كل هذه البحار التي تجلس أمامي
مرخية حزام سروالها
مشدوهة بي
تنهار مثل يمامة تحت الملامسة
حيث الأصابع لا تحسن النوم
وليس أمام اختبار الفحولة غير النميمة
وبرج الريح.
من يقنع البحار بأنوثتها
ويبعث الكتب لكنيسة الأعماق
من يسعفها ،
يجهش بالموت وتعاقب السواحل
تجلس أمامي
كأن في سرادق السماء زرقة
تسعف الغرقى .... في بطء
و تغرر بالقوارب لئلا تثق.
لست نجمة الجرح
لها أن تعرف الآن
لها أن تنهار بلا افتراع
بغير ضريبة النرجس
فريسة اليأس والمكابرة محبوسة بالأسلاف
سروالها لها
ولي جسد يعلن الماء
ويلجأ لشهوة الرخام .
هناك حيث العشب يهتز
كنهد وافد من الجحيم .
انهضي أيتها البحار
شدّي حزامك و انهاري هناك
حيث ينقض السائل طبيعته
ويبرأ من الخديعة .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الضيف الأبدي
الضيف الأبدي
رقم القصيدة : 6215
-----------------------------------
هذا الأرقُ
هذا الضيفُ الأبديُ على كاهلي
أرضٌ عدوّةٌ تنفجرُ
ثم تختفي بسكانها في الرأس
* * *
كم من الأحقاب مرّت
على ذلك النشيد الكاذب
* * *
صرصارُ الليل الأعورُ
بعينه الوحيدة، يرمقني
متحفزاً لا أنام.
* * *
أحاولُ أن أبدد الوحشة بالكتابة
لكن الفق يفرُ من يدي
وطائر الصيف القبيح يرتطمُ بالحائط.
لقد نسيتْ أمّي رضاعتي
ونسيني الراحلون.
* * *
أنظرُ خلف سور الحديقة المهدّم
فأرى أيامي هاربةً
كأنما من جيش عدوّ غامض
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ظهيرة المنتهى
ظهيرة المنتهى
رقم القصيدة : 6216
-----------------------------------
ستأخذنا الأقدام عبر الشِراك
جناة يحملون الجراح والقرائن
ليس بيننا عبدٌ لسيّدٍ أو عبدٌ لعبد
نباهي باقتراف الجريمة
وندفع عار البراءة عنّا .
ستأخذنا الأقدام للمنتهى
على كواهلنا أثر الأصفاد
ويغمرنا فرح القتلى
وهم يذهبون إلى النوم
نسمع الأقدام الذهبية فوق رخام الموتى
وهَتْفِ الطريدة .
نحن منتخب المذبوحين
نحرّض أحلام الناس(49/321)
نتوشح بقميص الجناة
إلى المنتهى الأقصى .
نعلن :
قتلناه في ظهيرة تخذل الشمس .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هذيان الجبال والسحرة
هذيان الجبال والسحرة
رقم القصيدة : 6217
-----------------------------------
لقد ذهبوا بعيداً صوب أنفسهم
وذهبوا في الوحشة.
أيام تتلوها أيامٌ،
الديارُ تضمحلُ في عين عاشقها
والجبالُ عرين الذكرى
تفقسُ السنورُ بيوضها،
الأقرب إلى ألوان الرمال والصخور
من فرط ما ارتطمت بالأزلية.
ليس بيني وبينك
أيتها الساحرةُ الولودُ
إلا هذه الكثبانُ من الرمل
وهذه الأزمنةُ المكدّسةُ أمام بابي،
تقولين كلاماً لا أفهمه
وتقولين هذياناً، أفهمُه
بسرعة سقوط النيزك على رأسي.
أيامٌ تتلوها أيام،
ونحن نحدّقُ في هذا الوثن،
الممدّد على ارض الأنبياء
أسوقُ قطيعك بعصا الراعي
أمامي تبكي رغباتُك،
وتنفجرُ كأنها قاب قوسين أو أدنى
من القيامة.
نصالٌ تبرقُ في ليل
كأنما لم أكن عائداً من أسفارٍ سحيقة
حين ارتميتُ في ظلالك الثكلى.
هدأت جوارحي في اتساع المكان
كانت الأرضُ الضيّقةُ
وكان نحيبُ الراحلين
فهشّمت أعضائي بين مدُن شتى
ورأيتُ الزلازل تحت قدميّ
دوخةَ أرض ونشوةَ سماءٍ
غدراناً تحتلُها عصافير
وملائك ترتطمُ بسقف البسيطة
حتى يخالها الرائي، طيوراً كسيحة
تنقرُ فضلات البشر.
البشر وقد عادوا إلى بطون أمهاتهم
ملوّثين وطاهرين.
هكذا يغدقُ الغيمُ على بنيه
وقد رحلتُ بعيداً في نزواتك
فأدركتْني الظهيرةُ في الرُبع الخالي
فقُدتُ بعيري إلى شجرة غافٍ
هجرها البدوُ منذ أزمنة،
أبيدت بقوّة الحضارة.
فيمّمتُ شطر وجهك الأنقى
موئلِ القسوة وتاج طفولتها،
ووجدتُك
تركضين، شجرةَ برار وحشيةً
كانت البيوتُ الطينيّةُ
وكانت الأمطارُ
أزمنة الجفاف واللعْنة الأزلية.
أزمنةً تتكدّس أمام بابي
أزمنةً كواسر
كأنما لم نكن نحن الذين قُدنا القطيع
إلى متاهة الوادي
والضيوف إلى الدار المقابلة
وقُجنا السيول إلى بحارها القُصوى.(49/322)
وقد مرّت شائعاتُ القرى
ان رحل القادمون من البلاد المتاخمة
ورحل الغجرُ
متبوعين بأقمارٍ ونيازكَ.
جبالٌ تتلوها جبالٌ،
هذه الأبديةُ من سراب الكائن
أي أسرار تخبئها
أي خلائق ستقذفُها ذات يومٍ
في وجه كوكبنا
وقد استحال إلى خردةٍ ورماد؟
جنينُ حياةٍ أخرى
وربّما هباء الأجيال وأحلامُها.
الجبالُ الجبالُ
مفازاتٌ من السراب والظلّ
تنحدرُ على سفوحها الذئابُ وبناتُ آوى
في المساءات الكبيرة للقرى وللغزوات
وينحدر على ثغورها صليلُ الحديد.
رحمةً بنا أيّتها الجبالُ
بيقين مرابضك وشعابكِ
لم تكوني سبباً لشقائنا
لكنّك من تملكين مفاتيح الرحمة.
بتوسلات السلالة التي
تعاقبت تحت سطوتك
الممتدّة حتى الربع الخالي
شعوباً وقبائل
تجرفُهم الرمالُ والفيضاناتُ
ويبقى أثرهم الوحيد على سطح الكوكب
المتلاشي في هذيانه.
* * *
أسمعُ نفير الأقوام
قادماً من فجاجه البعيدة
اسمعُ نحيب الصفْرد تحت الصخرة الكبيرة
التي كانت ظلالُها
تغطي البلدة بكاملها
وكان الليلُ على منحدر النزول،
حين كان السحرةُ ينادون الفلاحين،
بالعودة الى بيوتهم
غيمةٌ بحجم سماء كبيرة
تهطلُ مطراً وأحلاماً
تبلبلُ نوّام السطوح وقارّة النخيل.
مروحةُ الجبال
سكينةُ الأفاعي.
أسمع الرعاة
ينحدرون بأناشيدهم نحو الهضبة
محدّقين في الأبد الجارف للسيول.
* * *
وكما تكرُ الفصولُ على الصحراء
في شكل ذئب وحيدٍ
وفي شكل مئذنة،
تنحدرُ الرمالُ من الأفق الشرقيّ
المحاذي لبلاد الأحباش
حيثُ السحرةُ ينادون بعضهم
بأسماء مستعارة.
لا أكادُ ألمحُ جزيرة النخل
قرب مهبط العُقبان.
لقد فتكتْ بها الرياحُ الهوجاءُ
وأمَّها البلى
كديار أحبةٍ غربت للتوّ.
اسمعُهم ينادونني باسمي المستعار،
أن اغربْ عن وجهنا
لستَ منّا ولسنا منكَ.
وقد ناديتُهم قبل ذلك
أمواتاً وأحياء
أن اغربوا عن...
لكنّهم ظلّوا يحدّقون في جثّتي
طوال أزمنةٍ، ويغرزون مخالبهم العمياء.
وقالوا لك نغلُ السُلالةِ(49/323)
وظلّوا ينثرون الإشاعات حول قبر جدّك.
آنذاك احتدمتْ حربُ القبائل
من جبل إلى سيبة
تُشاهدُ الموت معلقاً في قرون الأكباش،
التي تُهرعُ بثغائها نحو الأبراج.
أتذكرُ حين ينحدرُ الرجال
على الهضبات وفوق التلال،
مختلطين بهديرٍ الجبال ونواح بنات آوى
غيمةُ الرصاص التي تجلدُ القرية
من أعلاها حتى أقاصي الوادي
الذي كان غزيراً ومعتماً
أسلحةُ تمتطي الجمال والبغال
تحت شمس آب الفائضة على الكون،
وكانت المخلوقاتُ تحتسي حتفها،
جرعة .. جرعةَ،
من غير مواربة ولا دهاء.
حروب واضحة
وقتلى في مجد الظهيرة.
ينادونني باسمي
أن اخلعْ وردة رأسك،
فأنت على أبواب الربع الخالي...
قتلى يملأون الصالة
ويشاركونني السرير وغرفة النوم
حتى قنينة النبيذ.
أراهم يتآمرون في قعرها
ويضحكون،
محدّقين في جثّتي
بعيونٍ، يبدو من أشكالها، أنهم قدموا
من كلّ جهات الأرض.
عيونٌ ملؤها الخيبةُ والتذكر
وكنتُ أسمعُ نداءهم منذُ الولادة
يأتيني عبر قوس الأثير
لطفولة جبليّة.
أسمعُ غناءهم الصاعد من الأجداث
طيورا بيضاء تخبطُ سقفي.
طيورٌ عاتيةٌ وأليمةٌ:
تلك أرواحُهم في سفرها الليليّ
نحو الأحبة.
ينادونني باسمي
أن ارحل من واحة الجنرالات
فمثلك ليس نبياً
ولا أوتي رأس الحكمة,.
* * *
ها أنت، في البيداء،
ضاربٌ كبد الجمال التي فقدت صحراءها
غارقةً في الوحل،
الحقائبُ الجاثمةُ كغربان البين
في انتظار قافلة لن تأتي،
بطاقة السفر،
التي رأيتها البارحة في نومك،
وأنت تسأل المسافر الأسود،
أي الطرق تؤدي إلى اليمن؟
الكلماتُ التي تتراقصُ أمام عينك
مثل ديكة الجن،
وفي نومك تصرخُ:
مات دليلي وتقاطعت بي الطرقُ.
الصحراء ماضية في غيّها
في أيّ مديةٍ ستقضي هذه الليلة؟
أبواب العالم تخلعُها الريحُ
قبائلُ ترتجفُ من الذعر
وأخرى تنحدرُ نحو السفوح،
محدّقةً في الأبد الجارف للسيل
لن أنزل من جبلي
فلا عاصم إلا الله.
* * *(49/324)
تنقلب قليلاً، إذ ترى نفسك في حانةٍ على منحدرٍ مضاءٍ بالعتمة، وثمة عتالون سكارى، يقُصون أطرافك بمشارط صدئة جلبوها من مستشفى دمّرته الحرب.
أصدقاؤك يضحكون،
لعبة مسليةٌ.. أليس كذلك؟
لكنّ المشهد بحاجةٍ إلى ترميم،
كأن تطلع أفاع من بيوت الجيران كانوا يربونها كالكلاب،
تشخشخُ في نومك وتلحس أطرافك المقطوعة.
هنودٌ، يأخذونك، عبر المحيط ويقذفونك في (جوا)،
مواكبُ سحرةٍ وبوذيين وفيَلة،
نواحُها يؤرقُ سكان الخليج.
* * *
لا تستيقظ هذا الصباح، تأخذُ المظلة لتراقب أهل الكهف
وكلبهم الذي افترسته أفاعي الجيران.
تديرُ زر التلفزيون، تخفضُ صوت المذيع حتى خنقه
وتودٌ لو تستطيعُ خنق العالم بالطريقة نفسها، أو ايّ طريقةٍ
أخرى.
تنتشر الأبنية المسلحةُ بأسباب القوة والضعف، لدحر
فيالق الشمس، ناطحاتُ سحابٍ مضاءةٌ بأسماء الذين
نزلوا حديثا من الجبال وما زال دمُهم يسيلُ على البطاح،
دليل السلالة والوحيدُ على إرثها الذي اقتُلع من عروقه،
وما زال الدمُ يشخبُ ويصرخُ وسط جلبة أبقار الهند
وأسطح المباني المكتظة بأطباق التلفزة وغابة العيون المحدّقة
في الفراغ.
* * *
الفجرُ، زارعُ الفتنة في هذه البقاع،فجرُ القتلة والعشاق
عبر أضوائه الأولى، تزفرُ الجبال الهواء الثقيل
كأنما تلدُ كوناً بكامله... كوناً يسرحُ فيه البشرُ
والحيواناتُ والأكاذيبُ، ويسرحُ فيه السماسرة الذين أتوا
من كل بلاد العالم لامتصاص ضرع الأرض وما خلّفته
عظامُ حيواناتٍ بائدة. يمضي الموكب في هذا الصباح
الذي انفصل عن فجره الأول وأصبح غريباً وفظاً وحارس
ثكنات.
كل شيء قابلٌ للبيع والشراء، كل شيء قابلٌ للاندثار
بسرعة وجوده وبسرعة لغط الألسنة الكثيرة وبكاء
الأمهات على ضحايا الطرق التي تصرخُ بنهمٍ، هل من
مزيد لهذا النهر من الدماء...؟
هل من مزيد لطبقات الألم وهذا الوحش الكاسح بمفازاته وناطحات سمائه؟(49/325)
شموسٌ كثيرةٌ، في كل منعطفٍ شمسٌ متحفزةٌ كذئبة جائعة.. والخلائقُ تمضي بشمّاعة أملها الواهن، وسط لجج من اللافتات والحيل السينمائية.
تمضي نحو القرى الرازحة في وحشتها القصوى تحت طوق الجبال بأشباحه وغُزاته وشُهُبه التي سقطت للتو، بعد سفر طويلٍ لتستقر في هذه القيعان المسترخية في حوض الأزل.
أهلها الذين تغيّرت أحلامهم ولياليهم وصاروا غرباء يلوذون بجريد النخل أيام الجمع كأنما لآخر تعويذةٍ تقيهمُ الاضمحلال.
صخورٌ وأطوادٌ وأطباقُ فضاءٍ، وأحاديثُ تشبهُ زجاجاً يمضغه متسكع في ليل مدينة منكوبة،
وجوهٌ ذابلةٌ ، محاطةٌ بالأيام الخوالي وحروب الثأر؛
صار الموت يأكل من أطباقهم بشهية، من فرط المقابر التي نبتت عشوائيا أو نزلت عليهم جاثمة بطيورها وموتاها وجاثمةُ بالحنين،
* * *
لن نحاور ملوك السفح. ولن نقتفي أثر الرعاة الذين ما تزالُ ظلالهم ماثلة في السقف، كأنما نزلوا اللحظة، غاسلين أيديهم في مياه الفجر، ميممين شطر القرى المجاورة. أولئك الذين يمخرون عباب القفر ويتلاشون خلف السُحُب الجافة، تاركين أصواتهم تقودُ الليل الحائر بين أش
وللغياب كله.
نغتسلُ بمياه الصباح ونبكي،
نغتسلُ بمياه العالم وقد شربناها وما زلنا عطشى.وكانت الطرق والمشرّدون ، أسمعهم.. يئنون تحت وسادتي، قادمين من الأزمنة البعيدة لمتاه الكائن، وكانت النافذةُ مفتوحة على آخر العالم، ملتفين حول بعضنا والبروقُ تحيطُ بنا من جميع الجهات، البروق الطائشةُ في هذا المح
* * *
هذا الضبعُ الذي تلمعُ عيناه في الظلام، صديقُ السحرة الذين ألقوا أخي في غياهب الجبّ، وما زالت أمه تنتظرُ رجوعه حتى اليوم، تعدّ الأيام والشهور والسنين تتسقطُ أخباره المتضاربة من أفواه الأهالي. بعضهم شاهدوه مربوطاً على شجرة سمُر عارياً ووحيداً. وآخرون شاهدوه
أيّام تتلوها أيّام(49/326)
والانتظار ينهشُ جسدها وعيونها التي أصبحت بلا ضوء، حفراً مليئة بالوحشة على الغائب الذي قذف في خضمّ التيه، ربما ثأراً لاخوة قضوا بالطريقة نفسها
وربما..
أيّام تتلوها أيّام
لا أثر للفقيد
لا أثر للأم
لا أثر للعائلة..
هذه القصةُ التي روتها جدّتي ورواها مجنونُ القرية. أتذكر اسمه، كان اسمه عليّ بن ساعدٍ، لم أعدْ الآن أتذكر غيرها، لم أعد أتذكرهم حين كانوا يضرمون النار في الخيام،عدا الصرخة التي كانت تقفزُ من قلب الحريق نحو العدم المنتصب كعصا الأعمى، وحين كانوا يبيدون الأيا
لم أعد أتذكر شيئاً،
عدا كوْني موجوداً في زاوية ما من إبط هذه الميدوزا، أحك رأسي من بقايا القمل في سجن البارحة، أتحدثُ مع نفسي وأشباحي الكثيرة التي تمرحُ سعيدةً وتقفزُ كالجنادب تحت مطر الربيع الذي لم أذق طعمه منذ قرون.
المساء ينزلُ على المدينة
يعقبهُ الليلُ والنهار
أفلاكٌ تقود بعضها كعميان شرسين، ومجرات غاضبةٌ على وشك الاقتتال، لا شك ستحصلُ على إثارة أكبر من حروب كوكبنا التي أصبحت مضجرة: يقولُ أحد أشباحي، وينطلقُ كالسهم نحو حانات الدار البيضاء.
ويتمتمُ آخرُ: آه، مر زمن لم أذق فيه طعم التفاح أو أضاجع امرأةً من الخلف في فندق هجره زبائن الصيف وبقيت صاحبتُه التي تحبُ النكاح من الخلف.
ويصرخُ ثالثٌ: لم يعد لي مستقرٌ في هذا المكان، سأفجر ثورة في غابات الأمازون، وإذا لم افلح سأحرقُ الهنود وأبقارهم وأغانيهم التي تزهقُ أعصابي في البيوت المجاورة.
ها أنا ألمحُ الجسر الذي مشت عليه الملايين قبلي وتبخرت، ألمحه من البعيد بحدبته التي تصلُ الغابة بالبحر، بعد أن أزهق التعبُ كياني، ألمحه كمخلّص ينتظرُني منذ الأزل،حيث أرتمي في الحانة المطلّة على بحر الشمال الهائج، أشتمُ رائحة القراصنة والداعرات اللواتي آخذُ
* * *
شربنا مياه العالم ودمه ولم نعد نبكي،(49/327)
لم يعد ذئبُ الفلاة قادراً على النحيب كما في الماضي، صار يشتمُ الدم المتيّبس على سفح الكائن ويردُ الآبار ولا يتذكرُ شيئا من ماضي الفريسة والجبال والمدن التي تناسلت فيها السلالةُ، صار يعتكفُ متأملا ذريته الضارية، مأخوذاً بهذا الفيض الذريّ الذي انبثق كإشراقة
همْهم رعدٌ واكفر ظلامٌ وهو في حيرة من يتخذُ قراراً أخيراً. مشى خطوات كمن يراوغُ نفسه، فوق تلال طفولته المبعثرة، حاول أن يحتمي بشيء منها، شجرة أو ذكرى أو نبع. لكنه أحسّ أن لا صلة له بهذه الأمكنة ولم تكن له طفولةٌ ما على هذه الأرض، عاودتْه نوبةُ الدُوار الح
ربّما حلم بليلةٍ أخيرةٍ مع أنثاه التي اختفت منذ سنين، كانت تركضُ وهو وراءها.
* * *
شربنا مياهاً سوداء
وبالغْنا في نقض الحكمة.
ما الذي يجعلُنا نرتطمُ بالصباح كعدوّ؟
ونظلُ جاثمين على فراشنا الذي نمتْ عليه الحشائشُ،
بينما الأمواجُ تخبطُ السقف:
أراها في قلب المرآة
حاملةً قوارب وحيتاناً
وأرواح بحارةٍ غرقوا.
وفي الصباح نفسه
نذهبُ نحو المكاتب،
نشدُ أحزمة المقاعد جيداً
ونُصغي لأنين الموتى تحت العربات
وأنبياءٌ يملأون الفضاء باللعنة.
أيتها الصحراءُ.. الصحراءُ
ماذا أبتغي من قلبك الذبيح؟
ومن مدافن قتلاك ونفطك؟
إنني لا أرى، غير نعشٍ يحملُه بوذيّون
وتعاويذ أقوامٍ هلكوا.
ماذا أرى، ايضاً في جروفِك
المليئة بالنميمة
ومخلوقاتك، بمساحيقها وعطورها وأياّمها الخاوية؟
أيتها الصحراءُ
غادرك الركبُ تحت شمسٍ ترضعُ أطفالها
بأضواء سامةٍ.
غادَركَ الحقُ والباطلُ
وغادَرتكِ الملحمةُ.
غادرك الحربُ والسلامُ
وغادرك الخريفُ الأكثر رأفةُ
من ربيع المدُن
غادرتك النجومُ الأولى والأيائلُ
وضفافُ الأودية
غادَركِ الزمانُ،
وما يظنّونه كنزاً ليس سوى آلية حتفك الرهيبة
غادَرتكِ رغبةُ المسافر في تفتحاتها الأولى
غادرتك أحشاؤك
يجرجرُها التجارُ في أسواق البورصة
غادرتك شفافيّةُ الغياب
وذكرياتُ المحارب،
بماذا أصفك:(49/328)
أرملةُ العصور
أم مستودعُ نفايات العالم.
* * *
بماذا نصفُ أنفسنا
وسط هذه الرمال الزاحفة
متكئين على ساعد الخسارة
لكنّا لا نفرطُ في شبر من حضارة الأجداد،
هكذا يقولُ الخطيبُ الذي يدحرجُ الحقائق من فمه
كالجرذان
أي أجدادٍ بقيت لنا
أي ماض أيةُ آلهة؟
نتسلقُ ظلالنا كما تتسلقُ العظايا الجدران
ونمضي صوب بحر لا يشبهُ البحر
متّحدين بأرواح محمولة على
محفّةٍ (كانت فيما مضى أرواح أمواج وأسماك).
لا نلوي على شيء
عدا كوننا موجودين في هذا المكان الذي سيسلمُنا بعد
قليل إلى غابة امكنةٍ
لا تخوم لها،
لكن لا بأس بوجودنا ونحنُ نرقبُ العالم
من منظار جبالٍ سحيقةٍ:
مكنسةُ الغيم
أقواسُ النصر
بومةُ الأرق
أوسمةُ الزعيم
عقاقيرُ منع الحمل
مدنٌ تحترقُ وأخرى تفتكُ بها الكوليرا.
الاختراعُ الجديدُ للأسلحة
مصارعُ الايدز
الحلاقون الشواذُ، يمسحون،
الشفرة بالمعطف،
نباحُ الجيران
حكاياتُ كارلوس وعنترة
فتاوى الحيْض والنفاس
حقنةُ الهيراوين،
ومعارضُ أخرى لا تُعلن عن نفسها
لأن الوقت قد تأخّر، تأخّر الوقتُ عن النشيد الأول
* * *
تأخّر الوقتُ عن بدوٍ رحلوا
تاركين زهرةً في طريق
بينما عيونُهم تضطرمُ في المصحّات.
ماذا تبقى لنا يا رضوى؟
نحنُ أبناءك الذين بختم البراءة الأولى
سُفحنا على أعتابك من غير دمٍ
تنامُ هادئاً على جوعٍ، فارداً جناحيْ نسرٍ قتيل
سُفحنا على أعتابك من غير دمٍ
أعضاؤك ما زالت تحملها الريحُ نحو الأقاصي
ويكنس الكنّاسون برازك في الصباح
لأن الشيخوخة لا ترحمُ الأوابد.
هناك في مأوى العجزة
ألمحُ أشباحك تصدمُ بعضها
ثم تجلسُ مع المجاذيب في
الشعابِ الشرقيّة
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> قدّاس
قدّاس
رقم القصيدة : 6218
-----------------------------------
البغال تجر الجثث على مهل
بينما يتهشم الموت في مرآة الفرسان
ثمة أطفال يخشون القذائف
ويسألون القتلى عن الطريق
لكن البغال تحمحم وتمضي مقتحمة الغبار(49/329)
وأحيانا، حين تنهمر النيازك ،
تسأل أهدافَها وتهرول في نشيج النهر ،
في أنفاس الغابة
على التلال الرصاصية
تنثر الجثث المضيئة
ثم تنحدر في هاوية دليلها
هتافُ شعب مأخوذ باليأس .
على مهل ينحسر الفرسان وتنكسر المرآة .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> وصول
وصول
رقم القصيدة : 6219
-----------------------------------
السماءُ مشدودةٌ مثل قوسٍ
في انتظار صيف لاهب
وأنا ما زلتُ انتظرُ الغائبين
((الذين لن يصل بهم قطارٌ أبداً)).
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> كوكب العري
كوكب العري
رقم القصيدة : 6220
-----------------------------------
العزلةُ تاجُ الحياة هنا
والسماءُ كوكبُ العُري الأنقى
وليست الأرضُ، إلا ذلك القدر الهائل
من المظالم والقُروح.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> شاطيء الحيل
شاطيء الحيل
رقم القصيدة : 6221
-----------------------------------
جزُرٌ من النوارس والأحلام
كنّا نأتيه صغاراً
عبر خط ((السطوة))
حيث البحرُ ملتصقٌ بشفرة السماء
وها نحنُ كبارٌ
وهو عزاؤنا في هذا المساء القاتم.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> خطيئة 1
خطيئة 1
رقم القصيدة : 6222
-----------------------------------
يَشْغلُ الكتبَ
ويخلّصها من شريعة التثاؤب
كل نافذة تمحو الشمس من فجيعة الأمم .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> شاطيء الحيل 2
شاطيء الحيل 2
رقم القصيدة : 6223
-----------------------------------
كان الصيّادون يجرّون شباكهم،
وبينهم أعمى يجرُ بعناد بصرٍ مفقودٍ،
يسحبونها ضخمةً، فارغةً،
لا يُجدي فيها شفاعةُ الضوء الأخير للغروب.
في شاطئ الحيل
حيثُ تتكومُ المدينةُ في البعيد.
تلك حقيقتُهم اليوميّةُ
حياتُهم الممزوجةُ بزبد البحر
لا تستطيع تخمين أي شيء على وجوههم
عدا الشقوق المليئة
بمياه ملحيّةٍ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نساء غائبات
نساء غائبات
رقم القصيدة : 6224(49/330)
-----------------------------------
في الشاطئ نفسه
يقذفُ البحرُ أحشاءه المزهرة
ليلةٌ عاصفةٌ
أسماكٌ ميتّةٌ
حطامُ سفنٍ غارقةٍ
جثثُ نوارس وأخرى للغيم
عظامُ قراصنةٍ على أذرعهم القويّة
وشمُ الولادة
عملةٌ نادرةٌ
أرواحُ أباطرةٍ غرقت ممالكُهم
في البحر
أشباحُ نساء غائباتٍ
كل ذلك وغيّره، وهو يرغي
ويزبدُ في ظلامه العيمق.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أرصفة الإشارة
أرصفة الإشارة
رقم القصيدة : 6225
-----------------------------------
من البعيدِ، حيثُ يسكنُ الغيبُ
تُشيرين إليّ بإيماءةٍ
كأنما اليمامُ حطّ على رأسك الجميل
كأنما الشهبُ وأرواحُ البحّارة
وأرصفةٌ غادرتها من سنين،
تُشيرين إليّ
طيورُ سمّان عادت من هجراتها الكثيرة
إلى شواطئ تحلمُ بالرحيل
في لحظة يشطرُها البرقُ
تلوّحين بأيدٍ متعبةٍ
في محطّات يختنقُ فيها الهواءُ
والمسافرون
على مقربةٍ من الطفولة
وكان شجرٌ، تهزّه ريحٌ خفيفةٌ
ريحُ خريف يطرقُ الأبواب والنوافذ
ليأوي إلى فراشه الأثير
على مقربة من المذبحة وأفواج
الجلاّدين، كان حلمٌ
وكان زمانُ مطلقٌ
وكان الغيابُ الذي يملأُ الصالة بالضجيج.
على مقربة من رأسي
تُحلقُ طيورك الرحيمةُ حول ملائكتها
كما تحلّقُ الأغصانُ حول جذعها المقطوع.
فأسٌ حجريّةٌ في غابر الأزمان
أو جزّارٌ،
وفي الثكنة أفكار أخرى
عن ما سوف يأتي
أفكارٌ ونقيضُها.
باذخُ مشهدُ النوم أمام الأزرق الداهم
على الحُجرات والأيّام
وباذخٌ مشهدُ البحر
نسوقُ قطعانه الخضراء في أحلامنا.
تُشيرين إليّ كأنما رفُ يمامٍ
حطّ على خصْركِ الجميل.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> خطيئة 2
خطيئة 2
رقم القصيدة : 6226
-----------------------------------
عندما خرقةٌ تستر الخريطة
لا يكاد العار يكفي
لكل هذه الدول العارية .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> لقالق
لقالق
رقم القصيدة : 6227
-----------------------------------(49/331)
آه من يمتلكُ روح اللقالق
في عزلاتها الكبرى أمام البحر
وحيدةً تنامُ وحيدةً تستيقظُ
بعيدةً عن السرب.
كانت في الماضي تتنزهُ على أطراف النهر
بأعماق الوادي
تُطاولُ الجبال بأعناقها، وهي تمشي مليئةً بالرجفة أمام جريان الأشياء، لكنّها سعيدةٌ كمن يعرفُ غده، معرفة الأجنحة وهي توغلُ في سراب المسافة بأرض لا قرار لها.
كانت البنادقُ مهيأةً للصيد،
بنادقُ بأيدي صبيةٍ يصلون إلى رأس الوادي بنهايته في أعالي (سمائل)(1)
وكانت اللقالقُ تفصدُ الهواء الفاسد
فوق الرؤوس.
________________
(1) منطقة بعُمان.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أمومة
أمومة
رقم القصيدة : 6228
-----------------------------------
أمهاتُنا اللواتي خلّفناهنّ وراءنا
يجلسن الآن في بهو البيت
بجباهٍ موشومةٍ بالأرق
وسواعد أنهكتْها الحقولُ
وفحولةُ رجالٍ ماتوا.
يجلسن الآن على عتبة رنينٍ غامضٍ
الأحاديثُ، كأنما مرّت عليها أحقابٌ،
لا نكادُ نصغي لوقع حفيفها العابر
إلاّ ويمتلئُ البهوُ بالغياب.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> دعاء
دعاء
رقم القصيدة : 6229
-----------------------------------
ثقيلٌ أمر هذا الليل
بمعاوله ومعادنه التي تغطسُ في القلب،
ثقيلٌ أمرُ هذه البلاد
يا إلهي أزحْها قليلاً عن كاهلي
عن قرن ثورك الذي تركته يحملُ الصخرة
هائماً في البراري،
لا موتَ يأتيه ولا حياةَ
بريقُ العذاب ينزُ من مقلتيه الحجريّتين
أزحْ قليلاً هذه الصخرة
هذه الأرض
هذه البيضة العائمة في الأفلاك
والكأس الفارغة من خمرِها.
أزحْها قليلاً
فلسنا الورثة الصالحين
إلهي.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هذه الذرى
هذه الذرى
رقم القصيدة : 6230
-----------------------------------
كلُ هذه الذُرى
ولا أحد تركلُه رغبةُ الصعود
إلى جبل.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الأنصال
الأنصال
رقم القصيدة : 6231
-----------------------------------(49/332)
يسمع الأصدقاء صرير آلاتهم،
ثمة عطب في سلة الرأس
و الضفادع تنقّ
كل جريمة تسمّى .
وهم محصنون بالإثم
مجبولون على مكيدة الفراغ ،
لهم مخلب في كل عرس
يقفون بين السفينة وثقبها
القصر و منتهاه
السجن ونزيله
الدولة وعارها
الأمل ويأسه
...............
...............
الحانة و الكأس المترعة .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> السهرة
السهرة
رقم القصيدة : 6232
-----------------------------------
تنام مختلفا مع الطبيعة
ظهرك لتضرعات السهام
وتزعم أن في صمتك ما يكفي من الجنادب
لحبال الذاكرة
الوديان ترسل كائناتها سربا سربا
لتملأ الغرفة وتفسد عليك المكابرة .
هكذا كل مساء
ما إن تبدأ سهرة الخلق
وتشعل الكائنات أعناقها
حتى تفتعل عراكا
وتمضي إلى السرير عاريا من الحلم .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> تقمّصات
تقمّصات
رقم القصيدة : 6233
-----------------------------------
يَحارُ
مثل النهر النافر في ماء المرايا
كجنون النرجس المغرور
كل طينة تمنحه الخطوة
كل طائر يأتيه في جنازة
كأنه عاصفة الرؤيا ، يطل:
من أعطى يدي هوية الفقد
ومن هيأني لشهوة الخطايا
يحار
هذا موكب الأسماك حتى صخرة الجنة
هذي غيمة
يحار ، لا يسأل
لكن ناره تسرج أجناسا و تستثني
وتختار من الغابات أشتاتا
و تدعو أرغناً من قصب الهيكل
أعضاء عباءاتٍ
وتلهو في البقايا .
هائما يحتار :
هذي قدحي الأولى ، وهذي خمرة الرؤيا
فهل يعرفني بيت
وهل تفتح لي سجادة كهف الهدايا .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> رسائل الصيف مصبّات الأنهار
رسائل الصيف مصبّات الأنهار
رقم القصيدة : 6234
-----------------------------------
رسائل الصيف مصبّات الأنهار
كنا نائمَين في الصحراء
حين مر البدو على أحصنتهم
قاصدين البئر.
نهضت المدينة على أجسادنا
لكن بقيت الإشارة
إشارتك باتجاه النبع
هي ما تبقي لي
من زاد للطريق(49/333)
أستيقظ هذا الصباح وأنا مفعم بغبطة الكتابة إليكِ. أطلق صرخة من الشرفة التي تعرفينها جيدا، نحو الفراغ العميق فتصاب الطيور والأشجار المستكينة في حومة الحر والرطوبة بنوع من ذهول وترقب.
أتذكر كل خطوة معك، وحيدين أو مع الأصدقاء، كانت وعدا بسعادة، بشيء من أمان وقلب، أنا الأكثر احساسا باليتم، أستشعر الحنان متدفقا، غريزيا بشكل إيروسي، صداقي، أمومي وفوضوي.
نحن الذين اكتنزنا أعمارا كثيرة في هذا العمر القصير. وأزمنة من المرارات والخيبات والتيه، مليئين بثقل الذكريات كأنما عشنا ألف عام.
كنا نبدأ من جديد. كل علاقة حقيقية ولادة جديدة. وعد "بمستقبل" ما. رغم قرفي من هذه الكلمة حين تطلق على الكائن المتمادي في اضمحلاله.
كانت روحك الأكثر سطوعا، روحك المتدفقة بالغناء والمرح، تطوقني كيد أنتظرها من عصور سحيقة حين كنا نتجول في الكهوف والبراري.
حين رحلت، بقيت في الفندق أعيش غيابك أتنفسه، أشربه كثمرة مرّة وجميلة. لم أشأ أن أعكّر صفو هذا الغياب بالهروب الى سهرة كما قلت لي، بل فضلت أن أعيشه بتفاصيله. الإنغمار في نار الحقيقة أفضل من الهروب منها أحيانا.
لم أعد أعرف الفرق بين الحضور والغياب، كأنما الحضور ظل ذلك الغياب، جناحه المهيض، لعبة مرايا ومتاهات بينهما في وجه ثنائيات الفكر الضاجة بالتبسيط والقسرية.
نحاول أن نخلق أبديات بسيطة، أبديات محدودة بسقف الزمن فيما هي متحررة من اكراهاته، لكنها تدور في برزخه القاهر، بالضرورة، وتتلاشى في عناصره، رغم كلامك الأخير حين التقينا بعد عام في المقهى نفسه، ونظرت الى الأشياء والحيوات التي لم تتغير في مظاهرها، بأن ليس هنا
النضارة في المشاعر وذلك الألق الخفي لا نجده إلا نادرا في بني البشر المعلبين مثلما نجده في الحيوانات والطيور وحقول الطبيعة الأخرى بإشراقها وعزلتها.
هل انجرف الى نزعة رومانسية
في هذا المنحى؟
ولماذا لا؟(49/334)
ربما هذه الأبديات الزمنية الأرضية التي نعيش أو نحاول، لا تتناقض مع الأبدية الكبرى المحلوم بها، والتي لا يطالها البلى والشرط الزمني. والتي لا أعتقد أن أكبر الفلاسفة الشعراء وكهنة الفراعنة والنسّاك وآلهة الأولمب، قد عاشها الا كحلم بالغ العصيان ومستحيل، وهذا
إنني أرى الأبدية في عائلة الجبال الضخمة المتآخية وفق نظام روحي غامض لا يفنى. في كيان الصحراء الجبار. في البحار والمحيطات المترامية. أراها في الهوّام والأشباح والمجرات، أسرة حبنا الشجية. شعوبنا التي ننتظر منها كل شيء ولا شيء.
في هذا الصباح وأنا أفكر في كتابة هذه الأسطر، كنت قد قرأت عن نجمة تقع في اطار "درادوس" التي هي غيمة ماجلان، المجرة الأقرب إلينا. وفيها تقع نجمة يصفها الفلكيون بأوصاف مختلفة ومثيرة وجنسية، أما حجمها فهو أكبر من حجم شمسنا بثلاثة آلاف مرة.
شعرت بتفاهة الأرض ومخلوقاتها المدعية أمام هذا الكون المخيف اللامتناهي الملفع بصمت العظمة الحقيقية. لكني شعرت أيضا بتلك الومضة الخاطفة التي اخترقتني، كوني جزءا من لغز هذا الكون بأجرامه وأنغامه وأسراره..
كل علاقة مع امرأة رائعة عملية تأجيل للانتحار ]كان سيوران يقول كل كتاب[ للموت الزاحف من كل التخوم والمدن والثكنات.
من أي الجهات
يصدح هذا الصوت
بجرف المسافة
كإله غاضب
من الماضي أم من المستقبل؟
من كهوف القدماء
أم ناطحات سماء المدن؟
صوتك الذي يسري في عتمة أعصابي
عبر الأزمنة والوديان.
يهدل اليمام في أحشاء الظهيرة،
فأرى البحر يتدفق أمامي
خلجان طفولة وبكاء
أرى الملاك الحارس يجفل من جبل الى آخر
ظلك الوحيد الذي يتبعني
كحكاية من غير بداية ولا نهاية
حكاية الخلق الأولى بعد الطوفان
ظلك الذي يفترسني من غير رحمة.
كنت مريضا بالحمى
حين دخلت
مفرقة الظلام بأصابع ولهى
ظلام المقبرة الساجي
يغزوه مطر الربيع.
تفاحة الليل الغائمة في
هواء الغرفة
تقضمينها، بشفاه نمر.
شبح جدتك الطورانية(49/335)
وهي تنهب المارة أسلابهم.
اللبؤة الصغيرة الجائعة
الى ثدي أمها
ترضعين الليل النائم في جروفه البعيدة
تقصفين السنوات...
تنصتين الى مطر في الخارج
موسيقى تتسلل بين الجدران
ثغاء ماعز
رفيف أجنحة على نهر
أنصت الى نبضك المرتعش كغيوم متدافعه على منحدر.
كم كانت حيواناتك أليفة
وأنت تنامين أسفل
السرير
بعد شهقتك الأخيرة
مصبات الأنهار
الصيف يكتسح المدينة
الحر ثقيل ، ثقيل
أحلم بالقطب الجنوبي
والأزمنة الجليدية
لو تعود
أو يخطفنا طائر خرافي إليها
أحلم بشهر في لاهاي
حيث كنت أعيش
وسط السحب والرعود وموج بحر الشمال الهادر
وتلك العجوز البلهاء
التي طردتني من الموتيل في ليلة عاصفة
بكلبها الايروتيكي الضخم.
وحين أكون فيها
لاشك سأحلم بطقس آخر
حنين النقيض الى نقيضه
احتدام البرق نحو العاصفة.
ضغطي مرتفع
رأسي مترنحة في الجحيم.
أحس أني أكثر وحدة من قارب في محيط
تلتهمه العواصف من كل الجهات.
أتشبث بأهدابك البعيدة
أنا الغريق حتما
كأنك التميمة الأخيرة
كأنك زبد المحيط.
الصيف :
كوابيس الأجداد انفجرت دفعة واحدة
من مضيق
أحلم بمصبات الأنهار.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عودة إلى الجبال
عودة إلى الجبال
رقم القصيدة : 6235
-----------------------------------
دائما مخطوف بهيامك
أيتها الجبال المتآخية مثل أرواح صلبة
لا تفنى
ترمقين العابرين من البشر
بنظرة ملؤها الشفقة والسخرية.
منذ طفولتنا البعيدة.
التي تقاذفتها أحجارك الكريمة
وأنت تلامسين المغيب
بأروع مما يكون التوحّد بين حبيبين فرقتهما
أنواء عاصفة.
عبر دروبك الممتدة،
أحدق فيها الآن من نافذتي،
مضاءة بشموس ضارية
حفرها البشر والحيوانات المندفعة
نحو كهوف الراحة المستحقة بعد شقاء طويل
لكنها ممتدة الى ما هو أبعد
مثل ذُراك المتناسلة في عرين
لا ينتهي.
كأن الزمن لم يمر قط
كأن القيامة لفظت أنفاسها الأخيرة
كأنك سدرة الخلق ومنتهاه.
أي سر يقذفه النيزك في مساء قاتم؟(49/336)
أي حلم لموجة جاثمة تخبط ثغرك
على الشاطئ؟
مروا سريعين من هنا
مر الغجر والبداة
مرت القبائل والسلالات في حروب عبثية
البغال والحمير والجمال
الخيل الشاحبة تحت فتنة المعدن.
مرت الدول والأساطيل
ناقلات النفط وراجمات القارات العملاقة
كلهم مروا من هنا
من غير أن يتركوا أثرا أو معمارا،
لأن أي خلق سيكون صغيرا
في أزل شموخك الباهر
لأن جلجامش
لو حدّق في مرآتك مرة، ترك
البحث عن عشبة الخلود
لأن الفراعنة فكرة مبسطة من
صرامتك الهندسية.
لقد فكت أعمالهم ورموزهم
وشرحت الملاحم والحفريات
وأنت مازلت عصية على الشرح والتفسير
محصّنة أسرارك بالغموض.
]ليس الجيولوجي وانما الروحي المتسامي[
شاهدت الطوفان والزلازل والفيضانات
شاهدت البشرية تنحدر
الى مراتع الوحش.
ربما أغمضت عينيك قليلا
ربما رفست قبّة السماء
ربما سالت دمعة في الشعاب
لأنك المضاءة بالعزلة والمنفى
المجبولة بالغضب والأرق.
ولأنك تملكين القدرة على الغفران
صليت لأجلهم
صليت في محراب ذاتك
مرتجفة من فرط الندم والمحبّة
كأنك من أسلت الدماء
وارتكبت المجزرة.
أدور على كرسيّ
صنع من شمس وماء
أطل على المنحدرات المدارية
لأرى الأزمنة متجمدة
في آبارها الأولى.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> هذيان
هذيان
رقم القصيدة : 6236
-----------------------------------
لستُ في نومٍ ولا يقظةٍ
لكن الحلم الفاتن يخطفني
ذات الحلم كل يقظة
كل نوم
كوكبة تدخر النار في عرباتها
وتدفع الأكواخَ كي تتسع الطريق
وكلما وضعت عينيَّ على شئٍ تحوَّلَ
و أخذَ شكلَ البراكين
تطلق المرأة نمورها ورائي
و لا أكاد أن أعرف من الفارس من الفريسة
أرى الأطفال ينبثقون
من شجر يتدافع ، يبذل أنوثته
و النهر في غفلة التدفق
و البراكين تتلاطم مذهولة ورائي
يقودني خيط من الملائك :
هذا لك لا تفتح عينيك ولا تغفو
هكذا لا أنت في نوم و لا يقظة .
و أكاد في جمرة البهجة أضج بالأسئلة
هل الريح سرير أقدامي
هل أنا في رقص(49/337)
هل التهجّد يأخذ أقدامي إلى الطريق
هل أمشي في جحيم أم جنة
و الأرض فضاء ؟
حلم فاتن وأنا في الأقاصي
بلا نوم و لا يقظة .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> يتميمة الدهر - خواطر
يتميمة الدهر - خواطر
رقم القصيدة : 6237
-----------------------------------
قافلة تسير في ليل دامس. من غير حداء ولا دليل ولا كلاب تنبح: جنازةُ الليل الكبرى تمخر عُبابَ الزمن.
ٍ ٍ ٍ
في وقت من أوقات الغروب، ينفجر فيه قلبُ النيازك مشعلةً حرائق في السماء، تصفيةً لحساب قديم، جراحا لا تشفى.
ٍ ٍ ٍ
عند مجرى مسيلٍ قديم، شاهد لأول مرة عينين تنطفئان في الظلام. كان ذلك أول إشارة موت في جبل الوقائع والإشارات الذي غصت به حياته اللاحقة.
ٍ ٍ ٍ
يقرأ المسافر في خطواته وهي تقدح المسافة أحداثَ الأرض والسماء، خارطةَ أفلاك ومتاهات.
ٍ ٍ ٍ
كل هذه الهشاشة. كل هذه الخديعة والارتباك لجمالكِ الكلي.
ٍ ٍ ٍ
ذلك الغضبُ الذي ينتابنا في أوقات فراغ ما؛ تلك القوة الهادرة في الأعماق. ما يشبه انتقاما لا واعيا من مبدأ الكينونة نفسه. ربما هو الذي أشعلَ حروبَ العالم.
ٍ ٍ ٍ
جنرالاتٌ يرضعون الليلَ والفراغَ بمصّاصات أطفال هرِمين، مستلقين على أسرّتهم المعدنية في المنازل المهجورة التي تعج بالعظايا والرفات. لقد أنهكتهم الحروبُ والدسائس من غير أن يعيشوا الحياةَ لحظة واحدة.
ٍ ٍ ٍ
ليست الشكوى ولا غيرها ما يجدي أمام المُلمّات. لأن من تفضي إليه إما ان يشمتَ فيك. واما انه لا يصغي إليك وان تظاهر بذلك فهو في وادٍ آخر. وإما أن يعتبر نفسه وقع ضحية ثرثرة مزعجة بالإمكان تفاديها.
الصمت ربما، أو الركض على حافة منحدراتٍ صخريّة من غير الالتفات إلى الوراء، وأمامك المحيط.
ٍ ٍ ٍ
جاء إلى المقهى وهو يغالب ضحكةً تنفلت بين الحين والآخر، ليلتقي أصدقاءه، فهرعت إليه الأشباح كسحرةٍ يطيرون في الهواء.
ٍ ٍ ٍ(49/338)
تلك المرأة التي كان الجمال غريزةُ حياتها الكبرى. تتغذى من مراعيه كما يتغذى النحل من الأزهار. منعّمة حتى في الشقاء: هبة السماء لمتسكعٍ لا يحلم بشيء.
ٍ ٍ ٍ
لم يكن ويلفرد ثيسجر وهو يعبر الربع الخالي في ذلك الزمان، يبحث عن وجاهة ومجد. وأي شيء من ذلك في تلك الخارطة المترامية من العَدَم والوحشة؟ كان يمتحن ذاته، يضعها على المحك وهو يقذف بها إلى أخطر صَقْع للقسوة أنجبته الطبيعة في ولادتها القيصرية العسيرة عبر التا
ٍ ٍ ٍ
ماذا تنتظر هذا الصباح
في هذه القرية النائية
تحلق ذقنك وتخرج إلى الغابة والحقول
نظيفا مضّمخًا بالاحلام
ترقب البط السابح في الهواء
والعقاعق، تقفر من شجرة إلى أخرى
تحت مظلة من السناجب..
وأمام حقل الذرة الغزير
(بحر اخضرار وعزلة)
المتمايل بفعل ريح خفيفة،
تنام الأبقار والماعز في هدوء صيفي.
كل هذه المياه، ومازالت تمطر
كل هذه الفيضانات وما زالت ترعد.
أي قسمة اختارتها الآلهة بين الهنا والهناك
حيث اليباب والقحط
وحين ينزل المطر على الديار
تنشقّ الارضُ عن لَهبِ بركان
مصعوقةً، مرتبكةً، ظامئة.
أي حكمة لا نعرفها؟
تعرف انه سؤال ساذج
مثل سذاجاتٍ أخرى نحبها.
لكن ما تعرفه جيداً
ان صحراءك ممتدة عبر جبال الكون بأجمعه.
ملِكة أولى
مستبدّة وعاتية.
ٍ ٍ ٍ
الساعة الثانية عشرة ليلاً
موعد نومكِ
أستطيع أن أراك عبر ضوء النافذة الشفيف
تتهاوين على السرير
من فرطِ التعب والصداع بيوم صاخبٍ في مدينةٍ كبيرة
وفي الضوء نفسه تخلعين الأساور والأنهار
مزدانةً بشحوبكِ والليل.
ٍ ٍ ٍ
الحصان الذي هو من سلالة غريبة من الأحصنة، والكباش. التيس بقرونه الكبيرة يذكرني بوعول جبل الكور. وكذلك الدببة الشرسة في الصحاري القطبية، تأكل العشب الطّري، تلتهمه بشهية، من غير أن تخدشَ كبرياء الأرض. ولا تستبيح أسرارها بانتصارات كاذبة.
ٍ ٍ ٍ
لا أتذكر صديقا
إلا ويسبقني إليه تاريخ الخيانة
لا أتذكر عدواً
إلا وأرى فيه مستقبلَ البشر(49/339)
كل عاصفة تقتلعُ جذورها في النهاية.
ٍ ٍ ٍ
دوامةٌ من الأعاصيرِ هي حياتك
وأنت فيها غريق ضاحك.
ٍ ٍ ٍ
لماذا لا ترى في الحقول الممتدة إلا ألَمَك
في الأرض الشاسعة إلا الخيبة مشرقةً وضّاءة تتنظر أمام كل منعطف.
ألهذا الحد بلغ بك القرف دون سواه؟ ألهذا تهت في الأرض التي (ضاقت بما رحبت) دليلاً أعمى حيث تتجمع السُحب كأجرامٍ ميتة.
ٍ ٍ ٍ
يتماثلون للشفاء
أولئك الذين طالت بهم سكّة الرحيل
ٍ ٍ ٍ
لوسي: تنادي كلبها الغاطَس في مستنقع الدغل
صماء لا تسمع أصوات العالم.
يا لها من سعادة.
ٍ ٍ ٍ
الهائمون أفواجا على درّاجاتهم
التي توارثوها عن أسلافهم
كما تتوارث شعوبٌ أخرى
الجمالَ والحمير.
في مساء القرية القاتم
يتهامسون بأحاديث سحيقةً
طواها النسيان.
لقد أدركتهم الشيخوخةُ وسطَ سماءٍ من العشب.
ٍ ٍ ٍ
غونتر غراس. انجبَ بطلَه أوسكار القزم الذي يرفض ان يكبر، وسطَ هالة من الذعر والخوف والحيرة قل نظيرها في تاريخ الادب. طريد الجندرمة الذي اختفى وسط أمواج ملابس المرأة الريفية وهي تحرث حقلَ البطاطا زارعا بذرته في رحمها الرجراج، ويرحلان إلى حياة هادئة حتى يعاو
لحظة تكوين تليق بطفل يولد في هذا القرن وربما في كل الأزمنة.
للأدب قوة الحياة أحياناً.
ٍ ٍ ٍ
لم أكن قبيحةً ولا جميلة. لا خيّرة ولا شرّيرة
وليست لي علاقة بنَسَبِ المقاييس
كنتُ يتيمة الدهر؟ صرخة بحار تائه.
لذلك لم أرَ الأشياء والعالمَ
إلا بعيون جوارحي وحدها.
ٍ ٍ ٍ
كلاب تنبح طوال الليل
شاحنات تعوي. ولا شيءَ آخر
هواجس وذكريات
ذئاب تحتضر في صخب المدينة.
ٍ ٍ ٍ
الشاحنات جاءت من بلاد مجاورة
على متنها البضائعُ الثقيلة، والليل المحمول
على أكتافِ جنودٍ هلكوا في الحرب.
ٍ ٍ ٍ
في هذه اللحظة
الشمس تغطس في المغيب. صفرة حالكة. لا شك ستضيء أقواما أخرى تموت من البرد
ليل ألماني قصير
شمس رحيمة بالكاد تبزغ من بين أفيال الغيوم
التي تتهادى بجحافلها في الأفق
ٍ ٍ ٍ(49/340)
ضيف الضيوف: هكذا نعت نيتشه بطله وهو يرحل في أرجاء البسيطة مبشّرا بمقدم إنسان جديد.
في أي عصر سالف أو قادم سيأتي وفي أي ارض'؟ قفزة الفيلسوف في أرض انتحارات المجهولة.
ٍ ٍ ٍ
التيس بلحيته الطويلة وقرونه الأطول والذي يشبه وعولَ جبل الكور وجبالٍ أخرى في عُمان.
ارقبه هذا الصباح (الجمعة) منفصلا كعادته عن القطيع في المرعى المكتظّ بالنباتات والأعشاب التي توشك أن تكون خمائلَ وأَجَمَات. يرعى بطمأنينة، يحك رأسه أحيانا من ذبابة خضراء تطن. يرمق القطيع بمؤخرة عينه كأنما ينزو أو حلما راوده البارحة حول نعجة في القطيع. الح
ديك يسقع وسط دجاجات مُترَفة.
انها الظهيرة. ظهيرةُ العتمة.
ٍ ٍ ٍ
التليفون الذي سقط من جيبي فتناثرت أحشاؤه كقتيل في غابة.
ٍ ٍ ٍ
القتلى يسدون الطريق صراخا واحتجاجا
يملأون الفضاءَ بالنحيب
من تحت مخدتي اسمع ضجيج القادمين من الأفق
بحارة وقراصنة. رعاة إبلٍ ومتسكعين شعراء. وقتلى في حروب عبثية.
ٍ ٍ ٍ
مليئين بالعرق الرديء والحمّى
ناموا على أسلحتهم الصدئة
بينما البرابرةُ يستبيحون البلدة.
ٍ ٍ ٍ
كان يزهو بخُيلاء فتوحاته حين سقط في مستنقع الفضلاتِ غاطساً من غير اثر.
ٍ ٍ ٍ
لو اجتمع المفكّرون العرب ذات مرة على ارض متاخمة لهرب العدو من فوره. ليس خوفا بالطبع.
وانما راحة من ضجيجهم وإستيهاماتهم و... ليبحث عن ارض اخرى.
ٍ ٍ ٍ
العلْبة التي رميتُها البارحةَ على حافة الساقية، مشعّة في ضوء البروق بعزلتها الصباحية، تدافع عن حقها في الوجود ضد القدم الساحقة.
ٍ ٍ ٍ
كل صباح أصل إلى حدود ذلك القصر المهجور. أقف أمامه، صامتاً مهيباً تعْوي فيه الريح. ويبدو من فرط حضوره وهيمنته على بقية أجزاء المنطقة كالثقب الأسود وهو يجتذب المجرّات الهائمة في مجاله المغناطيسي. تخيلته أحد قصور دراكولا وربما هنا صوّر المخرج الألماني هرتزوغ
ٍ ٍ ٍ(49/341)
كل تلك الأوقات التي صرفناها بالتفكير في الموت. كل تلك الارتجافات والهواجس، وهو لم ينفق لحظةً في التفكير فينا. وحين يأتي بصواعقه المباغتة. ليس ثمة مجال للتفكير. ليس ثمة كائن اصلاً.
أي نبع لا يطاله الجفاف مقذوف في عرينك أيها الفناء؟
ٍ ٍ ٍ
اليوم أعدت قراءة محور كومبروفيتش في مجلة (نزوى) أديب ضد الأدب. ضد نفسه. ضد كومبروفيتش. يحلم بقتله بمحوه كيلا تهيمن الصورة على الأصل الذي كانه. كيلا يصبح عبدا لكومبروفيتش. حيث الأدب متشربا ماء الحياة حتى أقاصيه. متدفقا عنيفا متمايزا مثل مذنّب يجر ذيلَه الب
ترى أليست رواية (الإرهابي) نوعا من سيرة لهذا الكاتب وبقليل من الاستقصاء. تلك الرواية التي ترجمها سعدي يوسف على نحو رائع؟
ألا يمكن ان يكون الإرهابي القاتل هو الرغبة التي تنبثق من بين أضلاع كومبروفيتش لقتل صورته. لعبة مرايا الذات في تشظيها وازدواجها بين الاصل والصورة. الفن والحياة؟
كوميروفيتش. درس للأدباء المتبجحين بفخامتهم الأدبية.
ٍ ٍ ٍ
للغربان نواح الثكلى وهي تعكف على بيوضها، مهمهمةً بالمأساة. كل الولادات يختزلها نواحُ غراب.
ٍ ٍ ٍ
أين ضوء النجوم الذي كان غائرا في العيون. أين تلك القرى النجميّة في مساءاتنا البعيدة؟
ٍ ٍ ٍ
يعود الراحلون إلى ديارهم الاولى، لتعميق خرائب الروح والزوغان في المنازل المهجورة التي تخلع مفاصلَها الريح.
ٍ ٍ ٍ
لوسي: كلب المرأة الصماء الجميلة، اشتبك مع كلب آخر. دارت معركة حامية الوطيس، لكن من غير دم ولا جراح. تقلباتٌ على العشب وغمغمات ونباح كأنما الصراع في جوهره كان صراعا جماليا للمتعة وليس شيئا آخر.
ٍ ٍ ٍ
في نزهة المساء التقي بالشاعر الأيسلندي على دراجته يجوب الحقول. قبل أيام سألني هل نجيب محفوظ تركي؟ اليوم يسألني عن أشياء أخرى وعن ماذا أعمل. قلت له ربما أكتب نصا جديدا أو انعم بالطقس ومراقبة الحيوانات وهذا يكفي. حدثني عن أيسلندا الصغيرة والطقس الذي هو نقيض
ٍ ٍ ٍ(49/342)
السماء محتقنة كمخاض. رذاذ ناعم على الرأس.
قبعة رجل عجوز تسقط في بركة آسنة. طيور سوداء كثيفة تحلّق على انخفاضٍ لتحطّ على قصر الكونت دراكولا مضيفةً لمسة غموض على وحشته. هيتشكوك يقترب بكاميراته الخبيئة بين الأشجار ليصور فيلمه (الطيور) هرتروغ أنجز فيلمه ورحل.
ٍ ٍ ٍ
أغرب الكلاب قاطبةً، كلب جارتي النحاتة الاسكتلندية، فهو يقضي وقته في النباح مثلما تقضيه هي في نحت الأشكال والأجساد، في نحت مخلوقاتها الخاصة، فكأنما نباحه دعم معنوي لها في رحلتها اليومية. هو يتسلى بنباحه كنداء للمجهول وهي بإزميل الخلق الإبداعي ومغامرته في ا
ٍ ٍ ٍ
العالم موحش كأنما يجترّ حطامَ ليلته الأخيرة في قلبي: دمشق قبل عشرين عاماً.
ٍ ٍ ٍ
هذا الشيء جميل لولا.. هذه المرأة جميلة لولا.. هذا البلد.. لولا.. هذه القارة. هذا الطقس - هذا الكاتب. هذا الحاكم. هذه الأرض. هذه الحياة. هذا الموت - هذه الجنة.. هذه اللولا الباسطة جناحَها ونفوذَها بهذا القدر الأخطبوطي، من الأزل إلى الأبد وما بينهما من نقصا
ٍ ٍ ٍ
ليس كالبكاء مطهراً لأحزان مدلهمة. مع الأسف لا نستطيع البكاء بسفح الدموع التي تندفع نحو الداخل حافرةً أخاديدها التي لا تبرأ.
المرأة تستخدم الدموع بمهمة مزدوجة: للتطهير وإخضاع الرجل وافراغ غضبه وسطوته.
ٍ ٍ ٍ
في كل بلد عشتُ فيه أو رحلتُ إليه، لا أجد أي اندفاع عندي تجاه قاطنيه الأصليين ومواطنيه، وانما وبشكل تلقائي نحو مغتربيه ووافديه. شجرة الاغتراب الراسخة التي رضعنا حليبها باكراً.
ٍ ٍ ٍ
الجنة بدون ناس ما تنداس (مثل خليجي) بالعكس ستكون اكثر جمالاً ونضارةً وسحراً.
ٍ ٍ ٍ
نكأَتْ جرحا سحيقاً، وإذا بالماضي يتدفّق ماثلا رهيبا يحتل المشاعر والمكان بأكمله. نقطة الخطر. مثلّث برمودا الجحيم رابضاً في الأعماق.
ٍ ٍ ٍ
الحقيقة البشرية عارية في لَهبِ المغيب.
ٍ ٍ ٍ(49/343)
تلك الشعوب التي أدمنت الذلّ والعبودية حتى اصبحا جزءا من طبيعتها النفسية والعضوية. أي فلسفة تسعف في تحليل ما جرى؟ نمط الإنتاج الآسيوي. طغيان الشرق. سيكولوجية الجماهير والسلطة.. الخ.
ٍ ٍ ٍ
لم يشعر بأزمة منتصف العمر ولا غيرها أمام أزمة وجودٍ بأكمله. مربط الأزمات وبيت قصيدها.
ٍ ٍ ٍ
دفعتني رداءة المطاعم للذهاب إلي السوبرماركت وجلب ما يلزم من مؤونة للطبخ، الذي هو طبخ تجريبي على غير نمط سابق، عدا الطبخة التي علمتني اياها كلود رحمة ذات مرة وهي مرقة الدجاج بماء الطماطم.
الاعمال اليدوية تطلق سراحَ الخيالِ أحيانا.
ٍ ٍ ٍ
نعتاد على شيء لا نلبث ان يهجرنا أو نهجره إلى آخر. ربما هذا القلق بجانب اعبائه وعذاباته، نوع من حصانة ضد العبودية.
ٍ ٍ ٍ
اتصلَ صديق وزوجته من الكتاب، قالا، إن شروط اللجوء وآلامه افضل مع التفكير بعقل حر.
ٍ ٍ ٍ
لو كانت أوروبا تقبل كل من تقدم اليها من العالم الثالث لأُفرغتْ قاراتٌ عن بكرة أبيها.
ٍ ٍ ٍ
اتصلت بفاضل. اتفقنا أن نذهب إلى هولندا القريبة، فالقرية اقرب للمدن الهولندية منها إلى معظم المدن الألمانية. تحدثنا عن روايته الجديدة وبأنها افضل أعماله (الأسلاف) وبالفعل ثمة توسيع وتعميق لطرائق السرد والمناخات التي كانت تضطرب في جنبات سابقتها (آخر الملائك
ٍ ٍ ٍ
ألتقي بالشاعر الأيسلندي يجري تحت المطر معتمرا قبعة، تبادلنا تحية عابرين، اجراس الكنيسة المجاورة تقرع على ايقاعات الاناشيد والخشوع الروحي. المكان فارغ اكثر مما كان. تذكرت كاتدرائية كولون التي دخلتها قبل أيام. تلك الآية المعمارية الفريدة، ضاجة بالطقوس والبش
ٍ ٍ ٍ
اتصلَ عبد الملك وأحمد قالا إنهما سيأتيان لزيارتي لو ضبطا مكان القرية في خضم الخريطة الألمانية.
ٍ ٍ ٍ
طافت به تهاويم حب قديم. طفولة عتيقة. قال. إلى الجحيم كل ذلك الحُطام الذي عذبني.
ٍ ٍ ٍ(49/344)
يلتقي الغرباء صدفةً في الحدائق العامة، ليقرأ كل واحد حيرتَه العريقة في وجه الآخر من غير سلام ولا كلام.
ٍ ٍ ٍ
الحصانُ الأشهبُ الفارع يعدو سابحاً في ضبابِ الحقول.
ٍ ٍ ٍ
طائر يصدح على نافذتي كل يوم، يمنحنى لحنه النهاريّ هديةً من حبيب بعيد.
ٍ ٍ ٍ
براءة المعرفة اكبر قوةً نواجه بها توحش الاشياء والثكنات وثقيلي الدم.
ٍ ٍ ٍ
ليس الندم إلا من شيم النفوس التي طوّحت بها الأحاسيسُ العميقةُ بعيدا عن دوائر القطيع وتواطآته.
ٍ ٍ ٍ
ليس للموت حسابات مسبقة، حسابه الوحيد حصد الأرواح من غير عدّ ولا حساب.
ٍ ٍ ٍ
الشاعر الذي همه الوحيد استقطاب الجماهير بالصالح والطالح من غير اعتبار جمالي واخلاقي وانساني، هو اقرب إلى السماسرة والمهرجين منه إلى عالم الشعر الحق.
ٍ ٍ ٍ
دعك مما يقوله الآخرون. أي سر سيبوح به هذا المساء. أي قصفٍ ستتبادله مع هوام الليل وثيران البحار.
ٍ ٍ ٍ
يغرز يده في عشب امرأة حتى يصلَ إلى قاع الأبدية.
ٍ ٍ ٍ
شاعر ذلك الذي يتحرج مع عبارته إلى أعماق هاوية لا قرار لها.
ٍ ٍ ٍ
كان وقورا وصالحا في قومه. صاحب أطيان، مستقيما أيما استقامة في كل ذرات حياته وجزئياتها. مات رحمه الله قبل يومين بذبحة صدرية. ترك إرثا لا يستهان به. ستتقاسم استقامته من غير اعوجاج أجيالٌ لاحقة. رثاه شعراء بقصائد طنانة ذرفوا الدمع دماً كنائحات بالأجرة.
ٍ ٍ ٍ
هذه الرحلة من بين رحلاتي الضاربة في شتى الامكنة، حملت خصائصَ طريفة من بداية انطلاقتها. فبعد توقف دام 8 ساعات في امستردام وصلت بعد منتصف الليل، فاذا بالحقيبة لم تأت ظللت في امستردام وبقيتُ في انتظار مجيئها الذي تحقق بعد يومين . بعد عودتي نحو المطار مرة اخر
عانقني كصديق قديم. أحسست بمتعة من اجتاز نفقا من الكوابيس والأشلاء.
ٍ ٍ ٍ(49/345)
أصحو من نومي. افتح النافذة، السماء تمطر بشدة، نحن الآن في منتصف الشهر السابع والطقس يشبه كثيراً طقس الشتاء. سكون وهدوء مطبقان. تتصل المرأة العريقة في الذاكرة تقول ان سعد الدين ابراهيم اعتقل بتهمة التجسس لامريكا.
وقالت من الضروري ان نلتقي في بحر هذا الصيف. بعد ان أغلقت سماعة التليفون احسست بشوق فعلي اليها.
تتصل صوفي تشتمني على انقطاعي. البارحة رأيتنا معا على متن باخرة سائحين في ربوع العالم من غير هدف.
اشرب الشاي ألبس ملابسي وامضي تحت وابل من المطر. تذكرت بطل هيمنجواي في (وداعا أيها السلاح) بعد موت حبيبته يخرج متنزهاً تحت الأمطار الغزيرة يشاهد تفتحات الطبيعة وولاداتها. أمضى صوب إدارة القرية حيث (أنيتا نويمان) المسؤولة الإدارية لشؤون ضيوف القرية. امرأة
تطفح بانوثة واضحة. كنت قبل أيام سألتها إن كانت من القرية نفسها، أجابت بأنها من قرية أخرى صغيرة جدا لا يتجاوز عدد سكانها المئات. تخيلت إنني ذاهب معها إلى تلك القرية نتجول في حقول طفولتها المعرّشة بالكروم والنباتات المختلفة. وحيدة مليئة بالعزلة والبحث اللا
اخرج إلى الغابة التي كانت خالية لكنها ليست موحشة فثمة ما نأنس به في الطبيعة اكثر من بني جنسنا أحيانا. أقول أحيانا لأن واحدا مثلي لا يدعي امتلاك تلك الطاقات الروحية التي تملكها قلة من بني البشر. وهي قلة محظوظة في امتلاك الإرادة الحرة الجبارة في التحرر من ا
ٍ ٍ ٍ
الدجاج مع الطماطم والبصل والثوم يغلي في القِدر. هل عليّ أن أفكر في حياته وموته. وكيف دارت عيناه في نظرة أخيرة تحت سكين الجزار أو في مفرمة عملاقة.
ٍ ٍ ٍ
طيف أمي متعَبة، شحيحة البصر، لا تمشي إلا مستندة على ولد أو حفيد، دائما يقربني من نهاية العالم. أتذكر أول وداع ودّعتني من بيتنا القديم في مطرح، ملوّحة بيدها النحيلة والدموع تنهمر ساطعة في ظهيرة ذلك اليوم، مؤكدةً عليّ الرجوع السريع وعدم الغياب، الذي اتخذ لا(49/346)
من اين لي ان أفي بذلك الدَيْن الذي صار يثقل حياتي بمشاعرَ باهظة؟
ٍ ٍ ٍ
هذا القبسُ الذي يعبُر السماء رسالةٌ من نوركِ الأزلي.
ٍ ٍ ٍ
الكتابة كالحب توسع شرنقةَ المكان. تغوص فيه لتستخرج أبعادَه الخفية وتبتكر أبعادا أخرى اكثر جمالا. تحوّل القبر إلى فضاء فسيح والحصارَ إلى جنة موعودة. هكذا بقدرة سحرية لا يعود الكائن هو الكائن ولا المكان هو المكان. كم من العلاقات في تاريخ البشر تلاشت إلا تلك
ٍ ٍ ٍ
مطر ورياح وفيالق سحب تغري الشياطين بالسباحة في الافق.
ٍ ٍ ٍ
ذئب يجفل من ظله في الظلام القاتم.
ٍ ٍ ٍ
لا عزاء لأولئك الذين رأوا ذات مرة، ذات دهرٍ، بمنامهم ويقظتهم وبأقصى أعماق وجودهم، ما آلت وتؤول إليه أحوال العالم والبشر؛ حتى لو سَخَت عليهم الحياةُ وهي غير سخية لامثالهم.
ٍ ٍ ٍ
غالبا ما يكون الحلم عن الأوغاد، حجرُ عثرةٍ أمام الحياة.
ٍ ٍ ٍ
ذلك القاتل المختبئ بين الأشجار، وريث القساة السطحيين.
ٍ ٍ ٍ
كم من الهناء ينعمُ به تيس جبل الكور وهو يغمض عينيه ويفتحهما بعد جلاء السحُب.
ٍ ٍ ٍ
اليوم دخلت غابةً جديدة يتصدرها تمثال للعذراء وهي تحتضن سيدنا عيسى المسيح، طفلاً. تقدمتُ خطوات بين الأشجار بمزيج مشاعرَ متناقضة. أحسست بخوف وجلال غامضين. استحضرت الغابة السوداء. مهبط أفكار الفلاسفة الألمان؛ ولكن ليست هي بالتأكيد، فتلك تقع في منطقة أخرى واك
لقد رحل الفلاسفة باجسادهم وبقيت الغابة والافكار والاحلام في اخاءٍ عميق، محتفظةً بما خفيَ من السر.
ٍ ٍ ٍ
غالبا ما تخفق الامم الكبيرة في تاريخها وتصاب بالهزائم والنكبات. لكن روحها الحية تبقى عصية تسري في دم السلالات، موقد قيمٍ لا تطفئه الايام. هل نستطيع توسل الكلام نفسه عن أمة العرب الآن؟
ٍ ٍ ٍ(49/347)
يعود الرعيان وكذلك الصناع وأرباب الحرف والكتبة وأصناف البشر الأخرى، في مساءات المدن والقرى، إلى منازلهم ينعمون بالسكينة ويمارسون حياة بهيجة حالمين بيوم آخر مفعم بالحبور؛ وحده الملتاث بغربةٍ لا نهاية لتخومها يجلس في ركن شبه معتم يكتب مذكرات يأسه عن قرن قاد
ٍ ٍ ٍ
ما دمت مريضا وانجز الجميع مهمتهم بمثل هذه الضراوة. فلماذا اشفى؟ الكي اسقط في حفرة مرض آخر؟
ٍ ٍ ٍ
ليل بعده نهار ونهار بعده ليل. فصول متعاقبة في دورتها الفلكية. نجوم في السماء وبشر وحيوانات على الارض ، موت في حياة وحياة في موت بصحراء لامتناهية. أليس من تصحيح ممكن
لسقطة الوجود الأولى؟
ٍ ٍ ٍ
عبد الرحمن منيف. في كل رواية يسوّد آلاف الصفحات حتى امتلأت الرفوف بملحمة التحولات التراجيدية لزمن عربي يوغل في انحداره. حكاية واحدة بتجليات أمكنة مختلفة تقول التاريخ والحاضر في انكسارهما المتواصل بزمن لم يعد أحد يقرأ فيه حتى كتب الطبخ والموضة، بعد ان اغلق
ٍ ٍ ٍ
استيقظ من نوم ليس خاليا من الارق والاحلام وان كان أخف وطأةً من ليال اخرى فكأنما ولدتُ من سلالة احلامها وكوابيسها اكثر وقائعها تَعيّناً أو ان الزمن مناصفة بين الاثنين.
أتذكر لقطة من حلم البارحة. رأيتني اصعد سلما بغية الوصول إلى سطح أو قمة ما. لكن حين اصل قريبا من السطح يصيبني عجز مفاجئ فلا استطيع الاستمرار. افكر في نومي ان اقوي عضلاتي وأهتم بصحتي. اصعد مرة اخرى فيصيبني الضجر في منتصفه واقفل راجعا. يبدو واضحا ان هذا الحل
اخرج إلى الشارع العام الوحيد في القرية باحثا عن مقهى. مسحت الشارع كاملا وسألت من غير جدوى. افترسني احباط. اخذت اجري تحت عصف المطر. شاهدت عجوزا تصرخ. لان كلبها احتجز نفسه في فترينة محل تجاري رأيته من وراء الزجاج يوهوه كأنما يختنق. اتصلت ليلى راسمة لي خارطة(49/348)
كم من أوقات الافلاس ألمت بنا بحيث نظل نحوم كالمنبوذين متلهفين للدخول؟ ذات صباح وبمحض الصدفة التقينا، كاظم وصمويل واحمد أمام مقهى بعينه معروف في المدينة، تحت المطر الكاسر ونحن لا نملك قرشا للدخول منتظرين الفرج من أي صديق ينقذنا لوقت آخر.
ذات مرة كنا في ذروة الافلاس ايضا وكان يوم أحد، ولم نعدم الحيلة حين وجدنا ثلاث زجاجات من العطر جاءتني هدية في ذلك الصيف. ذهب صمويل لبيعها بابخس الاثمان لصاحب حان؟
في مسقط تعودتُ عدم الجلوس في المقاهي إلا نادرا. كنت اقضي سحابة يومي في فندق البستان الكبير. فهناك مقهاي وحديقتي وبحري. وهناك طيور الصفرد (الدراج) ذات الاصوات الجرسية المتكسرة كحزمة انغام يقذفها السيل من قمة احد الجبال المحيطة. وهناك الاسماك الصغيرة تقفز ج
ٍ ٍ ٍ
من يرأب الصدعَ العميقَ في ذلك الجدار الذي عششتْ فيه الأفاعي وفَقَست بيوضها السامة.
ٍ ٍ ٍ
بركان يتلوّى من فرط احتقانه كي يجهش بالبكاء.
ٍ ٍ ٍ
ربما تحرشتُ بالكونت دراكولا وهو الوادع في قصره بين نسائه الكثيرات، نساء دراكولا الفاتنات، يصغي إلى نحيب الذئاب ويقول (هؤلاء اطفال الليل يغنون)، فقد ارسل لي هذا الصباح اشارة غاضبة؛ عبر مسافة طويلة من قصره ينبلج كلب يزن ثلاثة ذئاب حجما وعنفا؛ كأنما انشقت عن
ٍ ٍ ٍ
اجلس على كرسي في الحقل المجاور للمنزل اقرأ كتابا. يمر شاعر من المانيا الشرقية سابقا ورسام من هولندا سألته عن المسافة التي تفصلنا عن لاهاي. قال لا تتجاوز الساعتين. كان الشاعر الالماني اشقر بشكل لافت ذكرني بايام الكومسمول الآفلة، يبدو ان الالمان الشرقيين ا
ٍ ٍ ٍ
اتصلتُ بصوفي على أن تتصل بي لان نظام افراغ البطاقات الالمانية معقد ولم اعتد عليه. اتصلتْ بعد قليل. كنت في مقعد في الحقل المجاور الذي رميتُ على حافة ساقيته قبل أيام العلبة الفارغةَ والتي ما زالت تدافع عن وجوها ضد الطقس واقدام البشر خاصة الصبية - قالت صوفي
ٍ ٍ ٍ(49/349)
اتصل محمد وطالب وآسيا وأشرف في يوم واحد. في آخر المكالمة سألوني ان كنت اريد رطبا، فالحر على اشدّه، قلت. الرطب للصامدين في المكان وأنا هذا العام انسحبت من جبهة الصمود. شكرتهم، اتصلت المرأة العريقة في الذاكرة. قالت انها تجلس بنفس المكان الذي جلسنا فيه ذات ي
ٍ ٍ ٍ
اخبرني فاضل ان ثمة الفي صندوق لمؤسسات خاصة وافراد لدعم الثقافة بالمانيا في مختلف انشطتها وتجلياتها. اما دعم الدولة فيصل إلى مئات الملايين. على سبيل المثال مسرح برشت يتلقى ما يعادل مبلغ ثلاثين مليون دولار سنويا كدعم خالص. لا أريد المقارنة مع الوضع العربي.
ٍ ٍ ٍ
أرنب يرعى في الحديقة وطائر يشبه البلبل يصدح بلحنه الفريد. تمر الفنانة التي هي من مدينة دوسلدورف الاكثر جمالا ورقة، تمر محييّةً. قبل فترة افتتحت معرضها التشكيلي. وجهها الاكثر حضورا في ذاكرتي بقي يحييني دائما عبر الغياب.
ٍ ٍ ٍ
حشرات الصيف تغرد، مرجئةً موتها لشتاء قادم.
ٍ ٍ ٍ
يجلس الغرباء في الزوايا كأنما يؤصلون عزلةً سحيقةً في النفس والمكان.
ٍ ٍ ٍ
صرخة الألم. صرخة الحرية. أيهما اسبق؟ هذا هو النموذج المدرسي لترَف المعرفة.
ٍ ٍ ٍ
روح اللامبالاة ببهوها الشاسع، هي التي أبقتنا أحياء وإلا فطسنا منذ زمن بعيد.
ٍ ٍ ٍ
كان لا يبالي بالإبادات والمظلومين من فرط ما نام مع الضحايا على سريرٍ واحد.
ٍ ٍ ٍ
كل شيء يتراجع ويختفي مع الأيام إلا حدث - جرح بعينه. يظل يؤجج نفسه باستمرار جذوة لا ينطفئ لهيبها، كأنه القدر الذي كان عليه أن يودي بحياتك مبكرا، ولان ذلك لم يحصل فيظل يلاحقك حتى النهاية.
ٍ ٍ ٍ
حشرة تزمجر في الأواني الفخارية المركوزة منذ زمن في ركن البيت القديم: كم من العصور تزمجر، هادرةً في أعماق المكان.
ٍ ٍ ٍ(49/350)
اتصل عبدالله قال: قبل عودته إلى انجلترا، ذهب إلى مكتبة في بلده الرستاق ليأخذ العدد الجديد من مجلة "نزوى"، أجابه صاحبها انه منع توزيعها في مكتبته بعد أن وصل إلى سمعه عبر إشاعة رائجة أن كتابها من (العلمانيين).
ٍ ٍ ٍ
تتساقط الأيام مطرا ثقيلا على رأسك، مطرا أسودَ وأنت تحدق في نهر لا أول له ولا آخر، نهر المخيلة الذي يجرف الوقائع والأشياء والحيوانات إلى مثواها الأخير، صانعا منها عجينة الكائن الموغل في فنائه.
ٍ ٍ ٍ
ينهمر المطر على النهر انهماراً يقتبس من الشعر أَلَقه المكلّل باقواس قزح تقطرُ مطراً وصحواً كأنما الانوثة والشعر ينهمران على جسد النهر.
ٍ ٍ ٍ
انظر إلى طمي النهر بعد ان افرغت حمولتها، ديمةٌ قوية، تتحرك مياهه في كل الاتجاهات حتى يغيم مجراه الحقيقي في الدوامة الناضحة برائحة العشب والقعت التي هي رائحة الولادات المتجدّدة للمياه. متذكرا أودية عُمان في عصورها الجيولوجية السحيقة، حين كنا نسأل أمهاتنا ا
ٍ ٍ ٍ
يجرجر احشاءَه على رصيف الميناء، بعد ان حصده رصاص القَتَلَة المختلط بصفير السفن التي كان يلهث نحوها بغيةَ الهروب.
ٍ ٍ ٍ
لماذا يستفيد من دروس حياته؟ وأي مسار سيصحح بها، في ظل هذا التشوش والاختلاط. في ظل انهيار الجهات جميعها. حيث لا يتراءى للعين الا شبحُ الموت وحيداً مشرقا في ربوع الصحراء؟
ٍ ٍ ٍ
في هنيهة عابرة (غالبا في الصباح من غير سهرة قاصفة) يحتضن أيامه كنساء عاشقات.
ٍ ٍ ٍ
بين مقهى في شوبنغن وآخر قريبا من هيثرو، يتجمع سائقو الشاحنات وعمال القمامة بملابسهم الصارخة يحتسون المشروبات، منخرطين في أحاديث يغص بها الفضاء والطرقات كأنما يتنفّسون الحياة بعد عزلة ليلهم البهيم.
ٍ ٍ ٍ
بطيئة تمر السحابةُ، لكنها لا تشبه هريرةَ الأعشى وهي تمضي إلى بيت جارتها، ولا نئوم الضحى عند ابن أبي ربيعة؛ وانما تجر برسغها عرباتٍ ثقيلة، ناقلات سجّانين في ظلمةٍ قاسية.
ٍ ٍ ٍ(49/351)
تنفجر الوردة في قلب المنظر العام للورود، معبّرةً عن قدرتها في التحول إلى غابة.
ٍ ٍ ٍ
يمكن للسعادة أن تقفز من غيمة إلى أخرى. ومن حيوان أو نهر إلى آخر، لكنها ترفض أن تحط على ارض البشر بعد أن نزل الزمن والتاريخ بثقليهما على أكتافهم وروابيهم.
ٍ ٍ ٍ
يمشى هائما في الطريق يصطاد العبارة تلو الأخرى كما تصطاد شباكُ الغيوم في منحدراتها الوميضَ الخاطف.
ٍ ٍ ٍ
هذه اليد الطالعة من نعمتها الخاصة، من اعماق البحر وعلى ضفتيه النوارس هائجة في موسم السفاد، تمد لي دائما تلويحة الرحمة.
ٍ ٍ ٍ
لم يعد التفكير في الحياة أو الموت هو المهم، وانما كيف نعبر هذا المضيق بأقل فداحة من المصائب والآلام.
ٍ ٍ ٍ
مزّق النمرُ فريستَه شلواً شلواً ونام يحلم بفريسة اخرى. دَفَن الحانوتيَ خامسَ جنازة هذا اليوم ومازال نَهمُه لا ينطفئُ له سُعار.
ٍ ٍ ٍ
امرأة السرير غيرها امرأة المخيّلة. ولا تجتمعان الا في لحظاتٍ تشبه بروقا عابرة.
ٍ ٍ ٍ
ممر طيران عاصف. كل دقيقة اكثر من طائرة تحلّق على انخفاض متوّسط حيث مجثمها القريب الضاج بكل جنسيات العالم. اظلّ احدق فيها ليلَ نهار محتدما بالهوام تصدح في رأسي. بالامس انفجرت طائرة الكونكورد لاول مرة في تاريخها. حتى الاثرياء مهما كانوا محصّنين بقدرات التكن
لم أشاهد بحياتي طائرة تنفجر هكذا مباشرة إلا في الأفلام. لا استلطف ذلك يكفيني ما أعانيه من انفجارات في رأسي. لم تعد هواجس الفناء تستحوذ عليّ حين اركب الطائرة كما في الماضي، قلقي في السيارات اكثر منه في الطائرات والقطارات.. أنا الآن عل مقربة من الفجر، حيث ت
ٍ ٍ ٍ
في أوقات كثيرة يتبدى معظم الوضع العربي (ثقافيا) دعك من شيء آخر، وكأنما الجميع انخرط في مشهد هذيان جماعي يقوده قراصنة شرسون فقدوا كل أمل بالعودة بعد تحطّم سفنهم وتحولها إلى أشلاء. يختلط في هذا المشهد كل انواع العُصاب والهلْوسة والهيستيريا وما لا يطوف بذهن(49/352)
كأنما ثأر قديم يحرك عملية انتقامية جبّارة. كأنما تراكم ميراث الانحطاط والقمع ينفجر على هذا النحو العجيب. لقد فقدت الاشياء والقِيم كلّ قِوام لها.
انها ليست الفوضى الخالقة والغضب الذي ينم عن طاقة النقد والاحتجاج. انما الانحدار المقيت لانسانية الانسان وميراثه القيمي الذي ناضل واستمات من أجله طويلاً طويلاً جدا في الزمان والمكان والموجود في ادنى فئات المجتمع حسب السلم المتداول.. ما الذي يمنع سائق الشاح
ٍ ٍ ٍ
ما الفرق بين فجر مدينة واخرى؟ وحتى فجر القرية التي تصحو على غبش اصوات الدِيكة والجنادب وحيوات الطبيعة الصافية وليست العربات والضجيج؟ لا أُكاد المح الا الشبح وهو يعبر في تهاويل الظلام، مرآتَه المقعّرة؛ لا اكاد ألمح الفرقَ إلا لماما.
ٍ ٍ ٍ
لقد لمحتُ الفرق بين فجر المدينة وفجر القرية الزاحف بروائحه ومخلوقاته الحييّة، يعبر روحي بسكينة طفلٍ حلمتُ به قبل ولادتي، يكاد ينفجر فرحا في وجه العالم. لكن بعد فترة ضجرت من السكينة وملاحظة الفروق.
ٍ ٍ ٍ
كان ينتظرها في القرية الوادعة على مشارف جبل قاف، لتضفي مسحة جمال على روحه الخرِبة، لكنها لم تأت.
ٍ ٍ ٍ
أولئك النساء اللواتي توارين في الغياب. هل بقي فمٌ صالح للقُبلة مثل مكان للسكنى، بعد أن افسد الدخان والخراب كلّ شيء؟
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> القمر (الضاحّ)
القمر (الضاحّ)
رقم القصيدة : 6238
-----------------------------------
كنتُ أرقبُ طلوع القمر من ساحل "البستان" بتعرّجات جباله المسنّنة. كان قد بدأ في الظهور بما يشبه تهاويل نائم على سفحٍ، ثم كشتلة تتفتح تدريجيّا لا تلبث أن تتحول إلى غابة عائمة في الأفق؛ بلطخة الحبر المائلة للسّواد، تميمة القمر في أسفاره اللامتناهية ينير ا
ٌٌٍ
ها هو فجر الصحراء والجبال ينشقّ مع صوت المؤذنين ويعبر قارة غامضة من الأطياف والظلال الثقيلة...(49/353)
اكادُ ألمحُ حشدَ العميان في القرى البعيدة وهم يهرعون من المنازل شبه المهدّمة نحوَ المساجد كأنّما يطلقون صوتاً واحداً أو صرخةً تحمل في تضاريسها طحالب النّوم والألم وتلك الوَحْدةِ القاسية.
ٌٌٍ
كلما تسمو بي لحظة تفكير خاطفة نحو سماء الروح ورفعتها اللامحدودة، أفاجأ بمطب أو حفرة تستغرق وقتي لتفادي السّقوط في غياهبها الموحلة.
ٌٌٍ
يحمرّ الأفق، تزفر الرّيح ويزحف الموج كجبال مزبدة بالغضب، وأنا مضطجع على العشب الطري فريسة أنياب خفيّة، منتظراً لمسة الملاك المفاجئة.
ٌٌٍ
تُزهرُ التناقضات في سريرةِ الكائن وطواياه، جرفٌ تلطِم فيه الأمواجُ بعضها، مرْعَى وحوش ضارية في قفرٍ. هكذا يولدُ الجمال والحب من براثن هذا العمق الهادر.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الغابة
الغابة
رقم القصيدة : 6239
-----------------------------------
هذه الدسيسة
جرس الضريح وتفاحة تفضح الآلهة
لتكن فاكهة الحكمة شهية و حارّة
ليبتهج الطقس بثعالبه
ويضاهي صلافة الصيادين و أفخاخهم
فالغابة تخون الشجرة و تدس في أخبارها
ما من نبي إلا وصلبته في الصنوبر
غابة تسوق القطيع نحو الفأس و النار
لا لغة تدرك الكلام
وليس للماء حرس غير النيازك
مرة بسط الماء مخلوقاته ومنحها تاج الأسئلة .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> البحارة
البحارة
رقم القصيدة : 6240
-----------------------------------
... لكن كم من الضمادات ستعوزنا
لنحصي جراح هذه الأرض
وكم من المراكب
لنقنع الماء بيقظة السواحل
وكم زجاجة سترشدنا إلى الذاكرة
و أنت أيتها الهتيكة
ماذا ستطلبين لاستعادة الفضاء وفرقة المغامرين
كان لنا أن نصون احترازنا
و نرأف بذلك الانتظار الشاسع
كان لنا أن نعبئ الحرب في المستنقعات
وننساب في جرأة الموج
ونحشو مدفأة الكوخ بالمبتكرات ومحظيات المخيلة
الآن ينبغي أن نقذف المرساة
ونعد الأرض بغواية جديرة
ونقول للماء : أيها السيد .(49/354)
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الجسد
الجسد
رقم القصيدة : 6241
-----------------------------------
جسدٌ
يهب المداعبة بهوا من اللذائذ
ما من نبضة إلا ونحن هناك
نفرك الرغبة في جنة الليل
ونملأ الآنية بالفضة
جسد له قدرة المبارزة و الهجم
لا يأس يكبح الطعنة المظفرة
ولا يتهجى أعضاءه غير الرمل
ونحن هناك نتهجى :
طباق يفتح الرماد على الجرح
قوس من العضلات يشغف بالدم
غيم يغير الطبيعة و يهجو .
ليس للجسد إلا شريعة الهواء
إلا هدوء التميمة
و الهدنة فتنة الجنس
جسد يتلاطم وليس للهزم .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الحب
الحب
رقم القصيدة : 6242
-----------------------------------
مثل مرايا العرس
هرعت السنديانة نحو أغصانها تشهق
حتى آخر جرح في الجسد
تأخذ خيطا وترسم به الهواء
لئلا تسقط العصافير
جسد يتأرجح بين مرآة خرساء
ومرآة مكتظة بالخطيئة .
من الطاهر النقي الذي سيرسم بحجر العقاب هواء
يخدع به اللغة ؟
آن للشجرة أن تحنو وتشغف .
وحدها ، حركة البذار ، تخفق مثل قلب
وحدها تجعل الكفن مهداً لأرجوحة الخلق.
جرح مفتوح و الشهق يغمر العضل
ويزجِّجُ الجسدَ بنشيد اللؤلؤ
وحيوانات الثلج تركض في حرير الرغبة
وغواية المصادفات
فلنقل للذبيحة يا مباركة
يا وحيدة الجرح .
و أنت أيها الجسد المغدور بالمحبة
لك المجد و المبارزات .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> القلعة
القلعة
رقم القصيدة : 6243
-----------------------------------
أبني القلعة من حولي
أشيّدها حجرا حجرا
و أستنفر الجيوشَ لتبدأ الهجوم
وحدي
أستعدي شهية القتال في شجاعة الأعداء
أهيئ لهم كي يبدأوا شحذ الأسلحة
ويحسنوا التصويب
أبعث بكتب التحديات و أنتظر في القلعة
وحدي
كل موجة من الهجوم أسمّيها تفاحة الغواية
أمقتُ الأسلحة لا أحسنُ الحربَ ،
وليس لديّ جنودٌ ولا سُعاة وحدي
كلما ارتدّت هجمةٌ أسعفتُ الجرحى
وبعثتُ بالأسرى مدججين بالهدايا(49/355)
أرمِّمُ أسوارَ القلعة
أدْهَنُها ، و أزيَّنُها بالقناديل
كي ترشدَ الهجومَ التالي ،
فربما يحلو لهم أن يَبْغتُوا في الليل
فها أنا وحدي القلعة صامدة.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> السبايا
السبايا
رقم القصيدة : 6244
-----------------------------------
مثلما سمكة تفقد عادة الماء
و زعانفها تتلاطم في طين الشاطئ
القوارب تجمع التركات
وترمي بشباكها الواسعة
لتخدع الأسماك المكابرة بحرية الماء
فأرى إلى الأحزاب تتكدس في خراج الدولة
و الجباة يبجلون قهوة الصيارفة.
أرهب السبايا بفضيحة الصمت
و أصغي لدسائس المثقوبين بوهم الدولة و الحزب
أعرفهم ثقبا ثقبا
أرقبهم من برج القلعة
ينحدرون و الحَسَكُ يتفصّد من أطرافهم .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الحرب
الحرب
رقم القصيدة : 6245
-----------------------------------
قلنا :
لأجراس المسافات نقرن الكتابة
بنميمة الطريق
نكافئ الغفلة بخطيئة مثلها .
قلنا :
نعطي المرأة سرادق لأعراسها
ونمنِّيها بجيش من الأطفال
وندفع عن القرى ضريبة النوم.
قلنا :
لعل القناديل تطرد الخجل و توقظ الأرصفة
فتهاوت في ثيابنا الأسلحة
و نشارة الحديد
و أخذت الحرب تزدرد الطهاة .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> وداعة النسيم والبارحة
وداعة النسيم والبارحة
رقم القصيدة : 6246
-----------------------------------
وداعة النسيم :
البارحة
رأيتني أكتب كلاماً متلعثماً
كأنما هو محمولٌ على مناكب أشباح
كلاماً يتدفّقُ من مسارب خفيّة
كمن يطاردُ حلماً في صحراء
رأيتني أحبل بصرخةٍ ترفضُ الخروج
ترفض الولادة
ولادتها عسيرة
أريدُ أن أصرخَ
أن تكونَ صرختي بلون أعصابي
بلون دمي وأحشائي
بلون الأصدقاء الذين ماتوا قبل قليل
- لا بلون عشيرتي -
بلون طائرٍ يعبر الطّوفان.
البارحة :
رأيتُها تعبرُ المسافةَ
لا، لقد عبرتُها قبل ذلك بكثير
وتستقرّ في حضني
تُداعب شعرَ رأسي
والجسدَ المثخنَ بجراحِها ومائِها(49/356)
رأيتُها ترتّبُ أيّامي
كما ترتّبُ صمتَ الفاكهة وأثاث المنزل
تقفزُ من تلّة زمنيةٍ إلى أخرى
حتى تصلَ إلى يومٍ بعينه
يوم ليس كباقي الأيام يقيناً
فأُفَاجَأُ بالصّفعةِ تدوّي على خدّي
لم أسألها السبب
نمتُ في حضنها بوداعة النّسيم
بوداعة ثور أفرغ هياجه
قبل أن يمتطي أنثاه
نمت نومة المجرم في رحم جريمته.
رأيتني في مسرحٍ مليء بالمرايا
يشبه كهفاً
كان السحَرةُ يتحرّكون داخلَه بكسل
ويتبادلون الأضحيات
كان الجو عابقا بالبخور
كانوا يصمتون بجلال
كلّما عوى ذئبٌ أو نعق غراب
مشرعين النّوافذ للضّباع
كي تقفزَ أسراباً إلى باطن الكهف.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> قضاء
قضاء
رقم القصيدة : 6247
-----------------------------------
لا أعرف كيف ،
أجلس هكذا
رأسي قبعة الكون ويداي في جنون
لست متعَباً ولا حزيناً
أرى البياض أبراج الفوضى
ألمَسُ الحِبرَ وراحتي جنةُ الكلام .
حرفٌ
وتنهمر عليَّ شظايا الغيوم
مثل طرائد تقع في الكمين
لا أعرف كيف
هكذا أبدأ
أعطي جسدي لحرير المباغتات
أرخي أعضائي لهذيان النيازك
و أتبع رنين الملائك وهي تمجّد الغموض .
لا أعرف كيف
لكنني أبتهل للسّر أن يصطفيني عبداً
لحرف ينسج المرايا ويهندس الشكل
لبياض طاعن في التحول
ربما ينهض القتلى بقمصانهم الباهرة
ربما يقرعون أقداحهم ويتبادلون الأنخاب
في صباح مسكون بالضجيج
عندئذ يفقد النبيذُ جسارته
ويحاورني مثل رفيق مبلل بالسفر
و أعرف، آنذاك، أنني كنت الحلم وظل الحلم
وأنني ماء في مجرة القصيدة .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> غيمة
غيمة
رقم القصيدة : 6248
-----------------------------------
أي غيمة ستنام على سريرك
هذه الليلة
وأنت تُحلّقين من حلْم إلى آخرَ
في أرض البحيرات المسحورة؟
ٌٌٍ
مدينة النّساء
إلى فلليني
أطلق حصان خيالي
في مدينة النساء النائمة بين أنقاض الشّهوة والأضواء
وسط هالةٍ من البخور والزّعفران
يرقصُ الحصان النّاعسُ بشَبَق(49/357)
كأنّما تجرفه ذكرياتٌ غزيرةٌ
لإناثٍ عَبَرْنَهُ في الحلم.
يغيم الجو، يسقط مطرٌ خفيفٌ
يواصل الحصانُ رقصتَه التي أصبحت عنيفةً من فرط الهياج الأعمى في حديقةٍ تبدو مهجورةً إلا من الزّفيرِ والأنفاسِ المتقطّعةِ التي تطفو كالسُحب فوقَ مياهٍ آسنةٍ.
يظهرُ فلليني بين حشودِ النّساء يقود وحيد القرن ويبدو مفتوناً بالمشهد لا يلبث أن يصيبَه الضّجرُ فجأةً، يتلفتُ يميناً وشمالاً باحثاً عن فجوةٍ للهروب.
الحصان كأنّما يمتطي جسراً يمرّ من تحته نهرُ النّيل أو المسيسبي وعضوه يتدلى في الفراغ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> شاي
شاي
رقم القصيدة : 6249
-----------------------------------
اليوم تصنعين لي شاي الصباح
قبل عشرين عاماً صنعتِ لي القهوة التي أقلعتُ عنها مؤخراً
بالأنامل نفسها.
وبالخوف الذي ازدهت أعمارنا
في ظلاله.
تذهبين إلى المطبخ مباشرة
تفتحين الأدراج، تضعين الإبريق
أراقب المشهد في صمت
أنتشل نفسي من ضباب السنين
لكنك القديرة
بارتجاف وضجر تبعثرين الرّفوف
تستعيدين حكاية "الدّقي" و"الميريلاند"
الأفكار السّريّة
وحارس الحديقة الأعور
الذي يرقب العشاق في قبلاتهم الخاطفة
كي يبتز منهم بضعة دراهم.
مسرنمين في عبق الحكاية
وفيضها الذي لا ينتهي (رغم رداءة الطّقس)
حين فاض الإبريق على ناره
كما فاضت السنون فجأة
وأغرقتِ الوجوه والمكان.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أماديوس
أماديوس
رقم القصيدة : 6250
-----------------------------------
أطل من غُرفتي إلى الفراغ الشّاسع
الفراغ المعجون بقسوة خبيئة
ووجوه فقدت ملامحها بالمرّة
أستمع إلى موسيقى موتسارت
التي أهدتني إياها صوفي قبل رحيلها الأخير
أتذكر ضحكته التي تشبه صهيل حصان يوشك على السقوط
في فيلم "أماديوس"
السماسرة والعَوَز يفترسان أعماقه الشفيفة
بينما الطائر نفسه في الشجرة المجاورة
كأنما يقرأ كل منا في الآخر عزلة عريقة(49/358)
ربما تذكر مثلي شجرة الفرصاد في بيتنا القديم
ربما حط رحْلَه ذات دهر على أغصانها
وخاطب الربّ في سمائه البعيدة.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ذاكرة
ذاكرة
رقم القصيدة : 6251
-----------------------------------
كأنك طفل
تهب الموت لتنجو من جسد يرث الأنصال
كأن الأطفال يهيمون
تغوي الجرحى برهيف الخنجر
هل أنت كلام يكفي ؟
رفاقك في طين الله ويرتبكون
رفاقك يبكون
و أنت تسوق قطيع الهذيان
وتمنح يأسك حريات الموتى
يجدل حبل كلامك للأعناق
كأنَّ رفاق الماضي يمضون
كلامك يكفي
مثلك أجسادٌ تسأم مجدَ القتل
وتبحر نحوك
هذا الضوء يؤجج جرح الناس
و أنت تَكلمْ
شَطَّ الأصحابُ
نسوكَ كماضٍ يمضي
غطاك الغيمُ
تفزع في قمصانك أخبارٌ تهذي
مثل قناديل الماء
كأنك تَشحَبُ في جسد يقتتل الآن
كأنك مثلك
تمنح رفقتكَ الخنجرَ
كي يختبروك
كأنك مثلك تلهو .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نمر الجزيرة العربية
نمر الجزيرة العربية
رقم القصيدة : 6252
-----------------------------------
قوس قزح ناحل يمشي على الأرض
موجة رقطاء تغمر الأزمنة
قبل ثمانية آلاف عام قبل الميلاد
كنت تسرح في الأكمات والغابات الخضراء
الشديدة الخضرة
حتى دارت الطبيعة دورتها الكبرى
وضربها زلزال الجفاف
انقرضت سلالتك القطيّة
انقرض الأسد والفهد الآسيوي
وبقيت وحيداً تائهاً في الصّحراء
كأنّك من اختاره القدر لمهمة الوجود الشّاقة
وبإرادة لا ينقصها الشتات
بقيت رفيقا لليباب والعَدَم
حتى يومنا هذا.
كانت العرب تسميك الأبرد والعسير
فوق قمم عاتية وعصيّة
وفي أغوار كهوف لا قرار لها
حافظت على نسلك الفريد
حافظت على صفاء الوحشة في أعماقك
يا من تموت باكرا
بعمر لا يتجاوز العشرين عاماً
أي لغز في حياتك المحصّنة وموتك السريع
أي جمال لا يضاهيه جمال آخر
في جسدك وفي الألوان الباهرة
التي تطرّز فراغ قفزة في الهاوية.
في جبال سمحان بظفار
معقلك الأخير
هادئا تحدّق في المغيب(49/359)
تستريح من سفر العصور.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الأنخاب
الأنخاب
رقم القصيدة : 6253
-----------------------------------
يسير لا يعبأ ولا يكترث
خطواته طريق
وفي رأسه شغفُ النار
يرى الحسنَ ابن الهيثم هنا
يراه ساحر المرايا
يَهَبُ الضوءَ و الماءَ مملكةً ويراه
مدججاً بالبريق
زجاجة في يديه لا يعبأ ولا يكترث
وريث الطبيعة
يشفّ يخدع الأفق و المرايا
ويرسم الماء في الكأس
للرأس أن تَسكرَ
أن تكسر الكتابة
و المرايا في دورة في دوار
له الطريق خطيئة الأرض
نهرا يراه
يفضّض الجثة كي تحسنَ الحلم
و الماء زينة المرايا
يغادر النهر
يلجأ في خندق الضلالة و الضوء
هو الحسن ابن الهيثم
يغرر بالعين كي لا ترى ما تراه
طريق مكنوزة مثل طير
يسير لا يعبأ ولا يكترث
يرفع الكأس للشمس : هذه نخبكِ أيتها المليكة .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> تآلف
تآلف
رقم القصيدة : 6254
-----------------------------------
... لذلك برى خشب ناعمة
و برم حبلا لينا
وترك ظلهما يسقط في هدوء على الماء
ثم استند يشحذ ذاكرته
لم ينس شيئا
اعتذر لرقبته
ملّس عليها بحنان الأعزل
وأغمض عينيه
لكي يرى تلك الومضة قبل المغادرة .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> مديح
مديح
رقم القصيدة : 6255
-----------------------------------
رأيته يلهج بالبيارق
جذوره في كهوف الكتب
يداه مكفولتان بغدر التوقع
يؤرخ لهزائم الحروب
ويتذكر المستقبل
قبراً
قبراً
لكنه لا يخلع دروعه
يرى البيارق تشغل المدى كغربان
فيتهلل ويبتهج
يصادف في غمرة يأسه أجنحة و توابيت
فيصعد في حبور
يرى فزاعات أحلامه تنتخب له الكفن
وتعد له المديح فيصاب بالتهّدج.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> السلحفاة
السلحفاة
رقم القصيدة : 6256
-----------------------------------
نصحو في رأس الحدّ
على فجر يبتكره صيّادون ورعاة
أمواج تخبط الشّواطيء الجصّيّة من غير هوادة
أمواج المحيط(49/360)
أو البحر الحَدريّ كما يسميه العُمانيون
حيث كان اليعاربة يدفعون سفنهم نحو أفريقيا.
وسط عَتَمة خفيفة
نلمح القوارب من بعيد
والسفينة الجانحة فوق الصخور
وعلى رأسها إكليل من الطير
يهم بالصّحيان أيضاً
نمشي قليلا كمن يتنزه في النّوم
وسط بساتين خيالية
نلمح السّلاحف يقذفها المحيط
نحو اليابسة
صفوفا تتقاطر كجنود ذاهبين إلى حرب
بمعرفة ثاقبة وهدوء ناعس
تمضي إلى مساكنها البريّة
بعد رحلاتها الطويلة في أعماق المحيطات.
يا من احتار العلماء في تحديد طبائعك
وأزمانك الفلكيّة.
قبل مئتي مليون عام وأنت موجودة
على صفحة الأرض المتقلّبة.
في المراحل الجوراسيّة
عشت عيد الأوائل في الكوكب المفعم
بحيواتٍ فتيّة
قبل أن تلوّثه أقدام البشر.
سنواتكِ العشر الأولى
وصفها المختصون بسنوات الضياع
في اللجج البعيدة
لأنهم لا يعرفون عنها شيئا.
وقفوا عاجزين أمام السر الأكثر رهبة من معارفهم.
لكن الضياع قادك إلى المعرفة
فالطريق واضحة أمامك
رغم تلك الأزمان المتراكمة،
نحو رأس الحدّ
أو أقصى جزيرة في الصين
وهذا ما ينقص الإنسان الذي سيفترسك مع أول إطلالةٍ
بعد أن نجوتِ من ذئاب المحيطات.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> امرأة
امرأة
رقم القصيدة : 6257
-----------------------------------
أيتها المرأة التي تقطع الشارع
باتجاه الغيب
ثمة كائن خفي ينظر بشبق إليك
كلب في مرآب المبنى
أو رجل في غابة
نمر فقد أنثاه
أو امرأة في مقهى
ديك احمرّت عيناه من الصياح عند الفجر
صوفيّ تخترق نظراته الحُجُب
ذكر دلفين في الأنهار الباردة
العيون شاخصة
الجوارح ترتجف
ثمة كائن يسيل لعابه
وأنت تقطعين الشارع
باتجاه الغيب
ٌٌٍ(49/361)
كان زعيم آلهة بابل (مردوخ) قد شكت إليه هذه الآلهة من العطالة والضجر وانعدام الحيلة، فلم يعد هناك متعبدّون يقدمون لها الأضحيات. على الفور خلق لها البشر لتتسلى بهم وتقضي على أوقات الملل الضارة بالتأكيد. خلق البشر من جسد (كنجو) إله الشر المطلق بعد أن فتته وأ
ترى لماذا الحيرة فيما وصلت إليه ذريته اللاحقة المتطورة من فظاعة ودموية وتوحش يندى له حتى جبين (كنجو) وبطشه المتواضع؟
ٌٌٍ
البارحة تجاوزت في المشي حدود فندق البستان نحو القرية المتاخمة التي تحمل نفس الاسم (البستان) الذي كان يشمل المنطقة بأكملها قبل تشييد الفندق على هذا النحو الخرافي كأنه طالع للتوّ من إحدى قصص ألف ليلة وليلة.
كان هناك مجموعة صيادين يدفعون قاربا ثقيلا نحو البر، الى الأعلى خوفا من أن تجرفه أمواج الليل العارمة. وكان بمحاذاتهم كلب أعرج ينبح بإلحاح.. شيئ ما يحرك هذا النباح المنتحب غير مرئي بالنسبة لنا. سمعت نداءهم للمساعدة، فذهبت وفي رأسي طنين أيام العمل الجماعي كل
الموج يلثم الصخرة
وبعنف يخبط محيطها الطحلبيّ
بينما شجرة لا أعرف اسمها،
تلوح كالطلل من بين مفاصل جبلٍ أجرد
وحيدة في هذا العراء الكاسر.
ٌٌٍ
ابن المقفّع: لا أُجالسُ إلا منْ هُم على شاكَلتي...
بعد قرون لوتاريمون يبحثُ عن كائنات تشبهه حتى لو كانت أنثى القرش وهو يحدّق في عينيها الهائجتين بنظرة حنانٍ فريدة.
ٌٌٍ
سليمان الحكيم في مملكته المترامية الأمصار والكائنات والعواصف والطيور أراد تأديب الهدهد بأن رماه في العيش مع جنس غير جنسه. كان ذلك أسوأ عقاب حتى من التّعذيب المباشر والقتل.
ٌٌٍ
مَنْ خَبِر أَرَقَ الليالي وعظائم المحن مثل من هو عكس ذلك على الإطلاق، مادام الموت خاتمة الجميع! في ضوء هذه الأطروحة إذن لا فرق بين العظمة والحقارة، بين السّمو والانحطاط؟ هكذا يتسللُ عوامُ "الوجوديّة" و"العبث" إلى منابر الفكر وألغازه الصّعبة.
ٌٌٍ(49/362)
يحدوني شوق الحياة إلى شخوص وأزمنة بعينها حتى إذا أدركتها ذرفت دموع الحنين إلى أخرى مختلفة ونقيضة.
ٌٌٍ
شعاره: لا أحد يستطيعُ أن يفهمني، سابقٌ لعصري وأواني، عميق الغور ومستحيل على الجميع.. وجه آخر من أوجه البلاهة السّطحية الكبرى.
ٌٌٍ
ليس هناك من هو كالغزالي حدةً وشراسةً ضد الفلسفة والفلاسفة حتى صار عدوها النموذجي، مع ذلك نجده في مناطق كثيرة أكثر تفلسفا وعمقا من أسماء وأفكار كرّس وقته لدحضها تحت قناع العداء إيّاه للفلسفة!!!
ٌٌٍ
يؤسطر المؤرخون، الأبطال والرموز والمدن، لكن بالكاد يدخلون في تفاصيل الحريق ووقوده البشري وفيض ضحاياه. بالكاد يدخلون فيه إلا كأرقام عامّة.
ٌٌٍ
الجندي المجهول، ربما هو البطل الوحيد الحقيقي في التّاريخ.
ٌٌٍ
يبدو أن ميلاد الشعوب والأمم في التاريخ كقوة حاسمة تكتنفه شروط بالغة الالتباس والتّعقيد، حين يخرج من إطار التّجريد والخرافة، إلى أرض الوقائع والتجسيد الحيّ.
رغم تلك الأطنان الخطابيّة واللفظيّة التي لا تفتأ تبشر بالولادات، المسْخِيّة غالباً، هل كان ابن خلدون في "دوراته" التي تشبه نوعا من قَدَرِيّة صارمة لكنها بصيرة في قراءة الأحداث حول انبثاق الحضارات وصعودها وموتها، هل كان محقا في إمساكه بالجوهري وما عداه باط
ٌٌٍ
نظر إلى وجهه في المرآة. كان الفجرُ قد بدأ يندلق على الصحراء الهرمة التي تطوّقه من كل الجهات، وهو لم ينم بعد. صرخ، يا إلهي. هذه الكهولة التي تقضم جسدي بسُعار أكبر. هذه السنوات التي بدأت في تحويلي إلى ملهاة، لقد فلتت من بين أصابعي وعجزتُ عن متابعتها، أسراب
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> خطيئة 4
خطيئة 4
رقم القصيدة : 6258
-----------------------------------
أيتها النار يا مليكة الوقت
أين أخبئك
و الهشيم سيد المكان ؟
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> انهيار
انهيار
رقم القصيدة : 6259
-----------------------------------
دعوه بلا رأفةٍ(49/363)
خَلّوه ينهار وحيدا
هذا الهيكل المكابر ، ضحية التركات
لتتهاوى أفاريزه العاجية
تحت سنابك العاصفة وبهجة النار
لنرى مكابدته الأخيرة وهو يهذي
ولتكن القبة
- التي تستل بريقها من ضراعة السماء
و تبجح الأعالي -
أقداما لوحل الأزقة
وناقوسا في لهو القطيع.
بلا رأفة ... هذا الهيكل
لانهياره ..
لهدأة السفوح و المستنقعات
لا لهيكل جديد ،
لكن لهندسة الطبيعة وهندمة الفضاء.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الجمل الأخير
الجمل الأخير
رقم القصيدة : 6260
-----------------------------------
كل هذه المياه التي ادخرتها الأرض في جوفها السحيق بهذا الكون، لا تكفي لردم عطش الجمل الشريد، الذي أحدق فيه أمامي بصحراء عاتية.
لقد حلمت به برغي ويزيد كانهيار جروف جبلية.
كان يتعذب يقينا.. كان رغاء الحنين والفقدان ذاك الذي يفترس أحشاءه كأنه الجمل الاخير على أديم هذه الأرض. ظل جمل يتلاشى في انقراض سحابة.
أطلنطا جديدة
قالت لي هذا الصباح
عبر الهاتف
- وكان يوم عيد الأضحى ظهيرة قائظة:-
في البلاد التي أقطنها
ثمة رياح تقتلع المدينة من جذورها
برد كاسح وكآبة
الحيوانات طليقة في الشوارع
والمياه تغمر الأفق.
انه الاعصار
اني خائفة من اطلنطا جديدة
تنزلق نحو الأعماق
قلت : اقذفي لي قطعة من العاصفة
علّي على متنها أسافر
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> احتفال خاص
احتفال خاص
رقم القصيدة : 6261
-----------------------------------
قادم من الحديقة
أعطيتها تاريخ الماء
ورأيت العشب يكفّر عن أحفاده.
زرعت بوحشتها حكايات وقصائد
عن أسرى حرب ينتظرون على شرفاتي
كي يكتمل الوقت
وينتشلوا النعناع الهائم في جسدي
كانوا موتى يحتكمون على سجادة أيامي
يفتضون بريدي
ينتهكون
يوارون
وينتظرون.
قبل قليل جئت ،
حديقة داري تكتظ بهم
يصغون إلي مأخوذين بالأخضر الذي يهبّ
مثل غزال يسوّر أعضائي
ويهيئوني للذبح .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ابتهال(49/364)
ابتهال
رقم القصيدة : 6262
-----------------------------------
أتضرع لوعل المباغتة
أن يحزم سريري بشراك تهزم النوم
أخاف أن يجتاحني جيش وتستفردني قبيلة المستنقعات
أرغب في حمى تلهب أعضائي دون هوادة
وليس لمدخرات اليقظة أن تحرمني من جحيم المخيلة
أتضرع أن تختلج الدماء
وتفتح لها طريقا نحو القمصان و الوسائد
أتضرع إليه كي يسمعني و يراني .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> جفاف
جفاف
رقم القصيدة : 6263
-----------------------------------
اندلقت مياهُ العالم
في جوفي
فشربتها دمعةً.. دمعةً
ومضيت.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> المياه البعيدة
المياه البعيدة
رقم القصيدة : 6264
-----------------------------------
في المرايا الداكنة لمياهٍ بعيدةٍ
يحلقّ طيرُ الرغبة خلف أفقٍ مسدود
الوجوه المشطورةُ بنعيق السنوات
المدنُ اللاهثةُ على حافة نومك
العرباتُ النابحةُ خلف الأسوار،
كأنما جئت إلى سفرٍ قبل الولادة
تمضي وراء جنّازٍٍ كبيرٍ من الذكريات
بقميصٍ ملوثٍ بدم المسافة.
الجِمالُ فقدتْ ذاكرتها
وتاهت في الأزقة،
والسلالاتُ الراحلةُ عبر الصحراء
غَرقتْ بكامِلها في الرمل
تمضي بخطوةٍ وحيدة
تاركا لكل مكانٍ جُرحَه الخاص،
ولكل منارةٍ زنّاراً من الصرخات.
وبجسدٍ مضرّجٍٍ بالرحيل،
استوقفك القادمون من المياه البعيدة،
لترى خطيئَتكَ الهاربة.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> تحولات
تحولات
رقم القصيدة : 6265
-----------------------------------
لم تزل في هديل التآويل تهذي
وعيناك مذهولتان وحولك طين كثير
ترى رفقة يقبلون
ترى رفقة يقبلون
وعيناك مأخوذتان .... وتهذي.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> متحف من ظلال
متحف من ظلال
رقم القصيدة : 6266
-----------------------------------
طيور بيضاء تعبر الأنهار الكبيرة،
في الليالي الأكثر وحشة من أرامل الحرب.
جُسورُ وأشجارُ مغمضة تتنزه
مع العابرين،(49/365)
وكأنما في متحف من ظلال.
ومن البعيد ترى أشباحهم، تترنح
وسط القناني الفارغة
لبلاهة النهار.
تعرفهم واحداً.. واحداً
كلعنةٍ لا شفاء منها،
كأمجادٍ لا اسم لها.
لقد جاءوا من البيت المجاور لأحلامك،
باحثين عن صدرٍ أكثر رأفةَ من المعرفة
وفي الظلال الكبيرة لفجرٍ مدلهم،
يغيبُ الجميعُ
عدا ضحكة واحدة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بداية صباح ما
بداية صباح ما
رقم القصيدة : 6267
-----------------------------------
ضوء يتكسرُ على ظهر الحانات
ضوء قادم من حيزوم سفينةٍ تغرق،
وأخرى نائمة في الأفق..
يمشي خجلا نشيطاً بعض الشيء،
يقتفي صراخ الباعة والشحاذين
والسكارى.
