الأشياء
يُغَنّي المشهد :
فلاّحٌ يتفيّأ شجرة
وثمارٌ تتساقط
والطير تحلق
تبني الأعشاش
على الأغصان النضرة
*
حين يجيء الليل
سنحتاج إلى النار
في المشهد
حطّابٌ يحتفل بلحم العصفور
المشويّ بنار الأغصان المستعرة
*
في الصبح التالي
لا يبقى من ذاك المشهد
إلاّ ذاكرةٌ منتصرة
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> ثلاثة
ثلاثة
رقم القصيدة : 65378
-----------------------------------
"........ ثلاثة ٌ يعيشون في قطر
الجمل
والنخلة
وعيسى الشيخ حسن "
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إلى أمّّي
إلى أمّّي
رقم القصيدة : 65379
-----------------------------------
عيناك قافلتان من تعب ٍ
أحتاج عمري
كي أرى بهما
لا تحزني إن كنت ُ مغترباً
فأنا أسافر
بين هدبهما
ما كنت ُ أبحر في سؤالهما
إلاّ لأغرق
في جوابهما
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إلى صقر قريش
إلى صقر قريش
رقم القصيدة : 65380(61/328)
-----------------------------------
يا نخل ُ
لستِ غريبة ً مثلي
أولاء ِ أهلُكِ
أين
هم
أهلي ؟
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إلى طارق بن زياد
إلى طارق بن زياد
رقم القصيدة : 65381
-----------------------------------
البحر ورائي
والمرأة ُ كانت تختال أمامي
فمضيت إليها
جذلانَ
و أحرقت ُ السّفنا
*
................
................
................
................
................
*
وحين هزمت ُ
تراجعتُ
و آخيت ُ شتائي
كان البحر يداعبُني
والمرأة ترمي كلّ الضحكاتِ العاهرة ِ
ورائي
وأنا أبحث في الموج الصاخب
عن حزمةِ قشّ ٍ
أدعوها وطنا
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إلى شهيد
إلى شهيد
رقم القصيدة : 65382
-----------------------------------
عاهدوك
أن يثبوا
فانطلقت............
وانقلبوا
وارتديت أغنية ً
و ارتداهم
التعبُ
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إلى محمّد الغدو
إلى محمّد الغدو
رقم القصيدة : 65383
-----------------------------------
يوقظني
كي يشرح لي سورةَ " يوسفَ "
فيعيد الأدوار إلى الأبطال ِ
يوشّحهم بثياب الغيرةِ
والندم المتأخّرِ
والحبّّّ المكتوم ِ
يبلّلهم بالدمع ِ
يناديهم ....لا يأتون
ويفتّش في البئر المردومة
عن باقي القصّةِ
يكتال حنيناًًً من آخر همسة
فاجأه النهر بها
يتركني أجهش في السورةِ
وينام
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إليه
إليه
رقم القصيدة : 65384
-----------------------------------
تعب القلب
كثيراً
والتعب
لادمي نهرٌ
و لا حزني قصب
تتّكي الروح على غربتها
مثل طفل ٍ
ضاع من أم ٍّ وأب
أنحني
نخلاً على ذاكرتي
علّ فيهاأغنيات ٍ أو رطب
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إليها
إليها
رقم القصيدة : 65385
-----------------------------------
ستعودين
من حدود الكتابة
يا عصافير عمرنا
المستتابة
مثل غيم ٍ
على السماء مطلّ ٍ
ينهض الآن
في نشيج سحابة(61/329)
كلّما هزّ عاشق ٌ شجر الروح
واسّاقطت بنت غابة
فتذوبين خفقة ً من نعاس ٍ
وتغنّين في حنين في ربابة
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> إلى يعقوب السبيعي
إلى يعقوب السبيعي
رقم القصيدة : 65386
-----------------------------------
مستوكف العبرات إنّ مزارَها
صعب ٌ
نحاول دونه إبصارَها
ناءٍ ،
تحجّ الشاهقات كليلة ً بيتا ً
يحاكي في الجمال مزارَها
لفضائها الدّامي
نحوك غمامة ً
ونشدّ خيط العمر
كي يختارَها
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> شهادة وفاة
شهادة وفاة
رقم القصيدة : 65387
-----------------------------------
" أو ما يشبهها"
في المرآة ِ
أفتش عنّّي
منذُ كتاب ٍ كنت هنا
أغمض ُ عينيّّ عليّ
لأحصي ما فات
ذاك الولد الهارب منّي
يقفز بين يديّ
يداعبني
يفلت حين تمدّ الذكرى
كلّ أصابعها
نحو" شقاوته" للقبض عليه
يفلت
أغمض عينيّ عليّ
أسدّد ُّذاكرتي نحو خطاياه ُ
لكي أحصي ذاك الولد الهارب منّي
أملأ فخّي
بأغان ٍ كان يردّدها
لكن هيهات
الولد الذابل في عينيّّ طويلاًً
مات
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> استدراك
استدراك
رقم القصيدة : 65388
-----------------------------------
الولد ْ :
جملة ٌ
تائهة ْ
في البلد ْ
*
نملة ٌ
فارهة ْ
و عدد ْ
*
طلقة ٌ
في زبد ْ
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> حين لاهواء ..!
حين لاهواء ..!
رقم القصيدة : 65389
-----------------------------------
حين ...لا هواء
* شعر : مقاطع من نص طويل
النشيد الأول :
---------
على أنّ هذا النهارَ
تأخّر
كنت ُ أردّدُ :
شمسي نعسانةٌ
في الغسق
وتهيلُ على أرجواني
شفق
تأخّر هذا النهارُ
استطالَ
رماني بما لا أطيقْ
و لا أدري
كيف تسرّب هذا الذي ... لا يسمّى
إلى نخل ِ روحي
وكيف استباني
وأيقظ َ كل َّ الطيور ِ
التي تركتني و " هجّت "
****
تأخّر هذا النهارُ
و أيضاً
تأخّر قلبي
عن السائلين عليه
و لا ليلَ يدنو
ويأخذني
كي أنام(61/330)
وأحلمَ أنّي نبيل ٌ
يعيدُ إلى الفقراء ِ
القميص َ الذي راودته
الرؤى
عن نبي ٍّ كسيف ٍ
طويل ِ العذاب
يعيدُ السنابل َ خضرا ً
والعجاف َ سمانا ً
يعيدُ إلى أغنيات ِ الشتاء
الحمام ْ
****
فيلثم " يوسفه " في انكسارٍ
ويرمي على حزن "يعقوب"
جرح الغياب
...
و نزف الغياب
ويمسكُ خيط القصيدة ِ
كي لا تطيرَ بعيداً
وتتركَ ريشَ غواياتها
يدبّق بين أصابعِنا
فيلقي على وردة ٍ من يديها
صباح القرى
وتسندَ رأسَ النهارِ إلى ركبتي
فترقص ُ حيناً
وتهمس ُ في أذنيّ
بأنّ الجهات التي نثرتني
على ذمة الوقت ِ
تؤجِّل ُ خوفي
-
كموت ٍ
يطيب له
أن يكون
ودودا ً
-
وذنبٍ
عصيٍّ
الندم
-
يعيد ُ إلى دربنا رملَه ُ
و إلى حزننا ظلَّه ُ
-
وإلى مدن البحر ِ والغرباءِ
سفينا ً
تسرحُ في شاطئ العمر
معنى الظلامْ
-
و لا ليل َ يدنو
-
ويأخذني كي أقول اعترافي :
شمسي نعسانة ٌ
في الغسق
وتهيلُ على أرجواني
شفق
في انتظار الخريف ِ
الخريف ِ الذي ظلَّ دوما ً
صديقي
وسافر عنّي إلى قريتي
الوادعة
-
وسامرني في الأماسي الطوال
وشاركني قهوة السابعة
-
ولا ليل يدنو
-
في انتظار الخريف ِ
وقفت ُ على خيبة ِ الأصدقاء ِ
أطلت ُ الوقوف
وأولمت ُ كلّ البكاء ِ
لأجل ِ حبيباتهم ْ
يطوّفن في الذكريات ِ
النصال
كذلكَ :
أسرجت ُ صيفي
لأمسح عنهم غبار الظهيرة
والذكريات البعيدة
-
و رمّمت ُ خوفي عليهم
وغطّيت أحزانهم بالقصيدة
-
فيا إخوتي الغرباء
انطروني :
شمسي نعسانةُ
في الغسق
ستهيلُ على أرجواني
شفق..............
-
تأخر جدّاً
تأخّر هذا النهار ُ
قرأنا الجرائد َ
نمنا
حرثنا حقول َ النميمة ِ
جعنا
رفونا ثياب َ الأماني
الغشيمة ِ
-
أيضاً :
قصصنا أظافرنا
كي نظل ّ وديعين
في ذكريات الشمال
إذا ما حلمنا به
-
و لا ليل يدنو
-
مضينا إلى موتنا
في الوظيفة ِ
عدنا إلى موتنا
في البيوت
-
و لا ليل َ يدنو
-
وأيضاً عددنا ليالي الشتاء ِ
التي لم نذقها ...هناك
سمعنا الأغاني
التي جمّعتنا بهم
-
و لا ليل يدنو
-(61/331)
سألنا سعاة البريد
عن الطرقات ِ التي كتبتها
خطاهم
سألنا عليهم
خطوط الهواتفِ
ريح الشمال ْ
-
سألنا حروف الرسائل ِ
إن كان ثمةَ َ خبز ٌ
على صاج أمي
لتسرقه في الليالي النجوم
-
و لا ليل َ يدنو
-
استطال النهارُ
-
يكون ُ على نخل ِ روحي
الملول ِ
بأن يتثاءبَ حيناً
ويرمي على طيره رطبا ً
من كلام
****
ويرفع هذا الذي .... لايسمّى
طويلاً طويلاً
إلى فسحة ٍ في يديه
يغنّي له ُ
ثمّ يبكي عليه :
-
شمسي نعسانة ٌ
في الغسق
وتهيل على أرجواني
شفق
..............
و لا ليل يدنو
-
أكان علينا
الرحيلُ الجديد ُ
اتقاءَ الذي لا ... يسمّى
أكان َ علينا إذاً
أن نغطّي دفاتره ُ
بارتكاب البياض الأثيم
البياض الذي ينحني
لاحتمال الكتابة
-
أكان علينا تناسي الطيور / الشوارع ِ حين تعاتبنا في الشتاء ِ/ نشيد الصباح / حبال الغسيلِ التي نشرتني عليها طويلا / وصوت المؤذن عند السحور / وجمر كانون / نشوته في أماسي الصقيع / وسنجار حين يجوع ُ / وطوروس حين يضيع ُ / الصغار الذينَ يحثون وهمي / النساء على س
-
فيا صاحبي رحلتي
" أقيما عليّ "
و قولا لهذا الذي ..... لا يسمّى
بأنّ الطيور التي غادرت
لا تجيء
****
وأن ّ المحطّات تأخذني
نحو ذاك المساء ْ
وأن النهار تأخّر
-
يكفي :
بأنّي أخذت نصيبي
من النهر
قبل الجفاف
-
وأني رأيت الطيور
تمرّ بحزني
وتذبحه بالغناء
-
و يكفي :
بأني " تدلّلت " جدّاً
على الأصدقاء ْ
قسوت عليهم
وغبت ُ طويلا ًعن الموت ِ
حين أتاهم
و هدّ الجدار
الذي .. كم وقفنا عليه
جميلين كالصمت
-
مليئين بالوقت ِ
و الحبّ
و الأسئلة
-
ويكفي :
بانّ بلاداً
تخاصر ريح الشمال ِ
تراقصني
في المنام
فأشرب ُ نهر أناشيدها
وأرفع نخبي
-
ويكفي :
بأن بلادا ً
أرتبها بهدوء ٍ
وأحمل " جزمتها " في الشتاء ِ
كطفل ٍ صغير
تدوسُ عليّ
-
ويكفي :
بأنّ الطيور َ
التي عاتبتني
ستبكي عليّ
وتنثر في الريح
هذا الهديل
و ذلك حسبي
*****
تأخّر هذا النهار
و أيضاً تأخّر قلبي
-(61/332)
وبعد ُ :
فلا نص يثني على رسم روحي
و لا صبح َ يسرق ُ مني الغناء
-
أكان علي ّ
احتمال ُ الحقيبة ِ
في كل ّ درب ِ ؟
-
وجرح الهواء بأسمائهم ؟
-
أكان عليّ :
اقتراف ُ الحياة ِ ؟
وفضُّ الحنين
لصيفٍ بطيء العنب ؟
-
أكان علي ّ :
التغاضي عن السائلين عليّ ؟
ورمي الذي ....لا يسمّى
بورد ِ العتب ؟
-
له ُ :
أن يدسّ رسائله
في جهات السفر
-
لهُ :
أن يكب َّ على الحزن
دلوا ً من الماء
حتما ً
ويجهش قربي
-
له ُ:
أن يخاصمني
إذ رحلت
و يؤذن قلبي بحرب
-
له ُ:
أن يخيط نشيدي هذا :
شمسي نعسانة ٌ
في الغسق
وتهيل على أرجواني
شفقله ُ:
أن يخيط نشيدي هذا برفة ِ هدب ِ
-
وحين أقاموا علي ّ
نسيتُ بأني متُّ
فحدثتهم عن سجايا الغياب
وعن ذكريات أبي
وحين أفاضوا
نهرت الحنين
وأسرفت في مدح أيامهم
وحين أطال الذي.... لا يسمّى
احتساء نبيذي
زعمت بأن النهار قصير
ليشرح فكرته للطيور
التي غادرت
نخل روحي
-
له ُ :
أن يمدّ أصابعنا
كي يلامس َ جفن َ الشمال ْ
-
له ُ :
أن يشدّ من الغيظ شعري
ويرمي على كلّ ليل ٍ
سؤال
له ُ :
أن ينا
ا
ا
ا
ا
ام ْ
و أنّى له ُ
كلّ هذا محال
-
تماما ً
كما يفعل ُ الذاهبون
إلى الحرب ِ
تماما ً
كما يفعل العائدون
من الحرب
ألمّ تفاصيلها
من بقايا الصور
*
سأسبق ُ نومي إليها
وأحملها في نشيدي
وأعدو بها
ثم أعدو
وأعدو
و أعدو
لأوقظ هذا السفر
سأشتمه كلّ حزن ٍ جديد ٍ
وأشتمه كل حزن ٍ غبر
و حين صعدنا لأول مرة
ندب على سلم الطائرة
و كل صباح ٍ أتى
لاتشاركني فيه ابنتي
في فطوري
وكل َّ وظيفة رسم ٍ
تلون فيها الجبال بلون البنفسج
وكلّ سماء ٍ غدت
لا تضيّع بين يديها طيوري
فكل الذين أحبّ
غدوا في الترابْ
أو نأوا في الغياب ِ
وباتوا أثر
.......................
.....................
تأخر هذا النهار
و لا ليل يدنو .
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> أمويون في حلم عباسي
أمويون في حلم عباسي
رقم القصيدة : 65390(61/333)
-----------------------------------
أقول له :
كن حوذيّ النص
وخذه بقوة أحلامك َ
نحو مراع ٍ مدهشة النبض
وراعشة الفيض
وأمهلني ...حزنين ِ
وخمسَ قصائد َ
لأسوق وراءكَ أكوام التفعيلات
وموسيقا الرفض
وجنون الخبب النائم ِ
والعربَ البائدةَ
البائرةَ
العاثرةَ
العاهرةَ
حروف َ الجرّ
الجمل الاسمية ِ
........وخرائبنا
ياربّي
ياااااااااااااااااربّ
امنحني غيمات ٍ عشراً
آناء الحرب ِ وأطراف َ الصيف ِ
لأرفعَ عشبَ يديّ إلى وجه أخي
.......
غيمات ٍ عشراً
أرفوها بعصافير تنقط ماء الفتنة ِ
أطويها.....
واحدةً للموت ِ النابت ِ في وجنته ِ
واحدة ً للموت النائي عن خطوته ِ
أخرى للبستان
ورابعة ً لذهول العربان
وخامسة ً للشعراء الغافين على زند ِ الدهشةِ
واحدة ً للبوصلة ِ الحيرى
سابعة ً ...ثامنة ً ..للأيام السكرى
وأخرى لسقوط الحلم ِ
وعاشرة ً :....................للفتح
-
ياااااااااااااااااااااااااارب ّ :
و احملني مشغولا ً بالوردة ِ
كي أنساها ...
بنتا ً تجرح شفق الرحلة
بالكحل العاتب ِ
-
وتغني لي :
" عن سبعة فرسان ٍ ، ذابوا في صحن الليل ، وعن نهر ٍ .....كان له ثمر ٌ
وحداء ......... عن خيل ٍ كمنت للريح ِ ، فلمّا أغفى الراعي ، سوّغنا الكبوة َ " .
-
قلت له : كن حوذي النص :
-
" البنت الطالعة الآن من الموسيقا " لتنام على زندي ...نامت ...تركتني لأغني :
" عن سبعة قطاع ٍ ، ماتوا في الليل ، وعن شجر ٍ ...........كان له نهرٌ ، وبكاء
....عن ريح ٍ فرّقت الخيل على فلوات النص ، والراعي : نام و نامونام ..........."
-
يااااااااااااااااااااارب ّ :
" واجعلني عبدا ً محمود السيرة في حضرة والينا ، عبدا ً ....يغسل وجه الليل ا إذا جاء النوم ، وينشر قمصان مراثيه إذا هجع المشاؤون ، ويضحك إن طلع البدر ، يغمس خبز الآثام بزيت مواجعه " .
-
يااااااارب :
" واجعلني في حضرة أعدائي ، ولداً مأمون الجانب ، ونقي الخطوة ، يمشي(61/334)
بحذاء الجدران ، تطأطئ أحلام قصائده ، إن مرّ الهمازون ، يزين أيام
الغازين بنقد النقد ، وقضم النظريات الباردة ، ومدح الآتين "
-
ياربي :
وازرعني في السهل المنتهب القمح ، السهل المفضوح بقامتها ، المشلوح على
وردة روحي ، ...كان بعيداً منذ رسائلنا النائحة على الـ " كان " بعيداً .
-
يا حوذيّ النص ّ :
" إن رحلت عنا الريح ُ فلملم ْ ورق التوت
وغط َّ الأعضاء المبتورة َ ، استرها ..يسترك الله
لعلّ فحولتنا المزعومة َ تغرق في الكذبة ِ
إن ذاب صهيل الخيل ِ :
" فلا تذهب ْ نفسكَ...... ...............حسراتٍ "
أجّل نجمتك اللامعة قليلاً " .
وامنحهم نبض نشيدك َ"
.............
أمويونَ
بدمع ٍ أموي ّ
وبيان ٍ أموي ٍّ
ودم ٍ أموي ٍّ
..
كانوا لصق نخيل العباسيين
يروون فسائله
أمويون
يشوطون هزائمهم
وخطاهم
وخطاياهم
يتداعون إلى المربد ِ
ويشدون قميص الموت ِ ـ قليلا ً ـ من قُبُل ٍ
-
أمويون :
" عبد ُ الملك ِ ، ومروان بن الحكم ِ ، وعمر ُ الخامس ُ
ويزيد ُ ، ومسلمة ُ ، معاوية ُ الماكث ُ في الأنشوطة ِ
وابن ُ العاص النائم في الخطط ِ الحربية ِ " .
-
أمويون :
نفخوا في روع الحجاج : " الريح ُ دَبور ٌ
فاحْمِ الرؤيا " .
أمويون :
اقتعدوا أرصفة المعنى
وبلاد َ الحلم الوهم
ونار َ الأحزاب ِ
وفوضى الأنخاب ِ......... .وماتوا " .
-
كن حوذيّ النص:
كن ....ليلاً حين يداهمنا الحراس ُ
وتمراً حين يجوع ُ الناسُ ، ونجماً
معصوب العينين ِ ، عن النكبة ِ
لا تبك ِ
إن نثر الرمل ُ جنونك في الربع الخالي
-
-
أو
ستر الظل البائد ُ أخطاءك َ
فتمهل
أفرد لمجون ِ الإعصار ِ جناحين ِ
من التعب ِالمنهوك ِ
من الحرب ِ إلى الحرب ِ إلى الحرب ِ
إلى الردّة ِ
والعدّة ِ
-
سأقول بلادي ....نرجسة ٌ ذاب على فستان ِ دوائرها الضوءُ
بلادي سيّدة ٌ ...كانت
يااااااااااااااااااااااااااه
بلاد(ي) العرب ِ أوطاني من الشام ...لـ ِ ...
بغـ بغـ بغـ بغـ بغـ بغـ
بغبغت ُ ولم أنطقها(61/335)
انكسرت أسنان ُ التفعيلة ِ
وتغاضى الفاعل عن وجع المفعول به
وارتاحت كل الأسماء المجرورة ِ
لسقوط أغانينا
-
فيما بعد :
في العام الرابع ِ للفتح
في العام العاشر للفتح
يقرأ أولادي عن تاريخ ِ الحقبة ِ
" فتح الله على الأمريكان ِ ....، ولما انفتحت
بغداد ُ ..وزهقت أصنام ُ الحجاجِ ،
وارتفعت ضحكات الأعلاج ِ ...توقفنا في السيرة ِ
وارتفعت قمصان ُ الليل " .
فكن حوذي النص
يا قمر الله الطالع
في الفلوجة
شعراء العراق والشام >> عيسى الشيخ حسن >> في انتظار ..... صديقي
في انتظار ..... صديقي
رقم القصيدة : 65391
-----------------------------------
في انتظار ...........صديقي
إهداء : إلى الورقات الخمس
الخضراء في الفصل الثاني
--------------
لصديقي
الذي خبأ النهر
في جيبه
غيمة ٌ دلّلته ُ
فمر ّ و أتقن إيقاعها
قارئا ً .... شجرا ً
لم يعد للطيور على حزنه
من شجن ْ
-
لم يعد للجنود ِ
على ظلّه ِ
من براح ٍ طليق
يسمّونه .... يومذاك
الوطن ْ
-
قارئا ً ... أصدقاءَ
يعيرون أقمارهم للسماء
و حدود فضاءاتهم
للكفن ْ
-
وله :
ظل ّ في ذمّتي
كعكة ٌ
" هر ّ " سمسمها
في يدي
وله :
نصف ُ كأس ٍ من الشاي
......أعلى قليلا ً
كنا احتسينا معا ً
-
يومها
كم رقصنا ...
إذ عثرنا على برجنا
في الجريدة
فاتحاً أملا ً غامضا ً
صوب أيامنا
-
وله :
زورق ٌ عابر ٌ
في ثنايا القصيدة ْ
وله :
نجمة ٌ من وسن ْ
-
وصديقي حسن ْ
طار منذ نهارين
منذ البلاد التي ابتعدت
وبنت في دمي
عش ّ أحزانها
منذ البلاد التي أسرفت
في الغياب
ومنذ القصيدة ِ
تمحو الجهات التي انكتبت
في مرايا العتاب
-
قليلا ً من الملح يا أصدقائي
يقول حسن
قليلا ً من الجمر يا شعرائي
تقول القصيدة
-
يطير حسن
-
تحط القصيدة ُ
تنبت خيط نعاس ٍ شفيف
على باب بيتي
فأحلمها وأنام
-
و أسرق منه التي طار توا ً إليها
نجمة ً من وسن
-
وأمسك حلمي
بكلتا يدي
وأهذي به
-
حسن
يا حسن
-
تقيم القصيدة في أضلعي
وتبكي يداي
يطير حسن(61/336)
-
قمرا ً
لم تذقه سماء
نغما ً
لم يغافله ناي ٌ
على هدأة الريح
ليلة ً
لم تدَع ْ للبياض سوى نجمتين
ترى بهما
زمنا ً غير هذا الزمن
-
أقول له :
يا بن جرحي
تأخرت وردا ً قليلا
يا بن جرحي
تعللت ُ بالنهر حتى أتيت
وصاحبت ومض الوعود
وصدقت ُ زيف الرعود
-
نقضت ُ نسيج القصيدة ِ
موتاً فموتاً
أعدت إليها عناصرها
في النهار
-
تعللت بالوردة الطارئة
وقسمت حزني
بيني
وبين غواياتها
-
تعللت بالعابرين
إلى مدن الحلم
يموتون صيفا ً فصيفا ً
-
و خنت جميع الذين أحبوني
لتأتي
وترسم لي
وردة ً في يديها
-
-
-
-
تعللت بالنخل ِ
وقلت : أهز إلي بجذع القصيدة ِ ليلا ً
تساقط علي ّ اللغة
جنوناً شهي الرطب
فأرفو هزائمنا البازغة
بغيم ٍ ينام على دفتر الرسم ِ
ويرحل غيثا ً
شهي ّ الخطا
-
تعللت بالواو
بسوف وحتى و إذما
ولن
-
حسن
يا حسن
تطير القصيدة
يبكي حسن
: " أنا محض وهم ٍ فدعني
لعلي أزوِّر غيما ً
وأوقظه في نشيد الصباح "
-
حبست ُ أغانيه ..
سرقت جناحيه منه
وجملته في القفص
ووجهت وجهي .. لربي
الذي حث ّ في ّ الخيال
لأمحو بطفلي هذا ...ندوب الغصص
-
يعيد علي ّ الرجاء :
" أنا محض وهم ٍ فدعني
لعلي أموسق هذا الهباء " .
-
وشمت قصائده في الكتاب
وسمّعتها للطيور
التي علمته ُ الغناء على جرحه
-
-
-
وقلت له :
احتم ِ بنهاري
إذا سلبوك السفينة
وإن طردوك
فنم في شتائي
وإمّا رأيت جدارا ً تداعى
أقمْه ُ
فذاك جداري
-
وقلت له :
ابتعد عن سماء ٍ
رمتك بجرح القبيلة
وسمّل عيون النهار الذي لا يراك
وكحل جفونك دوما ً بحبري
-
قال :
كل البلاد التي طرت يوما إليها
تبيع سماواتها برغيف
أعد لي جناحي ّ
-
كل البلاد التي ذبحتني
من الحب ّ
رمتني بإرث ٍ ثقيل ْ
أعد لي جناحي ّ
-
كل البلاد التي سمّرتني
على كذبة الخارطة
تفتّح أبوابها
للغزاة
أعد لي جناحي ّ
-
ــ أعد لي َ ..
ــ لا
( ودافعني )
ــ أعد لي َ
ــ لا .. لا
( رماني وطار )
-
-
-
طار مني حسن
وارتدى ذات حرب ٍ(61/337)
جناحين من لهفة ٍ وشغب
إلى حيث
كل القبائل تدفن عارا ً
يسمّى ... يسمّى العرب
-
طار مني حسن
-
أطلت عليكم ؟
سأشكركم إن صبرتم ْ علي ّ
لأضيئنكم بأغاني حسن
صفات حسن
-
ولد ٌ من تراب ٍ وماء
رئة يستريح الهواء بها
قلم ٌ يكتب الطيبون به حزنهم
همزة الوصل ِ
في دفتر ِ الغرباء ِ
المساء ُ الذي كان واعدنا
بربيع ٍ قصير
وصبح ٍ أغن ّ
-
ولد ٌ
دثرته المزون ..برحلتها
علمته الصباحات دبكتها
راوغته الفتن
-
و حسن
فكرة حبرتها يداي
من شميم المحن
-
لم تكن أمه أنجبته
ولم يحتفله قماط
لم يكن من حسن
-
غير أني : رسمت له نجمتين
لعينيه
نثرت على شعره مطرا ً
شددت على خصره خطرا ً
ثم سمّيته
ومددت له دربه ُ
كي يسير ...... كما أشتهي
-
قرأت له المتنبي
وشيئا من الادب العربي
وبعض الصحف
واشتريت له كتب المدرسة
وأيضا ً
دسست عصا
لمعلمه
أخاف عليه الدلال
-
وغرست له نخلة ً
أول َ الحلم ِ
الذي كان راودنا
-
ورسمت له
حلوة ً في ثياب الشفق
ليحمل صورتها في الحروب
ويشكو إليها القبائل
تلهو
وتغرف أنخابها في الغسق
-
ورسمت له خيمة ً / شجرا ً / غيمة ً / مطرا ً/ وعصافير من غنة المنشدين / وبيادق في زحمة اللاعبين / احتضار الليالي التي عذبتنا / النجوم التي لوعتنا / النشيد / رسمت له العلم الوطني / الجهات التي حاصرتنا / وإعراب ليس / التنازع فينا / كذاك اشتغالي على ذكرياتي /
-
يقولون : يأتي
إذا استيقظ السيل ُ
ذات شتاء
-
يقال : هراء
-
يقولون : يأتي
إذا حمحمت مهرة
كنت ترسمها
عند ذاك الأصيل
-
يقال : سيأتي
ولكن يبيع الصهيل
-
يقولون : يأتي
إذا نبتت في الدروب الدماء
-
يقال : خنقنا سماء النشيد
فكيف سيأتي
هراء
هراء
-
غير أني سأنطره
آتيا ً من بلاد ٍ بعيدة
-
قارئا ً
شجرا ً لم يعد للطيور
على حزنه
من شجن
-
قارئا ً ... أصدقاء َ
يعيرون أقمارهم للسماء
وحدود فضاءاتهم
للكفن
-
قارئا ً ... زفة ً في الجليل
أنّة ً في عدن ْ
-
سوف ياتي حسن
ونكون معا ً(61/338)
شعراء العراق والشام >> عمر بهاء الدين الأميري >> قالوا العروبة
قالوا العروبة
رقم القصيدة : 65392
-----------------------------------
قالوا العروبة قلنا إنها رحم
وموطن ومروءات ووجدان
أما العقيدة والهدي المنير لنا
درب الحياة فإسلام ٌ وقرآن
وشرعة قد تآخت في سماحتها
وعد لها الفذ أجناس وألوان
شعراء العراق والشام >> عمر بهاء الدين الأميري >> أماه
أماه
رقم القصيدة : 65394
-----------------------------------
أماهُ يا روحاً منيراً
في رحى جسمٍ أهلا
وعلى الثرى ، مَلَكَاً طهوراً
في ثيابِ " الأم" حلا
وعلى جناني ، من جنانِ
الخلدِ ، كالنعمى أطلا
قد كانَ كالإشراقِ
يغمرني جَداهُ ، إذا تجلى
بركاتُ عمري من رضاهُ
وتستمر ، وقد تولى
شعراء العراق والشام >> عمر بهاء الدين الأميري >> أزمة قلبية
أزمة قلبية
رقم القصيدة : 65395
-----------------------------------
ما لي وما للحس مار
وكأَنَّ أطرافي جليد
وتنفسُّي؛ ما للتنفس
فأغص بالصعداء مخنوقاً
وفمي تفاقم حره
َقد كنتُ منطلقاً ُأصلي
َوشعرت في ذَرات كُنهي
واغرورقت شفتاي بالدمع
وابتلتا بقطيرةٍ
وطلبت من تدعى ممرضة
رأت التعرق لا يكف
فتوقفت ببلادة حيرى
ضغطي.. ونبضي..
وزجرتها.. فتململت
وقضيت ليلي في التقلب
يا رب عبدك قاصر
يقضي الحياة مرزأ
فاغفر له ما مر من
يارب.. وارحم ضعفه
وأدر مدارج سعيه
واجعل معارج روحه
في راحة، علوية
يارب.. عبدك طامع
ويحس من تفريط
لكن عزة حبه
تسمو به من حالك التفريط
والكونُ في عيْنَي دَار
والجَوى في القَلب نَار
لا يواتيه المسار
وفي جسمي أخدرار
وجفافه، والريق غار
حين حف بي الإسار
بانكفاء وانهيار
الحبيس المستثار
كالملح بلله البخار
فجاءت باغبرار
وقد علا وجهي اصفرار
فصحت بلا خيار:
والطبيب ألا بدار.. ألا بدار
ومضت بصمت وازورار
أستحث خطا النهار
تدبيره.. وبك استجار
ما بين سهو وادكار
غفلاته وقه العثار
فالعمر كل عن اصطبار
ما عاش في أسمى مدار(61/339)
ترقى إليك بلا انحسار
النفحات في دار القرار
بالعفو منك بلا حوار
بمزيد ذل وانكسار
لك في خلاياه الحرار
في أسنى منار
شعراء العراق والشام >> عمر بهاء الدين الأميري >> أين التدارس
أين التدارس
رقم القصيدة : 65398
-----------------------------------
أين الضجيج العذب والشغب
أين التدارس شابه اللعب؟
أين الطفولة في توقدها
أين الدمى في الأرض والكتب؟
اين التشاكس دونما غرض
أين التشاكي ماله سبب؟
أين التباكي والتضاحك في
وقت معا ، والحزن والطرب؟
أين التسابق في مجاورتي
شغفا إذا أكلوا وإن شربوا؟
يتزاحمون على مجالستي
والقرب مني حيثما انقلبوا؟
يتوجهون بسوق فطرتهم
نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم: (بابا) إذا فرحوا
ووعيدهم: (بابا) إذا غضبوا
وهتافهم: (بابا) إذا ابتعدوا
ونجيهم: (بابا) إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا
واليوم، ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطت
أثقاله في الدار إذ غربوا
إغفاءة المحموم هدأتها
فيها يشيع الهم والتعب
ذهبوا ، أجل ذهبوا ،ومسكنهم
في القلب ، ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفتت
نفسي وقد سكنوا ، وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم
في الدار ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم ، إذا ظفروا
ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في كل ركن منهم أثر
وبكل زاوية لهم صخب
في النافذات زجاجها حطموا
في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه
وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا
في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحة قضموا
في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهت
عيني كأسراب القطا سربوا
بالأمس في (قرنايل ) نزلوا
واليوم قد ضمتهم ( حلب)
دمعي الذي كتمته جلدا
لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا
من أضلعي قلبا بهم يجب
ألفيتي كالطفل عاطفة
فإذا به كالغيث ينسكب
قد يعجب العذال من رجل
يبكي ، ولو لم أبكِ فالعجب
هيهات ما كل البكا خور
إني وبي عزم الرجال أب(61/340)
شعراء العراق والشام >> عمر بهاء الدين الأميري >> هم العالمين
هم العالمين
رقم القصيدة : 65399
-----------------------------------
لا لَمْ أَنَمْ ، بلْ قد أَرِقْتُ و للصُّداعِ رحىً تَدورْ
و الغُرْبةُ اللَّيْلاءُ في عُمري أُوامٌ لا يَحورْ
وحدي أعدُّ دقائقي وأضيعُ في تِيه ِ الدُّهورْ
حَيْرانُ أفتقدُ المعالِمَ ، لا حِجابَ ولا سُفورْ
أَسْهو وأَصْحو والدُّجى ساجٍ وفي نفسي فُتُورْ
فأغيبُ عن دُنيا شعوري في ضَبابِ اللاشعورْ
مِنْ كلِّ فجِّ ينسلونَ كأنهُ يومُ النُّشورْ
كُلُّ يُسارِعُ في مُناهُ ، وإنَّها لَمُنى غَرورْ
أعباءَ كُلِّ الخلْقِ ! وَيْلي كِدْتُ إعياءً أَمُورْ
فالأَرْضُ تحملَني على مَضَضٍ وتوشكُ أن تَفورْ
وشَرَعْتُ أَصْحو مُثْقَلَ الأنفاسِ مَبْهورَ الشُّعورْ
أغْمَضْتُ عيني مرَّةً أُخرى ، ومَزَّقْتُ السُّتورْ
فرأيْتُ أَهْوالاً ؛ وكانَ الْحَقُّ مِنْ غَيْظٍ يَفُورْ:
والكَوْنُ بالغُربانِ عجَّ ، فلا صُقورَ ولا نُسورْ
ونظَرْتُ والأحْلاكُ تدفَعُ نظرَتي خلْفَ الْحُسورْ
ورأيْتُ صَرْحَ الْمَجْدِ ينتظرُ الْجَسورَ ولا جَسورْ
وكَأَنَّ إِنْقَاذَ الوُجُودِ عَلَيَّ مِحْوَرُه يَدورْ
وحدي ، تسلَّقْتُ الرياحَ الهَوْجَ ، سُوراً إِثْرَ سُورْ
وَتَلامَعَتْ في مُنْتَهاهُ طُيوفُ جَنَّاتٍ وَحُورْ
فَقَذَفْتُ نفسي ! غَيْرَ أَنِّي شِمْتُ أجْنحةَ الطُّيورْ
فتحتُ عيني ، والخلافةُ في رُؤى أَمَلي الغَيورْ
والعَهْدُ في عُنُقي ، وأمرُ اللهِ ، في عَزْمي يَثورْ
أغْمَضْتُ عيني مرَّةً أُخرى ، ومَزَّقْتُ السُّتورْ
وَمَضَيْتُ أرنُو في كتابِ الغَيْبِ ما بينَ السُّطورْ
فرأيْتُ أَهْوالاً ؛ وكانَ الْحَقُّ مِنْ غَيْظٍ يَفُورْ:
بحرٌ منَ الظُّلُماتِ ، والظُّلْمِ المؤَجَّجِ ، والشُّرورْ
والكَوْنُ بالغُربانِ عجَّ ، فلا صُقورَ ولا نُسورْ
وَأَلَمَّ بي ، أو كادَ ، يأْسٌ : فالدُّنى خَتْلٌ وَزُورْ(61/341)
ونظَرْتُ والأحْلاكُ تدفَعُ نظرَتي خلْفَ الْحُسورْ
فَلَمَحْتُ في بَوْنِ الدُّجى الْمَسحوبِ مُنْبلجَ البُكورْ
ورأيْتُ صَرْحَ الْمَجْدِ ينتظرُ الْجَسورَ ولا جَسورْ
وَوَجَدْتُ هَمَّ العالَمينَ بقلبِ إيماني يَسُورْ
وكَأَنَّ إِنْقَاذَ الوُجُودِ عَلَيَّ مِحْوَرُه يَدورْ
ورأيْتُني ، وأنا.. أنا المِسْكينُ ، كالأسدِ الهَصورْ
وحدي ، تسلَّقْتُ الرياحَ الهَوْجَ ، سُوراً إِثْرَ سُورْ
وَمِنَ الذُّرى أبْصَرْتُ دَرْبَ الخُلْدِ رَشَّتْهُ العُطورْ
وَتَلامَعَتْ في مُنْتَهاهُ طُيوفُ جَنَّاتٍ وَحُورْ
وسَمِعْتُ ثَمَّ هَواتِفَ الأقدارِ: حَيَّ عَلَى العُبورْ
فَقَذَفْتُ نفسي ! غَيْرَ أَنِّي شِمْتُ أجْنحةَ الطُّيورْ
بُسِطَتْ لِتحملني ، وحطَّتْ بي على جَدَدِ المُرورْ
فتحتُ عيني ، والخلافةُ في رُؤى أَمَلي الغَيورْ
والرُّوحُ يَقظى ، والأمانةُ في دَمي نارٌ وَنُورْ
والعَهْدُ في عُنُقي ، وأمرُ اللهِ ، في عَزْمي يَثورْ
شعراء الجزيرة العربية >> حسين العروي >> رثاء المطر
رثاء المطر
رقم القصيدة : 65400
-----------------------------------
فراغٌ مضيءٌ معشبٌ، عاث في مدىً
نديٍّ.. دجى عينيه مِ الحبِّ ينهلُ
عشقتُ الصحارى قبلُ.. والغيمُ في يدي
ودربي شعورٌ "أصفرُ اللحن" مجهل
أغنّي.. "عرارَ" الشوق.. يزرع أحرفي
ويلثمها "رملٌ حبيبٌ" وشمأل
صحارى.. رياحٌ عاشقاتٌ "ظما" دمي
هل الكوكبُ الموبوءُ منهنَّ أجمل؟
ثيابي "نخيلٌ" والقصائدُ موطني
وبعضي جحيمٌ في نعيميَ يرفل
وأغفو أضمُّ "الضوءَ" أرفو نجومَهُ
لياليَ خضراءَ الظلام.. وآمل
أُغنّي إلى أن يعطش الحرفُ في فمي
ويقرأَ "لوني" كيف بالله يذبل؟!!
فأهفو إليه لاثماً: إنني أنا
هواكَ.. وإني منك "يا أنتَ" أخجلُ
أأنتَ غزيرُ الوجد.. يا أحمرَ الخطا؟
أهذا شبابُ الدهرِ يا "حينَ تنزل"؟
أتيتُ "نسيمَ الفجر" سجعَ حمائمٍ
يناغمه "نورٌ مشوقٌ" وبلبل
وماسَ "انتظارُ الكرمِ" ماءً مزخرفاً(61/342)
وأيقنتُ.. أن العشبَ لابدَّ مُقبِل
وغرّد "موجٌ" في "غموضِ" جزيرةٍ
تعامتْ عن "الموّالِ" والليلُ أليلُ
مضى زمنٌ.. والجرحُ "ممطرُ غابتي"
ويطرق بابي الليلُ.. والريحُ تسأل
وبعدُ.. أتاني.. ليت إذ جاء لم يكن
ونادى.. تجافَى "الحرفُ" ماتَ التخيُّل
وقفتُ.. أهذا النخلُ؟! لا لم يكنْ هنا
سرابٌ، أنا والنخلُ، والحلمُ يُشعَل
قطفنا.. ولَوّنّا.. وحان قطافُنا
ولا بدَّ أن نرضَى.. فذلك أفضل
لقد كان.. لا تسألْ.. وجوهٌ قليلةٌ
تُسوسن حقدَ الليل حبّاً.. وترحل
شعراء الجزيرة العربية >> حسين العروي >> قراءة في قسمات وجه عربي
قراءة في قسمات وجه عربي
رقم القصيدة : 65401
-----------------------------------
يا ابن الفيافي "ظنون الرمل" عشب رُبا
قصيدةٌ حلوة تستقرئ الشهبا
يا ناثر اللون .. لا تبخلْ.. فموعدنا
دوالي الشوق.. عاد الكرم مصطخبا
امح الليالي.. فما في الذاهبات هدى
وسوسِنِ الحلمَ.. وازرعْ مرجنا سحبا
عيناي.. يا عمقها.. بيد بلا مطر
تمدُّ نحو رؤاك الموج والأدبا
عانق "متاهات صوتي".. أنت أغنية
خضراء.. وانثر على إيقاعه اللهبا
ومجِّدِ "اللغة السمراء" إن هوًى
تضمه "الكتب الصفراء" ما غلبا؟
عاد الربيع فعدنا.. يا رياح خذي
مشاعر الألم الناري.. والنصبا
يا سعد هذا اعترافٌ فالتمسْ طرقًا
إلى ضفاف فؤادٍ طالما اكتأبا
قبِّل "ضلالي" جحيم اللثم جنتنا
"هذا هوانا" فلا تعبأ بمن شجبا
يا أنت.. هذي طلول الصمت ناطقة
تيممتْ بترابات الضنى حِقَبا
الخبت والنخل يا أشعارنا فكر
مائية في "ثنايا الحرف" إن نضبا
الخبت والنخل.. ماضٍ ضاخبٌ.. لغة
زرقاء مثل زوايا شجَّرت غضبا
صبرًا فإن (خيول الله قادمة)
على "الصحارى" غمام قلَّما انسكبا
العابرون إلى "الزوراء" ما وصلوا
ما عاقروا في دجاها العشق والعنبا
و"البحر" يا ماءه الفضي منتقب
ثوب "التشظّي" ويا للعار ما انتقبا
وهذه "ياهضاب الشيح" قافية
ظمأى إلى شفةٍ لا تتقن الخطبا(61/343)
يا لوعة القمح في ألواننا.. عبَقٌ
تراثنا.. فادفني "الناسيك" والسببا
(في ليلة من جمادى ذات أندية
لا يبصر "الذئب" من ظلمائها الطنبا)
أقول: "ياصاح" هات الحرف والطربا
أطلق "خيول بني حمدان" في حلبا
شعراء الجزيرة العربية >> حسين العروي >> خطاب لن يصل ..!
خطاب لن يصل ..!
رقم القصيدة : 65402
-----------------------------------
إليك - صديقي - (بعض جرح ) يضمني
أعانقه ... والليلُ ظمآن يسهرُ
يقول لي الأصحاب : دربك ( أحمرٌ )
فأزجرهم : ( دربي ضحوكٌ وأخضرُ )
إليك صديقي ( بعض جرحٍ ) يضمُنا
يوحدنا ... والدهر أصفر مقفِرُ
هواي بلادٌ .. لم تعانق قصائدي
يمر ( عبيري ) بالدجى يتعثرُ
إليك صديقي ( بعض جرحٍ ) يضمُنا
يوحدنا ... والدهر أصفر مقفِرُ
أخالجها ... أجثو ... أضمُّ ( شعورها )
أعبُّ نِداها حينما الريح تَعبُرُ
هواي بلادٌ .. لم تعانق قصائدي
يمر ( عبيري ) بالدجى يتعثرُ
أنا أنت .. حزنٌ واحدٌ يسترقنا
ولكنني أبدي الذي أنت تسترُ
إليك صديقي ( بعض جرحٍ ) يضمُنا
يوحدنا ... والدهر أصفر مقفِرُ
وعُدتُ .. وفي حرفي ( لهيبٌ مؤَرِقٌ )
يضم رياحاُ فوق حبري تمطرُ
أخالجها ... أجثو ... أضمُّ ( شعورها )
أعبُّ نِداها حينما الريح تَعبُرُ
أخوضُ إليها .. والمنايا جداولٌ
تشدُّ يدي لكنني لست أحذرُ
هواي بلادٌ .. لم تعانق قصائدي
يمر ( عبيري ) بالدجى يتعثرُ
صديقي تذكرْ ، رب ذكرى تُعيدني
إليك ... وفي ( لوني ) نخيلٌ وأنهرُ
أنا أنت .. حزنٌ واحدٌ يسترقنا
ولكنني أبدي الذي أنت تسترُ
أطالع في ( عينيك ) ما في جوانحي
ستقرأ في ( عينيَّ ) ما أنت تشعرُ
إليك صديقي ( بعض جرحٍ ) يضمُنا
يوحدنا ... والدهر أصفر مقفِرُ
(إذا كنت في أرضِ من الناس خالياً)
تذكر صديقي .. قد يفيد التذكُرُ
شعراء العراق والشام >> محمد الماغوط >> المصحف الهجري
المصحف الهجري
رقم القصيدة : 65403
نوع القصيدة : -
-----------------------------------(61/344)
على هذه الأرصفة الحنونة كأمي
أضع يدي وأقسم بليالي الشتاء الطويله :
سأنتزع علم بلادي عن ساريته
وأخيط له أكماماً وأزراراً
وأرتديه كالقميص
إذا لم أعرف
في أي خريف ٍ تسقط أسمالي .
وإنني مع أول عاصفة تهب على الوطن
سأصعد أحد التلال
القريبة من التاريخ
وأقذف سيفي إلى قبضة طارق
ورأسي إلى صدر الخنساء
وقلمي إلى أصابع المتنبي
وأجلس عارياً كالشجرة في الستاء
حتى أعرف متى تنبت لنا
أهداب جديدة، ودموع جديده
في الربيع ؟
وطني أيها الذئب المتلوي كشجرة إلى الوراء
إليك هذه " الصور الفوتوغرافية"
للمناسف والاهراءات
وهذه الطيور المغردة ، والأشرعة المسافرة
على " طوابع البريد"
إليك هذه الجحافل المنتصره
والجياد الصاهلة على الزجاج المعشق
ووبر السجاد
إليك هذه الأظافر المدّخره
في نهاية الأصابع كأموال اليتامى
بها سأكشط خطواتي عن الأرصفه
سأبتر قدميّ من فوق الكاحلين
وألقي بهما في الأنهار
في صناديق البريد
وأظل أقفز كالجندب
حتى يعود عهد الفروسية
والانذار قبل الطعنه.
شعراء الجزيرة العربية >> حسين العروي >> إنهزام إلى حدود آمنة
إنهزام إلى حدود آمنة
رقم القصيدة : 65404
-----------------------------------
يا دار ... يالذة الماضي التي جرحت
صحو الحقيقة ... أفنى لوننا الضجرُ
عدنا إليك حيارى ... والرمال هوى
مموسق .. أخضر الأشجان منتثرُ
شابت خُطا الليل ... والدرب الملول جثا
على خطا الليل ... والسارون ما عبروا
الدرب يادار لايهدي فأين همُ
أما على الدرب إلا النزفُ والوترُ
أما على الدرب إلا اللون منبثقاً
إلا الضلالات إلا الموج يحتضرُ
أين الأحبة ؟ ما في الدار ومض سنىً
إلا تهاويم نضوٍ هدَّهُ السفرُ
أين الأحبة ؟ كَتابٌ صاخبٌ ، لغةٌ
مفئودةٌ .. واشتهاءٌ ضاءه المطرُ
يادار عدنا .. هموم البيد أغنيةٌ
قصيدةٌ ثرةٌ التسآل لا تذرُ
كل الحضارات في عينيك تندثرُ
يبقى العبورُ إلى عينيك والقمرُ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> أشكوك لله(61/345)
أشكوك لله
رقم القصيدة : 65405
-----------------------------------
لا بأسَ , أنْ تقطعِي وَصْلي وتعْتزِلي
وأنْ أسِيرَ وحيداً راكِباً سُبُلي
حتى الصُخورُ لأقوالي قد ارتجَفتْ
وأنتِ حتى لِحِسِّ الصَخْرِ لم تصِلي!
قطعْتِ عَهْداً لِغيْري تحْرِقينَ دَمِي
ولنْ تجيبي رِسالاتي ولا رُسُلِي
قد كانَ أكبَرَ ما أصْبُو لهُ خبَرٌ
مِنكمْ وإنْ كانَ مكتوباً على عَجَل ِ
ألومُ مَنْ ؟ وأنا أمْشي وبَوصَلتي
لكم تسيرُ .. وإنْ مَالتْ لكم تمِل ِ
ألومُ مَنْ ؟ لا عُيُونُ الخِلِّ عاذِرَتي
ولا التقاليدُ تعْطي ا لحَقّ َ لِلرّجُل ِ
لِكَيْ ترَيْ أيّ َ حُزن ٍ عاصِر ٍ كَبدِي
وأيّ َ دَمْع ٍ ثقيل ٍ كاسِرٍ مُقلِي
أستغفِرُ اللهَ إنْ كانَ الهوى خَطأ ً
أو كانَ هذا عِقاباً أصْلهُ عَمَلِي
أجفّ ُ مِثلَ رغيفِ الخُبْزِ مُنْتظِراً
سِرْبَ العصافيرِ أو سِرْباً مِنَ الحَجَل ِ
مَنْ يَعْرِفُ الوَرْدَ؟جاعَ الناسُ فانْصَرَفوا
يَسْتبْدِلونَ أرَقّ َ الوَرْدِ بالبَصَل ِ
ألومُ مَنْ ؟ أنا نفسي غيْرُ مُقتنِع ٍ
بمَا فعَلتُ , وغيْري غيرُ مُنفَعِل ِ
ألومُ مَنْ ؟ لا نجومي ليلة ً أفلتْ
ولا مَجَادِيفنا فاقتْ مِنَ البَلل ِ
شتى المِياهِ شرِبْناها وما عَلِقتْ
نفسي بها , فلِماذا الشّوقُ للوَشل ِ
جَهْلٌ هوَ الحالُ؟ أم شوقٌ الى وطن ٍ ؟
أم إنّهُ الشوقُ للأيّام ِ والغزَل ِ
لا تغضبي لم يَعُدْ لي في هواكِ ضُحىً
وَعْدٌ ولم تعِدِي,وَصْلٌ ولنْ تصِلي
لا تغضبي , لن تَرَيْ مِنِّي سوى عَتبٍ
ولن يَطالكِ لا دَمْعي ولا أسَلي
إنْ مَرّكِ الهمّ ُ عنْ بُعدٍ مَرَرْتُ بهِ
حتى كأنّي لكِ الأدْنى مِنَ الحُلل ِ
أو قلتِ آهٍ , أقلْ آهٍ .. وبي وَجَعٌ
ولنْ تمُرِّي بمَأساتي ولا عِللِي
أشكوكِ للهِ , إنْ تشكي إلى أحَدٍ
وإنْ تنادي أبا بَكرٍ , أُنادِ عَلي
أشكو إلى اللهِ قوْماً ها هُنا وقفوا
يُرا قِبونَ وقوفِي بعْدَ مُرْتحَلي
إنْ قلتُ آهٍ , يقولوا عُدْتَ تذكرُها(61/346)
أو قلتُ يا رَبِّ , قالوا قلْ: يُعيدُكِ لي
وإنْ ضَحِكتُ يقولوا هل ترى وَصَلتْ
رِسالة ٌ للحبيبِ الهائم ِ الثمِل ِ
ولسْتِ تدرينَ ما يَعْني تفرّقنا
وما سَيَعْني بَقاءٌ دونما أمل ِ
أبكي إليكِ وهذي الناسُ تمْنعُني
وكيفَ صبري وجسْمِي فاضَ بالعِلَل ِ
يا ساكنينَ بلاداً لسْتُ أُدرِكها
ولا إليْها بهذا الوقتِ مِنْ سُبُل ِ
بلا وداع ٍ تفارَقنا ولا أمَل ٍ
ولا عُهودٍ ولا قوْل ٍ ولا قبَل ِ
كيفَ التلاقي؟ وهلْ ألقاكِ في زمَن ٍ
وأنتِ عنّي ببُعْدِ الأرض ِعنْ زُحَل ِ
ما أبْعَدَ الدارَ مِنْ داري وأقرَبَها
منّي ومَا بيْننا بعضٌ مِنَ الدّوَل ِ
وسوفَ تبقينَ في دُنيايَ واحِدة ً
وسوفَ أ بقى وحيداً راكِباً سُبُلي
ولا تقولي لنا ذلتْ عقارِبُهُ
فسَاعَتي عَزّ َ مَجْرَاها على الأزَل ِ
أنا أغيبُ قريباً جاءَنِي قدَرٌ
ولنْ تغيبَ على أيّامِكمْ جُمَلِي
ولنْ تنالِي مِن الدّنيا سِوى صِدَفٍ
إنّ الذي لم يُنِلْ للناس ِ لم يَنل ِ
رسالة ٌ مِنْكِ أنْ أجْفوكِ قد وصَلتْ
وغيرُها أيّ ُ شئ ٍ منكِ لم يَصِل ِ
وَعْدٌ إذنْ يا رَنا للموتِ لنْ تجِدي
آثارَ رجْلي ولا الآثارَ من إبلِي
وسوفَ أُبْعِدُ جسْماً عن مَواطِنِكمْ
حتى ولو ساقني بُعْدِي الى أجَلِي
أشكوكِ للهِ شكوى لا يُضيِّعُها
لأنني لسْتُ بالشاكي ولا النذِل ِ
أشكوكِ للهِ لا أبكي على أحَدٍ
سِوا كِ لامْرَأةٍ قطّ ٌ ولا رجُل ِ
أشكوكِ للهِ إني لا أرى أحَداً
مُعَطلاً فيكِ مِثلِي دائمَ العَطل ِ
أشكوكِ للهِ لا يَنسى نوافِذ َنا
قد أُغْلِقتْ وبكى الباكي على طلل ِ
وسوفَ تبقينَ في أُخرايَ لي أملاً
أنتِ التي كنتِ في دنيايَ لي أمَلي
نعمْ أنا الآنَ أسْتقصي مَآرِبَكمْ
وأسْتميتُ لِلقياكمْ بلا خجَل ِ
لقد وقعْتُ على رأسي فوا أسَفي
إنّ العَصافيرَ هَدّتْ قِمة َ الجَبل ِ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> محمّدٌ يا أيّها الحبيبْ
محمّدٌ يا أيّها الحبيبْ
رقم القصيدة : 65406(61/347)
-----------------------------------
محمّدٌ يا أيّها الحبيبْ
يغيبُ هذا القلبُ في ضلوعِهِ ...
يغيبُ هذا القلبُ عن قلوعِهِ ...
وأنتَ فيهِ حاضِرٌ ولنْ تغيبْ
محمّدٌ يا أعذبَ الأسْماءْ
يا أروَعَ الأسْماءْ
يا مَنْ بدون ِ ذكرِهِ ...
لنْ يستجيبَ اللهُ مِن داعِيَةٍ دُعاءْ
يا مَنْ بدون ِ صوتِهِ ...
لنْ يسْتقِرّ َ كوكبٌ في مِحْوَرِ السّماءْ
لنْ يَسْتقِرّ َ في بقاع ِ الأرض ِ مَاءْ
أحبَبْتُ فيكَ كلّ َ شئ ٍ دونَ إنتِقاءْ
يا شجَرَ الزيتون ِ والنخيل ِ والحِناءْ
ويا أبا الزهْراءْ
آمَنتُ فيكَ قبلَ أنْ أراكْ ...
وقبْلَ أنْ تزورَني ...
وقبلَ أنْ تبْعَثكَ السّماءْ
آمَنتُ فيكَ قبلَ أنْ أكونْ ...
وقبلَ أنْ تبْصِرَكَ العُيونْ
وقبلَ أنْ تعْرِفني الأضواءْ
آمَنتُ فيكَ عندَما احْتضَنتني ...
وقلتَ لي لا تبْتئِسْ ...
فالنصْرُ لي ...
والموتُ لِلأعْداءْ
مُحَمّدٌ يا أيّها الحبيبُ والصَديقْ
يا أيّها المُخلِصُ للصَدِيقْْ
طريقنا وعْرٌ وما مِنْ عاقِل ٍ ...
لم يَعْترِفْ بوحشةِ الطريقْ
وأنتَ يا مُحَمّدٌ ...
ما طالَ أو غالَ بنا الطريقْ ...
لن تخذلَ الصّديقْ
لن تترُكَ الصّدِيقْ
مُحَمّدٌ يا أوّلَ الآباءِ في أوراقِنا ...
و آخِرَ الآباءْ
ما زِلتَ أنتَ بيننا فنحنُ أقوياءْ
مُحَمّدٌ أنتَ هو اختِيارُنا
هذا هو القرارْ
لو وضعوا الشموسَ في يَمِيِنِنا
ووضعوا النجومَ والأقمارَ في اليَسارْ
لو بدّلوا الليلَ لنا وألبَسونا حُللَ النهارْ
لن نترُكَ أختِيارَنا
أنتَ اختِيارٌ لن يكونَ بعدَهُ اختِيارْ
أخطاؤُنا ظلتْ على متون ِ دهرِنا كِبارْ
ذنوبُنا أكبَرُ مِنْ كِبارْ
أوزارُنا أقبحُ مِمّا رسَمَتْ أشكالها الأوزارْ
وقد هدانا اللهُ كي نبدِّلَ الأشواكَ بالأزهارْ
وأنْ يكونَ صافِياً فضاؤُنا
رغمَ الترابِ والعواصفِ الهوجاءِ والغبارْ
وقد أرادَ اللهُ أنْ نختارَكمْ
يا آلَ بيتِ أحمَدٍ ...
وكانَ هذا أصوَبَ اختِيارْ(61/348)
وهكذا قدْ أُنزِلَ القرآنُ فيما بيننا
وهكذا قدْ وُلِدَ النهارْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> متى تأتينْ ؟
متى تأتينْ ؟
رقم القصيدة : 65407
-----------------------------------
متى تأتينْ ؟
يا مَنْ لا ترى أحداً سواكِ العَيْنْ
ويا مَنْ تمْلأينَ العَيْنْ
فقدْتكِ مُنْذ ُ أسبوعين ْ
متى تأتينْ ؟
فهذا البَحْرُ ... هذا الشاطئُ المَغمورُ بالناسينْ
وهذا الماءُ لا يدري لماذا يستجيرُ الطينْ
رأيتُ الناسَ يزدَحِمونَ مِنْ حَوْ لي
سُكارى إنّما .. فرِحِينْ
فمالي طولَ هذا العُمْرِأحمِلُ دهشة َ الفقراءْ
وأحْمِلُ طابِعَ البُسَطاءْ
وأبدو مِثلَ شيطان ِ الأسَى لكِنني مِسْكينْ
أنا مِسْكينْ
أُصَلي خمْسَ مرّاتٍ وأسْجُدُ حينما تأتينْ
فلا خمْرٌ ولا سُكرٌ ....
ولا سيجارَة ٌ أرمي لها هَمّي ...
ولا تدخينْ
أنا مِسْكينْ
وهذا الصّوتُ أحمِلهُ وأصرُخُ فيهِ في الأسْواق ِ
والأنْفاق ِ
وأصْرَخها مِنَ الأعْماقْ
صَرْخة َ عاشِق ٍ وَصَلتْ الى الآفاقْ
أنا مُشتاقْ
أنا مُشتاقْ
أنا مُشتاقْ
لقدْ أحْبَبْتُ حدّ المَوْتْ
أُحِبّكِ آهِ لو تدرينْ
لغادَرْتِ العِراقَ ومِنْ غدٍ تأتينْ
صُراخي صارَ يُوقِظكم ...
ويُزعِجُكم ...
وكنتمْ كلكمْ ناسينْ
متى تأتينْ ؟
سأصْعَدُ بُرْجَ (إيفِلَ ) ثمّ أصْرُخُ يا عِراقُ ...
ويا بنتَ العِراقيينْ
متى تأتينْ ؟
سأصْعَدُ صَرْحَ هامان ٍ ...
وأهْراماتِ فِرْعَوْن ٍ... و مَلوِيّة َ سامَرّاءْ ...
وأصْعَدُ فوقَ سورِ الصِّينْ
وأصْرُخُ أيّها الدُّنيا ...
أنا أحْبَبْتُ مِنْ بغدادَ ...
مِنْ مائي .. ونفس ِ الطينْ
ومِنْ لغتي ... تقاليدي ... ونفس ِ الدِّينْ
أنا أحْبَبْتها لِلمَوْتْ ...
ولنْ أنساكِ حتى المَوْتْ
أُحِبّكِ آهِ .... لو تدرينْ
أُصَلي خَمْسَ مَرّاتٍ وأسْجُدُ حينما تأتينْ
متى تأتينْ ؟
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> نتقابلْ
نتقابلْ
رقم القصيدة : 65408
-----------------------------------
نتقابلْ(61/349)
وترى أني إذا العالمُ يا هذا تنازلْ
فأنا لن أتنازلْ
لن ترى مني ولا لحظة َ شكوى
لن تراني ذاتَ يوم ٍ أتلوّى
واذا تضربُني الايامُ
لن أضعُفَ بل أُصْبحُ أقوى
لن تراني خائفا ً
لستُ أنا مَنْ يتقي الناسَ بتقوى
فإذا صوتكَ دوّى
وإذا صوتكَ دوّى
ستراني واقفا ً كالنخلةِ الشمّاء ِ
كالنجمةِ في قلبِ السماءْ
لن تراني باكيا ً أستعطِفُ الموتَ
وأستجدي الهواءْ
فأنا لن أشتري دنياكَ حتى بحذاءْ
وسأبقى الرّمزَ واللغزَ ....
وتبقى ...
أنت دوما ً تتضاءَ لْ
ربما من وجَعي ينقصُ وزني
إنما وزنُ ثماري يتثاقلْ
ربّما الناسُ جميعا ً تتنازلْ
وأنا لن أتنازلْ
وأنا لن أتنازلْ
وأنا لن أتنازلْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> العيون الزرقاء
العيون الزرقاء
رقم القصيدة : 65409
-----------------------------------
لم تعودي الطِفلة َ الصّغرى
لقدْ أصبَحْتِ مِنْ أحلى الصّبايا !
لم تعودي طفلة ً
قدْ كبرتْ فيكِ الرياحينُ وناجَتكِ المَرايا
لم تعودي طائراً دونَ جناحْ
لم تعودي جَذوَة ً
يُخمِدُها الماءُ وتذروها الرّياحْ
لم تعودي طِفلة ً ... يا أجمَلَ الأطفال ِ
يا لحنَ العصافيرِ الذي تشدوهُ في أوّل ِ ساعاتِ الصباحْ
كلّ ُ شئ ٍ فيكِ محبوبٌ إلى حدّ ِ التسَلي بالجراحْ
لم تعودي طفلة ً بل نجمة ٌ ترنو لها كلّ ُ المَجَرّاتِ
وتأتيها المَسَلاتُ سبايا
وجهكِ المغمورُ بالأنوارِ والأنغام ِ
قد طهرهُ اللهُ من الآثام ِ والرِّجس ِ و مِنْ كلّ ِ الخطايا
والعيونُ الزُرقُ قد تجلِبُ للناس ِ المسَرّاتِ
وقدْ تجلبُ للبعض ِ المنايا
ثوبُكِ الأزرقُ لا تشبههُ كلّ ُ الثيابْ
آية ٌ أنتِ وللشاعِرِ أعصابٌ
وللقِصةِ شبّاكٌ .. وللساحةِ بابْ
لم تعودي طِفلة ً أحمِلها فوقَ يدي
لم تعُدْ دنيايَ دنيا
لم يعُدْ حتى قراري بيدي
لم أعُدْ ذاكَ العِراقيَّ الشجاعْ
وإذا أحْبَبْتُ
قد يثقبُ عشقي كبدي
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> أجيبيني
أجيبيني
رقم القصيدة : 65410(61/350)
-----------------------------------
أجيبيني
وقولي أيّ َ شئ ٍ دونَ تعيين ِ
سُكوتكِ صارَ يُقلِقني ....
ويَطعَنني ....
ويُدْميني
أجيبيني .. لكي لا نرفعَ الأخطاءَ بالأخطاءْ
لأجل ِ بلادِنا الباكي صباحَ مساءْ
لأجلي ..
والحقيقة ُ أنني مِنْ أغربِ الغرَباءْ
أجيبيني ..
لأني فيكِ تربُطني علاقاتُ الندى والماءِ ...
والطين ِ
لأجلي ...
لم يعُدْ في القلبِ لا صبرٌ فأشربُهُ ...
ولا موتٌ فيُنجيني
ولا تنسَيْ بأنكِ أنتِ مُلهمَتي
وغيرُكِ مثلَ هذا الشِعرِ لا احدٌ سيُعطيني
ولا أجري وراءَ خيالِكِ المَسْحورِ ...
في كِبرٍ وفي لين ِ
لكي في ليلةٍ وحشاءَ أو في النوم ِ تأتيني
أنا أصلاً أُحِبّكِ يا رَنا ... كي لا تحِبِّيني
أنا سأموتُ مِنْ وجَعي ..
لقد كثرَتْ سكاكيني
أنا سأموتُ مِنْ وجَعي
أنا سأموتُ مِنْ ألمي
أنا نارٌ أشبّ ُ وأنطفي لمّا أرى قلمي
أهذا الحِبْرُ يحمِلني على ورق ٍ ويُلقِيني ؟
أ حتى الحبْرُ يَبْكِيني ؟
وأنتِ بكِذبةٍ لم ترفعي عني غيومَ الموتِ ..
أو تزِني مَوازيني !!
أنا أصْلاً أُحِبّكِ يا رَنا... كي لا تحِبِّيني
أجيبيني
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> لا تخلطِي الأوراقْ
لا تخلطِي الأوراقْ
رقم القصيدة : 65411
-----------------------------------
لا تخلطِي الأوراقْ
كيفَ أكونُ عاشِقاً وكيفَ لا أشتاق ْ
كيفَ أكونُ بشراً
ومِثلَ أيِّ نعْجَةٍ أُذبَحُ أو اُسَاقْ
كيفَ أكونُ سِلعَة ً
تباعُ مِثلَ التبْغ ِ في الأسواقْ
كيفَ وكيفَ إنها أسْئِلة ٌ ...
جوابُهاَ سَهْلٌ ولكنّ السُؤالَ لا يُطاقْ
كيفَ أكونُ صورة ً تباعُ في الأسْواقْ
كيفَ أكونُ صورة ًمطبوعة ً
على الجدارِ
والسِتارِ
والخِمارِ
والأسْوارِ
والدولارِ
والدينارِ والأطباقْ
كيفَ أكونُ نغمة ً تضرِبُها الطبُولُ والأبواقْ
كيفَ أكونُ عاجزاً حتى عن ِ التفكيرِ بالفِراقْ
لا تخلطي الأوراقَ يا حبيبَتي
لا تخلطوا الأوراقَ يا أحبابْ(61/351)
فلمْ يَعُدْ يحمِلُ هذا الزَخمَ مِنْ أوراقِنا كِتابْ
ولمْ نعُدْ نعرِفُ ما أخطاؤُنا ...
ولم يَعُدْ يُهمّنا الصَوابْ
ولم نعُدْ نحْتمِلُ الصِّعابَ والعذابَ والإرْهابْ
ولم نعُدْ نحْتمِلُ النقدَ ولا العِتابْ
فيَالهُ عذابْ
كيفَ أكونُ صورة ً تُلصَقُ بالأبوابْ
تحْمِلها الأسودُ والقرودُ والذئابُ والكِلابْ
يحْمِلها الصادِقُ والعاقِلُ والجاهِلُ والكذابْ
يحمِلها الرجالُ أو يحمِلها العِقالْ
يحمِلها النِعالُ أو يدوسُها النِعالْ
كيفَ أكونُ لعْبَة ً تلهو بها الأطفالْ
كيفَ أكونُ ذهَباً ...
ولم أكنْ مُغيّباً في عالم ِ الرِّمالْ
ما لكَ يا غسِيلنا وهذهِ الأشكالْ ؟
اعْتدْتَ يا غسِيلنا أنْ لا تجِفّ َ أبداً ...
إلاّ على الحِبالْ
هل تعرِفينَ أينَ صارَ جوهرُ السّؤالْ ؟
لا تخلطي الأوراقْ
فلا مَجَالَ للهوى في هذهِ الأنفاقْ
قدْ فرّجَ اللهُ لنا
فما عرَفنا قدْ رَنا
والصدْرُ مِنا ضاقْ
ما بينَ أشواقي أنا وهذهِ الأسْواقْ
سِعْرٌ كبيرٌ كلهُ حِبْرٌ على أوراقْ
كيفَ أكونُ عاشِقاً وكيفَ لا أشتاقْ
لا تخْلطي الأوراقْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> الى بغدادْ
الى بغدادْ
رقم القصيدة : 65412
-----------------------------------
أُريدُ الآنْ
أحْمِلُ كلّ َ أمْتِعَتي
وأقلعُ كلّ َ أحْزِمَتي
وأهرُبُ دونَ تفكيرٍ ولا ميعادْ
الى بغدادْ
إلامَ نعيشُ مقطوعينَ ؟
أجساداً بلا أرواحْ ...
وأرواحاً بلا أجسادْ
إلامَ نظلّ ُ مُنْقطِعينَ ؟
لا أبناءَ ... لا أحفادَ ... لا أجدادْ
إلامَ نظلّ ُ أولاداً ؟
وفي المنفى تموتُ لأصلِها الأولادْ
يا بغدادْ
فكم مِنْ دجلةٍ في الكوْنْ ؟
وكم مِنْ نخلةٍ في الكَوْنْ ؟
وكم لغة ً بهذا الكوْن ِ فيها الضادْ ؟
وكم (ذي قارَ ) في الدنيا ؟...
وكم بغدادْ ؟
لقد كبُرَتْ مسافاتي ...
وأمْشِي مُرغماً فيها بمأساتي ...
بساعاتي بأشعاري وأبياتي
لقدْ تعِبَتْ رئاتي .. مِنْ هواءٍ يجرَحُ الأكبادْ(61/352)
أنا في الأعظميّةِ منذ ُ ساعاتٍ بلا ميعادْ
أُراقِبُ كلّ َ مَنْ يمشي ...
أُ قبّلُ كلّ َ مَن يمْشي ...
أُقبِّلُ كلّ َ حيّ ٍ في شوارِعِها وكلّ َ جَمَادْ
أنا طولَ الفِراق ِ أعيشُ في بغدادْ
رَنا.. إنْ يسألوكِ الناسُ عن حالي
فلا تترَدّدِي أنْ تشرَحي للناس ِ تِرْحَالي
وقولي يا رَنا قد كانَ هذا الطائِرُ الخالي
بلا وطن ولا حُلمٍ ولا حُبّ ٍ ولا ريش ٍ ولا أكنانْ
وقولي .. كانَ يا ما كانْ
في وقتٍ من الاوقاتْ ...
وفي زمَن ٍ من الأزمانْ
عصفورانْ
يُغرِّدُ فيهما الإنسانْ
أبَوْا أنْ يجْنحوا لعِبادةِ الأوثانْ
فطارا ينشران ِ الحُبّ َ في البُلدانْ
وفي وطن ٍ مِنَ الأوطانْ
عاشا قسْوة َ المَنفى ... بأبْدَان ٍ بلا أرواحْ
وأرواح ٍ بلا أبْدانْ
ولمّا زالتْ الأوثانْ
أتى العصفورُ يحْمِلُ همّهُ ويطيرُ بالأحزانْ
ليَحْضُرَ مهرجانَ الشِعْرِ في وطن ٍ من الأوطانْ
رأى عصفورة ً تهتزّ ُ مِثلَ الجَانْ
أتتْ مِنْ موطِن ِ العصفورِ ...
بالأنهارِ .. بالأشجارِ .. بالشطآنْ
أحَبّ َ عيونها والشعْرَ ....
والشفتيْن ِ والأطرافَ والأسنانْ
أحَبّ بوَجْهها بغدادْ
أحَبّ َ بحُبِّها الإنسانْ
وقرّرَ أنْ يعودَ الآنْ
ليَشرَحَ قِصّة َ المَنْفى
ويشرَحَ قِصّة َ العصفورِ والأوثانْ
وقولي أيّها العُصْفورْ...
لقدْ أحبَبْتَ بغداداً ...
وقدْ هاجَرتَ بغداداً ...
وقد أحْبَبْتَ في بغدادْ
وقولي إنهُ قد عاشَ عمْراً دونما ميلادْ
بعيداً عن رُبَى بغدادْ
ولكنْ لم يَعِشْ يوماً إلى أنْ عادْ
الى بغدادْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> بكاء على حجر
بكاء على حجر
رقم القصيدة : 65413
-----------------------------------
أنا أ َرْثيكِ فلا تسْتنكِري هذي الحقيقه
وإذا لم يَسْتطِعْ سَحْبَ شهيقه
لم أنمْ منهُ ولا نِصْفَ دقيقه
أ وَ لسْنا أصدِقاءْ ؟
وقد لا يُحْسِنُ الشرقيّ ُ أنْ يَرْثي النِساءْ
أنتِ مازلتِ تظنينَ البكاءْ
أنتِ يا أحلى النِساءْ(61/353)
في مِعْجَم ِ كلِّ البُلهاءْ
غيرَ ( سِمْفونيّةٍ ) تعطيهمُ الرّقصَ ..
أنا أرثيكِ لأنّ العمرَ قد يجري سريعاً
في كلِّ فصول ِ الخُفراءْ
والفرَاشاتُ إذا طِفنَ على ضوءِ المصابيح ِ
أنا أرثيكِ فما زِلنا صديقين ِ وكنا أصْدِقاءْ
كي تكوني الصرخة َ الأولى لتحريرِ النِساءْ
بدموع ٍ وانكِسارٍ وانحِناء ْ
في كلِّ تواريخ ِ النِساءْ
في هذا التحَدّي
أتحدّاكِ أنا أنْ تكسِبي يوماً رِهاناً
ثمّ أمسى أوّلَ الماشينَ ضِدّي
وأنا اللهُ معي ...
كلماتي ... عَبَراتي ... صَرَخاتي
هذهِ الحُمّى التي تأكلُ خدّي
لم أكنْ مُنهزِماً يوماً من الأيّام ِ
لم أكن يوماً ضعيفاً ...
ألفُ شكرٍ للقصائِدْ
يا أجملَ مَنْ تكتبُ في الدنيا القصائدْ
ما زالتْ على المَسْرَح ِ تستجدي لنا
خرَجَ الناسُ من المَسْرَح ِ لكني على الأرض ِ
ألفُ شكرٍ لكِ ما دامتْ لنا تلكَ المقاعِدْ
بمجاهد
وبماذا يستوي الطيرُ المُجاهِدْ
قائِماً يحرُسُهمْ لكنهمْ سَمّوْهُ قاعِدْ
بعتِ مواويلي وأشعاري وديوانَ القصائِدْ
بعتِ في بابِ المُعظمْ
كراريسي ... ثيابي
كلّ َآثاري التي كانتْ على الجسْرِ الذي ...
بعتِ قانونَ المُعاناةِ وخالفتِ وصايا الأعظميّه
والذي يطرُقُ في يوم ٍ من الأيام ِ بابي
وبإنجيل ٍ مُزوَّرْ
بعتِ لوحاتِ كبارِ الفنِّ ..
بعتِ أهلَ الفنِّ والفنّ َ ... بمَنظرْ
وتعوّدْتُ بأنْ أخسَرَ في الدنيا وأخسَرْْ
ولمَنْ يأكلُ أكثرْ
ولمَنْ يقتلُ كلّ َ الناس ِ كي يَسْلِبَهمْ حبّة َ سُكرْ
هذهِ الدنيا لمَنْ يحمِلُ سِكيناً ومَنْ يحملُ خِنجَرْ
وأنا كلّ ُ الذي أملِكُ فيها
وتعوّدتُ بأنْ أخسَرَ فيها
هذهِ الدنيا ستمضي
بعتِ آلافَ القصائدْ
بكميّةِ أقوال ٍ وأوراق ِ جرائدْ
وبسكين ٍ وسَهم ٍ وفقاعاتِ خرافه
و بكَمْ كانَ الثمَنْ ؟
وهل في همزةِ القطع ِ لنا ظلّ وطنْ ؟
ما ظلَّ لنا شئٌ على أرض ِ الوطنْ
أنتِ يا أكبرَ مَنْ علمَني كيفَ أموتْ
بعتِني مِنْ أجْل ِ مَنْ ؟ وبكمْ كانَ الثمَنْ ؟(61/354)
ألِهذا الشئ ِ يا هذي ؟ لهذا ؟
سيدورُ الكوكبُ المكسورُ ..
بعتِني من أجْل ِ مَنْ ؟
أُسمِّيكِ الأساطيرَ .. أُسمِّيكِ الوطنْ
وحبّاتِ البَخورْ
وأنا كنتُ أُسَمّيكِ المَطرْ
كنتُ أجري في شِباكِ المَوتِ من أجلِكِ
وتحتاجُ لمَنْ
أيا أوّلَ مَنْ خانَ اللبَنْ
اذهبي ما عادَ لي فيكِ ولا حتى فِرَاشٌ للزمَنْ
فأنا من بعْدِكم أبقى لِمَنْ
كلَّ أوراقي .. مصابيحي .. مِقطاتي وأقلامي
كراريسي ... ثيابي
بعتِ في بابِ المُعظمْ
كلّ َآثاري التي كانتْ على الجسْرِ الذي ...
أعبُرُهُ للكاظِميّه
بعتِ قانونَ المُعاناةِ وخالفتِ وصايا الأعظميّه
بعتِ ما علقهُ الدّهرُ ببابي
والذي يطرُقُ في يوم ٍ من الأيام ِ بابي
بعتِ قرآني بقرآن ٍ مُزوَّرْ
وبإنجيل ٍ مُزوَّرْ
وبحِبْرٍ عالِقٍ في سَطرِ دفترْ
بعتِ لوحاتِ كبارِ الفنِّ ..
دافِنشي ... وبيكاسو ... ورِنوَرْ
بعتِ أهلَ الفنِّ والفنّ َ ... بمَنظرْ
هذهِ كُبْرَى خساراتي ولنْ أخسَرَ أكثرْ
وتعوّدْتُ بأنْ أخسَرَ في الدنيا وأخسَرْْ
هذهِ الدُنيا لِمَنْ يكسِبُ أكثرْ
ولمَنْ يأكلُ أكثرْ
ولمَنْ يشرَبُ أكثرْ
ولمَنْ يقتلُ كلّ َ الناس ِ كي يَسْلِبَهمْ حبّة َ سُكرْ
هذهِ الدنيا لمَنْ كانَ مُزوّ َرْ
هذهِ الدنيا لمَنْ يحمِلُ سِكيناً ومَنْ يحملُ خِنجَرْ
إنما ليسَ بها شِبرٌ لِمَنْ يحمِلُ دفترْ
وأنا كلّ ُ الذي أملِكُ فيها
قلمَ الحِبْرِ ودَفترْ
وتعوّدتُ بأنْ أخسَرَ فيها
وأنا يُسْعِدُني أني بها ما زلتُ أخسَرْ
هذهِ الدنيا ستمضي
مثلما يُصْبحُ هذا الشجرُ الأخضرُ أصفرْ
بعتِ آلافَ القصائدْ
بعتِ (لا يا ) و (وداعاً) و (الى بغدادَ) (أشكوكِ)...
بكميّةِ أقوال ٍ وأوراق ِ جرائدْ
بعتِني بالخِنجَرِ المغروس ِ في ظهرِ الثقافه
وبسكين ٍ وسَهم ٍ وفقاعاتِ خرافه
بعتِني مِنْ أجْل ِ مَنْ ؟
و بكَمْ كانَ الثمَنْ ؟
يا( أنا) قولِي ...
وهل في همزةِ القطع ِ لنا ظلّ وطنْ ؟
قد رَفعْتُ الراءَ ...
ما ظلَّ لنا شئٌ على أرض ِ الوطنْ(61/355)
أنا أنتِ ..
أنتِ يا أكبرَ مَنْ علمَني كيفَ أموتْ
وأنا أعْشقُ في عينيكِ أعتابَ الوطنْ
بعتِني مِنْ أجْل ِ مَنْ ؟ وبكمْ كانَ الثمَنْ ؟
ولماذا بعتِني ؟ مِنْ أجل ِ ماذا؟
ألِهذا الشئ ِ يا هذي ؟ لهذا ؟
سوفَ تنهارينَ من أفعالِهِ بعدَ شهورْ
سيدورُ الكوكبُ المكسورُ ..
بالتأكيدِ يوماً سيدورْ
بعتِني من أجْل ِ مَنْ ؟
وأنا كنتُ أُسَمِّيكِ الأزاهيرَ
أُسمِّيكِ الأساطيرَ .. أُسمِّيكِ الوطنْ
وأُسمّيكِ حقولَ القمح ِ والنعناع ِ والوردِ...
وحبّاتِ البَخورْ
بعتِني من أجْل ِ ماذا ؟ بعتِني مِنْ أجل ِ مَنْ ؟
وأنا كنتُ أُسَمّيكِ المَطرْ
وأُسمّيكِ البُحُورْ
كنتُ أجري في شِباكِ المَوتِ من أجلِكِ
لكني عرَفتُ الآنَ مامعْنى العصافيرِ ..
وتحتاجُ لمَنْ
فاذهبي حيثُ تريدينَ ....
أيا أوّلَ مَنْ خانَ اللبَنْ
اذهبي ماعادَ في عينيكِ شئٌ للوطنْ
اذهبي ما عادَ لي فيكِ ولا حتى فِرَاشٌ للزمَنْ
اذهبي .. لكنْ رجاءً اُ قتليني
فأنا من بعْدِكم أبقى لِمَنْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> رؤيا في الطائرة
رؤيا في الطائرة
رقم القصيدة : 65414
-----------------------------------
أنا الآنَ في هذهِ الطائِره
بعيداً عن الأرض ِ جدّاً
ولكنني
على الأرض ِ إيّاكِ أمشي
وأجتازُ دائرة ً دائِره
أنا الآنَ أغمَضْتُ عيني مع النائِمينْ
رأيتكِ تبكينَ .. تبكينَ .. تبكينْ
ترى ..
هل سَتهْوي بنا الطائِره ؟
ولمّا صَحَوْتُ
تطلعْتُ حولي
جبالٌ سَحابيّة ٌ من ورائي
جبالٌ سَحابيّة ٌ عابره
تراها ...
على أيِّ محبوبةٍ ماطرَه ؟
رأيتُكِ فيها تغوصينَ حتى اختفى كلّ ُ شئْ
رَنا ....
أيّ ُ معنى ...
سيَعنيهِ هذا الشعورُ الذي ....
كلهُ غيمة ٌ ماطِره
وهل عندَكمْ ( آ لَ خيونَ ) تأويلة ٌ ....
الى هذهِ الظاهرَهْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> معركة الجن
معركة الجن
رقم القصيدة : 65415
-----------------------------------
نزل َ المَطَرْ(61/356)
والقاربُ النائي تسارعَ في عُبَابِ الماءِ
وانجَمََدَ النَهَرْ
كلُّ الحياةِ تجَمَّدَتْ
وتحَوّ َ لتْ كلُّ الحياةِ إلى حَجَرْ
وتحَوّلتْ أحلامُ عصفورٍ صَغيرٍ
عاشَ في ظلِّ الشجَرْ
مِن غابةٍ خضراءَ رائعةٍِ على مدِّ البَصَرْ
وإلى حُطام ٍمِن جذورٍ .. يا لقارعةِ الدهرْ
تشتاقُ للأزهارِ ...
للأوراقِ ِ... للظلِّ الرقيق ِ وللمَطرْ
قد كان يحلُمُ أنْ يكونَ مِن البشرْ !
يا للعصافير ِالمُغفلةِ التي
قد غرَّها لونُ الملابس ِوالصُوَرْ
لو لم أكنْ بَشَرًا
فهلْ أشتاقُ يومًا أنْ أكونَ من البشرْ ؟
يتحمّلُ الأعباءَ .....
ينتظرُ القواربَ لو تعودْ
لو يسألُ الأحبابُ عنهُ
لو رسائلُهُ التي لم تنقطعْ أبدًا تقابلُها ردودْ
لو مَرَّ ساع ٍللبريدْ
فتذوبَ أقواسُ الثلوج ِ وينتهي فصلُ الجمودْ
لو أنَّ أ ُمّا ما رآها ما تزالُ قريبة ً منهُ
وما زالتْ على قيدِ الوجودْ
لو أنّها عادتْ تسَامِرُهُ ...
وتغسلُ ما يُوسِّخُ مِن ثيا بْ
تكوي لهُ القمصانَ ... تعْطِيهِ النقودْ
وإذا مضى يلهو مع الأطفال ِ
تحرسُهُ وتحْلمُ أنْ يَعُودْ
يا ليتنا عُدْنا صغارًا ... لو نظلُُّ بلا قرارْ
يا ليتها أمي تعودْ ...
ويعودُ إخواني الصِّغارْ
يا ليتنا لم نعرفْ الأحلامَ في يوم ٍ ....
ولا صرنا كبارْ
حيث الديارُ تجرَّدتْ مِنا ....
وما عادتْ لنا تلكَ الدّيارْ
حيثُ الحياة ُ تكدَّرَتْ
وتحَوّلتْ كلُّ الطقوس ِإلى حِجارْ
ذكرى أ ُردّدُها طويلا ً ثمَّ يدفنُنِي غبارْ
طفلا ً يعذبُنِي صياحُ أبي المريضْ
فيموتُ ....أفقِدُهُ .....فأصْرُخُ
كالمُصَابِ بسوطِ نارْ
أبتاهُ لا تتركْ صغيرَكَ ...
ثم يأخذني دوَارْ
خذني ...
ولكنْ كيفَ يأخذ ُني وليسَ لهُ القرارْ ؟
ورجعتُ كالمقتول ِأرقبُ كلَّ أصحابي الصغارْ
آباؤُهُمْ معهم وما عندي أبٌ..... يا لِلدَمَارْ
وبَدَتْ تعاساتي تخالطني إلى هذا النهارْ
لكنهُ هلْ ما يزالُ لنا نهار ؟
هل لي ولو سببٌ بسيط ْ ؟
يدعو إلى شطبِ الهموم ِ ...(61/357)
وقد يذوبُ بها المحيط ْ
هي ذكرياتي كلَّ حين ٍتسْتفيقْ
وتدورُ في رأسي كما لو أنها كانتْ شريطْ
ووقاحة ُالأيام ِ مازالتْ تماشيني ...
على نفس ِالطريقْ
هَمّ ٌ وحزنٌ دونما سببٍ ومأساة ٌ وضيقْ
وكأنما الأيامُ من حولي مُعَطلة ٌ ..
وما فيها صديقْ
لو عُدْتُ طفلاً ... لو يعودُ أبي وأ ُمي
لو تعودُ لنا الشواطئُ والقواربْ
لو أنني أقوى على دفع ِالضرائبْ
لدَفعتُ كلَّ ضرائبي
من صحَّتِي ودوار ِ رأسي
كيف تلتئمُ الجراحُ ولا تثورْ ؟!
والجنُّ من حولِي تدورْ
يتزاحمونَ ويركضونَ بلا شعورْ
وعلى سلالم ِ بيتنا يتسابقونَ
ويضحكونَ
ويُشعِلونَ بصيصَ نورْ
لو إخوتي سمِعُوا صياحي
لو أنها هدأتْ رياحي
حيث مكتبتي وأوراقي ...
ممزقة ًغدَتْ مثلَ الطيورْ
بيني وبين الجنِّ معركة ٌ على مَرِّ العصورْ
والآنَ حيثُ دَمِي يفورْ
يغلي دَمِي غليانَ ماءْ
لو لم أكنْ بشرًا
لَمَا عانيتُ مِن أيّامِناهذا العناءْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> هل تعلمين
هل تعلمين
رقم القصيدة : 65416
-----------------------------------
نارٌ .. فمَنْ يُطفئُ النيرانَ في خِيَمِي؟
ما عُدتُ أقدِرُ أنْ أمْشي على قدَمي
لا ينفعُ الماءُ .. نارُ الزيتِ عاليَة ٌ
إنْ مسّها الماءُ .. نارُ الزيتِ تضطرِم ِ
خرَجتُ مِنْ منزِلي أقسو على قلم ٍ
فما ستفعَلُ بي لو مِتّ ُ يا قلمي؟
أرشّ ُ ماءً على وجهي أقولُ عسى
ما قد سَمِعناهُ منكم كانَ في حُلم ِ
فكيفَ أنساكِ ؟ قولي لي مُعَذّبَتي
وأنتِ تجرينَ في روحي وتحتَ دَمِي
لقد وضعتكِ في ناري ولي سببٌ
وقد ندِمْتُ الى أنْ هدّني ندَمِي
مَنْ غيْرُ وجهكِ يحلو لي أُطالِعُهُ
ومَنْ سِواكِ سيَحْلو ذِكرُهُ بفمِي؟
يا أكثرَ الناس ِ إيلاماً بفرقتِها
لا شئَ باتَ يُسَليني سوى ألمِي
لقدْ مَلأتِ لنا الدّنيا مُشاكسَة ً
وها أنا اليومَ مقصورٌ على حِمَم ِ
لا ظلّ َ ذاكَ التلاقي في أزِمّتِنا
ولا جُنودي معي عادَتْ ولا عَلمي(61/358)
مهزومَة ٌ كلّ ُ آفاقي بقوّتِها
وقد تزاحَمَتْ الأقدارُ في نِعَمِي
حتى الكِلابُ التي كانتْ لنا حرَساً
صارتْ تطارِدُ ما قدْ ظلّ َ مِنْ غنَمِي
وإنّ أكثرَ ما في الأمرِ سُخرية ً
أني بدَأتُ أُلاقي النُصْحَ مِنْ خدَمِي
مفهومة ٌ هذهِ الآياتُ أعرِفها
واللهُ بعدَ انكِساري خيرُ مُنتقِم ِ
هذا هو الحالُ لا نقصٌ ولا عَجَبٌ
لقدْ وَصَلتُ بطول ِ الظلم ِ لِلظلم ِ
ونحنُ حالان ِ هذا قاتِلٌ وطناً
وإنّني كنتُ أفدِي مَوْطِني بدَمِي
يا مَنْ على وجهها بغدادُ واضِحَة ٌ
أحْبَبْتُ بغدادَ أمْ أحْبَبْتُ زَهْرَ فم ِ؟
وربّما أخدَعُ الدّنيا بأجْمَعِها
إنْ قلتُ لسْتِ مُنى روحي ولا حُلمِي
هل تعلمينَ ؟ لأني في هواكِ أبٌ
أ قسَى السِّهام ِأتتني مِنْ ذوي رَحِمِي
هذا يقولُ أ تهواها وأنتَ أبٌ ؟!
لقدْ أتيْتَ بفِعْل ٍ غَيْرِ مُحْترم ِ
وأنتِ فوقَ قسَاةِ القلبِ قائِلة ٌ
كنْ لي أَخاً , يا رَنا شكراً على الكرَم ِ
ما دُمتِ كلّ َ وجودي ليسَ لي طمَعٌ
أُختي تكونينَ .. خيرٌ لي مِنَ العَدَم ِ
لكنني يا أعزّ َ الناس ِ لي طلبٌ
لا تحْرِمي شجَرَ النسْرين ِ مِنْ دِيَمِي
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> استقالة
استقالة
رقم القصيدة : 65417
-----------------------------------
بعدَ تفكيرٍ طويلْ
بعدَما صارتْ حقولُ الوردِ شوكاً
واختفى اللونُ العراقيّ ُ الجميلْ
بعدَما أقمارُنا عنا تلاشتْ
وبدَتْ تهجُرُنا شمسُ الأصيلْ
بعدَما صارَ التلاقي مُستحيلْ
بعدَما دقتْ نواقيسُ المسافاتِ ...
وأصبَحْتُ على أبوابكمْ ظِلاّ ً ثقيلْ
بعدَما أفنيْتُ دهراً ...
ماشِياً أطوي الى لقياكِ ميلاً بعدَ ميلْ
لم أجدْ ذرّة َ إقبال ٍ ...
ولا وقفة َ إجلال ٍ ...
ولا نافِلة ً فيها من العطفِ القليلْ
لم أجدْ في ظلكمْ إلاّ لهيبا ...
لم أجدْ فيكم حبيبا ...
كنتُ في عالمِكمْ أشبهَ حالا ً بالنزِيلْ
كانَ ليلُ الشوق ِ يغزوني طويلا ...
كنتُ أخشى أنْ تظنيني ذليلا ...(61/359)
والعِراقيّونَ ما اعتادوا على العيش ِ الذليلْ
كنتُ أستلقي على امواجكِ الزرقاءِ ...
لا أدري إلى أينَ ...
ولا أعرِفُ للمرسى سَبيلْ
كنتُ في صحرائِكِ الخضراءِ .. مثلَ الريح ِ ...
لا أعرِفُ لي وقتاً ..
ولا أعلمُ لي بيتاً ..
ولا عندي على بابٍ دليلْ
كنتُ مقتولاً على بابكِ ..
والقاتِلُ لا يعرِفُ ما ذنبُ القتيلْ
بعدَ تفكيرٍ طويلْ
قرّرَ الراحِلُ أنْ يرحَلَ من أرض ِ الفراتين ِ ...
بأنْ يُعْلِنَ عنْ أرض ِ الفراتين ِ الرّحيلْ
بعدَ تفكيرٍ طويلْ
قرّرَ الشاعِرُ أنْ يُلقي خِطاباً ...
لم يجدْ مِنْ دونِهِ شيئاً بديلْ
قرّرَ الشاعِرُ أنْ يكتبَ نصّاً ...
ثمّ يُلقِيهِ الى وجهِ النخيلْ
بعدَما أصبَحتُ مثلَ القِشةِ المُلقاةِ ...
لا مالتْ الى الريح ِ ولا الريحُ لها عادَتْ تميلْ
بعدَما أصبَحْتُ ماءً ...
و على أرض ٍ منَ الرّمْل ِيسيلْ
بعدما لا عادَ لي لونٌ ...
ولا لي بينكمْ أيّ ُ قبيلْ
لا تقولي لي صديقاً ..
لم أعُدْ ألمَحُ للصِّدْق ِ بريقاً ...
لا تقولي لي زميلْ
فأنا قصّرْتُ أنْ ألعَبَ دَوْرِي
وأنا قرّرْتُ أنْ أترُكَ دَوْري
وأنا في غايةِ البُؤس ِ ولكنْ لا بَدِيلْ
هذهِ القِشة ُ قد تقصِمُ ظهري
وأنا أوشكتُ أنْ أفقِدَ صبْري
دَمُكِ البارِدُ لا يَقبَلهُ جسْمِي الهزيلْ
إقبَلِي آخِرَ أوراق ِ استِقالاتي ...
معَ التقديرِ والشكرِ الجَزيلْ
هذهِ كلّ ُ مطاليبي ...
وإني مُسْتقيلْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> قولي كلاماً مُقنِعا
قولي كلاماً مُقنِعا
رقم القصيدة : 65418
-----------------------------------
قولي كلاماً مُقنِعا
كي لا نظلّ َ نعيشَ في وهْم ٍ وفي قلق ٍ معا
قولي أُريدُكَ أنْ تعيشَ مُضَيّعا
قولي أُريدُكَ أنْ تموتََ مُقطعا
قولي كلاماً واحِداً ...
لأُجَرِّبَ الأُذ ُنيْن ِ .... قد لنْ تسْمَعا
قولي رأيتُ الحُبّ َ شيْئاً تافِهاً ومُرَوِّعا
قولي رأيْتكَ أعوَراً
قولي رأيْتكَ أبترا
قولي رأيْتكَ أقرَعا(61/360)
قولي كلاماً مُقنِعا
قولي كلاماً آخرا
قولي أخافُ اللهَ .... كي نسْتغفِرا
قولي أخافُ الناسَ ..... كي نسْتنكِرا
لا تسْكتي ....
أعَجَزْتِ عنْ نطق ِ الكلامْ !!
لا تسْكتي ....
أعَجَزْتِ عنْ ردِّ السَلامْ !!
كيفَ اسْتطعْتِ بنظرةٍ تغزِينني حدّ َ العِظامْ ؟
كيفَ اسْتطعْتِ بنظرةٍ تدَعِينني ...
لا استقرّ ُ ولا أنامْ ؟!
يا مَنْ صَنعْتِ لنا الغرَامْ
أعَجَزْتِ عن صُنع ِ الكلامْ ؟
قولي كلاماً مُقنِعاً... قولي كلامْ
قولي ولو شكراً
ولو سطراً
ولو حرفيْن ِ ... قولي مَقطعا
قولي لقدْ ضيّعتهُ ... ما ضيّعا
قولي لقدْ قطعْتهُ ... ما قطعَا
لأقولَ قوْلاً واحِداً ..
أنتِ التي فرّقتِنا وأنا أتيتُ لأجْمَعا
يا ليتنا نبقى معا
يا ليتنا حتى نموتَ معاً ... مَعا
قولي كلاماً مُقنِعا
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> يا عِراقاً
يا عِراقاً
رقم القصيدة : 65419
-----------------------------------
يا عِراقاً أنجَبَ الدُّنيا وَفاقا
أ نجَبَتْ مِنهُ الدُّنى سَبْعاً طِبَاقا
وُ لِدَتْ كلّ ُ الحضاراتِ بهِ
وجَرَتْ فيهِ الحضاراتُ سِباقا
ظلّ َ في الأيّام ِمِصْباحاً كما
ظلّ في وجهِ الأعاصيرِ عِراقا
عَرَباً نبقى وأكراداً بهِ
قد جَعَلنا الإخْتِلافاتِ اتفاقا
والجبالُ الشمّ ُ كادَتْ تنحَني
فوقَ نخل ٍ للفراتين ِ اشْتِياقا
ومَناراتٌ لأعْلام ِ الهدى
عانقتْ سقفَ السّماواتِ عِناقا
لم يَقِفْ إلاّ تعَالى رِفعَة ً
يَقِفُ الشئُ إذا شاءَ انطِلاقا
سابَقتهُ الرّيحُ فانصاعتْ لهُ
وتحَدّتهُ فما طالتْ لِحَاقا
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> العزف والرقصات
العزف والرقصات
رقم القصيدة : 65420
-----------------------------------
أُلمْلِمُ بالجُهدِ الكبيرِ شتاتي
إلهي وقد طالتْ عَليّ َ حياتي
أتى منْ حبيبِ القلبِ بعضُ رسائلٍ
وبعضُ أقاويلٍ و بعضُ رواةِ
فآمنْتُ منْ قلبي ومنْ حركاتِهِ
وأحببْتُ بالسكناتِ والحركاتِ
ولو لم أجدْ منهُ الذي قدْ وجدتهُ(61/361)
لآمَنْتُ بالحُبِّ الذي هو ذاتي
وأبصَرتُ عن بُعْدٍ حقيقة َ واحدٍ
وكلمْتُ كلَّ الناس ِ بالكلماتِ
إلى أنْ تلقى القلبُ منكَ إشارة ً
تعَلمُهُ التسبيحَ و الصلواتِ
إلهي وقد نامتْ عيونُ عواذلي
فأشبعْتُ منكَ القلبَ بالخفقاتِ
وبَدّ َ لتُ أوقاتي وقلتُ لساعتي
ألا ليتَ كانَ العمرُ منْ لحظاتِ
كتابُكَ والآياتُ منكَ قرأتها
وكنتَ حبيبَ الروح ِ قبلَ حياتي
أُلمْلِمُ بالجُهْدِ الكبيرِ خفيفة ً
تجاذِبُني للسُّوءِ رغمَ عِظاتي
لأصحابِ أوقاتٍ ومجلِس ِ مُسْرِفٍ
وسِكّةِ كذّابٍ و سَهم ِ رُماةِ
وعندي لتخفيفِ الهموم ِ وسيلة ٌ
أنا أُخْمِدُ النيرانَ بالنَسَماتِ
أُخَففُ من همِّي بضَرْبي على يدي
وضَرْبي على رأسي وسَبِّ حياتي
ومِن ضيق ِ أنفاسي وضيقِ ِ وسائلي
أشُقّ ُ سكونَ الليل ِ بالحَسَراتِ
عدمتُ من الأيام ِ وجهَ حبيبةٍ
لقد جادتِ الأيامُ طعنَ رئاتي
توَهّمْتُ منها سيرَها و وقوفها
وقد طابَقتْ خطَواتها خطَواتي
وتقبيلها منّي يدي وجوارِحي
وقدْ ترَكتْ وشماً على وجَناتي
توهّمْتُ منها الحُبَّ وهيَ عدُوَّ ة ٌ
تخادِعُني بالعزْفِ و الرّقَصاتِ
ولمّا غفا جَفنِي أناخَتْ على يدي
وصارتْ تطيلُ الرّكلَ والضّرَباتِ
وظلتْ وأشكالُ الزمان ِ تبَدّ لتْ
فلا قوّتي تجْدي و لا وَقفاتي
وأخرُجُ من داري وتضحَكُ أعْيُنِي
وفي داخِلي حشدٌ من العَبَراتِ
على وطن ٍ غادٍ وأُمّ ٍ و إخوَةٍ
وحُبّ ٍ و أحبابٍ و بعض ِ ثِقاتي
على حالةٍ تبكي عليها أنامِلي
وترتيلةٍ تلهو بها سَقطاتي
على جهَةٍ تِهْنا بها وجزيرةٍ
تهَدِّدُنا بالموتِ و النّكباتِ
على زمَن ٍ كنّا بهِ وجهَ فاعِل ٍ
إلى زمن ٍ صرْ نا من النّكِراتِ
على ليلةٍ للصّبْح ِ عَدُّ نجومِها
إلى ليلةٍ للموتِ مِن ظلُماتِ
على لغَةٍ قدْ كنتُ بعضَ صِفاتِها
إلى لُغَةٍ ساءَتْ لكلِّ صِفاتي
إلى غرْبَةٍ أصبحتُ رغمَ عذابها
أشدُّ لها رَحْلِي و رحْلَ وُلاتي
إلى غربَةٍ أجْرِي لها وقواعدي(61/362)
على الرّغم ِ من أنفي نصيبُ رُعاتي
إلى هذهِ والصّبرُ مِن أدبي بها
مُباراة ُ مغلوبٍ و رَمْيُ كُرَاتِ
إلى هذهِ والعمرُ لحظة ُ بائس ٍ
يراكَ لِمَنْ يأتيكَ بابَ نجاةِ
فحُبُّ جميع ِ الناس ِ حُبُّ مصالح ٍ
و حُبّكَ مبْنِيٌّ على الكلِماتِ
وحبّكَ لي شيئان ِ شيءٌ يَضُمُّني
وشيءٌ يُداريني على فتراتِ
لوجهكَ في كلِّ الوجوهِ علامة ٌ
وفي كلِّ روح ٍ منكَ بعضُ صفاتِ
لقد كنتُ في العشرينَ أخشى رقابة
فكيفَ و قد أصبَحتُ في العَشَرَاتِ
ثلاثونَ من عمري إلى الله ِ مامضى
إلى الله ِ حتّى آخرِ اللحَظَاتِ
حبيبَ حياتي يا حبيبَ حياتي
ألا ليتَ كانَ العمرُ من لحَظاتِ
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> الجسد الوصية
الجسد الوصية
رقم القصيدة : 65421
-----------------------------------
ياعبد..أحبب أرضا ابتليتك بها.. لقد اصطفيتك أن جعلتها سترا بينى وبينك
(النفري )
.
.
وطن تكدس في العراء
وفي جوازات السفر
وفؤادك الناري قديس
توضأ بالنجوم
على مرايا ..
من حجر
..
..
بينما نزحت اليك مدائن
كانت دماؤك كلها تنفى الحصار
هل كنت فاصلة التوجع
ام مراجل من نهار
انت احزن ماحكاه الفرح من شجر
واصدق ماروته السنديانة من غصون
انت سرب من وضوء
فوق مئذنة تصلى الفجر
قاموس البراءة
فى اكاذيب اللغات
وعنفوان عذب سيف من حنين
( تحت اقواس الندى
والعشب تصحو
تكتب الزهر النقى على المدى
والليل يمحو)
..
. ..
( بين التويجة واللقاح
وفى فضاء من سلاسل
كنت تسقى زهرة التفاح
بالماء المقاتل )
...
...
( بضفيرتين من السنابل
كنت تمنح
رعشة القمح المبلل بالعصافير
الى افق..يُسبّح )
...
..
( النيل يدخل فى رهان
ضد طقس الانحناء
فتشب فى جسدين من جسدك
عواصم ماء )
..
..
..بينما تخبو الزنازن فى فناجين البكاء
كنت وحدك ترتق الارض بحافات السماء
راحلا فى صمت
تغسل ماتساقط من وحول الليل
عن جسد المياه
تستعير من المنافى سكة
ومن الفراشة والحصى
وطنا اضافيا وتمعن فى غياب(61/363)
مثل اى تميمة تمشى الهوينا
ثم تهطل عند اقدام الحسين عناقيد صلاه
..
..
بينما تنحلّ روحك مثل سارية الغمام
فتنزع الاختام فى الليل
عن الجسد الوصية
ترتج فى عينيك
كأس من زنابق
ترتدى ايقاعها الصوفى
تصعد فى اقاصى الدمع
تفتح موسما للزهو
يدخل فى انكسارات المدائن
مثل جسر من زغاريد
وتحرسه الصبايا بالخواتم
عند اول مفرق للحزن
فى اوج المسافة
بين عرجون المراثى
والعيون الفاطمية
..
..
بينما تنحلّ روحك
كان قلبك - ذلك الرّهّاج -
متكأ على مائين
منقسما الى قلبين
قلب كان يسند ظله للريح
يلمع فى المدارات شظية
بينما الآخر يمرق فى نهار المسك
يرشق فى الزهور مدينتين
وفى المدائن زهرتين
وينثنى فى عوده المياس
يلقط من شواشى الماء
جمرا طازجا كالوعد
يخزنه بسنبله
لمن يأتون فى وضح البكاء الصعب
يعجن فى حليب النار
شمسا من براح
لترتوي منه العصافير
المتاحة للغناء المر
فى الوطن المتاح
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> ياقوتة الرماد
ياقوتة الرماد
رقم القصيدة : 65422
-----------------------------------
....
هو الليل
..ياقوتة من رماد
وجمر تعفّن
يكسر نافذة للنهار
ويهبط ..
حتى يوازى البلاد
فينحلُّ فيها سواداً
..سواد
..
.
اتينا على هاجس الحلم
من كوّة ..فى البياض
رأينا القرى نائمة
والنساء يراود أحشائهن المخاض
ونهراً يطارد سرباً من الغيم
بين النخيل
ويدخل جثته العائمة
..
..
أقفز من مائك العذب
الى حيث ماءٍ أُجاج
وجعى مالح..
ودمائى ..زجاج
..
..
وردة الروح ساخنة
ولا ماء ..فى القلب
..
..
(حبيبى الذى سوف يأتى
له صولة الحسن..
منسدلا ..
كالدماء...)
..
..تمني قليلاً
فقد يرجع الغائبون
ويفتتحون مواسمك الغائبة
وتأتى الصبايا اللواتى تقصفن
فى أول العمر..
وهن يرزحن تحت أنوثتهن
فتُسقين ماء البكارة
تدلّي الى سادن الشمس
حتى يُشذّب من ضوئك المستثار
على حافتيك
ويطفئ هذا السواد المهدل فى القلب
وميلى الى طائف الحلم
كيما يقيم مدائنك الخاوية(61/364)
فهذا الفراغ :
سقوف
وتلك الظلال:
حجارة
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> نفرغ قاماتنا للبكاء
نفرغ قاماتنا للبكاء
رقم القصيدة : 65423
-----------------------------------
.....
خياران للموت
والقلب رهن الاشارة
وذئب من الليل يرعف
عند حوافى الدماء
نساوم أى قتيل
على جثة سوف تنضج
فى حضرة الموت
- وندخل فيها-
لنفرغ قاماتنا للبكاء
وننزع عن خرقة الروح
من يرتديها
ونرفع نخب احزاننا
..فى العراء
..
..
آن ان أرفع القلب عنى
قليلا..
وأسند هذا الحطام
الى ظله
..ثم أغفو
..
..
مبارك أيها الموت حين تجئ
حييا..نديا
كأغفاءة العاشقين
تقشر الحزن
والفرح
عن شجر العمر
وتجمع فى راحتيك شظايا السنين
وتنثر هذا الهباء المسيج
بالعشق..والاشتهاء
على ضفة من أقاصى الزمن
فيعلو على الأفق بعض الغبار
من البوح ..والاشتهاء
وثمة شئ يسمى وطن
ترجرج بين سقوف السماء
هناك على حافة البدء..
والانتهاء
..بهيا..سخيا أتيت
-كما ينبغى -
وكنت أنتظرتك عمرا
على ساحل العمر
خذنى ألى لاحيث
فى اللامكان
لأعبر فى برزخ من سديم
الى زبد التيه..
عسانى ألاقى عمرى القديم
..وأسبح فيه
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> سيف في اتجاه الريح
سيف في اتجاه الريح
رقم القصيدة : 65424
-----------------------------------
...
لقصيدةٍ تنمو
كسيفٍ فى اتجاه الريح
يصعد
كان قلبى مُشرع الارجاء
يمزج ماءه
بدمٍ..
وعسجد
.....
مابين قافيتين
يحبو لؤلؤٌ
وتطيل قامتها الفواصلُ
كي تشفّ..
وتدخل البحر الممدد
تهتاج ذاكرتى
ومن وادى الغضا
للهودج المسبي فى ذى قار
يلفحنى التّوجّد
فأجئ نحو صبية
تفاحها فى الماء يصهل
فتقول لى :
(ياايها الولد المعابث
انت اجمل..
حين تدنو من سرير الشمس
توقظها ..وتسأل:
اين نافذتى
..وفى اى القوافل
سوف ارحل)
تنداح لى لغة جديدة
ارتدى اوجاعها
واطوف بين مروجها
فبنالنى عنبٌ..
وحنظل
لغة الى الحناء تدنو
طازج صلصالها
وانا البدائى الهوى
بأظافرى طمي الصهيل(61/365)
يتثاءب النوار..
يصحو..
ثم يهطل فى المدى العشبىّ
يسكب فى حليب الروح فضته
فتكتظ الفصول
وانا المولّهُ
بين حنجرتى..
وابريق الغناء العذب
آيات التجسد..
والحلول
وأظل أركض فى نهار ٍ غامضٍ
أغفو على عُشب التأمل
فى مساءاتٍ بعيدة
فيلوح لى طللٌ قديمُ
بالخزامى قد توشّح
عندها..
بين المرايا
والدم المسنون من جهتيه
تهبط من أعالى الافق
سيدتى القصيدة
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> لقاء
لقاء
رقم القصيدة : 65425
-----------------------------------
...
من الرجل المنصرم
إلى الطفل القادم
.. ألقاكم
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> رصد
رصد
رقم القصيدة : 65426
-----------------------------------
....
في زغب ٍ
من ريشة كوكب..
شُهبٌ..
لم تٌكتب
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> تلاوة
تلاوة
رقم القصيدة : 65427
-----------------------------------
..........
أزمنة خشنة ..
لاأدري كم من قلب أحتاج
لكي أتلوها
بدماءٍ حسنة
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> ليلة
ليلة
رقم القصيدة : 65428
-----------------------------------
.............
راى قمراً ..
وسط الظلام مرنحا
يسامره قلبٌ..
من أضالعه إنشقا
فقال : هيا رباه
قلب ٌ..
ولا هوى
بحقك
لاتحرمه
تاالليلة العشقا
...
..
( والتحايا للحطيئة)
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> بنت عم
بنت عم
رقم القصيدة : 65429
-----------------------------------
وحق ابيك هل أنت
التي في دارنا..كنت ِ
كأنك زهرة النوار
في سبك الندى لُحتِ
تصبين السنين الخضر
في أعمار من شئتِ
ووحدي امضغ الصبّار
أنّى رُحتِ ..أو جِئتِ
كأني رعشة ٌالانّات ِ
في ديباجة الصمتِ
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> أمومة
أمومة
رقم القصيدة : 65430
-----------------------------------
........
شمس ٌ يتدلى ثدياها
في أفق ٍ يسطع..
وسحاب ٌ يغزل كوفيات ٍ
.. لنجوم ٍ ترضع
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> سقاية
سقاية(61/366)
رقم القصيدة : 65431
-----------------------------------
......
وجعٌ يغفو
وبقرب سواقيه المُرّة
أفئدة ..
بدلاءٍ
تصطفّ ُ
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> احتشاد
احتشاد
رقم القصيدة : 65432
-----------------------------------
.....
بجسارة
سن ّ الأطفال المتصوفة
ضفائرهم
واقتنصوا الشمس
من الأرض الشيخة
حشدوها في صهباء القمح
فنزّت من دمهم
سنبلة بكارة
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> إضاءة
إضاءة
رقم القصيدة : 65433
-----------------------------------
............
إلى هند
....
.....
انكسر زجاج من بللورة عمركِ
في ساحة أيامي
فأضاء - لثانيتين -
مساء رخامي
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> غرابة...
غرابة...
رقم القصيدة : 65434
-----------------------------------
.......
إلي أحمد فؤاد نجم
.......
الليل شاد مدينة
من كحل ( هانم )
والصبح في ( نوارة ) القلب استحم
هذا البهاء مخالف للنص
في زمن السخائم
..كيف تم...؟؟
..
هامش). هانم :.أم أحمد فؤاد نجم)
نوارة :.ابنته
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> مرآة....
مرآة....
رقم القصيدة : 65435
-----------------------------------
إلى مصطفي أمين
..
..
في مرآتك
سطر من بدن الصبح
وأفئدة
تتوضأ بالقمح
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> سوناتا
سوناتا
رقم القصيدة : 65436
-----------------------------------
إلى أمل نقل
..
..
يتفشى ظلك أشجاراً
في بهو سكينة
فتريح القلب
على حجرٍ..
غزلته مدينة
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> رجل في الظل
رجل في الظل
رقم القصيدة : 65437
-----------------------------------
...
إلى سيد اللباد - بان العلم-
..
..
لم يسقط غير حذائك
في أدراج الليل
فبكينا ملء القلب
وملء الحيل
ووحد تصمت
يا( سيد)
من أجل أحبائك
.(و(الحيطان العجوة
أريج )..
و( رحمة)
من أجلك
ثُرلكرامة نعلك
..
هامش
أريج ورحمة .. ابنتا سيد اللباد(61/367)
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> رئة
رئة
رقم القصيدة : 65438
-----------------------------------
......
بعرارٍ..
مغموس ٍ في وجد
اتنفس نجد
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> مكاشفة
مكاشفة
رقم القصيدة : 65439
-----------------------------------
.....
إلى فاطمة الصالح..أديبة سعودية
..
..
هل ّ غيم ٌ..
وتكشّف
للمهاري
قلت ُ: ياآس الصحاري
كيف تنزف..
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> توق
توق
رقم القصيدة : 65440
-----------------------------------
.....
إلى محمد أمين..أبي
..
..
خلف صهيل العتمة شمس
وجداول خمس
أشتاق إليكم
فأسافر في عمري الآخر
وأراكم أمس
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> بكائية
بكائية
رقم القصيدة : 65441
-----------------------------------
...
إلى قبر أبي
..
يؤرخنا فرات الدمع
في أسطورة الأحزان
فيبكي قبرك الإنسان
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> صخرة
صخرة
رقم القصيدة : 65442
-----------------------------------
.....
بجدارها المغموس فى الآفاق
تذكاران
قطف مسك ٍمن نبي
وصهلتان..
من براق
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> طريق
طريق
رقم القصيدة : 65443
-----------------------------------
..........
في سدرة
من منتهى...
يمشي
لسدة العرش ِ
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> شهيد
شهيد
رقم القصيدة : 65444
-----------------------------------
يجئ من قرنفل السماء
وبين ميتتين
يفك شفرة الدماء
في معية الحسين
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> روح
روح
رقم القصيدة : 65445
-----------------------------------
زملوني .. بالتي
ترتج فى جسدي
شمس
من الأبد
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> أم ابيها
أم ابيها
رقم القصيدة : 65446
-----------------------------------
..
تسقي بجمرتها الرماد
فتستضئ به البلاد
تروي بكوثرها الجماد
فيستحيل إلى
فؤاد
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> بتول(61/368)
بتول
رقم القصيدة : 65447
-----------------------------------
..........
تلد السماء لها الشهب
والنخل يطهوها
بكاسات الُّرطب
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> الحنين المر
الحنين المر
رقم القصيدة : 65448
-----------------------------------
...
إلى أمي
الذاهبة في جمرة الأبد
...
قال الرحيل :
( أنا الذي الجمت أفراسي لها)
والقبر قال :
( أنا اصطفيت............ )
...
...
...
...
هاأنت
عند المنتهى
تفاحة الذكرى
مبللة..
بعصفور الغياب
...
...
...
أنت الحنين المر
فى أقداحنا
وأنا...
حجر..
على باب السماء
يجر معصية صغيرة
...
...
...
لا دماء..
لكي أروض حصتي.. منها
ولا شجر
أنام على يديه
فهل ستحملني ظلالي
بين أقواس البكاء...!!!!
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> الي الذي مات ..غدا
الي الذي مات ..غدا
رقم القصيدة : 65449
-----------------------------------
...
ويسقط مني قتيل
فلا أبتئس..
غير أني سالت
- بدون اكتراث -
(أهذا...
الذي في ضلوعي...
قلبي المعتق بالحزن
أم قبري المنطمس....؟ )
...
يموت قليلا
ويصحو
فينفض عنه الرماد
ويبحث عني
ليشنق في الرضا
والسكينة
يوغل في دمعي المحتبس
..
..
يرقرق لي الجمر
فى الكأس
-لا احتسيه -
فيرمي إلي جيوش الظنون ِ
فأردعه عن يقيني
.. - أنا قلعة
أنت ِ أميرتها ..
ودمائي حرس.. -
..
..
فياصاحبي
سوف يقتل واحد منا أخاه
قريبا
قريبا
ألا فاحترس
غزالة الحناء
مفتتح
( مباركة .. فى النساء الصبية )
.....
تركت القلب مصلوبا
على ضلعين
مثل غمامة جفت
وجئت إليك لاأدري
أانت غزالة الحناء
أم ...
( ألفت )
..
..
تجيئيني
كنهر.. جاءني سهوا
ترقرق من حوافيه
حليب المن
والسلوى
..
..
أعيد قراءة الماء
وأفتح كل زاوية بأصدافي
فألمح قرب نافذتين
خلف شموس عينيك
سياج اللؤلؤ الغافي
وعاصفة من المرجان
يعلو فوق جلجلها
فؤاد ...
بالهوى الطافي
فترهج أول اللذات
في عمرى
.. ( اطمئنها )
وادخل سورة الغمر
بالاستحياء(61/369)
وأفتح فى مرايا الماء
ناصية ..
واسكنها
..
..وحين الماء يافحني
ويغمرني لمنتصفي
أجئ لعمتي النخلة
بساحة ( سيدي الحنفي)*
فتطعمني..
وتسقيني
تدفئ قلبي المبتل ..
بالسعف
وتمسح ماتغشاه
من الإسفنج..
والصدف
..
..
بمدخل ( عطفة الطواف )*
حورياته الفضة
حصى من سورة الأعراف
مسبحة تزف بناتها ( للوِرد)*
درويش رحاه الوجد
...فمم أخاف ..
..
..
واشكو : سيدي النهرُ
صبيتك استبدت بي
ولاعذرُ..
فكل فؤادها..نهيٌ
وكل عيونها..
أمرُ
..
..
تشاجرنا..
فتحتكمين للنعناع
( ماكرة )
فهذا حارس في الليل ..
يرعى مائها الضواع
..لمن يحكم
..
..
تلا غيم رسائله
على بوابة البدن
فصحت هناك..
ياوطني....
..
..
لأنك شهقة الإيحاء
في تغريبة المطر
أطوف على مراعيك ِ
أنا المبتل ..
بالشجر
..
..
رسمت بأفقها شمسا
فلاحت فوق رغوتها
طيوف النور.. عارية
وخمر..
ترشف الكأسا
..
..
لعينيها ..براح السهل ُ
نورجها.. قرنفلة
وموسمها.. حصاد الكحل
..
..
أمر بساحة النارنج
تنساني
يذكرها ..
دمي الثاني
..
..
تكدس في سهول الماء
لوز مترف الحس
وأنت غزالة الحناء
تغتسلين بالشمس
فتسكب في بهاء الروح
أقواسا
من اللألاء
..
..
بناصية ..
على باب المدى ..
لحُتِ..
فلا اسأل ..
ويسأل غيم نافذتي..
فهل بُحت ِ..
..
..
كأنك ِعندما تأتين
من بوابة المسكِ
أحس بأن طيب الطيب ِ
..يانوارة ..
ملكي
..
..
كأنك عندما تأتين
نزف من رذاذ النور
فوق معاطف الياسمين
..
..
لها الفجر الذي أغفى
كطفلٍ..بايع الله
بماء الكحل ..شَكّلها
بسوسنة ..تهجاها
..
..
لي الزاد ُ
حليبٌ فاض من جوعك
وماء طاهر البدن ِ
تقدس في ينابيعك
.. واورادُ
..
..
أنمنم اسمك الفيروز
في سجادة المرجان
وحين نطقته سهوا
تناسل عند مفترق الندى
..ماءان
..
..
وحين يهلّ في صمتي
أريج الصوت
أقول كأنه أنت ِ
كأنك ِ أنت
..
..
لصوتك رنة التيجان
نزف العود
شقشقة الكمان
ولاسواي
على بُسُطِ المدى المسكون بالإيقاع
أنظر من ثقوب الناي
..
..(61/370)
وجاءت آخر الأخبار
أن الزهر منقسم على إيقاعه
وانساب عشب هل ّ من اقصى النهار
على حصان اللوز
منحازا لما قد بُحتِ
من نوار
ويمرق نحو سهل القلب
عبر فضائك القزحي
من جهتين ..
في آزار
..
..
أناديك ِ
فيخضرّ الصدى بالوعد
ويشرق ساحلي لما
أتت سلمى
وجاءت هند
..
..
هي الأنداء نادتني
وفي عيدانها رفّت
واسأل كلما لاحت
أأنت النهر
أم (ألفت )
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> سيدة الأزرق
سيدة الأزرق
رقم القصيدة : 65450
-----------------------------------
......
إلى أميرة الجنوب
...
من أنت ِ..
انكسرت كل أواني الأسئلة المستعصية
على أول سطر منكِ..
فتحت ُ أساطيرا ً.. وقرأت ُ طلولا ً..
وملأت ُ يواقيتا ً من ماء ٍ
سال على أطراف أناملي المرتعشة
حين أشارت نحوك تسأل :
من أنت ِ....
وظل ّ سؤالي...
وجعي الأكبر...
حتى استوقفني عصفورٌ آت ٍ من عنب الروعة
..انبأني شيئاعنك..
وهمس إلي :
هذي بيرولا ...
وتذكرتك ِ..
حين تسللت ِ إلي
كحفنة نور ٍ..
ألقيت ِ غباراً ماسيا ً
من قلبك ِ نحوي
فانتفضت روحي
من بين ركام الجمر ِ
تقدمت ِ إلي ..
همست ِ : أنا المنذورة للعشق ِ
أجبت : أنا العشق ُ بكامله
أرسلت ِ إلي بسرب ٍ من قلبك ِ
أرسلت إليك ِ عصافير الروح
ثم تلاقينا
لم أذكر من لحظة لقيانا
غير صباح ٍ مال على كفيك ِ
لكي يتوضأ من نورك ِ
وسماءً تصدر قمرا ً
يتكحل من فضة قلبكِ
ورذاذ حنين ٍ بكر
فألقيت ُ بروحي البالية
وألبسني قلبك ِ قنديلا ً
من جمرة روحك ِ
حتى صرت ُ : أميرا ً للملكوت
لكن ظل ّ بسرك ِ سر ٌ
لا أدركه
وأعود لأسأل : من أنت ِ
وظل سؤالي بين ضلوعي لايهدأ
حتى زارتني سرا ً
زنبقة قادمة من إبريق صباك ِ
وهمست بي : هذي لؤلؤة
إن كنت تريد السر
أقرأ أسطورة بحر ٍ...
كان هناك ..
وغاب..
وقرأت...
كان البحر - بذات حنين ٍ - يتهيأ
للقاء حبيبته
عند مساءٍ مغسول ٍ بالكحل ِ
وسارت معه بنات قواقعه ( لؤلؤه ُ)
..ومرجان ُ صباه ُ
وأمواج دفاتره ُ(61/371)
وغيمات ِ فؤاده
واحتشد الملح ..
ويود الرئتين...
وشطآن هواه
جميع تفاصيل البحر المخبوءة
سارت معه
ودخل البحر لموعده..
وانتظر..انتظر..انتظر
وماجاءت محبوبته
فانكسر البحر ُ
اختلطت كل ملامحه
...امتزج الماء..
الملح
الجرح
حنين الروح
حنان القلب
جميع مرايا البحر
انصهرت
وامتزجت
حتى جاءت لحظة شوق
عارمة ً..
صعدت من قلب البحر العاشق ِ
: لؤلؤة
تتهيأ للوجد ِ
وللوعد ِ
وهذا أنت ِ...
كأنا حين تلاقينا
( ذات مساء ٍ مغسول ٍ
بالكحل )
صرت ُ أنا البحرُ..
وأنت ِ حبيبتهُ...
كأنك ِ بلقائي
يالؤلؤتي
كنت ِ تعيدين إلى البحرحبيبته
وصباه
تعيدن كتابة اسطورته
وكأنك حين خرجت ِ من البحر ِ
دخلت ِ إلي
تمسين بدمك ِ الحاني
كل فؤادي
فيعود نقيا ً
..طفلا يحبو
تحت قوائم عرشك ِ
وتزيحين الملح
عن الجرح
تفضين غلالة قلبك بين يدي
فأدخل
كي اقرا ماقال القلب من الترتيل
لكني لم أهدأ
فهناك مروج ٌوسواحل
لا اعرفها
وأعود لأسأل
من أنت ِ
سألت كثيرا.ً.
وكثيرا جدا ً..
حتى وقف على نافذتي
سرب حنين ٍ آت ٍ
من أقصى روحك ِ...
همس إلي بقلب دافئ :
هذي أميرتك الحلوة
صاحبة العصمة..
وتذكرت الآن...
سبحات ُ الوجدالمتسرب ِ
من دمها ينبئني أني المقتول
بسيف هواها
نادتني - ذات ندى -
واشارت بيديها : اتبعني
لاظل ُّ لي يؤنسني
أو شجر ٌ يسند رئتيّ
إذا انكسر هواء العتمة فيها
سرت إليها..
وأمامي كأس من جمر ٍ
يُدعى القلب
حتى جئت ُ لباب القصر
وقفت ُ كثيرا ً ..
أكثر من عمر ٍ..
ناديت ُ على المحبوبة
والمحجوبة عني..
حتى رقّت ..
وانكشفت لي
فأرتني آيتها الكبرى
( وجه حبيبي حين يساوره النور)
( قلب حبيبي حين تغشاه الوجد)
دعتني في حضرتها
فسكرتُ..
وذبت ُ..
وتهت ُ..
وقلت ُلها : زيديني
نظرت بعيون ٍ ..
لا تشبهها - قط - سماء
ابتسمت ..
ألقت لي بمفاتيح السر
وقالت : خذها
وادخل ..
واخلع نعليك
وآخر رمق ٍ من روحك
هذا جفري*...
صندوق الروح
أدخل ملكوتي...
ودخلت..
وطفت ..(61/372)
رأيت شظايا من لؤلؤ..
قبسا ً من مرجان..
فتافيت شموس ٍلاتهدأ
..ومدائن من وعد ٍ
بتلات حنين ٍ
وجداول تختزن غماما ً
وفواصل نهر ٍ..
ودجى يسرق من كحل الأهداب
ليال ٍ كي يسهر فيها العشاق
رأيت ...رأيت
عوالم من سحر ٍ
وطواويسا ٍ ترقص في ماء
علوي ٍ رهّاج
..
وعلى عرش ٍ
من بللور الفتنة
كانت تجلس سيدة القلب
وصاحبة العصمة
وسألت : أميرتي الحلوة
من أنت ِ....
وردت :
أو مازال سؤالك لم يبرد بعد...؟
أجبت : بلى
مازال هنالك سر ٌ
لم يكشف عنه فؤادك ِ بعد
فمن أنت ِ
سألت العرافين
الوراقين
وقراء الكف
جميع العشاق
ومثقوبي القلب
وخرجت أطوف
واسأل
حتى ارسل لي ملك الياقوت غزالته
همست بي
:
هذي هبة الله اليك
فهل تعرفها
وعرفت الآن
كيف توزع كل بهائك ِفى الكون
فقد فرت حبة سنبلة من بستان جمالك فاقتسمت كل صبايا الأرض مفاتنها
صرن صبايا
وصبايا بحق
تكّور
وتزهر
ّفيهن النهد
امتزج بخمر مباسمهن الشهد
تلون تفاح الخد
ماقالت انثى (هاأنئذا)
الا وبتصريح ملكي منك ِ
ومالاح دلال فى قد ٍ مياس ٍ
إلأ وبتوقيع
يحمل أحرفك ِ الأولى
اكتظت اشجار مفاتنهن بزهر جمالك
ماصارت هيفاء ٌ
أو غيداء ٌ
أو نجلاء ٌ
أو كحلاءٌ
إلا وبأذن خاص من مولاتي
أ يا لؤلؤة الحسن
وقنينة كل بهاء
ولم يكفيني هذا
فسعيت ُ ..
أريد السر
السر
تقدمت على وجل ٍ
ووقفت على مرمى قلب ٍمنك ِ
رأيت الليل يمد أباريق دجاه
لكي يملؤها من كحلك ِ
وهلالا ً يكبر في دمه الاسطوري
لكي يصبح قمرا ً
يتكحل بالفضة
وسماءً تغفو في أزرق عينيك ِ
وترمي للبحر بقارورة لون من أهدابك
كي يصبغ قمصان الروح
أياسيدة الأزرق
يا أول حورية نور
مرت ذات صباح فادح
فوق تراب العتمة
فأضاءته
أيامن جوهرها
ماء النور
وعنب الكوثر
والآن
..
..
ساقول احبك ِ
ثم امر بقلبي
بين دمائي
اتحسس وقع حنيني
وارتب حصة اشواقي
واقول احبك
فيدوس على قدمي نهر يركض فى السكة
نحوك
واقول احبك
فيسابقني سرب يمام مسنون الفتنة
لينام على أشجار فؤادك ِ(61/373)
وأقول أحبك ِ
فتسير جهات نحوك
تتكدس فى مرماك قرابين
وحقول أهلة
شلالات خواتم
أوراق عصافير تكتب فيها الشوق
وتخفيها
إلا عنك ِ
أ يامن لايشبهها إلا أنتِ
واقول احبك
فأمو ت ..... هوى
لكني لاانسى وانا فى آخر رمق من روحي
أن ارمي جمرا من حطب سؤال ينكسر على أول سطر منك ِ
من أنت ِ ..........؟؟؟
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> تأتي كفاصلة الندى
تأتي كفاصلة الندى
رقم القصيدة : 65451
-----------------------------------
...
إلي يوم ...أعلنها الله فيه
....
تأتي .. كفاصلة الندى
وتمرمن صبح الهواءِ
كأنها...
سهمٌ نهاريٌ..
تنادي عشب فاطمة
وتدخل....
ينحني صلصالها
المنحوت من عنب السماء
على أوائل قلبها
ويسيل بين مروجها
لتتم آيات التشكل..
حبلها السُّري
موصول ٌ
بكأس ٍ
ومرايا..
بدؤها...
نهرٌ
وآخرها ...
سماوات مؤجلة ٌ
وأوسطها ...
قرنفل
روحها:
ناي
ودانتيلا
وتلبس أجمل الأسماء
ترفل
بين هاءات الهوى
الغافي
وباء البوح
تغزل منهم
الاسم الأميري الذي
من شهقة النور
تنزّل ..
...
...
كلما ابتسمت
تحاصرها الأغاني
في براح الخيزران
ويفضح المخبوء
من اسرارها.....
غمازتان
...
...
سميتها ليلى...
.. وأخبزها ..هوى
فتردني سطرا ً..
على حجر الغمام
...
..
هي منتهي ماقاله وجدٌ
وأول ماتسرب
من هوى عال ٍ
وأبهي ماتفتّح من يمام
..
...
وهي التي انقسم الجمالُ
على يديها..واحدا ًَ
وهي التي تمت سناء ً
وسنابل
...
...
مَلأَت صباها
واشتراها الوجد
من دمها...
وصفّاها
ورقرقها
جلاها
ثم أوجعني بها
..
..
يكتظ لؤلؤها
فتشكوها
ملائكة الزمرد
...
...
كلما أغفو
رمتني بالمقدس
من مفاتنها
...
..
ياويلها لغة ٌ
أتت بي عند اسواركِ
وانحازت إلى منفي
فكيف أقول آيات الحنين
...
..
ياصوتها
من لثغة الياقوت رتبته ُ
ومن شجن الخلاخل
حين سماني
رماني الناي
في دمه ِ
واغوتني البلابل
..
..
فتحت ُ ناصية المدى
وبكل ما أوتيت ُ من جهة ٍ
ملأت ُ أصابعي
واشرت ُ نحوكِ(61/374)
( ربما نضج الأحبة
في سنابلهم
وأوجعني الهوى
إلا قليلا )
..
..
أنت ِ المليحة كلها
وأنا أحبك ِ
ثم أنجو
سهوا ً أحبك ِ
ثم أنجو
...
...
لك البلاد
لي الرماد
لك الغمام
لي الغيوم
لك الصبا
ولي الصبابة كلها
والكحل أنت ٍِ
أنا السواد..
...
..
ينحني كالسيف عمري
كي أطل عليكِ
ثم أسل ّ ذاكرتي
واجلو لحظة
لأراك ِ فيها
ثم اصرخ....
ها أنا....
جسد على باب القيامة
أرتدي أبهى الجنازات
وأرمي للحنين صبية
فتقشر الحناء عن دمها البهي
تمر اسمائي على ظلي
فتنكرني....
وتعرفني صباباتي
وآخر ما هجرت
من البلاد
فأينا يالحظة الميلاد
أسبق للأميرة..
أينا ...
يالحظة الميلاد
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> وحدها المرآة
وحدها المرآة
رقم القصيدة : 65452
-----------------------------------
....
لماذا كلما اغمضت روحي
عن مفاتنك ِ
استحل دمي غبار الليل
بعثرني .......
على بابك
...
لماذا كلما نضج الحنين
على شفاهك ِ
جاءني طفل الغمام ِ
لكي يريق مواسما ً
من عشب ناياتي
وتغسلني أباريق الهوى
من فجر أهدابك
...
وحدها المرآة
تمسح عن ضفائرها
النعاس
وترسل للملائكة العصافير
الإشارة
كي تكون على أهبة قلبها
(حين اقترابك)
....
لماذا كلما ناديت اشجار الصبايا
جاءني : أنتِ
فأمزج في عصير الروح
أول رغوة
صعدت
كميلاد الندى
من جمر أكوابك
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> يا أجمل مما ظن الورد بنفسه
يا أجمل مما ظن الورد بنفسه
رقم القصيدة : 65453
-----------------------------------
أتباعد عنك ِ)
فأصبح ألف رماد ٍ
وأعود إليك
سليم القلب)
....
والآن..
ليصعد آخر قلب
مني
كي يفتح أول أشجار الليل
وينتظر حبيبته
القادمة على ريش الوعد
أميرة كل صباحاتي
وصباباتي
سيدة الوجد
وصاحبة العصمة
بيرولا
وأميرة مالا أحصي
من أسماء
فيامولاتي ...
- من ناداني ..؟
- محمودك ِ
يا ست أميرات الدنيا
أنا من ولدته حبيبته
في ذات حنين لا زردي ٍ
حتى صرت قميصا ً
للبحر
أميرا ً للأزرق(61/375)
حارس عينيك ِأنا
آه ٍٍ من عينين انكسر الليل
عليها
كحلا ً..
وأهلة
- ناديت
وها أنذا
أرقني شجوك
فلبست بهائي
وتزينت بفتنة روحي
صوبت فؤادي نحوك
وأتيت
- من أين أتيتني ..!!
- من ضلع مسنون
من أقصى روحك َ
- ولأين رحيلك ..!!
- حتى آخر فاصلة
من زهر دمائك
سأفتش كل حنينك
وحنانك
ثم أرقرق كل جمالي
ودلالي
وأصيبك .. بي
مسكون بي أنت
وحتى آخر
سطر ٍ ...
فلتسأل عني عشب فؤادك َ
وطقوس حنينك
والمتهدل من جمررمادك َ
لامهرب مني
إلا ...لي
- حين تطلين علي
يناوشني نعناعك
تخضّر مسافاتي
أتلون بصباحاتك ِ
كلي بين يديك ِ
خذيني
واستبقي لي بعض غبار ٍ
من قلبي
أو سطرا ً من نبضه
لأسلسل كل قرابيني
وشراييني
وأقول ..( أحبك ِ )
ثم أموت هوى
ياقمرا ً يتكحل بالفضة
يا أخر نخلات الفرح بقلبي
كيف نسيت جراحي بين يديكِ
ولملمت تفاصيلي ثانية
واتكأ فؤادي...
فوق مرايا روحي..
وأتيت إليكِ...
- فرشت لك الأهداب
وياقوت العمر
واطلقت نوارس قلبي
تفاح صباي
وايقظت اللوز النائم
في صدري
زنرت الخصر بمنديل
من صوتك
ثم تهيات
للقياك
- يتوضأ قلبي
في آنية
من قلبك
فأصير على أعتابك
قديسا ً..
يتلمس دربكِ
- وانا أتكحل بهواك
وأحضن خصلة أحلامي
واهدهدها
.. أغفو قربك
- يا لؤلؤتي
يازهر البحر ِ
وبنت الصدف ِ
قولي
واعترفي
ياقمرا ً مغسولا
بندى
أن جميع صبايا الدنيا
بعدك ِ ...
محض هراء
وكل ضفائرهن
سدى
قولي
واعترفي
وانكشفي
بين يدي
لأصبح ظلا ً
فى عرشكِ
أو نهرا ً
يسكنه نهر
تقتربين
فتخضر الأيام
على أرصفة العمر
وتبتعدين
فتذبل
في العتمة صحفي
- ياكم أشجاني بُعدك
حتى خلت سنيني بَعدك
زهرا ً مقصوص الأهداب
وعمري يتخبط في أمسه
- وأنا .. وبدونك
بعض رماد ٍ
وبقايا جمر ٍ
يتململ
في كأسه
يا بنت فؤادي
وأميرة عمري المخبوء
وياسيف دمائي
حين تثور علي
ويا أجمل مما ظن الورد بنفسه
يا أجمل مما ظن الورد
بنفسه..
- من أخذالعاشق
محبوبي مني
من ساواني
في حُسني
أو حزني
أو عشقي
أو بوحي
من غيري(61/376)
اسكنك أوائل موسيقى
وتراتيل ندى
من أخذك مني ...!!
- لا يأخذني منك ِ
سواك ِ
- وكيف غيابك عن لؤلؤي
وعن شطآني ..؟؟؟
- مصلوبا ً كنت
بعروة أحزاني
يا مولاتي
كأسك مترعة بالفرح
(كؤوسي علقم)
وثمارك دانية
حانية
(كرمي حصرم *)
بستانك مرج من نور ٍ
(شجري معتم)
- دعني أمسح عنك غيوم الليل
وما يتساقط من حزن ٍ أدهم
هذي مملكتي
فلتتقدم
وادخل كل سطوري
انظر
اقرأ
ثبت
احذف
لاتتلعثم
واعلم ..
أنك
أول ... آخر
من يتكشف بين يديه
السر الأعظم...
...
أتجول في عنب الروح الداني
وانا ألثم
كل عناقيد الروعة
وقناني الطيب
بزهرك
صرت أميرا ً للملكوت
وطفلا ً
في المهد
تكلم
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> الجرح يعلن أسماءه
الجرح يعلن أسماءه
رقم القصيدة : 65454
-----------------------------------
......
جرحي أنا..
وطن يسافر بي ..
إليك ِ
وكلما انكسرت دروبي
في العراء ِ..
أقالني
زغب الرحيل ..
لمقلتيك ِ
..
..
وحدي يحاصرني غيابي
بينما القمر ُ الأخير
على بساط الليل ِ
يحبو...
والمدى... شجر ٌ
وأضلاعي..حنين
ارمي البقية من دمائي
قرب نافذة الحبيبة
حيث يورق
عمري المخبوء
في سطرين
من يدها..
وينسدل ّ الندى
وتسافر( التيجان)
نحو أميرتي
وتسيل من عشب الجهات ِ
غمامة ٌ..
تغفو
على شال الأميرة..
..
..
ياأميرة...
هاأنت ِ
من عنب السماء
وفي بساتين الأهلة
ترفلين
وفي كؤوسك ينحني
سرب النجوم
فتمزجين من البهاء
قلادة
لاتنتمي إلا ..
إليك ِ
فإن أشاروا للهوى..
سأقول ... أنت ِ
وللمواسم
والصبا
سأقول أنت ِ
وللفواطم..
والرقيات..
الهبات..
المريمات..
أقول أنت ِ
أقول أنت ِ
...
..
وأنت ِ..أنت ِ
أميرة البوح الشجي
ولا أرى ..إلاك ِ
بيرولا....
إذا قوس الهلال
اشار من جهتيه نحوك ِ
عندها ..
ينمو على خديك
ِتفاح ...
وجمر من خجل
وأنا..
ألّون ُ بالحنين
صبابتي
وأطوف في اسماءك الأولى
فيخدش قلبي الغافي
على حجر الهوى
لوز..
وفل(61/377)
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> شمس في كأس
شمس في كأس
رقم القصيدة : 65455
-----------------------------------
...
ياقلب الغائب عني
امنحني.. وطنا ً
لأهاجر
أو وجعا ً..
لأنام
..
..
أنا المغلول
باقصى الدمع
أشيّد أحزاني
طقسا ً..
ومواسم
وأخبئ أسراب حنيني
كي لاتظمأ
بدلا ً عني
ألمس هذا الليل
فينحل ّ رمادا
أطفئ روحي
فى سطر
من جسدي
أتلاشى ..
مثل التذكار المر
على طاولة الأيام
..
..
انكسرت آنية العمر
وفر الزيت الشجني
وسافرت المرآة
إلى حيث بياض ٍ
ونخيل ٍ..لايهدأ
صرت ُ يتيم اللحظة
عاري القلب
وبين عرائي..
وعرائي
انكبّت شمس ٌ..
في كأس ٍ..
وتفجر بللور الدهشة
دمدم..
في شلال ٍ
من ياقوت الجمر
وجمر النور
وحين اكتملت
كل تواشيح المزج الأبهى
انساب براح لازوردي
ومن قنينة صمت أخاذ ٍ
سال يمام ٌ..
وأوائل موسيقى
وعلى غصن ٍ
من ناي ٍ علوي ٍ
صعدت لؤلؤة ٌ
تتهيأ للوجد
وللوعد
أميرة مالا أحصي
من أسماء
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> أسئلة للذي مر تحت أقواسها
أسئلة للذي مر تحت أقواسها
رقم القصيدة : 65456
-----------------------------------
....
من أين يصعد اللوز...؟
(من وجنتيك )
والأساطير.....؟
(من روحك المدهشة )
الوجد....؟
( من قلبك اللؤلؤي )
ومن أين تأتي خيول القصيدة....؟
(من صولجان دمائك ...
بين الرحيل
وبين الصهيل )
واين تنام السماء........
( على هاجس ..
من زرقة عينيك )
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> ماء النور وعنب الكوثر
ماء النور وعنب الكوثر
رقم القصيدة : 65457
-----------------------------------
....
يامن لا أعرف كيف اسميها
سميتك ِ : لؤلؤة
فانكسر البحر على الشطآن
وصارت كل لآلئه
زبدا...
وبكى حسدا..
حجر المرجان
...
...
سميتك ِ : صاحبة العصمة..
فاحتشد الوجد
الوعد
الشهد
وروح الورد
وناموا في رئتيك ِ..
كنسمة
...
...
سميتك ِ : بيرولا..
فاستعر الجمر بروحي
وصحت كل جروحي
ووافاني الحزن
ووفى القسمة
...(61/378)
...
سميتك ِ : فاتحة القلب
فأورق فيه العشب
وخبأ في اسمائك ِ
..اسمه
...
...
يامن جوهرها
ماء النور..
وعنب الكوثر
يامن لا أدري كيف اسميها
سميتك : أنت ِ
ولا أكثر
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> أميرة الحلم النائم
أميرة الحلم النائم
رقم القصيدة : 65458
-----------------------------------
.....
ويصعد جرحي الغافي
على وجعي
فيسنده بهاؤك
ينحني قمر ليقطف من يديك لآلئا
ويغار منك البحر
أنت المنتهى
فى مهرجانات الجمال
وفي تضاريس العذوبة
يانقية.. مثل غيم نام فى كوخ المساء
لينهل العشاق من كاساته
جمر الصبابة
يا يمامة لامست كفي
وأخشى أن ألامسها
فيخدشها فؤادي
يارقيقة مثل قلب فراشة
يا..
يا أميرة حلمي النائم
قرب باب المستحيل
ويابدايات الفصول
ومنتهى ماقاله شجر
وأجمل ماتراءى من خيال
سأمنح تسعة ..لاغير..
من اسمائك الأولي قرابيني
وأخفي ماتبقى
يا...أميرة
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> أنت ثم لا أحد
أنت ثم لا أحد
رقم القصيدة : 65459
-----------------------------------
أنت ِ..
ثم لا أحد
..
..
أجئ من أزقة الرماد
ألملم الدجى ..
عن الدروب
وأفتح النهار ..
للحبيب
وبين جمرتين
من هواه..
أستند
..
..
أنا الذي
من وهمه ِ
وحزنه النبيل
يرتوي
وأنت ِ
زهرة ٌ
من الحنين ِ
تتقد
..
..
أدوس
في دفاتر الذهول
فينجلي غبار المستحيل...
والسيف
يستعد
لسانه يذوق من دمي
يهيئ الكؤوس
والأنخاب
للقتيل..
فأسرج المسافة
التي كسرتها ...
وابتعد
..
.. وعندما أراك ِ
يا أميرتي الصغيرة
تمشين
في دموعك الأميرة
أسل روحي
الشقية الظنون
.. ضمادة ..
وارتق الجراح
والأنين
وبعدها
تنهار في تابوتها
حجارة الجسد
وأنت ِ
ثم لاأحد
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> الوجد لي ولصوتك المطر
الوجد لي ولصوتك المطر
رقم القصيدة : 65460
-----------------------------------
الوجد .. لي
ولصوتك ِ المطرُ
..
..
عندما يرتج اسمك ِ
في مداي...
تهب ّ نصف ُ يمامة ٍ(61/379)
من حلمها
كي يرتوي
غيم ٌ..
وناي..
ويسهر القمر ُ
فإذا ابتسمت ِ
يزورني شيخ المواسم ِ
كي يرتب
زفة ً للبرتقال ِ
وينحني شجر الأهلة ِ
للندى ...
شجر ٌ أمير ٌ
ملؤه شجر ُ
..
وإذا نويت ِ العشق َ
تنمو على شال الأميرة
ثم تحملها مناقير الصبايا
خفية ..
وعلى بساط الروح ِ
تنهمر ُ
..
..
هي لؤلؤة...
تغفو على ريش الجنائن ِ
لتكسرني
على سطرين من دمها
فانكسرُ
والوجد لي
ولصوتك ِ المطرُ
تأتيني
علانية
لتكسرني
على سطرين من دمها
فانكسرُ
والوجد لي
ولصوتك ِ المطرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> هواك ِ وحزني
هواك ِ وحزني
رقم القصيدة : 65461
-----------------------------------
...
ايتها الواقفة بعيدا
في اقصى الروح
أنا المتوضئ بغيابك
مسكون منك بحزن
ومسافات لاتهدأ
ارسل قافلة من دمي الأول...
لاتصل.....
ومن روحي الثانية
فلاتعبر...
اغفو مثل الظل علي عتباتك
اقف على نافذة من قصرك
بين عرائي
ودمائي
اهتف :
كل صباح لايشرق من قلبك..
.باطل
كل نهار لايفتح نافذة لعيونك ...
بعض سراب
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> غائبة القلب
غائبة القلب
رقم القصيدة : 65462
-----------------------------------
....
هذى هبة الله إلي ..
فكيف أرد صباباتي
عن هبة الله...
..
..
امتدت كف الله الحانية
الى قلب الحلوة
صاغته مسابحِ
وتراتيل
فحاذانى الوعد
واغوانى القلب بلؤلؤه المتكدس
فشفيت من الفرْح
ووافاني الوجد
..
..
جئتك عاري القلب
وقفت على ابوابك
حتى رق
وناداني قلبك
أنت النور المتهدج فى أيامى
.. وأنا ..ذنبك
..
جئتيني من نافذة الماء
فتنمو كل غماماتي
اترقرق بين يديك
جداول من حزنٍ
اهتف ..
.. ياحبل ذنوبي
مشنوقاً جئتُ
لأبحث عن إيماني الغائب
اسري من باب الطين الى سدرة ألق ٍ
تتكدس في الاسرار
وارمي كل قرابينى
فوق الاعتاب
كدرويش منذور لحسين
فرديني ياغائبة القلب
بمايتيسر
من جمر
او اعناب..
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> الأميرة المحرمة(61/380)
الأميرة المحرمة
رقم القصيدة : 65463
-----------------------------------
....
أقول وفى الروح غصة
لأنت التى اغرت بي الشوق
في مبتداي
وللشوق قصة
بنفسجة صاغها الوجد فى اول العمر
امد بقلبى اليها
فتفلت منى
وبين سنينى تمر
انا الآن اغفو
وأسند قلبى على حجر من حنين
فألمح ظلك بين ظلال السنين
يمر بجنبى
فأغفو
ويحتج قلبى
تلوح على حافة الحلم
بين الصبايا
فيجهش بالفرح قلبى
وينحل بين يديها ..
مرايا
كأنك ناديت دالياعلي
وصوتك خنجر
في ضلوعى اشتبك
(بالعيون الحزينة
وآخر ماقد بقى من صباي
انا هئت لك
فاحتوينى
فانى رهينة
وخلفى ملك)
آه..ياحزننا المكتمل
وياوجع العمر
يامرفأ القلب
ياطيفها
لاح بين الرؤى
والمقل
لعلى خلف الزمان المناوئ هذا اراك
لعل..
لعل
....
بنفسجة تحتمي بالافول
أمد دمائى اليها
ولا من وصول
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> انتظار
انتظار
رقم القصيدة : 65464
-----------------------------------
.....
عبر الهاتف
همست بكمنجة صوت يسري من ياقوت اللثغة
(شمّر قلبك .. واشحذ روحك.. هيئ عمرك .. رتّب كل دمائك وقرابينك..
لحظتك القادمة ستأتي )
انتهت البرقية..
ويلي..هل يمكن أن تتكرر لحظتى الريّانة بالنشوة
..ياكل أباريق الفرحة صُبّي فى جدولي الآسن كي أترقرق بالغبطة
ماذا أفعل كي أتهيأ
آهِ.. لنبدأ
قمت الى حيث القلب .. على مدخله لاحت أقفال صدئة
(قلعتي المهجورة أنت.. يغادرك الفرح فلا تملك الا أن تغلق أبوابك فى صمت )
..كسرت الاقفال .. دخلت الى ساحته .. فذهلت
ماهذا....
أكوام من وجد لم يبلى.. علب حنين فارغة ملقاة فى الطرقات .. رماد من أوراق ألقتها أشجار الصبر ..عناكب من ذكرى فوق ستائر مرخاة لم يلمسها النور..حزن يتسرب من صهريج لم يُحكم غلقه..ودم مكسور غطى الميدان.. شعارات فوق الجدران بريشة طفل بائس يُدعى الحب..بقايا شوق ي
..
ماهذا ..كيف ستقبل داليتى أن تخطو فى هذى الفوضى(61/381)
قوموا ياأشلائي من ميتتكم.. وليلبس كل منكم أزهى أثوابه
الا الحزن.. مهما تلبس ياحزن.. ستبقى حزناً..لا فائدة
اذن فادخل سردابك..وأغلق أبوابك ..أخشى أن تتأذى داليتي حين تراك فتفسد لحظتنا
واسمع .. خذ معك أخاك الصبر فلا حاجة لى فيه الآن
دوركما بعد رحيل الملكة.. ستعودان وتحتلان فضاءات القلب .. وتفترشان جميع مرافئه ..وسواحله
أما الآن . فلا حاجة لى بكما.. داليا قادمة
هيا ياكل السكان اعيدوا للقلب بهائه
واليكم بعض الترتيبات..
.. فى مننتصف القلب تماماً . عرش مليكتنا الحلوة
والوجد يميناً.. والشوق يساراً .. بينهما يقف حنيني المتوقد
والآن .. اليكم تعليماتى
.. لاأحد يتكلم الا حين تشير اليه مليكتنا بالأذن
..
..
ياوجد.. حين تشير اليك تقدّم..
واختر بعض نسيمٍ من أفيائك كي يتمدد فى قلب الحلوة..
لكن حاذر ..أنت ثقيل جداً ..لاتكثر منك فيتعب قلب حبيبتنا .. يكفيك فؤادي فارتع فيه كما شئت.. أما قلب حبيبتنا .. لا .. يكفيها بعض رزاز منك
..
..
ياشوق..حين يجئ الدور عليك ..تقدّم
واقطف شيئاً من أزهارك كي تتكحل منها الحلوة فتصير بعينيها مرآة تعكس اشواقى.. لكن حاذر. أنت كثير جداً..
ايّاك وأن تزحم موكبها حين تمر.. فسوف ينالك منى ألف عقاب
..
..
وحنيني..حين تناديك تقدم .. أنت رهيف وشفيف..فاقصد نحو سهول اللوز المتكدس فى صدر الحلوة..طُف..وتمرّغ..واسكر من صهباء الخمر الذائب.. واصعد نحو الشفتين وذق من شهدهما.. ثم الخدين ومرّغ وجهك فى الشفق الوهّاج..وقبّل.. وألثم ..ماشاء لك التقبيل .. أو اللثم ..واصعد
هذا دور مُعلن..أما الدور السّرّي الاخطر ..فاصغ الي
غافل داليتي.. واقطف بعضاً من لوز الصدر.. وكرز الشفتين.. وورد الخدين.. وسنبلة واحدة من بستان جدائلها
..خبئهم تحت ثيابك.. حاذر أن تبصرك فتقتلك.. وعُد لي.. ستكون فدائياً.. تلك مهمتك الكبرى..لو تمّت بنجاحٍ..
اجعلك أميراً للقلب .. ومايحوي
..
..
ماذا بقي من السكان..(61/382)
آهِ.. اللهفة
اسم بمسمى.. لن تصطبري حتى تأتي الحلوة.. فالتزمي أعلى أبراج القلعة ( اقصد قلبى ) .. وارتقبي لحظة مقدمها
..
..
أما الذكرى.. فاختزني كل تفاصيل اللحظة..لاتدعي شيئاً..واعيديها حين أكون وحيداً..لست أملّ من التكرار..
أعيديها آلاف المرّات..كوني سلواي اذا رحلت ملكتى الحلوة..هذا دورك.. لاشئ سوى هذا
..
..
ماذا بقي ويحتاج الى ترتيب..
آهِ.. دمائي..
هاتوا طفل الحب..اسمع يااجمل اطفالى..جهز فرشاتك.. واكتب بجميع دمائي فوق الاسوار.. وفى الطرقات .. وفوق الجدران شعار واحد باللون الدموي..(أحبك داليا )..
اكتب ..واكتب ..حتى ينفذ آخر سطر ٍمن وهج دمائي
..
..
ماذا بقي بلا ترتيب..
آه ..العمر
عمري الاول كان القربان للحظتي الاولى
احترت.. ولكن لم تطل الحيرة
جائتني زهرة بانسيه تحمل فى يدها شيئا
( هذا عمري.. اعطيه اليك طواعية ..لتقابل فيه شقيقتي الداليا )
لم اتكلم ..بل ارسلت دموعي لتقدم اسمى آيات العرفان اليها
..
..
والآن
..هذا قلبى احتشد..
وعمري تهيأ
كُلّي منتظر للقائك
يالحظتي الحلوة
ياعمرى القادم
.. ياداليا
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> ماذا .. لو ؟
ماذا .. لو ؟
رقم القصيدة : 65465
-----------------------------------
....
ماذا لو كنتِ بنصف جمالكِ
أو شطر بهائكِ
أو قبسٍ من عارم شمسك
..
..
لن يتغير شئ..
ستكونين كما أنتِ..
مليكة عرش الحسن
وست بنات الدنيا
..
..
لكن..يختلف الامر لدي قليلا..
فلأن جمالك وجعٌ
وبهائك وجعٌ
والنور المتهدل من شمسك وجعٌ
سيخف الوجع قليلا عن قلبى
..
..
ماذا لو أرجعت لقطتى المسكينة لثغتها
وتنازلت (طواعية)
عن كل كمنجات الصوت السارى
فى مدن الايقاع
..
..
لن يتغير شئ
ستظلين -كما انت -
عذوبة صوت..رقة أحرف
لكنى سأفيق قليلا..
من صهباء النغم..
وخمر الموسيقى
..
..
ماذا لو بادلنا الادوار
فأكون انا المحبوب..
وانت العاشقة..
أصد..وأهجر
ماشاء لى الهجران..
