فوقَ الجدارِ المعتمِ
.تبتسمُ
.َأنامُ الليلةَ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> المحراب
المحراب
رقم القصيدة : 7111
-----------------------------------
- أمّنتُكَ
فاخلعْ نعليكَ
وقِفْ.
إن المِحرابَ عِراقُ
وارفعْ رأسكَ
حتى أقرأَ عينيكَ . .
أَمِنْ هذا الحُزنِ وُلِدتَ ؟
أبالحُزنِ ستلقى اللهَ ؟
وإلاّ ، لستَ من النّخلةِ في شيءٍ . .
قَدَرُ النُسّاكِ بهذا المِحرابِ الحُزنُ،
فهل أعددتَ لهذا اليومِ العُدّةْ !؟
- أعددْتُ له قلبي منذُ وُلِدتُ ..
- إذن ، فاخلعْ نعليكَ
وقِفْ
إن المحرابَ عِراقُ
بغدادُ أشيحي بجبينِكِ
ما الحشدُ الدّاجِنُ حولكِ
كُفءٌ لِعَروسِ النّهرِ
ولا دمُهُ مِنكِ . .
كَذِبٌ أن التاريخَ يخونُ
إذا زُلزِلَتِ الأرضُ
أو اشتعلَ الليلُ جحيماً ..
وتقاسمتِ الأهواءُ الأدوارَ
لذبحِ النخلْ .
هُزّي جِذْعَ التاريخِ
يعُد طفلاً بينَ يديكِ
وهُزيهِ، يشِبُّ على الطّوقْ ..
بغدادُ أشيحي،
لم يبقَ من المِلحِ
سِوى دمِكِ المسكوبِ على ظمأي
أقِفُ الليلَ أُنادي :
بغدادُ ..
بغدادُ ..
وأحترِقُ .
تمتدُّ ذراعٌ
- من نارٍ ودُخانٍ -
تَنْقُشُ في ثديِ الغَيْمةِ :
" بغدادُ "
فيكْتَظُّ بهِ الماءُ وينهرِقُ .
" برداً وسلاماً " يا بغدادُ ..
أشيحي بجبينِكِ نحوي
إنّي أشتَقُّ بِعينيكِ الذّابلتينِ
إلى اللهِ سبيلا .
أعدَدْتُ لهذا اليومِ
كما أعدَدْتِ منَ الحُزنِ
وأسرَفْتُ قليلا .
عَلّي أبلُغُ بعضَ العُذْرِ لديكِ
بأنّي مِثلُكِ ،
ما كُنتُ إذْ انْفَلَتَ الحَبلُ
بقَعْرِ الذُّلِّ
ذليلا .
بغدادُ أتيتُكِ ،
أحمِلُ روحاً
تَتَملَْمَلُ بينَ أصابِعِ كَفّيَّ
وقلباً يتَفطَّرُ في هذا القحطِ
فُراتاً ونخيلا .
وأشَحتُ بِوجهِيَ شطرَ الرّومِ
وجَدتُ " بَنِي الأسْمَرِ "
يخْتصِمونَ لدى القيصرِ
بالقُرآنِ
على ثمنِ الحبكةِ والكِتمانِ
وأيُّ العارَيْنِ جديرٌ
بنصيبِ الخِنزيرِ الأوفى
من نِفطِ البصرةِ !(51/311)
والبصرةُ في شُغُلٍ عمّا يختصِمونَ
بما تَرَكوا ..
البصرةُ رأسُ الحربةِ
في الحربِ
وخاتِمةُ الخوفِ الأزلِيِّ
بهذا النّفقِ المُظلِمْ .
البصرَةُ أشلاءٌ تَتَكلّمْ .
وعُيونٌ ترمُقُ خلفَ سِتارِ النارِ
قطيعاً أبكَمْ .
يا ربَّ الكونِ الأعظَمِ
يا ربَّ الكونِ الأعظَمِ
يا ربَّ الكونِ الأعظَمْ
مِحرابَكَ مِحرابَكَ
مِحرابُكَ يصدحُ باسمِكَ
دمْعاً ودِماءً
وجِراحاً تَتَبَسَّمْ .
مِحرابَك مِحرابَكَ
مِحرابُكَ موصولٌ بيديكَ الحانيِتينِ
بهذا البُركانِ الهادِرِ
يا من تسمَعُ
يا من تُبصِرُ
يا من تعلَمْ.
مِحرابُكَ أشرِعةٌ
تَمخُرُ بالحَقِّ - بعينيكَ - عُبابَ الوَقتِ إليكَ
فخُذْ بيديهِ
يكُنْ سيفَكَ في الأرضِ
وقبرَ عدُوِّكَ
ربّاهُ،
عراقَكَ
إنّ المِحرابَ عِراقُ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الرحى
الرحى
رقم القصيدة : 7112
-----------------------------------
أدِرْها تَدُرْ
واصْطَبِرْ
كَيْ تدورَ الدِّماءُ .
وتُلقي بآخِرِ ما لا يُمَسُّ
بِجُعبَتِها البَبّغاءُ .
عِجافٌ مواسِمُها
لم تذُقْ
مُنذُ أن أهملتْها الفُصولُ العليلَةُ
قمحاً،
وما تركوهُ بِسُنبُلِهِ
للزَمانِ البخيلِ خواءُ
أدِرها تدُرْ
لاتدَعْ قُطبَها للظُروفِ
وقد أمّنتْكَ عليها السّماءُ .
بدأتَ
ولم تكتمِلْ بعدُ دورتُها ..
مكِّنِ القبضَةَ اليعرُبِيَةَ
تُهدِكَ صاغِرةً قرنَها
هكذا يُستثارُ الغُثاءُ .
إنها جمرةٌ
أنت مُضرِمُها
قُربَ هذا الهشيمِ
أطِلْ عُمرَها
ساعةً
من زمانِ الصُّمودِ،
تُسَيِّجْ نُخيلاتِكَ الوارِفاتِ
بِأضلاعِها الحانِياتِ النّساءُ .
أطِلْ عُمرَها ساعةً،
تسْتَطِلْ أذرُعُ النّخلِ
عبرَ المَتاريسِ
من كُلِّ قبرٍ
تمَلْمَلَ ساكِنُهُ ..
إنها نفرةُ الثأْرِ يا كرْبلاءُ .
أدِرْها تدُرْ
إنها الجَوْلةُ الفَصْلُ،
فلْتُخرِسِ البُندُقِيّةُ
أفواهَ من كبّلوها
على طاولاتِ القِمارِ السِياسِيِّ
كي يستُروا نِصفَ عَوْراتِهِمْ حِكمةً(51/312)
في الظُّروفِ العَصيبةِ
فَلْيَسْقُطِ الحُكماءُ .
يقولونَ جُنّ العِراقُ ..
وأنْعِمْ بِهِ من جنونٍ
تخِرُّ له الطائِراتُ
بِسَبّابةٍ ، نقَشَتْ في سماءِ الأساطيرِ :
" مِنقاشْ "
تَجلّيتَ " منقاشُ " صقْراً
يصيدِ العُلوجَ من الجوِّ
أسقطتَ كُلّ الموازينِ
حينَ انتخيتَ بِهَدْلةَ
فَلْتَصْطَبِحْ هَدْلةُ اليوْمَ بالعِزِّ
وَلْيَخْسأِ الجُبَناءُ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> ماانتحله الرواة من شعر أبي فراس الحمداني
ماانتحله الرواة من شعر أبي فراس الحمداني
رقم القصيدة : 7113
-----------------------------------
ماانتحله
الرواة
من
شعر
أبي فراس الحمداني ..
24يناير 1997م
( وإنَّا أناسٌ لا توسُّطَ بيننا
لنا الصدرُ دونَ العالمينَ أو القبرُ )
( أبو فراس الحمداني )
هو القبر جاعت فيه كلُّ قضيةٍ
وعنَّس فيهِ النورُ مافضَّهُ الفجرُ
تمرُّ به الأنواءُ والليل والردى
ويفترُُّ في أفيائهِ الدودُ والزهرُ
هو القبرُ (فاستلقِ ) على سفحِ ربوةٍ
سيأتيكَ بالتاريخِ من راعه الدهرُ
.....
اخفتْ عويلَ الريحِ
صوتُ الماءيغرقُنا
ويطمرُنا السكوتْ
كلُّ الرمالِ السُّمْرِ
هاجعةٌإذا نحنُ
احترفنا العزفَ
في الناي الصموتْ
أسيافُنا ثكلى
كأنَّ عويلها ندْبٌ
نسائيٌّ تضجُّ به
البيوتْ !!
من أينَ يأتي الصدرُ
هاكَ الصدرَ
هل تستدرجُ الأحلامَ
تخطبه وهل تحيا ..
تموتْ ؟!
اخفتْ عويلَ الريحِ
كل الريحِ عاصفةٌ
وذاكَ سراجنا الليلي
يرمقُها كنسجِ العنكبوتْ !!
***
ياأيُّها الموءودُ في
دمناالمخضَّبِ بالرَّدى العفْويِّ
يستلُّ الرقابْ
أشعلْ سراجَ الكبْرِ
لانامتْ بجفنِ
الموتِ راجفةٌ
ولا غاضَ الترابْ ..!
***
ياسوفَ يأتي الغيبُ
تحمله البروقُ
المشعلاتُ الأفْقَ
يهزمنَ الرجاءْ
دعني أقايضكَ
التجلُّدَ أستمعْ
للموجِ مبحوحًا
إذا ذاعَ الحداءْ ..
لا الليلُ فاءَ الليلَ
لا الأنواءُ ممطرةٌ
ولا حتى سحاباتِ
الرجاء المرِّ يمطرنَ النداءْ(51/313)
كلُّ الذي يدميكَ بالأغلالِ
أدمى وجهنا المجدورَ
واجتثَّ البهاءْ
لكنَّ فينا الصدرَ
خانَ الصدرَ
فينا الموتُ ..
غاضَ الموتَ
فينا القبرُ
ساخ به الإباءْ !!!
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> لا ظلّ لي
لا ظلّ لي
رقم القصيدة : 7114
-----------------------------------
أتكوّنُ
من ظلّكَ الصغيرِ
من شلاّلاتِ ضوئكَ
و عتمتِك
.لكنّني لا أُشْبِهُك
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> نقوش فوق ردهات صفرالألفية
نقوش فوق ردهات صفرالألفية
رقم القصيدة : 7115
-----------------------------------
نقوش
فوق
ردهات
صفر
الألفية
يناير 5/2000
حينما جاءنا عامُ ألفينِ
قلت القصيدةَ
لم تنته بانتهاء السنينِ
ولا باحتدامِ الصراعِ
ولا باحتلام الوئامْ ..!
والذي كانَ من ألفِ عامْ
جاءَ ملتحِفًا بالرياحِ العتيقةِ
مستقبلاً قبلةَ النومِ ..
لكنه لاينامْ ..!
من تكونُ القصيدةُ ياسيدي؟!
نحنُ عُجْنا بأطلالكم
واقترفنا الكلامْ ؟!
ورقمنا على صفحةِ الماءِ ..
( عفراء .. ليلى ...)
كتبنا تواريخنا
بمياهِ القصائدِ
نحنُ جعلنا من الشعرِ
مزرعةً تطرحُ
الحزنَ والجرحَ والانتقامْ !
لكنه ....!جاءنا عامَ
ألفين مستوحشًا لاينامُ
ونحن ننام ..!!
***
أنا آخرُ المنتمينَ إلى الشعرِ ..
أوَّلُ مَنْ خزَّهُ الضوءُ ..
لكنه ماأفاقْ !
توالد فيه الغِوى فوضويًّا
وغاضَ السها فيهِ
..لكنه
ماأفاق ..!!
أنا آخرُ المنتمينَ إلى الشعرِ
ياسيدي
غرَّرَتْ بي القصيدةُ
راودتها فاستباحت دمي
نُذرًا للعناق !
جاءنا عامُ ألفينِ
ــ ياسيدي ــ والقصيدةُ مأثورةٌ
تستبيحُ الذي تشتهيهِ
وتطعمني التبغَ
والبرد والاحتراقْ ..!
فإينَ المفرُّ وأطلالُ
عبلةَ محظورةٌ
والدم العنتري مباحٌ ..
وقيسُ استفاقْ ..!
***
إذا استوحشَ الشعرُ
في ردهةِ (الصِّفْرِ)
نامت نواطيرُ هذي
الرمالِ عن الغيمِ
واستمطرتْ نخوةَ
الساحلي ...!
وزمزمتِ الأرضُ بالجرحِ
قال الذي مسه الضرُّ :(51/314)
( ياليته كان لي..! )
فأنثرُ قربانَ كل
التواريخ في راحتيهِ
ليعشبَ فيها الزمانُ الخلي ..
إذا استوحش الشعر ياسيدي
يهرعُ الناس للنومِ
والليلُ كالمدبرِ المقبلِ
أنا آخر المنتمينَ إلى الشعرِ
أوَّلُ من ( قَالَ) في ردهةِ الصفرِ
والناسُ يدعونني
( الجاهلي ..!! )
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قِفي مثلما وقفوا ..
قِفي مثلما وقفوا ..
رقم القصيدة : 7116
-----------------------------------
قِفي مثلما وقفوا ..
وارفعي رايةَ النصرِ خفّاقةً
فوقَ أنقاضِ قلبي ..
وقولي لهُ:
مِن هُنا تبدأُ الحربُ
ها قد تراءى لنا الدّربُ
والخيلُ تبدو مُحفّزةً للوُثوبِ،
أعِنّتُها من ظفائِرِ هذا المساءْ.
قِفي مثلما وقفوا،
عاصِبينَ الرّؤوسَ
حُفاةً
تحنّوا بطينِ البساتينِ
كُلٌّ يُعبّىءُ صاحِبَهُ ويَكِرُّ
كأنّهُمُ المُعجِزاتُ
تجسّدْن جيشاً من الجِنِّ،
يقتنِصونَ العدُوّ بِأعيُنِهِمْ
من خِلالِ النّخيلِ،
فتُطلِقُ كلُّ البنادِقِ زغرودة النّهرِ
ثُمّ يذوبون كُلٌّ إلى جِهةٍ في الرّمالِ
لِتتْبع زوبعةٌ أُخْتها من جديدْ.
قِفي مثلما وقف الوقتُ والقلبُ
بين الرّصافةِ والكرخِ،
مُنتظِراً دورة الأرضِ
فانتظِري ..
وانظُري كيف يُحرَقُ جيشُ المغولْ.
أُحِبّكِ شاهِرةً طرفكِ العسلِيّ
بِلحمِ الغُزاةِ
أُحِبُّكِ عاقِدة الحاجِبينِ
على سِرّ هذا التُرابْ.
أُحِبّكِ من كُلِّ نافِذةٍ
في البِلادِ تُطِلُّ عليكِ
ومن كُلّ بابْ.
قِفي ..
لم تزلْ ساعةُ العُمرِ واقِفةً ..
سوف تجري
وتجرين نحوي
وأجري
وتجري بِأشلاءِ من كحّلوكِ
بِسُهدِ اللّيالي الطِّوالِ الشِّعابْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> سطور مفقودة من رسالة المتنبي
سطور مفقودة من رسالة المتنبي
رقم القصيدة : 7117
-----------------------------------
سطور
مفقودة
من
رسالة
المتنبي
إلى
جدته
1966
مارس
16
ربما ..
لو رمَّدَ الغيمُ
جفونَ الفجرِ
أو أزجى المدى النشوانُ(51/315)
أشواقي إليكِ
وضيَّعَ السفرَ الطريقْ ..
ربما عدتُ صبيًّا ..
أرشفُ الأحلامَ
من عينيكِ
أستلقي على العشبِ النديِّ
فلا أفيقْ ..!
آه.. ياأنت التي
تبقين مابين ضلوعي
شهقةً أخرى
وأقمارًا تنامى
من جبينِ الأفْقِ
في نهرِ مساءاتي
فيصتكُّ البريق ..!
ربما .. ألقاكِ
وعدًا نائمًا
يسْتفزُّ الصحوَ
يسعلُ في كهوفِ الغيبِ
كالشيخِ العتيقْ !
لوَّنَ الوجدُ
ثيابَ المجدِ
وانثلَّ التطوُّسُ في فمي شعرًا
ومازلتُ الفتى البدويَّ
يشهقُ من جدارِ الضوءِ
تأسرُهُ الشموسُ الحارقاتُ
فيلجِمُ القلق َ
المحالْ !
لو ...
ساختِ الأقدامُ
في وحلِ التملُّقِ والخنوعِ
أيستقرُّ بنا السؤالْ ؟!
أو غيَّرَ التاريخُ
وجهَ الأرضِ
فانساقت جموعُ الجندِ
خلفَ الشعرِ
واندثرَ النزالْ !
هل يستقرُّ بنا السؤالْ ؟!!
لاكانَ هذا الشوقُ
لاارتعدتْ فرائصُه
ولاكانَ الوصالْ ..!!
***
أوَّاهُ ..لو تدرين
ياأمي التي تحنو كما أقسو
وتشربُ كأسَها العفْويَّ
في فرحٍ
وترقبُ فارسًا
يأتي على كتِفِ الرياحْ ..!
أوَّه لو تدرينَ
ماتَ الشوقُ ..
خانَ الليلُ مخدَعَهُ
فما ولدَ الصباحْ ..!!
آتيكِ ..
قبل الموتِ
بعد الموتِ
أو تأتين في وجعِ القصيدةِ
في احتضارِ الشوقِ
في رحم الجراحْ !!
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> أزل
أزل
رقم القصيدة : 7118
-----------------------------------
ليتني كنتُ
حينما كانت أمِّي
طفلةً حزينةً
تحتاجُ إلى صديقةٍ
.في مثلِ حزنِها
ليتني كنتُ هناك
أقاسمُها وحدتَها
يتمَها
و ليتني كنتُ أكبرَ منها قليلاً
.لأكونَ أمَّها
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> مهرة الرافدين
مهرة الرافدين
رقم القصيدة : 7119
-----------------------------------
وحدها
بين نارينِ،
أو ضفّتينِ
لِما يُشبهُ النّهرَ،
تمضي ..
يُغازِلُها من بعيدٍ سرابُ الطّريقِ
ويسحبُها للوراءِ الحنينُ إلى نخلةٍ
لم تعُد كالنخيلِ،
ونهرٌ تبخّرَ أو غاضَ ..
تمضي،(51/316)
بعينينِ مِلؤُهُما ما تكسّرَ من صرحِ بابِلَ
أو ما تحجّرَ من ماءِ دِجلةَ
في عينِ بغدادَ عندَ الرّحيلْ.
مُهرةَ الرّافدينِ
فِداكِ السّلاحُ الذي خانَ قبلَ النّزالِ
ومن جيّروهُ إلى غيرِ موضِعِهِ
واشتروا بالفُراتِ السّلامةَ ..
إنّ المواسِمَ تترى،
وهذا حصادُ الجديرينَ بالعيشِ
والخارِجينَ من الموتِ خلقاً جديداً،
توضّأَ بالنارِ،
ثُمّ أقامَ على كُلِّ مذبحةٍ في البلادِ
صلاةَ النّخيلْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> من لها
من لها
رقم القصيدة : 7120
-----------------------------------
على خدّيكِ يا بغدادُ
يورِقُ وَردِيَ الزّاهي،
وفي شفتيكِ أشعاري ..
فمن يستلُّ من قدميكِ شوكَ القيضِ ؟
من لجبينِكِ العاري ؟
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> مالم يقله امرؤ القيس
مالم يقله امرؤ القيس
رقم القصيدة : 7121
-----------------------------------
مالم
يقله
امرؤ
القيس ..!
1995 نوفمبر 9
دعني
أقصُّ نبوءة الفجر الذي
ما خامرته هواجسُ
العشَّاقِ يومًا أو أناخَ به الضبابْ ..
ينثلُّ مثلُ الرملِ .. بين أصابعي
حلمًا
وتحمله الرياحُ من
الغيابِ إلى الغيابْ ..!
دعني أسافرْ .. فوقَ
جفنِ الليلِ
أنتشقُ الهوى العفْويَّ
فوقَ مروءةِ العشَّاقِ..
فوقََ صبابة المشتاقِ
أو فتِن الشبابْ !!
أنا أيُّها الموبوءُ في وجعي
تراودني القصائدُ
سافراتٍ وجهها العبثيُّ
حنَّطني وما ملَّ المجيء
ولا الإيابْ
متمرِّدٌ عينايَ تجهضُ
حملَها المشبوهَ
فوقَ وسادتي السّكرى
وترتجلُ العذابْ
دعني أفاتحكَ النهارَ
البكرَأحملُ في دمي
وجعي وتحملُ أنتَ
أوسمةَ العتابْ ..!!
***
مازالَ هذا الليلُ
يرخي ستارةً أخرى
ومازالَ السحابُ
مشرَّدًا بالأفْقِ
تنهرهُ الرياحْ
وأنا وأنتَ وذلكَ
الراعي نغنِّي للربيعِ
ويستغيثُ العشبُ في
يدنا العطيبةِ
والظلامُ بلا صباحْ
من للجراحِ إذا الجراحُ
تخثَّرتْ فوقَ الجراحْ
من للعذارى المسْدلاتِ(51/317)
ثيابَهنَّ البيضَ
إن وئِدتْ كلابُ
الحيِّ أو تاهَ النُّباحُ
مع النُّباحْ
من للندامى المترفينَ ..
السادرينَ .. الراقصينَ
بمسرحِ الأفلاكِ
إن يبِسَتْ عناقيدُ الكرومِ
وأدمنَ الوترُ النُّواحْ ..؟!
***
(دمُّونُ ) .. ياوجعي
وياقلقَ القبيلةْ
من أنتَ حينَ
تضيعُ قافلتي
ويبكي صاحبي
الدربَ الطويلةْ ؟!
من أنتَ حينَ تحرَّرتْ
كلُّ الأوابدِ
واستعادَ الطيرُ طعمَ
الصبحِ بكرًا
واستخارَ الغادرونَ الليلَ
في أخنى وسيلةْ !!
(دمُّونُ ) ياأمَّ الحكاياتِ
العِذابِ المستحيلةْ
***
ثكلتكَ (كِنْدةُ )
أيها الموءود في صدري
وأيقظكَ الحِمامْ ...!
متجاذبًا شغفي إليكَ
وهذه الدربُ الشحيحةُ
لاانعتاقَ ولاسلامْ !
لستُ الغريبَ وليسَ
هذا السجعُ خاتمتي
ولا حتى بدالي في
عسيبِ القبرَ
لو شاء اللئامْ !!
أنا في رمالِكَ فتنةٌ
أخرى وقلبٌ شاعرٌ
أبدًا وقنديلُ انتقام ..
***
دمُّون يازمني
وياعارَ القبيلةْ
الدربُ طالتْ والشجونُ
مخالبٌ .. والقرحُ
في كبدي الهزيلةْ
خذني إليكَ
قصيدةً أخرى
وليلاً تاهَ مابين
القفارِ نجومهُ سكرى
و(فاطِمهُ ) كحيلةْ
رعِفتَ خطايَ الغورَ
في جرحي
ومازالَ الطريقُ مشرَّدًا
بينَ القبيلةِ والقبيلةْ !!!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قبضة الحسام والحسام
قبضة الحسام والحسام
رقم القصيدة : 7122
-----------------------------------
دمشقُ يا ابْنَةَ العشرينَ عامْ.
يا سِربَ أبيضِ الحمامْ.
أراكِ تمرُقينَ
نورساً فنورَساً إلَيّ
عبرَ خيبةِ القُصورِ والخِيامْ.
دفنتُ فيكِ آخِرَ الأسرارِ
وامتشقْتُ أوّلَ الكلامْ.
كأنّني النُّعاسُ في جفنيكِ
حينَ تنظُرينَ في عينَيّ
أو كأنّكِ السُّهادُ في جفنَيَّ
كلّما نويتُ أن أنامْ.
على شِفاهِكِ النّدِيّةِ
ارتوى الزّمانُ والمكانُ
كيفَ تظمئين يا ابنةَ الغمامْ ؟!
قد كُنتِ لي الحُسامَ،
يومَ كُنتُ قبضَةَ الحُسامِ.
واعتراكِ ما اعترى يدَيَّ
في سلاسِلِ القُرى ..
فمن لقبضةِ الحُسامِ(51/318)
والحُسامْ ؟
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> بحقَ اعتذاري
بحقَ اعتذاري
رقم القصيدة : 7123
-----------------------------------
بحق اعتذاري
بحق النوارس تشرب من عرقي زرقةً
ثم تتلو انكساري..
بحقِّ عيونكِ حين التقينا
تدلَّت من الأفق قنديلَ حبٍ ..
وصامت بشهرِ انتظاري ..!
بحقِّ فتى قضَّه الليلُ
أسلمه للخياناتِ ..
خدَّرَ فيه انبلاج النهارِ
بحق فؤادي الذي تعلمين بأنك أنثاهُ
( تلكَ الرسائلُ ..ليستْ خياري..! )
***
أنا شاعرٌ جوَّعتهُ المواعيدُ
نامت على صمته قصةٌ
كفَّنتهُ النهاياتُ
حتى استتابْ
أنا عاشقٌ مرَّ في كل بابْ ..!
رأى الحبَّ أضغاثَ أنثى
رأى الناس من حولها
يسألون القصيدةََ
كيف استغاثتْ بها
فاستجابَ السحابْ ..؟!
أنا أول الوافدين لأرضِ السرابْ ...!
رأيتُ النوارسَ ظمأى
رأيت القبائلَ ترعى من البحر
عشبَ الغناءِ
رأيتُ جوادًا بلا فارسٍ
ورأيتُ نجومًا تضيءُ ..
رأيتُ النهار افتراءً
ووجه المساءِ اغتصابْ ..!
رأيتُ بعينيكِ أني أخونُ حنيني
أمدُّ يدي حيثُ تسكنُ أفعى
وأرتدُّ مرتبكًا
حيثُ تعوي ذئابْ ..!
***
بحقِّ اعتذاري ..
تهدَّجَ صوتي
تغيَّرَ لونُ النهارِ
مسحت جبينَ الظهيرة منكسرًا ..
وكتبتُ إليكْ :
( أنا في يديكْ
أروحُ بعيدًا وأبكي عليكْ
وأضجر منك لديكْ
أنا لعنةُ الكفِّ في راحتيكْ
ولون الورود على وجنتيكْ
وآخر نجمٍ هوى في سمائكِ ..
كي يتدلَّى على ساعديكْ )
***
بحقِّ اعتذاري ...
بحقِّكِ أنتِ ..
بحق القصيدةِ
( كل الرسائلِ ليست خياري ..!! )
( تعذّر وصول الرسالة التالية لكافة المستخدمين )
الرسائلُ ..
رقصُ السنابلِ للريحِ
تلميذةٌ نسيتْ في حقيبتها وردة
من لقاء المساءْ ..
الرسائلُ جائعة للكلامِ
محنَّطةً في التوابيتِ
توَّاقةً للقاءْ ..!
لكنها قطرة من دمي
ثقبَتْ إصبعي
خرجتْ عن مسارِ وريدي
فحق عليها البكاءْ ..!
***
الرسائلُ ..
صمتُ المساء حيالَ
ارتطامي بحد الرصيف
حيالَ صراخي
بكائي(51/319)
ورعشة قلبي الضعيفْ
الرسائلُ صوتي المعتَّقُ
حينَ تنافقني عزَّتي
وتحدِّثني عن جمالِ الخريفْ
الرسائلُ خوفي من البوحِ
فوضى الكلامِ على شفتيَّ
وغصَّة حرفي الشفيفْ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الخروج من اللوحة
الخروج من اللوحة
رقم القصيدة : 7124
-----------------------------------
حينَ لامَسَتْ قدماي
أرضَ واقعِها
على السجّادةِ المجاورةِ
لسريري
خطوْتُ خارجَ اللوحةِ
التي رسمتُها لعمري
و منذُ ذلكَ الصباح
و أنا أدورُ حولَ نفسي
كنقطةِ ضوءٍ
.على جدارٍ شفيف
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> غناء للفصول الهاربة
غناء للفصول الهاربة
رقم القصيدة : 7125
-----------------------------------
ارجِعي للمدينةِ
إني تركتُ البساتينَ فيها
تركتُ الرعاةَ الحفاةَ
يسومونَ للّغو أيمانَهم
وتركتُ الإذاعاتِ تحملُ أنباءَ حزنِ العراقِ
وتحريرِ أنثى من الشعْرِ
قبل انبثاق السطورْ
تركتُ البنوكَ تنادي عليكِ
وتسألُ عن عددِ العاملينَ بقلبي لعينيكِ
عن رقمِ هاتفكِ الخلويّ
وعن أسْهُمِ الصبرِ
حين يميدُ بنا الحزنُ حتى تضيقُ الصدورْ ..!
تركتُ المدينةَ آمنةً
جاءَها عطرُها من بلادِ الضبابِ
ومن وشوشاتِ العبورْ
تركتُ الشعورْ
تركتُ صغارَ النوايا
تفاهاتِ بعضِ المساءاتِ
حينَ تكونُ الحقيقةُ أنثى
وحين تكونُ الطريقةُ ( خُنثى )
وحين تكونُ الحكاياتُ طفلاً غيورْ ..!
ارجعي للمدينةِ ..
إني خرجتُ إلى كاهنِ الحيِّ
بين مضاربِ صمتي
أُعِدُّ له قهوةَ الصبحِ
أكتبُ أسماءَ كلِّ الذينَ
يمرونَ بالشعرِ
ثم يزورونَ ( فاتن تي ) في بلادِ القبورْ
***
الحنينُ على البابِ
يطرقُ منكسرًا ..
ذاكَ يومٌ أتى والمدينةُ خاويةٌ من طيورِ الصّباحْ
القصائدُ مثل العناقيدِ
لكنها عرضةٌ للرياحْ ..
الجراحَ .. الجراحْ
متى يسألُ الناسُ عن شاعرٍ
خدَّرته الإضاءةُ ،
واسْتعمَرتْ قلبَهُ الأغنياتُ
وطافَ بهدأتهِ الفاتناتُ ..
ولا يُسْتباحْ ..؟!(51/320)
مضى بالسجائرِ ظلِّي
وعدتُ وحيدًا
تهدِّدني الذكرياتُ
ويجتاحني البردُ
تلوي يدي خلفَ ظهري الحكايا
وتنتابني نوبةٌ من كفاحْ ..!
***
لا تفيئي إلى جبلٍ عاصمٍ
لامفرَّ لنا الآنَ
من أن نكونَ معا
كي تكاثرَ فينا القصائدُ
زوجينِ نورًا ونارْ
مسَّكِ الضرُّ مني كثيرا
وما كنتُ أحسب أنَّ القصيدةَ
حين تهدهدُ أفراخَها تستثير النهارْ ..!
فقيرٌ أنا عند بابِ الظلالِ
أغنِّي لأمسي
متى نهرتني العيونُ انكفأتُ انكسارْ ..!
مسَّني الضرُّ .. منذ اتخذتُ
القصيدةَ أنثى .......
تعالي المدينةَ لاظلَّ فيها
ترجَّلتُ حتى عن الظلِّ
كوني كما تشتهينَ
فلا عاصمَ الآنَ
ماء المساءاتِ طوفانُ أحزانِنا
والسفينةُ مخروقةُ الصدرِ
لكننا نستفيءُ معًا .. أو نموت معًا
فالقصائدُ .. إن نحنُ عشنا ..تكاثرُ ..
أو نحنُ متنا .. ستبقى المدينةُ
تذكرُنا كلما جاءَها شاعرٌ من دُوارْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> وجه آخر للقصيدة
وجه آخر للقصيدة
رقم القصيدة : 7126
-----------------------------------
حينما ..تصبحُ الأرضُ غُرَّةَ أنثى ..
يجوعُ اليتامى الصغارُ ..
يبيعونَ قارورةَ الماءِ وقتَ الظهيرةِ
للأثرياءِ الذينَ يَعَضُّونَ نَهْدَ المدينةِ بالمركباتْ
وتُعْشِبُ أرصفةٌ خانها الماءُ ..
أغْرَقَها بغسيلِ النوافذِ ..
دمْعُ الممرَّاتِ
حزنُ الحفاةِ العراة الذينَ ينامونَ في قلقٍ بانتظارِ الأضاحي ..
وتنمو على شفَةِ السَّطْرِ بعضُ جراحي ..
أجوبُ النهارَ .. وأشعلُ في البيت قنديلَ فيروز ..
أدنو إلى شاشةِ ( النِّتِّ )
أبحثُ عن وجْهِهَا مستديرًا ..
يُطَوِّقُهُ شَرشَفٌ للصّلاةْ
هي الآنَ أخرى ..تصبُّ الحليبَ لأطفالِها ..
حين كانتْ تشرِّعُ كأسي ..
ترجُّ الحكايا بأذكارِها حين كَانت تهزُّ برأسي ..
هي الأنَ أنثى بلا ساحلٍ ..
يستفزُّ النوارسَ ..
أو شهقةٍ .. يحنقُ الملتحونَ بها ..
حين تخطو أمامَ دكاكينِ بيع الحليِّ ..
وأزياءِ باريسَ ...(51/321)
أنثى ..تنامُ بعيدًا .. بعيدًا ..
عن الثلجِ والكأسِ والأغنياتِ العِذابْ
هي الآن واقفةٌ .. دونها نصفُ بابْ ..!
أنا قامتي نخلةٌ .. كيف باللهِ
أحني لها هامتي حين أنوي الدخولَ إليها .. بها
يومَ أن وقَفَ الطائفونَ على بابِ ربي ..
وما في يديْها ثوابْ ..!
***
هي الأرض سيدةً
تستدير كثيرا .. تراوغ شمسَ السماءِ
بأن تمزج الرملَ بالريحِ
ثم يسافرُ بين أصابعِ وقتي .. وينثالُ مثلَ
الحريرْ
إليها القصيدةُ في مشهدٍ جاءَ قبلَ الأخيرْ
ومن غيرُها يدركُ الآنَ أني بقلبينِ
أولهما غائمٌ حالمٌ كبكاءِ الفقيرْ
وثانيهما مطرٌ ساحليٌ .. تَهُبُّ به الريحُ
تقْتَادُ فيهِ النساءَ اللواتي اغتَصَبْنَ المساءَ الضريرْ ..!
هي الأرضُ لكنها ..لم تعد تستحثُّ هطولَ القصائدِ
حينَ استعدتُ يدي من أصابعِها ..
عدتُ ضوءًا كسيرْ !
هي الأرضُ هاربةً من ورائي
ومازلتُ أعدو ..
أَعُدٌُّ العواميدَ حينَ تضيءُ بشارعنا ..
أحمل الخبزَ للبيتِ ..
ألثَمُ خدَّ ( وفاءٍ ) وأسرقُ لُعبتَها
وأقولُ ( لليلى ) .. تأخَّر ( شَايَكِ ) ..
هل زرتِ أمي الضحى ؟
.. أي صنْفٍ طبخْتِ ؟
أُحِبُّ البطاطسَ مقليَّةً
والطماطمَ معصورةً ..
وأحبك دفئًا وعشًّا صغيرْ..!
***
هي الأرض أنثى
تمدُّ لسانَ الدقائقِ ..
تمضي فلا أغلقُ البابَ من بعدِها
أهيئ طاولتي للبكاءِ ..
أرمِّمُ كرسيّها جانبًا
وأجيءُ بتوأمهِ عندما لاتعودْ ..
هي الأرضُ لم تستقِمْ للخلودْ ..!
هي الأرضُ .. بيضاءَ تُشبِهُ نَوْرَسةً
فرَّخَتْ في مراكبَ بحَّارةٍ سكنوا شاطئًا
من وراءِ الحدودْ
هي .... الآنَ محمومةٌ بالدُّوَارِ
مضمَّخةً بالرَّحيلِ
تشيرُ بإصبعِها للكلامِ فيمضيْ بها
نَحْوَ عجْز العيونِ
وصوتِ القلوبِ التي لا تجودْ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> زهرة ضوء
زهرة ضوء
رقم القصيدة : 7127
-----------------------------------
خرجَ
من صورتِهِ النائمةِ
.ملاكًا
أخرجني
من سريري
.و جسدي
التقينا
زهرةَ ضوءٍ(51/322)
.على جرحِ طفلةٍ يتيمة
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> كيف لو لم تكوني معي
كيف لو لم تكوني معي
رقم القصيدة : 7128
-----------------------------------
كيف لو لم تكوني معي ؟!!
أيُّ بابٍ سأدخلُ
أيُّ القصائدِ
تقبلُ أن تستحمَّ بها أضلعي
كيف لو لم تكوني معي ؟
أي أنثى ستمشطُ شعر المساءِ بحزني
فتمضي وقد غسلت عهَرها أدمعي .!!
كيف أتلو تواريخ كل النساء اللواتي
وئدن بشعري ..
وكيف سأطمر مستنقعي ..!
كيف لو لم تكوني معي
يا لهذا السؤالِ
الذي خاف من طرقاتِ الغيابْ
يالهذا العذابْ ..!!
كيف لو ترحلينْ
كيف يصبح للشمسِ لونًا
وكيف سأبحث عن وطنِ الياسمينْ ؟
كيف أتلو على الريحِ
سورةَ نخلِ الجزيرةِ ..
حين يميدُ بيَ الحزنُُ
أو حين تسحقني نظرةُ الحاقدينْ ؟
كيف لو ترحلين ؟
يا لهذا السؤالْ ..
جفَّ حبر الكلام ومازال صوتك
سكَّرةَ الوقتِ في كلِّ حينْْ
كيف لو ترحلينْ ؟!!
انظري شجر الوقتِ
كيف تشبَّث في ساعةِ
البوحِ حين التقيتكِ
.. كيفَ نما برعمًا فوق غصنِ الحنينْ
كيف لو ترحلينْ ؟!
يا لهذا السؤالْ ..!!
شقَّ باب السماءِ فعاد به حزنُ هذا المساءْ ..
أهو الخوفُ من أن يكونَ
الغيابُ اشتهاءْ ..؟!
واللقاء انتهاءْ ؟!
والفراق ابتداءْ ..!؟!
أي شعْر سيولدُ من رحْم هذا السؤالِ
إذا كان خوفي هباءْ ..!!؟
كيف لو لم تكوني معي ؟
كيف لو ترحلينْ ؟
كيف لو أنني لم أعد مثلما تحلمينْ ..؟!!
السؤال تمخَّض عن أسئلةْ ..!
طرقات الغيابِ بنافذتي زلزلةْ ..!!
كيف لو لم تكوني معي ..؟!!
مالذي سوف أفعله الآن والعمر في
راحتيَّ انتظارْ..!؟
( تَسَوَّحُ بين المعالم ..
تشتري لطريقِ الرجوعِ العباءةَ
أو تشتري آخر القصصِ العالميةْ )
ستفتح هاتفها الآنَ
سوف تراني هناك أزفُّ
النوارسَ للهجرة الساحلية ..!
مالذي سوف أفعله الآن
والعمر في راحتي انتظارْ ..! ؟
توارى النهارْ
وهبَّت رياح المساءِ النديَّة ..!
( تفكِّر لو تستشيرصديقتها بالهديةْ(51/323)
تحاصرُ بين الأصابع جلد القماش
فتغشاه مثلي الأماني الشهيَّةْ ..)
ما الذي سوف أفعله الآنَ
والعمر في راحتي انتظار ....!!
........
كيف لو لم تكوني معي ؟
أيُّ بابٍ سأدخلُ
أيُّ القصائدِ
تقبلُ أن تستحمَّ بها أضلعي ..؟
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> ضفيرة
ضفيرة
رقم القصيدة : 7129
-----------------------------------
تعانقْنا
في العتمةِ
كضفيرةٍ
.في شَعْرِ طفلة
قبَّلْتُ
دموعَكَ
.طويلاً
لامَسْتَ
يتمي
.بالماءِ
لمحتُ في عينيكَ
.أطفالاً يعبثونَ بكُراتِ الشمس
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> خروج من الحب..دخول إلى الحب
خروج من الحب..دخول إلى الحب
رقم القصيدة : 7130
-----------------------------------
أرفعُ الآنَ رأسي قليلاً من الحبّ
ماذا أرى .... ؟
صوتُها يتسلّلُ مُرتعشاً
في عُروقِ المطاراتِ
يلهثُ مثلَ خُطايَ ..
ممرّاتُ هذا الرحيلِ طِوالٌ
وصبري قليلْ.
مرّ يومٌ
وليلُ الغريبِ غريبٌ
على مقعدِ الطائرةْ.
خِلتُ هذا النّفيرَ القيامةَ ..
من أينَ جاؤوا ؟
إلى أينَ يتّجهونَ ؟
وكيفَ أنامُ على غيمةٍ
كُنتُ أحلمُ ألا أكونَ وحيداً بها ..؟
كيف غطَّ الجميعُ بسابِعِ نومتِهِمْ،
وأنا أتعثّرُ في أوّلِ الصّحوِ ؟
هل كان صحواً من الحُبِّ،
أم غيبةً في السّهادْ ؟
أرفعُ الآن رأسي من الحُبّ
يا أيّها الشوقُ لا تختبِرني ..
وكُن لي كما كُنتُ دوماً معكْ.
ليلةٌ في السماءِ
وثانيةٌ تطرقُ الآنَ بابي ..
تُلوّنُ شُرفةَ هذا المكانِ
بأخضرِها المُتطرّفِ حدّ السّواد.
***
أصبحَ المُلكُ للّهِ
طقسٌ تعذّرَ فيهِ صباحُكِ
لا شيءَ ممّا تعوّدتُ
يطرُدُ عنّي النّعاسَ
ويُلهِبُ فِيّ الحماسَ
ليومٍ جديدٍ.
ولا شيءَ مثلُ:
صباحُ الطّيورِ
صباحُ النّخيلِ
صباحُ المحبّةِ
لا شيءَ يُشبِهُ تلك الصباحاتِ
لا شيءَ يُشبِهُني في البلادِ الغريبةِ
لا شيءَ منكِ
ولا شيءَ مِنّي ..
***
سنذهبُ بعد قليلٍ إلى البحرِ
سائقُنا يتأهّبُ(51/324)
والأهلُ ينتظرونَ الإشارةَ
قال هلُمّوا .. فقمنا ..
ركِبنا
وساق بِنا في الطريقِ الطويلِ.. وصلنا
تحرّكَ قاربُنا .. وتبسّمَ كُلٌّ على قدْرِ فرحتِهِ
ثُمّ عُدنا ..
***
ليلةٌ ثالثة
هاهي الشّرفةُ المُشرئبّةُ في غابةِ الصّمتِ
تنتظِرُ الشّعرَ
تُرخي جديلتَها،
كي أُمرجِحَ بعضَ الحُروفِ العصيّةِ
ترفعُ عن مُقلتَيّ الحِجابَ
وترفعُني قاب قوسٍ من الحُبِّ
ماذا أرى .. ؟
إنّكِ الآنَ تنسلخينَ من الليلِ عاريةً
كصِغارِ الفراشاتِ،
رِجلاكِ لا تحمِلانِكِ
عيناكِ مُغمَضَتانِ عليَّ
وقلبي عليكِ
أراكِ تغُصّينَ بالبُعدِ مِثلي ..
وتأتنِسينَ بِبعضِ النّثارِ من الذّكرياتْ.
***
أصبحَ المُلكُ للّهِ
ها أنا ذا أترُكُ الآنَ غُرفتيَ البارِدةْ.
بعدَ نومٍ تسرّبَ منهُ الكلامُ الجميلُ
فصارَ بلا نكهةٍ ..
ها أنا أُغلِقُ البابَ خلفي
وأمضي ..
هُنالِكَ في مطعمِ الغُرباءِ
جلستُ وحيداً،
أكلتُ كما يأكُلُ الناسُ
ثُمّ خرجتُ بِجوعي ..
***
ليلةٌ رابعة
مُنهكينَ كعادتِنا بعد ظُهرٍ طويلٍ
من السّيرِ فوقَ الجبالِ
وتحت الجبالِ التي تمخُرُ الأُفقَ
يجتاحُنا الغيمُ، ثُمّ يذوبُ كأنْ لم يكُن قطُّ شيئاً ..
القُرودُ البذيئةُ، تملأُ أشجارَ هذا المكانِ الوديعْ.
القُرودُ البذيئةُ، تعرِفُ، أنّ الضُّيوفَ سينبهرونَ
بتلكَ البذاءاتِ، إلاّ أنا ..
***
شُرفتي تنتظِرْ
والسماءُ التي تتلثّمُ بالغيمِ
تكشِفُ عن حُسنِها ..
النجومُ البعيداتُ ترقُصُ
والغابةُ المُستكينةُ للصمتِ، تهتَزُّ
تُرسِلُ أغصانَها في الهواءِ
وتحني الرّؤوسَ قليلاً،
كما تفعلُ الفارِسيّاتُ في حفلةِ العُرسِ
ماذا أرى ..؟
جوقةٌ من طيورِ المساءِ
على غيرِ عادتها لا تنامْ.
تُوشوِشُ عقرَبَ مُنتَصَفِ الليلِ
ألاّ يُغادِرَ موضِعَهُ ..
من تُراهُ الذي أوهَمَ الكونَ
أنّكِ سوفَ تزورينني في المساءْ ؟
***
لا كلامَ إذا حضرَ الشّعرُ
يا أيّها الطّيرُ نمْ
أنت من هذه الغابةِ الأعجميّةِ(51/325)
صوتُكَ ليسَ يروقُ لِمثلي ..
أنا لستُ أفهَمُ لغوَ الطّيورِ بِغيرِ بلادي،
وعُصفورتي العربيّةُ
تشتاقُ مثلي إلى قفصِ الياسمينْ.
أنت حُرٌّ بهذا الفضاءِ الفسيحِ،
وحُرّيتي في فضائكِ،
هذا الحنينْ.
***
أصبحَ المُلكُ للّهِ
بحرُكِ يا (صقرُ مرْمرَ) ظهرُ الرّواحِلِ
دربُ الفراديسِ
عُرسُ الّلقاءاتِ
نارُ المشوقينَ
قهقهةُ الغافلينَ
ودمعُ الغريبْ.
بحرُكِ يا (صقرُ مرْمرَ) كُلُّ المسرّاتِ
كُلُّ النّحيبْ.
من هُنا يعبُرُ الجُرحُ أندى
وصوتُ المُنادي إلى القلبِ أهدى
وأجدى الأمورِ بهذا التداخُلِ،
ألا تُعلِّمَ نفسَكَ ما هو أجدى ..
***
أنا الآن في مسقطِ الماءِ
لا شيءَ غيرُ المياهِ تمُرُّ عليَّ
بِأسرارِها في الصّخورِ،
وليسَ سوايَ يُحدّثُهُ الماءُ
في هذه اللحظةِ المُشتهاةِ
عن الحُبّ وجهاً لوجهٍ ..
يقولُ الكثيرَ،
وأسمعُ أكثرَ ممّا يقولْ.
أقولُ الكثيرَ،
ويترُكُني أتحدّثُ عنكِ ويمضي ..
أقولُ وأُنصِتُ
وهو يقولُ ويمضي ..
تُطِلُّ السماءُ عليّ بِكُلّ حياءٍ بزُرقتِها
كُلّما هبّت الرّيحُ
واستحدثَتْ فُرجةً بعدَ أُخرى
بهذا الخضارِ الكثيفِ،
وتُغضي، إذا نامت الرّيحُ
والْتَمَّ شملُ الشّجرْ.
رُويدكِ أيّتُها الرّيحُ،
لا تهدئي ..
إنّ مجنونتي لا تُحِبُّ السّكونَ
وروحيَ مجنونةٌ لا تُحِبُّ السّكونْ.
تسألُ الرّيحُ:
مجنونتي من تكونُ
وأسألُها، قبلَ أن أتأبّطَ زُوّادتي:
بل أنا من أكونْ ؟
***
ليلةٌ خامسة
ليس ثَمَّ جديدٌ يُقالُ،
سِوى ما أُواريهِ خلفَ ضلوعي
وما أشتهي أن أبوحَ بهِ ..
كُلّما تمتمَ الطّفلُ في داخِلي،
خِفتُ أنْ يستفيضَ .. فأُخرِسُهُ ..
لمْ يحِنْ بعدُ وقتُ الصّغارِ
لِكي يُفصِحوا ..
فالكِبارُ كعادتِهِمْ،
يبدؤونَ الكلامَ ولا ينتهونْ.
كُلّما قُلتُ: صَهْ
للصغير الذي يتوارى بقلبي،
كي يستمِرّ الكبارُ بِلَغوِ الحديثِ .. احترَقْتُ ..
إلامَ سأزدَرِدِ الأبجديّةَ
في حضْرةِ الرّاشِدينَ،
وأعلمُ أن الصّغارَ(51/326)
بهذي القُلوبِ الشّفيفةِ
لا يكبُرونْ .. ؟
ليس ثَمّ جديدٌ يُقالُ،
سِوى أنني لن أقولْ.
ليس ثَمّ جديدٌ،
سوى أن شمسَكِ بازِغةٌ
رغمَ هذا الأُفولْ.
أما قُلتِ: أنّا سنبقى صِغاراً ..
وقُلتُ: أجلْ سوف نبقى صِغاراً ..
إذنْ
ليس ثَمّ جديدٌ يُقالُ،
وليس لنا أنْ نقولْ.
***
أصبحَ المُلْكُ للّهِ
جودي عليّ بشيءٍ من الحُبِّ ..
علّ العُروقَ تفيضُ
بنورِ البِشاراتِ،
أورِدتي لا تُطيقُ احتِباسَ السّماءِ
ليومينِ ..
فلتُرسِلي بعضَ مائِكِ،
ذاك الذي أحتسيهِ على الرّيقِ
كُلّ صباحٍ،
وقولي: أُحِبّكَ ..
هل جفَّ نبعُكِ !
أم أنّ هذي الجبالَ
تصُدُّ الرّياحَ الّلواقِحَ عنّي .. ؟
***
أُغالِبُ ظنّي
وأُبعِدُ عنكِ قليلاً
لأُدنيكِ مِنّي ..
وأرفعُ رأسي من الحُبِّ
علّي أراكِ إزائِيَ ترتفِعينَ
لِنُشعِلَ خارِجَ هذا الهُيامِ هُياما
ونبعثَ في صمتِنا،
من هشيمِ الكلامِ كلاما ..
أنا العُشبُ،
يصفرُّ
كيْ يستفِزَّ كوامِنَ جذوتِهِ
في ربيعِكِ
فلتهنئي يا خُزامى ..
أنا العُشبُ،
تكفيهِ زخّةُ حُبٍّ ليخْضَرَّ
تكفيهِ نسمةُ صيفٍ لِيصْفَرَّ
يكفيهِ مِنْكِ القليلْ.
***
أنا العُشبُ،
لا تنتهي دورةُ العُشبِ
يحيى، ليحيى
يموتُ، ليحيى
أنا المُستحيلْ.
***
أُخفِضُ الآنَ رأسي قليلاً ..
اُفتّشُ في سلّةِ العُمرِ
ماذا أرى .. ؟
قصائدَ تلكَ الليالي الطّوالَ،
روائعَ فيروزَ،
وقْعَ الدّموعِ على ورقِ الذّكرياتِ،
صدى الضّحِكاتِ،
الجُنونَ،
ارتِعاشاتِها في اللقاءِ المُفاجىءِ،
قهوتَها السُّكّرِيةَ،
وقفتَها خلفَ بابي بلا موعِدٍ ..،
صوتَها .. افتَحِ الباب ..،
فرحتَنا باكتِمالِ القَمَرْ.
سلّةُ العُمرِ،
عمرٌ من السّردِ لا يُختَصَرْ.
***
نمسحُ الأرضَ في ساعتينِ
ونسكُنُ بيتاً من الغيمِ
نشربُ فيهِ مع النّجمِ شايَ المساءْ.
ونهبِطُ دونَ عناءٍ
إلى كهفِنا المخملِيِّ
على شعرةٍ من جديلةِ شمسِ الشّتاءْ.
أُخرجُ الآنَ رأسِيَ من سلّةِ العُمرِ،
ماذا أرى ..؟(51/327)
كُلُّ شيءٍ يُرَدّدُ:
أجملُ ما في النّساءِ الرّجالُ
وأجملُ ما في الرّجالِ النّساءْ.
***
ليلةٌ سادسةْ
حَضّري الشايَ ياابْنةَ عَمّي ..
وصبّيهِ حتى أفيض كلاماً
على الغابةِ الصّامِتةْ.
حضّريهِ
فطعمُ الوداعِ مع الشّايِ
لونٌ من الوَلَهِ المُتعاظِمِ،
يحلو
إذا ما تآخى على البَوحِ مُرّانِ
واستَرشِدي بالشّفيفِ من الحُزنِ
قبلَ الشُّروعِ بِصُنعِ المَرارِ
لكيلا يُداخِلَ طقسَ المساءِ غريبٌ ..
سلامٌ على الكائناتِ الوديعةِ
والشّجرِ المُتسابِقِ نحوَ السّماءْ.
سلامٌ على (صقرِ مَرْمَرَ)
قبلَ الّلقاءِ وبعدَ الّلقاءْ.
سلامٌ على أهلِها الأوفِياءْ.
حضِّري الشايَ
ثُمَّ تَباكَيْ قليلاً ..
إذا عزّ في مُقلتيكِ البُكاءْ.
ها هو الليلُ يخلعُ مِعطَفهُ المأتَمِيَّ
على رِسلِهِ .. للوداعِ
فصُبّي لنا
ما تبقّى من الشايِ
حتى نُبَعثِرَ في غابةِ الصّمتِ
بعضَ التّعاويذِ
أو ما تبقّى بأفواهِنا
من كلامْ.
***
أصبحَ المُلْكُ للّهْ
رِحلةٌ بعد أُخرى
متى يبلُغُ الطّيرُ غايتهُ ..!
كُلّما حلَّ غُصْناً،
وذابَ بِهِ
دُقَّ ناقوسُ هِجرتِهِ ..
الحقائِبُ مُنْهكةٌ،
الجوازاتُ تمقُتُ فركَ الأصابِعِ،
والجيبُ مُمْتلىءٌ بالقُصاصاتِ ..،
أحذيةُ السّائحينَ بِكُلّ المطاراتِ،
تجتاحُ رأسَكَ حينَ تنامْ.
إلامَ نُبَعثِرُ أعمارَنا
كالمجانينِ
نبحثُ عن فُسحةٍ للهُدوءِ
بهذا الزّحامْ ؟!
إلامَ نُودّعُ أحبابَنا
ضاحِكينَ ..
على عَتَباتِ الغِيابِ
ونبكي .. ؟!
إلامَ نُزاحِمُ كُلَّ العِبادِ بأوطانِهِمْ
ثُمّ نلعَنُهُمْ .. ؟!
رِحلةٌ بعدَ أُخرى،
وما جَفَّ ماءُ الجِباهِ
لِيَنضَحَ ثانِيةً ..
دورةٌ في الفراغِ
ودائرةٌ لا تُحَلُّ ..
***
تحتَ بُرجينِ
يتّخِذانِ من الغيمِ كوفِيّةً،
أتَرجّلُ في حذرٍ ..
حاسِرَ الرّأسِ
كي لا تفوحَ البداوةُ
في طُرُقاتِ المدينةِ،
أو تقتفي أثري في الظّلامِ
كِلابُ المساءْ.
تحتَ بُرجينِ
تبدو العِماراتُ تحتَهُما كالذُّبابِ ..(51/328)
رأيتُ نخيلَ بلادي،
عمائِمَ خُضراً
تُطَوِّقُ هاماتِ أهلِ السّماءْ.
تحتَ بُرجينِ
تنبعِثُ العربِيّةُ بُرجَ كلامٍ،
توشَّحَ بالشّمسِ
ليس تُرى في الفضاءِ نِهاياتُهُ ..
وترى تحتهُ حبّتينِ من الرّمْلِ
يُحكى بِأنّهُما
كانتا قبلَ حينٍ من الوقتِ،
أطوَلَ بُرجينِ
تبدو الأساطيرُ تحتهُما كالذُّبابْ.
***
أصبحَ المُلْكُ للّهْ
صالةُ المندرينِ
رُكامٌ من الصّمتِ
خلّفهُ الصّخَبُ الأنثوِيُّ
وقهقهةُ الوقحينَ الدّميمةُ
ليلةَ أمسْ.
أبحثُ الآنَ عن مقعدٍ
طيّبِ الذِّكْرِ فيها ..
بِرُكنٍ يليقُ بِأُبّهةِ الشِّعرِ
تبدو عليهِ سِماتُ الوقارِ
ورُوّادُهُ صفوةُ الخلقِ
أبحثُ ..
لا شيءَ يُنبىءُ أنّي سأقترِفُ الشّعرَ
هذا الصّباحْ.
المقاعِدُ ذابِلةٌ
تتثاءبُ
والطاوِلاتُ مُلبّدةٌ بالنُّعاسِ.
ولم تبقَ بارِقةٌ ها هُنا
تستفِزُّ الكلامَ المُباحَ
وغيرَ المُباحْ.
أحتسي القهوةَ الأعجمِيةَ
في أيِّ رُكنٍ إذنْ ..
دون شَرْطٍ
على ذوقِ نادِلةِ المندرينِ
لكيلا أكونَ ثقيلاً على قلبِها
ثُمّ أمضي خفيفاً
بأوراقِيَ البيضِ
أملأُ رأسي بِلغوِ الجرائدِ
كالناسِ
ثُمّ أنامْ.
***
ليلةٌ ثانيةْ
صالةُ المندرينِ
كعادتِها في الليالي المطيرةِ
مُفْعمةٌ بالنشاطِ
وعامِرةٌ بالخفافيشِ
تبدو مقاعِدُها المخملِيّةُ
والطاوِلاتُ الرّخامُ
بِكامِلِ جذوتِها ..
فهي في الليلِ تصحو بأوّلِ نفخةِ بوقٍ
وتغفو إذا ما تَلَفّظَ عازِفُهُ
عندما تُشرقُ الشّمسُ
آخِرَ أنفاسِهِ ..
إنّها صالةُ المندرينْ.
***
أصبحَ المُلكُ للّهْ
النّدى في زُجاجُ النّوافِذِ
ما عاد يأخُذُني لبعيدٍ ..
وما عاد يُربِكُني
حينَ تشربُهُ الشّمسُ
أو يتهاوى على الرّملِ
شيئاً فشيئاً ..
النّدى وزُجاجُ النّوافِذِ
ليس سوى رُقعٍ من زُجاجٍ
بهذا الجِدارِ
مُبَلّلةٍ بالنّدى ..
ظاهرُ الأمرِ أولى بهذا المقامِ
وكمْ سأغوصُ لأبلُغَ سِرّكِ في كُلِّ شيءٍ .. ؟
سأجعلُ كُلَّ الأمورِ تمُرُّ(51/329)
سأجعلُ قلبي يمُرُّ عليها مُرورَ الكِرامِ
ولن أتساءَلَ قَطُّ:
لماذا ؟
وكيفَ ؟
وكمْ ؟
ولن أجعلَ العَقْلَ فيكِ
إذا ما استحالَ الجوابُ عليَّ
الحَكَمْ.
يُخطىءُ العقلُ في حُكمِهِ
عندما تتعاظَمُ أسئِلةُ القلبِ ..
والقلبُ بوصلةُ المُستريبِ
وإن صدَقَ العقلُ فيما حَكَمْ.
آيتي في هواكِ إذا ما رَحَلتُ،
حُضورُكِ في كُلِّ شيءٍ أراهُ
وغوصي بِما لا أراهُ ..
آيتي
أنني لا أعيشُ العَدَمْ.
***
ليلةٌ ثالثةْ
النّوى
والنّوايا البريئةُ في خاطِري
والنّواميسُ في أوّلِ الليلِ،
تورِقُ بالشوقِ
تُزهِرُ بالذّكرياتْ.
أرتمي
كالقتيلِ المُنعّمِ بالموتِ
في مقعدٍ تتوالى عليهِ الوُجوهُ الصّديقةُ
والبائسونَ من الدّولِ العربيّةِ
وابنُ السبيلْ.
ليس من قِلّةٍ في المقاهي
تخيّرتُ هذا المكانَ
ولا في النُّقودِ ..
ولكنْ
لكثرةِ ما فيهِ من عاشِقينَ
تميلُ رؤوسُهُمُ صوبَ بعضٍ ..
فمِلتُ
كما كُلُّ هذي الرّؤوسُ تميلْ.
أوّلُ الليلِ
في هذه البلدِ المُستحِمّةِ
بالمطَرِ الموسِمِيِّ وبالعِشقِ
يبدأُ بعدَ الظّهيرةِ ..
والشّمسُ لمّا تمِلْ بعدُ نحوَ الغُروبْ.
عُذرُهُمْ في استِباقِ الظّلامِ
انحِناءُ الرّبيعِ المُقيمِ بِخُضرتهِ حولهُمْ
والسّماءُ الحَلوبْ.
أشتهيكِ معي الآنَ جالِسةً
تحتسينَ بقايا النّهارِ
وقِسطاً من الليلِ
نهوي على بعضِنا مثلَهُمْ
كالشُّموعِ المُضاءةِ
حتى نذوبْ.
أشتهيكِ معي
تركُضينَ على العُشبِ حافِيةً
والسّماءُ ترُشُّ علينا خُلاصةَ نشوتِها
ثُمّ نأوي إذا هبّتِ الرّيحُ
مِثلَ الحمامِ
إلى صَدرِ جذعٍ
يقينا الهواءَ المُشاكِسَ
حتى نَجِفّ ..
ونعدو ..
وَنبْتَلُّ
ثُمّ نَجِفُّ .. ونعدو ..
ونَبتَلُّ
ثُمّ نَجِفُّ .. ونعدو ..
***
أترُكُ الآنَ مقهى الأحِبّةِ للعاشِقينَ
بِكُلِّ هُدوءٍ
وأنسَلُّ مثلَ النّسيمِ
كأنْ لمْ أكُنْ بينَهُمْ ساعتينِ
كأنْ لمْ يكونوا معي في القصيدةِ
أترُكُهُمْ يحتفونَ بِليلتِهِمْ.
أستحِثُّ خُطايَ(51/330)
لأستقبِلَ الليلَ في صالة المندرينْ.
ها هي الأجودِيّةُ (بنتُ الأجاويدِ)
أو شيخةُ النّادِلاتِ .. مُنى
تستَهِلُّ اللقاءَ بِأحلى التراحيبِ
ثُمّ تقولُ: تَفَضّلْ ..
مكانُكَ لمّا يزلْ بانتِظارِكَ مُنذُ خَرَجْتَ
جَلَسْتُ
ونِصفيَ يجثو بِمقهى الأحِبّةِ
ما كُنتُ أعلمُ أنّ لذاكَ المكانِ حبائِلُهُ
كيفَ أستقبِلُ الليلَ مُنتشِياً ها هُنا بالوُرودِ
وقلبي الشّغوفُ بهمسِ المساءِ
على غيرِ عادتِهِ
بينَ بينْ !
أرقُبُ الشّمسَ من خلفِ هذا الزّجاجِ
تُدَلّي جدائِلَها الذّهبيّةَ فوقَ الجِبالِ
وتَغمِزُ للقمَرِ المُتثاقِلِ
أنْ جاءَ دورُكَ ..
يا أيّها القمَرُ المُتثاقِلُ
مُنذُ أتيتُ إلى هذه الأرضِ
ضيّعتُ أيّاميَ القمريّةَ
في سيحِنا القَمَرِيِّ هُناكَ ..
فهلْ سوفَ تظهرُ مُكتمِلاً،
أم ستودِعُ نِصفَكَ في شارِعٍ
تتداعى إليهِ طُيورُ الجِنانِ
وتأتي بقلبٍ كقلبي
على قلقٍ
بينَ بينْ ؟
***
أصبح المُلكُ للّهِ
هل لي بشيءٍ من القهوةِ العربيّةِ ؟
- ليس هنا قهوةٌ غير تلكَ التي تحتسيها لدينا صباحَ مساءْ.
لكنني عربيُّ الهوى والمِزاجِ
فهل سأصومُ على غُربتي
ما تبقّى من الوقتِ حتى أعودْ ؟
- لستُ أدري .. فذلك شأنُكَ يا سيّدي.
لن أُطيلَ عليكِ
فبوصلتي اليومَ واقِفةٌ
لا تحيدُ عن النّخلِ
إن كان لا بُدّ ممّا يُراقُ
على ظمأِ الصُّبحِ
صُبّي لضيفِكِ ما تشتهينْ.
سأشربُ هذا الصّباحَ وأمري للّهِ
حسبَ مِزاجِكِ ..
لا تغضبي
ما قصدتُ الإهانةَ يا عبقَ النّادِلاتِ
فمُنذُ وُلِدنا ونحنُ نعيشُ
على رغْبةِ الآخرين.
ما تغيّرَ في الأمرِ شيءٌ على الكونِ
ولتغفِري زلّتي يا مُضيفةُ
إن كُنتُ بالغْتُ في نزقي (حبّتينْ).
سوفَ أكسِرُ بوصلتي
وأصومُ على غُربتي ما حييتُ
وأقلِبُ صفحتِيَ العربيّةَ
من أجلِ كُلِّ العُيونِ
فصُبّي لضيفِكِ ما تشتهينْ.
***
ليلةٌ رابِعةْ
مُطفأٌ
كالسِّراجِ الذي نامَ أصحابُهُ ..
وهو صاحٍ
ولكنّهُ مُطفأٌ
لا فراشةَ تهفو إليهِ(51/331)
ولا تتسلّلُ نحو فتيلتِهِ
-قبل أن تسلُبَ الشمسُ حِكمتَهُ في الصباحِ-
أنامِلُ سيّدةٍ تتهجّى كتابَ الصباباتِ
حينَ يلوحُ الظّلامْ.
مُطفأٌ
ليس يُطفِؤهُ أحدٌ
إنّما مُطفأٌ
ليس يوقِظُهُ أحدٌ
إنّهُ لا ينامْ.
نامَ أصحابُهُ
فاستقَرّ على سُدّةِ الصّمتِ
مُحترِقاً بانطِفاءاتِهِ ..
ليس يقوى عليهِ الكلامْ.
سارِحٌ
تحتسيهِ الدّقائقُ
تِلوَ الدقائقِ
مُنتبِهٌ
يحتسي الكونَ
عارٍ
كجِذعِ الخريفِ من الأصدقاءِ
ومُحتشِدٌ بِغِيابِ الأحِبّةِ ..
مُقتَرِفٌ للبِداياتِ
مُنجرِفٌ بالنّهاياتِ
مُعتَرِفٌ بالخطايا
ولكنّهُ .. مُطفأٌ ..
***
أصبحَ المُلكُ للّهْ
غيمةٌ بعد أخرى
تُبلّلُ أيامَكِ اليانِعاتِ بِقلبي ..
غيمةٌ تسْتحِثُّ خُطايَ إليكِ
وأُخرى تجُرُّكِ نحوي
وثالِثةٌ تتشكّلُ في غفلةِ الرّيحِ
كوخاً صغيراً
لِطِفلينِ لا يكبَرانْ.
تفيقُ الأساطيرُ والمُعجِزاتُ
على بابِهِ
وينامُ الزّمانْ.
غيمةٌ بعد أُخرى
بهذي الجِنانِ
وتحتَ السّماءِ بِشِبرٍ
وما زال بينَ شِفاهي
غُبارُ جِبالِكِ،
والعَطَشُ الأَزَلِيُّ،
وما قالهُ في هواكِ،
وما لم يقُلْهُ اللّسانْ.
غيمةٌ
أتشهّى بِها جمرةَ الصّيفِ
يومَ التقينا بِعِزّ الظّهيرةِ
نهرينِ من وَلَهٍ
يسكُبانِ على الرّملِ نجواهُما
كالرّحيقِ
فما ارتوتِ الأرضُ
من عسلِ البَوْحِ بينَ الشّعابِ
وما نضُبَ الرّافِدانْ.
غيمةٌ
ثُمّ أغفو ..
وأحمِلُ شوقي لِيومِ لِقائِكِ
كوخاً صغيراً
من الغيمِ،
يسكُنُهُ
حيثُما يمّمَ العاشِقانْ.
***
ليلةٌ خامِسةْ
اوصلُ الليلَ بالليلِ
علّي أرى نجمها
حين تصحو السّماءُ،
فأنثُرُ في وجهِهِ
بعضَ ما خبّأ القلبُ من ياسمينْ.
اوصِلُ الليلَ بالليلِ
علّي أزِفُّ دقائِقَ هذا الظلامِ الشّهِيِّ
إلى خيمةِ الرّوحِ .. زوجينِ زوجينِ
ثُمّ أُحوّطُها بالبخورِ المسائيِّ والشّعرِ
حتى تلينْ.
خيمةُ الرّوحِ
تكبر وحشتُها في الغِيابِ
كما يكبَرُ الظّلُّ عند الغُروبِ
فتأوي إليها كِلابُ الفراغِ الّلعينْ.(51/332)
اوصِلُ الليلَ بالليلِ
مُنحدِراً بالصّعودِ
إلى ذُروةِ البَوْحِ
كيما أبدّدُ
في ثلجِ هذي الدّفاتِرِ
نارَ الحنينْ.
اوصِلُ الليلَ بالليلِ
عِقدَ حُروفٍ
تخلّلَهُ خَرَزُ الصّمتِ
في خيطِ نيزَكةٍ
لا تلوحُ لِغيري ..
تخيطُ انطفاءاتِ قلبي بِجمرتِها
كُلّما بانَ فَتقٌ ..
وتَغزِلُني
كُلّما بعثَرَ الشّوقُ أجنِحتي
في الفراغْ.
اوصِلُ الليلَ بالليلِ
لكنّ نجمتها تتحجّجُ بالغيمِ
والياسمينُ بِقَبضَةِ قلبي
سيغرَقُ في عرَقِ الصّبرِ ..
يا ليلُ
هل لي بِساعةِ صَحْوٍ
تُحرّضُ أشرِعتي،
قبلَ أن تتمادى نُجيمتُها في التّدلُّلِ
أو ينفَدَ الصّبرُ ..
أو يذبُلَ الياسمينْ ؟
***
أصبَحَ المُلْكُ للّْهْ
طَعمُ روحِكِ
هذا الصّباحَ يُراوِدُني ..
النّسيمُ أرَقُّ
الشّوارِعُ أبهى
النّساءُ يُمازِحنَ في مَرَحٍ
كُلَّ ذي نَفَسٍ يَتَحَرّكُ ..
حتى الكِلابْ.
الغُيومُ تُراقِصُ سِرْبَ النُّسورِ
الخليجُ المُحافِظُ
يبدو على غيرِ عادتِهِ
في البلادِ الغريبةِ
مُنفتِحاً
تتغشّاهُ روحُ التّمَدُّنِ ..
الصّاعِدونَ إلى غُرفِ النّومِ
والنّازِلونَ إلى الرُّدُهاتِ
يبُثّونَ أحلى التحايا إلى بعضِهِمْ.
نادِلاتُ المطاعِمِ
مثلُ الفراشِ المُحَلّقِ
لا يشتهينَ السُّكونَ
المقاعِدُ تبدو مسالِمةً
كالحَمامِ
ومُشتاقةً للجُلوس عليها ..
النوافِذُ تنشُرُ بسمَتها
بالخَضارِ وبالنّورِ
في أوجُهِ الزّائرينْ.
قهقهاتُ الصُّحونِ على الطّاوِلاتِ
ابتِسامُ الأباريقِ
قَرْعُ الكُعوبِ الرّتيبُ
على مَرْمَرِ الطُّرُقاتْ.
طعْمُ روحِكِ هذا الصّباحَ
تَغَلْغَلَ في كُلِّ شيءٍ ..
فصِرْتُ أغارُ على كُلِّ شيءٍ
بهذي التّفاصيلِ
من كُلِّ شيءٍ ..
وصِرْتُ أخافُ
على كُلِّ شيءٍ
ومن كُلِّ شيءٍ عليكِ ..
وصِرتُ بهذا الصّباحِ
المليءِ بِروحِكِ
من أجملِ الكائناتْ.
***
ليلةٌ سادسةْ
عقربُ الوقتِ يلسعُني ..
كُلّما مرّ يومٌ يُذكّرُني
باقتِرابِ الرُّجوعْ.
عقربُ الوقتِ(51/333)
موتٌ من العَطَشِ المُتنامي إليكِ
ومَوْكِبُ جوعْ.
كُلّما مرّ يومٌ
وقُلتُ أراكِ غداً ..
غصّ يومٌ
بهذا السبيلِ المنوعْ.
عقربُ الوقتِ
يأخُذُني ضاحِكاً
ويقولُ: ابتسِمْ للحياةِ
وما قادني ذات يومٍ
إلى بابِكِ المُتباعدِ
هذا التّبَسُّمُ،
حين أُطاوِعُهُ ..
فلْتَقُدْني إليكِ الدُّموعْ.
ليلةٌ
وأقولٌ: غداً ..
ليلتانِ
وأُصبِحُ بينَ جناحيكِ
ثالِثةٌ
وأقولُ: لقد كُنتُ ..
لكنَّ هذي الليالي الطّوالَ
طِوالٌ عليَّ ..
وبيني وبينَكِ
هذا المُحيطُ من الوقتِ
مُزدحِمٌ بالدّقائقِ ..
كمْ سأعُدُّ .. ؟
وهل ثَمّ مُتّسَعٌ في الحياةِ
لِهذا الحِسابِ ؟
وهل ثَمَّ قاربُ وصْلٍ
يدُلُّ عليكِ،
ويحمِلُني
غيرُ هذا الخُنوعْ ؟!
***
أصبحَ المُلْكُ للّهْ
السّماءُ التي أخرجتني من الحُبِّ
طِفلاً يحِنُّ إلى أمِّهِ،
تتلطّفُ
باسِطةً وجهَها ويديها إليَّ ..
لِتحمِلَني،
واهِنَ القدمينِ
إلى صدر جورِيّةٍ
تَشْرَئِبُّ إلى جنّتي ..
خِلْتُ أنّ السّماءَ ستنسى الغريبَ
على ساحِلِ السّهْوِ،
مُنتَظِراً ما تبقّى من العُمرِ ..
لكنّها،
أنجَزَتْ وعْدَها.
السماءُ تُعيدُ الغريبَ
وقد طهرَتْهُ بِنارِ التّلهُّفِ
واسْتأْمَنَتْهُ على سِرِّها ..
أصبَحَ اليومَ
أهدى
وأندى
طهوراً
كيومِ ارتوى من نداكِ
بَهِيّاً
كيومِ خَرَجْتِ مُبَلّلَةً من نداهُ
شفيفاً
كساعةِ قال: أُحِبُّكِ ..
رَحْباً
كما تتهادى الوُرودُ
على شفتيهِ إليكِ
ولا تنتهي ..
عارِياً من سِواكِ
مليئاً بِفيضِكِ
أسْئلةٌ للغريبِ
وأجوِبةٌ للقريبِ
وأُغنِيةٌ للحبيبْ.
أُدخِلُ الآنَ رأسي إلى الحبِّ
ماذا أرى .. !
***
ليلةٌ سابِعةْ
كُلُّ شيءٍ كما كانَ
إلاّ أنا ..
لوحةٌ ذاتُ وجهينِ
شطرٌ هُناكَ
وشطرٌ هُنا
بين ماضٍ أكادُ أُعانِقَهُ
مثلما كُنتُ قبلَ الوداعِ
وحاضِرِ حالٍ سيمضي قريبا ..
عابِرا مثلما جاءَ
ما كانَ يوماً عدُوّاً
وما كان يوماً حبيبا.
لوحةٌ ذاتُ وجهينِ
مثلَ الخصيمينِ يومَ التّقاضي
تدابَرَتا ..(51/334)
ليس يرجو الخصيمُ المُدابِرُ
من وجهِ ذاكَ الخصيمِ نصيبا.
كُلُّ شيءٍ كما كانَ
إلاّ الطّيوبُ التي تتحرّى اللقاءَ المُؤَجَّلَ
بينَ جناحيكِ
تزدادُ طيبا.
ليلةٌ
ثُمّ أغفو على شَهْدِ روحِكِ
حينَ تنامينَ
بينَ عناقيدِ روحي
ويغفو بِنا الليلُ
مُسْتَشْفِياً
وطبيبا.
بعدما تتوالى الدّقائقُ
كالحُلمِ ما بيننا ..
ونُبَعْثِرُها كالمجانينِ
شِعراً
وثرثرةً
ونحيبا.
كُلُّ شيءٍ كما كانَ
إلاّ السّبيلُ الذي كاد ينسَدُّ دونَكِ
أمسى رحيبا.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> حيرة
حيرة
رقم القصيدة : 7131
-----------------------------------
هذه التعاسةُ الرماديّةُ
في عينيك
ما سرُّها؟
و ماذا أستطيعُ أن أفعلَ
.كي ألوّنَها؟
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> شرفة
شرفة
رقم القصيدة : 7132
-----------------------------------
عيناكَ
مقعدانِ مهجورانِ
.على شرفةٍ مشمسة
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> ملامح
ملامح
رقم القصيدة : 7133
-----------------------------------
نجمةٌ
نقشَتْ
أغنيةً
.على فضّةِ البدرِ
جلسَتْ
قبالةَ مرآتِها
تحدّقُ
في ملامح الضوءِ الساكنِ
:تتساءلُ
.لماذا نولدُ بوجوهٍ؟
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> التفاحة المسمومة
التفاحة المسمومة
رقم القصيدة : 7134
-----------------------------------
نائمةٌ على الأرضِ
كأميرةٍ
لكنَّ الأقزامَ السبعةَ
لا أثرَ لهم
.في الحجرةِ
عيناها
.بقايا شمعتينِ
نائمةٌ على الأرضِ
كظلّي
.كمرآتي المهشّمة
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كغيمةٍ
كغيمةٍ
رقم القصيدة : 7135
-----------------------------------
البنتُ الدامعةُ الخدّينِ
بَلَّتْ ذاكرتي
كمطرٍ
يجرحُ صدأَ بابٍ قديمٍ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> خيانة
خيانة
رقم القصيدة : 7136
-----------------------------------
إلى فوزي عبد السلام
الليلُ
لا يتّسعُ
.لأرقي
البكاءُ
لا يتّسعُ
.لدمعي
أصدقائي(51/335)
لا يتّسعون
.لي
وحدهُ الموتُ
.يتّسعُ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> انتحار
انتحار
رقم القصيدة : 7137
-----------------------------------
من الطابقِ الثالثِ
للعتمةِ
.أطلُّ على موتي
أمِّي
.نجمةٌ شاحبة
أصدقائي
مصابيحُ مكسورةٌ
.تبكي على الجسورِ
أحبُّهم جميعًا
لكنَّ العتمةَ
.تُغريني
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> غداً تلتقي
غداً تلتقي
رقم القصيدة : 7138
-----------------------------------
غداً نلتقي ..
غداً نتفيّأُ ظلّ المساءِ
وداخِلُنا تتسلّلُ شمسُ الظّهيرةِ
تلسعُ فينا جليدَ السنينَ،
لنرجِعَ عشرينَ صيفاً إلى الخلفِ
أو يخفِقَ القلبُ مُقْتَرِفاً خُطوةً للأمامْ.
غداً تتدلّى القصيدةُ
غُصناً من الياسمينِ
على شُرفةِ العمرِ
بالقُبُلاتِ العِذابِ،
لِتُلقي على الرّاهِبَينِ السّلامْ.
غداً نتحنّى بِطينِ البساتينِ
طِفلينِ يستَبِقانِ الزّمانَ،
ووجهاهُما للسّماءِ الفسيحةِ
من مِنهُما سوفَ يُدرِكُ سِربَ الحمامْ.
غداً نتأبّطُ أوراقَنا
والكلامَ الخجولَ،
ونمضي بدربينِ مُنفصلينِ
بأعبائنا وننامْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> لا .. لن أقول أحبك
لا .. لن أقول أحبك
رقم القصيدة : 7139
-----------------------------------
أُحبكِ ؟
لا .. لن أقولَ أُحِبّكِ
قلبي فضاءُ الحمائِمِ
كيفَ أُقيّدُهُ بالكلامْ ؟!
دعيني أُحلّقُ مُسترسِلاً
في الضبابِ المسائِيِّ،
واسترسِلي إنْ أردتِ بصمتِكِ
أو
ودِّعيني،
ببعضِ الحياءِ الشّهِيّ على البابِ ..
شيءٌ يقولُ اتّئِدْ في المسيرِ،
وشيءٌ يقولُ اتّقِدْ ..
تسرحينَ بِروحي،
وأسرحُ في لحظةٍ
لم تَجِىءْ بعدُ ..
مَدّ الصّباحُ يديهِ إلى لِحيتي
يتحسّسُ ما ابيضّ منها
وقال: كفاكَ انتِظاراً بقارِعةِ العُمرِ
مُدّ يديكَ إليها
وخُذها بعيداً ..
إلى حيثُ ليس يطالُ المَشيبُ
قُلوبَ المُحِبّينَ
قُلها ..
فهذي البلادُ، ككُلِّ النّساءِ
تُحِبُّ الثّناءَ(51/336)
..........
أُحِبّكِ ؟
لا .. لن أقولَ أُحِبُّكِ
ولتحترِقْ هذه الأرضُ شوقاً إليّ
كما احترقَ القلبُ في حضنِ جفوتِها
سيّدي الصّبحُ،
كُفَّ ..
فقلبي، فضاءُ الحمائِم
كيفَ أُقيّدُهُ بالكلامْ ؟!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ألوان
ألوان
رقم القصيدة : 7140
-----------------------------------
ليس بهذا اللونِ ..
أزيلي بالأخضرِ
ما اصْفَرّ من الأوراقِ
وبالبُنّيِّ المائِلِ للحُمرةِ
لونَ التُربَةِ
أما الغَيمةُ،
تلكَ الحُبلى برَبيعينِ
وعُمرَينِ اعْتنَقا الصُّبحَ،
فبالفُرشاةِ المنذورةِ للفُلِّ
أذيبي وحشتها ..
حتى تهمي بالشِّعرِ
على زغَبِ الطّيرِ،
فيُكسى بالريشِ
ليَصْبَغَ حين يُحلِّقُ في الأجواءِ
بِألوانِ الطَّيفِ،
ظفائِرَ هذا الكونِ
فيزهو الكونُ
ويزهو الطيرُ
وتزهو التُربةُ والأوراقُ
ونزهو ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قشرة السواد
قشرة السواد
رقم القصيدة : 7141
-----------------------------------
بِهِ جفوةٌ !
ما بِهِ جفوةٌ ..
فاتهُ أن يُمَحّصَ مَرْمَرَ طينَتِها
فَجَفا.
تعتريهِ كما يعتري الغيمُ رسمَ الهِلالِ
بماءٍ وبرقٍ ..
فتغسِلُهُ تارةً بالنّدى،
وتغسِلُهُ تارةً بالرّدى.
فاتهُ أن يرى تحتَ قِشرَتِها
عُمقَها الأسوَدا.
صفحةٌ،
ثُمّ نبداُ من أوّلِ السّطرِ
ما فاتَ شيءٌ يُعَدُّ من العُمرِ
جمرٌ تأجّجَ حينَ تملْمَلتِ الرّيحُ
في قُمْقُمِ الصّمتِ،
آنَ لها أن تُريحَ وأن تستريحَ
وآنَ لهُ بعدَ بعضِ التأجّجِ أن يَخْمَدا.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> خارج القلب
خارج القلب
رقم القصيدة : 7142
-----------------------------------
ضعيني على باب قلبك
محض انتظارْ
ولا تفتحيه
إذا كنت تخشينَ وجهَ النهارْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ولدي
ولدي
رقم القصيدة : 7143
-----------------------------------
خلف البابِ
يُشكّّلُ عالمَهُ ..
نوماً(51/337)
صحواً
وحديثاً في الهاتِفِ
يملأُ ساعاتِ الليلِ بِما اوتِيَ من فُلًّ ..
ويُخَبّىءُ وخْزَ الشّوكِ بِكفّيهِ الرّاجِفتينِ
إذا حلَّ الصّبحُ.
أُحدّثُهُ في الأشياءِ الأُخرى
كي لا أخدِشَ ما شَفّ من الوُدِّ
واُغمِضُ عينَيَّ،
إذا داهَمَتِ الحُمرةُ خدّيهِ
أو ارتَعَشتْ عيناهُ لِلَمْلَمَةِ المَخبوءِ
أُحاذِرُ أن يقراَ شَكّي
ويُحاذِرُ أن أقرأَهُ ..
الأيّامُ تََمُرُّ،
وبابُكَ يحجِبُني عَنْكَ ..
كبَرْتَ على الطّوقِ ؟!
إذنْ
فاخلَعْ هذا البابَ
ودَعني أتَحَلّلُ من طَوْقي ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أصغر كائنين
أصغر كائنين
رقم القصيدة : 7144
-----------------------------------
لوزِيّةُ العينينِ
وارِفةُ الظّلالِ
على جديلتها تحُطّ فراشةٌ عطشى
وسِربُ نوارِسي.
في كفِّها خطٌّ
يقولُ بأنها تهوى ..
وفوقَ جبينها خطّانِ لا يتلاقيانِ
لكوكبينْ.
في الضفّةِ الأخرى لنهرِ الليلِ
تسهرُ نجمتي
فتضِجُّ بالنعناعِ كِلتا الضّفّتينْ.
عُرسٌ بلا صَخَبٍ تشرّبهُ الظلامُ
وفرحةٌ تنسابُ بينِ أصابِعِ الدّنيا
وحنّاءُ المساءِ بلا يدينْ.
مأمونةٌ هذي الضّفافُ
طُيورُها الهمسُ المُحلّقُ
عِطرُها الصّمتُ
ارتِعاشُ نخيلِها الخوفُ الطُّفولِيُّ
انتِباهُ نُجومِها دَرَكُ المساءِ
كأنّنا منها خلِقنا ..
وكأنّها خُلِقتْ لأصغرِ كائِنينْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> اللقاء
اللقاء
رقم القصيدة : 7145
-----------------------------------
تقولُ: غداً سأراكَ
لتأخُذَني من يدي ..
فأسرجْتُ أمسي ويومي بنورِ غدي.
عزائي بمن غادروني وحيداً
على هذه الأرضِ
أني أعيشُ على موعِدي.
فلا تتركينيَ نهبَ التّلهّفِ
يغفو الخيالُ على ساعِدي.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ألم
ألم
رقم القصيدة : 7146
-----------------------------------
بيتٌ لا أسكُنُهُ
لا يسكُنُني
وامْرأةٌ تعصِفُ بي
وتُؤنّبُ أوراقي إنْ سقطتْ(51/338)
أيُّ ربيعٍ هذا الموعودُ بألفِ خريفٍ؟
أيُّ زُهورٍ تلكَ المطعونةُ بالشوكِ ولا تتأوّهُ ..؟
أيُّ رجالِ الأرضِ أنا؟
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أمطرت عطشاً
أمطرت عطشاً
رقم القصيدة : 7147
-----------------------------------
لؤلؤاً
تتقاطرُ
في صحن قلبي
فتنسابُ كل الفصول إلى برقها ..
ما ارتوى الصّدرُ،
ما جفّ لُؤلُؤها ..
كلّما امتدّ نرجسُها نحو طيني،
تصحّرتُ
أمّارةٌ هذه النفسُ بالبرتُقال
ويافا على بُعد غابة شوك ..
أموتُ بشوك يدُلُّ عليك
وموت توضّأ في مُقليك
وماتْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> جارة القلب
جارة القلب
رقم القصيدة : 7148
-----------------------------------
موسِمُ الطّلعِ في بابِها
نارُها تستحِثُّ الفراشاتِ،
نوّارُها ومضُ نجمٍ هوى
وتشظّى قُلوباً
تُرفْرِفُ بينَ حنايا النّخيلْ.
جارةُ القلبِ
تُلقي التحِيّةَ كُلّ مساءٍ عليهِ
فيشهقُ
ثُمّ تُوسّدُهُ راحتيها ..
تقولُ له: أيّها الطّفلُ نَمْ
فيفيقْ.
جارةُ القلبِ
منزِلُ هذا الغريبِ
وغُربتُهُ
جارةُ القلبِ
زُوّادةٌ وطريقْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> سقوف
سقوف
رقم القصيدة : 7149
-----------------------------------
السماءُ
وسقفُ البناء
وسقفكَ ..
كيف لا أنحني!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> غفلة
غفلة
رقم القصيدة : 7150
-----------------------------------
كما تقفينَ على حدّ هذا اليقينِ العلِيّ
تململتُ في حدّ شكّي ..
على شعرةٍ نتدرّجُ في الحُبِّ،
نحملُ أيّامنا المقبِلاتِ
ونمضي، حديثاً من الشوكِ والياسمينْ.
عدَوْنا، فما أسقطتْنا الرّياحُ
ولكنْ، سقطنا على صدرِ غفلتِنا
كالفراشِ على النارِ،
حتى انتبهنا حنيناً تأجّجَ في غفلتينْ.
سقيتُكِ بعضَ ندايَ
وأسقيتِني من نداكِ
فصرنا بهذا التساقي وهذا النّدى
ثغرَ عُمرٍ تبسّمَ ما بينَ جورِيّتينْ.(51/339)
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قبو الدمع
قبو الدمع
رقم القصيدة : 7151
-----------------------------------
أدخلني قاسمُ في قبوِ الدّمعِ
وقال: اعتصِرِ الرّوحَ هُنا ..
كانَ يبوحُ،
وكُنتُ أُلوّنُ بالأخضرِ
ما تركَ البارودُ على خاصِرةِ النّهرِ
من البُقعِ السوداءِ،
وأمسحُ جُرحَ النّخلِ النازِفِ
حينَ يفيضُ على خدّيهِ
بقلبي ..
أدخلني قاسِمُ سوقَ الورّاقينَ بلا قلمٍ،
قال: اكتُب بالممحاةِ على صدرِ الشارعِ
علّ الجاحِظَ يغضبُ
أو يُعلِنُ توبتهُ ..
أدخلني هاتِفه،ُ والخطَّ المحقونَ
بِأنّاتِ ثكالى بغدادَ
وأخرجني خلقاً آخرَ
قاسِمُ
ألقيتَ بسنّارتِكَ الخرقاءِ
بِلا طُعمٍ
في الليلِ
على سمكِ الرّوحِ،
فلم تصطدْ غيرَ البُؤْسِ ..
أنا مِثلُكَ،
ألقيتُ شِباكي في اليمِّ
لِحورِيّاتِ البحرِ
وعُدتُ بِلا أُنثى ..
يقتسِمُ الشّعراءُ القهوةَ
والطاوِلةَ العرجاءَ
على ناصِيةِ العُمرِ
ونقتسِمُ الدّمعةَ ..
من يُشبِهُنا في الحُزنِ
سيُلقي سِنّارتهُ ..
من يفقهُ تعويذةَ هذا الليلِ
سيُدرِكُ، أن الدّمعَ القادِمَ أثقلُ
والأجفانَ الموسومةَ بالسُّهدِ،
ستغفو كالصّحراءِ على الشّوكِ.
أزِحْ عن جفنيكَ النهرَ الآسِنَ
بالمدّ الليلِي،ّ
وفِضْ بصباحاتِ الفلاّحينَ
وخبزِ الفلاّحاتِ
على قَحْطِ اللّحظةِ.
أمطِرْ هذا الجَدبَ حُروفا
توقِظُ فيهِ الكَمَأَ السّاهي
والجُمّارَ النّاعِسَ
في أصلابِ النّخلِ،
فأُمّكَ يُطرِبُها الشّعرُ
بِرائِحةِ الطّلعْ.
تسألُني،
إن كان هُنا ثَمّ فراشاتٌ في الحَيّ
تحومُ على الوردِ الذّابِلِ؟
قُلتُ أجلْ ..
ثَمّ فراشاتٌ
تقتاتُ من الحُزنِ
لِتبعثَ في الكونِ الفرحَ المَنسِيّ،
وأُخرى
تمتَصُّ بقايا أعيادِكَ
حتى يكبَرَ فيك الموتْ.
توقِظُني أُختُ فراشاتِ الليلِ
فينتبِهُ الخِصبُ بِقلبي ..
ثُمّ تقولُ كفا سهراً ..
تِلكَ فراشةُ روحي ..
سيّدةُ الليلِ المُمتَدّ جُنوناً
حَدَّ الحِكمةِ،(51/340)
أفتحُ حينَ ينامُ الخلقُ شبابيكي
كيْ تدخُلَ
ثُمّ أنامْ.
توقِظُني أُختُ فراشاتِ الليلِ
فتنتبِهُ الأيّامْ.
توقِظُني
ثُمّ تقولُ كفا سهراً ..
في آخرِ قبوِ الدّمعِ،
تلألأَ نجمُ الشّعرِ قليلاً،
فتلألأتُ ..
خبا
فخبوتُ ..
أسرّ إليّ الولهُ الصّوفيُّ
بقُربِ اللّقيا
فكتمتُ السِرّ،
وأسرَرْتُ إلى الوَردِ الذّابلِ فيَّ
اتّقدَ الشّوقُ بهِ
فتوقّدتُ ..
قالت: يا نارُ ..
فقلتُ: كفا برداً
آنَ لِثلجِكِ أن يُكوى
أن يتذمّرَ
أن يتمطّى نهراً
تمتدُّ أصابِعُهُ في عطشِ الموجوعينَ
بمن نضبوا
أن يتصاعدَ في الأُفقِ سحاباً
أن يهمي لُغةً تقدحُ فِيَّ العشقَ
وتبعثني
عُشباً،
وَرْداً،
شجراً ..
لا يصفرُّ
إذا اصْفَرَّ ربيعُ العُشّاقْ.
سيّدةَ الليلِ
فراشةَ روحي
ما زِلتِ تحومينَ على لهبي
بجناحيكِ المحترقينِ من الأطرافِ؟
أما زِلتِ تعُبينَ من الأحلامِ المبتورةِ ..؟
عُبّي
فالموعدُ يدنو ببشاراتِ السَّحَرِ الولهى ..
كفّاكِ تذوبانِ بِكفّيَّ
كشمعةِ قلبي ..
الشمسُ تغوصُ إلى سابِعِ أرضٍ
و(الزُّهرةُ)
يصعدُ
يصعدُ
يصعدُ ..
ينثُرُ نوّارَ الليلِ على هامِ السّمْرِ،
وينثُرُنا في الصّحراءِ حديثاً
تحمِلُهُ الريحُ إلى الريحْ.
موعِدُنا
لأْلاءُ نجومٍ
تتضوّرُ عِشقاً في الأُفْقِ
وفي الأرضِ تواشيحْ.
والسَّمْرةُ تبكي
حينَ طويتِ حصيرتكِ الخضراءَ،
وذئبُ الجبلِ الولهانُ
على السفحِ يصيحْ.
الموعِدُ مالَ كقُرصِ الشمسِ
بُعيدَ اللُّقيا،
كيفَ يميلُ ومازال بنا
من شوكِ النّأيِ تباريحْ؟
جُرعةُ حُبٍّ
لاتروي ظمأَ الدّهرِ بحلقي ..
كيفَ تعودينَ بفيضِكِ؟
كيفَ تنامينَ بهذا النهرِ الجارِفِ وحْدَكِ؟
كيفَ أعودُ وحيدأً؟
كيفَ نؤوبُ
ورائحةُ الجنّةِ في ثوبينا،
نتوكّأُ بالجمرِ إلى غُربتنا ..
ونُغادرُ محرابَ الوجدِ القُدسِيِّ
بقايا أدعيةٍ كلمى
وغُبارَ تسابيحْ؟
مولاتي
ها حلّ الليلُ
ومن ثُقبٍ في بابِ الجنّةِ
هذي النّسمةُ تسري ..
خيمتُنا قُبّةُ هذا الكونِ(51/341)
وقلبانا رجعُ خُطى الهِجراتِ
على البطحاءِ
وروحانا
ونجومُ الليلِ
بهذا العُرسِ مصابيحْ.
ها عُدتُ
وبي مِنكِ العِطرُ الفضّاحُ،
ومن بغدادَ
الدّمعُ الموؤودُ بزاوِيةِ الرّوحِ
ومن بابِ القَبْوِ الموصودِ
بوجهِ الحُزنِ القادِمِ
يا ليلايَ
مفاتيحْ.
ها عُدتُ
كما كُنتُ إلى طاوِلتي
أتهجّى أوراقي البيضاءَ،
أُمنّي النّفسَ بِشيءٍ أكتُبُهُ
قبلَ غُروبِ الشّعرِ
وقبلَ بُزوغِكِ ثانيةً ..
علّيَ أقرأُ بينَ يديكِ
لقاسِمَ وِرداً للفَرَحِ المنسِيِّ
بذاتِ السّيحِ المُتباهي
بفراشاتِ الليلِ
وأغزِلُ قلبيَ في وادي البوحِ
حِبالَ نجومٍ
ما بين السّمرةِ والسّمرةِ
للعُشّاقِ أراجيحْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قفص الياسمين
قفص الياسمين
رقم القصيدة : 7152
-----------------------------------
أنا الليثُ في قفصِ الياسمينْ
ومن هذهِ النافذةْ
رأيتُكِ في شارع الليلِ
ومضاً من اللهفاتِ الدّفينةِ يسري إليَّ
فأشرعتُ قلبي لشمسِكِ كيما أذوبَ
وأطفأتُ نورَ العرينْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قلبي بين يديك
قلبي بين يديك
رقم القصيدة : 7153
-----------------------------------
قلبي بين يديكِ
وعمري في عينيكِ
فيضُكِ أجنحتي
وانا الطيرُ الهاربُ
منكِ إليكِ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ليلتي لم تنم
ليلتي لم تنم
رقم القصيدة : 7154
-----------------------------------
ليلتي لم تنمْ.
نجمتي تتثاءبُ
قلبي يُرتّبُ ما يتساقطُ من ورقِ العُمرِ
عينايَ تغرَوْرِقانِ بما يُشبِهُ الدّمعَ
كفّايَ تسترسِلانِ بشَعرِ المساءِ
وأرصِفتي تتسابقُ قبلَ انتِباهِ الصباحِ إلىَّ
أنا، من أنا؟
من هي الغجريّةُ تلكَ ؟
وماذا يدورُ بهذي الحديقةِ حين تنامُ الزّهورُ
أنا لستُ إلاكِ
لستِ سوايَ
وليلي سحابةُ صيفٍ
تلاشى كماءِ فمي
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> مس من شتاء
مس من شتاء
رقم القصيدة : 7155(51/342)
-----------------------------------
دعيني أُقلّبُ دفترَ أحلامكِ القُزحيّةِ
وانتظريني بلا زينةٍ ..
ريثما أتهجّاكِ
...................................
بين سطورِكِ ثمةَ ما يستحقُّ القراءةَ،
ما زال في الليلِ متّسعٌ،
والسماءُ الفسيحةُ،
تكفي لدورةِ نجمٍ جديدْ.
الشبابيكُ مُشرعةٌ،
ترصُدُ الحُلمَ،
نهرُكِ فاضَ،
وأرسلَ خيطاً من البوحِ
تنسجُهُ النسماتُ العذابُ
على سَعَف النخلِ،
صار ملاءةَ دفءٍ
على أرضنا الباردةْ.
كل شيءٍ بهذا المساءِ،
يبثُّ الجنونَ
وأعقلُ مافيهِ يهذي ..
النُّخيلاتُ
والنجمُ
والشعرُ
والنسمةُ الشاردةْ.
زمّليني برمشكِ،
واستغرقي في الكلامِ المُبعثرِ
ذاك الذي لا يفُكّ طلاسمهُ الشّعراءُ.
وانزعي سترةَ البردِ عنّي ..
بجمركِ يكتملُ المشهدُ الشّتويُّ،
وفي أضلُعي يستوي الكستناءُ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> من أين يجيء البرد
من أين يجيء البرد
رقم القصيدة : 7156
-----------------------------------
من أي الأنهارِ الدّفقُ الأعمى هذا؟
كم كُنتَ شفيفاً
أبيضَ
حين تحدّرْتَ من السّفحِ
لقطفِ الجوريّةِ
من حُضنِ الوادي.
كم كُنتَ بسيطاً،
يُغريكَ البوحُ
فتسري في الأرضِ العطشى ..
قُلتَ بأنّ معينَكَ لا يفنى،
ففنيتَ وأفنيتْ.
كيفَ تشِفُّ كقُمصانِ الصيفِ عن الّلوزِ؟
أما تخشى أن يكوي روحَكَ بردُ الغفلةِ؟
أو تنسى الجورِيّةُ مِعطفها
من فرطِ الخَدرِ الّليلِيِّ على شُبّاكِ الكونِ؟
كأنكَ لا تدري أن الساعةَ جاوزتِ الحدَّ
وأن الرّيحَ المجنونةَ لا يعنيها الوردْ.
أستارُ الخيمةِ ذوّبها غَزَلُ النّجمِ القُطبِيِّ
وتسأَلُ من أينَ يجيءُ البردْ!
كُنْ ما شِئتَ
وقِفْ ما شِئتَ على بابِ الصّبحِ
بأوراقِ الليلِ الحُبلي بالهذيانِ
وقُل إنّك أغويتَ الغاوين فتابوا
ودعوتَ الشُّعراءَ فآبوا
وتماهيتَ مع الألطافِ المبثوثةِ في الغيبِ
فكُنْتَ الألطفَ والأبهى ..
من أيِّ الأنهارِ نَفَذْتَ حثيثاً(51/343)
تترقْرقُ في أحداقِ العُشاقِ
لتَقذِفَ في صحنِ الصّبحِ عُصارةَ روحِكَ
من أيّ سماءٍ هذا الماءُ استوحى رِقّتهُ في الليلِ؟
وأيُّ الطّينِ سيحمِلهُ
ويُحَمِّلُهُ سرّ الخلقِ الأمثلْ؟
جاوزْتَ الحدَّ كساعةِ عُمرِكَ
أدْخَلْتَ النّخلَ بغيرِ مواسِمِهِ
وسريتَ بروحِ حمامتِكَ البيضاءِ
على كفِّ الفرحةِ في غاباتِ النّجْمِ
وعُدتَ حزيناً
تتحسّسُ ماءَ الوردِ على غُرّتِها
وتضُمُّ جناحيها في صدركَ
علّكَ توغِلُ أكثرَ في أسرارِ الطّيرِ
وتخرُجَ أكثرَ جهلاً بالخوفِ
وعِلماً بالجهلِ
بحالاتِ العِشقِ القُصوى ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> هل أنت مثلي
هل أنت مثلي
رقم القصيدة : 7157
-----------------------------------
هل أنتِ مثلي؟
أفصحي إن كنتِ مثلي ..
عندما أغضبُ من نفسي
أشتاقُ بِأن أقتصَّ منكِ
عندما أغضبُ منكِ
أجرحُ القلبَ بِهجرانِكِ
كي أدنوَ من روحِكِ
لا للبُعدِ عنكِ
أفصحي إن كنتِ مثلي ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> سفر القرية
سفر القرية
رقم القصيدة : 7158
-----------------------------------
أوسعُ ما في الكونِ يضيقُ
إذا انفَتَحَ القلبُ
لها
ولَها.
يسهو ..
فتفِرُّ الأيامُ خِفافاً
من بينِ يديهِ
ويكبو ..
مثلَ حُروفِ العِشقِ
على شفتيهِ
إنْ فَزَّ لِيُدرِكَ ما فاتَ،
إذا انْتبها.
أسكرَهُ المَدُّ الهَمَجِيُّ
بِبَحرِ الّليلِ
مضى في غيبوبتِهِ،
يتحرّى آثارَ أولي العزمِ
من الأصحابِ،
يُنادي:
يا أهلَ القريةِ ..
يرتَدَُ صدى النّخوةِ:
يا أهلَ القريةِ ..
ثُمّ يعودُ بِعُكّازِ الوقتِ الضّائِعِ،
ينبُشُ قبرَ التاريخِ،
يُفتّشُ عن ضِلعٍ
لمْ تأْكُلْهُ الأرضُ ..
يُسِرُّ إلى دودِ الأرضِ
بما فَقُها.
تسألُهُ، من تعرِفُ أسرارَ عجينتِهِ
الرّفْقَ بهذا الطّينِ المُنْهَكِ،
في دربٍ تتشظّى في الليلِ دُروباً ..
تسألُهُ الرّفقَ بِطينتِها الحيّةِ،
تسألُهُ النّومَ على رُكبتِها،(51/344)
حتى ينبُتَ في خدّيها النّرجِسُ
في الصّبحِ ..
وتسألُهُ كلُّ جِهاتِ العِشقِ،
كما تسألُهُ،
حيثُ اتّجها ..
يسألُها:
أينَ القريةُ .. ؟
تسألُهُ:
أين القريةُ .. ؟
يكتظُّ الصّوتُ بهِ وبِها:
أين القريةُ .. ؟
يرتدُّ صدى النّخوةِ:
أين القريةُ .. ؟
يرتدّانِ بِعُكّازِ الوقتِ،
يجُرّانِ التاريخَ
ولمْ يبقَ بِهِ ضِلعٌ ..
نامَ على رُكبتِها
حتى الصّبحِ،
وما شَبّ النرجِسُ ..
قال:
قِفي،
وصِفي ..
غُمَّ عليها ..
وصفتْ
ما لا تُدركُهُ العينُ،
إذا غُمّ على النّاسِ ..
ومِنْ قَعرِ الكأسِ،
أماطَتْ بالسّبّابةِ
بَحرَ دُموعٍ ..
يتسابقُ فيهِ الغرقى
نحوَ الموتْ.
وعلى وجهِ البحرِ،
وفي حجمِ سفينةِ نوحٍ،
يطفو التّابوتْ.
قالَ:
كفا
قالت:
أخرِجني من جُبّكَ يا هذا ..
قال:
كفا
قلبي مشكاةُ رحيلٍ،
أطفأها الصبرُ
على بابِكِ،
وانصرَفا.
أيّامي رِحلةُ مشكاةٍ،
حمّلها المشّاؤونَ بِها
وِزْرَ عناءِ الرّحلةِ،
إذْ قلَّ الزّيتُ
ورَسْمُ الدّربِ عفا.
لا يدخُلُ جُبّي،
من كان على الدُّنيا أسِفا.
لا يخرُجُ من جُبّي،
من مِنهُ بِدَلْوِ الرّوحِ اغْتَرَفا.
ويكِ قِفي ..
من زيتِكِ هذي المِشكاةُ
تُذيبُ الليلَ بأقداحِ
ندامى الشّعرِ ..
صِفي ..
فالعالمُ هذي الساعةَ صحوٌ ..
والشّهرُ انتَصَفا.
من زيتِكِ
تسري الرّوحُ
إلى غايتِها
وتعودُ إلى غايتِها
وتحيدُ إلى غايتِها ..
إنْ حادَ السّهمُ،
أو القلبُ إلى غيرِ الغاياتِ
انْعطَفا.
خبّأْتُكِ
للغاياتِ القُصوى ..
وتخبّأْتُ
لأقصى الغاياتِ
بِعينيكِ ..
فكُنتِ العينَ
وكُنتِ الإصبعَ
والطّلقةَ
والهدَفا.
فقِفي وصِفي ..
يا أجملَ من وصَفَ الحُبَّ،
وبالحُبِّ اتّصفا.
آيتُنا في سِفْرِ القريةِ،
أنّا محضُ خُروجٍ
في النّصّ المُحكَمِ
والمَحكومِ بِأغلالِ السّوقْ.
آيتُنا
أنّا محضُ بضائِعَ كاسِدةٍ
لا تُغري السّوقةَ ..
أنّا عِشقُ الأرضِ الخَرساءِ
بِبَحْرِ اللّغْوِ المُتهافِتِ
بينَ التُجّارِ الشّرِهينَ ..
وأنّا بَوْحُ النّجمِ(51/345)
على خدّ النّهرِ
وعزْفُ البحرِ
على الصّخرِ
وأورادُ الموجِ السّابِقِ
والمسبوقْ.
آيتُنا الصّمتُ المُتكلّمُ
ما بينَ السّطرينِ
المعقودَينِ بِحِبرِ الرّيبَةِ ..
والقولُ الصّامِتُ
في هذا السِّفْرِ البّوقْ.
آيتُنا أنّا حينَ نُحِبُّ،
نفيضُ بِرائحةِ المِسكِ
على خلقِ اللّهِ ..
ولا نَكْرَهُ،
إلاّ إنْ مُسَّ الحُبُّ بِسوءٍ ..
تَتْبعُنا كُلُّ كِلابِ القريةِ،
حتى يُسْكِرَها المِسْكُ
فلا تنبحُ إلاّ همساً ..
ياربَّ كِلابِ القريةِ،
كُفَّ ..
فلسْنا منْ يُخشى
حينَ تميدُ الأرضُ
بهذا الخلقِ البائِسِ،
أوْ يَخشى
إنْ مالَ بِكَ الحَدْسُ
ومِلْتَ ..
عمِلتَ ..
فأهلكْتَ الحَرْثَ
وأهلكْتَ النّسلَ
هلَكْتَ
وأهلكْتَ
فكُفَّ ..
وللقريةِ ربٌّ يحميها.
مرّ عليها قبلَكَ
منْ مرّ عليها.
ومضى
كسحابِ الصّيفِ ..
وما زالَ الكُحْلُ،
ورغمَ نزيفِ الدّمعِ،
كما أودعهُ ليلُ العُشّاقِ
بجفنيها.
هلاّ أبصرْتَ البحرَ بِعينيها ؟
والقيضَ بِخدّيها ؟
وبِشاراتِ النّخلِ بِنهديها ؟
وبقايا حنّاءِ العُرسِ بِكفّيها ؟
للقريةِ ربٌّ يحميها ..
أشْرَعْتَ لِسيلِ العَرِمِ البّابَ
وما غَضِبَتْ أزْدُ ..
فأشرَعْتُ القلبَ
جناحَينِ لِصَبْوَتِها،
وغَضِبْتُ ..
فأطلَقْتُ جناحيها.
يامن تَخبِزُ للعُشّاقِ
عجينةَ روحي
بالسُّهدِ
على صاجِ الليلِ
وتَتْرُكُني للجوعِ
وأسئلةِ الكونِ
أجيبي ..
يا من تُهديني
حين تشِحُّ القريةُ بالأصحابِ
عُيوبي ..
هل لي في بابِكِ
مُدْخَلُ ضَوءٍ ؟
أتَسَلّلُ منهُ إلَيَّ
بِبعضِ هداياكِ
وأفرَحُ بعضَ الوقتِ
بِما اوتيتُ من الحُبِّ
وما اوتيتِ من الحِكْمةِ
في مَحْوِ ذُنوبي ..
هلْ لي من نبعِ جِنانِكِ
ما يُجلي عنّي
في وعثاءِ الدّربِ
شُحوبي ..
سَفَرٌ
يقتادُ القلبَ
إلى سَفَرٍ
أضْنى ..
ويضيقُ الكونُ مِراراً
حينَ يزيدُ الوَلَهُ
المنذورُ لعينيكِ
لِيَتّسِعَ المَعنى ..
أَوَيرْفعُ مثلُكِ مِثلي
في ذُروةِ حالاتِ العِشقِ
ويترُكُهُ في الرّمقِ الأدنى .. !(51/346)
ما قُلتِ بأنّ الأرواحَ جنودٌ .. ؟
أينَ جنودُكِ من جُندي ..،
والقريةُ تنحرُ فِيَّ الحُبَّ
على مرأىً منكِ
لِحُجّاجِ التّبرِ .. !
أما حنّيتِ الصُّبحَ
بدمعي اللّيلِيِّ كثيراً ..
وتحنّيتِ بِشِعري
كعروسِ الجنّةِ
بينَ نِساءِ الدنيا ..
وتباهيتِ بِموتي
مُنتصِباً كالنّخلةِ
بين الأحياءِ المُنبطِحينَ
بلا سببٍ ..
كيفَ تغيبينَ بلا سببٍ .. ؟!
وتَصُبّبينَ العَتَبَ المحمومَ
على وعيي المُتسائلِ
في اللّغةِ العربيّةِ
كالسيلِ بلا سببٍ !
ألأنّي أنكرْتُ سُؤالاً
كان الأجملَ
لو كانَ بِموضِعِهِ ..!
-(أتحسّنْتَ حبيبي) ؟
أَوَكُنتُ سقيماً
حتى أتحسّنْ ؟!
سَقَمي
في وردةِ حُبٍّ
أُهداها خَطَأً ..
وشِفائي
في وخزةِ شوكتِها
حينَ تكونُ الوردةُ لي ..
غيبي سيدتي،
ما طاب لكِ البُعدُ
فنَحْلةُ قلبي
لن تجْحَدَ وردَكِ ..
من أجْلِ سُؤالٍ
لم يأتِ بِموضِعِهِ ..
أو وردةِ حُبٍّ
أُهداها خطَأً ..
غيبي سيدتي،
فالقريةُ غائِبةٌ
مُنذُ انْحسَرَ الحُبُّ
عن الشّاطىءِ
والفُلْكُ المَلْئى بالعُشّاقِ
تعهّدَها الرّملُ النّاعِمُ
بالموتِ النّاعِمِ ..
غيبي
مثلَ غِيابِ الناسِ
بقعرِ الكأسِ
لعلّي أرفعُ بالسبّابةِ
شيئاً غيرَ الدّمعِ
وغيرَ الغرقى
وسفينةِ نوحٍ ..
إذْ غُمّ عليكِ
كما غُمّ عليهِمْ.
وأجيبي
إنْ شِئتِ،
نِداءَ الطّارِقِ
خلفَ البابِ
وإنْ شئتِ،
فسُدّي أُذُنيكِ
بقُطنِ الليلِ
عن الشّعَراءِ
فقد ماتَ الغاوونْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> من هذا السكر
من هذا السكر
رقم القصيدة : 7159
-----------------------------------
من هذا السّكّر
مَنْ جاءَ يُحلّي،
في الوقتِ المُرِّ .. ؟
وكَمْ سيُحَلّي .. ؟
عُتِّقنا في الإبريقِ
وما عادَ السّكّرُ يُجدي ..
لوْ بكّرَ يوماً،
لسرى فينا قطراً
وتماهى كالحُزنِ بِنا ..
لكِنَّ الشايَ تخدّرَ
واسوَدَّ
ولمْ يأتِ الضيفُ
فَمَنْ هذا السّكّرْ ؟!(51/347)
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ضمأ البرتقال
ضمأ البرتقال
رقم القصيدة : 7160
-----------------------------------
لكِ البرتقالُ
ولي ظمأُ الغصنِ طيلةَ هذا الغيابْ.
فكيفَ تجفّينَ قبلي ..؟
ورَدْتُ اشتعالكِ حتى احترَقْتُ ..
رِديني غديراً من العِشقِ
صُبّي احتقانَ الليالي الطوالِ بقلبي
فلمّا يزلْ فيهِ منكِ الكثيرْ.
أنا وجهُكِ المُتشرّبُ بي
وطريقُكِ،
ذاك الذي لا يُرى حدّهُ ..
كيف تصطنعينَ الحدودَ
لأشياءَ لا تنتهي؟
كيف ينضبُ ماؤكِ وسطَ فُراتي ..!
وتحتجبينَ بِوهمِ التّصحّرِ عن غيمتي؟
قبّليني كطفلٍ يتوقُ إلى النومِ والدّفءِ
رُصّي عليّ بِخمرِ ذِراعيكِ .. حتى أذوبَ
ليلتحِمَ الأمسُ باليومِ
والغدُ يبسِطُ كفّيهِ
كيما نُصافِحَ أيّامنا من جديدْ.
لن أعودَ إلى الخلفِ
لن أكتفي بالدموعِ،
على صدرِكِ المُتوحّشِ
لن أدعَ الذّئبَ فيكِ
يُروّعُ هذي الوداعةَ أكثرَ ..
لن أنتهي سُلّماً في العراءِ
لأضرحةِ النازلينْ.
سأصعدُ سُلّمَ روحي،
إلى حيثُ تورِقُ روحُكِ ..
ثُمّ أقولُ انظُري،
كيفَ تُروى صحارى المُحبينَ
من ظمأِ البرتقالْ!؟
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> نهايات
نهايات
رقم القصيدة : 7161
-----------------------------------
أضِفْ نقطةً
سطرُكَ المُتمدّدُ أسرعُ
خطوُكَ أسرعُ
ضِفْ نقطةً
قُل لها: مات قيسُ بِجنبيكَ
مات ارتِعاشُكَ
مُتَّ
لكي ينتهي الأمرُ
ضِفْ نقطةً
دون هذي السيولِ
أضِفْ جبلاً
دون هذا الدّبيبِ
من الذكرياتِ بِواديكَ
ضِفْ قمراً أسودَ القلبِ
في دربِها
قُلْ لها: لا تكوني كما أتمنّى
ولا تظهري في ثِيابٍ
رأيتُكِ من قبلُ فيها
اشْربي الماءَ بالثّلجِ
لا تحتسي حامِضاً
لا تُحِبّي الذي تعشقينَ
من الأُغنياتِ
ولا تعشقيني ..
لعلّي أُحاوِلُ
ألاّ أُحبُّكِ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> شمس مؤقتة (1- 10)
شمس مؤقتة (1- 10)
رقم القصيدة : 7162(51/348)
-----------------------------------
0
.يُغادرُنا المكانُ
.مربّعاتُ الإسمنتِ أوّلاً، ثمّ المقاعدُ في إثرها
الفراغُ المباغتُ
.يفرضُ تأثيثَ الأرواح
1
كانَ علينا أن نكونَ أكثرَ صلابةً و بياضًا
كأنّنا الحوائطُ التي تُكَوِّنُ الزوايا
.و تسندُ السقفَ و الظلال
كانَ على أصابعِنا ألاّ ترتعشْ
و على الوقتِ
أن يمهلْنا قليلاً
كي نمنحَ اللحظةَ ألوانَ لوحةٍ أخرى
غيرَ البغيضةِ
.غيرَ قتامةِ ملابسِنا
2
لم نكن نشعرُ بخشونةِ البردِ
.أو بالخفافيشِ العالقةِ بصُوفِ معاطفِنا
كُنّا نسيرُ
كالتماثيل
مقنّعينَ بأحجارٍ من كهوفهم
.كارثةً لا تعني أحدًا سوانا
حملْنا الصناديقَ
و مشينا نحلمُ
بخشبِ التوابيتِ يخضرُّ
.يعودُ أشجارًا نتسلَّقُها
بقلوبٍ صغيرةٍ خبّأناها في الجيوبِ
كعُلَبِ سجائر مجهولةٍ لآبائنا
بخطواتٍ متهدّجةٍ
أنهكتْها الرطوبةُ في أصواتهم
بالمسافةٍ حينًا
و حينًا بالسعال
نزحنا
من وهمٍ إلى آخر
.جذوعًا تركلُ تشوّهاتِها في غبارٍ
من أينَ نبدأ
في مثلِ هذا الخواءِ الشاسعِ؟
و إلى أيِّ هاويةٍ
سيقودُنا الأسفُ؟
.العيونُ لاغيةٌٌ
.الأقدامُ أمطارٌ تتساقطُ بانتظامٍ مُدْهِش
3
لأبوابٍ أغلقناها على خلافاتهم
سنديرُ ظهورَنا المقوّسةَ و نمضي
وحيدِينَ صوبَ اختلافِنا
كشجرٍ غادرَ غابتَهُ
سنقطعُ كُلَّ الجذورِ التي تَصِلُ ترابَهُمْ بقلوبِنا
كأنّ الذينَ يسكنونَ الصراخَ
ليسوا آباءَنا
كأنّنا قادرونَ على النموِّ و الضحك
بضوءٍ قليلٍ
.دونَهُمْ
4
نحنُ الآنَ أكثرَ قدرةً على استيعابِ قسوتِهِمْ
و على افتعالِ الحنانِ
دونَ نفورٍ
،كلّما احتكَّ جلدُهُمْ بيُتْمِنا
و كلّما عبرتْنا أحضانُهُمْ
مُسْرِعَةً
كأنّها تهابُ ظلالَنا
تذكّرْنا الحانةَ التي احتوتْنا
و ليلاً كانَ يُرَبِّتُ على أكتافِنا المتكلِّسةِ
كلّما أحنيْنا على الخشبِ ظهورَنا
مُثقلينَ بهم
.أجنحةً دونَ وظيفة
5
.لا غربةَ أشدَّ من أصواتهم في النزاعِ
شرودُنا
إذ يزحفُ نحوَ عزلتِهِ(51/349)
يطمئنُ فئرانًا تقضمُ حوافَّ النومِ
بأسنانٍ حادّةٍ
كأصواتهم
و لأنّ أعضاءَنا ناقصةٌ
.سيئنُّ الخشبُ في المفاصل
6
من الدخانِ
نُولَدُُ
و ليسَ من أرحامِ الأمهاتِ
كما أوهمتْنا العائلةُ صغارًا
لكنَّ المرايا التي تعكسُ كؤوسًا متكرّرةً بينَ الأصابع
ضلَّلَتْ رؤوسَنا
.تلكَ المثقلة بفاكهةٍ حامضة
7
هذا الدمعُ المنسكبُ في ترابٍ
غيرُ قادرٍ على إعادةِ الروحِ لخلايا الكلوروفيل الميّتةِ في أوراقٍ
لم تنجُ من حريقٍ أشعلناهُ
بأعقابِ السجائر
بغروبٍ تركناهُ وحيدًا وراءَنا
دونَ قصدٍ
دونَ درايةٍ بما يعنيهِ الجحيمُ آنذاك
.و لم تغفرْهُ لنا الغابةُ-الأمُّ
و إلاّ بماذا تفسّرونَ تعثُّرَنا
بجذورٍ قاتمةٍ
و ظلالٍ تتمايلُ
كلّما خطوْنا؟
8
مغروسونَ في الحرمانِ
حتّى أعناقِنا المتغضّنة
و لا لذّةَ
تحفُّ العروقَ
غير َهواءٍ قليلٍ
.تُسَرِّبُهُ الأجنحةُ العابرةُ لذبولِنا
لم نَكْبُرْ
إنّما المدرسةُ هي التي صَغُرَتْ
بسياجِها المطوِّقِ لبراءتِنا
و أشجارِ السَّرْوِ
.و الباصّات
.ِما كانَ لنا أن نتبعَ خطوَنا على النار
.ما كانَ لأيدينا أن تمتدَّ لتلكَ الكؤوس
9
لن نألفَ الضغينةَ التي تجمعُنا
و أقدامُنا المثبّتةُ في دائرةٍ
لن تطأ هذه العتمةَ ثانيةً
ربّما، بعدَ أيامٍ قليلةٍ
نعودُ بلا شمسٍ إلى المقهى
.بلا عصافير على الحواف
10
مُعبّأةٌ بدخانٍ يُبدِّلُ هيئتَهُ
من جبلٍ إلى تمساح
تحدّقُ في عزلتِنا
في مللٍ يبادلُنا ورقَ الكوتشينةِ
و علبةَ الكبريتِ
فيما الذينَ صلبوا طاقتَنا على خشبِ النماذج
يقتلعونَ الأحلامَ التي لم تنضج
بمناجل تلمعُ
دونَ أن يغيّروا ثيابهم
يهشّمونَ حيواتِنا
بمدنِها الصغيرةِ
.و مقاهيها المبتلّةِ على أرصفةٍ تتآكلُ
أطفالُها الذاهبونَ إلى المدرسةِ شاحبون
كما لو أنّ قلوبَهُمْ تفحّمت في الليلِ
.لتلائمَ البيوتَ التي يعلو بعواميدها الصراخ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> شمس مؤقتة (11 -20)
شمس مؤقتة (11 -20)(51/350)
رقم القصيدة : 7163
-----------------------------------
11
من السقفِ الذي تسندُهُ يدُ التثاؤب
لئلاّ يهبطَ الكابوسُ المتكرّرُ
كعنكبوتٍ
،متشابكًا بأصواتٍ تخفتُ
.تتدلّى حبالٌ دونَ جثث
نغلقُ أهدابَنا
كما في الموتِ
كما في دخولِنا هذه الحجرة السوداء
حيثُ وسادةٌ فقدتِ النومَ
و خزانةٌ عاريةٌ
و كرسيٌّ يجلسُ في ركنٍ
.مأخوذًا بجدارٍ خامس
نعلّقُ الشمسَ
لحظةً تعبرُ الرتابةَ دونَ مطرٍ
أو أشجارٍ
أو حيواناتٍ أليفةٍ تلعبُ معنا
مؤرجحينَ أوهامِنا على عتباتهم
صانعينَ في كُلِّ مرّةٍ تشكيلاً مختلفًا
تحملُنا الدهشةُ التي يُلقيها
إلى ذروةِ اللذّةِ
.لتقذفَنا فجأةً في الضجر
.الساعةُ لا تشيرُ إلى زمنٍ
.لا ساعةَ على الجدارِ أصلاً
.فقطْ حيواناتُ قماشٍ على الموكيت الأبيض
.هكذا، أوهمْنا السقفَ أنّنا بلا ماضٍ
12
كُلٌّ منّا حائطٌ
و ظلٌّ
و لوحةٌ خاصةٌ بحالتِهِ
يشردُ بين زواياها طويلاً
كأنّ المَرْسَمَ الكامنَ في مدينةٍ لم يمرّ بها قطارُنا
كانَ يطلُّ علينا
.تحتَ شجرةٍ لوّثْنا رئتيها بالسجائر
13
العازفُ الذي يستخدمُ علبةَ غيتارِهِ تابوتًا
سيقفزُ من بابِ القطارِ فجأةً
ترافقُهُ آلتُهُ الموسيقيّةُ
.و أصواتُنا
كعادتِنا
سنهزأُ بالأمرِ
.و نستمرُّ في الضحكِ و التدخين
لكنّنا في عودتِنا من مدينةِ الملاهي
سنتذكَّرُهُ
.و نتتبّعُ صدأَ دمعاتِهِ على القضبانِ الحديديّة
14
الهيكلُ العظميُّ في مختبرِ المدرسة
بالقبّعةِ السوداء
نحمي جمجمتَهُ من حرارةِ اللمبةِ الفوسفوريّة
من تسرُّبِ جنونِنا إليها
و بشيءٍ من الرهبةِ
نفتحُ الفكّينِ المثقلينِ بالصمتِ
مثبّتينَ سيجارةً مشتعلةً
.لن يتذوّقَ تبغَها
نُدْخِلُ سمّاعتينِ مكانَ أذنيهِ
و نهزُّ عظامَهُ
.معانقينَ عجزَهُ عن الرقصِ معنا
15
رؤوسُنا للفراغِ
لطيورٍ عملاقةٍ لا تمنحُ العظامَ ريشَها
لإلهٍ صغيرٍ
ألبسناهُ معطفَ دموعِنا
.كي تصدأَ في الأرواحِ المشوّهةِ مساميرُهُ
بعيدًا عن أجسادِنا المعتلّةِ(51/351)
بهشاشةٍ يدركُها الحطّابونَ
و ينتهزونَها فرصةً لاغتصابِنا
.يُصْنَعُ الأثاثُ و تُحْكَمُ التوابيت
من جلدِنا الورقُ
.و قصائدُ المدرسةِ و المقاهي
.نحنُ الصناديقُ و الموتى بداخلها
ما يؤرّقُ الغاباتِ في رؤوسِنا
كلّما اختبأْنا-
تحتَ ملاءاتٍ ناصعةٍ
-كأسنانِ أطفالٍ مُبْتَسِمِين
افتقادُ خشبِ الأسرّةِ لجذورِنا
أو تسرّبُ أنفاسِنا المخمورةِ
.من شقوقٍ صغيرةٍ في إطاراتِ النوافذ
16
ما الغرابةُ
أيّها الأصدقاء
في عصفورٍ
يعبرُ غيمةً
في سقفِ الحانةِ
و يصطدمُ بشبيهٍ
في لمعانِ المرآة؟
ما عنصرُ المفاجأةِ
في تفكّكِ جمعتِنا
و تحلّلِ الشموسِ المدلاّةِ من الأعناق
إلى سوائل حامضة
تُفْسِدُ قمصانَنا المربّعةَ
و تُخْمِدُ سعالاً متقطّعًا في صدورِنا؟
كنّا على يقينٍ
أنّ أرصفةً متصدّعةً كرؤوسِنا ستنبذُنا
دونَ رفاقٍ أو موسيقى
.و أنّ أسنانَنا سيحرثُها الضحك
17
دائمًا في أمكنةٍ ضيّقةٍ
.تُعيقُ رفرفةَ أذرعتِنا
على ظهورِ المقاعد
نسندُ تقوّسًا وراثيًّا
.ضاعفت درجتَهُ حقائبُ المدرسةِ و السفر
ندخّنُ الهزائمَ بشراهةٍ عضويّةٍ
أحيانًا، نميلُ برؤوسِنا إلى الوراءِ
.لعلّ الصداعَ يسقطُ بالوساوس
الأسودُ الحادُّ
وحشةٌ على الجدرانِ
دونَ لوحاتٍ
.دونَ ظلالٍ تمرُّ
لأطفالِنا الميّتين
خفّةُ الملائكةِ في الأحضان
لهم جلدُ في حنانٍ مزرقٍّ
و عيونٌ منمنمةٌ أليفةٌ
.تحدّقُ في فجيعتِنا و لا ترانا
18
لن يصحبَنا أحدٌ إلى تلكَ الحجراتِ المخنوقةِ المتربة، حيثُ لا مفاتيحَ ضوءٍ و لا نوافذَ نواربُها.
ستكونُ الأمهاتُ مشغولاتٍ بإخوتِنا، أشباهًا جارحينَ كحوافِّ المرايا. سيذرفنَ الحسرةَ دونَ انتباهٍ في الأواني، ليكونَ طعامُ العائلةِ مالحًا، مرًّا، كالترابِ في أفواهِنا، كلّما ابتسمْنا لملاكٍ يعبرُ عتمتَنا و يتوارى.(51/352)
أمّا الأصدقاء، فلا بدّ أنّهم سيعونَ فكرةَ الموتِ مبكرًا و يرتبكونَ تجاهَ التعلّقِ و الفقد. ربّما يتركونَ لنا بعضَ ورداتٍ على عتباتِ أبوابٍ لن تُفْتَح.
سنذهبُ وحيدينَ إذًا، ترافقُنا الأجسادُ لحينٍ، ثمّ تُنْسَلُ ببطءٍ خيوطًا لا تلحظُها الستائر، تمامًا كالأرواحِ التي غادرتْنا.
19
.كانَ الحنانُ أوّلَ من سقطَ منّا
.كانَ الليلُ أطولَ من أذرعتِنا في العناقِ
يداك في فراغٍ
.و الاستحواذُ كامنٌ في كمائنِ الاحتواءِ
لم تكن تلكَ المحبةُ خالصةً
المرآةُ لم تكشفْ لي أوراقًا
شجرةٌ هَوَتْ في شارعِكَ
.أخرجتني من وهمِ الغابةِ
هل كانَ حِضْنُكَ حقيقيًّا؟
هل أسندتُ رأسي -فعلاً- على روحٍ تنتفضُ عبرَ أنفاسِها؟
.لا أذكرُ من الحجرة ِسوى نافذةٍ بحجمِ البحرِ أغرتْني بانتحارٍ أجّلتُهُ لحينَ فقدانِك
.ذلكَ العطرُ ما زالَ عالقًا بالخيوطِ التي قطعتُها، ملاكًا مشنوقًا من جناحيهِ
ظلُّ الطائرةِ الورقيّةِ لا يغادرُ مساحةَ طفولتي
رغمَ أنّني أفلتُّها
.و بترتُ أصابعَ اليدِ الواحدةِ التي كنتُ أحصي بها أصدقائي
20
كنافذةٍ ملوّنةٍ في لوحة
قطٌّ
على حافَّتِها
رغبتُهُ صفراء
أطلُّ
و رؤوسُ الصغارِ
على غيمةٍ خشنة
.تجرحُ الأجنحةَ في عبورِها
لا معطفَ أدسُّ في جيبِهِ وردتي
لا خواتمَ
.لا عازفَ كمانٍ على سطحِ البيتِ المجاور
.برجٌ منتصبٌ كشجرةٍ معدنيَّة
.بناياتٌ مبعثرةٌ، مطفأة
رغمَ هندسةِ الحنانِ في مكعّباتِ السُكَّرْ
أتفكّكُ
عن خلفيّةِ الرموزِ و أطفالِ الورق
عن الزجاجِ المغبرِّ في سنواتٍ دهسَتْ براءتي
مثلَ شاحناتٍ ثقيلةٍ
قوّسَتْ جسورَ الليل
."بما أسمّيهِ الآنَ "الوعي
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> شمس مؤقتة (21 - 35)
شمس مؤقتة (21 - 35)
رقم القصيدة : 7164
-----------------------------------
21
.لن أذرفَ أقنعتي على الطاولةِ أمامهم
سأدلقُ براميلَ من الألوانِ و البيرة
موهمةً أصدقائي بالبهجةِ
.غناءً خلفَ أبوابِ الحمامات(51/353)
من الخيوطِ و القصاصاتِ
-إذ لم أمتلك الأحجارَ في تدحرجِها-
.سأصنعُ المشانقَ و الميِّتين
لشموسٍ عديدةٍ
بستارتي لوّحتُ
لراحلينَ
خلّفوا سجائرَهم في المنافض
.تفنى من تلقاءِ نفسِها
كُلُّ ما كانَ لي
تركتُهُ على الحبالِ
القمصانُ
و تلكَ الجثثُ المزرقّةُ
كأظفاري
كسماءٍ في الحقدِ
تمطرُ الغابةَ
.بضحكٍ حامضٍ و خذلان
كُلُّ ما حلمتُ به
خذلني
و كأنّ قدميّ الصغيرتينِ
.مخلوقتانِ للانزلاقِ
22
كجذعٍ هجرتْهُ العصافيرُ
أقفُ وحدي
أكسرُ حدّةَ الفراغِ
بقامةٍ ضئيلةٍ
و أصدُّ الرياحَ المنهكةَ
عن ظلٍّ يتطايرُ
.و لا يلامسُ أطرافَ المطر
كلّما قطعتُهُ التأمَ
الشريانُ الذي يَصِلُ خياناتِهِمْ بدمي
و هذه الديدانُ
كلّما هَوَتْ
متخمةً بفاكهتي
أعدتُها إلى الجرحِ
.يدًا تجدّدُ خلايا عزلتِها
بمفتاحينِ ذهبيّينِ
-هما كُلُّ ما تبقّى منهما-
أغلقُ عينيّ
على الفقرِ في العلاقةِ
على هذيانِ المرتعدينَ من أنفاسهم
لعلّي في الوقتِ الذي على هيئةِ نهرٍ
أسقطُ
.خشبًا على خديعةٍ
23
.شبحًا، أخترقُ الجدارَ
أستلقي على آلامِ ظهري
شاردةً في السقفِ الشاهقِ
.كصرخةِ جبلٍ
جثّتي مدلاّةٌ
تتأرجحُ بينَ ظلالهم
طائرةً من الورقِ المقوّى
عَلِقَتْ بجسرٍ أحدبٍ
يعبرُهُ الصبيةُ العائدونَ من مدارسهم
يجمعونَ عصافيرَ ميّتةَ في الطرقاتِ
يتبادلونَ الأجنحةَ
حالمينَ بفضاءٍ أكثرَ اتّساعًا
و آباءٍ أقلَّ قسوةً
خشيةً من تآكلِ الأبوابِ
.بأحقادِ البكتيريا
قلبي فردٌ
آنيةُ دمعٍ خاويةٌ
إلاّ من عفونةِ الأزهارِ المتحلّلةِ إلى حشراتٍ
.تتنامى على غبارِ الكومودينو الأسود
24
بأيّةِ يدٍ أقفلُ النافذة َعلى المشهد؟
.صناديقُ الموتى تزحمُ حجرتي
.الأمُّ تهمسُ لعشيقِها بأسرار ِالعائلةِ
،صوتُها الخؤونُ يقودُني على أسلاكٍ مكشوفةٍ
و هذه الجرذانُ في الزوايا متربّصةٌ
.تتغذّى على ما ترسّبَ في الدمِ من أقراصٍ مهدّئة
.مسّني جنونٌ
أصابعُ المهرّجينَ في خواتمِ الدخانِ(51/354)
و الحسرةُ شجرةٌ محنتُها الفقدُ
.تحدّقُ في حذائها
هل يستمرُّ الأطفالُ الملوّنونَ طويلاً على بياضِ الحوائط؟
من دلّ أقدامَهُمْ على طريقٍ سلكَتْهُ الراقصةُ بعدهم؟
و كيفَ استطاعوا أن يتسلّلوا إلى الكوابيس
دونَ أن يرجّفوا الظلّ؟
وحيدونَ في حضنها
رغمَ تداخلِ الأعضاءِ و الشوارع
يعانقونَ دميةً تُشْبِهُها و لا تُبادِلُهُمْ القُبَلَ
و لأنّ السلالمَ لا تصعدُ
يتسلّقونَ آثامَهُمْ
عتمةً ثنائيةَ الجنسِ
.وردًا عائمًا يرافقُ انجرافَ الجثّة
ربّما يكونُ الادراكُ قد أتلفَ تعدّدي
فلا أستمتعُ بالصخبِ و الكؤوسِ ثابتةً
.و لا أقوى على تحمّلِ حناني
.شخوصٌ يتكاثرونَ حولَ السرير
.يُعْتِمونَ في الغيبوبةِ مساحةَ الركضِ
بطلقةٍ واحدةٍ
يمكنني التخلّصَ من كُلِّ هذه الأشباحِ في الرأس
.في أنفاسِ حجرةٍ تضيقُ و تتّسعُ
25
.عبرتُ
.رأيتُ غابةً هادرةً
.أعرفُ الوجوهَ
.لا أذكرُ أسماءَها
.ليسَ الأزرقُ لونًا أو سماءً أو بحرًا
.الأزرقُ لوحةُ طفولتي
،الأزرقُ عصفورٌ بلا شجرة
.أسماكٌ في العينين، في الرئتين، في العروق
رأيتُ قصيدتي تغادرني
،كالمكان)
(كمربّعاتِ الإسمنتِ و المقاعد
روحًا تحلّقُ فوقَ الجثّةِ
.ثم تتّجهُ نحوَ النفق
.إنّني الآن على الجانب الآخر
.عبرتُ حياتي حيثُ لا شئ، لا أحد، سوى هذا الفراغ الأسود
.ما من أحدٍ مغلق
26
الشوارعُ ذاتُها
بالأسماءِ التي تحملُها منذُ قرونٍ
بأشجارِها العاريةِ
.عروقًا في أعضاءِ الفراغ
عناوينُنا فقطْ
.هي التي تغيّرت
أمشي
ظلّي آخر
شأنَ أفرادِ العائلةِ
.مثلَ أصدقائي
ثمّةَ عصافير من الغليسرين تنهمرُ
مطرًا خادعًا
رغم تدفّقِهِ
.كالحنانِ الذي في قسوتك
27
.ليست هذه مدينتي، أعلمُ
الخواءُ ضيّقٌ، ما من رفاقٍ في هذا البلدِ البعيدِ يوسّعونَ الروحَ
.و الأمكنة
أكثرَ وحدةً من جثّةٍ لم تألف عتمتَها بعد
الذينَ أخمدوا صرختي بترابٍ
.عادوا إلى منازلهم
في انتظارِهِ
.سريرٌ و امرأة
أدخّنُ الفقدَ(51/355)
رئتينِ متفحّمتينِ تنتفضانِ بسعالك
كي أصنعَ غيمًا يؤنسُ ظلّي
.و أجعلَ من السقفِ سماءً صغيرة
28
من أطفأ الأباجورةَ العاليةَ في غرفتي؟
.لا بدّ أنّ شبحًا يقيمُ حيثُ كانَ لي في الزاويةِ سريرٌ
،ثمّةَ يدٌ مجهولةٌ نزعتْ صورةَ المغنّي عن جدارِها
.و ألقت بخشبِ غيتارِهِ في المدفأة
.الستارةُ في الطابقِ الثالثِ من العتمةِ و الريحِ تلوّحُ
لعلّها لمحتُ يدي المعلّقةَ في خواءٍ
.غيمةً بلا خواتم
29
الشجرةُ التي حدّثتني عنها مرارًا
التي تسقطُ أوراقَها الصفراء
كمن ينفضُ عن معطفِهِ بعضَ الغبار
.لم تعد أمّي
.ما عادَ الطائرُ الأزرقُ الذي تطوّقُهُ بذراعيها يأمنُ مزاجَ حنانها
30
هكذا أعودُ
في ساعةٍ متأخّرةٍ من التعبِ
.لعلّ الجمرَ الذي في الأعضاءِ يستحيلُ رمادًا
.أخرجُ عن سياقِ الكؤوسِ و الأصدقاء
.أغادرُ الضحكَ مكانًا لا يتّسعُ لانسكابي
.أتبعُ الوقتَ الذي مرّ كغريبٍ تحتَ النافذة
.لم يعد في القسوةِ ما يُدْهِشُ
يدي اعتادت سقوطَ خواتمها
و أشباحَ المحبَّةِ
خارجةً من المناديل
.حينَ ألوّحُ
هكذا
عبرَ البياضِ في أكفانٍ مرصوصةٍ خلفَ البابِ
...توطّدت علاقةُ الأصابعِ بالفراغِِ
.أطفالي نائمونَ في الورق
توسّدوا الألوانَ
.ناموا
.مُحْكَمٌ بيننا الزجاجٌ، لئلاّ توقظَ أحدَهُمْ خشونةُ سعالي
.أستلقي على السريرِ الأَرِقِ بثيابي
.علبةُ السجائر في مكانِها و الهاتفُ المنسيّ
أفكّرُ في النُدْبِ الذي في خدّها الأيمن. تلكَ المرأةُ الغامضةُ لم تُسْقِطْ كُلَّ جلودِها. ليست عاهرةً، كما صوّرَتْ لنا ملابسُها الفاضحةُ أحيانًا و تعدّدُ لهجاتِها. و لا أعتقدُ أنّ المقهى المهدومَ سيعودُ إلى ما كانَ عليهِ: قشُّ السقفِ و الجدران، الحبالُ ال
.أُغْمِضُ
.ما عاد ممكنًا أن أستعيدَها أمًّا ليتمي
.حضنُها مغلقٌ. ما من مفتاحٍ للبوّابةِ التي تخذلُ ظلّي كلّما اقتربْت
31
تحتَ مطرٍ من شجرٍ في السماءِ
سأقفُ
جذعً ميّتًا
نحتَتْهُ
-ليصيرَ أنا-
ريحٌ(51/356)
.في خشبِهِ، نفخَتْ روحَها
سيّاراتٌ قليلةٌ ستعبرني
في ظلّي، سيدخّنُ صغارُ المدرسةِ
كما كنّا نفعلُ في الماضي تمامًا)
تحتَ تلكَ الشجرةِ الكبيرةِ
قُرْبَ البوّابةِ الرئيسيةِ
.(و السورِ الأحمر
سأنصتُ لارتطامِ الطيورِ
على المعطفِ البلاستيكيّ
و الأسفلتِ الموحشِ
حتّى تُفقِدني أحماضُ الملائكةِ وجهي
و يدي
.و الأرضَ التي لم تعرف بعدَ الغيابِ حذائي
32
البابُ المعدنيُّ الأخضرُ
ذو القضبانِ العديدةِ و الحارسِ الأوحد
الذي كنّا ندخلُهُ في الصباحِ ركضًا و الحقائبُ الصغيرةُ تقفزُ على ظهورِنا مثلَ ضفادع تبعتْنا من النهرِ البعيدِ
.البابُ -عتبةُ الجنّةِ في الخروجِ- مغلقٌ على طفولتِنا
.يدي تحثّني على ملامسةِ حديدٍ مبتلّ
.لا أجرؤ
33
على الرصيفِ المقابلِ، شبحُ ذلكَ المقهى. دوريٌّ على كتفِهِ الأيمن يحدّقُ في ظلّي. غبارُ السنواتِ بيننا. مِنْهُ، يولدُ المكانُ ثانيةً، و تحلّقُ عصافيرُهُ بذاكرتي:
البابُ الخشبيُّ الخشنُ، المتأرجحُ الستارةِ بينَ صقيعِ الشارعِ العموميّ و الدخان. الطاولاتُ المستطيلةُ ذاتَ المنافض و الفناجين و الصحون و الأيدي. الكراسي التي قوّسَتْ ظهورَنا. الجدرانُ الصفراءُ كأسنانِنا. النادلةُ الطيّبةُ التي تعرفُنا أكثرَ من أمّهاتِنا.
مروة، عالية، منى، أنا: أربعةُ حوائط هُدِمَتْ في مثلِ هذا المطر.
.السقفُ موتٌ ملوّنٌ، معلّقٌ في الخواءِ، يظلّلُ رأسَ الشبحِ و دهشةَ الدوريّ على الرصيفِ المقابل
34
تحتَ هذا المطر المتساقط من الأعالي
سأقفُ
جذعًا يقلّ
.وحلاً تتكاثرُ فيه أعقاب السجائر
.لن يفتحَ البابَ الحطّابُ الذي قطّعَ أعضائي
لن تحطّ على كتفي
لن تدركني
في هذا المكانِ القديمِ
.شمسُ الأصدقاء
35
.أرجّحُ الاحتمالاتِ الطيّبة لِكُلِّ السوءِ الذي حدث
المحبَّةُ خدعةٌ
و الحنانُ مشبوهٌ
.لكنّني -رغمَ حدّةِ الألمِ- سأستمرُّ في تصديق ما لا أراهُ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الموت الأخير
الموت الأخير(51/357)
رقم القصيدة : 7165
-----------------------------------
ثمّة أشياء
.لا نعتادها
نموتُ
كلَّ ليلةٍ
مؤقتًا
لكنّ موتنا الأخير
يفجعنا
.دائمًا
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> بحر
بحر
رقم القصيدة : 7166
-----------------------------------
ذلكَ البحر الممتدّ
من جرحِكَ البعيدِ
إلى دمعِ عيوني
تراهُ يبكي
في الليلِ
.مثلنا؟
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> قصيدة الديوان الأول
قصيدة الديوان الأول
رقم القصيدة : 7167
-----------------------------------
بداخلِ كلّ منّا
عصفورٌ
يبحثُ
عن مقهاه
و يضيعُ العمرُ
.و لا يلقاه
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> غيمة
غيمة
رقم القصيدة : 7168
-----------------------------------
ليتني غيمة
تبكي
.بدلاً عن عينيك
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الشعر
الشعر
رقم القصيدة : 7169
-----------------------------------
كنتُ أحلمُ
بوطنٍ
و حبٍّ
و أصدقاء
.فكانَ الشعر
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> في الظل
في الظل
رقم القصيدة : 7170
-----------------------------------
الجدارُ الذي صلبوا عليه قمري
.يبكي في أحجارِهِ النورُ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> إسم
إسم
رقم القصيدة : 7171
-----------------------------------
ناديتني باسمي
...فأحببتُهُ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> ليست أنا
ليست أنا
رقم القصيدة : 7172
-----------------------------------
في الصورةِ المعلّقةِ على الجدار
طفلةٌ تشبهني
و لولا أنّها تبتسم
.لظننتها صورتي
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> عدل
عدل
رقم القصيدة : 7173
-----------------------------------
الليلُ عادلٌ
لا يفرّقُ
بينَ بحرٍ
،و سماء
بينَ عصفورٍ غريبٍ عن الشرفةِ
.و إنسانٍ غريبٍ عن البلادْ
الليلُ عادلٌ
.في السوادْ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> رحيل
رحيل
رقم القصيدة : 7174(51/358)
-----------------------------------
أخذوا ذكرياتي
و رحلوا
و بقيت وحدي
أنتظرُ
أميرًا صغيرًا
يأتي من كوكبِهِ البعيدِ
ليأخذَ قلبي
قلبي الذي نسيَهُ الأصدقاءُ
حينما أخذوا الذكرياتِ
.و رحلوا
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> وردة الموت
وردة الموت
رقم القصيدة : 7175
-----------------------------------
في الوردةِ التي
تنبتُ من قلبِ التراب
.عطرُ موتانا
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> وردة في شارع
وردة في شارع
رقم القصيدة : 7176
-----------------------------------
إن مررْتَ
ذاتَ يومٍ
بشارعٍ رماديّ
تظلِّلُهُ أشجارُ اللَّوْزِ
و تميّزُهُ
محطّةُ بنزين
و مدرسة
ابحث عن وردةٍ صغيرةٍ
في الإسفلت
ابحث عن قلبي
قلبي الذي هربَ من حقائبي
خوفًا من غربةٍ جديدة
و اختارَ أن يكونَ
.وردةً في شارع
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> طابع البريد: عصفور ميرو
طابع البريد: عصفور ميرو
رقم القصيدة : 7177
-----------------------------------
ستصيبها أمراض الأطفال
و يصفرّ جلدها
آخذًا لون الورد الذي تحبّه
لون الصوص القطنيّ النائم على طرف السرير
لون شعره
الأمير الذي أحبّت ضحكته و اختفى
في صفحة أخيرة
من رواية
سيملؤها الفراغ بفراشاته البيضاء
و تكتشف
كمن يرى نفسه لأوّل مرة في مرآة
أنّ حياتها لا تشبهها
و أنّها أساءت فهم الغربة
زمنًا طويلاً
لا تحاولي"
لا النعناع و لا نصف الليمونة في ماء النارجيلة
سيعيدان إليك طعم الشتاء الماضي
الأغاني -أيضًا- عاجزة
فمك الذي لم يبح سوى بنصف الأسرار
عضو ناقص
لا كلام و لا قبل
"فقط ابتسامة صغيرة
ستبكي
حتّى تحوّلها الدموع
إلى غيمة
من عرشها الأزرق البعيد
ستراهم
بأحجامهم الحقيقية
بلا أسف أو حنين
ستصادق عصفور ميرو
و السمكة التي تغنّي
في مربّع من ورق
في زاوية صغيرة من روحها
ستعيد بناء المقهى القديم
ستحفر على بابه
ضحكةً من خشب الورد
إلى أحلامها
ستخرج
:و تعمل بالنصيحة(51/359)
"العسل و قطع السكّر"
الشمس الذائبة في قلب كبير
أيام حلوة
.ربما
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> ذلك البريق
ذلك البريق
رقم القصيدة : 7178
-----------------------------------
كبرت
ما عاد صوتها يصلهم
من قال أنّها تغنّي لأجلهم؟
يكفيها مستمع واحد
:في صالة الليل الخاوية
قمر بأسنان قليلة
يتّكئ على كمنجته
يسعل بشدّة
بين وصلة و أخرى
مطيّرًا نجماتها على ثوبها و شعرها
.معيدًا إليها ذلك البريق
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> رجل الثلج
رجل الثلج
رقم القصيدة : 7179
-----------------------------------
بأيديهم الصغيرة
صنعوا له جسدًا و رأسًا
بقطع يابسة من الخشب
منحوه وجوههم
و رائحة الجلد
في المعاطف و الأحذية
منحوه ابتسامةً و غليونًا
دخانه
أنفاس دافئة مرتعشة
لا بدّ أنّهم غافلوا الكبار
و اختلسوا هذه القبّعة الرزينة لأجله
و هذا الوشاح
في الليل
سيغيبون عنه
ليس بإمكان أطفال في مثل ألوانهم
أن يناموا في هذا البياض القارس
مثلهم
يرغب في مسافة
يسقط فيها ألم الفقد
حين تظهر الشمس
و يغيب عنهم
.للأبد
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> فزاع الطيور
فزاع الطيور
رقم القصيدة : 7180
-----------------------------------
كثيرة هي أمنياته
أكثر من السنوات التي أمضاها واقفًا في هذا الخلاء
أكثر من البذور التي يحرسها الهواء
عبر جسده القليل
يحلم بمقعد يريح ساقه النحيلة
بوضع يده في جيب
في كفّ امرأة
بغيمة تستقرّ فوق رأسه تمامًا
بأطفال طيّبين يقذفون نحوه كرة القدم
بين حين و آخر
بدلاً عن الأحجار
بأزهار قليلة تنبت حوله
ليطمئنّ أنّ أحدًا في العالم سيفتقده
إن سقط
بضربة منجل
يحلم بالعصافير
تلامسه
دون خوف
حتّى إن أخذت
مقابل حنانها العابر
قشّ القبّعة التي تحميه
في هذا الخلاء
.من قسوة الشمس و المطر
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الفراشة
الفراشة
رقم القصيدة : 7181
-----------------------------------(51/360)
العصافير الرمادية
لا تصدّق
أنّها لا تستخدم المساحيق لتزيين جناحيها
عصفور صغير
فكّر في الأمر طويلاً
اتهمها بلبس المرايا
و خداع العيون بانعكاسات الزهور
"تعال و فتّش خزانتي أيّها السفيه"
صرخت في وجه دبّور أسود
حاول أن يلامس جسدها في مروره
لعلّ ألوانها تبهت على معطفه الداكن
بكت طويلاً
على كتف شجرة
"لست ساحرةً كما يشيعون في هذه الغابة"
يوم أحرقوها
تصاعد إلى السماء دخان غامض
ليستقرّ في قلب الزرقة
قوس قزح
.شعاعًا بسيطًا من روحها
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> رغبة زائفة
رغبة زائفة
رقم القصيدة : 7182
-----------------------------------
مغمضة العينين
مستسلمة تمامًا
بعد ساعات قليلة
تستعيد جمالها
تدهش المرآة و الزمن
بالمشارط
سيزيل التجاعيد عن ضحكتها
سيحشو شفتيها المتعطّشتين للقبل
برغبة زائفة
لو أنّ يده تنزلق قليلاً
ليس لتكبير نهدها الذابل
بالونةً مجرّدةً من اللون و الهواء
و إنّما لترميم قلبها
هذه الطائرة الورقية التي يئنّ جناحاها
.كلما لامسها حب جديد
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الفستان الأحمر
الفستان الأحمر
رقم القصيدة : 7183
-----------------------------------
فيما كان ينهال على عريها
كان ظلّها قد تجاوز الباب
بفستانه الأحمر
.إلى حانةٍ ما
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الساحرة
الساحرة
رقم القصيدة : 7184
-----------------------------------
لا
لم تكن ملاكًا
كل ما في الأمر
أنّها كانت تلتهم اللؤلؤ
.و تختار لمقعدها إضاءة خادعة
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> جلباب الدمع
جلباب الدمع
رقم القصيدة : 7185
-----------------------------------
تكنس الكوابيس كل فجر عن عتبة البيت
تقشّر قبالة النافذة بصلتين
كي لا يسألها اليمام عن دموعها
بطرف جلبابها
تلمّع المرايا
عاجزةً عن إزالة حنان مترهل
يقرّب قلبها من التراب
ليلاً هدهدت الأطفال بحكايات البحر(51/361)
في جلبابها رائحة الحارة
ألوان عرائس الحلوى و الأحصنة الصغيرة
وعدتهم بفطيرة جبن ساخنة في الصباح
الشمس
في هذه المدينة الكئيبة
باردة
قاسية
ستكسّر أسناننا
لا بدّ من حيلة أخرى
تخرجهم من دفء القطن و الأحلام
لو كانت روحها سجادة
لنفضت عنها هذا الغبار
لتركتها في الهواء قليلاً
.تتنفّس
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كرسي من قش لا يشعله الحنين
كرسي من قش لا يشعله الحنين
رقم القصيدة : 7186
-----------------------------------
وحيد
بقدر ما في البحر من زرقة و جثث
في الرمل يغرس أرجله
حالما بالجذور
ململمًا من حوله الأصداف
أصواتًا لا تخفت
يسمّونه الغريب
"لماذا لا يبني مثلنا القصور و يهدمها؟"
لو اقتربوا من صحراء قلبه قليلاً
لأدركوا أنّه طفل يشبههم
و سألوه عن اسمه
ألفته النوارس
بذراعيه استبدلت المراكب و ألسنة الصخر
هنا على الأقلّ
لن يرشّها الصغار بالماء
ستشاهد الغروب
بعينيه الفاضحتين ملحًا و أسماكًا
كان من الممكن أن يكون آخر
فزاع طيور في حقل ما
لكنّ اليد التي صنعته
فرضت هذه الهيئة
.هذه الحياة
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> رسمها
رسمها
رقم القصيدة : 7187
-----------------------------------
صرصار ليل على الحائط يغنّي
كلّ حجرة زنزانة
كلّ آخر جسر إلى الذات
زجاجات فارغة
كنيسة صغيرة من شمع و ألوان
لعظامه صوت يربك الفراغ
كأنّما في جسده محرّك سيّارة قديمة
لن يغادر عتمة مقعده
لئلاّ يوقظ النباتات من حلم
عينيها المغمضتين تحت أصابعه
رسمها
لماذا يغضب إذًا
حين تلقّبه بالأب الروحيّ؟
رسم الوطن و البشر الطيّبين لأجلها
رسم قلبه
زهرة صفراء
في كأس نبيذ
وحيدًا يجلس
في غيمة من دخانه
يتخيّلها في فستان أبيض
.تقبّل أميرًا
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> أظفار مطلية بالشهوة
أظفار مطلية بالشهوة
رقم القصيدة : 7188
-----------------------------------
كان صباحًا داكنًا كقهوتنا
كعينيها الحادّتين(51/362)
كذلك الغموض في القصة
شمس سوداء في غيم النراجيل
القطة نائمة
النادل ببابيونته المعوجّة يتثاءب
عند السياج الخشبي غريبان
ساقان عاريتان
أظفار مطلية بالشهوة
ندب يجرح ضحكتها
من أين جاءت بأسمائنا؟
كيف انضمّت الطاولتان؟
نخون وعدنا لأمّهاتنا
و نأخذ قطع حلوى من أشخاص لا نعرفهم
تفتح دون مواربة قلبها
:بيتًا مؤثّثًا بالبشر
الخائن لأنوثتها
أطفال معوّقون بأمومة ناقصة
الرجل الذي يأكل نصف الكلام
و يقضم بكثير من القسوة تفاحتها
المشعوذ ذو الأرنب و العينين الزجاجيتين
عجائز بعدد التجاعيد
في البيت
تحف من أصابعها
نباتات
.إمرأة وحيدة
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> على رمال متحركة
على رمال متحركة
رقم القصيدة : 7189
-----------------------------------
لو أنّ هنالك إلهًا"
لو أنّه يحبّنا حقًّا
إلى الجحيم سنذهب
نحن لا نعرف أحدًا في الجنّة
"و نراجيلنا يلزمها جمرٌ كثير
في لوحة
:تساءلت
لماذا تتصارع كلّ هذه الرؤوس"
بخوذيّاتها المختلفة
"للوصول لشمس واحدة؟
ذات مرّة استعانت بسجادة
لتشرح نظريّة الكون
تجمعنا حولها
صحراء بعيدة
أباريق طين و ناس
هل ندرك الآن
أنّ العالم أوسع من المقهى الذي نرتاده كلّ ليلة
أنّ هنالك بشرًا غيرنا؟
الجبل أمّها
وحده استطاع أن يحتويها
فرحت
لانّ أباها مات سكرانًا في رماده
لا بدّ أنّ العصافير ستسعل حدّ الاختناق
فيما تبني أعشاشها بين تجاويف العظام
التمساح الذي في بانيو شقّتها
لعنة البلحة في العائلة
خلافاتها الدائمة مع الجيران
.كم كانت بساطتها ترعبنا
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> نعامة صغيرة على الحب
نعامة صغيرة على الحب
رقم القصيدة : 7190
-----------------------------------
كأنّما قلبها علبة ألوان
"أنا طائر"
كانت تردّد طفلة
هل كان ضروريًّا
أن تكسر ساقيها مرّتين
كي ينتبهوا؟
شبيهة بمساحيقها
بملابسها
بالبطاقات التي تزحم بها حيطان الغرفة
لئلاّ تنام في البياض وحيدةً
في الشارع(51/363)
يتهافت عليها الأطفال
لعلّهم ينتزعون من جسمها قطعة حلوى
بالخفاشتين لقّبونا
هم ذاتهم
الذين تغذّوا
عن الدم السائل من براءتنا
جدّتها
في البلد البعيد
حدّثتها عن نجمة تملكها
إرث الجدّة تأخّر كثيرًا
ما زالت تنتظره
.ما زال ريشها يحلم بالهواء
العودة إلى أعلى الصفحة
على رمال متحركة
لو أنّ هنالك إلهًا"
لو أنّه يحبّنا حقًّا
إلى الجحيم سنذهب
نحن لا نعرف أحدًا في الجنّة
"و نراجيلنا يلزمها جمرٌ كثير
في لوحة
:تساءلت
لماذا تتصارع كلّ هذه الرؤوس"
بخوذيّاتها المختلفة
"للوصول لشمس واحدة؟
ذات مرّة استعانت بسجادة
لتشرح نظريّة الكون
تجمعنا حولها
صحراء بعيدة
أباريق طين و ناس
هل ندرك الآن
أنّ العالم أوسع من المقهى الذي نرتاده كلّ ليلة
أنّ هنالك بشرًا غيرنا؟
الجبل أمّها
وحده استطاع أن يحتويها
فرحت
لانّ أباها مات سكرانًا في رماده
لا بدّ أنّ العصافير ستسعل حدّ الاختناق
فيما تبني أعشاشها بين تجاويف العظام
التمساح الذي في بانيو شقّتها
لعنة البلحة في العائلة
خلافاتها الدائمة مع الجيران
.كم كانت بساطتها ترعبنا
العودة إلى أعلى الصفحة
أظفار مطلية بالشهوة
كان صباحًا داكنًا كقهوتنا
كعينيها الحادّتين
كذلك الغموض في القصة
شمس سوداء في غيم النراجيل
القطة نائمة
النادل ببابيونته المعوجّة يتثاءب
عند السياج الخشبي غريبان
ساقان عاريتان
أظفار مطلية بالشهوة
ندب يجرح ضحكتها
من أين جاءت بأسمائنا؟
كيف انضمّت الطاولتان؟
نخون وعدنا لأمّهاتنا
و نأخذ قطع حلوى من أشخاص لا نعرفهم
تفتح دون مواربة قلبها
:بيتًا مؤثّثًا بالبشر
الخائن لأنوثتها
أطفال معوّقون بأمومة ناقصة
الرجل الذي يأكل نصف الكلام
و يقضم بكثير من القسوة تفاحتها
المشعوذ ذو الأرنب و العينين الزجاجيتين
عجائز بعدد التجاعيد
في البيت
تحف من أصابعها
نباتات
.إمرأة وحيدة
العودة إلى أعلى الصفحة
قبل أن يرسمها الله
صرصار ليل على الحائط يغنّي
كلّ حجرة زنزانة(51/364)
كلّ آخر جسر إلى الذات
زجاجات فارغة
كنيسة صغيرة من شمع و ألوان
لعظامه صوت يربك الفراغ
كأنّما في جسده محرّك سيّارة قديمة
لن يغادر عتمة مقعده
لئلاّ يوقظ النباتات من حلم
عينيها المغمضتين تحت أصابعه
رسمها
قبل أن يرسمها اللّه
لماذا يغضب إذًا
حين تلقّبه بالأب الروحيّ؟
رسم الوطن و البشر الطيّبين لأجلها
رسم قلبه
زهرة صفراء
في كأس نبيذ
وحيدًا يجلس
في غيمة من دخانه
يتخيّلها في فستان أبيض
.تقبّل أميرًا
العودة إلى أعلى الصفحة
كرسي من قش لا يشعله الحنين
وحيد
بقدر ما في البحر من زرقة و جثث
في الرمل يغرس أرجله
حالما بالجذور
ململمًا من حوله الأصداف
أصواتًا لا تخفت
يسمّونه الغريب
"لماذا لا يبني مثلنا القصور و يهدمها؟"
لو اقتربوا من صحراء قلبه قليلاً
لأدركوا أنّه طفل يشبههم
و سألوه عن اسمه
ألفته النوارس
بذراعيه استبدلت المراكب و ألسنة الصخر
هنا على الأقلّ
لن يرشّها الصغار بالماء
ستشاهد الغروب
بعينيه الفاضحتين ملحًا و أسماكًا
كان من الممكن أن يكون آخر
فزاع طيور في حقل ما
لكنّ اليد التي صنعته
فرضت هذه الهيئة
.هذه الحياة
العودة إلى أعلى الصفحة
جلباب الدمع
تكنس الكوابيس كل فجر عن عتبة البيت
تقشّر قبالة النافذة بصلتين
كي لا يسألها اليمام عن دموعها
بطرف جلبابها
تلمّع المرايا
عاجزةً عن إزالة حنان مترهل
يقرّب قلبها من التراب
ليلاً هدهدت الأطفال بحكايات البحر
في جلبابها رائحة الحارة
ألوان عرائس الحلوى و الأحصنة الصغيرة
وعدتهم بفطيرة جبن ساخنة في الصباح
الشمس
في هذه المدينة الكئيبة
باردة
قاسية
ستكسّر أسناننا
لا بدّ من حيلة أخرى
تخرجهم من دفء القطن و الأحلام
لو كانت روحها سجادة
لنفضت عنها هذا الغبار
لتركتها في الهواء قليلاً
.تتنفّس
العودة إلى أعلى الصفحة
الساحرة
لا
لم تكن ملاكًا
كل ما في الأمر
أنّها كانت تلتهم اللؤلؤ
.و تختار لمقعدها إضاءة خادعة
العودة إلى أعلى الصفحة
الفستان الأحمر(51/365)
فيما كان ينهال على عريها
كان ظلّها قد تجاوز الباب
بفستانه الأحمر
.إلى حانةٍ ما
العودة إلى أعلى الصفحة
رغبة زائفة
مغمضة العينين
مستسلمة تمامًا
بعد ساعات قليلة
تستعيد جمالها
تدهش المرآة و الزمن
بالمشارط
سيزيل التجاعيد عن ضحكتها
سيحشو شفتيها المتعطّشتين للقبل
برغبة زائفة
لو أنّ يده تنزلق قليلاً
ليس لتكبير نهدها الذابل
بالونةً مجرّدةً من اللون و الهواء
و إنّما لترميم قلبها
هذه الطائرة الورقية التي يئنّ جناحاها
.كلما لامسها حب جديد
العودة إلى أعلى الصفحة
الفراشة
العصافير الرمادية
لا تصدّق
أنّها لا تستخدم المساحيق لتزيين جناحيها
عصفور صغير
فكّر في الأمر طويلاً
اتهمها بلبس المرايا
و خداع العيون بانعكاسات الزهور
"تعال و فتّش خزانتي أيّها السفيه"
صرخت في وجه دبّور أسود
حاول أن يلامس جسدها في مروره
لعلّ ألوانها تبهت على معطفه الداكن
بكت طويلاً
على كتف شجرة
"لست ساحرةً كما يشيعون في هذه الغابة"
يوم أحرقوها
تصاعد إلى السماء دخان غامض
ليستقرّ في قلب الزرقة
قوس قزح
.شعاعًا بسيطًا من روحها
العودة إلى أعلى الصفحة
فزاع الطيور
كثيرة هي أمنياته
أكثر من السنوات التي أمضاها واقفًا في هذا الخلاء
أكثر من البذور التي يحرسها الهواء
عبر جسده القليل
يحلم بمقعد يريح ساقه النحيلة
بوضع يده في جيب
في كفّ امرأة
بغيمة تستقرّ فوق رأسه تمامًا
بأطفال طيّبين يقذفون نحوه كرة القدم
بين حين و آخر
بدلاً عن الأحجار
بأزهار قليلة تنبت حوله
ليطمئنّ أنّ أحدًا في العالم سيفتقده
إن سقط
بضربة منجل
يحلم بالعصافير
تلامسه
دون خوف
حتّى إن أخذت
مقابل حنانها العابر
قشّ القبّعة التي تحميه
في هذا الخلاء
.من قسوة الشمس و المطر
العودة إلى أعلى الصفحة
رجل الثلج
بأيديهم الصغيرة
صنعوا له جسدًا و رأسًا
بقطع يابسة من الخشب
منحوه وجوههم
و رائحة الجلد
في المعاطف و الأحذية
منحوه ابتسامةً و غليونًا
دخانه
أنفاس دافئة مرتعشة(51/366)
لا بدّ أنّهم غافلوا الكبار
و اختلسوا هذه القبّعة الرزينة لأجله
و هذا الوشاح
في الليل
سيغيبون عنه
ليس بإمكان أطفال في مثل ألوانهم
أن يناموا في هذا البياض القارس
مثلهم
يرغب في مسافة
يسقط فيها ألم الفقد
حين تظهر الشمس
و يغيب عنهم
.للأبد
العودة إلى أعلى الصفحة
ذلك البريق
كبرت
ما عاد صوتها يصلهم
من قال أنّها تغنّي لأجلهم؟
يكفيها مستمع واحد
:في صالة الليل الخاوية
قمر بأسنان قليلة
يتّكئ على كمنجته
يسعل بشدّة
بين وصلة و أخرى
مطيّرًا نجماتها على ثوبها و شعرها
.معيدًا إليها ذلك البريق
العودة إلى أعلى الصفحة
طابع البريد: عصفور ميرو
ستصيبها أمراض الأطفال
و يصفرّ جلدها
آخذًا لون الورد الذي تحبّه
لون الصوص القطنيّ النائم على طرف السرير
لون شعره
الأمير الذي أحبّت ضحكته و اختفى
في صفحة أخيرة
من رواية
سيملؤها الفراغ بفراشاته البيضاء
و تكتشف
كمن يرى نفسه لأوّل مرة في مرآة
أنّ حياتها لا تشبهها
و أنّها أساءت فهم الغربة
زمنًا طويلاً
لا تحاولي"
لا النعناع و لا نصف الليمونة في ماء النارجيلة
سيعيدان إليك طعم الشتاء الماضي
الأغاني -أيضًا- عاجزة
فمك الذي لم يبح سوى بنصف الأسرار
عضو ناقص
لا كلام و لا قبل
"فقط ابتسامة صغيرة
ستبكي
حتّى تحوّلها الدموع
إلى غيمة
من عرشها الأزرق البعيد
ستراهم
بأحجامهم الحقيقية
بلا أسف أو حنين
ستصادق عصفور ميرو
و السمكة التي تغنّي
في مربّع من ورق
في زاوية صغيرة من روحها
ستعيد بناء المقهى القديم
ستحفر على بابه
ضحكةً من خشب الورد
إلى أحلامها
ستخرج
:و تعمل بالنصيحة
"العسل و قطع السكّر"
الشمس الذائبة في قلب كبير
أيام حلوة
.ربما
العودة إلى أعلى الصفحة
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> بقعة دم
بقعة دم
رقم القصيدة : 7191
-----------------------------------
تحت الطاولة مخبؤه
ينام واقفًا
مقيّدًا إلى الحائط
كحصان جدّها
في ظلّ نخلة بعيدة
عينان بنفسجيّتان
تضيئان كلّما حرّكته(51/367)
مخلب بإصبعين
يعيد ورداتها
صغير العائلة يخاف صوته
الكبار يرتابون من زحفه نحو أقدامهم
عرائس طفولتهم كانت بلا أرواح لتلائمهم
أسقطه سلّم
مسحت أمّها عن طرف السجادة بقعة دم
لم يمسح أحد
و هي تدفنه في تراب الحديقة
.دموعها
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> سمكة ميّتة
سمكة ميّتة
رقم القصيدة : 7192
-----------------------------------
ما من يد تلامس بفضّة وحدتها
ما من شجرة تشبك بجذورها الأصابع
ابتعدت
الظلّ عباءة
عطر
نزهة في ألوانها
ما كان المعطف لأجل الغموض
أسنان بشحوب المعنى
رئة مخذولة الأنفاس
بعظام
أبدلها الجناح
صوتها أسف
في المرآة
.سمكة ميّتة
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كائن اسمه الحب (1)
كائن اسمه الحب (1)
رقم القصيدة : 7193
-----------------------------------
تضيء عريها
بنجوم ورقيّة
،كالتي في دفاتر الأطفال
.بنت ليل
..........
زهرة إلكترونيّة
:تتنهّد
."لو يضمّني كتاب"
..........
كلما حطّ على كتفه طائر
،تذكّر الشجرة التي كانها
.مقعد منسيّ في حديقة
............
شريطة في شعر طفلة
تحلم
،بأن تكون فراشة
فراشة تحلم
بأن تكون
،شريطة في شعر طفلة
.طفلة تحلم
...............
في الدمعة
سمكة
تذرف
.البحر
.............
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كائن اسمه الحب (2)
كائن اسمه الحب (2)
رقم القصيدة : 7194
-----------------------------------
:نغمة تعاتب الناي
."لمَ لمْ تتركني مع العصفور؟"
.................
زجاجة فارغة
،آنية زهرته
زهرة مرمية
.في كوم قمامة
...............
تعلم الرقص
.لقطتها
خلف النافذة
:كلب ينبح
."و أنا؟"
..............
.شارعان، في عناق، عند تقاطع
إشارة معطلة
تحملق في المارة
.بعين حمراء
................
بدموعها، تمسح البلاط
(تمزجها جيدًا بالصابون)
سيّدة البيت
.لا تحتمل غبار الحزن
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كائن اسمه الحب (3)
كائن اسمه الحب (3)(51/368)
رقم القصيدة : 7195
-----------------------------------
خفّاش
:يسأل الليل
لماذا أنت قاسٍ، هكذا"
."يا أبي؟
.............
جسر قديم
:يوبّخ قوس قزح
لا تغتر، يا إبني، بهذه الألوان"
."كنت أنا مثلك
.............
أذنه على جدار الزنزانة ,
ينصت
إلى
نبض
عصفور
رسمه
.بأظفاره
..........
عجوز متآكل العظام
يحمل رسائل الحب في مراكب ورقيّة
و حكايا القراصنة و الجنيّات
.للأطفال
..................
،فنجان حزين جدًا
كيف له أن يحضنها
فيما تقبّله
.و له ذراع واحدة؟
.............
هيكل عظميّ
ينحت
،ما يتبقّى
أسنان قليلة
.تبتسم
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> (;
(;
رقم القصيدة : 7196
-----------------------------------
- من أنت؟
* مُفتاحٌ فقدَ بابَهُ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كوكب أحمر
كوكب أحمر
رقم القصيدة : 7197
-----------------------------------
ما عادَتْ لي رغبةٌ في أرض.
بلادُ اللهِ ما عادَتْ واسعة،
الأرواحُ أيضًا ضاقَتْ
كأحذيةٍ قديمة.
القارَّاتُ
القُرى
القلوبُ
قبائلُ من القتلةِ و القتلى.
الشمسُ جارحةٌ
و الليلُ، خُفَّاشًا، ينهشُ لحمَ النجومِ.
الجثثُ هنا
أكثرَ من الزهورِ
و ساقيةُ الدم
.لا تكُفُّ عن الدوران
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> غبار هذا الجسد
غبار هذا الجسد
رقم القصيدة : 7198
-----------------------------------
أتساقطُ
أوراقًا عُرْيُها الأشجارُ
لأرافقَكِ
إلى حيثُ لا عُمقَ و لا صدى
أيَّتُها الدموع.
في عينيكِ
أنهارٌ جارحةٌ
من صراخٍ
و تعب،
أمطارُكِ قانية.
لكِ، غبارُ هذا الجسد.
لرذاذِكِ المرعوبِ من تدفُّقِهِ
أفتحُ كفيَّ
كدفَّتي كتابٍ
مثلَ عينين
و أتهاوى.
كأنَّ العالمَ بين يديَّ،
.كأنَّهُ علبة صغيرة
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الروح في مصيدتها
الروح في مصيدتها
رقم القصيدة : 7199
-----------------------------------
أفترضُ فضاءً و أدخلُ
أدخلُ احتمالَ المكان(51/369)
المكانُ الذي لا يتَّسعُ لشجرةٍ
لطائرٍ
لراحةِ يد.
على الكرسيِّ نفسِهِ
كلَّ ليلةٍ
و العالمُ من أمامي عابرٌ.
الفأرةُ في كفِّي
الروحُ في مصيدتِها.
بلوحِ زجاجٍ
أبدَلْتُ حياتي
و الشمسَ التي لم تدُم طويلاً
بأيقوناتِ مريم.
كُلَّ ليلةٍ
و من الكرسيِّ ذاتِهِ
أغادرُ جسمي و صوتي و الذاكرة.
أبتكرُ مخلوقاتٍ ناعمةً
تبدِّدُ رتابةَ المربَّعات
تضيءُ في الزوايا عزلتَها:
زهرةَ حائطٍ
غزالةً من عينِ الدمعِ تشربُ
قريةً من ترابٍ و قناديل.
لا أحملُ
إلاَّ عينيَّ
لأرى،
لأتلمَّسَ في الظلامِ كائناتِهِ
أشعلُ قلبي
مصباحًا كفيفًا.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> (:0
(:0
رقم القصيدة : 7200
-----------------------------------
ِ - ما الذي يعنيه
أن نتحادثَ
في خواءٍ كهذا؟
* أن نُعيدَ إلى البياضِ صوتَهُ،
أن نعودَ
إلينا.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> إستعارات خادعة
إستعارات خادعة
رقم القصيدة : 7201
-----------------------------------
كُلُّ شئٍ مُستعارٌ هُنا.
الجدارُ و النافذة،
ظلالُ السقفِ،
البابُ الخادعُ بين فراغين،
.إسمي و دمعةُ مِصباحِكْ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> نافذة ما
نافذة ما
رقم القصيدة : 7202
-----------------------------------
لنفترضْ
أنَّها نافذةٌ
من خشبٍ محفورٍ
و عصافير زُجاج،
الشاشةُ الباردةُ
دمعُ نجومٍ
بينَ إسمينا
تجمَّدَ.
لنفترضْ
أنَّها جذورٌ
هذه الأسلاكُ المُمتدَّةُ
من قلب الآلةِ
إلى عروقِنا،
و أنَّ أطرافَنا عبر المفاتيح تتشابكُ
أغصانًا
عناقُها الأبوابُ.
لنفترض بيتًا سقفُهُ الخلاءُ
(جدرانُهُ من جلدِنا / صمتُنا غفوةُ حارسِهِ)
و حديقةً يُسيِّجُها العشبُ
و فراشاتٍ مُرقَّعَةً بألوانِ المطر
ظلالُها نمورٌ نُفتِّتُ لأجلِها خُبزَ الأصابعِ
و الكلمات.
لنفترضْ زمنًا لا يهربُ من الزمنِ
مكانًا لا يخافُ من المكان
بشرًا جميلين
طينُهُم ماءُ عيني
مذروفًا
في غُبارِ ضحكاتِك.(51/370)
لنفترضْ حياةً أُخرى
خارجَ الجسدِ
و أبعدَ من الروح
و لنفترضْ
أنَّها نافذةٌ ما.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> وردة الحواس
وردة الحواس
رقم القصيدة : 7203
-----------------------------------
أمكنةٌ بعددِ أسمائك
و الأطفالِ الذينَ يكنسونَ بضحكاتِهِم الشوارعَ
كانَ عليّ أن أهدمَها
من أجلِ بيتٍ
يسكنك
كحُبٍّ
كحياةٍ
كمثلِ حكاياتي عن حُجُراتٍ جارحةِ الجدرانِ
و مقاهٍ ذرفتني مقاعدُها
دمعةً وحيدةً.
قلبي
ذلكَ المعولُ
قلبُكَ
هذا الحجر.
من أجلِ وردةِ الحواس
كانَ لا بُدَّ من خرابٍ هائلٍ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> حيث لا ظلال
حيث لا ظلال
رقم القصيدة : 7204
-----------------------------------
لأنَّ البياضَ مربكٌ كوطنٍ عارٍ، سأبني في هذه البقعةِ من الفراغ بيتًا صغيرًا من خشبٍ ملوّن. نافذتاهُ تحدِّقان في وجوهٍ خلف الزجاج. بابُهُ يبتسمُ. و رغم أنَّهُ لا شمسَ هنا و لا أمطار، سأجعلُ من سقفِهِ قبَّعةً تعشِّشُ بين قشَّاتِها عصافيرُ نزفت على الأسلاكِ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> x:
x:
رقم القصيدة : 7205
-----------------------------------
- ما أكثر ما يُخيفُك؟
* أن أفقدَ بينَ يديك أُلفتَها،
عُزلتي.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> فتحات في الهواء
فتحات في الهواء
رقم القصيدة : 7206
-----------------------------------
اللحنُ يفضحُ عازفَهُ
و للمفاتيح
دائمًا
أبواب.ُ
لكَ أن تُحكِمَ النافذةَ
أن تهشَّ جناحََ الروحِ
كذبابةٍ.
سأدخلُ
من فتحاتٍ في الهواءِ
و تزاحمُك على البيانو أصابعي.
للضحكِ خفَّةٌ خادعة
مثلما لحروفك أقنعتها.
ظلُّ النمرِ
على جدارك
يرتعشُ.
يكفي
أن أعرفَ
أنَّك هنا
و أنَّ الفاصلةَ التي بين إسمينا
ملاكٌ محايد.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> عاشقان و تفاحة
عاشقان و تفاحة
رقم القصيدة : 7207
-----------------------------------
لسْنا عاشقًا و معشوقًا،(51/371)
و ليستِ الأرضُ
يابسةً
و مياهًا.
مثلُ هذا التقسيمِ
يُحَتِّمُ شمالاً و جنوبًا
شرقًا و غربًا
ليلاً و نهارًا
كلابًا و قِططًا
قِطَطًا و عصافيرَ
عالمًا حقيقيًّا و آخرَ من وهمٍ
جبالاً تعلو بوحدتِها
و عُزلةَ أصدافٍ في الأعماق.
نحنُ عاشِقان
و عناقُنا كوكبٌ مُكتمِلٌ
.كالتُفَّاحةِ التي لا تعرفُ مكانَ خَدِّها
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> حنان بمرارة الحنين
حنان بمرارة الحنين
رقم القصيدة : 7208
-----------------------------------
من نافذةٍ صغيرةٍ، بيضاء
لإطارِها لونُ يومٍ مُهملٍ في المطر
أُطِلُّ على غربةِ يديك
بحكاياتٍ عن مشربيَّاتٍ قديمة
حفر خشبَها الهواءُ
لوًّحتها الشمسُ بسُكَّرٍ محروق.
كان ذلك في مدينةٍ سكنتني
بحاراتها
و بيوتها
و فوانسيها الملوَّنة.
أضحكُ إذ تقولُ:
"لو كنتُ أعلم ُ أنَّ اليوم عيد ميلادك
لقدَّمتُ قلبي قطعةَ حلوى"
أبكي لأنََّ حنانَك بمرارةِ الحنين.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> ):
):
رقم القصيدة : 7209
-----------------------------------
الحلمُ يُجمِّلُها
التَصَوُّرُ يقتلُها
الروحُ التي تعبرُ نافذتي
غيمةً،
يقينُها دمعةٌ في كَفِّي.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> إسم مرادف للألم
إسم مرادف للألم
رقم القصيدة : 7210
-----------------------------------
شتاءٌ قديمٌ
و غُرْفَةٌ بشحوبِ الدمعةِ
تتطايرُ في رعشةِ جدرانِها فراشاتٌ سوداء.
ظلالُ كلماتٍ عابرةٍ،
إسمٌ مرادفٌ للألم.
أينَ ينامُ
في عاصفةٍ كهذِهِ
أطفالُ الشوارعِ
و كلابُها
و القِطَطُ؟.
أُنْصِتُ.
أمطارٌ بغزارةِ الدمْعِ،
طَرقاتٌ مُوحِلةٌ
على قضبانِ نافذةٍ مُوصدةِ الأصابعِ
سيُشقِّقُ البردُ أكُفَّها.
في داخلي جدرانٌ
و أجنحةٌ قاتمةٌ تتخبَّطُ
لعلَّها تُغادِرُ جثثَ الطيورِ في عيني.
مصباحٌ عاجزٌ
في أقصى العتمةِ
يرتجفُ،
زجاجًا رهيفًا من جلدِ القمرِ
صفيحًا صدِئَ في تجاعيدِهِ النورُ.
أغفو
طينًا مالِحًا(51/372)
تعبَ مدينةٍ تؤرجِحُها الرياحُ
بينَ جُرْحِ جبلٍ
و بحرٍ غريق.
بصوتٍ بمذاقِ السكَّرِ، أحلُمُ
بشجرةِ تُفَّاحٍ
يُقَبِّلُ المحرومونَ من فاكهةِ الفرحِ خدودَها.
ظلاًّ لمصباحي، أنطفئُ
أنينًا مخنوقًا يصرخُ:
"لا تُغْمِضي
أيَّتُها المرآةُ
أيَّتُها المرأةُ العاريةُ في مَسامِ الحجر
أريدُ أن أسمعَ الشمسََ
ترقصُ في عينيكِ."
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الحب في ليلة باردة
الحب في ليلة باردة
رقم القصيدة : 7211
-----------------------------------
ما الذي بوِسْعِ ملاكٍ
أن يفعلَهُ
في ليلةٍ باردةٍ
كهذه؟
بإمكانِهِ
استخدامَ هالتِهِ
مدفأةً
هو الذي لا يملكُ من جسدِهِ
إلاَّ القليل.
عيناهُ الصغيرتانِ
حبَّتا كستناء
(لكَ الأحلى، لي الدمعة).
جراحُهُ
سُكَّرٌ محروقٌ
لأجلِ أطفالٍ يتوسَّدونَ آثارَ المارَّةِ
يلتحفونَ السماء.
تحتَ المطرِ
ترتعشُ أحلامُهُمْ و العظام.
يستطيعُ أيضًا
أن يخبطَ جناحيهِ
نورًا و نارًا
و كأنَّهُ يهمُّ بالتحليقِ
بعيدًا عن هذا الجحيمِ.
كلُّ جناحٍ عاشقٌ
كلُّ خبطةٍ قُبلةٌ
توحِّدُ وحدتينا
ناثرةً نجومها
ضحكات و حبَّات كستناء
لأصابعٍ تمتدُّ صوبَ عناقِنا
شموعًا.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> دكّان الورد
دكّان الورد
رقم القصيدة : 7212
-----------------------------------
دُكَّانٌ في شارعٍ مهجور.
قرميدُهُ ناياتُ ريحٍ،
أقدامُهُ ملحٌ ذائبٌ في المطر.
خلفَ الزجاج المُغَبَّش
أوانٍ فارغةٌ
شرائطُ غادرتْها الفراشاتُ
مقصٌّ ملطَّخٌ بدمِ زهرةٍ.
وردةٌ معلَّقةٌ على البابِ
تختصِرُ عناءَ الكلمات:
"كُنَّا نبيعُ الوردَ، هُنا".
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> عكّاز من أنين النايات
عكّاز من أنين النايات
رقم القصيدة : 7213
-----------------------------------
أَمُرُّ
كغريبةٍ
على ألمي.
أُمَرِّرُ السَهْمَ
على جُرْحِ الكوكبِ
لعلَّني أُلامِسُ وردتَهُ
و أتبعُ، كما في قافلةٍ، زئبقَها(51/373)
الأرواحُ الهادرةُ في دَمِ الآلةِ
و في أسلاكِ العروق.
من مقعدٍ حافيَ الأقدامِ
أُحَدِّقُ في وهمي
عابرًا
من الرملِ
إلى غُبارِ الزمنِ
على عُكَّازٍ من أنينِ النايات.
جلدُهُ معطفي القديمُ،
في جيبِهِ
رسالةٌ من زمنٍ
كانت طوابعُهُ طيورًا
سُعاتُهُ كانوا يطرقونَ بأجنحةٍ لهفةَ الأبواب.
هو الأرضُ
في خطواتِها الأخيرةِ،
دمٌ قاتمُ
يُجَمِّدُ الحمامَ في كفَّيهِ.
أفتحُ نافذةً لا تعرفُ عن السماء شيئًا
و لا تتوقَّعُ، في هذا المُربَّعِ الخالي، مطرًا
أو صوتَ إنسان.
لكنَّكَ تُباغتُها
شِبْهَ جزيرةٍ
حيثُ لا أُفُقَ و لا مياه
غيمةً تضحكُ
على كَتِفِ العدمِ.
تُزْهِرُ الحافَّةُ
ببنفسجِ يديك،
تُربِكُ عُزلتي عصافيرُك.
تسأَلُ:
"أينَ قلبك؟"
بكُلِّ ما تبقَّى
من طفولةِ الكلمات.
أنتفِضُ
غزالةً حمراءَ
في غابةٍ من حروفٍ.
قلوبٌ صامتَةٌ، على رعشةِ الكلماتِ، تنهمِرُ.
رغم المفاتيح المتناسخة
لا تتلامسُ أصابعُنا
و العيونُ من زجاجٍ
لا ترى،
فقط تحلمُ.
الهياكلُ العظميّة
.لسنا إلاَّ قمصانها
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> (:
(:
رقم القصيدة : 7214
-----------------------------------
الأرضُ بلغَتْ هاويتَها.
ما عادَتْ أمامَنا طُرُقٌ،
و الوقتُ الذي بحجمِ دمعةٍ
أقلَّ ممَّا نحتاجُ
كي نموتَ
.مُبتسمين
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> عدوى المطر
عدوى المطر
رقم القصيدة : 7215
-----------------------------------
الليل يمعن في السفر
وعلى اطاريف المدى
تحلقين كما القمر ..
الليل يمضي مثل غيمات الشتاء
كالنهر حين يذوب فيه
مبكراً عطر الضياء
الليل يمضي دون وجهك ..
آه من هذا المساء ..!
ها قد أتى أيلول يحمل
في ثناياه الرياح
وأنا اذا جاء الشتاء
تصيبني عدوى المطر ..!
الليل يمضي مثل قلبي
مثقلاً ملّ السفر
وإذا بكت هذي الغيوم
ودغدغ الريح الشجر
سأكون دونك موحشاً ..
متوحداً ..كما القمر ..!
كوني معي إن زار ليلي
بغتة صوت المطر ..(51/374)
كوني لنشعل نارنا ..
ونعيد إنشاد السهر
الليل يمعن في السفر
وعلى بدايات المدى
تحلقين .. كما القمر ..!!
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> مطر ملون
مطر ملون
رقم القصيدة : 7216
-----------------------------------
تعالي نلون هذا المطر ..
-----------------
تعالي نلون هذا المطر
تعالي نغني نشيد السحر
تعالي نلملم حلماً جميلاً
رسمناه يوماً ثم انكسر ...!
تعالي لنجمع قطر الندى ..
ونجمع رجع انبعاث الصدى
ونبني جسرا بنبض القلوب
تعالي نعيد بهاء القمر ..
تعالي نحلق فوق الغيوم
تعالي نخبئ سر النجوم
فهذي النجوم شريكاتنا ..
بليل طويل .. مضى وانحسر ..
تعالي نسافر .. مثل الشراع
ونترك ما فات .. دون وداع
ونبحث عن جزر .. لم تزل ..
تنبت حباً .. شهي الثمر ...
تعالي لنحمي حلم الحياه
تعالي لنرويه .. عذب المياه
تعالي نسيجه بالعيون ..
ونبعد عنه ظلال الخطر ...
تعالي نصد هجوم الرياح
تعالي لنجمع نور الصباح ..
فما دام في العمر ..يوم جديد
سنصمد في الريح .. مثل الشجر ...!!
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> لنبدأ بالنهاية
لنبدأ بالنهاية
رقم القصيدة : 7217
-----------------------------------
عاشقان في الليل.
خائفان
كدمعتين
في عينيْ طفل
مثقوب القلب
وردته مجروحة.
معطفه على كتفيها
ذراعها حول عنقه
يرتعشان
بردًا و عتمة
مثل ورقتيْ شجرة
شبه عارية.
يحبُّها
و تحبُّهُ
لكنَّهُما
عندَ نهايةِ الشارعِ الطويلِ
سيفترقان.
انظروا إلى الرسالةِ التي
يسطعُ
طرفُها الشاحبُ
من حقيبةِ يدِها،
انظروا إلى المصابيح التي تنطفئُ
إثرَ خطواتِهِما
سربَ نجومٍ
تتساقطُ أجنحتُهُ.
سيمضي
وحيدًا
بدموعِها الساخنةِ
على خدِّهِ
و ستختفي هي
عندَ المفرقِ
متكئةً
على ظلِّها
و حنانِ كلماتِهِ الأخيرة:
"صَحِبَتْكِ الملائكةُ يا حبيبتي".
كم أنتَ قاسٍ
أيُّها العالم!.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> كم كان حزيناً
كم كان حزيناً
رقم القصيدة : 7218(51/375)
-----------------------------------
كم كان حزيناً
ذلك الممثل الوحيد ..
كم كان حزينا
وهو يؤدي
كل ادواره الصامته ..!
يموت ويحيا ..
يمارس كل جنون الحياة ..
ينادي خيول المستحيل ..
.. كم كان حزينا
ومهدودا .. ومتعبا
لكن وجود المتفرجين
( على صمتهم ) .. كان يبث في شرايينه
نشوة الانطلاق
..
وحدك الآن
.. وحدك ... وحدك ..!
هرب الممثلون
والمخرجون..والمصورون
وكاتب السيناريو ..!!
وبقيت وحدك .. وجمهورك الصامت
المختفي في العتمة ..
تنادي : سيزيف .. سيزيف !!
الق صخرتك وامض ..
سيزيف ..
الصخرة .. سيزيف ..!
فجأة يضاء المسرح ..
تنظر من خلال العرق واللهاث الى الجمهور ..
وقبل ان يبدأ جسمك بالتحول الى تمثال حجري
تنتبه بذهول ساخر
الى جموع التماثيل الحجرية الجالسة على المقاعد
تحدق بك
بصمت وحيرة ..!!
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> محاولة لرسم عينيك
محاولة لرسم عينيك
رقم القصيدة : 7219
-----------------------------------
لصوت سقوط زهر الياسمين
وقع خطاك
ونافذتي عيناك إذ تغتسلان
! بالمطر
وأنا احاول اذ يحاصرني المساء
! إشعال شمعتنا الأخيرة ..
احاول لكنها الريح اذ تحطم قيدها
والليل اذ يمتد كالحلم المخيف
احاول .. لكن يدي
تهتز مثل الغصن بلله المطر ..
من آلة التسجيل يأتي
صوت مظفر المجروح :
مو حزن )
لكن حزين ..
مثل ما تنقطع
جوا المطر
! شقة ياسمين
مو حزن .. لكن حزين
مثل صندوق العرس
ينباع خردة عشق
عقب السنين
***
احاول رسم عينيك
وأضحك كي ابرهن انني
ما زلت حياً
احضر لوحة بيضاء
احضر كل ألواني
وفرشاتي
وأصنع قهوتي السوداء
اطفئ ضوء مصباحي
واشعل شمعة زرقاء
.. وها انذا احلّق مثل صوفيّ
تموج بحيرة البجع
وأرسم وجهك القمري سيدتي
..وأرسم
ارسم
اتعب مثل بحار عتيق
انظر كي ارى عينيك
ابحث بين الواني
فأدهش اذ ارى غيماً
وأرجف اذ يبلل وجهي الناري سيدتي
مطر الدموع ..
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> قطر الندى(51/376)
قطر الندى
رقم القصيدة : 7220
-----------------------------------
قطر الندى ..
يا ظل نخلتنا الوحيدة
يا نهر حلم دافق
يا شمسنا الزرقاء
يا صوت الخميله
قطر الندى
في الفجر يسكن راحتي
سراً اي دمع الحبيبة
تبكين ينهمر الشتاء
يحيطني بحر الجليد
البحر يصبح سهل رمل
ينطفي حلمي الوليد
تبكين يصمت كل طير
يختفي لون الزهور
والنجم يخفت صامتاً
والبدر يشرق دون نور ..!
على اطاريف الغروب
والأفق يخفي وجهه
حزناً يغطيه الشحوب
قطر الندى
يا دمعة ..سكنت على رمش الحبيبة
يا خفقة في الروح
تهفو للبدايات القريبة
كوني معي .. نمضي معاً
للفجر .. للشمس الحبيبه
كوني لنمسح دمعنا
لنطير في الدنيا الرحيبه
كوني لنعلن فجرنا
لنعود اطفالاً صغاراً
اشقياء
كوني معي .. نمضي معاً
لنكون دوماً اقوياء ...
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> درب للحبيب
درب للحبيب
رقم القصيدة : 7221
-----------------------------------
الشمس تعلن انها في موطني
لا .. لن تغيب
الشمس في وطني ابية
فاوقفوا نهر النحيب ..!
هذي بلادي والمدى
ساحات فجر دائم
والموت في وطني غدا
درب الحبيب الى الحبيب ..
***
لعينيك التي نظرت الى القدس الحبيبة
ذات فجر من شموس ودماء
ليديك يا ابن الارض
يا وهجاً بفجرك قد اضاء
لبسمة ثغرك القدسي
لوجهك هذا الشريف البهي
وحيداً تعلن انت الوقوف
بوجه الهزيمة والاندثار
وحيداً تحارب وحدك انت
وصمت الجيوش يصم الكرامة
... يقتل فينا شعور الحياه
***
ها نحن ذا شعب من الشهداء
يأبى ان يموت
ها نحن نصمد كالنجوم .. وكالجبال .. وكالبحار
كالصخر نثبت
والمدى نار جحيم واحتضار
ها نحن نشهر روحنا
ونقول كلا للطغاه
والموت درب للتحرر انه جسر الحياه
***
الشمس في وطني ابية
شمسنا لا لن تغيب
والموت في وطني غدا
درب الحبيب الى الحبيب
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> زهرة .. لوفاء
زهرة .. لوفاء
رقم القصيدة : 7222
-----------------------------------(51/377)
الى روح الشهيدة .. وفاء ادريس
ما الذي يجعل من وردة قنبلة ؟
ما الذي يجعل قطر الندى عاصفه ؟!
ما الذي يجعل ريش الحمام
يقاتل ... يكسر طوق الجنون !
***
اليك وانت تنيرين ليل البلاد الحزين
اليك تطير النوارس ليلاً
تقبل منك اشتعال الجبين
اليك وانت تزفين روحك
يا زهرة القدس والصابرين
***
صمتاً فعين حبيبي تغفو قليلاً
صمتا .. لعل حبيبي يرى في المنام
بيادر قمح بأرض الوطن !
***
وفاء ترتل انشادها ..
توزع اجزاء روح الطهارة
تبعث روحاً لكل الجبال
وداعا حبيبة ارضي وشعبي
وداعا تردد كل المدائن
كل الازقة .. كل البيوت
وداعا تردد كل المآذن تعلن ..
قد راح دهر السكوت
وداعاً وانت تقولين للكون
انا سنبقى برغم الدمار
واول درب الكرامة موت
واخر درب الابي انتصار ...!
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كما لو في حلم
كما لو في حلم
رقم القصيدة : 7223
-----------------------------------
كانَ يحلمُ
و كانت، هي أيضًا، تحلمُ
و في معادلةٍ عجيبةٍ
(تعجزُ عن تفسيرِها كلُّ علومِ العالم
و يشرحُها، بكُلِّ بساطةٍ، بائعُ وردٍ متجوِّل)
التقيا
كما لو في حلمٍ
و حينَ تعانقت أصابعُهُما
لأوَّلِ مرَّةٍ
ابتسما
ابتسامةً كبيرة
مثلَ قمرٍ
اكتمل
بنجمتيْنِ:
يدُهُ
و يدُها
المشبوكتانِ
بوردةٍ حمراء.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> لن يسامحكم دمي
لن يسامحكم دمي
رقم القصيدة : 7224
-----------------------------------
لن يسامحكم دمي
النار تحرق معصمي
النار تخرج من فمي
القدس تثخنها الجراح
بليلها المتألم
وأنا وحيد في الكفاح
ولن يسامحكم دمي
أنا إن مضيت فإن لي
جذراً سينبت من جديد
جذراُ سينبت ألف حر
لا يصالح لا يحيد
النار تحرق معصمي
لكنني حر أبي
ثائر أبداً دمي ..
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> قهوة باردة ...!
قهوة باردة ...!
رقم القصيدة : 7225
-----------------------------------
مساء الخير سيدتي
هو مساء جديد اذن ..!
جهزت قهوتي(51/378)
وآلة التسجيل
وذاك المجنون الجميل ( تشايكوفسكي )
.. فتحت نوافذ روحي
ورششت العطر الذي تحبين
.. جهزت قصائدي الحمقاء
واوراقي .. وفي الصدر رفرف عصفور سجين !
***
تمر الدقائق ..مثل جدول بطيء
للقهوة رائحة الانتظار سيدتي
للقهوة طعم القبل
ولصوت الساعة وقع خطاك
***
مصباح الشارع يتثائب
والقهوة بردت من زمن
وتشايكوفسكي تعب من التحليق
.. للساعة صوت سقوط المطر
وفي المنفضة تغفو سجائري المطفأة
ومن النافذة يودعني نصف قمر ..
***
........
صباح الخير سيدتي
سيأتي مساء جديد
ويطل عليّ نصف قمر
سأجهز آلة التسجيل
وذاك المجنون الجميل
تشايكوفسكي
سأجهز اوراقي وقصائدي الحمقاء
وأشرع نافذتي لنصف قمر ..!
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> قوس قزح
قوس قزح
رقم القصيدة : 7226
-----------------------------------
كُلَّما ابتسمَ الهلالُ
في ظلِّ نجمتيْنِ
عادتِ السماءُ
وجهًا،
و كُلَّما اختلسا تحتَ المطرِ قُبْلَةً
استعادَ الحبُّ
كما لو بمعجزةٍ
ألوانَهُ السبعة.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> خطوة للصباح
خطوة للصباح
رقم القصيدة : 7227
-----------------------------------
تعالي الى طرف الصباح
لنعلن نحن ابتداء النهار ..