في الأسِّرة الأشد ريبةً
من أعمارنا،
يتسلل الضوء، حارس المدينة
ويغمر الممرات بالنجوم
يترك قبلته اليتيمة في الكأس
الأول
من هذا الصباح
ويسافر.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> هناك
هناك
رقم القصيدة : 6268
-----------------------------------
يتذكر زنزانته ونافذته
مثل عشق ليس للنسيان
يتهدج في قفص الحرية :
يا لهناك
حيث الأفق اللامتناهي يشمل رعاياه بالغيم
كأن الحرية كانت هناك
شاسعة و مشتهاة
يباهي بها الحياة
لم تكن سلطة تطاله و لا يد عليه
رهيفاً مثل شفرة الوقت
صارماً مثل برقٍ
شاهقاً كشموخ الآلهة
يداه في حرية الخلق
يمنح أحلامه اللغة
يرأف بمخلوقاته ويصطفيها
يا لهناك
حرياته القادرة بدأت من هناك
وهنا .. يلزم البحث عن قرائن .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بورتوريه لـ" سرور "
بورتوريه لـ" سرور "
رقم القصيدة : 6269
-----------------------------------
لن يعود اليوم حطابوك ورعيانك
من الجبال،
ولن يعود الغجر حاملين فوانيسهم
على امتداد الهضاب،
وكذلك صائدُ الوعول وعرّاف المياه
لن يعودوا إلى بيوتهم هذا المساء،
فالسيولُ الكسارة سدّت
منافذك الوحيدة
والبروق، بحيواناتها الجائعة تقصفُ الطرقات.
لكن وخلف التلال القريبة، ألمح الفؤوس(49/366)
تلمع في ليلك الكثيف
وأشتم بخور السحرة.
هل أبحث عن نيرانٍ أخرى لحكمة الأجداد،
وأرحل الى أسواق بيع ((المغيبين؟))
أم أرجع الى مسجد الوادي
أحضر قربان الجمعة؟
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> قهوة الصباح
قهوة الصباح
رقم القصيدة : 6270
-----------------------------------
في الصباح المبكر
والنوم ما زال أفقاً مكتنزاً بالمرايا،
تمشي خطوتين، متعثراً بأحلامك..
أحلام أنيقة عن مذابح
عن نساءٍ بعيدات.
السرير، وحيد ومأهول بالريح
(من أي نجد أتيت
هذا الصباح، أيتها الريح؟)
خطوة ثالثة تصلك بالمريخ
بعد أن تكون قد أفرغت النافذة
من البكاء.
تجلس أمام الموقد بكف أصفر.
الحيطان تبلع ريقها الجاف،
الشمس تتسلل بين الشقوقِ
ذئبة وديعة
والركوة تغلي، مثل مدينة يتشردّ
سكانها في رأسك
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> متسكع لا يحلم بشيء
متسكع لا يحلم بشيء
رقم القصيدة : 6271
-----------------------------------
وكالموجة التي تنشبُ أظافرها
في جسد الإعصار،
دخلت تيه هذا العالم
قاذفاً بذخيرة الأيام في قعر جهنم
شاحذا أعضائي بشفرة صُنعت
من غياب.
وكطفل يلعب دائماً بخسارة،
لم أنتظر شيئا كثيرا من أشباهي
لم أنتظر أي شيء
عدا ضجيج النوافذ والأبواب
تنفتح وتنغلقُ جانب رأسي
ببراءة العواصف الراحلة من غير اتجاه.
لكني موجود وغير موجود
أعرف أني مكللُ بالفراغ،
سيرة لا تنقصها التفاصيل
المضاءة بفوانيس السحرة،
وعليك أن تحفر في قلبها
بمحراث كي تسكب
دمعةَ واحدةَ
أو تحصل على اعتراف.
عليك أن تتبع قمر الرحيل الممتد
من الماء إلى اليابسة، ومن اليابسة
إلى القبر،
كي تلمح شبحاً في كهف.
جنيّ يرتجف خوفاً من الله،
وينام على فخذ
الشيطان.
لكني موجود.. ربما
أنا الآن في مقهى
أرقب العالم من وراء الزجاج،
صفرة المغيب.
بقايا صداع من رحلة الأمس،
سأطفئه برحلة اليوم
ولا ألوي على شيء
لتقذف الأنهار نفايات مدنها
في البحر(49/367)
ويبصق المتشردون على أضرحة القديسين
والجنود يحلقون رؤوس ثكناتهم،
وليحلّق النسر عالياً أو منخفضا
هكذا .. فقط.
من غير ضرورة أن نتحدث
عن صلة المصبّ بالنبع
أو عن القرية الهاذية تحت
ضلع الطوفان،
والأماسي الجميلة لشعراء
يحلمون بالانتحار عبر قاربٍ
يغرب ببطء في سديم
المياه
أو عبر بلطةٍ تنزل فجأة وبدون رحمة.
عليك أن تبيع أمتعة بيتك،
لتحصل على قهوة الصباح.
[أي بيتٍ كان عندك؟]
عدا حذاء ممزق يفركش ليل
المدن
وأسمالٍ ورثتها من صديقك الميت
تذكر [وهل يمكنك أن تنسى؟]
كيف كنت ملاحقاً بفزاعة الفقر والفريسيينّ وبنات آوى
في القاهرة ودمشق. في بيروت
والجزائر وصوفيا وباريس.. الخ
تذكر كل شيء بسطوع الولادة
بوضوح السرطان المتجول بين
الأنهار كسائح مأخوذ بمضارب
البدو.
أيتها الأم النائمة على الأسمنت
العاري
بين ركام الخيش والملابس المبعثرة
كشواهد قرية.
سحلتها الصواعق.
لم يعد ثمة حقلُ لنظراتك الملأى
بالتوقعّات
لم نعد نصغي لصياح الديكة
أو نجلب السمك من الساحل
لم يعد ثمة فجر تلعبين بريشه
على حافّة البئرِ
البئر الذي ودعتني منه لأول
مرة منذ سبعة عشر عاما
[لا تغبْ عنا كثيراً]
خطوة واحدة فجرت فلك
الأميال،
واسترسلت في هذيان المجرّات.
وصول
عندما أسافر الى بلد
تسبقني إليه الإشاعات
فأنتشي،
مثل ذئب تسبقه أحلامه نحو الفريسة
ولا أصل!
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> رنين
رنين
رقم القصيدة : 6272
-----------------------------------
في هذه اللحظة بالذات
يستيقظ الليل بقوائمه الكبيرة،
ويسند إليّ مهمة إزعاج النيام.
في هذه اللحظة يعجن سراق المسافات..
يعجنون المدن والدروب والأصدقاء،
فيسقط في رأسي خاتم الذكرى
كنجمةٍ في بئر لا قعر له، حيث
أستيقظ على رنينها بعد قرون.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> خطوات
خطوات
رقم القصيدة : 6273
-----------------------------------
أمشي أحس أن تحت قدمي
سماء تضطرب بكامل ضحاياها(49/368)
وفوق رأسي أرض توقفت عن
الدوران،
أسمع رعد خطواتٍ ورائي
خطوات أشخاص قادمين
من الماضي
صامتين كأنما على رؤوسهم
الطير.
أيها الماضي تراجع قليلاً
كي نكمل نزهة اليوم.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> مساء الحجر
مساء الحجر
رقم القصيدة : 6274
-----------------------------------
بغتة يستفز الحجر ذاكرة الهدم
فللأزاميل سطوة البريق
وليس أمام النتوءات غير المدائح
غير عجينة الاندياح وعتمة المتاحف
هذا حجر يخلع السواد
و كلما ارتد الحديد
قلت إن للبيت وقتا يتخرّب فيه
ويركض سكانه مثل ثكلى النمور
كلما بدأ القصف أسلمت وجهي لتيه
سيرأف بي
مرة يستعيد الحجر مرة يستعاد
و الأزاميل تنداح مثل المراكب
أيقنت ..للبيت رب يخرّبه في مساء الحجر.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> حب
حب
رقم القصيدة : 6275
-----------------------------------
إلى شمس
وجهك المليء بالنعاس والضجر
من هذا العالم،
وجهكِ الذي يشبه توتر طائر
مأخوذ فوق بحيرة، أطل منها
على هاوية حبي، فأرى
في عمق الغابة عينيك تضيئان
سني حياتي
فأبكي.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> صباح مخطوف منذ البداية
صباح مخطوف منذ البداية
رقم القصيدة : 6276
-----------------------------------
أيها الأصدقاء الموزعون
في الجهات الخمس،
في هذا اليوم،
عليّ أن أفرغ رأسي
من شمسكم اللاهبة،
أن أوقف هذا الهجوم البربري
على حديقتي
لكن أية فائدة؟
صباح مخطوف منذ البداية
عمر مُصادر،
أصواتكم تحرق خرائب المدن،
بعبث الدوار اليومي
وتحرث أرخبيل السنين.
عليّ أن أبدأ.
أبدأ ماذا؟
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بستان ((ديستويفسكي))
بستان ((ديستويفسكي))
رقم القصيدة : 6277
-----------------------------------
مع غيمةٍ شاحبةٍ يدخل ((راسكلنكوف))
غارهُ مدججاً بالعواصف.
بستان تنغل فيه الظلمةً،
حيث السكينُ تأخذ طريقها
بنعومةٍ إلى الأحشاء
رسالة وحيدة، ربما مات
صاحبها قبل يوم.(49/369)
وسجاد تعبث فيه الحشرات،
يستجلي نجمة السلالاتِ
في كف عاهرة،
ويصغي إلى بكاء الروح تحت الأحذية.
هكذا.. أبداً طفولة تخنق أنفاسها
بضربة معول،
والغرفة صحراء المتعبّد.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> استجواب
استجواب
رقم القصيدة : 6278
-----------------------------------
ليست لدي أجوبة للريح التي تخلع الباب
لدي شهوات تغرق نفسها في النوم
وفي نسياني يقدر الماء أن يتمرأى
وتقدر الشجرة أن تبرأ من عادة الغصون
وترسل أوراقها في بريد المساء .
أيتها الريح الصبورة
خذي نشارة الباب واذهبي .
لا أجوبة لدي
هنا أرانب مذعورة تهطل في البياض
مثلما تهطل اللذة في الجسد .
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> اشتباك
اشتباك
رقم القصيدة : 6279
-----------------------------------
الفجر ينصب متاريسه
أمام غرفتي
وأنا أعزل إلا من كلمات
تحلم بالخروج
سأكون وحيداً كالعادة في مواجهة
جيوش النمل والسلطعونات
وأنواع الطيور وهي تسبح بأفراسها
في الضوء.
وحيداً وأعزلا،
لكن قبل أن يبدأ الاشتباك
عليّ أن أشيد قلعةً
من عروق الأحياء
وأشحنها بالبارود
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نافذة
نافذة
رقم القصيدة : 6280
-----------------------------------
ليس أمامك غير هذه النافذة
التي يطل منها الأطفال
نحو حربٍ جديدةٍ
غير هذا الأفق الذي يسقطُ
بين قدميك
مغمياً عليه
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عودة
عودة
رقم القصيدة : 6281
-----------------------------------
أعود أخيراً
بعد أن قايضتُ كل دموعي في الطرقات
ثمن رغيفٍ أو ذكرى
وبعد أن طفت المدن السبع
موزعاً، رسائل غرامٍ ساذجة
وايقوناتٍ سرقتها من الكنائس
لأعطيها للعميان
على كتفي كان وقر من قصص الجن
وصحراء باهرة، عواؤها يُسرج
القارات بنشيج لا ينقطع وجبال
تفتش فيها البومةُ عن ضالتها
على ضوء السرجان الموقدة
بدم الرعاة [أتذكّر
في طفولة ما.. كيف ضعت
في شعابها وكيف ناورت(49/370)
الثعالبَ ونصبتُ شباكي
في غسق الفجر لأصطاد القطا]
أخيرا أعود
بعد أن قايضت كل دموعي
في الطرقات،
ثمن رغيف أو ذكرى
يَبْزَغُ خوفي القديم
من هبوب الخطوة الأولى
من جلال الأمومة وبطش الأبوة،
مُلاحقاً بحشود الأقدام
والوجوه والمصائر
منذ عادٍ وحتى شفق الذّرةْ
سأحملها بمراياها الألف
مع أرصفتها وخياناتها وروعتها
حتى يسقط نيزكُ على رأسي
سأحمل الأرض ومنْ عليها
كليلةِ حبّ تهرب من كفي
وأعيش صباح يومٍ آخر.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بيتنا القديم
بيتنا القديم
رقم القصيدة : 6282
-----------------------------------
بما يشبه خطوة العابر
في وديان مؤثثةٍ بالمخاوف
وديانٍ لا استطيع لمسها
أو تذكّرها بسهولةٍ
بما يشبه تلك الخطوة الأولى
أدخل بيتنا القديم، بيتنا المأهول
بخيولٍ ضامرةٍ يتجّول بين صهيلها
شبح الأجداد.
ينفتح المزلاج على هذا الفراغ المهجور
رائحة أسماكٍ مشوية
رائحة جازٍ منكفئٍ، فوق المدفئة
الفقيرة
الجرار ما تزال بمكانها تستنطق الزوايا
والمياه تغلي في المواقد
القطيعُ عاد من السرح عدا النعجة
التي أكلها الذئب
السروجُ والبنادقُ معلّقة على الجدران
وكأنها في مأتم
غداً عيد الأضحى
والأطفال نسوا شراء الجوارب
أو غسل أرجلهم قبل النوم،
غيوم بيضاء تزنّر سماء القرية
وتصحبُ المسافرين الى قراهم البعيدة
ونحن نسبح في مطر المهرجان حيث
الطيور برفقٍ، تنقر الهواء ليستيقظ
معنا على السطوح.
وحيث كنا نجفف التمور والأحلام
على الشرفات الطينية
ونسقط بين قوائم ثورٍ هائج
وهناك بقعٌ لشمسِ نحيلةٍ
تحتل المنزل بعصافيره ونسائه
وأشجاره الغابرة وتتخبط مثل
رعاةٍ بين الأنقاض
وخلفّ السياج الخارجيّ
ترى النخل، أرواحاً هائمة ترتطم بالمآذن
سفناً ترخي قلوعها
في بحارٍ سديمية
بين نعاسها وأحلامها الخضراء
يضمر المساءُ سهرته القادمة
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> المبارزات
المبارزات
رقم القصيدة : 6283(49/371)
-----------------------------------
و أنت يا مجنون الأحلام
يا مفتدى الصبايا وشقيق الذبيحة
يا جنس التآلفات
و القوي المأخوذ بطبيعة الفتوى
تستوقفُ القوافل في جسارة
وتجرِّدُها من الطريق و الخرائط
ماذا لديك الآن بعد التجربة
ماذا سيبقى في يديك من عجينة المغامرة
و غبطة الأوج
و أي قلعة ستفتديك ،
من سَيَفْهَمُ المبارزات في كتابك الأخير
يا كشيفَ الجُرح و المعصم و المجادلات.
ماذا فعلت بالأرغن ِّ،
منذ لحظة ترفل في الإيقاع
ها أنت مثل ساحل يأتي إليك البحر
تمعن في الملابسات
هل يداك في ذهول الأفق
أم يداك في الهلاك
قل لنا يا أنت ما الذي تراه من هناك ؟
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> جمّال
جمّال
رقم القصيدة : 6284
-----------------------------------
كلما أطلق جمّال حِداءه في نزوى
أو سعل حقلٌ في دمياط
يرتجُ لهما قلبُ المسافر في طنجة
أين أنتِ يا نجمة أعضائي الواهنة
غوايتي الأخيرة
في هذه الدجنَّة الباكية
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مساء شاعر في مدينة
مساء شاعر في مدينة
رقم القصيدة : 6285
-----------------------------------
سماء تهذي تحت طاولة الكتابة
قطط تموء في ضوءٍ شاحبٍ
وخلف النافذة قراصنة يحتلون
البلاد
قلاع تنهارُ على رؤوس القنّاصة
وأطفال يسرقون الخبز من فم الرُهبان
وفي جهة ما من هذا المشهد
ترتفع موسيقى جاز
وثيران تبحث عن مصارعين
قرية تغصّ بهلوسات الحوامل
وقبعة تطير من رأس
سيدة تنتظر القطار
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نهاية
نهاية
رقم القصيدة : 6286
-----------------------------------
سماء تهذي تحت طاولة الكتابة
قطط تموء في ضوءٍ شاحبٍ
وخلف النافذة قراصنة يحتلون
البلاد
قلاع تنهارُ على رؤوس القنّاصة
وأطفال يسرقون الخبز من فم الرُهبان
وفي جهة ما من هذا المشهد
ترتفع موسيقى جاز
وثيران تبحث عن مصارعين
قرية تغصّ بهلوسات الحوامل
وقبعة تطير من رأس
سيدة تنتظر القطار(49/372)
شها قد وصلنا إلى آخر الأرض،
مبعثرين أوراقنا في الريح
المسافر ينتحب تحت قدم الصحراء
والذكرياتُ طواها النسيان
حدث ذلك بفظاعةٍ تشبه
ولادة ديناصور في ساحل
مضروبٍ بالزلازل
ولا رجعة بعد اليوم.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> صدفة
صدفة
رقم القصيدة : 6287
-----------------------------------
في مقهى آخر وذات
سنةٍ اخرى
قهوة مركزة ستشربها مع امرأةٍ
تهبط فجأة من المخيّلة.
حقيبة تئن أمام المرآة تخرج
منها مذنبات
تحلق في جو المقهى
لا تلتفت كثيراً إلى المطر الراقص
كمهرّج حزينٍ
ففي رأسك تغور النساءُ
وكذلك الكواكب
لا تنتظر أحداً هذا المساء
لكن بالصدفة مر كاظم وشمويل
وعلي بن عاشور
حاملين كتباً ونبيذاً وحنيناً
حاملين الجهات الأكثر غموضاً من القدم النرجسية
وعما قليل تبدأ السهرة.
وتهتز المدينة
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> عن قيس
عن قيس
رقم القصيدة : 6288
-----------------------------------
سأقول عن قيس
عن الهوى يسكن النار
عن شاعرٍ صاغني في هواه
عن اللون والإسم والرائحة
عن الختم والفاتحة
كنت مثل السديم ، استوى في يديه
هداني إليه
برئت من الناس لما بكاني إليهم
زها بي وغنوا الأغاني بأشعاره
فما كان لي أن أقدر هل أشعلني أم طفاني
سأقول عن قيس
عن جنةٍ بين عيني ضاعت
عن هواءٍ أسعف الطير واستخف بنا واصطفانا
عن كلما هم بي تهت فيه
وباهيت كي نحتفي بالمزيج
عن العشق تلتاع فيه الحجاز
ويشغف في ضفتيه الخليج
سأقول عن قيس
عن حزنه القرمزي
عن الليل يتبع خطاه الوئيده
عن الماء لما يقول القصيدة
بكى لي البكاء،
وهيأ لي هودجاً
وانتحى يسأل الوحش عني
كأني به لا يرى في القوافل غير الخيول الشريدة
عن العامري الذي أنكرته القبيلة
عن دمه المستباح
عن السيف لما انتضاه من القلب
واجتاز بي أرض نجدٍ ليهزم كل السلاح
عن اللذة النادرة
عن الوجد والشوق والشهقة الساهرة
عن الخيل تصهل بي في الليالي
والصهد يغسلني في الصباح(49/373)
و يا قيس يا قيس
كلانا دم ساهر في بقايا القصيدة
جننتني أو جننت ،
كلانا دم ساهر في بقايا القصيدة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بيروت زمان
بيروت زمان
رقم القصيدة : 6289
-----------------------------------
يذوب المشهدُ في رأسك
كما يذوبُ السكر
بين شفاه
عذراء
خلّفها الطوفان
مازوشيه
تخلطين الصباحات مع بعضها
وتؤجلين النزهات
ربما لغدٍ لا يأتي
أنت القادمة من جهة مشطورةٍ
بالغضب
تخلعين خرابك فوق رأسي
وأجد ذلك عذباً
تجزيّن عُشبة الراعي وتطعمينها
لثعالب الريح
كلماتك التي تطارد فجراً في سهوبٍ
بعيدةٍ، في سهوبٍ مليئة بنعاس
الذئاب.
أنا الشديد الايمان بما تقولين
الشديد الكفر بما يقوله غيرك
أنا الأكثر عناداً من نابليون.
تسافرين إلى بلدان لم تصلها أوهام الطير
وتتركينني أفترس أرصفه العالم
بحثاً عن اشراقة لمسة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> اختلاط الجهات
اختلاط الجهات
رقم القصيدة : 6290
-----------------------------------
يُغلق عينيه ويتذكر:
((كم أنت نقية وجميلة
لأنك لم تعودي موجودة، غبارالموت
عراك حتى من الروح))
ينزل السلم أكثر، تحرقه نسمة قادمة
من دمشق، يجلس على طاولة عشاءٍ
ربما بمدريد، مئات المدعوّين يسألون
عن أخباره، وعن طبيعة الطقس هناك.
بحارة يلعبون النرد في شواطئ زنجبار
ومن البعيد يرى شعوباً تتقاطر
عبر الصحراء، بحثاً عن رغيف
ويرى أمه ممددة على سرير أبيض.
طحالب سوداء وما يشبه نباح كلاب
يغلقُ عينيه
لا يتذكر شيئاً.
الكأس ما زال في يده،
ويتلاشى في مهب الجهات.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> سيجارة بحار مسن
سيجارة بحار مسن
رقم القصيدة : 6291
-----------------------------------
إلى بحار مجهول في العذيبة
يجلسُ على المصطبة
أمام بيته المصنوع من سعف النخيل
وعظام الأسماك
يحدّق في جروف بعيدة [بخياله لا بعينه]
في يده سيجارةٌ واستكانة شاي
وخلف كلّ نَفَسٍ أو رشفةٍ(49/374)
يسحبُ أرخبيلاً جامحاً من الجزر
وراء كل جزيرة
سرب لا يفنى من الذكريات
وراء كل نَفَسٍ
ساحل مهجور تنعق فيه الغربان
صورة (ابن ماجد)
روح صديق ترفرف فوق الصّاري
وراء كل نفس
رفُ دلافين
يحسبه سواحل
وراء كل نفس
قمر منطفئ، لكن رغم ذلك ظل
يضيء أشلاء المقذوفين
من البواخر
وأساطيل الحرب
وراء كل نفس
يشك الموج بسنارة أيامه
إذ تبرز يد من شرفةٍ مليئةٍ
بالضباب ، تلوح بالوداع.
تنتهي السيجارة
وما تزال في يده قطعة
نقدٍ نسيها ذات مرة
بحار من المكسيك
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الصرخة
الصرخة
رقم القصيدة : 6292
-----------------------------------
الصرخة الغائرة في أحشائي
كحيوانٍ مطمور في كهف، تتجوّل
بين النائمين مع جندها الغرباء،
وتجبرهم على المضي معها نحو
أقاصي مجهولةٍ،
هذه الصرخة القادمة من عهود
الفيضانات الكبرى، دليل أسفاري
الوحيد، امرأتي المدللة، أحياناً
أراها تخاتل الضباع في سريري
وتنام وديعةً بين ذراعيّ الهادئتين
بفعل المخدّر
وأحياناً تسقط فوق الذرى البعيدة
مُنتحبةً، مثل أرملة العصور.
لكن في هذه الليلة التي هجرتني فيها
أرى في الطرف الأقصى من الغابة
نمرةً جريحة ترمقني بإعجاب
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مبارك الرحبي
مبارك الرحبي
رقم القصيدة : 6293
-----------------------------------
أحاول أن أكتب عنك
لكن الدموع تسبقني إلى
نهايات الكلام
فأرتد مرتطماً بهدير كوكبٍ يهذي
بحنين أوديةٍ جافة
احاول أن أكتب لكنّ الدموع تسبقني
حاملة معها الجذور والمنافي
ولهاث الطرقات
أحاول أن أمتطي عربةً من أنين
الغرقى
كي أتبين شبحك البعيد.
كيف اخترقتكَ الأحلام
بغدر المسافة
ورحلت باكراً
كملاك بعينين جريحتين
كيف تركتنا على هذا النحو
جثة تحدّق فيها نسورٌ هرمةٌ
تحت شمسٍ خاوية
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> رياض الصالح الحسين
رياض الصالح الحسين
رقم القصيدة : 6294(49/375)
-----------------------------------
دائماً.. في غرفتك المكفهرةِ
بالتعب
تبحث عن ربوة الخيال
عن مشاجراتٍ جديدةٍ تحت المخدّة
عن ذكرى خبأنها "الفتيات" بين الجدائل.
الضيوف المزعجون يزورونك
في نعاسٍ عابر
ولا تستيقظ إلا بعد حقبةٍ من النوم،
في غرفتك الضيقة التي أعرفها جيداً،
لتبحث عن أشيائك الصغيرة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> يوسف الخال
يوسف الخال
رقم القصيدة : 6295
-----------------------------------
أما زلت بهيئتك الأبوية
تقرأ صُحف الصباح
وتحاور الأصدقاء؟
مُيمماً وجهك شطر الغيب
حكاية تقصها عليك الرياحُ كل ليلةٍ
ولا تنضب.
وما بين (غزير) وباريس
كانت خطوتك الأخيرة
تتعثر بالتمائم
مسيحاً يحمل كابوس الأجيال
ويتحدّث
عن ما كان وما سيكون.
ماذا كان وماذا سيكون؟
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> خريف
خريف
رقم القصيدة : 6296
-----------------------------------
وحيداً بين طيور الغابةِ
تبعثر ريش الخريف
وتحدّق في بُرك آسنةٍ
ترى فيها صورتك قبل
عشرة قرون جندياً على
نهر الأمازون أو
في معبدٍ بوذي بآسيا
جائعاً
لكنك تفكر:
أن مُديةً واحدةً لا تكفي
لذبح عصفور.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> عن ليلى
عن ليلى
رقم القصيدة : 6297
-----------------------------------
سأقول عن ليلى
عن العسل الذي يرتاح في غنجٍ على الزند
عن الرمانة الكسلى
عن الفتوى التي سرت لي التشبيه بالقند
عن البدوية العينين والنارين والخد
لها عندي
مغامرة تؤجج شهوة الشعراء لو غنوا
صبا نجدٍ متى قد هضت من نجد
عن النوم الشفيف يشي بنا
عن وجدنا ، عنها
لئلا تعرف الصحراء غير العود والرند
سأقول عن ليلى
عن القتلى
وعن دمنا الذي هدروا
عن الوحش الصديق
وفتنة العشاق
والليل الذي يسعى له السهر
عن الطفلين يلتقيان في خفرٍ
ولما يزهر التفاح يختلجان بالميزان
حتى يخجل الخفر
لليلى شهقة أحلى
إذا ما لذة تاهت بنا
وتناهبت أعضاءنا النيران(49/376)
متنا أو حيينا
أو يقول الناس أخطأنا
ستبكي حسرة فينا إذا غفروا
سأقول عن ليلى
عن المسافر عندما يبكي طويلا
عن السحر اللذيذ إذا تجلى في كلام عيونها
عن نعمةٍ تفضي لأن أقضي رحيلا
عن مراياها موزعةً تخالج شهوة الفتيان
عن ميزانها مشبوقةً
عن عدلها في الظلم
عن سفري مع الهذيان
عن جنيةٍ في الأنس تنتخب القتيلا
ليلاي لو يدها علي
ولو يدي منذورة تهب الرسولا
سأقول عنها ما يقال عن الجنون إذا جننت
ولي عذر إذا بالغت في موتي قليلا
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مدينة تستيقظ
مدينة تستيقظ
رقم القصيدة : 6298
-----------------------------------
تستيقظ آخر الليل،
تُلقي نظرة على الشارع الخالي، إلا
من أنفاس متقطعة، تعبره
بين الحين والآخر.
وحده النوم يمشي، متنزها بين
قبائله البربرية،
تتقدمه فرقة من الأقزام.
وهناك رؤوس وهمية تطل من النوافذ
على بقايا الثلج الملتصق بالحواف وكأنما
تطل على قسمتها الأخيرة في
ميراث الأجداد.
المصابيحُ تتدافع بالمناكب، قادمة
من كهوفٍ سحيقةٍ
لا تحمل أي سر.
السماء مقفرة من النجوم
الجمالُ تقطع الصحراء باحثة
عن خيام العشيرة
القطاراتُ تحلُم بالمسافرين.
لا أحد... لا شيء...
أغِلقِ الستارة
فربما لا تحتملُ
مشهد مدينةٍ تستيقظُ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> من الغرفة للمقهى
من الغرفة للمقهى
رقم القصيدة : 6299
-----------------------------------
في الصباح عندما أستيقظ
يستيقظ العالمُ في رأسي،
بكائناته وزعيقه الذي يُهرس العظام.
أغادر غرفتي التي تشبه كهفاً مليئاً
بالقتلى
وأدلف المقهى،
أحدق ملياً في الفنجان الشبيه بأفعى
تسترخي في ظهيرة صيفية
وأفكر أنه فنجاني الأخير في هذه المدينة.
لكن النهار في أوله
وأنا قادم على حُروب وقبلاتٍ
أكتشفُ نكهتها بعد
قرون.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بخطوة الغيب
بخطوة الغيب
رقم القصيدة : 6300
-----------------------------------(49/377)
ثمة ما يؤذن بإنفجار اللحظة
ثمة في الشارع امرأة تقطع القلب
بخطوة الغيب
ثمة قامةٌ تُشمر الساعد
عن خيانتها الكبرى.
طوفان الشكوك يجثم على
الصدر
وفي الليلة نفسها،
يفتحُ الرأسُ أبوابَهُ
مثل ثورٍ يدفع عاصفة نحو هجرتها
الأبدية.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> كل هذا العمر
كل هذا العمر
رقم القصيدة : 6301
-----------------------------------
ثلاثون عاماً.. كلُ هذا العمر الذي
يفيضُ الآن على كتف الصحراء.
وفي شوارع أباحت هذا المساء
مضيت باحثاً عن ظل قدمي الذي
ودكاكين الخُضار.
أكتبُ مسودة للحروب القادمة
وملاحظات حول طبيعة الطقس
السري لأحلام الرعاة
الصدر
وعما قليل ألتقي بالمرأة التي فرغتْ
وفي الليلة نفسها،
للتو من تقليم أظافر الكواكب
وجلست على ضوء الفق تستنطق أسرار
يفتحُ الرأسُ أبوابَهُ
الغيب كسلة هواجس معلقةٍ
في زنزانة.
مثل ثورٍ يدفع عاصفة نحو هجرتها
وأخيراً، وليس بأخير، أجلسُ على مصطبةٍ
أخرى، على بُعد ألف سنة ضوئيةٍ
من الأولى
الأبدية.
أبحث عن ظل امرأةٍ لنْ ألقاهْ
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عام جديد
عام جديد
رقم القصيدة : 6302
-----------------------------------
منذ أن تمطى جثتي نعيقُ
السنوات
وحلق الطائر الشتوي
في عُنقي،
انبرتْ أحداثُ سنتي الأولى،
سنة ميلادي،
نحو زرقة الأبد
مثل شاحنة غرقت باحتمالاتها
في لجة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هجرة الأسلاف
هجرة الأسلاف
رقم القصيدة : 6303
-----------------------------------
من التفاتة ذئب أرى في ضحكته
هجرة الأسلاف، انفجرت هذه
الطرقُ التي لا ينامُ فيها المسافر إلا
ورأسه مسنود إلى مُعضلةٍ
وربما يحلم بعد كأس النبيذ أنه
راحل غداً
وأن شرايينه تتوزع في عيني
جائع، يتسلق صرخة احتجاج.
عبر المسافات التي أفرغت عواءها
في قلبه،
يهيمُون، يزحفُون جميعاً كالأفاعي
الجريحة
تتعثرُ في ذاكرة الشتاء
نحو المقاهي ذات الصدر الماسي(49/378)
ذات الأضواء المركزة على أثداء
نساء تخرج الفصول كالجرذان
من أحلامهن الشبقة، وقف
الرجالُ، يرتقون شروخ النهار
الأحاديث برنينها الحائر كحجرٍ مقذوفٍ
إلى الخلف
النظراتُ، التي تجوس خرائب عابقة
بالذكرى
إذ ليس إلا حوافرُ الثأر
تحفر هذا الرأس المفتوح على
نهارات لا تنتهي،
نهارات تحملُ ثقْل ليْلها الموحش
وستختفي المرأة في رأسك
حالمةً، بريفٍ مُعلق من قدميه
في
فراغ
المدينة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> كل شيء لم يبدأ
كل شيء لم يبدأ
رقم القصيدة : 6304
-----------------------------------
كل شيء بدأ
كل شيء لم يبدأ
هكذا أبداً
تموت وعولُ النفس في
خضرة الصُّراخ
هكذا تندلع حروب تغرقُ فيها
سُفن الأفكار
وهكذا أيضا أحلم
أنني قائدُ أوركسترا
في جُزر
تشتعل فيها النيران
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أحشاء الصباح
أحشاء الصباح
رقم القصيدة : 6305
-----------------------------------
الصباح يجرجرُ احشاءه تحت
قدم التيه
والمساء دائما تحت معطفك
عينا جاحظةً
وأخرى تراقب الغيم يسقُطُ
فوق الجبال
تسوقُ قطيع السنوات
بعصيان المحبة
وتحت الشّجر المضرّج بالغُروب
تجلسُ وحيداً
كشارع تلسعهُ افعى
بينما خطواتك المتعثرة بأحجار الألوهة
وأحلام لا تتحققُ
تنهمر على أوجه المارة
فلولَ لعنات.
في رؤياك الأخيرة: ((ابن عربي))
يسرق قبعة
من طفلة
ويتغذى من لهاث الشجر الطالع
من قعر المحيطات.
لكنك المنفيّ أبداً
وعلى بعد خطوات
من موتكْ
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مسخ
مسخ
رقم القصيدة : 6306
-----------------------------------
أيها الدمُ المتدفق من شريان
يمامةٍ
ومن قطيع الزراف الراكض
في خضم الغاب
يا دم الصرخة الأولى في بهيم البدء
دم السلطعون
ووحيد القرن
وقوافل النّمل التي ورثت
عرش سُليمان
حيثُ سقطتْ قناعةُ الأنبياء
في بطن سمكةٍ.
أيها الدم الأولُ
أعرفُ أنك دمي قبل أنْ يتشكّل
هذا المسخُ.(49/379)
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ذكرى
ذكرى
رقم القصيدة : 6307
-----------------------------------
إلى والدي ناصر بن عيسى
كانا جبليْن تستريحُ بينهما صرخة
الرعاة
كانا منحوتينْ من بازلْت العناق،
على الذروة تُحلق طيور غاضبة ترمي
على السفوح بهمها المقدس،
ومن بين الضباب الأزرق، شاهدنا
زرد البحيرات يغْرقُ في ذهب المساء.
سعيدين بهذا الحُطام الذي تنهبهُ
الخيول بين حوافرها في تلك
الوهاد العصية حتى على النسر
الذي يبْحث فيها عن
أسراره،
والضبعة عن دواء لأطفالها.
الغيوم تلد التوقعات
ولا هواء يُطوح بالأفاعي التي
تحبلُ بها الظلمة الحادة.
صمْتُ الجهات
مطرُ الذكرى.
كانا جبلين منحوتين من بازلت القرون
يذوبان في رأس المسافر
مثل مجرةٍ سقطت بسكانها بالبحر
وكان اسمُهما ((لسان الطير)).
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ديار الأحبة
ديار الأحبة
رقم القصيدة : 6308
-----------------------------------
ها هي رُعوم الانتقام تقصفُ
ديار الأحبة،
فتطير النوافذ والأبواب لآخر زقاقٍ في القارات
التي لم تكتشف بعد..
أدركنا ذلك حين شاهدنا
الذكريات تحوم فوق الأطلال
مثل ابتهالات
تقذفها
طيورُ ليلية.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> القدم النرجسية
القدم النرجسية
رقم القصيدة : 6309
-----------------------------------
في الليلة نفسها التي لا تُحلق العقبان
فيها إلا على رؤوس
ضحاياها،
رحلت قدمٌ قرويّة المزاج
إلى حيثُ لا تنتهي الرحلة
بين أصابعها كانت الآفاقُ تتحرّك
مثل حشد نجوم تتهيأ للقفز
وفي ظلها الشبحي، فرش الحلمُ
ساحة تمرح فيها
الثعابين.
لم تكن وليدة تخطيطٍ ولا صدفةٍ
كاتن هكذا وحيدة
تطلق صرخة الضياع في
مهب القارات
مثل منارةٍ خلعت ضوءها للبحر.
وفي الطرف الأقصى لديجور
فحيحها، كان القلبُ يسكنُ
غابته السرية،
باحثا عن مرايا الأبد في حطام الذكرى
وفي المدن التي لا تتسع إلا لحديثٍ
عابرٍ، كانت الأرض مدلهمة(49/380)
بالأقدام.
أقدام تتبع خيط المستقبل الواقعٍ
في مأزق الولادة.
أقدام آسيوية، إفريقية
أمازونية،
تحلم بالعودة وأخرى بالرحيل نحو
جُزر النّهب
أقدام تحشر أسلافها في زرقة
ليل يُشبه ذاكرة الغريق.
أقدام أو قدمي وحدي (ليكُن)
التي ولدت سرّها في
عرين النمر ليستشري في المدن
مثل شحّاذ مُصاب
بالسرطان.
القدم التي لا تستسيغ السعادة
إلا خلسة
وعلى حافة هاويةٍ.
وللقمر أيضاً قدمه النرجسية التي
ترفس الشمس
بغية احتلال الموكب،
يتجولُ القمر وحيدا، نراه بين حشدِ
الأقدام والرؤوس
مضيئا طرف الحانة
كما يضيء السجين في زنزانته
ولأُمِّي كانت قدمها التي تنوءُ
بثقل المذابح
قدم الكمثرى
وأنين المسافات.
لم أكن اعرف سر الأقدام،
حتى تربع النسر في عرشه الفظيع،
خالعا وتد النميمة في صرخة
الرعد.
ولأنيّ كنت المدعو لهذه الوليمة من
الأقدام والأدمغة المستفزّة،
غامرت بسمعتي الأخلاقية
لأكون سيّد المأدبة أو خادمها،
بحيث لا تنقضي الأرابة للوقوع
دوماً بين أسنان ذئبٍ.
أهكذا يبدأ المجوس رحيلهم
تاركين في كل طريقٍ أثرا لجريمةٍ
عذراء
وبقايا عشاء
يمتدّ حتى الأبدية.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مشهد مكرر
مشهد مكرر
رقم القصيدة : 6310
-----------------------------------
ما بين شارع الشهداء في الحيّ التاسع
و((السَّان ميشيل))،
تُحلق حكمة اليوم بأنفاق المترو.
الطيور تحتلُ الثكنات بصياحها العجيب
المهاجرون ينتظمون صفوفا أمام التفتيش
وصداع الرأس لا يأتي إلا بمزيدٍ
من المحبة للفئران.
مشهد عابر لامرأةٍ مغتصبةٍ
قرد يعوي،
تحيط به مجموعة فيلةٍ جُلبت خصيصاً من الهند،
بينما العُراة والسكارى يحتلون الحلبة
بشفاه يابسةٍ،
ممنطقين بزنار من الضفادع.
حفنةُ نجومٍ تهذي أمام المخرجِ
والسماء تلقحُ الأرض بمصلٍ جديدٍ.
تصل المقهى أخيراً
وكأنك اجتزت أرخبيلا خرافيا في نومك،
حيث تتركز نحوك نظراتُ الزبائن
والكلماتُ التي تحتدمُ فيها المصائر.
تنظر إلى الخارج:(49/381)
القوارب ما زالت في مكانها
الأشجار تتمايلُ بفعل ريح خفيةٍ
والنهر الذي ابتلع قرونا، بدأ يلتهمُ هدوءه بعمقٍ.
وحين تكون راجعا إلى بيتك يتكرر نفس المشهدِ
مع زيادة خفيفة: فالرجالُ الملثمون الذين
يعترضون طريقك، ليسوا إلا ذئاباً طردها
البرد من الغابات.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> سهرة
سهرة
رقم القصيدة : 6311
-----------------------------------
كل شيء بانتظارهم:
الكؤوس والأدمغة وعناكب الرفوف،
والصالة وهي ترسمُ بلعابها المدعوين،
لتغطي بياض عُريها المائل للوحشة.
سَتنتزعُ مجد هذه الليلة من حنجرة الوقت.
الأبواب مشرعة منذ القدم، تدخل منها
ذئاب صغيرة، تشارك المدعوين
في الرقص
هنا في هذا المكان، اجتمعت هجرات كثيرة
أطلت من نوافذها البحرية، رؤوس دلافين.
في هذا المكان ذبلتْ مسافات كثيرة، يعرفها
سائقو القطارات
جيداً
في هذا المكان أمطرت سحب كثيرة
يعرفها القرويون
جيداً
وقدم الهستيريا قادت شعاب الذاكرة
في غلواء الليل.
ومن هذا المكان رحل الجميع الى بيوتهم، تاركين
ذئابا صغيرة تحدَّقُ في ديكور الصالة،
حيث الأغاني لا تزالُ
سكرانة، تدخن سيجارة
الغياب.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هل ثمة فرصة للهرب
هل ثمة فرصة للهرب
رقم القصيدة : 6312
-----------------------------------
كل شيء يهرب من بين أيدينا
ويتسلل إلى جرح في قارةٍ مهجورةٍ
وفي الجرح تنامُ آلاف الجثث المخمرة
حيث لا أضواء ولا حنان افتقدُ غيابه.
وفي بوابة شتاءاته الكثيرة، حشرتني
الأقوام تحت مظلة الجريمة.
هل ثمة فرصة للهرب مع قراصنة ينامون
في الهدير؟
هل الجبال هي الجبال حين تستدعيها الذاكرة
إلى زقاق ترقص فيه الوعولُ والغزلان
التي نسيت روحها في وديان تخطط حتفها
كل لحظة؟
أين أنا من ذلك الصخب الذي
يخرِقُ أذن الحارة
كلما غطست في النوم؟
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بحثاً عن قطعة خبز أو قماش
بحثاً عن قطعة خبز أو قماش(49/382)
رقم القصيدة : 6313
-----------------------------------
في ليلة الخامس والعشرين من...
حيث كان الربيع يزفر موسيقى أحشائي
الناعمة، وحقول الطرقات في باريس
مرمية بين أضراس الخوف والمزابل التي
يضيع أطفال المشردين فيها بحثاً عن قطعة
خبز أو قماش.
وبعد أن قرأت فصلاً من ألف ليلة
وليلة، أدرت زر التلفزيون.. كان فيلماً
أميركيا وكان المشهد الأخيرُ الذي تُحرق
فيه جان دارك معكوفة على الصليب.
بعد ذلك أو قبله بقليل:
رأيت جمال الأسطورة تنيخ أحمال
ذكرياتها
على كتفي
رأيت ذئباً يتجول في تلة أفقٍ
بعيد أظنه رأسي.
رأيت أميّ تلدُ طفلا يبتسم لي بخبث،
لا تلبثُ أن تظهر بصقيع سيبيريا
تغني مع الرعيان والمجلودين وبمشهد
آخر ميتةً تحضن المجرات التي لا يعرف العلماءُ عنها شيئاً.
وعلى أي منقلب نحن تلاميذك
أيها البحر الذي يعتقل أمواجه بسبب
سيجارةٍ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> وجوه تطلع من السديم
وجوه تطلع من السديم
رقم القصيدة : 6314
-----------------------------------
حيثما تقعُ عينك على حديقةٍ
يشتعلُ فيه شبقُ الحريقِ
في الدروب والأزقة، تستحيلُ
لقد نسيك الجميع إلا روحهُ
حنايا عظامك القصديرية،
أبوابها الكثيرة.
في أعماقك؟
كتاب يتحدثُ عن
في مبغى؟
المبعثرة في
دوما من السديم
هل تتبع خطوات حذاء يتجولُ
في أعماقك؟
أم تمضي الى شارع آخرأو
كتاب يتحدثُ عن
انتحار فيلسوفٍ
في مبغى؟
لتلم كلماتك
المبعثرة في
وجوه الطْلع
دوما من السديم
فعما قليلٍ يأخذ المدعوون طريقهم إلى الموت.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مرايا القفار
مرايا القفار
رقم القصيدة : 6315
-----------------------------------
في القطارات التي تحملني دائماً
إلى البعيد
وعبر مرايا قفار أفقية، نزقةٍ
لا أكادُ أتعرفُ
على وجهي الذي
خمشته طيور الهجرة.
لكني حين أنزعُ قُفازات الرؤية
عن حدقة الظلام
وفي الأنفاق السحيقة
للألم الإنساني،
أتجشم المسير ثانية(49/383)
لعلي أرى ما لا تراه عين الصوفيّ
أو السندباد
[لؤلؤة أو امرأة
أو فكرة]
أو العدم الذي
تجرف وديانهُ
الجميع لحظة
صحو زائلٍ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نجمة الأعاصير
نجمة الأعاصير
رقم القصيدة : 6316
-----------------------------------
ليس ما يجعل الصباح نديا هذا اليوم،
غير ذلك الانبجاس الخفيّ لهياج الروح،
متربعة في صحنها القمريّ
غير هذا التلعثمُ في وجْنة النحاس.
امرأة تحرق عشب القارات
لتضيء نجم الشكيمة المتدليّ
مثل نية انتقام لسماء مدلهمة.
تقطع ذراع الفجر من أجل ظلها الهارب
في مغارة الأبعاد
تستجلي لآليء الشك
في مركبة البرق
فكأنما الرعودُ طرائدُ لأحلامها
الليلية،
لا شيء يستثنى من قبضة ومضها،
المستفز حتى
مكان السرة النابت
في مقبرةٍ
بجبال الهملايا.
سعيدةً أحياناً سعادة المبدع باكتمالِ
قصيدةٍ
أو سعادة النسر بالتهام ذروةٍ
جبليّة
وحزينة، ربما كان ذلك
حين تدخل ريح الجنوب إلى رأسها
المخضّب بعواء
المقاهي والقطارات
ترنو من وراء النوافذ والأسلاك
إلى
عيني ضبع مُسن
لتعرف اتجاه الأعاصير
وتستدير، استدارة شمس
في ليلتها الأبدية.
غيمةُ جنس تجأر بالفضيحة
ومنارة هذيان لأجيال تلفت
منذ قرونٍ
لا شيء يرحل عن مدى ناظرها
إلا وتحصده بفأس النبوءة،
النبوءة التي تتنزه في شرايينها
مثل ضبّ يتنزهُ
في مغارة الليل
تفركُ عينيها المرهقتين من سفر
الأيام الطويلة، حيث كان البدو
يحدَّقون فوق أحصنتهم وهي
تتوارى خلف زجاج الأفق
وتسقط مثل نيزكٍ في شواطئ
مجهولةٍ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> محاولات فاشلة
محاولات فاشلة
رقم القصيدة : 6317
-----------------------------------
حاول أن يعصر عظامه في قصيدةٍ
حاول أن يدفع لياليه الموحشة إلى المقصلة.
لا يمكنه النوم لا يمكنه الكتابة
لا يمكنه اليقظة.
أشباحه تتقدّم إلى الغرفة و
تتمدد على السريرٍ.
صقور ترعى في عينيه بمسرةٍ
قرية بكاملها ترتجف في أحشائه(49/384)
وجد نفسه جنديا في حروب لا علاقة له بها
وجد نفسه مايسترو لجيش من المتسكعين.
وربما لم يجد شيئاً، عدا رماد ايامه
المقبلة
وحين أيقن أن لا فائدة حمل بندقيته
وبرصاصةٍ واحدة ٍ سقط الفضاء
صريعا في الغابة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> قصيدة حب إلى " مطرح "
قصيدة حب إلى " مطرح "
رقم القصيدة : 6318
-----------------------------------
حاول أن يعصر عظامه في قصيدةٍ
حاول أن يدفع لياليه الموحشة إلى المقصلة.
لا يمكنه النوم لا يمكنه الكتابة
لا يمكنه اليقظة.
أشباحه تتقدّم إلى الغرفة و
تتمدد على السريرٍ.
صقور ترعى في عينيه بمسرةٍ
قرية بكاملها ترتجف في أحشائه
وجد نفسه جنديا في حروب لا علاقة له بها
وجد نفسه مايسترو لجيش من المتسكعين.
وربما لم يجد شيئاً، عدا رماد ايامه
المقبلة
وحين أيقن أن لا فائدة حمل بندقيته
وبرصاصةٍ واحدة ٍ سقط الفضاء
صريعا في الغابة.
شحين تمددت لأول مرة على شاطئك
الذي يشبه قلبا، نبضاته منارات
ترعى قطعانَها في جبالك الممتدة
عبر البحر.
أطلقُ بين مقلتيك منجنيق طفولتي
وأصطاد نورساً تائها في زعيق
السُفن.
نجومك أميرات الفراغ
وفي ليل عُربك الغريب تضيئين
الشموع لضحاياك كي تنيري
طريقهم للهاوية.
أبعثر طيورك البحرية لأظل
وحيداً. أصغي إلى
طفولة نبضك المنبثق من
ضفاف مجهولة،
تمزق عواصفها أشرعة
المراكب
كم من القراصنة سفحوا أمجادهم
على شواطئك
المكتظة بنزيف الغربان
كم من التجار والغزاة
عبروك في الحلم
كم من الأطفال منحوك جنونهم
مثل ليلة بهيجةٍ
لعيد ميلاد غامض؟
القرويون أتوك من قراهم،
حاملين معهم صيفاً من الذكريات.
مطرح الأعياد القزحيّة البسيطة
والأمنيات المخمرة في الجرار،
الدنيا ذهبت بنا بعيداً
وأنت ما زلت تتسلقين أسوارك القديمة.
وما بين الطاحونة و((المثعابْ)).
يتقيأ الحطابون صباحات كاملة،
صباحات يطويها النسيانُ سريعاً.
هذه القلاع بقيت هكذا تحاورُ
أشباحاً في مخيّلة طفل، حيث(49/385)
بناتُ آوى يتجولْن جريحاتٍ
بين ظلالها كموت مُحتمل
وحيث كنا نرى عبر مسافة قصيرةٍ
ثعباناً يخْتن جبلا في مغارة
لم أنسك بعد كل رحلاتي اللعينة
لم أنس صياديك وبرصاك النائمين
بين الأشجار.
حين تمددت لأول مرةٍ
كان البحر يشبه أيقونةً
في كف عفريت
لأنه كان بحرا حقيقياً يسرح زبده
في هضاب نساء يحلُمن بالرحيل
حين تمددتُ لأول مرةٍ
لم أكن اعرف شيئاً عدا
ارتجافة عصفورٍ
في خصرك
الصغير
ليلة أخرى
سأنام وأترك كل شيء للريح
النابحة أمام بابي
سأترك القلم والسجائر والمنفضة
الملأى بفيالق المغول وهم
يغتصبون السبايا في
مدن الذاكرة
سأنام وأترك كل شيء للريح
والمطر الراعدُ وهو يقْرعُ نافذتي
طوال الليل ويتسلل إلى نومي
مثل كابوسٍ هائجٍ أو رحمةٍ إلهيةٍ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> رسالة
رسالة
رقم القصيدة : 6319
-----------------------------------
الفجرُ ينتشر في غرفتي كذئبٍ.
يتقدمه زحف عوائه نحو
قرية مهجورة.
الفجر يفرض لياليه ثقيلاً بارداً،
والساعة تزأر مثل لبؤةٍ في
مُستنقعات بعيدة،
يُعربد صداها في الرأس.
الفجرُ هذه الليلة هكذا
وأنت غائبةُ عن السرير.
بائعة فطائر
دائماً أقطعُ الطريق المؤدي إليها
وهي ترمق صباحاً يطلع من رأس
بُحيرةٍ،
بينما كلبُ المقهى يزداد نباحهُ
كأنما حدأة ستمزق مضجع الحارة بعد قليل.
الشاحناتُ عبرتْ في اللحظة حدبة الجسور
لتستوطن قلبَ مشردٍ (خاصَّة وقت النومِ)
أراها تهرش اللحم كالطيور الجارحة
وتختفي في أزقة الشرايين.
لكن المطر لا يزال ينزل أمام دُكانها وهي
ترتب الفطائر بهلوسات ملاكٍ.
* فطيرةُ واحدةُ.
- 4 فرنكات.
وتختفي الشاحنات والنباح في
أنفاق المترو، أستمعُ
إلى عازف ((الجاز)) الذي لم يعد يتحدثُ
عن أية أحلام.
((كلوشار)) نائمُ، بين تعاريج صرخاته،
أرى قطيعاً من الثيران
الوحشية
تتدفق على الشوارع المأهولة بالقتلى
تاركة
بصمة الزمان.
البراءة الأولى
براءة الخطوة الأولى،
بالبراءة نفسها(49/386)
تقمصتُ ملاك أوهامي
وذهبتُ نحو المرأة التي أنقذفتْ
دهور وجدْها في رأسي
نحو المرأة التي أحب.
كان الليلُ يتكوّر مثل قتيل في الحانةِ
والشارعُ يتلوى جوعاً باحثاً عن
فريسةٍ، تخترقه بين الفترة والأخرى
جلبةُ قطارات تشبه لغط ذئاب
في صحراء، أو هلوسات جيش يحتضرُ
كنت أعبر الرصيف نحو الضوء
الذي انفجر فجاة من تحت أضلعي
شارداً في أزقة الذكرى حيث
يتسكع السكارى والمشعوذون
على ضوء الشموع التي أوقدتها
المرأةُ، التي دوّختني عبر
القرونِ
أصعدُ السلم الخشبي الذي طالما
تدحرجتْ في ثنياته كل طفولةِ
أيامنا المعّشبة.
وكما في قصص ((الجنيات)) ينفتح
البابُ، يقودني ضوءُ أضلعي الشاحبُ،
وبجرأة عاشق وحيد يهوي وسط
ظلال الأساطير على سرير الملكة.
وبالبراءة الأولى، براءة الحُلم التي تلمعُ
في الليل مثل بريق شفرةٍ لم تستعملْ،
صرختُ ((إن ما أحضنه كان جثماناً
للمرأة الغابرة)).
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> زورق في المغيب
زورق في المغيب
رقم القصيدة : 6320
-----------------------------------
وأنت هنا أو هناك
لا يجب أن تلتفت كثيراً الى الخلف،
الغيومُ المقذوفةُ على كتفيك
من النوافذ،
تشبه نظرات امرأةٍ
رأيتُها قبل قليل في الحانة
والطرقات المليئةُ وقد
تركها أصحابها مع الفجر،
ذاهبين إلى الحرب،
وأنت هنا، محدقاً في الطيور
التي تحمل في مناقيرها العواصف، اعوجاجُ
لا تنقصهُ الاستقامةُ
غرابُ يتقمص هيئة عصفور بلا واسطة.
وأنت هنا أو هناك
جالساً أو ماشياً
فوق الجبالِ أو في أسفل السفوح
حيث البراكينُ، نشوى، تزغردُ
في أعراس المدن
هكذا أنت:
خطوةٌ وحيدةٌ تدحرج زورقاً
في المغيب.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> النوم
النوم
رقم القصيدة : 6321
-----------------------------------
كل صباحٍ حين تنهضُ من نومك
الضارب في القدمْ،
تفتحُ نافذةَ
تدخل منها موسيقى
ورجال يحملون على أكتافهم
قوارب
تسطعُ فوقها شمسٌ مريضةٌ.(49/387)
وكان الجميعُ مربوطا
بقدم العاصفةِ
التي تُرتب نوايا رحيلها
في نومك
الذي لم تستيقظْ منه بعدُ.
النافذة مفتوحةُ، وأنت
تقتلعُ رؤوساً
بشريةَ
تظهر على شكل
نُجوم
في فنجان القهوة.
لحظاتُ
وستغيب في زحام الشارع.
شعراء العراق والشام >> عبدالوهاب زاهدة >> لوحة تشكيلية من جنين
لوحة تشكيلية من جنين
رقم القصيدة : 6322
-----------------------------------
أنا من جنين .
اسمي أمين
في البارحه
عبرت وحوشٌ كالحة
ذاتَ الشمالِ مع اليمين قتلت أبي في لحظةٍ
سحقت زهور الياسمين
لم تُبقِ سقفاً قائما
لم تبقِ زيتونا وتين
في كلّ زاويةٍ دمٌ
حتى الأنينُ لهُ أنين
فحبوتُ أسعى جاهدا
ما بينَ أشلاءٍ وطين
كي ألقى أمي ربما
غابت تُعدّ لنا العجين
إني إفتقدت حليبها
وحنوّها في كل حين
وظللتُ أحبو حائرا
حتى وصلتُ المقبره
فإذا بأمي جثّةً
فوقَ الترابِ مبعثره
الرأسُ كانَ مهشّماً
والصدرُ منها لم أرَه
لكن سمعتُ دعاءها
في كفّها والحنجرة
حاولتُ أجمعها معاً
بعظامها المتكسرة
أقبلتُ أرضعُ ثديها
فأتت عليّ مجنزره
خلطت بعظمي عظمها
فإذا هنالكَ قُبّره
صرخت بأعلى صوتها
هي . . مجزره . . هي مجزره
***
من تحتِ أكوام
الركام
يأتي الصدى
رجع الردى
الصمتُ ينطقُ بالكلام
يا فرحتي في العالمين
قاومتُ أبقيتُ الجبين
كل النساءِ حملن بي
ليلدنَ مثلي بعد حين
فالريحُ تنثُرني ندى
والأرضُ تنبتُني يقين
والدهرُ يجعلني المدى
فغداً أقومُ من الثرى
متطيباً ومُطهرّا
فإذا الورى . . كل الورى
صوتاً يردد . . هل تَرى ؟؟
حملت جِنين . . حملت جِنين
في لحظةِ الموتِ جَنين
هو . . أنتَ . . أنتم . . والمدد
يأتي الولد
مستنسخا من غيرِ عدّ
يمضي . . يُكبّرُ يا صمد
أحدُ . . أحد
أحدُ . . أحد
من بعدِ جزرٍ يأتي مدّ
ليكون . . رد
فإذا جنين
باقاتُ ورد
سلاتُ تين
عسلٌ وشهد
حبٌ ودين
شعراء العراق والشام >> عبدالوهاب زاهدة >> المدعو .. عيد ..
المدعو .. عيد ..
رقم القصيدة : 6323(49/388)
-----------------------------------
لا أمُّهُ تُدعى سَعدى
وليسَ أبوهُ سعيد
إبنُ السِتَةِ والستين
منذ سنين
يتستغفِلُنا .. يستَغبينا
لا يُسعِدُنا . بل يُشقينا
لا يُفرِحُنا .. لا يُهدينا
إلا الحسره
وحَلوى مُرّهْ
وذكرى (( الدُرّه ))
وجُرحَ جِنين
**
إبنُ الستةِ والستينْ
من أجلِه نبتاعُ الفُستقَ
َ والبُندقَ
قمَرَ الدين
نصنعُ أطباق حلاوهْ
مع بقلاوهْ
ولحمِ عَجين
نتأهبُ كي يلقانا
نشكرُ نعمةَ مولانا
ونقولُ آمين
يحضرُ في كل الأمصار
إلا نحنُ .. فلسنا نُزار
لا يجبُرُ خاطرَ أهلَ القدسْ
بجرّة دِبسْ
بسلّةِ تين
***
إبنُ الستةِ والستينْ
ننثرُ في دربِه سكرْ
نكثرُ من حبّهِ نسهرْ
حتى يأتي
كي يُعطي
أطفالَ رفحْ
أكوابَ فرحْ
ألعابَ مرحْ
لم يبقَ بغزّةَ .. حِملُ بَلحْ
أو كيسُ طحينْ
إبنُ الستة والستين
منذُ سنين
فرَغَ البيتْ
لا .. مسحةَ زيتْ
لا كأسَ سَميدْ
لا .. حشوهْ
لا .. عَجوهْ
فالأرضُ تميدْ
لا كعكهْ
أو دبكه
لا طعمَ لعيد
للمدعو عيد ..
لا أمّهُ تُدعى سعدى
وليسَ أبوه سعيد
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> هو الحب
هو الحب
رقم القصيدة : 6324
-----------------------------------
قل هو الحب
هواء سيد ، و زجاج يفضح الروح وترتيل يمام
قل هو الحب
ولا تصغي لغير القلب،
لا تأخذك الغفلة،
لا ينتابك الخوف على ماء الكلام
قل لهم في برهةٍ
بين كتاب الله والشهوة
تنساب وصاياك
وينهال سديم الخلق في نار الخيام
قل لهم،
فيما ينامون على أحلامهم،
سترى في نرجس الصحراء
في ترنيمة العود وغيم الشعر سرداً وانهدام
و ما ينهار ينهار، فما بعد العرار
غير مجهول الصحارى وتفاصيل الفرار
غير تاج الرمل مخلوعاً على أقدامنا،
والذي يبقى لنا تقرؤه عين الغبار
والذي لا ينتهي ،لا ينتهي
مثل سر الموت
والباقي لنا محض انتحار
قل هو الحب
لو لنا في جنة الأرض رواق واحد
لو لنا تفاحة الله جثونا في يديه
كلما أفضى لنا سراً ألفناه
ومجدنا له الحب
و أسرينا إليه،(49/389)
قل هو الحب
كأن الله لا يحنو على غيرك
ولا في الكون مجنون سواك
لكأن الله موجود لكي يمسح حزن الناس في قلبك،
يفديك بما يجعل أسرارك في تاج الملاك
قل هو الحب
الذي أسرى بليلى
وهدى قيساً إلى ماء الهلاك
قل هو الحب يراك
الذي أسرى بليلى
وهدى قيساً إلى ماء الهلاك
قل هو الحب يراك
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الفقد
الفقد
رقم القصيدة : 6325
-----------------------------------
شغفت بك بما يكفي لتحرير مدينةٍ كاملة
محتلاً بك مثل عاصفةٍ في الرواق
جسدٌ يخب في الحديد بطرقٍ تنحت أطرافي
ما من ليلٍ إلا وكنست كوابيسه بأهدابي
وما من شهوةٍ إلا واختلج بها الدم.
ذهبت إليك
إليك وأنت في مخدع الليل في خديعة النهار
إليك وأنت في بهجة الجسد
مأخوذاً بحديدة العسف.
كلما وضعت عليك عضواً لئلا تصيبك الوحشة
انتابتني النصال ، النصال كلها .
و ها جسدي يكاد أن يذهب
مشغوفاً بك و أنت في الفقد .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> فجك العميق
فجك العميق
رقم القصيدة : 6326
-----------------------------------
جرحك الوحيد الذي لي ،
هل تاجٌ يتكاسر عليه الملوك ؟
هل نارٌ خجولةٌ تغرر بالصعاليك وقطاع الطرق
وتفضح كبرياء القراصنة ؟
جرحك هدأة الليل ،
قلت مرةً إنه واهب العاصفة .
هل أنت قبلة العاشق يغتصبها شخصٌ غائب .
هل جنة الأقاصي ،
لا يذهب إليها شخصٌ إلا وأصيب بموهبة قلقامش
لكي يفقد صديقاً .
قلت مرةً عن فحولٍ تتبادل الهجوم
وتؤجج الجرح بنحيبها ..
فيما تحك جنسها بحراشف الجبل
تحرسك في نزهة الليل .
الآن ، لم يعد النهار كافياً و لا الليل ،
ففي كل منعطفٍ أسمع لجرحك صريخاً
مثل شبق العناصر وشغف الناسك ،
لئلا يموت قبل الحب .
جرحك المكنون
يسمونه الحصن في شاهق الجبل،
هو البعيد المبذول لشهوة الأقاصي
قلت مرةً أنه لي ،
وكلما وضعت يدي عليك غاصت كأنها ريشة السديم
لا تعرف البوصلة جهاتك ولا يطالك الماء .(49/390)
جرحك جهةٌ تحج إليها الجيوش وتتدفق فيها الأنهار
ويصاب بالفقد كل باسلٍ يتوهم النصر أو يتوسم الهزيمة .
فجك العميق في العفة مفتوحٌ مثل أشداق المغفرة
تركض إليه المخلوقات مأخوذةً بشريعة الغزو .
قيل إنك الصدر الواسع
يقبل التوبة ويأخذ إلى الغواية .
قيل كنز السلاح .
عندما يفر الجسد من نصالك لا ينجو من الذبيحة
حيث الجرح الوحيد المفتوح على آخره ...
مثل بهو الجحيم .
قلت انه لي ،
جرحك الذي تاج الملك و وردة الناس ،
قلت لي وحدي .
هل أنت جرحٌ أم سلة السناجب
أم نيازك مذعورةٌ تخدع الليل؟
من أين لك هذا التماهي وهذه التحولات
تذهبين إلى ناس العرس فيصابون بالوجل .
ها أنت أجمل من يقول
ها أنا
أضعف من يسمع
... و يصدق .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> في حضرة المليكة
في حضرة المليكة
رقم القصيدة : 6327
-----------------------------------
كنت في حاشية المليكة
أرفع ذيل قفطانها إذا مشت، وأعدل وسادة الريش لظهرها إذا استلقت على أريكة. وما إن تنظر إلى دورق النبيذ حتى أسرع ساكباً في القدح شيئاً من الروح. أصف أمامها الأواني لكي تطال أصابعها ما تشتهي، لا أدع الكأس تفرغ، وليس للخبز أن يكون عصياً على لؤلؤها الكريم.
هكذا جلست في حاشية المليكة
ترى إلي كلما رأيت. ومن بين الجمع تشير لي كي أفتح القصر للجنود ليحملوا هودجها إلى غرفة البرج الأعلى. وما إن يرتفع الهودج برشاقة الهواء، حتى تطل من بين ستائرها المسدلة وتومئ لكي أتقدم الموكب .
هكذا تقدمت حاشية المليكة
في غرفة البرج الشامخ، تصرف الجميع وتستبقيني وحيداً، وحيداً معها. تنهض من سريرها المترف وتذهب لتحكم رتاج الباب. فرأيت المليكة تفعل شيئاً بنفسها، لا أجمل من مليكةٍ تغلق باباً لتنتخب شخصاً، ولا أجمل من أن تكون أنت هو الشخص .
هكذا مع المليكة في مكانٍ(49/391)
تستدير نحو النافذة لترخي الستائر، وتقترب مني واقفاً في سكرة الذهول، أكاد أموت لدورة الدم ، دمٌ يفعل فعل الرعد في الأوردة . تقترب، تقترب، العطر الملكي ينسرب في مسام توشك على التهتك في جسدٍ يستيقظ من سباته .. أو يكاد.
تأخذ بيدي وتمشي نحو سريرها الوثير :
( اجلس )
كان الصوت قادماً من الكوكب الأحمر البعيد .
جلست .
أعني رميت بجسدٍ لم يعد لي سلطانٌ عليه، فوقع في نعومةٍ تحضن مثل الريش. جلست إلى جانبي. وضعت كفها على كتفي. تحسست كمن يوقظ الملائك. وراحت تفك أزرار القميص، ثم استدارت تنظر في ظهري العاري وتمرر أصابعها النحيلة على زغبٍ مذعورٍ.
وبدت كمن يقرأ الجسد: ( كل هذي الجراح والندوب والأوسمة ؟ )
ها أنا حاشيةٌ للمليكة .. وحدي .
عاري الصدر والظهر والحواس. المليكة تضع يدها على جسدٍ ممتثلٍ أليفٍ مثل ذئبٍ يرتعش لفرط الخجل. تنقل يدها حيثما تشاء ، وتسأل : (من أين .. من أين ؟ )
كيف للغة أن تسعف الشقي في حضرة المليكة .
أرفع عيني معتذراً عن الصمت وهي مشغولةٌ عن الجواب. يدها تقرأ جسداً كانت لي سطوةٌ عليه. تبحث عن آثار مدنٍ كانت، كمن يدرس خريطة الكنز . تستدير نحو القناني الصغيرة المصفوفة عند سريرها، تختار واحدةً ،تفتحها، وتسكب في راحتها قطراتٍ تشع وهي تغادر زجاج الدورق، ثم
كنت حاشية المليكة وكنت لا أزال .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> السفر
السفر
رقم القصيدة : 6328
-----------------------------------
أنتفض أمامه كطفلٍ مخطوف
هل أشغل هذه الراحة بذهب القلب ،
بتضرعاتٍ تنهر الدم في الرأس.
من سيغفر لي إن أطلقت غبار الخيول الوحشية
في هذا المدى الفاتن ؟
ليت أحداً لا يصدق و لا يغفر .
ذاهبٌ ، في رفقةٍ لها نكهة الأوج
من يقاوم أشداق تنينٍ فاغرٍ ؟
ليست نزهةً ،
لكأن ما أراه من بياضٍ هو الكفن المنتخب .
هل أنا الحرف في الكلمة .
ينتابني البرق فأحلم
أخترق الألق بسربٍ من اللقالق الراعفة(49/392)
يأخذ الوجل وقت الغابة ومكان الماء
وأرشح أكثر الأعضاء خفاءً لكنيسة الجسد .
كيف أقول
عن ارتعاشة جسدٍ في التجربة
عن الروح تبكي،
وتضطرب مثل طفلٍ خالجته الصاعقة،
يصعد في هودج اللهب
ما الذي تخشاه ؟!
لست الأول ولن تكون الأخير .
ها أنت في شهوة السفر
مفتوناً بأجمل أحلامك وأكثرها مكراً .
تقدم ، نعد لك الأعراس والمراثي
نشد أزرك ونسند خاصرتك بالسكاكين .
تقدم ، ما أبهاك وأنت إلى الكتابة كأنك إلى القتل .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> هيأت الكنوز و نامت
هيأت الكنوز و نامت
رقم القصيدة : 6329
-----------------------------------
تظاهري بالغفلة. تنهض بك هتافات القلب. يداك في سريرة النهر. لأحلامك حرية القميص، وللطبيعة غبطة الماء. تظاهري، ودعي الموجة تكشف ترفك المكنوز. هودجٌ حاربت من أجله الشعوب. وضعته ونامت تحت شجرةٍ، قيل إنها نخلة الليل، وقيل إن الكواسر تعرف السر، لكنها تقصر عن ا
تظاهري بالغياب وتماهي مثل رماد الغابات : ساكنٌ ومجنون .
ترين الساحرات تخرج عن رزانتها وتهجوك بسلالٍ مفعمةٍ بالرغبة. ما عليك إلا أن تعلني المدن المكتظة بمكيدة النوم،لتشهدي الدماء تطفر من الأنياب والمخالب مثل صمت البراكين. تظاهري بالنوم، تستفرد بك الكوابيس كأنك ذاكرة المخبأ، تنتقلين مثل اللون الحائل من خرقةٍ إ
هيئي الكنز وتظاهري بالنوم .. ونامي
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> وضعت لك المحبة
وضعت لك المحبة
رقم القصيدة : 6330
-----------------------------------
مصغٍ لك منذ الكتب و أنت لا تقولين
شهقت إليك مثل الطفولة، بحاجةٍ لمن يسمع صمتي. أنا سيد الإصغاء احتجت لمن يبادلني الصمت. فتحت شرفةً وملأت رئتي بنعمة الريح، هواءٌ تتقافز فيه الأسماك وتتخلله أعشابٌ وجنياتٌ، تنفست بعمق البحر والغريق. وحيداً كنت مع انتظارك وما اكتفيت. كيف يعجز شخصٌ، يزعم الكتا(49/393)
دخلت القلعة، تغلغلت في غرفة النقوش المزخرفة بموتى مازالوا يحكمون، كنت هناك تفسدين هيبتهم. وحين استدرت خارجاً سمعت ناياً يشبه صوتك يستمهلني، فالتفت لأرى ما لا يرى وما هو غير موجود. رأيتك هناك، تجلسين في غفلة الأرض، تغزلين ابتسامةً لمديح المراثي. كنت تشبهي
وحيدٌ ، وأنت لا تذهبين و لا تأتين.
أحسنت الإصغاء ، وأنت لا تقولين الكلام لوحشة القلب.
ماذا تريدين مني ؟
وضعت لك المحبة في كل حجرٍ بقلعة الملك.
محبة تكسر الليل وتغوي نهاراً يتأخر،
فيما نتمرغ في وردة النوم .
بعيدةٌ . تملأين غرفة الليل بطيفك الشريد
وتهملين الأحلام شاغرةً بك .
وحيداً، أصغيت حتى تجرحت حنجرتي مثل ذئبٍ يفتن الغريب
و أنت في ازدهارٍ لا يهدأ
كحجرٍ يطير كلما كتبت فيه إسماً يخفيك .
يا أبعد من الغابة و أكثر كثافةً من الغيوم .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> يسافر و يسهر
يسافر و يسهر
رقم القصيدة : 6331
-----------------------------------
1
يؤثث طريقه بأشباحٍ في رهافة الريح. حوذي يغتاظ لضراوة الغبار حول مواقع خيله. ما كان له أن يغفل عن رعشة الغريب. غريبٌ سهر الليل يملأ الأفق أحلاماً ومناديل. بينه وبين الطريق بوصلةٌ ثملةٌ وأسرى مجللون بالبياض. حوذي يسأم لامبالاة الفرس بغرتها الشقراء، وتلويحة
2
أيها الحوذي الأرعن، تعرف غوايةً تتوغل في شراكها. شبحٌ تائهٌ يشخص نحو الأفق المشحون بغبار الطلع. بينك وبين الخيل أكثر من الرفقة وأقل قليلاً من السلالة. معقودٌ في أسمالك الشعر، وترفل في خطر شامل. وصفوا لك جادة الطريق لتبدو لك المجرة، وأنت لا تغادر بهوك المس
لم نكن لك المكان .
يا حوذينا الجميل، إرفق بنا ولا تذهب أكثر مما فعلت.
ليس ثمة سفيرة في انتظار خيولك غير هذه القلوب المرتعشة، تأكل منك الغربة ووحشة الطريق. فأرخ لخيولك قليلاً واصغ لزفيرنا المكتوم.
نفوز بك ليلاً واحداً، ونموت .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الغريب(49/394)
الغريب
رقم القصيدة : 6332
-----------------------------------
أيها الغريب
هذا نهارك المشحون بالعمل والمكتشفات .
في أصابعك شهوة الباب
أنت الواحد القليل،
تتكاثر كلما دلفت في رواقٍ يأخذك إلى سرادق الجسد،
حيث الذخائر يخبئها لك شخصٌ
لا تعرفه لا يعرفك
وبينكما ألف عرسٍ و ألف جرس
بينكما حرية الهواء :
عضلةٌ مفتولةٌ في الليل مقتولةٌ في النهار .
أيها الغريب
تلك الصخرة المشتعلة في الأعالي
منذورةٌ لكتفٍ ما
شخصٌ للوحشة شخصٌ لقرينها .
جسارة الحلم لك ولك احتضان الصخرة
أيها الشاحب المشرد الوحيد .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> راهبات في غفلة الكاهن
راهبات في غفلة الكاهن
رقم القصيدة : 6333
-----------------------------------
افتح صندوقك الذهبي، واسكب الجرار على آخرها.
دع الأرض تنتشي ببسالة نبيذك
سحرٌ سرقته لك راهبات الدير في غفلة الكاهن .
أطلق الدنان
كل دن من هذا جديرٌ بغيبوبةٍ مكتظةٍ مثل ثدي الثاكل
سترى صعيد الأرض مفتوناً بشقائق الغموض وهي تتفصد من الروح
كأنها الدم الخفيف بين الصمت والكلام .
افتح بهوك الوثير وانظر إلى السماء
كأنها السرادق كأنك الملك
لتدخل هذا الأفق ولتشمخ بحلمك ،
تطلقه مثل غرة الفرس،
لتمشط جبينك طينة الغيم وتصاب بغابةٍ تحرس الليل .
أن تبذل جسدك لمهب الفضة،
تمتزج باللثغة المسكرة الطالعة في رائحةٍ مسكونةٍ بموهبة الشمس
ماءٌ ، ما إن يندفق حتى تصيبه جمرة الكتابة .
قيل إنها تميمة الوحش
دمٌ
بلا هوادةٍ
نصٌ
أن تذهب إليه ،
أن تفض ذهبك المختوم ونبيذك المكبوت
وتبالغ في الشهوة .
اسكب وليكن جسدك القدح
و روحك الخمرة الشريفة .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> وحيدة البحر
وحيدة البحر
رقم القصيدة : 6334
-----------------------------------
1
دعوها ،
هذه الوحيدة في البحر
تأخذنا لجرحها الفاتك، وتعطي غرورها بهجة الأشرعة
الوحيدة في البحر
كأن المراكب لا ترى الأفق إلا موصولاً بها.(49/395)
دعوها
تسورها شهامة الأسماك
وتفخر بها الصواري المنتورة مثل رسائل الماء .
لأجلها بجلت زعفران الأقاصي
مدحت الأبيض لينساب مثل غنج الساحرات
وهن يخلعن الفتنة على السفن.
آخيت حجر الميناء
وصليت لأجلها ، الوحيدة في البحر
تضرعت أن تظل وحيدةً تكسر الريح
وتعيد لموج الهجوم خيولها الجامحة
لتظل وحيدةً مثل حصنٍ .
لكنها تبذلت أمام مبعوث السماسرة
لهت بصرير المصارف
وخذلت بسالة النوارس متكاسرةً
وهي تمسك ذيل فسطانها الأزرق.
تلك الوحيدة في البحر
دعوها
وحيدةً في البحر
لعلها في الترك ترأف بطفلها الشارد الوحيد .
2
وحيدةٌ في البحر
تنساني وتتذكر المستقبل وتلهو
فيما أبتكر شهوة السفر والمغامرات
لأجلها،
أعطي دمي لجنون الموج
لأجلها، الوحيدة في البحر
لأجلها
تحاجزت في حديدٍ مترفٍ
وفتحت أعضائي على النار
لئلا ينتابها الغزو ، لئلا تصاب بالحجر.
لكنها رقصت مثل البجعة المغدورة
لا البحر لها و لا البحيرة
أقول لها تسمع و ترى و لا تقول .
منحتها القلب تمرغه في طين الخنادق
وتقيس الأصفاد على مرفقي وتلهو
منحتها جسدي تجرجره من قتلٍ إلى قبرٍ إلى مقصلة
وها أنا قاب قوسين من الفقد
وهى تلهو بي وحيد القلب والجسد والشفتين .
أحسنت لها المديح ، لعلها تمنحني الرثاء.
ستذكرني في نسيانها ... وحيداً
شحذته المعارك وغرر به الولع.
أخيراً ،
أخيراً حيث لا يكون الوحيد موجوداً
وليس في البحر قرصانٌ تكاتبه
ليسعفها بغارته الأخيرة ..
وحيداً في البحر .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> منذ بنات آوى
منذ بنات آوى
رقم القصيدة : 6335
-----------------------------------
بنات آوى الجميلات، يجلسن في خديعة البهو، يؤوين الهارب والمشرد والغريب. أطوف بوهج الشهوة وقميص الأخلاط، لتطمئن لصفاتي مليكة الليل. انتظارٌ غامضٌ في عزلة الذهب وخاتمة الأحلام، وليس لليأس أن يدرك أدواتي. فبنات آوى ضالة المفؤودين وجنة الوحيد. قيل إني مبعوث ال(49/396)
وها أنا أحصي الجراء وأداعبها متوهماً أنها انتصاراتي .
بنات آوى المتماريات، يتقمصن العفة ويظهرن سكينةً يفزع لها القلب ،لكي يحسن المارة التدله بهن. بينهن وبين الحيوان شبهة الدواجن وشهية البذخ.
أصابني ما ينتاب الذئب في حضرة المليكة :
دهشةٌ في الشرايين،
بهجةٌ في غرفة الذاكرة،
واستحواذٌ مثل سحرٍ يذهب بالضحية.
من الماكث في سرير المشبوقة وهي تذرع المسافة بين النوم والملاك، من الصارم باسل الجسد بهي السمت يغزو ويغتر، فيختلط على التائه ماء الأفق بزئبق السراب. وضعت أعضائي في اللذة الضارية وتبذلت للبراثن ظناً أنها الحرير. تقدمت كتيبة الفرسان كي أفوز بوردة المليكة، و
طاردني الخالق والمخلوق، حتى وصلت منهك العضل فائض الجزع واضعاً جسدي في شرفة الشنق مكتشفاً أنني لم أذهب طول هذا الليل أبعد من حياةٍ مليئةٍ باللبونات. بنات آوى، وصيفات ذئبة الملوك، بنات آوى بهياتٌ جميلات الطلعة، يدخلن علي ويأوين عندي ويفزعنني ويفطرن قلبي مخد
لم يكن إلا أن أصدق ليل السرد ليغمر أخلاطي في توتر القوس، أهجو مغامرة النحل مادحاً زفير العسل .
لماذا الآن فقط تفتحون في وجهي الكتب وتندفعون نحوي، كما لو أنني القتيل الوحيد مرتداً في حضرة الدم. تتصاعد الرائحة الزكية من قرمز الروح كلما تدفق وحل المرافعات، تنصبون قضاتكم ومحاكمكم المبجلة، وأكون قد أكملت سخريتي من النطق السامي .
لستم أقل توغلاً في الدم . أنا من أعطى جسده لبهجة الكشف، وأعلن ذلك جهراً كأنه يضاهي جنة الأوج، كنتم تنسجون الشراك في عتمة البهو، وتدفعون بأحفادي في ليلٍ مؤثثٍ بالوحشة، حيث القبر لا يتسع لأكثر من فريسةٍ واحدةٍ وجنازةٍ راكضةٍ في سريرها الأخير. فر بي الشك م
الآن تدركون آثار دمي وتطلقون على جثماني نشيد المذلة.
الآن، تسمون لكل صاريةٍ مرفأ، وترشحون أحلامي لحشراتكم النحاسية.
الآن .(49/397)
كيف تنقذون مأتماً بمعدن الذبيحة، تتفادون حريق السفن منتظرةً مرصودةً بكلاب البحر ، تقفز، وتحرس السواحل .
قيل لي ذات سفرٍ : نعلمك الغرق قبل البحر .
وكنت أطفر في زئبق الحلم. أرى إلى البحر،
أغادره، لأعود إليه بوهم النزهة .
مرثاةٌ ماثلةٌ،
لست إلا شبحاً تائهاً.
كابرت لئلا أبدو في صورة العراف الأعمى. الآن يحلو لكم أن تطرحوا صوت الجبانات. تباهون بالكوابيس والكوارث التي تغرغر بها جسدي الليل كله.
آن لكم أن تصعدوا بأبصاركم أكثر فأكثر.
أطلع من السهوب في قطيعٍ من الوعول
معلناً أنها انتقاماتي.
أعتزلكم، مثل رعيةٍ تفقد مليكها دون ندم .
معلناً أنها انتقاماتي.
أعتزلكم، مثل رعيةٍ تفقد مليكها دون ندم .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> سورة التل
سورة التل
رقم القصيدة : 6336
-----------------------------------
للجسد صريخٌ يسمعه المارة بقرب التل. زعترٌ يتقصف تحت حوافر جيادٍ محاصرةٍ بالنيران. تتعثر أقدام الناس وتستيقظ في أكبادهم المواقد. فيبطئ الرجال في عبورهم .لينالوا هياجاً يدخرونه لرماد خامدٍ راكمته سنواتٌ من وهدة الأمل. تتخفى النساء وراء الأكمات المحيطة بالت
جنسٌ له رائحة الطلع. مشى الأحفاد إليه يلوذون من تأود الأرض. مشوا يحملون أمتعةً من خرقٍ وقلاداتٍ من عظم الحيوانات اليابسة وأحشاء طيورٍ منقوعةٍ في رخو القواقع. مشوا، ترشح أطرافهم بالتعاويذ وحشرجات الحروب. جاءوا يصطرعون في شباكٍ منسوجةٍ بولع القناصين .
قيل لهم : تستريحون من السعي.
فألقوا بأكياسهم المتهرئة لفرط ما شرشتها التضاريس . أحفادٌ وضعوا كواهلهم المتعبة على أصول الأشجار، وراحوا يرسمون هندسة التل، يمنحونه جيوباً سريةً مشمولةً بالكبريت. أقبيةٌ خفرتها يقظة الحيوان، مخلوقاتٌ مشحوذة المخيلة، تطلق أخلاطها في رؤوس الطرائد القادمة من
آه
كأنه يسمع، كأنه يرى،
كان الجنس يتلاطم ويتبركن.
والنساء وراء ألأكمات يرقبن شهيق التل شاهداً لهن .(49/398)
يسحلن مكامنهن الخفية بالكمأ ونتوءات الحجر
آه
>أيها التل الفاحش، تتبذل في شرفاتك ذوات الريش وفتوة الفحول وسارقات الزنابق. يا تلنا، يا مهماز الأرض، أيها الندبة المبجلة في الكتب، أيها الألم، ألم تجد في شهامة الرصاص فسحةً تختبر فيها فصاحة الزعتر والزعفران وبهجة اللغة ونبيذ المعنى.
آه
منذورٌ لغفلة الوحش وكسل الأساطير. تسمع الوصايا يلهج بها الأسلاف، وترى كيف اهتبل الأحفاد تلك الغفلة وذلك الكسل، وتكاسروا على مداخل البحر
آه
لست الوعل الوحيد الذي اعوجت قرونه وتحرق وبره وأصابت القروح أطرافه وإليتيه لفرط العراك. وعولٌ كثيرةٌ تحرس التل. لماذا طاب لكم أن تستفردوا بي، وتتناهبوا دمي وتطأوا جثماني المنتظر. ألم تكن الشرفات مكتظةً بكم وقت كانت جهنم لا تكف عن الدفع بمبعوثيها لشتى المه
تارةً لكي نساوم على ماءٍ في النهر أو ماءٍ في القدح
وتارةً لكي نمدح الخازوق ونتضرع للضريح .
وعولٌ كثيرةٌ تأرجحت في متاهة الحروب المتناسلة
لماذا أنا دون القتلى.
لا يلتفت التل للهزل الدائر. ينحني على الجميع ويحضنهم بحنانه الوسيع، لئلا يقال إن تلاً وقوراً مثله يسهو عن أطفاله ومريديه. ها هو، في بهجة الجغرافيا، يمد يده في جيبه السرية ليفتح ذاكرة التفاح
ِ
آه
هل أنت هكذا دوماً في الملمات ،
تحسن اللهو وتتبادل المرايا مع مريديك حتى الإنتشاء؟
إذن ، ما الذي أبقيت للنادل أيها التل الثمل ؟
لا يحلو لك التهتك إلا ساعة يتهدج الجسد المرضوض تحت الغزو.
ألم أقل إن هناك من يستحق، أكثر مني، الوقوف أمام امتحان الفلك ومشارط النطاسين. فلم كل هذا الهياج الفاجر يتصاعد مثل نحيب المرأة المشبوقة، في حين يصطرع الغزاة وحرس التل في ضراوة من يتلو صلاة القتلى.
أيها التل، ساعدني لكي أتذكر أسماء الذين ابتردوا في نارك، لكي أنسج لكل منهم كوفيةً إذا كان حياً وكفناً إذا مات .
ساعدني ،
فهذا دخانٌ باطشٌ يمنع الخلايا من تبادل الأدوار .(49/399)
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> مديح النيران
مديح النيران
رقم القصيدة : 6337
-----------------------------------
باسلون في مديح النيران. كل موجةٍ من الوقت الناصع نسميها رقعة القتال. نغفل عن شاهق الجمر. نتخبط في فضة الذهب. ملطخون بالعناصر وريش الضحايا. كل مخيمٍ يمنحنا أسماله لنطمئن ونثق. والحوافر تبذر قمحها الفاسد في طين الناس. موغلون في المذبحة، نتشبث بزهرة الليمـ
نرثي ونمدح .
لنا دلالة الحزن ، والدم درجٌ لمراراتنا
لا النيران تغسل القميص
لا الذئاب تألف الجب
لا البحر يسعف السفن ولسنا للنسيان .
باسلون
سواعدنا رهينة الكتب، و لأحفادنا موهبة الندم .
يقذفوننا بالأحصنة فنظن أنها هدية العذاب الصديق.
أطفالٌ يرفعون أسمالهم في طليعة أصواتنا. يقتحمون الطريق الملكية، فنشعر بدبيب الوحوش في زفيرنا، فيما نرقب صافناتٍ عوجتها الإنتظارات، لم تزل في هيبة الغياب.
باسلون حولنا جوقةٌ تعزف البراكين
كمن يغري الجسد بأكثر النصال رشاقةً و رأفة.
وكلما تصاعد القتل في مكانٍ ، صار الجسد مليك المجابهات، سيد التجلي :
الجسد / حديدٌ طري تستفرد به دماثة المليكة
الجسد / حنينٌ يأخذ شكل الحروف
الجسد / حبٌ يتلاشى في زئبق الندم
الجسد / حالة الذهب في مديح النيران
الجسد / حيلة الطين لئلا ينجو من الماء
الجسد / ذبيحة الجسد .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الصهيل..الصهيل
الصهيل..الصهيل
رقم القصيدة : 6338
-----------------------------------
جن يسكن الجسد
كأن كل عضلٍ نافرٍ ذئبٌ يطلع من الأعماق
حيث يتكون الإنسان
ويستوي تاجاً .. يبطش بسلالة الرعية ،
خارجاً من طبيعته :
الوحش دليل الدم / هديل البوصلة
هذا هو الصهيل
جوعٌ كاسرٌ يتفصد في صلصال الهيكل
لكأنك تلمح فضتك الذهبية تنتقل ، كمشكاةٍ ،
من جسد النار إلى آنية اللهب .
جوعٌ كافرٌ
مثل زئبقٍ يمنح الصدر شهوة الأوسمة :
غفلة اليقين / غدارة البوصلة
هذا هو الصهيل(49/400)
جرس الماس ينهر الأرض
كي ترفع أحلامها عالياً مثل طفولةٍ في الترك ،
فيما تشحذ العذارى أعضاءهن المكبوتة
لمكافأة الشهداء على ذهابهم الفاتن
وغواية كتيبة الغزلان لئلا تخطئ خطيئتها:
جنة الليل / خديعة البوصلة
هذا هو الصهيل
جنةٌ تمزج ثلجة المحراب بحجارةٍ أكثر جمالاً وقدسيةً.
تدل النائم على ذخيرة المخيلة
وتفتح الرقص في خريطةٍ مستسلمةٍ
فتبدأ مدنٌ تتلفع بالذعر كأنها العدو
هروباً من المستقبل :
شكيمة الحلم / اقتراح البوصلة
هذا هو الصهيل
مشدوخٌ بشهوة الأسئلة وهي تنهض من المذلة ،
فيصاب بهيبة التهدج .
سناجبه تكنس القطيفة بفروها الأليف .
مضى عليه وقتٌ في نعمة الوعد
ولم يرخ حواسه لسماع الكلام ،
ما إن تقال له الكلمة حتى يتفصد النحل من كتفيه
مثل بوصلةٍ تسأم مجد التيه / نجمة المعسكر
هذا هو الصهيل
جثةٌ تمرح في ذاكرة الناس
مشمولةٌ بغنج المؤامرات
موصولةٌ بجسدٍ يتفلت من تاريخٍ له موهبة الميزان
وغيبوبة الطريق .
جسدٌ لم يخلع درعه الأخير
مثل حصنٍ ساهرٍ يتبادل أنخاب الجليد في هدأة الوحشة
وما إن تدير الجثة رأسها ناحية المشهد
حتى يختلج الكلام في الصدور .
أول الصوت / آخر البوصلة
هذا هو الصهيل
جحيمٌ يسمونه بلادا ً ،
حيناً يقال له الوطن ،
وغالباً يحمله الشخص مثل خيطٍ من الأوسمة :
زينة الضريح . جنازة الأمل .
قيل إنه الوقت والمكان
يتراءى مثل الحلم فيما يكون وهما ً
يتمارى فلا تدركه البصيرة ولا يطاله الكلام
لن تعرف ما إذا كنت سيداً في هذا الجحيم أم عبداً.
ليس لك أن تقول باللغة
وما إن تقول بيدك حتى ينالك القصل
ففي الجحيم ، الذي لا تسبقه جنةٌ و لا تليه ،
أنت في المهب
مزاج الريح يعصف بك
ومزيج الحرية يدفعك إلى التهلكة.
في المهب ، ترى إلى نفسك :
سيداً يهذي / رقيقاً يتملكه الحلمة
هذا هو الصهيل
جمرةٌ ، شهقة اللغة ،
وقيل إنها تميمة المجدف ممعنا ً في غواياته .
تهتاج ، فيبدأ النواح يوزع سرادقه(49/401)
فضاءً يزخر بأشباحٍ تزعم أنها الناس .
تئج مثل خبيئة العاشقة
يكتظ بها الأسرى ويطيش لها عقل الطغاة .
قيل إنها كلام النار للغابة
وكلما جاء ماءٌ ، صعد الأوار واشتعلت ضراوة النحاة:
جمرةٌ . نارٌ . كلمةٌ / لا نهائية النص
بصرةٌ . كوفةٌ . كتابةٌ / نهضة البوصلة
هذا هو الصهيل
جنسٌ يئن تحت عريشة اللذة
وأنتم حوله تطغون بقصباتكم المثقوبة
في عزفٍ مثل جوقةٍ
ينقبض و ينبسط يشد و يرخي
يشهق ويطاله شبق الموج والجنون .
تطلبون لقصباتكم بهجة العظم لتخلطوها بفضة الهيكل
يتخبط ويتلمظ يختلج ويخرج ،
فتصابون بهلع المرأة في مخاضٍ وثكلٍ
مثلما تخضع جهات الروح للبوصلات الفاتكة
هذا هو الصهيل .
مثلما تخضع جهات الروح للبوصلات الفاتكة
هذا هو الصهيل .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> إمرأة
إمرأة
رقم القصيدة : 6339
-----------------------------------
تبعث الحرير في الدم
وتغزلك في النوم مثل قنديلٍ يرسمٌ السهرة
تنتخب لك الليل فتحنو عليك الأحلام
ترأف بك في ظهيرة المطر مثل زجاجة الله
مثل شعل ٍ تفتن الظلمة
من أين ، من أين
فاكهةٌ تمنح جسدك مجد المستقبل
وتمضي بك تمضي
وأنت تهدر دمك في خلاعة الماء
هي سكينة النيران
هو قطيفة الذهب .
بينكما صدفة المسافة وبهجة الغياب
بينكما ليل العفة و ذريعة الندم .
هو جالسٌ في كنيسة الكتابة
خائف الذاكرة .
هي قرينة الوردة سفيرة الندم.
من أين من أين مليكةٌ عشقها يمنح هامتك التاج
ومديحها يصقل الذهب .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> المليكة ذاتها
المليكة ذاتها
رقم القصيدة : 6340
-----------------------------------
أخرج من عزلة الذهب
مبعوثاً في مليكةٍ يلذ لها اللهو بسفراء الوحشة،
فتمنح كل قتيلٍ قميصاً يشف عن قلبٍ يشتعل بها.
سليلة البدو الشاهقة ،
من أين لها كل هذا الجحيم المكبوت
المليكة ذاتها راعية النيازك سيدة المجرات
سهرت عند شرفتها لئلا يخالجها شكٌ في الحب .
المليكة ذاتها(49/402)
تنتخبني مثل فتنةٍ تتماثل للنوم .
تطلق حريرها في موضع النحر فتطفر المرايا
مثل أطفالٍ يطلعون من بهجة الجسد.
تتقمص شهوة اللثم ، ذئبةٌ في حضرة الدم
تهتف : العبيد .. لا الفرسان فقط
المقاتل الوحيد أولاً .
تقمصت موهبة المكابرة
تهتف : لا أحدٌ يهجو قبيلةً إلا شاعرٌ ينضح البراكين .
تقمصت موهبة الثلج
تهتف : الحب ليس في المغفرة الحب جريمة الوقت
هندسة السديم، طريق الحليب، مدار الجدي ،
مجراتٌ تزدحم و تزدان ،
والتخوم مفتوحةٌ أمام بهجة النيازك .
المليكة ذاتها ،
سليلة القبائل الشاهقة، تقمصت الشموخ، تحرس فضتها في جسدٍ يكتنز بالأسلحة، يتكاسر الفرسان تحت شرفتها لترمي بالوردة وتصطفي ذئباً حزيناً يحسن الهجاء والهجوم، المليكة ذات الإسم الموصول بقهوة البدو وأسرار السهرة، من أين لها هذا الإسم الفاتن، وكيف طاب لها أن تلهو
ما إن وضعت رأسي في فروها الأليف حتى اشتعل الثلج وصار القميص بهواً من اللهب وفي زجاجة الجسد يختلج نبيذٌ قديمٌ يشرف على العسل. نقتحم الحصن مثل كتيبة النوم . توأم الجحيم
نتحاجز ونتكاسر ونشرف على الملك .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ذئاب و تهذي
ذئاب و تهذي
رقم القصيدة : 6341
-----------------------------------
دعني لذئابٍ تهذي أيها الغريب .
في حضن امرأةٍ شاسعةٍ، ما أذهب إلى كوخٍ وما أفتح نافذةً وما أنظر في قدحٍ حتى أصادفها منتظرةً. كأنها لم تنم منذ تركنا البيت. يوم اقتسمت معنا النبيذ والأمتعة. وأوهمتنا أنها أخذت ما يكفي، وتركتنا نحمل الباقي، لنكتشف، وراء الجبل، أنها وضعت لنا زاداً زائداً، لت
عيناك تقطران دماً، تنظر المرأة منتظرةً. ذاهباً في هذيانك وأنت في حضن امرأةٍ مثلها. حضنٌ قرأت فيه زعفران الطفولة في برج الجدي، قرين الأجنة. حضنٌ ينبت العشب لكي نلهو به، فنتواءم ونخدع الموت. في التيه والبرد والسفر حضنٌ شاسعٌ يضمني مثل جنينٍ. فأنجو من الموت(49/403)
ثمة من يريد قتلنا ، وهذا يدعو ليأسٍ أقل .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> يوسف
يوسف
رقم القصيدة : 6342
-----------------------------------
1
وضعته في قطيفةٍ وغطته بغيمة الرؤى
سمته تميمة النهر والنخيل
جنية ٌ تحسن مكالمة الليل، تآلفت مع الأيائل
فلما آن لها الوضع .. وضعته في قطيفةٍ
في وردة الخشب
في ماءٍ جار ٍ .
رأت مستقبل الموج ، فأعلنت بشارتها
لئلا يشغلها الذاهب في غواية الذئب .
2
يكرع الكأس تلو الكأس
يترنح ويهتاج
حتى إذا ما لطمته جهامة العسس في منعطفات الطريق ،
خرج من غفلته برهةً خاطفةً ،
مسح تاج الشوك عن شفتيه ،
ورفع عينيه ليرى إلى مصدر اللطمة . لم يلمح سوى قضبانٍ صاعدةٍ ، فدار بجسده دورةً كاملةً ليلقي نظرةً وحيدةً ، كأنها الأخيرة ، على خريطة الليل.
يكتشف زنزانة
وحوله عشرون غولاً يتطاير من أطرافهم شررٌ عظيمٌ
وبين أكتافهم تتهدل أسمالٌ مضفورةٌ لتبدو رؤوسهم في أفاعٍ مسدولة .
يفرك عينيه ويكرع كأسه الأخيرة كأنها الأولى
فيكبو على وجهه في رغامٍ رطبٍ ينضح بسائلٍ لزجٍ
جسده يتعفر وينتفض ويشهق ويضطرب في قهقهة العشرين غولاً تحيط به ،
يهم أن ... يتذكر ،
يتذكر ... و ينسى .
3
في نزهة الضباع
ليلٌ يتعثر بقفطانه المتخبخب ويكبو عند المنعطفات .
سمعت المرأة صرخة ولدها الغريب
كأنها تلده الآن
رأته ، في ما ترى الثاكل ،
أعضاءه تمر تحت آلةٍ ضاريةٍ شلواً شلواً
وهو يمزق قمطه بصريخٍ يفزع البهو والأروقة .
تزيح خشب النافذة / حجر الطريق / عقابيل الغابة،
تزيح صخرة القبر
لنرى امرأةً مصابةً بالفقد :
( من أعطاك كل هذا الحديد والدم والفداء المفقود ،
ألهذا إدخرت دمك ولحمك
ألهذا ركضت بك وضللت النصال لئلا تطالك ،
ألمثل هذه الغيلان صددت عنك الضباع ،
ما كان للماء الرؤوف أن يصير وحشاً عليك
كانت حيوانات الشمس ورائي،
وأنا أطويك في المكان الذي لا يطالونه )
وحين عبرت النهر ،(49/404)
أيقظت لك زرقة النوم، و رأيت لك نيزك الحلم
لكنك الآن في الغدر
في الغدر والمؤامرات .
هل أنت يوسف ... وإخوتك لا يحصون .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> زفير الأحجار
زفير الأحجار
رقم القصيدة : 6343
-----------------------------------
يحضنك الفك كأنه رأفة القصل.
يحتازك نصلٌ وهو يجهش
تحسب أنه الأم تنتخب لك المهد، فيما هو لحدك المحتوم.
فالحب قبرٌ أحياناً،
ويفتحون لك الأفق .. لتضيع
يرصدك رصاصٌ يطيش في خطواتك،
تظن أنها بهجة الطبيعة تبعث لك أجنحة الولوع،
وهو هلعٌ يرصد لك الخطوة والطريق ،
فالقدح يغلب الماء أحياناً .
وأحياناً تبرد أطرافك بفعل الوحشة ،
وحدك في كهفٍ،
تقرأ كي تخدع النوم لئلا يستفرد كابوس الوحي برأسك،
فالماء يحايد أحياناً .
يتركك الرفقة في الدار، و زفير الأحجار يتصاعد طيوراً.
يختلج قنديل المعنى ليشي نصف النص بنصفٍ آخر.
لماذا تنام وتتيح لأشباحك حرية المخيلة وسلطة الليل
لماذا كلما انتابك الذعر
هفوت بأحلامك إلى حب يسبق الموت ويليه.
هل لديك أسماءٌ واضحةٌ لشمس أيامك .
هل لديك أيامٌ لا ينال منها الوقت ولا يطالها المكان .
ذاهبٌ في وطأة الغياب وعذاب القميص وجنة الذئب،
ما كان لك أن تبذل جسدك لمهب الحب الصارم،
مثلما يضع الفارس شغافه في شفرة السيف ..
ويحلم بالنجاة .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> انتحارات
انتحارات
رقم القصيدة : 6344
-----------------------------------
سنقرأ شعراً
يؤلفه الأصدقاء وينتحرون
ونغتاظ مما سيخسره الأصدقاء
لتبكيرهم في الذهاب
فلهم عندنا جنة في العيون.
لدينا لهم ما تبقى لنا
من بلادٍ ومن حانةٍ،
يستعيد بها الساهرون مراراتهم
في زجاجٍ كئيبٍ ويحتدمون .
لدينا لهم جوقة من بقايا الحروب،
جنود يؤدون كل النهايات
يفتون في جنة الله
ويستفسرون عن الشمس ،
حتى يكاد الجنون .
أيها الأصدقاء لدينا لكم
من تراث الضغائن مخطوطة حرة
فكيف سنقرأ شعراً لكم(49/405)
وأنتم بعيدون عما أدخرناه لليل من قهوةٍ مرةٍ
ومن فلذاتٍ و أعداء لا يرحمون .
لماذا تشكون إنا وحيدون من بعدكم ،
ونحن هنا في البراثن مستوحشون
ونرفل في الوهم ،
كيف تسمون أخطاءنا نزوةً
ولدينا لكم،
- لو تركتم حماقاتكم برهة ً -خصوم ألداء
يسترقون من النص ما يجعل السيف تفاحةً ،
يغالون في الإجتهاد ويستنفرون إذا مسهم صمتنا.
أيها الأصدقاء الوحيدون في صمتهم ،
لماذا ذهبتم بمنعطفٍ فادحٍ
ولكم عندنا العاشقات اللواتي يطرن لكم شهوةً
ويغسلن بالرغبات الحميمة أجسادكم .
لدينا لكم - لو تريثتم - نزهة في الهزيع النزيه من النص ،
كي تأخذوا آخر الأوسمة ،
فكل انتحاراتكم عبث عارم وكل احتمالاتنا مظلمة .
لماذا تظنون أنا قرأنا لكم سأماً وتنتحرون .
لماذا لنا وحدنا أن نرمم إرث الضغائن بالشعر
كي نستحق اللحاق بكم ،
ولكم وحدكم رغبة في الغياب كما تشتهون .
أيها الأصدقاء الحميمون ،
ماذا سيبقى من الشعر يقرأه الآخرون علينا
لننقذ أرواحنا بغتةً
ريثما يسترد الخصوم طبيعتهم في الكتاب
و ينتحرون .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الأصدقاء هناك
الأصدقاء هناك
رقم القصيدة : 6345
-----------------------------------
أصدقاء
ينسجون أسمالهم الجدٍيدة
في صباح مفقود الشمس .
أجسادهم تنتفض وأيديهم في حمأة الشغل
يغزلون اللغة بشغف الحواة وثقة المحترفين
يهبون صوفاً للصيف وثلجاً للشتاء .
أصدقاء في شرق الماء
يتقنون العمل في الوحدة.
أقف في الساحل،
أنظر إلى أشباحهم ترسم الأفق ،
أبعث الكتب في قوارير تشف عن كلماتي ،
فيفيض بهم الرفق بها
ويركضون على الجسر بأقدام مشتعلة.
وراقون مكتظون بالمخطوطات
هناك ، جسر يمدح الجغرافيا ويهجو التاريخ،
و يرصد الكتابة مثل عدو،
يكنون النص في آباطهم،
وينحدرون مثل وعولٍ تزخرف الطريق،
أحتضنهم ، يعبرون الهلع،
ذاكرتهم من الدم
وأصابعهم مزمومة على شظايا الزجاج
ملطخين بفلذات الأفئدة.
نتلاطم في منتصف الحب والموت(49/406)
مثل موج يتبادل الملح ويفتن السفن.
أجساد فتية عارية، حيث لم يكتمل القميص للصيف
ولا الغبطة للشتاء
الأصدقاء الوحيدون هناك.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ذاكرةُ الذئب
ذاكرةُ الذئب
رقم القصيدة : 6346
-----------------------------------
للذئب ذاكرة مفعمة بالألم
وللذئب أنثاه،
كي يستوي بالغريب من الناس
تهجره ليلة الحب ،
تنساه حيناً ،
وتذكره عندما يستجد العدم .
وللذئب أن يكمل الليل منتظرا ، ثملاً
في قميصٍ من الشهوات
بعينين محمومتين يصد السأم .
وللذئب حزن نبيل وذاكرة جمرة
فالعشق طقس ،
وينتحر الذئب حين تبالغ أنثاه في الوهم .. مثل الندم .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> سَرْدُ الأسطورة
سَرْدُ الأسطورة
رقم القصيدة : 6347
-----------------------------------
هل كانت يد الليل الوحيدة منقذي
وصديقتي في النوم،
كان السرد ينقلني لمخطوط الخرافة،
و احتمال البحر يأخذني بزرقته
لأذهب في غياب الناس.
هل كنا على حلمٍ كثيفٍ
عندما عادت سفينتهم بزرقتها
وكان أبي يدلل آخر الأبناء
لم يعثر على أثري،
هربت موشحاً بالخوف
وحشاً شارداً
والباب مفتوح على الأسرار ،
والأطفال يعتقدون بالجنية الزرقاء ،
والباقي لنا من جنة الأخطاء كي نبكي .
مخيلة و قنديل و محتملان : نسيان وذاكرة .
وكان الباب يوشك أن يوارب
عندما أدركته بيدين راعشتين ،
و النوم البعيد يمد لي جنيةً أو ملجأً في يقظة النسيان
.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> أعداء
أعداء
رقم القصيدة : 6348
-----------------------------------
لن يبكي علينا، عائدين إلى شجيرات القرنفل ،
غير أعداءٍ لنا ،
يخشون عودتنا،
ويرتجلون أخطاءً لعل البرتقال يشي بنا
ويشيع نكهته ، فيتبعنا بريد النحل ،
يفضحنا ترفعنا عن التمويه .
أعداء سيبكون الغياب ،
يؤلفون صداقةً في دفتر الأخبار ،
أعداء لنا سئموا الخصومة واستعادونا وطاروا خلف هجرتنا
لئلا نستدير لهم .
بكوا من فرط حيرتهم :(49/407)
لهم نحن ، إذا عدنا لهم ،
أم أن شهوتنا تلاشت في شجيرات القرنفل ؟!
لا يعزينا سوى أن يصبح الأعداء
أعداءً لنا حيناً .. و ينصرٍفون .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> القتلى
القتلى
رقم القصيدة : 6349
-----------------------------------
عادةً ينتصر القتلى
ويهدون سلاماً للذي يبقى من الأحياء
كي ينتصروا قبل الممات .
عادةً نمدح أشلاء ضحايانا بشعرٍ شاحبٍ
نمنح أشكال البكاء
للذين انتصر الحب عليهم ،
ونسمي جنة الأخطاء ميراثاً لهم،
ونصليهم، ونفديهم بنا
لًيباهوا بتراتيل الصلاة .
عادةً تبكي مرايانا علينا
ينقض الله صلاة الخوف كي ينقذنا ،
والذي يبقى من الوصف لقتلانا ... رفاة .
عادةً ينبثق السحر وليل الناس في منتصف الأحلام
في رمانة التعزيم ، والمأتم منصوب ، لكي يعتقد القتلى بما يعتقدون
فيهبون فرادى مثل ريش الطير مغدوراً ،
وينسون كلام الله في الموت ،
ويرثون مديح الوقت
فيما ... يبطل السحر وتبقى الساحرات .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> جسد / 2
جسد / 2
رقم القصيدة : 6350
-----------------------------------
جسدي جحيمي ،
والذي يبقى من الماضي لك ،
ولك احتمال الليل .
لي جسد ... لك
مثل انتظار الماء،
مثل زجاجةٍ تبكي على قلبين مفدوحين.
لي جسد مضاع
مثل عرشٍ يعلن الحكم الموشى بالمرايا
وهي تختزل الخليقة في ارتعاشٍ شاهقٍ ،
يبقى من الماضي .. لك .
جسدي جحيمي ،
فانظري من شرفة التأجيل .
ينتظران في ولعٍ وينطفئان بالنيران .
يختلجان في غيبوبة البلور .
هل يبقى لنا غير احتمالٍ واحدٍ
أن لا نموت بقية الأيام
منسيين في كراسةٍ مقهورةٍ في كوكبٍ مكسور .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> البقايا
البقايا
رقم القصيدة : 6351
-----------------------------------
ما الذي يبقى لنا
أشياؤنا المغدورة الأحلام،
ليل الناس ، تقويم النهاية، غبطة الثكلى،
تفاصيل الهوى، وتميمة المجنون.
هل يبقى لنا الدفن المؤجل(49/408)
واحتمالات المقامر وهو يرهن ثوبه
وينام في الباقي من الأشياء ؟
ما الذي يبقى لنا
جسر العودة المكسور و القتلى ،
وخمسون كتاباً في نظام الشعر والتأويل ،
و الأعداء ..كانوا يطمئنون على حسرتنا حيناً ،
يدقون المسامير على صلباننا حيناً ،
يباهون بنا .. و يباهون علينا .
ما الذي يبقى لنا
جنازنا ، كتف مهشمة ، تراث شاخص ، شورى ،
شهيد شامخ، أسطورة تقتادنا أسرى ،
وماء الوجه يغسل جزمة الأعداء؟
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> تعويذة السفر
تعويذة السفر
رقم القصيدة : 6352
-----------------------------------
أيها الحب يا صديقي
ضع يدك على قلبها في السفر و الإقامه ،
و امنح لها الحلم في النوم
واجعلها مطمئنةً ،
فثمة كل هذا الحب لها
وثمة هذا الغريب في انتظارها
وحيداً إلى هذا الحد
وثمة الليل .. الليل كله
وثمة ما لا يوصف
وثمة ما لا يقال ،
أيها الحب يا صديقي .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الهدية
الهدية
رقم القصيدة : 6353
-----------------------------------
الجسد قلعة الروح،
لكنها تخذله
فيجوز للشخص أن يشك في دسيسة الذهب،
مثل مصادفاتٍ تلهو به
فيحلو له ذلك ويطيب .
ذخيرة الجسد
تأخذ القلب والصدر والقميص
وتطال المخطوطات ،
فيهب مكتبته للأصدقاء
كمن يهدي جنة النيران والأسئلة
لأجسادٍ طائشةٍ بالذخائر
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> قيلَ له : يا مُحمد ..
قيلَ له : يا مُحمد ..
رقم القصيدة : 6354
-----------------------------------
... وكان في الحلم
نصف في الماء
ونصف يجدل الحبل،
وبينهما مشيمة الهواء .
يكتبان في الخشب ما يمحوه الملح والحسك ،
يتأبط الريح ويهدهد القلوع
لئلا تغفل عن الأفق.
قيل له ،
وكان في راحة التعب
بين السفر و الإقامة ،
يسمع القواقع وتصغي له طبيعة الغياب
وقلبه في البيت -
يا محمد ..هذا طفلك الشقي ..
إغفر له ما تقدم من ذنبٍ وما تأخر .
طفلك الذي ينام حين يذهب الناس إلى العمل،(49/409)
مشحوذ القلب بحزنٍ كثيفٍ ، وينتحب .
طفلك الذي لك والذي عليك ،
يدس غوايته بين الوردة وجنة الناس ،
بين الكلمة و المعنى ،
يفتح الأفق لهاوية التفاسير ،
و يجتهد و يهتم..
قيل له ،
و كان في الحديد .
قميص قديم يتفلت من القلوع ،
يكشف أكثر مما يستر .
تصيبه ندامة الغائب وبكاء العائد
بينه وبين الماء رفقة المنطفئ ،
بينه وبين النار لهفة المشتعل ،
يأتزر بنصف الأرض وصدره في الريح والشظايا
حديدته قيد الكاحل
و قلادة الكاهل.
خديجته في مغزل الوقت ،
لا تفقده ولا تناله .
يا محمد .. إنه طفلك ،
تراه مثلما تلمس الحديد ممتثلاً لشهوة اللهب
يا محمد ،
فارأف به
و لا تقل له أف و لا تنهر خطاه .
طفلك الذي بذل لك جناح الذل
وحمل كيس عظامك
وأعلنك في القبائل مثل بيرقٍ .
طاف بجسدك يغسله من نفط الحقول ،
ويشحذه بالتمر واللبن .
قيل له ،
وكان في طفولته الأخيرة ، مهداً تهدهده يد الله ،
تحنو عليه النوارس وتتلو عليه رسالة البحر .
طفل يكتهل ويشيخ وتفيض به فضة النوم
أحلامه كفيلة به
و بين يديه ينشأ النخل مثل جنة الليل،
مشمولاً ، وليس لولده سلطة عليه.
يا محمد ..
تصاب بالهذيان وينتابك الحديد
وتأخذك رجفة الأقاصي،
فاشطح كما تشاء،
وتيمم بالوحي كما تشاء،
ولك أن تغتر بولدك
وهو يعق و يجحد و يتيه
و يقود العصيان عليك .
قيل له : يا محمد
طفلك مثلك
يرث الحبسة والعزلة والكهف ،
و يتمجد بك و يسأم .
قيل له يا محمد
وكان في حديدة الحلم .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> نُعاس
نُعاس
رقم القصيدة : 6355
-----------------------------------
كان لي أن أفتح الباب الموارب
وهو منسي وراء البيت .
زرقته الكئيبة ملجأ للطفل
يهرب من ظلام الدرس
من نوم الظهيرة من نعاسٍ كاذب ٍ .
هل كان لي في مجلس التأنيب أخطاء ملفقة
لتعترف الطيور بقدرتي في الريح .
هل كانت صلاة معلم القرآن
كافيةً لتأجيل الظلام أمام أحلامي،
لأفتح باب أيامي ، لكي لا تسرق الأشباح ذاكرتي(49/410)
وتمحو شمس أقلامي .
ووحدي سوف ينساني وراء البيت
وحدي سوف ينساني .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> أخطاءُ الليل
أخطاءُ الليل
رقم القصيدة : 6356
-----------------------------------
قيل إن النساء أكثر رأفة من الرجال
بأخطاء الليل .
فكن إذا شقت الثاكل ثوباً
خاطت لها العذارى قفطان القرمز
يهدهدن به القتلى لئلا يموتوا .
و إذا اشتبك الليل بالنهار
كن يسمعن ، وكن يرين ،
وكان بينهن من يؤجج شهوة القتلى قبل أن يذهبوا إلى الموت،
وكن أكثر رأفةً من الرجال عليهم .
وقيل إنهن يرقعن ليل رجالهن بحكمة النوم ،
فكل خطيئةٍ تقع وأنت في النوم
كأنها لم تكن .
وكن يهمسن في أجساد رجالهن :
( كلما كان الخطأ كبيراً و فاحشاً
بدا كأنه صواب شامل ).
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ارتجال
ارتجال
رقم القصيدة : 6357
-----------------------------------
تنسى وتذكر
كي تسميني ، وحيداً ، نجمة الأقداح،
تشرب من شغاف الروح ، تنتخب الوضوح
وتطلق الفتوى على الأعداء كي يستأنفوا الأنخاب.
تدعوني عدواً صادقاً وتدقني في الكأس
مثل الغامض المفضوح
تبكي كي تسميني ..
وتمحوني بعيداً في هتاف الليل
نجماً ضائعاً في الروح .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> وصايا
وصايا
رقم القصيدة : 6358
-----------------------------------
سآلتها أن تستعير غموض أحلامي لتفسير الوصايا
وهي تهدر في دمي .
أن تحتمي بالماء كي نبكي معاً ،
أن تستعيد رشاقة القروي وهو يصد ، في شجنٍ ،
غيوماً سوف تحصد حقله قبل الأوان .
سآلتها بالكيمياء وشهوة التأويل
أن تأوي إلى كوخي قبيل النص
كي ينتابني دفء الخليقة وهو ينتخب العناصر .
قلت أيامي لها ، لو أنها مالت قليلاً
واستعارتني لتأخير المراوغة المثيرة وهي تفتك بالمكان .
قلت أيامي لها
وكتبتها في فهرس الذكرى وصحن الزعفران .
قلت أيامي مزيجة بها ،
لكنها قرأت كتاباً نائماً ،
فنذرتها في طقسي السري للباقي من الأيام ،(49/411)
للقروي حين يعيد ترتيب الفصول ،
أضأت أيامي بها
كي ترشد الشمس الأخيرة للخفي من الحقول .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الجنون
الجنون
رقم القصيدة : 6359
-----------------------------------
سينال منك الجنون ،
ما دام الأسلاف يرصدونك ،
ويجمعون لك القرائن
ليروك في الأخطاء .
جنون تظن أنه نصك الحصين ،
فيما ترى نصلاً في الحنجرة ،
و الكتاب بيتك الأخير.
جنون لك ،
تناله و ينال منك .
أسلاف من الصلد وفساد الروح ،
لا تأمن ولا تأخذك غفلة عما يصفون .
جن عليهم ،
فليس فيهم من يرأف بك ، ولا يسمعون لك
ولا يريدون الحجة ، وعلى مضضٍ يقصلون .
أسلاف لك وأنت وحدك ،
ينتخبونك مثل خصوم الله
عدواً تتكفل به النقائض .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الساحرات
الساحرات
رقم القصيدة : 6360
-----------------------------------
تركت لهن الأخبار
يكتبنها كما يحلو لهن ،
ساحرات يبتكرن الليل ،
قليلات النوم ، حاسرات الشعر ،
محررات الصدور ، يتهجين الأطفال ويرضعن الهواء.
يحكمن الغابة مثل بيت الحلم ،
ويخدعن الظهيرة لكي تذهب باكراً ،
أصدق أنهن الشجرة حيناً ،
ومدخنة ترسل رمادها الخفيف حيناً ،
ودائماً يبعثن برسائل السهرة مع الجنادب و أمراء العتمة،
فأمحو بياض السرير الموحش وأتبع الرائحة ،
مثل ذئبٍ يمشي في نساء الجنة.
يسمعن قصصاً شردتني
وحزناً أورثني إياه سفر طويل و زنزانة نادرة .
يصغين لبوحي مثل رأفة الأم .