أو الصد..(61/383)
وأنت يصيرالعمرلديك
جداول من حزن..
والقلب..
مباخر آهاتٍ ..
والروح..حنين
..
..
لنبدأ لعبتنا الآن
فيلبس كل منا دور الآخر..
وليوم واحد..
أوحتى ساعة..
أو طرفة عين
أو لمحة قلب
لكن ..لا ..لا
ويلي..
ماأقساني
كيف أفكر ..
أو حتى يخطر فى قلبى
أن رذاذاً من طيف الحزن
(وليس الحزن)
سيلمس أبعد طرف من ثوبك
(كيف أسامح نفسى الآن)
أن كان ولا بد من الحزن
ومن يحمله..
مغموساً بحنينٍ..
وأسى ..
سأكون أنا..
لا أنت
أنا ..
لا أنت..
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> برقية أخيرة
برقية أخيرة
رقم القصيدة : 65466
-----------------------------------
أعلمُِ..
أن جميع مكاتيبي المتجة نحوك
لاتصل..
وأن وصلت
لاتُفتح..
ان فُتحت
لاتُقرأ..
ان قرُأت
لاتُفهم..
ان فُهمت
سأصير مُداناً بالعشق
.. وهذا فى شرعكِ
.... غير مُباح
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> باسمك يبدأ حلمي الأن
باسمك يبدأ حلمي الأن
رقم القصيدة : 65467
-----------------------------------
...
حين يدب الليل على حافات القلب
أنادى :اسمك
فيسيل بهاء من عينيك
ليمسح أوراق العتمةِِِِِِِِِِِِِِِ
..حين يفاجئنى الحزن
أغمغم :اسمك
فيشب الفرح على أسوار دمائى
قِطّا فضي المخلب
يخمش فى سِجّاد العمر
حزنك ..أو فرحك
سيّان : موجع
وأنا بينهما سيدتى
..اين أفر
..
..
أسقط من بؤر الكلمات الضحلة
والزمن الصعب
يشنقنى الليل على الشرفات
..وحين أراك
ينبت فى كفّي العشب
..
..
باسمك يبدا حلمي الآن
فلاتنطفئى
وأعيدي الاشياء لسيرتها الاولى
لاتدعينى مرآة صدئة
تبحث عمن يجلوها
تنعكس بذاتى كل عذابات الليل القاتل
والوجد المقتول
وخذينى ياأمرأة
خُنّاها حين عشقناها
ياحقلا من حنطة
ياقطعا من حلوى
وعرائس من طين
ياثرثرة المارين
على الطرقات تجاه الشمس
شهيدك جاء
فغطينى ..
سوّي أهدابى (.)
ودعينى أسقط فى عينيكِ
ألامس شوق الارض
وظمأ الارض
لأجساد الشهداء
وابتعدى..
ليهاجر نحو يديكِ البحر(61/384)
وأبقى مسكونا ..بالماء
وتحط بكفك أشرعتى
تنفض مافيها من ريح
..وتباريح
ياست بنات الدنيا..
ومرافئ وجدٍ
لايخطئها القلب
ادنينى
او نائينىِِِِِِ
لكن لاتنسينى..
فأنا ..
وبدونك..
أطلال اسف
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> سيدتى..
سيدتى..
رقم القصيدة : 65468
-----------------------------------
سيدتى..
أخفى بعض جمالك كى يتجرأ قلبى بسؤال حيرنى :
- كيف المظهر لايتوافق والجوهر..
كيف يكون وراء جمالك ..وبهائك ..والنغم المترقرق من ياقوت اللثغة ..
وعيون آخرها الليل..وأولها الصحو..وخصلات من شعر تتعرى الشمس أمام سبائكها كى تتحنى بالذهب السائل
..و..و..وسأختصر الوصف بقولى :
أنت بهاء ..يغمره نور..يغشاه جمال..يتوسطه دلال..يكسوه الحسن..وتعلوه الفتنة ..يافاتنة الروح
هذا مظهرك الاشهى..
خلف المظهر كيف يكون الطبع القاسى..والقلب الاقسى..والسادية
كيف اجتمع الاضداد.. أجيبى
لكن ماسبب سؤالى..حسنا..
جاءتنى بالامس القطة تشكو من قسوتك عليها
وأرتنى آثار المسطرة الخشبية فوق يديها ..وذراعيها..
وحكت لى بدموع لاتكذب كيف قصصت أظافرها..مزقت حرير فيونكتها (.)
وحرمتيها أن تذهب للمدرسة..وصادرت المريول ..الكتب..الكراسات..الممحاة..ومنعتيها حصتها فى الشيكولاتة والبونبون..وحبستيها كى لاتتقابل وصديقتها..أو حتى تتحدث فى الهاتف..حرمتِ عليها أن تأتينى..أو تغفو فى حضنى..جاءتنىالمسكينة.. تبكى ..واستبكتنى..نامت فوق ذراعى..
والسبب بأنك غرت ..فقد اسكنت القطة اشعارى..اعطتنى مالم تعطينه..الحب ..وصافى الود..فاسبغت عليها من فيض الشعر ..هذا مافى الامر..واسالك الآن
..هل وصلت قسوتك لهذا الحد..
أنت الوافية الحسن الكاملة بهاءا ورواءا تخفين بصدرك حجرا لاقلبا..كيف ؟
لمن أشكو الآن..(61/385)
ياكل صبايا العالم ..اشكو ست بنات الدنيا ..أبهاكن ..اليكن .أخذت من قطتى الحلوة فيروز العينين..فصارت عيناها فى لون الوقت المترجرج بين الصبح..وبين الليل..رمادية ..وانزرعت فيها شهب.ونيازك..وكواكب..وأماسي يسهر فيها العشاق..ومثقوبى القلب يجللها السحر..ويحرسها ا
هذا بعض عطاء حبيبتى الحانية القلب..لمحبوبتنا قاسية القلب
..ثم تعذبها..هل يرضى هذا
أنتن السبب..عقدتن لها (أدناكن وأقصاكن) لواء الحسن ..فملكت عرش الفتنة..تيجان الرونق..صارت هذى الظالمة القلب مليكة كل الملكات..فتنهى..أو تأمر
والكل رعايا
سماعين..وطواعين
ولاراد لما شاءت..أو أمرت
أصلحن خطأكن الآن
اكشفن لها ان جمالك لايكتمل بهاءا وجمالا الا بالقلب المرهف لاالقاسى.لكن ..بالله عليكن ..لاتكثرن اللوم
فقد تحزن..أو يأتى بعض غبار من حزن يخدش حافات القلب ..فتأسى..عندئذ ..كيف أسامح نفسى..
قلب اميرتنا الحلوة مخلوق للفرح ..وللغبطة..أيضا للقسوة..لا للحزن..فأذا غضبت أو لاح الغضب على الخد الشفقى ..فلا تخبرن حبيبتى بأنى الواشى ..بل قلن لها هذى محض نصيحة فلتقبل أو ترفض
فى الحالين انا راض..
..
..
أشكوك لازهار العالم
ياأزهار العالم..هذى زهرة داليا خانت تاريخ الزهر
أنتن رسائل عشق بين العشاق..تهدهدن القلب
..وتمسحن الدمعة..تزرعن البهجة فى الانفس..
كيف تجئ الابهى والاروع فيكن فتمسح هذا التاريخ
وتزرع أحزانا وجراحا..
حتى قطتى الصغرى لم تسلم منها
لكن ياازهار الروض..
أكتمن حديثى معكن
فقط المحن اليها ان القسوة شئ لايتفق وطبع الزهر
ولاتكثرن القول فقد يتسرب بعض أسى للقلب
فحاذرن..
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> أوراق على حواف الريح
أوراق على حواف الريح
رقم القصيدة : 65469
-----------------------------------
...
الورقة الاولى
العصفور الذى وشى بك عند ملك الزمرد...خاصمته
والنخلة التى اشارت اليك وأنت بين الصبايا تتمشطين..قلّمتُ أظافرها(61/386)
هكذا أنا..لاأريد لشئ أن يكشف عن ملامحك ..ولا لون فساتينك..ولا لثغة القطة التى تنُغّم أحرفك
أسكنتك ذاكرتى..ثم أحكمت الرتاج..ومحوت ذاكرتى بمافيها..كى لايصل لك ظن..او يلاحقك تخيّل.
..
لايعلم احد اين خبأتك..
ولكن الشئ الذى لم استطع كتمانه..وسامحينى فيه..
اننى عندما اجلس مع رفاقى..ويتذاكرون حبيباتهم ..ويمر-ولو سهوا-اسمك ببالى
- يصعد منى سرب من الحِنّاء يكسو الافق..وعلى ناصية المدى تبدو مقصورة من قطيفة الشفق..وانت فيها جالسة ..والشمس تقف خلفك..وصيفة تمشط سنابل شعرك الوهّاج..وتزيح عنه الليل ..وعيون العشاق
- ويتخفى قلبى فى هيئة قطة..ويقفز من قفصه ..ويصعد اليك ..يتمسح فى اقدامك..ويغفو على ذيل فستانك
..ويغمرنى ماء علوى يخترق خاصرتى.. ويتساقط منى لؤلؤ ..وعسجد..
وعندما يسألنى رفاقى عن هذا الذى يحدث ....
أنكر..
أنكر تماما أن الامر له علاقة بك
ولكن عيونهم تكتشف حجم كذبي..وحزنى
..
..
الورقة الثانية
ــــــ
..
تقدمين لى كشف الحساب.. تطالبيننى بالوفاء
(لقد منحتك لحظة الوصل التى كنت تتمناها ورهنت عمرك مقابلها..فأين العمر )
على الرحب ..والسعة..
لقد جئت اليك ِمثل أي سفير يتقدم لملكة بأوراق أعتماده لأدخل مملكة البهاء
وفى مظروف أصفر اللون -كروحى-قدمت عمرى الفائت
مجموعتان شعريتان هما عصارة العمر..وبقايا أطلاله
..أما عمرى القادم ..اذا كان هناك ثمة عمر
(فأنت التى لااقول اراها سوى مرة
..كى أموت)
ولقد رأيتك ..
واظنك استنتجت الباقى
هذا حساب العمر..
بقي شئ صغير لامع..ودامع..هو قلب ..او بالاصح كومة قلب
وهاأنا اهبه لك لتضعينه (بروش) يزين فستانك الطاووسى ..
هو لايليق بك ..ولكن هذا كل مااملك
..
..
والآن..
سيدتى ..ومليكتى..
هل وفيت الحساب ؟
...
...
الورقة الثالثة
ــــــ
..فىاللقاء الاول ..قدمت عمرى مقابل لحظة وصل ..(61/387)
..الثانى..عندما لوحتِ لى باللقاء..ذهبت الى زهرة بانسيه -تشبهك تماما-واستعرت عمرها ..فاعطته لى راضية مرضية ..لهذا كان اللقاء قصيرا كعمر زهرة
أماالثالث..عندما جلستِ امامى كصبية لايشبهها المستحيل..وقدمت لى مشروبا صنع يديكِ..نبت لى عمر جديد..
احتفظت بنصفه لأحبك فيه..ووزعت النصف الباقى على كل ازهار البانسيه فى العالم ..
.
الورقة الرابعة
ـــــــ
.لم تكتمل بعد
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> تتهجاني الحلوة
تتهجاني الحلوة
رقم القصيدة : 65470
-----------------------------------
...
حين وُلِد..
جاءوا لأبيه الجالس فى صحن المسجد
- أبشر..جاء الولد..أخٌ لبناتك ..سند الظهر..ووارث مسبحتك..وعصاك ..وتنهيدة قلبك
: هذا القادم من عدمٍ..والذاهب فى عدمٍ..ليكن محمود
..من لحظتها...صار الرجل أبا محمود
أكتسب الكُنية من قطعة لحمٍ لم تتشكل بعد.. ويد القابلة تحاول فى الحبل السُّرّي..
..
..
شب الولد
ترعرع
كبر
وحمل الحزن
وحمل العشق
وحمل عصا الترحال..وطاف الدنيا
انتصر..انكسر..اختلف..تشاجر..وتصالح مع كل الأشياء
الا اسمه
كان يحس بأن الاسم حياديٌ ..ومسطح.. لا ملمح فيه
كان يريد الاسم المرآة العاكس لخفايا القلب وفوران الروح
اسم رهّاجٌ..ثوريٌّ..حادُّ ..متمرد
ياكم مرت فى ذاكرة الولد الاسماء..تمنى أن يلبس أحداها
عنتر
طرفة
عروة
علقمة الفحل
مهلهل
ديك الجن
ناظم حكمت
طاغور
لوركا
كل الاسماء رضاها الا اسمه
هذا الشئ الخالى من أية معنى. .(محمود)
..
..
حتى قابلها
فى ذات نهارٍ آتٍ من أقصى مرجٍ فى بستان الحلم
نظرت فى عينيه
رأت هالات الحزن المتخفي والشجن المخبوء
نظر الى عينيها
أرخت فوق الفيروز الهدب الساحر حتى لايقتل هذا العاشق نفسه
صمت كثيراً
صمتت أكثر
حتى ابتدرته بسؤال
- مااسمك ؟..
آه..جئنا للاسم
..منذ الصرخات الاولى للميلاد..وحتى الآن وبينى والاسم خصام لايهدا
.. وتمنى أن تتجاوز عما سألت ..لكن لافائدة
رد..وود بألاتسمع(61/388)
: اسمي محمود
- محمود..
..انتفضت كل خلايا روحه..قال لها ..وبحدة
: اعيدى ماقلتيه الآن رجاءا..لا ..لا ارجو..بل أأمر..
قالت ببراءة طفلة
- ماقلت سوى محمود
هتف بسره
(آهٍ..ياويلي
هل اسمى حلوٌ
ولهذا الحد )
مر ّ على ياقوت اللثغة.. فتموسق(.) وتنغّم ..خرج رهيفاً..شفافاً يترقرق بالزهو
صارت ميم : مواسم من فرحٍ..
ومآذن يرسمها الفجر على أقواس سماءٍ لايهدأ فيها التسبيح
مواويلا ًنامت فى حضن الناي
والحاء : حنينٌ تحمله حوريات الحب ..تحط على حافات القلب ..
يصير غماماً يغفو الولد العاشق تحت ظلاله
والميم الأخرى : صارت للقلب مرافئ ..
يكفي هذا
يكفى جداً
(انّى مكتوف القلب ..فكيف أبوح)
والواو : ورد وهّاجٌ يهمي فى وقت ٍ لاانساه ولاينساني
أورق فيه الوجد على وديان الروح
والدال : آهٍ من هذى الدال
لن أتكلم ..فلتتكلم عنى الدال .. قولي أنتِ يادال ..
عن بعض السر المخبوء بذاتك
لكن اياك ِ الافصاح بكل السر
د : ( قالوا عنى دمدمة القلب اذا اوجعه البوح.. ودوزنة الاوتار لكي تتهجى أبهى الالحان..وديباج الليل اذا ارخاه على السُّمّار ) ..هذا قول عادي مألوف يعرفه كل صغار العشاق ..ومبتدئي الشعر.. ومحترفى الالفاظ البراقة .. أما مايجعلنى - وبحق - أميرة كل الاحرف.. انّي
دالي.. الفي ..لامي ..كُلّي مفتتحٌ للاسم الابهى والاشهى
الاغلى والاحلى
الانقى والارقى
الاجمل والاكمل
اسم مليكتنا الحلوة
هذا قدري الرائع
أن يُبسط عرشى فى مدخل باب مدينتها
وتمر علي وفود.. أثر وفود
...كم سرب عصافيرٍ جاء لينهل من نعناع الصوت الذائب فى ياقوت اللثغة
...وقوافل عطرٍ هلّت بقيادة سيدها المِسك لتقرأ آخر أخبار الطيب
فترقى وتغير من كيمياء طبيعتها
..وطواويس ٌ جاءت لتلون تيجان الزهو وريش الروعة
..وورود طافت فوق الخد لتسكر من أرج اللون الشفقي الوهّاج
.. وشموس قدمت كي تتحنى من تبر جدائلها(61/389)
..وأهلّة تتهيأ ان تصبح أقماراً جاءت كي تكمل حصتها من فيض النور الساري من عينيها
وكثيرٌ..وكثيرٌ ..وكثيرٌ جداً
وأنا بالباب
أرتب..وأنسق كل مواعيد السادة زوارمدينتها
أعطي هذا تذكرة مرور ..
هذا يتقدم ..
هذا يتاخر
حتى لاترتبك حبيبتنا الحلوة
والكل وقوف عند الباب لدي
ليحظى بالامر السامي مني كي يدخل
كم يستعطفني عصفور
ويرشونى طاووس
وتغازلنى وردة
وأنا قائم بمهمتي الكبري لاالقي سمعا لأحد
هذا قدري الأروع ..قدر حروفي (دالى..ألفى ..لامي)
لم يبق من الاسم الاجمل الاحرفين ودودين كريمين اشتبكا ..واعتنقا حتى صارا اسماً لنداءٍ مهموسٍ ترسله الحلوة سهماً للولد العاشق .. يا..محمود تقدم حيث أنا ..فأنا ال.. )))))))))
كُفّي يادال.. قتلتينى بالبوح..عودي أدراجك.. مقعدك بآخر اسمي..عرشك فى أول اسم حبيبتنا
لكن بالله عليك ِ..جُرّي اسمي ..وبرفقٍ..نحو الاسم الاجمل ..كوني جسراً بين الاسمين ..اتّحدي ..حتى نتقارب ..نتلاصق..نتعانق .. يفنى كل منا فى ذات الآخر..يخرج هذا التركيب المزجي الرائع
من ينظرها سيراني
من ينظرني سيراها
..
..
يا داليا ..هذا حكم الاسماء علينا ..ولاراد لما حكمت
هيا نحوي..فجهات القلب مفتّحة نحوكِ ..غوصى فى ذاتي
نهرك يعرف ظامئه
حسنك يرجو شاعره
وفؤادكِ..ناداني
هيا..كي نتداخل
كي نتمازج
كى نتوحد
فأصير أنا أنتِ
وأنتِ أنا
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> ياصوتها
ياصوتها
رقم القصيدة : 65471
-----------------------------------
...
امحو من ذاكرتى
كل تفاصيل الوجه
واسكب زيت السلوى
فوق ملامحه
وانام
..
..
اهجر دفتر اشعارى
انسى كل تواريخ العشق
وسير العشاق
وانام
..
..
بعد ثلاثة ايام
احسست بأنى أُبعث
بجديد القلب
وعافية الروح
..
..الآن نسيت
شفُيت تماما
ياأحمد
يانادية
ياأصحابى
ياأحبابى
زفوا لى التهنئة
شُفيت الآن
..
..
..يرن الهاتف
(يهمى صوت كم أهواه
وكم أخشاه
وأتمناه)
-ازيك يامحمود
..
ينهار القلب تماما(61/390)
تتفكك روحى حجرا
حجرا
ويغادرنى العمر
فأسقط من آخر لحظاتى
..
..
تصعد من ذاكرة
الجسد المتمدد
صورة وجه
لفتاةٍ..
تتبسم
فى زهو
..
..
(ستار)
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> شهقة من وردة الدم
شهقة من وردة الدم
رقم القصيدة : 65472
-----------------------------------
تقترب اللحظة..وتتوقف الساعة عن الدوران ..يصعد عقرباها الى اعلى..يستريحان على حواف الافق..يقف الولد..يشحذ كل خلايا روحه..انها اللحظة الموعودة ..رهن عمره كله بانتظارها..كأنها حانت ..انه الآن واقف على أهبة القلب..
فىانتظار الآتى..تنفتح قشرة من نيزك كريستالى باهر وتهبط منها غلالة من نور ..تتجمع ..وتتكثف ..وتتجلى حورية تنحنى لها اشجار السماء ..تلمس قدماها الارض ..فتتجمع كل الجهات لتصب فى جهة ..وتغادر الاشياء منطقها ..وترمى لها الارض بمفاتيحها ..هذه هى ..ملكة من صهباء
ايها الولد ..
اشرب من حُميّا النور
واسكر ..
حتى ينساك الصبح اذا امسيت
وينساك مساك ..اذا اصبحت
كاذب انت ايها الولد ..تدعي انك شاعر ..فماذا تسمى هذه التى ترتسم امامك ..انها عصارة الابجدية ..ولؤلؤ اللغة وقطيفة الاحرف
انت ابكم ..وقلمك باطل.. هات لغة تحصر هذا اللامحدود النورانى بأروقة قصيدة..هل تستطيع ؟
انت كاذب ايها الولد..تدعي فهمك للجمال ..فماذا تسمى هذه..انها اعصى من ان تُخطر بالخاطر..اوتُدرك بمدرك..
هى روح الجمال ..وعافية الحسن ..وترف النور..
انها الملكة..ادنى مانعرف من ألقاب لايتجاوز أنملة من قامتها.. هل يمكنك ايها الدعي ان تمد قلمك بوصف لهذا المهرجان العلوي القدسي النفحات السماوي النشأة ..تأمل صنع الله الالطف
عندما تبتسم..ينشق قلبك نصفين..يذهب كل نصف الى جهة غير معلومة.. ليتساقى وحده العسل السائل من الشفاه ...
والرحيق المختوم بأرج الانفاس المتصاعد من حدائق صدرها..(61/391)
عندما تتكلم ..تمتد روحك كسجادة تحت اقدامها..لتلملم اللؤلؤ المتساقط من بين ثناياها..وبين العشب النازف من الموسيقى..ومائية الايقاع..تسقط انت ..وروحك..وقلبك..ولايبقى منك سوى خشب ثقبه الحنين..
عندما تضحك..ترفع العصافير قبعاتها تحية لها ..وتلتف البلابل والعنادل حول خصرها فى جوقة يقودها ناى فى الياسمينة من عمره..وتدخل الكمنجات فى بيات شتوي طويل لتراجع حساباتها مع النغم..ويفقأ النهاوند حنجرته..ويخبئ ياقوت المدى صدىصوتها ..وهى سخية لاتبالى ..ملكة ت
صف الآن ماتراه..هى فوق التخيل ..وأبعد من الظن ..
حاول ..حاول..حسنا ..قل..(هذى العينان ..اللؤلؤتان..النرجستان..المئذنتان ..ال.....)..صه ..اهذا كل مالديك ..
كل ماقلته هباء..عرجاء لغتك..كيف يحصرها وصف..او يلم بها حرف..لايصف النور سوى النور..دع معجمك الارضى ..وانظر لسنا متهدل من عينيها..لا ليس سنا بل شئ اعلى او ارقى او اندى او اعذب ..او مالاادرى له وصفا ..ذوّب روحك واصنع منها معراجا واصعد يابن الطين الىعرش بهاء
لاتبغ العلم..تعرّف
لاتبغ الفهم..تأمّشل
تأمل فقط ..واسكت تماما..اصمت جدا..قف عند حد الادب..نكس روحك..اغمد قلبك..لا يرتفع اللحظة الا سنابل شعرها التى دفئت الشمس ..انت الآن تشف..وترق..وتتلاشى مثل نجم بعيد سقط من ذاكرة السماء..لم يبد منك سوى جمرة القلب .ترهص وتتلظى .صوبها الى حيث هناك ..الى حيث مك
هاهى تمشى ..وتتكلم..وتضحك..والولد صامت ..صامت ..صامت
فجأة ..ابرقوا لها باستدعاء ..فنادت على غيمة كانت قد اناختها قرب سواحل المدى..واستقلتها ..ولم تنس ان تلوح بيديها للولد الواقف..وتتركه مع اللحظة التى وهبته اياها
آه ..لوحت بيديها..أقسم انها لوحت ..ولي أنا وحدى..تجاهلت كل مواكب البنفسج ..وطوابير الازهار البرية..وملوك
الزمرد الذين حضروا ابتهاجا بتشريفها..ومنحتنى انا وحدى نظرة من عينيها واشارة من يديها..وكدستنى فى لحظة ..(61/392)
ان عمرك كله قد جُمع فى هذه اللحظة ..انت ابن لحظة موّارة..عبقرية ..لم تتأتىلاحد قبلك..ضم قلبك على سرك.. نحن العشاق اهل كتم وليس اهل بوح..انظر الى قلبك..جداول من غبطة زادت وفاضت وسالت .. وحلت.. وغلت..
اغترف بعضا من الفرح المتفجر..وطف به على العشاق..ومجروحى الافئدة ..انت الآن رسول البهجة اليهم .. انت دخلت حضرة الجمال والبهاء..ونُظر اليك بعين الرضا..وعشت لحظة ..ياكم تمناها كل دراويش الارض المنطرحين بساحات الوجد.. والعشّاقون..الجوابون..المتصوفة..ومأكولى ا
والآن ..هاأنت دخلت اللحظة..وغصت الى ملكوت السر ..وتجلى محبوبك .عاينت ..وناظرت..دخلت الى هيكله المتخفى عن ابناء الطين..كأنك صرت شعاعا ماسيا..هذا كان خيارك وحدك..فاعلم ان قد اورق موتك ...فتوضأ بدمائك..وتقدم
ماذا تنتظر...
..
..
قدم قربانك..
ايها الولد..
......... (مُت ..الآن ).............
..
..استجابة للنداء..هبط عقربان من افق بعيد..وتقدما ببطء وسكينة..الى قلب الولد..لينفذا مهمة ما
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> ياقلبها لو عاد من اسرائه
ياقلبها لو عاد من اسرائه
رقم القصيدة : 65473
-----------------------------------
...
سالت عناقيد الدجى الصّخّابِ
من كحلها فتوجعت أكوابي
أرمى قرابينى على أعتابها
فتردها بالجمر والأعنابِ
لاحت على شال السماء يمامةٌ
مسكونة من قلبها بغيابِ
يا قلبها لو عاد من اسرائه
لفرشت عند قدومه أهدابي
بادٍ جواها مختفٍ فى ذاته
كحقيقة ممزوجة بسرابِ
أرخى هواها من نداها صبوةً
طافت على السُّمّاروالاحباب
ساقٍ تنام على يديه غمامة ٌ
قد اقسمت الا تمر ببابي
لاخمر إلا ماتقول كؤوسها
ممهورة من ريقها برضاب
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة(سرية الحرية)
شاخصة(سرية الحرية)
رقم القصيدة : 65474
-----------------------------------
في زمن الحريه
أن تلتقي بشفتي السفليه
و كل ما أرسله للنشر في دوريّةٍ(61/393)
تُرسَل لي جرّاءه دوريّهْ
--- ---
أقول في التشبيب : مَرّت غادةٌ
فيذهب التقرير أني قلت فَرّت قادةٌ
و تهمة الفرار في حق القيادات
افتراءٌ باطلٌ
لأنهم محصنون بالجيوش
دائماً
من خطر الرعيه
--- ---
أقول في التضمين : إن ربكم { يأمركم
أن تذبحوا بقرةً }
فيوجسون من مقالي خيفةً
ثم تثور فيهم الطبائع الـ( ثور ) يّه
مع أنني قلت الذي قلت بحسن نيه
لم أقصد التعريضَ بالحكام
أو تحريضَ شعبٍ أبعَدوا نخوتهُ عن حسهِ
مقدار ألفيْ سنةٍ ضوئيه
--- ---
أقول في العَروض : فاعلاتٌ
التي تجيء عادةً في الأبحر الشعريه
فيحسبون أنها قذفٌ لأمهاتهمْ
لأن كلاً منهمُ
يعرف أنّا نعرف اسم أمهِ
و أنه ابنُ عمِّهِ
و أنها بنَتْ له أمجادَه
بفضل ِ فضل ٍ
كان في بُنيتها التحتيهْ
و أنها جاءت به (مسبّع الكارات)
من إجهادها الرجلين في
مهنتها الأصليهْ
--- ---
و حيث أن الشعر عندي عادةٌ
لا أستطيع تركها
لأنها فطريه
قررت أن أشعر سرًا:
دونما أن أستعين بفمي
أو دفتري أو قلمي
مستمتعًا بغشهم
مراعيًا حفظ دمي
ممارسًا ( لعادتي السريه ) .
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> سيّدةُ المَوْتِ
سيّدةُ المَوْتِ
رقم القصيدة : 65475
-----------------------------------
ملْءَ أرضي حيثُ لا حدّ ٌ لما يسطو من الظلمة ِ،
لا نأمة ُ خَلْق ٍ، غير ما يدْ فعُه ُ البحر الذي يعصف بي ،
تجبهني فاتنةٌ وارفة الأهدابِ ، لا تتركُني للضوء ِ ،
أو يطلقني اللُّجُ ، فخطوي مُوغِلٌ في اليمّ ،
ما أصعبَ أنْ أخرجَ عن هُد ب ٍ،
وما قد بذل الركب على الدرب ِ،
وهذا الموجُ منْ عينيْ ، وأُخفيه ِ
وأضوائي التي مطلعُها القلبُ غفتْ فيه ِ،
ولكنْ ..!
ما الذي غّير من فاتنتي ما رجّ من سحر ٍ فنونْ
ما الذي أطفأ منها النّوُرَ حتى لم أعدْ أبصرُ وضّاءَ جبينْ
تحت سقفِ الكون ؟ أوْ في صحويَ الشارد ، حتّى أستبينْ
كيف ضاع النورُ؟ هل يذهبُ بي ظني إلى رؤيا جنونْ
هل ترى أدركِ ما جاءتْ
به ملهمتي الموتَ،(61/394)
وهل تقطف ُُ مِنْ موتي زهورْ؟
تذكُرُ الشمسُ التي انثالَتْ على كَفَّيَّ،
ما أغرقني أمس ِ بموجات سرورْ
والذي أرسل في ساحتيَ الريحَ فلنْ
تُسعفَه الظلماء ُ في حرب تدورْ
هل هو الآتي ؟ فإني باذر ٌ في ظلمتي ، منه
تباشير َ حياهْ
مبصر في ما سيمتدّ ُ انهماري فيه
إكليلَ انتصارات علا بيضَ جباهْ
هل هي النار؟
فإني سارق النار، وفي أمجادها ليْ
حظ ّ ُ منْ أمسك بالجمر ِ
لدى الشدّةِ ،
يا فاتنتي، ناري التي أدعو لها نارُ هُداهْ
والتي تحملها
الريحُ فَمِنْ حُمّى كوابيس طُغاةْ .
دون نيرانيَ، في البحر وفي البر، هبوبٌ
عاصفٌ ،
يَهْدِمُ ما يَفسحُ لي دربَ نجاةْ .
_
27/03/2004
(شفشاون)
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> أحزان ,,, كل الأرض
أحزان ,,, كل الأرض
رقم القصيدة : 65476
-----------------------------------
مابين ذرىً غامتْ وسفوح ِ
سالت في الظلمة والريح ِ
لم أقدرْ أن أفتح عينا
من دمع ٍ ، لكن هي ذي روحي
هبّت ممّا يشعل في ظلماتي تيّارُ
وبما تمسح عن وجهي الأمطارُ
لتلوذ بأعماقي أطيافٌ
وتعوذ بساحاتي
طيرٌ وصغارُ
فبكفّي الأولى صبح يوقظ آفاقي
حتى لأكاد أرفرف في خطْواتي
مثل فراش ٍ ،
وتغرّد لإي كلماتي أطيارُ
لكن في كفّـ] الأخرى
يتجهّمني ليلٌ
وتجابهني أسلاك وجدارُ
***
أينازلني في باقاتي وبراءاتي
هولٌ وفظاعات وحصارُ
تتأجّج
نافرةًلاءاتي
حينا، حتى تتفجّر عارية ،
مغطى الوجدان دمارُ
أو تخفت في صوتٍ أبصره ,,,
يترقرقُ في إشفاقٍ ،
تذرفه أزهارُ
فأمامي ما تمحو
وتثبّت ُُفي الإنسان النارُ
صورٌ تأتي
من دنيا لاصوتَ لها
ببراءات ٍ في جنات ٍ
في أوج وداعتها تنهشها أظفارُ
ثُمّت لا رجع صراخ ينقعُ ،
أو يعظ الصمت ُ بما تعبث أقدارُ
ومفاتن من دنيا بزغت لاهية ً
ليس تجوع ولا تعرى
أو تظمأ أو تضحى فيها أقمارُ
تستسلمُ في وله ٍ،
بالأحضان لأقمار ٍ أخرى
وشموس ٍ يدنيني منها ،
نيران الرغبات وأنوارُ
***
هل أدعو
من يبدأ من سورة نبض ٍ(61/395)
أو من ومض شرار ٍ،
ما أغمدهُ ثوّارُ
حتى تتدفّقَ أشجارُ
الفجر ِعلى شفة الأرض ِ
أهزوجة َحبّ ٍ ،ويرفّ َ بما
يمسح ُعن وجهي الأحزان نهارُ
-
شفشاون في 16/06/2000َ
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> أحلام مشتعلة
أحلام مشتعلة
رقم القصيدة : 65477
-----------------------------------
سأمكث في محطتيَ الأخيرة ِ ، ما تبقى من خريفي : حلْم مندحر ٍ
تهاوى نجمه في نقعه المغدور ،ما ابتلّت يداه دما ،ولا رمتا سهاما ،
لن أمل مواجعي من خيبتي أو أستجيب للاعج ٍ يغري
فؤادا قد تصدّع أن يعود بخطو أعمى فوق أرصفة الذي
يمضي ببطء حياد فاجعةٍ تمزق أو تدوس ولا تبالي ،
ليس يسهو أو يغض الطرف عما كان
من ذكرى انهمار شهادة يزهو بها الإيمان في ساح ،
مبلّلة بها عيني ّ َ من مطر ٍخريفيّ ِ الأنين
ودمعة حرى
ترقرقُ في
جفون الأٍض توج غاصب فيها ،
وأجهض لحظة الإحياء ،
كان الشعر فيها وردة في خافقي تزهو ،
بسحر عواصف تجتاحني
عند اندلاع الحلم دون مناي َ،
منذ البدء كان هتاف نبضي
قيك ضوء إشارة أولى ، لخطو محارب تدعوه
نيران اضطرام ٍ أن يهيم ،
تهيجه آناً ،وأحياناً تصدّ خطايَ ،
زمجرة بصدر الأرض :لا ترحل ،
لك الأحباب في حضني ،
وخلف البحر رعب ٌ
ينسب الأظفار في
قلب الغريب ،
وإن تقمْ تأمنْ ،
فلا أحباب إن سافرتَ ،
مغتربا على نار أقمت ُ ،
وفي هدوء مرةَ زُلزلت ،
حين دعتنيَ الأشواقُ
أن أمشي على الآفاق ِ
مخترقا سكوني
أن أداس ولم أرى الدنيا،
وكاشفت ُ الأحبة أنني
أنأى لأدنو من
حقيقة ما يفجرني
يبثّ ُ على لساني الضوء َ
للآتين بالآمال للمقهور ِ ،
في دنيا أحاط يها عذاب ٌ يرهب المدحور ,
وعند محطة في آخر الأيام ،
ذات ضحى ثقيل ، رفرفتْ في التار خطْواتي ،
وكنت قصيدة تنأى ،
وأجنحتي
قد انتثرتْ
مع الجثث ِ
البريئة بعض أشلاء ِ
تواريها أكفّ ُ دجى وتقصيها ,
-
شفشاون في 17/12/2004
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> استسقاء
استسقاء
رقم القصيدة : 65478(61/396)
-----------------------------------
ـ 1 ـ
حقل فراشات ٍ
تتحدث فيه عنك بأنسام ٍ
همساتُ الماء ِ
إلى غصن ٍ عار ٍ
إلا من ورق الأحلام ِ
ينتظر الغيث المدرارْ
أو تزدحمَ الآفاقُ بأسياف منار ٍ
لا تجرح إلا مغمدة ًفي قلب ظلام ِ
ـ2 ـ
قطراتٌ عاشقة ٌمن أنوار ٍ
ِتُذرفُ وقت َالآلام
من ضحك البرق ودمع غمام ِ
تدعو حقل فراشات مأمولاً
لعناق ٍ قي رحم التربة
أو في عمق النارْ
حتى تُخصَبَ في البذرة أفراحُ العام ِ
-
02/12/1998
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> أصوات الولد الضال والفراشات
أصوات الولد الضال والفراشات
رقم القصيدة : 65479
-----------------------------------
ـ1ـ صوتان مني
(هل تتوقف في جذرك أم تجري ؟)
ـ ينساب الوقت وهذا هديل في صدري
لا يوشك أن يسكت حتى أسمع خلفي خطو الطعنة
إن هناك الإرهاب يطارد هذا اللاهث إذ يرحل في الفطنة
هذا الواهي لم يعرف في قفص الجسم سوى الخوف ،يطارده منذ
طفولته الوحش ، وإذ يسمع زأرا يتجول مضطربا بحثا
عن لغة في جهة من هذا القفص المظلم
يكتب فيها بالصرخة ، تشرق بالدمعة صك ّ براءته
'رحماك...)أتمتم في سري (اللعنة) يا من أوغل في الهجران
ولا أدري في وطن الزمن الهارب أرض إقامته
(إني أتبرأ منك ...فلا تنزع عن جرحي الموبوء ضماد البحر ،
لا تحرمني عري الصدق لتلبسني ديباج الوصمة
لا تجعل في شفتيّ الورد الظامئ في أفياء النعمة
إني أجري في الداخل نحو الناس
وفي الخارج نحو القلب
لا تحرمني في معتقل الأعماق عطاء الشمس
حتى أسقط عني أستار الذنب
ودليلي في عينيك قذى ً في الحلق شرقت به كلمة
وتطاردني ـوأطارد فيك ـ لأثبت حقي ، نفي التهمة
ويجيب الصوت الصارخ في بيدائي ممتلئا بالنار وبالألوان
وتنطفئ الفرحة والأقمار ، شهابا ينساب على شفتيّ رمادا ،
عرقا ممزوجا بيبوسة حنجرتي ، تصرخ نفسي في نفسي ،
يصرخ في قفص ٍ مّا جسمي:
(في الريح اللامرئية سرّ ٌ يتحرك هذا الموج به(61/397)
في النسمة زوبعة يربدّ لها وجه العالم
لكن في الداخل ينمو ـ ويشبّ عن الطوق ـ جنين الفرحة
الريح اللا مرئية تنساب فتملأ صدري المنحور هديلا
وأنا حين أسير إلى الضوء يطاردني موال عزيف يمتدّ طويلا
أهي الريح اللامرئية تنشد في ذات أخرى ما أعشق أن ينداح صهيلا
خببا في صدري ؟
ها أنذا في جذري
لا أتوقف لا أجري
كالموجة أطلب أن تخرج عن تكويني الرغوة
أن أجني غبر الملح ،
وأنزع عن جرحي
موت زماني في الأزرق
أتوالد في الأوجاع ،وأقتل في عريي لا فقر ولا ثروة
2 ــ صوت ثان
أتضرع للعابر ـ أيّا كان (ث خارجي) ـ وفي أي ّ طريق
أن يأكل من ذاتي ، حتى إن أنهى بهدوء أكلي
أن يتجمهر ضدّ رغاب ٍكان يراها عين العقل
أن يتجند هذا العام مع الحاجب والسيّاف
مع العسس الليلي
لمطارد المغضوب عليه :الطفل المجنون
ذي الجسد الرخو ، المطفأ لاتشعلة إلا نار الفتنة
يا هذا العار أطفئْ ما شبّ بقربك من أضواء حريق
أيّا كان الوقت وفي أي ّ طريق
3 ــ صوت من حجر
الذين جاءوا لقتلي أسكرهم ضلالي ، والذين رجموني
تراكمت أحجارهم فوقي روائع منحوتات من أصابع
كل العصور ، فسرى همس من جسدي إليهم :الرجم لن يهدمني
فأنا من شفافية أبهى ربيع لم ينحدر بعد من ماء الحلم إلى أحشاء الهيولى ،
أنا المصباح وأحجاركم الفراشات التي
تعبدني، أنا من يشعل الأحجار رمادا ، وفي نيراني خلاصكم
تعبدونني ... هكذا تشهد فراشاتكم
تحت هذي الشهادة صوت الذي في الجبال
تكلم فاستمعت مدن الأرض للغة النارية
تحت هذي الحجارة أحلامكم
طلقة واحدة
وتفور الينابيع من حجر ٍ ، تصدح الأغنية
ويسير الفراش إلى النار ،تكتمل الأغنية
***
والهمس لا يشعل جسدي الرخو ،الذي يعيش شعورا
ينكر على خطواتي السير وئيدا أو سريعا مع
جداول الطفولةالتي تنحدر إلى أعماٌ في جهة
ما مني ، جسدي الرخو يرحل إلى حيث يطارد
الأحجار ،كما يطارد طفل لعبة حية : سلحفاة
أو فراشة أ, قوس قزح، أو كما يجري مجنون وراء(61/398)
شئ ٍ يحسبه ذاكرته في ماضيه ، الهمس لا يشعل جسدي
الرخو ـ الطفل ـ المجنون ،تبتسم الأحجار بطيبوبة
فتملأني الكآبة والاشمئزاز من جسدي الذي لا يجاري
الأحجار فيما تفعل ، ولو من قبيل مجاملة
طيبوبنها ،لكن الأحجار في داخلي تصرخ بما لا يدع
لي مجالا للريب في فقداني صوتي
***
يالغةَ ًلا أعرف كيف أسميها
منها لغتي في الرعشة والصورة
تتداعى في ذاكرتي بمشاهد عن أزمنة
عبرتْ ،عن حرب ٍ شبّت في أرضي المغدورة
للرّيف ِ دوّيٌ ٌ في ذاتي يملأني بهتاف ٍ
بين جبال تدعو بعتاد ٍ للثورة
لجهات أخرى خلخلة ٌ
لضلال الجسد الرخو ـ الطفل ـ المجنون الذاهل ِ
في ظل قناعات موتورة .
-
الدار البيضاء :فبراير ـ مارس 1980
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> أغنية النهار الآتي
أغنية النهار الآتي
رقم القصيدة : 65480
-----------------------------------
شُدّ من أزريَ لا يمنعْ جناحي الداءُ
أو صخرٌ يصدّ ُ النبع في الأعماق ،
أمسى مبتغاي الصبحُ ،آفاقي َ تربدّ ُ وترتد ُ إلى
ما استنكفت نفسيَ عنه ،التيه في أنحاءَ لا يرجع عنها
الخافق الواهي ، وصبح الورد لا موت نهاري رغبتي الآن ،هفت نفسيَ
أن تسموَ إذ تمضي إلى الأرض التي
لا تستقي الرشفة من أنهار ما يطفئ نيراني بأنوار ٍ لديها ،
الصبح تنبيه إليها ،
الطير تغريد ٌ عليها ،
الليل منفى خافق ٍ يصبو ،
وعيني وهج ينهلّ منها ، حيرتي خارج صدري من
ضياع القلب في الليل اغترابا
في الجهات الست مبثوث نداءٍ
دُرّهُ إيقاع ما شتتني ، الحاضرُ لا يهجس عن فجر ٍٍٍٍ بومض ،
والضياء ارتدّ عن دربيَ ، يا هذا حجابي عارضٌ
يسّر لي غيث َ إلهْ
لستُ بالطامع في استدرار ما تسدي يداهْ
أذهب الآن وحيدا خوف طيش السهم ، أن يهوي إلى أعماق رُوعي في انثيال
فاجعٍ ،خلخل من صمت اصطباري ، مُنكرا أن أبتغي أو أنثني منكسر العين ،
إلى الليل وقد وارى أحبائي ،
ووحدي خطوتي لا يشركني فيها سواهْ(61/399)
وطريقي امتدّ فيها الخوف من إيقاظ ما يومئ لي من غربة القلب
ولا ألمس دربا لنجاة ،
كيف هل أنجو بجلدي ؟ وفراشي قيّد الخطوَ وأنفاسي ٍ بما
هيّج من قبلُ ضعيفا ،
ضلّ حين أختار أن يأوي إلى ركن ضعيف ٍ ,
ها أنا اخترت صباح الورد،
لا همسته تشعل نيراني َ أو تطفئ أنواري
يا قوة ضعف المُدْ لج القائم إن أظلم سيرٌ تحت إعصار ٍ
أجيري
سؤر إبصاري ،
فهذي رحلتي نحو نهاري
ليس ما يجلو سراديبي َ فيها
مثل عين ٍ تطلب الأضواء تلويحا ورمزا
أنا لن يبعدني عنها اضطراري
أن أرى مصرع هدي َ النجم ِ في ليلي َِ أو
بعث شرارات نهاري
أو تخلي بين نفسي واختياري
-
شفشاون في 07/03/2004
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> البشارة
البشارة
رقم القصيدة : 65481
-----------------------------------
سأرسم مشهداً فيه أنادي الشعر يصحو
في رمادي الجمر يتّقد التياعا
مثل ضخّ حنين حلم الخطوة الأولى وقد نشرت شراعا
بموج من رذاذ رشّ ورداً مثل خد حبيبتي ، الآفاق
تشتدّ اندلاعا
أي نار شبّ منها الشعر يا هذا الطريق؟
وخطوتي انطفأت شعاعا
إن يعد صحوي أكن موجا
ومدّ الحلم يندفع ارتفاعا
***
وأرسم مشهد الجبل الجليل يقوم في الأزرق
ويغريني بقنته الطموح وفتنة الأسرار
لأفتضّ السماوات البعيدة والمدى الأزرق
***
وأذكر نظرتي الأولى إلى الدنيا
وأجنحة النقاء تميس وارفة على الأشياء والبشر ِ
فأنظر بعدما استبدلتُ بالرؤيا
لظى الآلام تنزل بين أضلاعي
الحقائق سُنّنت وعيا
لأدرك ما تنافر ضدّ أحلامي ، توهّج َ
ضد روحي وعي مندحرِ
برعب في القرارة ضجّ صوتي :
لا حياة لرفعة الحجرِ
وأذكر مؤمنا هل غاية المحيا
رميم رُصِ مرعوبا إلى حفرِ
وأسأل أي شأو تدرك الأحجارفي القمة؟
إذا انهارت طيوف النظرة الأولى
وسالت بالدم اللقمة؟
وساحاتٌ تموج بها الرؤى الأنقى
ولا أنفكُ أُغرى في مغانيها بعيش مُمْرع نضر ٍ
***
تولّت دمعتي تلوين أوقاتي
وقد قصّت جناح براءتي حربٌ(61/400)
فواجعها ترجّ فجاج هذي الأرض ِ
تخصي بذرة الأحلام ،
تطفئ بهجة الآتي
ولا يومي يطيب بما يرى من فاجع الصور ِ
وبُعثرت القبور بسقطة الإنسان ،
والتهم الجحيم المجد والنعمة
***
أقارب مشهدًا لنهاية التاريخ :
حيث يؤثِثُ الإنسان
مقبرة لبعث كان منتظرا ،
وحيث الأرض تأبى أن
تضمّ لحودها رِمّة
فلا الأشعار تهمس بالبديل ِ
ولا صلاة الخوف تهجس بالدليل ِ
يشقّ في الظلمة
طريقاً في مسالكه يشعّ الفجر مخضلا
بغيثٍ ينشر الرحمة
وأغمس في مداد الرفض حشرجتي
ولا أرضى انهيار الموت فوقي :
أرفع الكلمة
يشارة أنني أنذرتُ أ، يتحجّر الإنسان ,
-
شفشاون في 22/07/1995
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> الربع الخالي
الربع الخالي
رقم القصيدة : 65482
-----------------------------------
زمني انحلّ ،
وخطْواتي ارتدتْ ،
مثل أشعة آمال ِ
لا غيم بآفاقي ،
وسمواتي اربد ّت ،
يندب فيها عُلْويّ ُْ رياح ٍ بمآتم أغوال ِ
لا أبصر فيها من صحو ٍ ومضا
أو أسمع من حيّ ٍ نبضا ,,,
فمكاني الربع الخالي
هل تدفع ريح خيالي
ما ينأى بي
عن موج ٍ أمكن مني
فتقرب َ أشرعتي من ميناء ٍ
بضفاف محال ِ
ما رغبة أيامي المذءومه
وبماذا من أسياف ٍ موهومه
تفري من رؤيا قلبي بنصال ِ
هل في كريات دمي
ما يحجب خطْوا عن هاوية ٍ مسنونه
أو يبعد ليلاً عن فردوس ٍ في شرفات تلال ِ
أو ما يخرسُ أغنية ًَ تسأل عن قمر ٍ فان ٍ
أو تحفر عن شمس ٍفي جدث ٍ بالٍ
وقتي من دمعي ،الشاهدُ منه ابتلّ بما دمّرني
الآتي لا يحفر حتى يمحوَني
وأنا في كلّ ٍ ، أنظرني
موتي ،أن يبقي نفسي في بدني ، أو تكسوَني
من ذهبٍ كلماتٌ تنشرني
لا يُصر ِخ ُ قلبي في أعماق جححيمي
من كان حميمي
وأنا أنأى بينا يدنو من سمعي
شبهُ عواء ٍ يدحرني
هاويتي مجدي ،وصعود النابح ِ هزلٌ يسودّ ُ بأحوالي
أيامي طوفان غموض ٍ،
وأنا العاري
لا ألبس دعوة إصباح ٍ
ببروق ليال ٍ
أمضي ، أتشظى
في ظلماتٍ تقصُر أن تطويَني
فأنا ـ من بدء صراخي(61/401)
ـيصدُق وعد الرؤيا أو لا يأتي ـ
لم أشهدْ إلا النيران َ
تدك جبالي
-
06/11/2000
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> الذي زلزلني
الذي زلزلني
رقم القصيدة : 65483
-----------------------------------
رَجّ محبوبيَ بالرؤيا كياني ،
ثم مادت في شموخ قممٌ حولي ،
وهذا خافقي يثبتُ ،
لا يخشع للهول ، فلا أذهل أو أخفض من
نظري الشاسع في قمة زلزالي ،
وكفي مثلما النخلة تعطي ثمَ
لا تهتمَ ُ ، في السيل أو الريح، ويزري
كبريائي بالذي يجري ،
وذاك التيه يا سيد أحزانيَ لي تاج إذا جار الزمن .
توقظ الرجة بالصدفة حزني
حين تبدي ــ دون أن تغضي ــ عيونٌ
دمعة ً تُخفي بأستار الدمن ،
نية الذئب يرى صفقته تسعى
على ما أنقض الظهر، فينداح الشجن.
هذه كفي يسيل الشوك بالأحمر من
قبضتها اليوم وكانت
يهطل الأخضر منها أغنياتٍ
تصبغ الأمداءَ والأنحاءَ
بالأنوار والأزهار،
كانت تشعلُ النبضَ بأطيافي انتفاضا، حين تنهلَ ُ:
تراتيلَ على المذبح في تقديسها الخلاق من يفدي الوطن .
صنع الآباء ما تزهو به أرضي، وما دوخ أبناءا :
فهل مفخرة تجثو
إذا ما زلزل القمة رجاتٌ ، وساخت
أنفس ٌ في حمأةٍ تطلبُ أن تثرى ، إذن يقصمُ بعضُ القشة الظهرَ،
ولا ينجد طاووسا، دعاءٌ أو مِجَن.
ما الذي زُلزل يا باهظ آ مال وحزن؟
سؤرُ إيمان ٍهوى ،
طوح بالروح مع الأوهام ، نحو الرائعِ المجهول ِ :
كنتُ اخترتُ أن أ ُبقي على بعض انتظاراتي ،
وأملت ُ بصيصَ الفجر يُنئي الروح عن سود المحن .
فإذا الإيماض لفحٌ من لظىً ، في غابة محروقة الأزهار ،
والوقت جحيم ميزت خطوي،
فيا حلم انطلاق الطفل في الماضي : فراشا
حام حول النار والنور على ليل المدن .
هاهنا اليتم ، وما في حافة الآتي
ربيعٌ واعدٌ بالوردِ
يا طفل صباحي
الكامن ِالآن ،
إلى أن تطهُرَ الروحُ بآلام جراحي .
*
شفشاون ، في 2004-03-01
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> انطفاء
انطفاء
رقم القصيدة : 65484(61/402)
-----------------------------------
بين ليل ونهار ٍ
فجأة يرفعني مندحرا ، موتي وتهوي بي الغيوب
خفْية يأتي فيمحو سهد ليل الروح من روع حروب
ويغيب
مثل لمح البرق أو نبض انفجار
ثبّتتْ وجهي على ظلمة تيه ، في مدار ٍ
من ضلالاتي خطاهْ
ماحيا في العين ما ابيضّ وما اسودّ ،
فلا خيط ٌ من الفجر ،
وما من حلك ٍ
آوي إلى ظل حماهْ
أيّ مقدور نأى بي عن سماوات حبيب ٍ
كان لي أن ألمس المجهول ما بين ذراه؟
فعلى مبعدتي منه انكساري
وانتهائي
وعلى عتْبة داري
هاتف يدعو جناحي
لاحتفال بصباح ٍ
رفرفتْ خضرُ أغانيه عل مرأى ً من القلب فتاه
متلف ٌ نبضي فمن يدفع ُعنْ قلبي انطفائي
وعذابات رؤاهْ
-
28/02/1999
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> زمانٌ مرّ
زمانٌ مرّ
رقم القصيدة : 65485
-----------------------------------
ـ 1 ـ
تهاوى ، من يصدق ؟ما به من سود ردهات ،
أمام بهاء ما تتدفق الأحجار من لألائه بسيول ما يحيا
به روض بليل اللون والساحات والشجر ٍ
وقد هتفت به الجدران : مرحى ، من غقود
ما شممت الورد ينزل في دهاليزي ، النهار
يرفرف السرداب من أطيافه ،
وتوزّع الأسحار ضوء الروح يمحو من جديد
ها هنا وهناك فيه ما تضيق به
خطا العاني إذا ابيضّت ليل أو يعض على الحديد
وقد رأى صورا ترفّ وأمنياتٍ
بللّت شفة ً بأصفى ما يكون الماء من عين ٍ ومن مطر ِ
تمطّت ْ أعصرٌ من لحظة ظمئتْبها روح من الضربات
تحفر في حشا وعلى خدود
شارة للموت ،ما حريتي في الدار
إن جثم الجدار فصدّ حلماً عن مداري
أو جثا للنار من رهَبٍ سراة ملهم لبل ،فلا رؤيا
مضمخة بعطر الغائبين تعيد غير الدمع، شبّت مقلة واغرورقت دنيا
وراء الباب هاج بعا جحيم الناس والحجر ٍ
ــ 2 ــ
تهادى الصحو في الردهات،أمطر من لآليء نبّهت موتى
نُسوا أن يذكروا في ساكني الحفر ٍ
وغيبت الدجى الأجداث ،ثمّ محت
شواهدَ، ما علا صوت تكمّم ،وامّحى اسم في الجدار ،تأى
نشيج ٌ من حروف تحت أستار ٍ(61/403)
عن السماع والبصر ِ
ــ 3 ــ
يمضي الزمان بموتى والذين سعوا
في الأرض كي يخذلوا الإنسان قد ردّوا
فيم ارتدادهمو ؟
عصر بطاغية يمضي
وآخر في الإيداء يمتدّ ُ
تزّاور العين عما ساد من ظلََم ٍ ،
في أيّما جهة ، والنار تشتذّ
حتى غدونا ووجه الأرض من لهبٍ
وأفقها الكفن المحمرّ ُ واللحدُ
يا من رأى في الدجى طيفا يُحدّثه
إتي أرى من ضياء الفجر ما يبدو
إيماءة في رماد ٍ
كان أيّدها، دون البراهين عندي ،
القلب والوعدُ
ــ 4 ــ
يعرّي الضوء ما دفنتْ مدى الساحات
أيدي القهر توقع في نفوس الأهل ما أبقاهمو قطعان محتظِر ِ
ويعلو صوت مضطهدين في الأصفاد
في سُحناتهم ذكرى ,,, فقد شُلُوا
من الأهوال تمحق من أحبوا ,,, ثمّ راحوا يحلمون
ببعض ضوء ٍيُنشر الموتى ,,,
وخاف شبوب روح الضوء أشباحٌ
فعاثت فيهمو بالناب والظُفر
فهل يجدي حريق الناب ؟ لا الأظفار ُ
ترهب من تلألأ في السرى برقاً
ولا باغ سيصمد لإن يُجرِّ ِدْ
نوره فجرٌ
يشدو الكوكب الدريّ ِفي السحَر ِ
-
شفشاون في 27/08/2001
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> ينابيع أخرى
ينابيع أخرى
رقم القصيدة : 65486
-----------------------------------
1
القلب عينٌ: لا أرى مفتر ّها في مَهمَهٍ
أو في حجارة شامخٍ سالت لجيناً ،
إن في الأعماق ناراً ،
هذه كبدي تأجّجُ ، لا أرى ماءً فأطفئها ،
فيهدأَ ما تلهّبَ في الدواخل من
حرائقَ لا مرايا الصوت تنقلها شرارا أو هباءْ.
2
والحلم عينٌ : ليس يدفق ماؤها
إلا ليضحك وعدُ جناتٍ
بما لم يُؤتَ محرومون لم يسْعوا
إلى أفياء آمالٍ تراودُ من
يجوع على موائدَ ليس تسقي
ظامئا في قيظ صحراء اقتتالٍٍ
إذ تهب ّ ُ على فيافيها
الأكفّ انداح منها المحْلُ ، في بحْثٍ يضلّ ُ،
ولا ترى عينٌ إلى مفترِّ ماء الحلم منهمرا
حكايا في الروابي
لا تجفّ بها رؤى الإخصابِ
تُحبَسُ في ظلام ليْس يَصْمُتُ عن أنينٍ أو دعاءٍ ،
لم يغادرْ بعد ُ أمواتي زمان القهْر ِ،
مغتربين ، ما قدروا(61/404)
على النسيان، ليس المحْلُ ما يُفني
ضفافا ؛ إنَّ نهراً من دَمٍ جار ٍ،
سيغمر عالما يمتدُّ في النيرانِ ،
لا لهْواً ولا قدراً ؛
وحُلْمي منْ زمان أنْ أرى
هذا الفضاء يسحّ ُ أمطاراً
فتزدان الطريق بما تحبّ ُ العينُ من ألوانِ
فجرٍ تلهم العصفور أن يهتزّ منتشياً
لعصر النور في قممٍ رأت ناراً
وقد شمختْ ولم ترتدّ عن روعٍ ،
وما انهارت ـ ولم ينهدّ من آوتهُ
منذ حلول هذا الليل ـ آفاقي ؛ وما استَخْذَتْ لِجَوْر ِ الضيْمِ
فرساني ، متى انهالت سياط الغدر بالنارِ .
3
ها إنّ عينَ الحربِ كأسٌ مرةٌ ،
ولديّ في سمعي نشيجٌ هادرٌ،
من دمع هذا النبع، أشعاري
إذا انهمرت تغرد من أنينٍ ، في حقول الروحِ ،
(كان الورد ملبسيَ الذي أمشي
به في الناسِ
والخلواتِ ) شوكُ الدمعِ هاجمني
وأدمَى خُطوتي في الليلِ
يملأ بالترانيم الجريحة صوتَ قلبي
ما ذكرتُ أحبتي ،
فالبعد شوكٌ نافذ ٌ ،
وعزاء روحي في دموع تهجُّدٍ تهمي بها أوتاري .
4
لم تنأَ أسئلتي عن الأعماق من أسرار إنساني؛
وعنْ أطيار بستاني ؛
وعنْ خطوٍ براءتُهُ تُجرِّعهُ عذاباتٍ ؛
وعنْ موتَى صغارٍ حلَّقوا مثل العصافير الوديعة ثم غابوا
عنْ سماوات الطفولةِ ؛ عنْ شذى فرحٍ أثيريٍّ وأشجانِ ؛
وعنْ قلقي الذي شرِقت بهِ أحلامُ مرحلةٍ؛ تبخّر ما توهّجَ من رؤاها
في يدِي مثل الفَراشِ لَمَسْنَ وَهْجَ النارِ ؛
يا أهوالَ أحزاني
فؤادي مثل واحدة ولكن لم يرفرفْ؛
إنني واريتُ من نبضي المجنّح عن هبوب الضوء ، تحت ظلام أسواري.
-
شفشاون ،في2004-03-21
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> عطر النسيان
عطر النسيان
رقم القصيدة : 65487
-----------------------------------
غضضتُ الطرفَ عن ط ُرق ٍ بها
أفراحي اشتعلتْ،
وعن شرفات أحلام وأسرار ِ
وعن خضراء ضاحكة ٍ ، لياليَ في انتشاء ٍ أو نهارات ٍ
وعن أمداء مجدبة ٍ، بها انهمرت عيون لم تشبّ
شذاً بغير فيوض أهوائي
وكنت نسيت هذا العطر، ممتلئا بأضوائي(61/405)
ومنقطعاً لدفء الروح ، أنشُد في متاهات ٍ
تضج بها ظنون السالكين ، هدى
إذا ليل دجا ، أو شعّ إصباح بضوضاء ِ
فآخذ ما تقدم لي من الأشذاء أشعاري
بنور هديل محبرتي ،ونار ورود بستاني
فكيف نزلت تخترقين أسواري
وتنصبين في كأسي ،
وتنداحين ملء دمي شبيهة عصف تيار ِ
وتحتلين إحساسي ،
وفي زهو المُدلّ ، صعدت هادئة ،
تشب لعطرك الفواح نيراني
فتنبثين في أنفاس أزهاري
***
وتلتفتين للماضي ، وأيام لنا فيه ِ
من الهجران والآلام والتيهِ
دعتك لنفض تذكار ِ
ولن أرتد ثانية لأبعث فانياُ من مرقد ٍ هار ِ
ثوت معه أماني الطفل ،
و الصور التي تدعوه للآفاق :
يذهب باحثاً عن سر لؤلؤة ...ويرجع مطفأ الشفتين،
محزوناً ، قريح المدمع الجاري
وكنت نسيت هذا الحزن نسياني
لعطر منك منداح بأنهار ِ ...
الشذا ،مجنونة تمتد في خطوي ،
وفي عيني ،في قممي ، وفي أعماق أغواري
ولن ارتد ثانية
لأخسر باختياري
ما انقطعت لدفئه عن برد أرصفة ... ونار ٍ
إن كأسي
أن أصد الريح عن روحي وأحميها ،
وأنسى سحر غير النور يفنيها
ولن ارتد للماضي يدمرني ويبنيها
وتلتفتين ...
ــ راجعة إليك ...
ــ إلي ؟ ... يا بشراي ،
هل بعد الذي كانا
وواريناه في الظلمات ِ،
أنكرناه في الأضواء ،
ما أعلنته للشمس والأقمار، إمعانا
لخنق نشيدي
المخضل دمعا : إن أغنيتي
ــ جرت تنساب ملء فمي ، بكاءً
كيف تنتظرين
أن يأتيك من عانى
بك الالآم ألوانا
ووصل الحب هجرانا
وصورته لديك أسيرَ آمال ٍ ،
يهيم على طريق الوهم مذ كانا
ويُروى بالإشارة يكتفي من
نور فتنته بما يبقيه ظمآنا
سيبقى من نشيد البوح
بعض العطر، لن أنساه
ولن أسعى إلى دنياه
فإني ملء روحي الدفء ، ممتلئا بأضوائي
سأبقى
ما اضمحل العطرُ،
أو ذبلت شفاه الزهر ِ،
مشبوب الرؤى ،
ما بين ممتد الجحيم ومنتأى مائي
سأبقى العاشق المفتون بالآتي ،
وبالمجهول يدعوني ،
وأرفض من يقيني
ما أضل به ، ويبعد فاتن الآفاق عن خطوي ، ويغريني
بأن أرتد للماضي ،(61/406)
وللتذكار ضوع فاغم يشجي ،
ويحيي الميت النائي
ولن أرتد يا ذاتي ،
فقد ألفى الذي أحببتُ فيك في أحبائي
وقد تلفين بين عبارتي بوحي و إخفائي
وضوءا ثابتا بيني وبين الخافق الرائي
ـ
شفشاون ـ : 2003-08-03
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> غسق الملاذ
غسق الملاذ
رقم القصيدة : 65488
-----------------------------------
لايريد الخروج
إن وراء الباب
غابا وظلمة ً ورصاصاً
وقع زخاته علا بين قطريه
صدىً منه كالدويّ ِفغاصا
في مهاو ٍ مفتونة من عماها
ضلّ وجها
معاندا وخلاصا
مثل لمح ٍ خلف الدخان توارى
ضرّج الروح من وجيب ٍ
معنّى، ليس غير القصف العنيف
ما ضرّج عرقهُ فهمى
يفرس رؤياه
صبّ حقد جحيم ٍ في صدره
من شآبيب رجوم ٍ
قد أمطرت حيث لم يشهد سننى ً بين وقفة وعثار ِ
والأتون الحميمُ طوق حصار ٍ
في الخراب المشت ّيفغر فاه
الراعب الناب صورة لانهمار ِ
من سماء هاجت دجناتها فأضحت يداهُ
رعدا وبرقا أنارا
طلقة ً قدر صرخة ٍفي اندحار الخطو ِ نحو الموت ازدهت باحمرار ِ
من رؤى أيقظت مدى ومدارا
بشذى نبض ٍ في الفضاء مثار ِ
أرجوع ٌ إذن إلى رحم ٍ بعد رميم ٍ مثل الرماد نضته
صدفة الحتم عن عديم ٍ فلم تسلبه وجدانا ؟أيّ نار ٍ
تشظت إذ تماهى كابوسه بعيون الحرب في هجعة ِ انكسارا,,,
ته؟ لا، فليعدْحيث كان أمام الباب حلماً براحة ٍ وسلام ٍ
فهو في المنتهى يريد سلاماً ، أهو الليل جنه ؟أم يكونُ
ما دنا لمحه البشير نهاراً فجّر القلب في عناق حِمام ِ
-
23/02/94
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> مباهج ممكنة
مباهج ممكنة
رقم القصيدة : 65489
-----------------------------------
رفرف الصوت الذي انداح يبثّ النور في كل فضاء
ثمّ أبقاني رمادا لأعاني
محنة البعث انهيارا
ذلك اللحن الذي أرهق من نبضي قواه
تاركا في هجعة الأوتار روحا من لظاه
هل ترى يرجع للتحليق بالأرواح في شبه صلاة
يطرد الحيرة بالوحي جلا ما ضلّل العمر :
هدى بعد متاه(61/407)
إنني أرخي جناحيّ انكسارا
تثقل القلب رؤاه
من نكول الأرض عن لحن
سماويّ الترانيم ، مداه
باشتعال النبض يمتدّ ،
فوجهي رحلة تهفو لأفراح لقاء
إذ أرى مثل كليم الرب
ما لم يبصر الإنسان
من صوت الإله
صعقا أنهار للرؤيا
وتهوي الكف من ثقل نداه
تلك حمى ملهمِ ٍ بين نقيضين
أحاطاه اغتناءً وافتقارا
مستكين السمع للظاهر بينا
نغم الباطن قد ضجّ وثارا
والذي رفرف بين ذراعيه جليلا
فاتنا بعض صداه
ملهم ٍ خرّ بحمى الخلق
حتى يبلغ اللحن به أقصى البهاء
لم يطب نفسا بما جاءت به الأوتارُ
خلقا عبقريا وابتكارا
إنه يطلب ما لم يبلغ الحسّ ُ فيجلو
نبويّ َ الحدس ما سر الحياة
عنفوان اللحن أن يتحد الجزئيّ ُ بالكليّ ِ
حتى ترفع الحجبَ عن القلب يداه
فهو عين الضوء
من زخاته سالت نفوس ٌ
فوق حدّ الوتر المشحون ِ
أشواق رؤى توري انبهارا
نظرة الطفل ، وإجهاش حميمٌ
فوق وجه الشيخ ِ
الذي يأتي وديعا
حين يصغي لانبجاس النور ِ
من بعد عماه
رقرق اللحن ُ على كفي ،
وقد شقّق صمت شفتي : الموسيقى دائي ودوائي ,
تصدح الألوان والأضواء :
هل ترجعني سوْرة أنغامي إلى حيث ابتدائي ؟
فاعبثي بالروح يا كف النهايات ،
فلحني دائما للبدء يرنو ، والبشارات ندائي
-
شفشاون في 03/09/1994
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> مخاض للولادة في الاخضرار
مخاض للولادة في الاخضرار
رقم القصيدة : 65490
-----------------------------------
هاأنذا أقترب من لحظة الولادة التي أنتظرها
وسأكتب قصيدتي الأولى بعد الألف
والأخيرة قبل الصمت ، بلسان الجسد الذي لم يولد بعد
جسد كالسحاب له لغتي
جسد في قميص هتافي الذي ترتديه القصيدة
جسد ٍ للهواجس : حلم الرفاق صليل ولعلعة في اللقاء الكبير
جسدٍ للأصابع حين احتدام الحروب وحين احتراق المآدب
جسدٍ أخرجته من المقاهي وطردته من الحانات
جسد ٍ مليءٍ بالاشمئزاز من نفسه ومن السكوت
جسدٍ سأبعثه للإقامة بينكم ليعريكم
جسد سأفرغه من كل مشاعر الحرج(61/408)
جسدٍ لا أتملكه ، فهو ملك للغابات وليس للحواجز
جسد ينطوي على بندقية ورجل ، وقنبلة وغابة
جسد يلتفّ على حلم ٍ مفتوح وعلى الحلم بما هو حلم
جسد لا يشبهني فأنا لم ينتظر ولادتي أحد
جسد يقترب مني حين يسافر نحوكم ، ويوغل في العودة
جسد يصرخ من الذهول حين يملأه الحدس بمجيئكم إليه
جسد يكتب ليتمّم فيكم بالكتابة وعيا منكم استقى جذوره
جسد في الجذر
جسد بلا مستقرٍّ
جسد لا يُدرك فإلى النور شيئا فشيئا يستحيل
جسد يهرب من الدوال ويبحث عن المعاني الملقاة على قارعة الطريق
جسد يحارب من أجل الممنوع فيستباح ، ومن أجل العودة فينفى
ولكنه حين يناضل من أجلكم يراهن على النصر أو الشهادة
جسد مقهور بالضوء وبالظلمة
عصفور لا يحمل قيثارا لنشيدٍ يولد فوق شفاه الوردة
بل رشاشا أوتوماتيكيا يدري في أي الغابات يحاربْ
يدري من أيّ الأشجار سيرسل نيرانهْ
ليدمّر بؤسا( رجلا أصبح هذا البؤس فمن يقتله)
ويسميه العالم إرهابيا
جسدي يغني للسائد بالرغم عنه : لك من وتري العاصفة ُ
ومن حنجرتي طوفان الأسئلة ،فلا يسالم ولا يصالحُ
جسد يختار لخطوته موقع الذي لا يتراجعُ
ويذهب مع الذين سيصنع معهم لأطفالي مستقبلا يحمل لهم
التذكار الأكثر إثارة للاعتزاز ،
وستولد القصيدة من كل جسدي ، فأنا كلّي جينُها
الذي يؤنسنها ،فتكون كلَّنا ،
فاشتعلي في شفتي رؤية وصراخا في العينين ِ
لا تأتي النار إذا لم تنفجر الأصواتُ
كعاصفة لم تسبق من هذا البركان الخامد فينا
محظور أن يعلن عن نفسهْ
ولهذا يجلس كل مساء للأحلام ِ
ويرحل في الصحو إلى كأسهْ
لكني أعرف أنّ البركان الخامد منفجرٌ بعد قليل ٍ
ولكي آخذ منه النار لأمنح إياها شعري
أو آخذ منه البذرة أنتح إياها أنسالي
هذا جسدي أبعثه ُ
دجّجتُه بالديناميت ِ
لينهض بالبركان
-
الدار البيضاء 1980
(نشرت بجريدة المحرر عدد يوم: 18ـ19/05/1980)
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> مكابدات على الحافة
مكابدات على الحافة(61/409)
رقم القصيدة : 65491
-----------------------------------
إذا ضاقت بك الدنيا ، فأين تسير، والآفاق مغلقة ، وموج الرعب عال ٍ
والعباب متاهة ورؤىً تهب بجحفل ملأت حوافره احمرارا كل رُوعك ؟
هذه عيني ترى من مات حتف الأنف ،
أو ذاك الذي لم تتحد أجزاؤه حياً ،
وقد أمسى يؤجج موتُه الأوهامَ في طرقات آت ٍ، قد مضى فيها ،
ليغمض عاجزاً عيناً،
ويهوي ، جُن منكفئاً ، يعود إلى طفولته،
يسائل في الحدائق بعد شرخ شبيبةٍ ورداً تناثر: أين أجنحتي لأرجعَ
نحوها سراً ؟ فأهلي صادروا الأحلام إذ منعوا
خروج الطفل يبني ما يرى ،
يا خطو منطلق إلى فرح نأت أسبابه حتى استحالَ
إلى سرابٍ:
أحكموا إغلاق ساحاتي .
وغيري مات لم يتجاوز الدرج المؤدي
للطريق بغير خطو شارد ، دهسته شاحنة مضت مجنونة ،
وأرى الجنون على طريقي كل حين ، كم تقنّع باصطخاب ٍ أو هدوء ٍ...
هكذا تمضي الدقائق من حياتي
والأسابيع الطوال وقد تضيق منافذ الأنفاس ،
لا لمحات راءٍ تحمل البشرى ،
وقد أكلت طيور الوهم من رأس الذي قد مات منتظرا،
بريئا في غياهب مستبد رهن جلاد،
وغيري مات منتحرا، لضيق عابر قاس ٍ ،
وآخر قد تشبث بالحياة سدىً لوعدٍ لا يجيء ،
فمن تراني إذ تضيق منافذي ؟
يا أيها المصلوب في شجر تشظى واهيا ،
متساقط الأوراق ، كيف يوحد الموتى تناسيهم
إلى أن ينهضوا من سكرة وثرى .
فمن أمسى يراكم في الدجى موتي
ويشرب من جماجمَ مرقدٍ في الصبح ِ
دمعَ عزاء من أودى بهم غصباً لقاع في سعير ؟
هذه كفي تُحقِّقُ من مصيري أن أسير لأسترد ملامحي،
أن أشعل الأيام ما انطفأت ، وأن أمشي ...بنور
غير هذا النور ، يصدقني الوعود ، وقد يعجل من نشوري
هذه عيني ... ترى خطوات مغتصبي التي تمضي
تدمر حلم عدوان بتدميري
سيهزم حين أعلو ، ثم أمضي
أشب مدى اشتعالي من جذوري
وأبعث يانعا قلباً ووجها
وأنهض هادماً سجني وسوري
* ** ***
عيني تعب مدى محيط الروح ، تبتلع الإشارات التي تدنو ،(61/410)
وأخرى قد مضت قبسا وضوءا ، بين نيران مسيري ،
ما يدمرني هنا دعوى انبعاثي مرة ،
وجمود خطوي حيث كنت ،
فلم أعد أسعى لأنهض هادما سدا منيعا ،
لا يزال جداره يمتد ملء دو اخلي،
وربيع منتجعي متاه في الأسانة دون روح ،
مستريحا بانكسار مدا متي في لثغة المحتل ،
تنسى صوت هولاكو
الذي استحيت بداوته لهول حداثة الغازي
بأسلحة الدمار،
ذكية وغبية ، أن يمحق الأحياء في أرض السواد ،
ويحجب التاريخ خلف براقع الصحراء
باسم صلا لها سدوا على الماء الفرات
سبيله لحدائقي ، لن يعتلي ثمر ولا زهر شجيرات عراها ما عراني
هذه عيني ترى وجع الضحايا
قد تخصب من منضب ما يشع بما يشيع الموت ناراً
ليس تبطئ ،في كياني
هذه عيني ،
وتلك النار تزحف ،
هل هي النار الصديقة ؟ ما يسخرها يسخرني ،
وتلك صداقة في الحرب هل تجدي إذا دعت المكيدة للضرورة ،
ليس ترحم أصدقائي النار يا عبثا يقود إلى فناء ـ
ما نقدس تارة ، أو ما نرى أنا نقدسه ،فيا زيف الخطاب ،
وتلك رؤيا النار تصدقني ،
وهذي قبضتي ، وأنا أقاوم إذ أميز في جحيم العصر : أمسك جمر ما يحمي صفاتي ، بين نيران تهيمن ،
أو لظى تذكي ضميري
هذه عيني ترى وجه الصديقة في مرايا مسرح ، نزلت ستارته وما انهارت عن الوجه الصفيق مسوح زور
*** ***
عيني التي ما استوعبت رؤيا دمار محيط روحي
جاءها من بهرج الدعوى
الأكاذيب الملونة الجهيرة ، لا تربم
تدين أقنعة بظفر أو بناب
وهي ترفل ــ إذ أراها ــفي نقاء مستعار،
هاهنا الأذيال تسمع رمزَ طرفٍ ،
أو تقوسَ حاجب ٍ،
وإشارة الإبهام : أن سيري بأمر شق صماء الصخور.
*** ***
وكأن عيني قد رأت وجه الحقيقة في وصايا
لست أذكر ما يخل بروحها ،
هذا الربيع تنفس الصعداء سمسارٌ،
وفجّرَ من حسابات الذي يأتي به قرن وليد ٌ،
في حقول ليس يذكر عن بحيرات بها إلا ركام عوائد ٍ، حتى
ولو شبت عيون الناس من ظمإ ٍ وجاعوا .
هل ترى برقا على عين امرئ منهم(61/411)
تطاول بعد حرب لم تطل إلا ليشرب نخب صفقته التي تمّتْ ،
تشبَ لظىً به ، ليطير منتشيا إلى نخبٍ تصب سيوله الغارات تمطر ما تشاء منَ القبور.
***
خذني إلى عين تفجر ماؤها ثراً ،
وما ورد الفرات زئيرُ آساد ،
وقد ضجت بأفواج ابن آوى كل بئر لم يكفّ صبيبها
حتى انهيار المستبد بما تبدد في يديه
أو توزع فوق صدر ٍ ناهد ٍ
أو ما أريق على كواعب لم يسرن على شذىً,,,
إلا بأقدام ٍ يدللها هوى ً داع ٍ إلى مبغى ، نقاء بياضها المخضل ،
ما هذا البياض كسيرة الأبرار،
هل نام الفرات عن الحدائق عمها ضوع العبير،
وما انتبهنا للأولى جاءوا لينتهبوا الغلال ونخلة الله ،
... ويشتعل النداء بمثل ما اشتعلت قرون من خلافات
أقامت ما أقام توهج النيران في الرمضاء ،
أي المد لجين بليلها حمدوا السرى ؟
لما يزلْ طير ينادي في البريئة ظامئا ،
وأجيج صحراء الجزيرة لا يصد عن استراق السمع ،
والآذان ، ما أعمى الجميع ، وما أصم قلوب من علقوا بأرض الساقيات ،
وفتنة خلبت نفوسا
ضج من أهوائها غرب ، وشرق لا يرى ،
هذا البياض بغير معنى ،
آن أن يعلو أذان كي أصحِّحَ ما يؤول لكل ذاتي ،
كل ما يعني اندحاري
أو صعودي ، حيث لا خطو يسير على انفراد ،
أو صداح دون أن يشدو ضميري .
*** ***
من أين تشعل شهرزاد الليل أضواء وأخيلة ،
ليرحل عاشق في هدي سحر بيان ما تروي ،
فإن هواتف الطلقات ،
أو حاسوب طيار يراقب من يطوف ،
وحي أهلي ليس يجرؤ ساكنوه على التحرك ،
ها هنا جمدوا عصورا في الظلام ،
وها هنا منعوا صغارا نور من يرعى ويرشد...
في مكان الحكي
تستبق انكسارا ت النفوس
خيال فاتنة الرؤى ،
لم تستطع جبرَ التصدع ِ
أو تصدَّ رعونة الطغيان عن سوء المصير ِ .
***
من أين تنهمر السماء على
شفاهٍ لا تريدُ
سماع َأغنيةٍ تحيّي الزارعين الأرضَ
أشواقا وحبا
لا يرتمي نهر من الأزهار ِ
فوق الحقل ما لم تُدفن الأشواكُ ، ما لم يقلب الإنسان تربا(61/412)
أفهذه كفي تشقق ما ترى إرواءها فيه ونعمى الآخرينَ ، الشك ُّ في ثوب الملاذ إذا استتبا
من بعض أغنيتي ندائي من أحب، إلى لقاء عند أقصى الحلم ، ما أدري لحلم الروح دربا
-
شفشاون ـــ 2003-07-24
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> منارة لوطن في متاهة
منارة لوطن في متاهة
رقم القصيدة : 65492
-----------------------------------
ـ 1 ـ
وطني راحل في الضباب وسبابة الشعر فيه تشير إلى الشمس ،
وأجنة أطفال ٍ بلا ملامح تندلق من صخور جباله ،
وقد أصيبت بحمى مدنية تُنشد :
حان أوان خروجنا إلى اخضرار ٍجذوره في الغيوم،
لنتعبّأ بين التراب ،
من أجل العودة إلى فضاء ٍ لنا فيه زهو جبل
عنده مفاتيح الماء لا يملكها إلا هو ، كل عين قصيدة ،
وكل رشفة رؤية لأحلام الدم اللاهث ،
وكل شعاع ٍ آية ،
والمنارات سور ٌ من قرآن ٍ ليليّ ٍ يرتله المد لجون في خشوع ٍ،
ومع كل قنديل تنزل السكينة في قلوبهم ،
وخلف التراب الذي نتسلح لحمايته بالعيون ،
والخطوات التي تتقدم ،
والآيات المشعّة ومنارات يوحي أو يفاجئنا بها الليل ،
فيعرينا إن تقاعسنا فلم نسع إلى التربة بأعضاء ذكورة حديدية
لإخصابها بفحولة قد تزول عنا إن أسأنا فلم نشبع ظمأها
الذي يتوهّج في غناء جيل قادم من الفلاحين إلى بلادي الهاربة في الجدب ، الخائفة من مواجهة صريحة مع وجوه الغد المتعددة،
هما وجهان ليس أكثر: غاصب ومغتصب ،
ونجاهد من أجل فعل لا يديننا ويدين الاضطهاد .
غصبتنا عصابة السوء أرضا ليس سهلا ضياعها ،
كيف يمسي ما نعاني من غربة عاديا ؟
من منا الذي لا يعرف من تحدّانا بتهجيرنا جموعا ،
قضى بالذل المشين علينا،
فانكشف أيها المكان عن المدهش من فعل ٍ ممعن في التحدي ،
بين أهلي متاهة ، وهنا عمري الذي يذوي ورده في اغتراب ٍ،
يسأل النبع والتراب وآيات الخروج المشعة : الفعل والأغنية ،
الفرحة الكبرى لن تأتي قريبا ،
وفجرنا في البدايات سيبدو وجها مريبا ،(61/413)
هل نرى في الضياء وجها حبيبا ؟
وطني ماخر عباب الدخان أين يمشي ؟ سبابة الشعر فيه ،
في طريق ٍ تشير لي نحو شمس ٍ ، نحن لا نمشي نحوها ،
أيّ أجيال ٍ ستنمو في ظلمة الدرب منذ الآن ؟
إني أعطيت ُ عيني لبلادي :
عين أجيالنا التي من غد ٍ سوف تجيء ُ بالأمنيات
وأفراح شيوخ ٍ أحفادهم حققوا الحلم بنار إبداعهم والتحدي
ها نفضت ُ عن خطوتي ألم القيد وأعطيت ُ من معي كلْمة السر ،
تركتُ زنزانتي وأنا الآن وليدٌ في قبضتي نار حقدي .
ـ 2 ـ
إذ يسيل دمي نافرا بين أحجار هذي الكهوف
تشعّ نجوم على الأرض تسعى لأسواقها ،
بعضها لا يشع :الكآبة والفقر لا يمنحان الكواكب إيماضة ،
تتمدّد نار الحروب ،
كما يتدفّق سحر المعادن مالا على وجه أرضي ،
يزيّف أخبارها الأغنياء ،
إذا شاء حملي الجواسيس للسجن ها أنذا أتغنى ،
وأدفع أغنية للجماعة نحو الرياح ،
وأهتف :إن الذي يتراكم على موائدهم عرق الفقراء ،
وإن الذي يتوهّج فوق تيجانهم ضحك مغتصب .
هذه مدن الفقراء يجلّلها بالسواد الصباح الوشيك ،
تأهّب في رحم الليل فيهااندفاق ٌ سينهلّ بالأغنيات ،
ويخرج أبناؤها شاهرين سيوفا على من يزيّف
إشراقة ً ، زارعا في الجفاف بساتين أمنية غالية .
ـ 3 ـ
في انتظار طائر السعد نغنى نشيدا حزينا ،
لا نتحرك ، نتعجّب من الحزن الذي يهاجم كالفيضان
فيهلك الزرع والضرع ، فنصرخ :
أيها الماء أتفيض احتجاجا
أم من أجل أن تكتشف اليابسة لتمحوها ؟
وهل يتلقى الجياع القنابل العنقودية
ليشبعوا؟
الآن نصير النار ونهاجم الأسلحة ،
ونصير الجماهير ونهاجم هراوة البيروقراطية ،
ونصير الجنوبيين ونهاجم بدل أن نكون هدفا للعدوان ،
ونصبح مصر ونقمع أبا لمعة ،
ونصبح التراب الهواء الماء النار ونهاجم ،
من أجل أن نطرد الحزن ،
من أجل أن تورق الأشجار بفرحة يقطفها الجميع ،
فرحة تنهض إذ ننهض ،
وتحرسنا حين نستريح
في الحب
أو الضحكة
أو الرشفة ،
للحب نقرب الينابيع البعيدة(61/414)
التي حرمت طفولتنا من ورودها ،
ونؤسس للضحكة الإشراق والصفاء ،
هذا مايستحق أن نموت من أجله
حين نمنع من أن نفتح عينا
بما يفعل الحرف أو برقصة اللون ،
أو بالصرخة المضيئة على طريقة الصدى لا البرق ،
ولا نخشى بعدها أن نكمّم ،
فالصرخة المضيئة منارة ،
وصراخ الضوء
خالد ،
حتى وإن أتى خاطفا خاطفا ،
كذلك كلمة الصدق مدوية
وإن كُمِّمَتْ أو أُجهضتْ ،
لا تنتظر أن تنقشع الرعونة ،
فالجبروت ظلمة لا ترحل إلا أمام قوة كالشمس
التي يشير إليها الشعر في شفاه وطني
الرازح غير راض ولا خاضع تحت نير الرعونة ،
تتفتح براعم براعم من أجل التبشير بحكم العشب والسنابل ،
من أجل طرد الجفاف
والرعب
والعناقيد التي تورق في النار .
ـ 4 ـ
هذا اختياري أن أكون مُشعا،
وللجبال ألآن أن تحتويني قضية المؤمنون بها ليسوا طينة علوية ً،
ودمهم ليس أزرق ،
وليسوا من سلالة النجم أو ما فوقه ،
ومع ذلك فما يشع هو إيماني ،فألتهب به،
وأجمع نثير الضوء لأنفجر،
أجمع الوهيج في عيني ،
والأجيج في فمي ،
لأرمي الحمم والقنابل على من يؤخرون الزحف ،
ويقيمون أسوارا بين الطبقات ،
وحين ندعو على المسرح بالسقوط،
وعلى الرأس بالموت أو الابتعاد عنا ،
نهاجم فردى وزرافات ،
علانية ولا نعود نفاجأ بزيارات الفجر،
بل نجلس في انتظارهم ، حازمين أمتعتنا ،
فنضجر حين يتأخرون ،
كما يضجر الواقفون على رصيف قطار
يخلف الميعاد ، لكنه لا بد يجيء ،
أردنا أم لم نرد ،
ويتأخر ونفضل أن نعود ،لكنه يأخذنا فجأة ،
وبدون رغبة منا ،
مبالغة في عادة أفضل أن أكذب الآن
وأقول :إنها كرم متأصل ٌ،
حتى لا أغضبه ،
فللرأس أكثر من أذنين ، ومن عينين
ويعلم ما لا نعلم ،ويرانا ولا تدركه الأبصار ،
وكفاني أني أزعجته بأن كنت مشعا وحليفا للمنارات ،
وكنت صدى صراخها في متاهة الوطن ،
وأن تشعّ قليلا خير من أن لا تندّ عنك نأمة ٌ
تنمّ عن وجودك ،
تلعن بها الظلام ن وللأعين بعد ذلك أن تصنفك :
ـ فأنت زاحفٌ ،(61/415)
وهذا شرف لم يحظ به إلا مؤمنون
زحفوا وحققوا بدء النصر ، وعلينا أن نكمل .
ـ أو فأنت طائر ٌ ،
وهذا مجد لم يظفر به غير جاجارين .
ـ أو إنك راجلٌ ،
وهذا ما يجب أن تحافظ عليه لتكون إنسانا عن جدارة .
ـ 5 ـ
من أجل أن يفيض ضوء هذه المنارة على الشاعر نفسه ،
أحسّ بدبيبٍ في صدره ،
يتحرك نحو رأسه ،
وبدوار في الرأس يحرك ليسير نحو الجسد كله ،
وتداعت إلى الذهن، وقد انتابت هذا الكائن ،
رغبة في البكاء أو ما يوازيه ،
بأن إخوته وأباه وأمه، وأقاربه جميعا ،
يلاحظون أنه لا يحدثهم
ـ هو وأصدقاؤه ـ
في الشعر بما يضيء حياتهم اليومية ،
أو يستضيء بها : ألا يقال إن كل قصيدة منارة ؟
فكيف تكون كذلك إذا كانت لا تأخذ أو تعطي شيئا ؟
أحس الشاعر وهو في لحظة تشبه الإغماء ،
بأصوات الأقارب والأباعد تستصرخه وتستحثه
أن ينغمر في الحياة لاكتشاف جوانبها الخلفية المظلمة ،
وأن ينخرط في
أحلام الأطفال
والراشدين والرجال المكبلين بأكثر من حبل ،
ورغم ذلك فهم يخرجون كل صباح
من أجل أن يعودوا بشيء يحملون عليه ابتساماتهم ،
حتى لا يقول طفل أنا بقرة ، ويأكل من الحشائش ،
وحتى لا يلجأ راشد إلى ما يخدر عن قصد وسبق إصرار،
قالت الأصوات للشاعر :
يجب ألا تهمس للناس ،
بل اصرخ بما يفرقون به بين العلم والخرافة ،
دع للآخرين أن يقولوا :إن الشعر ذو أجنحة ،
ولتقل أنت: بل هو ذو قدمين وعينين واسعتين،
يمشي بهما إلى كل شيء ، ليرى ، ويصرخ احتجاجا ،
فمن لا يَرَ لا يُرشدْ .
هدأت الأصوات قليلا ، فسكتت ثمّ عادت لتهمس :
إنك ترى يوميا ما يؤلم ،
فلماذا لا تكون اللسان النابض في حنجرة الرفض ،
أو الصوت الصارخ في المدينة ؟
كن صوت الرفض وهتاف الصمت ،
وتكلم طويلا طويلا دون أن تمسك قيثارة ،
كما كان المشهد يتطلب ذلك في القديم ،
ودونما حاجة إلى جوقة أطفال أو نساء ،
يمكنك الآن أن تمسك هراوة أو بندقية وتشرح ،
أو تقف في حراسة من يشرح ،(61/416)
وفي عينيك بسمة تبعث الثقة في نفس من يتعلم ،
بل إنها تبعث على الرغبة في الخروج إلى الشمس ،
ورفع السواد عن جدران المدينة
التي انغلقت أمامها دروب الغد ،
ووجدت من يفتح لعا خط الرجعة ،
أعداؤك أيها الشعر
يعترضون دائما طريق من يريد السير نحو الغد ،
وطرد السواد ،
و القص من أجنحتك حتى لا تصبح أسطوريا ،
ونحن نحدد لك الآن موطئ قدم على الأرض
من أجل أن تضئ ،
بما يجعل منك منارة نشعلها لوطننا في متاهته،
التي لن تنهيها الرغبة أو مجرد النية الحسنة ،
بل نهوض جماعيّ إلى قطع الألسنة والرؤوس ،
علامات الأمس بيننا ،
بدل أن تكون المنارات للأذان والصياح المنكر ،
لتكن مصادر صراخ الضوء إلى فضاء تضيئه العواصف .
ـ 6 ـ
أيتها القرمطية التي تتجدد رؤيا ومظهرا ،
أنت أيضا كنت تشعين ولازلت ،
لماذا هاجرتنا
وأعطيت للأعداء الطبقيين الفرصة لاتهامنا
باستيرادك من هنا وهناك ،
رؤيا ومظهرا ؟
أنشدي على وتر الكلاشن أغنيتك وقولي :
إننا نولد تحت الضغط ،
ونعلن عن الهوية بأن نشع ،
تلك علامتنا الفارقة:
أنذا أتقرمط الآن ولا أخشى من التهم الجنون والضلال ،
بل أعتزّ بهما نياشين ،
وأدرك أيضا ماذا وراء وصفهم نضالنا بالإرهاب ،
وأنا لن أعيد الخطأ القاتل
فأكرر اختطاف الحجر
الأسود ،
ولكنني أصحّح بالتجربة ممارستي
وأجعلهم هم من يختطفونه الآن ،
أو ينقلونه إلى الرفيق الأعلى ،
أو يخفونه كما يخفون عوراتهم وحقائق أخرى.
أيها القرامطة يا رفاقي ،
هناك أحجار أكثر سوادا يجب أن نختطفها ،
وهي ما كان يجب اختطافه من قبل ،
:تلك أحجار تقيم في صدور الأعداء
يسمونها قلوبا ونسميها مجامع أضغان وقسوة ،
وكل ما لا يتحرك لرؤية
الذبح
وبقر البطون
وسمل العيون
والعبور على قناطر النار ،
ومشاهد غير ذلك أدهى وأفظع ،
أيتها القرمطية يا هويتي التي تتجدد: اشتعلي ،
ويا كلماتي انفجري من أجل انتفاضة تشتتهم شذر مذر ،
ومن أجل حرب لا تبقي ولا تذر ،(61/417)
نتجابه فنضئ ، نكون من يرشد إلى شط النجاة .
ـ 7 ـ
إخلاصا مني لنظرية من احتجّ عليّ في الشعر ،
أجلس لأحاور التاريخ واليومي ،
ولأحدد النظر في ذاتي ، فأقرُّ بأخطائي ،
وأعترف بأن ّ الطرق انقطعت بيني وبين بيتي ،
وبين بيتي والشوارع المؤدية إليه ،
وبيني وبين الرجال والأطفال الذين أعرفهم اسما اسما ،
وبيني وبين شعاب الجبل ن وطرقات الأنهار،
والبساتين المهملة ،
والأسوار،
وبائع النعناع ،
ومتاعب المهنة ،
وجوف الطقطوقة ،
وعاملات الزرابي الصغيرات ،
والحيوانات التي كانت تجاور بيتنا في الطفولة ،
والباشا ،
عمال القمامة ،
والأمسيات الجميلة أمام الينابيع الثرة ،
والله ،
وحافلات السفر العمومي ،
وبضع عاهرات عاشرتهن في شبابي الأول ،
وشرطة الاختطافات ،
وزوجتي ،
ورئيس البلدية ،
والبنايات القديمة التي فقدت رونقها ،
والعمل السياسي ،
وبعض الأشعار ،
والنقابة ،
والأصدقاء ،
والمسؤولية ،
وليلي السكر،
والبطالة ،
وأيام الجامعة ،
وليالي افتقدتُ أنجمها
لكنها رغم ذلك أمطرت خيرا وبركة ،
وبائع الثياب المتجول ،
وحفار القبور ،
وهدايا العرس ،
وآثار اختلاط الجنسين ،
ومفعول التلفزيون ،
وموسيقى اللهاث النافر الرافض ،
قرّرت ُ أن أجري إلى اجتماع
مع من يحتجّون عليّ في الشعر
من أجل أن أقول بصدق ٍ :
( إني مع الشعر الذي من صفته كذا وكذا ...إلخ .
وضد الشعر الذي يزيّف ويستعدي ،
ولا يسمي الأشياء بأسمائها ،
فيعوي ككلب حين يخاطب النجوم ولا نجوم ،
والجداول ولا جداول ،
والبحار ولا بحار ،
وينفث سمومه كأفعى حين يهاجم الإنسان المضئ ،
والمنارات التي نشعلها في متاهة الوطن )
وأسعى إلى مدينتي
بقصيدة فلا أعرف من أية طريق أذهب إليها ،
فالظلمة تغطيها ،
فأكتفي
ببعث
هذا الخطاب
كسهم ٍ ،
وأتبعه
عائدا
قادما
كشعاع .
-
شفشاون في 20/05/1981
شعراء المغرب العربي >> أحمد بنميمون >> في هجاء البياض و الرشد
في هجاء البياض و الرشد
رقم القصيدة : 65493(61/418)
-----------------------------------
-1-
حينما أنظر إليه
أرفض أن أبدأ من الميتافيزيقا , فأفسح له أن يهاجمني و يصمني بما شاء
من التهم المنكرة , أقول له أنه لم يؤثر عنه
أن البياض من أسمائه الحسنى
أو أن البياض من صفاته الواجبة ,
يرسل في طلب من يختطفني
فيقذف بي إلى أعماق ليل يطول و يطول ,
حتى أشرع في إرسال صراخي مستغفرا :
و طالبا أن أرى خيطا من نور يؤنسني
و يبدد وحشتي
و يهديني سواء السبيل ,
فأسمع من يقول : هذه بداية الرشد
فإذا أنعمنا عليك بتمكينك من رؤية خروج الخيط الأبيض من الأسود ,
أفستؤمن أن البيضة أسبق في الوجود لأننا من سلالتها مبنى و معنى ,
فأجيب من أعماق صحرائي بهدوء :
إني أرفض أن أبدأ من الميتافيزيقا،فأشهد بما لا أعرف
و بما لم أجرب الخوض فيه ,
فأثبت ما أدري يقينا أنه غير حقيقي ,
و لذا فأنا أعتز بسواد حظي معك
و بسواد رؤياي عندك '
و أكتب هذه الأغنيات الفاحشة لألطخ بها نقاءك و أصواتك البيضاء ,
و لأغنيها أمام كل بياض حقيقي ,
و لأصدع بما يخيفك
فتعتقلني في النقيض ,
فيسقط زعمك و تسقط رؤيتك و أكون بذلك قد فضحتك ,
و لا يعود هاما أن تنفيني أو توجدني,
أنت الذي لا طاقة لديك على نفي ذاتك أو خلقها ,
كما أفعل أنا إن أردت ,
فبالفداء أثبت وجودي وبه أنفي عني الموت ,
لأنه احتجاجي ضدا على أن أكون بلا هدف
و حريصا في الآن نفسه على ألا تضيع مني الحياة :
يا بياض الألوهة هذا هجائي ، وأعلن
منذ البداية رفضي
وأعلن عشقي لطلعة شعبي مغبرّة ً كالحة
فبين حوا نحه للرغاب و ألوانه : إنهمار الرؤى
و اخضرار الدماء انطلاقتها الجامحة
يا بياض الألوهة
تلك نهاية خوف يُصخرنُ في خطوتي
رغبتي في المسير على الطرق الواضحة
- 2-
ويا أيها الثلج الذي يسبق البياض إلى كل غاية
فتقتل وأنت النقي هيئة
وتسرق الدفء وتكذبنا بإيهامنا انك تأتى من السماء
وغائمة سماؤك تحتكر البكاء وتقطر بياضا ،
أتوّجُهُ ولا صفة للطهارة عنده ،(61/419)
البياض الكريه الذي يضرم شعبي نفسه من اجل أن يدفأ من قره
لكن ما آن يحتاج نيرانه ليتحرر حتى تنهض أمامه صحارى
ونداءات من رماد لا يعرف للعنقاء شيخوخة آو بعثا ،
للطفل صرخة ميلاد آو بسمة مهد ،
لهو يفاعة أو مكابدة رشد ،
وانحدارا إلى القمة في اللحد : الباب إلى الاشتعال
فينشر في فضائه مدارات للضوء وحقولا للرماد
وبه اكثر من منحدر يسرع عبره زمان الشيخ إلى اكثر من حضيض
يا بياض المشيب ها هي ذي أكفانك تعتز بها قبائل يحكمها شيوخ وتعبد الثار وهامات أخرى : بضعة آلهة لا قدرة لها على فعل شيء أو بعث رسول بكتاب, هي ذي أكفانك أيها البياض الكريه
-هكذا يشدون في مواكبها -
نوردها رايات بيضا)ونصدرهن حمرا(-
فيا أيها الثلج أتعرف تلك الرايات الحمر المروية بدماء الهندي الأحمر المباد،
أو بدم من وضع رهن إشارة المبيد الأبيض الذي يتسلح لإبادتنا أولا بأول , بالسيف في يد وبالذرة في أخرى ,
فيا ألوان العالم اتحدي ضد الأبيض الغاشم ,
وتمترسي أينما كنت من أجل أن نخوض عليه حرب شوارع و غابات ,
زرافات ووحدانا، عصابات عصابات،
ولتتساقط الشمس أشلاء و شظايا و ألوانا تحاصر الأبيض و تحتجزه ,
فللشمس من النيران ما يكفي لمحوه ,
حتى نتحدث في غد عن ذلك الأبيض المباد .
و نختلق القصص عنه , وعن بعث الهندي الأحمر ,
متحديا بالهمجية الحضارة البيضا البريئة من دنس الألوان و رجسها ,
ألوان البشر المنحدرين من سلالة لم تتقوقع على ذاتها على شكل البيضة ,
التي كانت الأسبق , و التي ينكر أسبقيتها الكافرون , المارقون
و الرافضون أن يبدءوا من الصباح حساب يومهم
فيؤلهون الأسود و يبدؤونه ليلا ,تعالى الأبيض عما يأفكون .
-3-
للأبيض كل الوجوه و لي طريق واحدة.
الخضرة تورق على سواعدي ,
و تتصبب خيرات و شآبيب على جسدي ليأكل الأبيض ,
الذي يجني و يدع لي الحق أن أتلمظ ,
و حين يضج من الجوع صغاري ,
يترك لي الحق ثانية في أن أضع القدر بضعة أحجار ,(61/420)
فأصدق الكذبة التي تلون أحلامي بمشاهد اللحوم و الخضار و الفواكه .
أحلام تكره الصحو و تدعو عليه
أحلام أدعوها الموت و لا أدري ماذا يسميها عليه القوم ,
كذب يعطيه الصبر جناحا ليحلق في كل الآفاق ,
و يكون الصبر قبيحا حين يصير من أتباع الأبيض ,
و للبياض ما لا يحصى من أتباع في السود و الحمر و الصفر ,
حتى في الزرقة يوجد من يتبع تعاليمه , و من يبلغ الأبيض آلاف الوشايات يوميا عن البحر حين تغطيه سمرة الخمر فتسكر الأشعة
و تعربد الألوان بالعصيان ,
فيغدو الجميل ساحرا و تضج بالفتنة أرجاء و أرجاء,
و لا يعود للأبيض إلا رغاء الموج و جفاء الزبد و ما لا ينفع الناس .
قلبي أيضا في هذا البحر يضج بالفتنة ,
و عيوني تعب من نور الخمرة ,
و من مناهلها أملأ الجرار للصغار
المتحلقين حول قدر الأحجار
الذي يرغي و يزبد كأنما نحن الذين لم ننضج بعد على مواقد الأبيض
الذي فتح علينا نيرانه حينما تأوهنا من أعبائه , و بدا علينا أننا سنطالبه بأن نستقل عنه و بأن يبتعد عنا , فكان أن تساقطنا بأعداد هائلة ثم سكتنا , فجرت عيوننا أنهارا , قال الأبيض : فلتسقوا منها , و لينهل أبناؤكم من دفقها
فهي لكم نعم السقيا ونعم ما تفعلون .
-4-
و يحضرني الرقيب إليه , و أرفض أن أجعله لوني
أنا عاشق اللون الذي يفتن
أنا عاشق اللون الذي لا يفر ولا يستسلم
أنا عاشق اللون الذي يقاوم
و أنا أيضا الذي يسخر
من جبن الأبيض في المواجهة و حينما يعدني بالقتل كما لا أحب ,
أقول لا يهم الشاة ...ألخ .فتصيح بفمي )آلام شجاعة( : أما آن لهذا الفارس أيضا أن ....ألخ أيضا . فيضع يده على شفتي محاولا كتم ما أريد إيضاحه فتهدج أوداجه إذ يصرخ أسكت ...أسكت .و لتسكت ذات النطاقين , وليسكت المأفون بريخت المشرك لأنه اشتراكي , ولأنه لم يقر بتف(61/421)
و يغرورق فمه بالصراخ و الرغوة , فيغمى عليه , فأختطف ثانية فلا أعاد إليه إلا حينما يعود إليه رشده , فيطيب لي أن أضحك منه في ظلمة حبسي , و أن أهجو رشده الذي لا يعود إليه إلا ليلة حمراء يحيى فيها ذكرى الهندي الأحمر فيطمئن لمحو حضارة و وحوش ,المحو المضاعف ,
و أكون اللغم و أؤجل الانفجار
و أكون الفتنة و أؤجل الانتشار
و أكون الضال الذي ينطوي على ما يضمن الهداية
انشر أشرعتي .. أمخر هوج الموج فيسكرني
لوني في الموج
تكون الفتنة ساحرة شاملة , و يدوي اللغم
- 5 -
عندي الآن هذيان قلوب لم تعرف طعم الدمع ,
حين تلوت مرثيتي أمام قبر فعلي الماضي ,
ضحكت و هي تحتج ضد المطلق , و صراخها كانت تثقله ذبذبات الضحك الصافي الصادق .
عندي الآن أمطار لن أطلقها في الشتاءات من أجل ولادة يباس يرافق خطوتي إلى الجنة التي وعدت بها , دون أن تسوخ في الوحل
عندي الآن للطيور هندسة لبناء أعشاشها , في أغنية لا تسمع
عندي الآن للأشجار موسيقى حتى و إن أباد الفلاحون العصافير جميعا ،
موسيقى تبكي و تحتج من أجل خضرة دائمة .
موسيقى تلد الربيع و تجادل في صفاته و تسهر عليه .
هي موسيقاي في رثائي للفعل الماضي و هي أيضا موسيقاي حين هجوت
الرشد
و البياض الكريه فانبعثت قدامي أشباح تستنكر و قد تهيأت لقتلي , و ترسل أصواتا نائحة تستعدي ضدي أهلي .
أصواتا نتنة تتسول الرثاء لا العطف .
أصواتا-هذيانا من حناجر جثث قد كفنت بالأبيض و تنتظر الدفن
أصواتا -إشارات و رغم ذلك تضيق بها الآذان .
عندي الآن لقتل الموت , العصافير الضالة , البياض , الرشد القاصر
الأصوات -الهذيان-الإشارات ,وسائل هذا جسمي إحداها
جسمي هذا الطاعن في الحرب
الطاعن في كراهية البياض و هجاء الرشد
سيشارك في إعداد قبور من أجل العلامات الأعلام .
-6 -
يغتالني الأبيض الأنيق و لا أغادر رفضي ,
و أحب جاذبية الدفع التي لكفي و قدرتها على أن تجعل عيني(61/422)
تكفان عن رؤية الأبيض يتألق في كل الفضاءات و أحبه منفجرا فيها كشهاب يبرر انتحاره بمطاردة الشياطين , الأبيض يغتال النهار و أفراحا بألوان محبوبة , و يحضر في الليل مدججا بالأشباح و الفجاءات منتظرا : أن يضبطني متلبسا بالسعي نحو
)الإقامة في الأرض (,
و أن يسمعني مرددا بطريقتي الخاصة الصرخة الهادئة الرائعة
)لن(,
و أن يراني أجتهد لإعداد
)
قبر من أجل نيويورك
(
حتى تكشر أناقته عن خبثها ,
فأوجه الوحش المتمدن
-الذي جرب آلف الطرق لاصطياد الإنسان المتوحش-
لا صاغرا و لا مستسلما,
فأعلن عليه الحرب حتى تخضر أمنياتي بين يدي ,
و يتحقق ما لا يستطيع بعض أهلي تصوره
,و أصر على الحرب
حتى أبصر ألوان الأرض جميعا في عيد
أدعو أن ينتفض المظلومون معي و أريد
آن أفضح إصرارا غيبيا ) آن الأبيض سيد كل وجود(
هل تدري
الميتافيزيقا /
هل تدري
شهب تهوي
هل تدري
أيد بيضاء اغتالت بالأسلحة البيضاء رفيقي
هل تدري
عاهرة فاضلة كانت تكره كل البيض و إن كانوا أهلا
هل يدري
الخطباء البيض الحقراء ,
)
و هل يدري
ذاك الشيخ الأبيض
و هو يراود شابا أبيض عن نفسه (
هل يدري
أهل الرشد المخروق
عشاق عوالم خارقة في الغيب
هل يدري
الأبيض نفسُهْ
حتى لو شمخت في هذي الأيام الجهمة رأسُهْ
هل تدرون جميعا أنتم يا ... أنتم
هل تدرون غدا من سوف يسود ?
-
شفشاون في سبتمبر 1980
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالمجيد الزهراني >> ( جنون )
( جنون )
رقم القصيدة : 65494
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
هنا وهناك..
تحس إنك ولاغيرك غدى منفاك
تتذكر
يفيض الريش من عينك
وتسوسن
كأنك في مهبّ السالفة :
غصنٍ تطاول في الغنا
ودك تسيل من أخضرك
أو تلبس العاري من الألفاظ
تتمرّا
تصير لداخلك : برّا
تذرّ الملح فـ..حضور الغياب
تمرّ : بك
لاارض تحني لك اغانيها
ولاشيٍ : يردك لك
ولا انت اللّي غديت بأوسعك : تكفيك
من بنتٍ تمشّط شعرها : فيك
وتجافيك(61/423)
وعن العاثر من الخطوة:
لباب المدرسة تعفيك
وتوصّيك:
يالغالي
بلادك هي زنادك
والصغير من الرمال : اهلك
ولاغيرك بقالك : فيك
غنّ وصاحب إيدينك
تكلّل بالنعاس اللّي خرج بك : منك
سافر لآخر الموال
هزّ من الجهات الأربعة : ماشابهك وانثال
موتك:هوحياتك
والتفاتاتك : جهاتك
واولك : آخر
وإذا مازانت الدنيا
تحدّر من عزيز الدمع
كون من اسفل الأعلى
جبينك : فوق رجلينك
تدثّر بالوجيه الغايبة ووسادتك : عينك
وتتهدّم : عليك لأنك الأكثر حنين لصوتك الأقدم
وتمشي : يتبعك : ظهرك
جدارك
غبرة اقدارك
ولابه غيرك : أختارك عليك
وغيرك اختارك
تحسّ إن الخلايق : فرض
وانك : نافلة
واوزارك : اشجارك
وتدخل وحدتك : بارد
وحيد ......وتحطب الشارد:
من الجدران
تتعرّى :
جسد منسي بلا شكوى
ضعيف
ولاسواك : أقوى
وقوفك : ركض
أصابيعك : هي الأشهق خزامى
صوتك : الأطول نسيم
ونقصك: الأكمل
وتتشوّه..........................إلى الأجمل
تحنّ لدمعك وخدّك
لأرضٍ تشبه الدلّة
تصبّك : فيك
تشربها
ترفّ اغصانها : يمّك
..........................تلمّك : بعثرتها
تصرخ ابـ..فمّك
أغانيها : سوانيها.....سوانيها : ثوانيها
وممكنها : شبيه المستحيل
.................................وبردها : دافي
الا ياموطني كل الدرايش حزنها وافي
أحسّ إن الجهات : أشواك
أحسّ إن النظر : حافي !!
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالمجيد الزهراني >> اضاءات في ليلة فندقية !!
اضاءات في ليلة فندقية !!
رقم القصيدة : 65495
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
(1)
نوال ...واكتبك : بنتٍ تدخل امرايه
فـ..المشط تصعد....وحلم المشط : ينزل به
شوفي : حرقت اصبعي من نار غلاّيه
والشاي ....لو بارد الفنجال : أكمّل به
طفّايتي : يتم.........ماهي بسّ طفّايه
سجايري : حزن...........من قال انها علبه ؟
أدخلك : طالب تلعثم في حروف آيه
واخشاب كل الكراسي ..بارده...صلبه
قولي : عرفني ولد صايع .....بلا غايه(61/424)
قولي : ولاني نوال ان ما أهبّل به...!
( 2 )
ساعة جدار : معلّقه........قل : بعيده
سكنت هالغرفه ...وهي جات بعدي
دولاب فخم....وكم ملابس جديده
أكشخ بها ...وآقول من عاد قدّي
نفس الزمن...والأكل...نفس القصيده
قالت : وش اللّي فيك ..ونسيت ردّي !
والصفحه اثنعشر ..بهذي الجريده
اشعر بها ...لكن شويّ وتعدّي
والله..وغصّة هالسرير الوحيده
أنه سرير اثنين....وآنا لوحدي !!
( 3 )
نوال...لاتسكتي...وتكلّمي واجد
تكلّمي : أكذب الأشيا...هو الأصدق
حزين انا ...وأسألي لو صاحبي ماجد
عن وحدة الساعة خمسة الفجر...في فندق !
( 4 )
يعني متعكّر مزاجي....وآه كم حاجه تعكّر
يعني موناقص كلام الناس....موناقص قرف
قل : حزين الليل...قل : ليل الوحيد اللّي يفكّر
كم من الراتب يوفّر...كم من الراتب : صرف
مايجيك الاّ انت...تفتح باب هالغرفة...تسكّر
ياوحيد تعدّ .........كم حذيان قدّام الغرف...!
( 5 )
وربي ....واتصالات الرسبشن ...وآخري....ونعاس
تذكّرني نوال بشيّ.......كنّه شي يشبهني
كذا : يتحرك المعجون في وجهي....كذا : الأمواس
أثاريني كبرت ....وما لقيت اللّي ينبّهني
تقول أمي توجّهني : ولد اصحك تسبّ الناس
لقيت الناس لكنّي ...... فقدت أمٍ توجّهني !
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالمجيد الزهراني >> مقاطع / يتم / عزوبية
مقاطع / يتم / عزوبية
رقم القصيدة : 65496
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قل وحدتي ثوب مومكوي....وسخ كمي
قل : منشفه بالية ...قل : فرشة اسناني
أسوّي الأكل وحدي........وحدي آسمّي
ملعون ابو السفره اللّي مابها ثاني
ويني أنا ...آآآه .....قل وينه طبيخ أمي
ياغلطة اليتم .......ليت اليتم عدّاني
أمشي ..ولاوين....مدري.....بس نشف دمي
قل طز ...في عمر خذ مني ولا اعطاني
الهم ....ماهو في اللّي قلت..........ياهمي
الهم .........فيما بغيت آقول ......ممداني
ياعم طنّش.....وكم طنّشت....ياعمي(61/425)
ياكبرها دمعةٍ.........من عين زهراني
جيت أجمّل وجهي البارح...لغيري
شفت وجهي ..........ماله بوجهي علاقة !
ليه الوجع.......أو مزاجي...ليه متقلب
عزّابي إن ضقت........وان ما ضقت...عزّابي
أكنس...وارتب...وانا ماني بمترتب
أغسل ......وانا ناسي الأوراق بثيابي !!
( 4 )
للناس مستقبلٍ........تمشي....وتسعى له
الاّ انا .........عايشٍ مستقبلي : ماضي
يلعن ابو الهم......والدخان.......وسعاله
واقداري الغصب......واللّي عشتها راضي
ياوحدتي......ما سألتك ليه هالحاله :
طفايتي ليه مليانه............وانا فاضي ؟ !
مافيه أحد دق بابإيه.....ليش اكذب
بسّ الفواتير ....هي بس......عارفه بابي !!
( 4 )
للناس مستقبلٍ........تمشي....وتسعى له
الاّ انا .........عايشٍ مستقبلي : ماضي
يلعن ابو الهم......والدخان.......وسعاله
واقداري الغصب......واللّي عشتها راضي
ياوحدتي......ما سألتك ليه هالحاله :
طفايتي ليه مليانه............وانا فاضي ؟ !
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالمجيد الزهراني >> شخبطة على طاولة دراسة !
شخبطة على طاولة دراسة !
رقم القصيدة : 65497
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ألف
باء
نون :
وكلّك يابلد كنتي ملامح
كنت كلّي عيون
كبرتك : صعبي وسهلي
كبرتك : وحدتي واهلي
تشخبطتك
قريتك
لكن الأجمل :
( تعلمت بترابك يابلد جهلي !! )
.............................
أدري إن الفقر ماهو عيب :
.......لكن
أدري ( هاذي مابتملا الجيب !! )
.........................
آه ياودي حظا
ياللّي تاخذني لدكّان الزهيري
كانت الدنيا :
- حسن عوضه
- مطر
- أحمد
- سعد يحيى
وأنا في وقتها ماكنت أحد غيري !
..................................
نون
ياء
سين :
والتفت لكن لمين ؟
إيه أحبك
إيه أسيل
يادفا تنّورةِ زرقا على حبل الغسيل
إنتي يا أكثر : قليل
ياملامح عمر غاوي
واشرطة عيسى الحساوي
يابعيدة
يا كلام يجدّ وقت إنّي أعيده(61/426)
.......................
ياكريم
ياكريم
ترتفع أصوات / تدخل :
- هات بريالين عيش
- هات بريال اسكريم !
....................
صباح الخير ياقريه
صباح الخير ياستر الذي حبّك وياعُريه
صباح الهمّ والوحدة وضيق الدرب
صباح الطفل يتلعثم بجدول ضرب
صباح البرد بكفوفي
صباح اليوم :
ـــــــــــ والتاريخ
ـــــــــــ والموضوع
ـــــــــــ وريالين مصروفي
صباح المعشب الممطر
صباح أمّي تصحّيني بـ... قوم إفطر !
.....................................
ألف
لام
ميم :
واضمّك يابلادي لوحة : أولى / جيم
بلادي كلّ ذلّك عزّ
أضمّك رشفةِ من ما واضمّك كسرةِ من خبز
أضمّك والعن الإسمنت والعن كلّ هذا النفط
أضمّك : بنت سالت من حكاية مشط
أضمّك كلّ ما يُشطب من كتابة
أضمّك كلّ مايُكتب من المشطوب
أضمّك رجل حفيانه وغبرة ثوب
أضمّك دهشة الأشيا
وهي بين الألف واليا
أضمّك طين
أضمّك : كلّما تستعجلي : تبطين
أضمّك فاس هالفلاّح , أضمّك في عصا راعي
أضمّك تصبحين الحضن والمحضون وذراعي
أضمّك يايقين اللّي يغنّي لك ويا شكّه
أضمّك شمس عصريّة على دكّه
أضمّك طيش
أضمّك يابلادي لاتقولي من متى ؟ أو لامتى ؟ أو ليش ؟
أضمّك بنت تهواني , وطاقة تنفتح بشويش !
...........................................
بلادي ياشقوق أقدام ياجغرافيا طيني
بلادي إلعبي في شَعري الليلة وغطّيني
وذولا اللّي هناك أصحابي اللّي من زمان , ومثلهم ذولا
حنيني , ياطباشير الدراسة , ياسنه أولى
بلادي :
واذكرك ضحك وبعض غصّة
بلادي يادفا خمسة دقايق تسبق الحصّة
بلادي يادفا درسي
ويافوضى شغب طالب على كرسي
أضمّك : صرفة الطلاّب , أضمّك : بعثرة شنطة
أضمّك في (غبا ) الحل الصحيح , وفي ( ذكا ) الغلطة !!
بلادي :
وينهو ممشاي
لامنّي تذكّرتك : فناجيل وتميس وشاي !
................................
وابسأل كلّ هاذي الأرض , عن كلّ الذي قد صار
أبسأل عن دفا بنت وولد واسرار
عن لذّة رغيف النار(61/427)
عن سُمرة مُسنِ يستظلّ جدار
عن وادي
عن المُهمل من القرية , عن العادي
عن الأحجار
عن جدّي يدفّي بارد ايدينه على هالنار
أبسأل عن شحوب اللون في جدران
أبسأل :
عن ضياعي وسط كلمة ( كان )
(!! ..............................!! )
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالمجيد الزهراني >> وين ..؟؟
وين ..؟؟
رقم القصيدة : 65498
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وين ..؟؟
.
.
شايفك
شايفك
بسّ مدري وين ؟
مدري شفتك فـ.. ابتسامة
أو
فـ...دمعة عين .
مدري في ربكة مراهق
راسمٍ فوق الورق
قلبين ! .
مدري شفتك فـ..ارتجاف ايدين والاّ
وشوشة غصنين .
والله انّي شايفك
أو شايفك
بسّ مدري وين .
*
*
حادث مروّع
.
.
أشرطه
منديل
دم
قالوا انّه قبل يتجاوز
صدم !
كان جثّه
كان كومة امنيات حالمه وثياب رثّه
طلّعوه
من ورى اكوام الحديد
كان ناقص رجل ويد
كان واضح في عيونه
ضيقته
فقره
ديونه
دوّروا له عن هويّه
لقيوا حبّة بندول , وكمّبياله , وصرف ميّه !
*
*
ساره
.
.
صوتها خلخال في ساق المدى .
صبحها ملعون لاسابع ندى .
إن حكت تقدح زناد الغيم ويسيل الردى .
كلّ نظره من محاجرها غنى ,
للفقير اللّي يبي يحيا ليومه .
في شفايفها ينام الصحو , يصحا النوم من نومه ! .
آه ياساره , وثوب الحزن شقّقني وراح .
كنتي أكثر من يقول , إنّ باب الذنب مفتاح السماح ! .
آه ياساره .
كان وجهك يرتسم في كلّ شي .
في عصا البوّاب , في الحاره
فـ..التفاتات البزارين الصغار , وفـ..النقوش اللّي على باب العماره ! .
آه ياساره
كم تكلّمتي وانا أرقى السوالف : كلمه كلمه , حتّى أوصل للكلام اللّي فـ..بالك مابعد قلتيه .
كنت ادوّر أيّ كرسي في كلامك , حتّى أجلس فيه ! .
والله أدري ، مااتّسع صدري لصدري
والله أدري : أنّي أدري , وأدري انّي كلّما ادري إنّي ادري صرت مدري !
ياجنوني
يالصباح اللّي نفض ريشه على سدرة عيوني(61/428)
مابقابي غير عاشق علّق احلامه على شمّاعة العتمه على جدب الغمام
والتحف نفسه ونام ! .
*
*
الشارع الخلفي
.
.
في الشارع الخلفي
تلقى عمود النور
يامطفي
يا
مطفي !
تلقى الأوادم خايفه , بالخيل وجعانه
تلقى الأجار المرتفع , والناس عجزانه
تلقى التعب , تلقى الزهق , تلقى المياه الطافحه
تلقى الحقايق غامضة مرّة , ومرّة واضحة
تلقى الرصيف
مثل الزمن , ماهو نظيف
تلقى الحكي مثل السكوت
تلقى الفقر والبهذله , في شكل بويات البيوت
تلقى الزمن معجون
بالحزن والكربون
تلقى الجراح اكوام
شايب , معوّق , منحني , أمّ وثلاث ايتام
تلقى السؤال اللّي كبر , واللّي غدى مخفي
فـ.. الشارع الخلفي !! .
*
*
كافتيريا السعادة
.
.
ملعقة سكّر كبيرة , حبّه لبتون , كاس من أردى الورق
كان ماغيره في البوفيه جالس , كان يتصبّب عرق
من ورى الدخّان يتبدّى جبينه
وبأصابع ترتجف حيره فرك عينه
تذكّر
كيف أجيب لوالدي ميزان ضغط , كيف اجيب علاج سكّر
هشّ بيديه الذباب
صاح به عامل غبي : هات الحساب ! .
*
*
على الرصيف
.
.
كان ماشي عالرصيف , وكان سارح في همومه
مرّ ( ددسن ) طرطش الما في هدومه
قال : ( يالله ماعلينا )
يعني ننهان ان وقفنا أو مشينا ؟
كانت ايديه افـ..جيوبه
نظرته تقرا الرصيف : طوبه طوبه
كان في حزنه وغلبه
حرّك أقدامه بحزن وشات علبه !
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> حبر الكتابة
حبر الكتابة
رقم القصيدة : 65499
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
صاح بي .. صاحبي .. والليل حبر الكتابه
كيف نرسم وطن للمتعبين أغتراب
كيف تطلع يدينك ... يارفيق الصبابه؟؟
وانت للتمر في شفتك طعم الغياب !!
قلت له ظلك الناضح ... بريق ومهابه
اطعن الظل واكتب من دماء الجواب
من رقا نخلة الدفتر ... وشق السحابه
تغسله باحتمالات المطر والتراب
كل ما خدرت ... صحو السؤال // الإجابه
سال قيظٍ تشجر من ضلوع السحاب
فوق نخلٍ جنوا طلعه ... وخانوا ترابه(61/429)
وارتدوا فوق ثوب الطين / طين الثياب
صبّي الغيم ياسلمى ... لناسً غلابه
من عطشهم على الما يحلبون السراب
اظهري مثل نفحة برق ... والفجر غابه
واختفي مثل ورده في ظنون الكتاب
غصنها يعزل الما .. من سراب التشابه
والنسانيس ترسم به نوافذ وباب
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالمجيد الزهراني >> طز .. ياشعب الكلام !
طز .. ياشعب الكلام !
رقم القصيدة : 65500
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
( 1 )
يامغفّل
ياغبي
يابلد...
ياعربي
يابلد يامُحترم جداً
ولاهو مُحترم
يابلد راغب علامه
يابلد نجوى كرم
يابلد صاير على هالكون عاله
يابلد يستورد الصابون
ويصدّر : زباله
يابلد يافا وحيفا
والله ( مالك الاّ هيفا )
يابلد إملا الفراغ
يابلد وتفضّل اعرب :
بلد المليون مُستشهد غدى
بلد المليون مُطرب..!
( 2 )
يابلد ..
يامكروفون..!
يامصافي نفط
ياكومة ديون
يابلد
يارشح
يازكمه
وياكثرة سعال
يابلد يبدا الأجابة :
قبل مايقرا السؤال !!
( 3 )
هاذي العروبة
كل واحد منشغل في كيّ ثوبه
مادفعنا لو دفعنا :
عن فلسطين الشظيّة
ماحمينا طفل واحد:
من رصاصة بندقيّة
يعني نتكلم وفي كل القضايا
بسّ مانحمل قضيّة !!
( 4 )
طزّ ياشعب الكلام
طزّ :
ياشعب المحبة والسلام
طزّ ياشعبٍ نسى يبكي على الدرّة ولكن :
مانسى يضحك مع عادل إمام !!
( 5 )
يابلد والله ورب البيت والشاهي ودخّان الحقيقة
ودّي الثم ريحة القدس العتيقة
يمكن اكسر حاجز الدمع الثقيل
يمكن احضن :
ثوب طفله في الجليل
يمكن اكتب عن وجودي
عن إهانة شيخ في قبضة يهودي
عن بقايا من شوارع
من عماير
عن بلادي كيف نامت في سرير الذلّ تتعاطى السجاير !!
( 6 )
يابلد هذا كلامي :
واضح وسهل ونظامي
بلد المليون مُخبر
ماقدر يمسك حرامي
...!
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالمجيد الزهراني >> مقاطع
مقاطع
رقم القصيدة : 65502
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا :
دام غيرك
صار يتعشّى لحم غزلان(61/430)
وانت تتعشّى مطبّق
حيل مالح
لاتصالح.
دام ثوبك ماهو مكوي
وناقص ازرارين ضاعت
دام ما عندك ثمن تشري المشالح
( لاتصالح )
.
.
نظرية :
الجبن
فطور مواطن
.
.
.
كفاءة :
قرار نظامي
ترقية مسؤول
إلى رتبة حرامي
.
.
.
وقت:
الساعه مو
( صنقل )
أو عقربين تفرّ
الساعه
عمر يمرّ
.
.
.
مفارقة :
والله شي تافه وناقص
ناس تهتزّ افـ....زلازل
وناس تهتزّ افـ....مراقص
.
.
.
بيان:
التاريخ
_ أرقام
_ أسماء
_ بطيخ
.
.
.
فلسفة :
وحدي ولا عندي جديد
أنا دخيلك : أصّ
ياصاحبي ماني وحيد
أنا وحيد ونُص
.
.
.
معلّقة:
العرق
سالفة جبين
.
.
.
يقظة :
اصح من نومك
وعش يومك
وجفنك فيّقه
وشهو الحلم الوسيع
وسط غرفة ضيّقه
.
.
.
مؤتمر:
قبل تبدا مؤتمر قمّة سلام
حُط كم قاروره مويه
حُط كم منديل فاين
وايّ مشروع او كلام
جهّز الصالة
وكم كرسي
وكم واحد ينام
.
.
.
دولة:
حُط فقر
حُط جوع
حُط كم شاشة غبيّة
حُط اغاني تافهه
لأحلى صبيّة
حُط : ترشيح اغلبيّة
تلقى دولة عربيّة
.
.
.
نادي:
حُط مجموعة كتب
حُط قاعة
حُط كلمة
( ربما )
أو
( حيثما )
أو
( ريثما )
حُط نظّارة لكم واحد غبي
تلقى نادي ادبي
.
.
.
زبون:
نعم ياقهوجي عجّل
ترى مافي جيوبي قرش
هات اللّي ابي وسجّل
أبي شاهي مهو فـ...برّاد
أبي في كاس
وابي واحد حجر ( مخلوط ) مثل الناس
.
.
.
اصدار:
_ مقاله سخيفة
_ خبر كاذب
_ حوار غبي
_ اعلان عن أحذية جديدة
........
يالله نصدر جريدة
.
.
.
مفقودات:
يعلن احمد عن ضياع ابنه رقم ( 7 ) , وكان
بتاريخ 12 / 5
.
.
.
ايديلوجيا:
لازم تصدّق كلّ الجرايد
كلّ الأخبار
من غير ماتسأل
_ كيف؟
_ ليه ؟
_ وش صار ؟
.........
بالعربي
( كن حمار )
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> نافذة الكهف
نافذة الكهف
رقم القصيدة : 65504
-----------------------------------
في مكان ينهار فيه الجناح
وتسوق الزمان فيه الرياح
ويفوح النسيان ألهثه الموت
كأفعى قد ألهثتها جراح
ويخاف السكون منه كطفل(61/431)
علقت في ثيابه الأشباح
كوكب ترصد النهاية عيناه
ولا شاطىء ولا ملاّح
ليس فيه من الحياة سوى الليل
ضريرا يقوده مصباح
وصحارى من العواصف تلتفّ
عليها من اللّظى أدواح
وسماء من الخرائب تجتاح
سماء نجومها أرواح
صور من براعم الموت فاحت
في عيون دموعها أقداح
ليس تدري آفاقها من شذاها
أين يهوى المجداف والإصباح
وهي ما أورق الفراغ دلاء
وهي ما أجدب السكون رماح
***
أنا في النهر صورة كسرتها
يد أعمى خياله لمّاح
فتماسكت عالقا بظلاّ لي
وهي تطفو كأنها ألواح
وتلفتّ والرجاء غراب
ضلّ , واليأس طائر صدّاح
والمصبّ العملاق أعور كالشمس
قد اجتاح رأسه مجتاح
وحرام على المصبّ ابتلاعي
وأنا منه جدول فوّاح
فنيت قوتي ومات خريري
ودعاني هديره الصيّاح
فتلعثمت ثمّ ناديت لبّيك
وجدّفت والهوى فضّاح
وإذا النّهر والرّياح دموع
في مآقيه والخرير نوّاح
نفضته أعماقه وتغشّى
ضفتيه من الضباب وشاح
فجرى عاصفا وحوّل مجراه
شتاء مزلزل وكفاح
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> لمعة
لمعة
رقم القصيدة : 65505
-----------------------------------
أين عيناك تبصران شموعي
وهي تذوي على ركام دموعي
أين عيناك تبصران عصافير
شبابي في عنفوان الربيع
ظامئات تنقرّ الحجر
الراشح ألقته ثورة الينبوع
جائعات تلوك ما قطع الزارع
من زهره الهزيل الصريع
لاهثات كأنها نفس النجم
وراء السّحاب قبل الطلوع
اين كفّاك تجمعان الذي
يسقط من عقد عمري المقطوع
فهي قد جمعّته من صدف الشا
طىء أمّي ومن غريب الزروع
أين عيناك أين قلبك يسترجع
دقّات قلبي المفجوع
وهو كالطائر الرضيع وقد أصبح
فوق الغصون غير رضيع
يبصر الريح وهي تعتصر النهر
وتلقيه كومة من نجيع
غير أني على الخرائب وحدي
ساهرا أصطلي لهيب شموعي
أرقب النجم وهو نور منيع
يترامى على الفضاء المنيع
وأشمّ الأمواج وهي قرابين
تضّحى للزورق المصدوع
وأحسّ الطوفان وهو على القمة
يتلو بصوته المسموع
قصة اليأس وهو يمشي على الأر(61/432)
ض برأس مكلّل مرفوع
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الجبل الزاني
الجبل الزاني
رقم القصيدة : 65506
-----------------------------------
عصى جرسي هذا هو الجبل الزاني
وهذا هو الرجّام ذو النفس الفاني
فلا تطرقي شبّاكه فهو شمعة
تخبؤها الظلماء عن نجمك الداني
ولكن أضيئي خطوة في طريقه
فإنّ الضياء الحرّ خطوة إنسان
فهذا سياج لم يكن ظلّ طائر
ولكّنه ظلّ لصخرة سجّان
هو القفر لا يسقي وكم في دلائه
من الجبل المرجوم أنجم غدران
عصا جرسي قد تسعد الطين زهرة
تفوح به أو يسعد الطلل الباني
وما النّار إلاّ باصطلاء جذورها
تعيش فكوني المصطلي الساهر الحاني
وهذا تراب لم تزل فيه ناره
وإن ذاذ عنها الريح مطفئها الجاني
فلمّي من الأحطاب تمثال غابة
ونادي له القاصي ونادي له الداني
فقد كان ميناء الحياة رصيفها
وداع لألوان لقاء لألوان
وحين يضيء الليل كلّ نجومه
وتعلو من الأمواج صيحة طوفان
أريقي به النار التي لم ترق به
وإن سكبتها فيه قبلك عينان
ونادي له الطفل الذي لم يزل له
ليحرق أحلام الحياة بأغصان
وقولي له والسحب تهوي بجمره
وترسم ألواحا بريشة ربّان
سلام مجير الطّفل من ثدي أمّه
سلام غريق لا يلوح بشطآن
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> النمل
النمل
رقم القصيدة : 65507
-----------------------------------
أتظمىء عينيك السماء وتستستقي
وأشرب من نهر التراب وأستبقي
وتعلو أعشاش النجوم بنخلة
من الريح أعلوها بسنبلة العمق
وتشمخ في قشّ الفراغ منقرا
سحائب أنفاسي فيمطر بي خفقي
وأمخر رايات الرياح لخيمة
معششة الأسوار في جبل الرقّ
وأشرف من نجم السياج ملوّحا
إلى النمل مطروف الحصاد على الأفق
فرّطت بمحراثي غصوني لنملة
وكم نملة شجراء تصفر في عرقي
تسامر عينيها قيود من الحصى
فتنعس والأصداء موغلة الطرق
كجارية الأحلام في برعم خبا
به الليل أغفت كالحمامة في الطوق
حكايتها والشّمس خيط غزلته
حكاية مصباحي المسافر في الشرق(61/433)
تعلّق في ثوبي كمؤودة رأت
ضفائرها واللّيل يبزغ للنطق
إلى غدر أمشي وطيّ عباءتي
غدير وقيد صام فيه عن الحرق
أريق له ناري على ساق شمعة
تقاذفها جزر الهدير إلى عنقي
وأنت بمجداف السّماء تزورني
تكتحل عيني بالزوابع والبرق
وشمسك في ليلي فضاء سلكته
إليك وأغلالي تجاذبني عنقي
ترابي في كفّي وريحي طائر
أناخ جناحيه وأغمض في أفقي
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الميلاد ...
الميلاد ...
رقم القصيدة : 65508
-----------------------------------
هذه الريح وهذا الجبل
وأنا والمنتهى والأجل
والجناحان وليلي قفص
والسياج الأبيض المكتحل
أيّ أنغامي الذي يسمعني
قمم تعزف فيها السّبل
والذي تبصر عيني غصنا
والذي يبصر عيني طلل
هذه الريح وهذا الجبل
وأنا والمنتهى والأجل
حطب يبحر في النهّر وفي
صدره النّار التي تشتعل
نسي الرفش عليه أثرا
ذكر الحطّاب فيه البلل
فعلى أيّ تراب تنحني
هذه الشمس التي تبتهل
وعلى كلّ تراب صنم
وعلى كلّ سماء بطل
هذه الريح وهذا الجبل
وأنا والمنتهى والأجل
والطريقان وحبّي أثر
أتخطّاه وسيري ملل
والتي قد رحلت في أثري
لم تعد منه وعاد الأمل
أشموعي والجى يذرفها
فصباحي أنجم تنهمل
والنّدى الإنسان في سنبلة
حلمه في ساقها يقتتل
هذه الريح وهذا الجبل
وأنا والمنتهى والأجل
وظلالي أدمع يسكبها
وقيود قد رماها الجبل
يوم ميلادي الذي قد نزلت
فيه أيّامي وأهلي نزلوا
نصبّوا لي شمعة تحرسني
ومشوا في ضوئها وارتحلوا
فإذا دقّ بصدري نفس
قرعوا أجراسهم واعتزلوا
هذه الريح وهذا الجبل
وأنا والمنتهى والأجل
ها هي النار مشت صخرها
في التماثيل دما يشتعل
دثرّي جرحي فلا تطفؤه
كلّ ريح جرحها مندمل
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الديك
الديك
رقم القصيدة : 65509
-----------------------------------
أناخ الغروب ظلال الرحيل
وعيني مسافرة في الأثر
تفتش عن جرّة في الرمال
وتبحث عن جمرة في الحجر
وتسأل ناطورة في الرياح(61/434)
عن الزرع والزارع المنتظر
عن الحاصدين وقد علقّوا
مناجلهم في سقوف الشجر
وراحوا على النار يسترجعون
عهود الحصاد وعهد المطر
عن العاطلين عبيد الطريق
ومولاهم الفاتح المنتصر
ينادون نوح الشراع الكبير
وطوفانه نائم في السرر
عن الضاربين خيام الحياة
بكلّ كئيب قصير العمر
تباغتهم ذكريات الشروق
فتعثر في ظلمات الحفر ..
كأنّهمو حارس في الطلول
ينقّل سلمّه في الجدر
يرمّم في صور الهالكين
ويمسح عنها غبار السفر
فيذكر قافلة في السّراب
وقافلة في ظلال الغدر
وديكا عراه ذبول المشيب
وقد أمسكته سطوح الحجر
لقد فاجأته طيور الصّباح
ينقّر في ريشه المنتشر
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> المسافر
المسافر
رقم القصيدة : 65510
-----------------------------------
فتح الإنسان عينيه وقال
لا أرى أثار طفلي في الرمال
أين ولىّ أين يا شمس وهل
من لظى عينيك تحميه الظلال
أين ولىّ أين يا ريح وهل
حين تشتدّين تأويه الجبال
أين ولىّ أين يا سحب قفي
واسمعي منه أغانيه الطوال
فهو صوت البحر سهران على
صرخة الطائر تدميه الحبال
وارتعاش القفر مسّت قلبه
نسمات من سراب وخيال
واهتزاز الجبل السكران في
قلبه البركان قد غنّى ومال
وانتفاض الكوكب النائي رأى
قدم الكلب على عنق الغزال
وصراخ العبد في النار هوى
حاضنا أغلاله السود الثقال
وغفا الإنسان إلاّ شمعة
زادها الفجر اشتعالا في اشتعال
وعلى أضوائها الحمر مشى
ذلك الطفل السماويّ الجمال
حاملا إكليل زهر لم يلد
مثله غصن على تلك التلال
وإذا ما اشتبكت أظلاله
بظلال الفجر ألقاه وقال
حمل الناس الأماني مثلما
حملت عودا من القش النمال
أمطري يا هذه السحب فلن
تطمسي آثارهم فوق الرمال
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> المدينة المحاصرة
المدينة المحاصرة
رقم القصيدة : 65511
-----------------------------------
البحر يحكي للنجوم حكاية الوطن السجين
والّليل كالشحّاذ يطرق بالدموع وبالأنين(61/435)
أبواب غزة وهي مغلقة على الشعب الحزين
فيحرّك الأحياء ناموا فوق أنقاض السنين
وكأنّهم قبر تدقّ عليه أيدي النابشين
وتكاد أنوار الصباح تطلّ من فرط العذاب
وتطارد الّليل الذي ما زال موفور الشباب
لكّنه ما حان موعدها وما حان الذهاب
المارد الجبّار غطّى رأسه العالي التراب
كالبحر غطّاه الضباب وليس يقتله الضباب
ويخاطب الفجر المدينة وهي حيرى لا تجيب
قدّامها البحر الأجاج وملؤها الرمل الجديب
وعلى جوانبها تدبّ خطى العدوّ المستريب
ماذا يقول الفجر هل فتحت إلى الوطن الدروب
فنوّدع الصحراء حين نسير للوادي الخصيب ؟
لسنابل القمح التي نضّجت وتنتظر الحصاد
فإذا بها للنّار والطير المشرّد والجراد ..
ومشى إليها الليل يلبسها السواد على السواد
والنّهر وهو السائح العدّاء في جبل وواد
ألقى عصاه على الخرائب واستحال إلى رماد
هذي هي الحسناء غزة في مآتمها تدور
ما بين جوعى في الخيام وبين عطشى في القبور
ومعذّب يقتات من دمه ويعتصر الجذور
صور من الإذلال فاغضب أيها الشعب الأسير
فسياطهم كتبت مصائرنا على تلك الظهور
أقرأت أم ما زلت بكّاء على الوطن المضاع ؟
الخوف كبّل ساعديك فرحت تجتنب الصراع
وتقول إنّي قد وشقّت الريح الشراع
يا أيّها المدحور في أرض يضجّ بها الشعاع
أنشد أناشيد الكفاح وسرّ بقافلة الجياع
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> السيول
السيول
رقم القصيدة : 65512
-----------------------------------
لم يترك السيل غير الحبل والوتد
من ذلك الشعب أو من ذلك البلد
وغير بعض العرايا الساحبين على
تلك الوحول بقاياهم من الولد
وغير ما شاهدت عيناك من جثث
منفوخة لم تزل مجهولة العدد
هنا حطام هنا موت هنا غرق
هنا بقايا رغيف عالق بيد
هنا العيون التي تصطكّ ميّتة
هنا الشفاه التي تدعو لثأر غد
تلك البقيّة من شعبي فداك أبي
وتلك أمّي وما في الخيش من أحد
إن جئت تسأل عن أطفالها صرخت
وقهقة السيل لم تحبل ولم تلد(61/436)
يا من نصبت لهم سود الخيام على
صفر الرماد لقد غاصت إلى الأبد
ألست جلاّدهم فاربط غريقهم
واسحبه خلفك بالأمراس والزرد
واترك لأطفاله آثار جثته
دما توّهج فوق الرمل والزّبد
دم سترعش قلب الأرض صرخته
يا نار قد صحت الأموات فاتقدي
دم سترعش قلب الأرض صرخته
يا نار قد صحت الأموات فاتقدي
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> تحدي
تحدي
رقم القصيدة : 65513
-----------------------------------
أنا لا أخاف من السّلاسل فاربطوني بالسلاسل
من عاش في أرض الزلازل لا يخاف من الزلازل
لمن المشانق تنصبون لمن تشدوّن المفاصل
لن تطفئوا مهما نفختم في الدّجى هذي المشاعل
الشعب أوقدها وسار بها قوافل في قوافل
أنا لا أخاف من فاعصفي بي يا عواصف
أنا لي رفاق في دمي تدوي وعودهم القواصف
وتضيء في عينيّ خاطفة بروقهم الخواطف
وتسيل من كفيّ جارفة سيولهم الجوارف
أنا لا أخاف ومن أخاف ولي رفاق يا عواصف ؟
قد أقسموا والشّمس ترخي فوقهم حمر الضفائر
أن يطردوا من أرضنا الخضراء تجّار المقابر
ويحرّروا الإنسان من قيد المذابح والمجازر
ويحرّروا التاريخ من قلم المغامر والمقامر
فنحقّق الوطن الكبير لنا ونزرعه منائر
ها هم هناك أخي هناك هووا صواعق في صواعق
فانظر لمن زرع المشانق تحصده المشانق
وانظر لمن حفر الخنادق كيف تدفنه الخنادق
هم قادمون أخي لقد ركزوا على الفجر البيارق
وهوى وراءهم الظلام الميت تأكله الحرائق
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> دقت الساعة
دقت الساعة
رقم القصيدة : 65514
-----------------------------------
ليس ذنبي إن كان للنور قبر في بلادي وللمكافح قبر
وتفشّى الظلام كالداء لا يوقف طوفانه المدمّر فجر
إنّني أكتب الحقيقة لكن ثورة الحق في بلادي كفر
قلمي في الحديد في ظلمة السجن طريح مكبّل لا يصرّ
نفسي حائم يفتّش في الظلمة عن منفذ ولا يستقرّ
أبدا أرفع العيون إلى الباب ولا حامل شعاعا يمرّ(61/437)
وإذا ما سمعت دمدمة الريح تدوّي قلت العواصف كثر
سوف تجتاح حائط السجن يوما
فوراء القضبان يلهث حرّ
غير أنّ الأيام تمضي وتمضي
وأنا شمعة تذوب وفكر
وأمدّ الأنفاس مدّ فريق
أين من موجه الشديد المفرّ
أين شعبي لقد تذكّرت أنّي
لي دين في عنقه لي عمر
أين أنفاسه تحطّم قيدي
أين ثاراته أما لي ثأر ؟
إنّ شعبي العملاق في القمقم مثلي وفوقه الليل بحر
ويعاني الذي أعاني وهل يفرح نسر وفي السلاسل نسر !
وهو لا بدّ حاطم قيده الأسود يوما والنصر يتلوه نصر
فإذا الصرخة الكبيرة تدوّي
وإذا العالم المقّيد حرّ
البساط الكبير يفرش للظافر قومي إفرشيه فاليوم خمر
وغد نحن من صنعنا غد العالم عمّدانه الأيادي الحمر
للملايين يفرحون به العمر فما فيه ظلمة أو قفر
قد جعلنا الإنسان أثمن ما فيه له الأرض والسماء مقرّ
وجعلناه كالرياح طليقا غده في يديه نور وزهر
غدنا أيها القريب لقد أوشك يمشي على الطريق الفجر
نحن لن نترك السلاح وفي الأرض أسارى وآسرون وأسر
ساومونا على الحياة كما شاؤوا وما للحياة سوق وسعر
وإذا ما صلاهم قلم الحر شعاعا يلقيه في الأرض فكر
صرخوا صرخة الغراب على الجيفة واستنسروا وكرّوا وفرّوا
ثمّ صاحوا بالشعب وهو دموع عتقّت في كؤوسهم فهي خمر
إنّ تمثالك المقدّس يا شعب حطام بكلّ أرض يجرّ
قتلوه فخذ بثأرك يا شعب فللميّت المقدّس ثأر
غير أنّ الذي ينادون سدّت أذنه الريح والصّباح الأغرّ
وعلى ضوئه تراءى له الوحش وقدّامه الضحايا الكثر
أيها الشعب أيها الميت الحيّ بأرض منها القبور تفرّ
هكذا تصنع النعوش لكي ترقد فيها وأنت يا شعب زهر
خالد العطر مثقل بندى الفجر ولكن لا يطرد الجوع عطر
هكذا قدّروك ميتا على الأرض وأيامهم لشمسك قبر
يمضغون السنين من عمرك النضر ويلقونها ومالك عمر
أنظر الصين كيف ثارت على الموت وفي الصين للملايين نصر
كيف هدّت جدران معبدها الرحب وفيه الأصنام بيض وصفر
صرخات العبيد في أذنيها
جمعت فالعبيد بعث ونشر(61/438)
ورياح تسوقها مثلما ساق الدهور البطاء في الأرض دهر
ضربت موعدا له أمم الأرض فطارت به الجياد الحمر
دقّت الساعة الرهيبة وانشقّ عن المارد المخدّر ستر
أسندته إلى الجدار الأعاصير كسكران نال منه السّكر
وشظايا الكؤوس غائصة فيه كما غاص في حشا الأرض جذر
نسمات الصباح يا حلم التائه يمشي والقفر شوك وجمر
بلّلي وجهه وشدّي خطاه
فطريق الكفاح صعب ووعر
ملأته الأشواك والدم والدمع ولكّنه الممرّ الممرّ
أيها الشرق كان ظلّك في الأرض سحابا يمرّ ما فيه قطر
تشرب البوم من جداولك الخضر وتروى وليس ترويك بئر
أورثوك القيود عن صنم مات فأشقاك في حياتك قبر
هم لصوص التاريخ كم سرقوا منه شعوبا مصّوا دماها وفرّوا
وهم المالئون أرض أمانيك ظلاما يضلّ فيه الفجر
غير أنّ الحياة أقوى من الموت ولن يهزم الحياة القبر
هي كالبحر مدّها الأمل الهادر طول السنين واليأس جزر
يكشف الصخر حين يرجع بالموج ولن ينجي الغريق الصخر
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> صليل الحبال
صليل الحبال
رقم القصيدة : 65515
-----------------------------------
أخي من خلال حبال السياط ومن حلقات القيود الثقال
تطلّع إلى وطن الكادحين وقد شنقوه بسود الحبال
ولفّوه بالخرق الباليات وألقوه في ظلمات الحفر
وهالوا عليه التراب الكثيف كأن لم يكن في ربيع العمر
أخي من خلال الجدار الكئيب ومن فجوات الدّجى والحطام
تطلّع إلى الأعين الغائرات وقد علقّت بسقوف الخيام
هنا يمضغ الجائعون التراب هنا يعصر الظامئون الحجر
هنا تكتسي بالظلام العراة أخي من هنا سوف يمشي الشرر
أخي من هنا سوف تجري السيول
فتجرف أغلالنا والوحول
ويثأر من قاتليه القتيل
فنقرع أجراسنا والطّبول
ولن نحرث الأرض للمرتوين
من الدّم يجري على كلّ طين
ولكن لأطفالنا الجائعين
وقد ملأوا بالتراب البطون
ولن نستقي قطرات المطر
ولن نكتفي بجذور الشجر
ولكن بكلّ شهيّ الثمر
سقيناه حتى ارتوى وازدهر(61/439)
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> المهاجرون
المهاجرون
رقم القصيدة : 65516
-----------------------------------
أخي في الكفاح أخي في العذاب
أتسمع مثلي عواء الذئاب
تفزّع أطفالنا النائمين
وتنذر أحلامهم بالخراب
ويفتح أعينهم في الظلام دويّ الرصاص ولمع الحراب
وتخنق صرخاتهم كالنّجوم إذا خنقتها حبال السحاب
ولكّنه سوف يأتي الصباح ويكسر أبواب هذا الضباب
يضيء لنا أرض آبائنا
وأرض طفولتنا والشباب
فتورق آمالنا كالغصون وكانت جذورا ببطن التراب
فقم وادع مثلي ليوم الخلاص وميلاد تلك الأماني العذاب
وإن قيدّوك وإن عذّبوك وإن هدّدوك بشرّ العقاب
فلا تستكن يا ابن هذا التراب أمام وحوش الحياة الغضاب
بل اغرس قيودك في صدرها
كما غرست فيك ظفرا وناب
وإنّ وراءك شعبا يصيح وإنّ أمامك فجرا مذاب
أخي يا ابن هذا التراب الحزين أتسمع مثلي أنين التراب
وقد ملأته جيوش العراة أسارى الرغيف سكارى العذاب
يشدّهم الغاصب المستبدّ كما شدّت العنكبوت الذّباب
يخدّرهم بفتات الرغيف ويسكرهم ببقايا الشراب
ويسكنهم هاويات الخيام ويلبسهم باليات الثياب
طريقهم ملأتها القبور ورنّت بها ضحكات الغراب
ولكنّ خلف دجاها الكئيب تطلّ نوافذهم والقباب
وهم يرفعون إليها العيون ولا يملكون إليها الذهاب
وهم والليالي تنسّي الغريب وتلقي على الذكريات الحجاب
مضوا يحفرون بدمع العيون ودمع القلوب طريق الإياب
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> حطام القيود
حطام القيود
رقم القصيدة : 65517
-----------------------------------
أنا المقيّد لكّ،ي سأنطلق
زأترك السجن خلفي وهو يحترق
وأخلع الكفن الدامي وقد رشحت
خيوطه بدمائي وهي تنبثق
واهدم الصنم المجنون صارخة
حريتي في يديه وهي تختنق ..