تعالي نعيد خطانا الينا
ونحرق اوراقنا الزائفه
فمن الف عام يجيء التتار ..
ونقتل احلامنا الواقفه
****
تُرى ..
من اغلق نافذة القمر ؟
ومن ذا يبعثر دمع الصبايا
على كل حلم ..مثل المطر ؟
لماذا نزرع احلامنا .. ونحصد دوماً
غبار السراب ؟
لماذا اذا أُشعلت شمعة ..
يحاصرنا الموت مثل الذئاب ؟
****
امد ذراعي الى الشمس
ادري
بأن الشمس هناك .. بعيده
امد ذراعي لأني اتوق
لطفلة حلمي الجميل
الوليده
امد ذراعي .. هاتي ذراعك
نجمع باقة نور .. ونار
نحرق صمت الليالي الكئيبة
نشعل برد الشتاء العقيم
ونخطو معاً
خطوة للصباح ..
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> أسفار للرمال
أسفار للرمال
رقم القصيدة : 7228(51/379)
-----------------------------------
اسافر
نحو سماء وجهك المستحيل ..
تشد خطوي كل الموانئ
وفي مطارات الجليد المعتمة.. دوما هناك نافذة
ووجه بارد
يبحث في نزق ممل .. عن جوازات السفر
وفي صحاري الروح .. تعوي الريح
تكمل في ليل المسافة اسفار الرمال ..
***
اليك يا اول الأيام
يا آخر الاحلام
اليك ترنو طيور الليل التي لا تطير
وقمر الليل الذي لا يضيء
وبحر الليل الذي
يجتر امواجه الصامتة ..
اليك امضي حاملاً حلمي
ابعثر في ظلال الفجر اوراقي
حكاياتي
.. امزق ما تيسر من عمر يمر كما النزيف ..
الملم ما تيسر من شظايا الروح
ثم اكمل رحلتي .. نحو سماء وجهك المستحيل ..
***
لماذا كلما دنا شراعي
من موانئ عينيك ابتعدت كما السراب ؟
لماذا حين افتح في جدار الموج نافذتي
اراها تطل على الخراب ؟
هو الغياب ...
يمد نصل الليل في روحي
فأمضي ..
من جديد نحو افق عينيك الغريبة ..
تشد خطوي كل الموانئ
وفي مطارات الجليد المعتمة
دوما هناك نافذة
ووجه بارد ميت
يسأل في نزق ممل .. عن جوازات السفر ..
وفي صحاري الروح .. تعوي الريح
تكمل في ليل المسافة
اسفار الرمال .......
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> بعدَ أن كانت سمكةً عطْشى...
بعدَ أن كانت سمكةً عطْشى...
رقم القصيدة : 7229
-----------------------------------
يدُها الصغيرةُ
بينَ كفَّيْهِ
لؤلؤةٌ
في حضنِ صَدَفَتِها.
لهذا الحبِّ الصافي
مطرًا
ينهمرُ
إلى أعلى
يدينُ البحرُ
بزُرْقَتِهِ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> وله
وله
رقم القصيدة : 7230
-----------------------------------
أهي الوجوهُ كُلُّها
تُشْبِهُهُ،
أم أنَّها
لِفَرطِ الوَلَعِ
في كُلِّ وجهٍ عابرٍ
تراهُ؟.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كواكب و نجوم من قمح
كواكب و نجوم من قمح
رقم القصيدة : 7231
-----------------------------------
لأنَّهُ يحبُّها
يصعدُ
كُلَّ ليلةٍ
على سلالمِ العتمةِ
بقدميْنِ حافيتيْنِ(51/380)
خشيةً أن يدنِّسَ السماءَ بحذاءٍ
لا ينزلُ
إلاَّ و القمر في يدِهِ
رغيفًا يفتِّتُهُ
على شكلِ كواكب و نجوم صغيرة
دونَ أن يهدرَ حبَّةَ قمحٍ واحدة.
بالتساوي
بالعدلِ الذي لا تعرفُهُ سوى أصابع عاشق
يوزِّعُ كعكاتِهِ الدافئةَ
على أطفالِ الشوارع
على شبابيكِ النائمينَ دونَ عشاءٍ أو أمل
على الكلابِ و القططِ الضالَّةِ أيضًا.
فقط
لأنَّهُ يحبُّها.
من أحبَّ إنسانًا
أحبَّ الناسَ جميعًا.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> ان اقفرت منك المدينة
ان اقفرت منك المدينة
رقم القصيدة : 7232
-----------------------------------
سهول الروح تنبض بالصباحات الجديدة ..
ترتادها خيول الريح
وللنوارس في جنباتها وهج الطفولة
كالأزهار حين يدغدغها النهار
.. وكالأشجار حين ترخي شعرها المخضر
في الق المساء ..
مثل القمح .. مثل البحر في طرف المغيب
ومثل نجم فوق نخل التل
يصغي للمواويل العتيقة
يرتادني وجه الحبيبة بغتة
فأمد اشرعتي وامضي ..
نحو افق .. حافل بالاشتياق ..!!
***
بحران من ثلج ونار
بحران امضي فيهما
والموج رايات الرحيل الى فضاءات الشتات ..
اتراك تنتبهين الى شظايا الروح انثرها ..
وروداً من بروق
ونشيد واحتراق ؟
ام ان جدران المدينة اقفرت ..؟!
وأنا تحاصرني جيوش الصمت
اهمس ..: .. قد اتيتك حاملاً شمساً
لكن شمسي قرص ثلج موجع ..
ان اقفرت منك المدينة ...!!
***
هل استكين الى جدار مائل ؟
ام انها الريح الشقية تستخف بفجرنا ..؟
يا همس صوت الظل في جوف الهجير
ما بين صمت الليل والأفق المسجى ..
الف بحر ميت
والموج رايات الرحيل ....
***
هذي حروفي تمطر الآن اشتعالي
والمدى غيم غزير ازرق ..
هذي حروفي
تمطر الآن احتراقي
قد نثرت شظايا الروح في ليلي
لتعكس ضوء نجمتنا الوحيدة .. كالمرايا
ها انا تحاصرني جيوش الصمت
احمل شمسنا العذراء قرباناً لعينيك
اضيئي الشمس سيدتي
فالشمس قرص من جليد ميت
ان اقفرت منك المدينة(51/381)
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> امطار السأم
امطار السأم
رقم القصيدة : 7233
-----------------------------------
مثل غيم من دخان وغبار
مثل أصداء الفراغ ..
ومثل وقع خطى الهزيمة
والتشقق والدوار
تثقل الأيام عمري
والمدى بحر انتظار ..
* * *
مثقل يمضي النهار
الشمس جمر مطفأ
والفجر جسر للفراغ !
وأعود ارسم من جديد
واحة للمتعبين
وخيمة للريح تشرع
كل احلام المدينة ..!
متعباً كالليل أمضي
مثل اطياف قديمة
متعباً .. في القلب بعض الروح
لكن في المدى وهج الحريق ..
* * *
متعباً
لا لست ابكي ..
انما في الروح موج
تنثر الأنواء ماء البحر من عيني
فأغرق ..
مثل تمثال حزين ..
* * *
هل تعلمين ؟
اكاد ابصر في الصحراء
وميض برق .. او جحيم
اكاد اذ يهوي على قلبي
جليد الموت ان ابكي
وأشعل .. شمعة الذكرى ..
اكاد ارسم بسمة او زهرة ..
لكنه بحر عقيم ..
والسحابات السقيمة
لم تزل في الروح تمطر ..
كل امطار السأم ..
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> البلياتشو ذو الدموع الملوَّنة
البلياتشو ذو الدموع الملوَّنة
رقم القصيدة : 7234
-----------------------------------
مكوَّمًا
مُهْمَلاً
مثلَ خرقةٍ قديمة
على مصطبةٍ ملطَّخةٍ بدموعِهِ
الزرقاء
الخضراء
الحمراء
المنهمرة
بمساحيقِهِ الرخيصةِ
على الخشبِ المهترئ
و جوخِ قبَّعتِهِ الداكنةِ
المضاءةِ
فجأةً
بقمرٍ فضيٍّ من جيبِهِ
و زهرةٍ، من شَعْرِها، بيضاء
الولدُ و البنتُ الجميلان
كقمرٍ فضيٍّ
و زهرةٍ بيضاء.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> المتوسِّلُ... بنظرةٍ مثقوبة
المتوسِّلُ... بنظرةٍ مثقوبة
رقم القصيدة : 7235
-----------------------------------
بعينينِ مفقوءتينِ
يتوسَّلُ نظرةَ حنانٍ صافية
نظرةً واحدةً
لا يعكِّرُها اشمئزازٌ
و لا تبتذلُها شفقة
نظرةَ إنسانٍ
لأخيهِ الإنسان
لكنَّ العابرينَ سريعًا بمعاطفهم
لا يرونَ فيهِ
سوى متسوِّلٍ معوَّق
في زاويةٍ من رصيف(51/382)
يقذفونَ في راحةِ يدِهِ المتشقِّقة
قروشًا قليلةً
و يختفون.
وحدهما الولد و البنت المتعانقان
ضفيرةً من لحمٍ و دم
تحتَ مظلَّةٍ ملوَّنة
وضعا، برفقٍ، في ثقبيْهِ العميقيْنِ
قطعةً من الخبزِ المُحلَّى
و كمشةَ زبيبٍ و ياسمين
متوهِّميْن أنَّهُ شجرةً
و أنَّ تجاويفَ جمجمتِهِ
-هذه التي تقرفُ الناسَ
و ترعبُ الأطفال-
أعشاشَ عصافير.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> السيلانيَّةُ المتدليةُ، كدمعةٍ سمراء، من حافةِ الشرفة
السيلانيَّةُ المتدليةُ، كدمعةٍ سمراء، من حافةِ الشرفة
رقم القصيدة : 7236
-----------------------------------
من خلفِ النافذةِ
و المطر
يلوِّحان
ليدِها المرفرفةِ
بخرقةِ مطبخٍ مبقَّعةٍ بالصلصة
و الزيتِ
و نجوم الفحمِ
و هي تلوِّحُ
تلوِّحُ
تلوِّحُ
من البنايةِ المقابلة
من خلفِ حبالِ الغسيلِ و المطر
كأنَّها عاشقة على شاطئٍ أزرق
لاحت
في الأفقِ
سفينةُ حبيبِها.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> اربع نجمات على حافة الليل
اربع نجمات على حافة الليل
رقم القصيدة : 7237
-----------------------------------
(الليل)
يتمطى هذا الليل حولي
يمد جناحيه على المدى ..
يتسلل من كل النوافذ
والفجر سيدتي ..
نجم بعيد ...
( صهيل )
للشمس وهي تصعد سلم النهار
لهاث سيدة عجوز
وخلف نافذتي تصهل خيول نهار برية
متعبة ...!
( لأراك )
لا تغلقي عينيك سيدتي
حين نلتقي في قبلة
او دمعة ..
حين تغلقين عينيك
لا ارى سوى العتمة
افتحي عينيك سيدتي ..
لأراك ..!!
( رحيل )
نمت مبكرا ليلة البارحة
على الطاولة كانت تمتد اوراقي
سهول ثلج ابيض
ونافذتي مقفلة ..
وعلى الجدار صورة لنا ( ذات شتاء )
.. صباحا .. كانت وعول الريح تعدو فوق سهول الثلج
ونافذتي مفتوحة
وعلى الجدار صورتنا ..
فارغة منا ..!
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> إذ تغيبين
إذ تغيبين
رقم القصيدة : 7238
-----------------------------------
مثل حلم أو بداية عاصفة(51/383)
يجيء المساء سيدتي
دون عينيك
ودون قهوتك المسائية ..
يجيء المساء كالحمى
ويهطل الوقت بطيئاً
بطيئاً ..
كما الخريف ..
تجف القصائد
تلملم النجوم فراشاتها
وتمضي ..
وهذا الوقت يدور حولي
مثل دوامة من دخان ..
تتساقط حولي الثواني
يمر هذا الليل .. جسراً من جليد
يمتد بين جمرتين ..
***
اذ تغيبين ..
يفقد البحر لونه
تبعثر الريح على سطحه
بقايا الموج ..
تهاجر كل النوارس
واغدو انا بحّاراً ..
دون اشرعة ... !
***
اذ تغيبين ..
يصبح للورد لون الغبار ..
يضيق المساء
يضيق النهار
تعشش في الكون العناكب ..
تضرب الأقلام عن الكتابة
وتغفو العصافير
عند الصباح ...
***
اذ تغيبين
يجيء المساء كالحمى
ويهطل الوقت بطيئاً
بطيئاً
كما الخريف
تجف القصائد
تلملم النجوم فراشاتها
وتمضي ...
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> ليستِ الجسورُ أقواسَ قزح
ليستِ الجسورُ أقواسَ قزح
رقم القصيدة : 7239
-----------------------------------
غريبانِ في العالم.
غريبانِ عَنْهُ، أصلاً.
ما من مدينةٍ
قادرة
على احتوائهما
في حضنِها.
كُلُّ أرضٍ
خراب،
كُلُّ وطنٍ
خرافة،
و ليستِ الجسورُ أقواسَ قزحٍ
كي يعبرا
لاجئيْنِ بلا أوراقٍ أو حقائب
من العتمةِ
إلى الحلم.
قلبُهُ الأزرق
و عيناها السمكتانِ
من مكانٍ بعيدٍ
اسمُهُ
في خرائطِ الأطفالِ
و رسائلِ العشَّاقِ
منذُ أن عرفَ التاريخُ طعمَ الحلوى و القُبُلاتِ
بلدُ الدموع.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> سامحيني لأني فرحت قليلاً
سامحيني لأني فرحت قليلاً
رقم القصيدة : 7240
-----------------------------------
يجيء الصباح مبكراً هذا النهار ..
والشمس تشرق
قبل موعدها
وهذا الافق الوان
والحان ..
ماذا جرى ؟
اهو الفرح ؟!!
هذا الذي يحكون عنه ..
يجيء مثل الغيم يعطي
للمدى لون الربيع ..؟
***
لست ادري ..
غير ان الصبح جاء مبكراً
والشمس كانت
مثل ثغر حبيبتي ..
لا لست ادري
غير ان الروح فيها
بعض اطياف جديدة(51/384)
والقلب يخفق حائراً ..
رباه .. كيف باغتني انا
موج الفرح ؟!
لا بد من سر اذن ..
واعود في الذكرى
انقب بين اوراقي
وبين سنابل الاحلام
ابصر وجهك القمري
يبسم لي كأغنية ..
كسطح بحيرة في الليل
يبسم لي ..
فتعلو في بحار الروح
اشرعتي
واذكر حلمي السحري
سيدتي
وعينيك
واذكر وجهك القمري سيدتي
يبلله قطر الندى
في الفجر
يا فرحي ويا حلمي الذي يمتد
مثل النهر
مثل دقائق الغربة
واذكر شعرك الليلي
اذكر بيتنا الجبلي ..
في بلدي هناك ...
اذن .. حلم اتى ليلون الصبح الجميل ؟
حلم فقط ؟!
***
آه حبيبة جرحي الممتد
كليل الغريب
طويلاً .. طويلاً
سامحيني يا حبيبة
سامحيني لأني ..
فرحت قليلاً ... !
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> حرَّاس الحلم
حرَّاس الحلم
رقم القصيدة : 7241
-----------------------------------
زارعو الوردِ وسطَ الخراب
حاملو المصابيح في ليلِ العميان
حاضنو العصافير الجريحة في راحاتِهِمْ
إلى أن تستردَّها السماءُ
أجنحةً أو (لا قدَّرَ اللهُ) أرواحًا
الذينَ، بمناديل من لحمٍ و دم، يمسحونَ الدموعَ و العرق
عن خدودِ المُهانين
و الجباهِ الذليلةِ
حرَّاسُ الحلمِ
بمفاتيح من ضوء
و سياجٍ من أزهار.
العشَّاقُ الذينَ
بأيدٍ بيضاء
و مطارق ملوَّنة
يرمِّمونَ الأرضَ و الأرواح.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> بيت من سُكَّر
بيت من سُكَّر
رقم القصيدة : 7242
-----------------------------------
بيتٌ من غرفةٍ واحدةٍ
واسعةٍ و بدفءِ قُبْلَة.
سريرٌ نصفُ غافٍ
يحلمُ
بنخلتيْنِ
تؤرجحانَهُ
تحتَ سقفٍ من نجوم،
خزانةٌ من خشبٍ و مرايا
تنتعِلُ
بقوائمِها الأربع
جواربُهُما المُهْمَلَة،
كنبةٌ كَسِلَة
تشاهدُ الرسومَ المتحرِّكة و تتثاءبُ
ملتحفةً بمعطفِهِ الأسود
و شالِها الملوَّن،
مكتبةٌ عجوز
تضمُّ الكُتُبَ
أطفالاً من ورقٍ
برفوفٍ كانت
في حياةٍ سابقةٍ
أغصانَها،
زاويةٌ للأكلِ،
زاويةٌ للرسمِ،(51/385)
زاويةٌ لقططٍ مغرورةٍ تقدِّسُ النومَ و العزلة،
و في زاويةٍ من المطبخِ الصغير
الذي لا يصلحُ إلاّ لصناعةِ الحلوى
عاشقانِ ذائبانِ
كقطعتيْ سُكَّر
في العناقِ
و الضحك.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> التوأم
التوأم
رقم القصيدة : 7243
-----------------------------------
منذُ طفولةٍ لم تعِشْها
منذُ حافرِ حظٍ
كانت ترسمُهُ
ابتسامةً
على شبابيكِ المطر
منذُ أن اكتشفتِ الظلامَ
و خوفَها من الظلامِ
في ليلِ الغربةِ القاسي الطويل
و هي تنتظرُهُ
فارسًا
بعينيْن لوزيَّتيْنِ
و قلبٍ من سُكَّر
بلمسةٍ
يعيدُ الفرحَ مُهْرًا
على جبهتِهِ هلالٌ
في صهيلِهِ سماءٌ من نجوم.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> قالت لي الريح
قالت لي الريح
رقم القصيدة : 7244
-----------------------------------
هل للمحب إذا احب طبيب
واذا دعوت فهل هناك مجيب ؟
نهر من الذكرى يردد لحنه
وأنا بعيد .. شارد وكئيب
الريح تعزف في الجبال نشيدها
والصخر حولي ان هتفت يجيب
دربي إذا ما سرت درب شائك
ما بين تل شاهق .. وكثيب
يمتد وادي الريح تحتي معتما
الريح تسكنه وفيه تغيب
ساءلت هذي الريح عنك اجابني
صوت الرياح الصبر أنت غريب
رقت صخور التل حين لمستها
ونقشت اسمك ..والغروب قريب
يا سري السحري اني متعب
والصخر مثلي .. وحشة ونحيب
أرسلت شعري في الشعاب قصيدة
ريح .. وجمر محرق ... ولهيب
لا يهدأ الشوق الذي في خافقي
سر الغرام محير .. وعجيب
جمر يحاصرني كمثل غمامة
لا .. ليس للقلب المحب طبيب
ما للشعاب تصير سهلاً اخضراً
ان قلت اسمك .. فالصعاب تطيب
يرنو إلي البدر في عليائه
والبدر مثلي .. مخطئ ومصيب
ليلي طويل دون وجهك انني
ان قلت اسمك .. شاعر وأديب
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الغريم
الغريم
رقم القصيدة : 7245
-----------------------------------
يشتعلُ
غيرةً
و جنونًا
من القبلاتِ التي توزِّعُها
أمامَ عينيهِ
على حوافِّ الفنجان.
الفنجانُ اللعينُ!(51/386)
الفنجانُ المحظوظ!
كُلَّ صباحٍ
تعاودُهُ الخطَّةُ الشرِّيرةُ ذاتُها:
سيفلتُهُ من يدِهِ
و يصرخُ من أعماقِ البيت
كطفلٍ أسقطَ كوبَ الحليبِ سَهْوًا
مفتِّتًا غريمَهُ
على بلاطِ المطبخ البارد
راسمًا على وجهِهِ ابتسامةً محيِّرة:
انتصارٌ؟
أم اعتذار؟
لكنَّهُ يتراجعُ دائمًا
في اللحظةِ الأخيرةِ
و يوبِّخُ نفسَهُ بقسوةٍ و خجل
و هو يتخيَّلُ قبلاتِها الحلوة
مكسورةً
مرميَّة
في الكيسِ الأسود
وسطَ القاذوراتِ
و بقايا الطعام.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> حذاء بحجم قصيدة هايكو
حذاء بحجم قصيدة هايكو
رقم القصيدة : 7246
-----------------------------------
كحبَّتيْ كَرَزٍ
تلمعُ
فردتاهُ
في راحتيْهِما.
من الكعبيْن الناعمينِ
تتدلَّى كرتانِ
بلونِ الزهرِ
برهافةِ جناحيْنِ
في شرنقةِ حرير.
حذاءٌ بحجمِ قصيدةِ هايكو
لطفلٍ
يحلمانِ
بخطوتِهِ
تضيءُ الأرض.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> خلافات يوميَّة
خلافات يوميَّة
رقم القصيدة : 7247
-----------------------------------
خلافات يوميَّة
يحبُّها و تحبُّهُ
لكنَّ كلابه لا تحبُّ قططَها
و قططها لا تحبُّ عصافيرَهُ
و الفراشاتُ
هي الأُخرى
لا تحبُّ مثلَ هذه الخلافاتِ اليوميَّة
تحتَ سقفٍ
من أجنحتِها.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> نافذة لعينيك
نافذة لعينيك
رقم القصيدة : 7248
-----------------------------------
هل لي الى عينيك نافذة الرؤى
ليصير ليلي مشرقا وجميلا
ادمى فؤادي ان بعدك محرق
هيهات اعرف للقاء سبيلا
يا سري الابدي يا سحر الدجى
لغزي الذي لا يقبل التاويلا
من غير وجهك يستثير مشاعري
فاقول شعرا او اقول صهيلا
رحلت تهاويم الليالي كلها
وغدوت ارسم حلمي المقتولا
يا ايها القمر الذي شاركتني
سهر الليالي لو تظل قليلا
لو كنت املك ان اطير كنسمة
كنت اقتحمت الهول والمجهولا
ارجو لقاءك كالغريق اذا راى
كفا تريد الى الغريق وصولا
ضمي اليك الفجر فهو رسالة(51/387)
مني لينقل سري المجهولا
تبكي الورود اذا لمست خدودها
والبحر يصمت لا يحار فتيلا
يا ايها القمر الذي شاركتني
سهر الليالي لو تظل قليلا
ان كنت تلمح طيفها في ليلة
قبله عني .. احسن التقبيلا
لو كنت املك ان اطير كنسمة
كنت اقتحمت الهول والمجهولا
غنت طيور الفجر حين عرفتها
والكون اصبح واحة وظليلا
ارجو لقاءك كالغريق اذا راى
كفا تريد الى الغريق وصولا
مضت الليالي كانعكاسات الصدى
لم يبق الا الذكريات دليلا
ضمي اليك الفجر فهو رسالة
مني لينقل سري المجهولا
هيهات انسى من احب لانني
روح تحاول للحبيب وصولا
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> دموع سوداء
دموع سوداء
رقم القصيدة : 7249
-----------------------------------
ليلٌ ناصعٌ
على النوافذ
الحيطان
صوتِهِ الشاحبِ
شمعةً تحتَ المطر
و ظلالِ يديها المرتعشة.
ليلٌ ناصعٌ
و فجأةً
قطَّةٌ بكثافةِ غيمةٍ
بقتامةِ قلبِهِ حينَ تهدِّدُهُ بالهجر
بحجمِ قلبِها حينَ يخاف
تنقِّطُ على شرشفِ الليلِ نجومَ عينيها
دموعًا سوداء.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> دموع الأسماك
دموع الأسماك
رقم القصيدة : 7250
-----------------------------------
يضعُ أذنَهُ على صَدَفَةِ قلبِها
ليصغيَ
إلى البحر.
بعينيْن مغمضتيْنِ
يراها
طفلةً ترسمُ بدمعاتِها الدوائرَ في ماءِ روحِهِ
و تسألُ:
"هل تبكي الأسماكُ
مثلَنا
في الأعماقِ
حينَ تكونُ وحيدةً و حزينةً؟".
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> قطرات ندى
قطرات ندى
رقم القصيدة : 7251
-----------------------------------
رأسُها على كتفِهِ
زهرةَ ليمونٍ على غصنٍ مكسور.
شاحبةٌ
شاردةٌ
شبحٌ يواجهُ غيابَهُ
في مرآةٍ عميقة.
"ليسَ هذا السقفُ المنخفضُ سماءً
و هذه النافذةُ الشحيحةُ
ليست قمرًا".
في العمقِ
ينتفضُ قلبُها
صغيرًا
خائفًا
قبرَ طفلٍ.
بصوتٍ راجفٍ
شمعةً على وشكِ العتمةِ
تهمسُ:
"الحبُ لا يصنعُ المعجزات
هو، بحدِّ ذاتِهِ، معجزة"
فيما دمعاتُها تتساقطُ(51/388)
قطراتِ ندى
على قُطْنِ بيجامتِهِ
و أنفاسِهِ الغافية.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> يذرفُ السماءَ في دمعةٍ
يذرفُ السماءَ في دمعةٍ
رقم القصيدة : 7252
-----------------------------------
" في الليلِ
لا تتركيني
وحيدًا.
ترعبُني العتمةُ.
صوتي مصباحٌ مكسور،
و النجومُ
إن غابت ضحكتُكِ
مرايا جارحة".
بلا أملٍ
بأصابعٍ من مطر
يتشبَّثُ بطرفِ منديلِها الأزرق
و يبكي.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> بعدَ أن كانت لؤلؤةً بين كفَّيْهِ...
بعدَ أن كانت لؤلؤةً بين كفَّيْهِ...
رقم القصيدة : 7253
-----------------------------------
تُفْلِتُ
من بينَ ذراعيهِ
دمعةً
لا يتَّسِعُ
لانهمارِها
منديل.
الحبُّ
بمثلِ هذا العمقِ
و هذه الزرقةِ الشاسعة
بحرٌ
ينتحرُ
غرقًا
في دموعِهِ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> بالون وحيد
بالون وحيد
رقم القصيدة : 7254
-----------------------------------
ما زالت تعتني
كُلَّ صباحٍ
بياسمينِ شرفتِها.
يراها
من ركنٍ بعيدٍ
عندَ منعطفِ الشارعِ
تسقي بماءِ عينيْها شتلتَها الصغيرة
تفتِّتُ حنانَها للحمامِ خُبْزًا
تبتسمُ
لبائع البالوناتِ العابرِ
بعربتِهِ الخشبيَّةِ
و أجنحتِهِ الكثيرةِ
على الرصيفِ المقابل
ثمَّ تختفي فجأةً
خلفَ الستارةِ
دونَ أن تراهُ
يلوِّحُ
ببالونٍ وحيدٍ
لنافذتِها المغلقة.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> البشرُ الذينَ حدَّثَتْهُ عن آلامِهِمْ طويلاً
البشرُ الذينَ حدَّثَتْهُ عن آلامِهِمْ طويلاً
رقم القصيدة : 7255
-----------------------------------
وقفَ
يتأمَّلُهُمْ
بدموعِ عينيه:
بوجوهٍ أذابَ ملامحَها البكاءُ
بأكُفٍّ متشقِّقة
حُفاةً
شبهَ عُراةٍ
يرقِّعونَ حذاءَ الحياةِ بجلودِهِمْ
لئلاَّ تتوقَّف
لتستمرَّ في السيرِ بمصباحِها أمامَهُمْ
لعلَّهُمْ، ذاتَ يومٍ، يلحقونَ بخطوتِها و يعبرون
بأعمارٍ مهترئة
و حمارٍ أعرج
إلى الرصيفِ الآخر
حيثُ يقفُ رجلٌ(51/389)
في معطفٍ أنيقٍ
يمسحُ زجاجَ نظَّارتِهِ
و يبتسمُ
مثلَ قوسِ قُزحٍ
مقلوب.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> البشرُ يطلُّونَ على الحلمِ عبرَهُما
البشرُ يطلُّونَ على الحلمِ عبرَهُما
رقم القصيدة : 7256
-----------------------------------
للنافذةِ
درفتانِ:
عاشقٌ و معشوقٌ
يتعانقانِ
و يفترقانِ
ليتعانقا من جديد.
كأنَّما طفليْنِ يلعبانِ على شُرْفةِ وردٍ
و النسائمُ أراجيحُ.
بينهما
شمسٌ و قمرٌ و نجوم
تسبيحُ يمامٍ
أغنياتُ عصافير
أزهارٌ بألوانِ الفرح
بشرٌ
يطلُّونَ
على الحلمِ
عبرَهُما.
ضحكاتُ المطرِ على الحواف
تعيدُهُما شجرةً في غابةٍ.
دموعُهُ
كُلَّما تجمَّعت في شقوقِ الخشبِ
تسيلُ
بملامحهما
طلاءً أزرقَ.
في البركةِ الموحلةِ
يسبحُ فمُهُ
باحثًا عن خدِّها
ليطمئنَها بقبلةٍ خفيفةٍ
ليهمسَ
بشفتيْهِ المرتعشتيْنِ
في أذنِها الطافيةِ
هلالاً صغيرًا في العتمةِ:
"لا تخافي يا حبيبتي،
الزمنُ
كعادتِهِ
سيرسمُ لنا وجهيْنِ جديديْنِ
هناكَ
في الأعالي
حيثُ أكفّنا تلوِّحُ
في الريحِ
ستائرَ بيضاء".
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> زمن الوردة
زمن الوردة
رقم القصيدة : 7257
-----------------------------------
يُحكى
أنَّ عاشقيْنِ
في زمنٍ قديمٍ
دُفنا في حفرةٍ واحدة.
لنتخيَّلَ المشهد:
هيكلانِ عظميَّانِ
مُمدَّدانِ جنبًا إلى جنبٍ
كما لو أنَّ الترابَ سريرٌ من عشبٍ
و الدودَ الذي ينهشُ اللحمَ الباردَ
فراشاتٌ تنقلُ القبلاتِ في رحيقِها.
هل قُتِلا؟
انتحرا معًا؟
أم أنَّهُما من ضحايا الكوليرا؟
تجاهلَ الرواةُ
عبرَ العصورِ
هذه التفاصيل العابرة
لتسطعَ
في الحكايةِ
وردةٌ حمراء
نبتَتْ
من الترابِ الذي احتضنَ العاشقيْنِ في عناقٍ أخيرٍ
جذورُها عظامُ أصابعِهِما
المتشابكةُ في الموتِ
كما في الحياة.
بعدَ ألفِ عامٍ تقريبًا
من زمنِ الوردة
و في زاويةٍ صغيرةٍ من جريدة
خبرٌ عن طائرةٍ تحطَّمَتْ
عن علبةٍ سوداء مفقودة(51/390)
عن غوَّاصٍ من فرقةِ الإغاثة
عثرَ
في أعماقِ البحرِ
على ما يُشبِهُ وردةً حمراء:
يدانِ متعانقانِ
انفصلتا عن جسديْهما
دونَ أن تنفصلَ الواحدةُ عن الأخرى
دونَ أن يفترقَ العاشقان.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> من يكملُ الحلم؟
من يكملُ الحلم؟
رقم القصيدة : 7258
-----------------------------------
"جسرٌ خشبيٌّ أخضر
زوارقُ تضيءُ النهرَ و الشبابيكَ بعبورِها
معاطفُ بردانةٌ
بظلالِها العاريةِ
تكسو الأشجارَ و التماثيل.
في مرآةِ الماءِ
السوداءِ العميقة
وجهان ملتصقا الخدَّيْنِ و الدموع.
كأسانِ في نخبٍ أخير".
أفتحُ عينيَّ فجأةَ
على سقفٍ و شمسٍ و صُداع
ليختفي
في غبارِ الضوءِ
خلفَ أشباحِ الستائر
ليلٌ
و جسرٌ
و عاشقان.
ولدٌ جميلٌ
كانَ من الممكنِ أن ألتقيهِ في الحياة
لولا كُلِّ هذه الجدران خلفَ السنين.
بنتٌ تشبهُني
حينما كنتُ أشبهُ نفسي.
غادرتُهُما هناك
حيثُ الشارع الطويل
حيثُ المفرق
حيثُ حقيبة و رسالة و نجوم تتساقطُ فوقَ المطر.
هل افترقا فعلاً؟
أغمضُ
فاقدةً للنومِ
عاجزةً عن إعادتِهِما إلى بعض
إليَّ.
قلبي مثقوبٌ
وردتي مجروحة.
.أتوقَّفُ هنا
من يكملُ الحلم؟.
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> التَّغير
التَّغير
رقم القصيدة : 7259
-----------------------------------
-1-
في مَساءٍ، ألفتُ ملامحَها،
شكلَها، خطوَها الملكي،
ثوبها يَقصرُ كلما اقتربت من سياج الحدائق،
غافيةً في المساء،
وخلف السياجِ نعاسٌ،
وخلف الزجاجِ غفا زمنٌ،
حجرٌ شكله،
وطنٌ من حجر.
-2-
في مساءٍ كهذا،
غفا ثوبُهُ فوقَ هذا السياج،
بكينا الزمان، فلملمنا حجرٌ،
فارتدينا الثيابَ نعاساً،
والأمنياتُ غدت سِدْرةً في الطريق.
فكم قد شقينا ؟
وكم غادرتنا الملمات
بيضاءَ في مفرقينا ؟.
فيا أختنا في المتاهات،
ميتة دوننا الأمنياتُ، وغافيةٌ
بعدنا كلُّ أثوابِنا،
والصديقات
ُ
ميتة في الشكوك.
فيا أختنا
غائمٌ ظلنا في الأمسية،
فهلا سمحتِ لنا مرةً(51/391)
آه من مرة
ٍ
دونها مرَّةٌ لغتي كالزمان
ومالحة وجنتاك.
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> حَصَاةٌ مِنْ الثَلج
حَصَاةٌ مِنْ الثَلج
رقم القصيدة : 7260
-----------------------------------
-1-
أنا أيها الوطنُ المرتجف
في الشتاء،
تمددتُ حتى احتوى
جسدي عشقك البابلي،
دمشقُ احتواها الزمان الغريب
ُ
الكآبة،
كنت النبي المرجى
وكنت النبي المؤجل ، في لحظة البرد
في لحظة البرد،
أبكي النساء وأمتد حزناً على الرمل
طفلا من الرمل، ثوباً يشم الحصى،
مسكناً للحبيب.
أنا عُشبَة لملمت نفسها من عيون النساء
الغريبات، من بردة الموت، طيرٌ وقد جاوز
الأربعين ومازال
يدنو من اللحظة المرطبة.
-2-
أنا طائرُ ألتم
أنا فرحة غادرت حزنها
في الثياب،
وبين الشفاه ، تمددت نهراً ونمت
ُ
-3-
وكنت النبي المرجى
وكنت النبي المؤجل،
بين الفراش سحاباً من الرمل
حيث احتوى ساعدي نحرها
واختفى في الثياب، غريبا على ساحل الماء
كان حصاة من الثلج.
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> قراءة أولى في الحب
قراءة أولى في الحب
رقم القصيدة : 7261
-----------------------------------
-1-
سيدتي....،
إني رجوتك أن تجلسي مرةً في الحدود
وأخرى رجوتكِ أن تكتبي في الغصون
وأخرى رجوتكِ قولاً...،
إني أحبك...، لكنكِ ما فعلت
ِ
ولكننا فاعلون.
-2-
تنامُ الغصون الكئيبة في آخر الليل
تغفو الغصون الكئيبة عند المسا
حيث تبقى المسافات
ما بين منزلنا والمقاهي المرايا
وأبقى أنا بين تلك المسافات
أو ظلها في الغصون، الكتابةََََََََََ،
أو ظلها في شفاه النساء
وتغفو الغصون الكئيبة
في ساعدي هشة، مشتهاة،
تطيلُ كآبتها في الليالي الجميلة
ِ
حيث الليالي الجميلة أبعد من منزلي
أبعد من جدار المقاهي التي
تجلسين بها، تشربين بها الشاي
ساخنة في ليالي الشتاء...،
-3-
في ليالي الشتاءِ، عرفتُ }العمارة{،
والساكنين بها...، والحدود التي
علمتها المشاحيف لون الوجوه الغريبة(51/392)
طعم النساء الغريبات، وقت اجتماع الغصون،
ووقت اجتماعي أنا بالغصون،
ووقت الغصون،
ولكنكِ تعرفين،
بأن الغصون الكئيبة تغفو مع الظل
مثل كآبتنا،
تحتسي في المقاهي الصغيرة
شيئا من الخمر،
شيئا من الشاي،
شيئا من الحب،
لكنها الماءُ تبقى، تظل على الغصن
حاملة حزنها للنساء المرايا
والمرايا المياه
تَحْيا إلى أخر الليل حائرة
كسقوف المقاهي القديمة
حيث المقاهي القديمة ،
تطردُ
في ظلها الساكنين بها
كي تشرب الشاي
أو تحتسي الخمر
طالبة أن تنام.
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> المسافة
المسافة
رقم القصيدة : 7262
-----------------------------------
احتمال تكون الرسائلُ جرحا كما الليل
أو فرحة في ارتداء المسافة
فمَنْ يحتمل لوعة في الأقاحي
ومَنْ يحتمل شقة في الرشيد
فقد يحتمل منزلا كالبكاء
قميصاَ يُلِفُ الصغار له كالمساء
نما عشبه في الزمان
وصار الممر الكئيب
هوت بعضه الريحُ
حتى بنت ظلها رجفة
واحتوت دمعتين
أغازلها مرة، في الممر، فتجفو
وأخرى مع النفس قد أورقت لوعتين
فنفسي التي تعشق الريح
تمتد بين الأصابع مهراُ
تجاذبه الخوف والخاتم الذهبي
انزعي خاتمي واشتري قبلة
من غريب يمرُّ بنا كالمساء غريبا
تجاذبه النوم في قبلة
واتبعي خطوه
فهذا الذي يعشق الأقحوان
يحاصره الخوف في شقة في الرشيد
فكوني له خاتما كالمسافة
كوني له منزلا كالأصابع
يغفو به مرَّة
يا بريد المسافة
إننا سويا لبسنا الكآبة ، وإننا سويا مشينا
وإن ابتعدنا عن شقة في الرشيد نموتُ
وإن اقتربنا
هوى بعضنا بعضه
يا بريد المسافة
كن دافئا مرة كالسحابة
كن مرَّةً دافئا في السحابة
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> هذا بيتي
هذا بيتي
رقم القصيدة : 7263
-----------------------------------
- 1-
هذا بيتي، ورق الزيتون، طيورٌ شاردةٌ في الظل، حصاةٌ يعرفها المجون، دعاءٌ غادرني منكسراً، طفلٌ يبكي، مدية عراف يمنيٍّ ،تخترقُ القلبَ، ليلَ نهار(51/393)
،لكنَّ ألمدمى في كل الساحاتِ حبيبي
،فربَّ نهار
يأتي من دون قطار
وقطار الفقراء قطار
وهتاف الفقراء نهار
-2-
في الغرفة، أكتشف الليلة، أسرار البقالين، وأعرف أنّ اللحمَ المغشوش يفجر في أوردتي بقعاً، يملئوها القيحُ، يفجر في ذاكرتي صحراء يحضنها الفيحُ، دروباً تخنقها العتمات، هتافات صبيٍّ عربيٍّ تخنقه البسمة، يركض في أروقة البكائين، ويبكي في أبواب مدينة روما، وأنا لس
وقطار الفقراء قطار.
-3-
الليلة يا صاحبتي، يهجرني ألمي وأعودُ إليكِ، أخبئُ ظلي بين يديكِ وأغلقُ نافذتي، فعسى أنْ يشتدُّ الحلمُ وتفتقدُ السَّاعات ثوانيها، فتهجرني أثوابُ الحكماءِ، أعودُ إلى البدء صغيراً في عينيكِ، فربَّ قطارٍ لا أعرفهُ يأتي، تهجره الأيامُ لديكِ، فأغفو فيه، فأنا يا
وقطار الفقراء قطار.
-4-
في الظلِّ، أخبئُ عينيَّ وأسكنُ في أطراف الصحراء قليلا. لكنَّ الصحراءَ تهاجمني ولبردُ يطاردني، فأعود إليكِ، فربَّ نهارٍ يأتي في عينيكِ.
وربَّ نهارٍ يأتي من دون قطار.
وقطار الفقراء قطار.
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> أقاليم البهجة والحزن
أقاليم البهجة والحزن
رقم القصيدة : 7264
-----------------------------------
-1-
مَنْ يكتبُ القصيدة
َ
يسكنُ في حروفها كالجرح
من يعرفُ القصيدة
َ
يسكن في أيامها كالظل
ِّ
مّنْ يكتشفُ القصيدة
َ
في خطوها يضيعُ
-2-
أوقفني في الريح
علَّمني الكتابة
وقال لي: لا تبرح السُّحابة
فالليل في ظلالها قمرْ.
يسكن في الحبِ وفي الكآبة.
-3-
من دون أن أراك
ضيعني أتاهني هواك.
-4-
أوقفني في غُربتي وأغلق الكتاب
فضعتُ بين الليل والنهار
وصرتُ كالغبار
أغنية ،
حقيبة تسعى إلى البداية
لا تعرفُ الليلَ من النهار.
-5-
كم مرة ، أخافُ أن أفتقد السلامة
في زمنٍ في وطنٍ، يطيرُ كالحمامة.
-6-
أخرجُ في محبتي ، أقولْ:
سعادتي مبتدأ ، تعاستي خبر
وأنتم الآتون
حماقة يخنقها الظلُ على الشجر.
-7-
من قبل أن تضيق
يا سيدي
تبتدأ المحبةُ(51/394)
يبتدأ الطريق.
-8-
أوقفني في غربتي سحابه
وقال لي: محبتي ما بعدها محبه
الليلُ في ظلالها يغيبُ
والليلُ في زماننا حقيبة
يحملها القطار
تغفو على ظلالها، تنامُ في دروبها قصائدُ الأطفال.
-9-
كم مرة ، أضيعُ
وأشتهي أن ألمح العلامة
وأن أكون مرةً فضاءها
أخلعُ عن غيومها الأيام
أركض في دروبها حمامه
كم مرة،
كنت كما الحمامة
غمامة تضيع في دروبها السلامة
-10-
ما أجمل القديم في نعاسه
ما أجمل القديم في البداية
والريحُ في النهاية
ما أجمل النهار
حمامة تطيرُ في ظلالها الأنهار.
-11-
في غابة الرماد
أركض في جنون هذا الليل
أبحثُ عن بغداد
في شارع يضيقُ قد أختبئُ
لكنني،
أكتشفُ النهاية
تخنقني كأنها البداية.
-12-
يا تائها
يا ضيقا في الضيق
يا وطنا يسكنُ في محارة
يعرفها الأطفالُ
يحملها الأطفالُ
حجارة أو صرخة في ثورة الحجارة.
-13-
تسكن في أيامنا بغدادُ
تنامُ في الساحات
تهجعُ في ظلالها الآهاتُ
يا ويحها بغدا
ترقص في ذاكرة المحبوب
وسادة، طيفا على الوسادة
نغيبُ في دروبها كالشمس
نضيعُ في غربتها كالهمسِ.
-14-
كنْ مرة حقيبة لوحدها تسافر
كُنْ مرة في الليل
وسادة
أو حلما يخرجُ من وسادة
ضيعتها، أضعتُ فيها سفرَ التكوين.
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> حدثني العارف قال
حدثني العارف قال
رقم القصيدة : 7265
-----------------------------------
-1-
يجلسُ عند الحكمة
يتفأ ظلَّ بقايا الظيم
ْ
يتقرى حزن الأيام الراكدة فوق الغيم
ْ
ينسجُ في غربته ،
وطناً للريح ،
يتوارى في لغة العشق
ِِِِ
المبتلة في التسبيح
ْ
يكشفُ أسرارَ المحبوبْ.
-2-
النارُ تبارك من يسكنها
والحبُ يبارك مَنْ يُقْتَلُ في عشق المحبوب
والعشقُ ثيابٌ للهائمِ في جرح المغلوب
والمحبوب
وطنٌ مسلوبْ.
-3-
يخرج من حلقات الحب
ِّ
وحيداً ،
يصغي لبكاء المخمورين
بنشوة صبحٍ ،
تتكئ في ظلمة ليل
ْ
يهمسُ في آذان الماشين
َ
فيوقضُ تاريخا في الهجر ،
تخبئه النشوة منذ سنين
يرقصُ في لوعته(51/395)
يعرفُ أن المحبوبَ كتابٌ
تسكنه الصحبةُ والأصحابْ.
-4-
يحلفُ بالصبح وضوء الصبح
يباركُ نشوةَ هذا الجرح
يستقرئ آهات الليل
فتفيقُ الدهشة في الترتيل
ويغفو عند العصر ،
قليلاً ،
مبتهجاً بثياب الظهر
وبآلاء الفتنة والتبجيل
يكشفُ أسرارَ المحبوب
لغةٌ ، أنهارٌ
وسهوب
يسكنها قدرٌ مكتوبْ.
-5-
يتسامى في الحبِّ ،
بعزلته ،
فتطارحه الشهوةُ في الكلمات
وتضيقُ اللهفةُ بين يديه
يتدثر بالدنيا مغترباً
يتعرى كالصوت العائم في الطرقات
يكشفُ أسرارَ المحبوب
جسدٌ تنهكه اللوعةُ
يجلسُ كالغربةِ
في وطنٍ مغلوبْ.
-6-
يسكنُ في الشهوةِ
منفرداً ،
يبكي أيام طفولته
يتقصى حدودَ معارفه
يعرفُ في الحكةِ لوعته
يحلمُ في لغةِ الأغراب.
يجلسُ عند العصر ،
وحيداً ،
يكشفُ أسرارَ المحبوبْ
جسدٌ يمشي في غفلته
ريحٌ لا يعرفها الصبحُ
سريرٌ يتحرقُ بين ثناياهُ
قلبُ مغلوبْ.
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> كاد العراق يضيق من ألم الفراق
كاد العراق يضيق من ألم الفراق
رقم القصيدة : 7266
-----------------------------------
خلفي، كما تدري العراقْ
وأمامنا يا صاح ،
لم يبقَ سوى مرِّ الفراق
ْ
فاجمع جراحك وأنتسب
ْ
للريح ، للذكرى
لجرحٍ لم يزلْ في القلب
ِ
يسكنه اشتياق.
يا صاحَ ! إن مر العراق
ْ
بالباكيات ، الناحبات ، الظامئات
ِ
إلى انكسار الظهر ، في ظل العناق
فافرش له دمعي ،
إذا جنَّ المساءُ وسادة
ً
وترفقا يا صاح
َ
في قلبٍ معاق
وكما تقول:
مازلتُ أسكنهُ ويسكنني العراق
ْ
ثملٌ بنا ، مرُّ المذاق
من دونه ،
البيتُ نحو الليل في خجل يساق
ْ
هذا العراق وما العراق
بُعْدٌ وهمٌ وافتراقْ!
يا صاحَ ، ذاك هو العراق
ْ
جرحٌ وشوقٌ واشتياقْ.
شعراء العراق والشام >> مالك مالك >> * زينبُ
* زينبُ
رقم القصيدة : 7267
-----------------------------------
زينبُ
زينبُ ،
وردةُ الياسمين ،
بيوتٌ يهجرها الضوءُ
نهرٌ تفيء فيه الهوى والحنينْ.
زينبُ
وجعٌ قد تسامى بهذا الزمانْ(51/396)
كلما قاربتُ فيه المسافاتِ فرَّ
كلما هدهدتهُ المتاهاتُ خرَّ
في غابةٍ قد نضيق بها كاليقينْ.
زينبُ
وردةُ الياسمين ،
نهارٌ نخبئ فيه المحبةَ حزنا
بيوتٌ تنام بين الأنا والأنين.
زينبُ وطنٌ للكآبة.
زينبُ
شوارعُ وجدٍ
تعانقنا خفيةً كالغرابةْ.
شعراء الجزيرة العربية >> جاسم محمد الصحيح >> جائع يأكل أسنانه
جائع يأكل أسنانه
رقم القصيدة : 7268
-----------------------------------
ما كان مني كان
وما لم يكن لن يكون
فيا شجر العمر .. مات الربيع الأخيرُ
فلا تنظر من طيور الهواجرِ
شدواً يطيل الغصون
أنا وهج الكائنات الخفي
وأول من عشقوا الأرض أو ضيعوها ..
هي الأرض لؤلؤة في بحار الخليقةِ
زرقاء ضيعها العاشقون
لم أزل طازجاً
منذ أولى الرغائب في الحمأ الفجَّ
تسكنني شهوة لاكتشافي ..
أُقلم أسئلة الشك
قبل تصلب أظفارها في دمائي ..
كأني في مشهد البدء
وحشيةٌ روضتها الفنون
لقد كنت أحملُ جرحي إلى عيد ميلاده الألف
حين تعثرتُ في سلة من حكايا الصغار ..
تساقطتٌ .. أو قُل تساقط بعضي ..
غدي فر من ساعتي هارباً من تقاويمها الصم َّ
حيث التقاويمُ بعض السجون
يدي شقَّ فيها الزمان
ممراً له باتجاه الخلاص ..
ووجهي سرير الكوابيسِ
في شر شفِ من غضون
أنا موعد أكلتهُ السنون
يُواعدني الموج لكنه لا يجيء ..
برئتُ إلى البحر من كل موج ٍ يخون
أنا واحدٌ شطرته الشعارات :
نصفي جنونٌ ونصفي جُنًون
تأرجحت في جبل إسميهما دون إ سم ٍ
أُ حاول أن أستقر على ضفة تنتمي لي
وما زلتُ أُ رجوحة الضفتين ..
أُصيغ إلى رئة النهر في الشهقات الأخيرة ..
و اخجلتاه ُ!!
سأعرف الآن أني من جفف النهر
غدراً بأسماكه
غير أني ظمئتُ .. ظمئتُ..
وأدركتُ كم هي مسكينة قطرة الماء
حين تشردُ من نهرها في مهب الضياع ..
وأني أحقرُ من صارم ٍ
خان ميثاقهُ في احتدام الصراع ِ ..
أنا الآن لا توأمٌ لي غير الخطيئة ِ
تقطف كفارةً من ثميرات حزني ..
وحزني أشبهُ مني بنفسي ..
ونفسي قُبرةٌ شجونْ(51/397)
ونفسي دمع تنكب درب الجفون
ألا عالم بالتفاسير يقرأ ُ رؤياي ..
إني أراني أعدو على الحبر''
أهمزهُ باتجاه البياض القديم ِ
ولكن حبري حرون
ويحدث أن أغتدي راعيا ً
في مروج التوسل أرعى قطيع الظنون
يعلمني الشعر كيف أشم ُّ الزهور بأسمائها ..
وأقود الخيول بإيماءة ٍ للوراء
تنبه فرسانها من سبات القرون
يعلمني الشعر .. و الشعر وحي السماء ..
ألم تقرؤا قولهُ في الرجاء :
ألا إن من شاء صون الحجاب ِ
وحجب نافذةً بالستائر ِ
فالنار مثواهُ يا أيها اليائسون
يُعلمني الشعرُ .. لكنني لرغيف الكلام ِ ..
فمي الآن يأكل آخر أسنانه
غارقاً في خضم السكون
وثمة طوفانُ صمت ٍ يفورُ
وقد بلغ الماءُ حنجرتي ..
أين (نوح) الحوار ؟!
أنا ابنك يا (نوحُ ) ..
لا جبل يعصمُ الآن
من موجة الخرس المستبد ..
وقد جاوز الماءُ حنجرتي ..
آه .. ما عاد الفم متسعٌ للحوار ِ
فهل ثم مُتسعٌ في العُيُونْ ؟!
شعراء الجزيرة العربية >> جاسم محمد الصحيح >> نزوة بيروتية
نزوة بيروتية
رقم القصيدة : 7269
-----------------------------------
قوةٌ غامضةٌ الآن إلى أُ فق جُنُوني ..
إن السماواتِ اجتبتني واصطفاني المُطلقُ
أنا .. الحبر ُجناحي وفضائي الورقُ
هامت الآفاق في ريشتي وتاه الأزرقُ
لم يغدرُ به الصلصالُ
وذراعاي ذراعا عاشق ٍ
لا يغريه في العشقِ عناق ضيق
لا يحول لها العتق
وهذا وهنا ( بيروت )ليل غارقٌ في النزوات الحمر ..
وأنا في سهرتي
ومن صدر الشبابيك يفيض الشبق
تنتفض اللذات في أنفاسها البكر
و لتقينا ..
في وحدة الإيقاع أو في وحدة النشوة - حتى - عندما نحترق
قد دخل العاشق في المعشوق
نشوة تطلقني الآن إلى الذروة
طفحت قافيتي من مائي الأول ..
تسامى العلق
فأفلت ُّ من الإرض ملاكاً صاعداً في جوهر المعنى
آه (بيروت )
هرطقات قذفتنا خارج الوعي
والتبسنا نحن والليل ..
تتعالى حيث يمتد النعيم المطلق
كي يغرق في أجسادنا الفل ويطفو الزئبق
ففاض العسل الفاتر وجداً(51/398)
فإلى من أنتمي الآن ؟ !!
محترق من فرط ما اشتد عليه الألق
أنا تمثالي لا ذكراي ..
قد دخل العاشق في المعشوق
والوحدة صاحت في المدى كل جهاتي مشرق
نشوة تطلقني الآن إلى الذروة
حيث ابتدأ الشعر حياةً تأسر الروح وموتا يطلق
طفحت قافيتي من مائي الأول ..
فاضت بدعة الخلق
تسامى العلق
أفلتت من جسدي كل الشياطين
فأفلت ُّ من الإرض ملاكاً صاعداً في جوهر المعنى
إلى حيث تلقتني السماء الأعمق
آه (بيروت )
ما أبعد ما شط بنا في الغيب ، هذا الهذيان الشيق
هرطقات قذفتنا خارج الوعي
إلى حيث المدارات التباس مطبق
والتبسنا نحن والليل ..
فلم يبرح على شطآن نجوانا يفيض الأرق .نحن في موجة مس
تتعالى حيث يمتد النعيم المطلق
أي فردوس تقمصناه
كي يغرق في أجسادنا الفل ويطفو الزئبق
سقطت ذاكرتي كاملة ً في بئر عينيكِ
ففاض العسل الفاتر وجداً
واستحم الفستق
فإلى من أتمني الآن ؟ !!
أنا لا شيء إلا كوكبٌ
محترق من فرط ما اشتد عليه الألق
لم يعد يشبهني شيء من الإنسان إلا القلق
أنا تمثالي لا ذكراي ..
فهل يشرح حالي ، العبقُ
شعراء الجزيرة العربية >> جاسم محمد الصحيح >> الثور
الثور
رقم القصيدة : 7270
-----------------------------------
في حَلْبَةِ ذاتي
بَدَأَ الثوُر يُعَرْْبِدُ
مُمْتَحِناً بالشهوة أَوردتي
ويُفَتِّشُ عن رِئَةٍ تَتَفَّس منها الشهوات
أغلقت ُرتاجَ الثورة في أعماقي بمتاريس الصبرِ
ومَسَّْدْتُ حبال الذات
طفقت أصارعه بالآيات الملوءة بالظهر ..
وهل يُصْرَع ُ ثَوْرٌ بالآياتْ
دَََََََََََََََََََََََََجَجَ قَرْنَيهِ بكلِّ عفاريتِ اللَّذَّّةِ
وانقص َّ وأَفْلَتَ مِنْ بَين الكَلِمَاتْ
كَيْفَ سَأَحْبِسُِ هَذَا المارد
إنَّّ الذَّات لأََصْغرُ مِنْ أنْ أَحْبِس فيها النزوات
أتْعَبَني الركضُ
وَمَا زِلتُ أُطارِد ُ أَهْوَائِي في الفلوات
مَا زِلتُ أطارد في الأرْضِ
بَرَكِينَ الحَمأ المَسْجُورَةِ بالشَّهَوَاتْ
وأُفَتش عَنْ خِرْقةَ (صوفي)(51/399)
كَنَسَتهُ (الحالاَتْ)
هَاجَ (الثورُ)
وأفرغَ شَهْوَتَهُ المجنونَةَ في الطرقات
(الثورُ) الهاربُ من حَلْبَةِ ذاتي
وَسَّخَ كُلَّ الطرقاتْ
غَاصَتْ خَطْوَاتي في فيض ِ لذائذهِ
وطَفَتْ أَيامِي بِالأَرْجَاس ِ على سطح اللذاتْ
ورجعتُ أُصَارِعُهُ
ببقايا الآياتِ الَممْلُوءَةَ بِِالصبرِ
فَحَوَّلْتُ دُرُوب العمر إلى حلباتْ
هاهو يطعَنُني بغرائزِهِ المحمومةِ..
آهٍ من ألَم ِ الطَعَنََاتْ!!
أَحَدٌ شَاهدَ ني أَفْتَُّ هُنَيْهَةَ صمتٍ في الدرب؟؟
فما أكثرَ ما أفتض ُّ هُنََيْهاتِ الصمت وأجرحها بالآهاتْ
فأنا ما زلت ُ أصارع ُ ذاك المارد..
حتى يتسع الجسد الضيق للرغباتْ
ما زلتُ أفتشُ عن خرقة (صوفي)
تَمْسَحُ عن سنواتي وسخ (الثور)
فقد دنس طهر السنواتْ
شعراء الجزيرة العربية >> جاسم محمد الصحيح >> مناجاة باتساع الوادي
مناجاة باتساع الوادي
رقم القصيدة : 7271
-----------------------------------
كان علي أشمر ( قمر الاستشهادييّن ) شيخَ ( طريقةٍ ) ابتكرها للعاشقين الوالهين للحريّة المطلقة ، وذلك عندما تحوّلَ إلى مخزنٍ من البارود وانفجر راجلاً في تلٍّ من الجنود الإسرائيلييّن .
من بعيدٍ جاءَ ..
لا أعلمُ من أينَ
ولكنْ من بعيدٍ ..
رُبَّما من طعنةٍ في جسدِ التاريخِ
حينَ الْتَحَمَ الجيشانِ في ( خيبرَ )
فَانْسَلَّ الفتى من فجوةِ الطعنةِ
كي يختصرَ التاريخَ في جرحٍ
وحتَّى الجرحُ لا يعلمُ من أين الفتى جاءَ
ولكنْ من بعيدٍ ..
رُبَّما من ( ضَيْعَةٍ ) تجلسُ في أقصى حدودِ القِيَمِ
الكُبرَى
كما يجلسُ بستانٌ على التلَّةِ في عُزلَتِهِ ..
ماجَ الفتى بالعطرِ حينَ اختزلَ البستانَ في قامتِهِ
الوَرْدِ ..
وحتَّى الوردُ لا يعلمُ من أينَ الفتى جاءَ
ولكنْ من بعيدٍ ..
رُبَّما حَلْقَةُ صوفِيِّينَ
في أعلى جبالِ الوجدِ
أَغْرَتْهُ لأنْ يكتشفَ العمقَ الإلهيَّ بِهذا الكونِ
فانشقَّ المدى
عن عاشقٍ قد نوَّرَ الروحَ بِمِشْكَاةِ يقينٍ عَلَويٍّ(51/400)
ومضَى يسبحُ في كينونةِ الأشياءِ حتّى لامَسَ القعرَ
وحتّى القعرُ لا يعلمُ من أينَ الفتى جاءَ
ولكنْ من زمانٍ خارجَ العصرِ
فَهذا الوَهَجُ الروحيُّ
لا يُمكنُ أن يُنجبَهُ عصرٌ من الفولاذِ ..
هذي الوردةُ الزهراءُ
لا يُمكنُ أنْ تولدَ ـ مهما حَاوَلَتْ ـ
من أُمَّةٍ في موسمِ الزقُّومِ ..
والله !
هُوَ الوعدُ السماويُّ لنَا أن نرثَ الأرضَ
هُوَ الوعدُ
أتى يحملُ في أضلاعِهِ كوخاً من الإيمانِ
معموراً بِحُبِّ الله والأرضِ
وطفلٍ ضاقتِ الأسماءُ عن إيمانهِ إلاَّ ( عليٌّ ) ..
حَمَلَ الإسمَ لواءً خافقاً بِالقُدْسِ
مُمْتدّاً من الثورةِ حتّى الموتِ
جيلاً جَبَلِيّاً
نَبَتَتْ في فَمِهِ ( اللاَّءاتُ ) أنياباً
وربَّاها بِما وَرَّثَهُ الأجدادُ من رفضٍ قديمٍ ..
لم تَزَلْ ( لاءاتُهُ ) تكبرُ في الرفضِ فصارتْ
بُنْدُقيَّاتٍ
ومازالَ ( عليٌّ ) حالماً يركضُ خلفَ الشمسِ
مُشتاقاً لأنْ يصطادَ هذي الظبيةَ البيضاءَ في السفحِ..
فتستدرجُهُ الظبيةُ للقمَّةِ
كيْ يقطفَ أزهارَ الصعودِ الوَعْرِ من أعلى الزمانِ
الكربلائيِّ ..
( عليٌّ ) عصَّبَ الجبهةَ بِالتاريخ
واشتاقَ إلى الرقصِ مع القمّةِ
في عُرْسٍ سماويٍّ ..
جلا الحُسْنَ الربوبيَّ
جلاءً يُطلقُ الروحَ
إلى عالَمِها الأسمى متى ترنو إِلَيْهِ
فاضَ من بردتِهِ الحسنُ أساطيرَ
فكانت ( شهرزادٌ )
كُلَّمَا أدرَكَها الليلُ
أَجَالَتْ طرفَها فيهِ وسلَّتْ قصّةً من حاجِبَيْهِ
واستجارتْ بِالتعاويذِ التي تحرسُ أسرابَ المَهَا في
مُقْلَتَيْهِ
فَكَسَاها بِهدوءِ الزَغَبِ الناعسِ في أرجوحةٍ من
عارضَيْهِ
و ( عليٌّ ) زاحفٌ في الحُلْمِ
كالنَهْرِ
يلفُّ الموسمَ الأخضرَ في ريشِ حماماتِ يَدَيْهِ
حينمَا جَمَّرَهُ ماءُ الفُتُوَّاتِ
نَوَى العُرْسَ
فألفَى كلَّ شيءٍ صارَ أُنثى :
النَهْرَ والبيدرَ والبستانَ ..
والشمسُ الجنوبيّةُ مدَّتْ عُنُقَ الفَجْرِ على هيئةِ
أُنْثَى ..
والقُرى اصطفَّتْ صباياً(51/401)
تتشهَّاهُ عريساً كاملَ الوجدِ ..
صحا كلُّ سريرٍ شدَّهُ الليلُ على نجواهُ
مأهولاً بِنَهْدَيْنِ شَهِيَّيْنِ ..
وجاءَ الكلُّ للموعدِ مخموراً
ولا بأس ..
فهذي خمرةٌ مغفورةُ الإثمِ ..
هُنا افترَّ ( عليٌّ )
عن فتىً تطلعُ من ضحكتِهِ الشمسُ
مشى في خاطرِ الوادي غزالاً مُترفَ اللفتَةِ
تختالُ بهِ حُرِّيَّةُ العُشْبِ وروحانيَّةُ الأرضِ
و ( آذارُ ) شبابيٌّ على خَدَّيْهِ ..
فَافْتَنَّ الفتى عشقاً
بَدَتْ فتنتُهُ أعنفَ ناراً
من فتيلِ امرأةٍ دهريَّةٍ خامَرَها الشوقُ
فهذا ( العامريُّ ) اسْتَدرجَتْهُ امرأةٌ من خارجِ الدَهْرِ ..
تجلَّى فرأى ( كِذْبَةَ نيسانَ ) على الدربِ
وتَلاًّ من جنودٍ يحرسُ الكِذْبَةَ
فيما أشرَقَتْ ( ليلاهُ ) خلفَ التلِّ ..
نَادَتْهُ
وقد كانَ على بُعْدِ جحيمٍ واحدٍ من جنَّةِ الوصلِ ..
هُنا فَخَّخَهُ العشقُ بأشواقِ المُحِبِّينَ
فماجَ الجَسَدُ الورديُّ في قنبلةِ الأشواقِ ..
فاضتْ لهفةُ التنفيذِ من عينيهِ
فاهتزَّ الفتى مخزنَ بارودٍ من اللَّهْفَةِ
وامتدَّ فتيلاً نافراً في خفّةِ الضوءِ
دقيقاً وجميلاً مثلَ خطِّ الكُحْلِ في جَفْنَيْهِ
تحدوهُ تسابيحُ خطوطِ الطولِ والعرضِ ..
علَتْ تكبيرةُ الوادي
وشعَّتْ في المدى جُرأةُ ( عبَّاسَ ) و ( حَفْصٍ ) و (
قصيرٍ )
فَتَلَظّى الوجدُ في ترسانةِ القلبِ
وثارَ المخزنُ الناريُّ في التلِّ
فما نسمعُ إلاَّ :
( ارِني أنظرْ إِليكْ )
( ارِني أنظرْ إِليكْ )
غرقَ المشهدُ في النشوةِ
حينَ اختلطتْ رائحةُ الليمونِ
بالبارودِ
بالأشلاءِ
بالجرأةِ
بالوَجْدِ الإلهيِّ الذي حَلَّقَ
حتّى عَرَجَ العشقُ عروجاً فادحاً
فانتصبَ الله من العرشِ لهذَا العاشقِ الداخلِ
لِلتَوِّ مدى الكينونةِ الكبرى ..
عليٌّ يا عليٌّ ..
هذهِ صوفيَّةٌ غابتْ عن ( الحلاَّجِ )
في تأويلِهِ الناريِّ للعشقِ
فَحَدِّثْ :
كيفَ أوْجزتَ المقاماتِ جميعاً
في مقامٍ واحدٍ(51/402)
فارتبكَ المطلقُ إعجاباً بِهذي الحالةِ البِكْرِ ..
عليٌّ يا عليٌّ ..
سرقوا منكَ غزالاً واحداً
فانتثرتْ من دَمِكَ الغزلانُ آلافاً
وقامَ العشبُ في الوادي على ساقٍ
ودارتْ مهرجاناتُ الينابيعِ
فلا ساقيةٌ إلاَّ تَمَنَّتْ رقصةً منكَ على زغردةِ الماءِ
ولا زنبقةٌ إلاَّ تَشَهّتْكَ رحيقاً للمسرَّاتِ ..
وفي ( الخامسِ والعشرينَ من أيَّارَ )
شفَّ الغيبُ
والتمَّتْ شظاياكَ ( جنوباً ) عائداً يرفلُ في التحريرِ..
كان الشجرُ الواقفُ في السفحِ
وكانَ الزنبقُ الساهرُ في الجرحِ
وكانتْ باقةُ الغزلانِ في أيقونةِ الوادي
وكانتْ قُبَّراتُ الشوقِ في حنجرةِ الحادي ..
هُنا في موسمِ العودةِ
كانتْ تتحرَّاكَ على قارعةِ النصرِ ..
وحينَ انفتحتْ كلُّ جهاتِ الأرضِ عن وَجْهِكَ
شاهَدْنا السماواتِ
تلمُّ الصلواتِ البيضَ من محرابِ ذاكَ الوجهِ ..
شاهدناكَ طفلاً قادماً في باقةِ الألوانِ والفُرشاةِ
كيْ تصبغَ بِالفرحةِ قرميدَ البيوتاتِ
وموَّالَ الحكاياتِ ..
أضاءتْ فضَّةُ الصُبْحِ على جسمكَ
فانسابَتْ قُرى ( عامِلَ ) في مخملِ ذاكَ الضوءِ ..
راحتْ تجتني من فَمِكَ المشمشَ واللوزَ
و ( لاءاً ) حُرَّةً مفتولةَ الزَنْدَيْنِ ..
( لاءاً ) لم تزلْ مرفوعةَ الحرفَيْنِ ..
شعَّ القَمَرُ الطالعُ من جُرْحِكَ
يروي سيرةَ الجُرْحِ
ووَزَّعْتَ على الوادي
هداياكَ من الجَنَّةِ
أنهاراً .. ثماراً وعصافيرَ
فَلَمْ تبخلْ على ( بيَّارةِ ) الكَرْمِ
ولم تكسرْ لِحَقْلِ القمحِ خاطِرْ
آهِ !
يا ليتكَ وزَّعْتَ على الأُمَّةِ إيمانَكَ
كي يكتمِلَ الجوهرُ في قاعِ الضمائرْ
أيُّها الزاحفُ نحو ( القُدْسِ )
نهراً من دَمٍ يخترقُ التاريخَ ..
لا زلتَ ولا زلتَ ولا زلتَ
فتىً تنجبهُ كلُّ الحرائرْ
شعراء الجزيرة العربية >> جاسم محمد الصحيح >> آخر مقامات العشق
آخر مقامات العشق
رقم القصيدة : 7272
-----------------------------------
لُغتي سفرجلةٌ تفوحُ بأبجديَّاتِ الغَرَامْ(51/403)
وأنا وأنتِ غوايتانِ سَخيَّتَانِ
فما اكتفَى الشوقُ الحلالُ من الهوى
إلاَّ هفَا الشوقُ الحرَامْ
هل يعرفُ الشوقُ الحلالَ من الحَرَامْ ؟
هِيَ تلكَ رغبتُنا تنُادِينا
فَقُومي نعقدُ الجَسَدَيْنِ
دائرةً من الصَبَوَاتِ مُغلقةً على زَوْجَيْ حَمَامْ
مِن هاهُنا ابتدأَ (المَقامْ)
مِن همسةٍ سَحَبَتْ على الزنْدَينِ طلسَمَها
وسَيَّجَت الصبابةَ بالعِناقْ
فالعشقُ أوَّلُه اشْتيَاقْ
والعشقُ آخرُه احْترَاقْ
ماذا إذنْ ، بينَ البدايةِ والخِتامْ ؟
تُهْنَا بِوَادِي اللَّيل ما بينَ البدايةِ والخِتامْ
كُنَّا نُفتِّشُ عن طريقٍ نحوَ جوهَرنا
وكانَ الحُبُّ مثلَ عمودِ صُبْحٍ في جوانحِنا ، اسْتقَامْ
ونَضَوْتِ عنكِ جريرةَ الفُستانِ
في وَهَجِ التَجلِّي ..
آهِ ما أحلاكِ يا لَهَباً تجسَّدَ في قُوَامْ !!!
مِن أينَ سالَ وميضُكِ القِدِّيسُ في صَدْرِي
لِيَمْسحَ عن ترائبيَ ، الأَثَامْ ؟!
مازالَ يصقلُني شعاعُ الدهشَةِ اللُّجِيُّ
حَتَّى صاغَني نجماً من الإغوَاءِ يسبَحُ في الهُلاَمْ
وهُنا وقفتُ كعَابدِ اللَّهَبِ القديمِ وقد تعرّى للضّرَامْ
كانَ الكلامُ مدارجَ الرُّوحَينِ
في الأفُقِ الَّتي تُفْضِي لِفِردَوْسِ الهُيامْ
كمْ وَرْدَةٍ سَقَطَتْ على خَدِّ الوِسَادَةِ
حِينَمَا انتَفَضَ الكلامْ
ثُمَّ انْطَلَقْنا عبرَ وَادِي اللَّيلِ
يرفعُنا ويخفضنا ، الظلامْ
وخريطةُ الجسَدَينِ تخرجُ من تضاريسِ الرتَابَةِ
كُلَّما انقلَب الرُّخَامُ على الرُّخَامْ
حَتَّى إذا الناقوسُ رَنَّ ..
هُناكَ في أعْضائنا المُتَبَتِّلاتِ ..
وَلَبَّتِ النبضَاتُ داعيَها
وَحرَّرَتِ الرحيقَ من العِظَامْ
آنَسْتُ فحلَ تَهَجُّدِي ينْسَلُّ من نَجْوَاهُ
في تَعبٍ رَبيعيٍّ
ويدخلُ في تجاويفِ المنَامْ
شعراء الجزيرة العربية >> جاسم محمد الصحيح >> الإنتفاضة قبلتنا والإمام الحجر
الإنتفاضة قبلتنا والإمام الحجر
رقم القصيدة : 7273
-----------------------------------(51/404)
(بُرَاقٌ ) من الزغرداتِ
يمدُّ جناحيْهِ ملءَ الشفاهِ ..
فلا تبتئسْ يا ( محمَّدُ )
معراجُكَ الآنَ يمتدُّ عبر الفضاء الحديدي
حيث الزغاريدُ عالِمةٌ بالمجرَّاتِ
فاخلعْ ضلوعَكَ درعاً على جَسَدِ (القدسِ)
واعرجْ إلى قمَّةِ الانعتاقْ
وحين تَهِمُّ (الصواريخُ)
صوِّبْ صلاتَكَ ..
إنَّ الزنادَ السماويَّ لا يُخطئُ المستحيلَ
وهذي (الصواريخُ) لا تفهمُ الشوقَ كيف يُقاتلُ ..
لا تستطيع المِلاَحَةَ في الروحِ حيث يجوسُ (البراقْ)
نبضةٌ من حنينٍ إلى اللهِ
تكفي لتفجيرِ هذا الوجودِ ..
فيكفَ إذا انفجَرَ القلبُ واندلعتْ طاقةُ الاشتياقْ
من هنا تتفجَّرُ (حربُ النجومِ) إلهيَّةً ..
من هنا .. من مَقامِ التوحُّدِ ما بين أرواحِنا والزُقَاقْ
تقدَّمْ .. فَرُوحُ الخليقةِ تِرْسَانَةٌ في يديكَ ..
وأعداؤكَ الآنَ
تنقُصُهمْ خِبرةٌ في التصوُّفِ
تنقُصُهمْ أُلفةٌ بالمقاماتِ ..
تنقُصُهمْ لفتةُ الله للمتعبين
وإيماءةُ الغيِبِ للعاشقينَ ..
وتنقصُهُم نشوةٌ بالأثيرِ نقودُ إلى آخر الازرقاقْ
كلَّما أطلقوا طلقةً من عيونِ ( المجسَّاتِ )
غابتْ وراءَ المحَاقْ
تقدمْ . . فَـ ( جبريل ) شرَّعَ بابَ السماواتِ . .
والأرضُُ هائمةٌ في الصريرِ المقدَّسِ
فادخلْ ولا تُغلقِ البابَ خلفكَ . .
ما زالَ في الأفقِ كوكبةٌ من رِفاقْ
يحَدِّثُني عنكَ أطفاليَ الحالمونَ ..
يقولونَ :
كانَ ( محمدُ ) ، لهذا الصباحَ شعاراً على حائِطِ الفصلِ
فافتضَّ عنه الإطارَ
وهَرْوَلَ خارج صورتهِ
واستوى واقفاً بيننا كاملَ السُخْطِ . .
حَرَّضَ أوراقَنَا أن تثورَ
وأقلامَنا أن تطيرَ ..
تمادى
فَحطَّمَ قضبانَ منهجِنا المدرسيُّ
وحررَ ( طالوتَ ) من وَرَقِ ( ا لذكرِ ) . .
عبأَ ( تابوتَهُ ) بالحجارةِ . .
نادَى :
( أعِدوا لَهُمْ ا ما استطعتم ) من القهرِ
أغارُ على ( العجلِ ) و ( السامريِّ ).
ودبابةٍ تفرمُ الشمسَ والأغنياتِ . .
وكان يحاول ثُقْباً بتاريخنا الهشِّ(51/405)
فاستلَّ ( خيبرَ ) من سجنِها المنهجيّ
وأطلقَها في الأقاليم . .
كان يفضُّ بها
ما تبطَّنَ أيَّامنا من ظلام وتاريخَنا من كَذِبْ
تعرَّتْ مؤامرةُ الليلِ ضد الشوارعِ
فاهتزَّتِ ( القدسُ ) تكبيرةً أطلقَتْهَا الشُهُبْ
وقامَتْ على كلّ حبَّةِ رملٍ
صلاةٌ سماويَّةٌ رتَّلَتْهَا ملائكةٌ من لَهَبْ
فرَّتِ الأرض من صمتِها
فالمدى ( قُبَّةٌ ) من تراتيلَ دامية
والمقاليعُ محقونةٌ بالغَضَبْ
وقلبي الذي حمل ( القدسَ )
مؤودةٌ في الوعودِ
مكفنَةً بالمهودِ . .
يحنُّ إلى بَعْثِها المُرْتَقَبْ
يُحَدثني عنكَ أطفاليَ الحالمونَ ..
يقولونَ :
كان ( محمدُ ) ينسابُ في جُبَّةٍ من هديلٍ
ترافقُهُ في الطريقِ
بشاشتُه الشجريَّةُ . .
أحلامُهُ السُكَّريَّةُ . .
عصفورتانِ تَسَوَّرَتا مقلتيهِ . .
غزالُ النُحولِ المُرابطُ ما بين خاصرتيهِ ..
سنابلُ وَعْدٍ ترفُّ على راحتيهِ . .
كان ( محمد ) حقلٌ يَشعُّ الطَرَبْ
كلَّما فَتَحَتْ نخلةٌ جيبَها
ورأى صدرَها عارياً
فاضَ من شَفَتَيْهِ الرُطَبْ
فجأةً ..
شقَّ نهْرُ الأزيزِ ضلوعَ الفضاءِ
وسالتْ غيومُ الرصاصاتِ ..
راحَ ( محمدُ ) يَنْدَسُّ في غنوةٍ من أغاني الطفولةِ
لكِنَّما قَلْبُهُ لم يَزَلْ في الطريق
يُصلِّي هناكَ صلاةَ الشغَبْ
ذخيرتُهُ حُلُمٌ جارحٌ كالسلاحِ ..
دعاءٌ صقيلٌ يدجِّجُ روحَ الكفاحِ ..
وذاكرةٌ شَحَذَتْهَا الأهِلَّةُ في الزَمَنِ المُلْتَهِبْ
حينما عانقَتْهُ الرصاصةُ
كانَتْ عيونُ الحضارةِ تسبحُ في دمعها التِكْنُلُوجيِّ ..
أفرغَ كاملَ ضحكتِهِ داخل الموتِ
لكنَّهُ لم يَمُتْ ..
إنَّما جفَّ في جسْمِهِ الحقلُ
مالتْ على راحتيهِ رقابُ السنابل
حارتْ على خصرِهِ لفتاتُ الغزالِ ..
ولكنَّهُ لم يمتْ
فالرصاصةُ لا تسلبُ الروحَ تحليقَها
لا تصدُّ المشاعرَ عن شطحها في هو مَنْ تُحِبْ
يُحدثني عنكَ أطفاليَ الحالمونَ :
( محمدُ ) ما ماتَ
لكنَّهُ في مناورةٍ تُوهِمُ الموتَ(51/406)
أشرقَ مشتعلاً في بياضِ الطفولةِ
ثمَّ انْثَنَيْنَا نجرِّدُ عنه البياضَ
لِنُلْبِسَهُ كفناً من أهازيجَ حمراءَ
كُنَّا نحاولُ أن ندفنَ الطفلَ دون طفولتِهِ ..
كبَّرَتْ في يديهِ الزنابقُ
وانفَرجَتْ إصبعاهُ علامةَ نَصْرٍ
على شكلِ مقلاعِهِ الآدميِّ ..
َمقلاعُهُ لم يكنْ من خَشَبْ !
كانَ من حبلِ سُرَّتهِ
حينما عَقَدَتهُ القوابلُ في قطعةٍ من عَصَبْ
فلسطينُ رَحْمٌ مُلَغَّمَةٌ بالأجِنَّةِ
تُتقن عادتَها في ابتكار سلاحِ الفدائيِّ من لحمهِ ..
ولِذا
كان ميلادُهُ تُهمةً بامتلاكِ السلاحِ
فَسَدَّتْ عليه الحياةُ جماركَها في حدود المخاضِ
وكانتْ جماركُها تضطربْ
أشارتْ إليه : انْتَسِبْ
قال : جرحٌ قديمٌ يفتِّش عن ذاتِهِ
منذ ( خمسين ) عاصفةٍ في المَهَبْ
- لماذا تريد العبورَ إلى الشمسِ
( والانتفاضةُ ) جامحةٌ في أعالي الصهيلِ
تُوَشِّي حوافرَها بالصَخَبْ ؟!
- سئمتُ الإقامةَ في ليليَ اللوبيِّ
تُسَيِّحني عتماتُ الحُجُبْ
أرى عُلَباً فارغاتٍ هناك
وعينايَ عودا ثقابٍ ..
دعوني ألاعبُ تلك العُلَبْ
أريدُ اللعِبْ !
أريدُ اللعِبْ !
هنا انشقَّتِ الرَحِمُ ( المقدسيَّةُ ) غاضبةً
والوليدُ انسكبْ !
كأنَّ ( فلسطينَ ) تُنْجِبُهُ رغمَ أنفِ الحياةِ ..
كأنَّ ولادتَهُ تُغْتَصَبْ !!
أطلَقتْ أمُهُ ضحكتينِ فدائِيَّتيْنِ ..
لهُ ضحكةٌ تنحني
ولِمِقْلاعِهِ ضحكةٌ تنتصِبْ
شهادةُ ميلادِهِ ..
أصدرَتْهَا الحقولُ إلى والديهِ
توثَّقُ ميلادَ حقلٍ أليفٍ
يراقصُ أوراقهُ باهتزاز الهُدُبْ
كلَّما أضرَبَتْ نَخْلَةٌ عن عناقِ الرحيقِ
بكى الحقلُ في جانحيهِ ..
تلوَّتْ على ركبتيهِ الينابيعُ
واستقبلَتْهُ الفراشاتُ هادئةً كالمسيحِ
تقبِلُ هامَتَهُ بالزَغَبْ
حينما انحدرَتْ قَاذفاتُ ( يهوذا ) على عربات الأساطيرِ
سدَّتْ على روحِهِ الحقلَ بالطلقاتِ الجبانةِ
ظنَّاً بأنَّ الحصار يحجِّمُ جغرافيا الروحِ ..
راحتْ تمشِّطُ كلَّ النسائمِ(51/407)
زعماً بأنَّ المناظيرَ تفتضُّ سِرَّ العقيدةِ ..
لكنَّما نسمةٌ من بناتِ الندَى
شربتْ روحَهُ البكرَ واندلعَتْ من ثقوبِ القصبْ
سلامٌ على القَصَبَاتِ الأمينةِ
ما ضاعَ فيها السِقاءُ ولا خابَ فيها التَعَبْ
( محمَّدُ ) شدَّ على موتِهِ بالنواجذِ
ثمَّ اشرأبَّ قتيلاً
يجرُّ جنازتَهُ باتساعِ التضاريسِ ..
ينصبُها في المدى
قبَّةً للفِدَى ..
والضحايا قُبَبْ !
هدرَتْ روحُهُ ملءَ خارطةِ الصمتِ
والنمسةُ البكرُ فضَّتْ غشاءَ العواصفِ
حتَّى استفاقتْ مدائِنُنا العربيَّةُ
ريَّانةً برحيقٍ القصائدِ
متخمةً بِلحومِ الخُطَبْ !!
فزَّت الأرضُ عاريةً والرصيفُ الْتَصَبْ !
أعوذُ بِروحكَ من رغوةِ الطيشِ
حين تفيضُ على شفةِ الشارعِ المُلْتَهِبْ !
لا نريدُ لنا رئةً في ( المجازِ ) وأذرعةً في ( البديعِ ) ..
بَرِئْنَا إلى العُنْفِ من عنفوانِ الأَدَبْ
هنا مهرجانُ الحقيقةِ
فالمدفعيَّةُ لا تُحسن ( التورياتِ )
إذا انطشَّ بارودُها كالجَرَبْ
( محمَّدُ ) جرحٌ على خدِّ تفاحةٍ
لم يزلْ دمُها عالقاً بالرصيفِ
يطرّزُ إسفلتَهُ بالذَهَبْ
جاءَني .. والعروبةُ ما بين أضلاعِهِ تنتحبْ
وأهدى إلى العَرَبِّي المكبَّلِ في جُثَّتي ، وردةً من عَتبْ :
لماذا تظلُّ ( الشهادةُ ) نائمةً في الكُتُبْ ؟
لماذا تطيرُ اليمامةُ أقصرَ من خوذةِ العسكريِّ
هنا في فضاءِ العَرَبْ ؟
أَتُرى قامةُ الكِبْرِ أرفعُ من قامةِ الكبرياءِ !!
إذنْ كيف نرجم ( طائرةً )
بالأَذانِ الذي لا يُطيل رقابَ المآذنِ !!
بعضُ المآذنِ قد هَرْوَلَتْ للجهادِ -
ازحفي يا شهادةُ ..
محرابُنا العنفوانُ المقدَّسُ
و ( الانتفاضةُ ) قِبتُنا
فازحفي يا شهادةُ ..
إنَّ المقاليعَ قد دَخَلَتْ في الصلاةِ
تُسبِّحُ حلفَ الإمامِ / الحَجَرْ
أرى جرَّةَ الأَبَديَّةِ
تطفحُ من دمنا اللانِهائيِّ في غدِنا المُسْتَتِرْ
ركعةٌ في الجهادِ بمليونِ أمثالِها في العقودِ
ولا أجرَ للمُتَعَبِّدِ بالاحتجاجِ القَذِرْ(51/408)
يعودُ الزمانُ وتنفرشُ الذكرياتُ على أرضِ ( حطّينَ )
تمتدُّ مأدَبَةٌ من طيوفِ البطولةِ ..
هذا ( صلاحٌ ) يغذّي الخلاصَ بِلَحْمِ الرصاصِ
وتجأُهُ طلقةُ الغدرِ ..
يهوي ( محمَّد ) من صلبهِ ..
تتكوَّمُ أشلاؤُهُ وطفولتُهُ ( قِمَّةً )
في حضيضِ الزعامةِ ، يصعدُها ( المؤْتَمَرْ )
( محمَّدُ ) إضبارةٌ فتحتْ جرحَها للحوارِ ..
وتلك المُذيعةُ تتلو العبارةَ مارقةً مثل أفعى
وتلدغُنا بالخَبَرْ
نتوبُ إلى ( القدسِ )من نجمةٍ كشَفَتْ نهدَها للقَمَرْ !!!
نتوبُ إلى ( القدسِ ) من كلِّ مئذنةٍ خَمَدَتْ
حينما اشتعلَ الثائرون / الدُرَرْ
هنا نحنُ نستبقُ النَهْرَ نحو المصبِّ الأخيرِ ..
لنا ( درَّةٌ ) مَسَّها الشوقُ فانسربتْ في النَهَرْ
كأنَّ جنيناً يعودُ إلى الرَحْمٍ !
هذا ( محمَّدُ ) يبدعُ ذاكرةً للآلئ ، مصقولةً بِالصُوَرْ
فتيلتهُ بعدُ ما أَومَأتْ باتِّساعِ الظلامِ
فكيفَ تجذَّرَ في خندقِ الليلِ
جذراً حروناً
يُهَنْدِسُ قنطرةً من سَهَرْ
رماديَّةٌ أُفْقُنَا يا ( محمَّدُ )
منذ صَحَوْنَا على نجمتيْنِ تفحَّمَتَا بين عينيكَ ..
فانظرْ لِنَخْوَتِنَا تتقيَّأُ أمعاءَها
وَاسْقِنا جرعةً من رحيقِ الشهامةِ ..
صِرْنَا على جُرْفِ هاويةٍ لا تُهادنُ :
إمَّا العبورُ الكريمُ
وإمَّا الثبورُ اللئيمُ ..
لك اللهُ يا بْنَ المخيَّمِ
كيفَ كتبتَ امتحانَ السماواتِ للأرضِ !
كانتْ دماؤكَ أسئلةً صعبةً
والخياراتُ تُفضي إلى المستحيلِ
وكنتَ تدافعُ مُستبسلاً عن رفاتكَ
فاعطفْ على أُمَّةٍ تُوضعُ الآن فوق المحكِّ الصقيلِ ..
لقد ضاقَ جوهرُها بالخدوشِ
وها أنتَ تصقلُهُ بالمِحَنْ
تريدُ لنا أنْ نسيرَ على حدِّ فاجعةٍ !
والسقوطُ يُراقُبنا مثل ذئبٍ تبطَّنَهُ الجوعُ ..
كُنَّا حَسِبْنَاكَ طفلاً
غداةَ وَضعْنَا العصافيرَ في الأغنياتِ
وجئناكَ نحملُ حلوى الشجَنْ !!
رأيناكَ بالأمسِ أصغرَ من حَجَرٍ في الطريقِ
فكيفَ تمخَّضْتَ عن جَبَلٍ باتِّساعِ الوَطَنْ !!(51/409)
سريعاً هَرَقتَ المحابرَ ملءَ الدفاترِ
تحقنُ تاريخنَا بالبلاغةِ حتَّى احْتَقَنْ
تكلَّمْ فذاكرةُ الحِبْرِ بكماءُ ..
هذا أنا أصعدُ الآنَ بالدمعِ أُفْقَ الوفاءِ
ويبتسمُ الدمعُ شمساً على وجنتيَّ
كأنّي إذا انطفأت كُوَّةٌ في فمي
أشرَقَتْ من عيوني كُوَّى !
هل أنا عاشقٌ مؤتَمَنْ ؟!
كلَّما شدَّني الطينُ وَاشتقتُ للملكوتِ السماويِّ
شقَّتْ ليَ الروحُ نافذةً في جدارِ البَدَنْ
صلاتي مُجاهدةٌ في هواكَ
وتبَّتْ صلاةٌ محايدةٌ في الهوى ..
يا ( محمَّدُ )
تبَّتْ صلاةٌ تخونُ السُنَنْ
أُناجِكَ يا فاضِحاً زَبَدَ البحرِ بين عيونِ السُفُنْ
هل خَبِرْتَ معاهدةً تمنعُ الريحَ ألاَّ تهبَّ
وتدعو السماءَ إلى هدنةٍ عن هطولِ الفِتَنْ ؟!
لقد أفصحَ البحرُ عن عورتَيْهِ :
هنا العُمْقُ أقصرُ من إصبعينِ
وحريَّةُ الموجِ جامدةٌ كالوَثَنْ
تكلَّمْ وجَاوِزْ بيَ الموتَ
إنِّي أحسُّ بأغنيتي تأخذ الآنَ شكلَ الكَفَنْ
شعراء الجزيرة العربية >> جاسم محمد الصحيح >> غواية في المحطة
غواية في المحطة
رقم القصيدة : 7274
-----------------------------------
حاقداً كَرصاصِ العدوِّ
يمرُّ بيَ الوقتُ في سَأَمٍ ..
والمحطّةُ تستنضجُ العابرينَ على لهبِ الانتظارْ
وتطعمهمْ للقطارْ
وثَمّةَ فوضى تمارسُ مهنتَها بامتيازٍ
قُبالةَ نافذةٍ للتذاكرِ مخنوقةٍ بالشجارْ
وقفتُ كمَا تقفُ العتباتُ محايدةً في الطريقِ
لِعلميَ أنّ الحقيقةَ ليستْ مُهذّبةً دائماً ..
كنتُ في سَأمي
أتمدّدُ خارجَ هذَا الإطارِ الذي يحتويني
وأضحكُ ملءِ المساحةِ ما بينَ أُذْنٍ وأُذْنٍ ..
وإذْ تتحاورُ كلُّ الشبابيكِ ما بينها
كنتُ أُصغي إلى وشوشاتِ الحوارْ
وعينايَ في ولَهٍ تذرعانِ الممرَّ السريعَ
وكانَ الممرُّ
يتيهُ بقطعةِ فجرٍ تسيرُ على قدمينِ أثيريّتينِ
قدِ انتبذتْ جانبَ الأرضِ
واتّخذتْ هيئةَ امرأةٍ ..
آهِ ما أعجبَ الفجرَ
كيفَ تنازلَ عن بعضهِ لامرأَه !!
طالعَتْني(51/410)
فأيقنتُ أنَّ الجمالَ على الأرضِ
يحرسُنا من عذاباتها ..
وسمعتُ صدى (آدمٍ) في عروقيَ
يقضمُ تفّاحةَ السيِّئَهْ
وقفتُ ..
وقلبي مبتذلٌ كالشوارعِ ..
ممتهنٌ كالبضائعِ
فيمَا المسافةُ ما بيننَا لم تزلْ مُطفأهْ
لم أكنْ أتحرّى سوى رمشةٍ
كي تضيءَ المسافةُ بالغَزَلِ العَذْبِ
من قبلِ أن نتوزّعَ
في قاطراتِ الزمانِ المسافرِ مثلَ الرياحِ
على غيرِ خارطةٍ ..
فاجَأَتْني العيونُ بِعاصفةٍ حينمَا حَدَّقَتْ بي ..
وكانَ الحريرُ على القامةِ / الفجرِ يهمسُ
لكنَّني ما أتاني حديثُ العباءاتِ من قبلُ
كي أجتلي همساتِ الحريرْ
تمطَّتْ حواجبُها في هدوءٍ
كما تتمطَّى براعمُ وردٍ خِفَافُ العبيرْ
كيفَ لي أنْ أحدَّ انسلالَ عيوني
عبرَ ثنايا عباءتِها ..
إنَّ هذَا العبورَ عبورٌ خطيرْ !!
كلُّ عينٍ تغامرُ في نظرةٍ وحدَها ..
وأنا خارجَ النظراتِ
أُحدِّقُ في الانسلالِ المُثيرْ
أَنا ما امتحنتُ شجاعةَ عينيَّ من قبلُ ..
لكنّني قد رأيتُ بلاءَهما في اجتياحِ المفاتنِ
حتّى ظننتُ مصيريَ مختبئاً خلفَ تلكَ العباءةِ ..
عدتُ
وعينايَ مازالتَا في مغامرةٍ لاكتشافِ المصيرْ !
ثَقُلْتُ إلى الأرضِ مثلَ العجائزِ
من فرطِ ما أثقلَتني خياناتُ هذَا الجسدْ
مالَ ظهرِي / العَمَدْ
واستقالَتْ قِوَايَ على مَهَلٍ من علاقتها بالجَلَدْ
وأقسمُ أنّي تلاشيتُ في حُسْنِها
مثلمَا تتلاشَى الهُنَيْهَةُ في غَمَرَاتِ الأبَدْ
رفيقةَ هذا الممرِّ السريعِ كمَا العُمْرِ
إنَّ الفراقَ بغيضٌ إلى النفسِ مثل لُهاثِ الصباحِ
ولكنّهُ قَدَرُ الغرباءِ
إذَا ما تلاقَوا على عجَلٍ مثلنا ..
نظرةٌ للغوايةِ كافيةٌ لافتتاحِ القلوبِ وريداً وريدْ !
رفيقةَ هذا الممرِّ السريعِ ..
وليسَ الحياةُ ابتلاءً كما يزعمونَ
ولكنّها ما تُجَرِّبُ أرواحُنا في مسيرتِها من لباسٍ جديدْ !
وهاهيَ روحيَ في الأربعينَ منَ الهمِّ
ما جَرَّبَتْ غيرَ ثوبٍ وحيدٍ..وحيدٍ..وحيدْ !!!(51/411)
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> سجِّلْ أنا القدسُ
سجِّلْ أنا القدسُ
رقم القصيدة : 7276
-----------------------------------
..........
سجِّلْ أنا القدس ُ
أنا أرضُ النُّبوات ِ
أنا زهرُ المداراتِ
أنا دررُ المدائنِ والقلوبِ الغضبة ِالحيةْ
أنا للمجدِ عنوانٌ و أهدابي عربيةْ
أنا دربُ البطولاتِ
أنا بابُ الحضاراتِ
وُأشرقُ في جبينِ الشمسِ أغنيةً سماويةْ
وأعلو فوقَ هامِ الكون ِملحمةً فدائيةْ
أنا القدس ُ
أنا القدس..ُ...............
َسجِّلْ أنا القدسُ
أنا الأنوارُ مشرعةٌ
أنا للغاصبِ النيرانُ محرقةً
أنا التاريخُ والأمجادُ والحاضرْ
أنا الأسوارُ أنشودةْ
أنا عربيةٌ حرةْ
أنا أسطورةُ الثورةْ
أنا الأنسانْ
أنا الأحزانْ
لكنْ ليسَ تقتلنيْ
أنا في كفِّ طفلٍ خاضَ ملحمةً ليبلغنيْ
أنا في رجعِ زغرودةْ/
لأم ٍ قدمت شهداءَ واندفعت إلى اللهبِ
أنا القدس ُ
أنا القدس.ُ............
َسجِّلْ أنا القدسُ
أنا في عتمةِ الليلِ قناديلٌ لأولاديْ
وأطبعُ فوق َوجْناتِ الفدا قبلةْ
وأحملُ بينَ أضلاعي لهم غنوةْ
تعالوا يا أحبائيْ
فإني قد أقمتُ اليومَ أعياديْ
تعالوا مثلما الرعدُ
تعالوا مثلما البركانْ
تعالوا مثلما الطوفانْ
تعالوا نزرعِ الوردةْ
تعالوا نصنع العودةْ
أنا القدسُ........
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> مدينتي
مدينتي
رقم القصيدة : 7277
-----------------------------------
مدينتي /
تسكنين َ لوعتي
تصلبين َ غربتي
تحبلينَ بالوعود ِ الكاذبة ْ
تصرخين َ بالأرق ْ
ترحلين َ بالورق ْ
تكبرين َ بالرِّهان ِ والشموع ِ والبرد ْ
وتنثرين ِ الأقحوان َ فوق َ قبر ِ الأغنيات ِوالشفق ْ
و تقرئين َ عند َ دفق ِ الجرح ِ لحن َ وصيتي ......
مدينتي /
قدَّمتك ِ قبائل ُ الهكسوس ِ قرباناً لآلهةِ الدَّمار ْ
قدَّمتك ِ على خوان ٍ من بكارة ْ
وتمنَّت أن ْ تموت َ كلُّ صرخات ِ العذارى
فوقَ مذبح ِ عجزهم ْ
ثمَّ قامت تتغنى بوقاحةْ(51/412)
وتدَّعي نسب َ الطَّهارةْ
وترتمي في كلِّ يوم ٍ مثل َ نخاس ِ الجواري
يدعي شرف َ التجارةْ....
مدينتي /
علِّمي أسوارَكِ اللحنَ المقاتل ْ
واكفري باسم ِ القبائل ْ
سوفَ تبقينَ الصَّبية ْ
واشتعالات ِ المناحلْ
فاكتبي بالَّدمِّ لحنَ المعجزاتْ
بالشوارع ِ والأزقةْ
واصنعي باباً يواصل ْ
كلُّهم مروا غباراً
كلُّهم من تحت ِ نعليك ِ استمروا
كلُّهم ، لا بدَّ راحل ْ............
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> لقطة خرافية.......
لقطة خرافية.......
رقم القصيدة : 7278
-----------------------------------
في التوحُّد ِ سنبلة ْ
تعتنقْ
تبتعدْ
مثلَ صخرات ِالزمنْ
واحدة ْ
باسلة ْ
تشرأبُّ إلى السماءْ
في عيون ٍ صاهلةْ
مثل ِ خيل ِ إبن ِ الوليدْ
وصلاح ِالدين ِ في أرض ِالغضبْ
في السنين ِ الماحلة ْ /
بوصلة ْ
مثل ُحبات ِالمطرْ
بنادق ُ الحدقات ِ في صيدا َنمَتْ
في الشقيف ْ
شاملةْ
دائرةْ
قبلة ُ العيدِ لكمْ
لن تمرَّ الحافلةْ
والليالي مثل شباك ِ الزمنْ
والمقاهي جافلةْ
ودخان ُغليون ٍ ودمّْ
عند مفترق ِالضفائرِ في الخطوط ِالقابلة ْ
بارودة ُالدمع ِالحزين ْ
وبيادرٌ ومواسمٌ و حقولُ نار ْ
ماسورة ٌ / واصلة ْ
في قبابِ الأرزْ
في القفار ِوالتلال ِ تقاطع ٌ قبل َ الوصول ْ
والخيول ِ الصاهلة ْ
ساعة ُالصفرِ تدورْ
في اختزان ٍ محتقن ْ
والروابي رافلة ْ
تكتبونْ
بزندكم ْ و زنادكم ْ
والتمترس ِّ في الهواءْ
للزنابق ِ ألف ُ مرحى ْ
للأقاحي ْ
للبنفسج ِ والخنادق ِ
للشوارع ِ والمفارق ِ
سوفُ تبدأُ عند أمس ِ/عندَ غَدْ
رقصة ُ الحب ِّ العنيد ْ
فاستعيدوا المرحلة ْ
واستعيدوا البوصلة ْ
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> غداً يعودُ الانتشار ْ.
غداً يعودُ الانتشار ْ.
رقم القصيدة : 7279
-----------------------------------
بيروت ُودَّعَت ِالأحبةَ والفيالقْ
بيروتُ لا تبكي
ما زالَ في بيروتَ عاشق ْ
ما زالَ في الأجواءِ عابق ْ(51/413)
بيروتُ يا أمل َالجهات ِوبوصلةَ المغاربِ والمشارق ْ
بيروتُ لا تبكي
فغدا يعودونَ وتبتهج ُالشوارعُ والمفارق ْ...
بيروتُ تحمل ُدمعها
تمشي / مودعةً تسيرْ
بيروت ُآه ...
بيروت ُتلك َالعاشقةْ
َقطَعَت ْ بكفيها الطوارق ْ
يا قصة َالأحباب ِ يا بيروت ُأنت ِ
فامسحي تلك الدموعْ
ولتحضني تلك البيارق ْ
بيروت ُ يا أمل الجهات ِ
بيروت ُيكفيك الدموع ُ ولا نحيب ْ
فعيونك اللوزيةُ ازرقَّت بلون ِالبحر ِمن صوت ِالبكاءْ
يكفيك يا مدن َالعجائب ِوالضرائب ْ
يا موطن َالدَّمِّ المراق ْ
يا راية َالعشاق ْ
بيروت ُآه...
ما زلت ِأنت بدايةً وأمامَ باب البحر ِكان َالارتحالْ
بيروت ُ يا مثوى الأحبةِ والمواجع ِوالرفاق ْ
بيروتُ لا تبكي
وليس هذا بالفراق ْ..................
كنت ِأنت ِالأمّْ
فلمن نعود ُاليومَ ؟
والام نحتمل ُالفراق ْ
أتغادر ُاليوم َإلى مدن ِتنشطر ْ
إلى العواصم ْ
لمدائن ِالقهر ِوغابات ِالسُّحاق ْ
أو بعد قرب ِالحسم ِنمضي من جديد ْ
بيروت ُ كان َاليومَ فيك الاختصارْ
ولن يدوم َالقهر ُلا
ولن يطول َالانتظار ْ
قد مات فيك مدى الحصار ْ
وفي سباق الخيل ما زالت خيول ُالعشق ِتمرح ُفي ابتهال ٍواصطبارْ
في المخيم ِوالمطارْ
ما زال عندك عاشقون ْ
ما زال في بيروت َأطفال ٌوعشاق ٌ كبارْ
َمن يولدون َفيحملون َبنادق َالشهداءْ
َمن يولدون َ فيرفعون َ سبائب َالأحرار ْ
ما زال َفيك العشقُ ممكن ُيحتفي ثمَّ يحفر ُفي الأزقة /
والشوارعِ ، أغنيات ٍ واعتذارْ
ما زال عندك ِعابدون َ
فلا عتاب َولا بكاءَ
ولا انشطار ْ
خل ِّالبنادق َفرحة ً
فغدا يعود العاشقونْ
وغدا يعود الانتشار ْ...
شعراء العراق والشام >> راشد حسين >> ضد
ضد
رقم القصيدة : 7280
-----------------------------------
ضد أن يجرح ثوار بلادي سنبلة
ما الذي يصنعه حتى نبي أو نبية
ضد أن يثمر ألغاما فؤاد الشجرة
ضد ما شئتم... ولكن
ضد أن يثمر ألغاما فؤاد الشجرة
ضد تحويل حياض الورد في أرضي(51/414)
ضد ما شئتم... ولكن
ورفاقي
ضد أن يثمر ألغاما فؤاد الشجرة
ضد أن تصبح أغصان بساتيني مشانق
ضد تحويل حياض الورد في أرضي
مشانق
ضد ما شئتم... ولكن
بعد إحراق بلادي
ورفاقي
وشبابي
شعراء العراق والشام >> راشد حسين >> رسالة من المدينة
رسالة من المدينة
رقم القصيدة : 7281
-----------------------------------
وأذكُرُ أنَّكِ كُنْتِ طَرِيَّة
وشاحاً على دَرْبِ رِيحٍ شقيةْ
تلمّين معطفَكِ الفستقي
على كنزِ قامَتِكِ الفستقيةْ
وقلتُ أنا : مرحباً .. فالتفتِّ
وأمطرتِ ثلجاً وناراً عَلَيَّهْ
وكانتْ رموشُ النجومِ بعيداً
تُحاولُ جَرْحَ الغيومِ العتيةْ
وكنتِ بِحَرْبَةِ رِمْشٍ طَرِيٍّ
تُريدين جَرْحَ معاني التحيةْ
وَسِرْتِ بَعِيدَاً ورأسكِ نَحْوِي
وفي النظراتِ معانٍ سخيةْ
وشوقٌ بعينيكِ أنْ ترجعي
كأشواقِ لاجئةٍ يَافَوِيَّةْ
* * *
وأعلمُ أن الهوى هبَّ صدفة
كهبة ريح على باب غرفة
وأن الشباب بغير غرام
كدارٍ من الماس من غير شرفة
فليتك تدرين معنى الربيع
يُجَدِّل زهراً ليكرم صيفه
ومعنى أصابع رمانةٍ
ترفُّ على البرعم الطفل رفة
ومعنى السحاب يريق دماه
فيسقي الزهورَ ويصنع حتفه
لأدركتِ معنى وقوفي الطويل
على باب دارك أول وقفة
* * *
وخلفتُ ريفي الذي تكرهين
لأغرق نفسي بليل المدينة
هناك وجدتُ وحولَ الشتاءِ
على صدرِها طينةً فوق طينةْ
وينهبُ مَنْ شاءَ ألوانَها
كنهبِ الخريفِ ستائرَ تينةْ
تَعَرَّتْ كماسورةٍ من زُجَاجٍ
فألقيتُ فيها مُنَايَ الثمينةْ
وكنتِ بِمعطفِكِ الفستقيّ
تَسيرين عبرَ خيالي حزينةْ
قِطاراً من العِطْرِ مَاضٍ يقولُ :
هبُونِي مَحَطَّةَ قلبٍ أمينةْ
فأسألُ قلبِي : ألستَ أميناً
فيهتف : داستْ عليَّ المدينةْ
* * *
هنا في المدينةِ تَمْشِي النِّعَالُ
على كلماتِي .. على قِصَّتِي
هنا الكلماتُ بغيرِ معانٍ
توابيتُ مَوْحُولَةُ الجبهةِ
وفي كلِّ زاويةٍ ألفُ حُبّ
رَخِيصٍ كحاضريَ الْمَيِّتِ
لِماذا جَنَيْتِ عَلَيَّ لِماذا(51/415)
رَمَيْتِ إلى وَحْلِهَا مُهْجَتِي
سَئِمْتُ المدينةَ .. قَلْبِي يَموتُ
سآتِي إليكِ .. إلى قَرْيَتِي
أُعَلِّقُ قلبِي على لَوْزَةٍ
فَوَانِيسُهَا حُرَّةُ الْمَنْبَتِ
أنا عائدٌ هل تُرى تَذْكُرين
فتدرين ما السِّرُّ في عَوْدَتِي
شعراء العراق والشام >> راشد حسين >> عكا والبحر
عكا والبحر
رقم القصيدة : 7282
-----------------------------------
الى الاصدقاء الذين عرفتهم عكا
**
حلم الرعاة ورقصة الريحان و الارض الندية
وسنابل القمح الخجولة في ملاءتها البهية
ورحيق ازهاري, واحلام الشباب العسجدية
هي كل ما عندي ... فهل ترضى بها عكا هدية
**
يا حلوة البسمات يا عكا ! رو يدك يا طهورة!
البحر قبل راحتيك , و جاء يسألك المشورة
فهو الأمير أتاك يخطب ود قلبك يا اميرة
رفقا به و بقلبه ! لا تجرحي أبدا شعوره!
**
أرأيت سورك هازئا بالبحر لم يأبه لحبه
حتى خرجت اليه أنت لتسمعي خلجات قلبه
أم قد رفضت رجاءه , فخرجت ثائرة لحربه
فبنيت أبياتا على كبد الرمال لقطع دربه؟
**
اني لأخشى ان رفضت مشاعر البحر النبيلة
ان ينثني كبرا ويخطب قلب جارتك الجميلة
وجمال حيفا ان تكن نقضته نسبتك الاصيلة
فثراؤها نسب يشرفها , ويكرمها فضيلة
**
العفو يا عكا فما قولي سوى خطرات شاعر
ما كنت سمسارا لحب البحر مأجور المشاعر
فتقبلي من قريتي العزلاء رائحة الأزاهر
و وداعة الأطفال طاهرة , و أغنية البيادر
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> مقاطعُ من صلاةِ الغربةْ
مقاطعُ من صلاةِ الغربةْ
رقم القصيدة : 7283
-----------------------------------
يا هبةَ الرب ِّتحياتي
لعيون ٍ تبحرُ في ذاتي
تبحث عن مركبِ أقواتي
و لبيدرَ كنعانَ تسافر ْ
من بطن ِالتاريخ ِسيخرجْ
ويقول لها أنى العاشقْ
يا هام َالآلهةِ الشاهقْ
أعلنت ُالحب َّوبحت ُبه ِ......
أمتار ُالبيعة ِفي صدري
ونبيُّ الغربة ِهل غادرْ ؟
كوَّنَ في الشوق ِزوارقَهُ
قد ثبَّت َضلعيه ِشراعاً
قايضَ بالجسد ِوما باعا(51/416)
وتحدّى ريح َالقطبينِ
يصنعُ من قلبي بوصلةً
تتحدى خط َّالكرةِ الأرضية ِطولاً عرضاً
وتسيُر تسيرُ إلى المذبحْ.....
امتدي امتدي في جسدي
أشرعةَ الفتنةِ والمجدِ
يا مدنَ الغضب ِالمتَّقِدِ
فنبيُّك ِيأتيكِ عشيَّة
كي يجلسَ لحواري الربّة
يتناولُ كأساً عجميةْ
ويشير ُبإصبعَ منفيةْ
ويقول لهم /
يخاطبهم
يكفيكم ذلاً ومهانةْ
أنصاري تبقى فوق الخيلْ
رغم الصلبان ِالوحشيةْ
مائدتي صُنعت من زمن ٍ
وطعامي وشرابي صرخةْ
فنبيُّ ألامس ِغدا صرخةْ.......
كنعانياتُ
يا وطني من فوق ِالمذبحِ
قمن لنا،
يحرقن َالمركب َمن خلفي
يصرخن بنا
لن نسمح َبالغيبة ِأمداً آخرْ
ورغم الصَّلْب ِورغم المرّْ
في بطن ِالتاريخ ِنَمُرُّ
مسافات ٍومنحنيات ِيا ربَّةْ
لماذا طالت ِالغيبة؟
وطال الصمت ُوالحزن ُ
نسيناك َتعال َادنُ
وخذْ من شوقي أوديةً
مُر ِالفرسان َلا تركع ْ
وخل ِّالشمس َفي العشبةْ
أنا من قيدي أطلقتك ْ
كروم َاللوزِ ِوالزيتون ِمَلَّكْتُكْ
فلا تغضب علي َّكفى
لك الصوان ُوالزعترْ
لك البيدرْ
وكفاي على قدميك َساجدتان ِمليوناً من السنوات ِوالزمن ِ............
عبرت ُإليك ِيا ربَّةْ
خلال َالقطر ِوالحبّةْ
نبي ٌ طلَّق َالغربةْ
وبعد اليومْ /
لا ترحال َفي الصحراءِ والعجز ِ
فمن بوابة ِالمنفى عبرت ُإليك ْ
من الإحباط ِوالحسرةْ
من اللاشيءَ للثورةْ
جعلت ُالقيد َوالقضبان َفي جسري
ومهما طالت ِالرحلةْ
على الجمر ِأنا قادمْ
برغم المرِّ والعلقمْ
وخطواتي/
ترانيم ٌ من الرب ِّ
ومزماري يد ُالأطفال ُتحملهُ
إن أقضي ْ
مسيح ُالعشق ِوالآلام ِوالثورةْ
من الغيمة ْ
أنا قادم ْ
أنا قادم ْ/
من العتمةْ
على جسدي قوافل ُدَمّْ
ولن ارتد َّبعد َاليوم ِفي الصحراءِ والزمن ِ
لن ارتد َّفي عشقي
ولن ارتد َّفي شوقي
من الغربةْ
أنا قادم ْ........
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> لمن العتاب ؟
لمن العتاب ؟
رقم القصيدة : 7284
-----------------------------------(51/417)
من أينَ تبتدأ ُ القصيدة ُ نفسَها؟
من أينَ يرتفع ُ الستار؟
ويغوصُ في البحرِ الشراعْ ؟
ويضيع ُ قنديلُ المرافئِ ......آه!
آه....
آهِ من خط ِ المشاعلْ
.يا خانةَ الأشجان ِ والأوجاعْ
وقوافل َ النصل ِ المريرْ
يا أيها البحر ُ المغادر ُ في انتفاء
ألك َ العيونُ المسرجات ُعلى الحصانْ؟!
أواهُ يا "بردى"؟!.....
"دجلى"يئن ويستغيث ُ من الحصارْ
موج ٌ حسيرْ .....///
ونضيع ُفي رملِ القلاعْ
والكل ُّيغرق ُفي الدُوارْ
يتفتَّت ِ الكبدُ المحدَّدُ بالرهانْ
ويسافر ُ الفرح ُ المؤجَّل ْ
وبغير ِخط ٍّ أو مدارْ
كان العتابْ ....
لمن ِ العتاب ْ؟!.
والسيف ُ نصل ٌ في يديك َ ومقبضاً في "الفاوِ" كانْ
من أين ترتسم ُ العلامات ُ الطوال ،
لبداية ِالمشوار. ؟!
بيروتُ تلعنُ نفسَها
وتحزُّ آلاف الرقابْ
وتظلُّ تنسج ُمن دموع ِ الفجرِ أغنيةَ الدمارْ
فيها النشيدْ
فيها عيون ُ الصَّلب ِ لافتةَ الجدارْ
"فيروز" ُ كيف َ الحبُّ في وطنِ القبابْ ؟!
وجع ٌ عضالْ
والنارُ تلتهم ُالتراب ْ
فُكُّوا الصليبْ
فالحزنُ فوقَ العظمِ مسمار ٌ عنيدْ
والموتُ قناص ٌومتراسُ السفرْ
من أين َيبتدأُ الرِّكابْ ؟
والحبُّ آلته تترى بها شعر ٌ وغارْ
لسنا على ثأرٍ ولا كنا نحارب في "البسوس"
فكيف يفترق ُالرفاقْ؟
وجذور ُ غابات ِ المواجع ِبيننا
أبدا ًتحاولُ أن تغيبْ !
في القلب ِ نزرع ُ ضفتين ِ و عرق َ زيتون ٍ ودارْ
للقدس ِ بوصلةِ السفن ْ
لعرائس ِ البلدانِ نكتب ُ كلَّ يوم ٍ أغنيةْ
فهناك َكل ُّ بداية ٍ للبحرْ
وهناك َينفجرُ الهوى ويسيرُ خط الابتداء ْ...
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> مزمار الحب .
مزمار الحب .
رقم القصيدة : 7285
-----------------------------------
يا زهرة العيد السعيد ْ
لا تسالي
أو فاسألي
لا زال عندكِ ألفُ نار ْ
بحرَ الفنار ْ
عند القباب كتبتُ أول آية ٍفي الاغترابْ
ونهضت احترف ُ الجنونَ على يديك ِ
أعطيتك المفتاح َموشوماً بشعر الارتحالْ(51/418)
وبدمعة في الابتهال
قنديل عشقك شعلة ٌ
فتدللي ما شئتِ
إني المستزيدُ من الدلالْ
يا واحة الآيات ِآه
مرحى لغابات الحنينْ
فرحي على كفيك عيداً مثل أفراح الصغار
مثل الفراش الدائر المنثور ما بين الورود وبين
أنوار الشموع ، / أنا
فلتسألي
إني احبك كلما كثر السؤال ْ........
عهد الطفولة
عهد التضاحك والتباكي والتواعد واللقاءْ
زمن الرجوع المستعاد ْ
عنوان ذاكرتي
مزمار موعظتي
يا أيها المعطاة ْ
يا أنت يا هدية السماء
أنت الموارد والمواجع والمواقد
يا أيها الفلك المنير يفوح عطرا
والنور يسكبه على الكفين تيهي وافخري
ولتسألي
ما شئت قولي
إنما أنت الهوى
ولربما أنت السؤال ْ.........
كلَّ الهوى
كلَّ المحبة والحنين
كلَّ الزهور من البنفسج والأقاحي إلى بيوت الياسمين
من اجل عينيك ِ/ ستبقى ههنا
وتظل تنمو في اقتدار
فليكتب العشقُ على شفتي آلافَ القصائد
من عهد قيس وعنترة
وليرتحل ما شاء في مراكبه المهلهل ُوالهلال
وليستمع ما شاء عشاق ٌ لأغنية ٍ من البلّور أهداها نزار
إني احبك قبلهم
فلتسألي أو فاسألي
إني احبك ألف أغنية ومزمارا ونار
إني احبك كلما زدت السؤال ْ ...
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> أحبك اكثرْ .
أحبك اكثرْ .
رقم القصيدة : 7286
-----------------------------------
صباحكِ أزهرْ
صباحكِ أندى و أغلى وأنضرْ
صباحكِ أبهى و أحلى و أنقىْ
صباحكِ أخضرْ
وفجركِ أزهى من الياسمينْ
ومن رعشةِ الوردِ قبلَ العناق ِ
ومن سلةِ المسكِ فوقَ الجبال ِ
كتبتُ إليك ِ.....
مساؤكِ عنبرْ
تنامُ الملآئكُ بين الجفونْ
وتسهرُ أحلامُ قلبٍ حنونْ
فضاءٌ بعيدْ
تخافُ النجومُ من الأمسياتِ
ويهربُ بين الغيومِ القمرْ
وضيفُ الفنارِ يظلُّ الضبابَ
وقلبي يدورْ
يمارسُ فنَّ احترافِ الجنونْ
يحاولُ فيَّ احترافَ الفنونْ
يعودُ إليكِ
ولو بعد حينْ
يعودُ كطفلِ الرضاع ِ المخّدرْ
أحبّك أكثرْ
أحبّك أكثرْ......
تسيلُ القصائدُ شوقاً إليكِ(51/419)
وتجثو الحروفُ على شفتيكِ
لغاتٌ كثيرة ْ
وهمسٌ فريد ْ
وقلبي تعَّلمَ فنَّ النشيد ْ
يغني لحبك ِ / يهفو إليك ِ
خذيني إليك ِ
فليس َ الحياة ُ بطعم ِ الحياة ِ
كما كنتُ أرشفُ بين يديك ِ
وهذا الفضاءُ بدونك ِ أصغر ْ
خذيني إليكِ
فحبّكِ أكبرْ
أحبكِ أكثرْ............
تكونُ النساءُ كغاباتِ سروٍ
تكونُ صنوبرْ
تكونُ تماثيلَ ثلجٍ وسكرْ
تكونُ موائدَ شمعٍ منشّر ْ
تكونُ كلمس ِ الضبابِ المبعثر ْ
تكونُ كوشمِ الخليطِ المسطّرْ
تكونُ موائدَ أشهى و أحلى
تكونُ سفائن َ فلٍّ و ُدفلى
تكونُ / ولكن ْ....
بغيرك ِ لسن نساءً
وتاجكِ رمزُ الإناثِ المظفّرْ
خذيني إليكِ
فأنتِ بدايةُ هذا الزمانِ
وقنديلُ دربي وعصرُ البقاءِ
أحبّكِ أكثرْ...
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> عندما غاب القمرْ .
عندما غاب القمرْ .
رقم القصيدة : 7287
-----------------------------------
-*-
إنها لمسةُ كفٍ ثم غابت ْ
كانت الدنيا صورْ
ثم غابتْ
حينما الكلُّ تلاشى
أيُّكمْ أصغى إليَّ
أيكم أصغى لقلبٍ قد تفطَّرَ وانكسرْ
كانت الدنيا صورْ
كان في الدنيا قمرْ ...
صدقوني إن عمري قد توقَّفْ
قد تخلَّفْ
فالمراكبُ ليس تنتظر الموانئ
والثوانيْ
والأماني ْ
أصبحت ظلاً ثقيلا
أصبحت شبحاً عليلا
والحياة ْْ
ليس نبضُ الروح ِفيها إنما ِظلٌ وحسبْ ....
لحظةُ اللحظات لمسة ْ
كانت الدنيا تموتْ
كانت الأشياء تصبح ُغيرها
والأماكنُ والمفاتن ْ
كل ُّ شيءٍ قد تكثف ْ
بل تلاشى من بعيد ْ
والبشر والصور ْ
في متاهات ٍ وحيرة ْ
لم اكن ادري لماذا ؟
ربما كان الهوى قدرُ الضعاف ْ
ربما أقسى المواجعُ أن تغيبَ الذاكرة ْ
مرة ًجرَّبتُ مرةْ
مرةً أقسمتُ مرة ْ
كيفَ تسمحُ إن تغيب ْ؟
كلُّ أوقاتي تعاتبُ بعضها
كلها تشعل قلبي بالعتاب ْ
جمرةٌ والشوق ُجمرةْ
من تعاتب ؟
إن ما أبقت ترَّجل في الزحامْ
وانقضى زمن العتاب ْ...........
قاتلةْ /
جهزَّت زادَ الرحيلْ
قلت يا جمّالُ صبراً
قال إن الصبرَ عيلْ(51/420)
كنت أرجوها الرجوعَ
كنت اضرع ْ
عذبتني لم تبالِ
إن أيتام الهوى أضيعُ حالا.........
هل تراها اليوم تندم ؟!
حينما تأتى من المدن ِالقوافلْ
حينما تأتى الرمال ْ
يسألون الشعرَ والغيمات ِعنّي
يسألون النخلَ أيضا
يرقبون
لا مجيب ْ
رحمةُ الله عليهِ
كم تعذبْ / وشكى
كم صبر ْ
والمواويلُ التي غنى كثيرةْ
إنما هذا قدر ْ....
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> قصائد في مهب الريح
قصائد في مهب الريح
رقم القصيدة : 7288
-----------------------------------
-*-
حينما كلُّ القصائد في بلاد العشقِ ملكي
حينما صدري مدائنْ
والعيونُ السودُ تاجي
لستُ اندمْ ................
حينما الأنهارُ تجري قيدَ كفي
والبلابلُ في رموشي
والبيادرُ لون عرشي
لستُ أندمْ ..........
حينما يأتي إلى قلبي الذين تعذبوا
والذين تألموا
والذين على كتابِ الدهرِ ماتوا ،
كي يحجوا
لستُ اندمْ .........
حينما صلبي على الجدرانِ موسمْ
حينما موتي مواسمْ
حينما قلبي معالمْ
لستُ اندمْ ..........
إنَّ في بلدٍ بعيدٍ تنشدُ الغدرانُ فيه
والسنابلُ تصبحُ الميلادَ فيه
والسلاسلُ كوكبة
والمواعيدُ مراكبْ
يجلسُ الشعراءُ في القربانِ حولاً
ثم ، تنفجرُ المواسمْ
سوف يظهرُ ظلّ قلبي في قصائدهم معطَّرْ .........
لحظةً بل ليسَ اكثر
تجلس الآهاتُ في صدري لترتشف الشرابْ
ثم تسهرْ
ثم تغفو
ثم تعصرْ
وأنا ، .........؟
اشربُ الأحزانَ في صمتٍٍ وأكُبرْ ........
إنها الطرقاتُ ، ترفلُ بالأقاحي والقرنفلْ
إنها الأكواخ ُحبلى بالبردْ
والقصائد ؟
صارت الأيام في جنباتها طعمَ السفر
وأنا ....؟
ينحتُ التاريخُ قلبي بالفراق .........
ما اشدَّ الغدرَ من قلبٍ تربّى بين كفي ؟
ثم خاصم ْ
ثم أنكر ْ.......
يستمرُّ الوقتُ أطولْ
يستمرُّ الصبرُ أصغرْ
والقوافي لا تداوي
إنما طعمُ الكلامِ على الجراح ِ كطعم ِ( نيرونَ) المظفَّرْ
احرقَ الساحاتِ في روما جهارا
ظنَّ في الحرقِ استراحَ(51/421)
ثم صار بضاعة للشعر أكثر.....
جدتي ، يا جدتي
حينما ثقبت عيونُ الصبر وجهك
لم اكن ادري لماذا ما تغَّير
واستمر أمام ذاكرة الطفولة يانعا أبهى وأنضرْ
يوم كانت جلسة السمّار في كوخ الحكاوي
عندما كانت لنا رقصاتنا في الحي متعةْ
كان يضحكنا الوداع ْ
كان يبكينا اللقاء
والطفولة متعتانِ
يومَ أصغر / يومَ أكبر
إنما قلبي على الجرح المضرج ما تغير ......
في مهبِّ الريح ذكرى
فاستمري لا أبالي
إن لي قلباً يعزُّ على الجِراح ِ
إن لي شعرا يواسيني ويرعى
ثم في تلك الحكايا فارسٌ لا بد آت ٍ
قالت الجدات مرة
إن كنيته الأملْ
وأنا / على الوعد مقيمٌ
والقصائدُ طوعُ كفي
أو تغادر في ظلام الليل عشرٌ أخريات
لا أبالي
فاستمري ما أردت
إنما أنت قصيدٌ قد تمرد بحرُها
والقصائد قد تعودْ
أو تظلُّ مسافرة..........
يا أمل
حينما تأتى ترجَّل عند بابي
لا تغادرني أسيرا
وانتظرني استعيدُ الذاكرةْ
اقطف القلب و أسقيكَ المسرةْ ....
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> عند نهر الميسيسيبي
عند نهر الميسيسيبي
رقم القصيدة : 7289
-----------------------------------
ملئَ نهرِ الميسيسيبي
ضارباً في العنفِ قلبي
فيه أشواقُُ الوداعِ واللقاءِِ والتمنيْ
كيف تندفعُ الأمانيْ
كيف تنغزلُ الأغانيْ
كيف تنشطرُ الأحاجي فوق دربي
ملئَ نهرِ الميسيسيبي ........
ترحلُ الأحلامُ في ثناياه ، كثيرةْ
ترحلُ الأحلامُ مرّة ْ /
مرتانِ
مرةََ فوق الورقْ
مرةََ بين الضلوعْ
مرةََ قبل الدموع ْ
عند فجرِ الانفكاكْ
كانت الدنيا صغيرةْ
كانت الدنيا نفقْ
ويح قلبي كادَ يغرقْ ......
سوف يصحو من ينام ْ
ربما قبل الحمام ْ
لو تجّنى في السهر ْ
لكنِ القلبَ الذي يدمي عيوني لا ينامْ
ليس اذكرُ مرةََ قد قال يكفيني الهوى
أو تعبتُ من الغرامْ
أيها النهرُ تذكّرْ
إن قلبي مثل وحشكِ قد تجبّر ْ
كم تمرِّدْ
كم تكبَّرْ
كان يمتلئُ اندفاعا وغرورا وشبابا
كان أكثرْ(51/422)
كم تلوى بين غدرانِِ ٍوأشجارٍ وغزلان ٍ وأنكرْ
كم تجنّى
والحسانُ على الضفافِ كمثل نثرِ الياسمينْ
تتمنى منه لفتةْ
وهو لا يرنو بتاتا ،
ربما ألقى إليهنَّ سلاماً وتنكّرْ ...
طارَ مثل النسرِ حلَّقَ في سماهْ
طارَ طارَ وارتفعْ
قد تحدَّى أنْ يُطالْ
لم تنل منه الممالكُ والمهالكْ
وحدهُ كانت لهُ الدنيا لعبْ
وجيوشُ الحبّ فرَّت لمْ تكدْ حتى تراهْ
قيلَ فيهِ من القصائدِ والحكاياتِ العجبْ
يا لهُ من عنفوانْ
تاجهُ أسمى وأعلى
في يديهِ الصولجانْ
لم ينلْ منهُ التعبْ
والجميلاتُ هنالكْ
قد تنازلنَ مرارا واحترفنَ الانكسارْ
ثمَّ يوما قد وقعْ ..........
قد هوى
ويحهُ حقا هوى
كانت الدنيا مطرْ
كانت الريحُ تعربدُ في انتشاءْ
كانت الأمواج أعتى من شراعيهِ كثيرا
كانتِ الأرضُ تمورْ
كانت الدنيا صورْ
لم يصدّقْ ما الحكايةْ
ربما السهمُ سينفذُ بعد حينْ ْ
ربما عاد قريبا
ربما أقوى و أقوى
إنما كان القدرْ
حوريةُُ شقتْ شراعيهِ بنظرة
لم يكلِّفها كثيرا غيرَ بسمة ْ، ثمَّ همسةْ
وانتهى عصرُ السفرْ
سلَّمِ التاجَ وألقى الصولجانْ
يا لهُ من عنفوانْ !
ثمَّ أفضى للسهرْ
واقفا على بابِ الغرامْ
يستطيبُ الانتقامْ
يرتشفْ نورَ القمرْ
حاملاً بين يديه كلّ أصنافِ القصائدْ
والأغاني ، ومزامير الكلامْ
والختامْ
صارَ في الدنيا حكاية ْ
فحذارِ
حورية ٌأخرى وتصبح ُ مثل قلبي لا تنامْ ....
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> أولاً إني أحُّبكِ
أولاً إني أحُّبكِ
رقم القصيدة : 7290
-----------------------------------
-*-
أولاً إني احبكْ
ثانيا إني احبك
والختام أنا احبك
إنني أحيا على ميثاقِ عهدكْ
أنتمي للعشقِِ فيك ِ
وكلُّ نبضاتي على أنغامِ ِعصركْ
فاطمئني واستريحي
وانثري هذا البيانْ
واكتبي بالدم شعري
واقرأيني في الوجوهْ
حينما تأتى النوارسُ من بعيدٍ
والسنونو والحباري
حينما شمعُ الكنائسِ / اذكريني
قالت الغيمات عني لن تموتَ من الكتابة ْ
إنما موتي مسافرْ(51/423)
يوم أصحو قبل صحوكْ .....
يا صبايا الحيِّ مهلاً
يا صبايا مثلُ هذا القلب ِ نادرْ
ليس تحزنَّ كثيرا
ليس تفرحنَ كثيرا
قلة ٌ مثلي تخاطر
عندما كلُّ الدروب ِعلى المحبة مقفلة ْ
والصور / .....
والشوارعُ والمطرْ
والخيول ُمسرجة ْ
والدواهي محدقةْ
والمشاويرُ كثيرةْ
والجراحات ُكبيرةْ
والمواسمُ للقلقْ / للظنونْ / للهمومْ
عندما تغفو ولا تصحو النجومُ
والرياح ْ
للشراعِ والموانئِ والسفن ْ
حينما الجرحُ عتيقْ
حينما الخطواتُ تبقى ثم لا تبقى الطريقْ
يغلق السردابُ في وجه المسافرْ ........
أوقدتْ فلبي بنارِ ِالهجرِ ِمرَّةْ
فتهاوى وانفرطْ
ضاع من تلك المجرةْ
ثم شرده الزمان ْ
كيف يومه ؟
بين أحضان ِالمقاهي العابثةْ
ليس يقبلهُ الرصيف ْ
تنزف ُالأحزانُ وجهه
انهُ يكتمُ سرَّه ْ
أيَّ جرم ٍ قد جناه ؟
ليس تتركهُ الصورْ
ذكرياتٌ للهوى/ تشعل السوط َ بلحظة ْ/.. وعلى أوتارهِ
كلُّ ما في الركن ِ كم يعاتبْ
والفساتينُ الجميلةْ
والأساورْ
والخلاخيلُ الكثيرةْ
والفراشي والمفارش ْ
والدبابيسُ اللعينةْ
والعطورْ
إنها صارت نمورْ
تفترسْ قلبي ولا تلقي إلى موتي البطيءْ
عندما تصحو العجائز ُقد أنام ْ
إنَّ في قلبي سويعات ُكلام ْ......
خبزُ روحي في يديك ِ
نسمةٌ في الثغر تصحو
والعناقيد ُهدايا
فاقبلي قسم َالولاءْ
وامنحيني من كؤوس ِالمجد ِرشفةْ
علَّني أُطفيءُ نارا أوشكتْ تقضي علىَّ
يا ملاكي هدَّني عصر ُالفراقْ
وسئمت ُالأمسيات ِوالحسابَ
والحروفْ
واللغاتِ والكلامْ
فامنحيني فرصةً كيما أُفيقْ
ربما حانت سويعات اللقاءْ....
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> في الرواية
في الرواية
رقم القصيدة : 7291
-----------------------------------
-***-
للعيونِ الغازلات ِ الروحَ وشماً من بهاء ْ
للشفاه ِ الناصبات ِ الحسنَ نوراً من ألق ْ
للجبينِ المستفيضِ الفجرَ خيطاً من وشاح ْ
للصباح ِ /للرُّواح ِ /للعنابرْ /للمساءِ
للبهاءِ ....... للرياح ْ(51/424)
زمِّلي القلبَ المضرَّجَ
واخطفي نبضَ الفضاءْ...
*
مثلما الساعاتُ تسري فوقَ أسماءِ المراحلْ
مثلما الغيماتُ ناحت فوقَ ألحانِ المسافرْ
مثلما الأوجاعُ بعضَ الوقتِ ِسفْرٌ من فُجاءة ْ
واختبارٌ /واحتمالٌ /وابتداعٌ /وافتراشٌ
للخيالِ المرتدي وجهَ البراءةْ
والوريدِ الناطقِ اللغةَ الشهيدة ْ
والصوابِ المختفي بيَن المناحلْ....
*
شارحاً تغريبةَ السيفِ المعذّبْ
ناشراً همسَ الوصايا والتواشيح َ الثقالْ
راغباً ثلجَ الغوايةِ في زمان ِ المشربية ْ
من بعيد ٍ ؟ /في احتراقٍ /أو صيام ٍ /لا انتهاء َ
لا اشتهاءَ ، لا استعاراتٍ شقية ْ
بعضُها نصفُ الحقيقية ْ
سوفَ أبقى شارةَ النصف ِ المغيَّب ْ....
*
بعضُ ألوانِ السماءِ ليستِ اليومَ قزحْ
والفراشيُّ اللواتي قد لهثنَ الوقتَ خابت ْ
قد يكونُ القلبُ فيهِ ما يزيدُ عنِ الغرفْ
لم يعد فيهِ خزفْ
والوسادة ْ /والفراشةْ /والأغاني /والمواني
إنما الروحُ التي ضدَّ التلف ْ
سوفَ َ تحظى بالعناقِ المستريح ِوغابة ِالشوقِ البهيِّ
وقبلة ِالشهدِ / الفرَحْ ...
*
لا تطيلي في العبارة ْ
لا تديري أحرفَ النارَ الجريحة ْ
واستعدي للزمانِ المستحيل ْ
للبلابل ْ /للشموعِ /والعطورِ /والتوابلْ
والعناقِ الخالدِ الباقي الجميل ْ
فوقَ حرفينِ وأكبرْ من نواميس ِ البشر ْ
لم يردْ فيها إشارةْ ...
*
اكتبيني بينَ عينيك ِ وصيةْ وحكاية ْ
واحفظيني دونَ بيت ٍ من رموز ٍ وكناية ْ
واخفقي نبضَ اللقاءِ الفاردِ اليومَ جناحيه ِ كواكب ْ
ومواكبْ /وموائد ْ /ومواسم ْ /وقصائد ْ
ومحابرَ تختفي عندَ المراكبْ
كي تكونَ كتابةً فرداً جديدة ْ
من سماها حيثُ أثوي للمواعيدِ الشهيدة ْ
ليس فيها قد مضى يوما مثيلاً في تفاصيل ِ الرواية ْ..
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> نهضَ الصباحُ على فمكْ
نهضَ الصباحُ على فمكْ
رقم القصيدة : 7292
-----------------------------------
-*-
نهضَ الصباحُ على فمكْ
واشتقَّ جملتهُ الوحيدةَ
وانتشى(51/425)
لا ليلَ يفترسُ الجوارْ
لا شوكَ ينتزعُ الجدارْ
لا وحشَ يخترعُ الحصارْ
لا شكَّ يفترشُ السوارْ
فسبا الخيولْ
ونما بهياً في يدكْ
نهضَ الصباحُ على فمك ْ....
***
نهضَ الصباحُ على فمك ْ
فدعيهِ منتحراً هناكََ إذا ترجَّلَ في الختام ْ
ودعي التماهيَ في الإطارْ
وخذي من العمرِ الفنارْ
مسكونتان بوهجه ِ منذُ القيام ْ
شفة ُ الذبيح ِ على السؤال ِ
وحارة ُ العشق ِ معك ْ
نهضَ الصباحُ على فمك ْ.....
***
هل يُتعبُ الشوقُ اللقاءَ إذا ترنَّحَ في الفلكْ ؟
وإذا استقرَّ من الغيابِ على الحجاب ْ ؟
وإذا تمادى في التوحُّد ِ
مثلَ جرح ٍ مشتبكْ ؟!
من رحلة ٍ بينَ النوارس ِكانَ رمشاً في المكاحل ِ
واحتمالاً في المراحلِ
إنما كانَ الحكاية ْ
وافتتاحاً في دمكْ
نهضَ الصباحُ على فمك ْ.....
***
نهضَ الصباحُ على فمكْ
لا تصمتي حذرَ االسفوح ِ
ولا تشقّي في المرايا ما استراحت من ظنون ْ
ليسَ الولوجُ سوى لجرح ٍ محترق ْ
فإذا كفرتِ بما تنفَّس َ في الحجاب ِ
تذكّري أنَّ الجوابَ إذا تمادى
كانَ جزءاً من سؤالٍ مرتبك ْ
نهضَ الصباحُ على فمكْ.....
-****-
نهضَ الصباحُ على فمك ْ
يا ساحة َ البحر ِالوحيدة ِ
منذ ُ أن كانت له الشطآنُ غاية ْ
منكِ الوصولُ إليك ِ آية ْ
أيُّ شيءٍ نازعك ْ ؟!
ليسَ في النورِ الغواية ْ
فاستريحي ما انتهك ْ
نهضَ الصباحُ على فمك ْ....
***
نهضَ الصباحُ على فمك ْ
أبقيه ِ حيثُ أرادَ مشتعلَ الجنون ِ
ومستفزَّاً للضحك ْ
أشقى من الحبِّ الكسولِ
حجارة ٌ في الذاكرة ْ
فاتركيها حاضرة ْ
هي ومضة ُالحبِّ الفريدِ
وجوقة ُالسحرِ العنيد ِ
وباحة ُ الخطوِ الوئيد ِ
بما تيسَّرَ من وفاءٍ منهمك ْ
نهضَ الصباحُ على فمك ْ...
***
نهضَ الصباحُ على فمك ْ
وما تلوَّن خافقاهُ سوى بطيبٍ من يدك ْ
يا واحة َ الروح ِالنبيلة ِ
كم أحبُّك ِ من جديد ٍ كلَّما
شاخَ الكلامُ
تجدَّدَ الوهجُ العجيبُ
وسارَ يحبو من جديدٍ في سماكِ
إذا استفزَّ مضرَّجاً عندَ الوثوبِ(51/426)
محمَّلاً نسكَ الوجوبِ
ومزهراً لا يشتهي ناراً سوى في معبدك ْ
الآنَ أعلنُ ما تيقَّنَ ْ
ما تمترسَ
ما استقرَّ على الوريد ْ
إني أحبُّك ِ من جديد ْ
نهضَ الصباحُ على فمك ْ........
***
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> عودة جلجامش
عودة جلجامش
رقم القصيدة : 7293
-----------------------------------
******
(أوروكُ)قد وقعت ْ ضحيةَ كاهنِ الشرِّ الخبيثِ وكذبةٍ في المهرجان ِ
وسلّمت مفتاحَها العذريَّ خلسة ْ
وارتختْ
ودعتْ إلبى نارِ المعابدِ من سفوحٍ مفلسة ْ
ثمَّ استعدَّت كي تجمِّلَ باحةَ الخَدَرِ المكرَّسِ
فاستفاقتْ بعدَ دهرٍ في ضياع ْ
أوروكُ تقتلُ سهمَها السفليَّ من حظٍ منحَّس ْ
وتصارعُ الثعبانَ في عينِ الدعيَّ المستجيرِ بسحتهِ المنشورِ في سودِ الرقاعْ
ما قد جنتْ !
ستحاولُ اليومَ العبورَ إلى شفاهٍ مبلسة ْ
أوروكُ قد حبلت بكهّانِ الوقيعةِ حاسرينَ الرأسَ في كنفِ الخيانةِ والخداعْ
وتراقصُ العبدَ الحقيرَ نكايةً بحرابها الجرحى هناكَ وراية ٍمُتنكِسَة ْ
أوروكُ ضاعت في الغوايةِ وانثنى جذعُ الشراعْ.....
***
غنّي لهُ (عشتارُ )ما شاءت أغانيُّ العلوجِ المرجفة ْ
ما كانَ يهزمهُ الغبارُ ولا الرماحُ ولا اليراع ْ
وانتفت ْ عنهُ الغواية ْ
فذوت نهودُ الآلهة ْ
لم تستطع يوماً مغالبةَ الجراحِ بمقلتيه ِ ولم تنلْ فيه المرادَ
ولا اشتهت منه الجماع ْ
سقطت أكفُّ التوتِ عن سوءاتها
ومغالق ِالسرِّ المعمّدِ في الرواية ْ
يومَ استراحت بينَ بهجةِ نزوةِ الحقدِ الحقيرةِ والرياحِ الناسفة ْ
وغدت تزيِّنُ ما توحّشَ في السماعْ
قد باركت أنيابها السوداءُ (خمبابا ) المدللَ في جرابِ الشرقِ من أبوابها
ودعت بأرزٍ غيرِ أرزِ البحرِ في أحشائها
واستولدت منهُ الضباعْ.....
***
اغتالتك (انكيدو) الوشايةُ لا أصابعُ ساعةِ الزمنِ المحنّط ْ
لا بحر كانَ كساعديك ْ
لا نار كانت كالزوابعِ في يديك ْ
لا شمس كانت مثل ومضةِ مقلتيك ْ(51/427)
اغتالتكَ (انكيدو) الخيانةُ وارتمت عنكَ السباع ْ
كم كنتَ هشاً في اختبارِ المائدة ْ !
هذي يدُ الكهّانِ لا سهماً يعربدُ من يدِ الحفّارِ ، لا جبلاً أطاح ْ
فلترقدِ الآنَ المسافرَ في يدِ الغدرِ الممغنط ْ
ولتنتشرْ في كلِّ ما وصلَ القلاع ْ
تشرقْ إذا عادَ الصديقُ لخلِّه من رحلة الغيبِ المباح ْ
لا ثالثا ً بينَ الخيارات ِ الوحيدةِ واشتهاءِ الباردة ْ
فاكتب وصيّتكَ الأخيرةَ إن عزمتَ على الركوعِ لحقدها
وانشرْ بيانكَ في السفوحِ على قتيلاتِ الرقاعْ......
***
(جلجامشُ ) المغدورُ عصراً لم يواعدْهُ الغيابُ المختصرْ
فاكتبْ له ما كانتِ الريحُ السنيّةُ ممكنة ْ
وابدأ بما كادَ الفراتَ منَ الخفافيشِ الجياع ْ
فإذا وصلتَ إلى مشارفِ نارِها السوداءِ لا ترحم ْ عناكبها
وأغلق ْ ثغرةَ الكذبِ القبيحِ وصوتهنَّ المحتقرْ
لا بد َّمن دربٍ يسيرُ ولا فوائدَ في الدروبِ الواقفة ْ
لا بدَّ من شمع ٍ وضيءٍ ولتمتْ تلكَ الخرافُ الخائفة ْ
واربطْ على ابن العلقميِّ يدَ المنونِ المترفة ْ
خانتكَ أدراجُ القوافلِ والقبائلِ في اختباءٍ واتساعْ
وتمنطقت بالطيشِ فتوى
والغرائزِ والمعولمِ في الطباع ْ
هذي مشيئةُ صاحبِ الكفرين ِ تسعى
فالتحمْ عندَ المواعيدِ الجديدةِ شاهراًَ ما يلقفُ الحيّاتِ من بطنِ الخداعْ......
***
مرّت على بحرِ الدماءِ وأشعلت سردابها
من كانَ يحلمُ أن يرى أقدامها ؟
من هاهنا بينَ الحقولِ الراقدةْ !
يا بابلَ المجروحةَ القلبِ الرطيبِ تناولبي خيطانها
لا تتركيها في العراءِ طليقةً في مكرها
سدّي الدروبَ بوجهها المنشورِ حقداً واحصريها في القطاع ْ
هذا أوانُ خليفةِ القطفِ الخبيرِ
وموعدُ الثأرِ المشاع ْ
لن يستقرَّ لخانقانَ ولا لهولاكو النخيل ْ
فدعيهِ يشرعُ في النواحِ المستحيل ِ إذا تدرَّعَ بالصهيل ْ
ودعي الخضابَ على ابتداع ْ
هذا أوانكِ قد أزف ْ
فتوشّحي حمرَ اللماع ْ........
***
غنّي لرحلتهِ المجيدةِ يا بلادي واذكريه ْ(51/428)
هو عائدٌ من غيبةِ الخبرِ القديمِ فعانقيه ْ
زفّي لهُ سيفَ الرشيدِ إذا تدرَّعَ في الجوار ْ
هو وارثُ العباسِ حقاً لا موائدُ سارقيه ْ
يا صولةَ البركانِ ثوري واستريحي في مسيرةِ ماجديه ْ
حانت على شفةِ البطولةِ بارقاتُ يدِ الرمايةِ للنهايةِ في مكيدةِ قينقاع ْ
لتواعدَ الإكليلَ في قدسِ النبوءةِ من جديد ْ
كلُّ القبائلِ في يديها ما تكشَّف َ فالمسيه ْ
لم يبقَ إلا أن تُفكَّ سلاسلُ الكذبِ الرخيصِ فحطميه ْ
ولتنطلقْ كلُّ الحمائمِ منشداتٍ في الصباح ْ
مرحى لبابِ قدومهِ خبرِ النهارْ
ولتشعلي بابَ الوداع ْ.....
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> كنعانُ يحترفُ الخلود
كنعانُ يحترفُ الخلود
رقم القصيدة : 7294
-----------------------------------
-------------*--------------
وهوَ الذي غنّى الغمامُ لوقعِ سنْبُلهِ الوحيد ْ
وهوَ الذي حَبِلَ الترابُ بنسْغِ مَنْشَقِه ِ الفريد ْ
وهوَ الذي سوّى الكلامُ على يديهِ موارثَ الحرفِ المحلّى والخطاب ْ
وهوَ الذي سَنَّتْ لمِشيتهِ الجداولُ في افتتاحِ الزهرِ حقلاً في الكتاب ْ
وهوَ الذي عَبَرتْ إلى وهجِ الرؤى فيه ِ الحقولُ منَ الغياب ْ
وهوَ الذي فضَّ المواعيدَ العِذابْ
وهوَ القديم ْ
وهوَ الجديد ْ
وهوَ الهواء ُ وماؤهُ عينُ الحقيقةِ والحياةُ لكلِّ ماء ْ
وهوَ الفضاءْ
وهوَ التراب ْ
وهوَ الجوابْ
وهوَ الجوابْ.......
***
كنعانُ يحترفُ الخلودَ إذا تحوَّلَ منكبُ الشمسِ العنيد ْ
كنعانُ يحترفُ الخلودَ إذا تجذّرَ ساعدُ الوقتِ الشهيد ْ
كنعانُ يقبلُ كلّما قد غادرتْ من حولهِ كتلُ الخطى بينَ المشاهدِ والخيول ْ
كنعانُ يشرعُ في القيامِ إذا تساوتْ خطوةُ الكذبِ الرخيصِ وخطوةُ الصمتِ العجولْ
كنعانُ سرمَدهُ العتيُّ إذا تنكّرتِ الفصول ْ
كنعانُ واحدهُ الحلولْ
كنعانُ قام ْ
كنعانُ عيد ْ
كنعانُ آيةُ ما اشتهتْ فيهِ السماءُ بقاءَها صوتَ السماءْ
كنعانُ جاءْ
كنعانُ مجتَرَحُ النزول ْ(51/429)
كنعانُ خالدُ لا أفولْ
كنعانُ خالدُ لا أفولْ.........
***
كمْ زهرةٍ في عنفوانِ رحابها أهدت إلى (يابوسَ) شيفرتها الوحيدة ْ
كمْ رنّة ٍ شفعتْ لها في البوْحِ طيبتُها الفريدةْ
(يابوسُ) مفتَتَحُ الحصولْ
(يابوسُ) مختزَلُ الهطول ْ
كمْ عطّرتْ وحشَ المكانِ بفيضِ ما وهبتْ إلى الدنيا الحضارةْ
كم ْ أنشدتْ في غابةِ الزمنِ العصيِّ منَ الطهارةِ لحنَ آفاقِ البُشارة ْ
كمْ أسَّسَت ْ لتحالفِ الإنسانِ والإبداعِ أعمدةَ النهوض ِ
وموعدَ الفجرِ البهيِّ ولم تعدِّل في استعارة ْ !
كمْ أطلقت ْ للريحِ بيرقَها الوضيءَ وأسبغت ْ ِسفرَ الجدارة ْ
كم ْ جنَّةَ ً فيها غَدَت ْ ؟
كم ْ نابضاًَ فيها سَبَتْ ؟
قل شاهدَ العصرِ الذبيحْ
(يابوسُ ) مفتاحُ السلام ِ وواحةُ البذلِ السخيِِّ وُقبْلةُ النورِ المثارةْ
(يابوسُ ) زيتُ اللهِ في أبهى منارة ْ.....
***
ُكفَّ الخرابَ عنِ السهوبِ وغادرِ الآنَ المجيدة ْ
لم ْ تنطفيءْ نارُ الخطوبِ ولا استحتْ عينُ الدعيِّ ولا توقَّفتِ المكيدة ْ
ما أنتَ إلا سارقٌ في رحْلهِ ما قدْ غصبْ
ما أنتَ إلا نسخةٌ مهزوزةُ الأركان فيما قدْ وقبْ
شرٌ منَ الظلمِ القديمِ قدْ استعارَ الثوبَ واستنَّ القذارة ْ
من أيِّ أصنافِ العبارة ْ ؟
(راحيلُ) مرّتْ في زيارة ْ
لم ْ تنجلِ الأسماءُ من تابوتها
كلا ولا شهدتْ (لشاؤولَ) الحجارة ْ
تاهت ْ مع السفرِ البعيدِ إلى ذرى الصحراءِ و اشتهتْ الشرارة ْ
فابحثْ هناكَ عساكَ تلتقطُ الإشارة ْ
(راحيلُ) مرّتْ في مسامات ِ المواسمِ وانتهتْ بدعُ البِصارة ْ
لا عهدَ عندَ مضيفِها المغدورِ يسمحُ أن تعودَ وقد تنكَّبتِ الطهارة ْ
فارجعْ إلى تيهِ الغوايةِ ليسَ غيرُ سبيلهِ باباً يقودُ إلى خطاها
إنما في بابِنا لاحظَّ ينفعُ لا مهارةْ ......
***
من أيِّ أبوابِ المدينةِ تدخلُ الطيرُ الذبيحةُ أدخِلوه ْ
من أيِّ أوتارِ الحزينةِ تصدحُ الطيرُ الجريحةُ أطلِقوه ْ(51/430)
يدهُ المفاتيحُ البهيَّةُ والحكايةُ أنْظِروه ْ
كي يقرأَ العهدَ الأصيلَ ويستردَّ منَ اللصوصِ دمَ الصليب ْ
(سيروسُ) قاتلُ والعناكبُ قاتلة ْ
(إيلياءُ ) مثلُ فتى الصليبِ تحالفت ْ في عصرِها كلُّ الصعاليكِ الطريدةِ
واشتهتها القافلة ْ
وتقاطرتْ من كلِّ حدبٍ تستطيعُ على دعاويَ قاحلة ْ
هذا من الشرقِ البعيدِ وذا من الغربِ الوليدِ وتلكَ تتبعُ جاهلة ْ
ماذا تبقّى من عباراتِ الغريبْ ؟
أوهامهُ رحلتْ وأسماءُ الغريبِ ولو تمادتْ راحلة ْ
(صهيونُ) قاتلُ والعناكبُ قاتلة ْ
ولسيِّدِ اللغةِ الوحيدةِ وحدهِ تبقى فنونُ الجلجلة ْ
ولهُ الخيولُ الصاهلة ْ.....
***
فلتُخْبري (هيْلانةُ) الثلجَ البعيدَ بأنَّ زيتونَ القداسةِ دنّسوه ْ
ولتشهدي (راشيلُ) كيفَ بني الأفاعيَ قد أعادتْ من جديدٍ صلبهُ
في درب ِ آلام ٍ جديدٍ والمسيحُ بها بنوهْ
من بابِ غربتهِ ومن وجعِ المنافيَ قد أعادوا المسألة ْ
سارَ الصليبُ على امتدادِ الأرضِ وانتشرتْ دماءُ السابلة ْ
حجّوا إلى أشلائهِ فيها و غنّوا من جديدٍ كلَّ يومٍ خصبهُ
قدرُ الفداءِ بمقلتيهِ وغايةٌ متأصِّلة ْ
ودمُ الخلاصِ لعالمِ الإثمِ المعادِ هوَ القضاءُ إذا تجلّى والروايةُ مثقلة ْ
في عالمِ الظلمِ العنيدِ وبأسِ شقوتهِ الصّراحْ
فلتملئي الدنيا كنيساً ليسَ تكفي الماثلة ْ
(هيْلانةُ) الذنبُ الخطيرُ هو الخداعُ ووصفةٌ متعجِّلة ْ
هذا مسيحُ اللهِ يرسفُ في قيودِ اللصِّ أهداها لهُ حدادُكم في صفقةٍ متبادلة ْ
منْ شايعَ القرصانَ منكم واستحلَّ المهزلة ْ
هوَ قاتلٌ مثلُ الذي طعنَ الذبيحةَ والجريمةُ حاصلة ْ.....
***
فتّش بيوتَ الفجرِ لا أثرٌ تراهُ منَ السفوحِ ولا سرابْ
لا قادماً في يومهِ ، لا سارياً في ليلهِ ، لا من مجيبٍ والتوقُّعُ في حجابْ
بقيَ المخيَّمُ في صراخٍ وحدهُ
والسورُ أصبحَ عالياً يبكي الصّدى بعدَ الظلالْ
هل من جديدٍ خلفَ هاتيكَ التلالْ ؟
لا يا صديقي فالسيوفُ غدتْ محاريثَ الوصال ْ(51/431)
والغمدُ طالَ على فراشِ قضيبهِ حتى غدا السَّفرَ المحال ْ
لم تخطيءِ العنوانَ كلا إنما هذا زمانٌ قد تجنّبهُ الرجال ْ
لا لم يعدْ يجدي انتظارٌ أو سؤال ْ
لا تنتظر ْ (صفرنيو) أن يلدَ المكبِّرُ من جوانبهِ الخليفةَ من جديد ْ
واجهْ مصيركَ واحداً لا تنتظرْ خبرَ الرمالْ
لا قوسَ في صحرائنا بل مرقصٌ مستوردٌ وتديرهُ (روما) وربّاتُ الحجال ْ
وأُذيعَ أنَّ النخوةَ الأولى قضتْ دونَ وريثٍ وانتهى المرضُ العضال ْ
(صفرنيو) مفتاحُ القريبِ هو البعيدُ فلا تحاولْ في الخيالْ......
***
لا يا (شكيمُ ) ويا جنينُ مضى زمانٌ للعتاب ْ
ودعِ المحاولةَ الأخيرةَ يا حمامَ القدسِ في ندبِ الحراب ْ
من قالَ زوراً أنهم لم يسمعوكَ ؟ بلى توفّرَتِ السطورُ على الأجندةِ
لكنّهم نهضوا إلى ما قد تزيَّنَ في الرِّحال ْ
شدّوا إلى (روما) ليرجونَ الخلاصَ على طريقةِ بائعِ البيضِ الذي يخشى السِّلالْ
ملعونةٌ أقدامهم فانشرْ جناحكَ في الفضاءِ ولا تهابنَّ العقال ْ
لا من صلاحَ ولا وليدَ ولا حروفَ لهم هنا قد غادروا وتغيّرتْ قبلَ الزوالْ
مشغولةٌ أحلامهم فيمَ انتهى
يبقى لكَ الفينيقُ في كنعانَ لا تيأسْ وذا وقتُ الزلازلِ والبراكينِ استطالْ
فانفذْ إلى ساحِ الوغى واكتبْ ملاحمكَ العظيمةَ في سماءِ ثرى الأحبّة ِ
والفوارسِ من بني كنعانَ والتحفِ الجبالْ
قد طالَ ليلُ الغدرِ يا قمرَ الفداءِ طغى وطالْ
فانشرْ ضياءكَ لن تمرَّ المفرداتُ المظلمة ْ
هذا أوانكَ قد تجّلى فالتحم ْ
هذا أوانكَ فلتغرّد ْساحةُ الفردوسِ باللَّحنِ الفريدِ منَ الخلودِ لينسخَ اليومَ المحالْ.....
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> رسالة لسيِّد المائين
رسالة لسيِّد المائين
رقم القصيدة : 7295
-----------------------------------
يا سيِّدَ المائين ِ هل للقبرِ سورْ ؟
هذا سؤالٌ في اللُّغة ْ
ما تسألُ اليومَ الجهاتْ
يا سيِّدَ المائين ِهل للماءِ باب ْ ؟(51/432)
في حكمةِ الليلِ الظلام ِ لساحة ٌ أخرى هناكْ
وموضعٌ للبدرِ قام ْ
فكيفَ لا تمشي القوافلْ ؟!
هلْ لديها من صواع ْ!
أم تسرقُ الظلَّ المقابلْ !
بلا جوابْ
بلا جوابْ
يا سيِّدَ المائينِ ِ غابْ
يا سيِّدَ المائينِ آه......
***
بالوا على حديدهم ْ
بالوا على قريضهم ْ
فلمْ يعد فيهم رماة ْ
وأصبحوا رهنَ الفِراشْ
وقلَّدوا رعيانهم بابَ الحروفْ
وأمطروا سرابهم ْ
فأثقلوا جسرَ الزناة ْ
وبايعوا سربَ الفراشْ
وصافحوا عناكبَ الرذيلة ْ
يا سيِّدَ المائينْ......
***
من يستطيعُ أن يسيرَ دونَ تابوتٍ وصلْ
ومن تبقّى قد أضاعْ
فكم على بابِ الأصابعِ العددْ ؟
ومن أرادَ أن يغازلَ البلاغة َالكذوبَ قد رحلْ
ومن تأنّى ما استطاع ْ
فكمْ هي السهامُ في الجسد ْ !
وأينَ ميراثُ الخجلْ ؟
قد ضرَّجوهُ في المقلْ
فما احتملْ
فما احتملْ
يا سيِّدَ المائينْ.......
***
من بابِ داحسَ الكئيبةِ اللعينة ْ
قد أدخلوا للوحلِ غادة ْ
واستعادوا وصلة َ السمع ِ الشهيرة ْ
واستعفّوا عندما صاحت ْ
وعادوا مثلما كانوا لواءً في البلادة ْ
قتلى على أعوادهم ْ
صرعى على أنفاسهم ْ
وعارهم في نسخةٍ مجدَّدة ْ
فهل لهم من بائدة ْ
لا ترجُ منهم فائدة ْ
من بعدكَ الأصنامُ عادت آلهة ْ
يا سيِّدَ المائين ْ......
***
سيقانهم في نهشِ وجهِ الأرضِ آية ْ
إنما في سورة ِالخضابِ لا
وهم على عاداتهم
في كلِّ ما للسمسرة ْ
وقد أضافوا للحساب ِ
سالبَ الصفرِ الجديد ْ
وأطلقوهُ في الفضاء ْ
وعلَّموهُ كيفَ يصبحُ الخَصِيَّ في بلاطهمْ
وكيفَ يجلو المجزرة ْ
وكيفَ تنبحُ الكلابُ
إن دنا فجرٌ بعيد ْ
وكيفَ تجري إن تجلّى في السماءْ
وعندما يخونُهم
لا يطلبِ المغفرة ْ
يا سيِّدَ المائين ْ......
***
فما عليها غيرُ قنطارِ الأجاج ْ
وألفُ نادٍ للبكاءِ وللكلامْ
وللمهاراتِ الوضيعة ْ
رزنامة ٌ قد علَّقوها تحتَ قضبان ِ السياجْ
وما بها من ساعةٍ أخرى تدورْ
وكلّما نظرتها
وجدتها في عمَّة ِالخزي الشنيعة ْ(51/433)
بينَ أكوام ِ السخام ْ
وتحتفي بذكرياتٍ للوقيعة ْ
دونَ أن تخشى الملام ْ
قد غدت ميقات َ أولادِ الظلام ْ
يا سيِّدَ المائين ْ.....
***
وقبلَ أن أنهي الرسالة ْ
واشتقاقاتِ السلام ْ
سيفتحُ الماءُ البريدَ في حضورِ الياسمين ْ
وسوفَ يسمعُ الجواب ْ
من شرنقات ٍ للحروفِ النابضة ْ
ظلَّت أمينة َ الحمام ْ
وليسَ فيها ما يموت ْ
سارت على أقدامها
من مائها لمائها
وجلَّلت شوقَ الخطى بينَ البيوت ْ
بطيئة ً في زحفها
لكن حقيقة ْ
قد استمدت بابها من يديكْ
وصولُها بيتَ السحاب ِقد غدا في الختام ْ
قبلةً مؤكَّدة ْ
يا سيِّدَ المائين ْ............
-------
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> بين الليل والفجر
بين الليل والفجر
رقم القصيدة : 7296
-----------------------------------
-*-
نفثتْ غابةُ سردابِ الليالي صورتَيْها
وارتدت ثوبَ الصراحة ْ
من هنا تسري الخطى نحو البقايا
من هناكَ السورُ يغتالُ الحجارةْ
بينَ هذينِ التحدّي واستعاراتُ المنيّة ْ
في لباس ِالليلِ حرقة ْ
واشتعالات ٌ وأوجاعٌ وحسرة ْ
وارتحالٌ في المدى
وسباقٌ عندما الماءُ تسامى في اجتيازِ الخاصرة ْ
فتعالى بينَ جرحِ النارِ واختارَ الضحيّة ْ
قالَ : لا تكتب صباحك ْ
سوفَ نلغي فسحةَ الحبرِ الوحيدة ْ
واقتصدْ في خانةِ العنوانِ حرفاً
قد قضمنا منذُ أمسِ الجادةَ الأولى وسويّنا القضيّة ْ
قد كذبْ
قل له ُبل أصبحَ العنوانُ في حجمِ السبيَّة ْ
لا أراهُ...
خارجاً يرنو إلى سفرِ الوقوف ْ
داخلاً يمضي إلى زهرِ الحصول ْ
هابطاً بينَ النوايا وانتقالاتِ السحيق ْ
تستوي كلُّ المداراتِ العصيّة ْ
شفةُ الموتِ هديةْ
والظلامُ الخانقُ اليومَ علامة ْ
إنما الفجرُ غرامٌ و هويةْ
والقناديلُ صبيّة ْ
فانتشرْ فيها شعاعاً مثلما أصبحتَ زيتونَ الوصيّة ْ........
كلُّ أنواعِ العتابا والأغاني
ههنا تبدو صغيرةْ
يا صديقي لا تلُمْها
إنما جاءتكَ في ركبِ المصاعد ْ(51/434)
وهيَ عطشى ترتوي من غيمةِ العشقِ المطيرة ْ
ساءلوكَ الأمس ِ عن حالِ الخبايا
عن رمادِ الوقتِ بينَ القهوةِ الصرعى ومعراجِ صحيفة ْ
ودخانٍ لم يجد سيجارةً أخرى ولا بابَ زيارة ْ
قلْ لهم أنا وُلِدنا ناذرينَ العمرَ في بابِ المنارةْ
وخطَوْنا دونَ أن نحيا التفاصيلَ الكثيرة ْ
حينما لا يصبحُ الحاجزُ جدراناً مخيفة ْ
تسقطُ الأسماءُ من وحشِ السلاسل ْ
والزنازينُ التي قد غادرتْ حيطانها اليومَ ....فسيحة ْ
حاصرَتْهُم كلّما ازدادتْ هروباً
واختفتْ فيها الوحوش ُ المسرَجاتُ وهوتْ منها حقيرة ْ
يا رسولَ العشبةِ الخضراءِ والنايِ المحلّى
كلّما قاتلتَ من أجلِ القصيدة ْ
باركتكَ الأمُّ في عيدِ العذارى
واحتفتْ في نوركَ الأطفالُ من حولِ الرسالة ْ
وشدتْ من أجلكَ الفرسانُ في قوسِ المسيرة ْ
في يديكَ الآنَ مفتاحُ الظلام ْ
كلُّ ما يبقى إذا دارَ الهواءُ القفلُ من دونِ دثارْ
فإذاً ، أنتَ هو السجّانُ والجاني غبارْ
لابساً فجرَ الختام ِ المرتدي سفرَ البطولة ْ
ساطعاً بينَ الحروفِ الشادياتِ النصرَ في أبهى ضفيرة ْ.....
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> بين الصورة ِ والصوت
بين الصورة ِ والصوت
رقم القصيدة : 7297
-----------------------------------
-*-
صورتي :
هاأنذا آخذٌ وقتيَ قسراً بينَ دمّي ودمي
لم يعدْ سراً كبيراً ما تردَّدَ في افتتاح ِ الاستراحة ْ
كلُّ أبوابِ الشرايينِ رهينة ْ
والخلايا مستباحة ْ
سافرَ الوقتُ الذي لم يُغتصب ْ
لا لزوم َاليومَ للنوْحِ فرادى
وانتظارِ المعجزة ْ
فالهواءُ خالعٌ نعليهِ في وجهِ المِساحة ْ
عاصرَ القلبِ ترفَّق بالأنين ْ
خذْ كتابكَ في عذابيَ وانصرف ْ
ليسَ في ماسورةِ الدمعِ كفاية ْ
والمشاهدُ لا تساندُها الإزاحة ْ
عائدٌ من زرقةِ الصحراءِ أهذي
فاحملوا هذا الوجع ْ
لو درينْا أنَّ أبوابَ الرياحِ قد أغاظت زندَها
ما خرجنا للسياحة ْ
كلّما واعدتُ سرباً من قرنفل ْ
جاءني الشوكُ قطيعاً في عناد ْ(51/435)
واستدارَت للنكاية ْ
كي تزاولَ مهنةً تدعى الجراحة ْ
المسافةُ بينَ ناري والمرايا تختنق ْ
والحدودُ إلى الحدودِ مارقة ْ
والعبورُ مستحيلْ
رغمَ ذلكَ فالمصوِّرُ يشتهينا بوقاحة ْ
كلُّ من مرَّ اشتهى موتي وحيداً في الحصار ْ
وادَّعى حقَّ الغواية ْ
وانتهى جلّاد َ جرحي بامتيازْ
لو أشرتُ إليهِ كابرَ وادّعى عقمَ الصرّاحة ْ.....
***
صوتُ صمْتي :
كلُّ لحنٍ موجعِ الوقعِ تدفّق ْ
وارتمى بينَ الترابِ والسماءْ
واقفاً مثلَ القضاء ْ
وشهيداً في ولاداتِ الوصيّة ْ
يا جراحي لا تغنّي للبعيد ْ
إنّما الزّمنُ توقفْ
دثّري نارَ الكلامِ واقطفي زهرَ النشيد ْ
ربّما يرتاحُ صمتي في المحطاتِ الغبية ْ
يا وريثَ الآهِ لا تنصبْ خيامَكْ
فالخيامُ لم تعد تقوى سماعا
نايُ دمعي قد تعتَّقَ خذْ غرامَكْ
واعفُ عن صوتٍ تبنتهُ المنية ْ
كلّما غنَّيتُ للمصلوبِ قبلة ْ
راقصَ النابُ الدماءْ
واستشاطت أذرعُ المسمارِ عضاً
واختفى حدُّ النهاية ْ
بينَ صوتي والصدى أرضُ القطيعة ْ
كلّما أرسلتهُ غابَ شهيداً
واختفى بينَ الزّحام ْ
رغمَ أني قد وهبتُ لهُ هوية ْ
حينما الآذانُ وكرٌ للخطيئة ْ
لا تراهن واستعدْ رسُلَ البلاغ ْ
ليسَ فيما قد توارى من بقايا
والوجوهُ قد تلاشت في عباراتٍ بغيّة ْ
واعديني في افتتاحٍ من جديد ْ
لن نبايعَ جثَّةَ الرقصِ القتيلةِ في الوراءْ
سوفَ نبدأُ بالوريدْ
إن برعنا في النجاةِ من شبابيكِ العبيد ْ
سوفَ نصحو في الفضاءِ أغنيةْ
تحسنُ الآنَ اشتياقاً للقضية ْ....
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> العنوانُ يعتذرْ
العنوانُ يعتذرْ
رقم القصيدة : 7298
-----------------------------------
--*--
حمامُنا لا يستريحُ من ْسفارات ِالهديلْ
وَوردُنا ما عادَ يستبقي الفراسةَ في النشيدْ
وصحوُنا لم يستعدْ جناحَهُ العلويَّ من قيدِ الظليل ْ
وجسرُنا يأبى خلاصاًَ في الأرقْ
وماؤُنا لا يستجيبْ
وجرحُنا فوقَ الخطأ
ووقتُنا يُدمي الحمام ْ
أينَ البديلْ(51/436)
أينَ البديلْ... ؟
من لوحةٍ مسافرة ْ
شبّاكُها يشكو اتساعَ الاختصارْ
ويستديرُ في نزق ْ
وكلَّما انداحتْ عنِ الماضي الظلالْ
أرادَ شرحاً في الغسقْ
وحمّلَ الآتي انحساراً في الفتيلْ......
-*-
لا فجرَ من بابِ التَّمني ممكنًا
ولا ظلام ْ
لا عينَ في جوعِ التأنيْ لا حَبَق ْ
لا ينُبْتُِ الملحُ العصيُّ سوى الكلام ْ
وإن تورَّدَ واحترقْ
وكلُّ تمرينٍ على الصمتِ حرام ْ
لا نستطيعُ الانتظارْ
فالسيفُ بينَ الموتِ عجزاً والوثوبِ للأمامْ
حكايتانِ في الجوارْ ...
دوروا على حيطاننا
ماذا رأيتم في السوارْ ؟
رمحًا من الخصرِ النحيل ْ
خصراً من الهمِّ الثقيل ْ
أم قد تزاوجَ الوثوبُ في الجدارْ ؟
قلبي على خطوِ الجراحْ
هل يستعيدُ ما تبقى أرجلاً تحطَّمت بينَ الكتابِ
والزمنْ ؟
هذا سباقُ المستقيلْ.....
-*-
ساعاتُنا صامتْ طويلاً في الحزَن ْ
وما شكتْ
وفي مداراتِ الغيابِ قد بدتْ بابَ النفقْ
وحينما غنَّى الوطن ْ
تسللتْ على قلقْ
وأوغلتْ نارَ الشجارْ
وكانَ جلُّ ما استماتتْ حولهُ
من أينَ تنجزُ الشروعَ في الخطى دونَ الدوارِ في البَرَقْ....
حكايةٌ لا تستبيحُ في العويل ْ
سوى جراحاتِ الورقْ
وعندما يأتي الرحيل ْ
تسارعُ النملُ الهوينى من جحورٍ في الشفق ْ
وتطلقُ الساقينِ ريحًا عن مساراتِ الصهيلْ
لتتركَ الدنيا غباراً
حينما الجرحُ اختنق ْ
في هكذا ضاعَ الدليلْ........
-*-
كنَّا على ميعادِنا
فمنْ غزا المفكّرهْ ؟
ومنْ تسلَّى بالغرقْ
كنَّا على أجسادِنا
فمنْ رمى بالمبخرهْ ؟
وجرَّدَ الوحشَ الكئيبَ واستخفَّ بالشبقْ !
من أينَ تأتي الأجوبه ْ ؟
وحكمةٌ مصفَّدهْ
تخبو إذا شاعَ الوكيلْ
وقلّدَ الطوبَ العتبْ..........
لا شكَّ في بلُّورنا مادامَ ينسى أن ينام ْ
لا شكَّ في كتابِنا مادامَ يعشقُ الغرام ْ
لا شكَّ في حصانِنا إذا تمادى في الذهولْ
لا شكَّ في بريدِنا إذا تروَّى في الوصولْ
لا شكَّ في شكوكنا
وإنما كلُّ الشكوكِ في دخانِ الأتربهْ(51/437)
فكيفَ نلهو بالدخانْ
وكيفَ نصبغُ القتيلْ ....؟
-*-
يا ليتَ أنا لم نغادرْ من سبأْ
يا ليتَ أنَّ الساقَ ألقتْ بالمقلْ
كانت ستبقى في السفينِ عندَها شموعُنا
ولا تموتُ في القرى على الملأ ْ
وبانتظارِ الريحِ كنَّا عندها
نجيدُ تصفيدَ الكلأ ْ
ونرتوي بينَ النخيلْ
من كلِّ ما يجلو الصدأ ْ
ولا يغذِّي ما تخفَّى من جراد ْ.......
إني رأيتُ من ثقوبِ البوصلهْ
تراجعًا بينَ الجهاتْ
وهبّةً بينَ الكمأْ
ألا يخافُ المستحيلْ ؟
لعلهُ الآنَ ابتدأْ
فخاطروا بخيطنا بينَ البقاءِ في الذهابْ
وبينَ الذهابِ في الخطأ ْ
لا فرقَ يغدو عندَ ذبحِ المستحيلْ.........
-*-
صاحَ الخطابْ
وأقسمَ الأيمانَ أني لم أكنْ هذا الكسيحْ
ولا ولدتُ فيهِ مسخًا أو تناسلتُ القبيحْ
إني بريءْ
إني بريءْ
قولوا لهُ يا أيها المسكينُ في صلبِ المسيحْ
فأينَ ألقتِ الخطايا نسلَها
وأينَ أخفيتَ الذبيحْ ؟
وأينَ أفردتَ البساطَ ليرقصَ العجزُ الجريءْ ؟!....
هيَ المطرْ
هوَ الفِكَرْ
والشمسُ لم تحبلْ بنا
ولا رآنا المنتظرْ
فإن خرجنا من جنونِ الادِّعاءْ
لربما يأتي البياضُ دونَ زيفٍ مبتسرْ
وربما يغدو الوضوحُ في المشاهدِ البواقي ممكنًا
ويرجعُ العنوانُ عمَّا أسقطهْ
وقصَّةٍ عنها اعتذَرْ........
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> جملة مختفية ..!
جملة مختفية ..!
رقم القصيدة : 7299
-----------------------------------
)
ما يكتبُ اليوم الطريقْ ؟
أتراهُ ينتظرُ المرورَ من الزحام ِ إلى الفراغْ ؟!
لا تسألوا أينَ السماءْ
بل كبّلوا أنظاركم بالبابِ يفتحهُ الرمادْ
إن مرَّ عامُ الفيلِ تحملهُ الجراءْ
لن تشفعَ الريحَ الأكولةَ للكتابْ
وسيختمُ الجوعَ الترابْ
فتفرّقوا عندَ الحريقْ
واستجمعوا باقي الخضابْ.....
(2)
(كانتونُ) الليلِ الأزرقِ أصبحَ فضياً
فارتقبوا وصفتهً السحرية ْ
يمكنُ أن يشبه دمهُ المغسولْ
لكنَّ (البانتوستان) الأقربَ أصبحَ مختفيَ الممشى
وتلقّى طعنةَ ظهرٍ فورية ْ(51/438)
بينَ الليلينِ بريدُ النارِ غدا لغة ً وهميّة ْ
هل يقدرُ سكانُ البرزخِ أن يصفوه ؟
إن فقدوا يوماً صلةَ البابِ لقد ضاعوا
وانتشر سرابْ.....
(3)
يا سماءَ الحائرينَ لا تبالي بالظنونْ
من عذابٍ قد خلقنا في عذاب ْ
قد يمرُّ الليلُ يوماً دونَ دمعٍ في العيونْ
ذاكَ أنَّ الدمعَ منا كان قد أجرى السحّاب ْ
فشربنا همّنا ضعفاً وغابْ
كلُّ ما يُرجى وأهدانا الجنونْ
واجتبانا الموتُ في درسِ الحسابْ....
(4)
خاطروا بالأملْ
واستريحوا بالرجاءْ
إنما بعضُ غناءٍ لا يضيرْ
للشهيدِ إذا زاركمْ في المساءْ
كي يصرَّ على عودةٍ من جديدْ
للزيارةِ في فسحةِ الأصدقاءْ
إن تأكّدَ أن زهورَ يديهِ
قد نمتْ في الإناءْ
لم تقم على عجلْ
أو قضتْ في عقابْ......
-*-
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> سيِّدَ الأرضِ العليَّة ْ
سيِّدَ الأرضِ العليَّة ْ
رقم القصيدة : 7300
-----------------------------------
--*--
سيِّدَ الأرضِ العليَّة ْ
سيِّدَ الجوعِ النبيلْ
لا تخاطرْ باستراحةْ
أو تبادرْ في انتظارٍ مستغيثٍ من مساماتِ الرحيلْ
إنما الباقي منَ البلِّورِ أسماءُ الموشَّى في شبابيكِ مكانكْ
فارفعِ الزمنَ القتيلْ
ارفع الزمنَ القتيلْ...
-*-
حينما تاهت معَ الرملِ المراكبْ
ما تبقَّى في المدى غيرُ شراعكْ
واقفًا من دونِ ريحٍ في الحكاية ْ
شارحًا نارَ البدايةْ
مستفيضًا في اشتقاقاتِ الخلية ْ
وأمينًا في مساراتِ الوصيَّةْ
في جراحكْ
رايةٌ مقدَّسة ْ
وردُ قيثاراتِ نيْسانَ المقاتلْ
ونهاراتُ الهويةْ
أنتَ زهرُ النارِ في فضاءات ِالروايةْ
في خطابكْ
مثلما دوماً وريثَ البوصلةْ
فلتكنْ آخرَ ما فينا وعنوانَ البقيّة ْ
وَ.. وَ ليداً / .....آهِ ..آهٍ
يا صديقي بصراحةْ
ما تبقّى غيرُ مائكْ
فاحفظِ النسلَ الجليلْ.....
-
كادتِ الأيامُ تنسى نبضَها
كادتِ الأعشابُ تنسى وهْجَها
كادتِ الذاكرةُ ، ...لا ../
أنتَ لبُّ الذاكرة ْ
ما تبقَّى في الحزامِ المستقرِّ غيرُ صوتكْ(51/439)
فاستعدْ منا سلامكْ
استعد منا سلامكْ
ليسَ فينا من يجيدُ اليومَ قاموسَ الصهيلْ....
-*-
هذهِ الأرضُ الكبيرةْ
ليسَ فيها غيرُ أمتارِ قراركْ
ما تبقَّى يا صديقي في المكانِ بعضُ ظلِّ الأرصفةْ
كانَ فيها ما تهاوى في الفراغْ
ضاعَ منها ما تمادى من سباقْ
وتشظَّتْ دونَ شكلٍ كلُّ أبوابِ القلاعْ
في ضياعْ
بحرُنا لوَّثهُ الموتُ ونامَ
صبحُنا لوَّثهُ الصمتُ وهامَ
واحتمى في مبخرةْ
لا ترى غيرَ شوكٍ في الرقاعْ
كيفَ صرنا دونَ وجهٍ لا تسلْ يا صاحبي
كلُّ ما ندريهِ أنَّ اليُبسَ صارَ اليومَ قانونَ المشاهدْ
وانتشى فظًا بلا خوفٍ طويلاً
والفضاءُ قد طوتهُ المعذرةْ
ونما بعدَ زمانٍ من شقاء ٍ وهروبٍ حزمةٌ من أرغفةْ
لم يعدْ إلا مكانكْ
وقراركْ
قد قرأناهُ بشأنِ المستحيلْ.....
-
من على شبّاكِ حرفكْ
لن يمرَّ القاتلونَ والجناةْ
والذينَ قد أقاموا طينَهم في خدعةٍ من كاحلكْ
كيفَ تنسى أن ماءَ الخلدِ ما غطَّّى المساحةْ ؟
هم على بابِ الغزاةْ
فانتشرْ في ساعدِكْ
واحذَرِ الجلّادَ مرةْ
فهوَ لا بدَّ سيهوي في النهاية ْ
إنما الشرُّ الخطيرُ في البديلْ.....
*
نحنُ لا نهوى الظلاما
لا تخيِّم في القيودْ
كلُّ أسماءِ الظلامِ في البطونِ
بعضُها في الأقنعةْ
إنما ما قد تغشَّى من كسوفٍ في سماك ْ
سرُّهُ في الزوبعةْ
سوفَ تهوي دونَ ذيلٍ في انتصاركْ
عندَ آلامكَ تحطيمُ السدودْ
و اختراقاتُ الحدودْ
و السماءُ الساطعةْ
يا صديقي بعضُ وقتٍ ونعودْ
نحنُ فيكَ إنْ تشبثنا وصلنا
كلُّ ما حولكَ ملككْ
هؤلاءِ الواهمونْ
ليسَ أنتَ الآنَ في الأسرِ ولكنْ
وحدكَ الآسرُ والأرضُ عليَّةْ
والزمانُ قبلةُ الأرضِ الحنونْ.......
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> في باب الجرح
في باب الجرح
رقم القصيدة : 7301
-----------------------------------
--**--
بابُ جرحي أصبحَ اليومَ كسولا
لم تعدْ تغريهِ آلامُ الفواصلْ
كلّما ناحت يمامة ْ
قلتْ حسبكْ
أو تماديْ في مهاراتِ المرايا(51/440)
واعتباراتِ الرمايةْ
كلّه سيان عندي طالما نزفي مواصلْ
بابُ جرحي أصبحَ اليومَ كسولا ....
***
بينَ عيني والخلايا
ساحةُ الصبرِ العجوزِ المرتدي ثأرَ القبائلْ
شاخصاً في المستحيل ِ
لم يعد يقوى على عنفِ السرابِ
لا يجاري وصفةَ الركضِ القتيل ِ
لم يتمتمْ بالعبارةْ
واشتهى الموتَ المقابلْ
بينَ عيني والخلايا ردّةُ الوقتِ خجولا.....
***
ألفُ ميلادٍ وموتٌ واحدٌ ينهي القضية ْ
حينما الأسبابُ في جيبِ المقاتلْ
تصبحُ الذكرى غبيَّة ْ
والمواعيدُ مطيَّة ْ
والفضاءُ من شقوقِ النملِ والدنيا جريمة ْ
قاتلٌ يسطو على دمِّ القتيلِ قد تخفّى
واختفى بينَ السكاكينِ التي كانت مشاعلْ
ثمَّ لامَ الصوتُ ما كانَ عجولا ....
***
أيها الجالسُ في برجِ الحكاوي
لا تغادرْ مسرحَ الظلِّ المقابلْ
قبلَ إقفالِ الستارةْ
ربما نسألكَ الانَ الجوابْ
هل تراها من رواياتِ الجنونْ !
قل لنا أنَّ التفاصيلَ ركيكة ْ
والمشاهدُ لها أن تستعيدَ من جديدٍ حظّها
في أن تكونَ أو لها أن لا تكونْ
ربّما تاهَ المؤدّي فاختفت بعضُ المراحلْ
والذي أدّاهُ فيها لم يكنْ إلا فضولا ......
***
لم يعدْ في متعةِ الرؤيا ترفْ
واستحالت رقعةُ الشكِّ المجادلْ
هكذا
بينَ رفعِ الحبرِ عن وجهِ الخطيئة ْ
وارتماءِ الظلِّ في حضنِ الغيابْ
غابةٌ من أسئلة ْ
لم تجد إلا مهاراتِ الوقيعة ْ
واستباحت في انكسارٍ كلَّ قضبانِ المعاولْ
وتشظَّت في الخرابِ ممعناً فيها فصولا .....
***
جادليني بالسفرْ
وامسحي وجهي بماءِ السربِ والحلمِ المعادلْ
لم أكن للريحِ من أجلِ السحابْ
لم أكن للنارِ حباً في الرمادْ
لم أكن للبحرِ شوقاً في العذابْ
لم يكن عشقي مزادا إنما كانَ المناحلْ
كيفَ أستجدي المطايا والكتابْ
والحروفُ النابتاتُ بدأت في دورةِ الصحوِ ذبولا .....
***
آهِ من تلكَ الوقيعة ْ
يا حروفي لا تذوبي في محاراتِ التوابلْ
واصمدي في وجهِ جزارِ الخديعةْ
إنَّ عظماً يستوي محرابَ لائي لن يحابي(51/441)
بابُكِ العلويُّ أقسى من كتاتيبِ الزحافْ
واستقالاتِ القطيعة ْ
علّنا لا ننتهي سرجاً على صمتِ المقاصلْ
أو ننوء مثقلينَ الروحَ بالعدوِ نزولا .....
***
اثبتي لا بابَ بينَ الموتِ قهراً والردى سيفاً صقيلا
اثبتي لا زادَ في الغيظِ المجادلْ
كلّما نالتكِ في المجروحِ طعنةْ
أسقطت عن ظهرهِ حملاً ثقيلا
فليكن قربانهُ في مقلتيكِ
ولتكنْ جمرُ الطريقِ جرعة بينَ الأصابعْ
عندها لا يصبحُ الزندُ أفولا......
***
ناوليني حجتي
ناوليني ما تبقى من ثقوبِ النزفِ والطيرِ المغازلْ
ناوليني غربتي عندَ الوصولْ
ناوليني ما سلم ْ
واستعدي من جديدٍ للكتابةْ
للغناءِ المستنيرْ
بابُ جرحي لم يعد باباً تسلّى بالقيامة ْ
بابُ جرحي يستعينُ في مخاضاتِ الهطولْ
عصرهُ الآتي وقد أهدى الصحابة ْ
فارقبيه ْ
غدهُ العاجيُّ ميناءُ الصلابة ْ
بابُ جرحي لم يعد كهلاً كسولا ......
شعراء العراق والشام >> أيمن اللبدي >> من سفر التغريبة
من سفر التغريبة
رقم القصيدة : 7302
-----------------------------------
لا وردَ ينهضُ من سياجِ الدَّم ِ أكبرُ من يدي
لا جسرَ يعلو فوقَ سورِ الرملِ أعلى من ترابي المنشدِ
لا من يماماتٍ تزفُّ على طريق ِ البحرِ أغلى من فمي
لا من كتابٍ يستقرُّ
أو من شروحٍ تستمرُّ إذا تمادت في غياب ٍ عن غدي
لا من رياح ٍ ترتوي في جسرها العالي مليَّاً مثلما
يغدو النشيدُ إذا ترتَّلَ في الخلودِ على حكايا رقصُها
حزني ، وصمتُ مسيرها من رعشةِ في موقدي
لا وردَ أغلى من دمي
لا وردَ أغلى من دمي......
***
هذا صباحٌ للبكاءِ على القديم ْ
هذا صباحٌ للبكاءِ على الجديد ْ
هذا صباحٌ لانتظارِ الموتِ من خصرِ العويلْ
هذا صباحٌ لاشتقاقِ الانتظارْ
هذا صباحٌ لاغترافِ الاحتضارْ
هذا صباحٌ لافتراقِ النصِّ عن شفةِ القتيلْ
هذا صباحٌ لم يعد عنهُ البديلْ
هذا صباحٌ ضاعَ فيهِ الوقتُ وانتحرَ الدليلْ
هذا صباحٌ للحصارْ
هذا صباحٌ للدمارْ(51/442)
هذا صباحٌ للحواجزِ والسواترِ والجنازاتِ الرتيبةِ
في الجوارْ
هذا صباحُ الأمسِ في ثوبٍ صغيرْ.....
***
لم تتعبوا من رحلةٍ مكرَّرةْ !
لم تستعيدوا وقتكمُ منذُ آخرِ مجزرةْ
ما شهوةُ الآتي لديكم في احتراقِ مفكِّرةْ ؟!
فلتطمأنوا لا جديدْ
هي كومةٌ أخرى من الأشلاءِ في بطنِ الحجارةِ ثمَّ
عشرٌ من جثثْ
وإذا استوت أسماؤها كانت حروفاً مجبرةْ
لا تلفظوها إننا ندري بأنَّ شفاهكم قد لا تطيقُ دروبها
ما قد تبقّى بعدَ أن قد قطَّعتها المعصرةْ
لابدَّ أن قد تخطئوا في لفظها
فلتسترحْ آذانكم ودعوا الطيورَ مسافرةْ.......
هيَ خوذةُ الصمتِ اللقيطةُ
كلما أمعنتُ في شفتيكِ ناري
لم أجد إلا رماداً
بعضُ دمّي في سلالِ بني القوافلِ والقبيلة ْ
شاهت على أعطافها
كم مرَّةٍ تختالُ في ثوبِ اللطيمةِ كلما سنحت لها فرصُ
الدلالةِ والجباية ْ
كم مرّةٍ لا بدَّ ندفعُ رسمَ ضادٍ أفلست من ضادها
كم مرَّةٍ لا بدَّ نوقفُ في فداءِ نخيلها
كم مرَّةٍ لا بدَّ نسرجُ في سرابِ خليلها
حانت ولو أن نفتدي
كلَّ الذي سلمتموهُ
فاخرجوا منا عرايا للبوارْ.......
***
سفرُ الخروجِ إلى الحضورِ منَ الغيابْ
سفرُ الصلاةِ على كتابِ الاقتضابْ
سفرُ الترابْ
من أينَ يوقدُ في السلالةِ الحلمْ ؟
يا وحدكَ العالي إذا عزَّ الخضابْ
يا وحدكَ العالي إذا جنَّ الصوابْ
يا وحدكَ المجبولَ في بابِ البقاءِ من الكتابْ
صلّى عليكَ اللهُ يا نسلَ النبوَّةِ في زمانِ الارتيابْ
لا صبحَ أغلى من قيامكَ فانتشرْ في الصبحِ زهراً
واستعدْ جمرَ الحجابْ......