طفل تمحوه جذوره وعيناه تسعان الأفق .
وعندما تأخذني الغفوة
يمسحن أصابعهن الرحيمة في روحي
فيطلع ريش خفيف يحملني
وينساب بي ذئب أكثر رهافةً من الشبح .
يسهرن في تدوين أخباري بقية الليل
فيما يذرعن الغابة في جنونٍ مشغوفٍ بما يفعل .
شعور طائشة ،
صدور مغسولة بالريح
وجسد منسي يحلم بكوخٍ في مكان .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> نارٌ تمسكُ بالنار
نارٌ تمسكُ بالنار
رقم القصيدة : 6361(49/412)
-----------------------------------
خضراء
تنقلك الموسيقى لجنة المنتهى ،
بين نشاط اليقظة و ريبة الشخص .
شخص يأسرك بهودج الفتنة ،
يغريك بذؤآباته الطائشة ،
أوسمة يطرد بها الغيم ، ويغويك .
تحمين جسدك من شهوة الرقص بنعاس الخجل
تزمين أعضاءك بمزق القميص ،
كمن يحبس طيوراً محتقنةً في قفصٍ مكسور.
ينهر العاج
لئلا يغفل عن البرق
ويمدح الوتر ليفتح الماء على الهاوية،
يقود كتيبة الأقاصي بيدين شاردتين ،
يمد إليك جسوراً تأخذ لزهرة الملاك
ويمنح النحاس موهبة الذهب ،
ينبثق ويندفق ويستعيد .
وأنت في نيزك الشك
جليد يتبلر ويتقصف ويذوب ،
نمور تصحو ، وأجنحة تتناسل
وشجر يذهب في النوم .
خضراء .. خضراء و مفعمة باللهب
ترتعشين مثل ناسكٍ يلهج ،
وتنفصل منك الأطراف ،
يضيق بك المقعد والبهو ،
تضيق الغرفة والبيت والمكان.
يصير الفضاء قميصاً يتهتك
وأنت في جسدٍ يجن ، وليس لك سلطان عليه .
يئج في أحداقك الجمر
تروزين الشخص بضغينة الشبق
متشبثةً بغصنٍ يحترق على هاوية .
نار تمسك بالنار ،
تطيش بك الأخلاط والعناصر ذاهبةً ،
تصرخ منك أمرأة في ذروتها ....
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> جئ لنا واذهب إلينا
جئ لنا واذهب إلينا
رقم القصيدة : 6362
-----------------------------------
ذلك الباب الموارب غير مكترثٍ بوحشتنا الغريبة
وهي تهتف في النوافذ واصطخاب الروح .
يا الباب الموارب غير مكترثٍ
تواضع برهةً و ارأف وصدقنا قليلاً ،
أيها الباب الموارب غير مكترثٍ بنا
اغفر لنا واسأل وصادقنا قليلاً .
هل تمادينا وبالغنا بحبك كل هذا الليل
كي يأتي عليك الوقت تنسانا
و تبقى موصداً .
نغفو على أشلائنا ،
نحن الذين انتابنا ماء العناق وساعة الرؤيا
و أنت موارب،
قمصاننا مثقوبة ويداك في وحشية النسيان تمحونا .
لماذا وحدنا قمصاننا مثقوبة بالقلب
هل نهفو إليك وأنت في غيبوبة الرؤيا
ترانا دون أن تحنو على ماينتهي فينا .(49/413)
أيها المرصود والعشاق ينتظرون في بهو المسافة
قل لنا واغضب علينا
وامتحن واعصف بنا واشفق علينا ،
إنما لا تعتذر عنا أمام الناس .
يا باب النجاة و منتهى أسرارنا
إفتح لنا وانظر
و لا تغفل
و لا تقس علينا .
أيها الباب الموارب ..
جئ لنا .. واذهب إلينا .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> جَمرةُ الفقدان
جَمرةُ الفقدان
رقم القصيدة : 6363
-----------------------------------
ماذا سيبقى عندما تنهال جمرتنا الخفية
في هواء الليل
ماذا يختفي فينا ،
وهذا ماؤنا الدموي يستعصي ،
وطير الروح ينتظر احتمالاً واحداً للموت.
*
هل نمشي على ليل الحديد لجنةٍ تهوي
ونمدح بالمراثي ،
ربما ينهار أسرانا على تذكارهم ونؤجل الأسلاف .
هل نمنا طويلاً كي نجرب موتنا
فينالنا، ... ويؤلف الأشياء .
ماذا ينتهي فينا ويبدأ ،
عندما تبقى بقايانا على باب المساء
وتصطفينا شهوة المكبوت ،
ماذا سنقرأ في المرايا ،
هل نؤثث سورة الفتوى بتفسيرٍ يكافؤنا على الأخطاء .
لو كنا عرفنا جمرة الفقدان ، وهي علامة الشكوى،
ستمدح موتنا .. متنا .
*
هنا يأس سينقذنا من الأحلام،
نحن شهوة الفردوس
نهذي في جحيمٍ غير مكتمل ٍ
لكي نسهو عن المكبوت والرغبوت .
لو نار ستوقظ ماءنا... كنا تمادينا لئلا ننتهي .
يا منتهانا
هل سرى ترياقنا فينا
فأدركنا مرارتنا وأوشكنا على ندمٍ
فقدنا منحنى أحلامنا في الوهم ،
قلنا شعرنا كي يفضح المعنى ويغفر أجمل الأخطاء،
لو قلب لنا أغفى على كراسة الأسماء
كنا ننثني شغفاً ، فنشهق في اندلاع الحب
يذبحنا ويلهو في شظايانا .
بكينا مرةً للحب، لم نكمل أغانينا.
بكينا حسرةً ،
وتماهت الذكرى مع النسيان،
لو كنا مزجنا ليل قتلانا بماء النوم
لم نهمل قصائدنا على ماضٍ لنا .
متنا قليلاً وانتهينا في البداية ،
لم نؤجل سرنا
كنا انتحرنا قبل قتلانا و أخطأنا كما نهوى ،
فلا ماء سيرثينا و لا نار ستمدحنا .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> دم
دم(49/414)
رقم القصيدة : 6364
-----------------------------------
كنا نبالغ
عندما ننسى دماً يجري على أوراقنا ،
لكأننا نعفو عن الماضي
ونخجل عندما نتذكر المستقبل المفقود،
نفتعل العراك لكي نؤجل موتنا.
هل شعرنا أحلى من التذكار،
هل كنا تزوجنا الهواء بغير أجنحةٍ
وأقنعنا ضحايانا ببعض المستحيل،
وهل لنا في مقبل الأيام ليل واحد يحنو .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> لأنين القصب و جوارح الهِجرات
لأنين القصب و جوارح الهِجرات
رقم القصيدة : 6365
-----------------------------------
1
وضع يده في البحيرة،
كمن يغمس ريشةً في قصعة الكلام
لم يكن من القصب ،
وليس للحب ما يمنح،
ولا بين الوحش ذئب جدير بوحدة الثلج .
يمضي ، يأخذه نحيب مكبوت،
بينه وبين البيت الليل وشكله
النوم و حلمه الأخير .
يزعم أنه ضارب في خريطة الناس
يعلن السفر ، ويعقد أحلافاً مع المكان.
روح مغلولة ،
و يرخي لمكوثه الجسد شلوا شلواً
يحصي عربات الليل ويفتح للحجر صداقة الحلم
ثلجه أكثر كثافة من كرم الطبيعة ،
وللجبل رسائل من مرفأ الليل
حجر خفيف يتأرجح ويتكلم مثل كتب في الرف.
لماذا تؤجل ذهابك وأنت ليس هنا
ولا يطالك غير الغائب وقرين القوافل .
2
لماذا تشيد القلاع و تسكنها
لينتابك فزع الزائر كأنه العدو ،
لا يسعك الوقت ولا المكان يكفيك.
3
من أين لك كل هذه الوحشة و أنت جنة النصال .
دع اليد في البحيرة وأفرش ريشة ً تطير بك
يزداد لك الأفق وتتأجل لأجلك المواعيد
دع الكلام على سجيته و أكتب
تقرأ الطبيعة ثلجك الكثيف .
4
جاء مكتظاً بالبكاء
لا الكتف له ولا النهر
يحصي قمصانه المتعبة لفرط الطريق
ويخدع النوم بالليل
لئلا تطاله يد المسافة .
متى ينام خفيف القلب هادئ الجوارح
منساباً مثل يتيمٍ نسيته الثواكل وغفلت عنه المرضعات .
يأتي كأنه لن يذهب ،
فيما هو يرتب أحجار الغرفة جاهزاً مثل كتيبة الهجوم.
يتهجى العبور كأنه في غياهب المنفى.
5
ذئب ليس لأسمه حروف(49/415)
ووجره ريف الكتابة وخسارة الناس،
موغل في القطيعة ويعلن أنه الجسور .
6
سيذهب ،
سيذهب ،
لأنه لم يأت من مكان
سيذهب لكي يصدق أن للخريطة إسماً آخر
غير البيت وأنين القصب .
7
يا حب ، خذ منه الجسد وأترك له الروح،
ولا تجعل من سفره هجرةً
و أمسح برحمتك زجاج قنديله لكي يصيبه النوم
النوم لليلٍ واحدٍ قبل الموت وبعده .
يا حب .. هذا قرينك .. خذه
رسولاً كسولاً .. بين البحر والبحيرة .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> جنة الفوضى
جنة الفوضى
رقم القصيدة : 6366
-----------------------------------
1
اطمئنوا لحظةً كي تبدأ الفوضى
وينهال علينا غضب الأسلاف
كي ينتصر الشك على أحلامنا، ،
فلتطمئنوا لحظةً .
2
يبتكرون الريش للشرفة والماء لأنفاس الحديد ،
أخذوا ماء المرايا والهواء.
أخذونا للبكاء.
ربما يقتنع الموتى بما يقترح النوم من الأحلام ،
هذي جنة يخطئها الناس قبيل الموت ،
هذا الفقد تفسير من الخبز و تاريخ الطحين ،
هذه الكوكبة المحتربة ... كالضحايا الغاضبة .
اطمئنوا لحظةً في ردهة الشك
وخلوا سادة الريح يغنون تفاسير الملوك
وينالون من التاريخ يمشون على أشلائنا .
سادة من مصدر الفولاذ جاءوا يمنحون الناس مكنوز الكباريت
و يعطون عبيد الله درساً في السلوك .
3
بيني و بين الأصدقاء الآن تاريخ من الأحلاف
من تهويدة الثكلى ،
ومن موؤدةٍ تطوي ظفيرتها لآخر مرة ٍ في نحرها ،
من سالفٍ يأتي ويحكم .
ليس إلا جنة تهوي ... وبين الأصدقاء
من يسمي هذه الفوهة دهليزاً لمستقبلنا .
فلتطمئنوا ، سوف تبكون على أغلى تفاصيل هوانا
و تنامون على أكبادنا ،
هذه الفوضى لنا .. فوضى علينا .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> خطاطون
خطاطون
رقم القصيدة : 6367
-----------------------------------
يتناوب تسعة خطاطين على جسدي
بالقصب الطازج والآيات وحبر الجنة،
يهتاجون كتاج الهودج في العرس،
ويبتهجون،
ويفترعون عذاراهم في علانيةً.
خطاطون أصحاء،(49/416)
ويختبرون صنوف الخط بعشقٍ مشحوذ الحرف.
أصابعهم تتوتر في غنجٍ من فرط الحب،
ويخترقون اللحم،
يكزون على عاج الفضة،
يطفر زئبقهم مختلطاً بالصهد
على جسدٍ مرضوضٍ بالخيل وشطح الخط.
يطغون بكحل العين على فودي،
ويرشح خمر الوجد على أطراف محابرهم،
ولهم رقع ينضح ماء الشهوة فيها،
يتدلى نصف كلام الله على ثلثي طنافسهم،
يجلون الثلث الأسود
مثل سيوف الحق الواضح في جسدي.
يتهجون الكوفة والبصرة،
ينداحون كخمر الهودج،
يختارون الناضج من قصب التذكار،
ويغتصبون الأبكار من الكلمات،
فينهض في جسدي جيش النوم ونرد الليل ،
يدب البنج الأسود مثل الفتنة.
يستعرون، يزفون عذاراهم في جسدٍ يتغرغر بالرغبة.
ينهالون، يخطون الخط ويبتهلون،
كأن الله يكافئهم بالجنة في جسدي .
تسعة خطاطين أجلاء،
تؤيدهم روحي بالمحو،
فيضطربون ويختلطون بوحي الحرف،
ينزون الدم
ويمتزجون بشفرتهم في قصبٍ مختلج الأوداج
على جسدٍ يشبق في ليل ضحاياه ،
يكاد المعجز،
يلتهب النص على أعضاءٍ خاشعةٍ،
فتشب الشهوة في مذبوح الروح ،
يهب الخطاطون
يلوبون بتسع مرايا موغلةٍ في السر،
يفضون الختم عن الأبواب التسعة
في أشلاءٍ خائفةٍ،
وكلام الله يزين بالأسماء زجاج المشكاة ويحرسها.
تسعة خطاطين
يذوبون لفرط الشطح
ومجد الجسد الذاهب في الشطرنج وزهر النوم.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الضغائن
الضغائن
رقم القصيدة : 6368
-----------------------------------
أحصي تيجان الوعول العشرة
وهي تنحدر من رؤوس الجبل
مزخرفةً ثلج الليل بحنين الكتابة .
وكلما قرأت تسعةً
أخطأت التاج العاشر ،
فيتولى الثلج ذريعة الحيوان
وهو ينهال على عرشنا
بالضغائن.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> أسطورة
أسطورة
رقم القصيدة : 6369
-----------------------------------
لعينين رمانتان من الحزن ،
للماء ساقيتان على جسدٍ ضارعٍ.
أيها الليل
يا ليلنا الأبدي
إسقنا ،
علنا نستعير من البحر أسطورةً(49/417)
يلتقي عندها الغائبون.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ضائعٌ .. ويَضِيع
ضائعٌ .. ويَضِيع
رقم القصيدة : 6370
-----------------------------------
1
أضع الوقت على الطاولة وأفتح باب الغابة : ( شخص يضيع )
ثمة شخص آخر ينهرني .
أتحسس العشب بقدمين عاريتين ،
جليد يتقصف بين لحمٍ يرتعش وعشبٍ طازجٍ يتفلت.
يأخذ الشخص نصف أوكسجين الغابة
بشهيقٍ عميقٍ ٍوينقذف مثل طائرٍ في فضاءٍ يخلع الثلج .
يستجيب للنداء الغامض ، يترك السبل المطروقة
ويذهب في كمائن أخطأتها الطرائد ،
يفسد خطط الشراك ويفضح الشباك المموهة
فتستيقظ شهوة الطير والهواء.
يضيع ، ويضلل الأطياف ،
يلهث ،
زفيره يسبق خطواته مغموراً بغيمة الرؤى
تكاد أن تنهمر على سترته المعفرة بليلٍ عابثٍ،
يضيع ، كأنه يرى .
بغتةً يكتشف البحيرة تحدق به،
قدماه مغروستان حتى الكاحلين
في جليدٍ يتهشم ويفيض في قدمين مجنحتين بالفراشات .
ذئب يضل الطريق نحو الجبل .
وحين تدركه شهوة الأوج يلقي بجسده في تعبٍ
ويدير رأسه بغطرسة من يتفقد أطيانه.
يطير في وجهه جناح مدلهم فيفر ،
كمن يسعف جسده من وهدةٍ وشيكة.
( شخص يخرج من غيبوبة الناس
ليضيع في غابة نفسه )
ثمة شخص آخر هناك .
ينتشل قدميه من قبضة الجليد،
كمن يسحب جذوره من مكان .
( هذا صباح جدير بغموض الفتنة،
أهرب من غربتي إلى ضياعي )
يتقدم ، مبتعداً عما يعرف ،
ذاهباً إلى ما يريد .
2
من أنت ؟!
وحدك في الوحشة لا تعرف من أنت ،
يجهلك الأحفاد ، مثل أسلافٍ يزعمون جهلك .
تفتح الطرق في ثلجٍ ينحسر ،
تتثاءب حولك الغصون
ولا ينثني العشب تحت قدميك .
خفيف ،
زفيرك يرسم تاج الملاك وتزدريك الزواحف
لفرط مروقك .
لكنك تضيع وتقتحم ،
ينتظرك ذئب يهجس بقدومك
ترأف بك البراثن مكتشفاً ،
مثل شخصٍ يسأل : ( من أنت ؟! )
فتدرك الصوت .
تسأل : ( من أنا ؟ )
تمتلك الغابة ، مستسلماً للتحدي .
شخص ضائع .. ويضيع .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> جسد / 1(49/418)
جسد / 1
رقم القصيدة : 6371
-----------------------------------
رأيتك في جسدٍ تنتحب فيه الفحول
وتنبثق الصواعق من أردانه .
متروك في الزفير،
تدكه إناث الخيل بصهيل الشهوة وشغف النسل،
يصدر منه الكلام مثل قصبةٍ تندس بين الحديد والحزن .
رأيتك في جنس المذبوحين ،
تلهج فيك النار والزجاج المكسور .
جسد يهذي بالحب وروح يقصر عنها الموت .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الحَجَر
الحَجَر
رقم القصيدة : 6372
-----------------------------------
لا أحد يعرف الحجر مثلي .
بذرته في أجنة الجبل ، و ربيت فيه وردة المعادن
فشب مثل طفلٍ يمشي وتبعت خطاه.
صمته قلب يصغي، وعزلته أبجدية تعلم الكلام .
صقيل يشف عن الكنز ، وينبثق في كتبٍ وفي مرايا ،
أقرأ فيه زجاج الجنة وتعويذة العشق .
يتصاعد خفيفاً ، ويمنح الريح صداقة الكتابة ،
مثلي .
متوحد ، ويؤنس الغريب،
ماؤه يقظة الأوج ،
يحرس نوم الشجر ، ويحنو .
له في كل منحدرٍ بريد يغسله الثلج
و يأخذ من البحر رسًالة الموج .
عينان تنضحان بالولع وطفولة الغريب ،
طريد مثل نمرٍ ، يتأرجح في شباكٍ تتدلى حولي.
يسمع النبض في الوريد ،
يشف و يشبق و يشطح ويهذي ،
مثلي .
يعرف السر و الفضيحة موغل في القرائن ،
تأخذ منه الوردة أسبابها ويرصد الجبل
في حال الوجد والتلاشي .
مثلي ،
أسماؤه في المعادن و ذريعة العدو
مثلي ،
عاشق يذوب ، ماءوه القلق وجنة الفقد.
يكابد الحب ، مشحوذاً بالسفر وشهوة الغياب،
مثلي .
وحده يعرف تاريخ خطاي وأخطائًي و يغفر و ينسى
مثلي .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ليلُ السَّرد
ليلُ السَّرد
رقم القصيدة : 6373
-----------------------------------
عبر المآتم كلها
لكي يعلن يأسه من الجب والقميص.
مدح قرائنه وبالغ في الغياب،
لكي تتأكد أمه أنه أكثر الأبناء قدرةً على السفر،
دون أن يفسد سكينة البيت .
غسل المعدن بجوع العائلة،
وبحث عن سببٍ واحدٍ يدعو لموتٍ رحيم ،(49/419)
وعندما هم بالنص ، عازته التعازيم .
فبدأ في سردٍ على هواه.
بدأ في فضح مخطوطاتٍ كنزها له أبوه في حديدة الدار.
و أخذ يؤلف الكتب كأنه يؤثث ليل النص بأشلائه.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> صوت شاحب
صوت شاحب
رقم القصيدة : 6374
-----------------------------------
يصهل تحت شرفات الدور
حول أسوار القصر،
فيطيش حلم العقلاء،
ويستعيد المخبولون جنونهم .
يقبض العشاق على نصٍ يبدأون به ليلة الحب.
فيقصد الجميع ظاهر المدينة بحثاً عن الشخص،
فلا يجدون غير شبحٍ يتقمص أشكالاً
تتراءى لكل واحدٍ في صورةٍ ،
حيث لا يكون الشخص في مكان.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> خديجة ، زعفران لمنديلها
خديجة ، زعفران لمنديلها
رقم القصيدة : 6375
-----------------------------------
هذيت بنا منذ ليلين ،
كنا هذيناك
كانت خديجة مفؤودةً بالغياب
هتفنا نسلي لها القلب ،
عينان مأخوذتان وتاريخها فضة النوم .
رأت ، أو تراءى لها ما رأت، زوجةً لإبنها ،
رأت ، أو هذت ، أو هذينا لها.
قيل لها : يا خديجة ..
هذا صغيرك العاشق الفتي .
.. هيئ لك خذيه،
لئلا تأخذه الفتنة بالناس إلى خمرة التهلكة.
يا خديجة ، وأغويه ،
فليس له مهب سواك .
قيل لها ،
و كانت في الشهوة ،
في بهجة الصهد يتفصد تحت وطأة الكلام ،
في الريح وهي تمزج الطلع بالهواء ،
في بيت الحريق وهو يمحو ،
في ليلها ، واهب الكوابيس ،
في ردهة الكهف ، فوهة للخراب .
يا خديجة .. هذا فتاك ،
طريد الزنازن والحانات
خذيه ، واجعليه خدينك الأثير ،
ودثريه بشغفك الباذخ
يدحمك ، و يمنح نسلك المجد ،
خذيه ، و اسدلي وشاحك في مهده ومثواه .
صغيرك الغر و فتاك الفاتن وفارسك المأخوذ بترف المعنى .
قالوا ، يا خديجة ،
فضي طفلك المفتون
كي يجتاز محنته و يبرأ من رخام الكهف ،
فضي وحشك المذعور كي يهوى .
و قالوا ، ضمخي شفتيه بالرؤيا لكي يهذي
و قالوا ، زيني بالزعفران يديه أو خديه .
مكتوب له .. يبكي لك ،(49/420)
وله القطيفة وانخطاف الزيت في القنديل
و القفطان يبلى في بكاء النار .
قالوا ،
تسمعين اليوم فرحته الذبيحة وهو يزخر بالنصال
و كلما يهذي ، يرى القتلى وينتهب الطريق لهم
و أنت في انتحاب البرزخ اليومي بين الدفن و الأعراس
قالوا ، يا فرات الناس
وحدك تسمعين الماء يشخب دونه و يموت من عطش ٍ
و وحدك تنهلين النوم والأحلام .
سوف ينتاب الفتى هذيانه ، ويقوده ملك ،
وتغفو أمة في ثوبه ،
و ملاكه السري يمضي شاهقاً وجلاً ،
وبين يديك يكتب ليلنا الأزلي ،
بين يديك .. يهذي
عندما يهوي إليك
وكلما يهذي ويهدم هيكلاً ،
يهذي .. ويبنينا .. و يهدمنا ..
يرى مستقبلاً فينا .
يهذي ،
عندما تخلو يداه من القرنفل و الحديد ،
وعندما يسري به ماء الحديقة
ينتشي في ثوبه ،
يحنو على كتبٍ ويمحو قهوةً و يظل يهذي.
ربما تنتابه الرؤيا و يجترح المعاجز ،
يهتدي بالبرق
كي ترمي السماء عباءة الفوضى وتنتخب الكتابة،
عله يزهو بها.
فلربما منحته أسماء وترياقاً لًيقرأ ،
ربما طارت به الحمى
ونز الضوء من أطرافه ،
و مضى يهلهل سره في بهجة الأسماء،
ليلاً هاطلاً في زمهرير الروح ،
يهذي مثلما تفشي غيوم حبها للأرض .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> اختبار
اختبار
رقم القصيدة : 6376
-----------------------------------
ما ذا يفعل شخص مثلي،
قصلته الأيام بوحشٍ .
يتقمص جنس الأشباح ويبكي .
ماذا يفعل للموتى
حين يجوبون طريق الجبانات
ويختبرون حضور الأحياء .
ماذا يفعل شيخ الأشباح
لموتى يحتفلون بأخبار بقاياهم
في ليل الوهده.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> صلاة الكائن
صلاة الكائن
رقم القصيدة : 6377
-----------------------------------
كنا نغني حول غربتنا الوحيدة
كالعذارى في انتحاب الليل
كنا نترك النسيان يأخذنا على مهلٍ
لئلا نفقد السلوى ..
ونذكر .. أن عشاقاً لنا كانوا هنا
واستأثروا بالفقد ،
سابونا على أوهامنا وتقلصوا عنا،
و أهدونا إلى الأسلاف.(49/421)
لو أن عشاقاً على ميزانهم مالوا قليلاً
أو تمادوا في تغزلهم بعذراواتنا،
أو بالغوا .
لو أنهم جاءوا قبيل الماء، أفشينا لهم أسرارنا ،
كنا توضأنا لهم بالنرجس الناري ،
لو جاءت رسائلهم لنا كنا قرأنا سورة الرمان
سورنا بلاداً بالتراتيل ، إنتخبنا بهجةً أخرى،
وكنا زينةً في الليل، كي لا تخطئ النيران ،
كي تغوي العذارى شهوة الأحلام
توقظ فتنةً من نومها .
لو أنهم ماتوا قليلاً قبلنا ..
كنا تمهلنا قبيل الموت
أو كنا قتلنا بعضناً حباً،
مكثنا في خطايانا
و أجلنا مكاشفة العدو لعله يعفو
و يذبحنا برفقٍ ،
علنا نخفي عن الجيران شهقتنا ،
نكابر، ننتحي في ركن خارطةٍ و ننسى هجرةً
ونغض طرفاً عن منافينا، وننكر جرحنا.
كنا تشنجنا على أكبادنا ،
كنا كتمنا ،
لم نكابد غبطة العشاق
لم نفتح كتاباً فاتناً في الحب
أو كنا قنعنا بالخسارة كلها ،
لو أنهم .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> حَدّادُونَ
حَدّادُونَ
رقم القصيدة : 6378
-----------------------------------
خط الخطوط على غيابي
حزن أمي و اتزان أبي ،
وحدادون مغروسون حتى نصفهم في الأرض
يسقون المسامير التي تحنو على سفنٍ ،
يروزون الحديد بريشة الميزان ،
و الخط الرشيق على ثيابي
يقرأ القرآن
يتلو في كتابي سورة الأحزاب.
حدادون يختلجون في ترف التراب
يؤثثون النوم بالحسرات
ويبدأ الترتيل ،
ينطفئون في ذهبٍ ويتقدون .
حدادون مصلوبون في حفرٍ مصفحةٍ
لتنثال الكتابة في نشيج النار
نهراًً في المجامر يوقظ الفولاذ.
كانت جنة الأسماء
تنتخب المواسم كي تعمد طفلها بالعشب
تبذل حضنها للطير و الحيوان
تخدع موتنا و غياب أسرانا.
وكانت قهوةً ويداً وأحداقاً مشرعةً ،
وترنيم البكاء على شهيد الناس .
جاءت من قطيف اللؤلؤ المسنون
من نخلٍ كثيفٍ سوف ينسانا ،
فهيأت الكلام لنا ، وشالت حزننا كالتاج .
كانت تستضيف البحر كي تحمي حديقتها
وتفتح للصدى تعريشةً يرتاح فيها قبل أن يهتاج .(49/422)
كان موزعاً بين الحديد وكاسرات الموج
ضاعت مقلتاه ، كأنه حلم بعيد
سوف ينسى طفله المحبوس ،
لم يسأل كتاباً ،
لم يؤرخ لإسمه المخطوط في بيتين
من نومٍٍ ٍ و من سفرٍ .
تناول آلة التهذيب ، وهي زجاجة المشكاة ،
كي يحمي حديدته الوحيدة وهي تأخذه إلى امرأةٍ
لها تفاحة في سهرة الأسرى .
تخط له الخطوط وتستعير الصحن
كي تبكي على مرآتها
وتؤرجح الذكرى على ولدٍ يغيب ويختفي و يضيع .
حدادون ينتخبون آلة حربهم
من معدنٍ يحنو ويستعصي على النسيان .
مختبلون ، مثل تألق الوراق وهو مضرج بالحبر
مثل دماثة الميزان .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> مَزاجُ النَّرد
مَزاجُ النَّرد
رقم القصيدة : 6379
-----------------------------------
كنا تهيأنا لتفسير العلاقة
بين دفء البيت والحلم الذي لا ينتهي ،
كنا .. ، تماهينا بذئبٍ كامنٍ فينا
وتسعين احتمال شاخص للموت ،
قاومنا ترنحنا لفرط الحب ،
أوشكنا على ندمٍ ،
فأجلنا العناق ولوعة العشاق
أجلنا قيامتنا لندخر الغياب ونخدع الرزنامة الكسلى ،
وكنا شاهد القتلى على عشاقهم ،
جئنا نؤجج وردة المجنون
نختبر احتمالاً واحداً للحب .
و كلما طشنا ، ذهبنا في بعيد الناس ،
فاضت كأسنا وتبادل الأنخاب جيش يهزم الدنيا بنا .
كنا .. ، ستمحونا يد
وتعيدنا لغة إلى مخطوطة التأويل
نقرأ في زجاج الوقت كي نغوي سلالتنا
نكابر ، كي نصدق أن حباً سوف يسعفنا
فيحكمنا مزاج النرد .
نهرب من تفاصيل المكان إلى زمانٍ هاربٍ
لنحرض الأسرى على حراسهم
ونؤثث الدنيا بهم .
كنا نصب النار في الشهوات
نوقظ فتنةً في النص
حتى يركض القتلى إلى عشاقهم ليلاً
و ينتقمون .
فنقول : عام طازج
ونقول : جيش خارج
ونقول : روح هاجرت
لتحل في جسدٍ غريبٍ واحتمالٍ واحدٍ للموت.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> صاحبُ الخريطة
صاحبُ الخريطة
رقم القصيدة : 6380
-----------------------------------
يطوي خريطته ويعطيني يداً أخرى
لكي أجتاز فردوس الجحيم ،(49/423)
أشيد بالماضي ، أعيد كتابة المستقبل المغدور .
يعطيني يداً ،
ويمد ديوان المظالم في بلادٍ كلها طرق مخربة ،
كأن الله سوف يؤجل الفتوى ويمدحنا
لكي نختار ، بعض الوقت
بين عدونا وخصومنا
ونهادن الماضي ليأخذنا إلى مستقبلٍ مفقود .
يقترح الشراك لنا ويهوي في يدٍ مهزومةٍ ،
وينال من تاريخنا الشخصي
يأخذنا لهاويةٍ ويزعم أنها حرية الأحياء .. قبل الموت .
يرتجل الحوار ، يعيد خربطة الخرائط
كي نصدق أننا نمشي إلى مستقبلٍ، متقهقرين ،
لنا الخيار ، بوحشة الغابات،
بين عدونا اليومي والخصم المؤجل .
سيد التأويل أدرك سيد الشك المبجل .
كيف نترك جنةً في النار كي نهفو لفردوس الجحيم
وكيف نترك كوخنا في عزلة الملكوت
كي نمشي إلى طللٍ تزخرفه النهاية باجتهادٍ سيدٍ.
يطوي خريطته ، وتطويه يد
فيمد لي ..
و نكون في الموت المؤقت
بين أعداءٍ (تفاديت المراثي )
والخصوم ( يباغتون مدائحي )
ويمد لي ..
و نكون في حلٍ من التفسير .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> وردةُ النَهرين
وردةُ النَهرين
رقم القصيدة : 6381
-----------------------------------
خبأت وردتك المقدسة الندى في ملتقى النهرين
فارتاحي قليلاً .
ربما نجلو زوارقنا ونوقظ شهوة القرصان ،
هيأت لنا رمانةً في جنة الأخطاء
موهت الخريطة واكتنزت شقرة الغابات
فارتاحي قليلاً
كي نؤنب بعضنا ، ونضيع في ليلين
من لبنٍ و عاج .
ربما ، نهران يلتقيان في تاجٍ ،
ووردتك الندية منتهانا ،
والقوارب جمة ،
ولديك وقت للتكاسل عن ربابنةٍ وكشافين
يعتقدون بالطرق الوحيده .
كلما نجتاز نهراً جاء نهر .
وردة في المنتهى
لنضيع في الأشتات ،
فارتاحي قليلاً .
سوف نقتل بعضنا ونغض طرفاً عن ضحايانا
لنفقد كنزك المكنون ،
نامي في خبيئتك المقدسة الندى
نامي طويلاً .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> مَدِيحُ اليأس
مَدِيحُ اليأس
رقم القصيدة : 6382
-----------------------------------
لم تكن أخطاؤنا أغلى من الأبناء ،(49/424)
كابرنا لكي نخفي هوانا عن معذبنا
مدحنا يأسنا ، تهنا وسمينا اختلاج الروح تفسيراً ،
تقمصنا الهواء .
لم تكن أخطاؤنا أغلى ،
تماهينا ، شحذنا نعشنا ، متنا ،
وسمينا هوانا كاسر النسيان
أرخينا مراثينا لئلا يعرف القتلى طريق الموت
... ــئلا تشفق الرؤيا على أخطائنا .
لم ينتخبنا سيد الأسماء ، لم نحضر دروس النحو ،
لم نعرف مكاناً آمناً للحب .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> طائرُ الحلم
طائرُ الحلم
رقم القصيدة : 6383
-----------------------------------
طير في مكان الرأس ،
بين كتفين وسيعين
مكتظين بالتجربة و صنوف الفقد .
شخص طائر
يلهث في ظل إمرأةٍ تكاد أن تخف عن الأرض
يسعفها جناح العفة الباهضة ، وعيناها طيور .
تزم القلب في صدرٍ مكتنزٍ بالرهبة ،
مثقلٍ بالولع وفهارس الطفولة .
بغتةً ، تندفق نار في الرواق ،
طلق ينسف طير الرأس
في شخصٍ مأخوذٍ بامرأةٍ تعبر الغيم ،
ينفجر ريش كثيف مترف بالأحلام،
فيصير فضاء الرواق عرشاً شاغراً
وعريشةً في الهباء .
ثمة ما يمنح المرأة نيزك الضياع ،
فتندفع مضرجةً بصرخة الريش
تقتحم البهو ،
خلفها رواق مفعم بشظايا الصور وجنة الخطأ ،
كتفان شاغران وشخص مفقود .
تدخل ملتاعةً ،
أحداقها أشداق نمورٍ مقصوفة ،
وتصرخ مثل ثاكلٍ تفقد أبناءها التسعة دفعةً واحدة .
تنهار في ركن البهو
تدفن وجهاً شارداً في ذخيرة الصدر
تبكي وتمزج القلب بذريعة الندم ،
تنتفض في جسدٍ يفقد الحصن
بارئاً من دسيسة الذهب وسر الأسماء .
نار الرواق ترن في أجراسٍ مجنونةٍ،
والمرأة مزدانة بريشة الملك ،
تهبط آبار الوهدة متهدجةً ببخار الروح .
ترى في البهو صلاةً منصوبةً مثل عاشقٍ ينتظر القبلة ،
فتنهض ،
تضع وجهها في الأبيض الرزين
وتبدأ في التضرع ،
مثل أيقونةٍ فرغت منها المعجزة تواً .
كفان مبسوطتان ،
رواق مترف بالريش المعصوف ،
جسد يغلب المرض ،
شخص مفؤود
وإمرأة تكاد أن تذهب .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> شعراء(49/425)
شعراء
رقم القصيدة : 6384
-----------------------------------
يرسم الشعراء الطبيعة قبلها،
و يبتكرون ،
ويبنون كوخاً يغادره ثلة من الأشقياء.
يغنون حيناً ،
ويفتتحون طريقاً لكي يأخذ الماء شكل النهر .
يبثون في الطين ذاكرةً للشجر
ويكتشف الطير ألوانه من كلام القصائد
يختار أسماءه النادره.
عندما يخرج الشعراء من النوم
يبدأ الفتية الأشقياء انتهاكاتهم
يعبثون قليلاً،
ويدافعون ، كأن الطبيعة تنتابهم ،
يعصفون ويصاعقون
وتأخذ أطرافهم في النحول كأن الفصول
ستبدأ تواً ، كأن الطفولة
تنتخب الشكل في بغتةٍ ،
والعيون
تحملق مأخوذةً بارتجال الطبيعة.
والفتية العابثون يؤدون أخطاءهم جوقةً جوقةً
كاحتدام القصائد في بهجة الوقت .
و الكائنات تفض الهدايا
وتأخذ صورتها الفاتنه
كأن السنه
تؤسس للخلق، والناس مذهولة البدء
تلثم ثلجاً شفيفاً يزين مرآتها كي ترى ،
ما الذي يفعل الشعراء لأحلامنا الواهنه .
يعبث الشعر بالنثر
ويرتكب الفتية الأشقياء الجرائر مغفورةً
مثلما يخدش الطفل نهداً ويبكي عليه ،
مثلما يكسر النص صورته
فتنهال تفاحة الحب
تستغرق المرأة في عاشقٍ ضائعٍ .
مثلما يفضح الذئب أسطورةً في القميص المدمى
ويعترف الأخوة الأبرياء
فتعفو الطبيعة عن خالقٍ عابثٍ ،
وتصلي إليه .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> تحت الصِفر
تحت الصِفر
رقم القصيدة : 6385
-----------------------------------
أسماء المحالين على النسيان أشباح مؤجلة
وتخطئ في روايتها تفاصيل الكلام،
وثلجة في الكأس.
لا تغفل ،
فأنت معرض لليل ،
والكتب الحزينة محض أخطاءٍ مراوغةٍ
وضعف فاضح في النحو .
تحت الصفر
يثملك الممثل باحتمال النوم.
صوت الشارع اليومي .. يومي ،
فهل كان الكتاب جنازةً ،
والناس يرتاحون في النسيان ،
في تعويذة الماضي
وتأجيل التآويل احترازاً .
كلما نام المهرج ينعس الحراس .
تحت الصفر ،
من يشرب عصيراً بارداً غير النحاة ،
مصححي القاموس،(49/426)
والباقون يرتجلون قهوتهم
وينتظرون .
تحت الصفر
ينسى كاتب الماضي خطيئته ويخطئ في الهجاء
ويبدأ الشكوى من الليل الكثيف ،
ويلتهي بالنص،
كي يبكي لنا تغريبة الميزان،
يوقظ فتنةً وينام في الأخرى .
وتحت الصفر تسعة فتيةٍ، ناموا جزافاً،
بالغوا في شهوة التفسير،
وانتحلوا خريفاً يخدع الأحلام .
فاضطر المدرس أن يبث الشكً
في الكتب التي تبكي لنا
ويلومنا ، ويبجل الأصنام .
تحت الصفر ، قالت بوصلات النص،
أن النحو بصري و أن الصرف كوفي،
وتحت الصفر تسعة فتية ،
تلهو تفاصيل الجنازة باستعادتهم جزافاً
كي تؤجلهم ، وتقترح القرائن
للذين يرون في كراسة التفسير
أشباحآً وضفدعةً وطابوراً من الأسرى،
فينتظرون تحت الصفر تسعة أشهرٍ أخرى،
وحملاً كاذباً .. في جنة الأخطاء .*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> مَنْ أنتَ
مَنْ أنتَ
رقم القصيدة : 6386
-----------------------------------
1
من أنت
حتى يصدر الشعراء عن أسمائك الفصحى
و يختلفون نحوك .. ؟!
من أنت ، ... في لهوٍ ،
و بين يديك يشتبك النحاة
و يفتديك سعاتهم و يطيش وحيك .
هل أنت مجنون بكى العشاق في قمصانه
و تكاسروا .. و بقيت وحدك .
2
يا أنت .. من أنت .
سميتنا زينة الأرض ، رمانة الصولجان
و سميتنا جنة النوم .
من أنت ،
حتى تقود العصافير في غابة النار ،
سميتنا كي ترانا أسيرين في شفرة الحب
نبكي عليك .. و نبكي معك .
3
أيها الشخص
يا صمتنا في الكتاب،
سنبكي عليك ونبكي معك ،
فهيئ لنا أن نحب كما نشتهي أن نموت .
أيها الشخص
يا صمتنا أول النص يا صوتنا في السكوت .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> زعفرانة البحر
زعفرانة البحر
رقم القصيدة : 6387
-----------------------------------
آخينا زعفرانة البحر
وهي تخرج عن خبيئة الجبل
تزخرف مخيلة الغابة
وتمنح الغريب وردةَ الليل
آخينا الماء بزرقته القانية
وهذيانه الناضج
نغسله بمراراتنا القديمة
فيتفجّر في أعطافنا حنين الوحشة(49/427)
نخبئ أفئدتنا المرتعشة
تحت القمصان والأغطية وضراوة الثلج
مثل ذئاب متوحدة
نخفيها في آبار الذاكرة
لئلا تفضحنا بنشيجها المكبوت
جئنا بأكثر الأعضاء رهافة
لننساك
لننسى نسيانك
فتشهق بنا جمرة القلب
تلامس حواسنا الشجرة ذاتها
الغابة ذاتها
والهواء الشفيف ذاته
هذا هو إذن
الفضاء الذي ازدحم بك
الخضرة التي شغرت من أجمل كائناتها
بعد رحيلك
جئنا
نؤاخي غابة ثاكلة بعدك
لننساك
لننسى نسيانك
فتشهق بنا الأفئدة
كمن يطلق الريح في جمرة النص
جئنا
رحيلاً من جنة الأعالي نحو السواحل المأهولة
بنحيب القواقع واحتدام الموج
من سواد البلاد المكتظة بتاجات النخيل
والمياه القديمة
نحو الجزر الموشحة بأهداب النيازك
المشحونة بالمرارات
جئنا نسأل المنتجع
علاجاً لنسياننا
رحيل ٌ مترفٌ بالوجع ومواكب الدمع
في الخطى المشبوبة
ساعيةً لعدالة المطر وهو يغسل الرجال
بنسوةٍ ينسجنَ القوس الفادح
مجللات بسواد البهجة
فيهنَّ حاملات القرابين
فيهنَّ المعصوبات بالسعف الطازج
فيهنَّ المندلعات بأثداء النعمة
اللائي يدْهنَّ بالتوابل أجساداً تسوق النوارسَ
مزينةً بالريش المبتلّ ، مغرورةً كالريح
في مرورنا الرشيق بين موائد البحر
نلملم عسل الشموع ونبجّل به غيابك الغامر
لعل رحيلنا الباكر يمنحنا نعمة نسيانك
في الأقداح المعبوبة حتى الثمالات
بالشفاه المرتعشة تحت المطر العادل
يستعيد لنا فصاحة الحواس
وهي تصف الهوادج في ترنح الرحيل
أقداحٌ نعبّها حتى تشفّ صور نسائنا
في الزجاج الثمل مصقولاً بجوهرة الأفئدة
في تاجات الزبد تحرس مراكبنا مبحرة
مثل حليبٍ يطيشُ في القصعة
ويمنح الطفل أختامَ النشوة
ليظن أنها الملاك .. وينام
رحيلٌ يضع زفير أرواحنا في التجربة
يعرّينا من حنين جامح
رحيلٌ فادحٌ
خلعنا له أجمل قمصاننا
لنجد أعضاءنا مستوحشة في وحدة الطريق
في ملح جارح يؤجج الجراح
متوغلاً في الخفيّ من أسرارنا
رحيل يذهب بنا
تاركين دفء أكواخنا في غياهب النخل(49/428)
ميمّمين نحو مسارب الحجر
أعطافنا مثقلة بذريعة الطرائد
رحيلٌ مثل فرار فاجع من شراك الغبار
نلثم رطوبة الرمل بالأهداب
ونطبع القبلات في هواءٍ يتكاثف على زجاج أيامنا
دخان الأكباد يندلع مختلطاً بتشنجات العضل
وافدين مثل مرضى الجنَّة على مشارف الجحيم
في تهدّج مهجنا المستثارة بفعل المسافة
نساؤنا يمزقنَ أسمالهنَّ لئلا نذهب
فنشدُّهنَّ من قلائد أعناقهنَّ لفرط الرحيل
نؤجل بهنَّ ليل الأسلاف
بكتبٍ تفتح الطريق أمام أشباحنا
نرسم لأحفادنا مستقبل النوم
بالحليب الشحيح في أثداء نسائنا
ونهدهد مهود أطفالنا بزفير الأفئدة
لئلا ينالهم ندمٌ على ذهابنا الباكر
في اختلاج معاجمنا باللغة
نتلو صلوات مكسورة بماء الرغبة
قدمٌ في النوم
و قدمٌ في نعاسٍ نظنُّ أنه اليقظة
تلك هي جذورنا صاعدة
في غيم لا يعرف تقويم الفصول
تلك هي خريطتنا المنهوبة
مبذولة للمهبّ
ما إن تغفو أجسادُنا في شهوة الليل
حتى تستفرد بنا ضباعٌ تتبع خطواتنا
تشمُّ رائحة الدم وتمشي عليه مثل الخيط
تقتحم علينا غرفة القلب
منتهكة بكورة أحلامنا
ليس فينا من ينسى نسيانه
ولسنا في الأسلاب.
نذهب في رحيلنا
ونسمّي أحلامنا تميمة السفر. *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> حكمة النساء
حكمة النساء
رقم القصيدة : 6388
-----------------------------------
أجهشت النساء المغدورات برجالهنَّ
و أوشك الجزعُ أن يبلغ بهنّ
ليرمين خواتمهنَّ في وجوه الرجال
لكنهن استدركن فأمسكن عن الخلع
واستدرن نحو دُورهنَّ
يدهنَّ الأسرَّةَ بالتوابل
ويؤجّجن القناديل بزعفران السهرة
و يذهبنَ في استجواب المرايا
يشحذنَ َ أسماء عشاقهنَ بالأكباد
وكان في ذلك حكمة
سألتْ امرأةٌ
وهي تشقُّ القمصان من كل جانب
لماذا لا تطلق الغابة كائناتها فصلاً واحداً
تمتحن بها طبيعة النساء المغدورات
رهينات الوحشة في الغرف الشاسعة
مثل شتاء الغربة؟
سألتْ امرأةٌ ، محسورة الروح
وكان في ذلك حكمة
أخذت امرأةٌ عدّةَ زوجها(49/429)
وبدأت في كسر أرتاج الأبواب
وخلع النوافذ بستائرها المسدلة
فتحت ثغرات الفضاء في جوانب الدار
وسمحت لشمس الليل أن تسهر في البهو
وللنجوم أن تحرس المداخل
لئلا يستوحش كائن في الظلام
كانت تلك مبادرة باسلة
استيقظت بها أحجار الغابة
ونهضت لها شكيمة المبارزات
لم تكن المرأة وحيدة في شهوة الشغل
وكان في ذلك حكمة
سحبتْ امرأةٌ سريرها المشبوق نحو حوش الدار
و أطلقت وحش الأساطير في بخور الأرجاء
ثم طفقت في الأغنية
كانت جوقة الملائكة معها
و مجامر العنبر معها
ومعها قندة الليل تحرسُ السهرة
فطاب لها أن تقترن بالهواء
وكان في ذلك حكمة
أخرجت امرأة صندوق عرسها
المكتظ برسائل الحب
وراحت تتلو أجمل الكلام
كمن يقرأ التعاويذ في محراب
فأخذ المارة يتقاطرون حولها
مأخوذين بكلام الأكباد
وكانت المرأة ملتذّة كأنها في الحب
وشبح الشخص ماثلٌ في الذاكرة
طفقت الريح تمدح الكلام
كمن يوقظ الفتنة
وكان في ذلك حكمة
حلّتْ سيدةُ البيت شعرها
وبدأت تغزل به حجاباً غامضاً
يغلب القاطن المستقر
ويغري الرأس بوسائل السفر
بكت معها غريزة الغريب
وبكت عليها حكمة القلب
فاحتدم حشد من كائنات اللذة
يؤلفن الكتب
و يؤثثن الطبيعة بالأسرار
و كان في ذلك حكمة
نساءٌ مغدورات برجالهن
يغدرن بهم
ويكشفن لهم ذريعة الفتنة
كأنَّ في ذلك حكمة .*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> المرضى من الشرفة
المرضى من الشرفة
رقم القصيدة : 6389
-----------------------------------
يضعون تاريخ أعضائهم على الطاولة
يسهرون بها شطرنجاً لا ينتهي
يتبادلون أحلاماً مؤجلة
يذهبون بها إلى النوم الكثيف
مثل فنار يرصد الكوابيس
يرصدون خرائط اليأس من شرفة السماء
معلنين لمن يلتحق بهم
أن من يموت معهم
لا يموت أبداً
مرضى بذرائع الكيمياء
يتفادون الموت في المأدبة
أعضاؤهم تشي بالرغبة وتشفّ عن الحنين
استدقّت منهم الأطراف
واسترقّت العناصر
وفاض بهم بوحٌ غرّر به الأدلاء
وفتنته شهوة المبالغات(49/430)
يقرأ بعضهم الكلام في صمت الآخر
ويفزع أحدهم لقميص
ينكسر وحيداً في مقعد شاغر
ويده في عروة القدح
يكبت الجميع نحيباً ناضجاً
ينصبون شراكاً في حديقة أحلامهم
يذرعون المسافة بين خسارة الأمل و خزانة اليأس
متقمصين بسالة الأدلاء
يرون في الآنية وجه الوحش وطبيعة النهايات
يفقدون اللذة ونكهة الملح
تنتابهم رهبة الأعالي و الغياب الأقصى
يرون في الطعام أشداقا تزدردهم
وتفيض بهم المواعين في مزيج رهيب
من الروح و الجسد.*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الذخائر
الذخائر
رقم القصيدة : 6390
-----------------------------------
يشطرن الماء بالسكاكين
ويوزعنه في كتيبة الحرس
بمهارة النمر الفاجر
لئلا تأخذهم الغفلة عن أكثر المهمات
شهامة وصلافة
يصقلن أقداحهن المعدنية
بأخماص البنادق
مثل فارس يحرر مارش العبيد
من ورق النوتة
يكذبن قليلاً
لكي تسري في عروقهن صحوة الماء المذبوح
يشكرن ندماء السهرة
لفرط العناية الفاحشة
ويطفقن في الترنح
متدافعات نحو سرادق العرس
يباهين بالنياشين و الأوسمة
و الدم اليابس في الجراح
حارسات الشهوة
تسهر على راحتهن ساحرات يشطرن الماء بالسكاكين
في مدينة يموت بها الناس والأشجار لفرط الحب
كل ذلك لا يجعل لهم العذر لادخار الضغينة
لمن يفتح نسيانه على النساء. *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> تراث السفر
تراث السفر
رقم القصيدة : 6391
-----------------------------------
مثل فارس يقع من صهوة السفر
فيما الحصان ينهب الطريق
تتعثر به الجثث وهو يتدحرج
غاسلاً أحجار الأرض بدمه النافر الكثيف
لا يتوقف لأجله المقاتلون
و لم تلتفت نحوه الأحصنة
المرضعات في السبايا
وحدهن تريثن لأجله
يضمدن جراحه بأسمالهن
ويدفعن بأثدائهن المكتظة بلبن التجربة
نحو الشفاه اليابسة
والجراح المعفرة بقطيعة الركب
الفارس هنا
و الصهوة في مسافة السفر .*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> السلال ذات الخفة
السلال ذات الخفة(49/431)
رقم القصيدة : 6392
-----------------------------------
تزن السلال خفتها
وهي تتأرجح خلف النساء
متقمصات هيئة طفلات يقلدن أمهاتهن
السلال في الخفة
و النساء يتكئن على هواء شاغر
لكي يحسنَّ رصف الأكاليل وهي تتهدل
طائرة وراء السلال
وضعن فيها مؤونة البيت
كمن يكنس السوق كله
كدّسن فيها الزيت المعصور بالصخرة المصقولة
وخبرة العمل
وخبأن في جيوبهن الأعشاب و الأبازير
كدنا نفقد شهية العراك
و السلال لم تزل في رشاقة القصب
تقلد أكثر المكاييل خفة في اليد
بلا ضغينة
بلا ضغينة
لا أحد يغار من السلال
ولا أحد يضاهي نساء يخرجن في واضحة النهار
يختبرن الموازين و مكاييل السوق
يفضحن ذرائع الباعة
ويطفقن عائدات بالمؤونة . *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> أخبار الحجر
أخبار الحجر
رقم القصيدة : 6393
-----------------------------------
1
لك هذا الحجر القديم
كتبته في نسيان صاعقة عابرة
سميت به الحرف الناقص في كلام الليل
هندستُ به الطبيعة ونيرانها
2
دع ماءك الكوني يصغي للأقاصي
و انتظر ترنيمة الكابوس
مثل فراشة
وانهرْ سلالتك المضاعة
دع صوتك المائي يقرأني
ودعني موغلاً في شهوة القاموس
أبحثُ في تآويل المعاني
ربما نأوي لجنّتك المشاعة
3
تقف قرب حجر
يسمع الزلزال المكبوت في القلب
ثمة شخص يطوف حولك منذ قرون
لا يسمع منك سوى الصمت
دون أن يفهم شيئاً
لا تستهن بالحجر
لديه أسرارك
وعن ظهر قلبٍ
يحفظ تحولات الدم في قلبك
حجر يقف قربك
كأنه قرينك القديم
4
لست وحدك
مع الحجر
5
ليس عصيّ الكلام
حتى إذا ما خذلتك القواميس
تنبثق لغة ممهورة بالحب
ترأف بك
وتصونك
6
هذه النخلة الشاهقة
ثمة حجر صغير يسندها في الخفاء
ضع يدك عليه
تسمع كلامه يؤانس النسغ
منتقلاً بين الجذور والأجنحة
تلك الأجنحة الخضراء .. في الأعالي
ثمة حجر صغير يسند الهواء
لئلا يخذل النخلة
7
رأيت رعداً يوزع حجارته الكريمة على النوافذ
رأيته، مثل طائر رحيم
ينقل الهدايا لأشخاص(49/432)
وقف بهم الأرق على الشرفة
تدركهم عطايا الرعد قبل شفير النهايات
فيدخلون إلى النوم مثل ملائكة يولدون
يبعث الرعد بطيوره الفاتنة
تؤنس الغريب .. وتشتهيه
8
لك هذا الحجر
تسند به قلبك في ليل الوحشة
وتمحو به أبجدية النسيان
في شطرنج الذاكرة
9
حجر قديم
هو أيضاً قنديلك في ظلام الأقاصي
حجر قديم
هو أيضاً طفلك الموشك على البكاء قبل النوم
حجر قديم
هو أيضاً موسيقى الأجنحة
تحرس خطوات الطفل في أحلامه
10
ينتابني الذعر
فيما أرى الشخص وهو يتجرع الحجر الأحمر
تحت وطأة جوع إلى الكلام
كيف تشفق على شخصٍ
يحملق في قدحه المترعة بحجر أحمر
وسديم من الصمت الكثيف
11
خطواته أحجار خفيفة
يذرع بها البهو ومداخل النوم
يتقدم رشيقاً ، وبين عينيه فضيحة التجربة
خطواته أخفَّ من خطيئة الكاهن
قلبه يسيل على خشبة الباب
لا أحد يفتح له
لا أحد يسمع نحيبه
لا أحد يكترث بالنزيف
لكنه ينتظر
12
عبرت طيور مثقلة برسائل الجبل
تخفق بأجنحتها في نافذة النائم
توقظه ... من يقظته
وتمنحه كتاب الجبل
و ما إن يبدأ القراءة
حتى تفرّ الطيور حزينة لفرط العذاب
عذابٌ يفيض على الشرفة
يتوغل الشخص غريباً في أروقة البيت
وحيدٌ ،
وتذهب عنه الطيور
13
صخرة تنبثق من الأسطورة
مرة تصعد محمولة على الكتف
مرة ترتعش في هيئة خشبتين متقاطعتين
تأخذان شكل الجسد الآدمي
مرة تشرف على كبدٍ تأكل منها الجوارح
أسطورة تقصر عن عبء الصخرة
وتفيض في قدح الذاكرة
14
لو أنهم رموا بالحجر في زرقة الخليج
لكسدت التجارة
و اندلع الزرع في خريطة الرمل
لو أنهم استبدلوا المكان الأول بالأعماق
لكانت الأرض أكثر جمالاً من البحر
لكنهم ذهبوا بالحجر نحو الأسواق
لم يزل الحجر
ولم تزل التجارة
و لم يزل الناس في الرمل
صحراء مفقودة الزرع والضرع
15
حرفك المستهام الذي مسّني في الشغاف
وردة في حجر
يا كتاب النهر
نصنا طاعن في السماء
مثلما شاحبٌ
يمنح الليل مخطوطة حرة
حبرها في رحيلٍ طويل
و أخبارها في الضفاف
16(49/433)
دعني أسميك ارتعاشاً في الوتر
دعني أنادي فيك أسمائي
و أخبار الحجر .*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> شكّ الشمس
شكّ الشمس
رقم القصيدة : 6394
-----------------------------------
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتجد نفسك واقفاً بيدين فارغتين أمام مستقبل غامض بالكاد يبدأ مكتظاً بالمحتملات الكئيبة فتبدو كمن قطع الطريق كله من ذلك الأمل ليصل إلى هاوية
فترفع عينيك لخشبة الباب الشاهق
تقول له : افتح
ويفتح
فلا تجد غير السديم
فإذا أنت في حضرة الخلق من أوله
عندما تكون على مشارف الخمسين
بعد خمسة عشر كتاباً وأسرتين وأحفاد وشيكين وجسد معطوب و زنازن كثيرة ونصوص ملطخة بحبر القلب ومخطوطات خمس في خزانة الروح وأصدقاء يهددونك بالفقد وليال محتدمة بالكوابيس ومشاريع قيد الخرافة وأنت لا تكاد تطمئن لما بعد الغد
كيف يتسنى لك أن تكون محسوباً على البشر دون أن تصاب باليأس
عندما تكون على مشارف الخمسين
وترى بين يديك ركاماً من الأحلام المغدورة وشظايا المجابهات تضرج جسدك الواهن والوطن يقف على رصيف الذاكرة نصفه في وهم الجغرافيا ونصفه في حلم التاريخ لا يستدير إليك إلا لكي يفتك بما تبقى في ذبالة روحك من زيت الناس فتكاد تجهش لفرط الخسارة ولا يكاد يسمعك غير غب
ماذا تسمّي كتابك القادم إن كان ثمة وقت له
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتدير رأسك في وطن يختلط عليك بملامح الثكنة لا يسمع قصيدتك ولا يصغي لنحيبك ولا تنتابه التفاتة الغريب للغريب وطنٌ وضعته زينة على جسدك المرضوض فوضع لك النصال تسند خاصرتك لتبدو مثل خيال المآتة في حقل خرّبته الرياح السود تدير رأسك فلا ترى غير المسوخ تسد عليك ا
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتلتفت خلفك فلا ترى غير الأنقاض كأن العمر الذي أسرفته في الأمس لم يكن يمضي إلا في خراب مستعجل وكأن الطريق الذي منحته القناديل من لحمك وعظمك وبياض عينيك لم يكن غير سرداب مشحون بالأشباح ظننت أنها الناس معك،(49/434)
فإذا بهم اليأس عليك
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتحاول أن تحصي أفراحك فلا يسعفك الوقت ولا يسعك المكان تسند ظهرك في جحيم وتحدّق في جمرة وينتابك الدوار لفرط المسافة التي اختلجَ بها جسدك وتشظّت بها روحك وتاه القلب منك
عندما تكون على مشارف الخمسين
وتصاب بالشك في شمس أيامك .
ترى هل سيتاح لك من العمر ما يكفي
لكي تعيد قراءة مسودة كتابك الأخير قبل القبر ؟
عندما تكون على مشارف الخمسين
ستتمنى أنك لم تزل تقع في خطأ الحساب
عندما تكون على مشارف الخمسين. *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ظلامٌ عليك أيها الجبل
ظلامٌ عليك أيها الجبل
رقم القصيدة : 6395
-----------------------------------
كان الجبل في أحداقنا
ينقل أقدامه الزجاجية من حلم في هيبة البحر
إلى حلم في أبّهة النخيل
ذهبنا لشحذ أعضاءنا بأسنانه
بصلافة صخوره وغدر نتوءاته
فيما هو منشغل بصقل شظاياه
مباهياً بهيبة مراثيه وبراثنه الباسلة
رعاياه
نزن به أحلامنا كأنه معدن الوقت
يكنز نعمته في غيوم غامضة
مبذولة لترف المكائد
تتماهى في خلاعة الأشكال وتشفُّ عن الماء اليابس
قمصاننا تشيع الفتنة لجسدين في لذة السفر
نغفل عن خيوطها المشاعة فنخسر قناديل الطريق
مثل نجوم مدلاّة في تجاعيد الوحشة
تظن أنها السماء .
جبلٌ يخبُّ في جبّته الموشاة بأحداق ثملة
وأهداب فَضَّة
ترصد رعيةً في وحشة السفوح
نحن رعاياه المستوحشون
تنالنا جهامة الليل.
شعبٌ يستفرد به حجرٌ كئيبٌ محمول على المناكب
غاباته مكتظة بيقظة الحواس
تزعم أنها ثمالة حنيننا الموصول بعدالة المطر
ما إن نغفل حتى تغدر الشباكُ بشعبٍ يشطّ
يرشده أدلاّءُ يعرّيهم الجبل بكمائنه
ويفضح خطواتهم بالكواسر
ما إن نغفل حتى تطيش جمرة الغابة
لفرط النطرة وضغائن الفصول
رعايا نحن
نعقُّ عن هيبة الجبل
ونزخرف جسده بمرايا مشروخة
تفضح خرقاً مزقتها مواكب الجنازات
واندلاع النيازك اليائسة
رعايا
نرفع أسمالنا رايةً في طليعة النص(49/435)
فتخرُّ الخرائطُ مهتوكة بصراحة الكذب.
نعرف في الحجر ذريعةَ الطريق
تأخذ أقدامنا بهجة المسافة
وطبيعة السفر
كأن الماء في المنحنى
كأن شجرة الغابة تقويمنا لندرك خاتمة السرد
كأن زفير المآتم سأمنا الأخير لتفادي سردَ القرابين
كأن بريد القرى المستباحة بلاغة المدينة
تميمتها لتدارك فضيحة التهتك في حضرة القتل
نعقُّ مثل رعية تفقد حرية النوم
نقول للجبل : غيّر غيومك
هيئ ضريحك
وافتح ألوانك على الناس
نقول له : ظلامٌ عليك أيها الجبل
ولك قوسنا الشاهق .. سرادق الأفق
نقول له : سئمنا سيداً يَسكتُ عن أحفاده
ويطلق لأسلافه سطوة الندم
جبلٌ ينهرُ أحلامنا ويشي بنا في محفل الصيارفة
يقودنا بأدلاّئه المذعورين
ويعتذر عن أجمل أخطائنا أمام قناصل الدول
ومبعوثي الجيوش
نقول للجبل :
الجبالُ ترحل أيضاً . *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ما لا يسمى
ما لا يسمى
رقم القصيدة : 6396
-----------------------------------
عندما أسمكَ في طريق
ورأسكَ في طريقٍ أخرى
تتقهقر بشهوتك إلى عتمة الأزقة
نحو خزائن التجربة
لتسعف الرجفة الخفية
رعشة مسوّرة باحتدام الجموع
وهي تتخطّفك
مستصرخاً ذاكرة الشِراك
من أين إلى أين ؟
لتذهب بك في مسارب رؤوس محتدمة
تضطرم بحرائق الطريق
تضع له ما يسعف الشارع بالحجر العتيق
بأشلاء رغبات تنطفئ في صراحة الشمس
تضع له رأسك المكنوزة بخبرة الخرائط
وشهوة العمل
تضع لاسمك زهرة الرأس
كمن يبذل وردته على جنازته
عندما سُبلكَ أكثر من أقدامك
يفيض رأسك بزادٍ يكفيك
ويصونك من مائدة مثقوبة بفاكهة تفسد
لفرط الأسلاف
ينالها العطبُ ويطفح بها التفسير
تتقهقر مطأطئ الرأس
نحو غبار المخطوطات
في تاريخ الجسد ووحشة الروح
تنحدر بك حشود الشارع في ليل واضح
في ذبائح مهدورة
في ماء قديم يأسن
في ذخيرة مبتلّة بزفير التجربة
في غفلة البصيرة وكسل المخيلة
تنحدر
ورأسك كنيسة النوم
عندما رمادك يبرد
تكرُّ عليه ضباعُ المستنقعات(49/436)
تسألُ ضميركَ صراحةَ الهواء
وأنت خَدِينُ الخذلان
يشدّك حشدُ الشارع
مأسوراً بقديم الجراح
فيطيش عليك فيضُ الأساطير
يغطيك كرادلة الكهوف
بأوشحة كثيفة كتعاويذ الوهم
يغرونك
يغوونك بجنة تنجو منها
عندما تنسى
يسمِّيك ما لا يسمى
سيف النسيان عندما تنسى
تحت قميصك المليكُ في حريته
وها أنت تفقد المعدن الخفيف
تفقد حرية الهواء
كأنك تفقد النص
تنسى أنك رأس الهجوم
في جيشٍ يقهر الكتبَ وهي تنسى
تطير بأجنحتك في هواء فاره
لماذا رأيت في أدلاّءِ التيه نجمة المنعطف
وفيهم من يشحذ ضواريه في النحر
ممعناً في براءة أخبارك
لماذا رأيت في مغاراتهم آباطَ الدفء
وفي زرد خطابهم الفجّ حرير الحنان المفقود
تلعب به غريزة اللهو ، يخبئ النار في ثوبه
لماذا وضعت رأسك الناضجة
في خدمة الاسم المغترّ بسمته
مأخوذاً بعناقات تهيّج الجموع
متجرعاً شجاعة البرزخ
بين أن تكون عدواً ماثلاً
أو خصماً في الظن
لماذا . عندما رأسك ضحية اسم يتلاشى
في ظهيرة ليل يتظاهر بطبيعة النهار
امتدَّ بك الحلمُ في يدين مغلولتين
لماذا عندما نهضنا بك
تريد أن تجهض زهرة يأسنا
وترشح حيزوم سفينتنا المكتنزة
لصخرة الجبل
ماذا تعرف عنا
بذلنا لك جنون القلب
وقلنا لك هذا القلب لك
حصن يصونك
فاشمخْ به
يتمجّدُ بكَ و ينهض. *
ماذا تعرف عنا
بذلنا لك جنون القلب
لئلا ينتابك ما لا يسمى
وقلنا لك هذا القلب لك
حصن يصونك
فاشمخْ به
يتمجّدُ بكَ و ينهض. *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الأسير
الأسير
رقم القصيدة : 6397
-----------------------------------
يذرعون به المدينة
برسغين مغلولين
وكاحلين في الأسر
فيخرج الناس شاخصين
مثل روم القياصرة
يرون جيشاً صغيراً
يرفع كفين مضمومين بالمعدن
مبتهجاً
و الأحداق المتقاطرة
ليست مذعورة ولا مطمئنة
خوفٌ
يعلنون به هزيمة انتصارهم
ومنعطفات النهار
نهار كامل يكسون بها وحشة المدينة
عارياً
وقمصانهم ملوثة بالجريمة
أخباره مكبوتة
و بريد الفضيحة يندلع(49/437)
في ناس المدينة
يدّخر دمه المحتقن تحت الأظافر المنزوعة
وجلده المزرقّ في الكوعين و الركبتين
و خاصرته المخدوعة بالحزن النحيل
كل ذلك كان معه في الموكب الغامض
الذي يجوب المدينة
كل ذلك كان يخفره
ويرصد مواقع أحلامه
حتى إذا ما نال الاحتضانة الخاطفة
ومسح الحزن المترف في دهشة طفلته
انفجرت فيه شهوة السرد
فوقفوا به عند البحر
بحر سيأخذه إلى بيت آخر .*
ويرصد مواقع أحلامه
حتى إذا ما نال الاحتضانة الخاطفة
ومسح الحزن المترف في دهشة طفلته
أزاح الموت الذي تعثر به عابراً شجرة العائلة
انفجرت فيه شهوة السرد
فوقفوا به عند البحر
بحر سيأخذه إلى بيت آخر .*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> الأسماء
الأسماء
رقم القصيدة : 6398
-----------------------------------
سمينا نساءنا المنكسرات وراء المهود الشاغرة
المستعادات من سلالة الحروب
حارسات الأحلام
لئلا يذهب ليلنا وحيداً بلا رسائل
و لا أجنحة
سمينا لهنّ الأسماء
وعزّينا حسرتنا بصخرة المنعطف
وحيدات
لهنّ أصابع تحسن القبض على قناديل السهرة
فلا يعود لليل قرينة للغدر
ولا عذر للضغينة
نساءٌ يرسمن لكل مهدٍ غيمة من النوارس
حتى يوشك الموج على تبادل الصفات مع السفن
و البياض الشاهق
لينبعث من ريش الوسائد لثغة الطفولة
وهي تنشأ في سلالة تبتكر النشيد
لنسائنا طبيعة الجلاميد
يعلنَّ فضيحة الجبل
يقتلن الوهم وقرينه
فيتولّه بهنَّ الرجال مفتولو الأحلام
نساءٌ
يعبرن ليلاً مخذولاً بذرائع تقصر عن النوم
النساء اللواتي يتجللن بانكساراتهن
ويصفن للرجال الكتب و التآويل وزهر الليل
يتناسلن في أرجوحة المهد
وهو يتصاعد في بخارٍ و في تمائم
يطلقن الشهقة في هامش الليل
ونشيد الجسد
فيخرج الأطفال نطفاً في ماء الطيف
ممهورين برغبات صريحة و باكرة
نساؤنا
درس البحر
وهو يرى المراكب تتقاطر مشحونة بالطيب و البهار
فينتابه الفرح
ويلذ له دفع أحجار الموانئ
لكي يتسع الأفق أمام النشيد بلثغته الفاتنة(49/438)
وأجساده المشبوقة .*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> حيوان الحكمة
حيوان الحكمة
رقم القصيدة : 6399
-----------------------------------
انتبهتُ لها
و عناصري في الأسر
كائنات تحمل النار في الهوادج
طرائد مذعورة
و اللهب يتصاعد منها مثل تيجان يفرّ بها الملوك
وتخفرها الفرسان
تركض
كأنها تسبق الطريق
كأنها تذهب إلى مكان غامض في النوم
النوم حتى ظلال الأرض المغدورة
حيوان واحد يتكرر في النسل
يتكرر في الكتب و القراءات
تلاوات تفوح منها أبخرة المنيّ
مثل طلع النخيل في الريح
و العناصر في غفلتها
لئلا ينشغل الكائن عن حمولته التي من الجحيم
طريد ، والنار في الفرو الفاضح
ويريد أن ينسى
المسافة مكفولة برسائل الذهب
بالقباب التي تحرس الدم
كأن السفر لها بيت
و المسافة مكان
حيوانات تبالغ في شهوة الفلك
وهو يحضن الكواكب
واصفاً المجرة :
مسافة من مرض الجسد
ونشاط الروح
انتبهتُ
كانت النيران في القوافل
حيوانات وئيدة لفرط العبء
و الجحيم جنة الكائن .*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> تحولات الفحلة
تحولات الفحلة
رقم القصيدة : 6400
-----------------------------------
يطلق فحولته في خراب المدن
يتصاعد بالنحيب الماجن
مثل ذئب وحيد نال منه السفر
يتوغل في كلام الليل وتختبره المسافات
يسكب خمرته النبيلة في أقداح الناس
ويتصاعد بها
مترنحا ، يستثير الأبواب
حتى يجتاز حيطان الدور
مثل شبح يعبر السديم
يدخل على النساء في هيئة فحل
يعبّ الشهوة نخباً نخباً
يراود من يطالها صوته من النساء
ويمسّها بقميصه
تشبّ الشهوة في المدن
مدن تخرج من خرابها
وتمتزج برغبات الفحول المتروكة
من يقدر على صدّ فحل
لعبت به الخمرة الشريفة ؟
من يكترث بخراب يأخذ المدن ..
من يكترث بالمدن ؟ *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ذئب جائع يتعفف عن الجثث
ذئب جائع يتعفف عن الجثث
رقم القصيدة : 6401
-----------------------------------
1
الظلام يقف هناك(49/439)
وأنت تتعثر بحجر ناشز
في رصيف خباز ينعي تنوراً موحشاً
كيف يمكن احتمال خباز يرثي تنوره
في شتاءٍ حزين لفرط الطحين الغائب؟
بين أن تختبر الجوع بأمعائك
وخمسين كتاباً عن القمح
مسافة من التجربة التي تذيب الجلاميد
موغل في جحيم الطريق
فيما الدروب مكتظة بالأجساد المعروقة
و الأرواح الشريدة
فلا تدع شعور الوحشة ينالك
2
هذا ظلام واضح
يجعل الشمس الصغيرة نهاراً فاضحاً
ظلامك هذا وظلام غيرك
وليس للخباز أن يثق بأوهامك
فكل رغيف يتوهج في الذاكرة قمر يفتح الطرق
ويفضح الحلم كلما نزع إلى الوهم
3
لماذا تمنح الظلام أسماء أخرى
وتؤجل قهوتك انتظاراً لكسرة الخبز
ثمة أرغفة ساخنة في التنور
و ما عليك إلا أن تشحذ حديدتك الباردة بجمرة القلب
وتصدّق أسطورة الجوع الماثل
لستَ جائعاً ولا العطش يفري عظامك
إنه الظلام يا سيدي
4
ترتجل أحلامك
فيظن الليل بك الظنون
تنتخب للظلام العناوين مضللاً القاطن و المسافر
ويطيش بك العقل كأنه الجنون
من قال لك أنك الوحيد وحده
من قال لك أنك ذئب السهول في سديم المسافة
أنت ماء شاحب ونحيب مكتوب
فارتجل ما يحلو لك من الأحلام
وليفتك الظن بهم
فلن ينالك غير ما يطيب لك
5
أنظرْ إليه
ظلام مألوف يقف هناك
مثل عدو واضح
تتعثر أقدامك بالحجر عند المنعطف
وتقام السرادق لأجل مديحك
مديح يضاهي المراثي
فلا تأخذك الرهبة مما يبهج روحك
مثلما يبغت الذئب سهلاً زاخراً بالكائنات المذعورة
فيرأف بها
ويستدير نحو منعطف آخر
كأن كل هذا الظلام لا يكفي لنحيب ذئب مثلك
6
ما أجملك أيها الذئب
جائع
وتتعفّف عن الجثث .*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> مرارات
مرارات
رقم القصيدة : 6402
-----------------------------------
مررنا بهم
أسرى مثل أقفاصٍ تحرس الأجنحة
يذودون عن أرواحهم بالمرارات
تحت آباطهم مفاتيح تصدأ
وفي أحداقهم ما يشبه القناديل
ضوءٌ شاحبٌ في عاصفة
لجوعهم أنينٌ مثل جوقة الكهنة
نسمع حَكَّ الحديد في أخماص أقدامهم(49/440)
مررنا بهم
فانتابنا زفير المجامر
لهم رائحة الزبد الطائش من أشداق الخيول
مجدولو الذوائب
تتدلى على أكتافهم صناجات تطردُ ذريعة الفرار
يضعون ذاكرتهم في رماد بارد
وبين أيديهم كتبٌ تتضرع لشجاعة الصلاة.
كلما قام منهم شخصٌ تساقطت أعضاؤه
مثل شجرة تسبق الخريف
ظهورهم موشومة بأشكال الساعات
بعقارب ترصدُ المواقع وتحرس المدن
مررنا بهم
يشخصون إلينا بأحداق تطلع منها طيورٌ عمياء
نكسر في وجوههم الشمس بالمرايا
فلا يرفُّ لهم جفنٌ ولا تتهدّل أهدابهم
يتفصّد الرخام من مقلهم
وينبثق كأنه الحمم
كلما ظننا لهم شكلاً
طاحَ قناعٌ لندرك قناعاً آخر خلفه
مررنا بهم
نحمل المديحَ الفادح
فإذا بالمراثي تقصرُ عن وصفهم
مصابون باحتدام الجيوش تحت جلودهم
دون أن تكفَّ دورة الدم في الزجاج
مررنا بهم
صرعى صراعاتهم
زرعوا أشلاءهم بزهرة الكباريت
فلم يدركوا غير براثن الجليد
تنغرس في عاجهم العاري
انتهبوا خريطةَ الناس
واقتتلوا عند اقتسام الأسلاب
جديرون بما يجعل الرحيل تحية البحر
وقلق السفن وقلادة المسافرين
جديرون
والوقت وشم على ميزانهم
ومن أضلاعهم يأخذ الاسطرلاب أشكاله الغامضة
مررنا بهم
يعبّون طحلباً فاسداً من قصعاتهم
ويسفّون الرملَ بلهفة العطش
يتحاجزون بمهج الناس
ويتقاذفون بالمواعين
نطرح الأسئلة عليهم
فتفوح من أفواههم الأبخرة
ويطفر الكلام بلا دلالة ولا معنى
وكلما اقتربنا من بياض أحداقهم
صفعتنا أجنحة بلهاء
تطرد الهواء لئلا يوقظ طبيعة الطير
مررنا بهم
مثلما تمر الثواكلُ على قبور المفقودين
ليسوا من القتلى
و لا يصدّون اللوعة عن أفئدة النساء
مررنا بهم
نفضحهم بذاكرة المستحيل
جمعنا لهم القرائن كي يكفّوا عن الموت
مدحنا لهم الغياب بفصاحة الصمت
كي يدركوا الفرق بين القواميس وقناديل الطريق
فلم يلتفتوا ولم يصغوا لوقع مرورنا الصاخب
كُتبنا تتشبث بأخبارهم
وهم يتقفّصون على أنفاسهم الأخيرة.*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> سلة الأسلحة(49/441)
سلة الأسلحة
رقم القصيدة : 6403
-----------------------------------
لكِ الوقت يا سيدة المنتهى
صديقاتنا الغامضات يركضن في شتائهن
مغمورات بالغيرة لفرط حضورك في كتابنا الأخير
لا يفتحن فصلاً إلا وصورتك الحميمة زينة النص
صورة تهطل على أهدابهن بغرائز هذيانك
لا ينتهين من نصٍ إلا ولغتك المهتاجة تشبُّ
مثل غبار اللذة
صديقاتنا في جنة الغيرة
مصقولات بالغيظ
خذي الوقت كله
نتهدهد بين ذراعيك يا سَلّة الأسلحة
لا مخافة من تأنيبك
ولا خشية من انحسار أرديتنا عنك
فاندياحك في ماء كلامنا ونحن نمرح في جنائنك
يجعل غيرة صديقاتنا الغامضات أكثر غموضاً
وأكثر فصاحة من مديحنا لاستدارة فمك الباهر
كلما لمحنا أعينهن مخضلّة بمطر الضغينة
أشرفنا على إغماءةِ البهجة
فمن يعرف الغيرة غير كائنات مزدوجة المرارة
مشتبكة في اقتتال فادح
ليس في اقتسام الروح
غير قطيع من ذئاب تستبسل في الليل
وتنشب مخيلتها في جسد مغدور بالسلالات
في نهار شاسع من الكتب
يا سلة الأسلحة
خذي وقتك
خذينا من صديقات يتوشحن بغموض فاضح
خذينا
نزيّنُ السلالة بتشنج الحجر وازدهار المبارزات
بتثاؤب البروق وهي تصقل الحب مثل تاج
باصطخاب أنخابنا وهي مجللة بغيمها الأبيض
في قبة الذهب
عندها تدرك صديقاتنا الغامضات
أنك لست إلا مليكة الكتابة
تحرسين لنا السلالة من قراصنة النص
وتصدّين كتائب الغبار عن أصابعنا
لاهيةً بموهبة الخلق
و أنك لست غير دليلنا في ليل المكابدة
و قنديلنا في ليل الناس
عندها تدرك صديقاتنا المترفات
بالضغائن الحميمة
أن غيرتهنَّ موجٌ يسعف سفينتنا
بصواريها الشامخة نحو لا منتهى المسافة
حيث لا ينجو أحد
من صديقات غامضات مثلهنَّ
وسيدة نبيلة مثلك
عندها فقط
يتيقن
من خالجته غيرة كهذه
أن ازدواجاً عارماً
كالذي تتخبط في براثنه صديقاتنا الغامضات
ليس له أسم آخر غير الحب. *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> القبائل
القبائل
رقم القصيدة : 6404(49/442)
-----------------------------------
جامعو ثروات الثلج
في حرية الرماح المفتونة بحمأة الفراغ
ماذا تريدون
عائدين في عربات الريح و العابرات
ماذا تريدون أيضاً
يداي فارغتان إلا من الصدأ
تقرآن حديداً قديماً
في صحراء من المراثي
تحرثونها بالعقب و الجنازير
فيطفر في آباطكم حسك الأحافير
و ثآليل الجذور اليابسة
ماذا تريدون أيضاً
تستديرون نحو مرافئنا المكسورة
تقذفون بحقائب البريد
مكنوزة بأزهار الكبريت
نظنها الهدايا المتأخرة
لعاشقين نال منهما السفر
فتهتفون لنا بأهازيج الحرب
وبين أسنانكم أعواد المقاصل
كأنها الكلام
تستعيدون أشباحاً من ذخيرة الماضي
تفتح لكم الكتب
وتبدأ في تفسير الهلاك
وهو يأخذ شكل الحكمة
تزرعون نجائل الثلج في صحراء
يتناسل فيها الجبل و قرينه . *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> شهوة الجسور
شهوة الجسور
رقم القصيدة : 6405
-----------------------------------
في الجزر المخطوفة
يركض شاحب القدمين
خطواته تسبق الوقت
و أناشيده مذعورة مثله
يجمع القرائن في ملح السواحل و أنواء الماء
تطارده الشهوة وتتهجى كتابه الأخير
يؤجل الليل و النهار
ويدرك الوقت حجارة أحلامه
يخيط فتوقاً بين الماء و اليابسة
و يؤجج طبيعة العناق في الأجساد
جزره مخطوفة
وتاريخه مهدور في الأقاصي
ولا يزال في التيه و الاختناقات. *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> فهداً .. فهداً
فهداً .. فهداً
رقم القصيدة : 6406
-----------------------------------
فهداً .. فهداً
ألسنا من رصَّ بأكتافه الأحجار
لتنشأ الجسور
ورصّع الطين و الجصّ بالأكفّ المرتعشة
ومنح السور متانة تحمي دورنا العطشى
بالعتمة ورطوبة الحبس
ألم نفتح لهم الشواطئ
يصفّون فيها سفنهم الطويلة
ألم نرسم لهم النخل
أصطبلات وثيرة
ينسلون فيها من صافناتهم المُصِنّات
نجائب الخيل
نبني لصيفهم المترف أسرّة السعف وصبر الحقول
ينامون في أحلامهم ليصل إلينا شخيرهم الفجّ(49/443)
شخير يذعر أطفالنا ويفزّزهم من اليقظة
ألسنا من ظنَّ أنهم الضيوف الطارئون
يعبرون مثل الطرائد
قافلة في رحيل متواصل
نظنّ أنهم مأخوذون بالأرض لفرط الصحراء
نتبادل معهم رأفة القاطن بتعب السفر
فنضع لهم البيت في الوليمة
نبسط لهم النطع
ندير الطشت لهم
ونقف عليهم
نغسل أجسادهم من الملح و الغبار
ونحكّ عن أطرافهم الأصداف و الحراشف
ونقول لهم عن الطريق و الطريدة
فندرك أنهم يعرفونها أكثر منا
قلنا لهم أن يضعوا أطرافهم المغدورة
في حنان النخل
ويرشفوا أعذب الماء في المواعين المصقولة بكواحلنا
فتحنا لهم فيزياء الشرفة
قبلنا بهم يقتسمون معنا الظل وقرينه
الشباك وفهرس الأسماك
وعلمناهم، حتى الأحفاد
كيف يتهجون التاريخ وهو يتفصّد
في الكتب و منعطفات الليل
ربيناهم فهداً فهدآً
مزجنا سواد شطرنجهم بأحداقنا الساهرة
لتزهو الرقطة في فروهم الكثيف
ويأخذ كل منهم قسطه من الماء و السكينة
وافراً .. وافراً
ربيناهم فهدآً فهدآً
لكي يلتفت الضئيل منهم
نحو أكثرنا اطمئناناً
وينشب فيه المخالب و الأنياب
فهدآً فهدآً
كنا نظنَّ أن الوحش
هو الحيوان فحسب . *
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> رقصة الذئب
رقصة الذئب
رقم القصيدة : 6407
-----------------------------------
انتظرْ
سهرةُ الأصدقاء انتهتْ
وانتهى فيلقُ الندماء
الذين استداروا على كأسهم
يخلطون
يا قرين الجنون
انتظرْ ريثما نسترد التآويل في نصّنا
علّنا
نتدارك أخطاءنا الصائبة
يسدون نصحاً لنا
بالرؤى الغائبه
فانتظرْ
يفتون أن النبيذ القديم سيفدح أقداحهم
يسكرون، انتقاماً، بأخبارنا
ويدّافعونَ ويمحونَ آثارنا خشيةً
فانتظرْ
نصّك الآن رهنَ امتحاناتهم
مثلما تُخلطُ الأشربه
ربما يمزجون الخرائط بالليل
يختبرون العناصر بالنوم
يهتزُّ ميزانُهمْ
كلما تعففتَ عن مأدبه
يعبث الأصدقاءُ
و ينتابهم ذعرهم
فانتظرْ
لا تنمْ خارج الحلم
تندمُ حيناً
ويستفردونك في سهرةٍ مسرعه
فانتظر
و انتظر
لا تدع كأسك المترعه(49/444)
ساعة الأصدقاء انتهتْ !؟
فليكنْ
لم يزل زيتُ قنديلك المنتخبْ
يستفز الغضب
فليكنْ
يشكُّ ويفتح أسئلة في يقين الذهب
فانتظر
عند منعطفٍ فاضحٍ
تفقدُ الأصدقاءَ ودهشتَهم
مثلما يفقدُ الذئبُ عزلته المشرعه
عندما يمدحون انطفاءاتهم
تندلعْ
لا تدع كأسك المترعه .*
عند منعطفٍ فاضحٍ
تفقدُ الأصدقاءَ ودهشتَهم
مثلما يفقدُ الذئبُ عزلته المشرعه
عندما يمدحون انطفاءاتهم
تندلعْ
فانتظرْ ، و انتظرْ و انتظرْ
لا تدع كأسك المترعه .*
شعراء المغرب العربي >> عبدالكريم الطبال >> قصيدة ..
قصيدة ..
رقم القصيدة : 6408
-----------------------------------
قصيدة
أتذكر حين أتيتك
ذات خريفٍ
وما في يدي صولجانٌ
ولا ذهبٌ
وما في الوفاضِ
سوى بعض دمعٍ
وبعض قصائد غائمةٍ
فانسدلت علىّ
سماء بياضٍ
وداليةً للهديل
وأندلساً في إهاب جديد
فقلت: هو المهرجان . إذن
أينكم يا نوارس أندلسٍ
يا شُدادة البرابر
هذا هو العرش ثانية
بين طلّك...
يا نخلتي.. المصطفاة؟
أتذكر حين أتيتك
في موكب
ناكس الرّأسِ
منكسر الرّوحِ
في صُفرةِ الميتينْ
فانبسطتِ على الأرضِ
لي
غرفة .. في مدى البحرِ
ذاهبة ً في السّماء
وكانت
-كما يخرِصُون-
مسورة بالبنادق
ضيقة مثل قطرة حبرٍ
مهيّأة ً
لأكون السجين
فكنت الطليق
وكنت لي المُهر
همتُ به في المجاهلِ
أستبق الرّيح حيناً
وأستبق الحُلمَ حيناً
وفي كلِّ حينٍ
أعود بشاردةٍ
متفرِّدة في البهاءْ
أتذكر حين أتيتك
ملتحفاً بالمساءِ
وكنت بقايا
على ظاهر اليد
أو فوق ماءٍ
فوشّيتنِي في يديك
حديقة ورْدٍ
وما شئت من شجرٍ
وغناءٍ
ووشّيتني مرّة ثانية
في بياضِ البرانِسِ
سيفاً صقيلاً
وخيلاً مسوّمةً
وفوارس
عادت من الحربِ
مثقلةً بالسلامْ
ووشّيتني مرّة ثالثة
في سقوف المساجد
فوق القباب الوطيئة
في أغنيات الجبال
نجمةً
لا تمسُّ الغيومُ
ذؤاباتها
أو تطول إليها
يد المستحيل..
فيا نخلتي المصطفاةَ
سلاماً عليكِ
سلاماً
وإن كنت في منزل القلب
منكِ
مُقيماً
مُقيماً(49/445)
الى أبد الشعراء
حاشية
عن إشبيلية عن مراكش عن أغمات قالت
اعتماد - حين حضرتها اليقظة -:
وأنا لا أذكر يا أختي أغماتْ
سوى نورين
شمساً
تطلع في وجه المعتمد المعشوق
إذ ا وسّد طيفي
في عينيه
وإذا قال وأفحم
أخبار الطير
ثم فجراً
يطلع في كفك يا أُختي أغمات
فأرى المشي على المسكْ
وأرى الدمع على النهر
غصنين
من الجذع الواحد.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> المكابدات
المكابدات
رقم القصيدة : 6409
-----------------------------------
1
ذاهب لترجمة الليل
2
هل النص شهوة اللغة ،
هل المعنى شكل يفيض بالأبجدية .
3
من أنت ، من أنت ،
تبكي على أمة ،
أم تراها ستبكي عليك.
غطيت شعباً بمرثية الماء ،
صحراؤك محزومة بالملوك ،
فمن أنت ،
حتى تسمي سماءاً بعينين مذعورتين
و تمدح أعداءنا بالسكوت.
يا أنت ، من أنت.
4
يتكاسر حوله الكلام
يتحشد مثل كتائب القتال،
يتأسس و يحاذي ،
يوازي و ينزاح ،
يتجاوز و يخرج ،
يصير المتن هامشاً له والحاشية شهوة النار .
لكنه لا يكترث ولا يهتم ،
مؤمناً أنه النص .
5
أكتبنا بهذا الشكل،
كي نبكي بشكل شاهق ،
و امنح قصيدتك الهواء
مغامراً بنشيجك المشحون ،
و ادفعنا معاً .. نبكي معك.
اكتب كما يملي هواك
تكون قنديلاً لنا بجنونك الأخاذ
خذنا في ظلام النص
للنص الذي لا ينتهي بالنوم
أكتب،
سيد شكل الذي لا ينحني للشكل .
6
ليل ،
كما لو أنه الليل كله .
7
ليس هذا صريخ الجسد ،
لكنه جنون الجثمان
وهذيان الروح .
8
وقف في حضرة القصب ،
وحوله طغاة مدججون بذخيرة القتل،
فأخرج نارةً من زنده
يكتب بها دفاتر التعب
و يقرأ الحقل .
9
قرأت دمي ،
مثلما يقرأ الليل وجه قاسم .
10
جسد ينتهي كلما اشتهى ،
ويبدأ حين يعلن الآخرون هدنةً بين موتين.
جسد اختبرته الجسور وامتحنه الحب ،
أجلته لأجلك ،
بذريعة المخطوطات،
و ها هو يدخل الحروب
كأن الأبجدية لم تعد تكفي.
11
سلام عليك يا حارس النبيذ،
تؤرخ لنا العنب وتنساه،(49/446)
وتبذل الترنح لأجسادنا ،
وعندما تشتعل السهرة
ويوشك زيت قنديلنا على النفاد ،
تسكب نبيذك الكثيف في القوارير،
بلا ترفق،
فيقوم اللهب من النوم ،
ويتصاعد الوهج معلناً هزيمة الليل .
12
وحيد في مكان بعيد،
أمتحن جاذبية الروح بكيمياء الجسد.
يأتي صوت ينقض الفيزياء بالولع،
مثل طفل يبتكر حلما
ويذهب فيه .
13
كأننا في جنة الكتب ، نقرأ كلامها :
" في القيامة، عندما تجتازون الموت الأول، تفتح أمامكم أبواب الموت الثاني،
فكل من ارتكب خطيئة المكابرة في حضرة الحب، أو معصية الجسد في ليل الشهوة، تجوز عليه شهادة الغائب، ويكون عليه أن ينال فهرس العذاب
كانت تقول ،
ونحن نتوارى في أجساد مرتعشة، أرواحنا تكاد أن تذهب ،
كمن يسمع شيئاً
ويرى سواه.
14
المخفي... يخيف .
15
ثلة من الكهنة ينالون مثل كراكي الموعظة، ينامون ويتركون الفتنة في يقظة الجسد. أرديتهم تتأرجح لتطفئ ذبالات الشموع المرصوفة على حواف الطريق،
والجسد يتخبط في ظلامه،
لا يهجع ولا ينام.
16
كهنة يذرعون الممشى ويعبرون ليل الجسد.
موغلون في بهجة الناس.
يغمرون الأفئدة بالوهم كأنه الحلم.
لا الجسد يسمع ولا الناس.
وما إن تستلقي في مكان، متظاهراً بالغياب،
حتى يباغتونك بحضورهم الداهم،
يفتحون الكتاب ويشرعون في شرح النص.
تحت آباطهم بصيرة الملحدين
وذرائع الموغلين في الشك .
17
مشيت في قتلة يمرحون،
يحصون قرابينهم في رماد الليل،
يمدحون الله ويهجون خطيئة البشر.
بعضهم يفك الأبجدية ويتهجى الأسماء،
مثل ندوب في جثة تبطش بالناس.
بعضهم يضع الرقم وقرينه.
بعضهم يؤيد القتلى ليشجب الموت.
بعضهم موغل في غفلته الفادحة.
18
ناس الغابات
يعيثون فساداً في البيت .
19
رأيت قاسما
يدخر القتل لأسمائه ،
رأيته ،
كأنما الكلام من مائه.
قرأت تاريخا ، تهجيته ،
مثل بكاء البيت في آله .
20
حين يسأم الناس مجد الجوع ،
يتفاقم مرح القتلة، فيبدأون في اقتسام الأوهام :
نصر هنا ، هزيمة هناك.(49/447)
غنائم تتعثر بها أجساد مصابة بالجزع ومؤآمرات الخذلان.
يذهب في بكاء مكبوت،
ولا أحد يلتفت لشخص يفقد تاجه في بسالة الفرسان
ويعود مأخوذا كأنه لم يكن في مكان .
21
قال لهم :
"بيني وبين الغابة مسافة
بيني وبين الأسلحة مسافة
بيني وبين القطيع مسافة ،
وبيني وبين الله نص مكتوب
لا يخرج عنه ولا أخرج عليه"
وكانوا يسمعون ،
وكانوا يرون .
22
الشمس وحدها ،
تستطيع أن تقلد شمساً مثلها .
23
أما أنت ،
فلك أن تحاولي تقليد النوم،
فيما تفقدين شهية المساء،
تنتابك رعشة المباغتة،
وأنت ترين الكائنات مبهورةً
تهرب إلى أحلامنا .
24
يظفر بك الملك
وتأخذك الطبيعة قهوة لسهرة الأسرى.
تتوهجين في غابة تحرس سريري وترصد أحلامي ،
مثل شمس تفضح الثلج.
25
أيتها الجنية ذات الوبر،
تلذ لك أكثر العروق توتراً وغروراً لاختباره،
فيما يلامس كنزك المكنون،
متصاعداً في شهيق الكبت.
لماذا تجلسين هناك في عرش المكابرة
وتتركين شخصاً هملاً في العشق،
ترتعد فرائصه كلما تذكر مليكةً
تكنز فضتها في قصعة الجسد،
وتلهو بالذهب منهمراً تحت شرفتها.
26
هذا جسد ينتحب إليك ،
و روح تتفصد مثل ندم نافر،
وأنت في عفة الإسطرلاب،
تسألينه عن الطقس بروح ضائعة
وجسد يكاد أن يذهب.
27
لهن مجامر هناك،
ما عليك إلا أن تدس حديدتك الباردة
لكي تنال السفود.
28
قلت له في تاسوع النص :
أجل جسدك لليل آخر ،
أجله ،
لئلا تصاب بالمراثي .
وكان قد حمل جسده وذهب في مديح فادح،
لم يكن يسمع ،
فللجسد سلطة على الشخص ذاهباً في حسرات الروح ،
كمن يلبس قميصاً ويضع الريشة في العروة
ويبالغ في التيه،
مثل كتيبة الفرسان،
تذهب إلى المبارزة بثقة القتل ،
وتؤثث الطريق لئلا تفقد أثر التيه.
29
قيل إنها مليكة من الجن
متماهية في قميص البشر.
تخلع طبيعتها مثلما ترفع العباءة عن الرأس
ليخرج الجسد من ليله.
30
قيل له :
لقد غرر بك أيها الذئب الوحيد.
فثمة من يلهو بكتابك، يضع لك الملح في الجرح(49/448)
ويؤرجح بين الوهم والحلم .
قيل له :
لملم شظاياك وارجع إلى نفسك،
زين وجرك بوثير الوحشة وترف العزلة.
قيل له :
إرجع إلى قلب الكهف ، أرأف بك من وهم الحب .
قيل له :
إرجع إليك ،
تطمئن بأن أحداً لن يفسد عليك نفسك .
هناك .. حيث أنت وحدك ،
إرجع،
حلم مستحيل أكثر رأفة
من شبح مستفحل .
31
سماه جسدا
وبذله لمشارط النطاسين ،
لا يحيا ،
ولم يقدر عليه موت ، ولم يكن حكيما .
32
وحده في ليل النص ،
تتقاطر حوله مخلوقات ترفل في هودج اللغة.
يبتكر أحجارا كريمة ،
يصقلها نحاة يسهرون على كلام الجسد .
33
رأيت فيك الجنة الخفية
رأيت، مثل الماء في قميصك ،
مليكةً ترأف بالرعاة
كي تفتك بالرعية.
34
جنة الزجاج ،
جنة أن تسكن خارجها .
35
أنظري كيف يطفر النحيب من جسدي مثل الحمم المذعورة،
فلتكن لديك البسالة والحكمة،
لكي تصدقي أن للشخص يوماً يموت فيه بهدوء العشب،
وهو يفصد الطين بغموض المصادفات،
فلا يتاح لك الوقت لترى أين يكمن الحب ،
في الحياة أم في الموت.
36
سيكون لطفلك أطفال ينحتون إسماً للجسد
ويصقلونه بالمعادن، جسد لا يهرم ولا يشيخ .
يصاب فجأة بالعطب ويمرض ويهلك،
وتظل الروح نشيطة في هيكل يئن.
وحين يموت،
تسمع لتصاعد روحه وقعاً
يشبه تقصف الذهب تحت حوافر الوقت.
فاعلم أن لطفلك أطفالاً يأتون من الكتب ،
و إلى الكتب يذهبون .
37
طفل متروك في البيت، تجرحت حنجرته ولم يسمعه أحد.
غيمة تطل عليه من النافذة. كف عن البكاء وطفق يرتب الوسائد للنوم، ليل نازل والأحلام في انتظاره، يجدل من حرير الستائر طريق الأعماق القصية. الليل نازل والأحلام في انتظاره.
38
غابة أم بشر،
الوجوه التي تأرجح أحداقها في زجاج الفضاء ،
بهجة أم كدر.
39
قيل جسد ،
وقيل إنه تركة أسلاف يطغون حتى منتهى البحر ،
أسلاف ادخروا إرثاً يحبس الدم،
وقيل إنه الحجر القديم،
ينهرون فيه زجاجاً مصقولاً بزفير الناس،
جسد يكتب جسداً
يقرأه جسد آخر .
40
تشهتك أعضائي و اشتهاك دمي(49/449)
وتهدج بك القلب مثل بكاء الكواكب.
41
تذهب إلى شهوة الناس ويظل وحده،
فيضيع مفقود الجسد، مهدور الروح.
وفي الليل تبدأ الأحلام في العمل،
فتعود وحدها إلى بيت شاغر ،
لتعرف أخيراً أنها لهت به وضيعته.
42
يجهش كلما استدارت به المصادفات نحو بيته الأول.
حيث التجربة المشحونة بأخطاء الخلق وطفولة العمل.
يدس يده في عتمة الجسد، كمن يستعيد حياته بالحواس كلها،
لئلا تفلت الصور من عينيه .
هذا شخص يجهش في التجربة مثل خالق يهندس خلقه،
شخص يحتضن أخطاءه ويهدهدها لكي تنام وتحلم .
ثمة أخطاء تحلم مثل الشخص.
43
تلعبين بي كملكة ،
فيما أسأم مجد العبيد .
44
سميتك وردة الندم.
يضعك العاشق في قدح نبيذه وهو في عربة الوقت.
تضعك العاشقة عند وسادتها وهي في هودج الحلم.
يزين بك الفرسان عروة قمصانهم ذاهبين إلى المبارزة ،
و أضعك مكان الروح من جسد الجبان.
45
ثمة نحيب يقرأ فهرس الندم .
وغابة تمنح بكارتها لمن يفضح الشمس
في ليل كامل من العمر .
46
تارةً ممزوجة لي بالزبرجد والزبيب ،
وتارة يبكي على قلبي وحيد الفقد ،
والندماء ينتخبون أقداحاً معي .
أبكي كشخص غائب يمتد من شغف ،
ويرتجل الهواء .
47
جالس هناك،
يفرك حريته ببلور الصحراء، فتستيقظ حواسه كلها ،
وكلما سمع عن عبيد ينالون أحلامهم ،
يشغف بمن يضع يديه على حجر ويشعل به بركان الرفض .
جالس هناك ،
يرى المستقبل ، كما يلمح ضوءاً تحت عقب الليل ،
فيتحصن بنص يخذل الكلام.
48
سيكون عليهم تنظيف التاريخ من الدم
سيكون عليهم غسل كلامهم من الكذب
سيكون عليهم تأنيب القتلى في كفن مستعمل
سيكون عليهم تحرير الصمت من الأحجار
سيكون عليهم أن يعتذروا لبكاء امرأة مكبوت
سيكون عليهم سرد القصة من أولها،
منذ المتن والهامش و الحاشية ،
ويكون لنا حق الدرس .
49
يقف في بهو الكون وحيداً ،
ليس ثمة هواء،
عيناه محتقنتان لفرط الهلع و رئته تضطرب،
تكسوه زرقة الليل ،
وكلما حرك حرفاً إنتابته المعاجم وتبادله النحاة.(49/450)
50
قيل .
فلما احتدمت حالة الاحتقان،
سألت الصخرة صمت الجبل وكادت أن تدفعه في تهلكة الكلام،
ولكنه أحجم واستجم في غيبوبة الكيمياء.
قيل ،
فلم يعبأ الأسلاف بأحفاد يعقون ويجحدون وتستحوذ عليهم شهوة الشمس. فاختلط على القاطن والمسافر مشهد الناس. أحجار تلبس القلانس وحيوانات تتقمص طبيعة البشر، يضطرب لهم ميزان الكتب،
فيجتهد الكسلى بتثاؤب المصدورين،
وتجود قريحتهم بالفاسد من الفتوى
والمعطوب من العقل والعاطل من طبيعة الجسد.
51
يخب في ثوبه قراصنة النوم،
فيسمي لهم الهبات ،
يؤجل يقظتهم، فتستفرد به الأحلام.
أولئك القراصنة المباركون،
نذروا زنودهم لمجدافه المصقول بالموج والملح.
يزعم لهم الاكتراث والتريث،
ويفسد عليهم نعمة المبادرات.
52
لماذا أنت متماهية مع الحلم
لماذا يصح للحلم أن يتحقق و أنت لا
لماذا يصح له أن يرأف بسعاته و أنت لا
لماذا يظل الحلم ماثلاً في طريق يطول،
وأنت تقدرين على إعلان الوهم في الوجه.
دون أن نقوى على تبرئة الحلم منك .
53
وكلما وضعت يدك على حجر ، انتفض ،
وأخذ طبيعة الطير وشكله.
حجر يمتلك الفضاء ،
تارة في مهارة الريح ،
تارة في رشاقة الهواء
تارة في انحدار الصقر ،
تارة في هدأة اليمام ،
حجر في الفضاء ،
ملك عليه.
54
حجر دربته كبد في النواح.
مثل نجمة سأمت وحشة الليل
رأيتك وأنت في ضراعة الماضي تحت وطأة الغياب
رأيتك، لعلك تأتين في ريشة الريح.
رأيتك، لعلك ترين روحاً مأخوذةً بك وحجراً في بريد الجنون.
فها نحن نجلس في قرفصاء الطريق.
نتصاعد في زفير الحجر، لا الماضي يذهب،
ولا المستقبل يجئ.
55
رأيت النهارات تغفو ،
و الطين تحت العذاب .
أيها الفارس الرخو ،
هدهد لأبنائك المترفين بأشلائهم
علهم يصبرون قليلاً على الموت
باسم الكتاب.
56
لا تشبه أحدا سواك،
فالظلام الهائم في جهامة الحبر وزهر الخشخاش،
متصاعد في بياض ذاهل، أكثر كآبة مما تزعم ،
وحنين القصب ،
بناياته الصقيلة ،(49/451)
أكثر بسالة من يديك المرهقتين لفرط العمل .
وزرقة النوم الزاخر بالكائنات،
ودهشة الحلم في همل الليل ،
أكثر فصاحة من نصك الأخير.
لا شيء يشبهك .. سواك،
ولا أحد.
57
لم يكن الحوذي غير شبح يذرع الغابة
مؤثثاً مواقع أقدامه بانتظارات فادحة.
يقود عربات الليل، عبر الحانات، نحو أكواخ الساحل ليغوي النساء برجال أصحاء يمنحونهن نسلاً من صغار الطغاة ،
يزخرفون السهرة بملهاة الحكمة، وبغتة يكبرون.
قيل إن الحوذي هو نفسه الحصان، وقيل إنه العربة والحانة والنساء وطغاتهن الصغار. وأحياناً يكون هو الرجل الغريب،
تصادفه الأشباح والساحرات في منعطفات الغابة،
تطير في وجهه حيوانات مجنحة بالمخطوطات،
يتقمصها ويعود في هيئة حوذي،
يزعم الحكمة وبلاغة البوح .
ثمة أخبار بأن الغابة لم تعرف عربةً أو حوذياً
قبل أن يشرع الشاعر في رسم هذا الكتاب.
58
يصغي معها للصمت وقرينه،
يهدي لها أحجاراً نادرة في هيئة المخطوطات ،
وما إن تقرأ الكلمة حتى تطير مثل شهوة الليل ،
تباغتها نار فاضحة .
59
هواء نادر،
تصطاده بشفتيك وحنجرتك،
شحن به غرف الصدر وشرفة الروح،
لكي تهمس الكلمة.
قليل ويكفيك.
تزرق أحداقك بعتمة الصمت لكنك ترى.
تلبس الجبل مثل خوذة وتهجو الحروب
متقمصاً موهبة النهر وطبيعة الشجر،
يتقصف في وجهك النص والطريق
لكنك ترى .
60
يجوز له أن يكف عن شهوة المرايا،
فقد سئم ثرثرة الزئبق .
61
وصف لها الحياة ، فقال :
(ضوء صغير بين ظلامين)
62
شمس تفتح عرشها للقتلى،
أجمل من يحكم هذه الأرض ،
قتلى مضرجون بالزرقة وشظايا الأكاذيب،
والشمس عرش لهم .
63
الأيائل أيضا،
تزخرف الذاكرة وتهب الطرائد موهبة النسيان
لكي تضع أظلافها في الفخ مرتين .
64
لإسمه دلالة الحكمة ،
وليس للغته فهرس ولا قاموس.
ترنح مرةً ، وقيل إنه تقمص ميزان الذهب ،
فاشتعلت الأقاصي بمعاصيه ،
ولم يعد قريناً لسواه .
65
هذا كتاب لك ،
يقرأ عليك.
66
له عندها ذخيرة منسية منذ طفولة الذهب،(49/452)
له القميص المهتوك من الكتف ،
وله الكتب، يؤلفها تفادياً لحشرات الضجر ،
وله النوم المكتظ بهيبة المعصية،
وله الخجل ونهضة الليل.
67
قيل لها : يا خديجة
يصير لك ولد يغرر به السجن والنساء،
تفقدينه مرتين،
مرةً في شهادة أقرانه،
ومرةً في شهوة شعره.
ويذهب عنك مرتين،
مرة في امرأة تفتح له هالة الكتابة،
ومرة في جنون يزج به في هذيان النص.
يخطئ انتحاره مرتين،
مرة في صديق يفضح الليل بعينين محتقنتين
ومرة في جنية تشك في جنس الناس.
68
قيل لها : يا خديجة
ينال منك فتاك الغريب وأنت في خبيئة انتظاره،
كأنك في حضرة احتضاره، ينال منك بموته الطويل.
قيل لها ،
وكانت في التجربة، تفقد الولد فتمنع زوجها عن الجسد
حداداً في المحنة.
قيل لها،
وكانت في حضرة القتلى كأنهم يسمعون.
تربط القميص في الضريح ،
وتبذل حلمها لزعفران المحو .
قيل لها ،
وكانت في مأتم الناس، تصب الدمع في الفناجين ،
لتوقظ في أكبادهم حسرة الفقد.
قيل لها : يا خديجة ،
ينحسر عن ولدك أخوته التسعة
ويظنون لك الظن بأن الذئب يسميهم شخصا شخصاً،
تنساهم الكتب
ويتذكرك الناس.
69
قيل لها : يا خديجة
تقرئين وجه قاسم ،
وترين يوسف ويونس وسليمان.
ترين فيهم الأسماء
مثلما تشمين الدم في القميص
والجسد في الحوت
وتسمعين سيد الكلام .
تغسلين المخطوطات بالقهوة وزفير الصلاة.
70
قيل لها ،
وكان كأنه يسمع ،
وكان كأنه يرى .
لا ينام إلا ويداه في الصلصال ،
ولا يصادف غير الكوابيس.
وفي الصباح
يخرج في صورة تتمجد به
و تغتر.
71
قال يصف لها المستقبل :
تفتحين قناديل جسدك لرموزي
وتقرئين الكتب
وتخطين المخطوطات
وتصيرين لائقةً بي .
72
قيل ،
فلما فرغ الخالق من سرد أحلامه على الخلق،
نهض رهط يريد أن يطرح تفسيره في الناس،
فطفق الخالق يشيح بيديه المتعبتين متثائباً ،
يهمس لمن حوله، لكي يصل الكلام للرهط وغيره :
" ليكن يوماً آخر ،
أما اليوم فقد أخذ مني التعب مأخذا ،
ولابد لي من الراحة "(49/453)
هذا يوم يرتاح فيه الخالق
من خلقه .
73
شكرت الخليقة في الكتب ،
أن الخالق نام عن شهوة الشرح في خلقه،
وترك للناس باباً يسع الأرض والسماء،
باباً يذهب فيه الناس إلى التأويل من كل جانب
بلا سلطة ولا تخوم.
شكرت الخليقة ذلك للخالق،
وصَلَّتْ إليه .
74
نطلع من ظلمة كهف يموت،
من المنتهى وهو يبدأ
من سيرة الطير و العنكبوت.
75
نتلابس، نتجاسد، نتداخل ، نتخارج.
مخلوعة لي ، مخلوع عليك ،
تقرئين في وجهي دم قاسم ويوسف ويونس وسليمان،
وتكتبين الحريق في دفتر المحو .
76
قلنا لهن :
إن المسافة بين الذبيحة والحلم مردومة بوهم المكاشفة،
مثل رعية تضع عنقها في ربقة البهيمة وتهرب،
مرصودة بالليل.
ليل كثيف مثل بهجة النوم،
ليل يزعم أنه الهواء فيما هو القيد والقبر والقرابين.
قلنا لهن :
تشبثن بفلذات الأكباد.
فليس من يذهب إلى صلاة، كمن يذهب إلى القفر
في ضباع مفلوتة ،
ليس من يتذرع بجنة المسافر كمن يتدرع بجحيم البيت.
قلنا لهن :
وكن إذا انسلت من بين أيديهن ريشة ، طارت ،
وصارت وشاحاً يستر العاشق ويفضح غيره .
قلنا لهن :
و كن في الشهوة .. مثلها.
77
ثم أخذ يصف لها يديه ،
وهو يغسل الماء بالكلام :
" ما وضعتهما في كتابة إلا و أصابتني النيران،
كزعفران يصف الشهوة ".
78
قنديل في زجاج يشف عن ذبالة ترتعش
بحركة الروح في الأوردة،
وكلما انتخبت كأسا
اضطربت الزجاجة واختلج القنديل
وبالغت المليكة في الفتنة.
79
شهادة الليل عليه :
"جميل ،
مثل غريب يدخل البيت فيضيئه ".
80
أما أنت ،
أيتها الوحيدة في شرفة الليل.
فعليك أن تثقي بأن الإسطرلاب الذي تزنين به الحب،
لم يعد قادرآً على مجابهة الوحشة،
ميزانك يضطرب ولا رجاة فيه، ولن يأخذك لنزهة النوم.
81
جسد شاهق مثل هذا، كفيل بنفسه
يختبر النيران وهي تعبر غير مكترثة بهذيانه،
جسد يجابه العصف مثل قتل مؤجل
وحياة في الحسبان.
جسد كفيل بيقظة البراكين ،
تحرسه الفراشات ويطاله الملاك.
82(49/454)
وضع كأسه على طاولة الليل ، وصب فيها العذاب كله،
وعبها حتى البلور، ثم أخذ يطرح الكلام في سهرة الطاولة:
لست ماء الملك
لكن نبيذ العبيد .
83
صب العذاب ثانية وعبها،
ولم يزل ،
نفس الليل في الطاولة ،
و العذاب نفسه.
84
تكاسرت المعاجم عليه،
ففتح نافذةً على السديم وأنشد رافعاً جناحيه تمجيداً :
هذه كأس تعلمنا الكلام.
85
أحجار تتدحرج في الحناجر، وتضرع في زرقة النوم،
تتهدج وتزيح أستار الروح.
لوعة الولع في أحداقها، وكلامها نار المواقد.
ترسم أطفالا يقصفون الطرقات بأقدامهم النزقة،
ناهضين في يقظة الجنون.
86
بيت له موهبة النوافذ والأبراج ،
بيتك ،
الذي كلما افتر ثغر الطريق عن عابر،
اندلعت ضحكات البهو .
بيتك،
فاترك الباب موارباً.
ثمة كائنات آتية للزيارة .
بيتك مكان يباهي به الكون،
وتقلده هندسة الفراديس .
87
ها أنت ( أعني أنا )
في ضياع يسمونه الوطن .
هل كنت تمنحين الوطن زفير الحب
وتسمين القبلة بريد الجسد.
يأخذك الوطن عن الحب وتغفلين عن استلام البريد.
ها أنا ( أعني أنت )
في العشق وقرينه.
أسمي لك الأسماء بعاصفة المجنون وفصاحة الساكن.
وأنت خارج الفصول.
ها نحن ( أعني أنا )
أتجرع لك اليأس وأقول انه الأمل .
88
نعسف بالجغرافيا الآن ونحتال على الكيمياء بالفضة،
فلنذهب إلى فلسفة المقهى،
ونحتج على سقراط كي لا يشرب الزرنيخ تمجيداً لهم،
ننسى ونستثني قوانين الهوى من سلطة الميزان.
نبكي عند فيثاغورث حتى مطلع الحب.
89
صمت يصيب أعصابه بالعطب.
حرك جفنيه بتثاقل الحذر،
خشية أن يصدر عنهما صوت كفيل بإيقاظ البركان
في مدينة الكذب.
90
هل أنت سفيرة تسبق شعبها بشهوة العشب،
تفتحين له الأرض وتشعلين قناديل الذاكرة ..
لكي ينسى ؟!
هل أنت تاج تصقله المدائح ويقود الجيوش
لجسارة المعنى وبسالة العشق.
من يطلق الأسرى إذن وبين يديك ينتخب العبيد نبيذهم
ويزدهرون .
91
هل تذكر الحديد ،
تصبه في آنية الشكل،(49/455)
وتنهرني لكي أسقيه ببغتة الماء ليصير أكثر صلابةً منك ،
فيصير.
هل تذكر المآتم
وهي تستعيد لنا تسعة قتلى
نتأكد في كل موسم أنهم لا يزالون تسعةً
ويزيدون تاجاً عاشراً.
هل تذكر البحر
وسيرة الشخص في التجربة،
كلما كان السرد فاتنا
كانت الخسارة أكثر فداحةً من السفر.
92
يرخي بلاداً ويصقل أعضاءه
واحداً .. واحداً كالمساء.
قليل ،
ولكنه قادر أن يضلل بوصلة الناس،
ينسون أسماءهم ،
علهم يخرجون قليلاً عن النص
قبل السماء.
93
مشيت في الناس مثل شبح يكرز للموتى ،
أن قوموا من ليل الوهدة ،
أن رقوا لنحيب القلب .
أمشي في ليل نداماي،
لا يسمعني غير زفير المحتضرين.
94
أسس للوعول حرية السهوب،
فذهبت في الوادي مقتحمةً شهوة النساء.
لم يضع للبيت باباً،
وليست الجسور سوى خدعة المحاربين،
لئلا يقال إن قلاعهم تتخندق بالبحر.
جعل لكل فرس شكيمةًً
وللشكيمة خيطاً أكثر رهافةً من الحرير.
ما إن يستدير وعل حتى تقوده الريح نحو الغموض .
95
وعوله ... له،
يضع جسده في مهب المحنة
ويهب الوعول طقس التجربة .
وعوله ..... عليه .
96
كم أنت عليلة أيتها الوردة ،
فقد سمعت سعالك مثل العواء ،
لكأن قطيعاً كاملاً من بنات آوى يسكن صدرك،
ويبعثن منه نفثات تزخرف الليل.
كيف لوردة عليلة مثلك
أن تصبر على لبونات فادحة
مثل بنات آوى وقرائنهن.
97
كل هذا الهزيع الأخير من البيت جبانة حولنا ،
كله الآن يمتد مثل التراتيل،
مثل النحيب الوحيد على القبر.
98
قالت له النبوءة :
سيبكي هذا البيت كثيراً
سيبكي على أحياء ،
أكثر مما يبكي على من يموت.
99
كنز إدخرت له العمر
لتراه يذهب بك ويذهب عنك ،
ها أنت تهوي من شرفة الحمل الفاتك،
السرد يلملم شظاياك
و البوح يسعفك .. لتموت.
100
كلما وضعت كفني في صديق ،
تهتكت روحي في صديق سواه.
أحصيهم في الشفق بأقل مما رأيتهم في الغسق.
سمعت أحدهم ذات ليل يهذي لفرط الفقد :
( جبانة ،
لا مفر لك منها بغير الموت )
101
و أنت في اليأس ،(49/456)
اختلجت واحتميت بالسفر ،
ليتولاك البحر بالأزرق والأخضر واللازورد،
بالحب حتى يؤنس وحشتك.
ففي حقائب المنعطفات ترك لك القراصنة المكتشفون
رسائل تدفق الخدر في الغريب،
وتبشر بما يجعل السجن سواراً يعصم الشخص من أحلامه .
و أنت في اليأس، تشقى بما يجعل قميصك
هزيمة الأكاذيب وفضيحة الدسائس.
وأنت في اليأس ، يحسبون صمتك صريخاً عليهم،
وهمهمتك دخان البراكين.
و أنت في اليأس ،
يسألونك .. من أنت .
102
مثلك لا يقف مذهولاً مفتوح الجراح في الليل
مثلك يكتب الكلام للقلب،
مثلك يمنح الحلم للجسد ،
مثلك يرصد الموت وقرينه،
مثلك يغرر بمن يغفو كمن يشرب زجاج النسيان.
مثلك يضلل المعنى و يفتح التأويل ويقود الغيم للبحيرات
مثلك يجلس في الأقاصي ويصغي للباقي من الروح
مثلك يقرأ البحر ويرشد البوصلة ويسأل المراكب
مثلك يصلب في الصارية
فيفضح النص.