هي الحياة تناديني وملء دمي
أحسّ أمواجها الحمراء تندفق
ولن يعيق خطاي الشوك مرتفعا
ولن يخدّرني من ورده العبق
هي الحياة ولا تبقي على أثر
لكلّ من سار بالأكفان يستبق(61/440)
كذلك البحر لا تبقي به رمم
ولا تحرّكه أنفاس من غرقوا
الحيّ حيّ به , والميت تقذفه
أمواجه فهي للأحياء تصطفق
فانشد نشيدك للشعّب الذي سرقوا
دماءه وهي في أعراقه مزق
وخلّفوه وفأس العمر في يده
جرداء يرشح منها الدمع والعرق
أنا المقّيد لكن سوف أنحت من
أغلالي السود فأسا ليس تنكسر
وأهدم الحائط العالي الذي غلقت
فيه النوافذ لا شمس ولا قمر
وأجمع الريح في كفّي وأطلقها
على الذين بهذا الشعب قد كفروا
وجمعّوه على أبواب مقبرة
تكاد من هولها الأموات تنتحر
وقيل هذا الروض الذي حلمت
به عيونك فيه الظلّ والثمر
لكّنه الفجر ذو الأنوار أدركهم
وهم قوافل بالظلماء تستتر
فأبصروا القبر والحفّار متكيء
عليه للميّت الموعود ينتظر
إرادة الفأس أن تهوي السجون ولا
يبقى على الأرض من أحجارها حجر
فاشحذ فؤوسك يا ابن الشعب مقتلعا
هذي القبور التي للشعب قد حفروا
وأنت لا بدّ يا ابن النور تنتصر
وأنت لا بدّ يا ابن الشعب تنتصر
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> تاريخ
تاريخ
رقم القصيدة : 65518
-----------------------------------
فمك المكبّل بالحديد وفمي المكبّل بالنشيد
صوتان للحريّة الحمراء في وطن العبيد
متكسّران تكسّر الأمواج فوق الزورق
متعاظما بحطامه وكأنّه لم يغرق
قيدان في هذي الطريق يتطلّعان إلى الحريق
كالشاطىء الراسي يحاول سحبه نفس الغريق
متهافتان تهافت الظمآن فوق الجدول
متحصّنا بصخوره حصن الظلام بمشعل
عينان في سجن الخريف تتحرّقان إلى الحفيف
كتحرّق الحرّ المقيّد للنّسيم وللرصيف
منذورتان إلى الربيع استيقظي وتحرّري
يا هذه الأزهار من غصن الدّجى المتحجّر
جرحان في خرق وطين لا يعرفان من السنين
غير السّياط الراشحات حبالها بدم السجين
كحمامتين طريحتين على جدار مظلم
تتنفسّان نسائم القفص الملطّخ بالدّم
شعبان في الوادي الخصيب شنقا بأمراس اللهيب
وتطوّحا كتطوّح النسّمات في القفر الجديب
كشعاعتين رضيعتين على ذراعي كوكب(61/441)
نزل السّحاب عليهما بالخنجر المتوثّب
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> جنازة الجلاّد
جنازة الجلاّد
رقم القصيدة : 65519
-----------------------------------
إغسلوه بما جرى من دمائه فتراب العطاش أولى بمائه
وارجموا نعشه كما ترجم البومة بالباقيات من أشلائه
وامنعوا الشمس أن تضيء على الخائن حتى في مهرجان فنائه
وإذا سارت الجنازة والنّجم مشيح عن ركبها بضيائه
فاطردوا حافر القبور عن الأرض التي لطخّت بوحل دمائه
واحرقوا الجيفة الخبيئة وامشوا وأطلّوا بها على أبنائه
ولتكن كومة الرماد إلى الذئب فراشا وللغراب التائه
أيها الهالك الممدّد في الكهف يلوك الطريح من أنفاسه
أنسيت الجلاّد لمّا تزل ترعش عنق المشنوق في أمراسه ؟
أنسيت الجلاّد لمّا تزل تسمع صوت الفناء من أجراسه ؟
والوحول التي شربت ألا تذكر يا من نقشت جدران كاسه
أنت ميّت إن لم تشر ثورة الريح وتهوي بسقفه وأساسه
وتعيد المنهوب من هذه الأرض التي تستغيث من أغراسه
فتدبّ الجياع تحرث بالكفّ ثراها المحروم من أعراسه
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> ارفعوا الأيدي عن أرض القناة
ارفعوا الأيدي عن أرض القناة
رقم القصيدة : 65520
-----------------------------------
يا سهير
أنا في المنفى أغنّي للقطار
وأغنّي للمحطّه
أيّ هزّه
حينما تومض في عينيّ غزه
حينما تلمع أصوات الرفاق
حينما تنمو كغابه
من بروق ورياح
حينما يلمع برق الكلمات
كلمات من حديد
تطرق الباب الحديد
اطرقي يا قاهره
واطرقي يا غزّتي
واطرقوا يا إخوتي
ولتضيء كلّ شبابيك القطار
بعيون كالنّجوم
بعيون العائدين
لمتاريس الكفاح
في بلادي وبلاد الآخرين
ولتكن كلّ الأيادي عائله
***
أيّ أيام عذاب
أن يكون الحلم دوري في الكفاح
وأنا أكتب دوري في الكفاح
وأنا أخشى الإطاله
في الرساله
وأنا أكتب من أجل القناه
وأنا أحذر من همس القلم
وخطى السجّان فوق الورقه
وبقلب القاهره
قصف رعد المطبعه
قصف رعد الكلمه
يا لمجد الكلمه(61/442)
حينما تغدو عناقيد ضياء
في أيادي الشعراء
***
أيّ أيام عذاب
وهنا ظلّ سماء من حديد
وظلام في الظّهيره
وسماء القاهره
السماء الظّافره
بنجوم الدّم تزهو في النّهار
نجمة تومض من كلّ رصاصه
أطلقتها من يد التلّ الكبير
يد فلاّح شهيد
لم تزل تنبض في التلّ الكبير
نجمة من عرق الفلاّح حفّار القناه
دمه الأبيض والنازف من نبع الجبين
دمه الأبيض والنازف أمواه القناه
نجمة من كلّ فلاّح وعامل
في العراق
رغم " نوري " والوثاق
نجمة من كلّ ثائئر
في الجزائر
نجمة من كلّ أبناء السلام
فوق أسوار بكين
نجمة من كلّ شغيّل على أرض لينين
نجمة من قلب عمّال المحطات البعيده
فردوا الرايات مثل الأجنحه
لن تمرّ الأسلحه
نجمة من قلب بكداش الصديق
نجمة من قلب عمّان المجاهد
أبو خالد
نجمة من كلّ جرح لم يضمّد
في بلادي لمشرّد
نجمة من ثغرك الزاهي النضير
يا سهير
يا سهير
وخطى المستعمرين
تفزع الأرض ضجيجا وجنون
تهدّد
تتوعّد
بأساطيل ورق
عائمات
في وحول القرصنه
الأساطيل التي سارت بريح القنبله
وبريح السلب والنّهب وإعصار السموم
وإلى السّور العظيم
تضرب الشعب العظيم
وبأفيون حشته في القنابل
تفرض الوحل على الشعب العظيم
الأساطيل التي حطّت على الهند الرحال
وكأعاصير جراد
تنهش الأرض وتمتصّ الحياه
الأساطيل التي بيضّت السهل الكبير
بعظام الكادحين الأشقياء
الأساطيل التي جرّت شعوبا في المياه
خلفها وهي تسير
نحو أسواق الرقيق
وهم أجداد " روبنسون "
وهمو من يرعشون
مثل أغصان الشجر
وهمو من يبصرون
خلف صلبان اللهيب
نجمة سبارتاكوس المشتعله
الأساطيل وما زالت شظايا القنبله
بدماء الشهداء الأبرياء
وهجا يلمع في موج ورمل اسكندريّه
وعلى أمواج بيروت الضحيّه
وهجا يصرخ لن تلقي الأيادي الهمجيه
بمراسيها على أرض القناه
فارفعوا الأيدي عن أرض القناه
فبحار العالم المصطخبه
لم تعد أمواجها للقرصنه
والأيادي العفنه
ليس هذا عصر توفيق الجبان
لا ولا عصر ديجول
مونتجومري والفلول(61/443)
ليس هذا عصر نوري مندريس
عصر صيّادي الرؤوس
عصر سفّاحي الشعوب القتله
عصر حرّاس كنوز القرصنه
ليس ذا عصر دالاس
الأب الوارث من صدر الوحوش
ما تبقّى من نفس
إنه عصر جديد
عصر إنسان جديد
ولدته فوق أطلال " دين بين فو "
الخضاب
ابتسامات جياب
عصر باندونج وأعراس الأمل
عصر خبز وعسل
عصر أطفال الجزائر
عصر أطفال أمّ صابر
عصر رايات عرابي العائده
فوق أكتاف حمامه
عصر غابات الملايو اللامعه
وبومضات الرصاص
وبأنوار الخلاص
***
إنّه عصرك مفتوح الذراعين يسير
وينادي يا سهير
أنت لن تلعب أيامك في ظلّ المدافع
أنت لن تطغى على شدوك رنّات السلاسل
وانفجارات القنابل
فستنمين تحبين ةتغدين عروس
وستنمو زهرة الحبّ وتكبر
عمرها تسعة أشهر
وستهدين إلى العالم طفله
أيّ طفله
هي لن تدرج في ظلمة خيمه
لا ولن يجرحها سلك معسكر
فستنمو وعلى درب ربيع ومسير
وفلسطين ربيع ومصير
رسمته بالجناحين حمامه
حلم تحرسه كلّ الأيادي عائله
إنّه عصرك مفتوح الذراعين يسير
وينادي يا سهير
إنّه عصر يسير
وأنا أيضا أسير
ومع العصر الكبير
رغم عجزي وأنا أبني المصير
وأنادي يا سهير
وتنادين أخي
وبصوت كحفيف الأجنحه
وذراعاي أخي مفتوحان
منذ عام وشهور
وهما تنتظران
وهما تشتعلان
كلّما صفّر في الليل قطار
كلّما صاح مشرّد
وهو يلقي وعلى منزلنا المطفأ نظره
أيّ ثغره
في متاريس الكفاح
وكفى دقّا بكعب البندقيه
لشبابيك بيوت الأصدقاء
وأنا مثلك أغلي كلّما مرّ قطار
وأنا ألعن عجزي كلّما طار خبر
عن أياد صادقات كالشراشر
طاردوها لتهاجر
ولكي تعرق في أرض غريبه
ولها أرض خصيبه
ورحيبه
وأنا ألعن عجزي
كلّما طار خبر
عن يد خلف الحدود
أثقلت صدر المدينه
بدخان المحرقه
عن يد خلف الحدود
لم تزل تنهش في كنز عرق
لم تزل تنهش في كنز دماء
لرجال ونساء
في معسكر
ضربت قبضة أيّار المعسكر
وأنا ألعن عجزي كلّما هبّ ضياء
عن رجال شرفاء
وعلى أبواب غزّه
و يد خلف الحدود
ورنين القيد في كلّ رصاصه(61/444)
أثقلت أصداؤه أرض العراق
وهي لم تثقل أمواه القناه
***
أهنا معركتي خلف اللهب
أهنا أقتات خبزا وغضب
ودروب المعركه
رحبه تحضن كلّ الخطوات
رحبة ليست تضيق
بصديق أو رفيق
بأيادينا التي تبني الصداقه
وعلى أنقاض أسلاك غريبه
بين شعبين على أرض خضيبه
وعدو يرتعش
وهو في رعشته يطلق أنفاسا أخيره
لرصاصات أخيره
لم يعد يملك زادا أو ذخيره
لم يعد يملك من أمر الحياه
غير أشلاء مياه
وهو يرميها على أرض القناه
وعلى كلّ مكان
قد غدا أرض القناه
وبلادي قد غدت أرض القناه
أوتدرين عذابي يا سهير
وأنا أنهض في كلّ صباح
ويدي أيّ يد جرداء من غير سلاح
وهي لن تخضرّ إلاّ بالكفاح
وهي لن تخضرّ إلاّ فوق أرض المعركه
حينما تضرب جذرا من دماء
في تراب المعركع
أوتدرين عذابي يا سهير
وأنا أنهض في كلّ صباح
وبعينيّ شذى حلم الكفاح
أنا أمشي في دروب القاهره
تحت أقواس ربيع الكبرياء
بين أغراس الدماء
أحضن الأيدي التي تبني الضياء
أحضن الأيدي التي تحرس أمواه القناه
بالظلال الراعشات الساطعات
ولحفّاري القناه
وهمو يستقبلون
وهمو يحتضنون
كلّ بحّار على ظهر سفينه
لم يخن مجد العرق
وهو وضّاء على صدر القناه
صوته يلمع كالبرق بإصرار الحياه
إرفعوا الأيدي عن أرض القناه
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> السجن الكبير
السجن الكبير
رقم القصيدة : 65521
-----------------------------------
سيظلّ يحرسه العراق
سيظلّ يخفق في العراق
في ظلّ أقواس المشانق والرصاص
قلب المقاومة العنيدة , والخلاص
جنبا إلى جنب يدقّ مع القلوب
في جبهة السّلم العريضة والشعوب
أترى إلى شعب العراق
يعدو بأشلاء الوثاق ؟
وعلى جواد من لهب
في أرض معركة الشعوب
أترى سنابكه الخّضيبه
بدما مخالبك الرهيبه
هو ليس حلما ما ترى
أم أنت أعمى لا تري
إلاّ كراتشي أنقره ؟
إلاّ كلاب المقبره
والأرجل المتكسّره
أترى إلى فهد الشهيد
قد عاد يا نوري السعيد
قد عاد يركب مشنقه
أولم يعدك بمشنقه
من صنع أيدي الكادحين(61/445)
وجميع صرعى حكمك الدّموي عادوا يركبون
ظهر المشانق والبنادق والسّلاسل والسّجون
أحسبتهم قتلوا كما دبّرت ذلك في الخفاء ؟
لكنّهم عادوا ودلّ عليهم زهر الدماء
يهدونه الشعب الذي وقفت قواه بلا ركوع
وبلا فرار أو رجوع
في وجه ما أسميته حلف الدفاع
وهو الخيانة والضيّاع
وهو المرور بلا انقطاع
من تحت أقواس السجون
ولكي يظلّ النفط يدفق في فم المستعمرين
ولكي تظلّ وبالسياط تهزّ للمستثمرين
أثمار أيدي الكادحين وإنّ أيديهم غصون
أنا لا أقول بأنّ إمضاء الرصاص على الصدور
أنا لا أقول بأنّ إمضاء السياط على الظهور
هو ليس إمضاء الذين وراء ظهرك يا أجير
ولكي يمرّ الحلف مختالا على ظهر القبور
لكّنه كذب وتزوير إذا قلت العراق
أو أنّ فلاّحي وعمال العراق
أو أرضهم وسماءهم ذات النّجوم من الدماء
قد طوّقوا أو طوّقت أوطانهم بالسّلسلة
وغدوا عبيد القنبله
بل أنّ صدرك وحده هو موطن الحلف الطريد
وهو القواعد والخنادق والمعسكر للجنود
فيا عدوّ المطبعه
وعدّو أشواق الورق
وإلى حروف المطبعه
إن كنت صادرت الورق
فلسوف نطبع بالعرق
فوق الأيادي والجباه
منشور حبّ للحياه
فانشر لصوصك في البلاد
ليصادروا
كلّ الأيادي والجباه
لنصفّ يا نوري الحساب
فليسمع المتآمرون بلا التواء
هذا الكلام من الدّماء
لو يجرؤون ويدخلون
فسيركض الدم في الدروب
معلّقا نيرانه
فليقرأوا نيرانه
فستستحيل إلى سيوف , كلّ أغصان السلام
ولطائرات قاصفات كلّ أسراب الحمام
وستقفز القضبان غضبى من زنازين السجون
وستستحيل إلى سواعد تضرب المتسلّلين
ومن الجراخ النابضات الفاغره
أفواهها لقواكم المتآمره
سنقيم متراسا ونحفر خندقا للمعركه
ونمدّ أسلاكا من الدم شاهقات شائكه
وفم الدم الغالي يسيل وقد تعانقت الخنادق
لن تحلبوا إلاّ أيادي من حديد من حرائق
إنّي ألوح بالقيود إليك يا نوري السعيد
أنا في عذاب لن تمرّ به فتدرك ما أريد
أنا في عذاب واشتعالي في صعود في امتداد(61/446)
هو ليس من تشريد عائلتي وفي شتّى البلاد
هو ليس من شوقي وليس من الحنين إلى الرفاق
لكن لأنّي لست في أرض العراق مع العراق
أو في الشوارع أينما كان انفجار وانطلاق
أبدأت تعرف ما المصير وما الجريمة والعقاب ؟
أبدأت تلمح ذلك الشرر المهدّد في الضباب ؟
وإلى ضحايا الحلف سوط الإضطهاد والاغتصاب
تمتدّ أيديهم دما ولظى ومن تحت التراب
أبدأت تحصي إرث ما سجنت وما اغتالت يداك ؟
إرث المشانق والمذابح والمنافي والهلاك
ولكي يقسّم بين أعداء الشعوب قذى وعار
أبدأت تحزم في الحقائب أين أزمعت الفرار
ويد الجماهير العريضة في الطريق وكالجدار
أين المفرّ فلا طريق إلى القطار أو المطار
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الصوت ما يزال
الصوت ما يزال
رقم القصيدة : 65522
-----------------------------------
مدينتي , أقراطها الزنابق البيضاء
وعقدها حبّاته براعم الأنداء
يحبّها علاء
أخي الذي يجوع والربيع في مدينتي ذراع
وبرتقاله على الشجر
أخي الذي يرشّه الرصاص والمطر
إليك من دمائه اللألأة السّلام
ومن مدينتي السلام
مدينتي الشاهرة السلاح والجراح
متراسها الأمواج والنيران والرياح
وخلفه تلألأت خوذتها الحمراء
سحابة حمراء
من اللهيب والدماء
ومن قيودي التي تهزّني إلى النضال
إلى الخنادق البعيدة المنال
إلى البنادق الرفرافة الظلال
وفوّهاتها العيون لا تنام
سهرانة على السلام
ومن يدي التي تحنّ للزناد
وضغطة على الزناد
وصرخة الرصاصة الثاقبة الهواء
هواؤك المقاتل الغزاه
الهابطين بالأكفان
من مقابر الفضاء
مصلّبين كالدمى على الهواء
وصرخة القنبلة الثاقبة الأمواج
فتنهض الأمواج
أعماقها المسنونة المياه
تحفر القبور في المياه
ووقفة في أرضك المنبتة العناد
والحقد في النوافذ المكسورة الزجاج
قناعه اللهيب والدخان
فوّهة لبندقية بلا إصبع على الزناد
تقاتل الغزاه
ويحرس الحياه
رصاصها المقاتل الغزاه
وتطلق المدافع الحارسة الفضاء
حمامة من اللهيب والدخان(61/447)
في الفضاء تحرس الفضاء
والصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
صوت المدينة العنيدة النضال
يرنّ في الأنقاض والدخان
يرنّ في جدارنا هنا فنلعن الجدار
هنا ترفرف الشجاعة المكسورة الجناح
هنا يد بلا سلاح
هنا دم بلا جراح
وبيننا وبين نارك الصديقة اللّهيب
يا بور سعيد هذه الأسوار
لكّنها لم تثننا الأسوار
تطلّعي تري ظلالنا تهبّ كالرياح
إلى خنادق الكفاح
تسلّقت ظلالنا القضبان والأسوار
ظلالنا الشاهرة السلاح
ظلالنا تقاتل الغزاه
والصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
يهبّ في المدينة العنيدة النضال
فتزهر الرجال في الأنقاض والدروب
وتومض الأنفاس في الصدور
وينبض السلاح من جديد
في يد المقاتل الشهيد
وتشهر النيران في النوافذ المكسورة الزجاج
قبضاتها لتلهب الغزاه
وتعصف الرياح كالمدى
تسمّر الغزاه
على مسالك الدروب
وفي مدينتي التي تهزّها
عواصف الكفاح
تهزّها من الجذور
مدينتي التي نهارها رصاص
وليلها رصاص
وأرضها التي تعضّ في خطى الغزاه
الصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
يرنّ في المعسكرات والتلال
وفي خطى النساء والأطفال والرجال
إلى الأمام , والسلام يا ابتسامة الكفاح
إلى الأمام , والسلام يا يدا بلا سلاح
إلى الأمام , والسلام يا رصاصة تطيش
من رعشة الحقد على الوحوش
إلى الأمام , والسلام يا رصاصة تصيب
سلامنا لخندق يشمخ بالمتراس
سلامنا لخندق عار بلا متراس
سلامنا إليك يا فراشة ,
قد رفرفت على غزال
ومن حموا إشراقة النضال
ومن حموا جمال
وأقبلوا عليك بابتسامة السلام والسلاح
وبابتسامة الكفاح
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> المتاريس
المتاريس
رقم القصيدة : 65523
-----------------------------------
قد أقبلوا فلا مساومه
المجد للمقاومه
لراية الإصرار شاهقه
للموجة الحمراء من صيحاتنا المعلّقه
على الشوارع الممزّقه
ولليد المكّبله
ولليد الطّليقة المناضله
المد للجريح والمثقوب قلبه وللمطارد(61/448)
مدينتي ! قد أقبلوا ليلا من الأظفار والخناجر
وكنت نجمة تقاتل
أضواؤها العريانة السلاسل
وكانت الذئاب تقتفي خطى الجداول
وكنت ماردا من السنابل
يداه منجلان والجراد زاحف قوافل
يريد أن يجرّ للطاحون مارد السنابل
***
مدينتي يا أدمع البركان قد جرت مشاعل
ويا ابتسامة الزلازل
مطبوعة سيفا على جبين شعبي المكافح
مدينتي زنبقة خضراء لم تنم على سرير فاتح
ولم تصبّ الزيت في مصباح خائن
رموشه بساط كلّ مقبل ورائح
من صانعي المذابح
ولم تهب ضفيرة أسلاك معتقل
ولم تقبّل سوط طاغيه
كجاريه
مدينتي ! رأيت كيف تنسج الأمل
خطى حبيبك البطل
وكيف قد نشرت من دمائك الشراع
يمخر الحرائق
النار لا تمسه ولا الصواعق
ولا الرصاص طائرا حصى من البنادق
مدينتي ! واحسرة القيثارة الخرساء
للغناء والبلابل
تشدو إلى الأبطال , واعذاب شاعر
في السلاسل
وأنت في السلاسل
ولم تكن تناضل
غير الحروف من شريانه جرت قصائد
***
مدينتي ! وأيّ رعشة تهزّني وأيّ عاصف !!
من ذكرياتك العواصف
من ذكريات السجن والسّجان والأبطال والمعارك !
وخائن تهالك
وفوق صرخة القتيل
والمعذّبين في انتظار
الموت سار ,
وحشا يشدّ للرّحى السوداء ,
كي تدور تطحن الدماء
يداه حبلا كلّ خانق
عيناه شبّاكان للعدوّ منهما أطلّ بالبنادق
على الخيام والمنازل
يصيد إخوتي
أبناء شعبي البواسل
***
الآن يرفع الستار يا مدينتي عن المجازر
عن وجه كلّ ثائر
عن الرياح كيف أصبحت تحارب
راية العدوّ في فضائنا مسنونة المخالب
وكيف قد هوت كحيّة
تعضّ في جراحها السواكب
عن اسمك المهيب يا جمال ,
كيف ينسج الغرائب
والمعجزات والعجائب
وكيف كان شمسنا الخضراء في الدياجر
ووردة حمراء في ضفائر
أختي , وفي شبّاكها سربا من البلابل
وكيف كان بور سعيد
صخرة من اللهيب , غابة من السواعد
يا فارس الفوارس
صغنا لك الجواد من صباحنا
وشعبنا أهداك بيرق البيارق
خضنا به الرصاص
موجة من الزنابق
والنار موجة من النسائم
وكانت القيود في المعاصم(61/449)
كعنكبوت في جنون جوعها
رمت خيوطها على العواصف
وفتح الإصرار زهرة
صدّاحة البراعم
وعضّ في جراحه العدو , والمتراس شاهق
وبورسعيد بندقية البنادق
وخندق الخنادق
شمس من الجراح قد تسمّرت في الليل
فوق جبهة المحارب
يا بورسعيد.. الفجر طالع ,
هذا صياح الديك يوقظ الرصاص في البنادق
والرياح في الحرائق
وأوشك الصباح أن يمسّ راية المحارب
يا بور سعيد ليس روحك الوهّاج ,
وحده يقاتل
ولا مدينتي وحيدة تقاتل
لك الشعوب رفرفت بنادق
وسرّجت لك البحار والسحائب
وصرخة الأحجار حجّرت
رصاص نيرانه فلم تعد قواطع
أنيابها القواطع
وفي عيونه تسمّر الدخان كالحصى ,
كالشوك كالأظافر
***
مدينتي تطلّعت إلى الجراد وهو راحل
فرفرفت بها الشوارع
مدينتي تحبّ ,
آه يا سليلة الأصداف
يا زيتونة الأمواج
يا حورية الخنادق
يا وردة الورد في حديقة الحدائق
يا نجمة مجنّحة
يا زهرة مسلّحة
من قال إنّ الفارس الحبيب مات في الطريق
فجاء راكبا جواده
ولابسا دروعه صديق
كي - يا حبيبي - ترمي بخاتم الحبيب
في خوذة الغريب
ولست يا مدينتي غمدا لكلّ سيف
كرمة لكلّ قاطف
قيثارة لكلّ عازف
فلن تكوني غير شعب قد توهجت
خطاه خلف قائد
مزغرد الجراح صامد
مدينتي ! عروس شعبي التي تغار
من إكليلها العرائس
قد أقبلوا فيالق
الحيّة الرقطاء والحمامة البيضاء
والغربان والعنادل ..
وجاء اصدقاؤك الهنود بالمغازل
ومن على أكتافهم ترفرف المطارق الحمراء والمناجل
وتضحك السّنابل
من لم تبلّ خبزهم دماء ثائر
وجاءك الذين خبّأوا القيود
في الخوذات والبيارق
وفي معاطف من الزجاج ,
طرّزت بأعين الثعالب
الحالمين بالحرائق
بغابة من المشانق
الطامعين أن تكوني حانة ومخدعا وقنطره
وأن تكوني يا مدينتي مؤامره
وأن يكفّ القلب عن خفوقه إلى جمال
وأن تموت في الوحول راية النضال
***
إليك عن أجفاننا الخضراء
يا أحلام زارعي الجرائم
وناصبي الخيام للمآتم
وأقبلي وفي ظلام القحط
مشعلا من السنابل
ورفرفي على رمالنا جداول(61/450)
تقدّمي إلى الأمام بالغبار بالدماء
بالبيارق المغبّره
بالخوذة المعفّره
بالبندقية المزمجره
بأغنيات النصر كالبراعم المنّوره ..
تقدّمي بكلّ ما قد ألبستك أمّك الحرية المظفّره
في بور سعيد في المدينة الملوّحه
بزهرة انتصارنا على المدى مفتّحه ..
تقدّمي يا - مصرنا - المجنّحه
حمامة مسلّحه ..
تقدّمي , ففي الطريق مارد
قد أطلقته من أحشائها العواصف
ومن يقل عثار مارد
كبت به الجراح غير مارد ....
فليحتشد فلاّحنا الهمام بالمحراث والشراشر
وليأت كلّ غائب
ليأت عامل النسيج والمشرّد الطريد
والجائع المسافر الذي غدا خبز الطريق
ليأت صيادوك يا أمواجنا المهجورة الهوادر
ليقطفوا ثمارك النواضر
الآن في سمائنا أسراب أنجم الشعوب
تزرع السلاح والسّنابل
فلنرم إخوتي البواسل
شباكنا على السلاسل
***
يا إخوتي وطائر الحصاد
لا يبرح الأسلاك والحدود
رغم غزوة الجراد والرماد
وأنه من غير زاد
ورغم ألف ليلة وليلة من السهاد
في الصباح حينما جرت , جداول الصباح
أبصرته موّرد الجناح
في عنفوان سكرة الأحلام
...إنّ ماردا من صلب بور سعيد
من صلب بندقية سورية على الحدود
يحمله في هودج من السنابل
وأنّ ألف ألف مارد
يشيّدون حوله وهم يغرّدون
قصرا من السنابل
وأنّ منها ماردا قد طار ثم عاد
من معسكر الجياع
من الخيام
الراعشات في مشانق الظلام
قد طار ثم عاد
على الجناح
هودج الفلاّح
لعرشك المجيد يا أخي المجيد
يا سلطان ..
ففي الركاب ألف ألف شمعدان
و ألف ألف صولجان
***
هذا الذي رآه طائر الأمل
أوحى له بأن يطير في الصباح
لخيمة الفلاّح
وأن يقول ما رأى ...
يا إخوتي فلنفرد الخطى
على الطريق أشرعه
ولنمخر الحدود
الدرب لا تقل طويل
وزادنا قليل
قنديلنا بلا قتيل
فخبزنا من موسم السنابل الجديد
ومن بعيد
ترفرف الميناء
حمامة بيضاء
في منقارها غصن من الضياء
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الأردن على الصليب
الأردن على الصليب
رقم القصيدة : 65524(61/451)
-----------------------------------
أنا مصلوب أغرّد
ولعمّان ونابلس وإربد
وإلى الليل الصديق
صار بيتا للمطارد
لم يحب شبّاكه طرقة كعب البندقيه
وإلى شبّاك ثائر
في جحيم " الجفر " مفتوح على أقواس نصر
وعلى فردوس فجر
ليس ما تبصر عيناك سراب
يا أخي المثقل بالأثمار في ريح الخريف
يا أخي البازغ في ليل العذاب
فالسراب
حلم سجّانك أن يجني من الأغلال أقراص العسل
وبأن بجلد بالقش أعاصير الأمل
وبأن يغرس حتى المقبض الخنجر في قبر " رجاء "
إنّ سجّانك ما كفّ العواء
طارقا أبوابك الخضر الشهيده
" إفتحوا يا أصدقائي الطيبين "!
" واللصوص الأربعون "
في حصان من ذهب
في تماثيل مآذن
خائن مرتعش يزحف في أعقاب خائن
يلدون العار في ضوء النهار
ويقيمون الصليب
سمّروا الشارع ما ضمّت ذراعاه ظلال اللقطاء
وبكفّيه لقد دقّوا السلاسل
غير أنّ الشارع المصلوب ما كفّ يقاتل
والمناشير تقاتل
ويد من " نقرة السلمان " " للجفر " تلوّح:
" سيفتّح "
" برعم الزلزال لا بدّ يفتّح "
إيه يا أيتام " لورنس " و " شاها " قد ترعرع
تحت أقدام " أبي حنيك " ترعرع
يا ثعابين من الخوذة تظهر
كلّما الحاوي في " واشنطن " الشوهاء صفّر
يا خفافيش بلا أجنحة ترفع رايات الجريمه
إمضغي جمر الهزيمه
فعلى أبواب عمّان أيادينا ترفرف
بأكاليل الدّماء
ويدي صوت يرفرف
" يا أفاعي ..يا أفاعي
" سنصبّ السمّ يغلي , وعلى جحر الأفاعي
" وسنمضي في الصراع
" كشراع في رياح الدم نمضي كشراع
" وسأمضي شامخ الصوت أغرّد
" والملايين تغرّد
" ولعمّان ونابلس وإربد "
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> حكاية لإطفال عمان
حكاية لإطفال عمان
رقم القصيدة : 65525
-----------------------------------
في الحكاية
ينسج الجاني من الدمع قناع
واليد السوداء خنجر
بدم العصفور يبكي
يا صغيري سوف أحكي
لك عن وحش هو الآخر يبكي
لك عن ذئب بشبابة راع
في الدروب الدمويه
تحت شبّاكك قد راح يغنّي
أغنيات عربيّه
وجنود بضفائر(61/452)
مثل أمراس المشانق
تتلوّى كالأفاعي
تلدغ الأطفال في ليل النهار
هكذا أبطال عمّان الصغار
في اللّيالي يحلمون
بذئاب تتجوّل
في الدروب الدمويه
بشبابة راع
وأغان عربيّه ؟
***
افتحوا أطفال عمّان العيون
تحت شباكمو فجر من الأرض ينوّر
وعلى الباب " فؤاد "
صرع الذئب وعاد
من دروب راسفات بظلال البندقيه
يحمل البشرى هديّه
يطرق الباب بنجمه
ينثر الريش بيارق
وزنابق
للسلام
قد طوى ريح سهام
ورماد ظلام
كان قضبان قفص
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> أغنية إلى جبل النار
أغنية إلى جبل النار
رقم القصيدة : 65526
-----------------------------------
جبل النار
يا خيمة دم
في ريح الثورة منصوبه
ما زال وراء المتراس الثائر
ومن الوطن الهادر
وطن الزنبق
والأفق الأزرق
والأيدي المسنونة كالصخر الأحمر
في ليل الخنجر
في الليل الأصفر
من كلّ معسكر
يهديك ضحايانا قمصان الدم
والفجر الأحمر أنشوده
جبل النار
والصيحة في القلب
يا شعلة ورد
تتوهّج في أشواقي
ويضيء شذاها القلب
فترفرف في عينيّ الدرب
وترفرف أصوات رفاق
أسراب رعود
في آفاقي
جبل النار
يا صوت الزيتون الأخضر
يا صوت " زيادين " الهدّار
يا ظلّ السيف على عنق الخائن
لبيك أضأت لك البيرق
وأنا في الدرب
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الببغاء والأفيون
الببغاء والأفيون
رقم القصيدة : 65527
-----------------------------------
الببغاء
طليقة بلا قفص
تنقر في الأفيون
وتشهر الجناح
كالسلاح
لكي تحارب البلاشفه
والعاصفه!!
الببغاء
في اللّيل والنهار
في غيبوبة اسطوانة تدور
منقارها يشير
كما أراد أن يشير
السيد الكبير
لنجمة البلاشفه!
فوق جبين العاصفه !
الببغاء في غيبوبة المصير
في نزعها الأخير
ترتجف
في مصفّحه
الببغاء في الخريف
صوتها هرم
وريشها استحال
إلى رماد
والببغاء حينما يذبل في منقارها الكلام
يا أيها الأقزام
ينبذها أسيادها الكبار في قفص
قضبانه خيوط عنكبوت
تنقر في الأفيون
حتى تموت ..(61/453)
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> المخلص الكذاب المستر جون فوستر دلاس
المخلص الكذاب المستر جون فوستر دلاس
رقم القصيدة : 65528
-----------------------------------
على صليب
من ورق الزيتون
تمدّد المخلّص الكذّاب
كالغراب
على بساط نور
" ابكين يا جواري "
" بأدمع الحواري "
يا كلّ فرسان الوحول
حوطّوا عجل الذهب
من قبل في عشائه الأخير
قال لن يخونني منكم أحد
يا إخوتي لحمي لكم قرص عسل
خمر دمي لكم كفرحة الحياة
كذّابتان
عيناه تغمضان
المخلّص الكذّاب قام
كسارق بين النيام
بخنجر من اللهيب
قد راح يقطع المسعور
لحم إخوتي خبز بنادق
دماء إخوتي بها يسقي المشانق
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> في الأردن جلاّد يحلم
في الأردن جلاّد يحلم
رقم القصيدة : 65529
-----------------------------------
في الأردن جلاّد يحلم
بربيع الفجر وبالشعب الأخضر
غصنا يكسر
في جبل المشنقة الأصفر
بالأردن يمسخه ضفدع
في مستنقع
في الوحل الأبيض
والوحل الأزرق
مقصلتك لن تصبح ذاك الزورق
فالأردن والشعب الأخضر
كفراشة إعصار تبرق
***
في الأردن جلاّد يحلم
بالأردن يحلم في قمقم
سجن أبديّ لا يحطّم
سجن كجهنم
لا النار تموت ولا تهرم
وأنا أحلم
بالريش سينمو كالغابه
بالمارد طار
بالزنزانه
ويد السجّان
تدمي مفتاح الزنزانه
وفم السجّان
من جوع يمضغ قضبانه
في الأردن جلاّد يحلم
ميت يحلم
ويجوع ويمضغ أكفانه
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> لتقرع الأجراس لبلادي
لتقرع الأجراس لبلادي
رقم القصيدة : 65530
-----------------------------------
تحجّري يا صيحة الخناجر العريانه
وراية الخيانه
فلن تجرّ بالسلاسل الخيام والمعسكرات
لن تجرّ أمهات
شعبي ومن شعورهنّ من عروقهنّ
في يديك كالحبال
إلى مسيرة الفناء
مخالب البنادق التي أطلقتها كالوحوش
على ربيعنا الذي يعيش
في الصدور لؤلؤا في الصدف
أتحلمين !
وأنت في إغماءة المطاف
أن تكسري الأصداف
وتقطفي من الصدور لؤلؤ الربيع(61/454)
لكي تزيّني به صقيع
نيران " شاهك " القزم
أتحلمين !
أن تسحبي نابلسنا حديقة الثوّار
وزهرها الذي يذوذ نحلك المزّيف المشؤوم
في قلبه شذاه لا يفوح
أتحلمين !
أن تسحبي نابلسنا حديقة الثوّار
أن تسحبي سلفيت
بما غزلت من خيوط عنكبوت
أن تكنسي الشرر
تقدحه أقدامنا العريانة العطشى على الطريق
أن تحرقي أحلام إخوتي الذين يحلمون
في " الجفر " بالخيانه
راكعة عريانه
معصوبة العيون
وظهرها إلى الجدار
وحولها دماؤها وحول
من قلبها تسيل
أخي وصيحة الخلاص
قد أوشكت تضيء والأغلال
على معاصم الثوّار تحتضر
والرصاص
في بنادق العصابة السوداء ينتحر
فلتشرق الرياح
في أجراس شعبنا , لشعبنا فلتقرع الأجراس
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> إلى عيني غزة في منتصف ليل الإحتلال الإسرائيلي
إلى عيني غزة في منتصف ليل الإحتلال الإسرائيلي
رقم القصيدة : 65531
-----------------------------------
حينما أرسف بالأسوار في كلّ مساء
ولكم مرّ مساء مساء
ويحوم الليل كالطائر في منقاره خيط ضياء
لنجوم لا أراها في السماء
يفرد القلب جناحيه بعيدا ويطير
لبساتينك يا غزتّي الخضراء في ليل الجحيم
ولجدرانك تغلي كالصدور
جرحوها بالرصاص
والمناشير عليها كالقناديل تقول
يا جدار المستحيل
خافقا في كلّ صدر ثقبوه
وهو شبّاكي الذي قد فتحوه
لأرى شعبي الذي لم يخضعوه
خافقا في شفتي من عذّبوه
أحرقوه ليفوه
غير أنّ القلب خفّاق ولكن لا يفوه
خافقا في ظلّك الشامخ يا من طاردوه
وعلى درب لحدّ السيف قد راح يسير
كيف يكبو والجماهير أبوه
يدها في يده أنّى يسير
ويهوذا ورنين الفضة الدّاجي الرهيب
قد مضت تنهش عيناه الدروب
واقف يحلم فيها بمسيح وصليب
***
غزتي أنا لم يصدأ دمي في الظّلمات
فدمي النيران في قشّ الغزاة
وشرارات دمي في الريح طارت كلمات
كعصافيرك يا قوس قزح
أنت يا إكليل شعبي وهو يدمي في القيود
إنّنا سوف نعود
وعلى درب كألوانك يا قوس قزح
وستذرو الريح أشلاء الشبح(61/455)
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> شهيد من الأنصار
شهيد من الأنصار
رقم القصيدة : 65532
-----------------------------------
هو في الظلام جناح ريح
ودم يفوح
ويد من الكلمات في الصمت الرهيب
تنمو
فيا أجراس أزهار المصير
دقّي إلى يده المطرّزة الشرار
على الظلام , على الجدار
***
ودوّى الرصاص
وهوى يعانق أرضه الحبلى
بطفل اسمه الغالي " خلاص "
وخطى مطارده تواريها الحدود
وسؤالك الدامي يعود
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> فلسطين في القلب
فلسطين في القلب
رقم القصيدة : 65533
-----------------------------------
يا أيادي
إرفعي عن أرضي الخضراء ظلّ السلسله
واحصدي من حقل شعبي سنبله
فأنا لم أحضن الخبز ومن قمح بلادي
منذ أن هبّت رياح مثقلات بالجراد
نهشت أرض بلادي
منذ أن شدّوا لي اللقمة في ساق غزال
وعدا ملء الرمال
وهمو قد غصبوا قوسي وسهمي ونصالي
وهمو قد قطفوا زهر دمائي
غير أنّي في نماء
فجذوري تتحدّى الفأس في أرض بلادي
وهي خضراء تنادي :
يا أيادي
" إرفعي عن أرضي الخضراء أغلال الجراد
وحصادي , لي حصادي "
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> إله أورشليم
إله أورشليم
رقم القصيدة : 65534
-----------------------------------
لتنسني يميني
لتنسني عيون
حبيبتي
لينسني أخي
لينسني صديقي الوحيد
لينسني الكرى
على سرير سهاد
مثلما السلاح
في عنفوان المعركه
ينسى يد المحارب
ومثلما الناطور
ينسى على كرومه الثعالب
إذا نسيت
أنّ بين ثديي أرضنا ببيت
إله أورشليم
وأنّ من قطوف
دمنا يعتصر
الشهد واللبن
وخمرة السّنين
لكي يعيش
ويفرخ الوحوش
وكي أشيد
من الدموع
جدار مبكى وكي أحيل
خيمتي منديل
للعويل
على الذهاب
بلا إياب
***
لتنسني يميني
لتنسني عيون شعبي المغرّده
إذا نسيت
أن أغرس الطريق
لصدر بيّاراتنا وللكروم
سيفا من الجحيم
في عينيّ إله أورشليم
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> شهرزاد وفارس الأمل
شهرزاد وفارس الأمل(61/456)
رقم القصيدة : 65535
-----------------------------------
يا شهرزاد-
على جناح السيف كان " أبو الليالي " شهريار
يهوي إليك وفي الركاب
النطع والسّياف -
يا أمّ اللّيالي والحكايه
غير الحكايه والجراح
غير الجراح
فلقد مضى عصر القصائد ببغاوات تطير
في روضة الملك السعيد
فالشرق في قمم النّهار
الشرق نجم فوق جبهة مصر فارسنا جمال
وله غناء
أشواق أجنحة الدماء لكي تطير
وكفّي ترفرف خلف قضبان وسور
وغرام عينيّ اللتين تغرّدان
للفجر أغنية السماء بلا حديد
للدّرب أغنية الخطى العطشى إلى نبع الدروب
وإلى الرفاق مع الشوارع عناق
وبلا فراق
ولحلم فلاّح بشمس من سنابل لا تغيب
للبلبل الصدّاح في شفتيّ حبيب
ومغرّدا بالقبلة الأولى التي تلد الحبيبة والحبيب
ولبحر غزة والهدير
من قلب صيّاد هناك يهبّ كالريح الهدير
وحنيني الخفّاق في شفتيّ حين ترفرفان
وتطرزان وبالقبل
الباب والشبّاك في بيتي الصغير
بيتي الذي ما كفّ ينبض في نوافذه الضياء
فمن يقول
في بيتنا الحالي , النوافذ مطفأه
وبصدر شعبي لؤلؤه
لن تستحيل إلى رماد
يا شهرزاد
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الشرارة في الهشيم
الشرارة في الهشيم
رقم القصيدة : 65536
-----------------------------------
أن أطير
على جواد
مجنّح عريان
وأن تكوني لي وأن نطير
معا على أمواجنا البيضاء
وخلفنا تطير موجة مزغرده
وتقدح السنابك الخضراء
شرارة انطلاقنا العظيم
في هشيم
من يشهرون
في فجرنا الصليب
كالخنجر المسنون
أن نطير
على جوادنا المجنّح العريان
يا وردتي التي تفوح في أصفاد
عجزنا الرهيب
حلمي وحلمك الجريح أن يذوب
نجمة وبلبلا في مهد حبنّا الصليب
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> بلابل الدموع
بلابل الدموع
رقم القصيدة : 65537
-----------------------------------
الانتظار
بلا رسالة ولا حبيبة ولا قطار
والنهار
ممدّد معي على الأسوار
وقلبي المغروس في السّحاب
بلا ثمار
كنحلة في قفص الأشواك(61/457)
تدمي إلى الفكاك
وحولها الظلال
في منديلها الزهور
على شفاهها المخضبّات بالعبير
براعم القبل
بلابل الدموع يا بلابل الدموع
عيناي أطلقتاك في الإعصار
بلا رجاء
أن تنفذي من قفص الإعصار
أن تسمعي غناء
قلبي المكبّل الجريح
فلينثر الإعصار يا بلابل الدموع
قلوبك الخضراء
نسيم نور
على خدود
أبطالنا الذين يحضنون
وهم ممزّقون
فرحة الحياة صاعقه
وعلى أمواج
جراح شعبي الخضيبة الهدير
وعلى زجاج
شبّاك بيتنا الوحيد
ينتظر الشريد
أنا هنا في العزلة الخرساء
أوقد الشموع للمأساة
وأرسم الحنين لؤلؤه
على جبين الريح
متى من الصحراء
تطير بي أجنحة الينبوع
يا شعبي الذي يطير
على بساط الدموع
لخيمة الربيع
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> من مذكرة الليل
من مذكرة الليل
رقم القصيدة : 65538
-----------------------------------
على جدار ليلي الرهيب
رسمت صوتك الحبيب
وآسمك الحبيب زنبقه
من شطّ بحرنا وموجة مؤرّقه
على رمال سهدها الطويل تنتظر
من الغيوم فارس القمر
رسمت صوتك الحبيب
واسمك الحبيب
برعما من النسيم
منوّرا في جحيم
صحراء عزلتي وليلي الرهيب
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> استمعوا لي
استمعوا لي
رقم القصيدة : 65539
-----------------------------------
استمعوا لي ,
اسمعني يا وطني ,
فالآن خريف الأغلال يوليّ ,
والآن سأحرق ظلّي
كي لا أتمدّد في ظلّي ,
صمتا , صمتا , يا حملة أبواق
- الخفاش الخشبي - ,
يا أكلة قربان - العجل الذهبي -
صمتا , ولترفع بيرقها
العاصفة السرّية , والبرق السرّي ,
ولتفرد أجنحة صليبك ,
يا قلبي ,
طر بي , طر بي ,
فهنالك نافذة لم تصبغ
بالبرق الأسود في وطني ,
نافذة تذكرني ,
دالية تحلم بي
أن أقطفها ,
أن تقطفني ..
يا وطني , من لي ,
من لي ,
وبجرعة برق من سحبك ,
وبكسرة رعد ؟
لو جمعوا كلّ الأنهار بكأسي
لصرخت , وألقيت بنفسي
من عطشي لعيونك في الشمس
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> كأس الخل
كأس الخل(61/458)
رقم القصيدة : 65540
-----------------------------------
واقترعوا يا شعبي
من يأخذ ثوبي
بعد الصلب ..
***
كأس الخل بيمناي
وإكليل الشوك على رأسي ,
باراباس ابن السكّين طليق ,
وابنك يا شعبي
ساقوه إلى الصليب وللرجم ...
***
يا شعبي ..
أن أصرخ لا تدخلني
في تجربة , لا يا شعبي ,
أدخلني في تجربة الصلب ,
وجرّعني كأس الصلّب ,
لن أهرب من دربي ,
لن أهرب من كأس الخل
وإكليل الشوك ,
وسأنحت من عظمي ..
مسمار صليبي وسأمضي
أزرع حبّات دمائي في الأرض ,
إن لم أتمزّق كيف ستولد من قلبي
كيف سأولد من قلبك ,
يا شعبي ..
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الخيط الذي ينمو في الريح
الخيط الذي ينمو في الريح
رقم القصيدة : 65541
-----------------------------------
كلّ الرايات المنفيّة قد عادت ,
يا وطني..
إلاّ رايتك المنفيّة من أفق
ترتحل إلى أفق ,
في سوق - لصوص الرايات - ,
تباع بلا ثمن ,
صاح - النخّاس - تقدّم , بالحنجرة الملعونة ,
والحشوّة بالخطب ,
خذها لا تخجل
خذ راية وطني ,
ما أرخصها بجناح من - ورق - ,
أو سيف من خشب ,
ضفّر منها إكليلا من ريش
لتزيّن رأس - الديك الهرم -
الصائح في كلّ الأسطح
والرّاقد في كلّ السرر
لكن من يتبع في وطني ؟
خطوات السيف الخشبي ؟
من يلقي
سنبلة واحدة في طاحون من ورق ؟
ألقوا بإكليل الرّيش ,
وألقوا بالسيف الخشبي ,
ما زال من الرّاية خيط ,
ينمو في ريحك .. يا وطني
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> لصوص الصلبان
لصوص الصلبان
رقم القصيدة : 65542
-----------------------------------
أحبابي ,
ألواح صليبي ليست
أرجوحة جلاّدي
فلتقرع أجراس الأصفاد
لسنا نخلا من رمل تحنيه الريح
ليلثم ظلّ السجّان
لسنا ربّانا قد نحر الأشرعة
على الشطآن
قربانا للقرصان
فلقد ولّت كدخان
ملء مناقير الغربان
أيام لصوص الصلبان ..
***
كعطاش كنّا
نتعثّر بخرير الأنهار ,
كنّا كنهار
يتعثّر بالأنوار
سنبلة لله وسنبلة للقيصر(61/459)
أمّا قبض الريح فللحصّاد
أحبابي :
أن نحمل هودج سلطان
أن نصلب كي يتسلّق
ألواح الصلبان
لصوص الصلبان ..
أن تصبح أعلامي ..
أقنعة نوافذ سجّاني ..
لا , أحبابي ,
قد كفّ الجرح يغرّد
لسياط الجلاّد ..
أحبابي :
إن ضلّ الجدول عن منبعه
تمضغه أشداق الكثبان ,
فحذار , حذار
أن نخطف موجا من بحر ,
أن نزرعه في صحراء
أن نحلم أن يصبح
حقل بحار ,
وحذار , حذار
من حصّاد أفاق
من فرط الخوف الكذّاب
من لصّ الحقل
حماه , بسياج جراد ..
أحبابي :
لا يبني الطائر عشّا
في جحر الثعبان..
الطائر لا يدفا
تحت جناح الحدأة , أحبابي
فكفاكم , وكفاني
نفخا في الأكفان ,
ليس يضمدّ جرح البركان
أكوام من حطب ودخان
لنضمّد جرح البركان
بنار البركان ,
أحبابي :
والفأس المدفونة في الجدران
تستيقظ ,
فليستيقظ حرّاس الجدران
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> قصيدة إلى الأسلاك الشائكة
قصيدة إلى الأسلاك الشائكة
رقم القصيدة : 65543
-----------------------------------
لو قدّر ألاّ يلدغ
كلماتي ثعبان
لو قدّر ألاّ تتفجّر
أوراقي ينبوع رماد ,
لو قدّر أن تتسلّق
كلماتي جبل الأصفاد
لو قدّر أن ترسو
فوق ضفاف
كفّك كالمجداف ,
كاللؤلؤة الهاربة
تطاردها الأصداف ..
لو قدّر أن تنهار
كجدار أفاع
وكأعمدة من أظفار ,
تلك الأسوار ..
لو قدّر يا وطني
أن ألقاك
كالأرض البكر المولودة
من قبلة زلزال
كشراع قد تاه
وعاد به الإعصار ,
لسقطت على سيفك ,
يتمزّق قلبي
من قبلة سيفك , وأراك
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> البحار العائد من الشطآن المحتلة
البحار العائد من الشطآن المحتلة
رقم القصيدة : 65544
-----------------------------------
لو أنّ يا حبيبتي أشعاري
تعيش كالزيتون كالأنهار ..
لو أنّ يا حبيبتي الدّوالي
في العام مرتين تثمر الدّوالي
لو أنّ يا حبيبتي أشجاري
تعيش في بستان سندباد
تثمر الطيور كالأوراق
وتثمر الأطفال كالأثمار
***
لو أنّ يا حبيبتي ملاّحي(61/460)
يعود من جزيرة الرياح
يعود يرتمي على الضفاف
بالجرح والشّراع والمجداف
في صدره عجائب البحار
يعود فوق ظهره شراعي
وسلّة الهدير والثّمار ..
والعشب والأسماك والمحار
وحزمة من السّحاب والرمال
من شطنّا المشرّد الظّلال ..
يا عاصر الشراع في أقداحي
موجة قد أمسكت شراعي
من بحرنا كقطرة الشعّاع
لم ترخه ومخلب الرياح
في قلبها , يا عاصر الشراع
في قلبي العطشان في جراحي
لتبق قطرتين للمصباح
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> الأغنية المعصوبة العينين
الأغنية المعصوبة العينين
رقم القصيدة : 65545
-----------------------------------
أين القمر المعصوب العينين يساق...؟
وسط السّحب الفاغرة الأشداق ,
أسوار تفتح وظلال عارية
تركض , أبواب
تذبح خلف الأبواب ,
الصرخة علم خفّاق
الصرخة.. أوراق
تسقط من شجر اللّحم ,
غصون.. وثمار
***
يا وطني أين الأغنية تساق ؟
خيط من دمك الخفّاق يراق
من أجلك شلاّل مرايا صفر ,
يتكسّر في وجهي ,
شلاّل مرايا سوداء ,
من أجلك أقحم أسواري..
من أجلك أرجم بالنّار..
من أجلك أحمل أغلالي
في منفى الأرض كجوّال
من أجلك خبزي بدمائي ..
معجون , خبزي بدمائي
والوجه المشحوذ كناب
في ظلّي غرز وأشعاري ..
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> أقداح و أحلام
أقداح و أحلام
رقم القصيدة : 65546
-----------------------------------
أنا ما أزال وفي يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب
ما زلت اشربها واشربها
حتى ترنح أفقك الرحب
الشرق عفر بالضباب فما
يبدو فأين سناك يا غرب؟
ما للنجوم غرقن ، من سأم
في ضوئهن وكادت الشهب ؟
أنا ما أزال وفي يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب ؟
******
الحان بالشهوات مصطخب
حتى يكاد بهن ينهار
وكأن مصاحبيه من ضرج
كفان مدهما لي العار
كفان ؟! بل ثغران قد صبغا
بدم تدفق منه تيار
كأسان ملؤهما طلى عصرت
من مهجتين رماهما الحب
أو مخلبان عليهما مزق
حمراء تزعم أنها قلب
******
يا ليل ، أين تطوف بي قدمي ؟(61/461)
في أي منعطف من الظلم
تلك الطريق أكاد أعرفها
بالأمس عتم طيفها حلمي
هي غمد خنجرك الرهيب ، وقد
جردته ومسحت عنه دمي
تلك الطريق على جوانبها
تتمزق الخطوات أو تكبو
تتثاءب الأجساد جائعة
فيها كما يتثاءب الذئب
******
حسناء يلهب عريها ظمأي
فأكاد أشرب ذلك العريا
وأكاد أحطمه ، فتحطمني
عينان جائعتان كالدنيا
غرست يد الحمى على فمها
زهرا بلا شجر فلا سقيا
إن فتحته بحرها شفة
ظمأى يعربد فوقها ندب
رقص اللهيب على كمائمه
ومشى الطلاء يهزه الوثب
******
عين يرنح هدبها نفسي
وفم يقطع همسه الداء
ويد على كتفي مجلجلة
واخجلتاه أتلك حواء
لا كنت آدمها ولا لفحت
فردوسي الخمري صحراء!
صوت النعاس يرن في أفقي
فتذوب ناعسة له السحب
وانثال ، من سهري على سهري
ينبوعه المتثائب الرطب
******
يا نوم بين جوانحي أمل
لم أدر ، قبلك أنه أمل
مثل الفراشة بات يحبسها
دوح بذائب طله خضل
لولا خفوق جناحها غفلت
بيض الأزاهر عنه والمقل
أنا من ظلالك بين أودية
عذراء كل مهادها عشب
هام الضباب على رفارفها
طل الوشاح ... كنجمة تخبو
******
ماذا أراه ؟! أطيفها مسحت
عنه التراب أنامل الغسق؟
هو يا فؤادي غيرها ، رفة
هو من دمائك أنت من حرقي
هو ما نحن إليه بادلني
حبي وفتح بالسنا أفقي
فإذا لثمت فغير خادعة
باتت لكل مخادع تصبو
أفكان سورا قام بينهما
بين الخيانه والهوى _ هدب ؟
******
خفقت ذوائبها على شفتي
وسنى فأسكر عطرها نفسي
نهر من الاطياب ارشفني
ريحا تريب مجابر الغلس
فكان ناديا ضمخته يدا
آذار غرد ليلة العرس
فغفا وما زالت ملاحنة
ملء الفضاء يعيدها الحب
أو أن سوسنة يراقصها
رجع الغناء بشعرها تربو
******
يا جسم طيفك ، انت يا شبحا
من ذكرياتي يا هوى خدعا
لعناتي الحنقيات ما برحت
تعتاد خدرك والظلام معا
خفقت بأجنحة الغراب على
عينيك تنشر حولك الفزعا
الصبح ، صبحك ، ضحك شامته
والليل ليلتك مضجع ينبو
وإذا هلكت غدا ، فلا تجدي
قبرا ومزّق صدرك الذئب ؟
******(61/462)
والبوم يملأ عشه نتفا
من شعرك المتعفر النّخر
ويعود ثغرك للذباب لقي
ويداك مثقلتان بالحجز
لا تدفعان أذاه عن شفة
بالأمس اخرس لغوها وترى
وليسق من دمك الخبث غدا
دوح تعشش فوقه الغرب
تأوي الصلال الى جوانبه
غرثي ويعوي تحته الكلب
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> في السوق القديم
في السوق القديم
رقم القصيدة : 65548
-----------------------------------
-1-
الليل والسوق القديم
خفتت به الأصوات إلا غمغمات العابرين
و خطى الغريب وما تثبت الريح من نغم حزين
في ذلك الليل البهيم
الليل ، والسوق القديم ، وغمغمات العابرين
والنور تعصره المصابيح الحزانى في شحوب
مثل الضباب على الطريق
من كل حانوت عتيق
بين الوجوة الشاحبات كأنه نغم يذوب
في ذلك السوق القديم
كم طاف قبلي من غريب
في ذلك السوق الكئيب
فرأى وأغمض مقلتيه وغاب في الليل البهيم
وارتج في حلق الدخان خيال نافذه تضاء
والريح تعبث بالدخان
الريح تعبث بالدخان
الريح تعبث في فتور واكتئاب بالدخان
وصدى غناء
ناء يذكر بالليالي المقمرات وبالنخيل
وأنا الغريب .. أظل أسمعه واحلم بالرحيل
في ذلك السوق القديم
-3-
يرمي الظلال على الظلال كأنها اللحن الرتيب
ويرتق ألوان المغيب الباردات على الجدار
بين الرفوف الرازحات كأنها سحب المغيب
الكوب يحلم بالشراب وبالشفاة
ويد تلونها الظهيرة والسراج أو النجوم
و لربما بردت عليه وحشرجت فيه الحياة
في ليلة ظلماء باردة الكواكب والرياح
في مخدع سهر السراج به وأطفأه الصباح
-4-
ورأيت من خلل الدّخان مشاهد الغد كالظلال
تلك المناديل الحيارى وهي تومئ بالوداع
أو تشرب الدمع الثقيل ، وما تزال
تطفو وترسب في خيالي - هوّم العطر المضاع
فيها وخضّبها الدم الجاري!
لون الدجى وتوقّد النار
يجلو الأريكة ثم تخفيها الظلال الراعشات
يخبو ويسطع ثم يحتجب
ودم يغمغم وهو يقطر ثم يقطر : مات ...مات
-5-
الليل، والسوق القديم، وغمغمات العابرين
وخطى الغريب(61/463)
وأنت أيتها الشموع ستوقدين
في المخدع المجهول في الليل الذي لن تعرفيه
تلقين ضوءك في ارتخاء مثل امساء الخريف
حقل تموج به السنابل تحت أضواء الغروب
تتجمع الغرباء فيه
تلقين ضوءك في ارتخاء مثل امساء الخريف
في ليلة قمراء سكرى بالأغاني في الجنوب
نقر [الداربك] من بعيد
يتهامس السعف الثقيل به ويصمت من جديد !
-6-
قد كان قلبي مثلكن، وكان يحلم باللهيب
نار الهوى ويد الحبيب
ما زال يحترق الحياة، وكان عام بعد عام
يمضي، ووجه بعد وجه مثلما غاب الشراع
بعد الشراع وكان يحلم في سكون، في سكون
بالصدر، والفم، والعيون
والحب ظلله الخلود .. فلا لقاء ولا وداع
لكنه الحلم الطويل
بين التمطي والتثاؤب تحت أفياء النخيل
-7-
بالأمس كان وكان ثم خبا، وأنساه الملال
واليأس، حتى كيف يحلم بالضياء- فلا حنين
الصيف يحتضن الشتاء ويذهبان وما يزال
كالمنزل المهجور تعوي في جوانبه الرياح
كالسلم المنهار، لا ترقاه في الليل الكئيب
قدم ولا قدم ستهبطه إذا التمع الصباح
ما زال قلبي في المغيب
ما زال قلبي في المغيب فلا أصيل ولا مساء
حتى أتيت هي والضياء!
-8-
ما زال لي منها سوى أنا التقينا منذ عام
عند المساء، وطوقتني تحت أضواء الطريق
ثم ارتخت عني يداها وهي تهمس والظلام
أتسير وحدك في الظلام
أتسير والأشباح تعترض السبيل بلا رفيق
فأجبتها والذئب يعوى من بعيد من بعيد
أنا سوف أمضي باحثا عنها سألقاها هناك
عند السراب وسوف أبني مخدعين لنا هناك
قالت ورجع ما تبوح به الصدى أنا من تريد
أنا من تريد فأين تمضي ؟ فيم تضرب في القفار
مثل الشريد أنا الحبيبة كنت منك على انتظار
أنا من تريد وقبلتني ثم قالت والدموع
في مقلتيها غير أنك لن ترى حلم الشباب
بيتا على التل البعيد يكاد يخفيه الضباب
لولا الأغاني وهي تعلو نصف وسنى والشموع
تلقى الضياء من النوافذ في ارتخاء في ارتخاء
أنا من تريد وسوف تبقى لا ثواء ولا رحيل
حب إذا أعطى الكثير فسوف يبخل بالقليل(61/464)
لا يأس فيه ولا رجاء
-10-
أنا أيها النائي القريب
لك أنت وحدك غير أنى لن أكون
لك أنت أسمعها وأسمعهم ورائي يلعنون
هذا الغرام أكاد أسمع أيها الحلم الحبيب
لعنات أمي وهي تبكي أيها الرجل الغريب
إني لغيرك بيد أنك سوف تبقى لن تسير
قدماك سمرتا فما تتحركان ومقلتاك
لا تبصران سوى طريقي أيها العبد السير
أنا سوف أمضي فاتركيني : سوف ألقاها هناك
عند السراب
فطوقتني وهي تهمس : لن تسير
-11-
أنا من تريد، فأين تمضي بين أحداق الذئاب
تتلمس الدرب البعيد
فصرخت : سوف أسير ما دام الحنين إلى السراب
في قلبي الظامي دعيني أسلك الدرب البعيد
حتى أراها في انتظاري : ليس أحداق الذئاب
أقسى على من الشموع
في ليلة العرس التي تترقبين، ولا الظلام
والريح والأشباح أقسى منك أنت أو الأنام !
أنا سوف أمضي ! فارتخت عني يداها والظلام
يطغي ...
و لكني وقفت وملء عيني الدموع !
في ليلة العرس التي تترقبين، ولا الظلام
والريح والأشباح أقسى منك أنت أو الأنام !
أنا سوف أمضي ! فارتخت عني يداها والظلام
يطغي ...
و لكني وقفت وملء عيني الدموع !
شعراء العراق والشام >> معين بسيسو >> إلى طفلتي دالية
إلى طفلتي دالية
رقم القصيدة : 65549
-----------------------------------
وكمصلوب يحلم.
الأرض النائية كنجم.
لو يسمع وقع خطاه...
أنا أحلم أن نمشي.
في كفي شعلة أزهار.
وورائي أعلام الدمية.
تتلوى فوق الأسوار.
مصلوبك يا وطني يحلم
الأرض النائية كنجم
لو يسمع وقع خطاه...
وورائي أعلام الدمية.
أمراس جليد.
تتلوى فوق الأسوار.
ألف شتاء قد مر وما زال
مصلوبك يا وطني يحلم
لو تلمس قدماه،
الأرض النائية كنجم
لو يمشي
لو يسمع وقع خطاه...
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> اللقاء الأخير
اللقاء الأخير
رقم القصيدة : 65550
-----------------------------------
والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء
كالزهرة الوسني فما أحسست إلا والشفاة
فوق الشفاة وللمساء(61/465)
عطر يضوع فتسكرين به وأسكر من شذاه
في الجيد والفم والذراع
فأغيب في أفق بعيد مثلما ذاب الشراع
في أرجوان الشاطيء النائي وأوغل في مداه
.
شفتاك في شفتي عالقتان والنجم الضئيل
يلقى سناه على بقايا راعشات من عناق
ثم ارتخت عني يداك وأطبق الصمت الثقيل
يا نشوة عبرى وإعفاء على ظل الفراق
حلواَ كإغماء الفراشة من ذهول وانتشاء
دوما إلى غير انتهاء
.
يا همسة فوق الشفاة
ذابت فكانت شبه آه
يا سكرة مثل ارتجافات الغروب الهائمات
رانت كما سكن الجناح وقد تناءى في الفضاء
غرقي إلى غير انتهاء
مثل النجوم الآفلات
لا لن تراني لن أعود
هيهات لكن الوعود
تبقى تلحّ فخفّ أنت وسوف آتي في الخيال
يوما إذا ما جئت أنت وربما سال الضياء
فوق الوجوه الضاحكات وقد نسيت وما يزال
بين الأرائك موضع خال يحدق في غباء
هذا الفراغ أما تحس به يحدق في وجوم
هذا الفراغ أنا الفراغ فخف أنت لكي يدوم !
.
هذا هواليوم الاخير ؟!
واحسرتاه! أتصدقين؟ ألن تخفّ إلى لقاء؟
هذا هو اليوم الأخير فليته دون انتهاء !
ليت الكواكب لا تسير
والساعة العجلى تنام على الزمان فلا تفيق!
خلفتني وحدي أسير إلى السراب بلا رفيق
.
يا للعذاب أما بوسعك أن تقولي يعجزون
عنا فماذا يصنعون
لو أنني حان اللقاء
فاقتادني نجم المساء
في غمرة لا أستفيق
ألا وأنت خصري تحت أضواء الطريق ؟!
.
ليل ونافذة تضاء تقول إنك تسهرين
أني أحسّك تهمسين
في ذلك الصمت المميت ألن تخف إلى لقاء
ليل ونافذة تضاء
تغشى رؤاي وأنت فيها ثم ينحل الشعاع
في ظلمة الليل العميق
ويلوح ظلك من بعيد وهو يومئ بالوداع
وأظل وحدي في الطريق
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> أهواء
أهواء
رقم القصيدة : 65551
-----------------------------------
أطلي على طرفي الدامع
خيالا من الكوكب الساطع
ظلا من الأغصن الحالمات
على ضفة الجدول الوادع
وطوفي أناشيد في خاطري
يناغين من حبّي الضائع
يفجّرن من قلبي المستفيض
ويقطرن في قلبي السامع(61/466)
******
لعينيك للكوكبين اللذين
يصبان في ناظريّ الضياء
لنبعين، كالدهر، لا ينضبان
ولا يسقيان الحيارى الظماء
لعينيك ينثال بالأغنيات
فؤاد أطال انثيال الدماء
يودّ، إذا ما دعاك اللسان
على البعد لو ذاب فيه النداء
******
يطول انتظاري، لعلي أراك
لعلي، ألاقيك بين البشر
سألقاك. لا بد لي أن أراك
وإن كان بالناظر المحتضر
فديت التي صوّرتها مناي
وظل الكرى في هجير السهر
أطلي على من حباك الحياة
فأصبحت حسناء ملء النظر!
******
اطلي فتاة هواي والخيال
على ناظر الرؤى عالق
بعشرين من ريقات السنين
عبرن المدرات في خافقي
بعشرين كلاّ وهبت الربيع
وما فيه من عمري العاشق
فما ظل إلا الربيع صغير
أخبّيه للموعد الرائق
******
سأروي على مسمعيك الغداة
أحاديث سمّيتهن الهوى
وأنباء قلب غريق السراب
شقيّ التداني ، كئيب النوى
أصيخي .. فهذي فتاة الحقول
وهذا غرام هناك انطوى
اتدرين عن ربة الراعيات ؟
عن الريف ؟ عما يكون الجوى
******
هو الريف هل تبصرين النخيل ؟
وهذي أغانيه هل تسمعين
وذاك الفتى شاعر في صباه
وتلك التي علمته الحنين
هي الفنّ من نبعت المستطاب
هي الحبّ من مستقاه الحزين
رآها تغني وراء القطيع
كـ( بنلوب ) تستمهل العاشقين
*****
فما كان غير التقاء الفؤادين
في خفقة منهما عاتية
وما كان غير افترار الشفاة
بما يشبه البسمة الحانية
وكان الهوى ، ثم كان اللقاء
لقاء الحبيبين في ناحية
فما قال : أهواك ، حتى ترامى
عياء على ضفة الساقية
******
وأوفى على العاشقين الشتاء
ويوم دجا في ضحاه السحاب
خلا الغاب ما فيه إلا النّخيل
وإلا العصافير فهو ارتقاب
وبين الحبيبين في جانبيه
من السّعف في كل ممشى حجاب
فما كان إلا وميض أضاء
ذرى النخل وانحل غيم وذاب
******
ويا سدرة الغاب كيف استجارا
بأفنانك الناطفات المياه
رآها وقد بلّ من ثوبها
حيا زخ فاستقبلتها يداه
على الجدع يستدفئان الصدور
على موعد كل آه بآه
سلي الجدع كيف التصاق الصدور(61/467)
بهزّاتها، وابتعاد الشفاه ؟
******
أشاهدت يا غاب رقص الضياء
على قطرة بين اهدابها ؟
ترى أهي تبكي بدمع السماء
أساها وأحزان أترابها ؟
ولكنّها كل نور الحقول
ودفء الشذى بين اعشابها
وأفراح كلّ العصافير فيها
وكلّ الفراشات في غابها
******
وذاك الخصام الذي لو يفدّي
لفديت ساعته بالوئام
أفدّيه من أجل يوم ترفّ
يد فيه أو لفتة بالسلام
ومن أجل عينين لا تستطيعان
ان تنظرا دون ظل ابتسام
تذوب له قسوة في الأسارير
كالصحو ينحل عنه الغمام
******
خصاماً ولما نعلّ الكؤوس ؟
أحطّمتها قبل أن نسكرا ؟
خصاماً ، وما زال بعض الربيع
نديّاً على الصيف مخضوضرا ؟
خصاماً ؟ فهل تمنعين العيون
إذا لألأ النّور أن تنظرا؟
وهل توقفين انعكاس الخيال
من النهر، أن يملك المعبرا ؟
******
أغاني شبابتي تستبيك
وتدنيك مني، ففيم الجفاء ؟
كأن قوى ساحر تستبدّ
بأقدامك البيض، عند المساء
ويفضي بك الدّرب حيث استدار،
إلى موعدي بين ظلّ وماء
على الشطّ، بين ارتجاف القلوع
وهمس النخيل، وصمت السماء
******
وحجبت خدّيك عن ناظري
بكفيك حينا وبالمروحات
سأشدو وأشدو فما تصنعين
اذا احمر خدّاك للأغنيات ؟
وأرخيت كفيك مبهورتين
وأصغيت، واخضل حتى الموات
إلى أن يموت الشعاع الاخير
على الشرق، والحب، والأمنيات
******
وهيهات، إن الهوى لن يموت
ولكنّ بعض الهوى يأفل
كما تأفل الأنجم الساهرات
كما يغرب الناظر المسبل،
كما تستجمّ البحار الفساح
ملّيا، كما يرقد الجدول
كنوم اللظى، كانطواء الجناح
كما يصمت الناي والشمأل !
******
أعام مضى والهوى ما يزال
كما كان، لا يعتريه الفتور
أهذا هو الصيف يوفي علينا
فناقااه ثانية، كالزهور
ولكنهمن زهور الخلود
فلا اظمأت ريّهنّ الحرور
ولا نال من لونهمن الشتاء
ولا استترفت عطرهن الدهور
******
أغانيّ ، والغاب قفر الوكون
حبيس النسائم تحت الدوالي
ترى ماؤه، لاتّقاد الهجير
حريقا بما فوقه من ظلال
وفوق التعاشيب، حيث الغصون
ينئون بافيائهن الثقال(61/468)
لها مضجع هدهدته العطور
أأبصرت كيف اضطجاع الجمال؟
******
أأمسيت استحضر الذكرات
وما كان بالامس كل الحياة؟
أضاعت حياتي ؟ أغاب الغرام
أماتت على الاغنيات الشفاه؟
أنمسي، ومازال غاب النخيل
خضيلا وما زال فيه الرعاه،
حديثا على موقد لسامرين :
أحبّا، وخابا فوا حسرتاه؟
******
أناديك لو تسمعين النداء
وأدعوك أدعوك! يا للجنون
إذا رن في مسمعيك الغداة
من المهد صوت الرضيع الحنون
ونادى بك الزوّج أن ترضعيه
ونادى صدى أخفتته السنون
فما نفعها صرخة من لهيب
أدوّي بها ؟ من عساني أكون؟
******
أعفّرت من كبرياء النداء؟
وأرجعت آمادي القهقرى؟
نسيت التي صورتها مناي
وناديت انثى ككل الورى ؟
واعرضت عن مسمع في السماء
إلى مسمع في تراب القرى !
أتصغي فتاة الهوى والخيال
وأدعو فتاة الهوى والثرى؟
******
وودعت سجواء بين الحقول
ودنيا عن الشر في معزل
وخلفت في كل ركن خصيل
من الريف ذكرى هوى أول
قصاصات أوراقي الهامسات
بشعري على ضفه الجدول
وجذعا كتبت اسمها الحلو فيه
ونايا يغني مع الشمأل
******
فمن هذه المسترق القلوب
صبى ملؤها روحة الطافره
أما كنت ودعت تلك العيون
الظليلات والخصله النافرة؟
كأني ترشفت قبل الغداة
سنى هذه النظرة الآسرة !
أما كان في الريف شيء كهذا ؟
اما تشبة الربة الغابرة؟!
******
مشى العمر ما بيننا فاصلا
فمن لي بأن أسبق الموعد ؟
ولكنه الحبّ منه الزمان
ثوان ومما احتواه المدى
أراها فانفض عنها السنين
كما تنفض الريح برد الندى
فتغدو وعمري أخو عمرها
ويستوقف المولد المولدا
******
وهل تسمع الشعر إن قلته
وفي مسمعيها ضجيج السنين
أطلت على السبع من قبل عشر
ين عاما وما كنت الا جنين ؟
وأمسى ولم تدر أنت الغرام
هواها حديث الورى أجمعين
لقد نبّأوها بهذا الهوى
فقالت : وما أكثر العاشقين ؟!
******
أمن قلبه انثان هذا النشيد
إليها، إلى الذئبة الضاريه ؟
ولو لم يكن فيه طعم الدماء
ما استشعرت رنة القافية
وما زالت تسبيه غمّازتان(61/469)
تبوحان بالبسمة الخافية
وما زالتا تذكران الخيال
بما كان في الأعصر الخالية
******
وبالحب والغادة المستبد
صباها به ، يلعبان الورق
وكيف استكان الإله الصغير
فألقى سهام الهوى والحنق
رهان، رمى فيه غمّازتيه
وورد الخدود، ونور الحدق
لك الله ، كيف اقتحمت القرون
ولم يخب في وجنتيك الألق ؟
******
كأن ابتسامتها والربيع
شقيقتان ، لولا ذبول الزهر
أآذار ينثر تلك الورود
على ثغرها ؟ أم شعاع القمر ؟
ففي ثغرها افترّ كل الزمان
وما عمر آذار إلا شهر
وبالروح فديت تلك الشفاه
وان أذكروني بكاس القدر !
******
أطلي على طرفي الدامع
خيالا من الكوكب الساطع
وظلا من الأغصن الحالمات
على ضفة الجدول الوادع
وطوفي أناشيد في خاطري
يناغين من حبي الضائع
يفجرن من قلبي المستفيض
ويقطرن في قلبي السامع
شعراء العراق والشام >> بشارة الخوري (الأخطل الصغير ) >> إني مت بعدك
إني مت بعدك
رقم القصيدة : 65552
-----------------------------------
عش أنت أني مت بعدك
وأطل إلى ماشئت صدك
ماكان ضرك لو عدلت
أما رأت عيناك قدك
وجعلت من جفني متكأً
ومن عيني مهدك
ورفعت بي عرش الهوى
ورفعت فوق العرش بندك
وأعدت للشعراء سيدهم
وللعشاق عبدك
أغضاضه ياروض إن
أنا شاقني فشممت وردك
أنقى من الفجر الضحوك
فهل أعرت الفجر خدك
وأرق من طبع النسيم
فهل خلعت عليه بردك
وألذ من كأس النديم
فهل أبحت الكأس شهدك
وحياة عينك وهي عندي
مثلما الأيمان عندك
ماقلب أمك أن تفارقها
ولم تبلغ أشدك
فهوت عليك بصدرها
يوم الفراق لتستردك
بأشد من خفقان قلبي
يوم قيل:خفرت عهدك
شعراء العراق والشام >> بشارة الخوري (الأخطل الصغير ) >> ياعاقد الحاجبين
ياعاقد الحاجبين
رقم القصيدة : 65553
-----------------------------------
ياعاقد الحاجبين
على الجبين اللجين
إن كنت تقصد قتلي
قتلتني مرتين
ماذا يريبك مني
وماهممت بشين
أصُفرةٌ في جبيني
أم رعشة في اليدين
تَمر قفز غزالٍ
بين الرصيف وبيني
وما نصبت شباكي(61/470)
ولا أذنت لعيني
تبدو كأن لاتراني
وملء عينك عيني
ومثل فعلك iiفعلي
ويلي من الأحمقين
مولاي لم تبق مني
حياً سوى رمقين
صبرت حتى براني
وجدي وقرب حيني
ستحرم الشعر مني
وهذا ليس بهين
أخاف تدعو القوافي
عليك في المشرقين
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> أساطير
أساطير
رقم القصيدة : 65554
-----------------------------------
أساطير من حشرجات الزمان
نسيج اليد البالية
رواها ظلام نم الهاوية
وغنى بها ميتان
أساطير كالبيد ماج سراب
عليها وشقت بقايا شهاب
وأبصرت فيها بريق النضار
يلاقي سدى من ظلال الرغيف
وأبصرتني والستار الكثيف
يواريك عني فضاع انتظار
وخابت منى وانتهى عاشقان
**
أساطير مثل المدى القاسيات
تلاوينها من دم البائسين
فكم أومضت في عيون الطغاة
بما حملت من غبار السنين
يقولون : وحي السماء
فلو يسمع الأنبياء
لما قهقهت ظلمة الهاوية
بأسطورة بالية
تجر القرون
بمركبة من لظى في جنون
لظى كالجنون !
**
وهذا الغرام اللجوج
أيريد من لمسة باردة
على اصبع من خيال الثلوج
وأسطورة بائدة
وعرافة أطلقت في الرمال
بقايا سؤال
وعينين تستطلعان الغيوب
وتستشرقان الدروب
فكان ابتهال وكانت صلاة
تغفر وجه الآله
وتحنو عليه انطباق الشفاة
**
تعالي فما زال نجم المساء
يذيب السنا في النهار الغريق
ويغشى سكون الطريق
بلونين من ومضة واطفاء
وهمس الهولء الثقيل
بدفء الشذى واكتئاب الغروب
يذكرني بالرحيل
شراع خلال التحايا يذوب
وكف تلوح يا للعذاب
**
تعالي فما زال لون السحاب
حزينا .. يذكرني بالرحيل
رحيل
تعالي تعالي نذيب الزمان
وساعة في عناق طويل
ونصبح بالأرجوان شراعا وراء المدى
وننسى الغدا
على صدرك الدافئ العاطر
كتهويمة الشاعر
تعالي فملء الفضاء
صدى هامس باللقاء
يوسوس دون انتهاء
**
على مقلتيك انتظار بعيد
وشيء يؤيد
ظلال
يغمغم في جانبيها سؤال
وشوق حزين
يريد اعتصار السراب
وتمزيق أسطورة الأولين
فيا للعذاب
جناحان خلف الحجاب
شراع ..(61/471)
وغمغمة بالوداع !!
شعراء العراق والشام >> بشارة الخوري (الأخطل الصغير ) >> أرق الحسن
أرق الحسن
رقم القصيدة : 65555
-----------------------------------
يبكي ويضحك لاحزناً ولا فرحا
كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
من بسمة النجم همس في قصائده
ومن مخالسة الضّبي الذي سنحا
قلبٌ تمرس باللذات وهو فتى
كبرعم لمسته الريح فانفتحا
ماللأقاحية السمراء قد صرفت
عنّا هواها؟أرق الحسن ما سمحا
لو كنت تدرين ماألقاه من شجن
لكنت أرفق من آسى ومن صفحا
شعراء العراق والشام >> بشارة الخوري (الأخطل الصغير ) >> ياجهادا صفق المجد له
ياجهادا صفق المجد له
رقم القصيدة : 65556
-----------------------------------
ـ يا جهاداً صَفَّقَ المجد له:
سائل العلياء عنا والزمانا
هل خفرنا ذمَّةً مُذْ عرفانا
المروءاتُ التي عاشت بنا
لم تزل تجري سعيراً في دِمانا
قل (لجونْ بولٍ)* إذا عاتبتَهُ
سوف تدعونا ولكن لا ترانا
قد شفينا غلّة في صدره
وعطشنا، فانظروا ماذا سقانا
يوم نادانا فلبّينا النِدا
وتركنا نُهيَةَ الدين ورانا
ضجَّت الصحراء تشكو عُرْيَها
فكسوناها زئيراً ودُخانا
مذ سقيناها العُلا من دمنا
أيقنت أن مَعَدّاً قد نمانا
* * *
ضحك المجدُ لنا لما رآنا
بدم الأبطال مصبوغاً لِوانا
عرسُ الأحرار أن تسقي العِدى
أكؤساً حُمراً وأنغاماً حزانى
نركب الموتِ إلى (العهد) الذي
نحرتْه دون ذنب حُلفانا
أمِنَ العدل لديهم أننا
نزورع النصر ويجنيه سِوانا
كلّما لَوَّحتَ بالذكرى لهم
أوسعوا القول طلاء ودِهانا
ذنبنا والدهر في صرعته
أنٍْ وفينا لأخي الوِد وخانا
* * *
يا جهاداً صفّق المجد له
ليس الغارُ عليه الأرجوانا
شرفٌ باهتْ فلسطينٌ به
وبناءٌ للمعالي لا يُدانى
إن جرحاً سال منْ جبهتها
لثمتهُ بخشوعٍ شفتانا
وأنيناً باحت النجوى به
عربياً رشفتهُ مقلتانا
* * *
يا فلسطين التي كدنا لما
كابدته من أسىً ننسى أسانا
نحن يا أختُ على العهد الذي(61/472)
قد رضعناه من المهد كِلانا
يثربٌ والقدسُ منذُ احتلما
كعبتانا وهوى العرب هوانا
شرفٌ للمت أن نطعمه
أنفساً جبارة تأبى الهوانا
وردةٌ من دمنا في يده
لو أتى النار بها حالت جنانا
انشروا الهول وصُبّوا ناركمْ
كيفما شئتم فلن تلقوا جبانا
غذّتِ الأحداثُ منّا أنفُساً
لمْ يزدها العنفُ إلاّ عنفوانا
قَرَعَ (الدوتشي) لكم ظهر العصا
وتحدّاكم حساماً ولسانا
إنهُ كفوٌ لكمْ فانتقموا
ودعونا نسألُ الله الأمانا
* * *
قُمْ إلى الأبطال نلمسْ جرحهمْ
لمسة تسبحُ بالطيب يدانا
قم نجعْ يوماً من العمر لهمْ
هبْهُ صوم الفصح، هبهُ رمضانا
إنما الحقُّ الذي ماتوا له
حقنا، نمشي إليه أين كانا
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> اتبعيني
اتبعيني
رقم القصيدة : 65557
-----------------------------------
أتبعيني
فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد
حالم الأغوار بالنجم الوحيد
وشراع يتوارى واتبعيني
همسة في الزرقة الوسنى وظل
من جناح يضمحل
في بقايا ناعسات من سكون
في بقايا من سكون
في سكون !
**
هذه الأغوار يغشاها خيال
هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال
تعكس الأمواج في شبه انطفاء
لونه المهجور في الشط الكئيب
في صباح ومساء
وأساطير سكارى ... في دروب
في دروب أطفأ الماضي مداها
وطواها
فاتبعيني .. إتبعيني
**
اتبعيني ... ها هي الشطآن يعلوها ذهول
ناصل الألوان كالحلم القديم
عادت الذكرى به ساج كأشباح نجوم
نسي الصبح سناها والأفول
في سهاد ناعس بين جفون
في وجوم الشاطيء الخالي كعينيك انتظار
وظلال تصبغ الريح وليل ونهار
صفحة زرقاء تجلو في برود
وابتسام غامض ظل الزمان
للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد
اتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان
في غد حتى وإن لم تتبعني
يعكس الموج على الشط الحزين
والفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين
**
أمس جاء الموعد الخاوي وراحا
يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا
كنت وحدي .. أرقب الساعة تقتات الصباحا(61/473)
وهي ترنو مثل عين القاتل القاسي إليا
أمس.. في الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
وتناءت في ارتخاء وتوان
غمغمات مجهدات وأغاني
وتلاشت تتبع الضوء الضئيلا
أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> رنة تتمزق
رنة تتمزق
رقم القصيدة : 65558
-----------------------------------
الداء يثلج راحتي، ويطفيء الغد ... في خيالي
ويشل أنفاسي ويطلقها كأنفاس الذبال
تهتز في رئتين يرقص فيهما شبح الزوال
مشدودتين إلى ظلام القبر بالدّم والسعال ..
**
واحسرتا ؟! كذا أموت ؟ كما يجف ندى الصباح ؟
ما كاد يلمع بين أفواف الزنابق والأقاحي
فتضوع أنفاس الربيع تهزّ أفياء الدوالي
حتى تلاشى في الهواء كأنه خفق الجناح !
**
كم ليلة ناديت باسمك أيها الموت الرهيب
وودت لا طلع الشروق علي إن مال الغروب
بالأمس كنت أرى دجاك أحب من خفقات آل
راقصن آمال الظماء ... فبلها الدم واللهيب !
**
بالأمس كنت أصيح : خذني في الظلام إلى ذراعك
وأعبر بي الأحقاب يطويهن ظل من شراعك
خذني إلى كهف تهوم حوله ريح الشمال ..
نام الزمان على الزمان به وذابا في شعاعك
**
كان الهوى وهما يعذبني الحنين إلى لقائه
ساءلت عنه الأمنيات وبت أحلم بارتمائه
زهراَ ونوراَ في فراغ من شكاة وابتهال ..
في ظلمة بين الأضالع تشرئب إلى ضيائه
**
واليوم حببت الحياة إلى وابتسم الزمان
في ثغرها وطفا على أهدابها الغد والحنان
سمراء تلتفت النخيل المساهمات إلى الرمال
في لونها وتفر ورقاء ويأرج أقحوان
**
شع الهوى في ناظريها فاحتوانب واحتواها
وارتاح صدري وهو يخفق باللحون على شذاها
فغفوت استرق الرؤى والشاعرية من رؤاها
وأغيب في الدفء المعطر كالغمامة في نداها
**
عينان سوداوات أصفى من؟ أماسي اللقاء
وأحب من نجم الصباح إلى المراعي والرعاء(61/474)
تتلألأ عن الرجا كليلة تخفي دجاها
فجراَ يلون بالندى درب الربيع وبالضياء
**
سمراء يا نجما تألق في مسائي أبغضيني
واقسي علي ولا ترقى للشكاة وعذبيني
خلي احتقار في العيون وقطبي تلك الشفاها
فالداء في صدري تحفز لافتراسك في عيوني !
**
يا موت يارب المخاوف والدياميس الضريرة
اليوم تأتي ؟! من دعاك ؟ ومن أدراك أن تزوره ؟
أنا ما دعوتك أيها القاسي فتحرمني هواها
دعني أعيش على ابتسامتها وان كانت قصيرة
**
لا ! سوف أحيى سوف أشقى سوف تمهلني طويلا
لن تطفيء المصباح لكن سوف تحرقه فتيلا
في ليلة في ليلتين سيلتقي آها فآها
حتى يفيض سني النهار فيغرق النور الضئيلا !!
**
يا للنهاية حين تسدل هذه الرئة الأكيل
بين السعال على الدماء فيختم الفصل الطويل
والحفرة السوداء تفغر بانطفاء النور فاها
إني أخاف أخاف من شبح تخبئه الفصول !!
**
وغدا إذا ارتجف الشتاء على ابتسامات الربيع
وانحل كالظل الهزيل وذاب كاللحن السريع
وتفتحت بين السنابل وهي تحلم بالقطيع
والناي زنبقة مددت يدي إليها في خشوع
**
وهويت أنشقها فتصعد كلما صعد العبير
من صدري المهدوم حشرجة فتحرق العطور
تحت الشفاه الراعشات ويطفأ الحقل النضير
شيئا فشيئا .. في عيوني ثم ينقلب الأسير !!
شعراء العراق والشام >> بشارة الخوري (الأخطل الصغير ) >> المسلول
المسلول
رقم القصيدة : 65559
-----------------------------------
سَنَةٌ مَضَتْ ، فإذا خرجتَ إلى
ذاكَ الطريقِ بِظاهرِالبَلَدِ
وَلَفَتَّ وَجْهَكَ يَمْنَةً ، فترى
وجهاً مَتى تَذكُرْهُ تَرْتَعِدِ :
هذا الفتى في الأمسِ ، صارَ لى
َجُلِ هَزيل الجِسْمِ مُنجَرِدِ
مُتَلَجلِجِ الألفاظِ مُضطربٍ ،
متواصلِ الأنفاس مُطَّرِدِ
مُتَجَعِّدِ الخدينِ مِنْ سَرَفٍ
متكَسِّرِ الجفنين مِنْ سُهُدِ
يبدو من الوجَنَاتِ في خَدَدِ
تَهْتَزُّ أنْمُلُهُ ، فتَحْسَبُها
َرَقَ الخَريفِ أُصِيبَ بالبَرَدِ
وَيَكادُ يَحْمِلُهُ ، لِما تَرَكتْ(61/475)
مِنْهُ الصَبَابَةُ ، مِخْلَبُ الصُّرَدِ
يمشي بعلَّتِهِ على مَهَلٍ ،
فَكَأنَّهُ يمشي عَلى قَصَدِ
وَيَمُجُّ أحياناً دَماً ، فعلى
مِنْديلِهِ قِطَعٌ من الكَبِدِ
قِطَعٌ تآبينٌ مُفَجَّعَةٌ
مَكْتُوبَةٌ بِدَمٍ بِغيرِ يدِ
قِطَعٌ تقولُ لَهُ : تموتُ غداً
وإذا ترقً ، تقولُ ك بعدَ غَدِ..
والموتُ أرحمُ زائرٍ لِفَتىً
مُتَزَمِّلِ بالداءِ مُغْتَمِدِ
قدْ كان مُنتحِراً ، لو أن لهُ
شِبْهَ القِوَى في جسمهِ الخَضِدِ
لَكِنَّهُ ، والداءُ يَنْهَشُهُ ،
كالشلوِ بين مخالب الأسدِ..
جَلْدٌ عَلى الآلامِ ، يُنْجِدُهُ
طَلَلُ الشبابِ وَدارِسُ الصِّيَدِ..
أينَ التي عَلِقتْ بِه غُصناً
حُلْوَ المَجانِي ناضِرَ المَلَدِ
أين التي كانت تقولُ لهُ
ضعْ رأسَكَ الواهي على كبدي ؟! ..
هذا قَتِيلُ هَوًى ببنتِ هوًى
هذا قَتِيلُ هَوًى ببنتِ هوًى
هذا قَتِيلُ هَوًى ببنتِ هوًى
فإذا مَرَرْتَ بِأُخْتِها فَحِدِ
مَاتَ الشَّقيُّ بِها وَقَدْ سَلِمتْ
يَا لَلْقَتيلِ قَضى بلا قَوَدِ
مَاتَ الفتى ، فأقيم في جَدَثٍ
مُسْتَوْحِشٍ الأرجاءِ مُنْفَرِدِ
مُتَجَلِّلٍ بالفقرِ ، مؤتَزِرٍ
بالنبْتِ مِن مُتَيَبِّسِ وَنَدِي
وَتَزُورُهُ حِيناً ، فَتُؤْنِسُهُ
بَعضُ الطيورِ بِصوتها الغَرِدِ
كَتَبُوا على حُجُراتِهِ بِدَمٍ
سَطراً بهِ عِظةٌ لِذِي رَشَدِ :
هذا قَتِيلُ هَوًى ببنتِ هوًى
فإذا مَرَرْتَ بِأُخْتِها فَحِدِ
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> سوف أمضي
سوف أمضي
رقم القصيدة : 65560
-----------------------------------
سوف أمضي أسمع الريح تناديني بعيداً
في ظلام الغابة اللفّاء .. والدّرب الطويل
يتمطي ضجراً، والذئب يعوي، والأفول
يسرق النجم كما تسرق روحي مقلتاك
فاتركي أقطعلا اللليل وحيدا
سوف أمضي فهي ما زالت هناك
في انتظاري
**
سوف أمضي. لا هدير السيل صخّبا رهيبا
يغرق الوادي، ولا الأشباح تلقيها القبور
في طريقي تسأل الليل إلى أين أسير(61/476)
كل هذا ليس يثنيني فعودي واتركيني
ودعيني أقطع اللليل غريبا
إنها ترنو إلى الأفق الحزين
في انتظاري
**
سوف أمضي حوّلي عينيك لا ترني إليّا
إن سحراً فيهما يأبى على رجلي مسيرا
إن سراً فيهما يستوقف القلب الكسيرا
وارفعي عني ذراعيك ... فما جدوى العناق
إن يكن لا يبعث الأشواق فيّا ؟
اتركيني ها هو الفجر تبدى، ورفاقي
في انتظاري
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> هوى واحد !
هوى واحد !
رقم القصيدة : 65561
-----------------------------------
على مقلتيك ارتشف النجوم
وعانقت آمالي الآيبة
وسابقت حتى جناح الخيال
بروحي إلى روحك الواثبة
أطلت فكانت سناً ذائباً
بعينيك في بسمة ذائبة
*
أأنت التي رددتها مناي
أناشيد تحت ضياء القمر
تغني بها في ليالي الربيع
فتحلم أزهاره بالمطر
ويمضي صداها يهز الضياء
ويغفو على الزورق المنتظر
*
خذي الكأس بلي صداك العميق
بما ارتج في قاعها من شراب
خذي الكأس لا
جف ذاك الرحيق
و إلا صدى هامس في القرار ألا ليتني ما سقيت التراب
*
خذي الكأس إني زرعت الكروم
على قبر ذاك الهوى الخاسر
فأعراقها تستعيد الشراب
وتشتفه من يد العاصر
خذي الكأس اني نسيت الزمان
فما في حياتي سوى حاضر
*
وكان انتظار لهذا الهوى
جلوسي على الشاطيء المقفر
وإرسال طرفي يجوب العباب
ويرتد عن أفقه الأسمر
إلى أن أهل الشراع الضحوك
وقالت لك الأمنيات : أنظري
*
أأنكرت حتى هواك اللجوج
وقلبي وأشواقك العارمة
وضللت في وهدة الكبرياء
صداها .. فيا لك من ظالمة
تجنيت حتى حسبت النعاس
ذبولا على الزهرة النائمة
*
أتنسين تحت التماع النجوم
خطانا وأنفاسنا الواجفة
وكيف احتضنا صدى في القلوب
تغني به القبلة الراجفة
صدى لج احتراق الشفاة
وما زال في غيهب العاطفة
*
ورانت على الأعين الوامقات
ظلال من القبلة النائية
تنادي بها رغبة في الشفاة
ويمنعها الشك .. والواشية
فترتج عن ضغطة في اليدين
جكعنا بها الدهر في ثانية
*
شقيقة روحي ألا تذكرين(61/477)
نداء سيبقى يجوب السنين
وهمس من الأنجم الحالمات
يهز التماعاتها بالرنين
تسلل من فجوة في الستار
إليك وقال ألا تذكرين
*
تعالي فما زال في مقلتي
سنا ماج فيه اتقاد الفؤاد
كما لاح في الجدول المطمئن
خيال اللظى والنجوم البعاد
فلا تزعمي أن هذا جليد
ولا تزعمي أن هذا رماد؟
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> لن نفترق !
لن نفترق !
رقم القصيدة : 65562
-----------------------------------
هبت تغمغم : سوف نفترق
روح على شفتيك تخترق
صوت كأن ضرام صاعقة
ينداح فيه ... وقلبي الأفق
ضاق الفضاء وغام في بصري
ضوء النجوم وحطم الألق
فعلى جفوني الشاحبات وفي
دمعي شظايا منه أو مزق
فيم الفراق ؟ أليس يجمعنا
حب نظل عليه نعتنق ؟
حب ترقرق في الوعود سنا
منه ورف على الخطى عبق
*
أختاه، صمتك ملؤه الريب ؟
فيما الفراق ؟ أما له سبب ؟
الحزن في عينيك مرتجف
واليأس في شفتيك يضطرب
ويداك باردتان : مثل غدي
وعلى جبينك خاطر شجب
ما زال سرك لا تجنحه
آه مأججة : ولا يثب
حتى ضجرت به وأسأمه
طول الثواء وآده التعب
إني أخاف عليك وأختلجت
شفة إلى القبلات تلتهب
*
ثم إنثنيت مهيضة الجلد
تتنهدين وتعصرين يدي
وترددين وأنت ذاهلة
إني أخاف عليك حزن غد
فتكاد نتتثرالنجوم أسى
في جوهن كذائب البرد
لا تتركي لا تتركي لغدي
تعكير يومي ما يكون غدي
وإذا ابتسمت اليوم من فرح
فلتعبسن ملامح الأبد
ما كان عمري قبل موعدنا
إلا السنين تدب في جسد
*
أختاه لذّ على الهوى ألمي
فاستمتعي بهواك وابتسمي
هاتي اللهيب فلست أرهبه
ما كان حبك أول الحمم
ما زلت محترقا تلقفني
نار من الأوهام كالظلم
سوداء لا نور يضيء بها
جذلان يرقص عاري الفدم
هاتي لهيبك إن فيه سناً
يهدي خطاي ولو إلى العدم
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> سراب
سراب
رقم القصيدة : 65563
-----------------------------------
بقايا من القافلة
تنير لها نجمة آفله
طريق الفناء
وتؤنسها بالغناء
شفاه ظماء(61/478)
تهاويل مرسومة في السراب
تمزّق عنها النقاب
على نظرة ذاهلة
وشوق يذيب الحدود
*
ظلال على صفحة باردة
تحركها قبضة ماردة
وتدفعها غنوة باكية
إلى الهاوية .
ظلال على سلم من لهيب
رمى في الفراغ الرهيب
مراتبة البالية
وأرخى على الهاوية
قناع الوجود
سنمضي .. ويبقى السراب
وظل الشفاه الظماء
يهوم خلف النقاب
وتمشي الظلال البطاء
على وقع أقدامك العارية
إلى ظلمة الهاوية
وننسى على قمة السلم
هوانا .. فلا تحلمي
بأنا نعود !
شعراء العراق والشام >> ميخائيل نعيمة >> أخي
أخي
رقم القصيدة : 65564
-----------------------------------
أخي ! إنْ ضَجَّ بعدَ الحربِ غَرْبِيٌّ بأعمالِهْ
وقَدَّسَ ذِكْرَ مَنْ ماتوا وعَظَّمَ بَطْشَ أبطالِهْ
فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بِمَنْ دَانَا
بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشِعٍ دامٍ
لنبكي حَظَّ موتانا
***
أخي ! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ
وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ
فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا
لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم
سوى أشْبَاح مَوْتَانا
***
أخي ! إنْ عادَ يحرث أرضَهُ الفَلاّحُ أو يزرَعْ
ويبني بعدَ طُولِ الهَجْرِ كُوخَاً هَدَّهُ المِدْفَعْ
فقد جَفَّتْ سَوَاقِينا وَهَدَّ الذّلُّ مَأْوَانا
ولم يتركْ لنا الأعداءُ غَرْسَاً في أراضِينا
سوى أجْيَاف مَوْتَانا
***
أخي ! قد تَمَّ ما لو لم نَشَأْهُ نَحْنُ مَا تَمَّا
وقد عَمَّ البلاءُ ولو أَرَدْنَا نَحْنُ مَا عَمَّا
فلا تندبْ فأُذْن الغير ِ لا تُصْغِي لِشَكْوَانَا
بل اتبعني لنحفر خندقاً بالرفْشِ والمِعْوَل
نواري فيه مَوْتَانَا
***
أخي ! مَنْ نحنُ ؟ لا وَطَنٌ ولا أَهْلٌ ولا جَارُ
إذا نِمْنَا ، إذا قُمْنَا رِدَانَا الخِزْيُ والعَارُ
لقد خَمَّتْ بنا الدنيا كما خَمَّتْ بِمَوْتَانَا
فهات الرّفْشَ وأتبعني لنحفر خندقاً آخَر
نُوَارِي فيه أَحَيَانَا(61/479)
شعراء العراق والشام >> ميخائيل نعيمة >> النهر المتجمد
النهر المتجمد
رقم القصيدة : 65565
-----------------------------------
يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخرير ؟
أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير ؟
***
بالأمسِ كنتَ مرنماً بين الحدائقِ والزهور
تتلو على الدنيا وما فيها أحاديثَ الدهور
***
بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريق
واليومَ قد هبطتْ عليك سكينةُ اللحدِ العميق
***
بالأمس كنتَ إذا أتيتُكَ باكياً سلَّيْتَني
واليومَ صرتَ إذا أتيتُكَ ضاحكاً أبكيتني
***
بالأمسِ كنتَ إذا سمعتَ تنهُّدِي وتوجُّعِي
تبكي ، وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي !
***
ما هذه الأكفانُ ؟ أم هذي قيودٌ من جليد
قد كبَّلَتْكَ وذَلَّلَتْكَ بها يدُ البرْدِ الشديد ؟
***
ها حولك الصفصافُ لا ورقٌ عليه ولا جمال
يجثو كئيباً كلما مرَّتْ بهِ ريحُ الشمال
***
والحَوْرُ يندبُ فوق رأسِكَ ناثراً أغصانَهُ
لا يسرح الحسُّونُ فيهِ مردِّداً ألحانَهُ
***
تأتيه أسرابٌ من الغربانِ تنعقُ في الفَضَا
فكأنها ترثِي شباباً من حياتِكَ قد مَضَى
***
وكأنها بنعيبها عندَ الصباحِ وفي المساء
جوقٌ يُشَيِّعُ جسمَكَ الصافي إلى دارِ البقاء
***
لكن سينصرف الشتا ، وتعود أيامُ الربيع
فتفكّ جسمكَ من عِقَالٍ مَكَّنَتْهُ يدُ الصقيع
***
وتكرّ موجتُكَ النقيةُ حُرَّةً نحوَ البِحَار
حُبلى بأسرارِ الدجى ، ثملى بأنوارِ النهار
***
وتعود تبسمُ إذ يلاطف وجهَكَ الصافي النسيم
وتعود تسبحُ في مياهِكَ أنجمُ الليلِ البهيم
***
والبدرُ يبسطُ من سماه عليكَ ستراً من لُجَيْن
والشمسُ تسترُ بالأزاهرِ منكبَيْكَ العارِيَيْن
***
والحَوْرُ ينسى ما اعتراهُ من المصائبِ والمِحَن
ويعود يشمخ أنفُهُ ويميس مُخْضَرَّ الفَنَن
***
وتعود للصفصافِ بعد الشيبِ أيامُ الشباب
فيغرد الحسُّونُ فوق غصونهِ بدلَ الغراب
***
قد كان لي يا نهرُ قلبٌ ضاحكٌ مثل المروج(61/480)
حُرٌّ كقلبِكَ فيه أهواءٌ وآمالٌ تموج
***
قد كان يُضحي غير ما يُمسي ولا يشكو المَلَل
واليوم قد جمدتْ كوجهِكَ فيه أمواجُ الأمل
***
فتساوتِ الأيامُ فيه : صباحُها ومساؤها
وتوازنَتْ فيه الحياةُ : نعيمُها وشقاؤها
***
سيّان فيه غدا الربيعُ مع الخريفِ أو الشتاء
سيّان نوحُ البائسين ، وضحكُ أبناءِ الصفاء
***
نَبَذَتْهُ ضوضاء ُ الحياةِ فمالَ عنها وانفرد
فغدا جماداً لا يَحِنُّ ولا يميلُ إلى أحد
***
وغدا غريباً بين قومٍ كانَ قبلاً منهمُ
وغدوت بين الناس لغزاً فيه لغزٌ مبهمُ
***
يا نهرُ ! ذا قلبي أراه كما أراكَ مكبَّلا
والفرقُ أنَّك سوفَ تنشطُ من عقالِكَ ، وهو لا
شعراء العراق والشام >> ميخائيل نعيمة >> إلى دودة
إلى دودة
رقم القصيدة : 65566
-----------------------------------
تدبّين دبَّ الوهنِ في جسميَ الفاني
وأجري حثيثاً خلف نعشي وأكفاني
فأجتاز عمري راكضاً متعثّراً
بأنقاض آمالي وأشباح أشجاني
وأبني قصوراً من هباءٍ وأشتكي
إذا عبثتْ كفُّ الزمانِ ببنياني
ففي كل يومٍ لي حياةٌ جديدةٌ
وفي كلّ يومٍ سكرةُ الموتِ تغشاني
ولولا ضبابُ الشكّ يا دودةَ الثرى
لكنتُ أُلاقي في دبيبِكِ إيماني
فأترك أفكاري تُذيع غرورَها
وأترك أحزاني تكفّن أحزاني
وأزحف في عيشي نظيرَكِ جاهلاً
دواعيَ وجدي أو بواعثَ وجداني
ومستسلماً في كلّ أمرٍ وحالةٍ
لحكمةِ ربّي لا لأحكام إنسان
****
فها أنتِ عمياءٌ يقودكِ مُبصرٌ
وأمشي بصيراً في مسالك عُميان
لكِ الأرضُ مهدٌ والسماءُ مظلّةٌ
ولي فيهما من ضيق فكريَ سِجْنان
لئن ضاقتا بي لم تضيقا بحاجتي
ولكنْ بجهلي وادّعائي بعرفاني
ففي داخلي ضدّان: قلبٌ مُسلِّمٌ
وفكرٌ عنيد بالتساؤل أضناني
توهّم أن الكونَ سِرٌّ وأنّهُ
يُنال ببحثٍ أو يُباح ببرهان
فراح يجوب الأرضَ والجوَّ والسَّما
يُسائل عن قاصٍ ويبحث عن دان
وكنتُ قصيداً قبل ذلك كاملاً
فضعضع ما بي من معانٍ وأوزان
****
وأنتِ التي يستصغر الكلُّ قدرَها(61/481)
ويحسبها بعضٌ زيادةَ نقصان
تدبّين في حضن الحياةِ طليقةً
ولا همَّ يُضنيكِ بأسرارِ أكوان
فلا تسألين الأرضَ مَنْ مدَّ طولَها
ولا الشمسَ من لظّى حشاها بنيران
ولا الريحَ عن قصدٍ لها من هبوبها
ولا الوردةَ الحمراءَ عن لونها القاني
وما أنتِ في عين الحياةِ دميمةٌ
وأصغرُ قَدْراً من نسورٍ وعُقبان
فلا التبرُ أغلى عندها من ترابها
ولا الماسُ أسنى من حجارةِ صَوّان
هل استبدلتْ يوماً غراباً ببلبلٍ
وهل أهملتْ دوداً لتلهو بغزلان؟
وهل أطلعتْ شمساً لتحرقَ عوسجاً
وتملأ سطحَ الأرضِ بالآس والبان؟
لعمركِ، يا أختاه، ما في حياتنا
مراتبُ قَدْرٍ أو تفاوتُ أثمان
مظاهرها في الكون تبدو لناظرٍ
كثيرةَ أشكالٍ عديدةَ ألوان
وأُقنومُها باقٍ من البدء واحداً
تجلّتْ بشُهبٍ أم تجلّتْ بديدان
وما ناشدٌ أسرارَها، وهو كشفُها،
سوى مشترٍ بالماء حرقةَ عطشان
شعراء العراق والشام >> راشد حسين >> بالأغاني
بالأغاني
رقم القصيدة : 65567
-----------------------------------
بالأغاني حَرّروني.. بالأغاني
رسموني بدمي القاني، على كلِّ المباني
كتبوني.. لخّصوني
وأذاعوا كلّ عمري وبلادي
في ثوانِ
ثم... لما اعتقلوني،
بالأغاني اعتقلوني...
بالأغاني
****
كيف أصبحتُ أغاني
كيف أصبحت شعاراتٍ على كلّ المباني
كيفَ أصبحتُ عناوين جرائِدْ
كيف أصبحتُ احتفالاتٍ على كلّ الموائدْ
كيف صاروا سُفناً خائنةً
وأنا صرتُ مواني
كيف أصبحتُ أغاني
بالأغاني حَرّروني
بالأغاني اعتقلوني
بالأغاني
****
قائلُ الشعر مُغامرْ
وأنا شِعرٌ
وكلّ الناس في عَينيَّ شاعرْ
جَرِّبوا أَْن تقتلوني
أبداً لن تجدوني
بأغانيَّ، أنا أقتل عرشاً
وعلى ذوقي أنا، تمشي الأغاني
فلتكنْ حرب أغاني
بالأغاني/... سوفَ أغتالُ أغانيكم
جميع الكذبِ فيكم
بالأغاني
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> عبيد العبيد
عبيد العبيد
رقم القصيدة : 65568
-----------------------------------
بأي عذر ٍ إلى التاريخ نعتذرُ(61/482)
ممّا أساءت له سَوْءاتُنا الكُبَرُ
أزرى بنا حين خاطرنا بذمتنا
فاجتاحنا ضارباً ناقوسه الخطَرُ
جواً .. وبحراً .. وبراً ، في مصائرنا
تحكَّم النسرُ .. والتمساحُ .. والنمِرُ
و نازعتنا الجهاتُ الستُّ وجهتنا
الفوقُ والتحتُ ثم الأربَعُ الأ ُخَرُ
في كمب دافيد إجرامٌ أعِدَّ ، وفي
أوسلو اجتماعٌ ، وفي مدريد مؤتمرُ
و زُعزعت ثَمَّ أعلامٌ و أشرعةٌ
من السفينة ، والألواح والدسُرُ
والريح قاصفةٌ .. والشمس كاسفةٌ
والبدر منخسفٌ .. والنجم منكدرُ
وعُطلت طرق الإحساس في دمنا
الذوقُ والشمُّ والأسماعُ والبصَرُ
عشرون واثنان ، شالت من بيارقها
ثلاثةٌ ، وأطيحَ التسعةُ العَشَرُ
فلا قريشٌ ، ولا بكرٌ ، ولا جُشَمٌ
و لا تميمٌ ، ولا قيسٌ ، ولا مضرُ !
ممالكٌ ما أقيمت حولها جُدُرٌ
لكنها قد أقيمت بينها جُدُرُ
برقُ الصواعق ، رعدُ الطائراتِ ، إلى
غيم الحرائق،شاموا الغيثَ وانتظَروا
فبال بوشٌ على آنافهم كرَماً
فأعلَنوا الشكر ، ظنّاً أنهم مُطِروا
لم يبق من ديننا ، أو من عروبتنا
إلاّ الدعايةُ ، والأسماءُ ، والصُوَرُ
و جملةٌ من شعاراتٍ نرددها
يكاد من ثقلها التاريخُ ينأطرُ
ما نحن إلا صغارٌ في حقيقتنا
و بالقياس إلينا يكبرُ الصِّغَرُ
عوراتُنا كلها للعين ظاهرةٌ
أمّا الضمير لدينا فهو مستترُ
محرمٌ في لُهانا ، والرؤوسُ عَثا
فيها جُمادى ، وفي أجوافِنا صَفَرُ
واستحكم الذل واستشرى الهوانُ بنا
حتى قبلنا بما لا تقبلُ الحُمُرُ
نُهيبُ بالحظ يستبقي بقيتنا
و الحظ ليس له دخلٌ ، بل القدَرُ
لمّا اقتفينا هداةً ضل سعيُهمُ
ساروا بنا كيف شاءوا، لا كما أ ُمِروا
قال اذهبوا (حيث ألقَتْ) إنكم بشرٌ
على المجاز ، وإلا لستمُ البشَرُ !!
*** ***
من أي بقعةِ رمل ٍ عُربُنا خُلقوا
من أي طينةِ أرض ٍ سَبْخةٍ فُطِروا
الناسُ حَطّت على المريخ صاعدةً
و نحن في هُوّةٍ عمياءَ ننحدرُ
و الناسُ وحَّدها بغيٌ ، و واحدُنا
في ذاته اثنين مقسومٌ ومنشطرُ(61/483)
غاباتُ ناس ٍ تهابُ العينُ كثرتَها
كأنها الشوكُ ، لا ظلٌّ و لا ثمرُ
نام الزمانُ وهم يقظى لآونةٍ
حتى إذِاستيقظت أعداؤهم شخَروا
و البعضُ قبل قيام المحنةِ انبطحوا
و البعضُ قبل اشتعال الفتنةِ انصهروا
و البعضُ قد أسلموا للغرب صانعِهِم
و بالعروبةِ و الإسلام قد كفروا
و هم بأسمى معاني القتل ماقُتلوا
لكن بأوطا معاني الأسر هم أ ُسروا
يا قدسُ لا تَرْجُ منا نجدةً أبداً
و لا يَغُرَّنْكَ أنّا معشرٌ كُثُرُ
ناموسُنا عاد كالناموس ِ ،إن عَصَفتْ
ريحٌ ، يغيبُ ، فلا عينٌ و لا أثَرُ
و يا عراقُ أغِثنا أنتَ ، مُتْ عَجِلاً
ليغتذي بك هذا الدود والحشَرُ
ثلاثمائةِ مليونٍ تضيقُ بهم
بقيةُ الوطن المنهوب لو قُبِروا
نبيع عشرين مليوناً ، يعيشُ بهم
عشرون لصاً ، ليقتاتوا ويتّجروا
لا ديننا ، لا غنانا ، لا عروبتُنا
لا جذرُنا الحر ، لا تاريخُنا العطرُ
أضفت على قُبحنا من حسنها طرَفاً
بل ليس يظهر منها عندنا أثرُ
و كلنا أمراءٌ ، لامناص لنا
من العبيد سوى تنفيذ ما أمروا
و كلنا عظماءٌ ، لا نُطيقُ لها
رَدّاً إذا نَهبَتْ أقواتَنا الهِرَرُ
و كلنا حُكماءٌ ، لا يُقاسُ بنا
إلاّ هَبنَّقَةُ القيسيُّ و النفَرُ
و كلنا علماءٌ ، من جَهالتِنا
يَهمي البلاءُ علينا مثلما المطرُ
و كلنا أدباءٌ ، من ثقافتنا
تُشوّهُ القيمُ العُليا و تندثرُ
و كلنا شُعراءٌ ، من حَماسَتنا
تَحمى الأسِرّةُ حتى تَقدح السُّرَرُ
... ... ...
الثأرُ يُلغى إذا ثارت غرائزُنا
و الوتْرُ يُمحى إذا ما دندنَ الوتَرُ
قد تخطر القدسُ في أذهان قادتنا
فلا يكونُ لها وزنٌ ، ولا خَطَرُ
و لا تُؤثِّرُ في وجدانهم أبَداً
إلاّ ( العيون التي في طرفها حَوَرُ )!
بنى لنا أوّلونا المجدَ شاهقةً
عِمادُه ، و علينا هَدمُ ما عَمَروا
هل سائل ٍ نفسَهُ بالجدِّ أو فَرَضاً
ماذا نقول لهم لو أنهم نُشِروا ؟
*** ***
يا أمّةً في ظلام الليل قابعةً
و إن في رَجَوَيْها الشمسُ والقمرُ(61/484)
ضيّعتِ حزمكِ مذ ضيّعتِ طائعةً
وصيةً كان قد أوصى بها عُمَرُ
فالآن فاستنجِِدي للثأر أغربةً
تُعلي النعيق ، ولا نابٌ ولا ظُفُرُ
أو فاعلمي أنها حربٌ صليبيةٌ
صَمّاءُ عمياءُ ، لا تُبقي ولا تَذَرُ
إذِ العراقُ غدا بالحرب مبتَدَءاً
فيا لَسوأةِ ما يأتي به الخبَرُ
بيادرٌ حول نار ٍ أوقِدت عَبَثاً
من لم يطُله لهيبٌ طالَه الشّرَرُ
و لْتَرفعي بدلَ التيجان عاليةً
راياتَ عزٍّ ، هي الأقماطُ و الخُمُرُ
(وفاءُ) (آياتُ) (إيمانٌ) و زمرتُها
و (درةٌ) حسدت أمثالَهُ الدررُ
بهؤلاء يُشَقُّ الفجرُ منبلجاً
إن فجّروا هدفاً ، أو إن همُ انفجروا
لا بالذين إذا قِط ٌّ تَثاءبَ ، أو
دجاجةٌ قَوقَأتْ في حَيهم ذُعِروا
دعوا أطَيْفالنا يحمون عزتَنا
فربما قلّدونا إن همُ كَبِروا
الأمرُ أكبَرُ من طفل ٍ و من حجَر ٍ
و الطفلُ أكبَرُ من أمر ٍ له ائتَمَروا
أسلافُنا أدركوا هذا و حكمتَهُ
فكان من أجل هذا يُعبَدُ الحَجرُ
يا مسلمونا ، و يا أحرار أمتنا
تنبهوا يا أ ُلي الألباب واعتبروا
النصرُ أقرب من حبل الوريد إذا
شئتم ، و شرطه ميسورٌ ومختصَرُ
( إن تنصروا الله ينصرْكم ) إذاً فضَعوا
في البالِ (إنْ) ، و ثِقوا أنّا سننتصرُ .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> لابسات الشنوف
لابسات الشنوف
رقم القصيدة : 65569
-----------------------------------
لابسات الشنوف و الأطواق ِ
جَدَّ منهن في الحشا ما ألاقي
بعد عهد ٍ لهنّ أخلَفَهُ دَهـ
رٌ حريصٌ على أذى العشاق ِ
ويحَ عيني و قد تَقَرّحَ جَفن
اها وخَدّي أمَا لها اليوم راق ِ!
ذهبت جِدَّةُ الشبابِ و رَثَّتْ
و هواهنّ في فؤاديَ باق
كلما أخلَقَ التأوُّهُ جسمي
جَدّد الوجدَ في الحشا الخفّاق ِ
ألَمٌ بالِغُ النِّكايةِ ، لكن
هو عندي كالشهد و الترياق
يائساً أدرأ المواجع عنّي
بالأماني و الذكرياتِ العِتاق ِ
مثل أم الفصيل ، تَرأم بَوّاً
فَرّقوا لحمه على الطُرّاق ِ
آنسَتْ أنّ حشوَهُ التبنُ ، لكنْ(61/485)
أنسُها في شَميم ريح الصِّفاق ِ
عجباً ، مَلّني العَشيرُ وأهلي
و أنا و اليراعُ خِدْنا وفاق ِ !
ليس لي في الحياة صاحبَ صدق ٍ ، غيرُ
طِرسي .. و ريشتي .. و لِياقي
و طُيوفٍ يَرُدْنَ رَوْضَ خيالي
يبتعثن السرورَ باستنطاقي
فتصاغ الهمومُ شِعراً مقفّى
كجُمان العقود ذي الأنساق ِ
فأنا كالصِّلاء ، يُحرَقُ بالنـ
ار ِ ، و يهدى العبير للنُشّاق
ذاك حظي مع الزمانِ ، وليس الـ
حظ شيئًا يُشرى من الأسواق
حتفَ نفس ٍ نذرتُها لهواهنّ
وعهد ٍ أصيبَ بالإخفاقِ
كان عهداً نقشنَهُ في فؤادي
في زمانٍ مُذهّبٍ بَرّاقِ
ثم لمّا نقضنَهُ و افترقنا
مسحته الدموعُ من آماقي
قتلُ نفس ٍ في مذهب الغيد أمرٌ
هو إحدى مكارم الأخلاقِ
هن أذكَيْنَ في حشايَ سعيراً
لم يُبالينَ لوعتي و احتراقي
و تَصدَّيْنَ للفؤاد بِرَشق ٍ
من سهام اللحاظِ و الأحداقِ
فبعثن الحياة في جسد ٍ ، بل
جدَثٍ ، كان مُعتِمَ الأنفاق ِ
قد وأدتُ الشبابَ فيه ، وحُبّاً
حال بيني و بينه إملاقي
هنّ أقصَدنَ مهجتي عن تَرَوٍّ
في اقتناصي وليس محضَ اتفاقِ
كِدْنَ لي في تَبرُّج ٍ و ابتذالٍ
و حديثٍ منمّق ٍ .. أفّاقِ
تجعل العابدَ المهيمن ينسا
هُ ، و يغدو من زمرة الفُسّاق
و لقد حِدتُ عن هواهنّ لأياً
خوف هتكي في غيِّهِ وانزلاقي
غير أن الشقاءَ لاشك يرقى
نحو أهل الشقاءِ دون مَراقي
و سقتني من خمرة الثغر كأساً
مزجَتها بخمرةِ الآماق ِ
صيّرَتْني في حبها مع نفسي
بين حالَيْ تألُّفٍ و شِقاق
تارةً أطمِعُ العذولَ ، و أخرى
حِلفَ همّي و دمعيَ المُهراق
و العزاء الجميلُ أنْ لستُ وحدي
من قضى نَحْبَهُ بداء الفراق
ذاك قيسُ ابنُ عامر ٍ ذاق ورداً
من تَجَنّي ليلاهُ مُرَّ المَذاقِ
و جميلُ ابنُ مَعْمَر ٍ مات وَجداً
حين ضنّتْ بثينةٌ بالتلاقي
و كُثَيْرٌ و عروةُ ابن حِزام ٍ
في رعيل ٍ مضى من العشاق
كلهم قد تجرَّعوا الموتَ قبلي
فأنا مُنذَرٌ بِوَشْكِ لحاق
ينتقي الموتُ كلَّ أروعَ ، والأغـ(61/486)
مارُ باتوا عن عينه في مَتاقي
عيبُ هذا الزمانِ في أنهُ أخْـ
رَقُ ، يَفدي السقاطَ بالأعلاقِِ
*** ***
يجد المُسعدون أفراحَهم في
ها ، وينسى الحزينُ ما هوَ لاق
وامزجَنْها من ريق حسناءَ كي يَـ
حلو اصطباحي بشربهاواغتباقي
ما شفاءُ الجنون ِ في مذهبِ العـ
شاق ، إلاّ ترَشُّفُ الأرياقِ
امزجنها من ريق (بسمةَ) فهو الـ
بلسمُ الحق و الدواء الحُذاقي
طَفلةٌ يغمر القلوبَ مُحَيّا
ها ، بنور ٍ مهلهل ِ الإشراق
عَبًّدَتْني لحسنها الظالم اللَّذِّ
فَرقّي أحَبُّ من إعتاقي
أيّ خَوْدٍ لذيذةٍ في التمَلّي
مثلما هي لذيذةٌ في العِناق
بدعةٌ مّا من جنة الخلد ما في
الأرض مِثْلٌ لها على الإطلاقِ
قلت لمّا رأيتُها : سلِمَتْ إذ
أبدعَتها أناملُ الخَلاّقِ
من لَماها فامزج لي الخمرَ حِلاّ ً
أو حراماً و لا تؤمِّلْ فُواقي
ثم دعني لصبوتي أتغنّى
بـ ( ألاتِ الشنوف و الأطواق ِ)
لا تعظني بموقف الشيخ من فَضـ
ح العذارى أو نضح ِ ماءِ الزِّقاق
فشيوخ التحديث منهم شيوخٌ
حسبوا الدين باللِّحى والطواقي
غايةُ الأمر عندهم ليس إلاّ
مصدراً من مصادر الأرزاق ِ
كسبُ أتقاهُمُ حجابٌ لمرب
وط ٍ تعيس ٍ أو أجْرُ فتوى طلاق ِ
هم يذمّون في المجامع دنيا
شغفتهم بحبها الحَرّاق
و يَغُضّون أعيُناً مُقذياتٍ
عن مخاز ٍ طُبِعن في الحِملاق
إنما تُغمض القطاطُ خداعاً
أهبةً للوثوبِ للإستراقِ
يستعفُّ الإمام في المنتدى عن
ذكر ِ راح ٍ و قُبلةٍ و عِناقِ
و لو امتُحِن الإمامُ خَليّاً
حَلّلَ السُّكر واختلى بالساقي !
*** ***
تَرحَض الهمَّ عن قلوب أ ُلي الهـ
مِّ و تشفي من وطأة الإرهاق ِ
شُجَّها لي بالصابِ ، واسق حزيناً
مُتأقَ الصدر أيّما إتئاق ِ!
لا تجادل بالعيش في زمن ٍ ، قد
عَمَّ فيه البلاءُ في الأشفاق ِ
أيُّ عيش ٍ يطيبُ في وطن ٍ ، صا
رَ ، مثالاً للخسف بعد الفَواقِ
فولاة الأمور ِ في وطن الأم
جاد ، باعوا أمجاده بالأواقي
شَيّدوا للشهيد نُصْباً و قاموا(61/487)
حوله يهتفون في أنساق
و ثَنَوْا رُجّفَ الأنامل ِ ، وهناً
عن صِيالٍ ، و جاهدوا بالنُّعاقِ
جعلوا من جماجم الشعب أدرا
جاً ، شَأَتْهُمْ على ذُرى الآفاقِ
فاستكانوا في عزِّهِمْ وعُلاهُمْ
ثم لا غَرْوَ أن يموتَ الباقي
حُمُرٌ حُمِّلَت من الآي أسفاراً
و لا تستطيع غيرَ النُّهاقِ
لا تثق في مزاعم ٍ ألبَسوها
حُسْنَ ديباجةٍ و حسنَ سِياق
لا تصدق مبادئاً بهرجوها
سطّروها حبراً على الأوراقِ
و الذي يدَّعونه من ولاءٍ
إنه محضُ فريةٍ و اختلاقِ
كم سحيق ٍ في أربُع الوطن الغا
لي ، وقيذِ النيوب و الأرواقِ
و غريق ٍ في لجّةِ الكذبِ أضحى
ضاق ذرعاً ما بين آهٍ و غاقِ
و فريق ٍ يثور ضد فريقٍ
موغلاً في الإرعاد و الإبراقِ
و طريق ٍ يُشَقُّ عكسَ طريقٍ
و مؤدّى كليهما لانغلاقِ
و شقيق ٍ يلوكُ لحمَ شقيقٍ
فتراهم في عِزّةٍ و شِقاقِ
يتمنّى أن يغمرَ السيلُ يوماً
جُحرَه كلُّ ضفدع ٍ نَقّاقِ
*** ***
اسقني بالكبير من عَكَر ِ الدَّنِّ
سُلافاً من كرمةٍ مبساقِ
تغسل الصدرَ من أساهُ و تجلو
صَدَأ الروح ِ من هموم ٍ طِباق
اسقنيها حمراءَ من دم هابيـ
لَ و أنكِرْ مروأتي و خَلاقي
اسقنيها بقحفِ آدمَ ، إن كا
نَ له في الوجود رمٌّ باق
شُجَّها بالحميم واسق شجيّاً
أشرفت روحُه على الإزهاقِ
لهيَ بئس المضمارُ للحُر يعدو
موثَقاً من عنائها بوَثاقِ
مهّدتْ للبغال ِ أرضاً فعَزّ
الفوزُ فيها على الجياد العِتاقِ
جعلت غاية السباق ِ ثراءَ الـ
كفِّ ، ياذُلَّ غايةٍ و سِباقِ
فترى المُسحتينَ فيها بِطاناً
و ذَووا الإتِّقا على الأرماقِ
و النعيمَ المقيمَ و الرَّغَدَ الدا
ئمَ فيها حِكراً على المُرّاقِ
يتساقَوْن من رحيقِ جَناها
نخب لذّاتِهم بكأس ٍ دهاقِِ
توَّجَتهم بعزِّها ، و أظلّت
هم بعافي لوائِها الخَفّاقِ
منحتهم جلالةً و سُمُوّاً
بعد أكل الدَّبى وحَلْبِ النِّياقِ
بينما المُرمِلون قد ضربتْ بي
ن حِلاها و بينهم برواقِ
حرمَتهم لُبَّ الحياة ، فلم يَرْ(61/488)
ضَوْا بَديلاً عن لُبِّها بالزُّواقِ
فأقرّت أن لا يَقَرّوا عيوناً
أو يكونوا من جملةِ السُرّاقِ
و جَزَتهم من غير رفق ٍ ، بأن لا
يعتلي شأنهمْ كباقي الرِّفاقِ
يظمأ الماجدُ المُرَزًّأ منهم
أو يُسَقّى نقيعَ سُمٍّ زُعاق
و يموت الشريف غرثان ، أو يمـ
شي ذليلاً على دروب النفاقِ
منطقٌ شَذَّ يقتضي أن يشذّ الـ
مرءُ كرهاً عن مقتضى الأخلاق
خطّةٌ مُوِّهت علينا فصارت
شِرعةً للغلول و الإرتزاقِ
جنّدت بعضَنا لإفناءِ بعض ٍ
سلّطتهم بالسيف و المخراقِ
ثم شَدّت من أزرهم بلفيف ٍ
من فلولِ الشُذّاذِ والأ ُبّاقِ
غيرَ أن الضياءَ لا بدّ يوماً
أن سيُؤوي الظلامَ للإخفاقِ
و يزُمَّ الخطوبَ صوبَ عُلاها
كلُّ نَدْبٍ إلى العُلا تَوّاقِ
خَبِّر ِ الظالمينَ أن هديراً
قادمٌ بالطبول و الأبواقِ
فليُعدّوا للإنحدار ِ مَهاو ٍ
و ليمُدوا للإرتقاء مَراقي
ليجِدّوا في كل فَجٍّ فِراراً
و ليسُدّوا عليهمُ كلَّ طاقِ
لا يغُرنَّهم تجامُلُ شعبٍ
شِدًّ ما فاقةٍ بهِ و انسراقِ
بَشِّر الصابرين أن قريبٌ
من دُجى الليل موعدُ الإشراقِ
أن أمراً من بُهمةِ الغيبِ آتٍ
في يديه مفاتحُ الأغلاقِ
و يدورُ الزمانُ دورتَه الأخـ
رى ، و يزهو في روعةٍ واتساقِ
فإذا الحق دامغٌ و إذا البا
طِلُ ، ظلٌّ معَجَّلُ الإزهاق
عسفُ هذا الزمانِ أمر من الأمـ
ر عُجابٌ في النفي والإحقاقِ
و كأيٍّ من محنةٍ قد تجلّتْ
ليس حالٌ على الزمان بباقِ
يتعدى أوارُها الجلدَ و اللحمَ
و يسطو دبيبُها في المَناقي
خُصَّني بالكبير دون نَداما
يَ ، بقَعبٍ مكيالَ سبع ِ أواقِ
شُجّها بالمُرار ِ أو ناقع السمِّ
فإنّي سئمتُ عيش النفاقِ
لا تُخفني بالموت فهو قضاءٌ
ماله من تميمةٍ أو راق ِ
نحن رُسْلُ المقالِ إن جَلّ ما نُل
قي ، فهيْنٌ من أجله ما نُلاقي
كلُّ حَيٍّ ، و إن تأخَّرَ حيناً
فهو حتماً مآلُه للنًّفاقِ
فمن الغابرين مَن صَدَعَتهُ
أعينُ البيض من حِسانٍ رشاقِ
و من الحاضرين من صرعَتهُ(61/489)
ألسُنُ البيض ِ من حِداد ٍ رقاقِ
و من الناس من يموت اعتباطاً
حين بَسط ٍ من عيشه و ارتفاق ِ
سَنَنُ الدهر ، و اختلافُ المنايا
كاختلافِ الحظوظِ و الأرزاقِ
أفأرضى و في يديّ و في عُنْ
قي ثقالُ الأغلال والأرباق
ما حياتي إن يبق رأسيَ في الوَ
حْل ِ وأن أبلُغَ السماءَ بساقي !
ما حياة الكريم إن حكمت في
ه فلول الأهواء و الأذواق ِ !
ما حياة الهِِزَبْر ِ إن عاد يستَج
دي غذاهُ ممّا تصيدُ السَّلاقي !
أتُراني أهوى الحياةَ و قد أطـ
بق كفُّ الزمانِ حول خِناقي !!
لا وعين ِالحبيبِ ما مكثُها في الـ
صدر ِأحلى من نزعِها في التراقي
أنا آسى من الحيا(ة) لا من المو
تِ ، فخذ من أيام عمري البواقي
و علام الأسى و كشحيَ طاو ٍ
و السفيهُ الجهولُ رَحْبُ النِّطاقِ
و علام الأسى و مطرَفُ غيري
من حرير ٍ و بُردتي من لِفاقِ
و علام الأسى و كفّيَ صِفرٌ
و هيَ دوماً وأختَها في اصطفاقِ
أنا لي كبرياءُ نفس ٍ تضيقُ الـ
يوم عنها فسائحُ الآفاقِ
من أعاريبَ ماجدينَ نَمَتهمْ
للمعالي مَراتبٌ و عَراقي
طَوعَ أمري تجري الرياحُ فينقا
دُ شراعُ السفين ِ حسْبَ مَراقي
و إذا الناس أسرَجوا الخيلَ يوماً
لنفير ٍ ركبتُ متنَ البُراق
أنا دينٌ ، لا تعكسُ الشمسُ إلاّ
بعضَ ما تستفيدُ من إشراقي
أنا كَوْن ٌ ، و ما الثرى ، و الثريّا
غيرُ أشياءَ في حدود نطاقي
أنا لا أرتضي الخلودَ لقيّاً
في سجوفِ الأقباءِ و الأنفاق ِ
تأنَفُ الذلَّ طينةٌ أنا منها
و تُنافي رُغامَهُ أعراقي
أنا في آخر المطاف فلسطي
نيةٌ همّتي ، وعزمي عراقي .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> سبقنا الأنام
سبقنا الأنام
رقم القصيدة : 65570
-----------------------------------
(1)
جميع اليهودِ على دين موسى
وكل النصارى تدينُ لعيسى
فريقان ضَلاّ
وعاشا التخلفَ جُزءاً وكُلاّ
ولم يهضِما (مثلنا) الدِّين عَقدًا وحَلاّ
فنحنُ خَلعنا اللباسَ الموحّدْ
ملِلنا النظامَ الرتيبَ المعقّدْ(61/490)
واختار كلٌّ - بحسب هواه - لَبوسا
ومارَس كيف يشاء طقوسا
فمن شاء صَلّى
و من شاء عَربَدْ
و من شاء يفعلُ ما شاء ( إلاّ )
و كل الكلام بَواحٌ له غيرُ ( كَلاّ )
نُقامُ ونُقعَدْ
و نُنفى ونُبعَدْ
و هذا اجتماعٌ يُفَضُّ ، وذلك آخر يُعقدْ
و خمسون عاماً، ولا شيء إلاّ
شعارٌ يُردّدْ
و زعمٌ يؤكّدْ .. ولا يتأكدْ
و حريةُ القولِ ، عنا تُردّدُ ( قولا )
و حريةُ الفعل فينا ، ( تُطبّقُ فعلا )
و رغم التعاسةِ
لا نتعاطى شعوراً تعيسا
مسارٌ محدّدْ
و سهمٌ مسدّدْ
و من يُحقَن ِ الذلّ خمسين عاماً
فلا بد أن : يتعوّدْ !
(2)
سبقنا اليهود ، وكلّ النصارى ، وحتى المجوسا
و فُقنا البرايا فرنجاً وروماً وروسا
و لا غروَ
إذ نحن أكرمُ منهم جِبِلاّ
و أثرى ثراءً ، وأقوى انتماءً ، وأرقى مَحِلاّ
و أكثرُ عَدّا ، وأكرمُ جَدّا ، وأغنى تراثاً ، وأنقى سِجِلاّ
فنحن الذين ولَدْنا امرأ القيس
و الزيرَ سالمَ، وابنَ المُلَوّحْ
و حَجّاجَ واسِطَ ، والعنَسيّ ، وشِمرا
و منا المعزُّ ، ومنا المؤيَّدْ
و زَلزَلُ منا ، ومَعْبَدْ
و نحن - ولا فخر - أبطال داحسْ
و نحن قتلنا كليباً ، ونحن ولَدْنا البَسوسا
و - للعلم - نحن اخترعنا الفؤوسا
و نحن جحافلُ يوم الفِجار ِ
و دير الجماجم
و القادسيةِ - هذي الأخيرهْ - وأمِّ المعاركْ
فنحن الأرومةُ في كل مشهدْ
و كل الوقائع ِ تشهدْ
و أما اليهودُ ، فكانوا موالٍ لدينا
( فقط ) يصنعون السيوف لنا والتُروسا
فَرَشْنا طريق الشهادةِ غاراً وفُلاّ
و من حيث أناّ رعاةٌ
: وجَدنا المسيرَ عليه مُمِلاّ
لهذا وهبنا اليهود تراباً ، ونحن أخذنا فلوسا
طريقٌ معبّدْ
و سجنٌ مؤبدْ
و تصرخُ فينا الكرامةُ أن : لا
و لكنّ صوتَ الكرامةِ يُخمَدْ
و عمّا قريبٍ : هو اليومَ ، أو غدْ - ولا تطل العَدّ -
فقد نتهَوّدْ !!
(3)
خطبنا المعالي ، فزُفّتْ إلينا عَروسا
و خُضنا إلى المجدِ حرباً ضَروسا
بسيفِ وعيد ٍ مجرّدْ
وصَرْحٍ من التُرّهات ممرّد(61/491)
وألفِ عكاظ ٍ ومربدْ
ففُزنا على رغم أنفِ الأنام بـ( أرفع ِ) مَقعدْ
... ... ...
قهرنا اليهودَ
غلبنا النصارى
هتكنا المجوسا
وذلك أناّ
أشدُّ عُبوسا ، وأيبسُ منهم رؤوسا
فنحن من الحجر الصّلدِ أصلدْ
و نحن من النار أحمى
و نحن من الثلج ِ أبردْ
إذا ما هَممنا فلا نترددْ
لا نتقلّص .. لا نتمدّدْ
و لا نتوانى أمام عظيم ٍ
و لا نتولّى
و إن كان ربُّكَ ( عزّ وجلاّ )
ولسنا أذلّ خصوماً ، ولسنا أعزّ نفوسا
ولكن ...... خُلقنا تيوسا
صعدنا إلى ملكوت السماوات من غير مصعدْ
ظهَرْنا على الغيب من غير مَرصَدْ
وليس لنا في السماوات شغلٌ
سوى أننا نتسلّى
وما إن أفَدنا من الغيب إلا فسادَ خيالاتِنا
ليس إلاّ
فنحن - ولا شكّ - لغزٌ معقّدْ
نعيش لنُقتَلْ ، كما الزرع يُروى ليُحصدْ
نُربّى لنؤكلْ ، كأناّ دجاجٌ مجمّدْ
أميرٌ معمّدْ
ومَلْكٌ مخلّدْ
ونصعد كرسيّ موسى
ونلبس من طوق عيسى
ونزلق باسم محمدْ
ونرفع للنصر ألفَ شعار ٍ
وياليت شِعر مئاتِ الملايين
هل يصنع النصرَ ألفُ شعار
وهل يُدرك السّعدَ .. أو يَصدق الوعدَ ..
مرتدْ .............؟!!
(4)
كثُرنا إلى أن ملأنا الحُبوسا
رفعنا اليدين خفضنا الرؤوسا
تركنا الإله عبَدنا الرئيسا
وكل العوالم صارت تجيء لتأخذ منا دروسا
ذُبحنا سجوداً بصحن المصلّى
وحسُّ العروبة فينا اضمحلاّ
وتُجهش فينا المروءةُ ذُلاّ
ولكنّ دمع المروءةِ يوأدْ
وخمسون عاماً ، ولا شيء : إلاّ
حصارٌ مشدّدْ
مصيرٌ مهدّدْ
وبعض هراءٍ يُردّدْ
... ... ...
وفينا هياكلُ تُعبَدْ
يقولون أناّ :
سَبقنا اليهود
سَبقنا النصارى
سَبقنا المجوسا
ولا شيءَ أعجبَ من سابق ٍ
وهو مُقعَدْ !!!!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> آيات جنين
آيات جنين
رقم القصيدة : 65572
-----------------------------------
على لسان الشهيدة الطاهرة آيات الأخرس
...................
لبيكِ من قلب الحصار ِ، إمّا خُذلتِ من الجوار ِ(61/492)
لَبَّيْ دموعِكِ بالدُّمى الأغرار .. والأخَر ِِ الغِرار ِ
تتباريانِ .. فتظفران معاً بجائزة التَّباري
فتُغيِّرانِ قواعد الإنشاء في لغةِ الحوار ِ
و تقرران البدعة العرباءَ في صوْغ القرار ِ
: بيضُ المها تُحدى بها للمجد أسرابُ الكناري
في كل آونةٍ شهيدةٌ ، اْو شهيدٌ ... في انفجار ِ
تترنحُ الدنيا به عامين ، من ثقل العيار ِ
شررٌ هَمى حتى طمى ، حتى غدا بركانَ نار ِ
يغلي دماغُ الغرب منها و هي حاميةُ الأوار ِ
فإذِ الإدارةُ في دوار ٍ و الحضارةُ في إحتضار ِ!
*** ***
إنّا إذا نكصَ الفحولُ تقدمت عُصَبُ المِهار ِ
ترمي بثالثةِ الأثافي وجهَ رابعةِ النهار ِ
فيُشع من ذي قارَ فجرٌ كان مَطليّاً بقار ِ
و تعود بدرٌ رغم أن البدرَ أوْغَل في السِّرار ِ
و تُعيدنا ذاتُ السِّوار ِ إلى رؤى ذاتِ الصَّواري
و تقومُ عَمرةُ باللواء و قد تَمّرغ بالعُفار ِ
و تُلوِّحُ الخنساء جذلى بالقلادة و الصِّدار ِ
و تطل خولة من بعيد ٍ ترتدي ثوبَيْ ضِرار ِ
محفوفةً برُفَيْدة ٍ و بأم مَعْبَدَ و النوار ِ
حَلَّ السفورُ لهنّ لمّا جاز للرجل ِ التواري
لا ينجلي حُسن اللآلئ دون تكسير المَحار ِ
فلنخلعنّ حجابَنا عملاً بقانون الطواري
و لنعلنَنَّ الحربَ بالآياتِ و السوَر القِصار ِ
و لنضربن بطول عرض سلاحهم عرض الجدار ِ
و الغَرقَدُ الملعونُ سوف نُبيده بالجُلّنار ِ
و نُهدهدُ الحكامَ كلٌ وهو يَقبَعُ في الوجار ِ
بـ(دَع ِالمكارمَ لاتَ)أو (قل للمليحةِ في الخمار ِ)!
*** ***
فليُجمِع المَفتونُ والمُفتونَ من عَبَد ِ الدولار ِ
و من ِ الشهادةُ عندهم قد سُوِّيت بالإنتحار ِ
و ليُسمِعوا الأصوات للأسياد من خلف البحار ِ
مالي أنا و لجُبنهم و لذلك الجدل ِ المُثار ِ
حسبي إذا أسمعتُ ربي عالياً صوتَ انفجاري
حسبي إذا أشممتُ أملاكَ السماءِ شذا قُتاري
حسبي إذا خلطَ الثرى القدسيَّ شيءٌ
من نُثاري
بدمي أنا و صواحبي حسمُ القضيةِ باختصار ِ(61/493)
و المُرجِفونَ لو انهم شُقّوا ، لما شَقّوا غباري !
*** ***
أسفاً جِنينُ لِما جرى بل ما يزال الآن جار ِ
تنحط ُّ في تمثيلهِ جَوقات مسرحنا الحضاري
إن من تَتار ِ الغَربِ كان القومُ أو عَرَبِ التتار ِ
المنتمينَ لكوندليزا ، عن مَعَدٍّ أو نزار ِ
المسلمينَ ، و إنما هم و اليهود على غِرار ِ
الراكعينَ ببيتِ ماءٍ ، ساجدين ببيت نار ِ
الواقفين على شَفا جُرُفٍ من الأحلام ، هار ِ
الواقعين ببعضِهم ، من أجل ِتوحيدِ المسار ِ
الصامدين على هوان نفوسهم ، تحت الحصار ِ
الصاعدينَ ، من انحدار ٍ لانحدار ٍ لانحدار ِ
القافزينَ الى الوراء ، من اليمين ِ أو اليسار ِ
الضافرينَ لرأس ِ سلطةِ حكمهم ، إكليلَ عار ِ
الفاتحين مَخادعَ الجُلّى ، بأنكحةِ الشِّغار ِ
الراكبين الأمر تحت السَّرْج ِ ، أو تحت الحمار ِ
الرابطين الجحشَ ،ليس الجأش ،شَكماً بالعِذار ِ
القابلين خُنوعَهم ، و يُقبِّلون عصا المُكاري
المُبدِلينَ الرأيَ بالرَّغي ِ الكثير ِ ، و الإجتِرار ِ
المكثرين النقّ،في المستنقعاتِ وفي المَجاري
يهتزُّ عندهم الضَّميرُ ، بهز أوساط الجواري
و يكونُ أوْجُ نضالهم ، بين الخوابي والجِرار ِ
دورُ البَغاءِ قَمينةٌ بهمُ ، و أنديَةُ القِمار ِ
قومٌ أضاعوا مجدَهم ، وأتوْا بمجد ٍ مستعار ِ
و يلوذُ من فَرط الصَّغار ِ كبارهم ، خلفَ الصِّغار ِ
أنّى لهؤلاء ، أن يستنقذوكِ من الإسار ِ
صعبٌ على صَدِئِ الحديدِ يصوغُ مجداً من نُضار
*** ***
إن كان من ثأر ٍ ومن أمل ٍ ، ففي هذي الذَراري
في ثلة الأطفالِ ، في لُمم الصبايا في الحواري
في روح ٍ اختارت جوار مَليكِها ، محضَ اختيار ِ
سُلّت كشعلةِ قابس ٍ ، أو شعبةٍ من ذي الفقار
جَرفتْ قذاراتٍ ، إلى سقر ٍ .. إلى بئس القرار ِ
*** ***
إني فديتكِ يا جنينُ ، و قد بصمتُ على قراري
عفواً ، فضمي الآن أشلائي ، إلى أنقاض داري
و إليك روحي ..
إنها جُهدُ المُقِلِّ ،
مع اعتذاري 0(61/494)
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> إلى السموأل عبر العصور
إلى السموأل عبر العصور
رقم القصيدة : 65573
-----------------------------------
إذا المرءُ لم يدنسْ من اللؤم عرضهُ
و عضهُ كلبٌ لم يُنجِّسه عضُّهُ
وإن سُلبت من بعد ثوبه أرضُهُ
فكل رداء ٍ يرتديه جميلُ
.
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمَها
و ضاقت به دنيا تجهَّمَ غيمَها
وعاب على هذي الأعاريب نومَها
فليس إلى حسن الثناء سبيلُ
.
تعيرنا أنا قليلٌ عديدنا
و هيضَ بنا واستعبدَتنا عبيدُنا
وأن لم نجد يوماً كريماً يقودُنا
فقلت لها إن الكرام قليلُ
.
وما قلّ من كانت بقاياه مثلنا
لو انّا تسامينا على منطق الأنا
فهذي أعادينا وقد أحسَنوا البُنى
شباب تسامى للعلى وكهولُ
.
وما ضرَّنا أنا قليلٌ وجارُنا
أبيحت له أعراضُنا و ديارُنا
فإنسانُنا في قيدهِ و حمارُنا
عزيزٌ وجار الأكثرين ذليلُ
.
لنا جبل يحتله من نجيرهُ
أجاره منا للعدوِّ أجيرُهُ
لتشقى رعاياهُ و يبقى سريرُهُ
منيعٌ يرد الطرف وهو كليلُ
.
رسا أصلُه تحت الثرى وسما بهِ
غرورٌ و قد كان امرءاً غيرَ نابه
طغى و بغى لما علا من حجابهِ
إلى النجم فرعٌ لا يُنال طويلُ
.
هو الأبلقُ الفرد الذي شاع ذكرهُ
كما شاع ذكرٌ للطواعين ِ يُكرهُ
وبالرغم أذعنّا وقد صار وكرُهُ
يعزّ على من رامَهُ ويطولُ
.
وإنا لقومٌ لا نرى القتل سُبةً
و إن جعلتنا أرجُل القوم كبّةً
ولسنا نرى أن نلبس العز جُبّةً
إذا ما رأته عامرٌ وسَلولُ
.
يُقرِّب حبُّ الموت آجالنا لنا
لأنا سئمنا وطأة الهم والعنا
و ينأى جوارُ الله عن ولَد الزنا
وتكرهه آجالهم فتطولُ
.
وما مات منا سيدٌ حتف أنفهِ
و لكن برشاش الأمير وسيفهِ
و ما قام منا ذو بلاء ٍ بحيفهِ
ولا طُل منا حيث كان قتيلَ
.
تسيل على حد الظباة نفوسُنا
ظباتٍ بأيد ٍ ماهراتٍ تسوسُنا
بواحٌ لها أرواحُنا و فلوسُنا
وليست على غير الظباةِ تسيلُ
.
صفونا ولم نكدُر وأخلص سرُّنا
رَكبنا رُكبنا لم يعد ذا يضرُّنا(61/495)
سِماحٌ على الوجهين لله درُّنا
إناث أطابت حملنا وفحولُ
.
علونا إلى خير الظهور وحطَّنا
وفاءٌ لمن كان اعتلانا وغطَّنا
فأعجبه استسلامُنا فتوطّنا
لوقتٍ إلى خير البطون نزولُ
.
فنحن كماء المزن ما في نصابنا
عصيٌّ على ما نابنا من عُصابنا
ولم يعلُنا يوماً لأجل اغتصابنا
كهامٌ ولا فينا يُعد بخيلُ
.
وننكر إن شئنا على الناس قولَهمْ
وإن لم نطُل شيئاً يقاربُ طَوْلَهمْ
ولم ينطقوا يوماً لنا السبقُ أو لهمْ
ولا ينكرون القول حين نقولُ !
.
إذا سيدٌ منا خلا قام سيدُ
علينا حَريباً يستبي و يقيِّد
له من رؤوس الشعب صرحٌ مشيَّدُ
قؤول لما قال الكرام فعولُ
.
وما أخمدت نار لنا دون طارق ِ
ولا أوصِدت أبوابُنا دون سارق ِ
ولا نستحي من رفع بيض البيارق ِ
ولا ذمّنا في النازلين نزيلُ
.
وأيامنا مشهورة في عدونا
فما أرضنا حلٌّ له دون جوِّنا
نخيفُ سراياهم بصورةِ بوِّنا
لها غررٌ معلومةٌ وحُجولُ
.
وأسيافنا في كل شرق ومغربِ
على وسط لصٍّ أو بكفِّ مهرِّبِ
وسوءاتُنا اللهم صلِّ على النبي
بها من قراع الدارعين فلولُ
.
معوَّدةٌ أن لا تُسلّ نصالُها
على حِر ِ أنثى أو يشقَّ مبالُها
ولا تُنتضى يوم الهياج ِ طوالُها
فتغمد حتى ستباح قبيلُ
.
سلي إن جهلت الناس عنا وعنهمُ
ولا تهمسي من بابَةِ الهزء من همُ
هم فاعلمي ضرب من الناس مبهَمُ
فليس سواء عالمٌ وجهولُ
.
فإن بني الريان قطبٌ لقومهمْ
وكلُّ بقاع الأرض مَرعى لسوْمهمْ
وكلُّ ابن أنثى غيرهم ليس بالمُهِمْ
تدور رحاهم حولهم وتجولُ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> حديث الهوى
حديث الهوى
رقم القصيدة : 65574
-----------------------------------
قائلٌ في الحبيب ماذا يقولُ
وحديث الهوى حديثٌ طويلُ
و أخو الحب قد تباغته الذكـ
ـرى فيعيا و يعتريه الذهولُ
ذو بيانٍ ، لكنه من جَواهُ
في صُماتٍ ، لسانه معقولُ
فتراهُ إذا تكلّم لم يُـ ـدركْ،ولا سامعوه ماذا يقولُ
سابحاً في سَرابِ أخيلةٍ(61/496)
حُمْر ٍ وخُضْر ٍألوانُها لا تحولُ
ليس في ذوقه أمرّ وأحلى
من عذابٍ تثير فيه الطلولُ
ثم لا يشتكي ولا يتداوى
و هو عن قبره المُواشِكِ ميلُ
أوَ لستم ترون أن ألي العشـ
ـق عموماً أعمارهم لا تطول!
و ضروب الهوى كثيرٌ ، و لكنْ
جائد النفع من جَداها قليلُ
شاعرٌ صَيِّتٌ ، و رهط ندامى
و مدامٌ ، و غادةٌ عُطبول ُ
مظهرٌ للسرور مستهجنٌ ،لا
يرتضيه إلا السفيه الجهولُ
ليس في أبحر الغرام مديدٌ
أو بسيطٌ أو وافرٌ أو طويلُ
ليس من أبحر الهوىخَندريسٌ
أو سلافٌ أو قرقفٌ أو شَمولُ
كل هذي مستنقعاتُ رذالاتٍ
ضَحالى ، غواصهن رذيلُ
إن بحر الهوىالحقيقيًّ شيءٌ
ما قراه ، و لا دراه الخليلُ
لم يقاربه سيبويه ولم يسْـ
ــبره قيسٌ ، والشاعر الضلّيلُ
هو بحرٌ يستغرق الأبحر السبـ
ـعة ، يتلوها دجلةٌ و النيلُ
كل بحر ٍ سِواهُ ملحٌ أجاجٌ
و هو عذبٌ و ماؤه سلسبيلُ
كل بحر ٍ يجتاحُ راكبَه الخَـ
ـوفُ عداهُ وهو الأمين الذلولُ
ربما ظنّ بعضكم أن هذا حسـ
ـب علم الجغرافيا ، مستحيلُ
فليفتش في ذاته يجد الإيـ
ـمانَ بحراً ، أعراضُه تستطيلُ
و إذا لم يجده ، فليمعن النظرة ، في الرفض ،
كي يسعْه القبولُ
*** ***
أيها القلب ، و الحديث شجونٌ
و ملام اللاّحي الخليِّ ثقيلُ
ساحل الذكريات يُغري بعَوم ٍ
غير أن الأعماق شيءٌ يهولُ
الهوى ، و قعُه مياسمُ نار ٍ
في الخوافي ، آثارها لا تزولُ
و الهوى حسب وجهة النظر
الأخرى لذيذٌ و ممتعٌ و جميلُ
و عذاب القلوب ، حلوٌ لديها
و مريرٌ لو كابدته العقولُ
غيرَ أنّ الهَوِيًّ أبكمُ أعمى
و أصمٌّ مهما لحاه العذولُ
فأدِرها معقودةً في إناءٍ
مَجّ فيه من سؤرهِ هابيلُ
لونُها وجنةُ الحبيب ، و أما
طعمُها ، فهو ريقه المعسولُ
واسقنيها صِرفاً على نغم الذِّ
كرى و خذ بالفؤاد حيث يميلُ
ثم دعني و خلوتي و يَراعي
و خيالاً ، أراه كيف يَخيلُ
خلني والحديثَ عن دعوةٍ كا
ن دعاها منذ القديم الخليلُ
ثم جاءت بها البشائر تترى(61/497)
و حكاها التوراة .. و الإنجيلُ
و تجلّت آياتُها سافراتٍ
عامَ أمًّ البيت العتيق الفيلُ
دعه عاماً و خلِّنا في اختصار ٍ
خيفةً أن يُمِلًّكَ التفصيلُ
و انتخب منه ليلةً في ربيع ٍ
هلًّ فيها على الوجود الرسولُ
في أصيل الزمان جاءت و لاغَرْوَ
فأحلى وقت النهار الأصيلُ
خُصًّ فيها من سائر العام شهرٌ
غير أن لم يُخص في الناس جيلُ
قدس الله ليلةً قيل فيها
لدعاة الفساد والبغي : زولوا
بعث الله نوره في دجاها
فتجلّى للمستنير السبيلُ
و أفاض البقاع أنهار عطر ٍ
ناشراً طيبها النسيمُ العليلُ
يا لها ليلةً تباشَر فيها
الجن و الإنسُ و النَّجا و المسيلُ
و سباعُ الفلاة و الحوتُ في الـ
ـبحر ِ، و للطير غبطةٌ و هديلُ
رقص النجم في السماءوغنت
جوقة العرش ، دأبها التهليلُ
و كؤوسُ الشراب في ربَض الـ
ــجنًّةِ ، و الحورُ والقيانُ قبيلُ
و خصوص الخصوص في حضرة
القدس ، نشاوى و الأنبياء مثولُ
و تخيًّلْ ( محمداً ) نبع نور ٍ
كل طرفٍ يَرنو إليه كليلُ
بين ذاك الجمع المقدس يغفو
ينثر الضوءَ مثلما القنديلُ
فرحٌ بين سدرة المنتهى ، و
الأرض ِفي بطن مكةٍ موصولُ
و عريف الحفل الكريم بريد الـ
ــحق و هو الأمين جبرائيلُ
*** ***
إيه يا مولد الرسول ،و ذكرا هُ
و شعري و مقولي المشلولُ
ما بوسع العييِّ مثليَ أن يشـ
ـدو بذكراك ، ما عساه يقولُ ؟
حدثٌ أنت معجز الوصف لا يحـ
ــكيهِ قَطّ التصويرُ والتمثيلُ
كيف يحكي البيان سيرةَ مولـ
ــود ٍ ، تباهى بذكره التنزيلُ؟
كيف أثني على جواد ٍ كريم ٍ
وعظيم ٍ أثنى عليه الجليلُ ؟
هي بدرٌ و إذ دهاة قريش ٍ
جيفةٌ في القليب أو معلولُ
و هو الفتح ثم هاهيَ تصفو
ليس للشرك في حماه مقيلُ
و إذ الدين واصبٌ مستتبٌّ
و إذ البيت بالهدى مأهولُ
و إذ الكُفرُ غيمةٌ تتلاشى
و إذا دولة السلام تَديلُ
و يسير الزمان سيرته المثـ
لى ، وتزهو حُزونها والسهولُ
بالغاً أوجَهُ ، ثلاثين عاماً
ثم يطوى من بعدُ ذاك الرعيلُ(61/498)
ثم شيئاً شيئاً ، و عاماً عاماً
ثم يعرو ذاك النباتَ الذبولُ
ثم تغدو خلافةُ الله مُلكاً
كل مَلْكٍ له هوىً و ميولُ
فنرى كلَّ قسمةٍ لتراثٍ
ليس يرضى بها الأميرُ تعولُ
كل باب في الشرع ضد هوانا
جاز فيه الإلغاء و التعديلُ
و غمطنا الحقوقَ كلاً ، فدَيْنُ
اللهِ و الخلق ِعندنا ممطولُ
و تركنا الصلاةَ ، إلا مُراءٍ
قد يؤدي الصلاة و هو كسولُ
و نبذنا الأخلاق جمعاً وعسفاً
هُتِك الجارُ بيننا و النزيلُ
وشيوخ التحديث عنا بمنأى
كل شيخ ٍ بذقنه مشغول
همهم بات كامناً في لحاهم
ليس إلا التجعيدُ و التسبيلُ
أتقنوا للمعاش فنّاً غزير النـ
ـفع ، وهو التمسيح و التقبيلُ
يأكل الأغنياء من رَفَغ الدنيا
و تُلقى على الشيوخ الفضولُ
فتُلاقي المعترّ منهم بديناً
و بطيناً ، كأنه برميلُ
والذي لا يعترّ فهو من الحَسـ
ـــرةِ و الهَمِّ ضامرٌ مسلولُ
في شمال التقيِّ منهم كتابٌ
و له في يمينه زنبيلُ
كل فتوى يُفتونها ، فلها وَزْنٌ لديهم
و قالبٌ معمولُ
و بقدر الفتوى و هيئةِ باغيها
يكون التشديد و التسهيلُ
و بحسب الزبون يوضَع سعرٌ
و يجوز التصعيد و التنزيلُ
فغلاءٌ ، كأنما المال دينٌ
و ارتخاصٌ ، كأنما الدين فولُ !
هم يطيعون واليَ الأمر منهم
و لديهم من الكتاب الدليلُ
ما عليهم من نصرة الدين إن
أصبح يوماً و جيشه مخذولُ
فإلى أين منتهانا ، إلى أيّـ
ــةِ حالٍ مصيرُنا سيؤولُ !!
*** ***
إيه يا مولد الرسول ، و آهاً
ثم آهاً ... و ألفُ آهٍ قليلُ
إن شمساً أطلعتَها حجب الغَـ
ــيم سناها و خيف منها أفولُ
نكث المسلمون بعدك ، فالظُّـ
ــلْم كثيرٌ ، و قلًّ فينا العُدولُ
شاع فينا حب التسلط والبغـ
ـيُ فهنّا ، و شاع فينا الغلولُ
و عصينا مليكنا ، و ضللنا
فذللنا ، و كل عاص ٍ ذليلُ
القويُّ الغنيُّ أصبح فينا
آكلاً ، و الضعيفُ منّا أكيلُ
حكمت في رقابنا سفَلٌ كـ
ـلُّ ممار في حكمهم مسفولُ
... ... ...
و قَصُرنا و طاولتنا شعوبٌ
لم يكن في قاماتها قبلُ طولُ(61/499)
نصبوا بيننا موازينَ عَدلٍ
كلها عن مبادئ العَدل ميلُ
هي ليست إلا مقاصل تعني
أن كُلآ ً بدورهِ مقصولُ
يا لهم .. يالنا ..معادنَ شيءٍ
عاجزٌ عن تحليله التحليلُ !
كشفوا عُقدة الغُرور لدينا
فأقَرّ الجُرذانُ أنّا الفيلُ
و جّهونا ، و بالتحكم عن بُعـ
ـد ٍ ،فهان الإسكات والتشغيلُ
و اشتَرَوْا مجدَنا الأثيلَ فباتوا
و لهم في الوجود مجدٌ أثيلُ
و بقينا لا شيء ، إلا بقايا من
حكايا و مِعْزَفٌ ... و كُحولُ
حسبما صوًّر الخيال نغنّي
كيفما مالتِ الجواري نميلُ
و شربنا حتى حَصِرنا ، فبُلنا
حيث يثوي جنديُّنا المجهولُ
و لدينا - و الحمد لله - حكّامٌ
لهم في الخداع فضلٌ فضيلُ
فلكلٍّ فيما نُثَمِّرُ كَفٌّ
و له في آمالنا إزميلُ
وعدَتنا تكريتُ أن تُرجِعَ القُد
سَ ، فكادت بغداد منّا تزولُ
وغريبٌ في شخص كل زعيم ٍ
أن يعيش الحجاج والبُهلولُ
إن من مارس ( القيادةَ ) يوماً
فعلى الصدق كذبه محمولُ
هم يقولون أننا أنبلُ النا
س ِ،و حقّاً فنحن شعبٌ نبيلُ
عندنا إذ ينتابنا الضيم حلمٌ
و أناةٌ مثلى و صبرٌ جميلُ
و يقولون أننا أعرقُ النا
س ِ،وحقّاً فنحن شعبٌ أصيلُ
أمُّنا جُرهُمِيّةٌ إن نُسِبنا
و أبونا النبيُّ إسماعيلُ
و يقولون أننا أشجَع النا
س ِ، و حَقّاً فنحن قومٌ فحولُ
إن يَلِجْ أرضَنا العدوُّ تَرانا
و لنا منه ضجّةٌ و عويلُ
هم يقولون ما يشاؤون عَنا
من دعاوى ، و نحن أيضاً نقولُ
ذاك أنّا ندري النتيجة لو عا
رَضَ منّا أقوالَهم مَسطولُ
علَّمونا أنْ ليس جرماً بأن يَكْ
ــذبَ ، بل أن يُكَذّبَ المسؤولُ
ثم ماذا تبغي السوائم إن ما
كثُر النبتُ حولها و البقولُ
قد ملَكنا حريةَ الرأي حتى
من يَشأ أن يبولَ منّا يبولُ
و شبعنا أمناً فمن قام مناّ
قام و التُّربُ تحته مبلولُ
وخشينا من شدة العدل أن نُـ
ــزهَقَ ، فالعَدل عندنا مملولُ
دعكَ يا مولد الرسول فإناّ
كل قُطر ٍ مناّ لديهم رسولُ
لم تعد حاجةٌ بنا لرسولٍ
نحن قومٌ رسولنا قابيلُ(61/500)
نحن سلطاننا المهيب رسولٌ
في يديه التحريم و التحليلُ
فعليه فرضُ المشيئة فينا
و علينا التزمير و التطبيلُ
أيُّما صفقةٍ و بيع ٍ حرام ٍ
له منا التبريك و التأويلُ
مكةٌ أجِّرتْ إلى أمَريكا
و الأقصى احتلته إسرائيلُ
ثم حِرنا من بعدُ أين نصلّي
و لو انّ الإيمان فينا هزيلُ
نحن حكامُنا خلائفُ نوح ٍ
هم على الحكم كلما مرّ جيلُ
لا تسير الحياة لو يتنحّى
واحدٌ ، أو يغيب ، أو يستقيلُ
و إذا ما تجاسر الموت أن يَد
نو إليهم يموتُ عزرائيلُ
كل حكامنا أبوهُم عليٌّ
أرضَعَتهم سكينةٌ و البتولُ
غيرَ أناّ نحن البقيةُ لا نَد
ري ، تتارٌ آباؤنا أم مَغولُ !