العصر العباسي >> ابن الخياط >> عَتادُكَ أنْ تشنَّ بها مغارا
عَتادُكَ أنْ تشنَّ بها مغارا
رقم القصيدة : 7303
-----------------------------------
عَتادُكَ أنْ تشنَّ بها مغارا
فقُدْها شُزَّباً قبَّاً تَبَارى
كأنَّ أهِلَّة ً قَذفَتْ نُجُوماً
إذا قدحت سنابكُها شَرارا
وَهَلْ مَنْ ضَمَّرَ الجُردَ المَذاكي
كَمَنْ جَعلَ الطِّرادَ لها ضِمارا(51/443)
كأنَّ الليلَ موتورٌ حريبٌ
يحاوِلُ عندَ ضوءِ الصُّبحِ ثارا
فليسَ يحيدُ عنها مستجيشاً
على الإصباح عثيرها المُثارا
أخَذْنَ بِثأْرِهِ عَنَقاً وَرَكْضاً
مددنَ على الصباحِ بهِ إزارا
وقد هبتْ سيوفُكَ لامعاتٍ
تُفرِّقُ في دجنتهِ نَهارا
أمَا والسابقاتِ لقدْ أباحتْ
لَكَ الشَّرَفَ المُمَنَّعَ وَالْفَخَارا
فزُرْ حلباً بكلِّ أقبًَّ نهدٍ
فَقَدْ تُدْنِي لَكَ الْخَيْلُ الْمَزارا
وكلِّفْ ردَّها إن شئْتَ قسراً
عَزائمَ تَستَرِدُّ المُستعارا
فأجْدِرْ بِالمَمالِكِ أنْ تراها
لمنْ كانتْ ممالكَهُ مِرارا
وإنْ ولدَتْ لكَ الآمال حظّاً
فما زالَتْ مواعدُها عِشارا
إذا عايَنْتَ مِنْ عُودٍ دُخاناً
فأوشِكْ أنْ تُعايِنَ منهُ نارا
ويأبى اللَّهُ إنْ أبَتِ الأعادي
لِناصرِ دِينهِ إلاَّ انتصِارا
وما كبُرَتْ عليكَ اُمورُ مجدٍ
إذا أصْدَقْتَها الهممَ الكِبارا
وما هممُ الفَتى إلاَّ غُصُونٌ
تَكونُ لها مَطالِبُهُ ثِمارا
ألسْتَ ابنَ الذي هطلتْ يداهُ
ندى ً سرَفاً لمنْ نطقَ اختصارا
وأعطى الأفَ لمْ تُعْقَرْ بنَقْصٍ
وما غُنِّي ولا شَرِبَ العقارا
وأشْبَعَ جُودُهُ غَرْثى الأمانِي
وَرَوَّى بأسُهُ الأسَلَ الحِرارا
وقَادَ إلى الأعادِي كُلَّ جَيْشٍ
تَقُودُ إليْهِ رَهْبَتُهُ الدِّيارا
وَلَوْ قُلْتُ ابنُ مَحْمُودٍ كَفَتْنِي
صِفاتُ عُلاكَ فَضْلاً واشتِهارا
وهلْ يخفى علَى السَّارينَ نَهجٌ
إذا ما البَدْرُ في الأُفُقِ استنارا
مِنَ القَوْمِ الأولى جَادُوا سِرارا
وَعادَوْا كُلَّ مَنْ عادَوْا جِهارا
وما كتَمُوا الندى إلا ليَخْفى
ويأْبى الْغَيْثُ أنْ يَخْفى انْهِمارا
بُدُورُ الأرضِ ضاحية ً عليها
وأطيَبُ مَنْ ثوى فيها نُجارا
إذا ما زُلْزِلَتْ كانوا جِبالاً
وإنْ هِيَ أمْحَلَتْ كانوا بِحارا
وأنْتَ أشدُّهُمْ بَأساً وَأنْدا
هُمُ كفَّا وأكثرهمْ فخارا
وأوفاهمْ إذا عقدوا ذِماماً
وَأحْمَاهُمْ إذا حَامَوْا ذِمارا
وأمْرَعُهُمْ لِمُرْتَادٍ جَناباً(51/444)
وأمنعهمْ لمطلُوبٍ جِوارا
لَقَدْ لَبِسَتْ بِكَ الدُّنْيَا جَمالاً
فلو كانتْ يداً كنتَ السِّوَارا
يُضِيءُ جَبِينُكَ الوَضَّاحُ فيها
إذا ما الرَّكْبُ في الظَّلْماءِ حارا
فما يدري أنارُ قِراكَ لاحَتْ
لهُ أمْ بَرقُ غيثكَ قد أنارا
تَمَلَّ أبا القِوامِ شَرِيفَ حَمْدٍ
رفعْتُ بهِ على الدُّنْيا مَنارا
ثناءٌ ما حَداهُ الفِكْرُ إلاّ
أقامَ بِكلِّ مَنْزِلَة ٍ وَسارا
إذا أُثْني بحمدَ قالَ قومٌ
بِحَقِّ الرَّوْضِ أنْ حَمِدَ القِطارا
غَفَرْتُ ذِنُوبَ هذا الدَّهْرِ لَمَّا
أصارَ إليَّ رُؤْيَتَكَ اعْتِذَارا
وردَّ ليَ الصِّبا بنداكَ حتّى
خلعتُ لديهِ في اللهوِ العِذارا
العصر العباسي >> ابن الخياط >> سَقَوْهُ كأسَ فُرْقَتِهِمْ دِهاقا
سَقَوْهُ كأسَ فُرْقَتِهِمْ دِهاقا
رقم القصيدة : 7304
-----------------------------------
سَقَوْهُ كأسَ فُرْقَتِهِمْ دِهاقا
وأسْكرهُ الوداعُ فما أفاقا
إذا ما الكأْسُ لمْ تَكُ كأسَ بينٍ
فليست بالحميمِ ولا الغَساقَا
أبى إلاّ افتراقاً شملُ صبري
وَدَمْعِي إذْ نأوْا إلاَّ افْتِرَاقا
رِفاقٌ ما ارْتَضَوْا في السَّيرِ إلاَّ
قُلُوبَ الْعاشِقينَ لَهُمْ رِفاقا
أرائِقَة َ الجَمَالِ وَلاَ جَمِيلٌ
أرَاقَكِ أنْ جَعَلْتِ دَمِي مُرَاقا
وَسِرْتِ فَلَمِ أسَرْتِ فُؤادَ حُرِّ
حَلَلْتِ وَمَا حَلَلْتِ لَهُ وَثَاقا
تُعَيِّرُنِي بِأحْداثِ اللَّيالِي
وَكَيْفَ يُدَافِعُ الْبَدْرُ الْمِحاقا
شَبابٌ كانَ مُعْتَلاًّ فَوَلَّى
وصدْرٌ كان مُتسعاً فضاقَا
يُكَلِّفُنِي الزَّمَانُ مَدِيحَ قَوْمٍ
يَرَوْنَ كَسادَ ذِكْرِهِمُ نَفَاقا
ومنْ يرجُو منَ النارِ ارتواءً
كمنْ يخشى من الماءِ احتراقَا
ولوْ أنَّ الزمانَ أرادَ حمْلَ الَّـ
ـذي حُمِّلْتُ منهُ ما أطَاقا
ولي عزمٌ أنالُ بهِ انفتاحاً
لِبابِ الْمَجْدِ إنْ خِفْتُ انْغِلاقا
بَعَثْتُ بهِ النِّياق وَقَدْ يُرَجِّي
أنيقَ العيشِ مَن بعثَ النِّياقا(51/445)
سريتُ بها وحظِّي ذُو سُباتٍ
وجئْتُ أبا الفوارسِ فاستفاقا
سعى وسعى الملُوكُ فكانَ أقصى
مدى ً وأشدَّ في السَّعْيِ انطلاقا
وأطْوَلَهُمْ لدى العلْياءِ باعاً
وأثْبَتَهُمْ لَدى الْهَيْجَاءِ سَاقا
يطبِّقُ غيثُهُ أرضَ الأماني
ويسمُو سعدُهُ السَّبعَ الطِّباقا
ويسبقُ عزمهُ كلمَ الليالي
فَكَيْفَ يُحَاوُلُونَ لَهُ سِبَاقا
ومن يطلبْ للمْعِ البرقِ شأواً
يَجِدْهُ أعزَّ مَطْلُوبٍ لَحاقا
وَمَا بِالْجَدِّ فَاقَ النَّاسَ صِيتاً
وَلَكِنْ بِالنَّدَى والْبَأسِ فَاقا
ومن خطبَ المعاليَ بالعوالِي
وبالجدوى فقد أربى الصداقا
وَإنْ طَرقَ الْعِدى لَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ
سوى هامِ الملوكِ لهُ طِراقا
وَقَدْ كَرِهَ التَّلاَقِي كُلُّ صَبٍّ
كأنَّ إلى الفراقِ بهِ اشْتياقا
وَشَدَّد بِالخِنَاقِ على الأعادِي
فتى ً راخى بنائلهِ الخِناقا
تلاقتْ عندك الآمالُ حتّى
أبى إسرافُ جودِكَ أنْ يُلاقا
وأقبلَ بالهناءِ عليكَ عيدٌ
حَداهُ إليك إقبالٌ وساقا
فسرَّكَ وهوَ منْكَ أسَرُّ قلباً
وَلاَ عَجَبٌ إنِ المُشْتاقُ شَاقا
وَمِثْلُكَ يَا مُحَمَّدُ سَاقَ جَيْشاً
يُكَلِّفُ نَفْسَ رَائيهِ السِّياقا
إذا الخَيْلُ الْعِتاقُ حَمَلْنَ هَمّاً
فهمُّكَ يحملُ الخيلَ العتاقا
وَمَنْ عَشِقَ الدِّقَاقَ السُّمْرَ يَوْماً
فإنكَ تعشقُ السّمْرَ الدِّقاقا
وَتَخْتَرِمُ الْمُلُوكَ بِها اخْتِرَاماً
وَتَخْتَرِقُ الْعَجاجَ بِها اخْتِرَاقا
يَسُركَ أنْ تُساقي الجيشَ كأْساً
منَ الحربِ اصطباحاً واغتباقَا
وأشجعُ مَن رأيناهُ شُجاعٌ
يُلاقيهِ السرورُ بأنْ يُلاقى
وما ماءٌ لذِي ظمإٍ زُلالٌ
بأعْذَب منْ خلائقهِ مذاقا
حباني جودُهُ عيشاً كأنِّي
ظفرتُ به منَ الدهرِ استراقا
فأيَّامِي بهِ بِيضٌ يِقَاقٌ
وَكَانَتْ قَبْلَهُ سُوداً صِفَاقا
وطَّوقني ابنُ مالِكَ طوقَ مَنٍّ
فصُغْتُ من الثناءِ لهُ نِطاقا
أرى الأيَّامَ لا تُعْطِي كَرِيماً
بلوغَ مُرادِهِ إلاَّ فَوَاقا(51/446)
فَلا عَاقَتْكَ عَنْ طَلَبِ الْمَعالِي
إذا الأيَّامُ كادَتْ أنْ تُعاقا
العصر العباسي >> ابن الخياط >> يَقيني يَقيني حادِثاتِ النوائبِ
يَقيني يَقيني حادِثاتِ النوائبِ
رقم القصيدة : 7305
-----------------------------------
يَقيني يَقيني حادِثاتِ النوائبِ
وحزمِيَ حزمِي في ظهورِ النجائبِ
سَيُنْجِدُنِي جَيْشٌ مِنَ العَزْمِ طَالمَا
غَلَبْتُ بهِ الخَطْبَ الَّذِي هُوَ غَالِبي
وَمَنْ كَانَ حَرْبَ الدَّهْرِ عَوَّدَ نَفْسَهُ
قِرَاعَ اللَّيالِي لاَ قِراعَ الكَتائِبِ
عَلَى أنَّ لي في مَذْهَبِ الصَّبْرِ مَذْهَباً
يَزِيدُ اتِّساعاً عِنْدَ ضِيقِ المَذاهِبِ
وما وضعتْ منِّي الخطوبُ بقدْرِ مَا
رَفَعْنَ وَقَدْ هَذَّبَنَنِي بِالتَّجارِبِ
أخَذْنَ ثَرکءً غَيْرَ بَاقٍ علَى النَّدى
وأعطيْنَ فضلاً في النُّهى غير ذاهِبِ
فماليَ لا روضُ المساعِي بممرعٍ
لديَّ ولا ماءُ الأمانِي بساكِبِ
كأن لم يكن وعدي لديها بحائن
زماناً ولا ديني عليها بواجب
وَحَاجَة ِ نَفْسٍ تَقْتَضِيها مَخَايِلِي
وَتَقْضِي بِها لِي عادِلاتٍ مَناصِبي
عَدَدْتُ لهَا بَرْقَ الْغَمامِ هُنَيْدَة ً
وأُخْرَى وَمَا مِنْ قَطْرَة ٍ في المَذَانِبِ
وَهَلْ نَافِعِي شَيْمٌ مِنَ الْعَزْمِ صَادِقٌ
إذا كنْت ذا برْقٍ منَ الحظِّ كاذِبِ
وَإنِّي لأغْنى بالحَدِيثِ عَنِ القِرى
وبالبرقِ عنْ صوبِ الغُيُوثِ السَّواكبِ
قَناعة ُ عزٍّ لا طماعة ُ ذلة ٍ
تُزهِّدُ في نَيْلِ الغِنى كُل راغِبِ
إذا ما امْتَطَى الأقْوامُ مَرْكَبَ ثَرْوَة ٍ
خُضُوعاً رَأَيتُ العُدمَ خيرَ مَراكِبي
ولو ركب الناسُ الغِنى ببراعَة ٍ
وفضْلٍ مُبينٍ كُنتُ أولَ راكبِ
وقد أبلُغُ الغايَاتِ لسْتُ بسائرٍ
وأظفرُ بالحاجاتِ لسْتُ بطالِبِ
وما كُلُّ دانٍ منْ مرامٍ بظافرٍ
وَلا كُلُّ نَاءٍ عَن رَجاءٍ بِخائِبِ
وإنَّ الغنى مِنِّي لأدْنى مسافَة ً
وأقْربُ مِمَّا بَينَ عَينِي وحَاجِبي(51/447)
سأصْحَبُ آمالِي إلى ابنِ مُقَلَّدٍ
فَتُنْجِحُ مَا ألْوَى الزَّمانُ بِصاحِبِ
فما اشتطَّتِ الآمالُ إلاَّ أباحَهَا
سَماحُ عَلِيٍّ حُكْمَها فِي المَواهِبِ
إذا كُنْتَ يَوْماً آملاً آمِلاً لَهُ
فكنْ واهباً كلَّ المُنى كلَّ واهبِ
وإنَّ امرأً أفْضى إليْهِ رَجاؤهُ
فَلَمْ ترْجُهُ الأمْلاكُ إحدَى العَجائِبِ
مِنَ القَوْمِ لَوْ أنَّ اللَّيالي تَقَلَّدَتْ
بأحْسابِهِمْ لَمْ تَحْتَفِلْ بالكواكِبِ
إذا أظلمتْ سبلُ السُّراة ِ إلى العُلى
سَروْا فاستضاءُوا بينَها بالمَناسِبِ
هُمُ غادَرُوا بالعِزِّ حصْباءَ أرضِهمْ
أعزَّ مَنالاً مِنْ نُجومِ الْغَياهِبِ
تَرى الدَّهرْ ما أفْضى إلى مُنْتَواهُمُ
يُنكِّبُ عَنْهُمْ بالخُطوبِ النَّواكِبِ
إذا المُنْقِذيُّونَ اعْتَصَمتْ بِحَبْلِهِم
خضبْتَ الحُسامَ العضْبَ منْ كلِّ خاضِبِ
أولئكَ لم يرضَوْا من العزِّ والغِنى
سِوى ما اسْتَبَاحُوا بالقِنا والْقَواضِبِ
كأنْ لم يُحَلِّلْ رِزْقَهُمْ دينُ مجدِهِمْ
بغيرِ العوالي والعِتاقِ الشَّوازِبِ
إذا قربُوهَا للقَاءٍ تباعَدَتْ
مسافة ُ ما بينَ الطُّلى والذوائِبِ
إذا نَزَلُوا أرْضاً بِها المَحْلُ رُوِّضَتْ
وما سُحِبَتْ فيها ذيُولُ السَّحائبِ
بأنْدِيَة ٍ خضْرٍ فِسَاحٌ رِباعُهَا
وأودية ٍ غزرٍ عِذابِ المشاربِ
أرى الدَّهْرَ حَرْباً للمُسالِمِ بَعْدَما
صحبناهُ دهْراً وهو سِلمُ المُحاربِ
فَعُذْ بنهاريِّ العداوة ِ أوحدٍ
مِنَ القَوْمِ لَيْليِّ النَّدَى والرَّغائِبِ
تنلْ بسديد الملكِ ثروة َ مُعدِمٍ
وَفَرجَة َ مَلهُوفٍ وعِصْمَة َ هارِبِ
سعى وارثُ المجدِ التليدِ فلمْ يدَعْ
بِأفْعالِه مَجْداً طَرِيفاً لِكاسِبِ
يُغطِّي عليهِالحزمُ بالفِكَرِ التي
كشفْنَ لهُ عمَّا وراءَ العواقِبِ
ورأْيٍ يُرِي خلْفَ الرَّدى منْ أمامِهِ
فَما غَيْبُهُ المَكْنُونِ عَنْهُ بِغائِبِ
بقيتَ بَقاءَ النَّيِّرَاتِ ومِثْلَها
عُلوًّا وَصوْناً عَنْ صُرُوفِ النَّوائِبِ(51/448)
ودامَ بَنُوكَ السّتة ُ الزُّهرُ إنَّهُمْ
نُجومُ المَعَالِي فِي سمَاءِ المَنَاقِبِ
سللْتَ سِهاماً منْ كِنانة َ لمْ تزلْ
يقرطِسُ مِنها في المُنى كلُّ صائِبِ
فأدْرَكْتَ مَا فَاتَ المُلوكَ بِعَزْمَة ٍ
تَقُومُ مَقَامَ الحَظِّ عِنْدَ المُطَالِبِ
ومَا فُقْتُهُمْ حَتَّى تَفَرَّدَتْ دُونَهُمْ
برأْيِكَ في صَرْفِ الخطوبِ اللوازِبِ
وما شرفتْ عنْ قِيمة َ الزُّبَرِ الظُّبى
إذَا لَمْ يُشَرِّفْهَا مَضاءُ المَضَارِبِ
تَجَانَفْتُ عَنْ قَصْدِ المُلُوكِ وعِنْدَهُمْ
رغائبُ لمْ تجنحْ إليها غرائبِي
تناقَلُ بِي أيدِي المَهَارى حثيثة ً
كَمَا اخْتَلَفَتْ فِي الْعَقْدِ أنْمُلُ حَاسِبِ
إذا الشوقُ أغراني بذكركَ مادحاً
تَرَنَّمْتُ مُرْتاحاً فَحَنَّتْ رَكائِبِي
بَمَنْظُومَة ٍ مِنْ خَالِصِ الدُّرِّ، سِلْكُها
عَرُوضٌ، ولكنْ دُرُّهَا منْ مناقِبِ
تُعَمَّرُ عُمْرَ الدَّهرِ حَتَّى إذا مَضَى
أقَامَتْ وَما أرْمَتْ علَى سِنِّ كَاعِبِ
شعرْتُ وحظُّ الشعرِ عند ذوِي الغِنى
شبيهٌ بحظِّ الشيبِ عند الكواعبِ
وَما بِيَ تقصِيرٌ عَنِ المَجْدِ والْعَلى
سِوَى أنَّنِي صَيَّرْتُهُ مِنْ مَكاسِبِي
يُعدُّ من الأَكفاءِ مَنْ كانَ عنهُمُ
غنياً وإنْ لمْ يشأهمْ في المراتِبِ
ولوْ خطرتْ بي في ضميركَ خطْرَة ٌ
لَعادَتْ بِتَصديقِ الظُّنُونِ الكَواذِبِ
وأصبحَ مخضرّاً بسيبكَ مُمرعاً
جَنَابِي وَمَمْنوعاً بِسَيْفِكَ جَانِبي
العصر العباسي >> ابن الخياط >> لكَ الخيرُ قدْ أنْحى علَيَّ زماني
لكَ الخيرُ قدْ أنْحى علَيَّ زماني
رقم القصيدة : 7306
-----------------------------------
لكَ الخيرُ قدْ أنْحى علَيَّ زماني
ومالي بِما يأْتي الزمانُ يَدانِ
كأنَّ صروفَ الدهرِ ليسَ يَعُدُّهَا
صروفاً إذا مكروهنَّ عدانِي
ولَوْ أنَّ غيرَ الدَّهرِ بالجَوْرِ قادَنِي
جمحْتُ ولكنْ في يديهِ عنانِي
مُنِيتُ بِبيْعِ الشِّعْرِ مِنْ كُلِّ بَاخِلٍ(51/449)
بخُلْفِ مَواعِيدٍ وَزُورِ أمانِي
وَمَنْ لِي بأنْ يُبْتاعَ مِنِّي وَإنَّما
أُقِيمُ لماءِ الوجهِ سُوقَ هوانِ
إذا رُمتُ أنْ ألقى بهِ القومَ لم يزلْ
حيائِي ومَسُّ العدْمِ يقتتلانِ
أخافُ سُؤَالَ الباخِلينَ كأنَّنِي
مُلاقي الوَغى كُرْهاً بقلبِ جبانِ
قعدتُ بمجرى الحادِثاتِ مُعرَّضاً
لأسْبِابِها ما شِئْنَ فِيَّ أتانِي
مُصاحِبَ أيَّامٍ تَجُرُّ ذُيُولَها
عليَّ بأنواعٍ من الحَدَثانِ
أرى الرِّزْقَ أمَّا العَزْمُ مني فَمُوشِكٌ
إلَيْهِ وأمَّا الحَظُّ عَنْهُ فَوانِ
وهلْ ينفَعَنِّي أنَّ عزميَ مُطلقٌ
وَحَظِّي مَتى رُمْتُ المَطَالِبَ عانِ
وَما زَالَ شُؤْمُ الجَدّ مِنْ كُلِّ طَالِبٍ
كَفِيلاً بِبُعْدِ المَطْلبِ المُتَدانِي
وقد يُحرَمُ الجلْدُ الحريصُ مرامَهُ
ويُعْطَى مُناهُ العاجِزُ المُتَوانِي
وَمَنْ أنكَدِ الأحْدَاثِ عِنْدِي أنَّنِي
عَلى نَكَدِ الأحْدَاثِ غَيْرُ مُعانِ
فها أنَا متروكٌ وكلَّ عظيمة ٍ
أُقارِعُها شأنَ الخُطوبِ وشانِي
فَعَثْراً لِدَهْرٍ لا تَرى فِيهِ قَائِلاً
لعَاً، لفَتى ً زلَّتْ بهِ القدمانِ
فهلْ أنتَ مُولٍ نِعْمة ً فمُبادِرٌ
إليَّ وقدْ ألقى الردى بجِرانِ
وحطَّ عليَّ الدهرُ أثقالَ لؤْمِهِ
وتلْكَ التي يعيَا بها الثقلانِ
ومستخلِصي من قبضَة ِ الفقرِ بعدمَا
تَمَلَّكَ رِقِّي ذُلُّهُ وَحَوانِي
وَجاعِلُ حَمْدِي مَا بَقِيتُ مُخلَّداً
عليكَ وما أرسَتْ هِضابُ أبانِ
إذاً تَقْتَنِي شُكْر کمْرِىء ٍ غيرِ هَادِمٍ
بكُفْرِ الأيادي ما ارتياحُكَ بانِ
فَمِثْلُكَ أُنسَ الدَّوْلَة ِ آنتاشَ هالِكاً
أخيذَ مُلماتٍ أسيرَ زمانِ
وغادرَ مَنْ يَخشى الزَّمانَ كأنَّما
يلاقيهِ مِنْ معروفهِ بأمَانِ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> يا سَيِّدَ الحُكَّامِ هَلْ مِنْ وقْفَة ٍ
يا سَيِّدَ الحُكَّامِ هَلْ مِنْ وقْفَة ٍ
رقم القصيدة : 7307
-----------------------------------
يا سَيِّدَ الحُكَّامِ هَلْ مِنْ وقْفَة ٍ(51/450)
يَهْمِي عليَّ بِها سَحَابُ نَداكا
أمْ هَلْ يَعُودُ لِيَ الزَّمانُ بِعَطْفَة ٍ
يَثْنِي إليَّ بهَا عنانَ رِضاكا
هبْ ذا الرميَّ منَ الحوادثِ جُنَّة ً
ولذا الأسيرِ منَ الخُطوبِ فكاكا
قَدْ نالَ مِنِّي صَرْفُها مَا لَمْ تَنَلْ
يَوْم التُّلَيلِ مِنَ الَعُداة ِ ظُباكا
آلَيْتُ لا أبْغِي نَداكَ بِشافِعٍ
ما لي إليكَ وسيلة ٌ إلاّكا
غضباً لمجدِكَ أنْ تُخَوِّلَ نِعمة ً
فَتَكونَ فِيها مِنَّة ٌ لِسِواكا
العصر العباسي >> ابن الخياط >> أُمنِّي النفسَ وصلاً من سُعادِ
أُمنِّي النفسَ وصلاً من سُعادِ
رقم القصيدة : 7308
-----------------------------------
أُمنِّي النفسَ وصلاً من سُعادِ
وأين من المنى دَرَكُ المُراد
وكيف يَصحُّ وصلٌ من خليلٍ
إذا ما كان مُعتَلَّ الودادِ
تمادى في القطيعة لا لجُرْمٍ
وأجفى الهاجِرينَ ذوُو التمادي
يفرِّقُ بينَ قلبِي والتأسِّي
وَيَجْمَعُ بَينَ طَرْفِي والسُّهادِ
ولَوْ بذَلَ اليسيرَ لبلَّ شوْقي
وقدْ يرْوى الظِّماءُ منَ الثِّمادِ
أمَلُّ مَخَافَة َ الإمْلالِ قُرْبِي
وبَعْضُ القُرْبِ أجْلَبُ لِلبِعَادِ
وعندي للأحبة ِ كلُّ جفنٍ
طليقِ الدمعِ مأسورِ الرُّقادِ
فلا تغْرَ الحوادِثُ بِي فحَسْبي
جفاؤُكمْ منَ النّوَبِ الشدادِ
إذا ما النارُ كانَ لها اضطرامٌ
فما الدّاعي إلى قدحِ الزنادِ
أرى البِيضَ الحِدادَ سَتَقْتَضِينِي
نُزُوعاً عنْ هوى البيضِ الخرادِ
فما دَمعِي علَى الأطلال وقفٌ
ولا قلْبي معَ الظُّعُنِ الغَوادي
ولا أبْقى جلالُ المُلْكِ يَوْماً
لِغيرِ هَواهُ حُكْماً في فُؤادِي
أُحِبُّ مَكارِمَ الأخْلاقِ مِنْهُ
وأعْشَقُ دَوْلَة َ المَلِكَ الجَوادِ
رَجَوْتُ فَما تَجاوَزَهُ رَجائِي
وكانَ الماءُ غايَة َ كُلِّ صادِ
إذا ما رُوِّضَتْ أرْضِي وساحَتْ
فما معنى انتجاعِي وارتيادِي
كَفى بندى جلالِ المُلْكِ غَيثاً
إذا نزحَتْ قرارَة ُ كُلِّ وادِ
أمَلْنا أيْنُقَ الآمالِ مِنْهُ(51/451)
إلى كَنَفٍ خَصِيبِ المُسْتَرادِ
وأغنانا نداهُ على افتقارٍ
غناءَ الغيثِ في السنَّة ِ الجمادِ
فَمَنْ ذَا مُبْلِغُ الأمْلاكِ عَنَّا
وسُوّاسِ الحواضِرِ والبوادِي
بأنَّا قدْ سكنَّا ظلَّ ملكٍ
مَخُوفِ البأسِ مرجوِّ الأيادِي
صحِبَنا عندهُ الأيامَ بيضاً
وقدْ عُمَّ الزَّمانُ من السَّوادِ
وأدرْكنَا بِعَدْلٍ مِنْ عَلِيٍّ
صلاحَ العيشِ في دهْرِ الفسادِ
فَما نَخْشَى مُحَارَبَة َ اللَّيالِي
وَلاَ نَرْجُو مُسَالَمَة َ الأعادِي
فَقُولا لِلْمُعانِدِ وهْوَ أشْقى
بِما تَحْبُوهُ عاقِبَة ُ العِنادِ
رُوَيْدَكَ مِنْ عَدَاوَتِنا سَتُرْدِي
نواجِذَ ماضِغِ الصُّمّ الصِّلادِ
ولا تحملْ على الأيام سَيْفاً
فإن الدَّهرَ يقطَعُ بالنجادِ
فأمنَعُ منكَ جاراً قدْ رميناَ
كريمتهُ بداهيَة ٍ نآدِ
وَمَنْ يَحْمِي الوِهادَ بِكُلِّ أرْضٍ
إذا ما السِّيلُ طمَّ علَى النجادِ
هُوَ الرَّامِيكَ عنْ أمَمٍ وعُرْضٍ
إذا ما الرأْيُ قرطَسَ في السَّدادِ
وَمَطَّلَعُهَا عَليكَ مُسَوَّماتٍ
تَضِيقُ بِهَمِّها سَعَة ُ البِلادِ
إذا ما الطَّعْنُ أنحلَها العوالِي
فَدى الأعْجازَ مِنْها بِالهَوادِي
فِداؤُكَ كلُّ مكبُوتٍ مغيظٍ
يخافيكَ العداوَة َ أوْ يُبَادِي
فَإنَّكَ ما بَقِيتَ لَنا سَلِيماً
فما ننفَكُّ في عيدٍ مُعادِ
أبُوكَ تَدارَكَ الإسلامَ لَمَّا
وَهَى أوْ كَادَ يُؤْذِنُ بانْهِدَادِ
سَخَا بِالنَّفْسِ شُحّاً بِالمَعالِي
وجاهَدَ بالطَّريفِ وبالتِّلادِ
كَيَوْمِكَ إذْ دَمُ الأعْلاجُ بَحْرٌ
يُريكَ البحرَ في حُللٍ وِرادِ
عَزائِمُكَ العَوائِدُ سِرْنَ فِيهمْ
بِما سَنَّتْ عَزائِمُهُ البَوادِي
وهذا المجدُ من تلكَ المساعِي
وهذا الغيث من تلكَ الغوادِي
وأنتُمْ أهلُ معدلة ٍ سبقتُمْ
إلى أمدِ العُلى سبقَ الجيادِ
رَعى مِنْكَ الرَّعِيَّة َ خَيْرُ رَاعٍ
كَرِيمِ الذَّبِّ عَنْهُمْ والذِّيَادِ
تقيتَ اللهَ حقَّ تُقاهُ فيهمْ
وتقْوى اللهِ مِن خيرِ العتادِ(51/452)
كأنَّكَ لا تَرى فِعْلاً شَرِيفاً
سِوَى ما كانَ ذُخْراً لِلْمَعادِ
مَكارِمُ بَعْضُها فِيهِ دَليلٌ
على ما فيكَ من كَرمِ الولادِ
هَجرْتَ لَها الكَرَى شَغَفاً وَوَجْداً
وَكُلُّ أخِي هَوى قَلِقُ الوِسادِ
غنيتُ بسيبكَ المرجوِّ عنْهُ
كَما يَغْنَى الخَصِيبُ عَنِ العِهادِ
ورَوَّانِي سَمَاحُكَ مَا بَدَالي
فما أرْتاحُ للعذبِ البُرادِ
إذا نفقَ الثناءُ بأرضِ قومٍ
فلَسْتُ بخائفٍ فيهَا كسادِي
فَلاَ تَزَلِ اللَّيالِي ضَامِناتٍ
بقاءَكَ ما حَدا الأظعانَ حادِ
ثنائِي لا يُكَدِّرُهُ عِتابي
وَقَوْلِي لاَ يُخالِفهُ اعْتِقَادِي
العصر العباسي >> ابن الخياط >> إذا لمْ يكنْ مِنْ حادِثِ الدَّهْرِ موئِلُ
إذا لمْ يكنْ مِنْ حادِثِ الدَّهْرِ موئِلُ
رقم القصيدة : 7309
-----------------------------------
إذا لمْ يكنْ مِنْ حادِثِ الدَّهْرِ موئِلُ
ولمْ تُغنِ عنكَ الحزنُ فالصبرُ أجملُ
وأهونُ ما لاقيتَ ما عزَّ دفعهُ
وقدْ يصَعُبُ الأمرُ الأشَدُّ فيَسْهُلُ
وما هذه الدنيا بدارِ إقامة ٍ
فيَحْزَنَ فِيها القاطِنُ المُتَرَحِّلُ
هِيَ الدَّارُ إلاَّ أنَّها كَمَفَازَة ٍ
أناخَ بِها رَكْبٌ وَرَكْبٌ تَحَمَّلُوا
مُنينَا بِها خَرْقَاءَ لا العَذْلُ تَرْعَوِي
إليهِ ولا محضَ النصيحَة تقبلُ
لَنا وَلَها فِي كُلِّ يَومٍ عَجائِبٌ
يَحَارُ لَها لُبُّ اللَّبِيبِ ويذْهَلُ
يَطُولُ مَدَى الأفْكارِ فِي كُنْهِ أمْرِها
فَيَنْكُصُ عَنْ غَاياتهِ المُتَوغِّلُ
وإن لمنْ مرِّ الجديدينِ في وغى ً
إذا فرَّ منهَا جحفلٌ كرَّ جحفلُ
تجرِّدُ نصلاً والخلائقُ مفصِلٌ
وَتُنْبِضُ سَهْماً والبَرِيَّة ُ مَقْتَلُ
فَلا نَحْنُ يَوماً نَستَطِيعُ دِفَاعَها
وَلاَ خَطْبُها عَنَّا يَعِفُّ فيُجْمِلُ
وَلاَ خَلْفَنَا مِنْها مَفَرٌّ لِهارِبٍ
فكيفَ لمنْ رامَ النجاة َ التَّحيُّلُ
وَلا نَاصِرٌ إلاَّ التَّمَلْمُلُ والأسَى
وماذا الذي يُجدِي الأسى والتململُ(51/453)
نبيتُ على وعدٍ منَ الموتِ صادقٍ
فمنْ حائنٍ يقضى وآخرَ يُمطلُ
وَكُلٌّ وإنْ طَالَ الثَّواءُ مَصِيرُهُ
إلى موردٍ ما عنْهُ للخلقِ معدِلُ
فَوا عَجَبا مِنْ حَازِمٍ مُتَيَقِّنٍ
بأنْ سَوْفَ يَرْدى كَيْفَ يَلْهُو ويَغْفُلُ
ألا لاَ يَثِقْ بالدَّهْرِ مَا عَاشَ ذُو حِجى ً
فَما وَاثِقٌ بالدَّهْرِ إلاَّ سَيَخْجَلُ
نَزَلْتُ علَى حُكْمِ الرَّدَى في مَعاشِرِي
ومن ذا على حُكمِ الردى ليس ينزلُ
تبدَّلتُ بالماضينَ منهُمْ تعلَّة ً
وأيْنَ مِنَ المَاضِينَ مَنْ أتَبَدَّلُ
إذَا ماءُ عَيْنِي بَانَ كَانَ مُعَوَّلِي
علَى الدَّمْعِ إنَّ الدَّمْعَ بِئْسَ المِعَوَّلُ
كفى حزَناً أن يُوقِنَ الحيُّ أنهُ
بسيفِ الردى لا بُدَّ أنْ سوفَ يُقتلُ
لِيَبْكِ جَمَالَ الدَّوْلَة ِ البَأسُ والنَّدَى
إذا قلَّ مَنَّاعٌ وأعوزَ مُفضِلُ
فَتى ً كَانَ لاَ يُعْطِي السَّواءَ قَسِيمَهُ
إباءً إذا مَا جاشَ لِلْحَرْبِ مِرْجَلُ
ولاَ يعرِفُ الإظماء في المحلِ جارُهُ
سَماحاً وَلَوْ أنَّ المَجَرَّة َ مَنْهَلُ
فمنْ مُبلِغُ العلْياءِ أنِّيَ بعدَهُ
ظمئْتُ وأخلافُ السحائِبِ حُقَّلُ
فَوا أسفَا مَنْ لِلطَّرِيدِ يُجْيرُهُ
إذا نَاشَهُ نابٌ مِنَ الخَوْفِ أعْصَلُ
وَوا أسَفاً مَنْ للفقيرِ يميرُهُ
إذا شفَّهُ داءٌ مِنَ الفقرِ مُعضِلُ
تهدَّمَ ذاكَ الباذِخُ الشامِخُ الذُّرى
وأقْلَعَ ذاك العارِضُ المُتَهَلِّلُ
فَيا مَانِعَ اللاَّجِينَ ها أنَا مُسْلَمٌ
وَيَا مُمْطِرَ الرَّاجِينَ ها أنا مُمْحِلُ
أحِينَ احْتَبى فِيكَ الكَمَالُ وَخُوِّلَتْ
يداكَ من العلْياءِ ما لا يُخوَّلُ
وشايعكَ العزمُ الفَتيُّ وناضَلَ النَّـ
ـوائبَ عنكَ السُّؤْدَدُ المُتكَهِّلُ
ولمْ تُبْقِ حظاً مِنْ عُلاً تستزيدُهُ
ولا حُلَّة ً مِنْ مفخرٍ تتسربَلُ
رَمَاكَ فأصْمَاكَ الزَّمانُ بِكَيْدِهِ
كذا تنقُصُ الأقمارُ أيَّانَ تكمُلُ
وما كنتُ أخشى أن يَفُوتَ بكَ الرَّدى
ولمَّا يكنْ يومٌ أغرُّ محجَّلُ(51/454)
ولمَّا يَقُمْ مِنْ دُونِ ثأْرِكَ معشَرٌ
إذا عزمُوا في النَّائِباتِ توكَّلُوا
مَناجُيدُ وثَّابُونَ فِي كُلِّ صَهْوَة ٍ
مِنَ العِزِّ قَوَّالُونَ لِلْمَجْدِ فُعَّلُ
أتَذْهَبُ لَمْ يُشِرَعْ أمامَكَ ذَابِلٌ
لمنعِ ولَمْ يُشْهَرْ وراءَكَ مُنْصُلُ
فهَلاَّ بِحيثُ المَشْرَفِيَّة ُ رُكَّعٌ
تُكَبِّلُ في هامِ العِدى وتُهَلِّلُ
وألاَّ بحيثُ السمهرية ُ شُرَّعٌ
تُعَلُّ مِنَ الأكبادِ ريّا وتُنهَلُ
كدأْبكَ أيامَ الحوادِثُ نُوَّمٌ
وجدُّكَ يقظانٌ وحدُّكَ مقصَلُ
فَهَلْ عَالِمٌ جَيْهانُ أنَّكَ بَعدَهُ
رمى بِكَ مرماهُ الحِمامُ المُعجَّلُ
سلكْتَ وإيَّاهُ سبيلاً غدَا بهِ
زمانُكُما في قِسمة ِ الجورِ يعدِلُ
سقاكَ وإنْ لم يُرْضِنِي فيكَ وابِلٌ
ولوْ حلَّ لِي قُلتُ الرَّحيقُ المُسلسلُ
مِنَ المُزْنِ مَشْمُولٌ يَرِفُّ كأنَّهُ
بِجُودِ جَلالِ المُلْكِ يَهْمِي ويَهْطِلُ
ومهمَا هفَتْ يوماً من الجَوِّ نفحة ٌ
فَهَبَّ بِحِضْنَيْكَ النَّسِيمُ المُمَنْدَلُ
وَلاَ عَدِمَ المَوْلَى مِنَ الأجْرِ خَيْرَهُ
وبُلِّغَ فِي أعْدَائهِ مَا يُؤَمِّلُ
فِدَى ً لَكَ مِنْ تَحْتَ السَّماءِ وَلاَ تَزَلْ
وَمَجْدُكَ مَرْفِوعُ البِناءُ مُؤَثَّلُ
إذَا جَلَّ خَطْبٌ غالَ هَمَّكَ عِنْدَهُ
نُهى ً تَسَعُ الخَطْبَ الجَلِيلَ وتَفْضُلُ
وأرْغَمْتَ أنْفَ النَّائِبَاتِ بِوَطْأَة ٍ
تخِفُّ على ظهرِ الزمانِ وتثقُلُ
وأيُّ مُلِمٍّ يَزْدَهِيكَ وإنَّمَا
بحلمكَ في أمثالِهِ يُتمثَّلُ
غنِيتَ بما تقضي به عندَكَ النُّهى
وفضْلِكَ عنْ تعريفِ ما لَسْتَ تهجَلُ
ومَاذَا يَقُولُ القائِلُونَ لِمَاجِدٍ
أصِيلِ الحجى في لفظة ٍ منهُ فيصَلُ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> أحتى إلى العلياءِ يا خطبُ تطمحُ
أحتى إلى العلياءِ يا خطبُ تطمحُ
رقم القصيدة : 7310
-----------------------------------
أحتى إلى العلياءِ يا خطبُ تطمحُ
وحَتَّى فُؤادَ المَجْدِ يا حُزْنُ تَجْرَحُ(51/455)
أَكُلُّ بقاءٍ للفَناءِ مُؤَهَّلٌ
وكُلُّ حياة ٍ للحِمامِ تُرَشَّحُ
سَلَبْتَ فَلَمْ تَتْرُكْ لِباقٍ بَقِيَّة ً
فيا دَهْرُ هلاَّ بالأفاضِلِ تسمحُ
تجافَ عنِ المعروفِ ويحكَ إنَّهُ
لِما يُجْتَوى مِنْ فَاسِدٍ فِيكَ مُصْلِحُ
إذا كنتَ عنْ ذِي الفضلِ لستَ بصافحٍ
فَواحسْرَتا عَمَّنْ تَكُفُّ وَتصْفَحُ
خَلِيليَّ قَدْ كانَ الَّذِي كانَ يُتَّقى
فما عُذْرُ عينٍ لا تَجُودُ وتَسْفَحُ
قِفا فاقضِيا حقَّ المعالِي وقَلَّما
يَقُومُ بِه دَمْعٌ يَجُمُّ وَيطْفَحُ
فمنْ كانَ قبلَ اليومِ يستقبحُ البُكا
فَقَدْ حَسُنَ اليَوْمَ الَّذِي كانَ يَقْبُحُ
فلا رُزْءَ مِن هذا أعمُّ مُصِيبة ً
وَلا خَطْبَ مِنْ هذا أمَرُّ وأفْدَحُ
مُصابٌ لَوَ کنَّ اللَّيْلَ يُمْنَى بِبَعْضِ مَا
تَحَمَّلَ مِنْهُ المَجْدُ مَا كانَ يُصْبِحُ
وحُزنٌ تساوى الناسُ فيهِ وإنَّما
يَعُمُّ مِنَ الأحْزانِ ما هُوَ أبْرَحُ
تَرى السَّيْفَ لا يَهْتزُّ فِيه كآبَة ً
وَلا زاعِبِيَّاتِ القَنَا تَتَرَنَّحُ
فيا للمعالِي والعَوالِي لهالِكٍ
لهُ المجْدُ باكٍ والمَكارِمُ نُوَّحُ
مَضى مُذْ قَضى تِلْكَ العَشِيَّة َ نَحْبَهُ
وَما كُلُّ مغْبُوقٍ مِنَ العَيْشِ يُصْبَحُ
لغاضَ لَهُ ماءُ النَّدى وهوَ سائحٌ
وضَاق بهِ صَدْرُ العُلى وَهْوَ أفْيَحُ
ظَلِلْنا نُجِيلُ الفِكْرَ هَلْ تَمْنَعُ الرَّدَى
كتائِبُهُ واليومَ أرْبَدُ أكلحُ
فَما مَنَعتْ بُتْرٌ مِنَ البِيضِ قُطَّعٌ
ولا كَفَّ معروفٌ منَ الخيرِ أسجَحُ
وهيهاتَ ما يَثْنِي الحمامَ إِذا أَتى
جِدَارٌ مُعَلّى ً أوْ رِتاجٌ مُصَفَّحُ
وَلا مُشْرعاتٌ بالأسِنَّة ُ تَلْتَظِي
ولا عادِياتٌ في الأَعنَّة ِ تضْبَحُ
وَلا سُؤْدَدٌ جَمٌّ بهِ الخَطْبُ يُزْدَهى
وَلا نَائِلٌ غَمْرٌ بهِ القَطْرُ يُفْضَحُ
فَياللَّيالِي كَيْفَ أنْجُو مِنَ الرَّدَى
وَخَلْفِي وقُدَّامِي لَهُ أيْنَ أسْرَحُ
أأرجُو انتصاراً بعدَ ما خُذِلَ النَّدى(51/456)
وآمُلُ عِزّاً والْكُرامُ تُطَحْطَحُ
أرى الإلفَ ما بَيْنَ النُّفُوسِ جَنى لَها
جَوانِحَ تُذْكى أوْ مَدامِعَ تَقْرَحُ
فَيا وَيْحَ إخْوانِ الصَّفَاءِ مِنَ الأسى
إذا ما اسْتَردَّ الدَّهْرُ مَا كانَ يَمْنَحُ
ومَنْ عاشَ يوماً ساءَهُ ما يسُرُّهُ
وَأحْزَنَهُ الشَّيْءُ الَّذِي كانَ يُفْرِحُ
عَزاءً جَلالَ المُلْكِ إنَّكَ لَمْ تَزَلْ
بفضلِ النُّهى في مقفلِ الخطب تفتَحُ
فذا الدَّهرُ مطوِيٌ علَى البُخْلِ بَذْلُهُ
يَعُودُ بِمُرِّ المَذْقِ حِينَ يُصَرِّحُ
يُساوِي لدَيهِ الفضْلَ بالنَّقْصِ جهلُهُ
وسيَّانِ للمكفوفُ مُمْسى ً ومُصْبَحُ
وَمِثْلُكَ لا يُعْطِي الدُّمُوعَ قِيادَهُ
ولوْ أنَّ إدْمانَ البُكا لكَ أرْوحُ
ولوْ كانَ يُبْكى كلُّ ميتٍ بقدرِهِ
إذاً عَلِمَتْ جَمَّاتُها كَيْفَ تُنْزَحُ
لَسالَتْ نُفُوسٌ لا دُمُوعٌ مُرِشَّة ٌ
وَعَمَّ حِمامٌ لا سقَامٌ مُبَرِّحُ
وما كنتَ إذْ تلْقى الخُطُوبَ بضارِعِ
لها أبداً أنّى وحلْمُكَ أرجَحُ
وَكَمْ عَصَفَتْ فِي جانِبَيْكَ فَلَمْ تَبِتْ
لهَا قلِقاً والطَّوْدُ لا يتزحزَحُ
وأيُّ مُلِمٍّ فِي علائِكَ يَرْتَقِي
وأيُّ الرَّزايا في صفاتِكَ يقدَحُ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> لئنْ عدانِي زمانق عنْ لقائكُمُ
لئنْ عدانِي زمانق عنْ لقائكُمُ
رقم القصيدة : 7311
-----------------------------------
لئنْ عدانِي زمانق عنْ لقائكُمُ
لَما عَدانِيَ عَنْ تَذْكَارِ ما سَلَفا
وإنْ تَعَوَّضَ قَوْمٌ مِنْ أحِبَّتِهِمْ
فَما تَعَوَّضْتُ إلاَّ الوَجْدَ والأسَفَا
وَكيفَ يَصْرفُ قَلْباً عَنْ وِدادِكُمُ
من لا يرى منكُمْ بُدّاً إذا انصَرفَ
ما حَقُّ شوقِيَ أنْ يُثنى بلائمَة ٍ
ولا لدمعِيَ أنْ يُنهى إذا ذَرَفا
مَا وَجْدُ مَنْ فَارَقَ القَوْمَ الأْلَى ظَعَنُوا
كَوَجْدِ مَنْ فَارَقَ العَلْياءِ والشَّرَفا
لأُغْريَنَّ بذَمِّ البَيْنِ بعدَكمُ
وَكَيْفَ تَحْمَدُ نَفْسُ التَّالِفِ التَّلَفا(51/457)
أمُرُّ بالرَّوْضِ فيهِ منكُمُ شبهٌ
فأغْتدِي بارئاً وأنْثَني دَنِفا
وَيَخْطِرُ الغَيْثُ مُنْهَلاًّ فيَشْغَفُنِي
أنِّي أرى فِيهِ مِنْ أخْلاقِكُمْ طَرَفا
أعْدَيْتُمُ يَا بَنِي عَمَّارَ كُلَّ يَدٍ
بالجودِ حتى كأنَّ البُخلَ ما عُرِفا
مَا كانَ يُعْرَفُ كَيْفَ العَدْلُ قَبْلَكُمُ
حتى ملكتُمْ فسِرْتُمْ سِيرَة َ الخُلَفا
ما أحْدَثَ الدَّهْرُ عِنْدِي بَعْدَ فُرْقَتِكُمْ
إلاّ وداداً كماءِ المُزْنِ إذْ رُشِفا
وَشُرَّداً مِنْ ثَناءٍ لا يُغِبُّكُمُ
مُضَمَّناً مُلَحَ الأَشعارِ والطُّرفَا
كالوردِ نشراً ولكنْ منْ سجيتهِ
أنْ لَيْسَ يَبْرَحُ غَضًّا كُلَّما قُطِفا
محامِدٌ ليسَ يُبْلي الدهرُ جدَّتَها
وكَيْفَ تَبْلَى وقَدْ أوْدَعْتُها الصُّحُفا
غُرٌّ إذا أنشِدتْ كادَتْ حلاوتُها
تُرْبِي القَصائدَ مِنْ أبكارِها نُتَفا
يَغْنى بِها المَجْدُ عَنْ عَدْلٍ عَلَيَّ وَمَنْ
يَبْغِي الشُّهُودَ عَلَى مَنْ جاءَ مُعْتَرِفا
ما أنْتُمُ بِالنَّدَى إذْ كانَ دِينَكُمُ
أشَدُّ مِنِّي ـ عَلى بُعْدِي ـ بِكُمْ شَغَفا
مَنْ راكِبٌ وَاصِفٌ شَوْقِي إلى مَلكٍ
لا يخَجلُ الرَّوضُ إلا كُلَّما وُصِفا
يُثنِي بحمدِ جلالِ المُلكِ عن نعمٍ
عندِي بما رَقَّ مِنْ شُكْرِي لَهُ وَصَفا
قلْ للهُمامِ رَعى الآمالَ بعدَكُمُ
قومٌ فرُحْتُ أسُوقُ العُرَّ والعُجُفا
إنْ كانَ يَخْشُنُ لِلأعْداءِ جانِبُهُ
فَقَدْ يَلِينُ لِراجِي سَيْبِهِ كَنَفا
حاشا لمنْ حكَّمَتْ نعماكَ همَّتَهُ
ألاَّ يَبِيتَ مِنَ الأيَّامِ مُنْتَصِفا
كمْ عزمَة ٍ لَكَ في العَلْياءِ سابِقَة ٍ
إذا جَرى الدهرُ في ميدانِها وقفا
وبلدة ٍ قد حماها منكَ ربُّ وَغى ً
لا تَسْتَقِيلُ الرَّدَى مِنهُ إذا دَلَفا
إنْ أقلَقَ الخطْبُ كانتْ معقلاً حرَماً
أوْ طَبَّقَ المَحلُ كانَتْ روضَة ً أُنُفا
إنَّ النعيمَ لباسٌ خوِّلَتْهُ بكُمْ
فَدامَ مِنْكُمْ علَى أيَّامِها وصَنفَا(51/458)
إنْ كُنْتَ غادَرْتَ فِي دُنْياكَ مِنْ شَرَفٍ
فَزادَكَ اللَّهُ مِنْ إحْسانِهِ شَرَفا
العصر العباسي >> ابن الخياط >> ألا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي عَلِيًّا
ألا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي عَلِيًّا
رقم القصيدة : 7312
-----------------------------------
ألا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي عَلِيًّا
وقاهُ اللهُ صرفَ النائباتِ
مَقالاً لَمْ يَكُنْ وَأبِيكَ مَيْناً
ولمْ أسلُكْ بهِ طُرقَ السُّعاة ِ
أصِخْ ليَبُثَّكَ الإسلامُ شكوى
تُلِينُ لَهُ القُلُوبَ القاسياتِ
فليسَ لنصرهِ مَلِكٌ يُرجى
سِواكَ اليَوْمَ يا مَجْدَ القُضَاة ِ
لأَعيا المسلمينَ يهودُ سوءٍ
فما تحمِي الحصُونُ المُحْصَناتِ
ولا للمُورِدِ الملعُونِ وِردٌ
سوى أبنائهمْ بعدَ البناتِ
يبيتُ مُجاهداً بالفِسقِ فيهمْ
فَتَحْسِبُهُ يُطالِبُ بالتِّراتِ
بأيَّة ِ حُجَّة ٍ أمْ أيِّ حُكْمٍ
أُحِلَّ لَهُ سِفاحُ المُسْلِماتِ
أما أحَدٌ يَغارُ عَلى حَرِيمٍ
أماتَتْ غِيرَة ُ العربِ النُّخاة ِ
أنَامَتْ فِي الغُمُودِ سُيُوفُ طَيٍّ
أمِ انقطعتْ مُتونُ المرهفاتِ
أما لَوْ كانَ للإسلامِ عينٌ
لجادتْ بالدموعِ الجارياتِ
دَعاكَ الدِّينُ دَعْوَة َ مُسْتَجِيرٍ
بِعَدْلِكَ مِنْ أُمُورٍ فاضِحاتِ
لَعَلَّكَ غاسِلٌ لِلْعارِ عَنْهُ
بسيفكَ يا حليفَ المكرُماتِ
تنلْ أجراً وذكراً سوفَ يبقى
عليكَ معَ الليالِي الباقياتِ
أمثلُكَ من يجوزُ عليهِ هذا
بخبثِ محالهِ والترَّهاتِ
وَما قَلَّ الوَرَى حتّى تَراهُ
مكاناً للصَّنيعة ِ في السُّراة ِ
فَقَدْ مَلأَ البِلادَ لَهُ حَدِيثٌ
يُردَّدُ بينَ أفواهِ الرُّواة ِ
يشقُّ على الوَلِيِّ إذا أتاهُ
ويُشمتُ معشَرَ القومِ العُداة ِ
فخُذْ للهِ منهُ بكلِّ حقٍّ
ولا تضعِ الحدودَ عنِ الزُّناة ِ
بقتلٍ أو بحرقٍ أوْ برجْمٍ
يُكَفِّرُ منْ عظيمِ السَّيئاتِ
ولا تغفِرْ لهُ ذنباً فيضْرى
فبعْضُ العفْوِ أغرى للجُناة ِ
ليعلَمَ منْ بأرضِ النيلِ أضحى
ومن حَلَّ الفراتَ إلى الصَّراة ِ(51/459)
بأنكَ منهُمُ للعدْلِ أشْهى
وَأرْغَبُ فِي التُّقى والصَّالِحاتِ
وأغْضَبُهُمْ لِدِينِ اللَّهِ سَيْفاً
وَأقْتَلُ لِلْجَبابِرَة ِ العُتاة ِ
إذَا أمْرٌ أُضِيعَ مِنَ الرَّعايا
فإنَّ اللَّوْمَ فِيهِ عَلى الرُّعاة ِ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> أما وَالهَوى يَوْمَ اسْتَقَلَّ فَرِيقُها
أما وَالهَوى يَوْمَ اسْتَقَلَّ فَرِيقُها
رقم القصيدة : 7313
-----------------------------------
أما وَالهَوى يَوْمَ اسْتَقَلَّ فَرِيقُها
لقدْ حمَّلتْنِي لوعة ً لا أُطِيقُها
تَعَجَّبُ مِنْ شَوْقِي وَما طالَ نأْيُها
وَغَيْرُ حَبيبِ النَّفْسِ مَنْ لا يَشُوقُها
فلا شفَّها ما شفَّنِي يومَ أعرَضَتْ
صدُوداً وزُمَّتْ للترحُّلِ نُوقُها
أهَجْراً وبيناً شدَّ ما ضمنَ الجَوى
لقلبيَ دانِي صبوة ٍ سحيقُها
وَكُنْتُ إذا ما اشْتَقْتُ عَوَّلْتُ فِي البُكا
علَى لُجَّة ٍ إنسانُ عينِي غريقُها
فلمْ يَبْقَ مِنْ ذا الدَّمعِ إلاَّ نشيجُهُ
وَمِنْ كَبِدِ المُشْتاقِ إلاَّ خُفُوقُها
فيا ليتنِي أبْقى ليَ الهجْرُ عبْرَة ً
فأقْضِي بِها حَقَّ النَّوَى وَأُرِيقُها
وإنِّي لآبى البِرَّ مِنْ وصْلِ خُلَّة ٍ
ويعجِبُنِي مِنْ حُبِّ أخْرى عُقُوقُها
وأعْرِضُ عنْ محضَ المودَّة ِ باذِلٍ
وقدْ عزَّنِي ممنْ أودُّ مذِيقُها
كَذلِكَ هَمِّي والنُّفُوسُ يَقُودُها
هواها إلى أوطارِها ويَسُوقُها
فلَوْ سألَتْ ذاتُ الوِشاحَينِ شيمَتِي
لخبَّرَها عنِّي اليقينَ صدُوقها
وَمَا نَكِرَتْ مِنْ حَادِثَاتٍ بَرَيْنَنِي
وقَدْ عَلقَتْ قَبْلِي الرِّجالَ عُلوقُها
فإمَّا تَريْنِي يا ابنة َ القومِ ناحِلاً
فَأعْلى أنايِيبِ الرِّماحِ دَقِيقُها
وكُلُّ سُيُوفِ الهندِ للقطْعِ آلة ٌ
وأقطعها يوم الجلاد رقيقها
وما خانَنِي مِنْ همَّة ٍ تأْمُلُ العُلى
سوى أنَّ أسْبابَ القضاءِ تعُوقُها
سأجْعَلُ هَمِّي فِي الشَّدائِدِ هِمَّتِي
فكمْ كربَة ٍ بالهمِّ فرَّجَ ضِيقُها(51/460)
وَخَرْقٍ كَأنَّ اليَمَّ مَوْجُ سَرابِهِ
تَرَامَتْ بِنا أجْوازُهُ وخُرُوقُها
كأنَّا علَى سُفْنٍ مِنَ العِيسِ فوقَهُ
مجادِيفُها أيدِي المطيِّ وَسُوقُها
نُرَجِّي الحَيا مِنْ رَاحَة ِ ابنِ مُحَمَّدٍ
وأيُّ سَماءٍ لا تُشامُ بُرُوقُها
فمَا نُوِّخَتْ حتى أسَوْنا بجودِهِ
جِراحَ الخُطُوبِ المِنُهَراتِ فُتُوقُها
وإنَّ بُلُوغَ الوَفْدِ ساحَة َ مِثْلِه
يَدٌ لِلْمَطَايا لا تُؤدَّى حُقُوقُها
علوْنَ بآفاقِ البلادِ يحدْنَ عنْ
مُلوكِ بَنِي الدُّنْيَا إلى مَنْ يَفُوقُها
إلى مَلِكٍ لَوْ أنَّ نُورَ جَبِينهِ
لَدَى الشَّمْسِ لَمْ يُعْدَمْ بِلَيْلٍ شُرُوقُها
هُمامٌ إذا ما همَّ سَلَّ اعتزامَهُ
كما سُلَّ ماضِي الشَّفْرَتينِ ذليقُها
يَطُولُ إذا غالَ الذَّوابِلَ قَصْرُها
ويَمْضِي إذا أعْيا السِّهامَ مُرُوقُها
نَهى سَيْفُهُ الأعْداءَ حَتَّى تَناذَرَتْ
ووُقِّرَ مِنْ بعدِ الجماحِ نُزُوقُها
وَما يُتَحامَى اللَّيثُ لَوْلا صِيالُهُ
وَلا تُتَوَقَّى النَّارُ لَوْلا حَرِيقُها
وقى الله فيكَ الدين والبأْسَ والندى
عيونَ العدى ما جاوَرَ العينَ مُوقُها
عَزَفْتَ عَنِ الدُّنْيا فَلَوْ أنَّ مُلْكَها
لِمُلْكِكَ بَعْضٌ ما اطَّباكَ أنِيقُها
خُشُوعٌ وإيمانٌ وعدْلٌ ورَأْفَة ٌ
فَقَدْ حُقَّ بالنَّعْمَاءِ مِنْكَ حَقِيقُها
عَلَوْتَ فلَمْ تبْعُدْ عَلى طَالِبٍ نَدى ً
كمثمرة ٍ يحمِي جناها بُسُوقُها
فَلا تَعْدَمِ الآمالُ رَبْعَكَ موْئِلاً
بِهِ فُكَّ عانِيها وعَزَّ طَلِيقُها
سَبَقْتَ إلى غاياتِ كُلِّ خَفِيَّة ٍ
وَما يُدْرِكُ الغاياتِ إلاَّ سَبُوقُها
ولَمَّا أغَرْتَ الباتِراتِ مُخَنْدِقاً
تَوَجَّعَ ماضِيها وَسِيءً ذَلُوقُها
ويُغْنِيكِ عنْ حفْرِ الخنادِقِ مثلُها
مِن الضَّرْبِ إمَّا قامَ لِلْحَرْبِ سُوقُها
ولَكِنَّها فِي مَذْهَبِ الحَزْمِ سِنَّة ٌ
يَفُلُّ بِها كَيْدَ العَدُوِّ صَدِيقُها
لنا كلُّ يومٍ منكَ عيدٌ مُجدَّدٌ(51/461)
صبوحُ التَّهانِي عندَهُ وغَبُوقُها
فنحنُ بهِ مِنْ فَيضِ سيبِكَ في غِنى ً
وفي نشواتٍ لمْ يُحرَّمْ رحيقُها
وَقَفْتُ القَوافِي فِي ذَراكَ فَلَمْ يَكُنْ
سِواكَ مِنَ الأمْلاكِ مَلْكٌ يَرُوقُها
مُعَطَّلَة ً إلاَّ لَدَيْكَ حِياضُها
وَمَهْجُورَة ً إلاَّ إلَيْكَ طَرِيقُها
وَمَالِي لا أُهْدِي الثَّناءَ لأهْلِهِ
وَلِي مَنْطِقٌ حُلْوُ المَعاني رَشِيقُها
وإنْ تَكُ أصْنافُ القَلائدِ جَمَّة ً
فما يتساوى دُرُّها وعقِيقُها
العصر العباسي >> ابن الخياط >> يَدٌ لكَ عِنْدِي لا تُؤَدّى حُقوقُها
يَدٌ لكَ عِنْدِي لا تُؤَدّى حُقوقُها
رقم القصيدة : 7314
-----------------------------------
يَدٌ لكَ عِنْدِي لا تُؤَدّى حُقوقُها
بِشُكْرٍ وأيُّ الشُّكْرِ منِّي يُطيقُها
سَماحٌ وَبِشْرٌ كالسَّحائِبِ ثَرَّة ً
توالى حياها واستطارَتْ بروقُها
وَكَمْ كُرْبَة ٍ نادَيْتُ جُودَكَ عِنْدَها
فَما رامِني حَتَّى تَفَرَّجَ ضِيقُها
وَمَكْرُمَة ٍ وَالَيْتَها وصَنِيعَة ٍ
زَكَتْ لَكَ عِنْدِي حِدْثُها وعَتِيقُها
مناقِبُ إنْ تُنسبْ فأنتَ لهَا أبٌ
وعَلْياءُ إنْ عُدَّتْ فأنْتَ شَقِيقُها
ووليتَها نفساً لديكَ كريمة ً
تَبِيتُ أغارِيدُ السَّماحِ تَشُوقُها
العصر العباسي >> ابن الخياط >> بِنَفْسِي عَلى قُرْبهِ النَّازِحُ
بِنَفْسِي عَلى قُرْبهِ النَّازِحُ
رقم القصيدة : 7315
-----------------------------------
بِنَفْسِي عَلى قُرْبهِ النَّازِحُ
وإن غالَنِي خطبُهُ الفادِحُ
تصافَحَ تربتُهُ والنَّسمُ
فنشْرُ الصَّبا عطِرٌ فائحُ
كأنَّ المُغَرِّدَ فِي مَسْمَعِي
لِفَرْطِ اكْتِئابِي لَهُ نائِحُ
أَيا نازِلاً حيثُ يَبْلى الجديدُ
ويذْوِي أخُو البهجة ِ الواضِحُ
ذكرتكَ ذكرى المُحبِّ الحبيبَ
هيَّجَها الطَّلَلُ الماصِحُ
فما عزَّني كَبِدٌ تلْتظِي
وَلا خانَنِي مَدْمَعٌ سَافِحُ
مُقيمٌ بحيثُ يصمُّ السميعُ
ويعْمى عنِ النَّظَرِ الطامِعُ(51/462)
يَرِقُّ عَلَيكَ العَدُوُّ المُبِينُ
وَيَرْثِي لَكَ الْحاسِدُ الكاشِحُ
كأنْ لَمْ يَطُلْ بِكَ يَوْمَ الفَخارِ
سَرِيرٌ وَلا أجْرَدٌ سابِحُ
وَلَمْ تَقْتَحِمْ غَمَراتِ الخُطُوبِ
فَيُغْرِقَها قَطْرُكَ النّاضحُ
سقاكَ كجودِكَ غادٍ علَى
ثَراكَ بِوابِلهِ رائِحُ
يدبِّجُ في ساحتَيْكَ الرِّياضَ
كَما نمَّقَ الكَلِمَ المادِحُ
أرى كُلَّ يَوْمٍ لَنا رَوْعة ً
كما ذُعِرَ النَّعَمُ السارحُ
نُفاجا بجدٍّ منَ المُعضِلاتِ
كأنَّ الزَّمانَ بِهِ مازِحُ
نُعَلِّلُ أنْفُسَنا بالمُقَامِ
وَفِي طَيِّهِ السَّفَرُ النَّازِحُ
حَياة ٌ غَدَتْ لاقِحاً بالحِمامِ
ولا بُدَّ أنْ تُنتجَ اللاقِحُ
وكُلُّ تمادٍ إلى غاية ٍ
وإنْ جَرَّ أرْسانَهُ الجامِحُ
وما العُمْرُ إلاّ كمهوى الرِّشاءِ
إلى حيثُ أسلمَهُ الماتِحُ
لقدْ نصحَ الدهرُ منْ غرَّهُ
فحتامَ يتهمُ النّاصحُ
حمى اللهُ أروعُ يحمِي البلادَ
مِنَ الجدْبِ معروفُهُ السّائحُ
أغَرُّ يزينُ التُّقى مجدَهُ
وَيُنْجِدُهُ الحَسَبُ الوَاضِحُ
أيا ذا المَكارِمِ لا رُوِّعَتْ
بِفَقْدِكَ ما هَدْهَدَ الصّادِحُ
فَما سُدَّ بابٌ مِنَ المَكْرُماتِ
إلاّ وأنْتَ لَهُ فاتِحُ
أبى ثِقَة ُ المُلْكِ إلاّ حِماكَ
حمى ً والزَّمانُ بهِ طائحُ
وَما كُلُّ ظِلٍّ بِهِ يَسْتَظِلُّ
مَنْ شَفَّهُ الرَّمَضُ الّلافِحُ
طَوى البَحْرَ يَنْشَدُ بَحْرَ السَّمَاحِ
إلى العَذْبِ يُقْتَحَمُ المالِحُ
فبادرتَ تخسأُ عنهُ الخطوبَ
دِفاعاً كَما يَخْسأُ النَّابِحُ
تَرُوعُ الرَّدى والعِدى دُونَهُ
كما رَوَّعَ الأعْزَلَ الرَّامِحُ
عَطَفْتَ عَليهِ أبِيَّ الحُظُوظِ
قَسْراً كَما يُورَدُ القامِحُ
وباتَ كَفيلاً لَهُ بالثَّراءِ
والعزِّ طائِرُكَ السّانِحُ
صَنائِعُ لا وَابِلُ المُعْصِراتِ
نَداها ولا طَلُّها الرّاشحُ
وأقسمُ لوْ أنَّ عزّاً حمى
مِنَ المَوْتِ ما اجْتاحَهُ جائِحُ
ولكنَّ أنْفُسَ هذا الأنامِ
منائحُ يرتَدُّها المانحُ(51/463)
وأيُّ فَتًى ساوَرَتْهُ المَنُونُ
فمي يردهِ روقُها الناطِحُ
سَبَقَتَ إلى المَجْدِ شُوسَ المُلُوكِ
كَما سَبَقَ الْجَذَعَ القارِحُ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> أرى العلياءَ واضحة َ السبيلِ
أرى العلياءَ واضحة َ السبيلِ
رقم القصيدة : 7316
-----------------------------------
أرى العلياءَ واضحة َ السبيلِ
فما للغُرِّ سالِمَة َ الحُجُولِ
إلى كَمْ يَقْتَضِيكَ المَجْدُ دَيْناً
تحيلُ بهِ على القدِر المَطُولِ
وأيُّ فتًى تَمرَّسَ بِالمَعالِي
فلم يهجمْ على خطرٍ مهولِ
وإنَّ عِناقَ حَرِّ المَوْتِ أوْلَى
بِذِي الإمْلاقِ مِنْ برْدِ الْمَقِيلِ
وما كانتْ مُنى ً بعدتْ لتغلُو
بطولِ مشقَّة ِ السيرِ الطَّويلِ
فكيفَ تخيمُ والآمالُ أدْنى
إليكَ منَ القداحِ إلى المجيلِ
وقدْ نادى النَّدى هلْ مِنْ رجاءٍ
وقالَ النَّيْلُ هَلْ مِنْ مُسْتَنِيلِ
وَلَمْ أرَ قَبْلَهُ أمَلاً جَواداً
يُشارُ بِهِ إلى عَزْمٍ بَخِيلِ
علامَ تروِّضُ الحصباءُ خِصْباً
وَتَجْزَعُ أنْ تُعَدَّ مِنَ المُحُولِ
وَكَيْفَ تَرى مِياهَ الفَضْلِ إلاَّ
وقَدْ رُشِفَتْ بِأفْواهِ العُقُولِ
لقدْ أعطتكَ صحتَها الأمانِي
فَلا تَعْتَلَّ بالحَظِّ العَلِيلِ
وَما لَك أنْ تَسُومَ الدَّهْرِ حَظًّا
إذا ما فُزتَ بالذِكْرِ الجميلِ
إذا أهْلُ الثَّناءِ عَلَيْكَ أثنوَا
فسِرْ فِي المَكْرُماتِ بلا دليلِ
أرَى حُلَلَ النَّباهَة ِ قَدْ أظَلَّتْ
تُنَازِعُ فِيَّ أطْمَارَ الخُمُولِ
فَيا جَدِّي نَهَضْتَ وَيا زَمانِي
جَنَيْتَ فَكُنْتَ أحْسَنَ مُسْتَقِيلِ
وَيا فَخْرِي ـ وَفَخْرُ المُلْكِ مُثْنٍ
عليَّ - لقدْ جَرَيْتُ بلا رَسِيلِ
تَفَنَّنَ فِي الْعَطاءِ الجَزْلِ حَتَّى
حبانِي فيهِ بالحمْدِ الجزِيلِ
فَها أنا بينَ تَفْضِيلٍ وَفَضْلٍ
تبَرُّعُ خيرِ قوّالٍ فَعُولِ
غريبُ الجُودِ يحمدُ سائليهِ
وفَرْضُ الحمْدِ ألْزَمُ للسَّؤُولِ
سقانِي الرِّيَّ مِنْ بشرٍ وجودٍ(51/464)
كَما رَقَصَ الْحَبابُ عَلى الشَّمُولِ
وَأعْلَمُ أنَّ نَشْوانَ العَطايا
سيخمَرُ بالغِنا عمّا قليلِ
أما ونَداكَ إنَّ لَهُ لَحَقًّا
يُبِرُّ بِهِ ألِيَّة َ كُلِّ مُولِ
لئنْ أغربْتَ في كرمِ السَّجايا
لقدْ أعربْتَ عنْ كرمِ الأُصولِ
ألا أبلِغْ مُلوكَ الأرضِ أنِّي
لَبِسْتُ العَيْشَ مَجْرُورَ الذُّيُولِ
لدى ملكٍ متى نكَّبْتَ عنهُ
فَلَسْتَ عَلَى الزَّمانِ بمُسْتَطِيلِ
ولمّا عزَّ نائلُهُمْ قياداً
وَهَبْتُ الصَّعْبَ مِنْهُمْ للِذَّلُولِ
وطلَّقْتُ المنى لا العزمُ يوماً
لهُنَّ وَلا الرَّكائِبُ لِلذَّمِيلِ
وَلَوْلا آلُ عَمّارٍ لَباتَتْ
تَرى عرْضَ السماوة ِ قيدَ ميلِ
أعَزُّونِي وأغْنُونِي وَمِثْلِي
أعِينَ بكُلِّ منّاعٍ بَذُولِ
وَحَسْبُكَ أنَّنِي جارٌ لِقَوْمٍ
يُجِيرونَ القَرَارَ مِنَ السُّيُولِ
أَلا للهِ درُّ نَوى ً رمَتْ بِي
إلى أكنافِ ظلِّهمِ الظَّليلِ
وَدَرُّ نَوائِبٍ صَرَفَتْ عِنانِي
إلَى تِلْقائِهِمْ عِنْدَ الرَّحِيلِ
أُسَرُّ بِأنَّ لِي جَدًّا عَثُوراً
وَعمّارُ بْنُ عمّارٍ مُقِيلِي
وَلَوْلاَ قُرْبُهُ ما كُنْتُ يَوْماً
لأشْكُرَ حادِثَ الخطْبِ الجليلِ
وقدْ يهوى المحبُّ العذْلَ شوْقاً
إلَى ذِكْرِ الأحِبَّة ِ لا العَذُولِ
لَهُ كَرَمُ الغَمامِ يَجُودُ عَفْواً
فيُغْنِي عنْ ذَرِيعٍ أو وَسِيلِ
وَما إنْ زِلْتُ أرْغَبُ عَنْ نَوالٍ
يُقَلِّدُنِي يداً لِسوَى المُنِيلِ
تَجُودُ بِطيبِ رَيّاها الخُزَامى
وَيَغْدُو الشُّكْرُ لِلرِّيحِ الْقَبُولِ
وغيرِي منْ يُصاحِبُهُ خُضُوعٌ
أنَمُّ مِنَ الدُّمِوعِ عَلى الغَلِيلِ
يعُبُّ إذا أصابَ الضَّيْمُ شَرْباً
وَبَعْضُ الذُّلِّ أوْلَى بِالذَّلِيلِ
ترفَّعَ مطلَبي عنْ كُلِّ جُودٍ
فَما أبْغِي بِجُودِكَ مِنْ بَدِيلِ
وَمَالِي لا أَعافُ الطَّرْقَ وِرْداً
وقدْ عرضَتْ حِياضُ السَّلْسَبيلِ
وَقَدْ عَلَّمْتَنِي خُلُقَ المَعالي
فما أرْتاحُ إلاّ للنَّبيلِ(51/465)
ولِي عندَ الزَّمانِ مُطالَباتٌ
فما عُذْرِي وأنْتَ بها كَفِيلي
وإنَّ فتى ً رآكَ لهُ رجاءً
لهْلٌ أنْ يُبَلَّغَ كلَّ سُولِ
ورُبَّ صَنِيعَة ٍ خُطِبْت فزفَّتْ
إلى غَيرَ الكَفِيءِ مِنَ البُعُولُ
أبِنْ قدرَ اصطناعِكَ لي بنعُمى
تبُوحُ بسرٍّ ما تُسْدِي وتوُلِي
إذا ما رَوَّضَ البَطْحاءِ غَيْثٌ
تَبَيَّنَ فضْلُ عارِضِهِ الهَطُولِ
وأعلِنْ حُسْنَ رأْيكَ فيَّ يرجَحْ
عَدُوِي فِي المودَّة ِ مِنْ خليلِي
فَلَيْسَ بِعائِبِي نُوَبٌ أكلَّتْ
شَبا عزْمِي ولَمْ يَكُ بالكَليلِ
فإنَّ السَّيفَ يُعْرَفُ ما بَلاهُ
بما في مضرِبيهِ منَ الفُلُولِ
وكَائِنْ بالعَواصِمِ مِنْ مُعَنّى ً
بِشَعْرِي لا يَرِيعُ إلى ذُهُولِ
أقَمْتُ بأرْضِهِمْ فحللْتُ مِنْها
محَلَّ الخال في الخدِّ الأسيلِ
وَلَكِنْ قَادَنِي شَوْقِي إلَيْكُمْ
وحُبِّي كُلَّ معدومِ الشُّكُولِ
فَأطْلَعَ فِي سَمائِكَ مِنْ ثَنائِي
نُجُومَ عُلًى تَجِلُّ عَنِ الأُفُولِ
سوائِرُ تَمْلأُ الآفاقَ فضْلاً
تُعِيدُ الغُمْرَ ذَا رَأيٍ أصِيلِ
قَصائِدُ كالكَنائِنِ فِي حَشاها
سِهامٌ كالنُّصُولِ بَلا نُصُولِ
نزائِعُ عَنْ قِسِيِّ الفكرِ يُرمى
بِها غَرَضُ المَوَدَّة ِ والذُّحُولِ
وَكُنَّ إذا مَرَقْنَ بِسَمْعِ صَبٍّ
أصَبْنَ مَقاتِلَ الهَمِّ الدَّخِيلِ
إذا ما أُنْشدتْ في القومِ رقَّتْ
شمائِلُ يَوْمِهِمْ قَبْلَ الأَصِيلِ
تَزُورُ أبا عَلِيٍّ حَيْثُ أرْسَتْ
هضابُ العزِّ والمجدِ الأَثِيلِ
وَمَنْ يَجْزِيكَ عَنْ فِعْلٍ بِقَوْلٍ
لقد حاوَلْتَ عيْنَ المستحيلِ
وَكَيْفَ لِي السَّبِيلُ إلى مَقالٍ
يُخفِّفُ محملَ المنِّ الثَّقيلِ
فَلا تَلِمُ القَوافِيَ إنْ أطالَتْ
قطيعَة َ برِّكَ البَرِّ الوَصولِ
هَرَبْتُ مِنَ ارْتِياحِكَ حِينَ أنْحى
عَلَى حَمْدِي بِعَضْبِ نَدى ً صَقِيلِ
ولمّا عُذْتُ بالعلْياءِ قالَتْ
لَعَلَّكَ صاحِبُ الشُّكْرِ القَتِيلِ
فيا لَكَ مِنَّة ً فضحَتْ مَقالِي(51/466)
ومِثْلِي في القَريضِ بلا مَثِيلِ
فعُذْراً إنْ عجزْتُ لِطُولِ هَمِّي
عَنِ الإسْهَابِ والنَّفْسِ الطَّوِيلِ
فإنْ وجى الجيادِ إذا تمادى
بها شفل الجياد عن الصّهيل
العصر العباسي >> ابن الخياط >> خليليَّ إنْ لم تُسعِدا فذرانِي
خليليَّ إنْ لم تُسعِدا فذرانِي
رقم القصيدة : 7317
-----------------------------------
خليليَّ إنْ لم تُسعِدا فذرانِي
ولا تحسَبا وجدِي الذي تجِدانِ
خُذا مِنْ شُجُونِي ما يدُلُّ علَى الجَوى
فما النّارُ إلا تحتَ كُلِّ دُخانِ
أماتَ الهَوى صبرِي وأحْيا صبابِتي
فها أنا مغلُوبٌ كما تَرَيانِ
ولوْ أنَّ منْ أهواهُ عايَنَ لوعَتِي
لَعَنَّفِني في حُبِّهِ ولَحانِي
تحمَّلْتُ منْ جورِ الأحبة ِ ما كفى
فَلا يَبْهَظَنِّي اليَوْمَ جَوْرُ زَمانِي
وكيفَ احتفالي بالزَّمانِ عَدَّ كرامِهِ
بِأوَّلِ مَنْ يُثْنى عَليهِ بَناتِي
بأزْهَرَ وضّاحِ الجبينِ مهذبٍ
جميلِ الحَيا ماضٍ أغرَّ هِجانِ
إذَا آلُ عَمّارٍ أظَلَّكَ عِزُّهُمْ
فَغَيْرُكَ مَنْ يَخْشَى يَدَ الحَدَثانِ
هُمُ القَوْمُ إلاّ أنَّ بَيْنَ بُيُوتِهِمْ
يُهانُ القِرى والجارُ غَيرُ مُهانِ
هُمُ أطْلقُوا بِالجُودِ كُلَّ مُصَفَّدٍ
كَما أنْطقُوا بِالْحَمْدِ كُلَّ لِسانِ
لَهُمْ بِكَ فَخْرَ المُلْكِ فَخْرٌ عَلى الوَرى
لَهُ شائِدٌ مِنْ راحَتَيْكَ وَبانِ
نُجومُ عَلاءٍ فِي سماءِ مَناقِبٍ
عَلِيٌّ وعَمّارٌ بِها القَمَرانِ
هنيئاً لكَ الأيامُ فالدهرُ كُلهُ
إذا ما وَقاكَ اللَّهُ دَهْرُ تَهانِ
لِذا الخَلْقِ عِيدٌ في أوانٍ يَزوُرُهُمْ
وأنتَ لنا عيدٌ بكلِّ أوانِ
فحسبِي من النَّعماءِ أنَّكَ والنَّدى
خَلِيلا صَفاءٍ لَيْسَ يَفْتَرِقانِ
إذا رُمْتُ شِعْرِي فِي عُلاكَ أطاعَنِي
وإنْ رُضْتُ فِكْرِي فِي سِواكَ عَصانِي
وما ذاكَ إلاّ أنَّني لكَ ناطِقٌ
بِمِثْلِ الَّذِي يُطْوَى عَلَيْهِ جَنانِي
وكَيْفَ احْتِفالي بالزَّمانِ وصَرْفِهِ(51/467)
وَخَطْبٌ إلى جَدْوى يَدَيكَ دَعانِي
لَقَدْ أثْمَرَتْ أيّامُهُ لِيَ أنْعُماً
ولَوْلاكَ لَمْ يُثْمِرْنَ غَيْرَ أمانِي
وإنِّي لتقْتادُ المطالِبَ همَّتِي
فأرْجِعُ مَثْنِيّاً إلَيْكَ عَنانِي
وإنِّي لأرْجُو مِنْ عَطائِكَ رُتْبَة ً
يُقَصِّرُ عَنْ إدْراكِها الثَّقَلانِ
فما تقْرُبُ الدَّنْيا وعطفُكَ نازِحٌ
ولا تَبْعُدُ النُّعمى وجودُكَ دانِ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> أعطى الشبابَ منَ الآرابِ ما طَلَبا
أعطى الشبابَ منَ الآرابِ ما طَلَبا
رقم القصيدة : 7318
-----------------------------------
أعطى الشبابَ منَ الآرابِ ما طَلَبا
وراحَ يختالُ في ثوبيْ هوى ً وصِبا
لَمْ يُدْرِكِ الشَّيْبُ إلاّ فَضْلِ صَبْوَتِهِ
كَما يُغادِرُ فَضْلَ الكأسِ مَنْ شَرِبا
رأى الشَّبِيبَة َ خَطّاً مُونِقاً فَدَرى
أنَّ الزَّمانَ سيمْحُو مِنْهُ ما كَتَبا
إنَّ الثَّلاثِينَ لَمْ يُسْفِرْنَ عَنْ أحَدٍ
إلا ارتَدى بِرِداءِ الشَّيْبِ وانتَقَبا
وَالْمَرْءُ مَنْ شَنَّ فِي الأيَّامِ غارَتَهُ
فبادَرَ العيشَ باللَّذاتِ وانتهبَا
ما شاءَ فليتَّخِذْ أيّامَهُ فُرَصاً
فَلَيْسَ يَومٌ بِمَرْدُودٍ إذا ذَهَبا
هلِ الصِّبى غيرُ محبوبٍ ظَرِفْتُ بهِ
لَمْ أقْضِ مِنْ حُبِّهِ قَبْلَ النَّوَى أرَبا
إنِّي لأحْسَدُ مَنْ طاحَ الغَرامُ بهِ
وجاذَبَتْهُ حِبالُ الشوْقِ فانْجَذَبا
والعَجْزُ أنْ أتْرُكَ الأوْطار مُقْبِلَة ً
حتّى إذا أدْبَرَتْ حاوَلْتُها طَلَبا
مالِي وللْحَظِّ لا ينفكُّ يقذِفُ بي
صُمَّ المطالِبِ لا وِرْداً ولا قَرَبا
أصبَحْتُ فِي قَبْضَة ِ الأيّامِ مُرْتَهَناً
نائِي المَحَلِّ طَرِيداً عَنْهُ مُغتَرِبا
ألَحَّ دَهْرٌ لَجُوجٌ فِي مُعانَدَتِي
فكُلَّما رُضْتُهُ في مطلَبٍ صَعُبا
كخائِضِ الوحْلِ إذْ طالَ الْعناءُ بهِ
فكُلَّما قلْقَلَتْهُ نهْضة ٌ رَسَبا
لأسلُكَنَّ صروفَ الدهرِ مُقتحِماً
هوْلاً يُزَهِّدُ في الأَيامِ مَنْ رَغِبا(51/468)
غضْبانَ للمجدِ طلاّباً بثأْرِ عُلاً
واللَّيثُ أفْتَكُ مَا لاقى إذا غَضِبا
عِندِي عزائمُ رأْيٍ لوْ لَقِيتُ بِها
صَرْفَ الزَّمانِ لَوَلَّى مُمْعِناً هَرَبا
لاَ يَمْنَعَنَّكَ مِنْ أمْرٍ مَخافَتُهُ
لَيْسَ العُلى لِنَفِيسٍ يَكْرَهُ العَطَبا
كنْ كيفَ شئتَ إذا ما لمْ تَخِمْ فَرَقاً
لا عَيْبَ للسيفِ إلا أنْ يُقالَ نَبا
لاَ تَلْحَ فِي طَلَب العَلْياءِ ذَا كَلَفٍ
فقلَّما أعتَبَ المُشْتاقُ منْ عَتَبا
لَتَعْلَمَنَّ بَناتُ الدَّهْرِ ما صَنَعَتْ
إذا استشاطتْ بناتُ الفكرِ لي غَضَبا
هيَ القوافِي فإنْ خطْبٌ تمرَّسَ بِي
فَهُنَّ ما شاءَ عَزْمِي مِنْ قَناً وَظُبا
عقائِلٌ قلَّما زُفَّتْ إلى مَلِكٍ
إلا أباحَ لهنَّ الودَّ والنَّشَبا
غَرائِبٌ ما حَدا الرَّكْبُ الرِّكابَ بِها
إلاَّ تَرَنَّحْنَ مِنْ تَرْجِيعها طَرَبا
منْ كُلِّ حسْناءَ تَقْتادُ النُّفُوسَ هوى ً
إذا ألَمَّ بِسَمْعٍ رَجْعُها خَلَبا
شامَتْ بُرُوقَ حَياً باتَتْ تشِبُّ كَما
تُجاذِبُ الرِّيحُ عنْ أرماحِها العَذَبا
وکسْتَوْضَحَتْ سبُلَ الآمالِ حائِدَة ً
عَنِ المُلُوكِ إلى أعلاهُمُ حَسَبا
تَؤُمُّ أبهرهُمْ فضلاً وأغمَرَهُمْ
بذْلاً وأفخرهُمْ فعلاً ومُنتسَبا
تفيَّأَتْ ظلَّ فخرِ الملكِ واغتبطَتْ
بِحَيْثُ حُلَّ عِقالُ المُزْنِ فکنْسَكَبا
حَتَّى إذَا وَرَدَتْ تَهْفُو قَلائِدَها
ألفَتْ أغَرَّ بِتاجِ المَجْدِ مُعْتَصِبا
أشَمَّ أشوسَ مضروباً سُرادقُهُ
عَلَى المَالِكِ مُرْخٍ دُونَها الْحُجُبا
مُمَنَّعَ العِزِّ معْمُورَ الفِناءِ بهِ
مُظَفَّرَ العَزْمِ وَالآراءِ مُنْتَجَبا
مِنْ مَعْشَرٍ طَالَما شَبُّوا بِكُلِّ وَغَى ً
ناراً تَظَلُّ أعادِيهِمْ لَها حَطَبا
بِيضٌ تَوَقَّدُ فِي أيمانِهِمْ شُعَلٌ
هِيَ الصَّواعِقُ إذْ تستوطِنُ السُّحُبا
مِنْ كُلِّ أرْوَعَ مَضّاءٍ إذا قَصُرَتْ
خُطَى المُحامِينَ فِي مَكْرُوهة ٍ وَثَبا(51/469)
ذَا لا كَمَنْ قَصَّرَتْ فِي المَجْدِ هِمَّتُهُ
فباتَ يستبعِدُ المَرْمى الذي قَرُبا
غَضْبِ العَزِيمَة ِ لَوْ لاقَتْ مَضارِبُها
طُوداً منَ المُشْرِفاتِ الصُّمِّ لانْقَضَبا
زاكِي العُرُوقِ لَهُ مِنْ طيِّءٍ حسبٌ
لوْ كانَ لفظاً لكانَ النظْمَ والخُطَبا
الهادِمِينَ مِنَ الأمْوالِ ما عَمَرُوا
والعامِرينَ منَ الآمالِ ما خَرِبا
رَهْطِ السَّماحِ وفِيهِمْ طَابَ مَوْلِدُهُ
إنَّ السَّماحَ يَمانٍ كُلَّما انْتسبَا
أمّا المُلوكُ فمالِي عندَهُمْ أرَبٌ
مَنْ جاَوَر العِدَّ لَمْ يَسْتَغْزِرِ القُلُبا
أيُّ المطالِبِ يَستَوْفِي مدَى هِمَمِي
والشُّهْبُ تَحْسَبُها مِنْ فَوْقِها الشُّهُبا
خَلا نَدى مَلِكٍ تُصْبِي خلائِقُهُ
قَلْبَ الثَّناءِ إذا قَلْبُ المُحِبِّ صَبَا
لقدْ رَمَتْ في مرامِيها النَّوى زمناً
فاليومَ لا أنتَحِي في الأرضِ مُضْطَرَبا
أأرْتَجِي غيرَ عمارٍ لنائِبة ٍ
إذنْ فلا آمنتنِي كفُّهُ النُّوَبا
المانِعُ الجارَ لوْ شاءَ الزَّمانُ لَهُ
إنَّ الزَّمانَ بَرَتْ عُودِي نَوائِبُهُ
الباذِلُ المالَ مَسْئولاً وَمُبْتَدِئاً
والصّائنُ المجْدَ مورُوثاً ومُكْتَسَبا
الواهِبُ النِّعْمَة َ الخَضْراءِ يُتْبِعُها
امثالَها غيْرَ مُعتدٍّ بما وَهَبا
إذا أرَدْتُ أفاءَتْنِي عَواطِفُهُ
ظِلاًّ يُرِيحُ لِيَ الحَظَّ الَّذِي عَزَبا
والجَدُّ والْفَهْمُ أسْنَى مِنْحَة ٍ قُسِمَتْ
لِلطالِبينَ ولَكِنْ قَلَّما اصْطَحبا
أرانِيَ العيْشَ مُخضَرّاً وأسْمَعَنِي
لَفْظاً إذا خاضَ سَمْعاً فَرَّجَ الكُرَبا
خَلائِقٌ حَسُنَتْ مَرْأى وَمُسْتَمَعاً
قَوْلاً وفِعْلاً يُفِيدُ المالَ وَالأدَبا
كالرَّوْضِ أهْدى إلى رُوّادهِ أرَجاً
يُذْكِي النَّسِيمَ وأبْدَى مَنْظَراً عَجَبا
عادتْ بسعدِكَ أعيادُ الزمانِ ولا
زالَ الهناءُ جديداً والمُنى كَثَبا
يوماً ولا بَرْقُ غيثٍ مِنْ نَداكَ خَبا
إنَّ الزَّمانَ بَرَتْ عُوِي نوائِبُهُ(51/470)
فَما أُعَدُّ بِهِ نَبْعاً وَلا غَرَبا
وغَالَ بِالْخَفْضِ جَداً كانَ مُعْتَلِياً
وَبِالْمَرارَة ِ عَيْشاً طَالَما عَذُبا
فَما سَخا الْعَزْمُ بِي إلاّ إلَيْكَ وَلا
وَقَفْتُ إلاّ عَلَيْكَ الظَّنَّ مُحْتَسِبا
يا رُبَّ أجْرَدَ ورْسِيٍّ سرابِلُهُ
تَكادُ تَقبِسُ مِنْهُ فِي الدُّجَى لَهَبا
إذا نَضا الفَجْرُ عَنْهُ صِبْغَ فِضَّتِهِ
أجْرى الصَّباحُ علَى أعطافِهِ ذَهَبا
يَجْرِي فَتَحْسُرُ عَنْهُ العَيْنُ ناظِرَة ً
كَما اسْتَطارَ وَمِيضُ البَرْقِ والْتَهَبا
جَمِّ النَّشاطِ إذا ظُنَّ الكَلالُ بِهِ
رأَيْتَ مِنْ مرَحٍ في جدِّهِ لَعِبا
يَرْتاحُ لِلْجَرْيِ فِي إمْساكِهِ قَلِقاً
حتى كأنَّ لهُ في راحة ٍ تعبَا
يَطْغَى مِراحاً فَيَعْتَنُّ الصَّهِيلُ لَهُ
كَالْبَحْرِ جاشَ بهِ الآذِيُّ فاصْطَخَبا
جادَتْ يداكَ بهِ في عُرْضِ ما وَهَبَتْ
قَبْلَ السُّؤَالِ وأحْرِ اليَوْمِ أنْ تَهَبا
رفْقاً بِنا آلَ عمارٍ إذا طلَعَتْ
خَيْلُ السَّماحِ علَى سَرْحِ الثَّنا سُرَبا
لا تَبْعَثُوها جُيُوشاً يَوْمَ جُودِكُمُ
إنَّ الطلائعَ منْها تبْلُغُ الأَرَبا
قد أنْضَبَ الحمْدَ ما تَأْتِي مكارِمُكُمْ
ما خِلْتُ أنَّ مَعِيناً قَبْلَهُ نَضَبا
وَلَوْ نَظَمْتُ نُجُومَ اللَّيْلِ مُمْتَدِحاً
لَمْ أقْضِ مِنْ حَقِّكُمْ بعْضَ الَّذِي وَجَبا
لأشْكُرَنَّ زماناً كانَ حادِثُهُ
وَغَدْرُهُ بِي إلى مَعْرُوفِكُمْ سَبَبا
فكَمْ كَسا نِعْمَة ً أدْنى ملابِسِها
أسْنَى مِنَ النِّعْمَة ِ الأولى الَّتِي سَلَبا
وما ارتَشَفْتُ ثنايا العَيْشِ عندَكُمُ
إلا وجدْتُ بِها مِنْ جُودِكُمْ شَنَبا
العصر العباسي >> ابن الخياط >> هَبُوا طيفَكُمْ أعْدى علَى النِّأْي مَسراهُ
هَبُوا طيفَكُمْ أعْدى علَى النِّأْي مَسراهُ
رقم القصيدة : 7319
-----------------------------------
هَبُوا طيفَكُمْ أعْدى علَى النِّأْي مَسراهُ
فَمنُ لِمَشُوقٍ أنْ يُهَوِّمَ جَفْناهُ(51/471)
وهلْ يهتدِي طيفُ الخيالِ لناحِلٍ
إذا السُّقْمُ عنْ لحظِ العوائِدِ أخْفاهُ
غِنى ً في يَدِ الأحلامِ لا أستفيدهُ
ودَيْنٌ عَلى الأيَّامِ لا أتقاضاهُ
وَما كُلُّ مَسْلُوبِ الرُّقادِ مُعادُهُ
وَلا كُلُّ مَأْسُورِ الفُؤَادِ مُفاداهُ
يَرى الصَّبْرَ مَحْمودَ العَواقِبِ مَعْشَرٌ
وَما كُلُّ صَبْرٍ يَحْمَدُ المَرْءِ عُقْباهُ
ليَ اللهُ مِنْ قَلْبٍ يُجَنُّ جُنُونُهُ
مَتى لاحَ بَرْقٌ بِالقَرِينَيْنِ مَهْواهُ
أحِنُّ إذا هَبَّتْ صَباً مُطْمَئِنَّة ٌ
حَنِينَ رذايا الرَّكْبِ أوْشَك مَغْدَاهُ
خَوامِسَ حَلاّها عَنِ الوَرْدِ مَطْلَبٌ
بعيدٌ على البُزْلِ المصاعِيبِ مرْماهُ
هوى ً كلَّما عادَتْ مِنَ الشَّرْقِ نَفْحَة ٌ
أعادَ لِيَ الشَّوْقَ الَّذِي كانَ أبْداهُ
وما شَغَفِي بالرِّيحِ إلاّ لأنَّها
تَمُرُّ بِحَيٍّ دُونَ رامَة َ مَثْواهُ
أُحِبُّ ثَرى الوادِي الَّذِي بانَ أهْلُهُ
وأصْبوا إلى الرَّبْعِ الَّذِي مَحَّ مَغْناهُ
فَما وَجَد النِّضْوُ الطَّلِيحُ بِمَنْزِلٍ
رَأى وِرْدَهُ فِي ساحَتَيْهِ وَمَرْعاهُ
كَوَجْدِي بِأطْلالِ الدِّيارِ وَإنْ مَضى
علَى رسْمِها كَرُّ العُصُورِ فأبْلاهُ
دوارِسَ عفّاها النَّحُولُ كأَنَّما
وَجَدْنَ بِكُمْ بَعْدَ النَّوَى ما وَجَدْناهُ
ألا حبَّا عْدُ الكَثِيبِ وناعِمٌ
مِنَ العَيْشِ مجرورُ الذُّيولِ لبِسْناهُ
لَيَالِيَ عاطَتْنا الصَّبابَة ُ دَرَّها
فلمْ يبقَ منْها منهَلٌ ما وَردْناهُ
وللَّهِ وادٍ دُونَ مَيْثاءٍ حاجِرٍ
تَصِحُّ إذا اعْتَلَّ النَّسِيمُ خُزاماهُ
أُناشِدُ أرْواحَ العَشِيّاتِ كُلَّما
نَسَبْنَ إلى رَيّا الأحبَّة ِ ريّاهُ
أناشَتْ عَرارَ الرَّمْلِ أمْ صافَحَتْ ثَرى ً
أغَذَّ بهِ ذَاكَ الفَرِيقُ مَطاياهُ
خَلِيلَيَّ قَدْ هَبَّ اشْتِياقِي هُبُوبُها
حُسُوماً فهلْ مِنْ زَوْرَة ٍ تتلافاهُ
أعِينا عَلَى وَجْدي فليسَ بنافِعِ
إخاؤُكما خِلاًّ إذا لَمْ تُعِيناهُ(51/472)
أما سُبَّة ٌ أنْ تَخْذُلا ذَا صَبَابة ٍ
دَعا وَجْدَهُ الشَّوْقُ القَدِيمْ فَلَبَّاهُ
وأكَمَدُ محزُونٍ وأوْجَعُ مُمْرَضٍ
مِنَ الوجدِ شاكٍ ليسَ تُسْمَعُ شَكْواهُ
شَرى لُبُّهُ خَيْلُ السَّقامِ وبَاعَهُ
وَأرْخَصَهُ سَوْمُ الغَرامِ وأغْلاهُ
وبالجِزْعِ حيٌّ كلَّما عنَّ ذِكْرُهُمْ
أماتَ الهوى منِّي فُؤاداً وأحْياهُ
تَمَنَّيْتُهُمْ بِالرَّقْمَتَيْنِ وَدارُهُمْ
بِوادِي الغَضَا يا بُعْدَ ما أتمَنَّاهُ
سَقَى الوابِلُ الرّبْعِيُّ ماحِلَ رَبْعِكُمْ
وَرَوَاحَهُ ما شاءَ رَوْحٌ وَغاداهُ
وجَرَّ عليهِ ذيلَهُ كُلُّ ماطِرٍ
إذا ما مَشَى فِي عَاطِلِ التُّرْبِ حَلاّهُ
وَما كنْتُ لَوْلا أنَّ دَمْعِي مِنْ دَمٍ
لأحمِلَ منّا للسحابِ بسُقياهُ
على أنَّ فخرَ المُلْكِ للأرضِ كافِلٌ
بِفَيْض نَدى ً لا يَبْلُغُ القَطْرُ شَرْوَاهُ
بصُرْتُ بأمّاتِ الحَيا فظننتُها
أنامِلَهُ إنَّ السَّحائِبَ أشْباهُ
أخُو الحزْمِ ما فاجاهُ خطبٌ فكادَهُ
وذُو العزمِ ما عانهُ أمرٌ فعنّاهُ
وَساعٍ إلى غاياتِ كُلِّ خَفِيَّة ٍ
مِنَ المَجْدِ ما جاراهُ خَلْقٌ فَباراهُ
بهِ رُدَّ نحوِي فائتُ الحَظِّ راغِماً
وأسْخَطَ فِيَّ الدَّهْرُ مَنْ كَانَ أرْضاهُ
تَحامَتْنِي الأيَّامُ عِنْدَ لِقائهِ
كأنِّي فِيها بأسُهُ وَهْيَ أعْداهُ
إليكَ رحلْتُ العِيسَ تَنْقُلُ وقرَها
ثناءً وللأعلى يجهَّزُ أعلاهُ
وَلا عُذْرَ لِي إنْ رابَنِي الدَّهْرُ بَعْدَما
تَوخَّتْكَ بِي يا خَيْرَ مَنْ تَتَوَخّاهُ
وَرَكْبٍ أماطُوا الهَمَّ عَنْهُمْ بهِمَّة ٍ
سَواءٌ بها أقْصى المَرامِ وأدْناهُ
قطعتُ بهمْ عرْضَ الفلاة ِ وطالَما
رمى مقتَلَ البيداء عزمِي فأصْماهُ
وَسَيْرٍ كإيماضِ البُرُوقِ ومَطْلَبٍ
لبِسْنا الدُّجى منْ دُونِهِ وخلَعْناهُ
إلى المَلِكِ الجَعْدِ الجزِيلِ عطاؤُهُ
إلى القَمَرِ السَّعْدِ الجَمِيلِ مُحَيّاهُ
إلى رَبْعِ عمّارِ بنِ عمارٍ الذي
تكفَّلَ أرْزاقَ العُفاة ِ بجدواهُ(51/473)
ولَمّا بَلَغْناهُ بَلَغْنا بهِ المُنى
وشِيكاً وأعطَيْنا الغِنى منْ عطاياهُ
فتى ً لمْ نَمِلْ يوماً برُكْنِ سماحِهِ
على حَدَثانِ الدَّهرِ إلا هدمْناهُ
مِنَ القَوْمِ ياما أمْنَع الجارَ بَيْنَهُمْ
وَأحْلى مَذاقَ العَيْشِ فِيهِمْ وَأمْراهُ
وأصْفى حياة ً عندهُمْ وأرقَّها
وأبرَدَ ظِلاً في ذَراهُمْ وأنداهُ
أغَرُّ صبيحٌ عرضُهُ وجبينُهُ
كأنَّهُما أفْعالُهُ وَسَجاياهُ
لكَ اللهُ ما أغراكَ بالجودِ همَّة ً
سرُوراً بما تحبُو كأنَّكَ تُحباهُ
دعوْنا رَقُدَ الحظَّ باسمِكَ دعْوة ً
فَهَبَّ كأنَّا منْ عِقالٍ نَشَطْناهُ
وجُدْتَ فأثْنَيْنا بحمدِكَ إنَّهُ
ذمامٌ بحُكْمِ المَكْرُماتِ قضَيْناهُ
مَكارِمُ أدَّبْنَ الزَّمانَ فَقَدْ غَدا
بِها مُقْلِعاً عَمّا جَنَى وَتَجَنّاهُ
أيامَنْ أذالَ الدَّهْرُ حَمْدِي فَصانَهُ
وقلَّصَ ظِلَّ العَيْشِ غنِّي فأضفاهُِ
وعلَّمنِي كَيْفَ المطالِبُ جُودُهُ
وما كنْتُ أدرِي المطالِبُ لَولاهُ
لأنْتَ الَّذِي أغْنَيْتَنِي وَحَمَيْتَنِي
لَيالِيَ لا مالٌ لَدَيَّ وَلا جاهُ
أنلتَنِيَ القدرَ الذي كنتُ أرتجِي
وأمَّنَتنِي الخَطْبَ الَّذِي كُنْتُ أخْشاهُ
وأمضَيْتَ عضْباً منْ لسانِيَ بَعدما
عمرْتُ وحداهُ سواءُ وصَفحاهُ
وسرْبَلَتْنِي بالبِرِّ حتّى تركتْتنِي
بِحَيْثُ يَرانِي الدَّهْرُ كُفْؤاً وَإيّاهُ
فدُونَكَ ذا الحمدَ الذي جلَّ لفظُهُ
ودقَّ على الإفهامِ في الفضلِ معناهُ
فَلا طُلَّ إلاّ مِنْ حَبائِكَ رَوْضُهُ
ولا باتَ إلاّ في فِنائِكَ مَأْواهُ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> أَلا هكذا تستهلُّ البُدُورُ
أَلا هكذا تستهلُّ البُدُورُ
رقم القصيدة : 7320
-----------------------------------
أَلا هكذا تستهلُّ البُدُورُ
مَحَلٌّ علِيٌّ ووجهُ مُنيرُ
وجَدٌّ سعيدٌ ومجدٌ مَشيدٌ
وعِزٌّ جَديدٌ وعَيْشٌ نَضِيرُ
ويَوْمٌ يَصِحُّ الرَّجاءُ العَلِيلُ
بهِ ويطُولُ الثناءُ القصيرُ
دعا شرفَ الدولة ِ المجدُ فيهِ(51/474)
فَلَبّاهُ مِنْبَرُهُ والسّرِيرُ
مرامٌ بكلِّ فلاحِ حقيقٌ
وسَعْيٌ بكلِّ نجاحٍ جديرُ
عَلى الطَّالِعِ السَّعْدِ يابْنَ المُلُو
كِ هذا الرُّكُوبُ وهذا الظُّهوُرُ
طلعْتَ تُجلِّي الدُّجى والخُطُوبَ
بِوَجْهٍ عَلَيْهُ بَهاءٌ ونُورُ
تكفَّلَ ريَّ اللحاظِ العِطا
شِ ماءٌ مِنَ الحُسْنِ فيهِ نَمِيرُ
يَتِيهُ بِكَ المُلْكُ وَهْوَ الوَقُورُ
وَيَشْجَى بِكَ الدَّهْرُ وَهْوَ الصَّبُورُ
ظُهورٌ ظهيرٌ على المطلَباتِ
فَكُلُّ عَسِيرٍ لَدَيْها يَسِيرُ
صَباحٌ صَبِيحٌ بأمثالهِ
تقرُّ العيُونُ وتَشْفى الصدورُ
شَرِبنا بهِ العزَّ صِرْفاً فمالَ
بِنا طَرَباً واتَّقَتْنا الخُمُورُ
ومَا لَذَّة ُ السُّكْرِ إلاّ بِحَيْثُ
تُغَنّى المُنَى ويَدُور السُّرُورُ
فيا شرفَ الدولة ِ المُسْتجارُ
لكَ اللهُ مِنْ كُلِّ عينٍ مُجِيرُ
لمثلكَ حقا وإنْ قلَّ عنكَ
يُرَشَّحُ هذا المَحَلُّ الخَطيرُ
فإنَّ النجومَ حرى ً بالسماءِ
وأحرى بها القمرُ المستنيرُ
لَقَدْ هُزَّ لِلطَّعْنِ رُمْحٌ سَدِيدٌ
وجُرِّدَ للضَّرْبِ نصْلٌ طريرُ
وسُوِّمَ للسبقِ يومَ الرِّهانِ
جوادٌ بطُولِ المدى لا يخُورُ
فتى ً سادَ في مهدِهِ العالمينَ
وشادَ العُلى وهوَ طفلٌ صغِيرُ
غَنِيٌّ مِنَ المَجْدِ وَالْمَكْرُماتِ
وَلَكِنَّهُ مِنْ نَظِيرٍ فَقِيرُ
فَلا زَالَ ذَا السَعْدُ مُسْتَوْطِناً
مَحَلَّكَ ما حَلَّ قَلْباً ضَمِيرُ
ولا برحَ المُلْكُ يا فَخْرَهُ
وَمَجْدُكَ قُطْبٌ عَلَيْهِ يَدُورُ
وأعطِيتَ في شَرَفِ الدولة ِ الـ
ـبَقاءَ الذي تتمنّى الدُّهورُ
ولا زالَ حمدِيَ وقْفاً عليكَ
إليكَ رواحِي بهِ والبُكُورُ
ثناءٌ كما هبَ غِبَّ الحَيا
بِنَشْرِ الرِّياضِ نَسِيمٌ عَطِيرُ
مُقيمٌ لديكَ ولكنَّهُ
بِمَدْحِكَ فِي كُلِّ فَجٍّ يَسِيرُ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> لنا كُلَّ يومٍ هناءٌ جديدُ
لنا كُلَّ يومٍ هناءٌ جديدُ
رقم القصيدة : 7321
-----------------------------------(51/475)
لنا كُلَّ يومٍ هناءٌ جديدُ
وَعِيدٌ مَحاسِنُهُ لا تَبِيدُ
وعيشٌ يرفُّ عليهِ النعيمُ
وجدٌّ تظافَرُ فيهِ السُّعودُ
وَدارٌ يُخَيِّمُ فِيها السَّماحُ
وبابٌ تلاقى عليهِ الوُفُودُ
ببرئِكَ يا شَرَفَ الدولة ِ اسـ
ـتَفادَ سَعادَتُه المُسْتَفِيدُ
لَقَدْ دَفعَ اللَّهُ لِلْمَجْدِ عَنْكَ
وأعطِيَ فيكَ النَّدى ما يُريدُ
فسُهِّلَ منْهُ الطِّلابُ العَسيرُ
وَقُرِّبَ مِنْهُ المَرامُ البَعيدُ
وَأشْرَقَ ذَاكَ الرَّجاءُ العَبُوسُ
ورُدَّ عَلْينا العَزاءُ الشَّرُودُ
فَأعْيادُنا مالَها مُشْبِهٌ
وأفْراحُنا ما عَلَيْها مَزِيدُ
وكيفَ يقوَّضُ عنّا السُّرورُ
وأنْتَ إذا ما انقضى العيدُ عيدُ
هنيئاً لأيامِ دهْرٍ نَمَتْكَ
ألا إنَّ ذا الدهرَ دهْرٌ سعيدُ
لَقَدْ طَرَّقَتْ بِكَ أمُّ العَلاءِ
بِيَوْمٍ لَهُ كُلُّ يَوْمٍ حَسُودُ
رجعت لياليه السُّودَ بيضاً
وأنْتَ على المجدِ تاجٌ عقيدُ
فعِشْ ما تشاءُ بهِ ضافياً
عَلَيْكَ مِنَ العِزِّ ظِلٌّ مَدِيدُ
فأنْزَرُ نَيْلِكَ فِيهِ العَلاءُ
وأيْسَرُ عُمْرِكَ فِيهِ الخُلُودُ
وقلْ لأبيكَ وُقي السُّوءَ فيكَ
كذا فلتُرَبِّ الشُّبُولَ الأُسُودُ
فلوْلاكَ أعجَزَ أهْلَ الزّمانِ
شبيهٌ لهُ في العُلى أوْ نديدُ
فبُقِّيتُما ما دَجا غيهَبٌ
وَما ابْيَضَّ صُبْحٌ وما اخضَرَّ عُودُ
وَلا أخْفَقَتْ فِيكَ هَذِي الظُّنونُ
ولا أخْلَفَتْ مِنْكَ هَذِي الوُعُودُ
ولي حرمة ٌ بكَ إنْ تَرْعَها
فَمِثْلُكِ تُرْعَى لَدَيْهِ العُهُودُ
بِأنِّيَ أوَّلُ مُثْنٍ عَلَيْكَ
وَأَوَّلُ مَنْ نَالَهُ مِنْكَ جُودُ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> ما طَلَعَتْ شَمْسٌ مِنَ المَغْرِبِ
ما طَلَعَتْ شَمْسٌ مِنَ المَغْرِبِ
رقم القصيدة : 7322
-----------------------------------
ما طَلَعَتْ شَمْسٌ مِنَ المَغْرِبِ
قبلَكَ في أُفْقٍ ولا مَوْكِبِ
ولا سَمَتْ همَّة ُ ذي همَّة ٍ
حتى استوَتْ في ذُرْوَة ِ الكوكَبِ
هانَ الذي عزَّ ونِلْتَ الذي(51/476)
حاولْتَهُ منْ دركِ المطلَبِ
فَکسْعَدْ وَبُشْراكَ بِها عِزَّة ً
مَتى تَرُمْ صَهْوَتَها تَرْكَبِ
مُمَلأً بالعزِّ سامشي العُلى
مُهنَّأً بالظَّفَرِ الأقْرَبِ
ما الفَخْرُ فَخْرَ المُلْكِ إلاّ الَّذِي
شِدْتَ بطِيبِ الفِعْلِ والمَنْصِبِ
فَاليَوْمَ أدْرَكْتَ المُنَى غالياً
ولَيْسَ غَيْرُ اللَّيْثِ بالأغْلَبِ
فالنَّصْرُ كُلُّ النَّصْرِ في سيفِكَ الـ
ـباتِكِ أوْ فِي عَزْمِكَ المقْضَبِ
فِي عِزِّكَ الأقْعَسِ أوْ هَمِّكَ کلْـ
ـأشْرَفِ أوْ فِي رَأْيِكَ الأنْجَبِ
يَا كاشِفاً لِلْخَطْبِ يا راشِفاً
لِلعذْبِ منْ ثغْرِ العُلى الأَشْنَبِ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> أتُرى الهِلالَ أنارَ ضَوْءَ جَبِينهِ
أتُرى الهِلالَ أنارَ ضَوْءَ جَبِينهِ
رقم القصيدة : 7323
-----------------------------------
أتُرى الهِلالَ أنارَ ضَوْءَ جَبِينهِ
حتّى أبانَ اللَّيلُ عَنْ مَكْنُونهِ
شَفَّ الحِجابُ بِنُورهِ حتّى رَأى
مُتأَمِّلٌ ما خَلْفَهُ مِنْ دُونِهِ
أوَ ما رَأَيْتَ المُلْكَ تمَّ بَهاؤُهُ
بِضِياءِ كَوْكَبِ شَمْسِهِ ابْنِ أمِينهِ
نُضِيَ الحُسامُ فدَلَّ رونَقُ صفْحِهِ
وظُباهُ أنَّ المجدَ بعضُ قيُونِهِ
يا حبَّذا الثَّمَرُ الجَنِيُّ بدوْحَة ِ الـ
ـحَسَبِ الزَّكِيِّ وناعِماتِ غُصُونِهِ
ما عُذْرُهُ أَلاّ يطيبَ مذاقُهُ
طِيبَ السُّلافِ وَأنْتَ مِنْ زَرَجُونِهِ
اليَوْمَ مَدَّ إلى المَطالِبِ باعَهُ
مَنْ لمْ تَكُنْ خطرَتْ بليلِ ظُنُونِهِ
حلَّ الرَّجاءُ وثاقَ كُلّ مسرّة ٍ
كانَتْ أسِيرَة َ هَمِّهِ وشُجُونِهِ
قدْ كانَ رجَّمَ ظنَّهُ فيكَ النَّدى
فَجَلا ظَلامَ الشَّكِّ صُبْحُ يَقِينهِ
أطلَعْتَ بدْراً في سَماءِ ممالِكٍ
سَهِرَ الجَمالُ وَنامَ فِي تَلْوِينهِ
علِقَتْ يَدُ الآمالِ يومَ ولادِهِ
بمَريرِ حبْلِ المَكْرُماتِ متينِهِ
بأجَلِّ موْلُودٍ لأكْرَمِ والدٍ
سمْحٍ مُبارَكِ موْلِدٍ مَيْمُونِهِ(51/477)
صَلْتِ الجَبينِ كأنَّ دُرَّة َ تاجِهِ
جَعَلَتْ تَرَقْرَقُ فِي مكانِ غُضونهِ
رَبِّ الجِيادَ لربِّها يومَ الوَغى
وَصُنِ الحُسامَ لِخِلِّهِ وَخَدِينهِ
قَدْ باتَ يَشْتاقُ العِنانُ شِمالَهُ
شَوْقَ اليَراعِ إلى بَنانِ يَمينهِ
واعْقِدْ لهُ التّاجُ المُنِيف فإنَّما
فَخْرُ المفاخِرِ عَقْدُها لِجَبِينهِ
لغَدَوْتَ تقتادُ المُنى بزِمامِها
وتَرُوضُ سهلَ النَّيْلِ غيرَ حَرُونِهِ
بالعَزْمِ إذْ يُنْطِيكَ عفْوَ نجاحِهِ
والحَزْمِ إذْ يُمْطِيكَ ظَهْرَ أمُونِهِ
فاليَوْمَ هزَّ المَجْدُ مِنْ أعطافِهِ
تِيهاً وَباحَ مِنَ الهَوى بِمُصونِهِ
والآنَ ذُدْتَ عنِ العُلى وذبَبْتَ عنْ
مَجْدٍ يَعُدُّكَ مِنْ أعَزِّ حُصُونِهِ
واللَّيْثُ ذُو الأشبالِ أصْدَقُ مَنْعَة ً
لِفَرِيسَة ٍ وحِمايَة ً لِعَرِينهِ
والآنَ إذْ نشَأَ الغمامُ وصرَّحَتْ
نَفَحاتُ جَوْنِيِّ الرِّبابِ هَتُونِهِ
فَلْيَعْلَمِ الغَيْثُ المُجَلْجِلُ رَعْدُهُ
أنَّ السَّماحَ مُعِينُهُ بِمَعَينِهِ
وَلْيَأْخُذِ الجَدُّ العَلِيُّ مَكانَهُ
مِنْ أُفُقِ مَحْرُوسِ العَلاءِ مَكِينهِ
وليَضْرِبِ العزُّ المنيعُ رُواقَهُ
بجنابِ ممنوعِ الجَنابِ حصِينهِ
ولتبتَنِ العلْياءُ شُمَّ قِبابها
بِذُرى رُباهُ أوْ سُفُوحِ مُتُونِهِ
وليَحْظَ رَبْعُ المَكْرُماتِ بأنْ غدا
شَرِقَ المنازِلِ آهِلاً بقطينِهِ
ولتخْلَعِ الأفكارُ عُذْرَ جماحِها
بِنِظامِ أبْكارِ القَرِيضِ وَعُونِهِ
سِرْبٌ مِنَ الحَمْدِ الجَزِيلِ غَدَوْتُمُ
مَرْعى عقائِلِهِ ومورِدَ عينِهِ
كَمْ مِنْبَرٍ شَوْقاً إلَيْهِ قَدِ انْحَنَتْ
أعْوادُهُ مِنْ وَجْدِهِ وحَنِينِه
ومُطَهَّمٍ قدْ ودَّ أنَّ سَراتَهُ
مَهْدٌ لَهُ في سيرهِ وقُطُونِهِ
ومُخزَّمٍ ناجَتْ ضمائِرُهُ المُنى
طَمَعاً بِقَطْعِ سُهُولِهِ وَخرُونِهِ
ومُهَنَّدٍ قدْ وامَرَتْهُ شِفارُهُ
بِطُلَى العَدُوِّ أمامَهُ وَشُؤُونِهِ
ومُثَقَّفٍ قدْ كانَ قبلَ طِعانِهِ(51/478)
تَنْدَقُّ أكْعُبُهُ بِصَدْرِ طَعِينهِ
وكأنَّ عَبْدَ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ في
حَرَكاتِ هِمَّتِهِ وَفَضْلِ سُكُونِهِ
لَمْ تَرْضَ أنْ كُنْتَ الكَفِيلَ بِشَخْصِهِ
حَتّى شَفَعْتَ كَفِيلَهُ بِضَمِينهِ
نَشَر الأمِينَ وِلادُهُ فَجَنَيْتَهُ
منْ غَرْسِهِ وجَبَلْتَهُ مِنْ طِينِهِ
ذَاكَ الَّذِي لَوْ خَلَّدَ اللَّهُ النَّدى
والبَأْسَ ما منِيا بيوْمِ مَنُونِهِ
وَإذا أرَدْتُ لِقَبْرِهِ أزْكَى حَيّاً
يُرْويهِ قُلْتُ سَقاهُ فَضْلُ دَفينِهِ
أمّا الهناءُ فللزمانِ وأهْلِهِ
كُلٌّ يَدِينُ مِنَ الزَّمانِ بِدِينهِ
كالغَيْثِ جادَ فَعَمَّ أرْضَ شَرِيفِهِ
وَدَنِيِّهِ وصَرِيحِهِ وَهَجِينهِ
لكنَّ أهْلَ الفضْلِ أوْلاهُمْ بهِ
مَنْ ذا أحقُّ مِنَ الصَّفا بحجُونِهِ
عِيدٌ وَمَوْلُودٌ كأنَّ بَهاءَهُ
زَهْرُ الرَّبيعِ ومُعْجِباتُ فُنُونِهِ
فَتَمَلَّهُ عُمْرَ الزَّمانِ مُمَتَّعاً
بفتى العُلى وأخِي النَّدى وَقَرينِهِ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> ببَهاءِ وجْهكَ تُشْرِقُ الأنْوارُ
ببَهاءِ وجْهكَ تُشْرِقُ الأنْوارُ
رقم القصيدة : 7324
-----------------------------------
ببَهاءِ وجْهكَ تُشْرِقُ الأنْوارُ
وبفضْلِ مجدكَ تفخَرُ الأَشعارُ
آنَسْتَ أُنْسَ الدَّوْلَة ِ المجدَ الذي
ما زالَ فيهِ عنِ الأنامِ نِفارُ
بمكارِمٍ نصَرَتْ يداكَ بِها العُلى
إنَّ المكارِمَ للعُلى أنْصارُ
وإذا الفَتى جعَلَ المَحامِدَ غايَة ً
لِلمَكْرُماتِ فَبَذْلُها المِضْمارُ
فاسْعَدْ ودامَ لكَ الهناءُ بماجدٍ
طالَتْ بهِ الآمالُ وهْيَ قِصارُ
لَوْلاهُ فِي كَرَمِ الخَلِيقَة ِ والنُّهَى
لمْ تَكْتحِلْ بشَبيهِكَ الأبْصارُ
كمْ ليلة ٍ لكَ مالَها مِنْ ضَرَّة ٍ
مِنْهُ ويَوْمٍ ما لَهُ أنظَارُ
جادَتْ أنامِلُكَ الغِزارُ بهِ الوَرَى
ومِنَ السَّحائِبِ تُغْدِقُ الأمطارُ
وتتابعَتْ قطراتُ غيثِكَ أنْعُما
إنَّ الكريمَ سماؤُهُ مِدْرارُ(51/479)
وأضاءَ مَجْدُكَ بِالحُسَيْنِ وَمَجْدِهِ
وكَذا السَّماءُ تُنِيرُها الأقْمارُ
قَدْ نالَ أفْضَلَ ما يُنالُ وَقدْرُهُ
أعْلى ولَوْ أنَّ النُّجُومَ نِثارُ
وجَرَتْ بهِ خَيْلُ السُّرُورِ إلى مِدى
فَرَحٍ دُخانُ النَّدِّ فِيهِ غُبارُ
وَحَوى صَغِيرَ السِّنِّ غاياتِ العُلى
وصِغارُ ابْناءِ الكِرامِ كبارُ
يُنبْي الفَتى قَبْلَ الفِطامِ بِفَضْلهِ
وَيَبِينُ عِتْقُ الخَيْلِ وَهْيَ مِهارُ
لمْ تَلْحَظ الأبصارُ يَوْمَ طَهُورِهِ
إلاّ كُؤُوساً للسرورِ تُدارُ
فغدوتَ تَشْرَعُ في حلالٍ مُسْكِرٍ
ما كُلُّ ما طَرَدَ الهمومَ عُقارُ
قَمَرٌ يُضِيءُ جمالُهُ وَكمالُهُ
حتى يُعيدَ الليلَ وهوَ نهارُ
وَمِنَ العَجائِبِ أنْ تَرُومَ لِمِثْلهِ
طُهْراً وكَيفَ يُطهرُ الأطْهارُ
قَدْ طَهَّرَتْهُ أبُوَّة ٌ وَمُرُوءَة ٌ
ونَمى بِهِ فرْعٌ وطابَ نِجارُ
إنَّ العُروقَ الطَّيِّباتِ كَفِيلَة ٌ
لكَ حينَ تُثْمِرُ أنْ تَطِيبَ ثِمارُ
للَبِسْتَ مِنْ شَرَفِ المناسِبِ حُلَّة ً
بالفخرِ يُسدى نسجُها وَيُنارُ
فَطُلِ الأنامَ وهلْ ترَكْتَ لفاخِرٍ
فَخْراً وَجَدُّكَ جَعْفَرُ الطَّيَّارُ
يَنْمِيكَ صَفْوَة ُ مَعْشَرٍ لَوْلاَهُمُ
ما كانَ يُرْفَعُ لِلْعَلاءِ مَنارُ
وَلّى وَخَلَّفَ كُلَّ فَضْلٍ فِيكُمُ
والغَيْثُ تُحْمَدُ بَعْدَهُ الآثارُ
إنِّي اقتَصَرْتُ على الثَّناءِ ولَيْسَ بي
عَنْ أنْ تَطُولَ مَناسِبِي إقْصارُ
ولَرُبَّ قولٍ لا يُعابُ بأنَّهُ
خطَلٌ ولكنْ عَيْبُهُ الإكثارُ
وأراكَ وابْنَكَ لِلسَّماحِ خُلِقْتُما
قدْراً سَواءً والورى أطْوارُ
فبَقيتُما عُمُرَ الزّمانِ مُصاحِبَيْ
عَيْشٍ تجنَّبُ صَفْوَهُ الأكْدارُ
العصر العباسي >> ابن الخياط >> يابْنَ مَنْ شادَ المَعالِي جُودُهُ
يابْنَ مَنْ شادَ المَعالِي جُودُهُ
رقم القصيدة : 7325
-----------------------------------
يابْنَ مَنْ شادَ المَعالِي جُودُهُ
وَبَنى المَجْدَ فأعْلى ما بَنا(51/480)
آمَنَ الأمة َ في أيّامِهِ
كُلّض خوْفٍ وأخافَ الزَّمَنا
كُلَّما يَمَّمَ عافٍ رَبْعَهُ
عَذُبَ المَنْهَلُ أوْ ساغَ الجَنا
قَدْ نَحَتْ عَظْمِي خُطُوبٌ لمْ تَزَلْ
تأكُلُ الأحْرارَ أكلاً مُمعِنا
وأتَتْنِي بَعْدَها نازِلَة ٌ
أنزَلَتْ في ساحتَيَّ المِحَنا
ولأنْتَ اليومَ أولى أنْ تَلِي
كشفَها يابْنَ أمِين الأُمَنا
فکنْتَهِزْها فُرْصَة ً مُمْكِنَة ً
قَلَّ ما يُوجَدُ مَجْدٌ مُمْكِنا
العصر العباسي >> ابن الخياط >> يا فَرْحَة َ البَيتِ العَتِيقِ إذا
يا فَرْحَة َ البَيتِ العَتِيقِ إذا
رقم القصيدة : 7326
-----------------------------------
يا فَرْحَة َ البَيتِ العَتِيقِ إذا
ما قِيلَ هذا أحْمَدُ بْنُ عَلِي
وافاهُ خيْرُ مُعرِّسٍ وثَنى
عَنْهُ الأزِمَّة َ خَيْرُ مُحْتَمِلِ
فكأنَّنشي بالعِيسِ قافِلة ً
بِأبَرِّ نَزّالٍ ومُرْتَحِلِ
سِرْ فِي ضَمانِ اللَّهِ مُكتَنَفاً
حتّى تَعودَ مُبَلَّغَ الأمَلِ
فَلَكَمْ حَجَجْتَ بِما تُنَوِّلُهُ
وأرحْتَ أيْدِي الخيلأِ والإبلِ
لوْ كانَ يَغْنى عنْ تَيَمُّمِهِ
أحَدٌ غَنِيتَ بِصالِحِ العَمَلِ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أُكْتُبي لي
أُكْتُبي لي
رقم القصيدة : 68928
-----------------------------------
إليَّ اكْتُبِي ما شئتِ .. إني أُحِبُّهُ
وأتلوهُ شِعْراً .. ذلكَ الأدَبَ الحُلْوَا
نسائيةِ الرِعْشَات .. ناعمةِ النجوى
عليَّ اقْصُصي أنباءَ نَفْسِكِ .. وابعثي
لَتُفْرِحُني تلك الوريقاتُ حُبِّرَتْ
كما تُفْرِحُ الطفلَ الألاعيبُ والحلوى
تُسلَّمُ لي سرّاً .. فَتُلْهمُني السلوى
أحِنُّ إلى الخَطِّ المليسِ .. ورُقْعَةٍ
أُحِسُّكِ ما بينَ السطور ضحوكةً
تحدثني عيناكِ في رقّةٍ قُصوى
وصوتاً حريريَّ الصدى ، وادعاً ، حُلوا
رسائلُكِ الخضراءُ .. تحيا بمكتبي
زَرَعتِ جواريري شذاً وبراعماً
وأجريتِ في أخشابها الماءَ والسَرْوَا..
تدغدغُكِ الأحلامُ في ذلك المأوى(51/481)
ومَرَّتْ على لين الوسادة صُورَتي
وما بكِ ترتابين؟ هل من غَضَاضةٍ
إذا كتبتْ أختُ الهوى للذي تَهْوَى؟
رسائِلُكِ النعماءُ في أضلعي تُطوى
فلستُ أنا مَنْ يَسْتَغِلُّ صبيَّةً
فما زالَ عندي - رغم كُلِّ سوابقي -
بقيّةُ أخلاقٍ .. وشيءٌ من التقوى
ومَرَّتْ على لين الوسادة صُورَتي
تخضّبها دمعاً .. وتُغْرِقُها شجوا
وما بكِ ترتابين؟ هل من غَضَاضةٍ
إذا كتبتْ أختُ الهوى للذي تَهْوَى؟
ثِقي بالشَذَا يجري بشَعْرِكِ أَنْهُرَاً
رسائِلُكِ النعماءُ في أضلعي تُطوى
فلستُ أنا مَنْ يَسْتَغِلُّ صبيَّةً
ليجعلَها في الناس أُقْصُوصةً تُروى
فما زالَ عندي - رغم كُلِّ سوابقي -
بقيّةُ أخلاقٍ .. وشيءٌ من التقوى
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أَمَامَ قَصْرِهَا
أَمَامَ قَصْرِهَا
رقم القصيدة : 68929
-----------------------------------
متي تَجِيئينَ ؟ قُولي
لموعدٍ مُسْتَحِيلِ
الوقُوعِ .. فوق الحصُولِ
وأنتِ . لا شَيءَ إلاّ
وأنتِ خَيْطُ سَرَابٍ
يَمُوتُ قبل الوُصُولِِ
في جَبْهة الإزْمِيلِ ..
***
انزياحَ سِتْرٍ صقيلِ
يلهُو الشتاءُ بشَعْري
أَشْقَى .. وأنتِ اسْتَليني
طَيْفٌ تثلَّجَ خلفَ
الزجاج .. هيّا افْتَحِي لي ..
مَنْ أنتَ ؟ وارتاعَ نَهْدٌ
طفلٌ .. كثيرُ الفُضُولِ
تَفْتَا القميصِ الكَسُولِ
أوْجَعْتَ أكداسَ لوزٍ
أنا بقايا البقايا
من عَهْد جَرِّ الذُيُولِ
كصفحة الإنجيلِ
ومِنْ طويلٍ .. طويلِ ..
وكنتُ أغمسُ وجهي
في شَكْلِ وجهكِ أَقْرَا
شكلَ الإلهِ الجميلِ ..
مَتَى ؟ ورُدَّتْ صلاتي
مع انهمازِ السُدُولِ
أنا بقايا البقايا
من عَهْد جَرِّ الذُيُولِ
أَهواكِ مُذْ كنتِ صُغْرى
كصفحة الإنجيلِ
ومِنْ زَمَانٍ .. زَمَانٍ
ومِنْ طويلٍ .. طويلِ ..
وكنتُ أغمسُ وجهي
في شَعْرِكِ المْجدُولِ
في شَكْلِ وجهكِ أَقْرَا
شكلَ الإلهِ الجميلِ ..
***
مَتَى ؟ ورُدَّتْ صلاتي
مع انهمازِ السُدُولِ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إندِفَاع(51/482)
إندِفَاع
رقم القصيدة : 68930
-----------------------------------
أُريدُكِ
أعرفُ أَنّي أُريدُ المُحاَلْ
وأَنَّكِ فوق ادّعاءِ الخَيَالْ
وفوقَ الحيازةِ ، فوقَ النَوَالْ
وأطيبُ ما في الطُيُوبِ
وأجْمَلُ ما في الجمالْ
أُريدُكِ
أعرفُ أَنَّكِ ، لا شيءَ غيرُ احتمالْ
وغيرُ افتراضٍ
وغيرُ سؤالٍ ، ينادي سؤالْ
ووعدٍ ببال العناقيدِ
بالِ الدَوَالْ
أُريدُكِ
أَرُومْ
ودونَ هوانا تقومْ
تخومْ
طِوالٌ .. طِوالٌ
كلونِ المُحَالْ
كَرَجْع المواويلِ بين الجبالْ
ولكنْ .. على الرغم مما هُوَ
وأُسطورةِ الجَاهِ والمُسْتَوَى
أَجُوبُ عليكِ الذُرى والتلالْ
وأفتحُ عنكِ
عُيُونَ الكُوى
وأمشي .. لعلّي ذاتَ زوالْ
أراكِ ، على شُقْرةِ المُلْتَوى
***
ويومَ تلوحينَ لي
تباشيرَ شَالْ ..
يَجُرُّ كُرُوماً
يَجُرُّ غِلالْ
سأعرفُ أَنَكِ أصبحتِ لي
وأنيِّ لمستُ حدودَ المُحالْْ
يَجُرُّ كُرُوماً
يَجُرُّ غِلالْ
سأعرفُ أَنَكِ أصبحتِ لي
وأنيِّ لمستُ حدودَ المُحالْْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أنا مَحْرومَة
أنا مَحْرومَة
رقم القصيدة : 68931
-----------------------------------
لا أُمُّهُ لانَتْ .. ولا أُمِّي
وحُبُّهُ يَنَامُ في عَظْمِي
شالي . فلي شَالٌ من الغَيْمِ
أو أوصدوا الشُبَّاكَ كي لا أرى
ما أشفقَ الناسُ على حُبِّنا
وأشْفَقَتُ مساندُ الكَرْم
فهلْ تُراهُمْ عَطَّروا هَمِّي
أما بَذَرْنَا الرَصْدَ والمَيجَنَا
قوافلُ الأقمار من رَسْمهِ
وما تَبَقَّى كُلُّه رَسْمِي ..
أدركَ خَصْرٌ نِعْمَةَ الضَمِّ
من فَضْلِنا ، من بعض أفْضَالِنا
قوافلُ الأقمار من رَسْمهِ
وما تَبَقَّى كُلُّه رَسْمِي ..
وقَبْلَنا لا شالَ شالٌ .. ولا
أدركَ خَصْرٌ نِعْمَةَ الضَمِّ
من فَضْلِنا ، من بعض أفْضَالِنا
أَنَّا اخترعْنَا عَالمَ الحُلْمِ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إِسْمهَا
إِسْمهَا
رقم القصيدة : 68932
-----------------------------------(51/483)
إسمُها في فمي .. بُكاءُ النوافيرِ
رحيلُ الشذا .. حُقُولُ الشَقِيقِ
مِنْ سُنُونو يَهِمُّ بالتحليقِ
كنُهُور الفيروز يهدرُ في رُوحي
كلُهاث الكروم ، كالنشوة الشقراءِ
غامتْ على فمِ الإبريقِ
على كلِّ مُنْحَنَى ومضيقِ ...
كحرير النهد المُهَزْهِزِ .. فيهِ
كقطيعٍ من المواويل .. حَطَّتْ
في ذُرى موطني الأنيقِ الأنيقِ
وزَحْفُ السرور طيَّ عُرُوقي
شَفَتي ، كالمزارع الخُضْرِ ، إن مرَّ
أحْرُفٌ خَمْسَةٌ ، كأوتار عُودٍ
كترانيم معبدٍ إغريقي..
وأشهى من نَكْهَة التطويقِ
***
وتَهْدِي إلى النبوغ طريقي!
كنيْسَان ، كالربيعِ الوريقِ
أحْرُفٌ خَمْسَةٌ ، كأوتار عُودٍ
كترانيم معبدٍ إغريقي..
أحْرُفٌ خمسةٌ ، أَشَفُّ من الضَوْءِ
وأشهى من نَكْهَة التطويقِ
***
إسمُكِ الحُلْوُ .. أيُّ دنيا تُناغيني
وتَهْدِي إلى النبوغ طريقي!
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> غُرفتَها
غُرفتَها
رقم القصيدة : 68933
-----------------------------------
في الحُجْرَة الزَرْقَاءِ .. أحيا أنا
بَعْدَكِ ، يا أُخْتُ ، أَصَليّ الرياشْ
وفيه بَرْعَمْنَا الحريرَ افتراشْ
ليلاتِ ذَرْذَرْنا تشاويقَنا
وثَدْيُكِ الفُلِّيُّ .. كَوْمَ سَنَا
يُغْمَى على البياض منهُ القماشْ
شقراءُ .. لا أَعْدَمُهَا لَثْغةً
يعيا بها ثغرُكِ عند النقاشْ
ومَنْ على الألوانِ والظلِّ عاشْ؟
ففيه من طيبكِ بعضُ الرشاشْ
وهاهُنا رسالةٌ .. نثرُك الغالي بها
أَعَزُّ ما خلّفتِ لي خُصْلةٌ
حبيبةٌ ، تهتزُّ فوقَ الفِراشْ
تهفو إلى منبتها في ارتعاشْ
شقراءُ .. يا فَرْحةَ عشرِيننا
شقراءُ .. يا يوماً على المنحنى
طاش به ثغري .. وثغرُكِ طاشْ
وفوقنا للياسمينِ اعتراشْ
ونشربُ الليلَ ، صدى مَيْجَنا
قُولي .. ألا يُغريكِ لونُ الدُنَا
بالعَوْد .. فالطيرُ أتتْ للعِشَاشْ
شقراءُ .. يا فَرْحةَ عشرِيننا
ونَكْهَةَ الزِقّ .. وهَزْجَ الفَراشْ
شقراءُ .. يا يوماً على المنحنى
طاش به ثغري .. وثغرُكِ طاشْ(51/484)
نمشي فيندي العُشْبُ من تحتِنا
وفوقنا للياسمينِ اعتراشْ
ونشربُ الليلَ ، صدى مَيْجَنا
وصوتَ أجراسٍ .. وعَوْدَ مَوَاشْ
قُولي .. ألا يُغريكِ لونُ الدُنَا
بالعَوْد .. فالطيرُ أتتْ للعِشَاشْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> زَيْتيّة العَيْنَين
زَيْتيّة العَيْنَين
رقم القصيدة : 68934
-----------------------------------
زَيْتِيَّةَ العَيْنَيْنِ .. لا تُغْلِقي
يَسْلَمُ هذا الشَفَقُ الفُستُقي
أغرقتِ الدنيا ولم تَغْرَقِ..
في أَبَدٍ . يَبْْدَا ولا ينتهي
في جُزُرٍ تبحثُ عن نَفْسِها
ومُطْلَقٍ يولَدُ من مُطْلَقِ
تَشَرُّدي في غابة الفُسْتُقِ
***
باعكِ هذا اللونَ .. قُولي. اصدقي
أَمِنْ ضفاف (السيْن) خيطانُهُ
أم مِنْ صغير العُشْب لملمتِهِ
بحيرةٌ خَضرَاءَ في شَطِّها
نامتْ صبايا النُور .. لم تتّقي
صَفْضَافةٌ تحت الضُحى الزنبقي
عريشةٌ كَسْلَى على سَفْحنا
***
شُبّاكيّ الصغيرُ .. يُفضي إلى
إلى نوافيرٍ رماديّةٍ
تبكي بصوتٍ أزرقٍ .. أزرقِ
يفضي إلى لا مُنْتَهَى شَيِّقِ
من ألفِ عامٍ وأنا مُبْحِرٌ
أَمضي على زُمُرُّدٍ دافئٍ
يُرهِقُني .. فُدِيتَ يا مُرْهِقي
من خَلْفِ خَلْفِ الهُدُبِ المُطْرِقِ
منكِ ، على شَعْري .. على مفرقي
يا مَطَر العَيْنَيْنِ .. لا تنقطعْ
لا تنقطعْ ثانيةً .. إنَّني
جوعُ الرُبى للأخضرِ المُورِقِ
سفينتي . لا بدَّ أن نلتقي
يفضي إلى لا مُنْتَهَى شَيِّقِ
من ألفِ عامٍ وأنا مُبْحِرٌ
ولم أصِلْ .. ولم يصِلْ زورقي
أَمضي على زُمُرُّدٍ دافئٍ
يُرهِقُني .. فُدِيتَ يا مُرْهِقي
وَشْوَشَةُ المياهِ مَسْمُوعةٌ
من خَلْفِ خَلْفِ الهُدُبِ المُطْرِقِ
قَطْرَاتُ فيروزٍ على جبهتي
منكِ ، على شَعْري .. على مفرقي
يا مَطَر العَيْنَيْنِ .. لا تنقطعْ
أنا حنينُ الطيب للدَوْرَقِ
لا تنقطعْ ثانيةً .. إنَّني
جوعُ الرُبى للأخضرِ المُورِقِ
يا مرفأَ الفيروز .. يا مُتعِباً
سفينتي . لا بدَّ أن نلتقي(51/485)
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> حَبيبَة وشِتَاء
حَبيبَة وشِتَاء
رقم القصيدة : 68935
-----------------------------------
.. وكان الوعدُ أن تأتي شتاءً
لقد رحَلَ الشِتا .. ومضى الربيعُ
تُطَرِّزُها ، ولا ثوبٌ بديعُ.
ولا شالٌ يشيلُ على ذرانا
وهاجرَ كلُّ عصفورٍ صديقٍ
وماتَ الطيبُ ، وارتمت الجذوعُ
ولم يسعدْ بك الكوخُ الوديعُ
ففي بابي يُرى أيلولُ يبكي
ويسعُلُ صدرُ موقدتي لهيباً
فيسخنُ في شراييني النجيعُ
وتذهلُ لَوْحَةٌ .. ويجوعُ جُوعُ
***
وفيما يُضْمِرُ الكَرْمُ الرضيعُ
وفي تشرينَ ، في الحَطَبِ المُغَنِّي
وفي كَرَم الغمائم في بلادي
وفي النَجْمات في وطني تضيعُ
إليها قبلُ ، ما اهتدتِ القُلوعُ
ولا ادَّعتِ الضمائرُ والضُلوعُ
أشمُّ بفيكِ رائحةَ المراعي
أُقَبِّلُ إذْ أُقَبِّلهُ حُقُولاً
ويلثُمني على شفتي الربيعُ
بجسمي ، من هواكِ ، شذاً يضُوعُ
***
فهل يُطْفي جهنَّمَ .. مُسْتَطيعُ؟
فلا تخشي الشتاء ولا قواهُ
أُحِبُّكِ .. لا يَحُدُّ هوايَ حدٌّ
ولا ادَّعتِ الضمائرُ والضُلوعُ
أشمُّ بفيكِ رائحةَ المراعي
ويلهثُ في ضفائركِ القطيعُ..
أُقَبِّلُ إذْ أُقَبِّلهُ حُقُولاً
ويلثُمني على شفتي الربيعُ
أنا كالحقلِ منكِ .. فكلُّ عضوٍ
بجسمي ، من هواكِ ، شذاً يضُوعُ
***
جهنَّميَ الصغيرةَ .. لا تَخَافي
فهل يُطْفي جهنَّمَ .. مُسْتَطيعُ؟
فلا تخشي الشتاء ولا قواهُ
ففي شفتيكِ يحترقُ الصقيعُ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> مَسَاء
مَسَاء
رقم القصيدة : 68936
-----------------------------------
قِفِي .. كَستَنائيَّةَ الخُصُلاتِ..
معي ، في صلاةِ المَسَا التائِبَه
على كَتِف القرية الراهبَه
ويرسمُ فوقَ قَرَاميدها
قِفي .. وانظري ما أَحَبَّ ذُرَانا
وأسخى أناملها الواهِبَهْ
وترسوُ على الأنْجُم الغاربَهْ
على كَرَزِ الأفْقِ قام المساءُ
وتشرينُ شَهْرُ مواعيدنا
يُلوِّحُ بالدِيَم الساكبَهْ
تُنادي عَصَافيرَها الهاربَهْ(51/486)
وفَضْلاتُ قَشٍّ .. وعطْرٌ وجيعٌ
شُحُوبٌ .. شُحوبٌ على مّدِّ عيني
وشَمْسٌ كأُمْنيةٍ خائبَهْ
بيادرُ كانت مع الصيف ملأى
تُنادي عَصَافيرَها الهاربَهْ
وفَضْلاتُ قَشٍّ .. وعطْرٌ وجيعٌ
وصوتُ سُنُونوّةٍ ذاهبَهْ
شُحُوبٌ .. شُحوبٌ على مّدِّ عيني
وشَمْسٌ كأُمْنيةٍ خائبَهْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> خَاتَم الخطبَة
خَاتَم الخطبَة
رقم القصيدة : 68937
-----------------------------------
ويْحَكِ ! في إصْبَعكِ المُخْمَلي
حَمَلتِ جُثْمَانَ الهوى الأوَّلِ
في الخلف .. في جانبه الأَعْزَلِ
قد تخجلُ اللبْوَةُ من صَيْدِها
بائعتي بزائِفاتِ الحُلَى
بخاتمٍ في طَرَفِ الأَنْمُلِ
وبالفراءِ ، الباذخِ ، الأهْدلِ
***
فلا أنا منكِ .. ولا أنتِ لي..
وكلُّ ما قلنا . وما لم نَقُلْ
تَسَاقَطَتْ صرعى على خاتمٍ
***
كيف تآمرتِ على حُبِّنا
جَذْلَى .. وفي مأتم أشواقنا ؟
جَذْلَى .. ونَعْشُ الحبِّ لم يُقْفَلِ؟
يرصُدني كالقَدَر المُنْزَلِ
يُخبرني أنَّ زمانَ الشَذّا
***
ماذا تمنَّيتِ ولم أفْعَلِ؟
نَصَبْتُ فوق النجم أُرجوحتي
وبيتُنا الموعُودُ .. عمَّرتُهُ
من زَهَرَاتِ اللوزِ ، كي تنزِلي
ورداً على الشُرْفةِ .. والمدخلِ
أَرقُبُ أن تأتي كما يرقبُ
***
صدفتِ عنّي .. حينَ ألْفَيْتِني
أَبْني بُيُوتي في السَحَابِ القصي
جواهرٌ تكمُنُ في جَبْهَتي
أثمنُ من لؤلؤكِ المُرْسَلِ
سبيّةَ الدينار ، سيرى إلى
شاريكِ بالنقودِ .. والمُخْمَلِ
اليدِ التي عَبَدْتُها .. مَقْتَلي !!
من زَهَرَاتِ اللوزِ ، كي تنزِلي
قَلَعْتُ أهدابي .. وسوّرتُهُ
ورداً على الشُرْفةِ .. والمدخلِ
أَرقُبُ أن تأتي كما يرقبُ
الراعي طلوعَ الأَخضَرِ المقبِلِ..
***
صدفتِ عنّي .. حينَ ألْفَيْتِني
تجارتي الفِكْرُ .. ولا مالَ لي
أَبْني بُيُوتي في السَحَابِ القصي
فيكتسي الصباحُ من مِغْزَلي
جواهرٌ تكمُنُ في جَبْهَتي
أثمنُ من لؤلؤكِ المُرْسَلِ
***
سبيّةَ الدينار ، سيرى إلى(51/487)
شاريكِ بالنقودِ .. والمُخْمَلِ
لم أَتَصَوَّرْ أن يكونَ على
اليدِ التي عَبَدْتُها .. مَقْتَلي !!
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> سَمفُونيّة على الرّصيف
سَمفُونيّة على الرّصيف
رقم القصيدة : 68938
-----------------------------------
سِيري .. ففي سَاقَيكِ نَهْرَ أغاني
أَطرى من الحِجَازِ .. والأصبَهَاني
يغزلها هناكَ .. قَوْسا كَمَانِ
أنا هُنا .. مُتَابعٌ نَغْمَةً
أنا هُنا .. و في يدي ثَرْوَةٌ
عيناكِ .. والليلُ .. وصوتُ البِيانِ
ودَمِّري حولي حدودَ الثواني
وأبْحِرِي في جُرْح جُرْحي .. أنا
***
اليومَ .. أصْبَحْنَا على ضَجَّةٍ
قيلَ اختفتْ أطْوَلُ صَفْصَافَةٍ
أطْوَلُ ما في السَفْح من خيزُرانِ
سارقةَ اللَّبْلابِ والأقحوانِ
وهَاجَرتْ مع الحرير اليَمَاني
وودَّعتْ تاريخَ تاريخها
وداعبتْ نَهْداً كأُلْعُوبةٍ
تصيحُ إنْ دغدغها إِصْبَعان..
وما لدى ربّيَ من عُنفُوانِ
مدينتي ! لم يبقَ شيءٌ هُنا
***
سِيري .. فإني لم أزلْ مُنْصِتاً
نحنُ انْسِجَامٌ كاملٌ .. واصِلِي
عَزْفكِ .. ما أروعَ صوتَ البِيانِ
وداعبتْ نَهْداً كأُلْعُوبةٍ
تصيحُ إنْ دغدغها إِصْبَعان..
نَهْداً لَجُوجاً فيه تيهُ الذُرى
وما لدى ربّيَ من عُنفُوانِ
مدينتي ! لم يبقَ شيءٌ هُنا
لم ينتفضْ ، لم يرتعشْ من حَنَانِ
***
سِيري .. فإني لم أزلْ مُنْصِتاً
لِقِصَّةٍ تكتُبُها فُلَّتَانِ ..
نحنُ انْسِجَامٌ كاملٌ .. واصِلِي
عَزْفكِ .. ما أروعَ صوتَ البِيانِ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إلى مُصْطَافة
إلى مُصْطَافة
رقم القصيدة : 68939
-----------------------------------
أأنتِ على المُنْحَنى تقعدينْ؟
لها رئتي هذه القاعدَهْ..
لننهبَ داليةً راقِدَهْ..
لنسرقَ تيناً من الحقل فَجَّاً
لأفرطَ حَبَّاتِ تُوتِ السياج
وأُطْعِمَ حَلْمَتَكِ الناهدَهْ
لأغسِلَ رجليْكِ يا طفلتي
بماءِ ينابيعها الباردَهْ
سَمَاويّةَ العَيْن .. مُصْطَافتي(51/488)
على كَتِف القرية الساجدَهْ
وفي مَرَح العَنْزَة الصاعدهْ
وفي زُمَر السَرْو والسنديانِ
وفي مقطعٍ من أغاني جبالي
***
صديقةُ . إن العصافيرَ عادتْ
أًُحبُّكِ أنقى من الثلج قلباً
وأطهرَ من سُبْحة العابدَهْ
كما احتملتْ طفلَها الوالدَهْ
أُحبُّكِ .. زوبعةً من شبابٍ
جُمُوعُ السُنُونُو على الأفق لاحَتْ
فَلُوحي .. ولو مرةً واحدهْ..
***
صديقةُ . إن العصافيرَ عادتْ
لتنقرَ من جُعْبة الحاصدَهْ
أًُحبُّكِ أنقى من الثلج قلباً
وأطهرَ من سُبْحة العابدَهْ
حملتِ اندفاعةَ هذا الصبيِّ
كما احتملتْ طفلَها الوالدَهْ
أُحبُّكِ .. زوبعةً من شبابٍ
بعشرينَ لا تعرفُ العاقبَهْ
جُمُوعُ السُنُونُو على الأفق لاحَتْ
فَلُوحي .. ولو مرةً واحدهْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> رَافِعَة النَهْد
رَافِعَة النَهْد
رقم القصيدة : 68940
-----------------------------------
تَزْلقُ فوق رَبْوَتَي لذَةٍ
ناعمةٌ .. دارتْ على ناعِمِ
واهمةٌ مثلُ غدي الواهِمِ
تنشقُ من مزرعتيْ زَنْبَقٍ
تُؤويهِمَا .. تَحميهِمَا من أذىً
من الهوى .. من الشِتا الهاجِمِ
كي يهنأ .. في المخبأ الحالمِ
وتُطْعِمُ الإثْنَيْنِ .. من قلبها
تداعبُ الواحدَ .. إمَّا صَحَا
وتُسْدِلُ السِتْرَ على النائمِ
رافعةَ النَهْدِ .. أََحِيطي بهِ
كُوني لهُ أحْنَى من الخاتَمِ
فَخَفِّفي من قيدكِ الظالمِ ..
هذا الذي بالغتِ في ضَمِّهِ
***
رافعةَ النَهْدِ .. أََحِيطي بهِ
كُوني لهُ أحْنَى من الخاتَمِ
قد يَجْرَحُ الدنْتيلُ إحسَاسَهُ
فَخَفِّفي من قيدكِ الظالمِ ..
هذا الذي بالغتِ في ضَمِّهِ
أثمنُ ما أُخرِجَ للعالَمِ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إلى عصفورةٍ سويسرية
إلى عصفورةٍ سويسرية
رقم القصيدة : 68941
-----------------------------------
أَصَديقتي : إن الكتابة لَعْنَةٌ
فانجي بنفسكِ من جحيم زلازِلي
فكَّرتُ أنَّ دفاتري هي ملجأي
ثم اكتشفتُ أنَّ هواكِ يُنْهي غُرْبتي(51/489)
فمررتِ مثلَ الماء بين أناملي
بشِّرتُ في دين الهوى .. لكنّهمْ
في لحظةٍ ، قتلوا جميعَ بلابِلي
لا فرقَ في مُدُنِ الغُبارِ .. صديقتي
ما بينَ صورة شاعرٍ .. ومُقَاوِلِ ..
*
يا ربِّ : إنَّ لكلِّ جُرْحٍ ساحلاً
وأنا جراحاتي بغير سواحِلِ ..
كلُّ المنافي لا تُبدِّدُ وحشَتي
ما دامَ منفايَ الكبيرُ .. بداخلي .
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> على القائمة السوداء
على القائمة السوداء
رقم القصيدة : 68942
-----------------------------------
في خانةِ المهْنَةِ من جَوَازي
عبارةٌ صغيرةٌ صغيرَهْ
تقولُ:
إنّي (كاتبٌ وشاعرْ).
في اللحظة الأولى ، اعتقدتُ أنَّها
عبارةٌ سحريةٌ
ستفتحُ الأبوابَ في طريقي
وتجعلُ الحُرَّاسَ يسجدونَ لي
وتُسْكِرُ الضبّاطَ والعساكرْ...
*
ثم اكتشفتُ أنها فضيحتي الكبيرَهْ
وتُهْمَتي الخطيرَهْ..
وأنَّها السيفُ الذي يطولُ رأسي
كلّما أردتُ أن أسافرْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> البوّابة
البوّابة
رقم القصيدة : 68943
-----------------------------------
إن رَفَعَ السلطانُ سيفَ القَهْرْ
رميتُ نفسي في دَوَاةِ الحِبرْ
أو أَمَر السيَّافَ أن يقتلَني
خرجتُ من بوَّابةٍ سِرِّيَّةٍ
تمرُّ من تحت أساسِ القَصرْ
هناكَ دوماً مَخْرَجٌ
من بطْشِ فِرْعَونٍ .. يُسمَّى الشِّعْرْ ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لماذا أكتب؟
لماذا أكتب؟
رقم القصيدة : 68944
-----------------------------------
أَكْتُبُ..
كيْ أُفَجِّرَ الأشياءَ ، والكتابةُ انفجارْ
أكْتُبُ..
كي ينتصرَ الضوءُ على العُتْمَةِ،
والقصيدةُ انتصارْ..
أكْتُبُ..
كي تقرأَني سنابلُ القمحِ،
وكي تقرأَني الأشجارْ
كي تفْهَمَني الوردةُ، والنجمةُ، والعصفورُ،
والقِطَّةُ، والأسماكُ، والأصْدَافُ، والمَحَارْ..
*
أكْتُبُ..
حتى أُنقذَ العالمَ من أضْرَاسِ هُولاكو.
ومن حُكْم الميليشْيَاتِ،
ومن جُنُون قائد العصابَهْ
أكتُبُ..(51/490)
حتى أُنقذَ النساءَ من أقبية الطُغَاةِ
من مدائن الأمواتِ،
من تعدّد الزوجاتِ،
من تَشَابُه الأيام،
والصقيعِ، والرتابَهْ
أكتُبُ..
حتى أُنقذَ الكِلْمَةَ من محاكم التفتيشِ..
من شَمْشَمَة الكلابِ،
من مشانقِ الرقابَهْ..
*
أكتُبُ.. كي أنقذَ من أُحبُّها
من مُدُنِ اللاشِعْرِ، واللاحُبِّ، والإحباطِ، والكآبَهْ
أكتبُ.. كي أجعلها رَسُولةً
أكتبُ.. كي أجعلَها أيْقُونةً
أكتبُ.. كي أجعلَها سحابَهْ
*
لا شيءَ يحمينا من الموتِ،
سوى المرأةِ.. والكتابَهْ...
سوى المرأةِ.. والكتابَهْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> التلاميذ يعتصمون في بيت الخليل بن أحمد الفراهيدي
التلاميذ يعتصمون في بيت الخليل بن أحمد الفراهيدي
رقم القصيدة : 68945
-----------------------------------
1
أخرجُ نحو البحرْ
أرتكبُ الخيانةَ العظمي التي
يُقالُ عنها: الشِعْرْ
أنتزعُ الأشكَالَ من أشكَالها
أزَعْزعُ الأشياءَ من مكانِها
أَزْرَعُ سِكّيني بصدر العصرْ..
أُمارسُ العشْقَ على طريقتي
في الجَهْرِ، لا في السّْر
أَفْعَلُهُ تحت المَطَرْْ
أفعله تحت الشجرْ
أفعلُهُ على حَجَرْ..
مُخْتَرقاً كلَّ الخطوطِ الحُمْرْ..
أرتكبُ الشِعْرَ .. ولا يهمُّني
إنْ قيلَ هذا بِدْعَةٌ
أو قيلَ هذا كُفْرْ
فلا أريدُ العَفْوَ من خليفةٍ
أو من طويل العمرْ
ولستُ أنوي..
حَذْفَ بيتٍ واحدٍ كتبتُهُ
إنْ جاءَ يومُ الحشرْ..
*
أرتكبُ القصيدةَ الكثيرةَ الخطايا
أرتكبُ القصيدةَ العظيمةَ الذُنُوبْ
أودّعُ النصَّ الذي يخترعُ الدُرُوبْ..
وأكرهُ الشمس التي تطلع في موعدها
وأعشقُ الشمسَ التي تطلع دون موعدٍ
من شفة المحبوبْ..
*
أُقلِّدُ الشعرَ الذي يكتبهُ الأطفالْْ
وأرسمُ القصيدةَ - الأرنبَ، والقصيدةَ - الغزالْ
وأرسُمُ القصيدةَ - النحلةَ،
والقصيدةَ - البطَّةَ،
والقصيدةََ - الطاووسَ،
والقصيدةَ السنجابَ،
والقصيدةَ الزرقاءَ كالهلالْ
وأرسمُ القصيدةَ - الإعصارَ،
والقصيدةَ - الزلزالْ،(51/491)
أُحوّلُ الأرضَ إلى فراشةٍ جميلةٍ
أُحوّل الدنيا إلى سؤالْ...
*
أرتكبُ القصيدةَ المغامِرَهْ
واللغةَ المغامِرهْ
والصُوَرَ المغامِرَهْ
ألهثُ فوق الورق الأبيض كالمجنونْ
أشربُ ضوءَ القمرِ الطالعِ من حدائق العيونْ
أدخُلُ في رائحة النَعْنَاعِ،
في كثافةِ السُمَّاقِ،
في تجمّّع المياه تحت الأرضِ،
في حرائق العقيق،
في توجُّع الليمونْ..
أرتكبُ الموتَ على نَهْدينِ طائشْينِ
يجهلانِ، ما هو القانونْ؟؟
*
أرتكبُ النبيذ..
والأريكةَ الخضراءَ..
والدشْدَاشَةَ المصريّةَ النُقُوشِ..
والقُرْطَ العراقيَّ الذي
يَسْرحُ كالغزال فوق عُنْقِكِ الطويلِ ،
والخلخالَ في الساقيْنِ..
والعطرَ الخرافيَّ الذي يخترقُ الأعماق كالسكّينِ،
والخَصْرَ الذي تحسبُهُ حقيقةَ
ثم إذا تمسّكتَ به،
يغيبُ كالظنونْ..
*
أصرخ تحت المَطَرِ الأسْوَدِ في عينيكِ..
كالمجنونْ..
أرحلْ من مرافئ الشِعْر الذي كانَ
إلى مرافئ الشِعْرِ الذي يكونْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> من يوميَّات كلبٍ مُثقّف
من يوميَّات كلبٍ مُثقّف
رقم القصيدة : 68946
-----------------------------------
مولايَ:
لا أريدُ منكَ ياقوتاً.. ولا ذَهَبْ
ولا أريدُ منكَ أن تُلْبِسَني
الديباجَ والقَصَب
كلُّ الذي أرجوهُ أن تَسْمَعَني
لأنني أنقلُ في قصائدي إليكْ
جميعَ أصواتِ العرب
جميعَ لَعْناتِ العَرَبْ..
*
إن كنتَ -يا مولايَ-
لا تُحِبُّ الشعرَ والصُداحْ
فقلْ لسيَّافكَ أن يمنَحني
حُرّيةَ النِبَاح...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> السمفونيةُ الجنوبيةُ الخامسة
السمفونيةُ الجنوبيةُ الخامسة
رقم القصيدة : 68947
-----------------------------------
1
سَمَّيْتُكَ الجَنوبْ
يالابساً عَبَاءَةَ الحُسَينْ
وشَمسَ كَرْبَلاءْ
يا شَجَر الوردِ الذي يحترفُ الفداءْ
يا ثورةَ الأرض الْتَقَتْ بثورة السماءْ
يا جَسَداً يطلعُ من ترابهِ
قَمْحٌ.. وأنبياءْ.
إسمَحْ لنا...(51/492)
بأنْ نَبُوسَ السيفَ في يَدَيْكْ
إسمحْ لنا..
أن نعبدَ اللهَ الذي يُطلُّ من عينيكْ
يا أيُّها المغسولُ في دمائه كالوردةِ الجُوريَّهْ
أنتَ الذي أعطيتَنَا شهادةَ الميلادْ
ووردةَ الحريَّهْ..
سمَّيتُكَ الجَنُوبْ
يا قَكَر الحُزْن الذي يطلعُ ليلاً من عُيُون فاطِمَه.
يا سُفُنَ الصَيْد التي تحترفُ المُقَاوَمَهْْ..
يا سَمَك البحر الذي يحترفُ المُقَاوَمَهْ..
يا كُتُبَ الشعر التي تحترفُ المُقَاوَمَهْ..
يا ضِفْدَعَ النهر الذي
يقرأُ طولَ الليل سُورَةَ المُقَاوَمَهْ..
يا ركْوَةَ القَهوَةِ فوقَ الفَحْمِ،
يا أيَّامَ عاشُوراءَ،
يا شَرَابَ ماءِ الزَهْر في صيدا،
ويا مآذنَ اللهِ التي تدعُو إلى المقاومَه
يا سَهَراتِ الزَجَل الشعبيِّ،
يا لَعلَعَةَ الرَصَاص في الأعراسِ،
يا زَغْرَدَةَ النساءِ،
يا جرائدَ الحائط،
يا فصائلَ النمل التي
تُهرِّبُ السلاحَ للمُقاوَمَه...
3
يا من يُصلّي الفجرَ في حقلٍ من الألغامْ
لا تنتظرْ من عرب اليوم سوى الكلامْ...
لا تنتظرْ منهم سوى رَسَائل الغَرَامْ
لا تلتفِتْ إلى الوراء يا سيّدَنا الإمامْ
فليس في الوراء غيرُ الجهل والظلام
وليس في الوراء غيرُ الطين والسُخَامْ
وليس في الوراء إلا مُدُنُ الطُرُوحِ والأقزَامْ
حيثُ الغنيُّ يأكلُ الفقيرْ
حيثُ الكبيرُ يأكلُ الصغيرْ
حيثُ النظامُ يأكلُ النظامْ..
4
سَمَّيتُكَ الجَنُوبْ
سَمَّيتُكَ الحُنَّاءَ في أصابع العرائسْ
سَمَّيتُكَ الشِعْرَ البطوليَّ الذي
يحفظهُ الأطفالُ في المدارسْ
سَمَّيتُكَ الأقلامَ، والدفاترَ الورديَّهْ
سَمَّيتكَ الرصاصَ في أزقّة (النَبْطِيَّهْ)
سَمَّيتُكَ الصيفَ الذي تحملُهُ
في ريشها الحَمَامَهْ..
5
سمَّيتُكَ الجَنُوبْ
سمَّيتُكَ المياهَ والسنابلْ
ونَجْمَةَ الغروبْ
سَمَّتُكَ الفجرَ الذي ينتظرُ الولادَهْ
والجَسَدَ المشتاقَ للشهادَهْ
يا آخرَ المدافعينَ عن ثرى طروادَهْ
سَمَّيتُكَ الثورةَ، والدهْشَةَ، والتغييرْ(51/493)
سَمَّيتُكَ النقيَّ، والتقيَّ، والعزيزَ، والقديرْ
سَمَّيتُكَ الكبيرَ أيُّها الكبيرْ
سَمَّيتُكَ الجَنُوب..
6
سمَّيتُكَ الجَنُوب
سمَّيتُكَ النوارسَ البيضاءَ، والزوارقْ
سَمَّيتُكَ الأطفالَ يلعبونَ بالزنابقْْ
سمَّيتُكَ القصيدةَ الزرقاءْ
سمَّيتُكَ البَرْقَ الذي بناره تشتعلُ الأشياءْ
سمَّيتُكَ المسدَّسَ المخبوءَ في ضفائر النساءْ
سمّيتُكَ الموتى الذينَ بعد أن يُشيَّعُوا
يأتونَ للعشاءْ..
ويَستَريحُونَ إلى فراشهمْ
ويطمئنّونَ على أطفالهمْ
وحين يأتي الفجرُ، يرجعونَ للسَمَاءْ..
7
سَمَّيتُكَ الجنوبْ
يا أيُّها الطالعُ مثلَ العُشْب من دفاتر الأيَّامْ
يا أيُّها المسافرُ القديمُ فوق الشوكِ والآلامْ
يا أيُّها المُضِيءُ كالنَجْمَة، والساطعُ كالحُسَامْ
لولاكَ كنّا نتعاطى عَلَناً
حَشِيشَةَ الأحلامْ
إسْمَحْ لنا بأن نبوسَ السيفَ في يَدَيْكْ
إسْمَحْ لنا أن نجمعَ الغُبَارَ عن نَعْلَيكْ
لو لَمْ تجيءْ يا سيّدي الإمامْ
كُنَّا أمامَ القائد العِبْريِّ
مذبوحينَ كالأغنامْ...
8
يا سيِّدَ الأمطار والمواسمْ
يا ثورةً شعبيّةً تحملُ في أحشائها التوائِمْ
سَمَّيتُكَ الحُبَّ الذي يَسْكُنُ في الخواتمْ
سَمَّيتُكَ العطرَ الذي يسكُنُ في البراعِمْ
سَمَّيتُكَ السُنُونُو
يا سيّدَ الأسيادِ، يا مَلْحَمَة الملاحِم.
9
البحرُ نصٌّ أزرقٌ يكتُبُهُ عَليّ
ومَرْيمٌ تجلسُ فوقَ الرمل كلَّ ليلةٍ
تنتظرُ المهديّْ.
وتقطفُ الوردَ الذي يطلع من أصابع الضَحَايا
وزينبٌ تُخَبّئُ السلاحَ في قَمِيصِها
وتَجْمَعُ الشَظَايا
يقطُنُونَ داخلَ المرايا..
10
فاطمةٌ تَجيءُ من صُورٍ، وفي ثيابها
رائحةُ النَعْنَاع والليمونْ
فاطمةٌ تجيئُني، وشَعْرُها
يُشْبِهُ هذا الزَمَنَ المجنونْ
فَاطمةٌ تأتي.. وفي عُيُونها
خَيْلٌ، وراياتٌ، وثائرونْ
هل الحروبُ يا تُرى..
11
سيذكُرُ التاريخُ يوماً قريةً صغيرةً
بين قُرى الجنوبِ،
تُدعَى (مَعْرَكَهْ).
قد دافعتْ بصدرها(51/494)
عن شَرَف الأرض، وعن كرامة العُرُوبَهْ
وحَوْلَها قبائلٌ جَبَانةٌ
وأُمَّةٌ مُفَكَّكَهْ...
12
مِنْ بحرها..
يخرجُ آلُ البيت كلَّ ليلةٍ
كأنّهمْ أشجارُ بُرْتُقَالْ
مِنْ بحر صورٍ..
يطلعُ الخنجرُ، والوردةُ، والموَّالْ،
ويطلعُ الأبطالْ..
13
سَمَّيتُكَ الجَنُوبْ
وضِحكَةَ الشمس على مَرَايل الأولادْ
يا أيُّها القدّيسُ، والشاعرُ، والشهيدْ
يا أيُّها المَسْكونُ بالجديدْ
يا طَلْقَةَ الرصاصِ في جبين أهل الكَهْفْ
ويا نَبيَّ العُنْفْ..
ويا الذي أطْلَقَنا من أسْرِنا
ويا الذي حرَّرنا من خَوْفْ.
14
يا أيُّها المُهْرُ الذي يصهلُ في بَرِيّة الغَضَبْ
إيَّاكَ أن تقرأ حرفاً من كتابات العَرَبْ
فحربُهُمْ إشاعةٌ..
وسيفُهُمْ خَشَبْ..
وعشقهمْ خيانةٌ
ووعْدُهُمْ كَذِبْ
إياكَ أن تسمع حرفاً من خطابات العَرَبْ
فكلُّها نَحْوٌ.. وصَرْفٌ، وأَدَبْ
وكلُّها أضغاثُ أحلامٍ، وَوَصْلاتُ طَرَبْ
لا تَسْتَغِثْ بمازنِ، أو وائلٍ، أو تَغْلبٍ
قومٌ إسْمُهُمْ عَرَبْ!!.
15
يا سيِّدي : يا سيّدَ الأحرارْ:
لم يبقَ إلا أنتْ.
في زَمَن السُقُوط والدَمَارْ
في زمن التراجُع الثوريِّ..
والتراجع القوميِّ،
والتراجُعِ الفكريِّ،
واللصوصِ والتُجَّارْ
في زمن الفَرارْْ..
الكلماتُ أصبحتْ، يا سيّدي الجنوب،
للبيع والإيجارْ
والمُفْرَداتُ يشتغلنَ راقصاتٍ
في بلاد النفطِ.. والدولارْ..
تسيرُ فوقَ الشوكِ والزُجاجْ
والإخوةُ الكرامُ..
نائمونَ فوقَ البَيْضِ، كالدَّجاجْ
وفي زمان الحرب، يهرُبُونَ كالدَّجَاجْ
يا سيّدي الجنوبْ:
في مُدُن الملح التي يسكنُها الطاعونُ والغُبَارْ
في مُدُن الموت التي تخافُ أن تزورَها الأمطارْ
لم يبقَ إلا أنتْ..
تزرعُ في حياتنا النخيلَ، والأعنابَ، والأقمارْ
لم يبقَ إلا أنتَ.. إلا أنتَ.. إلا أنتْ
فافتَحْ لنا بوَّابَةَ النَهَارْ...
والمُفْرَداتُ يشتغلنَ راقصاتٍ
في بلاد النفطِ.. والدولارْ..
لم يبقَ إلا أنتْ
تسيرُ فوقَ الشوكِ والزُجاجْ(51/495)
والإخوةُ الكرامُ..
نائمونَ فوقَ البَيْضِ، كالدَّجاجْ
وفي زمان الحرب، يهرُبُونَ كالدَّجَاجْ
يا سيّدي الجنوبْ:
في مُدُن الملح التي يسكنُها الطاعونُ والغُبَارْ
في مُدُن الموت التي تخافُ أن تزورَها الأمطارْ
لم يبقَ إلا أنتْ..
تزرعُ في حياتنا النخيلَ، والأعنابَ، والأقمارْ
لم يبقَ إلا أنتَ.. إلا أنتَ.. إلا أنتْ
فافتَحْ لنا بوَّابَةَ النَهَارْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> آخر عصفورٍ يخرج من غرناطة
آخر عصفورٍ يخرج من غرناطة
رقم القصيدة : 68948
-----------------------------------
1
عَيْنَاكِ.. آخِرُ مركبيْن يُسافرانِ
فهل هنالكَ من مكانْ؟
إنّي تعبتُ من التسكّعِ في محطّاتِ الجنونِ
وما وصلتُ إلى مكانْ..
عَيْنَاكِ آخرُ فرصتين مُتاحَتَيْنِ
لمَنْ يفكّرُ بالهروب..
وأنا.. أفكّرُ بالهروبْ..
عَيْنَاكِ آخرُ ما تبقَّى من عصافير الجنوبْ
عَيْنَاكِ آخرُ ما تبقّى من حشيش البحرِ،
آخرُ ما تبقّى من حُقُول التَبْغِ،
آخرُ ما تبقّى من دُمُوع الأُقحوانْ
عيناكِ.. آخرُ زَفَّةٍ شعبيّةٍ تجري
وآخرُ مهرجانْ..
آخرُ ما تبقّى من مكاتيب الغَرَامْ
ويَدَاكِ.. آخرُ دفتريْنِ من الحرير..
عليهما..
سَجَّلتُ أحلى ما لديَّ من الكلامْ
العِشْقُ يكويني، كلوح التُوتياءِ،
ولا أذُوبْ..
والشعرُ يطعنُني بخنجرِهِ..
وأرفضُ أن أَتُوبْ..
إنّي أُحِبّكِ..
ظلّي معي..
ويبقى وجهُ فاطمةٍ
يُحلّق كالحمامةِ تحت أضواء الغروبْ
ظلّي معي.. فلربّما يأتي الحسينُ
وفي عباءته الحمائمُ، والمباخرُ، والطيوبْ
ووراءَهُ تمشي المآذنُ، والرُبى
وجميعُ ثوّار الجنوبْ..
3
عَيْنَاكِ آخرُ ساحليْنِ من البَنَفْسَجِ
فكرتُ أن الشعرَ يُنْقذُني..
ولكنَّ القصائدَ أغْرَقَتْني..
ولكنَّ النساءَ تقاسَمَتْني..
أحبيبتي:
أعجوبةٌ أن ألتقي امرأةً بهذا الليلِ،
ترضى أن تُرافِقَني..
أُعجوبةٌ أن يكتبَ الشعراءُ في هذا الزمانْ.
أُعجوبةٌ أنّ القصيدةَ لا تزالُ(51/496)
تمرُّ من بين الحَرَائقِ والدُخَانْ
تنطُّ من فوق الحواجزِ، والمخافرِ، والهزائمِ،
كالحصانْ
أُعجوبةٌ.. أنّ الكتابة لا تزالُ..
برغم شَمْشَمَة الكلابِ..
ورغْمَ أقبية المباحثِ،
مصدراً للعُنْفُوانْ...
4
الماءُ في عينيْكِ زيتيٌّ..
رَمَاديٌّ..
نبيذيٌّ..
وأنا على سطح السفينةِ،
مثلَ عُصْفُورٍ يتيمٍ
لا يفكّرُ بالرجوع..
بيروتُ أرملةُ العروبةِ
والطَوَائِفِ،
والجريمةِ، والجُنُونْ..
بيروتَ تُذْبَحُ في سرير زفافها
والناسُ حول سريرها متفرّجونْ
بيروتُ..
تَنْزِفُ كالدَجَاجَة في الطريقِ،
فأينَ فرَّ العاشقونْ؟
بيروتُ تبحثُ عن حقيقتِها،
وتبحثُ عن قبيلتِها..
وتبحثُ عن أقاربها..
ولكنَّ الجميعَ منافقُونْْ..
5
عَيْْنَاكِ.. آخرُ رحلةٍ ليليّةٍ
وحقائبي في الأرض تنتظرُ الهبوبْ
تَتَوسَّلُ الأشجارُ باكيةً لآخذَها معي
أرأيتُمُ شجراً يفكّرُ بالهروبْ؟
والخيانةِ، والذنوبْ..
هذا هو الزمنُ الذي فيه الثقافةُ،
والكتابةُ،
والكرامةُ،
والرُجُولةُ في غُروبْ
ودَفَاتري ملأى بآلاف الثُقُوبْ..
النَفْطُ يستلقي سعيداً تحت أشجار النُعَاسِ،
وبين أثداء الحريمْ..
هذا الذي قد جاءنا
بثيابِ شَيْطَانٍ رجيمْ...
النَفْطُ هذا السائلُ المَنَويُّ..
لا القوميُّ..
لا الشعبيُّ
هذا الأرنبُ المهزومُ في كلِّ الحروبْْ
النَفْْطُ مَشْروبُ الأَبَاطِرة الكبارِ،
وليسَ مَشْروبَ الشعوب..
كيف الدخولُ إلى القصيدة يا تُرى؟
والنَفْطُ يَشْري
ألفَ مُنْتَجٍ (بماربيَّا)...
ويَشْري نصفَ باريسٍ..
ويَشْري نصفَ ما في (نيسَ) من شمسٍ وأجسادٍ..
ويَشْري ألفَ يَخْتٍ في بحار اللهِ..
يَشْري ألفَ إمرأةٍ بإذْنِ اللهِ..
لا يشتري سَيْفاً لتحرير الجنوبْ..
7
عَيْنَاكِ.. آخرُ ما تبقَّى من شُتُول النَخْلِ
في وطَني الحزينْ.
وهواكِ أجملُ ثورةٍ بَيْضَاءَ..
تُعْلَنُ من ملايين السنينْ
كُوني معي امرأةً..
كُوني معي شَعْراً
يُسافرُ دائماً عكْسَ الرياحْ..
كُوني معي جِنّيةً(51/497)
لا يبلغُ العشّاقُ ذَروَةَ عِشقهمْ
إلا إذا التحقوا بصفّ الغاضبينْ..
أحبيبتي:
إنّي لأعلنُ أنّ ما في الأرض من عِنَبٍ وتينْ
حقٌّ لكلِّ المُعْدَمينْ
وبأنَّ كلَّ الشِعْرِ .. كلَّ النثرِ..
كلَّ الكُحْلِ في العينيْنِ..
كلَّ اللؤلؤِ المخبوءِ في النهدينِ..
حقٌّ لكل الحالمينْ..
كُوني معي..
ولسوفَ أُعلنُ أن شمسَ اللهِ،
ولسوفَ أُعلنُ دونما حَرَجٍ
بأنَّ الشِعْرَ أقوى من جميع الحاكمينْ...
حقٌّ لكلِّ المُعْدَمينْ
وبأنَّ كلَّ الشِعْرِ .. كلَّ النثرِ..
كلَّ الكُحْلِ في العينيْنِ..
كلَّ اللؤلؤِ المخبوءِ في النهدينِ..
كلَّ العشب، كلَّ الياسمينْ
حقٌّ لكل الحالمينْ..
كُوني معي..
ولسوفَ أُعلنُ أن شمسَ اللهِ،
ولسوفَ أُعلنُ دونما حَرَجٍ
بأنَّ الشِعْرَ أقوى من جميع الحاكمينْ...
حقٌّ لكلِّ المُعْدَمينْ
وبأنَّ كلَّ الشِعْرِ .. كلَّ النثرِ..
كلَّ الكُحْلِ في العينيْنِ..
كلَّ اللؤلؤِ المخبوءِ في النهدينِ..
كلَّ العشب، كلَّ الياسمينْ
حقٌّ لكل الحالمينْ..
كُوني معي..
ولسوفَ أُعلنُ أن شمسَ اللهِ،
تُشْبهُ في استدارتها رغيفَ الجائعينْ
ولسوفَ أُعلنُ دونما حَرَجٍ
بأنَّ الشِعْرَ أقوى من جميع الحاكمينْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> التأشيرة
التأشيرة
رقم القصيدة : 68949
-----------------------------------
1
في مركزٍ للأمن في إحدى البلاد الناميَه
وقفتُ عند نقطة التفتيشِ،
ما كان معي شيءٌ سوى أحزانيَهْ
كانت بلادي بعد ميلٍ واحدٍ
وكان قلبي في ضلوعي راقصاً
كأنه حَمَامةٌ مشتاقةٌ للساقيَهْ.
يحلُمُ بالأرض التي لعبتُ في حقولها
وأطْعَمَتْني قَمحَها، ولوزَها، وتينَها
وأرْضَعَتْني العافيَهْ..
*
وَقَفتُ في الطابورِ،
كانَ الناسُ يأكلونَ اللُّبَّ.. والتُرْمُسَ..
كانوا يطرحونَ البولَ مثل الماشيَهْ
من عهد فِرْعَونٍ.. إلى أيّامنا
هناكَ دوماً حاكمٌ بأمرِه
وأمّةٌ تبولُ فوق نَفْسِها كالماشيَهْ..
2(51/498)
وليس في الكونغُو.. ولا تانْزَانيا
الشمسُ كانت تلبسُ الكاكيَّ،
والأشجارُ كانت تلبسُ الكاكيَّ،
والوردةُ كانت تلبسُ الملابسَ المرقَّطَهْ..
كان هناك الخوفُ من أمامِنا
والخوفُ من ورائِنا
وضابطٌ مُدجَّجٌ بخمسِ نَجْماتٍ.. وبالكَراهيَهْ
يجرُّنا من خلفه كأننا غَنَمْ
مِنْ يومِ قابيلَ إلى أيّامنا
كان هنَاكَ قاتلٌ محترفٌ
وأمَّةٌ تُسْلخُ مثل الماشيَهْ...
3
في مركز العذاب، حيثُ الشمسُ لا تَدُورْ..
وحيثُ لا يبقى من الإنسان غيرُ الليفِ والقُشُورْ
يمتدُّ خطٌّ أحمرٌ..
ما بينَ برلينْينِ، بيروتيْنِ، صَنْعَائيْنِ،
مَكَّتيْنِ، مُصْحَفَيْنِ، قِبْلَتَيْنِ،
مَذْهَبَيْنِ،
لَهْجَتَيْنِ،
حَارَتَيْنِ،
شَارتيْ مرورْ..
الرُعْبُ كان سيّدَ الفُصُولْ
والأرضُ كانتْ تَشْحَذُ الأمطارَ من أيلولْ
ونحنُ كنّا نَشْحَذُ الأمْرَ الهَمَايُونيَّ بالدخولْ..
واعجبي...
أَكُلَّما استقلَّ شعبٌ من شعوب آسيا
يَسُوقُهُ أبطالُهُ للذَبْحِ مثلَ الماشيَهْ؟؟
4
أين أنا؟
كلُّ العلامات تقولُ:
كلُّ الإهانات التي نَسْمعُها
بضاعةٌ قديمةٌ تُنْتِجُها (أعْرابيَا).
كلُّ الدروبِ، كلُّها
تُفضي لسيف الطاغيهْ..
أينَ أنا؟
ما بينَ كُلِّ شارعٍ وشارعٍ..
قامتْ بَلَدْ..
ما بين كلّ حائطٍ وحائطٍ..
قامتْ بَلَدْ..
ما بين كلّ نَخْلَةٍ وظلَّها..
قامت بَلَدْ..
ما بين كُلِّ امرأةٍ وطفلِها..
قامتْ بَلَدْ..
يا خالقي: يا راسمَ الأُفقِ ، ويا مُهَنْدسَ السماءْ
هل ذلكَ الثُقْبُ الذي ليس يُرى
هو البَلَدْ؟؟؟
5
في مركز الجُنُونِ ، والصُداعِ، والسُعَالِ، والبَلْهَارْسيَا
وقفتُ شهراً كاملاً
وقفتُ عاماً كاملاً
أمامَ أبواب زعيم المَافيا..
أشْحَذُ منه الإِذْنَ بالمرورْ..
أشحذُ منه مَنْزِلَ الطُفُولَهْ
والوردَ، والزنبقَ، والأَضَاليا
أشْحَذُ منهُ غرفتي
والحبرَ، والأقلامَ ، والطبْشُورْ
قلتُ لنفسي وأنا..
أواجهُ البنادقَ الروسيّة المُخرْطَشَهْ
واعَجَبي .. واعَجَبي..(51/499)
هل أصبحَ الله زعيمَ المافيا؟؟
6
في مركزٍ للخوفِ لا اسمَ لهُ
لكنَّهُ..
يَنْبُتُ مثلَ الفِطْرِ في كلِّ زوايا الباديَهْ
وقفتُ عمراً كاملاً
ووافقوا على دُخُولي وَطَني
عرفتُ أن الوطَنَ الغالي الذي عَشِقْتُهُ
ما عادَ في الجُغْرافيا..
ما عادَ في الجُغْرَافيا...
ما عاد في الجُغْرَافيا...
وعندما أصبحتُ شيخاً طاعناً
ووافقوا على دُخُولي وَطَني
عرفتُ أن الوطَنَ الغالي الذي عَشِقْتُهُ
ما عادَ في الجُغْرافيا..
ما عادَ في الجُغْرَافيا...
ما عاد في الجُغْرَافيا...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لماذا يسقطُ مُتْعِبُ بنُ تَعْبَانْ في امتحان حقوق الإنسانْ؟
لماذا يسقطُ مُتْعِبُ بنُ تَعْبَانْ في امتحان حقوق الإنسانْ؟
رقم القصيدة : 68950
-----------------------------------
1
مُواطنوانَ.. دُونَما وَطَنْ
مُطَاردُونَ كالعصافير على خرائطِ الزَمَنْ..
مُسَافِرُونَ دُونَ أوراقٍ
ومَوتي دُونما كَفَنْ.
نحنُ بغايا العصرِ.. كلُّ حاكمٍ
يبيعُنا، ويقبضُ الثَمَنْ!!
نحنُ جَوَاري القصرِ، يُرْسِلونَنَا
من حُجرَةٍ لحُجْرَةٍ
من قَبْضةٍ لقَبْضةٍ
من هالِكٍ لمالِكٍ
من وَثَنٍ إلى وَثَنْ
نركضُ كالكلاب كلَّ ليلةٍ
من عَدَنٍ لطَنجَةٍ
من طَنْجَةٍ إلى عَدَنْ
نبحثُ عن قبيلةٍ تَقْبَلُنا
نبحثُ عن عائلةٍ تُعيلُنا
نبحثُ عن ستارةٍ تستُرُنا
وعن سَكَنْ..
وحَولَنا أولادُنا
إحْدَودَبتْ ظهورُهُمْ، وشاخُوا
وهُمْ يُفتّشونَ في المعاجمِ القديمَهْ
عن جَنَّةٍ نضيرةٍ
عن كِذْبَةٍ كبيرةٍ كبيرةٍ..
تُدْعى الوَطَنْ..
*
مُواطنونَ نحنُ في مدائن البُكاءْ
قَهْوتُنا مصنوعةٌ من دمِ كَرْبَلاءْ
حِنْطتُنا معجونةٌ بلحم كَرْبَلاءْ
طعامُنا. شرابُنا
عاداتُنا. راياتُنا
صيامُنا. صَلاتُنا
زُهورُنا. قُبورُنا
جُلُودُنا مَخْتُومةٌ بخَتْم كربلاءْ..
لا أَحَدٌ يعرفُنا في هذه الصحراءْ
لا نَخْلةٌ. لا ناقةٌ.
لا وَتَدٌ.. لا حَجَرٌ
لا هِنْدُ.. لا عَفْرَاءْ(51/500)
أوراقُنا مُريبةٌ
أفكارُنا غريبةٌ
فلا الذين يشربونَ النَفْطَ يعرفُونَنَا
ولا الذين يشربونَ الدمعَ والشقاءْ...
مُعتَقَلُونَ..
داخلَ النصّ الذي يكتُبُهُ حُكَّامُنَا
مُعتَقَلُونَ..
داخلَ الدين كما فَسَّره إمامُنا
مُعتَقَلُونَ..
داخلَ الحُزْن، وأحلى ما بنا أحزانُنَا
مُراقَبون نحنُ في المقهى.. وفي البيتِ..
وفي أرْحَامِ أمَّهاتِنا..
حيثُ تلفَّتْنَا، وجدنا المخبرَ السِريَّ في انتظارِنا
يَشْرَبُ من قهوتنا..
يَنَامُ في فِراشنا..
يَعْبَثُ في بريدِنا
يَنْكُشُ في أوراقنا
يدخُلُ من أنوفِنا
يخرجُ من سُعَالِنا
لسانُنا مَقْطوعْ..
ورأسُنا مَقْطُوعْ..
وخبزُنا مبلَّلٌ بالخوف والدموع..
إذا تظلَّمنا إلى حامي الحِمى
قيل لنا مَمنُوعْ..
وإن تضرَّعنا إلى ربِّ السَمَا
قيلَ لنا: مَمْنوعْ..
وإن هَتَفْنَا:
يا رسولَ الله، كُنْ في عَوْنِنَا
يُعطونَنَا تأشيرةً من غَيْرِ ما رُجُوعْْ
وإن طَلَبنَا قَلَماً
لنكتبَ القصيدةَ الأخيرَهْ
أو نكتبَ الوصيّةَ الأخيرَهْ
قُبَيْلَ أن نَمُوتَ شَنْقَاً
غَيَّروا الموضوعْ..
*
يا وَطَني المصلوبَ فوقَ حائطِ الكراهيَهْ
يا كُرَةَ النار التي تسيرُ نحو الهاوِيَهْ
لا أَحَدٌ من مُضَرٍ.. أو من بني ثَقِيفْ
أعطى لهذا الوطنِ الغارقِ بالنزيفْ
زُجَاجَةً من دمِهِ..
أو بَولِهِ الشريفْ!!
لا أَحَدٌ.. على امتداد هذه العباءة لمُرقَّعَهْ..
أهداكَ يوماً مِعْطَفَاً أو قُبَّعَهْ..
يا وَطَني المكسورَ مثل عشبة الخريفْ..
مُقْتَلَعُونَ نحنُ كالأشجار من مَكَانِنا..
مُهَجَّرونَ من أمانينا، وذكرياتِنَا
عُيونُنا تخافُ من أصواتِنا
حُكَّامُنا آلهةٌ يجري الدمُ الأزْرَقُ في عُرُوقِهِمْ
ونحنُ نَسلُ الجاريَهْ
لا سادةُ الحجاز يعرفُونَنَا..
ولا رَعَاعُ الباديَهْ.
ولا أبو الطيب يَسْتَضِيفُنا..
ولا أبو العتاهيَهْ.
إذا ضحكنا لعليٍّ مرةً..
يقتُلنا مُعاويَهْ..
5
لا أحدٌ يريدُنا
من بحر بيروتَ.. إلى بحر العَرَبْ..(52/1)
لا الفاطميّونَ، ولا القرامِطَهْ.
ولا المماليكُ، ولا البرامكَهْ.
ولا الشياطينُ، ولا الملائكَه.
لا أحدٌ يريدُنا.
في المُدُن التي تقايضُ البترولَ بالنساءِ،
والديارَ بالدولارِ، والتُراثَ بالسُجَّادِ،
والتاريخَ بالقُرُوشِ، والإنسانَ بالذَهبْ.
وشَعْبُها يأكُلُ من نِشَارةِ الخَشَبْ!!
لا أحدٌ يريدُنا..
في مُدن المقاولينَ، والمضَارِبينَ، والمستَورِدينَ،
والمُصدِّرينَ، والمُلمِّعين جَزْمةَ السُلْطَةِ،
والمُثَقّفينَ حسبَ المَنْهَجِ الرسميِّ،
والمُسْتَأجَرينَ كي يَقُولوا الشِعرَ،
والمُقدِّمينَ للأمير عندما يأوي إلى فراشِهِ
قائمةً بأجمل النساءِ..
والموظَّفينَ في بَلاط الجِنْسِ..
والمُهرِّجينَ..
والمُخنَّينَ..
والمُخوِّضينَ في دِمائِنَا حتى الرُكَبْ..
لا أحدٌ يقرؤُنَا
في مُدُن المِلْح التي تَذْبَحُ في العام
ملايينَ الكُتُبْ..
لا أحدٌ يقرؤنا
في مُدُنٍ..
صارتْ بها مباحثُ الدولةِ
عرَّابَ الأدبْ..
6
مُسَافرونَ نحنُ في سفينة الأحزانْ
وشَيْخُنا قُرْصَانْ
مُكوَّمونَ داخلَ الأقفاص كالجُرْذَانْ
لا مرفأٌ يقبلُنا.
لا حانةٌ تقبلُنا.
لا امرأةٌ تقبلُنا.
كلُّ الجوازات التي نحملُها
أصْدَرَهَا الشيطانْ
كلُّ الكتابات التي نكتُبُها.
لا تُعْجِبُ السلطانْ..
مُسَافرونَ خارجَ الزَمَان والمَكَانْ
مُسَافرونَ ضَيَّعوا نقودَهُمْ..
وضَيَّعوا متاعَهُم، وضيَّعوا أبناءَهُمْ،
وضيَّعوا أسماءَهمْ، وضيَّعوا انتماءَهُمْ..
وضيَّعوا الإحساس بالأمانْ
فلا بَنو هاشمَ يعرفونَنَا، ولا بَنُو قَحْطَانْ
ولا بَنُو ربيعةٍ، ولا بَنو شَيْبَانْ
ولا بَنو (لينينَ) يعرفوننا.. ولا بَنُو (ريغانْ)..
*
يا وَطَني: كلُّ العصافير لها منازلٌ
إلا العصافيرَ التي تحترفُ الحريَّهْ
فهيَ تموتُ خارجَ الأوطانْ...
يا وَطَني: كلُّ العصافير لها منازلٌ
إلا العصافيرَ التي تحترفُ الحريَّهْ
فهيَ تموتُ خارجَ الأوطانْ...(52/2)
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> هل تسمحين لي أن أصطاف؟
هل تسمحين لي أن أصطاف؟
رقم القصيدة : 68951
-----------------------------------
1
هل تسمحين لي أن أصطافَ كما يصطاف الآخرونْ؟
وأتمتّع بأيَّام الجَبَلْ..
كما يتمتَع الآخرونْ..
الجَبَلُ مروحةُ حريرٍ إسبانيّه..
وأنتِ مرسومةٌ عليها..
وعصافيرُ عينيكِ..
تأتي أفواجاً أفواجاً من جهة البحر..
كما تطير الكلماتُ من أوراق دفترٍ أزرق...
هل تسمحينَ لذاكرتي أن تكسرَ حصارَ رائحتكْ؟
وتشمَّ رائحة الحَبَقِ، والوزَّال، والزعتر البريّْ.
هل تسمحين لي..
أن أجلس على الشرفة الصيفية دقيقةً واحدة؟
دون أن يتسلّق صوتكِ كعريشةٍ زرقاءْ
على درابزين بيتنا..
ودونَ أن أجدكِ في قهوتي الصباحيَّهْ؟..
2
عند نهديكِ المتغطرسينْ!!.
أن أنال إجازتي السنويّهْ..
كان أجْري قليلاً..
وحظّي قليلاً..
وراحتايَ مُشَققتَيْن..
من كثرة الشغل في مناجم الذَهبَْ.
حتى في أول أيَّارْ..
ذهبتُ إلى عملي كبقية الأيَّامْ
وحرستُ نهديكِ النائمين..
كبقيّة الأيَّامْ..
وحَمَّمتُهُمَا.. وغطَّيْتُهُمَا..
وقرأت لهما قصةَ ساندريللا...
كبقيَة الأيَّامْ...
حتى القروش القليلة التي ادّخرتُها
اشتريتُ بها لهما..
فَطَائرَ اللوز والعَسَلْ..
ولكنّ نهديكِ..
- ككلِّ أولاد العائلات الإقطاعيَّهْ-
إعتبراني مَمْلُوكاً لهما..
من عهد أوّلِ ملكٍ من مُلُوكِ الأسْرة النَهْديَّهْ..
وجَلَداني تسعينَ جلدةً على ظهري..
وتسعينَ جلدةً على صدري..
حتى أسقطتُ دعوايَ عنهما...
وعدتُ إلى العمل...
3
علَّقتُكِ في خزانة ثيابي في بيروتْ..
وأخذتُ المفتاحَ معي..
وخرجتُ على أطراف أصابعي..
......................
... واليوم .. وأنا أتمشّى على طُرُقاتِ الجبلْ..
رأيتكِ تتَّكئينَ على سنبلة قمحْ..
وتتسابقين مع عصفور صباحيّ..
وتربطين شعركِ بغمامةٍ بُرتُقاليَّهْ..
ماذا تفعلينَ هنا؟
ومن أعطاكِ عنواني في الجَبَلْ؟(52/3)
أيتها الواحدةُ التي اصطدمت بعشقي..
فصارتِ امرأهْ..
واصطدمتُ بطقس نهديْها الإستوائيْينْ..
فعرفتُ حجمَ رجولتي..
منحتُكِ البركةَ والتكاثُرْ..
وجعلتكِ كماء البحر.. واحدةً .. ومتعدِّدَهْ..
ووضعتُ يدي على بياض فخذيكِ..
فأصبحتِ قبيلَهْ..
ماذا تفعلينَ هنا؟
حتى الغابة..
تذكِّرني كيف كنتِ تمشِّطينَ شعرَكِ..
فأبكي..
حتى القِمّة..
تذكرني بارتفاع نهديكِ عن سطح البحر..
فأدوخْْ...
4
هل بوسع رجلٍ يُحبُّكِ مثلي..
أن يصطاف اصطيافاً طبيعياً؟
هل بوسعي أن أنفصلَ عن المجموعة الشمسيَّهْ
التي تدور منذ ملايين السنين حول عينيكِ
لا يخضعُ لسلطانكْ؟
فأجلس كالمجاذيب على كرسيٍّ هزَّازْ..
أقرأ القصصَ البوليسيَّهْ..
وأشرب المياه المعدنيَّهْ..
وأمتحن ثقافتي بالكلمات المتقاطعَهْ..
الاصطيافُ زمنٌ مسطَّحْ..
وأنا مرتبط بزمانكِ رغم كثرة نتوءاته..
والاصطيافُ فراغٌ.. وأنا ممتلئٌ بكِ..
والاصطياف تغيير..
وأنا لا أريد أن أغيّركِ..
بكنوز الدنيا..
قولي لي...
من هو الأبلهُ الذي اخترع كلمةَ الاصطيافْ؟
فرماكِ كخاتم الذهب على رمال بيروتْ..
وفرض عليَّ الاقامة الجبريَّة
تحت شجرة النومْ..
ربما كان لا يعرف أن الشجرهْ..
تبقى ألف سنة على رأس الجبَلْ
في حين أنكِ في اللحظة التي
تدخلينَ فيها إقليم صدري..
تصبحينَ شَجَرَهْ..
وفرض عليَّ الاقامة الجبريَّة
تحت شجرة النومْ..
ربما كان لا يعرف أن الشجرهْ..
تبقى ألف سنة على رأس الجبَلْ
ولا تصبح امرأة..
في حين أنكِ في اللحظة التي
تدخلينَ فيها إقليم صدري..
تصبحينَ شَجَرَهْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> تأخذبنَ في حقائبكِ الوقتَ وتسافرين
تأخذبنَ في حقائبكِ الوقتَ وتسافرين
رقم القصيدة : 68952
-----------------------------------
1
أيتها المرأة التي كانت في سالف الزمان حبيبتي.
سألتُ عن فندقي القديمْ..
وعن الكشْكِ الذي كنتُ أشتري منه جرائدي
وأوراقَ اليانصيب التي لا تربحْ..(52/4)
لم أجد الفندقَ.. ولا الكشْكْ..
وعلمتُ أن الجرائدْ..
توقّفتْ عن الصدور بعد رحيلكْ..
كان واضحاً أن المدينة قد انتقلتْ..
والأرصفةَ قد انتقلتْ..
والشمسَ قد غيَّرتْ رقم صندوقها البريديّْ
والنجومَ التي كنّا نستأجرُها في موسم الصيفْ
أصبحتْ برسم التسليمْ...
كان واضحاً.. أن الأشجارَ غيَّرتْ عناوينَها..
والعصافيرَ أخذت أولادها..
ومجموعةَ الأسطوانات الكلاسيكيّةِ التي تحتفظ بها.
وهاجرتْ..
والبحرَ رمى نفسه في البحر.. وماتْ..
2
بحثاً عن مظلّةٍ تقيني من الماءْ..
وأسماءُ الأندية الليليّة التي راقصتُكِ فيها..
ولكنَّ شرطيَّ السَيْر، سَخِر من بَلاهتي
وأخبرني... أن المدينةَ التي أبحثُ عنها..
قد ابتلعَها البحرُ..
في القرن العاشر قبل الميلادْ...
3
ذهبتُ إلى المحطّات التي كنتُ أستقبلكِ فيها...
وإلى المحطّات.. التي كنت أودّعكِ منها..
المخصّصةِ للنومْ...
عشراتٍ من سلال الأزهارْ..
ولافتةً مطبوعةً بكل اللغاتْ:
"الرجاء عدم الإزعاج"..
وفمهتُ أنكِ مسافرةٌ.. بصحبة رجل آخرْ..
قدَّم لكِ البيتَ الشرعيّْ
والجنسَ الشرعيّْ
والموتَ الشرعيّْ...
4
أيتها المرأةُ التي كانت في سالف الزمان حبيبتي
لماذا تضعين الوقتَ في حقائبكِ..
وتسافرينْْ.؟
لماذا تأخذينَ معكِ أسماءَ أيام الأسبوعْ؟
وكرويّةَ الأرضْ..
كما لا تستوعب السمكةُ خروجها من الماءْ..
أنتِ مسافرةٌ في دمي..
وليس من السهل أن أستبدل دمي بدمٍ آخرْ..
ففصيلةُ دمي نادرةْ..
كالطيور النادرة..
والنباتات النادرةْ..
والمخطوطات النادرةْ..
وأنتِ المرأةُ الوحيدةُ ..
التي يمكنُ أن تتبرَّع لي بدمها...
ولكنكِ دخلتِ عليَّ كسائحهْ..
وخرجتِ من عندي كسائحهْ...
كانت كلماتُكِ الباردة..
تتطايرُ كفتافيت الورق..
وكانت عواطفكِ..
كاللؤلؤ الصناعيِّ المستوردة من اليابانْ...
وكانت بيروت التي اكتشفتها معكِ..
وأدمنتُها معكِ..
وعشتُها بالطول والعرض .. معكِ..
ترمي نفسَها من الطابق العاشر..(52/5)
وتنكسرُ .. ألفَ قطعهْ...
5
توقَّفي عن النمو في داخلي..
أيّتها المرأة..
التي تتناسلُ تحت جلدي كغابهْ...
ساعديني.. على كسر العادات الصغيرة التي كوَّنتُها معك..
وعلى اقتلاع رائحتك..
من قماش الستائرْ..
وبللورِ المزهريّاتْ..
على تَذَكُّر اسمي الذي كانوا ينادونني به في المدرسهْ..
ساعديني..
على تَذَكّرِِ أشكال قصائدي..
قبل أن تأخذَ شكلَ جسدِكْ..
ساعديني..
على استعادةِ لُغَتي..
التي فَصَّلتُ مفرداتِها عليكِ..
ولم تعد صالحةً لسواكِ من النساءْ...
6
دُلّيني..
على كتابٍ واحدٍ لم يكتبوكِ فيهْ..
وعلى عصفورٍ واحدٍ..
لم تعلّمهُ أُمُّهُ تهجيةَ اسمكِ..
وعلى شجرةٍ واحدةٍ..
لا تعتبركِ من بين أوراقِها..
وعلى جدولٍ واحدٍ..
لم يلْحَسِ السُكَّرَ عن أصابع قَدَميْكِ..
ماذا فعلتِ بنفسكِ؟..
التي كانتْ تتحكَّمُ بحركة الريحْ..
وسُقُوطِ المطرْْ..
وطُولِ سنابل القمْحْ..
وعددِ أزهار المارغريت..
أيَّتُها المَلِكةُ...
التي كان نهداها يصنعان الطقسْ..
ويسيطرانِ ..
على حركةِ المدّ والجزْْرْ..
لتتزوّدَ بالعاج.. والنبيذْ..
ماذا فعلتِ بنفسكِ..
أيَّتُها السيّدةُ التي وقع منها صوتُها على الأرض..
فأصبحَ شَجَرهْ..
وَوَقَعَ ظلُّها على جَسَدي..
فأصبحَ نافورةَ ماءْ..
لماذا هاجرتِ من صدري؟..
وصرتِ بلا وطنْ..
لماذا خرجتِ من زَمَنِ الشِّعْْر؟
واخترتِ الزمنَ الضَيّقْ..
لماذا كسرتِ زجاجةَ الحبرِ الأخضرْ..
التي كنتُ أرسمُكِ بها..
وصرتِ امرأة..
بالأبيض..
والأسودْ..
أيَّتُها السيّدةُ التي وقع منها صوتُها على الأرض..
فأصبحَ شَجَرهْ..
وَوَقَعَ ظلُّها على جَسَدي..
فأصبحَ نافورةَ ماءْ..
لماذا هاجرتِ من صدري؟..
وصرتِ بلا وطنْ..
لماذا خرجتِ من زَمَنِ الشِّعْْر؟
واخترتِ الزمنَ الضَيّقْ..
لماذا كسرتِ زجاجةَ الحبرِ الأخضرْ..
التي كنتُ أرسمُكِ بها..
وصرتِ امرأة..
بالأبيض..
والأسودْ..(52/6)
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الحبُّ في الإقامة الجريّة
الحبُّ في الإقامة الجريّة
رقم القصيدة : 68953
-----------------------------------
1
فالدمُ الذي كنتُ أحسبُ أنه لا يصبح ماءً..
أصبح ماءً..
والسماءُ التي كنتُ أعتقد أن زُجَاجَها الأزرقْ
غيرَ قابلٍ للكسر.. إنكسرتْ..
والشمسُ ..
التي كنتُ أعلِّقها كالحَلَق الإسبانيّ
في أُذُنيكِ..
وقعتْ مني على الأرض.. وتهشَّمتْ..
والكلماتُ..
التي كنتُ أغطّيكِ بها عندما تنامينْ..
هربت كالعصافير الخائفهْ..
وتركتكِ عاريهْ...
2
بين نهديكِ..
أو لمضاجعتكْ..
لم أعد متحمّساً للهجوم على أيِّ شيءْ..
أو للدفاع عن أيِّ شيءْ..
فقد شقطنا في الزَمَن الدائريّْ...
حيثُ المسافةُ بين يدي وخاصرتكِ..
لا تتغيّرْ...
وبين أنفي ومسامات جلدكِ..
لا تتغيّرْ..
وبين زنزانةِ فَخْذَيْك..
وساحةِ إعدامي..
لا تتغيّرْ...
3
أستأذنكِ..
بالخروج من هذا الزمن الضيِّقْ..
والعواطفِ الجاهزةِ كإفطار الصباحْ
ككمبيالية مستحقّةِ الدفْعْ...
4
أستأذنكِ..
بأخذ إجازة طويلةٍ.. طويلهْ..
فلقد تعبتُ..
من حالة اللاشوق.. واللاحُبّ.. التي أنا فيها..
التي صارتْ عواطفي مربّعة كجدرانِها..
5
أريد أن أتظاهرَ ضدَّ حبّك الفاشيستيّْ
وأطلقَ الرصاصَ..
على قصركِ..
وحَرَسِكِ..
وعَرَبَتكِ البُورجوازيةِ الخيولْ..
أريدُ.. أن أحتجَّ على سلطتكِ السرمديَّهْ..
الذي سميتِ به نفسكِ..
أريدُ أن أطلقَ الرصاصْ..
على صورتك الزيتيّةِ..
المعلَّقَةِ في صالة العرشْ..
وعلى كلِّ الشعراءِ،
والنبلاءِ،
والسفراءْ..
الذين يدفعونَ لِعينيكِ الجزيَهْ..
ويسقونَ نهديكِ..
حليبَ العصافيرْ...
6
أريدُ أن أطلق الرصاصْ..
على ملابسكِ المسرحيَّهْ..
وعلى عُدّة الشغل التي تستعملينها في التشخيصْ..
على الأخضر.. والليكليّْ..
على الأزرق.. والبرتقاليّْ..
على عشراتِ القوارير التي جمعت فيها فصائلَ دمي..
على غابة الخواتم والأساورْ..(52/7)
التي استعملتِها لابتزازي...
المصنوعة من جلد التمساحْ..
على دبابيس الشَعْر..
ومباردِ الأظافرْ...
والسلاسل المعدنيَّهْ..
التي لجأتِ إليها..
لأخْذ اعترافاتي...
7
أريدُ أن أطلقَ الرصاصْ..
على صوتكِ المتسلِّل عَبْر أسلاك الهاتفْ
فلم أعدْ مهتماً بهواية جَمْع العصافيرْ...
أريد أن أطلق الرصاصْ..
على حروف اسمك..
فلم أعد مهتماً..
بهواية جمع الأحجار النادرَهْ..
أريد أن أطلقَ الرصاصْ..
على كلّ قصائدي.. التي كتبتُها لكِ..
وعلى كلّ الإهداءاتِ الهيستيريّه..
في ساعات الحُبّ الشديدْ..
في ساعات الغباء الشديدْ..
8
أريدُ أن أذهب إلى البحرْ..
حيث الشواطئ مفتوحةٌ ككتابٍ أزرقْ
ففمي.. أصبح كغابة الفِطْر..
من قلَّة الشمسْ..
وعواطفي أصبحتْ كالمخطوطات القديمَهْ..
من قلّة الزائرينْ..
وقلّة القراءةْ...
9
أريدُ..
أن أكسرَ دائرةَ الطباشيرْ..
وأنهي هذه الرحلة اليوميَّه..
بين شفتكِ العليا.. وشفتكِ السفْلى..
بين جسدك البارد كمدن النحاس
10
أريدُ أن أحتجَّ على شيء ما...
أن أصطدمَ بشيءٍ ما..
أن أنتحرَ من أجل شيءٍ ما..
فلم يعُدْ عندي ما أفعلُهْ..
سوى أن ألعب الورقَ مع ضَجَري
هو يخسرُ.. وأنا أخْسَر..
هو يخبرني أنكِ كنتِ حبيبَهُ..
هو يعطيني مسدّسَهُ لأنتحرْ..
وأنا أطلعُهُ على مكاتيبك القديمَهْ..