103
تضع يدك في النار
لا لتعرف الطقس ،
لتتفادى الحريق ،
فتصاب بالبركان .
104
كلما داعب الأصدقاء جراحي
تماثلت للموت .
105
تريث قليلا قبل أن توصد الباب،
ثمة ملائكة يأتون للزيارة ،
فابسط لهم جسدك لئلا يصير خزانة النطاسين .
106
مبذول لعبور الضواري ،
السجن نزهة لك، والقبر حصنك الأخير .
هل أنت فزاعة المدينة ،
ترى في الرمل المذعور جيوشاً مخذولةً ،
تصقلها وتقودها نحو البحر ،
لتفتح الساحل أمام تجار يتماثلون،
وبحارة ينسون عادة الأعماق،
فيصابون بخناق الماء .
107
أرقد هناك أيها الطفل ،
ولا تأخذك إلينا شيمة التجربة،
مكانك في راحة الروح وصحة الجسد.
آتيك أينما كنت ،
ارقد هناك ، إلى أن ينسى العسكر فهرس المحنة.
108
سميت لها الموت غيابي ،
وتذكرت لها النخيل الكثيف يغسله المطر قبل البحر.
وكنت أحصي لها أخوةً لي يموتون قبل الأوان.
وكنت أمضيت ليلا كاملاً أنسج لها قميصاً،
لعلها تغفر لي ذلك الموت .
وكنت أسمع بكاءها المكبوت ،
تموت متظاهرة بالنوم.
109
كأنه يسمعها الآن ،
كأنها بين عينيه وقلبه.(49/457)
( إذهب بعيداً لكي تأمن العسف)
فيذهب طريدا
يترنح تحت وطأة النبوءة.
110
ها هي المرآة) قيل إنها الذئب وقرينه )
تغري بسهرة الزئبق،
وتكبح الحب بثقة العانس.
حيث بوابة الجسد (قيل إنه القلب وقرينه)
منجم يكتنز بالمحتملات.
هاهي، تخدع الغريب بماء الشهوة
( قيل إنها الخلق وقرينه )
لتلهو به.
111
ذاكرة الذهب ، تمنح الحديد أسرار الكيمياء ،
وتنصح بنسيان المستقبل.
112
وصف لها الليل ، قال :
حياة زاخرة بدواعي الندم ،
لو أنها كرت ثانية لما فررت،
وما تفاديت ندما واحداً منها .
113
وكان أن صادفه شخص عابر،
نصحه بأن ينسى ، ويكف عن المستحيل وقرينه.
لم يصغ لوشاية الشخص،
قال : أتكفل بنفسي وأعود بها إلى الذئب .
114
يجفل عائدا وحيداً إلى الكهف،
ملطخاً بالتجربة وينتحب :
يجب أن يسمونه القتل، هذا الذي يدعونه الحب .
115
لشخص يفسر أسماءه بالجنون ،
لأطفاله ،
للأيائل مغدورةً ،
للخفي من الأصدقاء
يعودون للكشف عن عريهم.
لأطفالهم ،
يسألون عن الحب و القتل
ينسون تفاحةً ، ويستبسلون ،
لعينين لا تشبهان العيون.
116
ترى في كل نأمة أملاً وتمدح اليأس،
وفيما نرميك بالكارثة، تقاوم نسيان الكتب بذاكرة الذهب.
تضع جسدك في مهب العربات الطائشة،
وتسمي كل عربة ضارية
وردة التجربة.
117
قيل ،
فلما اشتبكت الأيائل بالقرون والأظلاف،
واشتعلت القرى بشهوة المدن،
تماثل الشخص لشكيمة الحيوان،
خارجاً عن طبيعته، فاتحاً نهر الناس،
لعله يروي حقلاً يوشك على الصريخ لفرط العطش.
قيل ،
ولما تسنى للأيائل الكلام، بين مأدبة البحر ومأتم التميمة،
لم يعد للكلام أثر ولا قيمه .
قيل ،
فلما سمعت الغابة الوعد والوعيد،
ورأت ما يسد الأفق على الأمل،
و هجست بما يبعث اليأس في الصمت.
كشفت الأيائل خبيئة الجبل.
وكانت الأيائل قد قالت الكلمة.
قيل ،
فلما اطمأن الشخص لنجاته من شهوة الناس،
هرب إلى ظاهر النخل،
و عثر على ما يجعل الغابة أكثر رأفة من النوم.
قيل ،
فلم يعد الكلام.(49/458)
وكان أن سمعت الأيائل نشيد الفقد في ثقة المهزوم،
سمعت من يكرز للجرحى بحتم الموت،
سمعت صوتاً يفتك بالشخص والمشهد .
قيل ،
فلما أتيح للأيائل الوقت، تجرعت شوكران العصيان،
ففتنت بها الساحرات وهي في حبستها
توشك أن تنسى عادة الليل،
قيل ،
فدفع الليل بمخلوقاته لئلا يستفرد النحاة بساحرات
يتخفين في قطيفة الذئب ،
متماهيات بأشكال الخمر والقوارير.
قيلً ،
ولما كانت الأيائل تتهجى كلامها الأول،
كان بينها وبين زهرة النوم نهر
كالمسافة بين القمح في الحقل والخبز في نار البيت،
ثمة شباك رهيفة تمنع التلال عن ليل النبيذ ونشوة الجسد،
شباك تكتشف فجأة أنها الشباك.
قيل ،
تلك أيائل زهزه لها النحاة
بالفعل منصوباً
و النص مصلوباً ،
فاستعرت النيران في أحشائها واشتبقت الأكباد،
وأخذ الهياج يقود الطبيعة
حتى شغرت السهوب.
118
وصف لها يديه :
ليستا لي ،
فلماذا صرت لشخص يقصر عني ولا يطال).
119
أصغيت، كمن يتهدج ضارعاً ،
لكلام الصخرة المشتعلة على هاويه .
120
أصغى لوعوله في النشيد :
) نحن مروجو اليأس والنقائض،
فتية نعق ونجحد ونبطر ونبالغ في التيه
ولا أمل فينا .
فينا اليأس
اليأس و المكابرات،
ولشيوخ الأمل أن يتقفصوا عليه ،
وهو يكتهل في غفلة اللغة ، فلا يقشعر لهم بدن ،
ولا هم يذهبون .
121
وعل هزمت قرونه الريح،
يستخف بصخرة الجبل .
122
وصف الموت للحياة، فقال :
) هو أن تكون مواجهاً الأرض بوجهك،
ومديراً لها ظهرك في آن .
123
نار تكون برداً وسلاماً عليها،
امرأة سهرت ليعود أبناؤها من الدرس،
تذهب مرتديةً قميص النيران.
جنتها تنتظر،
ويتفاقم لها الجحيم .
124
في الظلام امرأة وحيدة،،
تعرف أن ثمة شخصاً وحيداً مثلها في مكان ،
لا تخسره و لا ينالها ،
فتلهو به ،
كمن يرسم الشجرة في عاصفة .
125
تتسابقان ،
نهايته وخاتمة النص .
ماذا سيفعل أحفادنا بمخطوطات الأمل والكتب الناقصة.
126
خالجه يأس من يرفع جبلاً من قاع البئر.(49/459)
مستعيداً ماء يسعف الحنجرة ويبرئ الفؤاد.
يدير بصره في عتمة المكان.
فيما الصمت كثيف،
والخطأ أجمل من الصواب.
خطأ في هيئة الصمت.
يحس به الشخص ويلمسه
وهو ينداح ببطء كدخان ثقيل
يلوب في فضاء محبوس.
127
يختلط عليه الشكل ،
هل قدح أم قصعة أم قارورة.
يأخذ شكل الخمر وسرها ،
هل ماء قديم ينحت الشكل على الهوى و المزاج .
هل الخمر تخدع الزجاج ،
أم أن للزجاج سلطة الرؤى.
128
تحتضن الأم أطفالها
تصقل معاصمهم لحديدة الوقت ،
و تؤهلهم لتبادل النوم
في النص
و الصاعقة.
129
جئت ،
جئت، ولم يكن أحد هناك.
130
كتيبة الأيائل
ريف يحزم المدن .
كاتبها سيد الجبل
وخبأ لها مباغتات وسهوباً مثقوبةً ومنحدرات ،
يتدهور فيها قليل الخبرة والطائش
وربيب المحنة.
131
لك أن تسمع الباب في هودج النشيد.
تسمع هذا الصوت في ليل الحرير تاجا يتصاعد،
مثل اللهب في شهوة التجربة.
تسمعه، فتنتابك شهقة الصقر وهو يتعلم الهواء على هاوية،
وأمه تحلق أمامه،
تغريه بحنان الريح .
132
من مات قبل الطقوس له جنة
ومن لم يمت.. لا يموت،
بكينا له
عله يخدع الموت من أجلنا
علنا نحضر العرس في مهرجان البيوت .
133
قيل له :
"لا تقصص رؤياك لها، فلا هي تفسير لك،
ولا تتيح لتأويلك حرية البوح "
سمع الشخص الكلام، لكنه وقف في نهاية الرواق ،
ينتظر طيفها العابر ، يصغي إلى نفسه وهو يسرد الحلم،
كمن يستمع لشخص بتقمصه ،
يغويه وينتصر عليه.
134
بينهما ،
يمكن للضغائن أن تزدهر،
والعناق على أشده.
135
حانة المدينة
ثديان مليئان بغيوم وغيبوبات،
منهما سوف تشخب هذه السهوب
ويختض صعيد الأرض المغدورة.
يتأرجحان مثل قرب مذعورة.
حانة المدينة، أقداح مبذولة لجنون الأنخاب
و احتدام الندماء ،
في عراك يشحن الصدور بأحلام المنتظرين.
136
لكن ،
شمس واحدة لم تعد كافية
لنهار كئيب مثل هذا .
137
قصعة اللغة متروكة تحت عقب الليل،
وأنت تلهين بي ،
يقودك مزاج المهرج و حكمة الحاوي.(49/460)
وحدك في الليل ووحدي للنهار.
واللغة في همل القصعة ،
تحت بخار الشبق وزفير العفة
نتبادل أدوار الخسارة ،
وننسى .
138
كلما فتح كتاباً قرأ لاسمه إسماً آخر،
تقتسمه القواميس
وترثه المعاجم.
139
يعتزل ، يقعد عن الحرب ،
لكنها تأتيه،
دائماً تأتيه .
140
وكان حين يدرك روحه النعاس، يودع أصدقاءه
ويموت على مضض.
141
الحب أيضاً طريق للموت
الحب أيضاً زهرة للخسران
الحب أيضاً جنة الفقد
الحب أيضاً حديدة الغريق
الحب أيضاً هندسة الخاتمة
الحب أيضاً
ذريعة الضغائن .
142
وكنت أموت أحياناً .
143
لا أحسن الذهاب في الخريطة،
فلا أنا مسافر ولا مقيم،
وليست الأمكنة غير أغلال
تكبر كلما صقلها الرحيل .
144
كليم الماء
جرحه ليس له ،
جرحه عليه ،
سماه جسدا ،
وكان بين حديد يتغرغر بماء الشهوة
وحديد يصدر عن جحيم التجربة .
145
والذي حك رسغيه في صخرة الليل
من أين ينسى ؟!
146
كلمات يؤثث بها القبر،
مثل شخص يمنح نفسه مديح العرس.
147
يغمض عينيه ليرى النص بقلبه،
ويهمس مثل صلاة :
(أيها الموت ..
يا حبيبي)
148
بغتة يعترف الطفل بأخطائه
وصدفةً يموت،
تكترث الذكرى بأسمائه
وتغفل البيوت.
149
هذا ليس موتاً ،
إنها مثابرة الغياب .
150
يخافني الناس لبشاعة الظاهر،
و أخاف الناس لبشاعة الباطن.
151
نحيل ،
ينام تحت جلده، مثل ملاءة ،
ويفسح حيزا لأحلامه.
152
كلما فتحت شرفة على الماء،
اندلعت اللغة مثل قميص يبكي جسداً.
153
أيها الحزن،
يا حزن، يا حزن،
بالغت بالنصل
غيبتني في الهلاك.
ويا حزن يا منتهاي ،
انتهيت،
و أرخيت عيني لليل
كي لا أراك.
فيا حزن يا حزن
ماذا سيبقى لنا ،
عندما ننتهي من بكاء البقايا ،
سواك ؟!
154
نقلت روحي من النص للحاشية ،
وهيأتها لاحتمال الغياب،
كأن الكتاب،
سيمنحني ناره الفاشية.
155
يقول لنا ، كأنه يصغي :
( الخاسر، لا يخسر شيئا )
156
خارج من غيمة ،
وثلاث حالات من الكابوس ، تتبعني ،
فأقداحي مصادرة ، وليلي شاحب ،
ونسيت من يغتالني ،(49/461)
فتركت نومي شاغراً ،
وزجاجة الميزان تغريني بموت صامت ،
وعلي أن أختار
بين عدوى اليومي والخصم المؤجل.
هارب من غابة ،
وثلاث ساعات من المدح الكثيف ،
لكي أرى قنديلة الفتوى تؤجلني .
157
يقتسمون تفاحاً طرياً كلما استحضرت صورتهم ،
ويضفون الغيوم على سلال الرأس .
أصحاب ،
ويحتفلون في غيبوبة الذكرى بتذكارين :
وهم فاتك يحنو على تاريخنا الشخصي ،
أو أرجوحة الأحلام تمنحنا ظلاماً سيداً .
يا أصدقاء الليل ،
هل أجسادنا منذورة للنصل أم للنص ،
كي نرثي حديقتنا ونمدح موتنا ،
وننام قبل الوقت ؟!
158
نسيانهم لا يكفي
واستعادتهم من المستحيل .
159
قدحي تفيض ،
و لي احتمالات من النزوات
تاريخ الشراك وجنة الأخطاء لي
ولي النقيض .
160
آن للشخص أن يمنح النص
ما يشتهي ،
آن للروح أن تنتهي .
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> خندق قبل القبر
خندق قبل القبر
رقم القصيدة : 6410
-----------------------------------
1
..آه
!!هذه هي الكتابة إذن
!!الخندق الأخير قبل القبر
ما إن يفرغ الجميع من أشغالهم حتى يلتفت الكاتب إلى الشيء المنسي, الم- غفل المسكوت عليه, المسكوت عنه
الشيء الأخير
بعد أن يفرغ الجميع من أشغالهم
القتيل من موته
القاتل من ضميره
الحرب من طهاتها
الجندي من عبئه
الصديق من غدره
العدو من صداقته
الشعب من ضحاياه
الوطن من منفاه
يلتفت الكاتب إلى الكتابة ليراها تقترح عليه لا جدواها الفاتن ومجانيتها القصوى يلبث برهة يحم لق في البياض المرتعش تحت شهوة موج مكبوت من سواد القلب حيث زيت الجسد يتفص د مثل شمعة الناسك, مستغرقا في وهم المعبد بوصفه لانهائية
الكون
ماذا يمكن أن يقول شخص خارج توا من موت ناجز
!!هذه هي الكتابة إذن
يذهب إليها الكاتب لئلا يمنح الموت فرصة الذهب
الكتابة وهي تعبث بنا, هي البديل المتاح, كي لا يحدث الموت على مضض
وكي لا يخالج الآخرون اليقين بأن كل شيء قد تحقق, مثلما هند سه مبعوثوا الكارثة
2(49/462)
أجلس ملطخا بالأنقاض, تسندني النصال في الخاصرة, والمعول يقترحني قبرا على هيئة الذكرى
هذه هي الكتابة إذن
ولا مفر
لم يحدث ما حدث إلا لأننا جديرون به ومؤهلون
أرى إلى البياض تاريخا متصلا بالقماط من هنا, وممتدا إلى الكفن من هناك
وعلى الكتابة أن تشفق به وتشهق له
..آه
ها أنا أجلس (أعني ألجأ) إلى أضعف الأسلحة على الاطلاق, وقيل أضعف الايمان
الكتابة
وعند العرب, الكتابة شيء من نافل القول
يتضاعف ض عف ها عندما يكتبها العرب عنهم, ويتعاظم فعلها عندما يقرأها العرب .. عن غيرهم
فطر العرب على عادة القراءة (بوصفها عبادة) منذ : إقرأ
وبقي فعل الكتابة مبنيا للآخر المجهول, لكي تكون للعرب موهبة تقديس المكتوب بقراءة مسورة بالميثولوجيا
وظل لنا, أن الكتابة هامش للقراءة. وعلينا أن نتلقى ما يكتبه الآخرون علينا, نحتفي به بقراءة مستسلمة : إن كتبوا حربا أو كتبوا
سلما
وعندما يقترح عربي كتابة تخرج عن الهامش وتستجوب المتن , يظل مرشحا للضغينة
ينتظر من الكاتب العربي دوما -فيما يكتب - أن (يقرأ) كتابة غيره, لا أن يكتب قراءته هو
لذلك فإنه يبقى منفيا , لأنه يذهب إلى فساد عادة (/ عبادة) القراءة
هذه هي الكتابة إذن
تخالجني إرتعاشة الفؤاد أمام النصل الضاري وهو يفتح الطريق في اعترافات الدم السجين مكتشفا هواء الله
3
يا ألله.. هل هذه هي الكتابة حقا
أية مصادفة أسطورية تجعل الكاتب ملطخا بشظاياه وأنقاضه في آن
حتى لكأننا نتبادل أدوار الميثولوجيا, كما يتبادل الندماء أنخاب ضغائنهم في مأدبة
ثمة من إقترح علينا أن تكون عشاءنا الأخير
ترى
هل نحن ذلك العربي القديم الذي راح يهذي حتى قال الشعر
أم أننا في ذهاب خارج الشعر والنثر معا
ذهاب إلى رائحة الجسد: مغدورا مهتوكا ممزقا , ولا أمل له
في كلا الحالين هو جسد عربي, جسد تكس رت عليه أسلحة الأصدقاء والأعداء معا , بلا هوادة ولا رأفة(49/463)
رأينا كل ذلك يحدث مثل كابوس في تداع قديم, وها نحن نراه ينتقل من كارثة إلى أخرى, فيما نتمر غ في هذيان روحنا
الآن
أنظروا إلى الهذيان يغوينا بلاجدواه الفاتن, حيث يزين لنا الخروج من الهامش إلى النص من القراءة إلى الكتابة
إذن, هذي هي
لكن هل في البياض صدر يتسع
لتفجرات القلب / ليأس حزين يجهر بالحب
يا ألله
كم هو مغو
ومغر ومغامر
هذا القلب المغدور
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> وردة الذئاب
وردة الذئاب
رقم القصيدة : 6411
-----------------------------------
أنظرْ الآن ماذا فعلتَ بوردة الذئاب
تاجكَ في شفير الغابة،
لها بكَ الوهمُ وعبثتْ بأخبارك خطيئةُ الحلم
تحاجزتما بما لا يُعطى وما لا يُؤخذ
ينتابها نوٌم الشهوة و يقظةُ الهوى
فتنالك طبيعة الباسل
لتفوز بنجاة الجنون ونور الحكمة.
بينكما صمتٌ كثيفٌ مثل رعد الأعالي
تتبادلان حديقة الإشارة مثل أجنّة تبتكر البوح
بينكما الوحشُ الفاتن
بينكما ما بين النصل والوريد
بينكما خشية الفقد ولهفة الروح .. بينكما .
تمد ذراع الغريق فيطالك الموج والنيلوفر المكنون.
تحتجّ بالمكان فتصاب بالوقت... الوقت والأقاصي.
أنظرْ الآن ماذا فعلت بوردة الذئاب
أنت الذي تقمّصتَ الحيوان والطير والغابة،
آنَ لكَ أن ترفل بالحرير والنيران ورحمة العاصفة.
انظر الآن،
تاجك تصقله الغيومُ وجواشنك ضحيةُ البهجة،
كأنكَ لم تعرف الحب ولم تنتخب النبيذ
روحٌ في الترنّح وجسدٌ في حقيبة المرض
وردةٌ خبأتها في غرفة الملاك،
صارت لك آلة الماء
تضعها في عروة القميص قبل أن تذهبَ إلى النوم.
ها أنت قرين الشظايا مثل لغمٍ ينفجر بين يديك
في حضنك الموحش
في الركن الحميم من جسدك الموشك على الهذيان.
ها أنت تمتدُّ من شخصٍ يغتاله العدوُّ
وشخص تنتظره المراثي،
تمتدُّ من صديقٍ نافرٍ إلى فرسٍ تَهْشِلُ بكَ
وتضع التجربةَ بين عينيك والكلام.
أنظرْ الآن ماذا فعلتَ بوردة الذئاب.
في صحراء محكومة بالنسيان وبراكين الذاكرة.(49/464)
أوشكتَ، إلا قليلاً،
أشرفتَ ، إلا قليلاً،
أشفقتَ...، لولا فسحة اليأس.
تماهيتَ عنها بالمستقبل لتصابَ معها بالحجر الكريم .
وعندما كاد الوقتُ والمكان،
تحدّرَ الشلالُ عليكَ في البرهة النادرة،
أنتَ الذي تجرّحَتْ حنجرتك لفرط الصمت.
أنت الذي حملت سركَ في موضع الروح
نظرتَ إلى الشرفة كمن يرى إلى المستحيل التاسع.
لا أنتَ من الرعية ولا تطالك شريعةُ الناس
لكنك بالغتَ في مديح المليكة أقلَ مما تستحق
وأكثرَ قليلاً من نصيبك في نزهة القصر.
وحين تماثلتَ للموت
وضعتْ يدها على قلبك المنتفض مثل نعمة الهواء.
فتراءتْ لكَ الجنةُ وصدّقتَ أن لكَ الريحُ والجناح.
لستَ الفارس
ولم تكن الفريسة ولا علّةٌ بكَ غير العشق.
مثل شخصٍ يشحذ الكلمةَ في شرفة الخلق
يدٌ ممدودةٌ في وحشة الكون.
ها يدها الكريمة عليك،
و عليكَ الرحمة،
أنظرْ ماذا فَعَلَتْ بكَ وردةُ الذئاب. *
شعراء المغرب العربي >> عثمان لوصيف >> عرس البيضاء
عرس البيضاء
رقم القصيدة : 6412
-----------------------------------
شفق.. ولعينيك تغريبةُ البحر
يشتعل الأُرجوان المسائي
يشتعل الموج بين يديك
وأنت على ساحل المتوسط تغتسلين
الغروب وأعراسه
شذرات اللهيب على سوسن الماء
والشمس تغرق..
من أهرق الزنجبيل على نمش الرمل?
من فتت البرتقال على جمر نهديك?
من غمس البحر في عسل الصبوات?
ومن ساق نحوك هذا المتيم..?
كانت مفاتن جسمك تزداد عند التوهج
والنار تلتهم النار
كان اللقاء
وكان الجنون الجنون
آه, جسمُك فاكهة البحر
جسمك عيدُ المرايا
وجسمك مجرى المجرَّات..
أنت الحقيقة بين يديّ
وأنت البراءة تفترّ عن ليلة القدر
يا نحلة الضوء والنوْء
يا زهرة الثلج عند الخليج
ويا امرأة تنتمي فيُقال الجزائر..
لا زال خصرك يمتد في شهوة الأرض
لا زال شعرك يرحل في ملكوت الندى
وأنا المتوحد بالملح والقمح
لا زلت أرتشف التوت من شفتيك
وأسكب فوق الشواطيء
هذي اللحون
غبش النجم يغزل أغنية الصيف
فوق جبينك(49/465)
تومض لؤلؤة الشِّعر
من خلف عينيك
والليل يمزج عنبره..
بأريج الصنوبر والكلتوس..
تحل المدينة فستانها الفستقي
وتنعس تحت رذاذ المصابيح
لكن آلهة البحر تصرخ فينا
فنوغل في شبق الماء مشتبكين
ونعلن أسطورة الماء مشتبكين
يطارحنا البحر خمراً بخمر
وجمراً بجمر
تهبُّ الجذور
ويستيقظ الزمن الباطني..
لتركضْ على جسدينا الفصول
لتنمُ القواقع
ولْتتدلّ الغصون
شعراء المغرب العربي >> عثمان لوصيف >> الشبابة
الشبابة
رقم القصيدة : 6413
-----------------------------------
أتملّى جمالاتِ وجهك مغتسلاً برذاذ التسابيح
تغلبني الحال, أغرق في نور عينيك
حيث المرايا وحيث الغوى والجنون
أنتشي فتنة
أنتشي... آه يا امرأة من أريج السماوات!
من صب فيك المدام, وصاغك روحاً إلهية النبرات?
ومن مد بيني وبينك خيطًا من النار?
معذرة.. آه! معذرة إن هتكت الستاره
وفَضَضْت المحاره
فأنا شاعر ألهمته السماء فألقى على قدميك مزاميره
وأنا آية تتلظى
أنا جرس يتشظى
وأغنية تتوضأ بالدم والياسمين
من معين الطفولة أنهل
من وحي شبابة أشعلتني وطارت
وما قتلوها وما صلبوها
ولكنها شُبِّهت للعيون
آه! شبابة في لظاها تلقيت سحر الإشاره
وعلى جرحها المتفتح صليت لله
ثم حملت البشاره
ويقولون جُنّ الصبي
يقولون ضل الشقي
....................
وليكن وما يكون
موغل في الطواسين
عينان فجرتا الحب فيّ صبياً
هما آيتا دهشتي وفنائي, ومعراج هذا الحنين
موغل في التلاحين
أرفع نحوك شبَّابتي وأغني..
أغني: أنا أمة مؤمنه
تتحدر من عطش الأزمنه
تستعيد شفافية الملكوت وسحر البكاره
تستعيد الندى والنضاره
شعراء المغرب العربي >> عثمان لوصيف >> حورية الرمل
حورية الرمل
رقم القصيدة : 6414
-----------------------------------
وقفت حورية الرمل تغني..
عاريةً
فرشت وردتها
قالت: تطهر بالخطيئه
فطرة الرمل بريئه
وهُراء ما رواه الراويه
وتعريت
تقدمت إلى ينبوعها الطهر
بعين غاويه
قلت: ماذا?(49/466)
وتنشقت حنين اللهب الأول
ثم قدمت القرابين
ومرغت دمي في الساقيه
آه!
يا كوثرها العاشقَ..
يا نهرَ الغزل
واللحون الصافيه
رقرِق الخمرة فوق الرمل
رقرِقْها.. ودعني أغتسل
فيك
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> كلمات الليل اليافع
كلمات الليل اليافع
رقم القصيدة : 6415
-----------------------------------
1
لسنا جزيرة،
إلا لمن يرى إلينا من البحر.
2
الخمرة في نصف القدح،
نصفه الآخر لم يكن فارغاً،
كان في النشوة.
3
أن تكتب،
هو أن تتنفس هواءً غير مستعمل.
4
أغبطُ الذين في النوم،
لفرط الثروات التي بين أعينهم.
5
أكتبُ عن الحب،
مثلما يرسم الطفلُ إنطباعاً عن الحلمة.
6
حلمٌ مستحيلٌ أكثر
رأفةً من الوهم المستفحل.
7
الستارة على النافذة،
حاجبٌ أكثر سطوة من السلطان.
8
الاناء، بين الماء و النار،
تحريضٌ للهب.
9
كان يحصي لي الأصدقاء على أصابع يده،
فيما بعد، رأيتُ كفّه بلا أصابع.
10
الحُكمُ
المعارضة
يستويان في سعيهما لرفاهية الشعب..
بسلطةٍ واحدة.
11
لستُ حراً في القبول.
حرٌ في الرفض.
12
أرى إلى الريح تتلاعب براية المكان،
فيما يفقد الناسُ عادةَ الهواء.
13
فضاءٌ يكتظ بالأجوبة،
الجميع محاصر بالأجوبة،
أجوبة في كل جانب وفي كل شيئ.
ثمة الأسئلة.
14
يريد أن يعتذر،
ليس لكونه عدواً،
لكن لأنه أفصح عن ذلك.
15
الخنازير مفيدة أيضاً،
إنها تغني عن صفيحة القمامة.
16
إنها مثل الدولة،
تضع المساحيق وتسأل مرآتها،
دون أن تسمع الناس،
17
كل هذا الليل
لم يعد كافياً لأحلامي،
18
كل يوم،
لا نفعل سوى التأكد من اللاجدوى
المستعصية على الادراك.
19
عادةً،
أترك ذاكرتي على سجيتها..
لتنسى الجرح وتتذكر السكين.
نالت النصالُ الخبرةَ،
وتعبت الذاكرة.
20
المستقبل،
قيل إنه عكس الماضي،
ونحن في حاضر مستمر.
21
لدي أسرار كثيرة،
أكنزُ بها قصائدي
و أرمي بها في هواء اللغة،
لابد لأحدٍ أن يفضحها.
22
ذلك الشخص الذي لا أعرفه، ولا يعرفني،(49/467)
لماذا يتأخر بهذا الشكل،
ويتركني في وحشة الرصيف.
23
الأطفال يكزّون بأسنانهم
وبأفئدتهم يكزْون.
24
لستَ وحدك أيها الليل
ثمة كهنة لا يحصون..
25
أنظرْ إليهم،
يتهيأون لاستبدال مواقعهم..
بسهولة الأحذية.
26
يلتقون للحوار
يتبادلون وجهات النظر
مثل تبادل الأقنعة .
27
يريدون إقناع الشعب،
كم هو على خطأ،
و أن نظرة القائد هي المصيبة..
إنها مصيبة.. حقاً.
28
الصمتُ..
مجاملةٌ فادحة للخطأ.
29
ما يفشل الصوابُ في اكتشافه
يكشفه الخطأ.
30
لن تقنعه بالكلام
ما لم يقتنع بالواقع.
31
قبل أن تنام،
ضع الوردة على جثتك.
32
ما الفرق..
شخصٌ أعمى
وآخر لا يريد أن يرى.
33
صليل قيودي يملأ المكان،
أنا الذي أزعم الحرية.
34
قِيلَ : ضَلّ الطريقا
قلتُ : ضَلَّ الطريقُ .
35
شفتي ترتجفُ الآن قُبيلَ الكلمة،
شفتي منهزمة.
36
استعدوا.. الماضي قادم.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ذئب يتدرب على الموت
ذئب يتدرب على الموت
رقم القصيدة : 6416
-----------------------------------
رقصة طائشة
ستسمين انتحابي عند عينيك، نهارا كاملا،
ليلا وحيدا
وتسمين يدي أرجوحة مفقودة الحبلين
تصغين قليلا
ريثما ينتابني موتي
و أنسى أننا كنا معا في وردة في الكأس
هل كنا نروض رقصة طاشت بنا
مثل اشتعال النار في ماء وأجنحة.
يدي أرجوحة ليديك
سميني كما يحلو لعينيك البكاء
و أجلي موتي قليلا
ربما في صدفة
نبكي معا حزنا على أحزاننا
ونؤثث الباقي من الأحلام بالمنسي من أخطائنا
لكأن تفسيرا سيمحونا
وتأويلا سيكتبنا
يدي أرجوحة
وبكائي المكبوت في عينيك
سميني كما سيمت لي يوما
قصائدي الغريبة
كالطفولة وهي تستعصي على الأسماء
سميني فلي حق بخيط قميصك المكتوب
لي في سرك الباقي تفاصيل
ومحتمل المصادفة الوحيدة وهي تحدث
في تبادلنا النيازك مثل أغنية بلا رقص.
أموت على يديك ووردتي في الكأس
سميني نحيبا فادحا
وتخيلي خيطا يزوجني بكأس يسكب النسيان
كي أنساك(49/468)
سميني فلي في نصك المكبوت حرف عابر
ويد مضمخة بحبر غامض
أخفي نحيبي في كتاب الليل
أمضي شاردا
وأحاول التمييز
بين تهور المعنى
وبين رصانة التعليل
سميني نهاراً كاملا يبكي
وليلا يرفض التأويل.*
شعراء المغرب العربي >> عزالدين مهيوبي >> اختيار
اختيار
رقم القصيدة : 6417
-----------------------------------
قل أيَّ شيءٍ صديقي لا تقف وسطا
واخترْ مكانك.. صحّاً كان أو غلطا
قل أي شيء فإن الصمت أتعبنا
والصمت موت إذا ما زدته شططا
قل أي شيء فإن الصمت أتعبنا
ورحلة النصر. نبداها ببضع خطى
إن الجزائر من دمعي ومن دمكم
وألف ألف شهيد باسماً. سقطا
إن الجزائر يا أحباب .. ما انكسرت
لكنها انتصرت والعِقْد ما انفرطا
إن الجزائر ليست لعبة.. وكذا
فأر يلاعب - من جهْلائه - قططا
إن الجزائر من دمعي ومن دمكم
وألف ألف شهيد باسماً. سقطا
الشعب قال فهل من بعد قولته
قول يقال, وهل ما قال كان خَطَا?
إن الجزائر يا أحباب .. ما انكسرت
لكنها انتصرت والعِقْد ما انفرطا
شعراء المغرب العربي >> عزالدين مهيوبي >> حصار
حصار
رقم القصيدة : 6418
-----------------------------------
رأتهُ يُحدِّثها صامتاً
ويقرأُ بالصَّمت أقمارَها
مشتْ خطوة فارتخى ظلُّها
وألهَبَ صمتُ الهوى نارها
مشتْ خطوة فارتخى ظلُّها
وألهَبَ صمتُ الهوى نارها
مشت خطوتين ولم تلتفت
وظلَّ يحاصرُ أسوارها
شعراء المغرب العربي >> عزالدين مهيوبي >> بيروت
بيروت
رقم القصيدة : 6419
-----------------------------------
تأتي لتكْبُر في مدى الجرح الصموتْ
لتمدَّ قامتها فتنكرها البيوتْ
كتبوا بنار الحقد سرَّ فنائها
ثم استباحوا عزَّها ملء السُّكوت
كتبوا بنار الحقد سرَّ فنائها
ثم استباحوا عزَّها ملء السُّكوت
كل المدائن أعلنت أحزانها
وعلى رصيف الأرض عاشقة تموت
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ليل الأسرى
ليل الأسرى
رقم القصيدة : 6420
-----------------------------------(49/469)
جاء لنا ليل زاخر بالأسرى
انتظرناه طوال النهار
حتى إذا ما اندلع
فتحنا له النوافذ لكي يدخل
يدخل ويوزع أسراه
في مقاعدنا الشاغرة
في غرفنا المؤثثة بالحسرة و الإنتظارات
كنا ننتظره بالقرائن
.في سنوات النهار الطويل
الأسرى يتلعثمون على المقاعد التائهة
في أرجاء البيت
ونحن نحاول تفسيرهم بالكتب
.و المحابر و خزانة التبغ
مألوفون في المرايا
يتفل - تون من صورهم المفقودة
لكننا لا نفهم ظلالهم
لم نصادف أسرى مذعورين من قبل
ولم تعرف أصابعنا أرغنا يحتدم عاجه
بمثل هذه النيازك من قبل
وقبل هذا البكاء الموصد على أحداقنا
.لم نتوقع ليلا زاخرا بالندم
شعراء المغرب العربي >> عزالدين مهيوبي >> روما
روما
رقم القصيدة : 6421
-----------------------------------
وتطِلُّ كالحسناء من شُرفاتها
والهامُ يشمخُ عالياً بالغارِ
ظلت تغازلُ عاشقيها فاكتوتْ
في لحظةٍ - حمقى - بلفحة نار
ظلت تغازلُ عاشقيها فاكتوتْ
في لحظةٍ - حمقى - بلفحة نار
حتى استحالت كالرّماد فجمَّعت
أشلاءها.. وتجمَّلت بالعار
شعراء المغرب العربي >> عزالدين مهيوبي >> بكائية بختي
بكائية بختي
رقم القصيدة : 6422
-----------------------------------
أستحي
أن أمد يدي ليدٍ صافحَتْني
صباحاً
وعند المسا..
ذبحَتْني
أستحي
أن أرى وجه أمي التي علّمتني
حروف الهجاء..
ومن صبرها أرضعَتْني
وحين انتبذتُ مكاناً من الإثم
ناديتها..
أنكرتْني
أستحي
أن أمنح النّاس ظلالاً وأماني
ومواويل احتراقٍ وأغاني
يا عصافير زماني
امنحي قلبي مفاتيح الرؤى
وانثري عطرك
وشْمًا في الثواني
امنحيني
مطراً أو عاصفه
أو وروداً نازفه
يسقُطُ العُمرُ وأبقى
مثلما النخلة
دوماً واقفه
امنحيني
ساعةً من دفء عينيك
لأحيا ساعتين
وارسميني قمراً
يقطرُ نوراً ولُجينْ
امنحيني
وطناً أو زنبقه
كفناً أو مشنقه
امنحيني أي شيء
كلُّ ما بين يديْ
فَرَحٌ تحمله هذي المساءات إليْ
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> أشخاص
أشخاص(49/470)
رقم القصيدة : 6423
-----------------------------------
شخص /1
الكلمات صديقات له
والحروف أصدقاء ،
والموسيقى تشطح وتشط ،
وهو يؤآلف بين الكائنات
بمهارة القندس
شخص /2
تعالي نجعل الليل نهار الرؤية،
ونمنح لكلماتنا طبيعة الطير،
لنرى كائنات مبهورة تهرب إلى أحلامنا
شخص /3
بكيت ،
كنت في دم يرتجف
مثل جناج ، مثل أرجوحه
بكيت ،
كنت جنة البكاء،
هتفت .. يا الله لو ساعة ،
تسمح لي , مسحت كل الدماء ،
جعلت شمس الناس مفتوحه
شخص /4
رأيتني في هيئة القتلى
أو سميتني ، وسمعت أسمائي
رأيتني في غيمة كسلى
كأنني ضيعت أشيائي
شخص /5
تنشغل بك النساء عن النوم لفرط وسامتك ،
تتفلت من كنيسة المساء ومحراب العتمة
تتزوج الجرار المكتظة بنبيذ غفلت عنه السنوات
شخص /6
جالسة في وردة الصباح
مليكة في وحشة الوحدة
هتفت يا الله .. لوساعة
تسمح لي .. مسحت كل الجراح
عن قلبها ،
وصرت قلب الحب و الوردة
شخص /7
مغمور بترف الصداقة
الموت .. و قرينه
شخص /8
فاتحا للتآويل أرجاء روحي
وفي دمي تنتحب الشعوب ،
..قصيدتي تركض مذعورة
قلبي لها .. تتبعها القلوب
شخص /9
يسمع الشتاء في الخارج،
ولديه من الوقت ما يكفي لتسعة كتب وثلاثين تبغا ،
ونصوص كثيرة لم يحن أوانها بعد
وللشتاء أن يظل في الخارج
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> ليل الموت اليافع
ليل الموت اليافع
رقم القصيدة : 6424
-----------------------------------
* على رقعة سوداء
يكتب الشاعر كلماته
بسواد القلب
فمن يقرأ.
* أرى جسداً يجهش بالوجع
و أنت جالسة بقربة
.. تقصرين عن مضاهاته.
* ذات يوم كامل.. و بعض ليل
سوف أطوي هذا الكتاب الأليم.. و أرتاح.
* رباطة الجأش التي كنت أتحلى بها ( أو أزعمها )، لم تعد ممكنة الآن.
من الآن و صاعداً على الآخرين أن يجربوا شخصاً مذعوراً.
* باب الفناء الموارب
يدفعه الظل
تنساب منه مقاعد فارغة
و أنا في الوقوف.
* الشعر ليس سوى شبق مكبوت
يحلم أن يصير حباً مكتوباً.(49/471)
* تحرن في منعطفات النص
تريد أن تنتخب مزيداً من الأقداح
لشعوب تتدافع على المداخل،
وعواصم تتداعى في اكتمال المشهد.
* لا تستهينوا بالبياض
فانه يمتد من القماط حتى الكفن
و يتعثر في قلوب العشاق.. و الأعداء.
* إذا كان ثمة من يصطف في جوقة الجوخ،
فانه ليس أنا على أية حال.
* وردة العبيد
التي لم تكن سوى
ليلة قاسم و هو في القتل.
* كنت الحالم الأخير بأن ثمة ليل و ثمة ظلام
وكنت أتهجى موتاً يافعاً.*
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> قالت الشمس لي
قالت الشمس لي
رقم القصيدة : 6425
-----------------------------------
( 1 )
المحكوم بالإعدام، يعدل ياقة قميصه الأزرق، في طريقه إلى الموت. و يفتر ثغره عن ابتسامة وهو يجسّ الزرقة الكثيفة تنعش جسد يرتعش. ثم يتمتم : هذا لون لا يصلح لمناسبة كهذه، فهو يشي بتفائل عاقر.
(2 )
للمدينة نحيب ينفجر في منتصف كل ليل.
فتفزع الأرواح شاردة من البشر و الحجر باحثة عن مكان آمن.
ليست المدينة مكان آمن للموت.
في المدينة مكان ضارب في الحمرة
حمرة تزعم أنها زرقة تشيّع الذاهبين إلى الموت.
ثمة علاقة فاتنة بين حمرة الخجل التي لا يعرفها طغاة المدينة
وزرقة القلب مصقولة بنحيب ليلي يؤنس وحشة ذاهب إلى الموت.
( 3 )
يتدرب المذعورون على الخوف
فتطمئن قلوبهم لحفيف خفيف يشبه الحبل وهو يحز الأعضاء.
اعتبر المذعورون أن في ذلك من الحكمة ما يجعل المدينة
أكثر رأفة من قبر فاغر أشداقه مستقبلاً كتيبة القمصان الزرق.
(4)
ثمة شخص يصقل بزته العسكرية ببواقي المعارك التي خسرها.
ثمة نفس الشخص يعد بمزيد من المعارك المخسورة،
لئلا تبهت بزته وتفقد مجد القتل.
( 5 )
جنون يسوّر المدينة لكونها تدرك موتها الوشيك.
المدينة التي أمضت عمرها الطويل تعلن على الملأ أنها المدينة العاقلة.
كيف تنقذ مدينة مصدومة بالحقيقة الوحيدة(49/472)
أنها مجبولة من الجنون، وأنها على شفير هلاك بفضل الحكماء من أهلها، أولئك الذين سهروا يطحنون عقل الحكم حتى فرط.
(6)
سوف يتذكر المستقبل أن بشراً بالغوا في الحلم لكي يطلع عليهم نهار واحد صريح وحر وكريم وغير مذعور.
وسوف يتذكر المستقبل أيضاً أن من بين هؤلاء رهط بذلوا العمر لئلا ينال العطب الروح من داخلها، وقد فعلوا ذلك بلا شمس ومن غير أمل.
وسوف يتذكر المستقبل خصوصاً أن النوم الكثيف الذي كان ملجأ الجائع والجاهل، كان ليلاً رؤفاً زاخراً بالأحلام التي تستعصي على الحصر والحصار.
(7)
قالت الشمسُ لي ضمّني
واسقني ماء زنديك
وأعبر بيَ المستحيل الأخير الذي صاغني.
قالت الشمس ،
و ارتجّ بي أنني
لم أكن قبل يومين إلا سديم الأغاني
ولم أفتح الباب كي ترتمي في فراشي شموس
ولا ينتهي في كتابي سوى النوم
قالت الشمس لي
و انتمتْ للهزيع الأخير من الأرض
حيث المدائن مذعورة سوف تركض
نحو النهار الوحيد الذي جاءني.
قالت الشمسُ لي
فانتهيتُ إلى ترجمان المعاجم
وهو الذي راقني أول النص
وهو الذي ترجم الليل لي
بالقليل من الماء
وهو الذي خانني.
قالت الشمسُ لي
ضمّني عند زندين كانا يهزّان لي هودجاً
كلما ضاقت الأرض بي. @@@
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> النص الموسيقي
النص الموسيقي
رقم القصيدة : 6426
-----------------------------------
( 1 )
غابة أم بشر
هذي الوجوه التي تأرجح أحداقها
في زجاج الفضاء
بهجة أم كدر.
( 2 )
تقدم
نعد لك الأعراس و المراثي،
تقدم
تقدم.
( 3 )
كلما وضعت عليك عضوا
لئلا تصيبك الوحشة،
انتابتني النصال،
النصال كلها.
ها جسدي يكاد أن يذهب
مشغوفا بك،
و أنت في الفقد.
( 4 )
الوجوه، الوجوه
استعارت حيادا من الماء
استدارت لتخلع أقنعة من هواء.
الوجوه
الوجوه.
( 5 )
كأنه يسمع،
كأنه يرى.
( 6 )
يا زهرة الناس،
كلما وضعت يدي عليك
غاصت كأنها في ريشة السديم.
جرحك جهة
تحج إليها الجيوش
وتتدفق فيها الأنهار،
ويصاب بالفقد(49/473)
كل باسل
يتوهم النصر،
أو يتوسم الهزيمة.
( 7 )
لك النهر و شكله،
الريح وقميصها الأخير.
أخرج من النوم
واخرج عليه،
تصادف طرقا مسقوفة بالرعب،
فاحرسها بزعفران المرايا.
( 8 )
لنا دلالة الحزن،
والدم درج لمراراتنا،
لا النيران تغسل القميص،
لا الذئاب تألف الجب،
لا البحر يسعف السفن،
و لسنا للنسيان.
( 9 )
بلادك أيها المجنون،
ساحة حربك الأخرى،
خطيئتك الجميلة،
فانتخب أعداءك الفرسان
قاتل وانتظر واهدأ،
فهذي وردة للكأس
سوف تقول للأطفال عن جسد
تماثل واصطفى موتا
وأبكى غفلة النيران.
( 10 )
هنيئا للذي يلهو به يأس
ويحرسه رماد غادر
و يقول للموتى : صباح الليل،
يهذي.
ساعة الهذيان تفضح موت موتانا
وتمنح كل مرآة خيانتها.
صباح الليل للموتى..
إذا ماتوا.
( 11 )
تسألنا الأرض عن العرس الذي وعدنا به،
فنتلعثم ونختلج.
أفواهنا مملوءة بالتراب،
لا نعرف هل كنا نقبل الأرض
كي تصفح عن سهونا
وغفلة قلوبنا ،
أم كنا نكبت صرخات الذعر.
( 12 )
حوذينا الجميل،
إرفق بنا وصدقنا.
يا حوذينا الأرعن الجميل،
ليس ثمة سفيرة في انتظار خيولك،
غير هذه القلوب المرتعشة.
يا حوذينا ذو الاسم الباهر.
إرخ لخيولك قليلا،
و اصغ لزفيرنا المكتوم،
واغفر لنا كل ذلك الحب.
( 13 )
كل هذي الوجوه الصغيرة نعرفها،
واحداً واحداً
و الطيور الحبيسة مشحونة بالمرايا
وموعودة بالصور،
تأمل ،
ستلمس غبطة أغصانها
وهي تحنو على النهر مكتظة بالشجن،
تأمل ،
لأكتافها خصلة
سوف تبني عليها العناصر أحلامها،
واحداً واحداً.
كلما هيأ القتل والقيد أسطورة،
فز في شمعدان الطفولة وقت الصلاة.
انتظر أيها الفارس الرخو ،
هذي الوجوه الجميلة تعرفها،
فانتظر.
( 14 )
كل هذا الهزيع الأخير من الوقت
يدعى بلادا ومستقبلا،
كله الآن يمتد مثل التراتيل.
من مات قبل الطقوس له جنة،
ومن لم يمت لا يموت.
في مهب النهارات يكبو على التل ،
هذا هو الطين
تحت العذاب.
انتظر أيها الفارس الرخو،(49/474)
هدهد لأبنائك المترفين بأشلائهم،
علهم يصبرون قليلا على الموت.
قل لأحجارهم :
إن هذا الهزيع الأخير من الوقت،
هذي الجهات الكثيرة محصورة
في هزيع من الموت،
لو يصبرون قليلا عليه
... قليلا عليه.
( 15 )
ماذا سيبقى
عندما تنهال جمرتنا الخفية في هواء الليل
ماذا يختفي فينا،
وهذا ماؤنا الدموي يستعصي
وطير الروح
ينتظر احتمالا واحدا للموت.
كنا نغني حول غربتنا الوحيدة
كالعذارى في انتحاب الليل،
كنا نترك النسيان يأخذنا على مهل
لئلا نفقد السلوى ،
لم نعرف مكانا آمنا للحب.
لم تكن أخطاؤنا أغلى من الأبناء،
كابرنا لكي نخفي هوانا عن معذبنا
مدحنا يأسنا، متنا،
وسمينا اختلاج الروح تفسيرا،
تقمصنا الهواء.
ماذا سيبقى
عندما تنهال جمرتنا الخفية في هواء الليل
ماذا يختفي فينا،
وهذا ماؤنا الدموي يستعصي
وطير الروح
ينتظر احتمالا واحدا للموت.
( 16 )
أيها الباب الموارب غير مكترث
تواضع برهة و ارأف
و صدقنا قليلا،
أيها الباب الموارب غير مكترث بنا
اغفر لنا واسأل وصادقنا قليلا.
هل تمادينا وبالغنا بحبك كل هذا الليل
كي يأتي عليك الوقت تنسانا.
نحن الذين انتابنا ماء العناق
وساعة الرؤيا
و أنت موارب.
هل نهفو إليك وأنت في غيبوبة الرؤيا
ترانا دون أن تحنو علي ما ينتهي فينا.
أيها الباب الموارب
أيها المرصود والعشاق ينتظرون،
قل لنا واغضب علينا
و امتحن و اعصف بنا واشفق علينا
إنما لا تعتذر عنا أمام الناس.
يا باب النجاة و منتهى أسرارنا
افتح لنا و انظر
و لا تغفل و لا تقسو علينا،
أيها الباب ..
جئ لنا.. و اذهب إلينا.
شعراء الجزيرة العربية >> قاسم حداد >> النص الشعري
النص الشعري
رقم القصيدة : 6427
-----------------------------------
نصوص/ قاسم حداد
1
غابة أم بشر
هذي الوجوه التي تأرجح أحداقها في زجاج الفضاء
بهجة أم كدر.
2
ليست نزهة،
من يعرف،
لكأن ما أراه من بياض هو الكفن المنتخب،
من يعرف،
هل أنا في الحرف الأول،
في الكلمة الأخيرة.
3(49/475)
أرشح أكثر الأعضاء خفاء لكنيسة الجسد.
كيف أقول..
عن ارتعاشة جسد في التجربة
يضطرب مثل طفل خالجته الصاعقة.
4
تقدم
نعد لك الأعراس و المراثي،
نشد أزرك و نسند خاصرتك بالسكاكين،
تقدم
ما أبهاك
و أنت إلى الكتابة كأنك إلى الموت.
5
المخفي.. يخيف.
6
كلما وضعت عليك عضوا لئلا تصيبك الوحشة،
انتابتني النصال،
النصال كلها.
ها جسدي يكاد أن يذهب
مشغوفا بك، و أنت في الفقد.
7
الوجوه، الوجوه
استعارت حيادا من الماء
استدارت لتخلع أقنعتة من هواء.
8
جوع كاسر يتفصد في صلصال الهيكل
لكأنك تلمح فضتك الذهبية تنتقل، كمشكاة،
من جسد النار إلى آنية اللهب.
جوع كافر
مثل زئبق يمنح الصدر شهوة الأوسمة.
9
جوخ تهرأ لفرط المديح،
مشدوخ بشهوة الأسئلة وهي تنهض من المذلة
فيصاب بهيبة التهدج.
سناجبه تكنس القطيفة بفروها الأليف.
مضى عليه وقت في نعمة الوعد
ولم يرخ حواسه لسماع الكلام،
ما إن تقال له الكلمة حتى يتفصد النحل من كتفيه
مثل بوصلة تسأم مجد التيه.
10
جثة تمرح في ذاكرة الناس
مشمولة بغنج المؤآمرات،
موصولة بجسد يتفلت من تاريخ له موهبة الميزان
و غيبوبة الطريق.
جسد لا يخلع درعه الأخير،
مثل حصن ساهر
يتبادل أنخاب الجليد في هدأة الوحشة.
و ما إن تدير الجثة رأسها ناحية المشهد،
حتى يختلج الكلام في الصدور .
11
جحيم يسمونه بلادا ،
حينا يقال له الوطن،
وغالبا يحمله الشخص مثل خيط من الأوسمة :
زينة الضريح / جنازة الأمل.
قيل إنه الوقت والمكان،
يتراءى مثل الحلم فيما يكون وهما
يتمارى فلا تدركه البصيرة ولا يطاله الكلام
لن تعرف ما إذا كنت سيدا في هذا الجحيم أم عبدا.
ليس لك أن تقول باللغة
وما إن تقول بيدك حتى ينالك القصل
ففي الجحيم ( الذي لا تسبقه جنة و لا تليه ) أنت في المهب :
مزاج الريح يعصف بك
ومزيج الحرية يدفعك إلى التهلكة.
12
ناس الغابات
يعيثون فسادا في البيت.
13
سيد من سقط القبائل و يحسن الفر،
ينداح.. ينداح و لا يخطئ الهزائم.(49/476)
مرة هاجت يداه في غفلة و سأل الذبيحة عن وليمتها،
مرة هاجت عيناه، ولم يزل.
كلما أوشك على الكر،
إنداح مثل قذيفة تسبق أهدافها
تفر إليها.. تفر و لا تصل.
14
يحلم
مثل طفل يكاد أن يهرم.
15
أنظر إلى الناس
مكتظين ببداهة لا يقدرون على إعلانها.
أشباح تتكئ على رماد بارد.
16
لا يحيا و لم يقدر عليه موت،
و لم يكن حكيما.
17
أفعى،
و أينما أدرت وجهك رأيت أفعى .
18
نحيل،
ينام تحت جلده مثل ملاءة،
ويفسح حيزا لأحلامه.
19
تظاهري بالغفلة،
لكن لا تغفلي عن كنزك، يمرح في مخيلة الناس.
هيئي الكنز
وتظاهري بالنوم..
ونامي.
20
أدخل في الخدر أيها الفارس الوحيد،
أدخل،
بين وركيك مدينة و مهاميز و قتل كثير.
ساحاتك يهندسها روم كثيرون
لأجل القتال،
تجرجر جثتك المكابرة
لأجل القتال،
بين كتفيك بيت تلعب فيه الجيوش
و يغشاه نحيب الغزاة.
أدخل،
ليس غير الخدر الأليف.
أيها الفارس في الوحشة،
كم تسافر من ضريح إلى ضريح.
أدخل غموضك
و لا تتوضح
ولا تهتم.
21
تتصاعد من أعضائه المناديل ملطخة،
ويهفو لمكبوت يتكشف في جسد تكسره بقايا الروح
وأصغر أحفاده يأخذه الوهج :
من أين جئت بكل هذا.
ليس في الجسد ليس في الروح.
يتأرجح مثل غيبوبة
مثل ليل ينسى.
22
وكلما غسلوه بالحديد، كلما منحوه لشكيمة الغابة،
كلما احتفت به النصال، كلما انثنى ليرأف بأعدائه،
كلما بين عينيه، كلما أسس لهدم، كلما انتحبت كلماته،
كلما كلم الماء، كلما كان يصغي، كلما الليل ينسى،
كلما الجرح والهوى، كلما الميل والتعديل.
بينه مسافة المساء المهيمن، لا يعبأ بتضرعات عناصره المتوجعة المستوحشة ،
يحم جسده بتأود الأرض وطقس الوهم.
23
لا تتركوه وحيد الكتف موغل الليل، كمن ينتظر لصا يتذرع بالقميص، ينتظر عدوا يشفق، ينتظر ذئبة تفوز به وتعصف بطحينها جسدا تهدل جلده وتخبخب في غابة من شظايا،
تقرأ له مرثية، ما إن يلتفت، ما إن ينتر عنقه المعروقة،
ما إن يحدق، ما إن يظن أنه يرى ماءا.(49/477)
ماء بين أيامه ولياليه.
يسأل، يتأجج في غرفة النادبات، يدفعونه إلى جلوس،
هو الذي لم يطمئن لقاعد ولا قاعدة.
عيونه تكسر الأفق.
بينه وبين أيامه ولياليه سؤال يؤنس وحشة الطريق.
24
جسد يهوى، فتنهره الروح.
تركت الغابة عليه العبء. كتف تنسل مخلوقات،
لا يسعها كتاب.
منتهى شهوة الليل، ذاكرة مزدهاة وجسارة تزخرف الشرفة. هاتف من مكان.
كلما حرك الأصدقاء خبيئته، صار له يأس،
وتيقن أن أيامه ولياليه،
ليست أياما ولا ليال.
25
لوقع أبصارهم رهبة الغابة وغرور الأوج.
ما من موجة إلا وهيأوا لراحتها رمل الأقاصي وغرف السفر. ما من سفر إلا وانتخب وحشا يهذي. يهيمون مثل ماء مجنون. كلما انتبذوا أقداح السهرة، فزعت أنثاهم الفاتنة بذخيرتها.
يضعون أدواتهم المتعبة عند سفح الغيم، يؤثثون الكتب بأسمال منسولة من سماء مسقوفة بالصلاة،
ينشدون مزاميرهم، وينفرون من جهة تخلعهم، رافعين شظايا الأقفال في مائدة الطريق تمجيدا.
ثمة حديد يحرس المداخل،
ثمة شعب من قلامات البركان .
قيل إنه بوصلة تضلل النساك وسدنة الهيكل.
يتكلمون، فتنهض معهم اللغة،
وتختجل الكلمات العذراء، مثل طيور ضائعة في العماء.
26
منذ أكثر المخلوقات جمالا وجهامة ومهاجمة، منذ الكرسي والمائدة، منذ الماء في مكانه، منذ فبراير الثلجي ،
منذ ( آب ) الأخير، منذ الاستجواب المؤجل، منذ بنات آوى، منذ الأصدقاء، منذ أقاصي امرأة في انتظارها،
منذ باب المغامرة، منذ شهقة النهد والنمر ونعاس الآلهة،
منذ شظايا القدم المذعورة، منذ النوم والموت والكوابيس،
منذ القلب والقيامة، منذ شكل الكلام، منذ خدم العبيد،
منذ الجنس في الخلايا، منذ الحديد والذهب، منذ غيظ الهذيان منذ الوحيد
وحده.
27
كيف يعجز شخص، يزعم الكتابة، عن الكلام، كنت وحدي، وأنت تمعنين في هجومات غيابك.
وما إن أطلق ريش تعبي عليك حتى تمنحي الروح فسحة التعب.
كنت أكثر من وحيد، وأقل من الهذيان.
28
لا تملك عبيد العرب،
و لا تخدم ملوكهم .(49/478)
29
قيل لهم :
هنا تستريحون من السعي،
فألقوا بأكياسهم المتهرئة لفرط ما شرشتها التضاريس. أحفاد وضعوا كواهلهم المتعبة على أصول الأشجار، وراحوا يرسمون هندسة التل، يمنحونه جيوبا سرية مشمولة بالكبريت.
أقبية خفرتها يقظة الحيوان، مخلوقات مشحوذة المخيلة،
تطلق أخلاطها في رؤوس الطرائد القادمة من الأصقاع.
30
كأنه يسمع، كأنه يرى،
كان الجنس يتلاطم ويتبركن. والنساء وراء الأكمات يرقبن شهيق التل شاهدا لهن.
يسحلن مكامنهن الخفية بالكمأ ونتوءات الحجر.
31
منذور لغفلة الوحش وكسل الأساطير.
تسمع الوصايا يلهج بها الأسلاف، وترى كيف اهتبل الأحفاد تلك الغفلة وذلك الكسل، وتكاسروا على مداخل البحر.
32
ألم تكن الشرفات مكتظة بكم وقت كانت جهنم لا تكف عن الدفع بمبعوثيها لشتى المهمات :
تارة لكي نساوم على ماء في النهر أو ماء في القدح،
وتارة لكي نمدح الخازوق ونتضرع للضريح.
33
هل أنت هكذا دوما في الملمات،
تحسن اللهو وتتبادل المرايا مع مريديك حتى الانتشاء؟
إذن، ما الذي أبقيت للنادل أيها التل الثمل ؟
لا يحلو لك التهتك إلا ساعة يتهدج الجسد المرضوض
تحت الغزو.
ألم أقل إن هناك من يستحق، أكثر مني، الوقوف أمام امتحان الفلك ومشارط النطاسين.
فلم كل هذا الهياج الفاجر يتصاعد مثل نحيب المرأة المشبوقة، في حين يصطرع الغزاة وحرس التل في ضراوة من يتلو صلاة القتلى.
34
يا زهرة الناس،
كلما وضعت يدي عليك غاصت كأنها في ريشة السديم،
لا تعرف البوصلة جهاتك و لا يطالك الماء،
جرحك جهة تحج إليها الجيوش و تتدفق فيها الأنهار،
و يصاب بالفقد كل باسل يتوهم النصر،
أو يتوسم الهزيمة.
35
من أين لك كل هذا التماهي و هذه التحولات،
تذهبين إلى ناس العرس،
فيصابون بالوجل.
36
لك النهر و شكله، الريح و قميصها الأخير،
أخرج من النوم و اخرج عليه،
تصادف طرقا مسقوفة بالرعب، فاحرسها بزعفران المرايا، تطلع تاجات الأعالي مكنوزة بالغيم و الفضيحة المؤجلة،(49/479)
ففي الحب شئ من الجنة.
37
ليس لك أن تنجو من وهدة الخاتمة
فليس ثمة نهاية لنص.
38
لنا دلالة الحزن، و الدم درج لمراراتنا،
لا النيران تغسل القميص ،
لا الذئاب تألف الجب،
لا البحر يسعف السفن، و لسنا للنسيان.
39
أطفال يرفعون أسمالهم في طليعة أصواتنا.
يقتحمون الطريق الملكية، فنسمع دبيب الوحش في ز فيرنا. فيما نرقب صافنات عوجتها الانتظارات .
40
الجسد / حديد طري تستفرد به دماثة الغابة،
الجسد / حنين يأخذ شكل الحروف،
الجسد / صمت يتلاشى في زئبق الكلام،
الجسد / حالة الذهب في مديح النيران،
الجسد / حيلة الطين لئلا ينجو من الماء،
الجسد / ذبيحة الجسد.
41
بلادك أيها المجنون،
ساحة حربك الأخرى،
خطيئتك الجميلة،
فانتخب أعداءك الفرسان
قاتل و انتظر و اهدأ،
فهذي وردة للكأس سوف تقول للأطفال
عن جسد تماثل و اصطفى موتا
و أبكى غفلة النيران.
42
هنيئا للذي يلهو به يأس
و يحرسه رماد غادر
و يقول للموتى : صباح الليل.
يهذي،
ساعة الهذيان تفضح موت موتانا
و تمنح كل مرآة خيانتها.
صباح الليل للموتى..
إذا ماتوا.
43
ترون كما يرى الأعمى،
كما لا يخطئ الفقهاء في الفتوى،
كما تغفو نصال غير عابئة بموت النص.
44
يخافني الناس لبشاعة الظاهر،
و أخاف الناس لبشاعة الباطن.
45
أيها الغريب
هل في أصابعك شهوة الباب الموصد ؟
هذا نهارك المشحون بالعمل و المكتشفات.
أيها الغريب
ها أنت الواحد القليل
تتكاثر كلما دلفت في رواق يأخذك إلى بهو الجسد،
حيث الذخائر يخبئها لك شخص
لا تعرفه لا يعرفك،
و بينكما ألف عرس و ألف جرس،
و عضلة مفتولة،
حريتك الأخيرة في النهار الأخير .
46
تدفقوا من صخرة تشتعل، لتراكم الأرض بقفطاناتكم القرمزية وتلمس أطرافكم، تحزمون المدن بشكيمة الحجر، تقودون الشجر والدواجن والفراشات والنحل والمناديل مبللة بالحزن، تحرسون الظلال الهاربة والأحلام المذعورة في نوم الأطفال تقودون ساحرات الوقت بقمصان هلهلتها وحش(49/480)
غزاة أليفون لأوهامنا، نمشي في خديعة سافرة جرجر الضباع
أجسادنا نحو الجب في وحشة الصحراء وسفن التيه،
من سيسعف صخرة النار.
قفطاناتكم القرمزية، رايات الوقت، تنقذون الماء من السكينة، وتكرعون نبيذ الهجوم لتفزع المدن المستسلمة بنواقيس أفراسكم الرشيقة، مدن تجرعت عارها هزيمة هزيمة.
تذهب عن القتال متدرعة بالتعاويذ ونصوص السقيفة،
مذعنة لرغبة الموت..
كأنها تموت.
47
تصد عنا الهوام منسولة من الكبح تتراكم مثل تمائم الوهم، نظنها الأوسمة، فإذا هي وشم أعضائنا الذاهلة.
سقيفة تتفاقم حول الأرض بعرس باذخ، نصدق سرادق الفضيحة منصوبة فوق الضحايا.
تنهض كل ليل من الكفن والمراقد الأبدية، تقض شراشف أحلامنا واستسلام رؤانا جديرون ببشارة الشخص وحنين القرمز وشبق الكائنات.
تخرجون على خريطة الأرض، تخبطون مدنا أسلمت قيادها لأكثر الطغاة أناقة وتيها ومباهاة.
تصيرون بريد الفزع لأكثر الشعوب اطمئنانا لسجنها.
48
تسألنا الأرض عن عرس وعدنا به، فنتلعثم ونختلج.
أفواهنا مملوءة بالتراب، لا نعرف هل كنا نقبل الأرض كي تصفح عن سهونا وغفلة قلوبنا،أم كنا نكبت صرخات الذعر لفرط الحبسة.
ذهبنا إلى الساحة بوهم الأعداء، لنجد الأحباء في انتظارنا بالنصال المسنونة، لنسقط معا في احتضار طويل.
كنا ذريعتكم لارتداء أكثر القفطانات خجلا، نحن أحبابكم الخاطئون، نسمع نشيجكم ينبعث في صخرة مشتعلة،
مثل حمم تصعدون من الأقاصي وتقذفون بقناديلكم نيازك تبغت الغافل والنائم والمأخوذ والشريد والقاطن والمسافر. تبغت العبيد وهم يرفلون في حرياتهم المكبوتة.
صمت يخلع الأكباد من نواحها، ويفتن الأرض بأزهار القرمز الباهرة، صمت ينهر وهدة المهد.
49
ليل..
كما لو أنه الليل كله.
50
كان عليه أن يؤثث دروبه بأشباح تتميز برهافة الريح،
حوذي يغتاظ لضراوة الغبار المثار حول مواقع خيله.
ما كان له أن يغفل عن رعشة الغريب. غريب سهر الليل كله يملأ الأفق أحلاما ومناديل.(49/481)
بينه و بين الطريق بوصلة ثملة،
و أسرى مجللون بالبياض.
51
يا حوذينا الجميل،
إرفق بنا وصدقنا و لا تذهب عنا أكثر مما فعلت.
يا حوذينا الأرعن الجميل،
ليس ثمة سفيرة في انتظار خيولك غير هذه القلوب المرتعشة، تأكل منها الغربة و وحشة الطريق.
يا حوذينا ذو الاسم الباهر،
إرخ لخيولك قليلا، واصغ لزفيرنا المكتوم،
واغفر لنا كل ذلك الحب.
52
تقف النساء في الساحل، غارسات أطرافهن في الرمل، يرقبن معادن تطفو عارية، غير عابئة بنسلها المهدور في الرمل. معادن ارتعشت منها الأوداج والفرائص في دكنة الليل،
دافقة ماءها، ليطلع النسل مثل السنابل.
نساء مأخوذات بالبحر وهو يأخذ الرجال.
53
واحدا واحدا
كل هذي الوجوه الصغيرة أعرفها،
واحدا واحدا
و الطيور الحبيسة مشحونة بالمرايا و موعودة بالصور،
تأمل،
ستلمس غبطة أغصانها وهي تحنو على النهر مكتظة بالشجن، تأمل،
لأكتافها خصلة سوف تبني عليها العناصر أحلامها،
و إن سال منها الدم المستثار،
تأمل،
ستلمح فيها احتمالا و مستقبلا للنهار،
واحدا واحدا
كلما هيأ القتل و القيد أسطورة،
فز في شمعدان الطفولة وقت الصلاة.
انتظر أيها الفارس الرخو،
هذي الوجوه الجميلة تعرفها
فانتظر.
54
يشهد الفضاء الشاسع لحظة امتثال،
تفسح للهيكل الهائل حدودا بعيدة، لكي يخرج من هيأة
و يدخل في هيأة،
لترى الأعالي كيف يصير اللحم والعظم و الجلد والحراشف والريش حديدا مطاطا،
كأن الموقد يصهر الأشياء كما يحلو له.
فتتفلت نحو رحم لا يتمخض و لا يجهض و لا يلد،
يرتج لوقع جنازير المعدن الرديء،
مكتنزا ببشر لا يسعهم الوقت للكر،
يدفعهم المكان للفر.
55
كل هذا الهزيع الأخير من الوقت يدعى جنوبا و مستقبلا،
كله الآن يمتد مثل التراتيل
من مات قبل الطقوس له جنة،
و من لم يمت لا يموت.
في مهب النهارات يكبو على التل،
هذا
هو
الطين
تحت
العذاب.
انتظر أيها الفارس الرخو،
هدهد لأبنائك المترفين بأشلائهم،
56
علهم يصبرون قليلا على الموت.(49/482)
قل لأحجارهم :
إن هذا الهزيع الأخير من الوقت،
هذي الجهات الكثيرة محصورة في هزيع من الموت،
لو يصبرون قليلا عليه
... قليلا عليه.
57
كلما داعب الأصدقاء جراحي،
تماثلت للموت.
58
طاردني حرس الخالق منذ الكتاب الأول، منذ أروقة المكتبات المعتمة، منذ الغرف الموصدة،منذ أكثر المخلوقات جمالا وجهامة ومهاجمة، منذ الكرسي والمائدة،منذ الماء في مكانه،
منذ فبراير الثلجي،
منذ " آب " الأخير،
منذ الاستجواب المؤجل، منذ بنات آوى، منذ الأصدقاء،
منذ أقاصي امرأة في انتظارها، منذ باب المغامرة، منذ شهقة النهد والنمر ونعاس الآلهة، منذ شظايا القدم المذعورة، منذ النوم والموت والكوابيس، منذ القلب والقيامة، منذ شكل الكلام، منذ خدم العبيد، منذ الجنس في الخلايا، منذ الحديد والذهب، منذ غيظ الهذيان، منذ الوح
طاردني الخالق والمخلوق، حتى وصلت منهك العضل،
فائض الجزع، واضعا جسدي في شرفة الشنق، مكتشفا أنني لم أذهب طوال هذا الليل أبعد من حياة مليئة باللبونات.
59
الخاسر..
لا يخسر شيئا .
60
ها أنت، مبذول لعبور الصواري، والقبر حصنك الأخير.
لست إلا فزاعة المدينة، ترى في الرمل المذعور جيوشا
تقودها نحو البحر. لتفتح الساحة أمام تجار يتماثلون
و بحارة ينسون حرية الأعماق،
فيصابون بخناق الماء.
مثلك لا يقف هكذا مذهولا مفتوح الجراح، شرفاته مباحة للغربان و أقداحه مسكونة بعناكب الكهوف.
مثلك يصلب في الصارية.
61
ذاهب لترجمة الليل.
62
ذاهب في وطأة الجب و عذاب القميص و جنة الذئب،
ما كان لك أن تبذل جسدك لمهب الحب الصارم،
مثلما يضع الفارس شغافه في شفرة السيف..
ويحلم بالنجاة.
63
كنت القدم العارية كنت شظية القلب الضاري كنت مسمار الباب مارقا زهرة الصدر كنت أسئلة الكهرباء كنت نحيب الأبجدية كنت ميراث الكتب كنت شظف الخبز في العائلة كنت الحديد فاضح الليل كنت عاج العفة تقية التجديف كنت الشهوة الخفيفة كنت التميمة وصمت الناس كنت الدمث كنت
64(49/483)
آن لكم أن تصعدوا بأبصاركم
أكثر فأكثر،
سهوب
أطلع منها في قطيع من الوعول
معلنا أنها انتقاماتي.
65
حوله عشرون غولا يتطاير من أطرافهم شرر عظيم
وبين أكتافهم تتهدل أسمال مضفورة
لتبدو رؤوسهم في أفاع مسدولة.
يفرك عينيه ويكرع كأسه الأخيرة
كأنها الأولى
فيكبو على وجهه في رغام رطب ينضح بسائل لزج
جسده يتعفر وينتفض ويشهق
ويضطرب في قهقهة العشرين غولا
تحيط به...
يهم أن... يتذكر...
يتذكر ... و ينسى.
66
في نزهة الضباع
ليل يتعثر بقفطانه المتخبخب ويكبو عند المنعطفات.
سمعت المرأة صرخة ولدها الغريب
كأنها تلده الآن
رأته، في ما ترى الثاكل،
أعضاؤه تمر تحت آلة ضارية شلوا شلوا
وهو يمزق قمطه بصريخ يفزع البهو والأروقة.
تزيح خشب النافذة، حجر الطريق، عقابيل الغابة،
تزيح صخرة القبر
لنرى امرأة مصابة بالفقد
67
أيها الموت..
يا حبيبي.
68
أنا، الوحيد الواقف في هاوية، أكتشف الآن بأني سهرت العمر أنسجها لخطواتي نأمة نأمة، زاعما أنني القوي المقاوم القادر على المجابهات. أنا المخلوق الأضعف بلا يقين ولا حجة كابرت مثل جبل يجهش في حضرة الغيم. كائن يقف فضيحة في قلب الكاهن. شهوة تفتح النهاية وتأخذ ي
69
أنا، قرين الوحشة، منتصف الهزيمة، قاع الوهم، جنس الندم، أسنان الأهتم، ولع البهيمة، طنافس الشيطان،جهامة العسس، هودج النوم، خسائر الليل، غنج الذبيحة،
أنا الجثة الذهبية محروسة بالهوام.
لدي من الحقد ما يكفي قطيعا من ذئاب الشهوة، ولكم أن تطلقوا دهشة الهجوم في أرجائي دون أن ينتابكم ضمير الآثم.
لكم حرية الأسلحة لكي تأخذ نصيبها مما يتبقى.
70
أنا، الخارج من صبر الناس الملطخ بالخطيئة معلنا أنني رسول الكلام. لم يبق سوى نهاية تليق.
أنا الوحيد الواقف وحده على شفير شاحب، ذهبت إليه منذ ذبالة الخيط البالي، متوهما أنه أول الغزل في وشاح العزلة، وضعت روحي في المهب.
قيل إن المجرات سوف تتذكر أهدابي. لكم بهجة القتل،(49/484)
وأنتم تضعون نصال سكاكينكم في قلبي تفرون اللحم وتطالون العظم، فتطفر فضة روحي في وجوهكم لصلافة الفتوى.
71
أنا، الذئب الذاهب في ليل الملجأ، خديع الخبرة، شاغل النيران، مشعل الفتن، متعهد الهشيم، جامح الدم، متجهم القلب، خدين الشياطين.
ضبع يولغ دماء القتلى بأشفار مرتعشة شبقا وأنيابه تكزّ على عظم الجثة، كما يخلع نبي قميصه المهتوك.
جدير بكل ما تقدرون عليه من الفتك،
ولتكن حرياتكم راية الإنتقامات.
72
أنا، هدف القناصين، طاشت روحي بين أياديكم، تعفون ولا يليق بكم. أنتم أعذار القتلى، خطاياكم أكثر من براءة الطفل. ليس لكم أن تبالغوا بيد ترتجف وهي في مقبض المعول المثلوم بصدأ عتيق كنبيذ فاض بي ولم يحتمل الصبر في نزيف يذبح الخلايا.
يوشك الليل أن يصير كفنا يرأف بالمتلعثم أمام الحب، المبتهج بنحيب المحتضرين، المتأرجف برهاب النصل من جهات جمة.
آن السفر
آن السفر،
ولا رجوع.
لم يعد في الفضاء هواء لكي تأخذ الجثة شهقة.
ولتكن منكن الوصيفات لهودج الليل.
ولتكن منكن شديدات البأس،
ليأتي الحداد من الأقاصي.
ولتكن منكن النائحات يدفعن،بفرح دفين، جثمانا يذهب.
73
يعوي في السهوب :
سأذهب، لكي يعرفوا أنني جئت.
***
انتحاب
كنا نغني حول غربتنا الوحيدة
كالعذارى في انتحاب الليل.
كنا نترك النسيان يأخذنا على مهل
لئلا نفقد السلوى.. ونذكر..
أن عشاقا لنا كانوا هنا
واستأثروا بالفقد
سابونا على أوهامنا و تقلصوا عنا
و أهدونا إلى أسلافنا،
لو أنهم
لو أن عشاقا على ميزانهم مالوا قليلا
أو تمادوا في تغزلهم بعذراواتنا، أو بالغوا
لو أنهم جاءوا قبيل الماء،
أفشينا لهم أسرارنا،
كنا توضئنا لهم بالنرجس الناري
لو جاءت رسائلهم لنا كنا قرأنا سورة الرمان
سورنا بلادا بالتراتيل،
إنتخبنا بهجة أخرى،
وكنا زينة في الليل، كي لا تخطئ النيران
كي تغوي العذارى شهوة الأحلام
توقظ فتنة من نومها.
لو أنهم ماتوا قليلا قبلنا..
كنا تمهلنا قبيل الموت(49/485)
أو كنا قتلنا بعضنا،
كنا مكثنا في خطايانا
و أجلنا مكاشفة العدو لعله يعفو
و يذبحنا برفق
علنا نخفي عن الجيران شهقتنا
نكابر،
ننتحي في ركن خارطة و ننسى هجرة
و نغض طرفا عن منافينا و ننكر جرحنا
كنا تشنجنا على أكبادنا
كنا كتمنا،
لم نكابد غبطة العشاق
لم نفتح كتابا فاتنا في الحب
أو كنا قنعنا بالخسارة كلها
لو أنهم ..... *
مديح اليأس
لم تكن أخطاؤنا أغلى من الأبناء
كابرنا لكي نخفي هوانا عن معذبنا
مدحنا يأسنا، متنا
وسمينا اختلاج الروح تفسيرا،
تقمصنا الهواء.
لم تكن أخطاؤنا أغلى
تماهينا، شحذنا نعشنا،
وسمينا هوانا كاسر النسيان
أسرفنا و أرخينا مراثينا
لئلا يعرف القتلى طريق الموت
..ـ ــئلا تشفق الرؤيا على أخطائنا.
لم ينتخبنا سيد، لا نغفر الأسماء،
لم نحضر دروس النحو،
لم نعرف مكانا آمنا للحب. *
جمرة الفقدان
ماذا سيبقى عندما تنهال جمرتنا الخفية في هواء الليل
ماذا يختفي فينا
وهذا ماؤنا الدموي يستعصي
وطير الروح ينتظر احتمالا واحدا للموت.
***
هل نمشي على ليل الحرير لجنة تهوي
ونمدح بالمراثي،
ربما ينهار أسرانا على تذكارهم و نؤجل الأسلاف،
هل نمنا طويلا كي نجرب موتنا
فينالنا، ... ويؤلف الأشياء ثانية.
فماذا ينتهي فينا ويبدأ
عندما تبقى بقايانا على باب المساء
وتصطفينا شهوة المكبوت
أو ماذا سنقرأ في المرايا
هل نؤثث سورة الفتوى بتفسير يكافؤنا على الأخطاء.
لو كنا عرفنا جمرة الفقدان
( وهي علامة الشكوى )
ستمدح موتنا.. متنا
لئلا ننثني شغفا
فنشهق في اندلاع الحب
يذبحنا ويلهو في شظايانا.
***
هنا وهم سينقذنا من الأحلام ،
نحن شهوة الفردوس
نهذي في جحيم غير مكتمل
لكي نسهو عن المكبوت و الرغبوت.
لو فيروز توقظ ماءنا ...
... كنا توضئنا لئلا ننتهي
يا منتهانا
هل سرى ترياقنا فينا
فأدركنا مرارتنا و أوشكنا على ندم
فقدنا منحنى أحلامنا في الوهم
قلنا شعرنا كي يفضح المعنى
ويغفر أجمل الأخطاء.
ولو قلب لنا أغفى على كراسة الأسماء،(49/486)
لم تكمل أغانينا
بكينا حسرة وتماهت الذكرى مع النسيان،
أو كنا مزجنا ليل قتلانا بماء النوم
لم نهمل قصائدنا على ماض لنا
متنا قليلا و انتهينا في البداية
لم نؤجل سرنا
كنا انتحرنا قبل قتلانا
و أخطأنا كما نهوى
فلا ماء سيرثينا و لا نار ستمدحنا.
***
جئ لنا واذهب إلينا
ذلك الباب الموارب
غير مكترث بوحشتنا الغريبة
وهي تهتف في النوافذ و اصطخاب الروح.
يا الباب الموارب غير مكترث
تواضع برهة و ارأف و صدقنا قليلا،
أيها الباب الموارب غير مكترث بنا
اغفر لنا و اسأل وصادقنا قليلا.
هل تمادينا وبالغنا بحبك كل هذا الليل
كي يأتي عليك الوقت تنسانا
و تبقى موصدا .
نغفو على أشلائنا،
نحن الذين انتابنا ماء العناق
وساعة الرؤيا
و أنت موارب،
قمصاننا مثقوبة و يداك في وحشية النسيان تمحونا.
لماذا وحدنا قمصاننا مثقوبة بالقلب
هل نهفو إليك و أنت في غيبوبة الرؤيا
ترانا دون أن تحنو علي ما ينتهي فينا.
أيها الباب الموارب
أيها المرصود و العشاق ينتظرون في بهو المسافة
قل لنا واغضب علينا
و امتحن و اعصف بنا واشفق علينا
إنما لا تعتذر عنا أمام الناس
يا باب النجاة و منتهى أسرارنا
افتح لنا و انظر
و لا تغفل و لا تقسو علينا
أيها الباب الموارب..
جئ لنا.. و اذهب إلينا.*
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> المخالب
المخالب
رقم القصيدة : 6428
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
للجمال الآسر .. الغالب ... مخالب ..
له جروح .. وله على قلبي .. مطالب ..
والرضا .. كايد ..
و زود الغيض .. كايد ..
عوايد .. للجمال اتلاف حالي ..
والأكيد .. انه سبايب ..
استزيد الشوف ..
وقلبي منك ياالمجهول .. ذايب ..
كن آخر ما براعي ..انت ..
واول ما كتب حبري .. يراعي ..عنك ..
واجمعوا كل الحبايب .. فيك ..
ياعمري وحلالي ..
وعوايد للجمال.. اتلاف حالي ..
كايد ..
هالجمال .. لغيرك انت ..
زينك لغيرك .. طرايد ..
اغرس الناب .. الصوايد ..(49/487)
في الحشا .. وتسيل روحي ...
فيك يالجاني .. غرايب ..
من قصيد .. ما كتب لحد سواك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الماضي الحاضر
الماضي الحاضر
رقم القصيدة : 6429
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
صوتٍ شبيه الريح .. مشققٍ بأعواد شيح
مرتّق بالدم .. معتّق بالهم زافر
صوتٍ مثل خضر العروق اللي على ظهر الكفوف المبطيه نافر
صوتٍ ذبيح .. يصرخ يصيح .. إبلك خذوه القوم
بين الفزع والنوم ..
أسرجت مهري ألف ..
وسلّيت سيفي ألف ..
وظهرت تحت الشلف ..
ماكان في الشارع غير الرصيف والفجر ..
وبواب جيراني من هالمدى راجع ..
يحمل رغيفٍ حار .. زاد لثلاث صغار..
للمدرسه صحيوا ولبسوا مرايلهم ..
سنين سنين .. هالصوت الجارح الزاجر..
يصيح بي وينك.. قطفت بساتينك ..
وابلك خذته القوم.. خذته القوم هالابل..
أفّز وفي أنفي ..عجاجة الغاره ..
وأصحى وفي كفي ساعه ونظاره ..
مالي إبل أرجوك مالي نخيل .. لانصل ولا حافر..
تعبت من صوت العروق المبطيه.. ومن صمتي الفاجر..
وأنا أخر الفرّيس ظنك ..
أنا أخر الفرّيس ..
حسبك ياحادي العيس ..
هذا الزمن عاري ..لاردن ولا جوخه ..
يصهل مهر راكان ..
وينادي ابن مهيد ..
يوقف شعر هالبيد ..
هذا الزمن أصمخ .. مايسمع شيوخه..
شد الرحال .. سافر ..
دوّر ياحادي العيس .. روض وزهر ماديس
ولذنوبنا.. لذنوبنا غافر
وداع يا خضر العروق اللي على ظهر الكفوف المبطيه
يالماضي الحاضر ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> من الحزن الى الصديق الضجر
من الحزن الى الصديق الضجر
رقم القصيدة : 6430
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
بين الحنايا 00 ذيب 00
مكسوره انيابه 00
شقق عواه القلب 00
تحت الجفن شوكه 00 تسهرني كتابه 00
وهذا الزمان الصعب 00
لو غاب 00 في غيابه 000
قمر الحزن بيغيب 00
بيني وبين الآه 00
اني اطلق ضلوعي 00
تركض في هاالشارع 00
بيني وبين الدمع 00(49/488)
اني أسأل خضوعي 00
ليه الشجر فارع 00
بيني وبين الناس 00
آكل الم جوعي 00
وما بيعهم إحساس 00
يبكي ورى الألواح 00
ناي للحزن مجروح 00
يا اللي نبي فراقه 00
ويا اللي تبينا نروح 00
ليه تقفل الابوب 00
حنا سكنا دروب 00
وما للألم سارق 00
ونعاتب الاحباب 00
وما بينهم محبوب 00
نلقاه 00 ونفارق 00
اصبر معي 00 لاباس 00
روزنامه في صدري 00
ويمضي العمر انفاس 00
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وادعيني
وادعيني
رقم القصيدة : 6431
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وادعيني .. لا تردين الملامة
وادعيني .. لاتخافين الندامة
وادعيني يا حبيبة .. وسامحيني ياغريبة
ان جرحتك في اللي فات .. ذا ترى طبع الحياة
يا عسى اللقيا قريبة
لا تضنين الوداع .. بيننا هذي الدقيقة
من زمان الحب ضاع .. وما درينا بالحقيقة
كلنا نطرد سراب.. حظنا منه العذاب ..
وادعيني يا حبيبه.. وسامحيني ياغريبة..
لوجرحتك في اللي فات .. ذا ترى طبع الحياة..
يا عسى اللقيا قريبة
وادعيني بابتسامه .. نورها ينفي الشجون
واتركيني بالسلامة .. .يا عسى دربك حنون
واوعديني لو نسيتي .. قصة الماضي اللي راح
زي ما تنسي الامانه .. حاولي تنسي الجراح
وادعيني يا حبيبة.. وسامحيني ياغريبة..
ان جرحتك في اللي فات.. ذا ترى طبع الحياة
يا عسى اللقيا قريبة
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ياكريم
ياكريم
رقم القصيدة : 6432
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا كريم .. يا كريم ..
نوض برق .. وريح ديم ..
وفي الحشا .. رمل قديم ؟؟
لاح برق في الظلام .. شقق الظلما سناه ..
يا هلا بغيث الغمام .. وياهلا بعشب الحياة..
لاح برق في العتيم ..
سدرة الوادي العتيق .. وسط صدري اغصونها ..
عندها وعد وطريق .. وحالف ماخونها ..
لاح برق في العتيم..
لاح برق في الدجا .. نقض جروح التراب ..
نزرع الأرض برجا..جود خلاق السحاب ..(49/489)
لاح برق في العتيم..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> النسيان
النسيان
رقم القصيدة : 6433
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تذكر النسيان ... لاعاد تنساه
ياقلب ... وانسي القلب لعل يشفا
يدرى الحبيب ... انه حبيبٍ وابجفاه
ماهو خراب الكون ... لاقفيت واقفا
كان الخطا منى ... فقلبي خطاياه
هو علمه ... وشلون ... يهجر ويجفا
تعب المسافر ... وابعد الموج مرساه
صار المدى له يم ... والشمس مرفا
ومل الهوى نوحه ... وبوحه ... ونجواه
ماعاد لى صبر على الجراح ... تكفا
الى متى ...صدري بيحترق حناياه
كنك على صالي ...عظامي بتدفا
والى متى ... جفنى بيسقيك من ماه
كن الليالي لاصفا الدمع تصفا
تذكر النسيان .... ياقلب وانساه
وانسي ... الجروح اللي مع الوقت تشفا
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> هيهات
هيهات
رقم القصيدة : 6434
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لادمعة في العين تكفي ولا آه
لا من نوى لك صاحبك بالقطيعه
الله على بعض المحبين ما اشقاه
يرجي زهر روضٍ تولى ربيعه
ولا من خذا له ساعة قال ابساه
بانسى هوى اللي باعني قبل ابيعه
وده يعسر القلب عن غي مشهاه
هيهات ياقلب الخطا لو تطيعه
الله يجازي الحب مااكبر خطاياه
شره على اصحاب النفوس الرفيعه
اهل الوفا واهل الشيم من سواياه
ضاقت بهم دنيا فججها وسيعه
والا الخبيث بمنسم الرجل ناطاه
يوم الغدر والخبث عنده طبيعه
يالله عسى لي خيرة عقب فرقاه
لوكان فرقا الخل مثل الفجيعه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لاتجرحيني
لاتجرحيني
رقم القصيدة : 6435
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا تجرحيني .. جرحك العام ما طاب
داوي بحنانك ما مضى .. واجرحيني
ياللي حنانك نظرة بين الأهداب
ردي علي بعض العزا .. ناظريني
خافي على قلبٍ يحبك إلى ذاب
ذاب الهوى في خفقته .. والحنيني(49/490)
لولاك ما زار القمر ليل الأحباب
ولا لوحت شمس المحبه جبيني
ولولاك .. ما يلفي على الدّار غياب
ولا تبكي اللي فارق الدار عيني
في غيبتك كل الملا عندي اغراب
ما أحدٍ أبي قربه .. ولا أحدٍ يبيني
لا ياغلا كل القرابه والأصحاب
ضاع العدل في الناس لو تظلميني
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وعود وأعذار
وعود وأعذار
رقم القصيدة : 6436
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عطني فهواك الصبر لاصرت قاسي
تبدي حنان وداخل القلب جبّار
لا صار قلبك خالي الحس ناسي
وتلعب على المشتاق بوعود واعذار
ولا صار فيك من الأمل كثر ياسي
وعندك يقين وتارك القلب محتار
لا من نسيت اولي نويت التناسي
اترك وراك لباكي العين تذكار
اشرب معاه الوهم لا جف كاسي
و لا ما حصل شوفك أضمك بالأفكار
يا حارمٍ عيني لذيذ النعاسي
ومعذبٍ روحي بجنّتك والنّار
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> نسيم الليل
نسيم الليل
رقم القصيدة : 6437
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
هب النسيم بريح من مفرقه لاح
عطر.. وسنى من غزة الليل بادي
ما عاتبه موضى جبينه ولا شاح
أعطاه خده .. وانتشى بالبرادي
لا يا نسيم الليل قلب الخطا باح
والعين ملت جفنها من سهادى
يا ليتني مثلك خلي ومرتاح
ما أحد نشد عن غايتي .. عن مرادي
ولا طاب لي غصن من الغى مياح
أروي غليل القلب لا صار صادي
لا شك أنا بالحب كتبت لي جراح
شربي حزين الدمع .. والصبر زادي
لا جيت أبا أدله عن زماني الذي راح
قالت ليالي الشوق00وين أنت غادي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> المرايه
المرايه
رقم القصيدة : 6438
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
المرايه قصيدة
انتي مشغوله بروحك
ما ملك عقلك وروحك
لا أنا.. ولا سوايا
اعطي ظهرك للمرايا .. وشوفي غيرك
اظهري من ليل كحلك ومن أساورك وحريرك
افتحي الشباك مره .. شوفي الناس والشوارع(49/491)
وش كثر هالغربه مره .. للي وسط الزحمه ضايع
انتي مشغوله بروحك .. ما ملك عقلك وروحك
لا أنا.. ولا سوايا
كلنا عشاق لكن
كل واحد له حكايه ..
كلناعشاق لكن
كلنا نحبك.. نحبك
وأنتي جرحك في ساكن .. وأنا جرحي برا قلبك
أمشي لو نصف المسافة .. وقفي بينك وبيني
أكسري كل المرايا .. أنتي أجمل وسط عيني
يا للي مشغولة بروحك من خذا قلبك وروحك
هو أنا .. ولا سوايا
كلنا عشاق لكن
كل واحد له حكاية
كلنا عشاق لكن
كل واحد له حكاية
كلنا عشاق لكن
كل واحد له حكاية
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> نجمة الفضه
نجمة الفضه
رقم القصيدة : 6439
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أعرف الشارع اللي..
فـ اوله دارك ...
واعرف ان القمر .. جارك ...
وعطرك ... هو حديث الريح ...
اعرف ان النجوم ... اتطيح ...
على دروب المدينة ...
إلى صرتي حزينة ...
متى يا نجمة الفضة ...
حجبت الليل عن نُورك ...
متى قلت السما مّلت ...
جحٌودك ... نظرة غرورك ...
صحيح إني ... نسيت اليوم ...
نسيت اليوم ... لا أزورك ..
وأنا .. أنا عرف النجوم تطيح ...
على دروب المدينة ...
إلى صرتي حزينة ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ناي
ناي
رقم القصيدة : 6440
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
في الشارع .. عتمه ونور ..
زحمه .. واشارات المرور ..
تاقف على انفاس الطريق ..
مشيت أنا .. وهمي العتيق ..
وقبل التعب .. مايهدني..
سمعت صوتٍ شدني ..
ناي .. في صوتها ناي ..
غني وجرحني الشجن ..
دقات قلبي .. وقفن..
وخطاي
قالت وش الوقت ...
ناظرت ليل اعيونها ...
وصبح الجبين ..
ومرت ثواني صمت ...
وقلت الزمان .. انتى..
وكوني اللي تبين ...
من يومها ماعاد اناظر ساعتي ..
وش حاجتي .. أعد الزمان ..
وهى الزمان الجاي ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ما ينقش العصفور
ما ينقش العصفور
رقم القصيدة : 6441(49/492)
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الصدق ..
ما ينقش العصفور .. في تمرة العذق ..
وما وشوش الدبور .. زهرة الرمان ..
والصدق .. ما زاعت أ رض جوفها بركان
وما يحفر الأظفر في جلدة المجدور
وش يخفي الإنسان .. الطيب .. المغرور
عضيت أنا اجساد الحروف الواضحه ..
يا اخت الطريق ..
عضيتها صدق الشفاة الناضحه
شهد وشري ..
وكان الحديث .. جرح ٍ طري ..
مضمد بالياسمين
كان الحديث .. ما هو الحديث اللي تبين ..
وش اللي تبين الصدق.. ؟
وش الصدق ؟!غير الدفا والنور ..
وما يقتل الإنسان الطيب .. المغرور
لو قلت لك .. إني ضعيف ..
هش ٍ كما ورق الخريف ..
أو قلت لك إني أخاف ..
أبكي .. واخفي عبرتي ..
واني لبست .. ثوبي .. عقالي وغترتي ..
با أجامل الليل .. والجفاف
بيعجبك .. هذا الصدق .. وهذا العفاف .. ؟!
بهديك أنا يا مهرتي .. سرج ٍ حرير
وقلادة ذهب ..
وأبا أشتري سيف ٍ رهيف ..
لو ما بقى عندي ثمن .. نصف الرغيف ..
اللي يسد الجوع ..
والجوع .. صدق ..
الجوع .. صدق .. وما سواه ..
يا اخت الطريق ..
كذب .. كذب .. كذب
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> المرايا
المرايا
رقم القصيدة : 6442
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
المرايا.. وجهي اللي تمليت
آه يا وجه المرايا ..
انت انا .. والا سوايا ..
محدٍ خذا وجهي
لبسوني قناع ..
وانت .. لا تسال .. ولا ترتاع ..
كدر حصاهم صفحة الما ..
لا ياصلون القاع
أعرف أنا نفسي
بس ودي تقول .. من أنا
إلى متى صمتك يطول .. مين أنا
كلٍ يسميني بإسم .. ما هو اسمي ..
وانته تناظر .. تبتسم ..
آه .. يا وجه المرايا ..
لا انت أنا .. ولا إنته سوايا
هذا وجهي يالمراة .. ورده وصارت حصاة
قمت أقلبها بنظر .. وآه يا كثر الحصى
ذا حجر .. وذا حجر ..
وينك إنتي يالصور ..
ذكرىوجهي اللي فات .. وجهي الباقي
اللي في أعماقي .. وجهٍ عرفته غير ..
آه .. يا وجه المرايا ..(49/493)
إنتي أنا .. وأحدٍ سوايا ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> نبض الحب
نبض الحب
رقم القصيدة : 6443
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
كل حبٍ .. تغير وانمحى
من حناياك يالقلب القديم
كود نبض على وضحى صحى
أول العمر يوم اني فطيم
لامني الشيب .. وابعدني السحى
لا ارتمى فوق هالصدر الرحيم
أعشق الوضح لاجلك والضحى
وضوح برق الوسامى في العتيم
اقبل الصبح والليل انتحى
ابشري بالفرج والله كريم
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لا تعاتب
لا تعاتب
رقم القصيدة : 6444
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا تعاتب .. ما اقدر أتحملك عتابك ..
قلبي ذايب .. وانت تشكي لي عذابك ..
بس لو تسأل عيوني .. راح تبين لك شجوني ..
لو أغير يوم حياتي .. عن هواكم ما تغير ..
إنت أغلى ذكرياتي .. انت غيرك ما اتخير ..
بس لو تسأل عيوني .. راح تبين لك شجوني ..
لا تعاتب .. لا تعاتب ..
نور حياتي في رضاك .. والسعاده كلمه منك ..
شوف هنايا في هواك .. لما نلتوا بحسن ظنك ..
بس لو تسأل عيوني .. راح تبين لك شجوني ..
لا تعاتب لا تعاتب ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ما قلت لي
ما قلت لي
رقم القصيدة : 6445
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ما قلتي لي انك تحب .. قلبك وعينك تحب
اخترتني بين الجميع .. واهديتني البسمة ربيع
لا ما دريت .. انك تحب ..
عذبتني بلا سبب .. وما قلت لي ..
البارحة ..
غمضت أنا عيوني .. على وجهك سريت
حبست في عروقي .. دفا صوتك .. سريت
درت الشوارع كلها ..
فـ دنيا أبد .. ما ادلها ..
خليتني أسهر واضيع ..
اخترتني بين الجميع .. وأسقيتني البسمه ربيع
لا ما دريت إنك تحب ..
ضيعتني بلا سبب .. وما قلتي لي
ذنبي أنا.. وانتي ..السماح ..
ادري الجراح ذنبي ..
ياللي الهوى .. عنده مزاح ..
وصار الثمن قلبي ..
سألت يا صاحب ..(49/494)
سألت عن .. وجه المسا الشاحب
سألت عن .. قمر الحنين.. وشمس الغضب
فقلبك.. وعينك تحب ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> يا صاحب
يا صاحب
رقم القصيدة : 6446
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
آه يا صحب .. راحوا الأصحاب
والزمن غالب .. والأمل كذاب
والوفا .. آه يالوفا .. خانوا الأحباب ..
ما بقى صاحب ياصاحب .. يستحق اعتاب ..
تضحك دموعي .. للزمن والناس ..
وغدت ضلوعي .. في الرجا والياس
وانت لو تدري شـ اللي في صدري ..
قلت لي .. لا باس ..
ما بقى صاحب ياصاحب .. يستحق اعتاب ..
ضاعت أيامي .. أرجي اللي غاب
شابت أحلامي .. والزمن ما شاب
وش بقى قلي .. غير أنا وظلي
في أرضنا أغراب ..
ما بقى صاحب ياصاحب .. يستحق اعتاب ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> المسافر
المسافر
رقم القصيدة : 6447
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا تلوح للمسافر ..
المسافر راح ..
ولا تنادي للمسافر
المسافر راح ..
يا ضياع أصواتنا .. في المدى والريح
القطار وفاتنا ..
والمسافر راح ..
يالله يا قلبي تعبنا من الوقوف ..
ما بقى بالليل نجمة ولا طيوف ..
ذبلت أنوار الشوارع .. وإنطفى ضيّ الحروف
يالله يا قلبي سرينا .. ضاقت الدنيا علينا
القطار وفاتنا ..
والمسافر راح ..
مادري باكر هالمدينة وشتكون ..
النهار والورد الأصفر والغصون ..
هذا وجهك يالمسافر لما كانت لي عيون ..
وينها عيوني حبيبي ..
سافرت مثلك حبيبي ..
القطار وفاتنا ..
والمسافر راح ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ناعم يا ندى
ناعم يا ندى
رقم القصيدة : 6448
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ناعم يا ندى في ليل الربيع
يا عمر .. ابتدا وخايف يضيع
نعومة كلام بتمحي الألم ..
وبسمة سلام تخلي العدم ..
جناين محبه .. وخضرة مروج
ومركب ومويه .. ونسمه وموج
قابلتك في حلم واماني رقيقه(49/495)
وضمك خيالي .. يا وهم الحقيقه
خذتنا الليالي .. في رحلة حنين
نسينا الليالي وعمر السنين ..
وعشنا فـ محبه .. وخضرة مروج
ومركب ومويه ونسمه وموج
حبيبي .. أببكي أبضحك باذوب
وأذوب في حبي جميع القلوب
أحبك لآخر مدى في حياتي
أحبك في همسي .. وكلامي وسكاتي
أحبك محبه .. وخضرة مروج ..
ومركب ومويه .. ونسمه وموج ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> من عيوني
من عيوني
رقم القصيدة : 6449
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
من عيوني .. يا حبيبي
من عيوني .. اطلب والبي لك
من عيوني ..اتبسم انا اجيلك
واشعل في قناديلك ..اماني العمر
ونزرع شوق ..ونجني حب
من عيوني .. اطلب والبي لك
من عيوني ..
اجيب الليل اجيبه
من عيوني ..
قبل ميعاده ..
من عيوني ..
انا والشوق وطيفك
نرسم ابعاده
بس انا جاوزت حدي في هواك
مدري حتى وش ابدي في رضاك
واشعل في قناديلك ..اماني العمر
ونزرع شوق ..ونجني حب
من عيوني .. اطلب والبي لك
لو بيدي ..
القى مفتاح السعاده..
كل لحظة ..
كنت حبيتك زيادة ..
بس انا جاوزت حدي في هواك
مدري حتى وش ابدي في رضاك
واشعل في قناديلك ..اماني العمر
ونزرع شوق ..ونجني حب
من عيوني .. اطلب والبي لك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وش كثر إنتي جميلة
وش كثر إنتي جميلة
رقم القصيدة : 6450
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
بتعلم حروفك 00
عن الشعر كله 00
وادخل كفوفك 00
عن البرد كله 00
واشهر سيوفك 00
في وجه الوقت كله 00
( ياالله 00وش كثر انتي جميلة00
وش كثر انا احب00)
واسند جروحي00
مثل جذع نخله00على هاالمدى00
واركض في صوتك00
وتحمل هبوبك رمالي00
سرابك00جبالي00
دروبك خيالي00
وتبقى جروحي00
عطش الف نخله00هجرها الندى00
واتمنى مره وانتي معايا00
اناظر ورايا00واناظر بعد00
وغير ابتسامك00ماالمح احد000
على هاالمدى000(49/496)
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> هلي الجدايل
هلي الجدايل
رقم القصيدة : 6451
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
هلي الجدايل.. ظلليني عن الشمس
و داري جبيني عن لهيب السمومي
لا تساليني.. عن عذاب مضى امس
انا نصيتك هارب من همومي
ما تلمسين الجرح في مهجتي لمس
جرح الهوى ما يسترنه هدومي
يظهر على صمتي.. وينزف مع الهمس
وبدمعةٍ يفضح.. بقايا علومي
إن ما كفاك اني وهبتك هوى النفس
وسهد الليالي يوم انا انكرت نومي
خذي الرجا .. خلي ولو راحة الياس
لمي الجدايل عن لظى الشمس قومي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> نجوى
نجوى
رقم القصيدة : 6452
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
حنا ورود .. وليت ماانتم مصادير
بالهون .. يكفيني عن الرِي نجَوى
ما با الصدود اسلوم ربعٍٍ مخَاشير
وردٌ السَلام لعَابر الدرب تقوى
تبسٌمي .. ينبت بقلبي نواوير
عشب الفَياض ويابس العرق يروى
بَيني وبَينك ما تجوز المعاذير
عمرٍ يضيع .. ولجلك القاع تطوى
جرحٍٍ بكبدي والجدى فيه تصبير
كاني صبرت أيَام .. فأيٌام مقوى
وكان الهوى اللي كَسٌر القلب تكسير
علة خفى .. ما صَابكم منه عَدوى
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> موت وميلاد
موت وميلاد
رقم القصيدة : 6453
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
فـ عيني تغيب الشمس .. وتشرق افـ عيني
في ناظري للشمس .. موتٍ وميلاد
لليل في دمعي سنا .. نجمتين
وللصبح في جفني شفق هم وسهاد
كن السهر دربٍ عليه ابـ تجين
ولا ودي أقطع درب لاماك برقاد
ياللي جميع الناس بينك وبيني
وكل لحظة أنا نتظر منك ميعاد
عذري لياسي منك .. إنك تبيني
خنت الرجا.. وان صنت لي عهد ووداد
ولمصافحك ربي خلق لي يميني
أمدها لك وصل وأمدها بعاد
البسمتك ترخص غوالي سنيني
جرحي يهون ووجاير الشوق يزداد
أنسى عذاب العمر و ما أنسى حنيني
تبلى ليالي العمر وجروحك جداد(49/497)
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مني السلام
مني السلام
رقم القصيدة : 6454
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مني السَلام ..وكان لي منك فرقَا
جَمرة غضى حبك لجت داخل الجوف
عيني عليك من اشهَب الدمع شرقا
غيرك فلا حسّيت وغيرك فلا شوف
ما انته امحول كيف انا يمك أرقا
والحَيّ مثلي بتَالي العمر مكتوف
حَبل الصّبر مَشدود والكف عرقا
كيف اتقضت لاغدَت قيض وشعوف
واصيح لك مَا يسمَع المَوج غرقا
واصيح لك مَا يرجّع المَاضي حسوف
يومك لنا مَا أخاف بَردٍ وحَرقا
بَيت العَزا بعدك يبي جدر وسقوف
ويومَك لنَا لون السّمَا منك زَرقا
وللعشب نوارٍ وللمَاطر قنوف
كلٍ يروح ورحمَة الرّبّ تبقى
وكلٍ سِوَاك اليوم يَا شَيخ مخلوف
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ما عاد لي صاحب
ما عاد لي صاحب
رقم القصيدة : 6455
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا من نشدني علامك ناحلٍ شاحب
اخترت مثلك صديقٍ وأخلف اظنوني
البارحة واعذعب الضاحك الناحب
من الليالي وأهلها شابت عيوني
روحت من صاحبي ما عاد لي صاحب
وأعداي وافين ما قد يوم خانوني
هذا زمانٍ نصيبي منه وأنا أحب
لا من حفظت العهد ازعلت مضنوني
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مداوي الجرح بجراح
مداوي الجرح بجراح
رقم القصيدة : 6456
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا اللي جبين الصبح من مفرقك لاح
ليتك تركت الليل يملأ سمايه
كان الهنا ما جا حياتي .. ولا راح
ولا فقدت اليوم نورك هنايه
جرحتني يامداوي الجرح بجراح
وأنا أحسب إنك صادقٍ في دوايه
وكانك على جرح المحبين ترتاح
إرتح .. قطعت اليوم تالي رجايه
وابشر ترى روحي نست كل الأفراح
وتهدّمت تبكي عذابي معايه
جرحتني يا مالك الروح برماح
صدك .. عسى يرضيك مني شقايه
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> أنا لا أنا
أنا لا أنا
رقم القصيدة : 6457(49/498)
-----------------------------------
أنا الأندلسيّ المقيم بين لذائذ الوصل
وحشرجات البين
أنا الظاهريّ
القرطبيّ
الهاجرُ لكلّ وزارةٍ وسلطان
أنا الذي ربّيت بين حجور النساء
بين أيديهنّ نشأت
وهنّ اللواتي علمنّني الشعر والخطّ والقرآن
ومن أسرارهنّ علمتُ ما لا يكاد يعلمه غيري
أنا الذي يقول: الموت أسهل من الفراق
هذه شريعتي
أن أبوح لأهل الصبابة
في بغداد وفاس
وقرطبة
والقيروان
في الزّهراء
وطنجة وأصفهان
والدّار البيضاء
أن أصاحب الدّمعة إلى وساوس حرقتها
أن أبارك وردة بين معشوق وعاشق
وأكتب لك
عن هذه البذرة التي تكفي
لكلّ من يكون
بين مسالك السّمع والبصر
في حضرة
الجنون
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> الحبّ نهرُ الأبد
الحبّ نهرُ الأبد
رقم القصيدة : 6458
-----------------------------------
لا شيء غير جداول
تتواصل
في عرائها
هذا هو الحب
أنا الذي يقول
المثلُ إلى مثله يسكُنُ
أنا الذي يقول
أجزاء النّفوس تتجانس
وفي الأنداد
التّوافق
أنا الذي يقول جرّبت
وشاهدت
خُذ بما علمت عنهنّ وعنّي
هو الحب مزّاج النّفوس المتشابهة
سرّ الطّوق فيك
سرّ التبدّد
فيك
يا هذه النّفس
ذات العوالم الخفيفةْ
أنا الذي يقول
ما تمكّن من النّفس لن يفنى إلاّ بالموت
وأنت
طيري عالياً
وطيري
في فضاء الوشم
تقصّدي
نداء الماء
أنت
بشهوةٍ طوّقتك أيتها الحمامة
وأنت هكذا أيّتها النفس
غمامةٌ تدفعها غمامةْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> جسد من ؟
جسد من ؟
رقم القصيدة : 6459
-----------------------------------
منّي اقترب أيّها الجسد بغير احتراس
جسدك ملكُ شهقتك
في أقصى لذائذ
الحبّ
من جسدك اقترب أيّها الجسد
وانظُر إلى أعضائك
تنحلّ
وتذوب
صرختك بدايتك أيّها الجسد
لها الأغصان
والأقواس
لها الضّحكات تنشأ
من حناجر الأبد
لا تخش تبدّد أيّها الجسد
وعاريّاً تقدّم إلى عيني
عاريّاً ومحرقاً
وفي الزوابع انحفر
بشهوة الأخاديد
وانتصر عليّ وعليك
ليفرح اللّسان(49/499)
بذوبه
بين شقوق غيمة
لهيبها اتّقد
كُن لي أيّها الجسد
مسكن ماء
وسُنبلةً
لبُطلان ما يهدّدني المساء
موتاً
وفناءْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> وجهٌ يسعى
وجهٌ يسعى
رقم القصيدة : 6460
-----------------------------------
وإنّي لأخبرُك عنّي
ألفتُ في صباي ألفة المحبّة
جاريةً نشأت في دارنا
كانت غاية في حسن الوجه
والعقل والعفاف
كانت قليلة الكلام
دائمة القطوب
تزدانُ في المنع والبُخل
وكان للعود بين أصابعها
عطرٌ
وظلالٌ
وعريٌ خفيّ
سعيتُ وسعيتُ
أن تجيبني بكلمةً لي وحدي
وسعيت
ثمّ التفت النّساء في مقصورةٍ
في دارنا مشرفة على بُستان
يشرف على بيوت قرطبة
في فاس كانت المقصورة مفتّحة الأبواب
كنتُ أدافع عن والنّساء كُنّ من الشّراجيب
العتمات المؤدّية ينظُرّن
إلى قوّة أن أراك كُنتُ أنا بينهنّ
كُنتُ أذكُرُ أنّي كنتُ أقصدُ الباب الذي
أوزّع الصّباح هي فيه اقتراباً منها
والصّباح بمجرّد أن تراني في جوارها
والبردُ وحده تترك ذلك الباب وتقصد غيرهُ
يُذكّرني بأصابعي في لُطف
وأتعمّد القصد ثانية إلى الباب
الذي صارت إليه فتخفّ إلى
غيره
وأنا من باب إلى باب
وعندما أمرتها سيّدتها أخذت
العودَ وغنّت لنا معاً
أو لي وحدي
إنّي طربت إلى شمس إذا غربت
كانت مغاربها جوف المقاصير
ليست من الإنس إلاّ في مناسبة
ولا من الجنّ إلاّ في التّصاوير
فالوجه جوهرة والجسم عبهرة
والرّيح عنبرةٌ والكلّ من نور
لم يكن المضراب يقعُ إلاّ على
أنفاسي
ثم شغلتني النّكبات في عهد
هشام
وكان الاعتقال
وكانت الفتنة
وأنا من باب إلى باب
حتّى كانت جنازة بعض أهلنا
فرأيت عشيقتي
وارتفع الصّراخُ كان صراخي
وما كنت نسيتُ
اتّقدت أعضائي
نارٌ
تهجّج نارها
ولوعةٌ
تنادي على اللّوعة
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> هيّأتُ
هيّأتُ
رقم القصيدة : 6461
-----------------------------------
لك هيّأت ليلةً بحنّائها
هيّأت شُرفةً تقرّبني
من رياحين فاس
وقُلتُ لوشمةٍ
ترقرقي(49/500)
نديّة فوق هبوب شوقها
لك هيّأت وردةً
هيّأتُ موجها
ونُثارها
وقلت لنعومة تشهق بيننا
هي لك
شعلةٌ أخرى لشفتيك
لك هيّأت مسكاً وعنبراً ولُبان
مزجتُ ملمساً
بملمس
وقُلت للشّفق
أخ النّبيذ أنت أخي
طر بي إلى حيث يمحو المعاني عشق الأبد
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> الحب مكان يطير
الحب مكان يطير
رقم القصيدة : 6462
-----------------------------------
وطئت بساط الخلفاء
وشاهدت
محاضر الملوك
فما رأيت
هيبةً
تعدل هيبةَ محبّ لمحبوبه
وما رأيت
فرحاً شبيهاً بمرجانك
يا صديقي المُحب
فراشةٌ
تحدّرت إليك من سكينة المحبوب
وفي الأوقات كُلها
فراشة الصّفاء
رأيت
فرحاً شبيهاً بمرجانك
يا صديقي المُحب
فراشةٌ
تحدّرت إليك من سكينة المحبوب
وفي الأوقات كُلها
فراشة الصّفاء
حضرت مقامات المعتذرين
بين أيدي السلاطين
مواقف المتّهمين
بعظيم الذّنوب
ما
رأيت
أذلّ من محبوب واقفٍ
بين يدي محبوبه
الغضبان
لا سُخط بعدك
لا جفاء
لا شفيق في طاعة الحتف
لا رفيق في البلاء
وأنا اختبرتهُما معاً
وفي الثّانية أكونُ أليَنَ من القُطن
أكون
أذلّ
من الرّداء
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> وجهٌ يتجلى
وجهٌ يتجلى
رقم القصيدة : 6463
-----------------------------------
كان أبو عامر حسن الوجه كامل الصّورة
كانت الشوارع تخلو من العابرين
يتعمّدون الحضور إلى باب داره
في الشارع الآخذ من النّهر
الصّغير على باب دارنا
في الجانب الشّرقي بقرطبة
إلى الدرب
المتّصل بقصر الزّهراء
كانت دارُهُ ملاصقةً لَنا
وكانوا يحضرون
لا لشيء
إلاّ للنظر منه
أعرفكنّ واحدةً
واحدةً
يا ميّتات من محبّته
قتيلات من الوحدة
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> الحب آية !
الحب آية !
رقم القصيدة : 6464
-----------------------------------
بعينيك اخطف عينيها
وانفرد بهما
في لؤلؤة السكينة
بعينيك احرقي يديه
وانسكبي
قطرةً
فقطرةً على شفتيه
وبلّلي تخومه
بشهوةٍ
أمينهْ
عيناي لي لغةٌ وأبراج(50/1)
طاعةٌ
إصغاء
حذر
تلذّذ
وحيراتُ طفلٍ أودعني حنينهْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> الحب سلطان
الحب سلطان
رقم القصيدة : 6465
-----------------------------------
في الحبّ تخضع وتشقى
في الحب تموتُ مرّات وترضى
في الحبّ تطيع
في الحبّ يبطل الممنوع
المرذول
المهجور
المحرّم
لا تخالف في الحبّ
ولا اختيار
الحبّ أمرٌ
فاتكٌ
فاستسلم لوقت الغزو
واسلُك
سبيلاً يهيئه ضياعك
وعنّي أخبرك أنّي أحببت في صباي جاريةً
لي شقراءَ فما استحسنت، منذُ ذلك الوقت
سوداء الشّعر، وعلى ذلك كان أبي.
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> الحب يحرق
الحب يحرق
رقم القصيدة : 6466
-----------------------------------
في باب العطّارين
رأى الرّمادي جاريةً تخلّل حبّها جميع أعضائه
تبعها حتّى رياض بني مروان
قالت: أنا حلوةُ
قال: إنّي أقنع بالنّظر
قالت: ذلك مباحٌ لك
ثم غابت
في الزحام
رأيت في السّراجين ابن حبُوسٍ
ينشدُ للرّمادي
أمّا أنا فبكيت من حُرق الهوى
وفراق من أهوى أأنت كذاك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> يا سيد الناس
يا سيد الناس
رقم القصيدة : 6467
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الما ركد والجريد الغض .. ما هزّه
نسايمٍٍ والزمن لا جا ولا راحي
جمحت يا مهر حظي وأثر بك فزّه
ما طوّلت كلها غارة ومشواحي
لو كنت رمحٍ ٍ بكفّي كنت با هزّه
لاشك من هو عليه أهوش بسلاحي
ولو كنت بيرق عقيدٍ وين أبا رزّه
وأطول طويلٍ أشوفه .. هضبة جراحي
يا سيّد الناس .. شمسك مالها حزه
تعبت أماري بشمعي وضي مصباحي
من مس نورك جبينه يبشر بعزّه
ومن مر غيمك عتيمه بارقه لاحي
يا سيّد الناس .. كلٍ لابس ٍ بزّه
صعبٍ نفرّق ما بين الخبل والصاحي
كم واحدٍ مر .. قال عيوني تخزّه
هو ما درى إني عمى عن قاصر أشباحي
أنا عيوني تتل النجم .. وتكزّه
عن حارك الفلك .. هذي عادة رماحي
وما ألوم حظي .. تعب من كثر ما دزّه(50/2)
لو هو لغيري . .نساه الهم .. وإرتاحي
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> دعوة
دعوة
رقم القصيدة : 6468
-----------------------------------
حرر نفسك من نفسك
وأهجم
في ردهات الليل
على
ضوئك
وحل الطاعة
هدده
بعاصفة واسكن
قبة صمتك
ليلك أحواض الضوء
وغبطتك الآن
فراغ
ينشأ من غير روائح في
صدرك
أنفاسك ذائبة
ستعاشر شعلتها
تتسلل
من
ترعات
تائهة
حتى تتعاقد
فيّ
سدة موجك
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> حيرة
حيرة
رقم القصيدة : 6469
-----------------------------------
يا حارس غنبازك
هذا ليل
يتحدر من
أمواج مطفأة
أو
من شرفات
تسلم سهرتها
لنجوم
عارية بين
الغزلان
اذن
ما الذي تترصده
باصطفاء
الماء
وعند نبالة
حشرجة
تتقصى طينتها ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الندم
الندم
رقم القصيدة : 6470
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
خل الندم .. يا مضيع الود يسقيك
كاس الهوان .. وذل نفسٍ تمتك
وخل الهوى يملا بعذابه لياليك
مثلي .. وأنا ساهر جروحي بسبتك
شْف ما بقى لك من غلا كود طاريك
واتلى الذكر للي مضى من محبتك
انا الذي بجروح روحي اداويك
وبشفاي اجفف دمعةٍ فوق وجنتك
كان الدلال .. وزينك اليوم مطغيك
ترى الجفا كدّر على النفس لذتك
وكأنك قصدت تذلني في تماديك
روح المعزة عن ردى القصد ردتك
ياصاحبيى .. ما بعت ودّي وأبا أعطيك
غالي الوفا لو عاد ترجع مودتك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> هداج
هداج
رقم القصيدة : 6471
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مدري الزمان اللي زبد ثم عربد
ولعبت بك امواجه معاليق وحجاج
أوهو الحبيب الي نزح عنك وابعد
ولك حاجةٍ به وانت ما قلت محتاج
أوهو الجسد لا بد يعرق ويبرد
دور لروحك لحظة الضعف مخراج
يا ضاربٍ في الصخر بذراعٍ اجرد
بين بياض العظم ما فاض هداج
ويا ضايعٍ في غابة الحبر الأسود
ضاع العمر ما جبت حرفين من عاج(50/3)
اشعلت جمرٍ وأحرقك لين رمد
واليوم تبني حوله ضلوعك سياج
أرخ الستاير ما بقى كود مشهد
كهلٍ كفيف يشعل لغيره سراج
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ما انكر العطر
ما انكر العطر
رقم القصيدة : 6472
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ماانكر العطر .. وحبيبتي
ومااجحد النور .. وحبيبتي
ومااخفي اشعور
إني احب الشمس ولفتاتها
إني اعشق الليل ونظراتها
ياناس انا معذور
في حبيبتي والشمس
وماانكر العطر
الغت مواعيد النهار .. شمس بدت مثل النهار
ريح المطر لون الخضار ..