بعد دعوى ( الهجين ) جاء ( ابنُ أمِّ الـ ..... )
و كأن الدم الشريف سبيلُ
نسبُ البيت عندنا في كتابٍ
سَلسَلَتْهُ عن الثقاتِ النُّقولُ
والجوادُ الأصيلُ ينبيك عنه
السبق في حومة الوغى لا الصهيلُُ
غير أناّ مستكرهين نُحابي
كل من فيه غمزةٌ أو خُمولُ
نحن يا مولد الرسول حيارى
هل يرانا و لا يغار الرسولُ !
قد فَنينا و أرضُنا موقِدُ الديـ
ــن ، و إناّ لَشَمعُهُ و الفتيلُ
نحن في شرقنا .... وفي كل صُقع ٍ
حَلّ فينا الدمارُ و التنكيلُ
صدئت في سيوفنا لغة الثأر
و للغدر في ظُباها فُلولُ
و معاني الإسلام فينا اضمحلّـ
تْ والتعالي في طبعنا مجبولُ
خطباءٌ مَصاقعٌ فإذا ما
حَزَبَ الخَطبُ بالكلام نَصولُ
مهرجاناتُنا تعجُّ لُحوناً
و سيوف العدا لهن صليلُ
و إذاعاتنا تضج بألوان
الدعايات شأنها التهويلُ
و قياداتُنا تفكر في الحل
إذا داهَم الرعيّةَ غولُ
هكذا نحن سادرون ، حمانا
مستباحٌ ، و رأيُنا مَدخولُ
و ينادون بالعروبة و الديـ
ــنِ ، صِباغٌ يزيلهن الغسيلُ
نحن صرنا أضحوكة المسرح
العصري فيها مشاهد وفصولُ
كلُّ أسيافنا جداد حدادٌ
كل أفراسنا أبوها الجديل
خُصُمٌ في الفضا شدادٌ لدادٌ
و لدى الجِد يعترينا النكولُ
بيد أناّ نضخِّم الصوت إن ما
قَرَعوا رأسنا ، كأناّ طبولُ
نحن لسنا إلاّ بيادر تبن ٍ(62/1)
و غُثاءً به تسيل السيولُ
حيةٌ عندنا المظاهر والأجساد
لكن ... ... ضميرُنا مقتولُ
نحن إن شاء مادحٌ ، قال: كنّا
و بلا ( كان ) كاذبٌ من يقولُ
فغدونا كـ( كان ) لفظاً ومعنىً
ناقصين ، يَعوزنا التكميلُ
أغنياءٌ ، لكننا أغبياءٌ
كل شيءٍ نملكْه إلا العقولُ
دمنا صار في كؤوس السكارى
به يُروىالصدىويُشفى الغليلُ
و انقلبنا مستهدَفين بلا ثأر ٍ
جَنينا ، و ثأرُنا مطلولُ
كل وحشٍ في الغاب يعدو علينا
فكأنّا أرانبٌ أو وعولُ
نحن صرنا وليمةً مشتهاةً
طاب فيها المشروب والمأكولُ
كل من جاع يعتلينا و يجني
خير أثمارنا كأنّا نخيلُ
سلعةً في معارض القوم ذا يكـ
ـــتال ماسرًّه ، و ذاك يَكيلُ
حَلّ للغرب لحمُنا و لهؤ
لاءِ أثمانُنا ، كأنّا عُجول ُ
في نيويورك تاجرٌ و لدى العُر
بِ ، زعاماتٌ شغلها التدليلُ
ينتقي التاجر الذي يشتهيه
و على القوم عندنا التحويلُ
كل شيءٍ في الغرب يُصنع با
لبترول ، و الأرض عندنا بترولُ
فتدلل يا أيها الغرب و اهنأ
إن مَبغاك عندنا مبذولُ
عربٌ نحن أسخياءٌ ، يموت الـ
ـشهم مناّ ، و لا يقال بخيلُ
أنت مستعمرٌ ؟ فأهلاً و سهلاً
لك مناّ الإذعان و التمويلُ
لا تحاذر جرِّب سلاحك فينا
لا تهبنا ، ما نحن إلاّ حقولُ
كل واحاتِ أرضِنا لك فيها
أكُلٌ دائمٌ ، و ظلٌّ ظليلُ
كل ساحات حربنا لك فيها
فرَسٌ جامحٌ ، و رخٌّ ، و فيلُ
إن يعاندْكَ في مكانٍ أبيٌّ
فتحَوّلْ ، فكل قُطر ٍ بديلُ
كل شبر من أرضنا فبرسم الـ
ــبيع طبعاً ، و الكل مناّ عميلُ
*** ***
إيه يا مولد الرسول ، و عُذراً
إن يكن في الوفاء مناّ ضُحولُ
نحن قومٌ مستعربون ، و حُبُّ
الضاد عِرقٌ من عِرقنا منسولُ
ما درسنا علم القواعد ،حتى
يلزم الفرضُ عندنا ، والدليلُ
و سواءٌ في عُرفنا إن وَفَينا
أو فعلنا بعكس ما قد نقولُ
نحن في الصرف جاهلون وسِـ
ــياّن لدينا الصحيح و المَعلولُ
نحن لا فرق مطلقاّ عندنا
أن يَضرب الفعلُ ... الفاعلُ ... المفعو لُ !!(62/2)
كل شيء يُملى علينا فيمشـ
ـي عندنا اللاّمعقولُ والمعقولُ
نحن قومٌ مستسلمون و ذا الإ
سْلامُ دِينٌ في دِيننا مجهولُ
نحن يا مولد الرسول إذا ذكـ
ـراك جاءت ، يشوقُنا التدجيلُ
و لِذكراك - لو عقلنا - عظيمُ
القَدر حَقاّ ، و الحب والتبجيلُ
غيرَ أن الذي عَنانا من المَوْ
ضُوع ِ ، هذا الغناء والتسجيلُ
أين نحن من ادعاء الهوى في
حُب (طه) ، و أين منا القبولُ
قد نسينا الرسولَ ثم احتفلنا
بَعدُ بالمَولد ، ازدهتنا الشكولُ
و تركنا اللباب ثم أخذنا القشرَ
و القشرُ لامعٌ مصقولُ
إيه ... عذراً عذراً ، وخير وداع ٍ
انتهى الوقت ، والحديث يطولُ
وأخيراً : نقولُ لفظاً أخيراً :
حسبنا ربنا ... و نعم الوكيلُ 0
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> بغداد
بغداد
رقم القصيدة : 65575
-----------------------------------
صخبت بناتُكِ والورى هُجّادُ
ما هذه ااضوضاء يا بغدادُ ؟
مِن أي صوبٍ أم لأية غايةٍ
هذا العديد وذلك الإعداد ؟!
مَن هؤلاء العُصبة الآتون في
جنح الظلام حشودهم تزدادُ ؟
حطت جموعُهمُ بأرضكِ ، مثلما
بالحقل مزدهياً يحط جرادُ
أتراه في هدفٍ نبيل ٍ جمعهم
أم أن أمراً في الخفاء يرادُ ؟
كيف استقام لهم ، وكيف تحالفوا ،
ورمَوْكِ عن قوس ٍ وهم أضدادُ ؟!
هل عُرِّبَ النفرُ اليهود وأسلموا
أم أن إسلام العروبة هادوا ؟
لو لم تكن في مسلمينا لوثةٌ
أو كان في إسلامهم إلحادُ
جئتم لتحرير العراق ؟ .. لُعنتمُ
حريةٌ هذي .. أم استعبادُ ؟ ..
أيكون من أجل العراق وشعبِهِ
يُفنى العراق وشعبُه ويُبادُ ؟!
أمِنَ اجل أسلحة الدمار يجوز أن
تفنى بأسلحة الدمار عبادُ ؟!
يا عُهركم ، عرباً وغرباً ، يا سوادَ
وجوهكمْ . . إذ كلُّكم قَوّادُ
ما شأنُكم حبُّ العراق ، وإنما
نفّذتُمُ ما أوعز الموسادُ
لا غرو إذ خُلق العبيد ليسمعوا
وينفِّذوا ما يأمر الأسيادُ
*** ***
بغداد يا حوتاً تعاظم شأنهُ
ما كان يسهل أنه يُصطادُ
خافته أسماك المحيط ، فأعملت(62/3)
من أجله الآراء والأرصادُ
لكنه ولحكمةٍ غيبيةٍ
حل القضا واستضحك الصيادُ
يا دهشة المرأى ،وقلبكِ نابضٌ وبقيةُ الأعضاء منكِ جماد
يا حيرة الرائي ، يرى أثر السيا
ط ، وليس يدري من هو الجلاد !
يا أنتِ محتضَراً ولم يُخفِق له
عزمٌ ، ولم يَخفق عليه فؤادُ !!
وكذلك الأفذاذُ إن عَقَرت بهم
نُوَبُ الليالي يشمتُ الحُسادُ
ويقال يا بغداد أنكِ ظالمُ
متهوِّرٌ لغروره منقادُ
وجه الملامة بَيِّنٌ ، لكنّما
( أنصر أخاك ) له مدىً ومفادُ
ويح الدم العربي حين تعطلت
فيه الوشائج واعتراه فسادُ !
إن الأعاريب الذين يثيرهم
داعي الحميّة في المآزم بادوا
صاروا أحاديث المساء نقصُّها
عند المنام ليرقد الأولاد
وتراثهم أمسى رفاتاً مثلهم
قد يستحي من ذكرها الأحفاد
لو قلتِ ( معتصماه ) لم يسمعك
إلا السفح ، ثم يجيبك الترداد
أو قلتِ وا رهطاه ، لم ينجدك قع
قاعٌ ولا عمروٌ ولا مقداد
أو قلتِ وا قوماه ، لم تَعْبَأ لها
مضرٌ ولم تُجِب الصريخ إياد
وأظنهم لو أنكِ استنجدتِهِمْ
لأتوْكِ من أجداثهم ، أو كادوا
بغداد يا مجداً تراكَم أعصُراً
وضعت له أسَّ الحضارة عادُ
أرسى عليه الأولون قواعداً
شمخت على هاماتها الأمجادُ
تعمى العيون ولا نرى يا أمَّنا
هذا البناء المعتلي ينآدُ
عَزّ المصابُ وعَزّ قبلك أن نرى
حُراً تعض برجله الأقيادُ
أمّا العجيب ، فعند أول وهلةٍ
لَغَطَ الرُّواةُ وأخرس النقّادُ
صَمَتوا ولم ينبِسْ جبانٌ منهمُ
وتراءت الأضغانُ والأحقادُ
الكل طأطأ رأسهُ ، فشريفهم
عبدٌ ، يُجَر بشعرةٍ ويُقادُ
إنْ هيئةُ الأمم التي إن قَرّرَتْ
فلها دماء المسلمين مدادُ
أو مجلسُ الأمن الذي من عدلهِ
الحبل والكرسي والأعواد
أو مصرُ والأردنُّ إذ قامت لها
سوقٌ تدر عوائداً ومَزادُ
أو أنها دول الخليج ، وعلمُكمْ
هي للغزاة ذخيرةٌ وعَتادُ
كلٌّ تحيَّز للعدو ، وحبذا
لو أن ما وقفوا عليه حيادُ
ما عادت الأعرابُ تؤمِن أو تَرى
( أن الحياةَ عقيدةٌ وجهادُ )(62/4)
فَزّاعةُ الإرهاب أعمت رشدهم
لم يعرفوا ما الخلد ما الإخلادُ
تركوكِ في زيزاء يعصف شرُّها
من هولها تتفطر الأكبادُ
لكن تربك يا عراق منزهٌ
عن أن تدنس طهره الأوغادُ
هذي العلوجُ شعارُها (فرق تسد)
وقوام شعبكِ نخوةٌ وعنادُ
*** ***
أسفاً عليك قتيلةً لم يرثِها ال
شعراء ، وهو الواجب المعتاد
ما أبّنُوكِ ، وهم بَنُوكِ ، وما بكى
أحدٌ ، ولم يُعلَن عليكِ حداد
بل حينما قامت لديك مآتمٌ
قامت لدى إخوانكِ الأعيادُ
لا بأس يا بغداد ، إن بقيةً
للسيف ، قد تنمو بها الأعداد
إخوان يوسف كايَدوه ، وإنهم
سجدوا له لمّا أتى الميعاد .
*** ***
يا أمة الإسلام صبراً .. إنما
للّه فينا رجعةٌ ومعادُ
تا الله ما مات العراقُ ، و إنما
هي هزةٌ ، كي يصحُوَ الرُقّادُ
ما هذه أعراضُ موتٍ ، أبشري
يا أمتي .. فلعله الميلادُ .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( استثناء )
شاخصة ( استثناء )
رقم القصيدة : 65576
-----------------------------------
شارون هدّد كل قادةِ عُربِنا
مستثنياً من كان من ولَدِ الزنا
فتحيّر الملعون يضربُ من و يتـ
ـركُ من ، و قد ضجّوا جميعُهُمُ : أنا
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( رؤيا)
شاخصة ( رؤيا)
رقم القصيدة : 65577
-----------------------------------
رأيتُ امرأ القيس بنَ تَملِكَ في الكرى
و قد مرّ كالعنقاءِ في جَوِّنا العالي
فقلتُ له : هذي الدَّخولُ و حَوملٌ
و هذا نَديُّ الشِّعر و الوطنُ الغالي
فلَوَّحَ محزوناً و أجهشَ قائلاً :
( ألا عم صباحاً أيها الطللُ البالي ) .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( أطفال الأنابيب)
شاخصة ( أطفال الأنابيب)
رقم القصيدة : 65578
-----------------------------------
بعضُ الولاة بُويضاتٌ مخصَّبة
غربيّةٌ ضمنَ أرحام الأعاريبِ
جاءوا أعاجيبَ لا عُجْمٌ و لا عَرَب
كالسِّمْع يولَد بين الكلبِ والذيبِ
فهم و لا شكّ من أوحى بهُجْنَتِهِ(62/5)
للغربِ فكرةَ أطفال الأنابيبِ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( عظام العظام)
شاخصة ( عظام العظام)
رقم القصيدة : 65579
-----------------------------------
زعاماتٌ و ألقابٌ عِظامٌ
و ما غيرُ الجماجمِ و العظامِ
و مَنَّوْنا المُنى خمسين عاماً
فجاءونا بمَهزلةِ السلام
لقد قلبوا قميصَهُمُ ليُخفوا
الحقيقةَ ، و هو قُدَّ من الأمامِ
و ناموا عن قضيتهمْ بعيداً
لأن شخيرَهمْ يؤذي الحرامي
و بالتطبيع أتحِفْنا أخيراً
وهل يشفي الجنون من الجذام
فإن دامت لنا الحكام هذي
فسوف يُطَبِّعونا (بالصَّرامي)
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( مقارنة)
شاخصة ( مقارنة)
رقم القصيدة : 65580
-----------------------------------
افرضوا في الخيال شخصاً أديباً
واجعلوا في إزائهِ قصّابا
تجدون الكلابَ ترجو ندى القصـ
ـابِ بينا الأديبُ يرجو الكلابا !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( يا بغداد)
شاخصة ( يا بغداد)
رقم القصيدة : 65581
-----------------------------------
يا بغدادُ ؛ و ما أحوجَنا
للتحليل و للتعليلْ
كل العالم عارضَ ضربكِ
إلا نحن و إسرائيلْ !!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( على نسق)
شاخصة ( على نسق)
رقم القصيدة : 65582
-----------------------------------
إن الحُماةَ التي شَدّتْ مآزرها
للثأر أسكرها الساقي فلم تُفِقِ
سقتهمُ أمَريكا من أناملِها
كأساً من المَكر و التضليل و المَلَقِ
هاموا بها عندما ذاقوا حلاوتها
كما يهيم ذبابُ المحل بالدّبَقِ
حتى إذا أخذت منهم مآخذَها
حَطّوا السيوفَ و قد ناموا على نَسَقِ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( مقترَح)
شاخصة ( مقترَح)
رقم القصيدة : 65583
-----------------------------------
أحُكّامَنا الباكينَ من سوءِ ما اجترحْ
وجدنا لكم في موتِ شارون مقترَحْ
نقتِّلُكمْ حتى يموتَ من الأسى(62/6)
و إلاّ اقتُلونا كي يموتَ من الفَرَحْ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( تهنئة)
شاخصة ( تهنئة)
رقم القصيدة : 65584
-----------------------------------
يا جماهيرُ تهاني
نا ، و يا قدسُ اطمئنّي
أعلَنوا النصرَ على الشا
شةِ ، في سهرةِ فَنِّ
و انتهت قصةُ هذا الـ
ـخوفِ و العار المُسنِّ
لم يقلْ هذا الأميـ
ـرُ ، و إنما قال المُغَنّي
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( ابن آوى)
شاخصة ( ابن آوى)
رقم القصيدة : 65585
-----------------------------------
سقط ابنُ آوى ، في النهار ، على الحظيرةِ من عُلُوِّ
فاحتار
أصحاب الجلالة و الفخامة و السموِّ
عُقِد اجتماعٌ ، للتداولِ ، و التشاور و التَرَوّي
بثّوا بياناً فيه إجماع التصدّي للعدوِّ
قَلِق ابنُ آوى
غير أنه ليس من عشرين بَوِّ
لكنما لغرابة التهديد بالصمت المُدَوّي !!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( افتئات)
شاخصة ( افتئات)
رقم القصيدة : 65586
-----------------------------------
طُعِن العَدلُ إخوتي أخَواتي
بدعاوى أهل الضمير المَواتِ
هم يقولون لا حقوق و لا حُرِّ
يَّةً عندنا ، و لا حُرماتِ
كيف و الشعب منذ مهده حتى
لحدهِ راسفٌ ( بقيد ) الحياةِ !
و إذا الإنتخابُ أقبلَ ، يُعطى
فيه حقُّ التصويتِ للأمواتِ
و الكثيرُ المُثيرُ ممّا تَكَرَّمْـ
ـنا عليكمْ بهِ ... و ما هو آتِ .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( غبي)
شاخصة ( غبي)
رقم القصيدة : 65587
-----------------------------------
قال غبي :
في أي قطر عربي
يقال : من ينكح أمي مرّة
فهو أبي ؟
قلت له :
في أي قطر عربي .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( غشاش)
شاخصة ( غشاش)
رقم القصيدة : 65588
-----------------------------------
و تَعجَبُ من فقري و تعلمُ أنني
أديبٌ ، أغشُّ الشعرَ و النقدَ بالصِّدقِ
فمن عَدلِ حُكّام الزمانِ حسابُهمْ(62/7)
لنسبةِ غشِّي ثم خَصمهِ من رزقي.
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (فداء)
شاخصة (فداء)
رقم القصيدة : 65589
-----------------------------------
بالروح و الدم يفتدون أميرهمْ
تا الله هذا الشعبُ مبكٍ مضحِكُ
أيجوز أن تفدي المليكَ بملكِهِ
أو تفتدي أحداً بما لا تَملكُ ؟!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (ساسة)
شاخصة (ساسة)
رقم القصيدة : 65590
-----------------------------------
لا تَعجَبَنََّ لكلِّ مُعجِبةٍ
و اعجبْ لأمر الساسةِ العُربِ
درسوا الحساب على تشعُّبهِ
فاستمسَكوا بالجانبِ المُرْبي
أغراهمُ الجمعُ فلم يأبَهوا
بالطَّرح و التقسيم و الضربِ
و تطلّعوا نحو الدُّجى أملاً
أن تطلع الشمسُ من (الغربِ) !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (غلط)
شاخصة (غلط)
رقم القصيدة : 65591
-----------------------------------
صوتٌ عَلا
مَلأ الفضاءَ مُجلجِلا
صوتٌ فقط ..
لا شيءَ غيرَ الصوتِ قَطْ
قال : " الشلام عليكمُ "
قالوا : هَلا
نادى : ألستُ بربِّكم ؟
ذُهِلَ المَلا
قالوا : نعم ...
قالوا : بلى ...
و تضاءَلتْ أنّاتُ " لا " بين اللغطْ
أوَما هناك ( ابنُ جَلا )
يضعُ العمامةَ
ثم يُعلِنُ صائحاً :
غلطٌ ... غلطْ
إن السلامَ له نَمَطْ
إن السلامَ
( اليعرُبيًّ )
بلا نقط .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (بشرى)
شاخصة (بشرى)
رقم القصيدة : 65592
-----------------------------------
أبشروا يا آل لوطٍ
و اخلعوا
كل الأزُرْ
!!
فالأعادي عن قريبٍ
سيُوَلّون
الدُّبُرْ
!!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (فلسطين)
شاخصة (فلسطين)
رقم القصيدة : 65593
-----------------------------------
نادت فلسطين السليـ
ـبةُ ربّها : { ربِّ ارجِعونْ }
ضَجّ الملائكةُ الكرا
مُ على الدعاءِ يُؤَمِّنونْ
قال : اسكتوا ، ما بي اليهو
دُ ، فأمرهم عندي يهونْ
لكن هناكَ الحاكمو(62/8)
نَ لها ، و قومُ آخَرونْ
هم عالةُ { منها رَكو
بُهُمُ و منها يأكلون }
لا بدّ من عمل ٍ ، فإن
رجعتْ ، فماذا يعملون !!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (سبحانه)
شاخصة (سبحانه)
رقم القصيدة : 65594
-----------------------------------
صدِّقوني لم يخلقِ اللهُ فينا
أيّ عضو إلا لمعنىً عميقِ
خلقتْ للهُتافِ أفواهُنا هَـ
ـذي و هذي الأكفُّ للتصفيقِ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (صرصار)
شاخصة (صرصار)
رقم القصيدة : 65595
-----------------------------------
سمعوا في البيت صوتاً ، ملأ الدنيا دَويّا
خَمَّنوا اللحنَ الذي أدّاه
قصفاً أجنبيّا
قال أكبرهم : لنهربْ ، ردَّدَ الأوسط
: هيّا
يمّمَ الأصغرُ شَطر الصوتِ
يمشي قهقريّا
فرأى خَلْقاً ضعيفاً يُصدر الصوتَ القويّا
كان صرصاراً
و لكن كان ثرثاراً شقيّا
قال : ماذا تتغذّى ؟
قال : ( جُبناً عربياً ) !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (المواشي)
شاخصة (المواشي)
رقم القصيدة : 65596
-----------------------------------
إن مشى هذا يميناً
و مشى هذا يسارا
فالمواشي ، تترك الرا
عي ، و تتّبِعُ الحمارا .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (قد)
شاخصة (قد)
رقم القصيدة : 65597
-----------------------------------
قد تخطر القدس في أذهان قادتنا
فلا يكون لها وزنٌ ولا خطرُ
و لا تؤثر في وجدانهم أبداً
إلا (العيون التي في طرفها حور )!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (مسكين)
شاخصة (مسكين)
رقم القصيدة : 65598
-----------------------------------
شاهدتُ لصّاً
يُخلِصُ اللهَ السؤالْ
متضرِّعاً ما بين زمزمَ و المقامْ
يشكو لربهِ أنّ : أولادَ الحلالْ
لم يتركوا شيئاً لأولادِ الحرامْ !!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (صدمة)
شاخصة (صدمة)
رقم القصيدة : 65599
-----------------------------------(62/9)
الحظُّ فيه الغِنى
و العقلُ فيه العَدَمْ
أهلُ العُقولِ لدى
أهلِ الحظوظِ خَدَمْ
من أعمَلَ الفكرَ في
هذا الوجود انصدم !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (تحذير)
شاخصة (تحذير)
رقم القصيدة : 65600
-----------------------------------
أرى شبَح الآدابِ يمشي مغمّضاً
و أخشى عثاراً منه في هُوًّةِ الرًّمْسِ
و لا غرو في أن يُبخس الشعرُ حقّه
إذا الشعراءُ استعذبوا رنّة الفَلسِ
يئستُ من الدنيا و رجعةِ عِزِّها
كما يئس الأعرابُ من رجعةِ القُدس
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (واحد فقط)
شاخصة (واحد فقط)
رقم القصيدة : 65601
-----------------------------------
إن لم يكن بُدٌّ ، فصاحبْ واحداً
لا غير ،أو فاعلم بأنك مسرفُ
راجِعْ ملف العمر ، هل آذاك في
يوم من الأيام مَن لا تَعرفُ ؟
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (افتكار)
شاخصة (افتكار)
رقم القصيدة : 65602
-----------------------------------
يوقِدُ الديانُ
- بالناس و بالأحجار -
نارَهْ
و هنا ،
يأتي افتكارٌ
ليس يخلو من مرارهْ
نحنُ
لسنا الناسَ يا ربِّ ؛
فهل نحن الحجاره ؟ !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (أستغفر الله)
شاخصة (أستغفر الله)
رقم القصيدة : 65603
-----------------------------------
إذ رأونا نتبارى في الطربْ
ما لنا دون الملذّات أرَبْ
و نراعي الخيل و الليل معاً
ليس للغزو ، و لكن للهربْ
ألبَسونا تهمةً كاذبةً
أننا - أستغفر الله - عربْ!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (ناموسنا)
شاخصة (ناموسنا)
رقم القصيدة : 65604
-----------------------------------
يا قدس لا ترج منا نجدة أبداً
ولا يغرنك أنا معشر كثر
ناموسنا عاد كالناموس إن عصفت
ريح يغيب فلا عين ولا أثر
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (حمار)
شاخصة (حمار)
رقم القصيدة : 65605(62/10)
-----------------------------------
ومشى اليهود مع النصارى
حتى إذا وجدوا حمارا
قالوا هزيل لا يسير بواحد إلا اضطرارا
ركب النصارى بينما
ركب اليهود على النصارى
فرح الحمار برفقهم
ومضى يغني تيري رارا
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (العيب)
شاخصة (العيب)
رقم القصيدة : 65606
-----------------------------------
إذا عبت السفيه رفعت منه
وإن عبت الكريم وضعت نفسك
مجرد أن تداني العيب عيب
وخوضك فيه فيه عليك ممسك
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (قياسٌ شاذ)
شاخصة (قياسٌ شاذ)
رقم القصيدة : 65607
-----------------------------------
للعِلم قياسٌ مقلوبٌ
فيه شذوذٌ ليس يُؤَوًّلْ
الصف الأولُ ؛ طالبُهُ
عنه إلى الثاني يتحوًّلْ
و الدارجُ في غير العِلم
أن يسعى الثاني للأولْ
فلهذا الجاهلُ مسؤولٌ
فينا ، و العالِمُ يتسوًّلْ !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (عود الثقاب)
شاخصة (عود الثقاب)
رقم القصيدة : 65608
-----------------------------------
يستطيع العودُ المُغَمًّسُ بالكِبـ
ريتِ إحراقَ غابةٍ ، ويح نفسِهْ !
أوَ يَدري العُودُ الموَرِّثُ ناراً
أنها أولاً تَشُبُّ برأسهْ ؟!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (حسد)
شاخصة (حسد)
رقم القصيدة : 65609
-----------------------------------
لو سلطتني على العميانِ قدرةُ مَن
أعطاهمُ الفهمَ و الآدابَ و الرًّشَدا
أرجعتُ للكلِّ عينيهِ يرى بِهما
لا رأفةً بهمُ ... لكنما حسدا !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (من أجل غيره)
شاخصة (من أجل غيره)
رقم القصيدة : 65610
-----------------------------------
إنّ مَن يجمعُ مالاً
ثم لم ينعم بخيرهْ
مثلُ كلبِ الصّيْدِ يَجري
لاهثاً مِن أجل غيرهْ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (سواء)
شاخصة (سواء)
رقم القصيدة : 65611
-----------------------------------(62/11)
يُضرَبُ الكلبُ بعظم ٍ
ثم لا يُبدي عُواءَ
و أناسٌ أصبحوا عنـ
ـدَ القياس بهِ سَواءَ
فيُعانونَ هَواناً
و يَضِجّونَ ثَناءَ !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (الليل نهار)
شاخصة (الليل نهار)
رقم القصيدة : 65612
-----------------------------------
أيها ( الأمنُ ) الذي ألـ
ـغى شعور الأمن فينا
إنما الليلُ نَهارٌ
ظَهرُهُ ممّا يَلينا
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (هيئة الأمم)
شاخصة (هيئة الأمم)
رقم القصيدة : 65613
-----------------------------------
هيئةُ الأمم التي يَرجمُها
بازدواجِ الكيلِ مَن لا عِلْمَ لهْ
تنظرُ الأمرَ على واقعهِ
و تُراعي فيهِ أصل المسألهْ
فترى ل الغَرْبِ ( نَقْطاً واجِباً )
و ترى العُرْبَ ( بعين ٍ مهملهْ )
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (مستحيل)
شاخصة (مستحيل)
رقم القصيدة : 65614
-----------------------------------
أردتُ عَدًّ مجانينِ العباد ، فما
استطعتُ حصرَ ملايين الملايينِ
فهل بوسعيَ عَدُّ العاقلينَ ، و لا
أعدادَ تُعرف تحت الصِّفر في الدونِ ؟
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (عضة)
شاخصة (عضة)
رقم القصيدة : 65615
-----------------------------------
ليس في جسميَ خدشٌ
بينما ينزف قلبي
و لذا ما صَدًّقوني
أنها عَضًّةُ كلبِ !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> جنون البقر
جنون البقر
رقم القصيدة : 65616
-----------------------------------
1
و نوديَ : حَيًّ على المؤتمرْ
و طبًّلَ زيدٌ ، و غنّى عُمَرْ
و دارتْ مُدامْ .. و طيفُ ابتسامْ
و دَبًّ الخدرْ
و في نصفِ صحو .. و نصفِ منامْ
قرأنا : " علينا السلامْ "
و قد بارك القوم سعيَ ( الدُّلَرْ )
*** ***
2
و تُلغى من النًّصِّ بعضُ الفِقَرْ
و لُطِّخَ متنُ الحسامْ ، بألفِ اتِّهامْ
و بانت نجومُ الضحى
و صبحُ السلام اعتكرْ
و طبعاً إذا الشعبُ يوماً كفَرْ(62/12)
فلا بد أن يتخلّى القدرْ
و أين المفرْ ؟
*** ***
3
و رغم انقطاع الوتَرْ
و إنهاكِ زيدٍ ، و نوم عُمَرْ
فإن الغناءَ استمَرْ
و لا زال هذا الأنامْ
يميدُ على هينماتِ السلامْ
السلام الكلامْ
الذي شاخَ قبل ولادتِهِ
و انتحرْ
لعمركَ هذا سلام الجنون
أم أن هذا
( جنون البقرْ ) !!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( صفقه)
شاخصة ( صفقه)
رقم القصيدة : 65617
-----------------------------------
وجد السلطانُ هَمّاً
من رُعاع ٍ ليس يَفقهْ
فانضوى متخذاً من
علماء السوء رُفقَهْ
ضَمنَ التابع بالمتـ
ـبوع ، في أيسر صفقه !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( بَذاء)
شاخصة ( بَذاء)
رقم القصيدة : 65618
-----------------------------------
إذا زنَتْ أمُّكَ فاقتلها
لا تُخدَعنّ فتقتلَ الزاني
تحتاجُ إن آثرتَ بُقياها
في كل يوم قتلَ إنسانِ !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( ديموض)
شاخصة ( ديموض)
رقم القصيدة : 65619
-----------------------------------
ديمقراطيةُ البعضِ
كما نفًّستَ منطادا
فإن شئتَ لها وصفاً
فأبدِلْ قافَها ضادا .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( مديح أم هجاء)
شاخصة ( مديح أم هجاء)
رقم القصيدة : 65620
-----------------------------------
أدباء هذا الجيل سيلٌ عجّ بالآداب (جارف)
يتدفقون تدفقاً عجباً كأنهمُ (مصارف)
ولبعضهم سلسُ الشعور وبعضهم لهمُ (معارف)
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( صديقٌ يعض)
شاخصة ( صديقٌ يعض)
رقم القصيدة : 65621
-----------------------------------
والتقينا ، وأراني بسمةً
وحديثاً مثلما المسكُ يفض
ومضينا صحبةً ثم إذا
بصديقي كاشر الناب يعض
قلت ماهذا فقالوا رجلٌ
فيه أعراضُ شذوذٍ ومرض
فتحرّزتُ وكادت أعظُمي
بين فكيه الرهيبين تُرض
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( متصوف)
شاخصة ( متصوف)(62/13)
رقم القصيدة : 65622
-----------------------------------
يُغشى عليه بذكر شيخهْ
والأرض دانيةٌ إليهِ
لو أوقفوه على جدارٍ
عالٍ فهل يُغشى عليهِ؟
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( اليهود ونحن)
شاخصة ( اليهود ونحن)
رقم القصيدة : 65623
-----------------------------------
مهما طغوْا في الرجم والقصفِ
فبناؤنا متماسك الرصف
إن يقتلوا تسعين مليوناً
لن يقتلوا منا سوى النصفِ
ولسوف نفضحهم وقد عهدوا
فينا البيان ودقة الوصفِ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( الخيار)
شاخصة ( الخيار)
رقم القصيدة : 65624
-----------------------------------
إذا قست الأنام على قياس
فقسهم بالفواكه والخضارِ
تمر السوق لايلقاك شيءٌ
رخيصٌ سعرُهُ مثلُ ( الخيارِ )
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( إذا)
شاخصة ( إذا)
رقم القصيدة : 65625
-----------------------------------
إذا علماؤكم عفّوا نفوساً
فهم أهل الوقار فوقروهم
وإن أخذوا على الفتوى فلوساً
فقد خانوا الأمانة فاحذروهم
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( عداله)
شاخصة ( عداله)
رقم القصيدة : 65626
-----------------------------------
في الموتة الأولى انتحرتُ ولم أمت
من ضرب جلادي البريء الغافلِ
والآن هم لم يقصدوا قتلي أنا
لكنهم قتلوا بثأري قاتلي !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( ياقدس)
شاخصة ( ياقدس)
رقم القصيدة : 65627
-----------------------------------
إقطع رجاءك يائساً منا
فإننا ياقدس لا نضمنُ
قد قالت الأعراب آمنّا
وقال سبحانه لم تؤمنوا
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( حرية الكلمة)
شاخصة ( حرية الكلمة)
رقم القصيدة : 65628
-----------------------------------
لو أن أذن صديقي ملكهُ وفمي
ملكي وأيقنت أن لاينتضي قلمه
سألته وأنا أدري بأنه لا
يدري كشأنيَ : ماحرية الكلمه؟(62/14)
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (ماء وطين)
شاخصة (ماء وطين)
رقم القصيدة : 65629
-----------------------------------
الناس من ماءٍ وطينٍ خلقوا
فإذا عاشرت إنساناً فحاسب
وإذا صادفتَ خلاً صافياً
رائقاً ، فاعلم بأن الطين راسب
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (الوحش وأخوك)
شاخصة (الوحش وأخوك)
رقم القصيدة : 65630
-----------------------------------
اثنان لاتأمنهما أبداً
واحذر هجومهما وكن ورِعا
الوحش لا تأمنه إن جاعا
وأخوك لا تأمنه إن شبعا
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (مرسوم)
شاخصة (مرسوم)
رقم القصيدة : 65631
-----------------------------------
يا أيها الناس اتقوا ربكم
لاتطعنوا في المَلْك والمملكه
ألقوا الذي بين يديكم (ولا
تلقوا بأيديكم إلى التهلكه).
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (حجر طفل)
شاخصة (حجر طفل)
رقم القصيدة : 65632
-----------------------------------
لم يبق في الساح إلا صبيةٌ قبلوا
عنف التحدي فهزوا حلبة السبق
ملّوا صوافن لم تركب فوارسها
لدرء سيلٍ عتي الموج مصطفقِ
واستهجنوها قراراتٍ مدوِّيةً
لا في الميادين بل حبراً على ورقِ
فاستنهضوا حجراً طفلاً كهيأتهم
عن ألف ألف حسامٍ غير ممتشَقِ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة (قرار)
شاخصة (قرار)
رقم القصيدة : 65633
-----------------------------------
خرج الحاكم يمشي حافياً
سألوه لم تمشي هكذا
قال بشراكم لقد قررت أن
أجعل الشعب مثالاً يحتذى!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> لا جرَم
لا جرَم
رقم القصيدة : 65634
-----------------------------------
لن و لم
أين ماذا كيف كم
حيثما لكنّ ...
و الذئب هجم
: همس الأبكم في أذن الأصم
حملقَ الأعمى انبهاراً
بحوار ٍ دون أذنينِ و فم
لا جرم
قمّةٌ من ثقلها انهار الهرم
*** ***
شجبوا :
فوز البرازيل على المكسيك
في كرة القدم(62/15)
قرروا :
دعم الصناعات من ال " أومو "
إلى " علك السهم "
دعموا :
( أمنَ ) الجماهير
فزادوا
كل كلبٍ
حفنتيْ قوةَ شَم
و لأن الدين بالإرهاب
أمسى متهم
أخذ القوم على عاتقهم :
خفض منسوب القيم
و أخيراً :
أجّلوا مسألة الأقصى إلى ما بعد
أخذاً بالأهم
*** ***
خرج الشعب إلى الساحات
كلٌّ رافعٌ في يده
رسمَ صنمْ
أيها الشعبُ المضلّلْ :
طائراتُ البغي
و الجيشُ المُؤَلًّلْ
لا تُقاوَم بـ ( الصُّرَمْ ) .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( قدر الأديب)
شاخصة ( قدر الأديب)
رقم القصيدة : 65635
-----------------------------------
الفقر من قدر الأديب ولست أتهم القدر
من كان فوق الغيم كيف يصيبه جود المطر
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( وجدوها ..)
شاخصة ( وجدوها ..)
رقم القصيدة : 65636
-----------------------------------
فلسطين التي اختلفوا عليها
ولم تحلل قضيتها السنون
قضى حكامنا الحكماء فيها
لنا فلس وللأعداء طينُ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( لولا الذل)
شاخصة ( لولا الذل)
رقم القصيدة : 65637
-----------------------------------
لم يوجد الأسياد لولا الذل في طبع العبيد
أو لا ، فما معنى احتكام الفرد في هذا العديد!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( شكراً)
شاخصة ( شكراً)
رقم القصيدة : 65638
-----------------------------------
شكراً لكم ياصاحب الملكِ
أمنتمُ الشعب من الهلك
قد جاء في الأخبار أنكمُ
طورتمُ نوعاً من العلكِ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( أعجب شي)
شاخصة ( أعجب شي)
رقم القصيدة : 65639
-----------------------------------
العجب المذهل والأعجب من أعجب شيْ
حيٌّ عربي مافيه عربي حي !!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( يا أنا)
شاخصة ( يا أنا)
رقم القصيدة : 65640
-----------------------------------
عملت العمر للدنيا(62/16)
ولم تحرز بها فيئا
فكيف رجاؤك الأخرى
ولم تعمل لها شيئا
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( زينة)
شاخصة ( زينة)
رقم القصيدة : 65641
-----------------------------------
ظهورنا دبراتٌ
أحمالنا للخزينه
أما النفوس فتبدي السرور وهي حزينه
لاغرو قال تعالى (لتركبوها وزينه)!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( إعراب)
شاخصة ( إعراب)
رقم القصيدة : 65642
-----------------------------------
إن حاول الأعراب إعراباً لإسـ
ـرائيل بالحسنى أو الغصبِ
لن يستطيعوا ضمها أو كسرها
إذ أنها بنيت على النصب!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> الإله
الإله
رقم القصيدة : 65643
-----------------------------------
حزركم ، قبل قرون
كيف كان الأوّلون ؟
و لماذا قيل عنهم مشركون ؟
كان للخير إله
كان للشر إله
و كذا للماء و الزرع ، و للريح ،
و للحب ... ...
و مختلف الشؤون
كل هؤلاء كانوا يعبدون .
و ضرورات الحياهْ
تقتضي الزلفى إلى الكل ، و أن
يسجدوا للكل لمّا يسجدون .
و إذا صار اشتباه
لم ينل - بالطبع - سائلهم مناه
وإذا عارضت اللآّتُ مَناه
أصبح القوم " بدون " .
*** ***
بينما نحن
دمجنا كل أنواع الإلاهات جميعاً
في إله
واحد ٍ فرد ٍ حنون
في يديه الخير و الشر ، و تقسيم
الأماني و المنون
يمنح المؤمن أموالاً و جاه
و يعين الطائعين على العصاه
و إذا ما شاء أمراً
لا يكاد يقول : كن
حتى يكون !
و له فينا ملائكةٌ
جباةٌ
يجمعون و يطرحون و يضربون
و له فينا ملائكة
ثقاتٌ
صادقون ، مصدَّقون
ينقلون الفعل عن عبد ٍ أتاه
أو روته لهمُ عنه الرواه
و إذا لم يقترف ذنباً ، و لا حتى نواه
فهمُ لا يظلمون به ، سواه
و ( الإله )
لا يجازينا اعتباطاً
إنما ، حسبما
يخبره عني وعنك ( المخبرون ) .
*** ***
رحم الله زماناً
كان فيه الأولون
يصنعون الرب من تمر ٍ
فإن جاعوا بيوم ٍ ضجعوه
فتداعى من علاه
و تداعوْا ....... يأكلون
ثم لاخوف عليهم(62/17)
من تداعيه
و لا هم يحزنون .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( يا قادة الإسلام)
شاخصة ( يا قادة الإسلام)
رقم القصيدة : 65644
-----------------------------------
يا قادة الإسلام شدوا عزمكم
و اسبوا شعوبكم الهزيلة و اظلموا
لا تحلَموا في حق شعبٍ قد قضى
خمسين عاماً بالعدالة يحلُمُ
من منكمُ أبدى التعاطف نحونا
ستظن أمريكا بأنه مسلمُ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( ما ليس يُحكى)
شاخصة ( ما ليس يُحكى)
رقم القصيدة : 65645
-----------------------------------
سألتني - و هي الودود - أتبكي
و يكاد الوجود يُغرب ضحكا !
قلت : يا هذه دعيني لما بي
إن أقسى الهموم ما ليس يُحكى !!
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( حيث ألقت)
شاخصة ( حيث ألقت)
رقم القصيدة : 65646
-----------------------------------
نهيب بالحظ يستبقي بقيتنا
و الحظ ليس له دخلٌ ، بل القدرُ
لمّا اقتفينا هداةً ضل سعيُهمُ
ساروا بنا كيف شاءوا لاكما أ ُمِروا
قال اذهبوا حيثُ ألقتْ إنكم بَشَرٌ
على المجاز ، و إلاّ لستمُ البَشَرُ !
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( إمام عادل)
شاخصة ( إمام عادل)
رقم القصيدة : 65647
-----------------------------------
يا صلاح الدين نَم لا تكترثْ
إننا نرتع في بَرِّ السلامْ
كيف تحتاج إماماً عادلاً
أمّةٌ قد أنجبت عادل إمامْ
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> الطلاق مرتين
الطلاق مرتين
رقم القصيدة : 65648
-----------------------------------
ذات ليلة وقد قامت الحرب على ساق ، ألقيتُ في أمسيةٍ شعريةٍ هذه الشاخصة :
عليّ الطلاقْ
لأستثنينّ من جبناء العروبةِ
شعبَ العراقْ
وفي الليلة التالية سقطت - بل أسقطت - بغداد ، وكان لابد لبعض من حضر الأمسية أمس أن يعرّض مازحاً بأن الطلاق قد وقع ، فقلت في أصبوحةٍ شعريةٍ تلت ذلك :
عليّ الطلاقْ
طلاقاً يضافُ لذاك الطلاقْ(62/18)
وإن كان ما كانَ ، أو خان من خانَ
فلن أدَعَنّّ لساني
ولا خلجاتِ جَناني ، ولا مفرداتِ بياني
تعبِّر يوماً بلفظ ( وداعاً ) لشعب العراقْ
لأني رأيت الهلالَ
يكون هلالاً ، فيكبُر ، يكبُرُ
حتى تشعَّ السماوات والأرض منه
سناً وائتلاقْ
فينجُمُ حِقد صغار النجوم اللواتي طُمِسْنَ
و حقدُ كُدوس الظلام الألى قد كُنِسْنَ
و حقدُ وحوش ٍ يَحولُ ضياءُ الحقيقةِ ما بينهن ومن يَفترسنَ
و يبتلعُ الحوتُ بدرَ التمام
ب (صك اتفاقْ ) !
...............
وإذ ذاك
تخرج أطفالُ كلِّ الحواري لهُ
بالأناشيد و القرقعاتِ
فلا يلبثُ الخسفُ أن يتولّى
و لا يبطئ البدر أن يتجلّى
و يرجع بدراً تماماً بُعَيْدَ المِحاقْ
*** ***
فأبشر عراقْ
ففي الليلِ كلُّ الأنام ينامْ
و فيه تُهَوِّمُ كلُّ الهوامْ
و لا ريبَ أن هنالكَ فجراً
يُلوِّحُ من خَلْفِ غيم الشِّقاقْ
بوَشْكِ انشقاقْ
و إنّا وإن أطبق الليلُ ، أو دمدَمَ السيْلُ
أو زمجرَ الويلُ ، أو كَبَتِ الخيلُ
إنّا وإياكَ باق ٍ لِباقْ
و ذلك ليس لأنّا .. و أنّا .. و أنّا ...
و لكن :
لأنك أنت العراقْ .
شعراء العراق والشام >> إبراهيم الأسود >> شاخصة ( بكاء)
شاخصة ( بكاء)
رقم القصيدة : 65649
-----------------------------------
بكى شارون من ضحكٍ
على عشرين شيطانِ
و غنّى بين أظهُرنا :
( بلاد العُرب أوطاني )!
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> شتاءالحاج
شتاءالحاج
رقم القصيدة : 65650
-----------------------------------
حين أسمعكِ أيتها الأنغامُ، حين أقف، حين أتربَّص بكِ
أيتها الرسومُ ذاتُ الأصداء
حسدي يعلو غَرَق اللذَّة،
ويُقال لي: الوقتُ الذي سبقني طعنني في ظهري!
وكفتاةِ أعمالٍ
عيناها جدولٌ من الجَلْدِ
وكفتاة أعمالٍ عيناها أوسعُ من التاريخ الحيّ
أقذف القائلَ كما فتاة الأعمالِ تقذف خادمَ القهوةِ
الصغيرِ
من رأس الدَّرَج
وينكبّ الماءُ الساخن على عينيه وبطنهِ
ويجلدها تعذيبه(62/19)
لأنه حمل القهوةَ في وقتٍ كانت تريد إما أنا أو
رأسي.
لي صديقٌ "يتونّس" بقنديلٍ
(بمصباح كهربائي كالقنديل)
على مكتب منظّم بالفراغ والأسماء
ويبدو طيّباً وسطَ المدينة.
لا يقرأ الكتبَ المحرَّمة
تراقبه أيقونةٌ بيزنطيّة
كأنما هو شهرُ مريمَ
يتكرَّم عليَّ بصوت مُبَطَّن بالمعاطف وكرافعةِ
الأثقالِ
يبعدني بعيداً ولا يطلب قرشاً
وعندما يطوف الجميعُ بشتائمي
يمرّونَ
فألفّه بالقطن وأحجزهُ
خلف أذني.
مهما كان
ورغم الأحلامِ المغبّشةِ التي أدهمها فجأةً
فكما أن لي صديقةً هي فتاةُ أعمالٍ وانتهى الأمرُ
وكما أن لي صديقاً حجزتُه وراء أذني وانتهى الأمرُ
وكما أني على يديَّ أحمل غيري
وانتهى الأمرُ
وكما أني قبل هذا قلتُ هذا وغيره وانتهى الأمرُ
يمكن أنّ ما أحلم به لن
أُحقّقَه
لأن يدي
من حين إلى حين في الشتاء خاصّةً
تترك أحمالها وتصبح رشيقةً
تصبح ولدي
وتأخذ عطلةً
وتعطيني من وقتها فتحمل
منّي
ورقةً أو دفتراً
دويُّه الماحي نظري
يختنق جهراًَ !
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> غيوم
غيوم
رقم القصيدة : 65651
-----------------------------------
غيوم
غيوم، يا غيوم
يا صُعداء الحالمين وراء النوافذ
غيوم، يا غيوم
علِّميني فرَحَ الزوال!
* * *
هل يحِبّ الرجل ليبكي أم ليفرح،
وهل يعانق لينتهي أم ليبدأ؟
لا أسألُ لأُجاب، بل لأصرخ في سجون المعرفة.
ليس للإنسان أن ينفرج بدون غيوم
ولا أن يظفر بدون جِزْية.
لا أعرف من قسَّم هذه الأقدار، ومع هذا فإن قَدَري أن ألعب ضدّها.
هلمّي يا ليّنتي وقاسيتي،
يا وجهَ وجوه المرأة الواحدة،
يا خرافةَ هذياني،
يا سلطانةَ الخيال وفريستَه،
يا مسابِقةَ الشعور والعدد،
هلمّي الى الثواني المختلجة نسرق ما ليس لأحد سوانا.
وهْمُكِ أطيبُ من الحياة وسرابُكِ أقوى من الموت.
* * *
إسألني يا الله ماذا تريد أن تعرف؟
أنا أقول لك:
كلُّ اللعنات تغسلها أعجوبة اللقاء!
وجمْرُ عينيكِ يا حبيبتي يُعانق شياطيني.(62/20)
تُنزلينني الى ما وراء الماء
وتُصعدينني أعلى من الحريّة.
أُغمض عليكِ عمري وقمري فلا تخونني أحلام.
يا نبعَ الغابات الداخليّة
يا نعجةَ ذئبي الكاسرة
مَن يخاف على الحياة وملاكُ الرغبةِ ساهرٌ يَضحك؟
لا يولد كلَّ يوم أحدٌ في العالم
لا يولد غيرُ عيونٍ تفتِنُ العيون!
نظرةٌ واحدة
نظرة
وعيناكِ الحاملتان سلامَ الخطيئة
تمحوان ذاكرة الخوف
وتُسيّجان سهولة الحصول بزوبعة السهولة!
* * *
أيّتها الغلافُ الحليبيُّ للقوَّة
يا ظاهرَ البحر وخَفيّ القمر
يا طُمأنينةَ الغَرَق
يا تعادُلَ حلمي وحركاتكِ وخيبتي وادهاشكِ
يا فوحَ الجذورِ الممسكة بزمام الأرض،
أيّتها الصغيرةُ المحمَّلةُ عبءَ التعويض عن الموت،
عن الحياة وعن الموت،
أيّتها المحجَّبةُ بعُريها،
أيّتها الملتبسةُ مع عطرها
أيّتها الملتبسُ عطرُها مع ضالّتي
أيّتها الملتبسةُ مع ظلّها
أيّتها الملتبسُ ظلَّها مع جسدي
أيّتها الملتبسةُ مع شَعرها
أيّتها الملتبسُ شَعرُها مع أجنحتي
أيّتها الملتبسةُ مع مجونها
أيّتها الملتبسُ مجونُها مع حريّتي
أيّتها الملتبسةُ مع عذوبتها
أيّتها الملتبسةُ عذوبتُها مع شراهتي
أيّتها الملتبسةُ مع صوتها
أيّتها الملتبسُ صوتُها مع نومي
أيّتها الملتبسةُ مع ثوبها
أيّتها الملتبسُ ثوبُها مع حنيني
أيّتها الملتبسةُ مع مرحها
أيّتها الملتبسُ مرحُها مع حَسَدي
أيّتها الملتبسةُ مع فخذيها
أيّتها الملتبسة ُفخذاها مع تجدّدي
أيّتها الملتبسةُ مع صمتها
أيّتها الملتبسُ صمتُها مع انتظاري
أيّتها الملتبسةُ مع صبرها
أيّتها الملتبسُ صبرُها مع بلادي
أيّتها الملتبسةُ مع أشكالها
أيّتها الملتبسةُ أشكالُها مع روحي
أيّتها الملتبسةُ مع نصف عُريها
أيّتها الملتبسُ نصفُ عريها مع أملي
مع أمل دوام الحُمّى،
أيّتها الَتي أُغمضُ عليها إرادتي واستسلامي
لمْ تقولي إننا غريبان
لأنكِ تعرفين كم لنا توائم
في كلّ من يذهب وراء عينيه...
* * *
وأخافكِ!
كيف لرجلٍ أن يعشق مُخيفه؟(62/21)
من يدفع بالدافىء الى الصقيع وبالمستظلّ الى الهاجرة؟
من يقذف بالصغير الى الخارج ويحرم الرضيع التهامَ أمّه؟
ولِمَ يحلُّ وقتُ السوء ولِمَ يُنهَش الصدر؟
ليس للإنسان أن ينفرج بدون غيوم ولا أن يظفر بدون جزية،
فليكن للقَدَر حكمته، ستكون لي حكمتي
وليكن للقَدَر قضاؤه، ستكون لي رحمتي.
لم يخلّصنا يا حبيبتي إلاّ الجنون
شبَكتُكِ ألْهَتني عن الحياة
ولهوُكِ حماني،
قيودُ يديكِ طوّقتْ قلبي بالغناء
وجمرُ عينيكِ عانق شياطيني.
* * *
لنفسي لونُ عيونِ قتلى الذات
المدمَّرين وراءَ بابٍ ما
ابتسامةٍ ما.
خيانةٌ دوماً، خيانةٌ لا تُطاق
أفدحُ من أيِّ فقْد،
خيانةٌ تسلبكَ عمركَ
تسلبكَ أمّكَ وأباك
تسلبكَ أرضكَ وسماءك،
خيانةٌ يا إلهي أكبرُ من حضنكَ،
ولا أحد يستطيع شيئاً!
لا أحد يستطيع شيئاً!
* * *
في وقت من الأوقات لم يكن أحد.
كان الهواءُ يتنفّس من الأغصان
والماء يترك الدنيا وراءه.
كانت الأصوات والأشكال أركاناً للحلم،
ولم يكن أحد.
لم يكن أحد إلاّ وله أجنحة.
وما كان لزومٌ للتخفّي
ولا للحبّ
ولا للقتل.
كان الجميعُ ولم يكن أحد.
أحدٌ لم يكن كاسراً.
كانت الأمُّ فوق الجميع
وكان الولد بأجنحته.
وصاعقاً
أعلن الألمُ المميت أنه هنا،
في الداخل الليّن، ولم يكن يراه أحد.
وانبرى يَبْري
ثم يَهيل التراب على الوجه
على العينين
على الغمامة التميمة.
ولم يبقَ من تلك الكروم
إلاّ ذكرى أستعيدُها أو تستعيدُني،
تارةً أقتُلُ وطوراً أُقتَل
والشرُّ إمّا في ظهري وإما في قلبي!...
* * *
رفعتُ قبضتي في وجه السماء
لعنتُ وجدّفت
ولكنْ قلْ لي كيف أنتهي
من جحيم السماء بين ضلوعي!؟
* * *
لم يُخلّصنا يا حبيبتي إلاّ الجنون
حين طفرنا الى الضياع النضير
والتقينا ظلالنا
فأضاءتنا عتماتُنا
وصارت أحضانُنا موجاً للرياح.
* * *
الشاعر هو المتوحّش ليحمي طفولتنا
الملحّن هو الأصمّ لكي يُسمِع
المصوّر هو الأعمى لكي يُري
الراقص هو المتجمّد لكي نطير.(62/22)
لا يَحضر إلاّ ما يغيب
ولا يغيب إلاّ ما يُحضِر.
فلأغبْ في شرود المساء
فلتبتلعني هاويةُ عينيّ!...
* * *
أيُّ صلاةٍ تُنجّي؟
كلُّ صلاةٍ تُنَجّي!
والرغبة صلاةُ دمِ الروح
الرغبة وجه الله فوق مجهولَين
ونداءُ المجهولِ أن يُعطى ويظلّ مجهولاً.
الرغبةُ نداءُ الفريسة للفريسة
نداءُ الصيّاد للصيّاد
نداءُ الجلاّد للجلاّد
الرغبةُ صلاةُ دمِ الروح
فَرَسُها الفرسُ المجنّحة
وجناحاها
جناحا خلاصٍ في قبضة اليد.
* * *
غيومُ، يا غيوم
رسمتُ فوق الفراغ قوسَ غمامي
قوسَ غمامنا أيّها الحبّ
قوسَ غمام المعجزة اليوميّة.
غيوم، يا غيوم
يا هودجَ الأرواح
جسدي يمشي وراءكِ، يمشي أمامكِ،
يتوارى فيكِ.
غيوم، يا غيوم
باركي الملعونَ السائرَ حتّى النهاية
باركينيِ
علِّميني فَرَحَ الزوال...
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> ماذا صنعتَ بالذّهب ، ماذا فعلتَ بالوردة
ماذا صنعتَ بالذّهب ، ماذا فعلتَ بالوردة
رقم القصيدة : 65652
-----------------------------------
قولوا هذا موعدي وامنحوني الوقت.
سوف يكون للجميع وقت، فأصبروا.
إصبروا عليَّ لأجمعِ نثري.
زيارتُكم عاجلة وسَفَري طويل
نظرُكم خاطف وورقي مُبعْثَر
محبّتُكم صيف وحُبّيَ الأرض.
مَن أُخبر فيلدني ناسياً
إلى مَن أصرخ فيُعطيني المُحيط؟
صار جسدي كالخزف ونزلتُ أوديتي
صارت لغتي كالشمع وأشعلتُ لغتي،
وكنتُ بالحبّ.
لامرأةٍ أنهَضتُ الأسوار فيخلو طريقي إليها.
جميلةٌ كمعصيةٍ وجميلةٌ
كجميلة عارية في مرآة
وكأميرةٍ شاردة ومُخمَّرة في الكرْم
ومَن بسببها أُجليتُ وانتظرتُهاعلى وجوه المياه
جميلةٌ كمَركب وحيد يُقدّم نفسه
كسريرٍ أجده فيُذكّرني سريراً نسيتُه
جميلةٌ كنبوءة تُرْسَل الى الماضي
كقمر الأغنية
جميلةٌ كأزهارٍ تحت ندى العينين
كسهولة كلّ شيء حين نُغمض العينين
كالشمس تدوس العنب
كعنبٍ كالثّدْي
كعنبٍ ترْجع النارُ عليه
كعروسٍ مُختبئة وراء الأسوار وقد ألقتْ عليَّ الشهوة(62/23)
جميلةٌ كجوزةٍ في الماء
كعاصفةٍ في عُطلة
جميلةٌ أتتني
أتت إليّ لا أعرف أين والسماء صحو
والبحر غريق.
من كفاح الأحلام أقبلتْ
من يَناع الأيّام
وفاءً للنذور ومكافأةً للوَرد
ولُمّعتُ منها كالجوهرة.
سوف يكون ما سوف يكون
سوف هناك يكون حُبّنا
أصابعه مُلتصقة بحجار الأرض
ويداه محفورتان على العالم.
أُنقلوني الى جميع اللّغات لتسمعني حبيبتي
أُنقلوني الى جميع الأماكن لأحْصرَحبيبتي
لترى أنّني قديمٌ وجديد
لتسمَعَ غنائي وتُطفىء خوفي.
لقد وَقعْتُها وتهتُها
لقد غِرْتُها
أعيروني حياتكم لأنتظر حبيبتي
أعيروني حياتكم لأُحبّ حبيبتي
لأُلاقيها الآن والى الأبد.
لَكُم أنتم لتدقَّ الساعات
من سراجكم ليؤخذْ نور الصباح
فأنا بريءٌ وحبيبتي جاهلة
آه ليُغدَق علينا
لنُوفَّرْ لنُجْتنَبْ
وليُغدَقْ علينا
فحُبّي لا تكفيه أوراقي وأوراقي لا تكفيها أغصاني
وأغصاني لا تكفيها ثماري وثماري هائلةٌ لشجرة.
أنا شعوبٌ من العُشّاق
حنانٌ لأجيالٍ يقطر منّي
فهل أخنق حبيبتي بالحنان وحبيبتي صغيرة
وهل أجرفها كطوفانٍ وأرميها؟
آه من يُسعفني بالوقت من يُؤلّف ليَ الظلال مَن يوسّع الأماكن
فإنّي وجدتُ حبيبتي فلِمَ أتركها...
ما صَنَعَتْ بيَ امرأةٌ ما صنعتِ
رأيتُ شمسكِ في كآبة الروح
وماءكِ في الحُمّى
وفمكِ في الإغماء.
وكنتِ في ثيابٍ لونُها أبيض
لأنّها كانت حمراء.
وأثلجَتْ
والثلج الذي أثلجت كان أحمرَ
لأنّكِ كنتِ بيضاء
ورَدَدْتِ عليَّ الحُبّ حتّى
لا أجد إعصاراً يطردكِ
ولا سيفاً
ولا مدينةً تستقبلني من دونكِ.
هذا كُلّه
جعلته في ندَمي
هذا كُلّه جعلْته في أخباري
هذا كُلّه جعلْته في فضاءٍ بارد
هذا كُلّه جعلْته في المنفى
لأنّي خسرْتكِ
إذ ملأتُ قلبي بالجنُون وأفكاريَ بالخُبث
فكتمتِ وانفصَلتِ
وكنتُ أظنّكِ ستصرخين وتبكين وتُعاودين الرضى
ولكن كتمتِ وانفصَلتِ
وكنتُ أظنّكِ ستعرفين أنّ نفسيَ بيضاء برغم الشرّ
وأنّي لعباً لعبتُ وحماقتي طاهرة(62/24)
وكنت أظنّ أنّكِ وديعةٌ لتغفري لي
أنّكِ وديعةٌ لأفعل بكِ كالعبيد
وكنتُ أظنّ أنّي بفرحٍ أظلمكِ وبفرحٍ تتنفّسين ظلمي
وكنتُ أظنّ أنّي ألدغكِ فتتّسع طمأنينتي
وأنقضكِ كالجدار فَتَعْلَقين كالغبار بأطرافي
لكنّي ختمتُ الكلام وما بدأتُه
وأتفجّع عليكِ لأنّي لم أعرف أنْ أكون لكِ حُرّاً
ولا عرفتُ أنْ أكون كما تكون اليد للزهرة
فكنتُ مغنّياً ولكِ ما غنّيت
ومَلِكاً وأنتِ لم أملك
وأُحبّكِ
وما أحببتكِ إلاّ بدمار القلب وضلال المنظر
وأُحبّكِ
وطاردتكِ حتّى أشاهد حُبّكِ وهو نائم
لأعرف ماذا يقول وهو نائم
فحمَله الخوف وروّعه الغضب
وهرب الى البُرج عالياً
كاتماً قد انفصل
وأنا في جهلي أطوف وفي حكمتي أغرق
على موضعٍ أدور على موضعٍ أهدأ
وحُبّكِ يقظان وجريح وراء الأسوار
وحُبّي بارّ بعد الأوان
نارُ البِرّ تأكله بعد الأوان.
أحفظُ مظالمي وأعطي مبرّاتي
أحفظُ مظالمي فمن يُعطيني مظالمه
ومن يأخذ مبرّاتي ويُعطيني الرجاء
لأنّي لم أعد ألمح نوراً في الغابة.
تذهب الريحُ بالثلج وبالثلج تعود.
جسدي كالخزف ولُغتي كالشمع.
إتّخذتُ آفاقاً عظيمة وجعلتُها حفراً
إتّخذتُ اللّيل فأطفأتُه والنهار فأسلمتُه
إتّخذتُ الأكاليل فاحتقرتُها
إتّخذتُ الحُبّ فكسرتُه
إتّخذتُ الجَمال وكرَجلٍ أفقرْتُه
إتّخذتُ الحُبّ
إتّخذتُ الحُبّ الشبيه ببَرّ لا يحدّه ماء
الشبيهَ بمياهٍ لا تحدّها برّيّة
إتّخذتُ الحُبّ عوضَ كُلّ شيء مكانَ كُلّ مكان
بدَلَ الجوهر ومحلَّ الشرّ والخير
أخذتُه أخذتُ الحُبّ وشكاني
الذين صاروا في فاقة
وتعالت جُفونهم الذين حسدوني
ونهش ضحكهم الهواء الذين تهكّموني
فماذا صنعتُ بالحُبّ
وأخذتُ ذهَبَ النساء وردةَ الذهب
فماذا صنعتُ بالذهب وماذا فعلتُ بالوردة؟
أُنقلوني الى جميع اللّغات لتسمعني حبيبتي
ثبِّتوها على كُرسيّ وجِّهوا وجهها إليّ
أمسكوا رأسها نحوي فتركض إليّ
لأنّي طويلاً وبّختُ نفسي ويأسي قد صار مارداً.(62/25)
أطيعي دمعكِ يا حبيبتي فيُطرّي الحصى
أطيعي قلبكِ فيُزيلَ السياج
ها هو العالم ينتهي والمُدنُ مفتوحةٌ المُدنُ خالية
جائعةٌ أنتِ وندَمي وليمة
أنتِ عطشانة وغُيومي سودٌ والرياح تلطمني.
العالمُ أبيض
المطرُ أبيض
الأصواتُ بيضاء
جسدُكِ أبيض وأسنانُكِ بيضاء
الحبرُ أبيض
والأوراقُ بيضاء
إسمعيني اسمعيني
أُناديكِ من الجبالِ من الأودية
أُناديكِ من أعباب الشجرِ من شفاه السحاب
أُناديكِ من الصخر والينابيع
أُناديكِ من الربيع الى الربيع
أُناديكِ من فوق كُلّ شيء من تحت كُلّ شيء ومن جميع الضواحي
إسمعيني آتياً ومحجوباً وغامضاً
إسمعيني اسمعيني مطروداً وغارباً
قلبيَ أسوَدُ بالوحشة ونفسيَ حمراء
لكنَّ لوحَ العالم أبيض
والكلمات بيضاء.
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> أغار
أغار
رقم القصيدة : 65653
-----------------------------------
أغارُ عليكِ من الطفل الذي كُنتِ ستلدينه لي.
من المرآة التي ترسل لكِ تهديدكِ بجمالكِ.
من شُعوري بالنقص أمامكِ.
من حُبّكِ لي.
من فنائيَ فيكِ.
ممّا أكتب عنكِ كأنّني أرتكب فضيحة.
من العذاب الذي أُعانيه فيكِ، من العذاب الأكثر بلاغةً من المتعذّبين.
من صوتكِ من نومكِ من وضع يدكِ في يدي.
من لفظ اسمكِ.
من جهل الآخرين أنّي أحبّكِ، من معرفة الآخرين أنّي أُحبّكِ،
من جهل الآخرين أنّي أغار عليكِ،
من معرفة الآخرين أنّي أغار عليكِ.
من سعادتي بكِ، من سعادتكِ بأيّ شيء، من وجودكِ حُرّةً
من وجودكِ عَبْدَةً
من وجودكِ لحظةً.
أغار عليكِ من غَيرتي عليكِ.
من أوّل مساء.
من عطائكِ لي.
من تعلُّقي بكِ أشَدّ أشَدّ.
أغار عليكِ لأنّك تقرأينني وأنا أريد أن تحفظيني.
لأنّكِ قد تحفظينني وتحفظين سواي.
لأنّي لا أرى غيرَ حَمْقى،
لأنّي لا أرى غيرَ أذكياء.
لأنّي أُحاصركِ وأتعهّدكِ كالوحش.
لأنّ حُبّي يخنقكِ.
أغار عليكِ ممّا أشتهيكِ أنْ تكوني، وممّا تشتهين أنْ تكوني، وممّا لا تقدرين أن تكوني.(62/26)
من المرأة لأنّكِ امرأةٌ ومن الرجل لأنّه يراكِ.
من الجنس لأنّه حتّى يعود يجب أن يتوقّف.
من كُلّ ما سيكسره نظركِ.
أغار عليكِ لأنّي خَطَبْتكِ جاهلاً عددَكِ.
لأني أخنقكِ بحُبّي وأنت لا تقدرين أنْ تُحبّيني وأنتِ مخنوقةٌ بحُبّي.
لأنّي ساخطٌ لأنّكِ أجملُ النساء.
لأنّي أمدحكِ فأخاف أنْ تسمعي في مديحي أصواتَ آخرين.
أغار عليكِ من الأشياء التي يكبر فرحكِ بها لأنّكِ تُحبّينني.
من نبوغ جسدكِ.
من عابري السبيل ومن الذين جاؤوا ليبقوا ومن الأبطال والشهداء والفنّانين.
من إخوتي وأولادي وأصدقائي.
من الأقوياء لأنّهم يأخذون الإعجاب ومن الضعفاء لأنّهم يبدأون بأخذ الشفقة.
من لبوءة الرجاء النائمة.
من الأنغام والأزهار والأقمشة.
من انتظار النهار لكِ، ومن انتظاركِ اللّيل.
من أقصى الماضي الى أقصى الماضي.
من الكُتب والهدايا ومن لسانكِ في فمي.
من إخلاصي لكِ فُرادى وجماعات.
من الموت.
أغار عليكِ أجَنَّ أجَنَّ كلّما تضايقتِ من غَيْرتي عليكِ.
أغار عليكِ من جميع الأعداء ومن جميع الحلفاء.
من الحياة الرائعة التي نقدرأنْ نعيش.
من ورق الخريف الذي قد يسقط عليكِ.
من الماء الذي يَتوقع أنْ تشربيه.
من الصيف الذي تخترعينه بعُرْيكِ.
من الطفل الذي كُنتِ ستلدينه لي.
من الطفل الذي لن تلديه أبداً.
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> كلُّ قصيدة ، كلُّ حبّ
كلُّ قصيدة ، كلُّ حبّ
رقم القصيدة : 65654
-----------------------------------
كلُّ قصيدةٍ هي بدايةُ الشعر
كلُّ حبٍّ هو بدايةُ السماء.
تَجذري فيّ أنا الريح
اجعليني تراباً.
سأعذبكِ كما تُعذب الريحُ الشجَرَ
وتمتصّينني كما يمتصُّ الشجرُالتراب.
وأنتِ الصغيرة
كلُّ ما تريدينه
يُهدى إليكِ الى الأبد.
مربوطاً إليكِ بألم الفرق بيننا
أنتَزعُكِ من نفسكِ
وتنتزعينني،
نتخاطف الى سكرة الجوهريّ
نتجدّد حتى نضيع
نتكرّر حتى نتلاشى
نغيبُ في الجنوح
في الفَقْد السعيد(62/27)
ونَلِجُ العَدَم الورديّ خالصَين من كلّ شائبة.
ليس أنتِ ما أُمسك
بل روح النشوة.
... وما إن توهّمتُ معرفةَ حدودي حتى حَمَلَتني أجنحةُ التأديب الى الضياع.
لمنْ يدّعي التُخمةَ، الجوعُ
ولمن يعلن السأمَ، لدغةُ الهُيام
ولمن يصيح " لا! لا!"، ظهورٌ موجع لا يُرَدّ
في صحراء اليقين المظفَّر.
ظهورٌ فجأةً كدُعابة
كمسيحةٍ عابثة
كدُرّاقةٍ مثلَّجة في صحراء اليقين،
ظهوركِ يَحني الرأسَ بوزن البديهة المتجاهَلَة
فأقول له " نعم! نعم! "،
والى الأمام من الشرفة الأعلى
كلّما ارتميتُ مسافة حبّ
حرقتُ مسافةً من عمر موتكَ
كائناً من كنتَ!...
ترتفعُ
ترتفع جذوركِ في العودة
تمضي
واصلةً الى الشجرةِ الأولى
أيّتها الأمُّ الأولى
أيتها الحبيبةُ الأخيرة
يا حَريقَ القلب
يا ذَهَبَ السطوح وشمسَ النوافذ
يا خيّالةَ البَرق المُبْصر وجهي
يا غزالتي وغابتي
يا غابةَ أشباح غَيرتي
يا غزالتي المتلفّتة وسط الفَرير لتقول لي: اقتربْ،
فأقترب
أجتاز غابَ الوَعْر كالنظرة
تتحوّل الصحراء مفاجرَ مياه
وتصبحين غزالةَ أعماري كلّها،
أفرّ منكِ فتنبتين في قلبي
وتفرّين منّي
فتعيدكِ إليّ مرآتكِ المخبأة تحت عتبة ذاكرتي.
يداكِ غصونُ الحرب
يداكِ يدا الثأر اللذيذ مني
يدا عينيكِ
يدا طفلةٍ تَرتكب
يداكِ ليلُ الرأس.
تُسكتينني كي لا يسمعونا
ويملأُ الخوفُ عينيكِ
مُدَلّهاً مختلجاً بالرعب
كطفلٍ وُلد الآن.
تنسحب الكلمات عن جسدكِ
كغطاءٍ ورديّ.
يَظهر عُريكِ في الغرفة
ظهورَ الكلمة الأوحد
بلا نهائيّةِ السراب في قبضة اليد.
مَن يحميني غابَ النهار
مَن يحميني ذَهَبَ الليل.
ليس أيَّ شوقٍ بل شوقُ العبور
ليس أيَّ أملٍ بل أملُ الهارب الى نعيم التلاشي.
فليبتعد شَبَحُ الخطأ
ولا يقتحْمنا باكراً
فيخطف ويطفىء
ويَقتل ما لا يموت
لكي يعيش بعد ذلك قتيلاً.
الحبّ هو خلاصي أيّها القمر
الحبّ هو شقائي
الحبّ هو موتي أيّها القمر.(62/28)
لا أخرج من الظلمة إلاّ لأحتمي بعريكِ ولا من النور إلاّ لأسكر بظلمتك.
تربح عيناكِ في لعبة النهار وتربحان في لعبة الليل.
تربحان تحت كلّ الأبراج وتربحان ضدّ كل الأمواج.
تربحان كما يربح الدِين عندما يربح وعندما يَخْسر.
وآخذ معي وراءَ الجمر تذكارَ جمالكِ أبديّاً كالذاكرة المنسيّة،
يحتلّ كلَّ مكان وتستغربين
كيف يكبر الجميع ولا تكبرين.
ذَهَبُ عينيكِ يسري في عروقي.
لم يعد يعرفني إلاَّ العميان
لأنهم يرون الحبّ.
ما أملكه فيكِ ليس جسدكِ
بل روحُ الإرادة الأولى
ليس جسدك
بل نواةُ الجَسد الأول
ليس روحكِ
بل روحُ الحقيقة قبل أن يغمرها ضباب العالم.
الشمس تشرق في جسدكِ
وأنتِ بردانة
لأن الشمس تَحرق
وكلّ ما يَحرق هو بارد من فرط القوّة.
كلّ قصيدةٍ هي قَلْبُ الحبّ
كلّ حبٍّ هو قلبُ الموت يخفق بأقصى الحياة.
كلّ قصيدةٍ هي آخرُ قصيدة
كلّ حبٍّ هو آخرُ الصراخ
كلّ حبٍّ، يا خيّالةَ السقوط في الأعماق، كلّ حبٍّ هو الموت حتى آخره،
وما أُمسكه فيكِ ليس جسدكِ
بل قَلْبُ الله
أعصره وأعصره
ليُخدّر قليلاً صراخُ نشوتِهِ الخاطفة
آلامَ مذبحتي الأبديّة.
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> أخافُ أن أعرف
أخافُ أن أعرف
رقم القصيدة : 65655
-----------------------------------
أجمْلُه ما بين الجهل والمعرفة. أكثرُه ألَماً وأشدُّه اعتصاراً.
لا أعرف ما ستقرّرين. عيناكِ اللتان في لون ثيابكِ ثابتتان في دوختي ثباتَ الحَيرة المنقِذة في العذاب.
كذابٌ هذا الصقيع، كذابٌ ذلك البحرالتافه، كذابٌ أيُّ انهماكٍ كان: سوف أنساك. كذابٌ أنا، لو كان لي أنْ أنساكِ لما فعلتُ لأنّكِ، أنتِ أيضاً، لستِ لي. وكيف أنسى من ليست لي!
كان يكون مريحاً لو.
لكنّي كذابٌ أيضاً. أرْفُضُ هذه الراحة. يَحْدث ما يحدث وما لا يجب أن يحدث وما لا يحدث. أحبّيني لا لأني أُحَبّ، بل لأن عينيكِ تُحبّان طريقتهما في إحراقي.(62/29)
يوم ولدتِ كنتُ كبيراً. أمسِ كنت صغيراً يومَ كبَرتِ. ولولا الضوء لما رأيتُ من عمري سوى الرعشة. صغيراً كالبداية، وأنتِ كبيرةٌ ككلّ ما يجعل النهايات تبدأ من جديد.
أنتِ لسوايَ، ككلّ مَنْ أحْبَبْتُ. لسوايَ، ككلّ ما هو لي.
قَدَر المشتهي مُقتنى غيرِه، قَدَرُحامل الفتنة، قَدرُ الزائرِ الغريب، قَدَرُ ناشرِ الاضطراب والحريّة، قَدَرٌ جميلٌ هو قََدَري.
وبين الجهل والمعرفة مصيري وأخاف أن أعرف ما سيصير.
أجْمَلُه ما بين الجهل والمعرفة، تُدلّلُكَ أحلام القَلَق وتغدر بك.
والويل لك من جمال تنكيل تلك الحَيرة، والويل لك من اليقين!
فأنتَ مولودٌ تحت التاج والسُمّ.
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع
الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع
رقم القصيدة : 65656
-----------------------------------
يدي يدٌ لكِ ويَدُكِ جامعة.
حَسَرْتِ الظّلَّ عن شجرة النَّدَم
فغسل الشتاءُ نَدَمي وَحَرَقه الصّيف.
أنتِ الصغيرة كنُقطة الذهب
تفكّين السّحر الأسود
أنتِ السائغةُ اللّينة تشابكتْ يداكِ مع الحُبّ
وكُلّ كلمةٍ تقولينها تتكاثف في مجموع الرّياح.
أنتِ الخفيفةُ كريش النعام لا تقولين تعال،
ولكنْ كُلّما صادَفْتُكِ كُلَّ لحظةٍ أعودُ إليكِ بعد غيابٍ طويل.
أنتِ البسيطةُ تبهرين الحكمة
العالمُ تحت نظركِ سنابل وشَجَرُ ماء
والحياةُ حياةٌ والفضاءُ عربات من الهدايا.
أيُّها الرّبُّ
إحفظْ حبيبتي
أيُّها الرّبُّ الذي قال لامرأة: يا أمّي
إحفظْ حبيبتي
أيُّها الرّبُّ إلهُ جنودِ الأحلام
إحفظْ يا ربُّ حبيبتي
مَهِّدْ أمامها
تَعَهَّدْ أيّامها
مَوِّجْ حقولها بعُشب الخيال
إجعلْ لها كُلَّ ليلة
ليلةَ عيدِ الغد
أيُّها الرّبُّ إلهُ المُتواعدين على اللّقاء وراء جسر الحُرّاس
أيُّها الرّبُّ إلهُ الخواتم والعُقود والتنهّدات
يلتمسون منكَ طعامهم
وألتمسُ منك لحبيبتي البَرَكة
يلتمسون منكَ لديارهم وما من ديارٍغير حبيبتي(62/30)
شاطئي أطرافُ بَحْرِها وبحرُها أمان
يذهب الناس الى أعمالهم
ومن حبّها أذهبُ إليك
هي تعمل فتجري أنهاركَ في قِفاري
هي تنظر فأراكَ
هي تعمل فاتأمّل في معجزاتكَ
تنتهي لهم الأرض عند أعمدة البحر
وتنتهي لي بحدود قدميها.
يا حبيبتي
أُقسِمُ أنْ أكون لُعبتكِ ومغلوبكِ
أُقسِمُ أنْ أحاول استحقاق نجمتكِ على كتفي
أُقسِمُ أنْ أسمع نداء عينيكِ فأعصي حكمةَ شفتيكِ
أُقسِمُ أن أنسى قصائدي لأحفظكِ
أُقسِمُ أن أركض وراء حبّي وأُقسم أنّه سيظلّ يسبقني
أُقسِمُ أن أنطفىء لسعادتكِ كنجوم النهار
أُقسِمُ أنْ أسْكُن دموعي في يدكِ
أُقسِمُ أن أكون المسافة بين كلمتَي أُحبّكِ أحبّكِ
أُقسِمُ أن أرميَ جسدي الى الأبد لأُسودِ ضجركِ
أُقسِمُ أنْ أكون بابَ سجنكِ المفتوح على الوفاء بوعود الليل
أُقسِمُ أنْ تكون غرفةُ انتظاريَ الغَيْرة ودخوليَ الطاعةَ وإقامتي الذوبان
أُقسِمُ أنْ أكون فريسة ظلّكِ
أُقسِمُ أنْ أظلّ أشتهي أنْ أكون كتاباً مفتوحاً على رِكبتيكِ
أُقسِمُ أنْ أكون انقسام العالم بينكِ وبينكِ لأكون وحْدَتَه فيكِ
أُقسِمُ أنْ أُناديَكِ فتلتفت السعادة
أُقسِمُ أنْ أحمل بلاديَ في حُبّكِ وأنْ أحمل العالم في بلادي
أُقسِمُ أنْ أحبّكِ دون أن أعرف كم أُحبّكِ
أُقسِمُ أن أمشي الى جانبي وأُقاسمكِ هذا الصديقَ الوحيد
أُقسِمُ أنْ يطير عمري كالنّحل من قفير صوتكِ
أُقسِمُ أن أنزل من برقِ شَعْرِكِ مطراً على السهول
أُقسِمُ كُلّما عثرتُ على قلبي بين السّطور أن أهتف:
وَجَدْتُكِ! وَجَدْتُكِ!
أُقسِمُ أن أنحني من قمم آسيا لأعبدكِ كثيراً.
يا ليلُ يا ليل
إحملْ صلاتي
أصغِ يا ربُّ إليّ
أغرسْ حبيبتي ولا تَقْلَعْها
زوّدها أعماراً لم تأتِ
عزّزها بأعماريَ الآتية
أبقِ ورقها أخضر
لا تُشتِّت رياحها
أبقِ خيمتها عالية فعُلوُّها سهلٌ للعصافير
عَمِّرْها طويلاً كأرْزَة فتمرّ مواكب الأحفاد تحت يديها الشّافيتين(62/31)
عَمِّرْها طويلاً كأرْزَة فتجتازأُعجوبتُها مراكزَ حدودٍ بعيدة
عَمِّرْها طويلاً كأرزةٍ فتتبعها مثل توبتي شُعوبٌ كثيرة
أبقِ بابها مفتوحاً فلا يبيتُ الرجاءُ في العراء
بارِكْها إلى ثلج السنين فهي تَجْمَعُ ما تَفَرَّق
أُحرسْ نجوم عينيها فَتَحْتَها الميلاد.
وها هو المَطَر
المداخنُ تَصعَد لاستقبال المجيء.
تُمطر من قُبلة.
السماءُ أطلّتْ
الأرضُ الصبيّة أرْبَتْ
المواسمُ تعلو
إسمعوا دقّة الحصاد
المملكةُ المُنقسمة اتّحدتْ
تاجُها الحُبّ سلامٌ للمملكة.
المُستحيل صار معيشة.
تُمطر من قُبلة
والمنفى ينهار
أُنفضوا على المنفى غُبارَ المنفى
وتعالَوا
من أعماق اليأس ومشارف الصقيع
من أطلال الأماني ورماد الصبر
تعالَوا
صِيروني كما صِرْتُكُم
أنا شفّافكم
أنا مَنْ سَقَطَكُم ومَنْ نَجَاكُم.
حبيبتي كَشَفَتْ عن الضائع
دلّتْ على المفقود
الرسولةُ فازتْ بعُذوبة
بشفَقة فازتْ على القُوّات
وتَشْهَدُ تُعلنُ العودة.
تعالَوا
المملكة مفتوحة
أسرابُ الحساسين عند باب المملكة تُسْرع للتحيّة
على بُعْد قُبلة تقفون من الباب
الكنوزُ وحيدة
الأرضُ وحيدة
الحياةُ وحيدة
تعالَوا
كلَّلوا رؤوسكم بذَهَب الدخول
وأحرقوا وراءكم
أحرقوا وراءكم
أحرقوا العالَمَ بشمس العودة.
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> خواتم
خواتم
رقم القصيدة : 65657
-----------------------------------
( مقاطع )
عندما يحصل الحبّ تهجم العاصفة عمياء. يتجسّد الجنون على شكل قلب.
كلّ حبّ إغتصاب.
* * *
ما يحّبه الرجل في المرأة ليس فقط ضعف الكائن الاجتماعي المستضعَف والمستغَلّ،
كما يعتقد بعض النَسَوّيات. ثمّة ضعف آخر فيها يستهوي، هو " قلق الأم" على الرجل، ولو عشيقها، ولو أكبر منها سنّاً. تلك الرقّة المسؤولة التي هي في باطنها حكمة وقوّة عندما
تطوّقان الرجل لا يصمد له من قوّته المزعومة سوى العضلات.
* * *
الحقيقةُ عقابُ الغيرة.
* * *(62/32)
يوم ظننتُني انتصرتُ على غيرتي كنت، في الواقع، قد بلغتُ قاع الاحتمال، فاستقلْتُ من المنافسة حتى لا أغار. ظننتُها قمّة التضحية، وكانت ذروة الأنانية.
* * *
أَصْدَق ما في الحبّ الغَيرة، قاتلتُه.
* * *
ليست دموعُكِ ما يُقْنعني بل هو شعوري بعبثيّة حقّي. فجأةً تغمرني أمواج
عبثيّة هذا الحقّ وأَستسلمُ متنازلاً عنه لأيّ شيء تريدين، بما فيه الخداع،
حتى أتفادى عبثيّة أُخرى أسوأ، أَسْمَك: عبثيّة الحقيقة.
* * *
نستطيع أن نفتدي الحبّ كما نفتدي خطايانا.
* * *
يتحدّث الرجل عن التخطّي وتفكّر المرأةُ في العناق.
هو يَخْرج
وهي تَدْخُل.
خلافاً للشكل المظنون في التواصل.
* * *
تتجنّب الحبّ حتى لا تصل بَعده إلى البغض.
تتجنّب البغض حتى لا تصل إلى اللامبالاة.
تتجنّب اللامبالاة حتى لا تصل إلى الحبّ.
تتجنّب الحبّ حتى لا تقع وراءه في القَفْر...
أنت كيفما درتَ خرابُ ما قَبْلَه، أو ذكرى نَفْسك.
موجةُ حركةٍ عمياء،
وصدى موجة...
* * *
كنتِ أجمل لأن ابتسامتكِ كانت ابتسامة فتاة مظلومة تُغالب حزنها، وتُسامحْ.
كنتِ تُحرّكين شعوراً بالذنب تجاهكِ ونَخْوَةَ الحماية.
لما تَحَرّرتِ، فرغتْ عيناكِ.
أأقول: واأسفاه على خوابي العذاب! وكلّ ما أبغيه هو بلاغته من دونه؟
* * *
المُبْغض يُعلّمكَ. المُحبّ يجمّلك.
* * *
حين تَمْجُنين تخدمكِ براءتُك، وحين تستعيدين هدوء التعقّل تخدمكِ في رأسي ذكرى مجونكِ.
* * *
إصغاؤها لشِعركَ أَشْعَرُ منه.
* * *
أحياناً يكون اكتفاء المرأة بإعطاء جسدها دون " روحها" هديّة طيّبة لا حرماناً.
* * *
كنتُ رافضاً ظلّي
والآن قَبِلْتُه
وصرتُ أُبصر ظلَّكِ أيضاً
الذهبَ السائل، العُرْيَ الهادر بشلاّل الغرائز
عُري نهديكِ الشبيه بابتسامةٍ سرّية
عُري بطنكِ الذي لا يغفو أَبداً
عري ظَهْركِ الذي يدور حوله القمر
عري فخذيكِ الطالع من الأعماق
عري وجهكِ الذي عَبَثاً يتعرّى.
ويعاود الخيالُ ميلاده
وتعاودين زيارةَ الخيال.(62/33)
وفي حِمى هُيامٍ ينغرز فيَّ كخنجر القَدَر الضاحك من سباحتنا ضدَّه
أرى أن الواقع لم يَغْلبني
والخيبةَ لم تجفّف عيون الدهشة.
وإلى قلعة الجبل فوق ملايين السنين
قلعة الرغبات المتلاقية
أَدخلُ وتستقبلينني
يا كوكب النَومين،
وتحت شتائكِ اللوزُ والكرمة
وفي بطانتكِ الليليّة غفرانٌ وبداية
وقلبي أَمام دعوة وجهكِ
شهوةٌ تسْتنفر ذاكرتها
شهوةٌ مُطْلَقَةلا يلجمها ولا الله
شهوة تَكْبس جنوني بسلام الضياع الأخضر
وتُخلّصني من الحقيقة.
* * *
يداكِ الخفيّتان تفتحان أبوابي الخفيّة.
* * *
ذاتي الجامحةُ إليكِ تَشْتَغل كمعدنٍ تحت المطرقة
كنحاسٍ يتحوّل إلى ذَهَب
كذهبٍ إلى شمسٍ في مياه بحرها
كفجرٍ إلى غَسَق وغسقٍ إلى ذلك اللون الكحليّ الذي يتراءى لكِ أشبه بحُبِّ ما قبل الذاكرة
كحديدٍ إلى دم ودمٍ إلى روح
إلى روحٍ أَصفى من سمائها لأنّها عُرِكَتْ في الخيبة الأشدّ من اليأس
ذاتي الجامحة إليكِ
الراكنة إليكِ
لا تطلب أن تولد من جديد ذاتاً أبديّة
بل أن تَمضي هذه اللحظةُ هنيئةً كالنوم البسيط
وهذا اليومُ بلا جروح، كالراحة المستحقَّة
وهذا العمرُ في ظلّكِ حيث النور أَعمق،
حتى يجيءالموت حين يجيء
أخفَّ من هواء الحريّة،
فكما أن الموت هو خَيَالُ الحياة
كذلك الحب هو خَيَالُ الموت،
وذاتي الجامحة إليكِ
لن يؤذيَها شرٌ بعد الآن
لأنّها حيث تنظر عَبْر وجهكِ
لا تسمع غير شوقها
ولا ترى غير حُلمها
ولا تخاف
ما دمتِ اللّحظة وراء اللّحظة وراء اللّحظة
إلى أَن يسْكُت العصفور.
* * *
من شدّة الظلّ صرتُ شمساً خضراء
* * *
لا أُدافع عن الماضي بل عن أُمّي.
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> لي حبيبة . . .
لي حبيبة . . .
رقم القصيدة : 65658
-----------------------------------
لي حبيبة يا صديقي، نام بها الشتاء وأفاق فتيّاً، كمجهول قادم من الزهد صوب النار، خالعاً أقفال الاقتصاد والعزلة، يركض كقطعة الذهب المدوّرة إلى مساء الهَمّ وفجر الطيّبة.(62/34)
لي حبيبة ما إن اكتشفتها الأناشيد حتى فقدتْ أثرها.
لي حبيبة يا صديقي أحبّها لأني ما كنت أحسب أنها ستحبني.
لي حبيبة تتكرر كالفعل، والفعلُ نسيان وعذراء.
لي حبيبة تتّحد بي فهل اختبئ منها؟
لي حبيبة بيضاء كصحو الأرض، وعندي متحف وأنا محافظ على وجوه حبيبتي، أنوّرها بالرضى، وبالخصام امنحها الجمال.
لي حبيبة ترافقني بأمانة تأخذني باستقامة من طريق إلى طريق في بلاد العذاب.
لي حبيبة، يا صديقي، وليس لك حبيبة.
* * *
وتضحك وتقول لي: أنت تخترع صفات الحبيبة!
وتغضب وتقول لي كلام النضج والحكمة، كلام الرجال والخبرة.
ويشتد غضبك وتقول لي: أي حب هذا؟
ويشتد غضبك وتقول لي: أنت تضحك من نفسك! ولدٌ أنت! كل النساء زانيات، فلنرض بهذا! الخيال شيء، والواقع آخر، فلنواجه الواقع حتى لا تصرعنا الخيبة!
ولكنك مخطئ يا صديقي، بنسبة ما أنت محق، بنسبة ما أنت خائف...
* * *
لنا الحب يا صديقي، وليس لغيرنا. نحن ملهوفون، وما فينا من الثعالب غير لطافتها. ولو لم نكن عشّاقاً لكنا محابيس الأديار، ومبشّري الأديان، وأنبياء المنفى. روح الزنابق نحن يا صديقي، ونحن وحدنا في الحب.
والعصافير أَفْعَلُ للشر منا...
* * *
نحن نقول: الإخلاص وَهْم، البراءة سراب، الخرافة خرافة، فلنعترف أن الحب ليس الحلم، ولنخرج من الطفولة.
لكننا منافقون.
لأن النجمة التي في السماء هي النجمة التي في القلب.
لأن النجمة الذي في السماء هي القمر الذي في القلب.
لأن البياض الذي في الطبيعة هو لون صفائنا.
نحن في قرارة أنفسنا نؤمن بالحب القديم، الحب الرومنتيكي، الحب الفائض عن الصفات، لكننا نسفّهه لأن العالم حولنا يسفهه، فيجعلنا نبدو أقلية مضحكة.
لقد سحق العالم العفوية، فأَرعبنا. نحن نعرف أننا ضعفاء، أننا مشقوقون بالعواطف مريضون بالجمال، لكننا نُظهر اللامبالاة والخشونة لأننا نخاف الهزء والفضيحة.
كم نحن جبناء، وكم نحن خَوَنَة يا صديقي!
* * *(62/35)
تقدم خذ شجاعتك، ولنطلق على هذا العالم رصاصة!
كما لا شأن لنا بجزء مجتزأ من الحياة كذلك لا شأن لنا بجزء مجتزأ من الحب.
إمّا نفتحه للنهاية كالأبواب أو نغلقه للنهاية كالأبواب.
بالجنس والروح نسدّده، بالجنس والروح. للجنس تنحني الجبال، للجنس تتشنّج الجبال. للروح أيضاً.
وإذا لم نجد المرأة فسوف نجدها.
وإذا لم نجد المرأة فسوف نخاطبها فتجيء.
كالماء ينقطع من البئر
كالماء يعود إلى البئر...
* * *
لنا حياة وليس لنا غيرها. وإذا لم نضطرب بالحب فمتى نصنع ذلك؟
لنا حبّ وليس لنا غيره. إذا احتقرناه فأين نحمل مجدنا؟
أين هي الآن ضحكات التهكّم وشتائم الذين تهكَّموه وشتموه؟
سقطتْ كالحجارة من أعالي القمم، وما اتكأتْ عليها فراشة.
لنا حياة وليس لنا غيرها يا صديقي.
* * *
إذا أكون واعظاً اتنقل من صقع إلى صقع، أجعلهم يئنون في حشود الساحات، ينشجون كالخاسرين أموالهم، يسترحمون كالمحروقة ديارهم، يصرخون كالمنقوعة أقدارهم في اللعنة،
إذا أكون رسولاً، كلامي كأغصان يتدلّى على القلوب، إذا أكون مبشراً فماذا بغير الحب؟
أليست الشمس فيه والبحر؟
أليست القوة والماضي والميلاد والجلجلة؟
كنت في ما مضى أظن لديّ الوقت
كالبلبل أتوجه بخفّة.
كنت أعاطش العطش وألاعب الألعاب
لأني كنت أظن لديّ الوقت.
لكني أرى كلامي يتقدم سريعاً ويسبقني
ويجب أن أركض وراء النار ان لم تنطفئ
قبل أن تنطفئ النار
وأسجد أمامها سجود الشدّة
وأجيب فافتح كتابي.
وفوق المدينة أقول شرف الحب
وبقدميه اجتاز الحقارة.
* * *
لي حبيبة يا صديقي
وليس لك حبيبة ...
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> كان يكسر الماء
كان يكسر الماء
رقم القصيدة : 65659
-----------------------------------
كان هدّاماً قبل أن ينهدم.
كان يهجم كالنسر، وحتى النسيم يتفجّر في قبضته. لم يكن يكسر الزجاج. كان يكسر الماء، والقطن، والحجر، والوحل، والأيدي الخفيّة. لم يستطع أحد أن ينتزع من جناحيه ريشة.(62/36)
وهوى.
زحف عليه الخوف، فوق الخوف،
فوق الخوف.
نَخَرته الشفقة.
احذروا الحنان! لا تتركوه يلتف عليكم!
أيها النسر! ثمّة وردة تنتظرك دائماً، احترس أيها النسر!
شعراء العراق والشام >> أنسي الحاج >> قل، ماذا رأيت؟
قل، ماذا رأيت؟
رقم القصيدة : 65660
-----------------------------------
لامرأةٍ عينان عاليتان عميقتان، تشرفان عليّ وتستأصلانني.
لامرأةٍ عينان رأيت الأشرعة وما رأيت مثلهما.
لامرأة عينان مشرقتان غائبتان، تقولان الرمل والدخان، تقولان الحلم ودماره.
لامرأة عينان أصغيتُ إلى الاعترافات، وما سمعت عنهما.
لامرأة عيناها.
لامرأةٍ عينان بحريتان بريتان، تتنزه بهما دون انتباه على شوار الحب، وكل ما تقع عليه عيناها يسقط دون انتباه في البداية.
لامرأةٍ عينان طاهرتان قاتلتان حافيتان على رؤوس الغمائم...
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> مسرح
مسرح
رقم القصيدة : 65661
-----------------------------------
مثلكم تتراكض كل العصافير في شجر الاعتقال
مثلكم يتصاعد صوت الينابيع ذبحاً، و بعض الرجال
حاصروا الشاهد الوحيد على مسرح الاغتيال
مثلكم، كنت ملقى وجرحي
ساهر، يتنفس صوت الرصاص، وحولي وطن هارب ( كنت ميتاً )،
مرّ من جانبي، رآني
مرّ من جانبي حارس الجرح، لكنه لم يشأ أن يراني.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> معجزة واحدة
معجزة واحدة
رقم القصيدة : 65662
-----------------------------------
خيّم هنا على رؤوس الحراب
و ارحل معي في نزهة للعذاب
ارحل معي في قلب هذا السراب
ما هم أنا، كلما اجتزت باب،
ها جنا من صلبه ألف باب،
ما هم، نحن الطفل والوالده
نحبل من معجزة واحده ..
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الصخر
الصخر
رقم القصيدة : 65663
-----------------------------------
خلصت مرساتي من الصخر،
ومشيت من بحر الى بحر:
الريح رباني
وسفينتي انقاض انسان
فوجدتني، في آخر الدهر،
ارسو على الصخر،(62/37)
فحضنته، وبكيت من ذعري !
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> في خليج النوم
في خليج النوم
رقم القصيدة : 65664
-----------------------------------
في خليج النوم ترسو كلماتي
مثلما ترسو حياتي
ويدي شلت على المجذاف
في قعر الدواة
تشرب النوم، مع الحبر،
وأفيون الصلاة.
انت يا مركبتي الحسناء،
يا جعبة اشعاري الاسيرة
امطري فوق صحاريَّ الكثيره
امطري سهدا ورعدا وعذاب
فسريري صار سجناً ضيقاً من غير باب.
ايها اللص الذي يسرق منا نصفنا
يا رسول السرطان
يا يهوذا اليقظة السفاح،
يا شرك الزمان
انت تستقطر منا عنفنا
قطرة من بعد قطره
تجعل الموت لنا مأوى ودار
تتهجى ضعفنا
تتهجانا مساجين وقتلى
عند اقدام النهار.
حينما يخفق خفاش النعاس
حول اجفاني العنيده
يسعل القبر بوجهي
كل ساعاتي الشهيده.
لحظة أو لحظتان
وجناحاي على كف العدم
مضغة ملعونة منذ القدم
والمصابيح التي اخزن بها صوري
انطفأت بين ريح السفر.
انما لي غربة تنسخ دنيا الاخرين
تتخطى عقرب الساعات في لوح السنين
غربتي بين جيوش النائمين
انني ابصر في النوم قبور الساهرين.
امتطي صهوة رعبي
خلف عاج اليقظة المحتضره،
ارسل الشمس على سّبابتي
تتقفى اثره
ربما قالت: هنا نحيا حياة الاخره
حرة مجنونة، مستهتره،
خارج السجن الطويل
في النهارات المضيئه
حيث كنا للخطيئه
بعض اشباح رديئه
ونقاطا حائرات ضائعات في محيط الدائره.
ربما قالت: هنا عالمنا
وحياة اليقظة البرصاء
كابوس ثقيل
رابض فوق خلايانا البريئة
جاعلا منا تماثيل وظلا
لالهٍ مستحيل.
ربما قالت:
هنا وهناك وجه القدر
بلباس آخر.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الصياد
الصياد
رقم القصيدة : 65665
-----------------------------------
مهاجر، وعاطل عن البكاء
وليس في حقائبي عزاء.
طريدتي تلحق بي،
تحيط بي،
كالظل، كالهواء
وليس في حقائبي رجاء.
صياد:
اركضُ في برية العناد،
واصبعي على الزناد
اعلم ان بندقيتي
خالية من الرصاص
ولا مناص.(62/38)
اظل راكضا ادور،
في ارجاء محنتي،
مدججا باليأس والغرور،
اسأل عن طريدتي
مذ خُلقْت، في حقيبتي
طريدتي التي تنام خلف جلدي النحيل
اتبعها من ألف ألف جيل
وليس من خلاص
هذا القصاص الراكضين خلف ظلهم ..
نْعَم القصاص !
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> زائر جميل
زائر جميل
رقم القصيدة : 65666
-----------------------------------
يجلد بابي سوط الجنون
يجلد بابي
اي اله يصرخ، يبكي
خلف ثيابي ؟
يجلد بابي، يلسع اوتاري الخرساء
ويخلفني، عند ضفاف الرعب الاسود،
طفلا يلعب او حرباء.
ها قد اقبل ملك الجن،
فوق بساط الريح،
يسرج خيل الفن،
ينبش كل ضريح،
يهتك سر الكلمة -
سر الخطر الميت
آه الكلمه
جرذ يأكل خبز البيت.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> زواج مع الموت
زواج مع الموت
رقم القصيدة : 65667
-----------------------------------
يا أصحابي اني تركت لكم اشعاري ومجاذيفي
في ادراج الصيف
ووهبت لكم عصر الوطواط
فغداً حين يمزق جلدي
هذا الملك الضيف
سأغادر من بوابة نهدي
كي أقطن كوناً من مطاط.
الساعة ترضع انفاسي
ما اقسى دقات الساعه
والجمهور الغاصب يغلي
ويحطم جدران القاعه :
لا تغصب يا طفلي الاحمقْ،
يا أسيادي المخلوعين
الكلمات الحلوة اضيق
من ضحكات المعتوهين.
هذي سفني المجنونة-
سفن الرفض ِ
تمخر احجار الارض ِ.
سئمت، سئمت روحي
هذي الشَفة الرْخوه-
ماء البحر
فلتسكت افواه الحبر
ولتنطقْ آذان الصخر
هذا العالم، شيخ، يشتم، يجري
نحو سرير القبر ..
ان الموت جنون اخضر يغري.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> قصور الجريمة
قصور الجريمة
رقم القصيدة : 65668
-----------------------------------
وجههم يغزو عصافيري وأصنامي الصغيره
وجههم يفقأ عينيه على وجهي،
وأقداري، وحبي
ويغطي، عن عيوني، وجه ربي
وجههم وجهي الذي ماتت به شمس الظهيره.
اتخموني، اتخموا مستقبلي
بسراب الامل ِ
جَّوعوني، جوعوا حزني الخصيب
بالهتافات العقيمه(62/39)
وبنوا، في كوخي الحر الحبيب،
الف قصر للجريمه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> صحارى النوم
صحارى النوم
رقم القصيدة : 65669
-----------------------------------
ها انا اقضم ظفري
عند باب المقبره
ها هنا يبدأ عمري
في رماد الغار، في صومعة منكسِره ..
ليكن، يا رب، قبري
للمساجين النيام
مركبا يجتاز طوفان الظلام
وصلاة في هدير المجزره.
ليكن موتي طريقا للجنود الضائعين
في صحاري النوم،
في أرحام تجار اليقين
ربما يحيا، بموتي، بعض جيش الميتين.
أسْكِتوا دقات ساعاتي البطيئه
افتحوا أخشاب تابوتي الصديئه
واقرعوا أجراس شعري
واتركوني
بين أنياب المجانين القدامى،
من طغاة ويتامى،
ودعوهم يذبحوني
يأكلوا لحمي، وأطفالي، وأمسي،
والملايين التي تحفر، في قلبي ورأسي،
قصة الموت وتاريخ الجنون.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> وردة الجنون
وردة الجنون
رقم القصيدة : 65670
-----------------------------------
الجنون
شبح يزهر في القلب
وينمو في العيون
الجنون :
المسيحُ المقبل الرافض أثقال القرون
حاملا كرباجه الاحمر
كحلا للجفون.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الموت في الجبال
الموت في الجبال
رقم القصيدة : 65671
-----------------------------------
مشنقتي منصوبة في الجبال،
والريح ثلجيَّه،
وصيحة الجلاد تأتيني
في قلب أحجيَّه.
شدوا سروج الموت يا رجال
فالليل في زوال
وراية النصر التي أجهضت
في الوحل مَرميه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> عائد على جواد الهزيمة
عائد على جواد الهزيمة
رقم القصيدة : 65672
-----------------------------------
على رصيف عينيك الشتائيَّتينْ
أسند أتعابي وأحزاني
أخلع عينيَّ الرسوليَّتينْ
أخلع أكفاني.
يا وطني الصغير،
يا بحيرتي الوديعه،
يا قلعتي المرصودة ِ المنيعه.
اليوم عدت مرهقا من رحلتي البعيده
منطفئا، ممزقا، في الريح، كالجريده.
دفنتُ مجدي المناضل الكسيح
تحت رمال الشعر والعقيده،(62/40)
بكيت عند قبره الفسيح
حتى بكت حجاره الحقوده،
خلفت جثتي، هناك في سكونها البهيّ،
تنتظر المعجزة الجديده،
تعيش في أسطورة المسيح.
قبلتُها كما تقبلين جرحي الشهيّ
ودعتها،
نَّكستُ راياتي لها،
وعدت في صحرائي العظيمه،
على جواد الحزن والهزيمه،
أبحث عن وسادة وفيّ،
اسأل عن واحاتك القديمه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> غربال
غربال
رقم القصيدة : 65673
-----------------------------------
بركانكم يثور في قلبي
يا اخوة الشقاء
نوافذا مسرعة الى الضياء.
بركانكم يشك في صدري
صلبانه العاشقه
ويغرس الجمر على قبضتي
وفي فمي الصاعقه.
محراثكم، يا خوتي،
يطوف في السماء
يكهرب الغيوم بالغناء
فتسرع الامطار نحونا
وكل قلب عندنا وعاء
لكننا، يا ممطرون،
بعدنا على شواطىء المساء،
جائعون، ظامئون
قلوبنا لا تمسك المطر
قلوبنا غربال
والليل ما يزال
يعيش في انتظار ساعة القَدَر.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الصنم المهاجر
الصنم المهاجر
رقم القصيدة : 65674
-----------------------------------
- 1 -
أبحث عن عاصفة مُرَّة ٍ
تجتاحني، تجتاح جدراني
تخطفني لعالم ثان
لعالم يعلو على الارض ِ
والحب والبغض
لعالم تخضرُّ في لحمه
خناجر الرفض.
- 2 -
خطاي اذرع مبتورة تجول في الفضاء
وخاطري حقيبة صغيره
تغص بالضباب والالم.
مسافر أسابق الامام
والامامَ، كلما تلمست رؤاي شاطئه
وضَّوئت مخابئه،
يفر، كالسراب، للبعيد، للامام ِ، للعدم
ما همه كم مات في الطريق من قدم.
مسافر - يدي اشارة مسافره
أضم، في عروقها، صرير خيبتي المكابره
كأنما لخطوتي، لوقعها المحّنط ِ،
صدى القرون الغابره.
- 3 -
أوُّد ان يلمني الصباحُ،
عن أظافر السؤال، جثة معقوفة الانامل
أوُّد يا شواطىء النسيان،
ان تموت جمرة الرحيل في مفاصلي
فأحرق الاشرعة الساحرة العذراء
تصدح، كالخطيئة الاصيله،
في مدخل الميناء
أواه، يا "أوليس" لو أعود
لا غار فوق جبهتي ولا وعود(62/41)
أعود لا "بنلوبّ" في انتظاري
لا بيرقا ترفعه القبيله
علامة انتصاري
أعود كلُّ غاري
ان أرتمي
في قعر ذاتي المهَّدم ِ
كالصنم.
- 4 -
ها انذا، يا أفقي الحميم
يا شواطئي المسافره،
أعاشر اللهيب كل برهة
لعل في اللهيب شرفة على غد ٍ -
على يد ٍ
تخطفني، تطلقني
من عتمتي، من كفني
من عالمي المعفن
لعل فيه مدية صديئة
تجرحني
تذبحني
تصُّب، في عمائقي،
منائراً جديدة - مصائراً جديدة
تحيلني عواصفاً وأحرفاً
وحشية الحرائق.
- 5 -
ها أنذا .. تجمد اللهيب خلف أضلعي
فأضلعي زوارق هزيلة
تناضل الجليد والصدى معي.
سئمت، انني احس طعمة الرماد في فمي
وموجة ذليلة من الرمال
غلغلتْ في قدمي.
مرهقة، ضائعة، ايتها الدروب، خطوتي
رتيبة ملامحي
تعبت .. ها روائح الفصول
عششت على يدي
على غدي
وها خطاي أذرع تجوب في في الفضاء
سلسلة من الحفر
زائغة مشرورة في طرف الصحراء.
- 6 -
أيتها الأجّنة الزاغبة الجناح والبصر
أيتها القوارب المسافره :
تحطمي بلا ألم،
بلا ندم
وعانقي، بهدأة الرضى، بنشوة الرضى، عواصف
العدم.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> طيور الحزن
طيور الحزن
رقم القصيدة : 65675
-----------------------------------
يا طيور الحزن نامي خلف صدري
وابتني قريتك السمراء في أغصان شعري
لك هذي الغابة الجرداء في صحراء عمري.
ها أنا اغرق في نوء من الالفاظ،
في عاصفة غضبي من الايدي النحيله
ها بحيرات النعاس المر،
في أدغال اشواقي، تغلي
بالعيون الحمر والاظفار والحمى الطويله
وشراع الحبر ما زالت صواريه على موج السهوله
مثقلات بالعصافير القتيله
والاناشيد الرتيبه
مثقلات بالمصيبه.
هذه اشواقنا المنتحره
لبست جثتها في المهرجان
يا نسور الالم المستعره
لاحقيها واكشفي عورتها
افضحي قصتها عبر الزمان.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> أنا والشك
أنا والشك
رقم القصيدة : 65676
-----------------------------------
أنا والشك حبيبان قديمان التقينا(62/42)
بعد طول الاغتراب ِ
بعدما أطفأت الحكمة
وجه الشمس فينا
فانزوينا نمضغ الوهم سراباً في سراب.
أنا والشك إلهان قديمان التقينا
يا طريقي،
ما الذي أعددت ِ كي تستقبلينا
زحزحي وردك عنا
سكر الزنبق منا
والبخور الابله المنذور
قد غلَّ يدينا بيديه
أخمديه
ابعديه
مات لون الحب فيه
منذ ان كان وكنا.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> ميناء اليقظة
ميناء اليقظة
رقم القصيدة : 65677
-----------------------------------
أوسمني صدئت، ولوائي
يتناثر بين الاشلاء
من ثلج أمضي لجحيم ٍ
من صيف أعدو لشتاء
مأساتي أكبر من حرفي
أكبر من كل الاسماء
تأكل من حزني وجراحي
ما أطيب جرح الشعراء.
أنا جيل الوهم - غرست يدي
بالرمل، وفأسي بالماء
وقطفت أعاصير الدنيا
وجصدت جميع الانواء
فاذا بي أركض مذعوراً
أجتر مسافة صحرائي
وسرابي يهرب قدامي
ومصيري ينسل ورائي
كبقايا جيش منهزم
يطردها جيش الاعداء ..
يا سيف اليقظة ها عنقي
في حدك دائي ودوائي
اضرب، لا ترحم ذاكرتي
وتجاهل غضبة أشيائي
الحلم محيط مفترس
وجراحك مدخل مينائي.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الغربان
الغربان
رقم القصيدة : 65678
-----------------------------------
أشواقنا المتعرجات تسوقنا
تلقي بنا،
في ردهة التاريخ، كالغرباء،
تستجدي فُتات الاغنياء
أشواقنا المتسولات
عواهر متكالبات
حول النوافذ، والموائد، والحياة
تمضي، كأسراب من الغربان،
تأكل جثة الدنيا
وتنبح للزمان :
منقاري الجوعان
يطلب جثة أخرى
وليس سوى الفطام
منقاري المسكين يسأل جثة أخرى
وليس سوى العظام
بريت على وجه العظام.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> سرير للموت واللذة
سرير للموت واللذة
رقم القصيدة : 65679
-----------------------------------
موتي على السرير
يا ذئبتي الضاريه
لحظة تغرقين بالسعير
لحظة تولدين عاريه
من جسدي المستهلك الحزين
لحظة آتي عارياً
منك ولا تنتبهينْ
لحظة كل العالم انتهى(62/43)
في صرخة محمومة أو أنين
موتي هنا
الرَحِم الاول قد أغلقتْ
أبوابه في وجهنا
هنا لنا في شبق المقصله
مسيرة أخرى على الجلجله
سفينة نوحية أخرى
في بحر هذا العالم العنين.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> اغنية صوفية
اغنية صوفية
رقم القصيدة : 65680
-----------------------------------
مري على دربي ولا تبخلي
ات تلهبي دربي
أن تفلتي، من سجنه، قلبي
أن تجعليني صارياً ضائعاً
في ضوئك الرحب ِ.
على صقيع الان أنت معي
حلم سرابيٌّ
يمتصه، كالموت، في أضلعي
شوق بدائيٌّ.
رحماك مري، واحرقي وحدتي
في وحدتي جوع الى النار
ناقوسها المرصود من أعصر
يحيا على ميعاد اعصار.
إني، هنا، أقتاتُ آلامي
في حفرة بارده
لا ضوء، لا أغنية شاردة
تجتاح أيامي.
يشدني، في عتمتي الكبرى،
خيط من الامس ِ
ترتج في ألوانه الذكرى
كالظل، كالشمس
كأن نفسي غابة من ضباب
تحبو على الكون
دّورت فيها :
لا غد، لا جواب
غير الصدى دوني.
اني، هنا سَّمرتُ أجفاني
في المغلق العاتي
ان تشرقي تنهدُّ جدراني
تنهدُّ في ذاتي.
مري وخلي الثلج في أعرقي
ينساح كالسيل
مري، أطلي، مزقي، أحرقي،
في داخلي، ليلي.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> أشواق منقسمة
أشواق منقسمة
رقم القصيدة : 65681
-----------------------------------
ما بين ضفتين
سجنتُ أشواقي
أوّزعُ الحب على دفعتين
وأدفن الباقي
في حيرتي ما بين الاثنتين.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> مقامرون
مقامرون
رقم القصيدة : 65682
-----------------------------------
عندما كنا صغار
قبل أن يبصقنا رحم النهار
كانت الدنيا لنا
كرة بين الغبار
نقذف النصر بها والانكسار
لم تكن ترهبنا الريح
ولا يصفع عينينا جدار
كانت الثورة طفلا
صاخبا يلعب فينا
يتحدى مسرح الرعب،
وأشياء الكبار
يملأ الدنيا صحارى وبحار
وأتينا .. نرجم العالمَ
ضحكا وحجار
فخسرنا ..
لم نكن نحسن اصناف القمار
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> سقوط في الضوء(62/44)
سقوط في الضوء
رقم القصيدة : 65683
-----------------------------------
- 1 -
قيامة أخرى
مدينة أخرى
تنهار في قلبي
معْ اي ريح عدت يا رعبي
تُوقظُ في مأساتي الكبرى؟
عاد الرداء الاسود القديم
ينفض عن اكمامه الغبار
يلبس خطواتي واشواقي
عادت جيوش الزنج والتتار
ترجم، بالنيران، احداقي
تهدم، في صدري واوراقي،
منازل العنكبوت
تطردني من جنتي -
في ظلمة التابوت.
أنا شهيد اليقظة الطاغيه
بعثت من جديد
ولدت في كارثة ثانيه.
- 2 -
كنتُ، في صحوة حسي،
نائما بين الطبول
ملقيا مرساة نفسي
تحت اقدام الخيول
ألمح العالم، في رغوة كأسي،
عائماً بين دخان الانبياء
راقصا فوق قبور الشعراء
راكعا عند تماثيل الوحول.
لم يكن لي سيد غير الجنون
أحتمي، في ليله الصاخب ِ،
من وجه النهار
لا أبالي ما يقول الاخرون
فأنا أنفق عمري
قبل أن يمضي القطار.
- 3 -
خرجتُ من أصداف احزاني
مشوها، منهزما، كالغراب
أنعب، في أرجاء ميداني.
أنا إله الموت والخراب
أبحث عن قبري وأكفاني
بين نيوب الغول والذئاب
أنبش عن هويتي
تحت حطام الذاكره
أرغمت أن أعيد رحلتي
حول محيط الدائره.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> مغامرة
مغامرة
رقم القصيدة : 65684
-----------------------------------
عيناك زوبعتان تنهمران في قبري
نهدان يرضع منهما شعري
عيناك ساريتان تندفعان في بحري
والنوء صعب الموج كالصخر
لا تبحري .. عودي الى البر
فالمدُّ لا يغوي ولا يغري
اليوم يحملنا ويجمعنا
وغدا تفرقنا يد الجزر.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الاعمى
الاعمى
رقم القصيدة : 65685
-----------------------------------
جثة الشمس على جفني
وأقدام العبيد
ويد تفصل عن عظمي لحمي
آه، هل أولد في لحم جديد؟
قدمي تنبض أشباحا
وأشعارا ذبيحه
قدمي كهف خرافي الحجاره
أجهضت فيه نعامات الحضاره.
آه، اني أبصر الموت
على أحداق شعبي
كالتماسيح الجريحه
آه .. في صدري غابات
من الاصنام تجري(62/45)
ألف تاريخ حزين خلف صدري
آه ما أثقل صدري!
من يراني، ها هنا،
حقلا من الصمت،
وأشلاء حروف خشبيه
من يراني ها هنا في مرفئي المهجور
مرساة حزينه
وبقايا قارب حطمه الاعصار
في بحر المدينه،
.. ان في قلبي أنقاض مدينه
ومجاذيف من الاسرى،
ودرباً بربريّه
أوحلت فيها دموع البشريه.
إنني أسمع، عبر الموت،
أصداء بعيده
وأرى ليلا من الاسماء والكتب الجديده
وأرى ظل جريمه
رابضاً فوق سريري
فوق خطواتي القديمه.
منذ آلاف العصور الوثنيه
وأنا أزحف، كالرعب،
على صدر الخطيه
وألوك الرمل والصبر
وأحلامي الغبيه.
بلَيتْ أكتافي البلهاءُ
من حمل الصليبِ
صدئتْ أجفاني السكرى
من الليل الرهيبِ
وأنا لم أزل، في التيه، أجتر طريقي :
قدم يأكلها الثلج،
وأخرى في الحريقِ.
جبهتي مقبرة مجنونة
تلفظ أجساد البغايا
جبهتي قافلة مذعورة تبكي
ووديان سحيقه
ضيع الله بها، عفواً، طريقه.
ها ثيابي سقطت عني
كأوراق الخريفِ
فعلى كل يدٍ منها بقايا
وعلى كل رصيفِ.
عاريا تلسعني الريح وصيحات الخطايا
وعلى عينيَّ تستوطن أمواج الجرادِ
في تجاويفِ السهادِ.
حافيا جئت من الشرق
مليئا بالرعود
أحمل الله، وشيئا وثني الطعم،
سري الوجود
في اهابي الف نسر يتمزق
ألف إنجيل حقود الحرف أزرق
جئت كي أعتق او أنعتقا
جئت كي أحترقا
جئت كي أزرع في الريح رمادي
عله يحمل تاريخي الى كل بلادي
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> حرباء
حرباء
رقم القصيدة : 65686
-----------------------------------
غيرت وجهي ألف مرّه
وبَدلتُ جلدي الف مرّه
ولبست ثوب الافعوان
كي اثقب التاريخ مرّه
وأبيت في رحم الزمان
أنا مارد الأوهام، سلطان المجره
درعي هتافات، وسيفي من دخان.
يا ليتْ
يا ليت يا بصري الجبان
أخبرتني،
عما رأيت :
جدران مملكتي
تنهار تحت عباءتي
بيتا فبيت
وأنا أغيب على حرير وسادتي
ألهو بأحلامي
يا ليتني
أدركت ان هزيمتي
تمشي بأقدامي
وعرفت اني عبد أوهامي.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> العتبة(62/46)
العتبة
رقم القصيدة : 65687
-----------------------------------
الفراغْ
صنم يزأر في صدري
ودنيا تتهدم
وأنا، بين الحروف السود،
أعمى القلب، أبكم
جبل من جثث الاطفال ينهار على وجهي ..
أيا وجهي تكلم
يبس الحرف بأعماقي ومات
عاجز أن يحضن الموتُ الحياة :
عند العتبه
ذئب ثلجي الانيابِ
يتمدد كالبحر الطامي
ويحطم أقفال البابِ.
عند العتبه
قلبي يركع، يبكي
يسأل عنك
يا بنت النار الوحشيه -
يا كلماتي اللامرئيه.
عند العتبه
عشر سنين مجنونه
وشراع مكسور الصاري
لا ضوء يداعب أشعاري
غير الاشباح الملعونه.
من ينابيع الظلام المستطيله
كنت أنساح على الاسوار والصفحات
كالحمى، كاعصار جريح
كان لي جيش من الاسماء - أسمائي الجميله
خَلعتْ، في دربها المسلول،
أكفان المسيح
ثم ضاعت في زقاقات المدينه.
مالح طعم الاعاصير الحزينه
مالح صوت العصافير على شباك بيتي
حطمي الشباك، يا آلهة الشعر، وهاتي
زندك العاري الجميل
أيقظيني، ايقظي الاشعار في صدري الهزيل
حطمي المرساة في قلبي، وهاتي
زندك العاري الجميل
أيقظيني، ايقظي الاشعار في صدري الهزيل
حطمي المرساة في قلبي، فقلبي
راهب يلهث في جدران صمتي :
سألوني عن صمتي الاكبر
عن رب مغرور أسمر
يتمزق في قلبي الدامي
ويقوض أجمل ايامي.
سألوني، والحرف الاسود
مشلول يرقص في معبد،
عن جرح يكتب في وجهي
ألغاز المطلق والكنهِ.
منذ بدء الارض ما زال السؤال المستحيل
يقرع الابواب جيلا بعد جيل
والعبيد الخائفون الجائعون
يأكلون الصمت، في الليل الطويل.
كم شتاء سوف نبقى راكعين
تحت ثلج اللغز والعتم الثقيل
نتلهى بفتات الانبياء
نتدفّا ببخور الاتقياء
بالذي تلقيه للارض السماء.
كم شتاء، كم خريف، كم ربيع
سوف نبقى،
أغبياء القلب، حمقى
كالقطيع،
نعلك الجمر، ونجتر الصقيع.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> وجوه
وجوه
رقم القصيدة : 65688
-----------------------------------
- 1 -
الوجه الاول يحملني،
والوجه الثاني يرميني،(62/47)
الوجه الثالث يشربني،
والوجه الرابع يسقيني،
الوجه الخامس يفقرني،
والوجه السادس يغنيني،
الوجه السابع يسعدني،
والوجه الثامن يشقيني،
الوجه التاسع يهدمني،
والوجه العاشر يبنيني،
الفجر سراب ألحقه،
والليل شراع يغويني.
الفرحة كنز أسرقه،
والحزن صليب يغريني.
وعزائي أني منقسم
أتسلق نصلة سكيني.
- 2 -
هذا العنف اللابس وجه الله،
هذا الموت اللامتناهي
ريح تزرع رعب اليقظةِ
فوق شفاهي.
- 3 -
مشّوه كزرقة السماء في الخريف
ونائم على وسادة من الضجر
أحلم ان يسقط في ضميري المطر
لكن وجهي المشطور كالرغيف
منحدر على مرافىء الجبين
كفارس منهزم طعين.
- 4 -
هكذا تغدو لي الاشياء،
صحراء من الحلم،
وأقذارا جميله
ومرايا، عند أقدامي النحيله،
تتحطم
يلبس العالم فيها
وجهه الحلو المهشم.
- 5 -
متآلفون تآلف الاهداب
متخاصمون خصومة الانيابِ
من بعضنا نمضي
في بعضنا نمضي
ولقاؤنا وجهان
يتقاذفان مفاصل الارض
وملامح الانسان.
- 6 -
إجعلي كفك يرتاح على وجهي،
على جرحي الصغير
واجعلي مني نبياً أو أمير.
واذا ما نام جرحي
لحظة فوق السرير
صار لي كفك خصما
أجرب الجلد حقير
صار لي مبصقة أقذف،
في أحشائها البيضاء،
وجداني الضرير
صار لي منفضة أطفىء فيها
نار سيجاري الكبير.
- 7 -
أسأل عن وجه يشابهني
أبحث عن مرآة
تلخص التاريخ لي،
تختصر الحياة.
- 8 -
يشبهني هذا الصديق
يشبه وجهي الضاحك العتيق
يشبه مرآتي
تلك التي ترفض أن تنقل مأساتي.
- 9 -
عندما يرقد جنبي
ذلك الوجه الخريفي المطير
أتحدى كل احزاني، وأطوي
قلقي تحت الحصير.
- 10 -
عندما يغضب قلبي
وأرى وجهي مصلوباً
على جدران رعبي
أتمنى شفتيك المرّتين
تحملاني ميتا او بين بين
تصلباني مرتين.
- 11 -
أجلس في ظلال الصمت والسهرِ
وحول وجهيَ المشوه الجميل
تنهض خيمة من الابر
تركعُ شجرتا نخيل
وفوق أوراقي يغوص النهار
في نبع هذا القلم الثرثار.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> تحت غيوم الكلام
تحت غيوم الكلام(62/48)
رقم القصيدة : 65689
-----------------------------------
أجهد ان أطرد عن عينيَّ
غيم الكلام
وأرتمي في قارب مبحر لا ينام
يقلني حتى شطوط الخطر -
حتى شطوط الجرح في "وهران"،
حيث اله الحب والسلام
مزق انجيله وانتحر.
لكن أحلامي هنا عفنت
تحت صليل الضجة الكاذبه
فنحن، يا وهران، لسنا سوى
مرثية ممجوجة خائبه.
خيولنا، سيوفنا من غبار
ترتجل التاريخ والانتصار
ليلا ... وتفنى مع طلوع النهار
كسكرة مجنونة صاخبه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> سراب الرؤيا
سراب الرؤيا
رقم القصيدة : 65690
-----------------------------------
أودُّ، يا وهران، أن احتمي
في وهج عينيك
أن أرضع النيران والاخطار
من نبع نهديك
فانني عطشان يا وهران
عطشان للرؤيا
تنداح تنداح كالتنّين، كالاعصار
من رف هدبيك
فأنتشي بالقبرِ أو أحيا
ينمو على جرحي صدى صرخةٍ
وحشية الصوت
تسوقها أظافر السفاح
بالرعب والموت
فينطفي، من هولها، المصباح
ويختفي بيتي
سريري الان بلا جدار
بلا ستار
يحضن عريَ الارض والقدر
يعانق الثورة والثوار
كأن سدَّ الصبر بيننا انكسر
كأن خزّان الدجى والصديد
مر به الجنون فانفجر
وانساح منه الحقد والعذاب
يعبر كل باب
ليوقظ الجليد، والعظام، والتراب.
السيل يجتاح الذرى والحدود
يدفع أشواقنا الثائره،
أشواقنا المجنونة الكافره
حيث الوجوه السمر والنهود
فوكه معسولة للجنود
حيث النساء الحلوة الطاهره
وأعين الشيوخ والاولاد
بيارة خضراء للجراد.
يا سيل، لز الارض واختصر
مسافة الارضِ
بكل ما أوتيت من بغض،
وحطنا في زحمة الخطر،
في لجة الجراح
فاليوم يوم البعث والكفاح
لنسرج الصبر الذي صدنا
زنركب الخوف الذي هّدنا،
الى جحيم الفتك والانتقام
لا كان هذا السلام
لا كان هذا السلام
سلامنا الا يكون السلام
مقابراً لشعبنا
سلامنا أن يرحل التتر
عن أرضنا
أن يولد القدر
من سيفنا.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> صحراء اليقظة
صحراء اليقظة
رقم القصيدة : 65691(62/49)
-----------------------------------
... وأفرك عينيَّ، أدفع عني اللحاف،
ويهرب حلمي الكبير الجميلُ
أمام شعاع الصباح
كذئب يطارد بعض الخراف.
وأبحث، في جبهتي، عن صدى أو جراح
وعن ذلك الوحشِ، كنتُ أقبض، تواً، عليهِ
وأسحق في راحتي مقلتيه
(ففي مقلتيه
قبور تضم، بشوقِ عنيدٍ،
رفات بنينا وبعض بنيه)
.. فأضحك أضحك، دهرا، وأبكي
وأسأل، وهران، خلف شقائي، عنك
وأغرق أغرق بين دموعي وضحكي.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> المجد للدعاء
المجد للدعاء
رقم القصيدة : 65692
-----------------------------------
أحمل عبء الصمت في مسجدي
وجمرة مطلية بالدعاء
شاخت على جرحي ولم تبردِ
لكنها حَّرت سيول الدماء
وخلفت، في فوهة الموقدِ،
عجائزاً يبكين عهد الصبا
بين شواء اللحم والكستناء.
أيا فلسطين اسمعي واركعي
لعل في الدعاء
خبزاً وماء
لعل، في غياهب السماء،
سحابة تمطر في ليلنا
مجداً، وفجراً دائماً، وانتصار
وأنت، يا وهران، ظلي معي
ظلي مع النيران والاخطار
فشعبنا ما زال يهوى السلام
ما زال يهوى السحر والانتظار
ظلي .. فمنك الجرح والألام
ونحن، منا، عسكر من كلام.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> في رحم الغد
في رحم الغد
رقم القصيدة : 65693
-----------------------------------
يا لغة الثورة لا تتعبي
لا تلبسي عباءة الرهبان
بل أوقدي البركان في موكبي
وفجري الطوفان
ففي حنايا ثورتي ضحكة
تكسر صخرَ القبر والاوثان.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> خطوات في المنفى
خطوات في المنفى
رقم القصيدة : 65694
-----------------------------------
خطواتكِ تنبض في المنفى
بيضاء الوقع حريريّه
خطواتك تنبض في قلبي،
في شوقي المجنون الصعب
جزراً ومرافئ صينّيه
من قاع جراحي السوداء
من قبري المهجور النائي
أتحسس دفء ذراعيك
أتسلق أرزة نهديك
وأعانق مقصلتي الاولى
فالموت، هنا، جسد امرأةِ
يتصبَّب رعداً وخيولا
يغري أحزاني المنفيّه
بجحيم جنسي شرهِ(62/50)
بمجازر حب وحشيه.
يا ثلجي الراحل، يا لهبي
يا أضوأ حرف في كتبي
ما زال سريرك يرضعني
شعراً ويروض من غضبي
ما زلت شراعاً مختبئاً
يتفتح في صدري التعبِ.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الرعد يهجر احزاني
الرعد يهجر احزاني
رقم القصيدة : 65695
-----------------------------------
منذ ساعات قليله
كنتِ، في وجهي، رعداً وزلازل
كنتِ، في أحزاني الخضر النحيله،
في مصيري اللولبي،
كوكبا تحمله عشر أنامل
والها زئقبي.
أين أظفارك تنهال علي
تنهب الصخر الذي غلفني
تجرح المستنقع الراكد فيّ ؟
أنتِ، يا كارثتي الشقراء،
يا جرحي الملثم
بضمادات الغيابِ
إهبطي فوق كتابي
أسقطي فوق حروفي البارده
أسقطي في وثني
ادخليني، أدخلي في زمني -
في رفاتي الخالده.
أرضعيني الخوف من أثداء رعدك
أرضعيني قدري
حرريني من فمي، من مقعدي، من ضجري
فأنا أحيا، بلا جرح .. بلا رعبٍ،
على أسوار نهدك.
كل أشيائي التي لامستِها
كل أطرافي التي أشعلتِها
منذ ساعات قليله،
عادتِ الان الى صورتها -
عادتِ الان الى محنتها
لبست وجه حياتي المستحيله.
عندما كانت أعاصيرك تصطاد حضوري
عندما كانت يداك
تمطراني بالصواري والجسور
توقظان الصنم الراقد فيَّ -
تنقذاني من شراكي
كانت الاشياء تمتد إليّ
وتلبي دهشتي
كانت الساعات لا ترفضني
أو تعادي يقظتي
كان صمتي يتهاوى في يديّ
وخطى التاريخ تمضي حرة في أُذنيّ.
أيها الحب الذي يصلبني
فوق أعتاب الجنون
أيها الرعد المسيحي الحَرون
يا صديقي في الخطيئه
قدري أن أعشق الرعب الذي تمنحني
قدري الا أكون
غير نبع للمآسي او دريئه
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> من ياقة الشتاء
من ياقة الشتاء
رقم القصيدة : 65696
-----------------------------------
سقطتُ، يا صديقتي،
من ياقة الشتاء
من ياقة الامطار والرعود
سقطت في خديعة الاشياء
سقطت مرة،
هاجرت مرة .. ولن أعود.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الرائد
الرائد
رقم القصيدة : 65697(62/51)
-----------------------------------
جاء ميتاً عائماً فوق قصيده
سابقاً جثته المنتصره
جاهلا مأتمه التالي وعيده
غير أني قد أرى وجهي فيهِ
قد أرى ضحكته المستهتره
قد أرى الكون الذي يعشقه أو يزدريه
نُعيةً سوداء في صدر جريده.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> نسر الشوق
نسر الشوق
رقم القصيدة : 65698
-----------------------------------
غادِرْ، غادر أنقاضي
يا نسر الشوق
غادر من جرحي، واتركني
أهوي من فوق
وأعود الى قبر الماضي.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> يا موتي الصديق
يا موتي الصديق
رقم القصيدة : 65699
-----------------------------------
إقتربي تحت غيوم النار
من شرفتي،
من قصري المنهار
إقتربي تحت لواء العار
يا يقظتي،
يا موتي الصديق
أعلم أنني دخلت محنتي -
عثرت في بداية الطريق.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> تميمة
تميمة
رقم القصيدة : 65700
-----------------------------------
حملتِهِ تميمة خضراء
يبرق في مواكب الهزيمه،
تلمع في أواخر الصحراء
لكن في براءة التميمه
شريعة مطوية بكماء.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الشبق
الشبق
رقم القصيدة : 65701
-----------------------------------
أسكن في زجاجة من الارقْ،
منطويا كصفحة الورق،
أرقب من جدرانها الصفراء
مدينتي الكسيحة الشمطاء
تلبس سروالا من الشبق.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> هويت عن طاولة القمار
هويت عن طاولة القمار
رقم القصيدة : 65702
-----------------------------------
أعلم أنني مقامر عتيق
يحب ان يلعب بالاخطار
يبحث، في النهار، عن مضيق
لكنني هويت عن طاولة القمار
أمس، وبعت حصتي
في الربح والخساره
هويت عند مدخل العباره.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الصباح الميت
الصباح الميت
رقم القصيدة : 65703
-----------------------------------
على من يطل صباحي؟
على مقبره.
على رجمة ميتة مقفره
على كومة من جراح.(62/52)
ليالي صمت وجدب ووحشه
وفجري وحل
وبيدر عمري غلال شقاء ومحل
وكلي، أنا ومصيري، سؤال جنين يحضر نعشه.
تعيش الاظافر في مقلتيا
وتلهو الافاعي
فتزرع خطوي الضرير على كل ناب
وفي كل قاع.
لتوقظ في ضياعي
لترمي سموم الفراغ على وجه دربي و بين يديا.
أنا أي لحن كئيب.. و أية غصه؟
أنا أي كون غريب.. و أية قصه؟
أنا .. من أنا؟!
يا شفاه الزمان
أجيبي سؤالي
ويا قمة خلف حد المكان
بأي جواب سأسكت جوع الغناء
يضج خيالي
ويحمل فكري
الى جنة، كنت فيها اله،
على باب قبري.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الذاكرة
الذاكرة
رقم القصيدة : 65704
-----------------------------------
المجد لي؟
المجد للسجان، للحشرات تعبث بي
لشتائم تنهال كالسحب
المجد للجدران هازئة
مزروعة بالرعب والغضب
وعوالمي البيضاء غارقة
بالخيبة الرقطاء والعتب
وعوالمي تنهار بين يدي
تنهار مثل تساقط الشهب
وأدور.. أين أنا؟ و أين غد؟
عمرته بالماس و الذهب
يا طول ما مجدت ثورتهم
وحرقت في ظلمائهم غضبي
يا طول ما غنى دمي لهم
وتراكضت لعناقهم كتبي
.. يا رب لو تغتال ذاكرتي
كم كنت غرّا، جاهلا، و غبي.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الصخرة
الصخرة
رقم القصيدة : 65705
-----------------------------------
للصخر فم ينمو حولي
يمضغني...
ثم يمل و ينهزم.
للصخر يد
تتربص في أحجار الدار
تسري في الليل وتنتقم
وحدي، وحدي
أترصدها، ليل نهار.
أعلم أني فيها أسكن، فيها أجري
لكن الصخرة لا تحترم
مجرى النهر
والصخرة لا تبتسم
الا عن قبر.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> صلاة
صلاة
رقم القصيدة : 65706
-----------------------------------
الوجوه ارتعشت حول الخليج
الوجوه المظلمه
أبرقت وانطفأت عند الخليج
وتوارت
في قناع اللذة المنهزمه.
أيها الحزن الذي ينبت في
حين ترسو حول روحي
جثة الحب ونار الكلمه
يتدلى من جفوني، من جروحي، كالنسيج،
أتخلى عن جفوني و يدي
وأصلي عبر أسرارك في(62/53)
لمصابيح الخليج.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الرجل الوحيد
الرجل الوحيد
رقم القصيدة : 65707
-----------------------------------
- 1 -
الرجل الوحيد،
الرجل المليء بالاسرار
يقبل من بعيد
ينزف في شوارع المدينه
يرشح بالغيوم والغبار
الرجل المشوه الوحيد
تعشقه المدينه
نحبه وننحني لحزنه الوحشي
يمخر كالسفينه
حياتنا،
يشق في أرواحنا
مضيقه السري...
في الليل والنهار
تسألنا نساؤنا عنه
يسألنا أطفالنا عنه
وكل ما ظل لنا منه
هذا السكون الدائم الانتصار.
- 2 -
كان، 11. 6. 1965
الرجل الوحيد
يسكن في أحداقنا
يكمن في أعضائنا، يصطادنا،
يدخلنا كفاتح...
ملوحاً ندوبه الوحشية الأحزان
كراية القرصان.
- 3 -
كان، 15. 6. 1965
الرجل الوحيد يستطيل في أفواهنا
ينمو هنا، في داخل القلب
يملؤنا بالنار والدخان،
ونحن،في دوامة الرعب،
أشجاره المحنية الاغصان.
لكنه يخاف أن نراه
أن نفضح السر الذي أرساه
في أرضنا...
يدخل من بوابة المقهى
يختار من زاوية المقهى
مكانه القديم
يخرج من جيوبه السريه
آلامه الشرقيه
ينشرها كامرأة تنشر في الصباح
ثيابها، و نحن كالرياح
نهب من فضولنا
نهب من مقاعد المقهى
نرمقه بأعين ولهى،
نود أن نثقب هذا العالم الصغير
من حوله، نود أن نراه
يسقط في شباكنا... مطوقاً، أسير.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> أغنية
أغنية
رقم القصيدة : 65708
-----------------------------------
لست الا شاعراً
يقطن سطح الكلمه
عابراً في مهرجان الشعراء
لغتي بضع حروف مظلمه
والشرايين اختفت منها الدماء
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> غرور
غرور
رقم القصيدة : 65709
-----------------------------------
أرميك من نافذة الغرور
لكي يكون لي
خضوع طفل طائش مقهور
لكي يكون لي
وجهي الذي أعشقه
وجهي الذي تعشقه الّنسور
ملطخاً بالذل... بالغرور.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> دليل الفارس الصغير
دليل الفارس الصغير(62/54)
رقم القصيدة : 65710
-----------------------------------
"الى طرفة بن العبد"
أصبعاً... أصبعاً
بعدد النهود
بعدد السيوف، و الكؤوس، و الاقلام!
كي تستطيع هذه اليد أن تعود
يدي،
و هذا الرأس أن ينام.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> رحلة
رحلة
رقم القصيدة : 65711
-----------------------------------
تعبت حروف قصائدي
في لوعة الدرب الطويل
تعدو وراء أحبتي
ووراء حلمي المستحيل
عبر الصحارى الشاسعات و قيظها المر الثقيل
تعبت و أرخت للنعاس جفونها عند الاصيل،
فهرعت أوقظها بأغنية المراكب و الرحيل :
هيا. فرحلتنا الجديدة نزهة في فجر "ليل"
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> قعر المرآة
قعر المرآة
رقم القصيدة : 65712
-----------------------------------
خرجت للدنيا بلا سيف و لا ثياب
قرعت أجراسي على كل باب،
حلمت في مرآة عريي أن أعانق البشر
أن أجد الحياة و السلام،
لكنني، و ألمي، رأيت كيف العالم انتحر
في قعر مرآة من الثياب و الكلام.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الصمت و الحصار
الصمت و الحصار
رقم القصيدة : 65713
-----------------------------------
-1-
كان لي الصمت سريراً و كتاب
خلف جدران الالم
وجراح الاغتراب
كان لي الصمت صديقاً، والقلم
جمرة تحرق أوراق الاياب
غير ان الصمت - هذا البلبل العاشق-أضحى
بومة تنعب في القلب المهاجر
وغراب
يحمل الانباء من أرض الخراب
من بلاد أثمرت قتلى وجرحى
وحناجر
قطفت كالبرتقال
من بساتين السكوت.
كيف للشاعر بعد
ان يواري صوته أو قلمه
تحت أكوام الرمال
كيف لا يفجر في كل البيوت
والحروف الناعمه
ألف زلزال ورعد
-2-
يا احبائي في عصر المطر
والزوايا المعتمه
وحكايات السمر
الاعاصير أحاطت بالمدينه
وجوازات السفر
بقيت، مع كتب التاريخ والشعر،
على ظهر السفينه
والسفينه
نكست كل البيارق
مزقت خارطة الدنيا و قانون الجهات
واستحالت، بين احشاء الحرائق،
في زفاف الماء و النار، جنيناً للقدر(62/55)
وصدى يصعد من قلب السكينه
صارخاً آية طارق
معلناً ان الخطر
وحده باب النجاة.
لم يعد، بعد لنا أي اختيار
لم يعد في وسعنا حتى الفرار،
خلفنا البحر، وحول السور أمواج التتار
خلفنا الماء، وخلف السور نار
خلفنا الليل وعبر السور أبواب النهار ...
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> علية الموسيقى
علية الموسيقى
رقم القصيدة : 65714
-----------------------------------
يسقط من علية الموسيقى
نهد ويستحيل
حمامة تحمل في منقارها الجميل
صديقا.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> نهاية
نهاية
رقم القصيدة : 65715
-----------------------------------
آثرت أن أبدأ من نهاية الروايه
قراءتي
آثرت أن أبدأ من نهاية الرساله
كتابتي
كي أقنص الالفاظ من أعضائها الخفيه
وأدفع القراء خلف نجمة معصوبة العينين أو غزاله
تركض في أغواري القصيه،
آثرت أن أعقد الحكايه
حكاية التاريخ و الاشياء ... أو حكايتي
لا رغبة ... بنعمة الالغاز والاحاجي
بل رهبة من شبح النهايه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> منفى
منفى
رقم القصيدة : 65716
-----------------------------------
نحن الكلمات المنفيه
نحن الصدفات المرميه
في قاع العالم، في آبار الوطن
نحن الاوراق المنسيه
في جيب الريح، و في أدراج الزمن.
لكنا نبقى،
نحن البحر، ونحن الغرقى
نحن المطر.
من يسمع هذا الشاعر يبكي،
ريشته تبكي،
فوق رصيف الليل،
تقوس، تنكسر ..
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> ثقب الابرة
ثقب الابرة
رقم القصيدة : 65717
-----------------------------------
أدخل ثقب الابرة، أحمل تحت ذراعي
جملا؛
أصل الجنة، ادرك أن الجنة ليست غير خداع
فأعود الى وطني مقهوراً، بين سطور كتاب
لكني لا ألقى من يعرفني -
لا ألقى درباً أو باب.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> بهلوان
بهلوان
رقم القصيدة : 65718
-----------------------------------
كان يمشي فوق حبل المشنقه
فوق خط الاستواء(62/56)
لابساً كل ثياب البهلوان
صفق الجمهور. كان المهرجان
هائلا، والمشنقه
تتدلى في الهواء
مثل أنثى،
صارت اللعبة أحلى
صارت اللعبة أقوى
من حدود الامتحان :
قفز الفارس من ثقب الزمان
سقط الشاعر في بركة ضوء مغلقه
رائعاً
مثل شجاع
أو ... جبان !
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الموت الاخر
الموت الاخر
رقم القصيدة : 65719
-----------------------------------
" في ذكرى وديع حداد تذكرت صديقي "ارهاب".
كان فتى جميلا لم يكتمل، مات قبل البلوغ. كنا نسميه
خجلا "العنف الثوري". وكانت له أسماء مستعارة
كثيرة منها: وديع حداد، وابو حسن سلامة، وفؤاد
الشمالي، ومحمد بوضيا وغيرهم ممن ماتوا قبل أن
يموتوا ".
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> البكاء
البكاء
رقم القصيدة : 65720
-----------------------------------
أبكي غيابك أم غيابي
وجوادك الفضي يصهل عند بابي ؟
أبكي ويرد عني الصهيل :
انت المسافر في عذابي
وأنا القتيل.
أبكي و لست عليك أبكي
بل على وطن عثرت عليه في أشلائك
المتبعثره.
أبكي وقد مر السنونو،
وامتد حقل الحزن من صوتي إلى كل الخيام
وشرعت أسأل: من يكون
هذا المهاجر في قطار المجزره ؟
وصرخت: لا، لا تمنعوه من الرحيل
وقد خشيتم من يديه على السلام !
بل صادروا دمه الخصيب، وحزنه الرائي،
ولا تنسوا حقائبه القديمه
فلقد رأيت بها خريطة ذلك الوطن التي
ضاعت، وصار مجرد البحث الخجول بها
جريمه !
أبكي، وأنت الفارس الطاغي
الذي ينفي البكاء
ويعلم الدمع المهاجر أن يعود الى الجفون
ليصير أجراساً من الرعب الجميل
تعلو وتعلن فوق وديان الجليل
زمن الترد و الفداء -
زمن الجنون.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> في جحيم الكلام
في جحيم الكلام
رقم القصيدة : 65721
-----------------------------------
ذاهب أنت في نعيم السكوت
وأنا ذاهب في جحيم الكلام
أقرأ الارض،
أسمع الناس،
واستطلع الخراب أمامي أيها الشاهد الشهيد الذي لا يموت(62/57)
أيها اللاجيء الذي تتعانق في قدميه جميع البيوت :
قتلناك. والان حول رفاتك نبكي ولا نخجل
و(يا للقبيلة لم تهزج بل ارتعدت في الليل
لما أتى من صلبها رجل)
"ارهاب" عفوك لا تصدق ما اقول
أنا منهم، من جملة الاتين من وحل الهزيمه
جئنا لنخفي عنك - أو عنا - تفاصيل
الجريمه
جئنا لنخفي خنجر الغدر الذي اغتلنا به هذا الرسول
"الخائفون من الرهان
باعوا سلاحك
وتدافعوا في المهرجان
ليسرقوا حتى جراحك"
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الموت الآخر ...
الموت الآخر ...
رقم القصيدة : 65722
-----------------------------------
راحل، يا صديقي، الان مثلك في موتنا الاخر
موتنا العربي
(كان لنا موتان: موت الاخرين، وموتنا.
كنا نموت لانهم ماتوا، ونبعث كي نموت
ليولدوا)
يا موتنا السري
من يصغي اليك ومن يراك
يا موتنا السري في كل الدقائق:
موتنا العلني ليس سوى صداك!
كنا نهضنا من سرير اليأس، نفتح المدائن والقلوب
وحولنا زمن عجيب
(زمن التجارة بالكرامة والتراب)
وسلاحنا جرح، يغني أو صليب
كنا انفجرنا من قناني الصمت
من رمانة الرعب الجميل وقد رمتها الصاعقه
فتناثرت فوق الكنائس والمساجد والسهول
قلنا: انتهى عصر، و ها كل الخيول
كل الخيول العاشقه
عبرت سياج الخوف، وانتشرت على
طول المسافة
بين صوتك والصدى
ورأيت كيف الموجة اتحدت بأشرعة المدى ...
لكن - و"لكن" طعنة فصحى ... وتختصر
العذابا - سألتك أجراس القيامة عن بلاد
في أقاصي النوم لكن حين لم تجد الجواب
جعلت من دمك الجوابا.
سألتك أحجار الجليل عن الندى والبرتقال
عن الخيام الباكيات بلا صدى
ففتحت بابا،
وصرخت : أين هم الرجال
وبكيت، وانفجرت دموعك في أقاصي الارض
وامتلأ المدى بالرعد:
البعض خاف وعاد للنوم المطرز
بالسلامه
والبعض فر على كتاب أو خطاب،
أو حمامه
و.....
والبعض قام،
فقامت الدنيا. و قلنا: اليوم تبتديء القيامه
لكن دموعك - أو قنابلك الحزينة -
يا صديقي
لاقت بمنتصف الطريق(62/58)
سداً من الجثث التي تخشى مغادرة القبور.
حقلا من الاغنام من أقصى المحيط الى
الخليج
واذن ..
واذن
لمن هذا الضجيج؟؟
ولمن نموت وموتنا جسر... وينتظر العبور؟!
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الموت الفصيح
الموت الفصيح
رقم القصيدة : 65723
-----------------------------------
.....وصرخت
واتحد الصدى بالصوت
وسمعت ان جنودك انتحروا
وان جنودك الباقين قد عبروا
.. جدار الموت:
"عبروا مضيق الفاجعه
عبروا حناجرنا المضاءة بالجراح الساطعه
عبروا كتابي
كالبرق، كالرمح المبلل بالمطر
عبروا شبابيك السهر
دخلوا مخادعنا المليئة بالسراب
عبروا جدار النوم، والخوف المخادع،
والضباب
جاؤوا كعاصفة الدماء
في هذه الصحراء، صحراء الكلام العربيه
جعلوا السماء
أرضا، وأحجار الجليل الملحميه.
سفناً تقل جنازة التاريخ نحو الابديه".
ماذا نقول لهم، وموتهم الفصيح شهادة
ضد الكلام؟
ماذا نقول، وموتهم نفق من الضوء
المسافر في الركام
ماذا نقول لهم وقد صدئت بنادقنا...
القديمه؟
ماذا نقول لهم، وقد خجلت حناجرنا
العقيمه؟
سقطت ثياب بلاغة الشعراء
سقطت تماثيل الخطابة، والكتابة، والغناء
فرت مناديل البكاء
من بين أيدي العاشقين
فرت أمام رسالة امرأة
في القدس أو "جنين"
ترسل لي دموعها في طرف السكين.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> تصميم
تصميم
رقم القصيدة : 65724
-----------------------------------
جئتك، يا باريس، في آخرة الشتاء
مستسلماً للنفي والهزيمة
في رحلة عمياء،
وكانت السماء
مستنقعاً يغص بالوحول
ينذر بالغياب والجريمة،
لكنني صممت أن أغوص في لهيب حوضك السري
كفارس مقتول
أغرق في عذابك الوحشي.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الجنين
الجنين
رقم القصيدة : 65725
-----------------------------------
في اللحظات الاولى
لحظات الفجر الاولى، كانت كل وجوه رفاقي
تنبض كالبركان
تطفر بين رياح اليقظة كالاوراق
كان الليل يضيق علينا في الاسواق،(62/59)
كان جنين الثورة يصرخ فينا
يضرب رحم الصبر، يهدد بالطوفان
كان الصمت يدق نواقيس الميدان،
في اللحظات الاولى ...
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> حزن
حزن
رقم القصيدة : 65726
-----------------------------------
من مقهى في الحي اللاتيني
تتصاعد هذي الكلمات
كدخان سجائري المحتضره
كلمات جيوش منكسره؛
من مقهى في الحي اللاتيني
حيث رمادي يجلس في كرسي
يلبس صورة إنسان
يتناثر بين الجدران
يتساقط في جوف المقهى
في جوف المقهى اللامرئي.
حيث العالم بين حروفي
هرم يعرج، حيث الحي اللاتيني
حولي كهضاب من جرذان
يطعن حزني كالسكين.
في أوروبا،
تنمو للحزن أظافر
تقفز من أرقام الساعه
تسكن في صيحات الباعه،
الحزن هنا
ينزف ملء وجوه الناس، وينطق سما وخناجر
الحزن الاخضر خان خياتي
الحزن صديق مات
... لكن،
لكن عيناك هنا مطر
يتزاحم ما بين الابيات
يرقد بين جراحاتي
كصليب أحمر في الغابات.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> معجزة
معجزة
رقم القصيدة : 65727
-----------------------------------
خيم هنا على رؤوس الحراب
وارحل معي في نزهة للعذاب.
ارحل معي في صخرتي الخالده
ارحل معي في قلب هذا السراب
ما هم أنا، كلما اجتزت باب،
هاجمنا من صلبه ألف باب،
ما هم، نحن الطفل والوالده
نحبل من معجزة واحدة ...
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> المائدة
المائدة
رقم القصيدة : 65728
-----------------------------------
كنا على مائدة واحده
في بيتنا العتيق
وشمعة ساهده.
... ودق باب بيتنا صديق
يقول في بوابة البستان
عاصفة غريبة تكسر الاغصان
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> نوم
نوم
رقم القصيدة : 65729
-----------------------------------
أنام في حقيبة النهار
أنا وأشيائي،
أنام بانتظار
قاطرة المساء.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> وجهان
وجهان
رقم القصيدة : 65730
-----------------------------------
وجهان لي، وجه لذاكرتي(62/60)
يطفو ويمسخ وجهي الثاني
وجهان لي،
وجه ينابذني
يطفو، ويخنق وجه انساني.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> صقيع
صقيع
رقم القصيدة : 65731
-----------------------------------
على جمرة الشعر، ندفأ حيناً،
وحيناً، على قبلات امرأه
ولكننا في شتاء قريب
نموت، صقيعاً بلا مدفأه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> تساؤل
تساؤل
رقم القصيدة : 65732
-----------------------------------
أسأل في أيهما أمضي:
هذا الجسد المبحر بين يدي ؟
هذا البحر الراكد في عيني ؟
في أيهما أدفن جثة أرضي ؟
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> زمن الكسوف
زمن الكسوف
رقم القصيدة : 65733
-----------------------------------
نظلم كي نضيء
في قاعة المرايا
في شاشة الفصاحة البيضاء،
نظلم كالحروف.