فيقتُل نفسَهُ...
ويقتلُني...
11
أستأذن في أن أقتلكِ..
إنني أعرف أن كلَّ غمائم السماءْ..
وكلَّ الحمائم ستفرش ريشها الأبيض.. تحت
وكلَّ شقائقَ النُعْمانْ..
ستطلع من حقول جسدكْ..
ولكنْ برغم هذا..
سأبقى مصمّماً على قتلكْ..
لا من أجلي وحدي..
ولكن من أجل كلِّ الأسرى.. والجرحى.. ومشوَّهي
الحُبّ..
ومن أجل كل الذين حكمتِهمْ بالأشغال الشاقّة
المؤبَّدهْ..
وفرضتِ عليهم.
أن ينقلوا الرملَ بملاعق الشاي..
من نهدكِ الأيمنْ.. إلى نهدكِ الأيسرْ..
من نهدكِ الأيسر.. إلى نهدكِ الأيمنْ..(52/8)
.............................................................
ولا يزالونَ يشتغلونْ..
و ... لا ... ي ... ز ... ا ... ل ... و ... ن ...
ي ... ش ... ت ... غ ... ل ... و ... ن ...
وكلَّ الحمائم ستفرش ريشها الأبيض.. تحت
رأسِكْ
وكلَّ شقائقَ النُعْمانْ..
ستطلع من حقول جسدكْ..
ولكنْ برغم هذا..
سأبقى مصمّماً على قتلكْ..
لا من أجلي وحدي..
ولكن من أجل كلِّ الأسرى.. والجرحى.. ومشوَّهي
الحُبّ..
ومن أجل كل الذين حكمتِهمْ بالأشغال الشاقّة
المؤبَّدهْ..
وفرضتِ عليهم.
أن ينقلوا الرملَ بملاعق الشاي..
من نهدكِ الأيمنْ.. إلى نهدكِ الأيسرْ..
من نهدكِ الأيسر.. إلى نهدكِ الأيمنْ..
.............................................................
.............................................................
ولا يزالونَ يشتغلونْ..
ولا يزالونَ يشتغلونْ..
و ... لا ... ي ... ز ... ا ... ل ... و ... ن ...
ي ... ش ... ت ... غ ... ل ... و ... ن ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أمّ المعتَّزْ
أمّ المعتَّزْ
رقم القصيدة : 68954
-----------------------------------
1
كسمكةٍ اخترقها رمحْ
جاءني هاتفٌ من دمشقَ يقولْ:
"أُمُّكَ ماتتْ".
لم أستوعب الكلمات في البدايَهْ
لم أستوعب كيف يمكن أن يموت السَمَكُ كلُّهُ
في وقتٍ واحدْ..
كانت هناك مدينة حبيبة تموتْ.. إسمها بيروت
وكانت هناك أمٌّ مدهشة تموتْ.. إسمها فائزة..
وكان قدري أن أخرجَ من موتٍ..
لأدخل في موت آخرْ..
كان قدري أن أسافرَ بين موتينْ...
2
دمشق، بيروت، القاهرة، بغداد، الخرطوم،
الكويت، الجزائر، أبو ظبي وأخواتها..
هذه هي شجرة عائلتي..
كلُّ هذه المدائن أنزلَتْني من رَحِمِها
وأرضعتْني من ثديها..
وملأت جيوبي عنباً، وتيناً، وبرقوقاً..
كلُّها هزَّتْ لي نخلَها.. فأكَلْلتْ..
وفَتَحتْ سماواتها لي.. كراسةً زرقاءْ..
فكتبْتْ..
لذلكَ، لا أدخلُ مدينةً عربيةً.. إلا وتناديني:(52/9)
"يا وَلَدي"...
لا أطرُقُ بابَ مدينةٍ عربية..
إلا وأجدُ سريرَ طفولتي بانتظاري..
لا تنزفُ مدينةٌ عربيةٌ إلا وأنزفُ معها...
فهل كان مصادفةً أن تموتَ بيروتْ..
وتموتَ أمّي في وقتٍ واحدْ؟...
3
يعرفونها في دمشق باسم ( أمُّ المعتز).
وبالرغم من أن اسمها غير مذكور في الدليل السياحيّ
وأهمّيتُها التاريخيةُ لا تقلُّّ عن أهميّة (قصر العظم)
ومزار (محي الدين بن عربي).
وعندما تصلُ إلى دمشقْ..
فلا ضرورةَ أن تسأل شرطيّ السير عن بيتها..
لأن كلَّ الياسمين الدمشقيّ يُهَرْهِرُ فوق شُرفتِها،
وكلَّ الفُلّ البلدي يتربى في الدلال بين يديها..
وكلَّ القطط ذاتِ الأصل التركيّ..
تأكل.. وتشرب.. وتدعو ضيوفها.. وتعقد
اجتماعاتها..
في بيت أمّي..
4
نسيتُ أن أقول لكم، إن بيت أمي كان معقلاً للحركة الوطنية في الشام عام 1935. وفي باحة دارنا الفسيحة كان يلتقي قادة الحركة الوطنية السورية بالجماهير. ومنها كانت تنطلق المسيرات والتظاهرات ضد الانتداب الفرنسي..
وبعد كلّ اجتماع شعبي، كانت أمي تُحصي عدد ضحاياها من أصص الزرع التي تحطّمت.. والشتول النادرة التي انقصفتْ... وأعوادِ الزنبق التي انكسرتْ..
وعندما كانت تذهب إلى أبي شاكيةً له خسارتها الفادحة، كان يقول لها، رحمه الله، وهو يبتسم:
(سجّلي أزهاركِ في قائمة شهداء الوطن.. وعَوَضُكِ على الله...)
5
لا تذهب إلى الكوكتيلات وهي تلفُّ ابتسامتها بورقة سولوفان..
لا تقطع كعكة عيد ميلادها تحت أضواء الكاميرات...
لا تشتري ملابسها من لندن وباريس، وترسل تعميماً بذلك إلى من يهمه الأمر..
لا توزِّع صورها كطوابع البريد على محرّرات الصفحات الاجتماعية...
ولم يسبق لها أن استقبلت مندوبة أي مجلة نسائية، وحدثتها عن حبِّها الأول.. وموعدها الأول.. ورجُلها الأول..
أمّي تؤمن بربٍ واحد.. وحبيبٍ واحد.. وحُبٍّ واحد..
قهوةُ أمي مشهورة..
فهي تطحنها بمطحنتها النحاسيّة فنجاناً.. فنجاناً..(52/10)
وتغليها على نار الفحم.. ونار الصبر..
وتعطّرها بحبّ الهالْ..
وترشُّ على وجه كل فنجان قطرتين من ماء الزهرْ..
لذلك تتحوّلُ شرفةُ منزلنا في الصيف..
إلى محطةٍ تستريحُ فيها العصافيرْ..
وتشربُ قهوتَها الصباحيَّةْ عندنا..
7
ومن كثرة الأزهار، والألوان، والروائح التي
أحاطت بطفولتي كنتُ أتصوَّر أن أمي.. هي
موظفة في قسم العطور بالجنّة..
8
بموت أمي..
يسقطُ آخرُ قميص صوفٍ أُغطّي به جَسَدي
آخرُ قميصِ حنانْ..
آخرُ مِظلّةِ مَطَرْ..
وفي الشتاء القادم..
كلُّ النساءِ اللواتي عرفتُهُنّ
وَحْدَها أمّي..
أحَبّتْني وهي سَكْرَى..
فالحبُّ الحقيقيّ هو أن تسكَرْ..
ولا تعرف لماذا تسكَرْ..
كلَّما نسيتُ ورقةً من أوراقي في صحن الدارْ..
فتحوّلت الألِفُ إلى (امرأة)..
والباءُ إلى (بنفسجة)
والدالُ إلى (دالية)
والراء إلى (رمَّانة)
والسين إلى (سوسنة) أو (سمكة) أو (سُنُونوّة).
ولهذا يقولون عن قصائدي إنها (مُكَيَّفةُ الهواءْ)..
ويشترونها من عند بائع الأزهارْ..
لا من المكتبة...
11
كلما سألوها عن شعري، كانت تجيب:
" ملائكة الأرض والسماء.. ترضى عليه".
طبعاً.. أمي ليست ناقدة شعر موضوعية..
ولكنها عاشقة. ولا موضوعية في العشق.
فيا أمي. يا حبيبتي. يا فائزة..
قولي للملائكة الذين كلَّفتهم بحراستي خمسين
عاماً، أن لا يتركوني...
لأنني أخاف أن أنام وحدي...
والدالُ إلى (دالية)
والراء إلى (رمَّانة)
والسين إلى (سوسنة) أو (سمكة) أو (سُنُونوّة).
ولهذا يقولون عن قصائدي إنها (مُكَيَّفةُ الهواءْ)..
ويشترونها من عند بائع الأزهارْ..
لا من المكتبة...
11
كلما سألوها عن شعري، كانت تجيب:
" ملائكة الأرض والسماء.. ترضى عليه".
طبعاً.. أمي ليست ناقدة شعر موضوعية..
ولكنها عاشقة. ولا موضوعية في العشق.
فيا أمي. يا حبيبتي. يا فائزة..
قولي للملائكة الذين كلَّفتهم بحراستي خمسين
عاماً، أن لا يتركوني...
لأنني أخاف أن أنام وحدي...(52/11)
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لا غالبَ إلاّ الحُبّْ
لا غالبَ إلاّ الحُبّْ
رقم القصيدة : 68955
-----------------------------------
1
برغْمِ ما يثورُ في عينيَّ من زوابعٍ
ورغْمِ ما ينامُ في عينيْكِ من أحزانْ
برغْمِ عَصرٍ،
يُطْلِقُ النارَ على الجمالِ، حيثُ كانْ..
والعَدْلِ، حيثُ كانْ..
والرَأْيِ حيثُ كانْ
أقولُ: لا غالبَ إلاّ الحُبّْ
أقولُ: لا غالبَ إلاّ الحُبّْ
للمرَّةِ المليونِ..
لا غالبَ إلاّ الحُبّْ
فلا يُغَطِّينا من اليَبَاسِ،
إلاَّ شَجَرُ الحَنَانْ..
برَغْم هذا الزَمَنِ الخَرَابْْ
ويقتُلُ الكُتَّابْ...
ويُطْلِقُ النارَ على الحَمَامِ.. والورودِ..
والأعْشَابْ..
ويدفُنُ القصائدَ العصماءَ..
في مقبرة الكلابْ..
أقولُ: لا غَالبَ إلاَّ الفِكرْ
أقولُ: لا غَالبَ إلاَّ الفِكرْ
للمرّةِ المليونِ،
لا غَالبَ إلاَّ الفِكرْ
ولَنْ تموتَ الكِلْمَةُ الجميلَهْ
بأيِّ سيفٍ كانْ...
وأيِّ سجْنٍ كانْ.
وأيِّ عَصْرٍ كانْ...
3
بالرَغْم ممَّنْ حاصروا عينيْكِ..
وأحْرَقُوا الخُضْرَةَ والأشجَارْ
أقولُ: لا غالبَ إلا الوردُ..
يا حبيبتي.
والماءُ، والأزْهارْ.
برَغْم كُلِّ الجَدْب في أرواحِنا
ونَدْرَةِ الغُيُومِ والأمطارْ
ورغْمِ كُلِّ الليل في أحداقنا
لا بُدَّ أن ينتصرَ النهارْ...
4
في زَمَنٍ تَحوَّلّ القلبُ بهِ
إلى إناءٍ من خَشَبْ..
وأصبحَ الشِعْرُ بهِ،
في زَمَنِ اللاّعشْقِ.. واللاّحُلْمِ.. واللاّبحرِ..
أقولُ: لا غَالبَ إلاَّ النَهدْ..
أقولُ: لا غَالبَ إلاَّ النَهدْ..
للمرَّةِ المليونِ،
لا غَالبَ إلاَّ النَهدْ..
وبَعْدَ عصْرِ النَفْطِ، والمَازُوتْ
لا بُدَّ أن ينتصرَ الذَهَبْ...
5
برَغْمِ هذا الزَمَنِ الغارقِ في الشُذُوذِ.
والحَشِيشِ..
والإدْمَانْ..
برَغْم عَصْرٍ يكرهُ التمثالَ، واللوحةَ،
والعُطُورَ..
برَغْمِ هذا الزَمَنِ الهاربِ..
إلى عبادةِ الشَيْطَانْ..
برغمِ مَنْ قد سَرَقُوا أعمارنا(52/12)
وانْتَشلُوا من جيبنا الأوطانْ
برَغْم ألفِ مُخْبِرٍ مُحْتَرِفٍ
صمَّمَهُ مهندسُ البيت مع الجُدرانْ
برغم آلاف التقارير التي
يكتُبها الجُرذانُ للجُرْذَانْ
أقولُ: لا غَالبَ إلاَّ الشًَّعبْ
أقولُ: لا غَالبَ إلاَّ الشَّعبْ
للمرّةِ المليونِ،
لا غالبَ إلاّ الشّعبْ.
فَهْوَ الذي يُقدِّرُ الأقدارْ
وهو العليمُ، الواحدُ، القهَّارْ...
برغم آلاف التقارير التي
يكتُبها الجُرذانُ للجُرْذَانْ
أقولُ: لا غَالبَ إلاَّ الشًَّعبْ
أقولُ: لا غَالبَ إلاَّ الشَّعبْ
للمرّةِ المليونِ،
لا غالبَ إلاّ الشّعبْ.
فَهْوَ الذي يُقدِّرُ الأقدارْ
وهو العليمُ، الواحدُ، القهَّارْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> خمسةُ نُصُوصٍ عن الحُبّ
خمسةُ نُصُوصٍ عن الحُبّ
رقم القصيدة : 68956
-----------------------------------
1
حَدَثٌ تاريخيٌّ من أحداث الكون،
وعُرسٌ للأزهارِ وللأعشابْ.
وحْيٌ ينزِلُ.. أو لا ينزِلُ..
طِفْلٌ يُولَدُ.. أو لا يُولَدُ..
بَرْقٌ يَلْمَعُ.. أو لا يَلْمَعُ..
قَمَرٌ يطلعُ أو لا يطلعُ..
من بين الأهدابْ.
2
نصٌ مِسْماريٌ،
فِينيقيٌ،
سِرْيانيٌ،
فِرْعونيٌ،
هِنْدوكيٌ،
نَصٌ لم يُكتَبْ في أيِّ كِتَابْ.
3
حُبُّكِ..
وقْتٌ بين السّلْمِ، وبين الحَرْبِ
أسْوأُ من حَرْبِ الأعصابْ.
حُبُّكِ.. سردابٌ سِحْريٌّ
فيه ملايينُ الأبوابْ.
فإذا ما أفْتَحُ باباً..
يُغْلَقُ بابْ..
يهطُلُ من شفتيَّ الشَهْدُ،
وإذا غَازَلتُكِ يوماً، يا سَيِّدتي
يقتُلُني الأَعرابْ...
5
حُبُّكِ.. يطرحُ ألفَ سؤالٍ
ليس لها في الشِعْرِ.. جَوَابْ.
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> كتابُ يَدَيْكِ
كتابُ يَدَيْكِ
رقم القصيدة : 68957
-----------------------------------
1
ففيهِ قصائدُ مطليّةٌ بالذَهَبْ
وفيه نُصُوصٌ مُطَعَّمةٌ بخيوط القَصَبْ.
وفيهِ مجالسُ شِعْرٍ
وفيه جداولُ خمرٍ
وفيه غناءٌ
وفيهِ طَرَبْ.
يَدَاكِ سريرٌ من الريشِ..
أغْفُو عليهِ،(52/13)
إذا ما اعتراني التَعَبْ
يَدَاكِ..
هُمَا الشِعْرُ، شكلاً ومَعْنَىً
ولولا يداكِ..
لما كانَ شِعْرٌ
ولا كانَ نَثْرٌ
ولا كانَ شيءٌ يُسمَّى أَدَبْ.
2
كتابٌ صغيرٌ.. صغيرْ..
فمنه تعلَّمتُ،
كيفَ النُحَاسُ الدمشقيُّ يُطْرَقُ
كيفَ تُحاكُ خُيُوطُ الحريرْ.
ومنه تَعَلَّمتُ،
كيف الأصابعُ تكتُبُ شِعْراً
وأنَّ حُقُولاً من القطنِ
يمكنُها أن تطيرْ..
3
كتابُ يديكِ، كتابٌ ثمينْ
يُذكّرني بكتاب (الأغاني)،
و (مجنونِ إلْزا)،
وبابلو نيرُودا،
ومَنْ أشعلوا في الكواكبِ
نارَ الحنينْ..
كتابُ يَدَيْكِ..
يُشابِهُ أزهارَ أمي
فأوَّلُ سَطْرٍ من الياسمينْ.
وآخرُ سَطرٍ من الياسَمينْ.
يّدّاكِ..
كتابُ التصوُّفِ، والكَشْفِ،
والرقْصِ في حلقاتِ الدراويشِ
والحالمينْ..
إذا ما جلستُ لأقرأ فيهِ
أُصَلِّي على سّيِّدِ المُرْسَلينْْ...
4
كتابُ يديكِ
طريقٌ إلى اللهِ،
يمشي عليه الألوفُ من المؤمنينْ
وبرقٌ يُضيءُ السَمَاءَ
كتابُ يَدَيكِ، كتابُ أُصُولٍ
وفِقْهٍ.. ودينْ
تخرَّجْتُ منهُ إمَامَاً
وعُمْري ثلاثُ سنينْ...
5
كِتابُ يَدَيكِ
يوزِّعُ خُبْزَ الثقافةِ كلَّ نهارٍ
على الجائعينْ..
ويُعطي دُروسَ المحبَّة للعاشقينْ
ويلْمَعُ كالنجم، في عُتْمة الضائعينْ
وكنتُ أنا ضائعاً، مثلَ غيري
فأدركتُ نُورَ اليقينْ.
حديثُ يديكِ،
خلالَ العَشَاءْ
يُغيّرُ طَعْمَ النبيذِ،
وشَكْلَ الأواني.
أحاولُ فَهْمَ حوارِ يَدَيْكِ
ولا زلتُ أبحثُ عمَّا وراءَ المعاني
فإصبَعَةٌ تستثيرُ خيالي
وأُخْرَى تُزَلْزِلُ كُلَّ كياني.
حَمَامٌ
فمن أينَ هذا الحَمَامُ أتاني؟
و (موزارتُ) يصحُو.. ويرقُدُ
فوقَ مفاتيح هذا البِيَانِ
ويغسِلُني بحليبِ النُجُومِ
وينقُلُني من حدود المَكَانِ.
7
لماذا أَُضِيعُ
أمامَ يديكِ اتِّزاني؟
إذا ما لعبتِ بزَرِّ قميصي
تحوّلْتُ فوراً،
إلى غيمةٍ من دُخَانِ...
فمن أينَ هذا الحَمَامُ أتاني؟
و (موزارتُ) يصحُو.. ويرقُدُ
فوقَ مفاتيح هذا البِيَانِ(52/14)
ويغسِلُني بحليبِ النُجُومِ
وينقُلُني من حدود المَكَانِ.
7
لماذا أَُضِيعُ
أمامَ يديكِ اتِّزاني؟
إذا ما لعبتِ بزَرِّ قميصي
تحوّلْتُ فوراً،
إلى غيمةٍ من دُخَانِ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> حبيبتي تقرأُ أعمالَ فرويْد
حبيبتي تقرأُ أعمالَ فرويْد
رقم القصيدة : 68958
-----------------------------------
1
يا امرأةً، طباعُها أشبَهُ بالفُصُولْ
فَثَمَّ نَهْدٌ صامتٌ
وثَمَّ نَهْدٌ يقرعُ الطبولْ..
ومرةً،
حدائقٌ مفتوحَةٌ
ومرةً،
عواصفٌ مَجْنُونَةٌ
ومرةً، سُيُولْ..
فكلّما أشرقتِ الشمسُ على نوافذي
بكى على شَراشِفي أيْلُولْ.
نسيتُ تاريخي، وجُغْرافيَّتي
فلا أنا على خُطوط العَرضْ
ولا أنا على خُطُوط الطُولْ.
2
ومن مَرَاياها
ومن شرايين يدي..
فهل أنا.؟
عن ضَجَر العالم، يا سيّدتي،
مسؤُولْ؟
ماذا جرى؟
ماذا جرى؟
صوتُكِ لا مَعْقولْ
تَجَمُّعُ الأمطار في عينيْكِ..
لا مَعْقُولْ..
يا امرأةً تحملُ حَتْفي بين عَيْنَيْها
وترميني من المجهولِ للمجهولْ
توقَّفي.. عن المرور في دمي، كطَلْقَةٍ
فإنّني أعرفُ منذُ البَدْءِ،
أنّني مقتُولْ..
3
دوَّخني حُبُّكِ، يا سَيِّدتي
فمرة، أدخُلُ من بوَّابة الخُروجْ
سفينةٌ أنتِ.. بلا بُوصِلَةٍ
أو ساعة الوُصُولْ..
يا امرأةً.. تجهلُ أين نَهْدُها؟
تجهلُ أينَ عِقْْدُها؟
تجهلُ أينَ مِشْطُها؟
تجهل أين عَقْلُها؟
وتجهل الفاعِلَ والمفعولْ..
4
يا امرأةً..
تريدُني، بشَهْوة الأُنثى، ولا تريدُني
يا امرأةً تمارسُ الحبَّ معي
من غير أن تلمسَني
تحملُ منّي عَشْرَ مَرَّاتٍ..
ثم تقولُ:
إَّنها بَتُولْ!!
وتشتهيني ليلةً واحدةً
ثُمَّ يموتُ، بعدَها، الفُضُولْ.
يا امرأةً..
تصهَلُ مثلَ مُهْرَةٍ جميلةٍ
وبَعْدَها،
تَمَلُّ من صهيلها الخُيُولْ
يا امرأةً..
تقتلني، من غير أن تقتلَني
فليتني أدري من القاتلُ، يا سيدتي
ومَن هُوَ المقتولْ؟
تصهَلُ مثلَ مُهْرَةٍ جميلةٍ
وبَعْدَها،
تَمَلُّ من صهيلها الخُيُولْ(52/15)
يا امرأةً..
تقتلني، من غير أن تقتلَني
فليتني أدري من القاتلُ، يا سيدتي
ومَن هُوَ المقتولْ؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> مِن بَدَويّ.. مع أطيب التمنيَّات
مِن بَدَويّ.. مع أطيب التمنيَّات
رقم القصيدة : 68959
-----------------------------------
1
إذا عكّرتُ سَهْرَتَكِ الجميلةَ،
آسفٌ جدّاً..
إذا أظهرتُ كلَّ توحُشّي.. وخُشُونتي
هذا المساءْ..
أنا آسفٌ جدّاً
إذا ما كنتُ مُنْطوياً على نَفْسي
ومُكْتَئباً.. ومُنْسَحِقاً..
ومكسورَ المَشَاعرِ، كالإناءْ..
أنا آسفٌ جداً..
فما اهتمَمْتُ بربْطةِ العُنُقِ الوَقُورَةِ..
والحِذاءْ..
مَنْ قالَ إنَّ قصائدَ الشعراءِ،
تنتعلُ الحذاءْ؟
فأنا أتيتُ من العَرَاءِ.. إلى العَرَاءْ
لا تخجلي منِّي..
ومن عشقي البدائيِّ البسيطِ،
فإنَّ أكابرَ العُشَّاقِ
كانوا خارجينَ على الحَيَاءْ..
2
أنا آسفٌ جداً..
هذي غَلْطَةٌ كبرى بتاريخي،
ومن علامات الغَبَاءْ..
هل ممكنٌ أن يُهْمِلَ الإنسانُ وَجْهَاً
تلتقي فيه السماءُ مع السماءْ؟
أنا آسفٌ جداً.. لفَرْط جهالتي
أنا شاعرُ الحُبِّ الذي لا يُتقِنُ الإعلانَ عن نَزَوَاتِهِ أبداً،
فإنَّ عواطفي، ليست ثياباً في الهواءْ
أنا باطنيٌّ - ربَما- حتى العَيَاءْ.
ومضرَّجٌ بغُمُوضهِ حتى العَيَاءْ.
قد لا أكونُ مهذَّباً، مثل الذينَ عرفْتِهِمْ
ومُعَلَّباً مثلَ الذينَ عرفتِهِمْ
ومُشمَّعاً.. ومُلمَعاً..
مثلَ الذينَ عرفتِهِمْ.
لكنَّني أُعطي دمي،
من أجل لحظة كبرياءْ..
3
أنا آسفٌ جداً..
إذا أفْسَدْتُ ليلتكِ المُثيرةَ،
آسفٌ.. إن كنتُ لوَّثْتُ الهواءْ
أَنَانيٌّ.. شِتَائيٌّ..
أنتِ الجميلةُ.. والصغيرةُ..
والمليئةُ بالطموح وبالرَجَاءْ..
فتحمّلي فوضايَ..
إنّي لم أكنْ عُضْواً قديماً
في نوادي الحاكمينَ..
ولا نوادي الأغنياءْ..
4
لا تنظُري لي هكذا..
وكأنني من كوكب المرِّيخ.. جئتُ
وعَصْرِ رُوَّاد الفَضَاءْ..
أنا ضائعٌ بين العصور كَمرْكَبٍ(52/16)
في البحر، تقذفه الرياحُ كما تشاءْ
آخرُ الكلماتِ، في زَمَن التعهُّر والغَبَاءْ
فلا تمشي على بِقَعِ الدماءْ..
5
عَفْواً..
إذا لَخْبَطْتُ عُطْلَة آخر الأسبوعِ
إن طبيعتي تأبى التصنُّعَ.. والرياءْ
أنا لستُ أعرفُ ما أحبُّ..
ومَنْ أُحِبُّ..
فسامحيني إن حملتُ حقيبتي
وتركتُ معركةَ الخواتمِ.. والأساورِ.. والفِراءْ..
أمشي على قَدَمينِ من نارٍ.. وماءْ
ويختلطُ الدُخَانُ، مع النَبيذِ، مع النُحَاس، مع العَقيقِ
مع الأمامِ، مع الوراءْ..
هل كانتِ العينانِ قبل الدَمْعِ،
أم في الأصلِ، قد كانَ البُكَاءْ؟
هل ناهداكِ خطيئتانِ عظيمتانِ.. كما روَوُا
أم ناهداكِ يُصحِّحانِ جميعَ أخطاءِ السَمَاءْ؟
هل يا تُرى الأشجار تمشي وهي واقفةٌ
وهل حرّيةُ الإنسان كانت.. قبل أن كان الفضاءْ؟
والحبُّ. هل هو حالةٌ عقليَّةٌ؟
أم حالةٌ جسديَّةٌ؟
أم أنَّهُ شيءٌ يُرَكَّبُ كالدَواءْ.
6
أم أنني بالشِعْرِ، أوجدتُ النساءْ؟؟
أم في الأصلِ، قد كانَ البُكَاءْ؟
هل ناهداكِ خطيئتانِ عظيمتانِ.. كما روَوُا
أم ناهداكِ يُصحِّحانِ جميعَ أخطاءِ السَمَاءْ؟
هل يا تُرى الأشجار تمشي وهي واقفةٌ
وهل حرّيةُ الإنسان كانت.. قبل أن كان الفضاءْ؟
والحبُّ. هل هو حالةٌ عقليَّةٌ؟
أم حالةٌ جسديَّةٌ؟
أم أنَّهُ شيءٌ يُرَكَّبُ كالدَواءْ.
6
هل كنتِ قبل قصائدي موجودةً
أم أنني بالشِعْرِ، أوجدتُ النساءْ؟؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لابسةُ الكيمونُو
لابسةُ الكيمونُو
رقم القصيدة : 68960
-----------------------------------
1
وتهربُ من كُلِّ أسمائِها
كيمينُو من الصينِ،
حتى يليقَ بتُفَّاحها الملكيَّ
ويُبْدِعُ في رَسْم أعضائها..
أُعِدُّ لسيِّدة السيّداتْ
فضاءً جميلاً من الكلماتْ.
وأجلسُ، مشتعلاً باشتعالي
ومشتعلاً بالقصائدِ،
مشتعلاً باللّغاتْ..
ومشتعلاً بالعصافيرِ،
تهجُمُ من شرق عينيكِ..
تهجُمُ من غرب عينيْكِ..
تنقُرُني من جميع الجِهَاتْ..(52/17)
أُعِدُّ لسيدةٍ .. لم أُشاهدْ يديها
ألوفَ الخواتمْ.
وأكتُبُ أسماءَ ربِّي علَيْهَا.
أُعِدُّ لسيِّدة البحر، بحراً..
لغَسْل المتاعبِ عن قَدَمَيْها
أُعِدُّ مفاجأةً للأرانبِ،
وهي تُحاولُ أن تتخبَّأَ في ناهديْها.
أعِدُّ نبيذاً كي أسافرَ
يساعِدُني كي أسافرَ
منها.. إليها...
3
كلاماً جميلاً..
وأفتَحُ في الفجر، أقفاصَ كُلِّ الحَمَامِ..
وينتثرُ القطنُ شَرْقاً.. وغرباً..
ويلمعُ برقٌ ورائي.
ويسقُطُ نَجْمٌ أمامي.
ويتركني الشعرُ،
إنَّ القصائدَ ليستْ تليقُ بهذا المقامِ.
وإنَّ طموحَ العبَارةِ،
دونَ طموحِ الرُخَامِ...
4
أُعِدُّ لسيِّدة الوقتِ، وقتاً
وأُلغي زَمَاني..
فتصبحُ ذاكرتي في لساني..
فأفقدُ، حين يمرُّ، اتزاني.
وأُبْحِرُ من جُزُر اللاَزَوَرْدِ
لأرْسُوَ في جُزُر الأرجُوانِِ..
لماذا النبيذُ الفرنسيُّ.. يُشْعِلُ وهْمي؟
فأسْمَعُ خلفَ الكيمونُو
صهيلَ حِصَانِ؟؟
5
أيا امْرَأَةً..
أشْعَلَتْ في حياتي البُروقَ
تُراني، أشَمُّ دُخَانَ الكيمُونو،
أم أنّي أشُمُّ دخاني؟
5
أيا امْرَأَةً..
أشْعَلَتْ في حياتي البُروقَ
تُراني، أشَمُّ دُخَانَ الكيمُونو،
أم أنّي أشُمُّ دخاني؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الصفحةُ الأولى
الصفحةُ الأولى
رقم القصيدة : 68961
-----------------------------------
1
كغَابةٍ مُشْتَعِلَهْ
تُشعِلينَ الحِبْرْ...
تُشْعِلينَ يدي..
إصبعاً...
إصبعاً...
حتى أصيرَ شَمْعَداناً
في كنيسةٍ بيزَنطيًّهْ..
2
وتدخلينَ فيها..
شِريانَ الليلْ،
وتدخُلُ فيهْ...
تَطْعنينَ الوَرَقَ الأبيضَ في خاصِرَتِهْ
ينزِفُ الورقُ حماماً أبيضْ..
قُطْناً أبيضْ..
حزْناً أبيضْ..
ومُوسيقى بيضاءْ..
وتنسجينَ في آخر الليل من لَحْمي..
كخِنْجَرٍ متوحِّشْ...
لا أريدُ أن يُغَادِرَني..
3
تأتينَ من لا جِهَهْ....
أعْنِي، من كُلِّ الجهاتِ تأتينْ
أزْهارٌ طازجَهْ
وفي حقيبتِكْ،
نَهدَانِ موضوعانِ في كيسٍ من البلاستيكْ(52/18)
وأُنوثَةٌ مُؤَجَّلَهْ...
4
تطلبينَ منّي، توصيةً للبحرْ
حتى يجعلَكِ سَمَكَهْ...
وتوصيةً للعصافيرْ
حتى تُعلِّمَكِ الحُريَّهْ...
حتى يعترف، بأنكِ امرأهْ..
حتى يُؤَجِّلَ موعدَ ذَبْحِكْ....
5
أفتحُ لكِ اللغةَ على مصراعيها
أفتحُ لكِ تُوركوَازَ البحرْ
وفَضَاءاتِ القصائد المُسْتَحيلهْ
أعطيكِ نِصْفَ سريري...
ونِصْفَ بطَّانِيَتي..
وأُشاركُكِ خُبْزَ المَنْفى
5
أفتحُ لكِ اللغةَ على مصراعيها
أفتحُ لكِ تُوركوَازَ البحرْ
وفَضَاءاتِ القصائد المُسْتَحيلهْ
أعطيكِ نِصْفَ سريري...
ونِصْفَ بطَّانِيَتي..
وأُشاركُكِ خُبْزَ المَنْفى
ونبيذَ الحريَّهْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أُحبُّكِ..حتى ترتفعَ السماءُ قليلاً..
أُحبُّكِ..حتى ترتفعَ السماءُ قليلاً..
رقم القصيدة : 68962
-----------------------------------
1
كي أستعيدَ عافيتي
وعافيةَ كلماتي.
وأخْرُجَ من حزام التلوُّثِ
الذي يلفُّ قلبي.
فالأرضُ بدونكِ
كِذْبَةٌ كبيرَهْ..
وتُفَّاحَةٌ فاسِدَةْ....
2
حتى أَدْخُلَ في دِينِ الياسمينْ
وأدافعَ عن حضارة الشِّعر...
وزُرقَةِ البَحرْ...
واخْضِرارِ الغاباتْ...
3
أريدُ أن أحِبَّكِ
حتى أطمئنَّ..
لا تزالُ بخيرْ..
لا تزالُ بخيرُ..
وأسماك الشِعْرِ التي تسْبَحُ في دَمي
لا تزالُ بخيرْ...
4
أريدُ أن أُحِبَّكِ..
حتى أتخلَّصَ من يَبَاسي..
ومُلُوحتي..
وتَكَلُّسِ أصابعي..
وفَرَاشاتي الملوَّنَةْ
وقُدرتي على البُكَاءْ...
5
أريدُ أن أُحبَّكِ
حتى أَسْتَرجِعَ تفاصيلَ بيتنا الدِمَشْقيّْ
غُرْفةً... غُرْفةْ...
بلاطةً... بلاطةْ..
حَمامةً.. حَمامَةْ..
وأتكلَّمَ مع خمسينَ صَفِيحَةِ فُلّْ
كما يستعرضُ الصائغُ
6
أريدُ أن أُحِبَّكِ، يا سيِّدتي
في زَمَنٍ..
أصبحَ فيه الحبُّ مُعاقاً..
واللّغَةُ معاقَةْ..
وكُتُبُ الشِعرِ، مُعاقَةْ..
فلا الأشجارُ قادرةٌ على الوقوف على قَدَميْهَا
ولا العصافيرُ قادرةٌ على استعمال أجْنِحَتِهَا.(52/19)
ولا النجومُ قادرةٌ على التنقُّلْ....
أريدُ أن أُحبَّكِ..
من غُزْلان الحريَّةْ..
وآخِرُ رسالةٍ
من رسائل المُحِبّينْ
وتُشْنَقَ آخرُ قصيدةٍ
مكتوبةٍ باللغة العربيَّةْ...
8
أُريدُ أن أُحِبَّكِ..
قبل أن يصدرَ مرسومٌ فَاشِسْتيّْ
وأريدُ أن أتناوَلَ فنجاناً من القهوةِ معكِ..
وأريدُ أن أجلسَ معكِ.. لدَقيقَتينْ
قبل أن تسحبَ الشرطةُ السريّةُ من تحتنا الكراسي..
وأريدُ أن أعانقَكِ..
قبلَ أن يُلْقُوا القَبْضَ على فَمي.. وذراعيّْ
وأريدُ أن أبكيَ بين يَدَيْكِ
قَبْلَ أن يفرضُوا ضريبةً جمركيةً
على دُمُوعي...
أريدُ أن أُحِبَّكِ، يا سيِّدتي
وأُغَيِّرَ التقاويمْ
وأعيدَ تسميةَ الشهور والأيَّامْ
وأضبطَ ساعاتِ العالم..
على إيقاع خطواتِكْ
ورائحةِ عطرِك..
التي تدخُلُ إلى المقهى..
قبلَ دُخُولِكْ..
إني أُحبِّكِ ، يا سيدتي
دفاعاً عن حقِّ الفَرَسِ..
في أن تصهلَ كما تشاءْ..
وحقِّ المرأةِ.. في أن تختار فارسَها
كما تشاءْ..
وحق الشَجَرةِ في أن تغيّرَ أوراقها
وحقِّ الشعوب في أن تغيِّر حُكامَها
متى تشاءْ....
11
أريدُ أن أحبَّكِ..
حتى أُعيدَ إلى بيروتَ، رأسَها المقطوعْ
وإلى بَحْرِها، معطَفَهُ الأزرقْ
وإلى شعرائِها.. دفاترَهُمْ المُحْتَرقَةْ
أريدُ أن أُعيدَ
لتشايكوفسكي.. بَجَعتَهُ البيضاءْ
ولبول ايلوار.. مفاتيحَ باريسْ
ولفان كوخ.. زهرةَ (دوَّار الشمسْ)
ولأراغون.. (عيونَ إلْزَا)
ولقيسِ بنِ المُلوَّحْ..
أمشاطَ ليلى العامريَّهْ....
12
أريدُكِ ، أن تكوني حبيبتي
حتى تنتصرَ القصيدةْ...
على المسدَّسِ الكاتِمِ للصوتْ..
وينتصرَ التلاميذْ
وتنتصرَ الوردةْ..
وتنتصر المكتباتْ..
على مصانع الأسلحةْ...
13
أريدُ أن أحبَّكِ..
حتى أستعيد الأشياءَ التي تُشْبِهُنِي
والأشجارَ التي كانَتْ تتبعُني..
والقِططَ الشاميّةَ التي كانت تُخَرْمِشُني
والكتاباتِ .. التي كانَتْ تكتُبُني..
أريدُ.. أن أفتحَ كُلَّ الجواريرْ(52/20)
التي كانتْ أمّي تُخبِّئُ فيها
خاتمَ زواجها..
ومسْبَحَتها الحجازيَّةْ..
بقيت تحتفظُ بها..
منذُ يوم ولادتي..
14
كلُّ شيءٍ يا سيِّدتي
دَخَلَ في (الكُومَا)
فالأقمارُ الصناعيّةْ
إنتصرتْ على قَمَر الشُعَرَاءْ
والحاسباتُ الالكترونيَّةْ
تفوَّقتْ على نشيد الإنشادْ..
وبابلو نيرودا...
أريدُ أن أُحبَّكِ، يا سيدتي..
قبل أن يُصْبحَ قلبي..
قِطْعَةَ غيارٍ تُباعُ في الصيدلياتْ
فأطِبَّاءُ القُلُوبِ في (كليفلاندْ)
يصنعونَ القلوبَ بالجُمْلَهْْ
كما تُصنعُ الأحذيَةْ....
16
السماءُ يا سيِّدتي، أصبحتْ واطِئَةْ..
والغيومُ العالية..
أصبحتْ تَتَسَكَّعُ على الأَسْْفَلتْ..
وجمهوريةُ أفلاطونْ.
وشريعةُ حَمُّورابي.
ووصايا الأنبياءْ.
صارت دون مستوى سَطْح البحرْ
ومشايخُ الطُرُقِ الصُوفِيَّة..
أن أُحِبَّكِ..
حتى ترتفعَ السماءُ قليلاً....
إنتصرتْ على قَمَر الشُعَرَاءْ
والحاسباتُ الالكترونيَّةْ
تفوَّقتْ على نشيد الإنشادْ..
وقصائدِ لوركا.. وماياكوفسكي..
وبابلو نيرودا...
15
أريدُ أن أُحبَّكِ، يا سيدتي..
قبل أن يُصْبحَ قلبي..
قِطْعَةَ غيارٍ تُباعُ في الصيدلياتْ
فأطِبَّاءُ القُلُوبِ في (كليفلاندْ)
يصنعونَ القلوبَ بالجُمْلَهْْ
كما تُصنعُ الأحذيَةْ....
16
السماءُ يا سيِّدتي، أصبحتْ واطِئَةْ..
والغيومُ العالية..
أصبحتْ تَتَسَكَّعُ على الأَسْْفَلتْ..
وجمهوريةُ أفلاطونْ.
وشريعةُ حَمُّورابي.
ووصايا الأنبياءْ.
وكلامُ الشعراء.
صارت دون مستوى سَطْح البحرْ
لذلكَ نَصَحني السَحَرةُ، والمُنجِّمونَ،
ومشايخُ الطُرُقِ الصُوفِيَّة..
أن أُحِبَّكِ..
حتى ترتفعَ السماءُ قليلاً....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> افتراضاتٌ رماديّة
افتراضاتٌ رماديّة
رقم القصيدة : 68963
-----------------------------------
1
صَعْبٌ عليَّ كثيراً.
أن أتصوَّرَ عالماً لا تكُونينَ فيهْ.
صَعْبٌ عليَّ أن أتصوَّرْ
بحراً لا يلبسُ قُبَّعتهُ الزرقاءْ..(52/21)
أو قَمَراً لا يستحِمُّ برَغْوَة الحليبْ..
أو نجمَةً لا تلبسُ أساورَها..
أو بَجَعَةً، لا تحترفُ رقْصَ ( الباليهْ)..
2
أن تدورَ الكواكبُ،
وأن ترتفعَ السنابلْ،
وتتكاثرَ الأسماكْ،
وتُثرثرَ الضفادعُ النهريَّةْ،
وتُغنّيَ صراصيرُ الغابةْ،
وتستديرَ أكوازُ الصُنَوبَرْ،
وتشتعلَ أشجارُ الكَرَزْ،
دون إشارةٍ منكْ.
صَعْبٌ جداً...
أن يكونَ هناكَ فصولٌ أربعةْ..
إذا لم تقرأي عليها مزاميرَكِ..
3
صَعْبٌ جداً...
أن تنجحَ ثورةٌ،
أو يَشْتَهِرَ رَجُلٌ
أو تطيرَ حَمَامَةٌ
دون إرادة نَهْدَيْكِ..
صَعْبٌ جداً...
أن يسقُطَ مَطَرٌ
خارجَ أقاليمكْ..
ويصيحَ ديكٌ، لا يقفُ كالمَلِكْ
على بياض رُكْبَتَيْكِ...
4
صَعْبٌ عليْ.
صَعْبٌ عليَّ كثيراً.
أن أتصوَّرَ تاريخاً، لا يُؤرِّخُكِ..
وكتابةً لا تكتُبُكِ..
وقصيدةً، لا تُشكّلينَ إيقاعها الرئيسيّْ
لا تشربُ من ينابيعكْ..
أو عَمَلاً تشكيليّاً لا يَسْتَلْهِمُكِ
أو منحوتةً من البرونز، أو الحَجَرْ
لا تكون على مقياس جَسَدِكْ..
5
صَعْبٌ عليّْ.
صَعْبٌ عليَّ كثيراً.
أن أتصوّرَ بُلْبُلاً..
لا يدخُلُ إلى الكونسرفاتوارْ..
أو فراشةً..
لا تدخُلُ أكاديميةَ الفنون الجميلهْ
أو وردةً لا تشتركُ
6
صَعْبٌ عليّْ.
صَعْبٌ عليَّ كثيراً..
أن أتصوَّرَ نهْداً..
لا يُنقِّطُ ذهباً..
وامرأةً.. لا تُنقِّطُ أنوثَةْ..
وعُيُوناً لا تُمْطِرُ كحْلاً..
وقصيدةً لا تُمطِرُ موسيقى..
7
صَعْبٌ عليَّ كثيراً..
أو مكاناً لا تملأينَ أبعادَهْ..
صَعْبٌ عليَّ أن أتصوَّرَ مقهى،
لا يحملُ رائحتكِ..
وشاطئاً رَمْليّاً
لا يحملُ آثارَ أقدامِكْ.
8
صَعْبٌ عليّْ.
أن أتصوَّرَ
وكيف يتشكَّلُ قَوْسُ قُزَحْ..
ولا تكونينَ معهْ..
وكيف يُشرقُ الشروقُ، ولا تكونينَ معهْ..
وكيف يغربُ الغروبُ، ولا تكونينَ معهْ..
وكيفَ تُعلنُ الحمائمُ زفافَها على شبابيكِنا..
ولا تكونينَ معي...
9
صَعْبٌ..
لا تكونينَ وراءَها..
لم تشتركي في كتابتِهْ..(52/22)
وصعبٌ، أن تتفوّقَ عاشقةٌ على نَفْسِهَا
لم تتلمَذْ على يَدَيْكِ...
10
صَعْبٌ..
أن يجلسَ رجلٌ وامرأةٌ على طاولة
ولا تتدخَّلينَ في صياغة حوارِهِمَا
وأن يتبادلا قُبْلةً طويلَهْ
لا تتدخَّلينَ في توقيتِها..
11
أن يَقْبَلَ عُمَّالُ النسيجِ
أن يصنعوا قميصاً من الحريرْ
إلاَّ لكِسْوَة نَهْدَيْكِ..
12
صَعْبٌ..
أن يكونَ في العالم عِطْرٌ
لا يُستقْطَرُ من أزهارِكْ
وأن يكونَ هناكَ نبيذٌ
13
أن يكتشفَ علماءُ الآثارْ
أبجَديَّةً..
ليس فيها حُرُوفُ اسْمِكْ...
14
صَعْبٌ..
أن يجدَ جسداً نموذجياً للنَحتْ
15
صَعْبٌ عليَّ أن أتصوَّرْ..
ماذا تفعلُ الشهورُ والأعوامُ.. بدونكْ
وماذا تفعلُ أيامُ الآحادِ.. بدونكْ
وماذا تفعلُ مقاعدُ الحدائقْ..
وأكشاكُ بيع الجرائدْ
بدونِكْ..
صعبٌ عليَّ أن أتصوَّرْ..
ماذا تفعلُ يدايَ ... بدونِكْ..
16
صَعْبٌ عليَّ - يا سيدتي-
أن أتصوَّرَ شَكلَ الشِعْرِ،
وشَكْلَ الحُريَّةِ..
بدونكْ...
أبجَديَّةً..
ليس فيها حُرُوفُ اسْمِكْ...
14
صَعْبٌ..
على ميكيل أنجلو
أن يجدَ جسداً نموذجياً للنَحتْ
أكْمَلَ من جَسَدِكْ...
15
صَعْبٌ عليَّ أن أتصوَّرْ..
ماذا تفعلُ الشهورُ والأعوامُ.. بدونكْ
وماذا تفعلُ أيامُ الآحادِ.. بدونكْ
وماذا تفعلُ مقاعدُ الحدائقْ..
والمكتباتُ..
وأكشاكُ بيع الجرائدْ
ومقاهي الرصيفْ..
بدونِكْ..
صعبٌ عليَّ أن أتصوَّرْ..
ماذا تفعلُ يدايَ ... بدونِكْ..
16
صَعْبٌ عليَّ - يا سيدتي-
صَعْبٌ جداً..
أن أتصوَّرَ شَكلَ الشِعْرِ،
بدونِكْ..
وشَكْلَ الحُريَّةِ..
بدونكْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> التوقيع
التوقيع
رقم القصيدة : 68964
-----------------------------------
هذا العطرُ..
الذي تضعينَهُ على جَسَدِكْ
هو مُوسيقى سائِلَهْ
وهو توقيعُكِ الخُصُوصيّْ
الذي لا يمكنُ تقليدُهْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عندما
عندما
رقم القصيدة : 68965(52/23)
-----------------------------------
عندما ترفعينَ يَدَكِ
عن دفاتري...
أُصبحُ قصيدةً من الخَشَبْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> سؤال
سؤال
رقم القصيدة : 68966
-----------------------------------
لا تسأليني: كيفَ حَالي؟
إذا كُنْتِ تُحِبِّينَني حقّاً...
إسْألي:
كيفَ حالُ أصابعي؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> وصايا إلى امرأة عاقلة
وصايا إلى امرأة عاقلة
رقم القصيدة : 68967
-----------------------------------
1
أُوصيكِ بجنوني خيراً..
فهو الذي يمنحُ نَهْدَكِ
شَكْلَهُ الدائريّْ
ويومَ، ينحسرُ نَهْرُ جُنُوني
سيصبحُ نَهْدُكِ مُكعَّباً..
مثلَ صندوق البَريدْ...
2
أوصيكِ بجُنوني خيراً..
فهو الذي يغسلكِ
بالماء.. والعُشْبِ.. والأزهارْ
ويومَ أرْفَعُ عنكِ يَدَ جُنُوني
ستتحوَّلينَ،
إلى امرأةٍ من خَشَبْ...
3
أُوصيكِ بجنوني خيراً..
فطالما أنا عُصَابيٌّ..
ومكتئبٌ..
ومُتَوتّرُ الأعصابْ
فأنتِ جميلةٌ جداً..
وحين تزولُ أعراضُ جنوني
ستدخلينَ في الشَيخُوخَهْ....
4
أوصيكِ بجنوني خيراً..
فهو رصيدُكِ الجَمَاليّْ
وثروتُكِ الكُبرى
ويومَ أسحبُ منكِ
كفالةَ جُنوني..
سيُشهِرُونَ إفْلاسَكِ..
5
أوصيكِ بجنوني خيراً..
فهو التاجُ الذي به تحكمينَ العالمْ
ويومَ تغيبُ شمسُ جُنُوني
سيسقُطُ تاجُكِ
ويُجرّدك الشعبُ من جميع سُلُطَاتِكْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عُنواني
عُنواني
رقم القصيدة : 68968
-----------------------------------
ليس لي إقامةٌ دائمةْ
في أيّ مَكَان.
إنَّ إقامتي الدائمة
هي على وَرَقَة الكتابَهْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> تحرُّّش
تحرُّّش
رقم القصيدة : 68969
-----------------------------------
إذا لم تستطعْ أن تكونَ مُدْهِشاً
فإيَّاكَ..
أن تتحرَّشَ بورقة الكتابَةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إنَّهُمْ يخطفونَ اللغة..إنَّهُمْ يخطفونَ القصيدةْْ..(52/24)
إنَّهُمْ يخطفونَ اللغة..إنَّهُمْ يخطفونَ القصيدةْْ..
رقم القصيدة : 68970
-----------------------------------
1
لا أدري ماذا أكتُبُ إليكِ؟
وفي زمن اللاحوارْ..
لا أعرفُ كيف أحاورُ يديْكِ الجميلتينْ.
وفي زمن الحُبّ البلاستيكيّْ
لا أجِدُ في كلِّ لغات الدنيا
جُمْلةً مُفيدَهْْ
أزيّنُ بها شَعْرَكِ الطريّْ..
كصُوف الكشْميرْ...
فالأشجارُ ترتدي الملابسَ المُرقَّطة
والقَمَرْ..
يلبسُ خُوذَتّهُ كلَّ ليلَةْ
ويقوم بدَوريَّةِ الحراسة
خلفَ شبابيكنا..
2
مخفرُ بوليسٍ كبيرْ
لكي نُثْبِتَ:
أننا لا نقربُ النِساءْ..
ولا نتعاطى إلاَّ العَلَفَ والماءْ..
ولا نعرفُ شيئاً عن زرْقَة البحرْ
وتُوركوازِ السَمَاءْْ.
وأنّنا لا نقرأ الكُتُبَ المقدَّسة
وليس في بيوتنا
مكتبةٌ.. ولا دفاترُ.. ولا أقلامُ رصاصْ
وأننا لا نزالْ
(أمواتاً عند ربِّهِم يُرْزَقُونْ).
3
في هذا الزَمن الذي باع كُلَّ أنبيائِهْ
ليشتريَ مكيِّفاً للهواءْ
ليقتنيَ جهازَ فيديو..
وقصيدةَ الشعرْ.. بحذاءْ.
في هذا الزمن المُدجَّجِ بموسيقى الجاز
وسراويل الجينزْ..
وشيكات (الأميركان إكسبرسْ).
في هذا الزمن الذي يعتبر سيلفستر ستالوني
أعظمَ من الإسكندر المقدوني..
ويصبحُ فيه مايكل جاكسونْ
أكثرَ شعبيةً من السيِّد المسيحْ..
أشعرُ بحاجةٍ للبكاء على كتفيكِ
قبل أن يفترسنا عصرُ الفورمايكا
وعصرُ تأجير الأرحامْ..
أشعرُ بحاجةٍ، يا حبيبتي،
لقراءةِ آخرِ قصيدةِ حُبٍٍّ، كتبتُها
قبلَ أن تُصبحي آخرَ النساءْ..
وأصبحَ أنا..
آخرَ حيوانٍ يقرضُ الشِعْر...
4
في زمن الميليشيات المثقَّفَه..
والكتابات المُفَخَّخَهْ..
والنقد المسلَّح..
في زمن الأيديولوجياتِ الكاتمةِ للصوتْ
والفتاوى الكاتمةِ للصوتْ
بسبب أنوثتها..
وخَطفِ المرأةِ
بسبب شمُوخ نَهْديْها..
وخَطْفِ اللّغَةْ
بسبب أسفارها الكثيرةِ إلى أوربا
وخطفِ الشاعرْ..
بسبب عَلاقاتِهِ المشبُوهَه(52/25)
مع رامبو.. وفيرلين.. وبول ايلور.. ورينه شارْ
وغيرهم من الشعراء الصليبييّنْ
في زمن المسدّس الذي لا يقرأ.. ولا يكتُبْ.
أقرأُ في كتاب عينيكِ السوداوَينْ
كما يقرأ المعتقلُ السياسيّْ
كتاباً ممنوعاً عن الحريّهْ..
وكما يفرح المسجون
بعلْبَةِ سجائرٍ مُهرَّبهْ...
5
في زمن هذا الإيدز الثقافيّْ
الذي أكل نصفَ أصابعنا.. ونصفَ دفاترنا
ونصفَ ضمائرنا..
في زمن التلوث الذي لم يترك لنا غصناً أخضر
ولا حرفاً أخْضَرْ..
في زمن الكَتَبَةِ الخارجينَ من رحمِ النَفْطْ
والبقيّةُ تأتي...
صارَ فيه (وُوْ سترِيتْ)
أهمَّ من سُوق عُكاظْ
وسلطانُ بن بروناي
أهمَّ من أبي الطيب المُتنبِّي..
كما تلتجئُ الحمامةُ إلى بُرْج كاتدرائيهْ
وكما تتخبأُ غَزَالَةٌ بين القَصَبْ
من بواريد الصيَّادينْ...
6
في عصر أدبِ الأنابيبْ..
والأدباءِ.. الذين تُربِّيهُمُ السلطةُ في الأنابيبْ.
في زَمَنٍ صار فيه الغَزَلُ بالكومبيوتر..
واللُّواطُ الفكريّ بالكومبيوتر..
وهزُّ الأرْدَاف.. بالكومبيوترْ..
وهزُّ الأقلام.. بالكومبيوترْ..
في هذا الزمن الذي تساوت فيه تسعيرةُ الكاتب
وتسعيرةُ المومِسْ...
حيثُ السباحةُ لا تزالُ ممكنَهْ..
7
في زَمَنٍ يخافُ فيه القلمُ من الكلام مع الورقَهْ.
ويخافُ فيه الرضيعُ من الاقتراب من ثدي أُمّه..
ويخافُ فيه الليلُ أن يمشيَ وحدَهُ في الشارع
وتخافُ فيه الوردةُ من رائحتها..
والنَهْدَانِ من حَلْمَتَيْهِمَا..
والكُتُبُ من عناوينها..
في زمنٍ.. لا فَضلَ فيه لعربيٍّ على عربيّْ
إلاَّ بالقدرةِ على الخوفْ..
والقدرةِ عل البُكَاءْ..
أنادي عليكِ..
والتي كتبتها على دفترٍ مدرسيٍّ صغيرْ
حتى لا يسقطَ بين أنياب المتوحَشِينْ...
8
في زَمَنٍ..
سافر فيه اللهُ.. دونَ أن يتركَ عُنْوانَهْْ.
أتوسَّلُ إليكِ..
أن تظلّي معي.
حتى تظلَّ السنابلُ بخير
والجداولُ بخَيرْ...
والحريَّةُ بخيْر...
وجُمْهُوريةُ الحبِّ.. رافعةً أعلامَها...(52/26)
بكل الكلمات التي أحفظُها من زمن الطفوله
والتي كتبتها على دفترٍ مدرسيٍّ صغيرْ
طَمَرتُهُ في حديقةِ البيت..
حتى لا يسقطَ بين أنياب المتوحَشِينْ...
8
في زَمَنٍ..
سافر فيه اللهُ.. دونَ أن يتركَ عُنْوانَهْْ.
أتوسَّلُ إليكِ..
أن تظلّي معي.
حتى تظلَّ السنابلُ بخير
والجداولُ بخَيرْ...
والحريَّةُ بخيْر...
وجُمْهُوريةُ الحبِّ.. رافعةً أعلامَها...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إلى نصف عاشقة
إلى نصف عاشقة
رقم القصيدة : 68971
-----------------------------------
تحركي خطوةً.. يا نصفَ عاشقةٍ
فلا أريدُ أنا أنصافَ عشاقٍ
إن الزلازلَ طولَ الليل تضربني
وأنت واضعةٌ ساقاً على ساق
وأنت آخر من تعنيه مشكلتي
ومن يشاركني حزني وإرهاقي
تبلّّلي مرةً بالماء .. أو بدمي
وجرِّبي الموتَ يوماً فوق أحداقي
أنا غريبٌ.. ومنفيٌ.. ومستَلَبُ
وثلج نهديكِ غطّى كل أعماقي
أمن سوابقِ شعري أنت خائفة
أمن تطرُّفِ أفكاري، وأشواقي
لا تحسبي أنّ أشعاري تناقضني
فإنَّ شعري طفوليٌّ كأخلاقي...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الدفاتر القديمة
الدفاتر القديمة
رقم القصيدة : 68972
-----------------------------------
أيتها الرفيعة التهذيب، والرجعية الآراء
يا امرأةً تصرُّ أن تكون بين الأرضِ والسماءْ..
لربما كانَ من الغباءْ
أن نفتح الدفاترَ القديمهْ
ونرجع الساعةَ للوراءْ..
وربما كان من الغفلةِ والغرورْ..
أن يدَّعي الإنسانُ أنَّ الأرض لا تدورْ
والحب لا يدورْ..
والغرفَ الزرقاءَ بالعشاقِ لا تدور..
وربما كان من الغباءْ..
أن نتحدى دورةَ الفصول..
ومنطق الأشياءْ
ونخرج الأزاهرَ الحمراءَ من عباءةِ الشتاءْ..
وربما كان من الغباءْ
أيتها الرفيعة التهذيب، والرجعيةُ الآراءْ
بعد ثلاثينَ سنهْْ..
أن نبدأ الحديثَ من أوَّلِهِ..
فالطائر الذكيُّ لا يكررُ الغناءْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ياسمين دمشق
ياسمين دمشق
رقم القصيدة : 68973(52/27)
-----------------------------------
الياسمينُ الدمشقيّْ
لهُ أظافرُ بيضاءْ..
تثقبُ جدرانَ الذاكرَةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> المبدوعون
المبدوعون
رقم القصيدة : 68974
-----------------------------------
كُلُّ المبدعينَ الكبارْ
كانوا في حالة صدامٍ مع العَالَمْ.
من كافْكا،
إلى فان كُوخْ،
إلى صاموئيل بيكيتْ
إلى سيلفادور دالي
إلى عُروة بنِ الوردْ
والذينَ لا يصطدمونَ بشيءْ..
لا يُبدعونَ شيئاً...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> المَسْلَخ
المَسْلَخ
رقم القصيدة : 68975
-----------------------------------
1
ليسَ سوى مَسْلَخٍ للنساءْ
هنا الديكُ يحكُمُ وَحدَهْ.
كما الثورُ يحكُمُ وحدَهْْ.
كما القِردُ يحكُمُ وحدَه.
كما الحاكمُ الفَرْدُ في العالم العربيِّ
يُغنِّي... ويَسْمَعُ وحْدَهْ.
فلا من حوارٍ..
ولا من سؤالٍ..
ولا من جوابْ..
2
مُعْتَقَلٌ عَسْكَريٌّ
وكَسْرُ عظامٍ
وفيه سِياطٌ..
وجَلْدٌ..
وفيه اغتصابْ...
3
هُنا ..
مَصْنَعٌ جاهليٌّ قديمٌ
وتجليدِ شدو الحَمَامْ..
يتطاير ريشُ الدّجّاجْ
وتَلْمعُ، فوق الفِراشِ
عيونُ الذئابْ..
هنا الجِنْسُ..
أشْبَهُ في حَفَلاتِ (الكوريدَا)
فتُطعَنُ فيه النُهُودُ..
وتُسْفَكُ فيه الدماءْ.
هُنا.. يذبحونَ المَهَا..
وعُيُونَ المَهَا..
ولا يَسْمَحُونَ لها بالبكاءْ..
4
هناكَ رجَالٌ..
يرونَ النساءَ مُجرَّدَ ثُقْبٍ..
وحَفْلَةَ جِنْسِ..
هناكَ رجالْ.
لُعبَةُ سيفٍ وتُرْسِ..
يُضَاجعْنَ كُلَّ ذكور القبيلةِ
دونَ رضاءٍ.. ودونَ اشتهاءٍ.
ومن غير نَفْسِ..
5
هناكَ رجالٌ.
يُحبُّونَ مثلَ الجواميسِ
من غيرِ فِكْرٍ..
ومن غير حِسِّ..
أنا لستُ من هؤلاء الرجالِ
فصَعبٌ عليَّ ممارسةُ الحُبِّ
5
هناكَ رجالٌ.
يُحبُّونَ مثلَ الجواميسِ
من غيرِ فِكْرٍ..
ومن غير حِسِّ..
أنا لستُ من هؤلاء الرجالِ
فصَعبٌ عليَّ ممارسةُ الحُبِّ
من غير رأسي..(52/28)
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> صُنِعَ في طوكيو
صُنِعَ في طوكيو
رقم القصيدة : 68976
-----------------------------------
أيا امرأةً..
من زُجاجٍ وقُطْنٍ..
سأرمي بنفسي من الطابقِ المِئَتينِ
اكْتئاباً.. وغُرْبَه
فماذا سأفعلُ فيكِ؟
أيا امرأةً وَضَعُوها بعُلبَهْ..
صحيحٌ.. بأنَّ ثيابَكِ أثوابُ لُعْبَهْ..
وَمَكياجَ وجْهِكِ.. مكْياجُ لُعْبَهْ..
ولكنني لستُ أخلُطُ
بين أمور الفِراشِ..
وبين أمور المَحَبَّهْ.
أيا امرأةً..
وصَلَتْني بكيسِ البريدِ..
أحاولُ تحريضَ عقليكِ..
من دون جدوى،
وكيفَ أُحاولُ تثقيفَ لُعْبَهْ؟؟
أيا امرأةً..
صَنَعُوها بطوكيو
لأَعْرِفُ أنكِ وَحْشٌ جميلٌ..
وكنْزٌ جميلٌ..
ولكنَّني لا أُحِسُّ بأيَّة رغْبَهْ....
أنا آسفٌ..
إن جرحتُ شُعُورَكِ
لكنّني...
لا أُحِسُّ بأيَّةِ رغْبَهْ...
فَعُودي إلى عُلبة المُخْمَل القُرْمُزيِّ
فإنَّ شُرُوطي في الحبِّ صَعْبَهْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> جَسَدْ
جَسَدْ
رقم القصيدة : 68977
-----------------------------------
وعلى الشاعر الذي يريدُ
أن يمارسَ الحبَّ معها..
أن يكون على مستواها الحضاريّْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> السَفَرُ الملحَّن
السَفَرُ الملحَّن
رقم القصيدة : 68978
-----------------------------------
يُعْجبني
ركوبُ قطارات السِكَّة الحديديَّةْ
إنها نوعٌ من السَفَر المُلَحَّنْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إسترجاع السماء
إسترجاع السماء
رقم القصيدة : 68979
-----------------------------------
هل يكفي كلُّ ما نكتُبُه من شِعْر؟
لاسترجاع سنتمترٍ واحدْ
من هذه السماء الزرقاءْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أنا والفُصُول
أنا والفُصُول
رقم القصيدة : 68980
-----------------------------------
لم يكُنِ الربيعُ صديقي
في يومٍ من الأيامِْ.
ولا تحمَّسْتُ
لطَبَقات الطلاءِ الحمرِ، والأزْرَق(52/29)
التي يضعُها على وجهه..
ولا للأشجار التي تُقَلِّدُ
راقصات الـ (فولي بيرجيرْ)
الخريفُ وحدَه..
هو الذي يُشْبِهُني.
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> سايكُولُوجيّةُ قِطَّة
سايكُولُوجيّةُ قِطَّة
رقم القصيدة : 68981
-----------------------------------
1
وعدوانيّةُ سَمَك القِرْشْ..
ليس لكِ وطنٌ نهائيّّْ..
ولا رجُلٌ نهائيّْ..
شَهَواتُكِ مؤقَّتَةْ
وعُشَّاقكِ مؤقَّتونْ
وإقامتُكِ المعروفةْ
هي تحتَ معاطف الرجال..
وفي غمائم التبغْ..
ورائحةِ القهوَةْ...
2
ولا يلتزمانِ بقواعد المُرُورْ..
لأنَّ الريحَ لا تُعلَّبْ.
ولا من الممكن اعتقالُ أُنوثتكِ
لأنَّ البرقَ.. لا يُوضَعُ في قارورة.
لا تستقرّينَ على غصن َشجَرة
ولا على ذراع رَجُلْ..
تلهثين وراءَ كلِّ القطاراتْ
وليسَ لكِ أَرْصِفَةْ..
وتُبْحِرينَ على كلّ السُفُنْ..
وليس لكِ مَوَانيءْ..
وتُصاحبينَ قبائلَ من الرجالْ
ولكنَّهُم في آخر الليلْ..
ينامونَ في حقيبة يدِكْ..
3
لا أريدُ تحديدَ إقامتكْ
فصعبٌ جداً..
ولا أرغبُ في رَسْم مساراتِكْ
وعطرُكِ يخترقُ رُجُولةَ الرجالْ
كأشعّة اللايْزِر...
4
لستِ بحاجةٍ إلى معارفي
فأنتِ مَوْسُوعَةُ عِشقْ...
ولستِ بحاجةٍ إلى حكمتي
وأيديولوجيّاتي المسرُوقة من الكُتُب
كما يُفْرِزُ الثَدْيُ حليبَهْ..
والقصيدةُ مُوسيقاها...
5
لا أريدكِ أن تتخلَّيْ
عن شَعْرةٍ واحدةٍ من بُوهيميَّتِكْ
أو عن ظفرٍ واحدْ..
من أظافركِ المتوحشَّةْْ.
لا أريدُك أن تستبدلي جِلْدَكِ
بجِلْدٍ جديدْ..
وفَوْضَاكِ الرائعةْ...
وجُنُونُكِ..
هو أرقى حالةٍ من حالات العقلْ...
6
إنني أقبَلُكِ كما أنتِِ..
بخُبْثكِ..
ومَكْرِكِ...
وبَهْلَوَانيّاتِكِ..
وتعدُّدِيتِكْ...
لن يُفيدَ معكِ اللُّطْفُ.. ولا العُنفْ.
ولا إصلاحيَّاتُ الأحداثْ.
فقد خَلَقَكِ اللهُ هكذا...
وأيَّةُ محاولةٍ لقَتْلِكْ
واغتيالاً للشعرْ...
7
إرمي جميعَ كلماتي في البحرْ..(52/30)
وتصرَّفي بحماقة زَلْزَالْ..
فبينَ نَهْدَيْكِ.. ثيرانُ إسبانيَّهْ
لا أستطيعُ مقاومتها.
وبينَ شَفَتَيْكِ.. قبائلُ بدائيَّهْ
لا أريدُ تحضيرها..
وعلى حَلْمَتَيْكِ.. كِتاباتٌ سِرْياليَّهْ
لا قُدْرَةَ لي على شَرحِها..
وداخلَ سُرَّتِكِ.. آبارٌ أُرتُوَازيَّهْ
لا أريدُ اكتشافَها..
لستِ بحاجةٍ إلى ثورتي
ولستِ بحاجةٍ إلى شِعْري
لِتُغيّري لونَ البحر..
فمن أنوثتكِ يبدأُ كلُّ شيءْ.
وبأنوثتكِ ينتهي كُلُّ شيءْ..
وبينَ شَفَتَيْكِ.. قبائلُ بدائيَّهْ
لا أريدُ تحضيرها..
وعلى حَلْمَتَيْكِ.. كِتاباتٌ سِرْياليَّهْ
لا قُدْرَةَ لي على شَرحِها..
وداخلَ سُرَّتِكِ.. آبارٌ أُرتُوَازيَّهْ
لا أريدُ اكتشافَها..
8
لستِ بحاجةٍ إلى ثورتي
لتُغيّري هذا العالَمْْ..
ولستِ بحاجةٍ إلى شِعْري
لِتُغيّري لونَ البحر..
فمن أنوثتكِ يبدأُ كلُّ شيءْ.
وبأنوثتكِ ينتهي كُلُّ شيءْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> المعطف
المعطف
رقم القصيدة : 68982
-----------------------------------
عندما تقرّرينَ
أن تذْهبي مع رجُلٍ آخرْ
لا تنسَيْ أن تأخذي معكِ
مِعْطفَ المَطَرْ.
فالجوُّ مُتَثَلِّبْ...
والرياحُ باردَه..
وأخشى، أن ينسى صديقُكِ الجديدْ
أن يضَعَكِ في جيب معطفِهِ ..
كما كنتُ أَفْعَلْ.....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> شُمُوس
شُمُوس
رقم القصيدة : 68983
-----------------------------------
تذهبُ المرأةُ السويديَّةُ
إلى البحرْ..
لتصبغَ جلدَها كالنساء الإفريقيَّاتْ...
من الذي يستطيعُ أن يُقْنعَها
أن صِبَاغَ الجِلدْ
مختلفٌ عن صباغ الأعماقْ
وأنَّ أشعَّةَ الشمس وحْدَها،
لا تَصْنَعُ امرأةْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الغابةُ السوداء
الغابةُ السوداء
رقم القصيدة : 68984
-----------------------------------
عَيْناكِ..
مَجْهُولانِ نائمانِ في عباءة المجْهولْ.
وغابةٌ مُقْفَلةٌ..
لا أحدٌ يغرفُ ما يحدثُ في داخِلِها،(52/31)
فبعضُهمْ،
يقولُ فيها أُممٌ مَنْسِيَّةٌ
وبعضُهُمْ،
يقولُ في أعماقِها، جِنِّيَةٌ
وبعضُهُمْ، يقولُ فيها غُولْ...
لا أحَدٌ..
يعرفُ ما يحدثُ في الغابة من عجائبٍ
لا أحدٌ يجرؤُ أن يَقُولْ.
فالليلُ فيها ضائعٌ
والذئبُ فيها جائعٌ
والرَجُلُ الأبيضُ، فوقَ رُمْحِهِ، مقتولْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> نبيذ
نبيذ
رقم القصيدة : 68985
-----------------------------------
لا أدري،
مَنْ منكُما يشربُ الآخَرْ؟
أأنتِ التي تشربين النبيذْْ؟
أم هُوَ الذي يشربُكِ؟؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> على الطبيعة
على الطبيعة
رقم القصيدة : 68986
-----------------------------------
محاضراتُكِ الطويلةُ عن الحُبّْ
وأنتِ مُتَمدِّدةٌ أمامي على شاطئ البحرْ
كسُنْبُلةٍ من الذَهَبْ..
تُشَوِّشُ أفكاري.
أُسْكُتي قليلاً..
حتى أتمكّنَ من مُذاكرة دُرُوسي
على الطبيعةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الدُمْية
الدُمْية
رقم القصيدة : 68987
-----------------------------------
أخاطبُ عَقْلَكِ من غير طائِلْ..
أُخَاطِب فِكْرَكِ من غير طائلْ...
أخاطِبُ فيكِ الثقافةَ..
من غير طائِلْ..
ولكنَّني، لا أرى غيرَ جِسْمٍ مُثيرٍ
وأسمَعُ في قَدَمَيْكِ
رنينَ الخلاخِلْْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الحصار
الحصار
رقم القصيدة : 68988
-----------------------------------
الشَعْرُ مَحْلُولٌ على آخِرِهْ
والنَهْدُ، ديكٌ أحْمَرُ المنقَارْ
وإنَّني محاصرٌ من الجهات الأربعَهْ
بالكُحْلِ.. والأساوِرْ..
والخَوْخِ.. والرُمَّانِ.. والأنْهَارْ
وأسألُ اللهَ تعالى،
أن يُديمَ نِعمَة الحِصَارْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إلى صديقةٍ خائفة
إلى صديقةٍ خائفة
رقم القصيدة : 68989
-----------------------------------
لا تَعْبَأي..
إنْ ردَّدُوا أسماءَنا
في هذه المدينةِ الثَرْثَارةِ.. الواشِيَةِ..
القبيحَهْْ..(52/32)
فليسَ في العالم ما يُطْرِبُني
أكثرَ من أنْ يَقْرعُوا من حولِنا
كُلَّ صباحٍ،
جَرَسَ الفضيحَهْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> نداء.. نداء.. نداء..
نداء.. نداء.. نداء..
رقم القصيدة : 68990
-----------------------------------
أنا واقعٌ في وَرْطَتَيْنِ كبيرتَيْنِ
فحاولي، أن تُنْقِذِيني
إنَّ الطريقَ إلى الكتابةِ،
كالطريقِ إلى الجُنُونِ!!
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> في الفنّ المعماري
في الفنّ المعماري
رقم القصيدة : 68991
-----------------------------------
أنتِ النصُّ الذي لم يُكْتَبْ مثلُهُ.. بَعْدْ...
وبقيَّةُ النساء هوامشْ.
أنتِ الجَسَدُ المدروسْ
نقْطةً نُقْطةْ.
وحَطَّاً خَطَّاً.
وزاويةً زاويةْ.
وبقيَةُ الأجسادْ
محاولاتٌ معماريَّةٌ متواضِعَةْ.
أنتِ السمفونيَّةُ الكُبْرى
وبقيَّةُ النساءْ،
دوْزَنَاتْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عَوَاصِفُنا الجميلة
عَوَاصِفُنا الجميلة
رقم القصيدة : 68992
-----------------------------------
لنا مزاجيَّةُ البحرَ
وجُنونُهُ.. وتحوُلاتُهْ
ولنا أيضاً.. مُرَاهقَةُ الزَبَدْ..
وحَمَاقَةُ الأمواجْ..
نقاتِلُ بعضَنا بعضاً
ونكسِرُ بعضنا بعضاً
وعندما تهدأ العاصفَةْ
نَتَدَحْرَجُ على الرملْ
كطفلينِ في عطلتهما المدرسيَّةْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ستراتيجيَّة
ستراتيجيَّة
رقم القصيدة : 68993
-----------------------------------
القتالُ معكِ.. بين الحينِ والحين
والإشتباكُ مع نَهْديكِ
بالسلاحِ الأبيضْ...
ضرورةٌ ستراتيجيَّة..
حتى تظلَّ شرايينُ الحبّ مَفْتُوحةْ
وحتى لا يُصابَ القلبْ
بجَلْطَةٍ عاطفيَّةْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> المكافأة
المكافأة
رقم القصيدة : 68994
-----------------------------------
كانتْ أُمّي
حين أبوسُ يَدَيْها
تُعْطِيني قِرْشاً
وإذا قَبَّلتُ امْرأةً من شَفَتَيْها
تُعطيني قِرشَيْنْ...(52/33)
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عن المقاهي
عن المقاهي
رقم القصيدة : 68995
-----------------------------------
مقاهي العالم
هي الأكاديميَّاتُ التي يتخرَّجُ منها العُشَّاقْ
وحينَ تُقْفَلُ هذه الأكاديميَّاتُ أبوابها
تنتهي ثقافةُ الحُبّْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> سَمَك
سَمَك
رقم القصيدة : 68996
-----------------------------------
لا أريدُ..
أن أحتفظَ بكِ في ذاكرتي
كسَمَكةٍ مُجَلَّدَةْ...
أريدكِ أن تكوني
مُشْتَعلةً بالأسئلةْ..
ودائمة التحوّلاتِ، كالبحرْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ديانة
ديانة
رقم القصيدة : 68997
-----------------------------------
حين يقولُ،
العاشقُ لمعشوقتِهْ
(إنّني أعبُدُكِ)
فإنّهُ يؤكّدُ - دونَ أن يدري-
أنَّ الحبَّ ديَانةٌ ثانيةْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> رقمٌ قياسيّ
رقمٌ قياسيّ
رقم القصيدة : 68998
-----------------------------------
أنتِ أوّلُ لُعْبَةٍ
قاوَمَتْ بينَ يديْ
أكثرَ من أربع وعشرينَ ساعةْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> رائحة
رائحة
رقم القصيدة : 68999
-----------------------------------
الشجرةُ تفقدُ أوراقَها
والشفةُ تفقدُ استدارتها
والأنوثةُ تفقد أنوثَتَها...
إلاَّ رائحتَكِ..
فَهْيَ ترفُضُ أن تمرَّ
من ثُقُوب الذاكرَهْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أمشاطَ ليلى العامريَّهْ
أمشاطَ ليلى العامريَّهْ
رقم القصيدة : 69000
-----------------------------------
12
حتى تنتصرَ القصيدةْ...
على المسدَّسِ الكاتِمِ للصوتْ..
وينتصرَ التلاميذْ
على الغازات المُسيلَةِ للدموعْ
وتنتصرَ الوردةْ..
على هَرَاوةِ رَجُل البوليسْ
وتنتصر المكتباتْ..
على مصانع الأسلحةْ...
13
حتى أستعيد الأشياءَ التي تُشْبِهُنِي
والقِططَ الشاميّةَ التي كانت تُخَرْمِشُني
والكتاباتِ .. التي كانَتْ تكتُبُني..(52/34)
أريدُ.. أن أفتحَ كُلَّ الجواريرْ
التي كانتْ أمّي تُخبِّئُ فيها
خاتمَ زواجها..
وأساوِرَها الذهبيّةَ المبْرُومَةْ..
ومسْبَحَتها الحجازيَّةْ..
وخُصْلةً من شَعْْري الذهبيّْ.
بقيت تحتفظُ بها..
منذُ يوم ولادتي..
14
كلُّ شيءٍ يا سيِّدتي
دَخَلَ في (الكُومَا)
إنتصرتْ على قَمَر الشُعَرَاءْ
تفوَّقتْ على نشيد الإنشادْ..
وقصائدِ لوركا.. وماياكوفسكي..
وبابلو نيرودا...
15
أريدُ أن أُحبَّكِ، يا سيدتي..
قبل أن يُصْبحَ قلبي..
قِطْعَةَ غيارٍ تُباعُ في الصيدلياتْ
فأطِبَّاءُ القُلُوبِ في (كليفلاندْ)
كما تُصنعُ الأحذيَةْ....
السماءُ يا سيِّدتي، أصبحتْ واطِئَةْ..
والغيومُ العالية..
أصبحتْ تَتَسَكَّعُ على الأَسْْفَلتْ..
وجمهوريةُ أفلاطونْ.
وشريعةُ حَمُّورابي.
ووصايا الأنبياءْ.
صارت دون مستوى سَطْح البحرْ
ومشايخُ الطُرُقِ الصُوفِيَّة..
أن أُحِبَّكِ..
حتى ترتفعَ السماءُ قليلاً....
وجمهوريةُ أفلاطونْ.
وشريعةُ حَمُّورابي.
ووصايا الأنبياءْ.
وكلامُ الشعراء.
صارت دون مستوى سَطْح البحرْ
لذلكَ نَصَحني السَحَرةُ، والمُنجِّمونَ،
ومشايخُ الطُرُقِ الصُوفِيَّة..
أن أُحِبَّكِ..
حتى ترتفعَ السماءُ قليلاً....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أحاولُ إنقاذَ آخِرِ أُنْثَى قُبَيْلَ وُصُول التتارْ.
أحاولُ إنقاذَ آخِرِ أُنْثَى قُبَيْلَ وُصُول التتارْ.
رقم القصيدة : 69001
-----------------------------------
1
أَعُدُّ فناجينَ قهوتِنَا الفارغاتِ،
وأمضَغُ..
آخرَ كَسْرَةِ شِعْرٍ لديَّ
وأضربُ جُمْجُمَتي بالجدارْ..
أعُدُّكِ.. جُزءاً فجزءاً..
قُبيلَ انسحابكِ منّي، وقَبْلَ رحيلِ القطارْ.
أعُدُّ.. أناملكِ الناحلاتِ،
أعدُّ الخواتمَ فيها..
أعدُّ شوارعَ نَهْدَيكِ بيتاً فبيتاً..
أعُدُّ الأرانبَ تحت غِطاءِ السريرِ..
أعدُّ ضلوعَكِ، قبلَ العِناقِ.. وبعدَ العناقِ..
أعُدُّ مسَاَمات جِلْدِكِ.. قبل دُخُولي، وبعد خُرُوجي
وقبلَ انتحاري .(52/35)
وبَعدَ انتحاري .
2
أعُدُّ أصابعَ رِجْلَيكِ..
كي أتأكَّدَ أن الحريرَ بخيرٍ..
وأنَّ الحليبَ بخيرٍ..
وأنَّ بيانُو (مُوزارْتٍ) بخيرٍ..
وأنَّ الحَمَام الدمشقيَّ..
مازالَ يلعبُ في صحن داري.
أعُدُّ تفاصيلَ جِسمِكِ..
شِبراً.. فشِبرا..
وبَرَّاً.. وبَحْرا..
وساقاً.. وخَصْرا..
ووجهاً.. وظهرا..
أعُدُّ العصافيرَ..
تسرُقُ من بين نَهْدَيْكِ..
قمْحاً، وزهْرَا..
أعُدُّ القصيدةَ، بيتاً فبيْتاً
قُبيْلَ انفجار اللُّغاتِ،
وقبلَ انفجاري.
أحاولُ أن أتعلَقَ في حَلْمَة الثدْيَ،
قبل سُقوط السَمَاء عليَّ،
وقبل سُقُوط السِتَارِ.
أُحاولُ إنقاذَ آخرِ نهْدٍ جميلٍ
وآخرِ أُنثى..
قُبيلَ وُصُولِ التَتَارِ..
4
أقيس مساحةَ خَصْركِ
قبل سُقُوط القذيفةِ فوق زجاج حُرُوفي
وقبلَ انْشِطاري.
أقيسُ مساحةَ عِشقي، فأفشلُ
كيفَ بوسع شراعٍ صغيرٍ
كقلبي،
اجتيازَ أعالي البِحَارِ؟
أقيسُ الذي لا يُقاسُ
فيا امرأةً من فضاء النُبُوءَاتِ،
هل تقبلينَ اعتذراي؟
5
أعُدُّ قناني عُطُوركِ فوق الرُفُوفِ
فتجتاحُني نَوْْبةٌ من دُوارِ..
وأُحصِي فساتينكِ الرائعاتِ،
فأدخُلُ في غابةٍ
من نُحاسٍ ونارِ..
سَنَابلُ شَعرِكِ تُشْبِهُ أبعادَ حُريتي
وألوانُ عَيْنَيْكِ،
فيها انْفِتَاحُ البَرَاري.
6
أيا امرأةً .. لا أزالُ أعدُّ يديها
وأُخطئُ..
بينَ شُرُوق اليدينِ.. وبينَ شُرُوق النَهَارِ.
أيا ليتَني ألتقيكِ لخَمْسِ دقائقَ
بين انْهِياري.. وبينَ انْهِياري.
هي الحَرْبُ.. تَمْضَغُ لحمي ولَحْمَكِ...
ماذا أقولُ؟
وأيُّ كلامٍ يليقُ بهذا الدَمَارِ؟
أخافُ عليكِ. ولستُ أخافُ عليَّ
فأنتِ جُنُوني الأخيرُ..
وأنتِ احتراقي الأخيرُ..
وأنتِ ضريحي.. وأنتِ مَزَاري..
7
أعُدُّكِ..
بدءاً من القُرْطِ، حتَّى السِّوارِ..
ومن منبع النَهْرِ.. حتى خليجِ المَحَارِ..
أعدُّ فناجينَ شهوتنا
ثم أبدأُ في عَدِّها من جديدٍ.
لعلّي نسيتُ الحسابَ قليلاً
لعلّي نسيتُ الحسابَ كثيراً(52/36)
ولكنني ما نسيتُ السلامَ
على شجر الخَوْخ في شفتيكِ
ورائحةِ الوردِ، والجلَّنارِ.
8
أُحبُّكِ..
يا امرأةً لا تزال معي، في زمان الحصارِ
أُحبُّكِ..
يا امرأةً لا تزالُ تقدِّمُ لي فَمَها وردةً
في زمانِ الغُبَارِ.
أحبُّكِ حتى التقمُّصِ، حتى التوحُّدِ،
حتى فَنَائيَ فيكِ، وحتى اندثاري.
أُحِبُّكِ..
لا بُدَّ لي أن أقولَ قليلاً من الشّعرِ
قبلَ قرارِ انتحاري.
أُحبُّكِ..
لا بُدَّ لي أن أحرِّرَ آخرَ أُنثى
قُبيلَ وصول التَتَارِ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لا تُحسبينَ جميلةً
لا تُحسبينَ جميلةً
رقم القصيدة : 69002
-----------------------------------
لا تُحسبينَ جميلةً جداً
إذا أُخذت مقاييسُ الجمالِ..
لا تُحسبينَ مثيرةً جداً..
إذا دار الحديثُ عن الغوايةِ والوصالِ
لا تُحسبينَ خطيرةً جداً..
إذا كان الهوى..
معناه أن تتحكمَ امرأةٌ بأقدارِ الرجالِ
لكن شيئاً فيكِ سرياً..
وصوفياً.. وجنسياً.. وشعرياً..
يحرضني.. ويقلقني.. ويأخذني
إلى ألف احتمالٍ واحتمالِ..
لا تُحسبينَ جميلةً جداً..
لكن شيئاً فيك يخترق الرجولة،
مثلَ رائحة النبيذ، ومثلَ عطر البرتقالِ..
شيئاً يفاجئني..
ويحرقني..
ويغرقني..
ويتركني بين الحقيقة والخيالِ
لا تحسبين جميلةً..
لكن شيئاً فيكِ مائياً..
طفولياً.. بدائياً.. حضاريّاً..
عراقياً .. وشامياً..
يكلمني..
ويرفض أن يجيبَ على سؤالي..
لا تحسبين جميلةً..
لكن شيئاً فيكِ أقنعني..
وعلَّمني القراءةَ، والكتابةَ،
والحروف الأبجديّهْ
فإذا بسنبلةٍ تمشط شعرها في راحتيه
وإذا بعصفورٍ صغيرٍ جاء يشربُ
من مياهي الداخلية
اللّهَ.. كم هو رائعٌ..
أن تصبح امرأةٌ قضّيهْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> هل هذه علامة؟
هل هذه علامة؟
رقم القصيدة : 69003
-----------------------------------
لم أتأكد بعدُ، يا سيدتي، من أنت..
هل أنتِ أنثايَ التي انتظرتها؟
أم دمية قتلتُ فيها الوقت
لم أتأكد بعدُ، يا سيدتي(52/37)
فأنت في فكري إذا فكرت..
وأنت في دفاتري الزرقاء..
إن كتبت..
وأنت في حقيبتي..
إذا أنا سافرت
وأنتِ في تأشيرة الدخولِ،
في ابتسامة المضيفة الخضراءِ،
في الغيم الذي يلتفُّ كالذراع..
حولَ الطائرة
وأنت في المطاعمِ التي تقدم النبيذَ،
والجبنَ بباريسَ، وفي أقبية المترو التي
يفوحُ منها الحبُّ، و (الغولوَاز)..
في أشعار (فرلين) التي تباعُ
عند الضفة اليسرى من (السينِ)
وفي أشعار (بودليرَ) التي تدخلُ
مثل خنجرٍ مفضضٍ.. في الخاصرة..
وأنت في لندن، تلبسينني
ككنزةٍ صوفيةٍ عليك إن بردت
وأنتِ في مدريدَ،
في استوكهولمَ،
في هونكونغَ،
عند سدِّ الصينٍ،
ألقاكِ أمامي حيثما التفتّ..
في مطعم الفندق، في مشربهِ..
أراكِ في كأسي إذا شربت
أراكِ في حزني إذا حزنت
أريد أن أعرف يا سيدتي
هل هذه علامة بأنني أحببت؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ألا تجلسينَ قليلاً؟
ألا تجلسينَ قليلاً؟
رقم القصيدة : 69004
-----------------------------------
ألا تجلسينَ قليلاً
ألا تجلسين؟
فإن القضية أكبرَ منكِ.. وأكبرَ مني..
كما تعلمين..
وما كان بيني وبينكِ..
لم يكُ نقشاً على وجه ماء
ولكنه كان شيئاً كبيراً كبيراً..
كهذي السماء
فكيف بلحظةِ ضعفٍ
نريد اغتيالَ السماء؟..
ألا تجلسين لخمس دقائقَ أخرى؟
ففي القلب شيءٌ كثير..
وحزنٌ كثيرٌ..
وليس من السهل قتلُ العواطف في لحظات
وإلقاءُ حبكِ في سلةِ المهملات..
فإن تراثاً من الحبِ.. والشعرِ.. والحزن..
والخبز.. والملحِ.. والتبغ.. والذكريات
يحاصرنا من جميع الجهات
فليتكِ تفتكرينَ قليلاً بما تفعلين
فإن القضيةَ..
أكبرُ منكِ.. وأكبرُ مني..
كما تعلمين..
ولكنني أشعر الآن أن التشنج ليس علاجاً
لما نحن فيهِ..
وأن الحمامةَ ليست طريقَ اليقين
وأن الشؤون الصغيرة بيني وبينكِ..
ليست تموتُ بتلك السهوله
وأن المشاعرَ لا تتبدلُ مثل الثياب الجميلهْ..
أنا لا أحاولُ تغييرَ رأيكِ..
إن القرارَ قرارُكِ طبعاً..(52/38)
ولكنني أشعر الآن أن جذورك تمتد في القلبِ،
ذاتَ الشمالِ ، وذات اليمين..
فكيف نفكُّ حصارَ العصافير، والبحرِ،
والصيفِ، والياسمينْ..
وكيف نقصُّ بثانيتين؟
شريطاً غزلناه في عشرات السنين..
- سأسكب كأساً لنفسي..
- وأنتِ؟
تذكرتُ أنكِ لا تشربين..
أنا لست ضد رحيلكِ.. لكن..
أفكر أن السماء ملبدةٌ بالغيوم..
وأخشى عليكِ سقوطَ المطر
فماذا يضيركِ لو تجلسين؟
لحين انقطاع المطرْ..
وما يضيركِ؟
لو تضعينَ قليلاً منَ الكحل فوق جفونكِ..
أنتِ بكيتِ كثيراً..
ومازال وجهكِ رغم اختلاط دموعك بالكحل
مثلَ القمرْ..
أنا لست ضدّ رحيلكِ..
لكنْ..
لديَّ اقتراح بأن نقرأ الآن شيئاً من الشعرِ.
علَّ قليلاً من الشعرِ يكسرُ هذا الضجرْ..
... تقولينَ إنكِ لا تعجبين بشعري!!
سأقبل هذا التحدي الجديدْ..
بكل برودٍ.. وكل صفاء
وأذكرُ..
كم كنتِ تحتفلينَ بشعري..
وتحتضنينَ حروفي صباحَ مساءْ..
وأضحكُ..
من نزواتِ النساء..
فليتكِ سيدتي تجلسين
فإن القضية أكبر منكِ .. وأكبرُ مني..
كما تعلمين..
أما زلتِ غضبى؟
إذن سامحيني..
فأنتِ حبيبةُ قلبي على أي حال..
سأفرضً أني تصرفتُ مثل جميع الرجال
ببعض الخشونهْ..
وبعض الغرورْ..
فهل ذاك يكفي لقطع جميع الجسورْ؟
وإحراقِ كل الشجر..
أنا لا أحاول ردَّ القضاء وردَّ القدر..
ولكنني أشعر الآنَ..
أن اقتلاعكِ من عَصَب القلب صعبٌ..
وإعدام حبكِ صعبٌ..
وعشقكِ صعبٌ
وكرهكِ صعبٌ..
وقتلكِ حلمٌ بعيد المنالْ..
فلا تعلني الحربَ..
إن الجميلاتِ لا تحترفن القتالْ..
ولا تطلقي النارَ ذات اليمين،
وذاتَ الشمال..
ففي آخر الأمرِ..
لا تستطيعي اغتيالَ جميع الرجالْ..
لا تستطيعي اغتيالَ جميع الرجالْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> وأجمل خَبَرٍ في الدُنيا ؟
وأجمل خَبَرٍ في الدُنيا ؟
رقم القصيدة : 69005
-----------------------------------
2
هل عندكِ شكٌّ في مَنْ أنتْ ؟
يا مَنْ تحتلُّ بعَيْنَيْها أجزاءَ الوقتْ(52/39)
يا امرأةً تكسُر ، حين تمرُّ ، جدارَ الصوتْ
لا أدري ماذا يحدثُ لي ؟
فكأنَّكِ أُنثايَ الأُولى
وكأنّي قَبْلَكِ ما أحْبَبْتْ
وكأنّي ما مارستُ الحُبَّ . . ولا قبَّلتُ ولا قُبِّلتْ
ميلادي أنتِ .. وقَبْلَكِ لا أتذكّرُ أنّي كُنتْ
وغطائي أنتِ .. وقَبْلَ حنانكِ لا أتذكّرُ أنّي عِشْتْ . .
وكأنّي أيّتها الملِكَهْ . .
من بطنكِ كالعُصْفُور خَرَجتْ . .
هل عندكِ شكٌّ أنّكِ جزءٌ من ذاتي
وبأنّي من عَيْنَيْكِ سرقتُ النارَ. .
وقمتُ بأخطر ثَوْرَاتي
أيّتها الوردةُ .. والياقُوتَةُ .. والرَيْحَانةُ ..
والسلطانةُ ..
والشَعْبِيَّةُ ..
والشَرْعيَّةُ بين جميع الملِكَاتِ . .
يا سَمَكَاً يَسْبَحُ في ماءِ حياتي
يا قَمَراً يطلع كلَّ مساءٍ من نافذة الكلِمَاتِ . .
يا أعظمَ فَتْحٍ بين جميع فُتُوحاتي
يا آخرَ وطنٍ أُولَدُ فيهِ . .
وأُدْفَنُ فيه ..
وأنْشُرُ فيه كِتَابَاتي . .
4
لا أدري كيف رماني الموجُ على قَدَميْكْ
لا ادري كيف مَشَيْتِ إليَّ . .
وكيف مَشَيْتُ إليكْ . .
يا مَنْ تتزاحمُ كلُّ طُيُور البحرِ . .
لكي تَسْتوطنَ في نَهْدَيْكْ . .
كم كان كبيراً حظّي حين عثرتُ عليكْ . .
يا امرأةً تدخُلُ في تركيب الشِعرْ . .
دافئةٌ أنتِ كرمل البحرْ . .
رائعةٌ أنتِ كليلة قَدْرْ . .
من يوم طرقتِ البابَ عليَّ .. ابتدأ العُمرْ . .
كم صار جميلاً شِعْري . .
حين تثقّفَ بين يديكْ ..
كم صرتُ غنيّاً .. وقويّاً . .
لمّا أهداكِ اللهُ إليَّ . .
هل عندكِ شكّ أنّكِ قَبَسٌ من عَيْنَيّْ
ويداكِ هما استمرارٌ ضوئيٌّ ليَدَيّْ . .
هل عندكِ شكٌّ . .
أنَّ كلامَكِ يخرجُ من شَفَتيّْ ؟
هل عندكِ شكٌّ . .
أنّي فيكِ . . وأنَّكِ فيَّ ؟؟
يا ناراً تجتاحُ كياني
يا ثَمَراً يملأ أغصاني
ويضربُ مثلَ البركانِ
يا نهداً .. يعبقُ مثلَ حقول التَبْغِ
ويركُضُ نحوي كحصانِ . .
قولي لي :
كيف سأُنقذُ نفسي من أمواج الطُوفَانِ ..
قُولي لي :(52/40)
ماذا أفعلُ فيكِ ؟ أنا في حالة إدْمَانِ . .
قولي لي ما الحلُّ ؟ فأشواقي
وصلَتْ لحدود الهَذَيَانِ .. .
7
يا ذاتَ الأَنْف الإغْريقيِّ ..
وذاتَ الشَعْر الإسْبَاني
يا امْرأَةً لا تتكرَّرُ في آلاف الأزمانِ ..
من أينَ أتَيْتِ ؟ وكيفَ أتَيْتِ ؟
وكيف عَصَفْتِ بوجداني ؟
يا إحدى نِعَمِ الله عليَّ ..
وغَيْمَةَ حُبٍّ وحَنَانٍ . .
يا أغلى لؤلؤةٍ بيدي . .
آهٍ .. كم ربّي أعطاني . .
وكيف عَصَفْتِ بوجداني ؟
يا إحدى نِعَمِ الله عليَّ ..
وغَيْمَةَ حُبٍّ وحَنَانٍ . .
يا أغلى لؤلؤةٍ بيدي . .
آهٍ .. كم ربّي أعطاني . .
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ليست تُقال
ليست تُقال
رقم القصيدة : 69006
-----------------------------------
حاولتُ أسأل: ما الأنوثةُ؟
ثمّ عدتُ عن السؤالْ
فأهمُّ شيءٍ في الأنوثةِ
أنّها.. ليست تُقَالْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> القصيدة.. والجغرافيا
القصيدة.. والجغرافيا
رقم القصيدة : 69007
-----------------------------------
في بِلادِ الغَرْبِ ، يا سيِّدتي
يُولَدُ الشاعرُ حُرَّاً
مثلما الأَسْمَاكُ في عَرْضِ البِحَارْ
ويُغَنّي ..
بينَ أَحضانِ البُحَيْراتِ ،
وأَجْرَاسِ المَرَاعي ،
وحُقُولِ الجُلَّنَارْ .
*
.... ولَدَيْنَا
يُولَدُ الشاعرُ في كيس غُبَارْ
ويُغَنّي لمُلُوكٍ مِنْ غُبَارٍ
وخيولٍ مِنْ غُبَارٍ
وسُيُوفٍ مِنْ غُبَارٍ.
إِنَّها مُعْجِزةٌ ..
أَنْ يصْنَعَ الشِعْرُ من الليلِ نَهَارْ
إِنَّها مُعْجِزَةٌ ..
أَنْ نَزْرَعَ الأَزْهارَ ،
ما بينَ حِصَارٍ ، وحِصَارْ ..
*
نَحنُ لا نكتبُ
- مثلَ الشاعر الغَرْبيِّ ، شِعْراً -
إِنَّما نكتبُ يا سيِّدتي ،
صَكَّ انتحارْ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إكتئاب
إكتئاب
رقم القصيدة : 69008
-----------------------------------
ليسَ في ذِهْني جوابٌ واضحٌ
لسؤالاتِكِ ، يا سيِّدتي ..
كلُّ ما أعرفُهُ .
أَنَّني أَزْدَادُ حُزْْناً(52/41)
حينَ عَيْنَاكِ تزيدانِ اتّساعاً وسَوَادا ..
ما الذي من لُغَةِ الشاعِرِ يَبْقَى ؟
عندما يستعملُ اللونَ الرَمَادِيَّ مِدَادا .
ما الذي من عُنْفُوانِ الشِعْرِ يبقى .. عندما
يُصْبحُ الكُرْسِيُّ في المَقْهى .. بلادَا ؟
يُصْبحُ الكُرْسِيُّ في المَقْهى .. بلادَا ؟
يُصْبحُ الكُرْسِيُّ في المَقْهى .. بلادَا ؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> كاتبان
كاتبان
رقم القصيدة : 69009
-----------------------------------
الكاتبُ الكبيرْ
هو الذي تَنْخُرُ في عظامِهِ
جُرْثُومَةُ الشَجَاعَهْ
والكاتِبُ الصغيرْ
هوَ الَّذي يَبْلَعُ قبلَ نَوْمِهِ
بُرْشَامَةَ القَنَاعَهْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عُنْفُوان
عُنْفُوان
رقم القصيدة : 69010
-----------------------------------
في المُدُنِ المالحةِ ،
الخَائفةِ ،
المُعَقَّدَهْ ..
يَشْعُر أهلُ العشق بالعَارِ .. وبالهَوَانِ ..
أما أنا .. فحينَ أهوى امْرَأَةً ..
تأخُذُني هِزَّةُ عُنْفُوانِ !!
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> بيانٌ من الشِعْر
بيانٌ من الشِعْر
رقم القصيدة : 69011
-----------------------------------
إذا كانَ عَصْريَ ليس جميلاً ..
فكيفَ تُريدينني أن أُجَمِّلَ عَصْري ؟
وإِنْ كنتُ أجلسُ فوق الخرابِ ،
وأَكتبُ فوق الخرابِ ،
وأَعشَقُ فوق الخرابِ ،
فكيفَ سأُهديكِ باقةَ زَهْرِ ؟
*
وكيفَ أُحِبُّكِ ؟.
حينَ تكونُ الكِتابةُ رَقْصاً ..
على طَبَقٍ من نُحَاسٍ وجَمْرِ ..
وإِنْ كانتِ الأرضُ مَسْرَحَ قَهْرٍ
فكيفَ تُريدينني أَنْ أُصالحَ قَهْري ؟
*
يُريدُ المماليكُ أن يملِكُوني ..
وأن يشربُوا من دمائي وحِبْري
يُريدُونَ رأسَ القصيدَةِ كي يستريحُوا ..
وللشِعْرِ .. والحُبِّ .. فَوَّضتُ أمري .
*
أُحِبُّكِ .. بَرْقاً يُضيءُ حياتي
وقنديلَ زَيْتٍ ، بداخلِ صدري
فكُوني صديقةَ حُرّيتي ..
وكُوني ورائي بكلِّ حُرُوبي
وسيري معي ، تحتَ أٌقواسِ نَصْري ..
*(52/42)
إِذا كانَ شِعْرِيَ لا يتصدَّى
لِمَنْ يسلَخُونَ جُلُودَ الشُعُوبِ
فلا كانَ شِعْري ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أَربعُ رسائلَ ساذجة إلى بيروت
أَربعُ رسائلَ ساذجة إلى بيروت
رقم القصيدة : 69012
-----------------------------------
الرسالة الأولى
كيفَ هيَ الأحوالْ ؟
نسألكمْ . ونحنُ ندري جيّداً
سَذَاجةَ السُؤَالْ .
نسألكمْ .
ونحنُ كالأيتام في جنازةِ الجَمَالْ .
الرسالة الثانية
أَلم تَبيعُوا قَمَراً .. لتشتروا زلزالْ ؟
والقلوعَ ..
والرمالْ ..
أَلمْ تبيعُوا الكَرَزَ الأحمرَ في غاباتكم
والزَعْتَرَ البرّيَ ..
والوزَّالْ ؟
أَلم تبيعُوا ؟
شَجَرَ التُفَّاحِ .. والعصفورَ ..
والتنُّورَ .. والشلالْ ؟
وضِحْكَةَ الأَطفالْ ؟
أَلمْ تَبيعُوا وَجَعَ النَايَاتِ في جُرُودكمْ
وزُرْقَةَ الموَّالْ ؟
أَلَمْ تَبيعُوا جَنَّةً
كيْ تسكُنوا الأَطلالْ ؟
الرسالةُ الثالثة
يا أصدقاءَ الشِعْر ، في بيروتْ
أَلمْ تَبيعُوا آخِرَ النُجُوم في سمائكمْ ؟
أَلمْ تَبيعُوا ؟
ما تبقَّى من حُلَى نسائكمْ
ألم تبيعُوا للميلشياتِ التي تجلُدُكمْ
آخرَ خيطٍ من قميصِ الشِعْرْ ؟
الرسالةُ الرابعة
يا أصدقاءَ الصَبْرِ ، في بيروتْ
قُولُوا لنا :
في أَيِّ أَرضٍ يزرعونَ الصَبرْ ؟
قُولُوا لنا :
هل ممكنٌ أَن تَنْهَضَ الوردةُ من فِراشِها ؟
ويستفيقَ العِطرْ .
وأَن يفيضَ الحبرْ .
من بعد ما هُمْ شَطَبُوا
أَجملَ سَطْرٍ في كِتَابِ العُمْرْ ...
في أَيِّ أَرضٍ يزرعونَ الصَبرْ ؟
قُولُوا لنا :
هل ممكنٌ أَن تَنْهَضَ الوردةُ من فِراشِها ؟
ويستفيقَ العِطرْ .
هل ممكنٌ أَن ترجعَ الحروفُ من غُرْبَتِها ؟
وأَن يفيضَ الحبرْ .
هل ممكنٌ أَنْ نستعيدَ عُمْرَنا ؟
من بعد ما هُمْ شَطَبُوا
أَجملَ سَطْرٍ في كِتَابِ العُمْرْ ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> محاولةٌ تشكيليةٌ لرَسْم بيروت
محاولةٌ تشكيليةٌ لرَسْم بيروت
رقم القصيدة : 69013(52/43)
-----------------------------------
1
عندما ترجعُ بيروتُ إليْنَا
بالسَلامَهْ ..
عندما ترجعُ بيروتُ التي نعرفُها
مثلما ترجِعُ للدار الحَمَامَهْ ..
سوفَ نَرْمي في مياهِ البَحْرِ
أوراقَ السَفَرْ ..
وسنستأجِرُ كُرْسِيَّيْنِ في بيتِ القَمَرْ ..
وسنَقْضي الوقتَ ،
في زَرْع المَوَاويلِ ..
وفي زَرْع الشَجَرْ
آهِ .. يا بيروتُ كم أَتْعَبَنا هذا السَفَرْ .
فاغْمُرينا ..
بمكاتيبِ المُحبِّينَ .. اغْمُرينا
بتقاسيم العصافيرِ .. اغْمُرينا
بمزاريبِ المَطَرْ ...
2
عندما ترجعُ بيروتُ
التي كانتْ ملاذاً لهوانَا .
والتي قد أورقتْ
فيها من الحُبِّ يَدَانا .
مثلما يرجِعُ في الفجر الشِرَاعْ .
عندما ترجِعُ بيروتُ ..
فهل تأخُذُني ؟
يا صديقي ، مرةً أُخرى ،
إلى سَهْل البِقَاعْ .
حيثُ أغلى حُلُمٍ عندي
(عَرُوسٌ من لَبَنْ) ..
آهِ .. كم كانَ بسيطاً
حُبُّ ذَيَّاكَ الزَمَنْ
آهِ .. كم كانَ جميلاً
إِنْ يكونَ الحُبُّ إقليماً صغيراً
من أقاليم الوَطَنْ ..
3
هل من الممكنِ أن تطلَعَ بيروتُ الجميلَهْ
مرةً أُخرى ..
من الأرضِ الخَرَابْ ؟
هل من الممكن ، أن ينبتَ قمحٌ
في مياهِ البحرِ ،
أو يأتي مع الموج كتابْ ؟
هل من الممكن أن نكتبَ شِعْراً ؟
مرةً أُخرى .. على حَبَّةِ لَوْزٍ أَخْضَرٍ
أو على قُطْن السَحَابْ ؟
هل لدينا ؟.
فرصةٌ أُخرى لكي نَعْشَقَ ..
أَم أنَّ العُيُونَ الخُضْرَ صارتْ مُسْتَحيلَهْ ؟
والعيونَ السُودَ صارتْ مُسْتَحِيلَهْ ؟
وإذا عادَ إلينا (شارعُ الحمراءِ)
لو عادتْ إلينا (الرملةُ البيضاءُ)
لو عادتْ لنا ..
(مَنْقُوشَةُ الزَعْتَرِ ) ..
و (الكُورنِيشُ ) ..
لو عاد لنا (مَقْهَى دُبَيْبُو)
والمشاويرُ الطويلَهْ ..
4
لو فَرَضْنَا ..
لو فَرَضْنَا ..
أَنَّ بيروتَ الجميلَهْ
نَهَضَتْ من موتها ثانيةً
مَنْ سَيُعطينا مفاتيحَ الطُفُولَهْ ؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ثورةُ الدجاج
ثورةُ الدجاج
رقم القصيدة : 69014(52/44)
-----------------------------------
نحن دَجَاجُ القَيْصَرِ ..
نأكُلُ قَمْحَ الخَوْف ،
ونشربُ من أمطار المِلْحْ
كلَّ نهارٍ ..
يأتينا البوليسُ قُبَيْل صلاة الصُبحْ
يَسْتَجوبُنا ..
ويهدّدُنا ..
ويُعلّقنا ..
بين السيفِ .. وبين الرُمحْ .
*
نحنُ دَجَاجُ القيصرِ ..
يعلفُنا في فصل الصيفِ ،
ويذبحُنا في عيد الفصحْ ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> على دفتر
على دفتر
رقم القصيدة : 69016
-----------------------------------
سأجمع كل تاريخي
على دفتر
سأرضع كل فاصلة
حليبَ الكلمةِ الأشقرْ
سأكتبُ . لا يهمُ لمنْ .
سأكتبُ هذه الأسطرْ
فحسبي أن أبوح هُنا
لوجه البَوْح ، لا أكثَرْ
حروفٌ لا مباليةٌ
أبعثرها ..
على دفترْ ..
بلا أملٍ بأن تبقى
بلا أملٍ بأن تُنشرْ
لعلَّ الريحَ تحملُها
فتزرع في تنقّلها
هنا حرجاً من الزعترْ
هنا كرْماً
هنا بيدرْ
هنا شمساً
وصيفاً رائعاً أخضرْ
حروفٌ سوف أفرطها
كقلب الخَوخة الأحمرْ
لكل سجينة .. تحيا
معي في سجني الأكبرْ
حروفٌ
سوف أغرزها
بلحم حياتنا .. خنجرْ
لتكسر في تمردها
جليداً
كان لا يُكْسر ..
لتخلعَ قفلَ تابوتٍ
أُعِدَّ لنا لكي نُقْبَرْ .
كتاباتٌ .. أقدمها
لأية مهجةٍ تشعُرْ
سيسعدني .. إذا بقيتْ
غداً .. مجهولةَ المصدرْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أنا أنثى
أنا أنثى
رقم القصيدة : 69017
-----------------------------------
اليوميات
(2)
أنا أنثى ..
أنا أنثى
نهار أتيت للدنيا
وجدتُ قرار إعدامي ..
ولم أرَ بابَ محكمتي
ولم أرَ وجهَ حُكّامي
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عقارب هذه الساعهْ
عقارب هذه الساعهْ
رقم القصيدة : 69018
-----------------------------------
اليوميات
عقاربها .. كثعبانٍ على الحائطْ
كسكينٍ تمزّقني ..
كلصٍّ مسرعِ الخطواتِ
يتبعني .. ويتبعني ..
لماذا لا أحطمها ؟
وكل دقيقةٍ فيها
تحطّمني ..
أنا امرأةٌ .. بداخلها
توقّفَ نابضُ الزمنِ
فلا نوّارَ أعرفهُ(52/45)
ولا نَيْسانَ يعرفني ..
فلا نوّارَ أعرفهُ
ولا نَيْسانَ يعرفني ..
فلا نوّارَ أعرفهُ
ولا نَيْسانَ يعرفني ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أنا بمحارتي السوداء
أنا بمحارتي السوداء
رقم القصيدة : 69019
-----------------------------------
اليوميات
(4)
أنا بمحارتي السوداء..
ضوءُ الشمس يوجعني
وساعةُ بيتنا البلهاءُ
تعلكني
وتبصُقني ..
مجلاتي مبعثرةٌ ..
وموسيقاي تُضجرني .
مع الموتى .. أعيش أنا
مع الأطلال والدِمَنِ
جميع أقاربي موتى
بلا قبرٍ ولا كفنِ ..
أبوحُ لمنْ؟ ولا أحدٌ
من الأمواتِ يفهمني
أثورُ أنا على قَدري
على صدأي ..
على عَفَني ..
وبيتٍ كلُّ ما مَنْ فيه
يعاديني ويكرهني ..
نوافذه
ستائره
تراب الأرض يكرهني
أدقّ بقبضتي الأبوابَ ،
والأبواب ترفضني
بظفري .. أحفر الجدرانَ
أجلدها وتجلدني ..
أنا في منزل الموتى ..
فمن من قبضة الموتى ؟.
يحررني ؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لمنْ صدري أنا يكبرْ؟
لمنْ صدري أنا يكبرْ؟
رقم القصيدة : 69020
-----------------------------------
اليوميات
(5)
لمنْ صدري أنا يكبرْ؟
لمنْ .. كَرَزَاتُهُ دارتْ ؟
لمنْ .. تفاحُهُ أزهَرْ ؟
لمنْ ؟
صحنانِ صينيّانِ .. من صَدَفٍ ومن جوهَرْ
لمنْ ؟
قَدَحان من ذهبٍ ..
وليس هناك من يسكرْ ؟
لمنْ شفةٌ مناديةٌ
تجمَّدَ فوقها السُكَّرْ
أللشيطانِ .. للديدان .. للجدران لا تُقهرْ ؟
أربيها
وضوءَ الشمس أسقيها
سنابل شعريَ الأشقرْ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ساعات
ساعات
رقم القصيدة : 69021
-----------------------------------
اليوميات
خلوتُ اليومَ ساعاتٍ
ولم أعبأ بشكواهُ
نظرت إليه في شغفٍ
نظرتُ إليه من أحلى زواياهُ
لمستُ قبابَه البيضاء ..
غابَتَهُ ، ومرعاهُ
أنا لوني حليبيٌّ
كأنَّ الفجرَ قطَّرهُ وصفَّاهُ
أسِفتُ لأنه جسدي
أسفتُ على ملاستهِ
رثيتُ له ..
لهذا الطفل ليس تنامُ عيناهُ ..
رأيتُ الظل يخرجُ من مراياهُ(52/46)
ومزَّقَ عنه "تَفْتَاهُ"
لماذا الله أشقاني
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
جُرْحاً .. لستُ أنساهُ
لماذا الله كوَّره . ودورهُ . وسوَّاهُ ؟
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
لماذا الله كوَّره . ودورهُ . وسوَّاهُ ؟
لماذا الله أشقاني
جُرْحاً .. لستُ أنساهُ
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
بفتنتِهِ .. وأشقاهُ ؟
وعلَّقه بأعلى الصدر
وعلَّقه بأعلى الصدر
وعلَّقه بأعلى الصدر
وعلَّقه بأعلى الصدر
وعلَّقه بأعلى الصدر
وعلَّقه بأعلى الصدر
وعلَّقه بأعلى الصدر
وعلَّقه بأعلى الصدر
جُرْحاً .. لستُ أنساهُ
جُرْحاً .. لستُ أنساهُ
جُرْحاً .. لستُ أنساهُ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لماذا يستبدُّ أبي ؟
لماذا يستبدُّ أبي ؟
رقم القصيدة : 69022
-----------------------------------
اليوميات
كسطرٍ في جريدتهِ
كأني بعضُ ثروتهِ
وأن أبقى بجانبه
ككرسي بحجرتهِ ..
أيكفي أنني ابنتُهُ
وأني من سلالته
أيُطعمني أبي خبزاً ؟
أيغمرني بنعمتهِ ؟
كفرتُ أنا .. بمال أبي
بلؤلؤهِ .. بفضّتهِ ..
أبي .. لم ينتبه يوماً
إلى جسدي .. وثورتهِ
أبي رجلٌ أنانيّ
مريضٌ في محبّتهِ
مريضٌ في تعصّبهِ
مريضٌ في تعنّتهِ ..
يثورُ . إذا رأى صدري
تمادى في استدارتِهِ
يثورُ إذا رأى رجلاً
يُقرِّبُ من حديقتهِ ...
أبي ..
لن يمنعَ التفَّاحَ عن إكمال دورتهِ
سيأتي ألفُ عصفورٍ
ليسرقَ من حديقتهِ ..
ليسرقَ من حديقتهِ ..
سيأتي ألفُ عصفورٍ
ليسرقَ من حديقتهِ ..
ليسرقَ من حديقتهِ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> كرّاستي الزرقاء
كرّاستي الزرقاء
رقم القصيدة : 69023
-----------------------------------
اليوميات
أُمشِّطُ فوقها شَعْري
أنامُ . أفيقُ عاريةً ..
أسيرُ .. أسيرُ حافيةً
على صفحاتِ أوراقي السماويهْ ..
على كراستي الزرقاء ..
أسترخي على كَيْفي ..
وأهربُ من أفاعي الجِنْسِ(52/47)
والإرهابِ ..
والخوفِ ..
وأصرخُ ملء حنجرتي
أنا امرأةٌ .. أنا امرأةٌ
أنا إنسانةٌ حيَّهْ
أيا مُدُنَ التوابيت الرخاميَّهْ
على كراستي الزرقاء ..
تسقط كلُّ أقنعتي الحضاريه ..
ولا يبقى سوى نهدي
تكوَّم فوق أغطيتي
كشمس إستوائيهْ ..
ولا يبقى سوى جسدي
يعبِّر عن مشاعره
بلهجته البدائيهْ ..
ولا يبقى .. ولا يبقى ..
سوى الأنثى الحقيقيَّهْ ..
يعبِّر عن مشاعره
بلهجته البدائيهْ ..
ولا يبقى .. ولا يبقى ..
سوى الأنثى الحقيقيَّهْ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أحبُّ طيورَ تشرينِ
أحبُّ طيورَ تشرينِ
رقم القصيدة : 69024
-----------------------------------
اليوميات
أحبُّ أضيعُ مثل طيور تشرينِ ..
بينَ الحينِ والحينِ ...
أريدُ البحثَ عن وطنٍ ..
جديدٍ .. غير مسكونِ
وربٍ لا يطاردني .
وأرضٍ لا تُعاديني
أريدُ أفرُّ من جِلْدي ..
ومن صوتي ..
ومن لغتي
وأشردُ مثلَ رائحة البساتينِ
أريدُ أفرُّ من ظلَّي
وأهربُ من عناويني..
أريد أفرُّ من شرق الخرافة والثعابينِ ..
من الخلفاء ..
والأمراء ..
من كل السلاطين ..
أريد أحبُّ مثل طيور تشرينِ ..
أيا شرقَ المشانقِ والسكاكينِ ...
والأمراء ..
من كل السلاطين ..
أريد أحبُّ مثل طيور تشرينِ ..
أيا شرقَ المشانقِ والسكاكينِ ...
والأمراء ..
من كل السلاطين ..
أريد أحبُّ مثل طيور تشرينِ ..
أيا شرقَ المشانقِ والسكاكينِ ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> صباح اليوم
صباح اليوم
رقم القصيدة : 69025
-----------------------------------
اليوميات
كتمتُ تمزّقي ..
وأتبع موجَهُ الذهبي ..
أتبعُهُ ولا أسألْ
هنا.. أحجار ياقوتٍ
وكنز لآلئ مهملْ
هنا.. نافورةٌ جذلى
هنا.. جسرٌ من المخملْ
هنا..
سُفنٌ من التوليبِ ..
ترجو الأجملَ الأجملْ ..
هُنا .. حِبْرٌ بغير يد
هنا.. جُرْحٌ ولا مقتلْ
أأخجلُ منهُ ..
هل بحرٌ بعزّة موجه يخجَلْ ؟
أنا يدهُ
أنا المغزَلْ .
أأخجلُ منهُ ..(52/48)
هل بحرٌ بعزّة موجه يخجَلْ ؟
أنا للخصب مصدرهُ
أنا يدهُ
أنا المغزَلْ .
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أسائِلُ دائماً نفسي
أسائِلُ دائماً نفسي
رقم القصيدة : 69026
-----------------------------------
اليوميات
مثل أشعة الفجرِ ..
ومثلَ الماء في النهرِ ..
ومثل الغيم ، والأمطارِ ،
والأعشابِ والزهرِ ..
أليسَ الحبُّ للإنسانَ
عُمراً داخلَ العُمرِ ؟..
لماذا لا يكون الحبُّ في بلدي ؟
طبيعياً ..
كأيةِ زهرةٍ بيضاء ..
طالعة من الصخر..
طبيعياً ..
كلُقْيا الثغرِ بالثغرِ ..
ومنساباً
كما شَعْري على ظَهْري ...
لماذا لا يحبُّ الناسُ .. في لينٍ وفي يُسْرِ ؟
كما الأسماكُ في البحرِ ..
كما الأقمارُ في أفلاكها تجري..
لماذا لا يكون الحبُّ في بلدي ؟
ضرورياً ..
كديوانٍ من الشعرِ ....
لماذا لا يكون الحبُّ في بلدي ؟
ضرورياً ..
كديوانٍ من الشعرِ ....
لماذا لا يكون الحبُّ في بلدي ؟
ضرورياً ..
كديوانٍ من الشعرِ ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أفكِّرُ : أيُّنا أسعدْ ؟
أفكِّرُ : أيُّنا أسعدْ ؟
رقم القصيدة : 69027
-----------------------------------
اليوميات
(12)
أفكِّرُ : أيُّنا أسعدْ ؟
أنا .. أم قِطُّنا الأسودْ ؟
أنا ؟
أم ذلك الممدودُ .. سلطاناً على المقعدْ ؟
سعيداً تحت فروتِه ..
كربٍّ ، مُطْلَقٍ ، مُفْرَدْ ..
أفكِّرُ : أيُّنا حُرٌّ
ومَنْ مِنّا طليقُ اليدْ
أنا أم ذلك الحيوانُ
يلحسُ فروهُ الأجعَدْ ؟
أمامي كائنٌ حُرٌّ ..
يكادُ ، للطفه ، يُعبَدْ
لهذا القط .. عالمهُ
له طُرَرٌ .. له مسنَدْ
له في السطح مملكةٌ
وراياتٌ له تُعْقَدْ ..
له حريّةٌ .. وأنا
أعيشُ يقُمقُمٍ مُوصَدْ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> نزلتُ إلى حديقتنا ..
نزلتُ إلى حديقتنا ..
رقم القصيدة : 69028
-----------------------------------
اليوميات
(14)
نزلتُ إلى حديقتنا ..
أزورُ ربيعَها الراجعْ
عجنتُ ترابَها بيدي(52/49)
حضنتُ حشيشَها الطالعْ ..
رأيت شجيرةَ الدراقِ
تلبس ثوبها الفاقعْ
رأيت الطير محتفلاً
بعودة طيره الساجعْ
رأيتُ المقعدَ الخشبيَّ
مثلَ الناسك الراكعْ
سقطتُ عليه باكيةً
كأني مركبٌ ضائعْ ...
أحتّى الأرض يا ربي ؟
تُعبِّر عن مشاعرها
بشكلٍ بارعٍ .. بارعْ
أحتى الأرضُ يا ربّي ؟
لها يومٌ .. تحبُ به ..
تبوحُ به..
تضمُّ حبيبَها الراجِعْ
رُفوفُ العشبْ من حولي ..
لها سببٌ .. لها دافعْ
فليس الزنبقُ الفارغْ
وليس الحقلُ ، ليس النحلُ ،
ليس الجدولُ النابعْ
سوى كلماتِ هذي الأرض ..
غيرَ حديثها الرائعْ ...
أُحسُّ بداخلي بعثاً
يُمزّقُ قشرتي عنّي
ويسقي جذريَ الجائعْ
ويدفعني لأن أعدو..
مع الأطفال في الشارعْ
أريدُ ..
أريدُ أن أعطي
كأية زهرةٍ في الروض
تفتح جفنَها الدامعْ
كأيّة نحلةٍ في الحقل
تمنحُ شهدَها النافع
أريدُ ..
أريدُ أن أحيا
بكل خليَّةٍ مني
مفاتنَ هذه الدنيا ..
بمُخْمل ليلها الواسعْ
وبَرْدِ شتائها اللاذعْ
أريدُ ..
أريدُ أن أحيا ..
بكل حرارة الواقعْ
بكل حماقة الواقعْ ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أبي. صنفٌ من البَشَرِ ..
أبي. صنفٌ من البَشَرِ ..
رقم القصيدة : 69029
-----------------------------------
اليوميات
(15)
أبي. صنفٌ من البَشَرِ ..
مزيج من غباء التُرْكِ ..
من عصبيَّةِ التَتَرِ ..
أبي ..
أثرٌ من الآثارِ ..
تابوتٌ من الحجرِ
تهرَّأ كلُّ ما فيه ..
كبابِ كنيسةٍ نَخِرِ ..
كهارون الرشيدِ أبي ..
جواريه ،
مواليهِ ،
تمطّيهِ على تَخْتٍ من الطُرَرِ
ونحن هنا ..
سباياهُ ، ضحاياهُ
مماسحُ قصرهِ القذِرِ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أغط الحرف
أغط الحرف
رقم القصيدة : 69031
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(16)
من الكبريتِ والملْحِ ..
وأبصقُ فوقَ أوثانٍ ..
عواطفُها من الملحِ ..
وأعيُنُُها
ومَنْطِقُها من المِلْحِ ..
وأعيُنُُها
ومَنْطِقُها من المِلْحِ ..(52/50)
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> كعصفورينِ ..
كعصفورينِ ..
رقم القصيدة : 69032
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(13)
أنا نهداي في صدري
كعصفورينِ ..
قد ماتا من الحرِّ
كقدّيسينِ شرقيينِ متّهمينِ بالكُفْرِ ..
كم اضطهدا ..
وكم جُلدا ..
وكم رقدا على الجمرِ ..
وكم رفَضَا مصيرهُما
وكم ثارا على القَهْرِ
وكم قطعا لجامَهُما
وكم هربا من القبرِ ..
متى سَيُفَكُّ قيدُهما ..
متى ؟
يا ليتني أدري ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> في مدينتنا
في مدينتنا
رقم القصيدة : 69033
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(17)
لماذا .. في مدينتنا؟
نعيشُ الحبَّ تهريباً .. وتزويراً ؟
ونسرقُ من شقوقِ الباب موعدنا ..
ونستعطي الرسائل ..
والمشاويرا ..
لماذا في مدينتنا؟
يصيدون العواطفَ والعصافيرا ...
لماذا نحن قصدير ؟
وما يبقى من الانسان ..
حين يصيرُ قصديرا ؟
لماذا نحن مزدوجونَ
إحساساً .. وتفكيرا ؟
لماذا نحن أرضيُّونَ ..
تَحْتيّونَ ..
نخشى الشمسَ والنورا ؟
لماذا أهل بلدتنا ؟.
يمزّقهم تناقُضُهُمْ ..
ففي ساعاتِ يقظتهمْ
يسبّونَ الضفائرَ والتنانيرا ..
وحين الليلُ يطويهمْ
يضمّونَ التصاويرا ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أخي
أخي
رقم القصيدة : 69034
-----------------------------------
اليوميات
(18)
عند الفجر سكرانا ..
مَنْ سمَّاهُ سُلْطانا ؟.
ويبقى في عيون الأهل
أجملنا .. وأغلانا ..
ويبقى - في ثياب العُهْرِ -
أطْهَرَنا .. وأنْقَانَا
يعودُ أخي من الماخور ..
مثل الديكِ .. نشوانا ..
فسبحانَ الذي سوَّاهُ من ضوءٍ ..
ومن فحمٍ رخيصٍ .. نحن سوَّانا ..
وسبحان الذي يمحو خطاياهُ
ولا يمحو خطايانا ....
ومن فحمٍ رخيصٍ .. نحن سوَّانا ..
وسبحان الذي يمحو خطاياهُ
ولا يمحو خطايانا ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> على الشبَّاكِ
على الشبَّاكِ
رقم القصيدة : 69035(52/51)
-----------------------------------
اليوميات
(19)
على الشبَّاكِ .. جارتُنا المسيحيَّهْ
فرحتُ لأن إنساناً يُحيّيني
لأن يداً صباحيَّهْ
يداً كمياه تشرين ..
تلوّح لي
تناديني
أيا ربّي !
متى نشفى ، هُنا ،
من عُقدة الدينِ ..
أليسَ الدينُ ، كل الدينِ ،
إنساناً يُحيّيني ..
ويفتحُ لي ذراعيهِ ..
ويحملُ غُصنَ زيتونِ ..
إنساناً يُحيّيني ..
ويفتحُ لي ذراعيهِ ..
ويحملُ غُصنَ زيتونِ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> مُراهقتي
مُراهقتي
رقم القصيدة : 69036
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(20)
تخيفُ أبي مُراهقتي ..
يَدُقُ لها..
طبولَ الذُعر والخطرِ ..
يقاومُها ..
يقاومُ رغوة الخلجانِ
يلعنُ جرأة المطرِ ..
يقاومُ دونما جدوى ..
مرور النسغْ في الزهرِ
أبي يشقى ..
إذا سالت رياحُ الصيف عن شعري
ويشقى إن رأى نهديَّ
يرتفعان في كِبَرِ ..
ويغتسلانِ كالأطفالِ ..
تحت أشعة القمرِ ..
فما ذنبي وذنبهما
هما مني .. هما قدري ..
سماء مدينتي تُمطرْ
ونفسي مثلها .. تُمطرْ
وتاريخي معي. طفلٌ
نحيلُ الوجه، لا يُبْصِرْ
أنا حزني رماديُ
كهذا الشارع المقفرْ
أنا نوع من الصُبّيرْ ..
لا يعطي .. ولا يُثمرْ
حياتي مركبٌ ثمِلٌ
تحطَّم قبل أن يُبحرْ ..
وأيامي مكرَّرةٌ
كصوت ِ الساعةِ المضجرْ
وكيف أنوثتي ماتتْ
أنا ما عدتُ أستفكِرْ
فلا صيفي أنا صيفٌ
ولا زهري أنا يُزهِرْ
بمن أهتمُّ .. هل شيءٌ
بنفسي - بعدُ - ما دُمِّرْ
أبالعَفَن الذي حولي ..
أم القيمِ التي أُنكرْ
حياتي كلها عبَثٌ
فلا خبزٌ .. أعيشُ له ..
ولا مُخبرْ
للا أحدٍ .. أعيشُ أنا ..
ولا .. لا شيءَ أستنظِرْ ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> متى يأتي ؟
متى يأتي ؟
رقم القصيدة : 69037
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(22)
متى يأتي ترى بَطلي ؟
لقد خبَأتُ في صدري
له، زوجاً من الحجَلِ
وقد خبَّأتُ في ثغري
له . كوزاً من العسلِ ..(52/52)
متى يأتي على فرسٍ
له، مجدولةِ الخُصلِ
ليخطفني ..
ليكسر بابَ مُعْتقلي
فمنذ طفولتي وأنا ..
أمدُّ على شبابيكي ..
حبال الشوقِ والأمل ..
وأجدلُ شعريَ الذهبيَّ كي يصعدْ ..
على خُصلاتهِ .. بطلي ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> صديقاتي ..
صديقاتي ..
رقم القصيدة : 69038
-----------------------------------
اليوميات
(23)
سأكتبُ عن صديقاتي ..
أرى فيها.. أرى ذاتي
ومأساةً كمأساتي ..
سأكتبُ عن صديقاتي
عن السجن الذي يمتصُّ أعمارَ السجيناتِ ..
عن الزمن الذي أكلتْهُ أعمدةُ المجلاتِ ..
عن الأبواب لا تُفتحْ
عن الرغبات وهي بمهدها تُذبحْ
عن الحَلَمات تحت حريرها تنبحْ
عن الزنزانة الكُبرى
وعن جدرانها السودِ ..
وعن آلاف .. آلاف الشهيداتِ
دُفنَّ بغير أسماء
بمقبرة التقاليدِ ..
صديقاتي ..
دُمىً ملفوفةٌ بالقطنِ ،
نقود .. صكَّها التاريخُ ، لا تُهدى ولا تُنْفَقْ
مجاميع من الأسماك في أحواضها تُخنَقْ
وأوعية من البللور ماتَ فراشها الأزرق ...
بلا خوفٍ ..
سأكتب عن صديقاتي
عن الأغلالِ دامية بأقدام الجميلاتِ ..
عن الهذيان.. والغثيان .. عن ليل الضراعاتِ
عن الأشواق تُدفن في المخداتِ ..
عن الدَّوران في اللاشيء ..
عن موت الهنياتِ ..
صديقاتي ..
رهائن تُشترى وتباعُ في سوق الخرافاتِ ..
سبايا في حريم الشرق ..
يَعْشنَ ، يمُتْنَ ، مثل الفِطْر في جوف الزُّجاجاتِ
صديقاتي ..
طيورٌ في مغائرها
تموتُ بغير أصواتِ ...
يَعْشنَ ، يمُتْنَ ، مثل الفِطْر في جوف الزُّجاجاتِ
صديقاتي ..
طيورٌ في مغائرها
تموتُ بغير أصواتِ ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> بلادي ترفض الحُبَّا
بلادي ترفض الحُبَّا
رقم القصيدة : 69039
-----------------------------------
اليوميات
بلادي ترفض الحُبَّا
تصادره كأي مخدِّرٍ خطرٍ
تطارده ..
تطارد ذلك الطفل الرقيق الحالم العذْبَا
تقصُّ له جناحيهِ ..
وتملأ قلبه رُعبا ...(52/53)
بلادي تقتل الربَّ الذي أهدى لها الخصبا
وحوَّل صخرها ذهباً
وغطى أرضها عشبا ..
وأعطاها كواكبَها
وأجرى ماءها العْبا
بلادي . لم يزُرْها الربُّ
منذُ اغتالتِ الربا ..
وأجرى ماءها العْبا
بلادي . لم يزُرْها الربُّ
منذُ اغتالتِ الربا ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> غبارُ الكِلْس يُعمينا
غبارُ الكِلْس يُعمينا
رقم القصيدة : 69040
-----------------------------------
اليوميات
كفى يا شمس تموزٍ
فمنذ البدء غير الكلس ، لم تشرب أراضينا
ومنذ البدء نستعطي سماءً ليس تُعطينا ..
كفانا نلعق الأحجارَ
والأسفلتَ ، والطينا
كفانا ، يا سماواتٍ
من القصدير تكوينا ..
جلودُ وجوهنا يَبِستْ
تشقّقَ لحمُ أيدينا ..
لماذا ؟ ترفضُ الأمطارُ أن تسقي روابينا
لماذا؟ تنشفُ الأنهارُ إنْ مرَّتْ بوادينا ..
لماذا تصبح الأزهارُ فحماً في أوانينا
لأنّا قد قتلنا العطرَ .. واغْتَلنا الرياحينا ..
وأغمدنا بصدر الحُبِّ ، أغمدنا السكاكينا ..
لأن الأرض تشبهُنا
مناخاتٍ وتكوينا ...
لأن العقمَ ، كل العُقْم
لا في الأرض بل فينا ...
لأن العقمَ ، كل العُقْم
لا في الأرض بل فينا ...
لأن العقمَ ، كل العُقْم
لا في الأرض بل فينا ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> شقيقتي الكُبرى
شقيقتي الكُبرى
رقم القصيدة : 69041
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(26)
يروِّعُني ..
شحوبُ شقيقتي الكُبرى
هي الأخرى
تُعاني ما أعانيهِ
تعيشُ الساعةَ الصِفْرا ..
تعاني عقدةً سوادء
تعصر قلبها عصرا
قطارُ الحُسنِ مرَّ بها
ولم يتركْ سوى الذكرى
ولم يترك من النهدينِ
إلا الليفَ والقِشرا
لقد بدأت سفينتها
تغوصُ .. وتلمسُ القعرا ..
أراقبها .. وقد جلستْ
بركنٍ ، تُصلحُ الشعرا
تصفعُهُ .. وتخربُهُ
وترسلُ زفرةً حرَّى
تلوبُ .. تلوبُ .. في الرُدُهاتِ ..
مثلَ ذبابة حيرى ..
وتقبعُ في محارتها
كنهرٍ . لم يجدْ مجرى ..(52/54)
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> فَسَاتيني !
فَسَاتيني !
رقم القصيدة : 69042
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(27)
فَسَاتيني !
لماذا صرتُ أكرهُها ؟
لماذا لا أمزّقها ؟
أقلِّبُ طرفي
كأني لستُ أعرفها
كأني .. لم أكنْ فيها
أحركها وأملؤها ...
لمن تتهدَّلُ الأثوابُ .. أحمرها وأزرقها
وواسعها .. وضيقها
وعاريها.. ومُغلقها
لمن قَصبي !..
لمنْ ذهبي ؟
لمنْ عطرٌ فرنسيٌّ
يقيمُ الأرضَ من حولي ويُقعِدها
فساتيني ..
فراشاتٌ محنَّطةٌ
على الجدران أصلبها
وفي قبر من الحرمانِ أدفنها..
مساحيقي ، وأقلامي
أخاف أخاف أقربها
وأمشاطي .. ومرآتي
أخاف أخاف ألمسها ..
فما جدوى فراديسي ؟.
ولا إنسانَ يدخلها ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> يوميات امرأة لا مبالية
يوميات امرأة لا مبالية
رقم القصيدة : 69043
-----------------------------------
ثُوري ! . أحبّكِ أن تثُوري ..
ثُوري على شرق السبايا . والتكايا .. والبخُورِ
ثُوري على التاريخ ، وانتصري على الوهم الكبيرِ
لا ترهبي أحداً . فإن الشمس مقبرةُ النسورِ
ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السريرِ ..
نزار
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> مدينتنا
مدينتنا
رقم القصيدة : 69044
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(28)
مدينتنا ..
تظل أثيرةً عندي.
برغم جميع ما فيها..
أحبُّ نداء باعتِها
أزقَّتها
أغانيها
مآذنها .. كنائسها
سُكاراها .. مُصلِّيها ..
تسامحها ، تعصّبها
عبادتها لماضيها ..
مدينتنا - بحمد الله -
راضيةٌ بما فيها..
ومَنْ فيها ..
بآلافٍ من الأموات
تعلكهم مقاهيها ..
لقد صاروا ، مع الأيامِ ،
جزءاً من كراسيها ..
صراصيرٌ محنَّطةٌ
خيوطُ الشمس تُعميها
مدينتنا ..
وراءَ النّرْدِ ، مُنفقةٌ لياليها
وراء جريدة كسلى
وعابرة تُعريها ..
فلا الأحداثُ تنفضُها
ولا التاريخُ يعنيها ..
مدينتنا .. بلا حبّ
يرطب وجهها الكلسيَّ .. أو يروي صحاريها(52/55)
مدينتنا بلا امرأةٍ ..
تذيبُ صقيعَ عزلتها
وتمنحها معانيها ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> شيخ حارتنا
شيخ حارتنا
رقم القصيدة : 69045
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(29)
أقمنا نصف دنيانا
على حكمٍ وأمثالِ
وشيّدنا مزاراتٍ ..
لألفِ .. وألفِ دجَّالِ ..
وكالببغاءِ .. ردَّدنا
مواعظ ألفِ مُحتالِ ..
قصدنا شيخَ حارتنا
ليرزقنا بأطفالِ
فأدخلنا لحجرته
وقام بنزع جُبَّتِهِ
وباركنا
وضاجعنا
وعند الباب ، طالبَنَا
بدفع ثلاث ليراتٍ
لصنع حجابه البالي ..
وعُدْنا مثلما جئنا
بلا ولد .. ولا مالِ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إلهٌ . إسمهُ الرجلُ
إلهٌ . إسمهُ الرجلُ
رقم القصيدة : 69046
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(30)
يعيشُ بداخلي وحشٌ
جميلٌ اسمه الرجُلُ
له عينانِ دافئتانِ ..
يقطر منهما العَسَلُ
ألامسُ صدرَهُ العاري
أُلامِسُهُ . وأختجِلُ ..
قروناً .. وهوَ مخبوءٌ
بصدري .. ليس يرتحلُ
ينامُ وراءَ أثوابي ..
ينامُ كأنهُ الأجلً
أخاف. أخافُ أوقظهُ
فيشعلني .. ويشتعلُ
كمخلوقٍ خرافيٍّ
يعيشُ بذهننا الرجل
تصوّرناه تنيناً ..
له تسعون إصبعةً
وشِدْقٌ أحمرٌ ثَمِلُ ..
تصورناه خفَّاشاً ..
مع الظلمات ينتقلُ
تخيلناه ثعباناً
أمد يدي لأقتلهُ
أمدُّ يدي.. ولا أصِلُ
إلهٌ في معابدنا
نصلّيهِ ونبتهلُ
يغازلنا ..
وحين يجوعُ يأكلنا
ويملأ الكأسَ من دمنا ..
ويغتسلُ ..
إلهٌ لا نقاومهُ
يعذّبنا ونحتملُ ..
ويجذبنا نعاجاً من ضفائرنا
ونحتملُ
ويلهو في مشاعرنا
ويلهو في مصائرنا
ونحتمل
ويدمينا .. ويؤذينا
ويقتلنا .. ويحيينا
ويأمرنا فنمتثلُ
إلهٌ ما له عمرٌ
إلهٌ . إسمهُ الرجلُ ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> السيَّافُ مسرورُ
السيَّافُ مسرورُ
رقم القصيدة : 69047
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(31)
تلاحقنا الخرافة والأساطير
من القبر، الخرافة والأساطيرُ(52/56)
ويحكمنا هنا الأمواتُ .. والسيَّافُ مسرورُ
ملايينٌ من السنواتِ
لا شمسٌ ولا نورٌ
بأيدينا مساميرُ
وأرجلنا مساميرُ
وفوقَ رقابنا سيفٌ
رهيفُ الحدِّ مسعورُ
وفوقَ فراشنا عبدٌ
قبيحُ الوجه مجدورُ
من النهدين يصلبنا
وبالكرباج يجلدنا ..
ملايينٌ من السنوات .. والسيَّافُ مسرورُ
يفتِّشُ في خزائننا
يفتِّشُ في ملابسنا..
عن الأحلام نحملها
عن الأسرار تكتمها الجواريرُ
عن الأشواقِ تحملها التحاريرُ..
ملايينٌ من السنواتِ .. والسيَّافُ مسرورُ
مقيمٌ في مدينتنا
أراهُ في ثياب أبي
أراهُ في ثياب أخي
أراهُ .. ها هنا .. وهنا
فكلُّ رجال بلدتنا..
هُمُ السيَّافُ مسرورُ ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> فقاقيعٌ
فقاقيعٌ
رقم القصيدة : 69048
-----------------------------------
اليوميات
(32)
فما زالتْ بداخلنا
وما زلنا
نعيشُ بمنطق المفتاحِ والقِفْلِ ..
نلفُّ نساءَنا بالقُطنِ .. ندفنهنَّ في الرملِ ..
ونملكهنَّ كالسُّجادِ ..
كالأبقارِ في الحقلِ
ونهزأ من قواريرٍ
بلا دينٍ ولا عقْلِ ..
ونرجعُ آخر الليلِ ..
نمارس حقَّنا الزوجي كالثيران والخَيْلِ ...
نمارسه خلال دقائقٍ خمسٍ
بلا شوقٍ .. ولا ذوقٍ ..
ولا مَيْلِ ..
نمارسه .. كآلاتٍ
تؤدي الفِعْلَ للفِعْلِ ..
ونرقدُ بعدها موتى ..
ونتركُهُنَّ وَسْطَ النارِ ..
وسْطَ الطينِ والوحلِ
قتيلاتٍ بلا قتلِ
بنصف الدرب نتركهنَّ ..
يا لفظاظة الخَيْلِ ...
وسْطَ الطينِ والوحلِ
قتيلاتٍ بلا قتلِ
بنصف الدرب نتركهنَّ ..
يا لفظاظة الخَيْلِ ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> زوجاتنا الأربَعْ
زوجاتنا الأربَعْ
رقم القصيدة : 69049
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(33)
قضينا العمر في المخدع
وجيش حريمنا معنا
وصكُّ زواجنا معنا
وصكُّ طلاقنا معنا.
وقلنا: الله قد شرَّعْ
ليالينا موزَّعةٌ
على زوجاتنا الأربعْ .
هُنا شفةٌ ..
هنا ساقٌ ..
هنا ظفرٌ .
هُنا إصبعْ
كأن الدينَ حانوت(52/57)
فتحناه لكي نشبعْ ...
تمتَّعنا "بما أيماننا ملكتْ"
وعِشنا من غرائزنا بمستنقعْ
وزوَّرنا كلامَ الله بالشكل الذي ينفعْ
ولم نخجل بما نصنعْ
عبثنا في قداستهِ
نسينا نُبْلَ غايته ..
ولم نذكر سوى المضجَعْ
ولم نأخذ
سوى زوجاتنا الأربَعْ ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أقاوم كلَّ أسواري
أقاوم كلَّ أسواري
رقم القصيدة : 69050
-----------------------------------
اليوميات
(34)
أقاوم كلَّ أسواري ..
أقاوم واقعي المصنوعَ
من قشٍّ وفُخَّارِ ..
أقاومُ كلَّ أهل الكهفِ ، والتنجيم ، والزارِ ..
تواكُلَهُمْ
تآكُلَهُمْ
تناسلَهُمْ كأبقارِ ..
أمامي ألفُ سيَّافٍ وسيافٍ
وخلفي ألفُ جزارٍ وجزَّارِ ..
فيا ربي !
أليس هناك من عارٍ سوى عاري ؟
ويا ربي ؟
أليس هناكَ من شُغلٍ
لهذا الشرقِ ..
غير حدود زُنَّاري ؟؟...
أليس هناكَ من شُغلٍ
لهذا الشرقِ ..
غير حدود زُنَّاري ؟؟...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> صداعٌ مزمنٌ
صداعٌ مزمنٌ
رقم القصيدة : 69051
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(35)
تظلُّ بكارةُ الأنثى
بهذا الشرق عُقدتنا وهاجسنا
فعند جدارها الموهوم قدّمنا ذبائحنا ..
وأولمنا ولائمنا ..
نحرنا عند هيكلها شقائقنا
قرابيناً ..
وصِحْنا "واكرامَتنا".
صُداعُ الجنس .. مفترسٌ جماجمنا
صداعٌ مزمنٌ بشعٌ
من الصحراء رافقنا
فأنسانا بصيرتنا
وأنسانا ضمائرنا
وأطلقنا ..
قطيعاً من كلاب الصيد .. نستحي غزائرنا ..
أكلنا لحم من نهوى
ومسَّحنا خناجرنا ..
وعند منصَّة القاضي
صرخنا "واكرامتنا"...
وبرَّمنا كعنترةِ بن شدَّادٍ شواربَنا ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> وداعاً يا صديق العمر
وداعاً يا صديق العمر
رقم القصيدة : 69052
-----------------------------------
اليوميات
- - -
(36)
وداعاً .. أيها الدفترْ
وداعاً يا صديق العمر، يا مصباحيَ الأخضرْ
ويا صدراً بكيتُ عليه، أعواماً، ولم يضجَرْ .(52/58)
ويا رفْضي .. ويا سُخطي ..
ويا رعْدي .. ويا برقي ..
ويا ألماً تحولَ في يدي خِنْجَرْ ..
تركتكَ في أمانِ الله ،
يا جُرحي الذي أزهرْ
فإن سرقوكَ من دُرْجي
وفضُّوا خَتْمَكَ الأحْمَرْ
فلن يجدوا سوى امرأةٍ
مبعثرةٍ على دفترْ ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> يوميّات رجلٍ مهْزوم
يوميّات رجلٍ مهْزوم
رقم القصيدة : 69054
-----------------------------------
يوميّات رجلٍ مهْزوم
.. لم يحدث أبدا
أن أحببت بهذا العمق
.. لم يحدث .. لم يحدث أبدا
.. أني سافرت مع امرأة
.. لبلاد الشوق
.. وضربت شواطئ نهديها
كالرعد الغاضب ، أو كالبرق
فأنا في الماضي لم أعشق
.. بل كنت أمثل دور العشق
.. لم يحدث أبداً
أن أوصلني حب امرأة حتى الشنق
لم أعرف قبلك واحدة
.. غلبتني ، أخذت أسلحتي
.. هزمتني .. داخل مملكتي
.. نزعت عن وجهي أقنعتي
لم يحدث أبدا ، سيدتي
أن ذقت النار ، وذقت الحرق
كوني واثقة.. سيدتي
سيحبك .. آلاف غيري
وستستلمين بريد الشوق
لكنك .. لن تجدي بعدي
رجلا يهواك بهذا الصدق
لن تجدي أبداً
.. لا في الغرب
.. ولا في الشرق
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> حبيبتي
حبيبتي
رقم القصيدة : 69055
-----------------------------------
حبيبتي : إن يسألونك عني
قولي لهم بكل كبرياء
صغيرتي : إن عاتبوك يوما
وكيف حطمت إناء طيب
يوزع الظلال والعبيرا
((... لان من أحبه يحبه قصيرا
على الشموع لحننا الأثيرا
وجودنا أشعة ونورا
فراشة تهم أن تطيرا
... واتخذي من أضلعي سريرا
((... يحبني... يحبني كثيرا ))
لا أملك العبيدا والقصورا
قولي لهم بكل عنفوان
قولي لهم: ((... كفاني
حبيبتي يا ألف يا حبيبتي
... وسوف يبقى دائما كبيرا
وظنك الجميع في ذراعي
فراشة تهم أن تطيرا
فواصلي رقصك في هدوء
... واتخذي من أضلعي سريرا
: وتمتمي بكل كبرياء
((... يحبني... يحبني كثيرا ))
حبيبتيي: إن أخبروك أني
لا أملك العبيدا والقصورا
وليس في يدي عقد ماس(52/59)
به أحيط جيدك الصغيرا
قولي لهم بكل عنفوان
يا حبي الأول والأخيرا
قولي لهم: ((... كفاني
((... بأنه يحبني كثيرا
حبيبتي يا ألف يا حبيبتي
حبي لعينيك أنا كبير
... وسوف يبقى دائما كبيرا
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أرسُمُ الوطَنَ
أرسُمُ الوطَنَ
رقم القصيدة : 69056
-----------------------------------
كأس 1
عندما أشربُ الكأسَ الأولى
أرسُمُ الوطَنَ دمعةً خضراءْ
وأقلعُ ثيابي..
وأستَحمُّ فيها...
كأس 2
عندما أشربُ الكأسَ الثانيَهْ
أرسُمُ الوطنَ على شكل امرأةٍ جميلَهْ..
وأشْنُقُ نفسي بين نَهْدَيْها...
كأس 3
عندما أشربُ الكأسَ الثالثَهْ
أرسُمُ الوطنَ على شكل سجنٍ..
أقضي به عقوبةَ (الأشعار) الشاقّة المؤبَّدهْ..
كأس 4
عندما تفقد الزُجَاجَةُ ذاكرتَها
أرسُمُ الوطنَ على شكل مِشْنَقَهْ
تتدلّى منها قصائد في احتفالٍ مَهيبْ
يحضرهُ البابُ العالي...
وكلبُهُ السلوقيّْ
ومستشارُهُ السلوقيّْ
ورئيسُ مصلحة دَفْن الموتى
ووزيرُ التعليم العالي
ورئيسُ اتّحاد الكُتّابْ
ورئيسُ الكهنة.. وقاضي القُضَاةْ..
وجميعُ وزراء الدولة الذين عُيِّنوا بمراسيمَ مستعجِلَهْ
ليقتُلُوا الشاعرَ.. ويَمْشُوا في جنازتِهْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> درسٌ في الرسم
درسٌ في الرسم
رقم القصيدة : 69057
-----------------------------------
1
يَضَعُ إبني ألوانه أَمامي
ويطلُبُ مني أن أرسمَ لهُ عُصْفُوراً..
أغطُّ الفرشاةَ باللون الرماديّْ
وأرسُمُ له مربَّعاً عليه قِفْلٌ.. وقُضْبَانْ
يقولُ لي إبني، والدَهْشَةُ تملأ عينيْه:
".. ولكنَّ هذا سِجْنٌ..
ألا تعرفُ ، يا أبي ، كيف ترسُمُ عُصْفُوراً؟؟"
أقول له: يا وَلَدي.. لا تُؤاخذني
فقد نسيتُ شكلَ العصافيرْ...
2
يَضَعُ إبني عُلْبَةَ أقلامِهِ أمامي
ويطلُبُ منّي أن أرسمَ له بَحْراً..
آخُذُ قَلَمَ الرصاصْ،
وأرسُمُ له دائرةً سَوْدَاءْ..
يقولُ لي إبني:
"ولكنَّ هذه دائرةٌ سوداءُ، يا أبي..(52/60)
ألا تعرفُ أن ترسمَ بحراً؟
ثم ألا تعرفُ أن لونَ البحر أزْرَقْ؟.."
أقولُ له: يا وَلَدي.
كنتُ في زماني شاطراً في رَسْم البِحارْ
أما اليومَ.. فقد أخذُوا مني الصُنَّارةَ
وقاربَ الصيد..
وَمَنَعُوني من الحوار مع اللون الأزرقْ..
واصطيادِ سَمَكِ الحرّية.
3
يَضَعُ إبني كرّاسَةَ الرَسْم أمامي..
ويطلبُ منّي أن أرسُمَ له سُنبُلَة قَمحْ.
أُمْسِكُ القلم..
وأرسُمُ له مسدَّساً..
يسخرُ إبني من جهلي في فنّ الرسمْ
ويقولُ مستغرباً:
ألا تعرف يا أبي الفرقَ بين السُنْبُلَةِ .. والمُسدَّسْ؟
أقولُ يا وَلَدي..
كنتُ أعرف في الماضي شكْل السنبلَهْ
وشَكْلَ الرغيفْ
وشَكْلَ الوردَهْ..
أما في هذا الزمن المعدنيّ
الذي انضمَّت فيه أشجارُ الغابة
إلى رجال الميليشْيَاتْ
وأصبحت فيه الوردةُ تلبس الملابسَ المُرقَّطَهْ..
في زمن السنابلِ المسلَّحهْ
والعصافيرِ المسلَّحهْ
والديانةِ المسلّحهْ..
فلا رغيفَ أشتريه..
إلا وأجدُ في داخله مسدَّساً
ولا وردةً أقطفُها من الحقل
إلا وترفع سلاحَها في وجهي
ولا كتابَ أشتريه من المكتبهْ
إلا وينفجر بين أصابعي...
4
يجلسُ إبني على طرف سريري
ويطلُبُ مني أن أسمعَهُ قصيدَهْ
تسْقُطُ مني دمعةٌ على الوسادَهْ
فيلتقطها مذهولاً.. ويقول:
" ولكنَّ هذه دمعةٌ ، يا أبي ، وليست قصيدَهْ".
أقولُ له:
عندما تكبُرُ يا وَلَدي..
وتقرأُ ديوانَ الشعر العربيّْ
سوفَ تعرفُ أن الكلمةَ والدمعةَ شقيقتانْ
وأن القصيدةَ العربيّهْ..
ليستْ سوى دمعةٍ تخرجُ من بين الأصابعْ..
5
يضعُ إبني أقلامَهُ ، وعلبةَ ألوانه أمامي
ويطلب منّي أن أرسمَ له وَطَناً..
تهتزُّ الفرْشَاةُ في يدي..
وأَسْقُطُ باكياً...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> مع الوطن.. في زجاجة براندي
مع الوطن.. في زجاجة براندي
رقم القصيدة : 69058
-----------------------------------
عندما أشتاقُ للوَطَنْ
أحملهُ معي إلى خمَّارة المدينَهْ..
وأضعُهُ على الطاولَهْ(52/61)
أشربُ معه حتى الفجرْ
وأُحَاورُه حتى الفجرْ
وأتَسكَّعُ معه في داخل القنِّينة الفارغَهْ..
حتى الفجرْ..
وعندما يَسْكرُ الوطنُ في آخر الليلْ..
ويعترفُ لي أنَّه هو الآخرُ.. بلا وَطَنْ..
أُخْرِجُ منْديلي من جيبي
وأمسحُ دموعَهْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> من معادلات الحرية
من معادلات الحرية
رقم القصيدة : 69059
-----------------------------------
لو أنَّ كلَّ عصفورٍ بحاجةٍ إلى تصريحٍ من وزير
الداخليَّهْ..
ليطيرْ..
ولو أنَّ كلَّ سمكةٍ بحاجة إلى تأْشِيرَةِ خروجْ
لتسافرْ..
لانقرضتِ الأسْمَاكُ والعَصَافيرْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> حزب الحزن
حزب الحزن
رقم القصيدة : 69060
-----------------------------------
إذا كان الوطنُ منفيّاً مِثْلي..
ويفكّر بشَراشِفِ أُمّهِ البيضاء مِثْلي..
وبقطّةِ البيت السوداء، مِثْلي..
إذا كان الوطنُ ممنوعاً من ارتكاب الكتابة مثلي..
وارتكاب الثقافة مِثْلي..
فلماذا لا يدخُلُ إلى المِصَحَّة التي نحنُ فيها؟
لماذا لا يكونُ عضواً في حزب الحزنْ
الذي يضمُّ مئةَ مليون عربي؟؟؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عزفٌ منفردٌ على الطبلة
عزفٌ منفردٌ على الطبلة
رقم القصيدة : 69061
-----------------------------------
1
الحاكمُ يَضْرِبُ بالطَبْلَهْ
وجميعُ وزارت الإعلام تَدُقُّ على ذاتِ الطبلَهْ
وجميعُ وكالاتِ الأنباء تُضَخِّمُ إيقاعَ الطَبْلَهْ
والصحفُ الكُبْرى.. والصُغْرَى
تعمل أيضاً راقصةً
في ملهى تملكهُ الدولَهْ!.
لا يُوجَدُ صَوْتٌ في المُوسيقى
أردأُ من صَوْت الدولَهْ!!.
مثلَ السَرْدينِ..
ومثلَ الشاي..
ومثل حُبُوب الحَمْلِ..
ومثلَ حُبُوب الضَغْطِ..
ومثلَ غيار السيّاراتْ
الكّذِبُ الرسميُّ يُبثُّ على كُلِّ الموجاتْ..
وكلامُ السلطة برَّاقٌ جداً..
كثيابِ الرقَّاصاتْ...
لا أحدٌ ينجُو من وصْفَات الحُكْمِ ،
وأدويةِ السُلْطَهْ..(52/62)
فثلاثُ ملاعقَ قَبْلَ الأكلْ
وثلاثُ ملاعقَ قَبْلَ صلاة الظُهْرْ
وثلاثُ ملاعقَ بَعْدَ صلاةِ العصرْ
وثلاثُ ملاعقَ.. قَبْلَ مراسيم التشييع ،
وقبل دُخُول القبرْ..
هل ثمّةَ قَهْرٌ في التاريخ كهذا القهرْ ؟
الطَبْلةُ تخترقُ الأعصابَ،
فيا ربّي : ألْهِمْنَا الصبرْ..
3
وتُجيدُ النَصْبَ.. تجيد الكَسْرَ.. تجيدُ الجرَّ..
لا يوجدُ شعرٌ أردأُ من شِعْرِ الدولَهْ
لا يوجدُ كَذِبٌ أذكى من كَذِبِ الدولَهْ..
صُحُفٌ. أخبارٌ. تعليقاتْ
خُوَذٌ لامعةٌ تحت الشمسِ،
نجومٌ تبرق في الأكتافِ،
بنادقُ كاذبةُ الطَلَقَاتْ..
وطنٌ مشنوقٌ فوق حبال الأنتيناتْ
وطنٌ لا يعرفُ من تقنية الحرب سوى الكلماتْ
وطنٌ ما زالَ يذيعُ نشيدَ النَصْر على الأمواتْ..
4
الدولةُ منذ بداية هذا القرن تعيدُ تقاسيمَ الطبلَهْ
"الشُورى - بين الناس - أساسُ الملكْ"
"الشعبُ - كما نصَّ الدستورُ - أساسُ الملكْ"
لا أَحَدٌ يرقُصُ بالكلمات سوى الدولَهْ..
لا أحدٌ يَزْني بالكلماتِ،
سوى الدولَهْ!!
"القَمْعُ أساسُ الملكْ"
"شَنْقُ الإنسان أساسُ الملكْ"
"حكمُ البوليس أساسُ الملكْ"
"تجديدُ البَيْعَة للحكَّام أساسُ الملكْ"
"وضْعُ الكلمات على الخَازُوقِ
أساسُ الملكْ..."
والسلطةُ تعرض فِتْنَتَها
وحُلاها في سوق الجملَهْ..
لا يوجد عُرْيٌ أقبحُ من عري الدولَهْ...
5
طَبْلَه.. طَبْلَه..
وطنٌ عربي تجمعُهُ من يوم ولادته طبلَهْ..
وتفرَقُ بين قبائله طبلَهْ..
وأهلُ الذِكْر، وقاضي البلدة..
يرتعشونَ على وَقْع الطَبْلَهْ..
الطَرَبُ الرسميُّ يجيء كساعاتِ الغفلَهْ
من كلِّ مكانْ..
سعرُ البرميلِ الواحدِ أغلى من سعر الإنسانْ
الطربُ الرسميُّ يعادُ كأغنية الشيطانْ
وعلينَا أن نهتزّ إذا غنَّى السلطانْ
ونصيحَ - أمامَ رجال الشرطة - آهْ..
آهٍ .. يا آهْ..
آهٍ .. يا آهْ ..
فَرَحٌ مفروضٌ بالإكراهْ
موتٌ مفروضٌ بالإكراهْ
آهٍ .. يا آهْ..
هل صار غناءُ الحاكم قُدْسيّاً
؟؟.(52/63)
فَرَحٌ مفروضٌ بالإكراهْ
موتٌ مفروضٌ بالإكراهْ
آهٍ .. يا آهْ..
هل صار غناءُ الحاكم قُدْسيّاً
كغناء اللهْ ؟؟.
طَرَبٌ مفروضٌ بالإكراهْ
فَرَحٌ مفروضٌ بالإكراهْ
موتٌ مفروضٌ بالإكراهْ
آهٍ .. يا آهْ..
هل صار غناءُ الحاكم قُدْسيّاً
كغناء اللهْ ؟؟.
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> وعاودني الحنين
وعاودني الحنين
رقم القصيدة : 69062
-----------------------------------
شهباء جئتك أحمل في دمي سببا
وهل ألام إذا كان الهوى سببا
أشكو إليك حنينا كاد يقتلني
يا مشرق الحب لو أن الهوى غربا
ها جئت يا حلب الشهباء تحملني
روح ترف على أشواقها طربا
أنت النشيد الذي ما خطه قلم
يوما ولا في مدادات الهوى كُتبا
لو يسألون المدى من أنت قال لهم :
سرٌّ على صفحات الخلد قد سُكبا
كأنما الكون نادى من بدايته
كوني كما أنت في سفر الهوى حلبا
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> كل البلاد أنا
كل البلاد أنا
رقم القصيدة : 69063
-----------------------------------
قد أنهض الآن أو قد ينهض الألم
وقد ينام على أبوابه الحلم
فكل ما خطه التاريخ أعرفه
وكل مجد هنا في الجنب يحتدم
أنا ابنة المجد والتاريخ يشهد لي
بأنني خير من شادت له الأمم
شهباء تعرفني كل البلاد أنا
كتبت تاريخ من بادوا ومن قدموا
وقفت في وجه كل الطامعين ولم
يبق لهم أثر من بعد ما انهزموا
حملت في صحوة الأيام رايتها
فكنت سيفا من الأعداء ينتقم
أنازل الليل حتى ينجلي أبدا
ويرسم الفجر في آلائي القلم
مضيت في زحمة الأزمان شامخة
وخطني في كتاب الخالدين دم
أقسمت للدهر لا أفنى وإن فنيت
مضارب الأرض بل يفنى بي العدم
أنا التي كنت في بدء الزمان ضحى
ولم أزل قلعة ما شابها الهرم
أضم في القلب آلامي وأحرقها
وأرسل الريح في أهدابها الكرم
أحيك من أضلعي شمسا وأرفعها
لتنمحي عن مدى أسواري الظلم
أنا ابنة الشرق تسري في دمي حكم
بل رحلتي كلها من بدئها حكم(52/64)
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> قالت الشهباء
قالت الشهباء
رقم القصيدة : 69064
-----------------------------------
عرفت العشق معتقدا
ومن آياتنا صعدا
يصب الدفء في نسجي
وفي الأضلاع قد سجدا
عرفت العشق مطلقه
بمعراج الدم اتحدا
إذا ما طاف بي ساق
وصبَّ الكأس مبتردا
طويت دفاتري بدمي
لأنهب نشوتي أبدا
أنا النهر الذي رشحت
ضفاف الشوق فيه ندى
تناهى لي فأبدعني
لأبدع سرّه مددا
عرفت العشق مورده
نهار كان منفردا
فلي في سره رئة
إذا صار الهواء سدى
أنا سرٌّ ينازعني
على وقتي إذا نهدا
كأني قبل مولده
وجدت وقبلي قد وجدا
فصا ر الليل لي بصرا
وصار الصبح لي رمدا
أرى ما لا يرى غيري
وأوغل فوق ما ابتعدا
حنيني كان مبتدئي
وسرّي بعدُ ما نفدا
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> في صمتها الطرب
في صمتها الطرب
رقم القصيدة : 69065
-----------------------------------
قولي : لمن هذه الأمجاد يا حلبُ
ومن إذا صمتت في صمتها الطربُ
ومن إذا وقفت قال الزمان لها
هذي خزائن أسراري وما تهبُ
أنت المسافة ما بين الهوى ودمي
تستأثرين بروحي والهوى سببُ
من كلما نزلت في الروح تحملني
للسرّ حيث هناك الحلم يقتربُ
شهباء يا رحلة في نهر ذاكرتي
يا منهل الحب والعشاق كم شربوا
أيقظت في دمنا تاريخ نشأتنا
أنّا ذكرتِ يكون الشعر والأدبُ
أنت البداية منذ كان الزمان فتى
أسرفت في الحسن أنت الفتنة العجبُ
ضمّي أساطير أحلامي بما حملت
وعلّميني صلاة ما لها حجبُ
وأرسليني إذا ما الليل أرسلني
إلى كتاب الهوى إن ضلت الكتبُ
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> حوارية
حوارية
رقم القصيدة : 69066
-----------------------------------
القلعة والمتنبي
المتنبي يودع الألفية الثانية في مدينة حلب
- - -
القلعة :
أراك حزينا والقوافي حزينة
بدونك ما كان الخلود قوافيا
المتنبي :
تمر رياح الوقت موتا كماهيا
" كفى بك داء أن ترى الموت شافيا(52/65)
فحسب الليالي أن تعاود ليلها
" وحسب المنايا أن يكن أمانيا "
أتيت إليك اليوم والقلب مرهق
من الدهر والأحلام أمست خواليا
فطافت على قلبي هموم كثيرة
وبت وحيدا في النوى لا أخا ليا
كأني من البرد احترقت ولم أكن
سوى من دموع لا تملُّ المآقيا
يقولون مرَّ العام والعام مقبل
على أنني ما عشت إلا ثوانيا
كأني من البدء القديم نهاية
ولم أك يوما في النهاية باديا
سعيت إلى نفسي ونفسي بحيرةٍ
وحيرة نفسي أن أرانيَ جانيا
هو الدهر مسكون بحلم مؤجل
وما من سبيل مرة قد صفا ليا
تعبت وعمري موغل في مسائه
وريح انكساري من دمائي رمى بيا
هي الألف بعد الألف تأتي كأنها
بلا موعد كانت وماتت كما هيا
دعيني على وهمي أحاول أن أرى
سرابي مناجاة وريحا مواتيا
أنا الليل ناداني فتهت بعتمتي
ورحت أنادي من يفك وثاقيا
توسلت بالأحلام حتى حسبتني
سرابا على وجه المسافة واهيا
وقفت بباب الحزن أدركني الأسى
وبانت لي الدنيا كما لم تبن ليا
سألت جهات الصمت عن موعد الضحى
فقالت يميني تاه فيه شماليا
القلعة :
كأني أراك اليوم والحزن سيد
فما ذا دهاك اليوم بالحزن ماضيا
كأنك ما أوحيت للدهر سره
وما قلت يوما للزمان تعاليا :!
" وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرا أصبح الدهر راويا "
حملنا على الأيام والسيف صارم
يخامر نحر الأفق للمجد صاديا
تعلقت الأيام في ذيل ثوبه
وأدرك في الأيام ما كان راميا
القلعة :
ولكنه مازال سيفا مهندا
ونجما من الأمجاد يعلو سمائيا
فمن صنع الأمجاد يبقى صنيعه
وليس يزيل الدهر ما كان باقيا
المتنبي :
تنبأت بالأحزان يا أم إنما
وقوفك في وجه الفناء عزائيا
كأني أراك اليوم في حلَّة الضحى
تعيدينني من ذلتي وخرابيا
لأجلك يا أماه لن أبرح العلا
ولن تري القلب المخضل شاكيا
خذيني إلى عينيك يا قلعة الهوى
أرى فيك تاريخ السيوف المواضيا
القلعة :
وقفت وكان الدهر طفلا سعا ليا
تربى على مجدي فشب تباهيا
أنا السرُّ في نهر الخلود إذا جرى(52/66)
أنا الفخر حين الفخر يبدو مثاليا
كتبت على أحجار صمتي حكايتي
وطاف جهات الأرض مجدا ندائيا
كتبت على أحجار صمتي حكايتي
وطاف جهات الأرض مجدا ندائيا
كتبت على أحجار صمتي حكايتي
وطاف جهات الأرض مجدا ندائيا
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> وكن روحي لتفنى
وكن روحي لتفنى
رقم القصيدة : 69067
-----------------------------------
لأني لا أرى غيري أراكَ
فأنتَ أنا وفي سرّي مداكَ
حملتُ إليكَ ما أخفي فهامتْ
مسافاتي إلى أقصى هواكَ
كأنكَ حين تشربُ من دناني
تصب الخمرُ في روحي لظاكَ
فأرفعُ ما ترسبَ في دمائي
إلى ما قد ترسبَ في دماكَ
أنا سرّ خفيٌ لا يراني
- لأني لا أرى غيري - سواكَ
فخذْ ما شئتَ من شكّي يقينا
ومن صمتي حياة أو هلاكا
أنا في وحدتي كالماء وحدي
وأنتَ هناكَ في قاعي هناكَ
أحبكَ إنما لأحبَ نفسي
وأبلغَ سرّها في منتهاكَ
إذا ما الليلُ أغراني بلحن
وكان حنينُه فيّ انتهاكا
تركتُ الروح تسري في مداها
لأدركَها إذا القلبُ احتواكَ
أنا ما كنتُ إلا كي أراني
وأعرفَني وإن ضلّتْ رؤاكَ
أمزقُ عن رؤى روحي ضبابا
يُحوكُ على مسافاتي شباكا
لأكشفَ ما تراكم في ضلالي
وأعرفَ ما اعترانيَ واعتراكَ
أحبكَ فلتكنْ منّي لأنّي
- وإن جاوزتَ آفاقي - صداكَ
بلغتُ الصمتَ حين أردتَ قتلي
وسهمُكَ كنتَ تشهدُ إذْ رماكَ
رأيتُك والهوى أمسى هلالا
وكنتَ الريحَ تنصبُ لي شراكا
ولكني لأني لستُ غيري
سأبقى في حمى صمتي ملاكا
وأمضي كي أرى أسبابَ كوني
وتمضي دون حبيَ في عماكَ
أعلمكَ الهوى لا كي تراني
ولكن كي ترى ما في حماكَ
أنا الرؤيا وأنتَ هنا ضلالي
أنا أهديكَ إنْ ضلّتْ خطاكَ
فكن ظلي لتبلغَ سابحاتي
وكن سرّي لتبلغَ مبتغاكَ
وكن نفسي لتعرفَني تماما
وكن روحي لتفنى كي أراكَ
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> محارة الرمل
محارة الرمل
رقم القصيدة : 69068
-----------------------------------
أخبئُ الحزن في روحي لأنفيها(52/67)
وأقرأُ السرَّ في أقصى منافيها
خُلقتُ في حيرةٍ أدركتُ أولَها
وتهتُ حتى سرى في النفس ما فيها
أنا ابنةُ الريح لا صحراءَ تجمعني
ولا قصائدَ تطويني قوافيها
أعانقُ الصمتَ حتى ينجلي وجعي
وأتركُ النفس تصحو في أثافيها
فأكشفُ البحرَ أسماءً ومتسعاً
وموجةً أشعلتْ أعماقَ خافيها
رأيتُ خلف المدى ما كان يقلقني
محارة الرمل حيرى في حوافيها
فسرتُ حتى انتهى فيما انتهى بصري
ولامسَ الغيبُ روحي كي يوافيها
أنا هناك هنا في ظلِ بينهما
أنا الحقيقةُ والوهمُ الذي فيها
أنا الضلالةُ في جهلي وفي قلقي
وللمسافة في شكي مرافيها
قرأت في لوحي المسلوخِ من جسدي
ما غابَ في النفس حتى كاد يخفيها
فآنستْ حيرتي ما كان يتعبها
سراً يُعاودها في السرِّ يشفيها
فعدتُ من تعبٍ والصمتُ يسكنني
والنفسُ قد أدركتْ أعماقَ صافيها
قالت هنا قلقي أسرارُ معرفتي
والريح راحلتي غابت ملافيها
وفي اليقين سرتْ في النفس غاشيةٌ
حتى توارتْ إلى أمداءَ تكفيها
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> حوادم
حوادم
رقم القصيدة : 69069
-----------------------------------
إلى أول من استخدم مصطلح ( حوادم )
الأستاذ نهاد خياطة
- - -
إذا الهوى مسني في الروح أخفيه
وإن سرى في دمي سرا أواريه
أنا الخفية في أعماق خافيتي
أخفي رحيق الرؤى في جمر ماضيه
أطارد الوقت كي أمضي بلا زمن
واحمل الشوق من دربي وأرميه
إذا عرفت تشظى سرُّ معرفتي
وإن ضللت أرى وجهي وما فيه
أحميك مني إذا مافاض بي حلم
وضاق كل كلام كنت أزجيه
لا عاصم لك بعد اليوم من حلمي
وإن توسلت مني بي لأنهيه
ساطعن الروح كي أنهي مواجعها
وأكشف السر في ذاتي لأفنيه
ما أنت إلا رمادي حين أقتلني
لن تبلغ الحب إلا حين تفنيه
وحين تعبث بالدنيا إذا عبثت
وتشرب الكأس صرفا من دواليه
وتخنق القول في أحشاء أحرفه
وتكشف الصمت في أسمى معانيه
وتمسك الريح في أحضان نشوتها
وتسكب البحر صبرا في سواقيه
لا يعرف الحب إلا من قصائده(52/68)
ويعرف الخمر من أكواب ساقيه
أنا (حوادم) في سري أخاطبني
وأنت آدم قد تاهت مراميه
إذا أردت سبيلي تهت في قلقي
فلا سبيل إلى نجواي أبقيه
أنا تغشيت روحي في مسافتها
وأنت أنت كمن يمضي إلى تيه
.......
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> وجد الوجود
وجد الوجود
رقم القصيدة : 69070
-----------------------------------
سألت الروح عن سر الخلودِ
وعن آفاقها خلف الحدودِ
فقالت لي : أنا في الوجد سرٌّ
" وجود الوجدِ في وجدِ الوجودِ "
فقلتُ لها : أفيضي كي أراني
إذا ما تهتُ في فيض الشرودِ
فأعمتني بفيض من ضياء
وطافت بي على نهر الورودِ
شربتُ السرَّ كأسا من خيال
ورحتُ أغيب في الصمت البعيدِ
رأيتُ منازلي وسمعتُ صوتي :
أنا في الوجدِ في العشق الشديد ِ
أما مَنْ يكشف الأستار عني
ويحملني إلى أقصى حدودي
فهام النور حولي ثم أوحى
إلى روحي لتفضي بالمزيدِ
فقالت لي : هنا في البرد كشف
وكشف السرِّ في الليل المديدِ
فقلت لها : إذا الأسماء تاهت
أعينيني على الوهم الطريدِ
فقالت : أنت في برقي مساء
ونور الكشف بي من بعض جودي
إذا أسريتِ لي أخفيتُ سرِّي
فسرِّي خلف خافية المُريدِ
إذا ما شئتِ أسبابي وبابي
أنا في عمق أعماق السجودِ
فقلت لها : أرى قالت : عماء
فلمَّا تبلغي بصر الحديدِ
ولما تبلغي آلاء وجدي
فمَدي في مدى مدِ المدودِ
وقالت لي : إذا أفشيتُ سرّي
بلغتِ وأنت من طين عنيدِ
وأغواكِ الخلود فلامكان
يضم رؤاكِ في سفر الخلودِ
خذي مني وعني سرَّ وجدي
فقلتُ لها : أنا وجدي وجودي
فقالت آه قد أدركتِ سرِّي
وجودُ الوجدِ في وجدِ الوجودِ
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> حلول
حلول
رقم القصيدة : 69071
-----------------------------------
في الرؤى صمت وفي الصمت حجابُ
والمدى لوح إذا ضاق الكتابُ
فغيابي فيكَ عن نفسي حضورٌ
وحضوري فيَّ عن نفسي غيابُ
واقترابي دون وجدٍ فيكَ بعدٌ
وشردي فيكَ وجدٌ واقترابُ
وصلاتي بين عينيكَ حلولٌ(52/69)
وحلولي في المسافات انسحابُ
أنتَ كأسي حين لا تبقى كؤوسٌ
وشرابي حين لا يرقى شرابُ
وجهاتي حين تمحوني جهاتٌ
وفراتي حين ينقضُ السرابُ
أنتَ غيبي إن تجلّى فيّ كشفٌ
أنتَ كشفي حين يحتارُ الخطابُ
تهتُ حتى أسرفتْ في التيه روحي
وتمادى في رؤى الروح الخرابُ
وتماهى في دمي حزنا سؤالي
فيكَ حارتْ حيرتي أين الجوابُ
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> ذات
ذات
رقم القصيدة : 69072
-----------------------------------
أنا ذات تغشاها الغمامُ
وضاق بها مع الصمت الكلامُ
لها في قبضة الأسرار سرٌ
وإن أسرتْ تولاها السلامُ
إذا خافت تخافت لا يراها
سواها حين يدرها المقامُ
وإن أوفتْ لما فيها أفاضتْ
بما فيها ليكتمل الهيامُ
أنا ذات تسامت في هواها
وأدركها به الحلم التمامُ
فأرسلت الهوى حتى تناهى
وأرسلها لرحلتها الغرامُ
فكان لظلها سر تماهى
كفاها حين أدركها الختامُ
مداها أغلق الآفاق بوحا
فسالت من جوانبه المدامُ
أنا ذات تجلى مشتهاها
يعانق وجدها السر الحرامُ
يوافيها من الآفاق نهرٌ
ويأخذها لرحلته الغمامُ
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> سؤال
سؤال
رقم القصيدة : 69073
-----------------------------------
أنا ظلٌ تجلى في خيالِ
وسر قد تكاثف في سؤالِ
فبعضي من أساطير توالتْ
وبعضي من تواشيح الكمالِ
سؤالٌ رحلتي وأنا سؤالٌ
تناثر مثل حبات الرمالِ
أرى بدئي تجمع في انتهائي
ومعرفتي تناسخُ من ضلالي
أسافر للمدى فأراه يأتي
وأتركه يناديني تعالي
كأني في احتمالاتي فراغٌ
تلامح في مسافات الزوالِ
أنا لغز الوجود أرى وجودي
سؤالا قد توالى في سؤالِ
إذا ما البرد أورثني يقينا
تجلت حيرتي في بعض حالي
أغيب فأنجلي عني وأصحو
فأدرك ما تجلى في جلالي
وأدرك أنني نور تسامى
وعتم قبل ميلاد الليالي
أنا رؤياي حين أرى أراني
ولست بغير ما أهوى أبالي
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> لست حواء
لست حواء
رقم القصيدة : 69074(52/70)
-----------------------------------
لستُ حواءْ
صورتي من لهجةِ الريح ِ
ومن راهبات العدم ِ
لستُ حواءَ
ولا يوما لضلع ٍ أنتمي
لستُ منه
آدم مني ومن نجوى دمي
طينتي ...
لا طين لي
فكرة كوني وسري أنجمي
لست صلصالا ولا نارْ
لست من برد ٍ ولا ماء
لم ألد يوما ترابا أو غبارْ
لستُ حواءْ
أنا مني كنت وحدي
لم ألد إلاي طينا
من تواشيحي خلقتُ
ثم كنتُ
الروح في ضلع الهواء ْ
كنت في الطير مسافات
وفي الأفق فضاءْ
لست حواء
***
يا طيور الماء مدي
في دمي غيم النداء
واسكبي من لحنك المائي
روحا
واسكبيني في جنون الروح
في نسل الدخان
أهتدي من برزخي
أطوي ملاءات الزمان
ثم أنضو عن متاهات الرؤى
شكل الدماء
لست حواء
فامنحيني يا طيور الماء
أسرار الخلود
واسكني إيقاع بردي
واكشفي لي كوكب الأسماء
ألقي بردة البحر عليّ
لست من شيء أنا
من طينة حملتها ما فاض فيّ
ها أنا في الصوت تكوين
وفي الضوء أسمي مقلتيّ
يا طيور امضي
فليست طينتي من خاطر
ثم استوت كالرمل فيّ
لست حواء
أنا مد المدى
صوت تجلى
دونه الكل صدى
ها أنا أوحي إليك
يا طيور الماء
ما أخفي لديّ
ها أنا ألقي عناقيد الكلام
في الصدى أسقي مسافاتي
بحارا من دخان
ها أنا من زخرف الأشواق
كونت الرؤى سرا نديا
ثم أسدلت المساءات التي كانت
سحابا في يديّ
لست حواء ولكن
كلما أسرى إلى روحي اليقين
قلت يا أشياء كوني
بعض فيضي
بعض أسراري وبعضي
كوني ما لو أسرف الشوق قليلا
غمْرَ أرضي
لست حواء
لا ولا يوما لضلع أنتمي
أنا بوح في خلودي عدمي(52/71)
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> من مغيب الكلام
من مغيب الكلام
رقم القصيدة : 69075
-----------------------------------
لمن أستعير من الأبجدية نهرا
من اللحظة الهاربة
تفيء اللغات إليه
صباحا
لتغسل أشجارها
من غبار الرمال
وتملأ بالصمت كاساتها
وتترك أسماكها ذاهبة
لمن أمسك الشمس من شعرها
الذهبي
وأجعلها وردة لا هبة
" لأشكلها " في مساء الخيال
تصلي لأيقونة الأغنيات
لبرد مسافاتها الواثبة
لمن أسأل الورد
ألا ينام على العطر
والحمرة الشائبة
ويغفو كليلا إذا ما تجلى
عليه الجمال
ويسكن في شمسه الغاربة
لمن أسدل الليل خيمة شعر
لأكشف أسراره الغائبة
وأجمع نجماته في السلال
وأترك أحلامه العاتبة
لمن سوف أشعل قنديل روحي
في صلوات المساء
ليغسل أحزانه الشاحبة
لمن غير ذاك الذي لاينام
كأني بأحزانه راهبة
تخبئ في مقلتيها السؤال
كأني به يختلي بالغمام
ويترك أحلامه سائبة
لمن غير ذاك الذي
من مغيب الكلام
أطل
ليقرأ
أوراقي الخائبة
* *
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> هلْ كانَ خليلا سؤالُ البحْر لي .. ؟
هلْ كانَ خليلا سؤالُ البحْر لي .. ؟
رقم القصيدة : 69076
-----------------------------------
قلتُ :
ثمل الرقراقُ فالكأس إشاره
والطلا حرف وما ثم عباره. كلمات من هنا
سابحة وعبير أزرق يعْرَى ستاره.
كلمات تأخذ الشمسَ إلى كلمات الليل
ترويها عقاره، والحكايات مدارات الصدى
ومغارات فهلْ كنت المغاره ؟
للصدى همسُ الليالي
ما أتى دارة الأمس مدى يسأل داره،
ويرى ناره لثغاء الغضى ..
أمن اللثغة ما كان انشذاره ..
يا كلاما أبيضَ الصوت ويا شذراتٍ ليس تدري ما استثاره ..
ليس تدري ما حديث المنحنى
حينما الليل أرخى أستاره ما انتضى سيف الكناياتِ
التي شابت الليل عيونا مستعاره ..
فكأنْ ما قال إلا لغة عمرُها البحر إذا تأتي محاره .. ؟
أكتبتَ البحر، مني، شاعرًا ما رأى
إلا مقيلا وعثاره أم كتبت الذارياتِ المرتقى(53/1)
وبراقُ المحو يجتاز مداره ؟
أم حبا الرقراقُ من صبوته ثملا يسحبُ لغوًا.
لا عباره.
قالَ :
أنا الرقراقُ فاكتبني قليلا
وقلْ لي ما الذي كان المسيلَ. أنا الشذراتُ
مائية المعاني ولي السرواتُ أسرجتِ الفتيلَ. أنا العتباتُ
واللغة احتمالي إلى قنديلها يلغو بديلا.
أنا الجذباتُ
يتكئ انهياري على لغةِ انهياري
مستحيلا
ويقرأ ما بألواح الترائي تجلىَّ
من معلقةٍ عديلا.
كأني منه متكأ القوافي
وقد مالت فأوشك أن يميلَ،
وكادت تكتبُ المهوى
قصيدا تملكني وأدركني رحيلا
لأقرأ رحلة المعنى مديدا من التأويل
يحملني عليلا
وأحمله ولي ما ليسَ لي
من كلام البحر يقدحني فتيلا ..
لأنسى ما ترقرقَ من عيون الكلام
وما يطوقنا جميلا
وما قال الغمامُ ولا غمام
وما انهلتْ مدائنه هديلا، وما هبت نوافحه
حروفا من الورد الذي يندى خليلا
وما عبرت مراياه المرايا
إلى لغةٍ ..
أكون بها قتيلا
ولا خطرت طيوفٌ ساحبات
ذيولَ الحلم كيْ أسري
قليلا إلى طيوفٍ سالباتٍ من حروفي
شذى الرقراق معراجا بليلا ..
لأنسى ما بنافذتي
وما بي وللأوراق أن تأتي جذيلا
ولشرق النخلتين يد التداني إذا ما الغربُ ألبسها رحيلا
ولي أفق،
بمائية القوافي، أراوده فيرديني كليلا.
أرى العتبات
ليس ترى دليلا
يكاد يشق عتمتها دليلا.
هناك حيال نافذة اشتعالي
سألت العمر: هل كان خليلا
سؤالُ البحر لي
وأنا متاه تطوحه مراوحه طويلا ؟
وهل كانت مسافته سؤالا عن البحر
الذي ينأى مسيلا ؟
وهل أنسى ملامحه رحيلا
لأرسو في ملامحه رحيلا ؟
وهل أكسو جدارية الأماسي
بجرح الماء
ملتفتٍ عويلا ؟
بياضُ الوقتِ منهمر ممرًا من الكلمات
ترفو مستحيلا من الكلمات ..
يا قلبي الذي كان قلبي قبل أن يغفو قليلا ..
لأنسى،
يا بياضَ الوقتِ، قلبي إذا أودعته جَذلا عديلا ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> وما خِلتُ المعانيَ تسلبُ
وما خِلتُ المعانيَ تسلبُ
رقم القصيدة : 69077
-----------------------------------(53/2)
قالَ : كنتُ دخلتُ بحرًا وما هو بحرٌ.
كانَ الزمان فجرًا. كانَ الحيُّ نثرًا. كانَ الدخان شعرًا.
كانَ الرجفان أمرًا.
كنتُ أوجزتُ سِفرًا، وأجزتُ سَفرًا، واجتزتُ قفرًا :
إذا ما تراخى منكبٌ قامَ منكبُ أم الراسياتُ الكاسياتُ
أوانسٌ وقدْ ماسَ ريّانٌ وهامسَ موكبُ
أم الآسياتُ الناسياتُ عرائسٌ هوادجها
مِنْ حسْنها تتوثبُ
أم الماسياتُ الجاسياتُ مقابسٌ
دماليجها النورُ النديُّ المُحجَّبُ ؟
على وتر
أدنى من القوس مَوْهنًا
تسلل خيط منكَ والليلُ يكتبُ.
وماذا يقولُ الليلُ ؟ يسكبُ كاتبٌ على ورق الرؤيا
مداه ويرقبُ.
وأرتقِبُ السقيا ولستُ بشاربٍ،
أيشربُ صادٍ صادرٌ يتأوَّبُ، ولا كأسَ ؟
للبيد الغريبةِ كأسُها، ولي غربَة المعْنى المكابر.
أشرَبُ صَدى كلماتي.
أنقع الغلة التي تُسامرني منْ حيْثما هبَّ غيهبُ
وأقطع هذا الليلَ وحْدي
وأسْحبُ البراري وراءَ الليل حينَ أسْحبُ
وأفزع، مَبْهورًا، إلى حلل الحِمى لأكسو فراغ القول.
مَنْ كانَ يعتبُ ؟
ومَنْ يعذبُ العريُ البهيُّ مُلوِّحًا بلوحِه والأريُ المُلوِّح يعذبُ ؟
ومنْ قيسُه
كانَ القليبَ لغاربٍ كأنَّ قِسيًّا ترتوي حينَ تنشبُ
حكايتها بينَ القبائل سُمَّرًا،
وللنارألهوبٌ،
وللدَّارعنكبُ ؟ ومَنْ صاحبٌ لي والجدارُ بدا وما بدا ؟
فهلْ أراه، الآنَ،
أيانَ أصحبُ العمائمَ تاريخًا وأصعد بابه دخولا إلى التاريخ ؟
مَنْ كانَ يرقبُ ؟
وهلْ يتملىَّ جانبٌ منه صَعدتي
أنا الساكبُ المسكوبُ لا يتصوَّبُ،
وليسَ يخبُّ السيرَ طيَّ مسافةٍ هيَ
الكاتبُ المكتوبُ تنأى وتقربُ،
وتذهبُ أنى شاءَ هدهدها ..
الذي همى نبأ يأتي بأمر ويذهبُ ..
تهذبُ أوراقَ المسَاء نداوة
إذا المندلُ المشتاق يرسو طلاوة منَ الغيبِ
يحبو سطوُه المُتطيبُ
ويصْبو، سؤالاتٍ، إلى الغيم وجهة أنادي بها:
يا مُغربا ليسَ يُعربُ
ويا جبلا مِنيِّ الكهوفُ
ومنكَ ما خلعتُ به النعْلين أيانَ أغربُ
وقدْ أجهشَ الوادي إذا النورُ آية وأجهشتُ ؟(53/3)
ماذا قلتُ ؟ عنقاءُ مُغربُ ؟
وما قلتُ إلا خشعة إثرَ خشعةٍ ولا لغة لي مثلما كنتُ أحْسبُ
حَسبتُ الحروفَ الدانياتِ قطوفها حروفًا
وما خلتُ المعانيَ تسلبُ
وهْيَ منيَ قلّبُ، تناهتْ حتوفا ما عرفتُ مقادتي بها
وأنا قيدَ المتاهةِ أطربُ.
ولي ماءُ البداهةِ مطلبُ.
أغالبُ بردًا فالخطى مشتلُ الجذى
بمُلتهبٍ يحْدو الخطى منه أغلبُ. له واحة،
والبيد راحاتُ مَوقدٍ تحفُّ الرسومَ الشاخصاتِ،
وتنهبُ مُعلقة خرقاءَ بعضَ هذائها، وتذهبُ،
والبابُ الرَّئية تخطبُ. أنا ما خطبتُ الودَّ يا طللَ الحِمى،
وما جئتُ إلا طائفًا أتقربُ، وكنتُ دخلتُ البحرَ فجرًا وليلتي ..
ولا بحرَ إلا مُهجة تتوثبُ.
أهبْتُ بها أنْ لمْلمي، منْ تبعثري، خطايَ التي كانتْ خطايَ.
سأركبُ، إلى لغتي،
مهرًا أجاذبُه المَدى رُنوًّا إلى اللا شيْئ ظمآنَ يجذبُ ..
وأركبه وَسْنانَ ينتهبُ الرؤى
إلى دافق ريَّانَ بالشوق يصْخبُ ..
والدن يعجبُ. وأعجبُ منِّي،
والمسيلُ قصيدة مُؤانسة، كيفَ القصيدة تعتبُ. أنا ماعتبتُ.
الليلُ كانَ عاتبًا، وكانَ يُورِّي ما أقولُ ويَحْطِبُ،
وكنتُ أنا ألغو بقافيةٍ غوتْ بإثفيةٍ، والحرفُ أمرًا يُقلِبُ.
وكانَ رماد الفجْر
سارية هوتْ منَ الحلك المأسُور نقعًا
يُرتبُ نشيدَ البراري للبراري.
أنا الذي أرتبني سجعًا ليمرعَ مُجدِبُ،
ويطوي كلامَ البحر والخرقة التي تطارحه المعْنى
فلا كانَ مُعربُ ..
ولا كانَ، منذورًا لأبلجَ مُغربٍ، كتابُ الليالي ..
والمهامه كوكبُ، ولا قالَ لي البحرُ المسافرُ خلسة حكايته ..
عنْ شاعر يتأهَّبُ ليعْبرَ ما كانَ المرايا
وينهب القوافي ليشتارَ العراقَ قوافيًا
وقدْ عبثَ المهوَى بما يتألبُ
وللروم بحرٌ والعروبة شطه
وقدْ نشطتْ حِلفًا وعربدَ موكبُ
وللروم أوفاقٌ بغطرسةٍ جرتْ بعتمتِها
إمّا القاذفاتُ تصبَّبُ
كأنَّ بها حِقدًا عنيدًا وما بها عناد مديد حاقد يتقلبُ
ولكنْ زباناها الكياسة والجَذى مُراودة.ً(53/4)
منْ قامَ ؟ ثمَّ عقربُ، وثمَّ، برقطاء الأماني، تطوُّح
وكلٌّ لدى كلٍّ مدًى وتسرُّبُ
وكلٌّ، بليلى، واجد مُتواجد وليلى
امَّحتْ بينَ المضاربِ تندبُ.
وليلى الجراحاتُ التي تسكن السُّرى إذا الليلُ يعْرى
لمنْ سأقولُ :
البحرُ يلهث نازفًا دمًا عربيًّا .. والأكفُّ تخَضّبُ ؟
وكلٌّ، بليلى، واجد مُتواجد وليلى
امَّحتْ بينَ المضاربِ تندبُ.
وليلى الجراحاتُ التي تسكن السُّرى إذا الليلُ يعْرى
والذرى تتحدّبُ.
لمنْ سأقولُ :
البحرُ يلهث نازفًا دمًا عربيًّا .. والأكفُّ تخَضّبُ ؟
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> ألا قدحٌ لعُيون الحِمَى ؟
ألا قدحٌ لعُيون الحِمَى ؟
رقم القصيدة : 69078
-----------------------------------
أقرعتَ البابَ الذي كلمَ
أمْ ذرعتَ الغيابَ والعدمَ، أمْ سمعتَ الأنخابَ سائلة :
هلْ كرعتَ الحَبابَ والوهَمَ أمْ وسِعتَ السَّرابَ
صدرًا همَى، في الأقاصي
كأنَّه ما همى
أمْ نقعتَ اللؤابَ في المُنتهَى
أمْ لك المُنتهَى نأى ديَما، أمْ خلعتَ العتابَ
ماءًا على ما سَها أمْ على الذي انسجمَ ؟
تلكَ آياته
وهذي يد للتآويل تنسجُ الكلمَ. ترتقُ المُرتأى إشارتها،
وتريقُ المدَى الذي احتدمَ في عيون الصَّدى.
ألا قدح يشهقُ الآنَ في عيون الحِمَى ؟
الندامى حُجون خارطةٍ تشربُ التاريخَ الذي انكتم.َ
الندامى جنونُ باسطةٍ هوْدجَ الأين يرتقي العلمَ.
الندامَى شجونُ واخِطةٍ مدرجَ البين.
هلْ ترى سُلما ؟ الندامى فتونُ خارطةٍ تكتبُ التاريخَ الذي انبهم.َ
الندامى فتونُ كأسي التي .. والجنونُ الذي ..
وما جمجمَ ..
والسكونُ الذي .. ألا لغة لي ؟
ترامى إلى الطريق وما أتهمَ اللبلابُ مُتكِأ،
منْ سؤال، على الذي أتهم.َ
ما انتمى. الدجونُ مرمدة ٌ. أيَّهذا الخريفُ :
كيفَ انتمى بارقُ الوقتِ مُصلتًا،
والسُّرى ما غوى مُصْمتًا ولا غمغمَ ؟
كيفَ غامَ العرجونُ عنْ كِلمةِ الليل، والليلُ،
بالشرودِ، احْتمى ؟(53/5)
كيفَ نامَ الهوى على شفةِ الطلِّ، والطلُّ ساهرٌ أنجما ؟
يا رعى الله أنجمًا شردتْ قبلَ أنْ يبكي شاعرٌ في الحِمَى.
الحكاياتُ الناسياتُ
دمي شرفة للبحْر الذي سئمَ الموجَ فانثالَ،
مِنْ تهدّجه،
شرفاتٍ ترتبُ الحلمَ
خارجَ الوقتِ
كيْ يُرتبَها شاعرٌ جغرافية كلما لملمَ الفوضَى،
وانتحى جهة هيَ فوضَى كأنه ما لملمَ،
وكأنَّ النظامَ قافية لقصيدٍ يَستدرجُ الوهَم،
وكأنَّ المرامَ إثفية والجَذى، منها، لاهجٌ ضرَما،
وكأنَّ الحَمامَ مِنْ زبدٍ ذاهلٌ واللاشيئَ ما سلمَ،
وكأني مُسترسلٌ ذاهلٌ عنْ جناح المعنى.
هلْ جرتْ موجة أمْ سرتْ مهجة
إلى ما همىَ منْ نداءاتِ الشمْس حينَ همى
وَرقًا يأرقُ، انتباهًا، كما أرقَ البرقُ في عيون المَدى
والندَى يشهقُ اكتناهًا نما سُورة المُرتأى
إلى سَوْرةِ المُنتأى خافقا ما ابتدا نغما ؟
قلتُ : هلْ أطرقَ الصَّدى
حينما طرقَ البابَ شاهرٌ ميْسما
مِنْ رئيِّ الصُّوى تجاذبُه، بالنوى، لوحة دنتْ أمَما،
ودنتْ لمحة .. تخاطبُه، باللوى، عابرًا موسما للسّراباتِ،
والسِّوى خبرٌ، والكِتاباتُ موْسمٌ للظما.
هذه البيد لاهثٌ بعدها ..
هذه واحاتٌ بدتْ لمَما ..
تلكَ بيد تنأى بنعل الوجَى ..
هذه واحاتٌ غدتْ حمما ..
تلكَ بيد عفىَّ عليها الونى ..
هذه واحة رأتْ حلمًا عابرًا
ذاته إلى ذاتِه
والمرايا مُهتاجة سُلما
هذه تلكَ أمْ هذاءٌ بَرى
وانبَرى أمْ أبي ذرا مُبهما
في العباراتِ ثمَّ لملمه وكأنيِّ أنا إذا لملمَ،
أمْ هَباءُ المعْنى تأوله خطبة البحْر
فانجلى عَلما، أمْ غوَى طارقٌ وخارطة فهوى
بارقٌ إلى حيثما
شذراتٌ منَ الرواق هنا بعثرتها يد الأسى كلما ..
كلما أحْدقَ المُريبُ ببابٍ وألقى، بمدخل،
أسهما ضمّت الباب واختفت بددًا مُستحيلا
وأشرفتْ طلسما منْ أقاصي الدخول مثلَ الرؤى،
ثمَّ طافته أشهرًا حُرما، واكتفتْ، بالشذى،
مجامرُها لغة يعْرى وردها شبما ؟
لكأنيِّ أنا بأعْتابها أقرعُ البابَ حينما سلما ..(53/6)
لكأنيِّ أنا بأعْتابها أقرعُ البابَ حينما سلما ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> لمّا بَكَى ليلُ القصِيدَةِ فِي سَلا
لمّا بَكَى ليلُ القصِيدَةِ فِي سَلا
رقم القصيدة : 69079
-----------------------------------
تلك الحكاية لي
وقد وقفَ الملا .. يا صاحبيّ قفا
ولا تترجّلا
وقفا هنا
حتى أرى ما لا أرى ..
حتى أعيدَ إلى الكنايةِ ما سلا ..
حتى أكونَ على المدَى
سلساله الذريَّ
يذروني إذا ما سلسلَ
رقراقه الدريَّ
خارطة الرؤى لأكونَ ..
قامة شاعر إما انجلى
إما غوى فتطوحتْ
كلماته
وكأنّها كلماته
حين المكان تسربلَ
بالذاهباتِ إلى عيون قصيدةٍ
وكأنما الأطيافُ بارقة الحُلى
وكأنّ ما تأتي الرسومُ بشرقه
غربُ الحكاية
ما دنا وتأولَ إلا لينسبلَ الغمامُ
على الربَى من كرمةِ التاريخ
نادمتِ الطلا
فتأوهتْ أعطافها وتأودتْ
والكأسْ تمرحُ
فالشبابُ إلى بلى ..
والشمسُ تمنحُ خدَّها
ولادة كانتْ هنا
يا صاحبيّ ترجّلا ..
جُوسَا الحكاية كلما ابتدرتْ
من الرقراق، واشتعِلا ولا تتحولا ..
فهنا عيونُ طفولةٍ أرتادها
لأكون عُرْيَ قصيدةٍ ..