حبيبتي أحلى البياض
وأحلى السمار
بالحيل مجبور .. ماأخفي شعور
إني احب الشمس ولفتاتها
إني اعشق الليل ونظراتها
ياناس أنا معذور
في حبيبتي والشمس
وماانكر العطر
خليني فـ عيونك هوى .. همس الحنين
لا تغمض اعيونك علي .. ولا تكذبين
تشرقني الدمعه فـ عيوني
تحرقني اللوعه فـ ظنوني
ياحبي انا والله ماأخونك
وماانكر العطر وحبيبتي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> نور الصبايا
نور الصبايا
رقم القصيدة : 6473
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عذب الشفايا .. معسل الريق ماذيق
نجل العيون .. معذب القلب بالشوق
نور الصبايا .. شوف رسمه تشافيق
متعب .. لعوب .. وظايم الضد برفوق
يبهج شبابه عثرته للعشاشيق
يضحك .. وأنا قلبي من الصد محروق
لا .. يا ذهب .. ومخبّىٍ بالصناديق
لا له ثمن يشرى .. ولا هوب مسروق
مثل الثريا نوف .. مالك تلاحيق
ومضوي شعاعك في سما كل مخلوق
ملكتني .. وأدمى هواك المعاليق
وأنا .. مليك بجرحه قول معتوق
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> هذا النهار
هذا النهار
رقم القصيدة : 6474
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
هذا النهار.. ثياب شاش ..
ملح المشاش ..
حفنة طحين .. هذا النهار
حليب البكار العفر ..
أعناق المهار الصفر ..
تمر السنين .. وطين البيوت
ورث اللي لعيونك يموت ..(50/4)
يا دار ..
هذا النهار ..
ركب الامام اللي ظهر ..
من أطراف الأرض ..
مغباش هجن الأربعين ..
ومض السنان اللي انكسر ..
فـ بوباة المصمك ..
هذا النهار .. من خاصرة كنزان ..
من حايط الكوت ..
من قلعة .. ابـ نجران ..
ورث اللي لعيونك يموت ..
يا دار ..
الى حفرنا قبورنا ..
في جوف الأرض
الى لمسنا اجذورنا
الله يبارك ميلادنا .. واعيادنا
الى غدت اجسادنا ..
أقدام الأرض .. تاقف عزيزة بلادنا
ما دام النهار ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وضحى
وضحى
رقم القصيدة : 6475
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وضحى لها من طامن الغيم طله
تسقي الكبود بلطفها مثل الازهار
وضحى خذت من حارق القيظ كله
مدري سحاب كفوفها مدري انهار
وضحى لها زين المخاليق كلّه
ايضا.. وفوق الزين حشمه ومقدا ر
وضحى الحمود لسيف الامجاد سله
حبلت بها صرخه وتعزى لبتار
أحبها ما يكفي ا لوصف كله
تبقى الحروف حروف وأشعاري أشعار
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وعدتيني
وعدتيني
رقم القصيدة : 6476
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وعدتيني .. بنجم الضي .. بالقمرا ..
تركتيني لجرح الماضي .. للذكرى ..
وليتك ما وعدتيني ..
رسمتي لي الهوى بسمه .. بتشرق في ظلام الأمس ..
وقلتي لي مراكبنا .. بتوصل لو مواني الشمس ..
وانا من فرحتي باحلم .. واصدق حلم ايامي ..
خذاني الحب ما اعلم .. عن الدرب اللي قدامي ..
كفايه .. انك وعدتيني ..
وعدتيني حبيبة عمر .. تقاسمني الهنا والجرح ..
تركتيني لحيرة عمر .. خذت مني المنى والفرح ..
حبيبه ما ابي لأجلي .. ولا حتى قمر ليلك ..
فقدت فـ غربتي إسمي .. وقلت أنسى أناديلك ..
نسيت إنك نسيتني ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ناقش الحنا
ناقش الحنا
رقم القصيدة : 6477
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ناقش الحنا على الكف الحزين ..(50/5)
ناثرٍ شعره على شمس الجبين
والعيون السود ذبح العاشقين
انا دخيل الله .. وانا الجريح والله
لا تناظرني بجفا لا .. لا
يا حسين الوصف .. وش ذنب القلوب ..
ما تعرف العطف يالقاسي اللعوب
علّ ماجا منك تكفير الذنوب
انا دخيل الله .. وانا الجريح والله
لا تناظرني بجفا لا .. لا
زاهيٍ بالورد .. خدك يافتون
والعطر دمي .. من رماح العيون
احترق قلبي مثل عود الدخون
انا دخيل الله .. وانا الجريح والله
لا تناظرني بجفا لا .. لا
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> المحبه أرض
المحبه أرض
رقم القصيدة : 6478
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
المحبة أرض والفرقا أراضي
والزمن كله ترى لاغبت ماضي
والله إني ما أشوف إلا عيونك
إن رحلت اليوم أو طوّل مراضي
قالوا العذّال والعذّال مرضى
وش بلا حالك من الاشواق قاضي
قلت يهجرني حبيبي لين يرضى
علّموا الظالم ترى المظلوم راضي
جرّحوني في هواك وقلت أبشكي
ماهو من جرحي ولكن لـ إعتراضي
وش علي لو قطّعوا لاجلك عروقي
من رضى بالحب .. يرضيه التغاضي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الموعد الثاني
الموعد الثاني
رقم القصيدة : 6479
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
خذاك .. الموعد الثاني ..
نويت ... تغيب .. وتنساني ..
مشت بك .. خطوتك لبعاد ..
وتركت .. لدمعتي ميعاد ..
مثل ذا الوقت تلقاني ..
وخذاك ..الموعد الثاني ..
أحبك .. كلها كلمه ..
ونظرة شوق خداعة ..
عطتني ..بالأمل دنيا ..
غريبه .. يومها بساعه ..
خذتني .. غصب عني لك ..
حسبت إني قمر ليلك ..
واثر شوفك تعداني ..
وخذاك ..الموعد الثاني ..
صديق الليل ..
لو تندم .. على جرح تركته لي ..
لا انسي قلبك المسكين ..
حبيب جرحك قبلي ..
ولكن سكتك تحتار ..
ابد .. بين الندى والنار..
والى منه قضى المشوار..
بدا مشوارك الثاني ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مابين
مابين(50/6)
رقم القصيدة : 6480
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
1
أنا ما قطعت 00 ذراعك الممدود 00
جسرٍٍ على الأخدود 00
وليتي قطعت 00
ولا رجعت 00
مشدود 00 كني وتر 00
2
وكانت اراضي للبكا 00
وللضحك اراضي 00
راجعت انا ما بين 00
زعلان 00 وراضي 00
مثل الحدود 00 ماهي لحد 00
3
وهذي ذ راعك 00
بيدقٍٍ يطوى 00
وهبت نسايم 00
ريحة عطر 00 بارود 00
ينشر كفن 00
تذبح تمايم 00
للميت 00 للمولود 00
وروحي الغنايم 00 فِرْقت 000
4
انا ما قطعت 00 ذراعك الممدود 00
على المسافه ظل 00
صالحتني ياخل 00
وما كنت انا البادي خصام 00
وان كنت انا البادي صدود 000
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وعد
وعد
رقم القصيدة : 6481
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وعد .. يا حبيبي ..
في ليلة ما تهجر .. وعد ..
في ليلة ما تغدر .. وعد ..
ابطفي قمرنا ..
وامحى صورنا ..
وانكر بعد .. هوانا ..
يا حبيبي ..
اشوفك بتبعد .. في عتم الطريق ..
وتوقد ما بينك وبيني حريق ..
يا عمر الهنا .. نساني انا ..
لا تنسى أبد ..
حبيبي إبتسامي .. ويكفي الآمي ..
تشوف السعد.. في بسمة حبيبي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> نصال الخناجر
نصال الخناجر
رقم القصيدة : 6482
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
إرفع جروحك عن نصال الخناجر
نزفك عزيز ومثلك النجم لاطاح
ولاتنحني للريح والذل فاجر
والخوف ساس الذل والغبن ذبّاح
مادام لك عن خفضة الهام زاجر
إمّا إنكسر ولا تعدّاك الارياح
ماإنته بعشبٍ نابتٍ وسط حاجر
ولا إنته شراع التيه والوقت ملاّح
إنت الّذي باسمك تضيق الحناجر
لو إنطقوا بك همس .. سمعوا بك صياح
تقفي وكن الحرف للحرف هاجر
وتقبل وقلب الصخر بالشعر بوّاح
ولا من رمى صبحك عباة الدياجر
ثم إنتهض ما شع بالنور مصباح
إرفع جروحك عن تراب الخناجر
نزفك عزيز ومثلك النجم لاطاح(50/7)
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وسيم الناس
وسيم الناس
رقم القصيدة : 6483
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قال مجروح ... جاوبته نعم
قال ماشوف بك ... اثار ...دم
قلت وان كان في ذاتي النزيف
قال ما به نزيف ... من عدم
قلت وان خان بي اغلا حبيب
قال وهم ... بنيته وانهدم
قلت ماعذبك يوم الفراق
قال درب وتمشيه القدم
قلت ما به سوى جلدك شعور
قال غيره فلا احس ... بالم
ياوسيم الناس لو قلبك وسيم
واكرم الناس في غير الكرم
عندك الظلم عدل ٍ في الهوى
واعدل العاشقين ... اللي ظلم
انت لو كان في حبك حياة
كان خلى حياتك له طعم
اتعس الخلق من يرجي ... هواك
ما اضيع النبض في ... قلب الصنم
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الوادي
الوادي
رقم القصيدة : 6484
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وين يدفن الجبل اسراره
وين يترك السيل اثاره ..
وين يختار المسافر ..
بين الشجر ظله ..وبين الحطب ناره ..
وين يبكي القمري ..
ويشره على خله ..
قلبٍ غدى كله ..
مثل البطاحي شوك ..
لو مت انا صادي ..
حطو القبر في الجال ..
وادي الهوى لاسال ..
يمرني سيله ..
واسقي عظامي منه
وينبت في غصن الطلح ..
قلبي ورق أخضر
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> نهر فضه
نهر فضه
رقم القصيدة : 6485
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
زينٍ رفعت الراس .. وزينٍ تقضّه
شَعرك سواده ليل .. والخد ياضي
لا يا قمر يا شمس .. يا نهر فضّه
لا يا خزامي الروض .. ورد الفياضي
لا .. ما بقي لي كود الابهام أعضّه
مستسلمٍ لك .. خاضع النفس راضي
أبني جدار الصبر .. وزينك يقضّه
صعبٍ رحيلي عنك .. صعبٍ مراضي
كل ما أصد بطرف عيني .. وأغضّه
عنك انشبتني العين والدمع فاضي
مديت لي كفٍ صغير .. وبضّه
وقضبتني .. عن نزعتني .. وانتفاضي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وين تبدا هالمدينه(50/8)
وين تبدا هالمدينه
رقم القصيدة : 6486
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وين تبدا هاالمدينه .. كل يوم ..
من رصيفٍ عاريٍٍ تحت النجوم ..
من عناوين الجريده ..
في المواني .. وحمرة عيون المسافر ..
ضحكة الصبح الجديده ..
أخر اوراق التذاكر ..
اوبعد حبر الختوم ..
وين تبدا هاالمدينه .. كل يوم ..
ودي اعرف هاالعواصم ..
وأبي ابدا من يديها ..
ودي انزع من اصابعها الخواتم ..
قبل لاسلم عليها ..
ودي تجمعني بها لحظه حميمه ..
وين تجلس هاالمدينه ..
في العماير .. في الدواير ..
في الدكاكين القديمه ..
اوتحت اهدابك انتي ..
في صدري احساسٍٍ شهي ..
لو يدوم ..
وابي اعرف وين تبدا هاالعيون .. وتنتهي ..
كل يوم ..؟
مدري وش سر العواصم .. والمداين .. والعيون ..
ومدري وش سر الجنون ..
اني اعرف ..
انتظرتك في محطات القدوم ..
وفي مواعيد السفر ..
صك شباك التذاكر ..
وانمحى حبر الختوم ..
وما عرفتك ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> محبوبة المطر
محبوبة المطر
رقم القصيدة : 6487
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أقول الوسم وش خلى سحابه ينحدر للشرق
ترك كل الجهات ولا تغير في محاديره
نويت اعارض غيومه وأسافر مع غريب الطرق
أبا أدري هو صحيح إن المطر محبوبته ديره
عسقت الغيمة الشارد ولانت لي حبال البرق
وتعلقت بمعارف مهرتي لعلها خيره
فهقت طويق .. ولي قلبٍ يغني في نخيله ورق
وتسابق للثرى وبل دموعي من تباشيره
وللصمان في قلبي صواب .. وطعنتين .. وحرق
مداهيل الهوى الأول .. عسى تزهر نواويره
وبانت لي الكويت .. ولا تبين في المحبة فرق
أنا في دار خلاني .. ولي غير النسب جيره
عرفت الوسم وش خلى سحابه ينحدر للشرق
ترك كل الجهات .. ولاتغير عن محاديره
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> براعمُ اشتهاء وجدائلُ لهب
براعمُ اشتهاء وجدائلُ لهب
رقم القصيدة : 6488(50/9)
-----------------------------------
الطفلةُ الكبيرةُ
التي المرأةُ الصغيرةُ مِن قَبْلُ
وتربطُ خيطَها الأبيضَ في معصمي
كي لا أضيعَ في البناتِ
وأُقَالَ: "السوءُ"
الطفلةُ الكبيرةُ
الخاتمةُ دمِها على عنقي
وخائفةٌ مِن ظِلِّي عليَّ
تَخِبُّ في الحنَّاءِ والملاحِفِ
وحافيةً إلى النبعِ
تُفضي بها الأمواهُ لي:
"هَبْنِي لِشَعرِكَ الشاعرِ
يالغُزَيِّلُ الصغيرُ تُهتَ عني.."
وتلهثُ فِيَّ..
الطفلةُ النَّهْدُ
في أنينِ قميصِها الشَجَريّ
الطفلةُ العينُ
ملاذيَ إذ يُناهِزُني البكاءُ
الطفلةُ الوجهُ الإلهُ
تحتَ مَسَاكِبِ شَعرِها الشَّلالُ
تُبرعِمُ في صدري اشتهاءاتِ الحنينِ
وتجدلُ غيمَ آهاتي ضفائرَ مِن لهبْ
فأصرخُ أصرخُ في دمي
أُجاهِرُ بالربيعِ الغَضِّ في سُرَّةِ الطينِ الأبِيِّ
وأُوقِدُ مشاعِلَ صبْوَتي على مَسَاقِطِ غيمِها
الطفلةُ الماءُ
بعطرِها الأمينِ
تنفضُ شعرَها المبلولَ في وجهي
وتشدُّ ناصيتي في العناقِ
لتشهدَ عليَّ بجريرةِ العشقِ:
"يداكَ مُلطَّختانِ بدمي
أم دمي مُلطَّخٌ بيديكَ..؟"
وتلهثُ فِيَّ..
تقولُ:
"كُنتُكَ في البناتِ
يا ولدُ فَبَطِّلْ قد شافَتْكَ عيني.."
فأبكي،
على جريرةِ الأُمِّ
إذ تأوي لشجرتِها العجوزِ
تدسُّ صرختَها الأخيرةَ في قلبِ الجبلِ
وتقطعُ سُرَّتي في الظلامِ
لأُقَالَ: "السوءُ مَرَّتينِ"
تضحكُ
وأبكي،
الطفلةُ الغيمةُ
وحينَ حطَّتْ أصابعَها على رأسي
قالَنِيَ البكاءُ:
"لا ارتعاشُ دمِكَ في الألمِ الصغيرِ
ولا انجراحُ أصابعِها مِن كثيفِ شَعرِكَ.."
قال:
"تُسمِّي الحنانَ باسمكَ الخفيّ
وتمنحُ وجهكَ المشروخَ عذوبةَ الملامِسِ
فتلتئمُ..
الطفلةُ الكبيرةُ
التي كلُّ النساءِ
الطفلةُ الخاتمةُ
الخائفةُ
الطفلةُ الـ.."
..
..
ذهبَ البكاءُ!
..
..
الطفلةُ الكبيرةُ
كانتْ أُمي
وحبيبتي.
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> يا حابس النور
يا حابس النور
رقم القصيدة : 6489
نوع القصيدة : عامي(50/10)
-----------------------------------
يا حابس النور فـ كفوفك
سلم عسى ينجلي همك
أنس الزعل خلنا نشوفك
مد العتب نسبح فـ يمك
صحيح ما ننطح حتوفك
لاشك نوقف نزف دمك
الناس ما همها ظروفك
كود الذي يحزن لغمك
وان شلت حملك على كتوفك
بتموت ماحد ترى يمك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مالهم صوت
مالهم صوت
رقم القصيدة : 6490
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مالهم صوت .. غربوا والزمان سكوت .. ليتهم ماقربوا
وهقوني بالوصل .. علقوني بالأمل
هذا شيء لايحتمل ..
التجافي موت ..
الهوى تيه.. غرني ضعت في واديه .. وانت طيفك مرني
مرني ليل وفجر .. مرني باحلى العمر
آه من يقوى الصبر ..
التجافي موت ..
طول صدود .. صاحبك يالعيون السود .. ماسمع من صاح بك
صاح من هم وغضب .. ها الجفا ماله سبب ..
وانت من خان وكذب ..
ليه احبك موت ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> وداعة الله
وداعة الله
رقم القصيدة : 6491
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تفداك روحي .. يا مفارق حبايبك
وفداك عمري .. راحتي وابتهاجي
كان الجروح اللي بقلبي سبايبك
انت الذي بارجي حنانك وأناجي
طيفك إلى ما زارني كيف أعاتبك
يا ساكنٍ وسط الحشا ..ومتلاجي
أنت العذاب .. وكيف أنا بك .. اعذبك
يامن جرحت القلب .. جرحك علاجي
الله حسيبك قمت أنا أحمل مصايبك
وأنا الغريق وحاملٍ هم ناجي
وداعة الله .. والسّلامة تصاحبك
حلفت ما اعقد في وداعك حجاجي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> من زعلك
من زعلك
رقم القصيدة : 6492
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
من زعلك في عيونك السود نظره
لا شفتها حسيت بالحزن والياس
من زعلك طاحت من الليل قمره
خلت طريقي من المواعيد والناس
لو هو انا .. بالله شوفيني مره
وأنا أعتذر للتبر .. للدرللماس
أبعتذر لنجومها في المجره
وللما القراح اللي شربته من الكاس(50/11)
حبيبتي أرجوك في القلب حسره
كافي زعل اشغلتي الفكر هوجاس
والله لو تدرين ها الحب جمرة
بين الضلوع تشب من حر الأنفاس
غديت طفلٍ ضايع فيه عبره
محدٍ سأل وشفيه ماقال لا باس
وهذا الغرام الله يكفيني شره
بعيش أحساسه وباموت أحساس
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الوعد باكر
الوعد باكر
رقم القصيدة : 6493
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الوعد باكر ..
و لو تأخرتي ... لا يجي باكر
ما أبي باكر بدونك
احبسي الفجر فـ عيونك
و إن أشغل طيفي ظنونك
واعديني بعد باكر ...
أنا ظلي تحت شمسك
و لو تغيبي ما هو ظلي ..
و انتي اسمك في حياتي
يهمسه بعضي لكلي ..
آه يا ضعفي و غروري
اعدلي فيني و جوري
و اصدقي .. راعي شعوري
و واعديني بعد باكر ..
هذا وجهك في عيوني
ما رسمته لا وربي ..
و اللي يصرخ في ضلوعي
هذا صوتك ماهو قلبي ..
آه يا شمعة وجودي ..
اشعلي نارك في عودي..
اهجري قلبي و عودي
و واعديني بعد باكر ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ما بقا لي قلب
ما بقا لي قلب
رقم القصيدة : 6494
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ما بقالي قلب يشفع لك خطيّه
ذوبته اجروح صدّك والخطايا
صاحبي بالله ... لا تعتب عليّه
العَتب ما عاد تاسَعه الحنايا
كلّ جرحٍٍ فات لي منك هديّه
وش بلاك اتخاف من ردّ الهدايا
الله أكبر ... كيف مالك مقدريّه
وكل ما تحمله من همّي بقايا
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مالنا وقت
مالنا وقت
رقم القصيدة : 6495
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
(كل شيئ .. دايم في وقته.. ليه؟؟
كل شي .. حنا نحبه ..
صعب نستعجل عليه ..
طيب .. ليه؟؟
يا ترى انتظار الشيئ ..
هو سفرٍ اليه )
احملي اللحظه حجر ..
وطوحيها في المدى ..
تصبح الساعة .. دقيقه
غيري الزمن الحقيقه
طلعيني من الصور ..
من الخطوط .. الحزينه
اطلقيني من الشطوط
ومن مجاديف السفينه(50/12)
اجمعي الصوت .. الصدى
احملي اللحظة حجر ..
وطوحيها في المدى
( كل شي دايم في وقته
عجيب ..
وكل شي حنا نحبه
كثر ما يظهر يغيب
يا ترى .. منهو البعيد .. منهو القريب )
ما لنا وقت .. وقتنا دايم يجي
الزمان اللي يروح ..
وان سألتيني أحبك ..
كثر ما تشفى الجروح ..
اشطبيني الف ذكرى .. واكتبي ..
اللي يتذكر .. غبي
واللي ما ينسى غبي
ودي اشوفك .. باقي لحظه
هذا كل اللي أبي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مركب الهند
مركب الهند
رقم القصيدة : 6496
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا مركب الهند .. يابو دقلين .. ياليتني كنت ربانك ..
واكتب على دفتك شطرين .. اسمك حبيبي وعنوانك ..
طال انتظاري وقلبي جريح .. يا مركب الشوق ليت الريح
وقت السحاري .. تملا السواري ..
وابحر بشوقي لنور العين .. وارجع لخلي لأوطانه
يا بحر موجك علي عالي .. وطيفه حبيبي على بالي
والبعد قاسي .. وحبيبي ناسي
والله .. يا ربعي .. وأهلي .. وناسي ..
مشتاق قلبي لخلانه ..
يا مركب الوهم عمري ضاع .. ما بين أمل في لقا ووداع
بحر الأماني .. ماله مواني ..
ضيع زمانك .. وضيع زماني ..
وضاع المركب .. بربانه..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الهوى لو تمنى
الهوى لو تمنى
رقم القصيدة : 6497
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الهوى لو تمنى .. سلوته مستحيله
واعذاب المعنى كان روحه عليله
لا بغى الوصل منا من ضافي الجديله
عود موزٍ .. تثنى وش رماني بسبيله
سهم عينه رمنّى والرموش الطويله
خبروا الزين عنّى لي نشد عن قتيله
كل خلٍ .. تهنى في الهوى مع خليله
فاتنا السعد حنا يوم نفسه بخيله
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> يا حمام ناح
يا حمام ناح
رقم القصيدة : 6498
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا حمامٍ ناح هيج شجوني ..
في هزيع الليل .. سهرت عيوني(50/13)
ناحت الورقا في ليل .. ذكرت قلبي الرحيل
آه .. يا ويل المفارق .. ضاع في ليل المفارق ..
والذي صبره قليل لا يفارق ..
أول الغربه شجون .. باقي الغربه ظنون
آه .. يا قمر الغريب .. ساعة الظلما تغيب ..
والذي دمعه قريب .. لا يفارق ..
ليل .. يا ليل الدموع .. يا ترى كيف الرجوع ..
آه .. يا ظلم المسافر .. لو عن الغربه نسافر
والذي قلوبه شموع ..لا يسافر ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ما ابيه
ما ابيه
رقم القصيدة : 6499
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عذبيه.. إسعديه..
داوي قلبي واجرحيه ..
واللي ما مثله ابد .. مثلي ما حبك احد
ولو رضي قلبي بغيرك..
ما أبيه .. ما أبيه
تملكيني لوبـ غيتي .. تملكيني لو رفضتي
تسحريني لو حكيتي .. تسحريني لو سكتي
أنا نجمه في مدار ك ..
ضي عيني من نهارك ..
وانتي قلبي واللي فيه
لو رضي قلبي بغيرك ما أبيه..
انتي اغلى من هجرني .. وانتي اجمل من يغيب ..
والله لو بعدك قهرني .. ما أبي غيرك حبيب ..
سافري والقلب دارك ..
راضي بـ ثلجك ونارك ..
حبي قلبي واكرهيه ..
لو رضي قلبي بغيرك.. ما أبيه
أنا أحبك لا تخافي .. الا قلبك لو هواني ..
هذا ضعفي واعترافي .. بس ما ارضى هواني ..
ابعدي هذا قرارك ...
ماني سجنك أو حصارك ...
روحي سوِّى اللي تبيه ...
لو رضي قلبي بغيرك .. ما أبيه
واللي ما مثله أبد .. مثلي ماحبك احد
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> موعد الاحباب
موعد الاحباب
رقم القصيدة : 6500
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سقى الله موعدك يا زين ..
سقى الله موعد الاحباب
سحابٍ ماهمى من عين .. ولا جادت به الاحزان
سحابٍ ماطرٍ هتان .. سقى الله في العمر ليله ..
ظهر في صفوها بدرين .. قمرها .. ووجهك الفتان
الا ليت الفجر .. ما بان ..
ترى فرقى الأحبه شين
سهرنا والهوى واحد .. وصرنا والفراق إثنين(50/14)
حبيبي قلبي اللي كان .. وفينا والزمن خوان
صبرنا والسؤال سنين ..
سقا الله روض خلاني .. رحلت وما رحلتوا بعين
ولا روحٍ .. ولا وجدان ..
نسيتوا بداركم إنسان .. نسيتوا وما نساني البين
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مري علي
مري علي
رقم القصيدة : 6501
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مري علي قبل الرحيل .. مري علي
مثل الوفا .. مثل الجميل ..
مري علي .. ابكي حياتي وارحلي ..
مري علي .. من بعد شوفك ما عليّ ..
مري لو الفرقا قهر .. قولي قدر ..
يمكن زماني اللي بك غدا .. ظنك غدر
عذر العيون السود .. دمعه ما تفيد
تمحي الظلام وتجود يا امل الغريق
مري علي .. ابكي حياتي وارحلي ..
مري علي .. من بعد شوفك ما عليّ ..
وش فيل الجفا غير الجفا
غير الوفا لك والحنين ..
كان الامل انك تجين ..
وتسألين..
الله يعين الصابرين .. الله يعين ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مرتني الدنيا
مرتني الدنيا
رقم القصيدة : 6502
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مرتني الدنيا .. بتسأل عن خبر ..
مابه جديد ..
عشاق ليلة تفارقوا ..
وصاروا بعيد ..
لا طاحت نجوم السما .. ولا تاه في الظلما قمر ..
لا تاقف الدنيا .. وتسأل عن خبر ..
مابه جديد ..
اسهل من الكذبة .. على شف الطفل ..
فرقى الأحبه يا هوى ..
أحلى من الحلم اللي ودي لو كمل ..
كانت ليالينا سوى ..
لا طاحت نجوم السما .. ولا تاه في الظلما قمر ..
لا تاقف الدنيا وتسأل عن خبر ..
مابه جديد ..
لا تاقف الدنيا .. على أول طريق ..
فرقى الأحبه يا هوى ..
لا تسأل جروحي متى خان الرفيق ..
عهد المحبه والهوى
لا طاحت نجوم السما .. ولا تاه في الظلما قمر ..
لا تاقف الدنيا وتسأل عن خبر ..
مابه جديد ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> يعذرني الأول
يعذرني الأول
رقم القصيدة : 6503
نوع القصيدة : عامي(50/15)
-----------------------------------
أحد .. سأل عني
وأحد .. نسي يسأل
يعذرني الأول ..
محد .. سأل عني
أحد .. نسي صوته
واقبل ينادي
وأحد .. نسي صوته
ساعة سكت فيني
يعذرني الأول
أحد .. يبيني احتار
وأحدٍ .. هو الحيره
والله الأماني كثار
ومابه أحد غيره ..
اللي نسي يسأل
هذا حديث الجرح
ماهو أبد مني
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> يا زمان صدفه
يا زمان صدفه
رقم القصيدة : 6504
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ولا قلبي يحب الموعد اللي
تركته للزمان صدفه
ولا عيني تحب الدمعة اللي
يمنيها الهوى بعطفه
وانا مابي..
حصاد الموسم المرجي
ولا أظن الأمل ينجي
حطام المركب الغرقان
كفايه توعد الولهان فاكر يا زمان
يا زمان صدفه
حبيبي عمرنا لحظات نعديها ولا ندري
ويكفينا الذي قد فات كفاية يا بعد عمري
وانا مابي ..
حصاد الموسم المرجي
ولا أظن الأمل ينجي
حطام المركب الغرقان
كفايه توعد الولهان فاكر يا زمان
يا زمان صدفه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> يا طفلة
يا طفلة
رقم القصيدة : 6505
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ياطفلة تحت المطر ...
تركض واتبعها بنظر ..
تركض تبي الباب البعيد ..
تضحك على الثوب الجديد
ابتل وابتل الشعر ...
لو رميتي شالك الدافي على متن السما ..
دفيت الشمس في فصل الجليد ..
لو نثرتي صوتك الحاني .. على صدر الضما
أنبت العشب وأخضرالجريد ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الوله
الوله
رقم القصيدة : 6506
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يطري عليه الوله .. وأطري على باله
يامرحبا لاضوى خلي على بابي
هجيت حدب الضلوع ونوخ جماله
لاجله بكت دمعتي ولأجله ضحك نابي
وكل ما ضحك لي لمحت النور في آماله
والى تجهم سترت السقم بثيابي
وكل ما شكى من عنى همه وغرباله
أقول لعل به جرحٍ من أسبابي
طال الحكي ما لقيت الوصل بوصاله(50/16)
لاني حبيبه ولا هو أقرب اصحابي
ناديت طاري المحبه مالنا وماله
بالحيل أنا وانت ربع وكننا أغرابي
يا زين كانك حزين .. فحالتي حاله
بكفيك همك وأنا بصبر على مابي
لو الشجر له نصيب فـ بارد ظلاله
ماحرق القيض جفني وأنت فـ أهدابي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الوعد
الوعد
رقم القصيدة : 6507
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا صاحبي طالت علي المسافه
كل ما نشدتك قلت لي الدرب قدام
وعدك مثل باكر أحبه وأخافه
ولا ينقضي باكر على طول الأيام
ما اقول ضاع العمر عندك حسافه
انت الدقايق عشتها وانت الاعوام
ودي ربيع العمر يسبق جفافه
يا مسقي العطشان من كاس الأوهام
كانك تعاف الجرح حنا نعافه
وما سهرت عيوني تبي عينك تنام
ومن لا ذكر منك جميل خلافه
ما يملكه وعد ترى السعد قدام
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مجنونها
مجنونها
رقم القصيدة : 6508
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لعيونها ... بس لعيونها
قلبي سراب بدونها ..
قلبي سراب ... وعيني سراب
ما اقول أعشقها بعقل...
مجنونها...
البارحة مريت في أحلى الفصول
صيف وشتاء..
وناظرتها..
وقلبي يقول هذي العيون إلى متى
حبيبتي ياكثرها عيونك على هاالليل
وين ما التفت اشوفها ..
حبيبتي يازينها عيونك على هاالليل
سحرني برق سيوفها..
ما أقول أعشقها بعقل..
مجنونها..
قمري .. يا شمس الذهب
سفري وراء عيونك تعب
قلبي تعب... وصبري تعب
ومن الهدب لين الهدب...
بحر ومراكب من لهب
أمواج تبحر برضاه ..
وأمواج تلعب بي غضب
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> يا سواد العين
يا سواد العين
رقم القصيدة : 6509
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ياسواد العين .. فـ عيوني سواد
النظر دخان .. وأنفاسي لهب
من نثر في مطلع الشمس الرماد
ومن جمع في موقد اللوعه حطب
كانها الفرقا .. فهي همٍ وكاد
مير اظن الياس ياخل السبب(50/17)
ياالبعاد اللي ورى طولك بعاد
ماورى الدرب العسير الا الصعب
وش بقي لي من الرجا كود العناد
وش جنيت من الهوى غير التعب
لو يرد العشب لومي للجراد
كان لمت السحب في جرد الحدب
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مرثية الدغلوب
مرثية الدغلوب
رقم القصيدة : 6510
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ذكرتك .. كانت ضلوعي خشب أثل وحشاي دروب
وقلبي غرفةٍ من طين تهاوى سقفها الدافي
ومن شح الدمع .. غنيت لك مرثبة الدغلوب
وطفلٍ للمطر يجري .. على الصخر الخشن حافي
نخياي أخلفت وعد الصرام .. وظلها المسكوب
على كبدي طويته يا الهجير الظالم الجافي
وأنا لومات غرسي منظما .. مالي عن المكتوب
عذابي اني سقيته وارتوى من قلبي الصافي
وإلى خان الشجر والطين .. لا تشره على المحبوب
زرعت ولا جنيت .. بها الزمن .. لي صاحب وافي
ندهني للرحيل .. من الشعيب المسني .. المذروب
إلى مني رقيته بان لي سهبان .. وشعافي
وذكرتك .. ما بقالي في السما لو لحظتين غروب
ولا لي في الثرى كود الذي برميه أنا خلافي
بعض طيني .. شهاب اثلي .. ودلوٍ يابسٍ مثقوب
يخر الرمل في جوف القليب .. ويظهر السافي
جريد اللي ذبل .. وإلا هوى .. أو هو موات قلوب
نويت أشد من دار العطش .. واعيش فـ اطرافي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ما هو زمن مرزوق
ما هو زمن مرزوق
رقم القصيدة : 6511
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مرزوق..
الشايب اللي .. كله عظام عروق ..
ولد .. يوم الليالي بروق ..
يوم النهار اعشاب ..
وغدت باقي السنين المجدبه ..
ترسم تجاعيده ..
في وادي الطلح ..
طفلٍٍ حبا .. فوق الصخر والشوك ..
مرزوق .. ومر الصبا ..
وهاذي السنين بروك ..
مثل الجمال بروك .. ومقيده ..
مد الايادي .. وفك الحبال ..
اطلق الجمال الباقيه ..
السنين الباقيه ..
ورحل .. مرزوق ..
من زمن النخل والطين ..
دخل مغارة التنين ..(50/18)
في ومضة اللحظه .. اولحظه النار ..
كان اللهب ازرق ..
يوم احترق مرزوق ..
وجه الصباح اشرق ..
عليه غيم .. غبار
في كل الصحاري الاوله
الوقت سيارةٍ تجري
والدنيا في الشارع ..
ماهو زمن مرزوق ..
كيف يقدر يصارع ..
هذا الحديد .. الناس ..
لاهو يَعرْف يسوق ..
ولو يقطع الشارع ..
يخاف لاينداس ..
فجأه وقف مرزوق
الشايب اللي ..
كله عظام .. عروق ..
مات .. وما في الليالي بروق ..
مافي النهار اعشاب ..
ومن يدري الاسباب ..
يمكن .. ماهو زمن مرزوق ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> اليأس جدب والأمل غابه
اليأس جدب والأمل غابه
رقم القصيدة : 6512
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الرمل .. قرطاسةٍ صفرا ..
ما عليها اكتابه ..
كود .. أثار القدم .. يوم أنا أطابه ..
الشمس غضبا ..
والهجير .. عقرب السم ..
وانا تحت جلدي ..اتذرٌى به ..
ذيب .. يا ذيب الخلا ..
لاتشرف بالرجوم ..
لين يشربني الظما ..
لين ياكلني السموم ..
والذي قدٌر .. مواقيت الحتوف ..
مير أنا عظمٍ .. كسته عروق
جلدي المحروق .. مايطيق اثيابه ..
لوعشاك السيف .. ماذخرت انصابه ..
ذيب .. ياذيب الخلا ..
لاتختلني .. من ورى جال الشعيب ..
ماخبرت الذيب .. يفرس اذيابه ..
الشمس غضبا ..
والهجير .. عقرب السم ..
والياس جدب .. والأمل غابه ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> اللي هجرني
اللي هجرني
رقم القصيدة : 6513
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مما بروحي لا أزعج الصوت وادعيه
غديه يسمع صيحتي من عذابه
اللي هجرني ما درى ويش أنا فيه
أقفا وقفي ما يرد الإِجابه
لولا الحيا .. ثوبي من الغبن لا أفريه
وأجدع هدومٍ .. ما وقتني حرابه
وأبكي وأبكي من شكى ظلم غاليه
واللي فقد شوف الأهل .. والقرابه
وأصفق بكفٍ وأتبع الصبر باقيه
وأقول تكفى .. وآصله حد بابه
وأجعل ظلام الياس نور الرجا فيه
وأتبع ولو في القاع مغوي سرابه(50/19)
عل الرجا يلحق على الطول راجيه
والا جريح الحب يشفى صوابه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مزهريه
مزهريه
رقم القصيدة : 6514
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لاإانتي وردة .. ولا قلبي مزهرية من خزف
صدفه وحده جمعتنّا .. شوفي وشلون الصدف
التقينا في مدينه .. وفرقتنا الف ميناء
اغفري للريح .. والموج .. والسفينة
كانت الرحلة حزينة .. للاسف
كنت أحلم لما ناديتك بسافر
مع عيونك في شعاع الفجر باكر
والله اعلم إني صادق
كنت أحلم إني عاشق
لاأخاف ولا أضيع .. ولاأفارق
ويش اقول غير إني آسف ويش اقول
انا خانتني العواصف والفصول
آه .. ياتعب المسافر
في أراضي الجرح و في بحر المحاجر
مالهذا الحزن آخر .. او لهذا الجرح آخر
ياشمسي الأخيرة .. في اللحظة الأخيرة
أنا .. لي كلمة أخيرة
إغفري لي إبتسامي .. قبل جرحي
حاولي تنسي كلامي .. قبل صمتي
ولو زعلتي .. ياأعز الناس إنتي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ياصاحبي
ياصاحبي
رقم القصيدة : 6515
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا صاحبي ..
ما في الهوى راحه ..
احذر تبيع القلب .. لجراحه ..
مسكين .. من قال الهوى جنه ..
يومين .. ويغير هواه ظنه ..
ويقول.. ما في الهوى راحه .. يا صاحبي ..
بحر العيون .. خذنا معاه مشوار ..
موجه غدى بينا ..
بحر العيون .. لا توهق البحار ..
يبعد عن المينا ..
ويا صاحبي .. ما في الهوى راحه ..
عمر الزمان .. ما لوع المشتاق ..
والله الزمن مظلوم ..
كيف الحنان.. يقسي على العشاق ..
صار الضنى مقسوم ..
ويا صاحبي .. ما في الهوى راحه ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> هم
هم
رقم القصيدة : 6516
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
هم ..
يافؤادي هم ..
بالوتر بالشادي
بالزهر ..بالوادي
هم..
يامساالحب ..ياالدنيا.. يامسا الحب
ليلنا حب.. ياالدنيا .. ليلنا حب(50/20)
لبست الضي الشوارع .. والدروب
والمباني .. شامه في خد الغروب
والمدنيه..غادةٍ .. حسنا..لعوب
هم .. يافؤادي هم
اعطني زهره..وانا ابيع الظلام..
واشتري للحرب ... سربٍ من الحمام ..
من يعيش فـ حب .. بيموت بسلام..
وهم ..يافؤادي هم
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> مراجيح
مراجيح
رقم القصيدة : 6517
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مراجيح 00 تحمل الاطفال00
للشمس الغاربه 00 وتجيبهم 00
في جيوبهم خوف وفرح 00
والريح 00
تطوي عباة 00 وشيال 00
أمٍٍ سواد عيونها ارجوحةٍ
ويدينها قلبٍٍ يشد حبال 00
علمي بهم 00
والشمس خيلٍٍ هاربه 00
في الليل ويم جبال 00
والدنيا ما فيها احد 00
الا طفل 00
طفل ومره 00
طفل ومره ورجال 000
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> النار
النار
رقم القصيدة : 6518
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أنا مدري ..
اللهب حب.. او جوع ..
الحطب قلب .. او السعير .. ضلوع ..
ياترى هااليابس الموجوع ..
وش يقول ؟!
من يسمع الدخان ..
او يدري باسرار الحطب ..
من طرز سلوك الذهب .. في اغصانه ..
من خاط بقماش الرماد.. اكفانه ..
وهذا اللهب .. الطاغي الفتان ..
هالقاتل الشافي ..
من خلى في موته.. عمر ..
لولا حروف قلتها ..
وكانت .. شعر ..
شبيت فـ اطرافي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الفجر البعيد
الفجر البعيد
رقم القصيدة : 6519
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
نامت عيونك
وصحى الليل مظنونك أغاني
قصّت جناح الثواني غيبتك
وصارت الساعة أماني
وآهـ ..آهـ
أنا حروفي في غيابك
لا هي حكي ولا هي قصيد
أكتب الظلما وأعيد
وإنت يالفجر البعيد .. نامت عيونك
إسهر معي ليلة
حاول تحس بلوعتي ليلة
عد النجوم وش كثرها.. ياللي بقلبي كثرها
نام .. القمر فـ وسادتك نام
ليتك تغير عادتك
خل القمر ليله.. يسهر معي ليله
أنا حروفي في غيابك(50/21)
لا هي حكي ولا هي قصيد
أكتب الظلما وأعيد
وإنت يالفجر البعيد.. نامت عيونك
يا ساحر البسمه .. أساهرك نجمه
وابسمعك كلمه .. كلمه و لو كلمه
قم نادني .. يالله عسى تحتاجني
وإن مر ليلي ما سألت
وإن زاد ظلمك ما عدلت
آهـ.. آهـ
أنا حروفي في غيابك
لا هي حكي ولا هي قصيد
أكتب الظلما وأعيد
وإنت ياالفجر البعيد.. نامت عيونك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> قصة حب
قصة حب
رقم القصيدة : 6520
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
فـ كل قصة حب أحلام ومدينة ..
ليل ونخيل وهبوب ..
لكل قصة حب لو كانت حزينه ..
أجمل ألوان الغروب ..
ناظري ضيّ الحوانيت القديمه ..
ونقش أبواب البيوت ..
كلها شعر ومواعيدٍ قديمه ..
وصوت قلبي اللي يموت .. وما يموت ..
لكل قصة حب .. عذال وحسود ..
ليه تخدعنا الأماني .. والليالي السود .. سود
إشعلي جمر العناد .. قربي معاد أشوفك ..
لا يفرقنا السواد ..
ارسمي وجهي بكفوفك ..
ولا تجرّحنا عيون الليل .. وحروف النميمه
ولا يعذبنا السكوت ..
إن عطشنا أو شربنا الدمع ديمه ..
للهوى بنحيا ونموت ..
لكل قصة حب أشواك وورود ..
وليه نصرخ من ألمها .. وكلها تنبت في عود ..
ناظري هذا قمرنا لو تغطيه الغيوم ..
وناظري هذا شجرنا مهما تحرقه السموم ..
ولو تجرّحنا عيون الليل وحروف النميمه ..
ولو يعذّبنا السكوت ..
إن عطشنا أو شربنا الدمع ديمه ..
للهوى بنحيا ونموت ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لكن
لكن
رقم القصيدة : 6521
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
دروب الارض 00 لكن 00
انا احس السفر ساكن00
دروب الارض 00 ما بين الاماكن 00
ولغير الارض وين بنروح 00 نسافر 00
كأن الصوت يرجع للحناجر 00
كأن الدمع00 يرجع للمحاجر 00
كأن الجرح 00 يرجع للخناجر 00
مثل كل الطيور اللي تهاجر 00
وترجع كل مره 000
تعب هاالبحر لا يجتاز جدران السواحل 00(50/22)
تعب هاالبر 00 لا يرقى الجبل 00
تعب هاالقلب 00 لا يصبح امل 00
وانا لي سنين واحل 00
حملت الطين كله 00 لكل الطين 00
تخيل يا انا المسكين 00 كم لك 00
على هذا الانا 00 مصلوب
دروب الارض 00 لكن 00
ما للارض لو تبغى الهروب 00 دروب 00
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الليالي الوضح
الليالي الوضح
رقم القصيدة : 6522
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
في الليالي الوضح ..
والعتيم الصبح ..
لاح لي وجه الرياض ..
في مرايا السحب ..
كفّها فلة جديله من حروف ..
وقصة الحنا طويلة .. فـ الكفوف
من نده عطر الرفوف ..
لين صحاه ..
في ثيابك يا الف ليله..
وفي الهبوب ..
انثنينا يا هبوب النعاس .. والحلم ..
ألف غصن من اليباس ..
فز لاجلك .. وانثنى ..
اكسري الاوهام كاس ..والمواجع فم
وان عشقتيني انا ..
ما ابي من الناس .. ناس ..
ما علينا .. لو طربنا وانتشينا
آه .. ما ارق ( الرياض ) تالي الليل ..
انا لو ابي ..
خذتها بيده ..ا ومشينا ..
***
يا نصيبي من الصور .. والرسايال
ومن كل شمس قايمه .. ومن كل ظلٍ مايل ..
يا مكاني من البيوت ..
ومن الصحاري اللي .. فرقت فكري قبايل ..
وين احب الليله .. وين اهيم ..
اقبلي مثل ديم ..
أو غصون النار تنبت فـ الغضى ..
وبين ما خلى من النخيل الفضا ..
وما نسى الغيم ..
أقبلي .. يا بختري عيوني من الربيع ..
وطل وجهي من الشتا ..
ومثل صوتي من الهبوب ..
اقبلي مثل الرياض ..
من تعاريج الدروب ..
في ضلوع الوادي ..
وين حبيتك قمر .. فوق طين أجدادي ..
***
وين احب الليله .. وين أهيم ..
ارفعي طرقة الشيله .. عن سديم ..
وكوبٍ وهاج ..
اقطعيني بنصل طرفٍ سادرٍ وحجاج ..
شقيقيني يالهبوب العارضية ..
واهدمني سياج ..
لين أغني الهوى ما هو خطيه..
يالعفاف اللي تسربل بالبياض ..
كل ما قربت يدينا ..
ناض طير.. وجض ريم ..
ما علينا ..
آه .. ما ارق الرياض تالي الليل ..
انا لو ابي ..(50/23)
خذتها بيدها .. ومشينا
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> قصة العاشق قديمة
قصة العاشق قديمة
رقم القصيدة : 6523
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
افارق .. هاالنجوم الطايحه ..
بين المدى والقاع ..
وفي قلبي من الاوجاع ..
مايكفي ..
وفي قلبي افارق ..
حزين اللي تركت البارحه ..
وجهه على كفوفك ..
غسل بدموعه طْيوفك ..
غرستي في صدره حروفك ..
بيارق ..
ورى هاذي الهضاب سفوح ..
عيونٍٍ مالها عيونك ..
ولاقلبك ..
اسافر كل قلبي جروح ..
وانا احبك ..
عسى لاطبت.. طفيتك حرايق ..
ولو بيديني غيرتك ..
ولو مثلك في هاذي الارض ..
ضيعتك.. ودورتك ..
ولكن انتي .. غير انتي ..
وانا .. مثل الخلايق ..
افارق ..
ودايم قصة العاشق .. قديمه ..
مثل كل الفصول ..
اللي على مر الزمن تنعاد ..
عزانا .. والدموع جداد ..
بأن الشمس وحده ..
وياكثر المشارق..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> كروش
كروش
رقم القصيدة : 6524
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الله خلق هاالرمل..
للحافر ..
ما هو ترى لكروش..
ولعنقها النافر..
ولصدرها المرشوش..
بنجوم الفخر..
دوسي رمال التيه ..
يا مهرة الساحل ..
اما الشِعر خليه ..
للفارس الناحل ..
خلي الشِعر في كروش
زهر الخزاما لك ..
وريح الخزاما .. لي ..
مديت لك ظلي ..
اما اللي تحت الرمل ..
عظام الجدود ..الاهل
هذا ترى لكروش
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لا تقول
لا تقول
رقم القصيدة : 6525
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا تقول ودعتني داري
بالحيل مالي عليك عتاب
مريت في موعدك ساري
وقفت لين النجم ماغاب
الليل تحت الشجر عاري
والفجر غطي السما بثياب
والريح في كفوفها الذاري
تدفن ارسوم الوعد بتراب
مريت ماللوله طاري
ووقفت ماللندم اسباب
مدري تعودت مشواري
أو خان بي قلبي الكذاب(50/24)
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليل التجافي
ليل التجافي
رقم القصيدة : 6526
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
آه ... من ليل التجافي ... ماطوله
ليلة العاشق ... ثوانيها ليال
من يقول الشمس باكر مقبله
كل شمسٍ مالها ... وجهك ظلال
بسالك باللي خذى منك الوله
وحطه اف صدري ... واعطاك الجمال
حاكني ... لجل الليالي ...الآوله
آه انا بموت من ذل ... السؤال
هو صحيح انك حبيبي اللي دله
واستوى ... عندك فراقي ... والوصال
كل جرحٍ غير ... جرحك بقبله
وكل ظلم ٍ ...غير ظلمك لي ... عدال
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الليل والوعد
الليل والوعد
رقم القصيدة : 6527
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الله عليم .. إني مليك وأنا حر
لأجل الهوى .. رضيت أنا بظلم سيدي
من عادتي .. مالي جلاده على الضر
واليوم أنا لرضاه باقطع وريدي
لأجله غديت أستعذب العلقم المر
وأضمد الجرح القديم بجديدي
اللي فـ .. وعده لو طال الليل يقصر
وكل لحظة تمضي .. فعمري تزيدي
وسحابه للدمع لاغاب تمطر
تسقي على شفاهي خزامي قصيدي
شعراء الجزيرة العربية >> حمد الحجي >> ديواني
ديواني
رقم القصيدة : 6528
-----------------------------------
راجعت ديواني فلم ألق في
أوراقه إلا أغاني حزين
قرأته فارتعت من بؤس من
سطره بين الأسى والأنين
من قائل الشعر ومن ذا الذي
أيامه نوح ودمع سخين ؟
هذا أنا قد هد جسمي الأسى
والقلب باك من عذاب السنين
ماذا تبقى لي سوى غاية
تضيء أيامي بنار الحنين ؟
يا نفس إن كان ربيعي ضنى
فمن خريف العمر، ما تأملين ؟
يا مقلتي إن لم تري في الضحى
شيئا فماذا في الدجى تبصرين ؟
يا أذني لا اللحن يشجي ولا
همس الهوى يشجي فهل تطربين ؟
يا قدمي أدماك عشب الفلا
فهل على الشوك أذن تخطرين ؟
لا غرو إن جف معين الصبا
وفاتني في العيش طيب ولين(50/25)
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> كثرت عذاريبي
كثرت عذاريبي
رقم القصيدة : 6529
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا صاحبي كيف أنا كثرت عذاريبي
أو هو الزمان الذي كثرت عذاريبه
وكان الليالي مثل عرفي وتجريبي
جرحٍ لفت به وجرحٍ بد تاتي به
انا أحمد الله على سدة مواجيبي
لي راس مالٍ رصدته في مواجيبه
مادام راسي عزيزٍ ذي مطاليبي
ما تعذرون الذي عزه مطاليبه
ما اخترت أنا الطيب انا مختارني طيبي
من علم الحر يشهر في مراقيبه
ولا تحسب ان الثني والمدح يطغى بي
حيث أن كثر الثنا والمدح أنا أحرى به
عن نية الجود صعب اليوم تجنيبي
من قيل ذا النجم جدك غصب يسري به
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> كفاك غرور
كفاك غرور
رقم القصيدة : 6530
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
صحيح ان السحاب انتي ..
واعشاب الربيع انتي ..
وأجمل من على هذا التراب .. انتي
وفـ عز الليل لو بنتي يطير الصبح ..
من كف الربى عصفور ..
ولكن الليالي تدور ..
كفاك .. غرور
سقاني صوتك البارح .. مرار الحزن والترحال
صحيح ان البحر مالح .. ولكن العطش قتال
سألتك يا ظماي .. أمطار
سألتك عن هواي .. أخبار
سألتك كلمتين أعذار .. ولكن ما تعذرتي ..
وحقك لو تكبرتي ..
صحيح ان السحاب انتي ..
واعشاب الربيع انتي ..
وأجمل من على هذا التراب انتي ..
انا جرح .. وحنين وهمس
وقلبٍ ينبض بصدري ..
ولا ادري من حبيبي .. الشمس
ولا ودي بعد ادري ..
يكفيني دفى انسان ..
يشاركني فرح واحزان ..
ونورك فـ السما لو بان .. أشوفه مثل كل الناس
وأحسه .. مثل كل الناس
وصحيح ان السحاب انتي ..
واعشاب الربيع انتي ..
وأجمل من على هذا التراب انتي ..
وفـ عز الليل لو بنتي .. يطير الصبح ..
من كف الربى عصفور ..
ولكن الليالي تدور كفاك .. غرور
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> قلب الليل
قلب الليل
رقم القصيدة : 6531(50/26)
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الليل له قلب ...
وانا في قلب الليل ... قلب ...
وانتي احساس الأخير ...
ابهنا الوعد القصير ...
وبعذابي اللي بيصير ...
لا وقف قلب الليل ...
شمس النهار ... ترقى السما ...
وجهي الغروب ...
وبعض الظلام شالك ...
بعض اللي في بالك أنا ... وهم الدروب ...
اللي بتفرقنا ... بعد لحظة ... بعد لحظة ...
وهج الشعاع ... ما يطفي النجمة ...
قولي معي ... ما يطفي النجمه ...
شمس الوداع ... ما تطفي البسمة ...
خلي احساسي الأخير ...
ابهنا الوعد القصير ...
وما عليَّ من اللي بيصير ...
لا وقف قلب الليل ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> فاتر اللحظ
فاتر اللحظ
رقم القصيدة : 6532
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
فاتر اللحظ .. ياعذب اللمى ..
يا قريب الدار.. يا بعد السما ..
لوجرحت الروح .. لودمعي همى
يا ظما المجروح .. ما بعدك ظما
في هجير الشوق .. ظللني بهدب
من عذاب الجرح .. داويني بعتب
اسقيني منك .. رضى والا غضب ..
لوجرحت الروح .. لودمعي همى
يا ضما المجروح .. ما بعدك ظما
يا غريب الدرب .. واشواقك سفر
العنا في القلب .. والشكوى نظر
يا قمر بانشدك .. عن نور القمر
لوجرحت الروح .. لودمعي همى
يا ظما المجروح .. ما بعدك ظما
يا سواد العين .. والدمعه شجن
لا يصير العمر .. للفرقى ثمن
الدقايق .. شمع .. ذوبها الزمن
لوجرحت الروح .. لودمعي همى
يا ظما المجروح .. ما بعدك ظما
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> قلبي سجد لك
قلبي سجد لك
رقم القصيدة : 6533
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قلبي سجد لك قبل لا يسجد حجاجي
على الثرى اللي تسامى بالنبي أحمد
قصدت مسجد نبيك ..نادم... لاجي
عن كل جرح.. وحزن...وهاجس..أسود
قدست نورك... وغيره مظلم.. وداجي
واخلصت في عبادتك.. ياخالقي فـ اشهد
اشعلت شمسي.. وغيضك يطفي سراجي(50/27)
وأنت الوحيد الذي على الضرر تحمد
ان تبت عن مدخلي... يا طيب مخراجي
أموت وولد... وموت برحمتك... وولد
لوخضت بحر و أنا في عزتك ناجي
ولو كنت أنا البحر... مالي عزتك بنفد
خمسين حولٍ مريض الطرف وعلاجي
في ركعتين تداوي قلبي الأرمد
نزت عن خاطري خزي وديباجي
شوك... وكستني المحبة ثوب من عسجد
يا هل المدينة سلام كثر ما هاجي
نسيم صبح وناح الراعبي وغرد
على الذي له في عالي الفلك معراجي
نبينا اللي اصطفاه الخالق الأوحد
لاجيب طيبه تهدم برجي العاجي
ظهرت من مثل قبري عاري أجرد
وقلبي سجد له قبل لا يسجد حجاجي
على الثرى اللي تسامى بالنبي أحمد
شعراء الجزيرة العربية >> حمد الحجي >> رسالة حُبّ
رسالة حُبّ
رقم القصيدة : 6534
-----------------------------------
آه ..
ما أعمق الجراح يا جراحي
ما أتعس العيش بلا آمال
ما أظلم الحياة
ما أشد اسودادها في العين
كيف قسوت كل هذه القساوة
فارقتني ما قلت لي وداعا
ليتك قلتها!
كي يحمل الفؤاد هول الكارثة
لأجمع القوى لوقع صاعقة
ليتك فالطبيعة الخرساء
أكثر منك رأفة ..
واحني منك يا حبيبتي
الشمس إن مالت إلى الغروب
ترسل شيئا من شعاعها إليّ
فيأتي الناس للوداع باطمئنان
ولا يخافون ولا أخاف
والكون عند ساعة المغيب يأملون
أن يطلع البدر إلى السماء
لذا فهم لا يحزنون
ليتك فالطبيعة الخرساء
لا تنقل الناس فجأة من الربيع
للصيف أو للفحة الهجير
لكنها تأتي كهبة النسيم كي تخفف المصاب
ليتك كنت كالطبيعة الخرساء
كالشمس حينما تميل للغروب
كالقمر السابح في السماء
قد تسقط الأوراق في الربيع !
قد تذبل الزهور
قد تكسف الشمس ويخسف القمر
لكن يعودان إلى الظهور
متى تعودين إلى الظهور والإشراق والإنارة
ليتك كنت كالطبيعة الخرساء
متى أراك تخطرين كالضياء ؟!
متى أراك كي يغمرني السرور
المشجب الواقف خلف الباب
يحلم باللقاء بالملاءة الجميلة
يشم عطرها
ويزدهي بحملها
يحلم أن تلمسه راحتك اللطيفة
يحلم ساعة اللقاء والوداع(50/28)
المشجب الآن يواريه الغبار
لكنه ينتظر اللقاء
حتى الجماد يا عزيزتي ينتظر اللقاء
حتى الجماد يعلو وجهه الشحوب
كيف أنا ؟!
وكيف قلبي وهو من لحم ودم
ألا يسيل ؟
ألا يظل يرقب الشروق .. طلعة القمر
وعودة الربيع
يا أنت يا ربيع نفسي الكبيرة !!
شعراء الجزيرة العربية >> حمد الحجي >> وطني
وطني
رقم القصيدة : 6535
-----------------------------------
وطني فديتك أي مغنى فتنة
تزداد جدتها عن الأيام
أي المرابع فيك لم تهتف به
ورقاء ذات تفجع وهيام
غنت على الفنن الوريف ظلاله
فروت مفاخر شادها أقوامي
السحر فيك أراه يا وطن الهوى
والمجد والتاريخ والإلهام
والزهر فوق رباك يأسر ناظري
والنخل ينفث أطيب الأنسام
يا نجد عندي لست غير خميلة
من أرز لبنان وحور الشام
شعراء الجزيرة العربية >> حمد الحجي >> الدوحة الشاعرة المحتضرة
الدوحة الشاعرة المحتضرة
رقم القصيدة : 6536
-----------------------------------
ما للجفاف أحالني حطب
وأتى على ورقي وأغصاني
البلبل الصداح غادرني
وكأنه ما كان يهواني
كم هزني بغنائه طربا
وحنا على قلبي بألحان
هذا الخريف مكدس ورقي
تحتي لينسج منه أكفاني
والريح تلطمني عواصفها
وتهد لي مشدودة بنياني
نضبت حياتي بعد نضرتها
ورأى الفنا خطبي فناداني
* * *
أواه كم هطل النعيم على
غصني يرويه بتحنان
واليوم كالعدم المرير انا
يلهو الردى في هيكلي الفاني
قد كنت أهزأ بالعواصف إن
زأرت وأصفقها بايماني
وأتيه فوق الماء ضاحكة
والزهر تحت نداه يلقاني
والماء يجري فيَّ منتشيا
في ألف شريان وشريان
وعلى فروعي الشمس سارحة
من نورها أختار ألواني
شعراء الجزيرة العربية >> حمد الحجي >> ألم وحرمان
ألم وحرمان
رقم القصيدة : 6537
-----------------------------------
أمطرتني الأسى
هاطلات الديم
وكستني البلى
حالكات الظلم
ما سقتني الدنا
غير كأس الألم
* * *
لَهْفَ نفسيعلى
عمري المنصرم
زار كالطيف في
خاطر مضطرم(50/29)
وانئنى راجعا
مبقيا لي الندم
لم يدم لي سوى
شقوة تحتدم
احتسي كأسها
ليتها لم تدم
ليس في مسمعي
غير لحن العدم
* * *
لا تلم يا أخي
اتئد لا تلم
في يميني يراع
يمجُّ السأم
كان لي سلوة
دمعة المنسجم
ملّ طول السرى
في الدجى فانحطم
كان يهدي الخليين
أحلى نغم
لم يكن ساخرا
عابثا بالقيم
* * *
المقادير في
كهفها لم تنم
عينها ترصد الكون
منذ القدم
دائها دائما
إن تهز الأمم
وتهد القوى
وتدك القمم
ثم تخطو كما
الغول فوق الرمم
* * *
لا تلم يا أخي
إن رضيت النقم
من يرد الردى
من يطيق الحمم ؟
فأنا ليس لي
غير هذا القلم
شعراء الجزيرة العربية >> حمد الحجي >> الربيع الفاتن في نجد
الربيع الفاتن في نجد
رقم القصيدة : 6538
-----------------------------------
جاء الربيع فماس الكون ترحيبا
وغنت الورقفوق الأيك تطريبا
وصارت الأرض مخضرا جوانبها
بالنبت تلقاه مفروشا ومنصوبا
فلو نظرت ضحى نحو الرياض وما
فيها من الحسن مبثوثا ومسكوبا
وطالعت عينك الأزهار باسمة
والطير صادحة والماء مصبوبا
أيقنت أن الربيع الغض مؤتلقا
مغنى من الخلد لكن ليس محجوبا
ثم أرتمت عنك آلام الحياة كما
قد أسعد الأمل المحبوب مكروبا
* * *
* * *
فهل غدوت إلى أعشاب مشجرة
كيما ترى بكمال العيش مصحوبا
ورحت تنظر تصعيدا إلى أفق
ناء وطورا إلى الاشجار تصويبا
وأبصرت عينك الغدرانصافية
تصطف من حولها الأزهار ترتيبا
لأنت نشوان رحب الصدر حين ترى
وجه السماء بوجه الأرض مقلوبا
* * *
* * *
قل للذي زار لبنانا وجنته
فبات من عقله المخدوع مسلوبا
لا تذهبن بك الذكرى مجنحة
وترتقي بك فوق السحب منهوبا
فنجد لبنان في فصل الربيع لذا
أمسى الجمال لنجد اليوم منسوبا
انظر إلى الربوات الفيح قد خلعت
يد الجلال عليهن الجلابيبا
وانشق شذا عرفها الفواح في دعة
وشمَّ فيها نسيما يحمل الطيبا
فمن خزامى إلى رند يضوع بما
يشفي الصدور ويقضي الهم محروبا
ومن مغان بها الآرام واثبة
يرحمن ما خفن قناصا ولا ذيبا(50/30)
يقطفن نور الربى الخضراء في جذل
وينتحن لجين الماء مشروبا
مفاتن تدع الأشجان نافرة
من القلوب وتكسو النفس تهذيبا
لو أوتي الطير إفصاحا ومعرفة
لراح ينظم فيها الشعر تشبيبا
فاجعل لها ساعة وانعم بمشهدها
إن كنت تلمس في دنياك تعذيبا
واخلص النفس مما قد أضر بها
ما دمت من نفحات الحسن موهوبا
* * *
* * *
تلك الطبيعة فانهل من مناهلها
وقف بها كي ترى فيها الأعاجيبا
يعلو بك الفكر في تمجيد مبدعها
من أحسن الخلق تكوينا وأسلوبا
حتى بروح لسان الحال منطلقا
بين التلال رفيع الصوت مرعوبا
يا ملبس الكون أثوابا مصبغة
من الجمال سهولا أو أهاضيبا
ريع الشتاء فولي مدبرا وبدا
وجه الربيع ضحوكا الثغر محبوبا
وما تروق لنا أصناف روعته
حتى يزول بلف الصيف منكوبا
جعلت أيامنا نوعين منك فذا
يبدو رهيبا ذاك مرغوبا
شعراء الجزيرة العربية >> حمد الحجي >> في زمرة السعداء
في زمرة السعداء
رقم القصيدة : 6539
-----------------------------------
أأبقى على مرّ الجديدين في جوىً
ويسعد أقوامٌ وهم نُظَرائي؟
ألستُ أخاهم قد فُطِرنا سويّةً
فكيف أتاني في الحياة شقائي؟
أرى خَلْقَهم مثلي وخلقيَ مثلَهم
وما قصّرتْ بي همّتي وذكائي
يسيرون في درب الحياة ضواحكاً
على حين دمعي ابتلّ منه ردائي
أكان لسانيَ إن نطقتُ ملعثماً
وكانوا إذا ناجَوْا من الفصحاء؟
وهل كنتُ إمّا أشكل الأمرُ عاجزاً
وكانوا لدى الجُلّى من الحكماء؟
ولستُ فقيراً أحسب المالَ مُسعِداً
وليسوا - إذا فتّشتَهم - بثراء
وهل لهمو جودٌ بما في أكفّهمُ
وإني مدى عمري من البخلاء؟
وهل أصبحوا في حين أمسيتُ مانعاً
يجودون بالنعمى على الفقراء؟
وهل كلُّهم أصحابُ فضل ومنّةٍ
وكنتُ أنا المفضولُ في الفضلاء؟
وهل ضربوا في الأرض شرقاً ومغرباً
وكنتُ مللت اليومَ طول ثوائي؟
وهل كلُّهم أوفَوْا بكل عهودِهم
ومن بينهم قد غاض ماءُ وفائي؟
بَلى أخذوا يستبشرون بعيشهم
سوايَ فقد عاينتُ قربَ بلائي(50/31)
لقد نظروا في الكون نظرةَ عابرٍ
يمرّ على الأشياء دون عناء
وأصبحتُ في هذي الحياة مُفكّراً
فجانبتُ فيها لذّتي وهنائي
ومن يُطِلِ التفكيرَ يوماً بما أرى
من الناس لم يرتحْ ونال جزائي
ومن يمشِ فوق الأرض جذلانَ مُظهِرً
بشاشتَه يمرُرْ بكلّ رُواء
تُغنّي على الدوح الوريق حمامةٌ
فيحسبه المحزونُ لحنَ بكاء
وتبكي على الغصن الرطيب يظنُّها
حليفَ الهنا تُشجي الورى بغِناء
ألا إنما بِشْرُ الحياة تفاؤلٌ
تفاءلْ تعشْ في زمرة السعداء
شعراء الجزيرة العربية >> حمد الحجي >> قسوة
قسوة
رقم القصيدة : 6540
-----------------------------------
تجنَّ عليَّ بالِغْ في التجنِّي
فمن ألم الجوى استوحيت فني
ومس بالقد منتشيًا كغصنٍ
جميلٍ في اعتدال أو تثنّي
وأسمعْني حديثك إن روحي
يمور به صدى صوت المغني
كأن الله أولاك افتتانًا
فمازَجَ فاكَ بالوتر المرِنِّ
أكاد إذا سمعتُ النطق منه
يضيع الفكر والوجدان مني
فهيا ارسِلْ شعاع اللحظ إني
من الطرْف الجميل أصوغ لحني
أصوغ مناغيًا للناي لحنًا
شَرودًا رائعًا في كل أذن
تهش له مسامع من أناجي
ويرضاه أبو مَيٍّ ومَعْن
فتًى كمُلَتْ خلائقه وفاقت
جميع الناس من جنس ولون
فلا تبخل عليَّ بحسن صوت
يُميت تعاستي ويقرُّ عيني
فأسمعني لحون الطير تشدو
وجاذِبْني الترَّنم والتغنِّي
ولا تبخل عليَّ بسحر قولٍ
حلاوته تزيل الهمَّ عني
وينفح بالشذا نفسي وقلبي
كأني في ذرى جنات عدن
ويحييني لأني في مماتٍ
وفي قيدٍ وفي إظلام سجن
فكم من ليلةٍ أرسلتُ شعرًا
يمنِّي النفس لو نفع التمني
ألا ياليت من أهوى قريب
يخفف وطء آلامي وحزني
ويغمرني بفيض النور منه
ويُبْدِلني رؤى خوفي بأمن
ويجعل وحشتي أنسًا وبرّاً
ويتركني أنام بملء جفني
العصر العباسي >> الحلاج >> التلبية
التلبية
رقم القصيدة : 6541
-----------------------------------
لبّيكَ لبّيكَ يا سرّي و نجوائي
لبّيك لبّيك يا قصدي و معنائي
أدعوك بلْ أنت تدعوني إليك فهلْ(50/32)
ناديتُ إيّاك أم ناجيتَ إيّائي
يا عين عين وجودي يا مدى هممي
يا منطقي و عباراتي و إعيائي
يا كلّ كلّي يا سمعي و يا بصري
يا جملتي و تباعيضي و أجزائي
يا كلّ كلّي و كلّ الكلّ ملتبس
و كل كلّك ملبوس بمعنائي
يا من به عُلقَتْ روحي فقد تلفت
وجدا فصرتَ رهينا تحت أهوائي
أبكي على شجني من فرقتي وطني
طوعاً و يسعدني بالنوح أعدائي
أدنو فيبعدني خوف فيقلقني
شوق تمكّن في مكنون أحشائي
فكيف أصنع في حبّ كَلِفْتُ به
مولاي قد ملّ من سقمي أطبّائي
قالوا تداوَ به منه فقلت لهم
يا قوم هل يتداوى الداء بالدائي
حبّي لمولاي أضناني و أسقمني
فكيف أشكو إلى مولاي مولائي
اّني لأرمقه و القلب يعرفه
فما يترجم عنه غير ايمائي
يا ويحَ روحي من روحي فوا أسفي
عليَّ منّي فإنّي اصل بلوائي
كانّني غَرق تبدو أنامله
تَغوثُّاً و هو في بحر من الماء
وليس يَعْلَم ما لاقيت من احدٍ
إلا الذي حلَّ منّي في سويدائي
ذاك العليم بما لاقيت من دنفٍ
و في مشيئِتِه موتي و إحيائي
يا غاية السؤل و المأمول يا سكني
يا عيش روحي يا ديني و دنيائي
قُلْ لي فَدَيْتُكَ يا سمعي و يا بصري
لِمْ ذا اللجاجة في بُعدي و إقصائي
إِن كنتَ بالغيب عن عينيَّ مُحْتَجِباً
فالقلب يرعاك في الأبعاد و النائي
العصر العباسي >> الحلاج >> جواب في حقيقة الإيمان
جواب في حقيقة الإيمان
رقم القصيدة : 6542
-----------------------------------
للعلم أهلٌ و للإيمان ترتيب
و للعلوم و أْهلِيها تجاريب
و العلم علمان منبوذ و مكتسب
و البحر بحران مركوب و مرهوب
و الدهر يومان مذموم و ممتدح
و الناس اثنان ممنوح و مسلوب
فاسَمعْ بقلبك ما يأتيك عن ثقةٍ
و انظرْ بفهمك فالتمييز موهوب
إني ارتقيتُ إلى طودٍ بلا قدمٍ
له مَراقٍ على غيري مصاعيب
و خُضْتُ بحراً و لم يرسب به قدمي
خاضَتْهُ روحي و قلبي منه مرغوب
حَصْبَاؤُه جوهرٌ لم تَدْنُ منه يدٌ
لكنه بِيَدِ الأفهام منهوب
شربتُ من مائه رَياً بغير فم(50/33)
و الماء قد كان بالأفواه مشروب
لأن روحي قديماً فيه قدْ عطشتْ
و الجسم [ما] ماسَهُ من قبل تركيب
إني يتيمٌ و لي أبٌ أَلوُذ به
قلبي لِغيْبَتِهِ ما عشْتُ مكروب
أعمى بَصيرٌ و إني أبْلَه فَطِنٌ
و لي كلام إذا ما شئتُ مقلوب
ذُوِ فَتَا عرفوا [ما] قد عرفت فَهْمُ
صَحْبِيَ ومن يُحْظ بالخيرات مصحوب
تعارفَتْ في قديم الذّر أَنْفُسهم
فأشرقَتْ شمسهم و الدهر غربيب
العصر العباسي >> الحلاج >> جواب إلى شبلي
جواب إلى شبلي
رقم القصيدة : 6543
-----------------------------------
يا موضع الناظر من ناظري
و يا مكان السرّ من خاطري
يا جملة الكلّ التي كلها
أحبّ من بعضي و من سائري
تراك ترثي للذي قلبه
مُعَلَق في مخلبي طائر
مدَلَهٌ حيرانُ مستوحشٌ
يهرب من قفر إلى آخر
يسري و ما يدري و أسراره
تسري كلمح البارق النائر
كسرعة الوهم لِمَنْ وهمه
على دقيق الغامض الغابر
في لجّ بحر الفكر تجري به
لطائف من قدرة القادر
العصر العباسي >> الحلاج >> مراحل على الطريق
مراحل على الطريق
رقم القصيدة : 6544
-----------------------------------
سكوتٌ ثم صمتٌ ثم خَرْسُ
و عِلْمٌ ثم وَجْدٌ ثم رَمْس
و طينٌ ثم نارٌ ثم نورٌ
و بردٌ ثم ظلّ ثم شمس
و حَزْنٌ ثم سهل ثم قَفٌْر
و نهر ثم بَحْرٌ ثم يَبْس
و سكر ثم صَحْوٌ ثم شوقٌ
و قرب ثم وفر ثم أُنْس
و قَبْضٌ ثم بسط ثم مَحْوٌ
و فرق ثم جمع ثم طَمْس
و أَخْذٌ ثم ردّ ثم جذبٌ
و وصف ثم كشف ثم لبس
عبارات لأقوامٍ تساوتْ
لديهم هذه الدنيا و فِلْس
و أصوات وراء الباب لكن
عبارات الورى في القرب همس
وآخر ما يَؤول إليه عَبٌْد
إذا بلغ المدَى حظّ و نفس
لأنّ الخلق خدّام الأماني
و حقّ الحقّ في التحقيق قُدْس
العصر العباسي >> الحلاج >> الأهوال أمانات عند أهلها
الأهوال أمانات عند أهلها
رقم القصيدة : 6545
-----------------------------------
مَن سارروه فأبدى كلّما ستروا
و لم يراع اتّصالاً كان غَشَّاشا(50/34)
إذا النفوس أذاعت سرّ ما علمت
فكل ما خلت من عقلها حاشا
من لم يصن سرّ مولاه و سيّده
لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا
و عاقبوه على ما كان من زَلََل
و أبدلوه مكان الأُنْس ايحاشا
و جانبوه فلم يصلح لِقُرْبِهِم
لمّا رأوه على الأسرار نبَّاشا
من أطلعوه على سرّ فنمَّ به
فذاك مثل يبين الناس طيّاشا
هم أهل السرِّ و للأسرار قد خُلقوا
لا يصبرون على ما كان فحَّاشا
لا يقبلون مذيعاً في مجالسهم
و لا يحبّون سِتْراً كان وَشْواشا
لا يصطفون مضيفاً بعْض سرّهم
حاشا جلالهم من ذلِكم حاشا
فَكُنْ لهم و بهم في كلّ نائبةٍ
إليهم ما بقي الدهر هشَّاشا
العصر العباسي >> الحلاج >> ناي (في وصف فقد حاله)
ناي (في وصف فقد حاله)
رقم القصيدة : 6546
-----------------------------------
أَنْعَى إليك نفوساً طاح شاهدُها
فيما وراء الحيثِ يَلْقَى شاهد القِدَم
أنْعي إليك قلوباً طالما هَطَلَتْ
سحائبُ الوحي فيها أبْحُر الحكم
أنعي إليك لسان الحق مُذ زمن
أودى و تذكاره في الوهم كالعدم
أنعي إليك بيانا تستكين له
أقوال كل فصيح ٍمِقْوَل فهم
أنعي إليك أشارات العقول معاً
لم يبق منهنّ إلا دارس الرمم
أنعي و حُبِّك أخلاقاً لِطائفةٍ
كانت مطاياهم من مكمد الكظم
مَضَى الجميع فلا عين و لا أثُر
مُضِيَّ عادٍ و فُقْدانَ الأُلى إِرَم
و خَلّفوا معشراً يجرون لبستهم
أعْمى من البهم بلْ أعمى من النعم
العصر العباسي >> الحلاج >> أشار لحظي بعين علم
أشار لحظي بعين علم
رقم القصيدة : 6547
-----------------------------------
أشار لحظي بعين علِم
بخالصٍ من خِفّي وَهْم
و لائحٌ لاح في ضميري
أدقّ من فهم وهم همّي
و خضتُ في لجّ بحر فكري
أمُرُّ فيه كمرّ سهم
و طار قلبي بريش شوقي
مركّب في جناح عزمي
إلى الذي عن سُئلتُ عنه
رمزت رمزاً و لم اسمّي
حتّى إذا جُزْتُ كل حدّ
في فلوات الدنّو أَهْمِي
نظرت إذ ذاك في سَجَالٍ
فما تجاوزتُ حدّ رَسْمي
فجئتُ مستسلما إليه(50/35)
حدّ قيادي بكفّ سلْمي
قد وسم الحبّ منه قلبي
بميسم الشوق أي وسم
و غاب عنّي شهود ذاتي
بالقرب حتّى نسيتُ اسمي
العصر العباسي >> الحلاج >> لم يبق بيني و بين الحق تبياني
لم يبق بيني و بين الحق تبياني
رقم القصيدة : 6548
-----------------------------------
لم يبق بيني و بين الحقّ تِبْيَاني
و لا دليل و لا آيات برهان
هذا تجلّى طلوع الحقّ ِ نائرةً
قد أَزْهَرَتْ في تلأليها بسلطان
كان الدليل له منه إليه به
مِن شاهدِ الحقّ ِبل عِلماً بِتِبْيان
كان الدليل له منه به و له
حقًّا وجدناه في تنزيل فُرقان
لا يستدلُّ على الباري بصنعته
و أَنْتُمُ حَدَثٌ يُنْبِي بأزمان
هذا وجودي و تصريحي و معتقدي
هذا تَوَحُّدُ توحيدي و إيماني
هذا عبارة أهل الانفراد به
ذوي المعارف في سرّ و إعلان
هذا وجودُ وجودِ الواجدينَ له
بني التجانُس ِأصحابي وخُلَّاني
العصر العباسي >> الحلاج >> عجبت منك ومني
عجبت منك ومني
رقم القصيدة : 6549
-----------------------------------
عجبتُ منك و منّي
يا مُنْيَةَ المُتَمَنِّي
أدنيتَني منك حتّى
ظننتُ أنّك أنّي
وغبتُ في الوجد حتّى
أفنيتنَي بك عنّي
يا نعمتي في حياتي
و راحتي بعد دفني
ما لي بغيرك أُنسٌ
من حيث خوفي وأمني
يا من رياض معانيهْ
قد حّويْت كل فنّي
وإن تمنيْت شيْاً
فأنت كل التمنّي
العصر العباسي >> الحلاج >> أقتلوني ياتقاتي
أقتلوني ياتقاتي
رقم القصيدة : 6550
-----------------------------------
أُقْتُلُوني يا ثقاتي
إنّ في قتْلي حياتي
و مماتي في حياتي
و حياتي في مماتي
أنّ عندي محْو ذاتي
من أجّل المكرمات
و بقائي في صفاتي
من قبيح السّيّئات
سَئِمَتْ نفسي حياتي
في الرسوم الباليات
فاقتلوني واحرقوني
بعظامي الفانيات
ثم مرّوا برفاتي
في القبور الدارسات
تجدوا سرّ حبيبي
في طوايا الباقيات
إنني شيخ كبير
في علوّ الدارجات
ثم إنّي صرتُ طفلا
في حجور المرضعات
ساكناً في لحد قبر
في أراضٍ سبَخات(50/36)
وَلدَتْ أُمّي أباها
أنَّ ذا من عجباتي
فبناتي بَعْدَ أنْ كـ
ـن بناتي أخواتي
ليس من فعل زمان
لا و لا فعل الزنات
فاجمعوا الأجزاء جمعاً
من جسورٍ نيرات
من هواء ثم نار
ثم من ماء فرات
فازْرعوا الكلّ بأرض ٍ
تُرْبُها ترب موات
وتعاهدها بسقي
من كؤوس دائرات
من جوار ٍساقيات
و سواق ٍجاريات
فإذا أتممت سبعا
أنبتَتْ خير نبات
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أودية وشعاب
أودية وشعاب
رقم القصيدة : 6551
-----------------------------------
بين ليلة وضحاها
اكتشفت أنني ما زلت أمشي
ألهث على رجلين غارقتين في النوم
لا بريق مدينة يلوحُ
ولا سراب استراحة.
على رجلين ثاويتين في النوم
أنا الذي ظن بأنه وصل
وعند أول مدخل
تنفست رائحة قهوةٍ ونباح كلاب
فكومت جسدي
كحشد من المتعبين والجرحى
لكني عرفتُ أن الضوء الشاحب
يتسلل من رسغي
خيط دمٍ يصلُ الشعاب بوديانها الأولى...
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الليلة الأخيرة
الليلة الأخيرة
رقم القصيدة : 6552
-----------------------------------
في الليلة الأخيرة التي تشبهُ قلبا
ينفجرُ على منعطفٍ
في هذه الليلة
أصغي بين أضلعي، لزئير الأجداد
ذاهبين الى الحرب
مقتفين أثر الكلاب المندفعة كمبضع ينتهك صدر الصحراء
لخيولهم تحملُ جثث الأعداء عبر المفازة
لِلَمعانِ الأجنة والبطون المبقورة
لجلبةٍ تحملُ الأفق ذريعةً للحكاية
لأولئك القادمين من أغوار السنين
بحثاً عن مكانٍ بين أضلعي والمسافة...
في هذه الليلة أبتكرُ حرباً أخرى
وأمضي
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> صباح
صباح
رقم القصيدة : 6553
-----------------------------------
الفجرُ يتفاقم ظلهُ أمام العتبة
والطيور تأوي إلى أمكنةٍ غريبة
لقد ساقها الذعرُ إلى الثكنات
فلا تسمعُ إلا ارتطام أجنحةٍ بأخرى
كمهاجرين فروا من مذبحة.
كان صباحاً معتماً منذُ البداية.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مطارح
مطارح
رقم القصيدة : 6554(50/37)
-----------------------------------
في الليل... في الليل غالباً
أقتفي أثر البُداة
بكلابهم النابحة على الحافة
ومواقدهم المرشوشة بالريبة.
في جوف هذا الليل الموغل
في القدم
أقتفي أثرهم
لا أتبين الضوء إلا على رؤوس أصابعي
هناك في الجروف البعيدة.
محدقاً في الحشد الهائج
بثغاء أغنامه وتجاعيد نسوره
راحلين نحو القرى المتاخمة لخط الأفق
ساحبين وراءهم تيه الجبال
وهاوياتٍ لا قعر لها.
راحلين دائماً...
وحدها ذئابُ الصُّدْفة تعرف
مطارحهم في المرة القادمة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ذكرى الحاضر
ذكرى الحاضر
رقم القصيدة : 6555
-----------------------------------
وحيداً، وخلف الجبال البعيدة في الذكرى
... سادراً ارقبُ المغيب
هذا الدم المنساب على أجنحة طائر
ثعباناً يفترس النهار بعينيه الدامعتين بالسواد
وخلف الأكمة يلعبُ النمرُ مع صغاره، مُضيئاً
طلائع هذا الليل القادم
بمخالب أكثر حناناً من جسد امرأة.
وحيداً من غير أمل
ومن غير رغبة.
هكذا... هكذا
حتى أختفي مع سكان مدينة
غرقت في البحر
أو أختفي في كأس.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أصدقاء
أصدقاء
رقم القصيدة : 6556
-----------------------------------
جاءوا من وحشة
الطريق
ملتفين بمعاطف، زنّارها
خريفُ ينابيع.
ينهبون الليل والأحلام
بجراحهم
ولا يَصلِون.
أصدقاء
يحجزون المقاعد في الصباح
كي نشرب القهوة وندخن
لا يكادُ يسطعُ الكلام من أفواههم
إلا وتمتلئ الطاولاتُ
بالغياب.
أصدقاء
يستنطقون العربات المارة
بوجوههم التي تشبهُ جزُراً
تهذي في أحشاء محيطٍ
يستنطقون العربات والنيازك،
أقدامُهم تمخر الشوارع، حاملين
الفصول في جيوبهم وبقايا نبيذٍ
من سهرة البارحة، حاملين
الخصومات والدم المتدفق
من شريان يمامةٍ، ذكريات
الحروب والمنافي التي لا حصر لها
حالمين بأمجادٍ وصياحاتٍ قادمة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> حكاية قديمة
حكاية قديمة(50/38)
رقم القصيدة : 6557
-----------------------------------
بين النوم واليقظة
بين الصحو والمطر
كان يمضي حمارُ جارنا القديم
الذي أتذكرهُ الآن تحت شجرة التين
عائداً من أسفاره السعيدة
بين البندر والقرية
كان يمضي القيلولة تحت الشجرة المثقلة
بالظهيرة والعصافير
ناعساً وعلى رأسه تاجٌ من الذباب
لا يتذكر شيئاً
لكنه يسرحُ أحياناً فيرفسُ الجذع
برجلين معروقتين بالألم
وفي المساء يمضي لجلب الزرع من الحقول
المبعثرة كدموعٍ خضراء سكبتها الآلهة.
في الرواح والمجيء يرسل نهيقه العالي كصراخ أضاعته
السلالة بين الأحراش، فتشرئبُ أعناق الحمير.
مرحاً
مختالاً كطائر كركي بين إناثه
وفي الليل حين يأوي الى شجرته التي
تلمعُ فيها عيونُ الديكة حالمةً بمقدم
الثعالب، يكونُ قد غادر موقعهُ إلى
ديارٍ بعيدةٍ يخوض فيها سهوباً وأودية
بحمله الثقيل وربما حَلَمَ بأنثى لم يطأها
حمارٌ قبله....
بالأمس رأيتُ حماراً هرما تحت شجرة
عتيقة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ليل
ليل
رقم القصيدة : 6558
-----------------------------------
إلى امرئ القيس
ليل لا يمكنك أن تقطعهُ بمنشار
أو تعتقلهُ في كأسٍ
ليل ثعلبي المزاج
أحيانا يشبهُ مهرَّجاً في ساحةٍ عامةٍ
وينزلقُ أملساً كفراء العروس
ليل العرّافات وسائقي الشاحنات
لم يرخ سدولهُ بعدُ
لكنه اوعز إلى مخلوقاته بالنميمة.
الغرباءُ يُطلون من شرفاتهم أمام البحر
والسفن غارت في ذاكرة البحارة.
ليل غير قابلٍ للاندحار
على شواطئه تلملمُ الصرخةُ
أشلاءها من فم الغريق
ليل وعرٌ
وقد أرخى سدولهُ على عُنُق العالم.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الغريب
الغريب
رقم القصيدة : 6559
-----------------------------------
هذا الكائن الذي يجرفنا نحو أقاصيه
يتكورُ على الطاولة وفوق السرير
ركام وجوهٍ وأماكن
يستقصي تخوم أيامه
هضبةً بعد هضبة
برجاً، قرية مهجورةً، مدينةً أكلتها الحرب
يقضمُ تفاحة
ويدخن، متذكراً:(50/39)
مقبرة أجداد
أسمال أمه النائمة بين الكثبان
الزجاجةَ التي خطفتها الأيدي
قبل أن يرتشف قعرها
وينام.
الريح تصفر في الخارج مثل ذئب
(لقد رأى قطيع ذئاب في
طفولته).
الغريبُ يتكومُ على طاولته
رُكام وجوه ومصائر
يحاولُ أن يكتب،
يكتب عن ماذا؟
يا روح العربات المجنحة
يا روح الأمطار ومواكب الفجر
روح غريبٍ يبكي في أول الطريق.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> فانوس
فانوس
رقم القصيدة : 6560
-----------------------------------
جرح النافذة الذي اراهُ كل يوم
يُضيءُ الليل
وكأنما فانوسُ يضيءُ الأعماق السحيقة
للجرح البشري.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> لعب
لعب
رقم القصيدة : 6561
-----------------------------------
لم نكُن جبناء ولا أبطالا
كنا أنفسنا
نلعبُ النرد مع النيازك
وأحياناً نُصغي لنقيق الضفدع
في ليلٍ تحتضرُ بقاياه.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أرخبيل الغرقى
أرخبيل الغرقى
رقم القصيدة : 6562
-----------------------------------
يتغذى من حقد الأعاصير
دمهُ منشفةُ المسافة
والأقدام التي حشدت ليلها
في عينيه، تئنُّ
مثل ارخبيلٍ من الغرقى
مثل عاصفةٍ من غير اتجاه.
أي فأسٍ فصلت السماء
عن الحقيقة؟
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> حقيبة
حقيبة
رقم القصيدة : 6563
-----------------------------------
رجل يسكنُ في حقيبة
رجلاهُ مفارقُ الطرقات
في كل مفرقٍ سماء مكفهرة.
ذات مرة رأى نعاجاً في الأفق
فتذكر جدهُ
أوقد شمعةً في كهف
ظل يطوف حولها
قرناً بعد قرنٍ
حتى تصدع ظلُه
وفاضت أيامه بالدمع.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ضواري
ضواري
رقم القصيدة : 6564
-----------------------------------
على امتداد هذه الظُلمة المستبدة
ألمحُ شبح أيامي متفقداً ضحاياه
تتقدمُهُ فرقةٌ من المجاذيب ومشردي الحروب
ألمح الساعة المعلقة على الجدار وقد فرغت من دقائقها
وجفت من النبض.(50/40)
عيونٌ جاحظةٌ في الشرفة وخزانة الملابس
والستائرُ تهتزُ بفعل ريحٍ مجهولة،
وإذ أعبرُ بأرجلٍ مثقلة بالنوم وصخب الضواري
وفحيحها، أتعثرُ بأحشاء تمساحٍ يشبهُ خريطة
مدينةٍ لم أرها قبل اليوم.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الشرق
الشرق
رقم القصيدة : 6565
-----------------------------------
بداية كل يومٍ
وأنا أقتلعُ خطواتي الأولى
نحو الغابة،
ينبلجُ الشرقُ في دمي
شمساً غريبةً
فأرى خيولاً تندفع
وتلامسُ أعرافها السماء.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> في ضوء هذا الفجر الأصم
في ضوء هذا الفجر الأصم
رقم القصيدة : 6566
-----------------------------------
في ضوء الفجر، في ضوء الفجر الجميل
في ضوء هذا الفجر الأصم الذي لا يسمع ندائي
في ضوء السماء التي تمرحُ القطايا في شغافها
في انسلال الجناح المغتبط بطيرانه
فوق الجبال
في شروق العاصفة وهي تحملُ حقل أبي
إلى بلدٍ آخر
في هذا الضوء الشامخ
أكد لي الموتُ جلّ مواهبه الفريدة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> سماء خاصة
سماء خاصة
رقم القصيدة : 6567
-----------------------------------
هذا النسرُ الذي يعيدُ تشكيل السماء
وفق مزاجه الخاص، يهبطُ أحياناً ليرى
إبداع لوحته التي رسمها بعيداً عن الله...
هذا النسرُ ذو المنقار الذي يحملُ
العواصف كالأرانب يترنحُ من فرط النشوة
والذكرى:
نبعٌ حط عليه مع أنثاه
سهوب وأوديةٌ قطعها مع صديقٍ قديم
ذرى الهملايا
والجبلُ الأخضر...
كبشُ السماء الهائجُ يتذكر أيضا مجد حُروبه الشخصية
والسُلالة التي أوشكت على الانقراض،
حالماً بنُسورٍ تملأ فضاء وحدته.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مكيف هواء
مكيف هواء
رقم القصيدة : 6568
-----------------------------------
يتنفسُ بصعوبة
بصعوبةٍ أكثر من اللازم
وكأنما كائنٌ بشريٌ ينتزعُ من حلقه
عظمةً قذفها بركان
ومن خياشيمه التكنولوجية،
يبصقُ الهواء المُر على جسدٍ أكثر مرارة(50/41)
من بلدةٍ مهجورة.
وفي تلك الغرفة الصغيرة
يبدأ الصدقاء في المجيء،
هاربين من جبروت الظهيرة.
يلطفُ الهواءُ قليلاً
يسرحُ النعاسُ قليلاً
ونغرقُ جميعاً في البئر الذي حفره الأجداد
لنستقبل مساء آخر.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هنود في ضوء الفجر
هنود في ضوء الفجر
رقم القصيدة : 6569
-----------------------------------
هذه اللحظة الملمومة على بعضها
كأجزاء جثةٍ أدركها التفسخُ
لا ألمحُ طلعة الصباح كالعادة
(لقد تأخر)
أمام النافذة يتدفقُ الهنود
حاملين نعش بوذا
مضمخاً بمياه الغانج
منتظرين مثلي نهاراً آخر
لكن بطمأنينةٍ وموتٍ مقدس.
الهنودُ القادمون من غير ظلالٍ ولا وجوه
غرباءُ المكان
ألم البحث عن اللقمة والأغنية.
بعد قليلٍ يرتاحون من الجنازة
في المطعم المجاور، حيث تتلوى
راقصةُ تطعمُ نهديها لعشيقٍ خيالي
ويحلمون حتى النهاية.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أمام النافذة
أمام النافذة
رقم القصيدة : 6570
-----------------------------------
مأخوذاً بجلبة الشارع
بنداء الباعة وصراخ الشحاذين
والبكاء المر لسكارى منتصف الليل.
الحوذيُّ يجر عربته أمام الغيم
والجزار يفقأ عين الضحية،
بسكين يبزغُ من يده ملتهما
مسافة المكان بين غرفتي وعنق
الخراف.
كذلك الرعودُ وهي تنقر نافذة
بيتي ليل نهار مثل طيور الوادي
مبشرةً بمقدم ضيف
ربما لن أراهُ بعد اليوم.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> فراق
فراق
رقم القصيدة : 6571
-----------------------------------
نحاولُ أن ننسى
ماذا نُحاول أن ننسى؟
الخنجرُ المسموم أنجز مهمته بضراوة
والمرأة التي عرضت ساعة الفراق بفوديها
كنهرين صغيرين، اختفت في الظلمة
حيث كان كلبٌ يعوي
حيث قطارٌ يلتهم الريح
ولم اعد أرى في معترك أيامي
عدا شبح قُرصانٍ يفترس أضلاعه
في كوخ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> قبر هنري باربوس
قبر هنري باربوس
رقم القصيدة : 6572(50/42)
-----------------------------------
أغْلِقُ الباب وأنظرُ من ثقب
عاصفةٍ
إلى الحشد البشري
وأعرفُ، بعد قليلٍ... ستنتقل المذبحة
بتفاصيلها
إلى قلبي.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الفنان
الفنان
رقم القصيدة : 6573
-----------------------------------
أبداً
تولدُ أعمالك ناقصة
ولا تكتملُ إلا في جنون موجٍ تائه
أو في رأس
هشمتهُ
الحروب.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مدن الملح
مدن الملح
رقم القصيدة : 6574
-----------------------------------
بعينٍ مجهدةٍ بالسهاد
ويقين ملتبسٍ حتى النهاية
يحدقُ الرّاوي في شخوصه التي تملأ
الغرفة بالضجيج
ويحدقُ في طبقات التاريخ.
في خضم ممالكه البهيجة
يترسمُ الهولُ قادماً من جهاتٍ معلومة.
ناحتاً للصحراء أحوالها المريرة التي
تبدأ من تحديقة ذئبٍ حتى
آخر المخترعات.
وحين نقتربُ قليلاً من بخت السلالات،
نرى القوافل والفرسان تتبعُنا
بحنينها المخنوق إلى: وادي العيون
ونرى الهذّال(*) دمعةً مفتونةً بالأفق.
(*) الهذّال: بطلُ رواية عبدالرحمن منيف مُدن الملح.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الاسم القديم
الاسم القديم
رقم القصيدة : 6575
-----------------------------------
والآن
اقفُ فوق أقصى مراحل النسيان
حيث الجبلُ والذئبُ ينتحبان بأفظع الذكريات
والأغاني تصعدُ من أفواه بنات آوى
مطرزة بالنجوم
وجدتُ أفقاً يعيدُ إليّ اسمي القديم
ملفعاً بوجوهٍ غائبة
وأخرى ستعيب
وجدتُ دمعة تستفز المارة
من فوق شاحنة،
لقد ذرفها فلاحٌ في الأزمنة البعيدة،
ولا أحد يعبرُ في هذه الليلة الملأى
بالمسافرين.
محجرُ الألم
طاحونة الأيام.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> فيض الصحراء
فيض الصحراء
رقم القصيدة : 6576
-----------------------------------
عجائزُ الطرقات
يستجدون بسمة عابر
في وجوههم مرايانا
وفي حدبة العمر
أيامهم معلقةٌ في ذكرى
كسنامٍ يواجهُ فيض الصحراء(50/43)
في العربات وعلى المصاطب والممرّات
يتجمعون
تتبعُهم بروقٌ مخمدةٌ وعواءٌ مسحوق...
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> طيور هيتشكوك
طيور هيتشكوك
رقم القصيدة : 6577
-----------------------------------
الأبواب تصرُ على الحركة
مقابضها وأطرافها تفيضُ في أعماقي
كما لو أن الزوابع، وجبتها اليومية، أفسحت
المجال للطيور التي ستفترس السيدة
بقلب باردٍ
وكان بين هذه الأبواب والأشجار
في الخارج
همهمةُ سماء توشك على الانتقام.
الطيور تسترخي
عيونها تفْترُّ عن غضبٍ يلجمُ الهواء عن مسيرته.
وبكسلٍ حالمٍ، أحياناً، يجعل منهن
شقيقات الغيب.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> غرف مهجورة
غرف مهجورة
رقم القصيدة : 6578
-----------------------------------
الحسرةُ التي نذرفها على أطفالنا القادمين
تشبه الغرف التي أثثناها قبل قليل
ورحلنا
تاركين السجائر فوق منضدة الكتب
والريحُ تعصفُ بالجنبات، حاملةً
إرث النوم، ومياهه التي تغرقُ
فيها حيواناتُ ما قبل التاريخ...
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الراحلون
الراحلون
رقم القصيدة : 6579
-----------------------------------
الذين يرحلون دائماً
تاركيننا لوحشة الجدار
لمصير شاهدةٍ على قبر.
القدمُ الهاذيةُ تنزلقُ في مساء أخير.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الذين كانوا
الذين كانوا
رقم القصيدة : 6580
-----------------------------------
كنتم تمُرون على أيامنا
وتلامسون الزهر
ذلك الندى في الكلام
وتلك الأغاني
كنتم ذكرى قيامةٍ للفرح
وآفاقاً تستحضرُ قتلاها
كلما جُن الليلُ
كنتم ساعد الجسارة الأيمن
وطيور الرغبة حين تنحدرُ صباحاً نحو السفح
وكنتمُ قبل قليلٍ:
((بُناة العُزلة)).
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> لن تقرع الأجراس
لن تقرع الأجراس
رقم القصيدة : 6581
-----------------------------------
لم تهدأ العاصفة، هذه الليلة
أمام بابي(50/44)
جيوشها الخمسة أصفقت باب الجهات.
في الضوء الشاحب للكنائس
ألمحُ الرهبان يجرون العربات
هاربين نحو الجبال
بخيولٍ مطهمةٍ في الريح
كأنما في العهد البيزنطي.
في هذا الليل الضارب في القدم
لن تقرع الأجراسُ بعد اليوم
لن تهدأ العاصفة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مطرقة تغور في منجم الذهب
مطرقة تغور في منجم الذهب
رقم القصيدة : 6582
-----------------------------------
لم تكوني كاهنة العصور ولا امرأة الغيب
حين التقى ظلاّنا فوق جذْع الشجرة
في الغابة التي يتصادمُ فيها الغرباء
كنت امرأة بملابس خفيفةٍ
أمشي بمحاذاتك
في الطرق الأكثر وعورة للصمت
رجل وامرأة نحتا ظليهما في حائط.
ومثلما تلملمُ روح أعضائها في غبش الفجر
لامس كتفي كتفك
أمام البائع المتجول، تحت شمسه النحيلة،
نقتفي أثر الحُواة والعابرين
نفترق ونلتقي
كل يومٍ على هذه الحال
تحت القبة الهائلة للصدفة،
غريبان في غابة
يلامس ظلهُما ظلا ثالثاً
وتدور الغابة تحت شمس الحائط
حيث الفمان فم واحدٌ
واليدان طير استغاثة:
لم تكن ذكرى قُبلة صيف
كانت مطرقة تغورُ في منجم الذهب
مرتشفة لعابهُ المتأجج في الأعماق.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> إلى تلك المرأة
إلى تلك المرأة
رقم القصيدة : 6583
-----------------------------------
ها أنا أيتها المرأة
في البلاد التي كنا فيها
قبل أطيافٍ وسنوات
أفتشُ عن عُنوانك
في جروف الأسماء والتواريخ
بالمُفكرة المليئة بالقهوة والنبيذ
ومقهى المحطة القديمة التي يعلوها الدخان
حيث تتقاطعُ طرقُ الشمال والجنوب بكراهية
والقطاراتُ تسرحُ في خيال النائم كالذئاب
بين أناسٍ عيونهم تجيشُ مخالب ضدّي
كأنما ذبَحْتُ سلالتهم بالأمس
أو سقتهم إلى أفران السلق بالأسيد.
الليلُ يزحفُ من وراء الزجاج
والمطرُ لا ينقطع
لقد سبقهُ مغيبٌ قاتمٌ
بمديةٍ طويلةٍ،
وبيتٌ مهجورٌ.
الافلاسُ طيري الأليف
ربيتهُ بحنان المحبين
فقادني بين المدُن بمعرفةٍ خاصة.(50/45)
هل أنتظرُ هُنا، في المكان نفسه
حتى تبزغ شمسٌ من رأسي
تتسلقُ جبالاً وهضاباً
عبرناها ذات طفولةٍ بعيدة...
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> سليمة الأزدي
سليمة الأزدي
رقم القصيدة : 6584
-----------------------------------
سُليمة الأزدي(*)
السهامُ التي انطلقت في بطن ذلك القفر المعتم،
الغليظ العتمة، من قوس سُليمة الأزدي
باتجاه والده مالكٍ
وباتجاه مُقلة التاريخ
ليستْ سهام غدرٍ وخيانة
بل سهامُ محبة
في ذلك الليل القصيّ من شبه الجزيرة...
رغيانُ جمالٍ وهديرُ بحار
مواقدُ تسفوها الرياحُ بشدة
كان هُناك الأعداءُ المدحورون
وكانت السهامُ التي تستعدُ للانطلاق
نحو القلب.
(*) هو سُليمة ابن ملك عُمان، مالك بن فهم الأزدي، الذي جاء مع قبائل الأزد من اليمن بعد خراب سد مأرب وحكم عُمان بعد طرد الغزاة الفرس عنها وحكم بعض أبنائه الأنبار والحيرة.
تقول الرواية إن ابنه سليمة كان في نوبة حراسته ذات ليلة إذ سمع صوتاً من مكان ما، سدد إثره السهم فأخرسه فإذا بمصدر الصوت والده مالك بن فهم الذي عبر عن هذه المفارقة المأساوية لحظة احتضاره، بقصيدته المعروفة التي يقول فيها:
أعلمهُ الرماية كل يومٍ ::: فلما اشتد ساعده رماني
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> رائحة
رائحة
رقم القصيدة : 6585
-----------------------------------
رائحة الفريسةِ
في حلْقي
رُغم الجو وصحوه الغزير.
بركة المآتم والأصياف
عظامُ سهرة البارحة
أتلمظُها الآن مثل جيفة.
بركاتُ سر المأتم
خاصة، طبخهُ اللذيذ.
الصيفُ الذي يوشكُ
أن يغادرنا، يشبهُ
ذلك الطائر الذي
بُتر رأسه على حافة صخرة.
الفراقُ الذي خبرناه في الحب
فراق أعداءٍ ومتحاربين.
رضيت بالوحدة كقدرٍ
وتآلفت مع قدري.
كل يومٍ نتبارى في الحديقة
لاحراز النصر
((خلقتُ ألوفا)).
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مقاطع (1)
مقاطع (1)
رقم القصيدة : 6586
-----------------------------------
1(50/46)
تتسلل الحياةُ من يدي، خلسة، بعد أن
أمسكت بها
أحدقُ فيها، وعلاً أدركه هياجُ القناص،
فأنثني على عقب مسائي نحو كأسي
الأولى، لأطاردها فيما يشبهُ
بداية ميلاد مجرةٍ في الرأس.
2
أحتمي بنخيل الماضي
أتسللُ إلى أحلام نائميه
على السُفوح المغميّ عليها بالشمس والنسيم
أتفقدُ رعايا ذاكرتي
كقائدٍ يتفقدُ جيشه الهارب من مذبحة.
3
للنجوم مصلاها كما للمصلين، صفوفا،
كنا نراها في محرابها الوضيء، وكانت
الشهّبُ تغورُ في أحداقنا، مسلاتٍ
من الضوء المسافر
ولم نكن نعرفُ معنى الأبدية.
4
مفتاحُ الهاوية كأسٌ:
تلكم حياتنا التي نسرقُها من فم الذئاب.
5
عراقيٌ ينحني ليلتقط تمرة
في مهب المنفى
ويتذكرُ تمر العراق.
6
العيون التي توقظنا حدقاتُها في الليل
وتتركنا أرقى
هي عيونُ الأحبة الغائبين.
7
إسطبلات خيل المقدوني
مهاميزُ الشيطان
عكاكيز الوراثة
قوس قزحٍ مزمنٌ أمام نافذتي.
8
هناك في الخرائب الأنيقة
تضع البومة بيضها
وتنامُ على أحلام خرائب أخرى.
9
لسنا أغبياء ولسنا حمائم حرب
سنحرثُ هذا الجرح حتى آخر دمعةٍ في الأفق.
10
على الهضاب وفوق سعف النخيل
كانوا يُعلقون قناديلهمُ المرتجفة
بينما الريحُ الحدريةُ تجرفُنا
من غير انقطاع.
11
يصطادون الحمام في هدأته
من غارٍ إلى غار
وجوهُهُم التي دبغتها الشمس
وأحلامهم التي تخاتلُ البراكين.
12
السماء تكادُ أن تنفجر مثل ممخاض،
رعودٌ وصواعقٌ برد
لكنها لا تضيء.
13
الماضي أمامنا، جزُراً قطبية
يذوبُ فيها الجليدُ بالأقساط.
14
أوقفوا دُموع هذا الطفل
فقد أمتلأت كؤوسُ البيرة
وخزائنُ المياه
بالدّم.
15
لا ندين لأحدٍ، عدا أرجلنا الثكلى،
بالمسافات.
16
يد رحيمة تمتدُ بأبوة
وتأخذنا إليها
بينما الأرزاء تتنزه على الرصيف.
17
شاهدت بكاء النيازك
في حقل أبي
طوفانُ غيومٍ وإغماء مدارات.
18
شجرة الفرصاد الأولى، في قعرِ دارنا
أتذكرها الآن
سماءُ عصافير يجفلُ فيها الغيم
مراصدُ الصبية في مضارب الظلّ(50/47)
وهناك أيضاً ضفدع السواقي
وزعيقُ الحطابين
حين تحفرُ الظهيرةُ مأتمها في الصخر.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مقاطع (2)
مقاطع (2)
رقم القصيدة : 6587
-----------------------------------
1
أولادُ آدم، وقبله إبليس:
الاثنان ولدا من طوفانِ خطيئة.
2
لم أسمع هذا اليوم شيئاً
عن أخبار نفسي.
3
لست متشائماً ولستُ متفائلاً
لكني أحسُ ألماً في أسناني
ألماً لا يطاق.
4
رجل مبصر يقودُ قطيعه
نحو المتاهة.
5
التبولُ عادةُ الجميع.
6
الأعداء، أولئك الذين يقفزون
كالأرانب بين الحقائق
ودائماً آذانهم مثلها لاستراق السمع.
7
آهٍ، الألم يشمرُ ساعده
أمام النبع.
8
البحر أعاق الحيتان بشراهته
ولم تعد قادرة على الحركة
لأجيال أخرى.
9
طائرةٌ تعومُ في الفضاء الموحش
وبينما الرجلُ في زنزانته الأرضية
كان عائماًُ في أضوائها
مطلقاً سراح أحلامه بين الكواكب
وفي نفس المشهد
كان أعرابي يجلدُ حماراً في رابية.
10
سنرتبُ أفكار أعدائنا كما ينبغي.
11
النائحات في خضم الجنازة
غداً يزغردن في عرس القاتل
بدراهم معدودة.
12
نشعر بالاثم من أخطاءٍ لم نرتكبها.
13
المرأة التي تخبُّ أمامنا
حاملة ورداً ولعابا
حملت حتفها قبل قرن.
14
لم أكن أعرف أني ذاهب إلى
الحياة
تأكدتُ من ذلك بعد الحرب
مباشرة.
15
يقول العلماء: تملكُ الشمسُ كمياتٍ من
الغاز الهيدروجيني يكفيها كي تعيش متلألئة
عشرة مليارات أخرى من السنين...
كم يلزم الإنسان من المليارات
كي يغسل تاريخه من الوحل؟
16
ليست الشاهدةُ علامة قبر:
إنها الرغبةُ وقد سحبت شعرها
بانتظار قفزة في المحيط.
17
الأديبة اليانعةُ في المقهى الباريسي
حين سمعت الكلام عن المجزرة
في بلادها
والكلابُ المتوحشة
رددتْ، بدلال:
((يا حرام... يا حرام))
18
لم يبق شيء على قدميه
عدا وعلٍ جريح
في غابةٍ محترقة.
19
استمعوا إلى نصيحة الذئب
قبل فوات الأوان.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> شامة
شامة
رقم القصيدة : 6588(50/48)
-----------------------------------
عبر المغيبُ الأولُ
عبر أوديةً تنهارُ السماءُ في شعابها
عبر الصحراء بأقفالها الأربعة
والقرى المعلقة في الجبال
شامة بين نهديها
تلك المرأة
المرأة الأولى بأحداقها الوثنية.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> طفولة
طفولة
رقم القصيدة : 6589
-----------------------------------
لا نستطيعُ أن نفك شباكنا
من براثن الجوارح
لا نستطيعُ الذهاب أبعد من ربقة المضيق
سارحين بعذوبةٍ في مهب المقيل
آكلين السمك الذي ادخرهُ أهلنا
للصيف
وبشيء من المواربة كان القمرُ يسطعُ فوق
نُوام السطوح
إكليل شجر وطلاسم
ولا شيء يفصلُ بين أجسادنا
وطيور الأبدية.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> دوخة الألم
دوخة الألم
رقم القصيدة : 6590
-----------------------------------
تعودُ الدوخةُ بكامل وعيها
هذه الليلة
جارفة كل شيء في طريقها
حتى ضوء النافذة الشحيح
ببسالةٍ يحدُها عليها الأعداء
تربط رأس الضحية بشاهدة قبر
أو عمود سفينةٍ تغرق...
الشقيقةُ الكبرى للخرائب
تأتي دائماً من جهة الجبال وحوافَّها
لتطوّح بي نحو سهوبٍ بعيدة
حتى على الذاكرة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ما من بلد قصدنا
ما من بلد قصدنا
رقم القصيدة : 6591
-----------------------------------
ما من امرأةٍ أحببناها
إلا وسبقنا إليها الأعداء
من من بلد قصدنا
إلا وهد أركانه الحريق
ما من جرحٍ ضمدناه بعيوننا
إلا وانفتح على مصراعيه
ما من حلبةٍ
ما من طفل ولدناه تحت حوافر الخيل
(أي خيل؟)
ما من أفقٍ، أو ذاكرة تفكك أزرارها
في بهوه.
ما من طفولة ولو كانت بعيدة مثل زحل
ما من أسدٍ، لقد غادر بعرينه مع الفجر
والجبال غارت مواقعها الأزلية
لا أسمع نعيق الغربان على شجر الأراك
والعقبانُ شنقتها القمم
ما من أصداء
ولا من يحزنون
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> السرّ
السرّ
رقم القصيدة : 6592
-----------------------------------(50/49)
يرمقني الجبل العاتي
من خلف مناظيره السحيقة
ولسانُ حاله يقول:
أمازلتَ موجوداً هنا؟
لقد طالت إقامتك هذا العام.
أعرف أنك تحاول الكتابة عنيّ
وأنك مولود تحت ظلالي الداكنة
وستموت كذلك
رغم كل هذا الفراق
لن تهرب من جوارحي
التي لاحقتك أحلامُها في أماكن كثيرة.
كان الحب الوحشي بيننا مُتبادل.
وسيحين وقت استلامك
بين الأبناء والأحفاد،
الذين تزاحمت أجداثهم في شِعابي،
راضياً مرضيّاً
ومن غير شفقة هذه المرّة..
هكذا بكل وضوح
من غير حيلة ولا رمز
فهذه قد ذابتْ
في سطوع شمسي وعريها.
وأعرف أنك مع صِبيةٍ حُفاةٍ
تسلّقتم أضلاعي الحادّة
مُجبرين القطا على النزول من وكناتِه.
وهربتْ بك الخيل العاشقةُ
في (سناو) مخترقةً أفواج
البشر لتقف عند حصانِها
المربوط على نخلة بأطراف البلدة.
أعرف ذلك وغيره
في حياتك المليئة بالأرامل والجرحى.
كثيرون حاولوا قبلك
جاءوا من بلاد بعيدة
عبروا بحاراً مضطربة وأراض شعثاء
ألّفوا كتباً في علم الطبقات
والأرواح الصامتة.
حاولوا واجتهدوا
تحت ظلال الأشجار الباسقة
أو في الليالي القائضة كالجحيم،
لكنهم جميعاً لم يصلوا
الى عرين الأسرار
الذي تنهبه العواصفُ كل ليلة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عشبة
عشبة
رقم القصيدة : 6593
-----------------------------------
سلاماً
على تلك العشبة النابتة
على رأس الجبل الأجرد
كم من الوقت يلزمها كي تنمو
كم من العواصف والإنهيارات؟
البروق التي تلمع في ليلها
ربما حسِبتها ملائكةً رحيمة.
يد الأنسان الملطخة بالدماء
الماعز الذي يتسلّق الصخور المجاورة
النيازك المتهاوية على مسرح العمليات الغامض.
لكنها وحيدة ومشرقة
في هذا العراء الفاغر شِدقَيه
على هاويات المحيط.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ثمار
ثمار
رقم القصيدة : 6594
-----------------------------------
رقعة السماء الفسيحة
تتدلّى ثمارها كما في الماضي
مسلات ضوء مسافر.
النجوم ترمق بعضها بشبق(50/50)
الضبُ يدخل حفرته
غارقا في النعاس
البحر غير بعيد
زَبَدُه يصل الغابة
حيث أشجار السِدر مغمضة
تضرع بحنينها الى الله.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> اللوحة
اللوحة
رقم القصيدة : 6595
-----------------------------------
الجدار القائم بذاته
مقفِراً وصلباً
كأنما استعار روح الجبل المجاور.
اللوحةُ في وسطه لا تقول إلا حيرتَها،
أمام غزارة هذا الفراغ
الجدار بمزاجه الدمويّ
لا تغيّره الألوان
ولا تلك البنفسجات المفكرّة في الأصيص
والكؤوس المرتّبة بنظافة على الرفوف.
الجدار المحروس بعناية الوحشة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الغرباء
الغرباء
رقم القصيدة : 6596
-----------------------------------
من أين يأتي هؤلاء الغرباء؟
يتدفقون من كل الجهات
يقرعون الأرض بأحذيةٍ صدئة
على أفئدتهم يربض ميراث الجفاف.
من غير أملٍ
وبكثير من الوحشة.
الغرباء الذين ظنوا في سالف الأزمان
أنّ لهم مكانا على هذه الأرض.
لم يعد يعرفون العالم
لم يعد يعرفون أنفسهم
إلا كقناع في مرآة.
الغرباء الجميلون.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هذه اللحظة
هذه اللحظة
رقم القصيدة : 6597
-----------------------------------
لو تنجلي هذه اللحظة المحتشدة بالأطياف
وتتركني أهنأ قليلاً
على ضفاف هذه الصحراء
عابراً كهوفاً أزليّة للنيام
منحنياً بلطفٍ أمام سدرة وارفة.
لو تنجلي
وتتركني أنام بهدوءٍ
في هذه الليلة المدلهمّة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> حكاية هيرودوت
حكاية هيرودوت
رقم القصيدة : 6598
-----------------------------------
رحلوا عبر الربع الخالي
جاءوا من كل أطرافه ونواحيه
قبائل تترى
تتبعها النساء والأطفال
لمحاربة الرياح
التي تأتي على الزرع والمياه.
توغّلوا قليلاً في المتاهة
أبصروا أرخبيلاتٍ من سراب
تلمع في ضياءها البنادق والسيوف،
من تلقاءها هبّت عاصفة (القبْلي)
بكواسرها اللامرئية(50/51)
فأتت على القوم ونثرتهم في الرمال.
كان نسرٌ وحيدٌ يحلّق فوق الجثث
والدماء لا تسيل من كثرة ما جفّت
في العروق.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نهر
نهر
رقم القصيدة : 6599
-----------------------------------
الألم الذي يتحدّر من شِغاف القلب
كما من منابت النهر البعيدة
الألم الذي يسقي إنسانّيتنا
بمياهٍ متجددة
يخضّل أيامنا بدموعه العذْبة.
ثور القرية الهائج
أقول الألم
وأنا أتذكر ثور القرية الهائج
يخبط الأرض بحوافره الصلْبة
يطعن الهواء والبشر
منزلقاً فوق مصاطب الأفلاج.