بين حقول الورق العذراء
من أجل أن نقرأ، أن تضيء
في ظلنا، الزوايا
في زمن الكسوف.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> مشروع
مشروع
رقم القصيدة : 65734
-----------------------------------
أنام فيك، أترك العينين واليدين
يا وردة الرياح والجهات
وأخرج الحمام
من قفصي، من قفص الاعدام،
كي أسحر القضاه
كي أسرق الحياه
ولو للحظتين.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> هجرة
هجرة
رقم القصيدة : 65735
-----------------------------------
هاجرت نجمة شعري
في سماء الاخرين
فانطفأت
سكن العالم صدري
فرحلت
وتبللت بأمطار الحنين
فاحترقت
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> سهر
سهر
رقم القصيدة : 65736
-----------------------------------
أسهر في نحيبك الوردي
يا جاز، يا رمانة الضوضاء
يا نرجس الالم،
خذني الى صليبك الوضاء
صليبك السري،
يا منقذاً أصابعي من وطأة القلم
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> بحث
بحث
رقم القصيدة : 65737
-----------------------------------
استيقظت في مدينة الملاهي
في وطن الحناجر العطشى،
حيث وجدت العالم الكسيح
العالم الاعشى(62/61)
يركض في متاهي
يبحث عن مسيح.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> معرفة
معرفة
رقم القصيدة : 65738
-----------------------------------
... وفجأة ينتحر
يدرك أن الموت
خديعة كبرى،
أن الصدى
خيانة للصوت.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> اتحاد
اتحاد
رقم القصيدة : 65739
-----------------------------------
تنبض في عَينيّ
تنبض في يَديّ
تنبض في سريري
جنازة النهار؛
لا، ليس لي اختيار
السفر المدمى
السفر المليء بالدمار
السفر المليء بالحمى
في سفن الدماء
حيث اتحاد الاسم بالمسمى
والارض بالسماء.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> وحشة
وحشة
رقم القصيدة : 65740
-----------------------------------
يسكن في آلامنا الساطعه
نداؤه الصديق
يهيب أن نغني
جراحنا في سطوة الحريق؛
وأنت، يا سيدة الجراح
غني لنا أحلامه الرائعه
في عتمة الصباح،
نكاد أن نموت، وحدنا،
في وحشة الطريق.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> أمنية
أمنية
رقم القصيدة : 65741
-----------------------------------
يا ليت لي حريتي الصغيره
حرية البحث عن السلام
حرية السقوط والنهوض والكلام
في مخدع الاميرة،
حرية الراغب أن ينام
حين تهب اليقظة المريره.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> دعوة -1
دعوة -1
رقم القصيدة : 65742
-----------------------------------
أدعوك ان تقرأ نار الجنس
في دفتر الامطار،
أدعوك ان تعانق الاعصار
عند مضيق الجنس
جنازة، أو مولداً، أو عرس
للوطن المليء بالشرار.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> دعوة -2
دعوة -2
رقم القصيدة : 65743
-----------------------------------
للمرة الاخيره
أدعوك أن تمس يقظتي
بكلمة صغيره.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> ضجر
ضجر
رقم القصيدة : 65744
-----------------------------------
دعوت الرياح التي تتثائب بين الشجر
إلى غرفتي
قرأت لها ما كتبت أخيراً، رويت لها قصتي
فنامت(62/62)
تركت لها في فراشي مكاناً صغيراً، وقمت دعوت الشجر
فجاء بطيئاً يجرجر خلف خطاه جذور الضجر.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> خيام
خيام
رقم القصيدة : 65745
-----------------------------------
كان مثلي غيمة ثم انهمر
فوق صحراء الوجوه القاحله
وتساقطنا معاً ... في طريق القافله
وانتظرنا ألف عام
كي نرى فوق الغصون الراحله
بعثنا، عبر الثمر
زهرة تنبىء عنا
برعماً يهمس أنا
صدفة، من ألف عام، قد تقمصنا المطر
وسقطنا
فوق صحراء الوجوه القاحله،
فعرفنا
صدفة، أيضأ، بأن القافله
حين مرت من تحتنا
هرعت، واختبأت تحت الخيام.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> العودة إغتراب
العودة إغتراب
رقم القصيدة : 65746
-----------------------------------
أراك، أم لا أراك ؟
أراك كي تراني
مختبئاً في دفتر الغياب
أراك في أوراق هذا الكتاب
مطارداً كالفهد في البراري
منتصراً في عصمة السراب
أراك في احتضاري
في كلمتيك: العودة اغتراب.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> سبايا
سبايا
رقم القصيدة : 65747
-----------------------------------
نسكن عين الليل في النهار
وحين يأتي الليل
نسقط كالدموع فوق وجنة النهار،
نحن سبايا الحزن والضجر
في صدرنا للحب والسفر
اكثر من ينبوع.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> صرخة
صرخة
رقم القصيدة : 65748
-----------------------------------
يا صرخة في قلب هذا السكوت
تهب في الفضاء،
وبعدها، تغيب،
تقول لي: إني ضياء غريب
وبعدها، يموت.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> قنبلة جنسية
قنبلة جنسية
رقم القصيدة : 65749
-----------------------------------
أحلم: قنبلة ذريه
تتعرى قدام المرآة
في قاعة عرض عربيه
تتبرج، تدهن بالكلمات
بعطور الشرق الروحية
كل الالات
كل الالات الجنسيه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الطريق
الطريق
رقم القصيدة : 65750
-----------------------------------
تنويع أول(62/63)
ذهبت، وكان الطريق معي
وحين وصلت، وجدت الطريق، بداية جرح على إصبعي.
تنويع ثان
ذهبت وكان الطريق رفيقاً حزيناً
يسير ورائي،
وحين وصلت، سمعت الطريق
ينوح ويصرخ تحت حذائي.
تنويع ثالث
مشيت، وكان الطريق صديقاً أميناً
فأودعته قدميّ
وحين تعبت، جلست ونمت، فقام الطريق
وسار عليّ.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> اكتشاف
اكتشاف
رقم القصيدة : 65751
-----------------------------------
سميته الصحراء، والمدينة المهجوره
سميته القارورة المكسوره
في منزل الرعبِ،
في طرف من حيرة وتيه
ثم اكتشفت فيه
عن غفلة، قلبي.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> أسئلة
أسئلة
رقم القصيدة : 65752
-----------------------------------
الحياة تراكم كالقش حول صراخي
والصدى زهرة ذابله
تتياقط فوق حطام القصائد، فوق حطام الرؤى الماحله،
اليد التي قبلوها انحنت واستقامت
والرياح التي اسرجوها مضت. من صهيل
الرياح، وأي أضاف الى الارض صوتاً،؟
وأي الخناجر اكثر موتاً؟
وأي الكلام يقين؟
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> ضحايا
ضحايا
رقم القصيدة : 65753
-----------------------------------
كان مثلي شاعراً يصطاد ظله
ثم أدركنا معاً أن السراب
كان في أشعارنا الجيرى مظله
لسؤال ساذج دون جواب.
أننا كنا ضحايا
في صحارى الاغتراب.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> ثلج
ثلج
رقم القصيدة : 65754
-----------------------------------
وطن يتعلم من جرحي
أن يكثر من زهر النعمان
يتعلم شعب من حزني
أن زمان الغربة مات،
أغصان دمي هجرتها
أطيار الكلمات
وحقول الشعر مغطاة بالثلج تنقرها الغربان
للشاعر وجه أم وجهان
وجه للحزن ووجه للحريه
من يعلن خاتمة الأحزان؟
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> لا راحة
لا راحة
رقم القصيدة : 65755
-----------------------------------
حذار، بعد اليوم، أن نستريح
في ملعب الصراع
لكي نكون الريح
والعالم الشراع.(62/64)
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> حكاية ظنون
حكاية ظنون
رقم القصيدة : 65756
-----------------------------------
منذ أعوام ظننت
أن أعدائي هناك
خلف تلك الهضبات الغسقيه
رابضون،
وحسبت
أنهم يحصون ليلاً ونهاراً كلماتي
ويحيكون الشراك
لحياتي،
أنهم يختبئون
في سراديب غريبه
تصل القدس بأوروبا، بأمريكا... بأقمار عجيبه،
أنهم يمتلكون
مفتاح سير النجوم،
أنهم كالله يملكون مصيري، ومصير البشريه،
فارتجفت
وأنا طير صغير
مسلم للريح والشعر قيادي
في تلافيف الغيوم،
وسقطت
صدفة، في أرض أعدائي، هناك
فتنقلت بأطراف البلاد
وتعلمت الكثير.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> زمن
زمن
رقم القصيدة : 65757
-----------------------------------
قلبنا صفحات التاريخ، وقفنا في بعض الصفحات
نتجاذب أطراف المأساة
كنا اثنين: صديقي الوطن
وأنا. أغلقنا الدفتر، كان الزمن
يتأبط بركة ماء
وقصيدة فخر عربيه
ويمر أمام المقهى...
فوقفنا
وقف الاخطل يخطب فينا
فترنحنا فوق سطور النشوة كالاقلام
صفقنا وملأنا المقهى
بهتافات تحريريه...
وخرجنا نبحث عن ملهى
أو نغرق في أحد الافلام.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> النار ماء
النار ماء
رقم القصيدة : 65758
-----------------------------------
للنار هذا العالم المريض
للنار هذي الاوجه المهترئه
وهذه الضمادة التميمه
للنار، للحضيض
إلى متى تظل خلفها
جراحنا القديمة
فنادقاً وثيرة للأوبئه؟
لقد خبرنا منذ أول العصور آية الشفاء
لا طب، بعد الان، لا مسيح
كي نبرىء الجراح، وكيما ننقذ الجريح:
" الكي آخر الدواء "
والنار ماء
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> تشي
تشي
رقم القصيدة : 65759
-----------------------------------
أيها السيد، كنا ننحني
لسياط اللذة المستعجله
نحن أطفال السنين الموحله
لم يعلمنا أب أن نستقيم.
لم يعلمنا نبي واحد أن نشتهي
... باب الجحيم.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> فرس الموت(62/65)
فرس الموت
رقم القصيدة : 65760
-----------------------------------
تحت قميص الليل
كنا نوقظ جسد الثوره
نعصر، سرا، عنب الحزن
ونشرب خمره
كنا نسرج فرس الموت لنقطف زهره
(كنا نحسب أن العالم زهره) ...
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الاحرف المشتعلة
الاحرف المشتعلة
رقم القصيدة : 65761
-----------------------------------
سوف نمضي
أحرفا مشتعلة
في هشيم الصفحات
حيث لا شاعر،
لا ثائر،
لا برق يلوح
في صحارينا القديمه
يتهّجى معنا سفر الهزيمه
وتضاريس الجروح
سوف نمضي ....
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> تسمية
تسمية
رقم القصيدة : 65762
-----------------------------------
تحت سماء الموت والميلاد
تشرق نجمة المجوس، من جديد،
وقيل ان ضوءها خبا...
لكنني رأيته ينهل كالشلال
في جبهة الاطفال
رأيته يقتحم الخيام والسجون
يغزو ضمير العالم المجنون
رأيته ينتفض فوق قبضة الجلاد،
رأيتها، رأيت نجمة الميلاد، من جديد
ما هم إن سميتها المسيح، أو سميتها زياد.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> بقاء
بقاء
رقم القصيدة : 65763
-----------------------------------
مر الكلام هنا، هنا
مر الكلام على ضفافك وانحنى
يا نهر، يا نهر الدموع
يا نهر، يا نهر الفرح
أدركت أنك راحل نحو المحيط بلا رجوع
كيما تعود مع الغيوم الى الجبال
مطراً، وأقواساً قزح،
أدركت أنك راحل لما أتيت
من جرح ليل الراكضين الى الصباح، وفي الصباح
لما هويت
في كل قبضة ثائر
في كل دفتر شاعر
في كل بيت
خلفت قلباً خافقاً نحو الكفاح
ها أنت تسكن في الجراح
ها أنت تطلع من ينابيع الرياح
الأرض تدرك أن صوتك لن يموت
الشعب يعلم ان صرختك المضيئة في الجبال
هزت جذوع النوم في جسد الرمال
هزمت مؤامرة السكوت.
سقطت قنابلهم سدى
شقطت على أطراف جرحك كالندى
بقيت لهم أشلاء جثتك الرقيقه
وبقيت فينا كالمدى
شررأً يمد على ضمائرنا حريقه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> تواطؤ - حوار(62/66)
تواطؤ - حوار
رقم القصيدة : 65764
-----------------------------------
معي يتواطأ هذا الكلام
مع البشر الساهرين على شرفة دمي، تتواطأ حنجرتي وخطاي،
ومثلي جلدي جبان،
ومثلي يجهد ان يتسلح بالبرق والصور الرائعه
ومثلي يجلس، ثم يقوم لكي يتردد صوت الجلوس وصوت القيام
ومثلي رقيق، يكاد النسيم يمزقه كالغمام،
تمر الحجارة عبري، وتنتقل النجمة الساطعه
خلال ستائر روحي،
ويبدأ بيني وبين كلامي، حوار ...
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الوداع
الوداع
رقم القصيدة : 65765
-----------------------------------
أيها الشعر، وداعاً
انتهت رحلتنا
بين أدغال الكلام
وبساتين الجسد،
ان في اعماقنا جرحاً ينام
حان أن نوقظه
حان أن يوقظنا
من أراجيح الابد
نحن أجيال النيام
نحن شعب الكلمات المشرقه
والعيون الشبقه.
السراديب التي نسكنها
السراديب التي تسكننا
آن أن نهدمها
آن أن نرسمها
في كتاب الذكريات
شاهداً مر ومات.
أيها الشعر، وداعاً
انتهى عصر الكلام المخملي
وانتهى عهد السلام
بين جرحي والضماده
بين رأسي والوساده،
إننا ندخل عصراً بربري
طارحاً جمجمة الشعر العتيقه
بين أنقاض المعاهد
والمقاهي والملاهي والنوادي والمعابد
وبيوت الشعراء الحالمين
إنه عصر الحقيقه
إنه عصر اليقين
كل سعر ضله، ضل طريقه.
أيها الشعر، وداعاً
انتهت غربتنا
في تجاويف الرموز المقفله
فلنخلف للرياح
لعصور أقبلت، أو مقبله
كل أشعار النواح
ودوواين الضجر
ولنمزق في الصباح
راية الحزن القديمه
وجوازات السفر.
أيها الشعر، وداعاً
انتهت رحلتنا
وأمحى من خلفنا وجه الطريق
إننا ندخل تاريخ الحريق
وجحيم اليقظة المشتعلة
حيثما الحرف سلاح
خنجر أو قنبلة.
أيها الشعر، سلاماً
أيها الشعر الصديق
بدأت رحلتنا.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الكتب
الكتب
رقم القصيدة : 65766
-----------------------------------
1 - كتب الشعر
الكتب اهتزت على الرفوف
ولفظت أحشائها السريه،(62/67)
فالعيد للارقام والحروف
لجثث القصائد المنسيه،
الشعر كلمتان:
واحدة مدفونة في المكتبه
وكلمة - قيامة في طرف اللسان.
2- كتب الاطفال
الكتب انهارت عن الرفوف
في حفلة الميلاد،
فصرخت والدتي، وابتهج الاولاد
وامتلأ الهواء بالحروف،
فاقترحت صديقتي أن نفتح الابواب
كي نطرد الحروف كالذباب
ووافق الضيوف
وبسملت والدتي وأسرعت بالمكنسه
لكنما الاولاد
تجمهروا من حولها وطوقوا ذراعها، وصرخوا:
"أستاذنا في المدرسه
علمنا: الحروف
تخرج كالطيور في الاعياد
تطوف في البيوت
فان تركناها
واعتصم الجميع بالسكوت
تعود وحدها للرفوف
وإن ضربناها
تحولت سرباً من الجراد
يقضم كل شيء:
الزهر والثمار والاطفال والسجاد
وصورة العذراء
وإن دعوناها إلى سهرتنا
فرقصت وانشدت وشربت من خمرنا
وأكلت من خبزنا الطري
تطير في نهاية المساء
تطير كي تصير
كواكباً في ظلمة السماء."
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> النزيف
النزيف
رقم القصيدة : 65767
-----------------------------------
هرمت سبابتي بين السطور
غير اني قد تعلمت الطريقه:
ان أربي كلماتي كالصقور
كالوحوش الجائعة
بين أدغال الحقيقه.
طالما أهرقت عمري
مطرا فوق الرمال
قبلا فوق الصخور
طالما ...
طالما احرقت شعري كالبخور
في محاريب الخيال
ومقاصير الاحاجي
طالما علقت رفضي واحتجاجي
كالتميمة
حول أعناق التماثيل القديمة
حول أوراقي وأشواقي وناري وجنوني
وهتفت
من شبابيك ظنوني
بالجماهير: " تعالوا واقرأوني! "
وتكفنت بتيجاني ومت.
غير أني اليوم قد زحزحت صخري
وبعثت
من رماد التجربه
ونهضت
من دخان الصفقة المغتربه
من حطام الزمن المسقوف بالحلم وأزهار الغبار
خارجا من لوحة الرسام من انقاض مرآتي الصغيرة
لابسا عريي وصوتي وشراري
صاهرا وجهي في نار المسيره
ها أنا أولد في جمر الطريق
في ملايين العيون الزاحفه،
من كهوف الذل والحرمان
والحيرة والاثم العتيق،
من سراديب الحضارات العنينه،
نحو غابات الضياء.(62/68)
ها أنا أمنح للريح ردائي
ومظلاتي الامينه
ها أنا أمنح الارض سمائي
ونجومي الزائفه
وعلى ايقاع جرح الارض والانسان
تنمو نبضاتي
وتهب العاصفه
من نزيف ساطع في كلماتي
وخطاي النازفه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> بلا تعليق
بلا تعليق
رقم القصيدة : 65768
-----------------------------------
خرجت كل القبيله
للعراء
ركعت، غنت، وصلت للسماء
طلبا للمطر
بقيت عشر أعوام طويلة
دون شكوى او عتاب
بانتظار القدر.
ثم لما، في السماء، العاصفه
حملت فجر الجواب
اعلنت، بالبرق والرعد، السلام
هرعت كل القبيله
بقلوب خائفه
هرعت واختبأت تحت الخيام.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> غناء
غناء
رقم القصيدة : 65769
-----------------------------------
مرت الريح وها نحن نغني
مرت النار وها نحن نغني
مرت الزلزلة الكبرى وما زلنا نغني
للفصول الاربعه،
أقسم العالم أن يرحل فينا
نحو غابات الضياء
فالغناء
لغة للعاشقين،
وغداً سوف تمر الزوبعه
وتظل الاغنيات
كالعصافير على كل الغصون
وتظل الكلمات
فوق أشجار الجنون
ثمراً للجائع، الشارد، أنغاماً جديده،
وإذا العالم مات
نبعث العالم في زهو قصيده.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> انتظار
انتظار
رقم القصيدة : 65770
-----------------------------------
حين غنيت، شاهدت كل النوافذ ترحل تحت المطر
حين غنيت، هب المسيح وكان الثمر
يتساقط من حاجبيه، ومن شفتيه، وكّم ردائه
وكانت سرايا النجوم تزوبع تحت حذائه.
وحين غنيت، أبصرت كل الجبال تهب وتنهض من نومها،
صرخت، وظل البشر
نياماً، وراء القبور
ومثل المسافر، مازلت منذ مئات العصور
أراقب فوق الرصيف مجيء قطار العجيبه.(62/69)
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> صعود
صعود
رقم القصيدة : 65771
-----------------------------------
صعد الموت إلي
بثياب الفقهاء
فتسلقت يدي
وتسللت الى جوف السماء
فوجدت الله يبكي بإنتظاري
وعلى ركبته، كان النبي
حاملاً مسبحة بيضاء من دمعي ودمع الشعراء.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> سفر
سفر
رقم القصيدة : 65772
-----------------------------------
كأنها القبعات
وحيدة، تسير في شوارع المطر
بلا رؤوس؛
كأنها الحياة
تنوء تحت وطأة الخطر
تهم بالجلوس
في مقعد السفر.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> عشب
عشب
رقم القصيدة : 65773
-----------------------------------
أيها العشب، أيها الالم الاخضر كالجرح
في كتاب الطبيعه،
تستطيع الفصول أن تتكلم
عنك، عني، عن الدماء الوديعه
في عروق الايام، أن تتعلم
في ابتساماتنا، هدوء الفجيعه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> مدار
مدار
رقم القصيدة : 65774
-----------------------------------
-1-
هل الشعر يكفي لرسم خطاكِ ؟
وأنت صراخ الحياة، وكل الكلام الجميل، صداك.
-2-
تنحدر الاشجار والمراكب الصغيره
من شعرك الهارب بين الريح
فوق صخور جسدي ...
-3-
يا جنس، يا فصاحة الجسد
يا وطني
بين حدود االموت والحياة
يا لغة الغناء والابد.
-4-
بنيت في صياحكِ الزنجي
مدينتي الاخيره
بنيت في سرّتكِ الصغيره
عالمي السري.
-5-
... وأجمل رحلاتنا
في القطار الذي فاتنا.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الموجة
الموجة
رقم القصيدة : 65775
-----------------------------------
كانت الموجة طفله
ولدت من سّرة الريح، وكانت
طفلة تولد، كالموجة، في ذاكرتي
هربت من شفتي
عندما قبلتها أول قبله.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> جنون
جنون
رقم القصيدة : 65776
-----------------------------------
آتيكِ كالرمح الشريد، بلا طريق أو أدله
من قاع شهوتي الحرون
فأغيب فيك، أموت، أحيا، والجنون(63/1)
يعدو أمامي كعاشق يصطاد ظله
وأطير اتبعه، ونهدك في يدي اليمنى مظله.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> ضياع
ضياع
رقم القصيدة : 65777
-----------------------------------
اسقط في أدغالِك الورديه
كالرمح في المياه
أغيب في أحشائك السريه
كفاتح، كسائح
كجدول مشرد،
يبحث عن مجراه ...
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> النبع والمقصلة
النبع والمقصلة
رقم القصيدة : 65778
-----------------------------------
الصخور الصخور الصديقه
الصخور التي تفصل خطواتنا
تنحني، تتجول موجاً رحيماً يراقب خطوتك المقبله
من وراء السهول، السهول العشيقه
من وراء المدائن والجزر المقفله
وذراعي طفل ينام، وينهض، يصرخ بين الرياح العتيقه
يقول لنهدك كل الكلام الذي لا يقال:
" تعال، أنا الحرب والسلم، والنبع والمقصله "
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> حطام
حطام
رقم القصيدة : 65779
-----------------------------------
أحس بصوتك يأتي كرمح
كرمح من الملح، يقبل نحوي، يغوص بجرحي
ويمشي معي في تلال الهواء الخفيه
أرى قدميك تمران في جسدي المتعب
مساء. أرى لهبي
يتصاعد منك ويمتد بين الشجر
وفوق حطام الصواري،
احس بوجهك يأتي كجرح
كقوس المطر
ليحرس حزني المسافر بين الصحاري
لأسمع فيه انهيار الحدود، وأفرأ فيه انتحاري.
والمح نهدك يأتي
يخيم فوقي مثل الغمامه
وكالكأس يعلو ... وينكسر الكأس فوق جراحي
ويلقي عليها حطامه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> لمح
لمح
رقم القصيدة : 65780
-----------------------------------
حين مررت فيك وردةً في الماء
حين اكتشفت صدرك المسكون بالرياء،
أحسست أنني قطعت مجمل المسافه
كاللمح، بين المهد والضريح
عرفت أن الريح
أنِت، وأني وردة اللطافه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> لهاث
لهاث
رقم القصيدة : 65781
-----------------------------------
حملت شتائي اليك،
وهذا الزمان الذي يتفتت كالرمل بين يدي(63/2)
حملك لك البحر والشعر -
هذ الجنون الذي يتمرد حتى عليّ
حملت حرابي وموتي
وأغرقت صوتي
بأهدابك الراهبه
وعند الصباح، رأيت حياتي تلهث
كي تتسلق موجتك الهاربه.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> طريق الموت
طريق الموت
رقم القصيدة : 65782
-----------------------------------
ابتعدي
لكي احس في دمي صداك، كي أراك
فلغتي مصابة بمرض المسافه
القلب لا يرى الاشياء جيداً
حين تظل في مجال العين واليد،
أحس صوتي في يدي مثل برتقاله
لانني عبرت من جدار الصوت
وها أنا أرى حياتي جيداً
لانني ابتعدت عنها في طريق الموت.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> خزامى
خزامى
رقم القصيدة : 65783
-----------------------------------
خزامى،
لعينيكِ آتي بشوق المصلي
بشوق المسيح لحمل الصليب،
وقلبي، مثل الحمامة، يخفق حزناً وشعرا
وينشد بين يديك السلامه،
ولا أستطيع الوصول، لان شراك الحياة
تلاحقني مثل ظلي.
أمامك، يعصى على قلمي الشعر،
يصغر، يصغر حتى يكاد يصير كلاما.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> زهرة الليل
زهرة الليل
رقم القصيدة : 65784
-----------------------------------
هجر النعاس قصائد الشعراء،
كان النهر يبحث عن سرير في الحقول
مرت فصول
وامتد خيط الحزن من جرحي إلى وجع التراب
وسألت شعرك ان يطول، وأن يطول ...
ويثير مشنقتي ومشنقة الملايين التي جاءت تخيم في السهول
جاءت تخيم في كتابي -
أنا زهرة الليل المضاءة بالعذاب.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> احتراق
احتراق
رقم القصيدة : 65785
-----------------------------------
يقولون ان السماء بكاء
وان كلام السهول وساده
وانك مثلي أتيت على هودج من مطر
إلى حضرة الأنبياء
فأحرقت أول حرف بسفر الافول
وآخر حرف بسفر الولاده.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الرجوع
الرجوع
رقم القصيدة : 65786
-----------------------------------
كانت سماؤك، حين كنت قريبة(63/3)
تدنو وتهبط فوق وجهي كالحجاب
فرأيت كل الناس والاشياء، عبر حريرها الوردي،
ترقص كالقصائد في كتابي
وحسبت أني حالم
مزج الحقيقة بالسراب
وحسبت اني شاعر
يصطاد في بحر العذاب
جرحاً جديداً، زهرة وحشية بين الخراب
فعزمت أن أصحو على ضوء الغياب
ورحلت.
كنت معي حريقاً لا يهادن في الذهاب ولا الاياب
وظللت أحمل نارك الخضراء من باب لباب
ورجعت.
ها صمتي البليغ ينوء من حمل الجواب.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> هرب
هرب
رقم القصيدة : 65787
-----------------------------------
ورأيت انك ترحلين
بين السطور النازفه
ورأيت نهدك هارباً في العاصفه
والليل ينهض خلف شجرة ياسمين
كانت تنام وحيدة في قاع روحي كالجنين
وسألت نهدك كيف يهرب من يدي ؟
فأجابني:
هو هارب مني إليّ.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> هرب
هرب
رقم القصيدة : 65788
-----------------------------------
ورأيت انك ترحلين
بين السطور النازفه
ورأيت نهدك هارباً في العاصفه
والليل ينهض خلف شجرة ياسمين
كانت تنام وحيدة في قاع روحي كالجنين
وسألت نهدك كيف يهرب من يدي ؟
فأجابني:
هو هارب مني إليّ.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> اقتبس الجنون
اقتبس الجنون
رقم القصيدة : 65789
-----------------------------------
اقتبس الجنون
من لحمكِ المليء بالخطر
اقتبس المطر
من بعض ما تسكب في يدي
غيوم عينيكِ
لكن في عينّي
ما لا تراه العيون:
شوقي لان أكون
سفينة مجنونة ترسو
ما بين زنديك
سحابة وردية تفنى
في بحرها الاغنى
ما بين نهديك.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الصدى
الصدى
رقم القصيدة : 65790
-----------------------------------
سألتُ النجوم التي تتساقط حولك مثل الندى
سألتُ الصحارى، سألت البحار، سألت المدى
سألت بأي طريق أمر اليك
وألقي مراسّي بين يديك،
سألت وكان جواب سؤالي الصدى.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> الجدار الأخضر
الجدار الأخضر(63/4)
رقم القصيدة : 65791
-----------------------------------
غرد على قلمي.. على قيثارتي
اني أحسك في صدى أشعاري
لهبا.. وعاصفة تثور.. وصيحة
تجتاح قلب الشعب كالاعصار
غرد ففي صدري شراع جائع
يشتاق أن يلوي عناد الصاري
أنا لا أطيق الصمت.. فاصرخ في فمي
يا زارع البركان في أوتاري
اني أغص مع الهتاف.. و تنحني،
في لوعة الذكرى، غصون الغار
هذا الجدار.. وخلفه لي قصة
خرساء تكتمها حجار الدار.
هذا الجدار.. يضم بعض هزيمتي
وتشردي.. وتمزقي.. واساري
هذا الجدار.. تنام فيه جحافلي
وغداً تفيق على نداء الثار
مهلا.. اذا مات السكون على يدي
وانهار في زحف الجيوش جداري
ستطل من هذا العرين براعمي
وتقوم تهزأ بالردى أزهاري
أشبال هذي الدار.. بعض عواصفي
وزئيرهم شعري، و لحن كناري
لن يركعوا تحت الظلام وان طغت
خلف الظلام خناجر الاشرار
لن يركعوا.. والحرف في أقلامهم
من جمر ملحمتي وضوء نهاري
*
من أرض "بشمزين" لي أسطورة
عبأت منها أكؤسي وجراري
وأخذت أشرب.. لا قيود تصدني
عنها، ولا صوت الغراب الضاري
أحرقت فيها عتمتي وصوامعي
وفرطت مسبحتي.. وبعت سواري
وبدأت أرسي في "الصنوبر" زورقي
وأقيم مينائي.. وأرض مطاري
ما زلت أشرب.. والضفادع عربدت
حولي، ورجع نقيقها الثرثار
كالموجة انحسرت.. وذاب غرورها
تكسرت عن صخري الجبار
لا حقد يربض في فمي أو ساعدي
لكنني ان قلت، لست أداري
الظامئون.. لهم دمي و محبتي
والجائعون، فتات لحمي العاري
الحاسدون.. الجارحون روايتي
الحاقدون.. الناهشون ستاري
لن يخمدوا حبي ونار ألوهتي
لن يطفئوا مجدي ونور مناري
هذي الصواعق للخلود.. وللردى
صوت الذئاب وعتمة الاسوار
هذا الضجيج يموت خلف مواكبي
هذا الفحيح يضيع بين غباري
**
من أرض "بشمزين" أنشر رايتي
وأسير: حب الموت بعض شعاري
فأنا هنا.. وهناك صرخة ثائر
وهدير عاصفة.. ونبع دمار
للغاصبين .. الغادرين بأمتي
السارقين كرامتي وغماري
من فرقوا شملي وشمل أحبتي
من مزقوا لحمي و لحم صغاري..(63/5)
بالصخر.. بالطوفان.. بالدم.. بالردى
بزلازلي.. بصواعقي.. بالنار
سأرد عن هذا التراب نيوبهم
وأزيح عن شعبي رداء العار
ان شوهوا أمسي.. ففي مستقبلي
شمس تبدد ظلمة الاثار
ان قطعوا مني يميني.. أسرعت،
لتعيد ملحمة النضال، يساري
هذي جراحي.. كل جرح يرتمي
درباً لهبة جيشنا الهدار
سأظل أشعل للكفاح قصائدي
وأقود، في جمر اللظى، تياري
وعلى صليب الشعب أرفع جبهتي
ما هم جسمي قسوة المسمار!!
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> نهر الغضب
نهر الغضب
رقم القصيدة : 65792
-----------------------------------
نهر من الدمع. أم نهر من الغضب؟
من أيقظ الجرح في صدري وفي كتبي
مرت قوافلكم في الليل فاختلجت
أوتار حزني في أعماق مغتربي
غنيتكم زمناً كان الغناء به
يحلو، وتشتعل الدنيا على خطبي
جاد الزمان ولم يبخل بنعمته
فشاب صوتي وجرحي بعد لم يشب
وغاب شعري عن أعراس ساحتكم
لكن ناري لم تخمد ولم تغب
اليوم أرجع والاجراس ساهرة
بين المقابر، والانقاض، والخرب
أعود نحوكم من بعد ما عبر
قوافل الحزن والالام والغضب
خمسون عاماً وما زالت جراحكم
تسقي الرمال بلا شكوى ولا عتب
خمسون عاماً. تكاد الارض تسألكم:
لقد تعبت، أما تشكون من تعب؟
هيا اقرأؤا دمكم، تعلو فصاحته
على الخطابة والاشعار والادب
أدعو الحجارة أن تصغي لضجته
وتستفيق، فمن يسمع ومن يجب
لبنان كنت لنا تصغي وتسمعنا
وتعشق المطر الموعود في سحبي
وكنت تعرف ان الخبز من جسدي
والخمر من دمي، لا من سارق العنب
لبنان أرزك محصود لعاشقه
وعاشق الارز رب ثائر ونبي
في القدس يصرخ: ان الصالبين أتوا
ليصلبوا شعبي المعمود باللهب
بالامس قالوا: غصون الارز قد رحلت
لتستجير بجزار ومغتصب
لبنان أرزك يأبى أن يقول: بلى
للباحثين، لصلب القدس، عن خشب
فالارز والنخل والزيتون عائلة
مهما يكبر فيها ناكر النسب
الارز والنخل والزيتون معتنق
رغم العواصف والانواء و السحب
والارز يعرف: لا مجد يظل له
الا اذا ظل في بستانه العربي(63/6)
يا شعر مهلك! ها نفسي تذوب، وها
أذني تحار، وأوهامي تغرر بي
عن أي بستان مجد جئت تخبرني
تكاد تدهشني من شدة العجب:
بالامس قالوا: غصون الارز راحلة
لتستجير بجزار ومغتصب
واليوم قيل نخيل النيل قد ركعت
قاماته السمر تحت الظلم والخطب
وقيل لي: ان للباقين دورهم
في رقصة العار، يا أمجادنا انتحبي
كنا على الفقر تروينا كرامتنا
واليوم نعطش في بئر من الذهب
حاشا العروبة، في بستانها زهر
يجدد الشجر المنذور للحطب
في كل برعم زهر وعد عاصفة
فالريح ان لامسته مرة يثب
يا شعر مهلك ! هل تحتال ثانية
على خيالي، كأني جاهل وغبي؟
.. أما سمعت بأن الصفقة انعقدت
وأن أرضي رهن العرض والطلب؟
أما سمعت: لصوص الشعب قد سرقوا
حتى التراب وما في الترب من عشب؟
أما سمعت بأن البائعين أتوا
ليقبضوا ثمن الاجراس والقبب؟؟
يا قدس عفوك.. صك البيع مهزلة
بلا رصيد سوى التهريج والكذب
يا قدس عشاقك الاحرار ما سجدوا
الا لاسمك رغم الدمع واللهب
باعوا دماءهم كي يشتروا وطنا
ولم يساوم لهم جرح ولم يخب
هم مالك الارض لا السادات مالكها
ولا سواه من الازلام واللعب
فليذهبوا.. صفقة الاذلال باطلة
وليرقصوا كيفما شاؤوا من الطرب
حسابنا مقبل: والليل مملكة
للخائفين على التيجان والرتب
يأتي الصباح.. وندري كيف نقطعها
يد الموقع باسم الشعب والعرب
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> نصفي الآخر
نصفي الآخر
رقم القصيدة : 65793
-----------------------------------
سألتني احدى الصديقات : كيف تريد حبيبتك ؟
قل أريدها:
سرابية الخطو.. مستعجله
تمون قلبي أحاجي
وتملؤه أسئله.
تجيء كنسمه
وتمضي كنسمه
فتترك شوق المكان لهيباً..
وتشرب اسمه.
عجينية الشكل.. لا ترتدي
مصيراً معين
تصير كما تشتهي
تصير كما أشتهي
نبيذاً بكأسي
وضوءاً بيأسي
ودرباً جميلا مزين
غدائرها الهاجمات كنقمه
كشلال عتمه
كنهر حكايا عتيقه
كسور حديقه
تمرع في هبة عاصفه
فثمة عروه
وثمة دروه،
أخبىء عيني فيها..(63/7)
لاسرقها لمحة خاطفه
فأعرف مشتل حبي
ومن أين يرضع قلبي
وأين يحط جناحي
ومن أي بركة وحي..
يهل صباحي.
•
تريد كثيرا..
وتحكي كثيرا:
تريد حليب السنونو
وتسأل ما لا يكون
تقول: اعتصرني
تقول: اختصرني
على الدرب زهره..
على الشط صخره..
وخلف صقيع المساء
سراجاً وجمره.
تقول: انسفح في وجودي بدايه..
ومعنى وغايه
وصر في لساني
رضاباً، وعطراً، وكلمه
ودفق أغاني
وصر فوق ليل الزمان..
شراعاً ونجمه
وكن في خمولي
يداً تعمر
وفأساً.. وشبابة تهدر
وخفقة لحن بطولي.
تقول: وكن في ذهولي
دماء تخف
وجفنا يرف
وقلباً كبيراً يدق.. ومقله
وحبة قمح.. وشتله
تفج التراب، وتنمو،، صبيه
وتثقب صدر السماء..
وتقعد فوق جبين النجوم.. نبيه
•
تقول: تعال نسو الخريف ربيعا
ونرجع ثغر الجمال، الفطيم، رضيعا
ونجعل كل شموس الزمان..
قطيعاً قطيعا
نهش عليها..
بألف نداء وقلب
ونمشي اليها..
بغير جناح ودرب
فنقطف منها غدا مرمريا
ولحنا غنيا
وعمراً وضيء السنا، سرمديا
.. وأنسى كياني
لبضع ثواني
وأنت تغز التفاتك فيا
وأشعر أن الوجود أسير لديا
لان الصباح يغرد في مقلتيك.
وفي مقلتيا!!
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> حاشية الكتاب
حاشية الكتاب
رقم القصيدة : 65794
-----------------------------------
قرأتُ في حاشية الكتاب :
الحزنُ سؤال
والفرحُ جواب .
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> ليالي صمت وجدب ووحشة
ليالي صمت وجدب ووحشة
رقم القصيدة : 65795
-----------------------------------
وفجري وحل
وبيدر عمري غلال شقاء ومحل
وكلي، أنا ومصيري، سؤال جنين يحضر نعشه.
تعيش الأظافر في مقلتيا
وتلهو الأفاعي
فتزرع خطوي الضرير على كل ناب
وفي كل قاع.
لتوقظ في ضياعي
لترمي سموم الفراغ على وجه دربي و بين يديا.
أنا أي لحن كئيب.. و أية غصة؟
أنا أي كون غريب.. و أية قصة؟
أنا .. من أنا؟!
يا شفاه الزمان
أجيبي سؤالي
ويا قمة خلف حد المكان
بأي جواب سأسكت جوع الغناء
يضج خيالي(63/8)
ويحمل فكري
إلى جنة، كنت فيها اله،
على باب قبري.
شعراء العراق والشام >> كمال خير بك >> رجاء
رجاء
رقم القصيدة : 65796
-----------------------------------
سيظلُّ الحبّ صيفاً وربيعاً ،
حين لايبقى على الغُصن ورق
في جنون العاصفة
حين لايبقى لنا غيرَ الأرق
في شتاء الذّكريات،
وتفرُّ الكلمات
كالطّيور الخائفة.
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> البلد الذي لا أين له
البلد الذي لا أين له
رقم القصيدة : 65797
-----------------------------------
إلى أيِّ طَرِيق يُفْضِي هذا الجِسْرُ
أكُلُّ العابِرين نَجَوْا وهُم يَسِيرُونَ بِحَذَر ٍصَوْبَ
حَتْفٍ مَجْهُولٍ
لا أحَدَ
كان يَشُكُّ في فَدَاحَةِ الشَّرَكِ
وَ
لا أحَدَ
ظَنَّ أنَّ السَّاعَةَ سَتكُونُ مَجْرىً
لِنَهْرٍ لا يُفْضِي إلاّ إلى مَصَبّ آثِم ٍ
كَمْ كَانَ يَلْزَمُكَ مِنَ الوَقْتِ لِتُدْرِكَ أنّ الشّمسَ لا تُشْرِقُ
بِمَحْضِ الصُّدْفَةِ
و أنّ الليلَ
نَهَار بَكَى لِفَدَاحَةِ مَا رَأى
جَاءَ فِي رِوَايَة ٍ:
أنَّكَ وأنت تَعْبُرُ بِدَايَةَ العُمر
زَاوَلْتَ النّظَرَ بِلا تَوَقُّف ٍ
وطَوَيْتَ الأرضَ
في بَرْزَخَيْنِ
وَاحِد
سَمَّيْتَهُ نُوراً، وبه أضَأتَ مَسَالِكَ الرُّوحِ
والآخر
آوَيْتَهُ، وبِهِ زَرَّرْتَ فُتُوقَ جُرُوحِي
كُنْتَ وأَنْتَ في أَوْجِ فَرَحِكَ تَشُبّ كَجَمْرٍ فَاتِن ٍ
تُرَاوِغُ الرِّيحَ وتَنْجُو بِنَفْسِكَ مِنْ رَمَدٍ
أصَابَ أبْصَاراً
شَرُدَتْ في ظُلُمَاتِ أوْهَامِهَا
ألَسْتَ أنْتَ مَنْ رَأى
أنَّ الظُّلْمَةَ أُخْت العَدَمِ
وأنّّ هَذا الفَلَكَ اللاَّزَوَرْدِيَّ
شَرَر، كُلَّما خَبَتْ أوْهَاجُهُ
كُنْتَ
بِدَمِكَ
تُشْعِلُهُ.
مِنْ أيِّ أيْن ٍ كُنْتَ تَأتي وفي يَدَيْكَ بعض الضَّوْءِ
الذي بِهِ فَتَحْتَ كُلَّ هذه النَّوافِذ
لَمْ يَكُنِ البَلَدُ يُوَارِي حِقدَهُ
حِينَ،
ما فَتِئْتَ تُدَاهِمُ ظُلُمَاتِهِ.
فَرِحاً،(63/9)
دَنَوْتَ مِنْ حَتْفِكَ، وبِقَلَق ٍ نادِرٍ، حَرَّرْتَ أوْهامَكَ
مِنْ خُيًولٍ جَرَتْ بَيْنَ أسَارِيرِ نَهْرِكَ النَّائِمِ
مَنْ يَرُدُّ عَنْكَ إذَنْ
كُلَّ هَذِهِ الطَّعَناتِ
وَيَصْبو بِلِسَانِكَ صَوْبَ ضَوْءٍ لا يَمُوتُ
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> لذَّةُ النُّورِ
لذَّةُ النُّورِ
رقم القصيدة : 65798
-----------------------------------
أكُلّ هذا المَطَر َلمْ يَعُدْ يَكْفِي لِغَسْلِ كُلّ هذا الهَوَاء
أنْفَاسُكَ جَارِفَة ٌ
وهذا الشَّرَرُ المُنْبَعِثُ مِنْ شَجَرِكَ
ما عادَ هو الآخَر يَكْفي لِفَتْحِ الرُّوح ِ على مَجَاهِلِ
جُرْحِهَا.
مَنْ أخْرَجَكَ مِنْ حُجَرِ النِّسَاءِ
وَمَنْ
حِينَ لاذ َ بِكَ الدّوَارُ قاسَمَكَ الخُبْزَ
وَأيْقَظَ لِسَانَكَ مِنْ كُلِّ هذا الغِناء
أتَذْكُرُ، وَأنْتَ على مَشَارِفِ يُتْمِكَ
كَيْفَ دَارَتِ الأرْحَاءُ بينَ يَدَيْكَ
وفَاضَتْ مآقِيكَ بِضَوْءٍ
صَارَ لِفَرْطِ رَهَافَتِهِ
لا يُرى...
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> تلويحات السّهروردي
تلويحات السّهروردي
رقم القصيدة : 65799
-----------------------------------
- أ-
َلمْ أرْتَوِ مِنْ ماء ِ بِئْرٍ
وَلا
شَرقَتْ أحْزَانِي،
حِينَ كانَ الوُجُودُ يَبْدُو
نائِماً
في
ضَحَكَاتي.
أذْكُرُ؛
كَيْفَ سُرَّ كُلّ الذينَ أمَرُوا بِفََضْحِي
وكُلّ الذين كانُوا يُؤَازِرُونَ اسْتِبَاحَةَ رُوحِي
وكيفَ كُنْتُ، وأنا بِفَرَحِي أزْهُو
أَسِيرُ صَوْبَ حَيَاتِي مَرِحاً
بَعِيداً كُنْتُ أمْشِي
يُطَاوِعُنِي الخَطْوُ
والمَسَافاتُ
بَدَتْ
أشْهَى مِنْ طَوْق ٍ
حَرَّرَنِي
مِنْ نَزَوَاتِي
كانَ النُّورُ
آخِر ضَوْءٍ
أتَاحَ لِي النَّظَرَ في ظُلُمَاتِي.
- ب-
َلمْ أشْرَحْ سِرِّي
وكُنْتُ
مَتى دَاهَمَتْنِي أحْزَنِي
أنْضُو عَنِّي
بَعْضَ أنْفَاسِي
وَأبُثُّ في الرِّيحِ شَرَرِي.
-ج-
بِصَبْر ٍ
كُنْتُ أرُشُّ نُورِي
في ظُلُمَاتِ
أنْواَرِي(63/10)
وبِصَبْر ٍ
زَرْعْتُ أرْضِي
بِطُيُور ٍ
خَفْقُهَا
أضَاءَ ضَوْءَ نَهَارِي
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> كوميديا سُقراط..
كوميديا سُقراط..
رقم القصيدة : 65800
-----------------------------------
" وجاء يتّهِمُني أمام المدينة وكأنّها الأُمّ
" ذلك أنَّهُ يقولُ إنّني مُخْتَرِعُ آلِهَةٍ......
[سُقراط]
أ
مَنْ فَرَضَ عَلَيْكَ أنْ تُحَارِبَ في الظّلامِ
ب
لِمَ
انْتَحَلْتَ صِفَةَ النَّائِمِ
وتَرَكْتَ كُلّ هذه الحُروب تَجْري
بِلا هَوَادَة
مِنْ فَرْطِ حُزْنِي
أسْلَمْتُ لَكَ رُوحِي
وَنَاهَزْتُ أقْصَى ما في العُزْلَةِ مِنْ دَنَسٍ
لَمْ أشْكُ ضَلالِي لَكَ
بَلْ كَابَدْتُ انْشِقَاقِي
واخْتَرْتُ العَرَاءَ لبَاسًا
لَمْ يَكُنِ الإلَهُ يَلْبِسُ قَبْلَ أنْ فَضَحْتَ أنْتَ
عَرَاءَ الوُجُودِ
إلَهُكَ مَجَازٌ
يَكْتُبُ الشِّعْرَ كَمَا يَأكُلُ خُبْزَهُ
وَيَنَامُ
ج
أحَقًّا كُنْتَ مُسْتَخِفًّا حينَ أشَرْتَ
بِإصْبَعِكَ إلى أقْصى طَرَفٍ في السُّؤالِ
ورَكِبْتَ زَوْرَقًا يَسِيرُ بِأسْرَع ما في
الشِّراعِ مِنْ رِيحٍ
أمْ أنّ زُرْقَةَ المَاءِ
شَرُدَتْ بِكَ إلى أبْعَدِ طَرِيقٍ
وَطَفَتْ
بِكَ في سَطْحِ سَمَاءٍ بَدَتْ لكَ بِلا طَعْمٍ
أوْ
فَقَدَتْ بالأحرى لَذَاذَتَها حينَ ضَرَبْتَ
بِكَفِّكَ سَطْحَ الأرْضِ
مُسْتَغِيثا بِتُرابِها
أأنْتَ
أيُّها الحَكيمُ العَجُوزُ مَنْ أيْقَظَ
أوَّلَ الفِتَنِ و أشْرَعْتَ البَابَ على
لُغَةٍ
خَرَجَتْ عَنْ مَالُوفِ اللّسانِ
أمْ أنّكَ
كُنْتَ
فَاقِدَ الوَعْيِ
عَدِيمَ الفِطْنَةِ
مَجْنُونا
أحْمَقَ
طائِشا
وَ
بِطَيْشِكَ هذا
خُنْتَ نَفْسَكَ
وَ
خُنْتَ حُرِّيَةَ الكَلامِ
إنَّهُ
ليسَ هُناكَ شَخصٌ لَمْ يَأتِ بالأذى
أكثر حُرّية في أعْمالِهِ
أو إنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ بألْسِنَةِ السُّوءِ
أكْثَر عَدْلا عِنْدَما
أوْ كانَ على الأرْضِ
أكثرَ فِطْنَة مِنّي
هكذا لَقَدْ
يُجِيبُ سُقراط وُجِدَ صَادِقا(63/11)
عِنْدَ وَضْعِهِ على الميزانِ العَظيمِ
وهذا
ما جاءَ في " كتاب الموتى"
د
لمْ تَنَمِ المَدينَةُ حينَ كُنْتَ تَعْزِفُ آخِرَ ألْحانِكَ
بَلْ
كُنْتَ مُسْتَخِفًّا تَنْظُرُ بَعِيداً لِتَرَ ما الّذي
سَيَحْدُثُ بَعْدَ أنْ تَحْرِقَ المَدِينَةُ لِسَانَكَ
َلمْ تَكُنْ نِصْفَ إنْسَانٍ ولا إلَهًا كامِلا ً
وَلمْ يَكُنِ الهَواءُ الصَّاعِدُ مِنْ أنْفَاسِكَ جَمْراً
بَلْ بَرَداً
وَ
سَلا ما
كُلُّ الفَراشَاتِ الّتي أطْلَقْتَها
رَاوَغَتْ حَفِيفَها
وَأضَاءَتْ حُجُرَاتِكَ
لِمَ غَيّرْتَ مَجْرى أنْفَاسِكَ
تَقُول الخُرَافَةُ
إنَّ سُقراط وَضَعَ الشَّمْسَ في جَيْبِهِ واخْتَفَى
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> رفيف الغبار
رفيف الغبار
رقم القصيدة : 65801
-----------------------------------
الهواء الوحيد الذي نثرت دكنة هذا المساء
علي أريجه
لم ينتثر
ثمة عطر يمر خفيفا
يرج نبضي
وقلبي
لا يفتأ يخفق
ليس لي ما يكفي من نبض
لأشرب
ضوء
هذا المكان
لأضيء فروجا
من
عتماتها
خرجت أصابعي
ليس لي
غير هذا الحبر الذي
من صبواته
خرجت
خلف هذا الهسيس
ما بين غمامتين
كانت نداءاتي تقيم لم
أهمس بشيء
وكنت
كلما
أرقتني نجمة
وصارت نبضات قلبي ندية
رأيت الى الأفق
واستويت
قلبي فيه شيء
من نزوات الشعراء وغواياتهم
هل لي
أن ألحم كسور هذه الغوايات
وأطوي الأرض
في
برزخ أو برزخين
يدي
وحدها ترسم في نزواتها
دبيب الحبر
لا فرق
ما دامت يدي تنصهر في
مهب
النداء
هل لي أن أقف بين نخلتين
أشد ظلهما الى بعض
أجبر الغيم أن يرسو في رحاب
هذا الظل
لأنني
وأنا
في
موقفي هذا
لم تكن الأفياء تستهويني
لأن قلبي
لم يكن طيعا
لم يكن يرضى بما ترتضيه الخليقة
من
غير وضح النافذة
من أتاح لهذا الضوء
أن
يشرب
رفيف الغبار
ويمرح
عابرا
نخب أسراري
صباحا
كانت تطرق بابي مسارب ضوء بما
كنت أرمم أوهامي
وعلى الجدار المقابل لأقصى انكساري
كنت أعلق قميص النوم
وفي ثنيات معاطفه
كانت تنام
أحلامي(63/12)
جسورة هذه النداءات
ليس بوسعي أن أتهاون بين يديها
أو
أتركها تمر
دون
أن
أململ
أصابعي
أو
أجهش تاركا
يدي
على جبهة الغيب
لا
بعض
تبيت
أثار
في
عبورها
غير مهب
فهل يدي
حين تلمس شيئا
يدي
سأفترض
أن كل جوارحي تتصادى
وأن يدي
من شقوق حبرها
يخرج
هذا الضوء الذي
به تصير الأرض أنثى
والغيم
يصير نداءها المؤجل .
يفتح شرفة صدره الموصدة..
يتنهد..
يراود لحظة هذي،
هربت من مفكرة احداد..
يفتح شرفة صدره . .
فيأتيه السماء سورة من جنون،،
ويفجج بين الضلوع ممرا،،
لتعبر انداء التي واعدته بانحيازها،
للسنابل . .
واجداول ..
والمطر
يفتح شرفة صدره ..
يتردد..
يتودد ..
يحاول تفجير لحظته المثخنة ..
يلبس أناقة قلبه ..
ويستصرخ كل الشبق..
فتقفز تفاصيل عشقه نحو جنونه الرؤيوي ..
ترتعش الكلمات في صمته المحترق ..
تنذره أصداؤها للشوارع التي تشتهي،
ترنح خطوه المنتشي. .
فيفتح خفة جرحه ، في عناد
يتجدد ..
يتمرد..
يخط أولى حروفه التي لم ترتسم ..
ويعلن تواصلا قاتلا ،
مع الطريق على ناصية الحلم
يرسم نجمة .. أو نجمتين ..
ويحبس كل الفضاء في صدى أغنية ..
يحول ليله ، قبة للشهوة المرتجاة ..
ويوغل في سهو الغبطة ، حتى الغرق ..
يؤاخي الهواجس .. بالمتون ..
ويسأل،
هل يسافر عاريا ، في المتاه ؟
شعراء العراق والشام >> عبدالرحيم محمود >> نَجمُ السُعودِ
نَجمُ السُعودِ
رقم القصيدة : 65802
-----------------------------------
نَجمُ السُعودِ وَفي جَبينِكَ مَطلَعُهْ
أَنّى تَوَجَّهَ رَكبُ عِزِّكَ يَتبَعُهْ
سَهلاً وَطِئتَ وَلَو نَزَلتَ بِمَحمَلٍ
يَوماً لِأَمرَعَ مِن نُزولِكَ بَلقَعُهْ
وَالقَومُ قَومُكَ يا أَميرُ إِذا النَوى
فَرَقَتهُ آمالُ العُروبَةِ تَجمَعُهْ
مالوا إِلَيكَ وَكُلُّ قَلبٍ حَبَّةً
يَحدو بِهِ شَوقاً إِلَيكَ وَيَدفَعُهْ
يا ذا الأَميرِ أَمامَ عَينِكَ شاعِرٌ
ضُمَّت عَلى الشَكوى المَريرَةِ أَضلُعُهْ
المَسجِدُ الأَقصى أجئتَ تَزورُهُ(63/13)
أَم جِئتَ مِن قَبلِ الضَياعِ تُوَدِّعُهْ
حَرمٌ تُباحُ لِكُلِّ أَوكعَ آبِقٍ
وَلِكُلِّ أَفّاقٍ شَريدٍ أربُعُهْ
وَالطاعِنونَ وَبورِكَت جَنباتُهُ
أَبناؤُهُ الظِيَم بِطَعنٍ يوجِعُهْ
وَغَداً وَما أَدناهُ لا يَبقى سِوى
دَمعٍ لَنا يَهمي وَسِنٌّ نَقرَعُهْ
وَيُقرِّبُ الأَمرَ العَصيبَ أسافلٌ
عَجِلوا عَلَينا بِالَّذي نَتَوَقَّعُهْ
قَومٌ تَضِلُّ لَدى السَدادِ حَصاتهُ
وَيُسَيطِرُ العادي عَلَيهِ وَيُخضِعُهْ
شَكوى وَتَحلو لِلمُضيمِ شَكاتُهُ
عِندَ الأَميرِ وَأَن تَرَقرَقَ أَدمُعُهْ
سِر يا أَميرُ وَرافَقَتكَ عِنايَةٌ
نَجمُ السُعودِ وَفي جبَينِكَ مَطلَعُهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يقولون ان الخمر تودي
يقولون ان الخمر تودي
رقم القصيدة : 65803
-----------------------------------
يقولون إن الخمرَ تُودي
بما في الصدر من همٍّ قديمِ
ولولا أنها باللبِّ تُودي
لكنت أخا المدامةِ والنديمِ
شعراء مصر والسودان >> أمل دنقل >> لا تصالح
لا تصالح
رقم القصيدة : 65804
-----------------------------------
(1 )
لا تصالحْ!
..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!
(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك(63/14)
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!
(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!
(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف
(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
-كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام(63/15)
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!
(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!
(7)
لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
(8)
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..(63/16)
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
(9)
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك.. المسوخ!
(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> العام السادس عشر
العام السادس عشر
رقم القصيدة : 65805
-----------------------------------
العام السادس عشر
(يناير 1956)
------------------
أصدقائي !
نحن قد نغفو قليلا ،
بينما الساعة في الميدان تمضي
ثمّ نصحو .. فاذا الركب يمرّ
و إذا نحن تغيّرنا كثيرا ،
و تركنا عامنا السادس عشر
***
عامي السادس عشر
يوم فتحت على المرأة عيني
يومها .. و اصفرّ لوني
يومها .. درت بدوّامة سحر !
كان حبّي شرفة دكناء أمشي تحتها
لأراها
لم أكن أسمع منها صوتها
إنّما كانت تحيّيني يداها
كان حسبي أن تحيّيني يداها
ثمّ أمضي ، أسهر اللّيل إلى ديوان شعر
" يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحا من خيال .. فهوى
اسقني ، و أشرب على أطلاله
وارو عيني ، طالما الدمع روى "
كنت أهوى هؤلاء الشعراء
أرتوي من دمعهم كل مساء
اتغنّى معهم بالمستحيل
و بألوان الذبول
و بأوراق الخريف
و هي تعدو في يد الريح إلى غور مخيف
و بطير أسود في اللانهاية
راح يستفتي نواقيس الهداية
باحثا في الأرض عن دود ، و عن رب جديد !
***
كنت أهوى هؤلاء الشعراء
أتسامى فوق غيم نسجوه
أتمطّى في بخور أطلقوه
و أرى الحبّ ... شرودا ، و تهاويم ، و حزنا
و المحبّ الحقّ .. من يهوى و يفنى !
و عميق الحبّ ... حبّ لم يتم
ليقولوا .. يا للحن لم يتم !
***
و ليالي عامي السادس عشر
كان حلمي أن أظلّ اللّيل ساهر
جنب قنينة خمر
تاركا شعري مهدول الخصل
مطلقا فكري في كلّ السبل
أتلقّى الوحي من شيطان شعري
و على خدّي دمعة(63/17)
و على مكتبي الصامت شمعة
ترسم الظلّ على وجهي الكئيب
و هي تذوي في اللّهيب
بينما التبغة تكوي اصبعي
و حنين غامض في أضلعي
لبحار ، يلعب القرصان فيها !
***
و لكم عذّبني وقت الغروب
لونه الجهم الخصيب
صمته ، سرب الطيور العائده
و الزروع الهاجده
و الثغاء المترامي من بعيد
لشياه راقده
و غصون التوت تمشي في الشفق
عاريات . لا ورق
و نعوش النور تمشي
و هنا كم قلت آه !
كنت أهوى أن أموت
أنتهي في عامي السادس عشر !
***
أصدقائي !
نحن قد نغفو قليلا ،
بينما في الميدان تمضي
ثمّ نصحو ، فاذا الركب يمرّ
و إذا نحن تغيّرنا كثيرا ،
و تركنا الاقبيه
و خرجنا ، نقطع الميدان في كلّ اتّجاه
حيث تسري نشوة الدفء بأكتاف العراه
و عدونا ، نحضن الأطفال في كلّ طريق
و نناغي كلّ حلوة
كسكارى ، أخذتهم بعض نشوة
و بأنشودة نصر
و بلحن مشرق النبره عانقنا الحياه
و بلغنا عامنا التاسع عشر
***
أصدقائي !
ها هي الساعة تمضي
فإذا كنتم صغارا ، فاحلفوا ألاّ تموتوا
واحذروا عامكم السادس عشر !
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> كان لي قلب !
كان لي قلب !
رقم القصيدة : 65806
-----------------------------------
على المرآة بعض غبار
و فوق المخدع البالي ، روائح نوم
و مصباح .. صغير النار
و كلّ ملامح الغرفة
كما كانت ، مساء القبلة الأولى
و حتّى الثوب ، حتّى الثوب
و كنت بحافّة المخدع
تردّين انبثاقة نهدك المترع
وراء الثوب
و كنت ترين في عيني حديثا .. كان مجهولا
و تبتسمين في طيبة
و كان وداع ،
جمعت اللّيل في سمتي ،
و لفّقت الوجوم الرحب في صمتي ،
و في صوتي ،
و قلت .. وداع !
و أقسم ، لم أكن صادق
و كان خداع !
و لكنّي قرأت رواية عن شاعر عاشق
أذلّته عشيقته ، فقال .. وداع !
و لكن أنت صدقت !
***
و جاء مساء
و كنت عل الطريق الملتوي أمشي
و قريتنا .. بحضن المغرب الشفقي ،
رؤى أفق
مخادع التلوين و النقش
تنام على مشارفها ظلال نخيل(63/18)
و مئذنة .. تلوّي ظلّها في صفحة الترعه
رؤى مسحورة تمشي
و كنت أرى عناق الزهر للزهر
و أسمع غمغمات الطير للطير
و أصوات البهائم تختفي في مدخل القرية
و في روائح خصب ،
عبير عناق ،
و رغبة كائنين اثنين أن يلدا
و نازعني إليك حنين
و ناداني إلى عشّك ،
إلى عشّي ،
طريق ضمّ أقدامي ثلاث سنين
و مصباح ينوّر بابك المغلق
و صفصافه
على شبّاكك الحرّان هفهافه
و لكنّي ذكرت حكاية الأمس ،
سمعت الريح يجهشّ في ذرى الصفصاف ،
يقول .. وداع !
***
ملاكي ! طيري الغائب !
حزمت متاعي الخاوي إلى اللّقمة
وفت سنيني العشرين في دربك
و حنّ عليّ ملّاح ، و قال .. أركب !
فألقيت المتاع ، و نمت في المركب
و سبعة أبحر بيني و بين الدار
أواجه ليلي القاسي بلا حبّ ،
و أحسد من لهم أحباب ،
و أمضي .. في فراغ ، بارد ، مهجور
غريب في بلاد تأكل الغرباء
و ذات مساء ،
و عمر وداعنا عامان ،
طرقت نوادي الأصحاب ، لم أعثر على صاحب !
و عدت .. تدعني الأبواب ، و البوّاب ، و الحاجب !
يدحرجني امتداد طريق
طريق مقفر شاحب ،
لآخر مقفر شاحب ،
تقوم على يديه قصور
و كان الحائط العملاق يسحقني ،
و يخنقني
و في عيني ... سؤال طاف يستجدي
خيال صديق ،
تراب صديق
و يصرخ .. إنّني وحدي
و يا مصباح ! مثلك ساهر وحدي
و بعت صديقتي .. بوداع !
***
ملاكي ! طيري الغائب !
تعالي .. قد نجوع هنا ،
و لكنّا هنا اثنان !
و نعرى في الشتاء هنا ،
و لكنّا هنا اثنان
تعالي يا طعام العمر !
ودفء العمر !
تعالي لي !
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> الطريق إلى السيّدة
الطريق إلى السيّدة
رقم القصيدة : 65807
-----------------------------------
يا عمّ ..
من أين الطريق ؟
أين طريق " السيّدة "؟
- أيمن قليلا ، ثمّ أيسر يا بنيّ
قال ,, و لم ينظر إليّ !
***
و سرت يا ليل المدينة
أرقرق الآه الحزينة
أجرّ ساقي المجهده ،
للسيّدة
بلاد نقود ، جائع حتّى العياء ،
بلا رفيق
كأنّني طفل رمته خاطئة(63/19)
فلم يعره العابرون في الطريق ،
حتّى الرثاء !
***
إلى رفاق السيّده
أجرّ ساقي المجهده
و النور حولي في فرح
قوس قزح
و أحرف مكتوبة نم الضياء
" خاتي الجلاء "
و بعض ريح هيّن ، بدء خريف
تزيح عقصة مغيّمة ،
مهمومة
على كتف
من العقيق و الصدف
تهفهف الثوب الشفيف
و فارس شدّ قواما فارغا ، كالمنتصر
ذراعه ، يرتاح في ذراع أنثى ، كالقمر
و في ذراعي سلّة ، فيها ثياب !
***
و الناس يمضون سراعا ،
لا يحلفون ،
أشباحهم تمضي تباعا ،
لا يتظرون
حتّى إذا مرّ الترام ،
بين الزحام ،
لا يفزعون
لكنّني أخشى الترام
كلّ غريب ههنا يخشى الترام !
و أقبلت سيّارة مجنّحة
كأنّها صدر القدر
تقلّ ناسا يضحكون في صفاء
أسنانهم بيضاء في لون الضياء
رؤوسهم مرنّحة
وجوههم مجلوّة مثل الزهر
كانت بعيدا ، ثمّ مرّت ، واختفت
لعلّها الآن أمام السيّده
و لم أزل أجرّ ساقي المجهده !
***
و الناس حولي ساهمون
لا يعرفون بعضهم .. هذا الكئيب
لعلّه مثلي غريب
أليس مثلي غريب
أليس يعرف الكلام ؟
يقول لي .. حتّى .. سلام !
يا للصديق !
يكاد يلعن الطريق !
ما وجهته ؟
ما قصّته ؟
لو كان في جيبي نقود !
لا . لن أعود
لا لن أعود ثانيا بلا نقود
يا قاهره !
أيا قبابا متخمات قاعده
يا مئذنات ملحده
يا كافره
أنا هنا لا شيء ، كالموتى ، كرؤيا عابره
أجرّ ساقي المجهدة
للسيّده !
للسيّده !
--------
( نوفمبر 1955)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> لمن تغنّي ؟ !
لمن تغنّي ؟ !
رقم القصيدة : 65808
-----------------------------------
من أجل أن تتتفجّر الأرض الحزينة بالغضب ،
و تطلّ من جوف المآذن أغنيات كاللّهب ،
و تضيء في ليل القرى ، ليل القرى كلماتنا ،
ولدت هنا كلماتنا
ولدت هنا في اللّيل يا عود الذرة
يا نجمة مسجونة في خيط ماء
يا ثدي أمّ ، لم يعد فيه لبن
يا أيّها الذي ما زال عند العاشره
لكنّ عينيه تجوّلتا كثيرا في الزمن
يا أيّها الانسان في الريف البعيد(63/20)
يا من تعاشر أنفسنا بكماء لا تنطق
و تقودها ، و كلاكما يتأمّل الاشياء
و كلاكما تحت السماء ، و نخلة ، و غراب ،
و صدى نداء
يا أيّها الانسان في الريف البعيد
يا من يصمّ السمع عن كلماتنا
أدعوك أن تمشي على كلماتنا بالعين ، لو صادفتنا
كيلا تموت على الورق
أسقط عليها قطرتين من العرق ،
كيلا تموت
فالصوت إن لم يلق أذنا ، ضاع في الصمت الأفق
و مشى على آثاره صوت الغراب !
***
كلماتنا مصلوبة فوق الورق
لمّا تزل طينا ضريرا ، ليس في جنبيه روح
و أنا أريد لها الحياة ،
و أنا أريد لها الحياة على الشفاه
تمضي بها إلى شفه ، فتولد من جديد !
***
يا أيّها الانسان في الريف البعيد !
أدعوك أن تمشي على كلماتنا بالعين ، لو صادفتها ،
أن تقرأ الشوق الملحّ إلى الفرح
شوقا إلى فرح يدوم
فرح يشيع بداخل الأعماق ، يضحك في الضلوع
كي تنبت الأزهار في نفس الجميع
كي لا يحبّ الموت إنسان على هذا الوجود
***
ولدت هنا كلماتنا
لك يا تقاطيع الرجال النائمين على التراب
المائلين على دروب الشمس ، و البط المبرقش ،
و السحاب
فوراء سمرتك الحيّية يلتوي نهر الألم
و بجانب العينين طير ، ناصع الزرقه
مدّ الجناح على اصفرار كالعدم
و هفا ليرتشف الدموع
إنّي أحبّك أيّها الانسان في الريف البعيد !
و إليك جئت ، و في فمي هذا النشيد
يا من تمرّ و لا تقف
عند الذي لم يلق بالا للسكرارى و الستائر و الغرف
و أتى إليك ، إلى فضائك بالنغم
نغم تلوّعفي فؤادي قبلما غنّيت لك
فأنا الذي عالجت نفسي بالهوى ،
كي تخرج الكلمات دافئة الحروف
و أنا الذي هرولت أيامنا بلا مأوى ، بدون رغيف ،
كي تخرج الكلمات راجفة ، مروّعة بكلّ مخيف ،
و أنا ابن ريف
ودّعت أهلي وانتجعت هنا ،
لكنّ قبر أبي بقريتنا هناك ، يحفّه الصبّار
و هناك ، ما زلت لنا في الأفق دار ؟
***
أين الطريق إلى فؤادك أيّها المنفيّ في صمت الحقول
لو أنّني ناي بكفّك تحت صفصافه !
أوراقها في الأفق مروحة ،
خضراء هفهافه(63/21)
لأخذت سمعك لحظة في هذه الخلوه ،
و تلوت في هذا السكون الشاعري حكاية الدنيا ،
و معارك الانسان ، و الأحزان في الدنيا
ونفضت كلّ النار ، كلّ النار في نفسك
و صنعت من نغمي كلاما واضحا كالشمس
عن حقلنا المفروش للأقدام ،
و متى نقيم العرس ؟
و نودّع الآلام !
------
( أغسطس 1957)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> سلّة ليمون
سلّة ليمون
رقم القصيدة : 65809
-----------------------------------
سلّة ليمون !
تحت شعاع الشمس المسنون
و الولد ينادي بالصوت المحزون
" عشرون بقرش
" بالقرش الواحد عشرون ! "
***
سلّة ليمون ، غادرت القرية في الفجر
كانت حتّى هذا الوقت الملعون ،
خضراء ، منداة بالطلّ
سابحة في أمواج الظلّ
كانت في غفوتها الخضراء عروس الطير
أوّاه !
من روّعها ؟
أيّ يد جاعت ، قطفتها هذا الفجر !
حملتها في غبش الإصباح
لشوارع مختنقات ، مزدحمات ،
أقدام لا تتوقّف ، سيّارات ؟
تمشي بحريق البنزين !
مسكين !
لا أحد يشمّك يا ليمون !
و الشمس تجفف طلّك يا ليمون !
و الولد الأسمر يجري ، لا يلحق بالسيّارات
عشرون بقرش
" بالقرش الواحد عشرون ! "
***
سلّة ليمون !
تحت شعاع الشمس المسنون
و قعت فيها عيني ،
فتذكّرت القرية !
------
( أواخر 1957)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> إلى اللّقاء
إلى اللّقاء
رقم القصيدة : 65810
-----------------------------------
( باسم الصديق رجاء النقّاش ..، أبريل 1956 )
-------------
1
يا أصدقاء !
لشدّ ما أخشى نهاية الطريق
وشدّ ما أخشى تحيّة المساء
" إلى اللّقاء "
أليمة " إلى اللّقاء " و " اصبحوا بخير ! "
و كلّ ألفاظ الوداع مرّه
و الموت مرّ
و كلّ شيء يسرق الإنسان من إنسان !
2
شوارع المدينة الكبيره
قيعان نار
يجترّ في الظهيره
ما شربته في الضحى من اللّهيب
يا ويله من لم يصادف غير شمسها
غير البناء و السياج ، و البناء و السياج
غير الربّعات ، و المثلّثات ، و الزجاج(63/22)
يا ويله من ليلة فضاء
و يوم عطلته
خال من اللّقاء
يا ويله من لم يحب
كلّ الزمان حول قلبه شتاء !
3
يا أصدقاء !
يا أيّها الأحياء تحت حائط أصمّ
يا جدوة في اللّيل لم تنم
لشدّ ما أخشى نهاية الطريق
أودّ ألاّ ينتهي ،
و لا يضيق
و يفرش الرؤى المخصّله السعيده
أمامنا .. في لا نهاية مديده
كأفق قرية في لحظة الشروق
و الأفق رحب في القرى حنون
و ناعم و قرمزي يحضن البيوت
و تسبح الأشجار فيه كالهوادج المسافره
يا ليتنا هناك !
نسير تحت صمته العميق
و نوره المضبّب الرقيق
جزيرة من الحياه
ينساب دفء زرعها على المياه
و لا تملّ سيرها .. يا أصدقاء !
4
اللّيل في المدينة الكبيره
عيد قصير
النور و الأنعام و الشباب
و السرعة الحمقاء و الشراب
عيد قصير
شيئا .. فشيئا .. يسكت النغم
و يهدأ الرقص و تتعب القدم
و تكنس الرياح كلّ مائدة
فتسقط الزهور
و ترفع الأحزان في أعماقنا رؤسها الصغيره
و ننثني إلى الطريق
صفّان من مسارج مضبّبه
كأنّها عندان قرية مخربه
تنام تحتها الظلال
وقد تمرّ مركبة
ترمي علينا بعض عطرها السجين
و ساعة الميدان من بعيد
دقاتها ترثي المساء
و تلتوي أمامنا مفارق ثلاثة ،
تمتدّ في بطن الظلام و السكون
و تهمسون :
" إلى اللّقاء ! "
***
اللّيل وحده يهون
وداعه يهون فالنهار ذو عيون ،
تجمّع العقد الذي انفرط
لكنّ دربنا طويل
و ربّما جزناه أشهرا و أشهرا معا
لكنّنا يوما سنرفع الشراع
كلّ إلى سبيل
فطهّروا بالحبّ ساعة الوداع !
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> قصّة الأميرة و الفتى الذي يكلّم الماء
قصّة الأميرة و الفتى الذي يكلّم الماء
رقم القصيدة : 65811
-----------------------------------
أعرفها ، و أعرفه
تلك التي مضت ، و لم تقل له الوداع ، لم تشأ
و ذلك الذي على إبائه اتّكأ
يجاهد الحنين يوقفه
كان الحنين يحرفه
فهو أنا و أنت ، و الذين يحفرون تحت حائط سميك
لتصبح الحياه عشّ حبّ
به رغيف واحد ، و طفلة ضحوك !
***(63/23)
أعرفها ، و أعرفه
أميرة شرقيّة تهوى الغناء
تهواه لا تحترفه
و تعشق اللّيالي الماسيّة الضياء
- صاحبة السمو أقبلت !
... و يصبح البهو المليء ضفتين
و تهمس الشفاه كلمتين .. كلمتين
- عشقتها هذا المساء شاعر أنيق
- نعم ... فإنّها تضيق بالعشيق
إذا أتى الصباح و هو في ذراعها
و تهمس امرأة
- دولابها يضمّ ألف ثوب
و تهمس امرأه
- و قلبها يضمّ ألف حبّ
- نعم نعم ... فانهات أميره لا تكتفي بحب
و يخفت الحديث ثمّ يهتف المضيف
- يا أصدقاء
صاحبة السمو تبدأ الغناء !
... و يخفت الضياء غير كوّة تنير وجهها
و تبدأ الغناء ... " أوف ! "
" قلبي على طفل بجانب الجدار
لا يملك الرغيف ! "
.. و تلهث الأكفّ .. فلتحيا نصيرة الجياع
ثمّ تدور عينها لتلمح الذي أصابه الكلام
و عندما يرفّ نور الشمس تهمس " الوداع "
و في ذراعها عشيقها الجديد !
***
أعرفها ، و أعرفه
لأنّني كنت كثيرا ما اصادفه
على شجيرة المساء ، قابعا بنصف ثوب
يقول للمساء
" يا أيّها الحزن الأثيري الرحيب !
يا صاحب الغريب
أنا كلام الأرض .. هل أنصت لي ؟ !
أنا ملايين العيون ... هل نظرت لي ؟ !
لي مطلب صغير
أن تصبح الحياة عش حب
به رغيف واحد و طفلة ضحوك ! "
... و في ليالي الخوف طالما رأيته يجول في الطريق
يستقبل الفارّين من وجه الظلام
و يوقد الشموع من كلامه الوديع
ففي كلامه ضياء شمعة لا تنطفيء
و يترك اليدين تمشيان بالدعاء ،
على الرؤوس و الوجوه
و تمسحان ما يسيل من دموع
" الصبح في الطريق
يا أصدقائي ! انّني أراه
فلا تخافوا ... بعد عام يقبل الضياء ! "
و عندما يمشون تمشي فوق خدّيه الدموع
و يفلت الكلام منه ، يفلت الكلام
" هل يقبل الضياء حقّا بعد عام ؟ "
***
ذات مساء كان صاحبي يكلّم المساء
فانساب مقطع مع الرياح ثمّ وشوش الأميره
فقرّبت مرآتها و صفّقت
" يا أيّها الغلام !
بجانب القصر فتى يخاطب الظلام
اذهب اليه ، قل له سيّدتي تريد أن تكلّمك
و لا تقل _ أميرتي "(63/24)
... ثمّ تهادت نحو شرفة جدرانها زهور
ورددت في الصمت " أوف ! "
قلبي على طفل بجانب الجدار
لا يملك الرغيف ! "
و أقبل الغلام يسبق الفتى
- أميرتي .. سيّدتي ... أتيت به !
- " أهلا و سهلا .... ليلتنا سعيده
ادخل ... تفضّل ".. و انقضى المساء !
.. و في الصباح ساءلته ... " ما الذي رأيت ؟ "
_ " سيّدتي .. إنّي رأيت كلّ خير "
" سيّدتي ... أنا سعيده ! "
قالت له ، و عينها في عينه المسهّده
- " أراك قد عشقتنا ! "
فلم يردّ صاحبي
قالت له : " فما الذي تعطيه لي لو أنّنا عشنا معا ! ؟
فدمّعا
ثمّ أجابها و صوته منغّم حزين
سيّدتي ... أنا فتى فقير
لا أملك الماس و لا الحرير
و أنت في غنى عمّا تضمّ أشهر البحار من لآل
فقلبك الكبير جوهرة
جوهرة نادرة في تاج عصرنا
و لو قضيت عمري الطويل أقطع البحار ،
و أنشر القلاع ،
و أبسط الشباك ، أقبض الشباك
لما وجدت مثلها
لكنّني و جدتها هنا
وجدتها لمّا سمعت لحنك المنساب كالخرير
يبكي لطفل نام جائعا ! "
.. فابتسمت قائلة : " لا أنت شاعر كبير !
يا سيّدي أنا بحاجة إلى أمير
إلى أمير ! "
و انسدّ في السكون باب !!
***
أعرفها ، أعرفه
تلك التي مضت و لم تقل له الوداع .. لم تشأ
و ذلك الذي على إبائه اتّكأ
يجاهد الحنين يوقفه
كان الحنين يجرفه !!
-----------
( ابريل 1957)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> مقتل صبي
مقتل صبي
رقم القصيدة : 65812
-----------------------------------
الموت في الميدان طنّ
الصمت حطّ كالكفن
و أقبلت ذبابة خضراء
جاءت من المقابر الريفيّة الحزينة
ولو لبت جناحها على صبيّ مات في المدينه
فما بكت عليه عين !
***
الموت في الميدان طنّ
العجلات صفّرت ، توقّفت
قالوا : ابن من ؟
و لم يجب أحد
فليس يعرف اسمه هنا سواه !
يا ولداه !
قيلت ، و غاب القائل الحزين ،
و التفت العيون بالعيون ،
و لم يجب أحد
فالناس في المدائن الكبرى عدد
جاء ولد
مات ولد !
الصدر كان قد همد(63/25)
وارتدّ كفّ عضّ في التراب
و حملقت عينان في ارتعاب
و ظلّتا بغير جفن !
***
قد آن للساق التي تشرّدت أن تستكن !
و عندما ألقوه في سيّارة بيضاء
حامت على مكانه المخضوب بالدماء
ذبابة خضراء !!
---------
( يناير 1958)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> المخدع ..
المخدع ..
رقم القصيدة : 65813
-----------------------------------
و لمّا أفاقت عن رداء ممزّق
و نوّح سرير آثم خافت الهمس
و كأسين ، كأس لا يزال بكفّها
و كأس يغنّي وحده قصّة الأمس
و ضوء سراج غامض ظلّه صدى
لألوان حلم باهت ذكره ينسى
هما أغمضاه عندما رص اللذظى
و مالت ظلال لعاريين على الكأس
و عصفورة حيرى الجناح شقيّه
عماها الدجى فاشتاقت النور باللّمس
تردّد بين السقف و الباب علّها
تشمّ شعاعا تاه عن موكب الشمس
و ريح من الوديان حنّانه الصدى
تئنّ خلال الثقب واهنة الجرس
تسوق حنين اللّيل للمخدع الذي
تثاءب فيه الدفء و المئزر المنسي
و آه تعلى الاسجاف لوعي مديده
كمرثيّة ضلّت طريقا إلى الرمس
تزفّ ليالي الأنس ، و الصمت حولها
تراب تردّت عنده ليلة الأنس
و لماّ أفاقت يا لطهر أنامل
تردّ طيورا في الخيال عن الغرس
تغطّي بياض النهد و النهد حانه
عليه خطى الفسّاق دامية الجسّ
تلوّت توارى في يديها مفاتنا
عرايا تشهاها المصلي على القدس
تزمّ _ كعذراء _ فتوق ردائها
على أيّ شيء يا معذّبة النفس ؟
وولّت تردّ الباب خلف مدامع
لها كلّ اصباح طريدة فردوس
---------
( يونيو 1954)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> مذبحة القلعة
مذبحة القلعة
رقم القصيدة : 65814
-----------------------------------
الدجى يحضن أسوار المدينة
و سحابات رزينه
خرقتها مئذنة ....
و رياح واهنة
ورذاذ ، و بقايا من شتاء
***
.... و تلاشى الصمت في وقع حوافر
و ترامى الصوت من تلّ لآخر
في المقطّم
و بدا في الظلمة الدكناء فارس
يتقدّم .. !
و بدا في البرج حارس
و جهة في المشغل الراقص أقتم(63/26)
متجهّم !
ثمّ نّت في فراغ البرج صيحه
ثمّ دار الباب في صوت شديد
باب قلعة
فيه آثار و ماء و صدأ
و اختفى الفارس في أنحائها ،
صاعدا يحمل " للباشا " النبأ
" المماليك جميعا في المدينة ! "
***
ثمّ يمتدّ السكون ،
و الدجى يحضن أسوار المدينة
و سحابات رزينه
خرقتها مئذنه ...
و رياح واهنة
تتلوّى في تجاويف الحواري
حيث ما زال المنادي ،
يتلوّى في الحواري ،
راجفا في الصمت .. " يا أهل المدينة :
في البكور
سوف يمضي جيش " طزسن "
ابن والينا الكبير
للحجاز
لقتال الكافرين الخارجين
عن موالاة أمير المؤمنين
ساكن البسفور ، حامي الأستانه
وطلول شركسية
ودمن ..
ضيعت أنسابها أيدي الزمن
وعفن ،
وبيوت ، وصخور ، وتراب
نام فيها الجوع واسترخى الذباب
وصلاة خافته
وكلاب ، وفراخ ميّته
والحواري ساكته
غير شحاذ يغني للقلوب المؤمنه
ورياح واهنه
تتلوّى في الحواري الحجريه
ثم تمضي في دروب الأزبكيه
في مياه البركة الخضراء تهوي
حيث يبدو قصر مملوك جميل
روع الافرنج في يوم طويل
عندما شدوا الخيول
لتبول
فوق صحن الأزهر المعمور ! لا كانت تعود
عندما شدوا الخيول
وأمين بك
آه هذا الفارس الشهم النبيل
قال : (( هيا يا جنود الله يا أهل المدينه
أنا منكم ودمي من قمحكم،
وجراحي قطرة من جرحكم،
وقراكم موطني . اني غريب
قد رعاني ذلك الوادي الخصيب
فانهضوا وامضوا معي
نغسل العار يكأس مترع
من دمائي ودماكم !))
آه .. ما أروع أصوات الجموع
عندما سارت اليه كالدموع
(( يا أمين بك ! أنت منا وتربيت هنا !
وانبرى بائع أثواب قديمه
قائلا (( هيا بنا !))
.. أوه .. لا كانت تعود !
الدجى ما زال يجتاح المدينه
ونباح من بعيد ،
وزعيق الحارس المقرور يدوي
ورياح الليل تمضي بالهشيم ،
حيث يهوي .
في مياه البركة الخضراء يهوي
ونباح من بعيد ،
من بعد
يختفي .
في الصباح الراجف
وتدق الشمس ابواب المدينه
(( يا كريم .. ))
قالها السّقا على بيت قديم
ويموج السوق بالذكر الحكيم(63/27)
ويحيّي الناس درويش صبوح
تحت يمناه تدّلت مبخره
تنفخ السوق غيوما عاطره
ثم يمضي ويصيح
(( يا كريم ! ))
ومشت في المشربيّات العتاق
ضحكات ناعمات
لجوار حالمات
بحرير ، وعطور ، وانطلاق
وضجيج ونكات .
كل لمحه
كل صيحه
ولو الصيحة فرحه
خلفها حزن عريق
صوت بوق !
ـ (( عسكر الباشا ! )) وينسد الطريق ،
بخليط ،
من بلاد الأرتاؤوط
وبلاد الصرب ، والأتراك .. من كل البلاد
ـ (( وسعوا يا ناس للركب ! )) وينسد الطريق
ويثيرون الغبار
عالم يركب بغله
تتهادى في وقار
نقلة في إثر نقله
تقصد القلعة للمحتفلين
والمماليك بدوا فوق الخيول العربيه
بالثياب الموصليّه
والفراء السيبريّه
ببقايا عزّهم .. مثل الشهب
يغصبون الابتسام
ويدارون الغضب
وجموع الناس ترنو وتشير
ـ (( آه يا عيني .. لقد أضحوا يتامى مثلنا ! ))
ـ (( ما لهم في الأمر شيء مثلنا ! ))
وأشار الناس في وجه أمين بك ثم قالوا ،
ـ ((ذلك الوجه القمر
ذلك الشهم النبيل
روّع الافرنج في يوم طويل ! ))
***
وتهادى الركب للقلعة هونا
يصعد التل إلى القلعة هونا
صوت بوق !
ثم رنت في فراغ البرج صيحه
ثم دار الباب في صوت شديد
باب قلعه !
فيه آثار دماء وصدأ
ومضى كل المماليك يغذون الخطى
ويثيرون الصدى
بين أسوار وابراج رهيبة
دخلوا القلعة ثم التفتوا في بعض ريبه
فاذا بالباب يرتد هناك !!!
واذا صوت الجموع
صادر من خلف باب .. من هناك
(( اطلقوا ! ))
قالها قائد جند الارناؤوط
(( اطلقوا !))
فالنار تهوي كالخيوط
كالمطر
زغردات مستريبه
تتردى بين أسوار وأبراج رهيبه
(( آه يا نذل لقد خنت ... )) ويهوي كالحجر
ورصاص كالمطر
وجنود الاناؤوط
من قريب وبعيد
من عل .. من تحت .. أيدي اخطبوط !
تطلق النار ، فكم خرّ حصان
ملقيا سيده فوق الدماء
فترش السقطة الجدران دم
وألم
(( آه يا نذل .. )) ويهوي كالحجر
والخيول
حمحمات وصهيل
ترفس الصخر فينطق الشرر
والصّخب
(( أنت محصور فخذها ))
(( لا تفكّر في الهرب))
(( أنت ودعت الحياة! ))(63/28)
ثم يهوون كسنبل
تحت منجل
(( آه يا ما أصعب الميتة من كف الجبان ! ))
وأمين بك جانب السور وفي يمناه سيفه
هل يفيد السيف .. آه لن يفيد
(( يا مماليك أيا أبهة العصر المجيد
قد مضيتم ! ))
قالها واغرورقت عيناه بالدمع الوئيد
والتقت عيناه في عيني شهيد
ثم يعدو بحصانه ،
يعتلي السور ويرنو فاذا الأرض بعيد
ثم تلقي عينه دمعا على وجه الحصان
في حنان
(( يا حصاني طر بنا ))
وإذا الفارس في السحب عقاب
يتهادى شاهرا في الجو سيفه
معطيا للشمس أنفه
تاركا للريح أطراف الثياب
كإله وثني يتمشى في السحاب
فاذا ما قارب الأرض قفز
والحصان
صار أشلاء على ظهر التلال
(( قد نجا منهم أمين بك يا رجال !))
قالها الناس على ظهر التلال
ومضوا كالدافنين
ثم يمتد السكون
وحصان يهبط القلعة وحده
مطرقا يمضغ في صمت حزين
أغنية في الليل اكتوبر ـ 1957
لو أننا تحت المساء زهرتان ،
عاريتان ،
أحستا بالبرد فجأة ، بنقلة الزمان
فاهتزتا ، ومالتا ،
حتى تلاقى الشوك والندى ،
وغيم الشذى على المكان !
***
الليل يا حبيبتي ...
أغنية ،
دافئة المعان ،
رقصة مهرجان ،
تجمع ريح الشرق ، والشمال .. في مكان ،
تثير في كل حياة شوقها لغيرها ،
فتلعق الأرض أصابع الزروع ،
وتحبل الرياح ،
وينعس المنقار في الجناح ،
وينزل المطر !
***
حبيبتي ..
ماذا علينا لو رأى القمر ؟
----------
( ديسمبر1955)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> ميلاد الكلمات
ميلاد الكلمات
رقم القصيدة : 65815
-----------------------------------
كلمة !
اخضرت في قلب الظلمه
وأضاءت أرواح الشعراء
كلمه !
زرعتها شفتي ذات مساء
أحببت العالم ذات مساء ، مخنوق الأضواء
لما كان الشارع ليلا ، عرشا للحراس
وعلى البعد مدافن ، كانت تطوي خطو الناس
والكلب يفتش عن لقمه ،
وأنا أبحث تحت الشرفات عن البسمه !
لم يعثر ، وأنا لم أعثر ،
فرجعنا ! نبح الكلب ، وضمّتنا الطرقات
واجهنا الجدران الجهمه
واجهنا أسوارا .. أسلاكا ،(63/29)
واجهنا أشواكا ،
ورأيت أسيرا ، قسماتي ، قسماتك في وجهه
قسمات الكل ارتسمت في وجهه
ومشت أحذية الحراس ،
كمطارق تملأ إحساسي
تدفعني في قلب الظلمه
تدفعني حتى انهرت ، ركعت
تحت النجمه
قبّلت الأرض ، وتمتمت حروفا
يا أرض استمعي لحروفي
حرفا ، حرفا .. زرعت شفتي الكلمه
ورواها دمعي ، فاخضرّت حرفا ، حرفا
ورأيت البرعم يبزغ مرتجفا
كتبت أوراق البرعم ما تمتمت بأذن الأرض
كلمة (( إنسان ))!
يا للروعه!
الكلمة تنمو بالدمعه
وأخذت الكلمة جنب القلب
قربت الكلمة من شوقي ،
شوق الإنسان إلى الخضرة والحب !
ونما حرف ، عانق حرفا ،
كتب (( الجنّه !))
***
الكلمة تنمو بالدمعه
فليسحقني الألم إذا الكلمة عطشت
كي أسقيها بدل الدمعة عشر دموع
وليزرعها كل شقي مثلي ، عرف الجوع ،
وعذابات الحب الخاسر
ولتمتد جذور الكلمة نحو قرانا ،
نحو قرانا ذات الدمع الوافر
كي تورق في القلب قرانا تلك الكلمات
وليقرأها الرجل الطيب
ولتنضج ، ولتصبح رايات
تتقدم خطوات الإنسان ،
ليقيم على الأرض الجنه !
---------
سبتمبر 1957
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> حلم ليلة فارغة
حلم ليلة فارغة
رقم القصيدة : 65816
-----------------------------------
أيتها المقاعد الصامته ..
تحركي .. ليلتنا جديدة ،
لا تشبه الليالي الفائته
ليلتنا واسعة مضيئة
وهذه الجدران
تراجعت لنجمة تدور
لريح صيف ، أقبلت بشهقة الزهور
أحس أن .. زائرا ما ، يقطع الطريق لي ..
وبعد ساعة ، إن لم يجيء
سأترك المكان
بالأمس طائر الغرام زارني ،
جناحه أخضر
أليس حقا ما أقول ؟
جناحه أخضر ،
وبالندى ، جناحه مبلول !
أليس حقا ما أقول ؟
هنا وقف ،
دار على منازل الحي ، ودار وانعطف
تابعته .. كان فؤادي يرتجف
حتى وقف
هنا على الغصن الذي يميل نحونا
وبعد أن مرغ في الأنسام منقاره
واسترجع السر الذي يود إسراره
قال بصوت ، سره أني الوحيد سامعه
(( يا أيها السعيد
عندي كلام لك ،
حملته من منزل بعيد(63/30)
سيدتي .. صبية ، تسقي الزهور بالنهار
وفي المساء تستريح في جوارها
وجامعوا الثمار حين يتعبون ،
يهوون في ظلّ الجدار
ألم تمرّ من هناك ؟
قلت .. بلى ،
أمر مرتين ، في الضحى ، وفي الغروب !
قال .. رأتك سيدي ، يا أيها السعيد
وابتسمت ، فنهل لمحت ثغرها الجميل يبتسم ؟
قلت .. نعم !
قال .. أقول والكلام سر ؟!
قلت .. تكلم ، انني وحيد
مالي صديق ، غير هذه الكتب
قال .. انتظر غدا !!
***
وبعد صمت لم يطل
الطائر الأخضر طار
الغصن ما زال بسحره يميل
كأنه ما غادر الغصن ، ولا أختفى
كأن نجمة خفيّة تدور
كأنني أحسّ رحلة العصير
وهو يسير في شرايين الزهر
كأنني شجيرة من الشجر
مرّت بها الامطار
فسار في أعماقها حلم الثمر
وانحلّت الأسرار
بعد طفولة طويلة ، بعد انتظار !
***
أيتها المقاعد الصامته
ما زلت صامته !
ما زالت الكتب ،
تلا على الرفوف ، قاحلا بلا زهور !
العالم الجميل فيها ، كومة من السطور !
الليل فيها ، ميت بلا شعور !
لكننا نقطعه بها ،
وعندما نملّها ، تأتي الطيور في المنام
هامسة .. غدا ، غدا !
لكنّ صبحا ينقضي ، ويقبل المساء
ولا ندى .
ولا لقاء !!
عبد الناصر يوليو 1956
فلتكتبوا يا شعراء أنني هنا
أمر تحت قوس نصر
مع الجماهير التي تعانق السّنى
تشد شعر الشمس ، تلمس السماء
كأنها أسراب طير
تفتّحت أمامها نوافذ الضياء
***
فلتكتبوا يا شعراء أنني هنا
أزاحم الجموع
أخوض بحرا أسمر المياه
أخوض بحرا من جباه
بحر الحياة ـ ما أشد عمقه ! ـ بحر الحياه
طوفانه يا شعراء سيد مهيب
يمضي فتنحني السدود
ويفتح الضياء ألف كوة عليه
ويطلق البوق النحاسي النشيد
***
فلتكتبوا يا شعراء أنني هنا
أشاهد الزعيم يجمع العرب .
ويهتف (( الحرية .. العدالة .. السلام
فتلمع الدموع في مقاطع الكلام
وتختفي وراءه الحوائط الحجر
حتى العمودان الرخاميان يضمران ،
والشرفات تختفي ،
وتمحي تعرّجات الزخرف
ليظهر الإنسان فوق قمة المكان ،
ويفتح الكوى لصحبنا(63/31)
يا شعراء يا مؤرخي الزمان
فلتكتبوا عن شاعر كان هنا
في عهد عبد الناصر العظيم !!
-----------
(نوفمبر 1957)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> بغداد والموت
بغداد والموت
رقم القصيدة : 65817
-----------------------------------
من قبل أن يذبح ، كان ميتا
يبكي ببغداد زمانا ميّتا
يبحث عن حجابه
عن شاعر ببابه ،
يسمعه .. أنت الفتى
فلا يرى إلا عيونا من لظىّ
تملأ جوف القصر رعبا صامتا
إلا قتيلا ، لم يمت ، ولم يزل
يسأل بغداد .. متى الثأر ، متى ؟
بغداد درب صامت ، وقبّة على ضريح
ذبابة في الصيف ، لا يهزها تيّار ريح
نهر مضت عليه أعوام طوال لم يفض
وأغنيات محزنه ،
الحزن فيها راكد ، لا ينتفض !
وميّت ، هيكل إنسان قديم ،
سيف على صدر الجدار ، خنجر من النضار ،
أردية ملوّنه ،
غطّت ضلوعا من هشيم !
وامرأة تغلق في وجه المساء بابها
نبكي على أخشابه أحبابها
وأوجه منقبات ، لا تبوح
بغداد سور ، ما له باب
بغداد تحت السطح سرداب
الفجر فيه ، في سواد أحرف على الورق
والشمس فيه ، واستدارة الأفق
وشمعة تراقصت من حولها سود الظلال
وسبعة من الرجال
جباههم مجرى عرق
وجوههم معتمات لا تبوح
عيونهم لا تستريح
تنفذ في السرداب ، تعلو .. حيث بغداد تنوح
تمشي على نقش قديم في الخشب
(( عاش العرب))!
. . . . . . .
وأزّ في نهاية السرداب باب
وشدت العيون نحوه ، كأنها حراب
صدى خطى ، أفسد وقعها الكلال
القلب دق
(( النسر حط في دمشق ))
(( عدنان طير لا ينال )) !
***
من قاع حفرتي أغني ، يا أوائل النهار
أحلم كالبذور في الثرى بعيد الاخضرار
وكلما يئست من بعثي ، ومن صدق المدار
ندى ثراي دمع بغداد الانتظار
***
من قاع حفرتي رأيت الشمس تأتي كلّ يوم
تأتي ، ولا ترحم نائما سعيدا طيّ حلم
تأتي ، ولو لم يدعها كف ، ولم يصل فم
تأتي ، فكم طفل مشى ، وكم طوى الثرى هرم
من قاع حفرتي ، سمعت قصتي تطوي البلاد
كالطائر الليلي تبكيني ، وتبذر السهاد
بغداد !(63/32)
طفلك القتيل ساهر تحت الرماد
منتظر أن تكتبي بالفأس تاريخ المعاد!
***
الموت ليس أن توارى في الثرى
ولا الحياة أن تسير فوقه
الزرع يبدأ الحياة في الثرى
ويبدأ الموت إذا ما شقّه
فامنح هواك للذي يحيا ،
وأعط للتراب ما استباحوا خنقه
فلن تموت يا مسيح ! إنما
على الصليب ينتهي من دّقة !
***
بغداد طفلها على باب الدفاع
لم يغتمض جفناه ، لم يسكن بجنبه ذراع
مرتفع ، وثائر الشعر ، وطلول الجراح
كأنه يخطب في جنوده يوم الصراع
كأنه ما زال هاربا يعاكس الرياح
يا .. يا صلاح !
يا .. يا صلاح !
أطفال بغداد بجانب الجدار يهمسون
رد علينا ! ان صمتك الطويل ، يقطع الصبر الجميل
رد علينا ! ما الذي فعلت في عام الرحيل
يا قائد الثوار ! يا حيران بالحلم النبيل !
هل يجمع العرب الشتات ؟
هل يدفنون قاتلا ، من قبل أن يموت .. مات ؟!
يا .. يا صلاح !
إلى اللقاء ، لن نقول .. الوداع !
***
بغداد ليل ما به نجم
بغداد فجر لاهب جهم
يا أهل بغداد اخرجوا .. لا تتركوه !
بغداد أرض قلب المحراث في دروبها ،
فأنبتت مليون ساق
تزاحمت ، والنوم في عيونها ،
وفي ثيابها روائح الزقاق
تزاحمت ، ما ويله عبد الإله ،
من ثورة القتلى ، ومن ثأر الحياه !
الميّت المسكين يرمي الموت في وجه الجنود
يبحث عن باب النجاه
لا تتركوه !
لا تتركوه !
لا ترجعوا من قصره سود الودوه
سدوا عيونه التي أغلقها دون الصباح
شلّوا يمينه التي كم حفرت حمر الجراح
يا .. يا صلاح
باسم جديد عدت يا شعب العراق
يا أيها الطفل القتيل ، قد بعثت من جديد
يا أهل بغداد اخرجوا .. اليوم عيد
عدوكم ظلّ على باب الدفاع
ظلّ بلا ملامح ، بلا ذراع
ظلّ تعانقه الطيور ، فادفنوه !
------
( سبتمبر ـ 1958)
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> أنا .. والمدينة
أنا .. والمدينة
رقم القصيدة : 65818
-----------------------------------
هذا أنا ،
وهذه مدينتي ،
عند انتصاف الليل
رحابة الميدان ، والجدران تل(63/33)
تبين ثم تختفي وراء تلّ
وريقة في الريح دارت ، ثم حطت ، ثم
ضاعت في الدروب ،
ظل يذوب
يمتد ظل
وعين مصباح فضولي ممل
دست على شعاعه لّما مررت
وجاش وجداني بمقطع حزين
بدأته ، ثم سكت
من أنت يا .. من أنت ؟
الحارس الغبيّ لا يعي حكايتي
لقد طردت اليوم
من غرفتي
وصرت ضائعا بدون اسم
هذا أنا ،
وهذه مدينتي !
------------
( يونيو ـ 1957م )
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> حب في الظلام
حب في الظلام
رقم القصيدة : 65819
-----------------------------------
أحبّك ؟ عيني تقول أحبّك
ورنّة صوتي تقول ،
وصمتي الطويل
وكل الرفاق الذين رأوني ، قالوا .. أحب !
وانت إلى الآن لا تعلمين !
***
أحبّك .. حين أزفّ ابتسامي ،
كعابر درب ، يمر لأول مره
وحين أسلّم ، ثم أمر سريعا ،
لأدخل حجره
وحين تقولين لي .. إرو شعرا
فأرويه لا أتلفت ، خوف لقاء العيون
فإن لقاء العيون على الشعر ، يفتح بابا لطير سجين
أخاف عليه إذا صار حرا ،
أخاف عليه إذا حطّ فوق يديك ،
فأقصيته عنهما !
***
ولكنني في المساء أبوح
أسير على ردهات السكينه
وأفتح أبواب صدري ،
وأطلق طيري ،
أناجي ضياء المدينه
إذا ما تراقص تحت الجسور
أقول له .. يا ضياء ، ارو قلبي فإني أحب !
أقول له .. يا أنيس المراكب والراحلين أجب
لماذا يسير المحب وحيدا ؟
لماذا تظل ذراعي تضرب في الشجيرات بغير ذراع ؟!
ويبهرني الضوء والظل حتى ،
أحس كأني بعض ظلال ، وبعض ضياء
أحس كأن المدينة تدخل قلبي
كأن كلاما يقال ، وناسا يسيرون جنبي
فاحكي لهم عن حبيبي
***
حبيبي من الريف جاء
كما جئت يوما ، حبيبي جاء
وألقت بنا الريح في الشطّ جوعى عرايا
فأطعمته قطعة من فؤادي ،
ومشّطت شعره،
جعلت عيوني مرايا
وألبسته حلما ذهبيا ، وقلنا نسير ،
فخير الحياة كثير
ويأخذ دربا ، وآخذ دربا ،
ولكننا في المسا نتلاقى
فانظر وجه حبيبي ،
ولا أتكلم
***
حبيبي من الريف جاء
واحكي لهم عنك حتى ،
ينام على الغرب وجه القمر(63/34)
ويستوطن الريح قلب الشجر
وحين أعود ، أقول لنفسي
غدا سأقول لها كل شيء !
-----------
مايو ـ 1957م
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> قرأت مجدك
قرأت مجدك
رقم القصيدة : 65820
-----------------------------------
قرأتُ مجدَكِ في قلبي و في الكُتُبِ
شَآمُ ، ما المجدُ؟ أنتِ المجدُ لم يَغِبِ
إذا على بَرَدَى حَوْرٌ تأهَّل بي
أحسسْتُ أعلامَكِ اختالتْ على الشّهُبِ
أيّامَ عاصِمَةُ الدّنيا هُنَا رَبطَتْ
بِعَزمَتَي أُمَويٍّ عَزْمَةَ الحِقَبِ
نادتْ فَهَبَّ إلى هِندٍ و أندلُسٍ
كَغوطةٍ مِن شَبا المُرَّانِ والقُضُبِ
خلَّتْ على قِمَمِ التّارِيخِ طابَعَها
وعلّمَتْ أنّهُ بالفتْكَةِ العَجَبِ
و إنما الشعرُ شرطُ الفتكةِ ارتُجلَت
على العُلا و تَمَلَّتْ رِفعَةَ القِبَبِ
هذي لها النصرُ لا أبهى، فلا هُزمت
وإن تهَدّدها دَهرٌ منَ النُوَبِ
و الانتصارُ لعَالي الرّأسِ مُنْحَتِمٌ
حُلواً كما المَوتُ،جئتَ المَوتَ لم تَهَبِ
شآمُ أرضَ الشّهاماتِ التي اصْطَبَغَتْ
بِعَنْدَمِيٍّ تَمَتْهُ الشّمْسُ مُنسَكِبِ
ذكّرتكِ الخمسَ و العشرينَ ثورتها
ذاكَ النفيرُ إلى الدّنيا أنِ اضْطَرِبي
فُكِّي الحديدَ يواعِدْكِ الأُلى جَبَهوا
لدولةِ السّيفِ سَيفاً في القِتالِ رَبِي
و خلَّفُوا قَاسيوناً للأنامِ غَداً
طُوراً كَسِيناءَ ذاتِ اللّوحِ والغلَبِ
شآمُ... لفظُ الشآمِ اهتَزَّ في خَلَدي
كما اهتزازُ غصونِ الأرزِ في الهدُبِ
أنزلتُ حُبَّكِ في آهِي فشدَّدَها
طَرِبْتُ آهاً، فكُنتِ المجدَ في طَرَبِي
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> شام يا ذا السيف
شام يا ذا السيف
رقم القصيدة : 65821
-----------------------------------
شامُ يا ذا السَّيفُ لم يَِغي
يا كَلامَ المجدِ في الكُتُبِ
قبلَكِ التّاريخُ في ظُلمةٍ
بعدَكِ استولى على الشُّهُبِ
لي ربيعٌ فيكِ خبَّأتُهُ
مِلءَ دُنيا قلبيَ التّعِبِ
يومَ عَينَاها بِساطُ السَّما
والرِّمَاحُ السودُ في الهُدُبِ(63/35)
تلتوي خَصراً فأومي إلى
نغمةِ النّايِ ألا انتَحِبي
أنا في ظِلِّكَ يا هُدبَها
أحسُبُ الأنجُمَ في لُعَبي
طابتِ الذكرى فَمَنْ رَاجِعٌ
بي كما العودُ إلى الطربِ؟
شامُ أهلوكِ إذا همْ على
نُوَبٍ ، ٍقلبي على نُوبِ
أنا أحبابيَ شِعري لهمْ
مثلما سَيفي وسَيفُ أبي
أنا صَوتي مِنكَ يا بَرَدَى
مثلما نَبعُك مِن سُحُبي
ثلجُ حَرْمُونَ غَذَانا مَعاً
شامِخاً كالعِزِّ في القُبَبِ
وَحَّدَ الدُنيا غَداً جَبَلٌ
لاعِبٌ بالرّيحِ والحِقَبِ
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> سائليني
سائليني
رقم القصيدة : 65822
-----------------------------------
سائليني، حينَ عطّرْتُ السّلامْ،
كيفَ غارَ الوردُ واعتلَّ الخُزامْ
وأنا لو رُحْتُ أستَرْضي الشَّذا
لانثنى لُبنانُ عِطْراً يا شَآمْ
ضفّتاكِ ارتاحَتا في خاطِري
و احتمى طيرُكِ في الظّنِّ وَحَامْ
نُقلةٌ في الزَّهرِ أم عندَلَةٌ
أنتِ في الصَّحوِ وتصفيقُ يَمَامْ
أنا إن أودعْتُ شِعْري سَكرَةً
كنتِ أنتِ السَّكبَ أو كُنتِ المُدامْ
ردَّ لي من صَبوتي يا بَرَدَى
ذِكرَياتٍ زُرْنَ في ليَّا قَوَامْ
ليلةَ ارتاحَ لنا الحَورُ فلا
غُصنٌ إلا شَجٍ أو مُستهامْ
وَجِعَتْ صَفصَافةٌ من حُزنِها
و عَرَى أغصَانَها الخُضرَ سَقامْ
تقفُ النجمةُ عَن دورتِها
عندَ ثغرينِ وينهارُ الظلامْ
ظمئَ الشَّرقُ فيا شامُ اسكُبي
واملأي الكأسَ لهُ حتّى الجَمَامْ
أهلكِ التّاريخُ من فُضْلَتِهم
ذِكرُهم في عُروةِ الدَّهرِ وِسَامْ
أمَويُّونَ، فإنْ ضِقْتِ بهم
ألحقوا الدُنيا بِبُستانِ هِشَامْ
أنا لستُ الغَرْدَ الفَرْدَ إذا
قلتُ طاب الجرحُ في شجوِ الحمامْ
أنا حَسْبي أنّني مِن جَبَلٍ
هو بين الله والأرضِ كلامْ
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> خذني بعينيك
خذني بعينيك
رقم القصيدة : 65823
-----------------------------------
طالَتْ نَوَىً وَ بَكَى مِن شَوْقِهِ الوَتَرُ
خُذنِي بِعَينَيكَ وَاهْرُبْ أيُّها القَمَرُ(63/36)
لم يَبقَ في الليلِ إلا الصّوتُ مُرتَعِشاً
إلا الحَمَائِمُ، إلا الضَائِعُ الزَّهَرُ
لي فيكَ يا بَرَدَى عَهدٌ أعِيشُ بِهِ
عُمري، وَيَسرِقُني مِن حُبّهِ العُمرُ
عَهدٌ كآخرِ يومٍ في الخريفِ بكى
وصاحِباكَ عليهِ الريحُ والمَطَرُ
هنا التّرَاباتُ مِن طِيبٍ و مِن طَرَبٍ
وَأينَ في غَيرِ شامٍ يُطرَبُ الحَجَرُ؟
شآمُ أهلوكِ أحبابي، وَمَوعِدُنا
أواخِرُ الصَّيفِ ، آنَ الكَرْمُ يُعتَصَرُ
نُعَتِّقُ النغَمَاتِ البيضَ نَرشُفُها
يومَ الأمَاسِي ، لا خَمرٌ ولا سَهَرُ
قد غِبتُ عَنهمْ وما لي بالغيابِ يَدٌ
أنا الجَنَاحُ الذي يَلهو به السَّفَرُ
يا طيِّبَ القَلبِ، يا قَلبي تُحَمِّلُني
هَمَّ الأحِبَّةِ إنْ غَابوا وإنْ حَضِروا
شَآمُ يا ابنةَ ماضٍ حاضِرٍ أبداً
كأنّكِ السَّيفُ مجدَ القولِ يَخْتَصِرُ
حَمَلتِ دُنيا على كفَّيكِ فالتَفَتَتْ
إليكِ دُنيا ، وأغضَى دُونَك القَدَرُ
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> يا شام عاد الصيف
يا شام عاد الصيف
رقم القصيدة : 65824
-----------------------------------
يا شَامُ عَادَ الصّيفُ متّئِدَاً وَعَادَ بِيَ الجَنَاحُ
صَرَخَ الحَنينُ إليكِ بِي: أقلِعْ، وَنَادَتْني الرّياحُ
أصواتُ أصحابي وعَينَاها وَوَعدُ غَدٌ يُتَاحُ
كلُّ الذينَ أحبِّهُمْ نَهَبُوا رُقَادِيَ وَ استَرَاحوا
فأنا هُنَا جُرحُ الهَوَى، وَهُنَاكَ في وَطَني جراحُ
وعليكِ عَينِي يا دِمَشقُ، فمِنكِ ينهَمِرُ الصّبَاحُ
يا حُبُّ تَمْنَعُني وتَسألُني متى الزمَنُ المُباحُ
وأنا إليكَ الدربُ والطيرُ المُشَرَّدُ والأقَاحُ
في الشَّامِ أنتَ هَوَىً وفي بَيْرُوتَ أغنيةٌ و رَاحُ
أهلي وأهلُكَ وَالحَضَارَةُ وَحَّدَتْنا وَالسَّمَاحُ
وَصُمُودُنَا وَقَوَافِلُ الأبطَالِ، مَنْ ضَحّوا وَرَاحوا
يا شَامُ، يا بَوّابَةَ التّارِيخِ، تَحرُسُكِ الرِّمَاحُ
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> حملت بيروت
حملت بيروت
رقم القصيدة : 65825(63/37)
-----------------------------------
حَمَلْتُ بَيْروتَ في صَوتِي وفي نَغَمِي
وَحَمَّلَتْنِي دِمَشْقُ السَّيْفَ في القَلَمِ
فَنَحْنُ لُبْنَانُ ، وِكْرُ النَّسْرِ دَارَتُنا
والشَّامُ جَارَتُنا، يا جيرَةَ الهِمَمِ
مِنْ ها هُنا نَسَمَاتْ المَجْدِ لافِحَةٌ
وَمِنْ هُنالكَ رَاياتٌ على القِمَمِ
أنا على الدَّرْبِ يا وادي الحَرير هَوىً
بَيْنَ الحَبيبَيْنِ ما قَلْبي بِمُنْقَسِمِ
أفْدِي العُيونَ الشَّآمِيَّاتِ نَاعِسَةً
بالنَّوْمِ هَمَّتْ عَلَى حُلْمٍ وَلَمْ تَنَمِ
هُنَّ اللّوَاتي جَرَحْنَ العُمْرَ مِنْ شَغَفٍ
وَطِرْنَ بي نَغَمَاً يَبْكي بِكُلِّ فَمِ
قلبي مِنَ الحُبِّ كَرْمٌ لا سِياجَ لَهُ
نَهْبُ الأحِبَّةِ مِنْ سَاهٍ وَمِنْ نَهِمِ
ويا هَوىً مِنْ دِمَشْقٍ لا يُفَارِقُنِي
سُكْنَاكَ في البَالِ سُكْنَى اللّوْنِ في العَلَمِ
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> ألعينيكِ
ألعينيكِ
رقم القصيدة : 65826
-----------------------------------
ألعينيكِ تأنّى وخَطَرْ
يفرش الضوءَ على التلّ القمرْ؟
ضاحكاً للغصن، مرتاحاً إلى
ضفّة النهرِ، رفيقاً بالحجر
علَّ عينيكِ إذا آنستا
أثراً منه، عرا الليلَ خَدَر
ضوؤه، إما تلفّتِّ دَدٌ
ورياحينُ فُرادى وزُمَر
يغلب النسرينُ والفلُّ عسى
تطمئنّين إلى عطرٍ نَدَر
من تُرى أنتِ، إذا بُحتِ بما
خبّأتْ عيناكِ من سِرّ القدر؟
حُلْمُ أيِّ الجِنّ؟ يا أغنيةً
عاش من وعدٍ بها سِحرُ الوتر
****
نسجُ أجفانكِ من خيط السُّهى
كلُّ جَفنٍ ظلّ دهراً يُنتظَر
ولكِ "النَّيْسانُ"، ما أنتِ لهُ
هو مَلهىً منكِ أو مرمى نظر
قبلَ ما كُوِّنْتِ في أشواقنا
سكرتْ مما سيعروها الفِكَر
قُبلةٌ في الظنّ، حُسنٌ مغلقٌ
مُشتَهىً ضُمَّ إلى الصدر وَفَر
وقعُ عينيكِ على نجمتنا
قصّةٌ تُحكَى وبثٌّ وسَمَر
قالتا: "ننظُرُ" فاحلولى الندى
واستراح الظلّ، والنورُ انهمر
****
مُفردٌ لحظُكِ إن سَرّحتِهِ
طار بالأرض جناحٌ من زَهَر(63/38)
وإذا هُدبُكِ جاراه المدى
راح كونٌ تِلْوَ كونٍ يُبتكَر
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> مرّ بي
مرّ بي
رقم القصيدة : 65827
-----------------------------------
مر بي يا واعداً وعداً مثلما النسمة من بردى
تحمل العمر تبدده أه ما أطيبه بددا
رب أرض من شذا و ندى و جراحات بقلب عدى
سكتت يوماً فهل سكتت؟ أجمل التاريخ كان غدا
واعدي لا كنت من غضب أعرف الحب سنى و هدى
الهوى لحظ شآمية رق حتى قلته نفذا
هكذا السيف ألا انغمدت ضربة و السيف ما انعمدا
واعدي الشمس لنا كرة إن يد تتعب فناد يدا
أنا حبي دمعة هجرت ان تعد لي أشعلت بردى
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> نسمت
نسمت
رقم القصيدة : 65828
-----------------------------------
نسمت من صوب سوريا الجنوب قلت هل المشتهى وافي الحبيب
أشقر أجمل ما شعثت الشمس أو طيرت الريح اللعوب
شعر أغنية قلبي له و جبين كالسنى عال رحيب
أنا ان سألت أي مضني قالت القامة حبيك عجيب
مثلما السهل حبيبي يندري مثلما القمة يعلو و يغيب
و به من بردة تدفاقه و من الحرمون اشراق و طيب
ويحه ذات تلاقينا على سندس الغوطة و الدنيا غروب
قال لي أشياء لا أعرفها كالعصافير تنائي و تؤوب
هز سماني أنا أغنية ليت يدري انه العود الطروب
من بلاد سكرة قال لها تربة ناي و نهر عندليب
و يطيب الحب في تلك الربى مثلما السيف إذا مست يطيب
شعراء العراق والشام >> سعيد عقل >> غنيت مكة
غنيت مكة
رقم القصيدة : 65829
-----------------------------------
غنيت مكة أهلها الصيدا و العيد يملؤ أضلعي عيدا
و أعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا
و أعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا
لو رملة هتفت بمبدعها شجوا لكنت لشجوها عودا
و أعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا
الأرض ربي وردة وعدت بك أنت تقطف فإروي موعودا
لو رملة هتفت بمبدعها شجوا لكنت لشجوها عودا
ضج الحجيج هناك فاشتبكي بفمي هنا يغر تغريدا(63/39)
و أعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا
لا قفرة إلا و تخصبها إلا و يعطي العطر لاعودا
الأرض ربي وردة وعدت بك أنت تقطف فإروي موعودا
و جمال وجهك لا يزال رجا ليرجى و كل سواه مردود
شعراء العراق والشام >> عمر الفرّا >> ما أريدك
ما أريدك
رقم القصيدة : 65830
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ما أريدك ...
ما أريدك حتى لو
تذبحني بيدك
ما أريدك
إِبن عمي ... ومثل اخويَ
ودم وريدي
من وريدك
أما خطبه
لا يا عيني
لاني نعجه
تشتريها
ولاني عبده
من عبيدك
ما أريدك
هذي القصه
قصة حمده
حمده الرمش اللي
يتحدّا
الرمش اللياخذ قلب الناس
الرمش اللي
ما عمرو ودّا
* * *
حمده كانت
أجمل ورده
بوجه الريح .. وصمدت مده
حمده كانت
نقطه بمصحف
تحدت كل سيوف الرده
اليوم الأول
تحدت حمده
اليوم الثاني
صرخت حمده
اليوم الثالث
نزلت دمعه
اليوم الرابع .. يوم الجمعه
دخلت أمها غرفة حمده
انشدهت
رجفت
عيون تجذّب
قلب يلجلج
خافت ... شافت
جسم مثلج
شَعر تناثر
فوق مخده
صاحت ...
جاوب مِرْوَد كحله
ماتت حمده .. ماتت حمده
* * *
ثوب المخمل ..
مراية حمده
المشط ... البكله
كلهم صاحو ...
والصوت الرايح
ما ودّا
تبجي كل رمال الصحرا
وتبجي كل بنيه حرّه
حتى طير الورور
ناح
وفوق ترابج
مرّغ خده
تغطّي حمده
برد الصيف
المثل السيف
يمّرض عينج
خايف إنها تمرض عينج
تعطّي حمده
تهنّي حمده ...
هالأرض اللي
تحت اجرينا
أكرم مِ للي .. فوكَ بمده
تهنّي حمده
* * *
حلفت أمي ...
وكل نسوان الديرة
شهدن
إنهن شافن
بليلة جمعه
فوكَ القبر الضامم حمده
حلفن إنهن شافن
شمعه
الشمعه شمعة نور
وعليَّت
عليَت. عليَت .. فوق .. لفوق
لفوقاللي
ما تعرف حده
وحلفن إنهن سمعن حمده
من جوّات القبر تصيح
تصيح وتنده
ما أريدك
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> الربيع
الربيع
رقم القصيدة : 65831
-----------------------------------
يا حبيبي أفق فقد ضحك الرو
ض وأبدى جماله المحجوبا(63/40)
واستعاد الوادي الأنيس سناه
وبنى الطير عشه المخروبا
طرب القلب فانتشى وتغنى
ومن الحب أن أعيش طروبا
وأنا الشاعر الذي يغمر الأر
واح ضحكاً وما يريم كئيبا
في فؤادي اللهيف داء قد استعـ
ـصى وجرح يمضّني تعذيبا
* *
يا حبيبي دنياك تطفح بالحس
ـن فخذ للفؤاد منها نصيبا
هات ناي الهوى وقم نملأ الأكـ
وان من سكرة الغناء ضروبا
لا ترع فالحياة يوم ويمضي
ليس يرجى لطيفه أن يؤوبا
* *
نحن شدو الطيور يصغي لنا الدهـ
ر فيغرى باللحن حتى يطيبا
يذر الهائمين في فرحة الحب
ويصفيهم الوداد الخصيبا
يحتسون الحياة خمرة وجد
ويرون الدنا من السكر كوبا
لهم الليل في حواشيه يحيو
ن ويطوون جنحه تشبيبا
نهبوا العمر واستباحوه لهواً
واستطابوا الأسى ولذوا اللغوبا
ضحكوا والحياة بنت التلهي
منعت محجماً وأعطت طلوبا
يسأم العيش من يبيت خلياً
والشجي العميد ينسي الكروبا
رُبَّ صحراءَ طوَّفَ الحبُّ فيها
أزهرتْ ربوةً وروضاً عشيبا
نَضَّرَ الحقلُ ساحة وتجلى
رائعاً فتنة العيون قشيبا
هو ذا موكب لآذار حلو
يتمشى على السهول لعوبا
ملأ الأرض والسموات عطراً
ونفى الهمّ والضنى والشحوبا
وعلى معطف المروج تراءت
قُبَلٌ للربيع تنفح طيبا
تجد النفس في شذاها الأماني
صوراً تترع الجنان لهيبا
تغمر الروح بالهناءة والصفـ
و كما يغمر الحبيب الحبيبا
اليواقيت في النواظر ذابت
وجرى السحر بالضياء مشوبا
جدول يلهب القلوب غناء
ظل من موجه السني سكوبا
ألمس النور في تلاميعه الزهـ
ر وأشتف روحه المحبوبا
وأرى العطر وهو هيمان في الدو
ح يناجي في غصنه العندليبا
وأحس الحياة تركض في العشـ
ب وتسري بين الحقول دبيبا
نَفَسٌ هامس وآخَرُ شادٍ
ورؤى هَمَّ سحرُها أن يجيبا
كل شيء هنا يغني ويحيا
نغماً ممتعاً وشدواً عجيبا
ها هنا تسمع الأناشيد أذني
وترى العين في كراها الغيوبا
ها هنا يركن المحب إلى الأنـ
س ويغفي الفؤاد إلا وجيبا
يا حبيبي أفق فها ذاك طير الـ
ـحبِّ قد أسكر الرُّبا تطريبا(63/41)
تتراءى له السموات ألحا
ظاً وتبدو الأرض والفضاء قلوبا
يا حبيبي طلب الهوى فاغتنمه
لست عن جرحه النديّ غريبا
لك من هذه الدغال أليف
يتصبَّاك مؤنساً ورقيبا
غنِِّ في مسمعي نشيداً رقيقاً
وآسْرِ في مهجتي شعاعاً رطيبا
ودع الحب يأتلق في خيالي
أفقاً ساحراً وكوناً رحيبا
اطعنِ القلب ينفجر بالأغاريـ
ـد ويملأ هذا الفضاء طيوبا
لا تضمده يذك شوقاً وشجواً
واترك ناره تشبّ شبوبا
أوقد الحب بالمدامع تنهل
وبالوجد صارخاً ومهيبا
لا تخف أن يضج بالحب مأوى
واخش إما أحسست منه نضوبا
صاغه الله للعذاب وللحبّ
وأحياه بالدماء خضيبا
* *
ورياض فيها العشاش تغني
فيذوب الغناء خمراً صبيبا
إن هذا الجمال يا قلب نهب
فابتدر تخطف السنا المنهوبا
إحيَ للنور، للمسرة، للشد
و، وخلِّ الأسى وخلِّ النحيبا
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> غالية في لبنان
غالية في لبنان
رقم القصيدة : 65832
-----------------------------------
أتدرين أنك أحلاميه
وأنك أعذب أنغاميه
وأن خيالك في خاطري
يرف كزنبقة ناديه
وأنك أشعاريَ الهاجسات
بنفسيَ في العزلة القاسيه
* * *
ذكرتك والقلب نهب الفتون
رهين الرؤى الحلوة الوافيه
و "لبنان" يسبح في نشوة
من السحر والحب والعافيه
توشح بالعبق المستطاب
وغلغل في البهجة الضافيه
ونام على شرفات الغمام
وطافت به الخضرة الحاليه
تناثر فوق الروابي قراه
كما تتناثر آماليه
على كل مائسة صادح
وفي كل وارفة شاديه
وتصغي الوهاد إلى قصة
من الحب تسردها الساقيه
وقد أنصت الكون إلا صدىً
يردد أنشودة الراعيه
تطلع في زهوها الراسيات
حنيناً إلى عودة الثاغيه
ونمَّ على الدرب سحر الغناء
فأغفى على النغمة الشاجيه
وظل المساء يحوم عليه
ويرعاه بالمقلة الرانيه
* * *
وفي خلوة الحقل نبع حبيب
يهدهد أوجاعه الباكيه
كأن على النبع قيثارة
تنوح ملوعة شاكيه
و "بيروت" نائمة في السفوح
تتم أحلامها الزاهيه
ترامت على البحر مأخوذة
تناجيه حانية صابيه
* * *(63/42)
رأيتك "لبنانيَ" المشتهى
وجنته اللذة الشافيه
وأبصرت وجهك يطفو عليه
ويغمر أرجاءه النائيه
فغابت مسارحه الغاليات
ولم يبق غيرك يا "غاليه"
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> آذار
آذار
رقم القصيدة : 65833
-----------------------------------
هلمي انظري قبلات الربيع
على معطف السهل والرابيهْ
سَرَتْ في السموات أنفاسُه
فعطَّرتِ الحقلَ والساقيهِ
وآذار يلعب فوق المروج
كما تلعب الطفلة اللاهيه
يعانقها وهو جمُّ الحنين
فتغريه بالمقلة الرانيه
ويلقي عليها وشاح الخلود
وألوانه العذبة السابيه
ويبعث فيها شعاع الهوى
فتهتز من وجهه صابيه
تألقت الأرض من وشيه
فلم تبق زاوية خاليه
وقد زين الروض أفياءه
بأحلى مطارفه الكاسيه
خمائله من نسيج النعيم
تأرج بالنفحة الذاكيه
جواء من الطير طفاحة
تنغِّمَ رائحةً غاديه
كأن النسيم أخو سكرة
تعايا من الخمرة الهانيه
* * *
تعاشيب ناهلة بالطيوب
مفضضة الثوب والحاشيه
كأن على الأرض عرساً يقام
فتمشي إليه الدنا حابيه
تعالت إلى الله أفراحه
تمايد حافلة حانيه
وهَبَّتْ مواكبه الضاحكات
تجدد أعيادها الباهيه
رياحينها قد ملأن الفضاء
ولم تخل من عطرها ناحيه
ففي الجو ذابت أغاني الطيور
بهينمة النسمة الساليه
وفي الحقل ثار ضجيج القطيع
حنيناً لشبّابة الراعيه
تذوب من الحب أنغامها
فتخفت من ناره الصاليه
براها الهوى وطوت سره
فبان من النغمة الفاشيه
فيالك عرساً بهيَّ الإطار
جديد الرؤى والمنى الهانيه
* * *
هلمي افتحي كوة للربيع
لنشرب فرحته ثانيه
فقد ملت الروح عبء الظلام
وحنت إلى البسمة الضاحيه
أكان سجوك غير الرقاد
تغلغل في المقلة الساهيه
وأغفل بين شعاب الجفون
تصاوير من مهجة باكيه
يبين على صفحتيها الأنين
وتخشع فيها الرؤى جاثيه
توهّج من ماسها في العيون
روايات أحزانها الطاغيه
هلمي اقرئي خافيات الحظوظ
وما تضمر العيشة الباغيه
ونوحي على حلم مورق
تبدد في السكرة الغاشيه
سيمضي الشباب كأن لم يكن(63/43)
سوى ذكرة حلوة ساجيه
تجدد أحلامه الغابرات
وترجع نشوته الماضيه
كأن له ملعباً ساحراً
تناسته أيامه الخاليه
تموج بأفيائه النعميات
وتلمع فيه المنى الغانيه
بدا والحياة على جانبيه
تنيه بأحلامها الغاويه
محفة آذار تلقي عليه
أزاهيرها الغضة الناديه
* * *
تعالي نوثق عهود الهوى
ونسرد حكاياتها النائيه
ونوقظ لياليها الغاليات
ولولا الهوى لم تكن غاليه
أقاصيص ملء الربا والوهاد
تناثرن من أكبد شاكيه
أرجن وعطرن هذا الفضاء
كما تأرج الزهرة الناميه
ولقنّ منه معاني الحياة
وأدركن من دائه ماهيه
رويدك ولنستمع سره
فإن له ألسناً حاكيه
وإن له سيراً جمة
تناقلها الأنفس الصاغيه
تعالي إلى الصدر تلقي به
شكايات أضلاعه الحانيه
وأوجاع خافقه المستهام
وإرنان أفيائه الواهيه
فلا البثُّ يهدئ تحتانه
فيرتاح من شجوه ثانيه
ولا الحب يوليه بعض المنى
فيفرح بالمنحة الراضيه
ويرسل أنغامه حلوة
فتحيا بها المهج الداميه
* * *
ولما اقتسمنا دموع العيون
تفردت بالدمعة القاسيه
فلا هي تسكن شعب الجفون
فتخفى ولا هي بالهاميه
* * *
أطلت رنوك نحو السماء
وأطرقت راهبة خاشيه
فهل تبحثين عن الغائبين
ومن غاص في اللجة الطاميه
فرابتك ضفة هذي الحياة
وخفت من الضفة التاليه
فنحت وصحت النجاة النجاة
وأين المفرّ من الهاويه
هنالك لا النور ضافي الجناح
ولا الطير صادحة شاديه
خلت من بهارج هذا الوجود
وأحلامه الحلوة الزاهيه
سوى موجة من بنات السماء
تحوم بأرجائها عاريه
يشع على جانبيها الخلود
وما ضم من صور ساميه
كأن عليها إطار النعيم
وغبطته اللذة الشافيه
حنانيك لا تسبحي في الدموع
ولا ترهبي الراحة الناجيه
فما إن تقي من إسار الردى
إذا حُمَّ يوم النَّوى واقيه
وليس ترد عليك الدموع
سوى حرقة مُرَّة واريه
ورُبَّتَ أمسية برّة
ترفّ بها الذِّكَر القاصيه
جلست على جنبات الغدير
أشيع أمواهه الجاريه
أردد أشعاريَ النائيات
وأستقبل الفكر الآتيه
وتشدو الطيور أغاريدها(63/44)
فأختار من فمها القافيه
وددت من الغيب كل الوداد
لو اني لأشعارها راويه
ويوحي المساء إلى خاطري
هواجس غامضة خابيه
موشحة بطيوف العفاء
كأن بها جنة باديه
فأصغي إلى همسه المستطاب
وأسمع ألحانه الخافيه
أعب لذاذاته الطافحات
وأكرع سكرته الصافيه
وأنسى متاعب هذا الوجود
وعيشته الوحشة الجافيه
* * *
وغيبوبة مثل كهف النسور
تضيع بها الأنفس الرائيه
توشحها مائجات الغيوم
وأطياف أجنحها الضافيه
رقيت أعاليها مفرداً
وروحيَ سباقة حاديه
وخلفت جسميَ في الهامدات
تطيف به الصور الفانيه
وأطللت من فرجات الضباب
على عالم الرمم الباليه
تجردت من صفة الهالكين
ومتعت بالصفة الباقيه
وقد غبت عني كأن لم أكن
سوى نفحة سمحة عاليه
وأنسيت أني ابن هذا التراب
وضجعته المرة الباغيه
بكاء على أمل لامع
تطاير في الفينة الصاحيه
وغلغل في عالم غامض
أمانيه ساخرة هاذيه
* * *
هلمي افتحي كوة للضياء
لننسى بها الكوة الداجيه
فليس لنا أمل بالربيع
ونفحته العذبة الساريه
وما العمر غير ربيع الشباب
ربيع الهوى والرؤى الوافيه
تجوس به الذكريات العذاب
ويغمره الحبّ والعافيه
إذا طاح طاحت مسالي الوجود
وغابت مفاتنه الحاليه
وصار إلى عالمٍ موحش
كصحراء خالية خاويه
* * *
أسيت لعمر تولى سناه
كإيماضة الشعلة الوانيه
فيالك من عمر ضائع
كما تنثر الباقة الذاويه
هوى النجم من شرفات الحياة
فأمست على إثره هاويه
* * *
أفاتك أني جمّ الجروح
أعيش على يدك الآسيه
فوليت عني وخلفتني
أحن إلى الساعة القاضيه
* * *
أموت وقيثارتي ما تزال
تنوح على مهجتي الصاديه
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> الشاعر
الشاعر
رقم القصيدة : 65834
-----------------------------------
خَلِّياهُ يَنحْ على عَذَباتِهْ
ويَصُغْ من دُموعه آياتهُ
ويُرَتلْ ألحانه بخشوع
مُستمدّاً من العُلى نَغَماتهْ
لا تُثيرا به كمائنَ صدرٍ
رَدَّدَتها الأحزانُ في أبياتِهْ
ورواها فمُ الزَّمانِ بشَجْوٍ(63/45)
فحسبْنا بَناتِهِ من رُواتِهْ
ثم جارَتْ بَغياً وعَقَّتْ أباها
غيرَ هَيأبَةٍ أذى سَخَطاتِهْ
فاستطالتْ من غير ذنبٍ عليهِ
واستباحتْ بصَرْفِها عَزَماتِهْ
ورَمتهُ في مَهدهِ بالرزايا
وجَزتْهُ الأسى على حسناتِهْ
فجرى والأسى وليدَيْنِ حتى
أدركَ الكُنْهَ من مَطاوي عظاتهْ
والأسى مَنْهَلُ النفوسِ اللواتي
لم يَرُضها الزمانُ في نَكباتِهْ
**
وتَوارى عن العِيان وأمسى
في مُصَلاّهُ يَشتكي عَثراتِهْ
وعِتابُ الأيام شِبهُ صلاةٍ
فاتركاهُ مُستغرقاً في صَلاتِهْ
واجثُوَا قيدَ ظِلهِ بسكونٍ
وأصيخا لبثّهِ وشَكاتهْ
هَيكلٌ يبعثُ القنوطَ إلى القَلـ
ـب بما لاحَ من جَليّ صِفاتهْ
مَنْ يحدّقْ إليه يُبصرْ ملاكاً
نُورُهُ ساطعٌ بكلِّ جهاتهْ
باسطاً كَفَّهُ يُناجي مليكاً
خاشِعَ الطرف من جلالةِ ذاتهْ
كَتَبَ البؤسُ فوق خَديهِ سطراً
تتراءى الآلامُ في كلماته:
للهوى قلبُهُ، وللشجوِ عَينا
هُ ، وللعالمينَ كلُّ هباتِهْ
وهو نهبٌ لحادثاتِ الليالي
وحلالٌ للدهر قرعُ صَفاتهْ
ينطوي في سبيل أبناءِ دنيا
هُ ويلقى من دهرهِ نائباتهْ
بفؤادٍ واهٍ وصدرٍ رحيبٍ
وادعٍ، غير صاخبٍ من أذاتِهْ
يَتلقّى بصبرهِ نَزوةَ الدَّهـ
ـر ويشكو لربّهِ نَزَواته
**
شاعرٌ صاغَهُ الإلهُ من البؤ
سِ وأبدى الأسى على نظراتهْ
وحَباهُ السِّحرَ الحلالَ فغنّى
شاكراً ربَّه على نَفحاته
وسَريُّ النظيم ما كانَ وحياً
فالهوى والشعورُ في طيّاته
وسَرِيُّ النظيم ما كانتِ الحِكـ
ـمةُ فَيّاضةً على جَنباته
**
شاعرٌ يمزج المدادَ من الحز
ن يذوبِ اللُّجين من عَبَراته
ثم يستنزفُ النجيعَ من القلـ
ب فيجري رطباً على صفحاته
يستمدُّ اليراعُ منه مِداداً
فهو يُغني عن طرسِهِ ودَواته
عَلَّلَ النفسَ دَهرَهُ بالأماني
غير ما ناظرٍ إلى عقباته
كلُّ مَنْ في الوجودِ يَجني مُناه
وهو يُقصى عن نيلهِ ثَمراته
**
يا سماءَ الخيالِ جودي عليهِ
وامنحيهِ الإلهامَ في نفثاتهِ
واطبعيهِ على الشعورِ يُخلّدْ(63/46)
لكِ أسمى النظيم في ذِكرياته
مَعبد الحبِّ شِيدَ في قفص القلـ
ب مُحاطاً بالظلِّ من قَصَباته
والفؤادُ الناقوسُ يقرعُهُ الوَجْـ
ـدُ بأوتارِ حسِّهِ من لَهاته
فيفيضُ الهوى على جانبيه
كلما رنَّ من صَدى دقاتِه
يُسمعُ الصخرَ شِعره وشَجاهُ
فتَلينُ الصخورُ من أنّاته
ثم تجري على رَويّ القوافي
وتحاكي الموزونَ من نبراته
وطيورُ السماءِ تأخذُ عنهُ
حينَ يشدو المثير من سَجعاته
**
يَخلُدُ الشاعرُ الحزين إذا قطّـ
رَ أنفاسَهُ على صَفَحاته
يومُهُ مثلُ أمسِهِ في شقاءٍ
ولعلَّ الرَّجاء طيَّ غَداتِه
إنْ دَجا الليلُ يَرقُبُ النجم أسيانَ
ويُزجي إلى العلى زَفَراته
لا الدجَى نازحٌ ولا الفجرُ يَرثي
لشَجيٍّ أدنى الردى خطواته
لو تراهُ -والليلُ ساجٍ صموتٌ-
لتفطرتَ من شَجا صَعقاته
سادراً في مجاهل الفكر حَيْرا
نَ يُرجِّي نَجاتَهُ من عُداته
مُنشداً في دَياجر الليل آيا
تٍ طواها الهواءُ في نَسَماته
... يا فؤادي إذا أجنّكَ ليلٌ
وسَئمتَ الحياةَ في ظُلماته
وتَطلَّعتَ للصباحِ وقد ضَل
ونورُ العليل في بَسَماته
لا تقلْ: يا ظلامُ سَعَّرتَ نيرا
ناً بقلب يذوبُ من آهاته
عَلّ في الليل رحمةَ لوجيعٍ
أغرقَته الآلام في سَكَراتِهْ
مُمعنٍ في الكرى يزيدُ التياعاً
كلما لجّ!َ في عميقِ سُباته
فإذا ما استفاقَ أبصرَ فجراً
حَيّرَ الفكر من سنا لمعاته
إنّ في الفجر روعةً قَسَمتها
يَدُ خَلاقِنا على كائناته
عمّتِ العالمينَ لم تبقِ حتى
مُعدماً طاحَ في هوى حَسَراته
بهجةُ الكون في الصباح تَجلّى
ولذيذُ الحياة في أولياته
**
بينما الشاعرُ الحزينُ يُناجي
ربَّه والصباحُ في بشرياته
غابَ عن عالم الشقاءِ وفاضت
رُوحه وانطوى ببُرد نجاته
فاتركاهُ يَنعمْ بنوم طويل
عَلّ في الموتِ راحةً من حياتهْ
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> حنين مغترب
حنين مغترب
رقم القصيدة : 65835
-----------------------------------
خفقَ القلبُ فاذَّكرتُ بلادي(63/47)
وبلادي الحقولُ والأدغالُ
وبلادي الأنهارُ تهتفُ فرحى
والنَّدى السمحُ والسُّلاف الحلال
والرّياضُ اللطافُ تعبقُ بالعطـ
رِ حلتْها الأفياءُ والأظلال
والينابيعُ حفُّلٌ بالأناشيـ
د تراخى فيها السَّنا والبِلال
لا يُروّعكِ مدمعي وهُيامي
أنا سرّ الهوى وأنتِ الجمال
تتراءى لناظري منكِ أروا
حٌ رقاقٌ يلذّ منها الوصال
فأناجي وما أملُّ المناجا
ةَ وأصبو وللهوى استرسال
وبنفسي لحنٌ حبيبٌ يُسلّيـ
ني وحلمٌ يهفو إليه البال
وتصاويرُ من رباعيَ شتّى
ما لَها الدَّهرَ في الوجودِ مثال
هيَ سلوايَ إنْ أظلّني الهمُّ
وسادَتْ بيَ الخُطوبُ الثِقال
نَهِلَ الحُبُ من مناعمها الزّهـ
ر وضاءتْ بسحرها الأشكال
فهيَ في العينِ صورةٌ ليس تُمحى
نامَ عنها البلى وأغفى الزَّوالُ
وهي في القلبِ فرحةٌ تملأ القلـ
بَ فتطوى بُحلمهِ الآجالُ
* * *
يا رباعَ الخُلودِ عاشَ لكِ السّعـ
دُ ولا زالَ خِدْنُكِ الإقبالُ
أنتِ مني الحُلْمُ الذي أشتهيهِ
ومجنّي ومفزعي والمآلُ
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> الذكرى
الذكرى
رقم القصيدة : 65836
-----------------------------------
ذكرتكِ والقلبُ نهبُ الفتونِ
رهينُ الرؤى الحلوةِ الوافيهْ
و "لبنان" يسبحُ في نشوةٍ
من السحرِ والحبّ والعافيهْ
توشَّحَ بالعبقِ المستطابِ
وغلغل في البهجةِ الضَّافيهْ
ونامَ على شرفاتِ الغمامِ
وطافتْ بهِ الخضرة الحاليه
تناثرُ فوقَ الروابي قُراهُ
كما تتناثرُ آماليه
على كلِّ مائسةٍ صادحٌ
وفي كل وارفةٍ شاديه
وتُصغي الوهادُ إلى قصَّةٍ
من الحبّ تسردها الساقيه
وقد أنصتَ الكونُ إلاّ صدى
يردّدُ أنسْودةَ الراعيه
تطلَّعُ في زهوها الراسياتُ
حنيناً إلى عودةِ الثاغيه
ونمَّ على الدربِ سحرُ الغناءِ
فأغفى على النغمةِ الصَّافيه
وظلَّ المساءُ يحومُ عليهِ
ويرعاهُ بالمقلةِ الرانيه
وفي خلوةِ الحقلِ نبعٌ حبيبٌ
يهدهدُ أوجاعهُ الباكيه
كأنَّ على النبع ِ قيثارةً
تنوحُ ملوَّعةً شاكيه(63/48)
و (بيروتُ) نائمةٌ في السفوحِ
تُتَممُ أحلامها الزّاهيه
ترامتْ على البحرِ مأخوذةً
تُناجيهِ حانيةً صابيه
رأيتُكِ (لبنانيَ) المشتهى
وجنَّتهُ اللذةَ الشّافيه
وأبصرتُ وجهكِ يطفو عليهِ
ويغمرُ أرجاءهُ النائيه
فغابتْ مسارحهُ الغالياتُ
ولم يبقَ غيرُك يا (غاليه)
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> علمتني الحياة
علمتني الحياة
رقم القصيدة : 65837
-----------------------------------
نعيم التأني
علمتني الحياةُ أنّ التأنّي
شدّ ما كان غايةَ المُتَمَنِّي
فتزوّدتُ أيَّ زادٍ من الصبر
وقرَّبتُ حكمةَ الدهرِ مني
لستُ أختارُ أن أكونَ عجولاً
أدَعُ الغيبَ بين رجمٍ وظنِّ
قِسَمي لن تكون يوماً لغيري
فلأعوّدْ نفسي نعيم التأنّي
الهوى طفلٌ
علّمتني أنَّ الطفولةَ ألوانٌ
وأنّ الهوى على الدهرِ طفلُ
إنْ كتمتَ الهوى كتمتَ التباريحَ
وإن بُحتَ فالفضيحةُ شغلُ
أو أطعت الهوى أطعتَ الأضاليلَ
ودربُ الهوى هوانٌ وذلُّ
حار في كُنههِ الأساةُ فما ينجي
حذارٌ وليسَ يَردعُ عذل
الوجود صراعٌ
علّمتني أنّ الوجودَ صراعُ
لا يُجيدُ الصراعَ إلا شجاعُ
فتقحَّمتُ غايتي غير هيّابٍ
وللنفسِ كرّةٌ واندفاعُ
إنما يحذرُ الكفاحَ جبانٌ
ملءُ جنبيهِ رهبةٌ وارتياع
والشّجاعُ من دأبهُ الحزمُ
ومَنْ همُّهُ السُّرى والزماع
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> النهر الشاعر
النهر الشاعر
رقم القصيدة : 65838
-----------------------------------
بردى المشتهى يفكرُ شعرا
وهو يحيا لحناً وينسابُ عطرا
في حناياهُ أضلعٌ تتناجى
وقلوبٌ من حرقة الحبّ حرّى
خبر العالمينَ جيلاً فجيلاً
ووعى الكائنات دهراً فدهرا
خط في مصحف الوجود سطوراً
باقيات تختالُ تيهاً وكبرا
معجباتٍ أنقى من الفن لألآ
ءً وأبهى من سطعةِ العلم فكرا
يتلوَّى زهواً كراقصةِ الحا
نِ تنزّى وجداً وتقطرُ خمرا
مرَّ في الأرض كالربيع ائتلاقاً
وكأيامهِ صفاءً وبشرا
وكسا جلَّق الأنيقة ثوباً(63/49)
عبقرياً من نعمةِ الفجر أطرى
* * *
أيّهذا النهرُ الحبيبُ إلى نفـ
سي ويا ملهمي إذا قلتُ شعرا
عشْ بقلبي لحناً على الدهر حلواً
واسرِ في خاطري فتوناً وسحرا
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> أحبابي الموتى
أحبابي الموتى
رقم القصيدة : 65839
-----------------------------------
أحنُّ إليكم كلّما ذرَّ شارقٌ
وأبكيكمُ ما عشتُ في السرّ والجهرِ
أحبّايَ يا سؤلي ويا غاية المنى
طويتمْ ضلوعَ القلبِ مني على الجمرِ
وبتُّ أناجيكمْ وأهفو إليكمُ
وأصبو إلى لقياكمُ آخرَ الدهر
كأنّيَ لحنُ الحب قيثارة الهوى
أنوحُ على الأحبابِ بالأدمع الحمر
أصوغهم شعراً يفيضُ مواجعاً
وأنظمهمْ عقداً يتيه على الدرِّ
وأودعهمُ قلباً تقطّع حسرةً
عليهمْ، وعيناً دمعها أبداً يجري
فيا عهدهمْ لا زلتَ نضراً على البلى
ترفُّ رفيفَ النورِ في أضلع الزهر
ويا طيفهم زدني اشتياقاً ولوعةً
يزدكَ الهوى ما شئتَ من دامعِ الشعر
* * *
فيا أيُّها الغادون لا البينُ صدَّهمْ
ولا حجبتْ أنوارهمْ ظلمةُ القبر
جفونيَ مأواهمْ، ضلوعي قبورهم،
فيالقبورٍ خطَّها الحبُّ في صدري
سَلوا الجفنَ هل طافتْ به سنةُ الكرى
سلوا الليلَ هل دارتْ به مقلةُ الفجر
إلى اللهِ أشكو ما أقاسي من النَّوى
وما يتنزّى في الخواطر من ذكر
بروحيَ أنتم من محبينَ ودَّعوا
فودَّعتُ أفراحي وفارقني صبري
ولم تؤوني الأرضُ الفضاءُ كأنني
سجينٌ أقضّي العمرَ في النفي والأسر
بعيدٌ عن السلوانِ، صفرٌ من الألى
أشاعَ هواهم لذّةَ الشعر في ثغري
فهل علمَ الأحبابُ أنّ خيالهمْ
سميريَ في حُلوِ الحياةِ وفي المرِّ
إذا نسيَ الإنسانُ في اليسرِ صحبه
فلا خيرَ في التذكارِ في ساعة العُسر
أأيامنا لا زلتِ معسولةَ الجنى
كروضٍ شذيٍّ رفَّ في حللٍ خضر
أناجيكِ بالقلبِ اللهيفِ من الجوى
وأرعاكِ بالودِّ البريءِ من الغدر
وأسقيكِ دمعَ العينِ سقيا كريمةً
إذا ضنَّ جَفْنُ السحب بالساكب القطر
سلامٌ على تلك العهودِ فإنها(63/50)
أمدَّتْ خريفَ العمر بالوارف النضر
وزانت أناشيدي ووشّتْ مدامعي
فمنْ لؤلؤٍ نظمٍ إلى لؤلؤٍ نثر
وما شئتَ من ظلٍّ رخيٍ ومن شذاً
وما شئتَ من طيرٍ يغنّي ومن نهر
أمانيُّ في زهو الحياةِ وفجرها
مرصعة الأفياءِ بالممتع المغري
أراكِ بعينٍ قد تنكّر دهرها
وما ألفتْ إلا الوفاءَ على النُّكر
وأصبو إلى ذكراكِ والذكر راحةٌ
لمنْ عاشَ في الهمّ المبرحِ والخسر
وأشتاق أُلافاً سقاني ودادهمْ
كؤوس الهوى حتى انتشيتُ من السكر
وحتى كأنَّ الدهرَ طوعُ أناملي
ينوّلني قصدي ويُبلغني أمري
إذا زرتني يا طيفهمُ في حمى الكرى
فقد زارني سعدي وعاودني بشري
وأشرقتِ الدنيا بعينيَّ وازدهتْ
لياليَّ بالأنوار والأنجم الزُّهر
وهوّن ما ألقاهُ من لاعج الضنى
وخفّف ما أشكوهُ من ثائرِ الفكر
* * *
مررتُ على الدارِ التي غالها البلى
وقوّضها حتى استحالتْ إلى قفر
فنازعني قلبٌ يذوبُ صبابةً
إليها، ودمعٌ لا ينهنهُ بالزَّجر
أطوفُ بها والروحُ يعصرها الشجا
ويغمرها بالبشرِ حيناً وبالذُّعر
هنا الأهلُ والأحبابُ والقصدُ والمنى
هنا الملتقى بعد القطيعةِ والهجر
هنا تجثمُ الذكرى، هنا ترقدُ الرُّؤى
هنا الموتُ يبدو في غلائله الصُّفر
هنا يقرأ الإنسانُ سفرَ حياتهِ
ويا هولَ ما يلقاهُ في ذلك السفر
صحائفُ إن قلّبتها ازددت حسرةً
على ما بها من غائل ِ الغدرِ والشر
هنا العبرةُ الكبرى التي دقَّ شأنها
وأعوزها سبْرٌ فأعيتْ على السّبر
هنا يخشعُ القلبُ الشجيُّ مردداً
كتابَ الرَّدى المحتوم سطراً إلى سطر
بنفسيَ أرواحٌ رقاقٌ حبيسةٌ
مضمّخةُ الأعطافِ مسكيةُ النشر
تأرَّجُ بالذكرى وتعبقُ بالهوى
كأنَّ بها عطراً أبرَّ على العطر
أعيشُ بها جذلانَ يسعدني الرضا
ويقنعني منها الخيالُ إذا يسري
* * *
سلامٌ على الأحبابِ إنّ طيوفهمْ
لتملأ هذا الفكرَ بالنائلِ الغمر
ولولاهمُ لم أجنِ ريحانةَ الهوى
ولولاهمُ ما شمتُ بارقةَ العمر
ولا صغتُ أنغاماً لطافاً شجيّةً(63/51)
أرقَّ من النجوى وأصفى من الخمر
يرى المفردُ الحيرانُ فيها أليفهُ
وينسى بها دارَ الخديعةِ والمكر
* * *
عفاءٌ على الدنيا فما هي لذّةٌ
إذا كنتَ في شطرٍ وقلبكَ في شطر
ويا بؤسَ محيانا ويا طولَ غمّنا
ويا شدَّ ما نلقاهُ في الدهر من قسْر
ويا شوقنا للصحب في غمرةِ الرَّدى
وفي هدأة المثوى وفي رقدةِ العفر
* * *
نمرُّ خيالاتٍ يوشّحها الأسى
وننزع أثوابَ الحياةِ ولا ندري
ونطرحُ أياماً ثقالاً رهيبةً
براءً من الألوانِ خلواً من السحر
شعراء العراق والشام >> أنور العطار >> آذنتنا أيامنا بانقناء
آذنتنا أيامنا بانقناء
رقم القصيدة : 65840
-----------------------------------
يا لياليَّ في الحِمى لستُ أَنْسَا
كِ على ما حملتِ من إقلاقِ
فكأنّا ما غاب عنا رؤاها
أو سقانا كأسَ المنيّة ساق
فارجِعي يا طيوفَها آمناتٍ
لا تخالي الردى سريعَ اللحاق
لا يُطيف السلوّ بالذاكر المُشْـ
ـتَاقِ، والشوقُ مِيسم العشّاق
يا دياري التي حبَبَتُ ويا أَنْـ
ـفَسَ ما قد ذخَرْتُ من أعلاق
يا أحبّايَ في ربوعي الغوالي
والمديدَ المديد من آفاقي
سدّد اللهُ في الحياة خُطاكم
وكفاكم مزالقَ الإخفاق
ورعاكم، وزانكم بسجايا
خالداتٍ على الليالي بواق
يومَنا المرتجى! تباركتَ يوماً
أنتَ في علم ربّنا الخلاّق
تتلاقى الأحبابُ في أفقكَ الرَّحْـ
ـبِ، وتشفى من حُرقة الأشواق
هي في غمرة البقاء شَحارِيْـ
ـرُ، تغنّتْ بذكرياتٍ رِقاق
قد رَقَتْ في فضاء ربّيَ هَيْمى
وَهْيَ لمّا تزل تُحبّ المراقي
قد نزعنا ثوبَ الحياة قشيباً
وجرعنا الردى بكأسٍ دِهاق
وأفقنا وللصباح عبوسٌ
والدجى الوَحْف قاتمُ الأعماق
ملّتِ النفسُ صحوَها وكراها
واصطباحي من همّها واغتباقي
فمتى أستريح من عبئها القا
سي، وأنجو من سحرها البرّاق؟
يا مغيبَ الحياة أنسيْتَني النُّوْ
رَ، وأقصيْتَني عن الإشراق
ومحوتَ الوجودَ إلا رسوماً
أوثَقَتْها يدُ البِلى في وَثاق
نطقتْ بالمبين من مُحكَم القَوْ(63/52)
لِ، وأفضتْ بسرّها المِغلاق
وجثتْ لا تردّ عنها العوادي
لا ولا تشتهي الخيالَ الراقي
آذنَتْنا أيامُنا بانقضاءٍ
وانطلقنا من قيدها الخنّاق
أعتقتنا المنونُ من أسرها الصَّعْـ
ـبِ، ومِمّا حوتْ من استرقاق
ما انتفاعي بالبدر تِمّاً إذا كا
نَ هلالي تِرْبَ البِلى والمُحاق؟
رُبّ ليلٍ أمدّه القلبُ بالنُّوْ
رِ، وليلٍ محلولك الأَطباق
أنا من بعدكم حنينٌ وسُهدٌ
لستُ أخشى سُهدي ولا إفراقي
بين قلب على الأحبّة خَفّا
قٍ، وطيفٍ على المدى طرّاق
ذلكم يا شقائقَ الروح والقَلْـ
ـبِ، سبيلي، وتلكُمُ أخلاقي
فإذا غبتُ فالمعاد وشيكٌ
لمحبّ مُعذّبٍ مِقْلاق
وَدّعِ الصحبَ يا صريعَ الرزايا
ففراقُ الأحباب غيرُ مُطاق
وتأهّبْ فإنّما أنتَ ظلٌّ
راجف من تنقّل وانطلاق
والدياجي لا ترهب القاحمَ الفَرْ
دَ، ولا تستبدّ بالسبّاق
كلُّ غصنٍ إلى بِلىً وذبولٍ
مثل رسمٍ مُهَدّمٍ أحذاق
كيف يعتاقني الحِمام عن الأَهْـ
ـلِ، ولا يُرمض الحِمام اعتياقي؟
أنا في قبضة الإله!.. وكم أَحْـ
ـمَدُ رقّي وكم أحبّ وَثاقي
فاذهبي يا حياةُ كَلَّ ذهابٍ
واطرحيني من ليلك الغسّاق
وخُذي ما أمضّني وعَناني
في ديار الإفقار والإملاق
تاقتِ النفسُ للخلاص من الأَسْـ
ـرِ، وحنّتْ إلى المطاف الواقي
فمتى يا تُرى يتمّ انطلاقي؟
ومتى يا ترى يحين انعتاقي؟
قد كفتْنا الحياةُ همّاً وغمّاً
وشفتْنا المنونُ مما نلاقي
نتساقى كؤوسَنا مترعاتٍ
ولكم لذَّ في الجِنان التساقي
حِرتُ في الموت والحياة، وأَعْيَا
نِيَ صحوي، وطاب لي إغراقي
يا لَسُمٍّ نلذّه، وذُعافٍ
يحتسيه اللديغُ كالترياق
لا يحوم الشفاء حول مِهادي
والضّنى المرّ آخذٌ بالخناق
فاسترحْ أيها السقيمُ المعنّى
من فؤاد مُروَّعٍ خفّاق
نضبتْ أكؤسُ الهوى، وامّحى البِشْـ
ـرُ، ولاح الفراق خلف العناق
وتعرّتْ خيلُ الصّباء من الأُنْـ
ـسِ، وأَكْرِمْ بخَيْله من عِتاق
وطويتُ الشبابَ في ورق العُمْـ
ـرِ، وودّعتُه بدمعٍ مُراق(63/53)
فارقدي يا حياةُ في كهفك الحا
ني، وفي مهدك الوثير الباقي
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> عدم يُشبِه الوُجودَ
عدم يُشبِه الوُجودَ
رقم القصيدة : 65841
-----------------------------------
قَبْلَ أَنْ يَلِجَ اللَّيْلَ فِي النّهَارِ
أَوْ
صَانِي. قَالَ :
كُنْ
مَا تَشَاءُ.
.
دَثّرَنِي بِكَلاَمِهِ
وَألقى
بَيْنَ يَدَيَّ مَنَازِلَهُ
.
ــ مِنْ أيِّ صَبيب نَزَلتْ أَوْتَارُكَ
وَمَنْ نَاوَلكَ مَعَاطِفِي
.
فِي آخِرِ اسْتِبَاحَاتِهِ، كَانَ لاَ يَسْتَحِي، بَلْ يُرَاوِدُ مَتى شَاءَ.
.
لَِمَ لا أكُونُ شَرَراً
أوْ سَقْطَ مَتَاع خَالَجَهُ النِّسْيَانُ.
.
اللّيْلُ،
مِنْ فَرْطِ رَخَاوَتِهِ، آنَسَنِي، فَانْزَوَيْنَا، مَعًا، كِلانَا يُنَاهِزُ فَدَاحَةَ الآخَر،
وَيَصْبُو إلى أوَّلِ المَطَرِ
.
َلسْتَ آخِرَ الهَزِيعِ أيُّها النَّسَمُ الذي وَارَبَ انْحِدَارِي
وَأيْقَنَ، أنّنِي مَجْبُول بِالتّعَبِ
.
كُلُّ التَّعَالِبِ غَالَبَتْ شِبَاكَهَا، وَأَوَتْ إلى العُشْبِ
تُغَازِلُ دِيدَانَهُ.
لاَ
َأمَلَ
في َأنْ يَصِيرَ المَطَرُ فَرَاشًا
.
هَكَذَا
ِبلا يَقِين مُطْلق، جَاءَتِ الآلِهَةُ تِلْوَ بَعْضِهَا تُنَاهِزُ نَدَاوَتِي،
وَتَحُفّ صُعُودِي بِرَفِيفِ أجْنِحَتِها
َلسْتُ مُشْبَعًا بِالوُجُودِ،
فكَمَا َأشَاءُ اخْتَرْتُ العَدَمَ.
.
النّهَارُ،
بَدَا لِي بلا انْقِطاع، شَجَرًا يُحَادِي البَحْرَ
وبَدَتْ لِي الكَائِنَاتُ، كما َلوْ أنَّ إَلَهًا آخَرَ، هو مَنْ حَفّهَا بِأنْفَاسِهِ.
.