لا تسألا عنْ خطونا
وقد استرابَ الليلُ من ليل القصيدةِ
حين أدركنا الفلا ..
لا تسألا السهوَ الذي كان السّدى
لما بكى ليلُ القصيدةِ
في سلا
فهنا أوراقٌ لنا رقراقة
بالذكرياتِ
تمثلا وتحولا، وهناكَ أوراقٌ
تركناها، على أسْوارها، تندى كلاما
حالما ثملا
ولا لغة سوى كأس الإشارةِ
تنبري من لغةٍ
تعاطيني السؤالَ تهللا
وهنا بقايا من عبارتنا
مدًى لحكايةٍ لي
من زمان أسدلَ التاريخ باذخَه
على تاريخِه
فكأنما وثبتْ بلاغته فيصلا
وكأنما كتبتْ
فواصله الصّدى كيما تعلقه
كلامًا أولا
وكأنما أستارُ ذاتكَ كعبة
وإليك قافية تؤوِّل منزلا
وكأنني سافرتُ فيك قصيدة
وأنا الذي لا قولَ لي
إلا الذي ..
ما أجزلَ كلماتِه عريًا ..
ليزجَل بالندا ..
حتى تمثلَ بالعُروج وأرقلَ
في اللانهائيِّ الشفيفِ بشاخِص التاريخ(53/7)
يعبرُ المسافة منهلا
وعليه، من أيامِنا، أنسامُنا وكلامُنا
وعليه ما كتمتْ سلا
عنْ طارق من دانياتِ قطوفنا
ما لملمتْ من مائياتٍ
جدولا
ما ضمَّ جامعُها، على أسفاره،
صدرًا بجاه الذارياتِ توسّلَ
وبحق زاويةٍ يرقُّ براقها
من حيثما التاريخ ذكرًا أرسلَ ..
يا صَاحبيّ قفا ..
حكايتنا هنا .. من قالَ ؟
منْ وثبتْ بصاحبه
سَلا .. ؟
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> لنا حجرٌ ودون الموت صدرٌ
لنا حجرٌ ودون الموت صدرٌ
رقم القصيدة : 69080
-----------------------------------
أتيتُ إليك أسألني كلاما
وقدْ راحَ الحمامُ .. فلا كلاما
ولا عتبى ندانيها فتنأى
حميَّا منْ قصيدٍ .. أوْ غماما
ولا ريّا من الغرِّ القوافي
تدانينا لتنسبكَ انتظاما
ولا معْنى يسيرُ بنا عيونًا
من الخطراتِ تأتلق انسجاما
ولا رؤيا تساورُنا فنرنو إلى
الصبواتِ تأخذنا احتداما
فلا عبقٌ يعود بنا إلينا
ولا أرقٌ ينازلنا مراما
ولامسْرى من التاريخ يغشى
عبارتنا إذا انهارتْ رخاما
يغيمُ الماءُ في درْج الليالي
حكاياتٍ وأوهامًا عظاما
وما شئنا وشاءَ لنا سميرٌ
روى ما كانَ فتحًا للندامى
وكلٌّ في عباءته انتظارٌ
يغيمُ الماءُ في يدِه أواما
إذا الإقواءُ دثره بسعي
تلفتَ شبْه قول ما استقاما
وكادَ اللغوُ يُبدعه ركامًا
إذا التاريخ يُبدعه ركاما
وإمّا الريح تذروه انحناءً كأنَّ
الصَّدرَ ما اهتزَّ احتداما
كأنَّ الصَّخرَ ما كانَ اختيارًا
وما كانَ التحيَّة والسلاما
وما كانَ ابتسامة كلِّ طفل
إذا سألوا يدًا كانَ ابتساما
وسدَّدَ روحَه قمرًا مُضيئًا
وليلُ العرْبِ مُنكدرٌ ظلاما
وليلُ العربِ .. أهٍ يا سؤالا
يفتُّ الذاتَ .. ذاكرة وهاما
ويا سيَرًا ألوذ بها احتمالا
لأنقعَ غلة وأرى أماما
أشد بها خطايَ وأجتليني بليْل
العرْبِ لا أشكو انخراما
ولا أشكوالعقودَ وإنْ تهاوتْ
نثيرًا أوْ تشرذمتِ انفصاما
إذا ما أذكرُ الحجرَ انتظامًا
وطفلَ البدْء واليد والمراما(53/8)
ومولدَنا إذا البدءُ انتفاضٌ
فمنْ دمِنا ترى البدْءَ اهتزاما
ومنْ دمِنا البلاد قدِ استضاءتْ
ونورُ الله يُبدعنا حساما
كأنَّا والحكاياتِ اللواتي
عميد الحيِّ يَرتقبُ الخياما
ويَكتبُ ما قصائده توفيِّ
إذا ما الصَّدْرُ أرسلها حماما
هنا .. وهناكَ أذكرُني
وليْلا بنابغه أقامَ وما أقاما
كأني والقصيدة مهرجانٌ
ولا صوتَ ابتداءً واختتاما
كأنَّ الدربَ مُنتشرٌ شظايا
أوَانَّ العمْرَ مُنحسرٌ حطاما
أهذا شمع عروتنا عزاءٌ
أكانَ الموتَ أمْ دمعًا ترامى ؟
علىالطرقاتِ يُمسكُ بي
حييًا كأنَّ به من العبث التطاما
ويهمسُ لي ونحن معًا عراء ٌ:
لعلكَ نازعٌ عنيِّ قتاما
لعلَّ قناعَنا، أبدًا، مقيمٌ
بوادي الخوف ِ يَمتلك الزماما
لعله راحنا وغبوق حكي
وسيرة مقعدٍ يسري انهزاما
لعله ذاتنا .. نحن انكسارٌ
على شفةِ العلى يذوي مقاما
ونحن نبتُ العوالي منْ زمان
سَريّا كان منتضيًا حساما
إذا سُلَّ الحسامُ فبالمواضي
من العزماتِ أذكرُه حساما
وإنْ سكتَ القتامُ فبالقواضي
من الكلمات أذكرُه حساما
أضاعَ الخفُّ واسْودَّتْ وجوهٌ
وعفرَهاالذي اربدَّ اكتظاما
أما البيْداءُ مُمتقعٌ ثراها
فلا وتد أقامَ وما اقاما
ولا عَمد يُطوقنا رحيلٌ هنا
وهناكَ..هلْ نعلي الخياما ؟
وكيفَ ونجعة التاريخ تلهو
ونحن نكوِّمُ الزمنَ اختراما
ونحن إذا سُئلنا عنْ مرام
تركنا الخفَّ يلبسُنا مَراما
تركنا الجمرة الرَّعناءَ تخلو
بخيمتِنا وقدْ نضَّتْ ضراما
ومالتْ حيثُ تلتقمُ النواصي
وموج النار مُنهمرٌ دواما
وملنا نجعة ً إلا عمود تقلدَه
فتى ضمَّ الحطاما
ولملمَ ذاتنا حجرًا عنيدًا
وتاريخًا ومئذنة وهاما
وصوّبَ جرحَنا في منجنيق
فكنا الماءَ والنار احتداما
فباسم الله والفتح انجلاءٌ يرد
عن الهدى رجسًا حراما
وباسم الله والأرواح جند
أتى ولد .. فجمَّعنا دعاما
أتى ولد كتابًا مدْرسيًا
فراشًا سوفَ يرسُمه كلاما
يقولُ لأمِّه: كيفَ ارتسامي
فراشًا طيَّ عيْنيكِ استناما(53/9)
وحَلقَ منكِ يُلبسُني مداه
ندِيَّ الوردِ مُبتسمًا دواما
فأحضن منه نايًا في حنيني
كقريتِنا يُبادلني السلاما
وأسْكِنه سؤالاتِ البراري
ليسْكنَني عرارًا أو بشاما
وأمهره نداءاتِ انتمائي
وأشهره، على الدنيا، غلاما
وأدخله احتمالاتِ المعاني
حيالَ حديقتي تأتي انبهاما
فهلْ يا أمَّتا نايُ القوافي
بمُسعفِنا لكيْ نلغو كلاما
ونغلو في انقداحتِنا نشيدًا
إذا ما شبَّ ينجرح التزاما
ونعلو نحن نعلو منذ كنا
وما كنا سوى العزِّ اضطراما؟
لنا حجرٌ ودونَ الموتِ صدرٌ
إذا النيران ولولتِ احتداما
فمحفظتي مجنٌّ. هاكَ قوسًا
أقده منْ صبايَ فلا سجاما
وهاتِ دفاتري أبري دروسًا
لتصبحَ عندَ موقعةٍ سهاما
وهاتِ طفولتي خذني ذراعًا
وصَوِّبْكَ انتفاضًا واحتماما
لنا سفرٌ أتى منا إلينا
وما ترك الغطارفة النشامى
فهلْ يا أمتا تأتي استباقا دموع
العين إنْ سرتُ اقتحاما؟
أنا منْ يعْربٍ نرد المنايا
وضيئي الثغر نأبى أنْ نضاما
أتيتُ أبي أرى الشهداءَ
نورًا ومنْ جذل رأيتهمُ حماما
قدِ اخضرَّ الفضاءُ فلا سواد
إذا ابيضَّ الكلامُ فلا كلاما
أتيتُ الدارَ والبغيُ انحدارٌ
أتيتُ أبي أعانقه فقاما
وضمَّ الآهَ وابتدرتْ شؤونٌ
وصَهيونٌ بمااقترفتْ حراما
وما اجترمتْ وللأوفاقِ
وعْد ودعمٌ وادِّعاءٌ قدْ ترامى
كأنَّ بها، من البدْء، انهزامًا
إذا ولد يَسُلُّ بها حساما
مُحَمَّده سَميُّ النور بدرٌ
يُجلي ما بمرحلةٍ استداما
فهلْ يا درَّة الشهَداء نأتي
طفولة ما يرُج بنا الطغاما ؟
سلمتَ ودمتَ للرقراق معنى
إذا ما شاعرٌ.. أبقى كلاما
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> الهوامشُ أرضكَ الأولى
الهوامشُ أرضكَ الأولى
رقم القصيدة : 69081
-----------------------------------
نظامٌ للقصيدةِ والسُّؤال
يُحمْلق في القصيدةِ باحْتمال
العَوالي من النظراتِ للوهْم / المُحال
الهوامشُ صرخة
ما ندَّ منها سوى صَمْتِ السَّريِّ إلى انسلال(53/10)
عن المعنى، وعنْ مُتمطراتٍ إلى المعنى على وتر انذهالي
الهوامشُ دفترٌ لا سطرَ فيه
إذا ما أنتَ جئته لا تبالي ولا تهتاج
لا عنوانَ يرْنو من العنوان
زنبقة الليالي تشيح بما لديها عن وصال
وتمنح واردًا ألقَ الوصال
تبيح ولا تبيح ..
كأنَّ جونًا بديدَ الظلِّ يأتي بالظلال
وبالواحاتِ منْ ثبج وجمْر، وبالرَّاحاتِ تندى بالمطال
وبالساحاتِ أرحبُها عيونا
جداولُ منْ عيون ٍ للضلال
كِنانتكَ المُطلة منك بيد وخضراءٌ
براسيةِ الجبال، وساريةِ الجواري مُنشآتٍ
وعاريةِ العباءةِ والعقال
الهوامشُ
ولا خِرقًا نجاشية الخيال
الهوامشُ أرضُكَ الأولى
وبابٌ على المنفى ونافذة المُحال
رأيتكَ تمَّحي صعدًا رئيًا ومنكَ تمد سُلمَها الأعالي
المشتى وساد
وللمسْرى قتاد
الكهفُ اتقاد
وطيفكَ يرسمُ المنحى
لينهارَ احْتمالي على الشرفاتِ
أصْعدني
اتكاءًا على جرْح الليالي
لأحلمَ بالمسافاتِ اللواتي
تجرِّدها، منَ الكأس، الدوالي وبالطرُق القديمةِ
كالقوافي، وبالمِزق التي كانتْ حيالي
بساريةٍ ترد عليَّ قولي
رُسومٌ نابسات تركتُ بها
لمِحرقةِ السُّؤال
وما هرمتْ أناملها شخوصًا
إليَّ
من المُطوقةِ انسلالي أنا فيها انوجدْتُ
ولا مقالٌ لأحلمَ. منْ رآني ؟
لي مقالي، ولي حرفُ المَرايا. قالَ انوجَادي
وقلتُ، وقدْ تخاوصَتِ المجالي :
أشاختْ، بالعباراتِ، المَرايا
أمامَكَ أمْ إشارات العوالي من العتماتِ
أبراد الدوالي ؟
وقلتُ: لعلَّ حرْفكَ ليسَ ينسَى
لعلي، مِنْ هنا، أنسَى
سُؤالي الذي تركتْ أنامله شخوصي
ذكرْتُ، لديكَ، ما أملى ارتحالي إليكَ
على حروفٍ منْ نصال
وما كتبَ انسدالٌ لانسدال، وما ألقى
إليَّ من الأمالي، وما أبقى، ودونَ البحْر بحْرٌ، هناكَ
لأرْتقي موجَ الجَمال.
ذكرتُ كتابيَ / الشذراتِ
ويحسبُه محارَ الحلم رُؤيا
وأحسبُه سوارًا للرمال
كأنَّ الطلَّ عنوانٌ مُدار يحومُ إذا أبادرُه حيالي.
كأني الظلُّ أذكرُني اختلالا وهامُ قصيدتي طيّ اعتلال.(53/11)
حيثُ تلغو الحكاية منذ إبْهام المجال
ومنذ تكسَّرتِ اللغة اختفاءً عن التبيان
والسحْر الحلال
يكاد زلالها منْ سلسَبيل الغُموض يغيمُ في لغتي
سُؤالي
غموضًا من زلال
ولستُ بذاكرٍ ماءَ التصادي
عن الأوْراق تكتبها الليالي، عن الرّقراق
يسْحبُها انكتابا ليقرأني على مهَل
فما لي أسابق عتمة الكلماتِ محوًا، وأسبقني
ليتسقَ احتمالي ؟
وعدًا بآل ؟
سألتُ فما أجابَ
وحينَ أفتى أنا كنتُ ارتحالا
في ارتحال
وما أفتى
ولكنْ قالَ همْسًا:
بُراقكَ آهة الرَّجْع المُذال.
فقلتُ : ذبالكَ الذريُّ شمسٌ ورقراقٌ
وأنفاسُ انسبال، وأشواقٌ
أسِترُكَ يستبيها
أم السرُّ الذي بينَ الجبال ؟
وما كنتَ المسافة
ترتويها دهاقا كالمُعتقةِ الحَلال
وترْوي ما ترى كأنَّ جمْرًا بثوبكَ ..
ثمَّ ترمي للوصال من الجمَراتِ للخطرات بعْضًا ..
لكيْ تدنو المسافة من نصال المحبةِ
لانجراح الورْدِ شمْسٌ
هيَ الرؤيا
لها الاسماءُ والأشياءُ فيضًا وقبضًا
في مقام ثمَّ حال
لها الأشذاءُ والأنداءُ سُكرًا
وما يُدني العبارة منْ ضلال
لها البسْتان والعنوان
عمْرًا، ولي سَفرُ البيان عن المقال.
دخلتُ إلى الخُروج
ولستُ أدري أثمَّة ينطوي بابُ السؤال
ورتقه عدولا لانذهال، أم القلبُ الرَّهين غفا
عروجًا لأسْر أمْ خروجًا منْ عِقال ؟
دنوتُ
يدي انبساط
والحنايا منايا
ما دنوتُ من المَجال
على الجنباتِ شوكٌ
طيّ شوكٍ، وسرْتُ كأنَّ دربيَ
أخِفُّ إلى مدىً ينسابُ سِفرًا من الأشباح
تمْرَح باختيال
عندَ قادحةِ الليالي
حبوْتُ أنا ..
خبوْتُ إذنْ ..
الصَّبابة غرة الخرْق / الوصال
هوامشُ لي ..
كنعلِكَ آذنتني باشتعَال
وما يُدني العبارة منْ ضلال
لها البسْتان والعنوان
عمْرًا، ولي سَفرُ البيان عن المقال.
ولي سَفرٌ إذا أدنو من البابِ أسْتفتي، ولا بابٌ حيالي.
دخلتُ إلى الخُروج
ولستُ أدري أثمَّة ينطوي بابُ السؤال
أم الحَجْبُ المُبين رفا دخولا
ورتقه عدولا لانذهال، أم القلبُ الرَّهين غفا(53/12)
عروجًا لأسْر أمْ خروجًا منْ عِقال ؟
دنوتُ
يدي انبساط
والحنايا منايا
ما دنوتُ من المَجال
على الجنباتِ شوكٌ
طيّ شوكٍ، وسرْتُ كأنَّ دربيَ
منْ ملال
كأنيِّ والعراءُ يحفُّ سيْري
أسامِرُ طيفه قيدَ انذهال
أخِفُّ إلى مدىً ينسابُ سِفرًا من الأشباح
تمْرَح باختيال
وتقدحُ غرَّة الوادي صهيلا وتجمحُ
عندَ قادحةِ الليالي
حبوْتُ أنا ..
خبوْتُ إذنْ ..
صبوْتُ ..
الصَّبابة غرة الخرْق / الوصال
هوامشُ لي ..
وكانتْ شارداتٍ
كنعلِكَ آذنتني باشتعَال
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> وزيْنُ العَابدِين يَنثرُه جَمالا
وزيْنُ العَابدِين يَنثرُه جَمالا
رقم القصيدة : 69082
-----------------------------------
رأيتَ وما رأيتَ إذا توالى
بصدركَ ما ترفّ له جلالا
كأنّ به من الجذباتِ لوحًا
إذا ما اللوحُ جاذبها سؤالا
إذا ما البوحُ منها قد تجلىَّ
مَراوحَ رؤيةٍ ندّتْ جمالا
إذا ما الروحُ معْراجُ ابتهال
ترقىّ روْحها يندَى ابتهالا
إذا ما النفحُ يأرجُ مُستبيحًا
مساءَ العمْر ينسجُ ما تلالى
إذا ما السفحُ منبلجٌ بهاءً
بليلته، ومختلجٌ وصالا
إذا ما الجرحُ معتلجُ المرايا
بروعته يهمّ بها اعتلالا
إذا ما اللمحُ محوٌ للحكايا
و ما تصحو به الرؤيا انذهالا
رأيتَ فهلْ رأيتَ عدولَ حرفٍ
تدلىّ، منْ تمنعِه, ارتحالا ؟
وهلْ جمحتْ بأهبته الليالي
وهلْ جنحتْ بصحبته فمالا ؟
كأنكَ لم تكنْ منه احتمالا
إذا ما الحرفُ جَنحكَ احتمالا؟
كأنّ الطيفَ ما مالَ احتدامًا
على طيفٍ بأوديةٍ، وسالا
قفا نبْكِ الرسومَ ولا رسومٌ
سوى حرفٍ يشط بنا انتقالا
تركنا خطونا رسمًا لخطٍ
هنا وهناك .. يكتبنا سؤالا
لنكتبَ سَورة الرؤيا مديدًا
من التأويل يسحبنا مجالا
لنشربَ سَطوة المعْنى قصيدًا
عميدًا يشربُ المعنى وصالا
تركنا خطونا وهمًا عنيدًا
على العتباتِ بيضاءَ اشتعالا
على الجنباتِ من جَمْر الشظايا
إذا يتكسَّرُ المسْرى نصالا
تركنا أبْجَديّتنا رمالا(53/13)
ولا بيداءَ تنتظمُ الرمالا
كأنّ النعلَ منعمة ضلالا
ولا لغة لنوسعَها انتحالا
هنا وهناك .. أشباحٌ تراءتْ
وأقداحٌ تعاطينا المطالا
وألواحٌ .. هنا وهناك .. تعطو
إلى حَببٍ يُطاولنا احتفالا
يُبعْثرنا كرقراق الأقاصِي
ويعْبرنا كما شاءَ انسلالا
كأنا، في مََهبِّ الماء، كأسٌ
تهَدهِدها الأراجيحُ احتمالا
بكلِّ صَبوحها وغبوق حَكي
عن الكلماتِ مغناجًا دلالا
وعنْ عبثِ القوافي بالقوافي
وعني، والقصيدِ، وما توالى
وعنكَ إذا سَلا شقتْ جيوبًا
ومالتْ حيثما الإطراقُ مالا
وسالتْ، والأسى يُصمي قلوبًا،
إذا التاريخ رقراقٌ مجالا
تلفتَ يرتقي، صُعدًا، مَداه
كأنكَ منه مِرقاة جلالا
كأنكَ تنتقي مددًا مديدًا
من الأوراق تنسابُ اختيالا
لتنكتبَ المناقبُ باذخاتٍ
بكلِّ بيارق الرؤيا انثيالا
وكلِّ رقائق المعْنى اكتمالا
تهمُّ بها لتستبقَ اكتمالا
لتنبثقَ الحدائقُ رائقات
وقد ألقتْ على المعنى سؤالا
ليسألها عن العتباتِ رَوْحًا
وريْحانًا، وتسأله ظلالا
كأنّ سلا، ودمعُ البين سِفرٌ
لذي حَزن، وما تروي مقالا
وما تطويه من خبر الليالي
عنْ الأعلام حين أتوا رجالا
وعن سيَر الغطارفةِ النشامى
إذا أعلامُهم تكسو الرمالا
ويرسو المجد، مقتبسًا حلاه
من السَّرواتِ مختلسًا وصالا
بكلّ يدٍ متوجَةٍ شموعًا
تكبِّرُ عِزة تسمو جلالا
وتعبُرُ، مثلَ مئذنةٍ، ربوعًا
بكلِّ قصيدةٍ شردتْ منالا
كأنَّ سلا تحدثُ عن عميدٍ
وقد شرقتْ بلوعَتها اعتلالا
فما هتفتْ بروعتها كلامًا
ولكنَّ الكلامَ أتى اشتعالا
وقد وقفتْ، لخشعتها، احتدامًا
حروفٌ إذ تعالى ما تعالى
ألمّ الخطبُ منتضيًا حسامًا
ولملمَ من عبارتنا خبالا
فما قلنا وللرقراق همسٌ
وما قلنا وذا الرقراقُ مالا
ولا ملنا، على ميَدٍ، حمامًا
رأى فبكى مدائنه ارتحالا
كأنّا من هشاشتنا رحيلٌ
تخَرَّمه رحيلٌ إذ توالى
يَمدّ الأيْنَ هَودجُه سفارًا
بخارطةٍ تحاورُنا اختلالا
كأنّا نسكنُ البلوى اختبارًا
كأنّا نحضنُ الشكوى نصالا(53/14)
إذا شرقتْ بدمعتها انسبالا
سلا وسَرى النعيُّ بها انذهالا
وسرتُ أجوسُ أسوارًا ودارًا
وحرتُ متاهة وثبتْ، وآلا
هنا وهناك ملتبسًا مدارًا
كأنّ به، من السّفَر، ارتحالا
وأحدسُ بابَ زاويةٍ كأني
أراني، عنده، طفلا توالى
حديثه عن سلا وعن الليالي
وعنْ رقراقه شفَّ اعتلالا
وما ارتجفَ ابتداءاتٍ توافي
بكلّ قصيدةٍ تأتي انثيالا
إذا الختمُ انثناءاتُ المنافي
إلى ما لستُ أختمه سؤالا
هنا وهناكَ عن رسْم القوافي
وقد أودعته جَذلا وخالا
وأودعتُ السّوافي ما السوافي
تعابثه امِّحاءً أو زوالا
رأيتُ وما رأيتُ خطايَ تلغو
بما الكلماتُ ترسُمه مقالا
رأيتُ دوائرَ المعنى, وقوسًا
من التأويل أعمدة طوالا
من التاريخ أسحبُها كؤوسًا
وأسكنها شموسًا ما تعالى
من الزهْر الشماريخ احتفالٌ
بباذخِه أكون أنا احتفالا
أكونُ القائلَ المنقالَ شعرًا
لشامخه ترقرقَ ثمَّ سالا
من الذاتِ المطوِّحةِ انفعالا
بما ضاقتْ به خطبًا توالى
إلى الذاتِ الملوِّحَةِ اشتعالا
بما ذاقتْ، وما ذاقتْ زلالا
أكونُ الشاكيَ الباكي عميدًا
من الغرِّ الميامين اعتدالا
أكونُ الرائيَ الحاكي مديدًا
من العبَق الذي فاحَ اختيالا
وزينُ العابدينَ على بساطٍ
من التهليل ينثرُه جمالا
تماوجَ خضرة وسَجا بياضًا
وعاجَ على سَماوته ومالا
كأنه، والحدائقُ ذاتُ بوح,
جناحُ إشارةٍ ترقى احتمالا
كأنه، والرقائقُ قارئاتٌ،
وشاحُ عبارةٍ تأبى انسدالا
وتأبى من حَمامتها هديلا
إذا لم يقدح العمرَ ابتهالا
ولم يطرحْ عمامته قتيلا
من النجوى ولم يبرحْ عقالا
ولم يصدحْ بما ينأى مثيلا
وما يدنو ولا يدنو مثالا
ولم يَسبَحْ بلائحةٍ عديلا
من الجذباتِ تطويه ارتحالا
ولم يسفحْ على قدح قليلا
من الوثباتِ ترويه انذهالا
ولم يمنحْ إلى لمَح جميلا
من العتباتِ تأويه جلالا
وزينُ العابدينَ يمرُّ شيخًا
على شيخ مشابكة وآلا
ومِسْبحة من الشرفاء لاحتْ
مُسبِّحة مقامًا ثم حالا
إذا انتظمتْ عقودًا عاقداتٍ
لجينًا من غمامتها ظلالا(53/15)
وعقيانًا بمَحتدِها انتسابًا
إلى النبويِّ من بيتٍ تلالا
وللشعريِّ فيه من القوافي
خرائد ماسَ أبلغها دلالا
وجاسَ تيمنًا كلَّ انعطافٍ
من البركاتِ وامتدح النعالا
إذا انتظمتْ فمروحة السجايا
تهبُّ على المرايا ما توالى
سؤالُ العترة السمحاء نفحًا
يفيضُ على المُحبّين انسبالا
وترفضّ المواهبُ ساحباتٍ
على الدنيا، بأجمعها، خصالا
فمنْ أشذاء منقبةٍ تجلتْ
إلى أبهاء منقبةٍ خيالا
هنا وهناكَ .. والورد انتشاءٌ
وباءٌ حيثما ألفٌ تعالى
مخاطبة فمن قرأ الليالي
بذاك الموقفِ الرائي ابتهالا ؟
ومنْ ضاءتْ، بقولته، الأمالي
وما كانتْ سوىالنعل احتمالا؟
ومنْ آضتْ إليه فلولُ قول
إذا شردتْ به اللغة انذهالا ؟
ومنْ كانَ الحروفَ ولاحروفٌ
رأيتُ وما رأيتُ بها مقالا ؟
وزينُ العابدينُ يمرُّ قوسًا
من الخطراتِ أقبسُها هلالا
وألبسها الطروسَ بما تراءى
من النظراتِ إيناسًا تلالا
وللإبداع مجلسُه المُجلىَّ
من الشذراتِ تلتمسُ الجمالا
بكلِّ كتابة،ٍ وترى جلالا
بأطلسِها إذا قامتْ جلالا
وكلِّ صحافةٍ نجلاءَ حرفًا
إذا ما الحرفُ جردَها سؤالا
وكانَ الكشفُ سيِّدَها عطوفًا
على التاريخ يبسطه اعتدالا
وكلِّ مقامةٍ حوراءَ طرفًا
وزينُ العابدينَ أتى اقتبالا
يهشّ على المقالة مغربيًّا
كأن عصاته تسْعى سؤالا
ويُجهشُ بالثقافةِ يعْربيًّا
إذا ما أجهشتْ سحْرًا حلالا
فكيفَ أقولُ للسجُفِ الدواهي
وقد نزلتْ بمُسدَلها ارتحالا
أبا بكر، وللجرْح انقداحٌ
وما عرفتْ جوانحه اندمالا ؟
وكيف أقولُ ما أنقالُ فيه ؟
سألتُ الله صبرًا واحتمالا
.
سلا : 29 يناير 2005
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> كأنما شمْعة الرقرَاق
كأنما شمْعة الرقرَاق
رقم القصيدة : 69083
-----------------------------------
سلا أمن عمرها عمري الذي رحلا
أم أنني وترٌ منها بما انسبلا
أم نمنمات الندى نامت على شفتي
حتى إذا ما صحت كان الهوى قبلا
أم غمغمات عصيّات صواحبها(53/16)
مقطعات يدا ما همّ واشتعلا
مني الكلام وأنساني منادله
ماء الرئيِّ على أعتابه ابتهلا
أم أنني، وحميّاها مؤانسة ،
يكاد يكتبني رقراقها جذلا
أم أن عمري، على أسوارها، خبر
كأن تاريخها منيّ إذا اعتدلا
ولا عتوّ فللتاريخ مئذنة
إذا سلا تتسامى للعلى مثلا
أم أنني لم أقل إلا لوامحها
والعمر يمرح بي حلا ومرتحلا
أم أنها أولتني في قصيدتها
عن الليالي و عن سار وما انتقلا
أم كانت الكلمات البيض هدهدنا
إلى الكلام وما قلنا ولا ارتجلا
أم هذه حلة تلغو بسانحة
تثغو ببارحة ما بارحت حللا
أم تلك سائحة، بين المها، حورًا
والحسن يشهق ما وافى ولا ارتحلا
أم أنه السرّ، والمابيْنُ مروحة
من العيون، وجسر عابث أملا
أم الليالي تبث النجم سكرتها
كما لياليك إما قرطها انسبلا
كما الجنون .. وجيد من جداوله
اللمياء يعطو إلى مرآتها ثملا ؟
كأنني أبذل الإيقاعَ راحلتي
أنا لأبقى رهين الماء ما اتصلا
كأنني شمعة التاريخ بسملة
والريح تعول لا يأتي لها بدلا
والريح تعوي وللمابيْن أهبته
والليل يسرج من قنديله سبلا
كأنما شمعة الرقراق خاشعة
حين التداني بما يهتاجني رسلا
كأن بيني وبيني ألف ليلتها
وشهرزاد تمد الليل ما انفصلا
كأن صبحًا جرى جرحًا تنفسه
فمال بالبارقات الخضر ما اعتدلا
وقال لي: أينا يا صاحبي لغة ؟
وأينا باذل بوحًا وما بذلا ؟
وقال لي : طلل يا صاحبيّ قفا
حتى نكون على آثاره طللا
فقلت : تلك مسافات مسافرة
في اللانهايات تسقي بعدها مطلا
وتستحث إلى جامورها بددًا
من الخطاب لتلوي بالرؤى جدلا
وتلك إثفية ما زال موعدها
سهران بالجمرة العيناء ما اشتعلا
ما زلّ حتى توارى عن مباذله
حين استوى، من حُميا بذله، حللا
وقلت: يا صاحبي .. أوقاتنا نبأ
.. بلقيس تكتم عنا القول والعذلا
بلقيس تأخذ منا ما يساورنا
من الليالي كأنّ الليل ما اتصلا
بلقيس والساق والأوراق ساحبة
أوراقها والذي عن طيفه رحلا
والشمس والكأس والرقراق يجذبني
إلى المتاهات محمولا ومحتملا(53/17)
والطرس يسألني من أيما جهةٍ
تأتي الكتابة محوًا كلما سألا
والأمس يسبقني من حيث أعبره
لكي أراني على أستاره وجلا
بلقيس والورق المسبيُّ .. ذاك دمي
والسارقات قصيدي حينما اعتدلا
وذاك من قافياتي شبه سيرتها
أنا وما ساجل الرقراق واحتفلا
لمن أقول : سلا دنيا مساجلةٍ
من العيون، و.. قلبي شمعة جذلا ؟
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> إلا ترقرقَ الماءُ واشتعَلا
إلا ترقرقَ الماءُ واشتعَلا
رقم القصيدة : 69084
-----------------------------------
ما لي وما لليالي تنسبُ العذلَ
إلى قصائدَ لي لا تسحبُ الجذلَ منْ نجْمةٍ
ترتوي آيًا مُشعشِعة إلا لتخطرَ، في أبْرادِها، غزلا ؟
الكأسُ ميْساءُ نورًا
لا عديلَ له بين اللآلي على آمادِها اعتدلَ
كأنَّ منه ذؤاباتٍ سفرْنَ له أو أنَّ مِنه سَراباتٍ ومُحْتملا؛
كأنَّ رمْله للرائيِّ ذاكرة
تسْهو عن الرمْل إنْ ريْثًا وإنْ عجلا.
كأنَّ بي،
منْ ثنايا الماء، دائرة من الكلام ومعقودًا ..
ومُنسبلا على الجهاتِ التي أرسلت
سَلسلها على الجهاتِ ..
فورَّيْتُ الجَذى سُبلا.
راودْتُ إثفية عنْ جذوةٍ فرأى الحمامُ
إثفية أخرى إذا رحلَ الحمامُ عنْ حصْوةٍ
ملمومةٍ عَبثا على الكلام ..
وقدْ كانَ الصَّدى بَدلا.
وكنتُ أحْتسبُ الحرفَ النديَّ طلىً أنا الذي كنتني،
للصَّادياتِ، طلى.
لي الغادياتُ إلى الأبعادِ.
لي ندفٌ منَ الرمادِ إذا بسْملتها طللا
مالتْ بقافيةٍ غيداءَ هيللة هذي قصيدتها
مِنْ أينما انجذلَ ورد الحديقةِ مبهورًا بآيتها
منْ حيثما بحديثِ الجلوةِ اشتعلَ.
وتلك قافية للصَّادرين وما أتوا ولا صدروا،
لكنه ارتحلَ إلى قصائدهمْ قلبي
الذي وجلَ من الغمامة ..
فانزاحتْ له ظللا
ثمَّ ابتدا سفرٌ واحاته لمع، راحاته ودَع،
لوحاته نجع في الحلم ما انذهلَ
وما النجيع كؤوسٌ منْ مُراوحةٍ بيْني وبيْني،
وليلي مُترع أزلا.
ليلي الذي اختبأتْ ليلاته جذلا عن الكؤوس ..
وأبدتْ نخبَها جذلا ..(53/18)
ليلي المُسافر في ليلي ..
وجبته كأسُ القصيدة تعْرى كلما انسبلَ.
ليلي الذي ابتدرتْ ناياته فسَرى حيّ إلى حلمِه.
كانَ السُّرى بَدلا.
كنت البديلَ. سألت الليلَ عنْ قمر همَى.
وهلْ بمُنعرج
الوادي منازله التي سهرتُ لها لا أشتكي مذلا ؟
وهلْ أرقتَ له ؟
قام الرقيبُ على أوتاره، وسلا السُّمارَ حينَ سلا.
وكانَ ينكت، منْ عليَاء جلسته،
رسْمَ الكلام الذي يسْتنسِلُ المثلَ.
وكانَ لي قمرٌ مُسترسِلٌ عَتبًا
إذا يُسامرني مُسترسِلا عذلا.
يقولُ: مَنْ آفلٌ يا صاحبي ؟
سكتَ العذولُ وابتدرَ الصمتُ المهيبُ حلى.
مَنْ قافلٌ عنْ أحاديثٍ يرق لها قيسٌ
وتشرق ليلى بالدموع
على ليلى وقيسٌ تملاه الجدارُ هنا،
وما تولى، وقيسٌ هائمٌ قبَلا ..
إلا ترقرقَ، منها، الماءُ واشتعلَ ..
وما تأوهَ، هَمسٌ في ملاءتها،
إلا تماهى جدارًا وانتهى جللا.
وللقصيدةِ حدْسٌ منْ مُخالسةٍ ومنْ مُؤانسةٍ.
مَنْ حَلَّ ؟ مَنْ وصلَ ؟
مَنْ أقبلَ الآنَ، مَطويًّا على لغةٍ هيَ القصيدة ؟
مَنْ أدنى لها حللا
من الإشارة تخفيها وتبسُطها على العبارة
إنْ نعلا وإنْ جَبلا ؟
مَنْ أجزلَ الحطبَ الدامي ولا حطبٌ ؟
منْ أبهمَ اللغة العليا وما اعتدلَ ؟
مَنْ أوهمَ اللغوَ أنَّ اللغوَ ما سألَ المعنى
وما سالَ معْنىً دونَ كوثره
قامَ الخليُّ على آثاره أملا ؟
مَنْ أرهمَ الحرفَ نورًا
واستحمَّ به ليلهمَ الحرفَ أنىَّ كانَه بللا ؟
ومَنْ تكلمَ بي،
يا صاحبي، ونما إلى المسافةِ خطوًا
نادفا رُسلا، من الحكايةِ تندى، نازفا سُبلا ؟
أتلكَ خارطة مشدوهة سُبلا أمْ ذاكَ بابٌ أنا منه ذؤابته
ولي كتابُ الليالي ناسبٌ طللا ؟
ولي خطابُ الدوالي ما عصرْتُ لها،
منْ كرْمةِ الآل، عمْرًا ينتشي ثملا.
ولي سَرابُ الأمالي وما أعْتدتُ سارية ولا بذلتُ الذي،
مِنْ جَرْسِه، بذلَ ولا
سألتُ عن الأقراط. مارية هناكَ ..
والألق الوسْنان ماسألَ عن الحديقةِ
كيفَ الرحلة ابتدأتْ إلى الحديقة ِ..(53/19)
كيفَ الراحلُ احتفلَ بالشاخصاتِ إليهِ مِنْ مشاتِلها
كيفَ الأريُّ بنار الجذبَة اشتعلَ
كيفَ الحَريُّ بماء الوردِ عابثه محْوًا بمحْو
وكيفَ الناهلُ ابتهل َ..
وما تناهىَ اشتباك الماء والعبثِ الغافي
على عبثٍ يستعذِبُ الغزلَ.
ولي انطرابُ المجالي الجامحاتِ صدىً
إذا الأغاني تضمُّ الذاتَ والجذلَ
وتضرمُ البددَ السَّاهِي مُعلقة
كأنما الجسرُ ما دانى ولا انتقلَ
وللرُّصافةِ إبهامٌ ومُختتمٌ
فيا عيونَ المَها: مَنْ أرسَلَ العذلَ ؟
إذا الأغاني تضمُّ الذاتَ والجذلَ
وتضرمُ البددَ السَّاهِي مُعلقة
كأنما الجسرُ ما دانى ولا انتقلَ
وللرُّصافةِ إبهامٌ ومُختتمٌ
فيا عيونَ المَها: مَنْ أرسَلَ العذلَ ؟
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> خفرُ الرَّدى
خفرُ الرَّدى
رقم القصيدة : 69085
-----------------------------------
قالتْ : شحوبٌ يسبقُ الطرقاتْ
لا أحد تقدمَ شاهرًا أحلامه
كيْ يسبقَ الطرقاتْ
أو ترقى إليه خرافة الأمداءْ
يشنقَ ما تردى بانسجام الذاتِ
دمعا ما همى، لكنه نادى
المحبَّ من الأقاصي
فاستحمَّ الحرفُ بالنور المشعشع في مرايا
الكأسْ
واغتمَّ الشحوبْ
فغابتِ الطرقاتُ في الطرقاتْ
واغتبقَ الممرُّ
فكسِّر الأقداحْ
في شفةِ الشظايا
همسُكَ الطينيّ. فاختلبِ الممرَّ
وخاصِر الأشباحْ
ما خاصرتَ إلا ذاتكَ النائية المائية الرائية
الألواحْ
تستلبُ الممرَّ من المرايا
كلما انحرقَ الكلامُ ورقّ في يدِه
سؤالُ المزهر: كيفَ الوثوبُ يجسّ صعدته
وهذي الخمرُ لما تعصَر؟
ما قلت ؟
أسبلتِ الحكاية طرفها
ما أسلسَ الزمنُ البكيءُ مقادة
ذاكَ الغروبُ قلادة
ستأتيك القصائد والفرائد
والقلائد كلها منْ أول السِّحْر النديْ
لأفهمَ الخفرَ الذي ينسابُ منْ خديكْ
بللوريا
كأنّ شقائقَ النعمان خبأتِ السلافَ لديكْ
لمْ تسفكْ لها ذمما
وما همتْ، منادمة، بمنسفكٍ دما
وكأنها قمرٌ
يشيبُ قذاله. ضمّ الشقائقَ
هلْ شقائقه هلاله(53/20)
إذ يسافرُ منْ هناكَ إلى هنا موّاله
الفضيّ
حين أتى إليك سؤاله ؟
عفوًا إذا اختلسَ الوضاءة شابها خفرٌ
وقد شردَ المدى ونأى مجاله
الأبديّ واحلولى جَماله
قالَ : ما هذا شحوبٌ يسبقُ النجماتِ
في أجلى تحَولها
ترى ليلُ الهوى شابتْ مجالسُه ؟
سأتركُ ما لديَّ من الغضَى
والنارُ في ثوبي تؤانسُه
لأفهمَ مولدَ الشطآن
فواصلُ وقع.ٌ العينُ شكرى. للدموع قصيدة
منْ همَّ يكتبُها مضَى أجراسَ قافيةٍ يُسلسلها الصَّدى
ما قلتِ حتى أفهمَ الخفرَ المتلفعَ بالردى
في ناظريكْ
سماحة يا قطتي البيضاءْ
ليَ الشعرُ الذي لمْ ينصرفْ عمرًا
فواصلُ وقع.ٌ العينُ شكرى. للدموع قصيدة
منْ همَّ يكتبُها مضَى أجراسَ قافيةٍ يُسلسلها الصَّدى
ما قلتِ حتى أفهمَ الخفرَ المتلفعَ بالردى
في ناظريكْ
سماحة يا قطتي البيضاءْ
ما قلتُ .. ؟ الشحوبُ محفة بيضاءْ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> عناقيد الاسامي
عناقيد الاسامي
رقم القصيدة : 69086
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
بس يكفي !
وارفعي فنجانك الله لا يديمه
ايه انا قاطع طريق ونذل مشهور وحرامي
ايه بياع الكلام السمج ، وانتي يا غشيمة
لو بغيت ، استغفلك هالحين وابيعك كلامي
وسط قلبي شجرة للحب ملعونة واثيمة
لو رميت الظن تساقط عناقيد الأسامي
وش تبين أكثر ؟ تبين افتح ملفاتي القديمة
واستثير الحقد والغيرة واراضيك الظوامي ؟
والله اني مدركٍ هالحب في ثوب الشتيمة
واقدر استشعر دفا انفاسك تبعثر في مسامي
بس انا ماني من ادنى السوق يا مال الغنيمة
وانتي اخر شخص ينجح يوم ويثير اهتمامي
جاهلة ، وستايلك مقرف واساليبك عقيمة
والله اعلم داخلك شخص معقد وانتقامي
صح أنا مفتون بالأنثى ، وحالة مستديمة
وكنت اغازل طفلة الجيران في حفلة فطامي
بس عمري ما استغل الحب لاهداف لئيمة
العب اوراقي على المكشوف لين اوصل مرامي
لو انا لي نيةٍ ماهي على الفطرة سليمة
انكر عيوبي على شان ابهرك واجيك حامي(53/21)
ايه انا مجرم ، لكن في عرفي أن أقذر جريمة
إني أرفع راية استسلام لين اطلق سهامي
وبس يكفي ، هالعتب ما ينقصه غير الحشيمة
وانتي انسب شخص يستاهل ، مع كل احترامي
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> قرية ٍ ماتت
قرية ٍ ماتت
رقم القصيدة : 69087
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تعال بالله سكن هالجنون الجموح
لولا الرجا فيك كان اجتاحني من زمان
يجنح بي كثير واللهفة تزيده جنوح
ياصل حدود التمرد في القلم واللسان
يخط باسمي متونٍ ما عليها شروح
طلاسمٍ مالها معنى ولا ترجمان
يحرجني القاري المشدوه يبغي وضوح
واصرفه : علمها في داخلي يا فلان
في داخلي قريةٍ ماتت منازل ودوح
تبكي بها الريح نوع ٍ من دموع الحزان
تطايحت من سما الحسرة عرايش ولوح
الله عقب الشموخ اشلون طعم الهوان
أطلال ، يضفي عليها الليل صمت ونزوح
يقرا على سورها البالي نصوص البيان
ياما على سورها البالي تهاوت طموح
بنيت على الحلم واثر الحلم مافيه امان
باكر يطل القمر يبغي حديث السطوح
ويش اعتذر له الى شعشع جبينه وبان
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> عمّان البلد
عمّان البلد
رقم القصيدة : 69088
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أرجوك ، لو تسمحين ، وأعتذر ، وبدون iiأحقاد
لمّي بقاياك قبل الآدمي يفقد صوابه
خلي لي الصمت والحزن العتيق وطبعي iiالحادّ
الجو من دون هالعطر الرخيص أكثر iiرحابة
هناك تحرق منازل باهلها في ضغطة iiزناد
وهنا سعادة رئيس الثرثرة يلقي iiخطابه
هناك تدفن شعوب كاملة وتدمّر بلاد
وهنا فلكلور شرقي رقصة السيف iiبجرابه
هناك يرمون بالسم المدمر غض iiالاجساد
وهنا يحدّون من يرمي حجر " حد الحرابة ii"
من وين تستوعب الأرواح طعم الضيم لا iiزاد
لا ضاع وجه العدالة في شعاراتٍ iiتشابه
طغى على مهزلة " جمع الطوابع " جمع الاضداد
حتى الغريب يتباهى انه مهوب أكثر غرابة(53/22)
اعفيني ارجوك من نبش الألم يكفيني iiجهاد
إني لهالحين مالاقيت لي وجهٍ iiمشابه
أحسهم غير ولا انا المريض بوهم iiالإفراد
ابني عن عيونهم منفى واصلي في iiرحابه
لا تقعدي دون جدوى ماهنا للطيش iiمقعاد
أو بالأصح الأسف : ماني مهيا iiلارتكابه
هالليل مأتم وعمّان البلد فرحات iiواعياد
والناس تحضن بعضها دونما أية iiقرابة
يتبادلون التحايا والحديث السمج iiبالكاد
يدّون باقي فصول المسرحية في رتابة
لقيت في جمهرتهم حكمةٍ تحكى iiللأحفاد
إن كان في جمهرتهم شي مما ينحكى به
الناس تقتل على حد الرغيف وتترك iiاولاد
واجبهم العيش فيما بعد عنهم iiبالنيابة
هالليل مأتم وانا ليلي كذا معكوس iiالابعاد
يصلح فقط : لاتحادي ، والسكارى ، iiوالذيابة
اهدهده في مراجيح الظنون وصبري iiسناد
ويمر نصفه جنون وما تبقى iiللكتابة
الين انحي الهموم الهازلات لهمي iiالجادّ
ذاك السؤال القديم اللي تناوره الإجابة
ابعاد كنتم وراح العمر كله وانتوا ابعاد
يا هل ترى يعذر الغايب الى اوغل في غيابه ii؟
لا صارت الذاكرة فوضى ، ضياع وفقد iiوعناد
تلمسي عذر لما الآدمي يفقد iiصوابه
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> عقدة حجاجي
عقدة حجاجي
رقم القصيدة : 69089
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ما تشبع من السؤال وكثر تكراره
عن ضيقي المستديم وعقدة حجاجي
وين ابتهج واتعدى الضيق واسواره
إلا أنت عطني سبب يستدعي إبهاجي
عندي من الضيق ما يستعصي إضماره
لو تكتمه بسمتي يحتد في اوداجي
ينتابني الحب وانا الحاقد الكاره
ويحيط بي الخوف وانا المؤمن الراجي
خايف ومرتاب كني ف أول الغارة
والناس تقتل وراي ووحدي الناجي
عايش على اعصابي أخفي الضيق وآثاره
كني انتظر شي ياتي عجل ومفاجي
آزج ( نفسي ) بتأويلات محتارة
وأرمي على ( الآخر ) إشكالية إخراجي
لو شفت لي طفل يلعب ف آخر الحارة
يدور في بالي إنه يقصد إزعاجي
هذي السكينة مجرد معطف فاره(53/23)
تخفي ضياعي وفقر ايديّ واحراجي
بيني وبين الشغب شباك وستارة
لو هبت الريح عرت خافي أدراجي
وتجي وتطرح سؤال كثر تكراره
لا بالله إلا باضيق وباعقد حجاجي
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> عصفورتي
عصفورتي
رقم القصيدة : 69090
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عصفورتي يا فديت يدينك الناحلة
اللي ليا طوقتني (ذل مني جناح)
أرجوك تتفهمين اعذاري العاجلة
بس اضحكي لي عشان آحس بالارتياح
" با ودعك يا الضنى " وارجع لك القابلة
وان كان طالت عليك القابلة فالسماح
لا تخاصميني دخيل البسمة الذابلة
مثل اسود الغيم لا غطى جبين الصباح
***
هذي المدينة ضياع أو وحشة قاتلة
مافيه شي هنا يدعوك للانشراح
تطغى الشوارع باهلها والبيوت آهلة
لكني اقرا اغترابي في الوجيه الشحاح
عصفورتي لك مدارٍ عادني داخله
حبيس وجهك وانا شكلي طليق السراح
اشيل وجهك معي وافقده واشتاق له
واشم ريحتك حتى في المطر والرياح
***
أمس اشتكوا منك قالوا منتي بعاقلة
وانك تعيثين فيهم بالشغب والصياح
قلت اتركوها رجاءً عادها جاهلة
بكرة بتكبر ويلحقها العتب والجراح
تكفون عصفورتي لا تطولها طايلة
حتى ولوّ ايش سوت ! ما عليها جُناح
خلوني آحس في هاللحظة القاتلة
ان اسود الغيم ما غطى جبين الصباح
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> نخلة الوادي
نخلة الوادي
رقم القصيدة : 69091
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
نخلة الوادي المقفر : كلاك الدهر
ما بقى لك سوى الهامة وعودٍ نحيل
يابساتٍ عذوقك ما تعلّق ثمر
راكعاتٍ غصونك فوق جذعٍ هزيل
وقفة العابد الخاشع يصلي السَحر
واقفٍ بين أيادي الله وقفة ذليل
وقفتك موت ولا ضيم ولا قهر ؟
يا ترى ، أو طقوس الحزن عند النخيل !؟
نخلة الوادي اللي صارت أرضك قفر
ما بها إلا سباع البر وابن السبيل
موحشة ، كن ما قد حلّ حولك بشر
ولاتنفس بواديك النسيم العليل
ذاك يوم الأمل كاسيك لونٍ خضر(53/24)
عاد مطويّتك حيّة ، وظلك ظليل
يوم كنتي ليا هبّت هبوب العصر
موعد الفيّ والعصفور والسلسبيل
يستريح التعب تحتك ويبرا الصدر
من هموم الحياة اللي تحط وتشيل
أنتي اللي هديتي الليل درب الفجر
لين بشويش علّمتي الحمام الهديل
وانتي اللي عزفتي للنسايم وتر
هي تغني طرب وانتي غصونك تميل
وانتي اللي قبلتي للظلال العذر
لين نوّخ على بابك يدوّر مقيل
كل هذا الجميل وضاع فيهم هدر !؟
صدق هم هاجروا من دون رد الجميل !!؟
كان حتى ولا خلوا رسالة شكر
فالوفا كذبة تصديقها مستحيل !!
قلب يا اللي حضنت الحلم حتى كبر
وانت تسقيه من نبض مهو بالبخيل
يا كبر وجعتك لامن وصلك الخبر
إنّ حلمك على باب الحقيقة قتيل !
عذبتني الروابع بين مدّ وجزر
كنّي مرابطٍ بين اللهب والفتيل
في محطة رحيل اقفت طراة العمر
نعنبو هالعمر كله محطة رحيل !!؟
أشرب الحزن كاسٍ ثلجها من جمر
وانثره دمعة ماهي تبلّ الغليل
دمعة الحزن كنها تنّحت من صخر
طعمها مثل طعم الموت مرٍ ثقيل
لا بغت تطلع انهدت من أقصى النحر
واسكنت باسفل الحاجر وعيّت تسيل
تحرج العين لا ترجع ولا تنحدر
تاقف هناك فـ عيون الحزانى دليل
نخلة الوادي ان كانه بقى بك صبر
فاقسمي لي شويّ ٍ جعل عمرك طويل
اقسمي لي وانا باعطيك كثره شِعر
سلفيني قليل أعطيك مثله قليل
كلنا - يا معلمتي - ضحية سطر
الوفا كذبة تصديقها مستحيل .
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> هذيان حمى
هذيان حمى
رقم القصيدة : 69092
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أشيا كثيرة على فقدك تحرضني
رسايلك / غربتي في الشارع / الأطياف
اشتاق لك صدق ، وغيابك يعرضني
لاوجاعي الظاهرة واوجاع ما تنشاف
عندك خبر هالغياب المرهق المضني
لو اني ( املا فراغه ) ما عليّ خلاف
لكني آمنت بك
والحب والإيمان
تعويذة الإنسان
من مخلب الشك اللئيم
وقبضة الحيرة
خصوصا إن كانه يعيش بمثل هالديرة
اتغرز في ضعفه أظافرها(53/25)
وتدنس أنفاسه بعهر الليل ف اطراف الشوارع
يختزل هالليل - طول الليل - في علبة سجاير
..
وش كنا نقول ؟
الا على ذكر الضياع بمثل هالديرة
الله يقطعك سيرة ..
ويمر هالليل حرق اعصاب واستنزاف
حتى سريري سريري صار يبغضني
اتقلب 2000 مرة خامل الأطراف
وشلون بانام وانت القاك في حضني
وتروح تركض
واروح اطارد الأطياف
واروح اطارد الأطياف
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> المجلس الطاريء
المجلس الطاريء
رقم القصيدة : 69093
-----------------------------------
اصبري بغدادُ ، فيمَ العجلة ؟
سوف نأتي لنحلَّ iiالمشكلة
نحن لم ننسكِ يوماً iiإنما
شغلتنا قصصٌ ذاتُ iiصلة
إننا لما عقدنا iiمجلساً
طارئاً في حالةٍ iiمستعجلة
فاجأتنا قدرةُ اللهِ بأنْ ii
صادفَ التاريخُ " عيدَ الفيلة "
ولعينيكِ تحملنا iiالأذى
وضربنا في الفداءِ الأمثلة
فاجتمعنا رغم ما iiيشغلنا
وتركنا العالمَ iiالمحتفلة
وافتتحنا الجلسةَ الأولى iiمعاً
واختلفنا عندَ ذكرِ iiالبسملة
إنها جزءٌ من الدينِ iiوقد
تستثيرُ الطاقةَ iiالمختزلة
إنّ من واجبِنا تحجيمُ iiما
قد ينمّي في الشعوبِ iiالأخْيلة
ربما قد يصنعُ البعضُ iiبها
دعوةً أو ثورةً أو قنبلة
ولعينيكِ تحملنا iiالأذى
وضربنا في الفداءِ الأمثلة
فتخلى بعضُنا عن iiبعضهِ
وتجاوزنا خلافَ iiالمسألة
وانتقلنا بعد أيامٍ إلى
نقطةٍ أخرى أثارتْ iiبلبلة
قد رصدنا مبلغاً iiمحترماً
ليغطي الغارةَ iiالمحتملة
واختلفنا عندما جئنا iiإلى
عدّهِ ، بالفلسِ أم بالهللة ii؟
ولعينيكِ تحملنا iiالأذى
وتجاوزنا خلافَ iiالمسألة
فاتفقنا في بيانٍ ثائرٍ
يرفضُ العدوانَ والتبريرَ iiله
عندما يقرؤه iiأعداؤنا
سوفَ تغلي أرضُهم iiمزّلزلة
واختلفنا ، أنْ متى iiنرسلُهُ
واتفقنا أننا لن iiنرسلَه
اصبري بغدادُ إنا iiأمةٌ
بجراحاتِ المآسي iiمثقلة
ما انتهينا بعدُ من iiمأتمنا
في شهيدٍ غدروه القتلة
كي نفاجأ أن "ميرا " أخرجتْ
من سباقِ الحلقاتِ المقبلة ii!(53/26)
حدثٌ من فرطِ شرعيته iiِ
سوف يُولى جلسةً منفصلة
نحن يا بغدادُ جسمٌ واحدٌ
لو شكى عضوٌ بترنا مفصله
ولذا تلعننا iiأشلاؤنا
في دهاليزِ الشتاتِ الممهملة
فاهدأي جداً ليقضوا iiإربهم
وعلينا الغفلةُ iiالمبتذلة
وغداً إن ساءنا iiتاريخُنا
سوف نبني قصةً iiمفتعلة
اصمتي بغداد صمتاً iiلائقاً
بطقوسِ الاغتصابِ iiالمخجلة
واكشفي عوراتكِ الكبرى iiلهم
في نطاقِ السلعِ iiالمستعملة
وإنِ احتاجوا لخبثٍ iiمسرحاً
فاركعي عند صعودِ iiالسفلة
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> مريم
مريم
رقم القصيدة : 69094
-----------------------------------
إنها العذراءُ
لمّتْ طرفيْ جلبابها الطاهرِ
وانسلت بعيدا
ودعتنا دونما تهمس شيئا
آمنت يوما بأن الله عادل
وبأن الحب عادل
وبأنا عبر هذا ( العالم الوهمي ) حمقى
وبأيدينا بنينا حاجز الإثم سويا
فمضت من دون أن تهمس شيئا
إنها العذراء
لم تستمريء الإثم وماكانت بغيا
غافلتها أمنيات الطين يوما
فاستدارت تسأل المرآة عن أسرارها:
من يقطف التوت الذي تكنزه عمرا ؟
وهذا الدفء من يحظى به ؟
من يُسكِن الخوفَ الذي ينفض هذا الأرنب المذعور ؟
من .. ؟
ومضى فيها التساؤل
وسريعا غادرت مرآتها تبكي
إلى سجادة النور
وفي محرابها كانت تناجي زكريا
كان يسّاءلُ : يا مريم أنى لكِ هذا ؟
" هو من عند الله "
إن الله عادل
إنها العذراء
كانت بيننا
لم يلحظ السمّار
نور الله في أطرافها
كانوا كثيرا ما يسيئون اقتداء النور
لكني تنورت الحروف البيض
واستشرفت قنديل الأنامل
كانت تحدثنا بصوت لا يعيه الناس
إلا من جرب السحر المماثل .
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> مساكين
مساكين
رقم القصيدة : 69095
-----------------------------------
مساكينُ
سامهمُ الدهرُ سوءَ عذاباتهِ
لا يريدونَ ؛
لا يرغبونَ
... فينعقدُ الحاجبانِ
وتمتقع البشرة الصافيةْ
يشمئزون من نَهَمِ النفطِ
في الخُشُب الخاويةْ
إنما هذه العادة الجاريةْ
مساكينُ(53/27)
ماءُ الشباب يراقُ سدى
تتدلى عناقيده العاريةْ
كلُ عذقٍ متاحٌ ؛
تعالَ فقطْ
وارمِ ما تشتهي ..
يتساقطُ تفاحُه، تينه ، لوزه
كل فعل مباحٌ
تعال فقط
وانتعلْ ما بدا لك من ناعم الجلدِ
بالثمن البخس
دراهم معدودة
ثم قم باصقا :
أيتها الغانية !
مساكينُ
أنعم من زغب الريش
ألطف من ضحكة الطفل
أبسط من دفقة الماء
مبتذلون
بقايا الحياة الكريمة تلمع في الأعين الذاوية
في حقائب أسفارهم
يحملون المآسي بصمتٍ ونصف ابتسامة
ويخفون تحت محافظ أصباغهم
لُعباً وهدايا لأطفالهم !
ورسائل من أهلهم !
إنهم مثلنا ..
............
.......
...
مساكينُ
تنزف حسراتهم
في دمائهمُ البالية
.....
يا ترى
لو أفقنا على غرةٍ
ذات يوم
فكنا مساكينَ
كم من مباح سنهرقه
في كؤوس التبذل والبؤس ؟
هل سوف نبقى كما نحن
قوما أباة
أعزاء
محترمين !
يحجز صبياننا طيلة الصيف
أكثر من نصف لندن
للرقص والشرب والشم والشتم والكرم الحاتميّ
يؤدون للآخرين رسالتنا
إننا أدمث الناس نقدا
وأكرمهم
" والكريم طروب "
هل سوف نبقى كما نحن
ننظر للآخرين بمخيلة ٍ
أنهم ناقصون ، ملاعين، حمقى
يدسون أوساخهم في ملاعقنا ، تحت أظفارنا ، في دفاتر أطفالنا
يقترفون خطيئاتهم عبثا في شوارعنا
أم سوف ندرك أن من الظلم
تشخيص أمراضهم مسبقا
ومن هذه الزاوية !؟
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> صلاة السنابل
صلاة السنابل
رقم القصيدة : 69096
-----------------------------------
سنين من الجدب
حتى السنابل تبكي
تزيد انحناءً
تصلي
وأنا ممعنٌ في التجلي
تجليتُ حتى تخليتُ عني
أنكرت نفسي
تجاهلتها
عفتها
وأخيرا ...
رحت ألعنها
تكرمة لك
لا للتسلي
أنا قد شهدت انتحار السنابل
أحفظ آخر نزعاتها
أتذكر جدا صرير الجفاف بأعماقها
بالله كم نبتت في انتظارك سنبلة
تنامت بطيش على راحتي
وانتظرنا سويا
ولما يئسنا
بكت
بالغَت في انحناءتها
ثم صلت
وأخيرا ...
ذوت
وأنا في محلي
سنين من الجدب
والعمر مثل القطار يمر بنا(53/28)
نترك عمدا دفاتر أيامنا
بمحطاته
ذكريات من الأمس
تحمل أسماءنا
وتهمل أحلامنا
" ييجي عبالي
نرجع انا وياك
إنتا حلالي
أرجع انا وياك
أنا ونتا .. ملا إنتا "
فيروز
لا تسخري بي
كان قطارا ومر
فلا تتمني
ولن ترجعي " أنتي ويّاه "
وأنا وحبيبي
والسنين من الجدب تعصف بي
فيروز
إني بلغت الجفاف
هل لديك من الوعد ومض
أسد به رمقي
في السنين العجاف
إدّاركيني وإلا
تلوت الصلاة الأخيرة
مثلي كأية سنبلة قد بكت
ثم صلت
وأخيرا ..
ذوت .
ادّاركيني وإلا ..
تلوت طقوس يباسي
فيروز ؟
" إنتا الأساسي
وبحبك في الأساس
بحبك إنتا .. ملا إنتا "
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> ملحوظة
ملحوظة
رقم القصيدة : 69097
-----------------------------------
قالها أحدُ العابرين هنا
من البؤس أن :
تتغشاك حمى الكتابة
والفكرة اللا تضيء
تراود رأسك
تؤذيك
تغمس أظفارها في مسامك
تسكن خلدك
تقرب تقرب تقرب
تظلك مثل السحابة
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> كبرياء
كبرياء
رقم القصيدة : 69098
-----------------------------------
لكنني سوف أنجو
سأكتبني جيدا
أشعر اليوم أني سأكتبني جيدا
سوف أوغل في العري حتى لظى الإتقاد
أحمل إثمي وحيدا
ثقيل الرؤى
طاعنا في السواد
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> نكاية
نكاية
رقم القصيدة : 69099
-----------------------------------
نكاية
غيبي كما غابت الشمس
منذ ثلاث سنين
لن أسائل عنك أحد
لن أجوس خلال الديار لألقاكِ
لن أتساقط حزنا إذا ذكروك
ولن أسهر الليل أقرأ رسائلك النرجسية
تظنين أني سأبكي ؟
أنا الرجل المتوشح سيفَ ( بني شرق ) أبكي ؟
أنا الرجل المتوحش أبكي ؟
أنا الرجل / العهر / ذئب الكلام / المراوغ أبكي ؟
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> سقوط أول
سقوط أول
رقم القصيدة : 69100
-----------------------------------
فشلت
انكسرت
تهشمت
وأخيرا بكيت
سقوط ثان
أفقدك
أقسم أني حزين إلى آخر الجرح(53/29)
أشتاق صوتك يبعثني
يبلسم حزني
أفقدك
وبحثت كثيرا
ولا أجدك
سقوط حر
بريدك ما عاد يأتي كما كان
أقضي المساء وحيدا
أفتش في الكلمات الأليمة
أتصفح صندوق تلك الرسائل
أشقى بها
أتذكر كم كنت عذبا جميلا قريبا
في السنين القديمة
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> تعب
تعب
رقم القصيدة : 69101
-----------------------------------
قبلتان هنا
قبلةٌ للضياع القديم
وأخرى تنازعني الطهر
هذي شوارع عمّان تذكرني
بائعات الهوى يبذلون ابتساماتهن على أرصفة الطرقات /
يفسدون الهواء بعطرٍ رخيص
وأنا ممعنٌ في اغترابي
أمشط ضيق الشوارع
ضيق الدهاليز
ضيق القميص
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> إحباط
إحباط
رقم القصيدة : 69102
-----------------------------------
كلهم يعبرون الطريقَ إليّ
أو ألتقيهم على جنبات الصدف
نبحث في كسل ٍ
بين أزرار لوح المفاتيح عن أحرفٍ لم يقلها الهواة
نتشاقى بلا رغبةٍ
نتحلى إذا لفنا السأم باللامبالاة
يمضي المساء بطيئا
نبرر خيباتنا أننا نتعمد هذي الأناة
كلهم يعبرون الطريق إليّ
ندامى ، إخلاء ، أرباب منفعةٍ ، تائهون ، جواسيس ،
أبناء كلبٍ ذوي أربٍ ، صادقون ..
إلى آخر العابرين الطريق إلي / سوى طيفكِ الليس
يعبر كالآخرين
كلهم يعبرون الطريق إليّ ، ولا تعبرين
كلهم فوق لوح المفاتيح يسّاقطون كسالى ، ولا تعبرين
كلهم يُبطئون المساء عليّ ، ولا تعبرين
أتملص عن أعين العابرين
وأقضي المساء وحيدا
ولا تعبرين
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> أتوجسُ ممَ ؟
أتوجسُ ممَ ؟
رقم القصيدة : 69103
-----------------------------------
وهذي الغرائب تفضحني
حينما أتلبس صوفيتي ، أقصد سوق المدينة ،
أفرش في باحة السوق وجهي
وأهذي وأهذي ..
يرجمني صبية الحيّ ،
يبصقني العابرون ،
تدوس العجائز أرغفتي ،
- خالتي خالتي : الدرب لا يسعُ اثنين
- الضيق في القبر يا ولدي
- خالتي خالتي : فالقبر لا يسع اثنين(53/30)
- عمتَ زفتاً أيا ولدي
أتوجسُ ممَ ؟
وذي أنتِ في عهر سوق المدينة تسّاقطين على مهلٍ
رطباً مرمرياً
وحزنا عتيقا أبوء به
وضياعا إلى أجل لا يسمّى
أتوجسُ ممَ ؟
دعيهم إذن يستبيحون عورة حزني
أأنبيك شيئا ؟
أنا لا أبالي بهم
آلهة الحزن كانت تناول أطفالها لُعبَ الحزن عاريةً
تتكشف مثلي
أتوجس ممَ ؟
بربكِ ماذا تظنين أني هنا أتوجس ممَ ؟
قولي بربكْ
لأدفن شما ؟
على ذكر شما،
أحبك !
أتوجس ممَ ؟
أتوجس ألاّ تداعبني اللغة الفارهة
فأجتاز نصف المسافة نحوك عارٍ
كما تصنع الآلهة
أتوجس ألا أمنّيك بالحب يوما وأنسى حساسية الحب،
حدة طبعكِ إن ذُكرتْ في الغيابات شما
تغارين منكِ ؟
أحبك جما .
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السالم >> العهر النبيل
العهر النبيل
رقم القصيدة : 69104
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
دامنا الليلة ضحايا حب
حزي مذبحي الخايف ، حلالك
لطخي وجهي برائحة العرق والإثم ف انفاسك
حلالك
ايه أحبك كثر ما هالشارع المظلم يسيل آثام
أحبك كثر ما قبلي زبونٍ قالها من دون نفس ٍ
وألعنك في داخلي سبعين مرة
قربي لا تجزعي من هالحمام اللي تساقط ريشه الناعم
تجمهر عند شباكي
نعى الطهر وبكى
مدري سمعتي ويش قال ؟
انه يحبك مثلنا
ويلعنك في داخله سبعين مرة
لا تجزعي من رعشة يديني الغبية وارتباكي
تراه النفط يغلي في عروقي
ودهشة الطفل الكبير
اللي اكتشف بعدين
عقدته القديمة
لا تجزعي
حنا نموذج في انضباط الناس للقانون
حتى الذنب له صك من الورق المقوى
لا مانع ، وتوقيع العدالة .
ما دام والينا - حفظه الله - أعلن :
أنه النائب عن الله في بلدنا
وأن هذي الأرض أرضه
والبشر ملكه
وطاقتهم غنيمة
وأنهم أحيا إلى هالحين
لانه ما حكم فيهم
عطاهم فرصة أخرى ، وتحسب في رصيده مكرمة
وان النظر في صورته من دون ما يلهج لسانك بالشكر
نوعٍ من الكفر البواح
والعهر جزء من حضارة شعبنا
والكلمة الحرة جريمة ..(53/31)
ولما بصق في وعينا الغائب على الشاشة
لوّح بيده الكريمة .
لا تجزعي
وحتى لو لا قدّر الله انفضحنا
جارنا
عنده ولد عمٍ
زميله في العمل
لا ، أستغفر الله
أخو زميله في العمل
ايعرف القهوجي في عزبة الوالي
إذن لا تجزعي .
لا تجزعي
مدي يدك واتحسسي طيش البلاد المترفة بشويش
وخليني اتحسس معك ، واستكشف العالم
بدون أحكام مطاطة
واكون إياي مرة
يمكن القى فيك عاهرة نبيلة
قلبها أبهج شوي من الوجيه الغبر في الأرض الفساد
ثغرها أصدق شوي من الشعارات
ويديها ما تخبي لك مخالب للسلام
وحقدها أرحم شوي من الهلاك هناك واسراب الجراد
وشالها أنعم شوي من النفاق
وستيانها أكرم شوي من البشوت الزري
في عرض القبيلة .
لا تجزعي
والقي علي بعضي
ودسي سوءتي بالمزح
قولي لي :
منين انتي ؟
وكم عمرك ؟
وكم عندك زباين ؟
واخبريني تؤمنين بحب حافّ بدون عملة ؟
انتوا مثلنا ؟
ولا انتوا نوعٍ من تلفونات الكباين ؟
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> وماذا بعد
وماذا بعد
رقم القصيدة : 69105
-----------------------------------
وماذا بعد هذا الجرح
والدرس الأخير
ياأيها الجسد الكسير
أولم تعلّمك التجاربُ...!!!
كيف تستجدي من الأيام أخرها...وأولها
وماذا بعد !!!
تمضي مثخنا بالأمنيات البكر ...
تستلقي على ودق الشظايا
والعواصف مبهمات ٍ ..
في يديك تعاند التيار...
تبحر للمدى ...
والظل يحبو خلف نورك ...
تستنير بك الحكايا
نبضك الآتي من المجهول ..
طير حام في رحم الفضاء...
وعلق الغصن الوئيد على المرايا
وانا هناك أروم في خصر المداد الحر ..
أوراق تبعثرها النتؤات الفواصل ..
لاالمكان يّدك ثوب الليل ...
لاشمس أظللها ...
ولا نجم يسطر أحرفي بين الزوايا
قدر تظل على...
حدود الخوف أزمانا
وكل مراكب الذكرى تهاوت
ثم أنت...
تخوض تجربة التآوه والمصير
كل الظروف تشابهات
والروح مازالت على كف النوايا
أنت أنت كما إرتايتك سابقاً..
هذا الصدى
شهب ستولد ...
ثم تزهر ...
ثم تذبل(53/32)
ثم ماذا !!!
وأنت أنت كما الهواء
بكل ركن تستشيط من الأماني
تلبس الأيام
تعلن أنك
الوقت ... إنتفاضات..
وغيمات ..
وحبات مطر
نور يغلّف صمتنا
وعناقنا بين الرسائل
مخمل من عطر..
عاشقة ٍ ..
يبلله الأصيل
والسر في أرجوحة الكلمات ..
كل التمتمات
أضحت بأعيننا طيوفا تستعر
ها نحن نسند ظهرنا للأفق ثانية ً...
وثالثة ً...
وألفا
لاشيء يغزلنا سوى
دمع ٌ
وأسئلة ٌ تسرّح حبنا
للمستحيل
وطلاسم
لما نغادرها
وقلب يحتضر
****
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> هذا القتل يكفيني
هذا القتل يكفيني
رقم القصيدة : 69106
-----------------------------------
جلستْ أمامي ....
ثم غاصتْ في شراييني
نظرت الَّي...
وقالت... كم سُتبقيني
ثم مالبثت...
بدمعها تتهاوى..
ثم تطويني
ياشاعري ...
أم نحنُ من ..!!!
قلتُ عفواً لاتلوميني
إني تعبتُ...
وقلبي لستُ أعرفه ُ...
قد ذابَ في صمتي ...
فيكفيني !!!!
الان روحي أراها شتاتاً ...
بعد أزمنة ٍ
من الأماني ...
انا انتهيتُ...
وهذا القلب في كفن ٍ
قد لفّهُ البؤس ُ..
حتى باتَ يشقيني
وماجادت به لغتي
بل لم تجودي ...
له يوماً لتحييني
كانت دموعي..
وأنسجتي
ترنو إليكي ...
وتهفو... في دواويني
بل كنتُ أحثو..
من رمش ِ عينيك ِ...
أن تأتي تضميني
لكن طوتك ِ ...
رياحُ الكبرِ وأستبقتْ
فيكي الظنونُ ...
قد كنتُ ذاك الذي...
من حبه ِ انسكبتْ
أغلى العبارات ِ عطراً
حين تأتيني
عذري فيكي سيدتي !!!!
بأنني الموت ُ...
فأرتحلي وخليّني
هذا الذي جئته ِ ...
على ظلام ِ المدى
مازالَ يحكيني
يكفيكي مني ...
بأن أشدو على ألمي
حالي وترثيني
لاتبكي أو تدعيّ وهماً
بأن لها أمانيكي....
في خافقي طيفاً سيشفيني
من الانواء ِ أوردتي
أرجوكي لاتنزعي ...
جرحي لتنسيني
هذي الدماءُ التي..
هذي الحروفُ غمام
الصبرِ واللين ِ
عشقتُ فيكي ...
إنكساري وضعفي...
ودثريّني...
فهذا القتلُ يكفيني
في خافقي طيفاً سيشفيني
لاتستردي...(53/33)
من الانواء ِ أوردتي
أرجوكي لاتنزعي ...
جرحي لتنسيني
هذي الدماءُ التي..
تجري مواويلي
هذي الحروفُ غمام
الصبرِ واللين ِ
عشقتُ فيكي ...
إنكساري وضعفي...
فأنثري ألقي
ودثريّني...
فهذا القتلُ يكفيني
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> المرايا
المرايا
رقم القصيدة : 69107
-----------------------------------
تقاطع َ خطوي...
وخطو الغريب
كان ينظرُ في رحم ِ الشمس ...
ثم يهمهمُ لليل ِ أغنية ً ...
ويحّدق ُ...
يوغل. ُ..
يصرخ ُ...
يركض ُ ...
يركضُ بين المدى ...
وفواصل ِ قافيتي
كان ُيسمعني رعشات ِ القناديل ...
لحن َ الزهور...
أزيز َ الشفاه ِ ...
حفيف َ الرمال ِ ...
أنين َ الثلوج ِ ...
إحتضار الندى
يقطف ُ أجنحتي بيديه ِ...
ويهوي ...
ويهوي
أغمض َعينيه...
صوب َ شموع ِالشواطيء...
منكسراً وتلاشى ...
تلاشى مع الريح
قال وهو يدندن ُ إني ...
وإني ...
وإني
وقاطعته ُ والحوار ...
على أبجديات ِ دمعي
أترى ... هل ترى ؟؟؟
هل ترى مفرقَ الشمس ِ ....
هذا الظلام ُالكئيب ُ انا
والدروب ُالتي ...
إشتعلت في المغيب ِ انا
وعناقُ الأحبة ِ ...
صدقُ الأحبة ِ
كذبُ الأحبة ِ
خبث ُالأحبة ِ
شوق ُالأحبة ِ
ظلمُ الأحبة ِ...
والوسن ُالزئبقيُ انا
تلوت ُ القصيدة َ...
في رحم ِ الكون ...
لم تكن ...
غيرَ أهات ِ نبضي...
وأسوارَ روحي...
ونزفي ...
ولمسة َ من كنت ُ أعشقها بجنون ٍ...
وتلك الهدايا .. !!!
وعطر ٌيحاصرني ...
حين أسمعها تتلظى بخدر ٍ يظللها في سكون
وحرفٌ تفنن بين إشتعال اللمى ...
وإنطفاء ِالجفون
وكفٌ ...
وقلبٌ ..
ونبض ٌ...
وصدرٌ حنون
وبعض ُالظنون
وكلُ الظنون
ولوحة ُ رسم ٍ ...
تدلّى عليها الغبار
وعصفورة ُالفجر
والمطرُ المتحجر
والشفقُ المستعار
والكلمة ُالتي...
إرتسمت كالسوار
وفرت إلي سدرة ٍ...
في سماء العيون
هذا الرداء الذي...
ضاقَ دوني انا
كلُ ذلك كان انا
والجراح ُ التي...
قد تساقطت ُ منها انا
هل ترى ؟؟؟(53/34)
كلهم قد أعادوا إليّ الصدى
تقاطع خطوي...
وخطو الغريب
كان ينظر ُ وجه َ المرايا
يحّدق ُ فيها ويبكي
وحينَ التفت ُ إليه
انزويت ُ ..
احتضرت ُ ..
انتهيت ْ
كان الذي في المرايا انا
كان الذي في المرايا انا
كان الذي في المرايا انا
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> الغزل الزئبقي
الغزل الزئبقي
رقم القصيدة : 69108
-----------------------------------
صدى
في المكان ِ الكئيب
في الزمان ِالبدايات ...
شيء ٌ من السخف ...
ينداحُ من عالم ِ الأغنياء
في عيون ٍ ترى ...
خسة َ المعدمين َ عطاء
في شفاه ٍ ُتدّثرُ...
أضغانها بانتقاء
في الذين مضوا فارغين
في الذين أتوا منهكين
في الذين تحّجرَ فيهم ...
بريق ُ الصباح ِ ..
وضوء ُ المساء
في الحكايا...
بقايا بقايا من الأتقياء
في دروب ِ الأسى يلتقون
في دخان ِ الرذيلة..
صمتٌ..
وأقنعةٌ..
واحتواء
في التي تتأرجح ُ..
بالمكر ِ والّذل ِ...
تفتح باباً وتغلقُ ألفاً...
وتعوي بأنفاسها في دهاء
في الذين يحنّون َ...
أفعالهم بالتوحّد ِ من عشق ِ ليلى ...
وهند ٍ..
وسلمى..
وغانية ٍ في الخفاء
يمدّون ثوب َ..
التطّهر ِ دوماً ويصطنعون الُهراء
كوكب ٌ مترع ٌ..
بالتبّجح ِ...
والغزل ِ الزئبقي
هاهنا مسرح ٌ..
وهنا قطة ٌ عاث فيها الُمواء
وهنا كل ُ جيد ٍ...
يحضّرُ فيه التسامقَ نحو السقوط...
الي فوهة ٍ من شقاء
هنا من أتى بين كفيه ِ ..
تسبح ُ كل ُ الجرائم ِ .. يحبو...
وفي صدره ِ يستحمُ البلاء
هنا من يتثأب ُ فيها التشرنّق ُ...
مالت ومالت بأحداقها للوراء
هنا كل ضد ٍ يعانقُ أضداده ُ بإنزواء
هنا ضحكة ٌ..
وإحتضار ٌ..
ونوح ٌ..
وحزن ٌ..
وأقنعة ٌوبكاء
هنا من تضيءُ بكحل ٍ من الخبث ِ ...
بحرٌ..
وموج ٌ..
وعاصفة ٌ..
واشتهاء
هنا من يرصّفُ أنسجة َ الوقت ِ ..
كي يتّمدد َ..
بين الشموس ِ وبين الفضاء
هنا من تلّمع ُإصبعها بهدير ِ العبارات ِ ..
يذوي بمعطفها الأغبياء
هنا من اذا أبصرَ سحرَ الغواني(53/35)
تذوّق طعمَ الردى والفناء
هنا طفلة ٌ ساقها حضها خطاء ً...
وتلاشت بُقبلة ِ داء
هنا أمها تقبضُ الأنَ بعضا ًمن المال ِ..
كي تسترَ الصبية َ الجائعين بقلب ِ العراء
هنا كل َ كأس ٍ يغّلفه ُ القبح ُ ...
وجهان ِ من لذة ٍ وانطفاء
هنا للمداد ِ إنكفاء
وللحب ِ ..
قبرٌ ..
ونارٌ ..
وثلج ٌ..
وماء
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> أنشودةٌ في سماء النهايات
أنشودةٌ في سماء النهايات
رقم القصيدة : 69109
-----------------------------------
كان يبكي
كان في قلبه ِ بعضُ نبض ٍ سقيم
كان في روحه ِ كل حب ٍ ...
وعشق ٍ ....
وأجنحة ٍ من غياب
كان يصرخ ُ من شدة ِ الألم ِ المستديم
كان مثل َ الهواء ِ بقايا ...
بقايا من الصمت ِ ...
بل قطرة ٌ من سراب
يفوح ُ بعطر ِ الرجولة ِ في كل درب
يختال ُ بين القصائد ِ ...
يأتي على صهوة ِالريح
يجمعُ من مقلتيه ِ نزيف َ التّأمل ِ ...
يخلد ُ للنوم ِ في همهمات ِالعذاب
قابَ قوسين ِ من لمسة ٍ في الفضاء ِ الرحيب
أيها الموغلُ في الشك ِ ..
ماذا تراك أنتهيت إليه
هل تأملّت َ في أوجه ِ العابرين
هل كسرت َ المرايا ....
على رعشات ِ الكلام ِ المباح
شهقة ٌ ويطّلُ الصباح
وترجِع ُ للخلف ِ ميلا و ألفاً ..
وأكثرَ مما نزفتَ بصدرك َ من مطر ٍ جامح ٍ..
وأنين َ رياح
تفجّرُ فيكَ التعجّبَ في منطق ِ العاشقين
وتنسابُ بين الشظايا شظايا تلاطفُ بؤسك َ
في رقة ٍ من يقين
وتؤمن أنّ حدودَ التشرذم ِ بالمكر ِ والكذب ِ...
سنة ٌ من سنن ِ الخائنين
هل ُتراها استباحت شروقَ يديك
أم تراها تظّفرُ أنفاسها بين غنج ِ التمنّع ِ ...
حينا ً وحين
أيها العائدُ الأنَ من ملكوت ِ المداد
ترفّق اذا ما أعتليت َ السكون
وناداكَ بين المدى والجنون ِ.... الحداد ْ
شاعراً أنجبته الحكايات ِ سطراً
وأنشودة ً في فضاء ِ النهايات
ترفّق وحاذي ُخطاك َ على سور ِ قلبي
وهات ِ يديك َ الّّي لنمضي ...
ونسرع َ في الخطو ِ نحو البدايات(53/36)
لاتوصني فلتكن أيها العائدُ الأمسَ مني
ولا توصني إن ذرفتكَ ثلجاً بعيني
ولا توصني إن نفضتُ غبارَ النساء ِالجميلات ِ عني
ولا توصني إن تعمدّتُ قتلَ القصائد ِ قسراً وأسقطتُ فني
ولا توصني إن تلصّصت ُ بالخطوِ نحو التي في فؤادي ...
وأسكنتها طعنة ً بيميني....
لتصرخ َ من شدة ِالموت ..
مالت على خنجري وهي تنسابُ في قسم ٍ كاذب ٍ وانكسار
ولا توصني ان جمعتُ يديها...
وكفنتّها كالدمى مثلما كان يلعبُ في رقة ٍوحنان...
بأول شارعنا صبية ٌ بالجوار
ولا توصني إن نزعت ُحروفي ...
وأنسجتي ...
وبكائي ...
ودمعي ...
ونيرانَ قلبي...
ولذتُ إليكَ ببعضّي ... والنزفُ يملئني وانا اتظاهرُ من شدة ِ القهرِ..
أني سأمضي وأشلاء ُجيدي على كل ِ ركن ٍ كهذا الغبار
ولاتوصني إن أتيت ُ...
ودنّس ُجرحي دماء ُالذين أرتضوا طعنَ قلبي
كنت ُ أبكي
وكان الذي كان يبكي
النهار
كان الذي كان يبكي
النهار
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> خنتك ِ مرتين
خنتك ِ مرتين
رقم القصيدة : 69110
-----------------------------------
أتعلمينَ الفرقَ مابيني وبينك ؟!!!
سأقولُ لك
أنتي اختبأتي خلفَ يأسكي ....
وأستبقتي الأجوبه
ورضيتي أن تتزيني بالأقنعة
ثم استعدتي ماتبقى من رتوش ِالحب ِ ( أوهاماً ) ....
وأتيتي يسبقكِ السرابُ إلي مساماتي
وقلتي حين سقطتي من عيني أحبك ...
هذه روحي وماملكت سأنثرها على صدرك ...
إنها أغلى وأثمن أوسمه
وتأملّي كيف التقينا ...
ثم أضحينا ..
وأمسينا ... ولامسنا على الطرقات نوح الأرجوان
بالله قولي هل انا الخائنُ..
أم أنتي ..
أم الحبُ الذي حطمتّه ِ بيديك ِ خان
هذا هو الفرقُ الكبير
فتصوري ...
وتصوري غدر الزمان
يوما ً جمعت من الليالي كل أحلامي
وسامرتُ القصائدَ في خشوع ٍ ....
كي أقولَ اذا رأيتكِ كلمتين
أحببت عطركِ ...
سوف أنقش اسمك الأندى ...
على صدري
وأصعد في إبتهالاتي ..
وأقطف ُ
ثم أقطف ..
ثم أقطف قبلتين
كذبَ الفؤادُ(53/37)
ولم أكن في حينها أبغيكي ...
بل أتقنتُ فّن المكر ِ في قلمي
وخنتك ِ مرتين
بنيتُ في نبضي وروحي عشّك ِ الوهمّي ...
صدقّتُ الأماني
وأنكسرت ُعلى ضفافك مرة ً بل مرتين
يوما ً وأنتي تسّرحين مدامعي ...
يوما ً وأنتي بكل سخافة ٍ تتهربيّن
قاومتُ العواصفَ والمواجعَ ....
لم أكن أقتاتُ غيرَ الصمت ِ ميقاتا ً لعشقي
ماذا عساني قد أقولُ..
وماعساني قد أعيد
كل الذي في القلب أضحى عند رمشك ِ
صرخةً ذابت على تلك النوافذ
كلَ مالامستُ فيك ِ الحسنَ
سورنّي الغياب
ورأيتني قلبا ً أسير
وعدت ُ فّيا بلا ضمير
هذا هو الفرق الكبير
هذا هو الفرق
الكبير
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> أحلام المداد
أحلام المداد
رقم القصيدة : 69111
-----------------------------------
أذوب
قسما ً أذوب بكل حرف ٍ ...
إن نطقت ِ بها ..
وقلتي ياحبيبي ...
قسما ً أذوب
فالتحسبي دقات قلبي
إجمعي كل الثواني .. وأرتباكي
أملي اضمك ِ بين أضلاعي ...
وأركض أركض ...
صوب أطياف الغروب
هناك ..
وهناك وحدي ...
سوف أقتسم الندى ...
وأقول للأرض التي ...
لامستها بيديك ِ أحلامي ..
وأعراس القصيدة .. والهوى
سأشعل كل ضوء ..
من وريدك ..
في متاهات الدروب
ستفر روحي للسماء
تعانق النجم الخجول
وسوف يرتحل الصدى
في رمش عينك والمساء
وأظل في غيبوبة الكلمات
و الصوت الحنون
هناك وجهك يرسم
الغيم إبتهالات ..
وقيثارة هذا النحر
قد فاضت بمسك
قد تناثر في العيون
وانا أذوب بلمستين
ورعشتين
وقبلتين ...سدى أذوب
وانا مرايا
والزوايا بي تحاصرني
لأرجع ثم لاأفقه من كل التجارب ...
هكذا دوما تفاجئني الخطوب
خوفي وأنسجتي وبوحي و ...
المدارات استحالات في رداءك
وردة حمراء تشهق بالنسائم
وأستفاقت عند صدري
وبالشعر الحرير ...
وكيف لي بالعشق كل العشق
والفجر الموّرد في خدودك
قد أبى أن يسترد صبابتي بين الهجير
أقسمت إني سوف
أمضي في سرابك كل عمري ... ولا
لا أسفهها حكاياتي(53/38)
ولا يوما سأنطقها إنكساراتي
وعن عيونك لن أتوب
وعن جنونك لن أتوب
وعن فنونك لن أتوب
وعن جنونك لن أتوب
وعن فنونك لن أتوب
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> تراتيل من بقايا الندى
تراتيل من بقايا الندى
رقم القصيدة : 69112
-----------------------------------
هو الفجرُ يأتي ..
إذا لاحَ في الأفق ِ سحرُ شذاك ِ
وإن غازلتهُ يداك ِ ...
يرفرفُ في أعين ِ العاشقين
ترومُ الطيورُ على كل ِ باب ٍ ..
وتحفلُ بالعطر ِ ...
في كل ِ درب ٍ ..
وتزهرُ كل الورود ِ لأجلك ِ ...
يرقصُ من غنجك ِ الياسمين
هو الفجرُ يأتي ...
ليحضنَ صدرك ِ ...
يشهدُ أنك ِ أنثى ...
وأنك ِ أحلى
ويقطفُ من نهر ِ خديك ِ ...
ياقوتَ كل غروب ٍ معّطر ..
هو الفجرُ يأتي
يراودُ عنك ِ رموشك ِ ..
ُ يقسمُ أن الذي نالهُ من شفاهك ِ
شهداً و سكر
أراهُ وأتقنُ من فّنه ِ ...
رقصة العشق
أغارُ عليك ِ ...
أغارُ ..أغار
وأهطلُ في أفق ِ الوجد ِ ..
أصعدُ أهبط ُ ..
أدركُ كل المعاني ..
وكل الفنون ِ ..
وكل النوافذ ِ ُتغلقُ ُتفتحُ ..
حتى أراني من اللهفة ِ ..
القبلة ِ ..
الفرح ِ ..
قلباً تحجّر
وقافية ٌ تستميلُ جنوني
وتعلنُ ناراً بصدري ..
وترحلُ ترحل ُ صوبَ ظنوني
ُأقاسم ُ هذا الذي قد تنفّسَ
في الماء ِ دوني
تناسيتُ إني من الخوف ِ أت ٍ ..
ومن ناصيات ِ الزمن
تلعثمتُ بين جدار ِ المودة ِ ..
شققّني الّهمُ نصفين ِ ..
نصف ٌ لنزف ِ اللقاء ِ...
نصف ٌ لهذا الحَزن
وكنتُ اذا ماتأملتُ ..
كل مناديلك ِ الحلم ُ ..
يغتالني في الزوايا الشجن
كأني انا بين روحين ِ ..
والنور نورك ِ ذاك الذي..
قد رسمت ُ تلاشى ...
على كل خد ٍ بهذا الوطن
محالٌ أظلُ بكل ِ العيون ِ ُمدان
محالٌ تجّردني الفاتنات ُ ...
من اللمسة ِ الأهـ..
أو يستملن عذابات ِ نوحي
وعني يفارقنني ..
ثم يلبسن ثوبَ الحداد ِ ..
وينثرنَ فوق أديمي الكفن
وأسكبُ دمعي على..
وجه ِ ذاك القريب ِ..
العنيد
لألمح َ طيفَ الفراغ ِ ..(53/39)
الجليد
نشرتُ القصائد َ ..
خضت ُ ِغمارَ حروب ِ الكلام
قرأتُ عن الورد ِ .. والياس ِ ..
والنار ِ ... كنت ُ الطليق َ..
الأسير َ ...
وكنت الأسير َ الشريد
حتى الغبار تفاصيله ُ في يدي
كسرت ُ من العاصفات ِ الطلاسم..
عدتُ بزورق ِ صمتي
ولم أدرك ُ العشق َ إلا
وقلبي بعيد
وصوتي بعيد
وفجري بعيد
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> برأة متهم
برأة متهم
رقم القصيدة : 69113
-----------------------------------
ستقولينَ ودمعُ العين ِ في خدك خائن
ويقولُ هذا الليلُ عني..
انني قد كنتُ خائن
ويقولُ ذاكَ الفجرُ في شفتيك ِ ...
إنني قد كنت ُ خائن
ويقولُ كلُ الناس ِ عني
حينَ يلتّفونَ في صوتك ِ ..
إنني قد كنت ُ خائن
حتى القصيدة َ سوف أكتبها وتكتبني
وسوف تقول ُ عني ...
إنني قد كنت ُ خائن
ويجيء ُ نبضك ِ حاملا ً نعشي .. وصمتي
يجيء ُ نبضك ِ من هناك ...
من ذلك القلب ِ الرحيم
من بين صدرك ِ ...
يصرخ الأنسان ُ فيكي
يكسر ُ الليل َ الغريب....
وذلك الفجرَ المخادع
يصرخ ُ في القصيدة ِ ...
في وجوه ِ الناس ِ ...
وهو يلفنّي حباً ...
وشوقا ً إنني .... لا لا لا
لالست خائن
ل
س
ت
خ
ا
ئ
ن
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> شاعر الشهقات
شاعر الشهقات
رقم القصيدة : 69114
-----------------------------------
مات.....
ذاك َ الذي تسالي عنه ُ مات
لم يعد....
بين طيات ِ هذي الحياة
غادر الشعر...
واكتسى النورَ حتى
بات يحكيه ِ...
الاحياء ُ والاموات
انه ُ الغريب ُ...
صوت ُ المدى
طلاسم ُ الحب ِ
شهوة ُ العشق ِ.....
ثورة ُ الكلمات
لست ِ ُتدركين َ مداه ُ...
فهو في جيده ِ...
بعض ُ لحن ٍ وقيثارة...
محطّم النغمات
انت ِ...
لم تدرك ِ فطنته ُ ...
لم تستشّفي...
دمع َعينيه ِ...
ساحر الخطوات
هذا الذي ...
غادرته ُ الليالي وناحت...
من بعده ِ الشاعرات
لاتذرفي دموعك ثلجا ً...
مهلا ً...
ولا تستعيري...
من شوقه ِ الاهات(53/40)
قد احب َ فيك ِ الدلال َ...
وكنت ِ..
من حبه ِ تستميلي...
باللهو كالغانيات
ذاك من احبك سرا ً وجهرا...
ذاك من توسد َ عشقا..
ذاك شاعر الشهقات
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> سقطت عروشك
سقطت عروشك
رقم القصيدة : 69115
-----------------------------------
ماعدت انظر للوراء ...
ماعدت احلم باللقاء
سقطت عروشك من دمي...
وغرقت في رحم الفناء
منذ التقت ارواحنا ...
نمضي .. ونمضي للعناء
لاعشقنا اضحى ..
كثلج غمامة ...
اورشفة من بعض ماء
حتى كلامُ الحب ِ ..
في شفتيكي ...
خالطه ُ من الزور الرياء
فالتنظري هل انتي مثلي ...
أنتي مثلي !!!
ام سوف ينطقك الصفاء
اتعاندين ملامتي ..
وصراحتي ...
وتنثرين الصمت ..
في وجهي رداء
لمَ لاتقولي الصدق مثلي ...
أصدقنيي مرة ً ..
وتحدثي كالأوفياء
لاتدعّي كذباً ..
بأني واهمٌ ...
وبأن ماقد قيلَ ...
شيء من هراء
تلك الأحاسيس ُ ..
التي مزقتِها...
كانت تنيرُ بلا انتهاء
كانت حياتي ..
كلها فرحاً...
واعياداً ..
وصوتك ِ لي غناء
كانت مساماتي ..
وكل جوارحي...
تهفو إليك ِ بارتقاء
لاشك كنتي بخافقي
تتوسدين محبتي ..
دون انتهاء
لاشك كنا عاشقين يلفنا ...
طهر من الأمل..
المعطر بالدعاء
لكّن شيئاً ما تغيرَ..
في طريقي...
لم تعودي
تشرقين كما اشاء
لغة من الشك التي اتقنتها...
لغة يخالجها التردد
والتذمر
والدهاء
في كل يوم ٍ ..
يستحيلُ هواكي....
أطيافا وأكفاناً ..
وتصطنعي البكاء
تتصرفين بكل سخط...
لاتبالي...
بأعتذار
او حنين او رجاء
تتفننينَ بجرح ِ قلبي...
في مساومة ٍ
وتعتذرين ... !!!
تعتذرين ..
في وجل ٍ
اذا قل العطاء
.. .. يحلو لقلبك ِ مايشاء
ويظلُ في مدٍ وجذر ٍ
وانكفاء
مارددت شفتاك ِ ..
عفوا ياحبيبي
لم تقوليها ..
الا وايامي عزاء
اين التي كانت ..
تمد أكفها
وتظلُ تشفي ..
من أديمي كل داء
أين الغرام
وبسمة تنساب من...
أحداقها عطرا
اذا حل المساء
أين التي اسميتها
روحي...
وخبأت الاماني ..(53/41)
في عذوبتها فذاب
على جوانحها الضياء
أقسمت اني سوف ارحل ...
ثم ارحل.. ثم ارحل ...
حاملا نبضي...
وإن نزفت
من القلب الدماء
ولتحزني.. أو تفرحي...
أو تصرخي... او تهربي
او تندمي.. او تسقطي
ماعاد يجديكي النداء
قلبي تحّولَ عن ظلالك ِ ...
وأرتضى
في الكون الاف النساء
قلبي تلاشى عن سرابك ...
غاب في رمش
يغلفه الحياء
هذي نهاية ُ كذبك ِالشفاف....
فاحترقي ..
ودمعك في الخفاء
ولتخلدي ...
في يأسك الفتان....
دهرا ان تركتك...
في العراء
ولتشطبي
قلبي من الشعر الذي...
سطرتّه ُ لرموش ِ
عينك ِ في غباء
لا تذكري
حتى ملامح لوعتي...
أو تذكري
إسمي اذا حل البلاء
ماعدت انظر
للوراء ...
ماعدت احلم
باللقاء
سقطت عروشك ِ وليكن...
غيرك ِ لي عشقاً
بإيماني ُيضاء
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> رثاء
رثاء
رقم القصيدة : 69116
-----------------------------------
وداعاً ً للذي سيكون
وداعا ً للذي قد كان
وداعا للذي سيجي
وداعا للذي قد جاء
وداعا للذي سيضيع
وداعا للذي قد ضاع
وداعا للذي سيموت
وداعا للذي قد مات
وداعا للذي سيفوت
وداعا للذي قد فات
وداعا ًً للذي ماكان
وداعا للذي قد كان
وداعا ملئه طعنات
وداعا كله عبرات
وداعا للتي حطت ...على قلبي
وخلتني اسير فؤادها السكر
احبك ِ ياسراب القلب ِ ...
ياانشودة الماضي
ويااهزوجة َ الحاضر
ويااندى..
ويااحلى..
ويااسمى..
وياابهى.. من العنبر
احب الرمش ..هذا الغنج َ ... هذا السحر..
في انفاسك الخجلى
احب الرعشة الاولى
احب الملمس المرمر
احب من اضطراب الشعر ِ ..
كل الشعرْ
اذا اقبلتي..
او ادبرتي...
او اصبحتي....
اوامسيتي...
او قاومتي
او خاصمتي
او اعلنتي
او اصررتي ... أحب ُ... أحبُ
احب ُ جبينك الاطهر
احب ُ الضحكة الخضراء َ ...
في شفتيك ِ....
حين تقولي ياعمري
وحين يميل ُ هذا الجيد ُ...
فوق حروفي الثكلى
انا الانسان في عينيك ِ...
قد اضحيت ُ...
قد راهنت ُ...
قد غامرت ُ...(53/42)
قد ساومت ُ الامي ...
وامالي بان ابقى
اذا ماجئت ِ يااندى من الاحلام
اخاف اخاف ُ...
ان تجتاحني السكرات ُ..
والهمسات ُ..
والحسرات ُ..
وكل الحب ِ كل ُ الحب ِ ينثرني .....
على كلماتك القتلى
اذن قودي ظلالك ِ حيثما شئت ِ
دعيني ارتمي جسدا
دعيني اكتوي بالنار
وانّي في ظلام الياس ِ ....
قد اعدمت ُ الامي
اذا ماكنت ُ نارا ً خلتني انوار
وهذا العشق ُ اسقامي
وداعا ً للتي ماتت...
وداعا للتي ستموت
وداعا للتي ستموت
وداعا للتي ستموت
وداعا للتي ...
ستموت
س
ت
م
و
ت
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> ضوءُ المدينة
ضوءُ المدينة
رقم القصيدة : 69117
-----------------------------------
ها انا الانَ ..
على اعتاب ِ موتي
تاركا ً روحي ..
واسقامي
وذكراك ِ الأليمة
جئتُ منثوراً ..
على نعش ِ الخطايا
جئتُ محمولاً
على دمعات ِ غيمه
منك ِ كلُ العشق ِ
يهفو لسوايا
ولقلبي
الذابل ِ المكسور ِ
هجرٌ وظغينه
أيُ شيء ٍ ..
من سديم ِ الكون ِ ..
قد خبئّته ِ ..!!؟
صوتي .. !! أعشقي.. !!
أم حكاياتي الحزينة
انا لااخشى ضياعي ..
أو جنوني
إنما أخشى ..
على نبضي حنينه
ظّلَ يبكي ..
ويقتأتُ عذابي
ظّلَ يحميك ..
بدمعاتي السجينه
عاثَ في نفسي
وخلانّي سوايا
ظّلَ يكسوني
بالأمي الرهينه
كنتُ اذ أصحو
تسجيّني المرايا
لبحار ِ العشق ِ ... !!!!
لم ترسو السفينه
كنتُ أمضي
في سديم ِ اليأس ِ ..
حولي
كنتُ أهاتي .. وأناتي .. وأصدائي
الدفينه
لمَ لم تأتِ
وقد جفّت سنيني
لمَ يا عمري
وقد كنتي المعينه
ضاقَ بي صدري
وألفيتُ هوايا
ضعتُ مني
واختفى ضوءُ المدينه
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> لن أتوب ... لن أتوب
لن أتوب ... لن أتوب
رقم القصيدة : 69118
-----------------------------------
وتسالني في جنون ... حبيبي
أحقا انا كل شيء
اتشتاق همسي ... وريق شفاهي
وعطري ورعشة كفي
أحقا تذوب
تذوب ...
تذوب اذا قلتها بين صدرك
إني أحبك
وإني أحبك
وإني أحبك(53/43)
وإني انا من سترنو إليها
وتلمس فيها الصدى ...
ثم تتركها كالندى ...
قطرة....
تاه فيها الظلام وهذا المدى
عشقتك ياسيدي ... كم أغار
أغار عليك
أغار عليك من الحرف
والشعر والنظرة الغجرية
أموت اذا مارأيتك بين القصيدة
تختال فيها ويدنو القمر ...
ثم تجتاحني كالشرر
.. وترفع راسك نحوي
وتبحر في صمت هذا السكون ...
وقد لفك المكر و العنجهيه
وتهوي النجوم إليك
وهذي الفراشات من حول كفيك
تغفو وتنساب في رمش عينيك
أنت يامن تدثرني بالحنين
غرست فؤادي بجيدك
نبضي
عروقي
إشتعالي
إحتراقي
غدوت لروحك طيفا
وعقدا من الياسمين
بالله قل لي
أتسمعني حين
أذرف من مقلتي أهتي
أتدرك عشقي
أتعلم إن الأنؤثة فّي
استحالت لأجلك نورا
وإنّي ماعدت أقوى على البعد إلا
وأنفاس صدرك أغطيتي وردائي
أنت دوائي حبيبي
دوائي بهذا المداد المعتق بالأمنيات
خلعت أساور هذا المساء
رسمت على الماء وجهك
حتى أضمك
واذ بي أقاوم عشقي وناري
وعند التقاء اضطرابي ببعضي
أتيت أتيت وعانقت صمتي
ولم أستطع حينها
أن أرتب حتى حضوري
سألتك ياشاعر الكلمات
سألتك ما العشق ...!!!
إن لم تراودك أجفان عيني
وما العشق !!!
إن لم تطوقك خاصرتي في خجل
وما العشق
إن لم أبعثر ناري
على سفح موال صوتك ....
ثم ألوذ وكلي قبل ...
واظفر منك باشهى القبل
بل وأحلى القبل
وما العشق
إن لم أكن غير ثورة روحي
أتيتك أنثى
أنثى الكلام
وأنثى الغرام
وأنثى الغمام
وأنثى تريد الكثير الكثير
من الحب والعشق و التيه و الانسجام
أنثى تريد القليل من الأهتمام
القليل القليل من الأهتمام
أنثى تريد اذا ماعتلت سدرة الكلمات
تراك اسير يديها
أنثى اذا خاصمتها المعاني
ركضت اليها بكل فنونك
تنزع عنها التضجر
حتى تراها ببحرك هذا الغروب
وان عاندتك فضم اليك يديها
وقبل براءتها كي تتوب
وقبل براكينها كي تتوب
وقبل مسامتها كي تتوب
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> لماذا اتيت ِ
لماذا اتيت ِ
رقم القصيدة : 69119(53/44)
-----------------------------------
لماذا أتيت ِ لماذا.... !!!!
لجرح ٍ جديد
ألم تحرقي دمعتي
ألم تطفيء لوعتي
ألم تستبيحي هوايا
ألم تستردي الهدايا
أقيدا ً بكفك ِ ...
أم أن هذا...
فؤادي
الفقيد
نعم كنت أهواك ِ
حد الجنون ِ ...
وكلي مداد ٌ...
لشعر ٍ تّدثر في خافقي
كان يسمع ُ صوتي ...
الغريب ويبكي
وطال انتظاري ...
وطال احتضاري ...
ولم ترجعي ... !
كنت ُ أبكيك ِ
بين القوافي
وتلك العيون
لماذا اتيت...
لا تسمعيني إعتذار َ الأحبة ِ
والأتقياء
انا الان شيء من الريح ِ ..
حتى يدايا
انظريني
بربك ِ فلتنظري
أهذا الذي كان يهواك ِ ...
انا
لست أشبه ُ نفسي
انا اليوم غيري
وغيري انا
سالتك ِ شيئا
فلبّي ندايا
أتتقن ُ كفك ِ فن إلتأمَ الجروح
فلتحضري دمعة ً ...
شهقة ً..
صرخة ً..
أي شي ٍ من الوهم ِ ..
خيطي فؤادي
وهذا الجسد
أو تعالي احملي
أهة ً من ضلوعي
وقولي أحبك َ ...
طعنا ً أحبك َ..
زورا ً أحبك َ..
غدرا ً أحبك َ
ربما تسقط الأقنعة
***
أحن ُ لبعض ِ القوافي
سوف أشرع ُ في لمس ِ هذا المداد
سوف أكتب قلبي
( كفن )
أتيت ِ ولما أتيت ِ تذكرت ُ هذا القمر
تذكرت ُ أنيّ بالأمس ِ مثل َ البشر
ولم أدر ِ اني تغيرتُ إلا وقلبي
أراه ُ بكفيك ِ مثل َ الحجر
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> غيمة وانكسار
غيمة وانكسار
رقم القصيدة : 69120
-----------------------------------
كل َ يوم ٍ ...
ُيغادرنا الوقت ُ ...
في غيمة ِ الانتظار
يسقط ُ ضوء ٌ ...
وينساب ُ ظل ٌ ...
ونجلس ُ...
في شرفة ِ الإحتضار
هكذا...
كل َ يوم ٍ ُنغادرُ أنفاسنا...
وخطانا
نزعم ُ...
أن المرايا ...
ُيظللها مطرُ الأعتذار
كل َ يوم ٍ ...
ُ نرتّبُ أحداقنا ...
نتمادى
نفرح ُ بالراحلينَ ...
إلينا وعنا
ونبكي ...
ونبكي ...
ونبكي ...
هديرَ حكاياتنا الغافية
نقول ُ القليل َ...
من الشعر ِ ...
نلفظ ُ عطرَ الغرام ِ ...
وبؤسَ جراحاتنا الذابلة
نكتبُ...
كلَ طيوف ِ الغمام(53/45)
نزرعُ ...
شوك َ الظلام
ندفن ُ...
أحلامنا الطاهره
نعانق ُ...
سحرَ الكلام ِ الرقيق
نطرقُ ...
باب العدو الصديق
نخلوا ...
من الحزن ِ يوماً ...
وننسى ...
بداية َ رحلتنا والطريق
محار ٌ...
محارٌ ...
محارٌ ...
على جيد ِ أجسادنا
نتحسّسُ فينا التعالي
نرتّد ُ منّا
الي دمعة ٍ وانكسار
نلبسُ ألف ازار ٍ ...
والف ازار ٍ ...
والف ازار
كل يوم ٍ ...
يغادرنا الوقت ُ...
نخلعُ ...
أرواحنا في الظلام ِ السكون
نصدقُ
نكذبُ
نعشقُ
نكرهُ
نطعنُ
نؤمن ُ...
انّا ُنحبُ وفي واقع ِ الأمر ِ ...
ُكنّا نخونُ ...
و ُكنّا نخونُ ...
و ُكنّا نخون ...
هكذا نحن ُ دوماً ...
نسّرح ُ أطرافنا للغبار
الغبار الذي ...
بات يغسل ُ وجهَ ملامحهِ الساخطه
نظلُ ُنمارسُ فّنَ التطرف ِ ...
في أعين ِ الصادقين
وفي أدمع ِ الجائعين
وفي لهفة ِ العاشقين
ونزعم ُ زوراً ونزعمُ نزعمُ
انّا كبارٌ
ونحنُ صغارٌ صغار
فقدنا طفولتنا ...
وبرأتنا ...
فقدنا التأني ...
فقدنا التمّني
فقدنا أصول َ الحوار
فما عادَ يجمعنا غيرُ ذنب ٍ ...
ودم ٍ مستباح ٍ وأقنعة ٍ ...
وجنون ٍ ...
ونزف ٍ ...
وتفرقة ٍ ...
ودمار
يسقط ُ ضوء ٌ ...
ويختال ُ ظل ٌ ...
وأجلس ُ وحدي ...
وحدي هناك
هناك هناك هناك
ُأصارع ُ نزفي ...
ويكسرني قلمي باختصار
يكسرني
قلمي
باختصار
يكسرني
قلمي
باختصار
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> غابت رياحكَ
غابت رياحكَ
رقم القصيدة : 69121
-----------------------------------
وظننت ُ انني قد مت ُ ياقلبي...
وغطاني الكفن
واذا بصوتك ِ...
قد اتاني في شجن
ياانتَ ياكل المنى
يامن احبكَ قبل تكويني
احبكَ لهفة ً
واحبُ فيكَ الشوقَ موالاً..
واوتاراً ..
وانساماً ..
وشوقاً
انتَ لي بيتي...
ومملكتي وعشقكَ لي وطن
غابت رياحكَ عن ضميري
عفتُ نفسي
عفتُ روحي
عفتُ كلَ النورِ في عيني
كانت دموعي موجكَ الدامي
وصدري غيمة ٌ...
تهوي وتقصي كلَ اضلاعي
ونزفكَ في مساماتي وسن(53/46)
للهِ كم في الحبِ...
احلامٌ وريحٌ لايقاومها بشر
هذا فؤادي قد اتاكَ....
يضمُ فيكَ حبيّبيَ الغالي
يضّمُد في حنانٍ...
طولَ بعدي عنكَ ...
ويرتمي لحناً بصوتكَ..
ياشبيهي كالمطر
ماكنتُ عنكَ حبيبَ قلبي
في سهادٍ او حضورٍ او غيابٍ ..
او سفر
بل كنتَ انتَ الارضَ...
والافلاكَ...
والانجمَ..
قنديلي واضواءَ القمر
عذري اليكَ اذا تحداني القدر
عذري اليكَ...
اذا ذرفتُ الدمعَ من اجلكَ نارا...
هاتِ حضنكَ انني اشتاقُ...
ان ارمي عروقي بين صدركَ...
انني اشتاقُ...
ان تغرسَ ريقكَ في فمي...
وتحييني بنبضكَ في جنون ٍ يستعر
قدري احبكَ ثم اغفو ثم توقظني
واغفو...
ثم اغفو...
ثم اغفو
في دلال ٍ وخضوع ٍ مستمر
أه ٍ حبيبي
هذه شفتاي...
اطفئني فكلي ملكك َ اليوم َ
وريدٌ..
وبروقٌ...
ورعودٌ...
ورياحٌ..
وجنونٌ..
وحنانٌ..
واشتياقٌ...
وزهورٌ..
ونسيم ٌ...
ومطر
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> عشق ٌ لن يطول ْ
عشق ٌ لن يطول ْ
رقم القصيدة : 69122
-----------------------------------
للبدايات ِ ... النهايات ِ ...
حدود ٌ..
وجراحات ٌ..
واحلام ٌ..
وشيء ٌ من قمر ْ
للتي كانت..
ومازال صداها في حكاياتي ..
هوى ً يستلني مثل القدر ْ
للتي تسكن ُ أضلاعي متى شاءت ..
باكفان ً وأزهار ٍ وريح ٍ ومطر ْ
للتي لملمتها ..
وأقتدت ُ في نبضي خطاها ..
كي تكون َ اليوم َ في ابهى الصور ْ
للتي منيّتها..
شعرا ً وحنيت ُ شفاها باشتعالاتي ..
على مد ِ البصر ْ
للتي خاصمت ُ فيها ثورتي ..
وارتدتُ حانات ِ المرايا..
وتضاريس َ السفر ْ
للتي اقسمت ُ إني في هواها..
مغرم ٌ حد َ الخطايا..
وسويعات ِ السحر ْ
للتي اخفيت ُ عنها كل الامي...
وعطّرت ُ صباها بالغد ِ المقتول ْ
يالقلبي..
والذي يذكرني ْ..
يذكرُ صوتا ً قد تبدّى للأفول
للتي ليست على العهد..
وعهدي مايزال ُ ..
لرمشها الفتان ِ دهراً لن يزول ْ
للتي أثرت ُ أن تبقى..
و أطيافي على أغصانها تبلى ..
فيملائها الذهول ْ(53/47)
للتي ما مّل قلبي من هواها ...
كيف لاتبكيك ِ ياشمسي العقول ْ
للبدايات ِ النهايات ِ حدود ٌ ..
وجراحات ٌ وأحلام ٌ..
وعشق ٌ لن يطول ْ
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> ها قد تغيرت القصيدة
ها قد تغيرت القصيدة
رقم القصيدة : 69123
-----------------------------------
حتى أُحبك ِ من جديد ...
مازال ينقصك ِ الكثير !
فأنت ِ مثل النور ِ ...
يهفو للدجى...
وانا يحاصرني المدى ..
ليت الهوى !
لكن غدوتُ كما ألأسير
مثل الزجاج ِ تكسرّت ...
كل العبارات ِ التي...
لملمتها بفمي ...
وخانتني يدي !
حتى السلام .... ما بت ُ أعرف ُ .. ماالسلام !!!!
أسفي على قلبي ....
وهذا المنطقُ المكلوم !!!
أسفي على كل ِ الحكايا ...
وافتعال العاشقين !!
نظراتنا ...
أهاتنا ...
همساتنا....
حتى المرايا لم تعد تحلم ُ ....
أو تسعف خوف َ الخائفين
يا أيها الوجه ُ الجميل
أما تغيرت ِ الملامح !
.... والقناع ُ أما يزال ُ هو القناع !!
أما تزال ُ تعيش ُ في دنيا ...
الخداع !!
هاقد تغيرت ِ القصيدة ُ ... في دمي
فا انا عجزت ُ عن ..... إحتضان ِ حبيبتي
وحبيبتي ... !!!!!
حطّت على غصن ٍ بعيد
كل المواجع ِ ...
عانقت صمتي ...
وصمتي يقتفي أثري
فهل سنولدُ من جديد !!!!
... سيان ... نولد ..... من .... جديد
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> نص على شرفات البوح
نص على شرفات البوح
رقم القصيدة : 69124
-----------------------------------
حرفٌ وحرفان ِ ..
ونجمة ْ
نبضٌ ونبضان ِ ..
ودمعة ْ
ثم ماتلبثُ...
أن تتلو من الوجد ِ المضّمخ ِ..
بالزوايا..
والمرايا ... فاصلة ْ
آهة ٌ ثكلى..
ويرتّدُ المدادُ الموج ُ..
في رحم ِ الحكايا العاصفة ْ
آهة ٌ تغفو...
على جيد ِ الحكايا الذابلة ْ
كل ماسطّرني نوحَّي ...
ظَّل يحبو في أديمي ..
وترٌ كان على منضدة ِ الروح ِ...
وغيماتٌ ...
وُبقيا من عناق ٍ ..
و طيوف ٍ ساخرة ْ
كنتُ مغشياً ...
أفقتُ الأمسَ مني(53/48)
حيثُ لاصحبٌ..
ولا حلمٌ..
ولا حتى الليالي الحالمة ْ
شهقة ٌ أخرى ...
وتصطّفُ الحكايا..
في الحكايا
ثم ما تلبثُ إلا أن تكونْ
من صدى الرحلة ِ للشعر ِ...
الشظايا
أهـ ِ كم ناديتُ صمتي
أهـ ِ كم سرحّتُ حبات ِ الندى ...
أهـ ِ كم أرهقتها روحي ..
ومن فضة ِ هذا الفجر ِ ...
أسكرتُ شفاهي باللظىْ
المواويلُ ... أبتني
البدايات أبتني
النهاياتُ أبتني
كل ماعلقّتُ قنديلي ..
تنازعتُ وشكي...
في دهاليز ِ الردىْ
أيها السامعُ نجوايا..
إلي أين احتمالاتي
ومن أي طريق ٍ ...
سوف أستقبلُ طعني
كل ما أغمدتها في القلب ِ...
خلتُ الكفنَ الباسمَ أفراحي ...
ولكن قد أبى إلا بتكريم ِ سوايا
هذه الأنثى التي أحببتها !!!
قد غادرتني
والذي أذكرُ من رقّتها
أن عصفوراً على غصن ِ شفاها...
كان دوماً يقطفُ الشهدَ ...
ومن فرط ِ جنوني ...
راعني ماراعني ...
من غيرة ِ العشاق ِ .. كانت
حين تلقاني على حالي
يواريها الخجلْ
ثم ذاك الشالُ يهوي بين نهرين ِ...
يفوحان ِ بعطر ٍ وُقبلْ
حرفٌ وحرفان ِ ..
وغيمة ْ
نبضٌ ونبضان ِ ..
ودمعة ْ
قمرٌ فّر..
إلي أقصى احتضاراتي ...
وخلانّي وحيداً لأجلْ
لستُ أدري ماهو الوقتُ ...
ومن أي السديم ِ الكون ِ ...
... يغشاني الأزلْ
قمرٌ أطفاء عني ...
كل تفكير ٍ سيأتي ..
أو أتى..
أو زاغ َ من بين الُمقلْ
حرفٌ وحرفان ِ ...
وُظلمة ْ
نبضٌ ونبضان ِ...
وقلبٌ مشتعلْ
وقلبٌ.... م ش ت ع ل
م
ش
ت
ع
ل
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> يامن يحن ُ لها الفَراش
يامن يحن ُ لها الفَراش
رقم القصيدة : 69125
-----------------------------------
يامن تجودُ بوصلها يوما ً..
وتبخل ُ الف يوم
انا ناثر ٌ حزني..
على هذا القمر
اتلامسين بكاء َ عاصفة ٍ ..
اذا برقت سماء ُ الكون ِ ..
بين رموشك ِ الخجلى .. مطر !!!!!
هذي دموعي...
انها شهد ُ السحاب...
ولحنها أنات ُ هذا الليل ِ ..
ترنيم ُ الشجر
يامن احبك ِ خفقة ً..
وندى ً يذوب ُ ويشتهي...(53/49)
صمتي ويشكي ..
لوعة ً طول َ السهر
مازلت ُ اعزف ُ فيكي .. اغنيتي ..
وارسم ُ من صداها...
كل َ الوان ِ السحر
انا بين رمشك ِ ...
فاملئينّي ثورة ً ...
وتوسدي عشقي ..
فانتي لي البصر
يامن اذا لمست...
سماوات الهوى
ذابت اساطير ٌ...
وخّر لها الحجر
كل الظلال ِ تتوق ُ...
رعشة َ اصبع ٍ ...
او غمزة ٍ ..
تختال ُ تستبق ُ الشرر
يامن وهبتي..
غرائزي طوقا ً من الايمان ِ ...
كيف اصيرُ من باقي البشر
اني احس ُ بانني غيري ..
واني فيكي...
احلام ٌ..
واسرار ٌ ..
وذنب ٌ يُغتغر
ضمي فؤادي ..
قبلينّي انني امنت ُ ان الله....
صورني ...
واسكنني بقلب ٍ يحتضر
ماكنت يوما ً...
اشتهي حزني ..
وارماس ُ الهوى
قدري احبك ِ...
ثم يقتلني القهر
قدري اعيش ُ ...
بكل قطر ٍ منك ِ ..
صوت ٌ هائم ٌ..
وندى ً ينوء ُ وينحسر
يامن اذا مرت على..
اثارها...
رسمتك ِ ..
ازهار ٌ وشهد ٌ ينهمر
يامن يحن لها الفَراش...
وتحتوي كل َ القلوب ِ...
ويرتوي منها الزهر
****
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> هو العشق
هو العشق
رقم القصيدة : 69126
-----------------------------------
تعال ..
تعال إليا
انا الأمس ..
عانقت فيك الثريا
أغلقت قلبي ..
عن الكون
خاصمت ..
كل العيون ..
لتبقى لديا
تعال أسجيك ..
شوقا نديا
وأحفل ..
بالقبلة الحضن ..
عطرا زكيا
تعال ..
لكي ..
أنقش الحلم ..
بين ضفاف ..
الجنون
وأغزل ..
نبضا حنون
وتبقى ..
لقلبي نبيا
عرفتك تهوى ..
العناق ..
وتحيا ..
بضم النساء ..
فخذ ماأتيتك ..
خمرا نقيا
وضمد جراحك ..
بالعاديات
ورتب فؤادك ..
بالمعجزات
وخذ ماتشاء ..
وكن نرجسيا
حبيبي ..
سألتك ..
لاتكسر الفرح فيا
ولبي النداء ..
هوى سرمديا
وشاور إلي الماء ..
نادي على الغنج ..
يأتيك ..
سفر الهوى ..
بكرة وعشيا
قل ..
هو العشق ..
إن عاندتك الخطى ..
وتعوذ من العاصفات ..
وكن أنت ..
يا أنت دوما عليا
******
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> هنا من تكون(53/50)
هنا من تكون
رقم القصيدة : 69127
-----------------------------------
كأنك تقراءُ صمتي...
ودقاتت َ قلبي
وحزني
كأنّك تنقشُ وجهي
وأنغامَ صوتي
ولحني
تفّرد هذا التناغمُ ...
في كل شبر ٍ...
وفي كل ضد ٍ...
وماعدت أقدر ُ...
أن أتصّبب من لذتي والسهر
لامفر
أيها القابعُ الان في الظل ....
عفوًا اذا ماتورقّتُ من شجر الوقت
جئتكَ أوردةً تحتضر
لامفر
كل تلك الشظايا تنفسُ من لغتي
وانا اللانهاية ....
أشبهها كل أنشودة ٍ ..
والمدارات ...
تسريحةُ الشمس ....
لغة الرصاص المزيف...
زئبقُ أوراقنا ...
وحطامُ الورود ِ التي تتحجر...
بين العبارات ....
أشهى الصور
لامفر
لحظة ينعس الغيم فيها
ويلتف في سدرة الكون
نور ونجم وظل وأفئدة وقمر
وتر يتخطى حدود البعيد القريب ...
ويشطرني في المدى ...
قطرة من دجى ...
وانا اتشكل في رحم الكون ...
عشقا و أنسجة من ندى
أي شيء تراه استظل بروحي
وأي عباراته قد هوت وهوى
وانا اتزلزل في وحدتي
وعلى خصري المتعطش للبحر
نوح العذارى وهمس الكرى
أي شيء تراه أتى
وانا لحظة الأنكسار
انحسار القوافي
انشطار الأنوثة
رقرقة الفجر
صوت العصافير
غفوة حرف تناثر من كل معنى
ومن أي رمز ومن أي وصف
ومن أي حلم
ومن أي قيد
ومن أي عطر
هنا للخضوع مداد...
تراوده حشرجات الصدى
هنا للمرايا مرايا
هنا للزوايا زوايا
هنا للحكايا حكايا
هنا للقوانين باب ونافذة وردى
هنا للرحيل إحتدام
هنا للكلام كلام
هنا للغريب غرام
هنا للركام ركام
هنا كل شيء يزلزل فيك الانا
كتبت على الماء وجهي
وألفيتني عندها حجر يتهاوى
بمعصمها في انحدار
هنا كان منديلها يتهادى
هنا كان سحرها يتمادى
هنا كان مبسمها يتوارى
هنا حضنها طيفها في الزوايا
هنا حبرها شعرها
هنا رعشة ودثار
هنا خاتم وسوار
هنا للقرار قرار
هنا للخضوع اعتذار
هنا للهروب مدار
هنا مليون ميقات ...
قلب وروح ...
مضمخة بالغبار
هنا للورود انشطار
هنا للاماني انحسار
هنا للسكون انفجار
هنا نلتقي لانكون(53/51)
هنا شهقة وظنون
هنا دمعة وشجون
هنا من تكون
هنا من اكون
من اكون
من
اكون
من
اكون
****
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> حتماً نكون
حتماً نكون
رقم القصيدة : 69128
-----------------------------------
كل الأحبة ِ يلتقون !!!
إلا انا وحبيبتي ...
دوماً تراودنا الظنون ?
خوف ٌ ...
وشكٌ ...
وانحسارٌ في الرؤى ...
كيف اللقاء وهمسنا ...
قد ضاع في بحر ِ العيون
ماذا عسانا قد نقولُ ... !!!
وكيف للأيدي اذا ارتعشت
ومالت بين أطياف ِ الجنون
قد نستريح ُ ...
بكل ِ ضمةِ خافق ٍ ...
وسيستجيبُ لنا الضياء ُ ...
برعشتنين ِ ...
وأهتين ِ ...
وقبلتين
سنرتمي في ...
الليلك ِ الغجري
نستبقُ الدقائقَ ...
نحتمي من وقتنا الأتي
نفرُ إلي عناق ٍ سوفَ يحملنا
إلي أبد الزمان
بشهقتين
نحكي لبعضينا بأنا
قد ولدنا في نهار ٍ واحد ٍ ..
وبأن روحينا غدت
روحاً بدرب ِ العاشقين
وربما قد لانكون
وربما حتما ً نكون ...
أزهار هذا العشق ِ ...
كل العشق ِ
في زمن السجون
******
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> حوار مع الزمن
حوار مع الزمن
رقم القصيدة : 69129
-----------------------------------
زمني يا زمن الشرفاء الأحرار ..
زمن الثوار ..
زمن القهر .. ، ومحق الذات .. ،
المطمورة في جوف القار ..
زمن التاريخ المتعفن ..
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> غدا نلتقي
غدا نلتقي
رقم القصيدة : 69130
-----------------------------------
سأرحل يوما رفاق الدروب ..
يقولون إني غدا راحل .. !
سأحمل وجدي ..
أخبئ تحت الجفون دموعي ..
على كل كفٍّ سأنقش حُبّي ...
سأرسم ذكرى لقاءاتنا ..
هنا .. مع شروق الشروق التقينا ..
هنا .. كنت أعزف شوقي ولحني ..
هناك ... هنا ..
وفوق المقاعد ..
وفوق الورود .. وفوق السنا ..
وفي كل شبر زرعت حنيني ..
نثرت الأماني على كل درب ..
وفوق الضلوع نقشت الهنا ..
* * *
يقولون إنِّي غدا راحلُ .. !(53/52)
سأرحل عنكم كِرامي .. وصحبي ..
سأترك يوما مغاني الهوى ..
سأرحل عنها .. دروب الهيام ..
عن الأمس .. يوم التقينا ..
سيحرق في القلب منّي النوى ..
سأرحل يوما .. ، وفي خاطري ..
تعمق جرح .. يحطم نفسي ..
يمزق منّي شرايين عهدي ..
يطوق روحي نداء غريب ..
ويملأ وجدي شعاع الوداع ..
يقولون إنّي سأرحل عنكم .. !
ولم يعلموا ..
بأن الرحيل هو القرب منكم ..
وفي عمق نفسي لقاء جديد ..
وحبّ مع الصبح أنّى وقفتم ..
ويرسم في النفس عهدا وليدْ ..
وأنّى خطوتم .. وأنّى جلستم .. وأنّى رحلتم ..
سيشرق رغم الرحيل الأصيلْ
فتلك الحياة .. لقاء وقرب ..،
وعيش هنيء .. وظل ظليل ..
وتلك الحياة .. فراق .. وبعدٌ ..
وأيام حزن .. ووجد وسهد .. ،
وليل طويل ..
ورغم الرحيل .. سأبقى لديكم ...
صديقا صدوقا .. وخلاّ وفيا ..
ونجما مضيئا .. سأبقى لديكم ..
هنا .. ، أو هناك ..
سأنقش ذكرى لقاءاتنا ..
وفوق الدفاتر .. فوق المقاعد ..
في كل ركن يضم رفاتي ...
سأترك يوما لكم ذكرياتي ..
على باقة من ورود الفؤاد ..
على ريشة من جناح النسيم ..
على هدب عينٍ .. تضم رؤاكم ..
فأحلم أني سأرحل عنكم ... ،
وأطمح أنّا غدا نلتقي .
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> الدموع في مآقي المآذن
الدموع في مآقي المآذن
رقم القصيدة : 69131
-----------------------------------
تبكي المآذن ما أنمى به الخبرُ
صبيحة الموت لا يغني له حذرُ
كم يحرص الناس في دنيا على أجل
والله يقضي. . إلى ما خبأ القدر
تهوى النفوس بقاء دائما أبدا
والموت يدرك من يخشى ويعتبر
أين المفر بني قومي وقد منيت
أرض القداسات بطشا طعمه قذِر
في كل آونة يغتال أمتنا
ويهلك الحرث والأحقاد تنتشر
في كل يوم يغالي في جرائمه
فيقتل الأمن والأزهار تنتحر
في كل يوم له أطفالنا قربى
في كل يوم له أشبالنا سُعُر
* * *
في كل حين له أرض يحرّقها
ومنزل ها هنا للهدم ينتظر
واليوم ننعى إلى شعبي وأمته(53/53)
في المشرقين الذي أفضى به الخبر
مات الحسيني ما ماتت مآثره
هو الشهيد سيبقى الفخر ما فخروا
ابن الشهيد ورمز المجد في وطن
في القدس نور وفي أرواحنا أثر
* * *
هو المناضل ما دامت لنا مهج
هو المجاهد ما يحدو بنا غِير
غالت نداءك في رأد الضحى جهرا
عصابة الغدر والتشريد كم غدروا
يا ابن الحسيني يا ابن القدس من حسب
أكرم به نسبا للقدس ينتصر
خضت النضال ولا ترجو له ثمنا
غير الكفاح وهذا القيد ينكسر
* * *
كنت المناضل لا تخشى لشرذمة
من اليهود نكالا حين تأتسر
كنت المناضل لا تسعى إلى أمل
غير البيارق فوق القدس تنتشر
يبكيك شعبك في الأقصى ويردفه
نوح الحمائم أدمى جفنها السهر
تبكي عليك ربوع الشرق قاطبة
فالنيل ينحب واليرموك يعتصر
* * *
وفي الشآم نساء خلت أثكلها
فقْد الشهيد وتبكي سيفها مضر
والصبح مكتئب من هول فاجعة
والبحر محزون والشمس والقمر
ابشر فداؤك شعب ثار منتفضا
لن يوقف الزحف أو تُحنى له ظُهًر
وانعم حسيني بالجنات منتصرا
فياسر الشعب لم تهدأ له عُصُر
* * *
قد عاهدوك ونعم العهد ما برموا
حتى يحرر بيت المقدس الظُفُر
وتنجلي غيمة " الصهيون " عن وطن
يأبى الركوع وخيل الظلم تندحر
سقى الإله رياضا أنت ساكنها
فالطل مُغدقها والنبع والمطر
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> كلمات من بقايا العمر
كلمات من بقايا العمر
رقم القصيدة : 69132
-----------------------------------
وكبرت يا زمن الزمن ...!
ما عدت تزهو في شرايين الدنا
وغدوت ذكرى للسنين ..
ذكرى جراحات الوطن ...
ما عدت تزهو مغردا . . .
كالطير طوّقه الحنين ..
كفراشة تاهت بأحضان الورود ..
ما عدت تجري معربدا ...
كالنهر يا زمن الوجود ..
ما عدت تجري يا زمان العمر ..
في جوف المدى ...
ما عدت تضحك في ربيع الوجد ...
يا زمنا يكبل قامتي ..
ما عدت زنبقة يداعبها الشباب ..
يقبل ثغرَها شهدُ الندى . .
كالبسمة النشوانة الحرَّى ..
ويقتلها الصدى ..(53/54)
كالريح كالإعصار .. ما عدت يا زمنا ..
كالنهر يا زمن الوجود ..
وكبرت يا زمن الزمن ... !
وتجعدت وجنات وجهك كالزمن ..
وعلى جبينك هيكل الأيام تحفره المحن ..
وتغيرت كل الملامح ...
ما عدت تضحك كالطفولة بين أحضان الجليد ..
ما كنت تولد من جديد ..
ضاعت تراتيل الحزانى .. والثكالى ..
في تجاويف الظلام ..
حتى نهارك لم يعد ذاك النهار ..
ما عاد بشرى للصغار .. كأنهم في يوم عيد .
ما عدت تشرق بالأمل ..
ما عدت تضحك في وجوه الناس ...
يعلوها الركام ..
يا أيها الزمن العنيدُ .. .
قتلت في القلب السلام ..
يا أنت يا زمن الزمان المرتقب ...
كانت لنا ذكرى سنينٍ لم تزل ..
أسطورة .. تروي حكايات الحنين إلى الوطن ..
تروي المحن ..
تروي ملامح عشقنا ...
تروي حكاية غربتي ..
تروي على مرِّ السنين ..
أنشودة الأطفال مزقها الضياع ..
وبقايا خيمة جدتي ..
ولفافة الشيخ الحزين ..
* * *
ووهنت يا زمن الكآبة .. والحزَن ...
وغدوت تجتر الملالة والوسن ...
وتنوء من ثقل الحياة وزيفها ..
تبكي .. تنوح مع الطيور النائحهْ ..
يا أيها الزمن المشرد مثلنا ..
بددت كل الأمنيات ..
ضاعت ليالينا سدى ..
باتت كأفراخ الطيور التائهة ...
تروي أساطير الزنابق .. في الجبال الشاهقة ..
تروي حكاية سندباد الأرضِ .. ،
يمخر عبر شريان المدى .. .
ويجوب ردهات السنين ...
يا أيها الزمن الحزين ...
إنّي أشاطرك العذاب ..
إني أشاطرك الحنينْ ..
يا أيها الزمن الحزين .. !
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> لو تعلمين
لو تعلمين
رقم القصيدة : 69133
-----------------------------------
كوني كأنفاس الربيع الهادئة ..
كوني كزهرة ياسمين ..
يا أنت يا قدري المكين ..
لو تعلمين ..
كوني كأحلام الزمان الوادعة ..
كوني زنابق أضلعي ..
ضمأى إلى عبق السنين ..
كوني لأوردتي لهيبا من أوار ..
كوني جوادا جامحا ..
كوني رسولا .. أو شقاءً .. أو دوار .. !
كوني نوارس شاطئي ..(53/55)
كوني كأشرعة الحنين ..
يا أنت يا حلم الحياة .. وهاجسي ..
يا أنت يا حدسي .. وتكويني الحزين ..
في داخلي .. في عمق شرياني ..
أراك .. وتهربين ..
كم لي أراك .. وكم لطيفك من مدار ..!
كوني كما شاء اللقاء .. ،
فلا اعتذار ..
كوني كأمسٍ ماثل اللحظات .. تمنحه السماء ..
كوني كصبح باسم ..
كوني لأيامي نهارْ ..!
قدري .. لأنيَّ مؤمنٌ ..
لا زلت أعشقها جهارْ ..
....
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> سامحيني
سامحيني
رقم القصيدة : 69134
-----------------------------------
سامحيني .. غادتي الحسناء ..
إني أغرق ..
نزف ينز من المحاجر .. !
من شرايين أشجاري ..
دماء الحزن أشرعة ..
تبلل جبهتي ..
وأنا .. هناك ..
على رصيف العمر منتظر ..
وخيلي في بحار الوهم .. ،
حينا أحجمت ..
وعلى ضفاف القلب ..
حينا تحرق .. !
* * *
هاتي دواويني وكل دفاتري ..
ما عدت تعنيني ..
أعيديها .. !
وردّي مع دموع الفجر .. الحاني ..
وردّي لي أغاني الطهر التي ماتت ..
أماتت في تجاويفي ..
سنينٌا .. كنت أنسجها ...
خيوطا من شغاف القلب ..
أرسمها لآهاتي ..
وأغسلها بدمع من حشاشاتي ..
وسوط الشوق يلهبني ..
ولكني .. نسيت الوعد ...
يوم اغتلت في شفتي ..
بقايا من لقاءاتي ..
وتاهت في بحار الزيف أغنيتي ..
فبات الحب منتحرا ..
ومات العشق .. والوجد .. ،
ورغم بكائك الواهي ..
جعلت القلب أشرعة ..
ليبحر في بقايانا ..
وفي أعماق أوردتي ..
ويبحث في سديم العمر ..
عن أشلاء أحزاني ..
التي انتحرت ..
وبعتيها بأبخس ما يباع هواي ..
عند ربيع أزماني ..
سئمتك يا معذبتي .. !
سئمت زماننا الواهي ..
سئمت حنينك المخبوء ..
تحت نزيف أعماقي ..
سئمت خضوع أشواقي
سئمت الزيف والتسويف ..
عند ذريح حرماني ..
فكفّي يا معذبتي .. !
* * *
سأرحل مع رمال الشوق ..
محتسيا لهيب الهجر ..
أبحث في تجاويفي ..
أفتش في خبايا الوجد ..
تحت ركام أوردتي ..
وفي صحراء تكويني ..
عن اللائي تعذبني ..(53/56)
وتسكن في شراييني .
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> زمن الحزن
زمن الحزن
رقم القصيدة : 69135
-----------------------------------
حزينة أنت كالسنين . . . !
كحزن عالمي التثقيل ..
كحزن ليلنا الطويل ..
كسنبل الحقول لحظة الأصيل ...
كوردة الربيع في الصباح ..
كومضة الدماء في العروق ..
حزينة أنت كالدموع ..
حزينة كلمحة البروق ..
كالريح .. كالدمع .. كالعويل ..
حزينة أنت كالسنين ..
ما عدتِ تضحكين كالندى ..
أو ترقصين كالنسيم في الصَّبا ..
ما عدت تحلمين بالهوى ..
بالعشق كالشذى العليل ...
ما عدت تمرحين كالفراش ..
حزينة كداخلي الحزين .. !
حزينة كقطعة الجليد ...
تبعثرت من جديد ..
في جوف شريان الوجود ..
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> جنية من بلاد الغجر
جنية من بلاد الغجر
رقم القصيدة : 69136
-----------------------------------
سمعت يا رفاق ..
من جدتي العجوز ...
في سالف الزمن ..
أسطورة السماءْ .. ،
وخالق الأمم ..
في ليلة قمراء ..
والبدر في سكون .. مسافر .. مهاجرٌ ..
ويحمل الهمومْ .. ويمضغ الألمْ ..
يضاجع النجومْ .. دونما خجلْ .. !
يساوم الأيام في ردهة المحن ..
رأيته يا رفاقْ ..
يراود الجوزاء .. !
يقول إنها ربيبة الغجر ..
* * *
وجدتي العجوز تقص في عجل ...
أسطورة عجيبة .. كأنها الخيال ..
جنية الجبال .. جاءت بلادنا .. !
تحت أهداب الزوال ..
والناس صائمون ..
والبعض نائمون ..
والشمس في هدوء .. تداعب السماء ..
* * *
يا أيها الرفاق ..
تقول جدتي ..
جنية الغجر .. تبعث الضجر ..
في هدب جفنها جريمة الزنا .. !
والعشق .. والربا ..
تعاقر الخمور ..
تفوح من بعيد .. من جوف جوفها ..
روائح الدهاء ..
والمكر في العيون ..
والكيد والفجور ..
عجيبة يا رفاق جنية القبور ..
* * *
قي كل تينة .. في جزع نخلة ..
في طي كرمة .. وحبة من طين ..
عششت في الجذور ..
تضاجع الرجال ..
وتنهب الرمال ..(53/57)
وتسرق الغلال ..
وتنكر القدر ..
وتشهد النجوم ..
أنها عجوزْ .. ربيبة القمر .. !
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> صرخة الأقصى
صرخة الأقصى
رقم القصيدة : 69137
-----------------------------------
تنوح حمائم الأقصى تنادى
وينزف دمعها في كل وادِ
وتهتز المنابر شاكيات
إلى الأحرار ما فعل العوادي
تنمَّر في النهار " بنو يهود "
ودنس نعلها طهرالبلاد
وعاثوا في ربا الأقصى فساداً
وبالت خيلهم فوق الفؤاد
وأسمع بطشهم آذان قومي
ولكنْ لا حياة لمن تنادي
تدمَّرت البيوت ومات طفلي
وشُرِّدت النساء إلى الوهاد
تجرِّف أرضنا في كل يوم
وتقلع إن تشأ شجر القتاد
لها في كل آونة . . . طريق
وتغلق مسجدي مع كل ناد
وتفتك بالشباب . . ولا تبالي
أيغضب عَالَم أو لا يعادي
وتنهب في الظلام غلال قومي
وتحرق مهجتي فالظلم باد
وأي ظلامة من قتْل طفل
بريء النفس تسحقه الأيادي
وأي ظلامة أزرى بشعب
تضيء مساءه نار الزناد
وأي ظلامة يُسقى رواها
أشد من الحصار على العباد
وصبرا . . يا كنائس بيت لحم
ويا كل المساجد في بلادي
فطوبى صرخة الأقصى وطوبى
لكل مناضل ماض العناد
وطوبى للجريح على وسام
سيبقى في الورى رمز الجلاد
* * *
وطوبى للجريح على وسام
سيبقى في الورى رمز الجلاد
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> تأوه النسيم
تأوه النسيم
رقم القصيدة : 69138
-----------------------------------
أخرجيها من الصدف المكنون ... ،
من مخبئها ..
من حمأة الظنون .. ،
من تأوه النسيم تارة .. ،
ومن حدق العيون ..
أخرجيها حقول رمان ..
متى شئت .. ،
وأطياف أمان ..
لا تخافي ..
فأنا فارس أحلامك المجنون ..
أنت ..
يا من تحملين على الصدر ..
بنفسجات من ظنون ..
أخرجي آهة اللظى .. ،
من محجريها ..
أخرجيها من مسافات العصور ..
اعتقيها .. فإن في فك أسرها ..
إحياءها يوم النشور ..
إنها بعض التي أهوى ..
فهل بخلت عطاياك الزهور .. ؟(53/58)
كيف تحجبين ما يشعل النور لقلبي .. ؟
كيف تحرمين النفس .. ،
من عبق الصدور .. ؟
كيف يقطف الرمان في وقدة القيظ .. ؟
أو تناله سطوة الجسور ..
لا .. لا تقولي :
إن أيامي الخوالي قد تولت ..
فأنا ما زلت فارسك الهصور ..
أخرجيها من بحرك اللجي ..
من هذى العيون .. من الحريق ..
من كل أبعادك اللاتي يعز رسومها ..
يا أنت يا كل البيادر والحقول ..
يا كل نخلات الأصيل ..
كم هزني شوقي إليك .. ،
وكم تمنيت الوصول ..
هل تقبليني فارسا ..
رغم انكسارات النصول .
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> أطياف العودة
أطياف العودة
رقم القصيدة : 69139
-----------------------------------
اليوم ... ،
أسرجت خيلي .. عائدا ... ،
من أين .. ؟
من جوف المحن . . !
من بؤرة الظلمات .. ! ، والتشريد . . !
من عين الزمن . . !
اليوم ... ،
لملمت أشيائي ... لملمت أبنائي ... ،
وحزمت أمتعة الزمان بداخلي ...
وحملت أطياف الحزن ..!
وصررت أضلع أمتي .. وشددتها .. !
وشددتها على ظهري ...
على أكتاف أبنائي ... ،
وأحفادي حملناها ..
وعدنا يا رفاق الأمس ..
بعد البؤس ..
بعد الخوف ...
بعد الجوع والحرمان ...!
أقوى من جبال الوهم ..
أقوى من جليد الظلم ..
أقوى من ردى الأزمان ...!
أقسى يا رفاق الدرب ...
أقسى من عصا الجلاد ...
أعتى من لظى الأحقاد ...
أندى من رؤى الأمجاد .
ففي عمقي هوى بلدي ...
يطاردني ..
يلاحقني هوى وطني ..
يعذبني نُؤى الأجداد ..
دعوني اكمل التغريد ...
عصفورا على الشريان ...
على تينهْ ... على كرمهْ ...
على زيتونة صمدت مع الأزمان .
دعوني أكمل الإنشاد ...
عصفورا على " الحيطان " ..
وأمضى العمر محروما ...
ومسلوبا .. ومغصوبا ...
ومدفونا بلا أكفان ..!
هنا في السجن أجدادي ... ،
وأحفادي ..
هنا في الليل .. في داري ..
وفي كرمي ..
إلى الأشجار مشدودٌ ...
مع الأطفال ... والأيتامْ ...
مع الأحلام ... والأنسامْ ..(53/59)
سنينا من زمان العمرِ ...
قد ضاعت مع الأيامْ ... !
هنا منفاي في صيدا ..
هنا بيروت تشكوني ..
وفي اليرموك ... في صبرا ..
وتل الزعتر الموءود ... في لبنان .. !
وفي عمان ...في الوحدات ..
في الشريان . .،
وفي " عتِّيل " بعض رفات إخواني ... ،
وأبنائي ... ، وأحفادي ..
زرعناها مع الزيتون ...
مع أوراق أحزاني ..
هنا في غزة الثوار ...
في حيفا .. ، وفي يافا ... ،
وفي قدسي التي انجرحت ...
تهوّم كل أطياري ..
لتبقى في عيون الليل ..
رغم الويلِ ...
رغم القهر والحرمان ..
ورغم شراسة السجان ..
ورغم القيد .. رغم السهد والتعذيب ... ،
رغم دناءة القرصان ..
لتبقى الشاهد الماثل ...
على حبي لكِ بلدي ..
وتجلو دمعة الأحزان .
أيا بلدي ... !
أيا رمز الشذى الفيحان ..
دعيني أكمل الألحان ...
في المنفى ..
وفي السجن ..
وعند عواصف الشطآن ..
سئمت قساوة الأيام ..
سئمت الضيم والتشريد في المنفى ..
كرهت طلاوة الإحسان ..
وطفلي يائس مثلي ...
بلا مأوى ..
بلا وجه ...
بلا ثوب ... بلا وجدان .
تعشش في دواخله ..
ضراوة سطوة الإنسان ..!
أيا بلدي ...
لقد أسرجت راحلتي ..
وها أنذا ألملم حلمي الباقي ... ،
وبعضا من سنين العمر ..
قد حُفرت على وجهي ..!
سأحملها على راحي ...
على كتفي ..
وفي وجدان أبنائي ... ،
وأحفادي ..
لتدفن في ثرى الأجداد ...
إن شاؤوا ... ،
وإن رفضوا ...
لتدفن في عيون الأرض ...
رمز المجد ... رمز الخلد ...
رمز شموخي الباقي .
***
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> إلى صديق
إلى صديق
رقم القصيدة : 69140
-----------------------------------
يا أيها الصحب الكرام تحية
أزجي بها في الأمسيات العاطرهْ
الليل يهمس باللقاء مرحِّبا
والغصن يرقص كالفتاة الماهره
وصبا النسيم مع النجوم ملامسا
ومدغدغا هذي الوجوه الناضره
وتدحرجت حُبَبُ الندى .. ريانة
تروي حكايا من سنين عابره
ويحفنا نور الإله .. وفضله
ويظلنا مَلك السماء العامره(53/60)
جئنا نهنئ فارسا .. مترجلا
لا أن نودع .. ذكريات غابره
وأرى الوفاء .. مع المحبة أقسما
أن يفرح الخلان ... بابن الزاهره
لا تعجبوا إن قلت طلقني الخيا ل
وعشت فردا .. في حياة قاهره
واليوم ملهمة القصيد تصدني
وتشيح عنّي في الليالي الداجره
لكنني أشتاق للكلم .. الجميل
وهاج في الأعماق طيف الخاطِره
لحظات أُنس حركت في داخلي
ذكرى سنينٍ .. كالثواني العابره
* * *
هي في شغاف القلب وجد محرق
مخبوءة تحت القديم وحاضره
وأرى الكرى عن جفن عينيَ ينضوي
لِيَشعَ في الأحشاء صحوة مائره
* * *
هي صحوة الآتي يحن لغابر
من فيضه تشفى النفوس الحائره
هي صحوة البذل الجزيل وعزَّة
للمجد ملهمة الشباب القادره
هي صحوة العلم الرفيع ... بنوره
تزهو العقول النيرات الزاهره
وأرى أصيحابي الكرام تعاهدوا
أن يشعلوا درب الدياجي الغادره
يسمو بهم شرف الكفاح ويزدهي
من نوره أمل الشباب الصابره
أمل يلوح لأمة مهمومة
تشكو بنيها .. من حياة صاغره
يا أمتي . . آهٍ لأمّة عزّنا
مهد الأولى صنعوا المعالي الفاخره
* * *
ها نحن نحفل بالكريم وصحبه
أعطى وأجزل .. للعلوم النادره
جئنا نهنئ جهبذا .. متوشحا
بعباءة العلم الرفيع النائره
* * *
جئنا نكرِّم فارسا أوفى العطا
وبحاره بالعلم .. فيض زاخره
فيض من الخلق الرفيع وعلمُهُ
وسع البلاد .. بكل فضل جاهره
* * *
قد كنت دوما حين يجمعنا الندى
خلا وفيا .. والجوانح شاكره
واليوم أشعر فى قرارة خاطري
أن الذي قد كان .. أصبح نادره
لا تحسبوا أن الصداقة لقْيَة
بين الأحبة أو ولائم عامره
إنَّ الصداقة أن تكون من الهوى
كالقلب للرئتين .. ينبض هادره
استلهم الإيمان من عتباتها
ويظلني كرم الإله ونائره
يا أيها الخل الوفيُّ .. تلطفا
قد كانت الألفاظ عنك .. لقاصره
وكبا جواد الشعر يخذل همتي
ولربما خذل الجوادُ مناصِرَهْ
* * *
عتبي على صحبي الكرام فإنهم
تركوا كريما للظروف الجائره
* * *
قد كنت دوما حين يجمعنا الندى(53/61)
خلا وفيا .. والجوانح شاكره
واليوم أشعر فى قرارة خاطري
أن الذي قد كان .. أصبح نادره
لا تحسبوا أن الصداقة لقْيَة
بين الأحبة أو ولائم عامره
إنَّ الصداقة أن تكون من الهوى
كالقلب للرئتين .. ينبض هادره
يا أيها الأجواد حسبيَ أنني
قد عشت عمري فى الديار العامره
* * *
استلهم الإيمان من عتباتها
ويظلني كرم الإله ونائره
يا أيها الخل الوفيُّ .. تلطفا
قد كانت الألفاظ عنك .. لقاصره
وكبا جواد الشعر يخذل همتي
ولربما خذل الجوادُ مناصِرَهْ
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> شاعر الوجد
شاعر الوجد
رقم القصيدة : 69141
-----------------------------------
يا شاعر الوجد كم في الليل من وصب
وأنة . . في شغاف القلب .. تختنق
مع نجمة الليل . . تبكي العين في وله
وكم . . تغنت قلوب . . حين تحترق
وكم . . للمسة حبٍّ . . فيك أفزعها
صوت الوشاة وأنت الراحل .. . القلق
أبوح بالوجد . . قد جاءت تهدهدني
فمزق القلب . . . أنفاس . . لها عبق
* * *
من عطرها ترقص الأزهار في دلل
وتنشد الطير .. والأغصان تعتنق
أعلل النفس . . في ليل يؤرقني
أن التي رحلت يوما . . سترتفق !
عودي إلى عشّك الهادي . . . مغردة
عودي إليَّ يكاد القلب ينصعق
ولّت سنون الصِّبا . . تجري معاتبة
وخامر النفس . . في ليلاتها الأرق
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> انتفاضة الأقصى
انتفاضة الأقصى
رقم القصيدة : 69142
-----------------------------------
وطني ..
فداؤك كل أبطال الحجارة . . . ؛
كل شبل في بلادي ..
كل أزهار النضارة ..
كل أم أنجبت أطفال مجدٍ .. ،
كل أم زغردت في فجر عيدٍ .. ،
كل أخت ودعت أملا بعهدٍ .. ،
كل شيخ مات في زمن الحقارة . . . !
كل غصن من غصون العمر . . ،
يشنق في الخميلة ..
كل جرح فاغر ..
في راس مئذنة عليلة ..
كل أجراس الكنائس ..
كل أبراج المآذن ..
غالها جند الرذيلة ..
كل طفل .. قصة الأبطال يرويها بحزنٍ ..(53/62)
كل بيت هدّه حمق الحضارة .. !
كل أحلام الشباب تمزقت ..
وتبعثرت تحت آلات الدمار ..
سرقوا بكارة أرضنا ..
داسوا على كنف الطهارة .. !
داسوا طهارة قدسنا ..
كشفوا القبيح من الوجوه اليائسه .. ،
داسوا على نور القيم ..
أين الأمم . . . ؟
أين أنتم يا رفاق الدرب . .
في زمن العدم .. ؟
أين الهمم . . . ؟
أين صيحات الشعوبِ ..
تثور في وجه المحن . . . ؟
أين الكرامة .. يا حماة القدس
في هذا الزمن . . ؟
أين هبات النضال ..
تحرر الأقصى الجريح .. ؟
وطني ينوح .. . !
شعبي ينوح . . !
أم تنوح . . !
طفل بريء .. غاله قزم قبيح ..
أين صرخات البطولةِ .. ،
والدفاع عن الحرم .. ؟
أين القيم .. ؟
تلك أنات الجريح ..
تنادي أصحاب الذمم ..
أين صيحات الجهاد ..
ترددت من كل فم .. ؟
أين عزمات النضال ..
تفجرت عن كل هم .. ؟
أين الألى ضجت بهم دنيا النقم .. ؟
أين الشهادة في سبيل القدس ..
يا خير الأمم .. ؟
أبناء غزة والخليل ..
تعانقوا مع بيت لحم ..
أبناء يافا والجليل ..
تلاحموا مع طول كرم ..
والقدس تحتضن الجنوب .. مع الشمال .. ،
تشد أزر المنتقم ..
في كل شبر من بلادي .. ثورة ..
في وجه جلاد السلام ..
في كل جزء من فؤادي ..
صرخةٌ .. رغم الحِمام ..
في كل جرح من جراحي ...
وردة الزيتون تنمو .. !
رغم آلات الدمار ..
مع كل فجر باسم ..
تمحى دياجير الظلام ..
مع كل أطفال الحجارة ...
نهدي للدنيا السلام .
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> شبل الأبطال
شبل الأبطال
رقم القصيدة : 69143
-----------------------------------
قسما ..
يا بطلا يرفع رايات الثورهْ .. ،
قسما ..
يا طفلا يصنع بالحجر السجيلِ .. ،
نضالا في وجه القسوهْ ..
ينسج من غصن الزيتون المجتد من الأعماقْ .. ،
ينسج خيمه ..
يرسم معجزة الحاضرِ .. في زمن الجلادين . . . ،
ينقش في الصخر المتجلد أغنية النصرهْ ..
يصدع بالحجر المصقول ...
دروع القتلهْ ..
قسما ..(53/63)
يا شبلا يهب القدس .. ،
براءة نخوهْ .. !
يمنح كل شباب العالم .. ،
أسمى شارات الصحوهْ ..
يروي كل غصون الزيتون
المتجذر في عمق كياني ..
يرفع رايات بلادي .. ،
فوق قباب الأقصى .. ،
يحضن أشلاء الأقصى .. ،
في ليلة عرسْ ..
قسما ..
يا شبلا كان العقدَ .. ،
وكان الدرهْ ..
كان الوهج الساطعَ .. ،
في درب العودهْ .
قسما ..
يا درة أطفال العالم .. ،
في يوم النفرهْ ..
قسما .. قسما ..
رددها شعب الغضب الثائرِ .. ،
في وجه الكفرهْ ..!
قسما .. قسما ..
نقش الأطفال دماءك .. ،
في جوف الصخره ْ ..
يا بطلا يصرخ منتشيا .. ،
في حمأة قسوهْ ..
يا غصن الزيتون الأخضر .. ،
يقصف في وهج الذروهْ ..
أقسم ..
لن ننسى يوم رحيلك .. ،
عن أرض الثورهْ ..
أقسم .. لن نرثيك .. ،
لأنك فوق الشعر .. ،
وفوق جبين الشمس المستعرهْ ..
أقسم ..
لن نقبل غير الثأرِِ ..،
فكل شباب الأرض فداءٌ .. ،
للنجم الدرهْ ..
فلتهنأ . .
يا شبل الأبطال .. بروض الجنه ..
وليهنأ . .
كل رفاق الثورهْ .
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> لحظة الوداع
لحظة الوداع
رقم القصيدة : 69144
-----------------------------------
أحقا رحلت ولمَّا تقولي ..؟
وما كنت أرضى . . . بخل سواكِ
أحقا . . . أحقا تركت الحياة . . ؟
ولم تبلغي من سنيك . . . عُلاك
رحلتِ ولمَّا تقولي وداعا . . !
فأغدو البديل . . . وأمسي فداك . .
رحلت . . ولست أشك بأنّك ِ.. ،
في القلب نور . . . يشع سناك . . . !
متى تلتقيني . . ؟ فإنّي مَشُوق
إلى اللحد يوما . . . لعلّي . . . أراك
* * *
فلست أصدق منك الرحيل . . . !
وأن وجودك . . . ما يستطاع . . !
ولست أصدق ما يزعمون . . .
بأنّ التواصل . . . بات انقطاع . . !
ولست أصدق .. تلك الوساوس
تأكل روحي . . . وطلّ الضياع . . !
وإنّ المنية . . . تسلب خلّي . . .!
فبتُّ وحيدا . . . كسقط المتاع ..
وما للقلوب . . . التي تعشقيها
سوى الذكريات . . فكان الوداع(53/64)
* * *
فأقسم . . . أنّك أنتِ الحياة . . .
وأنّكِ موتي . . . ورمز الوجود
وأنّك في العين . . روض نضير .. !
وأنّك في القلب . . وحي الخلود
وأ نّك روحي . . . وبلسم جرحي ..
وأنّك إنْ شئت . . . فوق الحدود . وانّك يا من . . . عشقتكِ دهرا
وتترك نفسيَ . . نهبا لنفسي .. !
وتترك عيني . . . لنزف الصديد
* * *
وأقسم . . أنّكِ صومي . . يقينا
وأنّكِ دوما . . . صلاتي وطهري
واقسم أنّكِ حبّّي . . وكرهي
واقسم أنّك ِ قولي . . وجهري
وأقسم أنّكِ . . لن تخذليني . . !
وأنَّكِ عندي . . . ملاذي ونصري
وأنَّك روحي . . . حياة وموتا . . !
وأنَّكِ للقلب . . . خصبي ونهري
وأنّك فيض اليقين . . . ونور . . . ،
ألوذ إليه . . فيشرح صدري . . !
* * *
وأقسم أنَّكِ مائي . . . وزادي
وأقسم أنَّكِ . . . أنتِ الرجاءْ
وأقسم أنَّكِ . . شمسي وبدري
وأقسم أنَّكِ . . . شمس السماء
وأقسم أنَّكِ . . . صبحي وليلي
وأقسم أنَّكِ . . . نور الضياء
وأقسم أنَّكِ . . . في القلب نبض
ووحي لشعري . . . ورمز الوفاء
سأنذر نفسي . . . وفاءً لودّك . . !
مادمت حيَّا . . . وحسبي الدعاءْ
* * *
شعراء العراق والشام >> مسعد محمد زياد >> ملحمة الشهيد
ملحمة الشهيد
رقم القصيدة : 69145
-----------------------------------
على كفيَّ نقشتك رمزيَ الأبديَّ ...،
تسكن في حنايانا ..،
على كفي رسمتك يا أبا عمار ..،
إكليلاً من الوردِ ..،
من المجد ..،
من العز ..،
لتبقى في ثنايانا ..،
شعاعاً بدد الظلمات ..،
في أعماقنا العطشى إلى نور السنا
العلوي في أرض القداسات ..،
التي كانت ولا زالت تعشش
في خبايانا ..،
وأنت الرمز والأمل ..،
وأنت القلب والوطن ..،
وأنت الراية الخضراء تسمو
في معاليها ..،
تداعب نسمة الأيام في ذكرى ..،
رحيل المارد المخبوء في أعماق دنيانا .
* * *
على كفي نقشتك يا أبا عمار
طيفاً صادق الوعد ..،
وبين ضلوعي اللاتي تمزقها جراحاتي ..،
حفرت العهد والميثاق أغنية ..،(53/65)
هزيجاً من شذا السمار والركبان
تحدوها نجوم الليل للأشجار وارفة ً
لتسكن في حشاشاتي ..,
وفي عين الزمان تحطُ ركابكَ المجدولَ
من رمشي ..,
ومن شريان أبنائي وأحفادي . . حفيداتي ..,
وكلِّ الصامدين هناك ..,
فوق الأرض .. فوق القدس ..,
فوق ربوعنا اللاتي ..،
سباها الغاصب المحتل يمعن في عداواتي ..,
* * *
أيا زمني ..,
أيا وطني ..,
أيا أبناء هذا الرمزِ ..,
يا أحفاد هذا المجدْ ..,
سيبقى الغصن مخضراً ..,
ويورق مع سنين العمر ملحمة ..,
بناها المارد الجبار في أعماقنا العطشى ..,
سلاماً وانتصارات .
سيبقى في زمان الصمت ألحاناً ..,
ترددها شفاه الثكل والجرحى ..,
ومن ماتوا ..,
ومن سحلوا ..,
وأطفالُ الحجاراتِ ..,
* * *
هنا ... نحن أبا عمارِ ..,
نبني الصرح مزهواً بذكرى سنينك
الحبلى بمجد ما نسيناه .,
هنا في عمق شرياني ..,
وفي صفحات تاريخي ..,
خططُ حروفك العطرهْ ...,
وسجَّلَ فجرك النشوان في خلجات
أنفسنا كفاحاً قد عشقناهُ ..,
وبدد ليلنَا المحزونَ صوتُ نشيدك العذريِّ ..,
كي يشدوا بها الركبانْ ..,
وتعزفها أغاريداً مدوية ..,
نساء الحي ، والسمار رجعاً وارف الألحانْ .
* * *
على كفيّ نقشتك يا أبا الأبطال ..,
والشهداء والثوارْ ..,
رسمتك صورة العملاقِ ..,
في وجداني المحروق في نار العذاباتِ ..,
وفوق جبين أيامي ..,
نحت لعرشك الباقي خلوداً ..,
في جبين الشمس والبارود ..,
في أرض القداسات ..,
هنا في أرض أجدادي ..,
هنا في الشام .. في اليمن
هنا في مصر .. في عدن ..,
هنا في القدس في حيفا ..,
وفي عمان ..
هنا في اللد .. في اليرموك .. في الجولانْ ..,
هنا في وجد أطفالي ..,
وعمق نسائي اللاتي لدى القضبانْ ..,
هنا في عين جداتي ..,
وكل جوانح الشرفاء عبر محيط أنّاتي ..,
هناك .. هنا
سنبقى يا عفيف الطبعِ ..,
رغم البؤس والحرمانْ ...
ورغم قساوة السجانْ ..,
سنبقى الصخرة الصوانِ ..,
رمزاً للشهادات .
* * *
أبا عمار ..,(53/66)
أيا مَن عشتَ في دنياك تعشق أرضنا الخضراء ..,
فُتِنتِ بها ..,
وعشت لها ..,
وذقت حلاوة الإيمانْ ..,
وكنت الفارس المغوارَ ..,
تعلو هامة الجوزاءْ ..,
وكنت الصانع الثورات ..,
ما زالت مدويةً ..,
تزمجر في ثنايا الأرضِ ..,
تحملها يد الشرفاءْ ..,
وكنت الوالد الحاني ..,
على الجرحى ..,
ومن نسجت أناملهم .. بنادقهم ..،
رموش عيونهم زمناً ..
شعاع النصر ملحمةً ..,
وكنت الرمز للشهداءْ ..
* * *
أبا عمار ..!!
على كفيّ .. وفوق جبين أمتنا
سنحفر عهدنا الباقي .. مدى الأزمانْ ..،
على شجر من الزيتون والأعنابِ ..,
في كرمي .. على جذع من الرمانْ .,
على نخلات أجدادي ..,
التي بسقت مع الأحزانْ ..,
على شريان أولادي .., وأحفادي ..,
وأطفالي ... يصفّد قيدهم سجانْ ,
على وهج الشموس نقشت أغنيتي ..,
أبا عمار ..,
وفوق جذوع أشجاري ..,
وبعضاً من بقايانا ..,
رسمتك يا أبا الأحزان ..!!
طفلاً يحمل الرشاش عملاقاً ..,
ليُسقى من دموع الوجدِ ..,
مزنا طاهر القطرات فياضاً ... مع الأيام .,
لينمو في ثرى وطني ..,
ويمحو القيد .. ما ناءت به الأبدان ..,
* * *
أبا عمار ..,
إليك نقدم الأبناء ... والأزهارَ ..,
قرباناً من الوجدانْ ..,
وفي عمقي جراحات ..,
تعذبني .., تكبلني .., تحطم صحوة الإنسان ..,
وفي كفيّ بقايا من رصاصات ..,
ستبقى الرمز والعنوان .,
وتبقى الفارس المخبوء في وطني ..,
وفي جفني ..,
وحتى يرحل السجانْ .
* * *
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> الدمُ الأبيضُ
الدمُ الأبيضُ
رقم القصيدة : 69146
-----------------------------------
للمدارات التي لمْ أتلبسْ أنا
رؤياها. وما كنت أنا من جرحِها
السريِّ إلا عتباتٍ. لمْ أتلمسْ
دمَها الأبيضَ يصَّاعد أنهارا وأشجارا
ويصَّاعد شدوا من دخان
منْ ملحها شدو دم أبيض
تزجيه البراري شذراتٍ للذي أنكرُه
من لوحها
لم أمارسْ لعبة الإيهام إما اخترتُ عنوانا(53/67)
أنا كنت بيانا أدركته الدهشة الأولى
فما أعربتُ وما صورتْ
كان الدم ينسابُ افتتانا من ذهولي
ومن الحيرة تنسيني الزمانا
.. كان بي طفلٌ يرش الوهمَ نديانَ
على رمل النبوءاتِ. يبث الغيمَ منْ نجوايَ
قطافا
كان يدنو من كلامي حين أنأى
كان مهوى
والذي أصعده كان اختلافا
مثل عنقودٍ من المعنى، ومثل اللون
كمثرى، ولا لونَ لمعنى
غير ما كان انكشافا.
كان بغفو ليرى ما لا يُرى
حتى إذا خطوُ الكرى
خفَّ إليه، واعتراه ما اعترى
وأنا أنأى عن المعنى وأدنو
صورا
مختبئا في جرحها السريِّ
أو في ملحها الدريِّ
أو في لوحها النهريِّ
عنوانا سرى ..
مختبئا في جرحها السريِّ
أو في ملحها الدريِّ
أو في لوحها النهريِّ
عنوانا سرى ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> اسألوه
اسألوه
رقم القصيدة : 69147
-----------------------------------
اسألوه
إن بدا من خاطر الغيب ولاحْ
وارتمى أغنية
ريانة الإصباح، أو رجعَ نواحْ
ومواعيدُ.
اسألوه
ولمَ الصرخة ندَّتْ ؟ أينا
ولم الهدهد موتورُ الجناحْ ؟
واسألوه
أمنَ الدهشة تنسابُ الأماليد
أملتها أراجيحُ الرياحْ ؟
أم هو الشاعرُ يجتابُ غيابا
مزيجٌ من رواء والتياحْ ؟
اسألوه ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> خذ عيونَ المساء رحيلا
خذ عيونَ المساء رحيلا
رقم القصيدة : 69148
-----------------------------------
قالَ لي صاحبي :
تنحَّ قليلا
ليمرَّ الهزيمُ منك رحيلا
نابغيّ الحوك يمتد أنجما
وصهيلا
موكبٌ من لغو الحصى
والحكايا
رملُ سرٍّ، وما اشرأبَّ نخيلا
نجمة
شمعة
وليلا قصيا
روعة
تسكنُ الصدى إكليلا
هيَ منك التماعة
سبيلا
أم سوارُ الحرفِ الذي
كان بسطا
قد غدا موقفا وصار دليلا ؟
قلتُ : الخيولُ مراوحٌ
والنقعُ مثلومُ المهبِّ، وفارسٌ
ينسلّ من جرح المدارْ
ومنْ ذماء الدكر في ندُب الديارْ
جهامة
وحمامة
فإدا الحصارُ يزمُّ ماء الجانحين
ولا حصارْ
رحلَ النهارُ عن النهارْ(53/68)
مسافة الأمواه ظمأى، والأوارْ
تبعثران حقيبة الأنهارْ
مثلَ عباءةٍ عرَبيةٍ فلقتْ ضفافْ
وتوسدتْ
منْ خاطر الكلماتِ
أرصفة الهتافْ
على حدود الماء والنارْ
اختلجنا
كم مخاطبة محتها حبسةُ الأوتارْ
كمْ ترنحَ هدهد الإبحارْ ؟
ثرثرة الحروفِ أنا
هنا
هذاءُ الأفق
ينقضُّ انخطافا
من البحر الذي ..
عبَّ الزمانَ وما انتهى دمنا ..
وقلتُ : نداوة الأشياءْ
أملودُ اختياري
معطفُ الذكرة مغارة متهمٍ
أو منحنى نبإ
وبلقيسُ الكلام صُبابة
من مبهمٍ
قدمان
تستبقان
محوَ الذاكره
ألهوبُ صحو يلهبُ الطللُ
المعممَ بالخفاءْ
بداوة الأشياءْ
عنقودَ الطفولةِ في دوالي الكاس
أو حببَ النداءْ
يدا يمد البحرُ للبحر الذي
والأمسُ أمسْ
للنجم يغزلُ من شعري
بوارقه
والليلُ حرفٌ
وكلّ الصوتِ بيداءُ
يطوي بمنحلِّ عقد مما أشدُّ به
رواحله خيط وأصداءُ
وقد يوزِّعُ مني
أو يجمِّعُ
ما لا أذكرُ الآنَ فالأوتاد
رجفاءُ
ما خيمة واختلالُ الوقتِ أعمدة
وما اختزالُ حديثٍ وهْوَ إعياءُ ؟
لم يقلْ صاحبي :
خذ عيونَ المساء رحيلا
تململَ منه الكلامُ
ولا مهدَ أو لثغة اساقطتْ
موقفا أو بديلا
أجهشَ القولُ وارتبكا
كانتْ له شركا
وسما صاحبي إذ سما ملكا
لم يقلْ صاحبي :
خذ عيونَ المساء رحيلا
تململَ منه الكلامُ
ولا مهدَ أو لثغة اساقطتْ
موقفا أو بديلا
أجهشَ القولُ وارتبكا
والحتوى ما احتوى من فواصلَ
كانتْ له شركا
وسما صاحبي إذ سما ملكا
وبكى ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> حُلمٌ مائيّ
حُلمٌ مائيّ
رقم القصيدة : 69149
-----------------------------------
النبوءاتُ حمامٌ
لاندلاق الأمر منْ إبريق النبأ
والمداراتُ مناديلُ
الفضاءِ الهامس النبر. ألا حدّ
لسجع المبتدأ ؟
تضمُّ الأحرفَ الأولى لدوح
ثمّ تدعو حصوة الأشواق للجرح
الذي باحَ له الرملُ
بما غمغمَ نخلٌ صاعدٌ من حلمه
المائيِّ
ما آمن بالنجوى وما عنها
صبأ
أحقيقٌ
وإذا كانَ
ألا يختصرُ الأزرقُ إبريقَ
النبأ(53/69)
ألا يختصرُ الأزرقُ إبريقَ
النبأ
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> ممراتٌ
ممراتٌ
رقم القصيدة : 69150
-----------------------------------
أتراه عوسجًا أم وشمَ نعل
تاه عن دنياه
واحتدَّ عيونًا من قتادْ
فأرخى ستره للجذوة الرعناء
تلهو
بالذي كان اتقادْ
أم جبلا
غبَّ اتحادْ
أم هو العاري
ولا كاسيَه إلا ممراتٌ
الرمادْ ؟
ولا كاسيَه إلا ممراتٌ
لعنقاء
الرمادْ ؟
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> خذ منْ صَوتكَ رملا..خذ لغة الشمس
خذ منْ صَوتكَ رملا..خذ لغة الشمس
رقم القصيدة : 69151
-----------------------------------
هكذا
تغفو التجاعيدُ
التي في خيمةِ الحدسْ
ينبني منْ نبضاتِ الطرفْ
مداراتٌ
يرفُّ العمرُ فيها
شذراتٌ
ترتوي منْ صمتها
نبراتٌ
تنزوي يسكنها الجرسْ
وليلٌ
نابغيّ سربلَ اللحظة :
بالنجم إذا باحَ
وجرح القوس
إما ناحَ، وارتاحَ
على نافذة الشمسْ
عيونٌ
سافرتْ كلُّ الغواياتِ
وانتهت كلُّ المسافاتِ
إليها
ما طواها خبرٌ
ما بعثرتها ذكرٌ حين احتواها
شاحب الورسْ
مزقٌ في مزق ٍ
كلّ الورقْ
وبياضُ الدهشىِ الأولى
من قالَ إنَّ اللونَ سرٌّ قد خفقْ ؟
منْ قال إنَّ اللوجة الأولى
ارتجافاتُ الشفقْ ؟
منْ
ومنْ ماتَ شهيدًا في عيون
منْ أرقْ
هكذا
تمطتْ بالتجاعيد التواءاتُ الصُّوى
خاطتْ عباءاتٍ
لدربٍ أفعوانيٍّ يميد، ولشيءٍ
لا يُرى منْ نعله
ورفيفٍ
ومعاميدْ
هوَ الخطوُ مغاراتٌ
لِما أقبلَ منْ قول على قوله
ادخلها ترَ الأفقَ فراشًا
حوله النورُ يطوفْ
واخلع
النعلين
تعانقك مغراتُ الشفوفْ
كانَ عمودًا
لرؤى الموقفِ ذاكَ الوتدُ
والنجمة العذراءُ
ترفو زبدًا
حينَ تلاشٍ ليفرَّ الزبدُ
صوتُ التماهي مددٌ
والرجعُ منْ عليائه سهوَ الندى
كم تدلى الخيط
وانسابَ فتونًا في عيون الرملْ
ذارَ الخط
خذروفٌ هو الخط
إذا دارَ حواليه انبساط الغيم
خذروفٌ
ما قد يكتبُ الشاعرُ أو يمحو
دواة الرمل نثرٌ(53/70)
واطراحُ النعل منْ قافية المنظومْ
سفارُ الختم في المختومْ
ذيَّاك الصدى حائمة حالمة
مفرغه
أبعادها منْ ذبذباتِ
الرعشة العليا
ومنْ زهو الأراجيح التي ..
ضاءَ بها المعتادْ
واحتدَّ الحصى فيها كطفلٍ
ويعلي شمع ميلادٍ ويضحكْ
وإذا البحرُ أزاحَ السترَ وانزاحْ
وصار الطفلُ سترًا ليسَ يدركْ
هكذا
بلوحٍ
دهدهَ الغربة من أبراجِها
أجراسُها خرسٌ، وفي أحراجها
قامتْ لغاتُ العشبِ
تلغي صخبَ النبوةِ منْ أدراجها
عاجَ سميُّ النبرةِ الأولى
على المعتادْ
أرسى العريَ بميناءٍ، ولا بحرَ
ولا رحبَ عباره
ساختِ الأمداء
شاختْ في ثناياها الإشاره
هكذا
منْ هنا أو منْ هناكْ
ارتادَ بي العمرُ تجاعيدَ النداءْ
أدخلُ الآنَ بهاءَ العمرْ
وهو العابرُ العمرْ
أخدشُ المرآة
أجلو صدأ النهرْ
أقد الحلمَ منْ موجٍ تكسرْ
ها دمي أسطورة
يرتدّ إليَّ الموجُ. يمتدُّ
صهيلُ البحرْ
لبلابٌ هيَ الأسطورة البيضاءْ
إذ تسخرْ
منْ صوت الحكايا
ومن السامر في قبو المرايا
لأرى ذاكرة العطرْ
أضاميمَ
منَ الشعرْ
وأرى
انبعاثًا منْ رماد العمرْ
من هناكَ الآن
يثغو الضوءُ. تنهارُ حدودُ الجسرْ
فطعانُ الأناشيد تهادى
في الأماليد اتئادا وابترادا
إذا ما تنطوي بحة ناي
وإذا شاء الهوى
هودجُها
منْ خدر يطوي سوادا
صعدة الطفل بموال خرافيٍّ
حديثٌ لا يقالُ
والحكاية جدة أوهنها الحبّ
وأضنتها الأساطيرُ
وأما عنْ حكاياتِ الظهيره
فانصرافٌ عنْ ثغاءٍ نامَ في حضن جزيره
وحمامٌ طارَ إذ حط
وما أفشى سريره
أنا أطللتُ على البحر
وما أطللتْ
نجمٌ صوَّرَ البحرَ قصيدًا لي
أشكلتُ وأجملتُ وأولتْ
بأيٍّ منْ لغاتِ الماء
أرفو الماءَ والخرقُ نزيلٌ ؟
ولمنْ ألقي بما في الأضلع والجبة
جدباءْ ؟
أمن مطلعها
أنسجُ ثوبًا للعراءْ
أم منَ المقطع
تنحلّ المرايا
يا سؤالَ الضوء
منذ السفر الأول حتة آخر الأشياءْ
والأشياءُ أسماءْ
لك الغامضُ الأبيضُ في زرقةِ ماءْ
خذ لغة الشمس
واحات نداءْ(53/71)
فانصرافٌ عنْ ثغاءٍ نامَ في حضن جزيره
وحمامٌ طارَ إذ حط
وما أفشى سريره
أنا أطللتُ على البحر
وما أطللتْ
نجمٌ صوَّرَ البحرَ قصيدًا لي
فشكلتُ الذي شكلتْ
أشكلتُ وأجملتُ وأولتْ
بأيٍّ منْ لغاتِ الماء
أرفو الماءَ والخرقُ نزيلٌ ؟
ولمنْ ألقي بما في الأضلع والجبة
جدباءْ ؟
أمن مطلعها
أنسجُ ثوبًا للعراءْ
أم منَ المقطع
تنحلّ المرايا
قامة منْ كبرياءْ ؟
يا سؤالَ الضوء
منذ السفر الأول حتة آخر الأشياءْ
والأشياءُ أسماءْ
لك الغامضُ الأبيضُ في زرقةِ ماءْ
خذ لغة الشمس
خذ صوتك رملا. خذكَ
واحات نداءْ
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> معْنى الفراغ
معْنى الفراغ
رقم القصيدة : 69152
-----------------------------------
أوقفَ البحرَ على باب الفراغْ
وحّد الأشكالَ
ما طالَ
وما حالَ
وما أضحى عبثْ
وسماه شموعا
حينَ أرسى حِمله في لغة الماءْ
عناوينَ حدثْ
واستفسرَ العيْنَ عن الطفل
والذي ظلَّ هنا
وعن المعنى وقد ألبسه
البحرُ
عناوينَ فراغْ
البحرُ
عناوينَ فراغْ
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> فراغُ المعنى
فراغُ المعنى
رقم القصيدة : 69153
-----------------------------------
أذاكرٌ أنتَ
ما اهتاجتْ به دمنُ الأشياءْ
منْ خيمةٍ
أوتادها مِزعُ ؟
يسحبُه للانهائيِّ هزيمٌ
ليسَ يرتدعُ
إذا تراءى صوىً والدربُ
ممتقعٌ نأتْ به
سَورة تدنو وتمتنعُ
وإنْ توارى عن الأسماع
هادرُه، وبعضٌ ما يختفي من بعضِ
ما يدعُ .. خفتْ إليكَ
خطى الأشياء ضاحيةً أبرادها
ومجالُ الخطو يتسعُ ؟
أذاكرٌ أنتَ أم ناس وقد نزعتْ بك ادكاراتُ
مبهورةٍ نفسًا، وحرّ أوتادِها بالروح يجتمعُ
أم احتوتكَ تجاعيدُ الرؤى دمنًا
أشياؤها نجعٌ تمضي بها نجعُ ؟
هذه الرؤيا ..
أشياؤها نجعٌ تمضي بها نجعُ ؟
هذه الرؤيا ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> فأينً مجالك الوهميّ
فأينً مجالك الوهميّ
رقم القصيدة : 69154(53/72)
-----------------------------------
ظلّ عتيق الرجع
يسكبُ لحظة الإشراق
على رمل ادكارات المساءْ
على حدود النجم عند تمازج الأبعاد
بين مسافةِ الإنشاد
والبوج الذي يستافُ نور الذاتْ
منْ عربات لوح ساهم
ويحرك الأسماءْ
وكان الوقتُ
مرمدة، ومحرابا، ودمعا
والفصولُ مراوحًا
تنزاحُ، طورًا، جبة بالفيض
جذلى
ثم ينحازُ الغبارُ إلى
يديها
شبه قبعةٍ
يهفهفها شفيفُ الجرس
روعا
والوقتُ في المشتى مغارة شاعر
نسيَ السويعاتِ
والدقائقَ التي انفغمتْ عبيرًا
قربَ نافذةٍ هناك
على ذراع البحرْ
واختارَ
امتلاكَ الخيط بالفوضى
بقبعةٍ
على هام الرياح عنيدةٍ
بلوامع الأشياءْ
قالتْ نجعة لفراشةٍ حيرى
لفحٌ، فالخيامُ أوابدٌ
ماردها طنبٌ عن اللأواءْ
إلا وارتخى طنبُ
وما انطمستْ أثافٍ
وانتهى منها الحديثُ عن الغضى
إلا احتمى جمرٌ
بسيف النار ولولةً وحوَّمَ حوله العجبُ
فمنْ أين الغواية
تنجلي حببًا ؟ وكيف الشربُ ؟
كأسُ السِّرِّ
مجهدة الملامح عنْ لوامحها
لا كأسٌ ولا حببُ
ولا الأجيادُ جامحةٌ محمحمة
بأدهمَ
لو درى ما الكأسُ
لانكسرتْ دنانٌ، وارتوتْ منْ شمسها
الحجبُ
وألوتْ بالمعاقد سكرةُ الأشياءْ
قالتْ نجعةٌ
والرملُ يغزلُ فولها بالماءْ
أأنتِ جليدُ نار أم مهادُ الشوق
ومنكِ يندلقُ الرحيقْ
مسلسل الدفق ؟
اندلاقكِ ما تأودَ بالعبيقْ
وتاه في أرج أنيقْ
قالَ بعض الرمل :
إنَّ الأفقَ محتقنُ العيونْ
فالشفاه مراكبُ الثبج الغريقْ
كأنه الحرفُ الذي ..
والدنيا شؤونْ
هذه الرؤيا ..
فأينَ مجالكَ الوهميّ
خذكَ ذؤابة السقيا
وإلا خذك إسآدَ الغرابة أو رحيلا
في الغيابْ
خذني اختزالَ الوقت
وخذني في انكساراتِ الخطابْ
خذ نبرة السطر الأخيرْ
وفي تهدجه الأخيرْ
يراودُ الفوضى كما امرأة تراودُ صوتها
الغجريَّ في مرآةِ فوضاها
وفي الخبر الأخيرْ
وحينَ تكسرُها حذارَ عبارةٍ غيرى
تلملمُ دمعَها ومضًا من الحرفِ الأخيرْ
ترتبُ الفوضى على شفة الغمامْ
وتراودُ الحرفَ الأخيرْ(53/73)
هناك في مرآةِ فوضاها بصوتٍ منْ عبيرْ
منْ قالَ : يا امرأةً
ولمْ ينبسْ، ولمْ يحدسْ إلى أينَ المسيرْ ؟
منْ ضمَّ مرآة
وكانَ بداية السطر الأخيرْ ؟
تلملمُ دمعَها ومضًا من الحرفِ الأخيرْ
تعيدُ تشكيلَ الكلام
ترتبُ الفوضى على شفة الغمامْ
وتراودُ الحرفَ الأخيرْ
هناك في مرآةِ فوضاها بصوتٍ منْ عبيرْ
منْ قالَ : يا امرأةً
ولمْ ينبسْ، ولمْ يحدسْ إلى أينَ المسيرْ ؟
منْ ضمَّ مرآة
وكانَ بداية السطر الأخيرْ ؟
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> سديمُ العراء
سديمُ العراء
رقم القصيدة : 69155
-----------------------------------
1
خلِّ صوتكَ
يندفُ من عرباتِ المساءْ
مشاتل للعابرينْ
وما عبروا
إلى البرق
ينسجُ معطفه الخزفيَّ
مغارة غوثٍ
لمن عثروا
خلِّ أرجوحة الدفق
للراقصينْ
على شفةِ الهمز مثل الهباءْ
منافذَ
للسافرين عن البهلوان
مُحيا .. ولا أثرُ
ثمَّ كأسٌ وأنخابُ عري
مباذلُ من خدر
في مرايا الدعيِّ
يصطفقْ
خلِّ خيلك
دافقة الانطلاق إلى مأملٍ
قالَ شيخي
ونا عبروا
2
قرأتَ امتزاجًا همى
كاختلاج التوتر في مهمه الفقر
منْ كتاب المعاني
ما قرأت التواترَ
مرتديًا سحنة الديدبانْ
ومنتعلا
نزوة الغجر
كلما همَّ بالاجتياز براقٌ
سما وتخطى
مجاهلَ صعلكةٍ واستراحَ
إلى دوحةِ البسمله
سحبَ الهندواني شخوصًا
غلَّق البابَ
سبعا
فقدَّ بيانه منْ قُبلٍ
ثمَّ صارَ
نادرة المهرجانْ
وأمثولة للتجاعيد في وهج
المرحله
3
للخريفِ
لأشلاء مَجمعه
للخطاطيف تأتيك منْ
دونما موعد
لشخوصٍ
وترتادُ بالمنجنيق مجازا
وخرقَ استعاره
ستائرَ مسلوبة الامتداد
إلى بينٍ منْ
عباره
ومرتقب المقصد مسأله
أيخطرُ كالآخرين
كسيحُ انزياح تمردَ حتى
تفردَ باللغو
منتبذا صهواتِ الجماحْ
وما رفَّ عنده
قصدَ اتساق الكلام
بديلَ جناحْ
أو عبرتْ
للتوازن بوصلة لاختبار الرياحْ
وطيِّ المسافة
بين الرماح
وخيل الوضاءة
منْ لغةٍ شابها زبدٌ منْ كساحْ
4
.. وما عبروا(53/74)
تراخى الحبلُ. رابعة استباحتْ
بسطة الرمل
ورسمٍ دارس الخبر
تكسرتْ الدلاءُ
هناكَ أعمدة يعمدها
فراغ الظلِّ
في عبث البناءْ
ومنحنى المهوى فتنهار
الصويراتُ التي
نفشتْ ريشها ألوان طاووسْ
وتندثرُ
بما نشجوا
وشاهنْ عقدة الختلِ
فما عبروا
5
أجوسُ ديار رابعةٍ
ولا خيمه
أنقبُ عن كواكبها
وعن نجمه
أجيلُ الطرفَ في مدنٍ
يجللها اتساعُ الخرق. لا رقعٌ
ولا غيمه
كأنَّ بها من العتماتِ عُجمه
وأبتدرُ
أجتلي
نبأ " الفصوص "
وقد طواها الماءُ فانقدحتْ فصوصْ
منْ حديث الجمر
تعبرُ نهرَ أوهام ولا جسرَ
ليجرفَ التاريخُ منْ عثروا
وما عبروا
ولا غيمه
كأنَّ بها من العتماتِ عُجمه
وأبتدرُ
أفكُّ اللغزَ، أختصرُ البداهه
أجتلي
نبأ " الفصوص "
وقد طواها الماءُ فانقدحتْ فصوصْ
منْ حديث الجمر
تعبرُ نهرَ أوهام ولا جسرَ
ليجرفَ التاريخُ منْ عثروا
وما عبروا
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> معطفٌ من كلماتٍ
معطفٌ من كلماتٍ
رقم القصيدة : 69156
-----------------------------------
للمغاراتِ التي أرسلها الأبيضُ
أخدودَ فراغ
معطفٌ
منْ
كلماتْ
شذراتُ البحر معناه
بما فاضَ
وما آضَ إلى الأزرقْ
بلْ ما ارفضَّ
موجًا مولويَّ الشذراتْ
في عيون الكلماتْ
قيلَ إنَّ الفتكة البكرَ ستأتي
منْ عيون الكلماتْ
ومنَ الإسداءِ في شهقةِ فجرٍ
وخيولَ الناي
أمواه البراري، والفراشاتْ
محارٌ جنحته
الكلماتْ
فإذا الريحُ بساط
وإذا الأفقُ وشاحٌ
وإذا
جيدُ المعاني متلع ٌ للنبراتْ
وإذا غنجٌ هنا
يلهثُ حسنا، وهناكْ
ما هنا
منْ فتكة بكرٍ
وما في الطرفِ خيالاتْ
ولكنْ
هيَ أطرافُ المسافاتْ
برودًا
طرزتها بالتواشيح
خيوطُ الذاتْ
لي معنى الإشاراتْ
ولي مسكنُها في ألق الذاتْ
ولي
ما لي منَ الذراتْ
العالمُ حولي
سابخٌ فيها، وكلٌّ نافرُ الخطوةِ
للآتي
ولي كلُّ الذي قد كان لي
منْ وشوشاتِ الجدول
منْ عبثِ النهر
يخصلاتٍ، وسكناه بطرفٍ أكحل
لي ومضُ عمري
وانكتابي
وشمة أو نغمة(53/75)
في نبضاتِ الكلماتْ
الإشاراتُ إلى السكر رمالٌ
والتآويلُ اختلاسٌ
أيهذا السكرُ فيم الشمسُ
أسرتْ وأسَرّتْ بحديثٍ لا يقالُ ؟
ما الذي دحرجه الأخدودُ
منْ أمرٍ، ومنه همهماتٌ وسؤالُ
أيهذا الصمتُ
لمْ أصبحتَ عنقودًا، وقدْ ضاق المجالُ
في دوالي الكلماتْ ؟
لحظة أخرى
منَ الإغرابِ في الوقتِ، ومنْ
إغرابِه فينا
هنا أقنعةٌ تنحتها منْ دمعِنا الحرِّ
حدودُ الصخرِ
حتى لا تضيع الكلماتْ
ومنَ الجمرِ هنا أقنعةٌ قدْ ترتدينا
كلما همَّ بنا
صوتُ خطانا في الممرَّاتْ
وهْوَ قيدٌ في المرايا
وعلى أنخابِه
يصحو دمٌ عند الزوايا
كانَ نسيًا
أبيضًا، شدوَ دخانٍ، وبقايا
خطوُنا بين الممرَّاتْ
وفي أبوابِه
شيخٌ، وقنديلٌ، ومنديلُ حكايا
ثمَّ إزميلٌ يدقُّ
ينحتُ العمرَ عبورًا حيثما الرجعُ يرقُّ
والهديلُ المسترَقُّ
كانتِ الأبوابُ سبعا
ما درى منْ أيما يأخذُه الشوقُ
وفي أيتها
يرسو الوجدْ
حتى يكتبَ الألواحَ
مَنْ غابَ عن الدنيا، وما غابَ
عن الرؤيا
وما ضاءتْ سوى في مقلتيه
جذبةُ الوردْ
كانتِ الأبوابُ سبعًا
ودرى
رغم عباءاتٍ منَ الدربِ
وزنارٍ برى
منْ سفارٍ ما برى
أن امحاءً بالغٌ أمرًا، ومنْ أعتابها
ما حلَّ في أعتابِه
أنَّ الإزارَ انحلَّ بالأسرار
عنْ أكوابِه
هوَ شيخٌ والتآويلُ عصاه
ولقدْ حوّله الإشراقُ
منْ لغةٍ تسعى إلى ماءٍ
تراءى في الكؤوسْ
بين رقراقٍ من الحلم ورقراقْ
يدٌ بيضاءُ
أمْ تلك عصاه في الأساطير
تجوس
ببراقٍ واختراقْ
لمْ يكن شيخًا
وما كانتْ عصاه خيزرانًا
منْ وجوسْ
كانَ ما كانَ
أبيضًا، شدوَ دخانٍ، ومرايا
خطوُنا
بينَ الممرَّاتْ
هنا أرصفة
منعقدٌ منْ صوبها عارضُها الهامي
منَ الخطو إلى الخطو
محطاتٌ .. محطاتْ
عرباتٌ .. عرباتْ
عاريةٌ منْ حدوس الكلماتْ
أينا لم تنتهبْه شرفةٌ منْ عرباتْ ؟
عرباتٌ منْ كلامْ
وكلامٌ بصهيل الريح يزجي عرباتْ
وسؤالٌ عنْ تخوم الذِّكرْ
حوذيٌّ هوَ البعدُ
إذا خفَّ امرؤ القيس
وألهوبٌ
ولكنْ
هدهدٌ هذي المسافاتُ(53/76)
وتلك العرباتْ
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأدرك ما قدْ كانَ حينَ تدبَّرا
فقلتُ له: لا تبكِ عينُكَ إنما
هو الهدهدُ الرائي ودربه ما ترى
عرباتٌ أمْ عرباتْ ؟
أمْ كوىً منْ شرفةِ تختزلُ العالمَ
لوحًا ودواة ؟
لمغاراتٍ
هنا ما عبرتها عرباتْ
بعضُ لغوٍ
منْ حديثٍ وشتاتْ
وانكتابٌ
في
المرايا
معطفًا
منْ كلماتْ
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> ثغاءُ الماء
ثغاءُ الماء
رقم القصيدة : 69157
-----------------------------------
عاريًا
إلا منَ القاطفِ جمرًا
منْ رياض الأبدِ الملفوفِ
في بُرد العماءْ
إلا منَ البسملة الفواحةِ النهر
وأشجار انتماءِ
الولد الأملِ للمطلقْ
أتى مثل انتباه الماءْ
إذ يسري على الماءْ
ولا يشرقْ
أتى
عندَ امتداد الحبل
ما بينَ الحميا والنداءْ
والأنا
يشربُها
نايُ
الأقاصي
خيطَ دورقْ
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> ملامح
ملامح
رقم القصيدة : 69158
-----------------------------------
وردة ترتوي
منْ كؤوس ملاحتِها
تنسجُ العطرَ شالَ حريرٍ
تلفّ ملاحتها
بأريج صباحتِها، ثم تغفو
على صدر شاعرها ليسَ تسأله
عنْ ملامحِها
ومدائنُها في ملامحِه نائمه
ليسَ تسأله
عنْ مراوحِها واشتعالُ البراري
مهبٌّ لمهرتِها الهائمه
فمراوحُه
همسةٌ ناعمه
وإذا ما سهتْ عنْ جدائلِها
وهْيَ فوضى
على وجهِه يستحمُّ بغنج سنابلِها
أوَّدتها انعطافتها، واستردَّتْ جدائلَها
ثمَّ ألقتْ بها موجة ساهمه
وتثنتْ
وأغرقتِ البحرَ في جدولٍ
ضحكةٌ
منْ ترقرقها
شرفةٌ عائمه
وإذا ما رنتْ
خبأ العطرُ أغنية
وارتوى
منْ كؤوس ملاحتِها
واستباحَ
ملامحَ شاعرها
بملامحِها الحالمه
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> وأصعدُ فاتحةً لطفل الورد
وأصعدُ فاتحةً لطفل الورد
رقم القصيدة : 69159
-----------------------------------
1
وأصعدُ .. أصعدُ منْ سروات الدخانْ
ومنْ عبثِ الأمكنه
تنحني غيمةٌ. يكبرُ الأفقُ(53/77)
تشنقُ أجراسُ
أمس نسائمَ بوح الهديلْ
وسجع انتماءِ القصيدةِ للمهرجانْ
أمرُّ
إلى نبضاتِ القصيدةِ
في أغنيه
هيَ فوضايَ، وهْيَ انتظامُ الفواصل
في داليه
شجرٌ جامحُ الظلِّ
ي
ن
ه
ا
رُ
ختمُ التحول مملكةٌ لاختياري
نهارٌ
تجلى لرفض الصهيل
عيون انسحاب التداخل بيني
ولون التهدج
والهودج الكاتم دمعه في الرحيلْ
كمروحةِ المستحيل
هي اللغة / البدءُ
صهدُ اختراق التهجي
ونخلُ التكامل في هدأةٍ ممكنه
لولبيٌّ هو الماءُ
حين يسافرُ عنْ مائه
حينَ يختارُ إسما لمولاه
حين تروح الشموسُ، ويسلوه
مختارُ أسمائه
حين تخذله دهشةٌ فاتنه
عند أعتابِ
إسدائه
ياعيونَ المساءاتِ
هذا التوهجُ لي
ياخيولَ النداوةِ. ها بيرقُ
الضِّحكة المتعبه
قام بالعتية
فأينَ المضيّ إلى حضرةٍ آمنه
2
كانَ ما كانَ
تشكلّ دوّارُ حلمٍ
تسكعَ
في المنحنى نبأ
ثمَّ خاصرَ
مولدَ نجم، وإذ ولولتْ
نأمةٌ
كانَ ما كانَ
نوءًا
وعبءَ دخانْ
3
وأصعدُ
منْ أقاليم الغوايةِ والغرابةِ
والتوزعْ
ردةِ الزمن المشاكس
خشعةِ اليوم المكوَّم في التفاصيل
تشابهِ ساعةٍ
رجعِ التوجعْ، واقع الحال
وأصعدُ .. روحَ فاتحةٍ
لطفل الورد
هدهده السموُّ إلى التمنع
واجتناء الفجر
أمنْ رعبِ المسافةِ
بينَ قلبي وامتداد النبض ما ولدا
أم المابينُ وخاذٌ على حرفٍ
يرجّ النقع ما همدا
أم النورُ المقدسُ
غازلَ العينين إغواءُا وألغى
الغنجَ والزبدا
وأصعدُ .. أصعدُ منْ عبثٍ
في المكانْ
من اللغةِ التي ضاءتْ دخانْ
حينما انقدحَ البيانْ
فيا
نخلة البدءِ سلاما
وصعودًا
في سماء الروح ماءًا
وصعودًا
سلِمَ العمرُ، وها بسمته
تفتحُ بعدًا أخضرَ الصوتِ وريانَ
الصدى .. طارَ حماما
حط إذ حط على الكفين
وانسابَ غماما
والندى كانَ حكايا وكلاما
للذي يهتاجُ بدءًا
لولبيا، صاعدًا مني إليَّ
ومداما
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> حديثُ الهوامش
حديثُ الهوامش
رقم القصيدة : 69160
-----------------------------------(53/78)
هامشٌ يتأوه
في كأس شاعره
يرتدي العريَ
يستلّ سيفا وثرثرة
ليخط على الرمل شيبَ الدوائرْ
فيشربها الماءُ
عند التمدد أو في انسحابِه منْ
ملكوت التوازي
ليدخلَ مرآتها فارسًا
سيدًا
توشحَ بالضوءِ
كيما يؤسس لونَ الخروج
منَ الدائره
ومن السكر في كأس شاعره
شاعرًا كانَ
والفتكة البكرَ كانتْ مراياه
قبلَ ابتداءِ اللغه
قدْ تحللَ منْ رسم صورته
يومَ فكّ الإطارْ
عن اللون، والحرف، والصوتْ
والجمل السائغه
يومَ لفّ حُمياه في خرقةِ الوقتْ
فانتبه الليلُ رملا
تطايرَ مرتجفًا منْ حصاة اللغه
والرؤى الدامغه
وتدثرَ
ثمّ طوى صفحة والغه
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> لكيْ لا أمرّ
لكيْ لا أمرّ
رقم القصيدة : 69161
-----------------------------------
منْ عيونكِ، سيدتي، أغزلُ الضوءَ
أهديه عمْري
أشردُ أسئلة مبهمه
أستعيدُ
تنفسَ صُبح خطرْ
يسحبُ الذيلَ فوقَ ادِّكاري
وفوقَ الأثرْ
والعيونُ سفائنُ
تبحرُ ذراتُها في ادِّكاري
وتحتَ المطرْ
أستعيدُ
صدى لوحةٍ ساهمه
أستعيدُ
سؤالَ البراري
عن المهرةِ الحالمه
عنْ مواويلَ منْ حورٍ
تترقرقُ نايًا على شفة الناي
حين يرفّ الخدرْ
بينَ عمري
وبينَ الأثرْ
أرتدي عريَ رؤيايَ
سيدتي
كيْ أمرّ
لكيْ لا أمرّ
لأنثرَ لغوي، أو أصعدَ البدءَ
عبْر جنوني
مثلَ ماء الصباح
على شفةِ الأقحوانْ
ومثلَ حديثِ التسابيح
عند الصلاه
ومثلَ جناحيْن قد تعبا
في الفلاه
فاستراحا إلى هدأةٍ
هدهدتْ
ما استباحا منَ الأفق
أو نهبا
.. مثلَ عصفورةِ النهر
وهيَ شرودٌ
وأسئلةٌ في فضاء تجنحها
حائمه
أو إذا شئتِ .. أسئلة
مبهمه
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> الشاعرة
الشاعرة
رقم القصيدة : 69162
-----------------------------------
كانتْ ترشُّ على دفاتر حزنها
لونَ اللغه
تتلو مقاطعَ منْ شعرها
وتنامُ طيَّ قصيدةٍ مثلَ القمرْ
وإذا صحتْ
وشمٌ منَ الحناء
أو مطرٌ يبلله مطرْ
تركتْ مقاعدَها بخاصرةِ النهارْ(53/79)
سألتْ حروفَ الشمس
فانتبه النهارْ
قصيدةً بيضاءَ تختصرُ اللغاتْ
بأيِّ تأويلٍ أفكُّ بياضَ
منزلق الرحيل إلى اللغاتْ ؟
وكيفَ أستبقُ النهارْ
حتى إذا انتعلَ المساء قصيدة منْ ماءْ
وضمَّ البحرُ، كامرأةٍ، يديه
منْ ضحك البكاءْ
طلعتْ منَ الأصدافِ شاعرةٌ تضمّ البحرَ
منْ عبث الحروفِ
ومنْ ضحك البكاءْ
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> رسمٌ .. وذاكرة
رسمٌ .. وذاكرة
رقم القصيدة : 69163
-----------------------------------
يمدّ يديه الطريقُ إلى لجةٍ
دائره
عمودُ انحناء التوازي
تنحنحَ
حينَ انزوى عرباتِ سؤالْ
بمنعرج أغبر الذاكره
مئزرُ الريح
قبعةٌ لارتشاء الكلامْ
وللغة النافره
منْ هنا مرَّ لونُ الزمردِ
حرفَ حريقْ
وكانَ الفضا ولدًا غجريّ
التوتر
واليدُ لبلابة منْ بريقْ
وكانَ الطريقْ
وكنتُ أخبُّ المسيرَ .. أخبّ
وكانتْ
قبابُ التدحرج قيدَ خطى
اشتعلَ القوسُ
مثلَ البدايةِ. بحرٌ لمعترك الليل
في زهوه الوثنيِّ
وبحرٌ لشوك المسافةِ
بينَ انتحار التهدج
أو موته في ارتخاء التمبيُن
كالنجمة العاثره
للأماني انسبالُ عيونٍ
وللزمن الساحبِ وقته منْ يدي
لمعةٌ فاتره
عبثٌ أخرس
ما انجلى من السؤال
يعانده البحرُ
حينَ التدفقِ. يرميه
مروحةً
تستبيحُ الخطايا
وتشخصُ
في دمعةٍ عابره
أيُّ درْجٍ يضمّ الخطاباتِ ؟
أيّ زمانٍ
سأصعده منْ زماني ؟
وكيف التحولُ
منْ شاعر يقبضُ الريحَ
والجُبة الشاعره
لاختلاج يصرُّ يديك
ويكبرُ في أسوديك امتداد مكانْ
وحاشية
للمُعادِ منَ النادره
أيُّ درج يضمُّ السفائنَ
منْ أينَ أبحرُ
للانهائيِّ، أزرقَ كالسرِّ، عبْرَ
غوايةِ عينيكْ ؟
هلْ رحلةُ الوردِ
عنْ شفةِ الوردِ أرجوحةٌ
حائره
أمْ مرافئ تنفضُ عبءَ التراوح
بينَ التمددِ والدائره
أمْ صدى طلل طافحِ اللغو
يرسمُ
صحراءَه البكرَ
منْ
عوسج
الذاكره ؟
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> تنهيدةُ النهر
تنهيدةُ النهر
رقم القصيدة : 69164(53/80)
-----------------------------------
خاطرٌ
يتململُ منْ هدأةِ الجَرس
بنحني قبسًا
للرواء
كقوسٍ على وترٍ
يحتوي
هربَه
وإذا ما استوى النهرُ
ضوءًا لأغنيةٍ تغزلُ الصوتَ
بالكلماتِ
المكابرةِ المتعبه
هبّ منْ طربٍ هاربٍ
وانتضى صخبه
تخرجُ امرأةٌ كالنهار
منَ النهرْ
يأتله الماءُ. يخشعُ
عندَ الخطى خافقٌ للحصى
يشربُ الرملُ عريًا
يرشّ السنابلَ بعضُ نداءْ
كالتآويل
حينَ يُطيفُ بها مستباحُ النداءْ
هنا النهرُ
تنهيدة امرأةٍ
تتوهجُ بالشعر مثلَ نهارْ
يرتبُ أشياءه
والمدارْ
يبعثرها كلما ضمّ أشياءه
الشعرُ منسحبًا
خارج
العربه
مثلَ تجعيدةِ الماء
وهْيَ هوامشُ بالعتبه
منْ هنا
غزلتْ حكيها امرأةٌ
نسجتْ ذاتها
كيْ ترى
ذاتها في ذهول المكانْ
ووهمِ الحقيقةِ
والحلمِ الأكبر الصاعدِ العقبه
دونما مركبه
وترى شكلها في المكانْ
عيونَ مراودةٍ
وترى شكلها في انذهال الصورْ
والشموسُ انعطافٌ
إلى دهشةٍ
تتثاءبُ في شرفةٍ كلما
انعطفتْ
للشموس كؤوسْ
رؤى إبرةٍ. حببٌ ساخرٌ
في المزاجْ
خيوطُ رمالٍ. وخرقة حالٍ
توثبُ عربدةٍ
وصلاة
وقدسُ اختلاجْ
وخذروفُ نبضٍ يمدّ يديه
وعصفورةٌ لابتهاج
يقصّ الحكاية
منْ أول النبض حتى الخروج
إلى كلماتٍ تداعتْ
من العتبه
صاحبي
هلْ ترى الأغبرَ المتمردَ
للشيبِ منه رماد
رمى أربًا
واختفى بين ألوان رؤياه
رقرقَ
بعدَ تواجده المتفرد
منْ ماءِ صعدته أربه ؟
للرمادْ
مدائنُ .. يا صاحبي
تلهثُ البيدُ
في بيدِها مغربه
أتقصّ الحكاية
يا صاحبي
أمْ تقصّ جناحَك
كي ترتديه الرياحْ
مراوحَ
منْ عبثٍ مستباحْ
ملامحَ منكَ
وأنتَ الحكاية دونَ جناحْ
أم الحكيُ يا صاحبي
لمْ يحُكْ عريَ تلك المدائنْ
والخيلُ جامحةٌ
ثمّ يضمُّ إليه السفائنْ
يا صاحبي
والبحورُ اللواتي .. مراوحةٌ
بينَ ماءٍ وما سحبَه
وانتماء الرماد إلى البيد
محدودبه
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> أولُ السهْو
أولُ السهْو
رقم القصيدة : 69165(53/81)
-----------------------------------
مدارٌ متعبٌ بالردم
حفّ به المكانْ
وحافيَ القدمين منْ نزق
التباعدِ
عنْ عيون الحبوِ
ينتعلُ الركامَ منَ التواريخ
التي انشذرتْ
لغاتٍ
مهمله
منْ أول الأشياءْ
كانتْ دهشةُ الأشياءْ
مئذنة الوداع البريِّ فاخترقَ
الشراعُ
بكارة الأبعادْ
كانَ البهوُ
منفتحَ اختفاءِ البهوْ
والساعاتْ
شاعرة بدمع رتابةِ الأشياءْ
كانَ السهوُ
نافذة يدمرها انزياحُ السهو
للمطلقْ
وكانَ اللغوُ يبسطُ للحديث
الرخو متكأ
على الأمداء تشهقْ
كانَ جرحي
والزمانُ وأولُ الأشياءْ
واللغة البغيُّ
ومسأله
ألوانَ ما سلسلتُ منْ قدري
لرجَّة مولد الخبر
وخارطة
تخللها غبارُ البسمله
ومهاد
ما تأتي به الرياحُ به
من الإطراق ..