الثور الذي تدور عيناه في محجرهما
بكثير من الغضب والشكيمة
كما يدور الألم في حُجرات النوم
متنزها بين مخلوقاته الليلية.
نزهة الثور الهائج
نزهة الألم الوحشيّ.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نحيب
نحيب
رقم القصيدة : 6600
-----------------------------------
منذورات للنحيب الدائم
أولئك النسوة المدثّرات بالسواد
في القرية
في الشارع والمدينة
ينظرن الى الأعلى
الى سماء أقفرت من النجوم والأيائل
سماء
لا يصل إليها النحيبُ
على الغائب الذي لن يعود.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أودية
أودية
رقم القصيدة : 6601
-----------------------------------
أودية وشعاب
وقرىً معلقة على رؤوس الجبال
حدائق بابل مُستعادة على هيئة كابوسٍ
يتدلّى من السقف
قرىً وأودية وشعاب
تجرفها السيول الكاسرة في نومي.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> شيخوخة
شيخوخة
رقم القصيدة : 6602
-----------------------------------
متكأً على عصاه
ذلك الراعي العجوز
الذي كان يجرف البراري بأغنامه وأناشيده
في صباح الأزمنة الغاربة،
بالكاد يستطيع القيام
بالكاد يستطيع الحركة.
من غير رغبة
يتمشى في طُرقات أيّامه
التي خلت من المارّة والأصدقاء.
لقد تعب حتى من الذكريات.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> سمائل
سمائل
رقم القصيدة : 6603(50/52)
-----------------------------------
البارحة
على مقربة من البحر
مضطجعاً أحدّق في سماء باهظة
لا غيوم ولا حتى ظلّ طائر يعبر.
سياج من شجر الحلْفاء
يميل مع الريح اللزجة
شجر (الروغ) في سمائل
تذكرته الآن
على ضفاف الوادي الممتد حتى أقاصي آسيا.
كان الشجر المسترسل في الأحلام
وكان الصِبية النائمين في المسيل
والمياه التي تحمل المسافرين
الى قراهم البعيدة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أطياف
أطياف
رقم القصيدة : 6604
-----------------------------------
مَن نلتقيهم في قرى طفولتنا البعيدة
نُقرئهم السلام
والسؤال عن الأهل والأصدقاء
بالعبارة المرتجفة على الشفاه
والجسد الذي يغرب
عميقاً، عميقاً في الماضي
كأنما صُنعوا من أرومة الغياب
إنهم أطيافنا الغابرة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> السرير الكبير
السرير الكبير
رقم القصيدة : 6605
-----------------------------------
الجبل الأصفر بتفرعّاته المهيبة
ونتوءه الذي يشبه السرير الكبير
يستقبل القادمين من مسقط
الى عُمان الداخل
كما يستقبل كتابُ الليالي مخلوقاتِه وأشباحه
ويستقبل الأبدية
هل أقام السَحرة فيه أعراسهم؟
وناموا على سريره الدافيء
(السرير الذي يسميه عبدالله كرفاية الوحش)
واتخذوه حصناً منيعاً
كما اتخذت الآلهةُ الإغريقية جبالَ الأولمب.
ربما حلم القادم بسرير أيامه الخوالي
حين كان حيواناً عملاقاً
يسرح في البريّة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أخوة مجهولة
أخوة مجهولة
رقم القصيدة : 6606
-----------------------------------
أخوة مجهولة
جادت بها سماء هذا اليوم،
كنتُ داخل السيارة
أمام محطة للبترول
أنظر في الفراغ والصمت
وفي الجانب الآخر
ثمة شخص داخل سيّارته أيضاً
حياني بمودة طافحة ومحبّة
حاولتُ ردّ التحيّة بمثلها
لم أتبيّنه بوضوح
كان غارقاً في نظّارته السوداء
ولم أسع الى معرفة هذا الراشح
من تضاريس الأبعاد.
أكتفيت بالتحيّة(50/53)
التي تأرجحت في الهواء الجريح
لكنها شقّت طريقها بنعومة الى قلبي
دَحرَت فيالق الكآبة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نحل
نحل
رقم القصيدة : 6607
-----------------------------------
يتسابق النحل في شرفتي
أسراباً وجماعات
تسكن روحاً واحدةً مصابةً
بدوار البحث عن ذهب الوجود.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> حنين
حنين
رقم القصيدة : 6608
-----------------------------------
هذا الحنين الى أراضي الأجداد
يقابله موت محقّق
على الذروة
أو في منعطف سحيق
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ألم
ألم
رقم القصيدة : 6609
-----------------------------------
دائخ رأسي هذا الصباح
العاصفة تعود بكامل جبروتها
تلك التي دكّت معاقلي في (الرباط) و(لاهاي)
رأسي يترنح في الجهات
لا أستطيع الإمساك به
كأنما ستنشقّ الأرضُ
ويجرفني الفيضان
لا أحد يقيس نبض الإعصار
لا أحد يستطيع
عدا صديقي الحكيم
الذي يحاول ترويض العاصفة
ويستيقظ في وحشة الليالي
لإسعاف الضحايا.
وجوه غارقة في وحلها
جافة وبليدة.
آه لو لمسة
لمسة واحدة منكِ
تعيد المياهَ الى عروق النبع.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عبد الله بن أحمد الحسيني
عبد الله بن أحمد الحسيني
رقم القصيدة : 6610
-----------------------------------
في المسجد والحقل
وعلى أطراف الوادي الخصيب
كنا نراك وحيداً
تحرث أرضَ الله
لأجل البَركة والجمال
الجمال الأكثر عصبيّةً ورِقة
لا يضاهيه إلا قمر الطفولة
كما تجلّى في خطّك المُعْجز
وقتالك ضد الأخطاء التي يمتليء بها العالم.
كنتُ صغيراً
حين اصطفيتَني لقراءة ما تكتب
وأنت تصغي الى هسهسة فجر ينبلج من ثنايا الكلام.
في مسجد الحارة
المتاخم للمقابر المكشوفة العظام.
أي وعل يتنزه منتشيا في بهاء الحروف؟
عشتَ غريباً في قومك
زاهداً بما يقولون ويفعلون
كفنّك المنذور للمستقبل
وربما للنسيان.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> السجين(50/54)
السجين
رقم القصيدة : 6611
-----------------------------------
اليرقة التي صارت فراشة
فوق جدار السجين
كان يرقبها
وعيناه على الحقول الفسيحة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> طقس
طقس
رقم القصيدة : 6612
-----------------------------------
اليوم واضح وضوح شمس لا تغيب
الرياح نائمة في الأعماق
الحيتان في مخابئها تئنّ من وطأة السفاد
القوارب تتهيأ للصيد
والغربان تحلم بشتاءات الجُزر
المعزولة
في (مصيرة) و (الدمينيّات)
المأهولة بالسلاحف.
لكن يبدو أن غبار الكواكب قادمٌ
طلائعه بدأت تغمر الجبال.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> نخلة
نخلة
رقم القصيدة : 6613
-----------------------------------
نخلة مستوحشة
على حافة البحر
تحدّق فيه بتوجّس وريبة
كأنما قراصنة سينقضون بعد قليلٍ
على جسمها الجميل
نخلة وحيدة
جمالها الخارق
صُنع من خوف وانتظار
جمالها الحزين.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هواء الغرفة
هواء الغرفة
رقم القصيدة : 6614
-----------------------------------
بيدِك التي تحطّ
على القفص الصدريّ الضيّق
على الراحة والجبين،
يتوسّع العالم
وتنحلّ الغيوم النديّة في هواء الغرفة
بيدك تستلّين الألم من رأسي
كطائرٍ يستل سمكة من جدول عكِرْ
سمكة الألم المعتوهة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الملكة
الملكة
رقم القصيدة : 6615
-----------------------------------
الملكة في كسلها
في نومها البطيء وعطالتها الجماليّة
تصطاد اليقظة في مئزرها
تصطاد تمساح الأمزون الوليد.
بطيئا، بطيئا يغطس في كهف الظُلمات
حيث تسكن الأبديّة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هذا الصباح
هذا الصباح
رقم القصيدة : 6616
-----------------------------------
بماذا أصف هذا الصباح
الذي تبدين فيه جميلةً
ورائقة
بعد هجْمة الصداع الأخيرة.
العشبة التي تعافت بعد مرور
الزلزال.
صباح الخميس
الذي فاجأتنا الأنباء فيه(50/55)
بموت صديق.
كان الموت دائماً قرين حبّنا
توأمه الحنون
حافزَ سرّه العنيف.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> داليا
داليا
رقم القصيدة : 6617
-----------------------------------
أقتفي أثرها في حقول اليباب
من برج الى قلعة
ومن مدينة الى أخرى
أثرها العميق في جسدي
جراحها النازفة من قلب أيقونة
المضيء أسفل السّرة
كنبعٍ في ظلام الغابة.
ينهمر مع كل خطوة أخطوها
مع كل محطة
أغامر باتجاهها.
هكذا مرّت أسراب الأزمنة
ملوّحة بأعلام مكسورة
وأياد ترتجف
من فرط ما قَسَتْ عليها المحبّة.
مرّ بدوٌ كثيرون على جِمالهم
مرّت قافلة السيرك
تتقدمها كلاب مسعورة
ومهرّجون بأصباغ وأساور
مرّ الطلبة والعمال
صبيحة يونيو
في شوارع القاهرة المُزحمة
مرّ الكائن بهباء أحلامه وقضاياه.
أقتفي أثرها
من مدينة الى أخرى مُحتلاً بآهاتها
وهي تتقلب بين ضفاف مسحورةٍ
عرّش فوقها نباتُ الجنس
كطحالب مخضّرة علي أديم المياه
أو كحيوانات بحرّية
تدلف كهوف القاع
ناعسة حتى الإرتخاء الكاملِ
في ممالك المرجان.
أسبح وحيداً
متشرداً
في الأصقاع الموحشة
تغمرني المياه المالحة
أحلم بالضفاف
كقرصان تعب من التجديف
وسط العاصفة
أصغي الى الضفادع
حادية الليل
منتشية بنداءها الأزلي.
أصغي الى عويل الصحراء
يتقدم المشيعون مواكبَها الجنائزيّة.
لم أحلمْ بعد ذلك
كانت الأبديّة تتمدّدُ
متثاءبةً على السرير
الأبديّة المضجرة.
لكن القارب أبحر من جديد
من غير شراع ولا مجداف
عبر بحار الزنج ربما
تلك التي دوّخت المسعوديّ
وحطّمت أشواقه
بأعصاير شياطينها المترحلّة.
والتي عبرها ذات يوم
سعيد المرجبي، العُماني الذي لقبّه
البريطانيون (بتيبوتب)
سعياً وراء الثروة والجاه.
عبرها الأندونيسيون القدماء من جزُر
الواق واق
باتجاه مدغشقر
عبرتها شعوب وأجيالٌ
غرقت في اللجج السوداء
قبل أن تصلْ.
أقتفي أثرها
في صرخة الوداع
بدموعها الحرّى
كجيش أطياف يلاحقني باستمرار..
كنت في المطبخ(50/56)
في ذلك اليوم المعتم من شهر آب
أرى البحر من نافذتي
والسماء الزرقاء بحيواناتها النائمة
أرى الوجوه تتلاشى دائماً
باتجاه المغيب
حين انفجرَ ضوؤها
من قلب تجرفه الأعاصير والأشواق
حيّتني وتوارت
خلف غلالةٍ من ضَباب
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الصحراء
الصحراء
رقم القصيدة : 6618
-----------------------------------
والآن
أنتم معشر البشر
وقد استبحتم كل سِرّ في أحشائي
ومزّقتم دفين أعماقي كل مُمزق
بإنجيل علمكم الجديد
الذي تظنون فيه خلاصكم
حتى وأنتم ترفسون في المحنة
ذبيحةً بين يديْ جزار كاسر.
أتركوني وشأني.
ما حاجتكم الى أساطيري وحيواناتي
الى شعوبي التي تقيم في التاريخ
وفي ذاكرة الأشجار والجبال
كيْ تجروها كالقطعان الذليلةِ
الى كتبكم وأشعاركم
أتركوني وشأني
دعوا الطلاق حاسما بيننا
حتى تكفوا عن غلوائكم
وتعودوا الى حقولي الأولى
تلك الأمهات الحنونات
ما أجملَكم أمواتا
أيها البشر
كي تعودوا الى صفائكم
الذي فقدتموه في غبار الحروب.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> شيخوخة 2
شيخوخة 2
رقم القصيدة : 6619
-----------------------------------
تجلس في بهو المنزل
الذي شبّت فيه
وشهد ولاداتها الكثيرة.
المرأة الكبيرة
بصرها الشحيح للغاية
لا تكاد ترى غَبَش الأطفال
وهم يدورون حول جريد النخل.
تتمتم بكلمات غامضة
صلاة، ذكرى أو حنين.
في بهو المنزل
بجدرانه المتداعية
شاهدة اضمحلاله المجيد.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> فجر
فجر
رقم القصيدة : 6620
-----------------------------------
الفجر يزحف بعتاده الثقيل
خوار ثيران تُنْحر على مقربة
الجيران يولولون على أسرتهم
الجيران الذين لا أعرفهم.
الظلام يطبق من جديد؛
إنه فجر كاذب
لكن جلَبَة الثيران تزداد حضوراً
وتشتبك بالعواء الفظ
للشاحنات والكلاب.
وحدها الديكة تحاول إنقاذ المشهد
بما تبقى من ترانيم
تسمح للحالم أن يرتاد مياها بعيدة
في الذاكرة.(50/57)
كل بزوغ قيامة جديدة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عيون الثعالب
عيون الثعالب
رقم القصيدة : 6621
-----------------------------------
هذا الليل الذي تضيئه عيون الثعالب
هذه النار التي تلتهم عظام الموتى
وهذه التربة الهرمة
يتصارع عليها الأعداء
دثريني بشالِك الأسود
الذي ورث النورس
رائحته البحرية.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أنثى باذخة
أنثى باذخة
رقم القصيدة : 6622
-----------------------------------
النبع ينسكب من خاصرة الجبل
ماؤه الماسي
خفقة نسيمه تهب على الإنسان الأول
هلوساته
وهذه الشجرة الظمأى من قرون
تسكن أحلامه كأنثى باذخة.
وربما لم يكن هنالك نبع ولا شجرة
فقط
هذا الخيال المأخوذ بصدمة الغياب
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الجبل الأخضر
الجبل الأخضر
رقم القصيدة : 6623
-----------------------------------
من ذرى الجبل الأخضر
المتاخمة لحدود الغيب،
كان القناصة يرون الحيتان
تتدافع في الهواء، مثنى وثلاث
صقيلة، بيضاء، مرحة
ذلك المرح الذي يأتي بعد رحلة
في أعماق المحيطات.
على صفحة بحر (الباطنة) النائي
كان البدو يرون الحيتان
ترقص في الهواء
ويقولون:
هذه سيوف جيشٍ مسْلَطةٍ
باتجاهنا..
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ولادة عسيرة
ولادة عسيرة
رقم القصيدة : 6624
-----------------------------------
هذه الكلمات الغاصّة في القلب
المرتبكة، المصطدمة بالجدار
الكلمات التي تجزُ الأحشاء
بضوئها القاطع.
هذا الطائر الذي يغني في
ظلام الثكنات.
الكلمات النائحة
كذئاب في ليل قرية مهدّمة،
تحلم بالهواء الطلق
تحلم بالنجوم.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بحار
بحار
رقم القصيدة : 6625
-----------------------------------
البّحار الذي تحطمت بوصلته
وانطفأت نجمة مساره العاشقة؛
قذفه المدار الاستوائي
إلى قعر ذاته
ليكتشف رعب الأعماق
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عصفور(50/58)
عصفور
رقم القصيدة : 6626
-----------------------------------
عاد العصفور الصغير
ليغني وسط الخرائب.
الفضاء يردد لحنه
وكذلك القتلة
على رؤوس العمائر والثكنات
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الفيلسوف
الفيلسوف
رقم القصيدة : 6627
-----------------------------------
على سرير احتضاره
ينام الفيلسوف
مصغيا إلى الموسيقى والشعر
من نافذته المعتمة
يتأمل الشجرة المورقة
التي كانت في غمرة الربيع.
يرسل نظرات متعبة، حزينة
كأنها التحية الأخيرة
لسر الكون المستعصي على التفسير
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> واقعية
واقعية
رقم القصيدة : 6628
-----------------------------------
رأى (فريدريك نيتشه) ذات صباح
حوذيا يجلد حصانه على الطريق العام
كان الشتاء الألماني في ذروته
وكان المارة يندفعون إلى المصانع.
لم تسعفه عدميّته تجاه الخلق والتاريخ
لم تسعفه السخرية المريرة
وعبث الوجود.
انهار مبنى إرادة القوة
أمام اللحم الحي وهو يتلوى تحت السياط.
صرخ الفيلسوف صرخته الأخيرة
وكأنما الألم البشري السحيق
انفجر من حنجرة واحدة.
بعدها، دخل في غيبوبة المرض
حتى نَزْعه الأخير
تاركا قرن العبقرية البلهاء يرفس
تحت مطرقة أفكاره الصادمة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بدايات لا تنتهي
بدايات لا تنتهي
رقم القصيدة : 6629
-----------------------------------
صدمة البدايات
محنة المخيّلة
أي الطرق تسلك
في البحث عن الكنز الخبيئ بين الكلمات
هذه الغابة التي تسرح فيها النمور طليقةً
من غير سياج
سَحَرة يطيرون في ظلام دامس
معسكرات اعتقال ومحميّات ذرية
خزانة الملابس التي تحسبها مغارة مليئة بالقتلى
أو كهفا تفقس فيه الآزال
مدن وقارات تسوقها الغرائز الوحشية كالقطيع.
هذا اليمام الهادل على شجر الأراك
وجه المرأة المتلاشي في الضباب
صبر أيوب،
عزلة يونس في بطن الحوت.
الجبال الصحراء الطفولات الآفلة
الموت الولادة(50/59)
الغسق الهاذي خلف السحاب
صدمة البدايات التي لا تنتهي.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هواء عذب
هواء عذب
رقم القصيدة : 6630
-----------------------------------
استمتع بالهواء العذب
بمراقبة الطيور والحيوانات
وسحب تعبر سريعة على شرفتي
بالنظر الى القمر في الظهيرة
كأنما يستريح من أعباء العمل والاضاءة
والنخلة التي يفترسها الحزن
يوم كانت سيدة المكان.
بالطائرات تحمل المسافرين إلى الشرق القصى..
بالقراءة لشعراء منتحرين:
(خليل حاوي..جورج تراكل..ديك الجن.. ماياكوفيسكي. يسنين.. تيسيرسبول).
أحاول استعادة اللحظة
التي استطاعوا فيها تنفيذ القرار
هناك محاولات فاشلة
الفشل الذي يؤسس انتصاره الخاص
الخالي من زهو الانتصار
كالتحديق في عيون الضحية
في الأغوار البعيدة للجراح.
قطفوا زهرة موتهم ورحلوا
بعثروا وليمة السراب.
كيف لم تُلقِ الحياة بثقلها فيتراجعون
كيف لم تُلقِ الذاكرة بظلها
فيذهبون للانتظار؟
كان البحر هادئا
والطقس أروع ما يكون
أكملوا القصيدة بالغياب
تركوا الموسيقى مفتوحة
لترشد أرواح الموتى
تركوا لوحات لأصدقاء ماتوا في الحرب
وأحجاراً بحريةً
جلبوها في ليلة عاصفة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> غنيمة كل يوم
غنيمة كل يوم
رقم القصيدة : 6631
-----------------------------------
من الخلجان الصغيرة على بحر عُمان الشاسع
الخلجان التي صَنعَت عقده اللؤلؤي حتى إفريقيا
يد ماهرة نحتتها بين الجبال
يد عملاق خرج من أسطورة بابلية
ظفرت مخادعها التي لم تطأها قدم الإنسان،
التقط المحار والحصى المغمور بألوان قزح
ريش الطاؤوس المبعثر على الجنبات
غنيمة كل يوم
أشتمّها فتغمرني أنفاسكِ
البعيدة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عاصفة
عاصفة
رقم القصيدة : 6632
-----------------------------------
الحيوان ينزف على باب بيتكِ المشرّع
على احتمالات الريح
يرفس وسط خيالاته الدموية
الحيوان الذي ربيّتِه(50/60)
حارس ظلك الوحيد
يغمض عينيه ليجتاز العاصفة التي لفظته
على جبال من جليد
لا يستطيع احتمال غيابكِ
لا يستطيع الحياة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الخطيئة
الخطيئة
رقم القصيدة : 6633
-----------------------------------
تتبديّن في الضوء القاسي
للمغيب
وكأن روح الطائر الجريح سالت
في دمائك
وحيدة مهجورة في الضفاف
تقولين:
الأفق سينكسر على رؤوسنا
من فرط رهافته
والدنيا لا تدور.
تمحين الخطيئة بالحب
بالجسد الناضح بالرغبة
ولا شيء يسبق اللهاث نحو الذروة
عدا الموجة التي تغمر الفراش بالزَبدْ.
محمولة على الجناح الخافق في الفراغ
جناح الهذيان السعيد
أحلامكِ التي تسبق المستكشفين
إلى الجزُر المستحيلة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مطر
مطر
رقم القصيدة : 6634
-----------------------------------
في حديقة (سانت جميس)
الزهور والموسيقى
جسدكِ المبلّل بالمطر
أفواج السياح بآلات التصوير الغبيّة،
تنتفض الأعضاء في قُبلة
كأنها الأبدْ..
تشرحين لي أحوال البط المقتلع من أواسط آسيا.
السناجب تتقافز بين الأكمات
والبرق بلسانه الوردي
لسان أفعى النهر
يلحس الطرقات
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> بستان
بستان
رقم القصيدة : 6635
-----------------------------------
البستان
الذي يصدح على موجه طائر أعماقك الغريب
البستان الذي روته دموع بشر وآلهة
ينتظرك
كصحراء فقدت صبرها
صحراء تنهشها هواجس الإنتقام
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> عشاق أضاعوا الطريق
عشاق أضاعوا الطريق
رقم القصيدة : 6636
-----------------------------------
تلك المياه المتدفقة التي تستحم فيها
أوقاتك المشمسة
الأيادي الخضراء المجبولة من مطر الروح
أحجار الساحل الملوّنة
يقذفها البحر مع زفرات فجره الأولى
ملائكة على شكل أحجار صافية
تأوهات عشاق أضاعوا الطريق
الى المعشوق
أضاعوا الزاد والغَنَم، دخلوا في المتاهة.(50/61)
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> جزيرة
جزيرة
رقم القصيدة : 6637
-----------------------------------
مدائنكِ كثيرة
أراها في نومي
كما ترى الطيورَ المهاجرةُ البحار المدلهمة
يجدّف على صفحتها بحّارة من "صحار"
أولئك الذين أوصلوا المسعوديّ
الى سواحل زنجبار
مدائنك الضاجة بمخلوقات وروائح وأطياف
تحملينها في الذاكرة التي تشبه جزيرةً
انفصلت للتوّ عن محيطها العاصف
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> ذكرى 2
ذكرى 2
رقم القصيدة : 6638
-----------------------------------
أتذكّر
وماذا بقي لي غير الذكرى
بعد أن أحاطني البدو بالخيام والبغام؟
أتذكر
المساء والغروب
وآهة الفجر بعد طعنته اليائسة
خلفها ينهمر الصبح والموسيقى
والقهوة المصنوعة بمزاجكِ الرائق
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (1-4)
مختارات (1-4)
رقم القصيدة : 6639
-----------------------------------
و أيّ أرض تخلو منك حتّى1
تعالوا يطلبونك في السماء
***
ما لامني فيك أحبابي و أعدائي
إلّا لغفلتهم عن عظم بلوائي
تركتُ للناس دنياهم و دينهم
شغلاً بحبّك يا ديني و دنيائي
أشعلتَ في كبدي نارين واحدة
بين الضلوع و أخرى بين أحشائي
أشعلتَ في كبدي نارين واحدة
بين الضلوع و أخرى بين أحشائي
***
إذا دهمَتْك خيول البعاد
ونادى الاياس بقطع الرجا
إذا دهمَتْك خيول البعاد
ونادى الاياس بقطع الرجا
فخُذْ في شمالك ترس الخضوع
و شُدّ اليمين بسيف البكا
و نَفْسَك نَفْسَك كُنْ خائفاً
على حذر من كمين الجفا
فإن جاء الهجر في ظلمة
فسِرْ في مشاعل نور لصفا
فإن جاء الهجر في ظلمة
فسِرْ في مشاعل نور لصفا
فقُلْ للحبيب ترى ذلّتي
فجُدْ لي بعفوك قبل اللقا
فَوَ الحُبِّ لا تنثنِي راجعاً
عن الحِبِّ إلّا بِعَوْض ِالمنا
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> رسالة 2
رسالة 2
رقم القصيدة : 6640
-----------------------------------
عزيزتي:
البارحة أمطرت
بينما الناس نيام(50/62)
خلسة تمطر، بعد أن تحوم السُحب المحتدمة
لأيام مشرئبة الأعناق والأطياف
لا تكاد تحدق فيها الأعين العطشى
إلا وتضمحل حافرةً أثرها الموحش، لتمطر
في أراض أخرى مخضّلة بنعمة المياه وبهاء
المواسم التي لا ينقطع فيضها.
السحب التي طال انتظارها ونُحرت من أجلها القرابين وأقيمت الصلوات في أعماق الأودية الممحلة.. حتى الأطفال والمسنون والأرامل هرعوا حاملين أكياس الطحين والقمح إلى المسجد الغارق بين فجاج صخريّة وعرة.
السحب التي منذ كنا صغاراً، لا نجرأ على النظر إليها، كيلا تتلاشى،
وتُبقى على الأمل البسيط للحقول والأفلاج
التي تتلوى وتئن كحشد من الجرحى والمصابين
في حرب عبثيّة.
أمطرت سريعة في ليل النيام، سرابها الماكر استدرج الجميع إلى شراكه وجعلهم يحلمون.
إنها الحياة، نراها في مرآة سحب عدميّة
تلعب بأحلام البشر..
* * *
اليمامة تعرف بحكم الخبرة، أن قدرة فعل الخير لدى البشر محدودة مع ذلك تطارد صيادها وتهدل بالهداية.
* * *
مضى الزمن الذي كان فيه الصِبية يتحلقون حول المدفأة وشفاههم ترتعش على لهب الحكايات.
لم تعد هنالك مدفأة. لم يعد برد ولا حكايات، لم يعد هنالك وادٍ مياهه تسيل مع الغروب، ذاهبة للمطلق. لم يعد الجن ولا الظلمة التي تتآمر اشباحها بعذوبة وفزّع. لم يعد ثمة صِبية. لم نعد نحن. لم يعد العالم.
* * *
مدن تحترق
وأخرى تحوم في سمائها الكواسر
* * *
خطر له، أن الزمن في خضمّه اللانهائي
هو ذلك المحيط المتلاطم، وليس البشر سوى حشرات حائرة محكوم عليها بالموت سلفاً، تجّدف في مستنقعاته اللزجة.
* * *
المرأة التي تستلقي على أديم المياه المتموج في البركة، ويدها إلى أعلى ملفوفة بضمادات نظيفة تجعلها أكثر إثارة وفتنة..
الجرح الظاهر، ربما يقود ويذكّر بوحدة الجرح الخبيئ في ظلامه الناسك الحنون.
الشهوة قرينة المأساة غالباً.
* * *(50/63)
في الخلاء الذي تفيض وحشته وتشخب من كل ثقوب الفضاء المحيط.. القسوة في أعتى صورها وأكثرها اختناقا، تنزل المرأة ديمةً،، على الأرض التي هجرتها الرحمة ورمت بها إلى أقصى درك
في الجحيم.
نظل نحدق في وثن الجمال الفريد حتى الإغماء
* * *
افترقا في الحلم بعد عناق طويل لينتقلا الى الواقع.
تلك قصة الطرد الشهيرة للجد الأكبر وذريته التي مازالت تصارع أمواج التيه؟
* * *
صباح الثلاثاء.. الطقس مازال باردا جدا. استعيد اليوم الذي كنت فيه داخل كابينة التلفون حين راحت تعتم تدريجيا حتى تلاشت الحروف أمامي نهائيا ولذت من جنون الإعصار بأنفاق المترو.
أنزل إلى مطعم القطار، ثلاث جميلات أمامي مما جعلني أبطئ، إحداهن يابانية، خطر لي على الفور فيلم أوشيما (امبراطورية الحواس).
أنتظر مكالمة من خليل على ضوئها يتحدد موعد الطبيب اليوم أو غداً وأقرأ:
لقد كان في أهل الغضى لودنا الغضى
مزارُ ولكن الغضى ليس دانيا
* * *
لما رأى لبدَ النسور تطايرت
رفع القوادم كالفقير المعدم
* * *
مشرق نهارك هذا اليوم وأنت تمضي الى مجهولك اليومي من غير أن تفكر في شيء حتى ولا محطة تصل إليها أقدامك..
الطرق تشبه بعضها حتى تخالها طريقا واحدا من غير نهاية، والأشجار أفرغت حمولتها الأخيرة من الدمع، ربما تذكرتْ أول مسافر مر عليها، أول طائر حط على غصنها عبر رحلته الطويلة.
* * *
البارحة، كان عيد الميلاد، جاءتني أكثر من دعوة لهذه المناسبة.. لم يعد عندي أي إحساس احتفالي بأي مناسبة جماعية مهما كان منبتها ومبررّها. ذهبت لأشاهد فيلم (الشعب المهاجر) تلك القصيدة السينمائية حول الطيور. سموات وأراض حالمة وكابوسيّه تجتازها الطيور المهاجرة
كم من قناص وحشي فتك بها. كم من عواصف وانهيارات ثلجية، من براكين وجوارح وصحاري هرمة ليس عليها أي نبات أو علامة حياة. كم من الجنان والمدن في رحلاتها الشاقة على مدى الأكوان.(50/64)
هكذا من غير بيانات ولا كلام ولا إعلانات ولا كلمة شكر وامتنان من أحد.
* * *
لا يثق إلا بالوهم، بعد أن عزت عليه الحقائق وشفّت حتى تلاشيها بالكامل.
* * *
يفسحون الطريق لمزيد من الجنائز هذا اليوم.
* * *
عناق فريد بين شجرة اللبلاب والحائط، هي تسند هشاشتها على صلابته، وهو يسند صلابته على هشاشتها الغضة.
* * *
تفتح النسمة شرايينها للرعد
كي تتحول هي الأخرى إلى عاصفة هوجاء.
* * *
الشجرة العارية أمامي.
كم من الفصول مر عليها، كم من خريف
يسكن أحلامها في هذه اللحظة؟
* * *
أمحو أيامي كي أحييها على خارطة أوهام أخرى.
* * *
يخضج المطر في الخارج،
فتخضر الوحشة في أعماقي
* * *
ليس للغياب مكان بعينه، انه الأمكنة جميعها، المدن والقرى والدساكر، المحطات ومخدع الجنس السائل بلعاب اللذة الناقصة.
وهذا الصخب الذي يكتسح المدينة نهاية العام!
* * *
البحر يلفظ أعشابا وطحالب وقناديل ميتة، يلفظ جثثاً، وفاكهة متفسخة، البحر هذا المساء، يجدد نفسه يتطهر مما علق به من عفن الأزمان. ضرع الأرض الكبير المحتشد بالخير والجمال والشدة، يقذف أحجاراً بركانية مشعة..
الشناجيب تسرح مرحة بلون الذهب، والقمر يتزحلق فوق تلال السماء متعثرا
بأجسام الشُهب والكواكب السيارة.
مالك الحزين يرفع نخبه عاليا
لهذه الليلة القمرية المدهشة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الشاعر
الشاعر
رقم القصيدة : 6641
-----------------------------------
الى داليا .. بعد سنين ومجازر
أرضٌ وسماءٌ
سماءٌ وأرضٌ من الضحايا
تضطربان تحت أنامله.
يجلس الشاعر في ركن المقهى
يقذف جملته المرتبكة في مدلهمّ الليالي.
كانت الحربُ قد بدأت في رأسه
وامتدّت الى هشيم العالم.
يحدّق في فنجان القهوة بتلاله الداكنة. أحلام ذئاب تندفع نحو طرائدها المتْرَفة
وعول تعشق ضوء القمر
بحّارةٌ يعبرون المحيط الهنديّ
مدفوعين بالرياح الموسميّة
نحو ممباسا
حيث أقام العُمانيّون ممالكهم البهيجة.(50/65)
وهناك أيضاً كواكب أخرى تلمع في ليل المخيّلة:
نخلة ترتجف تحت ضلع الفيضان
فأسٌ نسيَها حطابٌ في أزمنة بعيدة،
زهرة تركها العاشق قبل رحيله.
البراكين التي تجاور أنهار الجليد في إيسلندا
وقوس قزح البلدات وقد اضمحلت بسكانها قبل قليل.
يرمق طرف فنجانه
يرى المصائرَ تتداعى كسفنٍ تقتربُ
من جبلها المغناطيسي.
ينظر الى الفنجان الذي اختفي
وربما استحال الى جملة شعريّة
تجدّف في ليل النسيان.
مساء جنائزي
في ضياء المساء
في بهو البحر الفسيح
في الفراغ الفاغر شدقيه كهاويةٍ في مضيق..
يتحوّل الفضاء المحتدم بالهوام والأسلاف.
غابة صياح وعويل.
الغربان تسبح في اصفرار المغيب
مالك الحزين يمد عنقه نحو سماء الرحمة،
وحيدا يحمل عشّه المتناثر
من جزيرة الى أخرى
على مفارق بحار مهجورة.
الحمام والزيزان تغرق في صمت كئيب.
وهناك طيور أخرى تولول
كاتمةً صرخة الرحيل.
الفضاء بكامله يتمدّدُ
كجنازة تسيّجها الجبال
مشيّعوها طيور قذفتها الصدفةُ
وضيق الحال.
وحده الموج أطلق المساء سراحه
مزمجراً في الكهوف الغائرة
كنيرانٍ مضطرمة
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> يا غربة الروح في دنيا من الحجرِ السيابّ
يا غربة الروح في دنيا من الحجرِ السيابّ
رقم القصيدة : 6642
-----------------------------------
كانوا هناك يرتّبون أحلامهم
كلما مرت غيمةٌ
أو جناح قطاة
ركلوا الأودية بحوافر أفراسهم
ذابوا في هباء المغيب.
كانوا هناك
يرتبون الصباحات على عجل
ويرشقون سماء جارحةً
بنظرات ملؤها التوجسُ
والوحشة
مشدودين الى مدارات
لم يعدُ لها من حنين
وجبال أفرغ الطير أحشاءه في سفوحها.
ليكن بهاؤك أيتها الآفاق
طريدة أشباحهم
منابر أطياف عميقة لنسور عابرة
وهاويات:
كم أنت سعيدة
أيتها الهاوية
نحدق في ظلامك الغزير
لنستجدي هداياك الغامضة
أشلاءك المبعثرة في تخوم بعيدةٍ
كانت مأوى لشريد
وحكمةً لضلال محتشد بوعوله
حيث تقشعر أفئدة القساة
في ليل بربريّ المزاج.(50/66)
نحدق في ظلامك البهيج
ظلامك الممطر نيازك
وأحياء يتذكرون موتهم
يتذكرون النعمة
جهاتك الكون
وعلى مقربة من هذياناتك
يلتئم جرحٌ قادمٌ من أزمنة سحيقة.
تطوف الليالي على طبقاتك
كمياه راكدة
مياه مزدانة بالضفاف والأساور
أيتها المفعمة بالغبطة
تقفين وسط دوار العالم
ضاحكة وشاسعة
على مفرقك أمة من الأسرى.
لأنك الوحيدة التي بلا عيب
بلا ماض ولا مستقبل
كالمصير نفسه
كالمحْو والمحاق
وكالأزمنة وقد فرغت من أعبائها البشرية
ولاذت بالسكينة.
كانوا هناك يرتبون العُزلات
والعواصف
لا يفصلهم عن الأبدية
إلا قوس جبال ضارب في البحر
وأساطير بحّارة غرقوا
واقفين أمام الله
يتامى
يخبط الموج أقدامهم
أمام شمس نازفة في العيون.
أيتها السكينة يا من تذرفين الموسيقى كثيرا
وتعاشرين الموتى
امنحي أرواحهم بعض الهدوء
حلّي رتاج العواصف عنها
ذكريهم بأطفال غائبين
ونساء يسكنّ المتاهة.
حلّي رتاج العواصف
يا من تغدقين على الصحراء مهابتها
وتؤثثين الهاوية
أعرف أنك الأكثر رأفة من السلالة
من هذه الحشود التي تسحب أمعاءها
في الساحات والعربات
والوديان
أنت القادمة من جهات مشطورة
بالشكيمة
حيث السلالات أضاعت خاتمها
في بطن حوت.
وكان الدخان يتصاعد من أفواه القتلى في ميدان المعركة، معركتهم التي ما فتئنا نردد أناشيدها جيلاً بعد آخر مأخوذين بالرنين الباهر للضحيّة في نزوعها الجماعي نحو الموت، نردد الأناشيد الباسلة لموت لم يعد له طعم الموت، لأيام تعيش خواءها ومدن تغرق في بحر تفتك به ا
أعرفك
أعرف من أي فجاج تتسللين الى
فراشي
أيتها المستبدة في فمك غصن الانتقام
أنا الذي كنتُ عارياً
فألبستني جسدك
مشردا فكان رحمك منزلَ الغريب
مدبوغا بالأرق والمحنة
فكنت فتنة النبيذ حين يندلق
بحانة القطار
في ليلنا الأخير.
المستبدة عن شقاء وعن بهجة
عن جفاف وعن مطر
تعوين من فرط اللذة، أمام
القمر المعتم الذي يقتحم النافذة
في المدينة الكبيرة التي يعلوها
الدخان والعويل.(50/67)
جنّتكِ المغلقة
أحوم حولها سكران من ترف
الصدمة، ألعق فيض اللعاب والعطر
واشتم رائحة الأسلاف في كهوفهم
البعيدة.
أعرفك الآن جيداً
عبر غياباتنا واشلائنا
عبر انمحاء خصرك في الغابة
- الغياب إقامة في الروح -
أصبحت أكثر سطوعا في عين جوارحي
أكثر اقتناصا لبروق اليتم
أغالب موجك اليومي كي أستطيع السير
واستجديه للسبب نفسه
أيتها القادمة من فجاج الرأس
مسوقةً بأحلامك
مسوقة بالدمع ينسكب من
أفواه الجبال
بشعوب أنهكها القيظ وحيوانات
الصحراء
نورك المتسلل الى عتمة كوابيسي
نورك القليل الراشح من مغيبه
لا يضاهيه الكمال في عرشه الكلّي.
أعرفكِ
أعرفكِ الغضب حين يضيء مفاتنك
أعرف الشر حين تنضحين رغبة
الفراش
يا ذهباً يبحث عنه العميان
في مناجم منهارة.
في فمك غصن الانتقام
أيتها الكراهية
يا من لا تنوء حملا بثقل طيورها
تتنزهين في صباحاتي
صباحات البشر الكئيبة
في هذه المدينة المقصوفة بالشهُب
والدكاكين
تأوين الى فراشي
مدللة، جميلة، باذخة،
موغلة في استعراضات حشودك
في حظائر مخلوقاتك
وأبقارك
في دولك الكبرى والصغرى
موغلةً في الصرخة مقذوفة من
فم الملاك
يا من امتدحك الشعر
وخضعت لك المحيطات
لستِ القيامة ولا نذيراً بها
أنت عجينة الكائن
علّة الجنس بين عشيقين
انبلاج فجر الذرة
رفسة الطفل لجدران الرحم
وأنت أيضا
التي تدربين الصّبْية في المخيمات
على السعي نحو العدالة
وحمل السلاح
المنفيين على حب الخيانة
والمقيمين على البلادة
أنت بجناحيك الكبيرين
تجوبين البسيطة
بحثاً عن لمسة الرجل نحو المرأة
التي يفترسها السرطان.
أنجزت المهمة بضراوة السباع
بفداحة الطوفان الذي جرف
السفينة والحمائم
وبقي وجهك على غمر الماء
خالقة ومخلوقة
سعيدة بكونك الجديد
سعيدة بزواج أبنائك من بنات آوى
ينتحبن فوق قمم الجبال
أيتها الكراهية
يا بصقة الكائن في نزْعه الأخير.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> هذا الوجه أين رأيته ، أين صادفته ؟(50/68)
هذا الوجه أين رأيته ، أين صادفته ؟
رقم القصيدة : 6643
-----------------------------------
هذا الوجه أين رأيته، أين صادفته
في مهب أحوالي ومعترك مدائني:
في الحلم أو اليقظة، في الشرق أو الغرب
بأي ساحة أو مدينة وزقاق.
في الدخان المتصاعد من حناجر الغرقى،
في المتوسط وبحر إيجة، كازنتزاكي،
يتنزه بين عظام الاغريق، في البحر الميت
أو البحر الشمالي حيث القراصنة بلحاهم
الصفراء تتطاير في البرد والضباب.
هذا الوجه الموؤود في قعر غرائزي
في ظلام ذاكرتي
أعرفه جيدا، اعرف إيماءاته الرشيقة
في الأثير، أعرف خطوته
التي تخبئ الكنز، ذهابا وإيابا
من غير معرفة ولا جهل، حالة
الخطر، المتدلّية من لهاة
برق الجنوب المشرع على النافذة،
يجعل ملامحه متلعثمة وخجلة كأنما نزل
للحظة من قريته، مخضّبا بالحنّاء
وجرس الصفارد تحت الصخرة الكبيرة،
التي دفن تحتها غزاة لا هوية لهم ولا
أطماع، غزاة البراءة التي تنبلج في فجر
العاشق للمرة الأولى والأخيرة.
وجه أمي الذي لا أجرؤ على النظر إليه كأنما أهرب من جنتي المستحيلة، الذابلة حتى التلاشي، جنة لم تكن لأحد غيري قبل أن يتصرّم حبلها.
وجه أبي، وجه المرأة التي أصبحت مجهولة لا عنوان لها، وجه الوجوه، إسورة الفيضان؛ ليل المدينة الذي ظلامه من وجوه تتدفق من الجهات كلها، من النوافذ المضاءة والمغلقة، من الحدائق والخرائب والحانات، تنخلُ الجسد الوحيد على الأريكة التي طالها البلى وعبثت بها رياح ا
الوجوه حين تنفجر هكذا، دفعة واحدة فاتحة جدول النحيب
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الباشق الذي كان ينقض على السلاحف
الباشق الذي كان ينقض على السلاحف
رقم القصيدة : 6644
-----------------------------------
الباشقُ الذي كان ينقضّ على السلاحف
والأسماك في القيعان البحرية المثلّمة،
وفي الكهوف والخلجان، أراه الآن
يحوّم مع إناث خياله في هدوء سماء
لم تعد تحلم بالنجوم والمفاجآت.(50/69)
سماء خرساء بمجراتها الهرمة كأبراج مدينة منكوبة
وبرك تتموج تحت نعيق الغربان ومفارش
الخريف.
على خَطْمه دم المسافة
الباشق، شقيق الهجران الذي
كان يحتوي بمخالب حنانه الفريسة
ويضمها كعريس يلتهم بها الفضاء
والليل، مكلّلا بمجد اضطرابه من فرط النشوة، هو الوحيد من غير صلات تذكر مع عائلات الجوارح، يحمل في حناياه مزاجه المتقلب ويحمل عروس وحدته كجوهر استرده من مغتصبيه مسافرا بين جزائر زرقاء ونيران غجر في مسوّدة أفق باهظ الخرافة والعصبية بصواعقه وأمطاره المحتقنة،
الباشق الشريد ، قنفذ المتاهة الذي
لا يفصله عن الأبد أرخبيلُ قزحيّ
يتنزه في مرآة عدم كاسر، عدم
يرتب المكان والبشر والحيوات
المسرفة في الغواية.
لا يفصله عن الأبد إلا شرفات
محطّمة
وكنائس مضفورة من ضلوع الموتى.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> الشجر الذابل أمام بيتي
الشجر الذابل أمام بيتي
رقم القصيدة : 6645
-----------------------------------
الشجر الذابل أمام بيتي، أرقبه كل صباح وأنا ذاهب الى العمل وكل مساء وأنا قادم من البحر، وقد أرخى سدول أيامه بيأس أمام سطوة الجبال
والمآذن والعمائر المأهولة بالجفاف وبمخلوقات زنخة تفوح من اردانها جثة العالم المتفسخة منذ قرون.
أرقب الشجر، شجر الميموزا، المسترسل في هذيان الغياب عن محيطه وطيوره وعن الجذور التي أصبحت تغذيها النفايات السامة في أعماق الأرض الملحية، التي تصارعت على أديمها أرومات البشر والضباع والأشجار السامقة، حتى أعالي جبال ((الأنديز))، ولم تهدأ روحها القلقة العصيّة
ظلت تسري في روح الفصول والأبناء والأحفاد، حتى جف نسغُها واضمحل تلقائيا بهدوء عطر مراوغ ودعة، حتى ابتلعتها الفصول التي استحالت الى فصل طويل جارف كشاحنة خرافية تمخر عباب الليل البشري للقسوة.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> لا أرى شيئاً
لا أرى شيئاً
رقم القصيدة : 6646
-----------------------------------(50/70)
لا أرى شيئاً
لا أسمع شيئاً
غارقا في ظلام مقابري
حتى بقايا العنادل والعصافير البرية وطيور
أخرى جلبت من نواحي ((تايلند))
وبحر العندمان
والتي كانت تذكرني بالحياة، سكتت دفعة واحدة كأنما نزفت
صوتها للمرة الأخيرة أو قطعت عادتها اليومية.
كذلك الكلب النابح في العتمة
صخب الهنود والمكيّفات
مومسات وسكارى
النداء الوهمي لباعة متجوّلين
شرطة بجنازير وبذلات أنيقة
يتنزهون في الحي اللاتيني
مصحوبين بالضباب المحتدم والمشرّدين
يعلكون اللبان على حافة المترو.
بواب الاسكندرية العجوز. طيور هيتشكوك. ذرية الأحقاف. برذون الخليفة. فراء الأميرة. جان دمو. مقهى ((اللاتيرنا)). مصارعو ثيران قدماء. جَلبَة الذئاب والقطارات. مخدع المضاجعة لامرأة مجهولة. غيمة النار الزرقاء في مواقد البدو.
الثعالب البيضاء تتنزه في أحلام
الفتيات.
رعايا الذاكرة ينهارون كما تنهار
القمم الثلجية في مخيّلة المغامر.
هكذا دفعة واحدة.
يقطع اليمام هديله الى الأبد
كما ذهبتِ أنتِ ذات دهر
أمام البناية الضَّخمة في المدينة النفطيّة.
من غير كلمة ولا تلويحة وداع
يختفي المشهد بكامله
كأنما ابتلعته الأرض
أو اختطفته عنقاء الجبال
وبما يشبه هذيان النائم
وسط تهاويل السفوح
تطوي الحياة موجتها
تحت قدم التيه.(50/71)
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أحلام القدماء
أحلام القدماء
رقم القصيدة : 6647
-----------------------------------
أحلام القدماء
تلك التي تفعمني برائحة
الموتى في السرير
أراهم يختالون في حدئقهم المليئة
بالسناجب
في غسق المقابر
مشيرين إليّ بضراعةٍ وعنف
أن التحق بالقافلة
رغم عواء كلبها الجريح.
وربما غير ذلك
لا أكاد أتبيّن الاشارات
في ظلام المقابر الدامس.
****
عيونهم مَغْمضَة قليلا
يضطجعون على الخاصرة
يفتحون جزءاً منها
كأنما ثقل التراب على الجسد
أحزنهم قليلا
وغياب الأحبة
يتذكرون ميلادهم
في صرخة مباغتة
ولا يفكرون بالقيامة.
****
يتذكرون الدنيا
بأوجه شاحبة
وقلوب مكلومة
كأنما مرّت عليها عربات جلادين.
الطرقات وقد شاخت
تحت أقدامهم
مفعمة بروائح الأجساد التي انهكوها كثيرا
مَسُوقين برغبة الزوال
الزوال الذي لم تساومهم عليه الحياة
التي ساومت في كل شيء
ربما رغبة في التجديد
رغبة في الخلاص
عرين الأسرار الأزليّة
يفقس بيوضه في السلالات
التي تجرجر أثقالها من فيضان
الى آخر.
مسوقين بالرغبة نفسها
التي لا تشيخ مع الأحقاب
الموتى الذين لا يتذكرون موتهم
ويتذكرون الغيمة التي تنزل مع المساء
على الأسطح والجبال
وعلى مراوح النخيل.
****
تلك قصارى أيامهم
ينزل المطر على الصحراء
يصغون لثغاء الماعز
والطيور المهاجرة التي دمّرها التعبُ
فانسكبت في حياض الصحراء
يصغون الى حنينهم
ينفجر مع البرق، صواعقَ
تقصف الطرقات
لبكاء أطفالهم الذين لم يولدوا
للبهجة تعبر رؤوسهم نحو سَمَر بعيد.
للطفولة
يتسلقون ظلالها في الردهة
المظلمة
لعفاريت البيت القديم
ومطاريح المياه.
****
وروت القابلات حكايات عن طفولتهم
ونائحات الخرافة بالأجرة
حكايات بددها النسيان
وبقيت مِزَقاً كالأجنة الميّتة في الأرحام.(51/1)
حكايات ليست عن قوم عاد وثمود ولا قوم لوط ولا أساطير سدوم وعمورية العامرة بالرذائل والفسوق وبطر الثروة حين تنطلق من عقالها بعد جذب وقحط ورياح سموم هوجاء. ليست حكايات الأقوام الغابرة ولا تلك المقبلة من القرن الأربعين وعالم النجوم.
حكايات الطفولة البسيطة التي ذهبت بددا
وعاث جنباتها التلف والخراب
أرض بوار
وفيافي ينعق فيها الغراب.
روت آخر نائحات القرية هذه الحكاية
المقصوصة الجناحين كطائر يتيم:
بعد انقضاء الصيف عادت الضباع مع طيور الصِبا
حاملة في مناقيرها السهوب
على حافة المقابر والبيوت تتحلّق بعد غيبة طويلة ظن الأهالي أن لا عودة بعدها وأنها ذهبت الى الأبد. لكنها هاهي بجرائها وأفراخها تقفز مع ضياء الفجر الأول من قبر الى بيت وفوق خيام الزطّ
في الوادي السحيق المطوّق بخيال الأبراج
والسّحَرة من كل الجهات، مرحة برحيل
القيظ ترضع مع الصبية والموتى لبن الصباح.
* * *
في مكان قصي يتبدى مثل كهف مقذوف
في العاصفة، بين الجبل والبحر، عشت
فترة من الطفولة.
هناك تعلمت السباحة في البحر
وفي عيني أسماك القرش
وحدّقت مليا في سجناء ((الجلالي)) الذي كان البرتغاليون يسمونه قلعة ((سانت غوا))- وهم يحملون الأثقال من الأسفل بأصفادهم الى رأس ذلك البناء الجبلي، الذي كان في الماضي دعامة الدفاع عن المدينة.
هناك شاهدت العناق الأول
بين الجبل والبحر
شاهدت ارتطام الصباحات ببعضها
كالنيازك
ورأيت ميلاد الأبديّة.
شاهدت العُزلات تمشي وحيدة
كالوعول قرب هيجان المحيط
والأجساد تطفو فوق الزّبَد والحطام
وكان القادمون من بلدان (المتروبول)
يطلُون من شرفاتهم ذات الطُرز الهندية بينما كنا نقرأ دروس اللغة والفقه، على ضوء السرجان التي تتنفس بصعوبة مثل كائنات تحتضر.(51/2)
وهناك أيضا تخيلنا البحارة في المناور والمراكب الشراعية غاطسين في أعماق (سلامة وبناتها) وشاهدنا بحر الظلمات. وكان الصيادون الفقراء يأتوننا لقراءة الطالع البحري فنقرأ لهم شعرا للمتنبي وأبي مسلم، على شكل تعاويذ حتى يصطادوا بوفرة فيغمرون التلاميذ بالسمك والح
وجزيرة سرنديب حيث يأكلون الفيلة والبشر ويطيرون بأجنحة من نار.
* * *
كان ذلك عام 1965، أتذكر كنا ننام على حافة الوادي في (سرور) على جري العادة في الأصياف اللاهبة. كنا نفترش المسيل الذي تلمع أحجاره الصغيرة تحت سطوة الضوء الباذخ لقمر تشرين. وكانت أصوات صناطير ((القيّاظة)) ولهاث نسائهم خلف الستائر الخفيفة البيضاء التي يمتازون
كنا صبية الوادي الأشقياء.
وعصابة الجبال التي تصطاد الفجر والقطا.
بينما الأهل غارقون في نهر نومهم الذي تفيض على جوانبه الأحلام والمشاجرات.
في ذلك اليوم، اليوم نفسه سمعنا النداء الغامض قادما من أسافل القرية يتهادى مثقلا بطحالبه ونعاسه، مبشرا بوصول القادمين من الشرق الافريقي وزنجبار إثر الانقلاب في تلك الأقاصي السوداء، بعد أن حكمها العُمانيون عقودا متتالية، ملتهمين طقسها وعطاءها الوفير كما ظلو
والعابرين نحو البنادر والبحار.
وكنا نحن عصابة الأصغاء، نلملم أطراف المشهد
معيدين بناء المغامرة في مخيلاتنا المرتجفة من فرط الهواجس وأحلام الاقتحام
وفي اليوم نفسه، ربما من عام آخر
وزمن آخر غير موجود في الذاكرة البشرية
وبعد ما مرت سنوات عجاف
هلك فيها الزرع والضرع، سمعنا النداء نفسه من أعالي القرية هذه المرة،
ينبئ بالسيول الكاسرة التي تبدو في اندفاعها
الكاسح ورهافتها وملمسها السماوي الحزين كأنما
قادمة من خلف جبال الكون.
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> في واد مكتظّ بالأفاعي والزرافات
في واد مكتظّ بالأفاعي والزرافات
رقم القصيدة : 6648
-----------------------------------
في واد مكتظّ بالأفاعي والزرافات(51/3)
رأيتُ الرجال الشّقر
يرمون اللحم للنسور
ويلحقون بها خفية
حتى تحط في مكان آخر من البيداء:
كان ذلك دليلهم الهندسي
الذي يقودهم نحو مواطن
الألماس.
*****
طريق الحرير
جسر الغرب نحو الذهب
رأس الرجاء الصالح
ابن ماجد في (مالندي)
ناهضا من ليلة مُؤرقة
أو سادرا يرقب النجوم
بين يديه خرائط
لكنه يحدق في راحتيه ليقرأ أسرار المحيطات
في (مالندي)
لم تزده النسوة الافريقيات
إلا شبقا بالبحر
وهياما بالمغامرة.
أراه الآن وحيدا
يرقص الموج على جبينه
كما ترقص شمس المغيب في تلك
الغابات الاستوائية.
أحس نبضه محمولا على كواكب سيارة.
ربما لسعته أفعى الغابة
ربما تذكر طفولته في بحر عُمان
وصَحَبه الذين هلكوا
وما زالت أرواحهم ترتجف على الصواري
وقيعان البحار.
أفكّر فيه فيكبر الانسان على أرضه
المحروقة.
ابن ماجد سليل الخطر، مرّوض العاصفة في ليلة هاج فيها اللج وأزبد وسط ظلام مذعور يرتطم فيه صراخ الغرقى وتضمحل على حائطه الإرادات.
قدتّ العاصفة كما قاد أسلافك
البغال والأسلحة في تلك المنعطفات
الجبلية الوعرة
واستشرفتَ نجمة الصباح.
كنت في (مالندي) عام 1447
حين قدت فاسكو دي جاما وقراصنة
البرتغال الشرسين
الى المياه الدافئة:
كنت نسر البحر لكشوفاتك الخاسرة.
*****
الشجر أرخى غصونه
وأفعى الصيف بدأت في تجوالها الليلي
في ضوء القمر الكبير.
الجيران يحلمون بها تنام على فراشهم
فحيحها يغطي عليهم مساحة الجنس
الذي تبدأ شموعه ببطء كمريض يتعافى.
الجيران الذين لم يتعودوا على الأفاعي
وظلمة الكهوف
جاءوا بعد اكتشاف النفط
محمولين على كاهل الأسطورة
وكنوز الصحراء.
الصباح أرخى قلوعه هو الآخر
تبدأ يومك متطيراً، مرتبكاً
تخطو من سريرك نحو الحمّام
كأنما تحمل ثقل العالم على كتفك
ملاحقا بالحشود والنميمة.(51/4)
لا تحمل فكرة، أية فكرة، كالنظر في المرآة مثلا، فتح شباك، اطلاق نظرة على جبل الأحقاف وصرعى الأوبئة والسراب، استعادة كوابيس البارحة التي أصبحت محض عادة مضجرة كسائر أوجه الحياة. لا تفكر في شيء لا تضمر شيئا، حتى الكراهية التي ربيتها مثل طفلك المدلل ذبلت مع ال
الذكريات والمحن والعلاقات.
صارت جزءاً من هباء هذا المغيب
الذي يضطرم أمامك مثل حريق
خرافيّ.
لا تبالي من رحَلَ اليوم ومن سيأتي غدا، من فرش الأرض بالدولارات والجثث ومن مات جوعا. من انكسر جبينه أمام الجزّار ومن قتل زوجته خشية انكشاف السرَ. من كتب قصيدة طليعية ومن احتمى بخيام الأسلاف.
السكينة، لهب السكينة يدب صقيعه في جسدك المتخثر بفعل الأدوية. سكينة الموتى، سكينة الغيلان في صيف ((سرور)) سكينة المنازل المهجورة التي تخلع مفاصلها الريح من غير
رحمة تجز الأوردة ببرود أعصاب.
متعة القصاب الذي يداعب ضحاياه
التي لا يضرها السلخ بعد أو قضت نحبها
وجاوزت عتبة الموت بقرون.
تخو نحو الباب كأنما تذرع قارة بكاملها،
ترمق الحقائب التي تبعثرت أشياؤها
كأحشاء قتيل، دمه ما زال ينزف،
حارا حرارة الصيف الساحق، دم المهرج
والشاعر، دم التائهين
في برية الله.
كل هذا وأنت لم تتجاوز عتبة الباب
مفكرا في عطل المصعد بعمارة لا مصعد لها..
الجيران بدأوا في الندْب بسبب ظهور شبح الأفعى، يتدافعون على السلالم والممرات هاربين من حرب الأيام الستة وحروب أخرى أكثر فداحة.
الجيران الذين كانت حناجرهم تسيل في جوف الليالي المدلهمة، بالغناء والمرح وقرع الطبول، باتوا ينتظرون ظهور الأفعى مصحوبة بقمرها المزدان بزغب الطائر الأسود، قنطرة الخلاص من الضجر المتراكم وسعال البطون المتخمة من قلة الحركة والأحداث السعيدة التي لا يعرفونها
إلا من خلال الأطباق والشاشات
التي تميد بها أرض البشر كأثينا
جديدة تربض بأجنحتها الأولمبية
الضخمة على الأجنة والأفئدة
والرؤوس.(51/5)
تفكر في عطل المصعد ببناية لا مصعد لها.
في السمك المنتن في المطبخ والنور المكسور...
الظهيرة، الظهيرة الهادرة في أعماقك في الكون المحيط بأكمله تجعلك لا تستطيع تذكر أي مطر مر بحياتك ولا حتى عبور غيمة في سماء مقفرة... المرأة، المرأة نفسها تعبر السلم، تدلف الباب المفتوح تتسلق لمبة النور والنوافذ المغلقة تتذكر المطر كرنين أجراس بعيدة تستلقي ع
تقرأ رسائل من أصدقائك يشكون قسوة المنافي والحنين الى الأوطان الأولى والأحبة الغاربين، تفكر في قضم التفاح مع المرأة المستلقية على مؤخرة ذكرياتها، وتأخذ في استدعاء نمور تقطع أودية وغابات، النمور التي تخبئ الأدغال تحت جلدها كتميمة تتوارثها، تقفر مع الهواء وا
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> أسرح النظر
أسرح النظر
رقم القصيدة : 6649
-----------------------------------
أُسرّح النظر
برهافة الغياب
فأرى الأربعين
تلهث من غار الى غار
ومن مدينة الى أخرى
وعْلاً فاجأه هياج القنّاص
جنديا نسي عدته في المعركة
باحثا عن سراب استراحة
فأسا ينفصل عن رأس عاشقه
بعد سنين من العناق
مسافرا في ليل نواياه.
*****
أطلق سراح النظر الى آخره
فأرى القوم على المواقد
يرتبون الأيام والشعاب
صامتين ثكالى
يخبط الموج أقدامهم
أمام شمس نازفة في العيون.
أيتها القادمة من فجاج الرأس
ومدافن القتلى
في فمك غصن الانتقام
في يدك أيقونة السكينة
امنحيهم بعض حنانك
قطرةً من بحر الشفقة.
هؤلاء أبناؤك
قادمون من أرصفة الطوفان
من أزمنة البغضاء والعشائر
عشّاقك منذ القدم
جارت عليهم صروف الدهر
وطائر الشؤم
أفقس بيوضه في السلالة.
في أي جهة ستمضي هذا المساء؟
وبأي الآلاء ستقسم على عمر هارب؟
مدن تتقاطر في النوم تقطعها قطاراتٌ
تحسب صفيرها
نواح ذئاب.
مدن تتقافز من صباحات مُحاصرة
تحمل متسكعين وغرقى
تحمل مقاهي
ربما جلس فيها ذات يوم
عشاق ومقاتلون في
حروب عبثيّة.
البارحة زاروك في النوم
افترسوا المسافة كاملة(51/6)
بين السور العظيم وصحراء الجزيرة
قالوا إنك غبت طويلا
تحدثوا عن خوفهم من الرمال والجبال
أخذوا يشربون ويضحكون بهستيريا
حتى انفجر الصباح على رأسك
واستيقظت على خوار المكيّفات.
هكذا دأبهم
يأتون من كل جهات الأرض
ملاّحو أفلاك وانهيارات
يقتحمن هدوئي كل يوم
كما يقتحم الرعاة من البلدات المجاورة
طالبين تواقيع على أراضٍ
غير موجودة في الخارطة
أسقيهم قهوة وتمراً
فيرحلون
آخذين معهم هدوئي
وبقايا صباح ما زلت أحلم بقدومه
ربما يحمل لي أخباراً
من ربوع المغرب
من بغداد والقاهرة
من بيروت
صباح أحلم فيه بكتابة قصيدة
(لا تنسف العالم لكنها تزيح قليلا
صخرة الحنين)
قصيدة تأكل نفسها بمرايا جبال غسقية
البحر الذي حاول تعميدها
فاستنفرت أثر الوحش في الصحراء
وفتكت بأسحارها الظنون
حتى تاهت في طريقها الى بيت السبايا
لأنها سكنت بيت الأشباح
عارية كالصرخة يقذفها الملاك أو الشيطان
أمام الله والخلائق
مسحورة بسفرها الليلي
بين بحيرات الشمع
والمياه المتدفقة من فم الخلجان.
الراديو أمامي يغصّ بموسيقاه: FM
كما يغصّ حقل بمائه
في كل صباح
في اليباب المحيط
أصحو
مفرقا أفواج الجراد
لقد طالت إقامته هذا العام
كأنما سيرث الأرض والزمان
انظري إليه يا إيفا
الى عينيه الحزينتين كوريث محتَمل
تدوران في محجريهما طلقةً غاضبة
الى عزلته حتى وهو في السرب
انظري إليه يا إيفا
كيف يحلق فوق سقف المدينة-
التي هجرتها الأيائل والآلهة
مدينة الصبر والطاعة
مدينة الندم،
منجم الكراهية-
محمولا على بساط أصفرَ
من قيء البراكين
وزَبَد الجوائح.
أصفر هو الجراد
صفراء هي الأبقار تجفل فوق السهل
انظري
الى الأعراب الجدد
يتطاولون في البنيان
ويتفيأون ظلال الثكنات
انظري يا إيفا
الى القرن العشرين
الى المياه السوداء
تطفو على أديمها الأرواح والجثث
انظري
الى الذريّة المباركة
في كهوفها وناطحات سحابها
انظري
الى الخطيئة الأصليّة.(51/7)
شعراء الجزيرة العربية >> سيف الرحبي >> مقاطع (3)
مقاطع (3)
رقم القصيدة : 6650
-----------------------------------
الجسد الجريح يخبط الماء
ناسيا خلفه السنوات
أي نسيان هذا
الذي لا يتركك تنام؟
* * *
اليوم تكسر السيجارة
كأنما تكسر السنوات
لأنك لا تستطيع التدخين
كما كنت تفعل في الماضي
مطلا من النافذة
الى الصباح والثلج والطيور
الى جبل ((فيتوشا))
الى النساء
تنضح عيونهن بالشبق
الذي يؤجله نهار العمل،
تكسر السيجارة التي ستعود
إليها بعد قليل.
* * *
لابد أنه الصيف
بجحافله القادمة من الربع الخالي
مكتسحا المدينة مثل هولاكو
كل شيء سيتوقف أكثر مما كان
حتى عادات النساء الشهرية
حتى عبور النمل بين جحرين
كل شيء بانتظار الفرَج.
* * *
البارحة
بقرية (سرور)
أسمع دوي الفراغ بين خرير المياه
وسمت الجبال، يصمّ الآذان.
في كهف لا تخفقُ تحت ضلعه الشمس
ولا تطاله نسائم البحر
ترتجف اللغة وتُزبد
مطالبةً بالملأ الأعلى
بالحرية.
* * *
الضلالة لا تجد في الاستقامة
إلا ضلالة أخرى
ستمطرها بوابل اللعنات
ولا تجد هديها إلا في منارة عمياء
في قعر بحر مظلم:
كذلك الباحث عن الحقيقة
لن يجد إلا دخان الأزمنة
تحت القدم العابرة.
* * *
مشَاءون يتامى
في حقول معطوبة.
* * *
ليس للبحر نكهة خارج اضطرابه المقدّس.
* * *
كل يوم أزيح طرف الستارة
لأرى الثور الهائج ينقض من النافذة.
* * *
تفاهمات كبرى على إيقاع
خسارة أكبر.
* * *
يسقط الخصم على أرض العراك الأبدية ملفعا بدمائه.
يرفع المنتصر شارة النصر بين نجومه ومحبيه..
وماذا بعد ذلك؟
* * *
نتذكر أولئك الذين يسيل من أشداقهم لعاب الكرامة والشرف
وحب الآخرين ونكران الذات:
ترى أي قرون ضوئية من الشساعة، في بعدهم عن هذه القيم التي ولدوا ليكونوا على النقيض منها على طول الأزمنة ومع ذلك هم أكثر المتحدثين باسمها.
* * *(51/8)
تمور الرغبة في شفتيك وأطراف أصابعك، وتحتشد، كمن يرمي أعشابا وصباحات في بحيرة مسحورة.
* * *
أيها الفجر، الفجر المندلع كحريق
أمام نافذتي
أرجع لي ودائع طفولتي
لقد سرقتها مني
أنا توأم البحر والغروب.
عمرو بن قميئة
ألهذا يا عمرو بن قميئة
سافرت في دجنّة الصحرء
مع الملك الضلّيل
وحيدا من غير أدلة
ولا حاشية ولا خيل؟
ملك مهزوم
ويتيم ضائع
كانت الروم أبعد من سهيل
وكان الدرب دونك
فبكيت
أنّبك الملك الشاعر
لأنك لم تكن تطالب
باستعادة ملك مندثر
أو حالما بثروة
كنت صديق الشاعر في الملك
رفيق المتاهة.
الصحراء تمتد والطريق أبعد من سهيل
وكالمنكح الثريّا سهيلا
عمرك الله كيف يلتقيان
يا عمرو بن قميئة؟
أفراس بيضاء تهبط من أفق قاتم
أشباح النائمين في الخلاء
الصحراء تمتد
وموتك المنجَز منذ الولادة.
يد في آخر العالم
يد وحيدة تلوّح في البعيد
وحيدة من غير مسافرين
ولا أرصفة أو قطارات
يد وحيدة جاثمة بوحشتها
تلوّح في ليل الأجداث
وحيدة في غيمها الجريح
يد الشاعر أو القرصان
أو بائع اليانصيب
ووحيدة تحتفي بقدوم الغرقى
من محيط الهند
أو البحر العربي
محمولين على محفة طائر
يد نحيلة في غسقها الاستوائي
تحلم باجتياز المضيق
بالنهد
والفاكهة وملامسة الرعد
يد الغرباء الذين قدموا من بلاد مجهولة
وطفقوا يسردون الحكايات
يد اليأس والندم
والمحبة
تلوّح في البعيد
نحو جزر مستحيلة
ومدائن، لم يبق من أرومتها
غير طعم الغياب
تمنحني مساءاتها الثقيلة ووجوهها
وتمنحني قهوة الصباح.
يد الهذيان الذي تجرفني وديانه
كل ليلة على أبواب الربع الخالي.
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (5-8)
مختارات (5-8)
رقم القصيدة : 6651
-----------------------------------
(5)
سبحان من اظهر ناسوتُهُ
سّر سنا لاهوتِه الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهراً
في صورة الآكل و الشارب
حتّى لقد عَايَنَهُ خَلْقُه
كلحْظِة الحاجب بالحاجب
(6)
كتبتُ ولم أكُتبْ إليك و إنّما(51/9)
كتبتُ على روحي بغير كتابِ
و ذلك أنّ الروح لا فرق بينها
و بين مُحِبيِّها بِفَصْلِ خطابِ
أُريدُك لا أريدك للثواب
و لكنّي أريدك للعقاب
فكلّ مآربي قد نِلْتُ منها
سوى ملذوذِ وجدي بالعَذَاب
فكلّ مآربي قد نِلْتُ منها
سوى ملذوذِ وجدي بالعَذَاب
***
***
(8)
كَفَى حَزَناً أنّي أُناديك دائما
كأنّي بعيدٌ أو كأنّك غائب
***
***
و أَطْلُبُ منك الفضل من غير رغبةٍ
فلم أر قبلي زاهدا فيك راغب
كَفَى حَزَناً أنّي أُناديك دائما
كأنّي بعيدٌ أو كأنّك غائب
و أَطْلُبُ منك الفضل من غير رغبةٍ
فلم أر قبلي زاهدا فيك راغب
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (9-12)
مختارات (9-12)
رقم القصيدة : 6652
-----------------------------------
(9)
طَلَعَتْ شمس من أحبّ بلَيّلٍ فـ
ـاستنارت فما عليها من غروب
عن شمس النهار تطلع باليلـ
ـلِ وشمس القلوب ليس تغيب
***
***
(10)
رأَيتُ ربّي بعين قلبِ
فقلتُ من أنت قال أنت
فليس للأين منك أينٌ
و ليس أين بحيثُ أنت
و ليس للوهم منك وهمٌ
فيعلم الوهم أين أنت
أنت الذي حُزْتَ كل أين
بنحو لا أينَ فأينَ أنت
و في فنائي فنا فنائي
و في فنائي وجدت أنت
***
***
(11)
لي حبيبٌ أزور في الخلوات
حاضر غائب عن اللحظات
ما تراني أصغي إليه بسمع
كي أعي ما يقول من كلمات
كلمات من غير شكل ولا نطق
و لا مثل نغمة الأصوات
فكأنّي مخاطب كنت إيًّاه
على خاطري بذاتي لذاتي
حاضر غائب قريب بعيدٌ
وهو لم تحوه رسوم الصفات
هو أدل من الضمير إلى الوهم
و أخفى من لائح الخطرات
***
***
(12)
سرّ السرائر مَطْوِيٌّ بِاثْبَات
في جانب الأُفْق ِمن نور بِطيَّات
فكيف والكيف معروف بظاهره
فالغيب باطنه للذاتِ بالذات
تَاهَ الخلائقُ في عمياءَ مظلمةٍ
قصدا و لم يعرفوا غير الإشارات
بالظنّ و الوهم نحو الحقّ مطلبهم
نحوَ الهواء يناجون السماوات
و الربّ بينهم في كل منقلب
مُحِلَّ حالاتهم في كل ساعات
و ما خلوا منه طرف عين لو علموا(51/10)
و ما خلا منهم في كل أوقات
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (13-16)
مختارات (13-16)
رقم القصيدة : 6653
-----------------------------------
(13)
فما لي بُعْدٌ بَعْدَ بُعْدِكَ بَعْدَما
تَيَقَّنْتُ أنّ القرب والبُعد واحد
وإنّي وإن أُهْجِرتُ فَالهَجْرُ صاحبي
وكيف يصحّ الهجر والحُبّ واجد
لك الحمد في التوفيق في محض ِخالصٍ
لعبدٍ زكّي ٍما لغيرك ساجد
***
***
(14)
لا تَلمنّي فاللوم منّي بعيد
وأَجِرْ سيّدي فإنّي وحيد
إنّ في الوعد وَعْدك الحقّ حقاً
إنّ في البدء بدء أمري شديد
مَن أراد الكتاب هذا خطابي
فاقرؤُا وأعلموا بأنّي شهيد
***
***
(15)
قد تصبّرتُ و هل يصـ
ـبرُ قلبي عن فؤادي
مازجَتْ روحُك روحي
في دنّوٍ وبعادي
فأنا أنت كما أنّ
ـك أنّي و مرادي
***
***
(16)
أنتم ملكتم فؤادي
فهِمْت في كلّ وادي
ودقّ على فؤادي
فقد عدمت رقادي
أنا غريبا وحيدا
بكم يطول إِنفرادي
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (17-20)
مختارات (17-20)
رقم القصيدة : 6654
-----------------------------------
(17)
حقيقة الحقّ مُسْتنِيَر
صارخه بالنبا خبير
حقيقة الحقّ ِقد تجلَّتْ
مَطْلب من رامها عسير
***
***
(18)
أنت المُوَلِّهُ لي لا الذكر ولَّهني
حاشا لقلبي أَنْ يَعْلَق به ذِكَرى
الذكر واسطةٌ تُخْفِيك عن نظري
إذا توشَّحَهُ من خاطري فكري
***
***
(19)
مواجِيدُ حَقّ ٍأَوْجَدَ الحقُّ كُلَّها
و إِنْ عجزَتْ عنْها فهوم الاكابر
وما الوجد إلا خطرة ثم نظرة
تُنَشّي لهيبا بين تلك السرائر
إذا سكن الحقُّ السريرةَ ضُوعفتْ
ثلاثة أحوال لأهل البصائر
فحالٌ تُبيدُ السرَّ عن كنْه ِوجِدِه
وتُحْضِرُهُ بالوجد في حال حائر
و حالٌ به زُمَّتْ قوى السرّ فآنْثنَتْ
إلى مُنْظِرِ أفناه عن كلّ ناظر
***
***
(20)
(الاحتمال الأول)
إذا بلغ الصبُّ الكمال من الفَتَى
ويذهل عن وصل الحبيب من السُّكر
فيشهد صدْقاً حيث أشهده الهوى
بأنّ صلاة العاشقين من الكفر
- - - -(51/11)
(الاحتمال الثاني)
إذا بلغ الصبُّ الكمال من الهوى
وغاب عن المذكور في سطوة الذكر
فشاهد حقّاً حين يشهده الهوى
بأنّ صلاة العارفين من الكفر
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (21-24)
مختارات (21-24)
رقم القصيدة : 6655
-----------------------------------
(21)
عَقُدْ النبوّة مِصْباح من النور
مُعَلَّقُ الوَحي في مشكاة تأمور
بالله يُنْفَخُ نَفْخ الروح في جَلَدِي
بخاطري نَفْخَ اسرافيلَ في الصور
إذا تجلّى لطوري أن يُكَلّمني
رَأَيْتُ في غيبتي موسى على الطور
***
***
(22)
لأَنوار نور الدين في الخلق أنوارُ
و للسرّ في سرّ المسرّين أسرار
وللكون في الأكوان كون مُكَوّن
يكنُّ له قلبي و يهدي و يختار
تأمّلْ بعين العقل ما أنا واصف
فللعقل ِأسماع وُعَاة و أبصار
***
***
(23)
سكنتَ قلبي و فيه منك أسرار
فليَهْنِك الدار بلْ فليهنك الجارُ
ما فيه غيرك من سرٍّ عَلِمْتُ به
فأنْظُرْ بعينك هل في الدار ديّار
و ليلة الهجر ِإنْ طالتْ و إن قَصُرَتْ
فمؤنسي أملٌ فيه وتذكار
إنّي لراض ٍبما يرضيك من تلفي يا قاتلي و لِمَا تختار اختار
***
***
(24)
الحبّ ما دام مكتوماً على خطرٍ
وغاية الأمْنِ أن تدنو من الحذر
و أطيب الحبّ ما نمّ الحديث به
كالنارِ لا تأتِ نفعاً و هي في الحجر
من بعْدِ ما حضر السحاب و اجتمعا
الأعوانُ و امتطّ أسمى صاحب الخبر
أرجُو لنفسي براء من محبّتكم
إذا تبرّأت من سَمعي ومن بصري
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (25-30)
مختارات (25-30)
رقم القصيدة : 6656
-----------------------------------
(25)
غِبْتَ و ما غبتَ عن ضميري
و صرْتَ فرحتي و سروري
وانفصل الفصل بافتراق
فصار في غيبتي حضوري
فأنت في سرّ غيبِ همّي
أخفى من الوهم في ضميري
تؤنسني بالنهار حقاً
وأنت عند الدجى سميري
***
***
(26)
يا شمس يا بدر يا نهار
أنت لنا جنّة و نار
تَجنُّبُ الإثِم فيك ثم إثمٌ
وخاصّية العار فيك عار
يخلعُ فيك العذار قومٌ(51/12)
وكيف من لا له عذار
***
***
(27)
أحرف أربع بها هام قلبي
و تلاشت بها همومي و فكري
ألِفٌ تألف الخلائق بالصنْـ
ـع ِولامٌ على الملامة تجري
ثمّ لامٌ زيادة في المعاني
ثمَّ هاءٌ أهيمُ بها أتدري
***
***
(28) و(29)
لماذا رفض الشيطان السجود لآدم
(الاحتمال الأول)
جحودي فيك تقديس
و عقلي فيك تهويس
و ما آدم إلاك
و من في البين إبليس
(الاحتمال الثاني)
جُنُوني لك تقديس
و ظنّي فيك تهويس
و قد حيّرني حِبٌّ
وطرْفٌ فيه تقويس
و قد دلّ دليل الحُبّ
أن القرب تَلْبيس
فمن آدم إلاك
ومن في البين إبليس
***
***
(30)
حويتُ بكُلّي كلّ حُبِّك يا قُدْسي
تكاشفني حتّى كأنّك في نفسي
أُقلّب قلبي في سواك فلا أرى
سوى وحشتي منه و منك به أُنْسي
فها أنا في حَبس الحياة مجمَّع
من الأنس فاقبضْني إليك من الحبْس
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (31- 34)
مختارات (31- 34)
رقم القصيدة : 6657
-----------------------------------
(31)
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت
إلا و حبّك مقرون بأنفاسي
ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهم
إلا و أنت حديثي بين جلاسي
ولا ذكرتك محزوناً و لا فَرِحا
إلا و أنت بقلبي بين وسواسي
ولا هممت بشرب الماء من عطش
إلا رَأَيْتُ خيالاً منك في الكأس
ولو قدرتُ على الإتيان جئتُكم
سعياً على الوجه أو مشياً على الرأس
ويا فتى الحيّ إن غّنيت لي طربا
فغّنني وأسفا من قلبك القاسي
ما لي وللناس كم يلحونني سفها
ديني لنفسي ودين الناس للناس
***
***
(32)
يا نسيم الروح قولي للرشا
لم يزدني الِورْد إلا عطشا
لي حبيبٌ حبّه وسط الحشا
إن يشا يمشي على خدّي مشا
روحه روحي وروحي روحه
إن يشا شئتُ وإن شئتُ يشا
***
***
(33)
عجبتُ لكلّي كيف يحمله بعضي
ومن ثقل بعضي ليس تحملني أرضي
لئن كان في بسط من الأرض مَضْجَعٌ
فبعضي على بسط من الأرض في قبضي
***
***
(34)
ما زلتُ أطفو في بحار الهوى
يرفعني المَوْجُ و انحطُّ
فتارةً يرفعني مَوْجُها
وتارة أهوى وانغطّ(51/13)
حتّى إذا صيَّرني في الهوى
إلى مكان ما له شطّ
ناديتُ يا من لم أَبُح بِاسمه
ولم أَخُنْهُ في الهوى قطّ
تقيك نفسي السُّوء من حاكم
ما كان هذا بيننا شرط
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (35- 40)
مختارات (35- 40)
رقم القصيدة : 6658
-----------------------------------
(35)
مكانُك من قلبي هو القلب كلّه
فليس لخلق ٍفي مكانك موضع
وحَطَّتْك روحي بين جلدي وأعظامي
فكيف تراني إن فقدتك اصنع
***
***
(36)
إذا ذكرتك كاد الشوق يقلقني
وغفلتي عنك أحزانٌ وأوجاع
وصار كلّي قلوباً فيك داعية
للسقم فيها وللآلام إسراع
***
***
(37)
نديمي غير منسوبٍ
إلى شيءٍ من الحيف
سقاني مثلما يشرب
كفعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكأس
دعا بالنطع و السيف
كذا من يشرب الراح
مع التِّنين في الصيف
***
***
(38)
صَيَّرني الحقّ بالحقيقةْ
بالعهد والعقد والوثيقةْ
شَاهَدََ سرّي بلا ضميري
هذاك سرّي وذا الطريقةْ
***
***
(39)
وَحِّدْنِي واحدي بتوحيِد صِدْق ٍ
ما إليه من المسالك طَرقُ
أنا الحقُّ و الحقُّ للحقِّ حقٌّ
لاَبِسٌ ذاتَهُ فما ثمّ فَرْقُ
قد تَجَلّتْ طوالعٌ زاهراتٌ
يتشعشعْنَ في لوامع بَرْقِ
***
***
(40)
ركوبُ الحقيقة للحقِّ حقُّ
ومعنى العبارة فيه تدقّ
رَكِبْتُ الوجودَ بعين الوجودِ
وقلبي على قسوةٍ لا يَرِقّ
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (41- 45)
مختارات (41- 45)
رقم القصيدة : 6659
-----------------------------------
(41)
جبلتْ روحك في روحي كما
تجبل العنبر بالمسك الفتقْ
فإذا مسَّك شيءٌ مسَّني
فإذاً أنت أنا لا نفترقْ
***
***
(42)
دَخَلْتَ بناسوتي لديك على الخلق
ولولاك لاهوتِي خَرجْتُ من الصِدْق
فإنّ لسان العلم للنطق و الهدى
وإنّ لسان الغيب جلّ عن النطق
ظهرتَ لقوم ٍوالتبستَ لفتيةٍ
فتاهوا وضلّوا واحتجبتَ عن الخلق
فتظهر للألباب في الغرب تارة ً
وطورا على الألباب تغرب في الشرق
***
***
(43)
فيك معنى يدعو النفوسَ إليك(51/14)
ودليل يدلّ منك عليْك
لِيَ قلبٌ له إليك عيونٌ
ناظراتٌ وكلُّهُ في يدَيْك
***
***
(44)
هّمي به وَلٌَه عليك
يا من إشارتنا إليك
روحان ضمهما الهَوَى
فيمِدْحَتِك وفي لديك
***
***
(45)
دُنْيَا تُخَادِعُنِي كأنّي
لستُ أعرف حالها
ذمّ الِإلهُ حرامها
وأنا اجتنبت حلالها
مدَّتْ إلىَّ يمينها
فرددْتها وشمالها
ورايتُها محتاجة
فوهبتُ جملتها لها
ومتى عرفت وصالها
حتّى أخاف ملالها
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (46- 50)
مختارات (46- 50)
رقم القصيدة : 6660
-----------------------------------
(46)
عليك يا نفس بالتسلّي
العزّ بالزهد و التخلّي
عليك بالطلْعة التي
مشكاتها الكشف و التجلّي
قد قام بعضي ببعض بعضي
و هام كلي بكلّ كلي
***
***
(47)
مُزِجت روحك في روحي كما
تمزج الخمرة بالماء الزلال
فإذا مسَّك شيء مسّني
فإذاً أنت أنا في كلّ حال
***
***
(48)
نِعْمَ الإِعَانَةُ رَمْزٌ في خفا لُطُف
في بارق ٍلاحَ فيها من حُلَى خِلَلِهْ
والحال يرمقني طوراً وأَرْمُقُه ُ
إن شا يغشى على الإخوان من قُلَلِهْ
حال إليه رأى به فيه بِهِمّته
عن فيض بحرٍ من التمويه من مِلَِلهْ
فالكلّ يشهده كُلّاً وأشهده
مع الحقيقة لا بالشخص من طللهْ
***
***
(49)
ثلاثة أحرف لا عُجْمَ فيها
ومعجومان ِوانقطع الكلام
فمعجومٌ يشاكل واجديِهِ
ومتروكٌ يُصَدّقُهُ الأنام
وباقي الحَرْف ِمرموزٌ مُعَمَّى
فلا سفر ينال و لا مقام
***
***
(50)
تفكّرتُ في الأديان جدَّ تحقّق ٍ
فألفيتها اصلاً له شُعَباً جّما
فلا تَطْلُبَنْ للمرء ديناً فإنّه يُصَدُّ
عن الأصل الوثيق وإنّما
يطالبه اصلٌ يعبِّر عنده
جميعُ المعالي والمعاني فَيَفْهَمَا
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (51- 55)
مختارات (51- 55)
رقم القصيدة : 6661
-----------------------------------
(51)
يا لائمي في هواه كم تلوم فَلَوْ
عرَفْتَ منه الذي عنيت لم تَلُم ِ
للناس حجّ ولي حجّ إلى سكني(51/15)
تُهْدَى الأضاحي وأُهْدِي مُهْجَتِي وَدَمِي
تطوف بالبيت قومٌ لا بجارحة ٍ
باللهِ طافوا فأغناهم عن الحَرَم ِ
***
***
(52)
بدا لك سرٌّ طال عنك اكتتامه
ولاح صباحٌ كنت أنت ظلامه
وأنت حجاب القلب عن سرّ غيبه
ولولاك لم يطبع عليه خاتمه
***
***
(53)
هيكليّ الجسم نوريّ الصميم
صمديّ الروح ديّان عليم
عاد بالروح إلى أربابها
فبقي الهيكل في الترب رميم
(54)
قلبك شيء وفيه منك أسماء
لا النور يدري به كلّا ولا الظلم
ونور وجهك سرّ حين أشهده
هذا هو الجود والإحسان والكرم
فخُذْ حديثي حِبِّي أنت تعلمه
لا اللوح يعلمه حقاً ولا القلم
***
***
(55)
آهٍ أنا أم أنْتَ؟ هَذَيْن ِإلهَيْن ِ
حاشاي حاشاي مِن إثبات أثنَيْن ِ
هويةٌ لك في لايئتي ابَداً
كلّي على الكلّ تلبيسٌ بِوَجْهَيْن ِ
فَأَيْنَ ذاتك عنّي حيث كنت أرى
فقد تَبَيّنَ ذاتي حيت لا أين
وأَيْنَ وَجْهُك مقصود بناظرتّي
في ناظر القلب أم في ناظر العين
بَيْنِي وبَيْنك أنّيٌ يُزاحِمُنِي
فارفعْ بِأنَّك أَنّي مِن البين
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (56- 60)
مختارات (56- 60)
رقم القصيدة : 6662
-----------------------------------
(56)
ألا أبْلِغْ أحبّائي بأنّي
ركبتُ البحر وانكَسرَ السفينةْ
على دين الصليب يكون موتي
و لا البطحا أريد ولا المدينة
***
***
(57)
أنا مَن أهوى ومَن أهوى أنا
نحن روحان ِحَلَلْنا بدنا
فإذا أبصرتَني أبصرتَهُ
و إذا أبصرتَهُ أبصرتَنا
***
***
(58)
يا غافلاً لجهالةٍ عن شأني
هلّا عرفتَ حقيقتي وبياني
أعِبادة لِلَّهِ ستّة أحرف ٍ
مِن بينها حرفان معجومان
حرفان اصليّ وآخُر شَكْلُه
في العجم منسوب إلى إيماني
فإذا بدا رأس الحروف أمامها
حرفٌ يقوم مقام حرف ثان
أبصرتَني بمكان موسى قائما
في النور فوق الطور حين تراني
***
***
(59)
خاطَبنِي الحقّ من جناني
فكان علمي على لساني
قربّني منه بَعْدَ بُعْدٍ
وخصَّني الله و اصطفاني
***
***
(60)(51/16)
كذا اجتباني وأَدناني وشرّفني
والكلّ بالكلّ أوصاني وعرّفني
لم يبق في القلب والأحشاءِ جارحةٌ
إلّا وأعْرفه فيها ويعرفني
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (61- 65)
مختارات (61- 65)
رقم القصيدة : 6663
-----------------------------------
(61)
أنْتَ بين الشغاف والقلب تجري
مثل جري الدموع من أجفاني
وتُحِلُّ الضميرَ جوفَ فؤادي
كحلول الأرواح في الأبدان
ليس من ساكن ٍتَحَرَّكَ إلّا
أنت حَرَّكْتَهُ خَفَّي المكان
يا هلالاً بدا لأربع عشر ٍ
لثمان ٍوأربع ٍو اثنان
***
***
(62)
حَمَّلْتَ بالقلب ما لا يحمل البَدَنُ
والقلب يحمل ما لا تحمل البُدُن
يا ليتني كنتُ أدنى من يلوذ بكم
عيناً لانظركم أم ليتني أُذن
***
***
(63)
بيَان بيان الحقّ أنت بيانه
وكل بيان ٍأنت منه لسانهُ
أشرتُ إلى حقّ ٍبحق ٍوكل من
أشار إلى حقّ فأنْتَ أَمانهُ
تشير بحقّ ِالحقّ والحق ناطقٌ
وكل لسان ٍقد أتاك أوانهُ
إذا كان نعْت الحقّ للحقّ بَيّناً
فما بالُهُ في الناس يَخْفَي مكانه
***
***
(64)
رقَيبَان ِمنّي شاهدَان ِلحُبِّهِ
واثنان ِمنّي شاهدَان ِتراني
فما جال في سرّي لغيرك خاطر
ولا قال إلا في هواك لساني
فإِنْ رُمْتُ شرقاً أنت في الشرق شرقهُ
وإن رمتُ غرباً أنت نصب عياني
وإن رمتُ فوقاً أنت في الفوق فوقه
وإن رمتُ تحتا أنت كل مكان
وأنت محلّ الكلّ بل لا محلّهُ
وأنت بكلّ الكلّ ليس بِفان ِ
فقلبي وروحي والضمير وخاطري
وترداد أنفاسي وعقد جناني
***
***
(65)
أرجعْ إلى الله إنّ الغايةَ الله
فلا إِلهَ إذا بالغْتَ إلّا هو
وإنّه لمَعَ الخَلْق الذين لهم
في الميم والعين والتقديس معناه
معناه في شفَتي من حلّ معتقداً
عن التهجّي إلى خلق ٍله فاهوا
فإنْ تشكّ فدِبّرْ قول صاحبكم
حتّى يقول بِنَفْي ِالشكّ هذا هو
فالميم يفتح أعلاه وأسفله
والعين بفتح أقصاه وأدناه
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات (66- 69)
مختارات (66- 69)
رقم القصيدة : 6664(51/17)
-----------------------------------
(66)
من رامه بالعقل مسترشدا
أسرحَهُ في حيرة تلهو
قد شاب بالتلبيس أسرارهُ
يقول في حيرته هَلْ هو
***
***
(67)
لستُ بالتوحيدِ ألهو
غير أنّي عنه أسْهو
كيف أسهو كيف ألهو
وصحيح أنّني هو
***
***
(68)
يا سرّ سرّي تدقّ حتّى
تُخفي على وهم كل حّي ِ
وظاهرا باطناً تجلّى
في كلّ شيء لكل شيء
لئن اعتذاري إليك جهلٌ
وعُظْم شكّي وفرط عيّ ِ
يا جملةَ الكلّ لسْتَ غيري
فما اعتذاري إذاً إليّ ِ
***
***
(69)
اسمٌ مع الخلق قد تاهوا به وَلَهاً
ليعلموا منه معنىً من معانيه
والله لا يصلوا منه إلى سببٍ
حتّى يكون الذي أبداه يبديه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الليالي قصار
الليالي قصار
رقم القصيدة : 6665
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
اعلق الدنيا .. على مسمار
مدقوق فيه اجدار ..
وتسكن في ساسه ريح ..
من له سنين يطيح ..
ولجل الليالي اقصار ..
ممداه ..
اعلق اعيوني على نجمه ..
محبوسةٍ في غرفةٍ ظلما ..
ومقفول عنها باب ..
ولها حارسٍ كذاب ..
دايم يشيل كتاب ...
ويقراه وهو أعمى
اعلق احلامي على نصل
سهمٍ يشد افنبل ..
وترمى به الدنيا وبعد .. يخطي ..
أموت .. انا مبطي ..
لكن .. أحدٍ يبي ياخذ ..
مني .. وابي أعطي ..
اعلق افسمعي .. رعدغيمه ..
واشرب .. ذِِكِر ديمه ..
طاحت في بطن اليم ..
اغمض اعيوني عليّ ..
واحلم ..
بعرقي .. يعاف الدم .. شيمه ..
بروحٍ علي تندم ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> القاع والمسافة
القاع والمسافة
رقم القصيدة : 6666
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
انا احبك مابها زيف وخداع
رغم الذي نخفيه .. واللي نخافه
أودعك .. ليت الألم لحظة اوداع
إلى مضت .. ننسى الألم والحسافه
وأفارقك.. لوالسفر .. يم وشراع
وبعد الفراق .. اللي نوده نعافه
لا صار مافي البعد راحه لملتاع
بالله وش نفع التعب والكلافه(51/18)
من الجفا والصد .. يكفيني اذراع
لا جف نهر الحبماتت اضفافه
املي يدك رمل وترى هذي القاع
ومدي النظر .. تدرين وش هي المسافه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> قمرا
قمرا
رقم القصيدة : 6667
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
انتي مثل قمراً على صفحة الما
له صورة عندي وهي في السّما فوق
اتصافحك عيني وأنا كفي أعمى
مَالي جدى إلا مصافح الموق للموق
ياما شربتك شوف من خوف لا أظما
وياما الوله للوصل يّبس بي عروق
وياليتني بدلت نورك بظلما
واخترت لي غيرك من الناس مخلوق
اقول أحبك يا عذابي أو أكما
لا حاصلٍ قربٍ ولا نافعٍ شوق
العصر العباسي >> الحلاج >> مختارات1 (1-4)
مختارات1 (1-4)
رقم القصيدة : 6668
-----------------------------------
و أيّ أرض تخلو منك حتّى
تعالوا يطلبونك في السماء
تراهم ينظرون إليك جهراً
وهم لا يبصرون من العماء
***
إلى كم أنت في بحر الخطايا
تبارز من يراك و لا تراه
وسمتُك سمت ذي ورع ٍتِقّي
و فعْلك فعل متّبع هواه
فيا من بات يخلو بالمعاصي
وعين الله شاهدة تراه
أتطمع أن تنال العفو ممّا
عصمتَ و أنت لم تطلب رضاه
فَتُبْ قبل الممات وقبل يوم
يلاقي العبد ما كسبت يداه
أتفرح بالذنوب والخطايا
و تنساه و لا أحد سواه
***
كانت لقلبي أهواءٌ مفرّقة
فاستجمعَتْ مُذْ راءَتْك العين أهوائي
فصار يحسدني من كنت احسده
وصرتُ مولى الورى مُذْ صرتَ مولائي
ما لامني فيك أحبابي و أعدائي
إلّا لغفلتهم عن عظم بلوائي
تركتُ للناس دنياهم و دينهم
شغلاً بحبّك يا ديني و دنيائي
أشعلتَ في كبدي نارين واحدة
بين الضلوع و أخرى بين أحشائي
***
إذا دهمَتْك خيول البعاد
ونادى الاياس بقطع الرجا
فخُذْ في شمالك ترس الخضوع
و شُدّ اليمين بسيف البكا
و نَفْسَك نَفْسَك كُنْ خائفاً
على حذر من كمين الجفا
فإن جاء الهجر في ظلمة
فسِرْ في مشاعل نور لصفا
فقُلْ للحبيب ترى ذلّتي
فجُدْ لي بعفوك قبل اللقا(51/19)
فَوَ الحُبِّ لا تنثنِي راجعاً
عن الحِبِّ إلّا بِعَوْض ِالمنا
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لين العود
لين العود
رقم القصيدة : 6669
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لين العود .. قلبك ما يلين ..
قاسيٍ ما درى عن لين قدك
ما درى عن عذاب العاشقين
يا قمر .. والقمر غصبٍ يبين ..
انجز الوعد .. لو ما هوب ودك
كان ما هوب لي .. للساهرين
لاتخاف .. السما بينك وبين ..
عاشقٍ ساريٍ في نور خدّك
لاغدى لليل .. مجروح وحزين
ظالمي في الهوى .. الله يعين ..
ما ظلمني لطيف الروح صدك
ظالمي في الهوى شوق .. وحنين
لين العود .. لابد السنين
تبعدك يوم عني أو تردك
لنت يا صاحبي .. أو ما تلين
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لاتعلمني
لاتعلمني
رقم القصيدة : 6670
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليه أحس إني وأنا اشوفك حزين
وقلبي الليله بهمي ممتلي
كانها الفرقى طلبتك حاجتين
لا تعلمني ولا تكذب عليّ
خلني ما بين شكي واليقين
السكوت رضاي عنك وزعلي
باكر اللي خافيٍ لازم يبين
والوعد بلقى مكانك به خلي
وانتظر لي ليلة او ليلتين
لين ما يقفي السحاب وينجلي
ولا طويت الياس بذرف دمعتين
للهوى الغالي وبا وادع هلي
صاحبي بموت من كثر الحنين
خلني بختار لحظة مقتلي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لو ما تحب العين
لو ما تحب العين
رقم القصيدة : 6671
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لو ما تحب العين ما ضمت دموع
يا عاذلي بالله جز عن عتبها
اربع ليالي كلها سهد وولوع
استغفر الله ما تلاقي هدبها
تكاثرت من همها ساعة اهجوع
الله حسيب اللي غدى هو سببها
الجادل اللي لفتته ورد وشموع
يا حيف قلبي اللي احترق في لهبها
يمد لي حبلٍ من الود مقطوع
غير السلام وبسمته ما عقبها
يا قلب .. يا قلب الخطا دونك ضلوع
يا شين قل لي راحتي هو نهبها(51/20)
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> فكره
فكره
رقم القصيدة : 6672
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
حبيبي من هو غيرك قد عشق فكره
طيف وخيال ونحولٍ يكسر الخاطر
ما حذرك عاذلك من غيه وسحره
ما قال قلبه خراب وموسمه باير
لا بر في دفتره لا شهد في حبره
لا ضي في غربته متبعثر وحاير
كني سمعتك وكل العين منتثره
دمعٍ صرختي ما بين السيف والحافر
لا تذبحونه ألم وأن طال به عمره
فاق بخياله جمال الماضي والحاضر
اللى طعنتوه خلوا شبر في صدره
يلقى به العشق وقت يقيم ويسافر
الكوكب اللي تقول الناس ياصغره
من كثر ما هو بعيد وشوفهم قاصر
لا تحسدونه خذا من خبزكم كسره
للجوع وأعطي شباب القلب والناظر
اللي قليله قليل ٍ فاض من كثره
واللي كثيره قليل الجوهر النادر
اللي قليله قليل ٍ فاض من كثره
واصابعه وان حسبتوا مالها اخر
اصابعه وان حسبتوا كلها عشره
وفي كل صخرٍ بياض عظامها نافر
في كل ارضٍ حفروديناها ظفره
وكل ما بكى كل دمعةٍ تولد بشاعر
كل ما انجرح شع نزفه واشتعل فكره
وكل ما بكى كل دمعه تولد بشاعر
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> كذبه
كذبه
رقم القصيدة : 6673
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
من الشمال هضاب ..
ومن الجنوب وادي ..
وما بينهم ( كذبه ).. القرية العذبه..
طين ونخل وقباب ..
سورٍ بلا ابواب
وأظن ميلادي .. ماله زمن وكتاب ..
لكن ولدت فـ يوم .. وولادتي صعبه ..
قالوا سنة ما غاب .. مات .. أو رحل ( شرشاب )
ترف الشفاه مثل الجناح ..
ويطير الحكي .. يطير
فـ الاعياد .. يقولون :
كان يحرك الناس عرايس ..
بقطعة خشب وخيوط ..
يشعل المعارك .. ويرتب الأعراس ..
ينهي الجدل .. ويعلق الأجراس ..
يتعب الأنداد .. متبعثر الأبعاد ..
ويجمع عيون الناس فـ احداقه
ويعزي في الموتى .. ويبارك الاولاد ..
يكتب لكل طفل ورقه ..
ويغطيه بلحاف ..
مثل الكهوف مظلم .. ومثل الغدير شفاف ..(51/21)
يصهر حديد البنادق ورق .. ويبري خشبها اقلام ..
ويحرق البارود .. ند .. وخشب صندل ..
ويبدا من الحنظل .. وينتهي في الشهد ..
بعض الليالي عبد .. وباقي الليالي طيف ..
كذبه .. مثل سوالف الجن .. مالها آخر
ومثل البحر زاخر .. بالحقيقه والخيال ..
ايام تحملها الجمال .. شمال ..
لجبال .. تكسيها الثلوج ..
وين المروج .. وعرايش العنب ..
وايام ينهكها التعب ..
وتجلس على اطراف الدروب ..
وتقابل الصحرا جنوب ..
تعد أعواد النبات الناحله ..
في السراب ..
وين اختفى شرشاب ؟
في الليل واجساد الحطب ..
تلوى .. وتصرخ .. ويجلدها الحطب ..
يصبح كلام الليل غير ..
وترف الشفاه لكن .. يموت الطير الأول ..
ويظهر بداله طير ..
وشرشاب يرجع .. من عج الاساطير ..
وضباب القوافي ..
لا هو مريض .. ولا متعافي .. مثلنا ..
لحم .. وعظم .. وعيون ..
واسمعهم يقولون : لو هو حرير وخز ..
أحيان .. يهتز ..
مثل انعكاس الغصن ..على الما الجاري ..
وترتعش كفه .. وسط العواصف ساري ..
وما يحرك الا .. حجانه الكثه ..
تظهر .. وترشح .. اوجاعه الرثه ..
على سطح الجديد من الثياب ..
تنشب حروفه فـ الضروس .. وتنقطع انفاسه ..
ذكرى الجنايز والعروس .. تتقاسم احساسه
يرجع لنا من كل الدروب دخان ..
ومن العزايم دله .. وشظايا فنجال ..
مشوش ٍ .. كله .. كله ..
عج .. ودموع .. ومناديل ..
في الريح .. قبل الغروب بشوي ..
يطيح العج .. وتهدا الهبوب ..
( وكذبه ) .. تجلس على الساقي ..
تغسل التراب .. عن وجهها الطيب ..
وعن قلبها الباقي ..
وتناظر الشمس اللي تغيب شوي .. وشوي ..
والما يترقرق صافي .. فـ ضلوعها ..
بين ضلوعها .. وبين النخيل
وتتذكر ايام الرحيل .. وتسترجع اوقات الغياب ..
شرشاب ..
كان المصابيح في السوق .. والمدفأة في البيت
وما يحرق الكبريت .. من تبغ .. ومن عود ..
يخيط .. جناح الفراش الأبيض المحروق ..
بسلوك الرماد ..
كان الخضار .. لزرعنا .. وكان الجراد ..(51/22)
كان الوله .. وعطر المكاتيب .. ووشوشات النبات ..
يرمي الحصاة .. قبل الغدير ..
ويجني الرطب قبل اللقاح ..
ولا تطعن اطراف الرماح .. الا ما يصيب ..
كان الغريب .. اللي يعلمنا الوطن ..
( كذبه ) .. تظهر عليها الشمس من كل الجهات .. في الصيف
ما هي شمس وحده .. تقول الف شمس ونيف ..
بس الغريب .. ان ظلالها داكن ومظلم وعميق التجاويف ..
مثل صدور أهلها ..
ووقت السوالف والحكي .. اطفالها شيبان ..
وهذي عجوز ترتكي .. على ظلها ..
يوم ابتعد عنها الجدار ..
قالت وانا من هالنهار .. هارب للظل ..
الله المستعان شرشاب
اتذكره وأنا شباب ..
يعزف الرباب ..
ويحفظ قصيد بني هلال ..
ويرقص بمطرق خيزران .. وسط الحفل ..
ثوبه نظيف لو هو عتيق ..
وما في الجيوب .. ( لو بيزه ) وحده ..
يبيع الحطب .. ويشعل قناديل الدروب ..
قبل الغياب ..
ودايم تشوفه جالس لوحده ..
وفي يوم جا خطاب .. قالوا يبي ( مزنه ) ..
نقول : هذا خطيبك في الحفل .. يرقص بمطرق خيزران
الله المستعان ..
والى متى الكذبه .. يا ( كذبه ) .. والحكي في الغياب ..
وين ادفنوا ( مزنه ) .. ومتى رحل شرشاب ..
فوقي يمر غراب .. وتحتي كسر من طين ..
اطلال هالمسكين .. وملامحٍ لبيوت ..
كانت غتر وبشوت .. عطر وكحل وشيال ..
حضر الزمان وغاب .. واللي عرف شرشاب ..
ما انصف الرجال .. لكن ظلم ( كذبه ).
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لو تغيبي
لو تغيبي
رقم القصيدة : 6674
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لو تغيبي ولو رحل وجهك حبيبي
في غيابي عنك أشوفك .. وفي عذابي منك أشوفك
صدقيني ما نقص هالليل بعدك إلا قمرا
وما فقدت من النهار إلا شعاع الشمس بكرا
واجمل الناس حبيبي ..
لو تغيبي لو رحل وجهك حبيبي
تصغر الدنيا وتضيق
كلّ مافي الدنيا أعرفه إلا بيتي والطريق
أنا أحبك ذا نصيبي .. إبعدي عني وغيبي
صدقيني مانقص هالليل بعدك إلا قمرا(51/23)
ومافقدت من النهار إلا شعاع الشمس بكرا
لك ليالي ما سألتي .. ولي ليالي ما سألت
ولو دريت إنك زعلتي .. كان أفرح مازعلت
بس داري مافي قلبك إلا قلبك
واختياري إني أحبك والا أحبك
ومن عذاب الحب يكفي لو تجرّح قلب واحد
وإنتي يا حبي وضعفي لا يهمك كله واحد
لجل تتغير فصول .. ويبكي الغيم في عيوني
وتزهر جبال وسهول .. اضحكي بيّا وبدوني
وصدقيني ما نقص هالليل بعدك إلا قمرا
ومافقدت من النهار إلا شعاع الشمس بكرا
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> قمر قلبي
قمر قلبي
رقم القصيدة : 6675
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
من رماد المصابيح .. اللي انطفت في الريح
جيتك أنا وقلبي ..
ومن سهاد المواويل .. وباقي قصيد الليل
جيتك قمر دربي ..
فيني تعب .. لا والله أكثر
حالي صعب .. لا والله أكثر
وكنتي الحبيبة والصديق .. واللي خذتني من الطريق
وسكنتني أهدابها ..
في قلبي شوك .. وفي عيوني شوك
شوفي أصابعك انزفت .. من كثر ما لمست جروحي وجففت .. دمعي الحزين ..
في صوتي ليل .. وفـ صمتي ليل ..
وانتي الليالي اللي حلفت ..
تشعل نجومي بالظلام اللي انطفت .. من هالسنين
فيني تعب .. لا والله أكثر
حالي صعب .. لا والله أكثر
وانتي الحبيبة والصديق .. واللي خذتني من الطريق
وسكنتني أهدابها ..
ياللي أغلى من سنيني ..
ناظريني لين تحسدني العيون ..
وان حكوا حسادي فيني ..
وقالوا انك تعشقيني ..
آه يا محلا السوالف والظنون ..
ليتهم ما يسكتون ..
ولما تسقيني الغرام ..
اسري بالنور والظلام ..
واتركي كل الكلام ..
انتي الحبيبة والصديق ..
واللي خذتني من الطريق ..
وسكنتني أهدابها ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الليل
الليل
رقم القصيدة : 6676
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الليل 00
ما هو الظلام وبس 00
ولا القمر 00 ولا النجوم 00
الليل هو هذا البحر 00
يظهر من شطوطه
لاناموا الناس 00(51/24)
وتثاوبُ الحراس 00
الليل 00
ما هو الظلام وبس 00
انا أحس 00 أحس 00
ان البحر افلاك 00
والليل بحر 00
وانت 00 وانا 00
يا صاحبي اسماك 00
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الفتاة الغايبة
الفتاة الغايبة
رقم القصيدة : 6677
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
و سلامي .. لمن سأل عني ..
أنا من أشعل .. عيون الفتاة الغايبه.. شمس بكلامي..
لين تركوني الناس .. و راحوا لضي عيونها ..
و رجعت نفسي طايبه.. أجرّ ظلّي ..
و كان لي .. ظل ثقيل .. تعلق .. بعود نحيل ..
و القلب رجل عايبه .. ترقا جبل ..
ردوا سلامي .. لمن سأل ..
يحيني الكلام .. قولي .. قولي أعرفك ..
انت من يحمل جذوع الشجر للماء.. ولنور القمر ظلما..
أنت اللي مردت القوافل .. تطلب الترحال ..
و زيّنت الشمال.. نجمه .. وعلّمت الغلام .. اسمه ..
لين انتهض .. رجال .. يحيني الكلام .. قولي ..
في بعض الكذب .. رحمه..
الوقت يمضي .. صديقتي.. والناس تمضي ..
وهالحراس باقين .. على ورق هالتين ..
والكوكب الفضي .. والبوح بالأحساس ..
تتغير الألوان .. الا السواد .. متى السواد يمضي ..
توي رفعت الأرض .. سجده .. وسبّحت له.. وحده ..
و صار الرماد .. ومضي .. و كل الذنوب .. غبار ..
و دموعي الأمطار ..
صديقتي .. يحيني الكلام .. قولي .. لمن سأل ..
أنا من اشعل عيون الفتاة الغايبه .. تيه وخجل ..
لين تركوني الناس .. و رجعت نفسي .. تايبه ..
من كل.. ما في الناس .. و كل ما فيني .. الا .. الكلام ..
أنا..الكلام يحيني .. يحيني الكلام .. قولي ..
لاجل الفتاة الغايبه .. من هالعتيم .. تعود ..
وردي سلامي لمن سأل .. ان كنت أنا موجود.. موجود..
و الحلم .. رجل عايبه .. ترقا جبل ..
و سلامي للفتاة الغايبه ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لا تسأله ناسي
لا تسأله ناسي
رقم القصيدة : 6678
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------(51/25)
لا تسأله ناسي .. خله مثل ما هو
ياقلبي إحساسي .. ماهو معي هو
والله لا أمر .. صوبه لا امر
أصرخ بامر .. أبكي بامر
ما التفت .. لو هو العمر
وما ينحني راسي ..
كافي .. ترى ذل
يا خل .. ياخل
مكسور انا الخاطر
في نظرة الكل
لا تذكرني .. وجه مع الناس
لا تصبرني .. ما في الجفا إحساس
ضاع العمر .. وانت لا شمس لا ظل
والله لا أمر .. صوبه لا امر
ما التفت .. لو هو العمر
وما ينحني راسي ..
جف الكلام ..وسكت الدمع
الليلة .. با طفي الشمع
باترك ملامح .. صورتك تحت الغبار
واترك شوارع ديرتك .. لارض النهار
با نساه انا ... ما ادري متى
بالصيف يمكن .. او فـ الشتاء
والله لا أمر .. صوبه لا امر
أصرخ بامر .. أبكي بامر
ما التفت .. لو هو العمر
وما ينحني راسي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليلة تمرين
ليلة تمرين
رقم القصيدة : 6679
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليلة تمرين .. عطرك السافر
فضح .. وردالبساتين
وكثر الكلام ..
صحيح .. جرحت الظلام ..
بالخد.. وبنور الجبين ..
ليلة تمرين ..
يا عذبة التجريح .. شفتك بعرس الريح
والشال الذهب ..
يحجب سنا الشمس الذهب
كانت عيونك حزن ..
كانت غضب .. وكثر الكلام
ليلة تمرين ..
يا غيرة الورد ..
جرحها الكلام ..
حبيبة الورد ..
عاتبها الظلام ..
مرت بليلة برد .. وكانت دفا
عطر ودفا.. وليه الملام
يامجرحة صدر الظلام..
بالخد .. وبنور الجبين
ليلة تمرين ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> فصول ومناجل
فصول ومناجل
رقم القصيدة : 6680
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وللكلام فصول .. ومناجل ..
قمح .. وحمامٍ زاجل ..
وقصة وله.. ونحول ..
وباقول .. باقول ..
****
مشقق الأسمال .. مغبر ..
اجيك .. مترنح ومصفر ..
بامراضي اجيك .. يالمورق الزاهي ..
ما عادبي أخضر .. وتتذكر أشباهي ..
تقول : انت فلان ؟ واهز راسي ..(51/26)
واجمع حواسي كلها .. واضحك ..
في بالي إني أضحك .. مادري عن شفاهي !!
****
وللكلام أسفار ..
أوتار .. ومعازف ..
وللكلام أسفار .. جنحان وزعانف ..
وللكلام أعمار ..
مثل الزهر .. وذبول ..
وانا بقول .. بقول ..
****
في آخر الشاهي ورق ..
وتصب لي نفسي ..
مثل الذي في بريقك المعدن ..
من الماء .. والورق ..
اتنفس الفوح ..
واستمهل البوح .. عن حالتي ..
اسكت .. لآخر قطرةٍ في بيالتي ..
ويقول لا نزل العرق .. من جبهتي بقول ..
لا .. لانت أطرافي ..
من الرحيق الدافي .. يمدي الكلام ..
يطول .. وبقول ..
****
أحاكيك ..
عن كل المدى والبيد ..
أو .. ما في الشبابيك .. من المدى والبيد ..
عن شوكةٍ في الأرض .. خلقت لإ بهامي ..
أو أرض تحت الشوك .. مرتها أيامي ..
لو أدري وش يكفيك..
كلي على شفاهي
شوك .. وعطش .. ووحول
وللكلام حمول .. وقوافل ..
وارث الزمان الغافل ..
وباب على المجهول ..
بس قلي وش يرضيك .. ؟
وأنا أقول ..
وأنا أقول..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> قبل الورق وبعد الورق
قبل الورق وبعد الورق
رقم القصيدة : 6681
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
كثر النهار أشتاق و إنتي بعيده
الين أشوفك كثر ما تنبت أشجار
ومثل الرمال أحس روحي وحيده
الي أجدبت عامين ما طاحت أمطار
طال السهر والليل ينزف وريده
في صدري اهموم وهواجيس وأسرار
كل الحروف المبطية والجديده
تطري علي لاشك في شوقي احتار
قبل الورق وانتي فـ بالي قصيده
وبعد الورق ضيعت أنا كل الأشعار
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لا من غديتي شمس
لا من غديتي شمس
رقم القصيدة : 6682
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لامن غديتي شمس .. وشلون اعذلك
لابد مايظهر مع طلتك نور
ماالومهم لو لدت عيونهم لك
من ناظرك ياربة الحسن معذور
تلطفي وان كحل التيه نجلك
وتواضعي لوبك غدى الحسن مغرور
أغار لو بالزين قد ذكر مثلك(51/27)
وأغار لو غيري سبقني لك شعور
لاصار لي قلبك .. وروحك .. ووصلك
لاقافلٍ بابٍ .. ولا بانيٍٍ سور
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لا تعقد الحبل
لا تعقد الحبل
رقم القصيدة : 6683
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
شمالٍ هبت ورذرذ مطر ما به ذرى وخطار
تبي تدفا في تالي الليل والخشبان مبتله
ألا ياضيف وش جابك عسى ما جيتني دوار
مضيع والنياق اللي تدور عنها مندله
سرحت افـ خاطري ذودك ذلول وفاطرٍ وحوار
تبي تاكل ربيع المجرهده دقه وجله
ألا يا شين لو ذودك رعايا تحتميها امهار
أظنك ما تراعي للخلايق سلمٍ أو مله
ترى ضرب الفيافي ما يجي للخايف المحتار
أمانه لاتعقد الحبل ثمٍ تعجز تحله
سرت عنك المطايا .. والمطايا عينها للدار
تبي تشوف البلاد وصابها خالي الخلا بخله
ضوى همك وشبيت اف ضلوعي نار للخطار
فريت المجذوي .. قلبي دفنته قرص في المله
تعش ولا بدى نور الفجر خل الهقاوي يسار
وعوّد وان سمعت الشور لا تبعد عن الحله
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليلي
ليلي
رقم القصيدة : 6684
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليلي مثل ليلك ... او همومنا غير
قلي صباحك مشرقه مع صباحي
إنت السما عندك... نجومه ... نواوير
ومن الفرح عجعج سناها ... وفاحي
وانا نجومي ... في الغداري مسامير
على السما ... دقت بكل النواحي
جاك الظلام .. وجاك ربع ومسايير
وجاني الظلام وكل ما احب راحي
علمي بنور الشمس ... وقت المعاذير
قال الوداع وقلت.. دربك سماحي
كان الالم.. غيثٍ فدمعي محادير
وكان الندم سيلٍ فخدي .. بطاحي
تقول خل الهم واكفخ كما الطير
عطني سما ياخوك والوي جناحي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> غريق الدمع
غريق الدمع
رقم القصيدة : 6685
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
اللي طعنّي بين الاضلاع وأدمى
هذاك ندٍ لي ونعمين فارس(51/28)
ومن ينطح الوقت الردي قلبه أعمى
كم عامرٍ خلاه بالقاع دارس
يابنت مالي قلب بالحب يرمى
كفي سهام الفاترات النواعس
الما عيوني أظهريني من الما
وأنا غريق الدمع والريق يابس
ظميان من مثلي من الناس يظما!!
وأنا على أحلى الينابيع حارس
والله يالولا فيّة عيون سلمى
ماشوف كل الناس ضاحك وعابس
من طاب لي بالنور ماني بظلما
ومن جادلي بالغيث ماني بحابس
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الغراب اللي نعق
الغراب اللي نعق
رقم القصيدة : 6686
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليت ها العين ضاقت بالحدق
قبل جدرانها بوجهك تضيق
والله اني صحيت من الأرق
راحلٍ لا مكان ولا طريق
ما سمعت الغراب اللي نعق
وين مثلي .. على مثله يفيق
منزلي في الطويل الي شهق
ومنزله قاعة الوادي السحيق
قالو الحاقد بدمك شرق
قلت ما أظنه لمدحي يطيق
كنه الشوك في ثوبي علق
يوذي الشوك ولا يقطع طريق
كثر ما الريح تعبث بالورق
وتوقد أغصانه الصفراء حريق
وكثر ما شوه العج الشفق
وقص من جيده عقود العقيق
وكثر ما صابني وأخطا التفق
لين ما أصحبت من خوفي طليق
وكثر ما نز في كفوفي العرق
من سلام على غير الصديق
اتركيني على باقي عبق
غيمة العطر من عمري العتيق
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليله
ليله
رقم القصيدة : 6687
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليله لو باقي ليله ..