ـ أكُلُّ الكائِناتِ، هكذا، وَبِمَحْض نَزَق عَابر، وُجِدَتْ
وأنا وَحْدي، ماِزلتُ ُأدَارِي عَدَمِي.
.
لِمَ كُلّ هذا الهَوَان،َألَيْسَتِ الأرضُ َلنَا جَميعاً، ِبلا رِجْعَة، والسّماء،
مازالتْ، على عِلاّتها، مِنْ بعيد ُتدَاعِبُ أوْتارِي.
.
كَانَتِ الخُرافَةُ، كُلّمَا َتنَاهَتْ إلى وَتَرِي، رَوَيْتُهَا بِهُدْنَة،(63/54)
وَأيْقنْتُ أنّ للوجودِ وُجُوداً غير هذا الوُجود.
.
َلمْ ُأومِنْ بِأفْكَارِ أفلاطونَ
فأنا
مُعْجَب بِجَسَارَةِ سُقْرَاط، وإلى حَدّ ما
أُحِبُّ المَسِيحَ
.
.
وبَعْدَ أنْ أوْلجَ اللّيْلَ فِي النّهَارِ
خَاطبَنِي
. َأ
َأنْتَ مَا شِئْتَ...
.
خَانَنِي لِسَانِي، وَزَلَّتْ بِيَ الأرضُ، وَلمْ يَعُدْ لِي
مَا بهِ أُخَالِجُ كَلامِي، فأشرتُ بيدي؛
.
ـ مَا لفَرْقُ بينَ َأنْ أكُونَ َأوْ لا أكونْ
َألَيْسَتِ الخَلِيقةُ، بمَا فيها مِنْ وَهَن، بَعْضُهَا ِبلا هَوَادَة، يَأكُلُ بَعْضاًَ، والنُّجوم،
حين تَحُلًّ، تُوارِي، تَحْتَ بَياضِهَا، فَدَاحَة َليْل جَاء لِيُخْفِي كَسَلَ مَنْ نَامُو
قَبْلَ الأوَانِ.
.
ألستُ أنا وحْدي، إذا افترَضْتُ أنّني موجود،
حملتُ عنكَ عِبْءَ مَا كانَ سَيَلحَقُ خَلقاً كثيرًا مِنْ عِبَادِكَ
أَلَمْ تُشَكَّ الحِرابُ في صدري كما لو كنتُ اقترفتُ آثامًا
خَسِرَ الوجودُ بها مَزَامِيرَهُ.
.
وها أنا أختارُ الغَابَةََ، فهل تُضاعِفُ حَذرِي
وَتجْعَلُ مِنْ عِضاتِكَ، وأنت مَنْ أحْياها، تُصَاحِبُ قلقي، وَتصْبُو،كما أصبو أنا في
َعدَمِي، أنْ يَصِيرَ العُشب كَلأ للِثّعَالِبِ، ولا تَنْفَطِرُ شِغافُ الطيورِ على َأهْوائِهَا
.
َمنْ إذنْ، على هذا المِنْوَالِ يُطَاوِلنِي
ويُقنِعُ، نُطَفِي، بِالوُجُودِ في عَدَم
يُشْبِهُ الوُجُودَ.
.
.
الأرْضُ ، التي أنت خالقها، مَحْضُ خُرَافة
َوأنَا
مُشْبَع بِتعَبِي
َلمْ
أُوقِنْ بَعْدُ
أنّ خَمِيرَتِي اتّقَدَتْ كَيْ َأجْلو عَنْ نَفْسِي
بَعْضَ ظَلامِهَا
َوَأبْدُو
كما بَدَوْتَ
كَلامًا ِبلا َلمْس
أُشَمُّ ولا أُرَى
.
أهَذا مَا سَيَحْدُثُ فِعْلاً
أمْ أنّ الأرضَ اخْتارَتْ أنْ أكُونَ بينَ مَزامِيرِهَا
نَشِيدًا،برَهَافَتِهِ، يَصُدُّ عَنِ المُتْعَبينَ بَعْضَ أَْوْزَرِهِمْ
.
ـ لا يَقِينَ لِي
َفأنَا
َواحِد مِمَّنْ لا يَسْكُنُونَ فِي وَلهِ الوُجودِ
.(63/55)
الحُقولُ، على سَعَتِها، بَدَتْ لي َدائِمًا، ِبلا تُخُوم
وكانتْ مَراسِيمُ الغُبَارِ ُتنْذِرُنِي؛
ـ لا شكّ أنّ الألم الذي يُباغِتُكَ
َأوْشَكَ أنْ يَنْحَنِي
.
.
َأتَذْكُرُ كَيْفَ كَانَ المَطَرُ،مَتَى َأحْسَسْتَ بِرَائِحَةِ التّرَابِ تحْدُوكَ،
يَأتِي مُبَاغِثاً
يُعِيدُ صَوْغَ حَنينِكَ
ويُؤَجِّلْ فَدَاحَاتِهِ إلى وَقت غيرِ مَعْلوم
.
في السُّنَّة كما في الكتاب
خُلِقْنا من تُراب
فَهَلْ إليهِ نَعُودُ...
أشُكُّ
أنْ يَكُونَ زَوَاجِي، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ نَسْلِي
عَاشُوا بِنَفْسِ وَتِيرَةِ َألمِي
.
عَانَيْتُ كثيراً
وكثيراً دَاهَمَنِي القتلُ
لكنَّ، مَا فِي أنْفَاسِيَ مِنْ وَهَج، َلمَّ شَتَاتِي
وَأحْيَا
مَا
فِي
يَدِي مِنْ َبَلل
.
القَتْلُ أقْسَى عَليَّ مِنْ مَوْت
دَاهَمَنِي
ُمنْذُ الأزَلِ
َفصِرْنَا
ِبلا حُزن
صَدِيقَيْنِ
كِلانَا يَبْعَثُ التّحِيَّةَ للآخر، ونَسْألُ عَنْ بَعْضِنَا
بِحُبّ مَنْ لا يَخُونُ الصّداقةَ
أوْ
يَنْسَى مُتْعَةَ الزّوَاجِ
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> ذكرى مساءات في ضيافة بغداد
ذكرى مساءات في ضيافة بغداد
رقم القصيدة : 65846
-----------------------------------
(تمثال أبي نواس)
.
صباحاً
تفتح دجلة عينيها على أنفاسك
كأس
يملأها النّدى
و
اختلاجات غيمة
هبّت
من
زرقتك
.
حَجَر
يُغيِّر مجرى التاريخ
.
.
بوُسع سهوك الآن أن يراودني
وبوسع النّهر أن يشرب تاريخ
انْشِراحِنا
.
****
(شارع المتنبي)
.
كتاب
بين كلماته
حبر يواصل الكتابة
.
ليس مُهِمّاً
أن يكون المتنبي مرَّ من هُنا
أو
لمْ يمُرَّ
.
فالكلماتُ مازالتْ تسْتَرْعي انتباه
العابرين
.
****
(الحلاّج ثانية...)
.
قَلِق
يدُهً تُراوِحُ الفراغَ
.
لِمَ أنتَ وحْدَكَ
شارَفْتَ الموت
وتَركْتَ الرِّيحَ تأكل أحزانكَ
.
أنت غيم
شارَفَ الخُرافةَ أنت أنت
ولا
شيء
سوى
أنتَ
.
****
(سماء دجلة)
.
سماء مُفَضَّضَة
زُرقَتُها وميض ضوء
تلاشَتْ حُمرَتُهُ(63/56)
.
.
في
هَدْأة
كان النّهر
يشُقُّ مجراهُ
.
****
(سامراء...)
.
من مُنْحَدَر إلى
أعلى
أرض تُوشِكُ أن
تتوارى
.
و
غيوم
تُلَبِّدُ العينَ
بِدُكْ
ناتِها
.
تاريخ
على
حافة الجُرْحِ
يُعَرِّشُ
.
ينُثُّ في القلب
بعضَ
ارْتِعاشاته
.
مَنْ
مرَّ من هنا
و
.
من
خلف هذا السَّحاب
أخفى
فتنة امرأة
صارتْ
لفَرْطِ جمالها
لا
تُرى
****
(شارع الرشيد...)
.
هواء
يتسلّل من بين أسوار عاليات
وغبار أقدام
عبَرَتْ
هذا الحجر المُؤثَّثَ بزَخَّات مطر
عابر تاريخ
يختزل المسافةَ
بين
قِباب
و
أقواس
عشَّقتها أياد
كانتْ
تَبُتًّ الرًّوحَ
في ال
حَجَرْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> بين السرّ.. ومايخفى
بين السرّ.. ومايخفى
رقم القصيدة : 65847
-----------------------------------
وأخيراً
ها أوصدتِ البحرَ
ونام الحارسُ
بين السرّ... ومايخفى
وأخيراً
أقنعتِ الأوجاع الصاعدةَ
من القعر إليكِ
بأنكِ أعلى..
أرصفتي تكفي للعرسِ
وكي تعبر أيامكِ
غيماً
فلماذا غيّرتِ الشارعَ
يابغدادُ
وكان عليٌّ يشرب قلبي
كي يهديكِ صلاة الفجرْ..
بعدِك
يابغدادُ
لماذا أحرس وجهي!
ولماذا أسرق من أمي لحظة دفءٍ
من يحميني من ذاكرتي؟
-الشرطيُّ
يُقبّلُ في الجهة الأخرى
كفّ الطاغونْ...
من يغسلني بالموت العاجيِّ
كوجهكِ
يابغداد
ومن ينشرني في عينيكِ
ضفاف سَهَرْ..
دجلةُ
لايغريه الماءُ
ولكنْ.. كسرة وجهينا في الماءْ
والشحّاذُ
الطالعُ -في عينيَّ- قمرْ
يكفيه عناق حبيبينِ
لكي يشتاق لزوجتهِ
ويغيبْ..
في شهوة أجراس الطينِ
وبعد حنينٍ
أسمعُ في جيب الشحّاذِ
رنينَ مطرْ..
فلماذا أوصدتِ الفجرَ
وأطلقتِ حنين الأنهارِ
على الغرباء..
كفّكِ خبزٌ
وأنا قافلةٌ من جوع
وأنا صورتكِ المحفورة في العتمةِ
بل أنتِ العتمةُ
والخوفُ
وُضوحُ الفقراءْ..
يا أقدم نزفٍ في الطينِ
إذا أرخيتِ رخام الوقتِ
عليَّ..
أموتْ..
----
لايوجعني شيءٌ
بعدكِ
لامدريدُ
ولا بيتٌ ما أذنَ اللهُ
بأن يُرفعَ، أو نُرفعَ فيهْ..(63/57)
لايوجعني شيءٌ
قبلكِ
طبعُ مرايانا.. خائفةٌ
وأبي
علَّقَ -بعد سلامٍ-
ظلَّ البحرِ على شجرٍ
ومضى يبكيهْ..
لا يوجعني شيءٌ..
يوجعني أني سأموتُ
إذا أنكرتِ السيفَ
الـ في خاصرتي
منذ تعارفنا
أخفيهْ...
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> وفيه.. ينتحرُ الحمام
وفيه.. ينتحرُ الحمام
رقم القصيدة : 65848
-----------------------------------
بغداد.. تنتعلُ الضبابَ
وتختفي في النهرِ
قبل تَسَمُّرِ الأشياءِ
في السفح المعلّقِ
بين جبهتها وبابلَ من جهه
والبرتقالِ المرِّ في قمر الشمالْ
بغدادُ
أيضاً لاتحبُّ الثلجَ
لكنَّ الشوارع تحتفي بالقادمين من الرياحْ..
بغدادُ
تكفي كي يكون الوجدُ
لكني أحبكِ
قبلَ -بعدَ الوجد؛ بالدم والأظافرْ
هذي السماء صبيّةٌ
لمّا تُعلّقُ بعدُ نجمتها
على كتف الزمانْ..
هذا المساءُ
فتىً، تعلّم أنْ يكون لها
وكان!..
ومسافرانِ إلى حمورابي القديمِ
بلا سَفَرْ..
قالا: سيعرفنا الصباحْ
فامتدَّ ملح الليل في طين المكانْ..
والضائعانِ
يفتّشان عن انتماء الصوتِ
للصمت المغلّفْ..
وعن البلادْ..
بغدادُ
تنسى مرةً أخرى
بأنَّ أبي اشترانا من مواسمها
وعمّدنا بخوف النهرِ
علّقنا على صبر النخيلْ..
بغداد تنسى أنها أمي
كعادتها
وأذكرُ
أنني أهواكِ في بغداد.. أكثرْ
وهناكَ
كنتُ أنا.. أنا
ظلّي.. أنا
وهناك أشبه كلّ شيءٍ
إنما لاشيء يشبهني... سوايْ
ردّي عليَّ الشارع المسروق من جسدي
وظلّكِ
كي أعود إليَّ
في عشب الخطا
فالشارع العربيّ يعبرني
وأرصفة الصبايا
لاتحطُّ على خُطايْ
حتى الزجاج الكُنْتُ أنقرهُ
لتنتبهي
تسيَّسَ، صار أعمى
والكلامْ..
سيفٌ على صحوي، وحسنكِ
فاهربي ممّن يقول:
-أنا أحبكِ!
-لا أحبكِ
بل أعاقرُ ضوء نهديكِ التراثيّينِ
سرّاً
أرتدي -في السرّ- أمي؛ غيمةً
وأبي.. وصايا
إنهم لايعلمون السرَّ
لكنْ
يصلبون الخارجين على الغموضِ
بتهمة الإشراقِ
في ليل السلامْ..
فاستئصلي بغداد من أيامنا
بغداد أنتِ
وأنتِ أعلى(63/58)
من فضاءات المرايا
أنتِ سرٌّ
منه يبتدئ الحمامُ
وفيه.. ينتحرُ الحمامْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> مابين ياليلٍ.. وليل
مابين ياليلٍ.. وليل
رقم القصيدة : 65849
-----------------------------------
مُستغرقٌ هذا المساء بحزنهِ
حتى النخاعْ
صمتُ القرى
سيفٌ على فرح السنابلْ
وكأنّ شيئاً ما -بنوم القلبِ- ضاعْ
حتى الأصابعُ
-قبل موسمها بعُنقودينِ-
خانتها المناجلْ
وحبيبتي؛
جاؤوا على أشواقها بدمٍ كَذِبْ!..
بل سوّلتْ أمراً لهم؛ روما
وأجمل مايفوز به الحريقُ
دمٌ مقاتلْ..
يا أيها الآتون من مُدنٍ.. ضبابْ
من يشتري حزني
بشبرٍ من وطنْ
من يطرد التاريخ من قلبي؟
ويفتتح الزمنْ..
وكأنَّ شيئاً ما سيسقطُ
في المساءِ.. إلى القرارْ
وكأنَّ شيئاً ما سيصعدُ
-في عروقِ الوجدِ-
حتى نشوة الرؤيا.. وآخرة الجرارْ
وأنا أراوحُ
بين مايهوي ويصعدُ
نائماً
في ثوب عصفورٍ يهاجر بعد حينْ..
لاشرقَ للكلماتِ
قيّدني المحالُ
وسوف يقتلني الحنينْ..
ما هكذا كنّا
ولكني أحبكِ
غصنَ ليمونٍ بذاكرة الجدارْ
الثلجُ..
يحفر في ظلام القلب قامةَ قريةٍ
وصهيلَ خيلْ
والمشهد الآنَ:
الزمانُ هو المكانُ هو الحصارْ
ما بين يا ليلٍ.. وليلْ
حتى الأصابع مُقفله!..
وكأنّ شيئاً ما سيحدثُ
أوصدي شباك خوفكِ
أوّل الأشياء.. آخرها
وأوّلكِ انتحارْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> لم يخرجوا منها
لم يخرجوا منها
رقم القصيدة : 65850
-----------------------------------
إلى محمود درويش..
ــــــــــــــــــــــــ
بيني وبينكَ لا تمرُّ القبّراتْ
ها عدتَ درويشاً
وعدتَ
من الحضور إلى غيابكَ
من طقوس المبعدين إلى خوائكَ
من أكفّ العاشقين إلى مسائكَ
من لظى ريتّاكَ
جئت إلى الشتاتْ!..
بيني وبينكَ لا تمرُّ القبّراتْ
والطائراتُ
تمرُّ في أمسي وأمسكَ
في دُجى عُرسي وعُرسكَ
أنتَ قُلْتَ!..
وأنتَ شيّدتَ الصباح
من الجماجمِ
أنتَ علّقت العيونَ على الشبابيك القتيلةِ(63/59)
أنت أيقظت الحصارْ..
ها عُدتَ
كي تُرخي- على خمسين عاماً من حضوركَ، في خلايانا-
ستارْ..
نَفْسُ الجدارِ.. قطعتهُ
حين اتّجهتَ إلى البنفسجِ
لو ثملتَ عيونهُ
خبّأتَ وجهكَ!
سوف يعرفكَ الجدارْ..
***
بيني وبينك لا يصبُّ البحرُ
دمعُ حبيبتي حَجَرٌ
وأجراس القصائد في ضفائرها
تضيعْ..
الآن تتَّسخُ المدينةُ
والخطا تمشي على الأجفانِ
تَكْسِرُ ظلّها
نامتْ حقولكَ يا دمي
وارتدَّ جسركَ للوراءْ
أرنو، ويُغلقني فمي
والأرض تطردها السماءْ
هل أنتَ تُطْلِقُ موسمي
أم أنتَ يُطْلِقُكَ البكاءُ
أسلمتُ قيدَكَ معصمي
فنسيتَني خلف النداءْ
والآن تتّسخُ المدينةُ
يسقط الليمون عن أغصاننا
ينسى المغنيّ عودهُ،
تُفاحَهُ..
ريتّا..
وأندلساً وشامْ!..
ها أنتَ وحدكَ في الزّحامِ
وأنتَ غادرتَ البنادقَ
ثمّ غادركَ الحمامْ
لا نصفكَ المنفى يشدُّكَ
لا التراب له يردُّكَ
صرتَ أينَ؟
وكنتَ مفتاح المسافة "بين مدخل جرحنا والإنفجارْ"
هل قلتَ: " قد كذب الزمان عليهِ"؟
هل كذب الزمان عليكَ
أم أنتَ الزمانْ؟!..
ها عُدتَ عُدتَ
ولم تعد يافا إلى يافا
وغزّةُ من ورقْ..
ما زال ملحكَ مالحاً
لم يخرجوا منها
دخلتَ
لكي تتمَّ خروجها منّا
وندخل كلّنا زمن الحبقْ..
نفسُ الخطا داستْ على نفس الخطا
داستْ علينا مرّتينْ..
والآن تتّسخُ الشوارعُ
تستقيلُ الشام من أيامكَ الأخرى
ويسقط بيننا
عامٌ طويلْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> تصطاد نفسكَ.. ربّما
تصطاد نفسكَ.. ربّما
رقم القصيدة : 65851
-----------------------------------
الطيّبونَ يغادرون قلوبهم شرقاً
ونعرفُ أننا قد لانعودْ..
نامتْ محطات القطارِ
على نُعاس أكفّهمْ
ودّعتُ ما ودّعتُ
كانت رحلتي زوّادتي
والماءُ
آخر مشهدٍ
باحتْ به عيناكِ
ما جدوى؛ أحبكِ
دون بوصلةٍ
وما معنى رحيلكِ
في دمي المصلوبِ في جسد الجهاتْ
***
الطيّبون يغادرون قبورهمْ
وأنا أغادر منطقيّة حلمكِ الصيفيّ
كي أبني لنا وقتاً
على حدّ الخرابِ(63/60)
وكي أردَّ كرامة الغربانِ
أو ألقي زجاجة خوفنا
قمراً
على خوف البلادْ
لا شيء في هذا الهُنا.. والآنَ
سقفُ سمائهم نارٌ
وأضلاع القصيدة من شَجَنْ..
من سوف يسقيكِ الحقيقةَ
جفَّ نسغ أصابعي
لا ماءَ في ضرع العراقِ
ولا لبنْ..
هل أنتِ خبأَتِ النخيلَ
بِبُرْكَتَيْ خوفٍ؛ هما عيناكِ
أم أنّ الهُنا والآنَ
أطفأتا تراتيل النوارسِ
بين عشبكِ والمدينه؟!
الطيّبونَ يغادرون قلوبهم شرقاً
وظلّكِ
لا يغادر شرقيَ المهزومَ
فانتحري
أحبكِ
غيّبي وجهي عن الألوانِ
ليلكِ لا ينامُ
وصبحهم أعمى
فكوني خارج الأشياءِ أشياءً
لنُعطي فرصةً أخرى
لسيدة الولاده..
البرد يشرب كلّ ما في الكأس من وطنٍ
وتختلف القرى...
هل قُدَّ من دُبُرٍ قميصكَ
أم ذوات الحُسنِ قطَّعنَ الأصابعَ
فارغٌ!
والصورتان على زجاج الكأسِ
ذئبكَ وانتحاري..
***
هل تُعرف الأشياء من أسمائها؟
عصفورُ بابلَ
قبل عنقودينِ-زقزقَ
شيّدتْ فوق التلاميذِ المدارسُ
قُبّةً للحزنِ... أخرى
والرّباباتُ الصلاةُ عليكَ يا عرس الصعيدِ
مشتْ على حدّ المناجلِ
زهرةُ الرمانِ
زغرد دجلةٌ
فسمعتُ رائحة المآتم في العنبْ
تبّتْ يدا روما
وتبَّ أبو لهبْ..
تبّت يدا امرأةٍ
تباعد بين حزنكَ والحطبْ
يا أيها المحبوس فيكَ،
وفي رحى العرباتِ،
في وَجَعِ السنابلِ،
في ضمير النومِ،
في رجلٍ.. ذهبْ..
***
الطيّبون يغادرون قلوبهم غرباً
قواربُ تُفْقِدُ الأشياء وِجْهَتَهَا
أعرني باب قلبكَ
كي أرى سطحي
وخذْ سنّارة الأسماءِ
قد تصطادُ نفسكَ
ربّما..
أو ربّما تصطاد قريتكَ الطريدةَ،
عُرسكَ المرجوَّ،
أجنحةَ القصائدِ
ربّما
لا شيءَ في ضرع العراقِ
سوى التعبْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> بيروت.. يا بوح النوارس
بيروت.. يا بوح النوارس
رقم القصيدة : 65852
-----------------------------------
يا أصدقاءْ
الحزن أكبر من قرى طفلينِ
محبوسين في سَغَبِ المساءْ
الحزن أطولُ من صباح الخيلِ
في وجع الغناءْ(63/61)
الحزن طقسُ دمٍ؛ وأطروحاتُ نايْ
الحزن قهوتنا وهيلُ حديثنا
والحزن شرفتنا
نطلُّ على الأنا
والحزن قلبكَ
عندما تبكي يدايْ..
***
بيروتُ
يا حقلاً من الأطفالِ.. أحمرْ
بيروت
يا كفّ العروسِ
مخضّباً بالقهرِ
حنّاءُ الأكفِّ دمٌ؛ وطوقُ الجِيْدِ خنجرْ
بيروت
يا نسغ المدى الدمويِّ
يا موتاً مُكرّرْ
بيروت
يا بنتاً تراودها الأماكن عن براءتها
ويا شَعراً بحدِّ الحزن يُضْفَرْ
الآن يغرق في صدى المستنقع الدوليّ
صوتكِ
أمهاتٌ يحترفنَ خياطة الأجسادِ
ينشلُّ الصهيل من الدمار إلى الدمارْ
بيروت
يا بوح النوارس، حين يُوجعها الحنين إلى البحارْ..
لو صخرةٌ عمري
ضربتكِ بي
لأُخلقَ
أو لأُقتلَ
أو ليكتبَ فوقيَ العشاقُ إسمكِ
بالطباشيرِ الملوّنِ، والندى، والإنتحارْ...
سيّجتُ مابيني وبينكِ بالضحى
لو لم أكنْ نفسي
لكُنْتُكِ
فاعذري الشهداء إن طاروا بأجنحةِ العصافيرِ الذبيحةِ
وانظري شبّاكيَ الموصودَ
يكسرني الزجاجُ
فلا ينزُّ دمي
وتهدلُ ــ في بقايا وجهيَ المكسورِ ــ
رائحةُ انتظارْ..
للحزنِ أنتِ
ومن أنا؟!
لا شيءَ يشبهُ نفسهُ
لو عشبةٌ قلبي؛ زرعتكِ فيهِ
ربَّ مشرّدٍ
ــ حين الأماكن تنطوي ــ
في قلبهِ للدارِ .. دارْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> حتى عطلة التاريخ
حتى عطلة التاريخ
رقم القصيدة : 65853
-----------------------------------
وغداً صباحاً
سوف أحزم خيبتي
وأحنُّ يا أمي
إلى امرأةٍ سواكِ!...
أنا لم أعد أكفي
وصوتكِ لم يعد يكفي
لأشعرَ بالقليل من الولاده..
حتى "صباحُ الخيرِ"
ماتتْ بيننا
لما تركتِ أبي ينامُ
على يَدَيْ نَفْسِ التي سرقتِ صِبَاكِ
سأقول للمنفى:
- قتلتكَ،
قبل أنْ آتي إليكَ
فليس لي وطنٌ
أهاجرُ منهُ
أو جنحٌ يخافُ من الشباكِ...
ويقول لي المنفى:
ـ أحبكَ!...
فانظري أماهُ ما اقترفتْ يداكِ...
***
وغداً صباحاً
سوف أُلقي ـ يا أبي ـ في البحرِ
آلهةَ النضالِ..
داسوا علينا مرّتينِ
تعال نصبح في الرصيفِ
فماً(63/62)
ونأكلُ من يقودون الخطا
في الليلِ
نسقي شارعاً عَرَقاً
ليمشي مرةً فوق النّعالِ...
تعالَ نفضح في شمالِ الشرقِ
غربنة الشمالِ..
تعال نقرأُ
ـ قبل أن نلقي الرصاص على ابن رشدَ ـ
دمَ السؤالِ...
تعال نمنح لحم رقبتنا الحياةَ
لترتقي فوق النصالِ...
كفاكَ تبحثُ في الرمالِ
عن الخرائطَ
لا خرائطَ في الرمالِ
أنا وجدتكَ قرب أشيائي
فكنتَ أبي
ولكنْ كن أبي
يعقوب قاتل كي يكون أباً
وكنتَ.. بلا قتالِ!...
وغداً صباحاً
سوف أتركُ ما تبقّى لي من الذكرى
على شَغَبِ الرفاقْ..
هم يعرفونَ
متى وكيف وأين تبتدئ الهزيمةُ
يعرفونَ
متى سنُطردُ من بيادرنا
ونُطردُ من عقولِ الناسِ
من مستقبل الطرقاتِ
حتى عطلة التاريخِ
أوسَفَرِ السبايا
يعرفونَ
متى ستبصقنا الحكايا
يعرفونَ
متى ننامُ
وكم رصيفاً سوف نوقظُ
كي ننامْ...
أرجوكَ
لا تطلقْ على أطفالنا
طفلاً حرامْ
أرجوكَ
هرّبني مع التبغ الرديء
إلى بلادي
أرجوكَ
لا تعلن على صوتي الوصايةَ
يا سفيراً من رخامْ...
فغداً صباحاً
سوف أخرجُ
سوف أصرخُ
لا صلاةَ
ـ على الذين يهرّبون القتل في عُلَبِ السلامِ ـ
ولا سلامْ...
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> خرابُ الأرضِ.. أرضُ القصيدة
خرابُ الأرضِ.. أرضُ القصيدة
رقم القصيدة : 65854
-----------------------------------
عندما ترجعُ بنتٌ
من سنا وعدٍ إلى بُعدٍ
وحيده...
عندما يذهب صوتٌ
كي يغني
في مساءاتٍ بعيدهْ..
عندما يرجعُ نَعْيَاً
فوق أكتافَ جريده
عندما لا يحزن الناسُ
ولا تبكي البيوتْ
أرتدي صمتي
وأبني من خراب الأرضِ
أرضاً للقصيده!!
موغلاً في نشوة التنقيب عن شكلٍ جديدْ
لم تعد تكفي الزوايا
كي نصلّي
لم تعد تكفي النوايا
كي نريدْ..
وأخيراً
كلَّ هذا العالم المحمول في الرؤيا
بريدْ
يرسلُ الأشياء
من موتٍ إلى موتٍ.. أكيدْ
***
ضفّةٌ أمي
وقبري ضفّةٌ أخرى
وترحالي عذابْ
والمدى
سربٌ من الأرواحِ.. مُقفلْ
أيها الحارس لا تكذبْ
فأنتَ الآن تبكي
نحن نبكي مرةً أولى(63/63)
وأنتْ
كلما حاولتَ أن تضحكَ... تُقتلْ!!...
والرصيف الآن قُدّاسُ الغريبْ
قابعاً في آخر الصفِّ
أقولْ:
لو أتيتِ اليومَ
ماكنا وقفنا عشر أحقابٍ بباب الملحِ
كي نأوي إلى ساعة سُكَّرْ...
لو أتيتَ اليومَ
ما كنّا أقمنا بين نصفينا
حدوداً آمنه
أو زرعنا
بين كلِّ معسكرٍ ومعسكرٍ للموتِ.. مخفرْ
عندما يأتي الخريفْ
كلَّ شيءٍ في الهُنا.. والآنَ... أصفرْ
عندما يمسي الرغيفْ
قوةً عُظمى
يصيرُ القَشُّ "عنترْ"
عندما يمضي الرصيفْ
تاركاً وجهي
على بركة ماءٍ آفله
تستريح القافله
بين مجرورٍ ومبتدأٍ مُؤخّرْ...
فافعلي ما شئتِ
روحي
كأسُ بلّورٍ عتيقْ
كلما مرَّ الجنودُ
مُشرّقين لقتل عبدالله في مكّةَ... يُكسرْ
كلما حاولتُ
أنْ أخرج من قهري إلى عينيكِ
أُحشرْ..
في مضيقٍ بين أضلاعي سحيقْ...
كلما حاولتُ أن أربح إسمي
ينتهي اللُّعْبُ
وأخسرْ
كلما حاولتُ أن أسحقَ..
أَنشرْ..
كلما قلتُ: ستُفرجْ
إبنة الكلبِ.. تضيقْ!!
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> التي تغتال اسمي
التي تغتال اسمي
رقم القصيدة : 65855
-----------------------------------
أنا لا أحبك يا امرأة !!
أنْ أستظلَّ بصدركِ الصوفيِّ
أو ألقي التحيةَ
دونما قصدٍ
على نهديكِ..
أنْ آوي إلى عينيكِ
ذات مجاعةٍ
ذاك اشتهاءْ...
أنْ أستريحَ على ضفافكِ
مرةً أومرّتينِ
فلا تقولي: سوف يغرقُ
- إنهُ تعبٌ..ويذهبْ
أنا لا أحبكِ
إنما أشتاق أحياناً إلى جَسَدٍ مُذَهَّبْ
ألقي عليهِ
دمي الملوّث بالتناقض والهزائمْ..
أنا لا أحبكِ
إنما أحتاجَ أرضاً ما.. أعذّبُها
وشعباً لا يقاومْ...
مهزومةٌ حتى التمرّدِ
أنتِ
لكني احترفتُ الانحناءَ
لكلِّ ما يأتي
ومن يأتي... من الجهة الغريبه
السرُّ أقرب منكِ
والغيب احتمالٌ موجعٌ
يغتالُ نصفَ الدفء
نصفَ الأغنياتِ
وكلَّ صوتي
السرُّ
يحمل فيكِ موتي
واللهاثُ على وسادتنا
ينامُ
ونحن أيضاً
نطفئ الذكرى
وأشعرُ ـ عندما أحتلُّ حُسنكِ ـ
أنني ضيَّعتُ بيتي!...
أنا لا أحبكِ(63/64)
قام من طيني نزيفُ الحُلْمِ
واتَّحدَ التراب مع الرؤى
فُولدتِ مني
سقفاً
يحدُّ الكون من برد الشمال
إلى جنوب الموتِ
من غيب الوصولِ
إلى الخَوَاءْ....
هل كنتِ قبل دمي
تُعدِّينَ المرافئَ
أم أتيتِ مع النشيجِ الطفلِ
في سَفَرِ البكاء...
أأنا أفتش عنكِ
أم أنتِ التي تغتالُ اسمي
كي تُكنِّي؟!
يا أيها النحت العتيق على جدار القلبِ
يا لغة المساءْ
هل أنتَ وجهي؟
أم هي الأنثى
تمشّطُ شَعْرَ أحزاني
وتبني في هديل الروح
وقتاً... للشتاءْ
هناكَ
حيثُ الآخرُ المحبوس في كهف انتظار الشمسِ
في غدنا
يغنّي
لاحتمال الصرخة الأولى
أحبكِ
ليس لي شكلٌ وذاكرةٌ
ولكني أحبكِ
هكذا!!...
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> علّميني
علّميني
رقم القصيدة : 65856
-----------------------------------
علميني كيف أحيا
إنني ضيّعتُ في الذكرى حياتي
علميني
كيف أبقى أزرقاً كالبحرِ
صيفيّاً
كحلّم النورس المسكون حتى حزنه
بالأغنياتِ
علميني كيف أبكي
إنّ لون العشب في عينيكِ
يغري بالندى
جائعٌ صوتي لإسمكْ
ضرجّيني بالصدى
أنتِ يا ضمّة أمٍّ
في ليالي البرد تؤويني
وقد ضيّعتُ ذاتي..
عائداً من مطلع الفلِّ إلى الظلِّ
بلا إسمٍ وبيتْ
ليس لي أهلٌ
ولكني أتيتْ
من حياة الموت كي أحيا مماتي
ليس لي حبّةُ رملٍ
في غبار النيلِ
أو كوخُ فقيرٍ في الفراتِ
ليس لي أرضٌ
ولا منفى
ولا بقعة ضوءٍ في الرّخامْ..
علميني كيف أصحو
ليس لي أمٌّ بعينيها أنامْ
في سديم الخلقِ
صاغتني من القهر أكفُّ الخالقينْ
حاملاً خوفي على كتْفيْ.. شريدا
كلُّ ما في جُعبتي
نصفُ رغيفٍ من حنينْ
صار يكفي
كي أحبّ الناس
أو آوي إلى قبري وحيدا
في يباس الليل والأسماء والشارعِ
في أقصى الغيابْ
ليس لي شيءٌ
لقد ماتتْ بلادي
فارفعي عني متاريس العتابْ
كلّ ما بيني وبيني
خطوةٌ،
والبحرُ
والأعداءُ
والدنيا
وسجّانٌ..
وبابْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> بعد الخريف بغيمتين
بعد الخريف بغيمتين
رقم القصيدة : 65857(63/65)
-----------------------------------
لم يحتفلْ أحدٌ بميلاد الغريبْ
نصفي أنا للشمسِ
والشمسُ اغترابْ..
مصلوبةٌ أمي على لحم البكاءِ
تقولُ: لا تحزنْ،
سيُنصفُكَ المطرْ
لم يحتفل أحدٌ بفاكهة الفقيرة..
وهبطتَ
من أعلايَ نحو رصيف إسمكَ
عائداً في يوم ميلادٍ
وسيدةٍ ستنسى..
نفسُ الذي يُبكيكَ
يُضحكُ
لا تلمْ طيني
أنا خبأتُ من كلّ اعترافٍ
صرخةً
لغيابكَ الصيفيّ
فاحزنْ
صوتهمْ نَفَقٌ
ولكني سرقتكَ من خريفْ..
يا أيها المولود بين الماء والنارِ
احتجاجاً
نصفُ قلبكَ ملجأٌ
والنصفُ شبّاك الأميرةِ
أوصدتهُ
على رماد العمرِ
وانطفأتْ
لترجعَ في الزحامْ..
هل آنَ أنْ تأوي إلى صوتي
لنوقدَ غصّةً
بعد الخريف بغيمتينِ
ونبكِ ما شئنا
ونفرح بالبكاءْ..
هل آنَ أنْ تُرخي على عينيكَ
صبّار الحقيقةِ
مَنْ يمرُّ إليكَ
منْ مدن البنفسجِ
أيها المسكون بالأمطارِ
يوماً ما
سيأكلكَ الحمامْ..
فاحزنْ
لأنكَ لن تكون مقاتلاً
ولأنهم سيعلّقُون على ضياء يديكَ
مشنقة السلامْ
واحزنْ
على ميلادكَ المنسيِّ
صوتكَ.. لا يخضُّ سوى دمي
والليلُ يقطف -مثل عادته- الخطا
والقلبُ
شبّاك الحبيبةِ قريةٌ
لفّ الغبار صهيل شهوتها
ونامْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> اشتهاءات.. على مسرح عصفورٍ واحد
اشتهاءات.. على مسرح عصفورٍ واحد
رقم القصيدة : 65858
-----------------------------------
أتشهّاها أنثى
لا تعرفُ إلا الليلَ
وما في الليل من الجوع الوحشيّ القارسِ
أدفنُ بين ذراعيها البضّينِ بكائي
وبقيّة عمري المهترئِ
كنعل حذاءْ
وبنوم الشهوة، أتشهّى
تلك الوافدة من القمحِ
الشعرُ بيادر تضحيةٍ
والقامةُ صيفُ المقتولين بسيف الأرضِ
وتنفضُ عن ذاك الحُسن الريفيِّ وقاحةَ قلبي
أسرقُ من وحي الحُسنِ الغضبان عليَّ
شَتَاتَ رداءْ..
وأغصُّ بكلّ الأشياء
وكلِّ الوقتِ
ولا أبكي..
أتشهّى أنثى
تطلقني في البرِّ.. بكاءْ
يا خادمة الطينِ
لماذا وزّعتِ الأوزار علينا(63/66)
وصنعتِ عصافير الحزن من الصلصال الطفلِ.. غناءْ
حين يغني في وطني عصفورٌ
أحزنُ
أتشهّى بنتاً تحملني بين ذراعيها كإناءْ..
يا سيدة الطينِ
الطينُ تلوّثَ بالثوراتِ
وبالحزن الأمميِّ
-وعفوكِ والجمهورَ لسُخْفِ اللفظةِ-
بالفقراءْ..
أتشهّى أنثى تحملني قبل جفاف العمرِ.. إناءْ
وتهزُّ سريري الشوكيّ بكفّيها
كي أصلَ الفجرْ
منفيّاً
من بئر الظلِّ إلى عينيها
قبضةَ ماءْ..
حتى عند سقوط الأوجهِ
في حفل التوقيع عليَّ
وفي مملكة الليل المتّهمِ بتزويرِ القلبِ
وتهريبِ الأشواقِ
تراني..
تعرفني من أَلِفِ البردِ
إلى آخر أسرار الياءْ
حين تحبُّ الأنثى
تعرفُ
كيف ترمّمُ جسر التاريخ المكسورِ
بكفٍّ طفلْ!
كيف تصير حصيرٌ حقلاً
كرسيُّ القشّ بساتيناً
والرّجْلُ الخاطئةُ.. سماءْ
حين تحبُّ الأنثى
تقتل كلّ عصافير الأيامِ
على مسرح عصفورٍ واحدْ..
وتطيرُ بأجنحة الحُلْمِ
إلى عينيهِ
وتغلقُ دائرة الأحلامِ
وذاك فناءْ..
وأنا أتشهّاها أنثى
تبصقُ في طبعي المغرور
تكنِّسُ ألوان المرآةِ
وتهمسُ أغنيةً بيضاءْ
تمسحُ عن ذاكرتي الطينَ
وحين أغصُّ بما في القلبِ
تضمُّ يديَّ
وتبكي
فأنا الآن بكاءْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> أعلنتْ موتي يداي
أعلنتْ موتي يداي
رقم القصيدة : 65859
-----------------------------------
آتٍ من الأشجارِ
من سَعفِ الصقيعِ
أرتّبُ الأشياء
حَسْبَ ولائها للطينِ
تنسحبُ البلادُ
ولا أرى في الصوتِ
غيركِ.. والقصيده..
يستقبلون غيابهم
بالرقص فوق حضورنا
أعداءُ صيفكِ
يسرقون البحر من لُغتي
فأغرقُ
قبل تشجير الفراغ بوردتينِ
العشبُ يصعدُ من يديَّ إلى الغناءْ..
من ذا سيعلنُ نفسهُ
جسراً
وقدّيسُ الهلاك يُعتّقُ الطاعونَ
في فَلَكِ الخليّة
استسلمتْ للريح أقواسُ المدينةِ
عانقتْ أمي نزيف الشمسِ
أطلقَ والدي حزني عليّ
الموتُ
أصغر من تفاصيل الحقيقةِ
إنه النسغُ الملوّثُ
في ضمير النهدِ
يغتصبُ الكوامنَ
أيُّ عشبٍ في قرى جسدي
وأيُّ ولادةٍ(63/67)
تلك التي أدمنتُ قهوتها
ونامتْ في الشفقْ
بكِ أستظلُّ
لأعبرَ الأشجارَ
صبّار البيادر لا يُؤرّقُهُ غناؤكِ
سيّدات الطينِ
يغسلنَ الصبيّة بالعسلْ..
لمَ تصعدينَ إلى بهائكِ
قبل أن يسري دمي
في النحلِ
يوجعني بهاؤكِ
يستريحُ الصيف في رئتيْ
أعلّقُ نجمتيكِ
على عناقيد الرؤى
شتّانَ
بين الوعد والرعدِ المناوئِ
في غيابكِ
ضدُّ أسئلتي.. مَدَايْ
الوقت منتصف الفراغِ
مُعلَّقٌ سقف المدينةِ
بالسؤالْ..
عيناك غاربتانِ
يجتاح التهافتُ قبة الأحياءِ
تندسُّ العناكب في سرير القلبِ
تَنْصُبُ غُربتينِ
الماء يَعْلَقُ في شِبَاكِ النومِ
والتاريخ في عَسَلِ الحمامِ
يعاودُ الأوزون لعبتهُ
على حبل الكواكب
ليس يوجعني غيابكِ
عندما يبكي الفضاءْ..
البرد يسكن في الهزيمةِ
والهزيمةُ
في قرار القلبِ
قنديلٌ.. وعشرون انطفاءْ
لا يشبه المطرَ انكساركِ
تعبرين الضوء.. سيدةٍ
وتعبرني خُطايْ
لا يعرف التفاحُ
ما بيني وقيدَكِ
أعلني بدئي
فبينكِ
والقصيدةَ
أعلنتْ موتي يدايْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> جَسَدْ
جَسَدْ
رقم القصيدة : 65860
-----------------------------------
عيناكِ أغنيتانِ، والليل الصدى
أغفى نزيف النهرِ
وارتمت المراكبُ
فوق خصر الماءِ
لم يرقصْ أحدْ..
الطين يوشك أنْ ينامْ
وأنا بلا ليلٍ
فغنّي
كي تنام ثياب نومكِ
وادخلي ظلّي
أنا لاشيءَ يوجعني
سوى جسدينِ
خافا من وضوحهما
فَغَامَا في جَسَدْ..
عيناكِ نافذتان، والليل الردى
لو كنتُ أعرفُ
أنَّ أعلى قمّةٍ في الكونِ
نهدكِ
ماعبرتُ البردَ
أو صُلبتْ يدايَ
على سفوح البرتقالْ..
حتى الغريب يحسُّ بالفوضى
فكيف أنام قبلكِ؟
ضوءُ غرفتك المَسهّدُ
يقلقُ الجيران.. يوجعني
ورائحة السريرِ
تهدُّ أطراف النعاسْ..
لو كنتُ أعرفُ
أنّ أطول غصّةٍ في الحُلْمِ
شعركِ
لاقترحتُ على سنابله العناقْ..
ليلُ المرايا خائفٌ
والحارس الليليُّ يغتصب المطرْ
ذُرِّيْ رمادكِ في دمي
حتى البكاءْ..
العرس موعد عاشقينِ(63/68)
ونحن قامتنا قمرْ
من بوحنا جئنا
ومن شكل الغناء..
لاشيء يوجعنا
سوانا
لا القوافل تشتري حزني
ولا عُريُ المآذن يرتديكِ
فنحنُ أجملْ!..
كلّ الذي في القاع مشبوهٌ
ورايات السلامْ..
كذبوا علينا مرةً أخرى
فلا تُدلي بحسنكِ
فتنةُ المرآة خائنةٌ
وأغنية الرخامْ..
والحارسُ الليليُّ منشغلٌ بتطبيع القلوبْ
فامشي على ورد البنادقِ
قبّليني
كي أتوبَ
وقبّليني
كي أخون التوبة الأولى
ونامي
في دمي.. يومين نامي
لا جنوب لوردكِ الغافي عليَّ
ولا ذنوبْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> رائحة الشمال
رائحة الشمال
رقم القصيدة : 65861
-----------------------------------
الليل يشرب حزنهُ حتى السماءْ..
هوذا يُعلّق مرةً أخرى يديهِ
على مرايا يابسه..
من أين يدخلُ آخر الصبرِ المُذلِّ
وكيف يرجعُ
-بعد بردٍ-
في البكاءْ؟..
مازال بين قصيدتينِ ووعد نافذةٍ
ينامْ..
الخاطرُ السلبيُّ
يوقظ نصف شهوتهِ
وكلَّ حنينهِ
فينزُّ من دمه عَسَلْ..
والصمتُ يسرق وجهها
من آخر الدنيا
فيدخلُ عشبها البريَّ
وحشياً
ويشرقُ مثل عادته
مع الفوضى
ليمنح للتلاميذ الغناءَ
وللشوارع حزنها
للوقتِ أرجلَهُ.. وللموتِ المخالبَ
يمنح الأشياء وجهتها
ويرجعُ تائهاً في وجهة الأشياءِ
لا بحراً
ولكنْ عاشقاً
صلبوا حبيبتهُ على كتفيه، وارتدُّوا
فأمطرْ..
الليل يبصقُ حزنهُ
مَنْ يعبرُ الوقت الفقير بخصر سيدةٍ
مُقاتلْ!..
هو لاينام على غيابٍ
لايُبدِّلُ بالحساء المرِّ
قهوته الأصيله..
البردُ
حتماً سوف يقتلهُ،
ورائحةُ الشمالْ
تلك التي علقتْ بمعطفه المؤرّخِ
يوم كفّيها.. وقُبلتها.. وليلْ
من سوف يتعب أولاً
الإنتظارُ.. أم المراكبُ؟!
قال لي وجهي.. سأُكسرُ
فانْتَحِرْ..
-قمرٌ بزاويةٍ يموتْ
والمشهد الآن الصعودُ إلى رباباتٍ وخيلْ..
البرد يقتلهُ
وأيضاً
لايحبُّ الشايَ
والدفءَ الدخيلَ
ولا النخيلَ الـ مابه طعمُ البيوتْ
هو لاينام على غيابٍ
لا يبدّلُ وجهها بالماءِ
يطلق باتجاه البرِّ معطفهُ(63/69)
وَ...
تُكسرُ -قبل أن تُنهي حكايتها-
وتهمسُ
يابنيَّ.. البرد تنّينٌ.. ووالدكمْ فقيرْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> أرتاد حُزنكِ.. مرّتين
أرتاد حُزنكِ.. مرّتين
رقم القصيدة : 65862
-----------------------------------
عنّي مفاتيح الرمادِ
كسرتُ بابكِ
وانفلتُّ من الدخانْ
مُتتّبعاً عُرسي
على حدّ القصائدِ
واتكأتُ على سرير الشمسٍ
أزهرت القبائلْ..
حمقى أولئكَ
من يرى وجه الضفائر في الطحينْ؟
الصبح أغمض وردتيَّ.. عليكِ
نحلٌ في المسافةِ
معبرٌ قلبي
وصدركِ شرفتان على الندى.. وعلى الحقولْ
حطَّ الفَراشُ
على أمانيكِ الصغيرةِ
أوغلتْ في الخصب أشرعة القرى
الأوراقُ
تغرق في ظلال مدينةٍ
تغفو على مرآة حزنيَ.. والسؤالْ..
حمقى أولئكَ
من يرى كفيَّ في عَسَلِ الولادةِ
تُطلعانِ الصيفَ
من عَرَقِ المفاصلْ..
مَنْ يستريحُ على ضفافكِ
مرّتينِ
ولا يرى السفّانَ
يُطلقُ حُلْمَتَيْنِ على البلادْ!..
لو قُبلتانِ على جبينكِ
لو أنا ثلجٌ
لأرجعَ في الشتاءْ..
شدّي وثاق البحرِ
ما الغيم العتيقُ
سوى لهاثِ الموجِ
والمدُّ ارتداد الحُلْمِ
عن شجرٍ نحيلْ..
ها خطوتانِ
ولم يعد مهيارُ
أرملةٌ دمشقْ!..
من يستظلُّ بصدرك العالي،
ويقطف نجمتينِ
السقفُ أبعد من صهيل الجرحِ
والنجوى
نزيفٌ في الخليّة..
أرتاد حزنكِ
مرةً حبراً، وأخرى في الخيالْ
هل تطلقين عليَّ قُبلتكِ الأخيرةَ
لم يصل مهيارُ
أرملةٌ دمشقُ
فقبّليني..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> مكاشفة الذات
مكاشفة الذات
رقم القصيدة : 65863
-----------------------------------
خذني جميعاً ياقمرْ
الأرض لا تمتصُّني كلّي
وطيني مثل عاشقتي.. جبانْ
البحر ليس متيماً بالماءِ
لكنّ الرياح
تثيرُ في النفس اشتهاءاتٍ سحيقه..
إني أحسُّكَ
يا الذي في داخلي
بالكاد أدخل من شبابيكي
وتفتح ألف بابٍ في الخليّة..
يا آخراً بين الأنا والأنتَ
من فينا البدايةُ
والبدائيُّ المعمّدُ في حليب المرأة الأولى(63/70)
إذا عُريُ الخطيئةِ
صبَّ -في قيعاننا- نهر اللبنْ..
من يرتئي فعل الإرادةِ
لا إراديٌّ وجودكَ
كيف تصبح عكس كونكَ؟
منطقيٌّ
أنْ تكون العُمقَ في بُعدي
وغير المنطقيِّ
أكونُ قشرتكَ المُدانةَ
أيها السلبيُّ
شهوتكَ البريئةُ
عندما أتقمَّصُ الأحداثَ
تُخدشُ
إنه فرق الرداءةِ
بين من يعطي، ومن يعطي ليأخذَ
سرمديٌّ أنتَ
لكني وعاؤكَ
من يُحجّمُ بُعد صاحبهِ
أنا أم أنتَ
أم أن التعارفُ كان تحديداً
وإيذاناً بطرح المسأله..
يا أيها الجدليّ
كيف تريدني ألاّ أُمنطِقَ
-في معاييري- التطرفَ
كيف تُشهر سلطة الميزان في وجهي
وأنتَ المطلق الممتدُّ
من أَلِفِ المُباح إلى طلاسمَ
بعد ياء المرحله..
هل كنتَ قبلي
في ضمير البيضة العذراءَ
أم جئنا معاً
لاشيءَ يثبتُ أننا شقّانِ
أذكرُ أنني يوماً
قرأتُ وصيّة الأمطارِ
لقّحني البكاءُ
وكنتُ مريمَ
أيها القديسُ.. ياعيسايَ
يابوح الأنوثة في قرى جسدي
ويا رحم التكررِ
أيُّنا خلاّقُ صاحبهِ
ومن منّا البدايةُ والبدائيُّ المعقّدُ
رغبتي بالكشف تُضعفني
ولا تكفي لتمنحكَ التفوقَ
رُبَّ مجهولٍ برغبتهِ
-إذا قُدَّ القميصُ-
نراهُ أصغر من سؤالْ..
هل أنتَ تفعلُ
أم تقيِّمُ ردّ أفعالي
بهاؤكَ جدُّ يوجعني
فأصعدُ
في محاولةٍ لصيدكَ
أو لإدراك المميّز
ثم أهبط قانعاً بالشكِّ
خشية أنْ تراودني الفجيعةُ عن نقائكَ
مرةً كبرى
ويطردني المطرْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> المعري .. فصلٌ من سيرة نهر
المعري .. فصلٌ من سيرة نهر
رقم القصيدة : 65864
-----------------------------------
عقمتَ ..فعشتَ ، وانتُسخوا ..فماتوا
ستنساهمْ ..وتذكركَ الحياةُ ..
لك الما قبلُ والما بعدُ إرثٌ
وهمْ لهمُ من الدنيا الفتاتُ
لك المعنى من الأشياء..يُجلى
وهم لهمُ من الشيء الرفاتُ
وقفتَ بمفصل التاريخ ذاتاً
فصبَّتْ في توحّدك الذواتُ
فيا نهراً يسير بغير ماءٍ
يسير النيل خلفك والفراتُ
خطاك تحدّد الآتي ،فتمشي
فصولٌ ،ثم تتجه الجهاتُ(63/71)
كأنّ عماك مركز كلّ ضوءٍ
فمن طين العمى صُنع الهداةُ
***
نحاول أن نراك كما أ ردنا
لأنك - في حقيقتك - انفلاتُ
فيُلبسك اليسار رداء بوذا
وتُرفع - في اليمين - لك الصلاةُ
فبعضك مؤمنٌ ، والبعض كفرٌ
وفيك الله ، والأخرى مناةُ
فما اجتمعتْ لغات الفكر ..حتى
أتيتَ .. وفيك وُحّدت اللغاتُ
وُلدتَ ..ولم تلدْ ،فعتقتَ نفساً
إذا عاشتْ ستدركها الوفاةُ
قتلتَ الموت حين منعتَ خلقاً
كما قتل الحياة بنا الطغاةُ ..
نجيء لكي نكون لهمْ شعوباً
وهم ذئب القطيع وهم رعاةُ
كأنّا قد خُلقنا من ترابٍ
ومن إستبرقٍ صُنع الولاةُ !!
وأقسم أنّ طفلاً دون عشرٍ
له بعد النبيّ المعجزاتُ
إذا قُتلتْ يدٌ يرمي بأخرى
وإن قُتلتْ ..فأضلعه رماةُ
هو الألق المجنّح ، حين يُتلى
أذان الصبح في بردى بياتُ
يدور على الكرام بكأس خلْدٍ
فتصحو في الكرام المكرماتُ
وتصعد من نشيج الأرض خيلٌ
تدوس عروش من لهم الصفاتُ
رجالٌ ..والصفات لهمْ جميعاً
وأولها بأنهمو ...بناتُ !!!
نقاتل نحن ، ثم نموت ذوداً
وأصحاب السموّ هم الحماةُ
نجوع .. ويعصرون الجوع ،حتى
على آلامنا فُرضت زكاةُ ..
كأنّ بلادنا دَيْنٌ علينا
وأصحاب السموّ هم الجباةُ
أما كُسرتْ حجارتهم قريشٌ
فكيف تعود عُزّاهمْ ولاتُ
ملوكَ التيه ..قد تعبتْ بلادي
وقد ضاقتْ بغصّتنا الفلاةُ
جعلتم كلّ أنفسنا سجوناً
وما نفسٌ على جورٍ تباتُ
غداً إن كفةٌ مالتْ علينا
أيُرجحُ كفة الوطن العراةُ !!
عبيداً نحسن الصرَّ اصطُنعنا
وعند الكَرِّ يُفتقد الكُماةُ ..
ونحن الخيل صنعتنا، ومجدٌ
له في كلّ عاصمةٍ سماتُ
فتحنا المستحيل ،وضاق كونٌ
بنا ذرعاً ،وما ضاق الثباتُ
على آثارنا سارت جبالٌ
وماءَ إبائنا شرب الأباةُ
ولو كان المحيط دواة حبرٍ
فلن تكفي لتكتبنا الدواةُ
ونحن الآن من ..من أيّ أرضٍ
ومن آباؤنا والأمهاتُ ..
خرجنا من بذور الخلق عقماً
وماتت في خليّتنا النواةُ
فلا مالٌ يزيّننا ووِلْدٌ
وأين الباقيات الصالحاتُ(63/72)
نولولُ كلما قُصفت بلادٌ
وتضحك في السماء الطائراتُ
نقاتل بالهتاف ، فليت شعري
كأنّ جميع أمتنا لهاةُ ..
فلا عمرُ بن خطابٍ أبونا
ولا لأبي العلاء بنا صلاتُ
فهم هطلوا على الدنيا سحاباً
رووا مستقبل الرؤيا ..وفاتوا
ونحن كذاك صلّينا وصمنا
فما أغنى الصيام ولا الصلاةُ
هو الرجل الذي فينا قليلٌ
وهمْ في بعض واحدهم مئاتُ
يحدّون الحياة ، ولا حدودٌ
تحدّهمُ ..سوى ..قال الرواةُ !!
يمرُّ النسغ من دمهم إلينا
ولكن بعدما مات النباتُ
فعذراً يا أبي قد متَّ فينا
وكلّ من استحوا- في الأرض- ماتوا
وما هطلتْ عليّ ولا بأرضي
سحائب ، إنما هطل الغزاةُ ..!!
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> وطن
وطن
رقم القصيدة : 65865
-----------------------------------
قرّبتُ منهُ هديلَ الروحِ، فابتعدا
حتى الصلاة، ولم يركع ولا سجدا
غطّيتُهُ بدمي... فاحتلَّ أوردتي
حتى إذا متُّ غطَّاني ببعض صدى
أطعمتهُ حنطة الأحلام فاتنةً
كالأمنياتِ، ولمّا جعتُ ما وَجَدَا
سمّيتهُ وجعي فارتاح في تعبي
مازلتُ أوقد قلبي كلّما بَرَدَا
أقضي الحياةَ بعيداً عن منابتها
كي يستقيم على الأيام مُنفردا
إنْ قال كنتُ شهيداً، أو مشى قَدَمَاً
أو شاءَ يُعبدُ كان الواحد الأحدا
عيناهُ خارطة الدنيا وشهوتها
ورحلةُ الشوقِ في الجفن الذي سهدا
عيناهُ طعمُ أذان العصر يسحقني
في الذكرياتِ ويُلقي في يدي الكبدا
عيناهُ رائحة الطين الذي صعدتْ
منهُ الأمومةُ تجني بالدم الوَلَدَا
عيناهُ إنْ مرَّتَا في الليلِ بارقةً
أمضي بروحي وأنسى أرتدي الجسدا
ستٌ وعشرون والتاريخُ يذبحني
جوعاً، وأطعمهُ مافي يدي... ويَدَا
ستٌّ وعشرون عاماً يا هوى وطني
ما أثمرَ الوعدُ إلا موت من وُعِدَا
طفلين كنا وكان الضوء موسمنا
لما زرعناهُ قلنا نرتديه غَدَا
في بيدر العشق حين الأرض مورقةٌ
حُبَّاً، ووردُ الخطا في وجنتيه ندى
حين العصافير تجني قمح أغنيتي
قرب الشبابيك تُلقي في يديكَ مَدَى(63/73)
حين الكلام انتحارٌ والهوى وَجَعٌ
ثغرين كنا إذا هبَّ الهوى اتَّحدا
لكننا الآن لما الضوءُ فاجأنا
بكراً، حصدتَ، ولم أعبأ بما حُصِدَا
لكنه اليأس قد ضيَّعتُ فيك دمي
ماذاكَ فَقْدٌ، ولكنْ حالُ من فُقِدَا
إنْ جعتُ آكلُ خبز الناس عن ألمٍ
أو كان منفى أرى في دجلةٍ بردى
لكنه الإسمُ هذا السرُ ضيّعني
من ذا يصير لهذا الضائع البلدا
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> عبير
عبير
رقم القصيدة : 65866
-----------------------------------
الشمسُ خبزي والتراب حريرُ
والليل أنثى، والحقولُ سريرُ
والحُلْمُ أسطولٌ يسافر في الندى
خلف الصباحِ، ولا يعودُ سفيرُ
والسّلْمُ وجهٌ في الشوارعِ رائعٌ
وبداخلي كلّ الحروبِ تدورُ
الجوعُ ينبتُ في شقوق غرائزي
فأقصُّ صوت الجوع حين يثورُ
والبرد يسري في العروقِ مُسيَّجاً
وطني، ويسري في العروق سعيرُ
والموتُ يسرقُ كلٌ يومٍ دمعةً
حتى البكاءُ على الفقير كثيرُ
يامن لعينيها أقاتلُ خيبتي
عامان مرَّا والشراع ضريرُ
عامان مارفَّ الجناح فما لنا
أرضٌ نحطُّ ولا سماءَ نطيرُ
عامان، أذبحُ فرخ حنجرتي لكي
يصحو الأسير.. فلا يفيقُ أسيرُ
حتى القوافل لم تعدْ بزجاجةٍ
فيها من الضوء النبيل بذورُ
ماذا سأزرع في بلاد دمي إذاً
لا قمحَ في كفّي سواكِ يُنيرُ
فأنا لطعم نخيل رفضكِ أنتمي
وأنا بِرِقّي في هواكِ.. أميرُ
فقفي على حدِّ البراءة غيمةً
وأنا على حدِّ النزيفِ أسيرُ
وأنا أصوغكِ من رمادي كوكباً
وطناً لكلِّ المتعبين يصيرُ
يا آخر الطلقاتِ لا تستسلمي
فلربّما فلَّ الحديد ضميرُ
أو ربّما يجلي الصحونَ فرزدقٌ
ويصفُّها للمتخمين جريرُ
أُممٌ تُباعُ على الرصيفَ وتُشْترى
وتُقامُ من ثمن الدماءِ قصورُ
ولربّما تمسي الأمومةُ غُربةً
ويشيلُ غُربةَ جُنحهِ العصفورُ
لكنَّ شيئاً ما سيسألُ : من أنا؟
فأدورُ ثمَّ أدورُ ثم أدورُ
وأقول للشيء الذي في داخلي
من أنتَ يا وطني؟.. تقوم عبيرُ(63/74)
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> واقتليني.. لتستمرَّ الحياة
واقتليني.. لتستمرَّ الحياة
رقم القصيدة : 65867
-----------------------------------
إنه الموتُ غابةٌ من سديمٍ
طعمُ رؤيا، ونزوةٌ، وانفلاتُ
صوتُ حُلْمٍ مُحاصَرٍ في المرايا
عِتْقُ طيرٍ تعوّدتهُ الجهاتُ
حقدُ ذئبٍ لو استعاد النوايا
ليس تشفي غليله الكائناتُ
كلُّ ذئبٍ بدمِّ يوسفَ يُردى
من قرونٍ، ويستمرُّ الجناةُ
أيها الذئب ياصديقيَ كُلْني
قبل أن يذبح البيوتَ الرعاةُ
***
واعبر القلب طائراً مرمريّاً
قبل أن يعبر المساءَ الحُفاةُ
وارتدِ الجرح ياصديقي قميصاً
قبل أن يجرح القميصَ الغزاةُ
ألفَ موتٍ تعال نصبحُ، حتى
من يَدَيْ موتنا.. تقومُ الحياةُ
***
يغمرُ الزوج زوجه ذات حزنٍ
بين روحيهما يمرُّ الشتاتُ
ينبتُ اليأس في السرير وينمو
فوق ثغرين يائسين السُّباتُ
يسقطُ الدفء عن طقوس المقاهي
تشربُ الوقت وحدها الطاولاتُ
ينفدُ الصمتُ والكلامُ.. ونمضي
دون جدوى، تعضُّنا الذكرياتُ
كلَّ شبرٍ من الشوارع عمرٌ
كان كنزاً، وأنفقتهُ البناتُ
كان ماكان.. والرسائلُ ضاعتْ
في المنافي؛ وضاعت الأغنياتُ
بلَّلَ الحزن معطف الروح، أمي
هل من القبر دعوةٌ والتفاتُ
وجهكِ البرُّ شردةٌ من حنينٍ
حين يرضى.. تزقزق القُبَّراتُ
يا أذاناً وياهديلَ حمامٍ
هل هديلُ الحمام إلا صلاةُ
فاصلبيني بجذع عينيكِ، إني
بعد عينيكِ موعدي والفَوَاتُ
واحمليني على ذراعيكِ طفلاً
واقتليني... لتستمرَّ الحياةُ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> آن للصبر يغضب
آن للصبر يغضب
رقم القصيدة : 65868
-----------------------------------
تطفئ العمر والشموع وتذهبْ
يركض البيت خلفها حدَّ يتعبْ
يرجع البيت في المكان غريباً
روحهُ من شقوقه تتسرّبْ
يسألُ البابَ والنوافذَ عنها
يضحكُ الباب، والنوافذ تنحبْ
يعرفُ البيت أنه دون قلبٍ
يصبح البيت دمعتينِ؛ ويُسكبْ
***
أَيْ عبيرُ التي حملتكِ حقلاً(63/75)
كيف حقلٌ من الفراشات يهربْ
كيف حُلْمٌ يجفُّ في مُقلتينا
بعدما اليأسُ بالإرادة أعشبْ
كيف تمضين والشوارع خوفٌ
يعبرُ القلب؛ والرصيفُ مُعذّبْ
كيف تمضين من سيحملُ وجهي
إلى رفاقي، حين مني سأُسلبْ
رحلتي أنتِ، هل يموتُ انتظارٌ
أين من ضاع في المحطات يذهبْ
حافيَ القلب والقميصُ حنينٌ
كلما شاخت المسافةُ أخصبْ
كلُّ شيءٍ -وقد رحلتِ- غريبٌ
وانتصاري على غيابكِ أغربْ
كيف قلبٌ بغير نبضٍ يغني
كيف طفلٌ بلا يدين سيلعبْ
كيف شِعْرٌ يجيء دون قتالٍ
أجملُ الشعر بالأظافر يُكتبْ
فاعذروني إذا كسرتُ المرايا
واعذروني إذا فضحتُ المُغيّبْ
يظفر البعض بالبلاد جميعاً
والذي يعشقُ البلاد يُغرَّبْ
ها أبي نام في شوارع صورٍ
ربع قرنٍ.. وزاد رُبعاً.. وأسهبْ
كي يرى العشب طالعاً في يدينا
أشرقَ العشب يانبيُّ وأجدبْ
كفّكَ الآن ياغريبُ قريبٌ
من يدينا، وإنَّ قبرك أقربْ
فارجع الآن من شتاتكَ برداً
أيقظ الصبر.. آنَ للصبر يغضبْ
ليس كفراً بأن تموت انتحاراً
إنما الكفرُ أنْ لموتكَ تطربْ
أيها الطير لاتحاول فُتاتاً
إنّ من يطلب الفتات سيُغلبْ
والذي يخفض الجناح سيفنى
والذي يُسرج البحار سيركبْ
أيها الطير مازمانكَ ريشٌ
فاخلع الريش وانتعلْ حدَّ مخلبْ
مزّق الصمت لاتكن عاطفياً
شعرنا العاطفيُّ أغبى وأكذبْ
يَعذُبُ الموت في ضفاف الغواني
إنما الموت في المشانق أعذبُ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> مطر
مطر
رقم القصيدة : 65869
-----------------------------------
مطرٌ كئِيبْ
وأنتَ تركض في الشوارع كالحياةِ
تشمُّ وجد الأرض، رائحة الخطا
ها أنتَ تركض كي تعود إليكَ
لكنّ المسافة طَلْقَةٌ
وحنينُ أمك لم يعد يكفي لترجعَ.. يا غريبْ
مطرٌ قريبْ
وأنتَ أبعدُ ما تكون عن احتمالات المرايا
صرخةٌ في البيدر المقتول حتى النبض أنتَ
صدى نشيدٍ يستريح على حذاء البحر.. أنتَ
خشوع قافلةٍ
تسافر في المغيب إلى المغيبْ..
مطرٌ حبيبْ
وأنتَ تحصي من تحبُّ على الأصابعِ(63/76)
واحدٌ.. اثنانِ.. سيّدةٌ ستأتي ذات بردْ
ورقٌ يموت على الرصيف.. وأنتَ تعتقل الندى
وتموت أيضاً دون وعدْ
مطرٌ.. وبعدْ!
هذي الحبال إلى متى ستظلُّ تبكينا؛ وتغرينا برائحة الرجوعْ
لا ظلَّ في الأمس الفقير لنا
ولا في البَعْدِ أجنحةٌ نطير كما اليمامْ
صدئتْ إرادتكَ المُصرَّةُ عندما نمت الطحالب فوق حزنكَ
خبز وجهك يابسٌ
وأنا على شباك وجهك طائرٌ عَجَنَتْهُ بالجوع القديم إليكَ
أشواق الغمامْ
مطرٌ سلامْ..
والخيل تحترف التزلج في مطارات الجليدِ
الخيل تصهل في الوريدِ
الخيل ترسلنا هدايا في البريدِ
ولا نصلْ..
الخيل مَدٌّ منفصلْ
والخيل نهرٌ من عتابا، سوف يسحقنا أخيراً
حين يقنعنا بأنّ الحزن أجملْ
مطرٌ مؤجّلْ
وعيون من تهوى مؤجلةٌ، وفصلكَ لا يجيءْ..
يا أيها الطين المبلّلُ بالهزائم والعواصمْ
هم يرجعون إلى هنا
وهناكَ.. تغرق في دمائكْ
لا برقَ يُوْضحُ إسمكَ المنسيَّ أو شفقٌ يشفُّ عن احتمالْ..
مطرٌ سؤالْ
ما زال- منذ البدء- يستجدي النوافذَ
غير أنَّ زجاجنا أعمى
ونعرفُ.. يا غريب.. ولا نحاولْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> ونعيشُ.. ما دمنا نحبُّ
ونعيشُ.. ما دمنا نحبُّ
رقم القصيدة : 65870
-----------------------------------
سنحبُّ ما دمنا نعيشْ، ونعيش ما دمنا نحبُّ..
سنظلُّ نكتب فوق أسوار الحياةِ
-لنا إلى أيامنا الخضراء دربُ..
ونظلُّ نزرع في حقول اليأس أرجلنا
لتنبتَ تحت أرجلنا مسافاتٌ وعشبُ..
ونظلُّ نرسم ضحكة الأطفالِ.. حتى يضحكَ الأطفالُ
نستجدي العواصم والقرى
حتى يصير لكلّ عاصمةٍ مكان حجارة الطرقاتِ.. قلبُ..
سنحبُّ ما دمنا نعيشْ..
ونعيش ما دمنا نحبُّ
ونظلُّ نحمل في رحيل البحر أشواق الرجوع إلى المكانْ
ونظلُّ نحلم باليمامِ
يحطُّ فوق بكائنا الصيفيّ.. يتّسعُ القمرْ
قد تُقتلُ الأشجارُ، لكنّ الولادة ممكنه
لو من حجرْ..
حتى وإن كان الكلام قوافلاً للصمت توغل في الزمانْ
سيقاتل الموتى(63/77)
ومن موت الشعوب- يقوم شعبُ..
سنحبُّ ما دمنا نعيشْ.. ونعيش ما دمنا نحبُّ..
ما دام صدركِ نابضاً بالدفءِ.. وجهي لن يموتْ..
من أيّ شيءٍ
من غبار الحلمِ.. من وجع الشوارعِ.. من عذابات الخطا
تُبنى البيوتْ..
ولقاء أرجلنا على مترٍ.. بلادْ
لكنّ لون البوح في عينيكِ مُنكسرٌ صَموتْ..
وأنا أحبُّ دمي يُعرشُ فوق أحزان العيونِ
وكلّما هدأتْ مرارتها.. يهبُّ
سنحبُّ ما دمنا نعيشْ..
ونعيش ما دمنا نحبُّ
وأنا أحبكِ
حين كان البحر مجتمعاً؛ وحين انشقّت الأنهار عنّي
وأنا أحبكِ
حين يضحك ياسمينٌ في دمشقَ
وحين تهطل فوق بغداد القنابلْ
بغداد منكِ، وأنتِ مني
فلنحاولْ.. أن نغنّي
كي يظلَّ غناؤنا معنا يقاتلْ..
نحتاج كلّ جراحنا كل نغسل القهر المعتّقَ في الوريدْ
أحتاج وجهكِ كي أرى ظلّي
وأعرف أنّ شمساً ما هنا.. وهناك غربُ
إنّ الوصول إلى الجهات بغير حدّ الحبِّ.. صعبُ
فامشي إليَّ- عليَّ
صوتكِ وجهةٌ.. وأنا غريبْ
وأنا قميص الحزنِ.. فاتّضحي
ليسقط عن غد الأطفال ذئبُ
لنحبَّ ما دمنا نعيشْ..
ونعيش ما دمنا نحبُّ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> الليل
الليل
رقم القصيدة : 65871
-----------------------------------
في الليل يسقط عن متاريس القلوب الخوفُ
تنشقُّ الصدورُ
وتنبت الأحلام كالأعشاب فوق وسادة الوقت الفقيرْ..
في الليل يعبرنا الأسى
وتُعرّشُ الأحزان فوق بيوتنا/ الكلماتُ تنفض عن جناحيها الغبار
وتستريح على بياض الصمتِ
في النهر الذي بين الحقيقة والكلامْ
في الليل ينتحر الظلامْ
وتمارس الأشياء خطوتها البريئةَ
كلُّ شيءٍ نامَ.. إلا أنه لا شيء نامْ
في الليل تغتسل القلوب بماء صحوتها
وتنبضُ.. أنْ على الناس السلامْ
***
في الليل تنزرع الشوارع بالحنينِ
الوجد يقتلع الخرائط من سنابلها/ العيون بنفسجٌ
والليل شباكٌ يطلُّ على الندى
الليل مرحلة المدى.. والليل مذبحة اليمامْ
الليل قبعة الغريب، وخطوة الأعمى؛ اتجاهٌ آخرٌ للموتِ
أو موتٌ أخيرْ..(63/78)
الليل أجنحة الفقيرْ
والليل صوتي عندما لا صوت لي
والليل وجهي
حين تصلبني البلاد- مقاتلاً- فوق الرخامْ..
الليلُ
هذا الأسود المزروع في اللاشيء
هذا القمقم السحريُّ، والجسد الغريبْ..
الليلُ.. هذا المعطف السريُّ
هذا الانتقال من البعيد إلى القريبْ..
الليلُ.. هذا الشارع الروحيُّ
تعبره الصلاةُ
وظلُّ عينيها المرابطتين خلف زجاجها المسكونِ
-حتى سُكْرِهِ- بالياسمينْ
الليلُ.. مذبحة الحنينْ
وأنا حبيبي.. صرخةٌ كادتْ تضيءْ
لو مسَّها صوتٌ
ولكنّ البنادق لا تحبّ الناس.. إلا صامتينْ
وأنا حبيبي ليلة الميلاد
أعبر في ثقوب الأمنيات.. إلى الألمْ
ثلجٌ.. وأوراق العيون على بياض الثلج موتى
من ترى يصطاد أحلام الصغار
ومن على عينيكِ يرسم وجه غيري
من يحرّفُ في الوريد دم الوطنْ؟
الليلُ؟!
أم أنّ الذين نحبّهم ليلٌ يسافر بيننا كي لا نضيءْ
أم نحن نكرهُ جوعنا لليلِ
يغمض ضفّتيهِ على مواعيدٍ تعذّبنا.. ويبطئ.. لا يجيءْ
الليل متّهمٌ بريءْ..
والليل طفلٌ ما لهُ أمٌّ ولا وطنٌ
يسافر كي يعود إلى السفرْ..
الليل.. قلبٌ من مطرْ
نغفو عليه؛ ولا ينامْ
الليلُ.. طول الليل
يدعو.. أنْ على الناس السلامْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> على هامش الليل
على هامش الليل
رقم القصيدة : 65872
-----------------------------------
يحترق الليلْ
تخفض غابات الروح جناح الذل لحارسها
والصبح الفارس يحتلُّ مسافة أحزان القلب الخائفِ
ثمّة من يبكي في الغيبِ
ويمسح بالعشب البريّ الطالع في كفّيه، دموع الخيلْ..
يحترق الليلْ..
والواقف كالأحلام على باب الفجرِ
يزفُّ النوم عروساً
للآتين من الجوع الشرقيّ المزمنِ
يحترفون الشوق اليائس.. والمنفى
يبنون فصولاً من صبّار البردِ
فيسقط سقف الحلم على الفقراءِ
وتشرب جدران الوهم الفضيّةُ صبح القريةِ
تنبت فوق وجوه الناس سنابل رملْ..
يحترق الليلْ
والشمس- أميرة هذا العالم- تضفر بالليلكِ
أهداب المشتاقينْ..(63/79)
أمير الظلّ ينام على حدّ الأنواءِ
ويأكل ملح الأرض الميْتَةِ
يلبس آلام الغرباءِ
وعشب الدار يخون الدار
يُظلُّ حذاء القهر النابتَ بين شقوق اللحم الجائعْ..
الضوء ينام على شرفات السجنِ
وآهُ المحتلّين تنام على قمر الجدرانْ
يحترق الليلْ
وعلى هامش مذبحة الليل الرائع
يحترق الإنسانْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> أرصفة
أرصفة
رقم القصيدة : 65873
-----------------------------------
عيناكِ بستانا بكاءْ..
وأنا غبارٌ بين أغنيتين يسفحني الحنينْ..
حتى التفاصيل التي ملأتْ شقوق الذاكره
هربتْ مع المطر المسافر في الدخانْ
عيناكِ في خوف الأزقّةِ.. وردتانْ
وأنا الرصيف المُقتفي عشب الخطا
بيني وبينكِ ردّةٌ أو برزخانْ
وأنا الرصيفيُّ المهاجر في عيون التائهينْ
ذكرى وطنْ
فبأيّ آلاء الرصيف تكذّبانْ
* * *
عربات روما كيفما شاءت تجرُّ الأحصنه!..
والأنبياء يفتّشون عن الرمادِ
ونحن نوغل في الرماد..
أسماؤنا معنا.. وأرجلنا
ولا جدوى
يرتّبنا الرصيف على الشتات.. بلا لغه
شاختْ حقائبنا؛ ودار بها المكانْ
طفلٌ يفتش في البراميل الصديقة عن بلادْ
والماء يهرب في تجاعيد الصبايا
والصبايا يحترفن القبح والجنس المعلّبْ
برد الرصيف وثلج صدركِ.. توأمانْ
فبأيّ آلاء الرصيف تكذبانْ..
* * *
وإلى متى- يا قبّة الأسماء- تنتظرين سكان الصدى؟
الصاعدين إليكِ في أحلامهم
الهاطلين عليكِ من ثقبٍ عقيمٍ في المساءْ..
جدران وجهكِ تستريح على الطحالبِ
والخيول تجرُّ خيبتها؛ وتبحر في السُّدى..
خوفٌ على سور انتظاركِ
كلُّ ما في الأمر أنّ الوعد لن يأتي
وأنك سوف تنتظرين شمساً لا تجيءْ!..
خرج الزمان على التكرر في الزمانْ
وأنا أحبكِ.. في المكان.. غريبةً
وحميمةً.. في اللامكانْ
بيني وبينكِ إسمكِ المزروع في طين الولادة.. زوبعه
بغداد
يا أعلى من الأشجار في برج الصقيعْ
بغداد.. يا جوعي؛ ويا جوع الأزقة للأمانْ..
عيناكِ أرصفةٌ تنبّئ بالكثير من الحنانْ(63/80)
فبأيّ آلاء الرصيف تكذبانْ..
عيناكِ في شجر الردى تفاحتانْ
تتراقصان بماء دجلة كلما غنى القمرْ
وأنا أحبك-
كلما السيّاب خبّأ في قميصكِ حفنتين من المطرْ..
وأنا رصيفكِ
فاعبريني نحوهم
يا من على كفّيكِ تنهض سورة الرحمنْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> فشل
فشل
رقم القصيدة : 65874
-----------------------------------
حتى على جسدي.. على مستقبلي
متمرّدٌ
وأحبُّ أن أمشي على طرق الدوائرِ
أنْ أبالغ في الصعود وفي الغيابْ
هوذا أنا
طفلٌ تُدَلّلهُ الشوارعُ؛ يرتديه الليل.. يخلعه النهارْ
هوذا أنا
بين الرصيف وبين فقر أبي أحاول أن أشيّد شمس بابلْ..
قنديل وجهي يغسل الغابات بالضوء المولّه
والنزيف يعلّم الحراس أنّ الصمت أجملْ!..
صوت البنادق نصف هذا القرنِ
والنصف الصدى
وأنا الندى
أسقي عناقيد المآذنِ
كلما سقطت صلاة الصبح من جيب الإمامْ
وأنا ككلّ الناس
أحلم بالوقوف على تراتيل العصافير البريئة في امتداد الفجرِ
حيث الله يصنع طين آدم من حنينْ..
تعبٌ.. على طول احتمال الموجِ
والرِّجْلُ- الخطيئةُ لا تكفُّ عن اقتراف الملحِ
والعشب اختراع العائدين إلى بيادرهم
بلا فصلٍ ولونْ
يا أيهذا الكون
أنقذني من السقف المعلّق فوق مدّ دمي
ومن وعي الجهاتِ
أريد أن أتجاوز الأسماءَ
كي أهوى- على السفح النقيض- سوايَ؛ أكثرْ..
وأريد أن أمشي إليَّ- عليَّ- منّي
أن أكون الكلّ في نصفي
وأقصى ما تمدُّ إليه /بلقيسُ/ الشراع..
وأريد أن أجتاح قلبكِ
أنْ أفتش فيكِ عن وجه الندى.. حتى الضّياعْ
والآن أشهد أنه تعب القناعْ
وتعبتُ من مضغ البكاء/ الشوك- يخنقني
وأصرخُ
-آهِ يا أمي لو اَنَّ الماء يحفظ نكهة الظلّ الخصيبِ
وآهِ.. لو أنَّ الظلال تموتُ
قرص الشمس يكبر؛ كي يكون بحجم أشواق الجياعْ
إلى رغيفٍ سوف ينضج في الأملْ..
آهٍ.. لو اَنَّ النصّ يكتبني.. يدخّنُ
يشرب الحبّ الزعاف؛ ويمتطي قلق الصراعْ
وحين يقرؤني على الجمهور(63/81)
يبقى- بعد نوم قوافل التصفيق- إيقاعاً غريباً
في زوايا البرد.. يذبلُ
والعصافير الشقيّةُ تنقر الغيماتِ
كي تستيقظ الدنيا
وقلبي
لا يفيق.. سوى على نقر الفشلْ!..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> وأيضاً.. يقوم الشتاء قتيلا
وأيضاً.. يقوم الشتاء قتيلا
رقم القصيدة : 65875
-----------------------------------
وأيضاً.. يقوم الشتاء قتيلا
وأعرف أنّ الذي جاء موتي.. وأقرأ وجهك إلا قليلا
وهذا الوقوف على باب حزنٍ قديمٍ.. يطولْ
ويطفئ في الروح قنديل ذكرى
ويوقد سرباً من الخوفِ
سرباً يضيء احتمال الحياةِ..
وسرباً ضليلا
فلا تكتبيني شتاءً طويلاً
لأنّ الرفاق انتهوا في الزحامِ
ووحدي.. دخلتُ شتاءكِ ناراً
فكنتُ احتراق دمي.. والفتيلا
كوجهي يقوم الشتاء قتيلا
* * *
ومن طلعة الثلج نبني الحكايا
ونسقف جوع الحقول بوهمٍ؛ لكي نستريح على قمحنا المستعارْ..
نُشيِّدُ نهراً هنا أو هناك
ونصنع شمساً من الأغنياتِ
ليأتي النهارْ
كذا علّمونا
وكنّا صغاراً نسمّي الغيوم بيوت المطرْ
وكنّا نعذّب حتى الشوارعَ
نطفئ كل شموع الطريقْ..
ونكسر بالماء ضوء القمرْ
وكنّا صغاراً نحاول أنْ نستبين السبيلا
فقام من العمق هذا الحصارْ
يُزنّرُ بالليل خصراً نحيلا
كوجهي يقوم الشتاءُ
وأيضاً.. نعدُّ الرفاق قتيلاً قتيلا..
يعودون من ذكريات الصبايا
عصافير حزنٍ تخبّئ تحت الجناحِ الشراعَ
ونبضَ الحياة وصبراً جميلا..
كذا علّمونا
وما نحن إلا نتاج انكسارات ذاك المسارْ
وما نحن إلا غبار اشتهاءاتِ زوجٍ فقيرْ
تسّرب في العمر.. فوضى
وجئنا إلى العمر من ثقب باب الحوارْ
نجرُّ الصهيلا
على أرجلٍ خاويات الضلوعْ
كأنّا أتينا هنا كي نجوعْ
ونبني الفصولا
بأجسادنا العاريات عن أيّ زرعٍ
بأحلامنا القابعات فينا صليلا
يقوم الشتاء كوجهي قتيلا
وأنتِ تقومين بستان وجدٍ
يشدُّ البقيّة من أرجواني إلى وردةٍ في المساء القديمْ..
هناك.. على ضفّة البرتقالْ
مسحتِ بكفّيكِ وجه الوطنْ(63/82)
وكان العناق الحميم.. رسولا
ولكنّ قلب المسافات أعمى
ونحن ندور بغير اتجاه!..
لمن سوف نرفع- بعدُ- الصلاه؟!
وصوتكِ ينهض قبلي قتيلا
وهذا الشتاءُ
يمرُّ علينا.. على الفقراء
طويلاً.. طويلاً.. طويلاً.. طويلا
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> رسائل
رسائل
رقم القصيدة : 65876
-----------------------------------
-1-
-إلى امرئ القيس
أبي.. يا بداية العتْقِ
كيف الوصول النبيل إليكْ
وكيف نبرّرُ هذا القطار المجنَّحَ
هذا النبيذَ العديم الوضوحْ..
لأنّ الصهيل المعتّقَ
يسري على طول خوف المرايا عليكْ
سأدفنُ وجهيَ بين يديكْ
وسحقاً لروما..
-2-
-إلى جرير
صليلٌ.. وموتٌ جبانٌ؛ وفارسْ
فلا تحترف في قلوب التلاميذ عشق المدارسْ
ولا تعلن البحر أنثاكَ
والشعر منفاكَ.. والسجنَ
فالسجنُ بابٌ وقفلٌ
ووحدكَ
بعضٌ سجينٌ وبعضك حارسْ
وسيف الفرزدق يقطر ورداً غريب الملامحْ
تعلّمتُ منك الخصام النبيل.. وألا أصالحْ
فضعتُ.. على مأدباتِ الوطن..
-3-
-إلى المتنبي
أسمّيكَ نبض احتراق الفصولْ
أسمّيكَ شمس النهار الشقيّ؛ وشمسَ الأفولْ
أسمّيكَ ما شئتَ
وردَ المسافةِ
شوكَ الصحافةِ
وحيَ الرسولْ..
ولكنْ تعال
فكافور مصرَ يراقص بغدادَ
في قاعةٍ مغلقه..
-4-
-إلى ابن زيدون
جميلٌ هو المستحيلْ
ونقرُ العصافير يُغري الصبايا
عرايا
على مُخمل الصبحِ- أنْ يسترحنَ
وأنْ يمتشقنَ رماح الشبقْ..
ولكنّ ولادةً لا تحبّكْ!..
لأنَّ الخفافيش جاءتْ بليلٍ طويلٍ الردى
دمٌ في المدى
وسيفكَ يعزف لحن الحبقْ!..
-5-
-إلى جبران
غربةٌ.. واسترحنا قليلا
سنكسر هذا الحصان الغبيَّ.. وهذا القمرْ
وأنتَ ستفتح باب الرجوع إلى ضفّتيكْ
وأنت ستطلق- في البرّ- بوحاً
وقطعان حُسنٍ لفصلٍ جديدْ..
وأنتَ ستشحن هذي البواخر بالاعتيادْ
فقد يستعيد التراب التوحّدَ
أو تستعيد البلادُ البلادْ..
-6-
-إلى بدر شاكر السياب
خالقَ الجوعِ
كيف احتراق رغيف البلادِ على مجمر النفيِ
كيف العراق؟!(63/83)
أهذا انطفاؤكَ أم صوت أهلي
يضيء الشغبْ
أمير البساتين والصحوِ
وجهي بلاد اعتراضٍ؛ وقلبي صغيرْ
وقلبي رغيف دمٍ مستديرْ
فخذني "لإقبالَ" في العيد.. دُميه
"لجيكورَ" مسحةَ حزنٍ عليكْ
وخذني إليكْ
لنشرب جوع العراق بعيداً
ويبقى المطرْ..
-7-
-إلى محمود درويش
بيني وبينك لا يمرُّ أبي
ولكني أحبكَ
عندما اتّكأتْ عليكَ مواسم الإنسانِ
غنّى القمح في رئة الصقيعْ..
العازفون سيعرفون دروبهم تبعاً
وأنتَ
ستبدأ التاريخ من جهة اعتقال البرتقالِ
ومن مراكبَ تعرف الميناءَ
-لو خان المسافرُ-
طبع هذا الماء لا يُغريكَ
لكنّ الشوارعَ
تعرف الرِّجْلَ التي خلقتْ طقوس الياسمينْ
بيني وبينكَ
أنّ وجه أبي- كقلبينا- حزينْ
لكنّ كفّكَ
سقفُ ما ضفرتْ له أمي ضفائرها
وأختي.. لا تنام على دموع العاشق الأدنى
لأنكَ
-أيها البحرُ- انتفضتَ
فكنتُ في عينيكَ خارطة النوارسْ..
-8-
-إليّ:
أبيعُ القناديل للعشقِ..
أُطْفَأْ!!..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> قريبٌ منكِ.. حتى البُعد
قريبٌ منكِ.. حتى البُعد
رقم القصيدة : 65877
-----------------------------------
* إلى نبيهه *
حورية الحلم..
قمراً سيسقط- بعد أغنيتين- وجهكِ
حيث أضلاعي تفتّش عن حليب البحرِ
عن عشبٍ يُضمّدُ ما تكسّر من زجاج الروحِ
عن وجعٍ جديرٍ بالفَراش وبالخيولْ..
عبثاً
أحاول أن أمدَّ يدي إليكِ
فأنتِ أقصى
أنتِ أبعدُ من بريق الخوفِ
أوسعُ من مساحات اللقاءِ
وأنتِ شيءٌ كان ينقصني
لأنبتَ وردةً في الماءِ
أبكي الجائعينَ
وأشتري لدمي قميص الحزنِ
أصرخ في الشوارعِ
-يا شوارعُ.. يا بيوت الناس..
يا مستقبل الفقراءِ.. آويني
فظلُّ صديقتي سرقته أضواء المدينةِ
والبقيّة من ضفائرها تمشّط أعين الغرباءِ
نامي يا شوارع فوق أحلامي.. ليختنقَ البكاءُ
هي قبلةٌ أخرى
ويصلبني الحنين على شفاهكِ
أو يفوز الجبُّ بالطفل البريءِ
وأرتدي قلبي أباً أعمى.. ويعبرنا المساءُ
البحر ليس لنا، وصوتي ليس لي(63/84)
لكنّ قلبكِ- سيّد الشرفات-
يحملني إلى عينيكِ.. حيث هنا السماءُ..
وأنا قريبٌ منكِ حتى البُعدِ
لكني أحسُّ أمام حسنكِ أنّ لي بيتاً
وأني نخلةٌ يغفو على أهدابها التاريخُ
تغتسل الحضارة بامتداد اللونِ
لونكِ- عندما يغتالني اسمي- انتماءُ
وأنا أحبكِ
حين تنكرني شبابيك البلاد، وحين تذبحني قناديل الحنينْ
وأنا أحبكِ
خائفٌ من كلّ يومٍ لستِ فيهِ
ومن شواطئَ قد تبوس يديك قبلي
وأنا أحبكِ
لستِ أنتِ.. وإنما قلبي الذي يختار قتلي
فاعذريني
إن سجدتُ أمام حسنكِ
فالسجود أمام حسنكِ.. كبرياءُ
* * *
هي دورةٌ أخرى
ونصبح قادرين على اعتياد الحزنِ
نعشق يأسنا، ونظلُّ خلف الباب ننتظر الغيابْ
أجسادنا رملٌ تكوّمه الرياح على الرصيفِ
فقبّليني.. قبل أن يطفو على أسمائنا جيلٌ جديدْ
البحر ليس لنا
ولكنّ ارتعاش وجوهنا في الماءِ.. آيه
والآن.. تبتعد الصلاة إلى مرافئها
وصوتكِ.. طاعنٌ بالخوف.. يكسرني
وأعرف أنّ هذا الليل- بعدكِ- صورةٌ للموتِ
يرسمها النعاس على العيونِ
لتطمئنّ إلى مذابحها
وأعرف أنني ضيّعتُ أمي فيكِ، وانتحرتْ بلادي
فامشي بقامتكِ القصيّة فوق أحلامي
ازرعيني في عيونكِ
كي أكون أنا.. أنا
أو كي أحاولْ..
أنا لا أحب الناس بعدكِ
لا أعيش ولا أموت ولا أحاولْ
إنْ غبتِ.. غبتُ
وإن طلعتِ أصيرُ خبزاً رائعاً
ما الماء يُحيينا إذاً
لكنّ حسنكِ حين يسقي الأرض
تخضرُّ السنابلْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> مدارات النحاس
مدارات النحاس
رقم القصيدة : 65878
-----------------------------------
يا للخريفْ
كلّ الذين أحبّهم، ركبوا قطار اليأسِ
واتجهوا إلى أحزانهمْ
حتى المحطة أوصدتْ دمها
وما عاد النزيف يعانق الأيدي
وما عادت تلوّحُ للمسافر أمهُ
سقطتْ مناديل الوداع على رصيف الملحِ.. واختنق السفرْ..
يا للرصيفْ
أمشي.. ولا تأتي الحبيبة من مخاوفها
وأصرخُ.. لا يجيء البرقُ
لا أحدٌ أقول له: -أحبكَ
غير وجهكِ- في المرايا-(63/85)
حين ينساها على الأرض المطرْ..
لو تعرفين إذاً
مرارةَ من تصيح عيونهُ.. وينامُ
أيقظتِ الخلايا كي تقولَ له: أحبكَ
كنتِ أطقلتِ الشموع على شتاء الروحِ
كي يبكي الشجرْ..
* * *
وحدي.. على باب المساء ألوبُ
تغريني النجوم، فلا أمدُّ لها حبال القلبِ
أسقط في مدارات النحاسِ
يُضيئني صوتي وعُريكِ
يا لعُريكِ
حين يتركني أنام على حجرْ..
* * *
تركوا على ظلّ السياج الفلَّ
من يسقي تراب المتعبينْ؟
صلبوكِ بين دمي وبين دمي.. لنُقتلَ
فابتكرنا من خلال القتل- وجه الياسمينْ
تركوا مواجعهم على شوك السريرِ
وأنزلوا عن ضحكة الأطفالِ أشرعةَ القمرْ..
لكنني ما زلتُ أحلمُ
أن أرى أمي تعود مع المساءِ
تسوق قطعان الحنينْ..
وأبي يُقبّلها
يفلُّ جدائل النعناعِ
يرقص في عيونهما السهرْ..
ما زلتُ أحلمُ
أن يعود الناس من أحلامهمْ
أن يزرعوا تحت الشبابيك الكئيبةِ.. ظلَّ بيتْ
وأنا وأنتِ نعذّبُ الطرقاتِ.. نُتعبها
ونسرق من إشارات المرور اللّونَ
كي يتحرر العشب الفقيرْ..
لا البرد يطفئنا
ولا نقرُ السنين على مصابيح القلوبْ
وغداً
سنعبر في الخريف فراشتينِ
نعيد للأيدي نضارتها، وللخدّ القُبَلْ..
وغداً
سنحيا.. كي نكون كما أردنا
لا يتوب العمر عن غدنا
ولا غدنا يتوبْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> قبل مرحلة الندى
قبل مرحلة الندى
رقم القصيدة : 65879
-----------------------------------
عذبٌ
كأوّلِ صورةٍ في الكأسِ وجهك
أيّ قنديلٍ
سيفتتح الصلاة على بهائكِ؟
أيّ فصلٍ
سوف يمنحني- ولو ظلاًّ
لأعبر في قميصكِ
أو أشيّد- فوق ما عرّى مساء الريش- قامة عاشقَينْ..
بحرٌ.. وتنتظرين هذا القادم المسكون بالغيم المجرّدِ
واحتمال الملح في الزبدِ- الفراغْ..
هذا الغريب كطلعة النخل العراقيّ البريءْ..
الآن يأتي
يحمل النهوند أُفْقاً.. والكتابة عاصمه
من أين يدخلُ
كيف يبتدئ الحوار مع النبيذ الطفل في شفتيكِ
أو يُلقي على نهديكِ أسئلة الوجودِ(63/86)
وأنتِ قُبّةُ من يمرُّ إلى صلاة الصبحِ
في الصمت المعلّق بين آدم والترابْ..
خوفٌ
يبلّلُ معطف الروح القديمةِ
والدُوار يُعمّدُ الجسد المعذبَ.. بالغيابْ
هذا الغريبُ
لقد أتى قبل اشتعال البوح في ورق الشوارعِ
قبل مرحلة الندى
فاصفرَّ حتى آخر الشرفاتِ
في الغيب المطلِّ على البلادْ..
لكنّ قلبكِ كان أوضح من نزيف البحرِ
فارتدتِ الخطا لون الحريقِ
وكرّستْني خاوياً من أيّ لونٍ
غيرَ قارعة الرمادْ..
* * *
بيني وبينك أنّ هذا الليل أنضجني
وخانكِ
فاتكأتِ على نوايا الشمسِ
وزّعكِ الضياء على القلوب المقفله..
والآن
كيف ألمُّ بلّور الحكايا
من حقائبَ ما لها زمنٌ
ومن جوع الوجوه إلى الحوارْ..
يا من تُطمئنني
وتسهرُ.. في ثريات الحنينْ
الآن أعرف أنك الأنثى
وأنك ملح هذا النبضِ
والسفر العميقُ إلى صراخ الروحِ
في الزمن القصيّ
وأنك الغاباتُ
ضمن دمي تهاجرُ
والعصافير التي اجتازتْ حدود الموتِ والرؤيا
وأنك غفلةٌ
شردتْ من الغيم البريء، فلوّثتنا بالمطرْ
والآن أعرفُ
أنّ تفاح البكاء خطيئةٌ أخرى
وآدمُ- سيّد الرغباتِ- نهرٌ
لا تُغيّبُهُ الفصولُ؛ ولا انكسارات المسارِ
وإنما..
نبكي.. إذا شربتْ مرايا النهر أحزان القمرْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> الخلاص
الخلاص
رقم القصيدة : 65880
-----------------------------------
نصّ نثري
---------
يسقط ورق العنب.. طويلاً
وأنا خلف عينيكِ الجنوبيتين فصل انتظارْ
موسيقى
ويخجل حتى المغنّي
حتى المقاعد لا تستريحْ..
ثمة تفاحتان لواحدْ
وأنتِ تفاحةٌ.. لي
والروائح للأرصفه
البدء والخاتمة للأرصفه!
نحن إذاً، وأوراق العنب
مسافةٌ بين رصيفينْ
أما السرير فبوح الشعوب
وفوضى انتقال التراب إلى صوت ثلجْ..
القفز فوق الصفر
مستحيلٌ في النهارْ
وممكنٌ
عندما يجمعنا الليل طلقةً واحده..
ورق العنب ما زال يسقطُ
صوتكِ موغلٌ في الخرابْ
عيناكِ سلّتا وعودْ
وكفّكِ عودُ حورٍ تيبَّسَ منذ العصافيرْ(63/87)
وكلما أحببتكِ.. أيها المنفى
أخاف الوطنْ..
II
الفقراء يعرفون طريق العوده
وأنا.. أجيدُ انتظار الوداعْ
سوف نلتقي في محطة الخوفِ
الآباءُ ينتظرون قطار الخلاص
الأمهاتُ يحترفن الكذبْ
وأنا.. أبكي
III
كلما التقاها في آخر الصبرِ
قالت: سننزفُ عما قليلْ
-أمي ستغضب..
وهذا المساءُ الذي يحتوينا
كصوتكَ.. ضيّقْ!
بعد يومين سيفتح البحر باب الحوارْ
فَعُدْ من خليج انتمائكَ للوهمِ
واسجدْ على برتقالي الطويلْ
-بعد يومين
لا يلتقيها
ولكنّ "بابا نويل"
أهداهُ برتقالةً كبيرةً.. جدّاً!!
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> كي يستمرَّ اللون
كي يستمرَّ اللون
رقم القصيدة : 65881
-----------------------------------
*إلى إبراهيم قعدوني
-----------
بنكهة الشعر والحياة..
وأمام مدرسة البناتْ
كنّا- ولسنا سيّئين- نهزُّ ورد القلبِ
فوق الشارع المشغوف بالخطواتِ
تحترق الرسائل في دفاترنا
وتذبلُ وردةٌ كنّا سنهديها
ونرجع يائسين إلى البيوتْ..
كنّا نعدُّ الحُلْم قبل الشاي
نفطر مرّتينِ
ونزرع الطرقات إيماناً بأنّا سوف نكبرْ..
والآن إبراهيمُ
ما زلنا نعدُّ الحُلْمَ.. لكن كي نموتْ
والآن.. خانتنا البراءةُ
-أيها الرجل الصغيرُ
وهكذا أدعوكَ مذ ضيّعتَ قلبكَ
في محطات الحنينْ..
فاعذرْ بلادكَ حين تنسى في يديك البردَ
لكنْ.. لا تمتْ في غير فصلكَ
إنني فيك انتحرتُ
فلا تكن اسمي
ستنكسر المرايا
غير أنّ وجوهنا تبقى
لأنّ البرتقال حقيقةٌ مثلي
وأنتَ.. ضمير هذا العشب
فابتكر الندى
كي يستمرَّ اللّونُ
أمكَ بانتظارك.. فاغتسل بحليبها
يا أيها الرجل الصغيرُ
دمي يردّدُ.. والصلاةُ
"وكان إبراهيم أمّةْ"
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> أمةٌ من قلوب الضحايا
أمةٌ من قلوب الضحايا
رقم القصيدة : 65882
-----------------------------------
فراغٌ عقيمْ
وهذا المساء الذي نحن فيه انخطافُ مساءٍ قديمْ
وهذي الوجوهُ الخرابُ امتدادٌ لتفاح آدمْ
ولا شيء يأتي(63/88)
حليب البساتين ما زال يغزل قمحاً.. وجوعْ
ونحن انعكاس الظلال العميقةِ
نحن الطحالبُ
في الليل تنمو
مرايا
كُرياتها من سديمْ..
وما زلتُ أحلمُ
أنْ أستمرَّ
وأن لا أموتَ كأيّ كلامٍ
يُقالُ ليُطفئ شمس الشغبْ
وما زلتُ أحلمُ
أنْ أستريح على عشب قلبكِ
أن ترفعيني بصوتكِ.. حتى حدود التعبْ
وما زلتُ أحمل قلبي رصيفاً
ينام عليه رصيفٌ حميمْ
غريبٌ هو اللهُ.. في أورشليمْ
وأنتم خيولٌ تجرُّ الحكاياتِ
أنتم خيوطٌ من الشمعِ
ذابتْ
فذابتْ عظام أبي في الجحيمْ..
ولا شيء يأتي/ الفصولُ احتمالاتُ غيمٍ، ووجدْ
وعُريكِ.. حين ارتديتِ الخليجَ
هو الآن تفاحةٌ في السريرْ..
وما زلتُ أحلمُ
أنْ تصلبيني على باب وجهكِ
أن تعرفيني
إذا جاء ظلّي يبوس الشبابيك.. عند الغروبْ
وما زلتُ أزرع وجهي انتظاراً
ثمانين موتاً عبرتُ إليكِ
ولمّا أرَ الله- بعدُ-
لكي أستريح على ركبتيَّ
وأُلقي البقايا من الخوفِ.. أبكي
وعن كلّ هذي الخطايا.. أتوبْ
فراغٌ يلقّحُ قنديل روحي.. وزيتٌ يذوبْ
وإني نباتٌ سريع النموِّ
فلا تتركيني أعاني الشوارعَ
أمي تنقِّحُ وجهي من العابرينْ
وإني اختلطتُ
نسيتُ الجهات بجيب القميصِ
فماتتْ على كفّ أمي الفسيحْ
ولا شيء يأتي؛ ولا شيء يفنى
البيوت تبدّلُ سكانها.. والقلوبْ
ونصف الحقيقة يكفي.. لنكبرْ
فلا تعبريني كأيّ كلامٍ
أنا.. منذ عينيكِ أبكي
ليورق فيكِ نزيف الوطنْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> البحر يحترف التحول
البحر يحترف التحول
رقم القصيدة : 65883
-----------------------------------
لحضور وجهكِ في زفاف الطينِ
أحصنةٌ تجرُّ البرتقال إلى بدايتهِ
تواصل موتها الصوريَّ
حين تمدُّ صيف بهائها جسراً
فيتكئ العدوّ على نوايا السيفِ
يتلو ما تيسّرَ
من رؤى يعقوبَ في محراب مريمْ..
لحضور وجهكِ في المساء الطفلِ
رائحة المآذنِ
بعد منتصف التوحّدِ
شكل نهدكِ
في مدى كفيَّ.. أجملْ!
لكنّ قبطان المسافة بين قهوتنا وصبحكِ
خائنٌ(63/89)
والبحر يحترف التحول في الغبارِ.. إلى مآتمْ
كتب البرابرةُ الغزاةُ على دفاتركِ البريئةِ
ما أرادوا
وانتهينا في الزكامْ..
شباك وجهكِ لا يجيد الانتظارَ
ونحن لا نأتيكِ
يقهرنا وقوف بني زياد على مفاتن بحرهم
فتصير أضلعنا مضيقْ!..
لذبول وجهكِ في وصايا أهلنا
لون الحمام، ونكهةُ الذلّ العتيقْ..
لكنّ هذا السُّكْرَ يُغرينا
فندخل في تفاصيل الخرابِ
نقطّعُ المدن الشهيّةَ
فاعلن مستفعلن
ويُردُّ في أيامنا رجلٌ تُعمّمُهُ الحقيقةُ
يمتطي صبر الخيولِ
ويعلن الضوء المهادنَ.. غربةً
والشمسَ.. أنثى
* * *
من هزَّ خصر الوردِ في كأس الهوى المضنى
ومن صَقَلَ الغيابْ؟
بيني وبين يديكِ تفاح الشوارعِ
والذين نحبّهمْ
مرّوا إليهمْ.. هكذا
أنا لا أحبكِ
إنه الجوع القديمُ لصوتكِ العاري
فربّان المعادن زوّر الأسماءَ
والبحر انتهى فينا.. ضبابْ
أنا لا أحبكِ
من يقدّم رشوةً لدمي.. ليصرخَ
لا أحبكِ
حسنكِ الطبقيُّ يقتلني
وأعرفُ
غيرَ أنَّ أبي فقيرْ.
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> على مشارف رجلك اليسرى
على مشارف رجلك اليسرى
رقم القصيدة : 65884
-----------------------------------
الموت في السعاده
فحاولي أن تقتلي كلّ الذي ما بيننا من ليلْ
وحاولي أن تنزفي كالصمتِ
من جدران عَيْنَيْ من يراقبنا.. لنتعبْ
يا خنجراً زرعوه في طيني
فأثمر سنبله..
كم أشتهي أن أقتله
هذا الظلام المرتدي من ماء قلبينا.. صباحْ
ونقاتل الأشياءَ
نعشق بعضنا حتى الإباده..
أشتاق أن نمشي معاً تحت السماءِ
بلا سماءْ..
أشتاق أن ألقاكِ بين الناسِ
في الفوضى.. ولا تتلفتّينْ
وكأنَّ كلّ الناس حراسٌ
وكلُّ شوارع الدنيا انتظارْ
طلع القطارْ.. غاب القطارْ
وأنا وأنت اللحظة الجوفاء بين مسافرٍ ومسافره
وأنا نظيفٌ مثل أشواق الغريبْ
لزجاجةٍ.. تجتاح صحو الذاكره
وكئيبةٌ عيناكِ.. مطفأةٌ كقنديلٍ عتيقْ
وأنا أحبكِ
أنتِ سيدة المكان إذا نثرتِ جنون شعرك في المساءْ
أنا أحبكِ.. أشتهيكِ(63/90)
ويكفر التلفون حين يمرُّ صوتكِ راعشاً
-أتحبّني؟!
خذني إليكَ إذاً
أبي في الغرفة الأخرى.. وأمي نائمه
عشرون صيفاً، والشوارع تستريح على دمي
والبرد يكسر عظم روحي
جائعٌ.. لدمٍ يمشّطني
لوجهٍ يستريح على يدي
وندورُ.. يأخذنا الغيابُ
عشرين بحراً في انتظار الغيمِ
يا هذا التكرُّرُ
أين يغتسل السحابُ
عشرين أماً يا أبي جرّبتُ
لكني أفقتُ على يَدَيْ أمي
التي في حضنها نام الغسقْ!..
-خذني إليكَ إذاً
يردُّ صدايَ.. وليكن الخرابُ
* * *
كُومٌ من الليل العتيق على رؤى الغاباتِ
لكني أسمّي الثلجَ.. تفاح المنازلْ
نحتاج صوتكِ كي يحنَّ لنا القطافُ
أحتاج عينيك المعذّبتين كي أبكي.. وينتحر الجفافُ
يا.. كم أحبكِ
حين ينتصر العبيد على النهارِ
وحين تحصدني- من القاعِ- المناجلْ
بغدادُ
إنّ خيانة الصبّار.. مسألةٌ
وموتي
فوق قامات النخيلِ
على مشارف رجلكِ اليسرى.. زفافُ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> عاصمة الغمام
عاصمة الغمام
رقم القصيدة : 65885
-----------------------------------
إلى نزار قباني
قبل أن نأكل ظلّه..
بردٌ
وما في الكأس لا يكفي
لنصحو من براءتنا تماماً- يا دمشقُ
ولا الندى يكفي لعرس العشبِ
داستْ فوق أحلام الفراشاتِ القوافلُ
واستراح البحرُ
في نزف المسافةِ
بين شباك القصيدة؛ والرمادْ
ها حبّةُ المطر الأخيرةُ
تطرد الوجه المكسّر من مرايا الماءِ
تتركه على سطح اليباسِ
وتعبر الوقت الأخيرَ
بظلِّ نهرٍ لا ينام على تراتيل البلادْ
ها شرفة الألوان تصعدُ
من يطلُّ على السنابلِ؟
من يقود الحبَّ في عتم الأزقةِ
من يزيّنُ شارع العشاق بالفوضى
ومن سيقول للأنثى: -أحبكِ؟!!
أيها اللغةُ- الخرابُ
الآن تصفرُّ العناقيدُ- النبيذُ
ويسقط الرمّان عن شفة الحوارِ
يغادر المقهى خرائطهُ
وينشر نكهة المنفى على حبل الكلامْ..
وغداً
سيحملكَ الحمام إليكَ في عتب الحمامْ..
يا من جرحتَ بوردكَ الطفليِّ أنظمة الرخامِ
ولم يُجرِّحْكَ الرخامْ..(63/91)
يا بوح طين الناسِ
يا همس الشوارع للخطا
يا ضحكة الأمويِّ
أقفرتِ المآذنُ
لم يعد في الشام عشاقٌ.. ولا في العشق شامْ..
يا من توحّدُ في الشتات عواصم الدنيا
وترجع عارياً
في كفكَ الأعلى مكاتيبٌ
وفي دمنا دموعْ..
وغداً
ستعبر فوق بستان القصائد غابةٌ أخرى
وتنكسر الضلوعْ..
وغداً
سيطحنكَ الزحامْ
قُتلَ الإمامْ
وعلى هديل الفجر في عينيكَ أطفأنا الشموعْ
فانثرْ قصيدكَ فوقنا.. كيلا نجوعْ..
هي آخر الأشواقِ
فارتجل البنفسجَ
كي نمدَّ على ظلالك وقتنا
وننام.. حتى الأغنياتْ
ها عرّش الليمون فوق وجوهنا
واغتالنا نور الحياة..
فارفع أغانيك الأخيرة فوق مئذنة السلامْ
همْ يبحثون عن السلام هنا
وأنتَ هناكَ.. يا من لا نحبكَ
أنت.. عاصمة الغمامْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> مريم.. ولا.. ولن
مريم.. ولا.. ولن
رقم القصيدة : 65886
-----------------------------------
بلْ.. غلطةٌ هذي الحياةُ
وكذبةٌ هذا الطريقْ!..
إني نسيتُ على المقاعد أرجلي، والخبز والفرح المضيءَ
نسيتُ أخترعُ الصديقْ
ونسيتُ أوقظُ من على كفيَّ نامْ
أغواهُ صمت البحر.. فاعتزل الكلامْ
حتى إذا بصق القطار دمي
بحثتُ.. فلم أجد زمني
ولم أعرفْ..
أسافرَ؟!
في ضمير النومِ
أم جنحوا لها في قاعة "الديسكو"
فوقَّعَ- تحت ظلّ النهدِ- كارثة السلامْ!!..
* * *
إني نسيتُ روائح القشّ المعلّق في ثياب أبي
لماذا يسكن السيّاحُ في نبضي
وأُطردُ
ليس لي كوخٌ أمارس فيه ذاتي
ليس لي ولها
ولو مترٌ نمارس عشقنا.. لو واقفينْ
تتفسّخُ الأجساد من وجع الغريزةِ
تستحيل إلى حنينْ..
وبلادنا الأحلامُ
تسألني متى؟
فأقولُ: -في فصل الرغيفْ
عيناكِ خائفتان من صمتي
وصمتي.. لا يخافُ، ولا يُخيفْ
سُملتْ رؤايَ
فليس لي صوتٌ أحاورُ
ليس لي دربٌ أهاجرُ
إنني أخضرُّ كي أصفرَّ.. أسقطَ في تقاليد الخريفْ..
ورقٌ يعيش على الرصيفْ
ورقٌ يموتُ على الرصيفْ
والريح تكْنُسُ أرجل المتجولين
فيرجعون إلى الشتاتْ..(63/92)
الضوء يوغل في تفاصيل النباتِ
ونحن نوغل في السُّباتْ..
هذا المساءُ
لقد تأخّرَ مثل قلبكِ.. والمطرْ
وأنا أعرّي الكون- في التكوير- نهداً.. خاوياً مثلي
ولكن صار يكفي أنّ حُلْمتهُ القمرْ..
طوبى لآينشتاينَ
وزّعَ بيننا الأدوار واحترف النهايه..
طوبى لنرسيسَ الذي اختطف البدايه
والموت للمتواترين على خيوط الفاتحينْ
الموت لي
فأنا أعيد أبي، وإني أقتله
وأنا أصوغكِ غابةً من لا.. ولنْ..
وأنا أفتش عنكِ شيئاً ليس يشبهني
ليبتدئ الزمنْ..
وأنا سأقتلُ أيّ شيءٍ أفعله
هُزّي إليكِ بجذع آثامي إذاً..
عيسى..
سيُحضر كلّ شيءٍ.. في المساءْ
لكنَّ مريمَ وحدها.. تلدُ الوطنْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> علّمنا البرد
علّمنا البرد
رقم القصيدة : 65887
-----------------------------------
صوتكِ في الليل قرى الأحلامِ
وعند الصبح نخيلْ..
عيناكِ الماءُ المعلنُ- بين الخوف وبين الصيف- جبالَ صهيلْ
شفتاكِ نبيذْ
طفلٌ بردانٌ يتفقّدُ أزرار المعطفِ
كم ضيَّعَ منها في النومِ
وكم سيضيّعُ بعد قليلْ..
* * *
يا هذا المتعلّقُ في طين ردائي
ما أطيب رائحة الأرض البكرِ
وما أغبى أرصفة الخمرِ
تفشَّتْ في رئتيكَ
فزدتَ على الجسد المُطفأ.. قنديلْ
* * *
صوتكِ في الليل أنا والليلُ
وأمي تبصق زينتها
فالدفءُ جميلٌ
وأبي بعد رحيل النصف الدافئ؛ نصف جميلْ!!
من يسمح لي بالنوم على ركبة أمّه؟
من يعصر من عينيَّ سراباً للفقراءْ..
النهر بعيدْ
والطفل يفتش عن قدميه الضائعتين بحزن الماءْ
والطفلة تنبتُ من تحت أظافر همّه
من يوقظ صحوي
من يتفيّأ بالجسد المنشور على حبل غسيلْ؟..
من يأخذ هذا الوعد رداءً لحبيبتهِ
ويقبّلها.. قبل صلاة الملحْ
الطفلة تجهل فتنتها.. والطفل صغيرْ
صوتكِ في الليل عواء الروح المثقلة بآثام الشوقْ
يا هذا الساكنُ فوق الفوقْ
علّمنا البردْ
من يدخل خصر حبيبته في الليلِ.. أميرْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> على لحاء الوقت(63/93)
على لحاء الوقت
رقم القصيدة : 65888
-----------------------------------
وغداً
سيعترف الزجاج بأنّ ماءكِ باهتٌ
ولهاثَ أجنحتي ندى..
وغداً.. سيعترف الصدى
وستنقشين على لحاء الوقت ذاكرة الطريقْ..
وغداً نفيقْ
من حبّنا
وغداً.. ننام على كلامْ
مسكينةٌ أمي
تحاول أن تُرمّمَ نصفيَ المقتول بالحلوى.. فيهدمني الحنانْ
دفءٌ، وأمي نصف نائمةٍ معي
وأبي يرى في السقف صورتها
فيضحكُ.. لا تجيءُ
فينتهي في البرد مئذنةً.. ويحترف الأذانْ
بيني وبين أبي وبين الدفء نافذةٌ
ولكني جبانْ..
وغداً سيكسرنا المكانْ
وسيستريح الظلُّ في تعبي.. وأنتِ ستكبرينْ
ولأنّ هذا الصيف ينكرني.. حزينْ
واستسلمتْ للنوم جارتنا، ففاجأني البكاءْ
وغداً خواءْ
قمصان روما كلّها فحمٌ، ووجهكِ برتقالْ
حاولتُ أن أمشي على وجعي
فهدّدني سؤالْ..
حين استعرتُ جناح صوتكِ
مرَّ في شفتي عسلْ
وغداً أملْ
وغداً نسمّي موت أرجلنا كفاحْ
جاؤوا على خيل الصباح.. بلا صباحْ
تركوكِ في فجر السَّغَبْ
وغداً تعبْ
قلبي وكفُّ أبي ذهبْ
لكنهم سمّوكِ آلهة الرجوعْ
وغداً نجوعْ
الخبز أطول من فضاء الحُلْم في كون الفقيرِ
وأنتِ أبعدْ
سبحان جارتنا
إذا شدَّتْ على وجع السرير جنون قامتها
تصير مدينتينِ
مدينةٌ خبزٌ؛ وأخرى- إذ تجوع الروحُ- معبدْ
لكنّ حسنكِ مقبره
والقلب عيدْ
وغداً ستعترف المعابر أنني طفلٌ؛ وأنكِ مجزره
لكنّ جارتنا ستمنح نفسها للماءِ.. شمعه
بَوحٌ.. وتكتمل الدوائرُ
تصبح الأيام أوراق اعترافْ
والقاع متَّسخٌ بآلام الحصى
يا أيها الأنهارُ
رُدّي عُريَ جارتنا لنا كيلا نخافْ
فغداً ستطردنا البلادْ
وينام في روما المطرْ
وأمام شباك الرمادْ
صوتي سيهدلُ كالهزيمه
كنشيج مئذنةٍ قديمه
عند السحرْ
قلبي عليكِ
وقلبُ جارتنا قمرْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> لجفاف ورد الذاكره
لجفاف ورد الذاكره
رقم القصيدة : 65889
-----------------------------------
غطّي بمعطفكِ الخريفيِّ
المواجعَ(63/94)
برتقاليٌّ صراخكِ
فارتدي عُريي
لأحفرَ في سماء الشمعِ
مرثاتي
وأصمتَ..
أخضرٌ كالماء وجهكِ
باركي كفّي
لأخرج من نخيل دمي
إلى ما ليس يمكنُ
قبّليني
قبل أن يصحو أبي
من ليل آدمَ
ضلعكِ المكسور عشبٌ
ضرّجيني بالفناءْ..
* * *
شجرٌ
ويبتعد المحاربُ
من خصاب هزيمةٍ
لجفاف ورد الذاكره!..
سيفٌ..
وقامة والدي صيفٌ
توسَّدَ برد سيّدةٍ
ونامْ
شُدّي وثاق دمي
بلحمكِ
إنّ هذا الضوء يهربُ
طوّقي مائي بجذرك
قبل أن تمشي القلوب على القلوبِ
على الحطامْ..
* * *
وردٌ
لعينيكِ اللتين استلتا من نحل جرحهما
عُصارة أغنيه..
الحلمُ
كوّمني على سرج الفراغْ..
لمَ تنهضين الآنَ
من صحوي وصوتكِ
خائفٌ
من شارعٍ ما فيه طعمكِ
من رصيفٍ
لم يزل أعمى
ومن تفاح قلبكِ
عندما يرنو
وينطفئ الفقيرْ!..
لكِ أنتمي
لا شيء في رحم المساءْ
الطين أخرسُ، والقوافل عاقره..
وغبار كفيكِ الطفوليينِ
غيمةُ أصدقاءْ..
وردٌ
لعينيكِ اللتين استلتا مني
أنا أبهى.. وقريةَ محتوى
حطّ الهوى
طار الهوى
من ضلعكِ المكسورِ
أبتدئ القصيدةَ
ثمَّ لا تكفي لأفرحَ
قامتي
الطين أخرس والقوافل عاقره
شجرٌ
ويبتعد المحاربُ
من خصاب هزيمةٍ لجفاف ورد الذاكره..
صمتٌ يُعبَّأُ في أغانينا
اصعدي
أنا.. مؤمنٌ بسنا رؤاكِ الكافره!!..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> احتجاجاً عليكِ
احتجاجاً عليكِ
رقم القصيدة : 65890
-----------------------------------
إذا عدتُ يوماً إلى قبر أهلي
اعذريني
وعُودي إليكِ.. احتجاجاً عليكِ
وصلّي على أهلكِ الطيّبينْ..
لأنَّ المسافة عيسى.. هُزمنا
وعثمانُ ولَّى بني عبد شمسٍ رقاب الخيولْ
لأنَّ اللواط انتهى في المرايا.. ملوكاً
كُسرنا!..
لأنَّ ابن خلدون خان الفقيره1..
فلا تسرقي من سمائي وضوحي
هوية أهلي اقتياد السبايا
عَرايا
إلى مذبحٍ في دمشقْ..
ولسنا بريئين مما أردنا
أنا وردةٌ في سيوفِ الحكايا
وأنتِ الصدأْ..
وأنتِ النزيف الذي تشتهيه الخواصرْ
هوية أهلكِ تفاح عينيَّ(63/95)
يسقط قبل الخريف بعامْ
لأنَّ الكلام انتهى في الكلامْ
سأبقى أحبكِ..
حتى يفيق الضمير الذي في المقاهي ينامْ..
فلا تأخذيني بذنب الخيولِ
التي ضيّعت في البلاد السنابكْ
ولا تتركيني على حدّ حسنكِ أمشي إليّْ..
فقد أستظلُّ بصدق يديكِ
وأعبر صبّار خوفي عليكِ
بخوفي عليّْ..
أنا حين أبكي على باب وجهكِ
أقصى ندى في صباح العصافير.. منفى
وأهلكِ..
يا السيف أين تعلّمتَ جني العسلْ؟!..
فَراش الفوانيس أعمى، وأهلي
-أنا حتفُ قلبي، وأنتِ الفتيلْ
ولكنَّ جوع البيادر أعلى
ونبضُ اللقاء الذي سوف يأتي
جديرٌ بقبله..
فلا تعبري في الزجاج المفرّغ من قامتينا
ولا تستريحي على ضفّةٍ في خريفِ الوعولْ
لأنَّ انتظار المحطةِ
أوشكَ.. أن يستريحْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> معجم الحسرات
معجم الحسرات
رقم القصيدة : 65891
-----------------------------------
للواقفين على شفا أيلول
ينتظرون غيماً ما
وتائهةً...
رثاءُ..
للساجدين على قطوف الليل
يستجدون ساقية السماءِ
شرودهمْ..
وغوايةٌ تُتلى..
ورعشتهم رداءُ!
للجاعلين حياتهم رقْماً.. جليداً
أيُّ فُلْكٍ سوف يحملكم
إذا هطل البكاءُ؟!...
صورٌ تسافر في ضلالتها
وحربك أيها الإنسانُ
لن تكفي
ولن يكفي لينقذك الدعاءُ..
حدَّانِ
بينهما المسافةُ
عمركَ المزعومُ
تبّانُ المجاهلِ
معجم الحسراتِ...
بينهما... هَبَاءُ
***
لا الشمس تُتعبنا
ولا تكفي الظلال لنستريحْ
عمرٌ جريحْ...
والناسُ
كلُّ الناس
مزقةُ قَشةٍ في ليل ريحْ..
والحب ميناءٌ
-إذا جنحوا له-
والحب ماءُ..
***
إن التراب هو التراب
وإنْ تحوّل بُرهةً لدمٍ ولحمٍ يُشتهى
ها نحن
تكتبنا الفصول على دفاترها
ويمحونا الفناءُ
زيفٌ ولوج الطين في رحم الظلامِ
وإنما لا شيء
إنْ لم تتّصلْ ألفٌ وباءُ
فأنا أكون أنايَ
حين أنا... أشاءُ
فصلٌ من الأسرار يسكننا
ونرجع من مكاشفة السرائر
سالمينْ!..
جبناء من قُتلوا
ولم يستفتحوا بالياسمينْ
متحفزاً في آب سيدةٍ(63/96)
تؤرخ عمرها بالوردِ
لا بالأربعينْ!..
للواقفين على بيادر عمرهم
وجعٌ
ولون الموت.. أصفرْ
حتى الذي زرعوا له وعداً
تأخرْ
كلُّ الذين نحبهم ذهبوا
وظل البرد يسهرْ..
وثوى على القلب انطفاءُ
ماذا سنكتب
كي نقول الخوفَ
هل لغةٌ هناك
وهل لمسفوحٍ...
وعاءُ!..
يا أيها الأسماءُ
يا ورقاً يغلّفنا/ اسقطي
ولتأخذ الأرض اللحاءَ
سنستطيلُ
وحين لا سقفٌ
أصيرُ
أنا سماءكِ..
يا..... سماءُ
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> سفر أيوب
سفر أيوب
رقم القصيدة : 68063
-----------------------------------
-1-
لك الحمد مهما استطال البلاء
و مهما استبد الألم
لك الحمد أن الرزايا عطاء
و أن المصيبات بعض الكرم
ألم تعطني أنت هذا الظلام
و أعطيتني أنت هذا السّّحر
فهل تشكر الأرض قطر المطر
و تغضب إن لم يجدها الغمام
شهور طوال و هذي الجراح
تمزّق جنبيّ مثل المدى
و لا يهدأ الداء عند الصباح
و لا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى
و لكن أيوب إن صاح صاح
لك الحمد أن الرزايا ندى
و إن الجراح هدايا الحبيب
أضمّ إلى الصّدر باقاتها
هداياك في خافقي لا تغيب
هداياك مقبولةهاتها
أشدّ جراحي و أهتف بالعائدين
ألا فانظروا و احسدوني فهي هدايا حبيبي
و إن مسّت النار حرّ الجبين
توهّمتها قبلة منك مجبولة من لهيب
جميل هو السهد أرعى سماك
بعينيّ حتى تغيب النجوم
و يلمس شبّاك دراي سناك
جميل هو الليل أصداء بوم
و أبواق سيارة من بعيد
و آهات مرضى و أمّ تعيد
أساطير آبائها للوليد
و غابات ليل السّهاد الغيوم
تحجّب وجه السماء
و تجلوه تحت القمر
و إن صاح أيّوب كان النداء
لك الحمد يا راميا بالقدر
و يا كاتبا بعد ذاك الشّفاه
-2-
من خلل الثلج الذي تنثّه السماء
من خلل الضباب و المطر
ألمح عينيك تشعّان بلا انتهاء
شعاع كوكب يغيب ساعة السّحر
و تقطران الدمع في سكون
كأنّ أهدابها غصون
تنطف بالندى مع الصباح في الشتاء
من خلل الدّخان و المداخن الضخام(63/97)
تمجّ من مغار قابيل على الدروب و الشّجر
ذرا من النجيع و الضّرام
أسمع غيلان يناديك من الظلام
من نومه اليتيم في خرائب الضجر
سمعت كيف دق بابنا القدر
فارتعشت على ارتجاف قرعة ضلوع
ورقت دموع
فاختلس المسافر الوداع و انحدر
**
و قبلة بين فمي و خافقي تحار
كأنها التائه في القفار
كأنها الطائر إذ خرب عشه الرياح و المطر
لم يحوها خد لغيلان و لا جبين
ووجه غيلان الذي غاب عن المطار
و أنت إذ وقفت في المدى تلوّحين
**
إقبال إن في دمي لوجهك انتظار
و في يدي دم إليك شدّة الحنين
ليتك تقبلين
من خلل الثلج الذي تنثّه السماء
من خلل الضباب و المطر
-3-
بعيدا عنك في جيكور عن بيتي و أطفالي
تشدّ مخالب الصّوان و الأسفلت و الضّجر
على قلبي تمزّق ما تبقّى فيه من وتر
يدندن يا سكون الليل يا أنشودة المطر
تشد مخالب المال
على بطني الذي ما مرّ فيه الزاد من دهر
عيون الجوع و الوحدة
نجومي في دجى صارعت بين وحوشه برده
و إن البرد أفظع لا كأنّ الجوع أفظع لا فإنّ الداء
يشلّ خطاي يربطها إلى دوّامة القدر
و لولا الداء صارعت الطوى و البرد و الظلماء
بعيدا عنك أشعر أنني قد ضعت في الزحمة
و بين نواجد الفولاذ تمضغ أضلعي لقمة
يمر بي الورى متراكضين كأن على سفر
فهل أستوقف الخطوات ؟ أصرخ أيها الإنسان
أخي يا أنت يا قابيل خذ بيدي على الغمّة
أعني خفّف الآلام عني و اطرد الأحزان
و أين سواك من أدعوه بين مقابر الحجر
**
و لولا الداء ما فارقت دراي يا سنا داري
و أحلى ما لقيت على خريف العمر من ثمر
هنا لا طير في الأغصان تشدو غير أطيار
من الفولاذ تهدر أو تحمحم دونما خوف من المطر
و لا أزهار إلا خلف واجهة زجاجّية
يراح إلى المقابر و السجون بهنّ و المستشفيات
ألا ألا يا بائع الزهر
أعندك زهرة حيّة
أعندك زهرة مما يربّ القلب من حبّ و أهواء
أعندك وردة حمراء سقّتها شموس إستوائيّة
أأصرخ في شوارع لندن الصّماء هاتوا لي أحبائي
و لو أنى صرخت فمن يجيب صراخ منتحر(63/98)
تمرّ عليه طول الليل آلاف من القطر ؟
-4-
يا ربّ أيوب قد أعيا به الداء
في غربة دونما مال و لا سكن
يدعوك في الدّجن
يدعوك في ظلموت الموت أعباء
ناد الفؤاد بها فارحمه إن هتفا
يا منجيا فلك نوح مزّق السّدفا
عني أعدني إلى داري إلى وطني
**
أطفال أيّوب من يرعاهم الآنا
ضاعوا ضياع اليتامى في دجى شات
يا رب أرجع على أيوب ما كانا
جيكور و الشمس و الأطفال راكضة بين الخيلات
و زوجة تتمرّى و هي تبتسم
أو ترقب الباب تعدو كلّما قرعا
لعله رجعا
مشاءة دون عكّاز به القدم
**
في لندن الليل موّت نزعه السّهر
و البرد و الضّجر
و غربة في سواد القلب سوداء
يا ربّ يا ليت أنّي لي إلى وطني
عود لتلثمني بالشمس أجواء
منها تنفّست روحي طينها بدّني
و ماؤها الدم في الأعراق ينحدر
يا ليتني بي من في تربها قبروا
**
لأنه منك حلو عندي المرض
حاشا فلست على ما شئت أعترض
و المال ؟ رزق سيأتي منه موفور
هيهات أن يذكر الموتى وقد نهضوا
من رقدة الموت كم مص الدماء بها دود ومدّْ بساط
الثلج ديجور
إني سأشفى سأنسى كلّ ما جرحا
قلبي و عرّى عظامي فهي راعشة و الليل مقرور
و سوف أمشي إلى جيكور ذات ضحى
**
-5-
نازلا نازلا من صحارى السماء
من عصور جليديّة من قبور
نام فيها الهواء
أيها الثلج يا حشرجات الدهور
و انتحاب المساكين في كل كهف يغور
في جبال السنين
كن لهيبا على أوجه العابرين
قنّع الخوف فيها بلون الرجاء
**
أيّها الثلج رحماك إني غريب
في بلاد من البرد و الجوع سكرى
ان لي منزلا في العراق الحبيب
صبيتي فيه تعلك صخرا
آه لولاك يا داء ما عفت داري
ما تركت الزهور التي فتحت في جداري
و العصافير في ركن بيتي لهن اختصام
مر يوم فشهر فعام
**
و الزمان ارتماء بدون انتهاء
تزفر الأرض عنه و تبكي السماء
رب هل لي إلى منزلي من رجوع
كم أمد الذراع و أهدم سقف الضلوع
لا أمسّ المدى أو أصيب الزمانا
فهو شيء على الروح يسعى هباء و ظلمه
ليت عصر النبوّات لم يطو حلمه(63/99)
وشت المعجزات الحواشي فكانت و كنا
**
ليتني العازر انفضّ عنه الحمام
يسلك الدرب عند الغروب
يتمهّل لا يقرع الباب من ذا يؤوب
من سراديب للموت عبر الظلام
لن تصدّق أنّي ستهوي يداها
عن رتاج و تصفرّ لي وجنتاها
ثم تركض مذعورة تشدّ بخيط الدروب
نحو قبري و تطويه حتى تمسّ الضريح الحطام
**
إيه إقبال لا تيأسي من رجوعي
هاتفا قبل أن أقرع الباب عادا
عازر من بلاد الدجى و الدموع
سورها كان ملحا نجيعا رمادا
قبليني على جبهة صكّها الموت صكّا أليما
حدّقي في عيون شهدن الردى و المعادا
عدت لن أبرح الدار حتى لو أنّ النجوما
دحرجت سلّما من ضياء و قالت
تخطّ السديما
-6-
خيال الجسد العاري
يطلّ عليّ محمولا على موج من النار
من المدفأة الحمراء ذاك الرحم الضاري
**
لكل تقلب من موجها خفق من القلب
تدحرج عرّي النهدان بان الجيد و الساق
تدحرج لي على الجنب
تدحرج ثم صكّ أضالعي و تثار أعراق
ويطفر للجبين دم و يعروني
دوار منه تصطكّ النواجذ خوف بحّار
يطلّ فيبصر التيّار يزفر مثل تنين
و يصرخ آدم المدفون فيّ رضيت بالعار
بطردي من جنان الخلد اركض إثر حوّاء
أريدك يا سرابا في خيالي ليس يسقيني
أريدك ثم تطوى موجة و تطير أشلاءا
فقاعات من النيران من شوق و تذكار
**
و جاء الجسد العاري
خيالا جاء محمولا على موج من النار
من المدفأة الحمراء ذاك الرحم الضاري
**
يميل عليّ كيف أشاء أعصره كما أهوى
و لا يقوى
على رفضي على تهديم عرش من لظى وار
أتوّج فوقه الآمال راعشة القوى شهوى
بحار بيننا ليلان من مدن و أمطار
و إنّك منك أقرب أنت بعض دمي
خيالي أنت أمنيات عمري كل أمنيّة
بعاطفتي تحرّك لا عواطفك الأنانّية
علام مددت بحرا بيننا دنيا جليديّة
أعانق في دجاها جسمك العاري
يطلّ عليّ محمولا على موج من النار
ممن المدفأة الحمراء من وهمي و أفكاري
-7-
البرد و هسهسة النار
و رماد المدفأة الرّمل
تطويه قوافل أفكاري
أنا وحدي يأكلني الليل
**
و يخب المركب إلى داري(63/100)
برق يتلامح في الآفاق يعرّيها
و يذرّيها
كرماد المبخرة الثكلى
في مقبرة تهب الليلا
ألوان الموت و آهات الموتى فيها
**
يا ليل لكم طال الدّرب
تعب الركب
و عراقي شط و سمّاري
ناموا و بقيت و لا زاد
عندي و ظمئت و لا ماء ظمى القلب
لا سقيا غير شظيات البرق الواري
يا أغصان الليل انهمري ثمرا إذ يؤكل يزداد
السلة منه سأملأها حتى إن عدت إلى داري
فرح الأطفال به هتفوا بابا
يا برق أما تخبو
فيغيب الدرب و لا يبدو
كم منه على الساري بعد
**
البرد وهسهسة النار
و رماد المدفأة الرمل
تطويه قوافل أفكاري
أنا وحدي يأكلني الليل
-8-
ذكرتك يا لميعة و الدجى ثلج و أمطار
و لندن مات فيها الليل مات تنفس النور
رأيت شبيهة لك شعرها ظلم و أنهار
و عيناها كينبوعين في غاب من الحور
مرييضا كنت تثقل كاهلي و الظّهر أحجار
أحن لريف جيكور
و أحلم بالعراق وراء باب سدّت الظلماء
بابا منه و البحر المزجر قام كالسور
على دربي
و في قلبي
و ساوس مظلمات غابت الأشياء
وراء حجابهن وجف فيها منبع النور
ذكرت الطلعة السمراء
ذكرت يديك ترتجفان من فرق و من برد
تنز به صحارى للفراق تسوطها الأنواء
ذكرت شحوب وجهك حين زمر بوق سيّارة
ليؤذن بالوداع ذكرت لذع الدمع في خدّي
ورعشة خافقي و أنين روحي يملأ الحارة
بأصداء المقابر و الدجى ثلج و أمطار
-9-
بالعضل المفتول و السواعد المجدولة
هرقل صارع الردى في غارة المحجّب
بظلمة من طحلب
و قام تموز بجرح فاغر مخضّب
يصك ( موت ) صكّة محجّبا ذيوله
و خطوة الجليد بالشقيق و الزنابق
**
و انخطف الموت علي كانخطاف الباشق
على العصافير أحال ظهري
عمود ملح أو عمود جمر
أحرّك الأطراف لا تطيعني مشلولة
مات الدم الفوّار فيها أطفي الشباب
و امتدّ نحو القبر درب باب
من خشب الصليب فالمسيح
مات و في الطوفان ضلّ نوح
و أغضيت نواظري الذليله
لعلّها تعتاد من دجاها
على دجى غطاؤها الضريح
**
أي سلاح ؟ آه أيّ ساعد ؟
أيّة أزهار تمدّ فاها(63/101)
لتأكل الموت ؟ و أيّ ناصر مساعد ؟
سللت من قصائدي
سيفا كأن البرق حدّاد رمى أصوله
وصبّ مقبضا له و شفره
بالشّعر بالمبرق بالمجلجل المدوّي
رميت وجه يهوي نحوي
كأنه الستار في رواية هزيلة
رميت وجه الموت ألف مرّه
إذا أطلّ وجهه البغيض
كأنه السيرين يسعى جسمي المريض
نحو ذراعيه بلا تردد
فأنتضي من سيفي المجرد
و يقطر الشّعر و لا يغيض
لأنني مريض
أودّع الحياة أو أشدّ بالحياة
بخيطة الموروث عن أموات
لم يدفع الشّعر مناياهم وقد
جاءت إليهم غيلة
-10-
يا غيمة في أوّل الصباح
تعربد الرياح
من حولها تنتف من خيوطها تطير
بها إلى سماوة تجوع للحرير
سينطوي الجناح
ستنتف الرياح ريشة مع الغروب
يا غيمة ما أمطرت تذوب
**
فأبرقي و أرعدي و أرسلي المطر
و مزقي ذوائب الشجر
و أغرقي السهوب
و أحرقي الثمر
سترجحنّ بعدك السنابل الثقال بالحبوب
و تقطف الورود و الأقاح
صبيّة يؤج في وجنتها الجنوب
و أنت ذرة من الدماء و الجراح
و أنت يا شاعر واديك أما تؤوب
من سفر يطول في البطاح
تراقص النّهر
و تلثم المطر
أما سمعت هاتف الرواح
خام وزنبيل من التراب
و آخر العم ردى و يطلع القمر
فأبرق ارعد أرسل المطر
قصائد احتوى مداها دارة العمر
يا غيمة في أول الصباح
يا شاعرا يهم بالرواح
وودع القمر
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> انهضْ من الجسد القتيل
انهضْ من الجسد القتيل
رقم القصيدة : 65893
-----------------------------------
حزموا عناوين البيوتِ
وما تبقّى من شوارعهمْ..
وغابوا..
تركوا حقائبهم على كتف الزمانِ
تطير أوراقٌ وينعتق اغترابُ..
رفعوا كتاب اللهِ
فوق الرمحِ
فانكسر الصدى العَربيُّ
لا خيلٌ تكرُّ
ولا مصابيحٌ تغازل أعين الآتينَ من ليلٍ
كأنهمُ الصباحُ
عواصمٌ خرساءُ
قد ملَّتْ تدقُّ يدٌ مضرجةٌ
ولم يُفتح بقلب الناس.. بابُ
***
حملوا أجنّتهم
وراحوا يبحثون عن الولادةِ
في حقولٍ تمنح الأسماء وردتها
وعن أمٍّ
تعدُّ بنادقاً للذاهبينَ
وقبلةً للعائدينْ..(63/102)
خيطٌ طويلٌ
بين قبلتها وبين مواسم الذكرى
هناك..
على ضفاف المرحلهْ
خيطٌ طويلٌ من حنينْ..
عبروه نحو الموتِ
-كلُّ سفينةٍ لا تطلق المرساة
من وجع السكونِ
وترتدي حلم النوارسِ
خائنه!...
***
الماء أغنيةٌ
وزرقته فراشٌ راقصٌ
لكنَّ صورتها
على طياته تبكي
وتهرب كالحصى
خجلاً من الطفل القتيل
ومن قميصٍ
جاء إخوته عليه دماً كَذِبْ!..
هي سوف تعرفهم
ولو جاؤوا أباهم يمكرونْ..
الأرض
تشتمُّ الخيانةَ
واليد التمتدُّ للمنفى
تنام على رخامْ..
أعداءُ صف الأرض
لن يجدوا بديلاً عن حليب اللّوز
يطرد أبجديات الهزيمة
من دفاترهم
ولن يجدوا بلاداً
تستقرُّ على كلامْ
حين السلام
يعضُّ في الأقصى
محمدَ
درة الأقصى
أؤذنُ: لا صلاةَ ولا سلامَ
على السلامْ!..
القتل يزحف كالهواء
القتل يهبط كالمساء
القتل جهراً في الخفاء
القتل سرّاً في العلنْ!
يا من تقاتل كي يعيش بك الحمام
سيقاتلونك
كي يموت بك الوطنْ
***
الأهل أهلكَ
والتراب مصيرك الآتي
ومعدنك القديمُ
فلا تدعْ سرب الرصاصِ
ينال تذكرة العبور
بلا ثمنْ..
الموت
ينتظر الغزالة عند باب الحزنِ
فافرحْ
كي تمرر فرصةً أخرى على الصوت البديلْ
وانهضْ.. من الجسد القتيلْ
فرسائل الغُيّاب مرَّتْ
في البريدِ
إلى الوريدِ
وعاد عيسى
يوقد النور المبارك في ثرى قانا الجليلْ..
فجرٌ ضئيلْ
-سبحان من أسرى...
وتتصلُ المآذن بالسماءْ
الأغبياءْ!
لا تُقتلُ الأرض
التي احتضنت صلاة محمدٍ بالأنبياءْ
لن تُقتَلَ الأرض
التي احتضنت صلاة محمد والأنبياءْ!...
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> لحن الزناد
لحن الزناد
رقم القصيدة : 65894
-----------------------------------
سآوي إلى حصتّي في التراثِ
وأدخل فصل السباتْ
حكايات أهلي
ستكفي لأعبر هذا الممرَّ
بوهمٍ
يُجمّلُ وجه الحقيقةِ
حيث الحقيقة في الشرق أنثى
كما القدس.. أنثى
كما.. كلُّ أيامنا الباقياتْ
***
سئمتُ فصول النضال الملونِ
حول الموائدِ
كأسٌ..
وتأتي البلاد إلينا(63/103)
وبيتان من حزن درويشَ
تكفي...
ليبكي السريرْ
لماذا نزوّر حتى البكاءَ
ونحسبُ أنّا نغطي السماءَ
بكفٍّ صغير!..
***
سأهربُ
ما عادت الحرب تغري
بنات السلام
تركن السيوف على حدِّ (فاطمُ مهلاً)
فمات امرؤ القيسِ
بالأغنياتْ
(ومن عاش مات، ومن مات فات)
سوى أنّ قسَّ ارتدى موته
سُلَّماً للحياةْ..
كذلك تحت الحجارة عشبٌ
وكفُّ الصغير
تحرّر عشباً وشعباً.
وأمي
تفصِّلُ ثوب حدادٍ جديدٍ
لموت العراقْ!..
بلادٌ تُساقُ إلى الذبحِ
جهراً..
وجيرانها
يشهرون الدعاءَ
وزيَّاً يناسب طقس الفراقْ
تعودتُ أن أستظلَّ بصمتي
وأغلق بابي
على كل ما بي
فما في إياد سراةٌ
لأرفع نصحي
ولكن سأرفع دوماً يديَّ
كما كل من يعبدون المحبة والانعتاقْ...
***
عراقٌ عراقْ
ذئابٌ
وبردٌ يفتش عنّا
ونحن نفتش عنهمْ
ونعرفُ..
ما من رفاقْ...
وحيدين نبقى
وطارق يصرخ: أين المفرُّ
عدوٌ وبحرٌ
وسوف يموت الذي في بروجٍ
وسوف يموت الذي في زقاقْ!...
وبغداد
أرملة المستحيل
تقاتل عنّا
وتشهد أنّا
هُزمنا
-ولم تبدأ الحرب بعدُ
فعنترة المستقيل اضمحلَّ
ولمّا دعوناه -من نومنا-
ما أفاقْ!...
***
تدوزنتُ طوعاً
فأوتار قلبي تطيع الأصابعَ
إنَّ الأصابع
-في لحظة الشرِّ-
تعزف لحن الزنادْ
وصوت الفقير النشازُ
يلوّثُ عُري النجومْ...
لماذا أحاول
أنْ أستقرَّ على غير عرشي؟
لماذا الكسيح الذي أقعدوه
يحاول يمشي؟!
أنا ظلُّ نعشي
أنا عروة الرافد المستبدُّ
خلعتُ الصعاليك
كي ترتديني ثياب الجهادْ
أفق يا رقادْ
صباح الصغار تلوَّنَ بالأرجوان الشهيِّ
عناقيدُ دمعٍ تدلّتْ
لتعلن هذا النهارَ
وتحرس بالحزن هذا الحصادْ
فلسطين أمٌّ.. وتبكي
فلسطين تحكي
لأطفالها
قصة المُبعدينْ
فلسطين خبزٌ وماءٌ وتينْ
فلسطين
حاضرةٌ في نقوش الثيابِ
ودفءِ العتابِ
فلسطَين ليست كما تعرفونَ:
احتلالٌ.. وموتٌ.. ورعبْ
فلسطين أمٌّ بمليون قلبْ!..
وأعمى المعرة
ما كان يتقن دور الأبوة
ماكان يحتاج حزناً مديدْ
كأنك حين تبرعم طفلاً(63/104)
تباشر قصة قتلٍ جديدْ!
جنيتَ
على من أحبَّ الولادةَ
كان بوسعك ألا ترانا
وألا تفسرَّ هذا الوضوحَ
لماذا عرفتَ
بأنَّا أردناك ألاّ تريدْ؟!
تدخلتَ في ألف عامٍ ستأتي
وفي شكل بيتي
وبيتي الحضاريُّ
بردٌ وقيدٌ
وأطلالُ عمرٍ شقيٍّ سعيدْ
كذا "غونتامو"
لأني أحبُّ حكايات أهلي
وسهلي
ووجهي المعلَّقَ فانوس زيتٍ
يضيء الودادْ
كذا "غونتامو"
حضارةُ سجنٍ
وكيفَ..
ستُحبسُ
في حقد سجنٍ.. صغيرٍ
بلادْ؟!!
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> مستودع الموتى
مستودع الموتى
رقم القصيدة : 65895
-----------------------------------
لا تقلقوا
كلُّ الذين جمعتهم حولي
على حُبِّ الرصيف
تفرقوا..
لا تقلقوا
مادام للجدران آذانٌ
وللكفين قيدُ
مادام ينبت في قلوب الناس حقدُ
مادام للمسجون آهاتٌ
وللسجان زندُ
الطين يكفي
كي يزيل الناس آثار النهار عن البيوتْ
الطين يكفي
كي نموتْ..
والشارع المهزوم ـ يا الله ـ يطردني
لأني كنتُ برداناً
وأقسمُ
أنَّ هذا العمر بردُ..
***
مرّي على الجسد الفقير
بكعب نهدكِ
كي أرى أمي تصلي
في المنامْ..
مرّي على شباك قُبّتنا
وبوسي وجهيَ الغافي
على برج الحمامْ..
مرّي على صوتي المؤجل
في مساءات المآذنْ
قولي له:
لا شيءَ عن لا شيءَ
لكنْ
لست أدري
عندما نبكي
لماذا يخرج الجيش النظاميُّ إلى قبر الشهيدِ
ويدخل الجيش القطاميُّ الوريدَ
ولست أدري
عندما نبكي
لماذا كلُّ صوتٍ
وَقْعُ أحذيةٍ
وكلُّ مساحة الأحزان.... جندُ؟!..
هل نحن فاجأنا السماءَ
أم التراب يخونُ
أم كان الذي ما منه بدُّ؟
سمّيته ورداً
فمات على يد السيّاف وردُ
هل أنت يا وطني أبي
أم أنني شيءٌ على شيءٍ يُردُّ؟
وأنا على صبّار جرحك
حين أسجدُ
أنتمي
ويطير من قلبي إلى عينيك... وعدُ
وأنا خلاياك الأصيلة والبديلةُ
فاعبر الشفق المرير
إلى صلاتكْ..
واترك لنا سفراً
يشفُّ عن احتمالْ
واترك لنا أفقاً
لنعدو..
***
الناس فوق الناس
أكوامٌ من اللحم المشقّق والعذابْ
الناس من تعبٍ(63/105)
ووجهك من غيابْ
وتراثنا
عرشٌ على مستودع الموتى
وفوق العرش فردُ..
شقِّي الثياب إذاً
لأشهد
أنَّ هذا النهد صوفيٌّ
وأنّ خلافنا الدينيَّ والقوميَّ
محوره الفحولةُ
حين يحكم كلَّ هذي الأرض
مفعولٌ بهِ..
وبنا..
ونهدُ!!
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> اشتباك
اشتباك
رقم القصيدة : 65896
-----------------------------------
ذهبوا إلى كابول
يقتسمون أرغفة الرصاصِ
مع الفراغِ
ورحتُ أبحثُ عن سمكْ!..
ما كلُّ من جدَّ وجدْ!
لكنَّ من سار على الدرب ..
هَلَكْ!
مَلِكٌ مَلَكْ
ومقاتلٌ أهدوه جثته
فوقَّعَ مع أحبته
البيان المشتركْ!
كشف المراسل عن مؤامرةٍ بنيروبي
فداهمني الدركْ!
هل أنت فاطمةُ التي أحببتُ
أم أمي
ولم أخفض جناح الذلِّ
أم أني اشتبكتُ بما اشتبكْ؟!..
قال الموظفُ: لم أنمْ
قلتُ: الهمومُ
فقال: ما كنا خسرنا
لو بدلتَ "بسبعة الدينار... ختيار السنكْ"..
شيءٌ وشكْ
والأمرُ
أنَّ العمر كارثةٌ
وأنّا
قد وقعنا
في الشركْ!!...
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> فوق جهل الجاهلين
فوق جهل الجاهلين
رقم القصيدة : 65897
-----------------------------------
ماذا سنكتب بعد حين؟
الموت يرحلُ
والحياةُ
وبين هاتين المغامرتين
تنطفئ السنينْ..
ماذا سأفعلُ
كي أكون أنا..أنا
ماذا سنتركُ
كي نقول بأننا كنا هنا..
والتين والزيتون والبلد الأمينْ
لم يبقَ في الزيتون زيتونٌ
ولا في التين تينْ!..
***
عدنا إلى شجر الفراغِ
نهزُّ خيبتنا
لنسقط في براءة مريم العذراء
نهراً من ندمْ
لكنَّ بحراً
لم يُصدِّقْ موجنا الصوريَّ
فارتدنا المقاهي
كي نرى في الشاي سكَّرنا
ونرسم فوق جدران المساء
الخوفَ..
والصفصافَ..
والقدر الحزينْ..
عدنا إلى وجد قديمٍ
يفتح الحلاج صندوق التهافت
كي نمرَّ إلى الذي في القاع
يغتصب الحقيقةْ..
كريستوف يبحر مرةً أخرى
ونحن نراقب الأسماك
نسألها.. عن السفن الغريقهْ!..
مامات فينا طارق بن زياد
لكنْ..
مات في العمق الجنينْ..(63/106)
أنا جاهلٌ..
وهما..
ونحنُ..
وابن كلثومٍ سيجهلُ
فوق جهل الجاهلينْ!
لكنَّ موسى حين شقَّ البحرَ
سامح يوسف الصديق إخوتهُ
وتُهنا
في براري اليأس ـ ضرباً ـ
أربعين بأربعينْ!..
فمتى وأين أراك يا امرأةً
تصدّقُ كل ما قالوا
وتحلم بالرفاه وبالبنينْ..
هي رعشةٌ أولى
ونبتدئ الخيانة في الخيالْ..
قلتِ: المسافة بيننا قمرٌ
وقلتُ : هو السؤالْ..
من سوف يقرأني
إذا سال الحنينْ
فوق الكتابات القديمةِ
في جموح
(الخيل.. والبيداء تعرفني)
ذبلت على شباك دجلة قبلةٌ
وانهدَّ كوخٌ من قصبْ
لكنَّ خمّاراً ومومسَ
أكدّا لوكالة الأنباء
أنهما.. يحبّان العربْ!!
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> وكنت أبي
وكنت أبي
رقم القصيدة : 65898
-----------------------------------
إلى روح عبد العزيز الحمصي
أبي الآخر
وترحلُ
حافلاً بالعمرِ
مفتوناً بما لم كان
عيناك انبعاث الصيفِ
في خوخ الندى المسفوحِ
قرب مناجل الأيامِ
ما عاد الحصاد المرُّ
يغري بالعصافيرِ..
***
وترحلُ
مفعماً بالبحرِ
راية دربك الأشجارُ
أجيالٌ من الأعشابِ
نامتْ في سرير الظلِّ
تحت مصيركَ العالي
ويا موتاً
يسير إلى بدايتهِ
بطول الرمح..
مخضلَّ الأسارير..
***
وترحلُ
لم يكن عبثاً نزيف النهرِ
حين جرحتَ صمت الأرضِ
بالفوضى
وحين كسرتَ فوضى الصوت
بالصمتِ
وحين منحتَ قبح العمرِ
وجهاً
رائع الموتِ
وحين نزحتَ من عينيكَ
كي آوي...
إلى بيتي!..
***
وترحلُ
يا الذي ما جئتَ
سحقاً للذين أتوا من النسيانِ
أولاداً
بلا شَغَبِ..
لهم ما كان من عنبٍ
وأعرفُ
أنَّ سرَّ الخمرِ
أنكَ كنتَ في العنبِ!..
***
وترحلُ
لا سماء هنا
ولا حدٌّ
سيكفي كي ينام الإسمُ
إسمكَ
لم يكن مطراً
ولكنْ.. قُدَّ من تَعَبِ..
أنا أبكي
وأنت على سرير الخوفِ
تغري الدمع بالطربِ!..
رأيتُ الله في عينيك
حين سكبتَ للأحفادِ
روحكَ
داخل اللُّعَبِ!..
***
وترحلُ
مستمرَّ اللون
نذهب كلما جعنا
إلى كهف الهوى المسحور
نوقد غصة الذكرى(63/107)
ونذهب مرةً أخرى...
ولا شيءٌ....
سوى أني
عرفتُ الآنَ
أنكَ..
أنتَ..
كنتَ..
أبي!!!
اليونسية
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> من أثر القصيدة
من أثر القصيدة
رقم القصيدة : 65899
-----------------------------------
"إلى عبد القادر الحصني"
ولأنَّ عبد القادر
امتشقَ الحنين
وفاجأ الأكوابَ
بالبلورِ
يهطل من كهوف الغيمِ
محمولاً على خيط المساءِ
قطفتُ عنقود الندى..
***
ولأنَّ عبد القادر
اشتبكت خطاهُ
مع الشوارعِ
في عناق حمامتينِ
تغيَّبَ العشاقُ عن درس القراءةِ
واكتفوا بالثلجِ
يحملُ من نحبُّهُمُو.. إلينا
في الصدى..
***
ولأنَّ عبد القادر
انتظر الغيابْ
هاجرتُ من لا شيء
صوب يديهِ
سرباً من خساراتٍ
فلوَّحَ
لم أكن أكفي
نظرتُ إلى حلبْ..
صارت يداً!..
***
ولأنه ما نام
منذ حقيبتينِ
سرقتُ من قلب الصبايا
لهفةً أخرى..
عليهِ
فقال: لا تحزنْ
سنذهبُ
كي نعودَ
وقد نعود إلى حكايانا
التي وُلدت لتكبرَ
في أراجيح الحصادِ
ولم تزل تبكي على صدر الرحى
قمراً
تورَّط في الصهيلِ
وغابَ
لا تحزنْ
فقد يصل النهار إلى حدود الضوءِ
أو نأوي
إلى ما ليس يمكننا
ونقطف قبل نضج اليومِ
ما يُدعى.. غداً..
***
ولأنه نسيَ البكاءَ
على ضفاف البردِ
واقترف النزيفَ
وصلتُ
من جرحي..
إليهِ..
إلى المدى!
ولأنه "ما في حدا"
خبأتُ فنجاني
لأشرب من يديه البنَّ
والذكرى
وطعم صبية كانت هناك
تبوس في السرِّ احتمال شفاههِ
المفجوعَ من أثر القصيدة...
ذهبوا..
وخبأ في يدي
شيئاً...
فتحتُ هدّيتي..
كانتْ.... وريده!!
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> أشكال
أشكال
رقم القصيدة : 65900
-----------------------------------
يتلألأ صوتكِ
في عُري الروح الأبديِّ
وتنحسر الشهوات الفجةُ
عن جسد
من حبق الغيمِ
تكوكب في المشكاةِ/
المصباح الدريِّ/
النورِ
أهشُّ على جسدي بالتوتِ
ولي في العتمِ
مآرب أخرى..
***
ينبلجُ الفرعون الآخرُ
من أكتاف الطين المرِّ
وصوتكِ
ما زال يعلّقني(63/108)
بين سماء الحزن الطيّبِ
والبحرِ
المنشقِّ عن الحرس الثوريِّ
سأسقطُ..