حتى المقصله
للجرح ذاكرة الرمادْ
وعنكبوت الملحْ
لا ينسلُّ منْ دمه دمٌ
إلا ليحملَ
دهشة بيضاءَ
أو كحلا لغنج شاردٍ غجريْ
تداعبه
الرموشُ المسبله
مولايَ
يا إضمامة العبثِ المُراقص
للهديلْ
ويا حدائقَ منْ خطاب الماء
للورد العليلْ
ويا سموَّ الروح عنْ روحٍ
مثيلْ
يا سرارَ الطيِّ
يا مولايْ
هلْ خربَ المكانْ
وخبَّرَ الكلماتِ بدءُ المحو
واسربَ التأودُ طيْ ؟
وكيفَ الذاتُ لا ترسي
على الأمواج بحرًا
للصعود الحرِّ
يا مولايْ
يرسو أولُ الأشياءْ
رمادًا ساحبَ الخطو نوزعُه
ويجمعُه الدمارْ
وما اختفى
عنْ مجتلى العينْ
وما احتقبَ
النزيفُ
إلى مدار الولوله
منء أول اللوحاتِ حتىَّ
آخر الألواحْ
حتىَّ أول الأولْ
وختم البسمله
كانَ المكانُ
منَ النشيج الحرِّ
يأخذ إبرة القلق الجميل
الحرْ
منْ إغرابِها الملكيْ
نحوَ الغامض الوثنيِّ فينا
معطفا شركيْ
وصدرًا للرياحْ
وعمرَ أسئلة الرياحْ
وجرحَ تاريخٍ
من الأطلال حتىَّ آخر
الأسئله
شعراء مصر والسودان >> عبد الله الطيب >> لقد طالَ منك الحذرْ !؟
لقد طالَ منك الحذرْ !؟
رقم القصيدة : 69167
-----------------------------------
بعد أن صافحني القدرْ ..
سمعتُ كأنَّات الثكلىْ(53/82)
أكلتُ ويلات العذابْ
وقضمتُ مرارة لحظاتيْ
واعتلفتُ الضجرْ ...
وكان هذا الذي حصلْ
شركُ الذنوب المنقوشة علىْ
تاريخ اللحظاتْ
هو من أفصحَ عنْ
مكانِ هُروبيْ
هو من أودعني أزماتُ غروبيْ ...
وبعد أن طال هروبيْ
من لغة الواقع الأليمِ
إلى لغةِ السطرْ
صاح فيّ القدر ..
الآن مني لا مفرْ
بعدَ أن طال منك الحذرْ ؟؟!
ذات فجرٍ أيلولي مثير , 2002م
في ثغر اليمن (عدن) ...
في ثغر اليمن (عدن) ...
شعراء مصر والسودان >> عبد الله الطيب >> الغرور
الغرور
رقم القصيدة : 69169
-----------------------------------
ملك الغرور بنى البشر
والحقد والبغض انتشر
وقف التواضع باكيآ
على فعل اولاد الغجر
جاء السحاب برعده
من بينه الماء انحصر
حتى النجوم تساقطت
والماء فى البحر انفجر
والدنيا تضحك قائلة
ان العبيد فى خطر
نظر الغبى لما حصل
من ما رأى قد انبهر
جاء الحكيم الطيب
شاهد ما هو منتظر
وأخذ ينظر الى السماء
والدمع عاالخد انهمر
والدنيا تضحك قائلة
ان العبيد فى خطر
والمخلوقات تدهورت
عند شعورها بالزجر
نظر الغبى لما حصل
من ما رأى قد انبهر
وأخذ ينظر قا ئلآ
يوم القيامة قد حضر
جاء الحكيم الطيب
شاهد ما هو منتظر
كثرت دموع عينه
وفى قلبه زاد الضجر
وأخذ ينظر الى السماء
والدمع عاالخد انهمر
يدعو ربه بالولاء
وهو قائلآ شاء القدر
شعراء مصر والسودان >> عبد الله الطيب >> الحياة
الحياة
رقم القصيدة : 69171
-----------------------------------
أرجو الحياةَ مهاجماً ومدافعا
ومثلُ حالي عندَ مثلكَ رائعا
يا ايها القرانُ زدني تعلما
يا ايها القرانُ زدني تضرعا
اني على اللهِ ارجو خيرَ اخرةٍ
فألقلبُ داعٍ والعقلُ مشرعا
فكم كنتُ محسوداً وكم كنتُ مبتلاً
فما كانَ رأي عن الحقِ راجعا
وكم كنتُ مظلوماً وغيري ظالما
فما غرَ حالي ان اكونَ مخادعا
فها تيكَ اشعاري تظلُ وتنفعُ
وها تلكَ اشعارُ الغيرَ موتاً ومصرعا
وها انا للايامِ نداً مواجهاً
وها انا للايامِ خيرُ مصارعا(53/83)
وها انا يا دعاةَ السوءِ للشرِ رافضاً
وها انا يا قصارَ العينِ طولاً وفارعا
اني مع الدينِ باقٍ رغمَ دعوتكمْ
الى التطور ِ فبوساً لمن دعا
فخيرُ حياةٍ ان تكونَ بعزةٍ
وخيرُ دعاءٍ ان يكونَ تضرعا
وخيرُ امرئ ٍ من كانَ حراً ومؤمناً
وخيرُ عباد اللهِ من كانَ قانعا
فأشفقْ على النفس ِ يا ابنَ ادم ٍ
وكن لها للدوم ِ حداً ورادعا
ولا تسخرنَ الفعلَ حقداً وقسوةً
ولا تسخرنَ الهوى للسوء ِ مرتعا
ولا تتركنَ العقلَ غلاً وغبطةً
وكن لسوادِ الناسِ ابيضُ ناصعا
وان كانَ للاشراكِ بيتاً وشقةً
فكن انتَ للايمانِ حياً وشارعا
..
..
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> يسقط الوطن
يسقط الوطن
رقم القصيدة : 69176
-----------------------------------
أبي الوطن
أمي الوطن
رائدنا حب الوطن
نموت كي يحيا الوطن
يا سيدي انفلقت حتى لم يعد
للفلق في رأسي وطن
ولم يعد لدى الوطن
من وطن يؤويه في هذا الوطن
أي وطن؟
الوطن المنفي..
أم الوطن؟!
أم الرهين الممتهن؟
أم سجننا المسجون خارج الزمن ؟!
نموت كي يحيا الوطن
كيف يموت ميت ؟
وكيف يحيا من أندفن ؟!
نموت كي يحيا الوطن
كلا .. سلمت للوطن !
خذه .. وأعطني به
صوتاً أسميه الوطن
ثقباً بلا شمع أسميه الوطن
قطرة أحساس أسميها الوطن
كسرة تفكير بلا خوف أسميها الوطن
يا سيدي خذه بلا شيء
فقط
خلصني من هذا الوطن
* * *
أبي الوطن
أمي الوطن
أنت يتيم أبشع اليتم إذن
ابي الوطن
أمي الوطن
لا أمك أحتوتك بالحضن
ولا أبوك حن!
ابي الوطن
أمي الوطن
أبوك ملعون
وملعون أبو هذا الوطن!
* * *
نموت كي يحيا الوطن
يحيا لمن ؟
لابن زنى
يهتكه .. ثم يقاضيه الثمن ؟!
لمن؟
لإثنين وعشرين وباء مزمناً
لمن؟
لإثنين وعشرين لقيطاً
يتهمون الله بالكفر وإشعال الفتن
ويختمون بيته بالشمع
حتى يرعوي عن غيه
ويطلب الغفران من عند الوثن؟!
تف على هذا الوطن!
وألف تف مرة أخرى!
على هذا الوطن
من بعدنا يبقى التراب والعفن
نحن الوطن !
من بعدنا تبقى الدواب والدمن(53/84)
نحن الوطن !
إن لم يكن بنا كريماً آمناً
ولم يكن محترماً
ولم يكن حُراً
فلا عشنا.. ولا عاش الوطن!
شعراء العراق والشام >> سميح القاسم >> بطاقات معايدة إلى الجهات الست
بطاقات معايدة إلى الجهات الست
رقم القصيدة : 69177
-----------------------------------
أُسْوَةً بالملائكةِ الخائفينَ على غيمةٍ خائفهْ
في مَدى العاصفهْ
أُسْوَةً بالأباطرةِ الغابرينْ
والقياصرةِ الغاربينْ
في صدى المدنِ الغاربَهْ
وبوقتٍ يسيرُ على ساعتي الواقفَهْ
أُسْوَةً بالصعاليكِ والهومْلِسّ
بين أنقاضِ مانهاتن الكاذبَهْ
أُسْوَةً بالمساكينِ في تورا بورا،
وإخوتِهم، تحت ما ظلَّ من لعنةِ التوأمينِ،
ونارِ جهنَّمها اللاهبَهْ
أُسْوَةً بالجياعِ ونارِ الإطاراتِ في بوينس إيريسْ،
وبالشرطةِ الغاضبَهْ
أُسْوَةً بالرجالِ السكارى الوحيدين تحت المصابيحِ،
في لندنَ السائبَهْ
أُسْوَةً بالمغاربةِ الهائمينَ على أوجه الذلِّ والموتِ ،
في ليلِ مِلِّيلَةَ الخائبَهْ
أُسْوَةً بالمصلّينَ في يأسهم
والمقيمينَ ، أسرى بيوتِ الصفيح العتيقْ
أُسْوَةً بالصديقِ الذي باعَهُ مُخبرٌ ،
كانَ أمسِ الصديقَ الصديقْ
أُسْوَةً بالرهائن في قبضةِ الخاطفينْ
أُسْوَةً برفاقِ الطريقْ
أُسْوَةً بالجنودِ الصِّغار على حربِ أسيادهم ،
وعلى حفنةٍ من طحينْ
أُسْوَةً بالمساجين ظنّاً ،
على ذمّةِ البحثِ عن تهمةٍ لائقَهْ
أُسْوَةً بالقراصنةِ الميّتينْ
بضحايا الأعاصيرِ والسفنِ الغارقَهْ
بالرعاةِ الذين أتى القحطُ عاماً فعاماً
على جُلِّ إيمانهمْ
وعلى كُلِّ قُطعانهمْ
أُسْوَةً بالشبابِ المهاجرِ سرّاً ،
إلى لقمةٍ ممكنَهْ
خارجَ الجوعِ في وطنِ الفاقةِ المزمنَهْ
أُسْوَةً بالفدائيِّ أَوقَعَهُ خائنٌ في كمينْ
أُسْوَةً بالنواصي التي جزَّها النزقُ الجاهليّ
والرقابِ التي حزَّها الهَوَسُ الهائجُ المائجُ الفوضويّ
أُسْوَةً بالمذيعِ الحزينْ
مُعلناً ذَبْحَ سبعينَ شخصاً من العُزَّلِ الآمنينْ(53/85)
باسم ربِّ السماءِ الغفورِ الرحيمْ
والرسولِ العظيمْ
والكتابِ الكريمْ
وصراط الهدى المستقيمْ
أُسْوَةً باليتامى الصغارْ
بالمسنّينَ في عزلةِ الزمنِ المستعارْ
بينَ نارٍ وماءٍ.. وماءٍ ونارْ
أُسْوَةً بالجرار التي انكسرتْ ،
قبلَ أن تبلغَ الماءَ ،
في واحةٍ تشتهيها القفارْ
أُسْوَةً بالمياهِ التي أُهرقتْ في الرمالِ ،
ولم تستطعْها الجرارْ
أُسْوَةً بالعبيد الذينْ
أَعتقتْهم سيولُ الدماءْ
ثمَّ عادوا إلى رِبْقَةِ السادةِ المترفينْ
في سبيلِ الدواءْ
وبقايا بقايا غذاءْ
أُسْوَةً بالقوانين ، تقهرها ظاهرَهْ
بالبحارِ التي تدَّعيها سفينَهْ
بالجهاتِ التي اختصرتْها مدينَهْ
بالزمانِ المقيمِ على اللحظةِ العابرَهْ
أُسْوَةً برجالِ الفضاءِ وحربِ النجومِ اللعينَهْ
أُسْوَةً بضحايا الحوادثِ في الطرقِ المتعَبَهْ
وضحايا السلامْ
وضحايا الحروبِ وأسرارِها المرعبَهْ
وضحايا الكلامْ
وضحايا السكوتِ عن القائلينَ بحُكم الظلامْ
وبفوضى النظامْ
أُسْوَةً بالمياهِ التي انحسرتْ ،
عن رمادِ الجفافْ
والجذوعِ التي انكسرتْ ،
واستحالَ القطافْ
أُسْوَةً بالشعوبِ التي أوشكتْ أن تبيدْ
واللغات التي أوشكتْ أن تبيدْ
في كهوفِ النظامِ الجديدْ
أُسْوَةً بضحايا البطالَهْ
يبحثونَ عن القوتِ في حاوياتِ الزبالَهْ
أُسْوَةً بالطيورِ التي هاجرتْ
ثم عادتْ إلى حقلِهَا الموسميّ
في الشمالِ القَصِيّ
لم تجدْ أيَّ حقلٍ.. ولا شيءَ غير المطارْ
والفراشاتُ ظلُّ الفراشاتِ في المشهد المعدنيّ
ظِلُّ نفاثةٍ قابعَهْ
خلفَ نفّاثةٍ طالعَهْ
بعدَ نفّاثةٍ ضائعَهْ
خلفَ نفّاثةٍ راجعَهْ
لم تجدْ غير دوّامةٍ من دُوارْ
أُسْوَةً بغيومِ الشتاءِ على موتها مُطبِقَهْ
بالبراكينِ في آخرِ العمرِ.. مُرهَقةً مُرهِقَهْ
بالرياحِ التي نصبتْ نفسها مشنقَهْ
وتدلَّتْ إلى قبرِهَا
بين قيعانِ وديانها الضيّقَهْ
أُسْوَةً بالشعوبِ التي فقدتْ أرضَها
بضحايا الزلازلِ والإيدز والجوعِ والأوبئَهْ(53/86)
أُسْوَةً بالبلادِ التي خسرتْ عِرضَها
ومواعيدَ تاريخها المُرجأهْ
في سُدى هيئةِ الأُمم المطفَأَهْ
أُسْوَةً بي أنا
نازفاً جارحا
غامضاً واضِحا
غاضباً جامحا
أُسْوَةً بي أنا
مؤمناً كافراً
كافراً مؤمِنا
أُسْوَةً بي أنا
أرتدي كفني
صارخاً: آخ يا جبلي المُنحني
آخ يا وطني
آخ يا وطني
آخ يا وطني !
شعراء مصر والسودان >> حافظ إبراهيم >> لا تلم كفى إذا السيف نبا
لا تلم كفى إذا السيف نبا
رقم القصيدة : 69178
-----------------------------------
لا تلم كفى إذا السيف نبا
صح منى العزم و الدهر أبى
رب ساع مبصر فى سعيه
أخطأ التوفيق فيما طلبا
مرحبا بالخطب يبلونى إذا
كانت العلياء فيه السببا
عقنى الدهر و لولا أننى
أوثر الحسنى عققت الأدبا
إيه يا دنيا اعبسى أو فابسمى
ما أرى برقك إلا خلبا
أنا لولا أن لى من أمتى
خاذلاً ما بت أشكو النوبا
أمة قد فت فى ساعدها
بغضها الأهل و حب الغربا
تعشق الألقاب فى غير العلا
و تُفدى بالنفوس الرتبا
و هى و الأحداث تستهدفها
تعشق اللهو و تهوى الطربا
لا تبالى لعب القوم بها
أم بها صرف الليالى لعبا
ليتها تسمع منى قصةً
ذات شجو و حديثا عجبا
كنت أهوى فى زمانى غادة
وهب الله لها ما وهبا
ذات وجه مزج الله به
صفرة تنسى اليهود الذهبا
حملت لى ذات يوم نبأً
لا رعاك الله يا ذاك النبا
و أتت تخطر و الليل فتى
و هلال الأفق فى الأفق حبا
ثم قالت لى بثغر باسم
نظم الدرّ به و الحببا
نبئونى برحيل عاجل
لا أرى لى بعده منقلبا
و دعانى موطنى أن أغتدى
علنى أقضى له ما وجبا
نذبح الدب و نفرى جلده
أيظن الدب ألا يغلبا
قلت و الالام تفرى مهجتى
ويك ما تفعل فى الحرب الظبا
ما عهدناها لظبى مسرحا
يبتغى ملهى به أو ملعبا
ليست الحرب نفوسا تشتهى
بالتمنى أو عقولا تستبى
أحسبت القد من عدتها
أم حسبت اللحظ فيها كالشبا
فسلينى إننى مارستها
و ركبت الهول فيها مركبا
و تقحمت الردى فى غارة
أسدل النقع عليها هيدبا
قطبت ما بين عينيها لنا(53/87)
فرأينا الموت فيها قطبا
جال عزرائيل فى أنحائها
تحت ذاك النقع يمشى الهيذبى
فدعيها للذى يعرفها
و الزمى يا ظبية البان الخبا
فأجابتنى بصوت راعنى
و أرتنى الظبى ليثا أغلبا
إن قومى استعذبوا ورد الردى
كيف تدعونىَ ألا أشربا
أنا يابانية لا أنثنى
عن مرادى أو أذوق العطبا
أنا إن لم أحسن الرمى و لم
تستطع كفاى تقليب الظبا
أخدم الجرحى و أقضى حقهم
و أواسى فى الوغى من نُكبا
هكذا الميكاد قد علمنا
أن نرى الأوطان أماً و أبا
ملك يكفيك منه أنه
أنهض الشرق فهز المغربا
و إذا مارسته ألفيته
حُوّلا فى كل أمر قلبا
كان و التاج صغيرين معاً
و جلال الملك فى مهد الصبا
فغدا هذا سماء للعلا
و غدا ذلك فيها كوكبا
بعث الأمة من مرقدها
و دعاها للعلا أن تدأبا
فسمت للمجد تبغى شأوه
و قضت من كل شئ مأربا
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> شيطان الاثير
شيطان الاثير
رقم القصيدة : 69179
-----------------------------------
لي صديق بتر الوالي ذراعه
عندما امتدت الى مائدة الشبعان
أيام المجاعه
فمضى يشكو الى الناس
ولكن
أعلن المذياع فوراً
أن شكواه إشاعه
فازدراه الناس وانفضوا
ولم يحتملوا حتى سماعه
وصديقي مثلهم .. كذب شكواه
وأبدى بالبيانات أقتناعه
* * *
لعن الشعب الذي
ينفي وجود الله
إن لم تثبت الله بيانات الاذاعه!
. .
العصر العباسي >> أبو نواس >> مرض الحبيب فعدته
مرض الحبيب فعدته
رقم القصيدة : 69180
-----------------------------------
مرِضَ الحبيبُ فعُدْتُهُ
فمرِضْتُ مِن خوفي عليهِ
فأتى الحبيبُ يزورني
فبَرِئْتُ مِن نَظرِي إليهِ
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> من المهدّ الى الحدّ
من المهدّ الى الحدّ
رقم القصيدة : 69181
-----------------------------------
:
شاعرا صعر للشيطان خده
و ألقى هامة الات لدى أول سجدة
فتسامت به أرواح السموات
لكن وقفت كل كلاب الأرض ضده
لم يكن معجزة
يبعث الخوف بقلب الأنظمة
كان وحده(53/88)
فغدت تهفو الى نعليه تيجان الرؤوس المستبدة
غير أن النسمة السكرى أذا مرت به تجرح خده
لكن مجد الكلمة
رد دمه
كان وحده
وتخاف النار برده
لم تقيده قيود القهر
ورمى الرعب بقلب الجند لما أضحت الأحرف جنده
أرهب سيف الأنظمة
لكن صدق الكلمة يطعن السيف بوردة
لثغ الكلمة في المهد
وجد الحبل معدا
والقرارات معده
مهده أصبح لحده
رحم الله قتيل الأنظمة
لا رحم الله ولاة الأمر بعده
العصر الإسلامي >> قيس بن الملوح (مجنون ليلى) >> فؤادي بين الأضلاع غريب
فؤادي بين الأضلاع غريب
رقم القصيدة : 69182
-----------------------------------
فؤادي بين الأضلاع غريبُ
ينادي من يحب فلا يجيبُ
أحاط به البلا فكل يومٍ
تقارعه الصبابة والنحيب
لقد جلب البلا علي قلبي
فقلبي مذ علمت له جلوبُ
وأن تكن القلوب كمثل قلبي
فلا كانت إذاً تلك القلوب
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> هل لامسّت معطفها ! ! !
هل لامسّت معطفها ! ! !
رقم القصيدة : 69183
-----------------------------------
جاءت وفي شفتيها الشهدُ والدررُ
ترنو إليّ بشوق ٍ كاد يستعر ُ
ماأعذب الحبَ قالت حين يسكننا
وحين يغفو على أجسادنا القمرُ
ماكان قلبيّ قلباً دون معرفتي
بمن سيدنيه مني السمعُ والبصرُ
ياسارقاً روح من أحببت معذرتي
إن جئتُ مكلومة الأطرافِ أعتصرُ
أظلُ أكتبُ شعري فيك من ولهٍ
حتى بكى لحنيني الجن ُ والبشرُ
ماذا أسميّك إن قالوا بمن ُفتنت
وهل نلامُ اذا ما ضّمنا القدرُ
والله ماأقسمت نفسي علىأحد ٍ
إلاك ياسيدي أشدو وأفتخرُ
كل النساءِ ورثن الشوقَ من لهف ٍ
وقد ولدت ُ وشوقي فيك يختمرُ
ياساكناً بدمائي من ألوذ ُ لهُ
اذا تبدّى بيّ الإعياءُ والسفرُ
قل لي فديتك نبضي هل ألفت هوىً
دوني وهل لعيوني مثلها حورُ !!!
قل لي بربك هل لامست معطفها
أم قد توارى بأنفاس ِ الدجى المطرُ
وهل لثمت شفاها بعد غمزتها
وعانقت فيك غيضي وهي تنشطر ُ
إني رأيت صباها لوعةً ونهىً(53/89)
تموجُ كالبحر ِ في عينيك تنحسرُ
ذابت بعطر ِ شذاها تستفيق ندىً
على محياك هل أردى بك الحذرُ !!
قل لي فليس بذاتك ماتخبّئه عني
ولا لجنوني وطيشي سوف تصطبر ُ
ورد العذارى وأحلامُ الورى ُ حجبت
في دنيةٍ لفهّا التسويف والكدرُ
فأنت يادنيتي نبضي وأنسجتي
يداك مسكي وشهدي منك ينهمرُ
عاجلتها بنسيم الصبحِ ِ من شفتي
وأجهشت بدموع ِ الحب ِ تعتذرُ
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> جاء السحاب بلا مطر
جاء السحاب بلا مطر
رقم القصيدة : 69184
-----------------------------------
---------------------
مازال يركض بين أعماقى
جواد جامح..
سجنوه يوما فى دروب المستحيل
ما بين أحلام الليالى
كان يجرى كل يوم ألف ميل
وتكسرت أقدامه الخضراء
وانشطرت خيوط الصبح فى عينيه واختنق الصهيل
من يومها ...
وقوافل الأحزان ترتع فى ربوعى
والدماء الخضر فى صمت تسيل
من يومها....
والضوء يرحل عن عيونى
والنخيل الشامخ المقهور
فى فزع يئن .. ولا يميل
ما زالت الأشباح
تسكر من دماء النيل
فلتخبرينى كيف يأتى الصبح
والزمن الجميل
فأنا وأنت سحابتان تحلقان
على ثرى وطن بخيل
من أين يأتى الحلم
والأشباح ترتع حولنا
وتغوص فى دمنا
سهام البطش .. والقهر الطويل
من أين يأتى الصبح
والليل الكئيب على نزيف عيوننا
يهوى التسكع .. والرحيل
من أين يأتى الفجر
والجلاد فى غرف الصغار
يعلم الأطفال
من سيكون منهم قاتل
ومن القتيل
لا تسألينى الآن عن زمن جميل
أنا لا أحب الحزن
لكن كل أحزانى جراح
أرهقت قلبى العليل
ما بين حلم خاننى
ضاعت أغانى الحب
وانطفأت شموس العمر
وانتحر الأصيل
لكنه قدرى
بأن أحيا على الأطلال
أرسم فى سواد الليل
قنديلا وفجرا شاحبا
يتوكآن على بقايا العمر
والجسد الهزيل
إنى أحبك
كلما تاهت خيوط الضوء عن عينى
أرى فيك الدليل
إنى أحبك
لا تكونى ليلة عذراء
نامت فى ضلوعى
ثم شردها الرحيل
إنى أحبك
لا تكونى مثل كل الناس
عهدا زائفا
أو نجمة ضلت وتبحث عن سبيل(53/90)
داويت أحزان القلوب
غرست فى وجه الصحارى
ألف بستان ظليل
والآن جئتك خائفا
نفس الوجوه
تعود مثل السوس
تنخر فى عظام النيل
نفس الوجوه
تطل من خلف النوافذ
تنعق الغربان .. يرتفع العويل
نفس الوجوه
على الموائد تأكل الجسد النحيل
نفس الوجوه
تطل فوق الشاشة السوداء
تنشر سمها
ودماؤنا فى نشوة الأفراح
من فمها تسيل
نفس الوجوه
الآن تقتحم العيون
كأنها الكابوس فى حلم ثقيل
نفس الوجوه
تعون كالجرزان تجرى خلفنا
وأمامنا الجلاد .. والليل الطويل
لا تسألينى الآن عن زمن جميل
أنا لا ألوم الصبح
إن ولى وودع أرضنا
فالصبح لا يرضى هوان العيش
فى وطن ذليل
أنا لا ألوم النار إن هدأت
وصارت نخوة عرجاء
فى جسد عليل
أنا لا ألوم النهر
إن جفت شواطئة
وأجدب زرعه
وتكسرت كالضوء في عينيه
أعناق النخيل
مادامت الأشباح تسكر
من دماء النيل
فلا تسألينى الآن
عن زمن جميل
-------------------------
العصر العباسي >> أبو نواس >> سألتها قبلة
سألتها قبلة
رقم القصيدة : 69185
-----------------------------------
سألْتُها قُبْلَة ً، ففزْتُ بها
بعدَ امتِناعٍ وشِدّة ِ التَّعَبِ
فقُلتُ: باللّه يا مُعَذِبَتي
جودي بأخرى أقضي بها أرَبي
فابْتَسَمَتْ، ثمّ أرْسَلَتْ مثلاً
يَعْرِفُهُ العُجمُ ليسَ بالكَذِبِ:
لا تُعطِيَنَّ الصّبيَّ واحدة ً،
يَطلُبُ أُخْرَى بأعنَفِ الطَّلَبِ!"
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> المهرّج
المهرّج
رقم القصيدة : 69186
-----------------------------------
تقمصّت دور المهّرج .. حتى
تسامق في الأوجه ِ الموج ِ جذعُ النهايات
وأرتّد مني بكاء ُ الزبد
كنتُ أخيطُ دموعَ الغياب ِ .. ببعض ِ الظلال
أكسي رموشَ التأوه ِ قطنَ البدايات
كنت أصّكُ دنانيرَ وقتي بكل ِ المواويل
كنتُ أحبُ التي علمتنّي التأففَ من وجع ِ الليل
بيد أني تحولّت ُ عنها
تسمرّتُ خلسة َ أن لايكون مدادي ...
كرحم ِالفضاء ِ الجسد
لم أكن غير ذاك المهرّج ِ والقيد تربة َ خاصرتي(53/91)
كنتُ مسودّةَ الهامش ِ السرمدي
أخرُ صفحة هذا التوجّع ِ ... قبرّة ُ المتعبين
كنتُ الأنا المهملة ...انا !!!!
والمسافات تنبشُ عرجون َ صمتي ..
انا ووقوفي الحداد على الطرقات
ذاك الذي يتقاربُ من فوهّات ِ التضاريس
ذاك الذي قد تأبط نزفاً ..
وعاثت به العاشقات !!
هناك انا لست ُ إلا الخيال الممّغنط َ بالذل ِ ...
قد أيقظتني إرتعاشات عصفورة ..
ملئت عشها بالأساطير ِ والخربشات
تلك التي رسمتها الكراريس
هم .. وانا ... وعباءة ُ صمت ِ الزمان ِ التعيس
لعلي أطلتُ مكوثي وألفيتُ قبّرتي عند باب ِ التعّوذ ِ...
قالت لي الريح ُ ذات صدى ً .. واحتضار
عندما ينفشُ الموتُ أجنحةَ العابرينَ توسّد ضلوعي..
ونادي على الكفن ِ المستعار
وقل يابلادي قطفتك ِ بين الحضور ِ الغبار ..
وبين الغياب ِ الدمار
وقل يابلادي انا غيمة ُ الإنتظار
قلها ولا تخشى تجريدَ صدق ِ الصغار
فأنت المهرّج واحرق على مسرح ِ النمل ِ..
أشباه من يتفنون بقولة ِ نحنُ الرجال
وأجذب اليك الكؤوسَ وراقص ..
على خصر ِ غانية ِ الشعر ِ...
ذات الخِمار
وادعوا من اسطعت منهم لمشهد ِ ذبح ِ التتار
كنتُ نورَ المهّرج ِ أطفح ُ بالموت ِ والأمنيات
أهيلُ على ودق ِ الخوف ِ خوفي
كنت ُ احتضارات ِ قافيتي ..
ودموع المحار
كفن ٌ يتأرجح ُ في شفق ِ الروح
أأنفض عني رتوش َ الغبار ِبفاصلة ِ الإنهيار !!!!!!
لذت ُ بأعتاب ِ قلبي ...
يحملنّي النوح ُ سفر النهار
وعند سماء ِ الندى
لملم البرق ُ نبض َ ال
وتالله ِ عاد المهرّج ُ يقفز ُ يقفز ُ..
دندنَ همس الكلام ِ على شرفات ِ التأرجح ِ..
يالحظة َ العشق ِ عودي ...
وكوني السؤال !!!
وكوني الرجاء اذا مانحنيت ُ...
ولا ...لا ...لا
لاتسأليني لماذا أنت َ تهواني
سحرٌ بعينيك ِ عانقني وأحياني
ماكنتُ في دنيةِ العشاقِ مرتحلا
إلا ونبضكِ أشرعتي وشطآني
الأن أيقنتُ....... أن الحبَ أقبيتي
وأن روحك ِ.. معتقدي... وإيماني
ياغيمة َ العفو ِ ياأسرار قافيتي(53/92)
يانفحةً من جنانِ الخلدِ تغشاني
يامن ألوذُ لها في عطرِ أوردتي
وأستجيرُ بها من ظلم ِشيطاني
حبستُ نبضي وأغوتني مفاتنها
واستعذب الظلمُ أهاتي و ع ص ي ان ي
وتالله ِ عاد المهرّج ُ يقفز ُ.. يقفز ُ..
يصرخُ ..يصرخ ُ ..
بين البعيد ِ القريب ِ..
وبين القريب ِ البعيد
يحيلُ طيوفَ الشتاءات ِ ليلكة ً ورؤى
ويخرقُ ظهر الزمان ِ الجليد
يجلدُ في التائبين صباحاً من العشق ِ والهمهمات
ُيسقطه ُ في غياهب ِ هم ٍجديد
وبوح ٍ جديد
وموت ٍ جديد
تيممَ هذا الصدى...
ومررتُ عليه فعانقني برماد ِ الطيور
طار مع العش ِ فرخي الوحيد
إنزويت ُ إلي ربوة ٍ من خيالي القعيد
إلي سدرة ِ المنتهى ...
كنت ُ حتماً انا شاعراً وشهيد
تعال وشّق الغبارَ بنزف ِ الغبار
وغادِر مدادي ..
وأغرِق نعوشَ الظلام ِ .. وكن لي بلد
لم أكن غير قهري الذي قد ُجلِد
تقمصّتُ دور المهّرج ِ .. حتى
عرجت ُ بصمتي...
فكنت ُ القتيل َ الطليق
وكنت ُ الطليق َ القتيل
وكنت ُ انا من سجد
كنت ُُ انا ..
م ن ..
س ج د
..
شعراء العراق والشام >> محمود درويش >> درس من كاما سوطرا
درس من كاما سوطرا
رقم القصيدة : 69187
-----------------------------------
بكأس الشراب المرصَّع باللازوردِ
انتظرها،
على بركة الماء حول المساء وزَهْر الكُولُونيا
انتظرها،
بصبر الحصان المُعَدّ لمُنْحَدرات الجبالِ
انتظرها،
بذَوْقِ الأمير الرفيع البديع
انتظرها،
بسبعِ وسائدَ مَحْشُوَّةٍ بالحسابِ الخفيفِ
انتظرها،
بنار البَخُور النسائيِّ ملءَ المكانِ
انتظرها،
ولا تتعجَّلْ، فإن أقبلَتْ بعد موعدها
فانتظرها،
وإن أقبلتْ قبل وعدها
فانتظرها،
ولا تُجْفِل الطيرَ فوق جدائلها
وانتظرها،
لتجلس مرتاحةً كالحديقة في أَوْج زِينَتِها
وانتظرها،
لكي تتنفَّسَ هذا الهواء الغريبَ على قلبها
وانتظرها،
لترفع عن ساقها ثَوْبَها غيمةً غيمةً
وانتظرها،
وقدَّمْ لها الماءَ قبل النبيذِ ولا تتطلَّع إلى تَوْأَمَيْ حَجَلٍ نائمين على صدرها(53/93)
وانتظرها،
ومُسَّ على مَهَل يَدَها عندما تَضَعُ الكأسَ فوق الرخامِ
كأنَّكَ تحملُ عنها الندى
وانتظرها،
تحدَّثْ إليها كما يتحدَّثُ نايٌ إلى وَتَرٍ خائفٍ في الكمانِ
كأنكما شاهدانِ على ما يُعِدُّ غَدٌ لكما
وانتظرها،
ولَمِّع لها لَيْلَها خاتماً خاتماً
وانتظرها
إلى أَن يقولَ لَكَ الليلُ:
لم يَبْقَ غيركُما في الوجودِ
فخُذْها، بِرِفْقٍ، إلى موتكَ المُشْتَهى
وانتظرها!
شعراء العراق والشام >> سميح القاسم >> أشد من الماء حزنا
أشد من الماء حزنا
رقم القصيدة : 69188
-----------------------------------
أشدٌ من الماءً حزنا
تغربت في دهشةً الموتً عن هذه اليابسهٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
وأعتي من الريحً توقا إلي لحظة ناعسهٍ
وحيدا. ومزدحما بالملايين،
خلف شبابيكها الدامسهٍ..
*
تغرٌبت منك. لتمكث في الأرضً.
أنت ستمكث
(لم ينفع الناس.. لم تنفع الأرض)
لكن ستمكث أنت،
ولا شيء في الأرضً، لاشيء فيها سواك،
وما ظلٌ من شظف الوقتً،
بعد انحسارً مواسمها البائسهٍ..
*
ولدت ومهدك أرض الدياناتً،
مهد الدياناتً أرضك،
مهدك. لحٍدك.
لكنٍ ستمكث في الأرضً. تلفحك الريح طلٍعا
علي شجر اللهً. روحك يسكن طيرا
يهاجر صيفا ليرجع قبل الشتاءً بموتي جديدي..
وتعطيك قنبلة الغاز إيقاع رقصتك القادمهٍ
لتنهض في اللحظةً الحاسمهٍ
أشدٌ من الماء حزنا
وأقوي من الخاتمهٍ..
*
لك المنشدون القدامي. لك البيد. لاسمًك
سرٌ الفتوحاتً. لاسمك جمر الهواجسً تحت
الرمادً.. وأنت افتتحٍت العصور الحديثة بالحلمً.
كابدٍت علم النجومً وفنٍ الحدائقٍ
وأتقنٍت فقه الحرائقٍ
وداعبت موتك: حرٌى جهاز التنفٌس،
للدورة الدموية ماتشتهي.
وأيقنٍت أنك بدءى.. ولا ينتهي
ولاينتهي.. ويضيق عليك الخنًاق ولاينتهي
وتتٌسع الثغرات الجديدة في السقفً
جدران بيتًك تحفظ عن ظهرً قلبً
وجوه القذائفٍ
وأنت ببابً المشيئةً واقفٍ
وصوتك نازً. وصمتك نازفٍ
تلمٌ الرصاص من الصٌور العائليٌهٍ(53/94)
وتتبع مسري الصواريخ في لحم أشيائك المنزليٌهٍ
وتحصي ثقوب شظايا القنابًلً
في جسدً الطفلةً النائمهٍ
وتلثم شمع أصابعهما الناعمهٍ
علي طرفً النعشً،
كيف تصوغ جنون المراثي؟
وكيف تلمٌ مواعيد قتلاك في طرق الوطنً الغائمهٍ؟
وتحضن جثٌة طفلتك النائمهٍ؟
*
أشدٌ من الماءً حزنا
وأوضح من شمسً تموز. لكنٌ نضج السنابلً
يختار ميعاده بعد عقم الفصولً.
إذن فالتمسٍ في وكالةً غوثك شيئا من الخبزً.
وانس الإدام قليلا.. تحرٌ التقاويم: يوما فيوما.
وشهرا فشهرا. وعاما فعاما. تحرٌ المناخ المفاجيء،
قبل انفجارً ندائك. أنت المنادي وأنت المنادي
وأنت اشتعلت. انطفأت.. ابتدأت.
انكفأت.. وأنت اكتشفت البلاد.. وأنت
فقدت البلادا!
أشدٌ من الماءً حزنا.
*
يؤجًٌلك الموت . تمسح جسمك بالزيت كاهنةى
كرٌستٍها العصور لأجلك أنت. لأجلك تولد
في البحر والبر عاصفةى لاتسميٌ
وتزحف في جسد الأرضً حمي
لينهض فيك كسيحى. ويبصر أعمي
وحولك ما خلق الله من كائناتً غرائبٍ
ومن يصنعون العجائبٍ
لهم ٍ قصب السبقً دون سباقي. لهم ما تتيح المقاعد
للمقعدين. لهم جنٌةى رحبةى في الزحامً الفقيرً وفي وردً
مستنقعاتً الأزقٌةً. تحت صفيحً الأنيميا وبين
خيامً التخلٌفً والجهلً. في ربقةً القمعً. هم نخبة
الرقًٌ. أسياد زوجاتهم في المحافًلً. زوجات أسيادهم
في القرار الصغير الصغيرٍ
لهم ما يتيح الجلوس المدرٌب. ساقا علي الساقً.
كفٌا علي الخدًٌ. تحت حزام المديرٍ
وتحت حذاءً معالي الوزيرٍ
لهم قوتهم دون كد. وميراثهم دون جد وجًد.
لهم أن يكونوا العقارب في القيظً،
أو أن يكونوا الأرانب في الزمهريرٍ.
لهم زغب القاصراتً وريش النعامً الوثيرٍ
وأوقاتهم من حديدي. وأعباؤهم من حريرٍ
وأنت علي ملتقي الليلً بالفجرً. والبحرً بالبرًٌ.
والجهر بالسرًٌ. تقتح باب السؤالً الكبيرٍ
وتغلق باب الجوابً الأخيرٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الماءً والرملً حزنا.
*
تصلٌي كثيرا
تصلٌي طويلا
تصلي(53/95)
وفي موعد النجمةً الضائعهٍ
يضيع نداء المؤذٌنً في جلبةً السٍيرً،
يعلق غيم الدخانً بجلبابهً. ويعود إلي البيتً،
مختنقا. حانقا من زحامً الخلائقً. تحتجٌ
زوجته الرابعهٍ
'غسلت ثيابك فجرا. وها أنت ترجع
متٌسخا بالسناجً.. ترفٌقٍ قليلا. ترفٌقٍ
بخادمةً المنزلً الطائعهٍ'!
تصلٌي
ويسقط رأس الموظفً فوق ملفٌاتًهً ميٌتا.
خانه قلبه. والمرتٌب خان العيال. وخان
المدير الأمانهٍ
وخانتٍ جيوب الرئيسً جيوب الخيانهٍ
ودارتٍ. ودارتٍ.. ودارتٍ علي نفسها الأسطوانهٍ
تنحٌ إذن. أو تفجٌرٍ كما ينبغي. لا صراط هناك
ولا مستقيم هنا.. شاهدى أنت.. لكنٍ لمن سوف
تشهد؟ أية محكمةي لم تطأها الرشاوي؟ وأيى
القضاةً البريءٍ؟
تنحٌ تفجٌرٍ. تنحٌ. تفجٌرٍ. تفجٌرٍ. لعلٌ انفجارا
يضيءٍ
وكلٌ انطفاءً مسيءى مسيءٍ
وكلٌ سكوتي كلامى بذيء!
*
هنا أنت. حولك هذا الجدار الكثيفٍ
وهذا الهمود الكفيف وهذا الخمود المخيفٍ
وحول جنونك تقعي الملايين حول الملايينً.
فوق الملايين. تحت الملايينً. تمضي إلي الذبحً. قطعان ماعًزٍ
وتولد للذبحً قطعان ماعزٍ
ويعلو بكاء الرجالً الرجالً،
ويوغل صمت النساءً النساءً
وفوق صراخً القبورً وتحت أنينً العجائزٍ
شعوبى مسمىنة للولائمً في العيدً
من عاش يخسر سرٌ الحياةً
ومن مات بات علي الموتً حرا وحيا
وما كان بالأمسً عارا محالا
هو اليوم شأنى صغيرى وجائزٍ
فحاذًرٍ. وحاذًرٍ
زمانك وغدى وغادًرٍ
تنحٌ. وغادًرٍ
'إلي حيث ألقتٍ..'
فلا الأهل أهلى. ولا الدار دارى. ولا أنت أنت..
وما من أواصًرٍ
تدور عليك الدوائًرٍ
عليك تدور الدوائًرٍ
وما من بشيري ولا من بشائًرٍ
تنحٌ. وغادرٍ
'إلي حيث ألقتٍ..'
أشدٌ من الماءً حزنا.
*
يطول ارتباك المؤرًٌخً في الدغٍلً. أقنعةى
تستبيح أدقٌ التفاصيلً. فوضي تحيل
طقوسا مرتٌبةى للصٌدفٍ
وبضع ضباعي تحيط بمائدة الطيباتً
مناديلها البيض تحضن أعناقها المشعراتً.
ضباعى تمدٌ سكاكينها وتشرٌع شوكاتها للطعامً الشهيًٌ.(53/96)
وقد أتخمتٍها بقايا الجيفٍ
ضباعى. ضيوف الشٌرفٍ
ضباعى. لماذا أواني الخزفٍ؟
وهذا التٌرفٍ؟
لماذا؟
*
وتعقد محكمة العدلً ظلما. علي بابً محكمةً الأمن غدرا
سواسيةى أنت والماثلون أمام القضاءً بتهمتك
الأزليٌةً. أنت وجلادك الأزليٌ سواسيةى.
عند محكمة العدلً والأمنً. يغفي القضاة علي ريشً
رشواتهم. ومحامي الدفاعً شريك محامي النيابةً
في صفقاتً السياحةً والنقلً. فانس الشهود.
شهادتهم لاتجوز. هم الصمٌ والبكم والخرس. أقوالهم
لا تقال. شهادتهم لاتجوزٍ
فكيف تفوز؟ وذنبك باسمً العدالةً واضًح
وجرم العدالةً دونك.. فاضًحٍ
فكيف تفوز؟ وكيف تفوز
ومن سيفكٌ الرموز؟
*
جباهى مبقٌعةى بالسجودً القديم لفرعون واللاتً
لا للإله الذي أنت تعبد! لا تصغً للقولً: إنٌ البلاد العراقٍ
وإن العراقٍ
بلاد النفاقٍ
مياه المحيط نفاقى ورمل الصحاري نفاقى
وماء الخليج نفاقى. ونفط العروقً النفاقٍ
وزرع البلادً وضرع البلادً
لماذا؟ لماذا العراقٍ
وانت ونخل العراقٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الماءً والرملً حزنا
أشدٌ من الماءً والرملً والنخلً حزنا.
*
من الماءً كانت هموم السحابً
ومن سمكً القرشً كانت هموم 'قريش'
وكنت من الماءً أنت
ومن سمكً القرشً كنت
تمهٌل قليلا. تمهٌل كثيرا. تمهٌلٍ
همومك أوٌلها ما احتملت
وآخرها ما جهلت
تمهٌل.
*
ومن أرضً بابل تمضي إلي أرضً بابلٍ
وحيدا تشٌيد أبراج حزنك في برجً بابلٍ
وتخرج منك القبائلٍ
وتعبر فيك القوافلٍ
محمٌلة باليتامي.. ومثقلة بالأراملٍ
وحيدا بعريك تحت السماءً البعيدهٍ
وحيدا. كثير الأبوٌات،
لكنٍ لأم وحيدهٍ
لهاجر ضائعةي في الرمالً
مشرٌدةي عن حقول السنابلٍ
ونبض الجداولٍ
أشدٌ من الماءً والرملً حزنا.
*
علي ظهرك الآن ترقد. بين الحياةً القليلةً
والموتً يأسا.
يطلٌ من السقفً 'فاوسٍت' القديم. ويسخر منك.
'تبيع كما شئت. أولا تبيع كما شاء شيطانك الذهبيٌ.
وفرصتك الذهبيٌة.. لا.. لن تكون الأخيرة.(53/97)
سوقى هي الأرض والناس لاتشتري أو تبيع
سوي سقط أرواحها.. ولديها شياطينها المنتقاة
علي كيفها!'.. ويقهقه 'فاوست' الخبيث.
يقهقه مزدريا ما تحبٌ ومحتقرا ما تخافٍ
ومستمتعا بانهيار الضعافٍ
ومنتظرا خصب أيامه المقبلات علي عرباتً الجفافٍ
وأنت علي ظهرك الآن.. ما بين بينٍ
من الأين توغل في ألفً أينٍ
*
وها أنت خلف الزجاج المصفٌحً. مقهاك سيارة
الليموزين الوحيدة. سافًرٍ إذن في عروقك.
واتبعٍ دخان سجائرك الفاخرهٍ
ولا تتبع الطرق الظاهرهٍ
قناعى وراء قناعي
تحاصر أوجه أحوالك الخاسرهٍ
وأسراب نمل تحاصر
أشجارك الخاسرهٍ
وأحلامك الخاسرهٍ
وليلى سميكى يحاصر أقمارك الخاسرهٍ
وأيامك الخاسرهٍ
وحزنى أشدٌ من الليل ليلا
يحاصر قهوتك الفاترهٍ
وأنت.. أشدٌ من النملً حزنا
أشدٌ من الليلً حزنا
أشدٌ من الماءً والحزنً حزنا..
*
لغيرك أن يتلهي بسخف التفاصيل.. حسبك أنت اكتمال
الفجيعةً. جيمى من الجهل.. جيمى من الجبن. جيمى
من الجوع. تختصر الأبجديٌهٍ
وتهوي النيازك في ساحة البيتً. تحفر في مسكبً الوردً
قبرا. وتهتزٌ جدران بيتك خوفا. وتحضن ما
ظلٌ من صوري عائليهٍ
وما ظلٌ من قسمات الهويهٍ
لغيرك ما يتراءي علي شرفة الأكاديميا ومختبر البحثً
والمقعد الجامعي الوثيرٍ
وتبقي أخيرا. مع اللحظات الأخيرةً. من بعضً عمرً قصيرٍ
أمام التفاصيل. خلف التفاصيل.. تبقي أخيرا وتبقي
بعيدا،
ويبقي..
ملاكى مريضى يلوب علي سطح بيتك. منٌ وسلوي علي نار سيناء. هذا الشٌواء اللذيذ امتحانك. فامضغ
إذا شئت زهدك. وانس القرابين. كلٌ عرائسك
الفاتناتً طعامى لأسماك قرشً. فلا النيل يطلب
لحم العذاري. ولا الخصب رهن ابتهالاتك الخاويهٍ
هنا حجر الزاويهٍ
وأنت تلوب ملاكا مريضا علي باب شعبك
والريح باردةى قاسيهٍ
ولا كلب ينبح
لا باب يفتح
لا إنس. لا جنٌ. لاقلب يمنح راحة رحمته الحانيهٍ
وأنت غريبى هنا. ووحيدى هناك
أشدٌ من الماءً حزنا.
*
تفقٌدٍ مع البرقً أطراف جسمك. وانهضٍ.. عسيرى نهوض(53/98)
البراكين بعد الخمود المملًٌ.. عسيرى نهوض الضحايا
ولا تنتظرٍ جسدا في خداعً المرايا
ووهم المرايا
تفقدٌ شرايين قلبكٍ
وأرجاء رعبكٍ
وحطًٌم سراب المرايا
وغادرٍ مع البرقً أطلال حبًٌكٍ
حزينا. حزينا. أشدٌ من الحزنً حزنا.
*
لك الثائرون علي ساعةي لاتدور. لك الشهداء.
احترًسٍ من هواة الكلامً المنمٌقً. حاذًرٍ
مراثي الصياغات بالضوءً والصوتً واللونً.
حاذًرٍ طقوس البلاغةً رقصا علي الدمٌ. أنت تغرٌبت
عن جوقة السًٌيرك. لم يغوك السٌيٍر فوق الحبالً
ولا قفزة البهلوانٍ
وأنت تغرٌب فيك الزمانٍ
وأنت تغرٌب عنك المكانٍ
وآب الطٌغاةٍ
وغاب الحواةٍ
لتمكث وحدك في ساحة الأفعوانٍ
مليكا بلا صولجانٍ
وطفلا.. ولا والدانٍ
وحيدا.. غريبا.. حزينا
أشدٌ من الماءً حزنا.
*
لًمنٍ علب الأدويهٍ؟
لمنٍ سترة الصوف والأغطيهٍ؟
لمنٍ هاتف الأمبولانس؟ وعنوان عائلةً
الصيدليٌ المناوب؟ أنت تناور نأي
المدي ودنوٌ الأجلٍ!
لماذا؟ وكيف؟ وأين؟ وهلٍ!
دع الأحجيهٍ
وأسئلة القلق المزريهٍ
فما أبدى في أزلٍ
وألف نبيٌ وصلٍ
وقبلك ألف نبيًٌ رحلٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الحزنً حزنا
أشدٌ من الموتً حزنا.
ہ
فراشة روحك تخفق مبهورة بالرحيقي الشهيًٌ
علي فمك الأرجوانيًٌ.. سيارةى تسبق الضوء
في الشارع العامًٌ. تضرب عصفورة. يتناثر
في الريحً ريش الأغاني القديمةً. فيلم قديمى
علي شاشةً التلفزيون. 'فاتن' تخفق مثل
الفراشة بين ذراعي 'فريد' وأنت مريضى
بما يحدث الآن.. أنت مريضى. فراشة روحك
تخفق. رفٌ العصافير يخفق. قلبك مازال
يخفق. ما يحدث الآن موتى سريعى يمرى ببطءي.
وقلبك يخفق بين العصافير والريح. ما يحدث الآن
لا يحدث الآن. عرضى جديدى لفيلمي قديمً علي شاشة
القلبً. يعرض قبل حليبً فطورك. فيلمى قديمى. وأنت
مريضى. وأنت حزينى
أشدٌ من الماء حزنا.
*
تبوح لفرشاةً أسنانك المرهقهٍ
بأسرار عزلتك المطبقهٍ
وتكتب بالمشطً شيئا علي صفحات البخارً.(53/99)
تراك تدوًٌن فوق المرايا وصيٌتك المقلقهٍ؟
أتغسل جسمك أم أنت تغسل روحك؟
حمامك اليوم طقسى غريبى. وروبك
يلقي عليك بنظرته المشفقهٍ
وتزلق بين الأصابعً صابونه اليأسً.. ينهمر
الماء دون انقطاعً علي ظهرك المنحني بالهمومً
وتطبق جدران حمٌامك الضيًٌقهٍ
أتغسل جسمك. أم أنت تغسل روحكٍ؟
وتفتح فيها جروحكٍ
وترسم في رغوةً الموتً عمرا يضيق،
وترسم فوق البخارً ضريحكٍ؟
وينهمر الماء دون انقطاعي.
وأنت. أشدٌ من الماءً حزنا.
*
أتعرف؟ أخطأت حين قرأت الحياة بحبًٌكٍ
وأخطأت حين رأيت الوجود بقلبكٍ
ولا. لا تقل لي 'البصيرة'. للمرءً عينانً
والقلب واحدٍ
فكيف تجيد حساب المواجًدٍ؟
وكيف تحبٌ كما ينبغي أن تحبٌ؟ ومن لا يري يتعثٌر
في تعتعاتً الرؤي وشعابً المقاصًدٍ
فجاهًد. كما ينبغي أن تجاهًدٍ!
تأمٌل بعينين مفتوحتين وقلبي بصيري.
تأمٌلٍ. وكابًدٍ!
كما ينبغي. لا تكرٌرٍ حماقة! 'سيزيف'. قًفٍ
في أعالي العذاب. تأمٌلٍ. وراجًعٍ
وطالًعٍ. وتابًعٍ.
وشاهدٍ!
وصارًعٍ.
حزينا. قويا كصمتً المعابًدٍ
حزينا. أشدٌ من الماءً حزنا.
علي الدرجً اللولبيًٌ غبارى يغطٌي الرخام
المؤدي إلي باحةً البرجً. صمت الغبارً
الكثيفً دليلى: هنا غربة الروحً عن جسمها.
لم تطأ قدمى من زماني بعيدي مداخل هذا المكان
البعيدٍ
ويا أيهذا المليك السعيدٍ
لبؤسك آثار طيري علي قمة البرجً. كيف
تقمٌصٍت هذا الغراب الوحيدٍ؟
وها أنت يا أيهذا الغراب الوحيد الوحيدٍ
سرقت لمنقارك الكهلً تفاحة من غبارٍ
وأنثاك ترقد في قرنةي من صدوعً الجدارٍ
تئنٌ معذٌبةى والهه
وتشكو لقرنتها التافهه
وما من عطوري. ولا من بخوري. ولا فاكهه
وهذا الغبار
يقيم الظلام
دليلا: هنا غربة الروحً عن جسمها
ومرساك ليلا علي صخرةً في خليجً الزمانً
ومرسي الطلولً علي وشمها
أشدٌ من الماءً حزنا
ومن وحشةً السنديانً..
*
ويروي الرواة: نشرت قميصك شمسا علي القطبً
راقبت ذعر الثعالبً والفقماتً. ورعبك(53/100)
في حضرة الدىب. لكن تجاهلت. أنت تجاهلت
صدٍع الجليد وما يفعل الطقس بالطقسً.. أنت تجاهلت
يأس الأوزون وطيش دخان المصانع. هل تستغيث؟
بمن تستغيث. وشمس قميصك تعلو. وتهوي جبال الجليدً
وتعلو مياه البحارٍ
ويعلو علي المدًٌ مدٌ الهلاكً
وينأي جناح الملاكً
وتدنو رياح الدٌمارٍ
وأنت علي قمةً الأرضً تقبع
لا نوح يشفع
لا فلك ينفع
لا غصن زيتونةي في المدارٍ
وأنت علي قمةً الموتً تذوي
وتطوي القميص علي محنةً القطبً. تطوي
وتهوي
غريبا.. حزينا.
أشدٌمن الماءً حزنا.
*
يشاؤك صمتك: وعدا
يشاؤك صوتك: رعدا
يشاؤك وجهك: نورا
يشاؤك روحك: ليلا
يشاؤك ورد الحديقة: طلٍعا
يشاؤك كهف الجبالً: صديقا
يشاؤك سخط البراكين: صنوا
يشاؤك قلبك: سهلا
تشاؤك زيتونة الدهر: حلما
يشاؤك صخر التلالً: رفيقا
تشاؤك سنبلة الحبًٌ: حقلا
يشاؤك قلب التراب: شهيدا
يشاؤك أهلك: عيدا
وماذا تشاء سوي ضجعةً الموتً حرا طليقا
حزينا. أشدٌ من الموتً حزنا
أشدٌ من الماءً والموتً حزنا؟
*
هناك. علي سطحً ليلاك قنٌاصةى معجبون بليلاك
لكنٌهم يرقبون قدومك في موعد الحبًٌ والقنص
(BUSINESS BEFORE PLEASURE)
وهم معجبون بجبهتك العاليهٍ
مناظيرهم تترصٌد. حمي بنادقهم تتوعٌد. توق
أصابعهم يتنهٌد. في لهفةً الصليةً التاليهٍ
وأنت تلوب عليها
وترفع عينيك كفٌيٍ صلاةً إليها
من الحاجز العسكري القريبً
وينقذك الحاجز العسكريى وألفاظ حراسه النابيهٍ
وأغلاله القاسيهٍ
من اللحظةً الداميهٍ
يؤجلك الموت. لكنٍ لموتي جديدي علي موعد الحب
والقنصً.. في فرصةي ثانيهٍ
وتبقي علي الحاجز العسكري. سجينا حزينا
أشدٌ من السجن حزنا
أشدٌ من السجن والماءً حزنا.
*
دعً الرقم حرا طليقا. يفيض وينمو علي خانة الصفرً.
لاتمتحًنٍ دورة الأرضً من باديء البدءً. من خانةً
الصًٌفرً. للكون أرقامه، والمدارٍ
يفضًٌل حسن الجوارٍ
إذن. فاقتربٍ من فضاءي تجوب مغاليقه السٌفن الآهلهٍ
بروٌاد لغز الوجودً وأسرارًهً الهائلهٍ(53/101)
وبارًكٍ ملائكة الإنسً والجنٌ.. بارك
مدينة أشواقك الفاضلهٍ
وصادًقٍ تضاريس أرقامك القاحلهٍ
لعلٌ شفيعا من الوردً ينمو عليها
وحلما قديما يعود إليها
ضعً الرقم والحلم بين يديها
وغادًرٍ هواجسك الآفلهٍ؟
وأنت تموت وتذكر
كانتٍ بلادى. وكانتٍ قباب. وكانتٍ قناطًرٍ
وكانتٍ خيولى. وكانتٍ صبايا.. وكانتٍ بيادًرٍ
تموت وتذكر
مٌرتٍ جيوشى. ومرٌتٍ نعوشى. وذابت نقوشى
وغابتى أواصًره
وتذكر. تذكر. فصلاعجيبا
وتذكر. ليس شتاء
وليس ربيعا
ولا هو صيفى
وليس خريفا
وما من شروقي. وما من غروبي
وما من وجوهي. وما من كلامٍ
وما من ضياء، وما من ظلام
وتسأل: هل كان ذاك سلام الحروبً؟
وهل تلك كانت حروب السلامٍ؟
وتسأل كيف تموت وتذكر
طفلا عجوزا
وشيخا طفولته لم تغادًرٍ
عذاب القبابً وصمت المقابرٍ
وأنت علي الصبر صابرٍ
وحيدا حزينا.
أشدٌ من الماءً حزنا.
*
مفاتيح بيتك أرهقها اللغز.. مفتاح قلبك: هل
يعرف الحبٌ حقا؟ ألم يقتل الحزن حبك؟ ماذا
تكون كراهية المتعبين الذين أحبٌهم الظلم؟ ماذا
يكون إذن مطٍهر النار؟ ماذا تقول مفاتيح بيتك
هذا المهدد بالهدمً، تحت كراهيةً الظالمين الذين
أحبٌهم الحبٌ؟ كيف نحبٌ إذن مبغضينا؟
تقول مفاتيح بيتك يصمت مفتاح قلبك: هل
أعرف الحبٌ؟!
تبكي عذابا وخوفا: أحبٌ المحبًٌين حقا ولا أكره المبغضينٍ
أعني إلهي! أعنًٌي علي محنة المؤمنين
أعنًٌي علي لعنة العاشقينٍ
أحبٌ المحبٌين حقا. ولا أكراه المبغضينٍ
أعنًٌي إلهي. أعني علي
وأطلقٍ لساني. وحررٍ يدي
وحرًٌرٍ مفاتيح بيتي
ومفتاح قلبي
أغثني إلهي. أغثني ضعيفا. أغثني قويا
أغثني حزينا.
أشدٌ من الماءً حزنا.
*
بك استأنستٍ نخلة الشغفً العاليهٍ
وزيتونه في المدي باقيهٍ
ورشتٍ عليك نساء الزمانً
أرزٌالأغاني
وورد الخصوبةً والعافيةٍ
وأمٌ طموحك حشد الإرادات
واخضوضرتٍ باسمك الباديهٍ
فماذا عليك إذا غار رمل السرابً
من الماءً في البركة الصافيهٍ؟
أتحزن؟ والشمس مصباحى روحك(53/102)
في عتمة العتمةً الطاغيهٍ
وشمس المسوخً شحوبى ضئيلى
تنوس شرارته الكابيهٍ..
أتحزن؟ ليس لك الحزن. فاحزنٍ
لأنك تحزن.. واعبر إلي الضفٌةً الثانيهٍ!
لك الآن أن تتحرٌر منك وتنجو منك
وتغرب عنك. لك الآن أن تستحم بعيدا
وأن تستجم بعيدا وأن تلفظ الزحمة الخانقهٍ
إلي لحظةي واثقهٍ
علي شاطيء السخط. تجلس منحني الظلًٌ. تشرب
ماء المحيطً بمصٌاصة الكوكا كولا. وتشرب ماء
الخليجً. وتشرب رمل الصحاري. وحيدا غريبا.. علي
شاطيء الخلقً. إلا من الحزن والنفط والكوكا كولا!
تمرٌ بك السىحب الماطرهٍ
وترفع أنظارها عنك.. تحبس أمطارها عن بذورً
الشياطين في أرضك الكافرهٍ
وتنهض فيك الزلازل. أنت هو الكهف. أهلك
عادوا نياما إليك. تحاصرك السرنمات. وتغفي
الزلازل. مقياس 'ريختر' يسقط في لحظةي حائرهٍ
علي الحدًٌ. بين خمود البراكين فيك. وبين شرايينك الثائرهٍ
علي الحدًٌ.. مابين حزني وحزني
أشدٌ من الماءً حزنا..
وهذا قميصك رايتك المتربهٍ
وغيمتك الطٌيبهٍ
وتعرف كلٌ المشاجبً ياقة حسرتهً المتعبهٍ
وتعرف أسراره المرعبهٍ.
قميصك؟ أم جلدك الحيٌ؟.. هذا المعلٌق
بين السماوات والأرضً؟ تلك عروقك أم
هي خيطانه المجدبهٍ؟
قميصك أم جلدك الحي؟... سيانً. أدخلك الله
في التجربهٍ!
وأدخلك الله في التجربهٍ!
وطوق النجاةً قريبى بعيدى
وأنت شريدى طريدى
وربطة عنٍقك أنشوطة المشنقهٍ
وكلٌ القضاةً أدانوك. فالجأ إلي حكم
أفكارك المسبقهٍ
ومتراسً خانتك الضيقهٍ!
وحيدا.. حزينا. تسافر في رحلةي نادرهٍ
وتسقط طائرةى في الهزيعً الأخير من الليلً
ركٌابها يسلمون جميعا وينجو من الموتً طاقمها.. أنت وحدك
موتا تموت. نجوم الملائكة البيض حولك
مشفقة. تستغيث بها. لا ترد وتمضي إلي شأنها.
تتساءل في سرًٌ موتك: لكنٍ لماذا أنا دون غيري
أموت؟ وتهمس أعماقك الخاسرهٍ:
لأنك شخصى غريبى علي هذه الطائرهٍ
ولم تعرف الطائرهٍ
ولم تصنع الطائرهٍ
وما أنت فيها ولست عليها،
سوي ذرٌةي في المدي عابرهٍ..(53/103)
لأنك شيءى بلا آصرهٍ
بعيدى.. علي مقربهٍ
وأدخلك الله في التجربهٍ
وحيدا حزينا
*
يقول صغار الرواة: أصابتٍك بالعين نوريةى تائهه
وتروي الأساطير أنك أقلقت قيلولة الآلهه
وأغضبت حاكمك العسكري
وأنت صبي
بصرخةً حريةً تافهه
يقول الرواة وتروي الأساطير.. أصغ ولا تصغً.
كلٌ الممراتً تفضي إلي البيتً. والبيت يفضي إلي السجنً .
والسجن يفضي إلي القبرً. لكنٌ نورية البابً
عمياء، كيف تصيبك بالعين؟ والباب ظلٌ كما كان
من قبلً أن تقرع الباب. ظلٌ حجابا يجبٌ السماء عن
الأرضً لا. لا تصدق كلام الرواةً ولا ما تقول
الأساطير. أنت ولدت من الحزنً. في الحزن للحزنً.
أنت ولدت لتمكث في الأرض. لكنٍ لتمكث فيها قتيلا
حزينا أشدٌ من الحزن حزنا
أشدٌ من الماءً حزنا..
أشدٌ من الرملً حزنا
أشدٌ من النخلً حزنا
وأدخلك الله في التجربهٍ
أشدٌ من الموتً حزنا
أشدٌ من الحزنً حزنا
وأدخلك الله في التجربهٍ
أشدٌ من الرملً والنخلً والحزنً والموتً حزنا
بعيدا.. علي مقربهٍ
وأدخلك الله في التجربهٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من ال..............
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> تعلم النضال !
تعلم النضال !
رقم القصيدة : 69189
-----------------------------------
1
تريد أن تمارس النضال؟
تعال
إغسل يديك جيداً من ذلة السؤال
لدى أبي رغال
وكف عن قتل عيال الناس
في مقصلة قصيدة
أو خجنرٍ مقال
معتذراً بعيشة العيال!
وأخرج على ديانة الريال
وقل : تبرأت انا
من قادة بغال
وشرطة بغال
ومن جيوش عقدت صفقاتها من جيبنا
وجربت كل سلاحها بنا
وأنطلقت تشرب قهوة لدى غاضبنا
ةتقرأ الفنجان كي ينبئها
بموعد القتال!
قلها لهم
قلها فقط
وضع على بعض حروفنا الغلط
واحدة من النقط
فييننا وبينهم بحر دموع ودم
إلا لمن يمشي على الحبال
قلها .. تكن مناضلا
هذا هو النضال!
2
تريد أن تمارس النضال
تعال
أجمع شعارات جميع الانظمه
وأمسح بها(53/104)
وبل على كل تقارير مصير
الامم المتهمه!
وأبصق بوجة قادة الجريمة المنظمة
ذوي الكروش المتخمه
من دمنا المُسال
الفاتحين جرحنا
دكان برتقال!
والقاطعين رأسنا
بسيف رأس مال
من كل ذي عمالة
وكل ذي عقال
والراكبين نعشنا
سفينة في دمنا
كي يهربوا من ساحة القتال!
إمسح بهم
وبل وابصق
وقل
كل الذي عندك من شتائم محترمه
للعاهر المحتشمه
وأنق الكوفيه المكرمه
من مهنة ( السوتيان ) و ( السروال )
في ألف كرنفال
يقيمة ( الاباء ) بأسم طفله
كانت ولا تزال
محشوة برأس مال ( آدم )
معروضة برأس مال ( كارل )!
ثم التقط بضعة أحجار وقل:
((لبيك يا مقاومه ))
واقف لها نافذة المساومه
وأرجم ( اخا شليتة )
مستثمر دجال
يقيم عرش جبنه
من جثث الأبطال
ثم آمش واثق الخطى
على خطى الاطفال
تكن من الرجال
هذا هو النضال!
3
تريد أن تمارس النضال؟
تعال
كُل كثير مسكر قليله حرام
فأعلن الصيام عن إذاعة النظام
وأعلن الصيام عن صحافة النظام
وأعلن التوبه ألف مرة
عن خطب الحكام
صدقت فيه مره .. وسائل الإعلام!
ثم التقط بملقط
ما قيل أو يقال
وأرم به في سلة الزبال
هذا هو النضال!
4
تريد أن تمارس النضال؟
تعال
إغسل ( عسيل المخ )
وآفحص جيداً
تاريخنا العضال
إفحصه بالخيال
خشية أن يعديك إن لمسته
إفحصه تدرن .. ونصفه سعال
تاريخنا يبحث عن تاريخه
تاريخنا ضلال
سطوره سطرها ضرب العصا
وجلده .. ضرب من النعال!
إغسل غسيل المخ
وأنس ما مضى
من قصص طوال
عن مجد غطفان
وعن بأس بني هلال
وعن سيوف اشرقت في حالك الليال
فشاب رأس الليل من اهوالها
وشابت الاهوال
ذلك التاريخ مضى
أحداثه كانت قضا
وأرضه كانت لظى
وأهله كانوا من الرجال
وكل شيء بعده رقص .. رقص على الحبال
ولت الغرب عن أوطاننا
وخلفت من بعدها
جيشاً من النعال
فبعضهم القي في دبابة
وبعضهم القي وسط شارع
وبعضهم حط بباب جامع
وبعضهم حط على الجمال!
هذا هو الحال
وكل ما بدا خلافه انتحال!
فقم بنا
نبصق على تاريخنا
وقم بنا(53/105)
نبرأ من المجد الرفيع المبتنى
بكدح أولاد الزنى
وقم بنا
لنحشر الطبله في خلفية الطبال
هذا هو النضال!
5
تريد أن تمارس النضال؟
تعال
قل : أنني ناجي العلي
والويل لي
إن لم أضع أصابعي العشر
بعيني قاتلي
والويل لي
إن لم أحاسبه على
ما ضاع من مستقبلي
والويل لي
إن لم أعلقه على مشنقة الأجيال!
أني أنا مخترع الحجاره
ومنقذ الثوره من مخالب التجاره
إني أنا مخيم العفه
يا فنادق الدعاره
فالويل لي
والويل لي
إن لم أكن حنظلة في لوزة المحتال
والويل لي
إن بعت قامتي أنا
بقامة التمثال
قل : إنني ناجي العلي
قلها
فليست كلمة كغيرها تقال
بل عبوة ناسفة
تزلزل الجبال
وغيمة نازفة
في دمها يطفىء حره الندى
وتزهر الرمال
قلها تكن مناضلا
هذا هو النضال
شعراء العراق والشام >> بدر شاكر السياب >> صياح البط البري
صياح البط البري
رقم القصيدة : 69190
-----------------------------------
و ذرّى سكون الصباح الطويل
هتافٌ من الديكِ لا يصدأُ
وهزّ الصدى سعفات النخيل
وأشرق شباكنا المطفأ .
هتافٌ سمعناهُ منذ الصغر
سمعناهُ حتى نموت
يمرُّ على عتباتِ البيوت
فيرسم أبوابها و الحُجَر
ولا يهدأُ
إلى أن تسير الحقول
إلينا فنقطف منها الثمر
وعند الضحى و انسكاب السماء
على الطينِ و العشبة اليابسة،
يشقُّ إلينا غصون الهواء
صياحٌ ، بكاءٌ ، غناءٌ ، نداء
يبشر شطآننا اليائسة
بأن المطر
على مهمه الريح مدّ القلوع
هو البطُّ .. فلتهنأي يا شموع
بموتٍ بهِ تعرفين الحياة
بهِ تعرفين ابتسامَ الدموع :
نذوراً تذوبين ، للأولياء .
صياحٌ .. كأن الصياح
ينشّل مما انطوى من رياح ،
سهولا وراء السهول
أزاهيرها في الدجى من نباح
وعند النهار حزاما لقاح
وختمية ما لها من ذبول
ينشّر في شاطئ مشمس
من القي الكثّ غاب له عذبات تطول.
صياح كأجراس ماء ..
كأجراس حقلٍ من النرجس
يدندن و الشمس تصغي، يقول
بأن المطر
سيهطل قبل انطواء الجناح
وقبل انتهاء السفر ...
18 - 3 - 1962(53/106)
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> رب ساعدهم علينا
رب ساعدهم علينا
رقم القصيدة : 69191
-----------------------------------
أدع للحكام
بالنصر علينا
يا مواطن
وأشكر الله الذي ألهمهم موهبة القمع
وإبداع الكمائن
قل : إلهي أعطهم مليون عينٍ
اعطهم ألف ذراع
أعطهم موهبة أكبر
في ملء الزنازين وتفريغ الخزائن!
رب ساعدهم علينا
فهم أثنان وعشرون شريفاً مخلصاً
وإننا ياإلهي
مئتا مليون خائن!
شعراء الجزيرة العربية >> حامد زيد >> التمثال
التمثال
رقم القصيدة : 69192
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عفا الله عن خطا غدر الخناجر والضلوع ابطال
بسامح واتركك تحت الظلام الحالك لحالك
دخيلك وفر دموعك ترى هدر الدموع اذلال
وترى ما فيه أحد يصبر مثل صبري بغربالك
انا عيب علي أنقض كلامي والرجال افعال
واذا قلت اقطع احبالك تراني بقطع حبالك
عشان اكسب هدب عينك تجرعت العذاب اشكال
وليتك ترأف بحالي علشان ارأف بحالك
مسوي في حياتي شي ما يذكر ولا ينقال
حشا حتى العدو وهو العدو ما يعمل اعمالك
تمسيني على الهم وتصبحني على الغربال
تقلطني فناجيلك وتقصر عني دلالك
تحملت التعب لجلك وانا حملي يهد جبال
رحلت من العذاب وما وقفت الا على جالك
علامك كل ما جيك متواضع جيتني تختال؟
معاك اليا متي بصبر وصبري معك يحلالك؟
مثل ما اقبلت لعيونك لزوم تلد لي باقبال
ومثل ما قد حشمتك حس واحشم قلبي اشوى لك
أنا محدن بجابرني أساير معك هالمنوال
ترى لاني تبيع لك ولا ني باصغر عيالك
أنا جيت اعشقك نبض ومشاعر ما اعشقك (تمثال)
أنا جيت اسكنك واحياك وابقى فيك وابقى لك
أنا جيت بظما عاشق تعب يطرد سراب اللال
أنا جيت استفز رضاك من فرقاك والجا لك
أنا ما همت بك عاقل أنا كنت اعشقك بخبال
أنا ما كنت احبك حي أنا كنت اعشقك هالك
تخيل من كثر ما اخاف تلقى للزعل مدخال
أخاف اخطي على طيفك وادوس برجلي ظلالك
تبعتك والعرب تتبع رعود البارق الهمال(53/107)
وانا شفت المطر يتبعك في حلك وترحالك
كأن اللي خلق حسنك خلقني مع جسدك ظلال
وصرت اقرب جسد يمشي معك باقفاك واقبالك
أبي قلبك يحس انه فقد بمحبته رجال
ملكته من هدب عين وخسرت رضاه باهمالك
صحيح ان الفراق اقسى ولكن الوصال محال
أنا صعبن علي أرضي غرورك واضعف قبالك
بعد ما حققت عيني فبعدك للرقاد امال
أعود للسهر؟ -- يا خوي فال الله ولا فالك
ببدل نظرتك فيني واجي لك كل يوم بحال
بكون اقرب من ثيابك عليك ولا تهيا لك
بلمك وانثرك واجمعك وارجع وانثرك باهمال
بخونك وازعلك وارضيك وازعل منك وارضى لك
أبرسم بالثرى وجهك وابدفن صورتك برمال
أبشكي للعرب فرقاك واضحك عند عذالك
أبهديك الوصال فراق واهديك الفراق وصال
بسوي مثل ما شوفك تسوي وافعل افعالك
عشان تعرف من فينا الزعول ومن وسيع البال
أبيك تذوق فنجالي وانا بذوق فنجالك
نصيحة واحتفظ فيها قصر معك الزمن أو طال
أبي تسمع كلامي زين وتحطه على بالك
اذا حبك هبال اطفال لك عندي هبال اطفال
ولا --- وابشر بعد بهبال حب ٍ ما هو بهبالك
واذا قصدك تهين اسمي عشان تشمت العذال
ترى لا انته ولا غيرك --- ولا عشرة من اشكالك
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله الفيصل >> الحرمان
الحرمان
رقم القصيدة : 69193
-----------------------------------
انا وياك يالحرمان في الدنيا غدينا اخوان
مسيرتنا سوا في كل حاضرنا وماضينا
مشينا فوق درب السهد والآلام ولأحزان
حيارى في خضم التيه ماترسي مراسينا
تباشير السعادة عن نظرنا لفها النسيان
وفوق اهدابنا ماتت من الحسرة امانينا
على درب الالم تمشي مواطينا على النيران
ظلام الياس ينشرنا على حبله ويطوينا
ترانيم الهنا في يوم مولدنا غدت صلبان
صلبنا فوقها من غير ماتجني ايادينا
تعوضنا عن البلبل وشدوه نعقه الغربان
وعن غصن الزهر غصن بعكف الشوك يدمينا
هلا باللي يبي ينظر شقوة الانسان
يجي ينظر تجسدها بكل اطوارها فينا
شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> سيدة الأقمار(53/108)
سيدة الأقمار
رقم القصيدة : 69194
-----------------------------------
ما بال سيدة الأقمار ... تبتعد
وأمس كانت على أجفاننا تفدُ ؟
أراقها كوكب في الأفق مرتحلٌ
أم شاقها راهبٌ في الأرض منفردُ؟
فملت الوصلَ .. والأقمار أمزجةٌ
ناريّةٌ .. قلّما وفّتْ بما تعِدُ
***
أوّاه! سيّدةَ الأقمارِ! سيدتي!
أوّاهِ! لو تجد الأقمار ما نجدُ
أوّاهِ! لو تردُ الاقمارُ إن ظمِئتْ
مواردَ الالم الطاغي كما نَرِدُ
أوّاهِ! لو تسكبُ الأقمارُ أدمعَنا
ولو يعذّبُها التفكيرُ والسُهُد
***
أبحرتِ ، سيدةَ الأقمار ،عن رجلٍ
ما زال يبحرُ في أعماقِه الكمدُ
وراعَك الحزنُ في عينيه..مؤتلقاً
وصدّك اليأسُ في دنياه يحتشدُ
أتيتِ تبغين شعراً كُلُّه فرحٌ
أنشودةً عن زمانٍ كلُهُ رغدُ
و جولةٌ عبْرَ أحلام مورَّدةٍ
في هودجٍ بالندى الورديِّ يبتردُ
فما سمعتِ سوى الأشعارِ باكيةً
وما رأيتِ سوى الإنسانِ يرتعدُ
أنا الطموحُ الذي كلّت قوادمهُ
أنتِ الطموحُ الذي يسعى له الامدُ
أنتِ الشبابُ إلى الاعراس مُنطلقٌ
أنا الكهولةُ يومٌ ما لديه غدُ
أنتِ الحياةُ التي تنسابُ ضاحكةً
إلى الحياةِ .. أنا الموتُ الذي يَئِدُ
لا تعجَبي من صباحٍ فيه فُرقتُنا
بل اعجبي من مساءٍ فيه نتّحدُ
***
جميلةٌ أنتِ .. يحدوكِ الجمالُ كما
يحدو اللهيبُ فراشاً نحوه يفِدُ
جميلةٌ انتِ .. عيناكِ الزُمرُّدُ لا
يخبو .. وفي شفتيكِ الكَرْمُ والشُهُدُ
جميلةٌ أنتِ .. في أحراشِ مأسدةٍ
وهل يَعِفُّ -وأنتِ الظبيةُ- الأسدُ؟
***
هو الفراقُ! فماذا تامرين إذنْ؟
أنوحُ؟أصمتُ؟أجري عنك؟أتّئدُ؟
أقول"شكراً"؟ .. أكانت ليلةً هِبةً؟!
يا للكريمة .. إذ تسخو .. وتقتصدُ!
هل التقينا؟ أم الأوهام تعبثُ بي؟
أين التقينا؟ متى؟ ألسبتُ؟ألأحدُ؟
وهل مشينا معاً؟ في أيّ أمسيةٍ؟
في أي ثانيةٍ أودى بها الأبدُ؟
وهل همستِ"حبيبي!"أم سَمعتُ صدى
من عالم الجنِّ .. لم يهمس به أحدُ؟
***
أظنّ ما كان من تأليف راويةٍ(53/109)
تحكي و تنسى .. فباقي الفصلِ مُفتقدُ!
عام 1995م
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> الامل الباقي
الامل الباقي
رقم القصيدة : 69195
-----------------------------------
غاص فينا السيف
حتى غص فينا المقبض
غص فينا المقبض
غص فينا
يولد الناس
فيبكون لدى الميلاد حينا
ثم يحبون على ألاطراف حينا
ثم يمشون
ويمشون
إلى أن ينقضوا
غير انا منذُ أن نولد نأتي نركض
والى المدفن نبقى نركض
وخطى الشرطة من خلف خطانا تركض!
يعدم المنتفض
يعدم المعترض
يعدم الممتعض
يعدم الكاتب والقارىء
والناطق والسامع
والواعظ والمتعظ!
* * *
حسناً أيها الحكام
لا تمتعظوا
حسناً أنتم ضحايانا
ونحن المجرم المفترض!
حسناً
هاقد جلستم فوقنا عشرين عاماً
وبلعتم نفطنا حتى انفقتم
وشربتم دمنا حتى سكرتم
وأخذتم ثأركم حتى شبعتم
أفما آن لكم ان تنهضوا؟!
قد دعونا ربنا أن تمرضوا
فتشافيتم
ومن رؤياكم أعتل ومات المرض
ودعونا أن تموتوا
فإذا بالموت من رؤيتكم ميت
وحتى قابض الارواح
من أرواحكم منقبض
وهربنا نحو بيت الله منكم
فإذا في البيت ..بيت أبيض
وإذا آخر دعوانا ..سلاح أبيض!
* * *
هدنا اليأس
وفات الغرض
لم يعد من أمل يرجى .. سواكم!
أيها الحكام بالله عليكم
أقرضوا الله لوجه الله
قرضاً حسناً
وأنقرضوا !
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> فصل الخطاب
فصل الخطاب
رقم القصيدة : 69196
-----------------------------------
(السلاطين كلاب
السلاطين كلاب )
إشتموا منذ حلول الليل حتى الفجر
لن يهتز كرسي
ولن ينهار باب
( السلاطين كلاب )
هذه الاوساخ
لا يندى لها بالسب وجه أبداً
فأحترموا وجه السباب!
( السلاطن كلاب )
عبثاً
إن البغايا ليس يخجلن
إذا سميتوهن (( قحاب )) !
( السلاطين كلاب )
فأتنم لا تهينون الكلاب!
* * *
أطبقوا افواهكم
يا من تنامون على صحوة ظفرٍ
وتفيقون على يقظة ناب
وأسمعوا فصل الخطاب
السلاطين دمى من ورق
فوق عروش من ورق
تحتها النفط أندلق
بدلاً أن تلعنوهم(53/110)
أشعلوا عود ثقاب!
شعراء الجزيرة العربية >> حامد زيد >> يقولون ما لا يفعلون
يقولون ما لا يفعلون
رقم القصيدة : 69197
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سافرت ضيّ المدينه واسلبت روحي بلاها
أهجرتني وهجفتني تايه مضيّع دليله
هزّت ركون المباني... حسبي الله من جفاها
فرحةٍ جيت أحتضنها واثرها مني جليله
ماهقيت ان القمر يعشق من الدنيا حلاها
لين هوّن من سماه أليا طرا العالم رحيله
مابقا حتى الشجر عزّل من جذوره قفاها
والسحاب المعتلي صرّح من العالي مجيله
سافرت نفح العفافه واحتضن قلبي شذاها
سافرت كل المحبه والأساطير الجميله
مركبي ضيّع مسيره بين تجديفت غلاها
القلب ينوي جداها .. والعمر يرجي سبيله
واصبحت أرضٍ شحيحه ترتجي ديمة غلاها
ترتجي مزنة لقاها ترتجي نسمه هزيله
عبرتي عالخد تجري والعمر يجري وراها
والحزن خيّم بداري زارني وقت الأصيله
هلهلت دلة سنيني " مرحبا بمن هو لفاها
"وامرحت تسقي همومي من فناجيل ٍ هميله
سافرت زهرة شبابي بالسلامه يا عساها
سافرت معها المشاعر والأحاسيس الجزيله
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> حكمه أبي
حكمه أبي
رقم القصيدة : 69199
-----------------------------------
قال أبي
في أي قطر عربي؟
أن أعلن الذكي عن ذكائه
فهو غبي
شعراء العراق والشام >> سميح القاسم >> ألا تشعرين ؟
ألا تشعرين ؟
رقم القصيدة : 69200
-----------------------------------
ألا تشعرين؟....
بأنّا فقدنا الكثير.
وصار كلاماً هوانا الكبير.
فلا لهفةٌ .. لا حنين...
ولا فرحةٌ في القلوب، إذا ما التقينا
ولا دهشةٌ في العيون..
ألا تشعرين؟..
بأنّ لقاءاتنا جامدة.
وقُبلاتنا باردة.
وأنّا فقدنا حماس اللقاء
وصرنا نجاملُ في كل شيءٍ.. وننسى
وقد يرتمي موعدٌ.. جثّةٌ هامدة.
فنكذبُ في عُذرنا.. ثم ننسى
ألا تشعرين؟..
بأنّ رسائلنا الخاطفة.
غدت مبهماتٍ .. قصيرة.
فلا حسّ .. لا روح فيها.. ولا عاطفة.
ولا غمغماتٌ خياليةٌ(53/111)
ولا أمنياتٌ.. ولا همساتٌ مثيرة!
وأن جواباتنا أصبحت لفتاتٍ بعيدة.
كعبءٍ ثقيلٍ..نخلّصُ منه كواهلنا المتعبة.
ألا تشعرين؟..
بدنيا تهاوت.. ودنيا جديدة.
ألا تشعرين ؟..
بأن نهايتنا مرّةٌ .. مرعبة.
لأنّ نهايتنا .. لم تكن مرّةٌ .. مرعبة؟!..
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> أحمد محمد سلامة
أحمد محمد سلامة
رقم القصيدة : 69201
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
في زمن وهمي من الأزمان
كان ياما وياما كان ..
سلطنة وسلطان ..
وف يوم من الأيام ..
يتصفح السلطان جريدة ..
موضوع يسترعي اهتمامه .
أحمد محمد سلامة ..
فرد من أفراد شعبه ..
يائس وأوضاعه صعبه ..
في الصبح يشتغل بواب ..
في مدرسة أطفال ..
وفي الليل يشتغل شيّال ..
عنده ثلاث عيال
فيهم مرض نادرعضال .
ماله علاج إلا فبلدان بعيدة ..
كلفته ما يحتملها وفاقته أصلاً شديدة .
انسدت الدنيا أمامه ..
وارتأى أن الطريقة الوحيدة ..
لفتح أبواب الأمل ..
انه يوجه ندا .. عبر الجريدة ..
لاهل الكرم .. واهل الشهامة
تبرق . في عين سلطان البلاد غمامة .
ويهطل الدمع من عينه ..
يمسح الدمع بكفوفه ..
ويخلع العمامة ..
ويرفع للسما راسه ..
ويقول .
ياربي الفرد الصمد ..
سترك وعفوك ..
ألهتنا عن الناس ..
أمور الحكم والسياسة .
ينادي سلطان البلد :
يا حاجب .
استدعي معالي وزير السلطنة الأول .. رعد .
يجي رعد . ويبدي ولاَءه واحترامه ..
ـ صاحب المجد والكرامة .
سيدي السلطان أمرك ..
ـ أي كرامة يا رعد .. أي كرامة
والمواطن في البلد .. ضايع مقامه ..
اتركك عن هالحكي .. واسمعني زين
هذي مليونين خذها ..
وصلها لمحمد سلامة
أحمد محمد سلامة
خذ الجريدة .. تلقى التفاصيل في الجريدة
لكن اسمع يا رعد .. ما أبي يدري أحد
أحذرك .. لا صحافه .. ولا جرايد
هذي لوجه الله أبيها .
ويعلم الله .. من وراها .
ما أبي مدح وقصايد ..
أرتجي عفو الكريم ..
في يوم بالأهوال زايد .(53/112)
ـ سيدي السلطان خيرك .. في القديم وفي الجدايد
ربي يجزيك المثوبة .. ويعينك بوقت الشدايد
ـ يخرج رعد .. ويستدعي وزير المال والأحوال ..
مرسال .
يجي مرسال .. أمرك معالي وزير السلطنه الأول .
تعال يا مرسال .. فوراً وفي الحال
خذ المليون هذا ..
وسلموه .. للمواطن أحمد محمد سلامه .. من سيدي السلطان
خذ الجريدة .. تلقى التفاصيل في الجريدة
مرسال .. لابد هذا يتم الآن .. فوراً وفي الحال
وبأقصى درجات السرية والكتمان .
هذي أوامر سيّدي السلطان ..
يخرج مرسال .. ويستدعي كبير الحراّس
فراس . يجي فراس
أمرك يا وزير المال والأحوال ..
ـ فراس .. تعال
خذ هذي خمسمية ألف ..
سلموها .. للمواطن أحمد محمد سلامه .. من سيدي السلطان
خذ الجريدة ..
تلقى التفاصيل في الجريدة
خذها الآن ..
فوراً وفي الحال سلمها .. وبأقصى درجات السرية والكتمان
هذي أوامر سيدنا السلطان ..
يخرج فراس .. ويستدعي النقيب ..
حبيب .
يجي حبيب .. أمرك ياكبير الحراس
ـ حبيب تعال ..
خذ هذي المية ألف ..
سلموها للمواطن .. أحمد محمد سلامه .. من سيدي السلطان
خذ الجريدة ..
تلقى التفاصيل في الجريدة ..
خذها الآن سلمها .. فوراً وفي الحال .
وبأقصى درجات السرية والكتمان .
هذي أوامر سيدنا السلطان ..
يخرج حبيب ..
ويستدعي مسئول المساكن
مازن .
ـ مازن .. تعال .. خذ الخمسين ألف هذي
سلموها للمواطن .. أحمد محمد سلامة .. من سيدي السلطان
خذ الجريدة .. تلقى التفاصيل في الجريدة
خذها الآن سلمها ..
وفوراً وفي الحال ..
وبأقصى درجات السرية والكتمان .
هذي أوامر سيدنا السلطان ..
يخرج مازن .. ويستدعي رئيس الحي ..
اللي ساكن فيه أحمد ..
عبد الحي ..
يجي عبد الحي ..
ـ عبد الحي تعال
خذ هالعشرين ألف
سلموها .. للمواطن أحمد سلامه
خذ الجريدة .. تلقى التفاصيل في الجريدة
خذها الآن .. وسلمها لأحمد سلامة
عبد الحي ..
أهم شي السرية والكتمان .
هذي أوامر السلطان ..
يخرج عبد الحي ..(53/113)
ويتوجه لمكتبه في الحي ..
ويستدعي مساعِدُه أمين ..
ـ تعال ياأمين .. تعال .. شوف الجريدة
وخذ الألف هذي ..
سلمها لأحمد سلامه
ساكن هناك .. عمارة في آخر الشارع
جنب مدرسة الكرامة ..
الدور الرابع .. شقة ستة
وديها الآن .. وقل له
هذي من سيدنا السلطان .
واسمع ياأمين ..
احرص على السرية والكتمان .
هذي أوامر السلطان
أمين واقف ورا باب شقة
أحمد محمد سلامة ..
يدق الباب ..
صوت من خلف الباب ..
ـ مين ؟ .
ـ أنا أمين .. مساعد رئيس الحي ..
عبد الحي
يفتح الباب .. أهلين وسهلين ..
ـ هذا بيت أحمد سلامه
ـ نعم أنا أحمد سلامه
ـ أحمد محمد سلامة ؟ ..
ـ أحمد محمد سلامه ..
ـ ممكن إثبات
ـ طبعاً أكيد
ـ فعلاً أحمد محمد سلامة
سيدنا السلطان .. موضوعك استرعى اهتمامه
سيدنا بيسلم عليك
وحب يطمن عليك
وكلفنا ننقل لك رسالة :
سيدنا السلطان .. أدام الله أيامه
يتمنى للأطفال عندك ..
كل الشفا وكل السلامة
مبروك يا أحمد تستاهل .
مع السلامة
شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> الصيف وأنا
الصيف وأنا
رقم القصيدة : 69202
-----------------------------------
يرتحل الصيف..فقوميبنا
نسكب في وداعه دمعتينْ
كان كريماً..طيباً..طيباً
أحبنا محبة الوالدين
هيأ في الشمس لنا مقعداً
وفي ظلال الورد أورجوحتين
وصير البحر لنا منزلاً
فنحن ضيفان على موجتين
وحولّ الرمل إلى لؤلؤٍٍ
نبني به قصراً أو قلعتين
وردني بعد مشيبي فتىً
تعجب من نضرته كل عين
توَّجَنا أنا أمير الهوى
وأنتِ أحلى الغيد في الخافقين
يرتحل الصيف فوالهفتا
على زمان..كغبار اللجين
كان لنا حيناً..وكنا له
فما له أنساب من الراحتين؟
يرتحل الصيف وأبقا أنا
أمشي على الثلج..بخفي حُنين
والثلج في بيتي..وفي أضلعي
وفي قوافيّ..وفي اللمّتين
أبصرني الصيف هنا مرة
أشك أن يبصرني مرتين
1995
1995
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> رجل وحيد
رجل وحيد
رقم القصيدة : 69203
-----------------------------------(53/114)
لو كنت أعرف ما أريد
ما جئت ملتجئا إليك كقطة مذعورة
لو كنت أعرف ما أريد
لو كنت أعرف أين أقضي ليلتي
لو كنت أعرف أين أسند جبهتي
ما كان أغراني الصعود
لاتسألي:من أين جئت،وكيف جئت،وما أريد
تللك السؤالات السخيفة مالدي لها ردود
ألديك كبريت وبعض سجائر؟
ألديك أي جريدة ماهم ما تاريخها..
كل الجرائد ما بها شيء جديد
ألديك-سيدتي- سرير آخر
في الدار، إني دائما رجل وحيد
أنت ادخلي نامي
سأصنع قهوتي وحدي ،
فإني دائما ..رجل وحيد
تغتالني الطرقات.. ترفضني الخرائط والحدود
أما البريد.. فمن قرون ليس يأتيني البريد
هاتي السجائر واختفي
هي كل ما أحتاجه
هي كل ما يحتاجه الرجل الوحيد
لا تقفلي الأبواب خلفك..
إن أعصابي يغطيها الجليد
لاتقفلي شيئا.. فإن الجنس آخر ما أريد
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> لأن الشوق معصيتي
لأن الشوق معصيتي
رقم القصيدة : 69204
-----------------------------------
لا تذكري الأمس إني عشتُ أخفيه..
إن يَغفر القلبَ.. جرحي من يداويه.
قلبي وعيناكِ والأيام بينهما..
دربٌ طويلٌ تعبنا من مآسيه..
إن يخفقِ القلب كيف العمر نرجعه..
كل الذي مات فينا.. كيف نحييه..
الشوق درب طويل عشت أسلكه..
ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه..
جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا..
واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه..
مازلتُ أعرف أن الشوق معصيتي..
والعشق والله ذنب لستُ أخفيه..
قلبي الذي لم يزل طفلاً يعاتبني..
كيف انقضى العيد.. وانقضت لياليه..
يا فرحة لم تزل كالطيف تُسكرني..
كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه..
حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا..
عدنا إلى الحزن يدمينا.. ونُدميه..
مازال ثوب المنى بالضوء يخدعني..
قد يُصبح الكهل طفلاً في أمانيه..
أشتاق في الليل عطراً منكِ يبعثني..
ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه..
ولتسألي الليل هل نامت جوانحه..
ما عاد يغفو ودمعي في مآقيه..
يا فارس العشق هل في الحب مغفرة..
حطمتَ صرح الهوى والآن تبكيه..(53/115)
الحب كالعمر يسري في جوانحنا..
حتى إذا ما مضى.. لا شيء يبقيه..
عاتبت قلبي كثيراً كيف تذكرها..
وعُمرُكَ الغضّ بين اليأس تُلقيه..
في كل يوم تُعيد الأمس في ملل..
قد يبرأ الجرح.. والتذكار يحييه..
إن تُرجعي العمر هذا القلب أعرفه..
مازلتِ والله نبضاً حائراً فيه..
أشتاق ذنبي ففي عينيكِ مغفرتي..
يا ذنب عمري.. ويا أنقى لياليه..
ماذا يفيد الأسى أدمنتُ معصيتي..
لا الصفح يجدي.. ولا الغفران أبغيه..
إني أرى العمر في عينيكِ مغفرة..
قد ضل قلبي فقولي.. كيف أهديه
شعراء العراق والشام >> معين شلبية >> هل يغريك الموت
هل يغريك الموت
رقم القصيدة : 69205
-----------------------------------
هل يغريك الموت
متوّجاً كنفحة طيب
لا وسما بهيا بعدك
هبطت من ورق الغمام
لترسم المعنى
وتبعث من ضباب يديك
رسالة أخرى
ودمعا أبيا.
ها أنت تؤثث عهد الغيب
وترحل في شهوتك الأبدية
ها أنت تحدق ثانية فيَّ
وتحلِّق فوق رياح النور
ها أنت تنضِّب صفوتك الوحشية
وتشحن بالخيط الليلك
علَّ الليلك يعبر طقس الموت
بدون خلاص.
هل يسعفك الموت؟
مِن أيِّ سيوخ طينيٍّ قذفتك العزلة
حتى شسوع العمر؟
مِن أيِّ مجال ناري دفقتك جهات الخلق
نحو مساحيق المنفى؟
مِن أيِّ مهبّ مائي تتشمم رائحة البحر
وتدعو للمطر التائه
في صفحات الرمل؟.
هل يسعفك الموت؟
مِن أين لي عري الإجابة حين يشتعل السؤال؟
مِن أين لي رجع المرايا حين ينكسر القناع؟
مِن أين لي وقع الأغاني حين ينتفض النشيد؟
مِن أين لي
مِن أين لي
ولك البداية والقيامة
فيك يكتمل الهلال!.
لك قمة الرؤيا
مذ مرَّ الهواء على مفارق روحك وانكويت
فاحمل بلادك
رجَّها لو شئت
وهيئ لسيدتي الأنيقة ما استطعت
من البياض المقدسي
فكن جرساً في مملكة الفجر
وكن كالبرق في ملكوت الغسق.
متكئاً على خرائب روحك
مؤجلاً كقمر اليباب وشمس الفقراء
يأخذني البحر تماما
يفتح شباكا خلفيا للغربة
تحملني ينابع الجوع(53/116)
فتجهش فيَّ رائحة الوطن الطافح بالأحزان
ينهمر الوهج بقايا لا أعرفها
يرتعش على الشفتين سؤال:
هل يغريك الموت؟
لا !
هل يغريك الموت؟
لا !
هل يغريك الموت؟
لا !
كيف الرفض..
والموت قميص الروح المتهيِّء
في مهجعك الموعود
كيف الرفض..
وفي القلب مسار يتململ عند الحلم
يا معراجاً يحمل,
فوح ثراها
وعودتك المنتظرة.
شعراء الجزيرة العربية >> حسين احمد النجمي >> بيت على الغيوم
بيت على الغيوم
رقم القصيدة : 69206
-----------------------------------
تعالي نذوب مع الأمنيات
ونزرع في واحة الحزن زهرة
و نقبس من ألق الصبح نوراً
ونسرق من نشوة الدهر عمره
ونجري ونلعب فوق الرمال
فإما تعبنا اتكأنا لصخرة
تعالي نحلق فوق الغيوم
ونرشف من جنة الحب قطرة
دعينا نغني قبيل الغروب
غناء تذوب الترانيم عبره
تعالي نعانق درب الجمال
وننشق من زهر الشوق عطره
سئمت الحياة وحيدا حزيناً
فشاهدت طيفا فسافرت إثره
تعالي نكوِّن بيتا جميلا
على جانبيه زهور وخضره
يكون فؤادي المعذب شطرا
ويكمل قلبك بالحب شطره
******
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> الإبريق
الإبريق
رقم القصيدة : 69207
-----------------------------------
الابريق
لايملك مما يحمله بلة ريق
الابريق
صدئ ظمان متسخ
وعلى طول العمر يريق
الابريق صورتنا اذ نهرق شهدا للرومان وللاغريق ..
شعراء مصر والسودان >> حافظ إبراهيم >> أقضيه فى الأشواق إلا أقله
أقضيه فى الأشواق إلا أقله
رقم القصيدة : 69208
-----------------------------------
أقضيه فى الأشواق إلا أقله
بطئ سرى أبدى إلى اللبث ميله
و ليس اشتياقى عن غرام بشادن
و لكنه شوق امرئ فات أهله
فيا لك من ليل أعرت نجومه
توقد أنفاسى و عانيت مثله
و مل كلانا من أخيه و هكذا
إذا طال عهد المرء بالشئ مله
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> في وادي العبيد
في وادي العبيد
رقم القصيدة : 69209
-----------------------------------(53/117)
ضاع عُمْري في دياجيرِ الحياة
وخَبَتْ أحلامُ قلبي المُغْرَقِ
ها أنا وحدي على شطِّ المماتِ
والأعاصيرُ تُنادي زورقي
ليس في عينيّ غيرُ العَبَراتِ
والظلالُ السودُ تحمي مفرقي
ليس في سَمْعيَ غيرُ الصَرَخاتِ
أسفاً للعُمْرِ، ماذا قد بَقِي ؟
سَنَواتُ العُمْر مرّت بي سِراعا
وتوارتْ في دُجَى الماضي البعيدْ
وتبقَّيْتُ على البحْر شِراعا
مُغرَقاً في الدمْع والحزنِ المُبيدْ
وحدتي تقتلُني والعُمْرُ ضاعا
والأَسى لم يُبْقِ لي حُلماً "جديدْ"
وظلامُ العيْش لم يُبْقِ شُعَاعا
والشَّبابُ الغَضُّ يَذْوي ويَبِيدْ
أيُّ مأساةٍ حياتي وصِبايا
أيّ نارٍ خلفَ صَمْتي وشَكاتي
كتمتْ روحي وباحتْ مُقْلتايا
ليتها ضنّتْ بأسرار حياتي
ولمن أشكو عذابي وأسَايا ؟
ولمن أُرْسلُ هذي الأغنياتِ ؟
وحواليَّ عبيدٌ وضحايا
ووجودٌ مُغْرَقٌ في الظُلُماتِ
أيُّ معنىً لطُموحي ورجائي
شَهِدَ الموتُ بضَعْفي البَشريّ
ليس في الأرض لُحزْني من عزاءِ
فاحتدامُ الشرِّ طبْعُ الآدميِّ
مُثُلي العُلْيا وحُلْمي وسَمَائي
كلُّها أوهامُ قلبٍ شاعريِّ
هكذا قالوا ... فما مَعْنى بَقائي ؟
رحمةَ الأقدارِ بالقلب الشقيِّ
لا أُريدُ العيشَ في وادي العبيدِ
بين أَمواتٍ ... وإِن لم يُدْفَنوا
جُثَثٌ ترسَفُ في أسْرِ القُيودِ
وتماثيلُ اجتوتْها الأَْعيُنُ
آدميّونَ ولكنْ كالقُرودِ
وضِبَاعٌ شَرْسةٌ لا تُؤمَنُ
أبداً أُسْمعُهم عذْبَ نشيدي
وهُمُ نومٌ عميقٌ مُحْزنُ
قلبيَ الحُرُّ الذي لم يَفْهموهُ
سوف يلْقَى في أغانيه العَزَاءَ
لا يَظُنّوا أَنَّهم قد سحقوهُ
فهو ما زالَ جَمَالاً ونَقَاءَ
سوف تمضي في التسابيح سِنوهُ
وهمُ في الشرِّ فجراً ومساءَ
في حَضيضٍ من أَذاهْم ألفوهُ
مُظْلمٍ لا حُسْنَ فيه ، لا ضياءَ
إِن أَكنْ عاشقةَ الليلِ فكأسي
مُشْرِقٌ بالضوءِ والحُبِّ الوَريقِ
وجَمَالُ الليلِ قد طهّرَ نفسي
بالدُجَى والهمس والصمْتِ العميقِ
أبداً يملأ أوهامي وحسِّي(53/118)
بمعاني الرّوحِ والشِعْرِ الرقيقِ
فدعوا لي ليلَ أحلامي ويأسي
ولكم أنتم تباشير الحياة
8-8-1946
شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> الحب والموانئ السود
الحب والموانئ السود
رقم القصيدة : 69210
-----------------------------------
مدخل:
قبل أن ترتعش الكلمة كالطير.
قفي!
وانظري أي غريب
أي مجهول طواه معطفي
وخذي صبوتك الحمقاء عني..
واختفي.
واقفٌ وحديَ في الميدان
والفجر على الأفق حصان
شده الشوق وأرخاه العياء
والمدينة
تتلقى قبلة الصبح بشيء من حياء
وعلى كفيَّ منديلك أشذاء حزينة
آه! ما أقسى طلوع الفجر
من غير حبيب
ورجوعي كاسفا لا شمس عينيك
ولا سحر اللقاء
*
أوَ تدرين لماذا
كلما قربنا الشوق نما ما بيننا
ظل جدار؟
ولماذا
كلما طار بنا الحلم أعادتنا
إلى الأرض أعاصير الغبار؟
ولماذا
كلما حركنا الشعر غزانا النثر
فالألفاظ فحم دون نار؟
أوَ تدرين؟
لأن القلب ما عاد كما كان
بريئا
طيبا كالنبع.. كالفكرة.. في الليل
جريئا
عاد يشكو تعب الرحلة ما بين
الموانئ السود في هوج البحار
الميناء الأول:
كنت بريئا
أهوى الألعاب
أهوى أن انطلق سعيدا
فوق الأعشاب
أن أبني بيتا من رمل
أن أهدمه فوق الأصحاب
ووقفت على هذا الميناء
فوجدت أمامي جَمْع ذئاب
بوجوه رجال
إن حيوا أدمتك الأظفار
إن ضحكوا راعتك لأنياب
وإذا غضبوا أكلوا الأطفال
وتعلمت هناك الخوف
الميناء الثاني:
كنت بريئا
قالت لي أمي لا تكذب
قال أبي الصدق نجاة
وعشقتُ الصدق
صدق العَين.. وصدق القلب
وصدق الكلمات
ووقفت على هذا الميناء
فسمعت الناس ينادون الأقبح
أنت الأجمل!
والأكرم أنت الأبخل!
والبغل أنت الفحل!
واللص عفيف الذيل!
فتعلمت هناك الكذب
الميناء الثالث:
كنت بريئا
لا أملك أوهامي
ونجومي المنثورة في الأفق
ودفاتر شعر أسكنها
وتعشش فيها أحلامي
ووقفت على هذا الميناء
قال الناس : أعندك بيت
غير قوافي الشعر العصماءْ؟
قال الناس: أعندك أرض
غير أراضي الشعر الخضراءْ؟
وأصبت بداء المال(53/119)
الميناء الرابع:
كنت بريئا
فجَّ الإحساس
لا أبصر فرقا بين الناس
الكل سواء
الكل لآدم من حواء
ووقفت على هذا الميناء
فرأيت صغيرا وكبيرا
ورأيت حقيرا وخطيرا
هذا يجلس والناس وقوف
هذا يمشي فتسير صفوف
هذا يستقبله الحجاب
هذا يترك خلف الأبواب
وأصبت هناك بحمى المجد.
خاتمة:
فتنتي ما بيننا قام دجى
من ضياع .. ورياء .. وطموح
عبثا أفتح روحي للهوى
بعد أن عدت إليه.. دون روح
1395هـ
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> امرأة تقول الذي لا يقال
امرأة تقول الذي لا يقال
رقم القصيدة : 69211
-----------------------------------
أنا امراةٌ
تقولُ الذي لا يقالْ
إذا ضحكتْ
ينادي عليها من البحرِ موجٌ
فترحلُ عن شاطئيهِ الرمالْ
أنا امرأةٌ
تصلي على راحتيها الجهاتُ
أنا السرُ في كوكبِ البردِ
في تمتماتِ النجومِ
أنا الريحُ تعصفُ بالكائناتْ
أنا المدُ في الجزرِ
والجزرُ في المدِ
في البدءِ كنتُ
فأعلنتُ موتَ المحالْ
أنا امراةٌ
حين أوحى الإلهُ إلى الطين أن كنْ سويا
تناهت إلى رائعات الخيالْ
وحين اصطفاها الإلهُ من النورِ
أ وحتْ لجنتها أن يكونَ الجمالْ
أنا امرأة
إذا الحلمُ أسرى إليها
إذا النهرُ فاضَ على راحتيها
تجلّتْ على الماءِ سورةَ عشقٍ
وألقتْ على البردِ بردةَ موتٍ
وألقت قصائدَها من مداها
فكانَ الهواءُ
وكانَ المساءُ
وأوحت إلى الصمتِ أن كنْ
فكانْ
وأوحتْ إلى البحر انهضْ
فكانتْ على موجهِ كائناتٌ
وأوحتْ إلى موجةٍ من كلامٍ حزينٍ
فكانَ الرجالْ
أنا امرا ة
إذا السرُ نادى عليها
تنام البدايةُ بين يديها
يصلي على هدبها النورُ فجراً
وينسى على حاجبيها الهلالْ
أنا امرأة تقول الذي لا يقالْ
إذا الوقتُ فاجأها بالغيابْ
توشحُ بالصمتِ رملَ الحكايا
تفاجئ بالموت ظلَّ الخرابْ
تحطم أسماءهم كالمرايا
لتعلن في الظل موت الزوالْ
أنا امرأ ة
تناهت إلى ناطحات الكمالْ
أنا امرأةٌ
برجها لا ...
برجها لا يطال(53/120)
العصر الجاهلي >> امرؤ القيس >> أجارتنا إن الخطوب تنوب
أجارتنا إن الخطوب تنوب
رقم القصيدة : 69213
-----------------------------------
اجارتنا ان الخطوب تنوب
واني مقيم ماأقام عسيب
اجارتنا انا غريبان هاهنا
وكل غريب للغريب نسيب
فأن تصلينا فالقرابة بيننا
وان تصرمينا فالغريب غريب
اجارتنا مافات ليس يؤؤب
وماهو آت في الزمان قريب
وليس غريبا من تنائت دياره
ولكن من وارى التراب غريب
. .
شعراء العراق والشام >> عبدالوهاب البياتي >> إلهي أعدني
إلهي أعدني
رقم القصيدة : 69214
-----------------------------------
إلهي أعدني إلى وطني عندليب
على جنح غيمة
على ضوء نجمة
أعدني فلّة
ترف على صدري نبع وتلّة
إلهي أعدني إلى وطني عندليب
عندما كنت صغيراً وجميلاً
كانت الوردة داري والينابيع بحاري
صارت الوردة جرحاً والينابيع ضمأ
هل تغيرت كثيراً؟
ما تغيرت كثيراً
عندما نرجع كالريح الى منزلنا
حدّقي في جبهتي
تجدي الورد نخيلاً والينابيع عرق
تجديني مثلما كنت صغيراً وجميلا
.
.
شعراء العراق والشام >> سميح القاسم >> تعالي لنرسم معاً قوس قزح
تعالي لنرسم معاً قوس قزح
رقم القصيدة : 69215
-----------------------------------
نازلاً كنت : على سلم أحزان الهزيمة
نازلاً .. يمتصني موت بطيء
صارخاً في وجه أحزاني القديمة :
أحرقيني ! أحرقيني .. لأضيء !
لم أكن وحدي ،
ووحدي كنت ، في العتمة وحدي
راكعاً .. أبكي ، أصلي ، أتطهر
جبهتي قطعة شمع فوق زندي
وفمي .. ناي مكسّر ..
كان صدري ردهة ،
كانت ملايين مئه
سجداً في ردهتي ..
كانت عيوناً مطفأه !
واستوى المارق والقديس
في الجرح الجديد
واستوى المارق والقديس
في العار الجديد
واستوى المارق والقديس
يا أرض .. فميدي
واغفري لي ، نازلاً يمتصني الموت البطيء
واغفري لي صرختي للنار في ذل سجودي :
أحرقيني .. أحرقيني لأضيء
نازلاً كنت ،
وكان الحزن مرساتي الوحيدة
يوم ناديت من الشط البعيد
يوم ضمدت جبيني بقصيدة(53/121)
عن مزاميري وأسواق العبيد
من تكونين ؟
أأختاً نسيتها
ليلة الهجرة أمي ، في السرير
ثم باعوها لريح ، حملتها
عبر باب الليل .. للمنفى الكبير ؟
من تكونين ؟
أجيبيني .. أجيبي !
أي أخت ، بين آلاف السبايا
عرفت وجهي ، ونادت : يا حبيبي !
فتلقتها يدايا ؟
أغمضي عينيك من عار الهزيمة
أغمضى عينيك .. وابكي ، واحضنيني
ودعيني أشرب الدمع .. دعيني
يبست حنجرتي ريح الهزيمة
وكأنا منذ عشرين التقينا
وكأنا ما افترقنا
وكأنا ما احترقنا
شبك الحب يديه بيدينا ..
وتحدثنا عن الغربة والسجن الكبير
عن أغانينا لفجر في الزمن
وانحسار الليل عن وجه الوطن
وتحدثنا عن الكوخ الصغير
بين احراج الجبل ..
وستأتين بطفلة
ونسميها " طلل "
وستأتيني بدوريّ وفلّه
وبديوان غزل !
قلت لي - أذكر -
من أي قرار
صوتك مشحون حزناً وغضب
قلت يا حبي ، من زحف التتار
وانكسارات العرب !
قلت لي : في أي أرض حجرية
بذرتك الريح من عشرين عام
قلت : في ظل دواليك السبيه
وعلى أنقاض أبراج الحمام !
قلت : في صوتك نار وثنية
قلت : حتى تلد الريح الغمام
جعلوا جرحي دواة ، ولذا
فأنا أكتب شعري بشظية
وأغني للسلام !
وبكينا
مثل طفلين غريبين ، بكينا
الحمام الزاجل الناطر في الأقفاص ، يبكي ..
والحمام الزاجل العائد في الأقفاص
... يبكي
ارفعي عينيك !
أحزان الهزيمة
غيمه تنثرها هبة الريح
ارفعي عينيك ، فالأم الرحيمة
لم تزل تنجب ، والأفق فسيح
ارفعي عينيك ،
من عشرين عام
وأنا أرسم عينيك ، على جدران سجني
وإذا حال الظلام
بين عيني وعينيك ،
على جدران سجني
يتراءى وجهك المعبود
في وهمي ،
فأبكي .. وأغني
نحن يا غاليتي من واديين
كل واد يتبناه شبح
فتعالي . . لنحيل الشبحين
غيمه يشربها قوس قزح !
وسآتيك بطفلة
ونسميها " طلل "
وسآتيك بدوريّ وفلّه
وبديوان غزل !!
العصر العباسي >> المتنبي >> وصف أسد
وصف أسد
رقم القصيدة : 69216
-----------------------------------
ورد اذا ورد البحيرة شاربا(53/122)
ورد الفرات زئيره والنيلا
متخضب بدم الفوار لابسا
في غيله من لبدتيه غيلا
ما قوبلة عيناه الا ظنتا
تحت الدجى نار الفريق حلولا
يطأ الثرى مترفقا من تيهه
فكانه اس يجس عليلا
في وحة الرهبان الا انه
لا يعرف تحريما وتحليلا
ويرد عفرته الى يافوخه
حتى تصير الى راسه اكليلا
وتضنه مما تزمجر نفسه
عنها لشدة غيضه مشغولا
قصرت مخافته الخطى فكانما
ركب الكمي الجواد مشكولا
يلقي فريسته ويبربر دونها
وقربت قربا خاله تطفيلا
للا زال يجمع نفسه في زوره
حتى حسبت العرض منه طولا
ويدق بلصدر الحجارة كانه
يبغي الى ما في الحضيض سبيلا
. .
شعراء الجزيرة العربية >> حسين احمد النجمي >> عيناك ِ.. في وقت الرحيل
عيناك ِ.. في وقت الرحيل
رقم القصيدة : 69218
-----------------------------------
.
زيف الرؤى في مقلتيك يقول إنك تكذبينْ
ْوصدى الكلام على شفاهك ذاب من رجع الأنينْ
والذكريات تدثرت وهج الحقيقة من سنينْ
ومضت تسآئل شاطىء الأحزان عن لون الحنين ْ
****
عيناكِ آخر نجمتين توارتا خلف السحابْْ
وتدثرا بين الغيوم على بساط من سرابْ
سمتا إلى قمرٍ تألَّق في حياءٍ ثم غابْْ
وكأنه ألف الحياة على دروب الإ غترابْْ
ْْ***
عيناكِ آخر شمعتين أطلتا عند الرحيلْْ
فأضاءتا ليلي الذي يطوي سراب المستحيلْ
رنتا إلى دربٍ من المجهول لا يروي الغليلْْ
لكنها شمخت إباءً مثلما شمخ النخيلْ
***
عيناكِ قيثاران ينسكبان من لحن المساءْْ
يستأثران بلون أطيافي وشلال الضياءْ
ويذوب في أمواجهنَّ غدي الموشح بالعناءْْ
فتردد الأمواج قافيتي بلحن الكبرياءْ
***
عيناكِ آخر ومضتين من السنا بعد الغروبْْ
رفَّت على رمشيهما لجج الجمال من الطيوبْ
فانساب سحر الشِعر من طرفيهما يسبي القلوبْْ
فهربت من نظراتهنَّ وكان نحوهما الهروبْْ
******
شعراء الجزيرة العربية >> حسين احمد النجمي >> قمرية .. والشاطيء الغربي
قمرية .. والشاطيء الغربي
رقم القصيدة : 69219(53/123)
-----------------------------------
.
قمرية ٌ
والشاطيءُ المسحورُ
يهمسُ للمساء ْ 00
والموجُ يعزفُ 00 ثائراً
ومردداً
أحلى الغناءْ
قمريةٌ
والليل
000فوقَ
الساحل ِ الغربي
00 يرسمُ حلمنا 00
فوق الرمال ْ
وأنا 00 وأنت ِ
نهيم في أحلامنا
نجتازُ 00 دنيا الوهم ِ
نجري 000
فوق دربِ الورد ِ
00بينَ رؤى الخيالْ
***
ما زال إسمك 00
فوق صدر البحرِ ِ
منقوشاً
وفي صدف ِ المحار ْ
مازال طيفكِ 00
من بعيدٍ
نجمة ً
ترنو لها 00 كل القلوبِ
ومن قريبٍ
كالفنار ْ
***
مازال صوتك ِ
من نسيم البحر ِ00
00منساباً
تغنيه النوارسْ
والشَعر
شلالاً
من العطر ِ
المسافرِ
في ظلامِ الليل ِ
زهواً
كالفوارسْ
***
مازلت أذكرُ
ذلك الليل
الذي 000
هدأتْ به
كلُ العيونْ
00 ونامَ فيه
الساهرونْ
وأنا أراقبُ00
موجةَ 00
الدمع ِالهتونْ
من العيونْ
فبقيتُ
يا قمريتي 00
أرنو إليك ِ
00 ولو عتي
تغتالُ ما أبقيت ُ
في قلبي الحنونْ
00 من الظنونْ
***
قمرية ٌ
والحلم نام00 على بساطٍ
من ترانيم الرياحْ
والذكريات
تغذَّ في جفنيَّ
قافلة السهادْ
وتزدري أملاً
وتنكأ
00 كل آلآم الجراحْ
من الصباح ِ
إلى المساءِ
من المساءِ
000 إلى الصباح ْ
***
قمريتي 00
هل ماتَ 00 بين جوانحي
شوقي
00 وغادرني الشبابْ ؟
هل لملمتْ
كفاك ِ
أشلاءً
من العمر الذي
00 ضيعتهُ
خلفَ السرابْ ؟
هل رددتْ
شفتاكِ00قافيةً
من الشعرِ ِ 00 المضمخ ِ
00 بالحقيقة ِ
0000 والعذاب ْ
***
قمريتي لُمي ضياءكِ وارحلي
واستفتحي بابَ الظلام ِِ المقفلِِ ِ
ودعي هناكَ تشرداً 00 لا ينتهي
أيامهُ ترنو إلى المستقبل ِ
واستنهضي المجدافَ بالنغم الذي
هو في ظلامِ اليأس نورُ المشعلِ
وإلى لقاءٍ00 فوقَ ظهر ِ غمامة ٍ
تبكي إلى زمنِ اللقاءِ المقبلِ ِ
*****
شعراء الجزيرة العربية >> حسين احمد النجمي >> شذى الفل
شذى الفل
رقم القصيدة : 69220
-----------------------------------
أشاحت غداة البين بالأعين النجلِ ِ(53/124)
ووارت دموعا كالمزون عن الأهل ِ
وقالت كلاما هامسا وتلعثمت
فلوّن خدر البدر خط من الكحل ِ
أترحل يا من في الحنايا مكانه
وتسمع ما قاله الوشاة من العذل ِ
وتنسى زمانا أمطرت كل ديمة
عليه فأمسى عابقا من شذى الفل ِ
وتغتال قلبا جرحته يد الأسى
أيجرؤ ذو القلب الحنون على القتل ِ؟
ألست الذي يروي بقلبي حدائقا
ويزرع نوّار السعادة من حولي
ويرفعني للأنجم الزهر نجمة
فأسمو عن الحساد في العالم السفلي
فإن أشعل الواشون حولي حرائقا
سأطفئها بالدمع يهطل كالسيل ِ
وأسلك درب العلم نورا يضيء لي
طريقي فأجتاز النيام على الجهل ِ
هو المسلك الاسنى وان أحدقت به
مصاعب تسمو بالنفوس وبالعقل ِ
فلست من الراضين بالدون مطلبا
ولا من رضوا خوف المصاعب بالسهل ِ
فمن طلب الورد المضمخ بالشذى
تحمل وخز الشوك أو حمأة الحقل ِ
من رام طعم الشهد لا يشتهي له
بديلا ولا يرتاع من قرصة النحل ِ
ولا تنجب الأبناء من قد تهيبت
وخافت تباريح الولاة والحمل ِ
فقلت: اقلي اللوم يا ابنة يعرب
فليس بطبعي أن أعاتب أو اقلي
ولا ارتضي ان المح الحزن والأسى
بعينيك او دمع الشجون بها يجلي
ولكن نفس الحر تأبى عليه أن
يقيم ولا لن يستكين إلى الذل
فلا بد أن يمضي كنسر طموحه
إلى القمة الأسى وان هام في السهل
يطير إلى الآفاق في اثر غيمة
ويشتاق للأزهار في روضة تسلي
يغني بها أنشودة الوهم كلما
تنآءت ديار العاشقين عن الوصل
يفيء إلى حلم لتبلى همومه
ولكن تصاريف الليالي له تبلي
يذوب على ترنيمة الوجد نشوة
إذا ما صحا ورد الصباح على الطل
هو العاشق المسلوب قيثارة الهوى
يغني نشيد الحب للريح والرمل
فقالت وداعا أيها الشاعر الذي
يذوب على جمر المعاناة من أجلي
*********
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> العودة
العودة
رقم القصيدة : 69221
-----------------------------------
العودة
وأطلّ وجهك مشرقًا من خلف عامْ
عام طويل ظلّ في عمري يدب كألف عامْ(53/125)
عام ظللتُ أجرُّه خلفي وأزحف في الظلامْ
وعواصف ثلجية تصطكُّ حولي والطريقْ
كانت تضيق كأنها أمل يضيقْ
ويضيع في تيه القتامْ
***
عام طويل ظلَّ يفصلنا به بحر صموتْ
بحر دجت أمواجه وتجمّدت, بحر تموتْ
فيه الحياة وتغرق الخلجات في برد السكوتْ
وأناعلى الشط الأصمِّ
أنا والفراغ وليل وهْمي
أصغي لعل صدى يمرُّ
بي, علَّ شيئًا منك, همسٌ, نبأةٌ,
شيئًا يمرُّ
بي منك عبر مدى السكوتْ
لا شيء, إلاّ وطأة ثقلت وصمتٌ مستمرٌّ
***
عام, ودبّتْ بعده في البحر معجزة الحياهْ
لم أدر كيف, هناك رفَّت بغتة فوق المياهْ
وهفت حمامهْ
زرقاء, في طهر السماء, هفت إليَّ على غمامهْ
وطوت جناحيها وقرَّت في يديّهْ
ورنت إليهْ
وتنفست دفئًا وعطرًا
وشممت فيها منك شيئًا هاجني وجدًا وذكرى
فمضيت ألثم ريشها
وجعلت صدري عُشَّها
وشعرت أنك عدت, أنك في الطريقْ
واجتاحني فرح الغريقْ
حضنتْه شطآن النجاهْ
***
وأطلَّ وجهك من بعيدِ
حلوًا يرف على وجودي
ورأيت أحزاني تموت على تعانُقِ راحتينا
وأضاء في فمك ابتسام
البسمة الجذلي التي أحببتها منذ التقينا
عادت تضيء كأنها قلب النهارْ
وتصب في نفسي فيشربها دمي
ويعبّها قلبي الظمي
ونسيت آلامي الكبارْ
ونسيت في فرح اللقاء عذاب عامْ
عام طويل ظلَّ في عمري يدب كألف عامْ
.
شعراء مصر والسودان >> محمد عفيفي مطر >> حجر الأجيال
حجر الأجيال
رقم القصيدة : 69222
-----------------------------------
يا حجراً أعرفهُ مذْ كنتُ صغيراً ألهو
فوقَ العتبة .
وأدقُّ عليكَ نواةَ المشمشِ والخروبْ
في المدخلِ ..
كنتَ تنامُ عميقاً ..
لا توقظكَ الشمسُ ولا
هَرْوَلةُ الأقدامْ .
كنَّا في شمسِ طفولتنا وصبانا
نصطادُ فراشَ الأحلامْ
وأنا أسألُ صَمْتَكَ :
هل تَتَفَصَّدُ ملحاً - مثلي - أمْ
تنفصَّدُ عَرَقاً من رملٍ أمْ
سوفَ تشيخُ فتنثركَ الأيامْ
فى طرقِ السعي ؟!
وهل صمتُكَ دمعةُ حزنٍ مكْنونةْ
أم زفرةُ يأسٍ أم بهجةُ حلمٍ(53/126)
يتوقَّدُ في أغنيةِ الصمتِ المجنونةْ؟!
كنَّا فى طرقِ السعي نغنّي للعدلِ وللحريةِ
ونفجرُّ في ضَرَباتِ القلبِ بروقاً خُضْراً
.
تَسْطَعُ فى كيْنُونتنا السرِّية
فترانا الأرضُ بشارةً فجرٍ يطلعُ من
تاريخِ الظلمة.
يا حجراً أعرفُه ..
هل كنتَ الموسيقى المخبوءةَ في
شعرِ الشعراءْ
أم كنتَ نداءً كونيّاً يَصَّاعدُ من صمتِ الشهداء؟!
أزْمنَةٌ مرّتْ..
كانت تنثرُ فضَّتَها ورمادَ
كهولتها فى الشِّعْرِ
وَوَهَنِ الخطوةِ
والجسدِ المهزومْ
.
وأنا أسألُ صمتَكَ :
هل صرختُكَ الملساءُ الحُبْلى
تحملها عرباتُ خرابٍ مندفعةْ
ينقلها بنَّاءون لصوصٌ من أعتابِ البيتِ
لبناءِ السجنِ وتَعْليةِ الأسوارْ ؟!
أم هذي الصرخةْ فجرٌ فَضَّاحٌ مكتومْ
سيُشعْشِعُ حينَ يدقُ الولدُ الآتي
- من ظلماتِ الغيبِ-
نواةَ المشمشِ والخروبْ ؟!
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> تذكار
تذكار
رقم القصيدة : 69224
-----------------------------------
بيتنا كان بيت الملاحم
والأغنيات المعتقة الصمت
والأمنيات المحلقة
اشتعلت فى الغزاة تراتيله ذات يوم
فشقت قنابلهم حلقه
فهجرناه حتى دعانا اليه الحنين
دعانا وتاه
وأغنية النصر ترشف أنفاس وردتها وتطن
الحقول لأحلامنا سفن
والمرافىء:تكعيبة الغيم تغفو عنا قيدها فى ابتهاج الشفاه
ولم يزل البيت منذ هجرناه مغتربا
يتسمع أخبارنا
ويلاحقنا عارفوه بحب قديم خبا كوكبا كوكبا
فجأة قال ـ بعناه ـ عم لنا
ورمى بالقروش عصافير أحلامنا
فهوى البرق
وانتصب المنحنى
قال عم لنا
وأقام على بيته باب بيت الجميع
نمر به لا يذكرنا بانجراف الدموع
نمر نرى عمنا قاعدا يتأمل نقشا به
كان يوما يدل على حبه فى قلوب الخلاء الوسيع
فقد كان بابا لبيت الأغاثة والصبر
بيت الأمارة والنصر
بيت الزمان المطيع
نمر نرى عمنا قاعدا يتذكر
والقهر يربط أحجاره حجرا حجرا فوق كاهله
يتعثر، أسراره تتبعثر مصقولة بالثرى(53/127)
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> ايحاء
ايحاء
رقم القصيدة : 69225
-----------------------------------
الليل
غابة النخيل
والقمر سيل عازف على وتر
ومخمل الصمت استجاب للنسيم
حالما بخفقة العطر المقيم فى غدائر المطر
وأنت يا نغما تمنى فارتقى
تحاصرين بالمحيط زورقا
وترسمين فرحة تهب دون عودة الى اللقا
وتخرجين من مغازل الشرر
بهية الغناء شف عودها فخف
رف فاستتر
وتتركين آهة تدور
فرحة تثور
موعدا ليلحق الأثر
وترحلين
والحنين طائر بين الجهات
عائد بذكريات اكتفى بها السفر0
تلفتت خطاى رغم ألفة المكان
وارتبكت زوايا النور فى مطر الثوانى
واستراح الصمت فى حلق الخطر
وأنت لما تبرحى حالى
بتفكيك الأجابة فى السؤال على معارج الصور
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> تجرد
تجرد
رقم القصيدة : 69226
-----------------------------------
تغير وجه المكان
وقلبك لا يتغير
وانسحبت غيمة العمر محفوفة برياح الأغانى
الى واحة الصبر
والطير تركض راحلة تتمنى
فتنحل معنى يلاحق معنى بلا جريان الثمر0
لعينيك آه
وأنت تذوبين فى مطر الأمنيات : شفوفا
معلقة بمسامير أحلامها
وتطلين من غابة العطر كى تشربى الوله
انطفأت ناار أيامنا
واحترقنا بنا
وانتثرنا رمادا ترسب فى كوة المنحنى نابضا بالحياة0
تغير وجه الزمان
وقلبك لا يتغير
والصور الهندسية للقمر العاشق انفردت بارتقاء المشانق
والريح خائفة من جبال الشرانق
أنت التى
هب روحى .. فما كنت أنت
أنا حيرة ضربت فى ربوع التشتت
والشمس هاربة من وحوش الظلام
تغير وجه وجه الكلام
فلم يطرب البلبل الحر للورد وهو يسر لعقد السنا بالغرام
تغير وجه الصباح
فأنفاسه حين هبت على
ذوائبها أحرقت مقلتى
وغاب الشجى فى النباح
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> تفرغ
تفرغ
رقم القصيدة : 69227
-----------------------------------
تغيب وتطلع الشمس
وأنت هناك(53/128)
لاأمل يرافقنى ولا يأس
على حجر تدور الذكريات بقلبى العارى
نجوما للرحيل وغيمة لحقول أفكارى
أظن لبسمة فى البال أجنحة
لعطر دائم الأيغال روضات مفتحة
لصمت هارب التجوال أشواقا مبرحة ستمسك خيط أسرارى
أظن
وغيبتى وطن يعاندنى وأتبعه
الى أن تغرق الظلماء فى شجر تقطعه
وتحمل صوتها السفن
وأنت هناك
لا قمر أنار بفرحة سفرى اليك
ولا نداء شع من وترى وفجر غابة الشوك
وأنت هناك
أذكر بعدما ازدحمت مسافتنا بفرحتنا
وأطلقت الحمام يشق فى صدر الخلا مدنا لنسكنها فتسكننا
رددت الى أغنيتى ممزقة العبير
فقيدة المعنى
وأنت هناك
أنت هنا
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> متابعة
متابعة
رقم القصيدة : 69228
-----------------------------------
لم يزل ظلها مشمسا فى فؤادى
وبسمتها تسكر الصمت بين الهوى والوداد
وأغنيتى يركض الشوق بين فضاءات ايقاعها
مستبدا بسر الصفا والوفا والمراد
بلا أول وبلا آخر
تتهاوى طيور المباخر تالية شعر أفراحها
للخيال المغامر
حين ارتوى القلب أنبت غصنا
يساكنه ويغادره الحب
وهو يهب ويخبو مع السريان المسافر
والألق الحر يشعل أوراده شمعة شمعة
ثم ينثرها دمعة دمعة فى محيط السهاد
وأنت بلا ظلك
البعد ينساك فى الشوك صادحة بى : تعال
أسير
أطير
أشق المحالا
ولا أمسك الصوت من ركضه المتمادى
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> بقايا
بقايا
رقم القصيدة : 69229
-----------------------------------
لم يزل فى فؤادى لفرحتى
مولد الفجر بين شفاه الرماد
توترت الأغنيات ولانت
وصفقت الريح أنفاسها فى غيوم تسامت
وخلفت الصمت موتا يلاحق موتا
وفرحتها تتسلق حلما لها عن مواجعه باختلاف المراد
متى تتمنى فتمسك أحلامها الكلمات؟
متى تغزل المنحنى موجة فى الهواء الجهات؟
متى يتنامى الفضا تحتنا راعش الظل فى مقلتيه التفات؟
تقطرت الفرحة، اشتعلت فأبانت براءتها
وخبت
والبراءة ضاربة فى البعاد
أصيح(53/129)
فتجرفنى الريح فى غمرات السهاد
ـ الى أين ؟
يطلقنى المنحنى فى سماء البلاد
دمى يتقشر عن سفر دائم الشوق
عن قلبه يتقى لوعة باتقاد
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> مرور الكرام
مرور الكرام
رقم القصيدة : 69230
-----------------------------------
مر بى ، قال : تراب
صحت : مالى والتراب
كان بطن الأرض بى محتبلا بعد اضطراب
مر بى
لو مر من قبل احتوانى
كنت أشتاق لرؤياه
وأستشرف ذكراه .. لتنساب الثوانى
كان لى دنيا بلا حزن
وفى أفراحه ثار
ودار البحر فى أعقابه
والرمل غنى واحتوانى
مر بى
قلت: حبيبى .. وسرى روحى بقلبى
فرأيت البسمة النوراء فى عينيه لاتعرف دربى
ومضى
كثفت الأرض بأقواس الهوى أنفاسها
والعطر غنى وانتهى
من بعد ما كان اذا ناديته فى النار يسعى ويلبى
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> سباق
سباق
رقم القصيدة : 69231
-----------------------------------
ظلها راعش فى المرايا
وبسمتها :راقص الصمت نايا
ولما أعد طالعا من جهات الرياح الى غابة السريان
يغادر قلبى لسانى
فأغنيتى تتقصف بين ثبات الهوى وانتشار الثوانى
وخطوى الى حلم غائب ذاب قبل بلوغ الأمان
وذاكرتى تغزل الصمت حرفا فحرفا
لتنسج ثوب البيان
تقدمت أكثر ، لامست بالفرحة العطر
فاشتعلت بالظلام الأمانى
وناديت ، أربكت طير التشتت
فانفرجت غيمة الخفقان عن الظل
عن هجعة الفيضان المعطل خلف زجاج المعانى
عن الشمعة/الدمعة المستقرة تحت ثلوج الزمان
تقدمت
فانفلت الوقت
فالحزن يسبقنى
والأعاصير خلفى تسوق نسيم التمنى بزوبعة لا ترانى
تقدمت
حاصرنى الصمت
واحتملتنى بقايا الحنان
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> انفصام
انفصام
رقم القصيدة : 69232
-----------------------------------
دارت الساقيه
والغمام الرياح تهدهد أطرافه الباكية
والرياحين تخرج من عطرها قمرا قمرا
ثم تدخله سفرا سفرا شمس أحلامها الشاتية(53/130)
والفضاء / البقاء على أهبة الصمت
يغرق فى لجة الوقت شيئا فشيئا
وينسى مواقيت أحزانه
وهى تفجؤه حرة ساريه
للدوائر جمر الأسى المتطاير
يطفو على صفحات الدخان
وينحت ظل الأغانى على اللحظة الخاليه
دارت الساقيه
وثريات أحزانها اختلجت
والثوانى وراء الثوانى مشت
وتقطرت الذكريات الى بسمة صافية
أنة لا تغيب
يحاصرها السريان
يفككها ذرة ذرة فى الفضاء الزمان
وتبقى الأمانى معلقة بتهاويمها الخافية
أينما دارت الساقيه
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> استشراف
استشراف
رقم القصيدة : 69233
-----------------------------------
جهزى شايا وكعكا
تنتقل الراية
فى مشيتهم ينسدل النور على الرؤية
قلت : الأهل والأحباب
انكسر الوقت على درع الخطى
امنح فرحتى ودك
مر الغد بى ، أنكرنى
نعم
انكسر الوقت على درع الخطى
والشاى شظى آخر الدمعات فى عينيه صمت خائف يدنو
امنح فرحتى ودك
تراخت رايه
مر الغد بى ، أنكرنى
ــ آتون
ــ نعم
مروا فرادى كالمجانين ، أناديهم ، فلا يلتفتون
انكسر الوقت على درع الخطى
أطفالى انسلوا الى ألعابهم
والشاى شظى آخر الدمعات فى عينيه صمت خائف يدنو
أناديه ، فيأتى ، نقعد
ــ امنح فرحتى ودك
ــ ودى؟ ، ما معى ود
تراخت رايه
وانكسرت فى هوة الصبر هوت فى ظلمة النسيان
مر الغد بى ، أنكرنى
فالأمس فى كفى قيد
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> نجاة
نجاة
رقم القصيدة : 69234
-----------------------------------
تشتهى أن تموت
ولا تشتهى . عندما ينتهى عمرك .الموت
فى يد أرض معلقة من يد فى السماء
كذا أنت
والموت يأتى بلا ضحك أو بكاء
يثير غبارا على صفحة الريح مختلفا عن لقاء الدجى والضياء
وقد أرسل الموت لحيته تتلمس برد الوجوه
وضم جناحيه كى يدخل القمقم الغسقى
تقول : أموت .. وفى الأرض متسع للحياة ؟
ولا تذكر الغربة الأزلية للروح فى غابة الذكريات
تسير بلا هدف حائر تتصيده(53/131)
وتقول : بموت فقير . الى غنوة تلد الفجر . أدفن سرى
وأمسك شمس اقترابى
وتغترب
الليل يشرب ظلك
والناس منفرطون بأعمارهم
وعلى حافة الوقت يدعوك نجم الى رقصة فى السحاب
هنا وهناك فم الأرض
والشاهد الحجرى
وذكرى تذيب مدامعها الجمر بين شفاه الرثاء
اذا انفجر الوقت
ساقت بداوتها الشمس ترعى بقايا الدماء
هنا أو هناك تجمع فى صورة نفس فبكى سجنه
فتآكل فانحل ما بين طين وماء
تموت فلا تشتهى الموت
خلخلة الضوء تشحن روحك .. حتى اذا اشتعلت
قيل : من كل زوجين فاحمل
وفارت عيون الهواء تقيم لصوتك برجا
فترقى ، تطل على الميتين
وتعرف أن الحياة على ضفتين ، يحاصرها البحر
تهبط تبحث عنك
ولا
وحشة
شعراء المغرب العربي >> عبدالسلام مصباح >> إلى العراق
إلى العراق
رقم القصيدة : 69235
-----------------------------------
-1
عِرَاقُ ...
سَلاَماً ...
سَلاَماً مِنَ الشِّعرِ وَالشُّعَرَاءِ
لِحُلْمٍ يَشُقُّ خُطَاهُ إِلَى مُقْلَتَيْك
لِسِرْبِ طُيُورِ
يَحُطُّ الرِّحَالَ عَلَى رَاحَتَيْك
لِنَخْلٍ
يُغَازِلُ فَجْراً عَلَى ضِفَّتَيْك
لِطِفْلٍ يُخَاتِلُ دَبَّابَةً
لِشَيْخٍ يَهُزُّ جُذُوعَ النَّخِيلِ
فَتُرْسِلُ أَوْرَاقَهَا طَلْقَةً
وَزُغْرُدَتَيْنِ .
-2
عِرَاقُ ...
سَلاَم الْفُصُولِ الْخَصِيبَهْ
وَسَيِّدَةُ الْمَطَرِ
لِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ
لِكَرْكُوكَ وَالْبَصْرَةِ
وَلِلْفَلُّوجَةِ
وَلِلنَّجَفِ الأَشْرَفِ ...
فَتَحْتَ ثَرَاهَا يَنَامُ الشَّهِيدُ
وَمِنْ صُلْبِهَا
يَتَدَفَّقُ نُورٌ وَظِلٌّ
وَيُولَدُ أَلْفُ شَهِيدٍ
فَتُفْرِدُ عَشْتَارُ
لِلْعَاشِقِينَ قُزَح .
-3
عِرَاقُ ...
أَتَيْنَا لِنَنْشُدَ أَشْعَارَنَا
وَفِي الْحَلْقِ جَمْرٌ
وَفِي الْقَلْبُ جُرْحٌ
وَفِي الْحَرْفِ نَارٌ وَثَوْرَهْ
فَهَلْ تَقْبَلِينَ الْغِنَاء
لِيَرْقُصَ عُشْبُ الْبَرَارِي
وَيَكْتُبَ أَسْمَاءَكِ الرَّائِعَهِ .
-4
عِرَاقُ ...
أَتَيْنَا لِنَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا(53/132)
وَنَهْتِفَ لِلْكِبْرِيَاءِ
وَلِلْهِمَمِ الشَّامِخَهْ
وَلِلْوَاقِفِينَ اِنْتِظَاراً
عَلَى صَهْوَةِ الْعَاصِفَهْ
وَلِلْحَامِلِينَ صَلِيبَ الْوَطَن .
-5
عِرَاقُ ...
سَلاَماً ... سَلاَماً
فَنَهْرُكِ لَنْ يَنْضُبَ
وَشَعْبُكِ لَنْ يَهْربَ
وَكُلَّ تَمَاثِيلِ قِشٍّ
" وُقُودٌ لِنَارِك
وَحَبْلُ غَسِيلٍ
عَلَى سَطْحِ دَارِك " **.
شعراء المغرب العربي >> عبدالسلام مصباح >> وردتان و قبلة
وردتان و قبلة
رقم القصيدة : 69236
-----------------------------------
الوردة الأولى
وَرْْدِيٌّ
تزَوَّدَ
مِنْ قِنْدِيلِ الشَّفَقِ
مِنْ زَخَّاتِ الْفَجْرِِ
وَخَضَّب
عُشْبَ الْحُلْمِ
ثُمَّ . . .
تَمَدَّدَ
بَيْنَ هَسِيسِ الشَّفَتَيْنِ .
مِنْ بَسْمَتِها
ثُمَّ . . .
طَوَى أَجْنِحَةً
بَيْنَ شَفِيفِ الْقَلْبِ .
القبلة
نَبْعٌ صَافٍ
مُمْتَشِقٌ
أَطْلَقَ بَيْنَ مَدَارَاتِ النُّورِ
هَدِيلَهُ
طَوَى جَفْنَيْهِ
عَلَى سِرِّ جَلاَلِهِ .
ثُمَّ . . .
طَوَى جَفْنَيْهِ
عَلَى سِرِّ جَلاَلِهِ .
ثُمَّ . . .
طَوَى جَفْنَيْهِ
عَلَى سِرِّ جَلاَلِهِ .
شعراء المغرب العربي >> عبدالسلام مصباح >> زياراتـ
زياراتـ
رقم القصيدة : 69237
-----------------------------------
1-
كَانَتْ تَأْتِيني بَعْضَ مَسَاء
وَعَلَى شَفَتَيْهَا سَيْلُ رُؤَى
أَوْ طُوفَانُ قُبَل ،
تَنْثُرُهَا بَيْنَ يَديَّ
بَيَاضَ قَصِيدَة
مُتْرَعَةً
بِالْحَرْفِ الْمُثْقَلِ بِالتَّمْرِ
وَبِالْجَمْرِ ...
وَتَرَْحَل .
كَانَتْ تَأْتِينِي فِي شَغَبِ الْيَقَظَة
مُوحِشَةً ،
في عَيْنَيْهَا أَلَقُ اْلَحْقلِ ،
خَبَايَا الْغَابَاتِ
وَعُمْقُ الْبَحْرِ ...
وَتَجْلِسُ فِي أَبْهَاءِ الْحَرْفِ
تُغَافِلُنِي
تُشْعِلُ قِنْدِيلَ الْحُبِّ
وَتَخْطِفُ أَحْزَانَ الصَّدْرِ...
وَفِي طَرْفَةِ عَيْنٍ
تَرْحَل .
3-
مُيرْبَلَةً بِالنَّزَوَاتِ
وَبِالطَّيْشِ
وَبِالدِّفْءِ ...
فَتُبَعْثِرُها(53/133)
بَيْنَ الصَّمْتِ الْمُلْتَفِّ
هَمْاً
آهاً
أَوْ بَعْضَ غُبَارَ اللَّحْنِ...
وَتَرْحَل .
4-
كَانَتْ تَأْتِينِي قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ
تَجْلِسُ فِي كَفِّي
َوْ بَيْنَ جِرَاحِي
تَسْبُلُ جَفْنَيْهَا
وَتُلَمْلِمُ أَوْرَاقَ التُّوتِ
تَفُكُّ إِزَارَ قَصِيدَة ،
في غَفْلَه
تَسْلكُ دِرْباً بَيْنَ الأَحْرُفِ
مُثْقَلَةً بِاللَّحنِ الْمَكْنُونِ
وَبِالزَّادِ
وَبِاَلفَرَحِ...
تَنْشدَ أَخْبَارَ الشُّعَرَاءِ
وَأَخْبَارَ الْعُشَّاقِ
وَأَخْبَارَ الْحُلْمِ الْمُوغِلِ
فِي أَحْضَانِ الْغَيْمِ
وَبَيْنَ الْمَاءَيْنِ ،
وَحِينَ يَمُسُّ النُّورُ الْوَاعِدُ
دَاخِلَيْنَا ...
تَرْحَل .
5-
كَانَتْ تَأْتِينِي فِي غَيْرِ مَوَاعِدِهَا
تَمْتَطِي مُهْراً
سُنْبُلَةُ الْحُبِ
لِتُورِقَ فِي أَعْطَافِ الْقَلْبِ
تَوَاشِيحَ
وَأَشْعَاراً...
تَتَفَيَّأُهَا النَّبَضَاتُ الشَارِدَةُ
وَالنَّوْرَسُ
وَالْحُلْمُ...
وَحِينَ أَمِيلُ إلِى عَيْنَيْهَا
لأُِعَانِقَهَا
وَأُبَارِكُ فِعْلَتَهَا
تُسرِجُ خَيْلَ الْبَرْقِ
وَتَرْحَل.
لأُِعَانِقَهَا
وَأُبَارِكُ فِعْلَتَهَا
تُسْرِجُ خَيْلَ الْبَرْقِ
وَتَرْحَل.
شعراء العراق والشام >> سميح القاسم >> طائر الرعد
طائر الرعد
رقم القصيدة : 69239
-----------------------------------
و يكون أن يأتي
يأتي مع الشمس
وجه تشَّوه في غبار مناهج الدرس
و يكون أن يأتي
بعد انتحار القحط في صوتي
شيء . . روائعه بلا حدّ
شيء يسمّى في الأغاني
طائر الرعد
لا بد أن يأتي
فلقد بلغناها
بلغنا قمة الموت
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> حروفي تجلت
حروفي تجلت
رقم القصيدة : 69241
-----------------------------------
إلى حلب عاصمة للثقافة الإسلامية 2006
. .
إذا لم يكن بد من الصمت فالهوى
بريد إلى قلب المحب وما طوى
وقفت بباب فاستوت فيه حيرتي
فأغلقت باب الحرف والحرف بي هوى
توسلت بالريح التي هي صرختي(53/134)
ولملمت أسمائي فحاق بي النوى
أنا اليوم من كهف الرؤى قد حملتني
لأرفو على روحي الرحيق وما حوى
تركت الذي يخفي تواشيح عزلتي
وإن كان صمتي في خفاياي قد غوى
أتيت كمن تقفو خطى السر قبله
وقبلي تجلى غائب السر واستوى
خفضت جناح الصمت حتى وجدتني
فؤادا من الأحلام قد غب وارتوى
لأجلك قد أبدلت صمتي بسكره
وما السكر إلا للمريد وما نوى
حروفي تجلت في قناديل عشقها
وفي ظلها هام النسيمي في الهوى
فدار بها رقص السماح بنشوة
وللروح ياشهباء سرك قد أوى
كأني من الأسرار أسري لقلعة
روى الدهر عنها في المسافات ما روى
أهيم بها مذ كانت الروح طفلة
ومازالت الأضلاع يستافها الجوى
كأني وعين القلب قد حار كشفها
أحار بحسن صاغه الدهر ماذوى
كأنك ياشهباء شمس معارف
تصوغين للدهر الخلود إذا انطوى
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> شاخ الزمان
شاخ الزمان
رقم القصيدة : 69242
-----------------------------------
شاخ الزمان .. و أحلامي تضللني
و سارق الحلم كم بالوهم أغواني
شاخ الزمان و سجاني يحاصرني
و كلما ازداد بطشاً زدت إيمانا
أسرفت في الحب .. في الأحلام .. في غضبي
كم عشت أسأل نفسي: أينا هانا؟
هل هان حلمي .. أم هانت عزائمنا؟
أم أنه القهر .. كم بالعجز أشقانا؟
شاخ الزمان .. و حلمي جامحٌ أبدا
و كلما امتد عمري .. زاد عصيانا
و الاّن أجري وراء العمر منتظراً
ما لا يجيء .. كأن العمر ما كانا!
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> لست ِ إلا
لست ِ إلا
رقم القصيدة : 69243
-----------------------------------
لست إلا..
قطرةً حطّت على مرآة ِ قلبي
وأحتوتني حين غادرتُ الرموشَ الكاذبة ْ
أيها القابعُ في ظل ِ المسافات ِ ...
تمهّل !!!
وأكسر ِ الدمع َ...
لكي تولد َ مني شمعة الحلم ِ الأخيرة...
والبدايات...
وقنديل الأماني الذابلة ْ
ذاك ظني في روايات التي...
خانت على مدخل روحي ضوء َ أمالي الفقيرة
كل ماقد قيلَ في الشعر ِ...
وماسطرتّهُ مني بعشق ٍ..(53/135)
أو غرام ٍ..
أو شعارات ٍ بأوجعي الأسيرة ْ
..(( هي مازالت
وللحظة ِ
كانت.. !!
ثم سوف تكون ُ... !
ثم تكون ُ.. !
ثم تزاحم الأفعال َ والمستقبلَ الماضي
ولا ليس لها غير احتضار ٍ..
وخضوع ٍ..
وانحراف ٍ ..
وقنوت ٍ..
وانحسار ٍ...
في الضلوع ِ الخاسرة ))
أنت لاُتدرك مامعنى التمّني !
لستَ تنعاني ..
ولا الأكفانُ تغشاني
فكن ماأنت ُتشبههُ ... وكن لي..
بعضَ بعضي وحروفي الساقطة
لست ِ إلا قطرة ً ذابت على مرآة ِ نزفي ...
لفظتني..
حين عانقت ُ القلوب الخاوية
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> ماذا أصابك يا وطن
ماذا أصابك يا وطن
رقم القصيدة : 69244
-----------------------------------
أنا من سنين لم أره
لكن شيئا ظل في قلبي زمانا يذكره ..
***
عمي فرج ..
رجل بسيط الحال
لم يعرف من الأيام شيئاً
غير صمت المتعبين
كنا إذا اشتدت رياح الشك
بين يديه نلتمس اليقين ..
شيء في جوانحنا يضل .. ويستكين
كنا إذا حامت علي الأيام أسراب
من اليأس الجسور نراه كنز الحالمين ..
كم كان يمسك ذقنه البيضاء في ألم
وينظر في حقول القمح
والفئران تسكر من دماء الكادحين
***
عمي فرج ..
يوما تقلب فوق ظهر الحزن
أخرج صفحة صفراء إعلانا بطول الأرض
يطلب في بلاد النفط بعض العاملين
همس الحزين وقال في ألم :
أسافر .. كيف يا الله
أحتمل البعاد عن البنية .. والبنين ؟ !..
لم لا أحج .. فهل أموت ولا أري
خير البرية أجمعين ..
لم لا أسافر .. كلها أوطاننا ..
ولأننا في الهم شرق .. بيننا نسب ودين .
لكنه وطني الذي أدمي فؤادي من سنين
ما عاد يذكرني .. نساني ..
كل شيء فيك يامصر الحبيبة
سوف ينسي بعد حين ..
أنا لست أول عاشق نسيته هذي الأرض
كم نسيت ألوف العاشقين ..
***
عمي فرج ..
قد حان ميعاد الرجوع إلي الوطن
الكل يصرخ فوق أضواء السفينة
كلما اقتربت خيوط الضوءعاودنا الشجن
أهواك يا وطني ..
فلا الأحزان أنستني هواك ولا الزمن
عمي فرج ..
وضع القميص علي يديه(53/136)
وصاح : يا أحباب لا تتعجبوا
إني أشم عبير ماء النيل فوق الباخره
هيا احملوا عيني علي كفي
أكاد الآن ألمح كل مئذنة
تطوف علي رحاب القاهره ..
هيا احملوني
كي أري وجه الوطن ..
دوت وراء الأفق فرقعة
أطاحت بالقلوب المستكينه
والماء يفتح ألف باب
والظلام يدق أرجاء السفينه
غاصت جموع العائدين تناثرت
في الليل صيحات حزينه
***
عمي فرج ..
قد قام يصرخ تحت أشلاء السفينه
رجل عجوز
في خريف العمر من منكم يعينه
رجل عجوز ....آه يا وطني
أمد يدي نحوك ثم يقطعها الظلام
وأظل أصرخ فيك : أنقذنا .. حرام
وتسابق الموت الجبان ..
واسودت الدنيا وقام الموت
يروي قصة البسطاء
في زمن التخاذل والتنطع والهوان ..
وسحابة الموت الكئيب
تلف أرجاء المكان
***
عمي فرج ..
بين الضحايا كان يغمض عينه
والموج يحفر قبره بين الشعاب .
وعلي يديه تطل مسبحة ويهمس في عتاب
الآن يا وطني أعود إليك
توصد في عيوني كل باب
لم ضقت يا وطني بنا
قد كان حلمي أن يزول الهم عني .. عند بابك
قد كان حلمي أن أري قبري علي أعتابك
الملح كفنني وكان الموج أرحم من عذابك
ورجعت كي أرتاح يوما في رحابك
وبخلت يا وطني بقبر يحتويني في ترابك
فبخلت يوما بالسكن
والآن تبخل بالكفن
ماذا أصابك يا وطن ..
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> انشودة الجن
انشودة الجن
رقم القصيدة : 69245
-----------------------------------
قم يا طرير الشباب
غنِِ ِ لنا غنِِ ِ
يا حلو يا مستطاب
أنشودة الجن
وأقطف لى الأعناب
وأملأ بها دنى
من عبقري الرباب
أو حرمِ ِ من الفن ِ
صِح فى الرُبى والوهاد
واسترقص البيدا
وأسكب على كل ناد
ما يسحر الغيدا
وفجر الاعواد
رجعاً وترديدا
حتى ترى فى البلاد
من فرحةٍ عيدا
وامسح على زرياب
واطمس على معبد
وأمش ِ على الاحقاب
وطُف على المربد
وأغش كنار الغاب
فى هدأت المرقد
صور على الأعصاب
وأرسم على حسي
جمالك الهياب
من روعة الجرس ِ
واستدنِ ِ باباً باب
وأقعد على نفسي
حتى يجف الشراب(53/137)
فى حافةِ الكأس
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> ملاحن فيها الهوى والألم
ملاحن فيها الهوى والألم
رقم القصيدة : 69246
-----------------------------------
وداعاً هزار الربى والأكم
أريش الجناح وسيق القدم
يطوف بالقلب شتى المنازع
هذا يطول وهذا اقتحم
وذكرى تجيء وأخرى تمر
وليل تقضى وفجر ألم
أمسترجع أنا بعد الشباب
سني الصبا وأدكار الذمم
أفضت من الحجر فيمن أفاض
وزايلت مهدي فيمن برم
أرواح في صبية وادعين
سواسية كضغار النعم
وأغدو على البكر المشرقات
اليك وفي الحالك المدلهم
بجانحة الفجر فوق الوهاد
وغاربة الشمس بين القمم
يصعد بي خافق في الفضاء
يسوق الصبا ويقود الهرم
جناحاه يخترقان الوجود
وعيناه تقتنصان العدم
على متن هافية الصباح
مسومة ما بها من سأم
رخاء كمثل انحدار النعيم
على وجنتي رخوة المستلم
على من مقرب من سريع الخيال
وخاطرة من بهيج النعم
وسابحة من بنات الأوز
ورفاقه من بنات الرخم
وطلق من الفكر حر يطيف
بدنيا الفنون ودنيا النغم
يطير الى الدهر بي والقرون
ويوغل بي في زوايا (أرم)
وفي الفكر مركبة للنفوس
وفي الأرض مدرجة للقدم
الى (ندوة) كمطيف الرجاء
منضرة كبليغ الكلم
الى (مجلس) نطف بالدعاء
تصان الحقوق به والحرم
الى (معهد) أنت يمنى يديه
قداماه انت قسا أو رحم
تطير به صعداً للسماء
لنبع بها دافق بالحكم
لينهل من نبعها المستفيض
هدى أمماً ويقيناً أمم
تدفعه في سبيل الخلود
وتقحمه في مجال العظم
درجت بكفيك حتى انفرد
أناصب دهرى حمداً وذم
وها أنا في سروات الشاب
على جانح مستشيط أحم
أطل على فائت في صباي
فالمح بارقة من شمم
أرى لك بين الصبا المسترد
مآثر خفاقة كالعلم
وألمح فجراً من الذكريات
يبدد من جانبيه الظلم
((حسين)) اناتك ان تستخف
وريث فؤادك ان يضطرم
نزعت مع الفكر حر الفؤاد
الى غاية فى ضمير العد
منازع ذي مذاهب في الوجود
خطير وذي شرعة في القلم
أراك تفكر..ماذا لديك
لعلك تمخر في كل يم(53/138)
يطل بعينيك جو يشيع اللجاج
به ويشيع القتم
أراك تفكر..ماذا لديك؟
أرى عثيراً في الفضاء استلم
أرى ثورة وأرى أنفساً
ظماء كآمالها..تحتدم
على عارضيك خيال المظفر
في بأسه ووقار الحكم
وفي ناظريك سهوم المفكر
آونة.. وسؤال الأصم
تحاول في الكون مجد الغزاة
وكم ذا تحاول مجداً وكم
وتحلم بالملك..بالطموح..
ويا للسمو.. ويا للشمم
وترمي بنفسك بين الهواجس
في زاخر للأماني خضم
اذا ارتطمت موجة بالحياة
رميت بنفسك في المصطدم
*
وما تلك في جنبات الطريق
قذفت بها كانفجار الحمم
وألهبتها ثورة في البلاد
على جانبيها يشب الضرم
تأكل أغرارها الواهمين
وتسحق من كبرياء((العمم))
تنظر نواجمها في الطباع
وعقبى نتائجها في الشيم
*
كأنى بمصر وقد لامست
يداك مقطمها والهرم
تمد يداً من وراء الحياة
وأذرعة من وراء الرجم
تعانق فيك العبقرى
وتكبر رمز الشباب القدم
وما مصر لوا عوادى الحياة
بمجدبة من دعاة الكرم
ولما اعتزمت لمصر الذهاب
وآن لرأيك ان ينحزم
جنحت الى مزهري فانتزعت
ملاحن فيها الهوى والألم
شددت بكفيك اوتارها
واودعت فيها شجى النغم
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> يؤلمنى شكي
يؤلمنى شكي
رقم القصيدة : 69247
-----------------------------------
ما كنت أوثر فى دينى وتوحيدي
خوادع الآل عن زادي ومورودي
غررن بى وبحسبى أن روايتى
ملأى هُريقت على ظمأى من البيد
أفرغتها و برغمى انها انحدرت
بيضاء كالروح فى سوداء صيخود
ورحت لا انا عن مائ بمنتهل
ماء ولا انا عن زادى بمسعود
أشك ويؤلمنى شكى وابحث عن
برد اليقين فيفنى فيه مجهودي
وكم ألوذ بمن لاذ الانام به
وأبتغي الظل فى تيهاء صيهود
الله لي ولصرح الدين من ريب
مجنونة الرأي ثارت حول معبودي
ان راوغتنى فى نسكي فكم ولجت
بى المخاطر فى دينى وتوحيدى
شعراء مصر والسودان >> أحمد كمال زكي >> طقوس ما قبل الخروج
طقوس ما قبل الخروج
رقم القصيدة : 69248
-----------------------------------
( 1 )(53/139)
لَنْ أَحْرِقَ بَعْدَ اليَوْمِ بُخُوْرًا
في حَضْرَةِ صَاحِبَةِ الوَجْهِ المُوْغِلِ في أحْلامِيْ.
لَنْ أخْضَعَ لِتَمَاثِيْلِ العِشْقِ البَلْهَاءْ
فَأَصِيْرَ كَعُبَّادِ الشَّجَرِ أوِ النَّارْ..
و أُقَدِّمَ قُرْبَانَ الحُبِّ العُذْرِيّْ
لِعُيُوْنِ الصُّبْحِ المَلآنَةِ شَوْقاً..
لِتَبَارِيْحِ الوَجَعِ الأبَدِيّْ..
و تَوَارِيْخِ العِشْقِ المُتَغَلْغِلِ في أوْهَامِ العُشَّاقْ !
لَنْ أَنْظُرَ في عَيْنَيْكِ اليَوْمَ كَكُلِّ صَبَاحْ
و سَأَرْحَلُ مِنْ عَالَمِكِ الأُسْطُوْرِيّْ
صَوْبَ الوَطَنِ الغَارِقِِ- ثَمِلاً - في الأضْدَّادْ !
وَطَنٌ بِلَوْنِ الأُقْحُوَانْ أَسْكَنْتُهُ يَوْمًا لِجَانْ
فَأَتَى و قَدْ أهْمَلْتُهُ مِنْ بَعْدِ عَامٍ تَلْوَ عَامْ
لِيَقُوْلَ عَلِّيْ أَنْصِفَهْ و أَرُدَّ لِلْقَلْبِ الأمَانْ:
وَطَنٌ بِحَجْمِ المُشْتَرِيْ سَيَضِيْقُ مِنْ غَيْرِ الحَنَانْ
( 2 )
أَفْكَارِيَ المَصْبُوْغَةُ بِالسُّحْمَةِ
تَتْرَى..
تَتَقَاذَفُنِيْ الأوْهَامُ / الأحْزَانُ / الأحْلامْ
فَتَصِيْرُ الكَلِمَةُ دَرْكًا.. أَهْبِطُهُ..
و يَصِيْرُ الوَقْتُ دُخَانْ !
أَتَمَلْمَلُ مَا بَيْنَ الأَسْوَدِ و الأسْوَدْ
( فَالأُفْقُ كَقَرْنِ الخَرُّوبْ )
و الكَوْنُ المُتَعَنْكِبُ / كَوْنِيْ
يُفْزِعُنِيْ.
لا أعْرِفُ أيْنَ تُهَاجِمُنِيْ
تِلْكَ الشَّمْطَاءْ ؟!
لا أعْرِفُ كَيْفَ يَصِيْرُ الصُّبْحُ مَسَاءْ ؟!
قَلْبٌ بِلَوْنِ السَّوْسَنَاتْ أَسْكَنْتُهُ سِتَّ البَنَاتْ
سَمَّيْتُ قَلْبِيَ بِاسْمِهَا و وَسَمْتُهَا أَحْلَى السِّمَاتْ
ثُمَّ اسْتَحَلَّتْ غَدْرَهَا و أَتَتْ لِقَلْبِيَ بِالسُّهَادْ
أَضْحَتْ حَيَاتِيَ سُحْمَةً فَتَخَطَّفَتْنِيْ يَدُ السُّكَاتْ !
( 3 )
... و لَسَوْفَ أرْحَلُ مِنْ تَجَاوِيْفِ الحَيَاةْ.
أخْرَجْتُهَا مِنْ مَقْلَتَيّْ..
أَطْبَقْتُ جَفْنَيْ في سَلامْ،
و اسْتَسْلَمَتْ رُوْحِيْ لِفِكْرَةِ الخُرُوجْ(53/140)
لِلْمُنْتَهَى !
أَنْتِ هُنَاكْ ، و أنَا هُنَا نَشْتَاقُ دَوْمًا لِلْهَنَا
و شَذَا عَبِيْرِكِ يَأْتِنِي كَشَذَا زُهُوْرٍ مِنْ "أنَا"!
بِاللهِ لا تَتَعَلَّلِيْ
لا تُطْلِقِيْ بَيْنَ الشَّرَايِيْنِ الأَمَلْ
لا تُخْرِجِيْ مِنْ بَيْنِ أَضْلاعِيْ
الأَلَمْ.
فَلَقَدْ رَضِيْتُ بِعِلَّتِيْ
و اسْتَسْلَمَتْ رُوْحِيْ ..
لِفِكْرَةِ الخُرُوجْ..
لِلْمُنْتَهَى...
شعراء مصر والسودان >> أحمد كمال زكي >> بقايا الروح
بقايا الروح
رقم القصيدة : 69249
-----------------------------------
الدِّيكُ أثارَ حفيظتُهُ اليومَ نهيقُ أتانٍ حُبْلَى
فأثارَ حفيظةَ كُلِّ البيتِ ، الدِّيْكُ !
و أثارَ جُفونيَ فانسكبَ الضوءُ الباهِتُ في قاعِ عيوني.
الآن أشدُّ بقايا الروحِ اللاهيةِ
من أشلائي.
تدخُلُني.
تتوزَّعُ في أعضائيَ بمرونةِ أسدٍ حاذقْ.
أتمطى.
أبتلعُ الشمسَ بجوفي.
آكُلُ بضعَ سحاباتٍ بِيْضٍ.
و يغيبُ الضوءُ الكاشفُ من عينيَّ حثيثا
لأُجسِّدَ صورةَ عِشقي
بحروفِ الآه.
شعراء مصر والسودان >> أحمد كمال زكي >> غبار
غبار
رقم القصيدة : 69250
-----------------------------------
سَأبقَى صَرِيْعاً
على بَابِ هيكلكِ الطَّوْطَمِيْ
و أسْكُبُ في مَاءِ عَيْنَيْكِ شَوْقِي
و تَوْقِي.
عَلامَ التنفسُ..
إذا كُنتُ أبقى بدونكِ يوماً ؟
علامَ انسحالِيَ شوقاً و عشقًا
لقلبٍ تَرَبَّى على الهجرِ دومًا ؟
و كيف - اصدُقيني - سأرسمُ في الأفقِ حُلمًا قشيبًا
و قلبي.. خَرَابٌ.
و روحي.. خَرَابٌ.
و عمري.. خَرَابٌ.
و كلُّ المآقي التي سيَّجتني.. سَرَابٌ،
سَرَابْ !
* * *
أنا في فؤادي
أقبعُ بين الطُّلولِ..
و أنتِ..
على قمةِ الوقتِ تصعدُ روحُكِ
و تسكُبُ في قيظِ عمريَ
حُمَمًا
و تغرسُ في ظهريَ النَّصلَ حتى الثُّمَالَةْ.
لماذا الحنانُ يصيرُ ذئابا ؟
و في لوعةِ الفقدِ أبقى
و أبقى بلوعةِ فَقْدِيْ
سَرَابَا !
* * *
أُناديكِ لكنَّ صَوْتِيَ يَهْوِيْ(53/141)
و يَهْوِيْ ببحرِ عيونِكِ.. كلُّ اندهاشي.
أحبُّكِ حتى التلاشِيْ..
و أنتِ بقلبِكِ يعلو غبارٌ
و تَخْمِشُ وجهَ البراءةِ فيكِ الهمومُ.
لماذا الهروبُ يُعربِدُ فيكِ ؟
و يرسمُ في قاعِ عينيكِ توقًا
لقلبٍ أحبَّكِ حتى تَدَلَّهْ
و حين استجابَ لبوحِ العيونِ
طَعَنْتِ المآقيَ بالاندهاشْ.
حرامٌ عليكِ
دعيني أبدِّدْ هذا الغبارْ
و أرسمُ في حُزنِ عينيكِ فَرْحًا بهيَّا
فقبلَكِ لمْ تهوَ رُوحيَ رُوحَا
و لم يَهْوَ عقليَ قبلكِ عقلا.
دعيني أُجرِّبْ
و لا تبخلي حتى بالتجربةْ
فأنتِ التي حرَّكتْ أبحُرِيْ
و أنتِ التي أدخلتني الحياةْ
و أنتِ التي ألقتِ القلبَ في المَعْمَعَةْ
و لم أعرفِ العشقَ قبلَ عشقتُكْ
و لم أعرفِ الحبَّ قبلَ رأيتُكْ
و لم تُبْكِنِيْ قَبْلَ أنتِ امرَأةْ !
شعراء مصر والسودان >> أحمد كمال زكي >> أنثى
أنثى
رقم القصيدة : 69251
-----------------------------------
البنتُ الواقفةُ بنافذةِ القلبِ
تُضئُ اللحظةَ بنعومةِ أنثى ،
و براءةِ نهدينِ صغيرين.
البنتُ تُفَرِّغُ في أحلاميَ دفئا
و الدِّفءُ الناتئُ من بَصَّتِهَا الحُبْلَى
يرسمُ في قيظِ عيونيَ نهرًا
و تُثيرُ رياحُ محبتِها أفراحي.
البنتُ المشعلةُ الوقتَ تراوغُ قلبي
و تصبُّ بعينيَّ عبيرًا
فيصير القمرُ الباصصُ نحوي
أيقونةَ عشقٍ مُلتاعٍ
يلتمسُ الفرصةَ ليلاقيَ عشقًا ملتاعًا آخر !
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> الله
الله
رقم القصيدة : 69252
-----------------------------------
(الله نور السموات والارض مثل كمشكاة فيها مصباح ...)
مدهش ذكره مخيف الأداء
خير ما فى الوجود من أسماء
كوكب يزحم الفضاء ودُريُ
مفيض على جبين السماء
قيل لى عنه فى الزمان وحُد
ثتُ به فى سريرة الآناء
صفه رعداً مجلجلاً فى السمو
ات وصوتاً مدوياً فى الفضاء
هو ان شئت محض نار و نورٍ
وهو ان شئت محض برد وماء
ظِن أدنى الظنون فى قربه منك
و أقصى ما شئت من علياء(53/142)
تلقه فى الحياة أدنى الى نفسـ
ك منها اليك فى الإصغاء
خطرات من هاجس او مطيفاً
من خيال او غامض من دعاء
كل شئ لديه فى مستقر العلم
عَداً .. وُرقعة .. الإحصاء
فتفلتَ من يدي وسبّحتَ
بديئاً..لأولِ ِ ... الأشياء
قال: فى رقة الصوامع او
لوعة بيض المساجد الغراء
هى لله مخلصات وكم تعقب
بِدعاً منازع الاهواء
وهنا راهب من القوم ثوار
لمجد الكنيسة الزهراء
قلت: ما وهب فى الزمان
وما شأن الفتاتين بالجلال المضاء
بنت وهب ماذا بها من مراح
الغيب او مغتدى عيون القضاء
أهو الله فى القلوب وفى الأنفاس
والروح والدُجى والضياء
يا لك الله من مشايعة الفكر
وللحق من هوى الاراء
ثم أيقنت مؤمناً ثم ما
أدرى وكم ذا لديك من لأواء
ايها الرعد قاصفاً أيها
الليث معجاً مدوماً فى العراء
علقتنى من ظلمة الطين
ما أقعدنى عن رحابك البيضاء
قلت: زدنى فقال:أجهل إلا
صوراً اوغلت عُلاً فى الخفاء
فتفلتَ من يدي وسبّحتَ
بديئاً..لأولِ ِ ... الأشياء
أين مرقى سمائه ؟اين ملقى
قدسي الصفات والأسماء
قال: فى رقة الصوامع او
لوعة بيض المساجد الغراء
لم تشدها يد الفنون ولا صاغت
محاربيها يد البناء
كلمات مبثوثة فى الفضاء الر
حب من مساجد ومن صلاء
هى لله مخلصات وكم تعقب
بِدعاً منازع الاهواء
ها هنا مسجد مغيظ على ذى
البيع الطهر والمسوح الوضاء
وهنا راهب من القوم ثوار
لمجد الكنيسة الزهراء
كلها فى الثرى دوافع خير
بنت وهب شقيقة العزراء
قلت: ما وهب فى الزمان
وما شأن الفتاتين بالجلال المضاء
ألحواء مدخل فى مجاري
صور القهر أو مجالى السماء
بنت وهب ماذا بها من مراح
الغيب او مغتدى عيون القضاء
ما لعذراء بالاله.. ما للقدس
من آدم ومن حواء
أهو الله فى القلوب وفى الأنفاس
والروح والدُجى والضياء
أم هو الله فى الثرى عند
عزرائيل وقفاً على قلوب النساء
قال: كلتاهما من النور تفضى
بنبي من رحمة وواخاء
والنبي العظيم فى الارض انسا
ن السموات آلهي الدماء
صلة الارض بالسماء وصوت(53/143)
الحق فيها ومستهل الفضاء
يا لك الله من مشايعة الفكر
وللحق من هوى الاراء
برح الشك فى الفؤاد فآمنت
ولكن فى ريبةٍ ورياء
ثم أيقنت مؤمناً ثم ما
أدرى وكم ذا لديك من لأواء
قلت: يا نور يا مفيضاً على
العالم ذوبا من روحه اللألاء
ايها الرعد قاصفاً أيها
الليث معجاً مدوماً فى العراء
ايها البحر زاخراً والأواذي
دافقات فى صفحة الماء
علقتنى من ظلمة الطين
ما أقعدنى عن رحابك البيضاء
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> قلب الفيلسوف
قلب الفيلسوف
رقم القصيدة : 69253
-----------------------------------
مغداك فى حجر الآباد مغداه
وفوق دنياك فى الأيام دنياه
ودون مغناك من ابهاء شامخة
كوخ (النبي) وفي غلواء مغناه
أطل من جبل الاحقاب محتملاً
سفر الحياة على مكدود سيماه
عاري المناكب فى اعطافه خلق
من العطاف قضى إلا بقاياه
مشى على الجبل المرهوب جانبه
يكاد يلمس مهوى الارض مرقاه
يدنو ويقرب من مندك الذرى أبداً
حتى رُمي بعظيمس فى حناياه
منبأ من سماء الفكر ممسكة
على الرسالة يمناه ويسراه
يرمي سواهم انظار منفضة
أقصى العوالم من عينيك عيناه
أوفى على الارض مأخوذاً وطاف
بها مشرد النفس لا مال ولا جاه
يطوى ويظمأ حتى ما تبين على
ما فيه من حرقات الجوع ساقاه
يستفسر الناس ماذا عند عالمهم
وليس يعرف شيئاً عن طواياه
يا ناصح الجيب لم يعلق به وضر
من الحياة ولم يأخذ بنجواه
هنا العدالة فى اسمى معالمها
مسود دميت بالظلم كفاه
****
ومر يضرب فى الدنيا على ألم
ضاف وتوغل بين الكون رجلاه
يثور بين حنايا صدرة ألم
ضخم الجوانب لم يسعد بعقباه
واح يجمع أطمارا مرفأة
مزيفة عريت منهن عطفاه
حتى أتى جبل الاحقاب وهو به
أحفى وأحدب فأستبكى فآساه
وقام بين الرعان البيض ملتفتاً
يصيح فى الارض من اعماق دنياه
فى موضع السر من دنياى متسع
للحق أفتأ يرعانى وأرعاه
هنا الحقيقة فى جنبي هنا قبس
من السموات فى قلبى هنا الله(53/144)
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> اليقظه
اليقظه
رقم القصيدة : 69254
-----------------------------------
فى الليل عمقُ وفى الدجى نفق
لو صُبَ فيه الزمان لابتلعه
لو افزع الفجر ذو الجوانب فى
ادنى اناء من عنده وسعه
تضل فيه الحياة عالمها
كما يضل الغريب مرتبعه
يمسح ما للوجود من أثر
مكانه فى الزمان او ضيعه
حيث اضفى المسوح تحسبه
ارث حبل الحياة فاقتطعه
حتى اذا ما استقل آذيه
طغى عليه العباب فابتلعه
يرد سهم الضياء ذراعه
ويحتمى بالكهوف ان تزعه
فاليوم لا مركب الضحى عسر
ولا مراقى السما ء ممتنعه
حيث اضفى المسوح تحسبه
ارث حبل الحياة فاقتطعه
مرت عليه الحياة تعبره
فى زورق... أعرف الذى صنعه
حتى اذا ما استقل آذيه
طغى عليه العباب فابتلعه
وكان دهر ونكبت حقب
و(الجهل) يغري على ثرى سبعه
يرد سهم الضياء ذراعه
ويحتمى بالكهوف ان تزعه
حتى افاض الضياء وانفجرت
عين من النور شردت بدعه
فاليوم لا مركب الضحى عسر
ولا مراقى السما ء ممتنعه
ضوء من العلم فى مدارجه
نسعى ..وللعلم فى الوجود سعه
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> أمل
أمل
رقم القصيدة : 69255
-----------------------------------
أمل ميت على النفس ألحدتُ
له من كلاءة الله قبرا
زهقت روحه وفاضت شعاعاً
قبلما ينفذ الطفولة عمرا
كنت أحيا على ندى من يساقط
برداً على يدي وعطرا
فى ظلال مطلولة افرغ الشعر
عليها من الهناءة فجرا
ثم اودى يا ويحه ضاقت الدنيا
به جهدها إحتمالاً وصبرا
بعدما نضّر الحياة بعينى
مضى جاهداً واعقب أسرا
أملى فى الزمان مصر فحيا
الله مستودع الثقافة مصرا
نضر الله وجهها فهى ما
تذداد إلا بعد علي وعسرا
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> أنت أم النيل
أنت أم النيل
رقم القصيدة : 69256
-----------------------------------
غننا يا جميل أغنية النيل
وبارك بسحر عينيك فيه
وانحدر موجة على الشط غرقى
غير مسترقد ولا معتفيه(53/145)
ان فى حسنك العميق لأنهاراً
عِذابا تغص من آذيه
ان فى وجهك الوضئ وعينيك
ينابيع من دلال وتيه
أنت يا فاتنى أم النيل زخار..
بنفسي كليكما من شبيه
غننا السحر من شواطئه الخضر
وغنّ الزمان من ماضيه
وأذكر سالفاً مجيداً على الدهر
عزيزاً على كرام بنيه
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> حيرة
حيرة
رقم القصيدة : 69257
-----------------------------------
بين أثنين أًسرُ ام أبكى؟
قبس اليقين زجذوة الشك
فى النفس حاجات وأن خفيت
فلعلها ضربُ من النوك
حبك القضاء شراكه ورمى
للعقل منه بضيق ضنك
وللعقل ينصب من حبائله
نصباً معاقدها من الشوك
أنا من فوادح ما تجر يدي
أبداً قنيصة ذلك الحبك
مازلت أقطعه... ويعقدنى
والمرء ... بين قلاقل ربك
شعراء مصر والسودان >> التجاني يوسف بشير >> المعهد العلمي
المعهد العلمي
رقم القصيدة : 69258
-----------------------------------
السحر فيكَ وَفيكَ مِن أَسبابه
دَعة المدل بِعَبقري شَبابه
يا مَعهدي وَمَحط عَهد صِباي
مِن دار تَطرُق عَن شَباب نابه
قسم البَقاء إِلَيكَ في أَقداره
مَن شادَ مَجدك في قَديم كِتابه
وَأَفاضَ فيكَ مِن الهَدي آياته
وَمِن الهَوى وَالسحر ملء نِصابه
اليَوم يَدفَعُني الحَنين فَأَنثنى
وَلهان مُضطَرِبا إِلى أَعتابِهِ
سَبق الهَوى عَيني في مِضماره
وَجَرى وَأَجفَل خاطِري مِن بابة
وَدَعت غَض صِباي تَحتَ ظِلاله
وَدَفنت بيض سني في مِحرابه
وَلَقيت مِن عنت الزيود مَشاكِلاً
وَبَكيت مِن عمرو وَمِن أَعرابه
نَضرت فَجرسني مِن أَندائِهِ
وَاِشتَرَت ملء يَديء مِن أَعنابِهِ
رَفع الشَباب إِلَيكَ مِن أَقلامِهِ
عَمدا مركزة عَلى آدابِهِ
وَتَسابَقوا لِلمَجد فيكَ وَكُلنا
علق بِحَق المَجد مِن طُلابه
حَتّى يَكون المَجد وَهُوَ مصوح
في الأَرض مُنقَلب عَلى أَعقابه
صُوراً مُوَثَقة العَرى في ناشيء
حدث مُصورة عَلى أَعصابِهِ
وَالمَجد أَجدَر بِالشَباب وَأَنما
لِلناس موجدة عَلى أَصحابه(53/146)
هُوَ مَعهَدي وَلَئن حَفظت صَنيعه
فَأَنا اِبن سرحته الَّذي غَنى بِهِ
فَأَعيذ ناشئة التُقى أَن يرجفوا
بِفَتى يَمت إِلَيهِ في احسابه
ما زِلت أَكبَر في الشَباب وَأَغتَدي
وَأَروح بَينَ بخ وَيا مَرحى بِهِ
حَتّى رَميت وَلَستُ أَول كَوكَب
نَفس الزَمان عَلَيهِ فَضل شِهابه
قالوا وَارجفت النُفوس وَأَوجفت
هَلَعاً وَهاجَ وَماجَ قُسور غابه
كفر اِبن يوسف مِن شَقي وَأَعتَدي
وَبَغى وَلَستُ بِعابئ أَو آبه
قالو احرقُوه بل اصلبوه بل انسفو
للريح ناجس عظمه وإهابه
وَلَو ان فَوق المَوت مِن مُتلمس
لِلمَرء مد إِلَي مِن أَسبابه
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> الشاعر
الشاعر
رقم القصيدة : 69259
-----------------------------------
كان وحده،
شاعرا سعر للشيطان خده
حين كان الكل عبده
و احتوى في الركعة الأولى يد الفأس
و ألقى هامة اللات لدى أول سجدة
فتسامت به أرواح السماوات
و لكن وقفت كل كلاب الأرض ضده
تمضغ العجز، و تشكو شدة الضعف لدى اضعف شده
لم يكن معجزة
لكن صوت الكلمة، يبعث الخوف بقلب الأنظمة
فتظن الهمس رعدة.
كان وحده،
شاعرا مد السماوات لحافا، و طوى الأرض مخده
فغدت تهفو إلى نعليه تيجان الرؤوس المستبدة
و الأذى يخطب وده
غير أن النسمة السكرى
إذا مرت به تجرح خده
لم يكن معجزة
لكن مجد الكلمة،
كلما أجرى جبان دمه، رد دمه
و بنى في موضع الطعنة مجده.
كان وحده،
شاعرا يرهب حد السيف حده
و تخاف النار برده،
و يخاف الخوف عنده
لم تقيده قيود القهر
لكن هو من قيد قيده
و رمى الرعب بقلب الجند
لما أضحت الأحرف جنده
و بحرف اعزل،
ارهب سيف الأنظمة
لم يكن معجزة
لكن صدق الكلمة
يطعن السيف بورده
كان وحده،
لدغ الكلمة في المهد،
و حين اجتاز مهده
وجد الحبل معدا،
والقرارات معده
فأعاد القول،
لكن مهده اصبح لحده
فاكتبوا في الخاتمة،
رحم الله قتيل الأنظمة
و اكتبوا
لا رحم الله ولاة الأمر بعده.(53/147)
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> يوسف في بئر البترول
يوسف في بئر البترول
رقم القصيدة : 69261
-----------------------------------
سبع سنابل خضر من أعوامي
تدوي يابسة في كف الأمل الدامي
ارقبها في ليل القهر
تضحك صفرتها من صدري
وتموت فتحيى آلامي
يا صاحب سجني نبأني
ما رأيا مأساتي هذي
فأنا في أوطان الخير
ممنوع منذ الميلاد من الأحلام
و أنا اسقي ردي خمرا بيدي اليمنى
واليسرى تتلقى أمرا بالإعدام
وارى شعري موثقا في أيدي الحكام
وارى قبري ممنوعا في كل بلاد
وارى ملك الموت يجرجر روحي
ابد الدهر ما بين نظام و نظام
وارى حول البيت الأسود بيتا أبيض
يجري بثياب الإحرام
يرمي الجمرات على صدري
ويقبل خشم الأصنام
ويحد السيف على نحري يوم النحر
وأرى سبع جواري كالأعلام
غص بهن ضمير البحر
تحمل عرش عزيز النصر
بطل العنف الثوري
وعروش الأنصاب الأخرى و الآزلام
واراها تحت الأقدام
تشجب ذل الاستسلام
وتنادي بجهاد عذري
من يد تأتي من سابع ظهر
يمضي بالفتح إلى النصر
ويخط سطور الإقدام
ويعيد الفتح الإسلامي
بصهيل الروليت الجامح
من فوق الرايات الخضر
أو تطويق عذارى الشرك بيوم الثأر
فوق الخصر وتحت الخصر
منذ حلول الليل و حتى الفجر
وأنا ارقد في غيابة بئري
اشرب فقري
رهن البرد ورهن الظلام
وتمر السيارة تشري
من بقيا جلدي و عظامي
نيران بنادقها المزروعة في صدري
بالمجان و تطلب خفض السعر
و ألو الآمر لا أحد يدري في أمري
منشغلون إلى الآبطان بتطبيق الإسلام
كف تمسك كأس القهوة
والأخرى تمتد لظهر غلام
يطمع في جنات تجري
حين يطيع ولي الآمر.
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> لمن نشكو مآسينا ؟
لمن نشكو مآسينا ؟
رقم القصيدة : 69262
-----------------------------------
لمن نشكوا مآسينا ؟
ومن يُصغي لشكوانا ويُجدينا ؟
أنشكو موتنا ذلاً لوالينا ؟
وهل موتٌ سيحيينا ؟!
قطيعٌ نحنُ .. والجزار راعينا
ومنفيون ...... نمشي في أراضينا(53/148)
ونحملُ نعشنا قسرًا ... بأيدينا
ونُعربُ عن تعازينا ...... لنا .. فينا !!!
فوالينا ..
ــ أدام الله والينا ــ
رآنا أمةً وسطًا
فما أبقى لنا دنيا ..... ولا أبقى لنا دينا !!
.
ولاةَ الأمر .. ما خنتم .. ولا هِنْتمْ
ولا أبديتم اللينا
جزاكم ربنا خيرًا
كفيتم أرضنا بلوى أعادينا
وحققتم أمانينا
وهذي القدس تشكركم
ففي تنديدكم حينا
وفي تهديدكم حينا
سحقتم أنف أمريكا
فلم تنقل سفارتها
ولو نُقِلتْ
.. لضيعنا فلسطينا !!
.
ولاة الأمر
هذا النصر يكفيكم ويكفينا
.... تهانينا
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> اعترافات كذاب
اعترافات كذاب
رقم القصيدة : 69263
-----------------------------------
بملء رغبتي أنا ودونما إرهاب
اخدعكم بالجمل المنمنمة
وأدعي أني على صواب
وها أنا أبرأ من ضلالتي
قولوا معي اغفر و تب
يا رب يا تواب
قلت لكم إن فمي في احرفي مذاب
لأن كل كلمة مدفوعة الحساب
لدى الجهات الحاكمة
استغفر الله فما اكذبني
فكل ما في الأمر أن الأنظمة
بما أقول مغرمة
و إنها قد قبلتني في فمي
فقطعت لي شفتي من شدة الإعجاب
قلت لكم بأن بعض الأنظمة
غربية لكنها مترجمة
وأنها لأتفه الأسباب
تأتي على دبابة مطهمة
فتنشر الخراب
و تجعل الأنام كالدواب
و تضرب الحصار حول الكلمة
استغفر الله فما اكذبني
فكلها أنظمة شرعية جاء بها انتخاب
وكلها مؤمنة تحكم بالكتاب
وكلها تستنكر الإرهاب
وكلها تحترم الرأي و ليست ظالمة
وكلها مع الشعوب دائما منسجمة
قلت لكم، إن الشعوب المسلمة
رغم غناها معدمة
وإنها بصوتها مكممة
وإنها تسجد للأنصاب
وإن من يسرقها
يملك مبنى المحكمة
ويملك القضاة و الحجاب
استغفر الله فما اكذبني
فها هي الأحزاب تبكي
لدى أصنامها المحطمة
و هاهو الكرار يدحو الباب
على يهود الدونمة
وهاهو الصديق يمشي
زاهدا مقصر الثياب
وهاهو الدين لفرط يسره
قد احتوى مسيلمة
فعاد بالفتح بلا مقاومة
من مكة المكرمة
يا ناس لا تصدقوا فإنني كذاب.(53/149)
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> فبأي آلاء الولاة تكذبان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
رقم القصيدة : 69264
-----------------------------------
غفت الحرائق ,
أسبلت أجفانها سحب الدخان
الكل فان ,
لم يبق إلا وجه ربك ذو الجلالة و اللجان
و لقد تفجر شاجبا و منددا و لقد أدان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
و له الجواري السائرات بكل حان
و له القيان ,
و له الإذاعة دجن المذياع لقنه البيان
الحق يرجع بالربابة و الكمان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
عقد الرهان ,
و دعا إلى نصر الحوافر بعدما قتل الحصان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
و قضية حبلى قد انتبذت مكانا ,
ثم أجهضها المكان
فتململت من تحتها وسط الركام قضيتان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
من ما ت ما ت ,
ومن نجى سيموت في البلد الجديد من الهوان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
في الفخ تلهت فأرتان
تتطلعان إلى ا لخلاص على يد القطط السمان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
خلق المواطن مجرما حتى يدان
و الحق ليس له لسان
و العدل ليس له يدان
و السيف يمسكه جبان
و بدمعنا و دمائنا سقط الكيان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
في كل شبر من دم ,
سيذاب كرسي و يسقط بهلوان
فبأي آلاء الشعوب تكذبان.
شعراء المغرب العربي >> مفدي زكرياء >> إلياذة الجزائر - 2
إلياذة الجزائر - 2
رقم القصيدة : 69266
-----------------------------------
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> شهقة البحر وصوت الانحدار
شهقة البحر وصوت الانحدار
رقم القصيدة : 69267
-----------------------------------
حين أجالس البحر
في وحدتي
ألمح صورا لطفولتي
الجميلة
ولمّا أعانق موجه
تأخذني الوحدة من
وجودي
لأستقصي من الزّمان
شظايا مدينة عاشقة
بيني وبين الآخرين
دمعتان
أيّها المغتصبون لبسمتي
إن متّ يوما إلى جواركم
أديروا نعشي بأكاليل
الزّهور
واستجلبوا الطّير الوديع
لأسمع التغاريد
الحزينة
ثمّ اكتبوا على قبري
بماء الخلود
حروف احتراقي :(53/150)
" وُلد ومات ولم يلق القصيدة "
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> أرق ...!!
أرق ...!!
رقم القصيدة : 69268
-----------------------------------
أرق ... أرق
أمسك قلمي
لأخطّ بالدّمع
أحزاني
وأعانق اللّيل
في وحدتي
فألمح قصيدتي
بعيدة
بعيدة
ممطّطة
على استواء
الشّفق
عرق
عرق
يبلّل ما بقي من الأزهار
في قلبي
ويروي فسائل موت
عشّشت على صدري
كلّ ما حولي
أشباح
خيال من خيال
طار العصفور بعيدا
واحترق
الورق
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> وَلَوْ ...!!
وَلَوْ ...!!
رقم القصيدة : 69269
-----------------------------------
ولو أداروا حبل
المشنقة
حول رقبتي
سأظلّ أغنّي
والدّم ينزف من
كلّ شراييني
وأنا أبتسم يا
وطني
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> لوحة ...!!
لوحة ...!!
رقم القصيدة : 69270
-----------------------------------
خلف القفص الصدريّ
يخفق قلب
جريح
تنبت منه وتينع
ثمّ تستوي واقفة
دون انحناء
امرأة
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> دمعة ...!!