في عمري ابيه الليله ..
واسهر في ليل عيونك
وهي ليله عمر ..
يالله .. يالله ..
وش كثرانتي جميله
يالله .. يالله ..
وش كثرانا احبك
احلم .. احلم بك دايم
جنبي وانا صاحي ونايم ..
ياللي ايامي بدونك
ماهي من العمر ..
صوتك .. همسك
بيتي .. وسفري
قمرك .. شمسك
ليلي .. وفجري
وانتي ياعيوني انتي
قلبي .. انا وين ماكنتي
ياللي .. سواد عيونك
افديه العمر ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> اللوعة
اللوعة
رقم القصيدة : 6688
نوع القصيدة : عامي(51/29)
-----------------------------------
ياللي نسيت الزمن وقلوبنا تعده
كم ليلةٍ غبت والهاجوس يلعب بي
لا انت مع القلب يالغالي ولا ضده
كله سوى راحتي والا تعب قلبي
يسيل قلبي على الخدين .. وارده
خبرت قلبٍ من اللوعات ينحبي
وان قلت لا بد يبرد زادت الشده
شقيت انا منك والشكوى على ربي
يا من يغيب القمر لا من ظهر خده
الزين زينك وانا كثر الوله ذنبي
من عانق السيف لازم يجرحه خده
ومن يعشق الجمر فيه النار تشتبي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الليالي
الليالي
رقم القصيدة : 6689
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سب لي الليالي .. وامشي بعيد
سبني في حالي .. اسهر وحيد
ابعد هناك .. انت وهناك ..
حتى السعاده .. خذها معاك ..
وسبني في حالي .. سب لي الليالي ..
سبني فـ حياتي ..
اطوي حياتك ..
خليني افرق .. ذاتي وذاتك
امشي طريقي .. واطفي حريقي
والحق في عمري .. اللي فاتك
ابعد هناك .. انت وهناك ..
حتى السعاده .. خذها معاك ..
وسبني في حالي .. سب لي الليالي ..
صبري عليك .. ظلمك ليَّ ..
نسى حنان الدنيا علي َّ..
نسى ظنوني .. قسى عيوني ..
خلاها تضحك .. للأسيه ..
ندمي عليك .. ندمي عليه ..
ندمي .. وانا حبي الضحيه
طفى شموعي .. خلّف دموعي
وشمعة حياتي .. ما هي شويَّ
ابعد هناك .. انت وهناك ..
حتى السعاده خذها معاك ..
وسبني في حالي .. سب لي الليالي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لا
لا
رقم القصيدة : 6690
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا .. لا ..
هالكلمة المرة ..
لا .. لا ..
إسمعها مره ..
جرب هالقلب القاسي ..
حبك عذب إحساسي ..
وتسأل باشوفك بكره ..
لا ما هو هالمره ..
ارجع .. واترك لي ليلي..
تجرح قلبي .. وتشكي لي ..
نادم هذا منديلي .. وابكي .. بالمره
وتسأل باشوفك بكره ..
لا .. ما هو هالمره ..
كيف بدا القمر الباكي ..
عمري .. وردي واشواكي ..(51/30)
حبك .. أرضي وافلاكي ..
وليتك تفهمني مره ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليتي معك دايم
ليتي معك دايم
رقم القصيدة : 6691
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليتي معك دايم .. روحي فـ هواك هايم
واخفيك مع روحي .. آمالي وجروحي
وانت السهر والليل .. وانت القمر وسهيل
وانت سبب نوحي ..
ومالي فـ هواك لايم .. ليتي معك دايم
ليتي معك خطوة .. تمشي لهواك دروب
ونسمة هوى حلوه .. تحيّي الأمل فـ قلوب
ليتي معك وارتاح .. وانسى الضنى اللي راح
واخفيك مع روحي .. آمالي وجروحي
وانت السهر والليل .. وانت القمر وسهيل
وانت سبب نوحي ..
آه .. من الهوى والليل .. فـ عيونك السودا
غربه ومالي دليل .. والخطوه معدودة
والله الزمان غلاب .. والبسمه محسوده
ونور الأمل كذاب .. والراحه مفقوده
واخفيك مع روحي .. آمالي وجروحي
وانت السهر والليل .. وانت القمر وسهيل
وانت سبب نوحي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليلة القمر الشحيح
ليلة القمر الشحيح
رقم القصيدة : 6692
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يوم أصيح .. كنت أهزك ..
يا نخيل الوادي ..
غصب اهزك .. مثل ريح ..
والوي أعناق الجريد ..
للقصيد .. ولبحّة الشادي ..
كانت أسراب الحمام .. تنشر فـ صوتي جناح ..
ولا بدى وجه الظلام .. تضوي فـ صمتي هديل ..
كنت أهزك .. يا نخيل ..
يا نخيل الوادي
وليلة القمر الشحيح ..
ما طاح في الساقي ..
طير على حبري رذاذ
وابتلت أوراقي ..
كانت حروف القصيده
حب .. في نخله وحيده ..
وما درت بي ..
أصيح .. أصيح ..
وانا صدري .. روض شوك ..
وخاطري طيرٍ جريح ...
وما دريتي بي ..
أقضبي لجام مهرة الشعر ..
با ترجل .. قبل اطيح ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليلكم شمس
ليلكم شمس
رقم القصيدة : 6693
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليلكم شمس .. اتصلنا ..
اتصلنا امس ..(51/31)
ما لقينا صوتكم ..
اشتكينا اسكوتكم ..
لسكوتكم
ولمَّا ملينا الكلام .. كانت الساعه ظلام ..
قلنا .. بنحاول ننام ..
ونتصل باكر
ليلكم شمس ..اتصلنا
اتصلنا اليوم
جاوبتنا داركم
اشتكينا اعذاركم ..
لا عذاركم ..
ولمَّا ملينا العتب .. كانت الساعه تعب
قلنا لو ننسى الغضب ..
ونتصل باكر ..
ان لقيناكم عسى .. وان هجرتونا عسى ..
بنغسل اجروح المسا..
بالمسا..
حنا ملينا الصبر .. كانت الساعه عمر
اقبلو منا العذر ..
لكل شي آخر
لكل شي آخر
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لحظة وداع
لحظة وداع
رقم القصيدة : 6694
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عيني عن النوم جزاعه
وكثر الهواجيس قزّني
وأشبح متى عقرب الساعة
يطوي ظلام الكدر عني
قلبي زوال الرجا راعه
ما ارتاح يوم ابعدوا مني
وقفت انا لحظة وداعه
أبكي .. وأنا ضاحك سني
مسكين من صاحبه باعه
وعيّن لياليه يشرني
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لا تناظرين بعيد
لا تناظرين بعيد
رقم القصيدة : 6695
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تعبت اناظر فوق ..
واتعلق بشوفي ..
تحتي الثرى مشقوق ..
وهمك على كتوفي ..
ولاتناظرين بعيد ..
وبلادي في عيونك
توي قطعت البيد ..
لرضاك .. وبدونك ..
ماعاد فيني اعروق ..
ودمي على سيوفي ..
لاتمطريني ورد ..
مشقوقه كفوفي ..
مثل الثرى .. والقلب ..
قمح ونخل محروق ..
وجدراني حروفي ..
تعبت اناظر فوق ..
تحتي الثرى مشقوق ..
قمح ونخل محروق ..
ماعاد فيني عروق ..
ماتنزلي لخوفي ..؟
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لاوالذي سواك
لاوالذي سواك
رقم القصيدة : 6696
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا والذي سواك ما اريد سلواك
ما أخبر به نفسٍ تمنت قدرها
وكان التفرق يا ادعج العين عناك
أنا الذي روحي عذابه صهرها
والله لو ما اعي .. نفسي برجواك
واجزم وَكاد إنه يهمك خبرها(51/32)
لأطفي شعاع العمر .. لا غيّب ضياك
عميت عيونٍ ما يطولك نظرها
أغلي حياتي .. من ثواني بها ألقاك
لولاك ما تسوى حياتي كدرها
ودنيا خلت من صافي الود وياك
يا عل تكسف شمسها مع قمرها
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> كل ما دعاني الشوق
كل ما دعاني الشوق
رقم القصيدة : 6697
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
كل ما دعاني الشوق للقلب الأول
القى مكان القلب في الصدر تنهيد
وطيوف ذكرى في الحنايا تجول
تجمع صور وأوراق من باقي العيد
مدري سبقني الوقت والا تحول
أخلف ربيعي وادهرن المواعيد
أو هو الصبا .. نجمٍ رقى ثم حول
غاب وسما وجهي مشيب وتجاعيد
أحبابنا ليت الذي راح طول
وليت الذي باقي لما فات تجديد
انتم مثل قلبٍ عرفته امنول
وأصبح مكان القلب في الصدر تنهيد
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> فم الجروح
فم الجروح
رقم القصيدة : 6698
-----------------------------------
فم الجروح ..
نوافذ البوح ..
هذي الثقوب في الصارخ الحي ..
نوافير من ضي ..
وجدار ..
املاها بحديث النار ..
واكسرها على اقدام الاماني ..
مره أغاني ..
ومرها .. كلامٍٍ جارح ..
وهذا القصيد ..اللي كتبت البارح ..
اليوم .. انفاس الصباح ..
تلفح جروحي ..
آه .. ياصبحٍٍ لمحت في عتمته روحي ..
طفلةٍ تصدح على خشب المسارح ..
ياصوتها الغاضب المقطوع ..
بعض السواد .. شموع ..
ومحدٍ درى وش قلتي ..
خانتني الجوارح ..
مثل القصيد اللي كتبت البارح ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ليل البعاد
ليل البعاد
رقم القصيدة : 6699
-----------------------------------
ما أطولك ليل ...
ليل البعاد .. والإنتظار ..
ما اطولك ليل ...
سارق من عيون النهار ...
ناسي زمانك ...
زمانك .. يا شجوني ...
عارف مكانك ..
مكانك.. في عيوني ...
يا ليل .. يا ليل ..
يا ليل أنا ربعي هناك ...
وداري ورا الدمعه .. وراك ...
الله على شمس الأصيل ..(51/33)
من ضيها مثل الذهب ..
الله على سمرا تقول ..
الى متى الفرقا .. تطول ..
في صوتها .. شوق وعتب ..
ما أطولك ليل .. ما اطولك ..
طال .. طال بي وجد ..
قلبي يا هواي ..
يا دفا نجد ..
في عيون الصبايا ..
ليتني نسمه .. على عالي عسير ..
أو على جده .. على الشط الحرير ..
ليتني نفحة أريج .. عطرت ريح الشمال ..
يا ليتني موجة خليج .. ترتمي فوق الرمال ..
ما أطولك ليل ... ما اطولك ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> لاتنساني
لاتنساني
رقم القصيدة : 6700
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
خريف ..
اوراقك الصفرا .. خريف ..
والضحكة الصفرا .. خريف ..
ملت .. مواعيد الوله ..
قلبك دله ..
وقف .. النزيف ..
وش عاد .. لو تكذب علي ..
إكذب علي ..
ما عاد .. فرحني غزل ..
ما عاد .. عذبني امل ..
ياحب ناداك الرحيل .. رد الندا ..
إخترت عن عيني بديل .. وكان المدى ..
أعطيك .. وش عندي قليل ..
صرخة .. وصدى ..
اللي بيدي إني اذوب ..
واشتاق لك .. طيف وصور
ولو هو بيدي .. امحي الدروب ..
والغي المواني والسفر ..
وآه من السنين .. يا حبيبي ..
من اللي ما ينسى مين ..
واللي يعيش ينسى ..
ومر الزمن ليلة ..
ليله .. بعد ليله ..
اسهر .. وانادي له ..
وأحيا على .. باقي عطر..
فـ أطراف منديله ...
ويلاه ... يا ويلاه ..
قلبي أنا ويلاه .. أسهر أنادي له ..
وامر شباكه عسى .. تضوي قناديله
يا حبي اللي ذاب ...
ما للزمن أصحاب ..
صدقني ما أدري لمتى ..
إنت وانا أحباب ..
وآه من السنين
لا تنساني .. هذا الكلام اللي بقول ..
لجل المطر .. لجل الفصول ..
لا تنساني ....
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> قادر الله
قادر الله
رقم القصيدة : 6701
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قادر الله .. قادر الله ..
يالغضي ..قادر الله
نلتقي فـ وسط الطريق ..
خطوة مني ..وخطوه منك
شارع الفرقه .. يضيق
قادر الله ..(51/34)
والمحبه .. هي من الله
حطها وسط القلوب ..
قلب يتهنى بشبابه ..
وقلب يتعذب يذوب ..
قادر الله .. قادر الله ..
لا .. ولا ياابو سن ضاحك ..
منك ما شفنا عبوس ..
ما تعودنا نشوفك ..
إلا بهجه للنفوس ..
قادر الله .. قادر الله ..
ليتني وانت في جزيرة ..
ما يجيها غيرنا ...
حولنا بحورٍ غزيره ..
نقضي فيها عمرنا ..
قادر الله .. قادر الله..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ظما الشمس
ظما الشمس
رقم القصيدة : 6702
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الله يعلم إني حاولت .. حاولت
أسند على كفي السما .. وأناظر الشمس
أشرب عن عيونك ظما
أشرب ظما الشمس
وقلتي عسى ... جفنك عسى مايحترق
حاولت ماأغمض عيوني
حاولت أنا .. ما نفترق
..آه لو تدرين لوتدرين
لاعوّد العاشق حزين
يمشي على جفن وجبين
عزاه يالقلب الشجاع
ضاع الأمل .. وما لك عذر
من لمست عيوني الشعاع
زندي أنثنى .. ورمحي أنكسر
إن لمسني حزنك الطاغي
بغطي وجهي الوجل بيدي
وجرحيني .. جرحي .. جرحي
ثم ابعدي
ريحي الصمت بكلام
آه .. لو كلمة ملام
إرجعي تحت الظلام .. عوَّدي
في سنا القلب اللي توه يحترق
غمضت أنا عيوني
غمضت أنا عيوني
ياإنت بنفترق
والله يعلم .. إني حاولت
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عض النواجذ
عض النواجذ
رقم القصيدة : 6703
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أقوم بجبالٍ ولا أقيم في سفح
لو أطعموا لحمي لعوج المخالب
يابنت مابه ذنب يصعب على الصفح
كود الهوان وعيش سحم الثعالب
لاوالذي كرّم جديلك عن النفح
العز ماهو بين شاري وجالب
الله خلقنا .. تلفح وجيهينا لفح
حر السمايم في عزيز المطالب
سوى رضينا أوطفح كيلنا طفح
عض النواجذ طبع والطبع غالب
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عطني المحبه
عطني المحبه
رقم القصيدة : 6704
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عطني المحبة ..(51/35)
كل المحبة .. عطني الحياه..
عطني وجودي ..
ابغى وجودي .. أعرف مداه
املا شعوري .. بالحب مره
ابغى هواكم.. حلوه ومره
وأغلى الأماني .. عاشت في غربه
ياعمر ثاني .. عطني المحبه
عطني في ليل الياس شمعه ..
وبسمة نهار..
عطني في ضياع العمر دمعه..
وسكة ودار ..
واعطيك أمل في الحب غالي ..
يصعب على غدر الليالي ..
وأغلى الأماني .. عاشت في غربه
ياعمر ثاني .. عطني المحبه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عاشق هالزمان
عاشق هالزمان
رقم القصيدة : 6705
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا انت حارس للنجوم .. ولا انت غارس للقمر
وما انت حابس للسموم .. ولا انت حاسس بالمطر
شايلٍٍ هم التراب .. وشايلٍ هم السما
وانت يغويك السراب .. وانت يقتلك الظما
تحمل هموم وهموم
وانت في الآخر بشر
***
لا انت فارس هالرمال .. ولا نوارس هالبحر
أعظم حروبك خيال .. واقصر دروبك سفر
شايلٍ هم الصديق .. وشايلٍ هم العدا
ليه تمشي والطريق .. كل ما خلص .. بدا
وليت به شيٍ يدوم
وانت في الآخر بشر
***
لا انت عاشق هالزمان .. ولا مشانق هالزهر
انت تحتاج الأمان .. لو تعانق لك حجر
شايلٍ هم الغياب .. وشايلٍ هم اللقا
كافي ضيعت الشباب .. لا يضيع اللي بقى
ما لأوهامك لزوم
وانت في الآخر بشر
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ظماي انت
ظماي انت
رقم القصيدة : 6706
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ظماي انت .. ومن يعشق ضماه غيري
جروحي انت .. ومن يكره دواه
اسقني لو ما ارتويت .. داوني لو ما شكيت
ماهقيت اني اعطش .. في حياتي لغيرك انت
مادريت ان مابه أغلى منك ..الا انت
ما تصور ان عيني مره تغفى وما اشوفك
ما تصور لو يطول الصمت ما اسمع حروفك
تدري احساسي بخوفي هو أماني
لما تسأل عني ليله عن مكاني
ما تصور كيف تحرقني الثواني
شمعه في ليل انتظارك..!
ياللي يسبقني زماني .. من عطش .. ليلي ونهاري(51/36)
عطني موعد .. وانسى موعد
بس لا... تهجر وتبعد
يا ظما قلبي لقلبي .. وغربة اعيوني عن عيوني
وينك انت
ياترى الليله في صدري
لا ..
في جفني
لا ..
في الشعور اللي خطفني
اه ... لو تدري بشوقي
آه ... .يا ظما الدنيا بعروقي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> على النوى
على النوى
رقم القصيدة : 6707
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
على النوى علمي .. بهم هجعة الليل
نجل العيون من البكا كحلها سال
واليوم غير الياس.. قل المراسيل
يا من يطمّني عسى ليلهم طال
الله على اللي ما صفط لي غرابيل
لاشك شرع الحب همٍ وغربال
قفّى ولي في حجر عينه تعاليل
تقول يا ذا البعد نجزيك بوصال
وتعلقت روح الليالي المقابيل
و يا عنك ما يامن من الوقت رجّال
لا ما علي لو دمع عيني هماليل
الموت دمع القلب لا صار همّال
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ضيعت الدليل
ضيعت الدليل
رقم القصيدة : 6708
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
كل ما أقفيت . . ناداني تعال
وكل ما أقبلت عزّم بالرحيل
وكل ما أجنبت واعدني شمال
يا أهل الحب ضيعت الدليل
الحقيقة غدت مثل الخيال
هو عدوّي . . وهو أغلى خليل
شفت أنا الظلم من بعض الدلال
يجرح القلب لو كانه جميل
أشهد إن الهوى ما به عدال
هو خلي . . وأنا قلبي عليل
وكل ما قلت له يا ابن الحلال
المحبة عطا . . وانت بخيل
التفت لي وهو عجل وقال
لذة الحب في الشي القليل
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> طيف
طيف
رقم القصيدة : 6709
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
نامت الشمس .. واستيقظ عناي
حال دون الكرى طيفٍ ضوى
ساعة أقبل نطحته من عماي
وصحت يا سيدي .. طال النوى
أحسب إنك معي ليتك معاي
يوم ضميت بيديني الهوى
يا بعيدٍ عليه انزف دماي
لاقضى الصبر .. ولا الشوق ارتوى
نبتة الدم .. تورق في حشاي
من سببها ترى حالي ذوى
وين أنادي ومين يسمع نداي(51/37)
صرختي فيك .. وسكوتي سوى
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> العمر أحبك
العمر أحبك
رقم القصيدة : 6710
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لليل احبك مابقى في السما نور
والى ضواني الليل .. للصبح أحبك
واللحظة اللي كلها عند وغرور
أشوف قبري بين عينك .. وقلبك
في صدري سراجٍٍ حزينٍٍ .. ومكسور
رغم المطر والريح .. شلته في دربك
والله مابه غير لوعاتي قصور
وخوفي عليك الله ربي وربك
ما بي جهد ابني على صمتك جسور
لا حيرتني أسباب سلمك وحربك
العمر أحبك .. مابقى فيني شعور
والى جفاني العمر .. وشلون أحبك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ظل وطباشير
ظل وطباشير
رقم القصيدة : 6711
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
اشاره .. تعقد الحاجب
نوقف طوابير
الليل في الشارع ..
ظل .. وطباشير ..
ووجيهنا لوح
اشاره .. نعقد الحاجب
توقف نوافير .. النور ..
وتجري نوافير ..
ويدور .. الشريط يدور
وسيارةٍ قبل الأخير
اتعيد نفس الأغنية ..
نفس الأغنية ..
ويمر الوقت ثقيل .. ثقيل ..
على القليل .. من الجلد ..
اعد حبات العرق .. في جبهتي ..
وفي مرايتي .. يصرخ ولد
وينعس كبير ..
وسيارةٍ قبل الأخير ..
اتعيد نفس الأغنية ..
نفس الأغنية ..
يصرخ نفير ..
اشارة تطلق الحاجب
وحبلٍ يلين ..
اطلق يدي .. من الشعور ..
اني سجين ..
اشارةٍ تطلق الحاجب
وتركض نوافير .. النور
آه .. السؤال ..
دربي شمال .. والا يمين ..
شمال .. يمين
انا وين اروح .. وين اروح ..
ظل .. وطباشير ..
ووجيهنا لوح ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> العشره الحلوه
العشره الحلوه
رقم القصيدة : 6712
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
العشره الحلوه .. على الراس والعين ..
أحلى الليالي .. اللي مضت .. لكن مضت ..
ويش رايك في هالحين ..
دايم .. تذكرني .. اللي فات ..
كل الحياة ماضي بعيد ..(51/38)
باكر تراه .. يومٍ جديد ..
أحلى الليالي .. اللي مضت .. لكن مضت ..
ويش رايك في هالحين ..
بالله .. لا تخلي الوفا .. يصبح صبر ..
لا تختصر .. كل العمر ..
وتعيش امل .. عطني عمر ..
أحلى الليالي .. اللي مضت .. لكن مضت ..
ويش رايك في هالحين ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الظما عشق
الظما عشق
رقم القصيدة : 6713
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
كل ما حث الخطى .. ينبت
الطلح في عيوني
تبني الرمال رمال
كل ما حث الخطى .. يولد
من رحم السراب جبال
أثر الظما عشق
وردت يا بير السما
الشمس دلوي والشعاع حبال
أثر الظما عشق
يا ربعي الخالي
وأثر الأماني جمال
ترعى عشب بالي
والشمس ترس نحاس
وأثر الشعاع نصال
وراعي الهوى خيال
يفكها من الياس
واحث الخطى .. ينبت
الطلح في عيوني
تبني الرمال رمال
يكبر الطلح في عيوني
ويغيب ..
يسيل من تحت القدم
رغم الجفاف .. شعيب
اقطع تجاعيد السهال
بسيف الظلال ..
ويشرق سواد بيوتكم
في ( مرو ) التلال
وغيم الخريف
البرق له وميض .. ورفيف
يشرب الطلح في عيوني
وتسقي الرمال رمال
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> صداقة بالنظر
صداقة بالنظر
رقم القصيدة : 6714
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
علمتني .. أعقد صداقة بالنظر
مع ساعتي .. قبل اللقا ...
وكيف الثواني ما تمر ..
والشمس .. ما تنوي المغيب ..
علمتني .. إن الحبيب .. دايم حبيب
مهما هجر ..
سيل الظلام ..
يملى الشوارع ليل ..
ولا جيت أنام ..
أرخي الستاير .. عن شعاع ..
عن صوت .. وأقفل بابنا ..
يدخل قمر أحبابنا .. مدري أنا من وين
ساكن قمر أحبابنا .. بين الهدب والعين ..
أرجع أناظر ساعتي .. واللي مضالي من السهر ..
علمتني .. إن الحبيب .. دايم حبيب ..
مهما هجر ..
ياللي عيوني مرايتك ..
وفي كتاب دمعي حكايتك..
ما اظن تنساني أنا ..
وجهي تركته في ساعتك
لا .. تخون وداعتك(51/39)
تذكرني في ليل .. وفـ سهر .. وفـ حلم
تذكرني في بيت من شعر .. أو اسم ..
علمتني .. إن الحبيب .. دايم حبيب ..
مهما هجر ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عيون الليل
عيون الليل
رقم القصيدة : 6715
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عيونك لاتوريها .. لغيري لاتوريها ..
عيونك لي .. ولو أقدر ..
عيونك عنك أداريها ..
أنا لو بعت نظراتك.. ابيع العمر واشريها
عيون الليل .. انا بالحيل
أحب أسهر لياليها ..
وأحب أبكي .. وهي تبكي ..
وأفرح للفرح فيها ..
حبيبي لو ضمنت اليوم ..
أعيش الشك في باكر ..
يجي مستقبل الايام ..
يغير في هوى الحاضر ..
يغيرك الزمن بعدي .. تعلم طبعه الغادر ..
أخاف عيون مايدرون ..
وش اللي يجرح الخاطر ..
وعيونك آه .. لو يدرون ..
حياتي فيها للآخر ..
عيونك لاتوريها لغيري ..لاتوريها ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الصاحب
الصاحب
رقم القصيدة : 6716
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا صاحبي .. والليالي سود
يا صاحبي .. والزمن صافي
اللي إلى احتجت له موجود
واللي إلى من وعد يافي
ما هو على المرجلة محدود
تقول مكتوف بكتافي
ما جور ياللي رقيت إسنود
عرض الجبل .. وانيٍ حافي
يوم الردى مسكنه فـ .. لحود
مسكنك في راس مشرافي
والله لوفي التحرص زود
كان العمر ما نقص .. وافي
وليت الرخا لا اجتمع والجود
تقاسمه شهم .. وسنافي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عقد وشوار
عقد وشوار
رقم القصيدة : 6717
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا شاري عقدِ ولا مهدي سوار
لا تلحقي نفسك هموم وحسايف
تريثيي يا قرة العين مقدار
ما تشرب عروق القصيد الوصايف
لا من قدحت الشعر وشبيت لك نار
نارِ على روس الهضاب النوايف
يطرب لها الساري ويسري بها الطار
وتزهر بها عقب المحول الشفايف
باهديك أنا عمر ولاكل الأعمار(51/40)
يفنى القلم قبله وتفنى الصحايف
قصيدة تولد ورى باب وجدار
سر الضلوع المرهفات النحايف
وإلى أصبحت طارت على متن الأسفار
وغنت بها قبل النفود الصحايف
غيبي وشيبي وإتركي كل ما صار
يبقى جمالك في قصيدي طرايف
وخلي الكواكب من سنا نورك تغار
ولا تلحقي نفسك هموم وحسايف
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> العين مشتاقه
العين مشتاقه
رقم القصيدة : 6718
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا عاذلي .. ما تشوف العين مشتاقة
لولا الحيا جاوبتك بدمعها الصافي
عطني جلد .. كان تنخاني على فراقه
ودي الي من تركته ما أشبح خلافي
لاح الجبين .. وجذبني نوض براقه
حيثه ربيعي .. وورد الخد مصيافي
والغصن لولا المطر ما أخضرت أوراقه
يا كيف عشب الوسم يترك وينعافي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> صرخة بلا فم
صرخة بلا فم
رقم القصيدة : 6719
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قالت قصيدك ليل .. سودٍ معانيه
رويانةٍ بالدمع ... وامدادها دم
الى متى يا شاعر الهم تخفيه
والى متى .. تحنى ضلوعك على هم
قلت البكا .. صعبٍ عليه وأنا بيه
لا واهني اللي بكى وما تندم
لي عبرةٍ يلعب بها الحزن والتيه
ولي صرخةٍ .. واتعبت ابلقى لها فم
لا ما كتبت الشعر .. لحدٍ بسليه
ولانيب مداحٍ .. ولا باترنم
احساس لابيعه ولانيب شاريه
مرٍ يجي شهدٍ ومرات علقم
الى لمحتي دم جوفي .. افـ خليه
علىالورق .. لا صار روحك تالم
قلت الشعر يوم إن لي .. راحةٍ فيه
وحزين أنا .. إلى متى .. الله يعلم
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عز الكلام
عز الكلام
رقم القصيدة : 6720
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عز الكلام ..
عز البكا والإبتسام ..
عز العتاب ويا العذاب ..
حتى الندم ذاب والأمل أصبح عدم ..
لما خلت كل الدروب ..
لما إنطوت .. شمس الغروب ..
وضيع معاه قصة هوى ..
وعز الهوى حتى على أهل الهوى(51/41)
عزت على عينه الدموع .. عند الوداع
سلم يإيده للهوى .. سلم وضاع ..
تحت الليالي ضاع وانتهيت .. يا حب غالي ..
وضيع معاه قصة هوى ..
وعز الهوى حتى على أهل الهوى ..
ياما إبتسامه عاشت زمان ..
في عيون حبيبي .. ذبلت في يوم ..
وياما الملامه .. قست حنان ..
في قلب خايف .. جرحه يهون
وياما الهوى عذب كثير ..
لكن بقي فرحه كبير
إلا حبيبي .. عزت عليه ..
دمعة وداع تملا عينيه ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> طريقنا واحد
طريقنا واحد
رقم القصيدة : 6721
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
طريقنا واحد ..
امشيه .. معي ..
أحباب .. كانك تبين ..
أصحاب .. اللي تبين ..
يكفي متى .. ما توصلين
تتذكرين ..
إنك حزينه .. وانا حزين
كافي كلام ..
مابي .. وعد ..
أو التزام ..
طريقنا يمحي الظلام
نمشي مسافات الرجوع
ودرب الهوى كله خضوع
ارمي الجرايد والهموم
لا تجبري عيونك تنوم
لا واسمعي همس النجوم
وهم الوداع .. وكثر الحنين
وكافي كلام .. مابي وعد
أو .. التزام
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الضي النحيل
الضي النحيل
رقم القصيدة : 6722
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
دايم يذكرني النخيل .. غير الطفولة والرياض ..
وصوت السواقي والهديل .. مواجع الضي النحيل ..
على وجنتك ..
كان الظلام .. والله كثير ..
وما ادري وش اللي وهقه ..
واختار خدك فـ الأخير .. وشعاع خدك شققه
دايم يذكرني النخيل .. غير الطفولة والرياض ..
وصوت السواقي والهديل .. مواجع الضي النحيل ..
على وجنتك ..
نجدية الضي والعتم .. ما بين راسك والقدم ..
لي مجد .. لي مي .. ورطب .. وسنابل الياس والغضب ..
ولي مواعيد النخيل .. اللي مضت ..
وحكاية الضي النحيل مع وجنتك ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> العطش
العطش
رقم القصيدة : 6723
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------(51/42)
آه ..يا العطش
جفت اشفاهي
وصوتي الواهي ارتعش
لو حبيبي ما .. ما سقاني الما
لو شربت أظما لحبيبي .. وللعطش
يا سموم القيظ ..جفت عروقي
تحتي الرمضا..واللهب فوقي
والعطش شوقي .. وشوقي للعطش
اسقني عيونكحبيبي .. أو أموت
ما ابي رمشك نعش
يا وسامي الحب ..امطري في القلب
الزهر والعشب ..قلبي يا مطر
الظما .. والجوع .. بعدك .. والدهر
لو حبيبي ما .. ما سقاني الما
لو شربت أظما لحبيبي .. وللعطش
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ضي عيني
ضي عيني
رقم القصيدة : 6724
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ضي عيني ..
يا ضي عيني انت ..
زدني هوى لا هنت ..
وزدني وله لا هنت ..
يا شيب عيني من غيابك..
اسأل علي ..
يا ليتني سورك وبابك..
وتدخل علي
وافرح بعد..
لو كنت.. ضي عيني
يا ضي عيني انت..
البارحه.. جو من سفرغياب
وما خانهم ليل و قمر و احباب
غابوا سنه..
وما كنهم غابوا حبيبي
وانا لي انا..
ينساني وانا جنبه حبيبي ..
يا شيب عيني من غيابك ..
اسال علي ..
يا ليتني سورك وبابك ..
وتدخل علي ..
وافرح بعد..
او كنت ضي عيني
يا ضي عيني انت ..
عاشق ولو قلبك صخر واهواك
ومحتاج مع عمري عمر وانساك
لو هو بيدي..
خذتك ولو تزعل حبيبي..
غصب على الدنيا وعلى الناس..
وحبيبي ..
يا شيب عيني من غيابك..
اسال علي ..
يا ليتني سورك وبابك ..
وتدخل علي ..
وافرح بعد ..
لو كنت ضي عيني ..
يا ضي عيني انت ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عيونك والعتيم
عيونك والعتيم
رقم القصيدة : 6725
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
إنتى عيونك والعتيم .. سبحان رب خالقه
قصيدة لشاعر قديم .. عاشق وماحد صدقه
ومن كثر ما غبتي عليه .. جمع قصيدة وشققه
إنتى عيونك سالفه .. سمعتها ليلة سفر
واثنين مروا بعاصفه .. وضيعوا نجمة وقمر
ومن يومها كثر الظلام .. وراح السحاب وبارقه
إنتي عيونك هالمدى .. بحر وطيور مهاجرة(51/43)
تركت في شطه صدى .. صوتٍ تجرح آخره
ليتك سمعتي صرختي .. بالحيل كانت صادقه
إنتى عيونك نجمتين .. ضي ٍ ورا ضي ٍ يعود
ويادوب غابوا ليلتين .. خلو شموس الكون سود
رحتي ولا ظنك تجين
وين الوعد يامفارقه
إنتى عيونك والعتيم .. سبحان رب خالقه
قصيدة لشاعر قديم .. عاشق وماحد صدقه
ومن كثر ما غبتي عليه .. جمع قصيدة وشققه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عبرة الحبر
عبرة الحبر
رقم القصيدة : 6726
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أبا اتنفس دام لي بالنفس حق
ياللي قصيدي فيك من حر الأنفاس
والله يالولا عبرة الحبر الأزرق
دمعٍ نثرته من عذابي بقرطاس
لاأقول أحبك .. لين بدموعي اشرق
وقبل الصديق يحس بي نايد الناس
إلى متى .. وصلك من العمر يسرق
دونك ودون الوصل .. بابٍ وحراس
أنا فـ جبيني الشمس تظمى .. وتعرق
وانته بشوب القيظ .. ريٍ ونسناس
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عظم وغضاريف
عظم وغضاريف
رقم القصيدة : 6727
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
في دربكم يا راحلينٍ ٍ مناكيف
تالي ليالي القيظ وأول خريفه
ردّوا سلام أهل القلوب المواليف
على الوليف اللي نشد عن وليفه
ردّوه لعذوق النخيل المهانيف
وعلى القصور اللي بوادي حنيفه
دارٍٍ لها بالقلب عشق وتكاليف
ياعل عينٍٍ ماهوتها كفيفه
طبنا وشبنا وأتعبتنا المشاريف
والمرقب العالي هبوبه عنيفه
يا واردين العد .. كفّوا المغاريف
اللي بقى دمعٍ هماجٍٍ ذريفه
والله لو دمّي يغيث الملاهيف
قطعت عرقي لين يصفى نزيفه
ويا حظ من لا عرف منهو ولا شيف
إن طاب ..يحمد وإن تردّى .. بكيفه
وحنا ورثنا العز عظم وغضاريف
لا ما ورثنا العز تاج وقطيفة
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> صياح الباب
صياح الباب
رقم القصيدة : 6728
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
صياح الباب يكفي لا ظهرت وبكتم صياحي(51/44)
لك الله لو تبيني اصرخ حبيبي لا تهج الباب
تكلم واحرق بنار العتب طيني والواحي
عيوني لك مرايا لو تبي وافتح ضلوعي كتاب
وان مات الحكي ما عاد ينفع ضحكي ونواحي
يقولون الذي كاره يلاقي للفراق اسباب
حبيبي والوداع نعاس نجم والجفن صاحي
واحلام الرماد ولفتة تملي الدروب غياب
امانة لو عشقت في يوم غيري تذكر جراحي
ولا تترك حبيبك ما بقى للعاشقين عتاب
مفارق والذي يخليك لحظة بطفي مصباحي
تعرى الدمع ساعدني البسه الظلام ثياب
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ظامي هوى
ظامي هوى
رقم القصيدة : 6729
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ما أقول أنا لبيه .. وما أقول سمّى
ياعيونه اللي ما صفت لي وتكدّرت
يا صاحبي بكفيك مدحي وذمّي
كان الجفا تقصير يا زين قصرت
يا من نثر برماح الأهداب دمي
لو للجروح ضماد وصلٍ تصبّرت
لا شك ما انته يا دعج العين يمّي
لا والذي اطغاك زين وَتكَبّرت
ظامي هوى وشربت من فيض همّي
ويوم ارتوت روحي من الدمع صدرت
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عطش قلبي
عطش قلبي
رقم القصيدة : 6730
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أرفض .. المسافة
والسور .. والباب والحارس ..
آه أنا الجالس ورى ظهر النهار ..
ينفض أغبار .. ذكرى
أرفض .. يكون الإنتظار .. بكرا
أبسقي ..عطش قلبي اليابس..
على اشفاهي ..
بقول أحبك ..
أرفض إني أموت في قلبك
مادرى بموتي أحد .. حتى أنا
أرفض الصورة .. على الرف البعيد
وجهك المحبوس في ورق وحديد
أرفض احساس الحبر
وجرح سكين السطر ..
أرفض الليل ..الحصار
حبنا خلف الجدار
آه أنا الجالس ورى ظهر النهار ..
أنفض أغبار ذكرى
أرفض يكون الإنتظار .. بكرا
مثل البكا .. حبيبتي تحتاجني ..تحت الظلام ..
ومثل الفرح .. حبيبتي أحتاجها .. وسط الزحام
الحب علمها السكوت ..
والحب علمني الكلام ..
أرفض الصمت .. الحوار
بيننا .. خلف الجدار..
أبسقي عطش قلبي اليابس ..(51/45)
على شفاهي .. بقول أحبك ..
أرفض إني أموت .. أموت في قلبك
مادري بموتي أحد .. حتى أنا
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> العشق
العشق
رقم القصيدة : 6731
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
العشق .. هو خال .. وزمام ..
والا العيون اللي .. محاجرها ظلام ..
وقبل السلام .. وبعد السلام ..
يابنت أنا أحبك .. والسلام ..
واناظرك وانتي بشعرك تلعبي .. باصابعك كل الحديث اللي أبي
ما تعبت ليلي أناظرك .. ومااظنك إنتي بتتعبي
با بنت أنا أحبك .. والسلام ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> صوت العظام
صوت العظام
رقم القصيدة : 6732
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لو هو غضب بيحت ما ضم جوفي
من الغثا واظهرت عقب االعقل جهل
ولو هو الم ما طال عندك وقوفي
ولا جيت أبا اسمع قصة الذيب والحمل
ولو هو ندم كسرت .. باقي سيوفي
على دروب الوصل ومفارق الشمل
صوت العظام اللي تكسر حروفي
مابه كلامٍ تنطقه شفتي سهل
إن جيت امش الدمع تبكي كفوفي
وإن جيت أقول الشهد يوذيني النحل
الحمل ماهو اللي تشيله كتوفي
الموت لا صارت كتوفي هي الحمل
ومن قال باكر .. قلت باكر حتوفي
والباقي إنشد عنه ضراية الرمل
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الطير
الطير
رقم القصيدة : 6733
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
واطيري اللي زودوا فيه الأثمان
اشعل ظهر والصدر يجهر شعاعه
لو له شبيه في الملى هو غزالان
راجي عل زينه يزود بشجاعه
خذته ولاني يا هل الطير ندمان
من عادتي ما نيب اسوم البضاعه
الى ركز في مجلسي طير حوران
وتجمعوا عندي كثير الجماعه
وشلته على كفي كثير الغثا هان
عندي غدى للهم مثل المناعه
لا صرت فيما تطلب النفس بلشان
اترك طمان القاع وارقا برفاعه
وباكر تصاريفه على عالي الشان
من يضمن الدنيا ولو ربع ساعه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ظنك أحد طار(51/46)
ظنك أحد طار
رقم القصيدة : 6734
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وما قد لمست بأصبعي .. جمرٍ .. و في بالي أحترق ..
ولا دخلت البحر وأكفاني معي.. ودي عن أنفاسي افترق ..
لكن لمحت الموت .. مره .. يمكن مرتين ..
وما كان هالقاسي .. الحزين ..
سمعت له صوت..أنا مرني الموت..مثل طير.. و دعاني ..
أدعي معي .. والا اخشعي ..
و ما هي ترى مرثيتي .. لا تجزعي ..
ليتي شجاع .. الى هالحد .. والا صدوق .. الى هالحد ..
البارحه .. والريح تحمل رملها ..
و اللي عطا .. هالأرض .. ذكرى .. من بقايا اهلها..
عطاني من بعض القبور.. تراب ..
و من كل غايب .. جلد .. وكفن .. وعتاب ..
كانوا قراب .. الى هالحد ..
وذكروني .. لو الذنوب تعد .. وش كثر أنا شايب..
الطير مرّ ومرّ .. وما لمحناه ..
و لا دعانا .. بيت قصرانا .. به بكى ..
ظنك أحد .. طار !! ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عود الليل
عود الليل
رقم القصيدة : 6735
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عوّد الليل .. اوقد سراجك
واحبس الليل .. واطلق حجاجك ..
احبس هموم الغرام ..
واطلق البسمة .. سلام ..
إن شكى العاشق يلام ..
رحت يابدر التمام ..
عوّد الليل
فـ الضحى .. شدوا الركاب ..
وابحروا .. يم السراب ..
كانت عيونه حبيبي .. شمس .. وعيوني سحاب
وآه يا سهيل اليماني .. شدوا البدو بأماني
ليتهم ردوا الركايب .. وربعوا بين المحاني
أوقدوا فـ النار .. نار
ما ورا ليلي .. نهار
من خذا فجرك حبيبي ..
ومن ترك لي .. الانتظار
آه يا رمل وهبايب ..
تدفن جروح الحبايب
يا ترى لو مر عام
يرجع الفجر اللي غايب
احبس هموم الغرام ..
اطلق البسمة سلام ..
إن شكى العاشق يلام ..
رحت يابدر التمام ..
وعوّد الليل
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> صعب السؤال
صعب السؤال
رقم القصيدة : 6736
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------(51/47)
صعب السؤال .. ليه نفترق !!
صعب السؤال .. وين نلتقي
إنتي الجنوب .. وأنا الشمال ..
وما بيننا .. بحر .. ورمال
لكن نحب .. والله نحب .. وفوق الخيال
.. صعب السؤال
يا اللي اجمل من كلامي عنك وأقرب من سكوتي
آه يا طول المسافة بين احساسي وصوتي
ما هو غريب .. إني أسألك
و إنتي أنا .. كيف أوصلك !!
لا مستحيل .. هذا الرحيل
من يقطع الصمت الطويل
ويدلني ..
قصيدتي .. وين الحروف .. جف القلم
يا ضايعه .. ببرد الكفوف .. رعشة ألم
قصيدتي .. إلا الندم .. إلا الندم
بتسافرين .. وانتي معي
وبترجعين .. وانتي معي
قصيدتي .. لا تسمعي .. غيري قصيد
يا ساكنة افـ ورق الحشا .. وحبر الوريد
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> عيونك
عيونك
رقم القصيدة : 6737
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
شعرك كساه النور ما باج ظلماه
وخدّك غشاه الليل ما غاب نوره
فـ .. عيونك جنود .. وبواريد ورماه
غزو .. ورمشك صار مقدم سبوره
صبّح به اللي داله القلب بحماه
قبل النذير .. وقبل يملك شعوره
أنا الصويب اللي غشت صدره دماه
شلفا عيونك هشمت مش زوره
يامن يبي ذبحي .. وأبي منع لاماه
روحٍ شكت ظلمك تراها معذوره
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ضاوي الليل
ضاوي الليل
رقم القصيدة : 6738
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ياضاوي الليل .. نورك أخلف سراجي
خلاّ السفر .. وانطفي في عتمة عيونك
أقبلت .. صبحٍٍ نثر في متنه الداجي
جدايلٍٍ مشّطت بضلوع مضنونك
تسابقتك العيون وجرحي اللاجي
في القلب طفلٍٍ لمحته يقضب ردونك
يا مرحبا .. من ضميرٍٍ ظاميٍٍ راجي
كم ليلة قد طواني الياس من دونك
ليت الليال وعدك .. وكل من داجي
انت .. وجميع الثرى تذكر به ضعونك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سألتي
سألتي
رقم القصيدة : 6739
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قالوا سألتي .. عني سألتي ..(51/48)
وأنا ما ادري ويني .. ضايع ياعيني ..
ما ادرى وش اللي ذكرك ..
مقطع شعر في دفترك ..
والا الكلام عن صاحبك ..
وانت عقدتي حاجبك ..
قلتي كلام كله كذب ..
وليه اتصلتي .. عنى سألتي؟
آخر لقانا في الخريف
تذكري الثوب الخفيف
والبرد .. يوم خفتى علي من البرد..
وامطار الخريف..
ومرت سنة يمكن سنين
ويني أنا ووين السنين؟
قلتي كلام كله كذب
ليه اتصلتي.. عني سألتي ..
صوتك طيور مهاجره ..
مرت في قلبي مسافره ..
والحب .. لو طال الغياب اول مداك وآخره ..
غيبي سنه والا سنين ..
بااجيك انا .. والا تجين ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> على آخر تراب الأرض
على آخر تراب الأرض
رقم القصيدة : 6740
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
علىآخر تراب الأرض ...
أحسن أن المسافة شبر ...
وكل الأرض ... ما تحمل تعب مشوار ...
أحس إني ... رغم صغري ... تفاهة عمر ...
في صدري ندم جبّار ...
يا ليت ... يا ليت ... ما كانت لي عيونك أرض
ولا عمري وقفت فـ يوم
على آخر تراب الأرض ...
تصّورتك ... وحزن الناس ...
جرح النّاس ... وهم النّاس ... في عيونك ..
تخوني النّاس وتخونك ...
تصّورتك في شامة ليل ...
على خَدِ السَّما الزرقا
زحَام والدنيَا سهرانه ...
أحَد نازل وَأحَد يرقى ...
وأحَد مِثلك يخاف من الَبلل والطين ...
يقول إن الرعد قاسي ...
يحس ان المطر سِّكين
يحسّ ان الذي يضحك ... يحس ان الذي يبكي ...
لا حَد مسكين ...
تصوّرتك ... ولا ادري ليه ...
ولا أظنك بَعد تدرين ...
يا انتي ان المسافه ِشبر ...
يا انتي إن الليالي َصبر ...
وكل الأرض ... ما تحمل تعب مشوار ...
على آخر تراب الأرض ...
على الميهاف ...
ومرتني الليالي خفاف
تَعدَّت عمري المعدود ...
دِريت ان الَمدى محدود ...
وان الليل لا شعرك ... ولا رمشك ...
ولا شفت الشفق في خدود ...
دريت اني عجزت املك ... ولو همّي ...
ونزيف الجرح ... من دمي ...(51/49)
صحيح الدنيا ما تنشاف ...
وانا وانتي على الدنيا ...
وعلى الميهاف ...
أحس ان المسافة شبر ...
أحس إن الليالي ... صبر ...
وكل الأرض ... ما تحمل تعب مشوار ...
أحس إني رغم صغري ... وتفاهة عمر ...
في صدري ندم جبار ...
يا ليت ... ... يا ليت ... ما كانت لي عيونك أرض
ولا عمري وقفت فـ يوم
على آخر تراب الأرض ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> طفله وطفل
طفله وطفل
رقم القصيدة : 6741
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
غديت انا .. وانتي .. طفلة وطفل ..
تبكين فـ وداعي .. وانا كني مفارق أهل ..
وبيتٍ صغير .. ودربٍ كهل ..
ياللي على خدك كحل .. لوتمسحيه
وتتبسمي .. مال البكا داعي
ياللي سنا عيونك أمل .. لا تقتليه
تتألمي .. مال البكا داعي
يا اول مواعيدي .. ويااخر مواعيدي
انتي فرح عمري .. وجرحي وتسهيدي ..
افارقك ليله .. يا طولها ليله ..
واجيك انا باكر .. وقلبي على إيدي ..
ومادري سبب خوفك .. وانتي العمر شوفك ..
ياللي على خدك كحل .. لوتمسحيه
وتتبسمي .. مال البكا داعي
ياللي سنا عيونك أمل .. لا تقتليه
تتألمي .. مال البكا داعي
وغديت انا .. وانتي .. طفلة وطفل ..
تبكين فـ وداعي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الغضب
الغضب
رقم القصيدة : 6742
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
نشي غيظي .. سحابٍ أسودٍ في موسم الدخان
ترزم .. وأمطر بجمرٍ غدا له بالحشى صالي
غضبت .. وما دريت إن الغضب ياصاحبي إنسان
وسيمٍ مثل سلة سيف.. وقلبه أسودٍ بالي
هدمت الدار من قل الحصى لأجل أرجم الخلان
وقتلت النور .. من كثر الجفا با فارق ظلالي
وحثيت الريح..في وجه التراب وهبت القيعان
تحت أقدامي .. ومرت ديار وودعت غالي
ويوم أصحت سما نفسي .. تلفتت وصرخت .. فلان
قمر وجهك .. وشمس الدار في دمعي تغايا لي
وقفت .. وكانت الفرقا .. مشيت ولا حصل نسيان(51/50)
بكيت .. ولا سقاني الدمع لا مرٍ ولا حالي
غريبٍ تزرع عيوني سراب .. وتحصد الكثبان
وحيدٍ مثل رسمٍ مبطيٍ في صحصحٍ خالي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الدواير
الدواير
رقم القصيدة : 6743
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا رامي الماء .. بالحصا.. لأجل الدواير.. تكبر..
لا توجع الماء .. أكثر.. هذي حدود .. الماء..
يجيبك الهاجوس .. و يروح بك..
يا شين وش نفع الحكي .. لا روح بك..
تخط فالرمل البحر.. وترزّ وعودك .. ساريه..
وتبقى الحقيقه .. عاريه ..
ما عاد في السفر الا دواير ..
بين الكواسر.. والبدن ..
ماكان لي صدر.. وما كان لي كف.. لحمي تنتف ..
ناظر.. على راسي تحوم .. عقبان الهموم ..
وترسم دواير .. وقلّ لي .. وش اللي صاير..
وكانك حبيبي .. فسّر الكون ..
و الا حبيبي .. اترك الكون ..
وقل لي .. من خذا مني محلي .. لين ضاقت ..
فسّر اشتاقت.. تبيني .. حدد اقدامي .. جبيني ..
و آخر الجدب .. العواير ..
واترك الماء .. لأشهب الماء .. و الدواير..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الشمس اللي تغيب
الشمس اللي تغيب
رقم القصيدة : 6744
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أركض ورا الشمس .. اللي تغيب ..
ابي النهار .. وينتحي ..
أخاف أنا وجهي الى طاح الظلام ..
فوق الملامح .. ينمحي ..
كافي سواد العين والظل الحزين ..
وشمسٍ تبين .. وماتبين ..
ورا السحاب ..
كافي بَعْض ليلٍ يجي .. قبل الغياب ..
عن ليل الغياب
يا موقد الشمعة ..
وجهي أنا .. أو نور ذا الشمعة ..
قاسي الشحوب ..
في رعشة الضي العليل ..
وتكبر مسافات الهروب ..
يا صاحبي الشمعة غروب ..
به قريةٍ .. تحت الظلام .. مريتها ماجيتها
وبنيةٍ .. تحت الظلام ..
ورسالةٍ في الليل ..
خانتها الحروف .. من القهر شقيتها ..
كلي عيون .. وماتشوف
والناس .. ياظل .. وطيوف ..
والظلما .. نسيان .. الحبيب .. لحبيب ..(51/51)
أركض ورى الشمس اللي تغيب ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> رديني
رديني
رقم القصيدة : 6745
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وظهرت من عيونك .. ليلة..
لـ هاالدنيا.. لليل والنهار..
كانت السما زرقا داكنه .. ما تغيرت ..
والمباني ساكنه ..الا على الما ..
وفي قلوب الصغار ..
كان الطريق خالي ..
وأحجار الرصيف تكسرت ..
وقلت مساحات الخضار..
وكن الدروب تكورت .. على المساكن ..
مدري من البرد ..اومن قلة الأحباب
لكن .. بقى لون الغبارالداكن ..
وصوت الفراغ في الدروب ..
ظهرت من جفونك ليلة عيونك نثرت..
دمعك.. وقلبي..
ليلة تجرحناالعتاب..
ما اكذب عليك .. كنت مشتاق ليلتها وربي ..
لبيتي .. ولغرفتي .. ولمكتبي مشتاق..
لأقلامي .. والأوراق..
ولقيتها مثل ما كانت .. تحت الغبار ..
حلم وقصيد من شرار..
ومفرش محروق..
وزرع يبس وعروق .. وفجر بلا أبواب
ووسادةٍ ياما ليالي استكثرت..
نومي عليها.. ما تغيرت
رديني لعيونك .. أرجوك رديني ..
مابي أحد .. ما بيني
ابي عيوك بس ..
تكفيني .. تكفيني .. تكفيني ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> شديد الرمل
شديد الرمل
رقم القصيدة : 6746
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليلة شديد الرمل .. جتنا ركايب
من الشمال .. وبركت بين الأيام
طوي التراب وشل فوق النجايب
والجو ثارت به معاصير وعسام
علمي بوجهك فـ اسود العج غايب
والريح تدفعني وانا ما لي اقدام
لولا الشجر .. شدت غصونه نهايب
جلدي وثوبك قلت انا وانت الاوهام
لا خيمة .. لا طنب لا صوت شايب
لا صرخة ..لا طفل لا كحل وزمام
طاح الرواق وطاح حلم الحبايب
لا ناي في روحي غدت روحي حطام
ما غيرها ضلوعي في صدري حطايب
وشم الجروح اللي بكبدي من العام
إن كان ذا قبري فـ ابي له نصايب
قبر الورق خلوا شواهده الاقلام
يامعمر الدنيا عمارك خرايب
ما حدٍ ورث جدرانها غير الأيام(51/52)
العمر شدة والليالي ركايب
والرمل يمحي الرمل والموت قدام
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> شمس الورق
شمس الورق
رقم القصيدة : 6747
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أنابظهر من سكوتي قبل شمس الورق ما تغيب
قبل حبر الليالي يجف .. وانا ماغنت جروحي
قصيده .. خذتها من طفل .. ما اظنه ابد بيشيب
ولكنه نزح عني .. مثل إحساسي بروحي
ابا اكتب للسماء نجمه.. ابا اكتب للخزامى طيب
واباكتب لين احس القلب لا يكتب ولا يوحي
يموت في قلبي الشاعر ويغتال المشاعر ذيب
ولا ادري افزع للضحكي .. او أحمي صرختي ونوحي
حزينه هالقوافي لا .. ولكن من يعرف الغيب
سعيده هالقوافي .. بـ انتظر لين آخرة بوحي
تعالي نتيع الضي البعيد في عتمة التغريب
ولو مليتي من أجمل قصايد غربتي روحي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> رسالة من بدوي
رسالة من بدوي
رقم القصيدة : 6748
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا بنت أنا للشمس في جلدي حروق
وعلى سموم القيظ تزهر حياتي
أطرد سراب اللال في مرتع النوق
ومن الظما يجرح لساني لهاتي
عاري جسد والليل هتّان وبروق
دفاي أنا والبرد سمل العباتي
إن عذربوني بعض خلانك .. صدوق
يا بنت أنا عشق الخلا من صفاتي
وشمٍ على رمال( المتاييه) مدقوق
لاشك من منهم يسوي سواتي
أنا بدوي .. ثوبي علىالمتن مشقوق
ومثل الجبال السمر صبري ثباتي
ومثل النخيل خلقت أنا و هامتي فوق
ما عتدت أنا احني قامتي إلا فصلاتي
وإلىإفتخر بأفعال يمناه مخلوق
يا بنت انا فعلي شهوده اعداتي
الله خلقني وكلمة الحق بوفوق
وملكت الأرض .. ( وراس مالي .. عاصاتي )
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ذليل الدمع
ذليل الدمع
رقم القصيدة : 6749
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أنا لانيب لاشاكي .. ولاعتاب كفاني اشطون
هواك اللي نثرته لاتعجب لاأنكسر كاسه(51/53)
ترى ما يذبح العاشق مثل دمعٍ بكته اعيون
على موت الأمل واللي يحبه هو سبب ياسه
حبيبي ما خبرت الدمع يرقا وجنة المشطون
ذليل الدمع .. لابد يتحدر لو رفع راسه
بقالي عزتي ياللي على اللي ما سواها تمون
وأظنك ما سمعت بعاشقٍ قلبه عصى وداسه
أنا الحطاب في قاعٍ جرد ما به شجر وغصون
حداه البرد والليل الطويل وشب في فاسه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> زلة المحبوب
زلة المحبوب
رقم القصيدة : 6750
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا زين .. للعاشقين ذنوب
كثير واللي يحب يغفر
بالحيل .. طول الزعل عذروب
إلى متى الكسر ما يجبر
با أخطي .. وأعيد الخطا وأتوب
والصاحب .. اللي علي يصبر
وإن ما دمح زلتك محبوب
ما أظن من يكرهك .. يعذر
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سوالف عرب على جال ضوهم
سوالف عرب على جال ضوهم
رقم القصيدة : 6751
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عبر العصور .. السالفه ..
كانوا العرب .. يشرون
المهر .. بمية ناقة
كانوا الرجال .. مثل الرماح ..
قاماتهم مشدودةٍ .. ودقاقة
وكانوا الحريم .. صبرٍ قديم
وفا .. وسماح ..
والى .. اقطعوا عن الفطيم .. الحليب
قصوا عسيب .. من انخله
واعطوه له وقالوا فرس
اعطوا الصغير .. سيفٍ خشب
ومجدٍ يحبه .. يوالفه
السالفه .. رغم الفقر
والجهل .. واوقات المرض
ماكان للبسمة غرض
ولا كان للدمعه .. غرض
ماكان في الدنيا .. سوى
ثوب ورغيف .. وعرض نظيف
وكرامةٍ ماهي تمس ..
السالفه .. اني أحس
انا عكسنا السالفه
صحيح قهرنا الفقر
والجهل .. وايام المرض
لكن غدى لكل شي .. غرض
السالفه .. ان القديم
كله غدينا .. انخالفه
ابدون وعى .. والابوعى
ماانتم معي .. انها قديمه السالفه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ردي سلامي
ردي سلامي
رقم القصيدة : 6752
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
حبيبتي...(51/54)
ردي سلامي للهوى .. عذب السلام ..
وأغلى الأماني وللأمل .. كلمة ملام ..
قولي له إني ما هقيت ...
إني الى نحت وشكيت ..
ترجع ليالينا سوى شوق وغرام ...
سنين .. مرت وما أدري عن الأيام ..
يقولوا تفرق الأحباب ..
وانا أقول القمر ما غاب ..
من أول يوم تواعدنا ..
أثاري الوقت يخدعنا ..
ويبعد عننا الأحلام ..
قولي له إني ما هقيت ...
إني الى نحت وشكيت ..
ترجع ليالينا سوى شوق وغرام ...
حبيبتي يا نظر عيني ..
أشوف الليل ما بيني .. وبينك .. وكل الناس ..
أحس فـ نظرتك معنى ..
ودربٍ كان يجمعنا على الإحساس ..
قولي له إني ما هقيت ...
إني الى نحت وشكيت ..
ترجع ليالينا سوى شوق وغرام ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> زل الطرب
زل الطرب
رقم القصيدة : 6753
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تلعب وانا .. ما عاد لي بالطرب شف
لعبك بروحي بدل الفرح بجراح
زل الطرب يا موجع الطار بالكف
شابت قوافي الليل .. نور الضحى لاح
كانك تدق القلب .. دقك على الدف
عسى الضلوع توقي القلب لا طاح
شفتك .. ولا ادري من قضب بعدك الصف
ناس ٍ كثير .. وكنهم عندي أشباح
نورك دعاني عندك الشوف وقف
كنه فنارٍٍٍ لاح في عين ملاح
من له ثمان اسنين من راح منكف
خلّى السفين وعارض الموج سباح
من فرحته ما حسب االحيل يتلف
غلب عليه الموج والقاع منزاح
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> شكرا سحايب
شكرا سحايب
رقم القصيدة : 6754
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
شكرا سحايب على لطفك
انتي مطر والصحاري الناس
قلبك شكا من كثر عطفك
لا باس هذا التعب لاباس
أغليك وان كنت ما عرفك
اخوين يجمعهم الاحساس
رسمك لحن رائع وعزتك
على القلم نوَّرالقرطاس
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> راعي الهوى مسكين
راعي الهوى مسكين
رقم القصيدة : 6755
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------(51/55)
شعر موج .. وقمر خد ..
دفا روح .. وطغى قد ..
وراعي الهوى مسكين ..
زهى الكحل .. في الحاجر الفتان
وسرى الليل .. تو الفجر ما بان
وراعي الهوى مسكين
كما الشمس .. يجهر سنا نوره
ما اقدر أناظر .. والعين مكسوره
وراعي الهوى مسكين ..
ثغر ورد .. ورده شكت ورده
من دونها الشوق .. والرمح والقرده
وراعي الهوى مسكين ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سيف الغضب
سيف الغضب
رقم القصيدة : 6756
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أفداك أنا كلي ..
عودي غصن يابس ..
لا تحرقيني اليوم ..
حر .. وسموم .. وصيف ..
إنتي إجلسي فـ ظلي .. ولا جا الشتاء يمدي
لا تجرديني اليوم .. خليني في غمدي ..
سيف الغضب ماضي خلي الكلام يموت ..
ووقت الغضب ماضي .. لا ترجعيه .. بصوت ..
وش كثر أنا راضي حبيبتي عندي ..
قولي لي يا بعدي .. يومين ماشفتك ..
يومين مالي عيون ..
محروقه أجفاني بشموع إحساسي
كانت دموعي فوق وجهي وانفاسي ..
وظلي على كتفك .. وراسي على زندي ..
أفداك أنا والله لاتسمعي رعدي
ولا يزعجك برقي ..
انا لو شكيت أحلم ..
ما به زمن نندم .. ومابه عمر للخوف ..
إنتي احفظيني فم .. ولا تحفظيني حروف ..
ولو غرقت فـ يم ..
لا تعشقي بعدي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> دروب الأرض
دروب الأرض
رقم القصيدة : 6757
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
دروب الارض ..
توصلنا الاماكن وترجع !!
ويكفي هالسفر عذروب
بأن الارض ما تقوى الهروب ..
دروب وغير الارض
وين بتروح تسافر..
كان الصوت يرجع للحناجر ..
كان الجرح يرجع للخناجر
مثل كل الطيور اللي تهاجر
وترجع كل مرة
تعب هالبحر لا يجتاز
جدران السواحل
انا لي سنين راحل
حملت الطين
كله .. لكل الطين
قلي يا انا
الى متى وانت
على هذا الأنا مصلوب
دروب الأرض .. لكن
لكن
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> دروبي رمل
دروبي رمل
رقم القصيدة : 6758(51/56)
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
في دروبي رمل لامن جيت ساري
ينبت الأشواك لامن رحت ساري
صاحبي ماجيتك إلا وفي طريقي
من ربيع العام نوّار وخباري
ولا تواعدنا وبه في الأرض زهره
ولا تفارقنا وبه للبرق طاري
لا تأخر دام لي في العمر ساعه
ولا تقدم لين أشوفك في انتظاري
الزمن ورده .. سهرت أحسب ورقها
وإن قضا ماجيت في دموعي عواري
حبّني كثر اللذي نلقى بوعدنا
من ظلال وريح ونجوم وغداري
صاحبي مثل الخجل لو تكتسي بي
قبل أصير الشال يذهلني انحساري
ياقريب البعد .. للشكوى أسامي
الجفا .. والخوف .. وآخرها حذاري
وانت لو خان الزمن بقول وافي
لا أنا تركي .. ولا أظنك مشاري
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سافري
سافري
رقم القصيدة : 6759
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سافري كان يرضيك السفر
جربي لو ورى ليلي صباح
بدلي الرمل بأمواج البحر
واتبعي الغيم تحملك الرياح
سافري لين تبكين المطر
واضحكي لين ما يضيق البراح
ولا تعبتي وحسيتي بضجر
خلي الشوق لديارك جناح
أرجعي في ابتساماتك عذر
مثل ما الدمع في عيني سماح
انتي العين من طول النظر
وانتي القلب من كثر الجراح
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الروح الجريحه
الروح الجريحه
رقم القصيدة : 6760
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا عذولي .. وش تفيد به النصيحه
لا تعذل القلب .. وجروحه طريّه
من يداوي علة الروح الجريحه
ومن يسلي دمعة العين الشقيه
ان شكيت من الهوى .. قالوا فضيحه
وان سكت استنقضوا جرحي عليه
وان نويت البعد .. ضاقت بي الفسيحه
وان بغيت القرب .. خان القرب فيه
من عذلني في الهوى الله يبيحه
ومن عذرني .. ما حصل مني خطيه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الشفق
الشفق
رقم القصيدة : 6761
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أول اليوم عانقت الشفق(51/57)
وآخر اليوم عانقني شفق
وأنا بين التلاقي والفراق
أدفن العمر وأحفر لي نفق
يا حبيبي وأنا مثلك غريب
عن حمى النوم غربني أرق
اقطع الليل لديار النهار
واغسل الدمع من شط العرق
ولا جمعني بك الموعد لمحت
ألف نجمٍ توهج .. واحترق
أجمل العمر طفلٍ من غلاه
قمت أضمه لصدري واختنق
وباقي العمر لو عمره يطول
ما يجي سطر في ذهن الورق
من بقول اللقا غير الوداع
بينهم فرق واجد ما صدق
أول اليوم عانقت الشفق
وآخر اليوم عانقني شفق
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> دارالشواق
دارالشواق
رقم القصيدة : 6762
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا الله لا تقطع رجا كل مشتاق
بامرك يا رب الحلم يصبح حقيقه
وأنا أدري أن الوصل تاليه لفراق
ولولا الأمل .. ما تحمل النفس ضيقه
أمس سرى في تالي الليل براق
قلبي يفز لنوضته بتخفيقه
وسمٍ بكور صادق الوبل دفاق
لو شافه الظميان يبتل ريقه
عله على دار الوفا .. دار الأشواق
دار صفت لأهل القلوب الرقيقه
فارقتهم ما ليلةٍ خاطري ضاق
واليوم للسلوان ما أجد طريقه
يا كود حرفٍ لي كتبته بالأوراق
مثل السراب اللي يسلي بريقه
والله لو كل المخاليق عشاق
ما شفت لك نفسٍ تعذب دقيقه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> شكرا صدقت
شكرا صدقت
رقم القصيدة : 6763
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لو كان في كفي رميته في كفك
يفداك مافي الحب من صادق الحب
تحبنّي؟..ياعلّني بعض ضعفك
قلبي جرادٍ باد ما حصّل العشب
أنا قديم الهم وأنفع لعطفك
أما الهوى ياسيدي مركبه صعب
يا ليت لي صهوة جوادٍ وأخطفك
للشمس لنجوم المجرات.. للشهب
تحبني..وأقول من زود لطفك
شكراً صدقت .. وألف شكراً على الكذب
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> رساله
رساله
رقم القصيدة : 6764
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
إلى من .. يهمها أمرى .. إلى من ..(51/58)
رجاءً .. إلى متى صبري .. رجاءً
أنا لن .. اشتكي .. همي لغيرك ..
ياروحي .. اشتكي روحي على من ..
رساله .. حبرها .. دمي ..
رساله .. تصرخ ابهمي .. إلى من ..
سألت الرمل .. في دروب القوافل ..
سألت الجدب .. عن لون السنابل ..
سألت الناس عن وجهك حبيبي ..
عن الشمس .. ومتى تشرق مساءً
أحبك .. يالصحاري اللي ..
فـ هجيرك .. احترق كلي .. وفاءً
كتبت لواحة عيونك رسايل ...
بسراب الدمع ... وانفاس القوايل ..
كتبت وذي ترى .. اخر رسالة
أحبك .. وان نسيتيني .. وداعاً ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سوالف رحلتي
سوالف رحلتي
رقم القصيدة : 6765
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
عن حبك رحلت ..
ولحبك وصلت ..
وهذي سوالف رحلتي ..
سافرت .. في كل التراب
سافرت .. لديار السحاب
وهربت من ليل اللقاء .. وسهر الغياب
وأنتي بداية رحلتي وكنتي النهايه ..
ودعتك وغصب علي خذتك معايه ..
يا طول هالرحله.. لو هي المسافه والزمن
يا قصر هالرحله .. سافرت من جرح الشجن
يا طولها .. يا قصرها
تصوري إني نسيت
بس الأكيد إني بكيت
لين الدموع تكدست .. أوراق
عن حبك رحلت
ولحبك وصلت
وهذي سوالف رحلتي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> رعشة هدب
رعشة هدب
رقم القصيدة : 6766
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ماقلت له ... يا حلوتي ماقلت له ...
المشكله ... إني أختلف ...
لا طروا اسمك من الوله ...
وجهك تغيّر ... نظرتي ...
وتضحك في عيني يا عبرتي ...
وبعض الحكي ما اتحمله ...
رعشة هدب لفته ...
البارحه شافوك ... في النوم الذي عفته ...
وماحد ٍ يقول ... شافك معي مره ...
طيفك متى ... يكفيني من شره ...
باكر إلى مروا علي ربعي بقول :
إن السما ما هي سما ....
واغيّر اوقات الفصول ...
ان صدقوني .. ما دروا إنك هواي ...
وإن عاتبوني ... صارت عيونك سماي ...
وإن عاتبوني ... صارت عيونك سماي ...(51/59)
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الرسايل
الرسايل
رقم القصيدة : 6767
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وليله كانت الفرقا
و قالت لي .. فـ أمان الله
و ليله ذكرها يبقى
على جرحي .. و لا انساه
و جت تاخذ رسايلها ..
و خصله من جدايلها
و تديني جواباتي
بقايا عمر بسماتي
و قالت لي .. فـ أمان الله
و ليله زي ذي الليله و هبتك في الأمل عمري
و يا ليت البسمه ما كانت ولا الاحساس
وياليت الدنيا خانتني و كل الناس
و لا خنتي هواي انتي
و لا قلتي .. فـ أمان الله
لا تردين الرسايل ويش اسوي بالورق
لو تركتيني في ليله بسمتك عند الرحيل
دمعة العين الكحيله عذرها الواهي دليل
و ليله كانت الفرقا
و قالت لي فـ امان الله
و ليله كانت الفرقا
و قالت لي فـ امان الله
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> السكوت الكلام
السكوت الكلام
رقم القصيدة : 6768
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ياحروفنا الملح.. في شفاهنا الحنضل ...
كان السكوت أفضل .. ولا الكلام ؟
قلت اللي في قلبي ..
وخرج الحكي..من الحكي وما عاد..
اخيامنا طويت ..كافي ندق اوتاد
الكلمه .. ماهي انتصار
ولا انكسار ..
كانت حقيقه ..
يوم انقطع حبل الحوار
يا حروفنا الحنضل.. في شفاهنا الملح
زعلوا حبايبنا..كان السكوت أفضل
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> السهر والخوف
السهر والخوف
رقم القصيدة : 6769
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
نبي .. نطفي قمرنا ..
لو يعذبنا السهر .. والخوف ..
نبي ننثر قهرنا .. يا حبايبنا ..
على مد النظر .. والشوف ..
نبي ننزع من أعماق الحشا سكين ..
نبي ننزف حنان العاشق المسكين ..
ونجرح في سواد العين .. صورنا ..
ونبي نطفي قمرنا ..
سامحينا يالمحبة .. لو جرحنا وانجرحنا ..
س امحينا لو نسينا .. في الهوى ضحكة فرحنا ..
وآه يالنصل الحرير ..
ياهوى القلب الضرير..(51/60)
يالجروح اللي مضت .. واللي بتصير ..
نبي ننزع من أعماق الحشا سكين ..
نبي ننزف حنان العاشق المسكين ..
ونجرح في سواد العين .. صورنا ..
ونبي نطفي قمرنا ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> السراب
السراب
رقم القصيدة : 6770
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قال السراب وقلت ظامي لسرابه
قال الهلاك وقلت لعيون الاحباب
يا لايمي في حب مترف شبابه
الموت حق ولاتبرق بالاسباب
كانه ذبحني صاحبي من عذابه
ماابي لدمي يا هل اللوم طلاب
الجادل اللي فيه زين ومهابه
يفز له قلبٍ .. وتخضع له أرقاب
في حجر عينة لي غدير وسحابه
وفي وسط قلبي له تناهيت وعتاب
إن قلت أحبه يكفي القلب مابه
وان قلت أنا مابيه ..باصير كذاب
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> زمان الصمت
زمان الصمت
رقم القصيدة : 6771
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وتِرحَل ..
صَرخَتي تِذبَل
في وادي .. لا صدى يوصل
ولا باقي أنين
زمان الصمت ..
يا عُمر الحُزن والشكوى
يا خطوة ما غدت تقوى
على الخطوة ... على هم السنين
حبيبي .. كتبت اسمك على صوتي
كتبته .. في جدار الوقت
على لون السما الهادي
على الوادي ..
على موتي ... وميلادي
حبيبي .. لو أيادي الصمت
خذتني ... لو ملتني ليل
أنا عمري .. انتظاري لك
لا تحرمني .. حياتي لك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سيدي قم
سيدي قم
رقم القصيدة : 6772
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سيدي قم...
ما خبرت اللي يحب يشتهي النوم
سيدي قم...
لاتنام وفي السماء باقي نجوم
يا جريح البارحه
كيف طبت اليوم
سيدي .. يا سيدي قم
سيدي ...الليل للعاشق نهار
قم معي ... نجمع نجوم الظلام
سيدي ... لو عرفت الانتظار
ما غفا لك جفن .. .يا عذب الكلام
اه لو تدري الهوى والسهر مقسوم
يا جريح البارحه
كيف طبت اليوم
سيدي .. يا سيدي قم
سيدي ... لا تناظرني بغضب(51/61)
ودي تحس مثلي بالغرام
سيدي ... ما وراك الاالتعب
ليت عيني مثل عينك تنام
اه لو تدري الهوى والسهر مقسوم
ويا جريح البارحة كيف طبت اليوم
سيدي .... يا سيدي قم
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> شجر النار
شجر النار
رقم القصيدة : 6773
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أنا مدري ..
اللهب حب .. وجوع ..
الحطب قلب .. او السير ضلوع ..
ياترى هاليابس الموجوع ..
وش يقول ..؟
من يسمع الدخان ..
اويدري باسرار الحطب ..
من طرز سلوك الذهب ..
في اغصانه ..
من خاط بقماش الرماد اكفانه ..
وهذا اللهب ..الطاغي الفتان
هاالقاتل الشافي ..
من خلى في موته عمر ..
لولا حروفٍ قلتها ..
وكانت شعر
شبيت فْـ اطرافي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> دم الاطراف
دم الاطراف
رقم القصيدة : 6774
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أتعب على المعنى .. ويسهرني القاف
ويلذ لي تجريح عذب القوافي
وإلى مزج حبر القلم دم الأطراف
يصير لي معنى على الناس خافي
عندي معاني الشعر تلمس وتنشاف
أنما جرحك الشعر ما هو ب كافي
وان ما لمس في القلب .. احساس وشغاف
عدّك كتبته فوق رمل السوافي
لاتحسب ان البحر موج ومجداف
ترى قليل البحر ما كان طافي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> شمس الجمال
شمس الجمال
رقم القصيدة : 6775
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
هيه يا غصن تمايل بالدلال
ما تخاف الكسر لا هب الهبوب
وما تخاف الله وتسعى بالعدال
انصف من لحاظ عينيك القلوب
لا متى ذبح العرب عندك حلال
تابت العالم متى عينك تتوب
مير قلبي يا لغضي بيعه محال
ما أقدر أعطي لو تبي مني ذنوب
أشهد إنك بالحلى فقت الخيال
وعيب حسنك كان في حسنك عيوب
شارقة في طلعتك شمس الجمال
وجامع في ضحكتك كل محبوب
الخمل فيني انا ما بك خمال
مشملٍ نوّك .. وانا نوّي جنوب(51/62)
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> صوتك يناديني
صوتك يناديني
رقم القصيدة : 6776
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تذكٌر .. صوتك يناديني ...
تذكر ... تذكر ...
تذكر الحلم الصَغير ...
وجدار من طين وحصير ...
وقمَرا ورا الليل الضرير ...
على الغَدير ...
لاهَبٌت النسمَة تكسر ...
جيتي من النسيان ...
ومن كل الزمان ...
اللي مَضَى ... واللي تغٌير ...
صوتك يناديني تذكٌر ...
ناديتي ... خانتني السنين ... اللي مَضت راحت
ناديت ... ماكن السنين ... اللي مضت راحت
كنا افترقنا البارحة ...
البارحة .... صارت عمر ...
ليله ... أَبَدْ عيٌت تمرٌ ...
ياجمرة الشوق الخَفي ...
نسيت أنا وجرحك وفي ...
يتذَكر الحلم الصغير ...
ريانَة العُود ... نادي ...
نادي الليَالي تعُود ..
بشوق الهَوى ... بوعُود ...
بوجهي اللي ضيعته زَمَان ...
في عُيُونك السٌود ...
ياالضحكة العَذبة ...
عَنك الصٌبر ... كِذبه ...
وفيك العُمر موعود ...
اشتقت للحلم الصغير ...
واشتقت لجدار وحصير ...
وقمَرا ورا الليل الضرير ...
على الغدير ...
ان هبت النسمَة تكسر ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> دمع السحاب
دمع السحاب
رقم القصيدة : 6777
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
جهّى مطر دمع السحاب المجاهيم
سود العيون اللي انتثر وبلهنه
رمح الشمال اللي طعن مهجة الغيم
شق السحاب وسالت الشمس منه
ساعة غشاني دمعها كنه الديم
دب الوجل في المهجة المرجهنه
وقمت اتذرى بالصبر والتعازيم
بعضي يبوح الخوف وبعضي يكنه
ناديتها واللي يغيث المظاليم
انك ولا غيرك لقلبي مضنه
ان قالوا الحساد داله وانا .. اهيم
ما نيب انا ارجي من عدوي محنه
قالت تشد .. وقلت بالحيل باقيم
ما في الوطن .. وعيون الاحباب منه
تبسمت شوقٍ .. بحبٍ .. بتسليم
حبيبتي .. والا العدو خاب ظنه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سلامة رماحك(51/63)
سلامة رماحك
رقم القصيدة : 6778
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سلامة رماحك اللي جرحها غالي
طعنتني غاضب لين أنكسر رمحك
لو قلت لي كان أجرح حالي بحالي
لا عاش قلبٍ جزع وارتاع من جرحك
لاجلك جروحي غدن اليوم عذالي
ذميت ظلمك وأنا من عادتي مدحك
ياليت لي ذنب وألقى علقمك حالي
وياليت بك عدل .. وأرضى فـ الهوى ذبحك
ياسيدي وإن نويت تزيد غربالي
قلي وأنا أبعد ظلامي عن سنا صبحك
لو ما يسرك أطو ل الشمس بجبالي
مايكفي إن عشقت جبالك وسفحك
كل الهوى بالهوى يزهى ويختالي
وأنا الذي في خسارة عزتي ربحك
ياعل ماتزهرالأشجار في رمالي
لو أعتذر عن شموخي في رجا صفحك
سلامة رماحك الي جرحها غالي
طعنتني غاصب لين أنكسررمحك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ربيع الحب
ربيع الحب
رقم القصيدة : 6779
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الله يعين الروح .. كم هي تمنى
شوف الحبايب ساعةٍ عقب حرمان
والله يجازي اللي بلطفه هدنا
وقتٍِ تبدل وأبدل الوصل هجران
أقفى ربيع الحب .. وأدهر وطنا
وشوك الثرى دسناه في درب الأحزان
خاط القدر بسلوك حكمه كفنا
وإلى حكم وش ياترى بيد الإنسان
حنا ضحايا الياس .. نرجي زمنا
ينظر لنا لو يوم لله بإحسان
حنا ليالينا بهوانا رمنا
حنا .. جنينا ونرجي الله غفران
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ربابه
ربابه
رقم القصيدة : 6780
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا جاذب القوس ..
قطعت كل العروق .. الا وتر
وكل الجبال .. الا الحجر
وكل الطعوس .. الا الاثر ..
وجرحتني .. جر الربابه
يا فتى الجود ..
وبين السبابه .. والابهام
احبس القلب ثم اطلقه
صوتٍ أحسه واعشقه
هات القصيد من الكلام
والروح .. في صافي النغم ..
ذكرني .. زهر القحويان
في مبسمٍ لو قلت فم
عيا النهار
لاصابعك تلفتت (عليا )
وتنهدت (نوت )
والعشق من كل الرمال اللي مضت
كنك جمعته فـ صوت(51/64)
ناظرت في حسك .. آثارهم فوق المراح
كن البدو .. اللي شربوا .. ملح وقراح ..
من أول بدايات الصباح..
أسمع حنين ركابهم
قفوا .. وانا فـ اعقابهم
أبكي على خلي .. رحل
لاجل الزمام .. ودق الوشام ..
وخرسٍ محاجرها الظلام ..
رد القصايد للكلام ..
وخل الربابه .. يا فتى الجود ..
في قبرها الملحود
تحت الضلوع .. واخرجنيمن حسك
ود ّ الغريب .. يعود .. يا صاحبي بسك
لا تجذب القوس ..
لو هالدموع نفوس كان فاضت ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> السنابل
السنابل
رقم القصيدة : 6781
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
من يهني السنابل .. في ليالي عرسها
كل شعب الجزيرة .. اللي تعب في غرسها
يا جزيرتنا بناتك ..
ما تناسوا وصاتك ..
كافحوا .. واتخرجوا .. وتحت ظلك انتجوا
آه كل يومٍ .. في حايتك يا جزيرتنا أمل ..
البيارق خضر .. وفصولك ربيع
راية التوحيد .. يا عز الجميع
يا جزيرتنا بناتك
ما تناسوا وصاتك
كافحوا .. واتخرجوا وتحت ظلك انتجوا
آه كل يومٍ في حايتك يا جزيرتنا أمل ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ردي علي الصوت
ردي علي الصوت
رقم القصيدة : 6782
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ردي علي الصوت .. ردي حياتي
صمتك على شكوى حنيني .. مذله
اما اقطعي حبل الوصل بالنجاتي
والا عطيني باقي الود .. كله
لا توعديني .. عذب الصبر ذاتي
والبعد حالي مع عنا الوجد سله
اشكي الجفا لك .. ما شفيتي شكاتي
الوعد الأول للقا .. فات حله
يرضيك يصبح شملنا للشتاتي
يرضيك نرضي كل نفسٍ مغله
يرضيك لا فرحوا بهمي عداتي
واقفوا يقولون .. الغضي عاف خله
ردي علي الصوت .. يكفي السكاتي
قولي لغيرك ماهفا القلب للّه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ذلني الشوق
ذلني الشوق
رقم القصيدة : 6783
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ينزع الحر .. للعالي المنيف(51/65)
عادة الحر .. لطام يعاف
ذلني الشوق يالقاسي اللطيف
ولحظة الوصل .. من صدك تخاف
انا قلبي .. جناحٍ له رفيف
يتبع الشمس في الريح الصلاف
للوعد جيت من لون الخريف
وللوعد جيت من طعم الجفاف
ومر في ساعتي وقت ونزيف
ومر في خاطري حزن وزفاف
آه وينك انا مثلك كفيف
وليه قمراك تطلع ما تشاف
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الرماد
الرماد
رقم القصيدة : 6784
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الشمس طاحت .. وبردت.. ورمد الشفق .. في حجر الارض
من يشتهي يدوس باقدامه على هالرماد كله ..
يا عابرٍ .. على المدى .. من السراب .. الى الندى ..
قلبي سقط فوق التراب شله..
او لا تدوس القلب خله .. كل يوم له شمس
وانا مالي سوى قلبي
انا .. من بكى لين الثرى بله بالدمع ..
ويوم اكتفى .. صد وعصر ظله .. ومسح بردنه .. وجنته ..
ثم ابتسم لين حسدوه الناس
يازارعٍ شوك الهراس .. فوق الرمل كله .. لاقدام من يكره الشوك
ياحظ من ياطى بقدم .. انا مالي سوى قلبي
الشمس طاحت ونثر الظلام ظله ..
على الجروح .. ياكاتم الزين الفضوح عن عيني
لا تظهر انيابك .. وتقطع احبابك شمات
انا من عطى ضي الشموس خله .. لين حسدوه الناس
ولا تنتظر غير السموس .. لله ..
انا مالي سوى قلبي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سلام
سلام
رقم القصيدة : 6785
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سلام يا رمشٍ كسى باهي الخد
سلام يا ذبح القلوب الخليه
انعم من النسمة على خدة الورد
وأغلى سلامٍ لو ترده عليه
كان الجفا منك حصل لي فلا بد
أرضى بعطفك لوه رد التحيه
رد السلام ولي تبسم على قد
ما توجب ظروف الوفا والحميه
وان كان لك قلبٍ غليلٍ على الصد
الله حسيبك صد .. أنا اش في يديه
والله ما يصبر على خاين الود
كود الذي قد خان أمانة خويه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> زمان الشح
زمان الشح
رقم القصيدة : 6786(51/66)
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
في زمان الشح .. يصبح للقمر
مثل نور الشمس في الليل العتيم
في زمان الشح .. يصبح للحجر
مثل ما للسيف من قدرٍ عظيم
في زمان الشح .. يملانا الفخر
لا تحدى الظلم كهلٍ أو فطيم
في زمان الشح في وقت الدهر
كل مجدٍ فـ ارضنا يولد يتيم
وش نقول اليوم ياطفال القهر
في القصايد ذل والله العظيم
ما فقدنا السمع ولاكف البصر
مير بين اضلوعنا قلبٍ سقيم
أهلنا صرتوا عناوين وصور
انتذكركم مثل وجهٍٍ قديم
كن ما به ارض لا نهر وبحر
كيف جرح الأرض يشفي في الصميم
علمونا اليأس من صبر وحذر
علمونا (القدس) ننسى (اورشليم)
لا سقينا غيث هتاف المطر
كان خضنا الحرب باطفال وحريم
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> شاعر
شاعر
رقم القصيدة : 6787
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أحبك ..آهـ انا ياليت قلبي .. شعلةٍ من نور
كريمٍ مثل شوق النظرة اللي تسكن أهدابك
أحبك وش بقى مني حطام العاشق المغرور
وما أظن الزمان اللي مضى يرجع من اسبابك
ولكن صدقيني الصدق في هذا الزمان شعور
يحبك من صدقلك مرةِ ما همه عتابك
أمانه لا تصبين العمر في كاسي المكسور
يضيع العمر ما يبقى سوى الإبهام وانيابك
ابد ما هو قصيده كتبها لك شاعرٍ مشهور
ٍولا هو وردةٍ يذبل ورقها في داخل كتابك
ولا هو بسمةٍ صفرا على شفاة موات بور
وملامح صورةٍ تخفينها حتى عن اصحابك
الا يا طفلتي ماهو الهوى هالشارع المهجور
ولا هو ريحة غبار الوعد في اسفل ثيابك
كذب من قال ورد العاطفه ينبت بظل السور
وجبان اللي يخاف الناس لو وقف على بابك
كتب لك كل مافي الحب من عذب الكلام سطور
و لكنه عجز يا طفلتي لا يكتب كتابك
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> شعاع
شعاع
رقم القصيدة : 6788
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
شعاع ٍ .. يدخل الغرفة ..
بعد العصر ..
يزحف فوق سجادة ..
ويطلع فوق هالكرسي(51/67)
ويمكن يلمس وسادة ..
ولحظة ما لمحته خاف
تراجع .. طاح من الكرسي ..
وركض قبل النهار يمسي ..
ورجع للشمس كالعادة ..
يذكرني شعاع العصر ..
عيونك .. تدخل ضلوعي
في غفلة من عيون الناس ..
وتمد اهدابها احساس ..
وتاخذ قلبي من قلبي ..
تضيق بصدري الانفاس ..
ولما ينتبه واحد من الجلاس ..
بسرعة تركض النظرة ..
على السجاد والكرسي ..
احس ان النهار يمسي ..
وتغيب الشمس كالعادة ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> سوالف ليل
سوالف ليل
رقم القصيدة : 6789
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سوالف ليل ..
بجنب المنقد الغافي ..
على حد السهاد ..
تحدثنا في تالي ليل ..
زرعنا سرنا الخافي ..
على شفاه الجمر معنى ..
وخفنا الناس تسمعنا ..
يا انتي .. لاتوادعنا...
في تالي ليل لاتخافي ..
بنلقى اللي بقي معنا ..
سوالف ليل ..
أو حفنة رماد ...
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> السيف
السيف
رقم القصيدة : 6790
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
من يطعن السيف ابـ حشاه .. ويجرح السيف ..
من يضرب السيف ابدماه .. ويقطع السيف ..
السيف .. المعدن البارد ..
نصل الشتا الحاد ..
له تحت جلدي .. طريق ٍ ضيق ٍ بارد ..
وله صرختين اجداد ..
حبيبتي .. يا نبتة الدم ..
السيف .. إما قتلتي اعناد ..
والا قتلتي هم ..
ومضة شعاع ٍ خاطفه .. السيف ..
الصمت قبل العاصفه .. الألم .. لا فارق اللحم .. العظم ..
كم .. لحظة ٍ .. يا انتي إنطحنتي خايفة ..
من موعدك .. قبل الوعد ..
ورديتها .. قلت ارجعي ..
وكم صرخة ٍ .. ياللي ان جرحتي .. توجعي ..
ولو انجرحتي توجعي ..
اطلقتها بعد العد .. وشقت ضلوع العاطفة ..
من يطعن السيف ابحشاه حبيبتي
ومن يضرب السيف ابدماه .. ويقطع السيف ..
وقفت وضلوعي ( الصفاه )
اغطي عيون الأمل ..
ابغترة الحزن .. واركعه ..
كان الجفا .. سيف ٍ يسيل ..
في لحظة قصاص ..(51/68)
وكانت عيوني تودعه ..
تشتاق .. للموت .. الخلاص ..
يا نبتة الدم .. السيف ..
مره قتلني عناد .. ومره قتلني هم ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> اغصان المساويك
اغصان المساويك
رقم القصيدة : 6791
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تجلس عجوز .. في اول السوق ..
وبين الشبابيك .. وتبيع السوالف ..
وأغصان المساويك ..
ومايخالف .. لو باعتني الحكي ..
الحكي غالي هـ الايام ..
مريتها .. ابي الكلام ..
قلت : ياخاله أنا ..
ان نسوني الناس .. زعلت ..
والى اذكروني الناس .. زعلت ..
صمتي وحروفي مبعثره ..
ضحكت وقالت :
لو عدلت .. سلمت قلب وحنجره ..
ماعطيتها فلوس على هذا التعب ..
وماريحتني من التعب ..
قمت وعلى عيوني غباش ..
مدت لي مسواك جديد ..
عييت ..
وقالت لي بلاش ..
ان كانت سنونك نظاف ..
حطه في جيبك ياولدي ..
يجلي محانيك الرهاف ..
من كل اأحساس ردي ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> أستبد
أستبد
رقم القصيدة : 6792
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
استبد..استبد احيان
استمد كل هذا الظلم من ألمي
اتحد من راسي .. لقدمي
واضرب بعواصفي وبزلزالي
واهّدم الناس .. واهدّم بحالي
لين استرد بعض اثيابي من الريح
ولحمي من الشوك..
وابتعد..ابتعد
واحيان ما املك العواصف .. ولا الزلزال
ولا حتى .. فـ الهجير .. ظلال
لكن استبد..استبد باللي عندي
اضرب بيدي فـ الهوى..بجبيني فـ الصخر
لين اتعب ..اتعب..وانهمد
مثل طفل اضناه البكا.. والسهر
وانتي آخر ماأعد في عمري
واجمل ما أعد
اعشقي ظلم الغصون الخضر للحطاب
والجلد للأنياب..والجفن للسكين
اعشقي هالظالم المسكين...
واتركيني انصهر في الشمس
والا ارتعد في البرد
لكن استبد..واسترد اثيابي من الريح
ولحمي من الشوك
وابتعد .. ابتعد
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> جرحي بخير
جرحي بخير
رقم القصيدة : 6793
نوع القصيدة : عامي(51/69)
-----------------------------------
ومرت سنه .. على فراقك
على صوتك .. واشواقك
غريب كيف االزمن يرحل
واحلام العمر .. تذبل ..
سنه مرت .. وانا أول ..
حبيبٍ يوقد الشمعه
لجرحه في يوم ميلاده
هلا .. بالحب .. واعياده
وكل عامٍ .. وجرحي بخير
مشيت دروبنا .. خطاوي قلوبنا
ومريت الوعد .. وعدنا العام
ماكان الوعد .. ولا الأيام .. هي الايام
وما ادري ليه هالشارع .. نسوه الناس
ومتى هالمقعد الخالي .. يجوه الناس
حبيبي .. ليه فـ غيابك .. يغيبوا الناس
حبيبي .. ايه والله حبيبي .. ايه والله
نساني العمر.. لو انساه
نساني الفرح .. لو انساه
احبه .. ما ظهر نجم .. ونبت عشب .. وسرى براق
أحبه .. لا زمن يشقي جروحي .. لا جفا .. وفراق
أنا هذا الهوى كله .. وقلبي آخر العشاق ..
شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> إلى المروتين
إلى المروتين
رقم القصيدة : 6794
-----------------------------------
أهيم بروحي على الرابيه
وعند المطاف وفي المروتين
وأهفو إلى ذكر غاليه
لدى البيت والخيف والأخشبين
فيهدر دمعي بآماقيه
ويجري لظاه على الوجنتين
ويصرخ شوقي بأعماقيه
فأرسل من مقلتي دمعتين
*******
أهيم وعبر المدى معبد
يعلق في بابه النيرين
فإن طاف في جوفه مسهد
وألقى على سجفه نظرتين
تراءى له شفق مجهد
يواري سنا الفجر في بردتين
وليس له بالشجا مولد
لمغترب غائر المقلتين
*******
أهيم وقلبي دقاته
يطير اشتياقاً إلى المسجدين
وصدري يضج بآهاته
فيسري صداه على الضفتين
على النيل يقضي سويعاته
يناغي الوجوم بسمع وعين
وخضر الروابي لأناته
تردد من شجوه زفرتين
*******
أهيم وحولي كؤوس المنى
تقطر في شفتي رشفتين
فأحسب أني احتسبت الهنا
لأسكب من عذبه غنوتين
إذا بي أليف الجوى والضنى
أصاول في غربتي شقوتين
شقاء التياعي بخضر الربى
وشقوة سهم رماني ببين
*******
أهيم وفي خاطري التائه
رؤى بلد مشرق الجانبين
يطوف خيالي بأنحائه
ليقطع فيه ولو خطوتين
أمرغ خدي ببطحائه(51/70)
وألمس منه الثرى باليدين
وألقي الرحال بأفيائه
وأطبع في أرضه قبلتين
*******
أهيم وللطير في غصنه
نواح يزغرد في المسمعين
فيشدو الفؤاد على لحنه
ورجع الصدى يملأ الخافقين
فتجري البوادر من مزنه
وتبقي على طرفه عبرتين
تعيد النشيد إلى أذنه
حنيناً وشوقاً إلى المروتين
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> قصائد الرحلة
قصائد الرحلة
رقم القصيدة : 6795
-----------------------------------
1
أوازي الطريقْ
نلتقي في المدى
ربما نلتقي
قد يضلُّ الطريقُ
فأتبعهُ مثل ظلٍّ
أو أضلُّ الطريقَ
وأتبعُ ظلي إلى المُشتهى
فالمدى نقطةٌ
وأنا المتقاطعُ في نقطتينِ
وأقصرُ كلّ الخطوطِ إلى المبتغى
كان منحنياً
20/11/1982 الكوت
**************
2
تركتْنا ( سُدى ) عند جدولها
غريناً
لا نجيدُ الرحيلْ
غَمَرَ البحرُ أهدابها
فاصطفينا الحصى حُليةً
واصطفتنا المسافاتُ
بدواً
بدون دليلْ
كيف لو كسرَ الموجُ أطنابَ خيمتنا ؟
أو تغوصُ القبائلُ في الرملِ
هل نكتفي بالقليلْ ؟
5/12/1982 الكوت
**************
3
تعودُ المدينةُ
نافضةً حزنها في الشوارعْ
وفي الروحِ تمتدُّ قافلةٌ من ذنوبِ الطريقْ
تباهلُ أشجارَها
هربَ البحرُ حين أفاقَ على موجةٍ
من نعيقْ
26/12/1982 قلعه دزه
**************
4
لم أستطعْ إغلاقَ أبوابي
لأستريحْ
لكنني استطعتُ أن أغلق بابَ الريحْ
28/12/1982 بيران شهر
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> أبجدية الليلك
أبجدية الليلك
رقم القصيدة : 6797
-----------------------------------
على لغةٍ واضحه
والشهوة النابحه
رؤيةِ البحرِ
وادّارك الراحلين بصاريةِ الضوءِ
يمضي إلى صحوِ شمسٍ تنامْ
شرفةً
(بالدمعة الفاضحه
مؤجلةً
السارحه
رؤيةِ البحرِ
يعدو بمليونِ نورسْ
يخبُّ
تكاملَ فيهِ التقاربُ
وادّارك الراحلين بصاريةِ الضوءِ
ألقى إلى الصخرِ سحنته المالح
وفي ليلةٍ واضحه
شارعٌ يتعثرُ بالأفقِ
يمضي إلى صحوِ شمسٍ تنامْ
على سكرةِ البارحه
تتكدّسُ أيامُهُ(51/71)
شرفةً
شرفةً
أقيمُ المتاريسَ فيهِ
وأجمعُ من بين أنقاضهِ
صدفَ العاشقينَ
كوىً
رتّقتْها المحاجرُ )
(بالدمعة الفاضحه
أيُّهذا الكلامْ
تعالَ
أكدسُ منكَ حروباً
مؤجلةً
وسلامْ
فمثواكَ دفترْ
ومثوايَ في اللغةِ
السارحه
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> قصائد الرحلة
قصائد الرحلة
رقم القصيدة : 6798
-----------------------------------
1
أوازي الطريقْ
نلتقي في المدى
ربما نلتقي
قد يضلُّ الطريقُ
فأتبعهُ مثل ظلٍّ
أو أضلُّ الطريقَ
وأتبعُ ظلي إلى المُشتهى
فالمدى نقطةٌ
وأنا المتقاطعُ في نقطتينِ
وأقصرُ كلّ الخطوطِ إلى المبتغى
كان منحنياً
20/11/1982 الكوت
2
تركتْنا ( سُدى ) عند جدولها
غريناً
لا نجيدُ الرحيلْ
غَمَرَ البحرُ أهدابها
فاصطفينا الحصى حُليةً
واصطفتنا المسافاتُ
بدواً
بدون دليلْ
كيف لو كسرَ الموجُ أطنابَ خيمتنا ؟
أو تغوصُ القبائلُ في الرملِ
هل نكتفي بالقليلْ ؟
5/12/1982 الكوت
3
تعودُ المدينةُ
نافضةً حزنها في الشوارعْ
وفي الروحِ تمتدُّ قافلةٌ من ذنوبِ الطريقْ
تباهلُ أشجارَها
هربَ البحرُ حين أفاقَ على موجةٍ
من نعيقْ
26/12/1982 قلعه دزه
4
لم أستطعْ إغلاقَ أبوابي
لأستريحْ
لكنني استطعتُ أن أغلق بابَ الريحْ
28/12/1982 بيران شهر
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الدوران حول نقطة ظل
الدوران حول نقطة ظل
رقم القصيدة : 6799
-----------------------------------
متوسلا .. أدعوكَ أن تدعَ المشانقَ
والبنادقَ جانبا ،وتكونَ مثلَ بقيّة
الأوطانِ ترحم عاشقيك فأنني أسفاً
لتربتك-التي نبتتْ بها الإبر الحقودة
ميسماً - أجثو وأتلو آيتي ، ولأجل
نحلتكَ العقيمةِ فُتحتْ أزهاريَ الأولى
متى تأتي فصولُ النضجِ ؟ إن
تناسخَ الأرواحِ يرعبني ، فكل
خطيئةٍ تلدُ
الخطيئةَ، هكذا ........
جسدي مواطنُ مخطئينَ ولاجئين من
لتشردِ للتشردِ ، هكذا
........
يتناسل التعتيمُ في جسدي ، فلا
فنى ولا تخبو الحرائقُ في دمي
........(51/72)
كم مرةٍ من أجل عينيكَ استباحتْ
!ضحكةُ العشاقِ داري
ولأجل عينيكَ استباحتْ صرخة
!الأحقاد داري
لم تكنْ داري سوى الركنِ القصيّ لداركَ ،
الأشباحُ أنى لي برفقتها؟
واني لي سوى ألمِ التوسلِ أن أكون كما أريدُ ،
كما أريدك أن تكونَ
كنجمةٍ وهنا مداري .............
***
!كم مرةٍ نبدأ
والبدءُ خاتمةٌ ومشنقةُ النهاياتِ ابتداءْ
!كم مرةٍ نبدأ
بالماءِ نطفئُ شهوةَ الإطفاءِ
والإطفاءُ مجمرةٌ
سيسلم من لظاها مَنْ يرى في الماءِ ماءْ
كم مرةٍ
بالصفرِ يبدأُ عدُّنا العكسيّ ، إن
محاوراً للصفرِ قافلةٌ من الأعدادِ والألغازِ
نعجزُ أن نتابعَ خطوها ....
بالصفر يبدأ ظلُّنا وسموّنا والغور نحو قرارِ
ذاكرةِ التقوقع في الزمان الواقفِ - الدوّار
حول تمركز الظلِّ
كم مرةٍ
سندور حولَ نفوسنا مستصحبينَ
.الظلَ ، فينا دورةُ الأشياءْ
كم مرة .........
***
تتصادمُ الذراتُ ... تختصمُ الأواصرُ ...
في سخونتنا الجليدُ يشعُ برقاً ،
كلما اصطدمتْ أواصرنا ، نرى في الماءِ
سرَّ أفولنا ونذوبُ لا نقوى على غور المرايا
مثل أغنامٍ نساااااااااااااااااااق
- كلٌّ يخافُ على بقايا صوفهِ -
للهِ درّهُ ) )
قاتلاً
لا يرتدي إلا قناعَ الذئب
وضحيةً
تجري خفافاً خلف قاتلها
***
قلق
كبندولٍ تأرجحَ بين زهرةٍ وقذيفةٍ
طرنا بنشوةِ عاشقين / هووا كطاووسٍ
تطاير ريشه الشمعيُّ
ماذا بعد هذي اللعبةِ الأخرى ؟
وماذا ؟
مَنْ سيورثُ خطوةً رعناءَ تجهلها الطريق ؟
***
.... ونفرُّ مذعورينَ خلفَ
ظلالنا فنراكَ تعدو خلفنا في دورة
الأفلاك نحنُ الواقفين نراكَ تعدو خلفنا في دورة
الأشياءِ ، يصدمنا جدارُكَ ... مرة أخرى تعكرُ
صفونا في حانةٍ كنّا اصطفيناها
بعيداًعنكَ ، تأتيها كراقصةٍ تُشدُّ لها ال
العيون المستفزةُ ...
ثم تأتينا بزي مقاتل
كم أرعبتنا شارةُ النصرِ المقنعِ بالدماءِ وبالضحايا
ثم تأتي صامتا
......
وتجيءُ،تحملُ فوقَ رأسِ الرمح نجمَ حنيننا
........................(51/73)
ما جئتنا يوماً تسامرنا وتعظمَ أجرَنا
ثكلَ الأحبةَ كلّنا
رحلوا
فتهنا بعدهم ........
***
عدْ أيها السادي
إن جراحنا ، مأساتنا وطنٌ يطاردنا
فنهربُ ثم يهربُ كي يطاردنا وأنّا في
سباقِ العمر نلتحفُ أل ( أنا ) ، كيف
التخفي عن عيون العاشقين ؟وعن
عيون المخبرين ؟ وعن عيوني ؟
كيف التحدي والتصدي ؟
نلتقي خصمينَ
- كلٌّ ثاكلٌ لبنيهِ
كلٌّ خاسرٌ في الربحِ
كلٌّ مثخنٌ بالجرح -
عدْ
يا أيها الساديُّ ، إن جراحنا وطنٌ نطاردهُ
فيهربُ ثم نهربُ كي نطاردهُ وأنّا في
سباق الظل نفتضحُ .........
***
متوسلاً
أدعوكَ أن تدعَ المشانقَ والبنادقَ
جانباً وتكونَ مثلَ بقيّة الأحبابِ ترحمَ
عاشقيكَ فأنني أسفا لجرحٍ
مستفيضٍ فيكَ أجثو حانياً
أرثي النهاياتِ التي بدأتْ ........
1984 طهران
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> شجرة العائلة
شجرة العائلة
رقم القصيدة : 6800
-----------------------------------
اشترتْ متراً مربعاً من الأرض
لتقيمَ عليه محراباً للحاضرِ
وقبراً للمستقبلِ
توارثهُ الأبناءُ تباعا
وحين ماتت
لم ينقلها أحدٌ إليه
***
أربعةً كانوا
الأول:ركبَ الموجَ فغرقَ
الثاني:لا يجيدُ الرقصَ على النار
فاحترقَ
الثالث :قال شيئاً
فاختنقَ
والرابعُ كتبَ على
:الشواهدِ الثلاث
اشترتْ متراً مربعاً من
الأرضِ لتقيمَ عليهِ محراباً للحاضرِ
وقبراً للمستقبلِ
توارثهُ الأبناءُ تباعاً وحين ماتتْ لم ينقلها أحدٌ إليه
قيل : جُن
1985 طهران
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> اليوم التالي
اليوم التالي
رقم القصيدة : 6801
-----------------------------------
يطلقُ الليلُ صقراً إلى العشبِ
إذ صدحتْ قبّره
يطلقُ الليلُ خنزيرهُ في المدى
فتعوي الرياح
أين أصواتهم ؟
أين أنفاسهم ؟
يطلقُ الليلُ طيراً
تعودُ
لم تجدْ نغمةً للصدى
لم تجد دوحةً في المدى
وحدها
المقبره
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> نقاط
نقاط
رقم القصيدة : 6802(51/74)
-----------------------------------
تبحثُ الروحُ عن نقطةٍ حافله
للبقاءِ الذي فيهِ يمضي التوازنُ
روحاً من الزئبقِ
يبحثُ الجسدُ المتآكلُ عن نزوةٍ زائله
تمنحُ الوقتُ وقتاً
يزيحُ النقابَ عن الزنبقِ
يبحثُ الوقتُ عن نقطةٍ فاصله
لتقومَ الطبيعةُ ضدَّ التطوعِ
بين احتمالِ التناسبِ والمطلقِ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الخريف
الخريف
رقم القصيدة : 6803
-----------------------------------
ارتديتُ دمي رغبةً
تتشهى اللهيبَ
رياحاً
تدقُّ النوافذَ
،توقظُ صلصلةَ الحزنِ
ألحانيَ المتعبه
خطوةٌ
خطوتان
...................
ربما النشوةُ المبتغاةُ بعمقِ
السقوط
- أيها المصطلي بالحنينْ
النوافذُ لم تسعِ الموجَ والعاصفه
وجنونٌ هو الصمتُ
حينَ استحالَ البقاءْ
قد تساقطَ شَعرُ البهاءْ
لا تقفْ
فقميصُكَ قدّتهُ ريحُ الشمالِ وريحُ
الجنوبِ
ولا ترجُ من طفلةٍ همسةً
أو صديقٍ يمنُّ بمعطفهِ الوبري
أيها المصطلي بالحنينْ
ستموتُ إذا انهمرَ الثلجُ
.أو أنكرتكَ الشجيراتُ والأرصفه
- أصطلي بالزفيرِ
ولي
قمرٌ للجنون ْ
ينجلي
في دمي
التصقي
باردٌ كلّ شيءٍ
سوى زفرةِ الحبّ
حين يدبُّ شتاءُ اللقاءِ
حريقْ
وتفيقْ
تحتَ أثوابنا
نجمةٌ
ومواعيدُ جمرٍ
وما بين نهديك وادي عقيقْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> هل كان
هل كان
رقم القصيدة : 6804
-----------------------------------
أتذكرهُ .....
أتذكرُ لغوَه
هل يذكرُ صمتي
أتذكرهُ الآنْ
كان يطاردني في الشارعِ والحانة والمقهى
يتسللُ في العتمةِ
..... عينيهِ
الزائغتينِ وراء الليل
ماذا كان
شرطياً ؟
سمساراً ؟
سلطانْ ؟
أتذكرَهُ الآنْ
كنا ننتظرُ الباصَ الذاهبَ للثورةِ
في آبْ
حدثني عن بردِ القطبِ ونومِ
الأفعى
ناولني معطفه المطريَ
وغابْ
أينَ هو الآنْ .....؟
هل ينتظر الباصَ الذاهب للثورةِ ؟
أو ينتظر الباص الداخلَ للنسيانْ؟
1985 دمشق
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> تقاسيم
تقاسيم(51/75)
رقم القصيدة : 6805
-----------------------------------
1 شاعر
في كلِّ يومٍ
يوقدُ النارَ ويبكي
شاعرٌ حزينْ
شكوهُ للسلطانِ ذاتَ يوم
متهماً بالزندقهْ
وقبل أن يصعدَ للمشنقهْ
قد غصَّ في ضحكتهِ
:وقال
لم أعبدِ النارَ
ولكنْ أكتبُ الشعرَ
وحين لا أرى مَنْ يفهمه
أحرقُ أفكاري
وأبكي غربتي
1978 الكوت
2 قرنفلة
على الرصيفِ التقيا
رمى لها قرنفله
ارتطمتْ بالأرضِتحتَ العجله
اصطبغَالشارعُ بالدماءْ
لم تأبهِ السابله
1979 بغداد
3 بُركة
بركةٌ في الزقاق
تهمسُ الأمُّ في إذنِ طفلتها
تجلسُ الطفلة القرفصاء
تعبرُ الأمُّ صوبَ الزقاق
1979 بغداد
4 فضول
أراقبُ فجوةً في الأفقْ
أراقبُ فجوةً في الأرض
أراقبُ فجوةَ البابِ المطلِّ على
دهاليز الكلامْ
....................................
ولم أكُ بانتظارِ أحد
1979 بغداد
5 حالتان
تدخلُ في الزقاق
تصرخُ في الزحام
فيرجعُ الصدى
من غرفٍ مسدلةِ الستار
يخرجُ منها رجلٌ أنيقْ
يصطنعُ التزويقَ والحذلقه
وامرأةٌ فضفاضةُ اللسانِ والثياب
والنظرةِ الشبقه
فيرجعُ الصدى
من غرفٍ مطفأةِ الأنوار
......................... يرتسمُ الردى
تدخلُ في الزقاق
تصرخُ في الخلاء
فيرجعُ الصدى
كنجمةٍ محترقه
تضيءُ في المدى
أغنيةَ الحلمِ
الذي يخطو إلى مشنقه
1979 النجف
6 كمين
كغزالٍ
عند النبعِ تلفّتَ مذعوراً
وشباكُ الصيادِ تطاردهُ
والغزلانُ تطاردهُ ..........
يغترفُ أخيراً
..................
ماذا بعد الرجفةِ
والعَودِ إلى شركِ الصيادِ مطيعا ؟
.........................
.........................
كانَ الخوفُ ربيعا
1980 النجف
7 الأرض
كانتِ الأرضُ مستويه
فلماذا تميدُ وتنخسفُ
حينما ينطقُ الصمتُ في الزاويه؟
1980 الكوت
8 امرأة
امرأةٌ
تدخلُ الآنَ مملكتي
امرأةٌ
لا تجيدُ الغناءَ ولا الرقصَ
في غمرةِ الإنتشاءْ
حينما أحرقوا جسدي
رقصتْ فوقَ ناري
وغنتْ
كجاريةٍ ماهره
امرأةٌ
لم تكنْ عاهره
1980 النجف
9 حرب
قطرةٌ من نحاسْ(51/76)
سقطتْ من جبينِ النفيرْ
النعاسَ
النعاسْ
يستغيثُ الضميرْ
22 / 9 / 1980 النجف
10 حريق
وقفَ الشاعرُ في منعطفِ الليلِ
فمرتْ قرب عينيهِ غمامه
أمطرتْ جدباً وناراً
فاستغاثَ الخوفُ بالإطفاءِ
كانتْ من خراطيم المياهِ النارُ
تسقي ظمأَ الماءِ
وتعدو
دخلَ الشاعرُ في محبرةِ الصمتِ
وغابْ
حينما أدركَ في العمقِ قرارَه
1981 المحمره
11 أسوار
( لم يكتبْ عنها كافافي )
حينَ شرعَ البناؤون ببناءِ جدارٍ حولي
كنتُ أحلمُ باللبلابِ
وحين أشادوا السقفَ
صارتْ عندي زاويةٌ أرحلُ منها
وحين سمّروا النافذةَ
الوحيدةَ بقطعة خشبٍ أسود
فرحتُ - لأني أملكُ لوحاً -
في الصبحِ وجدتُ شرطياً عند البابِ
عندئذٍ أيقنتُ بأنَّ اللعبةَ متقنةٌ
1981 مشارف عبادان
12 طوفان
من سقفي جمّعتُ الأخشابَ
صنعتُ سفينه
حينَ رأيتُ الإعصارْ
لكنْ حينَ دعوتُ الأهلَ
،حبيبةَ قلبي
وطني
سخروا مني
فرفضتُ الإبحار ْ
1982 الكوت
13 غُراب
هذا أوانكَ
فاتخذْ من أيكةِ الليلِ سريراً
كل موسيقى العصورِ ستنحني
لنعيقكَ الفضيِّ
غرّدْ ما تشاءُ
فأنتَ أنتَ الطائرُ الأوحدْ
كنْ ما تشاءُ
فأنتَ ذاكرةُ الحقولْ
منْ قالَ إنكَ أسودٌ ؟
أفلا يَرَونَ جناحكَ الفضيَّ
في قَدَرِ الأفولْ ؟
1982 بغداد
14 مقام الليلْ كاهْ
الليلُ في الشرفاتِ يسعلُ شهوةً
إنْ شاءَ
يعدو تاركاً خلفَ المسافاتِ
إتقادَ العمقِ
أو طابتْ له الأحلامُ
ينصبُ خيمةً
أطنابها الشجرُ اليتيمُ
وقامةُ المجهولُ
يلعبُ بالنجومِ النردَ
يخنقُ ضحكةَ الباكين
1983 كرج
15 أصيل
تركَ الخببْ
مذْ كانَ مهراً جامحاً
نحو اعتلاءِ النجمِ يمضي
فاستبدَّ به التعبْ
نشطَ العنانَ بعنقهِ
كيلا يُعادَ الى اصطبلْ
أو أن يروّضَ كالخيولْ
هو لا يطيقُ سوى السهولْ مرعىً
ولا يعدو على نغمِ السياطْ
هو هكذا شَبْ
1983 طهران
16 الكوت
إلى : فرج شاوي
أنتِ ضيقةً
والقصيدةُ متسعي
قد أواريكِ
لكنني
سأسميك أرضاً
وأبقيكِ في اللامعي
1983 طهران
17 جدار
ما كانَ لي جدارْ(51/77)
أحفرُ في آجرِّهِ الركابْ
في ظلِّهِ أنتظرُ الزمانْ
أخطُّ في لوحتهِ صبابةَ الجموحِ
لكنني
وكلما اقتربتُ من جدارْ
ينهارُ تحتَ وابلِ الغيابْ
يردمني
يكسرُ ساقَ بوحي
1984 خرم آباد
18 خيانة
أبيحُ لكَ ما لم أبحْهُ لنفسي
قالت الزهرةُ للأريج
قالَ الكونُ للشاعر
قالَ الشاعرُ لحبيبتهِ
غيرَ أنَّ الزهرةَ ذبلتْ
الكونُ ضاقَ
وخانتِ الحبيبة
1984 طهران
19 الحقيبة
أيتها العربةُ التي حملتُها
كنتِ معي
في الطريق التي ضلَّ فيها الدليل
في الطريق التي ضنَّ فيها الدليل
في الطريق التي تركتني
هل ستبقينَ معي
حينِ لا تتسعُ الطرقُ إلا لمسافرٍ وحيد ؟
منَ سيحملُ الآخرَ
حينما لا تتسعُ عرباتُ النقلِ لمقعدين ؟
1984 طهران
20 قطار
إلى : كريم ناصر
سكةٌ تستطيلْ
والقطارُ ــ الذي غادرتهُ المحطاتُ
في غفلةٍ -
وصلَ الأفقَ مبتهجاً
في دواليبهِ
كانَ قلبُ
22 هوس
بصيفِ الروحِ
كنتُ أبخّرُ الكلماتِ
أتبعُها
حماماً غادر الأعشاشَ ــ لمّا
ينبتِ الزغبُ -
استحمتْ أوّلُ الرغباتِ
واغتسلتْ أمانيَّ - الهزالُ
بماءِ نشوتها
لتنتفضَ اشتهاءً مرةً أخرى
وتطفو
....................................
..كانتْ قبضةً من نارْ
... حاصرها الهشيمُ
وعنفوان الماءْ
1984 طهران
23 شتاء
رصيفٌ موحلٌ
مطرٌ
مظلةُ عاشقينِ
...............................
...............................
وقفتُ
عند شواطئ البركِ الصغيرةِ
أرقبُ الأوراقَ
يجرفها الحنينُ
إلى مرافئ ضحكةٍ غرقى
1984 طهران
24 غبار
أتكون الكأسُ الأخيرةُ فراشةً ؟
أم ريحاً ؟
في الحانةِ
الكأسُ سكرى تَعِبُّ رعافها
وأنا يقظانُ
أبعثرُ أوراقي لأجمعها
أتكونُ قصيدةً ؟
أم غمامةً
تهطلُ غباراً على رفوفي ؟
1984 طهران
25 مشهد
جبلٌ على رأسي
يئنُ من الدوارِ
تلفّهُ سبّابةٌ فقأتْ عيون السهل
......................
تخيلتُ الجبالَ نهودَ عاشقةٍ
وإذْ أمسكتُ حلمةَ صخرةٍ
نزفتْ حليبَ الشهوةِ العذراءِ دم
1984 طهران
26 هوس
حين ألقى السكونْ(51/78)
ورقَ اللغوِ
في لحظةٍ نزقه
قمرٌ للجنونْ
خطَّ وهماً على صفحةِ الليلِ
زنجيةً شبقه
1985 دمشق
27 خاتمة
حاء
ميم
ما أنزلنا هذا الحبَّ لتشقى
بل كي يسمو هذا الصلصالُ لذاكرةِ الغيبِ
حدوسا
كي يتدفقَ ماءُ الوجدِ
ويجري منأصلابِ الليلِ
وترائبِ زهراتِ الحلْمِ
شموسا
ولكي يسري هذا القلبُ
ويمضي نحو الولهِ الفضيِّ
يحدثني الصمتُ
بأنَّ الدمعَ سيقرعُ في هذا
الحبِّ
نحاسا
تصطفُّ الكلماتُ
وتلبسُ ثوبَ الإلحاد الصوفيِّ
وتهرعُ للطرقاتِ
لتبحثَ عن نجمٍ ينبئُها
أنَّ مجوسا
عادوا بالبشرى
فلتفتحْ أبوابَ قراكَ
وتقرعْ للحبِّ طبولا
فسيولدْ نهدٌ يتحدثُ في المهدِ
وسيلقي النجمُ مفاتيحَ السر بكفك
فاقرأ
إنا اعطيناكَ الصمتَ رسولا
1985 دمشق
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> تحت نصب الشاعر المجهول
تحت نصب الشاعر المجهول
رقم القصيدة : 6806
-----------------------------------
بينَ رحمِ الكلماتِ وسجنِ الرؤيا
وكان رحيلُ الشاعرِ
،تسعةُ أشهرٍ
وجاءَ خديجاً
وكمالِ المطلق
،عشقَ أمه
قتلَ أباهُ
في السجنِ كانَ يُشارُ إليهِ بأصابعِ الاتهامِ والتفردِ
ويكرهُ الأحرارَ - السجناءَ
فعشق الحرية
عشقَ امرأةً سرقتهُ من نفسه
منحتهُ ما
عشقَ الـ ( ما ) والـ ( لا ) وكلّ حروفِ الرفضِ
وظلَ كئيباً
ولنفسه : لا
فصار المعارضَ دوماً
وذهبَ لنفسهِ حينما طردتْهُ الأرضُ
يدخلُ حانَ الغرباءِ
ويمزجُ الرمادَ بكأسٍ
************
1
وجههُ ، ولم تحملْ أيةَ علامةٍ تدلُ
2
وبقايا لحمٍ محروقٍ وخارطةُالـ(عراق )
جميلةٍ لم تُشاهدْ من قبل .