نصفي للحوتْ
والنصف الإنسانُ يموتْ
والموتُ بيوتْ
ويداكِ
الزرُّ/
الليلُ الصيفيُّ/
القمرُ
الداخلُ في عروة شاطئ بيروتْ..
***
يمسكني الوقتُ
وكنتُ أريد دخول الرغبةِ
من شباك الجوع المقفلِ
ما بين النهدينِ
تأخر باب البيتِ
وشوقي
اتكأ على جدران الصبرِ
ضحكتُ..
سأقضي العمرَ.. هنا
في الشارعِ
أرعى أحذية الغرباءِ
أعرّي كل نساء الليلِ
أقاتل أضواء الطرقاتِ
تأخر باب البيتِ
النذلُ
وقبل الباب البيت النذلِ
كذا وطني!..
***
يغسلني الوجع الليليُّ
من الآثامِ
أعودُ كما صيَّرني البرقُ
نشيجَ امرأةٍ
قُطفتْ من عنقود الدهشةِ
قبل تراتيل الرمانِ
الثلجُ يدقُّ على النافذةِ
العصفورُ/
الناقوسُ/
وتبكي..
من هذا الرجل المتخفي
في زيِّ الأشجار
يوزعُ ورد الخوفِ
على الأطفالْ؟!
من هذا الواقف كالغيبِ
على الأطلالْ..
تدخلُ حيرتها
ألتفُّ
أنا..
بل أنتِ..
الوطنُ..
السجنُ..
تعالَ..
البابُ؛ النهدُ؛
الذاكرةُ
اللا شيء.. العتمُ.. العَدَم
وتختلط الأشكالْ!..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> ألف.. باء
ألف.. باء
رقم القصيدة : 65901
-----------------------------------
في هذي الوحشةِ
لا أحدٌ يشعر بالليلِ
ولا ليلٌ يشعر بالناسِ
انكفأ الشخص على عينيهِ
وراح يفتش عن نومٍٍ
يبدو أبدياً
كي يرتاح من الإبصارِ
ومن أطياف اللون الواحدِ
خان الكهَّان معابدهمْ
وابتدأ العزف الفرديُّ
على وتر القوسِ
المشدودِ
إلى أضلاع يسوع الطيبِ،
ثمّة من يجتاح الروحَ
وشرطيٌ يبحث عن ثقبٍ
يطفئ فيه غريزتهُ
اللصُ
يحاور باب اللهِ:
ـ لماذا أدخل من قفل الآثام
إليكَ
الشارعُ منشغلٌ بالموتِ
على أقدام المهزومينَ
البحرُ
ينام ـ كعادته ـ في حضن امرأةٍ
ـ من موجٍ جسد الأشياءِ..
ومن نسيانْ..
والصاعدُ
في توت الشوق
إلى صيف الظل الشفافِ
هو الإنسانْ..
والضيعة في الليلِ
تبرعمُ
كلٌّ يقرأ ما يغويهِ
على جدران الصمتِ(63/109)
ويبكي..
تتسوَّرُ بالفلِّ الضيعة
والتنهيدُ
يمدُّ سلالمَ
من رعشات المحزونين
إلى أمداء الحلمِ
ـ تغطّى عُري الشارعِ
بالدعوات..
***
ينهض عند الفجر الثلجُ
يقوم آذانٌ
من أوراق عيون الناسِ
المئذنة تراتيل الصبرِ
الصوت سماوات الأحزانِ
اختنق الإبريق الفضيُّ
بماء الصحوِ
توضّأْ
بالعسل الممنوعِ
على شفة البركان الحائر
بين الرفض وبين النبضِ
الأخضرُ
يبدأ من عينيكَ
وفاتحةُ التكوين صلاتكَ
فامددْ للمستور نداءكْ..
الضوءُ
تيبَّسَ في رئتيكَ
فأطلق شمسكَ من كفيكَ
وأعلنْ:
أنت تريد سماءكْ
لا شيءَ
سوى أوراق يَدَيْ أمكَ
ـ في البردِ ـ
تصير رداءكْ..
لا شيءَ
سوايَ
فكن ألِفِي.. لأقَبِّلَ باءكْ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> لأنكِ.. أنتِ المطر
لأنكِ.. أنتِ المطر
رقم القصيدة : 65902
-----------------------------------
*إلى عبير.. الأرض
وعاد الذين استراحوا قليلاً
وكنتُ أخيط لشعرك شالاً
من الزيزفونِ
ثلاثين عاماً
صعدتُ إليكِ
وما زال شعرك درباً طويلاً..
وكنتُ أعدُّ ليوم البكاء
جذور الدموعِ
وكنتُ أعلِّمُ صمت الشوارعِ
توت الكلامِ
وكيف ـ إذا جئتِ ـ يغدو هديلاً..
وكنا ـ على البُعدِ ـ نمشي إلينا
وحين التقينا
نسينا..
لماذا أردنا الوصولا!..
يعود الذين استراحوا
ووجهي
كوجهكِ
ينضحُ زيتاً
وقلبي كقلب غريبٍ
يضيء بعمق الظلام البعيد فتيلاً
ويذوي قتيلاً..
***
لأنك أحلى
رفعتُ السكوت على باب بيتي
سماءً
ونمتُ بحضن الشوارعِ
طفلاً جميلاً..
لأنك أعلى
مشيتُ إليكِ
ينابيع وجدٍ
تَصَاعد من كبرياءٍ
تيتَّمَ
بعد القفول من الذكرياتِ
وبعد انطفاءِ احتمال الرسولِ
وأنّى لمكةَ
تنجب بعد رحيل النخيل الأخير
رسولاً!..
جماهير حزنٍ
تجوب مرافئ عينيَّ
بحثاً
عن الباقياتِ
وعن هانبالٍ قديمٍ.. جديدٍ
يقود افتراض الخيولِ
ونعرفُ
أنَّا على باب قرنٍ
تورَّطَ في رقصات الفراشِ
طردنا الخيولا!..
لماذا نريد حقولاً
ونحن بساعة يأسٍ
قتلنا الحقولا!..(63/110)
لماذا نريد صباحاً
ونحن.. على كاهل الضوءِ
نلقي فراغاً ثقيلاً!..
لماذا نفتش عن أيّ شيءٍ؟
ولا شيءَ يمكنُ
لا شيء يأتي
وفي القدسِ
في العرسِ
في كل بيتٍ
يعيش العويلُ
ولا شيء كي تستمرَّ الحياةُ
سوى
أن تعيش.. نظيفاً.. عميلاً!..
هو الطينُ
لكنَّ شيئاً تغيَّرَ
في المحتوى
هو الحبُّ
لكنَّ خيطاً تقطَّعَ
في كربلاءْ
وطال النوى..
لعينيكِ هذا الطلوع البهيُّ
وهذا الفناءْ
وهذا الهوى..
لعينيكِ
أمشي طويلاً طويلاً
إلى ما نشاءْ
وشاء الغِوا..
لعينيكِ
لكنَّ شيئاً سيشرب هذا التألقَ
حتّى البكاءْ
وحتى نضيع كنهرٍ قديمْ
سلاماً
لأنَّ السديمَ
سيأكل وجه القمرْ
سلاماً
لأنَّ السماء ستمطرُ
لكنْ رصاصاً
سلاماً..
لأنكِ
أنتِ
المطرْ..
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> إضاءات.. على مسرح الهزيمه
إضاءات.. على مسرح الهزيمه
رقم القصيدة : 65903
-----------------------------------
(1)
هطل العارُ
وبُللّتمْ جميعاً بالهزيمة!
لم يعد للحبِ
أو للرعبِ
أو للموتِ.. قيمه.
قُتلَ البحرُ
وشاركتم جميعاً في الجريمه.
فارقصوا
يا أيها الأعرابُ
أمريكا
أعدَّتْ -من أياديكم- لكم، لحم الوليمه...
(2)
ومن بغداد للقدسِ
مخازيكم على رأسي..
أيا أعراب
يا كفراً يهدُّ الله في النَفْسِ..
ويا عُلباً من الأحقادِ
والأفيونِ
والجنسِ..
لقد مرَّتْ طيور الله
نحو بهائها الأقصى
وكم مُرٌّ
بأنْ يستقبل الشهداء جنَّتهمْ
بلا عرسِ..
وكم مُرٌّ
بأن نمضي بلا صوتٍ
ونصبحَ
-إذ يموت الرفضُ-
ملياراً.. من الخُرسِ!..
(3)
كُشف السترُ
ونمنا في العسلْ..
والتقى الأحباب في بيروتَ
بيروت الأملْ
قُبَلٌ حرَّى..
خطاباتٌ..
وعشرون بطلْ
قررّوا:
... أنْ يخجلوا
أجمل الأشياء في الغيدِ...
..... الخجل!!!......
(4)
وحدهم
أهل فلسطين استقلّوا
حيثما كانوا.. وحلّوا
هم يموتونَ
كما شاؤوا
ونحنُ
العمرُ في أعماقنا
سجنٌ وذلٌّ..
نحن أسراهم
وهم فصلٌ من الأسرارِ
زيتونٌ
تباركنا به..
وهمو أجلُّ..
انظروا..(63/111)
ها هم أطلّوا
"يعبرون الجسر في الصبح خفافاً
أضلعي امتدتْ لهم جسراً وطيدْ
من كهوف الشرقِ
من مستنقع الشرقِ
إلى الشرق الجديدْ".
فيغني في جدار الصبح فلُّ..
وحدهمْ
أهل فلسطين يصلّونَ
فصلّوا
للعصافير التي تحمي بقشّ العشّ
أحلام البقايا
فاستظلّوا
بالسماوات التي خيطت من الأجسادِ
أقدام الذين استشهدوا
للناس ظلُّ..
وحدهم أهل فلسطينَ
ويكفي..
كلنا جزءٌ،
وهمْ.. للكلِّ.. كلُّ..
(5)
مات العربْ!
والفارس المزعومُ
عنترةُ الخيالِ
قبيل قعقعة المدافعِ
قد هربْ..
والناطق الرسميُّ باسم ضمير أمتنا
كَذَبْ..
فلتصرخوا
إنَّ الشوارع تحت أرجلكم
تسبُّ أبا لهبْ..
غضب الغضبْ
من صمتكم
في السرِّ
"نلعن دين أمريكا"
وجهراً
سوف "ألعن دين أمريكا"
فقومي يا حلب
ولتوقدي ناراً مقدسةً
تطهّرُ عارنا
وأنا
سأجعل من دمي زيتاً
ومن جسدي..
حطبْ...
(6)
شهيداً شهيداً شهيداً
وتمضي وحيداً
تعانق وردكْ
وتجتاز بُعْدَكْ
وتكتب في صفحة النورِ
درساً جديداً
وتبقى وحيداً
لأنك أعلى من الاحتمالْ
وأطول مما تظنُّ العجائزْ
سينساكَ أهلكَ
لا بأسَ
لكنْ
سيشتاق بيتكَ خبز يديكْ
ويأتي إليكْ
على عظم جدرانه الداميه
ويسقط وَهْمُ الذرى الخاويةْ..
شهيداً شهيداً
وتمضي جميلاً إلى ما أردتَ
ونحنُ
نسوق لهم ذُلَّنَا
ونذبحُ -كي يقبلونا- الرشيدا
نهدّمُ بغدادَ
نُعصرُ نفطاً
لكي يُبدلونا بنفطٍ
قيودا...
وتبني الحكومات بيني وبيني
وبيني وبين الإله
سدودا
وتحمي الحدودا!..
شهيداً وُلدتَ
شهيداً ستبقى
ونحن نغادر سجناً قديماً
ليبني لنا "بوش"
سجناً جديداً!..
(7)
لكمُ القدسُ
ولي عار التخلّي..
لكمُ الشمسُ..
ولي عتمةُ ظلّي
لكمُ الصبحُ
ولي قهوة ذُلّي
أيها الماضون نحو الله
سرباً من حياة..
***
لم نقاسمكم دمانا
لا..
ولا رمانةَ الصيف الطويلْ
فتمترستمْ عتابا
في صبابات الجليلْ
وتدلّيتمْ
عناقيدَ غناءْ
لكمُ العرسُ
ولي يأس الفناءْ..
لم أكن في مستوى أحلامكم
لم نستطع أن ننتمي للونِ
أو للكفرِ(63/112)
أو للكبرياءْ.
سامحونا
لم نصدقْ
أنكمْ
صرتمْ
جميعاً
أنبياءْ..
(8)
دخلوا جنينْ
قهروا إرادتنا..
وعادوا سالمينْ
لم نستطع أن نزرع الشهداء
قرب بيوتهم
شجراً
يهدّدُ بالنموّْ..
نحن العدوُّ..
بالصمتِ
علّمنا المقاوم أن يتوبَ
وأنه عارٍ
ومتهمٌ
وليس له أحدْ
شهداء أمتنا يتامى
يحلم القتلى بقبرٍ
يا ا ا ا ا ا ا بلدْ...
الشاحنات تهرِّبُ الشهداءَ
تدفن وردة الأحزانِ
في كُوَمِ الزباله!...
وقناة LBC تبثُّ مسلسل الزعران
"روزانا الغزاله"
والشارع العربيُّ مبتدعٌ
وبدعته ضلاله..
وأمية اعتزلت عروبتها
وقدَّمَ طارق بن زياد مليون استقاله..
ومثقفّونا.. تائهونَ
يمارسون الشعرَ
والتبغ المهرَّبَ
والبطاله...
وضمير أمتنا
وأمتنا
ونحنُ
وحربُ أمريكا على الإرهابِ
والإرهابُ
والدنيا
..... حُثاله!......
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> زمن أم عمرو
زمن أم عمرو
رقم القصيدة : 65904
-----------------------------------
تمهّلْ.. كلُّ ذي روحٍ أسيرُ
وهذا الكون معتقلٌ صغيرُ
نجوع به ونعرى دون ذنبٍ
ويلبس كذبة الذهب الأميرُ
تدور بنا كواكبنا وتجري
بلا شأنٍ، ونحن بها ندورُ
نظنُّ الأرض ممكنةً فنسعى
يضلّلنا بها أملٌ ضريرُ
نسوق العمر يرعى عشب حُلْمٍ
فترعى عشبة العمر القبورُ
وإني إذ أرى ميلاد طفلٍ
أرى في عمقه موتاً يزورُ
وبين الصرختين أرى شقيّاً
تقلّبهُ كما تقضي الأمورُ
تطوف به الوجوه، فيرتديها
وبعد الواحد الأرقام زورُ
تمكِّنُهُ فيظلم ، ثم تكبو
فيُظلمُ.. وهو في الحالين جُورُ
فسحقاً لي أسبُّ الشرَّ فرداً
ولو ملكت يدي.. فأنا شرورُ
وليس الظلم شخصاً أو خلاقاً
ولكن كلُّ مقتدرٍ يجورُ
هي الأسباب مالكها غنيُّ
إنْ اختلفتْ، وفاقدها فقيرُ
هي الدنيا لناظرها ستبدو
كسنبلتين.. قمحٌ أو شعيرُ
وإذ تربو غلال الحقد فينا
حقول الحب موئلها تبورُ
بعكس الريح قد دارتْ رحانا
وياليت الهوى فينا يدورُ
هناك على مشارف أم عمروٍ
لنا في واحة الذكرى حضورُ(63/113)
على سور الفرزدق ياسمينٌ
تدلى من روائحه جريرُ
وفي ليل الملوّح شعر ليلى
يرفُّ، ولا يحطُّ ولا يطيرُ
وفاطمُ وامرؤ القيس استهيما
فلم ينزلْ.. ولا عُقر البعيرُ
ونهر الحب دجلة كان حقلاً
نهود الفاتنات به زهورُ
فهل أخذوا جميع الحب حتى
غدونا لا يحرّكنا شعورُ
لعمري ما الفروع بمورقاتٍ
ولا تغني عن الفرع الجذورُ
"لقد ذهب الزمان بأم عمروٍ"
وسوف يعود إن عاد الضميرُ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> كلاّ
كلاّ
رقم القصيدة : 65905
-----------------------------------
كان يدنو.. لقد دنا، فتدلى
قاب قوسين صار، ثم تولى
قلت: يا أيها الغريب تقدّمْ
طال خوفي وآنَ أن تتجلّى
لستُ أخشى، ولن أُفاجأ مهما
كنتَ مرَّاً، فما ظننتك أحلى
قد حزمنا حقيبة العمر لما
كلُّ شيءٍ عن كلِّ شيءٍ تخلّى
وانتعلنا وجوهنا في المنافي
حافيَ الوجه كان من ليس نعلا
واعترفنا بذنبنا .. كان كفراً
أن نعلِّي على الطحالب نخلا!
لم نكن ـ آسفون يا رب ـ ندري
أنَّ لحماً يصير في القبر رملا
تُدخل النار من تشاء، وتعفو
إنما نحن بالجحيمين أولى
نحن عبءٌ على الحياة.. وندري
نحن لاشيء ، نحن أفٍّ وكلا
نحن سكان خوفنا، ما خرجنا
ظلَّ طفلاً، وطفلنا صار كهلا
بالإدانات لا يُردُّ غزاةٌ
ومتى صارت الهتافات خيلا؟!
هكذا أصبح الرغيف إلهاً
مؤمنٌ كلُّ من على الخبز صلّى
يقطر الذل من سماء قرانا
تشرب الأرض... ثم تنبت ذُلاّ
ينحني واحدٌ ليصبح قوساً
ولقد فاز من سيصبح نبلا
كافرٌ من يقول إنّا بخيرٍ
أيّ خير ونحن نشرب وحلا
تنكر المرأة البغاء ولكن
ليس بالوسع أن تكذّب حملا
ليس في الغيب للمسائل حلٌّ
إنما الحلُّ.. أن نُفجّر حلاّ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> أم ـ أرض
أم ـ أرض
رقم القصيدة : 65906
-----------------------------------
ذكريني بوجه أمٍّ لأشقى
أو لأبقى كما البكاء شريدا
زنّرتهُ بقلبها.. ثم قالتْ:
متْ.. لتبقى بقلب أمك عيدا
أي حبيبي وأنت جرحي وفَرْحي(63/114)
خذ حليبي الذي رضعت وقودا
وتفجّرْ.. وخلِّ عينيكَ تبرى
كي أقدمهما لأرضي شهودا
يا حبيبي وأنت ضوء عيوني
قد وهبتُ العراق عينيكَ سودا
فاقبلي يا عراق مني حبيبي
واعذريني.. فما بلغتكِ جودا
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> المعري فلسطينياً *
المعري فلسطينياً *
رقم القصيدة : 65907
-----------------------------------
أعادك.. والزمان كذا يعيدُ
لعهد صباً، فقام دمٌ جديدُ
وخلتَ الشوق يُغذي فيك وقداً
ويلمع في ضنى عينيك عيدُ
فأرجعك الخراب إلى سرابٍ
ومات على ذبول يديك عودُ
ومرَّتْ في سمائك ذكرياتٌ
تَساقَطُ من مرارتهنَّ غيدُ
لبستَ على خُطاك الشوك يأساً
فعاشتْ في ظلال خُطاك بيدُ
وعدتَ إليك منكسراً كضوءٍ
فما إلاك يدرك ما تريدْ
***
تحب الله والدنيا، ولكنْ
بدين يزيد مثلك لا يزيدُ
همو سُقفوا بأحلامٍ قصارٍ
وشاطئ حلمك البحر المديدُ
كذا الفئران تقبع في جحورٍ
ويغتصب المدى صقرٌ عنيدُ
ويذعن للسلامة قلب نذلٍ
ويصمد للوغى قلبٌ شهيدُ
يمدُّ يديه مئذنةً.. ويمضي
إلى سقف السماء، ولا يعودُ
يُشيِّدُ من شظايا اللحم فصلاً
من الأمجاد.. تحرسه الورودُ
يقبِّلُ خدَّ أمته ثلاثاً
فتفشي سرَّ عاشقها الخدودُ
يقدِّسُ عهده، ونخون عهداً
وعند الله تُستوفى العهودُ
سيهزمنا بيوم الحشر طفلٌ
له منّا على دمه شهودُ
إداناتٌ وشجبٌ وانبطاحٌ
وذلٌّ يستحي منه العبيدُ
قعدنا عن مناجزة المنايا
وما بلغ العُلى قلبٌ قعيدُ
أأصحاب السعادة لا عُمانٌ
ستسعدكم، ولا اليمن السعيدُ
إذا صرختْ بأقصى القدس أمٌّ
يُشقُّ البحر، والدنيا تميدُ
وتبيضُّ العيون أسىً وقهراً
وتبكي صخرةٌ، ويئنُّ عودُ
ويزجي خيل نخوته هشامٌ
ويخرج من ترائبه الرشيدُ
ويتلو المسجد النبويُّ آياً
فتنبت من مآذنه أسودُ
أأصحاب السعادة لا سعدتم
متى تُرخى عن الناس القيودُ؟
أيشرب سائحٌ من ماء عكا
ويشرب قهر صاحبه الوريدُ
تآلفَ بغيهمْ.. فاشتدَّ عوداً
وواحدنا.. تقسِّمهُ الحدودُ(63/115)
لنا مليون جنديٍّ وجيشٍ
ولكن يا ترى لمن الجنودُ؟!
صبيٌّ يحمل المقلاع إسماً
يساوي ألف مليونٍ.. وزيدوا!
فلسطيني، وأمك أمُّ صبرٍ
ورفضكَ موتكَ الأمل الوحيدُ
تضيق بك البلاد، وأنت طيرٌ
وتتّسعَ الزنازن واللحودُ
وترسلك السجون إلى شجونٍ
وأنت كتاب نَفْيِكَ.. والبريدُ
وأنت الأرض.. والمنفى.. وشيءٌ
لشدة قربه منّا.. بعيدُ
ويا شيخ النضال وأنت طفلٌ
مريدوك البطولة والصمودُ
تقومُ.. فينهض التاريخ شمساً
وتصعدُ.. فوق ما يدري الصعودُ
ويا سرَّاً يطير إلى مداهُ
كما الدعوات.. منزلكَ الخلودُ
ونصر الله آتٍ دون شكٍّ
وأنت لنصركَ الآتي نشيدُ
----------
نيسان 2002
-------------------------
* ألقيت في مهرجان المعري الثقافي السادس 2002
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> أراك تبصر يومي *
أراك تبصر يومي *
رقم القصيدة : 65908
-----------------------------------
في الروح تسقط جمره
تفيق في القلب عَبره
وفي العيون بكاءٌ
وفي البكاء مسرَّه
وفي الرصاص حياةٌ
وشكل موتي كزهره
وفي الخطى طعم أهلي
وصدر أمي مجرَّه
وما القصور سوى أنْ
نُشِيْدَ للحب قصرَه
على رصيفٍ فقيرٍ
بوسعنا أن نَمُرَّه
***
عذرتُ قلبك لمّا
أناخ حزناً وحسره
على نهارٍ سينسى
بضفة الليل فجره
على سفينٍ توارى
ومبحرٍ خان بحره
على ذليلٍ يروِّي
بآسنِ الذلّ صبرَه
على مليكٍ عظيمٍ
يبيع شعباً بتمرَه
***
أبا العلاء قُتلنا
بجهلنا ألف مرَّه
مثقفٌ في المقاهي
يدير "بالبيش" ثوره
يريد سلماً وحرباً
وبرلماناً.. ودوره
وكلُّ فكرٍ عميلٌ
إذا تجاوز فكرَه
هو الحلول جميعاً
كأنه الحقُّ جهره
وبعد كأسٍ وبأسٍ
يبيع بصرى وبصره
جواد فكرك أغفى
وألهب السوط ظهره
فأصبح العشب حَوْراً
وأصبح الصفر عشره
وألبس الخير شرَّاً
وعتَّق الشرُّ شرَّه
والمشهد الآن حقاً
حوار قطٍّ وفأره
***
أسيّد الشعر خذني
بفيض شعرك شطره
لأن نورك قدسٌ
يمَّمتُ وجهيَ شطره
لأن شكَّكَ دينٌ
أخذتُ عنك المبرَّه
لأن طينك أعلى(63/116)
لأن ماءك خمره
أخذتُ في الخلق طيني
من طين أعمى المعرّه
أراك تبصر يومي
أراك تهتكُ سِتره
ونحن أعمى وأعمى
يجرُّ فعلاً بكسره
تقودني نحو حتفي
هزائمٌ مستمرّه
فكلَّ يومٍ شهيدٌ
ونحن نحفر قبرَه
وكلُّ يومٍ رصاصٌ
وذاك يفتح صدره
وكلَّ يومٍ سجونٌ
لمن سينفث قهره
ومخبرٌ وكلابٌ
تشمُّ في السرِّ سرَّه
ومن يقول لماذا
في الليل يخسر عُمرَه
وها أقول لماذا
يموت في القدس دُرَّه
وفاس ليست تناد ي
ومصرنا مستقره
أليس فينا ضميرٌ
يفيق في العمر مرَّه
"يا ناس يا هوه" صرنا
للناس في الأرض عبره
فلن تفيد صلاةٌ
ولا زكاةٌ وعُمره
إذا الخيول تراختْ
عن ردّ قُبة صخره
سأكسر الصمت وحدي
"وأول الغيث قطره"
ولستُ أرجو اعتذاراً
وخلِّ للنذل عذره
لو كان فينا نبيٌّ
والله أعلن كُفره
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> أيها الجاهلون.. سلاماً
أيها الجاهلون.. سلاماً
رقم القصيدة : 65909
-----------------------------------
صار حلماً بأنْ نموت كراماً
واطردينا من الضياء.. فإنّا
كالخفافيش نستحقُّ الظلاما
مذ ضربنا على العقول حصاراً
قوَّمَ الجهل عودنا.. فاستقاما
نمضغ المجد ثم نبصق لحماً
كلنا في الحساب صرنا يتامى
مغرب الأرض كان يسرى هشامٍ
إنْ طواها ترَ السيوف قياما
شاهراتٌ ضياءهنَّ نفوسٌ
فتنة الصبح أرهقتهم غراما
يعبرون الجراح في ثوب غيمٍ
كي يحطوا على الجراح غماما
أيقظوا الكبرياء فامتدَّ رمحاً
ثم جئناه نائمين.. فناما
***
أمطر الشرق نرجساً من عيونٍ
لم يزل عشقها يجبُّ الحراما
ثائراً كان في الهوى عامريُّ
يصرع الخوف إذ يهزُّ الهياما
حرةً كانت الإرادات تمضي
باتجاهاتها، ترود المراما
بالخلاف النبيل شادوا عقولاً
ففهمنا الخلاف عنهم خصاما
وفهمنا السلام شوكاً وخبزاً
لم نُخيَّرْ.. وخيَّرونا السلاما
أصبح السيف راقصاً ذات عرسٍ
وخيول الوليد صارت حماما
والجيوش التي استراحت طويلاً
قيّدوها، وقلّدوها وساما
أغلق البيت بابه، وانتشرنا(63/117)
من جلود الحنين نبني خياماً
هكذا أصبح الرصيف بلاداً
ورغيف الهوان صار طعاما
يشرب الدمع في المنافي غريبٌ
وهنا أمه تصيد المناما
غصةٌ تحرق القلوب ونارٌ
بعد حينٍ ستحرق الأجساما
وُظِّفَ العلم نادلاً في المقاهي
والشريف الرضيُّ أضحى غلاما
لن أبوس اليد التي قتلتني
فاقتلوني بعزّتي.. لن أُلاما
واطرحوني على ضفاف انتمائي
سوف أنمو.. ولو سأنمو كلاما
سوف أبقى، وسوف أحيا جميلاً
أيها الجاهلون قولي.. سلاما
من يحبُّ الشآم يعرف أنَّا
سوف نبقى لكي نحبَّ الشآما
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> الخزيُ للشعراء
الخزيُ للشعراء
رقم القصيدة : 65910
-----------------------------------
من لي وأرباب العروش لئامُ
وصقورنا -إنْ صُرِّفَتْ- فحمامُ
من لي، وشعب الله مفعولٌ به
يقتاده نحو الوراء أمامُ
أهلي يبيعون البلاد.. وحفلة البيع
الرخيص على الدماء تُقامُ
عربٌ، ولا شيءٌ يوحِّدُ بينهم
إلا بأنهمو جميعاً ناموا
عربٌ وإسلامٌ، وأقسم أنه
لم يبقَ لا عربٌ ولا إسلامُ
***
باسم المحبة يقتلون شعوبهم
وعلى المحبة يلتقي الحكَّامُ
في قمةٍ للذلِّ.. تعلن موتهم
أو يعلنون بأنهم أيتامُ
بوشٌ يقرِّرُ للشعوب مصيرها
وعلى القرار توقّعُ الأغنامُ
فهمو عبيدٌ حرةٌ أسيادهم
والشعب للعبد الخصيِّ غلامُ
***
من للذين استُضعفوا واستُعبدوا
هل فيك يا أرض الكرام كرامُ؟
نتفاً توزعنا الخطوب، وكلنا
لعدوّ إخوته يدٌ وحسامُ
أين الأمانة، أين آل محمدٍ
أتعود بعد محمدَ الأصنامُ؟!
" يا ذاهبين إلى الحجاز تبرّكاً
الحج في أرض الحجاز حرامُ!"
الحجُ قدسٌ، والعراق شهادةٌ
والموت كرمى عينهنَّ إمامُ
ودمُ الفلسطينيِّ أطهر زمزمٍ
ودم العراق على الخصور حزامُ
فجِّرْ سماء الزيف واهطل أمةً
من كبريائكَ تبنت الأحلامُ
يا صوت بابل يا مآذن غزةٍ
يا خدَّ عاصمةٍ عليه ننامُ
يا برتقاليَّ الحياة، قطفتها
بيديك.. لا نقصٌ ولا إتمامُ
عرس الشهادة كنتَ أنت أميره
والشاهدان أميةٌ وهشامُ(63/118)
بغداد ما خطب الحلول تخاذلتْ
فجميع مقترحاتنا استسلامُ
وضيوف ذلّ المتخمين بنفطهم
ضربوا على أبوابنا وأقاموا
فلتصرخوا يا شبه أمة يعربٍ
هذا زمانٌ ينفع الإقدامُ
والموت -إن لا بدَّ منه- فإنه
بردٌ على أكبادنا وسلامُ
ماذا الحياة إذا أُذلَّ كرامها
وتسامقت فوق السما الأقزامُ
وأُدينَ مقتول وبُرِّءَ قاتلٌ
وسطا على عشّ الذئاب يمامُ!
لغة الرصاص الآن أصدق لهجةٍ
فاكتب برمحكَ: تسقط الأقلام
الخزيُ للشعراء حين رسالة
الأطفال: أنَّ جسومهم ألغامُ
وأظافر الشهداء تهتك ليلنا
فهمُ الضياء لنا، ونحن ظلامُ
وهم الحقيقة.. أبجديتهم دمٌ
وقصائدي مهما علتْ، فكلامُ
شعراء العراق والشام >> ياسر الأطرش >> المعري دمشقياً([1])
المعري دمشقياً([1])
رقم القصيدة : 65911
-----------------------------------
المعري دمشقياً([1])
وقفتَ..
ولا تزال..
ولا تزولُ!
صعودٌ أنت
ليس له نزولُ!
وُلدتَ
وما وُلدتَ كأيِّ شيءٍ
فمن إلاك مولده هطولُ؟!
صعدتَ.. فغمتَ..
حتى صرتَ سقفاً
إذا كدنا نلامسهُ..
يطولُ!
كأنك في كتاب الدهر عامٌ
وكل الآخرين.. به فصولُ
وقد صنعوا رجالاً ذات مجدٍ
وقد كانت لهم خيلٌ تصولُ
وأنت، وما جنيتَ على وليدٍ
خلدتَ أباً.. سلالته عقولُ
***
فيا رجلاً يحاول وهو مَيْتٌ
لنا عمرٌ يموت.. ولا يقولُ
نعضُّ على مواجعنا بصمتٍ
ونزعم أنه صبرٌ جميلٌ
نُذلُّ، ونرتدي ثوباً كريماً
ليسترنا، فيفضحه الذليلُ
ندور إذا الدوائر غالباتٌ
وإن هُزم المربع.. نستطيلُ!
هربنا من تراكمنا.. فصارت
بيوت الذات يسكنها البديلُ
لنا عُمَرٌ، وما عُمَرٌ لدينا
وماذا ينفع العُمَرُ القتيلُ؟
بهاء الفاتحين لهم، وشمسٌ
لهم تعلو، وليس لنا فتيلُ
لهم عسل الولادة حين مرّوا
إلى ما يشتهون.. دماً يسيلُ
تضيق بهم جسوم من ترابٍ
فأقصر ما أرادوا المستحيلُ
***
رهين المحبسين أراك حرّاً
فبيتك واحةٌ، وعماك نيلُ
تجوع إليك أزمنةُ حيارى
يضلُّ بها عن الوعي السبيلُ
تمدُّ إليك كفاً من سؤالٍ(63/119)
عسى في كفك الأعلى حقولُ
فلا تنهرْ.. كثيرٌ أنت حتّى
عليك، ومنك يكفينا القليلُ
جنيتَ فلم تكن يوماً أبانا
ولم تمدد يديك، فتاهَ جيلُ
أتتركنا بلا أفقٍ وتمضي
وخلف عماك تختبئ الحلولُ
أبي.. قد مسّنا جوعٌ وخوفٌ
فأدركنا.. لقد عاد المغول
قضتْ بغداد قهراً واستراحتْ
ولم يسلم من النار الخليلُ
ولم تغرقْ بغصَّتها عُمَانٌ
ولم يُسمع بمكناسٍ صهيلُ
ولا ركب الملوك خيول عزٍّ
فلا عزٌّ هناك ولا خيولُ
ولا نهضت شعوبٌ من كراها
وما اهتزتْ ـ وإن نهضتْ ـ ذيولُ
نقاتل بالحمام، وليس يجدي
إذا نطقت بنادقهم.. هديلُ
وسيف أميةٍ ما زال بكراً
ولكنْ كفُّ حامله خجولُ
تقحّم ما خُلقتَ له، فإما
حياةٌ، أو يُقال: دمٌ نبيلُ
فموتك قد تعيش به حياةٌ
وعيشك قد يموت به النخيلُ!
***
على أعتاب باب دمشق حشرٌ
فهذا اليوم.. هادٍ أو ضليلُ
بما كسبت ستُجزى كلُّ نفسٍ
وإنَّ حساب أنفسنا ثقيلُ
سنخجل من دمشق، فإنَّ حباً
لها سقناه، ينقصه الدليلُ
فليس الأمر أن نقضي كراماً
ولكنْ أنْ يكون لنا القبولُ
فهل متنا بما يكفي لنحيا؟
ودون دمشق كلُّ دمٍ ضئيلُ
هنا امتزج الوليد بياسمينٍ
هنا اكتشف الإله.. فكان إيلُ
فغيم دمشق سقفٌ من إلهٍ
وطين دمشق.. تاريخٌ طويلُ
ووجه أبي العلاء يشعُّ فيها
كعيسى.. إذ دمشق هي البتولُ
--------
تشرين أول 2003
------------------------
([1]) ألقيت في مهرجان أبي العلاء المعري الثقافي السابع 2003.
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> نشرة الأخبار
نشرة الأخبار
رقم القصيدة : 65912
-----------------------------------
مللنا نشرة الأخبار و الأخبار ملَتنا
وصار الصُبح ينعانا لليل فيه قد متنا
وصرنا في فم الأحداث ملهاة فعاقتنا
وفي استجدائنا الأبواب لم تأبه وصدَتنا
****
وقوفا عندها نشكو ونطلب عونها تاره
لتحمينا وتنصرنا فإسرائيل غدَاره
وما يوما شكوا أنا شننَا فوقهم غاره
ولا ردَت مدافعنا على تدمير بيَاره(63/120)
ولا احترقت سماؤهمُ بحقد أجَحوا ناره
ولم نترك فدائيا على درب قد اختاره
نرصَع دربه شوكًا ويمشي طالبًا ثاره
ولو صدَت مناه الموت أطعم نارها ناره
****
وطائرة عموديَة...
أتت تختال في الأضواء ..سخريَه
ومن أرض..إلى أرض يهوديَه
تدمُر كيفما شاءت ..بحريَه
وفي أجوائنا بالخوف محميه
فوا أسفًا على الروح الفدائيَه
وتأتي من هنا وهناك برقيَه
نؤيَدكم ..وكل قلوبنا معكم
وسوف نشنَها حربا إذاعيَه
****
عجيب أمرنا كله ...
عجيب يفقد العربي إقدامه
ويمضي ناكس الهامه
يقضّي في الخيال الصرف أيامه
ولا يعنيه قيد عاق أقدامه
ولا الأعداء يقتلعون أعلامه
ليفترسوا عروبته.. وإسلامه
****
كأن الأمس لم يحمل لنا نكسه
ولا أحد يسائل - مرة- نفسه
سوى الأبواق..ملء السمع ..أخبار
وتأييد وتنديد..و إنكار
و جعجعة على الأعداء تنهار
وما في الأمر إلا العار.. والعار
****
مللناكم طواغيتا. .مللناكم
وما عدنا نصدقكم .. نبذناكم
فكم خدرتمُ إحساس قتلاكم
فويلٌ حينما يصحو ضحاياكم
يلوح سؤالهم متفجر الحرف
يشق غياهب الظلمات بالقصف
أيا أنصاف أموات من الخوف
غدا تتشقق الأكفان من عسف
غدا يصحو الذي ضيعتم عمره
ويملك - عنوةً- أمره
غدا يبيض ليل الظلم بالثوره
وتعلي "فتح"صوت الأمة الحره
****
برئنا من حديث الصلح في الأسماع أن يعلو
وممن روَجوا- جبنًا- لهذا الأمر أو دلَوا
فليس لمطلب الأحرار أن يغتاله نذل
ولا لإرادة الرحمن أن يمضي بها الأجل
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> *الفدائي*
*الفدائي*
رقم القصيدة : 65913
-----------------------------------
الفدائي نداء الله في الأفق تردد
يحمل البُشرى لمن تاهت خطاه فتشرد
شامخا كالقدر الغالب للعلياء يصعد
****
الفدائي .. ومن مثل الفدائي إذ ا صال وهدد
تسأل الأهوال عنه الليل قد جافاه مرقد
مارد جسد للعزة في البأساء مشهد
إنه الرفض، وفي جنبيه معنى الرفض يولد
فاطلقوا الوهم عليه..
فجره صنع يديه..
****(63/121)
سوف يلقى العسف روحًا تتمرد
وشهابًا يجرح الحجب .. وحلمًا يتجدد
أغلقوا الآفاق .. لن يخشى ظلام السجن فرقد
الفدائي الذى كبر للثأر ووحد
من لوجه الله والأوطان إما مات يسعد
تطلب الأقدار يمناه فيعطى الموت موعد
إنه اللعنة تنصب على من يتهود
ثائر ما هادن البغي ..ولا الذل تعود
إنه يرفض بالتسليم دعوى.. تتردد
بحديث الصلح أنغامًا لها الجو يمهد
يحمل الإسلام نبراسًا ويغشى الليل أوحد
قبس من "بدر"من"حطين" للرائي تجسد
ثائر شد على الزند سلاحًا يتوسد
يبذر الفجر فم الرشاش إن ثار وعربد
فإذا اليأس رجاءٌ والليالي تتوقد
وإذا العتمة في عينيه كابوسٌ تبدد
فاخلعوا الغار عليه
فجره صنع يديه
سوف يقوى كلما الجو تلبد
سوف يصعد..
أ وَ يخشى الليل والأنواء فرقد..؟
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> هاجرة
هاجرة
رقم القصيدة : 65914
-----------------------------------
وتصدين وما أنسى هواك
والمعاذير .. وما حاكت يداك
والمنى تلهث في قائظة
تطلب الظل و تأبى مقلتاك
ومضى يشكو.. و في مهجته
أنةٌ.. تصحو على وقع خطاك
لم يهن في قلبه صفو الهوى
كيف تنسين رعا الله صباك
ذبلت فيها المنى واجفة
حينما زمت- جفاء- شفتاك
وهما ..يا لهما أنضجتا
روح غّريد شدا الكون هواك
ومشت في صدره أخيلة
تشتهي- لو مرة - تسخو يداك
أنت دنياي وإن ضيعتني
كيف أشكو لك أم فيك جفاك؟
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> أحبك
أحبك
رقم القصيدة : 65915
-----------------------------------
أحبك لو أنصف العاذلون
لكنت بدنياي أحلى نغم
أحبك لو تنصف الكبرياء
وتصغي - ولو مرة -للقسم
أحبك أقسم بالمقلتين
تجلى بأعماقهن الألم
كنبعين يختزنان الأنين
يراوح صفوهما المبتسم
بثغر ترف عليه الأماني
ظماء فيصرعها في شمم
أحبك ..لفظ يذيب الشفاه
إذا فوق بسمتهن ارتسم
أحبك لو جمح الملهمون
لصوّرك الوهم وحيا لهم
أحبك يكفيك أن قلت عمري
تعلق ما بين لا ..أو نعم(63/122)
أحبك لو جسدَتها الحروف
لتاه الزمان يراعًا .. وفم
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> أحلام العيون
أحلام العيون
رقم القصيدة : 65916
-----------------------------------
بعينيك أحلامٌ فلا تتكلمي
وخلي الهوى ينساب شعرا على فمي
أحبك ما لا يقدر الوصف وصفه
وفي الحب - لو تدرين -راحة مغرم
(رفيقة) لا تستعجلي البين فالمنى
إليك تمد الشوق حتى تسلمي
لقد عشقت فيك العيون التي بها
أحاديث لا تبدو لغير المتيم
وقدًّا كأنسام الربيع طراوةً
يدغدغ عشاقًا بخطو منغم
وثغرًا يناديني لإرواء غلة
بذوب رحيق لاح في عمر صائم
فإنك إذ تحيين في قلب شاعر
تعيشين أحلامًا بآفاق ملهم
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> ضاعت حقيبتها
ضاعت حقيبتها
رقم القصيدة : 65917
-----------------------------------
عودي إليها يا حقيبتها
كي تقشعي عنها كآبتها
(فرفيقة) صارت مسهدة
أو لست في سفر رفيقتها ؟
ردي إليها بسمة علقت
بشفاهنا تحكى مودتها
فلقد تكدر عيشها وبدت
نار الهموم تذيب نظرتها
لو ترتضين بدائلاً لسعت
كل النفوس تجيب رغبتها
لكن فيك هوى تقدسه
كم هدأت نجواه ثورتها
صحبته في سفر ليؤنسها
إن زارت الأحزان وحدتها
وأتت وفي أعماقها صور
إما غفت سكنت مخدتها
وإذا ضياعك هيج الذكرى
ويزيد طولُ الليل قسوتها
لله أحلامٌ منعمةٌ
جهد الطريق أضاع بسمتها
لو قد أتيت الآن سابحةً
بعد الغياب لكنت منيتها
وإذن لصغنا عنك رائعة
لم تسمع الدنيا شبيهتها
ستحلقين بها مجنحةً
عودي- بربك - يا حقيبتها
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> تحية أدباء المغرب العربي
تحية أدباء المغرب العربي
رقم القصيدة : 65918
-----------------------------------
يا أشقاءنا حللتم على الرحب
وأنى جئتم ستلقون عيدا
أقبلَت في ركابكم فرق الطير
تغني ربيعها الموعودا
وأتى الشعب .. ملء كفيه ترحيب
يحيي باسم البلاد الوفودا
ناثرًا من شعوره أرج الحب
وفوق الدروب يلقي الورودا(63/123)
يا أشقاءنا على دول المغرب
أن تستعيد مجدًا تليدا
نحن أبناء طارق و زهير
من خدمنا الإسلام عمرًا مديدا
ورفعنا لواءه شامخ الرأس
بأفريقيا وسرنا جنودا
وعبرنا المحيط للجنة الخضراء
نحمي دينًا ، ونرعى حدودا
و أقمنا مجدًا يتيه على الدهر
أنار الدنيا وأحيى الرقودا
إن تكن جولة نفدي بها القدس
فأحرى ألا نضيع الجهودا
ففلسطين لم تعد تطلب العون
دموعا مسفوحة أو قصيدا
ذاك نهج أذلها منذ عشرين
وأبقى في معصميها القيودا
وصمة تلك أن نرى ذلة القدس
ومسرى الرسول يشكو اليهودا
و إذاعاتنا تقيم لنا الدنيا
و نُقعي جبنا ، ونعلي نشيدا
ليس أجدى من أن ندعم فتحا
من تبدت في الأفق فجرا وليدا
حركت همةَ الفداء وأذكت
بالدم الحر في النفوس الصمودا
ومشت ترسم الطريق على النصر
جهاًدا حقًا ينيل الخلودا
فسعى الكل خلفها عاقد العزم
قيا بارك الإله الجهودا
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> سارقة الورد
سارقة الورد
رقم القصيدة : 65919
-----------------------------------
خبأتها فأبت عليك
وتفتحت في وجنتيك
تلك الورود وحسبها
أن صار مرفؤها يديك
رحلت مع الأحلام يغريها
الهوى في ناظريك
فضممتها .. وحبتك أغنية
تدغدغ مسمعيك
وتجيل في خديك في
شفتيك ما أهدت إليك
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> يا حلو
يا حلو
رقم القصيدة : 65920
-----------------------------------
يا حلوُ هذا الصدَّ من علمك
إني إلى عينيكَ أشكو فمك
أرهقت هذا القلب في حبه
وهو الذي يا طالما حن لك
تصغي له الدنيا وما حلمه
إلا بأن تعطي الهوى مسمعك
أقسمت بالفيروز في مقلة
ما رامها مشتاق إلا هلك
لو ساءلت قلبي الدنا منيةً
لكنتَ للأحلام أحلى فلك
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> بدلة الجامعة
بدلة الجامعة
رقم القصيدة : 65921
-----------------------------------
( أحبك يا بدلة الجامعه
و أعشق أزرارك اللامعه )
وأهواك إما تبدى الدلال
ليعصف باللفتة البارعه(63/124)
ويدمي القلوب على دربه
وإن سجدت للهوى خاشعه
وحين تلوحين مختالة
تدغدغك المقل الوالعه
فما زال عنك حديث يلذ
وما زلت أنشودة ذائعه
فكل يهدهد آماله
بحبك يا بدلة الجامعه
فيا ليت لي منك حظ القبول
إذا ما مررت بنا طالعه
فإنك إذ تحتوين الحبيب
تضمين آمالي الواسعه
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> سُجُوّ الغروب
سُجُوّ الغروب
رقم القصيدة : 65922
-----------------------------------
لله ما أحلى سجو الغروبْ
إن لاح في الأفق القريب القريبْ
يضفي على الأجواء من روحه
نورًا يشيع الأمن بين القلوب
ويرسل الأنسام من خدره
سكرى نوافينا بعطر حبيب
أحبه رغم الذي قلته
عنه.. وما لا حظتَه من شحوب
أمّا الذي قد طار عن عشه
فعن قريب يا رفيقي يؤوب
فإلفه في صمته قابعٌ
يكاد من حزن عليه يذوب
يرنو بعيني طامح للسهى
وقد تنامى في الحنايا شبوب
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> بنغازي
بنغازي
رقم القصيدة : 65923
-----------------------------------
هواك الذي لم تسعه العيونْ
وحبك ناء به العاشقونْ
أيا قطعةً من جنان السماء
سقتها الهوى، وحبتها الفتون
أحبك ما رف بين الضلوع
حنينٌ لماضيك يحني الجبين
فأنت الجمال ، ومنك الإباء
وحولك قد درَج الخالدون
وأرضك تاريخها في الكفاح
ملاحم سطرها الظافرون
نسيجًا من البذل و المكرمات
ومجدًا يتيه على العالمين
بني غازي يا لك من غادة
تحدت على الدهر ظلم السنين
تنام تهدهدها الموحيات
وتسري بأحلامها في سكون
وتصحو فيحضنها البحر شوقًا
وفي موجه لحن حب دفين
ويسري لآفاقها البدر حتى
يمني هواه بقلب حنون
وعطر تعلق في نسمة
سرت في الفويهات بالياسمين
فقل للتي بادلتني الحديث
رقيقًا كترنيم طير حزين
رويدك يا حلوتي فالقلوب
لكم خفقها رغم ما تنكرين
وكم كابدت من عتاب الصحاب
وقد هجرت فيكم الأقربين
ولكنني لست أنسى البلاد
فحبي لها فوق ما تعلمين
فلا تجرحي شاعرًا في هواه
لكي لا يريك الذي تنكرين(63/125)
وإن كان سَوّاك يا من أحب
بأرض نمته فعز مكين
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> عتاب
عتاب
رقم القصيدة : 65924
-----------------------------------
دعوْنا لتبلغ اعلى الرتبْ
فماذا صنعت بنا يا رجبْ
أتدعى إلى حفلة للغداء
وتأبى.. لعمرك هذا عجب
فأين ترى العدل يا من وهبت
حياتك للعدل حتى أقترب
سألنا .. فمن قائل قد تسامى
وآخر.. من غصة - لم يجب
ونفس تحدث أن الوزير
ترفّع عن صحبه واحتجب
ونفسي تباعد هذي الظنون
وتأبى انقطاع رفاق الأدب
وإني لأرضى ( لمعتوق) حكما
و( دغمان) أو (نجم) أو من تحب
و إلا فغاليك خير القضاة
إذا الرأس عربد فيها الطرب
وأحسب أنك لن تستريح
لقاض يحقق.. غير ( العكب)
ولو بيدي لرفعت الحديث
إليه .. ولو كنت أنت السبب
ففي حكمه راحة للنفوس
تزيح الهموم، تذيب النصب
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> أقفر الساح
أقفر الساح
رقم القصيدة : 65925
-----------------------------------
أقفز الساح واستطال الرياء
ومشى اليأس صامتا والفناء
لا تقولوا أذلنا العسف والقهر
ولم تُجد حيلةٌ أو دعاء
إن رضيتم ذلاًّ فيا رُبّ يوم
سوف نشكو ولا تجيب السماء
فالمروءات أن نموت وقوفًا
وعلينا - من عزة - سيماء
لم تَنوّر لولا الضحايا دروبٌ
جثم الليل فوقها و الشقاء
غصةٌ في الحلوق أن يصمت الحق
ويعلو التهريج .. و الالتواء
ويدير الأمورَ في حلبة الرقص
مسوخٌ في فنهم ..أدعياء
أين هذا الشعب الذي ثار بالأمس
أحقا قد مات فيه الإباء ؟
قدّم النصف أو يزيد ليرتاح
فلا منةٌ.. ولا أوصياء
وهو من شقّ للإباء طريقًا
فعجيبٌ أن تذعن الكبرياء
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> مداعبة صديق
مداعبة صديق
رقم القصيدة : 65926
-----------------------------------
يا قاسي القلب ماذا كنت تنتظر
لما تغولت لا تبقى ولا تذر
أطبقت في قسوة تلهو بناعمة
لم تدر غير الهوى إن ضمّه السحر
روّعتها .. لا رعاك الله ممتحنًا(63/126)
في راحتيه استوى الصبار و الزهر
أرهقت روحًا بنفسي لو أهدهدها
وأدمعًا من نجيع القلب تعتصر
وقد عجبت لقلب لا يرق لها
وهي التي لو حكت أصغى لها الحجر
فكيف ترجو سكوتي عن أذيتها
يأيها الفيلسوف الظالم البطر
وكيف لا أتصدى وهي ملهمتي
أرقَّ شعري ، ومنها السمع والبصر ؟
لو كنتُ يوم هوت من فرط رقتها
مفزوعةً .. هدّها الإعياء والسهر
وحفنة من كلام سمه جدلاً
لا نفع فيه.. ولكن كله ضرر
إذن أتتك قوافي الشعر ناسفةً
ما تدعون فلا عين ولا اثر
إن تعتذر فهو أجدى من مقارعتي
وفي اعتذارك إن قدمته نظر
إلا إذا شفعت تلك العيون لكم
وجاء معتذرا- في موكب - (عمر)
إني أحذره من مثل فعلتكم
وعندها لن يراني عنه أصطبر
علم الكلام الذي رُعتَ الحبيب به
لغوٌ .. وهل تستوي الأنغام و الهذر؟
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> الجلاء
الجلاء
رقم القصيدة : 65927
-----------------------------------
مرحى فقد عز هذا اليوم و انتصرا
وعانق الشعب في أفراحه القدرا
تبلجت فيه للرائين أمنيةٌ
كانت خيالاً .. وهذا صبحها ظَهَرا
يوم الجلاء حبيبٌ عاش غربته
وحلمه الأهل ..إن ناجى وإن نظرا
تقاسمته العوادي و هي موقنةٌ
بأنه من ضنىً يذوي و إن جأرا
وأنها أحكمت من حوله سدلاً
تسد عن ناظريه الشمس والقمرا
لكنه ظل في أعماقه جلَدٌ
يقاوم اليأس و التضليل و الخورا
ويرسم الفجر للأجيال في بلد
قاد الجهاد ، وأعطى فوق ما قدرا
فمرحبًا أيها الميمون طالعه
في صبحك الشمس تهدي النصر و الظفرا
كأنها وهي تعلو الأفق من فرح
روح الضحايا تغشي دربنا زهرا
هَبَّوا من الخلد أرواحًا مباركةً
يقبّلون ثرىً يا طالما استعرا
أيامَ رام العدا إذلالنا فأبت
تلك الجباه بأن تعنو لهم كبرا
واستمسك الشعب بالقرآن معتصمًا
في وجه من خانه الإيمان فائتمرا
وكانت الروح أدنى ما يجود به
حرٌّ وأيسر ما يعطيه مفتخرا
وغاية الجود بذل الروح راضيةً
وتلك آثارنا أعظمْ بها سيرا(63/127)
يوم الجلاء وإذ نلقاك في فرح
نلقى بك العتق من غل قد انكسرا
فيوم لقياك عيدٌ لن نبدده
مواكبًا تحمل الأعلام والصورا
وهاتفين للاَشيء حناجرهم
تضيع طاقاتها في سيرهم هدرا
حيث المواويل ما تنفك هائمةً
هزوا الدفوف لها واستطربوا وترا
فانظر عزائمنا ماذا صنعن بها
تلك الليالي لكَم أغرقننا خدرا
وحلمنا أن نرى الأعياد منطلقًا
كي تصنع الغد، لا أن تحيي السمرا
نريد تحقيق غايات تقر بها
روح الذي جاد كي نحيى ومن نذرا
نريد أن يشعر الأعداء أنّ لنا
عزمًا إذا هب فر الليل وانذعرا
نريد أن تخفت الأبواق تاركةً
للحق دربًا عَلاه الزيف فاعتكرا
يوم الجلاء وفي لقياك فرحتنا
فأنت غاية من ضحّي ومن صبرا
هناك في ضفة الأردن آصرة
تشكو الونى ، وخلافٌ لاهبٌ شجرا
هب الأشقاء يستفتون قاتلهم
فأرخص الود و القربى بما بذرا
و إصبع الشر ذرّت كي تفرقهم
روحًا لحا الله من يقضي بها وطرا
هذا الخلاف نذيرٌ ليس يجهله
ذوو البصيرة إّذ يا طالما انفجرا
يصدع الجبهة المأمول وقفتها
ويشرخ الصرح والآمال والفكرا
وهي التي نضجت في الهول واتخذت
من ضفة النهر سدا يدرأ الخطر
ويجمع الشعب في الجُلَّى على هدف
قد ضاع ما بين رأي شب أو فترا
حب الزعامات قد أودى بقوتها
وصار كل على ليلى إذا سكرا
يا قومنا قد كفى الأخبار ما هدرت
فكلنا بالذي تلقيه قد كفرا
حرب عوان بها المذياع منطلقٌ
وفي الحقيقة لا نلقى لها أثرا
والشعب حيران لا يدري متى غده
فأمسه ضائع، والصبح ما ظهرا
والعيد لن يغمر الأرجاء مبتهجًا
إلا إذا انهد صرح الظلم وانحدرا
عيد الجلاء ..وأنت اليوم منطلقٌ
للمجهدين ومن قد أُرهقوا قترا
هناك دينٌ علينا أن نوفيه
إن ذا تهرب أو هذا قد اعتذرا
والعيد ما لم تعد للقدس حرمتها
يبقى كئيبًا .. سواء حل أو عبرا
فامسح بعزمك آلامًا ينوء بها
جهد الأشقاء واشمخ .. صرت مقتدرا
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> إلى فدائية
إلى فدائية
رقم القصيدة : 65928(63/128)
-----------------------------------
قالت وجال بحدقتيها
الحزن .. واحتبس البكاءْْ
وتقلص الوجه الجميل
فلا دماء.. و لا رواءْ
وتناثر الشعر المعربد
حيثما انطلق الهواءْ
أنا من أكون؟.. وهذه
الأقدار تفعل ما تشاء
أ أسيرة تلقى الحياة
ولا معين ولا رجاء
قوْمي .. ومن قوْمي سوى
الأشلاء ينثرها الفناء
وزنود إخواني يكبلها
المعوق .. والعياء
والأرض والشرف الرفيع
جميعها صارت طلاءْ
يتمرغ الدخلاء في
بيتي ويؤويني الخلاء
وقنابل النابلم تقصف
في المدائن كالقضاء
ونصيح كالجرذان
مذعورين يا رب السماء
ادفع عن الضعفاء
والأنضاء أسباب البلاء
ونظل نحلم بالثواب
وبالحياة بلا عناء
ونظل نحلم أن تباركنا
السما.. يا للغباء
حقا بأن الله يملك
أن يقرر ما يشاء
لكنه لا يمنح الجبناء
أسباب البقاء
فالمؤمن الأقوى أحب
لربه يوم اللقاء
من ذلك الرعديد
لا عزمٌ لديه ولا مضاء
والشعب مزقه التآمر
والصياح والادعاء
وزعيق أبواق الدعاية
سممت صافي الهواء
فاليوم أخبار الصباح
تجيل في النفس العزاء
وغدا بأسطر نشرة
الأخبار ينتعش المساء
ومن الصباح إلى المسا
ومن الصياح إلى البكاء
شحبت وجوه الصامدين
المجهدين من العناء
كفر الذين تحركوا
يومًا ليندفع الفداء
فلتسمعي يا حلوة
النبرات أصوات الوفاء
وضنينةٌ فيما يراوح
مسمعيك بلا انتهاء
المرجفون يساومون
على الفداء بلا حياء
ومهرجون تقيؤوا المدح
الكذوب لمن أفاء
إن جاء يسبقه الثنا
أو عاد شيعه الدعاء
وجباههم من طول ما
سجدت تهيم بالانحناء
تهوي بهم كفٌّ مهددةٌ
ويركلهم حذاء
وشعارهم لا عرف
لا أخلاق إلا ما يشاء
فهو الذي يهب الحياة،
ويمنح الأرض النماء
ويقسم الأرزاق والأعمار
بينهمُ سواء
والله مما يدّعون
وينسبون له براء
وتذكري خوفي عليك
تذكري هذا النداء
ما يمحق اسرائيل
ليس هو التفجع والبكاء
ليس البلاغة في الحديث
وليس في لعق الحذاء
بل ثورة الفقراء
فالفقراء هم درع السماء(63/129)
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> تحية ليبيا لبغداد
تحية ليبيا لبغداد
رقم القصيدة : 65929
-----------------------------------
أهاج الشوق ذكراهُ
فطار إليك يلقاهُ
وجاءت تسبح الآمال
شوقًا في حناياه
تحن لموعد اللقيا
ففي بغداد نجواه
وحول مروجها الغنّاء
قد طافت تحاياه
فحيى الله يا بغداد
صبحًا فيك نلقاه
دعوت فطافت البشرى
على درب عشقناه
وجئنا والمنى نسعى
يباركْ سعيك الله
و حمَّلَنا الأشمّ الأخضر
الزاهي تحاياه
ففي أعماقه شوقٌ
على الأيام يرعاه
تململ في جوانبه
وهذا البوح عزّاه
ويا بغداد لم نقرئك
إلا ما حفظناه
أخي ما زال يذكرها
رياضًا كن مأواه
وعاطفةً أفضت بها
أزالت عنه شجواه
وصدت عنه ظلم اليأس
حين اليأس غشاه
يظل إذا يحدثنا
تكاد تفيض عيناه
عن الأحباب صوب الكرخ
لا ينسون ذكراه
وعند الجسر أو بالباب
عمرٌ .. كيف ينساه ؟
ويومًا جاء مهمومًا
تجهّمَ وجه دنياه
وسدت دونه الأبواب
حتى كل مسعاه
نهضت إليه باسمةً
يشد بنوك يمناه
فإنك واحة المُضنى
الذي كلت مطاياه
ويا بغداد والأحلاف
تهدم ما بنيناه
ومرتاب بجوف الليل
طول الحقد أعماه
تمادوا في مذلتنا
و نحن نرد أوّاه
و طال الليل حتى مجّ
هذا القلب بلواه
أ يجمل أن نرى وطناً
يعيق الخُلف مسعاه؟
و نحن نضاجع الأحلام
في عمر خسرناه
و نَشرق في حديث الحق
إن يوماً تلوناه
و يسلبنا ضمائرَنا
رفاه العيش و الجاه
فمن يتنكب الأخطار
هذا الحالَ يأباه
يظل لفجره يسعى
و لا تلتذ أذناه
بغير تناغم الرشاش
منتقماً لموتاه
يزغرد إذ يشق الليل
عن فجر طويناه
و ما كان الفداء الحق
إلا ما خشيناه
نمد له يداً حيرى
و يحسبنا نصرناه
فنحن نريد تحريراً
بقول قد حذقناه
فمن يُمضي إرادتنا
أفضنا عن سجاياه
و ألبسناه تاج المجد
يرفل في عطاياه
و من يمضي لوجهته
و يستوحي قضاياه
من الأنضاء في الفلوات
قد جاعوا و قد تاهوا
تُذرّي الريح خيمته
و تصلبه خطاياه
و تطحن قسوة الأحداث
قدرته و تقواه(63/130)
و يُمضي الليلَ مرتقباً
يضيء العزم مسراه
و لا يرضى بغير الثار
حيث تدب رجلاه
فذلك أمره عجبٌ
و حقٌ إن منعناه
كذاك الحال يا بغداد
ننكره و نرضاه
فلا نبكي على شرف
و عز ما رعيناه
و لا نتملق الأجناس
يكفي ما أضعناه
فدرب القدس يعرفه
فدائيٌ خذلناه
دعُوه يمرّ في صمت
سيعرف أين يلقاه
له من ثأره شعَلٌ
تَلهّبُ في حناياه
و صوتٌ من بقايا الأهل
حين يمر ناداه
ليدفع عن شتيت الشمل
مهجته .. فلبّاه
و يا بغداد إذ نلقاك
ننسى ما قطعناه
فلفظ الضاد في مغناك
قد جملْت معناه
و شمس العُرْب ذوب هواك
تعطي الود أصفاه
و سحرٌ بابلي السكب
أبدع صنعَه الله
و عطرٌ تنشُق الأنسام
رقته و رياه
نعانق فيك عز العُرْب
يهوانا و نهواه
و يوصل بيننا نسبٌ
و دينٌ قد رضيناه
سلمت لعزة الإسلام
حصناً لا عدمناه
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> المضيفة
المضيفة
رقم القصيدة : 65930
-----------------------------------
سيداتي سادتي و سبحنا
خلف ذاك الصوت الندي الطروب
و استعادت أسماعنا خفقة الحرف
نداءً يسمو بأفق رحيب
دغدغت حسّنا بأحلى من الشدو
فشب الهوى بغافي القلوب
نقلتنا عبر العيون الجميلات
إلى عالم بعيد حبيب
فيه تحلو الرؤى و ينطلق الحُلْم
لينساب جدولاً من طُيوب
و استثارت عواطفاً و عيوناً
حينما أقبلت بقدّ لعوب
مر كالحلم في غلالة عطر
كملاك يزهو بثوب قشيب
فبدا راعش الخطى حائر الخطو
يُغشّي خديه وقدُ اللهيب
و ابتساماته تَندّى بها الجو
و في مقلتيه سحر الغروب
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> المعارف
المعارف
رقم القصيدة : 65931
-----------------------------------
( إن المعارف شأنُها لا تُنصف )
وبها الحقوق مضاعة لا تعرفُ
ما جاءها غير المجاهد كلما
قشعت مواهبه الظلامَ تخوفوا
يشقى بلقياها الكريم و حسبه
من هذه الدنيا عناءٌ مُجحف
يُفني ذبالة عمره في مطلب
و سواه من خلف الستور يلفلف
و صنيعه مهما تعاظم ضائعٌ(63/131)
و ثماره بيد الخديعة تُقطف
إن جئتهم تلق الرياء و قولهم
ظلموك يا هذا ، و ذلك يأسف
و إن استدرت رموك من بهتانهم
و تقولوا فيما أردتَ و ألفوا
فرسالة التعليم أصبح أمرها
بدداً يُصرّفها الهوى و يصنّف
تُعليك " أكتافٌ " و يقصر دونما
تبغي المؤهل بل يعيق و يتلف
فاطرحه إن شئت التقدم صاعداً
أو عش حياتك مُجهداً تتكفف
فالدرب هُيىء للذين تخيروا
هون الحياة .. و ضاع من يتفلسف
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> مداعبة
مداعبة
رقم القصيدة : 65932
-----------------------------------
" رد على قصيدة للدكتور باقر سماكه "
--------
مرحى فأنت هنا و أنت هناك
ربُّ القصيد العذب يا ابن سماكا
لله ما أحلى الحروف و قد أتت
جذلى تعانق هاهنا ذكراكا
فيها الأحاسيس الكريمة عطرت
ساحًا يود العمر لو يلقاكا
ذكرْنني الأمس القريب و أنت في
بلد الطيوب تعانق الأفلاكا
و تهز بالشعر الرقيق عواطفاً
لم يروهن إذ انطلقن سواكا
لا زلتُ أذكر إذ تسير بنا الخطى
نحو الغروب و أذكر الشبّاكا
و تمر بي تعيى الدروب لصمتها
و الحال عند أخيك لا يخفاكا
فأطيل وقفتي التي شاهدتها
عبثاً و تعلم أنه مسعاكا
لكنها الأقدار كيف نصدها؟
قد ضيعت أملي و قبلُ مناكا
و الشاعر السوسي بات مُسهداً
حذر الذي قد سطرته يداكا
هو يعرف الحلّيَ في صولاته
و لربما لمّا هممتَ رآكا
قد قال لا تخدعْك منه براءةٌ
أ وَ ما ترى ( التورست ) قد أنباكا
حجراته طرقاته شهدت على
لص الغرام يصيد ذا أو ذاكا
فسألت يا سوسي علّك واهمٌ
أ و ما تراه يشبه النساكا
فأجاب تلك ورب باقر خدعةٌ
تخفي جموحًا عاصفًا فتّاكا
من ضل في تلك الدروب فإنه
يلقي لباقر في الطريق شباكا
عفوًا إذا خط اليراع دعابةً
نستغفر المولى لها وخلاكا
فالحق لم نعهدك إلا طاهرًا
والشر لم ترحل له قدماكا
وإذا سألت عن الأحبة كلهم
متشوق والكل لا ينساكا
تهديك بنغازي أرق سلامها
وكما هويت فإنها تهواكا
وأبو شهاب ووالدي وأحبتي(63/132)
يدعون رب الكون أن يرعاكا
وتجلتي للشيخ أبقاه لنا
المولى وبارك عمره وحماكا
والشاعر السوسي رغم حديثه
قد قال سبحان الذي سواكا
فاسلم وحتى نلتقي لك ودنا
أصفاه يا حلّي يا ابن سماكا
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> محنة العراق
محنة العراق
رقم القصيدة : 65933
-----------------------------------
يظل يحاصرني حزنه و حرقته كلما قد كتبتْ
ويؤلمني أنه مفردٌ يصارع حقداً ويطويه صمتْ
يظل بكل الشرايين نبضاً يزلزل صدريَ في كل وقتْ
ويَجْبَه غطرسة المعتدين بكل عنادٍ ويجتث مقتْ
****
لماذا يصرّون أن يهزموه وأن يخنقوه بهذا الحصارْ
وتسعى الجنادب محمومة بأحقادها كي تشق الجدارْ
لماذا على النخل أن ينحني خضوعاً ويخفرذاك الجوارْ
ليوقف دجلة ترحاله وتذوي الحياة بتلك الديارْ
****
مصيبتهم أنهم دائماً إذا قدّروا يخطئون الحسابْ
ولا يدركون لإجرامهم بأن لدى الغير فصل الخطابْ
فبغداد لو ضربت مرةً فبالعزم سوف تعيد الخضابْ
وتطلع فجراً يخافونه تناسل بين حطام القبابْ
****
يؤذن في (الكرخ) مستنهضاً فتصحو (الرصافة) و(الأعظميةْ)
ويعلو المثنى على جرحه يقود الجموع إلى القادسيةْ
فهذا العراق ولمّا تزل بأعماقه للسيوف بقيةْ
سيرفض أن يشتري عيشه بترك حماه لديهم سبيةْ
****
يصارع زحف الغزاة بصبرٍ على ضفتيه وما من سندْ
ولم يلقَ عوناً سوى هادرٍ يِؤخررجلاً وما مدّ يَدْ
كأن لم تكن حوله أكبد سقاها نداه بما قد أعدْ
فتعساً لمن ينكرون الجميل إذا طلب العون منهم أحدْ
****
ويا دجلة الخير لو أنّ لي جناحاً لطرت إليكم مددْ
يؤرقني أن أرى نزفكم ومَنْ حولكم كرمادٍ خمدْ
يهدّد جند الصليب العراقَ ونحن نبارك يوم الأحدْ
وتبدو الحراب بأحقادها مصوّبةً نحو ذاك الجسدْ
وفيه طهارة جرح الحسين وثأر الإمام وطهر البلدْ
فيا منْ تذيبون أكبادكم بكأس و تفتقدون الرشَدْ
أفيقوا ـ لعِنتم ـ ولو مرةً وصبوا العزائمَ جمراً يقدْ(63/133)
وإلاّ فطوفان نوحٍ سيأتي عليكم ليصبح نعْمَ القَوَدْ
شعراء المغرب العربي >> راشد الزبير السنوسي >> كلمات إليها
كلمات إليها
رقم القصيدة : 65934
-----------------------------------
كنتُ ما زلتُ بأحلامي الحميماتِ حفيّا
يوم قد همتُ مع الشعر وعانقتُ الثريّا
عندها أمّلتُ أن نمضي خطى العمر سويّا
وأزور الطيرَ في الأوكار صبحاً وعشيّا
وأضمّ الوردَ أبقاه الندى غضّاً طريّا
وأعبّ الكأسَ لا أُبقي لمن يشتاق شيّا
وسبتْني الأعينُ النُّجْل وأوهتْ جانحيّا
حيث حوّمتُ على أفق بدا روضاً عفيّا
ناثراً شعري مع الأنسام كالغيث شهيّا
وتوالتْ سنواتُ العمر يا حلوَ المحيّا
كنتُ ألقى كنفاً يملؤني عطفاً وريّا
كم تبادلنا حديثاً عاصفاً أو عفويّا
وعتاباً صامتاً يأخذ مني شفتيّا
ثم لا يُبقي سوى الودِّ بعمق القلب حيّا
واحتملتِ الصادحَ الجوّاب منهوماً شقيّا
فهو في الصبح مشوقٌ وإذا أمسى خليّا
كنتِ قلباً قدّس الحرفَ وإيثاراً نقيّا
لم تكوني القيدَ والسجّان والسورَ العصيّا
بل فضاءٌ صار للمبدع حلماً أبديّا
قلتِِ لي إنكَ كالطائرِ قد تمضي قصيّا
تذرع الآفاقَ أو تشدو على غصنٍ مليّا
وتُناجي ها هنا أو ها هنا وجهاً بهيّا
طِرْ كما شئتَ وحلّقْ واملأِ الأفقَ دويّا
فأنا الوكرُ الذي يمنحكَ العيشَ هنيّا
فلئن صغتكِ أبياتاً وحلماً شاعريا
واصطفاكِ الشعرُ نبعاً دائمَ البذل سخيّا
ومشى ذكركِ في الآفاق كاللحن شجيّا
فلقد كنتِ سنا الحرفِ الذي هزَّ يديّا
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> جَحِيمُ دَانْتِي
جَحِيمُ دَانْتِي
رقم القصيدة : 65935
-----------------------------------
خِلْسَة ً
كانَتِ الرِّيحُ تَشْرَبُ أنْفَاسَكَ
لمْ تَكُنْ فْلُورُنْسَة بَعْدُ قَدْ فَتَحَتْ نَوَافِّذَهَا
على رِيحِكَ
لا
أحَد
كانَ يَعْرِفُ أنَّكَ أنْتَ ألِيغَييري
وَأنّ دَانْتِي
هُوَ وَجْهُكَ المُشْتَعِل بِحَرَارَة المَوْجِ.
كَأسُكََ
مازَالَتْ في نَفْسِ المَكَان ِ(63/134)
وَمَازَالَ غَلْيُونُكَ، في انتظارِ مَنْ يُشْعِلْ فَسَائِلَهُ
مَنْ فَتَحَ النَّافِذة. مَنْ سَمَحَ لِلْغُبَارِ أنْ
يَمْسَحَ عَنِ الضَّوْءِ بَعْض ظِلالِهِ. كُنْتَ
حِينَ وَصَلْتَ إلى المَطْهَرِ مَسَحْتَ
شَعْرَكَ بِزِيْتٍ بَارِدٍ وَتَرَكْتَ خَلْفَكَ
نَبِيذاً، كُنْتَ أجَّلْتَهُ لِلْجَحِيمِ.
لا أحد كانَ
يَظُنُّ أنَّكَ أنْتَ مَنْ سَيَفْتَحُ في أفُقِ
الجَنَّةِ مَمَرّاً مِنْهُ سَتَعْبُرُ الآلِهَة ُ لِتَرَى
كَيْفَ كانَ الشِّعْرُ
يُؤَجِّجُ فَرَحَ الجَحِيمِ.
يَدُكَ يا ألِغْييِري؛
لمْ تَكُنْ تَكْتُبْ فَقَط، بَلْ كَانَتْ تُحِبُّ أيْضاً :
لا تَنْسَى، وأنْتَ فِي مُفْتَرَقِ الجَمْرِ
أنَّ بْيَاترِيسَ ، هي أوَّل امْرَأةٍ
فَتَحَتْ فِي وَجْهِكَ
جَسَداً
كانَ أوَّل المَوْجِ
و َأوَّل ضَوْء
كانَ يَقودُكَ
نَحْوَ شُرُفَاتِكَ المُطْفَأهْ.
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> بين هوائين
بين هوائين
رقم القصيدة : 65936
-----------------------------------
صَمْتٌ
يسْكُنُ شُقُوقَ المَكانِ
.
هَواءٌ
أمْلَسٌ. بارِدٌ
وَحَفِيفُ زُهَيْراتٍ يُتَوِّجُ المَكانَ بِعِطْرِهِ
.
وَحْدي .هُنَا. أو
هُنَاكَ
أنْفَاسي تُرَاوِدُ سَهْوَهَا
ويَخْطِفُنِي هَسَيسُ يَدٍ شَرُدَتْ في
صَمْتِ المَكَان.
.
وَهَذا البَياضُ
وَعَيْنِي
وَتِلكَ الخَطَاطيفُ التي تُشْبِهُ البَرْقَ
والكُرْسِيُّ المُقِيمُ على شَفَا حَجَرٍ قَدِيم
.
و َيَدي
أصَابِعِي التي جَرَحَتْ صَمْتَ المَكان.
.
لا
أحَدَ. كانَ يَسْكُنُ هَذي الشُّقوقَ غَيْرَ أنْفَاسِي
.
يَدِي
طَوَّحَتْ بي بَعِيداً. فيما وَرَاءَ الكَلام
في سَدِيمِ الصَّمْتِ
وفي أنِين أعْضّائِيَ التي امْتَحَتْ
وصَارَتْ
ماءً
لِضَوْءِ هذا المَكان.
.
.
كَأسٌ حَبَابُها يَشْرَبُ دُكْنَةَ المَكَانِ
لا
شَيْءَ
على الطّاولَةِ
سِوَى يَدِي. أصَابِعِي الّتي كانَتْ تُرَاوِدُ سَهْوَهَا
وَتَنْثُرْ
قُشُورَ صّمْتٍ(63/135)
هُنَاكَ. على شُرْفَةِ حِبْرٍ بَعِيدٍ
يُقِيمُ
.
مازالَتْ أصَابِعي تَرْتَعِشُ
ثمَّةَ بَيَاض يَلْفَحُنِي
نَوَافِذ
شُرُفَات
مَوْجٌ يَسْكُنُ شُقُوقَ الصَّخْرِ
.
وَيَدِي
تُنَاوِسُ
نِدَاءَهَا
.
لَيْسَ في المَكانِ ما يَكْفِي لِوََضْعِ
العَالَمِ على حَافَّةِ الجُرْحِ
.
صَوْتٌ مِنْ جِهَةٍ مَجْهُولَةٍ يَأتِي
بُنِّيٌّ
أوْ
أزْرَقٌ
لَكِنَّهُ يأتِي
.
مَنْ يُوقِف هذا البَنْدُولَ المُعَلَّقَ بَيْنَ هَوَاءيْن
وَيُرَمِّم شُروخَ هَذا الصَّمْت
فَأنَا
بِرِفْقٍ
أهَدْهِدُ هُدْنَةَ المَكانِ
وَأصَابِعِي مُشْتَعِلَه
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> رفيفُ الغُبار
رفيفُ الغُبار
رقم القصيدة : 65937
-----------------------------------
الهَواءُ الوَحِيدُ الّذي نَثَرَتْ دُكْنَةُ هذا المَسَاء
عَلَيَّ أرِيجَهُ
لمْ يَنْتَثِرْ
ثمَّةَ عِطْر يَمُرُّ خَفِيفاً
يَرُجُّ نَبْضِي
.
وَقَلْبِي
لا يَفْتَأ يَخْفقُ
لَيْسَ لي ما يَكْفي مِنْ نَبْضٍ
لأشْرَبَ
ضَوْءَ
هَذا المَكان
أوْ
لِأضيءَ فُرُوجاً
مِنْ
عَتَمَاتِهَا خَرَجَتْ أصَابِعِي
لَيْسَ لي
غير هذا الحِبْر الذي
مِنْ صَبَوَاتِهِ
خَرَجَتْ نِدَاءاتي
.
خَلْفَ هذا الهَسِيسِ
ما بينَ غَمَامَتَيْنِ
كانَتْ نِدَاءاتي تُقِيمُ لمْ
أهْمِسْ بِشَيْءٍ
وَكُنْتُ
كُلَّمَا
أرَّقَتْنِي نَجْمَة
وَصَارَتْ نَبَضَاتُ قَلْبِي نَدِيَّهْ
رَأيْتُ إلى الأفُقِ
.
و اسْتَوَيْتُ
.
.
سَأفْتَرِضُ
أنَّ كُلّ جَوَارِحِي تَتَصَادى
.
وَأنّ يَدِي
مِنْ شُقُوقِ حِبْرِهَا
يَخْرُجُ
هذا الضَّوْءُ الذي
بِهِ تَصيرُ الأرْضُ أنْثى
وَالغَيْمُ
يَصِيرُ نِدَاءَهَا المُؤَجَّلْ.
.
فَهَلْ يَدِي
حِينَ تَلْمَسُ شَيْئاً
يَدِي
.
جَسُورَةٌ هذه النِّداءَاتُ
لَيْسَ بِوُسْعِي أنْ أتَهَاوَنَ بينَ يَدَيْهَا
أوْ
أتْرُكَهَا تَمُرُّ
دُونَ
أنْ
أمَلْمِلَ
أصَابِعِي
أوْ أجْهَشَ تَارِكاً يَدِي
على جَبْهَةِ الغَيْبِ لا
بَعْضَ تَبِيتُ(63/136)
آثارِ في
عُبُورِهَا غَيْرِ مَهَبٍّ
.
صَبَاحاً
كانَتْ تَطْرُقُ بَابي مَسَارِبُ ضَوْءٍ
بِهَا
كُنْتُ أرَمِّمُ أوْهَامِي
.
.
وَعلى الجِدارِ المُقَابلِ لأقْصى انْكِسَاري
كُنْتُ أعَلِّقُ قَمِيصَ النّوْمِ
وَفي ثنِيَاتِ معَاطِفِهِ
كانَتْ تَنَامُ أحْلامِي
.
مَنْ
غَيّرَ وّضْعَ النَّافِذَةِ
من أتَاحَ لهذا الضَّوْءِ
أنْ يَشْرَبَ
رَفِيفَ الغُبَارِ
وَيَمْرَحَ
عابِراً
نَخْبَ أسْراري
.
.
هَلْ لِي أنْ أقِفَ بَيْنَ نَخْلَتَيْنِ
أشُدُّ ظِلَّهُمَا إلى بَعْضٍ
أُجْبِرُ الغَيْمَ أن ْيَرْسُو في رِحَابِ
هذا الظِّلِّ
.
لأنّني
وأنا
في
مَوْقِفِي هذا
لمْ تَكُنِ الأفْيَاءُ تَسْتَهْوِيني
لأنّ قَلْبِيَ
لمْ يَكُنْ طَيِّعاً
لمْ يَكُنْ يَرْضَى بِمَا تَرْتَضيهِ الخَلِيقَةُ
.
قَلْبي فيه شَيْءٌ
مِنْ نَزَوَاتِ الشّعراء وَغِوَاياتِهِم
.
.
هَلْ لِي
أنْ ألْحَمَ كُسُورَ هذه الغِوَاياتِ
وأطْوِي الأرْضَ
في
بَرْزَخ ٍ أوْ
بَرْزَخَيْنِ
.
يَدِي
وَحْدَهَا تَرْسُمُ في نَزَوَاتِهَا
دَبِيبَ الحِبْرِ
.
لا فَرْقَ
مادَامَتْ يَدِي تَنْصَهِرُ في
مَهَبِّ
النِّدَاءِ
شعراء المغرب العربي >> محمد الشلطامي >> بطاقة
بطاقة
رقم القصيدة : 65938
-----------------------------------
قل ما تشاء....
وأكتب بخط التاج ما نحت الشقاء
فينا ، وقل متخاذلون ،
جبناء ماتت فى عروق قلوبهم همم الرجال
أنا قد هربت ،
وتركت أحذيتي ورائي ،
وتركت خلف الجسر صوت إذاعة الشرق القتيل
قل ما تشاء ، أنا عميل
متخاذل ، حاف ، يجر وراءه عارا جديدا
قل ما تريد
لكنما أنا لن أموت
أبدا لتركب جثتى للنصر ... لا ... أنا لن أموت
شعراء المغرب العربي >> محمد الشلطامي >> أغنية قصيرة عن يناير
أغنية قصيرة عن يناير
رقم القصيدة : 65939
-----------------------------------
الريح في قلوعنا تموتْ
عنيدة ونحن فوق موجها صخرْ
فالديارْ
واللصوص
لمن تدق أيها الناقوس والصغارْ
غابوا بلا خبرْ
إصبعه(63/137)
فغاب من صغارنا الحُفاة أربعهْ
إلا قلوعنا
إلا دموعنا !!
غابوا بلا خبرْ
يُقال إن ساحرا غريب مدَّ
إصبعه
وتمتم الصلاة للحديد واستخارْ
فغاب من صغارنا الحُفاة أربعهْ
من يومها وكلُّ شيء حرّكته الريحْ
إلا قلوعنا
كل قطر في السحاب جففته الريحْ
إلا دموعنا !!
شعراء الجزيرة العربية >> عدنان النحوي >> الهند .. تقاوم الاحتلال البريطاني
الهند .. تقاوم الاحتلال البريطاني
رقم القصيدة : 65940
-----------------------------------
المُجْرمون اسْتَكْبروا في الأرض مَنْ
سَيَرُدُّ كَيْدَ المُجْرِمِينَ الجُحَّدِ
فِئةٌ مُعَطَّرَةُ الجِهَادِ غَنِيَّةٌ
لله تَنْهَجُ بِالسَّبيل الأَقْصَد
لله ظاهِرةُ تُقاتِلُ مَنْ طَغَى
في الأرضِ أَو تُعْلي لِواءَ مُحَمَّدِ
مِنْ كُلِّ أَرْوعَ في الجِهَادِ مُجَرَّبٍ
مَاضٍ وكُلِّ مُصَدِّقٍ مُتَجَرِّدِ
أَغْنى الحَيَاةَ بصدْقِه وَوَلائِهِ
لله ، لم يُشْرِكْ وَلَمْ يَتَردَّدِ
مَنَحَ الحَيَاةَ جَمَالها بوفائِهِ
وَرَوَى المرابع بالدَّم المتَوَقِّدِ
وَمضَى لإِحْدَى الحُسْنَيَيْن يَشُدُّه
شَوْقُ إِلى أَوفى النَّعيم وأخلدِ
* * *
المُجْرمُون اسْتَكْبَروا في الأرضِ مَنْ
سَيَرُدُّ مَكْرَ المُجْرِم المُترَصِّدِ
سَتَرُدُّه فِئةُ وَفَاءُ رِجَالِهَا
بِرُ وإِحْسَانُ وخفقُ مُهَنَّدِ
فِئةٌ تُقِيمُ عَلَى الزَّمانِ مَنَائِراً
مِنْ هَدْيِهَا ومَلاَحِماً مِنْ أَزْنُدِ
وتُعِيدُ للإِنسَانِ عِزَّتَهُ التي
ديسَتْ وتُوقُظ شَوْقَه مِنْ مَرْقدِ
وتُحَطّمُ الأغلالَ عَنْهُ فَكَمْ مَضَى الإِ
نْسَان بَيْنَ مُضَلَّلٍ و مُصَفَّدِ
وَتَمدُّ للمُسْتَضْعَفين يَدَ الهُدَى
مَدَداً ونَجْدَة صَادِقٍ مُتَوجِّدِ
فِئةٌ كأنَّ المِسْكَ مِنْ أنفاسِهَا
مَلأَ الزَّمَانَ وَعطَّرَ الأُفقَ النَّدِي
تمضي فَيَهْتَزُّ الرَّبيعُ بها إِذا
طَلَعتْ ويغنى كُلُّ وادٍ أجْرَدِ
يُشْرَى رَسُولِ الله آية رَبِّهِ
للعَالمينَ رَحْمة للمُجْهَدِ(63/138)
* * *
لله دَرُّ الهِنْدِ ! كَمْ مِنْ عالِمٍ
دَفَعَتْ لسَاحَتِها وَكَمْ مِنْ مُنْجِدِ
بَذَلوا مِنَ العِلْمِ الزَّكيِّ ونُورِهِ
مُهَجاً إلى صِدقِ العَزِيمةِ واليَدِ
ومَضَوا يَحثُّونَ الخُطى لَهباً عَلى
دَرْبٍ إلى صِدْقِ الجِهَادِ مُمَهَّدِ
عَبَقُ الأئمَّةِ والمُلُوكِ عَلَى الرُّبى
نَفْحُ الجِنَانِ وعِطرِها المُتَجَدِّدِ
يمضي " مُعِينُ الدِّين " في جَوْلاتِهِ
نُوراً أَطَلَّ لُمدْلجٍ وَمُشَرَّدِ
ويَظلُّ " بختيارٌ " أَعزَّ فتنحَني
هامُ الملوكِ له وكِبْرُ الأَصْيَدِ
و" الدَّهلويُّ " وَيَا لَعزَّةِ دينه
ردَّ الملوكَ ويَا هَوانَ السُؤدُدِ
والعالمُ " السّرْ هَندِ " يَا لجِهَادِه
بَذْلاً وَيَا لَلزَّاهِدِ المتَعَبِّدِ
ردَّ الزّنادِقَةَ العُصَاةَ وكَيْدَهُمْ
ردّا وأخمدَ فِتنَةً مِنْ مُلحدِ
وانْظر " لعرفانَ الشَّهِيدِ " كأنَّهُ
جيشٌ تواثَبَ في الذُّرا والأوهُد
فَتَحَ القُلوبَ بِغَيْر سَيْف مُصْلتٍ
فَهَوى الفسادُ وسَيفه لَمْ يُغمد
يا " ندوةَ العُلماءِ " ! يا نَفْحَ الشَّذا
يا لَهْفَةَ القُصَّادِ شَوْقَ العُوَّدِ
نَسَبُ أَبَرُّ عَلى التُقَى فكأنَّه
رَحِمُ يَصونُ ولُحمةُ مِنْ مَولِدِ
زَكَتَ الرِّجالُ عَلَى الجِهَادِ ونُورِهِ
يَا عزَّ مُنْتَسبٍ وَعِزَّة مَحِتْدِ
* * *
لله دَرُّ الهِنْدِ ! نورُ كواكِبٍ
زُهْرٍ ودفقُ مجاهدٍ ومُسدِّدِ
دُرَرُ مِنْ العُلمَاءِ كَيف أَعُدُّهم
أَعيتْ حُشُودُهمُ خَيَالَ مُعدِّدِ
مَهَدوا الدُّروب لكلِّ يومٍ أبلجٍ
دَامٍ و يَومِ شهادةٍ متفرِّدِ
شعراء الجزيرة العربية >> عدنان النحوي >> دعاء وابتهال : إلهي
دعاء وابتهال : إلهي
رقم القصيدة : 65941
-----------------------------------
إلهي ! وفي جَنْبيّ خَفْقَةُ وامِقٍ
وإنِّيَ أوَّابٌ إِليكَ و خَائِفُ
وَفي الدَّار أَهْوالٌ تَمورُ و فِتْنةٌ
تَدُورُ ودَمْعٌ بين ذلكَ نازِفُ
ودَفْقُ دماءٍ والضَّحَايا تَنَاثَرَتْ(63/139)
زَلازِلُ جُنّتْ حَوْلَنَا وَرَواجِفُ
تَصَدَّعَ بُنَيانٌ فأهْوَى وهذِه
أَعَاصِيرُ مازَالَت به وعَواصِفُ
تهافَتَتِ الدُّنْيا عَلَينَا فَأَقْبَلِتْ
حُشودٌ تَوَالتْ في الدّيار زَوَاحِفُ
كأنَّهُمُ مَالَوا إلى قَصْعَةٍ لَهْمُ
فَضجّتْ لها أحشادُهم والطوائفُ
وحُوشٌ عَلَى أنْيَابِها المَوْتُ مُقْبِلٌ
وكُلُّ فُؤادٍ دُونَ ذلك وَاجفُ
كَأَنّ الرّدَى بَيْن المخالِبِ رَابضٌ
فإن وثَبَتْ فالمَوتُ ماضٍ وخاطفُ
* * *
إلهي ! وهذي أُمَّتي مَزَّق الهَوى
قُوَاها وغَشّاهَا هِوىً وزخارفُ
يقود خُطاها في الدَّياجير تائهٌ
ويَدْفَعُها بَين الأعاصير واكفُ
فُهُنَّا وداستْنَا زُحُوفٌ ومُرِّغِتْ
جِباهٌ وأهوى في الوُحول غُطارفُ
ومالوا على أَعرَاضِنا فاستباحها
لِئامٌ فَلمْ يلقَوا كُماةً تُخَالفُ
فكم مِنْ فَتَاةٍ مَزَّقَ القَهْرُ سِتْرَها
وروَّعها في النائِبات الكواشِفُ
هُناكَ على " البُوسْنا " دَواهٍ وفتنةٌ
وفي أَرْض " كشميرٍ " لظىً و قذائِفُ
وهذي فِلسْطِينُ المُدَمّاةُ وَيْلَنا
يَغِيبُ تَلِيدُ المجْدِ مِنْها وطارفُ
تَغيبُ وراءَ الأفق مِنْها مَعَالِمٌ
نَديُّ ظِلالٍ مِنْ رُباها ووارفُ
تطير قُلوبُ المؤمنين لِسَاحِها
فَتنْهضُ لِلّقيا رُبى ومشارفُ
وللمَسجدِ الأَقْصَى حَنينٌ ولهفةٌ
تجيشُ بهَا أشْواقُنَا والعَواطِفُ
وفي كُلِّ أرْضٍ فِتْنَةٌ بعد فِتْنَةٍ
ويَومٌ عَبُوسُ الشَرِّ والهَوْل كَاسِفُ
وَقَدْ كُشِفَتْ عَوْراتُنا وتَقَطّعَتْ
عُرَانا وهانَتْ سَاحَةٌ ومَوَاقِفُ
تَمُّر بِنَا الأحْداثُ حَتَّى كَأَنَّها
أَحَاديثُ لَهْوٍ تَنْطَوي وَسَوالِفُ
إِلهي ! فَمَنْ لِلْمُسْلِمينَ وَقَدْ غَفَوْا
وما أَيَقظَتْهُمْ آيةٌ وَمَصَاحِفُ
إِلهي ! أَعِنَّا واسْكُب النُّور بَيْننا
بأَفْئدَةٍ ضَاقَت عَلَيْها المَصَارفُ
وأَلِّفْ قُلوباً فَرَّق الحِقْدُ بَينها
وقَدْ يَجْمعُ الأضْدَادَ يوماً تآلفُ
وَهَبْنَا يَقِيناً في القُلوبِ لَعَلَّنَا(63/140)
نَهُبُّ إلى سَاحَاتنا ونُشارِفُ
وأَنْزل عَلَيْنا رَحْمةً تغسل الذي
نَهُمُّ به من مأثَمٍ ونُقَارفُ
ونَنْزعُ عَنْ آثامِنا ، عَلَّ تَوْبةً
يُفيقُ بِهَا لاَهٍ عن الأمْرِ عازِفُ
فَتدْفُقُ في المَيْدَان مِنّا جَحافِلٌ
يَمُوجُ بِهَا شَاكي السّلاحِ وعاطِفُ
ونَحْمِلُ للدّنيا رسَالةَ ربِّنا
نُخاصِمُ في هَدْيٍ لها ونُعَاطِفُ
ونَمْضي بِهَا صَفّاً كَأَنَّ جُنودَه
قواعدُ بُنيانٍ ، فَداعٍ وزَاحفُ
فَتنزلُ نَصْراً يا إلهي ورَحْمةً
إِذا صَحَّ عَزْمٌ في الميادين عاكِفُ
* * *
الجمعة 23/11/1413هـ
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> صرت عبئا
صرت عبئا
رقم القصيدة : 65942
-----------------------------------
مترعاً بالحزن
مزدحما كثيراً
بالهجير المُر
حين أريد
فيئا
كلما اقتربت
زوارق غبطتى
من شطها المأمول
صار
الشط
ينأى ....
صرت عبئا
ليس يحملنى نهار
فوق مهرته
إلى نهر الصبابةِ
مترفاً
يختال
بطئا
لا... ولا
ليلٌ
يضمد دمعتى
ويضم قلباً متعبا
بردان
أقعى
فوق برد ثلوجه
يحتاج دفئا ..
ليس تعشقنى
فتاة
كى أطرز حلمها بالورد
أرسم فوق غربتها بلاداً
من ربابات ، وعناب
وأرسم
فى ظلام الليل
ضوءا
ثم تهدينى
حناناً
دافقاً
من زهر كفيها
وحضنا آمنا
فأبوح ضوعى
يايمامات الندى الفجرى
رنىّ يا كمنجاتى
وغنى
من هديل الروح
شيئا
كلما قالت كفانا
قد وصلنا للنهايات الجميلة
قلت يا أخت القطيفة
ما جرى
قد كان
بدءا ...
حين تسقينى
نبيذاً
من سفرجل ثغرها السحرى
تهمس
هل سكرت ؟
فقلت
إن الروح
ظمأى
صرت عبئا
صرت عبئا
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> سوسنة الخمسين
سوسنة الخمسين
رقم القصيدة : 65943
-----------------------------------
فى ذلك الركن القريب
من الحديقة
أزدهى بفراغ قلبى من همومٍ
لحظتين ، فأنتشى ،
وأصب شاياً ، أحتسى ،
نعناعة البرى مختلطاً
وأصنع من قصاصات الجرائد
مركباً ، ألقى به فى جدول
يمضى إلى غاياته .
وأقيم من صلصال طفلى
مدفعاً(63/141)
أصطاد عصفور الحنين
ولا حنين يحط ،
أو يستاف زهراً نائماً
فأنا الحنين
أنا المدجج بانكسار الحلم
فى وضح الدمار
أنا المزود بالسكينة والهدوء
وسوء تقدير الشعور
أنا البنفسج إذ يفضُ
بكارة النسمات بالعبق الضرير
وإذ ينوء بخوفه ،
وبطيف أهداب الحرير ..
أنا السمندل حين أحرق ريشه
ومضى إلى مرج النهاية
يحتفى بالموت فى خطراته
وأنا الحمام يبيض
فى شجر الغيوم ،
ولا غيوم سوى السراب اللانهائى
الفسيحِ
أنا الجريحُ
ولا مراهم ترتجى
فى عطلة الأحد ، الصيادلة
استكانواللنعاس
نسوا تعاليم المسيحِ
مشوا على ورد الجراحِ
وأنا الجراح المثخنات
بعشق خنجرها المتاح
وأنا الصباح ، إذا أطلَّ
وملَّ من بوح البلابل
والعنادل والفواخت
وارتباكات الصغيرات الأرامل
من هدير أنوثةٍ وئدت سريعاً
فارتخين على الأرائك ، يستعدن
مواسم الأفراح
فى غرف الحنين الغض
والهمس المباحِ ..
كلا ..
وهل خمسون عاماً
من نضال الخوف
تكفى ،
كى أقيم حضارةً
لمواسم الصبوات ؟
هل تكفى لأصنع موكباً للورد ؟
أحصى فى خسارات الفؤاد
خسارةً
وخسارتين
وأكتوى .... ،
من أيقظ الفوضى ،
بطابور الصباح المدرسى
ومن دعى قلبى ، لأهجر حصة الكيمياء
أعدو للفناء ، وللحديقة
متخماً بطراوة الألوان
أرسم ما يعن لريشتى
أمضى إلى تلك المجلات القديمة
بالمقص ، أقص وجه جميلة شقراء
ألصقه على صدر المحارب
كى يدندن غنوة ، يرتاح من
باروده ، وأقص ذئباً حافى القلبين ،
يبكى جوعه اليومى
أدخله إلى بيت الخراف
أقص حلماً ناعساً ، يهمى على
أهداب زينبَ فى فصول الطالبات
أحن ، أهذى
ليت للبراق عيناً ، يا رفيق الحزن
حين أتتك زينب تصطفى شعراً
وتكتبه على قلق ، وتلقى
بالسعير
على مدارج همسها الملكى
فى سمر الضحى
عمتم صباحاً يا رفاق
وكنت أعرف أنها
تعنى صباحى ...
رد الرفاق ، وهل أجبت
وهل وقفت على مداخل شارع
يبتل فى ماء الغسيل الرخو
مبتلاً بماء الحزن
أرقب خطوها المسروق
من خطو الأقاحى ... !!
ماذا ألمَّ
بطلقة التفاح(63/142)
هل نامت ؟
وهل غفلت ؟ عن الجرس الطويل
يدق ،
يشعل صبحها على دمنا طيوراً
كى تلوح
بالمناقير الصغيرة ، والجناحِ
........................... ...
ومضيت
فى ليل اغترابى
بعض أعوام ، أُسَرِّب حزن
أيام طوال بين أروقة الدراسة
والمحاضرة الأليفة والمخيفة
والمملة والمخلة والحنين
إلى الورود الطالعات
بخد ليلى العامرية
والعيون الشاسعات بكحلهن
القادمات من الصحارى ، والبعيد
إلى المدرج ...
حين أعطتك المواعيد الشهيةَ
أسلمتك إلى الحنان البكر
والطهر البتول
وطالعت ، قرأت
شواغلك الخفية فى القصائد
فى حقول الدرس ، فى برد المعامل
فى المناحل فى خلايا النحل
فى الشهد النقى ، ودرس أمراض النبات
وحزن أمراض الفؤاد
إذا ازدهى بجنونه
وبكت فأشعلت اشتعالك
زخرفت أحلامك البيضاء
فى مقهى الحديبية القديم
وفوق أعمدة الإنارة
فى إشارات المرور ، وفى الشوارع
فى البنايات الحديثة
فى القصور المتحفية
فى المدى
فى مقصف الكلية الصيفى
فى قصر الثقافة ، فى المشاتل
عند مبنى الطالبات
وعند أكشاك الحراسة
عند أرتال الجنود الواقفين المترعين
بخوفهم من غضبة الطلاب فى
يوم التظاهر ، فى مجلات الحوائط
فى النشيد ،
وفى .. ، وفى ..
وهفت إليك ، ترج حزنك مرة
لتبوح بالشعر الخفى على جوى
سنوات خوفك ، ترتقيه ، تضمه
كيما تعلقه على
أستار شرفتها البعيدة
فى الرمال البيض
قالت فى نهايات النهاية
عد إلى أقمار قريتك
النحيلة
مثقلا بحنان أغنيتى
وعطر الشوق فى قلبى المدلَّه
وازدهار مواسمى
وأعود وحدى
صوب ظلم الأهل ، فى بيت البداوة
يصطفينى فارس ، يشتاق
يمنحنى الصحارى ، ثم أمنحه
فتىً
عيناه فى لون امتداد الحزن
فى عينيك ، ياوجع البلابل
أيها المفتون بالحجر الكريم
وباللآلئ
فى مكامنها الدفيئة
بالزمرد ، فوق صدر الفاتنات الغيد
إن أغوتك غيدُ
فأغمز جراحك .. عضها
قد مركبات الخوف
نحو مسارها العدمى
ما جاء البعيدُ ...
خمسون عاماً
يا صديق الشعر
والشعر الشراب المُر(63/143)
فاكهة الحرام ، حرام فاكهة الحلال
وما تهدج
من مواويل السواقى
وابتهاج الليل بالديك الذى
ظن الضياء بليلة البدر ابتداء الفجر
فاقترح الصلاة
وقام
يتبعه المريدُ ..
ومواكب العشاق
إذ يتقاطرون وهم
يؤدون التحية للذى
لم يبتدئ بسلامهِ
أو يتعظ بسلافةٍ
ُسكبت على ريق الفلاة
فأسكرتها
وانتشت
وترنمت بنشيدها الفياض
فارتعش النشيدُ ... !!
فترنمى
يا أمنا الصحراء
وابتكرى المجاز العذب
واصطنعى الخرافة والمحال
ووجه ليلى
للذى ما عاد يذكر
غير ليلى
فى ليالى الجمر
حين يسهد الأرواح
فى دورانها
تعب عتيدُ
والشعر أطول
من نخيل جامح ، إن ناطح
الغيم العجول الثرَّ
أقصر
من قوام الخس ،
أطرى من ندى ورقاتهِ
الخضراء ، أصعب من كثير
الصعب ، أسهل من دماء
ضحية سقطت على رمل
ومادت ، لم تبح بالسر
لم تفصح
ولم يصدح عديدُ .. !!
فهل ترى
تكفيك يا ولد البنفسج
قى قرى الآلام
خمسون ارتعاشة طائر
خمسون من زهر
ومن ورد البكاء
فما الذى أعطاه شعرك
غير دمعك
غير ضغط الدَّمِّ
والألم المعربد فى ضلوعك
وازدهار السُكَّرىّ النهم
فى حمى دمائك ،
هل بنيت بناية
ممشوقة الأركان ، والبنيان
هل زركشت قامتها
أقمت على مداخلها
تماثيل الرخام الحر
أطلقت النوافير الملونة
الجميلة
تصدح الأطيار
حول حياضها .. ،
وجلبت حارسها
ليعطيك التحية .. ،
هل أعدت غزالة الصحراء
ليلى
من خيام قبيلة ،لقصور عشقك
هل ركضت وراء روعتها
لتمنحها انتماءك
هل ضحكتَ
وقلتَ لا للدمع ، يا عبد الحليمِ.
وهل اصطفوا نزرا قليلا
من قصائدك الكثيرة فى
قواميس الشوامخ
هل بكت تلك المذيعة فى برامجها
وقالت قل كثيراً من قصائد عشق
ليلى ... ،
هل اتتك رسائل العشاق تترى
فى بريد الريح ، فى يوم الخميس
ليلى كى تقص وهل تجئ إليك
عليك قصة هودج كسروه فى
ليل الزفاف واطعموها للهجير ..
........... وهل ترى ..
خمسون عاما ً
يا ابن نخلات عجافٍ
أمطرت
أغرابها الأحباب بالبلح الطروب
واطلقت سربا من "الصيص "العقيم
على خطاك(63/144)
لكى يضللك الجريدُ
لاوقت للافراحِ
فى دمك السخى ..
وتاه عن دمك الوريدُ
فلم انتظارك
كل هذا الليل ؟
لا ليلى الغزالة
سوف تأتى
لا ولن تهمى
على إطلالة الرمان
ُ فى فمها ورود ..
أترى تريد الآن ما كانت
غزالتك البهية
فى هوادجها تريد ؟
.. ها بعد عشرٍ
سوف تدخل فى ثياب فجيعة الستين
تجلس بين أحفادٍ صغارٍ
يطلقون عليك دهشتهم ،
إذا ما قلت شعراًَ عاصفاّ فى البنت
حين أتت وأطلقت الكوابيس
الخبيئة فى نعاسك
هزهزت وتر الخريف
بلمسةٍ عذراء منها
فاحترسْ
مازلت تهفو للبنات الحور
يا جد الوشايات العتية
ما تزال خطاك تركض
خلف تقع هديل فاتنة
وتطلق من لواعجك الخفية
ما احتبسْ
يا أيها الأحباب ،
من دق الجرس
من أشعل الصبوات ثانية
ومن قاد الفؤاد ،
الى غوايته ، فغَنَى
وانغمسْ ...
فى بحر دمعته التى جاءت
لتصلحَ ما فَسَدْ
لملم جراحك واتئد
ما طار طير واجتهد
إلا كما طار ابتعد
ومضى بعيداً
فى البدد
ها أنت فى الركن البعيد
من الحديقة
تحتسى شايا
وشايك جف فى قاع الإناء.. ،
مراكب الورق المسافرة الوديعة
لم تعد بالزنجبيل
ولا بمِسكٍ من بلاد الخيزران
ولا الزنابق أينعت فوق الجدار
مدافع الصلصال لم تصطد
عصافير الحنين ،
ولا الغزالة فى مرابعها البعيدة ،
تذكر الأحلام
لم تنجب فتىً
وعيونه
فى لون عينك اللتين ...
وليس فى مقدور قلبك
ِ" غير أن" يُصغى
لصوت مآذن الإشراق
يسألها الدعاء
لكى يصلى ركعتين
ويرتوى بسكونهِ
ويعيد درويشا قديما
فى دواخله الندية بالصفاء
يعيد
ورد البارحه ..
الفاتحة ..
**********************************************
هوامش : *
زينب زميلة الدراسة الثانوية
.وليلى العامرية فتاة جاءت من صحراء مصر لتدرس فى كليةالزراعةفى السبعينات من القرن الماضى
. المناحل ، وأمراض النبات ** - من صميم الدراسة فى كلية الزراعة التى تخرجت فيها
مقهى الحديبية ** - مقهى قديم فى مدينة أسيوط كان اسمه مقهى الخواجه(63/145)
جلسنا عليه وعقدنا صلحا بين أصدقاء فأسميناه بهذا الاسم وصار معروفاَ به بعد ذلك .
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> سيمفونية العشق
سيمفونية العشق
رقم القصيدة : 65944
-----------------------------------
صامتةٌ جدا
والحسن يثرثر
والياقوت التِرتر
فوق حواشى الصدر
يضلل عين العاشق
ويجرر
قلبيهِ
ويمشى فوق النار
ثلاثة أشهر
ويغامر كى يشرب
من نهر الكوثر
فتدبر
أحوالكَ
واستصغر
أهوالكَ
خض فى البحر
وأبحر
رجّ اليابسة بقدميك
إذا البحر استلك
ما مل هواك
هواها البكر وما ملَّك
ما اكثر عشقك
وأقلَك
حين أقلك مركبها
للشط
وما دلك
فاشرب من مرق حديدك
إن تكره خَلكْ
فاستجمع خوفك
حين تضيعُ
وجمع شملك
أهلكت الروح
وأهلكت منازلكَ البيض
وأهلَكْ
فارجع وتصبر
بقليل فتَاتِك
وفُتاتِك
وتدبرْ
ها هى صامتةٌ جدا
والحسن يثرثر
والغمازات تُلوّح
بالقفشات الحلوة
والصدر يكركر
وقوام قواميها
أندر من أى قوام
يتبختر
يجمع من
بلح الشام
وأعناب اليمن
وتفاح الأكراد
ورمان البربر
إن تهمى بالعطر
ستهدأ كل رياح
صرصر
أو تهمس بالسحر المنغوم
فلا لوم إذا ركع العاشق
وأناخ بكلكلهِ
واستمرر
كل فواكه جنته
قال : الفاكهة هنا
وأشار إليها
وتنمرد وتنمر
وغفا كى يحلم
أو يهذى
أو يسكر
ما بالك
لو أن الجسم الحران
الآبق
من حر الصيف
تحرر
وتخلص من كل الأثواب
وثاب إلى رشد
وأناب وقرر
أن يمنحنا سُكَّرهُ
فتدلت
كرمات التين
وباحت بالسكر
فاستبدل
قاربك الهش
استحضر
سفن الصحراء
وأسراب العيسْ
قُدْ ركبك
نحو مدائن بلقيسْ
كن
فى حضرة ملكتهم
ملكا
كن فى مجلس دولتهم
أرأس من أى رئيس
واملأ أقداحك
من شهد يمامتهم
واملأ أكياسك
من كل نفيس
إن عاثوا
فى الأرض حنانا
عُثْ
إن بثوا لوعتهم
ُبثْ
إن حثوا.....حُثْ
إن عسوا
فى الليل الأليل
عِس
إن سكتوا
هُسْ
إن كانوا فى زى ملائكة
كن ملكا
وتأبلس .
إن ظهروا فى صورة إبليس
إن نشدوا أخلاقا
كن نعم الأخلاق
قل واحلف بالله الخالق ..
والخلاق(63/146)
إنى ما طأطأت الرأس لأحد
غير الحلاق ....
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> لماذا يعاندنى الأقحوانُ
لماذا يعاندنى الأقحوانُ
رقم القصيدة : 65945
-----------------------------------
لماذا يعاندنى الأقحوانُ
ويهجر أعتابى
السيسبانُ
إذا ما بدأت القصيدة
متشحاً بالندى
ومغتبطا بالذى
هز قلبى
فأينع فى مرجه
البيلسانُ
تقول القصيدة :
خض حرب ودى
وجد بالذى
كان عندى
وقد يكرم المرء
فى عشقهِ
أو يُدانُ
يقول القرنفل
ليت الفتى سيدٌ
وليت الفتاة التى
مهرجانُ
فلا النار جاءت
لتشعل حزنهما
فى الصباح
ولا النهر أطفأها
فى المساء
فيزهو على ضفتيه
الدخانُ
ولا العاشقون انتقوا
غيمةً
كى يحطوا عليها
ولا تركوا عشقهم
واستكانوا
ولا شجر الليل أينع
لا النجم وقع أنغامه
لا المكانُ ،
استوى
لا الحمامات
زفت مواجعها
لا العصافير
لا الفجر أيقظه الكروانُ
لماذا ...
لماذا ؟
يعاندنى الإقحوانُ؟
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> رجلٌ وامرأة
رجلٌ وامرأة
رقم القصيدة : 65946
-----------------------------------
رجلٌ
كالنعناع الأخضر
عذ بٌ ورقيق
وامرأةٌ مُره
نافذةٌ
كالطعنة فى القلب
تمارس سطوتها
فى العشق
وتغرس مخلبها
فى لحم عذوبته ِالعذبة
كالنمره ...
امرأةٌ
باذخةٌ كالفجر
وباذغة كالشمس الحره
وحرون
كالمهره
فيبوح الرجل
بأخضره المتساقط
وهى تواصل خنجرها
كى يسقط
متشحاً بهواه
ومعتصماً بنداه
فينفرط النعناع
وتقفز ضاحكة
وتعيد الكَرَّه ...
من ينقذ
لوعات النعناع
ومن يوقف هذى السادرة
عن السطو
على بيت القلب
وذهب الإيقاع
وموسيقى الرجل المتسربل
بدماه العطرية
من يوقف
عطره
رجلٌ
وامرأةٌ
ومؤامرةٌ
ودماء ٌكالعطر
تسيل
وذَهبٌ ،
وعقيقٌ ،
وحوارٌ للقتل ،
فناءٌ يومى ،
موسيقى ،
تقتحم المشهد ،
تتهاوى ،
نغما ً
نغما
تختتم السهره ...
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> آثَرَتْ أن تريح العصافير
آثَرَتْ أن تريح العصافير
رقم القصيدة : 65947(63/147)
-----------------------------------
سَافرت للبعيد
ولكنما عطرها
يتقافز
كالفرح الفاطمى ، ويهمى
على لفتات المكان
سافرت
وقيود محبتها
لم تزل فى معاصمنا
تتأرجح
تشعل فينا
الحنين إلى الأسر
توقظ أوهامنا
وتقود القوافل
والزورق المستحيل
إلى ضفة الأقحوان
تركت
فى الخيالات
أشياءها :
ضِحْكة العندليب
ابتسامة سوسنها
وهديل البنفسج
حين تدندن خطواتها
فى الممر إلى القلب
تنهيدة عذبة
دونما سبب
نقرات الأصابع
فوق الموائد
فضة خاتمها المتسربل بالورد
كرسيها الأخضر اللون
لثغة راءاتها الأجنبية
رمانها المتدلىَّ عفواً
على سور أحلامنا
واليمام الحبيس
بأقفاص سجانه المخملى
رنين أساورها
ساعة توقف الوقت
تلدغنا
بالعقارب
عند قدوم مواكبها الموسمية
بالفرْح والقمحِ
والقطف والوصفِ
والحَبِ
ذى العصفِ
والرَيَحَان ...
سَافرت
لم تسافر
ولكنها أخذت عطلة
من مواجعنا
من دماءٍ تسح
على ظل أهدابها
من نشيجٍ
يسربهُ
صمتنا
من بكاء الأرائك
من عنفوان القصائد
تجرى
مُلوّحة
فى الفضاء
فيشتعل العنفوان
سَافرت ؟
لم تسافر
ولكنها آثَرَت
أن تريح العصافير
من غَزَلٍ
وتريح الربابات
من نزفها
وتريح الكمان
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> والمساء الحزين
والمساء الحزين
رقم القصيدة : 65948
-----------------------------------
والمساء الحزين
والبنفسج إذ يزدهى
ثم لا ينتهى
أو يودِّع أصحابه
أو يخون
والبنايات إذ أينعت
وعلت
وربت
ثم شقت فضاءاتها
فى غمام السكون
والشجيرات
إذ ذبلت
وبكت
والفتاة الغزالة
إذ ضحكت
للفتى
فانتشى ذاهلا
ومشى
موغلا فى الحنين !!
فبأى الأحاديث يحكى
لها
وبه
... ما بها
وبأى الأناشيد
يبدأ دمعاته
وبأى المواعيد
يرشق نجماتهِ
ثم ينهى عذاباتهِ
بابتكار الحديقةِ
والوعد
والياسمين
أترى
كنت ذاك الفتى
إذ أتى
ممسكا سيف أوهامهِ
زارعا قمرا
ونخيلا
وزيتونةً
أصلها ثابتٌ
بيد أن فروع محبتها
فى دم العاشقين
والفتاة التى ضحكت
أتراها تكون
غزالته المستحمة
بالمسك(63/148)
والمستبدة بالكحل
إذ يهرب العطر
من شعرها
لينيم صبابات
طير سجين
أم ترانا إذن فتية طيبين
يقولون ما يفعلون
وينفون ما يدعون
إذا عشقوا
سكروا وإن سكروا ..
مكروا وإن مكروا
عانقوا
شجرا
للجنون
ومضوا
يسرعون الخطى
نحو موت
حنون
والمساء الحزين
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> ليس معه
ليس معه
رقم القصيدة : 65949
-----------------------------------
لماذا
أنا
معك الآن
فى كل حلم
وليس مع القلب
لست معه
حينما هجر
الجسد المستكين
وحط
على شعرك الزوبعه
ليستاف هذا العبير المجوسى
يمضى
إلى آخر الطقس
مشيا
إلى
أول المعمعه
ليس ينفع
معْ
شعرك البابلى
مناديل منقوشة
بالحنين
ولا القبعه
فتيهى
بهذا الحريرى
قولى الملاحم
فى وصفه
وسأروى أنا
ما تيسر من أغنيات
تفيض
مُنىً
مترعه
ريثما تهدأ الروح
بعضا من الحلم
فى داخل الصومعه
ولماذا هو الآن
كالريح
ليس له موعد
أو فصول
ثلاثون أو
أربعه ؟
ولماذا هو الآن
سكران مضطرب
دونما
خمرة
أوجعه
ما الذى أرجع الشعر ميلين
للخلف
منذا الذى أوجعه
أيها القلب يا صاحبى
عد الى حيث جئت
فإنى معه
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> ويدى عاجزة
ويدى عاجزة
رقم القصيدة : 65950
-----------------------------------
ويدى عاجزة
أن تمسك حلماً
أن تصطحب فراشات
تهرب
من مصباح الوهم
إلى وهم المصباح ...
وأن تصطاد هديلاً
ليمام جبلى ناء وباء
بدمعته
لنجوم لم تحفظ سراً
أن ترشق وهماً عذباً
أن ترقب أطياف فتاة
مرت كالوجع
وألقت ما فى بسمتها من عناب
وتخلت
وتولت
كعناقيد الفجر
ومرقت
كالعطر
ولم تمنحنى
بعض ثوان
كى ألتقط
الأنغام ...
وكى أتخذ قراراً
بالعشق الفورى
وأصدر أمرين
لقلب
أعرفه
لكن لا يعرف
كيف يبوح
وكيف يفوح
بسوسن غبطتهِ .
ويدى عاجزة ٌعن :
أن ترتاد مواسم حناء
لتصافح
أنسام الفرح الغائب
عن قريتنا
ليحط على
أغصان محبتنا
ويداعب أوتار
الورد الناعس
فوق جفون
صبابتنا
ويدى عاجزة
عن
أن تلقاك
على شرفات الريح
فترتعش الروح(63/149)
وتلهج بغناء
عن ولد
يعجز عن
أوجاع .. ما
لا أحصيها
أولها الصبر على الأحباب
وثانيها ..
ويدى عاجزة
ويدى ....
ويدى .....
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> الغريب
الغريب
رقم القصيدة : 65951
-----------------------------------
فى آخرة الليل
يعود
إلى البيت
فلا يجد الزوجة
تملأ أطباقا
وتعد عشاءً
ولقاءً
وتموج بهمسٍ
وعبيرٍ
لا يجد الأم
تضمد لوعته
بدعاءٍ
لا يجد الزهرة
فى الآنية
تبوح بلون
لا يجد المطرب
يشدو فى المذياع
يبارك
دهشتَهُ ...
لا ........
لا ........
فيعود إلى الشارع
ويغنى
الشارع أمى
وأبى
والزوجة إذ تتعطر
والزهرة
فى الآنية ...
إلى آخره
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> صباح الخير
صباح الخير
رقم القصيدة : 65952
-----------------------------------
أحمل وقتى
وحديقة منزلنا
وكراريس البوح
ودفتر صمتى
أقلام رصاص
ممحاةً
كتبى ... مكتبتى
آنية الزهر
وأشجار الصفصاف
الضاحك
فى مدخل بيتى
النارجيلة
والشاى الأخضر
أشرطة التسجيل
لعبد الوهَّاب
مجلات الشعر
وأغنيتى ، صوتى
وقصائد موتى
ويقينى
ولواعج شكى
وأطل عليك
أقول صباح الخير
وارجع وحدى
دون حديقة منزلنا
دون كراريس البوح
وعبد الوهاب
ودون ودون .....
ودو ......
حتى ارجع فى الصبح القادم
لأقول صباحاً آخر
يا سيدتى
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> تَفَقَّدى جروحى
تَفَقَّدى جروحى
رقم القصيدة : 65953
-----------------------------------
تفقدى جروحى
وغامرى
وروحى
إلى مجاهل الفؤاد
وادخلى
ورممى
صروحى
وأيقظى الذى مضى
من الحنين
وامتطى
جياد لوعتى
وواصلى فتوحى
أنا هنا ممهد لدهشةٍ
لدمعة
لتهلكات روحى
وأنت فوق عرشك التليدِ
تسكبين
قطر
عطرك المديدِ
يزهر النعناع
فى هضاب مهجتى ...
وفى سفوحى
فعجلى ...
وبوحى
بكل ما باحت به الطيور
فوق أفرعى
وفوق دمدمات ريحى
ورددى
أنا التى تَفقدتْ
ورمَّمَتْ وأيقظت
وطاولت به النجوم
أشعلت مواكب الفتوح
والجموحِ .. !!(63/150)
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> إلى أين اذهب بى
إلى أين اذهب بى
رقم القصيدة : 65954
-----------------------------------
إلى أين اذهب
بى
فأبى
لم يعلم فؤاد ابنه
كيف يسبح
ضد الحنين
ولم يهده للرماية
أو لركوب خيول العذابِ .
والأصدقاء الأخلاء
قد غادرونى ...
ولم يتركوا فرصة
للعتاب
إلى أين اذهب بى
أو سأشرح ما بى .
والحدائق
أوصدت الباب
دونى
والبنفسج قال لعشاقه الطيبين
اتركوه
ففروا
ولم يعرفونى
وناى الصبابات
لم يعزف اللحن
عمدا
ولم يستمع برهة
لأنينى
إلى أين
والأمنيات الجميلات
مرت
ومرت قطاراتها المثقلات
بأفراحها
وبسكرها
ومضت للجنون ....
إلى أين اذهب بى
للحديقة
أم للحقيقة
أم للفتاة التى عبرت
نهر قلبى
استقرت بعيدا
مزقزقة كالعنادل
ناعمة
كالقطيفة
رائقة كالندى الساحلى
وساحرة
كالأساطير
مترفة
كشذى الياسمينِ
لأبكى على بابها السندسى
افتحى
وادخلى لوعتى
واسكنى
فى حنينى
إلى أين اذهب
لا ............
سوف افترش الحلم .
التحف النجمة البابلية
أرقد
ما بين
بينى
وبينى
ربما يزهر البرق فى حقلنا
بوح صفصافة تحتوينى
..........................
........................
خذينى !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> لستِ ملاكا
لستِ ملاكا
رقم القصيدة : 65955
-----------------------------------
ِ أنت
من هؤلاء
ومن
هؤلئكْ
أنت لستِ ملاكا
يلقن أحلامنا زهوها
ثم ينزع من أرضنا
كل شوكٍ وشائك
ولا وردةً
تستحم بنسمتها
وتفيض ندى
وترش مواسمها
وتنام على مخمل فى الأرائك
أنت منهم
ومنهن
يجرى دم الغدر
بين عروقك
يهمى على مرجنا
بالخديعة
من يقترب
من خطاه المريبة
هالك
فلمى بقاياك
من واحة القلب
لمى هدوء الزوابع
لمى لآلئ زيفك
مرمرك المتهالك
كذلك قالت لى الروح
قال الفؤاد المعبأ بالجمر
قالت ضلوع تخبئ خيباتها
فى الهجير
..... كذلك !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> ربيب البنفسج
ربيب البنفسج
رقم القصيدة : 65956(63/151)
-----------------------------------
ربيب البنفسج
والسوسنات أنا
ويتيم حنانِكْ
وأنت ابتسام الكمنجة
حين يداعبها
قوس أحلامها
فى مساء المهالك !!
وأنت ابتهاج
ٍ سفرجلة
غضةٍ
حين غازلها قمر
فى الحديقة ،
قالت له
كن
بحالك
وماذا سيفعل مرتبك
بالهوى
غير أن" يصطفى ِ"
نجمةً
ويسامرها
ويبوح لها بالذى
فى الضلوع
ويفتح بابا جديداَ لأحزانه
حين سد الحنين
على خطوة
كل تلك المسالك
ربيب البنفسج والسوسنات أنا
ويتيم حنانك ...
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> صدقة جارية
صدقة جارية
رقم القصيدة : 65957
-----------------------------------
تمشين صباحاً
كالظبى المختال
بسحر عذوبته البيضاء .
تهبين الشعر
إلى الشعراء
والكحل الأسود
يهمى
من عينيك
إلى ألوان الرسام
والتفاح المتساقط
من خديك
إلى الجوعى
وهواء النعناع الهارب
من فمك العطرى
إلى مرضى الصدر
والرمان المتقافز
من شجر النهدين
إلى الطفل المفتون
بكرة المطاط
تهبين
وتهبين
كأنك إذ تمشين
صدقات جارية
تمشى !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> صباحٌ قروى
صباحٌ قروى
رقم القصيدة : 65958
-----------------------------------
قد جاء الصبح
فدعكت صفصافة بيتى
نهديها
واشتعلت ساقية القرية
بنشيد الأحزان
وانفتحت
شرفات واسعة
لفتاة
لتعلق شعر الخيل
على حبل الريح
وغسلت سيدة
ما اتسخ قليلاً
من أثواب الليل الناعمة
الموبوءة بالعطر
فهام الماء
وخر على كفيها
وتكسر مبتلاً
.. وجريح
وطار العصفور الأزرق
من شجر
كى يوقظ عصفوراً
نام بعيداً
عن شجر الأهل
...........
قد جاء الصبح
فَولّ الوجه الشاحب
شطر الأحباب
وارشق سهميك
بصدر غزالة أحلامك
ستجئ إليك وتأتيك
حناناً موارا ودثاراً
ومدائن وتدق الباب !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> مثلى
مثلى
رقم القصيدة : 65959
-----------------------------------
طرى كدمع
وسهلٌ
كتقشير
أغلفة اليوسفى
وصعبٌ
كمولد شعرٍ جديد
ومزدحم
مثل سوق قديم
غبىٌ(63/152)
كمن يبحثون عن العشق
والعشق بين يديهمْ
وسيعٌ
كشرفة بيت
تطل على الريح
فظ ٌ كقطٍ يُنقب
منذ نهارين
عن خطو
قطته الهاربه
وملتهبٌ كصبى
يجرب أحلامه
فى الغرام
ومرتعشٌ
كشتاءٍمضئ
كبسمة عاشقة
لقتيل صبابتها
وثَرىٌ
كذاكرة ٍثَرةٍ
بالمواجع
مبتئس
وحزين
كليل طويل
كريم
كلؤلؤة
وبخيل كشمس
تنام إلى مطلع الصبح
رافضة أن تجئ
ويجمع كل الصفات الجميلة
يجمع كل الصفات القبيحة
مثلى انا
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> مفتاح
مفتاح
رقم القصيدة : 65960
-----------------------------------
مفتاحٌ فى سلسة
منذ سنين
يبكى الهجران
لم يدخل ثقباً
لم يتحرك ميمنة
ويساراً
كى يفتح باباً
من يجلو الصدأ /السوس
الزاحف نحو الأسنان ؟
من يرحم غربته
من هذا الصمت المطبق
فوق الجدران ؟
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> قتال
قتال
رقم القصيدة : 65961
-----------------------------------
وغرابان اقتتلا
حفر القاتل
مقبرة لأخيه
ووارى جثته
وا أسفى
لا أخوة لى
أقتلهم
أو......
ما جدوى
موت الغربان إذن ؟
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> رجلان
رجلان
رقم القصيدة : 65962
-----------------------------------
رجلان
على قارعة الليل
حزينان
وينتظران
فتاةً واحدة
عذبه
الأول
لا يدرى
أن الثانى
ينتظر فتاتهْ
والثانى لا يدرى
أن الأول
صار غريما لهْ
ويشاركه حبه
رجلان
على قنبلة الليل
سيجلس أحدهما
والآخر جنبهْ
الأول يبكى شوقاً
والثانى
من زلزال الوجد
يخبئ رعبهْ
إذ بعد قليل
سوف تجئ المأساة
وتنفجر القنبلة
وتنكشف اللعبه
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> صور
صور
رقم القصيدة : 65963
-----------------------------------
صور الأسرة
فوق الحائط
أمى
وأبى
وأخى
أترى من سأعلق صورته
بعد زمنْ ؟
أو من سيعلقنى
.. من ؟
صور الأسرة
تركض فوق الحائط
تنظر لى
وتئن !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> الجندى المعلوم
الجندى المعلوم
رقم القصيدة : 65964(63/153)
-----------------------------------
خرج الجندى المجهول
من القبر الفاره ..
بحثاً عن جندى معلوم
يؤنسه
التقيا
جلسا فى مقهى
شربا شايا
واقتسما النارجيلة ..
سقطت قنبلة
أودت بالمقهى والناس
هرب الجندى المجهول إلى قبره
وانبطح الجندى المعلوم على الأرض
قتيلاً
صار الجندى المجهول
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> الباب
الباب
رقم القصيدة : 65965
-----------------------------------
يسكن فى الحائط
يسكنه
إغواء صداع يومى
وجحيم تراب
ويصد الريح
يصد الحلم
ويسقطه
عند الأعتاب
يخفى الجوعان
عن الأعناب
يخفى الأحباب
عن الأحباب
يحجب أسراراً يعرفها
يفتح للفتنةِ
ألف عذاب
لا يحزن
إن غاب حبيب
لا يبسم منشرحاً
إن آب
لا يسأل أبداً
عن أسباب
ويبُوبُ فى صفحات الوجه
حوادثَ
ما مرتْ
بكتابْ !!
صنعوه من الغصن المبتور
فى آخر يومٍ
من
" بَابه "
فى أول هاتور
الكذاب
اسموه الباب
اسموه الباب
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> تأجيل
تأجيل
رقم القصيدة : 65966
-----------------------------------
الزوجة الصغيرة
المكحله
وزوجها العجوز
والولد الجميل
عند الشرفة المقابله
خيانة
مؤجله .. !
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> موناليزا
موناليزا
رقم القصيدة : 65967
-----------------------------------
من كثرة وجعى
سحبت تلك الموناليزا
رفة بسمتها
من وجه اللوحة
.. وارتبكت
وبكت
******************************
(( صَمَم ))
كان يغنى للشجر الحالم
فيجود بتفاح عذب.....
منذ شهور ، وهو يتيه
ويصبو ويغنى
والشجر ضنين بالتفاح ،
فهل صار الشجر اصم ؟
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> اللص
اللص
رقم القصيدة : 65968
-----------------------------------
نظر إلى وجه الماء
فشاهد صورته تتلألأ
أعجبه الشكل ، فخطف الصورة
من وجه الماء وطار... !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> يقظه
يقظه
رقم القصيدة : 65969
-----------------------------------(63/154)
نامت كل عصافير الشجره
والشجرة واقفة
ما نامت
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> شهيق
شهيق
رقم القصيدة : 65970
-----------------------------------
مذ لمست أنفاسك وجهى
صرت أثيراً واسيرا
لزفيرك !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> وفرة
وفرة
رقم القصيدة : 65971
-----------------------------------
منذ سنين لا أسأل
فالأجوبة المرة
متوفرة بغزاره ... !!!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> تعريفات
تعريفات
رقم القصيدة : 65972
-----------------------------------
بوتقة الروح
وآنية الفضة
إذ تنضح عطراً
سوسنة الريح
وأيقونات الموسيقى
أزهار النار
وتعريفات جمه
هل وفقت قليلاً
فى وصفك؟
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> ثروة العائلة
ثروة العائلة
رقم القصيدة : 65973
-----------------------------------
زج بالعَنَزات الصغيرات
داخل
حافلة راحله
وغفا جنبهن
ليحلم بالثروة الهاطله
وصحا
فإذا الناس فروا
وإذا العنزات هربن
إلى بقعةٍ
قاحله
فبكى ثروة العائله
ومضى
يحلب
الحافله !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> قصائد الأعمى
قصائد الأعمى
رقم القصيدة : 65974
-----------------------------------
(1)
يسمع أنات أصابعها
فوق النافذة
ورنين خواتمها
يصغى
لحفيف الثوب الهفهافِ،
على الجسد المتلاف
ويخاف
يشتاق الصوت الطافح
بالموسيقى
فى ليل الصيف
ويشم عبير الطيف
لا يدرى
كيف ؟ !!
..............
(2)
فى الغرفة المظلمة الخبيئه
ينام
كى توقظه
بسمتها الثرثارة المضيئه .
(3)
أُبصرُ نهرا ممتدا
يغمر صلصال حياتى
واسمية على عجل
البصر
الآتي ..... !!
..........
(4)
هل كان البصر امرأة
فاتنة الروعة
كى أتشهاه
من أسماه
ومن أعطاه الألقاب
ومن ابقاه
الحلم الابدى
لعين
مطفأة .. ؟!
.........
(5)
الأعمى
يتساءل
فى حيرته
من أى الظلمات
أشق
طريقى ..
(6)
فقد الأعور
عينا باقية
فبكاها
طول
عماه !!
...............
(7)
عكاز الاعمى
ضوء
فى العتمة
صوت(63/155)
فى الصمت
سفن
وفنار ؟
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> قصائد العجز
قصائد العجز
رقم القصيدة : 65975
-----------------------------------
(1)
الكرسى
ذو العجلات الأربع
أصبح قدمين اثنين له
يتنقل بهما
كيف يشاء
فى أنحاء
الغرفه
(2)
الكرسى المتنقل ذو العجلات
طائرة وبواخرُ وقطارات
والغرفة ميناء ومطار ومحطات
وبلاد وسماء
الغرفة
بيت الداء !!
(3)
منذ زمان
يجلس
مكتئبا وقعيدا
منذ زمان
يبصر كثبانا وحقولا
وبلادا وحدائق ومعارك
ٍ وبنات
انصع من جوز الهند
على
شاشات
التلفاز !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> ارتقاء
ارتقاء
رقم القصيدة : 65976
-----------------------------------
القردُ
يطلع فى أعلى الشجره
كُتب التاريخ
ونظريات نشوء الكون
يسافر
فى الأوراق
ينادينى
فى ثقة العارف
يا ولدى ..
يا ولدى العاق ... !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> الجنة
الجنة
رقم القصيدة : 65977
-----------------------------------
(1)
أسميك أمى
وأجثو على قدميك
لأبصر
جنتى المشتهاه
(2)
( تأويل آخر )
أسماها الام
ووضع التفاح الطازج
أسفل
قدميها
كى يأكل فاكهة
الفردوس
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> شرنقة
شرنقة
رقم القصيدة : 65978
-----------------------------------
آه
لو يسقط هذا الحائط
هذا الشباك
وباب البيت
وباب الحجرة ،
وأراها
كفراشة قز
تخرج
من شرنقة
وتطير ... !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> الميت
الميت
رقم القصيدة : 65979
-----------------------------------
خرج من المقبرة
وجد البيت تهدم
والزوجة
صارت زوجاَ
لعدوه
والأولاد اقتتلوا
حتى الموت على الميراث
ورفاق الحانة والسوء اتعظوا
واعتصموا
بصلاة وسجود
وعيال الشارع صاروا آباء
لعيال يجرون وراءه
ويصيحون
المجنون
المجنون !!
فانسل
وحيدا
واتجه الى المقبرة
تدثر بتراب
والموتى يندهشون
يصيحون
المجنون
المجنون
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> حتى
حتى
رقم القصيدة : 65980(63/156)
-----------------------------------
ظل يغازلها
حتى استيقظ فيها
كل حرير نساء الدنيا
وصحا بدر مكتمل
وغدت
فى لحظات البوح
سلاسل من نور
ومباهج من عطر
وأثير
وتدفق فى آنية الروح
شراب
وهدير !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> التلاشى
التلاشى
رقم القصيدة : 65981
-----------------------------------
كل شئ تلاشى
ولم يبق غير غيابك
مزدهرا
وأليفا
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> شهوات
شهوات
رقم القصيدة : 65982
-----------------------------------
حين تطول كثيرا
أعناق الشجرة
تشتعل طويلا
شهوات
فؤوس الحطاب !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> ضوء
ضوء
رقم القصيدة : 65983
-----------------------------------
الغرفة
خوفا من ظلمات مطبقة
تفتح نافذة
وتزيح ستائرها
فلعل نجوما تأتى
وتضئ دواخلها
أو أن غريبا
سوف يمر
فيأتنس
ويعلم ان هنالك
غرفا للضوء
وبنتا تسكنها
فيدق الباب !!
***************
(( موسيقى ))
أشجار الموسيقى
أن تلكزها الريح
بمهماز
ضراوتها
تعزفْ !!
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> نباح
نباح
رقم القصيدة : 65984
-----------------------------------
لا لص يجئ
لا زائر يوقظه
برنين الجرس المتواصل
أو بالقرع على الأبواب
لا طفل يشاكسه ويفر
ولا أنثى تستصرخ فيه مواسمه
لا .. .
لا .. .
كلب ..
يبتئس طويلا
وينام على عتبات البيت
ويبكى ..
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> ظن
ظن
رقم القصيدة : 65985
-----------------------------------
العاشق
ظن الصحراء
حديقه
ظن العاقول الفل ،
وظن سراب الصحراء الماء
فمضى
لسراب حديقته
واحتضن العاقول
وغنى
لبياض الفل
شعراء مصر والسودان >> عزت الطيري >> الراعى
الراعى
رقم القصيدة : 65986
-----------------------------------
يكسر مزمارا
ويقامر
حين اكتشف ضياع النعجة
من سرب قطيعه
الراعى يثغو
لا ذئب أتى
لا ريح ولا إعصار
ولا محض غبار هب
فأعماها
الراعى يهذى
أترانى أحصيت نعاجى خطأ(63/157)
عند خروجى فى الفجر الى المرعى
اترانى نمت
فجاء الذئب ،
وجاءت ريح وغبار
أتراها ....
الراعى يمضى للبيت
ويحلم
أن أباه سيلطمه :
يا هذا الأهوج
كيف تركت النعجة
جوعى فى البيت
ورحت الى الكلا بمزمارك
وبسرب نعاجك !!
شعراء العراق والشام >> عزالدين المناصرة >> وجهة نظر
وجهة نظر
رقم القصيدة : 65987
-----------------------------------
قال لي
عن زبد البحر
بقايا الكلام
وهو يومئ للنرجسة
وموضع غمازة الخد
أنظر إلى مشية الفارسة
قال لي أنه قارئ الشد
أكتب عن الخنفساء
تهرش أطرافك الواهية.
عن القز والنحل، أكتب عن الساقية.
في مكاتبها الأبنوس تنم لكي تطعم المتعبين
عن الطبل والزمر أكتب عن الحاشية.
تشعلق قلبي طيور الخيام
أخي، ترجموك إلى كومة من عظام
أكتب عن الخنفساء
وهي تدخل في الليل فوق سريرك
تهرش أطرافك الواهية.
قال لي - وهو يومئ للراعية:
عن القز والنحل، أكتب عن الساقية.
- أراه: لن تتعب الماشية
في مكاتبها الأبنوس تنم لكي تطعم المتعبين
قال: وانظر لقبعة الجنرال الموشاة بالمادحين
عن الطبل والزمر أكتب عن الحاشية.
قلت : مهلا
تشعلق قلبي طيور الخيام
أخي أيها الثلج في طرقات النعاس
أخي، ترجموك إلى كومة من عظام
وأنا يانع مثل نعناع مريام صعب المرام.
شعراء العراق والشام >> عزالدين المناصرة >> مفاوضات
مفاوضات
رقم القصيدة : 65988
-----------------------------------
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
الرصين.
في جبال اليقين
بعشب يغطي تصحر أفئدة في الصقيع.
حيث الرخام العريق
كانت التينة النبوية تهذي
في السلاسل خروبة وشوشت جارة الماء في الليل
زغرغتها العصافير فانفلقت فلقتين
هوت في البقيع.
تتلولح مفتونة في فضاء البراري العتيقة
تجهز أكواب فرحتها، ليلة الأقحوان.
يطرزن عرقا من السعف فوق الصدور
كانت السعفة المائلة
كان شيخ يقص الروايات في ساحة البئر
وعن عشبة المريمية حيث تخبأ فيها
كانت المطبعة(63/158)
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
في كمال غلالتها في الربيع
تتقصع سيدتي الغالية
عندما وز من جهة الرمل هذا الرصاص الجديد
حسدتها طيور الحديد.
كانت الأمهات
يطرزن عرقا من السعف فوق الصدور
يهاهين فوق شواهدهم في الخلاء
كانت السعفة المائلة
تجرجرني في الكلام عن النبعة الجارية.
كان شيخ يقص الروايات في ساحة البئر
عن غضب البحر: زلزالة في الضلوع
وعن عشبة المريمية حيث تخبأ فيها
يسوع
كانت المطبعة
تحرك أسنانها بالمناشير قرب الحدود.
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
عندما هبطت تحمل الشمع في درج الغرفة العالية
في كمال غلالتها في الربيع
قالت الدالية:
تتقصع سيدتي الغالية
بكمال غلالتها.... وأمام الجميع
عندما وز من جهة الرمل هذا الرصاص الجديد
هوت في الينابيع في مرمر التجربة
حسدتها طيور الحديد.
شعراء العراق والشام >> عزالدين المناصرة >> جفرا
جفرا
رقم القصيدة : 65989
-----------------------------------
أرسلتْ لي داليةً 00 وحجارةً كريمة
مَنْ لم يعرفْ جفرا 000 فليدفن رأْسَهْ
من لم يعشق جفرا 000 فليشنق نَفْسَهْ
فليشرب كأس السُمِّ العاري يذوي , يهوي 000 ويموتْ
جفرا جاءت لزيارة بيروت ْ
هل قتلوا جفرا عند الحاجز, هل صلبوها في تابوت ؟؟ !!
**
جفرا أخبرني البلبلُ لّما نَقَّر حبَّاتِ الرمِّانْ
لّما وَتْوَتَ في أذني القمرُ الحاني في تشرينْ
هاجتْ تحت الماء طيورُ المرجانْ
شجرٌ قمريٌّ ذهبيٌّ يتدلّى في عاصفة الالونْ
جفرا عنبُ قلادتها ياقوتْ
هل قتلو ا جفرا..قرب الحاجز هل صلبوها في التابوت ؟؟
**
تتصاعدُ أُغنيتي عَبْر سُهوب زرقاءْ
تتشابه أيام المنفى ,كدتُ أقول :
تتشابه غابات الذبح هنا وهناك .
تتصاعد أغنيتي خضراء وحمراءْ
الأخضر يولد من الشهداء على الأحياء
الواحةُ تولد من نزف الجرحى
الفجرُ من الصبح إذا شَهَقَتْ حبّاتُ ندى الصبح المبوحْ
ترسلني جفرا للموت، ومن أجلك يا جفرا
تتصاعدُ أغنيتي الكُحيَّلة.(63/159)
منديلُكِ في جيبي تذكارْ
لم ارفع صاريةً إلاَّ قلتُ : فِدى جفرا
ترتفع القاماتُ من الأضرحة وكدتُ اقولْ :
زَمَنٌ مُرٌّ جفرا ... كل مناديلك قبل الموت تجيءْ
في بيروت ، الموتُ صلاةٌ دائمةٌ والقتل جريدتُهُمْ
قهوتُهمْ ، والقتل شرابُ لياليهمْ
القتل اذا جفَّ الكأس مُغنّيهمْ
وإذا ذبحوا ... سَمَّوا باسمك يابيروت .
سأعوذُ بعُمّال التبغ الجبليّ المنظومْ
هل كانت بيروتُ عروساً ،هل كانت عادلةً ... ليست بيروتْ
انْ هي إلاّ وجع التبغ المنظومْ
حبَّاتُ قلادته انكسرتْ في يوم مشؤومْ
انْ هي إلاّّ همهمة لصيّادين إذا غضب البحر عليهمْ
انْ هي الاّ جسد إبراهيم
إنْ هي الاّ ابناؤك يا جفرا يتعاطون حنيناً مسحوقاً في فجرٍ ملغومْ
إنْ هي الاّ اسوارك مريامْ
إنْ هي الاّ عنبُ الشام
ما كانت بيروت وليستْ ، لكنْ تتواقد فيها الاضدادْ
خلفكِ رومٌ
وأمامكِ رومْ. !!!
**
للأشجار العاشقة أُغنّي.
للأرصفة الصلبة ، للحبّ أُغنّي .
للسيّدة الحاملة الأسرار رموزاً في سلَّة تينْ
تركض عبر الجسر الممنوع علينا ، تحمل أشواق المنفينْ
سأغني .
لرفاقٍ لي في السجن الكحليّ ، أُغني
لرفاقٍ لي في القبر، أغني
لامرأةٍ بقناعٍ في باب الأسباط ، أغني
للعاصفة الخضراء ، أغني
للولد الاندلسيّ المقتول على النبع الريفيّ ، اغنّي .
لعصافير الثلج تُزقزقُ في عَتَبات الدورْ
للبنت المجدولة كالحورْ
لشرائطها البيضاء ْ
للفتنة في عاصفة الرقص الوحشيْ
سأغنّي .
هل قتلوا جفرا ؟؟
الليلةَ جئنا لننام هنا سيّدتي ... يا أُمَّ الأنهارْ
يا خالة هذا المرج الفضيْ
يا جدَّة قنديل الزيتونْ
هل قتلوا جفرا ؟؟
الليلة جئناكِ نغّني .
للشعر المكتوب على أرصفة الشهداء المغمورين ، نُغنّي
للعمّال المطرودين ، نغّني
ولجفرا ... سنُغنّي .
جفرا ... لم تنزل وادي البادان ولم تركضْ في وادي شُعَيبْ
وضفائرُ جفرا ، قصّوها عن الحاجز ، كانت حين تزور الماءْ
يعشقها الماء ... وتهتز زهور النرجس حول الاثداء(63/160)
جفرا ، الوطن المَسْبيْ
الزهرةُ والطلْقةُ والعاصفة الحمراءْ
جفرا...إنْ لم يعرفْ من لم يعرفْ غابة تُفَّاحٍ
ورفيفُ حمام ٍ... وقصائد للفقراءْ
جفرا...من لم يعشق جفرا
فليدفنْ هذا الرأس الاخصر في الرَمْضاءْ
أرخيتُ سهامي ، قلتُ : يموتُ القاتل بالقهر المكبوتْ
منْ لم يخلع عين الغول الاصفر ... تبلعُهُ الصحراء .
جفرا عنبُ قلادتها ياقوتْ
جفرا ، هل طارت جفرا لزيارة بيروت ؟
جفرا كانت خلف الشُبَّاك تنوحْ
جفرا ... كانت تنشد أشعاراً ... وتبوحْ
بالسرّ المدفونْ
في شاطيء عكّا ... وتغنّي
وأنا لعيونكِ ياجفرا سأغنّي
سأغنّي
سأُغنّي .
لصليبكِ يا بيروتُ أُ غنّي.
كانتْ ... والآنَ : تعلّقُ فوق الصدر مناجل للزرعِ وفوق
الثغر حماماتٌ بريّةْ.
النهدُ على النهدِ ، الزهرةُ تحكي للنحلةِ ، الماعز سمراء،
الوعلُ بلون البحر ، عيونكِ فيروزٌ يا جفرا.
وهناك بقايا الرومان : السلسلةُ على شبكة صليبٍ ... هل
عرفوا شجر قلادتها من خشب اليُسْرِ وهل
عرفوا أسرار حنين النوقْ
حقلٌ من قصبٍ ، كان حنيني
للبئر وللدوريّ إذا غنَّى لربيعٍ مشنوقْ
قلبي مدفونٌ تحت شجيرة برقوقْ
قلبي في شارع سَرْوٍ مصفوفٍ فوق عِراقّية أُمّي
قلبي في المدرسة الغربيّةْ
قلبي في النادي ، في الطلل الأسمر في حرف نداءٍ في السوقْ.
جفرا ، أذكرها تحمل جرَّتها الخمرية قرب النبعْ
جفرا، أذكرها تلحق بالباص القرويْ
جفرا ، أذكرها طالبةً في جامعة االعشّاقْ.
من يشربْ قهوته في الفجر وينسى جفرا
فَلْيدفنْ رأسَهْ
مَنْ يأكلْ كِسْرتَهُ الساخنة البيضاءْ
مَنْ يلتهم الأصداف البحرية في المطعم ينهشُها كالذئبْ
من يأوي لِفراش حبيبتهِ، حتى ينسى الجَفْرا
فليشنقْ نفَسَهْ.
جفرا ظلَّتْ تبكي ، ظلَّتْ تركض في بيروتْ
وأبو الليل الاخضرِ ، من أجلكِ يا جفرا
يشهقُ من قهرٍ شهقتَهُ... ويموت .!!!
شعراء العراق والشام >> عزالدين المناصرة >> بالأخضر كفناه
بالأخضر كفناه
رقم القصيدة : 65990(63/161)
-----------------------------------
بالأخضر كفناه بالأحمر كفناه
بالأبيض كفناه بالأسود كفناه
بالمثلث والمستطيل بأسانا الطويل
نزف المطر على شجر الأرزيل ذكراه وعلى الأكتاف حملناه
بكت النزل البيضاء لمرآه
دمه ينزف والبدوي تنتظر الأيام
دمه ينزف زغرد سرب حمام
والبدوية تنتظر حبيبا سيزور الشام
بالأخضر كفناه بالأبيض كفناه
بالأسود كفناه بالأحمر كفناه
كان خليلا من صيدون حمصيا من حدروب
بصريا من عمان وصعيديا من بغداد
كان جليليا من حورام
كان رباطيا من وهران
مطر في العينين وتحت القلب دفناه
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> الطائر الحزين
الطائر الحزين
رقم القصيدة : 65991
-----------------------------------
عُدْتُ بلا حِسَّ ولا خاطِرِ..
كأنًّني عُشٌ بلا طائِرِ!
عُشٌّ كَثيبٌ نالَ منه الِبلَى
يَفِيضُ بالبؤسِ على الناظِر!
واهٍ على ماضٍ قطفتُ المُنَى
ريَّانَةً مِن رَوْضِهِ النَّاضِرِ!
وَلَّى فلم يَبْقَ سوى مُهْجَةٍ
.. غابِرُها يَبْكِي على الحاضِرِ.. !
يَبْكي عليه.. ثم يَرْضى البِلى
كلاهما.. من أَلَمٍ صاهِرِ!
ولا يَضيقانِ بَلاُوائِهِ
ولا يًثُورانِ على الواتِِرِ!
فرُبَّما كانتْ بِطَيَّاتهِ
نُعْمى تُعيدُ الرِّبْحَ للخاسِرِ!
مُضاعَفاً يَنْسى بآلائِهِ
ما كانَ من ناهٍ.. ومن آمِر!
ورُبَّ حَظِّ عاثِرٍ يَنْتَهي
بِرَبِّهِ لِلأَمَلِ الزَّاهِرِ!
خواطِرٌ هذي جَلاها الأَسى
بعد الدُّجى الحالِكِ للشّاَعِرِ!
لكنَّهُ صابَرَ حتى اسْتَوَتْ
وضَّاءَةَ الباطِنِ والظَّاهِرِ!
حقائِقاً عادَ بِها ناعِماً
باللاَّبِنِ المُغْدِقِ والتَّامِرِ!
يا ذاتَ أَمْسى.. يا جَلاَل الهوى
يا ذاتَ حُبِّي الوامقِ الطاَّهِرِ!
يا رّبَّةَ السِّحْر الذي قادني
إلى الذُّرى ذاتِ السَّنا الباهِرِ!
ثُمَّ إلى الدّرْكِ.. إلى شِقْوَةٍ
أوَّلُها يَعْثُرُ بِالآخِر!
كيف طَوى ذاك الجمالَ الرَّدى
وانْقَلَبَ السِّحْرُ عَلى السَّاحِرِ؟!(63/162)
عاد به المَهْجُورُ في جَنّةٍ
ولَيْسَ بالباكي ولا السَّاخِرِ
وليس بالتَّاعِسِ من جَوْرِهِ
وليس بالآسِي على الجائِرِ!
وأَنْتِ ما عُدْتِ سوى لِلأسَى
بعد الخَنى. بعد الضُّحى العابِرِ!
ما أَرْوَعَ القِصَّة هذي الَّتي
تَرْوِي عن المَهْجُورِ والهَاجِرِ!
* * *
وسأَلْتُ نَفْسي. ما الذي يُجْدي الهوى
في حالّتيْه.. بِوَصْلِهِ وبِصَدِّهِ؟!
هل لو سَعِدْتُ بِقُرْبِهِ ونَوالِهِ
أغدْو الرَّفِيعَ بِمَجْدِهِ. وبِرَغْدِهِ؟!
أغْدو أَسيرُ وما أخافُ من الرَّدى
ولو استطال بِبَرقِهِ. وبِرَعْدِهِ؟!
أم أَنَّني أغْدُو الهَلُوعَ لأنَّني
بِعْتُ الحياةَ على الحَبِيبِ ورِفِدِهِ؟!
فَغَدَوْتُ مَمْلوكاً يُفَزّعُهُ النَّوى
فيَوَدُّ أن يَبْقى الحُسامُ بِغِمْدِه؟!
لَنَجَوْتُ مِن طَيْشِ الغَرامِ وهَزْلهِِ
وخَرَجْتُ منه بِصَدِّه.. وبِجِدِّه!
لو أَنَّني اسْترسَلْتُ فيه لَرَدَّني
بِحُسامِهِ عن مَطْمَحي.. وبِجُنْدِهِ!
وّلكُنْتُ في يَوْمي الأَسيرَ.. وبِئْسَما
يَلْقى الأسِيرُ من الهوانِ بِوَجْدِهِ!
وأنا الطَّلِيقُ بما اسْتَخْرَتُ. أنا الذي
ناوَأْتُهُ.. فَنَجا الكريمُ بجِلدِه!
ولقد يُحَلِّقُ عاشِقٌ بِتَرَفُّع
عن دَعْدِهِ.. وتَمَنُّع عن هِنْدِه!
ولقد يَظَلُّ بسَفْحِهِ. ولو أنَّهُ
شَحَذَ العَزِيمةَ لاسْتَوى في نَجْدِهِ!
الحُرَّ لا يَرْضَى بِرَغْمِ شُجُونِهِ
حتى ولو نَخَرَتْ حَشاهُ بِقيْدِهِ!
شَتَّانَ بَيْنَ مُنافِحٍ عن حُبِّهِ
يهْوِي بهِ.. ومُنافِحٍ عن مَجْدِهِ!
* * *
مُدِّي يَدَيْكِ.. فَإنَّني من عَنْصُرٍ
زاكٍ. وشافٍ صَدْرَهُ مِنْ حُقْدِهِ!
ما إنْ شَمِتُّ بٍفاخرٍ مُتَنفِّجٍ
بالحُسْنِ.. بعد سُقُوطِهِ في لَحْدِهِ!
فلقد بَرِئْتُ من الشَّماتِ وعَسْفِهِ
ولقد بَرِئْتُ من الغَرُورِ وكَيْدِهِ!
ليْتَ الجمالَ إذا اسْتوى في عَرْشِهِ
لم يَسْتَبِدَّ على ضراغِمَ أُسْدِهِ!
أَوْ يَطْغَ.. فالعُشَّاقُ في حُسْبانِهِ(63/163)
كحِجارةٍ يَلهوَ بهمْ في نَرْدِهِ!
فلقد يَوَدَّ إذا هَوى عن عَرْشِهِ
أنْ لو أَنالَ بِجَزْرِهِ وبِمَدِّهِ!
لو أنَّه جَذَبَ المشَاعِرَ والنُّهيَ
المُسْتَهامَةَ. لاسْتَعَزَّ بِخَلْدِهِ!
دُنْيا.. فهذا رابِحُ من غَيِّهِ
فاعْجَبْ. وهذا خاسِرٌ مِن رُشْدِهِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> الملهى والمحراب
الملهى والمحراب
رقم القصيدة : 65992
-----------------------------------
اسْمِعيني - لا أَسْمَعَ الله أُذْنَيْكِ
حديثَ الصِّبا. ونَجْوى الشَّباب!
يَوْمَ كُنَّا طيرين نمرح في
العُشِّ.. ثمالى من خَمْرةٍ ورُضابِ!
يَوْمَ كنَّا عَفَّيْنِ ما نَعْرفُ العِهْرَ
ونُفْضي عَمَّا وراءَ الثِّيابِ!
لا نُبالي بالقَوْلِ يَجْرَحُ..
والنَّظْرَةِ تُدْمِي. ولا بِسُوءِ الحِساب!
فَلَنا مِن رَفارِفِ الطُّهْرِ مأوى
ليس يَخْشى نَقاؤُه من عِقابِ!
وتعالى العُواءُ حَوْلي فما ارْتَعْتُ
ولا أَنْتِ مِن عُواءِ الذّئابِ!
كيف يَرْتاعُ عاشِقانِ
طَهُورانِ بَرِيئانِ مِن خَنًى ومَعابِ؟!
هكذا هكذا دَرَجْنا على
الحُبِّ خَلِيّاً من شِقْوةٍ وعَذابِ!
وتَخيَّلْتُ أَنَّني العاشقُ الفَرْدُ
وأَنّي أختْالُ فَوْق السّحابِ!
وتَبَدَّيْتِ لي حصاناً رَزَاناً
فهي ماءٌ.. وغَيْرُها من سرابِ!
كَمَلاكٍ مِن الفرادِيسِ لا
عَيْبَ به غَيْرُ فِتْنَةِ الألْبابِ!
والورى حَوْلَه نِشاوى
فمن حُسْنٍ وَضِيءٍ: ومن عَبِيرِ مَلابِ!
* * *
وتَخَيَّرتِني فلاقيتِ مِنِّي
غيْرَ ذي مَخْلَبٍ.. وذي أَنْيابِ..
غَيْرَ ذي شَهْوةٍ يَطِيحُ بها
الجِسْمُ عَشِيقاً مُزَعْزِعاً.. للتُّرابِ!
هو قَلْبٌ من الحنانِ رقيقٌ
وهو عَقْلٌ مُلاَلِىءً كالشِّهابِ!
واسْتَويْنا نِدَّيْنِ يَحْسِدُنا الخَلْقُ
فمن واثِقٍ.. ومن مُرْتابِ!
فَحَسِبْنا. والأَمْرُ غَيْرُ الذي نَحْسبُ
والعيشُ كلُّه ذُو اضْطِرابِ!
أنَّ هذا الهوى سيمْتَدُّ مُخْضَراً
مدى عُمْرِنا.. مدى الأحقابِ!(63/164)
يا لها من سذاجةٍ وغباءٍ
هَوَّنا بالكِذابِ كلَّ الصِّعابَ!
وأنا دُونَكِ الأحْمقُ الغِرُّ
فقد كنْتِ نِقْمةً في إِهاب!
نِقْمةً تَخْتَفي وَراءَ حِجابٍ
هو أَعْتى من الصُّخُورِ الصِّلابِ!
يا لَرُوحي مِمَّا اعْتَرَاها من الغَفْلةِ
دَهْراً.. ويا له من عُجابِ!
إنَّ هذا هو العُجابَ وما أكْثَر مَا في حياتِنا من عُجابِ
أُيُّهذا المَلاكُ يَرْتَدُّ شّيطاناً مَرِيداً ويَزْدَهِي بالمآبِ!