دمعة ...!!
رقم القصيدة : 69271
-----------------------------------
يا وردة الأمس
رجاء
رجاء
اخنقي دمعي
فقد عشقت عينيك حتّى
البكاء
فأضيئي ... واستضيئي
وأنيري الكون
دون
انطفاء
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> الصّرخة الأولى ...!!
الصّرخة الأولى ...!!
رقم القصيدة : 69272
-----------------------------------
الإهداء : إلئ كلّ جنين عربيّ يتخبّط في أحشاء الحرّية ويمتصّ أريج العروبة ...
....
حين يتلطّخ شعرك الغجريّ
بدمك المستباح
حين تصرخ الثّكالى بين شظايا
القنابل
في المساء
والصّباح
حين يحمرّ دجلة والفرات
ويغتسل الأطفال
من أدران الخيانة
حين تشرق الشّمس على
جثث الشّهداء
تنبع آلاف الروافد
لدجلة والفرات
حينها ينطق الجنين
في أحشاء أمّه :
لقد تأكّدت من رجولتي يا
وطني
وسأبلّل ترابك المقدّس
بباكورة دمي(53/151)
ليتفتّح الورد على ضفّتيك
ذات
صباح
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> ماذا أقول ...؟!
ماذا أقول ...؟!
رقم القصيدة : 69273
-----------------------------------
أسائل عينيك
هل فيهما شيء من
ألمي ...؟؟
هل فيهما
غيث الصّباح
ليجفّ ما ابتلّ من
حلمي ...؟
هل فيهما
قطر من ملح
الدّموع
ليرتجف قلبي
ويخطّ على أوراقي
الذّابلة
قلمي ...؟
هل فيهما
برق الأسى المتأجّج في
داخلي
لتروى عروقي المتجمّدة
بدمي ؟
فماذا أقول
لو كان كلّ ما فيّ
في عينيك
وكيف سيخفق
علمي
إن كان مخضّبا ببياض
عينيك
واحمرار
دمي ...؟؟!
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> شامة ...!!
شامة ...!!
رقم القصيدة : 69274
-----------------------------------
الإهداء : لطفلة استوقفتني وهي تطهّر بدموع براءتها وطنا يتربّع متأنّقا
فاتحا ذراعيه للسّماء ليشرق يوما من عينيها الحالمتين .
...
شامة على خدّ
القمر
رسمتها متأنّقة
خيوط
المطر
وأخرى تسكن
ذاكرتي
تعزف ألحان أحلامي
وتداعب
الوتر
..
شامة
مجلّلة بالبياض
تنبتني بين
مفاصل
الحجر
وثانية تلاحق
السّراب
وأنا المسافر دوما
ودموعي
جواز
سفر
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> قبلة ...!!
قبلة ...!!
رقم القصيدة : 69275
-----------------------------------
كيف لي بالحلوى
وأنا المختنق بعلقم
الوجود
فلا الطّير قد
غنّت
ولا البراعم قد
تفتّحت
كيف لي بالحلوى
والشّمس من قلبي
غابت
وكأنّي بالدّهر اليوم
ينسج
كفني
ويطرّزه بما أهداني من
محن
كيف لي بالحلوى
وأنا المنسحب
أعانق اللّيل
في كلّ لحظة
وأسير
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> نجيع الدّم ...!!
نجيع الدّم ...!!
رقم القصيدة : 69276
-----------------------------------
وحيدا
أعزف لحني الحزين
على أوتار أشلائي
وبقايا جثّتي
في سرادق اللّيل الطّويل
يفجّر أنيني
صمت الكون
كما تمتصّ الرّيح
أنين الورود
ذات خريف
خريف أنا
يمرّ بي العابثون(53/152)
ينهشون لحمي
ينتشون بدمي
ثمّ يمرّون
يمرّون
وأنا الغريب في مدينتي
أحرس مملكة عشق
أنت لي وحدي
يا وطني
حين تضمّ الأمّ
وليدها
حين تحضن الزنبقة
أريجها
ستحتفل بموتي يا
وطني
وأنتشي ببخور رمادي
ستقتات العصافير من
جثّتي
فينمو نسغ الورود من
جسدي
وتبكي فتاة الأسر على
قبري
ليرسم الجنين
اسم الشّهيد
بدمعي
ألا إنّ دمعي سحاب
بكاني
كلّما عانقتك يا
وطني
انهمرت دمعتان
فأنا نزيف النّزيف
وأنت
نجيع دمي ..!!
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> حرير الخلود ...
حرير الخلود ...
رقم القصيدة : 69277
-----------------------------------
الإهداء : إلى الشّهيد الرّمز أحمد ياسين زهرة الرّبيع المغتصبة ...!!!
...
قتلوك
وما قتلوها
دمك كالمسك طهّر غزّة
وما دنّسوها
أيا أمّة
استباحوا بكارتها
خنقوا بسمتها
استعذبوا صمتها
وتفرّع النعناع
على فخذيها
ذات صباح ...!!
هل من نبيذ الدّم
سيسكر الأطفال ..؟!
هل من فتات اللّحم
ستقتات غربان
الفضيحة ...؟!
أيّ نهد لراقصة اللّيل
سيرضع مجانين
الملاهي
وأيّ ريق سيطفئ عطش
المتخنّثين ...؟!
كلّ الأيّام والأزمنة
سواء
كلّ الشّهداء
كلّ اليتامى
كلّ الثكالى
على أرصفة الموت
سواء
سيّان بين النّار والماء
بين أجساد تعرّت
وأرواح بصمت الجبن
انتحرت
وأغنية انطلقت صرخة
كالموت الجميل
بين الوجود والعدم ...!!
يا أمّة هاربة من الزمن
أتذكرون " بطّة شوقي "
وخرفان " بريجيت "
أتذكرون " التوماهوك " الحزين ...؟!
كم ننسى ...!!
وكيف ننسى صرخة الفجر
الجميل ...؟!
ما أروع أن يكون دمك
يا أحمد
أنقى من الماء
إذا ما عانق الماء
الماء
و " بريجيت " مازالت
حزينة
مسكينة هي الشقراء
ناقمة على موت
اختطف " دولي "
آه " دولي "
دولي يا صرخة الخيانة
أيّتها النعجة المستنسخة من
صحراء العروبة
لماذا تخلّيت عن " أليتك "
النّجديّة
وسواد عينيك المغمضتين
كلّ صباح ...؟!
لماذا حوّلوك بيضاء
كثلج الهزيمة
والرّهبة المرعبة ...؟!(53/153)
" دولي "
قولي يا " دولي "
في زمن الصّمت
أخبرينا
وقولي :
من أين جئت ..؟!
ومن قال أنّك
عربيّة ..؟!
يا بدويّة الملامح
يا عربيّة الفضائح
يا نعجة هرمة عاشقة
كيف اختطفوك من ضيعة
الضياع ...؟!!
" دولي " أيّتها الخائنة
كالخريف
لِمَ كلّ هذا النّزيف ...؟!
يا نعجة تتباهى بها
الأعاجم
لماذا
لماذا لم تنجبي ذكرا
مشوّها
يعمّر صحراء الخراب
ويشرب من غدير
السّواد ...؟!
" دولي "
يا نعجة تتوسّد أردافها
خفافيش اللّيل
والطيور المهاجرة إلى
أحضان الخيانة
هو ذا الوليد " أحمد "
يولد من شفتيْ
غزّة
قادم من نهر الفجيعة
بيمناه فسيلة وطن
أخضر
كهذا الرّبيع
في عينيه ترفرف
راية النّصر
في سماء
الغياب
وزغاريد الصّبايا
تكفّن شهقته
في حرير
الخلود
عسى أن يعود
آه لو
يعود ...!!!
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> لحن الغياب ...
لحن الغياب ...
رقم القصيدة : 69278
-----------------------------------
أَمِنْ صَمْت آهاتنا في اللّيالي
تُناجي الذي قد هوى من أنيني
وُجودي كموتي وأنتَ السّليبُ
وقلبي تراه حفيفَ سكوني
فَخُذْ من حياتي أريجَ الخلود
وَبَعْثِرْ بِرِفق بقايا جنوني
كشمس أنا ترتوي من حريقي
وبدرٌ هواكَ يضيء عيوني
فلا الأمس قد بدّدته الدّموع
وأنتَ الهوى قد بكاه حنيني
فهلاّ سكبتَ الّذي قد مزجْنا
وأسقيتَني من يديكَ شجوني
فما لون أقدارنا إن تباكت
وأنتَ الوجود وإن غِبْتَ عنّي
أنا طفلةٌ في رباكَ تطوف
وقلبي كَطَيْرٍ أَسِيرٍ يغنّي
أيا دمعةً مزّقت وجنتيّ
وألقت بأحلامنا في التّمنّي
فأنتَ اشتياقي وأنتَ احتراقي
وأنتَ انصهاري كروحي وفني
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> عطر الصّباح ...
عطر الصّباح ...
رقم القصيدة : 69279
-----------------------------------
وأمسكت بالورد عند الصّباح
نديّا وقلبي يحاكي الرّبيع
زمانا فتيّا كعصف الرّياح
عشيق النّجوم بعيد الهجيع
وديعا كطفل يروم النّجاح
كما كنت دوما كروض بديع(53/154)
طيور الهوى تحتمي بي شتاء
إذا ما اعتراها جمود الصّقيع
أيا زرقة في سمائي تطوف
متى تمطرين زلال الدّموع
أيا ظلمة في مداري تسود
متى تعشقين الفتى كالشّموع
أيا قلب مهلا هناك انتظاري
فإنّي ملاك كطيف الرّجوع
ففي تونس الخلد لحن الحياة
وفيها نما الحبّ بين الضّلوع
وإشراقة الشّمس عند البزوغ
تضيء الدّروب بذاك الشّعاع
فكوني عناقا كحلم الصّبايا
وَجُودي علينا بحسن الطّباع
فذا اللّيل قد غار منك مساء
وبات يلاغي نشيد الوداع
أيا موطنا صار فيه الوجود
وجودا جميلا ومنه النّجيع
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> أنت الحياة ...
أنت الحياة ...
رقم القصيدة : 69280
-----------------------------------
حرّ أنا أنتقي وردا من الأمل
عطر من الزّهر فاح اليوم من وطني
حامت طيور الهوى خفّاقة تحضن
أحلى الأماني وتعلو في علا الزّمن
منكِ انبرى وجدنا يا تونس حالما
بين الثّنايا هفا طيف النّوى الفاتن
فيكِ استوى البدر رسما ساطعا للسّنا
والطّفل في حضن أمّ بسمة الشّجن
كم تدمع العين لمّا يعتلي وطني
أبراج مجد ويرنو كالمدى الحسن
من مائكِ العذب كم فاحت زهور الشّتا
والفجر يختال في أحلامه الفنن
أيا ربيعا بديعا عاشقا للنّدى
كم أعشق الورد حين يزهر السّوسن
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> دموع ...
دموع ...
رقم القصيدة : 69281
-----------------------------------
سالت دموعي أسى من فرط أحزان
يوم انتهى العشق في ليل ليبكينا
أهديتكم عطر أزهار وفي قلبي
أنّات حبّي فأدمعتم مآقينا
ياليل قُلْ لي لما زرع الجراح الّتي
تدمي ، ألا قد زرعناها بأيدينا
بين الفيافي نما سرّ يؤاخينا
إنّ الهوى قد تباهى في أمانينا
إنّي أواري جبيني عن ليالينا
حين استوىالبدر ينسيني تجافينا
إن تسألوا غيمة تعلو أحاسيسي
ناحت كما أدمعت عيني تناسينا
أبكي ودمعي ينابيع تواسيني
تحكي جمالا وأحلاما لماضينا
لست الذي صاغ شعرا خوف إملاق(53/155)
فالشّعر دمع سما يروي مآسينا
إذا كنت يوما هزارا انزوى يشدو
فلتسألوا البوم هل كانت تساوينا
ما الشّعر إلاّ أناشيد لأحزان
تطفو على بحر أحلامي تواسينا
كم قلتُ إنّي فَرَاش بات يستجدي
زهرا ليهديه أشواكا فتدمينا
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> صديقة الكلمات ...
صديقة الكلمات ...
رقم القصيدة : 69282
-----------------------------------
الإهداء :
إلى زنبقة منفلتة من شهقة اللّيل وزلزلة الوجود ... إلى روحي المترعة
على شرفات الانصهار ... إلى سحر عينيَّ عند الغسق ...!! .
...
يا لوجهي
نحيب الخريف
وخفقة الحروف على نهديك
دخان السّراب
يا صديقة الكلمات ..!!
أيّ ماء للرّوح
يرتوي منه
حنين عينيكِ
إذا ما اختنق البوْح
وحيدا
بين شفاه الوطن
وفاح منّي
الحريق ..!!
يا صديقة الكلمات ..!!
آه منّي ...
ومن دمعة لامستني
يا دمعة نديّة
تبلّل سحر الجنون
ويرتمي في أحضانها
حبق العمر
وليْلكُ الاندثار
يا صديقة الكلمات ..!!
خذي منّي
كلّ الحروف
كلّ النزيف
ولا تقتلي صمتي بذبح الورود
حتّى أكون القصيد الأخير
قبل احتراقي
إذا ما احتواني
صمت
الوليد
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> أنين الوتر ..
أنين الوتر ..
رقم القصيدة : 69283
-----------------------------------
أيا وردة قد خانها
حبّها
وألقت بأحلامها
بين الضّلوع
هل يسأل الورد :
عن سِحْر
المطر !؟
كذلك أنتِ
مثل الرّبيع
يدغدغ الرّوح
يضيء الشّموع
بنور
السَّحر
أيا بسمة جرّحتها
السّنون
تخطّ حروف الوجود
على وجنتيها
بملح الدّموع
تناجي الّذي
لن يعود
وإن عاد يوما
كطيف غمام
يودّ
السّفر
عنيد حبيبكِ
مثل الخلود
من روحه تسكر النّار
عند الهجوع
ومن حزنه عند الغروب
يئنّ
الوتر
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> ألق ...
ألق ...
رقم القصيدة : 69284
-----------------------------------
أحبّك مثل الورد
والياسمين
مثل دمع تدفّق
من شراييني
مثل ضحكة أوقدت
نارا(53/156)
من أنيني
يا ترجمان اللّيل
من موتي
من صرختي
وحنيني
يأخذني الليل
على أكفّ
اشتهائي
يتموّج قلبي
يستلب شهقتي
وفي مدارات انتشائك
يلقيني
يا روعة البحر حين
يغرقني
منك انطفاء الرّوح
في جداول
احتضاري
فلا شمس تشرق
اليوم
من عينيّ
ولا قمر كهمسك
يحييني
هي الدّنيا
عذاب الورد
من دمي تسكر النّار
من دمعتي يطفئ اللّيل
ظمأه
فيأتي الموت إليّ
بكلّ ما في الحبّ
من ألق
أهديه برعم
عمري
فيقطف الشّوك
من لظى احتراقي
ويهديني
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> دمع من دم ...
دمع من دم ...
رقم القصيدة : 69285
-----------------------------------
كم أعشق الورد
حين
يذبحني
وأعبد دمعك
حين
يغرقني
يقتات الزّمن
من فتات
اهترائي
يختزل الموت
ثنايا انتظاري
وينفلت العمر
في بسمة اللّيل
الجريحة
تخاتل عواطفي
خيانة العواصف
وتفضح الرّيح
سرّ الوجود
بصرخة طفل
يسكنني
في رحم
الرّحيل إليّ
دون
وداع ... !!
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> ظمأ ...
ظمأ ...
رقم القصيدة : 69286
-----------------------------------
أيّها القلب الحائر
بين كحل عينيها
ورضاب شفتيها
متى تمتشق من
غمد العشق
سيف الدّموع
وتطفئ شوق نار
ترقرق في
مدمعيها
..
مسكينة أنت
يا سليلة الورد
تعبث بك الأقدار
ينوء بك اللّيل
الحزين
وتغتسل من روحك
الأمطار
يا فسيلة الموت
منك دمي
وموتي سحاب
وأنت
الظّمأ
فأيّ لون أنت
وأيّ أفق
فلا الشّمس غابت
ولا اللّيل آت
وكيف يجيء
وأنّى
يجيء ...؟؟!
سموّ أنا
أعلو بذاتي
وأنت اشتياقي
وسحرك لون
لألف لون
ولون
وأنت ارتدادي
تزلزل الرّيح
وجودي
وأبقى طيفا لطيفك
عند احمرار
الشفق
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> مخاض ...
مخاض ...
رقم القصيدة : 69287
-----------------------------------
في ذكرى وفاة ولادتي
أقبر طفولتي الجميلة
وأتجمّل بحزن
الشّباب
في ليلة كانت
مخاضا
لصيحة طفل
وشهقة مضبّة بالوجود
ليلة كانت فيها
أمّي
تقضم فستان(53/157)
فرحها
تغرس في الحشايا
آلامها
وتنبت في الكون
روح الحياة
بيمناها قميص
عرائي
تنتظر صيحتي الأولى
لتعطّر مهدي
يدلف أبي قلبه
البيت
يترقّب اهتزاز
الصّمت
يا الطّفل المنبجس من
خريف الخريف
سيقبّلك اليوم الوطن
الأخضر
وتكتحلك عينا طفلة
عاشقة
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> كحل ...
كحل ...
رقم القصيدة : 69288
-----------------------------------
عصفورة بين الشّظايا
تكتحل
اللّيلُ المخضّبُ بشجن الرّبيع
مرودُها
اكتحل الفتى
بخجل عينيها
طارت العصفورة
ضمّه البحر ومن دمه
ارتوى
فانتحرت الكلمات بحبر
الخلود
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> أبجديّة الرّوح والوطن ...
أبجديّة الرّوح والوطن ...
رقم القصيدة : 69289
-----------------------------------
- أ -
أمتشق الشّعر من
غمده
وأحلّق في
عالم الأرواح
فإذا ما الرّوح رفعت
يبقى الشّعر
في
الوجود
- ب -
بُلِيتُ بالوفاء
في زمن الخيانة
ولمّا قرّرت
الخيانة
رفض الوفاء أن
يخونني
- ت -
تسألني وتمرّ
كلّ يوم
ولمّا اقتنصت الإجابة
يوما
غابت إلى
الأبد
- ث -
ثمرات تتساقط
ثمرة
ثمرة
ولمّا هممت بقطف
واحدة
من غصن أمّها
انسحبت قائلة :
أنا
بكر
- ج -
جمر تأجّج
وما احترقت أوراقي
لكنّ أشعاري
رفعت إلى
السّماء
- ح -
حريق شبّ في
دفاتر الأيّام
أطفأته
طفلة
بدموع براءتها
فنما الشّجر
واخضرّ
الورق
- خ -
خيوط المطر تنهمر
دافئة
تدغدغ ما شحب من
الوجوه
فيشعّ الأمل في
عينيّ الأرض
يبتسم الوليد
تقبّله أمّه
وتهديه حلمتها
ليمتصّ رحيق
الوطن
- د -
دنوت من عينيك
يا
وطني
ولمّا حدّقت فيهما
رأيتني مرسوما
بماء الذّهب
رسمت على جبينك قبلة
فأدمعت
السماء
- ذ -
ذرّات من
التّراب
يتفحّصها أبي كلّ
صباح
ثمّ يودعها
جيبي
كلّما قرّرت
السّفر
- ر -
رقصت يوما على
أنغام
آلامي
ووأدت أحزاني
بين ثنايا
الأيّام
فتفتّح الورد
على ضفّتي
شراييني
- ز -
زهرة فاحت
..
ذبلت
ثمّ انتحرت
لتنبجس البراعم من(53/158)
أكمامها
ويمتصّ الصّبح
البسمة من شفتيّ
قبل بزوغ
الشّمس
- س -
سراب
وظمأ مستراب
وغراب
حلّق وحام حول
المدينة
فطاردته عصافير الرّوح
مزقزقة
- ش -
شراعك يا سفينة
الوجد
مزّقته العواصف
ألا ما أروعك وأنت
تصارعين الأمواج
في اتّجاه الشّاطئ
دون
بوصلة
- ص -
صور الماضي
ما أحرقتها
ومن يحسد الطفولة
براءتها...؟
ألا إنّ ماضي الأعمار
شباب
وشبابها طفولة
حتّى
الفناء
- ض -
ضباب والدّموع
ندى
على بتلات الورود
والبحر ما زال
يعطّر وجهي
بماء الرّوح
رغم
الغضب
- ط -
طرق باب ذاكرتي
يوما
ولمّا فتحته
قابلني
طفل
سلّمني بطاقة ذكرى
ثمّ
اختفى
- ظ -
ظلمة وتيه يقاطعان
المدى البعيد
وأنا أسير
أسير
والسّير طويل
حتّى
بؤرة النّور المحلّق في
الفضا
ولمّا انتهيت إليها
أشرقت
الشّمس
- ع -
عينان حدّقتا
فيّ
وأنا أغازل
برعما
ذات خريف
فتفتّح رغم طبيعة
الأشياء
- غ -
غزال يعدو
وينقر حبّات الرّمل
خفق قلبي بعد صمت
طويل
فنطقت
- ف -
فرّت فتاة القبيلة
الفاتنة
لتعانق جذع شجرة
نحت عليها
رسم
العفاف
- ق -
قمر شقّ
السّحاب
ليضيء مدينة
لوّثتها
مداخن الفقر
ذات ليلة
فانهمر
القطر
- ك -
كنت طفلا
تعبث أنامله ببراءة
القدر
ولمّا شببت
عبثت أنامل القدر
ببراءتي
- ل -
لم أصرخ إلاّ يوم
ولادتي الأولى
وها أنّي أصرخ ثانية
علّي أولد من
جديد
- م -
ما بقيت فيّ إلاّ
آلام
أقسم الماضي أن تحيا
معي
ولمّا أردت الحياة
عشقني
الموت
- ن -
نجم يظهر ثمّ
يختفي
والدّموع أثري
دوما
تقتفي
فيا نجم بَنْ
ثمّ سويّا
نختفي
- هـ -
هوى ما في قلبي من
الهوى
يوم أنار البدر الكون
واستوى
فهويت الموت
وما
هوى
- و -
وشم على جبين
الوطن
مرسوم
على خد
السّماء
وكلّما قابلت المرآة
أراه مرسوما على
جبيني
أجهش
بالبكاء
- ي -
ياسمين
وقطرات النّدى
تفوح
كلّما تطهّرت بترابك يا
وطني
فضمّني
كما تضمّ الورود
عند
السّحر
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> طائر النوء
طائر النوء
رقم القصيدة : 69290(53/159)
-----------------------------------
1 ـ
ماذا ترك الإسفنج للبحر
غير زرقته ؟
و ماذا تركت قريش لنا
غير جثمان مشدود إلى أرجوحة طفل
يمدّ يدا للسديم كأنها سهم من الماء
أو طائر النوء
يفر من حدائق الأسماء
إلى صفصافة
بلا مأوى
2 ـ
ردّة أخرى
لنسترد من الأشباه حرقتنا
و من الخيانات سرّ سلطتها
على الليلك البريّ
و خنق التوابيت لشوك النار
أو لنمدّد شعر الأرض
في سِدرة المُنتهى
عطشى مروج الدَّيس
لشفة يابسة
و ذي الرياح عطشى لرقصتنا
على دفوف الطواغيت
فما امتلأت نخاريب النحل
إلاّ دمّا
و ما نمت في الحوض
سوى زهرة الكبريت
3 ـ
الزمن الآن
بئر بلا ضفاف كضفائرها
سدّة نعلو من خلالها على ظلالنا
لنرى أديم أصابعنا
و هو يرتجف
رَشْفَةُ دم مُتَعَفِّنٍ
و أنامل أطفال
فرّوا
هناك
كي نلاحقهم
...
4 ـ
الزّمن الآن
احتشاد أجنّة
صدئت من فرط الانتظار
و انكسار المدن القديمة
في القفار
...
فهبني ـ يا صليب البحر ـ حلمك اليوميّ
كي أبكي مختلفا
و أذوب كسمك الطين
في وحل الأسماء
هبني حراشف
أحتمي بها من الذكرى
و المطر الرديء
5 ـ
هناك احتمالان
لاحتجاج العصافير
على ضحكتنا :
حين تستكمل الروح صورتها
وينفلت المطلق من السراب
أو تفرّ الحمامة المرضعة
من فخاخ المعجزة
و تترك ثاني الاثنين في الغار
فلا يبقى في الوادي سوى
جثة عاشقة
تعري ثديها للريح
و تخفي قبلتها في الغبار
...
6 ـ
الآن
تُطيّر أصابعي المناديل
في سمائها
جذوع النخيل تنتشي
بانكسار ظلّها
على الجدار
فأخطو فوق خطوط العِرض
متّكئا على عبث الأنساق
لأدخل آلات تُفرّخنا
نُسَخا ملطّخة من اختبار الحضارات
و خطوي كان مرتبكا
كظلال الله زمن البدء
أو ارتداد هباءة عاشقين
عن مسلك الخلق العقيم
...
7 ـ
أخطو
فهل أخطأ القلب
حين دلّ التماثيل على منبع الروح
لتكفّ عن حَدْسِ الأراجيف
و اختزال الفوضى
...
و هل أكتفي بإحصاء من فرّوا
خلف أوهام
بلا رائحة
كَقَيءِ الموتى
أم ألملم زغب الكواسر
من دم الحيض(53/160)
و أنثر أسماءها حجرا
في الطواحين القديمة
8 ـ
أخطو
كما الإعصار منكسرا
على شبابيك الأصابيح
لا الأرض تقدر على حمل الطلقات اليابسة
لا النهر مال كي تفيض الحكمة البابلية
لا النفس المرتطم بجدار الحلق
قاد جُزَيْئَة الكربون
إلى تَجْويفَة مقيّحة
في القلب
لا لقب تجرّد من السيمياء القديمة
حتّى أعيد اللّغة إلى فَيْضِيّة العدم
9 ـ
الآن
تفيض الدروب العتيقة
بدمي
فدعي نوافذ الأحراش مقفلة
كي تغفو ربّات المدن ، قليلا ،
بعد سكرتها
و لا تقولي للرّيح
أنّي تَعِبٌ
حتّى ألامس جدائلك
بلا جرس
و أدسّ فمي في قباب الدَّيْسِ
معتصما
بضفيرتين مشنوقتين
على ظلّي
...
و أنفذ من بين دوائر الماء
خلف الحصاة التي ارتمت
في قاع الأساطير
فيدي لو فُتِّحت في النهر
لانزلقت من بين أصابعها
الرّوح
و لانكسرت آنية الوجهين
على صَدَفة مسكونة
بأشباح الحروف
و لانتفضت من بين أوردتي
أسراب الغرقى
لتستدلّ بها الأنهار العقيمة
عن انكسار الرَّضْفَة الصخريّة
و انحراف الحروب عن غريزتنا
و عن تعفّن الرّيح الشمالية
في أودية الجنوب
... ...
10 ـ
طائر النوء
يمدّد ظلّي بين غُصَّتين
علّني أستعيد دهشة الأشياء
من جبَّانة اللغو
و أستعيد ارتباك جسدين مغتربين
يُغمِّسان أطراف الأنامل
في شمعداني
فأرتجف من شبق الماء
و يَنْجَرف الطّين المبلَّل
خلفي
إلى غُربة المعنى
في جَرَسِ الأسماء
...
11 ـ
طائر النوء
سَمِّ الذّات ، ما شئت إذن،
ـ هي مشطورة
كالريح بلا مأوى
ـ و هي مقتولة
بأخطاء الذي لا يُخْطِئ
في مخبر التجريب
ـ و هي معروضة
على حافة الأسواق
يَفْتَضُّها النسيان و الذكرى
ـ و هي ملفوفة
بستائر الاحتفالات
كي تُذبح ، علنا ،
على إيقاعات التقطيع المترنّح
بين بحور الخليل
و المغنى
...
12 ـ
الماء المُلَوَّث
لم يترك لنا
حرِّية الهذيان
فاستنشقنا النشوة
من الجمرات
...
كان يمكن أن نعيد
تركيب الماضي
كأفلام الكَرْتون
فننتصر حتما
و كان يمكن
أن نخلط مَنِيَّنا
بزَبَد البحر(53/161)
كي تعودي إلينا
أجمل من كلّ الأساطير
و أجمل منها
وكان يمكن
أن نلهو مثل أطفال مشاكسين
فنرسم على صورتنا
أنيابا جارحة
لِنَنْهش ما تبقَّى لنا من جثث
على جدار الصمت
13 ـ
طائر النوء
تشظّى البرق على زجاجنا
فانكسرنـ..ـ..ـ..ـا
كطائر الرّوح
و سقطنا مرّة أخرى
من جنّة الخلود
إلى مُسْتَنْقَعٍ
بلا ذكرى
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> فزّاعة الموتى ...... جلاّبة العار
فزّاعة الموتى ...... جلاّبة العار
رقم القصيدة : 69291
-----------------------------------
أرْبَكَني الرّيحُ
فانطفَأتُ
كطِينٍ خَانَهُ البَدْءُ
والوقتُ الغَديرُ
وأومَأتُ لِهَبَاءاتِ النَّهرِ
أن اتّسِعِي
إنّي فَتَّحْتُ لكِ
ما تبقى مِن مَرَاقِدِنا
و تَرَدَّمتُ الجسدَ
و سَوَّيْتُ لَكِ
مِنْ طَوَائف مِلَّتِنَا سُوَرًا
ومِنْ أشْلاَئنا وَسَدَا
خَانَنِي النَّهرُ
فأماتَني غريبا
وأهداني بلدا.
أربَكني الرّيحُ
فانطفأتُ
ومائي مازال مُبْتَلاً عند مُوجِدِه
عَلَقًا مُكْتَظًا
بأدْرَانِهَا ... العَلَقَه
واللَّهُ شَدَّ بأطرَافِنَا بلدًا
يَسعَى كأفْعَى
.... تُربِكُها الأفعى
فَفعلنا بالدّهرِ
ما تَفعَلُ به دُوَلُ
مَضَت تحفر الدَّمَ
وتروي من مَآقِينَا
النُّجُمَ
....
أربكني الرّيحُ
فانطفأتُ
وقلتُ :
كُنّا لماضٍ
نقولُ لَهُ : " كُنْ"
فيُكَنَّى
بأسمائنا
فَرْدا ... ففردا
ولكنّنا الآن تَلاَجَمنا
وفُتْنا ما فزَّعتْ أحلامنا
" كنّا..."
كنْا كثيرا ما نحكي للنّهر
عن جَوَارٍ سابحاتٍ
في أكُفّنا
وعن قمرٍ جميل بلا تُرْبَة
تُذرِيه أوجاعنا الوَجْلى
كنّا عراجين تَدَلّتْ
من أليافِ مَنَاكِبها
وتَعنْكَبَت في صداها
فتَدَوّلَت بنا الدُّولُ
كنّا تفّاحا فوّاحا
نَنْهدِي بأضلعنا لها وإن نامت
نَسْتَلُّ لَهَا من شِفَاهِ البَحرِ
رَغْوَةً
ونُعيدُ الجِنَان لِحَوَاءَ
.... كُوني حواء...كوني بلا وسدٍ
كجيلٍ يُغَنّي لِطَيفِ التَّلاَقِي
ولا وترَ سوى هذي السَّوَاقي(53/162)
تُنيرُ الشّدْوَ لِشفَةٍ بلا ثَلْج
فنُلاقي ما تبقّى من عِرَاكٍ
بَعدَ تكْفِيرِ البُورَاقِ
....كوني حواء ... كوني بلا جهة
ولا كفٍّ يَستَعِيدُ السِّرَاجَ
مِن وقعِ العناكب الحُبْلَى
ويُعيدُ البُهرَةَ للانبِهَارِ
هذا النّهار
كُنتُ واقِفا
كنت هكذا
....
أتمثّلُ الطُّرُقَ، جميعها
بلا خَطْوٍ
ولا وَقْعها
....
أتمثَّلُ البَحْرَ بِلا جُثَّةٍ
بلا ضَفَّة
بلا شبكهْ
كنت هكذا
..
لَو فَتَحتُ الواحةَ على بحرٍ
وأقَصَيْتُ النَّخِيلَ
لَوْ شَاكَسْتُ جِيَفًا لها بَذْرٌ
يطالُ الجَبَلَ
ولها مَبْسَمٌ قَاتِلُ
لَوْ لَوَيْتُ يَدَ سَالِكٍ
في صراطِ النَّحْلِ
لخَطّتْ على يَدِهِ النَّوءَ
والعَسَلَ
وذي الفَلاةُ مُذْ حَلُمَنَا بها
أعَدْنا لها الوَجدَ والأمَلَ
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> جماجم مجفّفة
جماجم مجفّفة
رقم القصيدة : 69292
-----------------------------------
إنانا
لماذا لم تغلقي ، كما اعتدت ،
شبابيك السماء
على أطفالك
كي يناموا هادئين
( الكوابيس
ضفادع الليل
وقع أقدام الجنود الهاربين
من الأناشيد إلى كتاب الموتى
... )
أطفالك خائفون ، إنانا ،
من سقوط الليل عليهم
مثل جدار يائس
تثقبه العصافير الحديدية
و الوعود الطلسمية
فلم تعد مساحة أصابعك اليسرى
تكفي لتُظلِّلهم
و تخفي ما وراء الرّيح
من دمّ مُلوَّن
كحلوى العيد
و ما وراء الرّيح
من نُجم
تحاصر أضلعهم
وهي تَحْبُو ..... و تحبو
تعبوا ، إنانا ، تعبوا
من وصف جثث
بلا ملامح
و من رصف كريّاتهم البيض
ملاجئ لروح تحجَّرت
و من ترديد أشعار المتنبّي
...
لكأنّك لا تُدركين حدود الوهم
و الأمنيات البعيدة
و لا تدركين ما حمَّلتك الأساطير
من شجن
و ما نثرت لك الخطاطيف
من جماجم الورد البابليّ
تعبوا ، إنانا ، تعبوا
فلكِ الخلايا موزَّعة
على مشهدٍ مَيّتٍ للرافدين
لك اعتذارات بساتين سومر كلّها
عن الشبق الحرام
كي لا تغضبي علينا مرّة أخرى
وتمدّدي أطرافك طوفانا
و عواصف(53/163)
فلم نعد نحتمل
أن نرى الآبار
تفيض دمّا
و لم تعد أوتار الرّبابة
مهيّأة لتنغيم انحيازنا
للبكاء
...
لكأنّ وردة عينيك
لم تكتمل بعد
و لم ترتو
حتّى ترين يدي
و هي ترسم بالماء
ظلّين مختلفين
لنجمة شاردة
و تغزل من خيوط الطيف
شكلا أنيقا
للجمجمات
......
إنانا ،
هل كان علينا
أن نهب الرّيح أشلاءنا
كي نحمي الورد
من تربة الوادي العقيم
و هل كان ينبغي
أن نكون الحلقة المفقودة
لنثبت للطبيعة
أنّنا أبناؤها الحلال
و قد
شرّدتنا
التوابيت
...
و حمّلتنا
التعاويذ
غربة أخرى
....
إنانا ،
ربّما يجيئنا الليل
من تناسل الأشباح
و هي ترتجف
ربّما يُمطّط الخوف
شرايين طينتنا
فتَنْفلق
ربّما تكون الرّياح اللّواقح
أرجوحة النّار
بين جمجمتين
أو ربّما تكونين أنتِ
نطفتنا القديمة و لكنّنا
نظلّ غيما
فنفتضّ من العمر
قطرته القادمة
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> قلعة الموت أو جنة الحشاشين
قلعة الموت أو جنة الحشاشين
رقم القصيدة : 69293
-----------------------------------
هائِمُ
فوقَ أشلاءِ الرَّمَادِ
أتهجَّى جيَفَ المَوتَى
لأخفِي جُثَتِي
خلفَ عُصفورين
طارا في العراق
.....
كنت
أهوي
والهواء كان قِلاَعي
فتلاشَى كَخُطاف شَفَقِيّ
خانَهُ الوَجْدُ فغابَ
بين حَدّيْ رافدين
........
كنت
أهوي
والطريقُ البِكْرُ يُخفِي
ما تبقى من خفايا الوجه
والدّهر اليبابُ يستردّ
المجدَ من قَبْوِ التّمَني
..
هامتِ الرُّوحُ
.........
تلاشتْ
..........
كغُبارٍ بين دَوْحِ الرِدّتين
والصّدَى خانَ دُروبي
ثار نَفْحٌ من رَمَادي
فاستَوَيْتُ
خلف من فاتوا... وماتوا
بين أليافِ الوَرِيدِ
خلف طفلٍ نَبَويّ
أرْبَكَ النّجْمَ و صاحَ :
- هل أعيرُ النّهرَ للنّبعِ، و أمْضي
نحو أزهارٍ تموتُ
أم أعيدُ المُلكَ
للطّيْفِ الشّرِيدِ
......؟؟
كنتُ أستَلُّ المواعيدَ من الأكْفَانِ
وحدِي أحْتَفِي
باحتراقِ الوَرْدِ
في كَفّيْ حمامٍ
يَنحَنِي
لانشطَارِ الرُّوحِ
بين الصَّدْفَتَينِ(53/164)
.....
كنتُ أبْنِي من خُرافاتِي
قِلاَعًا
للصِّرَاطِ المُستَحِيلِ
و أغَنِّي للدَّمِ المُسْتَنْقَع :
هل سرقنا المَوْجَ من حيتَانْه
كي يتوبَ البحرُ عن أخطائه
أم جَعَلنا الماءَ غَيْمًا
والنَّدَى سَقّفَ السَّحَابِ.
كنتُ أرْوِي للرّياحِ
كيف كُنَّا
نَقْطِفُ الشَّمْسَ من النَّهر
و نَرْمي كُجَّتَينِ
خلف إشرَاقِ الشُّعَاعِ
كيف كُنَّا
نَسبقُ المَوتَى إلى أكفانِهم غَيْمًا
فَتُبْقِينا الأغَانِي :
لَيْتَنا
لَيتَنَا نَبْقَى كَمَا الرّيحُ السَّمُومُ
مُزَقًا ثَكْلَى و أوطانًا تَحُومُ
ليتَ قَلْبِي ما هَوى الشَّوْكَ الذي
حينَ يَنْمُوُ، يَجعَل الأرض تَخُونُ
(.......)
هائم
بين أسْمَائي وبين الرّيحِ ألهُو
مثل طفل يُفلتُ الخيطَ لعصفُورِ الوَرَقْ
مثل بُركاَنٍ يُدَلّي شُعْلَةَ الرُّوحِ ... و يُهْدي
صورةَ المُطلقِ نَارًا للعَلَقْ...
مثلَ عفريتٍ خَطفْنا الماءَ من لُجّتِه الأولى
وصُغنا بهبَاءاته نَسلاً للغَسقْ
وجعلنا من هشيم الشّهوتَين قلعةً
ومن النّهرين قَبوًا للفلقْ
.....
ألهذا اللّحن عَزفٌ
غير ما تُلْقِيه عند البابِ أنثَى
من تَرَانيمِ الصّغارِ
......
ألهذا اللّحنِ
وقعُ المرأةِ الأولى ليحتلَّ حَنِينِي
لاكتشافِ الأرضِ شَكْلاً
في دُوَاري
فأديرُ الجِسْمَ
نَحوَ الجِسُمِ
.....
قسْرًا
ما استطَعْتُ،
أن أرى نَفسي وُقُوفًا لانهِيَارِي
في فُتَاتِ الوَهْمِ، يَهْوِي
حين نَرْوِي حُلمَنَا الشّادِي
بأطفالِ الفُراتِ
هائمٌ
لم تَزَلْ قلعَتُنا تحتلُّ غَيْمًا
والهباءاتُ تعدُّ الجسدَ البِكرَ
لموتٍ بَحرِيِّ
وتُهجّيه حدود النّهْدِ حَرْقًا
فوقَ فِعْلِ المُستطَاعِ
مَثَلاً، لو أستطيعُ الجَّمْعَ بين الرّيقِ والمَنِيِّ العَقيمِ
لو نَثَرْتُ النُّطفَةَ المَنْتُوفَة الأولى بلا إسم
على جُثّةِ الغَيْمِ
لو تأخّرتِ قَلِيلاً، يا ابنَةَ الرَّملِ البَعِيدِ،
عن مواعيدِ اللَّيَالي البيضِ
و استَمْطَرْتِ خَمْرًا
لَوْ.....
لو تَبَاطأتِ(53/165)
ولم تَلْتَقِطِي
جُثَّةَ الطّيرِ
من ضِفَافِ الأرخبيلِ
لاستَطَاعَ الوَجْدُ أن يحتلَّ طَيفا
ويُعيدَ الرُّوحَ غَصْبَا
لفتًى مُسْتَنْسَخٍ
من جِينَةٍ مُبْتَلَّةٍ بالدَّمِ
والطّينِ الذّليلِ
قال نخلٌ
وهو يُخفي غَيْمَةً استَلَّهَا
من سُتْرَةِ التَّارِيخِ فَجْرًا :
- هَلْ يُعَادُ المَشْهَدُ السِّحْرِيُّ
لو يختلُّ نَجْمٌ
ويتوبُ العاشقُونَ
عن دروبِ النَّارِ
و التَجْدِيفِ ضدَّ الغَيْبِ
هل كنّا جميعا تحت سَقفٍ و سَمَاءٍ
تَتَدَلّى فوق قَبْرٍ مَائِلٍ
لتكفَّ الرِّيحُ
عن خَلْخَلّةِ الوَردِ الصَّبُوح
قد يَنِزُّ الصَّدَفُ البَحْرِيُّ
ماءً قاتِلا للبحر أحيانا
فنَمْضي خلف أسْمَاءٍ بلا مَعْنَى
ولحنٍ مُربِكٍ
كانكِسَارِ الضَّوْءِ
في قاعٍ سَحِيقٍ
....
خَلْفَ أوهامِ حُلُولٍ أبَدِيٍّ
في جِبَابِ اللهِ
واستمنَاءِ طِفْلٍ
يستَحي
من نُطفَةٍ مَفْتُونَةٍ بالانتِظَارِ
كان وقعُ المَوْتِ يَأتِي
كلّما استَحْوَذَتْ أشلاؤنا، غَصْبًا، على أشكالها
كلّما تُقْنَا
لصّوتِ امرأةٍ
مَهْمُومَةٍ بالانْتِشَاءِ
أو قَطَفْنَا جُثَثَ المَاضي من الذّكْرى
أو مَشَيْنَا
بين نَهْدَينِ لبنتٍ تَتَعَرَّى
في طريقِ النَّهْرِ
كيْ تَحْمِي كِتَابًا
لِمَ لِمْ تَأتِ من الرِّيح
سوى الرُّوحِ البَغيِّ ؟
لِمَ لمْ تُخفِ اللَّيالي صوَرَ العُشَّاقِ
عن مَجْرَى الرَّصَاصِ ؟
لِمَ يا ليلُ
يمرُّ الطّيرُ بينَ الرّيحِ غَيْمًا
وهو يُلقِي ما تَبَقّى مِن رُكَامٍ
فوق قَلبّي
فَتَفيضُ الأغنِياتُ
( ليلي يا ليلي
آه .... يا ليلْ
.......)
يا ليلُ
لكَ ما تُخْفِيه عنَّا القُبْلَةُ الموقُوقَةُ الأولى
من ظلالٍ
وجع المُجهضةِ البكرِ
بطفلِ الأنبِياءِ
لكَ ما تهديه أنثى
لفتاةٍ تَستَعيدُ اللذَّةَ وَهْمًا
بالسِّحَاقِ
و حريقٌ مُسْتَعَارٌ من حِكَاكِ الشّفَتَيْنِ
لكَ أن تستلَّ فيض الصّوتِ
من حُنْجُرة الطّفلِ الأبيِّ
لا مفاعيلَ تَبَقَّتْ
كي نُغنِّي
لا... ولا صمتًا يليقُ(53/166)
قد يَخونُ العالمُ الماضي
فلا تبقى موازينُ
والتي كادت تكون الـ"فاعلاتن"
لم تكن إلاّ " مَفَاعِيلُ"
....
مفاعيلُ من نحنُ، إذن؟
حتّى تُخْفِينَا الظّلاَلُ تحتَ سُتْرتِها
و ترمينَا المعاني إلى الذُّهول
مفاعيلُ من نحنُ إذن؟
وهذي السماءُ تستَبْقي الرَّافدَين في مَوَاقِدِها
ثمَّ تَخُونُ
هائمٌ
لَكَمْ جَرَّدْنا أشيَاءَنا
منَ الهَيُولَى
و أعدنا للرِّيحِ
شكلَ النّارِ
و التُرْبَةِ الموؤودة
لتمضي بنا القواربُ
خلفَ شَفَقِ مُلطّخٍ بالبحرِ
وتُنشئُ من صَلصَالِهِ بلدًا
يُكتِّفُنَا بالأمنِيَاتِ
ويعبثُ بأوجاعِنَا الثكلى
....
آه..... يا بلدي
...
تعبت أسمَائي منّي
....
تَعبت
فَدَع جسدي
يختَرق شهوتَه بالضّياعِ
ويختلق شَبَقَ المَوتِ
دع قلعة النّسْرِ
تحتضن نجمتَهَا المهيأة للانشطارِ
و تُهدي رفرفةً للصوتِ
لم تَعُدْ لنَا
خرائط لنمتدَّ خلفَ أشكالها
وننامَ كالأطفال تحت لحافِ الرّيحِ
لم تَعُدْ لنَا
لذّةُ المعنى
ولا ثرثرةً همجيّةً كالطّقْسِ
حتّى نُعيدَ الدَّمَ
إلى وردةٍ محفورةٍ على الهَمْسِ
و نَتّكِئَ على صفصافةٍ أخرى
غيرَ عُمْرِي
آه... يا بلدي
تَعِبتْ أسمائي منِّي
تعبت ... كلّ المدن
تعرّت ليَ الأشياءُ
بلا شَبَقٍ
كأنّها ماءٌ مُلَوّثٌ بالذكرى
كأنها ابتسامةُ نهرٍ
بين مَوتَينِ
يمتصُّ دَمَ الرّيحِ
وأنا أمدّدُ صَمْتِي
بين شَفَتَينِ مُقَيّحَتَينِ ... و جرحْ
آه يا بلدي
تعبتْ أسمائي منِّي
... تعبتُ...
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> جنّاز البحر
جنّاز البحر
رقم القصيدة : 69294
-----------------------------------
يقول المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارم
........................................ولم تأتِ
كانت السماءُ غُبارا أجوفَ
والسَّنَةُ
ألسنةَ ريحٍ ترُجُّها الفخَاخُ
وكنتُ
أعاينُ عَيْنَ الله
كيف انفلقت نهرا
وأغرقتنا
......
يا أيها المُدَّفَّقُ
قُمْ للبلاد
ودثّرني خُطاكَ(53/167)
وعرِّ عن وجهك الأرضَ
كي تستبيحَ الأرضُ رؤاكَ
فنرَاكَ في انهمام الوَجْدِ
إذا الوجْدُ ضاق
ينهمرُ الفتى
من رُطبِ النَّخيل
والجذعُ مؤصَّلٌ في النَفَسِ الأخير
يمشي
فيمشي من خلفه النّاسُ
وامرأةٌ رَخْوَةٌ
تَسْتَلِذُّ سلخَ أدْبَاشِِهَا
تتعرّى
فيح..يَحْـ..يَحْـ...تَقِنُ
اللّحنُ:
- يا ولدي
كيف غُدِرْتَ
فأدرت ظهرك للريح
وحيدا ؟ !
وكيف اقترفت قتالك
حين قُتِلْتَ !
ويَحْي......ويحي
أجدادُنا العربُ كانوا إذا ركبوا
إليهم تجيءُ الشواطءُ إربًا
(تهلَّلَ نجمٌ
والصدى مُوَزَّعٌ بين ماءينِ:)
-سيّدتي
أنا ابنك الأبقَى
وإن راموا هُمُ الهربَ
...
...
يَسْتَلُّنِي الغُبَارُ
من غربتي
قاتلٌ وجْهُكِ هذا الصّباح
نعمْتِ صباحا إذَنْ
وتَعمَّمي مُزقِي
تيجَانَ نَارٍ
أخْمَدَتْنِي
ثُمَّ
...... ثُمَّ قِفِي
على الشُبَّاكِ المُقَابِلِ
كي نُفَتِّشَ
عن هَوِيَّةٍ أخْرَى للرُّخَامِ
رفّ الحَمَام
فرَّ
من ظلالي
إلى
الرُّكَامِ
...تطيّرتُ
فَجَثَمْتُ على رُكَبِي
كمُلاعبِ الثَّعابين
أفتحُ صُرَّةَ العُمْرِ
أسِرُّ لها:
- أنَّى يَسيرَ الخطافُ بنا
وشَوْك الشَرْقِ يُدْمِينَا
.........؟ !
(أجابَتْ:)
- ما كلّت سواعدُنَا
ولكنْ
هل جَفَّتْ سوَاقِينَا
فَبَقِينَا
نُرَاقِبُ التُفَّاحَ
إذ يحمرُّ...... نحمرُّ
ونخجلُ قطفَ التُّفاحِ من أراضينا
...
...... إلهي
تهتُ من دورةَ المياه
تدور على أعقابها
والأرض مُكَوَّرَةٌ
أو هكذا تبدُو؟ !
ومن جالسٍ عند أعتابِ النَّهْرِ
يُسائلُ المياه عن أوّل الأنبياء
كيف يستحمُّ؟ !
أو كيف يغفُو؟ !
إلهي...
هذا هوايَ في هواكَ صدئٌ
ودجلة سرو العاشقين اذا ساروا
فصاروا
يخيطون البلادَ بِرُمْحِهَا
ويَرُدُّونَ المغُولَ إذا ما أغارُوا
فأغارُ
من طفلٍ يُضِلُّ بظلّه
والدّهرُ رخوٌ
ولكن حين يُجدّفُ إعصارُ
إلهي
إن المياه قد تغدّرت في محابسنا
وذي الذكرى
التي كنا حين تومض نغازلها
ماعاد النجم كما كان يطل على شرفتها
فَنُخَاتِلُهَا(53/168)
ونومئُ لليلِ
أن غطّ عنّا وجه الله كي تهدأ
فَنُقَبِّلُها
أُشَرِّعُ الشُبَّاكَ على كل الممرات
أشَرِعُهَا
أصطادُ المطرَ من ينابيعهِ
أحفلُ بخواتمِ امرأةٍ تنهارُ
وأرمي الوردَ إذا امتدّ بالحصاةِ لينّهدّ
فتلكمُ رُوحي في آخر الممرات
ترْقُبُني من على الشجن
وتامرني أن أخلع عني ما تبقّى منّي
وأنهارَ في الوهَنِ الباقي
-ابقَ
ابقَ لو استطعتَ تصريفَ الماضي الوَمَضِ:
1- أقبرَ الولدُ البحرَ
2- أكل آدمُ تُفَّاحَ العُمْرِ
3- ارتدى الخليفةُ وشاحَ الدَّهرِ
واستبدَّ بالنهر
......وأنا
لازلتُ في قاعِ الوجدِ
وحدِي
أعاينُ ما وراءَ العرشِ
وأهذي
فاللهُ منشغلٌ عنَّا باختبار الهمس
والهواءِ النَّحْسِ
هل كان من أوكسوجانٍ
ام من كسو جان مال الى رمسي
فاستمالَ نفسيِ
وهوىَ
أهذي...
أتريدينَ أخبئَ البحرَ
في جُثثي
وأقفي خطوكِ بالصَّدَفِ
والزَّبَدُ
إذا ساحَ إليَّ
إليكِ انضِّدُه
وأرَتِّقُ المَوْجَ بيننا بنتفي
أهذي
وأقول للنَّهر ـ إن تأخرت ـ
يا نهرُ
يا نهر تكتَّفتُ بسحرِ التي أمْطرتْ
وتقيأتُ الرُّوح في تُربتها
حتّى حَنَوْتُ على طَيْفِهَا ما استطعتُ
...
يا نهرُ
إن قادكَ الدّهرُ
إلى طلِّها
لا ترّمي شُبَّاكَها الوردَ
وارمِ بجُثَثي
على بَابها
كي تعلمَ أنّ قلبي ساقَها الوَعْدَ
... أهذي
وأقول للّتي كَفَّنَتْنِي
أكلتِ والبلادُ خطايَ
فسرتُ بلا أشْرعة
كي لا أخونَ
وخُنتُ ما وعدْتُها رُوحي
بأن أكونَ عنيدا
كصوتِ النَّحيبْ
وأن أكون خياما
تدرُّ صهيلَ الخيول
وبحرًا
يُعيد الصَّباحاتِ
حين تغيبْ
أهذي
منْ علم آدم الأسماء غَيْرُهَا
أوْ
منْ علمَ آدم الأسماء غَيْرُهَا
وأجري رميمي علي أكْفَانِه
وحطّ كطيفَ اللّواتي مَدَدْنَ جُذوعِي
وأنشأْنَنِي مِنْ رُفَاتِي
وصلَّيْنَ لِوَصْلِي حتّى التحفتُ بريحها
ضمَّني رُوحهَا
واحتواني
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> التّنين
التّنين
رقم القصيدة : 69295
-----------------------------------
1 ـ(53/169)
انتهى
ستعود الأشياء ، كما كانت ،
إلى أسمائها
و تستعيد الرّوح لذّتها
من رجفة الصلصال
و سأمنح ، بعد قليل ، كفّي اليمنى إلى شمالها
كي ترسم على رمالنا
صور الملائكة
و هي تسقط من ثقوب الأوزون
و تَـ.نْـ.شَـ.طِ.ـر
كغيمة مُفتضَّة
على واجهة الجدار
2 ـ
انتهى
جثّتي مُعلَّقة منذ الجاهلية
بلا قافية
كأنّها بلغم مُقيَّح
في سِدرة المُنتهى
و الرّيح تجتثّ من دمي
لون رايته
كي يصير فزَّاعة للرذاذ الجميل
3 ـ
انتهى
خيمة ... خيمة
أتحسَّس عبث التكوين
و أصطفي للخيانات
أناشيد مقدّسة
كي تستجيب لمقاصد مِلَّتنا
و أستدلّ ، في ظلمة البوح ،
بخيط العنكبوت
لأثبت للرّيح :
ـ جدوى التعاويذ
ـ و جدوى فتنتنا
ـ ـ ـ
4 ـ
مُكتفيا ،
بما تنثره الرّياح لي
من مطر
أرتوي
...
و أروي للموج
وهج التّستّر
خلف جحيم الهيدروجين
المُرصَّع بالدّم
كلّما ارتخت غيمة
فوق صدري
أو تبلّلت رغوة الصلصال
بالرِّيق الحرام
حرام على البحر
أن يهتدي بنجمة غيرنا
فالضياع لعبتنا المُتْقَنة
...
من فتحة
في هذا العالم المفتوح
نهوي
كما الأشباح
من ثقوب الحضارات
إلى قاع العقل الشارد
في رعب الغياب
...
فكلّ الأشياء تشبه نسختها الوسخة :
عودة التتار
و رعاة البقر المُسْتَنْسَخِ
من جِينَة الرّوث الآدميّ
انتفاضة يدّ مبتورة
ترجم الماضي
بأوعية الواقي المغشوش
و تستلذّ صور الجسد المشحون
بفائض القيمة
و معادلات الحرب الدنيئة
5 ـ
انتهى
دولةً
دولة
يتساقط
الشجر القديم
من د منا
و تقتلع رياح الخريف أطرافنا
من جذورها
كي لا نمدّ وردتنا الأخيرة
للفراش اليتيم
و تنفضنا كلّ القواميس الحديثة
من مفرداتها
غبارا كئيبا
في فراغ الجحيم
6 ـ
من وردة بريّة
نشتّق صيغة انهيارنا
و نُطيّر ، مرغمين ،
أسراب العصافير من تمثّلاتنا
فما كنّا لندرك ما تخبّئه لنا الأمنيات
من فخاخ
خلف التواشيح الغزليّة
و ما ينثره الحمام المركّب من قنابل
فوق أغنيّة بدويّة
و ما كنّا لنستردّ أشكال أوهامنا الأولى(53/170)
لولا انكشافك علينا
في أقبيّة الغيم المخيف
7 ـ
انتهى
كلّ ما تبقَّى للرّيح
من دَفَقٍ
شرّدته التعاليم القديمة
و هرّبته الحقائب
إلى خوذة في الظلام
8 ـ
سلام علينا ، علينا يحطّ السّلام
كجمجمة ثوريّة
محمولة على موجة
في السّراب العتيق
و نعشٍ زجاجيٍّ
لغيمة مَنْتُوفَةٍ
في الضباب
....
9 ـ
سلام علينا ،
من تشابك الطرق
نلوّح بأيدينا لنجمة ذابلة
و نُنْهي لغة البدء
عند موطننا في الغياب
فقد ينزع الواجد حجاب البرق
عن مضغة الطّين
و يبلّل بماء الورد
أطراف جثّتنا
و قد تحملنا المدرّعات ، خِفْيَة ،
إلى ترنيمة حزينة في أغنية الصّباح
...
10 ـ
صباح
ككلّ الصّباحات التي انتهت
انتهى
سنهاجر ، بعد قبلتين ،
إلى نطفة ضامئة
كي نعيد للرّهبة وطأتها القاتلة
ثمّ نهذي
و ننام
شعراء العراق والشام >> أحمد أبو سليم >> الجَّراد
الجَّراد
رقم القصيدة : 69296
-----------------------------------
أَيّارُ فاتِحَةُ السِّنينِ وَشاهِدُ المَوتِ الحَزينِ
وَغَصَّةٌ
في سورَةِ الإسراءِ أَمشي خَلفَ طِفلٍ غابَ في صَمتِ الكِتابِ
بِلا حِسابٍ أَو عَذابْ
اللهُ يَأتي لا نَراهُ
وَمَوسِمُ العِشقِ انتَهى حَيثُ انتَهيتُ
وَحيثُ قاسَمَني الجَّرادُ كِتابَةَ السَّطَرِ الأَخيرِ
وَحَبَّةَ القَمحِ الَّتي اختَبَأَت سِنيناً في التُّرابْ
اللهُ يَمضي لا نَراه
عامُ الحَصادِ
سَنَحصُدُ الصَّمتَ المُوَزَّعَ بِالتَّساوي بَينَنا
مُزَقَ السَّحابِ كَأَنّها ريشُ الغُرابِ
وَما تَبقّى مِن غُبارٍ فَوقَ فاتِحَةِ الكِّتابْ
للهِ عُشرٌ مِن صَلاةِ الجائِعِ المَقهورِ في ذاتي
وَمِن صَومي
وَلي خَوفي
وَللجابي
سِنينُ العُمرِ ، وَالأَيامُ، وَالأَحلامُ
أَعصُرُ في جِيوبِهِ ماءَ أَورِدَتي
وَفي رِئَتيهِ أُلقي كُلَّ أَنفاسي
وَأَهتِفُ جائعاً في اللَّيلِ
"يَحيا العَدلُ"... "عاشَ نَبيُّنا الوالي"!
تُزَيِّنُ حَقلَنا المَهجورَ شاهِدَةٌ(53/171)
سَنَحفَظُ جوعَنا المَحفورَ فَوقَ الصَّخرِ قافِيَةً
وَنَأكُلُ لَحمَ قَتلانا بِلا شَبَعٍ
وَنَرثو جِلدَنا البالي
وَلا نَبكي لِكَي لا يَحزَنَ المَوتى
نَغُضُّ الطَّرفَ في الطُّرُقاتِ
نُوفي الكَيلَ مِن دَمِنا
وَنَفرُشُ عِشقَنا المَسكونَ بِالغَزَواتِ والشُّهَداءِ في أَيّارَ
فَوقَ الرَّملِ أَكواماً كَقَمحِ الصَّيفِ
نُخرِجُ مِن خَلايانا سَوادَ الدُّودِ
لا نَئِدُ اللَّواتي جِئنَ عامَ الجوعِ خَشيَةَ فَقرِنا المَزروعِ
في أَرضٍ وَرِثناها يَباباً لا نِساءً في لَياليها وَلا قَمَراً
يَذوبُ اللَّيلُ يَمضي مِثلَ ماءِ السَّيلِ نَحوَ البَحرِ أَلواناً
تَعُبُّ الشَّمسُ مِن أَحلامِنا العَطشى
يُمَزِّقُ سَوطُها المَسعورُ
ظَهرَ هَوائِنا المَعجونَ بِالكِبريتِ والأَنفاسْ
عامُ الجَّرادِ
سَنَحصُدُ الجوعَ المُوَزَّعَ بِالتَّساوي بَينَنا
أَرضٌ تُرَتِّلُ حُزنَها
تَتلو الوَصايا
أُسنِدُ الرَّأسَ المُهَدَّمَ فَوقَ صَدري باكِياً
اللهُ يَأتي... لا نَراهْ
عامُ الوَداعِ
أُبَلِّلُ الشَّفَةَ الَّتي ارتَجَفَت فَهَزَّت كَوكَباً قَد أُطفِئَت أَنوارُهُ
مُنذُ اندِلاعِ المَوتِ في أَجسادِنا
وَتَشَقَّقَت
في القَحطِ تَنفَصِلُ الحُروفُ عَنِ الحُروفِ
وَتَهرُبُ الكَلِماتُ مِنّا كَالهَواءِ
كَأَنَّها غَبَشُ البَعوضِ
غُموضُهُ
ضاقَت بِنا أَسماؤنا
ضاقَت بِنا أَشلاؤنا
ضاقَت صُدورُ الأَنبِياءِ
وَضاقَتِ الدُّنيا بِما رَحُبَتْ
سَنورِثُ ما وَرِثنا في كِتابٍ شاهِدٍ
لَن نَقرَعَ البابَ الكَبيرَ وَنَشتَكي
خَمساً نُصَلّي لِلسَّماءِ... وَنَرتَوي
ما زالَ فينا خَوفُنا
لَم نَكتَمِلْ
خَمساً نُصَلّي مُنذُ دَهرٍ حافِلٍ بِجِراحِنا
لَم نَكتَمِلْ
ناراً تَفيضُ الرُّوحُ في رَمضائِنا
ناراً
كَأَنَّ الصَّمتَ يَحرِقُنا كَعُشبٍ جَفَّ فيهِ العُمرُ
في أَيلولَ
يَسرِقُنا مِنَ الماضي
وَيَسرِقُنا مِنَ الآتي
مَنَ الصَّلواتِ(53/172)
في صَيفٍ أَضأنا لَيلَهُ المَسكونَ بِالأَشباحِ
بِالكَلِماتِ نُنشِدُها عَلى الشُّرُفاتِ
وَالإيقاعُ أَيدينا وَأَرجُلُنا
عامُ الجَّرادِ
سَتُطفئُ الرّيحُ الَّتي هَبَّت عَلى أَرواحِنا
ما قَد أَضأنا مِن شُموعٍ في زَواياها
وَتَجرُفُنا إلى النِّسيانِ خَلفَ جِدارِنا المَصبوبِ مِنَ كَذِبٍ
وَأَسماءٍ مِنَ الأَسمَنتِ وَالصُّوانْ
وَسَتُكسَرُ المُدُنُ الَّتي قَد شُيِّدَت مِن عَظمِنا
فَوقَ الفَراغِ
وَتُطفَأُ النّارُ الهَزيلَةُ في الرُّؤى
تَحتَ القُدورِ
وَفي المَناراتِ العَتيقَةِ
في العُيونِ
وَيَزحَفُ الغَيمُ المُكَبَّلُ هارِباً
لَن نَذكُرَ المَوتى عَلى الطُّرُقاتِ
لا
لَن نَذكُرَ المَوتى وَلا الأَحياءَ يَومَ الحَشرْ
أَسماؤنا...قُمصانُنا
نُلقي بِها وَكَأَنّها صَخرٌ عَلى أَكتافِنا
لَن نَذكُرَ الصَّوتَ الَّذي قالَ اصعَدوا لِلفُلكِ
إنَّ الفُلكَ ناجِيَةٌ
لَن نَذكُرَ اللَّونَ الَّذي صَبَغَ الرَّدى:
بُنيَّةٌ أَرواحُنا
بُنيَّةٌ أَشجارُنا
بُنيَّةٌ طُرُقاتُنا
بُنيَّةٌ أَحلامُنا
أَعراسُنا
أَجراسُنا
صَلَواتُنا
بُنيَّةٌ
بُنيَّة
نامَ الصَّدى بَينَ الحَصى
حوريَّةٌ صَفراءُ تَرقُصُ في الهَواءِ
فَراشَةٌ فَرَّت إلى صَدري
وَدوريٌّ يُطارِدُ جُندُباً
وَالأَرضُ جَرداءْ0000
في الجُرفِ ما عادَ النَّدى يَحنو عَلى أَغصانِنا
ما عادَ نُسغٌ في التُّرابْ000
لُغَةُ الرِّياحِ طَلاسِمٌ
لُغَةُ المُغَنّي كَالضَّبابْ000
يَأتي إلى ما كانَ ماءً حَولَنا مِثلَ البُحَيرَةِ عاشِقٌ000
أَلوانُهُ 000 ماءٌ بِلا لَونٍ
سَيَخدَعُنا
وَيُقسِمُ في جُنونِ الحُزنِ وَالنِّسيانِ أَنَّ الماءَ كانَ اليَومَ أَخضَرَ
مِثلَ أَوراقِ الشَّجَرْ0000
وَنُصَدِّقُ القِصَصَ الَّتي فاضَت بِها أَلوانُهُ
وَنُصَدِّقُ الحُزنَ المُغَطّى بِالسَّديمِ غَشاوَةً
أَو قَشَّةً تُلقى عَلى ظَهرِ البَعيرِ فَتَقسِمُ الزَّمَنَ المُهَدَّمَ قَبلَها
عَمّا يَليهِ مِنَ الخَرابْ000(53/173)
وَنُصَدِّقُ الدَّمعَ الَّذي خَلَقَ البِحارَ وَمِلحَها000
وَنُصَدِّقُ المِحراثَ يَفصِلُ لَحمَنا عَن جَذرِنا
قِصصَ الطُّفولَةِ في الشِّتاءِ وَخَوفَنا
السِّندِبادَ وَبَحرَهُ السِّجنَ الكَبيرَ
مَليكَةً صارَت تُساءِلُ نَفسَها
خَلفَ المَرايا مُنذُ عامٍ وَهيَ تَبكي عُمرَها
يا عُمرُ هَل ما زالَ غُصني أَخضَراً؟؟؟
أُسطورَةً؟؟؟؟
حُلُمَ الرِّجالِ وَشَهوَةً؟؟؟؟؟
يا عُمرُ قِفْ
أَضنَيتَني
ذابَت عِظامي وَالمَرايا لا تَشيخُ كَأَنَّها
خُلِقَت لِتَبقى كَي تُرينا خَوفَنا المَدفونَ فينا
كُلَّما حَطَّ المَساءُ رِحالَهُ ما بَينَنا
وَتَراقَصَ الضَّوءُ الهَزيلُ عَلى الجِّدارِ
وَأُغلِقَت أَبوابُنا
وَهَمَستُ عارِيَةً أَمامَ العُمرِ في المِرآةِ
أَعصُرُ مِن خَلايا القَلبِ نارَ الشَّهوةِ السَوداءِ
وَالشَّيطانُ رابِعُنا
أَنا وَالعُمرُ وَالمِرآةُ
يا سُلطانَ عُمري " هَيتَ لَك"؟ !
وَنُصَدِّقُ القِصَصَ الَّتي فاضَت بِها أَحلامُهُ
عَنقاءُ تَرشَحُ مِن مَسامِ قَصيدَةٍ
مُنذُ انكِسارِ الشَّمسِ في الصَلصالِ
تَصغُرُ في خُرافَتِنا
وَتَكبُرُ في مَعابِدِ وَعدِها المائيِّ بَينَ الصَّخرِ
تَسقُطُ فَوقَ أَرضٍ رَحمُها بازِلتُ
تَكبُرُ قَطرَةً في كُلِّ عامٍ في الفَراغِ كَأَنّها بَلّورَةٌ
حَجَرٌ تَفَتَّحَ في الظَّلامِ
يُضيءُ مِن زَيتِ العِظامِ
وَيَرتَقي أَنفاسَنا
وَنُصَدِّقُ الأَرضَ الَّتي نامَت عَلى الصَّفصافِ عَطشى
وَالنَّدى في رَحمِها المَثقوبِ يَروي حِصَّةَ الغُرَباءِ فيها00
عاشِقٌ يَأتي إلى ما كانَ ماءً حَولَنا
مَجنونُ لَيلى
يَحرُثُ الرّيحَ الَّتي هَبَّت عَلينا سَبعَةً بِعَباءَةِ الحُلُمِ السَّعيدِ
فَبَعثَرَت أَسماءَنا
مِليونُ
"س"
"ن"
"ب"
"ل"
"ةٍ"
سَماءٌ تَرتَخي كَالبَحرِ نُسنِدُها بِأَكتافٍ مِنَ الصَّلصالِ
أَحرُفُها مُحَطَّمَةٌ
وَأَحرُفُنا كَسَربِ الطَّيرِ تاهَت في المَدى المَفتوحِ
وَالنِّسيانِ(53/174)
نومئُ في غُبارِ الصُّبحِ لِلأَشياءِ
"هذا"
تِلكَ"
"ذاكَ"
"وَأَنتَ"
نَكتُبُها عَلى الجُدرانِ كَي نَنسى
وَكي نَرمي عَنِ الكَتِفَينِ عِبءَ الشَّكلِ وَالميلادِ
نَحفُرُها
"مُ"
"حَ"
"مَّ" "دُ"
أَكثَرُ الأَسماءِ
"أَ"
"ح" "مَ"
"دُ"
تَهبِطُ الوُديانَ عارِيَةً
"سَ" "د"
"و" "مُ"
تُصارِعُ الأَمواجَ وَالمَنفى
"ذُ" "ب"
"ا" "بٌ"
يَقرِضُ الأَيّامَ
أَوَّلُها.... مَساءُ السَّبتِ
آخِرُها... مَساءُ السَّبتِ
"آ" "دَ"
"مُ"
يَعصُرُ الكَلِماتِ... يَشرَبُها
وَيَنسى ما تَعَلَّمَ قَبلَ خَلقِ الشَّمسِ
دائِرَةٌ مِنَ الكَلِماتِ لا مَعنى
وَلا شَكلٌ
دُموعٌ كُلُّها لِلرّيحِ.. لِلنِّسيانِ .. لِلماضي
سَقَتنا الشَّمسُ كَالفولاذْ
عامُ الجَّرادِ
سَنَلتَقي
سَتُوَحِّدُ الحَربُ الحَزينَةُ شَملَنا
لِلبَيتِ رَبٌّ واحِدٌ... يَحميه
وَأَنا
أُدافِعُ
عَن
سَماءٍ
لَونُها
كَالبَحرِ
بُنيٌّ
كَجِلدي
كَالرَّبيعِ المُستعارِ عَلى الشِّعارِ
بِغَيمَةٍ
وَجَناحِ دوريٍّ
وَأَسناني
أُنَقِّبُ في رُكامِ مَدينَةٍ طُحِنَت عَلى حَجَرٍ
وَأَحفُرُ في جِدارٍ حَولَ ذاكِرَتي
-لَعَلّي أُوقِظُ الذِّكرى_
ثُقوباً كَي تُضيءَ الشَّمسُ وَجهَ الطِّفلِ في ذاتي
جُنودٌ يَعبُرونَ اللَّيلَ وَالأَحلامَ
قافِلَةٌ تُغادِرُ دونَ أَختامٍ
وُعِدنا بِالشِّتاءِ يَذوبُ في دَمِنا
بِحورِ العِينِ
وَالسُّلطانِ
وَالسَّلوى
وُعِدنا جَنَّةَ الفِردَوسِ
نَهراً مِن نَبيذٍ يَخطِفُ الأَبصارَ
مَنزِلَةً
هِيَ الأَعلى
تُغادِرُ حُزنَها الأَبَديَّ نَحوَ الحُزنِ قافِلَةٌ
وَتَضحَكُ جُثَّةٌ لي ضِحكَةً صَفراءَ
تُطعِمُني
بَقايا قِطعَةِ التُفّاحِ
تُحزِنُني
وَتَرحَلُ مَع قِطارِ اللَّيلِ عِندَ السّاعَةِ الأُولى
تُلَوِّحُ بِالمَناديلِ الَّتي اهتَرَأَت نِساءٌ مِثلَ مَوجِ البَحرِ
لا أَحَدٌ يُوَدِّعُني
تُدَفِّئُني:
دٌموعٌ تَغسِلُ الجُدرانَ
وَالهَمَساتُ
والآهاتُ
وَالأَنفاسُ في صَدري(53/175)
وَحيداً أَعبُرُ الطُّرُقاتِ مَكسوراً
سِنينُ الحَربِ أَعرِفُها
سِنينُ الجوعِ أَعرِفُها
سِنينُ القَحطِ أَعرِفُها.. وَتَعرِفُني
كِتابٌ فُصِّلَت آياتُهُ
مُنذُ انتِشارِ الضَّوءِ حَولي
وَانفِصالي عَن رَذاذِ الماءْ
مَنذُ ارتِدائي شَهوَةَ العِشقِ العَنيدِ
كَأَتَّني ما كنتُ فَوقَ سَفينَةِ النّاجينَ
في الطُّوفانِ يَومَ اللُجَّةِ الكُبرى
أَمشي وَأَبحَثُ في جِيوبِ العابِرينَ
عَنِ الحِكايَةِ في زَمانٍ غابِرٍ
قابيلُ بَلَّغتَ الرِّسالَةَ كُلَّها
وَمَلأَتَ صَحنَكَ مِن دَمي
أَرخَيتَ لَيلَكَ فَوقَ عُمري
حِصَّةً أَبَديَّةً
فَتَّشتَ لَحمي عَن غُبارٍ ما
يَدُلُّ عَلى هُوِيَّتِكَ القَديمَةِ لَم تَجِدْ
إلاّ الهَواءَ
وَما تَرَكتُ عَلى الهَواءِ مِنَ الغُبار
صَدأٌ عَلى صَدأ الحَديدِ يَنِزُّ مِن جُدرانِ ذاكِرَتي
وُجوهٌ تُشبِهُ الآثارَ
وَالسُّلطانُ مُنذُ نِهايَةِ الطُّوفانِ... كَالسُّلطانِ
أَلفُ نِهايَةٍ مَرَّت عَلى حَجَرٍ
وَوَجهُ اللَّيلِ... وَجهُ اللَّيلِ
ماءُ البَحرِ... ماءُ البَحرِ
لَونُ الشَّمسِ... لَونُ الشَّمسِ
وَالسُّلطانُ...سُلطان
عامُ الجَّرادِ
كَأَنَّني لا أَرتَجي غَيرَ الصَّلاةِِ
وَحُفرَةٍ لي قَبلَ أَن أُمسي طَعاماً لِلجَّوارِحِ وَالذِّئابْ
في الحَربِ يَتَّسِعُ المَدى
دَربُ الرَّحيلِ بِلا رُجوعٍ واضِحٍ
مَوتى أَعُدُّ عَلى الطَّريقِ وَأَنحَني
كَي لا أَموتَ بِطَلقَةِ الصيّادْ
قَبرٌ سَيُحفَرُ في الرَّمادِ لأَِجلِنا
وَسَتؤنِسُ المَوتى عِظامٌ مِن حُروبٍ قَد خَلَت
وَسَتَبحَثُ القِطَطُ الَّتي اعتادَت عَلى أَجسادِنا
عَنّا عَلى أَرضِ الخَرابِ فَلا نَكونْ
لي قِطَّةٌ كانَت تَموءُ كَأَنَّها وَتَرٌ يُداعِبُ شَهوَتي
تَمشي وَرائي مِثلَ ظِلٍّ تابِعٍ
كانَت بِلَونِ الأُرجُوانِ
سَقيتُها عاماً بِكَفّي
ثُمَّ ضاعَت في الفَراغِ كَنَجمَةٍ
لَم تَحتَرِفْ لُغَةَ السَّماءِ فَأُطفِئَتْ(53/176)
حينَ ارتَدَت ثوبَ الفَراغِ وَأَنشَبَت أَنيابَها
-كَي تُسكِتَ الجوعَ الرَّهيبَ-
بِجُثَّةٍ قَد عُلِّقَت فَوقَ السِّياجْ
لي قِطَّةٌ
أَمشي عَلى جُثَثِ الضَّحايا
مَوسِمُ العِشقِ انتَهى حَيثُ انتَهيتُ
وَحيثُ قاسَمَني الجَّرادُ كِتابَةَ السَّطَرِ الأَخيرِ
وَحَبَّةَ القَمحِ الَّتي اختَبَأت سِنيناً في التُّرابْ
اللهُ يأتي... لا نَراه
عامُ الحَصادِ
سَنَحصِدُ المَوتَ المُوَزَّعَ بِالتَّساوي بَينَنا
مُزَقَ السَّحابِ كَأَنّها ريشُ الغُرابِ
وَما تَبقّى مِن غُبارٍ فَوقَ فاتِحَةِ الكِتابْ
للهِ نِصفٌ مِن صَلاةِ الجائِعِ المَقهورِ في ذاتي
وَمِن صَومي
وَللجّابي
سِنينُ القَهرِ
أَعصُرُ في جِيوبِهِ سُمَّ أَورِدَتي
وَأَهتِفُ في سُكونِ اللَّيلِ
"يَحيا العَدلُ"
أَحفُرُها عَلى الصَّلصالِ عِندَ الفَجرِ أَلواناً
بِلَونِ الطَّيفِ
"ماتَ نَبيُّنا الوالي"!
يَتيمٌ يَغرِفُ الكَلِماتِ في كَفَّيهِ
يَصعَدُ في غُبارِ الرُّوحِ
يَمشي بَينَ سُنبُلَتينِ مُنذُ بِدايَةِ الدُّنيا
وَحَتّى آخِرِ الكَلِماتِ
أَحمَدُ: آخِرُ الأَسماءِ وَالصَّلصالُ أَوَّلُها
وَما تَأتي بِهِ الأَيامُ عِندَ الفَجرِ قَبلَ بُلوغِ عَينِ الشَّمسِ
مِن رُؤيا
سُؤالٌ كُلُهُ لِلرّوحِ يُقلِقُها
-هَل احتَرَقَت رُفاةُ الرّوحِ؟
-لا
-ماذا سَيُشعِلُ شَمسَ أَرواحٍ قَد انطَفَأَت إذَن؟
-أَصداءُ أَجراسٍ وَرِثناها عَنِ السُّجَناءِ وَالمَوتى!
سَنَحفُرُ في بَقايا الرُّوحِ
نُخرِجُ مِن صَدى الأَنفاسِ مَملَكَةً مِنَ الفُخّارِ تُشبِهُنا
وَنَعصُرُ مِن خَلايانا مِياهاً عَذبَةً كَالنَّهر
تُشبِعُ جوعَنا الأَبَديَّ لِلأَرضِ الَّتي نامَت عَلى أَكتافِنا
حُبلى
وَلِلآتي
وَ
لِ
ل
آ
ت
ي
شعراء العراق والشام >> معين شلبية >> الموجة عودة
الموجة عودة
رقم القصيدة : 69297
-----------------------------------
ولماذا أسامح يا أصحاب ؟
هل أحد منكم يحمل أمتعة الصبح مكاني(53/177)
هل من يقرأ في حزني النكبة
ويشارك في موت الليل مقاساة العتمة
ويمزق شريانا في أحشاء زماني
كانت في قلبي تتفتح زهرة
كانت في روحي زنبقة مرة
مر العمر ويا ليته... ما مرّ.
كانت في قلبي تتفتح طفلة
تتململ في رحم الأحزان.. تعاني
كانت في روحي أنثى
ترسم أجنحة الشمس وأعقاب البسمة
لكن سهاما من قوس أحبائي
بعثت في عز الصبح إلى روحي ... فأصابت !
ماذا أفعل يا أصحاب ؟
هل يوجد من يحمل منكم أتعاب الأمة
هل أحد منكم يقرأ أسفار البحر
ويرشف من قاع الكأس بقايا الجمرة ؟
وتقول الطفلة:
ماذا أفعل كي تجعلني حبلى!؟
ماذا أكتب يا أغراب؟
هل يوجد من يفهم فيكم ما قد أكتب؟
قد أكتب عنكم كل خطاياكم
وأعانق فيكم في عز الظهر عذابي
لتكون الثورة
لتكون الثورة
لتكون الثورة.
ماذا أعمل يا عشاق؟
هل أحد منكم يعرف طعم الجرح المالح
في صدر القبلة؟
هل أحد منكم يعرف كيف يكون الحب
على جسر العودة؟
هل أحد منكم يعرف كيف تغيب الروح
على خصر الخيمة؟
هل أحد منكم يعرف كيف يجوع القلب
وتنتحر الشهوة...؟!
ماذا أفعل يا أحباب؟
سراب هذا ... هذا سراب
واصل شهوتك المائية
واصل أحلام الزوجة
فغدا ستعانق تلك الموجة
الموجة عودة
الموجة عودة
الموجة عودة.
شعراء العراق والشام >> معين شلبية >> نافذتي الضبابية
نافذتي الضبابية
رقم القصيدة : 69298
-----------------------------------
خلف نافذتي الضبابية
تجتاحني رغبة المكاشفة
عن كوكب أوغل في ثنايا السحاب
عن بقايا رائحة تخمش فيَّ مسامات الجسد
لأعبر فيها
مثلما يعبر الحالم مرايا الغياب.
خلف نافذتي الضبابية
كتبت ستائرها الحروف
فوق الزجاج الموشَّى
برائحة العرق المخملي
ينشق أمامي في الظلمة حيِّز للقمر
يسترق النظرة على طيفها الطالع
تحت المطر.
خلف نافذتي الضبابية
تمرُّ أمامي
كلمح الآه في صدري
يلهث فيَّ البحر
كحصان عابر للشهوات
بينما الزرقة الأبدية
تمحو ظلال الرمل وأرحل
حيثما تحمل الكلمات
في مراثي الذكريات.(53/178)
خلف نافذتي الضبابية
جمعت الحطب في داخلي
وأضرمت النيران
رتبت سجادتي العجمية
بعض كتاباتي، تبغي، حواسي
حفنة موسيقى وفوح ملابسها
تحسست حتى الحيطان.
خلف نافذتي الضبابية
ينتابني حدس مهيض، بالضيق، بالقلق
بالخوف، بالحنين الى أحد
يتسلل نحو الغامض المرئيِّ
ويصعد حتى الشجى
يطل على ذاتي لكن
سرعان ما أتصور أني
لا أحد، لا أحد.
خلف نافذتي الضبابية
يندف الثلج على معاطف قلبي
فينهمر الضياع
تشتد ذائقة المطر
تبحر في روحي الأحزان
فأصرخ:
سيدتي يا سيدتي
يا امرأة تخلع إلا أنوثتها
ستملأ الريح ثيابي
وعلى سرير الحب
ستبت شهقة الإبداع.
خلف نافذتي الضبابية
تأتيني من العدم
تحمل جرحها الناريَّ
فتوقظ فيَّ
تموز الذي ما غاب يوماً
تموز الذي
لا
بدَّ
أن
يعود.
شعراء مصر والسودان >> عبد الرحيم أحمد الصغير(الماسخ) >> هبوبُ البكاء
هبوبُ البكاء
رقم القصيدة : 69299
-----------------------------------
في المساء الذي لم يكن ذاتَ يومٍ بلا قمر
في الشتاء المُسَوَّرِ بالأغنيات المريضةِ بالقهر
في حُفرٍ عبَّدَتها الجهاتُ
فماتتْ وماتت وماتتْ
كصِفرٍ تعلَّقَ في دفتر
لم أكن سيءَ الحظِ وحدي
يجفُّ على فميَ الماء
لم تكن الذكرياتُ مُخاصِمَتِي
حين هبَّ البكاء
وكانتْ يدُ الأرض تمسك منديلها
وتحاصرُ دمعا بقطن الهواء
تحاصرُ
والدمعُ يجري , ُيقامِرُ بالُمرتجَى والوفاء
عليكَ , عليك , عليكَ
وما قيلَ : لكْ
فلماذا يُسلِّمكَ اللسعُ للنحل
والدمُ للقتل
والُمرتجَى للحلكْ ؟
لم تكن سيءَ الحظِّ وحدكَ
والآخرون غمام ٌ تفككَ في البحر
والموجُ لملمَ أطرافه العاريهْ
فابق كالعلَم الحُرِّ يسري
فتمسكهُ الساريهْ !!
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الشجرة
الشجرة
رقم القصيدة : 69300
-----------------------------------
كونى..
كونى امرأة خطرة..
كى اتأكد -حين اضمك
انك لست بقايا شجرة..
احكى شيئاً..
قولى شيئاً..
غنى.ابكى.عيشى.موتى.
كى لايروى يوماً عنى(53/179)
ان حبيبة قلبى ..شجرة..
كونى السم..وكونى الافعى
كونى السحر..وكونى السحرة
لفى حولى..
لفى حولى..
كى اتحسس دفء الجلد,وعطر البشرة..
كى اتأكد -ياسيدتى-
ان فروعك ليست خشباً..
ان جذورك ليست حطباً..
سيلى عرقاًً..
موتى غرقاً..
كى لايروى يوماً عنى
انى كنت اغازل شجرة..
كونى فرساً.ياسيدتى
كونى سيفاً يقطع..
كونى قبراً..
كونى حتفاً..
كونى شفة ليست تشبع
كونى صيفاً افريقياً..
كونى حقل بهار يلذع..
كونى الوجع الرائع..انى
اصبح رباًً..إذ أتوجع
غنى.ابكى.عيشى.موتى
كى لايروى يوماً عنى..
انى كنت اعانق شجرة..
كونى امرأة..ياسيدتى..
تطحن فى نهديها الشهبا
كونى رعداً
كونى برقاً
كونى رفضاً
كونى غضباً
خلى شعرك يسقط فوقى..
ذهباً..ذهباً
خلى جسمك فوق فراشى
يكتب شعراً..
يكتب ادبا..
خلى نهدك فوق سريرى
يحفر قبره
كونى بشراً ياسيدتى..
كونى الارض, وكونى الثمرة..
كى لايروى يوماً عنى ..
انى كنت اضاجع.. شجرة..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لا اعترف
لا اعترف
رقم القصيدة : 69301
-----------------------------------
الى متى اعتكف؟
عنها ..ولا اعترف
اضلل الناس
ولونى باهت منخطف
وجبهتى مثلوجة
ومفصلى مرتجف ,أيجحد الصدر الذى
ينبع منه الصدف
وهذه الغمازه الصغرى
وهذا الترف
تقول لى:قل لى..
فأرتد ولا اعترف
وأرسم الكلمه فى الظن
فيأبى الصلف.
وأذبح الحرف على
ثغرى فلا ينحرف
ياسرها ..ماذا يهم الناس
لو هم عرفوا..
لا..لن اروى كلمة عنها
..فحبى شرف
لو تمنعون النور عن
عينى..لا اعترف
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> السمفونيه الجنوبيه الخامسه
السمفونيه الجنوبيه الخامسه
رقم القصيدة : 69302
-----------------------------------
سميتك الجنوب
يا لابسا عباءة الحسين
وشمس كربلاء
يا شجر الورد الذي يحترف الفداء
يا ثورة الارض التقت بثورة السماء
يا جسدا يطلع من ترابه
قمح وأنبياء
* * * * * *
سميتك الجنوب(53/180)
يا قمر الحزن الذي يطلع ليلا من عيون فاطمة
يا سفن الصيد التي تحترف المقاومة
يا أيام عاشوراء،
ويا مآذن الله التي تدعو إلى المقاومة
يا لعلعة الرصاص في الأعراس
يا فصائل النمل التي
تهرب السلاح للمقاومة.
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> قراءه ثانيه فى مقدمة ابن خلدون
قراءه ثانيه فى مقدمة ابن خلدون
رقم القصيدة : 69303
-----------------------------------
وكل ما سمعت عن حروبنا المظفرة
وكرّنا..
و فرّنا..
وأرضنا المحررة..
ليس سوى تلفيق..
هذا هو التاريخ, يا صديقتي
فنحن منذ أن توفى الرسول
سائرون في جنازة..
ونحن, منذ مصرع الحسين,
سائرون في جنازة..
ونحن, من يوم تخاصمنا
على البلدان..
والنسوان..
والغلمان..
في غرناطة
موتى, ولكن ما لهم جنازة !!
لا تثقي, بما روى التاريخ, يا صديقتي
فنصفه هلوسة..
ونصفه خطابة.
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> رساله من بدوي
رساله من بدوي
رقم القصيدة : 69305
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا بنت أنا للشمس في جلدي حروق
وعلى سموم القيظ تزهر حياتي
أطرد سراب اللال في مرتع النوق
ومن الظما يجرح لساني لهاتي
عاري جسد والليل هتّان وبروق
دفاي أنا والبرد سمل العباتي
إن عذربوني بعض خلانك .. صدوق
يا بنت أنا عشق الخلا من صفاتي
وشمٍ على رمال( المتاييه) مدقوق
لاشك من منهم يسوي سواتي
أنا بدوي .. ثوبي علىالمتن مشقوق
ومثل الجبال السمر صبري ثباتي
ومثل النخيل خلقت أنا و هامتي فوق
ما عتدت أنا احني قامتي إلا فصلاتي
وإلى إفتخر بأفعال يمناه مخلوق
يا بنت انا فعلي شهوده اعداتي
الله خلقني وكلمة الحق بوفوق
وملكت الأرض .. ( وراس مالي .. عاصاتي )
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> مشاهد
مشاهد
رقم القصيدة : 69306
-----------------------------------
مشاهد
إلى الجنوب الصامد وإلى كل المقاومين الشرفاء والنصر آت بإذن الله
...
لايدي مرآةُ تنبي
عن رؤايْ(53/181)
لا ولا صوتي حمامٌ
حطَ في برج أنايْ
فأنا الآن حروفٌ
من دماءْ
ودماءٌ
صاغها الموتُ رداءً
فرداءْ
ياطيورَ الحلم مالي
أغطشَ الحزنُ عيوني
واستوتْ خلف انكساري
مقلتايْ
***
صورةٌ أخرى
ويبدو مشهدُ الصمتِ جليا
خنقَ الليلُ صلاتي
ثم ألقى
بردةَ الموتِ عليَّ
ليتني ما كنتُ يوماً
ليتني ما كنتُ شيّا
رشحتْ منيّ
حكاياتي
وتاريخي
وماتتْ كلماتي
وبكى الموتُ
على أشلاءِ ذاتي
***
مشهدٌ للموتِ
في الأفق تجلّى
عرباتٌ من دم ِ الأطفال ِ
من أحلامهمْ
قال طفلٌ نصفهُ عنهُ
تخلّى:
ياملوكَ العربِ ياساداتُ
في كل الجهاتْ
هل ستبدو صورتي
فوق شاشاتِ الفضائياتِ أحلى
نصفُ طفل ٍ
يصرخُ الآن وأنتمْ خانعونْ
ألفُ كلا
للمذلةْ
ألفُ كلا
مشهدُ الموت ِ تجلّى
طفلةٌ قامتْ من الموت
وحيدةْ
فتشتْ أشلاءَ من ماتوا صباحا
حملتْ رِجْلاً
وقالتْ : هذه رِجْلُ أخي
في وجوهِ الزعماءْ
وجدتْ شَعْراً حزينا
حمَلتْه رددتْ :
خصلةٌ من شعر أختي
حملتْ كفاً وقالتْ:
كفُ أمي
مسحتْ شعري مساءً
كي أنامْ
ثم ضمَّتْني إلى الصدر الذي
ضاع ما بين الركامْ
ضمتْ الكفَ وألقتْ
نفسها فوقَ الرمادْ
حملوها بين أشلاءِ الجميعْ
في جريدةْ
مشهد للصمتِ والموتِ تجلّى
هلْ دمُ الأطفال ِ يكفي
ياملوكُ
تعبَ الموتُ
من الموتِ
وأنتمْ
صمتكمْ في كل ما يجري شريكُ
كمْ من الموتِ
ليرضى
سيدُ الشرق ِ الجديدْ
هل تريدون لقانا
ألفَ قانا
كي تناموا بهدوءٍ وخنوع ٍ كالعبيدْ
***
مشهدٌ للريح ِ
والشعبِ العنيدْ
عاشقٌ للأرض ِ
فوقَ الأرض ِ صلّى
ثم أوحى
لجهاتِ الأرض ِ
وحدي لن أذِلا
رشقَ الدّمَّ
بوجهِ الذل ِ
فجراً
فرأى الأشلاءَ نخلا
وبريقُ النصر
في القلب تجلّى
قال أولى لكمُ
ياملوكَ الذل ِ
أولى
إنَّ في أرض ِ الجنوب ِ
الدّمُّ أغلى
من عروش ٍ صارَ
فيها العيشُ ذُلاّ
فاتركوا وردَ الجنوبْ
لا تزيدوا القتلَ قتلا
إنما هذا الجنوبْ
نهضَ الآنَ
فخلوه وحيداً وغريبا
دمهُ مذْ كانَ
لا يرضى الهروبا
فاتركوه
يصنعُ النصرَ العجيبا(53/182)
خلقَ اللهُ جهات ِ الأرض ِ
ماءً
ومن الدّم
قد صاغَ الجنوبا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم مفتاح >> هَاتِ عَينيّكِ
هَاتِ عَينيّكِ
رقم القصيدة : 69307
-----------------------------------
اشتياقي محاصرٌ في عيونك
والأماني تحوم حول جفونك
وهوانا أنفاسه لاهثات ٍ
في الحنايا تروم فيض حنينك
غادتي أزهر الحنان بقلبي
إنما العطر لا يفوح بدونك
كيف ينمو وكيف يكبر لولا
رؤية الكأس يزدهي في يمينك
أعشق الليل فوق رأسك فوضى
تتحدى على صباح جبينك
***
يا حبيبي كفى فؤادي اشتياقًا
وكفانا بعد التلاقي فراقا
جفّت النفس بعد طول ارتواء ٍ
فاسقني من هواك كاسًا دهاقا
وإذا شئت أن تؤجج قلبي
فرويدًا . . أخشى عليك احتراقا
هات عينيك أرشف السحر منها
أمنيات الغرام أن نتلاقى
ما علينا وفيم نخشى الليالي
يجمل الليل عندما نتساقى
***
يا حبيبي إلام نبقى حيارى
وحقول الآمال تزهو اخضرارا
والأماني من حولنا تتراءى
ثملات من الهيام سكارى
كم رشفنا من الهوى قطرات
وملأنا الكؤوس منه مرارا
ونسجنا حبنا ألف معنى
وفرشنا طريقنا أزهارا
ليس عارًا بأن نحب ولكن
آفة الحب أن نرى الحب عارا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم مفتاح >> بَيْنَ بَيْنْ
بَيْنَ بَيْنْ
رقم القصيدة : 69308
-----------------------------------
رُشِّيْ عَلَى عُتْمَتِيْ شَمْسًا وَوَجْهَ ضُحَى
وَمَوْعِدًا يُنْبِتُ الأحْلامَ وَالْفَرَحَا
رُشِّيْ عَلَيَّ اخْضِرَارًا يَرْتَدِيْ وَهَجًا
وَلَمْلِمِيْ مَا تَنَاسَى نَأْيُنَا وَمَحَا
حُلْمٌ تَثَاءَبَ فِيْ جَفْنَيَّ وَهْم كَرَى
وَصَبَّ فِيْ مُقْلَتِيْ سِنَةَ الضُّحَى وَصَحَا
مَازَالَ يُوْقِظُ آهَاتِيْ وَيُشْعِلُهَا
دِفْئًا وَيُضْرِمُ أَنْفَاسِيْ وَمَا بَرِحَا
*
**
هَاتِ اسْقِنِيْ غَيْمَةً . . تَدْنُو تُعَانِقُنِيْ
أَوْ امْلَئِيْ مِنْ ضُرُوْعِ الْغَيْمِ لِيْ قَدَحَا
فَهَا هُنَا غَرَّدَ الْعُصْفُوْرُ فَوْقَ فَمِيْ(53/183)
وَهَا هُنَا فِيْ دَمِيْ طَيْرُ الْهَوَى صَدَحَا
*
**
وَشْلٌ عَلَى شُرْفَتِيْ رَشْرَاشهُ عَطَشٌ
وَفِيْ سَمَائِيْ بُرُوْقٌ تَنْثُُر الْمَرَحَا
لا تُرْبَتِيْ أَنْبَتَتْ عُشْبًا وَلا شَجَرِيْ
عَطَاؤُهُ بِالْجَنَى مِنْ فَرْعِهِ سَمَحَا
وَهَا أَنَا .. لا أَنَا صَحْوٌ وَلا غَطَشٌ
وَلا انْبِلاجُ صَبَاحٍ أُفْقُهُ وَضُحَا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم مفتاح >> مَا لمْ تَقلهُ المرَايْا
مَا لمْ تَقلهُ المرَايْا
رقم القصيدة : 69309
-----------------------------------
أشعل مدادك يكفي حبرنا الورم
وما به تتخم الأوراق والقلمُ
أشعل مدادك وجه الصحو منطفئ
وغادة الشعر ثكلى والحروف دمُ
أشعل - فديتك - ركضًا وجه صافنة
تستقدم الصبح ليلاً حين تقتحمُ
أشعل - فديتك - جرحًا طعم حرقته
نارٌ تمرد في أحشائها الألمُ
***
***
ياواهب الصخر رعبًا طلعه ثمرٌ
وموسمًا في ثراه يورق الكلمُ
اقرأ - بربك - نَصَّ النصِّ مختلفًا
عما روته لنا الهيئات والنظمُ
لنرتدي أحرفًا ما مسها لغبٌ
ولا ترامى على أطرافها هرمُ
***
***
ها أنت والموت كالصنوان بينهما
طفل جراحاته أغوارها قممُ
دم الكتابة في أقلامنا نشفت
عروقه وامتطى أقلامنا سأمُ
وماؤنا آسنٌ .. إقذف به حجرًا
فربما يستجيب الغيث والديمُ
وربما تنجب الفصحى لسان فمٍ
إذا دعا لاءه أصغت له نعمُ
وأنبتت شفتاه حقل أسئلة
بيضاء تعصف في أحشائها الحممُ
***
***
أشعل جراحك خيل الدمع ما فتئت
تثير في ذُلّها ركضًا وتنهزمُ
لا صيفنا ظمئت فينا حرارته
ولا شتانا ارتوى في ليله حلمُ
تناسلت لغة الأرقام في دمنا
لكن أعدادنا لم يُجْدِهَا رقمُ
***
***
أشعل حروفك إيذانًا لفاتحةٍ
تُشفَى - إذا قرئت - من دائها الهممُ
كل التمائم والرقيا التي تُليت
على جبينك أردانا بها سقمُ
أعلامنا ثرثراتٌ في الفضا سئمت
ألوانها وتلاشى حولها القسمُ
وخيلنا أسرجت وهمًا وأسكتها
عن الصهيل صهيل السوط واللجمُ
***
***(53/184)
أركض - فديتك - ركضًا رب مغتَسَلٍ
تذوب في مائه الآثام والسدمُ
ورب ساعة ميلادٍ ... عقاربها
في ساعة الوعد بالميعاد تلتزمُ
تبدل الزمن الكحلي وجه ضحى
في ثغره ألقٌ للصحو يبتسمُ
وتمنح الليل أقمارًا وأحصنةً
على سراها شتات الشمل يلتئمُ
***
***
أوقد لنا في عشيات البكا أملاً
في دفئه نصطلي ناراً ونضطرمُ
كم خبأتنا المرايا في توهجها
زيفاً وخلف المرايا تهزأ الظلمُ
وربما في ثرانا ألف باسقةٍ
وجودها مورق لكنه عدمُ
هذا سؤالي جريح فوق طاولتي
وللغرابة في أحشائه وحمُ
هل يصدق المتنبي في مقولته
"يا أمة ضحكت من"حالها"الأممُ"(1)
وهذه صرختي الحمراء مثقلةٌ
بأمة حولها الويلات تزدحمُ
أشعل - فديتك - ماء الوجه رب دمٍ
يصغي لنخوته في العقم معتصمُ
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> سِفرُ الأحلام
سِفرُ الأحلام
رقم القصيدة : 69310
-----------------------------------
إختاري سِفر الأحلام
ودعيني أغمضُ أجفاني
كي يصحوا فجري وأنام
كي أخجلَ ظني وبياني
كي أكسرَ كل الأوهام
كي يشعلَ عطرك ِ إنساني
إختاري .... !!!
قلبي ..
وضفاف الروح ِ ..
ورمانة صمتي ..
وحروفاً علقّتُ سناها ..
بين جراح ِ الأشواق ِ .. وأكفاني
إختاري جنة أشعاري
وربيع حياتي
إختاري عند ندائي كلمة... أهواك
بل قوليها ... وتمادي..
حتى يأسرك ِ الغنج ُ
ويكون بريقك خلجاني
إختاري ضمي بين لحاظك ِ ..
لحظة َ صدق ٍ وتفاني
إختاري غرسي ..
حول تضاريس ِ رموشك ِ ..
أوبين .. صدى الأنغام
إختاري قطفَ عراجين ِ شفاهي ..
أو لمسةَ كفي .. وحناني
إختاري شمعة َ هذا الدمع ِ ..
ونغمة أهـ ٍ قد طارت ..
من سجن لساني
إختاري ظلك ِ ..
وطيور الشعر ِ بأحزاني
إختاري نشلي
من بوتقة الضعف ِ وخذلاني
ياكل الوسن ِ الشارد ِ
يابعضي ..
يانزف الفل ِ ..
وأول قلب ٍ لإمرأة ٍ ..
قد ذابت وأذابت..
معها سحرالأقلام
إختاري مني هذياني
فانا في حضرة همسك
ضعتُ وضيعّني ..
رمش يكتنز الضوء ..
على عتبات المكر(53/185)
رمشٌ قد غلّف قمرَ العشق ِ..
بثوب الأحلام
وانا في حضرة جيدك
تهت وتوهّني .. ريقك ِ ..
ونعومة هذا الجسد ِ الفضي
وعاصفة الذوق ..
وشاطي شهد ٍ ..
غطاني ..
بثلوج ِ غرام
من أنت ِ لترتجلي نبضي
لتغوصي قهراً عني..
وتحيكي عرشاً للحرب..
ومنفىً لبصيص ِ سلام
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> غَادري
غَادري
رقم القصيدة : 69311
-----------------------------------
قالت أحبكَ ..لا وربي لم تحبيني
وأي هذا الهوى إن بات يشقيني
ماصدقتكِ جراحي لحظة ً أبدا
فكذبةُ الأمس ِ عافتها شراييني
في كل يوم ٍ تلوذي بالبكاء ِ وقد
أضحت دموعكِ أوهاما ً تناديني
لكّن قلبي توارى من مفاتنها
ولامني أن رأى نزفي يغطيني
لم يبق لي منك ِ ذكرى كي أعانقها
بالخيرِ أطوي صداهاثم تطويني
العشقُ عندي مرايا لاغبار بها
فغادري نهرَ صمتي لا تلوميني
كوني كما شئت ِمن سحرِ النساءِ فما
نثرته ِ من ظلامِ اليأسِ يكفيني
علقت ُفي ليلكِ الأسقامَ فاحتفلي
ضمّي الندامةَ دهراً ثم ضمّيني
عودي لقتلي مراراً كي أكفّنها
تلك الأماني فهذا الطيشُ يغويني
شدي وثاقي وخوني كلَ أوردتي
أرجوكِ قتلي فقتلي منك ِ يحميني
شعراء الجزيرة العربية >> ماجد أحمد سعيد >> هذا انا
هذا انا
رقم القصيدة : 69312
-----------------------------------
هذا انا قلب ٌأضاع الحبَ في دنياك ِ
هذا انا قمرٌ ينوحُ على ضفاف ِ هواكِ
ماحجّتي إن جِئتُ مكسورًا وما
في العين ِ غيرُ قصائد ٍ تنعاك ِ
أسفي على هذي المواجعَ كلما
آنست ُطيفك ِ تهت ُعن مسراك ِِِ
خوفي على ذات ٍ يحطّمها الورى
لم تلتقيك ِ ولم ُتحبَ سِواكِ
عجزي وقِلةُ حيلتي وجوانحي
باتت كليل ٍ ساجد ٍ لضياك ِ
مدّي يديك ِ إلي جراحاتي متى
ما رّق نبضكِ لحظةً ودعاك ِ
أنا مثخن ٌ بالطعن ِ حسَّبي إنني
روح ٌ فدتك ِ ولم تزل تفداك ِِ
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> كأني أُطالبُ بالمستحيلْ :
كأني أُطالبُ بالمستحيلْ :
رقم القصيدة : 69313(53/186)
-----------------------------------
يغادرنا القادمون على " السُرفاتْ"
يعود المزارعُ للحقلِِ
والطفل للدفترِ المدرسيّ
تعودُ الحياة ْ
طبيعية مثل طين الفراتْ
وأن لا يعود العراقُ
سرير الطواغيتِ
أو
ساحةً لخيول الغزاةْ
...
كأني أشذُّ عن القاعدهْ
فأحلمُ بالمستحيلْ :
يضيءُ الحبورُ البيوتَ
ويغدو النخيلْ
مآذنَ مُشرعةً للهديلْ
...
تذكرتُ
مَنْ لي بنبضٍ
يعيدُ الرفيفََ لهذا الزمانِ القتيلْ؟
أين ستهربينَ من حبي
أين ستهربينَ من حبي؟
تمنَّعي عليَّ
أطعمي اللهيبَ كلَّ ما بعثتهُ اليكِ
من شعرٍ..
وما رسمْتُهُ بريشةِ الصَبِّ
وسافري حيثُ تشائينَ
بعيداً عن تضاريسي
وعن رَكبي
لا بدَّ في نهاية المطافِ أن تكتشفي
أنكِ تمشينَ على دربي !
إنَّ الدروبَ كلّها
تُفضي الى قلبي !
*****
سيدةِ النساءِ يا مسرفةَ الرعبِ
لا تَذْعَري إذا سمعتِ مرَّةً
بعد انتصافِ الليلِ صوتاً
يُشبهُ النقرَ على الشباكِ
أو هَسْهَسْةَ العُشبِ (*)
لا تذعري
يحدثُ أحياناً إذا حاصرني الوجدُ
وألقى جمرةَ السُهادِ في هُدْبي
يهمسُ لي قلبي:
قمْ بيْ لأطْمَئنَّ أن زهرةَ الريحانِ
في سريرها الرَحبِ
تغفو على وسادةٍ من أَرَقي
قمْ بي !
*****
(*) الهسهسة: الصوت الخافت كصوت حركة الحلي وما شابه ذلك
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> أربعة أرغفة من تنور القلب
أربعة أرغفة من تنور القلب
رقم القصيدة : 69314
-----------------------------------
( الى الشاعرة الروائية الأسترالية إيفا ساليز الشاهرة سيف يراعها بوجه
الظلم والضغينة ذودا عن المحبة وجمال الحق في كل مكان )
...
عاريةٌ إلا من الحبِ
ومن مَلاءَةِ اليقين ْ
سَلّتْ على ليلِ الطواغيت
حسامَ صُبحِها
ذائدةً عن شرفِ الأنهارِ في عالمنا
وعن عفافِ الطين ْ
باسم العصافير التي
أعلنتْ الحربَ على الصيّادِ
والسِكّينْ
*****
حين يكون الكأسُ فارغاً
وحين يفرغُ البستانُ من ظلالِهِ
وتفرغُ الساعةُ من قهقهةِ الثواني ...(53/187)
وحين تخلو روضةُ السطورِ
من زنابقِ المعاني :
أملأُها بكوثر الأماني
وبالتسابيحِ التي
تفيضُ من قلبي على لساني
*****
بنيتُ في خيالي
مِئذنةًً
وملعباً طفلاً ..
وطرّزتُ الصحارى بالينابيعِ التي تجولُ
في غاباتِ برتقالِِ ...
وعندما غفوتُ تحتَ شُرفةِ ابتهالي
شعرتُ أن خيمتي حديقةٌ
وأنني سحابةٌ
تزخُّ في بريّةِ الوحشةِ
أمطاراً من الظِلالِ
*****
رسمتُ بالإشارهْ
أُرجوحةً ...
نَسَجْتُ للكوّةِ في الجدارِ
من هُدبِ المُنى ستارهْ
وقبلَ أن أنامَ في كوخي على وسادةٍ حجارهْ
دوّنتُ في دفترِ عمري هذه العبارهْ :
كلُّ أمريءٍ
يمكنهُ أن يعقدَ الألفةَ
بين الماءِ والنار ِ
وأن يصنعَ من دَيجورِهِ نهارَه
*****
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> غيض النداءُ
غيض النداءُ
رقم القصيدة : 69315
-----------------------------------
وتاهت الصحراء في كهف المساء
وكل ملامح الكلمات حولي
كالجراد تؤزني
وقروح جسمي تستجير من الصديد
وأفقت من عشرين عاما عابرة
جدلا ونزفا واحتقانا
جولة في إثر أخرى خاسرة
وبعثت من وجع الكروم
ذوت عناقيدي التي حملت فؤادي مضغة
أشعلت نارا
قلت أشرب قهوة
فلعله يشتد عود القلب شيئا
علها تستعجل المنفى قليلا
علها تتكسر اللحظات
أخرج من مرايا الوهم
أكسر باب خوفي فلقتين
وقلت علّ القهوة السمراء
تبزغ من ضمير الليل شمسا
علها تغتال آخر أنفس الليل الطويلْ
فيكون آخر قرفصاء الليل فوقي
آه كم لصقت سياط الليل في ظهري
وكم طبعت أنامله على وجهي ليونتها
وكم أرخى على صدري سدوله
أمضيت عمري أشتهي
أن تهرب القضبان من سجني قليلا ؛
لأعود شأن العائدين من السواد ..
أفتش الآهات عن سلمى التي
افترشت على تنهيدتي عمرا طويلا
لست أدري أي واحدة تكون ؛
فكل عمري ضاع بين تنهد وتنهد ..
عيناكِ ما نامت
وعيني لم تنم
الليل يلدغ فجرك المخبوء في عيني إذا الصبح اقترب
أواه لو تدرين كم شرخا على جدران قلبي لم تزل تنزف نارا !
كم بكت عيني اعتذارا !(53/188)
لم أزل أنزف .. أبكي ..
والمرايا السود
تغتال النهارا ..
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> مرايا الروح
مرايا الروح
رقم القصيدة : 69316
-----------------------------------
متقيئًا روحي
يجيء الليلُ
محتضرا
كنار ذات وقدٍٍ أُطفئتْ للتوِّ
وانقبضَ المكانْ
واستسلمتْ أقتابُها الحرّى لبطن الأرضِ
بحرا من ركامْ
ما كانت النيران بردا أو سلاما
كانت كبركانٍ تجرّع من خطايا الليل بركانًا
أشدَّ تمردًا
كانت صواعقَ تخطَف الأبصارَ
تقترفُ الخطيئةْ
تحثو حجارتها ؛
فتجعل كل شيء حولها عصفا تناهى الموت فيهِ
وكنتُ قد علقتْ رموشي في جدار الليلِ
منسلا من التاريخِ
منفلتا من الأفُق الذي صد الحمامَ ،
ومن رعاة الشاءِ
من كلأ المراعي
من تعاليم القبيلة
وكأنني سهم رمته يد
فأفلت من عقالٍ
أنكر مطلع الشمس
احتسى فوق السحاب شرابه
وأراق هيكله الشقي على سواقي الرمل أشرع جسمه المعتل
عودا ناشفا ؛
فبكى الغمام
وأزهر الحنون من دمه
وأبكى كل راع نايه
وعلا ثغاء الماعز الجبلي ..
شيء ما هنا يغتال أرواح الفصول ِ
فيا لهذا الليل
يأتي القلب أعمى
لا يرى وهج النجوم
ولا يرى وجه القمر
ها إنها الأبصار لا تعمى
ولكن القلوب هي التي ...
* * *
يا أيها الليل الطويل ألا انجل ِِ
فالقلب مرتهن لقيد النار
مصلوب على سعف النخيل
معلق ما بين روحي والمدى
صمتا يئن
وليس ثمة ياسمينُ
وليس ثمة من ندى
صوت من الصحراء يصرخ بي :
تمهل أيها المعتم بالقلق الوجودي
استعد عنوانك المنسي
واهرب من بشاعتك القديمة
يكفيك مقتًا
أن تنام على رؤاك المعتمات
وأن تعض على ولائك للمنافي
فيجرك الترحال نحو محيط يأس
ليس آخره نهارا
تمشي على زقومك المنبت من خصب الحياة
فتسقط الكلمات من عينيك شعرا
فيه تقتتل الحروف
وتهرب الحناء من شفتيك خوفا
تقتفيك عقارب الكلمات
تبحث عنك في أضلاعك الكسلى
وفي صلصالك المدمي
مذ فارقتَ
عرس البيدر المحفوف بالصلوات
وانتهبتك نار الردة الكبرى
ونام الليل في صدرك(53/189)
نام الليل ... نام الليل ...
أشباحا تمص العشب من رئتيك
تلقي الرعب في صدرك
وتأخذ منك آخر ومضة في العين ِ
يقتلك اجتراحُ الشوق ِ
كل حدائق العشاق في عينيك
شوك أو حريقْ
ها .. كبرياؤك عاجزةْ
هرم ولكن من رمادْ ..
عرش من القش استطالْ ..
ومناك ليس لها رموشٌ
تحفظ الأسرار من ريح السَّموم ِ
فيستبد بها الغبارْ
شفتاك عاجزتان عن لثم الندى
ومسام جلدك تسكب الآهات في شفة النهارْ ..
وتسمم الأزهارَ
تلتمس الهروب من البياض ِ
إلى المحطات البعيدةْ
تمشي وتعبث بالمرايا البيض
تستبق الحصار إلى الحصارْ
متسكعًا ..
في كل وجه للتشرد ماثلا كفنًا
يمزقه الوجومْ
حيرانَ في طول المسافةِ
يرتديك الخوف
يحملك العويلْ
بردانَ ..
تنتكث الذي نسجته أمك بالدموعِ
فلم تزل عيّ الفؤاد
ولم تزل هش الضلوعْ
وتظل وحدك نائحا
ويظل ينهبك السدى
وتظل أبعد ما تكون
من الرجوعْ
تركتك أشرعة الرفاق
فرحت تبحث عن ملاذ
رحت تبحث في المدى
عن كربلاء
لعلها تعطيك معنى للوجود ِ
وكل شيء دون عينيك اقتراف للتراجعْ
يكفيك أنك لا تناجي الليل مثل بقية الشعراء ..
تعوي مثل ذئب تاه في الصحراء ،
أجهش بالعواء
وأطلق العينين للريح ..
استبد النزف في جفنيه ؛
فاغتيل النهارُ ..
فكن إذا أوهتك أوهام المآرب عنكبوتا
يختفي خلف الكلام .. يخيفه عبق القصيدة
تخشى من الكلمات
حين تجيء حبلى بغتة ؛
فتنوء بالأجل المسمى للكلام
يكفيك أن مسام جلدك ليس فيها برعم
يزهو إذا صب النسيم على ذراعك شهوة العشاق
أو شهق المساء على فؤادك ياسمين
لو قبلتك حمامة ؛
شفتاك تختبئان خلف غمامتين
أو رشك العشاق بالنسرين ؛
أدماك الأنين ..
كن مثل جوف النار أسودَ
أو كبحر من جحيمْ
* * *
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> تراكم
تراكم
رقم القصيدة : 69317
-----------------------------------
كموج تدافع ..
حتى اعتلى صهوة الماء عمري
ولكن شمس الظهيرة قيظ
يبخرني ..
ويقضم عمر الثواني التي
راكمتني هناك غريبا ..(53/190)
فلا ستر دوني ..
ومهما علوت
أعود كما كنت
ذرة ماء ..
رذاذا لطيفا .. !!
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> وصية
وصية
رقم القصيدة : 69318
-----------------------------------
بني ..
حينما أموت ميتتي الأخيرة
موشحا بالحزن
والهزائم الكثيرة
وحين يبدو عاتقي مهدما
ومهجتي كسيرة
وتختفي من الحياة حالتي المثيرة
ويأكل التراب جثتي
وتختفي ملامحي ..
فأنتهي نهاية مريرة
تعال يوما ناثرا
وردا على روحي
وقل عبارة قصيرة :
القدس لم تعد أسيرة
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> امرأة .. !
امرأة .. !
رقم القصيدة : 69319
-----------------------------------
الحلم أكبر منك
أخفض نصف رأسك
مل به نحو الجدار
وأسبلت جفنا
وقالت:
نافق الشيطان أكثر ..
أنت في الزمن الرديء
فلا تنم بين القبور
ولا تقل تلك الكوابيس
اعترت روحي
وتلك تقض نومي .. !!
أنت منها ..
أنت فيها ..
كنت لا أدري
بأي جراح قلبي أحتمي منها
وأي جحيم روحي أتقيها ..
كانت تدفق بالكلام
كأنها سحر تجلى لي
ليقلب فوق رأسي كل أبواب الهروب
ويعلن التاريخ والقيم التي أصلى بها
شيئا قديما .. !
كل شيء كان حولي باهتا
وأنا بدوت ككل شيء باهتا ..
أرخيت أقدامي
أنخت ..
ولم أفق
إلا على صوت تجلل بالخشوع
فقلت هذا الصوت أعرفه
فويلي ..
إنه رعد أبي .. !!
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> سنبلة
سنبلة
رقم القصيدة : 69320
-----------------------------------
في موطني
يموج الزهر
تلمع السنابل
كانت سمية وسطها
أزهى وأحلى سنبلة
وجه بريء
عالم من أسئلة
وقلبها يفيض بالرجاء والمنى
وأنبل المشاعر ..
سألت عن وقوفها
في هذه البيادر ..
قالت وروحها تطير نشوة :
أنا في انتظار هبة النسيم
كي أراقص الزهور والسنابل
وكي أغني
حين تصدح البلابل ..
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> تيه .. !!
تيه .. !!
رقم القصيدة : 69321
-----------------------------------
لم أزل أبحث عني
مذ تلطخطت بشعري(53/191)
وتشبثت بحزني
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> رحيل
رحيل
رقم القصيدة : 69322
-----------------------------------
لم يبق شيء يا سعاد
فلا تلومي
نامي على سعف النخيل
تلحفي رمل السوافي
إنها الصحراء نعشك
إنها الصحراء قبرك فاهدئي
قد كنت مثلك يا سعاد
ألملم الآمال
زيتونا وحنونا وزعتر
وأقص للنجمات عن وطني
حكايات بريئة
قد كنت مثلك مؤمنا بالقادم الحتمي
أرقب أن تجيء مع المساء العاصفة
وأنام حين أنام
لا عين يراودها السبات
ولا فؤاد يهجع
أمشي على وجع الكروم ترنحا
لم أبقِ من حزن القرون مرارة
إلا اكتويت بجمرها
وفرشت أوراقي ودمعي
وارتميت على الطريق
الآن عدت إلى البدايات العصيبة
أمشي وأحمل فوق ظهري
ألف عام من رحيل
وأجر خلفي كل أشجار النخيل
أبكي وفي عيني الحسين وكربلاءْ
وعلى يدي نام الزبير
فحز سيف الردة الرعناء
نصف ملامحي الأولى
كما انتصف الولاءْ
نامي سعاد ولا تلومي
ما عاد ينفع أن أقول
وأن تقولي
فالدرب أعمى
والوجوه مزيفة
كذبت عواصمنا ..
تهدم حلمنا
وتكسرت أغصان لقيانا معا
وانهار حلمك
وانتهى ما بيننا
ماذا علينا يا سعاد
إذا أفقنا من رؤانا البيض
واحترق المنام ؟
فالجمر أطفأه الكلام
لم يبق لي شيء سوى هذي القصيدة
إني أفقت على الكلام
سافرت مثلك في الوعود
وفي البراءة والغرام
وتركت أمي تشعل التنور
قلت : دعي رغيفا
علني إن عدت آكله
وزيتا من غلال الموسم الآتي
واعدت أمي أن أعود بعيد عام
ومضيت .. عاما
إثر عام .. إثر عامْ
ونزفت في كل المطارات التي
وسمت جبيني أنني
ولد شقي
يتقن الترحال
يحترف التشرد في العواصم والجبال
والآن مثلك يا سعاد
غدوت لا حلما جميلا
لا وطن ..
دمك الذي لم يبق منه سوى القليل
ودمي المعذب كلما أزف الرحيل
دمنا على الطرقات يحكي قصتينا
نحن القتيلةَ والقتيل
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> وحدي
وحدي
رقم القصيدة : 69323
-----------------------------------
وحدي أواري كل عورات الذين أحبهم(53/192)
وحدي ألملم جرحي
إن مت وحدي
من يواري عورتي .. ؟!
من ذا يكفنني .. ؟!
ويحفر قبري .. ؟!
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> أين .. ؟!
أين .. ؟!
رقم القصيدة : 69324
-----------------------------------
كانت سمية قاب رفة نورس
أو رفتين ..
قلبي تعثر في مداها مرتين
فجناحي الموصول في رئتيّ منتوفٌ
يطير بريشتين
وتضيّع الأنواء وجهته ..
فيسأل في احتدام الشوق :
أين ؟!
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> لن أصالح
لن أصالح
رقم القصيدة : 69325
-----------------------------------
لن أصالحْ
سوف أبقى حاملا وجه البلادْ
حاملا حزن اليمامةْ
لن أصالحْ
حتى لو أصبحت عظما
في العمامةْ
نصحوني أن أصالحْ
وأردوا أن أبيع الدم
بالبخس القليلْ
نصحوني ..
أن أبيع الأرض َ
أن أبقى كما الظل الذليلْ
أن أغض الطرف عن كل المجازرْ
نصحوني أن أحاورْ
ثم قالوا : لا تغامرْ
نصحوني آه منهم
آه من صمت المقابرْ
نصحوني ..
لم أكن أحتاج ناصحْ
لن أصالحْ ... لن أصالحْ
حتى لو قالوا منحناك الإمامةْ
ومنحناك من الأمر زمامهْ
لن أصالحْ
حتى لوقامت مع الحرب القيامةْ
فارجعوا إن شئتمُ
أو فاركعوا
صالحوا
أو طبعوا
إنما أقسمت أن أبقى أحاربْ
حتى لو أفردتُ وحدي
وطمرتم رأسكم مثل النعامةْ
***
كلهم قالوا بصوت واحد سنصالحْ
ما لنا والموت في تلك الدوائرْ
مالنا والحرب صالح لا تكابرْ
صالحت كل العشائرْ
لست منا إن أردت الحرب وحدكْ
أنت مسؤول إذا ما صرنا ضدكْ
إن حملت السيف في وجه الشهامةْ
فلتصالحْ
إنما الصلح سبيل للسلامةْ
قبل أن تمضي إلى كاس الندامة
***
لن أصالحْ
إن أردتم اذهبوا واعتذروا
واعبدوا من دمروا
قبلوا كف الأعادي
واشكروهم أنهم قد أحرقوا كل بلادي
واشكروا كف الذي تبت يداهْ
واشكروا كل الجناهْ
وأنا وحدي هنا سوف أقاومْ
لن أصالحْ
لن أساومْ
سوف أقتص لمن ماتوا جميعا
واذهبوا أنتم بعيدا
واستظلوا بخيام الذل
إن ألقى خيامهْ
***
كلهم قالوا :
كفانا
لنصالحْ(53/193)
ولنطيّرْ بيننا تلك الحمامة
ماذا لو ضاعت بلادْ
ماذا لو مات العبادْ
عبثٌ أن تعلن اليوم الجهادْ
نحن في وقت المصالحْ
لم يعد فينا احتمال للملامةْ
سنصالحْ .. حتى لو مالٌ بأرضْ
سنصالحْ .. حتى لو طولٌ بعرضْ
سنصالحْ .. حتى لو دمٌّ بماء أو هواءْ
حتى لو عين بشامهْ .. سنصالحْ
لم نعد نقوى على الحرب التي
قد أرهقتنا بالمذابحْ
لم تعد فينا دماء كي نقاتلْ
أو نكافحْ
فاحتمل إن شئت هذا الموت
واستقبل سهامهْ
لم يعد في وجهنا ماءٌ
ولا في بحرنا ماء لسابحْ
إن أردتَ الحرب حارب
في الليالي مفردا
لن ترى منا معينا أو منافحْ
ما لنا والحرب في هذا الزمان
إننا أولاد عم
كلنا أولاد عم في المصالحْ
سنصالحْ .. كلنا سوف نصالحْ
ولدينا كلُ أسباب المصالحْ
غدروا فينا ولكن سنسامح
هكذا الأخلاق في عرف القبائلْ
كلُّ ما جئتَ به وهمٌ وزائلْ
أنت خالفتَ الجماعةْ
عندما أصبحت في عصر الخيانات مقاتلْ
أنتَ من أنتَ
لنرجوك الشفاعةْ؟
نحن ساداتٌ عواهلْ
نمسكُ العرش بأنياب ونلقي بالمشاكلْ
فلتصالحْ
لا تكن مثل المجانين وكنْ
بالصلح عاقلْ
كن حليما
واستعذ بالله من شر الحروبْ
إنما الحلم مع العقل وَسامهْ
***
لن أصالحْ
لن أخون الأرض والعرض الجريحْ
سأقاوم ْ .. وأنا في الوعد صادقْ
وبنصر الله والتحرير واثقْ
لن أخون العهد لا
إنني ما خنت ذمهْ
إنني أقسمت أن أمضي شهيدا
أو تعيش اليوم أمهْ
لن أخون العهد
إن الحر لا يغتال دمّهْ
لن أصالحْ .. لن أصالحْ
إنها الحرب
وفي الحرب السلامةْ
لم تكن حربي لدم سفحوهْ
لم يعد ثأري لطفل مزقوهْ
إنما ثأري لجثمان الكرامة
هكذا الأخلاق في عرف المقاتلْ
هكذا التاريخ يرضى أن أقاتلْ
هكذا النخوة في عرفي أنا
لا أرى في عرفكم غيرَ التخاذلْ
إن حربي اليوم كي لا تنحني
في الأرض قامهْ
من يهاب البحر يبقى
جثة فوق السواحل
إن حربي كي يظل ( الله أكبر)
حتى ميعاد القيامةْ
إنها الحرب التي لابد منها
إنها جلّ المطامحْ
لن أصالحْ .. لن أصالحْ(53/194)
ولأكن في عرفكم ..
يا قوم جاهلْ
إنكم يا قوم ترضون الخنوعْ
وتريدون لسيفي أن يضيعْ
وتريدون دمائي أن أبيعْ
إنكم تخشون إصرار اليمامهْ
كل فرد منكمُ
يبكي على مُلْكٍ أقامهْ
وأنا وحدي هنا
أبكي على موت الكرامهْ
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> دلاء القبيلة
دلاء القبيلة
رقم القصيدة : 69326
-----------------------------------
عشرون عاما ...
أثقب الأرض
ولكن ، لم أجد ماءً
ولم يبتلَّ ريقي
كم ذا حفرتُ
فصارت الصحراء أكوامًا
من الرمل
جحورا للسباع
فيا إلهي كم شقيتُ
وكم بكيتْ
لمّا تزلْ كفاي تجترحُ الكهوفَ
ليسكن الذئبُ
وأبقى دون بيتْ
أوغلت في الحفر
فغاصت أضلعي تحت الرمالْ
وأظافري كم قصفتها الحصى .. !
كفاي أُدميتا
فرأيت في أفقيهما بغدادَ
بعد الطعن في الظهر
انحنيتْ
ورأيت دجلةَ ساجيا
متخضب الإبطين بالحناء
خلت الماء ميتْ ..
لامسته متوجسا من صمته
وندهت من وجع الهوى فيما رأيتْ
أدنيت كفي من فمي ...
لكنما ..
أنا ما شربت وما ارتويتْ
وجحافل الماء السراب
تخيفني مما سعيت لها لتطفئني
ولكني اكتويت
عشرون عاما يا إلهي ...
أقتات من روحي
وألهث خلف أوهام .. فويْ
ويْ كأن العمر يُطوى دون معنى ..
أيَّ طيْ
صحراء ليس بها اخضرار
كي أميل عليه جسمي
حين يثقل جسمي الجاني علي
لا شيء فيها أخضر
إلا .. رأيت ـ مع المغيب _ تباين الألوان
في حرباء أعياها الوجوم
فخلتها ترنو إليْ
عطشانة ؟؟
جوعانة ؟؟
ولعلها ترجو السماحة من يدي
ضجرت من الأرض اليباب
وأوجدت دمعا ..
ونامت فوق عشب خيالها
لكنها ماتت ولم تقتت بشيْ ..!
أنا يا إلهي ليس لي في هذه الدنيا سوى
أنسام عفوك ، علها تندي بفيْ
عشرون عاما يا إلهي لم أزل
أحثو التراب .. ولم أزل
أجثو على راح اليدين وركبتي ..
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> محاولة أخيرة
محاولة أخيرة
رقم القصيدة : 69327
-----------------------------------
فكي قيودي
واتركيني كي أفر إلى الحقيقةْ
قد حمت الحاجاتُ(53/195)
والأبواب تلجمها عفاريت الخرابِ
وأنت ترتسمين في كل الدروبِ
كهدهد
تترصدين تمردي وتكابرينْ
وأنا ..
أظل الشوكَ
تحمله يداك وتنزفينْ
أنا لا أريدك أن تكوني الماء يطفئني
إذا اشتعلت عروقي
وأكون عثرتك الوحيدةْ
أو تصبحي القربانَ
حين أتيه في شر الدروبِ
فأصطلي من نار أوهامي
ومن وعد تدثر بالكلامِ
لكي تدوم قصيدتي
وتظل تهمتك القصيدةْ
الذنب ذنب الشعر لا ذنب الحقيقةْ
أنا من بنى بيت الزجاجِ
وشكل الأشياء مثل الشعرِ
واحترف التفاؤل من بعيدْ
الآن أفلت من نوايا الغدرِ
أقطعها من الأعناقْ
وأحاكم الأنفاس في صدري
إذا خرجت حزينةْ
الآن أوقد مشعلا في كل منعطفٍ
لينكشف الضباب عن الطريقْ
وأرى هلال الشهر عينًا
كي أصوم عن البراءةِ
والمرايا البيضِ
أتهم الغيومَ
إذا عيون الماءِ
لم تروِ الكروم
إني أحبك فاعتلي روحي
وخوضي البحرَ
واجتذبي المراكبَ
من نواصيها
محملةً بأعواد البخورْ
طوفي على الجزر التي
تاهت من التاريخِ
وافترشي القصائد مخدعًا
لأظل أرثي الشعر صمتًا
وتظل حكمتُك الحقيقةْ
وتكتمي سر المسافة والحدودِ
وسر رحلتنا
أفيقي من بياض القلب واعترفي
بأن الغصن ثعبانٌ
وأن الطائر الغريد شيطانٌ
وكفى ...
إن هذا العالم السكرانَ
يحمل سيف هولاكو
ويدمي جرحنا
وجراح كل الأبرياءْ
فتمردي لو مرةً
ثوري
فأنت السرُّ ..
أنت مداد روحي وانعتاقي
ثوري فأنت ملاذ قلبي
أنت طوقي وانطلاقي
يا أنت ..
يا امرأة أذابت روحها
من أجل روحي
واكتوت يوم احتراقي
نامي .. وسادك أضلعي
فجمالك الأبدي
يكمن في عناقي
إني اعتنقتك تائبا
إياك أن تثقي بإيماني
فتذوي ..
يوم تنوين اعتناقي .. !!
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> هذا الحطام . . ( إلى روح أمي )
هذا الحطام . . ( إلى روح أمي )
رقم القصيدة : 69328
-----------------------------------
في مهب الحقيقة
والوقت يهمي على حزمة العار التي
أوثقتها الهزائم
عودا فعودا
أشد الرحال إلى روح أمي
التي ألهمتني البكاء كثيرا(53/196)
إذا خانني القلب
أو خاب ظني بنفسي ؛
فصرت كغيري نهبا
لريح الخيانة أو
حالة من سكون ..
وكم .. !
كم دثرتني
إذا جن خوف
بدفء عباءاتها !
وكم أرسلت لي مناديل حب
لكي أحتمي
من هجير اغترابي !
فشمس الخليج تجفف ريق السدود
تيبس قلب الحدود
وتخلع من رئتي الياسمين
وقبل المساء الأخير
أقامت على الأفق أوجاعها
أحالت كهولة روحي طفلا
وكنت لها الهاجس المشتعل
دعتني باسمي أن يا بني
احترس من لسانك
هذا الزمان رديءٌ
فلا تكُ وحدك ذاك البطل
لسانك يا روح أمكْ .. حصانك
فصنه
ولا تجهرن بالدموع
لكي لا تضيع هباء
فتنهبك الريح
تنقم منك الذئاب التي
تشرب الدم فجرا
فتلك على السادة السيدةْ
لك الله أمي
ألست التي أرضعتني لسانا
كجلمود صخر ولكنه
يصد السيول إلى الخلف
يلغي المسافة بين الرصاص
وبين القُبل
فيا روح أمي عليك السلام
ويا أمَّ جادك ريق الغمام
رمتني الحدود على ناب أفعى
فماتت لأن أديمي مر
وريقي سم
وقلبي تعود ألا ينام
وعدت على جنح وجدي إليك
وكان الحمام الذي كان يوما
يحط على غار ثور
يرافقني في طريقي الطويل
ويشهد دب خطاي الثقيل
وفي الليل يفرش فوقي جناحيه
أسمع وشوشة الطير يحنو
على نبض قلبي
وثمة آنست نارا تقيد
على بعد ميل
فقلت لعلي أقبس منها
لعلي أشتد نبضا هناك
فتلك لعل مضارب عبس
فآوي إليها
ولما اقتربت بخطو وئيد
وقلبي يرف رفيف الحمام
يناجي السماوات أن تستجيب
رأوني .. تنادوا :
غريب .. غريب
وبالوا على النار
ثم استداروا
وغلق دوني الفضاء
فعدت وأصعدت قهقهة في السماء
فدوت حناجر هذا الوجود
خريفا يبعثر وجه السكون
حصارا ينشف نهر الفرات
وينسج في صدر أمي الفناء
فأمي التي طالما أرضعتني الحياة
نجيع الخلود ..
تموت هي الآن كي لا أموت
وينثال منها الدعاء لقلبي
لبغداد
تلك التي لا تموت
لوجه جنين التي لا تزال ـ كما العهد ـ بكرا
لكوكبة من شموع تقيد
ولا نار غير الشموع الصغيرة .. !!
وكان الهزيع الأخير احمرارا
شقي الدموع(53/197)
يبلل وجه الصباح نزيفا كئيبا
قد انتكأ الجرح ألفًا .. ولكن
ينام العبيد على الذل
حتى يمر العساكر فوق الجباه
ويبقى العبيد نياما
إلى آخر الذل
أماه .. أماه ..
مَن يوقظ العبد مِن
نومه المتصل ؟
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> اشتعال لانطفاء أخير
اشتعال لانطفاء أخير
رقم القصيدة : 69329
-----------------------------------
هربت إلى ضفة الجرح جذرا
من الملح والظمأ الأصفر
وكنت طوال الطريق الطويل
أحاورني في غبار الكلام
فأخرج من شفة الروح طينا
وأقترف الجولة الخاسرة
فلا الرأس يدري
ولا القلب بدري
لأي الحدود تشيل الزوابع
عيَّ الكلام وحزن الصور
وأي المرارات تعصر قلبي
وأي السماوات فيها خلاصي
تمنيت أن أستريح قليلا
على ربوة ترتديها الفصولُ ..
الفصول التي تشتهي الورد
واللوز والأغنيات
مللت هجوم الفصول الثلاثين
تأتي تباعا
مشوهة
ترتدي كلها
سراب السهول
سراب الغمام
* * *
وصلت إلى خيمتي
حالة من رماد
وتحت جفوني شظايا زجاج
وقش تعرق تحت قميصي
القديم .. القديم ..
لماذا النعاسُ
يراودني الآن عن حلمه الياسمين ؟!
وعن وتر يشتهيه المساء ؟!
سأبرأ من وهم نزفي
وأبدأ من نقطة عارية
وأبدأ من خارج الوقت وقتي
وأشتم صمتي
أبوح بذاكرتي العاصية
وأعلن للملأ النائمين
على مخدع النسل
أن القيامة قامت
وأن الصباح اختنق
أعري مخيلتي للكتابة
فآخذها من صلاة الخسوف
وأنزفها رعفة رعفة
في وجوه النفاق
ولا أستريح من الانفعال
أقدم قربان نزفي لصوت
يشاركني فرحة المشي فجرا
تجاه الحقول
عتبت على النهر
كيف تموت الجداول جوعا
وكيف تجف ضروع النخيل
وتذهل عن طفلها المرضعة
تعر إذًا أيها الجمر
وانفث رمادك عن ظهرك
المنحني للظلام
تمرد على لحظة الموت
وانثر طقوسك خارج
هذي الطقوس
ولملم بقاياك
عودا فعودا ..
وقدحا فقدحا ..
تجاوز حدود الوفاق جميعا ..
فما الحد إلا ابتداء الرجوع
انعتاق من الهاجس المشتعل
وما الحد إلا الكوابيس
والحالة الواهمة(53/198)
ترجل إلى قمة لا تنام
على كوكب الغش
لا تلتقي بالزحام الرديء
ولا بالفصول الخطأ
* * *
أفقت من الصحو غير مدان
بشيء من الخوف إلا كتابا
شظاياه تلسعني من بعيد
أفقت وقد حرفتني الخطيئةْ
كما حرفت قبل
نصف الرجال
ونصف النساء
ونصف الوطن
سأبكي وأضحك
مثل المناخات في موطني
ومثل النواقيس
حين تدق اشتعالا
تدق دموعا ..
غناءً ..
تدق اشتهاء ..
لماض سيأتي على أي حال
أنام قليلا .. قليلا ..
وأصحو على ملح حلقي
على جرح قلبي
على أرق يبتدي من جديد
لأكمل رحلة صحوي الرهيب
وقبل رحيلي
أسائل تلك الوجوه أخيرا :
متى يسترد هواه القمر ؟!
وكيف تصير الهوادج
عند المساء نعوشا ؟!
وتغدو المآذن كالأضرحة ؟!
وأين الجماجم
بعد ارتعاش القناديل فجرا ؟!
وهل سيفيق الهزيع الأخير
على قمة يعتريها السعال
تعرت ؛
لكي تحتمي بالصقيع ؟!
وماذا انطفاء البروق ؟!
اختناق الرعود .. ؟!
لماذا .. لماذا احتباس المطر ؟!
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> آخر الألم .. !!
آخر الألم .. !!
رقم القصيدة : 69330
-----------------------------------
على هامش العمر أحيا
شفا جرف يوم
ولم يبق منه سوى ثانية
كأني بقية أعجاز نخل
بدت خاوية
وأمشي صعودا ً
لأزداد قربا من الهاوية ..
أحب الجميع ومالي حبيب
سوى الحزن والدمعة الهامية
فيا ليتها كانت القاضية .. !!
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> وطن .. !!
وطن .. !!
رقم القصيدة : 69331
-----------------------------------
قد كان حلم العمرِ
أن أحيا على أرضٍ
يُقال لها وطنْ
قالوا : بلادُ الله واسعةٌ
وفيها للغريب الدار متسعٌ
ويمكن أن تكون له سكنْ ..
قالت ضلوعي الراعشات
من المهانة والوهن :
وهم ؛ فلم أشعر بدفء
منذ غادرت الوطن .. !!
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> ليس بعد .. !!
ليس بعد .. !!
رقم القصيدة : 69332
-----------------------------------
كفكف دموعك وادخرها
ليس بعدْ
لم يئنِ بعد لك البكاءُ(53/199)
ولم يحن ميعاد غدْ
فغدا يروق لك البكاءُ
ولا تجدْ
دمعا لغدْ ..!!
شعراء العراق والشام >> محمود النجار >> حدود
حدود
رقم القصيدة : 69333
-----------------------------------
ومسافر ٌ..
والدرب أعمى
والحدود محنطة
في كل شبر حاجز
ودمىً غيبة
ويمر منها كل محتمل
من الأشياء دون تأخر
إلا أنا وسمية.. !!
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> هذه مِصْرُ
هذه مِصْرُ
رقم القصيدة : 69334
-----------------------------------
التحياتُ الرائقاتُ الرقاقُ
الطيباتُ المرقرقاتُ
العتاقُ
والسلاماتُ المسلساتُ
كؤوسا
وشموسا
وراحُهن دهاقُ
والسؤالاتُ المسبلاتُ
عيونا
من كلام كأنه الرقراقُ
حينما قالتِ المساءاتُ لي
ما لم أقله فكلنا مشتاقُ
هذه مصرُ
فادخلوها اندفاقا
من أحاديثَ يستبيها اندفاقُ
من حميَّا محبةٍ
يتناهى روْحُها كلما تماهى انتشاقُ
المحبُّونَ واحة
من نداءٍ سلسبيلٍ والحالمونَ
براقُ
والمحِبُّون الحالمون
استباق للمرايا
التي محاها استباقُ
والمبيحُون ما كان حين تنادى
ما تنادى
ولا كلام يراقُ
فكأنَّ الحروفَ لا تتراءى
وكأن الشفوفَ
ليس يساقُ
وكأن الطيوفَ
لا تتناءى وكأن العطوفَ
منيِّ عناقُ
وكأني, والنيل يكتبني محوًا,
ولا ألواحٌ
ولا أسواقُ
شذراتُ المعلقاتِ اللواتي
اخترقت سترها فمالَ الرفاقُ
يسألون الرسومَ
عن كلماتٍ تركتني هناك
وهيَ امِّحاق
وعن النيل, والمساءات تجري
والمسافاتُ
كلها أطواقُ
وعن الليل والكتابة ماءً
شردت في كتابه الأشواق
وعن الخيل
والنجومُ سيوفٌ سافراتٌ
والمنتهى إطراقُ
وعن البذل ..
هذه مصر بيضاءُ
والنيل واقفٌ
رقراقُ
وكأني
إذا أسوق التحياتِ الندياتِ
من هنا أوراقُ
لملمتها أرضُ الكنانة
عمْرا عامريًا إذا تنادى الرفاقُ
أيها الواقفُ المغمغمُ قولا :
أينا واقفٌ ؟
وأيّ براقُ ؟
أينا في الكلام حتى نرانا ؟
السلاماتُ الحالماتُ
وثاقُ
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> كَمال العيّادي(53/200)
كَمال العيّادي
رقم القصيدة : 69335
-----------------------------------
من أيِّما جهةٍ يغازلكَ الكلامُ
كأنه سربُ الحمام
ولا حَمامُ ؟
وبأيِّما لغةٍ تعاطيكَ المُدامُ
بيانَها المخمورَ
والكلماتُ إبريقٌ تناغيه المُدامُ ؟
منْ أينَ تقطفُ ما اختفى خفَرًا
عنْ مُراودةٍ
كأنكَ تقتفي أثرًا
ولا أثرٌ
ينادمه المقامُ ؟
منْ أينَ تندفُ ما تقولُ
وقدْ تأبطكَ الغمامُ
بلاغةً مَسْبيةَ العتباتِ
يَطويها الغمامُ ؟
أنىّ الشفوفُ مُبارحٌ قسماتِه
ولكَ الشفوفُ
تعطفٌ، وتلطفٌ، وتطوُّفٌ
وتفوُّفٌ
بالمُرهفاتِ منَ العبارة
والتطامُ ؟
كيفَ الختامُ
أنا الذي ابتدأ الكلامُ لديّ
واخْتبأ الخِتامُ ؟
لكَ المحبة رَوْحُها الرَّقراقُ
والرقراقُ
مئذنة،ٌ وأرواحٌ مُجنحةٌ
مُلوِّحة ٌ بأرواحٍ ..
وكلٌّ .. لا .. ينامُ ..
لك السَّماوة فاستلبْكَ نجومَها
وعلى الأقاصي
اقرأ كتابكَ ..
ثمَّ هُزَّ إليكَ شمسَكَ
للأقاصي
كيْ تهدهِدَ كأسَك الأولى
فلا كانَ الأوامُ ..
ولا تَداركه، بمِنسأةٍ، قتامُ ..
سلمتَ
منْ حُبٍّ إلى حُبٍّ
ودامَ لكَ الكلامُ مُوشِّيًا
أحلى فواصلِه
ذاكَ
الكلامُ ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> نهرٌ على خفر
نهرٌ على خفر
رقم القصيدة : 69336
-----------------------------------
نهرٌ من الأنغام
أم سِفرٌ من الأختام
أم سرّ، وللنهْر انثناءته إلى الإرهام
يسحبُها السأمْ ؟
نهرٌ من الكلماتِ
يرتقُ عمرَه لغة،ً وللأمواج
ذاكرة تفتقُ خرقها
ديما .. ديمْ
وتطوقُ الكلماتِ بالكلماتِ
نهرًا ما ألمْ.
نهرٌ على خفر
أتى، وكأنه الإبهامُ
يرتجلُ الحقيبة، والحبيبةُ
مشتلُ الإبهام
بينَ يديْ قصيدتها
وبينَ يديَّ ما الإيهامُ
مُسبله ضرمْ.
نهرٌ إلى خدر
تثاءبَ مثلما الكلمات
غنجًا. همّ بالمعنى وهمّ به
وما استبقا
إلى الكلماتِ حتى أدركَ النجوى
وأسفرَ عنْ وهمْ.
نهرٌ من الخفقاتِ
قلبي ليْس قلبي. هذه
أرجوحة الصَّلوات أم قلبي
الذي ما قال لي(53/201)
عن ضحكةِ الصَّبواتِ حتى ..
لا أقولَ له
ولا لي .. ما احتدمْ.
نهرٌ ولا لغة
تأبطها المقامُ إلى المقام
كأنني أنضو
الحروفَ عباءةً أولى
لأخلعَها على شفةِ الغمام
عباءة أخرى التطاما في التطام
منْ ديمْ.
نهرٌ إلى البدويِّ
منْ نهْر يُسافرُ آهةً
مختومة بالشعر في جيهانه
فكأنما الماءُ الذي يشدو بقافيةٍ
على وتر إلى نهْر الشذا
يعطو
ومنْ تيجانه يسطو
كأنه يكتبُ المهْوى معلقة
مطوقة، وهذا الليلُ ..
لمْ ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> الآيَة الحوْراءُ
الآيَة الحوْراءُ
رقم القصيدة : 69337
-----------------------------------
سلمتَ
من المعنى
إذا لم يكن معنى
سلمتَ
أبا شادي
ودمتَ لنا مغنى
كأني
أرى الشعرَ
مخضوضرَ المدى
إذا ما
شدا
موالَ قافيةٍ لحنا
وإما بدا
من غرة الغيب
شادنا
وللسطوة العليا
ندى
شادنٌ مغنى
يُكوثرها
مسكا فتيتًا
وآية
إذا آية حوراءُ
سلسلتِ
الوزنا
ولا لغة
تنسابُ إلا رؤى
الرؤى
وجاهينُها
ينسابُ حرفا
علا شأنا
قرأتُ به
ذاتي قصائدَ
لا تني
عن الهمس
فجرًا
إذا ليله جنا
كأنّ
حكايا الشمس
تسلبها هنا
لتأتي
هناك الحدسَ
ملتبسَ المعنى
كأنَّ
مرايا الأنس
قافية رنتْ
إليكَ
ومالتْ
حيثما شاعرٌ غنىَّ
وألقتْ
عليكَ الطيلسانَ
بلاغة ً
إذا رفرفتْ
شفتْ
وإنْ رقرقتْ عينا
تهادتْ
إليكَ الناسياتُ
دمي هنا
وأهدتْ
هناكَ الناسياتِ
دمي حزنا
وأعتدتِ
الأقباسَ متكأ
غوى
وما إنْ غوى
إلا
ببارقةٍ حسنا
وما إنْ هوى
إلا
المدلَّ بكأسه
على كأسه
بسطا أسيلا سرى
وهنا
وللقمر الغافي
على صدر
أنجم
منازله اللمياء
هائمة
شأنا
يُبعثرها
آنًا
كأنه شاعرٌ
يبعثرُ
ما القافياتُ
ارتدتْ سكنى
ويَخفرها
آنًا
إلى طيِّ سورةٍ
هيَ الدرَّة
البيضاءُ ذروتها
المبنى
ولا شكلَ
إلا الذي ضمَّ
شكله
على قدر
وانزاحَ عمرًا
سما وزنا
إليكَ
أبا شادي
مجادلة الشذى
قصيدا
مديدا ليس يبلى
ولا يفنى
أعدتَ
به ذاتي لأقرأها
أنا
وكنتُ
أنا ذاتًا تأوَّلها
المعنى
وأرسلها(53/202)
حيثُ المنافي
توثبٌ
وسربلها آلا
وقد
سألتْ خدنا
وما سألتْ
عنْ غفوة الشعر
إذ سلا
دروبا
به هامتْ قلوبا
ولا ميْنا
فمرحى
أبا شادي بكلِّ
مجادلةٍ
قصيدتها
ليلى
تهامسُها لبنى
سَلمتَ
ودمتَ الأكبريَّ
جماله
سلمتَ
لك المعنى تأمله
المعنى
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> قبلة الورد
قبلة الورد
رقم القصيدة : 69338
-----------------------------------
لأغنيةٍ سقاها الوردُ أغنية ً
مواويلا .. مواويلا
وقطرّ شهدَه منْ ألفِ ليلتها
وحينَ روى
الحكايا،
وارتوى شمعا
وورَّى سهده المائيَّ
قنديلا .. فقنديلا
وحين غوى
وضمتْ شهرزاد سؤالَها
الليليَّ
في خفرٍ إلى خفرٍ
غوى، والليلُ الأسيلُ مانحٌ
خدّه
تأوه صاعدًا درجَ الليالي
شاردا
في متاهته
أخاديدا .. أخاديدا
تأبطها كمروحة الأمالي
وآهتها
قصيدة وردةٍ كانتْ
مواعيدا .. مواعيدا
فمنْ أينَ المضيّ إليك
يا عطرًا غوى من ألفِ ليلتها
وهذا الورد يشهقُ
فتنة جذلى، ويطرقُ بابَ شرفتها
ليأرقَ بينَ عينيها
سؤالَ قصيدةٍ عنْ قبلةِ الورده
تآويلا وتأويلا
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> غجرٌ منْ أغنياتٍ
غجرٌ منْ أغنياتٍ
رقم القصيدة : 69339
-----------------------------------
تكبرُ الكِلمة
عنقودٌ منَ الخوفِ تدلىَّ
منْ دوالي الحرفِ
لمْ أعرفْ زمانًا
يصْرفُ الكشفَ
عن الكشفِ
ولمْ أدر
إلى أينَ مضاءُ السيفِ
ينسابُ فضاءً لولبيَّ الرجفِ
حتى أصرفَ الكِلمة عنْ وجهتها
تكبُرني الكِلمة
منذ الرَّجفةِ الأولى
ومنذ ...
السَّادن الأول في ثرثرة النزفِ
في همهمةِ النسفِ
متى اخترتُ زمانًا
ما ارتأى
ما ارتأى أنّ العناقيدَ
كلامٌ حائمٌ حولَ العناقيدِ
ولا معنى سوى الخفِّ، ورمل البيدِ
والخيمة يسلوها
حمامٌ هائمٌ بينَ الأغاريدِ
إذا يهدلُ
يثغو، في الربى، نايُ الأماليدِ
وإنْ يسكنه الدمعُ
فرجعٌ خاشعٌ قد ينطوي من دونه
حُرُّ النشيدِ
للقوافي فوضويُّ الوقع
لي ما للقوافي(53/203)
منْ عيون الماءْ
هلْ تذكرني قطتي البيضاءْ ؟
هلْ تذكرُ منْ شعريَ
ما اصَّاعدَ، معراجا، إلى عينين
يرسو فيهما الأولُ ؟
أنا ما أبحرتُ منذ الهدهدِ الأول
لما أوَّلَ الرؤيا
وأسرى للمواعيدِ. أنا
حِرتُ
ولا شطآنَ لي
وأنا سرتُ
ولا عنوانَ لي
إلا الذي ما كانَ لي
حينَ أصّاعد، معراجًا،
إلى عيْنين
يرسو فيهما الأولُ
منذ لفتْ قطة بيضاءْ
منْ حول قصيدي غجرًا منْ أغنياتْ
صاحياتٍ غافياتْ
وأسرَّتْ لرواء المنتهى :
كمْ قمرًا
يرحلُ في ضوء الأناشيدِ
كتابا، والدجى يُنشده
مثلَ التراتيل
وقد يَنشده بين الأسارير خطابا
سربلتْه سَورةُ الرؤيا
بما في القلب
منْ حُزْن ومنْ حَزْن
ترى تذكرني
الكِلمة
لمَّا ترتخي الكِلمة
أنداءَ عبيرْ ؟
هلْ أنا منها العناقيدُ ..
العناقيد التي تشربها الخمرُ ؟
ألا كأسٌ هنا
يشربُها العمرُ ابتهالا لنهاياتِ
المسيرْ ؟
أو بداياتِ انفلاتِ الشجر النافر
عنقودًا من الكشفِ ؟
ألا كأسٌ هنا
يا قطتي البيضاءْ
حتى يشربَ الشاعرُ
رؤياه
امِّحاءْ ؟
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> ندفُ المساء
ندفُ المساء
رقم القصيدة : 69340
-----------------------------------
المساءُ الأخيرْ
إليك صبا ندفًا ندفًا
منْ سماء العبير الأخير .. الأخيرْ
لكَ الأولُ المرمريّ
لكَ الجدولُ العامريّ يراقصُ مقدمَه
ولكَ المندلُ الرطبُ
والأبيضُ الخدريّ يخاصرُ موسمَه
لكَ منْ قمر الليلةِ الهدهديّةِ
ثلجُ النداوةِ
أقراط نور
لك الجيد
منْ سبحة الفجر
ينظمُ سلمَه
للصعودِ الحريريّ إلى الماءْ
لي المساءُ النثيرْ
لي المساءُ النثيرُ على ساعدي
أدمنته البراءة حتى احتماء النضير
منَ الورد، سرًا، بوردٍ نضيرْ
وبسملة العطر في رفرفاتِ الغديرْ
لكَ الآخرُ النبويّ
تهادتْ مُسومة الشعر تعلنُ مولدَها
فيك يا طفلة القافياتِ الغوادي
بوطفاءَ منْ دمنا
أيهذا الدمُ الشاعريّ أقمْ موكبا
وبكلِّ معلقةٍ أعلن البدءَ
للقافياتُ متاه(53/204)
وما كانتِ القرط حتى تكومَ تاريخها
في سماء البلادْ
معلقة ليسَ تنفضُ عنها مجامرَها
في المساء الأخيرْ
الأثافي تجسُّ أسرَّتها
وطويلٌ سفارُ الرماد إلى المهدِ
طيَّ الرمادْ
أكاد أمد يدي لعنقاءَ لا تنجلي منْ دمي
والرماد صليلٌ يحاصرني بالأسنةِ
يخفي يديَّ هناكْ
يدسّ القصيدة في خرْج زوبعةٍ
للمساء الأخيرْ
يُصوبني طلقة لا تني
عنْ توثبِ زوبعةٍ في المساء الأخيرْ
أراه، بخفيْ حُنين،
يؤسسُ خارطة الذاهبين إلى الرمل.
أسَّستُ خارطتي
تلوتُ مُعلقتي
وانتهيتُ إليها، بناي الأقاصي، مواويلَ
تخدشُ خاوية النخل.
سربٌ منَ النحل يلتهمُ النبرَ.
تلكَ مواويلُ آضتْ إليَّ كأنّ المناديلَ
منها حمامُ الصّدى
هذه ضمة النعل فاضتْ عليَّ
كأنَّ القناديلَ حلمُ المدى
أيهذا الكلامُ تناديتَ منْ لثغةِ الليل
عمرًا كأنّ التراتيلَ
همسُ الندى
فتلوتُ معلقة مترقرقة للمساء الأخيرْ
أيهذي المعلقة المتلاحقة الكلماتِ
تركتُ دمي لك قافية
وكأنيِّ قصيدة ذاكَ النداء الأخيرْ ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> والإشارة مقبسُ
والإشارة مقبسُ
رقم القصيدة : 69341
-----------------------------------
.. فلا العمرُ
عمرٌ والرتابة مجلسُ
ولا الشعر يندى
والجهامة
حندسُ
ولا البحر يلغو بالطويل
عَروضه
إذا ولولته بالوخامة نكسُ
ولا الستر يرخي
جانحيه
عباءة تضم سفارا
هدهديا وتحدسُ
ولا السر يرفو ما التوجسُ
خارقٌ
إذا ما حديثُ الرتق
دومًا توجسٍ
ولا أنتَ, عند السفح,
أنتَ. عبارة
ولا كلم إما البيانُ تفرسُ
وإما زمان دائرٌ
حول ذاته كأنه قوسٌ
والإشارة مقبسُ
كأنيِّ
وقد أسْرتْ إليّ, عرائسٌ
من الكلماتِ البيض
أرسو وأشمسُ
وللبحر همسٌ نابسٌ متنفسٌ
كأنه أقداسٌ
من الغيبِ تهمسُ
ولي نبأ
يرسو بكلِّ قصيدةٍ
طويليةٍ
تكسو النثارَ
وتطمسُ ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> سوى أن أقولَ
سوى أن أقولَ
رقم القصيدة : 69342(53/205)
-----------------------------------
لن أقولَ
فأنت على شرفةٍ
تتأملُ يا أيهذا الحبيبُ
غماما
هناك على أبجديةِ
صمتكَ أعشابُ وشوشةٍ
تتأولُ ماءَ الحكايا
هنا، والمرام بعيد قريبُ
مراما
أراكَ، وللريح قبعة
وكأنَّ بها، من حمّياكَ قبعة
تتسربلُ سردا
يسيرُ إليه العجيبُ الغريبُ
مقدمة واختتاما
وأقرأ في كلماتكَ سرًّا
بداوته السحرُ قيد نداوته
وكأنه عمرٌ
وهذي السماوة حبرٌ تناهى
مقاما
أنا ما كتبتُ كلاما
ولكنّ ذاك الكلامَ تمطى
إلى شهرزادَ
وأدركَها، منْ كناياته، قرطا
تمطى كلاما
أنا لنْ أقولَ
وللبهلوان قصيدته الراقصه
تتمايلُ، بين السراباتِِ، مقبلة ناكصه
والخيولُ سيولٌ تضمّ سيولا محمحمة راهصه
والحبيبُ توشحَ، منها، عدولا إلى الوجهةِ القانصه
لنْ أقولَ
سوى أنْ أقولَ ..
سلاما ..
سلاما ..
سلاما ..
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> لغوُ السَّحَر
لغوُ السَّحَر
رقم القصيدة : 69343
-----------------------------------
ليكنْ
إنما الكلامُ خبرْ
كالمساءاتِ للخيام
عبرْ
والحروفُ المنمنماتُ
سماءً
تترقى، مثلَ الحفيفِ، قمرْ
تتنادى
والليلُ لثغة حبٍّ
تتصادى
والطيفَ إما نظرْ
تتناجى
والبرقُ قافية تسري
إلى النجم
مثلَ وهم خطرْ
تتمادى
في مُدنفاتِ مداها
والمتاهاتُ
كأسُها ما انكسرْ
تتهادى
منْ يشربُ الآنَ ؟
شمسٌ
هذه أم حدسٌ توالى صورْ ؟
تتحاذى
مَنٌ كاتبٌ شذراتٍ
بينَ نظم
وما تراءى شذرْ ؟
تتمادى
وللمتاهة عينٌ
لا ترى
إلا الناسياتِ وترْ
بينَ حرفين
والكلامُ فراشاتٌ
سربُها يختفي إذا ما ظهرْ
بينَ خوفين
ما أقولُ وما قلتُ
كأني
المابينُ حينَ ابتدرْ
ليكنْ
هلْ كانتْ حروفُ المرايا
ما انتهى
سَوْرة،ً وتاه سُورْ ؟
إنما الصمتُ
خمرة، والزوايا ثرثراتٌ
لا كأسَ
إلا الضجرْ
كيفَ تأتي الحروفُ
للعمْر ؟
لا أدري
وما قلتُ كانَ بعضَ السفرْ ..
والذي لمْ أقلْ
سؤالاتُ ما انقالَ عبيرًا
والوردُ
لغوُ السحرْ ..(53/206)
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> كما الأغاني
كما الأغاني
رقم القصيدة : 69344
-----------------------------------
عبوركَ للدروب
يميس شعرا
كأنك من عبير
شفَّ عطرا
تمرُّ ولا تمرّ
كما
الأغاني
تخفّ إلى اللحون
ترف سكرا
ومن أوتارك الميساء
شمسا
تسافرُ كلمة أولى
وأخرى
سلمتَ ودمتَ
بورتريها مُحلى
بكلّ
مليحةٍ تنزاحُ سترا
شعراء المغرب العربي >> مصطفى بن عبد الرحمن الشليح >> تنهيدة العمْر
تنهيدة العمْر
رقم القصيدة : 69345
-----------------------------------
لك العناقيد من شعر
ومن عطر
من الخمر
وما تشائين. للسحر
مسبية العمر في تنهيدة
العمر
وأسيل القافيات مدى
إذا العناقيد
وململتْ
كِلمة أخرى برائيةٍ
تعطو رخصة السر
لك الهناءة
لك الشكرُ
يرقى الحرفَ بالشكرِ
إلى خديجة
تعطو رخصة السر
لك الهناءة
أشذاء أهلتها نورا
لك الشكرُ
يرقى الحرفَ بالشكرِ
شعراء العراق والشام >> أحمد مطر >> دفاعا عن ضميري!!
دفاعا عن ضميري!!
رقم القصيدة : 69346
-----------------------------------
أنا لا أخشى مصيري
فأنا أحيا مصيري !
أي شيء
غير إغفائي على صبارة القر
وصحوي فوق رمضاء الهجير ؟
واختبائي من خطى القاتل
ما بين شهيقي وزفيري؟
وارتيابي في ثيابي
وارتيابي في إهابي
وارتيابي في ارتيابي
ومسيري حذرا من غدر حذري !
أهو الموت ؟
متى ذقت حياة في حياتي ؟
كان ميلادي وفاتي !
أنا في أول شوط
لف صوتي ألف صوت
وطوى(منكر)أوراق إعترافاتي
وألقاني إلى سيف (نكير).
كتبت آخرتي في أول الشوط
فماذا ظل للشوط الأخير ؟!
...............
ولماذا كل هذا
يا ملاذا
لم يجد في ساعة الوجد ملاذا ؟
تكتب الشعر لمن
و الناس ما بين أصم و ضرير ؟
تكتب الشعر لمن
والناس ما زالوا مطايا للحمير ؟
و أسارى
يعتريهم خفر حين ملاقاة الخفير
و شقاة
يستجيرون من الطغيان بالطاغي
الأجير
وجياعا ما لهم أيد
يبوسون يد اللص الكبير ؟!
...............
أنا لا أكتب أشعاري(53/207)
لكي أحظى بتصفيق و أنجو من صفير
أو لكي أنسج للعاري ثيابا من حرير
أو لغوث المستجير
أو لإغناء الفقير
أو لتحرير الأسير
أو لحرق العرش ، والسحق بنعلي
على أجداد أجداد الأمير .
بل أنا من قبل هذا
وأنامن بعد هذا
إنما أكتب اشعاري..دفاعا
عن ضميري
..................
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> ذات مذبحة ستنتصر الخرائب
ذات مذبحة ستنتصر الخرائب
رقم القصيدة : 69347
-----------------------------------
من نعاس أزلىِّ الصمت
قامت دهشةُ الأطفال
تعْلِك ريقَها المنسيََّّ
تطوى وحشةَ البحرِ المغادرِ
لامتدادِ الريحِ و الوقتِ الخراب
قالها طفلٌ و حلَّق:
يافضاءُ...الإرثُ محتشدٌ على كفيََّ
و الأيامُ طالعةٌ بها"
-وهذا الهيكلُ الملكيُّ جمجمةٌ و عظمٌ فاغرٌ
شفتان مطفأتان إلا من عَجيج رُغائه
و ثُغَاء مايدريه زينتُُه المضاءةُُ بالسراب-
قالها طفلٌ :
"لعلى إن بدأتُ الآنَ تنفتحُ السماء
و يشربُ الأفْق الدماء
فيرهَجُ الزحفُ المحدِّقُ في الظلام"
(1)
في حكاياتِ الصحَارَى لا ينام الرملُ عن دَمِه
إذا ما الصبحُ أغطش
سلَّ خنجرَه و نادى برقَ غيمتِه
تحَنَّكَ بالفضاء و ادَّرَع الحصى
..يعلو لتمتدَ التخومُ..السارياتُ رداؤه البدوىُّ
وجهتُه القَصاصُ العدلُ
أهلُ الله غايتُه...ودوحتُه الغياب
(2)
ذات مذبحة
ستنفرط الستائر عن ضحى ترتد غصتُه لجوف الحلق تنتصر الخرائب
و الدخان ينِزُّ عن قلبين ملتصقين بالرؤيا
و بالجرح المُعَنِّف للتراب
هل ...بما وسََقَت سفينُ الوهمِ تقتربُ القوافل ؟!!
و الصعاليك القدامى-الآن-يعترفون
أن العقم حظهم الذي لم يخلعوه
و أنهم لم ينجبوا غيرَ القصائدِ و الظمأ
(3)
في لُجة فاضت غياهبها يسير الركب
ترتطم الخُطى بالصخر و الأوتاد
...لم يبق من لحم الذبائح من قِرىً للضيف
من مائنا الرقراقِ غير عكارة ذابت بها الآلام
ترتبكُ الشوارعُ من قبيل المَحْق
تعْرى تحت أسقفها الزنازن.. و الخيال المر للجلاد(53/208)
يرقبها ليفْرى ماتقول برعشة الأغلالِ
و الأصفادِ كيما تطاوعَ سيدَ الكهنوتِ
لا تُبدى مساوئَها
ولا تجنحْ سوى لهواه
(4)
"الموتُ بابُ العصفِ..و الأحجارُ شارتُه"
يقولُ الطفلُ:
"و الريحانُ ينبت في المَجامر و الشقوق"
..لم يبق من إرثِ اليعاربِ
ما يبلغنا شطوط النهر
و الراقدون من الفوارس و الملوك على شفير الخوف لم يَدَعوا جناحا كي نطير
..لكن أقسى من مجىءِ الموتِ عُرىَ دمى
و سفاح يوزع في العروق كلامه كي أستغيث
للبيت موعده...و للثارات مطلبها الوحيد
فلأَخلعنَّ قميصيَ الثورىََّّ
أمتشق النوازل و الفجور
ذا قبريَ المرصودُ أرقبُه
و تلك مَطيتي.. و طني الغواية
و التهتك أمتي
أَوَ تسقطُ الحُجُبُ الكثيفةُ عن بصيرة من يرى
يمتدُّ في أُفُق الظهيرة صوتُه
و الصِبيةُ الماضون للحلم المراوغ بايعوه
مال الأصيلُ إليه
و ارتعد المساء
(5)
مثلما ورد يبدل عُريَه الأزلىَّ..أنت قريبةٌ
و الموت و الفولاذ مشتبكان في ساعات صحوهما
و مرتَهَنان في ألق الرماد
.. من فضة خارت سيخرج وجهك المسكون بالأنواء
هل أسماؤك الأولى سوى الأيات
و الأشكال هل كانت سوى زيتونة عَطشى
و نافذة تدل علىالطريق
في الوقت متسع لأحزان النساء
و في فضاء الروح متكأ لذاكرة البلاد
كل نهاية تفضى إلى أمم ستنهض
تستقيء..لترتوي بحطامها
ليكون جمر طالع من خضرة الأشجار
تنحَلُّ الضفائر عن لظي يرتاح
في خضر الصبية
كى تَشِفَّ الروح في السبع الطِباق
ليلهوَ في حرير صَبْوتها فضاءُ الشعر
تمتد القرى و العشب
و هي تمورُ كغايةٍ قُصْوى على أفق البياض،،،
(6)
"بشراكِ" قال الطفلُ
"ليكونَ موتٌ
و لتكن صورٌ وفاكهةٌ من الجسدِ الرماد
و لتنزلْ الأسماءُ من عَليائها والأممُ التي صَدِئت ..لتبقى
في ركامِ الخَلْق و الأممِ السواد
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> كلام في مستهل الوجع
كلام في مستهل الوجع
رقم القصيدة : 69348
-----------------------------------
خاتمة:
المسافة ... ما بين وجهك(53/209)
والذي يسكن القلب
لا تنتفي بالنكوص
ولا تشرئب الحواديت من أجلك - اليوم -
إلا لكي تستفيق
فمن ذا يدلك - يا صاحبي - للبشارة
ومن ذا يفرق ترحالك المر
في ثرثرات السكوت
يبدل أشياءك المترفة
قناديل من علموك التوجس
لا تستحي .. أن تموت
فدع عنك هذا الصراخ النبيل
وكف ارتعاشك عن ساعدي
وإن كنت لا زلت تحتاج للنار
خذني
وضعني على الماء
.. والأرغفة
(1)
هنيئاً لك الوهم
مذ كنت طفلاً
ولي..
سفسطات الشموخ
(2)
الرياحين
.. أبحرت للنعاس
وبعض الذين يبيحون رجم التواريخ
يستدفئن ببعض السكون
يستطعمون السكينة
.. والراحة الحارقة
(3)
فلا أنت مت
مذ حولتك الرياح إلى شظية
من سخاء
ولا أنت كنت. .. الذي لا يكون
فمن قيدوك..
.. على شفرة الحلم
من نازعوك الذي في العيون
تولون عنك
وظنوك تنوى
.. كما ينتوون
استدراك:
أنا واحد
وهم أكثرون
أنا عارف.. وهم يجهلون
أنا واقف .. وهم طيعون
(4)
كأن الأولى بادلوك الولوج
يسرون للنهر
.. حين اغتسالك
أنك من حمأة الوجد تهذي
وأنك حين استهواء النهود
اتزيت
وقمت إلى رقعة الظل تعوي
وقاومت
مد الذوءابات في السر
/ رتق النهاية
ثم استعدتك
من حافة للنزول
هامش:
(كان مثلي
يسربل في نيله المدهشات
ويرتاح
ما بين عام .. وعام
يعرقل ركض المسافات والوقت
بالنوم في راحة المستحيل
(5)
تبنوك - يا هامشي المشيئة -
كي يملكوك
وما جادك الغيث
ما كفكف النور يتم البواكير
أو عادك الراحلون
وما كان للفجر بعد انشطار الرؤى
غير باب
يؤدي إلى نصفك المستريب
فهل تعرف الباب مني.. إليك؟
وهل تطفئ القهقهات اللهيب..؟
(6)
خذ قطرة .. من دم صرت منه
وكان على وجهك الأغنيات
خذ صرخة
من سعال الفصول
وخذ جذوة .. من شتات
وضعهن في واحة من نخيل
/ صوت ريح يسافر
/ شرفة كنت منها
- إذا جئت -
تذور النجوم
وتمتد ما بين ضدين مؤتلفين
تخرج من أحرف البسملات
وادع اللواتي تفرقن فيك
عسى أن يجئنك بالمعجزات
هامش أخير:
(مرغماً...
تأكل الطير من هامة
مثقلة
تفزع الأسئلة(53/210)
مفرداً - دونهم -
تصبح المشكلة
تصبح المشكلة..)
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> الرقص على سلم الذاكرة
الرقص على سلم الذاكرة
رقم القصيدة : 69349
-----------------------------------
كان الشعراء..
يلوون ذراع الشمس
يطهونه على ألواح السخف .. البهجة
تثاقل أعينهم
إذ يبكون رحيل المحبوبات
وفوت زمان الصبوة
تسقط - في أضلعهم -
.. قصص الحب الأولى
وكل حديث المأفونين
بداء السفر على أجنحة الشوق
وكنت..
أقاتل في مملكة الريح
أفسر للنساء الحلم
وأرصد
زحف الجند إلى آلهة الصمت
ذاع النبأ:
بأن حدود الكون .. تضيق
أن الشمس ستصبح مطرا
أن رءوسا .. تسقط
تنبت
فوق جزائر حزن الناس
شهيقاً
تنسج من ترحال اللغة
حروقاً
تشرق .. في مخمصة النور
........................
أرخيت جذوع الرغبة
في استنشاق البعث
وقمت .. أراود أجمل محظياتي
- كشفت عن ساقيها -
ثم تولت
حيث تناهى للأسماع
عراك الروح مع الأكفان
وثار الجدل
بشأن الشكل الأمثل لا استئناس الهمس
وفض بكارة خوف الخوف
وما يعنيه الشدو الأبكم
لن تتبين غير خيوطك
إن حاولت الخوض .. فخض
.. أوحاذر
حين الريح تبيعك .. طوى جناح البهجة
وامنح بعضاً منك.. إليك
قالت .. ( وهي تغادر وشم الروح الغائر
في آهات النبض)
............................
.. عدت أراها عند الحد الفاصل
بين الجرح وبين البرء
تهدهد طفل الغيب ... ليسكت
يمضى في الطرقات
فيهرول نحو الحضن الآثم
ثم ينام .. أنام.. أنام...
لأصحو حين يبين الخيط
.. أراه
وقد ناشدني
صيد السمك من الصحراء
وقام يفتش عن أسياف ذويه المنقرضين
ولم يعجبه الموج
فقايض عنه البحر ببعض التذكارات
ونام على جنبيه
فقمت أحملق فيه
أحاول مد النصل إلى أفئدة الموت
وأقضم بعض التفاحات
أناشد جيش الريح
يريح جنوني
يطلق في أعقابي بعضاً من ذاكرتي
ثم يمد الشوك
ويدعك في الجفنين ببعض الملح..
.. ناشدني المحتشدون أعود - على شفتي -
.. فعدت
ولكن .. هذي الأرض اقتسمت رئتي(53/211)
والنساك تناسوا أن الحلم يبوء
فمالوا نحو العرش
.. وعاد الشعر يعربد
فيما بين البعد الآسر
والبركان الصمت..
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> وحدك الذي
وحدك الذي
رقم القصيدة : 69350
-----------------------------------
الراحة - بينك الزجاجي -
مسكوبة عليك
تقول: أنت من صبأ
فأنت فارق قديم
وأنت وحدك الذي
يمد للصفاء لونه
يبيع سر لحظة الخلود للعراء
- دونما ثمن -
- : (مراهق .. دمي)
صفوت وانكشفت .. فاحتمل
عليك وزر من يكرر السؤال
حساب كل من ينام في محفة
من وجدك السقيم .. ما انتهت
عليك أن تردنا
هنيهة لنا
أو تعلن انفلات ما تريد من يدك
:- (نوافذ .. عيوننا)
سبابة الفناء قد بدت
وسمتك البعيد يرفض البلل
يطل والعينان - تلكما اللتان
تستران عورتك
وتكشفان كلما انتويت نزوة النشوز
نيتك -
يعربد المروق فيها
ويرقص الوجل
وعنهما توزع الكماة واحتسوا
وفي سكرة
نخب غفلتك
:- (ولحظة تحطني لديك .. ألف عام )
ثغاؤك الذي تقول
موحش
وبعض ما احتسيت من وساوس
يعنكب الفؤاد ..
ويصهر انتصاب ما تظن أن يظل واقفاً
يذيب بقعة الجنون في دمائنا
وأنت - سيدي -
تخاف من تعقل الزمن
:- (فمن ترى يبيعنا المساء..؟)
لو أنك انتبهت للذي
يدس في حوافر الكلام
ما احتملت تعيش هكذا
موزعاً رغيفك النظيف في موائد النزق
:- ( ومن تىر .. سيبدأ الخروج
من مواكب الزحام؟)
وحدك الذي يصح أن يغيب
ووحدك الذي
يرتاح عند هامش الزمن
ووحدك الذي ...
لأنني أشك في انتمائك العجيب
أكاد أن أقول:
إنك الوثن..
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> محاولة .. للرجوع الأخير
محاولة .. للرجوع الأخير
رقم القصيدة : 69351
-----------------------------------
ريحانة تبكي
وجيش من أزاهير البراءة .. ينتحر
وبكارة الأشياء
في رئة اصطبارك .. مدلهم خطوها
لكنك المقعى في الانواء
من فرط انكسارك .. تنتظر
هم يعلمون بأنك الشيء الذي يبقى نظيفاً
كلما ردوك للطين .. انتصبت
ولم تعد تدري(53/212)
كم الأشياء غائمة
وكم يبقى الضجيج على رفاتك
إن سكت
واشتقت في ساعات صفوك
أن تكون الأسئلة
أن تبدأ المشوار
والأرض امتداد للسحابات الغريبة .. والهواء
كذابة عينك
إن أخفتك خاشعة
ولم تسألك .. فيم حلاوة الترحال
للوجه الحجر
هل آن للألق الجنوبي المعشش
في جبينك .. أن يغيب
تستنزف الساعات ما تحوي
وتسلمك المفاوز للمفاوز
والغرائب للغرائب
واستباق الريح .. للعجز المريب
.. يا حبة القمح امتثالك لم يعد يكفي
وريقك في فم الأنهار منتهر
كفاك..
فأشهر الصيف القريبة فاجأتك
وبسمة النوار في عيني نهاركح تستحث...
حضنك الهمجي منتزع - هنالك -
يرتجي أن تدفئه
وأنت متكئ عليك-
ربما شقوك نصفين .. الأحبة
ربما وزعتن ما بين الأهلة.. والمساء
أو عدك السارون في الليل المجوسي
الخرافة .. والهواء
في الوقت متسع لرجمك
فاستعذ بالله منك
ومن تحول قلبك المكلوم
من أقصى اليقين إلى الخواء
هم يبدأون الآن
فاخلع رنة التحليق في الآفاق
للغيب المبارك
واستدر
وامدد جناحك للذي تدربه
عنك .. ولا تفر
هم يبدأون الآن
فانتظر المطر
هم
يبدأون
الآن ..
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> أنا .. وهي .. وبنت الجن
أنا .. وهي .. وبنت الجن
رقم القصيدة : 69352
-----------------------------------
واحدة .. من حوريات الجن .. تهاوت
وهي تمد ذراعيها نحو الأغصان المكشوفة
في رأسي وتمنت لو أني استرجعت
بدايات الأشياء
فراودت الشبق المرسوم
بعينها، أو خفت تجاوزها فمددت لها
كفاً تعرف أني أحسبها في الصدر المرصود
لواحدة أخرى - قالت: يا ويح
وقاحتك المخبوءة فيك تجلت .. أو تقدر
أن تستمرئ صهد الغفران لواحدة نزفتك
وتركت أشلاء دعابتك المنسية تقعي في وسواس
من طين براءتك البلهاء ودون حياء منتك
بتألية بقاياك وتهشيم الأسئلة الراكدة
وصب نبيذ الخيبة في كفيك
وتقديمك قرباناً في مائدة المسعورين لتسمو
في عين العشاق وتخلد في قائمة المقهورين
.. أسندت على كتفي رخاء نعومتها ورسمت(53/213)
طقوساً من قهقهة بكماء وعلقت تعاويذ
وأسماء وخارطة وزعت عليها أمكنة
العبث البلوري وأمكنة الصلوات،
تحممت بريق ما حل ببدني إلا وركبت
الريح تداخلت وظل يسكن في الحبل السري
الموصول بإلفين غريمين وقابلة في صدف
البحر تفتش عن ورقة بردى مكتوب
في أولها أني متهم بالعشق وعند نهايتها
حرفان يعضان على لغتي،
همت فهممت، مالت فسئمت،
لذت بأسرار العينين
وكف كانت تسمح وجها - يوم تمازجنا -
كي يخلد صوف بكارته إن سخت، جلت
بواحات الطيب المخزون بذاكرتي فرأيت
كما لو كان البحران الأحمر والمتوسط
والشاطئ والأمطار ونحن نصافح بعضاً
ووجوه الناس وولولة الأشجار ونحن نبارحها
للقيظ وتذكرة المترو تستسلم للقلم ليكتب
بيتاً من شعر... رنة ضحكتها .. ودقائق
خمس زادت والصمت المطبق حين
تراودني للتيه فأدخل .. لا أخجل حين
أعريني وأنام لدى صخب النهدين طويلاً
.. كم كنت مجوسياً أسجد للنار.. تذكرت
.. ولا زلت..
أفيقي يا بنت الجن فمثلي موبوء
لا يقد أن يقتات سوى سغب
لا يركض إلا لسراب.. فاشتعلي..
أو كوني برداً وسلاماً.. لكن لا تبدي
عورتك الآن.. فإني مستتر
في تلك الواحدة الأخرى..
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> إلى وجه قديم .. أعرفه
إلى وجه قديم .. أعرفه
رقم القصيدة : 69353
-----------------------------------
تمرغت يا وجه
بين التواريخ والقيظ
في ربقة الصمت
بين النهايات صرت المواخير
والناس كالوا عليك السباب
تجزأت حتى انتشيت
لعلك لا تملك - الآن - غير ارتدائي
فلا تمسك الطرف
فالطرف مني
وأنت الذي كان يهوي التبعثر
صرت المبعثر بين انكفائي
تجردت من سمتك المرموى
وأرسلت في إثري الماشطات
يمشطن ما يملك القلب
يثقبن ما أعتلي من جنون
لعلك لا تبخع - الآن - نفساً
توضأت في بيتها .. مرتين
تزييت بالسحر حين احتوتك
وما كنت تدرك
أن المواقيت سرب من الوهم
والشمس لون اشتعالك
والنار في الحلق
بلسم للرقاد
تساءلت - يا وجه - عن لحظة الدفء(53/214)
تنديت بالطيب يوم اختتانك
وإذ كنت تحبو
تناومت كي يستقيم التلعثم
وكيما تذوب المسافات
للركض نحوى
وأنت المعانق من فجرك الغض حلمي
تعريت للوشم
وابتعت سيف التقهقر في لحظة من عناد
وأنت إذ تبحر الآن للغيب
تلقى على الرأس شيباً
وتنوي - كما كنت بالأمس
رتق انهزامك
تسائل عن لحظة الدفء
والدفء عبء
فهل يحضن المهد كهلاُ
يراود عن صبوة .. بالفرار؟!
وهل كنت تدرك سر الغيوم
وقد لونتك
ببعض التفرد
ثم استشاطت وقد رحت تبكي
وماست لدى حزنك المستثار
تقيأت - يا وجه - كل التعاويذ
فانبذ الآن طقس النبؤة
بدل ثياب المشيئة
وانثر على زينة القلب
بعض الغبار
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> النوم على كف المستحيل
النوم على كف المستحيل
رقم القصيدة : 69354
-----------------------------------
(من لم يمت - بالعشق - مات بغيره)
قطعت ما قد كان أجلسني
على عرش انكسار الضوء - في عينيك -
ومددت - ما بين وبينك - شارعاً للوصل
يعرف قصتي
ويريقني
عند التهجد في المسافات الهواجس
واحتباسات الظمأ
مذ كنت بين جهامة المدن المباحة
والتقاويم الخطأ
وصراخك البني .. يرسمني
- إذا شئت -
أنماطاً من الركض المحدد بالرتابة
والصدأ..
ها أنت أغلقت المداخل والمخارج
وارتسمت
على السفوح .. العشب
عند توهجي .. النيران
للإغفاء .. مكحلة
وبين أصابعي الإغراق فيك
ولم تسل
من ذا يعيد الراحلين
ومن سيرقد شعلة
تركت على شفتي الحروق
وعانقت - في - المآثم
حينما أعلنت عن صمتي
وعنفت المشاوير الطويلة
خلف ذاكرة الرجوع
يا .. أيها المخفي في رئتي
تبارك سيفك المجتث أنهاراً
تراود عنك ماء البحر
تلقى - في فم الحيتان - أسئلة
يباركها الجليد...
وتطلق الأضواء
والأضواء تلسعني
وصت الريح يعلن صمته الأبدي
عن لغة تحملق في توحدنا
وترسمني على جدرانك السماء
أخيلة الجمود
يا من يحررني من الأوثان والأدران
يزرعني
على الشطآن والترع القديمة
والبيوت الحانيات على الكواعب
زهرة .. من نرجس الأشواق(53/215)
أو لغة من الصفو الودود
هل تحررت - المساء - فعدت مرتسما
على كفي قبل الفجر
أو جئت في الحلم المفاجئ
نشوة حمراء تخفي ما يبددني
هلا تناسيت البكاء
فصنت لي عذب التشتت
في مراثيك الحبيبة
واكتفيت بما يريد المحرومون
وقد توضأت المخاوف في انتظارك
مثلما أفنيت عمرك في انتزاع الحلم
من عينيك
قد تذور المشيئة ما تريد
ربما... يحويك بعضك
مرة .. أو مرتين
هل كان سحرك حينما عانقتني - بالشوك
.. أغنية جديدة..؟!
هل خفت لو تلقى على وجهي المياه
فبعتني للبحر.. والمدن البعيدة ..؟
هي لحظة..
من لذة التجوال في عينيك
تمزج بين ما أبغي وماء النيل
فانزعني من الأشياء قاطبة
وغلفني
بشيئيك اللذين سواهما يبكي على
ويصمتان
لعلني
- إن جدت- أوهن خطوتي
بالغوص
في طول المسافة
.. أعتلى صدئي
وأعلن للمفاوز ما تريد..
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> سفسطة
سفسطة
رقم القصيدة : 69355
-----------------------------------
قلت:
صدق أنها خانت
وأن قصائد العشق التي أوحتك
كاذبة
قلت:
تهافت اللغة الشريدة
ثرثرات أنامل الكفين
تزاحم عمرك المرمي ما بين
الشوارع والفصول
قلت:
لربما علمت بما تحويه من صدأ
فأعطت غيرك الألواح
شاءت
أن تنفض عنك أبخرة التوزع
بين وجهيها
وجذوة ريقك المأسور في الطعم المميز
للمثول
قلت:
تهيئي للرفض
والموت المعبأ في حشاشات انتظار
أنني أفرطت من زمن
به الشعراء ينتعلون أرؤسهم
ويستجدون تذكرة التعري
فوق خارطة تزول
قلت:
السماء بدايتي ... كانت
وهذي الأرض مشنقة
وأنت
حناجر الرانين للحبل المعلق
والشهيد
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> ليل جديد لمعروف الكرخي
ليل جديد لمعروف الكرخي
رقم القصيدة : 69356
-----------------------------------
يدُكِ التي- في جمر أيام المسافر - هزَّها وجعُ القرى
فتضوعت بالغيم ..ترفو ظلَّها
لتعود شاردة من الفَلوات..
ألقت على كتف الظهيرة حملها
باعت غياهبها لأول عابر ..لترشَّ في وجه الملوك
سؤالها(53/216)
خطان معراجان من نار و من دمع البيارق
مسحةُ الحزنِ الشفيفةُُ مسََّّها ألقُ التَرَمُّل
فاستحالت ..رنةُ الخلخال قنبلةً
بقايا جثةٍ ..أمما تراوح في تلافيف الصدى و الغيب
ـــ وأنتِ ما كنتِ الذي ينْقَضُّ فوق رؤوسناـ
إذ جئتِ عاريةً
ُموَشَّاةً بأغصانٍ من الموت المُفَضَّضِ في بقايانا
وترتعدين إذ ندعوك يا . . بغداد . .
تلتمسين للوقت المُوَلِّى صوب ناصية التردى
ألفَ عذر . .
ترجُفين ومرة أخرى يسيل الجمر حتى "نينوى"
والآن تختبطُ الخُطَى . . تَرْفَضُّ في بلل الأصابع بالدُخان المر
قارعةُ الطريق
من طَلَل البوادي . . من كتاباتِ المسامير التي دفنت
على الفخار والطين الرَقيم
مساوئَ الموتى وكلامَ من عشقوا
حكاياتِ الكهوف
طلاسمَ النُسَّاك . . أحزانَ العبيد
لازالت الأفواجُ _ تَتَرى خلف بابك _ يرقبون
نهايةَ " الحلاج"
يصْطَرخون إذْ تبدو المكاشفةُ البهيجةُ
في أديم الموت مارقةً
. . هذا موسمُ الثاراتِ واليُتْمِ المباركِ و النُعاس
من حريرِِِ اللحظةِ العمياءِ والفوضى ستمتد التُخوم
إلى بَراح الحزن في النخل القتيل
مدنٌ تشعشعُ بالخرافة والدراويش القدامى والبكاء
هل لها بعد الطِعان بقيةٌ من وقت . . كي تَفْنى
لتثمرَ في شِعاب فَنائنا
وتعودَ مملكةً لرب الناس
مَحْضَ أغنيةٍ وخارطةَ اغتراب
هدأةً للطَّل والأوراد تفترشين و"الكَرْخىُّ"
لم يَعْبأ بخيطٍ من رُغَاء الخَلْق يرسم حوله الموتى
ويسعى في متاهات العشيرة
باسطاً كفَّيه
والشررُ الغوايةُ في حميم القار والكلمات
يلفعُ صمتَه الثوريََّ . . يَبتدرُ العِراك
هل من مساءٍ غيرُ هذا الافتتانِ الرخوِ
وهل تبقى الشماريخُ المضاءةُ والدُفوف
اهبط خفيفاً أيها " الكرخى " فالناس الذين تحب لم يأتوا
ولم تمنحْك ذاتُ الأرضِ للغيبِ الطريق
لا تبدأ الآن الصلاةَ فقلبك السكرانُ لن يخشع
ولن تتعرفَ المخبوءَ من سر الذهول
مَن أغراك كي تَرْتَجَّ بالقلق المُناور(53/217)
تستَردُّ البرق من لغة تعَرَّى وجهُها البدويُّ
ألقَت صوتَها للريح والأنواء والشِعر الهَباء
هل تنسى بكل حكايةٍ وجعاً و وِِرْداً . . كُحْلَ غانيةٍ
تبَدَّلُ في عويل النهر و الحرب الدنيئة سحرُها
فمضت تدقُ النَّعش والأبواب خاشعةً
وتثملُ من حُطام الدور والحُلم الأسير
حول جنبيكَ البروقُ . . النازعاتُ
جماجمُ القتلى وأبخرةُ الحريق
بَيْد أن الماء لا يَفْنى ولا العشاق
صوتٌ من هدير الجوهرِ المكنون والكتبُ القديمةُ
والدماء
والظل يَشْرَقُ كلما لاحت غصونُ الغيبِ دافئةً
تعْلَقُ في أصابعها المجامرُ والشموس
يبكي الرماةُ عليكِ
إذْ تَبقين _ رغم قِسِيِّهم _وملامةُ الأحرار للفُجَّار
شاخصةً و طعمُ المِلح بين دروبك الحَيْرى
بداياتُ الخروج
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> إليها
إليها
رقم القصيدة : 69357
-----------------------------------
تمدين قبل انطفائك
بعضاً من الملح
يقتات منه الفؤاد
أبحر فيه إلى ذلك النبع
أستر عند انطفائي
... كل الذي تكشفين
وأمتد ما بين نصفي.
.. ونصفي
أزواج ما بيننا.. والبلاد.
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> بكائية الرمق الأخير
بكائية الرمق الأخير
رقم القصيدة : 69358
-----------------------------------
(1)
كان يعرف انتكاس حلمه
منذ أن بدأ
وأن خطوه انتهى
للموضع الخطأ
وأنه صبأ
لكنه بدأ
وأختار أن يموت مرتين
حينما اشتعل
وحينما.. انطفأ.
(2)
أراد أن يقول: أنها وطن
وأن لحظة انتفاض كفها
في كفه.. زمن
وأن حلمه الكبير
أن يعيش عمره
يعانق الوثن
ويخلط الحبور بالشجن
والليا.. بالحزن
لكنه دفن
(3)
أماط عن وجوده اللثام
وفجر الدماء والبكاء والكلام
وكان.. إن نأتْ
يعض الظلام
وإن دنت
يخاف الابتسام
وحينما استطال نحو شمسها
تنكرت له
.. فمات في سلام.
(4)
حبيبها.. قتيلها
وقلبها حجر
في قلبه المُدى
في عينها الشرر
أراد منقذوه بعثه
لكنها .. أبت
وانساب صوتها
:لانني أحبه
وأعشق ابتسام عمره(53/218)
..دعوه يحتضر
.....
(5)
جاء في كتاب وصفها
- أنها ملك
وأنها تضئ ليلهُ الحلك
وأن من يحبها
يدور في الفلك
فحاول الفرار من فراره
ونام بين جفنها
في دربها .. سلك
وفجأة.. هلك
(6)
غريبة.. قصائد الغزل
تجيئه
بالوهم والخيال والخبل
وتعلن انتحار عمره
في لحظة الدجل
وتكره الكسل
لأنها من عين عينه
تعيش إن يعش
تموت .. إن قتل.
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> قراءة في كف مهترئة
قراءة في كف مهترئة
رقم القصيدة : 69359
-----------------------------------
لاهثة.. خرجت
- من محراب الوجل الرابض في أردان حقيقتها الخرساء - تهاوت .. صرخت
قال العرافون:
يموت الغيب على كفيها
تصمت في عينيها الحكمة
تنطق بعد قليل
تحيى كل الموءودين ببطن الرهبة
تمحو كل التعديلات بخط الافك
وتشرق فوق وجوه الناس
تجاعيد الأسماء
......
كانت:
مثل شقوق الأرض... تجاهد
كي تستخرج من أفواه الظمأ
حليب البهجة
مدت للساقيْن ذراعاً
تنفض بعض غبار الوحدة
همست للإنسان الساكن فيها:
لا تتعجل
صمت.. فقامت
تقرأ كف الغيب
تمرد.. هاجت
ألقت في مرجلها بعض تعاويذ الكها
وقرأت... ألف كتاب
في التهريج المر.. وفي سفسطة العصر
وناحت.. حين استسلم
ثم استبقت بعض رماد الحسرة
رشت- في عينيه - قليلاً منه
تعامى
ثم استوضح منها شيئاً
آثر أن يرتد.. تعثر
غاص بجوف الراحة
.. شهق طويلاً .. مات
ضحك العرافون .. ابتهجوا
كتبوا فوق الشاهد:
لم يتعلم كيف يكون الموت.. فمات
.....
لم تتبين.. حين انتبهت
ما يفعله القوم .. فأ/رت
أن يتوضأ هذا الراحل
يعلن للأفلاك. حدود الكون
ويجثو .. كي تنتهي المدن الأولى
ثم يعود
يعربد فيما بين حدود النفس
وما قد يبقى منها
ثم يعود.. ينام ويصحو
يغفو فوق الشبق الآبق
يصغى .. لاستجلاء السر
........
في عينيها:
افترش العرافون الأرض
ألقوا بعض عصى الحكمه
لم .. تتحرك
حيث انتصبت فوق حدود الهدب
الرهبة
مالت تلثم خط الوهن
وباحت.. بالأسرار الكبرى(53/219)
ثم اختلقت بعض دخان الخوف
... وغابت
قال العرافون:
الآن يموت الغيب
ولكن.. قد نستثني من فاجعة الموت.. ذويه
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> عناق
عناق
رقم القصيدة : 69360
-----------------------------------
ووددت لو أفنيت فيك العمر
حين ضممتني
ووددت .. لو أسكنت روحي خافقيك
ونسيت أنك قاتلي
ووددت لو أني ارتميت
أو أن راحلتي - ببابك - قد جئت
أو أنها ماتت - كما أني -
وما عادت تسافر
ووددت تقتيل المشاعر
لكنما اللحظات طالت
والمصابيح استدارت
والعناقيد التي في راحة الأشواق
مالت
ثم صارت - مثلما الأيام-
عمرا لا يوارينا بجوف الأرض
يقتلع العناق ويحتوينا
بين أنياب الحقيقة
يزرع الآلام في وهم التلاقي - بعد حين -
أو
بأحلام هي الأشواك
تدمينا
وتزرع نبت أعظمنا حطاما
للتغاريد التي فينا استكانت
ثم غابت
ثم جاءت
.. ثم غابت
بيد أنّا نرتجيها أن تعود
.......
وسلبت ذاكرتي الرؤى
حررتني
أطلقت كل المبكيات الغيد
حين هممت أن تجتاحني.
وحين أرخيت العناق
أنطلقت كل الساكتات الحس
وملأتني
سغباً إلى التجوال عبرك
عبر أنفاس اللظى
أرسلتني
ثم استفقت لكي أراك مفارقاً
وأراك أفنيت العناق
وأراك تهمس أننا
قد نلتقي
أو قد نُفا
أو أنه يكفي العناق
فربما
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> عودة المسافر القديم
عودة المسافر القديم
رقم القصيدة : 69361
-----------------------------------
حيناً
- يا كوكبة السحر المورق في دنياي البكر-
يكون نشيد طلوعك
طعم الفجر
حروف البدء الأولى
لغة الخلق
لكل الفنون العشق
وكل دروب الشوق
وكل نعيم الدفء على أروقة الصفو
المفعم بالترحال
إلى عينيك الراسمتين حدود العالم
فوق شطوط الألم النهر
وحينا
يصبح كل الناس.. وجوهاً
أقرأ فيها
معنى الوجه المبحر في أوردتي
أظمأ أن ألثمها
حيث يكون وجودك
في الأهداب.. وفي الأحداق
وفي الألسنة الصدق
وفي التجعيد القاطن في الجبهات
يحدّث
عن إبحار الألم الساكن فينا
فوق جباه الخلق(53/220)
وحيناً
أشعر أنك قد تأتين اللحظة
تنتشرين هواءً.. عطراً
أفتح بوابات القلب
وأجثو
ألثم ريح وصولك
أعلن في أسماع الكون
حلول الأمل الضيف
وأضرع
كي تمتد حدود النَفَس
لتحوي كل الريح القادم
ثم تضيق
لتأسر فيه نعيم وصولك
وحيناً
ترتفعين مع الأقلاك.... تدور
أنقب بين السدم
وبين مهاوي الشهب
وبين لهيب شموس الحيرة
ثم أعود... أدور
وأهوي
وأفزع حين أحط على كوكب الصمت
حقائق عرى الكون
وقصة بدء البدء .. وعود العود
وصمت النطق .. ونطق الصمت
ودوماً
تنغرسين بقلبي.. شوكة شوق
أفرح... حين تذيب الرئة اليسرى
ثم تعود .. تذيب اليمنى
تمزج بين دماي وبين النهر
وتصنع من أنسجة القلب ومن أوردة الخوف
سفائن عجزٍ
ثم يكون الشوق .. شراعاً
أبحر فيه
إلى عينيك الراسمتين حدود العالم
فوق شطوط الألم النهر
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> أربع صور محترقة
أربع صور محترقة
رقم القصيدة : 69362
-----------------------------------
(1)
- نرحل
نرحل
- نمكث
نمكث
- بضع دقائق أخرى
بضع دقائق
واستلقت فوق بساط الشوق الأخضر
أرخت ضحكتها
نامت .. بين الراحة والأنملة
خيوط الليل
تاهت... بين النبض وبين الصمت
تراتيل العينين.
(2)
ألقت زيتونتها البكر
على رائحة الوسن
تصافح:
عمر الحبو الغارق في الترنيم الدافئ
والمتأرجح:
بين ضفاف الصخب الجامع للقلبين
وبين لهيب العمر الموشك
أن يقتات الألم
وبوغل خلف سراب الأمد... وينهى
قصة خلق العمر
من اللحظات الخلسة
والتسهيد الموجع للرئتين
(3)
خمس دقائق زادت
قاما
يمتطيان الرغبة في استحداث وسائل أخرى
للتحليق إلى كوكبة الخلد
وقيد الخطوه
ينكأ معنى الخوض إلى المجهول
فتبرد في الأطراف حروق الوجد
وتسكب لغة الشوق
لتسرق من أنفاس الرهبة
عمراً.. أسطوري الحيرة
يحيي النزع المقبل
يقطن في آهين
(4)
ذهبت
عاد يلملم شعث النفس
ويغسل عار الغربة
بالترحال إلى أزمنة الثكل
يحدق
عبر ضفاف الخوف
يحاول أن يرتد الطرف
ويسرد(53/221)
للخطوات حقيقة عمر البعد المقبل
يرسم
بالأنفاس خيوطاً.. تبكي
حرقة محبوبين
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> رقصة لم تنته بعد
رقصة لم تنته بعد
رقم القصيدة : 69363
-----------------------------------
أتمدد
من أقصاك .. إلى أقصاك
أرسم نفسي - عندك -
زيتونات .. تقن لطعم الراحة
واستعذبن
النظر إلى شرفتك / الحلم
ولم يظمأن لغير الماء
ولم يسردن لغير عيونك
قصة هذا الداء
تسألني كفى.. أن أتراجع عنك
أمد جذوعي
تسقط فيما بين النهد /الخوف
وأسقط
عند حدود الأمر النهي
لأركض خلف البحر
وألقى بالمرساة... تصيد الرمل
وتسبي ما أبقيت على القيعان
وما ترسمه المحّارات
إذا خرجت تعلن عن ثورتها
وهي تندد بالحكام / القسوة
والأحلام الرعب
وكل الملتزمين المبتسمين
إذا ما الليل دهاك
فعدت
ترين المزن جسوراً للتحليق إليك
وعدت أراك
- على خاصرتي -
وشم العودة للأسفار العسر
أذوب على أشلائك حيناً
ثم أحاول
أن أبقيني .. أن أبقيك
وأن أجمعنا.. وأن .