بِئْسَ هذا الجزاءُ مِنْكِ فأغْصانُكِ عادتْ عَلَيَّ مِثْلَ الحِرابِ!
ضَرَّجَتْني لكنَّها أَنقْذتني
من خِداعٍ مَضَلِّلٍ.. وكِذابِ!
عَلَّمَتْني.. وما أُحَيْلى هدى العلمِ عَليْنا يَرُدُّنا للصَّوابِ!
ربَّما كان خَيْرُنا في عَذابٍ
مُنْضج. صارِفٍ عن الأَوْشابِ!
وأراني أَراهُ يعد تماديَّ سِفاهاً
وبعد فَصْلِ الخِطابِ!
واضِحاً.. واضِحاً.. جَلِيّاً .. جَلِيّاً
في كِليْنا من رِفْعَةٍ وتَبابِ!
* * *
لم تَعُودِي يا بُلْبُلي الصَّادِحَ
بالمَطْرِباتِ.. غَيْرَ غُرابِ!
فارْقُبي يَوْمَكِ وقُولي
يا لَنَفْسي من وَحْشَةٍ وخَرابِ!
واسْكُبي دّمْعَكِ الغَزِيرَ على الماضي لَئِيماً يَضجُّ بالأوْصابِ!
وارْجعي للرَّشادِ.. حتَّى وإِن كان فَقِيراً ولَيْس بالوهَّابِ!
كيف يَحْبو وما لَهُ من سناءٍ
يَتَصَبَّى.. وما لَهُ مِن رِحابِ؟!
فَلَعلَّ المتابَ كفَّارَةُ العُمْرِ
ورَضْوى تِلكَ القُلوبِ الغِضابِ!
هل تُطيِقينه؟ عَسى أن تُطِيقيهِ
وأَن تَدْخُلي إلى المِحْرابِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أنا والشعر
أنا والشعر
رقم القصيدة : 65993
-----------------------------------
أعاني وما يَدْرِي الورى عن مُعاناتي
ولم يَسْمَعِ النَّشْجَ الأليمَ وآهاتي!
وكيف وبَوْحُ الحُرِّ يَجْرَحُ رُوحَهُ
فيَطوِي على الدَّامي المُؤَرِّقِ.. والعاتي!
ويُسْعِدَه الكِتْمانُ حتى كأّنَّهُ
ضَرِيحٌ يُوارِي بُؤْسَه في الغَياباتِ!(63/165)
ويَبْتسِمُ والأَضْلاعُ مِن وَقْدة الحَشا
تُحِسُّ بِإزميلٍ يَقُدُّ لِنَحَّاتِ!
ويَحْسَبُني الرَّاؤون شَخْصاً مُرَفَّها
سعيداً بِماضِيَّ الحفيلِ.. وبالآتي!
يَظُنُّونَ أن المالَ والمجْدَ جَنَّةٌ
وأَنَّهما مِرْقاتُنا للسَّماواتِ!
وأنَّهما لُبُّ السَّعادِةِ.. والمُنى
لِطُلاَّبها تَأْتِي على غَيْرِ مِيقاتِ!
شَجاني الأَسى مِمَّا يَظُنُّونَ جَهْرَةً
وقد هَتَفوا من جَهْلِهِمْ بِالعَداوات!
ولو عَلِموا أَنِّي الشَّقِيُّ بِكُلِّ ما
يَظُنُّونَهُ سعْداً يُضِيءُ بِمِشْكاةِ!
لَكَفُّوا عن اللَّغْوِ المَقِيتِ. وأَقْلَعوا
عن الظَّنِّ يُلْقي رَهْطَهُ في المَتَاهاتِ!
فما السَّعْدَ إلاَّ في الرّضا فهو نِعْمَةٌ
مُبَرَّأَةٌ تٌفْضِي بِنا لِلْمسَرَّاتِ!
فما مالُ قارُونِ.. ولا مَجْدُ قَيْصّرٍ
بِمُغْنٍ عن الباغي - إذا طاش - والعاتي!
ولن يَضَعا في البالِ ذَرّةَ راحةٍ
سوى راحةِ الذِّئْبِ المُتَيَّم بالشاةِ!
ولو أَنَّني خُيِّرتُ لاخْتَرت فاقتيْ
إذا منَحَتْني بالرِّضا.. رِفْعَةَ الذَّاتِ!
فما المالُ والمجْدُ لِلْورى
إذا اسْتَأْذَبَا واسْتَشْريا غَيْرُ آفاتِ!
ألا لَيْتَ أَهْلي الأقْرَبِينَ ورُفْقَتي
بَصائِرُ تسْتهْدي بِرُشْدٍ وإخْباتِ!
فلا تَنْحَني إلاَّ إلى الله وَحْدَهُ
ولِلْمَجْدِ مَجْلُوّاً بأَصْدَقِ آياتِ!
فقد تٌهْلِكُ الأطماعُ مَن شُغِفوا بها
وتَهوِي لٍلْقاع مِن دون أَقْوَاتِ!
أّنِلْني الرِّضا - يا رَبِّ - غَيْرَ مُبارحٍ
حَنايايَ إنّي بالرَِضا خَيْرُ مُقْتاتِ!
وبارِكُه بالإِلهامِ يَهْدى قَريحتي
إلى قممٍ شُمٍّ تَضُوعُ بأَبْياتي!
قَصائِدُ غُرُّ ليس فيها تَمَلُّقٌ
ولا جَشَعٌ يُفْضِي بِها لِلْغوايات!
فما الشِّعْرُ إلاَّ حِكْمةٌ وتَرَفُّعٌ
وإلاَّ سُمُوٌّ ما يَجِشُ بِسَوْءاتِ!
ولكنَّه يَهْدي ويُعْلي ويَرْتَقي
إلى ذُرْوَةٍ تَشْفي الورى بالمُناجاةِ!
إلى ذُرْوَةِ تَشْدو بِشِعْري وتَنْتَشِي(63/166)
وتَهْتِفُ بالمُصْغِينَ والصَّخَراتِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> آلام وآمال
آلام وآمال
رقم القصيدة : 65994
-----------------------------------
"مَنازِِلُ أَياتٍ خَلَتْ من تِلاوَةٍ
ومَنْزِلُ أُنْسٍ مُقْفِرُ العرصَاتِ!"
وَقَفْتُ بِها أسْتَنْشِدُ الرَّبْعَ ماضِياً
كئيباً.. فلم أَسْمَعْ سوى الزَّفَراتِ!
فقلتُ له.. يا رَبْعَ مالَكَ مُوحِشاً..
شَجِيّاً .. فلم أُبْصِر سوى العَبَراتِ!
فقال.. وكَلاَّ لم يَقُلْ.. إنَّهُ احَتَمى
بِصَمتِ بَلِيغ غامِضِ النَّبرَاتِ!
ويا رُبَّ صَمْتِ كانَ أَسمَعَ للورى
من الصَّوْتِ يَعْلُو.. أو من الهَمَسَاتِ!
لقد كانَ لي أَهْلَونَ شَوسٌ تَرحَّلوا
وأَبْقَوْا صَدّى يَهْوِي إلى الدَّرَكاتِ!
فما تَمَّ لي مِن مُتْعَةٍ أَسْتطيبُها..
ولا ثَمَّ لي حُلْوٌ مِن الضَّحِكاتِ!
شَجاني الأَسى مِن بَعْدِهم. وتَأَلَّبَتْ
عَلََيَّ الرَّزايا.. من نَوًى وشَتاتِ!
وكيف.. وقد كانوا البُطُولَةَ والنَّدى
وكنْتُ بهم في أّرْفَعِ الدَّرَجاتِ..!
يَخافُ الخُصومُ اللٌّدُ مِن سَطَواتهم
فَيَنأَوْنَ عنِ حَيْفٍ بهم.. وأذاةٍ!
ويَهْفو إلى ساحاتِِهم كُلُّ بائِسٍ
ضَعِيفٍ. فَيْلقى يانِعَ الشَّجَراتِ!
يلُوذُ بها طَعْماً وظلاًّ.. ويَرتوي
من العَذْبِ يُطفىء لاعِجَ الجَمَراتِ!
وقد رَحَلوا عَنِّي.. إلى غَيْرِ رَجْعَةٍ..
ولم يبق مِمَّا كان عَيْرُ فُتاتِ!
أتَعْجَبُ منِّي.. مِن دُمُوعي ولَهْفَتي..
على ذلك الماضِي.. ومِن حَسَراتي؟!
فَقُلْتُ له.. يا رَبْعُ ما أنا لائِمٌ
ولكنَّني راثٍ لِكَسْر قَناةِ!
فما أنا إلاَّ مِنْكِ بضعٌ يرُوعُني
ويُفْزِعُني رَوْضٌ غدا كَفَلاةِ!
به العذبُ مِلْحٌ بَعْدما كانَ جارياً
زُلالاً كَنِيل سائِغٍ.. وفُراتِ!
يُدِلُّ ويَزْهو بالكُماةِ وَ.. وأَيْنَهُمْ؟!
فما عَزَّتِ الدُّنيا بِغَيْرِ كُماةِ!
وما طابَ عَيْشٌ يَحْتمي بِظَلامِهِ
ولا ضاءَ إلاّ مِن شُمُوسِ حُماةِ!(63/167)
وها هو يُقَِْصيهِ السُّباتُ عن العُلا
فهل سوف يَصْحُو بَعْد طُولِ سُباتِ؟!
لٍيفَتَرعَ الأَوْجَ الرَّفيعَ. ويَسْتَوِي
عليه كريماً دُونَ خَوْفِ جُناةِ!
لقد كانت الأَسْلافُ مِنَّا أماجِداً..
ولكنَّهم بِالْمْجدِ غَيْرُ عُتَاةِ!
جَنى غَيْرُهم. واسْتَأسَدوا بِسُيُوفِهمْ
بما حَصَدَتْ من سُوقَةٍ وسَراةِ!
وما وَجَدَ النَّاسُ الأمانَ بِقُرْبِهِمْ
ولا أَخْصَبت المَرْعى بِشرِّ رُعاةِ!
وهم أَخْصَبوا الإجْدابَ دُونَ تَطاولٍ
ولا طمع في طَيِّبِ الثَّمراتِ!
فَطَابَ الجَنَى.. واسْتَمْتَعَ النَّاس بالْغِنَى
وعادَتْ سُفُوحُ الأرْضِ كالسَّروَاتِ!
لَشَتَّانَ ما بَيْن الفَرِيقيْن.. راشدٌ
وآخَرُ غادٍ عاثِرُ الخَطَواتِ!
وحَدَّجَني الرَبْعُ الحَزينُ بِنظْرَةٍ
تفيض أسىً أَعْيا بَليغَ لُغاتِ!
وقال. لقد واسَيْتَني وَتَرَكْتَني..
على غِبطَةٍ مِن مُقْبِلِ السَّنَواتِ!
كِلانا يُريدُ الخَيْرَ.. لا أنا يائِسٌ
ولا أَنْتَ مِن بُشْرى بِما هو آتى!
شَكاتُكَ ما تُجْدِي عَلَيْكَ بِلا صَدًى
مُجِيبٍ ولا تجدي عَلَيَّ شَكاتي!
سأَصْبِر حتَّى أطمَئنَّ بصَحْوةٍ
تُبَلِّلُ بالعَذْبِ الفُراتِ لَهاتي!
فقد أَيبَسَتْها الحادثات فَأَصْبَحَتْ
كَشَنِّ.. وما يَلْقى حَنانَ أُساةِ!
عَسانا نَرى مِن مُقْبِلِ الدَّهْر آتياً
كماضٍ مُخصِبِ الجَنَباتِ!
* * *
أيا صَبْوَةً أَدْمَتْ حَشاي.َ وأَرَّقَتْ
عُيُوني.. وكانَتْ أَكْرَمَ الصَّبواتِ!
لقد أَجَّجَتْ مِنِّي الشُّعُورَ فَألْهَمَتْ
وقد أَيقَظَتْني مِن عَميقِ سُباتي
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> مكة؟!
مكة؟!
رقم القصيدة : 65995
-----------------------------------
شَجانا مِنْكِ يا مَكَّةُ ما يُشْجى المُحِبِّينا!
فقد كُنْتِ لنا الدُّنيا
كما كنْتِ لنا الدِّينا!
وكنْتِ المَرْبَعَ الشَّامخَ
يُرْشِدُنَا ويَهْدِينا!
وكنْتِ الدَّارةَ الشَّمَّاءَ
تُكْرِمُنا وتُؤْوِينا!(63/168)
وكنْتِ الرَّوضَةَ الغَنَّاء
تُلْهِمُنا وتُعْلِينَا!
فما أَغْلاكِ يا مكَّةُ أَنْجَبْتِ المَيامِينا!
وما أَحْلاكِ يا مكَّةُ
ما أحلا القرابينا!
نُقَدِّمُها لِمجْدِ الله
يُسْعِدُنا ويُدْنينا!
* * *
أيا مَوْطِنَ مِيلادي
لقد شَرَّفْتِ مِيلادي!
كأَنِّي وأنا النُّطْفَةُ
كُوشِفْتُ بِأعْيادي!
وكانَ صِبايَ تغريداً
كأَنِّي البُلبُلُ الشَّادي!
يَرى في الرَّوْضِ والغُدْرانِ
ما يَنْشُدُه الصَّادي!
وما كانت سوى الأَّقْداسِ
أَوْدَعَها بِها الهادي!
فَسُبْحانَ الذي كَرَّمَ منها الطَّوْدَ والوادِي!
فكانا سادةَ الأَرْضِ
بأغوارٍ وأَنْجادِ!
فَهَلِّلْ يا صِبايَ الغَضَّ
أَنْتَ سَلِيلَ أَمْجادِ!
* * *
وكانَ شَبابيَ المَجْدُودُ
بين ظِلالِها يًنْمُو!
ويَمْرَحُ بَيْنَ أَتْرابٍ
شمائِلُهم هي الغُنمُ!
فَكلُّ سِماتِها شَمَمٌ
وكُلُّ لِداتِها شُمُّ!
هي الأُمُّ التي احْتَضَنَتْ
فبُورِكتِ النَّدى. الأُمُ!
فَلَيْس لَنا بِها هَمٌّ
سِواها فهي الهَمُّ!
يُزيدُ لها حياةَ المَجْد
وهي المَجْدُ والكَرَمُ!
سَقَتْها السُّحْبُ
ما يَخْضَرُّ منه القاعُ والأكَمُ!
فما أَكْرَمَ ما أَشدَتْهُ
ما يَسْمو به القلم!
* * *
أَلا يا مَكَّةُ العَصْماءُ
يا حب الملايين!
وذات المَجْدِ في الدُّنيا
وذات المجْدِ في الدِّينِ
لقد أَنْجَبتِ من أَنْجَبْتِ
من غُرِّ المَيامِين
فَكانُوا النُّورَ لِلْعالَمِ
في كُلِّ الميَادينِ!
وكانوا الخُلُق السَّاِميَ
يَعْلُوا بالمَساكينِ!
فَيَرْفَعُهم إلى الذُّرْوَةِ
تَصْبو لِلْمضَامِين..!
فما يَعْنُونَ بالأَشْكالِ
تَسْخَرُ بالمجانِين!
كُفينا بِكِ يا مَكَّةُ
مِن شَرِّ الشَّياطِينِ!
* * *
يا حَنِيني لِمًكَّتي رَغْمَ بُعْدي
عن ثراها الزَّكِيِّ.. عن أَبنائِهْ!
أنا مِن ذلك الثَّرى قد تكَوَّنْتُ
وفي ظِلّهِ وظِلِّ سَمائِهْ!
كيف لا أَسْتَعِرُّ مِن حُبِّه الهادِي
ولا أَسْتَطيلُ مِن إطْرائِهْ؟!(63/169)
هُولِي خَيْرُ ما أَسْتَحِلُّ من الحُبِّ
وما أَسْتَطيبُ من آلائِهْ!
ذِكْرياتي مُنْذْ الصِّبا عَنْه حَتَّى
شِبْتُ. كانَتُ لِلقلبِ خيْرَ غّذائِهْ!
لًيْتَني ما ارْتَحَلْتُ.. ولا غَابَ عَنِ العَيْنِ سَرْمَدِيُّ سَنائِهْ!
تِلْكَ كانَتْ مَرَابعُ العِزِّ والصَّبْوةِ
في ناسه. وفي أندائِهْ!
أَتمَنَّى البَطْحاءَ تِلْكَ لِمَثْوَايَ ندِيّاً في صُبْحِه ومَسائِهْ!
بّيْن أَهْلي وَبَيْن صَحْبي فما أَطْيَبَ هذا الرُّقادَ في بَطْحائِهْ!
رَبِّ إنَّ اللِّقاءَ أَمْسى قَريباً
فأَرِحْنِي بِمَنِّه وعطائِهْ!
إنَّ رُوحي مِن الآثامِ تَلَظىَّ
فهو يَخْشى مِن جُرْمِهِ واجْتِرائِهْ!
فَعَساهُ يَلقى بِعَفوِكَ عَنْه
ما يُرِيحُ الأَثيمَ مِن بُرَحائِهْ!
كانَ إيمانُهُ قَوِيّاً نَقِيّاً..
لم يُعَكِّرْ جُنُوحُهُ مِن صَفائِهْ!
أّنْتَ تَدْرِي به.. وتَعْرَفُ نَجْواهُ
فَخَفِّفْ عنه شَدِيدَ بَلائِهْ!
* * *
أَيُهذا الإيمانُ.. يا بَلْسَمِي الشَّافي شَفَيْتَ السَّقيمَ مِن أَدْوائِة!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> نحن نتغير؟!
نحن نتغير؟!
رقم القصيدة : 65996
-----------------------------------
كلَُ شيءٍ في حَياتي يا رفاقي.. يَتَغَيَّرْ!
وحياةُ النَّاسِ مِثْلي كلُّ حِينٍ تَتَكرَّرْ!
إنَّ قلْبي مِن شُجوني وسُرورِي يَتَحرَّرْ!
فَغَدِي يضْحَكُ من أمْسِ كَئيبٍ يَتَعَثَّرُ!
* * *
ولقد أُصْبِحُ مسْكِناً وأَمْسي مِثلِ قَيْصَرْ!
ولقد يَحْدُثُ عَكْسُ الأَمْر. إنْ كانَ مُقَدَّرْ!
ولقد يَنْتَصرُ الجُبْنَ على الشَّامِخ عَنْتَرْ!
شَبِعَ الطَّاوِي الذي عاش طويلاً يَتَضَّوَّرُ!
وغدا الأَرْنَبُ كالضَّيْغَمِ يَسْتَشِْري ويَزْأَرْ!
وغدا العُصْفُورُ صَقْراً جارحاً بالطير يَسْخَرْ!
أَنْذَرَ اليَوْمُ فأَبْكى وأَتى اليَوْمُ فَبشَّرْ!
فإن قلبي مُطْمئِنٌ لِلذَي قد كنْتُ أحْذَرْ!
* * *(63/170)
إزْدَهى اليَوْمُ بِوادي السِّحْرِ والإلْهامِ. عَبْقَرْ!
فلقدَ جادَ على الفِكْرِ بما شادَ وضَفَّرْ!
ولقد أَجْزَلَ لِلْحسّ فزكَّاهُ وعَطَّرْ!
فإذا باليابسِ المُضْفَرِّ منه عادَ أَخْضَرْ!
* * *
وإذا بي أنا والشِّعْرُ حَلِيفانِ وأَكْثَرْ!
كلَّما نادَيْتُه لّبَّى وأرْغى كَغَضَنْفَرْ!
ولقد كان إذا ناديْتُهُ أَكْدى وأَدْبَرْ!
ولقد أَوْرَدَ ما أَرْجُوهُ مِن لَحْنٍ.. وأًصْدَرْ!
* * *
سوف لا أَطْمَعُ مِن بَعْدِ لُهاهُ في حُطامْ!
لا ولا في المَجْدٍ.. لو أَرْكَبَني مَتْنَ الغَمامْ!
هو أَغْلا ما أُرَجِّيهِ هو الخُلْدُ التَّمامْ!
وهو حُلْمِي مُنْذُ أن كنْتُ صَبِياً وغَلامْ!
* * *
إنَّني أَشْدو بِهِ في الصَّحْوِ أَشْدُو في المَنامْ!
وهو أَحْلا مِن رُؤى الحُورِ ومن نَشْوى المُدامْ!
وهو أَزْكى من أَرِيجِ الزَّهْرِ في نَضْرِ الكِمامْ!
وهو نَسْغُ الحُبِّ يَجْرِي في تَجاويفِ العِظامْ!
* * *
ما أُعاني بَعْدَهُ مِن مَسِّ فَقرٍ وسِقامْ!
فهو النَّشْوةُ والمُتْعَةُ في أَعْذَبِ آلاءِ الغَرامْ!
أَوْ أُبالي أجَلِيدٌ حَفَّ رُوحي. أوْ ضِرامْ
فهو العاصِمُ والحائِلُ ما بَيْني وما بَيْنَ السَّوامْ!
* * *
يا هَوى النَّفْسِ.. لقد وَدَّعْتُ في يَوْمِي هَواكي!
لم أَعُدْ أخْشى من الحُبِّ ولا مَكْرَ الشِّباكِ!
فَخَميلي من الفَرادِيسِ وفي عالي السِّماكِ!
فاذْكُرِيني مِثْلَ ذِكْراكِ لِقُرْبي.. في نَواكي!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> صدام
صدام
رقم القصيدة : 65997
-----------------------------------
اضرِبُوهُ بِخْنجَرِ بَيْن عَيْنَيْه
وقُولوا له.. تَبارَكْتَ رُكْنا!
قد رفَعْتَ العِراق مَيْناً إلى النَّجْم فأَمْسى لِجارحِ الطَّيْرِ وَكْنا!
وتَدَجَّجْتَ بالسِّلاح فأَرْداكَ وبالْ
جيْشِ فَأَخْزى.. ولَم يكُنْ لكَ حِصْنا!
وادَّخَرْتَ السُّمومَ تُخْفِي مناياها
لِمن كانَ في خُطُوبِكَ.. عَوْنا!(63/171)
قدَّموا ما الْتَهَمْتَه مِن سلاح
وحُطام جَزْلٍ.. أَعَزَّ وأغْنى!
دُونَ مَنٍّ عَلَيْكَ.. يا أيُّها الباغي فإِنَّ الكِرامَ يَأْبَوْنَ مَنَّا!
أَفَكُنْتَ المُمْتّنَّ مِنْهم؟! وحاشاك
فقد كنْتَ تَمْلأُ الصَّدْرَ ضَغْنا!
ولقد كنْتُ تُضْمِرُ الغَدْرَ لِلْمُحْسِنِ منهم وكنْتَ تُضْمِر طَعْنا ..!
وترى فَضْلَهُمُ عليْكَ أَذاةً وتَرى مِنْهُمُ السَّواطِعَ دَجْنا!
إنَّ مَغْناكَ لا العراق فما كان لَيَكْفِي .. بَلْ كلهم لَكَ مَغْنى!
فَلَدَيْهِمْ خَيْرٌ وَفِيرٌ وأَوْلى
أَنْتَ مِنْهم بِهِ ولَنْ تَتَجنَّى!
كيف تَرْضى يا سَيِّدَ القَدْرِ والخِسَّةِ هذا وكان ظُلْماً وغَبْنا؟!
فَتَوثَّبْتَ بالجِحافِلِ تُزْجِيها
إِليْنا تُمَزِّقُ الشَّمْلَ مِنَّا..!
تَسْتَبِيحُ العِرْضَ الطَّهُورَ
وما يُخْزِيك هذا.. ولا تَرى فيه لَعْنا!
ثم تَزْهو بالسَّطْوِ والنَّهْبِ
مُخْتالاً عَلَيْنا. وما تَرَى فيه جُبْنا!
الضَّحايا .. يا أَيُّها الفاتِكُ الوَغْدُ
سَتُرْدِيكَ دِماها فَتَسْتَذِلَّ وتَفْنى!
ما الَّذي نِلْتَهُ من الغَزْو تَيَّاهاً
ظلوماً إلاَّ انْخِذالاً وَوَهْنا!
والعِراقُ المَوْتُورُ ما كانَ
يُرْضِيه اعْتِسافٌ.. صَيَّرتَهُ أَنْتَ دَيْنا!
ناءَ منه لكنَّه كان مَغْلوباً
هَلُوعاً يَخافُ قَيْداً وسِجْنا!
أنْتَ صَيَّرْتَهُ تِباباً .. وقد
كانَ جِناناً تَرِفُّ طِيباً وحُسْنا!
دَجْلَةُ والفُراتُ.. والنَّخْلُ والغَرْسُ اسْتَحالَتْ بِأعْيُن النَّاسِ حَزْنا!
فإذا مَا تَرَكْتَها عادَتِ البَهْجَةُ واليُسْرُ إِليها لَفْظاً شَجِيّاً ومَعْنى!
وشَدا الطَّيْرُ في المناهِلِ مِن بَعْدِ حُرُوبٍ أَدمَتْ وأَشْجَتْ.. وغَنَّى!
عَجِبَ النَّاسُ مِن تَمَسُّكَ الأحْمَقِ بالحُكْمِ.. أكانَ العراقُ عِنْدَكَ رَهْنا؟!
دَعْ لأهْلِ العراق أرْضاً وأَمْناً..
بَعْدَ إِرْهابِهِمُ .. ولِلطَّيْرِ وَكْنا!
كلُّهُم ناقِمٌ وحُرٌّ كَرِيمُ(63/172)
فَأَحَلْتَ الجَميعَ عَبْداً وقِنَّا!
لَعَنَتْكَ البِحارُ والجَوُّ والطَّيْرُ
وصاغَتْ مِن لَعْنِها لكَ لَحْنا!
شادِياً بالنُّضُورِ منْك.. وبالخَيْبَةِ
حتَّى تَغِيبَ عَنْها وعَنَّا!
وتمنَّتْ لكَ الحرائِقُ أَنْ تَدْخُلَ في نارِها.. وأَنْ تَطْمَئِنَّا..!
فاقْرَعِ السِّنَّ نادِماً.. واتْرُكِ الرَّبْعَ إلى غَيْرِ رَجْعَةٍ. فهو مُضْنى!
مَسَّهُ الضُّرُّ.. فاسْتَعِنْ بالشَّياطين
ودَعْهُ يَفيضُ سلْوى ومَنَّا!
سَتُلاقي بَيْنَ الشَّياطِين إخوانِكَ دَرْكاً يُرْضِي الضَّلالَ.. وخِدْنا!
سَتُلاقي هُناكَ يَوْماً عَصِيباً
مُسْتَطِيلاً كأَنَّهُ عادَ قَرْنا..!
ونُلاقي نحن السَّلامَةَ والأَمْنَ
ونَجْني غُصْناً رَطِيباً.. وغُصْنا!
***
إِنَّ في هذه الحياةِ دُرُوساً
كُنْتَ مِنْها دَرْساً إلى الكُفْرِ أَدْنى
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> يا ابنتي .. يا ابنتي
يا ابنتي .. يا ابنتي
رقم القصيدة : 65998
-----------------------------------
يا ابْنَتي. يا ابْنَتي أبوكِ سَقِيمٌ
نالَ مِن رُوحِه عذابٌ أليمُ!
كانَ يَمْضي إلى العظائِمِ ما يَلْقى
لُغُوباً.. وخَطُّه مُسْتَقيمُ!
فَتَهاوى الصُّلْبُ الحديدُ من الدَّهْرِ
وأَمْسى في القاعِ وهو هَشِيمُ!
فَذَريهِ يَنامُ في قاعِهِ الرَّطْبِ
فما يَنْفَعُ الحَبِيبَ الرَّميمُ!
***
يا ابْنَتي .. يا ابْنَتي أَبُوكِ غَرِيبٌ
وهو في دَارهِ وبَينَ لِداتِهْ!
جامِدُ الحِسِّ. والهُمومُ تُناغِيه
وتُقْصِيهِ عن لَذِيذِ سُباتِهُ!
ساهمُ الفِكْرِ تَسْتَبِدُّ به الخِيـ
فةُ من دّرْبِهِ. ومن ظُلُماتِهُ!
فهو يَمْشي به كئيباً فَيُعييهِ
ويُدْمي الكَسُولَ من خَطَواتِهْ!
***
يا ابْنَتي يا ابْنَتي. أبُوك جَدِيبٌ
بَعْد أنْ كان مُخْصِباً فَيْنانا..!
جفَّ يَنُبوعُهُ. وقد كَان يَرْوي
وارِديه . فما جفا ظَمآنا!
لِلطَّوى . والصَّدى مِنْهُ ما شاءَا
لمن كانَ صادياً .. جَوْعانا!(63/173)
فاسْتحلَى الرَّوْضُ الأَغَنُّ إلى قَفْرٍ
فَخَلِّيهِ عانِياً غَصَّانا!
***
يا ابْنَتي .. يا ابْنَتي. أَبُوكِ غَرِيمٌ
لِعَديدٍ من الورى دُونَ ذَنْبِ!
يَنْقُمون الأَفْكارَ مِنِّي على الظُّلْمِ
وما أَسْتَطيعُ غَيْرَ التَّأَبِّي!
وعلى المَيْنِ والخِداعِ وما أَنْكى لِعَقْلي السُّكُوتَ عَنْها .. وقَلْبي!
فأَنا مِنْهموا الغَرِيمُ ومالي
عِنْدهمُ - يا لَشَقْوتي - غَيْرُ حَرْبِ!
***
يا ابْنَتي . يا ابْنَتي. أبُوكِ لَهِيبٌ
جَمَراتٌ قد اسْتَحَلْنَ رمَادا!
ولقد كُنْتُ عَبْقرِيَّ شَبابٍ
وشَدِيدَ القُوى أَرُدُّ الكِيادا!
يَتفَادى الأَنامُ طَوْلي فَيَنأَوْنَ هُرُوباً مِنِّي.. ولا أَتَفادى !
ومَضى الدَّهْر راكِضاً فَتَحوَّلْتُ
أَسيراً يُجَرِّرُ الأَصْفاد!
***
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ حَرِيبٌ
شَفَّهُ الحُبُّ مِن سُعادٍ وهِنْد!
كانَ يَغْزُو قُلُوبَهُنَّ . فَيُقْبِلنَ عليه مِن دُون دَلِّ وصَدِّ!
ولقد يَمْلأُ الغُرورُ حَناياهُ
فَيُشْقي قُلُوبَهُنَّ بِبُعْدِ!
ثم أَمْسى الصَّيَّادُ صَيْداً. وقد عادَ ضَعِيفاً.. فما يُعِيدُ ويُبْدِي!
***
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ حَسِيبٌ
يَنْتَمي عِرْقُهُ لأَكْرَم عِرْقِ!
مازَها. غَيْرَ أَنّه لَقِي الزَّهْوَ
من المُنْتَمِي لأَوْضَعِ رِقِّ!
وعَجِيبُ أَمْرُ الصَّفاقةِ هذي
غَيْرَ أَنِّي أَشَحْتُ عن كُلِّ مَذْقِ!
حَسَبُ المَرْءِ في تقاه وإِنْ
كنْتُ فَخُوراً أَشْدو بِآباءِ صِدْقِ!
***
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ نَجِيبٌ
لم يُلاقِ الحَظَّ الذي يَسْتَحِقُّ !
وشَأهُ مَنْ دَونَهُ فَتَغاضى
وتَسامى فَلِلضَّفادِعِ نَقُّ!
إنَّهم كالجهامِ ما فيه دَفْقُ وفيه
كالسَحاب الجون ارْتِفاعُ ودَفْقُ!
أَيُّها الغَرْبُ ما أَضَأْتَ الدَّياجِيرَ
فإِنَّ الضِّياء للنَّاسِ. شَرْقُ!
* * *
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ ضَرِيبٌ
لِذَكاءِ الوَضِيئَةِ. النَّفَّاعَهْ!(63/174)
فإذا ما أدلَهَمَّ لَيْلٌ رأى النَّاسُ لَدَيْهِ انْهِزامَهُ وانْقِشاعَهْ!
غَيْرَ أَنَّ الأَحْقادَ تَفْعَلُ في الأَنْفُسِ ما لا يَطِيقُ حُرٌّ سَماعَهْ!
وأَنا قد أَطَلقْتُهُ وتَغَافَلْتُ
وقد يُؤْثِرُ الحُسامُ الْتِماعَهْ!
***
يا ابْنَتي.. يا ابْنَتي . أَبُوكِ عَجُوزٌ
شاخَ فاسْتَلْهِمي الهُدى من مَقالِهْ!
وتَعالَيْ إليه قَبْلَ تَوَلِّيهِ
وطُلِّي إلى كرِيمِ فِعالهْ!
أَنْتِ بِضْعٌ منه فَكُوني له الوَارِثَ لا مِنْ حُطامِهِ ونَوالِهْ!
بَلْ مِن الطَّبْعِ. بَلْ من الخُلُقِ السَّا مِي كُونِي وَرِيثَةً لِخِلالِهْ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> قلْتُ لِرُوحي
قلْتُ لِرُوحي
رقم القصيدة : 65999
-----------------------------------
قلْتُ لِرُوحي .. أيُّهذا الشَّرِيدْ
ماذا تُلاقي بعد هذى الحياةْ؟!
عِشْتَ - وما تَهْدَأُ - عَيْشَ الحَرِيدْ
لم تَرْضَ بالرَّوْضِ . ولا بالفُلاةْ!
حارَبَكَ النَّاسُ فكُنْتَ العَنِيدْ
ولم تَلُذْ مِن حَرْبِهمْ بالنَّجاةْ!
أَنِفْتَ أَنْ تَحْيا حَياةَ العَبيدْ
ولو تَحَدَّتْك الخُطُوبُ العُتاةْ!
لم تَجْنِ مِمَّا قد بَذّرْتَ الحَصِيدْ
كأنَّما أَرْضُكَ كانت رُفاتْ!
***
وكم شَرَعْتَ القَلَمَ الصَّارِما
وما تَخاذَلْتَ فَعَزَّ المِدادْ!
فَعُدْتَ تَرْثِي رَبْعَكَ النَّائِما
لا باليراعِ الفَذِّ بل بالفؤادْ
هذا الفؤادُ المنزوي راغماً
يَنْشُدُ في العُزْلَةِ بَعْضَ الضِّمادْ!
يَنْشُدُ لكنْ يَسْتَوي قائِماً.. رَغْمَ
الشجا.. رَغْمَ النَّوى والبعادْ!
لأَنَّه يَأْبَى لَذيذَ الكرى..
وَيرْتَضِي مُنْتَشِياً بالسُّهادْ!
***
العالَمُ اسْتَشْرَى سوى بَعْضهِ
واسْتَسْلَم الأَرْنَبُ للضَّيْغَم..!
واسْتَيْقَظَ النائمُ من غمْضِهِ
على زئِيرٍ ظامِىءٍ للدَّمِ..!
يَخْشاهُ لا يقُوى على رَفْضِهِ
فهو وسيفٌ غَيْرُ مُسْتَعصِمَ!
يُمْعِنُ منْ بلْواهُ في رَكْضِهِ
من جَنَفَ يَرْميهِ في مأتَمِ(63/175)
رَنا بِتَهْيامٍ إلى أَرْضِهِ
ثم جلا من خَشْيَةِ الأَرْقَمِ
***
فهل سأَجْلو أَنا. أم أنْبَري
بِكُلِّ ظَلاَّم شَدِيد المِراسْ؟!
بالقَلَمَ الجبَّارِ.. بالمِنبرِ
حتى أرى الأَجمةَ مِثْلَ الكِناسْ؟!
لا أَرْهَبُ البَغْيَ. ولا أَمْتَرِي
فيه ولو لاقَيْتُ كُلَّ ابْتِئاسْ؟!
يا لَيْتَني هذا.. فما اشتري
مَجْدِي بِذُلٍّ مُتْرَفٍ. وانْتِكاسْ؟!
بل أُنْقِذُ المِنْقارَ مِن مِنْسَرٍ
فلا يَخافُ الضَّعْفُ أيَّ افْتِراس؟!
***
إنَّ جِراحي نازِفاتٌ على
عَجْزي أَنا الطَّامِحُ لِلمكْرماتْ!
أَرْجو فلا أَقْوى.. فأَصْبُو إلى
أَنْ أُصْبحَ الأَقْوى على النَّائِباتْ!
أَنْ أُصَبِّحَ الرَّوْضَ. فإنَّ الفلا
تَبْخَلُ.. أمَّا الرَّوْضُ فهو الهِباتُ!
يُعْطي. ولا يَبْخَلُ.. مِمَّا حَلا
من ثَمَرٍ يُرْضِي الطَّوى. أو فُراتْ!
ومِن زَهُورٍ نَفْحُها كالطِّلى
لِكن بلا غَوْلٍ بِها .. أُوْشَكاة!
***
يا آهَتي .. لو كنْتِ .. دُوَن اليدِ
دُوَن الفَمِ المِنْطيق . دُوَن القَلَمْ!
بَلْسَم يَوْمٍ نازِفٍ .. أَوْغَدِ
يشفيه مما مَسَّهُ مِن أَلَمْ!
نُصْرَةَ مَظْلومٍ .. على المُعْتَدَى
صَفْعَةَ مَوْثُورٍ على ما اجْتَرمْ!
يَبُوءُ بالخِزْيِ بها.. يفتدي
هَوانَهُ منها.. يُطِيلُ النَّدَمْ
لَكُنْتُ ذا فَضْلٍ وذا سُؤددِ
وكنْتُ أَجْنِي الوَرْدَ بَعد السَّلَمْ!
***
وكانتِ الدُّنْيا.. وكانَ الورى
أَدْنَى إلى السَّعْدَ بما يَفْعَلُون!
لا يَسْتَوِي الطُّغْيانُ فوق الثَّرى
إِلاَّ قَليلاً.. ثم يَلْقَى المَنُون!
ما نحن إلاَّ عالَمٌ مُفْتَرى
عليهِ من رَهْطٍ شَدِيدِ الجُنُونْ!
لكنْ سَيَطْوِيهِ رَهِيبُ السُّرى
طيّاً.. ويَبْقى عِبْرةً لِلْقُرون!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> الشقي السعيد
الشقي السعيد
رقم القصيدة : 66000
-----------------------------------
ماذا وراءَ الأُفُقِ هذا؟!
إنَّه شَيْءٌ مُخِيفْ!
إِلاَّ لمن كانَ العَفِيفَ(63/176)
وقِلَّةٌ مِنَّا العَفِيفُ!
الشَّهْوةُ العَمْياءُ تُغْرِينا وتَعْمينا فَأَكْثَرُنا كفيف!
فإذا تَضَرَّجَ بالسِّهامِ
وصَوَّحَ الرَّوْض .. الخَرِيفْ!
ورأى النَّزِيفَ يكادُ يُسْقِطُهُ فّروَّعَهُ النَّزِيفْ!
أَنَّتْ جَوارِحُهُ .. وضَجَّ
بِقَلْبِهِ الدَّامي.. الوَجِيفْ!
فَبَكى وقال لِنَفْسِهِ
يا ليْتَني كنْتُ الشَّرِيفْ!
***
لن يَشْفَعَ الدَّمْعُ الغَزِيرُ له
ولا النَّدَمُ الكَبِيرْ!
فلقد دَجا اللَّيْلُ البَهِيمُ
وأَدْبَرَ القَمَرُ المُنِيرْ!
وسَرَتْ سُمُومٌ في العُروقِ
.. فما لَهُ مِنْها مُجيرْ!
ما يَنْفَعُ المَرْءَ الحُطامُ
وقد يكُونُ به الفقِيرْ!
والمَجْدُ ما أَخْزاهُ
حِين يُلَوِّثُ المجْدُ الضَّمِيرْ!
إِنِّي لأَبْرَأُ مِنْهما
بُرْءَ الجَليلِ من الحقيرْ!
أَنْ كُنْتُ مِنْ قَبْلُ البَصيرَ
فَصِرْتُ مِن بَعْدُ الضريرْ!
***
ماذا سَيَصْنَعُ ضائِعٌ
يَطْوِي اللَّيالي في سُهادْ؟!
أَخْفَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُهُ
ورَمَتْهُ في قاعِ الوِهادْ؟!
يَنْوِي المَتَابَ .. وفي الطَّرِيقِ إليه أَهْوَالٌ شِدادْ!
لم يَشْفِهِ خَطَأُ المَسِيرِ
ولم يُطَمْئِنْهُ السَّدادْ!
جَنَفُ الصِّراعِ أَقامَهُ
بَيْنَ الضَّلالَةِ والرَّشادْ!
لا يَسْتَرِيحُ .. وكيْفَ وهْوَ على فِراشٍ مِن قَتادْ؟!
بَذَرَ الغِواية واسْتَهانَ
وخافَ مِن مُرِّ الحَصادْ!
***
رِيعَتْ دَخائِلُهُ .. ورَغْمَ
سُرُورِهِ خَافَ المصائِرْ!
فَتَخبَّطَتْ قَدَمَاهُ.. فَهْوَ بِخَطْوِهِ دَام وعاثِرْ!
وَيْلاهُ قَالَ وخَلْفُهُ
وأَمامُهُ النُّوَبُ والهَواصِرْ!
ماذا سأَلْقَى؟! والمآثِمُ أوْقَعَتْني في المخاطِرْ؟!
فإِذا بصَوْتٍ هامسٍ
عَذْبٍ تَطِيبُ به الخَواطِرْ!
أَشْجاهُ وهو يَقُولُ
إنَّ اللهَ يَغْتَفِرُ الكبائِرْ!
ويُفَرِّجُ الكُرُباتِ فَضْلاً لِلْعُقولِ ولِلْمَشاعِرْ!
إنَّ السَّماءَ يُضِيئُها
بَدْرٌ فَتَنْقَشِعُ الدَّياجِرْ!
***(63/177)
لا تَأْسَ فَهْوَ يَرى ضَمِيرَكَ إنْ صَدَقْتَ .. يَرى الطَّوايا!
فَلَرُبَّما شَقِيَتْ بَواكِرُ
ثم قد سَعِدَتْ عَشَايا!
سِرْ في طَرِيقِكَ واسْتَمِرَّ بها
فقد تَلْقى السَّجايا!
ولَسَوْف َإنْ صَمَّمْتَ تُسْعِدْكَ
الظَّواهِرُ والخَفايا!
جَلَّ الذي بَرأَ النُّفُوسَ
وجَلَّ مَن شَرَعَ الوَصايا!
يَهْدي بها المَفْتُونَ حتى لا يَزِلَّ مِن الخَزايا..!
وَلأَنتَ مِنْ بَعْدِ المَتابِ غَدَوْتَ مِن خَيْرِ البَرايا!
***
إنِّي لأَرْنُو لِلسَّماءِ
إذا دَجا اللَّيْلُ البَهِيمْ!
فأَرى النُّجُومَ الوامِضاتِ كأنَّهُنَّ عُيُونُ رِيمْ!
تَطْوِي الظَّلامَ ولا تَمُنُّ
فما أَضِلُّ ولا أَهِيمْ!
والبَدْرُ يَسْطَعُ فالسَّماءُ
تَظَلُّ صافِيةَ الأَدِيمْ!
فأرى بِها وبِما يُحَيِّرُنا بِه الكَوْنُ العَظِيمْ!
يَدَ خالِقٍ .. يَحْبُو التَّقِيَّ
ولا يَضِنُّ على الأَثَيمْ!
آياتُهُ تُعْيِي البَيانَ
فَما النَّثِيرُ وما النَّظِيمْ؟!
***
فَأَخِرُّ أَسْجُدُ ضارِعاً
وأَظَلُّ أَنْشُجُ بالبُكاءْ!
وأقول.. يا ربي استطلت
وما أنا إلا هَبَاءْ!
وأقولُ.. يا رَبِّي أَثِمْتُ
وضَلَّ صُبْحِيَ والمَساءْ!
وأَقُولُ رَبِّي أَبِقْتُ
وما اهْتَدَيْتُ إلى النَّجاءْ!
وأَقُولُ يا رَبِّي مَرِضْتُ
وما أُرِيدُ سِوى الشِّفاءْ!
واليَوْمَ أصْحُو من سُباتِيَ
أَسْتَفيقُ مِن البَلاءْ!
واليْوْمَ أَهْتِفُ بالدُّعاءِ
فهل سَيُسْعِدُني الدُّعاءْ؟!
أَنِّي لأَشْعُرُ بَعْدما.. بَيَّنْتَ لي الدَّرْبَ السَّواءْ!
وسَكَبْتَ في قَلْبي السَّكِينَةَ
والتَّطَلُّعَ.. والرَّجاء!
أَنِّي نَجَوْتُ فَلاَ نُكُوصَ
ولا رُجُوعَ إلى الوَراءْ!
جَلَّتْ أَيادِيكَ السَّخِيَّةُ
واسْتَفاضَتْ بالعَطاءْ!
فَأَنا السَّرِيُّ بما حَبَوْتَ
وكنْتُ أَجْدَرُ بِالرِّثاءْ!
قد كُنْتُ في الدَّرْكِ السَّحِيقِ فَصِرْتُ في القِمم الوِضاءْ!
أَشْدو بِحَمْدِكَ ما حَييتُ
فقد غَدَوْتُ كما تَشَاءْ!(63/178)
يا للْجُدوبَة تَستَحِيلُ
بِفَضْلِ غَوْثِكَ لِلرُّواءْ..!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أطوار
أطوار
رقم القصيدة : 66001
-----------------------------------
أحِسُّ بأنّي كنْتُ في غابِرِ الدَّهْرِ
هِزازاً يُغَنِّي للثِّمارِ وللزَّهْرِ!
وللنَّاسِ كانوا الطِّيِّبِينَ بِلا هَوىً
يُضِلُّ وكانُوا الأوْفِياءَ بلا غَدْرِ!
وللنَّهْرِ يجْرِي بالعُذُوبَةِ صافِياً
نَميراً ولِلَّيْلِ البَهيمِ.. ولِلْبَدْرِ!
ولِلْبَحْرِ والشَّمْسِ المُنِيرَةِ في الضُّحى
وحِينَ الأَصيلِ الحُلْوِ. والأَنْجُمِ الزُّهْرِ!
* * *
وعِشْتُ كذا حِيناً من الدَّهْرِ شادِياً
ولكنَّني طُورِدْتُ من جَارحِ الطَّيْرِ!
فخفت من الصقر المحلق ضاريا..
فَقُلْتُ أَلا يا لَيْتَني كنْتُ كالصَّقْرِ!
فأمْسَيْتُ صقرا يَسْتَبِيحُ فرائِساً
ويَفْتِكُ بالمِنْقار منه وبالظُّفْرِ!
ولا يَنْثَنِي حتى عن الأُمِّ طُورِدَتْ
فلاذَتْ بأَفْراخ وزُغْبٍ إلى الوَكْرِ!
وأَزْعَجَني صَوْتُ الضَّمِير فَشَدَّني
إلى الحِسَّ يَهْفو للْحنَانِ ولِلْفِكْرِ!
فَحَوَّلَني دَهْري. وبُورِكَ صنْعُهُ من
الطَّيْرِ للوَحْشِِ البَرِيءِ من الوِزْرِ!
إلى الظَّبْي ذي الحُسْنِ المُضوِّىء والرِّضى
وذِي الرَّكْضِ يُنْجبه من الخَتْل والغَدْرِ!
فَطارَدني لَيْثٌ وذِئْبٌ فَأَخْفَقا
ولم يُخْفِقِ السَّهُمُ المُسَدَّدُ لِلصَّدْرِ!
فأَخْطَأني.. لكنَّني صِرْتُ راجِفاً
ويا رُبَّ فَتْكٍ كانَ خَيْراً من الذُّعْرِ!
أَخافُ على نَفْسي وظِئْرِي فَأَنْزَوِي
عن النَّاسِ حتَّى لو تَرَدَّيْتُ في بِئْرِ!
أَهِيمُ على وَجْهي فما أَنا مُنْتَم
إلى الرَّوضينِ مِثْلَ الآمِنَينَ ولا الَقفْرِ!
ويُسْلِمني خَوْفي إلى السُّهْدِ تارَةً..
وأُخْرى إلى النَّوْمِ المُفزَّعِ بالشَّرِّ!
وقُلْتُ لِنَفْسي ما الذي تَرْتَجِينَهُ
من البَرِّ يُخْفي القاتِليك أَوِ البَحْرِ؟!(63/179)
من الوَحْشِ.. والطَّيْر الجَوارح.. والورَى
فما شِمْتِ مِمَّا عِشْتِ فيه سِوى الخُسْرِا
فقلتْ لقد أَسْلمْتُ أَمْرِيَ لِلَّذي
يقَيني من اليُسْرِ المُبرِّحِ. والعُسْرِا
كِلانا ضَنِينٌ بالحَياةِ. ولو سَطَتْ
عَلَيْنا.. فما لِلْمَرْءِ فيها سِوى الصَّبْرِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> اعترافات؟!
اعترافات؟!
رقم القصيدة : 66002
-----------------------------------
يهدِّدني الماضي بِأَشْباحِ أغوالِ
فأشْقى بِسيَّاف . وأشْقى بِنَبَّالِ!
وأَنْظُر للماضِيَ فأطْوِي على القَذى
ضُلوعي وأَخْزى من غُدُوِّي وآصالي!
مَضَتْ كلُّها بالمُخْزياتِ . وخَلَّفَتْ
على غَيْرِ ما أَهْوى.. غَرِيقاً بأَوْحالِ!
لقد كنْتُ أَيَّامَ الشَّبابِ مُغامِراً
أَتِيهُ بأقْوالٍ سُكارى. وأَفْعالِ!
وما زِلْتُ حتَّى اليَوْم أُصْغي لِصَبْوَتي
وإِن كنْتُ لا أَلْقى لَدَيْها سوى الآلِ!
ولو جَرَفَتْني لِلْحَضيض لما ارْعَوَتْ
ولو كبَّلَتْني مِن قَذاها بِأَغلالِ!
فحّتَّى متى أنْساقُ للإثْمِ خَلْفها
ولِلْعارِ يُشْفيني لَدى الصَّحْبِ والألِ؟!
أَبِيتُ بِهَمٍّ في لَيالِيَّ مُعْضِلٍ
وأَصْحُو على خِزْيٍ يُجَلِّلُ سِربالي!
ويَحْسَبُني صَحْبي النَّقِيَّ من الخنى
فَأَبْكي بِسِرِّي مِن حَقارَة أَعمالي!
أَأَبْدُو أنا المِفْضال في أَعْيُنِ الورى
وما كنْتُ يَوْماً في الخَفاءِ بِمِفْضالِ؟!
يعَفُّ السَّراةُ النَّابِهُونَ وَأنْطَوِي
على نَفسِ مَوْتُورٍ مِن الطُّهْرِ مُغْتالٍ؟!
ويُسْدُونَ آياتٍ من الخَيْرِ والنَّدى
إلى النَّاسِ تَطْوِي كُلَّ ضِيقٍ وإقْلالِ!
وأُسْدِي . وما أُغْضِي إِليْهِمْ جَوارِحاً
تُخَدِّشُ مِن شَوْكٍ عَتِيٍّ ومن ضالِ!
تباركْتَ رَبِّي إنَّني مَتَطَلِّعٌ
إلى مَجْدِكَ، السَّامي.. إلى عَطْفِكَ الغالي!
لعلِّي أنالُ الصَّفْحَ منك واسْتوِي
على الدرب لا المُسْتَرِيبِ. ولا القالي!
أسِيرُ به مُسْتَيْقِناً غَيْرَ صادِفٍ(63/180)
عن الرُّشْدِ في حِلِّي الأمين.. وتَرْحالي!
وقال أُصَيْحابي وقد شَفَّني السُّرى
إِلى غايةٍ شمَّاءَ في الأُفُقِ العالي!
إلى غايةٍ لم تَحْلُ يوماُ لخاطري
ولم يَسْتَطِبْها لا ضَميري ولا بالي!
ولم يَسْتَطِيبُوها - كَمِثْلي - فَعَطْعَطُوا
عَلَيَّ. وقالوا هل تَهيمُ بأَطْلالِ؟!
وكُنْتَ وكُنَّا من الفَرادِيسِ نَجْتَني
بها الزَّهَرَ المِعْطارَ.. والثَّمَرَ الحالي!
لقد كُنْتَ في الدِّيباج تَخْطُرُ في الحِمى
فكيف تَبَدَّلْتَ الحَرِيرَ بأَسمال ؟!
فقلت لهم كُفُّوا الملام فإنَّني..
تَباعَدْتُ عن نارِي فَلَسْتُ بها الصَّالي!
تَحَوَّلْتُ عن تلكَ الحفائِر للذُّرى
فطابت بكوري بالمُقامِ وآصالي..!
وما عُدْتُ بالدَّنِّ المُعتَق لاهِجاً
ولا بفتاةٍ بَضَّةٍ ذاتِ خِلْخالِ!
فَما مِنْهما جَدْوى ولا بِهِما غِنًى
وما اخْتَلَبا إلاَّ مَعاشِرَ جُهَّالِ!
ولكنَّني أصبو لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ
على قِمَمٍ لا تَصْطَفي غَيْرَ رِئْبالِ!
وغَادَرْتُهُمْ مُسْتَوْحِياً من زَهادَتي
بِما كانَ وحْياً فيه طبِّي وإبْلالي!
وكم من ضَلالٍ في الحياةِ يُذيِقُنا
أُجاجاً.. فَيخْلُو في اللَّهاةِ كسَلْسالِ!
ولكنَّه يُذْوِي النُّهى ويُذيبُها
فيا رُبَّ مَعْسولٍ مِن العَيْشِ. قَتَّالِ!
وقد ينتهي بالنَّهْرِ جاش نَمِيرُهُ
وأَرْوى. فما يُبْقِي به غَيْرَ أَوْشالِ!
***
أَرى من حَياتي عِبْرَةً أَسْتَعِيدُها
فأُجْفِلُ من سَوْءاتِها شَرَّ إِجْفالِ!
وأَطْوِي على جَمْرٍ ضُلُوعاً مَهِيضةً
تَئِنُّ بآلامٍ . وتَشْقى بآمالِ!
وأَعْقُدُ عَزْمي أَنَّني لن أُثيرَها
فَحَسْبي رَزايايَ الجِسام وبَلْبالي!
ولكنَّها السَّوْطُ الذي يُلْهبُ الحَشا
ويَجْلِدُني جَلْداً يُمَزِّقُ أَوْصالي!
ويُلْهِمُني رُشْدي وقد عِشْتُ طائِشاً
ويصرفني عن حَمأَةِ الزَّمَنِ الخالي!
لقد عاد إِيلامي عَلَيَّ بِلَذَّةٍ
وأَخْصَبَني - يا للغرابةِ - إِمْحالي!(63/181)
تَمَجَّدْتَ كم مِن نِعْمَةٍ بَعْد نِقْمَةٍ
أَطَلَّتْ. وكم من عِزةٍ بَعْدَ إِذْلالِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> صراع .. وإذعان
صراع .. وإذعان
رقم القصيدة : 66003
-----------------------------------
انتهتْ لُعْبَةُ الحياةِ التي ظلت طويلاً.. إلى خُواءٍ رهيبِ!
كنْتُ فيها الجَنِينَ في المَهْبلِ المُظُلِمِ
يَحُنو فيها عَلَيَّ حَبِيِبْي!
هي أُمِّي التي تَجَشَّمَتِ الهَوْلِ
وعانَتْ مِن وعْكَةٍ وطبيبِ!
وأنا نُطْفَةٌ بِصُلْبٍ عَطُوفٍ
يَتَمَنَّى قُدُومَ طِفْلٍ نَجيبِ!
***
وتَحدَّرت مِن مَعينين صُلْبٍ
عَلَويِّ.. ومَهْبَلٍ عَرَبِيِّ!
وتّلَفَّفْتُ بالقِماطِ .. فما يُدْفيءُ
مَهْدي غَيْرُ الحنَانِ الشَّجِيِّ!
لّسْتُ أَدْرِي أأسْتَوي في حياتي
كَرَشيدٍ. أَمْ أَسْتَوي كَغَوِيِّ؟!
كيف يَدْرِي الطِّفْلُ العمِيُّ بِما يُفْضي إلَيْه.. مِن عاطِلٍ وسوِيِّ؟!
***
وتَدَرَّجْتُ في الحياةِ صَبِيّاً وفّتىً
ساهِماً .. وكَهْلاً حرِبيا!
كان صَدْرِي كالأرض تَرْتَقِبُ القَطْرَ
ليَغْدو الجدِيبُ مِنْها خصِيبا!
ويَشِحُّ القَطْرُ السَّخِيُّ ولو جادَ
لأمْسىَ اليَبِيسُ منها رطيبا!
وتراهُ يَهْمي على غَيْرِها .. الرّوض
وما احْتَاجُهُ .. فَتَشْكو النَّصيبا!
***
وأَراني غَدَوْتَ مِن شَجَنِ الدُنْيا حَكِيماً.. يَرى من البُؤْسِ ُنعْمي!
بَعْد أَنْ كنْتُ شاكِياً .. أَنْدُبُ الحَظَّ.. وأَطْوي غَمّاً. وأُنْكِرُ ظُلْما!
عادَ غُرْمي الذي تخيَّلْتُ بالأَمْسِ
بِرُوحي الذي تَرَفَّعَ.. غُنْما!
وبَدَتْ لي الخُطُوبُ . وهي تُناغِيني وتَكْسو العِظامَ لَحْماً وشَحْما!
***
كانَ وَهْماً ما خِلْتُه قَبْلُ مَجْداً
وحُطاماً .. والماءُ كانَ سرابا!
فَهُما يُشْقِيانِ إنْ لم يكونا
عَمَلاً مُسْعِداً.. ورأْياً صَوابا!
والكَثيرُ.. الكثيرُ مِنَّا شَحِيحٌ
وعَنِيفٌ.. إذا اسْتَقَلَّ السَّحابا!
في يَدَيْهِ الحُطامُ والمَجْدُ ما عاش(63/182)
على النَّاسِ.. أَسْهُماً وحِرابا!
***
وتَفَكَّرْتُ فاسْتَبانَ لِيَ الَأمْرُ
وقد كان خَلْفَ شتَّى السَّتائِرْ!
رُبَّ تِبْرٍ هو التُّرابُ.. وما يُغْني فَتَيلاً .. ولا يَصُدُّ الفَواقِرْ!
إنَّه كالهباءِ يُرخِصُهُ الشُحُّ
ويُشْقي بحجزه في الغَرائِرْ!
رَبُّهُ لا يَحُوزُ منه سوى الفقْرِ
سوى المَقْتِ. واحْتِواءِ المآثِرْ!
***
أيُّ فَقْرٍ أَنْكى من الجَشَع المُزرِي وَجَمْع الحُطامِ .. لا إنْفاقِهْ!
بِئْسَما المَرْءُ وهو يَلْهَثُ في السَّقي لئيماً .. يَخافُ مِن إمْلاقِهْ؟!
وهو في ذُرْوَةِ الثَّراءِ. فَلَوْ أغْدَقَ
لاقى المزيد من إغْداقِهْ!
رُبَّ جَدْبٍ يَعودُ خَصْباً
بَعْدَ تَشْذِيبِهِ. وبعد احْتراقِهْ!
***
يا عَبِيدَ المَجْدِ الحَقِيرِ تَرَخَّصْتُمْ
فلم تَسْلكُوا السَّبِيلَ القَوِيما!
لم تَنالُوا المَجْدَ اللُّبابَ وهَيْهاتَ فإنَّ القُشُورَ تُرْضي اللَّئيما!
ورَضِيتُمْ بِها. وخُضْتُم إِليْها
لُجَجاً واصْطَفى الرَّميمُ الرَّمِيما!
رُبَّ مَجْدٍ يَقُول سُحْقاً لِراعِيهِ
فَإنِّي وأَنْتَ نَصْلى الجحيما!
***
إنَّ في اثنَيْكُما .. حُطاماً ومَجْداً
ما يُزَكِّي الضَّمِيرَ.. أَوْ ما يَغُولُ!
ما يَرى النَّاسُ فيه خَيْراً وشَرّاً
من نُفُوسٍ تَطْغَى عَمًى وتَصُولُ!
ونُفُوسٍ أَوَّابةٍ تَشْتَهي العَوْنَ
فَتَروِي به الصَّدى .. وَتَعُولُ!
كم تُضِيءُ الحُلُولُ سَودَ الدّياجِير
وكم تَنْشُرُ الظَّلامَ الحُلُولُ!
إنَّ نَفْسي ما بَيْنَ تلْكَ وهذي
فهي نَفْسٌ غَوِيَّةٌ. وبَتُولُ!
فَصُعُوداً حِيناً إلى النَّجْم بالخَيْرِ
وحيناً يحْلُو لَديْها النّزُولُ!
آهِ مِمَّا عانَيْتُ مِنْها فأجْهشتُ
ولكنَّها العليمُ.. الجَهُولُ!
طال ما بَيْنَنا الصِّراعُ ولَمَّا
تؤْثِر السَّلْمِ فَهي حَرْبٌ تَطُولَ!
***
يا إلهي لو أَنَّني كنْتُ مُخْتاراً.. لما اخْتَرْتُ غَيْرَ نَهْجِ الرَّشادِ!(63/183)
غَيْرَ أنِّي مِن بَعْدِ عَجْزي تَنَوَّرتُ سَبِيلَيَّ في الذُّرى والِوِهادِ!
فَتَطَلَّعْتً لِلسَّماءِ.. وأَلْقَيْتُ إلى رَبِّها العلِيِِّ قِيادي!
فإذا بي قَلْبٌ شَجِيٌّ.. وفِكْرٌ
عَبْقَرِيٌّ طابا بِطِيبِ المعَادِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> الجسد .. والروح
الجسد .. والروح
رقم القصيدة : 66004
-----------------------------------
كيف أَلْقاكِ غداً يا حُلْوتي
وأنا مُعْتَكِفٌ خَلْفَ الوَصيدْ؟
كيف .. والدَّمْعَةُ تَتْلو آهَتي
والمنى تَنْثالُ في خَصْرٍ وجِيدْ؟!
***
أَفَتَغْدوا واقِعاً تلك المُنى؟!
فأَراني راكِضاً فوق السَّحابْ؟!
وأَرى الطَّلْعَةَ مِن ذاتِ السَّنا
فَأَرى الوابل مِن بَعْدِ السَّرابْ؟!
***
يا لَ قَلْبي من جَرِيحٍ نابِضٍ
بِهَوىً يَقْسُو عليه.. ويَلِينْ!
يتراءى كسحابٍ عارضٍ
ثم يَنْأى .. وهو بالَغوْثِ ضَنِينْ!
***
غائِباً بِضْعَ سِنِينٍ يا لَهُ
من هَوىً يَشْغَفُني ثم يَشيحْ!
غالَ.. والقَلْبُ يَرى مَن غالَهُ
بَلْسَماً يُشْفِي. وحُباً يَستَبِيحْ!
***
قلْتُ يا قَلْبُ .. أما يَثْنِيكَ ما
راعَ ما أَسْقاكَ مِن مِلْحٍ أُجاجْ؟!
هو نَصْلٌ ما اشْتَهى إلاَّ الدَّما
مِنْكَ . وانْسَلَّ وما ترْجو العِلاجْ؟!
***
قال ما أَرْجُوهُ.. إنَّ الأَلَما
هو نَجْوايَ . وإِلْهامي .. وَوَحْيي!
شَحَذَ الفِكْرَ.. وأَذْكى القَلَما..
فهو بَعْد الظَّمَأ الحارِقِ رِبِّي..!
***
كنْتُ أَهْذي حِينَما أَمَّلْتُ وَصْلي
مِنْه. كُنْتُ الطِّفْلَ يَهْفُو للرَّضاعْ!
هو قد يحلو. وقد يُثْمِلُ عَقْلي..
ثُمَّ يَتْلُو ثَملي منه الصُّداعْ!
***
تشْتَهي نَفْسي القِلا راضِيةً
وهو يُصْلِيها بِسُهْدٍ وعذَابْ!
وتُجافي وَصْلَها مُغْضِيَةً
عن لُهىً آلاؤُها تُخْفي التَّبَابْ!
***
هي نَفْسٌ أَلِفَتْ أن تَمْتَطي
صَهْوَةَ المَجْدِ. وإن كانَ حَرُونا..!
قالَتِ الشُّهْبُ لها لا تَقْنَطِي(63/184)
وارْكَبي الصَّعْبَ. ولا تَخْشِي المَنوُنا!
***
فاسْتَجابَتْ . وارْتَأَتْ أَنَّ الهَوى
أَلَمٌ يُشْجِي. وفَنٌّ يَسْتَجِيبْ!
وهي في الأَوْجِ اشْتَطَّ النوَّى
تَتَملىَّ جَوْهَرَ الكَوْنِ العَجِيبْ!
***
وهي في الدَّرْكِ إذا الحُبُّ ارْتَوى
مِن رُضابِ الحُسْنِ ما يَنْدَثِرُ..!
يا لَهُ مِنْ َمْنهَلٍ يَشْفي الجَوى
ثم يُغْثِي .. ويَسُوءُ الصَّدَرُ!
***
قال لي .. إنَّ حَبِيبي قَمَرٌ
قُلْتُ قد يَسْخَرُ مِنْكِ البَصَرُ!
فَتَراهُ بعد حين تائِهاً
حينما يَخْسِفُ هذا القَمَرُ..!
***
عَرَكَ الدَّهْرُ شُعوري والحِجا
فَرَأَيْتُ الجَسَدَ الحالي.. رُفاتا!
حُسْنُهُ ضَوْءٌ يُغَشِّيهِ الدُّجى
وهو صَحْوٌ نَرْتَجَي منه السُّباتا!
* * *
ولقد يَحْلُو لنا سُلْوانُهُ
حينَ ما نَبْلُغُ مِنْه الوَطَرا!
ولقد تبدو لنا أفْنانُهُ
عَوْسَجاً نَأْخُذُ مِنْه الحَذَرا!
* * *
ورأَيْتُ الرُّوحَ رَوْضاً عابِقاً
بِزُهُورٍ .. وثِمارِ.. ومَناهِلْ!
كُلَّما جِئْتُ إليه طارقاً
قُلْتُ ما أَحْلاكِ يا هذي الشَّمائِلْ!
***
فيه نَهْرٌ أَرْتَوِي مِنْه.. ونَخْلٌ
أَجْتَنِيهِ.. ونَسِيمٌ وبَلابلْ!
ههُنا الحُسْنُ الذي يخبو ويَحْلُو
وهُنا العِزِّةُ تَغْلُو.. والجَلائِلْ!
***
بَعْد هذا الحُسْنِ يُشْجي بالرُّؤى
والأمانِيِّ .. أَراني ثَمِلا!
ما أُبالي مَن دَنا.. أَوْ مَن نأى
فلقد عُفْتُ الهوَى والغَزَلا!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> جدة
جدة
رقم القصيدة : 66005
-----------------------------------
يا مَغانِي الجَمالِ والسِّحرِ والفِتْنَةِ يا حُلْوَةَ الرُّؤى والمَخائِلْ!
حَضَنَ البَحْرُ دُرَّةً. وحَنا البَرُّ عليها.. بِرَوْضِهِ والخمائِلْ!
فَهْيَ فَيْحاءُ بَيْنَ بَرٍّ وبَحْرٍ..
تَتَهادى .. وتزْدَهي بالجَلائِلْ!
بالقُلُوبِ التي يُتَيِّمُها الحُبُّ
فَتَشْدو طرُوبَةً كالعنادِلْ!(63/185)
والعُقُولِ التي تُهَلِّلُ لِلفَنّ تَجَلَّتْ غاياتُهُ والوسائِلْ!
فَبَدَتْ لِلْعُيُونِ حُسْناً وفَنّاً
جاوَزَتْ فيهما الثُّغُورَ الحَوافِلْ!
ما أَرى في مَدائِنِ العالَمِ الرَّحْبِ
كمِثْلَيْهِما . سوى في القلائِلْ!
ما أُحَيْلى بواكِرُ الفَجْرِ يا جِدَّةُ فِيكِ.. وما أُحَيْلي الأَصائِلْ!
***
قال لي مَن يَلُومُني في هَواها
فَتَنْتكَ العَرُوسُ ذاتُ الجَدائِلْ؟!
قَلْتُ بَلْ كُنْتُ في هَواها أنا
الظَّامِىءُ. لاقي مِنْها كَرِيمَ المَناهِلْ!
وأنا الكاسِبُ القَوافِيَ تَطْوِي
سَيْرَها لِلنُّجُومِ شُم المنازِلْ!!
ولقد يُدْرِكُ الأَواخِرُ بالشِّعْر وبِالفَنِّ ما يَرُوعُ الأوائِلْ!
***
أنا يا جِدَّةُ الحَبِيبُ المُعَنَّى
بِحَبِيبٍ ما إنْ له مِن مُطاوِلْ
فاذْكُريني كَمِثْل ذِكْرايَ يا جِدَّةُ
يا مَوْطِنَ النَّدى والشَّمائِلْ!
رُبَّ ذِكْرى تُؤَجِّجُ الفِكْرَ والحِسَّ
وترضي المنى وترضي الدَّخائِلْ!
أَفَأَشْكو الهوى شِفاهاً وإلاَّ
أكْتَفي منه قانِعاً بالرَّسائِلْ؟!
أَيُّ ما فِيكِ أَزْدَهى وأُغَنِّي
وهو شَيءٌ مِن العُلا والفَضائِلْ؟!
مِن عُلُومٍ. ومِن فُنُونٍ تَأَلقْنَ
وأَشْعَلْنَ في حِماكِ المشاعِلْ!
وازْدِهارٍ فاقَ التَّصَوُّرَ فاخْضَرَّتْ
قِفارٌ بِهِ وماسَتْ جَنادِلْ!
حَقَّقَتْهُ الجُهودُ جَلَّلَتِ الثَّغْرَ
بِأَبْهى الحُلى. وأَبْهى الغَلائِلْ!
قال عَنْها الرَّاؤونَ كانَتْ
فَعادَتْ. رَوْضَةً ذاتَ خُضْرَةٍ وجَداوِلُ!
ولقد يُذْهِلُ التَّطَوُّرَ أَحْياناً
ويَحلُو بِهِ سَرِيرُ الحَناظِلْ!
***
إيهِ يا جِدَّةُ اطْمَأَنَّ بِنا العَيْشُ
وَقرَّتْ بِنا لَدَيْكِ البَلابِلْ!
فانْعَمي بالحيَاةِ.. لا مَسَّكِ الضُّرُّ
ولا غَالَتِ الهناءَ الغوائِلْ!
وسَقاكِ الحَيا بِوابِلِهِ العَذْبِ
وندَّاكِ بالسَّحابِ الهواطِلْ!
***
بَيْنَ أُمِّ القُرى وطَيْبَةَ مَثْواكِ
وعَزَّا فَرائِضاً ونَوافِلْ!(63/186)
فهي مجدنا الأثيل.. هما النجدة أن أعيت الخطوب الكواهِلْ!
لم أُجَغْرِفُ هُنا.. ولكنَّكِ الثَّغرُ لأقْداسِنا . ومَرْسى الأماثِلْ!
وسواءٌ كُنْتِ الجَنُوبَ أَمِ الشَّمألَ.. فالفضل للجدا والنَّوائِلْ!
***
جَلَّ هذا التُّراثُ مَنَّ به الله عَلَيْنا. يَرُدُّ عَنَّا النَّوازِلْ!
ويَقِينا مِن الخُطُوبِ إذا نَحُنُ حَرِضْنا عليه حِرْصَ البواسِلْ!
فهو الجِدُّ حينَ يَخطُو إلى الرُّشْدِ
وتَخْطُو إلى الضَّلالِ المهازِلْ!
***
رُبَّ ماضٍ يَرْنو إلى الحاضِرِ الماثِلِ
يَرْجو مِنهُ اتِّقاءَ المباذِلْ!
فهي تُفْضِي به إلى الدَّرْكِ تَعْوِي
في دَياجِيه عاتِياتُ الزَّلازِلْ!
فاتَّقُوهُ.. فهل نَقُولُ اتَّقَيْناهُ؟! ونَسْعى إلى الذُّرى.. ونُناضِلْ؟!
النِّضالَ الذي يَعِيشُ به النَّاسُ كِراماً.. ويَحْصِدُونَ السَّنابِلْ؟!
أَيُّهذا الغَدُ الذي يَتَراءى شامِخاً. نحن في ارْتِقابِ الفَواضِلْ!
حاضِرٌ آمِلُ . ومُسْتَقْبَلٌ رَحْبٌ وماضٍ نَزْهو به. ونُطاوِلُ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> الأغوار .. والقمم
الأغوار .. والقمم
رقم القصيدة : 66006
-----------------------------------
العوالي تَحِنُّ للأَغْوارِ
والدَّياجى تُطيحُ بالأَنْوارِ!
فَصَباحي يَطوِي الخُطى لرَباحٍ
ومَسائي يَطْوِي الخطى لِخَسَارِ!
حيَّرَتْني نَفْسي فما أعْرِفُ ما تَحْتَوِيهِ مِن أَسْرارِ!
أَلِرُشْدٍ تَميِلُ. أَمْ لِضَلالٍ
ولِنَفْعٍ تَمِيلُ أَمْ لِضِرارِ؟!
مِن صِبايَ الغَرِيرِ كنْتُ أُعانِي
قَلَقاً مِن شُذُوذِها وعِثاري!
* * *
يا لَ نَفْسي من الضلالة والرشدِ
ومن صولتي بها وانْدِحاري!
إنَّ حَوْلي مِن الأَنام كَثيرينَ
أَراهُمْ في نَشْوَةٍ وافْتِرارِ!
ما يُبالُونَ ما أَصابُوا مِن الرُّشْدِ أو الغَيِّ.. في دُجًى أَوْ نَهارِ!
ليْتَ لي مِن خَلائِقِ القَوْمِ ما
يَدْفَعُ عَنِّي غَوائِلَ الأَفْكارِ!
أَقْلَقَتْ مَضْجَعي.. فحالفني(63/187)
السُّهْدُ. ومالي عن هَوْلِها مِن فِرارِ!
كِشفارٍ تُدْمي وتُمْعِنُ في السَّطْوِ
وهل نَامَ مُثْخَنٌ بالشِّفارِ؟!
يا ضَمِيري وأّنْتَ تُمْعِنُ في اللَّوْمِ
وتُشْقي الجَريحَ بالأَفْكارِ!
أَتُراني أَطَقْتُ أَنْ أَسْلُكَ الدَّرْبَ قَوِيماً.. كَمَعْشَرِ الأَبْرارِ؟!
ثُمَّ كابَرْتُ واجْتَوَيْتُ وأَثَرْتَ اعْوِجاجي.. كَمَعْشرِ الفُجَّارِ؟!
لا. فَما اسْطَعْتُ عن عَمايَ انْحِرافاً
أَوْ أَطَقْتُ النَّجاةَ مِن إعْصارِي!
لَمَ لَمْ تَأْسَ يا خَدِيني على
الآبِقِ لَمْ تَحْمِهِ مِن الأَوْزارِ؟!
بِالَّذي فيكَ من شَعاعٍ. ومن رُشْدٍ
يُضيئانِ دَرْبَهُ كالمَنارِ؟!
أَنْتَ مِثْلي الخَلِيقُ بالشَّجْوِ واللَّوْمِ. فَما ذُرْتَني عن الأَخْطارِ!
* * *
يا شَقائي الذي يُمَزِّقُ رُوحي
لَسْتُ أَشْكُو مِن خَيْبَتي واعتِساري!
فلقد كُنْتُ أَسْتَبِيحُ حِمى الطُّهْرِ
كَأَنِّي كَلْبٌ ثَوى في وجارِ!
وكَأَنِّي أَسِيرُ لِلْعالَمِ الأّحْمَرِ رَكْضاً كأَنَّني في قِطارِ..!
ثم أَقْعَيْتُ مِن وِنى.. وتأمَّلْتُ حياتي.. فقلت وَاهاً لعاري!
وحَوَالِيَّ ثُلَّةٌ عَرَفوا الدَّرْبَ سَويّاً.. فَلَيْلُهُمُ كالنَّهارِ!!
لَفَّهُمْ قَبْلُ ظُلُمَةٌ واعْتِكارٌ
فَتَناءَوْا عن ظُلْمَةٍ واعْتِكارِ!
وأَنا ما أَزالُ في عُتْمَةِ اللَّيْلِ
فَمَن لي مِنْها بِقُرْبِ انْحِسارِ!
رُدَّني مِثْلَهُمْ عن الغي.. يا رب
فإِنِّي أَوَدُّ رَدَّ اعْتِباري!
فلقد ضِقْتُ بالمجُونِ وبَلْواها
وأَدْمى رِجْلَيَّ طُولُ عِثارِي!
وانْكِساري أَخْنى عَلَيَّ وأَشْقى
فَأَذِقْني لَذَاذَةَ الانْتِصارِ!
يا سَنى الرُّوح.. ما أَراكَ سِوى الحاني فَأَطْلِقْ مِن الأَثامِ إساري!
كنْتَ لِي الذُّخْرَ في الشَّدائِدِ والعَوْنَ.. فَيا طَالَما فَكَكْتِ حِصارِي!
ما تَخَلَّيْتَ.. والنَّوائِبُ تَتْرى والأَفَاعِي تُنُوشُني.. والضَّوارِي!
وأنا اليَوْمَ بَيْنَها قد تَعَرَّيْتُ(63/188)
وقد لَوَّثَتْ دِمائي إزَارِي!
لا تَذَرْني فَرْداً. ولَسْتُ بِفَرْدٍ.. وأنا مِنْكَ بَيْنَ أَهْلي ودَاري!
* * *
أَيُّهَذا النُّورُ الذي يَتَغَشَّانِي
تَبارَكْتَ مِن ولِيٍّ وجَارِ!
كُنْتُ قَفْراً فَعُدْتُ رَوْضاً نَضِيراً
بِزُهُورٍ شَذِيَّة.. وثِمارِ!
راحَ عَنْه اصْفِرارُهُ فَزَها الرَّوْضُ
بِخُلْوٍ مِن سَلْسَلٍ واخْضِرارِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أتمنى .. ولكن
أتمنى .. ولكن
رقم القصيدة : 66007
-----------------------------------
ليس تَدْرُونَ ما أُلاقي مِن الضَّعْفِ والسَّقَمْ!
أنا بالعَيْشِ مِنْهُما
في جَحيمٍ مِن الأَلَمْ!
مَزَّقَ الرُّوحَ فانْحَدَرْتُ إلى بُؤْرَةِ القَدَمْ!
وَيْ كأنِّي بِغابَةٍ
تَحْتَويني مِن السَّلَمْ!
* * *
لَيْتَني كنْتُ نَجْمَةً
في سَحِيقٍ من الرِّحابْ!
ما تُعانِي مِن البِلى
أَوْ تُعاني مِن العَذابْ!
فَهْي لا تَرْتَجِي الثَّوابَ
ولا تَرْهَبُ العِقابْ!
لِمَ.. والحِسُّ ما يَجِيشُ
ولا الفِكْرُ.. في الأَهابْ؟!
* * *
لَيْتَني كنْتُ صَخْرَةً
ساخَ في الأَرْضِ جِذْرُها!
أعجز الشَّمْسَ.. والرِّياحَ الأعاصِيرَ ظَهْرُها!
كيْفَ لا! وهيَ ما تُحِسُّ
ولا ضَاقَ صَدْرُها؟!
لَيْلُها ما أَخافَ مِنْها
ولا سَرَّ فَجْرُها!
* * *
لَيْتَني كنْتُ باذراً
يَبْذُرُ الحُبَّ والأَمَلْ!
وإذا مَسَّهُ اللُّغُوبُ
وحَفَّتْ به العِلَلْ!
لم يَعُوقاهُ لَحْظَةً
أو يَرُدَّاهُ لِلْكَسَلْ!
بَلْ يَزِيداهُ قُوَّةً
ونَشاطاً على العَمَلْ!
* * *
لَيْتَني كنْتُ مِبضْعاً
يَبْتُرُ الحِقْدَ والحَسَدْ!
ساءَ مَرْعاهُما الخَبِيثُ
وأَفْضى إلى النّكَدْ!
بَعْضُ ما في الحياةِ هذى
جَديرٌ بأَنْ يُحَدْ!
والحدُودُ الَّتي تُقامُ
هِي العَدْلُ والرَّشَدْ!
* * *
لَيْتَني كنْتُ صارِماً
في يَديْ فارِسٍ شُجاعْ!
يَنْصُرُ الحَقَّ ما أَطاقَ
ولا يَرْهَبُ الصِّراعْ!
يَكْشِفُ الزَّيْفَ نازِعاً(63/189)
عن شياطِينِه القِناعْ!
فَهْوَ رُعْبٌ لِذي الضَّلالِ!
ورُعبٌ لَذي الخِداعْ
* * *
لَيْتَني كنْتُ بَلْسَماً
فيه لِلْمُوجَعِ الشِّفاءْ!
ولِذي العَجْزِ قوَّةً
ولذي الضَّعْفِ كِبْرِياءْ!
ولِذي الشَّجْوِ راحَةً
مِن هَوانٍ. ومِن بَلاءْ..!
وهو لا يَرْغَبُ الثَّناءَ
على البَذْلِ والعَطاءْ!
* * *
ويَراعاً يَشُدُّهُ..
لِلْعُلا الصِّدْقُ.. لا الرِّياءْ!
ما يُبالي إذا اسْتَقامَ على الدَّرْبِ بالبَلاءْ!
لم يَخَفْ قَطُّ.. بَلْ أَخافَ وأَجْدى مِن المَضاءْ!
وهو كالنُّورِ.. إن تَجَلَّى
تَبَدَّى به الخَفاءْ..!
* * *
لَيْتَني كنْتُ شادِياً
بَيْنَ رَوْضٍ ومَنْهَلِ!
عُشُّهُ في حَدِيقَةٍ
ذاتِ وَزدٍ وصَنْدَلِ!
يَتَغَنَّى بِجَوِّهِ
وبإِلْفٍ ومَنْزِلِ!
فَهْوَ حُرٌّ.. ولَيْتَنا
مِثْلَهُ لم نُكَبَّلِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أين؟! بل لا أين!
أين؟! بل لا أين!
رقم القصيدة : 66008
-----------------------------------
أيْنَ تِلكَ الأَماسي كانتْ شُعاعاً
في شُعُوري. وشُعْلَةً في ضميري؟!
لم يَعُدْ لي مِن بَعْدِها غَيْرُ نَظُمٍ
يَتَهاوى على ضِعافِ حَفِيرِ!
لم يَعُدْ لي شِعْري الذي كانَ كالنَّسْـ
مَةِ كالشَّدْو. كالنَّدى. كالعَبيرِ!
لم يَعُد لي غَيْرُ الأَسى. فأنا الظَّامِىء ما عُدْتُ أَرْتَوِي من غَدِيري!
* * *
أين ذاك الزَّمانُ.. كان جِناناً
وفِراشاً مُرَفَّهاً مِن حَريرِ!
ورحيقاً مِن الحَنانِ مُصَفّىً..
ومِن الحُبِّ.. والدَّلالِ المُثير!
ومِن الصَّفْوِ لم يُعَكِّرهُ رَنْقٌ
ومِن الرَّكْضِ خَلْفَ ظَبْي غَرِيرِ!
مُسْتَجِيبٌ كأَنَّه النَّسْمةُ تَشْفي القُلُوبَ.. كالإِكْسِير!
قد تَوَلىَّ.. فَلَيْسَ لي غَيْرُ رِيحِ
عاصِفٍ بالحياةِ.. غَيْرُ هَجِيرِ!
فأَعِيدي إليَّ يا رَبَّةَ الحُسْنِ ما كانَ
أَعِيدي خَوَرْنَقي وسديري!
أو فَإِنِّي السَّجِينُ يَرْسُفُ في القَيْدِ
ويَطْوِي على الشَّجا والزَّفِيرِ!(63/190)
أَوْ فَكُونِي الإِلْهامَ لي من التَّبارِيح
تَكُنْ جَنَّتي بِحَرِّ سعيري!
* * *
قد يكون الوِصالُ بَؤْسي على الفِكْرِ
ونعماء في القِلا والشُّجوُنِ!
فلقد كُنْتُ في النَّعِيمِ أَرى البُؤْسَ وَمِيضاً يَصُدُّنِي عَنْ فَتُوني!
وأَراني في غَمْرَةِ الشَّكِّ والحَيْرَةِ
أَهْذِي كأَنَّنِي في جُنُونِ!
كيف يَغْدُو الصُّدُودُ نُعْمى؟! وفَكَّرْتُ
وكَفْكَفْتُ دَمْعَةً من عُيُوني!
وبدا لي العَذابُ كِفْلاً مِن الرَّحْمَةِ
يَشْفي مِن الهوى والمجُوُنِ!
كم تَضَلَّعْتُ باللَّذاذَةِ حتى
كِدْتُ أَنْسى بِها نَذيرَ مَنُوني!
وجَزاني العذابُ عن مُتْعَةِ اللَّهْوِ
بِما شَدَّ بالسُّمُوِّ حُصُوني!
رُبَّما كنْتُ واهِماً حِينَما كُنْتُ أَظُنُّ اللُّهى تُضِيءُ دُجُوني!
فإذا باللُّهى تَرُدُّ الفرَاديِسَ
إذا هَيْمَنَتْ.. لِجَدْبِ الحُزُونِ!
وتَرُدُّ انْطِلاقَنَا لِقُيُودٍ
عائِقاتٍ مَسِيرَنا.. وسُجُونِ!
فلقد كنْتَ بالنَّعِيم حَرُوناً
فإذا بالبُؤْسِ غَيْرَ حَرُونِ!
رُبَّ بُرْءٍ يَكُونُ غَيْرَ حَنُونٍ
وسِقامٍ يَكونُ جِدَّ حَنُونِ!
* * *
جرَّبْتُ وَصْلِي. كما جَرَّبْتُ هُجْراني
فما عَرَفْتَ مَنِ القاسِي.. مَنِ الحاني؟!
كِلاهُما كانَ يُفْضِي بِي إلى ظُلَلٍ
مِن الغَمام.. وما أَدْرِي مَن الجاني!
هذا يَقُولُ بِأَنِّي غَيْرُ مُقْتَرِفٍ
وذاكَ يُقْسِمُ أنَّ المُذْنبَ.. الثاني!
فَمَنْ مَلاكي الذي يَهْدي إلى سَنَني
مِنْ النَّقِيضَيْنِ.. مَنْ غَيِّ وشَيْطاني؟!
لقد عَجزْتُ وأَعْيَتْني طَلاسِمُها
هذى الحياةُ.. بِصِدقٍ.. أو بِبُهْتانِ؟!
واسْتَبْهَمَ الدَّرْبُ.. هل أَرْسي بأَوْدِيَةٍ
تُرِيحُني.. أمْ بأمْواهٍ وشُطْآنِ؟!
وما اسْتقَرَّ قَرارِي.. فهو مُضْطَرِبٌ
ما بَيْنَ مَتْرَبَةٍ تُشجي.. وغُنْيانِ!
كأَنَّني لَسْتُ إنْساناً له مِقَةٌ
يَظُنُّها ذاتَ آلاءٍ وسُلْطانِ!
وهل تَحَيَّر في الدُّنْيا وتاهَ بِها(63/191)
عن الطَّريقِ السَّواءِ.. غَيْرُ إنْسانِ؟!
* * *
إنَّ الغَرِيزَةَ تَسْتَهْدِي بها أُمَمٌ
غَيْرَ الفَرِيقَيْن.. مِن إنْسٍ ومِن جَانِ!
يا ليْتني كنْتُ ضَيْفَهُما. أَوْ كُنْتُ أَرْنَبهَا كي لا يُضَلِّلَني شَكِّي وإيقاني!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> حيرة .. وصيرورة
حيرة .. وصيرورة
رقم القصيدة : 66009
-----------------------------------
اتَيْتُ إلى الدُّنيا وما كنْتُ مُختْارا
ولو أَنَّني خُيَّرتُ ما اخْتَرْتُها دارا!
فلو كنْتُ لم أُخْلَقُ لما كنْتُ آثِماً.. ولا كنْتُ مَغروراً.. ولا كنْتُ مِهْذارا!
ولا ابْتَهَجَتْ نَفْسي بما كان مُخْزِياً
ولا انْفَجَعتْ نَفْسي بما كانَ قَهَّارا!
فقد عِشْتُ فيها ماجِناً مُتهافِتاً
على مُتَع عادتْ هُموماً وأَوْزارا..!
شقاءٌ طُفُولِيٌّ.. شقاءٌ مُراهِقٌ
شقاءُ شبابٍ كانَ قَصْفاً وإعْصارا!
وشَيْخُوخةٌ ناءتْ بأفْدَحِ شِقْوَةٍ
فلم تَلْق إلاَّ ما يُلَطِّخُها قارا!
ولو أَنَّني لم آتِ.. كنْتُ هَباءةً
فلا تَبْتَغي أَهْلاً. ولا تَبْتَغي دارا!
ولا تَبْتَغي المَجْدَ المُؤَثَّل رافِعاً
مكانَتَها.. يَشْدُو به النَّاسُ أَشْعارا!
ولا تَبْتَغي المالَ الذي يُسْكِرُ النُّهى
فما تَجْتَوِي خزياً.. ولا تَجْتَوي عارا!
مُبَرَّأَةً مِن كلِّ عَيْبٍ لأَنَّها
سَدِيمٌ. فما لاقى هَواناً.. ولا جارا!
ولو كُنْتُهُ.. ما كانَ لي من ظُلامَةٍ
عَلَيَّ. ولا مِنِّي. ولا كنْتُ غَدَّارا!
وها أنا في هذي الحياةِ مُرَزَّأٌ
أُغادِرُ أَنجاداً.. وأَسْكُنُ أَغْوارا!
ويَصْحَبُني الأَخْيارُ حِيناً فأَسْتَوِي
على مَلَلٍ مِنْهم. وأَصْحَبُ أشْرارا!
أَبِيتُ على هَمٍّ بِهِ. يَلْتَوي الحَشا
وهُم جُثَّمٌ صَرْعى. عَشِيّاً وإِبِكارا!
يَعيشُونَ صُبْحاً كالبَهائِمِ رُتَّعاً
بلا زَاجِرٍ يَلْوِي. ويُمْسُونَ فُجَّارا!
* * *
على أنَّ حَوْلي مَعْشَراً مُتَرَفِّعاً(63/192)
عن اللَّهْوِ أطْهاراً كَرُمْنَ. وأَبْرارا!
تمنيت أَنِّي مِثْلَهم فَتَعَثَّرَتْ
خُطايَ. فأجْريْتُ المَدامِعَ مِدْرارا!
ألا لَيْتَ أَقْدارِي سَخَوْنَ كما سَخَتْ
عليهم.. وأعْطَتْني فكنْتُ لهم جارا!
وعُدْتُ فآثَرْتُ اصْطِباري فَرُبَّما
وَجَدْتُ بإيمانِي.. على الوِزْرِ أَعْذارا!
فقد كان يُشْقِيني. وإنْ كنْتُ أَشْتَهي
به ثَمَراً يَحْلو مَذاقاً.. وأزْهارا!
وقد كنت لا أرضى به ثم انثنى
إليه عَمِيّاً.. يَحْسَبُ الآلَ أَنْهارا!
ولَمَّا يَجِدْ ماءً يَبُلُّ به الصَّدى
ولا وَشْلاً. ما أَرْخَصَ الخُسْرَ مِقْدارا!
أرى عَدَمي خَيْراً مِن العَيشِ خِاضِعاً
لأَهْوائِهِ. جَهْراً صَفِيقاً وإشرارا!
تَمَنَّيْتهُ.. لكنَّني جِئْتُ لِلدُّنى
فَحُمِّلْتُ أَوْزاراً. وحُمِّلْتُ أوْضارا!
وحاوَلْتُ أَنْ أَحْيا بَرِيئاً من الخَنى
فما اسْطَعْتُ عنه. وهو يُهْلِكُ إدْبارا!
بَلى.. رُحْتُ أَدْعُوه فَيُقْبِلُ تارَةً
ويُعْرِضُ أُخْرى.. شادِياً ثم زَآرا..!
ونَفْسِيَ مِعْوانٌ له.. وهو عارِفٌ
بِهذا. وما يُرْضِ على اللَّهْو أَسْتارا!
أَلَسْتُ إذا ما لَم أَكُنْ.. كنْتُ ناجِياً
وكَيْنُونَتي هذى سَتُورِدُني النَّارا؟!
فكيْفَ نَجَاتِي مِنْهُ وهو مسيطرٌ
عليَّ وإنْ كانَ المُسَيْطِرُ جزَّارا؟!
* * *
ويا مَنْ هَداني بَعْدَ غَيِّي تبارَكَتْ
أيادِيكَ واسْتَعْلَتْ.. فقد كُنْتَ غَفَّارا!
فما أتمنّى اليوم أنْ لو تَحوَّلَتْ
حياتي هباءً.. بَعْدَ أنْ صِرْتُ مِغْوارا!
بلى.. أتمنَّاها حياةً قَرِيْرَةً
تجوب الذُّرى حتى تُكَلِّلُها الغارا!
سأُعْرِضُ عمَّا لا أَوَدُّ وقد بدَا
لِيَ النُّورُ غَيْثاً بالهدايَةَ دَرَّارا!
وكلاَّ. فإنِّي أتَّقيها بِصَحْوَةٍ..
تَبَيَّنْتْ منها أَنَّني كنْتُ كفَّارا..!
وكانَ أَمامي الرُّشُدُ والْغَيُّ فانْبَرى
إلى الغَيِّ رُوحِي يَنْشُدُ اللَّهْوَ والبارا!
فَناءَ بِما يُدْمِي الحشَا مُتَرَنحِّاً..(63/193)
بِسُكْرَيْهِما حتى هَوى الرَّوحُ مُنْهارا!
* * *
فيا صَحْوَةً قد أَسْعَدتْني بِرَجْعَةٍ
إلى الرُّشْدِ.. وِرْداً كَوْثرِياً وإِصدارا!
تباركتِ. إنَّ الرُّشْدَ كانَ بِشارَةً
لِنَفْسي. وإِنَّ الغَيَّ قد كان إنْذارا!
وها أنا في يَوْمي أُهَلِّلُ بالمُنى
تَحَقَّقْنَ بعد اليَأْسِ تَبْزُغُ أَقْمارا!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> آبق .. يتضرع
آبق .. يتضرع
رقم القصيدة : 66010
-----------------------------------
وحياتي شَجَنٌ في شَجَنٍ
ما لها في بُرْئِها من أَمَلِ!
فَكَأَنّي مدرج في كَفَنٍ
وكأَنِّي غائِصٌ في وَحَلِ!
* * *
وَيْحَ نَفْسٍٍ لا تُحِسُّ الأَلَما
يَنْخَرُ العَظْمَ. ولا تَخْشَى الرَّدِّي!
فَلَوْ أنَّ الدَّهْرَ شَبَّ الضَّرَما
في حَناياها.. لأَعْياها التَّصَدِّي!
* * *
كم تَمَنَّيْتُ لِطَبْعي أن يَشِفَّا
لِيرَى الحَقَّ.. ويَسْتَوْحي رُؤاهُ!
لم يُصِخْ له. وانْتأى عَدْلاً وصَرْفا
وشَجاهُ الغَيُّ فاسْتَحْلى لُهاهُ!
* * *
ومضى يَرْكُضُ في اللَّيْلِ البَهيمْ
في الدُّرُوبِ الغُلْفِ. لا تُفْضِي لِرُشْدِ!
يَصْطَفي من صَحْبِهِ العِلْجَ الزَّنِيمْ
فهو في سِجْنٍ من اللَّهْوِ.. وقَيْدِ!
* * *
وأنا مِنْه بِهَمِّ مُوجِع
حِيَنما يُكْشَفُ عن عَيْني الغِطاءْ!
وإذ أُسْدِلَ عادَتْ أَضْلُعي
جَلْمَداً.. لا نَبْض فيه.. لا دِماءْ!
* * *
فَأَنا ما بَيْن نُورٍ وظَلامْ
أَسْتَوي بَيْنَ حياةٍ ومَواتْ!
بَيْنَ بُغُضٍ يَتَلظىَّ.. وهُيامْ
وأُجاجٍ لَيْسَ يَرْوِي.. وفُراتْ!
* * *
يا لنَفْسٍ ما لَها مِن مَطْمَحٍ
غَيْرَ أن كانَتْ -فَلَمْ تَحْيَ- هَباءً!
رُبَّ خُسْرِ يَشْتَفي من مَرْبح
حين يَسْتَشْرِي بِنا الدَّاءُ العُياءْ!
* * *
حِينَما نُؤثِرُ عن هذا الوُجُودْ
عَدَماً يَفْرِضُهُ.. العانِي الضَّمِيرْ!
حِينما نَرْسُفُ في شَتَّى القُيُودْ
ونُحِسُّ الرُّعْبَ من هَوْلِ المَصِيرْ!
* * *(63/194)
لِمَ هذا؟! إنَّه صَوْتُ النَّذِيرْ
من ضَمِيرٍ أَثْقَلَتْهُ المِحَنُ..!
شاهَدَ العُمْرَ تَرَدىَّ في الحَفِيرْ
بَعْدما غالَتْ هُداهُ المِنَنُ!
* * *
مِنَنٌ جاءَتْه مِن عِهْرٍ وَوِزْرِ
وطَوَتْهُ فاسْتَوى في الدَّرَكِ..!
فَجَنى أَرْباحَهُ من دَرْبٍ خُسْرِ
وَرأَى لَذَّتَهُ في الحَسَكِ..!
* * *
وانْطَوى العُمْرُ سِنيناً فَسِنينْ
فإذا الضَّعْفُ يُوافي والمشِيبْ!
وإذا القُوَّة تَمْضي.. والحَنِينْ
وإذا بالحُبِّ يَجْفُو.. والحبِيبْ!
* * *
وإذا الهَمْسُ. دَوِيٌّ صاخِبٌ
ورَعُودٌ قاصفاتٌ.. وُبرُوقْ!
زَلْزَلَتْ مِنه.. وبُومٌ ناعِبٌ
بِهَوانٍ لِتَماثِيلِ العُقُوق!
* * *
كانَ لم يَسْمَعْهُ. لم يَشْعُرْ بِهِ
فلقد حالَتْ سُدُودٌ عن سماعِهْ!
وشبابٌ عارِمٌ مِن صَحْبِهِ
وغُرُورٌ كانَ يَلْهو بِضَياعِهْ!
* * *
وصَحا مُرْتَجِفاً يَشْكو الوَنى
يذْرِفُ الدَّمْعَ. وما يُجْدِيه دَمْعُ!
يَتَمنىَّ.. لو أفادَتْهُ المُنَى..
بَعْد أَن جَفَّ مِن الشَّقْوَةِ - نَبْعُ!
* * *
تَوْبَةٌ - لكنَّه ليْسَ بِقادِرْ
كيف.. والشِّقْوَةُ أَمْسَتْ رَبَّهُ؟!
أَوْرَدَتْهُ فاسْتَوى لَيْس بِصادِرْ
فَهُنا الحُسْنُ الذي يَمْلِكُ صَبَّهْ!
* * *
فهو البائِسُ يَدْرِي أَنَّهُ
ضَلَّ والعُقْبى عَذابٌ هاصِرُ!
ويَرى فِرْدَوْسَه لكِنَّهُ
عنه ناءٍ. فهو غِرٌّ سادِرُ!
* * *
يا رَسِيفاً في قُيُودٍ صَرَفَتْ
نَفْسَهُ - رَغْمَ أذاها- من جَناهْ!
وسَجِيناً.. خُطاهُ انْحرَفَتْ
عن طَرِيقٍ.. وهو لا َيثْني خُطاهْ!
* * *
إِضْرَعِ اليَوْمَ لِمَنْ يَهْدِي الخُطا
فَعَسى أَن يَسْبِقَ الصَّفْحُ الحُتُوفْ!
وعَساهُ أَنْ يَرُدَّ الشَّطَطا
رَشَداً.. كالنُّورِ مِن بَعْدِ الكُسُوفْ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أنا .. والضمير
أنا .. والضمير
رقم القصيدة : 66011
-----------------------------------
لِمَ هذا الضَّمِيرُ يَجْلِدُ في الرُّوح(63/195)
لِماضٍ من الأثامِ كَثيبِ؟!
لِمَ.. وهو الشَّريكُ للجسد الفاني
لِما كانَ من هَوًى مُسْتَجيبِ؟!
لِمَ لَمْ يَثْنِهِ بِقَوْلٍ رشيدٍ
لِمَ لَمْ يَثْنِهِ بِفِعْلٍ مُنيبِ؟!
والشَّبابُ. الشَّبابُ يَنْفُثُ عَزْماً
في الشَّرايين جارِياً كاللَّهِيبِ!
يَزْدَرِي الرُّشْدَ.. يَشْتَهي الغَيَّ. يَطَّوِي لَيْلَهُ بَيْن لَهْوِهِ والحَبِيب!
والهوى لا يَرِيمُ عنه.. وتغريه
فَرادِيسُهُ بِأحْلى نصيب..!
فَيَظَلُّ المَفْتُونُ بالجَدْولِ العذب
وبالرَّوْضِ والمُقامِ الرَّحِيبِ!
ناعِماً.. شادِياً بِحُلْوِ التَّغاريدِ ونُعْمى الشُّجُونِ.. كالعَنْدَلِيبِ!
لَيْس يُصْغِي إلى الملامِ.. فيا رُبَّ حُداءٍ في سَمْعِهِ كالنعيب!
كيف يُصْغِي له.. وصوت نَداماهُ النَّشاوى.. يَضِجُّ بالتَّرْحِيبِ؟!
أَيْنَ كانَ الضَّمِيرُ عنه.. وقد كانَ مَريضاً بحاجةٍ لِلطَّبيبِ؟!
لِمَ لَمْ َيرْعَهُ ويَزْجُرْهُ حتى
يتَفادى اللَّظى بِيَومْ عَصِيبِ؟!
أَفَبَعْدَ المَشِيبِ والضَّعْفِ والحَسْرَةِ من شِقْوَةٍ بماضٍ حَريبِ؟!
يَسْتَفِيقُ الضَّمِيرُ؟! ما كانَ أَحْراهُ
بِلَوْمِي مِن قَبْلُ.. والتَّثْرِيبِ!
أفَما كانَ لي شَرِيكٌ فَأغْضى
في شَبابي عن السُّلُوكِ المَعِيبِ؟!
كيف يَرْضَى ولو تأبّى
ولو أَنْذَرَ لانصاعَ مُخطِىءٌ لَمُصِيب!
وتَفكَّرْتُ بُرْهَةً فَلَعَلِّي
أَنا مَنْ كانَ هائِماً بالقليب!
رَغْمَ ظَلْمائِهِ.. ورغْمَ مَخازِيهِ
وما كنْتُ بالمُصِيخ المُجِيبِ!
والضَّمِيرُ الأُسِيْفُ يهتف بالسَّادِرِ
قَبْلَ الهَوِيِّ.. قَبْلَ المغيب..!
وأَصْمَّتْ دَوَّامَى السَّمْعَ.. أَوْ كنْتُ غَوِيّاً.. ولم أَكُنْ باللَّبِيبِ!
فَنَادَيْتُ.. ثم أَنْكَرْتُ ما قالَ ضَمِيري.. وكانَ خَيْرَ حَسِيبِ!
وتخَيَّرْتُ عن خَصيبي بِعُقْبايَ
جَدِيباً.. وما أضَلَّ جديبي!
عُدْتُ منه الرَّسيفَ في القيد أَدْماني
وأَبْكى عَيْني بِدَمْعٍ صَبِيبِ!(63/196)
أَفَيُجْدِي البُكاءُ حتى ولو كان نَحيباً
كَلاَّ.. فَوَيْلُ نحِيبي..!
* * *
هذه قِصَّةُ الضَّمِير.. وقد كنْتُ سليباً.. ولَمْ أكُنْ بالسَّليبِ!
لم يَكُنْ بالكَذُوبِ يَوْماً فقد كانَ صَدُوقاً في اللَّوْمِ والتَّأْنيب!
وأنا وَحدِي المَلُومُ. فقد كنْتُ عَتِيّاً.. مُتَيَّماً بعُيُوبي!
قد أَرَبْتُ الماضي.. وكُنْتُ غَرِيراً
أَفأَحْظى بِغَيْرِ يَوْمٍ قرِيبِ؟!
فَعَسى رَحْمَةٌ من الله تُفضي
لاغْتِفارٍ يَجُبُّ كُلَّ الذُّنُوبِ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> اذكريني
اذكريني
رقم القصيدة : 66012
-----------------------------------
اذْكُريني..
واذْكري تلك اللَّيالي الخالياتْ..
واذْكري تلك الأماني الغاليات..
والهِباتِ الغُرِّ.. ما أَحْلى الهِباتْ..
والهوى يُنْبِتُ زَهْراً وثِمارْ!
* * *
واذْكُريني
أنتِ يا ذات السَّنا والشَّجَنِ..
أنتِ يا ذاتَ الجَنى والمِنَنِ.. ..
أنتِ يا مَن كنْتِ فَوْق القِنَنِ..
تَتَجلِّينَ فَيَعْروني الدُّوارْ!
* * *
واذْكريني
واذْكُري المسْجِدَ الوَضَيءَ الحُسَيْني..
كانَ ما بَيْنَكِ الصَّفِيَّ.. وبَيْني..
فَتَخيَّرتني هَوىً.. وأَقْرَرْتِ عَيْني..
ورَمَيْتِ الصَّفيَّ بالأكْدارِ..
* * *
واذْكُريني
فلقد أمْسَيْتُ شَجْواً مُسْتَبِدّاً في دَمي..
ضارِياً يَنْهَلُ كالذِّئْبِ الظَّمِي..
لا يُبالي بِصِلاتِ الرَّحِمِ..
وهو لا يَرْوى بِلَيْلٍ أو نَهارْ!.
* * *
واذْكُريني..
فَأَنا ما عُدْتُ إلاَّ شَبَحا..
ألِفَ الحُزْنَ.. وعافَ المَرَحا..
ورأى التَّرْحَةَ تَطْوِي الفَرَحا..
ورأى النَّجْمَةَ في قاعِ البِحارْ!
* * *
واذْكُريني..
فأنا الصَّبْوَةُ في بُرْكانِها.
يَتَلَظىَّ القَلْبُ من نِيرانِها..
وهو لا يَشْكو. فمن إدمْانِها..
صارَ كالصَّخْرَةِ في عَرْضِ القِفارْ!
* * *
واذْكريني..
واذْكُري الماضيَ ذَيّاكَ المُوَلِّي..
بعد أن عاشَ بِحُبِّي وبِعَقْلي..(63/197)
آهِ مِن حُرْقَةِ شَمْسيِ بعد ظِلِّي..
ومِن الكَبْوَةِ من طُولِ الِعِثارْ!
* * *
واذْكُريني..
فلقد أََْطَلقْتُ نفسي من إساري.
ولقد أَبْرَأُتُها مِن خِزْي عارِي.
فَغَدَوْتُ الحُرَّ أَشْدو بانْتِصاري
لن تَرَيْ مِنِّي سوى طُهْرِ إزاري!.
* * *
أَفَتَذْكُرينَ؟!
وأنْتِ شامِخَةٌ الجَبين؟!
تَتَكَبَّرينَ على غَضافِرَةِ العرين..
وبَقِيتِ بَيْن الخامِلين..
فَلبِئْسَ أَنْتِ بما صَنَعْتِ وتَصْنَعيْن..
عِيشي به. فَلَسَوْفَ بَعْدُ سَتَنْدَمينْ
ولَسَوْف تُشْقيكِ الدُّمُوعُ فَتَذْرِفينْ.
أَوَّاهِ من عَصْفِ الزَّمانِ. وآهِ من كَرِّ السِّنينْ
تَذْوِينَ مِن بَعْد الفُتُونِ. ومِن غُواتِكِ تَنْزَوِينْ
وتَغيبُ عنْكِ صُوى الجمال. ويَسْتَبِدُّ بك الحَنينْ..
يَمْضي الرَّبيعُ.. فَتَسْقَمِين من الخَريفِ. وتكْتَوِينْ..
وإذا الرَّبيعُ مَضى.. فَمَنْ ذا في خَريفِكِ تَجْتَبِينْ؟!
وَيْلُ الجمال من الخريف.. فإنَّه الباكي الحَزِينْ!
* * *
كنْتِ الضَّنِينَةَ يا لَعُوبُ.. وإنَّني اليَوْمَ الضَّنِينْ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> الحسن في مباذله
الحسن في مباذله
رقم القصيدة : 66013
-----------------------------------
جاذَبْتني ثَوْبي. وكانت عَصِيّاً
ثُمَ راضَ الهوى جِماحَ العَصِيِّ!
يا فتاتي أنا الذي يَعْرِضُ اليَوْمَ
فما عُدْتُ بالفُؤادِ الشَّجِيِّ!
أُذُكُري الأَمْسَ حِينَ كنْتِ تَصُو
لِينَ على كُلِّ أَعْزَلٍ وكَمِيِّ!
وتَكونِينَ كالنَّسيمِ.. وكالرَّوْضِ
بِصَفْوٍ عَذْبٍ.. ونَفْحٍ شَذِيِّ!
وتَكُونِينَ كالصَّواعِقِ أَحْياناً
وكالرِّيح عاصِفاً.. والأتِيِّ..!
* * *
يا لَها مِن طَبِيعةٍ يَتَلَظىَّ عاشِقٌ مِن بُكُورِها والعَشِيِّ..!
ولقد كنْتُ عاشِقاً فَتَلَظَّيْتُ
بطَبْعِ يُشْقي القلوبَ.. عَتِيِّ!
غَيْرَ أَنِّي كنْتُ الأَبِيَّ فأعْرَضْتُ. ومَا اسْطَعْتِ ذِلَّةً لِلأَبِيِّ!(63/198)
كنتُ ظمآنَ للنَّمِيرِ فما جُدْتِ على مُهْجَةِ الظَّمِىءِ بِرِيِّ!
فَتَخَاذَلْتِ من سُلُوِّي وإعْراضي
وَيْلي إلى الطريقِ السَّوِيِّ!
وتَرَفَّعْتُ عن نداكِ بِفِكْرٍ..
عَبْقَريِّ الرُّؤى.. وأَنْفٍ حَمِيِّ!
يَشْتَهي ثم يَنْثَني حينما يَشْعُرُ من زادِهِ بِداءٍ رَوِيِّ!
كم طعامٍ يعَافُهُ الجائِع الحُرُّ
ولو كانَ مِن طَعامٍ شَهِيِّ!
يا فَتاتي إنَّ افْتِراعَكِ للذُّرْوَةِ
بِدُنْياكِ بَعْدها لِلْهَوِيِّ!
الرَّبيعُ النَّضِرُ سوْف يُوَلِّي
فَتَوَقِّي الخَريفَ قَبْل المُضِيِّ!
واحْذَري نِقْمَةَ الشَّماتِ. فيا رُبَّ شَماتِ يُدْميكِ كالسَّمْهَرِيِّ!
وَيْ كأنِّي أَراكِ يا رَبَّةَ الحُسْنِ عَجُوزاً تُقْذِي عُيُونَ النَّدِيِّ!
تَتَمنَّى لو أَنَّها زَكَّتِ الحُسْنَ بِطُهْرٍ ولم تَكُنْ كالبَغِيِّ..!
فلقد كنتِ نِعْمَةً لِغَوِيِّ
ولقد كنْتِ نِقْمَةً لِتَقِيِّ..!
وأَنا ذلكَ التَّقِيُّ الذي كانَ فَخُوراً بِحُبّهِ العَبْقَرِيِّ!
لم أَكُنْ بالصَّدِيِّ إلاَّ إِلى الحُبِّ
عَفِيفاً.. ومُلْهِماً بالرَّوِيِّ!
شاعِرٌ هائمٌ بِمَجْدِ قَوافِيهِ
وشِعْرٍ بالخالِباتِ سَرِيِّ!
وبَروْضٍ تُشْجِي بَلابِلُهُ الفِكْرَ فَيَشْدو بِشِعْرِهِ العُلْوِيِّ!
حَجَبَتْهُ عَنْكِ المُجونُ. فما بانَ لِعَيْنَيْكِ غَيْرَ عُودٍ طَرِيِّ!
وانْثَنى عَنْكِ ساخِطاً يَنْشُدُ الحُسْنَ يَراهُ كالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ!
مَظْهَراً يَمْلأ العُيُونَ جَلالاً
يَلْفِتُ الرُّوحَ لِلْجلالِ الخَفِيِّ!
آهِ لو كُنْتِ تَعْرِفينَ لما كنتِ شَغُوفاً بِتافِهٍ وغَوِيِّ!
ولشَتَّانَ بَيْنَ حُبٍّ ضَعِيفٍ
يَتَهاوى. وبَيْن حُبٍّ قَوِيِّ!
بَيْنَ حُبٍّ يَزُولُ وَهْناً.. وحُبٍّ
طَرِبٍ مِن شُجُونِهِ. سَرْمَدِيِّ!
* * *
مَجِّدي اللهَ يا لَعُوبُ فقد يَغْفِرُ ما كانَ من أَثامٍ فَرِيِّ!
واذْكُرِيهِ لَعلَّ حاضَرَكِ الدَّامِسَ يَحْظى منه بِنُورٍ سَنِيِّ!(63/199)
فلقد يَفْضُلُ الرّبيعَ خَرِيفٌ
يَرْتَوِي بالرَّشادِ مِن بَعْدِ غَيِّ!
سأَرى فِيكِ.. في خَرِيفكِ حُسْناً
غَيْرَ حُسْن ضارٍ لِهِنْدٍ ومَيِّ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> الطالب والمطلوب
الطالب والمطلوب
رقم القصيدة : 66014
-----------------------------------
أراشدي الرَّاجِحُ. إنِّي امُرؤٌ
غاض مَعيني.. وخَبَتْ جَذْوتي!
كيف تُرَجِّي الماءَ من ناضبٍ؟!
وكيف تبغي الجمر من رَغْوَةِ؟!
قد أرْمَدَتْ جَمْري الخُطوبُ التي
عَدَتْ. فلم تُبْقِ على وَقْدي!
وجَفَّفَتْ نَبْعي فَلَمْ تُبْقِ لي
ما يَنْفَعُ الغُلَّةَ مِن مُهْجتي!
فليس لي بعد شبابي الذي
وَلَّى سوى رَاعِشِ شَيْخُوخَتي!
* * *
كانَ الهوى يُشْجِي بآلائِهِ
ويَسْتَفِزُّ الحُسْنُ مِن صَبْوَتي!
واليَوْمَ لا حُسْنَ.. ولا صَبْوَةٌ
بعد أُفُولِ البَدْرِ من لَيْلَتِي!
البَدْرُ كانَ العَزْمَ يا صاحِبي
وقد تَوَلَّى. فَطَغَتْ ظُلْمَتي!
وأَنْتَ تَدْعوني لأُمِّ القُرى
للِشَّدْوِ.. للتَّرْنِيمِ في مَكَّتي..!
مكَّةَ ما أَكْرَمَها مَوْطِناً
فإِنَّها -رَغْمَ الجَوَى- جنَّتي!
وُلِدْتُ في بَيْتٍ بِها مُشْرِقْ
بالحُبِّ تَخْتالُ بِها حَبْوَتي..!
كُنْتُ صَبِياً يَكْتَوِي بالنَّوى
بِاليُتْمِ.. بالشَّوْقِ إلى صُحْبَةِ!
يَشْتاقُ صَدْراً حانِياً.. حابِياً
مِن التي وَلَّتْ بلا رَجْعَةِ!
ويَكْتُمُ الشَّوْق لِكَيْلا يَرى
إشْفاق من شَبَّ بلا لَوْعَةِ!
كنْتُ سَرِيعَ الدَّمْعِ لكنَّني
ما تُبْصِرُ الدَّمْعَ سوى خَلْوتي!
* * *
ومن حِمى مكَّةَ كنْتُ الفَتى
والرَّجُلَ الطّامِحَ لِلرِّفْعَةِ!
دَرَسْتُ في صَرْحٍ بِها شامِخٍ
بالعِلْمِ.. بالأَفْذاذِ.. بالصَّفْوَةِ!
كانُوا رجالاً.. أنْجُماً في الدُّجى
تَكْشِفُ للسَّارِي صُوى الرِّحْلَةِ!
يا رَحْمَةَ الله تَجَلِّي لَهُمْ..
فإنَّهُمْ أَجْدَرُ بالرَّحْمَة.!
ولِلرِّفاقِ الشُّمِّ.. من رَاحِلٍ(63/200)
وعائِشٍ في السَّفْحِ والذُّرْوَةِ!
كُنَّا أشِقَّاءَ.. فما نَسْتَوي..
إلاَّ على الوُدِّ بلا جَفْوَةِ..!
أَوَّاهِ ما أَحْلا الزَّمانَ الذي..
كُنَّا به نَرْفُلُ في نِعْمَةِ..!
فَقَفْرَتِي كانَتْ بِه رَوْضَةً
فكيف لا أَصْبُو إلى رَوْضَتي؟!
وشِقْوَتي كانَتْ به رِقَّةً
تَحْنُو.. فما أَحْلا بِهِ شِقْوَتي!
كم أَلْهَمتْني الشِّعْرَ أَشْدو بِهِ
كالطَّيْرِ في العُشِّ.. وفي الدَّوْحَةِ!
ثم اسْتَرَدَّتْ ما أفاءَتْ بِهِ
فَعُدْتُ بَعْد اللِّينِ كالصَّخْرةِ
* * *
يا راشِدي الرَّاجِحُ.. لَيْتَ المُنى
تَسْخُو على المُبْيَضِّ من لِمَّتي..!
فانْظُمُ الشِّعْرَ بلا عائِقٍ..
يَعُوقُ من هذا الخَوى المُسْكِتِ!
أَصْغَيْتُ.. أَصْغَيْتُ. وصَدَّ الهوى
عنِّي. وغابَ الحُسْنُ عن مُقْلَتي!
فهل أَنالُ الصَّفْحَ من سَيِّدٍ
يَطْلُبُ مِنِّي الشَّدْوَ في عِزْوتي؟!
يا ليْتَني أَقْوى فَأَطْوِي المدَى
إليه كَيْ أَسْعَدَ من رِحْلَتي!
وأَلْتَقِي بالصَّحْبِ من مكَّةٍ..
طابَتْ وطابُوا.. فهو أُمْنِيَتي..!
* * *
يا راشِدي الرَّاجِحُ.. كُنْ عاذِري
فَهذِهِ يا سَيِّدي قِصَّتي!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أيها الشعر
أيها الشعر
رقم القصيدة : 66015
-----------------------------------
وما الشِّعْرُ حُبٌ شاغِفٌ وصَبابةٌ
فَحَسْبُ. ولكنْ حكمةٌ وتأمُّلُ!
جذبْتُ به نَحْوي الفَواتِنَ فَتْرَةً
من العُمْرِ. ثم انْجابَ عَنِّي التَّدَلُّلُ!
فقد أَطْفَأَت دُنْيايَ مِن وقْدَةِ الصِّبا
وَوَلَّى شَبابٌ كان يَسْطو ويَجْهَلُ!
وأَصْبَحَ شِعْري يَنْشُدُ الحَقَّ جاهراً
وما عادَ يُشْجِيهِ الهوى والتَّغَزُّلُ!
* * *
أراني. وما أَرْضى لِشِعْري تَدَلُّهاً
ولا ظَمَأً لِلْكأْس. فالْكأْسُ يَسْطِلُ!
وحُسْنُ الغَواني يَسْتَطِيلُ على الوَنى
ويُعْرِضُ عنه.. وهو شِلْوٌ مُجَدَّلُ!
وقد صِرْتُهُ فالشِّعْرُ عِنْدي مُقَدَّسٌ(63/201)
فما أَرْتَضِيهِ. وهو يَهْوِي فَيَسْفُلُ!
ولا أَرْتَضِيهِ عانِياً مُتَزَلِّفاً..
ولا حاقِداً يَفْرِي حَناياهُ مِنْجَلُ!
سَمَوْتُ به للنَّجْمْ أَغْشى مشارِفاً
تُطِلُّ على كَوْنٍ به الحَقُّ فَيْصَلُ!
تُطِلُّ به غُرُّ المَشاعِرِ والنُّهى
عليك بِسَلْسالٍ زُلالٍ فَتَنْهَلُ!
وتَرْوِي غَليلاً كَانَ لِلْمَجْدِ ظامِئاً..
فَلاقاهُ لا يُكْدِي. ولا يَتَبَذَّلُ!
فَقُلْتُ هُنا طابَ المُقامُ لِوامِقٍ
إلى كلِّ ما يُسْدي. ولا يَتَعَلَّلُ!
ولاقَيْتُ فيه مَعْشَراً مُتَرَفِّعاً
فما فِيهِ أَوْحالٌ. ولا فيه جَنْدَلُ
بَلى فيه إِبْرِيزٌ نَقِيٌّ.. ولُؤْلُؤٌ
سنِيٌّ. ورَوْضٌ عَبْقَرِيٌّ.. وجَدْوَلُ!
* * *
وحَفُّوا بِرُوحِي فاسْتَجابَتْ فإِنَّهُمْ
كِبارٌ بِما يَبْدو وما يَتَغَلْغَلُ..!
بَهالِيلُ. هذا حاتِمٌ في سَخائِهِ
وعَنْتَرَةٌ هذا. وهذا السَّمَوْأَلُ!
وقالوا. لقد آنَسْتَ رَبْعاً مُرَحِّباً
بمن جاءه واسْتَكْرَمُونِي.. وأَجْزَلوا!
فطِبْتُ بِهم نَفْساً.. وطِبْتُ بِهِمْ نَدىً
فقد ضَمَّني صَحْبٌ كِرامٌ.. ومَنْزِلُ!
وأَلْفَيْتُ إِلهامِي بِهِمْ مُتَأَلِّقاً..
تَعَزُّ بِهِ مِنْهُمْ جَنُوبٌ وشَمْأَلُ!
فَلَوْ أَنَّني أَطْرَيْتُ لم أَكُ كاذِباً
ولا مادِحاً مَنْ غابَ عنه التَّفَضُّلُ!
ولم أَتَمَرَّغْ في الرِّياءِ وأَغْتَدِي
بما قُلْتُ.. بِئْسَ المادِحُ المُتَوسِّلُ!
ألا ساءَ مَنْ يُزْجِي القَوافِيَ حُلْوَةً
إلى قَزَمٍ جَدْواهُ شَوْك وحَنْظَلُ!
هنا الشِّعْرُ مَجْدٌ.. لا رِياءَ ولا هَوىً
مَقِيتٌ. فما يَخْزى. ولا يَتَسَوَّلُ!
سما مِنْهُ رَهْطٌ لِلنُّجومِ فَهلَّلُوا
وأَهْوى بِه للدَّرْكِ رهْطٌ فَأَعْوَلُوا!
تَبارَكْتَ لاقي مِنْكَ مَجْداً وعِزَّةً
مُحِقٌ. ولاقى الخِزْيَ والهُونَ مُبْطِلُ!
سَجَدْتُ امْتِناناً لِلنَّدى مِنْكَ والعُلا
فما كُنْتُ مِمَّنْ خالَفُوكَ فَزُلْزِلُوا!(63/202)
وما كُنْتُ مِمَّنْ جَدَّفُوا.. فَتَعَثَّروا
وما مِنْهموا إلاَّ العَمِيُّ المُضَلَّلُ!
وأَغْراهُموا الزَّيْفُ الرَّخِيصُ فَأَوْغَلوا
بِهِ من قِفارٍ لَيْس فيهِنَّ مَوْئِلُ!
فما الوَفْرُ إلاَّ الآلُ ما فِيهِ مَشْرَبٌ
ولا المَجْدُ إلاَّ الجَدْبُ ما فِيهِ مأْكَلُ!
كلا اثْنَيْهما يُرْدِي إذا كانَ سَيِّداً
على رَبِّهِ.. والسَّالِمُ المُتَبَتِّلُ!
ولكنَّ مَجْداً أَبْتَغِيهِ.. وثَرْوَةً..
لَدَيْكَ هُما مَجْدِي وَوَفْرِي المُجَلِّلُ!
ستَعْتَزَّ نَفْسي بالمُعَجَّلِ مِنْهُما..
ويُرْضي رُفاتي من المَعادِ.. المُؤَجَّلُ!
تَمَجَّدتَ رَبَّي.. إنَّي مُتَطَلِّعٌ..
إلى اثْنَيْهما.. أَنْتَ الكَرِيمُ المُؤَمَّلُ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> اِسأليني
اِسأليني
رقم القصيدة : 66016
-----------------------------------
إسأليني..
فلقد تَسْمَعُ أذناكِ طنيناً مِنْ جَوابِي..
ولقد تُبْصِرُ عَيْناكِ خَلاصي مِن عَذابي..
ولقد يُدْمِي حَناياكِ طِعانٌ من حِسابي..
ولقد يُشْجِيكِ عِرْفانُ سُلُوِّي في مَآبي..
* * *
واسأليني..
فلقد أَصْبَحْتُ مِن بُعْدِك مُخْضَرَّ الرِّحابِ..
وَتَسَنَّمْتُ -وقد كنْتُ على الأَرْضِ- سَحابي..
عُدْتُ للرَّبْعِ أَرى فيه أُهَيْلي وصِحابي..
بَعْدما كنْتُ -وما أَوْحشَ أَمْسي- في اغْتِرابِ..
* * *
واسأليني..
كنتُ رَغْم الذُّلِّ والفِتْنَةِ.. أَهْواكِ طَهْورا..
وإلى جَنْبِكِ رَهُطٌ يَبْتَغِي مِنْكِ الفُجورا!.
وتقُولينَ.. أَلا تُبْصِرُ مِن حَوْلي الصُّقُورا؟!
سوف لا يَلْقَوْنَ إلاَّكَ فِطِبْ.. إلاَّ نُفُورا..
* * *
واسأليني..
فلقد غَرَّرْتِ بي حِيناً من الدَّهْرِ فَلاقَيْتُ ثُبُورا..
حِينَ لاقَوْا هُمْ من الوَصْلِ نَعِيماً وحُبُورا..
وسَمِعْتُ الهَمْسَ من حَوْلي. ما أقساهُ بَغْياً وكُفورا..
تخِذوا سُخْرِيةً مني. وما كنت لدى الجُلّس حَصُورا
واسأليني(63/203)
إنَّ ذاكَ الهَمْسَ قد كانَ سِهاماً وحِرابا..
فتحامَلْتُ وغادَرْتُ.. فقد كانَ ضَلالاً وكِذابا..
كُنْتِ لي هذا.. وأمَّا الرَّهْطُ فاسْتَوفى الثَّوابا..
نَهَلَوا ثم انْثَنَوْا عَنكِ.. ولاقَيْتُ السَّرابا..
واسأليني
فأنا اليَومُ تَعرَّفْتُ مِن الغَيِّ. من الغَدْرِ الصَّوابا..
وتَعرَّفْتُ إلى الحُسْنِ أفانِينَ.. هَدِيلاً ونُعابا..
عدت أجني منه. مِن أَسْوائِهِ الكُثْرِ نِعماً وثَوابا..
كَدِراً مِثْلَكِ لاقَيْتُ. ولاقَيْتُ نقيا مُسْتَطابا..
* * *
واسْأليني..
وسَتُصْغينَ فَتَلْقَيْنَ من الإِصْغاءِ هَمّاً مُسْتَطِيرا..
مِثْلَما لاقَيْتُ بَلْ أَنْكى.. وأَقسى مِنْه نِيرا..
نَدَماً يُشْقِيكِ. بل يُصْلِيكِ يا ليْلى سَعيرا..
فَتَنامِينَ على الشَّوْكِ. وبِئْسَ الشَّوْكُ لِلْحُسْنِ سَرِيرا..
* * *
واسأليني..
أنا يا لَيْلى هُنا أَرْفُلُ في النُّعْمى وأَشْدو..
بَيْنَ حُورٍ يَجْتَذِبْنَ الرُّوحَ ما يُشْقِي بِهِنَّ الرُّوحَ صَدُّ..
بالَّذي يَرْفَعُ للنَّجمِ.. وما أَحْلا.. فما طَرْفٌ ونَهْدُ؟!
هُنَّ كالمُزْنِ طَهُوراتٌ.. وهُنَّ العَيْشُ رَغْدُ..
ولقد أَلْهَمْنَني شِعْراً.. حُمَيَّاهُ تَرانِيمٌ وَوَقْدُ..
ولقد أَرْوَيْنَني.. فالرَّوْضُ مِعْطارٌ بِه فُلٌّ ووَرْدُ..
وفُؤادِي جائِشٌ بالوَجْدِ فالدُّنْيا به حُبٌّ وَوَجْدُ..
يا فَتاة الأَمْسِ. إنَّ اليَوْمَ نَشْوانُ. وما لِلأَمْس عَوْدُ
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أيها الحسن
أيها الحسن
رقم القصيدة : 66017
-----------------------------------
لا تَقولي يا فَتاتي أنَّني..
عَقَّني الوَحْيُ. وجافاني الخيالُ..
فأنا الحُبُّ صُدوداً.. وأنا الحُبُّ وِصًالْ..
وأنا الشِّعْرُ سلاماً.. وأنا الشِّعْر نِضَالْ
* * *
وأنا مَن كانَ يَهْواكِ ويَرْعاكِ صَبِيَّهْ..
وَرْدَةً تَنْفَحُ بالعِطْرِ. وتَذْرُوه شَذَيَّهْ..(63/204)
كنْتِ بالطُّهْرِ وبالفِتْنَةِ عَذْراءَ كما المُزْنِ نَقِيَّهْ..
يا لَرُوحي. فلقد كانَتْ وما زالتْ بِمَرْآكِ شَجِيَّهْ..
* * *
ثم أَصْبَحْتِ فَتاةً حُلْوَةً.. تَطْوي عُقولاً وقُلوبا..
تَشْتَهيها.. وهي لا تَمْنَحُها إلاَّ الجَوى.. إلاَّ النُدوبا..
وتُناجِيها فَتَسْتَهْوي وتَسْتَصْفي.. رَزاناً ولَعُوبا..
يُسْعِدُ الحُسْنَ ويُشْقِينا ويَسْبِينا عَبوساً وطَرُوبا..
* * *
فَتَشامَخْتِ على الشَّاعر. والشاعرُ يا حُلْوةُ أكْرَمْ..
كان يَسْخُو.. كانَ بالآمالِ.. مِن أَجْلِكِ يَحْلَمْ..
كانَ ما بَيْنَ تعاليكِ العواني.. كانَ ضَيْغَمْ..
كانِ بالشِّعْرِ.. ذُرَى الشِّعْرِ العَوالي يَتَرَنَّمْ..
* * *
لو تَأَنَّيْتِ لأَغْلاكِ.. وأعطاكِ.. كما شِئْتِ.. الخُلودْ..
ولَكُنْتِ اليَوْمَ بَيْنَ الغيد روضاً ذا ثمارٍ وَوُرودْ..
والقَوارِيرُ حوالَيْكِ على الحُسْنِ الذي جَلىَّ شُهُودْ..
كُنَّ يَحْسِدْنَكِ.. والحُسْنُ له أَلْفُ غَيورٍ وحَسُودْ..
* * *
ورأى مِنْكِ تَعالِيكِ غباءً وغُرُورا..
ورأى منكِ تَجافِيكِ.. جُحُوداً ونُفُورا..
فَتَخَلَّى عَنْكِ.. عن حُسْنِكِ.. مُخْتالاً فَخوراً..
إنَّه الحُرُّ الذي يَمْقُتُ مَن كانَ كَفُورا..
* * *
فاهْنَأِي.. اليَوْمَ بِما اخْتَرْتِ.. وما اخْتَرْتِ السُّمُوَّا..
لن تَعُودي مِثْلَ ما كنْتِ.. ارتفاعاً وعُلُوَّا..
فلقد أَقْصَيْتُ رُوحي عَنْكِ.. مَقْتاً وسُلُوَّا..
إنَّني أكْثَرُ من حُسْنِكِ.. كِبْراً وعُتُوَّا..
* * *
قُلْتُ والرُّوحُ يُناغِيني مُناغَاةَ حبيبٍ لِحَبِيْبِ..
أيُّها الرُّوحُ تَمَجَّدتَ. فَدَعْ عَنْكَ دَياجيرَ القلِيبْ..
وافتَرِعْ مِنَ السَّحابِ الشُّمِّ. مِقْداماً مَهِيبْ..
وانْبذِ الحُسْنَ إذا اسْتَشْرى. وأَشْقى باللَّهِيبْ..
* * *
واسْتَراحَ الرُّوحُ للنجوى.. وأصْغى لِلْمقالْ..
وتعاهَدْنا على أَن نُكْرِمَ الحسن طَهُوراً وَوَفِيَّا..(63/205)
فإِذا ما رامَ طُغْياناً على الحُبِّ.. وجَافاهُ عَتِيَّا...
وَجَدَ الحبَّ مُشيحاً عنه.. مُعْتَزّاً أَبِيَّا....
فلقد يأْسى. وقد يَنْدَمُ. أَنْ صَدَّ غُروراً.. عَبْقَرِيَّا..
* * *
إنَّ مَجْدَ الحُسْنِ أَنْ يَرْفَعَ لِلطُّهْرِ ولِلشِّعْرِ لوِاءَ!
فهو رَوْضٌ يَمْلأُ الدُّنْيا على النَّاسِ عَبيراً ورُواءَ!
شامِخٌ كالطَّوْدِ.. وضَّاءٌ.. كما النَّجمُ شعاعاً واعْتِلاءَ!
يَعْرِفُ النَّاسُ سَجاياهُ.. عَفافاً.. واعْتَزازاً.. ونَقَاءَ!
فيَخْفِضُونَ الطَّرْفَ إن لاح.. احْتِشاماً وحَياءَ..!
ذاك مَجْدُ الحُسْنِ.. مَجْداً لحُبِّ.. صنْوَيْنِ. دَلالاً وانْتِشاءَ!
يا لِواءَ الحُسْنِ قُدْنا لِلهَوى.. يُلْهِمُ الشِّعْرَ.. ويَسْتَجْلي الخَفاءَ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أيتها اللعوب
أيتها اللعوب
رقم القصيدة : 66018
-----------------------------------
اسْمَعِيني
يا جَمالاً كانَ في بُرْدَةِ طُهْرِ..
يا جَمالاً كانَ في نَضْرَةِ زَهْرِ..
يا جمالاً كانَ في طَلْعَةِ بَدْرِ..
يا جمالاً كان في نَفْحَةِ عِطْرِ..
يا جمالاً كانَ في ريَّةِ نَهْرِ..
يا جمالاً كان في نَشْوَةِ خَمْرِ..
يا جمالاً كان في وَقْدَةِ جَمْرِ..
يا جمالاً كانَ في سَطْوَةِ نِمْرِ..
كيف أهويت إلى الدرك السحيق؟!
كيف أَهْوَيْت. وقد عاهَدْتِني..
أَنَّ هذا الحُبَّ.. حُبٌّ أَبَدِي..
ولقد أشعر أَنِّي في الذرى..
منه.. من عَهْدٍ بعيدٍ سرمدي..
ولقد صَدَّقْتُ ما قُلْتِ فقد
كنْتُ روحاً هائِماً في جَسَدِ..
عَبْقَرِيٌّ في الهوى لكنَّني..
ذو عُيُونٍ شَقِيَتْ بالرَّمَدِ..
قد تَرى في حَجَرٍ مُسْتَرْخَصٍ..
لُؤْلُؤاً مُؤْتَلِقاً من عَسْجَدِ..
ولقد يَسْتَعْذِبُ البَحْرَ الغَريقُ..
* * *
فاسْمَعيني..
لم يَكُن حُبُّكِ إلاَّ صَبْوَةً..
صَهَرتْني. فَنُحاسي عادَ تِبْرا..
عُدْتُ حِسّاً واعِياً مُسْتَشْرِفاً..(63/206)
عالَماً أَكْشِفُ منه ما اسْتَسَرَّا..
عالَماً ما يَعْرِفُ الغَدْرَ ولا..
تَرْقُبُ النَّفْعَ فَتَلْقى منه ضَرّاً..
ولقد أَصْلَيْتَني حينا لظى
صَهَرَتْني. فَأَرَتْني السِّر َّجَهْرا..
كنتُ طِفْلاً أَتَشَهَّى لُعْبَةً..
فإِذا اللُعْبَةُ تُضْنِي منه دَهْرا..
وإذا باليأْسِ منها.. والضَّنى..
أَنْبَتا في قَفْرِهِ الموُحِشِ زَهْرا..
فاسْكُبِي الدَّمْعَ فإِنِّي صِرْتُ حُرّاً..
صِرْتُ حِسّاً عَبْقَرِيّاً.. صِرْتُ فِكْرا..
فلقد أَسدى. وما أَشْقى الحَرِيقْ..
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> أشجان
أشجان
رقم القصيدة : 66019
-----------------------------------
لسْتُ أَدْري هَل سوف أَرْجِعُ لِلرَّبْعِ وإلاَّ سَيَرْجِعُ الجُثْمانُ؟!
ضاقَ صَدْري بما أُعاني من السُّقْمِ
وضَجَّ التَّفكِيرُ والوُجْدانُ!
ولقد يَشْمَتُ الكثيرون بالرَّاحِلِ عَنْهم وما لَه عُنْفُوانُ!
انَّ بَعْضَ الشَّماتِ مَجْدٌ لِمَنْ راحَ ورِبْحٌ يَجُرُّهُ الخُسْرانُ!!
هدَفاً كنْتُ للحُقُودِ ولِلنِّقْمةِ جَهْراً واسْتذْأَبَ الشَّنآنُ!
ما أُبالي بما يكون إذا ما
نالَني مِن مُحاسِبي الغُفْرانُ!
فلقد كَنْتُ في الحياةِ تَقِيّاً
وغَوِيّاً يَقُودُني الشَّيْطانُ!
كنْتُ حِلْفَ الأَوْزارِ تأْخُذُ مِنِّي
ما أرادَتْ. وفي يَدَيْها العِنانُ!
يا لَها مِن حياةِ غِرٍّ مُطَيعٍ
حاوَلَ العِزَّ فاحْتَواهُ الهَوانُ!
يتَمنى الجِنانَ.. وهو الجَحِيميُّ
فَتَنْأى عن المَخازِي الجِنانُ!
ويْكَأَنِّي أنا الأَغَيْلِفُ في الأَرْضِ. ولكنْ عَصى عَلَيَّ الختانُ!
اوْ أنا الآبِقُ العَتِيُّ. وما يُثِقُ مِنِّي. ولا يُحيفُ الجرانُ!
حلَفاءَ الدِّنانِ ما كنْتُ مِنْكُمْ
فَلِماذا تجْني عَلَيَّ الدِّنانُ؟!
ولقد يَصْرَعُ الطِّعانُ مَلاَكاً
ثم يُغْضِي عن الرَّجيمِ الطِّعانُ!
* * *
وَيْلُ نَفْسي مِمَّا تُجِنُّ وما تُظْهِرُ مِمَّا يَحارُ فيه العَيانُ!(63/207)
إنَّ أَمْرِي بِها عَجِيبٌ وكَلاَّ
فَكِلانا هو الشُّجاعُ.. الجَبانُ!
لَمْ أُناصِحْ. ولم تُناصِحْ فَصِرْنا
صَفْقَةً رِبْحُها جَفاهُ الرِّهانُ!
أَفَترْوِي الدُّموعُ فَقْراً جَدِيباً
ما رَوَتْهُ زَهادَةٌ وحَنانُ؟!
كيف يَرْوِي الأُجاجُ قَفْراً.. إلى
العَذْبِ. إلى الغيث هامياً.. ظَمْآنُ؟!
وأنا اليَوْمَ في الصِّراطِ فما
أعرف سراً يُخْفِيهِ عَنِّي الزَّمانُ؟!
أألحَيُّ سوف أَرْجِعُ لِلرَّبْعِ
وإلاَّ تَلُفُّني الأكْفانُ؟!
* * *
رُبَّ حَيٍّ يرجو المَمات.. ومَيْتٍ
ما ارْتَجاهُ.. يَضِجُّ منْه المَكانُ!
فَهْو كَلٌّ على الحياة.. بَغيضٌ
تَزْدَهِيه بَغْضاؤُهُ واللِّعانُ!
غَيْرُ مُسْتَشْعرٍ ولو أَثْخَنَ السيف حَناياهُ غاضِباً. والسِّنانُ..!
إنَّني خائِفٌ مَصيراً شَقِيّاً
فيه يَجْفو غُرابَهُ الكَرَوانُ..!
بَعْد أنْ كانَ شادِياً يَطْرِبُ السمع ويشفي يَراعُهُ والبَيانُ؟!
* * *
أَفَيَغْدو الماسُ الثَّمينُ رخيصاً
حين يَغْلُو بَيْنَ الورَى الصَّوَّانُ؟!
بَعْضُ هذا يُدْمي المُحِسنَّ ويُخْزِيهِ. فما ثَمَّ عِزَّةٌ أو أَمانُ..؟!
مَسَّني الضُّرُّ من حياة الزّرازيرِ
وساء الإِسرارُ والإِعْلانُ!
كيف للحر أن يطيب له العيش ومِنْ حَوْلِهِ جَوىً وامْتِهانُ؟!
فيه بَرَّزتْ حرائِرَ الحَيِّ واسْتَعْلَت عَلَيْهِنَّ في حمانا القِيانُ؟!
قَدَرٌ ما نَروُغُ ولو جارَ
وبَعْضُ الجَوْرِ الخَفِيِّ امْتحانُ!
رُبَّ ضِيقٍ نَرْتاعُ مِنْهُ
وما كان ظَلُوماً جانِيهِ بَلْ مَنَّانُ!
أَشْتَهِي.. أَشْتَهِي المَنُونَ إذا عَزَّ ذَهابي بِه.. وفِيمَ الحِرانُ؟!
والذَّليلُ. الذَّليلُ مَن رَضِيَ العَيْش فُضُولاً.. وسَرَّهُ الشَّنآنُ!
* * *
يا إِلهي. متى أَعُودُ إلى الرَّبْع
فقد هَزَّتِ الحَشا الأَشْجانُ؟!
شفَّني السُّقْمُ. واسْتَبدَّ الشَّوْقُ. لمن كُنْتُ أصْطَفِيهِمْ.. وكانُوا!
والكيانُ الذي أُحِبُّ. وأَهْلُوهُ(63/208)
فَنِعْمَ الهوَى. ونِعْمَ الكِيانُ!
هي رَوحِي تَهْفُو إِلَيْهِمْ ويَهْفُونَ وعَزَّ السُّلُوُّ النِّسْيانُ!
* * *
أيُها الرُّوحُ.. أَيُّها الجَسَدُ الفاني سَيَطْوي بَلاءَنا الرَّحْمنُ!
أَنْتُما في يَديْهِ.. ما يُقْنَطُ رُوحٌ مِنْه.. ولا جُثمانُ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> ثنائيات
ثنائيات
رقم القصيدة : 66020
-----------------------------------
اطْلِقْ عَلَيَّ اسمْ العَصِيِّ
المُسْتَريبِ.. ولا تُبالي!
قد عِشْتُ ما بَيْنَ النِّصالِ
وعِشْتُ ما بَيْن النِّبالِ!
* * *
النَّارُ مِن حَوْلي تَئِجُّ
ولَيْس مِن حَوْلي مَطافِىءْ!
ماذا تَقُولُ سَفِينةٌ.. ضَلَّتْ.. وما رَأَتِ المَرافِىءْ؟!
* * *
ماذا يُرِيدُ مُرَزَّأٌ أَدْمَتْهُ أَشْتاتُ الخَلائِقْ؟!
نَشَدَ الرَّحائِبَ فانْزَتْ عنه وحَيَّتْه المضائِقْ!
* * *
ماذا يُقولُ مُهَدَّمٌ مِن
دائِهِ. ومِن الدَّواءْ؟!
غَلِطَ الطَّبِيبُ فأُغْلِقَتْ
مِن دُونِه سُبُلُ الشِّفاءْ!
* * *
ماذا سَيَفْعَلُ مَن يَضِلُّ
إذا اسْتَبانَ له المُضِلُّ؟!
أَيَغُولُهُ؟! كلاَّ فَأكْرَمُ أن يُرَشَّدَهُ فَيَعْلو!
* * *
ماذا يَقُولُ الشِّعْرُ ما بَيْنَ الشَّعارِيرِ الأَشاوِسْ؟
هو بُلبُلٌ يَشْدو فكيف يَطيقُه رَهْطُ الخَنافِسْ؟!
* * *
قُلْ لِلدَّوارِسِ.. لِلطُّلُولِ
عَدَتْكُمُ السُّحُبُ السَّواكِبْ!
سَتَظَلُّ دُورُكُموا الخَرائِبَ ما بِها إلاَّ العناكِبْ..!
* * *
ايْنَ الرِّياضُ اليانِعاتُ من المَفاوِزِ والسَّباسِبْ؟
لن تُوهِنوا لُغَةَ العُرُوبَةِ
بالمهازِلِ والمعاطِبْ!
* * *
ماذا تَقُولُ لِمَنْ يُعانِقُ
وهو يَلْتَمِسُ المَخانِقْ؟!
ويَرُومُ مِنْكَ يَداً تكُونُ له عَلَيْكَ مِن البَوائِق..!
* * *
لَمَّا تَقَزَّزَ واشْمأَزَّ
رأى بأنَّ الفَضْلَ أَجْدى!
فَحَبا بِنائِلِهِ.. فنالَ
بِصُنْعِهِ مَجْداً وحَمْداً!
* * *
ماذا تَقُولُ لِمُغْتَرٍ.. غاوٍ(63/209)
يَرى في الرِّبْحِ خُسْرا؟!
يَجْنِي على الحَقِّ الصُّراحِ
ولا يَرى في ذاكَ نُكْرا..!
* * *
ماذا تَقُولُ لِظامِىءٍ والماءُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَجْرِي؟!
يَشْكو الصَّدى أَهو العَمِيَّ
أَمِ البَصيرُ بِغَيْرِ فِكْرِ!
* * *
ماذا تَقُولُ لِجاهِلِ
ويَضُمُّ لِلْجَهْلِ الحماقَهْ!
فإذا نَصَحْتَ له تَنَفَّجَ
واسْتَحال إلى صَفاقَهْ!
* * *
ماذا تقول لِمَنْ يُرَى
أنَّ الحياةَ هي المَتاعُ؟!
ويَقُولُ.. إنَّ العِلْمَ والفِكْرَ المُنِيرَ هُما الصُّداعُ؟!
* * *
ماذا تَقُولُ لِمن يَزُجُّ بِنَفْسِهِ في الصَّفِّ زَجَّا..؟!
وهو القَمِيءُ.. أَلا يَرى
أَنَّ التَّاخُّرَ كانَ أَحْجى؟!
* * *
إن الكرامة أن ترى
أن الحياة منازل!
وهي الحَقيقةُ ما تَخَطَّى الحَدَّ إلاَّ جاهِلُ!
* * *
يا رُبَّما كانَ الحَقِيرُ هو
المُقَدَّمُ. والعظيم هو المُؤَخَّرْ!
هذا هو العَجْزُ المَشِينُ
يُقالُ عنه هو المُقَدَّرْ!
* * *
كَلاَّ -فَلَنْ تَبْقى الحَياةُ
وتَسْتَمِرَّ على اعْوِجاجْ!
فالحَقُّ أَجْدَرُ أَنْ يَعَزَّ
وأَنْ يَسُودَ بلا مَجاج..!
* * *
ما نحن من يُطري السرابَ
ومن يشيح عن السحابْ!
أو إننا نَعَمٌ. يرى الخطأ المميتَ هو الصوابْ!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> المساتير
المساتير
رقم القصيدة : 66021
-----------------------------------
بعد ذاكَ الحُبِّ العظيم تَنَكَّرْتِ. وقد كنْتِ تُقْسِمينَ بِحُبِّي!
وبِرَغْمِ السُّقوطِ لِلدَّرَكِ الأسْفَلِ ما زِلْتِ تَعْصِفينَ بِلُبِّي!
إنَّ رُوحي تَرِفُّ بالحُبِّ ما عِشْتُ
ويَصْبُو إليْهِ فِكْرِي وقَلْبي!
فَلَوِ اسْتَلَّ عَضْبَه ما تَشَكَّيْتُ. فَحَسْبِي منه الكرامةُ. حَسْبي!
قد يَشُوقُ النَّفْسَ التَّأَبِّي على
الحُسْنِ فَتَهْفو. وقد يَسُوءُ التَّأَبِّي!
ولقد شاقَني التَّأَبِّي على الحُسْنِ ومِنِّي عَليْهِ حتى يُلَبِّي!
إنّني العاشِقُ الأَنُوفُ فَجَدْبي(63/210)
إن طَغَى الحُسْنُ واجْتَوى. مِثْلُ خَصبي!
فَكِلا حالَتَيَّ أَدْعى إلى الرُّشْدِ
وأَحْرى بِأنْ أُمَجِّدَ دَرْبي!
رُبَّ خُسْرٍ يَطِيبُ لِلْحُرِّ حتى
لَيراهُ أجَلَّ مِن كل كَسْبِ!
* * *
أَتَرَيْني يا رَبَّةَ الدَّلِّ أَسْتَخْذِي
وأَخْتارُ راغِماً خِزْيَ ذَنْبي؟!
فَجَحِيمُ الهوَى يخيف فَيطْوِى
مِن إِبائي.. فأسْتَحِيلُ لِذئْبِ!
والِغاً في الدَّمِ الحَرامِ. ولو ذاقَ جِراحاً تَسِيلُ مِن حَدِّ عَضْبِ!
ما يُبالي بِطَرْدِهِ عن ضَحَاياهُ ولا بالحياةِ من قَعْرِ جُبِّ!
لسْتُ ذاكَ الذِّئْبَ النَّهِيمَ. فما
أَذْبَحُ طُهْراً. ولا أَدِلُّ بِغَصْبِ!
أنا مَن تَعْرِفين يا رَبَّةَ الدَّلِّ
أَرى في المَضِيق سرَّاء رَحْبي..!
ناعِماً بالصُّدودِ.. أَرْتَشِفُ العَذْبَ
وأَطْوِي على بَلائي وكَرْبي..!
وحَوالَيَّ مِن ملائِكَةِ الطُّهْرِ نُجُومٌ يَسْبِينَ مِن كُلِّ صَوْبِ!
يَتَسامَيْنَ عن شُذوذٍ.. فما اللَّوْمُ لَدَيْهِنَّ غَيْرَ لُطْفٍ وعَتْبِ!
يَتَحَشَّمْنَ والعَفافُ مُطِلٌّ
من طُيُوفٍ يُجِلُّها كلُّ صَبِّ!
إنَّ هذي الطُّيُوفَ كانَتْ عزاءً
وشِفاءً مِما يُضِلُّ ويُصْبي!
ما دَهَتْني -كَمَنْ أَضَلَّتْ- بِخَطْبٍ
يَلْتَوِي فيه كُلُّ شَرْقٍ وغَرْبِ!
فأَنَا اليَوْمَ من سلامٍ مع الرُّوحِ
حَنُونٍ مِن بَعْدِ وَيْلاتِ حَرْبِ!
ليس يُشْجِي الفُؤادَ غَيْرُ يَراعٍ
مُسْتَعِزٍّ. وغَيْرُ أَشْتاتِ كُتْبِ!
* * *
أَتُرى تِلْكَ مَن زَهَتْ بالمنَاكِيدِ
وباهَتْ بِكُلِّ غَثٍّ وخَبِّ؟!
واستَفَزَّتْ هوى الأَشاوِسِ
مِن كُلِّ كَرِيمِ النِّجارِ. مِن كلِّ نَدْبِ؟!
فَأَدَارُوا لها الظُّهُورَ.. وغابوا
عن حِماها. ولَيْس سِرْبٌ كَسِرْبِ!
أَفعادَ الحِمى المُنيرُ ظلاماً
بعد أَنْ غادَرَتْهُ شُهُبٌ وشُهْبُ؟!
أَم تُراها. تَضِجُّ بالشَّكْوِ مِمَّا
بدَّدَتْ مِن سحائِبٍ ذات سكْبِ؟!(63/211)
كيف تَشْكو الصَّدى وقد نَضُبَ النَّبْعُ.. وعادَ البَعيدُ مِن بعدِ قُرْبِ؟!
وهي مَن أَنْضَبَتْهُ.. مَن آثرَ الدُّونَ فكانُوا لِحُسْنها شَرَّ صَحْبِ!
* * *
يا فتاتي بِعْتِ الغَضَنْفَرَ بالبَخْسِ ومِن بَعْدِهِ زَهَوْتِ بِكَلْبِ!
* * *
إنَّ هذى الحياةَ تُذْهِلُ أحْياناً
بِسَهْلٍ مُمَنَّعِ.. وبِصَعْبِ!
قَزَماً تائِهاً.. قَمِيئاً مُدِلاًّ
يَزْدَهِي اثْناهُماَ بِكِبْرٍ وعُجْبِ!
وعماليقَ سائِرينَ الهُوَيْنى
من اجْتِبابٍ عن الأَنامِ.. كجُرْبِ!
حِكْمةٌ مِنْكَ لهذه ما يَرى الخَلْقُ هُداها الذي تَوارى بِحُجْبِ!
ولَنَحْنُ العُمْيُ الحَيارى وما نُدْرِك
إلاَّ القَلِيلَ.. يَهْدِي ويُنْبي..!
إن عدلاً خلف المساتير يرضى
بوجوب لو استبان. وسلب!
لو رَأَى الخَلْقُ ما وَراءَ الأَعاجِيبِ
لَقالُوا.. تَباركَ الله رَبِّي..!
شعراء الجزيرة العربية >> محمد حسن فقي >> كنا .. فمتى نعود؟!
كنا .. فمتى نعود؟!
رقم القصيدة : 66022
-----------------------------------
عجَبي لِهاتيكَ المواقِفْ
بين النَّسائِمِ والعواصف!
عَجَبي لها. كيف اسْتراحَ رِجالُها الشُّمُّ العطارِفْ؟!
أَلَهُمْ قُلُوبٌ في الصَّدورِ تَضُمُّ أشْتاتَ العواطِفْ؟!
أَلَهُمْ عُقُولٌ لِلْعظائِمِ في الرُّؤوسِ يَشيحُ عن دَرَكِ السَّفاسِفْ؟!
أَمْ أَنَّنا أَهْلُ السُّفُوحِ -هَوَتْ- وهم أهْلُ المشارِفْ؟!
كَلاَّ.. فإنَّ الجَهْلَ سَوَّدَهُم علينا.. والمتارِفْ..!
كلاَّ.. فإنَّ الضَّعْفَ سوَّدَهُم عَليْنا.. والمعازِفْ!
وسُقُوطُنا في اللَّهْوِ.. ما بَيْنَ المآزِرِ والمعاطِفْ!
والرَّكْض في نَهَمٍ إلى مُتَعِ المتاجِرِ والمصارِفْ!
والخَوْفُ مِن لَهَبِ الحُرُوْفِ. ومِن مُجابَهَةِ القَذائِفْ!
لَهَفي عَلَيْنا حينَ نَجْنَحُ لِلْمناعِمِ والمباذِلِ والمقاصِفْ!
والنَّاسُ.. كلَّ الناس إِلاَّنا تَحلَّوْا بالمعارِفْ!
فَسَمَوْا بِها لِذُرى الحياةِ(63/212)
إلى التَّلائِدِ والطَّرائِفْ!
* * *
وتسَيْطَرُوا.. بالْعِلمِ.. بالعَقْلِ المُفَكِّرِ.. بالتَّلاحُمْ!
وتَحَكَّموا فإذا الشُّعوبُ.. اثْنانِ مُخْتَلِفانِ.. مَحْكُومٌ. وحاكِمْ!
والحاكِمُ اسْتَشْرى.. فَعَادَ
النَّاسُ. مَظْلوماً وظالِمْ!
رَضَخَ الضَّعِيفُ المُسْتَذَلُّ
أَمامَ عاتِيَةِ الصَّوارِمْ!
ثُمَّ اسْتَراحَ إِلى المَذلَّةِ
واطْمَأَنَّ إلى القَواصِمْ!
يالَ الضِّعافِ المُدْمِنينَ
على الهَوانِ بِلا سَخائِمْ!
الحِقْدُ أَوْلى بالضَّعِيفِ المُسْتَضامِ على الجُناةِ على المحارِمْ!
إنَّ الحياةَ بِلا كرامَةٍ
كَالجِراحِ بِلا مَرَاهِمْ!
أَيْنَ العَزائِمُ؟! إنَّها
رَحَلَتْ مَع الشُّوسِ الضَّياغِمْ!
ماضٍ أَغَرُّ.. وحاضِرٌ
راضٍ بأَشْتاتِ الهزائِمْ!
قامَتْ به الأَعْراسُ شامِخَةً بأَلْوانِ العظائِمْ!
وغَدَتْ بِنا -نَحْن الأَرانِبَ- حافِلاتٍ بالمآتِمْ!
لن يَعْرِفَ العَيْشَ الهَنِىءَ
المُسْتَعِزَّ. سوى الأَكارِمْ!
* * *
يا مَعْشَرَ العَرَبِ النِّيامِ
اسْتَيْقِظُوا وتوحَّدوا!
وتَآلفُوا فالخُلْفُ مَزَّقَكُمْ.. وضَجَّ المَرْقَدُ..!
هذي العوالِمُ حَوْلكُمْ
يَبْغُونَ أَنْ يَتَصَيَّدوا!
والصَّيْدُ أَنْتُمْ.. لا سِواكُمْ.. والحَقائِقُ تَشْهَدُ!
إنَّ الرَّفاتَ المُسْتَعِزَّ قُبوُرُهُ تَتنَهَّدُ!
أَسلافُكُمْ كانُوا الفِراقِدِ في الذُّرى تَتَوَقَّدُ..!
هلْ فيكموا مِثْلَ الجُدودِ؟! وليس فيكم -فَرْقَدُ؟!
أَفَتَرْتَضُونَ بِما يُحِيطُ بِكُمْ.. وما يَتَهَدَّدُوا؟!
فهُبُّوا. فقد يُجْدِي الهَبُوبُ. وحاذِرُوا أَن تُلْحدُوا!
أَوَّاه.. ما يُجْدِي التَّأوُّهُ
من يُضامُ فَيُخْلِدُ!
إنَّا لنَهْبِطُ سادِرِينَ.. وغَيْرُنا يتَصَعَّدُ!
فمتى نَفُوقُ مِن الكرَى؟!
ويَقُومُ فِينا السَّيِّدُ؟!
لِيَقودَنا.. فالنَّاسُ
تَشْقى بِالزَّعِيم. وتَسْعَدُ!
أمْجادُنا رَثَّتْ. وسوْفَ بِعزْمِهِ تَتَجَدَّدُ!(63/213)