منتهكاً .. ترنيمات العزف على الأوتار الصم
يجئ لساني
يعرب عن فرحته الكبرى
يغرس في جنبيك الوهج المطفأ
تبتسمين.. وأضحك
حين تفاجأ
أن الأرض تدور
وأن العالم يوشك أن يسترجع
ما أفرضنا
ليلة أقسم .. أن المنح بلا أسباب
غير الرغبة في الإسداء
.... وفي الإبكاء
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> قصائد جنوبية ... لامرأة... لا جنوبية .. ولا ..
قصائد جنوبية ... لامرأة... لا جنوبية .. ولا ..
رقم القصيدة : 69364
-----------------------------------
(1)
يا امرأة .. لا تعرف حجم قساوتها
كاذبة كل السور المبدوءة باسمك
والأشياء الرائعة لديك
اعترفت
أن الأزمنة اختلفت
فانتظري .. دهرا
وارتقبي.
هل ترجع روح الميّت.. إن خرجت.
(2)
قاهرة.. مثل القاهرة الكبرى
لكنك
أكثر أتربة .. وضبابا
وأقل .. صوابا.
(3)
مترعة بالوهم إذا شئت
وإذا شئت
تردين الأرواح
وتفترشين العشب على ناصية البيد
وتنسكبين على الأشياء
فتبدو مثلك(53/222)
سمراء الرحمة
فاتحة النسمات
(4)
ناشدتك
ألا يلج السكين بعنقي
حتى يلج الماء الأبيض
من عينيك
إلى ... قلبي
(5)
ضاحكة.. كنت تردين
إذا ماثرت لفرط شقاوتك
وتتكنين على خاصرة الجرح
أسير على ثرثرة حكايات الهزلية
ثم أعاود مد سخافات الأصغاء
فيبدو صوتك
لونا لا مرئيا
إلا فيما بين الخطو الراكض خلفك
واستسلام الكف
(6)
كنا من عام
نتوضأ عند حدود الليل
وكنت.. إذا ما انقطع الماء
يذوب الكف
فنهرع. نرشف بعض الشوق
ونروى ذاكرة التحنان
مرت كل فصول العام
ولما يأن المطر
فهل لا زلت هناك.. لأذهب
أم أسترخي تحت تجاعيد الأيام.
(7)
الشاعر الطويل بيننا
ارادة تموت
وقلبي الطموح - يا شريكتي -
ذبابة - في خيط عنكبوت.
(8)
مرة .. ننسحق
في انكسار الضلوع
مرة .. يلفنا الخشوع
مرة .. لم يكن
في الحشا.. غير جوع.
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> صهد مطلي بالطيب
صهد مطلي بالطيب
رقم القصيدة : 69365
-----------------------------------
النسوة لازلن يقطعن - على مضض - أيديهن
ومكتحلات بالوجع المرئي
يجئن إلى الفردوس
ولا يصغين لهرولة الأرواح إلى
أساقط عند امرأة ... واحدة
جمراً
.. ودخاناً
.. وضجيج
.. لم أسمع
ساعة أن رشقت نرجسة
في صدري.. لحن شكايتها
ترفع سبابتها
كي أدخل من فوهة الوقت
إلى أشياء تبعثرها للناس
فيحتشدون
ترقص واحدة
كانت - ذات مساء -
تصنع دائرة من رائحة الطين
وترمي بالدجل الباقين
... ينفطر الوجه المكسو
بحمرة خجل عذري
حين الخيط الأبيض
يمتقع قليلاً
.. تلك امرأة
كانت .. ذاكرة للنيل
وتفاحات للقلب الطفل
وبهرجة للعيد
توغل ماجنة في رئتي
تحاصر أضرحة الوطن / التيه
هل كانت تبحر في الأرض
.. أم الأرض افترشت راحتها
أم كان بكاء النهدين
يغلف قاربها / الوقت
ليرسو مكتئباً.. وحزين
ها وجه مشاء خلف تماسيح النيل
ومحترف بالرانين إليه
يتنبأ .. بحقول الحنطة والحناء
يجاوز مد البحر
إلى جزر يحتال
ليعرف معنى للخمر المتبرج(53/223)
والثرثرة الغيبية في عيني عاشقة
ما عاد يبللها
.. صهد
.. مطلي
.. بالطيب
النسوة لا زلن يسرحن خيول الرغبة
يبدين تزينهن
مخترعاً أحجبة ومساءات للتوق
أجئ
سافرة.. ومحلاة بالنجم القطبي
وبالأرق الأكبر
تطلق - تلك المرأة -
أبخرة وتهاويم
وكهاناً يفترشون بساطتها
وعلى سرر متقابلة
- وخشوع يصهرنا -
نسرف في تقطيع الأعضاء
نحاذر
أن يسمع أحد قهقهة نطلقها
حين يصاحبنا
صمت مجنون .
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> خروج
خروج
رقم القصيدة : 69366
-----------------------------------
ما البحر - دونك - غير ساقطة عجوز
شمطاء
تعجن حلمها المخفي في كبد الوجيعة
وأصابع يرسمن في جسدي
أهازيج الرجوع
ويشأن ما لا أشتهي
يحكين عن آلاء قافلة حوتك
عن أناشيد
ترددها النوارس
واختلاجات بهدب القلب
حين يبتدع الفجاءة والرحيل
قالت دموعك مرة:
هو عمرنا الممتد بين سحابة .. والبحر
فاحمل على المد الحطام
وغلني - إن شئت -
أو بارك تهاويمي
ولا ترسل سوى للريح
أسئلة
عرفنا أنها تأتي من النزق المقيم.
ها أنت تعترفين
أن مواسماً للرجم قد بدئت
وأن دفاتر الألق القديمة
قد تزاولها الشموس
ما زال بعضك ممسكا
ببقية .. ما تقيأت من السنون
وصراخ معضلة النقاء
يشد ما تنوين من بدء التوهج
في المجون..
مطلية بصفائك الأحراش
والكهان... لا يدرون
أي حكاية يحكون
كي تلد المفاوز مدخلا للبعث
وأنا .... وأنت
- على الضفاف- نشد أغطية الشتاء
نخط آلاف الرسائل للنجوم
فترد أن تلفت الأنظار
نحو عوائنا
وتزفنا للظل.. والوجع المعربد
وارتعاش المقلتين
بوخزة العرى المسافر في الجفون
... تنسين عند نهاية الأشياء
وأد صواعق الأشواق
واستقطاب ألسنة اللهيب
لتشمئز من التحاور والضلوع
ويؤوب كوكبك المشاكس للنعاس
يغط في لغة المشيئة
والترنح بافتعال السكر بالأضداد
يغرس نجمة في كف قابلة
تهلل وجهها
لما رأت في عين ما انتظرت
علامة موتها.. فتبسمت
ومضت تخاصر إلفها
وترده للطين والأرق السقيم(53/224)
... تلقين في كف الخليج
تهامس النوار/
ثرثرة انتشائك بالوقوف على دمي/
روح القادمين من الجنوب /
بكاء أرجلنا/
وبعض تلون الأسماء بالماء المسافر
والنشيج
......... لا تخجلي مني
فما لون ارتطام الموج في عينيك
غير حكاية
نسجتك - كارهة - على باب الخروج.
شعراء مصر والسودان >> حسين القباحي >> شرخ في جدار الليل
شرخ في جدار الليل
رقم القصيدة : 69367
-----------------------------------
ينفتح الليل
على ذاكرة متعبة
ودراويش يهيمون بتذكارات ناتئة
وبقايا أفئدة.. وحنوط
وأنا متكئ
في منتصف الصرخة
بين ذراعي تعاويذ تلمزني
وأصابع من سغب
يفتحن بجنبي نافذة للضوضاء
وطاقة صمت .. وقنوط
لكنك
حين تبوأت الملكوت
المسوم على خارطة التيه
وشاه الوجه
تمرغت الأثداء / الذهب
/ النور المترقرق في هدبيك
تعلم صوتك
أن يستودع في عينيك الطيب
يغلف ما تبدين
ببعض حقائق .. وخرافات
أسلمت رأسي
والنعناع / وصوت ملائكتي
والفجر
بدلت الجلد الشتوي
بآخر صيفي
وآخر شتوي جدا
قاومت على حد التهويم
العسس الليلي
ورهبان الضوء المفروش
على سمت الأصداء
علقتك
فوق الأشرعة كتاباً للطير
/ جداول للنور
/ على باب مدينتنا مفتاح حياة
وموائد خبز للفقراء
ينفتح الليل
وآخر رواد الذاكرة تكونين
.. بالثوب الأبيض
والرائحة المسك
يؤوب الكون إلى مضجعه
ويخفي تحت وسادته الأفلاك
وأنت.. هنالك
واحدة
تتمطى .. كي تخرج من بوتقة الخوف وساوسها
وتسربل بالصخب الرملي
الأنواء
سيدتي
عطرك.. والريح
وبسملة من فرط توحدنا
ترتاح على شفة المجهول
تسترسل في الذوبان
وتحشرني في الحلم الناري
أصيحك .. كوني
ما بين السهد المرمي على دمنا
والصبر .. و خارطة للتيه
هل أنت سوى امرأة نافرة
وغلالة ضوء .. ونشيد.
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> مجرد ليل
مجرد ليل
رقم القصيدة : 69368
-----------------------------------
مجرد ليل ..
وبضعة نجوم متثائبة
وشوارع المدينة ادمنت السهر(53/225)
هل كان لي ان احاول من جديد
فتح أبواب اثقل مفاصلها الصدأ ؟
هل كان لي ان احاول اشعال شموع مطفأة ؟
لكنه الليل سيدتي ..
وهذا الشاطئ الممتد .. يتحدى بذور الشعر في رحم الرمال
....
نافذة .. ونجمة .. وفنجان قهوة يغفو على ورق عتيق
ودقة ساعة حمقاء تخبرني
بأن الشمس توشك ان تعيد رحلتها السخيفة
من شرق الى غرب ..لتغفو مرة اخرى هناك خلف موج البحر
.. مجرد ليلة اخرى ..
فكيف اتيت كالإعصار من كتبي العتيقة؟
كيف استفاقت كل هذي الذكريات ؟
وكيف يمكن ان يمر الليل
مثل كل الذاهبين؟
مجرد ليل
وبضعة نجوم متثائبة ..
واوراقي .. شراع ادمن الترحال
وعيناك بعيدة ..
شعراء العراق والشام >> منذر أبو حلتم >> انكسارات
انكسارات
رقم القصيدة : 69369
-----------------------------------
ما زلت حياً
غير ان الروح أضحت
بحر ثلج وشظايا
وانكسارات حزينة
.. طروادة العذراء يخنقها الحصار
وفي المدى غيوم الموت قادمة
ونحن نفتح لحصان الغدر
أبواب المدينة
* * *
أي بحر من جنون
أي طوفان مقيت ..؟
أي غيم أسود !
وأي ريح أسقطت قناع الزيف
يا وجه الحقيقة ؟!
* * *
سامحيني يا حبيبة
إذ أتيتك مرهقاً
كالنخل حين تهزه هوج العواصف
مثلما البحر المكسر كالمرايا
مثلما الصحراء .. إذ يمتد في جنباتها
وهم السراب
مثلما الليل المعرى من نجوم .. ساهرات
فغدا سجناً .. محاطاً بالسواد !
* * *
هذا أنا ..
بستان شوك مالح
أفق غريب دون شمس
زورق .. فقد الشراع
بئر حزن صامت ..
وألف عصفور قتيل
من جراحي نزف دجلة
في دمي صوت الجليل ..
في الثنايا من فؤادي
بسمة خجلى تراود
ثغرك الوردي ..
يا حلم الرؤى
وفي عينيك .. رايات لأرض
وجهها وجه الحريق ..!
* * *
أحبك أدري
ان حبك قاتلي ..
وان حصار الروح يقتل
كل أحلامي الجميلة
..كيف البحار جميعها ..
أضحت مطايا ..
تحضن الريح الدخيلة ..؟
تعبت .. تعبت
وقاتلي دوما أنا ..
سيف القبيلة ..!
* * *
الريح تعرف دربها
وكذا شراعي(53/226)
غير ان الموج قد هجر البحار ..
الريح تعرف دربها
لكن ظهر الريح
اثقله الغبار ..!
* * *
ما زلت حياً يا حبيبة
غير ان الروح صارت ..
بحر ثلج وشظايا
وغروب .. وانكسارات حزينة ..!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> يـ بحر ـا
يـ بحر ـا
رقم القصيدة : 69370
-----------------------------------
يا بحرْ...؟!!
لا تُبعد الشطآنَ أكثر عن مسافات الجنوبِ!!؟
فلقد تَعبتُ من اليَباسِ الساحِليِّ،
والالْتباس المرحليّ في الأهداف والتماس النصر في فوضى الجيوشِ،
أو تفعيلِ الجملةِ الاسمية
الخبر المقدَّم، والمضاف إليه
آهِ يا.... ملحَ الشعوبِ!!
* * *
ولقد تعبتُ من تراكيبِ العناصرِ في امتزاج الحامضِ القَلويِّ بالفِلَزّ،
تحليل النتاجِ المخبريّ،
نشرة الأخبار، تطبيل الصحافة، والمفاعل النووي
إنَّ الكيمياءَ، عُهرٌ كالسياسةِ،
مهزلةُ الطبيعةِ
حيثُما تتنَفَّسُ الأرضُ الفقيرةُ، يولدُ الفقراء،
تنسَدُّ الدروبُ على الدروبِ.
* * *
اترك لنا الأمواج... أيُّها البحرُ العموميّ
اختنقتُ من الحقيقةِ، والحكومةِ، والعفو الضريْبي
لا تصدِّقِ التاريخْ!!
إن الحقيقةَ كلّها كَذِبٌ،
يا بحر صدِّقني فأنا الذي لولا انغماسي فيكَ،
أشعلتُ الهواءَ المرّ من نارٍ تُؤجَجُ في لَهيبي.
أنا لا أُريد سوى مترين تحت الماءِ/ قبراً،
فاحتوِ أضلاع هذا العاشقِ الأبدي، لؤلؤاً، وزمرداً
بأصابع المرجان كفِّني ولا تكثر على قلبي العتابْ،
فلقد تعبتُ من السؤالِ بلا جوابْ،
ومن البدايةِ قد تعبتُ من النهايةِ، بينهما العذابْ.
* * *
لا تسَلْني عن قبورِ الأولياءِ الصالحين، !!
في زمانِ الصُّلحِ يختلفُ الولاءْ، يا أيُّها البحرُ الجميلُ
لكلِّ عصرٍ أنبياءْ،
استمعْ لي جيداً يا أيُّها البحر المُبَجَّلُ والبَخيلْ،
فقد التجأتُ إليك ساعد كاهلي... حملي ثقيلْ،
رضيت فيك الموتَ طوعاً،
فأعطني مترينِ تحت الماءِ،
فسِّرْ لي هُروبيْ...؟!
هل ستفهمني؟!
كلامي واضحٌ يا بحرْ؟(53/227)
لا تَبُحْ باسمي على رملِ الشواطئِ
لا تَقُلْ شيئاً، رجَوْتُكَ
خبئ صورتي في مائِكَ السرِّي
عَلَّهُ ينسى مع الأيامِ قسوَتَه على قلبي/ حبيبي!!
علَّها تنسى الحكوماتُ/ الضحايا
والبناتُ/ رموشَهُنَّ المستعارةَ في المرايا
والشهيدُ/ معاهداتِ الذّلِ
والنحلُ/ الخلايا.
* * *
لا بُدَّ من نسيانِ أنَّ الأرضَ قاسيةٌ،
والحقيقةَ مرةٌ، وأنَّ عمرَ الحبّ أطولُ من سنواتِنا،
كنّا ساذجين لا تعلمنا التجاربُ،
نستردُّ النُّسْغَ في أرواحِنا،
أيائلَ في برِّيةٍ مجهولةِ الأبعاد تبتعد الجهاتُ بنا،
في فلواتِنا تجري بنا خُطواتنا بحثاً عن الصياد
المستفيدِ، المستبدّ، المستعدّ على الدوام.
كنّا عاشقين، وساذجين نستبق المنايا..!!
* * *
يا بحرُ طَهِّرنا... لنغسلَ ما في وُسْعِنا منا!؟
كلَّ ما في وُسْعِنا، منّا:
- انكساراتِ الفراغ العاطفيّ،
سعالَنا الديكيّ،
أدرانَ الشذوذ المسلكيّ،
آثارَ الجراحِ، مخلّفاتِ الكوكاكولا،
صرخةَ الرئتينِ، نيكوتينَ العصرِ،
حُسنَ الطالعِ الرسميّ
طهّرْنا... لنغسلَ ما تبقَّى، طعنةً في الصدرِ تعتملُ الحنايا!!
* * *
لكنّا نعود... كما ابتدأنا رحلةَ الأمواجِ،
إذ تركناها على الشطآنِ هناكَ/ تنتظرُ الخطايا
رُبَّما سهواً... نسينا...، صدفةً
أو رُبَّما
"وهذا ما تؤكدهُ المصادرُ"
إن بعضَ الظَّنِ... إثمٌ
إلاّ في سوءِ النوايا
* * *
واسعٌ يا بحر أنت، رحْبٌ، ويحسدُكَ الفراغُ على الرحابةِ والسِّعَة
خالدٌ... كالعاشِقِ المسكونِ في وجعِ الحبيبِ المستحيلْ،
والنارُ تُدمي أضْلُعَهْ
قال جدِّي:
مرةً لما رجعنا من حقولِ القمح
أسرَج البحرُ الخيولَ في الأمواج ماءْ،
مُتَيَّماً.. متيَمِّماً بالرمل جاءْ
مَدَّ بساطَهُ صلَّى الوِترَ بنا أمَّ العِشاء،
وتناولَ السُّحبَ القريبةَ من قرونِها... وقدَّمَها لنا على.. طبقِ العَشاءْ،
قال جدِّي: كم كريماً كانَ ذاك البحر... وجارحاً كالكبرياء.(53/228)
ثم ودّعناه منفعلين، أسرعنا الخطى... غصَّت به الأمواجُ،
سالَ الغيمُ دمعَ البحرِ بلَّلْنا بكاءْ.
* * *
واسعٌ يا بحرُ... أنتَ،
وضَيِّقٌ شريانُ قلبي
غادرٌ هذا الزمان
إني أشْتَمُّ الخديعةَ في الجرائدِ، والقصائدِ، والمواقدِ، والهواءْ.
رائحةُ الخيانةِ، في الشوارع، في المزارعِ، في تحيات الأصابعِ
في خطوط الكهرباءْ.
آهِ
يا بحر
لو حللت ما بي من عناصر دهشتي،
تستقيني أنتَ إني قد زرعت الفُلَّ في وجع السطور ،
وحرضت الملائكةَ الصغار الطيبين،
في تباريح النساء.
قل ما تشاءْ... ولا أشاءْ!!؟
... كلّ شيءٍ قد تبدَّدْ،
أقسى من السكِّين في الشريان، جرحُ الانحناءْ
لا تشي يا بحر بالأسرارِ... عَلَّهُ ينسى حبيبي!!
أنت أدرى
صفعةُ المحبوبِ أقوى من سيوف الغُرباءْ!!!
* * *
حَدِّق جيداً يا بحر بي
إني للتوِّ انتهيتُ من الوصيةِ، حصرِ الإرثِ... سجِّل ما امتلكتْ
(بطانيةً.. ودفترين مهلهلين... شبّاكاً يُطلُّ على الندى وسرّ الزَنزَلختْ،
كتاب درويش الأخير.
(لا تعتذر.. عمّا فعلت)،
وزجاجةَ العِطرِ التي وصَلَتْ بصندوقِ البريدِ.. وما وصَلْتْ!!
فاتورة المحمول- سَدِّدْها
إذا سمَحْتْ؟!!)
أنا لا أريد، وأنت لا ترضى أموت وهاتفي مفصولْ!!،
فلربما تتذكَّر امرأةٌ زُفَّت لقردٍ/ صورَتي!!،
فترسلُ قردَها للسوق،
تطلب نُمرتي ويختلط السَّفرجلُ في شراييني بوقعِ الخيلِ مع صهيلِ الروح
فتسْتَردّ حرارةَ الحبِّ الدماءْ!!.
آهِ لو تشْتَمَّ مثلي الآنَ رائحةَ البخورِ
في ذكرى حريرِ النّستناء.
* * *
لا تؤجل صرختي يا بحر
لقد انتهيتُ من الوصية، حجةِ الميراث، فاعطني مترين تحت الماءْ؟
آهِ من زمنِ المرارةِ في شفةِ الحبيب وفي بذورِ الكَسْتناء،
يخشى به العشاقُ بَوحَ صدورهِم خجلاً وخوفاً... أو حياءْ،
ويُناقَشُ الفنّ الرفيع، معضلات الجنسْ، وفوائد الحبِّ السريعِ
في دورِ البغاءْ
.
مطاردٌ فينا الكنار،
وسيدٌ للطيرِ صارَ الببَّغاءْ.
* * *(53/229)
ها أُغسطسُ أيضاً يا بحر يودّعنا
"من لا يعرف أُغسطس، فهو الاسم المتداول في هذا العصرِ.. لـ(آبْ)"
وحَلَّ بنا أيلولُ بباقةِ وردٍ ضَمَّتها بحنينِ السنواتِ الصعبةِ عاشقةٌ من
بيروت،
... فَتَّشَ كُلَّ الأمتعةِ المختصونَ بأمنِ الرحلةِ قبلَ الطيران فلم يجدوا
غير الوردْ،
- لِمن الوردْ؟؟
قالت لحبيبي!!
- وهل يعنيكِ القردُ المتمترسُ بين ضلوعك في ذاتِ المقعد؟
* هذا قردي، لا يعنيني جداً... أحياناً يكتب عنِّي في الكُرَّاس الدرسْ.
- أين حبيبكِ، وكيفَ رضيتِ بهذا القرد؟!
* تَذكَّرْ أرجوك، أنت تجاوزتَ الممكن، واللاممكن، هذا شأني، وبكل مطارات
الدنيا،
أسئلتكَ أكبر ممَّا يتطلبه الأمنْ؟
- أين حبيبك؟
* في البحر... هناكْ- وأشارتْ للدّنيا عبر الشّباكْ.
- وأينَ البحر؟... هل تزعجَكِ الأسئلةُ الصَّعبهْ؟؟
* حقاً أنت خفيف الظل بما تروي أسئلة الذكرى في جنبات الروح من الصحراءْ،
وأيضاً أنت سخيفٌ، وتثير الاشمئزاز
كل الأرض بحار.. فاتركني،
ليس لدي حبيبٌ،
لا يعنيني البحر بشيءٍ،
تلك حقائب سفري فاحتجزوها، وخذوا الورد
خذوا ما شئتم وانصرفوا
وخذوا معكم .. حتى هذا القرد!!؟
* * *
في لندن أيضاً سألوها عنِّي، وسرّ علاقتِها بالبحر
وفنّ الطبخ،
و (ماجستيرْ الطِّبْ) ؟؟
ولكن هذي المرَّةَ درءاً للإرهاب،
وليسَ فضولاً لتماهي صُورَ الحبِّ،
أو ثمة حاجز أعرَبَ عنه القردُ الحسَّاسْ،
تبدّى بين الجسدِ المستسلمِ للرغباتِ بلا إحساسْ،
وبين الروحِ ونبضِ القلبْ.
* * *
آهٍ يا بحر
اقرأ دفتر أمواجك بالمقلوب، ستفهمني!!
اقرأني من أولِ جرحٍ، حتى آخرِ آه،
وتذكَّر أني في البدء، وبين سطور الموج، وفي خاتمةِ القهرِ مياهْ!
وبأني رغمَ مرارةِ طعمِ الدُّنيا، والحسَراتْ
كتابُ ترانيمٍ أجمل ما فيه تسابيح الأمواتْ.
افتح شطآنك يا بحر...!
مزِّق أمواجَ الملحِ كجيبِ عباءةِ أُمِّ وحيدٍ/ واسْتُشْهِدْ.
ارفع كَفَّيكَ بما فيها من أمواهْ
وتعال نُردِّدُ... شكراً لله(53/230)
وتجلَّى في الحمد
فليسَ يَليقُ بحمدٍ في المكروهِ/ سواهْ.
... ... ...
تتنويه:
"فقد مات البحر، ولمّا تكتمل القصيدة بعد"
5/ 9 /2004
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> قلمٌ .. رصاصٌ..!!
قلمٌ .. رصاصٌ..!!
رقم القصيدة : 69371
-----------------------------------
هو مقعدٌ في طائرة
قال الفتى العربي
لم يكمل
ولم ينم ... حتى تخوم القاهرة
هي أمّة خجلى بحجم دمارها
ونثارها
نامت على وجع الخصوبةِ
من مساء الطائرات
حتى صباح الأغنيات ... العاهرة
يا أيّها القنديل !!!
يكفينا ، أضأت جراحنا
أقلقتنا
........ أبكيتنا !!
وتركت فينا يقظة الحسرات
في نزق الحروف النافرة
قلمٌ ..... رصاصٌ
طلقةٌ في الصدر
من كلّ الجهات
وغصّة في الحنجرة
هو ما تبقّى من غدٍ
كي نلتقي
نتبادل البسمات و القبلات
نرسمها
ونصلب ظلّنا
عل جدار المقبرة
يا سيّدي أنا متعب ٌ .. حد الصراخ المرّ
عارٍ بصحة طعنتي عن صحتّي
وعن الحقيقة
والندى الفضّي
والذكرى
وبوح العاشق المنسّي
في ألقِ النجوم الساهرة
كلّ الذي قلناه
لا يكفي ؟؟
قلمٌ ... رصاصٌ
طعنة في الخاصرة
هل نستعيد سماءنا الزرقاء
بحر حيفا ؟؟
حلمنا في الناصرة ؟؟
انّي وانّك يا صديقي
همّنا
أن 1: ....
2 : .....
3 : .......
أو ... نستعيد الذاكرة !!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> درسٌ في الإعرابْ
درسٌ في الإعرابْ
رقم القصيدة : 69372
-----------------------------------
كنّا في الصف الخامس
قال الأستاذ:
أعرب ما بين القوسين المنفتحين،
: (عبّاس استلمَ السلطةَ)
وقف التلميذ النابغ في الاعراب.
فانقسم الصف الي صفين
صفق طلاب، وبكي طلاب.
قال الولد الشاطر:
ـ عباسُ الفاعل مرفوعٌ بالضغط
ـ و استلم الفعل الناقص
ـ أما السلطةَ
معذرة يا أستاذ،
أخشى إن قلتُ المفعولَ بهِ
أن يتهاوى السقفُ علينا
أو
ينخلع البابْ !!.(53/231)
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> فضاءُ الشعر
فضاءُ الشعر
رقم القصيدة : 69373
-----------------------------------
فضاء الشعر
في العمرِ متّسَعٌ
لنبكي مرةً أُخرى
على لغةٍ تفيضُ من الإناءِ المرمريّ/ المرّ
حيث يَتّسِعُ الفراغُ إلى سِواهْ
رُبَّما يحتاجُ هذا البحرُ قطراً
يسرقٌ دَمعنا ليزخَر بالمياهْ
رُبَّما يحتاجنا المنفى
لنأخذَه... إلى منفاهْ
والنسيانُ... كي في جرحه ننساهْ
ترجعُ الآهاتُ من جولاتِها عبثاً
لنُفهِمَها معاني الآهْ
يا... ألله...
أنتَ خلقتني صباً حزيناً
مفعماً بالشعرِ.. مبتلياً
ومحسوداً على بلواهْ
*****
يا ألله
في الشعرِ متسعٌ
لنعشقَ أو لنموتَ
خارجَ الجسدِ الخُرافة
ما بين السطورِ
في وضحِ النثار
متسعٌ
لنرسمَ صورةَ الأفعى
على سجّادةٍ تسعى
تشاركُنا العشاء
تنام في فراشِنا
كدميةٍ بين الصغار
ومتسعٌ
لنكتبَ للزعيمِ خِطابه الوطنيّ فينا
بعد الانكسار
ولكَمْ... كُسِرنا!!
كم سنكتبُ للزعيمِ خطابَه
ونعيدُ أبجدَة الحروف
نمسحُ التاريخَ من دولٍ تحاصرُنا
ونختزلُ الحِصار
في الشعرِ متسعٌ
لنُنْهي... ما تَبقَّى من حِوارْ!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> حلمٌ ..فقطْ ..!!
حلمٌ ..فقطْ ..!!
رقم القصيدة : 69374
-----------------------------------
..لحلمٍ تراقص بين الجفون
دعيني أغنّي
وأنضو عن الورد
وجه الغبار
وعمر التمّني
لصوتك هذا
النبيّ ، الشقيّ ، النديّ ، العصيّ
احمليني ـ فإنّي
إذا ما تواصل خيط الدموع على وجنتيّ
اطرّزُ نهراً من المستحيل ،
واحمل روحي على كفّ جنّيْ
*****
أنا الأمنيات الثقيلة
صدري حقول السراب
وقلبي بحجم اللقاء السريع
صغيرٌ
وصمتي كموتي
وكلّ الذين أحبّوا ، وتابوا
يغارون منك عليكِ .. ومنّي
أنا المستتبُّ
كبرق طويلٍ بليل المطر
أنا ما تبقّى من الكبرياء
في لحاء الشجر
وانت اختصار النساء
الزهور ، الغناء ، البكاء ، السَّهرْ
فماذا يكون الربيع بغيرك ..!!
ماذا يكون الندى ؟(53/232)
ومن ذا إذا مقلتاكِ تلوح
يكون القمر ؟؟
وأنت ارتباك المسافر
في القبلات السريعة
شريان قلبي الأخير
ورعشة عصفورة تعلن بدء وصول المطر
******
انتظرتك قرب المحطة
فجراً ،
وجئت ..!!
ولكن تكسّر بين الضلوع الفراغ
تاخر فينا ارتواء السنين
توسلت موتاً بآيلت خصرك
ألا ليت صدرك كان الجحيم المقيم
وتحلو جهنّم إن كنت فيها
وفي مقلتيك تطيب سقر
أكِرُّ ، أفِرُّ
ولا أستقرُّ
فكيف بربِّك منكِ ، إليكِ
يكون المفر...؟؟
******
أحبُّكِ حرفاً ، أحبُّكِ نزفاً ،
أحبُّكِ موتاً ، وصوتاً .. وصمتاً
وقهراً ، وخمراً
وجهراً ، وسرّاً ,,
احبُّكِ بيني وبيني
ومهما تغيبين تظلين وسم البياض
لبؤبؤ عيني
وتبقين أشهى معاني الغرام
بوح الأغاني ، وسرّ الأماني
ونزف الحروف بلحن الوترْ .
تجيئين باسمك ، اهلاً .. وسهلاً
تجيئين باسم الطيور
النسيم ، الربيع الزهر ..!!
أحبُّكِ انتِ كما ترتضين
بكل الثواني
بكل الأماني
بكل الأغاني
بكل معاني الجليّ كغيمة صيفٍ
.. فأنتِ المفيد الجليّ الغنيّ
وأوتار صوتكِ كلّ المفيد والمختصر .
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> منار
منار
رقم القصيدة : 69375
-----------------------------------
نَسِيَتْ دربَ البيتْ
نسِيَتْ أن تَرجِعَ للبيتِ مساءً
الليلُ بساطٌ أسود، مدَّ أصابعهُ
وأشاعَ بكلِّ دروب الحيِّ/ العتمة
وانفرط كعقدٍ مقطوعٍ... عِقدُ السُّمارْ!!
قالَ أخوها
- "سأُرَبِّيها"
صاحَ أبوها في وجههِ محتَدَّاً
- اذبَحْها "يا إبن الـ..."
هرعتْ للمطبخِ أمُّ ضِرار
- هذا السكين
وهذا حجر النار
شَحذوها حتَّى ذابَ النصلْ
واقتعدوا درجاتِ السُّلمِ بالقمصانِ السوداءْ
والقهرُ... يُغلِّفُ بابَ الدَّارْ
لكنَّها... نَسِيَتْ أن تَرْجِعْ
مرّت سبعةُ أيام
مرّ العَرَّافون، رجالُ الشرطةِ
سياراتُ البَطِّيخ... عرباتُ الكاز
نُسِجَتْ في الحيِّ خيالاتٌ
عن لونِ الشرشف
وسائقِ مركبةٍ حمراء
رأته خديجةُ خلفَ الخروبةِ
"يتسلبد" بين الصّبّار(53/233)
وأنهت أم جميل وصلتها
- لا يسلم الشرف الرفيع!!!
حتَّى زينب بلسانينِ وساقٍ واحدةٍ/ لَمزتْ
- فعلتها من سبع سنين، مريم بنت المختار
ولم ترجِع
بالصدفةِ لمّا كانت تعبثُ بالمذياعِ
سُريَّا... بنتُ الجارْ
قال مذيعُ النشرةِ
أهلاً.. نفتتحُ الموجزَ
بدءاً بأهمِّ الأخبارْ
عشرةُ قتلى
جرحى... رعبٌ استثنائيُّ.. حافلتان
تلك حصيلةُ نسفٍ استشهاديٍّ
واسمُ البنتِ "منار"
- أُختي
صاح سمير
من عمق الجمّيزَة صرخت
- بنتي
أمّ ضِرار
لكن في الركنِ الأيسرِ، خلفَ الباب
ظلَّت تبكي على النصلِ السكِّين
وظلَّ يواسيها... حجرُ النّارْ.
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> رقصة الموت الأخيرة
رقصة الموت الأخيرة
رقم القصيدة : 69376
-----------------------------------
صوتٌ يُعربشُ مثلَ داليةٍ على الشُّباكْ
موتٌ يُعَشعِشُ في العظامِ
كعنكبوتِ الليلِ حاكَ في الصدرِ الشِباكْ
والحارسُ الليليُّ مثلنا قلقٌ
ويخافُ من وقعِ الخُطى
ومن هديلِ حمامةٍ
مرّت من الأسلاكْ .
هو واجفٌ كأيّ معتقلٍ
وينتظرُ الصباحَ لعلّ يشغله عن الوجلِ الحِراكْ .
***
لم ينعسوا أبداً
لكنهم ناموا ،لأن الحلمَ ناداهُمْ
لكي يستيقظوا على زنزانةٍ مفتوحةٍ
حرّيةً
وعدالةً
وقصيدة عنوانها
" عُدْ يا حبيبي ...كيْ أراكْ "
***
صوتٌ يفتّش في حنايا الروح
يختصر الأنوثة في جسدْ
ونوارسٌ لم تخطئ البحرَ الذي ألِفتهُ
كي ترث المياهَ ...ولا أحدْ
كتب اعتراف الموجة الحُبلى ...ولكن الزَبّدْ
أنهى رسالتهُ وقد قال الحقيقةَ مرتين
وافتضحت على مرأى من الغرباء
أسرار البلد ..!!
بلدٌ تفتش عن بنيها في بلاد الآخرين
ترضعهم ... لترجعهم
لكنهم ماتوا بحسرتهم .. وغربتهم ... ولم يرجع أحدْ
أحدٌ ...هو اليوم المقدّس في الكنيسة
منذ رسائل الرومان للإغريق
كي تعود الخيل من أنطاكيا الكبرى إلى عرش الأسدْ
أسدٌ هو الليث الهزبر المستعدّ المستبدّ
إذا رآه القرد مبتسماً... تصبّح بالنكدْ(53/234)
نكدٌ هي الدنيا بما فيها ....بدايتها .. نهايتها ..وضحكتها
ومن تُمدِد له كفاً
تباغته بثانيةٍ ...دواهيَ أو كَمَدْ
***
لم ينعسوا .. لكنهم ناموا
ولم يتيقنوا من الصبح الذي انتظروه دهراً
هل سيعود ..؟
أم ينأى إذا اقتربت من الفجر الحقيقة للبصيرة ؟
كسواد ليلٍ مدلهمٍ كالحٍ
أرخيتِ للكتفين شعرك يا صغيرة !!
هل تسمحين برقصةٍ ..أولى
على أنغام هذا العود
هي رقصة للموت ...لكن
ربما .. ستكون رقصتنا الأخيرة !
ما كلّ هذا الأسود الليليّ
شعرُكِ ؟
أم ْ هذا عنترةٌ تخبأ
في تفاصيل الضفيرة ؟
هو فارق التوقيت سيدتي ،
وربّ الكحل في عينيك
لم أطأطئ هامتى ..أو أنكسر
إلاّ لعينيك الكسيرة.
***
هل تسمعيني جيداً ...؟ يا بنت
رغم ملوحة الطقس
الرطوبة
رغم حرّاس الطريق من الجنود أو العسَسْ
سأعود للأرض التي حملتني أول خطوةٍ
لأزرع باميةً على النوافذ
فلفلاً في خوذة الجندي للذكرى
سُمسماً فوق السطوح
عنباً على أسلاك هاتف أرضيّْ
والشرفات ... أبذرها ..شعيراً للحصان
وإن وجدتُ الوقتَ يكفي
فوق كفّي سوف ارسم حبتين من العَدَسْ .
يا أيّها الشهداء عودوا
واحرسوا الإضراب عن كثبٍ
لمنفعةِ الزعيم العبقري الفذّ
سوف يبيعكم قطعاً من الديكور للأعداء
أيّها الشهداء ...
سنعلق الإضراب " لو دقيقتين "
لنعلّم الأطفال بعض الفارق النسبي
بين الأرض معناها " وطن "
وبين الأرض " عند البعض أضحت مزرعةْ "
ولن ننسى .. سوف نعيد عليهمُ أسماءكم غيباً
حتى يحفظوا الدرس الأخير
قبل أن تخبو بهم أيامُهمْ
وقبلّ أن تكبو من التعب الفَرَسْ .
6/9/2006
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> جزمتُكمْ عَلَمْ
جزمتُكمْ عَلَمْ
رقم القصيدة : 69377
-----------------------------------
لا اليأسُ يعرفني
ولا .. جبنُ العربْ
فأنا الصمودُ المستحيلُ .. الصبرُ
لو سرّاً غضبتُ .. أرهبتُ الغَضبْ
أنا لست إلاّ عاشقاً ... متواضعاً
قلبي حديقة نرجسٍ وبنفسجٍ
وحبيبتي ..بيروت ،
صوْرُ قصيدتي الأولى(53/235)
وأمّي البازورية ..وابنتي شبعا ،
فأنا المُسَبِّبُ ، والمُسَبَّبُ .. والسَّبَبْ .
وأبي ..بسيطٌ مثل خابية الفقير،
معطَّرٌ بالمسكِ ، يحفظ القرآنَ ..
قال لي :
كن صادقاً مثل الحسين ..و..فارساً ـ كـ عنترة ،
لا تبع بالتبر أرضَكَ
كان فلاّحاً كريماً واسمه .. عبد الكريم ،
ومنذ أن هزّ المخاض جذوع أمّي
قال: فليدعى حسن .
***
يا أيُّها الناس اسمعوني ..!!
فالموت نفس الموت ،
والمرارة ذاتها ،
في قصرٍ على تلال الورد
أو في معركة
والفرق.. في صوت الضمير
أو ..حجم الهدف ،
لبنان يا وجعي الذي أدمنته
وأغنية المسافر ،
لؤلؤة الشواطئ من ملايين الصدَف
كلّ الذين تأخروا ، حملوكَ أشرعة
وقالوا : القلبُ لولا الحبِّ يوماً ما ارتجف
بيروت قومي ودعّي الشهداء
عدّي أصابع الجرحى
أعدّي الشاي للأبناء
جاؤوا من أقاصى تلةٍ
مارون الراس .. وعيترون
آه يا صور الحبيبة
كم علينا نحو جرحك من بكاء
تحت كل صفيحة طفلٌ
وبين الردمِ أشلاءٌ تنادي
لا غوثٌ ....لا يدٌ تمتدُّ
ولا صوتٌ سوى صوت الدماء
الطائرات تكرّر التحليق
ربّما الطيّار أقنعته الجولة الأولى
ولكنّ المساعد ذكّره
لقد نسيت طفلاً كان يبكي جثتين
فارحم براءته ..بصاروخٍ
لمن تتركه .. بين مشاهد الأشلاء ؟
النازحون من الجنوب
تقاسموا الليل الطويل على سطوح الجرح
أرغفة الفقر المغمس بالفجيعة والمخيم
يا حب ، كنتَ أقسى من غبار المعركة؟
يا أيها الحب الذي يحتاج مجزرة ليصرخ
دلّني يا بن أقصى قريةٍ
نبتت على عشب الجنوب
أين دفنت رسائل العشق الأثيرة
كيف تركت ذراع أمّك
يا أيها الجنوبيّ الذي حمل الجراح سلال أشلاءٍ ودمْ
إرفع جبينك عالياً ولتسقط الرايات
وارفع على خفق السواري العاليات
جزمتك العلم
هذى بلادٌ كلّها فقراء
شعب لا ينام
ليل لا يمر
لا تكفي لغات الأرض .. كي تصف الألم
وحكامٌ تساوى نومهم والصحو
هم أصل البلاء على البلاد
وهم القضاء من رب العبادِ على العبادِ
همُ الذين إذا عدمت وسيلةً للنصر(53/236)
تلقاهم عَدَمْ .
*
30/7/2006
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> ساقية النّار
ساقية النّار
رقم القصيدة : 69378
-----------------------------------
قد لا أحتاج إلى مسافة
كي أرى الرّيح
و أحصي ما تنثره على جسدي من جثث فُتات
أو لأستردّ من زفرتي
شجنا مُعتّقا
غير أنّ دمي
قد يحتاج إلى ما به يُغيّر لون كريّاته
و يجعل من أشكالها خرائط مختلفة
و ما به يعيد للحضارات القديمة
ـ حين تثوي ـ
وهج توترها
...
إلى أساطير غير مُبهرة
تستقي لذّتها من حرارة الراوي
و ترتوي من اتّساع أوهامنا الكبرى
و انكسارنا في الأنين
......
فـ أنا
.............................
خطّان متوازيان في الفراغ
..............................
وهمزة مختنقه
..............................
مُستعار من الحروب الحديثة
أكسر طيفي على صخرة لأستظلّ به
أقتلع من عمودي الفقريّ
ما يشبه الحصى
كي أردم البحر المتوحّش
بالأغنيات
و أغنّي لوردة اللغم
حتى تنهض من دمي
رؤوس الثعابين التي انتفضت
لجروح النّاي
فكم من أنّة نحتاج
لتعلو رؤوسنا الظلال ؟
و في أيّ ماء
سنرمي شمسنا الأخيرة ؟
كي لا يعرّينا النهار
فتنقسم ظهورنا عرائس للثلج
و ننهار.
قد لا أحتاج إلى مسافة
كي أرى نفسي على غير جثتها
و أراني بلدا غريبا
ينازعه الموج
فيتساقط جنينا ملغّما
تفرّ منه الأسوار
إلى الماء البعيد
فنحن ككلّ الدّافنات التي اختنقت
نقتات من جيف أشلائنا
نخرج مرغمين من ظلال موحشة
لتعود بنا اللّغة إلى أجسادنا
كأننا آخر ما ترك الكلام من أثر
على شفة مقيّحة
أو آخر ما تكشف الأسماء
فرار الماء
من موجة قلقة
,,,
إلى صخرة صمّاء
منتصف العمر يكفي
نتنفس كل ما ينثره الأثير الثقيل
لأرى الريح
من جثث
و أستريح من .........
فتختنق الأسباب
من رجفة صاحبها
حين تجرفه الأهواء
لا أحتاج إلى مسافة ، اذن
منتصف العمر يكفي
لأعيد نفسي
إلى مدارها الفوضويّ
أنتشل من جيوب الأرض
رغوة الماء الأزليّ(53/237)
و أقف على أرجوحة مهتزّة
فأراك من ثقوب الأصابع
هنا
أو
هنا ك
كمن يخفي غيمة
عن الشمس البابلية
أو يسرق النار من قرية بدائيّة
حتى لا يراها الطفل النازل من خلوته
إلى أحلامنا الطينية
منتصف العمر يكفي..................
لأرى الريح
و أستريح من :
لا أحتاج إلى مسافة إذن .............
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> حالات خارج الزمن الميّت
حالات خارج الزمن الميّت
رقم القصيدة : 69379
-----------------------------------
وحشة
وقف
هنا تواعدنا
قال :
لمّا تجيء
سأفرش لها ظلّي
وأطلق في الفضاء
كريّاتي الحمر
كرية .......... كريّة
كي تزغرد للّقاء
لمّا تجيء سألين صدر الرّياح لها
كي تستريح وأهشّم كل الخلايا
من فرحي
..
غير أني
كلّما أمشي اليها
تفزعني
صورة الديدان
على الكفن
أرق
شارد
طيفك في المدينة
شارد
وأعرف جيّدا
أنك تخلعين القبر
وتبحثين عنّي
في ثنايا الحانة
كي نشنق الشبق
و أقترب منك
شيئا ........ فشيئا
أقترب منك
ولكنّني سأوصد بيتي
كي أختفي ـ الليلة ـ عنك
وأنيم الدمعة
في الحدقة
موت
ساعة
محنّطة في القلب
شبّاك
مشدود إلى جدار البيت
صبّية
تلهو بصورة أمها
وتفرغ حجرتها
من التعب
ماذا بقي الآن لها
لتسقط
الصورة في الكفن
رعشة
لملمي البحر
فقد ينزف
من ثقبه
الـ...م...ـا...ء
ولا أستطيع
أن أرمّم شكل الأرض
ثانية .
شعراء المغرب العربي >> مراد العمدوني >> تضرعات على قباب سائبة
تضرعات على قباب سائبة
رقم القصيدة : 69380
-----------------------------------
أدِرْ
وجهَ الرّيح
عن جسدي
وأنثُرْ سَمَاءَكَ
في انبِذَاري
حتّى أبيحَ لكَ واجِدي
أن تعيد خلقي
لاندِثَارِي... و تُعْطِي معنًى
أدِرْ
وجهَ الرّيح
وأنتَ تقولُ
أنّي رُكَامٌ عَلَقٌ
بلا وقْع قاعٍ
ولا مَوقِعِ
وأنّى اتكأتُ
نَفَثتَ بِطيبكَ مُتّسَعِي
فاتّسعتُ اكتمالا
بلا مَرْفإ
و علّمْتَنِي
إنْ نَشَبْتُ ذِراعي
في الرّياح
تَوَرَّدَ
صَدَفُ البِحَار
بالدَّمار
وبالدَّمِ(53/238)
وخَلَقَتَنِي - أو- خَنَقْتَنِي
على ماءٍ تَثَنَّى
فانْثَنَيْتُ
وأجْرَيْتَ دَمًا في أديمي
وأرتقتَنِي
حتّى إذا ما تَمَّ رَتْقِي
حَيِيتُ
وَشَدَوْتُ باسمِكَ أنَّى رُسِمْتَ
أنْشَأتَ طَيْفِي
... وَ قَتَلْتَنِي
وأعَدْتِنِي للأسْمَاء
حرفًا مائِلا
يتيهُ بالذي كَلَّمتني
ووسعتُ من عِلْمِكَ
ما عَلِمتُ به
أنّي طريقٌ
ومُنتَهَاكَ السَّفَرُ
وأنِّي - وإن أشرَقْتُ
ذَبُلَتْ مَنَابِتي
وأنتَ تَعظُم لكَ المنابِتُ
حين تَخْبُو و تُشْرِقُ
وأنّي لَحَمَّالُ الرَّزَايا
ومثلها
وأنت جمّاعُ المنايا
حين تُجمَعُ
وأن ليس لي من سِواكَ
سوى الصَّدَى
و صَدَاك دَفْقٌ في الثًّوَاني
هائمُ
أهِيمُ بغَيرِ الذي قُدَّ بَدَني له
وأنت المُبَاحُ
وغيري الهوى الوَجِلُ
وأهْفُو لِصَمْتِكَ
إن عَلاَ صوته
وأربِكُ وَجْدِي
بالذي يَرْتَبِكُ
وأحْنُو للّذي أنتَ منه إليْ
صِراطا خاطَهُ الأجَلُ
وأخْطو
كما الرِّيحُ
مُتَّكِئًا عَلَيْ
وأنتَ الرّيحُ
تَشْدُو و تَرتَجِلُ
يا وَاهبَ الأسمَاءِ
اسمِي لِهَوى أسمَائكَ
ساجِدُ
أعِدْنِي إلى وجدي
- وإن لم تعد-
إنّي لِوَجْدِي بِسِوَاكَ عَائِدُ
وذي الرّيحُ
إن لم تشَأ
أشَكّلُها طيفي
يهوي على الرّيح
ويَرْتَحِلُ
والشّمسُ التي حُمّلْتُ أدرَانَها
أردِيها شَمعا
نَارها تَرتجِفُ
وبِيدي أفتحُ وَرْدا
كُنتَ قَاتِله
وأخِيطُ دَما في عُروقِ الذي يَنهَدِمُ
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> نطفة خلق
نطفة خلق
رقم القصيدة : 69381
-----------------------------------
( إليكِ ... مع فارق التوقيت)
...
مدّي يديكِ صغيرتي
سأقرأ باطنَ الكفّين
قد أجد المسبّبَ والسَبَبْ
وأغمضي جفنيكِ وابتسمي
ففي الأهداب إن ضاع الكلام
أقرأ ما تيسّرَ من عصافير الشَغَبْ
والحاجب الغجريّ هذا همزة للمدّ
أو للقطعِ
إن أزفَ البكاءُ
أو راودت روحي .. ارتباكات التَعَبْ
***
للبحر ألف طريقةٍ للبوح
تأخذني المرافئ موجة
للبؤبؤ البنيّ في عينيك(53/239)
ترجعني ..إلى لغتي ثُريّات العنبْ
***
من قال أنك وردةً يا " ست "
وأنا رأيت الورد يمسح خدّه خجِلاً
إذا خدّاك لاحا ..مرّة
يعلنُ البستان للزوار .. أغلقنا المداخل كلّها
فالزهر غار ..
ونافسته الحسنَ سيدةُ العجائب
عنوان العجب .
***
من قال أنك نجمة
وأنا سمعت البدر يهمس للسماء
إذا رأيتها في الليل .. أطفئُ شمعتي قهراً..!!
وأنام ، ملتحفاً حجابي غيمةً في الأفق
أنتحرُ احتجاجاً
أو أعود لبدء تكويني .. لَهَبْ
***
من قال ؟؟
لا تتعجبي
روحي اسألي عن نطفة الطين التي
انسكبت من المهيأ للجواري
قال الله " خلّوها " حجتّي للخلق ، معجزتي
قلت كوني .. ثم كانت
لا ألملمُ ما على الأرضِ الفقيرةِ ،
من عرشي انسكبْ .
*
7/9/2006
شعراء العراق والشام >> بهيجة مصري إدلبي >> العبد التائه يدخل في النيل الخالد
العبد التائه يدخل في النيل الخالد
رقم القصيدة : 69382
-----------------------------------
إلى الراحل الكبير "نجيب محفوظ"
" في الكون تسبح المشيئة
ينهض العبد التائه من كهف التيه
يتكئ على عكاز الحكمة
ينسى أوراق العمر هناك
تساقط السنين من كفيه
يبعدها نحو رصيف البرد
كي لا تتعثر بالأيام خطاه
ما تفعل؟
تسأله الحكمة
أمشي في الحاضر
" فالحاضر نور يخفق بين ظلمتين "
ما الحب ؟ تسأله الريح
" الحب طريقتنا وعدونا الهرب "
تسأله
وما الحياة ؟
" دين ثقيل رحم الله من سدده "
وما الكمال ؟
" حلم يعيش في الخيال "
من خلق الآخر ؟
" إنهما اثنان بقوته خلق الأول الآخر
وبضعفه خلق الآخر الأول "
" ما أقرب ما يكون العبد إلى ربه " ؟
" وهو يمارس حريته بالحق "
يتكئ العبد التائه على عكاز حكمته
يمضي
يضحك من أسراب الحلم
يضحك من كل الأشياء
يضحك من تسعين ونيف
يفرطها بين أصابعه
يذروها تحملها الريح
ينفض كفيه و يمضي
يسأله الظل
هل أنت أنا ؟
يقرأ في وجه الظل حقيقته
يسأله
من أنت ؟
يقول الظل
أنا أنت
يضحك
يمشي فوق الظل يبعثره
يختلط الظل باللاظل
يسأله اللاظل(53/240)
كم عشت ؟
فيضحك :
لا أعرف
لكني الآن بدأت أحس بوجودي
يسأله :
ما الموت ؟
" الموت الحقيقة الراسخة "
يتركه .. يتلاشى الظل
حين تغطيه رمال التيه
يتكئ العبد التائه على عكاز حكمته
يمضي
يأخذه الماء إليه
يغسله بالسرد المائي
من ذاكرة الحرب
ومن ذاكرة الدم
ومن ذاكرة الموت
يسأله :
ما الحب ؟
" الحب مفتاح أسرار الوجود
يسأله :
ماذا ترى ؟
يصفو
ويجيب الماء :
الآن رأيت
يقول الماء :
" كما تحب تكون "
يحمله على كتفيه الزرقاوين
تخرج الأسماك
من دهشة الماء
تحمل قصصا وحكايات وروايات
فيشير الماء إليها
أن تتلو ما تحمله
تتلو الأسماك على الماء
حكايات للعبد التائه
فيشير الماء إليه
هل تسمع ؟
أسمع
سترى
فيرى الجمّالية والقاهرة
ويرى مصر تنهض في عينيه الأهرامات
فيرى العالم
ينزله الماء في أرض أشجارها من نور
ورمالها من ياقوت
يجري فيها النيل الخالد
يضرب بعصا حكمته ينشق النيل
تأخذه الحوريات إلى كهف الرؤيا والكلمات
كي يكتب بالماء الأزرق
الحب صلاة
ويقيم مع النيل الصلوات
....
إشارة إلى شخصية روايته ( أصداء السيرة الذاتية عبد ربه التائه )
كل الفقرات التي بين هلالين هي مقاطع من رواية أصداء السيرة الذاتية
شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> متى يعلنون وفاة العرب ?!
متى يعلنون وفاة العرب ?!
رقم القصيدة : 69383
-----------------------------------
من غازي القصيبي الى نزار قباني الذي سأل:
متى يعلنون وفاة العرب
...
وقد نشروا النعْيَ..فوق السطورِ
وبين السطورِ..وتحت السطورِ
وعبْرَ الصُوَرْ!!
وقد صدَرَ النعيُ..
بعد اجتماعٍ يضمُّ القبائلَ
جاءته حمْيَرُ تحدو مُضَرْ
وشارون يرقص بين التهاني
تَتَابُعِ من مَدَرٍ أو وَبَرْ
و"سامُ الصغيرُ"..على ثورِهِ
عظيمُ الحُبورِ..شديدُ الطَرَبُ
***
نزار! أزفُّ اليك الخَبَرْ!
جادَ بها زعماءُ الفصاحةِ..
أتبتسمُ الآن؟!
هذي الحضارةُ!
ندفعُ من قوتنا
لجرائد سادتنا الذابحينْ(53/241)
ذكاءٌ يحيّرُ كلَّ البَشرْ!
***
نزارُ! أزفُّ اليك الخَبَرْ!
وإيَّاكَ ان تتشرَّب روحُك
بعضَ الكدَرْ
ولكننا لا نموتُ...نظلُّ
غرائبَ من معجزات القَدَرْ
إذاعاتُنا لا تزال تغنّي
ونحن نهيمُ بصوت الوترُ
وتلفازنا مرتع الراقَصاتِ
فكَفْلٌ تَثَنّى..ونهدٌ نَفَرْ
وفي كل عاصمةٍ مُؤتمرْ
يباهي بعولمة الذُّلِ
يفخر بين الشُعوبِ
بداء الجرب
ولَيْلاتُنا...مشرقاتٌ ملاحُ
تزيّنها الفاتناتُ المِلاحُ
الى الفجرِ...
حين يجيء الخَدَرْ
وفي "دزني لاند" جموعُ الأعاريبِ
تهزجُ...مأخوذة باللُعَب
ولندن ـ مربط أفراسنا!
مزادُ الجواري...وسوقُ الذَهَبْ
وفي "الشانزليزيه"..سَددنا المرورَ
منعنا العبورَ...
وصِحْنا:"تعيشُ الوجوهُ الصِباحُ!"
***
نزارُ! أزفُّ إليك الخَبَرْ!
يموتُ الصغارُ...ومَا منْ أحدْ
تُهدُّ الديارُ...ومَا مِنْ أحدْ
يُداس الذمار..ومَا مِنْ أحدْ
"لِبيريز"...
انتصرْ
وجيشُ "ابن أيوبَ"...مُرتَهنٌ
في بنوكِ رُعاةِ البَقَرْ
و"بيبرْس" يقضي إجازتهُ
في زنود نساء التترْ
ووعَّاظُنا يرقُبون الخَلاصَ
مع القادمِ...المُرتجَى..المُنْتَظَرْ
***
نزارُ! أزفُّ اليكُ الخَبَرْ
سئمتُ الحياةَ بعصر الرفات
فهيّىءْ بقُرْبكَ لي حُفرِة!!
فعيش الكرامةِ تحتَ الحُفَر.
ووعَّاظُنا يرقُبون الخَلاصَ
مع القادمِ...المُرتجَى..المُنْتَظَرْ
***
نزارُ! أزفُّ اليكُ الخَبَرْ
سئمتُ الحياةَ بعصر الرفات
فهيّىءْ بقُرْبكَ لي حُفرِة!!
فعيش الكرامةِ تحتَ الحُفَر.
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> الطابور
الطابور
رقم القصيدة : 69384
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا تقروا ما بين السطور
هذي القصة خيال
وما لها أبدا علاقة
بالذي دار ويدور
تبدأ القصة بناقم
كُلَفّ يأدي مهمة
وكان بايع مايهمه
يموت هو أو يبقى عايش
سهم مُتَعمد وطايش
من بعيد يسدده
ويدمي هذاك الثور
ثور هائج مندفع مجروح
هائل القوة
عدائي غاضب ومغرور
وطابور(53/242)
كلهم ناطر ويرجي
مايجيه الدور
وفأول الطابور
يوقف ثاني واحد
حيث الأول .. مالقى أحدٍ يساعد
انتظر فترة طويلة
وبعد طول الانتظار
وعلى الملا فوضوح النهار
أجهز عليه الثور
ثاني الطابور أول
فسّر وحلل وأوّل
قال أنا مالي هروب
ودوم تايه في الدروب
وياما قالوا الناس إني
في جنوني مافي منّي
وضعي متدهور ويائس
ببدأ بخلع الملابس
قال أنا يا ثور عاري
وباقتناعي واختياري
بصبح البقرة الحلوب
ويترك الطابور.. ويتجه للثور
ويختفوا خلف التلال
وماحصل صعبه يقال
الرقابة لا تجيزه
يرجع الثور العدائي
يواجه الطابور
طابور .. كلهم ناطر ويرجي
مايجيه الدور
أول الطابور .. يحمل في يدة باقة زهور
بادره لحسن النوايا
يدري هو ماله مزايا
شاءت الأقدارُ أمرا
كانت الأزهار حمرا
وزادت هياج الثور
طابور.. كلهم ناطر ويرجي
مايجيه الدور
باقي الطابور يرجف
كلهم يدري ويعرف
وضعهم حالك وهالك
ضعفهم ينبي بذلك
كلهم غارق في أصناف البلاوي
فقر مدقع .. جهل مفزع .. عقل خاوي
طابور .. خلفه هلاكه والثبور
وأمامه الثور الجسور
طابور .. صمته مثل صمت القبور
ينطر المنقذ يجي
ويكف بطش الثور عنهم
أو ينطر الدنيا تدور
ويصبح الطابور فجأة
قوة عظمى !!
ويطحن عظام الثور
بالدور
أو ربما .. على الأقل .. يصبح الطابور ثور
والثور طابور
لا تقروا ما بين السطور
هذي القصة خيال
وما لها أبدا علاقة
بالذي دار ويدور
آخر القصة .. كهل مجنون
يوقف على تلة قريبة
يصيح بالطابور
يا طابور:
أنت أول وربما آخر أعاديك
يا طابور:
كل مابك منك وحدك من صنع أياديك
يا طابور:
أسمع كلام الأقدمين
لربما يهديك
يا طابور:
أمشي عدل.. يحتار ثورك فيك !!
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> نعم واللهِ أخجل
نعم واللهِ أخجل
رقم القصيدة : 69385
-----------------------------------
نعم، واللهِ، أخجل من خضوعي
ومن هذا التذلُّلِ والخُنوعِ
نعم، واللهِ، أخجل من وقوفي
وراءَ قطارِ عالمنا السَّريعِ(53/243)
نعم، واللهِ، أخجل من سكوتي
على ظُلْمٍ من الباغي فَظيعِ
وأخجل من بَني الإسلام لمَّا
أراهم في زماني كالقطيعِ
جموعٌ تَمْلأُ الدنيا ضجيجاً
فوا أسفا على تلك الجموعِ
يحاصرها الظلامُ وما نراها
تَمُدُّ يداً لإيقادِ الشموعِ
نعم، واللهِ، أخجل حين تبدو
شموسُ المكرماتِ بلا سطوعِ
وحين نرى ملايين الضَّحايا
فنلقاهم بإحساسِ الصَّقيعِ
تُدَكُّ معاقلُ الإسلامِ دَكَّاً
ويشتعل الأسى بين الضلوعِ
وتُسْلَبُ أرضُنا شبراً فشبراً
ونحن نخافُ من ذَرْفِ الدُّموعِ
نرى في الأَسْر أُولى قبلتينا
ونسمع صرخةَ الطفلِ الرضيعِ
ونُبصر غَزَّةَ الأَمجادِ تُصْلَى
بنار الظلمِ والفَتْكِ الذَّريعِ
يحاصر أهلَها خوفٌ وجوعٌ
وما أقساه من خوفٍ وجوعِ
وفي أرضِ العراقِ نرى خريفاًَ
من المأساةِ يعصف بالرَّبيعِ
وتلعب بالقوانين الأعادي
فما للحقِّ فيها من شفيع
قوانينٌ تصون حقوق كلبٍ
وترفع قَدْرَ كذابٍ وضيعِ
وتُهدر حقَّ أمتنا جميعاً
وتُغلق دونَها بابَ الرُّجوعِ
ونحن على موائدنا، نسينا
أنينَ جريحنا وَدَمَ الصَّريعِ
كأنَّ خضوعَنا القاسي لسانٌ
يقول لأمَّة الإسلامِ: ضِيعي
نعم واللهِ أخجل من أُصولي
تموتُ على يديَّ ومن فُروعي
وأخجل من قضايانا تُعاني
ولم تفرحْ بجهدِ المستطيعِ
نعم، واللهِ، أخجل حين تُطوى
سجايانا على هذا الخضوعِ
8-6-1427هـ
4-7-2006
شعراء العراق والشام >> محمود درويش >> جدارية
جدارية
رقم القصيدة : 69386
-----------------------------------
هذا هو اسمكَ
قالتِ امرأة
وغابت في الممرّ اللولبي
أرى السماء هُناكَ في متناولِ الأيدي.
ويحملني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ
طفولة أخرى. ولم أحلم بأني
كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ
أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً
وأطيرُ. سوف أكون ما سأصيرُ في
الفلك الأخيرِ. وكلُّ شيء أبيضُ،
البحرُ المعلَّق فوق سقف غمامة
بيضاءَ. واللا شيء أبيضُ في
سماء المُطلق البيضاء. كُنتُ، ولم
أكُن. فأنا وحيد في نواحي هذه(53/244)
الأبديّة البيضاء. جئتُ قُبيَل ميعادي
فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي:
"ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟"
ولم أسمع هتَافَ الطيَبينَ، ولا
أنينَ الخاطئينَ، أنا وحيد في البياض،
أنا وحيدُ
لا شيء يُوجِعُني على باب القيامةِ.
لا الزمانُ ولا العواطفُ. لا أُحِسُّ بخفَّةِ
الأشياء أو ثقل
الهواجس. لم أجد أحداً لأسأل:
أين "أيني" الآن؟ أين مدينة
الموتى، وأين أنا؟ فلا عدم
هنا في اللا هنا... في اللا زمان،
ولا وُجُودُ
وكأنني قد متُّ قبل الآن
أعرفُ هذه الرؤية وأعرفُ أنني
أمضي إلى ما لستُ أعرفُ. رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكان ما، وأعرفُ
ما أريدُ
سأصير يوماً فكرةً. لا سيفَ يحملُها
إلى الأرض اليباب، ولا كتابَ
كأنها مطر على جبل تصدَّع من
تفتُّحِ عُشبة،
لا القُوَّةُ انتصرت
ولا العدلُ الشريدُ
سأصير يوماً ما أريدُ
سأصير يوماً طائراً، وأسُلُّ من عدمي
وجودي. كُلَّما احترقَ الجناحانِ
اقتربت من الحقيقةِ. وانبعثتُ من
الرماد. أنا حوارُ الحالمين، عَزفتُ
عن جسدي وعن نفسي لأكملَ
رحلتي الأولى إلى المعاني، فأحرقني
وغاب. أنا الغيابُ، أنا السماويُّ
الطريدُ. سأصير يوماً ما أريدُ
سأصير يوماً شاعراً،
والماءُ رهنُ بصيرتي. لُغتي مجاز
للمجاز، فلا أقول ولا أشيرُ
إلى مكان. فالمكان خطيئتي وذريعتي.
أنا من هناك. "هُنايَ" يقفزُ
من خُطايَ إلى مُخيّلتي
أنا من كنتُ أو سأكون
يصنعُني ويصرعُني الفضاءُ
اللانهائيُّ
المديدُ.
سأصير يوماً ما أريدُ
سأصيرُ يوماً كرمةً،
فليعتصرني الصيفُ منذ الآن،
وليشرب نبيذي العابرون على
ثُريّات المكان السكّريِّ!
أنا الرسالةُ والرسولُ
أنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأصير يوماً ما أريدُ
هذا هوَ اسمُكَ
قالتِ امرأة،
وغابت في ممرِّ بياضها
هذا هو اسمُكَ، فاحفظِ اسمكَ جيِّداً!
لا تختلف معهُ على حرف
ولا تعبأ براياتِ القبائلِ،
كُن صديقاً لاسمك الأفقَيِّ
جرِّبهُ مع الأحياء والموتى
ودرِّربهُ على النُطق الصحيح برفقة(53/245)
الغرباء
واكتبهُ على إحدى صُخور الكهف،
يا اسمي: سوف تكبرُ حين أكبرُ
الغريبُ أخُو الغريب
سنأخذُ الأنثى بحرف العلَّة المنذور
للنايات.
يا اسمي: أين نحن الآن؟
قل: ما الآن، ما الغدُ؟
ما الزمانُ وما المكانُ
وما القديمُ وما الجديدُ؟
سنكون يوماً ما نريدُ (...).
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> حتى لو نموت معا
حتى لو نموت معا
رقم القصيدة : 69387
-----------------------------------
وقفتُ والفاقِدُ الأحبابَ لا يقِفُ
مُودِّعاً ونِياطُ القلبِ ترتجِفُ
رغمَ اختِلافِ نواحينا برُمّتِها
لم نختلِفْ وعروقُ القلْبِ تختلِفُ
ونحنُ فيها وإنْ خِفْنا نهايَتَنا
كدْنا لبعض ٍ بهذا الحُبِّ نعترِفُ
وقفتُ والروحُ تجري خلفكِ انطلقَتْ
مالي وقفتُ أنا .. والروحُ لا تقفُ
قالوا تطيّرتَ فاخرُجْ من منازِلِنا
واذهب اليها ففيها للهوى طرَفُ
تفرّقَ الجمعُ من حولي وهم سَندِي
لكِ انصرَفتُ وهم عني قد انصرَفوا
أنا بكلِّ أسىً أنعاكِ موحِشَتي
وإنني لَضَعيفُ القلبِ أعترِفُ
قالتْ لقد عُدْتَ كالصِبيان ِ تعشقُها
قد اقترفتَ الذي الصبيانُ تقترِفُ
وأنتَ هذا أمامي إنما جسَدٌ
تمامُ روحِكَ في بغدادَ تلتحِفُ
إنْ كانَ هذا كتاباً كيفَ أجحَدُهُ
أو صِدفة ً فاعذريني إنها الصِدَفُ
قالتْ فخُذ ْها وفارِقْني لمَلعبِها
وسَرّني أنْ يكونَ الآنَ لي هدَفُ
إني إذا رحتُ معصوماً لعاصِمَةٍ
أصبحتُ سَهواً الى بغدادَ أنعَطِفُ
ياليتني ذقتُ طعمَ النوم ِ يا وطني
ومِن شفاهِ التي أحبَبْتُ أرْتشِفُ
لنْ ينحَني الرأسُ حتى لو نموتَ معاً
مِتْنا جِياعاً وما راقتْ لنا الجِيَفُ
إنْ أقبلَتْ عادتْ الأيامُ ضاحِكة ً
أو أدبَرتْ راحتْ الأقمارُ تنكسِفُ
يا أجملَ النخل ِ ضُمّي بُلبُلاً غرِداً
فلستُ مِمّنْ عليهِ يصعُبُ السّعَفُ
لا تترُكيني بلا مرسى ولا جُرُفٍ
قضيتُ عمريَ لا مرسى ولا جُرُفُ
وما بوجهِكَ مُصْفَرّ ٌ ومُنكسِرٌ
ذاوٍ .. وها أنتَ مُذ فارقتَها دَنِفُ(53/246)
إنْ كانَ هذا كتاباً كيفَ أجحَدُهُ
أو صِدفة ً فاعذريني إنها الصِدَفُ
كنا صِغاراً ولم نجنَحْ لمَعصِيَةٍ
فكيفَ بعدَ بلوغ ِ العقل ِ ننحرِفُ؟
قالتْ فخُذ ْها وفارِقْني لمَلعبِها
وسَرّني أنْ يكونَ الآنَ لي هدَفُ
يامَنْ بحُبِّكِ قدْ ساؤوا الى شرَفي
وإنّ حُبَّكِ حتى الموتِ لي شرَفُ
إني إذا رحتُ معصوماً لعاصِمَةٍ
أصبحتُ سَهواً الى بغدادَ أنعَطِفُ
حتى الذينَ رأوْا مني مجامَلة ً
يستنكرونَ وعندي الشوقُ والشَغفُ
ياليتني ذقتُ طعمَ النوم ِ يا وطني
ومِن شفاهِ التي أحبَبْتُ أرْتشِفُ
حقيقتان ِ إذنْ .. أمّا أكونُ لها
أو أنْ يراني صريعاً بعدكِ النجفُ
لنْ ينحَني الرأسُ حتى لو نموتَ معاً
مِتْنا جِياعاً وما راقتْ لنا الجِيَفُ
هذي رَنا أيّها الجاثي على قفَصي
في أيِّ شئ ٍ معي فيها ستخْتَلِفُ
إنْ أقبلَتْ عادتْ الأيامُ ضاحِكة ً
أو أدبَرتْ راحتْ الأقمارُ تنكسِفُ
إذا تكشّفتْ الأسنانُ من فمِها
كادَتْ لها أعقدُ الأسرارِ تنكشِفُ
يا أجملَ النخل ِ ضُمّي بُلبُلاً غرِداً
فلستُ مِمّنْ عليهِ يصعُبُ السّعَفُ
لقدْ تذوّقتُ من أعذاقِها رُطباً
كلّ ُ النساءِ بعيني بعدَها حشَفُ
لا تترُكيني بلا مرسى ولا جُرُفٍ
قضيتُ عمريَ لا مرسى ولا جُرُفُ
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> رحيق الخلود .!!
رحيق الخلود .!!
رقم القصيدة : 69388
-----------------------------------
الإهداء : إلى روح الشاعر الخالد أبي القاسم الشابي في الذكرى السبعين لرحيله :
لِمَ ومتى يعانقنا طيف الخلود إذا ما عشقنا القمر قبل الرّحيل ..؟!!.
...
خُلقتَ رحيقا كماء الوجود
يُلاغي حريقَ الصّبا في سماه
فأين الرّحيل و أين الخلود
إذا ما احتواك جمالُ الإلاه
وأين الشّموس الثكالى الحزانى
و ذاك الشّموخُ كموتي تراه
وهذي العطور كدمعي تفوح
على وجنتيكَ غدا في رُباه
كذا شاءك غدرُ الزّمانِ العنيدُ
وحيدا إذا عانقتك الحياه
فكم كنت بدرا عشيقَ البزوغ(53/247)
وكمْ مرّة كنت تُعلي الجِباه
أيا بلبلا حائرا كالسّراب
يرجّ اللّيالي و يُخفي صداه
كريح الخريف حزينا بديعا
أراك العُلا زاحفا في ضياه
أيا شاعرا سابحا في سمائي
هو الشّعر سحر و أنت الإيّاه
وأنتَ الرّبيع الضّحوك الصّبوح
وأنت بريقُ السّنا في ضحاه
أيا ساكنا بين كلّ الحروف
متى تنحت الرّوح حُلمَ الحياه
هو الشّعر يطفو على خافقيْك
بهيّ المحيّا يضيء صباه
وليلُ الشّجون صباحُ الصّبايا
يُزلُّ الدّموع و يمحو رَداه
و تلك العيونُ تذيب الصّخورَ
و ذاك الكلامُ كعذب المياه
أيا زهرةً أينعت من وجودي
كطيْفٍ أرى في سكوني غِناه
أفِي كلّ هذا الوجود احتراقي
وأنتَ ضيائي و نورُ الإلاه .؟!
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> سوسنة .!!
سوسنة .!!
رقم القصيدة : 69389
-----------------------------------
وأمتصّ رحيق أيّامي
بشفتي
وجعي
وأقطف زهر الرّدى
من شجر
الوسن
وذاك المدى غائر
غائر
في لجّ اللّظى
فيّ تحترق
النّار
ومنّي أنحت
صنمي
صمّاء ... صمّاء
لوحة الأمس
وأنا الحالم برمسي
أنثر بذور
وجودي
يا الطّفل المختنق بين شفاه
القدر
حلّق كطيف الرّبيع
في فضاء
السّكون
وَسُحَّ دَمَ
الحزن
من عيون
الحجر
وفاح منّي
عند الغروب
أريج الخلود
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> سدفة الرّوح .!!
سدفة الرّوح .!!
رقم القصيدة : 69390
-----------------------------------
يمزّقني الصّمت
بنصل احتراقي
أذوب كالثّلج النّاعم
في كفّ
السّها
تمرّغني رياح الوجس
على أديم
اللّحظة الغائبة
يسكنني تبرّج القمر
الخجول
في ليل السّراب
أرصّع لحدي
بلآلئ انتهائي
وأنثر بقايا الورد
على امتداد
صدى
رجعي
ذا لحن انتشائي
بموجة الخطب
أعزفه بشفتي
شجني
وذي ذاكرتي تائهة
بين ثنايا
السّديم
كم هتفت بموتي
السّدفة القاتمة
هو الحتف
يستأصل منّي شجرة
الرّوح
ويغرس فيّ
فسائل الفجيعة
الغائرة
تأتيني الطفولة الهاربة
فأقطف الموت
من بستان
الفرح(53/248)
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> عقد الخلود .!!
عقد الخلود .!!
رقم القصيدة : 69391
-----------------------------------
لملم جراحك
يا المعانق وسادة
الحلم المنسيّ
ذا المدى البعيد
بعيد
يسترق بؤرة النّور
من قلبك
هو الزّمن يقضم
حلمك
والمكان فراغ
فراغ
أنت
يملؤك الحزن الحزين
تخنقك البسمة
الضّائعة
كلّ ما في الوجود
يحتفل بعودة الغائب
منك
تمرّ أيّها السّاكن في
قلب الوردة
يتلحّفك الصّمت
لتشنق كالعقد
في جيد
الوجود
أيّها الموؤود في
أرض الضّباب
خضّب يديك
بدم انتهائك
وارسم
على شفاه القمر
لوحة الخلود
قبل انبلاج
الصّباح
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> رحيق .!!
رحيق .!!
رقم القصيدة : 69392
-----------------------------------
وأمتصّ رحيق الوردة
بشفتي موتي
أتلمّظ وجعي
في عتمة اللّيل
أبلّل شفتيها
بعطري
هي ذي الدّمعة
تؤجّج النّار
في هشيم الذّكرى
الحزينة
هاكِ دمي
امتصّيه رحيقا
فما أنا إلاّ تمثال
موت
ينبت منه
الشّجر
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> ارتواء .!!
ارتواء .!!
رقم القصيدة : 69393
-----------------------------------
يا البرعم المختنق
في صدري
أتفترش حلمك الصّامت
بين أضلعي
لمَ تسمل الوردة
عينيها
في كفّيْ
شجني
وتطفئ ظمأ الرّوح
في قلبي
بدموع
دمي ...؟
يا صدى وجعي
هو اللّيل عشّ
يحضن
وحدتي
هو البدر طيف
يخطف
شهقتي
هو النّجم طفل
يسرق
بسمتي
أيا بلسم الرّوح
أزلّ عبق
الدّموع
ليرتوي منك
البرعم
ويترامى الرّبيع
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> عطر دمي .!!
عطر دمي .!!
رقم القصيدة : 69394
-----------------------------------
الإهداء : إلى أخي الروحي ودمعتي الأخيرة ... الشاعر الحبيب المرموش .
...
خذ يدي
اسكب عليها
عطر دمي
ذا قلبي محبرة أيّامي
يطفح بموتي
وذي ارتعاشة
لحني
تحفر اللّيل بنور
الوجع
وهذا المساء
يترشّف صمتي
بصمت
وأترشّف قهوة انتهائي
بكلّ ... انتشاء(53/249)
تمرّغ الرّيح جثّة
الماضي
يهدهد حزني نسيم
الرّبيع
تعانق الشّهقة
زنبقة الفرح
تزغرد الشّمس
عند الصّباح
وألمح موتي
بين
يديّ
ويرثيني وحيدا
ذاك
القمر
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> قبل الرّحيل .!!
قبل الرّحيل .!!
رقم القصيدة : 69395
-----------------------------------
ذا قلبي مترع
كالبحر
تمخره سفن الشّقاء
تحفره أظافر الزّمن
تدوسه العناكب
لتخنقه
ذا القدر يستلّ حسامه من
غمد الخيانة
ويغرسه في
الصّدر الوجيع
تسحّ دموعك
سحّا
يا قلبي
وتدمي عيناك
ترثيني
حين لا يرثيني
أحد
تبكيني حين لا يبكيني
أحد
ما لي أرى حياتي
ترفل في
حرير الموت
كلّما أشرقت الشّمس
منك يا
قلبي السّقيم ...!؟
سقم كالهوى
خضّب ضفائر
الشّرايين
بالدّم
وكحّل عينيك
بماء السّراب
ذا الخراب
يعشّش فيك
ذا الفراغ يملأ
ببقايا وجودك
ذي مدينة أوصدت أبوابها
فأنت الوجود المستراب
أيّها المنتشي
بموتك
أتعزف لحن الرّحيل
قبل اللّقاء
أتذرف الدّمع
قبل البكاء
أتعلن موتك
يا قلبي المغتسل بصمت
العذارى
سيبكيك القمر
الخجول
وتحفر قبرك
العصافير
عند السّحر
فانحب نحيب
الثّكالى
كخيوط
المطر
واغرس في صدري
شجرة الرّوح
قبل
السّفر
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> السّد يم .!!
السّد يم .!!
رقم القصيدة : 69396
-----------------------------------
قطرة
قطرة
يتقاطر دمعك من
دمي
فيّ
دمعة
دمعة
تغرس عيناك في
قلبي
فسيلة الطّيف
الجميل
لحظة
لحظة
يزحف ليلنا مدجّجا
بالعتمة القاتلة
وشعرك اللّيليّ
يسحب عن وجهي
وشاح خجلي
الطّفوليّ
خطوة
خطوة
الشّهقة تختنق
في حنجرة اللّيل
السّديم
وصلة
وصلة
لحنَ الطّفولة
تعزفه أوتار القلب
بعينيك
فيّ
تذوبين كفتيل الزّمن
بحرقة موتي
وهذا الخراب عشّش كاللّيل
فيّ
وهذا السّحاب تلبّد كالموت
فيّ
أنا الجرح الغائر
فيّ
فيا موتي السّاكن
فيّ
خذ منّي ما أبقيت
لأرسم قبلة على خدّ
السّماء
قبل الرّحيل
إليّ(53/250)
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> لحن الغروب .!!
لحن الغروب .!!
رقم القصيدة : 69397
-----------------------------------
لمّا أعانق
حزنك
يتقاطر الشِّعْر ندى
ابتسامة
ويتدلىّ عناقيد
فرح
فأموت فيّ
كما ينتحر في جذور
النبتة
النسغ
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> عطور الوطن .!!
عطور الوطن .!!
رقم القصيدة : 69398
-----------------------------------
كيف تغدو الطّير لأوكارها
والغصن أمالته الرّياح
وانكسر ...؟
كيف تغفو العين
والحلم بعثرته اللّيالي
فاندثر ...؟
كيف تبقى البراءة فينا
والماضي في عيني وردة
انتحر ...؟
رسمت أمّي على جبيني
زهرة
وكنت مسجّى
قصف الرّعد من روحي
ففاحت من جسدي
عطور الوطن
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> وشاح .!!
وشاح .!!
رقم القصيدة : 69399
-----------------------------------
لهيب ... حريق
وما قد
تلظّى
دموع ... شهيق
وما قد
تبقّى
ألا في الدّجى قد
تعرّى
وشاح الكرى في
عيوني
تجلّى
عناقيد شوق
تناهي المدى
والأماسي
فما كنت يوما
صبيّ الحياة
ألا إنّني قد
عشقت الرّدى في
حياتي
وذاك المدى في عيون
بلادي
أراه أيا أمّ في العين
تجلّى
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> رقصة .!!
رقصة .!!
رقم القصيدة : 69400
-----------------------------------
سأخبّئ الشّمس
في قلبي
وأغسل القمر
بدموع
الفرح
وأخضّب ضفائر
شعركَ
بماء العشق
عند
السّحر
وأخطّ اسمكَ
بما تدفّق في
شراييني
يا
وطني
على شفاه
القمر
شعراء المغرب العربي >> محمّد كمال السخيري >> مغازلة .!!
مغازلة .!!
رقم القصيدة : 69401
-----------------------------------
حين يغازلني
البحر
تتقاطع شراييني
مع الزّمن
المفقود
في ذاكرتي
ليتفتّح الورد
على قلبي
رغم
الظّمأ
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> بُوْحِى
بُوْحِى
رقم القصيدة : 69402
-----------------------------------
بُوْحِى !!(53/251)
هذى شمسُكِ .. تتشكَّلُ
فوق رمالى
وسفوحي
بُوْحِى !!
وإذا فرَّتْ أسرابُ اللَّوعةِ .. من وجْدِكِ
لا ترتحلى تحت ترانيمِ الليلِ
المذْبوحِ
فمواجيدى شاردةٌ
واللهفة ترمحُ
فوق شغافِ القلبِ المفْتوحِ
أولى بكِ أنْ تتشظَّى
في عينيكِ .. جروحي
بُوْحِى !!
إني القادمُ .. من جوفِ معلَّقتى
أرقبُ صبوَ نزوحى
أنا لا أرتابُ من الشجوِ
فقافيتى يغْزلُها نهرُ رضابكِ
وفضاءاتُ الرُّوحِ
قد نتفارق يوماً
فإذا قابلتِ ظلالَ .. ظلالى
لا تُخفى عن مُزنى
أشواقَ العُشْبِ المجْروِح
بُوْحِى !!
فأنا آخرُ ملاَّحٍٍ
ارتحل إلى طير السُّهدِ
يتوقُ غدير العشقِ المكْبوِح
لا تنتظرى قافلتي
طيفُكِ .. قد أضنى
دوْحى
وتخومى
وصروحى !!
بُوْحِى ّ!!
بفلواتكِ .. إنى أحتاج إلى دغلٍ ،
ليضمَّد كل جروحي
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> لا عليك
لا عليك
رقم القصيدة : 69403
-----------------------------------
لا المساءُ الذى أتْعبته المفازاتُ
غنَّى
ولا النورسُ المستجيرُ
يحطُّ على راحتيكِ
لا عليكِ !!
إنني لا أخافُ الوقوفَ على سور حاميتى
وأخاف من العسسِِ
المتربصِّ .. في ناظريكِ
لا عليكِ !!
كلُّ تلك القلاع .. يحاصرها
فيلقُ الشعرٍٍ
والشعرُ ينبعُ .. من خافقيكِ
فالمغاويرُ
لا يعشقون البنفسجَ والمرج والخيلَ
والارتداد
إلى شاطئيكِ
علَّ قافلة العتق
تاهت
بجوف البراري
وطيفي يلوح على وجنتيكِ
اشطبيني من الركب
من قائمة النازحين
إلى قيظ ذاك الهروب
ومن مقلتيكِ
اشطبيني من الغزل .. الماجن الآن
إنَّ بريد الحصون أتى
فوق عير المكوس .. إليكِ
هذه رسلُ الفاتحين
تخطَّتْ تخوم صهيل الصباح
تطوف الخدور
تفتشِّ عن نزف راحلة الغوث
فى دمعتيكِ
ارحمي مُهجةً للرؤي
أعلني سرَّ تيه معلَّقتى
أعلني سرَّ عينيكِ
فحرامٌ عليكِ
فالبلادُ تحنُّ إلى دفءِ أقمارها
وشغافكِ أنتِ
يضيق بكل المتاريس
والصحو يهمِىِ ذبيحاً على قدميكٍ
لا عليكِ
لا عليكِ سوى(53/252)
أن تمدي لنا .. مّرةً .. ساعديكِ
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> مرثيةٌ .. للعشق الندىّْ
مرثيةٌ .. للعشق الندىّْ
رقم القصيدة : 69404
-----------------------------------
أخلدى يا قرَّة العين
استريحى
فوق توقٍ للحنين
الملحمىّْ
أوغلى فى أغنياتى
وارفلى بين وريدى
وافتحى القلب الشجىّْ
لا يزال الوجد يغلى
فى مساءات اشتياقى
لا يزال الشوق .. مرهوناً
بضىّْ
لا يزال البيت
ينعى
كل إصباحٍ ندىّْ
اخلدى يا قرَّة العين
استريحى
وشوشات الدفء تجرى
صوب جندولٍ صبىّْ
هذه الأطيافُ حيرى
والمداراتْ تغنِّى والتفاعيلُ تشظَّتْ
والقصيدُ العنترىّْ
نبعُ ذاك الحلم
يلهو
يفرشُ العشقَ البهىّْ
ليتنى أدركت .. خيلى
ليتنى أمطرت .. سهداً ورضاباً
وطويت العمر طىّْ
ما وراء الشط .. دوحٌ
ويمامٌ
وفؤادٌ ،
وهيامٌ سرمدىّْ
اخلدى يا قرَّة العين
استريحى
هاهنا نامت دموعى
طوَّقتْ جرحى الأبىّْ
ما تبقَّى من مواقيتٍ توارى
ليس يكفى ما لدىّْ
هي أعمارٌ ..
وصباباتٌ .. وفراشاتٌ .. وغزالاتٌ
وعشبٌ طرىّْ
يا تُرى ما سرُّ عينيكِ
اللواتى
قد رمتنى بشغافٍ ليلكىّْ ؟!
فأنا مفتقدٌ سربَ المواجيد ورنَّات الحُلىّْ
ولماذا تعترينى ضحكاتٌ
ذكرياتٌ .. ونسيم العطر والليل الذكىّْ ؟!
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> ردِّى علىَّ .. حديقتى
ردِّى علىَّ .. حديقتى
رقم القصيدة : 69405
-----------------------------------
أنا لستُ ألمحُ غير أقمارى
ونوقى
فى البيادرْ
وقوافلى
لا تحملُ الدَّلَّ الجريحَ
إلى رباكِ
ولا تخافُ من المساءاتِ المهيضةِ
أنْ تُغََادِرْ
نفسُ الأقاحى خاتلتْ
أفياءَ عشقى
والمواجدَ
والجوانحَ
والمشاعرْ
أمشاجنُا فى القيظِ .. رابطةٌ
تراقبُ عشقَنا
ترتابُ نخلاتَ الوداعِ
على المعابرْ
وحدائى المفقودُ .. يعنو
فى مواقيت الشَّجا
وارتدّ عن حُلْمِىْ المُحاصْر
رُدِّى علىَّ حديقتى ؛
إنىِّ الأسيرُ .. بليلكِ المخبوءِ
فى غورِ المخاطرْ(53/253)
ما كان يكفى أن أبيعَ
مواسمى
والعشبَ
والمزُنَ
والشوقَ
والشدوَ المهاجِرْ
سأطوفُ أمصار الغرامِ
بقصَّتى
أحكى عن التوبادِ والعشَّاقِ
يوماً والسَّبايا والحرائرْ
أنا ما ارتضيتُ بأن أساومَ
ظلَّكِ الموجوعَ
أو روضَ السَّرائِرْ
من أخبر الأسرابَ يوماً
أن تحلَّق فوق هاماتِ
البواخرْ
هذا شغافُ .. عنادلى
أنا ما عبرتُ اليمَّ
أو جسر الغدائرْ
إنَّ الهُيامَ .. معاودٌ
لسهو لنا
يشتاقُ زخَّات القصائدِ
والهوادجَ
والحقائبَ
والمرايا والأساورْ
نَزَفَ الفؤادُ .. بجرحه
أو تغرسين بمهجتى نفس الأظافرْ
فتذكَّرى
لو جئتِ يوماً عند أطلالِ الجوى
أن تمنحنىْ صَّبارَ سهدى
خلوةً
لو ضجَّ يوماً بالخواطرْ
أنا لستُ أول عاشقٍ
قتلتْه عيناكِ اللواتى
تصطلى
وسط الأزاهرْ
أنا أعزلٌ
أنا لستُ أركُضُ
خلف أفراس الحنين
ولن أحارب أو أقامرْ
ردِّى علىَّ حديقتى ؛
قبل انفلات الشجو
من غزلىْ المُسافرْ !!
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> الشجيرات لم ترحل
الشجيرات لم ترحل
رقم القصيدة : 69406
-----------------------------------
ليسَ مرتَّداً
هزيمُ الأيكِ أو زَهْرُ الَبَنْفسَجْ
والعصافيرُ التى قد أعلنتْ عِصيانَهَا ،
كانَتْ تُغَنِّى
ُثَّلةٌٌ من هَيْنَمَاتِ الأٌقْحوَانِ - سِّيدى -
فاءَتْ تُعَرِْبدْ
فى وراقِ الْحُلِْم
لازالت تباريحُ النُّضارِ
تَتَنَزَّى
كيف لا تحفظُ سرَّاً ،
أو يشتريها تاجُ عَوْسَجْ ؟!
غرَّها التيارُ - ليلاً-
عند سفحِ الدفءِ
لم تعرفْ كهوفَ الوَاْدِ
من كهفِ التَّهَجُّدْ
ربَّما قد سرَّبتْ للإنهيارِ نبعَ صحوٍ
ربَّمَا قد سَلَّمَتْ وِردَ الهروبِ
خَّبأَتْهُ
فوق عِيرٍ للربيعِ .. المصطَلىِ
أو تحتَ هْودَجْ
أيها الصُّبح المنيرُ
قلْ لَنَا :
ما سرُّ مرعىً
قد تراءى عند طيَّاتِ التخومِ
والقتادُ شبقٌ فى ثورةِ الماضى
تأجَّحْ
قل لنا :
كيف اللجوءُ لبلادٍ
قَتَلَتْ خط استوائى ؟
قل لنا :
كيف رنينُ الأرضِ لم يحملْ
دروعى(53/254)
قَبْلَ نَّوات الَّتمَدُّدْ ؟!
ليتنى قلعٌ عشيقُ الملحِ
فى عُرْضِ البحارِ
ليتنى يوماً لحاءٌ من صبايا الشمسِ ،
أو ظلٍّ خجولٍ فى عيونِ النهرِ
ُتِّوجْ !
ليتنى أطفأتُ جمرى
قد تخصَّبْنَ ابتهاجاً للمروجِ
أو شعاعٌ للمدارِ
يشتهى دورَ المهرِّجْ
ليتنى رَوَّرعتُ ويلاتِ الخدورِ
واستكْنتُ فى فَضَاءاتِ الَّتعَبُّدْ
أيها الصبحُ المنيرُ :
خالَنِى وخْذُ المنايا
خاَلنِى سَقسَقةُ الطير ودمعْ قد تَنَهدْ
وطنى تعرفُه كلُّ الفيافى
وطنى لم َيعْشَقِ البارودَ .. يوماً أو تمرَّدْ !!
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> مقاطع
مقاطع
رقم القصيدة : 69407
-----------------------------------
(1)
قالتْ لِى فى احدَى الْمَرَّاتِ
فَسِيلةْ :
لو جاء الطوفانُ ... غداً
سأدافع عن بيتى
لا عن بيثِ القبيلةْ
همْ
... همْ قتلوا أمى
وبكَوْا عندَ مرورِ القتيلةْ
همْ حرقُوا سَمتَ لُحائى
سرقوا فى الليلِ .. عصابةَ رأسى
الطويلةْ
منعوا النهر ... مِراراً
كى لا يجرىَ بين ضِفَافى
ومروجى الظليلةْ
كم ماَتتْ أغصانى جُوعاً
كم ماتت
أزهارى الجميلةْ
أتُرانى .. سيرفلُ دمعى
حين سقوطِ الخميلةْ ؟ !
(2)
حين تخلَّتْ عنهُ
كلُّ فلاسفةِ ( اليونانْ )
نصبوا فخَّ الْهَرْطَقَةِ
أشاعوا
غَيْظ الصُّلْبَانْ
آخرُ تلميذ غادرَ قبْوَ الغَيْمِ
ومعهُ مِشْكَاةُ الإيمانْ
كان يردِّدُ :
كيفَ تَجَرَّعَ كأسَ الْمَوْتِ
وَهوَ يضحكُ فى وجهِ السَّجَّانْ
(3)
بعد قرونٍ
من تحريفِ النصِّ الكاملِ للتَّلمُوذْ
كنتُ سأخرجُ فى رحلةِ شكِّ أُخْرَى
من جرَّةِ صرخاتِ يقينى
لولا
نوباتُ القَرْصَنَةِ
وهُرَّاوَات سلامى المنشودْ
كنتُ سأحملُ أمتعتى
مرتحلاً
فى زمرَةِ من رقصوا
فوقَ أساريرِ شعوبِ اللهِ .. ،
لأحفرَ ثانيةً ذاكَ الأخدُودْ
قالتْ لِى العرَّافاتُ
لماذا تَتَعَقبُ جُرْحَ الصُّبْحِ
وتَصْلبُ فى الْكرْمَة
أحلامَ العُنْقُودْ ؟!(53/255)
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> رُعَاةُ البَقَِر ...لا يَعْشَقُونَ الهُُنود
رُعَاةُ البَقَِر ...لا يَعْشَقُونَ الهُُنود
رقم القصيدة : 69408
-----------------------------------
عامٍ وأنتم لنا
تصبحونَ على جمرِ
تلك الحروبْ
كلَّ عامٍ وأنت هنا
ترتعونَ بأجداثِ حلمِ الشعوبْ
مالنا
غيرُ حزنٍ تراءَى
على جنباتِ التخومِ
ونزفِ الدروبْ
مالنا
غيرُ / عِيرِ الندامِة
كيما نسافرَ ... للإستواءِ
نسافرَ صوبَ الجنوبْ
أيها الهاربونَ تجاهَ الشمالِ :
المعابرُ ملَّتْ نزيفَ الخُطا ،
تيهَنا
فالشمالىُّ لا يحتسى العتقَ عندَ الغروبْ
فالشمالىُّ يعشقُ صوتَ الرَّصَاصِ ،
اللَّظَى
ينتشى بحظائرِ تلكَ الخنازيرِ
يعشقُ لحظةَ نومِ الرقابِ
بأحضانِ ضيمِ القيودْ
كيف للشمسِ أن تنحنى للغيومِ
وتغتالَ صحوَ الجنودْ ؟!
إيهِ ياموتَنَا
إننا واهمونَ إذاً
فليحلُّوا المشانقَ من حوِلنا
من يهادنُ شرذمةً
من بقايا الهنودْ ؟!
لا يهُّبونَ إن عاودَ البِيضُ
كرَّتَهُم
واستحلوا النساءَ ،
وداسوا هنا فوقَ رَمْسِ الحدودْ
لا يهبونَ لو ثارَ نبضُ الأضالع ِ.. غيظاً
ولا يشعلونَ
أتونَ العروقِ ،
الجلودْ
لا يهبُّونَ .. لو للقصاصِ
ولا يُسرِجُونَ ولو صهوةً
فى حنايا أسى الانكساراتِ ،
أو ليضيئوا مَمَرَّ الخطوبْ
لا يغرَّنَّكم شنآنُ تعاليمِ
... عولمةٍ
تفرضُ الموتَ فى مَمْلَكَاتِ الوعودْ
لا يغرَّنَّكمْ
هالةُ الزيفِ
حينَ يَظَلُّ الشريفُ
أمام الرعاةِ / الأشاوسِ
يُبْدِى الخضوعَ ،
السجودْ
إننا واهمونَ إذاً ..
كيف لا يُطلقونَ العبيدَ ،
الإماءَ ،
ولا يطلقون
عصافيرَ شرقٍ
تجوس خماصاً
وتركع من أجل بعض الحشائش
تركع من أجل قشر الحبوب
كل عام وأنتم لنا
تمنحون الخنوع ،
صكوك الهروب !!
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> من أباح دماءَ معلَّقتى ؟!
من أباح دماءَ معلَّقتى ؟!
رقم القصيدة : 69409
-----------------------------------
سيدِّى(53/256)
من أباح دماءَ معلَّقتى ؟!
وأنا ما تربَّصتُ بعيرِ الخوارجِ
يوماً
ولا غرَّنى تاجُ تلك الحداثةْ
سيِّدى ما أنا قاطعٌ للطريِق
على لغتى
لست إلا صدىً للعصافير
فى أسرابها
لستُ يا سيِّدى عاطلاً بالوراثةْ
ليس لى عائلٌ
غير نهر القصيد
وتخصيب ميراثه
إنه الشعر .. سمتٌ ووجدٌ
وخبزٌ ودرعٌ وقيظٌ وظلُّ
وليلٌ وفجرٌ دنى
لن نبدِّد .. محراثه
فأنا لا أجيدُ التمرِّد .. والانقلاباتِ
أو رشوةَ المخبرين
أو حيلَ الشعراءْ
الثعالبُ قد غيَّرتْ جلدها سيِّدى
فى الغروب
وعند الصباح وقرب ( عكاظَ ) ،
لكيما تخرِّب أودية
ثم تسفك فيها الدماءْ
سيِّدى
وقدتى ساوموها بفزَّاعة للسجون
وجثامين للشهداءْ
والحواة هنا روّجوا أن أسراب تلك القصائد
تهرب من عقدة الاضطهاد لدىَّ
وتخشى مدىً وسماءْ
أتُراها ستوقعُ طير القَطَا فى حبائلها
أم سيهربُ للصحراءْ ؟!
فالنفاياتُ قد لوَّثتْ
نبعَ ذاك الغدير الأبىّْ
وأنا سأظلُّ على ومضاتِ الخليل
أغنى
وأوقدُ حلمَ الحياةِ الصبىّْ
سيِّدى
حاكمونى .. فلن أترك الخوفَ
يحيا لدىّْ
لن أبيعَ .. قلاعَ اللحون،
الشموخ - على جثَّتى -
فأنا يعربىّْ !!
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> كَفَى ارتحالاً مهجتي
كَفَى ارتحالاً مهجتي
رقم القصيدة : 69410
-----------------------------------
يا وجدُ .. صَهْ
للقلبِ خفقٌ وارفٌ
ومواسمٌ
باعت طيوفى للغدائرْ
يا وجدُ .. صَهْ
هذى أهازيج الَجوَى
للقلبِ أنهارٌ تُعَافِر
تنسابُ دوماً كالسيولِ
على شواطئِ صبوتى
تدحو تباريحَ المشاعرْ
فتضمُّنى
أسرابُ عشقى
أدمعى
وتمورُ كلُّ خرائطى
والليلُ حائرْ
وتآَلفَتْ
زَخَّاتُ سهدى
واشتياقى للمَهَا
وكأننى وحدى المعذَّبُ بالسرائرْ
هل هذه فرضاً
ممالكُ أحرفى !!
هل هذه فرضاً
سراديبُ ألسَّنا،
أطيافُ ينبوعى المغامرْ !!
يا لوعتى
هل كان ( عنترُ ) بالجنانِ
سيعتلى دوحَ الهيامِ
يراودُ الغيدَ التى تَسْقِى الظلالَ
قصائداً
ويقيمُ ترتيلَ الشعائرْ !!(53/257)
أم أنه
ران الصباحُ
يباغتُ الأزهارَ
- عند الملُتقى -
فاخضوضرتْ فيه الصَّبا ،
واشْتَاقَ زهوُك بِالضَّفَاِئرْ
لا دَوْقَتى
من يطفئِ الوجدانَ ،
حتماً صابئُ !!
من يسلُب الأشواقَ
حتماً صابئُ !!
فأنا المَّتيمُ باللحونِ
أنا المغرَّدُ فى رحابِ خمائلى
تشتاقنى وجعُ المحابرْ
لو دقَّت الأنسامُ يوماً خولتى
لستُ المضِّيعَ بالنوى
أصداءَ شدوى
فى المعابرْ
أوَ تذكرين حبيبتى
إنى أتيُتك والجنادلُ فى يدى
تنهالُ منها لهفتى
تجتثُّ موجاتِ الدوائرْ
يا لوعتى
هل كنتِ حقّاً فى البحارِ
سفائنى
( ايزيسُ ) كنتِ فى دمى ،
أسطورتى ،
موالَ عشقٍ بالعشائرْ !!
هل كنتِ حقاً للندى
حلماً تجاوزَ أرضَهُ !!
هل كنتِ نجماً فى الفضاءِ .. مرصعاً
تنتاُبهُ سَمْتُ الجواهرْ
أم انَّ وجهَكِ
فى حنايا مقلتى يغشَى الرؤى ،
يغتال كلَّ حدائقى ،
كيلا يسافرْ !!
فَكَفَى ارتحالاً مهجتى
قلبى المؤرَّقُ .. رابضُُ
بين النشيجِ ولهفةِ الأسفارِ
يشتاقُ الذخائرْ
فكفى ارتحالاً مُهجتى
كيف ارتضى نهرُ اللهيبِ
- على الضلوعِ - حواجزاً
- والآن ثائرْ ؟!
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> لن أهادن
لن أهادن
رقم القصيدة : 69411
-----------------------------------
صفَّقَ البحرُ
أم صفقَ النورسُ القرمزىُّ
سدىً
كلُّ ما خبَّأتْهُ الشواطئُ
عاصفُة
لم تكن غيرَ حلمى المدَّدَ
فى هينماتِ الأقاحى ،
الرؤى
لم تكنْ غير قيظ الأريج ، النضالْ
موجنا للضياء .. بنفس التقاسيم
من َطرفِ أنجمِنا
وإلى أبعدِ الصحوِ ،
حتى انبلاحِ صهيلِ الصباحِ
على جانَبىَّ البحيراتِ
فى حِضْنِ دفءِ الرمالْ
موجنا للضياء .. بنفس التقاسيم
حتى ازرقاقُ المحيطاتِ بالعتقِ
حتى اخضرارُ النهاراتِ
وسْطَ القتالْ
موجنا للضياء .. بنفس التقاسيم .. من هاهنا بالصمود
على جسرِ ذاك اَلَممّر
عبرنا
نكبِّل طيرَ المخاوفِ . ثانيةِّ
قبلَ عودَِتنَا
من تباريحِ غيم أطالْ
ربما بالمواقيت عدنا لنبحر(53/258)
من ِتيِه / ِتيِه الجنوب
وحَّتى صراخِ الشَّمالْ
كلنا حاملون - التراتيل
من ِنيلِ ( مِْصرَ ) رَضَعْنَا
ومن ثورةِ القيْظِ
كانت تَشُدُّ النبالْ
كيف لا َيْنبَرِى المجدُ فينا ؟!
هى الأرضُ مشكاةُ كلِّ التواريخِ
مشكاةُ كلِّ الممالكِ ،
عرسُ الْمُحَالْ
فهى الأرضُ .. أنفُسُنا ،
ُلغزُ / لُغزِ الحياةِ ،
دَمى
للأضالعِ كم تشتكينا هنا للرحالْ
فاسترِحْ يارَبيبَ المداراتِ
نَمْ واسترِحْ
ها نًُجَيْماتُكَ ( الَيعِْرِبَّيةُ )
كم سَرْبَلَت عِيرَنَا بالصمودِ
وكم عَّبأتْ َنزفَ تلك البغالْ
أيُّها الليلُ :
ما حُجُّةُ ( الْجِنِزَالاتِ ) ،
وكرُ العصافيرِ ،
الحجارةُ ،
ركضُ الجبالْ
كيف للياسمينِ
بأنْ يطلقَ غنوتَهُ للمواخيرِ
أو يعشق الإحتلالْ ؟!
كلُّ تلك المساءاتِ
لازالت الآنَ تنتظرُ :
الوِرْدَ
ألويةَ الإبتهالْ !!
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> غزل صهيوني متسوّل
غزل صهيوني متسوّل
رقم القصيدة : 69412
-----------------------------------
سَنة ٌ بَعْدَ سَنهْ
وفؤادي مُدْمِنٌ سِحْرَ هَواكِ
وعيوني مُدْمِنَهْ
وجراحاتي بها عاثَ الأطبّاءُ فظلّتْ
تنزفُ الحِقْدَ جراحاً مُزْمِنَهْ
فتَحَدّيْتُ المقاديرَ جميعاً
وتحَدّيْتُ بآلامي جَميعَ الأزمِنَهْ
والأطبّاءُ إذنْ قد خادَعُوني
فحياتي بعدَها محضُ فَراغاتٍ وليسَتْ مُمْكِنَهْ
حيثُما كانَ قراري
أينما كانَ مداري
في جميع ِالأمْكِنَهْ
أتحَدّاهُم إذا كانتْ حَياتي مُمْكِنَهْ
حُبُّها يلتفُّ من حولي ولن يُجْدِي هُروبي
فالحراساتُ شديدَهْ
بتُّ لا أ قْوى على تَحْريكِ جسْمي
فجراحاتي عَديدَهْ
لا تقولي أصلُكُم كانَ وضيعاً
والتقاليدُ التي تحْكُمكُمْ كانتْ شَدِيدَهْ
لا تقولي إنّكم قومٌ صِغارٌ
وأنا عندي لإحْراقِكَ أسْبَابي العديدَهْ
لا تقولي قذِرٌ أنتَ وتجتاحي مزاياي العنيدَه
وأنا أرجوكِ أنْ تعْتذِري قبلَ وصولي
وتردّينَ إلى وجهي دَمَ الصِّدْقِ وأشْكالَ قَبُولي
وأنا أرجوكِ أنْ تعْتَرِفي(53/259)
وتقولي إنّني مُخْطِئة ٌحَدَّ الخَسارَهْ
مرَّ ة ً واحدَة ً لا تظلِميني
وامْنَعِي أوْلادَكمْ أنْ يَرجموني بالحجارَهْ
مرَّ ة ً واحدَة ً لا تظلميني
وامْنَحيني الحُبََّ في يوم ٍ ولوْ بالإسْتِعارَهْ
ودَعِينا نرْسُمْ التطبيعَ رسْمًا
تارة ً منْ بعدِ تارَهْ
تارة ً نحنُ نُسَمِّيهِ تِجارَهْ
تارة ً سَمّوهُ أنتمْ مثلما شِئتُمْ ... شَطارَهْ
فإذا ما صَدّقَ الناسُ أكاذيبَ هوانا
و رَأوْا أنّي على هيكلِكُمْ أجْمَلُ جَارهْ
فافتحُوا لي حيثُما شئتم سفاره
عندَها لا شئَ عيْبٌ أو حَرامٌ
كلُّ إنسانٍ هنا حُرٌّ بأنْ يرمي قرارَهْ
حقُّنا أنْ نلتقي دونَ وشاةٍ
والذي يَحْسدُنا غِرّ ٌ إلى حَدِّ الحقارَهْ
حقُّنا في الحبِّ هذا .....
ولقد ذُقْنا من الحُبِّ تفاصيلَ المرارَهْ
نحنُ خطّطنا ودقّقنا طويلا ً
فدَعِي الفلاحَ كي يَجْني على مهْلٍ ثمارَهْ
سوفَ لنْ نترُ كَ للحُبِّ وشاة ً
يتمنَّوْنَ لنا الموتَ إلى حَدِّ الأشارَهْ
فبلبنانَ لنا واشٍ قويّ ٌ
سوفَ لن نرفعَ للموتِ حصارَه
وبإيرانَ لنا واش ٍ غريبٌ
فإذا نرمي لهُ السِنّارَ ينجو بمهارَهْ
ودمشقٌ كلُّها عندي وشاة ٌ
وأنا أحسدُهُمْ جدا ّ ًعلى حُسْنِ الإدارَهْ
حقُّنا أنْ نملأ َالدنيا صُرَاخاً
فعروسي حَرَّمَتْ كلََّ مَعانيها على أهْلِ الدَّعارَهْ
وعروسي لم يَنمْ غيري على أفيائِها
وأنا عندي طموحٌ بعدما أ ُنْهي مراسيمَ زواجي
فانظرِي كيفَ تشائينَ إلى أهلِكِ مِنْ أيِّ مَنارَهْ
سوفَ أ قْتاتُ عليْهِمْ بجنوني
حارة ً منْ بعدِ حارَهْ
نحنُ قومٌ أصلُنا أولادُ كلبٍ
نحنُ لا نعرفُ ما معنى الرسالاتِ
ولا معنى الحضارَهْ
نحنُ أولادُ خنازيرٍ وأولادُ دعارَهْ
نحنُ مِنْ أجْلِ أمانينا تحَوَّ لْنا قرودًا
وتجَنَّيْنا على موسى وأحْرَقْنا ديارَهْ
نحنُ لا نخجلُ من شئ ٍ وإنْ كانَ حقيرًا
أصلُنَا أولادُ شيْطان ٍ وأولادُ حقارَهْ
نحنُ لم نقرأ ْ مِن التأريخ ِ سطرا ً
نحنُ مَنْ نبْغضُكُمْ سِرّا ً وجَهْرا ً(53/260)
فضَعُوا ما بيننا حَدّا ً ولو حتى سِتارَهْ
إقبَلُونا بينكُمْ لصّا ً غريبًا
إقبلونا بينكم أمرًا عَجيباً
نحنُ لنْ نطْمَعَ منكمْ بزيارَهْ
همُّنا خيْرَاتُكُمْ .......
ما أكثرَ الخيراتِ في هذي المغاره !!
هَمُّنا أحْلامُكُمْ ......
قد تَفَنّنْتُم بها حَدَّ المَهارَهْ
وصَباياكُمْ بما تحْمِلُ منْ سِحْرٍ ومِنْ نورٍ
ومِنْ عطْرٍ نَدِيّ ٍ ونضَارَهْ
همُُّنا أنْ نشرَبَ النفط َ ولنْ نُبْقي لكم حتى بُخارَهْ
همُّنا أنْ تقبَلونا ...... بقذاراتِ صَبايانا
بأشكال ِ بَنِينا العَفِنَهْ
بلَحَايانا التي ظلَّتْ على مَرِّ الليالي نتِنهْ
همُّنا أنْ تفهَمُوا أنَّ حياتي دونها مثلُ فراغ ٍ
أتحَدّاكمْ إذا كانتْ حياتي مُمْكِنهْ
أتحَدّاكم بأنْ يُسْحَقَ رأسي
إنّكمْ لنْ تعرفوا سَحْقَ الرؤوس ِ العَفِنهْ
وأنا مازلتُ في أعقابِكمْ
أتحدّاكم جميعاً .....
أتحدّى الأزمِنهْ
أتحدّاكمْ بما تعْنِي الحضاراتُ لدَيْكُمْ
وبما تعْنِي جميعُ الأمْكِنه
أتحَدّاكم أنا منذ ُ سنينْ
أتحدّاكم بكلِّ الأزمِنهْ
ومن الآنِ إلى ألفِ سَنه
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> آيات الأخرس
آيات الأخرس
رقم القصيدة : 69413
-----------------------------------
مَنْ تُسْمِعينَ ؟ جميعُهم أمواتُ
أيُصيخ سَمْعًا للجهادِ رُفاتُ ؟
مَنْ تُسْمِعينَ ؟ وهل تُعيدُ لجِيفةٍ
نَبْضًا وَكِبْرَ كرامةٍ أصواتُ ؟
أمْ أنتِ صَدّقْتِ الخطابات التي
فَقَدَتْ معانيها بها الكلماتُ ؟
عَرَبٌ إذا نَطَقوا .. وإن فَعلوا فما
لهمو سوى خُبْثِ اليهودِ سِماتُ
بَعْضٌ" تَوارَثَ عن أبيهِ خيانة ً
أنِفَتْ عفونة َ قَيْحِها السوءاتُ
ولبعضهم طَبْعُ الخِرافِ : إذا رأتْ
عَلفًا تَميلُ بها لهُ الخطَواتُ
باع العقيدة َ والعروبة َ وارتضى
دينًا رسولُ حِجاهُ "دولاراتُ"
هم والخطيئة ُ تَوْأمٌ لضلالةٍ
أيجيءُ من رَحِم ِ الضلال ِ تُقاة ُ ؟
قد أوْغلوا في المخزياتِ فَخُضِّبَتْ
بدمائِنا ولظى الجحيم ِ حياة ُ!(53/261)
لا غَرْوَ لو أنَّ العروبة َ نَكّسَتْ
رأسًا- بهم- واسْتَشْرَتِ الظُلُماتُ
هم صانعو مأساتِنا فَبَقاؤهُمْ
ما طالَ لولا هذهِ المأساة ُ!
ما زال عصرُ الجاهليةِ ماثِلا ً
فالمال "عُزّى" والكراسي "لاة ُ"
نَذروا لأجلِهما الشعوبَ رخيصة ً
لهما يُقام الذِكْرُ والصَلَوات ُ
ما بينَهم والقانتينَ قَطيعة ٌ
وَثَنِيَّّّّّّّّّّّّة ُ .. والمارقينَ صِلات ٌ
آيات ُ دَعْكِ من استثارةِ قادةٍ ..
أصلُ البلاءِ القادَة ُ "السادات ُ" !
واسْتصرِخي أحفادَ "عروة َ" إنهم
لشهامةٍ ومروءةٍ آياتُ
آيات ُ ما عاد الكُماة ُ دريئة ً
للقانتاتِ إذا اسْتَبَدَّ غُزاة ُ
باتوا يُنيبون الصغارَ إذا دجى
خَطْبُ وأسْرَفَ في الدماءِ عُتاة ُ
أبطالُ- لكنْ في الخطابةِ ... جَيْشُهُم
قَلمٌ وسودُ صحائفٍ وَدَواة ُ
هم في الوعودِ أئِمَّة ٌ ... لكنَّهم
إنْ حانَ وقتُ العزم ِ "حاخاماتُ" !
خُصِِيَتْ كرامَتُهُم فلم يُعْرَفْ لهمْ
ثأرٌ إذا ما دِيْسَتِ الحُرُماتُ
فهمو إذا تُغزى البلادُ أرانبٌ
وإذا تَحَرَّكتِ الشعوبُ طغاة ُ
آياتُ واسْتَوَتِ الفضيلة ُ والخَنا
باسم السلام .. ويَقْظَة ٌ وسُبات ٌ
لِمَن الجيوشُ تناسَلَتْ أعدادُها
حتى لقد ضاقَتْ بها الثَكَناتُ ؟
يقتاتُ من خبزِ الجياع ِ حديدُها
ومن الأباةِ رصاصُها يقتاتُ
أفدي لِنَعْلَيْكِ الجيوشَ يُخيفُها
زَحْفٌ وَتُوهِنُ عَزْمَها الشَّهَواتُ
خُلِقوا لنار الدُنْيَيَن ... وَفَتَّحَتْ
أبوابَها- لمثيلِكِ- الجنّاتُ
"لا يسلمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى"
حتى يُطاحَ القادة ُ الشُّبُهاتُ
شعراء مصر والسودان >> عبد الناصر أحمد الجوهري >> عمَّا تبحثين ؟!
عمَّا تبحثين ؟!
رقم القصيدة : 69414
-----------------------------------
أنتِ يا حسناءُ
تقسين على زهر البنفسجْ
تمطرين العمرَ والأشواقَ
والأوتارَ .. والهودجْ
دائماً كان فؤادى
من وراء الحقل
يهفو للعناقْ
طال شوقى
فلعينيكِ .. مروجٌ
وبحارٌ
وبراقْ(53/262)
حلمُكِ المغروسُ .. كم بالوجد
يغفو
هل أفاقْ ؟!
طال شوقى
فدنانُ العشقِ خجلى
ورضابُ السهد .. رشفٌ
لا يُطاقْ
من شروق الشمس .. أرنو .. كلَّ يومٍٍ
هينماتٍ للمُحاقْ
جفَّ ريقى
ربَّما صار الغيابُ الغضُّ
أحلاماً
تُراقْ
علَّ ذاك الوجد ..
منثورٌ على أرصفةِ الغربةِ
يوماً
هدَّه نبضُ الحنينْ
زورقى قد خافه الملاَّحُ
والملاَّحُ ..
لم يبحرْ بمجدافٍ حزينْ
أنتِ يا .. حسناءُ
عمَّا تبحثينْ ؟!
عن هُيامٍٍ
عن مواتٍ
عن رحالٍ
عن تخومٍٍ للأنينْ
أم تُراك الآن ..
غرقى فى الحكايا تنبشينْ
غرَّك الماضى الدفينْ
بلغىِّ الطير .. اشتياقى
طيفكِ المشبوب يلهو
يا مُهجة القلب الجريحْ
أنت خلَّفتِ الغرامَ البضَّ حيَّا
بلِّغى قد رفَّ عصفورٌ ذبيحْ
أنتِ .. يا حسناءُ
شعرٌ
أم شغافٌ ،
أم ضريحْ ؟!ّ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> مقاطع من رصيف الشتات
مقاطع من رصيف الشتات
رقم القصيدة : 69415
-----------------------------------
على غير وعد أتاني ..
ليقرأ آياته قبل أن يقرأ البسملة ..!
وحدثني باسم آبائه الأولين..
عن الصبر والعزم والحوقلة..
عن القابضين على الجمر ..
في زمن الصفقة الخاسرة ..
ورغم التراب الذي بيننا ..
حدثت أدمعي أدمعه..!
***
مقطع آخر من رصيف الشتات..
أبي لم يكن مفتيا..
ولم يدرس الفلسفة..
وكان ..
إذا عربد الحزن في شفتيه ابتسَمْ ..!
: ..ابتسِمْ..!
: ..ابتسِمْ..!
هكذا قالها قبل أن يرتحل..!
تعلمتُ من حينها أنّ ( لا ) ..
تموت إذا حاصرتها ( نعم )..!
قال لي مرة والأسى يشعل الفكر في فكرته..:
( إذا جاءك الموت يسعى ..
وفي كفه التذكرة ..
فلا تتردد كما فعل الأولون ..
وسافر مع الدمعة العابرة ..! )
***
.. وقد كان وجه الصباح كئيباً
كدمع الذين قضوا ليلهم جائعين
وكنت هنا ..
لا لم أكن..
وكان الذي هاهنا جثة من حنين..!
جثة هامدة..!
وحين تجيء القوافل تحمل أرزاقنا والدموع..
تذكرت جدي ينادي القبيلة..!(53/263)
ينادي الذين بعكس اتجاه الرياح أفاقوا..
فلم يجدوا غير رجْع النداءِ.. وبعض الدموع..
فعادوا .. مع الريح أدراجهم.!!
وعادوا بخفي حُنين..!
وجدي ينادي القبيلة..!
***
تعالوا اشربوا ما تبقى من الكأس
كأس الفناء..!
فقريتنا مزقتها يد الغادرين..
تنام على صفعة الليل .. أما الصباح..
فيسجنها في خيوط الظلام..
وتهتز في رحم الظلم أشلاؤها ..
وتربو على ضفة الجرح فيها الجراح
***
أنا ههنا .. ههنا..
ارحلوا..
فجيش التتار يحاصر قلبي ..
وأسواره لم تزل صامدة..
ارحلوا..ارحلوا
قبل أن تسقط القلعة الباقية..
وقبل الرحيل اذكروني..
اذكروا ..
صرختي الباكية ..
اُذكروا... صرختي البا..كية..!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> حلّفْتُكِ بالله
حلّفْتُكِ بالله
رقم القصيدة : 69416
-----------------------------------
بعضُ الشعرِِ يحيّر كلّ الناسِ
يحرّر في خفقاتِ القلبِ النبضِ.
بعض الحبّ .. يدمّر وسوسة الخنّاس
يغيّر .. شكلَ الكونِ و وجهَ الأرضْ .
خذيني سيدتي للقبرِ ..
أزور تراباً محتملاً لسكوني
أبذره بالفستق والكلماتْ
...من حقّي أن أتأكد من ذرّات التربة ،
نسبة أملاح البوتاس بها
هشاشتها ، وخصوبتها قبل مراسيم الدفن
أضمنُ مستقبلَ أعضائي
بين أحبّائي .. الأمواتْ
لعلّ الأرصفة الغافية على الزهر تهدهدنا
سمّار الليل يعيدون نشيدَ النصر ِعلى أسماعِ الغافين
أصيخي للصوت الآتي من همس بنفسجةٍ
تتقن لسع النحلِ، و سبع لغات.
وعليها يطرب جذع نخيلٍ يبسّه القلق ..
تمشّط بنت الجيران جدائلها ....
تنسى غرّتها في المرآة ...
يراودها ، عن عينيها مرواد الكحل على نافذتي
تتأخر عن أول درسٍ ..
تتكسرّ في الصفّ شبابيك اللهفةِ
أستاذ التاريخ .. المبحوح ..يصيح
: انتهت الحصّة ، ...
والمعركة ابتدأت ...
في الدرس القادم سوف نوضّح معنى عولمة الطلقات
قسماً بذبالة قنديلٍ تتراقص في لحظيك
وما تخفي من حزنٍ .. وجراحٍ فيك النظراتْ(53/264)
قسماً ..بالباقي من أيامي وجديلتك السوداء وأسنان المشط
باني لا أحتاجك ..
إلاّ كما يحتاج العصفور جناحية ..وعشاً ،.. وسُباتْ
" باللهِ عليكِ " تعالَيْ نفترشُ الطرقاتْ .
وانسي ْ أستاذَ التاريخِ المخدوعِ بأوهامِ الماضي ..
وكذبة كتّاب السلطان .. الآنَ
دعي أغصانَ القلبِ ترفرِفُ ...طرَباً
لتزقزقَ كلُّ عصافيرِ العمرِ على قبرِ السنواتْ
" حلّفتُك باللّهِ "
إذا متّ فقيراً أن رشّي على قبري النعناع الأخضر
لا تبكي .. ..
... يرحمني الله
كم كنتُ أحبُّ النعناعَ ...وعينيك
وشعر المتنبي ..وديك الجن
وفرق التوقيت .. وهاتفك الليلي
وبعض المعزوفاتْ .
وإذا بالصدفةِ ، قرب القبر ...مررتِ
اهديني بيتين من الشعر ...
وعن روحي بعض الآياتْ
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> خذني إلى بيروت
خذني إلى بيروت
رقم القصيدة : 69417
-----------------------------------
قلبي على لبنان
وطن الأحبةِ ، والمحبّةِ ..والشجرْ
تنمو على الطرقات أغصان القلوبْ
قلبي على قمر البنفسج
والنوارس ، حين تحترق الدروبْ
قلبي على بحرٍ تدثّرَ بالسؤال
وقد توضأ بالقنابل في وجع الغروبْ
لو تاب عشّاق الجمال عن الهوى
فعن التراب الحرِّ في صورِ الحبيبة
لن أتوبْ !!
كلّ الجهات إلى السماء مداخلٌ
لكن روحَ الله أقرب
لو صعدتَ إلى السماء من الجنوبْ
" مروحين "
تعيد قانا في رؤانا من جديد
"مروحين" ...
منذا يعود إلى ترابك من بنيك ..
ومن .. يُعيد ؟
كلّنا كنا هناك
كلنا شركاء في دمك البريء
قد جئنا لنذبح ما تبقّى من كرامتنا
وما قد ظلّ بُعيد قانا
فيك من نبض الوريدْ
"مروحين "
طهرّي قدميك من عرب يطأطؤون ليعلنوا
أن القرار مصادرٌ لرؤى العبيد
للهِ درُّكِ يا *"ميادة"
كم تصبرين ..تكابرين .. ، وتصرخين
وكلهم سمعوك لكن ..
لم يصل قرآنهم ... كي يقرأوا ..
أن الجهاد .. أبو العبادة
هذي الدماء فضيحة الجبناء
كانوا يأملون بصيفِ خمرٍ
كيْ يمرّ مخدّرين ..على وسادة
عرب تسميهم .. ميادة؟(53/265)
وكأن أبيضهم يراوده حذاؤك عن جبينه
كي يخفي سواده
لم يدركوا أن الحياة رسالةً
ورسالة الخلد .. الشهادة
والخالدان الأرض ...والشهداء
موت من صمدوا .. ولادة
لله درّك يا ميادة
*****
قلبي على بيروت
شطآن الذهب
خذني لصدرك يا حبيبي
كي أردّ النار عن هذي العمامة
أرتقي لنقاء روحك ..
للعصافير التي كبرت على وهج الزغب
خذني لأحمي مقلتيك من النعاس
إذا تسلّل من مسامات التعب ..
واغزل عباءتك النقية من خيوط الأرز
أو ورق " العريش " إذا تدلّى بالعنب
وارفع يديك ـ إذا فرغت من الصلاة على النبيّ وآله -
طهرّ يديك ... من زمن العروبة والعرب .
************************
ميادة : الفتاة اللبنانية التي فقدت 23 من عائلتها وأقاربها في مجزرة مروحين
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> بنتُ البحر
بنتُ البحر
رقم القصيدة : 69418
-----------------------------------
يا (بنت البحر) علي خارطة الملح
وأطلسنا.. المحروق
يا (بنت الأمواج) وهذا الصبح المسروق
كم يلزم من سنوات العمر
لنبلغ طهر الماء؟
كم يلزمنا من شعر
كي نغسل زيف الأسماء؟
او نتوضأ بالكلمات الحبلي بربيع الجنةِ
بين رموش الشهداء!!
يا (بنت البحر) سأبوحُ.. ولكني
أخشى إن بحت.. علي وطني
من الثوار المنتفعين بجوع الفقراء
آآآآآه يا (بنت الملح)
دعيني أبلل هذه الصفحة.. بالدمع
فليس لقهري من حل جذري...
غير الموت علي شرفات البوح
فهذي الشرفات
فيها ضحكت.. وفيها بكيت
وفيها كتبت الشعر
وفيها سوف أموت غدا
كي يذكرني البحر.. وتذكرني ابنته
والشرفاء!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> مُجَرّدَ حُلمْ
مُجَرّدَ حُلمْ
رقم القصيدة : 69419
-----------------------------------
هي ليست امرأةً
ولم تكن حوريةً
لكنّها قمرٌ تدلى من سماءٍ
لا تفكّرُ أن تنامْ
هي زهرةٌ بريّةٌ
عذراء .. وافية
قد نبتت على أغصان قلبي
ْفي تفاصيلِ .. العظام
تغفو على شطآن روحي
أصطلي .. وجداً
بفتنة ِ مقلتيها ..(53/266)
يا ناراً .. بثغر حبيبتي
كوني على شفتَيَّ ورداً
ْكوني برداً وسلام
لا تسألوا عنها كثيراً
فالندى من جيدها برقٌ
ْيدغدغني .. فيرتدّ الفراغ مع الكلام
هي كل ما في الكرمِ من عِنبٍ
وما في القلبِ من تعبٍ
وما في الأرض من عبقِ الأنوثةِ
ْوالتوازن ، حين يختّلُ النظام
لا تسألوني ..
فالتأسّي نعمة ليست تليق
لغير عاشقْ ،
والشهادة في الهوى فرضٌ
إذا رُسمت على الخدّينِ أعوادُ المشانقْ
والعمر بهجته اختلاس هنيهة للدمعِ
في الزمن المنافقْ .
أجمل القبلات ..تأتي خلسةً ، وسط الزحامْ
أو .. تحتَ جسرٍ للعبور
أو نفقٍ تسربل بالظلام
أروع الرعشات .. تلك الشهقة الأولى
نترجمها .. على طرف الركام
والورد .. أجملهُ عبيراً
ما تكاثر صدفةً بين الخيام
من ذا يلوم صريع حبٍ
لم يذق طعم الشفاه ، الشهد ؟
ولم ينم من ألف عامْ ؟
خذني إلى لغتي
لأعرف كم تكسّر في شراييني دمٌ
على رفّ القصيدة
كم .. بكيتُ محرضاً ، ريشَ القطا
وورثتُ روح الشعر من زغب الحمام
ملء الفيافي صرختي
أوتسمعيني ...
كلّما ناديت أن ردّي إلى قلبي الندى
ولحناً كانت الخفقات تعزفه مع الإشراقة الأولى
لفجرٍ ..كل ما فيه من المعنى .. غرام
ردّي الطفولة ..مثلما آنستِ روحي
واعذري نزّق الحنين بأضلعي
وتناثري جسداً يضجُّ أنوثةً
وتطايري كـ فراشةٍ ،
يرّقصُّها على الضَّوءِ المدى
ودعي يديك على شغاف القلب
تمرّدي ..عشقاً ..
فصدركِ جنتي ..
وعيناك المطرزتين بالحوَرِ الإلهيّ المكحلّ ,بهجتي
يا طفلتي .. يا فتنتي ..
والمستحيل من ارتباكِ الحلم في خدّيكِ زقزقة الضلوع
والعصافير التي سكنت ثنايا رعشتي
كلّها رغم المرارة ، قسوة الأيام
تبقى على جنح الليالي كالندى
رجعُ الصدىْ.. في أضلعي أحلام
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> ما قالَ الوَلدُ ..لأُمه .
ما قالَ الوَلدُ ..لأُمه .
رقم القصيدة : 69420
-----------------------------------
أنا المعجون من حنّاء هذي الأرض
من ملحِ الترابِ الحرّ(53/267)
أمّي أيقظَتْني ...
مرّةً في الفجرْ
يا أيُّها الولدُ " الشَقيّ "
حلمكَ بانتظارِك ..
قُمْ بُني..؟!!
إنّي رأيتُكَ في المنامِ حمامةً بيضاءَ
تزهو ..
في فضاء السّيد الأقصى
فتحت جناحيها مرفرفةً ..
فاهتزّ شباكٌ على مسرى النبيّ
قُمْ بُني ..
قم تأخرتَ، الحقيبةُ بانتظارِك
دفترُ الإملاء
درسُ التينِ والزيتونْ
آلافُ العيونْ ..
وصدى النشيد المدرسيّ
*********
أنا المعجون من حنّاء هذي الأرض
من جمر التراب الحرّ
لو كنتُ فولاذاً ..
وضلعي من نُحاس
كنت ذوَّبَني الرصاص
أنا القصاص
أنا الخلاص ..!!
صوتي ..، صورتي
ندى الطلقات ..
انا المذبوح جهراً معلناً نزفي
أنا المسفوحُ دمي ..
على كلّ الفضائيات ،
أنا المعجون من حناء هذي الأرض
من تِبرِ التراب الحرّ
أنا .... الوجعُ ،،،، الفلسطينيّ .!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> مايا
مايا
رقم القصيدة : 69421
-----------------------------------
ليسَ شعراً
إنّما فاضتْ بيَ الأشواقُ يا مايا
فصحتُ ملءَ الصدرِِ
آآآآآآآه
ليسَ قهراً
إنّني أبكي حبيباً
كلّما غصّتْ بيَ الأشواق
فاضَتْ مُقلتاهْ
كنتُ اتعبَني الرحيلُ في الدَّرْبِ الطويلِ
إلى حبيبٍ
قد أموتُ ، ولا أراهْ
ليس موتاً .. ليس موتاً
بينما أغفو على وجعي قليلاً
غُرفةُ الإنعاش
لحظةُ التخدير
قلبيَ المفتوحُ
ذبذباتُ النبضِ تخفِقُ
مهرجانُ الإرتباك
صمتٌ يملأ الأركانَ
تهدأ .. ثم تبدأ
ثم لا بَدءٌ ولا هُدوءٌ
ثم يبلغُ .. نبضُ قلبي منتهاهْ
أقسمَ الجرّاحُ ،
وارتعشتْ يداهْ ..
أنَّ النبضَ مرئياً .. ومسموعاً
أتاهْ ...!!
كان موسيقى .. ومايا
ثُمَّ ... آآآآآآآآآآآآه
ثُمَّ موسيقى .. وآآآآه
ثُمَّ مايا .. ثُمَّ مايا
ثُمَّ ...،
آآآآآآآآآآآآآآه .
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> لا عطرَ إلاّ أنتِ
لا عطرَ إلاّ أنتِ
رقم القصيدة : 69422
-----------------------------------
مايا ، المسافة بيننا
بحرٌ ، ويابسةٌ
وشوقٌ ، واحتراقْ .(53/268)
والمدى الفضيّ في عينيكِ متسّعٌ
وحزني ، لا يُطاق .
هل كان من حقِّ الندى على خدّيكِ
يأسرني ..؟
هل .. ينبغي قتلي حنيناً
حين لم أمت اختناق ؟
يا أيْتُها السمراءُ
يا جنيّتيْ
أسرَتْ بيَ الأشواقُ مرتهَناً إليكِ
كما حمَلَ النبيَّ ،
للمسرى ، براقْ .
مايا ذكرتُكِ ...
كيف لم تتذكّري ؟؟
حُزني ،
وحُرقةَ أدمعي ..
وتفَجُّري ؟
منذ التقينا ..
منذ ان أرَّختِني
ميلادَ حبٍّ ، وانزرعتِ كما الربيع بأسطري
أحييتِني في مقلتيكِ
أكنتُ قبلكِ ميّتاً ..!!؟
بللتِ اغصاني ، استكانَ توتّري ..!!
لولا ...
ما نفعُ لولا ؟
لولا سأحيا وحشتي ، وتردّدي
والسرّ في عينيكِ ، والخدّ الطري
إنّي لأحسدُ ذرَّات الثرى ..
إن دُستِها ،
وأبوسُ خدَّ الأرض
حين تُطهّريْ
مايا ، ذكرتُكِ ، كيف لم تتذكّري ؟؟
نصفي هوىً ...
والنصفُ يحيا بالهوى ، فتصوّريْ
إني اغار من البحارِ إن اغتسلتِ
ومن العُطورْ ..
من عبقِ الزهورْ .!!
كونٌ من الأزهارِ أنتِ يا مايا
فلا ... تتعطَّريْ ... ؟!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> صوت القبّرة
صوت القبّرة
رقم القصيدة : 69423
-----------------------------------
____
سرقوا ريش القبّرة ،
وساقيها ،
شلّوا فقرات الطيران ، جناحيها
فرحتها ،
لهفتها ،
دهشة صبح يشرق من عينيها
واجتمعوا يقتسمون فريستهم ،
لم ينتبهوا .. إذ خطفوا حنجرة القبّرة
و لكن ... ظلّ الصوت لديها ..!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> سامرّاء
سامرّاء
رقم القصيدة : 69424
-----------------------------------
ذات القبّعة الأسطورية
والعينين اللؤلتين
وهذا الجسد النازف بالعبقِ
ْ وبالأسرار
: سألتُكِ
كيفَ اكتظّ بطعمِ المُشمشِ
والنعناعِ البريّ ،
ورائحة البنّ الطازج
والنوّار ؟؟
*******
منذ اخترعَ اللهُ الدرَّ وعينيكِ
وصبّ التمر بنخلِ النهرين
انفلق الصبرُ ، وغار الصبّار
يا " نابُلْسَ " الوجع المزمن فينا
"منذ اغتصبت " سامرّاء
يا أرغفة الحزن الساخن(53/269)
والمتبقّي من نصف التفاحة
كي تُحتمل الجنّة
يا
!!.. وجع الجرح بغيرِ دماء
كيف ستشرق شمس السبت بلا عينيكِ
وكيف ينام البحر وحيداً
،، يصحو
كي لا يجد الشطآن
على كتفيه
!!.. ولا يجد بكفّيهِ الماءْ
*******
آهٍ يا قبّعة الزمن المقلوب
، كتبتك صمتاً
ورسمتك ..... موتاً
وحمدتُ اللهَ على عينيك القاتلتين
أيُحمد غير الله على القتل بقصدٍ
في السرّاء وفي الضرّاءْ ؟؟
******
عبثٌ هذا العزفُ المنفرد على شفتيك
، وكأس السمّ المنسكب بحنجرة الأيام
، الخوف تسّرب بين سراويل الجند
الدبّابات .....
تعبنا يا سرّ الجمر ،
!!.. هربنا منّا ... للرمضاءْ
هل أزعجك النحلُ مساءً
اذ راود خديك عن الشهد
بدعوى العسل الأسود ؟
حين تذرّع بالنكهةِ قال:
هنا عبق الشهد ، برائحة الحنّاء
هل يختصر العمر لـ عشرين دقيقة ؟
أم يختزل على شفتيك النرجس
ما في الكون من السمسم ، والرقة في حواء ؟
سأبوح بسرِّ لا يعرفه سوانا ، ونجيب
: حين احترقت في الثامنة مساء الجمعة أشرعتي
وانكسر الضلع الأيسر مأخوذا بالدهشةِ
وهوى قلبي حتى خاصرة الوجع المزمن
كان النهر يعدّ الفلك لموسى
فاحتضنته اللهفة في أغصان اللوز
على مرأىً من فرعون وجنده
ضاعوا في حنّة سيناء
هل سيضيع كلانا أيضاً
في سيناء ْ ؟؟
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> عراق ...
عراق ...
رقم القصيدة : 69425
-----------------------------------
هو البحرُ ..
فاصلة اليباس العنيد
ونقطة بدء الخليقة
سحرُ السماء .. ولونُ النشيدْ
هو البحرُ
آخر ما قد نسينا من الصلوات
وغصّة نايٍ بلحنٍ حزينٍ ..
حين يموت الرعاةْ
هو البحرُ
شرياننا الأبدي
شاطئه الوريد ْ
هو السرمديّ ...
القصيّ .. العصيّ
المطيع ُ .. البليد ْ
أمواجه الذكريات
زاخرٌ بالعباب
حلوٌ .. ومرٌ .. إذا ما أراد
وملحٌ .. وجرحٌ ... إذا لا يريد ْ
هو البحرُ
بيت الأحبّةِ دفئاً
وبيت الحنين .. وبيت القصيد ْ
ألا أيّها العائدون من البحر
كيف تركتم حبيبي البعيد ؟(53/270)
وكيف الصلاة على الأنبياء تجزي
وعشتار تبكي ببغداد ... قبر الرشيد ْ ؟
ألا من رأى وطناً ....كالعراق
وحيد ْ ؟
حرّره الأعداء من التاريخ
ليسرقه الأدعياء .. والأصدقاء
وأبناؤه الأوفياء
كما يسرق الخطباء في المهرجان
عرسَ الشهيد !!
ألا من رأى وطناً كالعراق ..
تحوّل ذكرى .. بلا ذكريات
دموع الثكالى ..
جنائز تمضي بلا صلوات ،
فقيدٌ يكابر حين يمدّ يديه ليسند
ضلع فقيد ..!!
ألا من رأى بابلاً ؟
تفتح ابواب جنائنها
وتعلّق رغبة نهديها
في البيت الأبيض !!؟
وُسمت باللون الأحمرِ
فوق بياض الردفين
" صنعت في أمريكا "
فتحت في عهد السيد
ذو العينين الناعستين .
ختمٌ آخر في أعلى الكتب الأيسر
بالحرف الكوفيّ الأخضر
" نصادق نحن ، المجتمعين هنا
.. أنَّ المدعوة بابل ..
تعمل راقصةً متطوعة
في ملهى البنتاغون "
واستدراكاً للحرية ..
نظراً لضرورات الأمن النوّوية
وفقاً للمرسوم السافل
من قانون العهر الدوليّ
تؤجّر بابل مبعوثة ترفيه عصريّ
لحكومة " شارون " .
تنويه :
لم تكمل هذه النَّمرة تلك السهرة نُمْرَتها ..
بابل متعبة سقطت تهذي
.. بجنائن فضيّة
تنثر اطراف ضفائرها ..
تُسند ساقيها لعصى موسى ،
أفعى تسعى
ولها فيها مآرب أخرى .
ترتعد فرائصه ...إذ يهتزّ به الكرسيّ
فسرّ لي :
ما جلجامش ؟
ماذا تعني سومر ؟
من ذاك يكون المتنبّي ؟
تسقطُ .. تنهضُ .. تضحكُ .. تبكي
سوف يعود نبوخذ نصّر ...!!
هل اسمه مكتوب رمزاً
بملفات : الـ " C I A "
إرهابيٌّ هذا نبوخذ نصّر ؟
فانسحبوا يا أولاد الصدفةِ
ثمة في الأمر قضايا أخطر
فليس تموت العنقاء ..
وليس يموت البحر ..
وليس يموت عراقٌ ، فيه المتنبّي ...
ونبوخذنصّرْ ..!! .
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> حَنِينُ وَطَنْ
حَنِينُ وَطَنْ
رقم القصيدة : 69426
-----------------------------------
دعني أطلّ على البلادِ من الأعاليْ
كي أرى زيتونها شهباً
وصغارها عنباً
ومن السفوحِ ..
بين أصابع الصفصافِ ،(53/271)
قد أجدُ الإجابةَ عن سؤالي
بحرُ حيفا .. ينتظرني ؟
كان يزورني في الحلمِ ..
يترك موجةً على طرف السرير
ويمسح دمعتي .. " ويبوسني"
فيرتبك احتمالُكَ واحتمالي
خمسُ دقائقٍ .. أحتاج
كي أبكي على أمّي
وخمس دقائقٍ اخرى
لأسلّم الشهداء حصّتهم من القبلاتِ
وأنت تدري ..!!
أن جنين تعرف عاشقيها .. كلّهم
" وتعد شاي مسائها لنسائها " بالميرمية
"تحت شبّاكٍ تظّللهُ عناقيد" الدوالي
عد يا صديقي طيباً..
مثلما ولدتك امّك تحت عريشة الخرّوب
وأقرأ ما تيسّرَ من عروش البرتقالِ
كن عاشقاً .. قمرّاً ينزّ شقاوة
واحمل جراحك بالصلاة على النبيّ
نكهة الدرّاق .. تشبه نكهة الشفتين
فاختصر المدينة
أيها المعجون من طينٍ عجيب الاحتمالِ
لك انت وحدَكَ ، ان تكون كما تشاء
لك ان تعود مدجّجاً بالزعتر البلديّ
لقلبِ امّك في المساء ..
ولك ..البنفسج .. والقرنفل ..وابتسامات النساء
وعليك ان ترث السماء .. من السماء
عليك ان تحيي جميع الأنبياء ..
وتعيدهم ..لنعدّهم
هل وصلت رسائلكم ؟
وصلت رسائلنا ... ولكن :
جنّة في الأرض .. هذي الأرض ، يافا
الآن ادركنا
!!...لماذا استُشهدَ الشهداءْ
: تنويه
دعني فعندي موعدين .. على العشاءْ
. حبيبتي ، والأنبياء
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> طاولة
طاولة
رقم القصيدة : 69427
-----------------------------------
غَطِّي عَيْنَيكِ بورق التوت
غطِّيني بين الأهدابِ الناعسةِ برمشِكِ
وانتبهي لسقوطي
فسأسقط حتماً
قاسية أرضٌ ليس يغطّيها السجّاد
وباردة، كخشب التابوت
التمسي عذراً للدمع
إذ يهمي ملحاً، مطراً
يغسل وجَعَ السنوات
يُطَهِّرُ ما ترَكَتهُ الطعنةُ في خاصرةِ الذّكرى
ويعيدُ بهاءَ العشْقِ الرّبانيّ
لعشتاروتْ ..!!
* * *
تخنقني جدران الكرة اللاأرضية
ومساماتُ اللغةِ البيضاءْ
وأغبطُ يونس
أرحب من هذي الكرة الجوفاء بخمسةِ أضعافٍ
"جوفُ الحوت"
صُبيني في رغبة فنجانك
مراً كالقهوة،.... رقة شفتيك(53/272)
وما في خديك من الألقِ المترسب كالصلواتِ الهائمةِ بروحِ الشعر
وطهرِ الملَكوتْ
غطّي عينيك بورقِ التوتْ
عيناك كبحرين من اللؤلؤ
ومن السحر على خدّيك اكتشفَ الإنسانُ الأولُ سر الياقوتْ
لو يعرف.. خوفو...
كم جرحاً فرعونياً أسستِ بصدري....!!؟
لو يعرف...
غَطّى برمالِ الصحراء الحارقةِ
بقايا حبشتسوتْ،
غطّي عينيكِ بورقِ التوتْ
وانتظريني/ يوم السبت القادم
قرب السكةِ، خلف البيت
تماماً، قرب السكة، خلف البيت
حيث يمرّ قطارُ السابعةِ صباحاً
يطلق صافرةً... متحشرجةً
يطلقني نحوك كي أحتضن لصدري هذا الجسد الراعف
سحقاً لخيانةِ هذا الزمنِ
سحقاً للحبّ
وأُلقي رأسي على كتفيك كطفلٍ
حملته الموجة في تموز الوجع المتمترسِ في فقراتي
من باريسَ، إلى بيروتْ
عودي في الثامنة تماماً...
غطي طاولةَ الليلِ بشرشفنا الكحليّ
غطّي كُلّ الأسرار، ولا تبكي
فالذكرى، والطاولةُ، وأنتِ، وقردُكِ
سوف تظلُّون جميعاً
وأنا سأموت،
غطِّي عينيكِ بورقِ التوتْ. ؟
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> عندَليبُ الوجَعْ ..!!
عندَليبُ الوجَعْ ..!!
رقم القصيدة : 69428
-----------------------------------
على حُلُمٍ
ويحرسُ دهشةَ الصبحِ النقيّ
شبّاكُ القمرْ
ومقلتاكِ كبحرَيْ زئبقٍ
تتلألآن إذ تتزينُ الكلماتُ في المرآة
ترتدي قمصانها المنزوعة الأكمام
تاتي رعشةً في الحلم ،
تحييني ،تفاصيل السَّحَرْ .
ْ
********
كلّما أطفاتُ في الهمساتِ ناراً
أشعلت قلبي مع اللحن
اهتزازاتُ الوترْ ..
ليلة الحنّاء ترجعني إلى الذكرى
فتطول اغنيتي...
وتطول هسهسةُ المطرْ .
*******
يغفو الحنينُ على يباس الروح
كي ترثَ السنينُ عويلنا
وصهيلَنا المذبوح ..!!
يا كبرياء قصيدتي ..
يا هامتي ..
لا تذعني للهاربين من الشجَن !!
لا تنحني للخائفين ، وللزمنْ !!؟
هو ما تبقّى من شموخ النسر
في قمم التلال ..
وهو الوضوح لو حَجَبَتْ متاهتُنا السؤال
وهو الغنيّ عن الغوايةِ ،
في كنز القناعةِ(53/273)
( كذبة كبرى ) هذي القناعةُ والرضى
فيما تبقّى من صراخ الشعر
في نعش المقال !!
*********
يا عندليبَ الصبحِ
لا تتأخري ، !!
كنتُ انتظرتُكِ حُرقَتين على الدرجِ المؤدي للقصيدةِ
لم تجيئي ..!!
لم تصلِ عيناكِ كي تواسيني ،
كنتُ .. لو تدرين وحدي ، والهشاشة ..
إذ رسمتك رعشةّ فوق الرمال ،
فاض البحر ، وارتشفَ الندى
ورجعت لو تدرين وحدي ،
ممعناً في الإحتمالْ..!!
********
وتسألين عن الورق..؟
ماذا يضير النورس الشعريّ فينا
إن تمزّق ، واحترقْ ؟
وحدها الحيطان ، والشطآن تبقى دفتر الشعراء
لا تثقي كثيراً بالرجال ، وبالأغاني ، والقططْ
ورسائل الجوّال مهزلةُ الفراغ العاطفيّ
و" الياهو " ... غلطْ ،
فترفقي بسديمك المائيّ ،
كوني دائماً في البدء ،
آخر البسطاء ،
لا ترضَيْ مؤامرة النَمَطْ ...!!
********
يا قامة المعنى ، ونكهة عنفواني ،
إنّي وقد حَرّضتُ إسفلت الرصيف
بما تركتُ على الرصيف من المعاني ،
أوَلَمْ أمارس في غيابي ، ما استطعت من افتتانك
في متاهة صولجاني ،
يا جلّنار قصيدتي ؟؟
هل حقاً أنا أسرفتُ في نزفي ؟
وقلتُ ما أخفيتُ عنّي ، زلةَ شاعرٍ
بريء القلب ، منطلق اللسانِ ؟
لم تخسري شيئاً ، فأنا الذي وحدي بدأتُ البوح في لغتي
وأنا الذي ، وحدي ، دعيني ..لا تعينيني ، أعاني .
********
من يستطيع الغوص في الطّين ،
الأنوثة ،
يدرك التفاصيل ، الخَزَفْ ؟
منذا يفسّرُ ما ترك الحبيب على الشفاه من الصَّدَفْ ؟
وما تخبىء دهشة الفعل المضارع
في مرايا الروح من سماواتٍ
نعلّقها .. تُحَفْ !!
********
إنّي وقد تلمّستُ الندى الفضيّ في خديكِ
ضيّعتُ الزنابقَ ، في خيالات القُبَلْ
واحترقتُ على حدود الأبجدية ،
حين ادركتُ ، ارتباك الصمت
أبلغ من ترانيم الغزل ،
وأجبت في وضَحِ السكون عن السؤال ، ولم أسَلْ !
ملكٌ على عرش القصيدة من ألِفَ احتواء الجنتين ،
- الشعرُ ،
- والسحرُ / الخرافة في المُقَلْ !!
********
يا عندليب الجرحِ(53/274)
أيتها السكينة / حين تنكفىء السلالمُ
يرتبك الصعود !!
ليت حمامة المنفي
على عكّازة المنفى تفكّر أن تعودْ
والعصافير التي سكنت على غصن الغريب
أغواها ، فلم تقبض سوى جمر الأسى
بما نسيَ المهاجرُ
من قطرِ الندى ،
على عشب الخلودْ
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> بعضُ الشوقِ يا عمّانْ ..!!
بعضُ الشوقِ يا عمّانْ ..!!
رقم القصيدة : 69429
-----------------------------------
اشتقتُ لـ عمّانَ شتاءً
لجرس الكاز ، ورائحة المطر ..
وهبة ريح تتهدّدُ قنديل الزيت
وتُرَقِّصُ خيط الضَوء الخافتْ
لصبايا ، يمزجن حبيبات المطر على الخدين
بدمعٍ صامتْ..!!
لرجالٍ يفترشون الأرصفة المبتلّة
تصرخ سيدةٌ :
قوموا .. انفعلوا ،
أيّ فراغٍ أنتم ، ؟
أيّة مهزلةٍ مرّت ... نسيتكم ؟
قولوا شيئاً ..، أو " فانفزروا ." !!
" لا يسمعُ ، حتى الله ...
لـ ساكت " .
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> تفاصيل صغيرة
تفاصيل صغيرة
رقم القصيدة : 69430
-----------------------------------
مرّت الأغنية
وانتهت ، جوقةُ المنشدينْ
والمغنّي استراح ..
في صدى الليل الحزينْ
هل عذّبتني يا حبّ
أم عذّبتَ بي محبوبتي ؟
هل اتعبتني ... يا قلب
أم اتعبتَها بالياسَمينْ ؟
هل كنت تعني ، حين تنبض باسمها
أنّ اسمها ، قطر الندى ، سرّ الحنين ؟
أم كنت لا تدري بلهفتها ، ورقتّها
أن الرؤى في مقلتيها
إرث ايام الحصادِ المستحيلةِ
عندما يرث الصغارُ .. الأرضَ والأزهارَ
كي نمضي بلا جدوى
لتذكرنا السنابلُ ، والسنينْ !!؟
..............
أرّقتني يا شوق
كم ارّقتني ..!
أرهقتني .... وحرقتني
وتركتني أبكي الهواء الطلقَ
في قفصي ،،
كعصفورٍ سجينْ
وسرقتني يا حبّ من معنى الفضاءِ الرحب
من ايقونتي ..، منّي
سرقتني من دمع عيني
لون الزيت من زيتون عمري
وسرقت حتى ........
طعم النغمة العذراء في غيتار فجري
حيّرتني ....
........ وسرقتني
وكسرتَ اشيائي الصغيرة
كم حيّرتني ..(53/275)
يا ايّها الحبّ اللعين ْ؟
وقهرتني بالنبض إذ وزّعتني
وخدعتني زمنين قبل اللحظة الحبلى بسحر فراشتي
حين مرّت
فتنة للناظرينْ
ضيّعتني ، وكسرتَ بوصلة الجهات
وفي الجهات كسرتني .. ولممتني
ثم نسيتني ، بيني وبيني
حين سألتني عنّي .. وانت اجبتني ، إذ لُمتني
وسألتني عن إسمها
فأجابك الدمع المخبأُ ..سمّها مايا
أو ... سمّها شيرينْ
.....................
يا عُمْرُ .... كم ضيّعتني في اللغز
تحت شبّاك الحبيب
إذ توجتني ملكاً على عرش السحاب
بلا مطرْ
ورسول جرحٍ بلْسَمَتهُ الأغنياتُ
في زمنٍ تناثر قمحُهُ ..
بين المعاني والصّورْ
كم ألهَيْتَني عنّي ،
وكم راودتني بين النجوم
وانا الذي ...........
يغفو على زندي " قمَرْ
...................
يا صبرُ .. كم ارضعتني وهماً
وكم حمّلتني همّاً
وزرعتني عشباً اصابعه نمَتْ
كاوتار الكمنجةٍ ، في عرس الغجر
كم أرجعتني طفلاً ،
يبكى الدُمى ، ليضُمّها
ثم يكسرها ، ليتّهمَ الضجرْ
يا ربّ .. انت خلقتني صبّاً
وخنقتني ، حباً
ثم دفنت ما عزفت رفاتي
من اناشيد العذارى
في فراتِ النهد
حين مزجتني بالحلمتين
كان طعم البنّ والنعناع لوزياً
وقطرات الحليب البكر ، شهداً
لزوجة العرق الذي ينصّبُ .. دفئاً
بوح شجيرة اللذات ..
اختلطنا شهوة للقهوة السمراءِ
في ضَوْءٍ تراقصَ تحت زخّات المطرْ
................
يا إلهي
عالمٌ غير الذي مرّت به
كل الحضارات التي مرّت بتاريخ البشَرْ
ولا نحتاجُ أكّدَ .. كي تؤكّدَ أن سومرَ
منتهى لغة الرسوم المستباحة
والمزامير التي دُقّتْ مساميراً بأنصابِ الشجرْ
عالمٌ ...
والنهرُ رقراقٌ يغنّي
والطيور تردّدُ الألحانَ سكرى
خمرُها .. قُبَلٌ
لمَساتُ اجنحةٍ ،
والعبير الوجدُ .. غمزاتُ الزَهَرْ
يا عمرُ ، كم ارضعتني وهماً
وكم حملّتني همّاً ، بهِ ضيّعتني
وأمرتني بالموت ، ثم نهيتني
ورسمت لي وجهَ الحبيبِ ، بخدّهِ أحييتني
وعزفتني لحناً جنوبيّاً ..
آآهِ .. لو لحناً على جنوب الروح(53/276)
يا زمان تركتني ؟!!
................
استرحنا ..
رحلةُ البحثِ انتهت
يا أيّها القلب المعذب بي ارحني واسترح
إنّي ..
رايت السرّ في حلُمي
ثم انبعثتُ كصحوة العنقاء ،
من رماد الذكريات
حين اقمتُ بسحرِ عينيها صلاة العصر
والحناء في الكفّين،
على الدروب المغلقةْ ،
لا أدّعي شرفاً ، يغلّف عِفّتي
فبها السعادةُ ، مطلقةْ
عهدي بها شرقيةً ، والشك يقتلها كما
قتَلَتني من قبل الثقةْ
............
يا صمت كم أتعبتني
يا صمتُ كم أطفأتَ بي لغةً
بها أشعلتني
وذكرتني بقصيدة من صرختين
وفي القوافي أيّها الصمت اللئيم
نسيتَني
ياأيّها الزمن الخرافيّ البهاء
لا تثنِني عن طفلتي ، محبوبتي
إني بها اقسمتُ يا زمني
بأني ، لست عنها المنثني
..............
هي ما تبقّى من هديل حمامةٍ
وقتَ الأصيل ،
وهي التي وشمَتْ على صدري
( أحبّكَ )
في الزمن البخيل
هي نعمتي ، هي نِقمتي
هي نار اشواقي ، ولعنةُ لعنتي
لهيبي ... لهفتي
هي ، جنتي .. جنيتي
هي نبض روحي ، مهجتي
هي كل ما يسري باوردتي ، دماً
هي قهوتي بعد البكاء المرّ
دمعتي في العرس
مؤنسي في وحدتي في القبر
كبريائي ....
في جنازات الرفاق الراحلين
وهي التي ...
إن قلت للقمر استظلّ بوجهها
يبكي بحزنهِ خلسةً
خلف السحابة يختبىءْ
وهي انبعاث الرغبة الأولى
بجنحِ فراشةٍ ، في حلمها لم تنكفىءْ
وهي التي ....
سكنت تفاصيل الندى
قلبي بها ، قنديل وجدٍ ، ممتلىءْ
وهي .. اختصار الأبجدية في قواميس اللغات
وهي الحياة بعد الموت
أو قبل اعوجاج الضلع ، ما قبل الحياة
فتنتي .. وتفتّتي
وهي التي .....
لو كانت الدنيا خيوطاً في يدي
نسجتها سجادةً ، كي تستريح من تعب النهار
يا صوفنا الصخريّ ، في عمق البحار
يا صوتنا المخنوق قهراً
بعد عرض المسرحية
حين ينسدل الستار
يا طرفة بن العبد
سلْ لي خولةً ...
إن كان ينقصها لتكمل رحلة البحث الطويلة عنك
سيفاً .. او حصانا جامحاً
أو فارساً
...............أو حارساً(53/277)
كي لا يراودها ، عن صوتهِ العذب الحمارْ
وسلْها طرفة بن العبد .
هل ابقت من الزوادة السمراء شيئاً
كسرةً ..
أو نظرة حوراءَ ، تكفينا
لنكمل دربنا صوب الجِرارْ ؟؟
..............
يا سيّدي يا حب
لم أحنِ يوماً قامتي
لسلطانٍ .. وزيرٍ .. أو ملكْ
لم أنحنِ .. للريحِ
أو للرمحِ .....او للبندقيةْ
لكنّي اراني الآن أبكي رقةَ المحبوب
بين يديه ....
أرضى الإنكسار ْ
وانا الذي ...
لو كنتُ أعرف عنترةْ
لقتلته خنقاً ..
وسرقتً عبلَتَهُ على مرآى من التفاح
في وضَحِ الغبارْ !!
وانا الذي ..
لوكان جرحي محبرةْ
لرسمتُ صدر حبيبتي
وضممتهُ ،
وبكيت مختصراً تفاصيل القصيدة
والحوارْ ،
وانا الذي ........
لو كان قلبي معصرةْ
لسكبت خديّها قدحاً من الخمر المقدّس
ثم رشفتُهُ ، وحلمت ...أني
طائرٌ...... فوق السحاب الرطب
خصرها .. افُقُ المدارْ .
إن كان هذا الحبّ لا يكفي !!
فلي في غربتي ، منفىً
يواسيني .. ويزرع في ضلوعي
كل ما ورثت بغاثَ الطيرِ
من قمحِ الدّيارْ
.................
هل كبرت اليوم يا ولدي ؟
لتنهاني عن الحبيب
ثم تلومني انّي ،
هربتُ من الخراب المتّصلْ
هل كنت بعض عذاب روحي
جِئتني ، قبل الوصول لجنتي
كي لا أصِلْ ؟؟
ياأيّها الولد الذي احببتهُ ملحاً ،
على جرحي ..
ليزجرني ، ويقول :
......... يا أبتِ احتمل
يا( باسلي ) يا قاتلي بعتابك المرّ
انتظرني يا بني فإنني
أسكنتك العينين والقلب الجريح
إن شئتَ في عينّيَ نمْ
أو شئتَ للقلب ، ارتحلْ
واقرأ صورتي في ( دفتر الأحياء) ، ميْتاً
وانتظرني ، تحت شبّاك الحبيبةِ
كلّما في الحب يا ولدي كبرنا
أو تعلمنا دروساً ...
نكتملْ .
...............
هل الحبّ متعةْ
أم الحبّ ..... لوعةْ ؟؟
سؤالٌ .. فمنذا يجيب لينهي عصوراً
من الإرتباك ؟؟
كاني بُعثتُ لأثبت اني
اختزلتُ الجوابَ ، بحرقة دمعةْ
واطفاتُ ناراً بواحات صدري
لأشعلَ ، شمعةْ
وانّي .. بعصر الهوى الفندقي
حين تُستبدل العاشقاتُ بلونِ الشراشف(53/278)
ويُوصى يهنّ كصحنِ حساءٍ
برنةِ ، هاتف
أحبّ بصمتٍ
وأبكي بصمتْ
وأشتاق للورد لوناً ، وعطراً
واحتاج خدّ الحبيب
ونزفَ العواطف . !!
..........
سلامٌ على العاشقين الذين
أحبوا..... وماتوا
زمان الهوى المخملّي
فقد علّمونا الغناء
ونادوا .. ومنهم عرفنا حروف النداء
فهم لم يموتوا تماماً ...
ولكن بعرف الزهور النديةِ
هم .. شهداءْ
سلامٌ على الأولين ، المجانين
من الشعراء
فهم اورثونا لذيذ الدموع
وهم علّمونا ...
أصولَ البكاءْ
فيا صرختي ...بين شريان روحي
وقلبي الجريحِ
تعالي لأملأَ فيكِ الفضاءَ
لكي تستريحي
فللأرضِ .. ارضٌ بنايات صدري
وللأغنيات صدىً في سفوحي
................
أحبّكِ .... صبحاً وعصراً
أحبّكِ .. جمعاً وقصراً
ولحناً حزيناً ....بأنات نايٍ
كطيرٍ ذبيحِ
تعالي ... نسيت القصيدة بين رموشك
وبين سطور القصيدة طفلٌ
تناديه كل نساء المدينة
- يوسُفُ
أيّها الليلكي بقهرك
سوف تمر بك السائحاتُ
يقهقهن ضحكاً ..
تمر بك الأغنياتُ
لتترك لحناً .. وتمضي ،
تمرّ الصبايا ..
يدخّنّ ..يثرثرنَ
يتركنَ بعض الشفاه على الفناجين ذكرى
تمرّ الليالي ...
لتكسر كل المرايا
هي التي سوف تبقى
وتحتّلّ فيك المسامات
وكل الزوايا ،
وتدرك انّكَ ضُيعت سهواً
تفتّشُ عن مقلتيها .. قطارات برلين
أو مطارات روما ...
وتسأل عنها شوارع َ، طشقند
لتعرفَ أنّكَ .. خلف الضباب بلندن
ترتل نُّسغَ الوصايا
وتُبصرُ بين السحاب
نصف إلهٍ ... ونصف هلالٍ
و .... نصف سراب
وتصرخ ......
آآآآآآآآآخ ...
يا
وجه مايا ..!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> غربة
غربة
رقم القصيدة : 69431
-----------------------------------
أمّي قالت لأخي الأصغرْ
: لا تتأخرْ ؟
خمسُ سنينٍ مرّت ...
خمسُ حروبٍ شطََرَتْ نصفَ المتبّقي
من أحلام النصف المحظوظ من السكّانْ
إلى نصفين
وأخي .. لم يطرق باب البيت
في كل مساءٍ
أرقب أمّي ......
تخلعُ عينيها .. وتعلقها في الشرفة(53/279)
تشعل هادئة .. قنديل الصمت ..
تهذي ...
أمريكا .. مرض العصر المزمن
غولٌ .. يتربص بشغاف القلب الاحباب
هرباً من حضن الأم الدافىء
!!...حدّ اللسعة ...... بل أكثر
ومن .. المغرم بالتأجيل
صاحب " ديوان الخدمة " *
يُروى
انّه اجّل ميعاد الطلق لزوجته
ست سنين ..
درءاً للخطر ، بحجة ان القادم أخطر ...
امي قالت لأخي الأصغر :
اكتب لي :
ما شكل الناس بأمريكا
وارسم في الشطر الأول ....
لون عيون الجارةْ
وعمامة مختار الحارةْ ؟
واكتب يا ولدي .. لا تتأخر
كم كيلو قهرٍ ...
تبلغ حصة أي غريب في امريكا
حين يحلّ الربع الخامس
من كوبونات السكّر .؟
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> كُنهْ الحياةْ
كُنهْ الحياةْ
رقم القصيدة : 69432
-----------------------------------
على موعدٍ
أحرقُ التبغَ والذكرياتْ
على مقعدٍ في زوايا المدينةِ
داهمتني المرارةُ حزناً ،
وغصّتْ بيَ الحشرجاتْ
على موردٍ ..
والنسيمُ احسُّ يجرِّحُ خدِّيْ
وتسخرُ من عَبرةٍ في مقلتَيَ
عيونُ المُشاةْ
- ما الذي ينتظرْ ؟
قالها طفلٌ لأمهِ
حين أسرى تاركاً روحي محلقةً
جسدي رُفاةْ
يا الله ......
قتلى يخرجون من القبورِ رأيتُهم
يملأون الشارع الليلي بالضحكاتْ
كنتُ وحدي بينَهمْ ..
متوجِّساً .. قلِقاً
كنتُ يا اللهُ ... حياً
!!...لمْ يذقْ طعمَ الحياةْ
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> غزَّةْ
غزَّةْ
رقم القصيدة : 69433
-----------------------------------
للمرأة ظِّلٌ واحدْ
للرجلِ ظلالٌ ، حسَبَ الحالْ
هل يعني ذلك ؟
حين يموت الظِّلُ
تغيب المرأةُ في الموّالْ ،
سبحان الله ...
منذ فقدنا عِزَّتَنا
في .. غَزَّتِنا
والرأسُ يَضجُّ
بألفِ سؤالْ........ .!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> ثقوب
ثقوب
رقم القصيدة : 69434
-----------------------------------
ليس لدينا سوى
جيبٍ مثقوبٍ
قلبٍ مثقوبٍ
طبقةِ أوزونٍ مثقوبةْ
لا نملك في زمنٍ معطوبْ
غيرَ ثقوبْ .(53/280)
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> مرآة الوجع
مرآة الوجع
رقم القصيدة : 69435
-----------------------------------
مرّةً قلتُ للمرآةِ أيني ؟
مرةً ...
ونسيتُ في المرآةِ عيناً مثل عيني
يا ايُّها الآتون من بحرِ الغرام
إلى فجرِ الكلام
ليتَ لي فجراً ، لنرجسِهِ أغنّيْ
أيُّها الآتون من شمس القلَقْ
الباحثون عن الألّقْ
قلبي عليكم ، ذاب وجداً واحترقْ
مرَّةً ...
قلتُ للمرآةِ أيني ؟
قالت المرآة :
خُذْ عينيكَ ، خذني
نرتقي وجعَ القصيدةِ
في بياضٍ / من ورقْ .
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> حادث
حادث
رقم القصيدة : 69436
-----------------------------------
كتفي اليُسرى لا تؤلمني ابداً
والحمدُ .. للرصيف ،
فحينَ رآني وحيداً
في شقشقةِ الفجر الأولى
صلّى على النبي
ودعى ملاكاً ..
اسمه "نزيفْ"
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> سمرقند
سمرقند
رقم القصيدة : 69437
-----------------------------------
وادي ألمْوتْ
حسن الصبّاحْ
الحشاشونْ ،
نظامُ المُلكْ
عمر الخيام ْ..
كيف اجتمع أولئك في غسقٍ واحد ؟
ليتني ...
كنتُ قنديلاً ..
في ليالي ، سمَرْقَند .
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> وردتان
وردتان
رقم القصيدة : 69438
-----------------------------------
1- وردةٌ في الدرب
تأسرُ في الصباحاتِ الجميلةِ
من يحاولُ لمسَ خَدَّيها
وما خلاّه من قُبلٍ على شفةِ الحبيبِ سُدى
قطرُ الندى
2- وردةٌ في القلبْ
تخنقني ،
تحاصرُ جُثّتي ليلاً
كلّما حاولتُ ألمسها .... أُناغيها
تفرُّ ...
ويلذعُ مسمعي ، رجعُ الصدى
" ما في حدا
ما في حدا "
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> صرخة
صرخة
رقم القصيدة : 69439
-----------------------------------
دلّوني على امرأةٍ
يمكن ان تعشقني
لـ مجرد ان تعشقني يوماً
ودعوني .. أعلِّقُ أوسمةَ العفّةِ
فوق ترانيم النبض
وخبث المحظوظ بموسيقى القلب
النهد الأيسر
وأصرخُ .. يا ناس؟؟
دلّوني على امراةٍ(53/281)
يمكن أن تذبحني ،
حباً....ونعاس
أو دلّوا امراةً
علَّ نذوب بقدحٍ حسيٍّ
فيعود إلينا .. الإحساسْ ؟!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> امرأةٌ
امرأةٌ
رقم القصيدة : 69440
-----------------------------------
نامي أيَّتُها المرأةُ
أيَّتُها المرآةُ الـ تتراءى فيها عينَيَ
الـ يتوارى خلفهما منكفئاً
فرحُ السنوات الدامي
يا أيَّتُها الظبية
ظمآن في فلواتٍ
تبحر في عينيك
يلذُّ لـ رمشِكِ إيلامي
نامي أيَّتُها الحاملة العبرات بقبضتها
تترصد خطوي .. تتبعني
تنثرها في الدرب أمامي
إنّي يقتلني صمتُ الأعراسْ
كما يلظاني الليلُ..
إذا شاركني لذّته الحُرَّاسُ
فنامي ..!!؟
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> حزن
حزن
رقم القصيدة : 69441
-----------------------------------
الأوراقُ دجاجٌ أبيضْ
الكلمات أفاعٍ
وأنا....
مع بالغ حزني
ديكْ .
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> فضاء
فضاء
رقم القصيدة : 69442
-----------------------------------
آنَ تضيقُ المدينةُ المعاصرةْ ،
ويضمر الزمانْ ..
أدخل رأسي في سَمِّ الإبرةِ
وأغنّي ......
: ما أرحبَ المكانْ ..!!
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> عجب ..!!
عجب ..!!
رقم القصيدة : 69443
-----------------------------------
حينَ اكتشفَ المشتغلون بعلمِ الآثارِ
ِ بقايا ديناصورٍ منقرضٍ من عشرةِ آلافِ حضارةْ...
قرأ .. خبيرُ لغاتِ التاريخ ، على فكّيه ...
تلَعثَمْ :
(Made In U.S.A )
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> حادثُ سَيْرٍ ..!!
حادثُ سَيْرٍ ..!!
رقم القصيدة : 69444
-----------------------------------
قتلى ..
جرحى ..
أشلاء صغارٍ تتقافز فوق الطرقات ..
دمٌ يتدفّقُ في الساحات
مزيج من لحم بشريَ وصفيح ..
مزجا بالزيت الإسفلتي .. على العجلات
الرعب .. استفحل في الأفئدة ..
ترّبع في أقصى الحجرات ،
انتبهوا............
هذه ليست رحلة عودتنا .. للوطنّ المسبيّ
المكتوب على أرغفة الخبز(53/282)
و أعمدة الشارات الضوئية
و الحارات ...
ولكن :
هذا حادث سيرٍ
ما أسفلها .. ما أسفلها
السياراتْ .
شعراء العراق والشام >> يوسف الديك >> وجع السؤال ...!!
وجع السؤال ...!!
رقم القصيدة : 69445
-----------------------------------
هذه أفعى ..
اتفقنا ...؟
اسألوا ...موسى النبيّ
قد كانت عصىً .. من قبل أن
يُلقي بها تسعى !!.
تلك ..
سمفونية الغجر الأخيرة
عندما رحلوا ...
تركوا على أطراف خيمتهم
بقايا اللحن .. والدفّ القديم
عادوا ... فلم يجدوا قبساً .. ولا ناراً
صاح سيدُهم :
فلتصمتوا ؟؟ لقد انطفأنا
.. لا سرّ يجمعنا هنا
أعني على طرف المكان
سوى الدخان ...
والفرق بين قصيدة كُتبت على رملٍ تناثر
والتي نُقشت .. على الورق المسلفنِ
كان ... هو الزمان !!
**************
لا تسرعي في العدْوِ يا صغيرتي
كنّا ودهشتنا .. معاً
نحمي من الرمضاء .. زهر الإقحوان
فلا تبكي على مطرٍ تأخر موسمَيْن
قد تتناسل الأرواحُ في القطط الفقيرة في غياب السردِ
عن نصٍّ خرافيٍّ ...
ومن القصيدة قد تتناسخ الصورُ الحزينة ، والأفكارُ ..
في الوجع المحاصرِ
بين قلبَيْ عاشقين استسلما لركام جمر النظرة الأولى ،
وجمهرة الدموع
إذ يحلوا البكاء المرّ في زمنٍ
تغلّف بالغباءِ ,
الحبّ فيه بلا أمان !! ...
لا تفقدي في الريح شهوة الأنثى لرائحة السرير
إنّ أصابع الأعمى .. عيونٌ
للبصيرة شارعٌ في عتمة الليل
ضوء القلب مصباحٌ على الشرفات
.... لو يصحو / الضمير ...!!
**********
إذا عدنا من المنفى
ولم تجدي بلاداً بانتظاركِ
فاعلمي ... أن البلاد تعيد صياغة الأشجار عن كثَبٍ
تبحث في حجارتها عن النبع النديّ
تحرس خدّها بالريح
والشفتين من قبلات من مرّوا على بيّارة الزيتون
هل سمعتِ مرة ...؟
لغة الحوار بين شجيرة الزيتون
مع جنزير دبّابةْ ؟
هل شربتِ الزيت ينزف من شرايين الغصون
والجنديّ .. غولٌ جزّ أنيابَهْ ؟؟
أيتها الحبيبة
لا تنسي ذراعك تحت خط الجمر
انّي قادمٌ(53/283)
إن شئتِ .. جئتُ الآن
لكني أعيد قراءة الخنساءَ .. في صخرٍ
يا غجرية العينين ..
لا تخونيني
" أحبّكِ "
عندما تجتاحني نوارس النهدين
ترتبك الأصابع .. تصطّكُ العظام ْ.
محيط الخصر .. يذبحني
ليحييني القرنفل في بلاد الشامْ .
تخلع الريح السواري عن نحاس القلب
تسقط الرايات في عهرِ السلامْ
عندما .. تجتاحني ، عيناكِ
أحترف المقدّس في حدّ الحسام ْ .
****************
انا يا حبيبة ..
لست معنيّاً بما سيفكّرُ الرقباء في مقهى الرصيف
قد يسأل البحر الندى / لو قطرةً !!
وتنقلب المراحلُ ،
حين يحتاج الغنيّ من زوّادة الفقر الرغيف
وقد ..
ترث الأميرة لؤلؤاً .. وخزائناً من فضّةٍ
أحصنةً من الياقوتِ .. والعاج الشفيف
لكنّها .. تهفو لتغفو ليلة ..
من دون حراسٍ ، بكامل سحرها
في خيمة اللص الظريف !!
وقد .....
تفكّرُ هرةُ البيت الأليفة
بالهروب الى الركام مع جروٍ سخيف
لله وحده حكمة في الكائنات
ولنا اكتمال النقص في الشهد المحالْ
هل كنّا اسئلة .. تفتّش عن إجاباتٍ
فضيعنا الإجابة ..
في ثرى أجدادنا ..
رحلوا مع التاريخ .. في قبر السؤال ؟؟
هي حكمةٌ مسكونةٌ بالحلم
والهاتف المحمول .. محتالٌ .. وجنيّ
يحاول ان يقرّبَ ..
من مسافة رعشتين في شبابيك القمر
كلّما اقتربت حقيقتنا من الفجرِ
انفجرنا بالبكاء من الضجر ..!!
***************
أنا يا صغيرة
ما بكيتُ على ذراعي
عندما سقطَتْ بمعركة الكرامةْ
إنني أبكي على انتصاراتٍ تفقّص ذِلَّةً
لننبش في بقايا الآخرين
عن فتاتٍ من حياةٍ .. تستقيم بلا كرامهْ !!
أنا لم أطأطئ هامتي للنسر
لكنّي ... انحنيتُ لكي أخبئ عن عيون النسرِ
أجنحة الحمامةْ .
لله وحده حكمة في الحب يحرقنا بكاءً
من سمّاه هذا الحبّ / حبّاً
لله درّه .. كيف أغوانا فصدقناه
يا الله .. كل هذا الدمع حقاً
كان أوله .. ابتسامه ْ ..؟؟؟؟
***************
أنا يا صغيرة .. لا احبك
مثلما تتصورين ..
دمية للجنس والرغبات
لكنّي رسمتك جنتي في الحلم(53/284)
قامة ممشوقة ..
جسداً خرافياً .. وسوسَنة على الشفتينِ
فوق الخدّ شامةْ .
فلرما لا نلتقي .. بحرٌ بيابسةٍ
فلتكملي أنت النضارة كالبنفسج
نلتقي في القبر سرّاً
فإن لم تتسّع ارض القبور لنلتقي
فسنلقي ...
.......... في مثل هذا الوقت من يوم القيامة .
***************
للنحلِ ألاّ يدرك السر المخبأ في خلايا السكّر المغشوش
كي نرث الرحيق من الزَهَرْ.
ولنا اكتمال الشهد في وجع المخاض
حين تمتزج الطفولة .. بابتسامات القمَرْ.
دعني على الشبّاك ابكي وحْدََتي .. وبمفردي ؟
هذا خريف العمر ..
هذا انحنائي لاحتياجات البقاء
خانت الأيام .... أوراق الشجرْ.
لا تنهني عن الكتابة مرّة أخرى
خوفاً على قلبي ..
فقلبي والقصيدة / توأمانِ
هل رأيتَ كما رأيتُ أنا / ارتعاشة الأرض الفقيرة
حين قبّلها المطر ؟؟؟
يا صديقي .. أيها الرجل المفيد المختصرْ
أنا لا اصدّقُ " أن الحب بلى"
ولست أومن بالخرافة " سمّ العشق قيل قاتل "
إنّ البلى .. ألاّ نحبّ.
سمّ العشق أطيب ما تذوقه الملّوحُ .. وابن عبسٍ
والمجانين .. الأوائل
لو كان ديك الجن يُدرك أنه سيموت قهرا
ما تخضّبَ سيفُهُ في نحرِ " وردٍ "
حين وشاية الشرك المخاتل
هل أصبحَ الزمن انعكاس المطلق الأبديّ فينا ؟
أم نحن انعكاس الظّلِ .. حين تنوء بالقمحِ السنابل ْ ؟؟
**************
لا تسرفي في النوم يا رفيقتي !!
ربّما لا نلتقي في صدفة الأحلام
إنّ الحب أجمل عندما لا يُلمس المحبوب
أكثر متعة فينا الخيال من الحقيقةِ
لكنا مع الأيام في الأحلام .. ما زلنا نحاولْ .
لله وحده حكمة في الخلق
حين يعيدهم لتراب سيرتهم
كم من العشاق والأشواق .. تحتضن القبور ؟
كم من الأزهار نسحق .. كي نترجمها إلى لغة العطور ؟
يا نسيم الفجر ...
عجّل ..؟
إنّما شمسُ الحقيقة ، ضيّعت في الشكِّ تاريخَ النُشورْ
ليس لي ، إلاّ العتاب على الزمن
ليس لي ، غير البكاء على الحبيب
و ليس لي ، حق الرجوع إلى الوطن(53/285)
يا أيّها الركب المسافر في ليلٍ تكلّل بالحداد
إن عدتم من المنفى ... ولم تجدوا الأصابع في يميني
فاعلموا أني زرعتُ أصابعي
شجراً على الطرقات ، أخضر
يرشد العشاق للمعنى .. إذا اكتمل الرحيق
ويظلل الشهداء ..إن عادوا من الحلم الرقيق
ويدلَّهم .. فيما تبقّى من هنيهاتٍ
على ما ظلّ من سراج الأرض .....
لم تطفئه ُ....
...... . خارطة الطريق !!
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الغريب
الغريب
رقم القصيدة : 69446
-----------------------------------
( الغريب )
- " هذا هو اسمُكَ يا غريبُ فما اتجاهُكَ ؟ "
ألقت الريحُ السؤالَ وغادرت نحو الغيابِ
ولم يعُد خلفَ المدى إلا المدى
تعب الحقائب شدَّني
لأريحَ عن كتفي حمولتها على الجسرِ القريب
وضعتُ آلامي عليهِ ووحشتي
وأرحتُ نفسي من سؤالِ العابرين ومن متاهاتِ الخرائِطِ
تاركاً وجهي لماءِ النهر يركضُ
حيثما يبغي الخريرُ أو الصدى
هذا هو اسمي .. رُبَّما !
لكنني أتأملُّ الأشياءَ والأسماءَ
تسرقُ وحشتي مني الهويَّةَ
حين تأخذني وجوهُ العابرينَ إلى شتاءات المنافي
شارداً ومُشرَّدا !
- " لا وقتَ للحُزنِ المُضيَّع يا غريبْ ! "
رمت ليَ الصفصافةُ الكلمات حتى أستعيد الوقتَ من تيهِ الشرود
وأستعيدَ من ارتياح الحُلم وجهي المُجهَدا !
" ما وجهتي ؟ "
مرَّت بيَ الشقراءُ باسمةً مُرنِّحةً جهاتيَ كُلَّها
ومضت كزوبعةِ الحريرِ فحاصرَت جسدي انتحاباتُ الندى !
هذي دروبٌ للغيابِ
وتلكَ أحلامٌ تُبعثِرُها امتداداتُ القطارات المضيئة للشمال
فيترُكُ في مقاعِدها المسافرُ قلبَهُ مستشهِدا !
لملمتُ حزنَ حقائبي
ومضيتُ فوقَ الجسرِ قلبي وردةٌ في الريحِ
والماضونَ حوليَ ينبشونَ ملامحي بزجاجِ أعينهم
لأعبُرَ في شِباكِ السائرينَ مُراوِداً ومُرَاوَدا
ما الوقتُ حينَ تُلملِمُ الغاياتُ وجهتها ؟
وما الغاياتُ إن شحبت وجوه الأهلِ في الذكرى
فصارت في مدى النسيانِ منديلاً يُلوِّحُ للغياب(53/286)
ونغمةٌ تبكي إذا ارتعش الكمان
وموعداً في المستحيلِ بغى الغدا ؟
دربٌ .. ولا دربٌ هنالكَ للغريبِ يشدُّهُ
ومدينةٌ ماجت على أسوارِها الأحزانُ من عهدٍ أثينيٍّ
تطاردُ في أساه تشرُّدا
والكائناتُ جميعها أسرابُ أطيافٍ تلفُّ طريقَهُ
والوقتُ أجراسٌ تُحلِّقُ في المدى
وتُبدَّدا
باريس . 25 /6 / 2006
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> لن ابكي
لن ابكي
رقم القصيدة : 68392
-----------------------------------
(( إلى شعراء المقاومة في الأرض المحتلة منذ عشرين عاماً. . هدية لقاء في حيفا))4/3/1968
- - -
على أبواب يافا يا أحبائي
و في فوضى حطام الدور .
بين الردم و الشوك
وقفت و قلت للعينين : يا عينين
قفا نبك
على أطلال من رحلوا وفاتوها
تنادي من بناها الدار
وتنعى من بناها الدار
وأنّ القلب منسحقاً
وقال القلب : ما فعلت؟
بك الأيام يا دار؟وأين القاطنون هنا
وهل جاءتك بعد النأي,هل
جاءتك أخبار؟
هنا كانوا
هنا حلموا
هنا رسموا
مشاريع الغد الآتي و أين همو
وأين همو؟
ولم ينطق حطام الدار
ولم ينطق هناك سوى غيابهمو
وصمت الصّمت,والهجران
وكان هناك جمع البوم و الأشباح
غريب الوجه و اليد والسان وكان
يحوّم في حواشيها
يمدّ أصولها فيها
وكان الآمر الناهي
وكان . . وكان . .
وغصّ القلب بالأحزان
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> أحبائي
أحبائي
رقم القصيدة : 68393
-----------------------------------
مسحت عن الجنون ضبابة الدمع -
الرمادية
لألقاكم و في عينيّ نور الحب و الإيمان
بكم,بالأرض,بالإنسان
فوا خجلي لو اني جئت القاكم-
وجفني راعشُ مبلول
وقلبي يائسٌ مخذول
وها أنا يا أحبائي هنا معكم
لأقبس منكمو جمرة
لآخذ يا مصابيح الدجى من -
زيتكم قطرة
لمصباحي ؛
و ها أنا أحبائي
إلي يدكم أمد يدي
و عند رؤوسكم ألقي هنا رأسي
وأرفع جبهتي معكم إلي الشمس
و ها أنتم كصخر جبالنا قوّة
كزهر بلادنا الحلوة
فكيف الجرح يسحقني؟
وكيف اليأس يسحقني؟(53/287)
وكيف أمامكم أبكي؟
يميناً,بعد هذا اليوم لن أبكي!
أحبائي حصان الشعب جاوز -
كبوة الأمس
وهبّ الشهر منتفضاً وراء النهر
أصيخوا ,ها حصان الشعب -
يصهل واثق النّهمة
ويفلت من حصار النحس و العتمة
ويعدو نحو مرفأه على الشمس
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> قصيدة من سلمى
قصيدة من سلمى
رقم القصيدة : 68394
-----------------------------------
ماذا أ قول لها ، تحيا على رمقي
أفراحها لم تعش إلا ّ على الحرق
الموت را ودها دهراً وغافلها
واقتصّ آثارها في آخر الافق
أين ا لمفر ، قبور لا قرا ر لها
تقفو خطاك مسير ا لدرب فارتفقي
راحت وما كتبت حرفاً لصاحبةٍ
غابت وما تعبت من غربة السفن
ناديت مركبها الغادي فما عرفت
صوتي ، ووا جهت مسراها فلم ترني
تبغى انفلاتاً من الامس الذي ألفتْ
ترجو اختراق حجاب الشمس و الزمن
تسعى وتبحث في المجهول عن قبس
حيّ وعن ملتقى غضٍ ومؤتمن
.........................................
غيبي وراء حدود النجم هاربة
ولا تقولي ردىً في شاطىء الوطن
فيه ولا سمعتْ أصداءه أذني
................................
الموت سرك ، من أعماق وحشته
أنت اغترفت جنون الحلم والشغف
غنّى على ثغرك المشتاق فاندلعت
أسرار قلبك ذاك العاشق الترف
يا ثروة الحلم
غني عن العدم
غني على عدمي
أنت ارتويت فعاطينا سلافته
يا ربة الهبتين الحب والألم
سلمى الخضراء الجيوسي
سلمى الخضراء الجيوسي
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> امام الباب المغلق
امام الباب المغلق
رقم القصيدة : 68395
-----------------------------------
(( مهداه الى الصديقة سلمى الخضراء الجيوسي ))
- - -
مشيئة الملك
الفأس في الرأس بذا قضى الملك
فلا تجدّفوا
هو الذي قضى ولن يصيبكم
الاّ الذي قضاه
وكل شيء دبرته حكمة الملك
فلا تجدفوا
الخير منه وحده
والشر منه وحده
وهذه مشيئة الملك
فاستمسكوا بالصبر والايمان ــ
واحمدوا
فلا سواه ، لا سواه
على مكاره الزمان والحياه(53/288)
يعنى له ويسجد ...
أنت تغيرت
يا ملك الدنيا والناس
فسّر لي معنى أفعالك
كنت حبيبي ، ملكي الأوحد
لا ألزم الاّ أعتابك
لا غير رحابك لي معبد
كنت حبيبي في قلبي
أحضن وجهك كل مساء
فاذا رفّ على عيني جناح الصبحْ
الفتيك تملأ في قلبي تجويف القلب
تغمره بالدهشة ، بالفرحْ
لكن أنت تغيّرتْ
لكن أنت تغيّرتْ
فاهتزّت أعمدة المعبد
وانهارت قبب الأجراس
...............................
مات الملك
هوى ، هوى عرش الملك
ومات في أنقاضه الملك
ليسقط الملك
ليسقط الملك
...............................
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> بعد التخلي
بعد التخلي
رقم القصيدة : 68396
-----------------------------------
هملاً لا زاد ولا مأوى
لا مزقة صوف تدفع عني الرجفة في ـ
هذا الليل
وحدي في فلوات الليل
مرتعدٌ قلبي بالخوف
أبداً مرتعد بالخوف
أبداً تحت تحكم جسرٍ يتكسر
أو رحمة سقف ينهار
أبداً أرضي تهتز ، تميد،
تدور بلا محور
من ينقذني من هذا الخوف
من ينقذني من هذا الخوف ؟
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> العوده
العوده
رقم القصيدة : 68397
-----------------------------------
عارية القلب رجعت اليكْ
عارية القلب اتيتك يا
متعالى ، يا نائي الدار
يا غائب ، يا أبديّ الصمت
عتبي لو تسمعني عتب ــ
المنكسر المنسحق القلب
لم تفصلني دوماً عنك
وتردّ يدي الممدودة نحوك في ــ
ضعفي ، في قلة حولي
لم ترفع من دوني الاسوار
وتقيم من الظلمات جداراً فوق جدار
فوق جدار
وتظلّ بعيداً أنتْ
تتعالى ، تتحصّن بالصمتْ
..........................................
أيروعك صوتي الواهي أم
يخجلك ندائي لك
وأنا أرفع بين يديّ
جراحي وضراعاتي لك
أيروعك صوتي بعد صمودي
تحت توالي ضرباتك
وهويّ سياطك فوق جراحي
جرحاً جرحْ
السمع ، وتنأى تنأى
ترفع من دوني الأسوار
وتقيم من الظلمات جداراً فوق جدارٍ
فوق جدار
.............................................
بالحب سألتك حبي لك(53/289)
أيام غراس العمر غضير لم يلفح ـــ
بسموم رياحك ، لم يتيبس بالإعصار
أيام غراس العمر طريٌُ
ورويّ بكؤوس النور
يربو ، يهتز ، يساقط من
حولي رطبا
بالحب سالتك حبي ذاك الساذج ــ
حبي ذاك النضرْ
أيام يقيني مصباحٌ
دريٌ يتوهج في الصدر
لا أسأل ، لا أتساءل ،لا
تطعن حبي سكّين الشك
هل تذكره ذيّاك الحبّ ؟ معافىً كانْ
ونقياً كان
طفلّياً لم يتلوث لم
يتعكر بوحول الاكدار
لم يسحقه ما خطّتْ لي
كفك في لوح الأقدار
بالحب ، بذاك الحب سألتك أرجع لي
حبّي ، أرجع لي قلبي الطفلْ
وأضىء مصباحي المطفأ في
صدري ، يا مطفىء مصباحي
يا مطفىء مصباحي أنتْ
بصواعق برقك ورعودك
أشْعله ، ارفعه ، قرّبْ لي
وجهك من دائرة النور
فغياب حضورك يحبسني
في العتمة ، في شرك الديجور
.........................................
لو تسمع يا أبديّ الصمتْ
عارية القلب أتيتْ
اخبط في الليل الغاشي في
وحل الأكدار
لو تغسل عريي بالأمطار
لو تؤويني وتدثرني
لو تجعل لي من نور حضورك
مأوى يحميني ودثار
.......................................
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> الطرقات الأخيرة
الطرقات الأخيرة
رقم القصيدة : 68398
-----------------------------------
هلاّ تفتح لي هذا الباب
وهنتْ كفّي وأنا أطرق ، أطرق ــ
بابك
أنا جئت رحابك أستجدي
بعض سكينه
وطمأنينه
لكنّ رحابك مغلقة
في وجهي ، غارقة في الصمت
يا ربّ البيت
مفتوحاً كان الباب هنا
والمنزل كان ملاذ الموقر بالأحزان
مفتوحاً كان الباب هنا والزيتونه
خضراء ، تسامت فارعةً
تحتضن البيت
والزيت يضيء بلا نار
يهدي في الليل خطى الساري
يعطي المسحوق بثقل الأرض طمأنينه
ورضىً يغمره وسكينه
هل تسمعني يا ربّ البيت
أنا بعد ضياعي في الفلوات ــ
بعيداً عنك أعود اليك
لكنّ رحابك مغلقة
في وجهي ، غارقة في الصمتْ
لكنّ رحابك كاسية
بتراب الموت
ان كنت هنا فافتح لي بابك لاـ
تحجب وجهك عني
وانظر يتمي وضياعي بين ــ(53/290)
خرائب كتفي أحزان الأرض ــ
أهوال القدر الجبار
لاشيء هنا
عبثاً ، لا رجع صدى لا صوت
عودي . لا شيء هنا غير الوحشة ــ
والصمت وظلّ الموت
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> تاريخ كلمة
تاريخ كلمة
رقم القصيدة : 68399
-----------------------------------
إلى الصديق ((ي))
- - -
صديقي المقرّب الأثير
صداقة حميمة تشدني اليك من ــ
سنين
ودّك ذاك الهادىء الحنون كم أحبه
أحبه يظلّ نسمة رخيّة العبور
تندى على روحي المعثر الكئيب كلما
تعثرت خطاي في مفاوز الدروب
...........................................
تحبني ؟ تاريخها عندي قديم
قلبك من سنين ، عنها في طفولتي
نشدتها اذ كنت طفلة حزينة ــ
مع الصغار
عطشى على محبة الكبار
وكنت أسمع النساء حول موقد ـ
الشتاء
يروين قصة الأمير اذ أحبّ ـ
بنت جاره الفقير
أحبها ؟ .. وترعش الحروف في
كياني الصغير
اذن هناك حب ؟
هناك من يحبّ ، من تحب
وكان قلبي الحزين ، قلبي الصغير ـــ
ينطوي على جفافه ، على ظماه
ويسأل الحياه
عن دفقةٍ من نبع حب
وكانت الحياه
بخيلةً ، بخيلةً ؛ أواه ما
أقسى تعطش الصغار حين ينضب ـ
الحنو في الكبار ، حين لا
يسقى الصغار قطرةً من نبع حب
..........................................
وضمّخ الجواء بالعبير
عرفتها في شعر (( عروة )) الحزين
وعشتها في شعر (( قيس )) في ــ
رؤى ((جميل ))
كم هزني تدفّق الشعور في قلوبهم
كم عشت حبّهم ، حنينهم ، عذابهم
كم قال لي قلبي الحزين :
(( ما أسعد الاحباب رغم ما يكابدون
((كم يغتني الانسان حين يلتقي
(( هناك من يحبه ، كم يغتني ))
ولم يكن هناك من يحبني
...........................................
وعاد من غربته أخي الكبير عاد ـ
ابراهيم ؛ كان قلبه الرحيم ، خيراً كبير
وفيض حبه غزير
ولفي أخي وضمّني الى جناحه
هنا استقيت الحبّ وارتويت
هنا استردت ذاتي التي تحطمت
بأيدي الآخرين
بناءها . هنا اكتشفت من أنا
عرفت معنى أن أكون(53/291)
.........................................
ومات من أحبني ولم يكن
هناك من أحبني سواه
ومرّت الأيام يا صديقي
جديبة ، مطمورة بالثلج ، بالأسى
وقلبي الوحيد ينطوي على -
جفافه ، على ظماه
وعاد قلبي الوحيد يسأل الحياه
عن دفء قلب
وراحت الحياه
تعطي ، فقد أحبني الكثير
أحبني الكثير غير أنني
بقيت عطشى دونما ارتواء
كأنما كان الذي بلغته سراب
سمعتها كثير
وخلتني أعيشها ، وكنت إنّما
أعيش وهمها الكبير
ولم أزل اطوّف الآفاق خلفها
أغوص في البحور
أبحث في الأعماق ، في الوجوه -
في العيون
وكنت في يأسي أمدّ خلفها اليدين
أود لو بلغتها ، لمستها
حقيقةً ، شيئاً يمسّ صدقه
بالراحتين
كانت سراباً في سراب
كانت بلا لون بلا مذاق
الحب عند الآخرين جف وانحصر
معناه في صدرٍ حبّ ساق
الحبّ كان حبّ صدرٍ حبّ ساق
حبٌ بلا دفء ، بلا روح ، بلا -
حنان
سمعتها كثير
وعفت زيفها الكبير
كانت مطلاً لي على حقارة ، على
كانت قناعاً يستر الصقيع -
والخواء في البشر
.....................................
لا لوم يا صديقي
انسان هذا العصر قاحل فقير
تآكلت جذوره ، تسطّحت أبعاده
سدىً نريد الحب أن ينمو ولا -
....................................
تحبني ؟
لا ، ردّها .
دع لي يا صديقي ودّك الكبير
أعبّ من حنوّه في دربي الطويل
وأحتمي بظلّه الأمين كلما
تعبت ، كلما هربت من جفاف-
دربي الطويل
دع لي صديقي ودّك الكبير
أعبّ من حنوّه في دربي الطويل
وأحتمي بظلّه الأمين كلما
تعبت ، كلما هربت من جفاف-
دربي الطويل
دع لي صديقي ودّك الكبير
شعراء العراق والشام >> فدوى طوقان >> مكابرة
مكابرة
رقم القصيدة : 68400
-----------------------------------
أهذا أنت ؟ من أيّ الكهوف -
بزغت يا وجهاً طمرناه
وألقيناه في الغيهب ، في أعماق
ماضينا
وروحنا نشرب النسيان في صمت
وفي صمت نعبّ مرارة التسليم
والإدغان للأقدار يوم هوى
بنا البنيان واندحرت أمانينا(53/292)
.......................................
أما كنّا تشاغلنا
عن التذكار والأشواق !
وفوق كآبة الأعماق أسدلنا
ستار الرفض والكبر
وقلنا للعيون الطائشات السود -
قلنا : يا أعزّ عيون
صحونا ، نحن بعد اليوم لن نسكر
فردّي الكأس عنّا يا
أعزّ عيون .
وروحنا نخنق الإحساس نلجمه
بهذا القلب ، نلجم رعشة -
الإحساس والشعر
وكانت أجمل الأشعار ما زالت
بهذا القلب ترعش فيه لكنّا
وأناها وقلنا لن
نريق سدىً أغانينا
ولن نسقي غرور الزنبق النشوان -
مهما رفّ ، لن نسقيه -
حتى غابة العطر
خنقنا نفحها فينا
وفوق كآبة الأعماق أسدلنا
ستار الرفض والكبر
................................
شغلنا عنك انفتحتْ
لنا الآفاق تدعونا
تجدّ لنا منىً أخرى
وتزرع حولنا الأفياء تمطرنا
بألف رجاء
وقلنا : يا خلاص الروح
أخيراً قد تعافينا
فلا تحنان ، لا أشواق ، لا ذكرى
تنادينا
.....................................
فمن أيّ الكهوف بزغت -
يا وجهاً عبدناه
زماناً ، ثم في أعماق ماضينا طمرناه
أما كنّا ذهلنا عنك حتى قيل -
لم نعرف هواك ؟ فأي ينبوعٍ
من التحنان و الذكرى
من التهيام و الذكرى
تفجّر بغتةً فينا
....................................
نكابر ، ندّعي أنا
تعافينا .
نكابر ، يا ضلال الكبر ، يأبى أن
يقرّ الكبر أنك في قراراتنا
نداء قاهر كالموت . كالأقدار -
يأتي أن
يقرّ الكبر أنكّ لهفة أبدية -
فينا
و لا شيء يبقى
معاً نحن هذا المساء و تطويك
عني غداً
ضراوة هذي الحياة
ستقصيك عني بحارٌ
و هيهات بعدُ أراك
سأجهل دوماً إلى أين أفضى
مسيرك ، أيّ اتجاه
أخذتّ ، و أي مصير خفي
حثثت إليه خطاك
ستمضي ، و سارق كل جميل -
و غال لدنيا
سيسرق هذي الهناءة منا
و يفرغ منها يدينا
غداً مع وجه الصباح ستمضي كطيف
كظلّ غمام لطيف عبر
سريع الحطى في ظهيرة صيف
و عطرك - عطر له فوجان الحياة
بقلبي
و رائحة الأرض غبّ عطاء المطر
و نفح الشجر -
سأفقده حين تمضي غداً
و لا شيء يبقى(53/293)