تقرير آخر عن مصير الجمجمة
قالَ الشرطيُ : لنسجنها
وقالَ غريبٌ آخرُ : أنا أعرفها سأنقلها إلى ذويها
صرختِ الجمجمةُ : لا
ولله : لا
ولنفسه : لا
وللـ( لا ) : لا
فصار المعارضَ دوماً
ذهبَ للأرضِ حينما أخرجه اللهُ من مملكتهِ
وذهبَ لنفسهِ حينما طردتْهُ الأرضُ
وكسرَ بيضةَ نفسهِ حينما وجدَها لا تتسعُ لكلّ أحلامهِ(51/79)
وسافرَ بعيداً يحملُ في عينيهِ الرفضَ
وذكرى امرأةٍ علّمتهُ اللذةَ
في كلّ مساء
يدخلُ حانَ الغرباءِ
يحرقُ خارطةَ وطنهِ
ويمزجُ الرمادَ بكأسٍ
يشربها حتى الثمالةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من تقرير الشرطة الكونية
1
وجدتْ في أقصى الكونِ جمجمةٌ إنسانٍ لم يُعرفْ
وجههُ ، ولم تحملْ أيةَ علامةٍ تدلُ
على أنها لإنسانٍ من هذا العصر .
2
في المكانِ نفسهِ وجنب الجمجمةِ كانت كأسٌ فارغةٌ
وبقايا لحمٍ محروقٍ وخارطةُالـ(عراق )
وصورةُ امرأةٍ
جميلةٍ لم تُشاهدْ من قبل .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تقرير آخر عن مصير الجمجمة
قالَ رجلُ الدين : لندفنها
قالَ الشرطيُ : لنسجنها
قال الأثريُ : لنضعها في متحف الغرائب
وقالَ غريبٌ آخرُ : أنا أعرفها سأنقلها إلى ذويها
وحينَ همَّ بحملها
صرختِ الجمجمةُ : لا
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الهواء الأسير
الهواء الأسير
رقم القصيدة : 6807
-----------------------------------
نافذةٌ نصفُ مفتوحةٍ
للهواءِ الأسير
وذاكرةِ الضوء
هنا الليلُ مرَّ سريعاً
ببذلتهِ القرمزيه
وربطةِ عنقٍ من الليف
سارقاً ضحكَ أحزاننا في حقيبته
أين يرحل ؟
وهل يخلعُ الليلُ أسنانهُ اللؤلؤيةَ
حين
يمرُّ على حرسِ الصبحِ ؟
أينَ هو الآن ؟
قيلَ: رأوهُ قتيلاً
وقيلَ : اختفى عند عاهرةٍ
وقيلَ
وقيلَ
ولكن .........
أينَ أخفى حقيبتهُ ؟
أينَ أحزاننا ؟
نافذةٌ نصفُ مفتوحةٍ
للهواء الأسير
وذاكرة الضوءِ
هنا الليلُ مرّ سريعاً
ببذلتهِ القرمزيه
وربطةِ عنقٍ من الليفِ
يشهر نحوي مسدسهُ
ويبتزُّ مني مزيداً من الحزنِ
مزيداً من الاختناق
ولا شيءَ
غير الهواءِ الأسير
لاهثاً
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> صَيّاد
صَيّاد
رقم القصيدة : 6809
-----------------------------------
صيادُ سمكٍ عجوز
لا يرى أبعد من كفيه(51/80)
رمى صنارتهُ إلى السماءِ
وانتظرَ الشمس
1985 كوبنهاكن
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> نافذتان
نافذتان
رقم القصيدة : 6810
-----------------------------------
في ذلك الزقاقِ الضيق من العالم
الأضيق، كانت هنالكَ نافذتان ورموشٌ
تقطرُ أحزاناً وصبي يرشقُ
إحداهما بحجرِ البراءةِ
مازالَ الزقاقُ الضيق ضيقاً والعالمُ
أضيقَ غير أن النوافذُ بدأتْ تتسعُ
وتأخذُ مساحةً أكبرَ من الجدار
... والآن
وقد انصهرَ حديدُ النوافذِ وانهارتِ
الجدرانُ تحتَ وابلٍ من قذائفِ
النسيانِ ، لا تزالُ في ذاكرتي
نافذتان
وفتىً
يرشقُ النافذةَ الأخرى بالزهور
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> قصيدة العناصر
قصيدة العناصر
رقم القصيدة : 6811
-----------------------------------
الماء
فشلَ الماءُ في إطفاءِ حرائقِ الروح
فشلَ الماءُ في إرواءِ ظمأ الحقول
فشلَ الماءُ في تطهيرِ الأجسادِ المبتلَّةِ
بالوحلِ
فشلَ الماءُ..............
فراح يغسلُ نفسهُ من أدرانِ الأرض
واكتفى بالمسيرِ إلى الـ
م
ن
ح
د
ر
ت
الأرض
حينَ أبصرتِ الأرضُ زحفَ الخراب
هالها وجهها
فاستشاطت
ودارت على نفسها دورتين
نفضتْ خلقها
وتصابتْ
تعرتْ
:وقالتْ
هيتَ لك
يا مليكي الصغير
فأن أباكَ الذي في السماء
نا
ئم
ن
الشمس
تسّاقطُ أوراقُ التوت
تأخذُ حوائيِ واحدةً
أخذُ أخرى
لنعيشَ العصر الشعريِّ
ولكن في الشمس
النار
أيتها النار ..
لم يبقَ لهذي الروحِ سوى الكيْ
لست مجوسياً
لكنَّ النجمَ يحدثني
عن ظلماتٍ أبعدَ من هذا الليل
عن نجمٍ يُقتلُ في نافذتي
ونبيٍّ يعمهُ في الغيْ
أيتها النار ...
لم يبقَ لهذي الروح سوى ...
1985 دمشق
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الصديق
الصديق
رقم القصيدة : 6812
-----------------------------------
كانَ جالساً أمامي بوجههِ الكئيبِ وعودهِ الناحلِ
يبتسمُ إذ أبتسمُ ويعبسُ إذ أعبسُ
أتذكرُ أني رأيتهُ
مرةٍ حينما كنّا صلصالاً في شرفاتِ قصرِ اللهِ(51/81)
ومرةً أخرى في جهنم
لماذا اختارني من بين كلّ هؤلاءِْ الجالسين ؟
ولماذا لم يذهبْ مع مُحبي الكرة لمشاهدة التلفزيون ؟
أراهُ غريباً
ينفضُ عن رأسهِ أفكاراً كترابِ القبرِ
أقرأُ في وجههِ
ثلاثينَ عاماً من الحيرةِ
ثلاثينَ عاماً من الرحيل إلى مدنِ الحلمِ المغلقة
ثلاثينَ عاماً من السهر
يقرأُ كتابي
ويرتدي كفناً
لماذا غامت عيناهُ حين رآني أغازلُ تلك الشقراء؟
هل يشعرُ بالغيرةِ ؟
ــ أكرهكَ
يضحكُ ويتمتمُ بكلماتٍ لا أسمعها
والآن سأتركهُ يمارسُ اللعبةَ وحدهُ
ولكن حين خرجتُ
تذكرتُ بأني نسيتهُ
فعدتُ
وجدتهُ يبحث عني
بوجههِ الكئيبِ
وعودهِ الناحل
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الأمّهات
الأمّهات
رقم القصيدة : 6813
-----------------------------------
جئنَ من أقاصي حقولِ الحزنِ
تلوحهنَّ شمسُ المراعي وليل الخرافات
بأقدامٍ مشققةٍ كأرضٍ عطشى
ما كُنّأ لننامَ إلا على رائحة (الخضيرة)
ورائحةِ العرقِ الشبقي
كيف تعلمنَ الغناءَ وموسقةَ الحشرجاتِ على عيوننا؟
كيفَ تعلمنَ التحضير للثورةِ واتّقنَّ الخيانات ؟
كيفَ استطعنَالبقاءَ في غابة الآباء الموحشة ؟
..........................................
لماذا أسكرتنا الأمهات بـ ( ماء الغريب ) ؟
فصرنا نهذي بالوطن
لماذا عتقنَ بكاءنا ؟
فعتقنا فوضانا ونزقنا
لماذا قمطننا بحديدِ براءاتهنَ ؟
ألكي نحسنَ المشي في الطرقات المعوجة
ونجهل السير في الأنفاقِ السرية للروح ؟
نتشهى السجنَ
ولقد دعونا كلَّ ذوي الشوارب المفتولة والعصي الغليظة
عمومتنا
منحناهم ولاءَنا
فسرقونا حليبَ الأثداءِ ودفءَ الأفخاذ
حتى أبوابَ انعتاقنا سرقوها
مرددينَ ما يمليه وحيُ نبوءاتهنَ
ــ البرقُ الكاذبُ من الغيمِ الكاذب ــ
ــ والبادئُ أظلم ــ
لماذا كل ذلك قد حَدَثَ ونحنُ لم نفطنْ ؟
جئن من أقاصي حقول الحزنِ
تلوحهنّ شمسُ مراعٍ جرداء
وليلُ خرافاتٍ ساذجة
....................................(51/82)
....................................
أيها الطفل القادم بعدي
كيف تنام
دونما خرافةٍ
أو رائحةٍ شبقية ؟
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> 1002
1002
رقم القصيدة : 6814
-----------------------------------
ذلكَ المحاربُ الذي حفرتْ على جبينهِ الرياحُ الصيفيةُ بقعاً كالجدري
من أين جاءَ ؟
من أين جاءَ ... بخنجريهِ المنتصبِ والمعقوفِ
ــ الصاعد نحو نطاقهِ والمتدلي منهُ ــ
ضحكتْ مراهقةٌ
استنفرتْ كلابُ الشرطةِ
إلى أين سيمضي ؟
يشقُ البحر لتمرَّ قوافلهُ ــ بجِمالها وهوادجِ أعراسِ الحزنِ ــ
ينصبُ خيمتهُ في عراءِ البحرِ
يدقُّ الأطنابَ على الموجِ
ويركبُ حوتاً أحمرَ
يطوّحُ بالموجِ ويرحلُ في الأقاويل
ينقشُ على كوفيتهِ أمجاداً وهو الخاسرُ حتى الرملَ
يحاكي بناتِ الجنِّ اللائي يدركنَ خسارتهُ
يلقنهنَّ لغةَ القهرِ المنسيةَ في ذاكرةِ الموتى
والأحلامَ المتروكةَ في الأنهارِ المهزومةِ
فيرضعنَ حليبَ النجمِ
ويتدفأنَ بثلجَ الرعشات
يُخرجُ خنجرهُ الصاعدُ نحو نطاقهِ
تقفُ الموجةُ
تتعرى
تمنحهُ كلَّ أنوثتها
ويهربُ منه القمرُ المختالُ
كيفَ يمارسُ طقوسَ نبوءتهُ وهو الخاسرُ حتى صحراءَ الحلم؟
وكيف يدركُ ما في الغيبِ وهو الهاربُ من رائحةِ الصمت ؟
وحينما أخرجَ خنجرَهُ المشنوقَ بحبل نطاقهِ
منحتهُ الحورياتُ مفاتيحَ مدينتهنَّ
وألبستهُ مليكتهنَّ المتغطرسةُ تاجها اللازوردي
فصار الربَّ
قتلَ البحر بألفِ ليلةٍ
ــ كلّ ليلةٍ يغتصبُ موجةً ويقتلها في الصباح ــ
وفي الليلةِ الأولى بعد الألف
جاءتهُ الصحراءُ
:حدثتْهُ عن
محاربٍ حفرتْ على جبينهِ ]
الرياحُ بقعاً كالجدري وألبستهُ
الصحراءُ حلةَ القتالِ وودعتهُ عند
تخوم الفجر ، ومنذ أن
غادرها لاتزالُ تردُّ الخاطبين وتنظمُ
حبّاتِ الرمل قلادةً
[...... لجيدِ وليدٍ ثكلتهُ
في الليلةِ الثانيةِ بعد الألف
أخرج خنجرَهُ المشنوقَ بحبلِ نطاقهِ
وحزَّ وريدَهُ
......(51/83)
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> لوحات سويدية
لوحات سويدية
رقم القصيدة : 6815
-----------------------------------
1
نورسي سيدُ البحر هذا
فهل تلعبينَ معهْ ؟
تلعبينَ معهْ
أو تغوصينَ للقاعِ
بحثاً عن الطحلبِ المتعفنِ
كي تدخلي مخدعَهْ
لا تنطّي إلى البحرِ
إني أعلنتُ للمدِّ
أن يغلقَ البابِ دونكِ
أعلنتُ لليلِ
أن يخنقَ الآهةِ المُفزِعهْ
فأنا سيدُ البحرِ
يا ضفدعهْ
2
على كفي
ألقّنُ طائرَ الشهواتِ ذاكرتي
وأطعمهُ الأناملَ
وهي تكتظُّ بسيلٍ من رحيقِ الجمرَ
أثقفهُ الطعانَ
وكيف ينجو من شراكِ يدي
3
للحسرةِ إذ تزفرها الروحُ مطرٌ ورماد
قال الصوفيُّ الجالسُ تحتَ شجرةِ الحكمةِ
باحثاً عن ثقبٍ في الروح
وبيديه المصطبغتين بدماء الفكرةِ
تلمسَ صدرهُ
جرحٌ عميقٌ
ينزفُ منه الكون
نافذةٌ زرقاء
يدخلُ منها الله
4
في الليل تتفتحُ زهرةُ عباد الجمر
أدعو الفصولَ بألحانها
الشتاء
الصيف
الخريف
الربيع
5
يتساقطنَ كأوراقِ التوتْ
فبأيٍّ أتعرى ؟
أم ذاكَ خريفي ؟
وخيولي مسرجةٌ بالصوتْ
أرسمُ أحلاماً
أتقرى
أيّاً ستكونُ رديفي ؟
أيّاً تكتبني للذكرى ؟
أم
أيّاً في عينيها سأموتْ
6
بثيابِ الينابيعِ
تبدو الأميرةُ عاريةً
في الحقولِ تخطُّ على صفحةِ العشبِ ناراً
وتعبرُ قنطرةَ الجسدِ المتوقدِ
نهرَ حليب
وتمضي الأميرهْ
ستدخلُ بيتَ الينابيعِ
تسدلُ أستارها
وتفجرُ بركانَها
كي تضيءَ السريرْ
غير أن الأميرْ
يتدلّى بحبلِ الضفيره
1986 فايله
7
التقيتُ ظلالي
وكنتُ الذي لا يرى غير ما لامستهُ الأكفْ
وكدتُ أبوحُ بما اقترفَ العمرُ يوماً
ولم يعترفْ
ورأتني الظلالُ
وكنتُ أراها
وكلُ يرى وجههُ في المرايا
وأينَ التقاهُ
وأينَ وقَفْ
وحانَ الفراقُ
فكلٌ طوى ظلهُ
وانصرفْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> من لوح بابلي
من لوح بابلي
رقم القصيدة : 6816
-----------------------------------
لقد حانَ اليومُ وأزفتِ الساعة
سأهيبُ بالشمسِ فتتركُ شعاعها(51/84)
وأغطي بالظلام الدامسِ وجه النهار
فمَنْ ولدتهُ أمه في يومٍ ماطر
ستدفنهُ في يوم مسغبة
ومن مضى في طريقٍ مرويةٍ خضراء
سيتخذ في طريقِ عودته طريق غبارٍ ورمال
( من لوح بابلي)
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> بلقيس
بلقيس
رقم القصيدة : 6817
-----------------------------------
لم تغفُ منذ ثلاثةِ أيامٍ
أو منذ خريفِ الكرم المتعرشِ في الروح -
تجلسُ صامتةً
وتتابعُخطوَ العثّةِ في العرشِ
وخطوَ العثّةِ في الروح
ترنو للفجر الشاحبِ في المرآة
تسبلُ جفنيها
وتقبّل ذيلَ الهدهد
بلقيسُ مُتوجةٌ
بالنار
وأكاليل الفتنةِ
تغني :
........................]
الخ[ .........................
تسدلُ نافذةَ الصبحِ
وتخرجُ
يتبعها الألقُ الشرقيُّ
ورائحةُ الدمع
لم تغفُ منذ ثلاثةِ أيامٍ
أو منذ سقوط الشعر الأسودِ
في ذاكرةِ الليل -
يحملها عفريتُ الجنِّ إلى حانِ
الغرباء
تكتمُ حسرتها
تجلسُ فوق العرشِ المتضعضع
وتتابعُ خطوَ العثةِ في الروح
تثرثر ...............
تشطبُ يوماً من عمرِ الوردِ
وتكتبُ بالطلّ
- لم تغفُ منذُ ثلاثةِ أيامٍ
أو منذ خروجِ السيد آدم من
مملكةِ الله.
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> مفتتح
مفتتح
رقم القصيدة : 6818
-----------------------------------
زارني ( دجلةٌ ) في المنامِ فقلتُ :
- أيا سيّد العارفين بهذا الخرابْ
- أيّهذي المياه التي اصطبغتْ بالدماءِ ،
الحنينِ ،
القوافي
هل لكِ أن تُدلي المسافرَ نحو العراق ؟
أشارتْ إلى نجمةِ القطبِ قالت :
طريقُ المنافي
- والودائعْ .. ؟
- غانياتٌ سُبينَ لأرضِ المغولْ
واحتفظتُ بواحدةٍ
همستْ
فانتشيتُ بخمرِ الذهولْ
- هذهِ الأرضُ أُورثها الشعراءَ
يقيمون فيها جنانَ القصيده
بعدما مُلئتْ بالحرابْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> فواتح
فواتح
رقم القصيدة : 6819
-----------------------------------
1(51/85)
طللٌ لنا نبكيهِ أم نلغيه ؟ نحنُ سلالةُ الأطلالِ والأسلافِ .. نحنُ رسيسُ وهنٍ نحملُ الأسفارَ والأطلالَ ، فينا نشوةُ الماضين نحو أفولهم ، حزنُ الشجيراتِ الصغيرةِ في مسار الدمع ، نكتم ضحكةَ الباكين فوق منافض الكلمات ، تكتبنا وترسمنا لهم وعلى بقايا زهرةٍ يبكو
2
قمرٌ على الأبواب يرسمهُ الدجى
ويلوّنُ العتباتِ بالفيروزِ ،
يفتحُ كوّةَ الأطيافِ في نزقٍ تطلُّ على اندحار غزالةِ الرؤيا أمام نسور ظلمتهم وتلغي مهرجان اللونِ في صبحٍ تكللَ بالطيورِ والندى ..
قمرٌ على الأبوابِ يرسمهُ الدجى
ويلوّنُ العتباتِ بالفيروز ،
يكتبُ أبجدية سرّهِ المهزوم في لوحٍ تهشمَ صمتهُ العذريّ . تلك سلالةُ الطين المعفر بالسخامِ وبالحروفِ ، وبالحروفِ ــ سُلافةُ الأسلافِ ــ تكفيرٌ لكلّ خطيئةٍ ألقت بهذا الطين في وادي التمرد ، آهِ يا طينَ السلالةِ كم تبرأنا وها إنا نعود إليكَ نجمعُ من أريجكَ نف
قمرُ الردى
3
قمرُ الطفولةِ يقتفي أثرَ المحاقِ ،
على طفولتنا يخطُّ سحابةً صفراء أوهَمَنا فأعطيناهُ كلَّ الخيطِ فرَّ بنا ، فشاهدناهُ يغوي نجمةً عرجاءَ في التابوتِ يُدخلها ، وكنا نسمعُ الأرواحَ تعزفها الخطايا ... تلك كانت أبجديةَ ظلنا ، كنا نمدُّ الى الجذور يداً فنلمسُ موتها في الشمسِ ، جذوةَ نضجها الممتد
ابتهال
عَبَدَ اليمامةَ ... علّمتهُ غناءَها / فالشعرُ كانْ
عَبَدَ المياهَ ... فعلّمتهُ رحيلَها / فالنفيُ كانْ
عَبَدَ النجومَ ... فأقرأتهُ ضياءَها / فالدمعُ كانْ
عَبَدَ الحياةَ ... فأطعمتهُ قليلَها / فالموتُ كانْ
أسفاً عليهِ فلمْ يزلْ انسانْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> هكذا ابتدأ الجنون
هكذا ابتدأ الجنون
رقم القصيدة : 6820
-----------------------------------
ا
شاهدَ إنساناً بلا إنسانٍ ، شارعاً يمشي في أزقةٍ ضيّقةٍ ،(51/86)
زاحمَ مشاعرَ الوقتِ الساكنِ تحتَ لغطِ الخطواتِ وحطامِ الهواء ، الشارعُ يلتفُّ على الشارع ، والناسُ لا يتذكرون أصابعهم إلا في حضرةِ النهدِ النافرِ وسلخِ الوشمِ عن ظاهرِ اليد .. واليد لا تذكرُ قبضتها إلا في هذيانِ اليافطاتِ المسمّرةِ على سياجِ حديقةِ الحيوا
ب
جلسَ عند جثمانهِ الملقى عند ضفّةِ تمردَ الماءُ عليها ،
تتبعَ آثار حروقٍ في جسدِ الحقيقةِ وأحلامَ الزيف ،
ج
سار طويلاً يبحثُ عن نافذةٍ تعطيهِ العالم .. أو ترميهِ قتيلا ،
شاهدَ البؤسَ مناديلَ توضعُ في الجيوب ،
صدّقَ كذب الناس :
الساعة
والشمسُ ضياءٌ ودفء )
سمعَ همسات الناس " تمثالُ الطاعون "
د
شاهدَ القحطَ في كلّ سنبلةٍ والجوعَ عربةً تجرها خيولٌ متخمة ،
حينما تخطّى الصدقَ والكذب
فراح يتلمسُ الجدرانَ
صوت
لا يرى خلفَ كفيهِ غير الضبابْ
فانزوى تحتَ شرفتها الساهره
هل يرى شرخَهُ
لانسدالِ الجفونِ على الذاكره ؟
.. ماضياً
الساعة
لا يرى غيرَ شرفتهِ
خائضاً
السمكُ لا يعيشُ إلا تحتَ سقوفِ الماء
في رمالِ السرابْ
والشمسُ ضياءٌ ودفء )
شاهدَ تمثالَ الحريةِ .. هشّمهُ .. وقفَ محلهُ
سمعَ همسات الناس ـــــــــــــ " تمثالُ الطاعون "
د
- إذا غادرتِ الأشياءُ نفسَها ، يكبر الزمنُ
قال لنفسِهِ وغادر المدنَ يحملُ أسفاراً
دخلَ قرى جاثيةً عند روافدِ الظمأ العظيم ، خطوةٌ دفعتها الرياحُ إليهِ ... يوماً من سلالةِ الأيام .. كان يوماً للحصاد المر ،
شاهدَ القحطَ في كلّ سنبلةٍ والجوعَ عربةً تجرها خيولٌ متخمة ،
شاهدَ امرأةً من قشّ تذروها المحاريث ..
هـ
حينما تخطّى الصدقَ والكذب
لم يرَ الأرضَ على وجه الأرضِ
فراح يتلمسُ الجدرانَ
تسبقهُ عصاه .
صوت
.. واقفاً
لا يرى خلفَ كفيهِ غير الضبابْ
أمسِ ، نافذةٌ رشقتهُ بنرجسةٍ
فانزوى تحتَ شرفتها الساهره
هل يتابعُ ذاك الجدار ؟
هل يرى شرخَهُ
نازلاً
لانسدالِ الجفونِ على الذاكره ؟
.. ماضياً
لا يرى غيرَ شرفتهِ
خائضاً(51/87)
في رمالِ السرابْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> أحلام
أحلام
رقم القصيدة : 6821
-----------------------------------
يتناسلُ الضوءُ موجةً إثر موجة
على ذاكرة الفراغ
ينسجُ الرمادَ رداء فضفاضاً للعاصفة
التي تكسرُ ساعةَ السماء وتهدم أبراج النفس .
الحيرةُ هدأتْ
فجرادُ الشكّ اجتاح حقول السؤال
واهترأت الجداولُ
قضيَ الأمر
يتعفنُ الأرقُ
تسقطُ الكآبة
تصيرُ سريراً
حلمتُ .......
ا
حلمتُ أن الطبيعة جسدٌ منخور
حلمتُ أن للخبز روحاً تتحطم
والشعوبَ فتاتث الحطام
حلمتُ أن الخليفةَ نائمٌ والزمانَ ستارةٌ
وأنا أسكن الكتاب
أفاجئ الطفولةَ برصاصةِ السنبلة
- لكنّ الخبز مات
- هاتِ سنبلة الكتاب إذن
- ليس للكتاب سنبلة
- هات الأكفان
واتلُ صلاةَ النهر
واطلقْ أجنحةَ التابوت
لترحل ....
فربانُ الغيم يعزفُ على قيثارة الضفاف أغنيةً الغصون
- لا توقظِ الخليفه
لا تفتحِ الستاره
بل
لا تحصدِ الكتاب
صوت
لا تغسلْ العاصفه
في جدولِ الرمادْ
لا تدعِ الجرادْ
يرضعُ من سنبلةٍ راعفه
ب
حلمتُ أن الطبيعةَ حُبلى والشمسُ رئةٌ مثقوبةٌ
تنفثُ عصيّاتِ التعفنِ في عروقِ الرياح
ساحرٌ يجلدُ الأرضَ بسياطٍ من برق
يتحركَ الجنين
فتمطرُ السماءُ نجوماً وينكشفُ الحجاب
يومئ بعلامة الصليب
ويتلو ما تيسر من ( رأس المال )
يعود الشرقُ إلى شرقهِ
والغربُ إلى غربهِ
كلٌّ يلومُ نجمه
واليقظةُ ظامئةٌ
تطفو فوق منابع الخجل
سعالٌ
سعال
يمتلئ الهواء عفناً
الهواء الذي تخترقه وداعةُ الخطى الضالة
صوت
لم تحملِ الأرضُ
بل ورمٌ في الجوفْ
هل يولدُ الرفضُ
من صُلبِ هذا الخوفْ
ج
حلمتُ أني فزاعةٌ في حقولِ الوقت
جسدي خشبٌ وعظامي مساميرُ صدئةٌ
ينحدرُ الليلُ على ذاكرتي مثل قطيع ماعزٍ
وينسابُ عيوناً تتدفقُ بشهدٍ مرّ
يفتحُ في ذاكرتي نفقاً
ليمرّ قطار الساعاتِ المتهالكُ
نحو قرار بحيرة روحي
أهشُّ ... ولا يرعوي
سوى طيورِ النومِ
ونوّار اليقين
نقيقَ ضفادعَ
وطنينَ صراصيرَ شبقةِ(51/88)
أسمعُ لغطَ الفلاحاتِ
أرى أثداءهنَّ المنتفخةَ
وعيونَ الصبايا تنخرني
- عنين
لم أدركْ رجولتي
إلا حينما ضاجعتُ جنيّة الحقولِ
فانكسرتُ .......
صوت
يا هذا القمرُ الناعقُ في ذاكرتي
يدخلُ منكَ الحزنُ إليها
مثلَ طوابيرِ النمل
هل أفقأُ عينكَ ؟
أم أتدلى منكَ
لأشرمَ إذنَ الليل ؟
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> رؤية
رؤية
رقم القصيدة : 6822
-----------------------------------
1
يجنُّ خرابي
أيا ساحلَ الوردِ هلاّ أفقتَ على مبحرٍ ، لاتطاولُ كفاهُ عنقَ السواحلِ ، إذ تتلظى مياهٌ ويشتعلُ الأرجوانُ بشوق المناديلِ نازفةً للقاء الشفاهِ ، وحين يدبُّ دبيبُ المواعيدِ في نرجسِ العاشقين ....
يجنُّ خرابي
أرى نجمةً فوق صاريةٍ لا تضيء الطريق إلى مرفأٍ ثملٍ ، وأرى نجمةً في الفنارِ تخبئ ظلَّ قراصنةٍ وتُضلُّ المراكبَ ، تلكَ بغايا البحارِ وهذي بقايا سنين ....
يجنُّ خرابي
أدرْ دفّةَ الحزنِ نحو القرارِ ،
أدرْ دفّةَ العمقِ نحو السماءِ ،
فما بينها يا بن ماجد نأمنُ شرَّ الزوابع ،
إنا رسوْنا على ذنبِ اليأسِ ، يفضحنا رأسهُ هل ترى أن في الأفقِ شيئاً يلوحُ
سوى عثرةِ القادمين ....
2
ا - يصحو جنوني
يمتدُّ العالمُ ... يمتدُّ
وكلما يمتدّ يكون قابلاً للقسمةِ أو التشظي
وأنتَ المقسومُ أو المقصومُ
هكذا قالتِ الأرضُ
وهكذا تحججتِ السماءُ
حينما أزهرَ السباخُ في أرضِ الله .
ب - يروقُ خرابي
أيتها الوعولُ الشاردةُ من سهامِ الصيادين
إلى أين تسعين ؟
أيتها الأنهارُ العائدةُ الى منابعها والمحتفظةُ بتقاليدها العريقةِ
أين هو المجرى ؟
لا شيءَ
سوى قبضِ ريح
قالتِ الكفُّ العذراء
حينما لم ترَ في راحتها سوى سلاّمياتٍ لا تصلحُ لإمساكِ طيورِ الفطنة
3
لم يعدْ لي إلهٌ
لأدعوه يوماً لمأدبةٍ
فلعلهُ يلعنُ ساعةَ سكرٍ
رمتْ هذهِ الكأسَ في حانةٍ شربتْ دمنا ،
ويغيضُ بها الخمرُ عن أعينِ الشاربين ..
لم يكنْ لي أبٌ
لأقولَ لأحفادهِ أن يخطّوا على مرقدي(51/89)
( هو ذا ما جناهُ عليْ )
هي ذي صرخةُ الطفلِ
هذا الذي به بشرتمُ الأرضَ مبتهجين ..
لم يعدْ لي وطنْ
لأقولَ لهُ : كن شبيهي
لكي يشنقوكَ كما شنقوا الأولين ..
لم يكنْ لي مدار
لأقولَ لأرضي : قفي
واسائلُ أثداءَ نجمةِ عشقيَ :
مَنْ تُرضعين ..؟
4 - لم يبقَ لي خراب
لأقولَ : تلكَ سلالةُ الأطلالُ فينا ،
قد أتى زمنٌ عليكَ ترى سفينتكَ - الخطيئةَ ،
هذهِ الأرضُ التي عشقتْ دمانا ،
تطلبُ القربانَ - رأسَ نبي.
فخذْ يا نوحُ كلَّ رجولةٍ فينا
فمَنْ نبكيهِ
غيرَ سفينةٍ - طللٍ
وخلٍّ قد وفى العهدا ؟
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> خيبة عوليس
خيبة عوليس
رقم القصيدة : 6823
-----------------------------------
تطيرُ المدينةُ ، يتبعها طوفانُ الدمِ المتخثرِ في الروحِ ، أدخلُ خارطةَ الشجرِ المتسامقِ نسغاً يغيضُ ، تصير المدائنُ أقنعةً ترتديها حقولُ الغبارِ ، وزاويةً تتعثرُ بالعين ، خيطاً خجولاً يراودُ سمّاً يشاكسُ همسَ الحرير ، هبوطَ العناكبِ في جنةِ الوهمِ ..ذا
أفيقُ ...
أفيقُ ...
فلم تكُ أرضي سوى جسدٍ من سخامٍ وأطلالِ ذاكرةٍ ، لم تعدْ لي سماءٌ لأدفنَ وجهيَ بين النجومِ ، أُداعبُ خصلاتِ شمسٍ ، فهذي سماءٌ ملبدةٌ بالدخانِ ، ولم يعدِ القمرُ المُشتهى حلمةً بل غرابٌ يحومُ على جثّةِ الماء ...
أيُّ
المقابرِ
تقبلُ
جسمَ الغريبْ ...
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> مفتتح / رؤيا
مفتتح / رؤيا
رقم القصيدة : 6824
-----------------------------------
....... واقفاً أمامَ مرآةٍ طائشةٍ مرتدياً خوذةَ العاشقِ ومتقلداً سيفاً صدئاً يُقال له سيف المحال ... رأيتني قامةً من ورقٍ كُتبتْ عليها عناوين الفراغ . خرجتُ مني حاملاً فانوساً مثل جمجمةِ عجوزٍ مازال الشيبُ يلمعُ في ذؤابتها .. هبطتُ .. هبطتُ .. وبسيفي كنتُ
ناي حزينٌ(51/90)
كان يأتي من جهةِ الأفقِ فيسحبني من عناني ماضياً بي إلى كوخٍ يربضُ بين أنقاضٍ وجماحمَ ، مددتُ لساني لاهثاً تذوقتُ غموضاً حامضاً من الأطلالِ المعتقةِ ... كانَ صوتُ الناي يخفتُ شيئاً فشيئاً تحتَ أناملِ النعاس ... هيكلٌ عظمي جالسٌ وسطَ الكوخِ تتفرعُ منهُ أغص
صمتٌ
إلا وقعُ خطى العسسِ الذئبيةِ ، كانتِ الشمسُ تدخلُ دارة الحَمَل .
فجأةً
خببٌ هاربٌ وتكسرُ أضلاعٍ تحتَ أقدامِ الهواء ، وحينما أدنيتُ رأسي من الأرضِ كي أصغي إلى نبضها سمعتُ استغاثةَ طوفانٍ تحتَ قبضةِ الغَرق .... مددتُ يدي لنجدتهِ غير أني بدأتُ أغورُ شيئاً فشيئـ ...........................
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> مختارات
مختارات
رقم القصيدة : 6825
-----------------------------------
( ... )
في فضاءٍ ينهرُ الطائرَ إنْ همَّ
يرى
أرصفةً تعدو
وشمساً قاهره
وثنيٌّ ضاقَ بالصمتِ
ولغوِ الدائره
كلما راودهُ حلْمُ انعتاقٍ
قدَّ ايكاروسَهُ
من حجرِ الحدْسِ
وريشِ الذاكره
( ... )
ذاتَ ضحى
فرّتْ حبّةُ دمعٍ
من بينَ أصابيعِ رحى
ذابتْ في بحرِ مرؤءتها
كانَ الحرّاسُ يفلّونَ البحرَ
بحثاً
عن حزنٍ آبق
(... )
في القطارِ المكتظِّ بالأدغالِ
توجعني الفراشةُ حين تلامسُ روحي
وتوجعني روحي حينما تفرُّ الفراشاتُ
أقفُ
هيهات
الأدغالُ تعلو
أنبتُ في الممقعدِ كالدغلِ
أينَ يمضي القطارُ المكتظُّ بالأدغال ؟
( ... )
أمام القطرةِ
يودعُ صباهُ ويستقبلُ اليباب
أمامَ القطرةِ
يقرأ نوايا الأقدامِ
ومن وجههِ تنسلُّ خيوط النار
فيُطفأُ
كآخرِ عقْبٍ لسجين
ــ من مراثي نرجس ــ
( ... )
جسدي أمصارٌ مغلقةٌ
كلما حاولتُ فتحها
أسقطُ في الأسر
( ... )
نطّتْ كالدولفينِ من حوض المتعةِ
بقميصها المبتلِّ بالفراشات
عصرتْ ( روحي )
وتركتْهُ على حبلِ الغسيل
اهترأ القميصُ
ومازلتُ أرى حلمتينِ
معلقتينِ على حبل جنوني
فأطوفُ حولهما
( ... )
غرابٌ ؟
أم بجعٌ ــ محترقاً يطفو ــ ؟
أم(51/91)
قبعةُ عوليس ؟
( ... )
يرسمُ الطفلُ نهراً
وموجْ
ويمزّقُ كرّاسةَ الرسمِ
حين يفيقْ
على صرخةٍ لغريقْ
( ... )
في حانة الميناء
وفي الساعاتِ الأخيرةِ
يبقى الشعراءُ
يتواثبون على المناضدِ
طَمَعاً بجِزَرِ النادلة
( ... )
المهرجُ الزنجي
الذي يضحكُ الحانةَ في بُحرانه
كلّ ليلةٍ
ــ وحينما يقطفُ النادلُ المصابيحَ ــ
يسرقُ نديماً
ويختفي في الظلام
( ... )
يُدلِقُ الليلَ على روحهِ
حاناتٍ
ويمضي ...
أمّةٌ من نشوةٍ
تتبعُ آثارَ عصاهْ
فيرى :
سفناً تغرقُ في الوحلِ
ومرساةً تفلّي القاعَ
بحثاً عن خطاهْ
............................
يُغلقُ الجرحَ بقارِ الصمتِ
كي ينجو على لوحِ رؤاهْ
( ... )
الصاعقةُ التي هطلتْ عَلَي
لم تمشطْ شَعرَ أجمةٍ
ولم تحرقْ ظلامَ روحي
( ... )
في الذاكرةِ
أغنياتٌ لم يبللها مطرُ الجنون
كتمراتِ العبيد
( ... )
هكذا
مثلَ حطّابٍ أعمى
أطبخُ فأسي
وأدعو برابرةً لوليمةٍ من حساء الحديد
( ... )
في أعلى الشجرةِ
ورقةٌ محاطةٌ بأشواكٍ وعقارب
قالَ : لأجلسْ حتى يحلَّ الخريف
(... )
ظامئاً كانَ
تذكرَ الطوفانَ
فلم يرَ سوى حيتانٍ برية
( ... )
كلما تخيّلَ جُبّاً
رأى خيانة
( ... )
بكفيهِ المعروقتينِ
يمسّدُ شَعرَ القمرِ الساقطِ في حجرهِ
ــ ما خالهَ حلمةً أو كوّةً ــ
حتى ينامَ
فينسلُّ ( أبو العلاء ) هادئاً
وبشرفتيهِ المُطفأتين
يتلمسُ الهواءَ
ويسافرُ
رديفاً للطيورِ على صهوةِ الفضاء
( ... )
أضعُ راحتي على كتفي
وأعبرُ المدى
خطوةً
خطوتين
وفي الخطوة الثالثةِ
أتذكرُ
أين أضعتُ عينيّ
( ... )
جاءَ الحقُّ
ليبحثَ عن نجمٍ يهديهِ
زهقَ الأسمُ
الفعلُ
الحرفُ
لم يبقَ سوى الصمتِ العاوي
كخواءٍ في التيهِ :
تفوووووووو
( ... )
في مهرجانِ العراةْ
حين بدتْ الأرضُ في عريها
أوّلُ من قبّلَ أذيالها
النولُ
والشاعرُ
والمرآةْ
( ... )
ــ أين أضعتْ خطاك ؟
ــ تركتها في الفخ .
ــ وعينيكَ ؟
ــ بعد خطوتين على الطريق التفتُّ فلم أجد عيني .(51/92)
ــ وكيفَ اهتديت ؟
ــ دلّني عماي
وجرذٌ فيَّ
ينتظرُ جبنةَ النجمِ
حاسباً الشمسَ جُحراً
فالأرضُ قطّةٌ تتأهبُ
( ... )
أفُقٌ
يصحو على فأسِ ونايْ
وخطايْ
تقتفي آثارَ جرذٍ
ورؤايْ
نجمةٌ ألقتْ ظلالاً
وسياجٌ راكضٌ خلفي
عناقيدُ من الجمرِ تدلّتْ
ورصيفٌ شاغرٌ يرثي الخطى
وخطىً أسمعها
تمضي إلى هاويةِ الأفقِ
وأفْقٌ يعزفُ الغصّةَ بالفأسِ
على أحلامِ نايْ
( ... )
عصبوا عينيهِ
فقادَهم إلى حتفهم
ربطوهُ إلى عمودِ الكهرباء
فأضاء عتمتهم
وحينما رشقوا جسدهُ بالرصاصِ
صار ناي
( ... )
في الضحى
وقبل أن يطلقَ النارَ على روحهِ
أطلقَ إطلاقةَ تنويرٍ
وفي المساءِ
سار المشيّعون
( كأنَ كلّ شيءٍ على ما يرام )
وحدهُ القمرُ
كانَ مثقوباً
( ... )
لم يبقَ لهذا السجينِ
سوى
أن يداعبَ أنوثةَ زنزانتهِ
بنبلةِ الشعاع
( ... )
في الظهيرةِ
امرأةٌ ــ في الثلاثينَ من عمرها ــ
تفتحُ البابَ
تسقي الممرَ
وتطلقُ للأفقِ عصفورتينْ
.........................
الممرُ الرخاميُّ
لم ينبتِ العشبُ فيهِ
ولا الأفقُ
ردَّ إلى الصدرِ عصفورتيهِ
والصبيُّ
ــ الذي في الثلاثين من عمرهِ الآنَ ــ
أدركَ أن التي ( ............................... )
لم تعدْ تفتحِ البابَ
تسقي الممرَ
ففي الروحِ عصفورةٌ ذابله
( ... )
في غمرةِ الكشفِ تنسى
وتلهو بقراءةِ نقوشٍ على كوزِ لذتها
هذهِ الروحُ
هذهِ الروحُ صغيرةٌ
صغيرةٌ كنبوءةِ عصفور
( ... )
الدرويشُ
معلمُ الأنهارَ أبجديةَ المطر
ذات يومٍ
أجلسَ ساقيةً ـ نسيتْ درسها ــ
على ركبتيها
وراح يجلدُها بطلعٍ يابسِ
غير أن الساقيةَ النزقةَ
تسلقتْ سماءَ أوراقهِ
وبالتْ عليه
( ... )
لماذا لم أمتدحِ الظلامَ ؟
الظلامَ الذي يوقظُ نردَ صحوي
على امرأةٍ
تشقُّ جدارَ جلدي
وتأتيني بسابعِ مستحيلاتِ الضياء
...........................
لماذا لم أمتدحِ الظلامَ ؟
الظلامَ الذي يرمي غاباتٍ من النشوةِ
على كفّي
وأنهارَ شعرٍ
..........................(51/93)
لماذا لم أمتدحِ الظلامَ ؟
الظلامَ الذي يحجبُ عني ثقيلي الظلّ
وينيرُ وجهَ صديقي
صديقي الذي يرمي نردَه
منشغلاً
بغاباتٍ
وأنهارٍ
وامرأةٍ
تأتيهِ بسابعِ مستحيلات الضياء
.............................
( ... )
دونما ارتباكٍ
دونما رعشةٍ
انـ ... سـ ... لا ... لٌ ... بطـ ... يء
إلى حيثُ تختفي العزلةُ
والآن
سلَّ خنجركَ المتحفزَ
واطعنِ الحياءَ طعناتٍ سريعةً
اخفِ الجريمةَ بالاتقان ِالذي بدأتَ
وتسللْ ...
رعشةٌ خفيفةٌ في الجسد
وقطراتٌ من دم الروح
لا يهم
ستختفي حالما يرتفع صدرُ الحياء
ويعطشُ خنجركَ
وهكذا
المرةَ تلو المرة
حتى تضمحلَ الرعشةُ
عندما تضمحلُ أنتَ نفسك
( ... )
تستدلُّ بجرحٍ مضيءْ
تنحني الروحُ
كي تلقطَ الأرضَ
هيهاتَ
هيهاتَ
في قبضةِ الروحِ لا شيءَ
إلا عثرةُ السيلِ
أو حفنةٌ من زمانٍ رديءْ
..............................
تستدلُّ بجرحٍ مضيءْ
ترتقي الروحُ
ترفو السماءَ بلبلابها
وتعودُ
ولم يتركِ النجمُ مسكاً
بجلبابها
بل هواء صديء
.........................
تستدلُّ بجرحٍ مضيءْ
تنحني الروحُ
أو
ترتقي
فعلى ساحلِ الليلِ
يحترقُ النايُ من شغفٍ
للذي لا يجيءْ
( ... )
طارتِ الملكه
حفرةٌ في الفضاءِ
هو الوهمُ
أو في السريرْ
قفصٌ للجهاتِ
فإنْ طرتَ
أو غرتَ
كنتَ الأسيرْ
ــ موكب الملكة ــ
( ... )
عربةٌ
يجرها الثعبانْ
ومنجنيقٌ
يقصفُ القمرْ
ــ موكبُ الخليفة ــ
( ... )
بنتُ أميرِ المؤمنينَ في الطوافْ
تسألُ عن شاعرِها المليحْ
تهديهِ شرخاً في جدارٍ
كي يكونَ له ضريحْ
ــ موكبُ الأميرة ــ
( ... )
هل يرتقي سلالمَ الصبوةِ
أم
يهبطُ نحو شرفةِ الحدْسِ ؟
يحلبُ ضرعَ الأرضْ ؟
ويملأُ الدلاءَ بالمسِّ
ــ موكبُ الشاعر ــ
( ...)
أوقدتُ أغنيتي
كي استضيءَ بها
وفي حطاميَ
لم أعثر على جسدي
أعمىً
تلمستُ أعراسي
فلم أرَ حنّاءً لمعنايَ
أو طيناً
يعيدُ إليَ سريَ
أو يدي
لم اهتدِ
بشراعٍ
لا يكبّلهُ برٌّ
ولا لجّةٌ تغريهِ بالنزقِ
غيّرتُ قافيتي(51/94)
حينَ انتهيتُ إلى
البحرِ العسيرِ
ولي
سفينةٌ غرقتْ في راحةِ الكأسِ
والنوتيُّ سكرانُ في شدوٍ
وفي شبقِ
طفقتُ
أتبعُ ظلاً لا يطاوعني
وامتطي مهراً
يعدو
وخلفه أمهارٌ
على الورقِ
ــ من خطبةٍ لدونكيشوت ــ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> قفص العنقاء / خاتمة
قفص العنقاء / خاتمة
رقم القصيدة : 6826
-----------------------------------
في العراءِ المهندمِ
النوافذُ تغدو سجناً وفي ذاكرةِ الأشياءِ تتسعُ خلواتٌ شاغرةٌ ، الطائرُ الذي فكّرَ بالهربِ صدتْه الجهاتُ قبل شروعهِ ، الجهاتُ الأسيرةُ التي تنتظرُ القمرَ ، القمرَ الزائرَ الجريء الذي يتسللُ كلَّ مساءٍ بين النوافذِ كي ينكثَ روحَه ويوزعها خيوطاً للجهاتِ ، الج
العراءُ امرأةٌ عاريةٌ ، نسيتْ ( الجهاتُ ، النوافذُ ، الطائرُ ، القمرُ ، ... الخ ) نفسها في حضرتها لتقيمَ موتها تمثالاً .
العنقاءُ انزوتْ في قفصها الرمادِ تراقبُ العراءَ وهوسَ النوافذِ الشبقةِ .
أقتفي أثري ، بوصلةٌ عاثرةٌ تشيرُ إليَّ .. فأضيعُ .. دلّني يا عراء !
قلتُ للجهاتِ الأسيرةِ ( آسرةِ الطائرِ المتمرد ) : اندفعي !
قالتْ : ليس خلفَ العراء فضاء .
قلتُ للعنقاءِ : اخرجي !
قالتْ : ليس بعد الرمادِ عشبٌ .
قلتُ للعراء : تعرَّ
قالَ : عرائي الذي يجعلُ سجنكَ أكثرَ إلفةً ورحمةً ... أنتَ المنعتقُ بي ، أسيرُ مفاتني .
ــ ولكني أسير! ؟
ــ لأنكَ لم تتسعْ مثلي
ولأنكَ واسعٌ بلا جهات
ولأنكَ بلا قمرٍ مشاكس
ولأنكَ أنتَ .....
أنتَ المقتفي أثركَ مثلَ عتبةٍ حرون ، وإن تهربْ تهربْ مثلَ نفقٍ ، تظنُّ أن لصحرائكَ نسغاً يسعُ مرورَكَ ، أيها البحّارُ الضريرُ ، الظامئ مثلَ قدحٍ ، أيةُ بوصلةٍ ستقودُ المراكب إليكَ ؟ وأنتَ المتعثرُ بمركزكَ
الدائرُ حولكَ
الراسمُ موميائكَ
الحافرُ هاويةً في الروحِ
حينَ تميطُ لثامَ آثاركَ تجدني وأنى ترحلْ فأنا غربتكَ ، أنا الدمُ المتصاعدُ في شرايين تمثالكَ ... وسياجكَ الأليف .(51/95)
حينما أغراكَ الإبحارُ نسيتَ بأن القاعَ مقبرةٌ شرهةٌ ، أغراكَ صراخَ لؤلؤةٍ أسيرةٍ فأطلقتَ سراحها لتسكنَ الصَدَفَةَ ، بحثتَ في جماجمِ الغرقى عن فكرةٍ تحملها إلى جُزرِ الكلامِ ونسيتَ أنّ الفضاءَ تنخرهُ عثةٌ تعزفُ الخرابَ بقوسِ قزحٍ ، تسوقُ قطيعَ فراشاتٍ إلى
نسيتَ
نسيتَ سفينتكَ المحملةَ بالفكرةِ والفراشاتِ وصولجاناتكَ المرصعةَ باللآلئ . كنتَ
كخالقٍ ضريرٍ يضيء نسلَ الجاحدين ....
والآنْ
اقرأْ ماذا كُتبَ على جبينِ اعصاركَ :
تسكن بي
تحيطكَ جهاتي
أيها العنكبوت المتواطئُ مع القمر .
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> بانتظار قصيدة
بانتظار قصيدة
رقم القصيدة : 6827
-----------------------------------
ليسوا طواحينَ أهواءٍ * لكنهم يدورون حول أقطابهم * وحول سماواتِ الوهمِ الذي ما اقترفته أحلامهم يدورون * يدوّرونَ أفلاكاً حَسْبَ مشيئةِ الأحرار ( مُتْ بغيظكَ ) * أسئلتهم لا تُحدُ * وجرائرهم تترى :
* لم يناموا بيقينٍ
* لم يتشبثوا بمنخورٍ
* لم يقفوا عند مطلقٍ زائلٍ ببعدهِ
* لم يطأطئوا حدْساً أمام سطوةٍ متكلسةٍ
في الرؤوس المواظبةِ على استمناء الرحمة
* ولم .............................
جرحُهم يتوكأُ على نزفهِ * وكنهرٍ يتسلقُ سفحاً * هناك في الذُرى يقفون * لا ينتظرون مَنْ يملي عليهم عهداً فلهم ألواحُ زندقتهم بها يسترشدون * محفوظةٌ * لن يكسرها غيظاً أو طيشاً * إنما هم هناك في مهبّ الريح ينقذون الهواءَ من التسوس * ويبحثون عن أحلامٍ في وحلِ
حسبهم أنهم ينتظرون ....
1/1/1991
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> Deadline
Deadline
رقم القصيدة : 6828
-----------------------------------
بندولُ الساعةِ شمسٌ سكرى
وأنا عودُ ثقابٍ أعزلَ
أحتكُّ بجدرانِ الحدْسِ
جسدٌ مكسوٌ بالحمى
يكتبُ ذاكرةً
لليمونِ التائبِ عن قداحِ الأمسِ
مئذنةٌ قلقه
في هذي الليلةِ أكتظُّ عواءً
ودبيبُ دبابيسَ برأسي
15/1/1991(51/96)
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> شلالات
شلالات
رقم القصيدة : 6829
-----------------------------------
في الزمانِ الضريرْ
حملَ الكُردُ تفاحةَ الكونِ
ساروا
استعاروا
خطوةَ الماءِ في السهلِ
واتّبعوا أثرَ الحلمِ
لكنهم
ما استداروا
حين كان الزمانُ الأخيرْ
يستديرْ
مرةً
مرتينِ
ثلاثاً
إلى آخرِ القهرِ
يخفونَ آلامهم في الطريقْ
يحرسونَ القناطرَ والشمسَ
فالليلُ يعبرُ
لكنهم نائمونْ
قرْبَ أحلامهم والحريقْ
الجبالُ التي أشفقتْ
والجبالُ التي أُحرقتْ
حدّقتْ
كانَ في النارِ أكرادُها
يقتفونْ
أثرَ الماءِ للهاوية
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الوهم
الوهم
رقم القصيدة : 6830
-----------------------------------
يبتدئُ الوهمُ
لكنَّ سرعانِ ما ينتهي بالمحالْ
كيفَ يبتدئ الوهمُ
أو ينتهي بالمحالْ ؟
ها أنا
أتوهمُ أن السؤالْ
بابُ أغنيةٍ ثمّ أوغلُ في الوهمِ
أحفرُ
أحفرُ في الأغنياتِ
أنقبُ عن غجرٍ ضائعينْ
أو قبائلَ قانعةٍ بالزوالْ
ثم أمضي إلى آخرِ الوهمِ
( أي للمحالِ )
وأبحثُ عن أمّةٍ
وئدتْ في القفارِ
فانفضُ عنها الرمالْ
هكذا
يبدأُ الوهمُ أو ينتهي
هكذا
شاعرٌ حائرٌ بقصيدتهِ الواهمه
قاضماً غيظَهُ مثل أخرسَ
يبحثُ في حانةِ القصْدِ عن خاتمه
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> إملأ الفراغات ياجمال
إملأ الفراغات ياجمال
رقم القصيدة : 6831
-----------------------------------
إلى : ج مصطفى
يستيقظُ الحلمُ
يتلمسُ السلالمَ للصعودِ إلى ......
- عليهِ أن يختارَ ما بينَ الصعودِ إلى هاويةِ الحدْسِ
أو الهبوطِ نحو شرفةِ الإيقاع
...............................
هناك :
صحارى شاهقةٌ
كثبانُ بدوٍ تسدُّ السلالمَ للطابقِ الأعلى
خطىً تخرجُ من مزاغلِ الرملِ
وبيقينِ مسدسٍ
ترسمُ فسحةً بين تأريخين
................................
وهنا :
يستيقظُ الحلمُ
يتلمسُ السلالمَ للصعودِ إلى شرفةِ الهاوية
..............................(51/97)
ولكي يسبحَ الضوءُ في فسحةِ الروحِ
ولكي أبعدَ المساءَ
أدعو جمالاً ليملأَ الفراغاتِ بالهذيان
ونضللَ حماقةً ترتكبنا
...........................
..........................
ها نحنُ
وقد خرجنا تواً من الموشور
منكسرينَ ( طبعا )
نبتدئُ يومنا بـ :
مديحِ الرافضِ
ورثاءِ المكسورِ
وهجاءِ المُعتمِ
والتشبيبِ بالنار
" مسكينٌ أيها المزمعُ الرحيلَ إلى الحبشة حيثُ يقيمُ آلافُ الشعراءِ مبتوري السيقان ، تاجروا بالسلاحِ والعبيدِ وأفلسوا ، هناكَ يجلسون في عراءِ القصيدةِ ينتظرون اللهَ في نهمٍ .....
أو مسكينٌ أيها العائدُ من الحبشةِ كأسيرٍ يروي نكاتٍ عن الموتِ الجبانِ ومجدِ الهروب .... "
لكنَّ الحلمَ الذي شعرَ بضحالةِ الجمالِ وسماجةِ الإطناب
بكى
كانت عيناه تذرفانِ ناراً
وكنّا صامتين نحدقُ إلى البحرِ
وفينا ضوءٌ يشطحُ على قباب الماء
حالمينَ
بأننا نرفو وجهَ الله.
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> من مراثي نرجس
من مراثي نرجس
رقم القصيدة : 6832
-----------------------------------
هلوساتٍ
كانتِ الصورةُ في ذاكرةِ الماءِ
رحيلاً
كانَ صوتُ الماءِ في ذاكرةِ الصورةِ
موتاً
كانتِ الأشياءُ في ذاكرتي
ربما تعترفُ المرآةُ بالأخطاءِ
أو
تغترفُ المرآةُ من أخطائنا
ربما فاتَ الأوان
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> CNN
CNN
رقم القصيدة : 6833
-----------------------------------
هياجُ عارٍ لأرضٍ متسوسةِ الأسنانِ تضحكُ أطلالاً
فزعٌ يلطخُ الفراغ
نُصُبٌ للخوفِ ومداخنُ من صخبٍ
سفنٌ لقراصنةٍ تجوبُ الضحضحاح
أمٌّ تهدي طفلتها أقراطاً من نار
طفلٌ يولدُ في تابوت
.........................
........................
كلّ ليلةٍ
أسمعُ جذوري وهي تحفرُ في الحلم
فأتيقنُ بأني سأزالُ حياً
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> ك ..... منفى
ك ..... منفى
رقم القصيدة : 6834
-----------------------------------
شارعٌ(51/98)
يكتظُّ برعاةٍ منتعظين كثيرانٍ
وأرصفةٌ
تُرغي شحاذين وحواةً وشرطة
هكذا يبتدئُ المشهد
ثمّ ......
تمرُّ شاحنةٌ محمّلةٌ بتماسيحَ تمدُّ أعناقها خارج القضبان ، أتذكرُني متأبطاً رأسي أدندنُ معناي كشحّاذٍ يملّحُ طعناتِهِ ــ يا لحماقةِ السندان ــ خارجاً من الزحامِ الذي يقرظُ موتاهُ ، ضائعاً كنقوشٍ على مدخنةٍ . مرةً سقطَ قوسقزحٌ فامتطاهُ الصبي، عضَّ على دش
ظلامٌ يعمُّ المشهدَ ، يختفي ( الأنا ) ويبقى ( الهو ) وحيداً في دائرةٍ من ضوء شاحبٍ سرعانَ ما تعمُّ عتمةٌ ويضاءُ ( الهو ) يجلسُ وحيداً فيختلقُ الحكايةَ ، وفي عتمتهِ يكوّر للحظةِ شمساً . يطمئنُ نفسهُ " بينَ لحظةٍ وضحاها ... " فيبتدئُ الأملَ شكّاً مبطناً ب
لم يمتْ ،
لكنّهُ أصيبَ بخيبةِ أملٍ أبدية
هكذا ينتهي المشهدُ
ثمّ ...... أضربُ النافذةَ بقبضةِ روحٍ معربدةٍ
لماذا كلما ينامُ المنفى تنسلُ الذكرياتُ تترى كشكوكٍ ؟
أنا وذاكرتي جيادٌ محشورةٌ في مصعدٍ عاطل
أو كخزّافٍ يجمّعُ رؤوسَ أحلامهِ في خزانةٍ مثل كيزانٍ
أنصتُ
لهتافِ موتى يتسلقون التلالَ
وصراخِ ( سُدى ) مطعونةٍ
كلما ينامُ المنفى أنسلُّ خارجاً
أصفّرُ كخائفٍ في عتمةٍ
أو كقفصٍ محايد
يتكررُ المشهدُ
واقفٌ
كفزّاعةٍ أهشُّ على بناتِ الحياءِ
واضحٌ
كشمعدانِ في شبّاكِ عاهرة
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> العالم الجديد
العالم الجديد
رقم القصيدة : 6835
-----------------------------------
فلكيٌّ أعمى
يفتحُ نافذةً لمداهْ
فيرى :
أمكنةً غاضتْ
وخرائبَ فاضتْ
وزماناً ينهارُ
إلى آخرهِ .....
الفلكيُّ الأعمى
يرسمُ خارطةً برؤاهْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> زيارة
زيارة
رقم القصيدة : 6836
-----------------------------------
في الطريقِ إلى المقبره
كانتِ أجسادهم مثل سعفٍ
من الخوفِ يرتعدون
وكنّا صغاراً
نقلّد أحزانهم
جلسوا عند قبرٍ نديّ الترابْ
عزفوا دمعهم بالنحيبِ
وعادوا
وهم يضحكون
وبالَ(51/99)
- الذي كانَ في وجههِ الحزنُ أمضى من السيفِ -
بين القبور
وكنّا صغاراً
نقلّدهم
نتقافزُ بين القبورِ
ونضحك
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> عاصفة الصحراء
عاصفة الصحراء
رقم القصيدة : 6837
-----------------------------------
بالظلمةِ مقرورةً أتدفأُ
وأعوي في الصحراءِ بلا قمرٍ
لا سقيفةٌ أساومُ فيها وجعي
وأحتمي بها من ميازيبِ دمٍ
تهطلُ في الصحراء
ولا كعبةٌ خضراءُ أحطمُ فيها لاتَ فرارِ
غريقٌ يتشبثُ بأفعى
هنا أو هناك
على أوراقٍ كاظمةٍ طلقها
أبحثُ في ( سكْراب ) حروفٍ
خلّفتها قافلةُ الطفولةِ
وفي العتمةِ
أقضم فاكهةَ الحلمِ
وأرقبُ زهرةَ الأبجديةِ تتفتحُ
لتضوعَ مراثيَ
في العتمةِ عارياً كنتُ
معلقاً بلا شيء
هنا أو هناك
على طريقِ كويت - بصرة
سكْرابُ جيشٍ
وأشلاءُ عراقيين يعلوها الصدأ
الكلابُ تندسُ بينها تبحثُ عن نياشينَ
أولئكَ الهولاء
سندباديونَ عادوا مهزومين من البحر
أو
غجرٌ ينامونَ على جمرِ ناي الرحيل
هنا أو هناك
الليلةَ
أنوءُ بحملهم
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> مشهد / حلم
مشهد / حلم
رقم القصيدة : 6838
-----------------------------------
بابٌ وحيدٌ في صحراء
والشحّاذونَ طوابيرَ
طوابير
ينتظرونَ الله
فجأةً
تفتحُ البابَ امرأةٌ عاريةٌ
فتندفعُ أمواجُ دلافين .
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> (......)
(......)
رقم القصيدة : 6839
-----------------------------------
كخندقٍ
يعتقُ أسراهُ
وينسلُّ هارباً من دبكةِ الدمِ
آنَ لكَ أن
تنسلَّ من هذا الزحامِ
كخيطٍ أبيٍّ
ينسلُ من سجّادةِ الطريق
وفي العراءِ
لا تدعِ القصيدةَ تستظلّ بعوسجٍ
قفْ
ترَ الطريقَ قارباً مثقوباً
محمّلاً بالسعادين
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> جهانيم
جهانيم
رقم القصيدة : 6840
-----------------------------------
مراثي نفسي
كسجينٍ
يوتّرُ روحَهُ
( .. )
نفسي
( .. )
تفتحُ أبوابها فيدخلُ الخواء(51/100)
ضعْ نفسكَ على المنضدةِ
أرى الغرفةَ وقد اكتظتْ بالأفكار
مكتنزةٌ روحي
بانتظارِ مرورِ الله
فالغبيُّ من يحتسي نفسَهُ
حكمةٌ شاهقةٌ
( .. )
مَنْ رأى شجرةً حافيةَ الجذور
وطنٌ أعزلُ إلا من خرائبهِ
صراخٌ يتعالى
ضفادعُ تنقُّ
أرواحُ الذين سبقوني إلى مستنقعِ النور
( .. )
أأندبُ الخطى راكسةً في القير ؟
( .. )
ناسياً خطواتهِ مدفونةً في النهار
( .. )
وفي الظلمةِ تسللتُ واستمنيتُ نفسي
( .. )
تأبى التحكيمَ
النفسُ المطمئنةُ
( .. )
( .. )
آجرةً
في البردِ والمطرِ
( .. )
..............................
يا نفسي
يا سليطةَ المجاز
( .. )
عند الهذيانِ
تنتصبُ غريزةُ المعنى
( .. )
مَنْ رأى شجرةً حافيةَ الجذور
هاربةً من غاباتِ الشارع ؟
تلكم نفسي
( .. )
وطنٌ أعزلُ إلا من خرائبهِ
يدخلُ عتمةَ العالم
صراخٌ يتعالى
( .. )
ضفادعُ تنقُّ
تنقُّ
أرواحُ الذين سبقوني إلى مستنقعِ النور
( .. )
كبوةٌ واثقةٌ من خطاها
وهمُ العكاز
( .. )
هل تُفضي هذهِ السلالمُ إلى الأبد ؟
أو إلى المتاهة ؟
( .. )
أأندبُ الخطى راكسةً في القير ؟
أم أندبُ الظهيرةَ سادرةً بحرِّها ؟
( .. )
من ورقٍ أصفرَ - في لحظةِ حزنٍ ــ أصنعُ مخلوقاتي الكسولةَ الفارغةَ ثم أنفخُ فيها من غضبي حتى تهتاجَ فأجعلها أنداداً وأصبُّ لعناتي ... وأختفي في المجاز
( .. )
الحنينُ ليلٌ يسري
ناسياً خطواتهِ مدفونةً في النهار
الحنينُ امرأةٌ تبحثُ في مقبرةٍ عن خاتم
( .. )
نفسي جسدٌ يلصفُ جنوناً
( .. )
من أولِ صرخةٍ عشقتُ نفسي
وفي الظلمةِ تسللتُ واستمنيتُ نفسي
ثم كرهتُ نفسي
( .. )
نفسي سردابٌ تفوحُ منهُ أسرارٌ شبقية
( .. )
لذّاتٌ خارجةٌ على نفسي
تأبى التحكيمَ
وتعلنُ :
لا حكمَ لغير الرغبة
( .. )
النفسُ المطمئنةُ
يسيلُ الصدأُ من أقفالها
( .. )
الخساراتُ أنهارٌ نافقةٌ في روحي
( .. )
آجرةً
آجرةً
تبني الألمَ
حتى يصلَ سقفَ البوح
( .. )
في البردِ والمطرِ
عاريةً كانتْ(51/101)
تبحثُ عن ملجأٍ في القصيدةِ
وحينما ولجتهُ إنهارَ سقفُ الألمِ عليها
( .. )
...............................
..............................
( .. )
يا نفسي
يا عاهرةً
يا سليطةَ المجاز
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> القصيدة الأخيرة
القصيدة الأخيرة
رقم القصيدة : 6841
-----------------------------------
إلى كافافي مرةً أخرى
حينما عادَ الصبيُّ أومينيس
شاكياً :
" آهٍ .. كم هو عالٍ سلّمُ الشعر "
نصحهُ ثيوكريتس :
" ضعْ كلمةً
فوقَ كلمةٍ
فوقَ كلمةٍ
ثم أعرجْ حيثُ يقيمُ الشعر "
في اليوم الأول
جاء أومينيسُ يحملُ ورقةً كَتَبَ عليها :
" وطن
وطن
وطن "
ابتسمَ ثيوكريتس إشفاقاً
والصبيُّ الذي أدركَ المغزى
عادَ في اليومِ الثاني يحملُ ورقةً كَتَبَ عليها :
" أنا
أنا
أنا "
ضحكَ الحكيمُ ساخراً من الـ ( انا ) الغضروف
عندها لم يعدِ الصبي
حتى وجدوهُ يغطُّ في موتهِ
وعلى صفحةِ دفترهِ الأولى كُتِبَ :
" صمت
صمت
صمت "
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> رماد
رماد
رقم القصيدة : 6842
-----------------------------------
كشراعٍ يتعثرُ بالظلِّ
أنا الظلُّ
مَنْ يبغي ترويضَ الشك
أنا الساحةُ والمضمارُ
تروضني امرأةٌ فُستاناً للعرس
ِ
تنامُ
وتتركني كالزئبق في محرار الشهوة
مُختنقاً
وأنا النصلُ
،أطنبت
أنا الطبشورُ الهاذي
،أقصرت
أنا الممحاةُ
أنا اليقظةُ
مقفرةً
والنومُ المحلُ
أنا الموزون
ُ
أنا المُختلُّ
أنا البياض
الهاربُ من فوضى
الفصولِ ونزقِ الفرشاة
ها أنا
واقفٌ على شفا الأرضِ
حجراً أسودَ في العراء
أنا البياض
ُ
أنا المتآكلُ بالفوضى
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> مسافة الغناء
مسافة الغناء
رقم القصيدة : 6843
-----------------------------------
كيف لك أن تستجمع ريشاتك المهدورة في فضاء رجراج ؟
والنسور أمامك تتفلى في شمس مدارها الواضح
قال لي صنوي الذي مات منذ قرون
"عليك أن تخفي قرادك أولا تحت الزغب(51/102)
ولا تبحْ بسرّ قوادمك حتى تستطيل "
زغب
قوادمُ تستطيل
تحليقٌ
يتهيأ العارف بمسافة الغناء
كييلتقطَ بمنقارهِ الغيبَ حلماً
حلماً
زغب
ٌ
قوادمُ تستطيل
تحليقٌ أعرج
اكتملت الدائرة منذ آدم وسور الحين .
إلى سور الذاكرة وسورك
انفرطت اذن معارفك مثل
حبّات الرمان على سطح الزئبق
كيف لك أن تستجمع ريشاتك المهدورة في فضاء رجراج ؟
قال : اخرج
ْ
من نعومة الصفن إلى فخ العالم
هيأتك النسورُ ذخيرة فخّ لغزالة أشهى
( وحين تعود سالما ( وهذا ما يحدث مصادفة
غيّرْ مدارك
اجعلْ الشمس تدخل مرآتك من غربها
وغيّرْ الفصول
لكن
إياك أن تتذكر نعومة الصفن
فإنك في درب الصدّ
وأني هيأتك لنسورٍ أخرى
تسمع هديل الطائر في المرآة
وأنا
لم يعد لي متسع للتذكر
لا الصفن
ولا صنوي الذي مات منذ قرون
فلم يعد الزغب زغبا
غير أن للقراد الذي في دمي
رائحة تثير شهوة القرش
لا فرق إن كنت )لقمة أو مائدة عامرة )
فالأقاليم على مائدة الجنرال تبدأ بقرية
والشوكة بلا قلب ... ( تماما كالسمكة
غير أني ) وأنا اللقمة )
حينما أطرق باب الدنيا متسولاً كسرةَ حب أو
فتات لذة
تصفق الأشجار أبوابها
ويغلق الغيم نوافذه
.فأموتُ بالغصة
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> حسين قسّام النجفي
حسين قسّام النجفي
رقم القصيدة : 6844
-----------------------------------
سنجاب الكلام
جَفّ الغري
تناسلتْ جبّانةٌ
وأنتَ في شغل عن
الماضين والآتين ْ
شراعك المبحر في الفراغْ
من ورق الهيل ِ
ومن ملابسِ العراةْ
قسامْ
كيف استطعت أن
تصيدَ الليلَ في الظلامْ ؟
كيف استطعت أن ترى ما لا ....؟
- لا تُسألُ
القصيدةُ
عن قاصدٍ قد زاغْ
قبطان الكلام
(ذهب عتيق)
تترجلُ الظلالُ عن حصيرة الظهيرة
فأرٌ جلسٌ على مقعد خيزران
يرتدي ملابس الحرس
ويغوي الشبابيك
(ماس عتيق)
وأنت تنوءُ بزكائبِ اللحى
تسائل الوقتَ
لماذا يصفن الصمت ؟
لماذا المئذنة أطول من قامة اليقين ؟
(حذاء عتيق)
الأرضُ حذاء الحفاة(51/103)
يتوسدونها حينما يتعبون
وإنْ غضبوا
يرمونها في وجه مغضبيهم
ولكن
لا أزرار لشرخ الروح
7/4/1990 فايله
حسين قسام النجفي ( 1898 ــ 1960 ) :شاعر شعبي عراقي عاش بالنجف، له ديوانان مطبوعان هما ( سنجاف الكلام ) و ( قيطان الكلام ). يمتاز شعره بطرافةٍ وسخرية لاذعة
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> زهرة
زهرة
رقم القصيدة : 6845
-----------------------------------
في الدفاترِ
يبحثُ عن زهرةٍ
كيفَ للقلبِ أن يستدلَّ إليها ؟
وينصتَ للعطرِ
أو يستميلَ الصبايا
ليدفنّها في القميصِ المُطرّزِ بالنارِ
هذا المساءُ طويلْ
طفلةٌ سرقتْ منهُ أوراقَهُ
ثم مدّتْ إليهِ من الوصلِ حبلَ ندى
غير أن مساءً طويلاً
يعرّشُ في الروحِ
والأغنياتُ تفيقُ على حلمٍ مستحيلْ
أ تُرى
كان يبحثُ عن زهرةٍ في الدفاترِ ؟
أم
كان ينبشُ أسرارَهُ الغامضه ؟
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> قصيدة مضادّة
قصيدة مضادّة
رقم القصيدة : 6846
-----------------------------------
بسكاكينَ مخضلّة ٍ
تنحتُ جدواكَ
أيها الجمال
أيها الجمالُ القذر
يا عنقودَ العنب
يا حامض
علِّ
أنتَ والسماء بعريشةٍ واحدة على خط البصق
آنَ لنا أن نوصد الخارج
ونجرجر الضوء إلى شرفاتنا بعيداً عنك
أيها الجمال
يا عتيق
يا مسخرة الأطفال
يا قفا البارحه
ها إنك تنحت جدواك ثدياً
يرتعش من الدفء بعيداً عن أصابعِ المعنى
أيها الجمال
يا بعيراً أجربَ يحرنُ في العين
أيها الجمالالناقص
كعظيمٍ بخصية واحدة
أو كنهدٍ مُسرطَن
أيهذا الجمال
ياقذر
....................................................
....................................................
رغباتنا
يخنقهاالاستمناء
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> ياصاحبي
ياصاحبي
رقم القصيدة : 6847
-----------------------------------
على شاطئ الروحِ نورسةٌ
تستريحْ
تفلّي السماواتِ
تبحثُ عن سرِّ صمتِ النبوءاتِ
في نجمها
وعلى أفقِ الفجرِ(51/104)
فانوسُ حلمٍ غريقٍ
وما من مغيثٍ
سوى
موجةٍ لاتراهُ
وقبضةِ ريحْ
على شاطئ الروحِ نورسةٌ
تستريحْ
وعلى الضفة الثانيه
شاعرٌ يكتبُ اللازمانَ
ويجترحُ المجدَ للروحِ
أغنيةً صامته
شاعرٌ كانَ يحتضرُ
مذْ قرونْ
ليكونْ
غير أنَّ
القوادمَ مكسورةٌ
والخوافيَ مقرورة
والنسورْ
تتصيدُ همسَ المكانْ
جونثانْ!!
- منْ يعشْ في المكانِ يمتْ
منْ يعشْ في الزمان يمتْ -
هكذا قالَ لي صنوُ روحي
فطرْ
في فضاءٍ فسيحْ
على شاطئالروحِ نورسةٌ
تستريحْ
تستريحُ
وفي صمتها صوتٌ حلمٍ
جريحْ
8 / 6 / 1996 دمشق
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> خطأ صحيح
خطأ صحيح
رقم القصيدة : 6848
-----------------------------------
سوفَ لن ....
خطأٌ شائعٌ كشيوعِ الخطأ
سوف لن ....
هل سأركلُ سوفَ التي لن تجيء
ولن سوفَ أنتظرَ الفجرَ
كلَّ انتظاري
ولن سوفَ يرجعَ لي هدهدُ الحلمِ
بالصمت
ِ
أو بالنبأْ
حيثُ
لاتَ مكانَ سبأْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> غناء فحسب
غناء فحسب
رقم القصيدة : 6849
-----------------------------------
رحلتْ موجةٌ
فرأيتُ على صفحةِ الماءِ وجهيَ
قلتُ الرحيلُ إذن
غير أنّيَ أدركتُ - في اللحظاتِ الأخيرة -
أن الزوارقَ غارقةٌ في الرمالْ
وسوسَ الوهمُ ثانيةً
فلتسرحْ زوارقَ ليلكَ
في الدمعِ
وارحلْ
إلى أيّما جهةٍ
سيوسوسُ في روحكَ الوهمُ
ثالثةً
ثم رابعةَ
ثم تنسى السؤالْ
( إلى أين)
،كل الجهاتِ افتراضٌ
حنينٌ إلى قادمٍ من زوالْ
مثلما عدتَ ( للبحرِ ) ــ بعدَ
القطيعةِ ــ ثانيةً
ستغادرهُ
- وهو عذبٌ أجاجٌ -
وتنسى
نعمْ
سوفَ تنسى
ولن تبصرَ الماءَ
لو يرحلُ البحرُ
لا
موجة
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> مكابدة
مكابدة
رقم القصيدة : 6850
-----------------------------------
في العتمةِ ، أغمضُ عينيَّ
أرى قمراً نائي
فأمدُّ إليهِ يديّ
أصافحهُ
لكنّ ذئاباً تنهشُ جسدي
فتفيضُ دمائي
حتى أغطسَ
أغطسَ
في قاع اللوحةِ
مغموراً بالفيضِ
هناكَ(51/105)
أرى قمر الألوانِ يضيء سمائي
فيضوعُ ردائي
بمسكِ دمي
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> المعنى
المعنى
رقم القصيدة : 6851
-----------------------------------
طرقاتٌ لاتصلُ المعنى
قلْ:تتعثرُ
قل:طرقاتٌ سبقتها ضللتِ الخطوةَ
قل:كان الوعدُ دليلاً أعورَ
قل ما شئتَ
ولكنْ ......
طرقاتٌ لاتصل المعنى
قد توهمكَ الساحاتُ ،
لهاثُ الماضين ،
صوىً حائلةٌ ،
الصمتُ على أرصفةِ محطاتٍ غادرها الركبُ
زقاقٌ يلتفّ كثعبانٍ نائم
..............................
فتظنُ بأنك أنتَ الواقفُ وحدكَ
لكن ..................
طرقاتٌ لاتصلُ المعنى
إذ
لا معنى
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> اليَّ وحدي
اليَّ وحدي
رقم القصيدة : 6852
-----------------------------------
تعجزُ أن تجترحَ لنفسِكَ كذبةَ صدقٍ
تعجزُ أن تقترحَ لأمسِكَ تأريخاً
تمحو
وتضيفَ
وتستبدلَ أعوامَكَ ما شئتَ
تعجزُ أن تستشرفَ أملا
تعجزُ أن تزهدَ
أو تلهو
أن تصبحَ قدّيساً
أو تغدو
نذلا
.........................................
.........................................
ها أنتَ الليلةَ
وحدكَ
تجلس بين ركامِ الأجناس
نبياً خجِلا
تعجزُ أن تتأمل
أو تسهر
أو تأخذ كلَّ حبوب الفاليومِ
وتغفو
أجلا
تعجزُ.....
لكنّكَ تلعبُ بالكلماتْ .
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> بخفّي حنين
بخفّي حنين
رقم القصيدة : 6853
-----------------------------------
فاضَ الغريقُ على انحسار الماءِ
والصيادُ
عادَ بلا يدينْ
تركتْهُ واحدةٌ
وسارتْ قبلهُ
وتخلّفتْ أخرى
وراءه
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> ابوالطيب
ابوالطيب
رقم القصيدة : 6854
-----------------------------------
بأمانٍ حافيةٍ
تسعى
ألدير العاقولْ ؟
أم ماخورِ الورد ؟
نشفَ الريقُ
وضباعُ النارِ تهرُّ عليكْ
فإلى مَ ستسعى ؟
ألأنكَ حاوٍ ؟
أم أفعى ؟
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> جحيم
جحيم
رقم القصيدة : 6855(51/106)
-----------------------------------
لَهُم
في كلّ منحدرٍ فخاخٌ
تحتَ كلّ شجيرةٍ
وعلى الروابي
تنحني لَهُمُ الجبالُ
لكي يمرَّ ظلامهم
خطواتهم تطفو إذا سارتْ
ولم تتركْ سوى وحلِ الظلامِ
ووغرةِ الأنفاسِ
تتبعهم ضباعٌ من حديدٍ
تقتفي أثرَ البغامِ
وصرخةِ الوردِ الجريحِ
وأنتَ !!
تبحرُ
آملاً أن تدركَ
السفنَ
- التي غرقت
ونوحاً
- ضاع في طوفانِ نوحٍ-
!!أنتَ
مَنْ ؟
لوحٌ
تسوسَ
وأمّحى
ماخطّهُ الرُبّانُ لحظةَ يأسهِ
من حكمةِ الغرقى
!!عليهِ
وأنتَ
مَنْ ؟
يا زهرةَ العاقولِ
لا ضاعتْ
ولا
ضاعتْ
ولا تُهدي
سوى طوفانِ نارٍ
ضلّ مجراهُ
فطرْ (
إن كنتَ يوماً ذا جناحٍ )
ياغزالاً
طرْ ............
لَهُم
في كلّ منحدرٍ فخاخٌ
تنحني لَهُمُ الجبالُ
لكي يمرّ ظلامهم
سهلاً
لَهُم
ما في الخياناتِ
وما في الرفضْ
لهم ...............................
.وعلى فنائكَ قادرون
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الراقص
الراقص
رقم القصيدة : 6856
-----------------------------------
دخلَ الحلبه
راقصٌ ــ أهيفُ الطولِ ــ
تحسدهُ الفتياتُ
ويحسدنَ مَنْ سوفَ يختارها للسريرِ
ولكنهُ
ظلَّ وحدهُ يرقصُ
يرقصُ محترقاً
وهو يصعدُ
يصعدُ مخترقاً
صمتَ أغنيتي
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> المنبت
المنبت
رقم القصيدة : 6857
-----------------------------------
لم يكنْ غيرَ بقايا شمعةٍ
كانتْ مضيئه
حاولتْ أن تطفئَ الشمسَ
فذابتْ
كتبَ التلميذُ في كرّاسةِ الإنشاءْ
قالَ شيخٌ هدّهُ المنفى " بحزنٍ " :
ليسَ للمنبتِّ جذرٌ في السماءْ
***
كانَ للشاعرِ حلماً
كانَ للمنفيِّ نجماً
كانَ في شطحةِ صوفيٍّ ملاكاً
كانَ
ياما
كانْ
وأخيراً ماتَ ايكاروسُ
ماتْ
بعد أن أنكرهُ الإنسانُ
والطيرُ
وحتى الحشراتْ
،قيلَ في مستنقعٍ حاولَ تقليدَ الهوامْ
،قيلَ في متحفِ آثارٍ
وقيلْ ..............
ــ يضحكُ الضابطُ في كلّيةِ الأركانْ ــ
***
ماتَ ايكاروسُ
ماتْ
ماتَ مجهولَ النوايا والمكانْ(51/107)
***
ــ لم يكنْ
ــ ..........
ــ هل كانْ ؟
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الى فاتح المدرس
الى فاتح المدرس
رقم القصيدة : 6858
-----------------------------------
...... ما هي إلا بضعُ لوحات
وينعتقُ المكانُ مُحلّقاً في اللازمانِ
ويبلغُ الفنانُ ذروتهُ
ويغرقُ كلُّ شيءٍ في البياضْ
...... بضعُ لوحاتٍ
ويكتملُ ( المسيحُ )
وربما تأتي القيامةُ
،والوجوهُ نديةٌ
خجلى
وثمةَ مَنْ يرى سبباً
لتأجيلِ النهايةِ
...... بضعُ لوحاتٍ
لتفرحَ ( ابنتي ) بقدومها
قبل القيامةِ
...... بضعُ لوحاتٍ
ويمتلئ الوفاضْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الى عبد الوهاب البياتي
الى عبد الوهاب البياتي
رقم القصيدة : 6859
-----------------------------------
.... و
" " هل غادرَ الشعراءُ ...
يقولُ
ويغفو على صدرِ طاولةِ السُكرِ
طفلاً
يطاردُ ألوانَ دائرةِ القمرِ البابليّ
وحينَ يفيقُ
- قبيلَ فواتِ الأوانِ بثانيةٍ -
يُزرّرُ معطفهُ
ويلملمُ أحلامهُ
ويغادرُ معتذراً
والندامى على حافةِ الكأسِ
يختصمونَ
وحينَ تتعتعهم نشوةُ السُكرِ
أو صحوةُ الموتِ
يفترقونَ
- بلا أملٍ في اللقاءِ -
ولكنهم يلتقونَ
- وفي كلّ منفىً -
بطفلٍ
يطاردُ ألوانَ دائرةِ القمرِ البابليّ
:يرددُ
"....... " هل غادرَ الشعراء
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> متاهة الوقوف
متاهة الوقوف
رقم القصيدة : 6860
-----------------------------------
زورقٌ من كلامٍ ، عتيقْ
يبحرونَ بهِ في الظلامِ
إلى الضفّةِ الثالثه
،يوعدونَ الغريقَ بطوقِ نجاة
يبعثونَ الرسائلَ للجزرِ النائيه
في الصباحْ
تلوحُ بيارقُ عودتهم
وعلى صمتِ أشرعةٍ مزقتها الرياحْ
يكتبون
خيبةَ الأغنيه
ومراثيَ نوح الغريقْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> بصيرة
بصيرة
رقم القصيدة : 6861
-----------------------------------
أتبحثُ عن ملجأٍ بعدَ هذا الرحيلْ ؟
أتبحثُ عَمَّنْ يُدلكَ نحو اختراقِ الحدودِ(51/108)
وكنتَ الدليلْ ؟
أمازلتَ تبحثُ عن شاخصٍ لاحَ في الأفقِ يوماً ؟
فحدّقْ
ترَ الأفقَ مازال .......
يا صاحبي
ما أضعتُ السبيلْ
ولكنْ
أصبحَ الأفقُ موضعَ شكٍّ
وكفَّ البصر
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الصديق
الصديق
رقم القصيدة : 6862
-----------------------------------
ما عادَ يأتيني
مُحمّلاً بالريحِ والأشجارْ
بالماءِ والنساءْ
ينقرُ مثلَ بلبلٍ مجنونْ
زجاجَ ذاكرتي
.........................
ما عادَ يأتيني
ــ وكانَ لي ظلاً ــ
فربما يظنُّ أن زوجتي تحسبهُ الضرّه
أو لا يحبُّ ضجّةَ الأطفالْ
.........................
بالأمسِ فكرتُ بأنْ أدعوه
لحفلةِ احتضاري
بحثتُ في خزانتي فلم أجدْ
قُصاصةً بيضاءْ
كانَ سريري بارداً كالقبرْ
نمتُ
ولم أنتظرِ الصديقَ يأتيني
إذْ
ما عاد يعنيني
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> سراب مالح
سراب مالح
رقم القصيدة : 6863
-----------------------------------
يفركُ الشهوةَ كي يسطعَ نهدٌ
عابثاً
يُنشبُ أظفارَهُ في جمرتهِ
يشحذُ السكينَ كي يرتشفَ النكهةَ
من جرحٍ مضيءْ
يملأُ الكأسَ رعافاً
بانتظارِ القادمِ الضالعِ بالتيهِ
وفي مشكاتهِ الفانوسُ يخبو
مثلما الموتُ البطيءْ
ها هوَ الزائرُ قد جاءَ
على السلّمِ وقْع الخطواتْ
خطوةٌ
تقتربُ الآنَ
وكفٌّ أوشكتْ أن تطرقَ البابَ
ولكنْ
لن يجيءْ
يرتدي نظّارةَ العتمةِ
يمضي
وعصاهْ
تجلدُ الشكَّ الذي ضلَّ اليقينْ
هكذا
إذْ
ينطلي الوهمُ عليه
بعناقٍ هادرٍ يحتضنُ الأفعى
ينامْ
والكوابيسُ تصيءْ
حينما يدركُ سرَّ اللعبةِ الخرقاءِ
يَلغى بالعبثْ
يطعنُ الماءَ
ويبكي
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> Norremarken مقبرةُ
Norremarken مقبرةُ
رقم القصيدة : 6864
-----------------------------------
،الشواهدُ بيضاءُ
مجهولةٌ
وسواسيةٌ مثلَ أسنانِ مشطْ
- أتذكرُ بيتاً منِ الشعرِ لابنَ نويرةَ -
جاءتْ عجوزٌ
أزاحتْ بقفّازِها الصوفِ(51/109)
ثلجاً تراكمَ من ليلةِ البارحه
،وضعتْ باقةَ الزهرِ
منديلَ دمعٍ
وأيقونةً أو صليباً
وغابتْ
بينَ جدرانِ آسٍ وسروٍ
تُرى
يُدركُ النائمُ الآنَ في الرمسِ
ما أوحشَ الثلجَ فوقَ الشواهدِ
ما أوحشَ الآسَ
!والخطواتْ
،هنا
كلّما اجتازَ مقبرةً
يقرأُ الفاتحه
( ولا الضالين ...... )
ويمسحُ وجهَهُ
مُستدركاً
مَنْ تبقّى إذن ؟
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الغبار
الغبار
رقم القصيدة : 6865
-----------------------------------
بعدَ عشرينَ عاماً
تكونُ ابنتايَ تحررتا من عقالي
وكفّتْ عنِ الدقِّ في هاونِ اللغوِ إمرأتي
لن أقاضي الحياةَ
لما اقترفتْ من خطايا
ومن سوءِ حظٍّ
ولن أحسبَ العمرَ بالربحِ
أو بالخساره
.........................
.........................
حينذاكَ
سأُخرجُ مخطوطةَ العمرِ ،
،أنفضُ عنها الغبارَ
،أدوّنُ ما فاتني أن أدوّنهُ
وأعطَرُ بالهيلِ أنفاسَ أغنيتي
.........................
إيهِ يا صاحبي
Kierkegaard
بعدَ سبعينَ عاماً إذن
سوفَ أمسكُ طرفَ الحقيقةِ
أو ربما طرفَ وهمٍ جديدٍ ،
أعودُ طليقاً إلى غابتي
وسأفتحُ أزرارَ صدري
لتسكنَ في رئتيَّ الرياحُ
ولكنْ
.........................
.........................
ربما سوفَ يُنكرني الوحشُ
والظبيةُ - الأمُّ
والعاهره
!!ويدي
لن تعودَ يداً
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الغبار
الغبار
رقم القصيدة : 6866
-----------------------------------
بعدَ عشرينَ عاماً
تكونُ ابنتايَ تحررتا من عقالي
وكفّتْ عنِ الدقِّ في هاونِ اللغوِ إمرأتي
لن أقاضي الحياةَ
لما اقترفتْ من خطايا
ومن سوءِ حظٍّ
ولن أحسبَ العمرَ بالربحِ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الحانة-1
الحانة-1
رقم القصيدة : 6867
-----------------------------------
سمعتُ غناءً
فدخلتُ
كانتْ أنوارُ الحانةِ خافتةً
لم أرَ ندماناً أو غلماناً
ورأيتُ كؤوساً ترتفعُ
وتنزلْ
:ناديتُ
أيا نادلُ
!هاتِ الكأسَ(51/110)
:أجابني صوتٌ
يا هذا الغافل
اخلعْ جسمَكَ
وأدخلْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> القطا
القطا
رقم القصيدة : 6868
-----------------------------------
أمضي
فأقطعُ فرسخاً من صمتِ صوتي
نائماً أمشي
ومحنياً لأقتنصَ القطاة
كان القطا يقِظاً
يجمّعُ صوتهُ ضدي
ليسخرَ من رعونةِ خطوتي
في مثل هذا الليل
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> النهر
النهر
رقم القصيدة : 6869
-----------------------------------
حلمٌ يؤويني
فأخافُ عليهْ
أبحثُ عن ليلٍ أعمقَ
أدفنهُ فيهْ
قمرٌ مجنونٌ يرقبني
في الصبحِ
أراني
أبحثُ عن حلمٍ في تيهْ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> وهم
وهم
رقم القصيدة : 6870
-----------------------------------
يجلسُ في حديقةِ الوهمِ
يكتبُ عن نافورةِ الفراغ
قصيدةَ الرذاذ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> تأمل
تأمل
رقم القصيدة : 6871
-----------------------------------
الشمعُ أعوجُ
والظلامُ
هو الصراطُ المستقيمُ
ونبلةُ الضوءِ التي اخترقتْ سمائي
أنبأتني
أن هذي الروحَ حُبلى بالغبار
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> إلى إديت سودرجران
إلى إديت سودرجران
رقم القصيدة : 6872
-----------------------------------
على قمّةٍ شاهقه
حيثُ لا تصلُ الطيرُ
ثمةَ شاهدةٌ لغريبٍ
ونايٌ تصفّر فيه الرياح
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> صلاة
صلاة
رقم القصيدة : 6873
-----------------------------------
لي جسدٌ ماجنٌ
يُهدي إلى السماءِ موبقاتهِ
ومن جنوني
فكرةٌ تسطعُ في الرأسْ
ناصعةَ البياضْ
فتستديرُ نحوها الزهورُ
والآفاقُ
والشمسْ
أصرخُ من بئرِ مجوني
ياإلهي
هدّني السيرُ إليك
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> الجسد
الجسد
رقم القصيدة : 6874
-----------------------------------
تستوي النارُ على عرشِ الجسدْ
كإلهٍ مُستبِدْ
حاولَ العاشقُ أن يُطفئها
برضابِ القبلاتْ
حاولَ الصوفيُّ أن يُطفئها(51/111)
بترابِ الصلواتْ
حاولَ الشاعرُ أن يُدلقَ نهراً
فَغَرقْ
بيدَ أن النارَ تزدادُ أوارا
أحرقتْ كلَّ الجسدْ
فتوارى
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> سياحة
سياحة
رقم القصيدة : 6875
-----------------------------------
!!سنمضي
إلى أينَ نمضي ؟
ألم نقفِ الآنَ في آخرِ الأرضِ ؟
سيدتي
سوف نمضي إلى الأفْقِ
أو نستديرُ معَ الكرةِ الدائره
هل بدأنا المسيرةَ ؟
ها إننا في الفراغِ ندورُ
ندورُ
وقوفاً
ونحصي خرائبَ أرواحِنا الحائره
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> السرّ
السرّ
رقم القصيدة : 6876
-----------------------------------
كلمةُ سرٍّ
يجهلُها الخلقُ
وثمّةَ مَنْ يقضي العمرَ
يقلّبُ أوراقَ اللغةِ
أو يتلصصُ
علّهُ يسرقُ تلكَ الكلمه
حينَ ينامُ اللهُ
....................
طفلٌ أغراهُ
كتابٌ لم يفهمْهُ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> أغنية
أغنية
رقم القصيدة : 6877
-----------------------------------
سأقولُ إني قد نذرتُ إليَّ موتاً
يا أبي
أنا محضُ ذاتٍ
كنتُ وحدي سائراً في اللامكانِ
علامَ أرشدتَ الطريقَ إليّ ؟
كي تمحو طريقي ..........
................................
وأقولُ إني قد نذرتُ إليّ ذاتاً
يا أبي
وأنا أسيرُ بقربِ ذاتي
كان ينهدمُ الفراغُ عليَّ
أسمعُ قهقهاتٍ في الطريقِ
كأن ذاتي شامتٌ
وكأن يُطفئني حريقي ..........
.....................................
أأقولُ إني قد نذرتُ إليّ صوتاً ؟
كيفَ أخدعُ دفتري
وأنا
أرى الكلماتِ
تخرجُ من مغاورها إلى الصمتِ الطليقِ
سأقولُ إني قد نذرتُ إليَّ موتاً
يا أبي
أنا محضُ ذاتٍ
كنتُ وحدي سائراً في اللامكانِ
علامَ أرشدتَ الطريقَ إليّ ؟
كي تمحو طريقي ..........
................................
وأقولُ إني قد نذرتُ إليّ ذاتاً
يا أبي
وأنا أسيرُ بقربِ ذاتي
كان ينهدمُ الفراغُ عليَّ
أسمعُ قهقهاتٍ في الطريقِ
كأن ذاتي شامتٌ
وكأن يُطفئني حريقي ..........(51/112)
.....................................
أأقولُ إني قد نذرتُ إليّ صوتاً ؟
كيفَ أخدعُ دفتري
وأنا
أرى الكلماتِ
تخرجُ من مغاورها إلى الصمتِ الطليقِ
شعراء العراق والشام >> حميد العقابي >> حانة -2
حانة -2
رقم القصيدة : 6878
-----------------------------------
كانَ الطريقُ إليهِ صعباً ؟
أم تُراني
لم أكنْ هيّأتُ نفسي للرحيلْ ؟
:فيقولُ بطرانٌ
إذن عدْ مرةً أخرى "
ولا تتبعْ خطاكَ
"ولا تثقْ برؤى الدليلْ
:ثمِلٌ يهمهمُ وحدهُ
غافلتُ صحوي "
واندسستُ بغيمةٍ
ألقتْ بوابلها على أرضٍ بوارٍ
أينعتْ كرْماً
" وغاباتِ نخيلْ
نَهَضَ الندامى رافعينَ كؤوسهم
لغطٌ
زغاريدٌ
ونادلةٌ أراقتْ خمرَها
فَرَحاً بعودةِ غائبينَ
يقودهم شيخٌ جليلْ
صمتٌ
وإصغاءٌ
يَعبُّ الشيخُ كأساً
ثمُّ يمسحُ لحية بيضاءَ غطّتْ صدرَهُ العاري
وسالتْ دمعةٌ
يا نوحُ
أخبرْنا بما لاقيتَ
قالَ البعضُ ممَنْ ضاقَ بالصمتِ الثقيلْ
لا شيءَ "
غير الريحِ
والأفقِ المراوغِ
"والرهانِ المستحيلْ
.........................
.........................
.........................
" هوَ بينكم "
أفلا ترونَهُ ؟
قالَ عابرُ لاسبيلْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> مواسم الواقعة
مواسم الواقعة
رقم القصيدة : 6879
-----------------------------------
مَحْشورًا بين رَفارفِ زُرقتِها ورِتاج البحر يلوّثُ صمتَ
النسيانِ جنوباً يدفعُ بالرّكبةِ حتّى يتهيّج طقسُ العهدِ الوثنيِّ
بلادٌ تنقادُ إليه تحيّيهِ بلادٌ تتعقّبُهُ ترثيه هُو العطش السّريُّ
لنَخْرِ الماءِ قديماً خبّأَ للأفقِ العينين تعالواْ نحفرْ ترتيل
العثرات نبدّدْ جذْرَ الصّفرةِ بين هرير المقْتِ علَى أسوارٍ
تنهشُ بانيها
وجُدوهُ إلى مقصورةِ ضادٍ فارغةِ يسعى
للزّرقةِ خُلجانٌ للزّرقة أنباءٌ
تستودعُهُ أسرار مفاتيح هلّل يا شُبّاكي المتوحّد يا سيّدتي
الأعضاءُ لكِ الدُّلبُ الخلخالُ الخيلُ المنتزهُ الجبليُّ رميْنا(51/113)
ذات صباحٍ موّالاً بينً محافظنا
كانت تلكَ النّخلةُ تكتبُ
فجعاً لا كالصّحراء أتانا الدّهشُ جُموعاً آلفْتُ الزّمنين لماذا
الشّرقُ إليكَ تقدّم توشيحَ فضاءٍ أو
كلماتْ
كلماتٌ
لم تُوقَدْ بعدُ
خفيفاً من دمِهِ يتدفّقُ
رفضٌ
أو رفضٌ
يتقوّى عكّازيهِ
يُعاشِرُ أسماء هارِبةً
يا هذي الأمواج الوطنيّةُ
رُدّي
إنّ وضوحَ الموتِ هو العيد الوطنِيّ
الأعلامُ الأولى تمحُو لا تمحو ظلمةَ باب المحروق غُبارٌ
ريفيٌّ قصبٌ نهريٌّ أذواقُ التّيهِ انشطرت ما خلفك ترعاه
الكُتُبُ المرموقةُ بالدّم ما قُدّامك يُوقظهُ وقعُ القدمين إلى
الموتى انتسبت أشباهك
دمّرني
فالشّهوةُ واشمةٌ أطرافي حنّاء لقناديل الحلقاتُ اقتادت زاهيةً
صوتاً لتضيء نسيجاً منفرداً من خالطهُ من كاشف عزلته
يدعو المعنى ختماً حتّى الجرذان اقتاتت من عظم
الفخذين ومن لوح الكتفين إليك مسافةُ رؤيا ما اغتسلت
بحنين الأرزة كيف تُلاطفها عرىٌ يستهويك استنطق
نسيانك لا تُحضر غير الزّرقة أجراس منامتك المنبوذ من
الصّلوات
دجّالون نظرت إليهم يستلمون الحبل السّريّ لأعيادِ البحر
شَعِيرَتُكَ الأخرى تهدمُ خوف الزّمن الدّائر شرقُ
المتكلّم يَنْغُلُ في ساقي يتثقّب لا أحدٌ يقدرُ أن يجرح
ذاكرة الأمواتِ بحدّ الدّمعْ سحيق النّجمات يرنُ على
عتباتِ الرّجةِ جاءك نيلُ الفجرِ جليلاً مرتجفاً تتسقّطُ
أشباحاً تائهةً للعين سلاماً ينعشُ خلجان الشّهوات
أيقظ فوضاك بها انشغلي أيّتها الأوراق على تقويرةِ
مصطبةٍ يتهجّى التّاريخ من الثّقب المخنوقةِ يقرأُ صوتَ
الواقف عشقاً ناراً هادئةً لمّامةَ وردٍ لا
لم تكن الأغوارُ مرايا أشلاءٍ
خلف اللّجّةِ كانوا
منفردين بماء سَبُو
بصدى نقرٍ
بربابْ
تاهتْ فاسُ سبت منطوقك تطوانُ ممرّات الشّرق على
بضع مواويلٍ برزتْ متصدّعةً في وشْيٍ أندلسيٍّ ثمّة أطفالٌ
مازالوا يلتقطون بدايتُهمْ ورقٌ أبيضُ تنْشِجُ فيه دماؤك يا
بغداد بقايا نادرةٌ تضحك في مقبل شهوتها أكواخُ الجرح(51/114)
تحاصرُ تهجير وشومٍ نازلةٍ من ماءٍ يمزج بين الخالق
والمخلوق
ينسى رجليه على نيران سريرٍ عيْنًا بين مؤانسة الحالاتِ
أصابعه تتعهّد مَدْمَرَ أشياءَ العالم ما السّلطةُ ما الشّرعُ
هنالك توقد أسئلةٌ حيثُ النّبضُ اليوميّ يُعاوده تسخر من
عينك مَخْزَنُهُ الشّعريّ يقطّعُ أنفاسك أوزاناً لتفاعيل هي
الأبيات محجّبةٌ بسديم الفاء سماتِ الباءْ
وهنيئاً للجالس في الفاتحة العُليا السّاجد في وقت من
ضحكات مشمسةٍ بخبايا النّخل غريبْ
هذا الغسقُ الرّمليُّ
يؤجّلُ أرضَ الشّهوة حتّى تندلق اللّحظات على اللّحظات
عروشُ الحِكمةِ أو تتقدّم آثارُ القدمين على أحبال غسيل
فطنَ المبصرُ قربي لرنين تُغويه
مداراتك يا بيروتُ غبارُ النّومِ على حافّة ضوءٍ بعثوا
بمفازاتٍ ليتمّ الشنقُ شمالَ اللّيلة عند حُصونٍ تمتلكُ
النّسيانَ دليلاً للعرباتِ بغالِ القريةِ يا مبصرَ إنشادي
القُزَحيّ استنفدْ أشباحكَ لا تُمهِلْ كُرياتِ دمِي السّوداء نعم
سوداءَ مَزَجْتُ الحُلمَ بِأَطَفالِ الزّرقةِ ها إنّي مسكونٌ بمعارجِ
طُوفانْ
أو جئتُكَ حنجرةً تتمزّقُ فيها الدّيمومةُ ألطافُ
النّقشِ تخافُ هواء الهامش نازفةً تتقهقرُ في ساحةِ نسيان
ها هو يجلس في الهامش سكرتُُهُ
يتعوّدُ في ردهاتِ الموتِ على
أشكالِ الموتِ غناءٌ نَدْبٌ يُعلنُ عن
تتْويجِ حرائقِهِ يتحدّدُ في الموج
الشّبقيِّ يعيدُ الصَّنْجَ إلى سُلّم
أنفاسْ
صاحبني يا مددي الشّمسيّ إلى آفةِ
عِشقٍ صادقْ لُغةً تتهدّجُ في
شطحاتِ سَبُو
لن
ينجدِلَ البجعُ الفضّيُّ على بوّابةِ
قصرٍ لن يرهقَ كفّيه بُعكّازةِ شحّاذ
ما بينَ الهامش
والحكمةِ أيّامٌ حُبلى بشواطئ من
تلوين خليل والعُشبِ الوحشيّ
على دفترِ صفوانْ
يُعاشِرٌ قُبّةَ نفيٍ
قديمٍ
مسَا
لِكَ هذا الخرابِ الصّديق
يُعاشرُ قبّةَ نفيٍ
قديمٍ
معا
رِكَ هذا الخَرابِ الصّديق
يُعاشرُ قبّة نفيٍ
قديمٍ
مها
لِكَ هذا الخرابِ الصّديق
كُنّ جالساتٍ
قُربهُ
خائفاتٍ من صمتِهِ(51/115)
لم يكُنِ
المدارُ حاضراً ولا
الحضرةُ مكتملةً وحيداتْ
كنّ حتّى بلغهُنّ غبشُهُنّ اكتفى بلُعبتِهِ ولم ينفَلِتْ
بعدُ من طوافِهِ
إليّ أيّتها البديعاتُ المسافاتُ الألوانْ
إلَيّ أيّها الموتُ
البنفسجيّ طوّح بالبياضِ
وهو يرى يديه تشتعلانْ
والأوراقُ
شاهدةٌ كنّ قريباتْ
ولا
شيءَ
غيرُ نخلةٍ
أحمرُ شفّافٌ أصفرُ خاترٌ
أخضرُ مكسورٌ أزرق منشغلٌ بخطوطِهِِ
الرّطْبَةِ إليّ أيُّها
الوَقتْ
- من أيّ نداء يشتقّ فضاءُ الزّرقةِ وحدَتَهُ
من أيّ حصاةٍ ألْفَتَهُ
أقواسَهُ من أيّ الكلماتْ
- لا السّمأءُ قرينةُ سرّيَ لا
تدوين الغصونْ
لا الدَّمالِيجُ انْعَقَدَتْ في ناريَ لا
ترتيلُ الحُصونْ
يتقدّمُ في وجهي لا
العنبرُ لا
إيقاعُ المنحدراتْ
يتعشّقُهُ نفسُ الرّئتين هي اللّحظات
تتكوّن
من ميراثِ الضّوءِ طَرِيقَتَها
مِنْ تَهْليلاتِ النُّخَيْلاتِ خُرافتُها
كُنتُ الواحدَ
كُنتُ الاثْنين
لا الواحِدَ صرتُ إلى الاثنين
توجّهتُ أعجّلُ مائي
أنْ هذا غزوٌ شفقيٌّ يُنْشِدُ
أسمائي
لأنّني اختليتُ بالأقاصي في شبه جنونٍ رُبما سلكتُ ما
يسلكُهُ المساءُ من دماء نحوَ قبّةِ الغناء
اكتسيتُ بالشّوقٍ إلى
احتفالِ ضوئك البعيد هاذياً تُلقي بي الصّفاتُ في كون
القوافِلِ وحيرةِ الأقدامِ حيثُ تنتمي طفولةٌ إلى ضفاف نهرٍ
أو إلى سطرٍ يطوفُ بالفراغ
ولو يدرون أنّ الأرضَ أتلفت نسل سمائها العمياء لو
يدرون أن تاج الحكماء جثّةٌ مسقوفةٌ بظلمةٍ هي الخراب
جلبوا للميّتِ أقنعةً من آخرةِ اللّيلِ اختاروا
النّطع لنا والنّطع شفيعُ كتاب
آيَتُكَ اليومَ جِهاتٌ
يخْطِفُها الأطفالُ إلى لحظاتٍ ضوئيةٍ تتحدّرُ من أسفل
يومِ السّبتِ 20 يونيو 1981
جسدٌ
يتسلّلُ من
نافورتِهِ
يتراسلُ بين شهادتهم
يسترسلُ في ضحكٍ يتشظّى
في قوسِ نداءْ
من أنتَ أيّها الفتى في زُقاق الوحدةِ يا من غافل الموتَ
وأحضر ذئاب الضّحك حتّى لفّه النّوم يا قمراً يبحثُ مع
الأطفالِ غربَ الليلة عن أخٍ مفقود(51/116)
حتفهُمْ كان بين أيديهمْ
بالحجارةٍ ينشئونَ هياكلَ الخوفِ بفائقِ الإثمِ الجليل
يعبُرون ذاكرةَ النّهب لا وليمةَ غيرُ هذا الخراب
ساطعاً
يحتلُّ الصّباحُ امتدادَ الصّيحةِ عارياً يفتتح الوردُ تقاطع
الطُّرقاتِ رامحاً يجتاحُ الهدمُ هيئة السّلوان تلك معاصرُ
الزّيتونِ في وزّانَ أو زرهونَ تجرجرُ الدّعاءَ الدّعاء سبايا
الجوعِ في زمنِ الصّمتِ والدّموعْ
ها ماءُ سبو يندلقُ السّاعةَ من ألويةِ النّفط
إلى سندات الفوسفاط نُساقُ إلى النّسيانِ قبائل من شجر
الزّيتونِ تدثّرُنا سهرات الأرضِ تدثّرنا الحنّاء
إن العادةَ أفراسٌ
وفوانيسٌ تتأصّل في نقل هواء البحر إلى كهف أشرافٌ
ينتظرون وصولَ ذبائحهم عند العتبة زوجاً من أجود
أصنافِ البقرِ البلديِّ دجاجاً أو بعضاً من قمح النّاحية
الأخرى
من يأتيك اللّيلة يا سيّدي الأَدْرَدَ
يا سيّدتي الدّرْداءْ
لا يملكُ شعبي غير مسافاتٍ زرقاء
تقصّواْ ما شئتم من أنبائي في يُتْمِ الصَّحْراء اتّحدوا بحماي
تقولُ السّاحةُ حين استنفرت الصّرخاتُ منامتها
أيّها الدّمُ يا إشارةَ المساء
لن تطيرَ الأرضُ بغير أشلائها ويا
نفيّ النّداءاتِ إليّ تأتي مسرعاً إليّ أيّها الأطفالُ الطّيبون
القلقون الحالمونَ الهادمون
حنجرتي تسافرُ في القطارات العشيقةِ حدّقوا أبداً
في نهايات الجُنونْ
مدافنُ تختفي وراء الصّمتِ أسماءٌ مزّقوها وأضرموا النّار
فيها أعضاءٌ لا نعرفُ أين ولا كيف ارتجفت
وقتٌ كالنّاي يغنّي
للأمّ يغنّي
حُنجرةٌ واحدةٌ لا تكفي
حلزونٌ
ثمَ يطوفُ بأجداثٍ لا أخرس
بل أملس
تلك الحُبسةُ راسخةٌ
في زرقتها
حتّى القالب لم يتعوّد
هجرتَهُ بين العين وتاريخ العين
توالوا ينتسبونَ لمسكِ اللّيلْ
لتنتشرِ الطّحالبُ فوقَ قبري وليوجّهْ شكلُ أحذيةِ الغبارِ
مسافتي إنّي المراوغُ للأسنّةِ في هدوء اللّيلِ ما عرفت
لُغاتُ الزّائفين المرتشين السّارقين القاتلين عُطورَ أوديةٍ
تُوسّعُ دهشتي(51/117)
يستنجدُ أطفالٌ بدُموع وداعتهم تتكوكب
هبّاتُ الحلم متاريسٌ تختزلُ الرّيحَ دُروعٌ
تتعاضدُ صَلَّيْنَا للموتى قبلَ أوان الموت
تباكينا ها نحنُ نسينا
لأنّ المدينة لم تكُن وحلاً
مقدّساً
لأنّ الوحلَ المقدّس
لم يصلْ
بهاء الرّجس
للأمّ يُغنّي
للطّفلِ النّائم بين يديها
واحدةٌ لا تكفي
ليس الدّمعُ شهادةَ ميراثٍ غادرْ صوتك ما نطق اللوح به
حقٌّ لا تحرق ما تتنفسّهُ رئتاك نهارُكَ في سلسلة الرّجم
الحقُّ هو الحقُّ إذا الحقُّ تحقّق فيه الحقُّ ألا لا حقَّ لمن
لا حقَّ لهُ الحقُّ هو الحقُّ هنيئاً يا سيّدي الأدردَ يا سيّدتي
الدّرداءْ
وتصفّح فيك مواويلاً تمتلكُ الجيرَ القرمودَ نجوماً تسمحُ
للشّارعِ أن يرحل في الميقاتِ جليلاً وشِّح موتك يا
جسدي طوّحْ بخرومِ العظمِ بعيدٌ يتمعدنُ لمّا الأطفالُ
اقتربوا من حافّات الخوفِ المجهولةِ كانوا لا ينتظرون
وشاح اللّيلْ
مسارُكَ
في البلادِ
ولا بلادَ
فأيُّ موتٍ يصعدُ الدّرجاتِ
ثمّ يضيءُ لي موتي
ولا تقف الكتابة عندَ أقدامٍ لمن ماتوا لم جاعوا لمن
وردوا على أجراس يافا من ينابيع الذّهول
يا زُهورَ مدافنَ تختفي خلف الصّمت
يا ميّتاتٍ قبلَ أوانِ الموتِ خلّصنني من هذا الآن وكيف
أمُرُّ من زمني إلى زمني
بدائعُ الأعشابِ مراتبُ الطُّيوبِ خشيةُ القبابِ
استراحةُ اللّحدُ مساقطُ الحرارةِ مسكنُ الإيقاع
هندسةُ النّور انعقادُ الإقامةِ أهلاً
بفردوسنا الجحيميّ أهلاً
ببلاغةِ البراءة أهلاً
يا لَلَنْ يا للالّي يَالَلَنْ
في طائفةِ الدّمِ أهلاً
نتوحّدُ لا شيء سوى الدّمِ لا شيءْ
من كان
ميتاً فهو الآن
حيٌّ
إلى أينَ تُهاجرينَ أيّتُها
الأرضُ بأبنائك القتيلين هذا قصرُ النهايات ذاك بابُ
المحروقِ فليفسحْ لدمي الوردُ أن يهاجرَ في انتشار السّؤال
كيف يغْوي موجةً أولى يُهَدْهِدُها
على حدِّ مسالك الكلام
كيفَ ينهضُ من لسانِ جيلي
وحدَهُ لو اقتربت الوردةُ الشّقيقةُ إذاً
لانتهت إلى صمتي
عموا مساءً(51/118)
عزيزي الألفُ عزيزي السّينُ عزيزي الميمُ ما الذي محا
آثار قبركَ الشّمالُ الجنوبُ الشّوقُ العصفُ كلُّ الخطوط
سريعةٌ ولا شيء أبطأُ من النّسيانِ سلاسلُ المجدِ قلائد
الخناجرِ سبائكُ الولاءْ معابرُ السّيبةِ
في الصّباح
رأوه ثمّ رأوه يهتكُ تدوين الجغرافيةِ الأنسابْ
إنّا
شهداء اليوم
على دمنا
في ضوء المدافن ينامون مشاغبين عموا مساء مُرعبين عموا
مساء للمواسم يحضُرُ الذين لم يولدوا بعدُ الذين لم يموتوا
بعد راكبين بغالهم لم يكونوا وحيدين
شرقٌ يتصدّعُ في معراج
الهذيانِ بأيّ علامات الشّهوة تعرفُ فيك مراتبَ كُلّ
خواطركَ اقترنت أحوالكَ بالإثم فإنّك تختارُ صديقاً من
بين صباحاتِ الصّمتْ
ووحيدين لهُم أغنيةُ امرأةٍ من ورزازاتَ بلونِ الطّينِ الأحمر
والصّخرُ المتموّجُ في ماء الزّرقةِ لي هذا المنحدرُ السّابقُ
حُلميَ غوغاءٌ تسقُط بين الأشلاء حصاةً باردة تزنُ الحُلفاء
بميزان الأعداء الأعداء بميزان الحلفاء لذلك نُخفي القاتل
خلف الكلماتْ
فبأيّ غناء
تتدفّقُ فينا
شهوةُ موتٍ هادئةٍ دمُهُ الآن يحنُّ إلى ترنيمةِ غيمته
يشعلُ تاريخ الدّوران الدمُ في هدأته يتذكّرُ أسرارَ المشهد
منذ صباح السّبت تعاريج تعاريج
ألا هل بلّغت مياهَ أبي رقراق إلى مركزها
هل
بلّغت
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> مواسم الحضرة
مواسم الحضرة
رقم القصيدة : 6880
-----------------------------------
صباحُ الخيرِ يا عُنفي المُدونَ بين حاضرةٍ على قُربي وبين
النّيلٍِ هذا البيتُ من قصبٍ ومن فيضانِ وردِ عروسةٍ
ولكَ
الصّباحُ معي بقايا موعدٍ حَضَرَتْهُ حاشيةُ الدّخانِ وصيحةُ
الأعشابِ أنت شريدُ حلمٍ يستريحُ مع الصّباح
ترجّلْ أيّها
العُنفُ المتاخمُ للغبار هي التّي أهذي بومضِ جناحها كُنّا
اتفقنا جاء ثالثنا صديقاً قال كيف نُقيمُ من بين انعراج
الصّوتِ رابعنا
صباحُ الخير جالس جسرنا
هدّمتُ ما شقيتْ
به لُغتي غبارٌ كان يغسلني دويٌّ خارج الضّحك المُباح(51/119)
لعلّكِ نخلةٌ فهمتْ صباحيَ إنّني أمسكتُ عُنفي وانتهيتُ
إليك يا قوساً من الحُمّى التي اندفعت إلى حلقي تمجّده
وتُعلن أن خامسنا دليلٌ جالسته طريقةٌ زرقاءُ رسمُ محيطها
الموّالُ والألقُ القريبُ من الرّياح
هُناك فضحتُ خوف كتابةٍ غطّت سرائرها بعصف ذابلٍ
هاجمتُ أنت الآن بين يديّ أهتفُ أو أرافق رجّةً تشتدُّ في
هتك البلاغةِ واحتثاث المخزنِ اللغويّ يا عنفكَ الميمون
كم صوتاً تمادى في ارتفاع نُخاعي الشّوكيّ نحو مسالك
الطّلحِ المرشّحِ للهيب ولهجةِ الخوف
اقتربتُ مصاحباً
عُنفي رفيقُك إن سادسنا توهّج في بلاد الحُلمِ حاصر
صخرةَ الأحزان سابعنا تلفّظ بالظّنونِ رمى رداءَ النّوم فوق
جفُونِهِ بالأمس كلّمني وكان الجذب َ ما وصّى به أهلي
فجاء الوقتُ مزدحماً بأسماءٍ مركبّةٍ لها نفس الجراح
2
لك العزّة أيّتها الأرضُ المَكْسُوَّةُ بالأرحام وأنت على صدري
بوشاح دمٍ يتهجّجُ بين سَبُو ومداخل باب المحروق
لك العزّةُ لا أكتمُ نهجاً والنّاسُ اقتربوا حتّى صادفتُك وجهاً
حنّ إليّ سلاماً منتعشاً يمكن للأزرق أن يسمعه من
منخفضاتِ الصّمتِ وقد أقسمتُ بحدِّ الماء
تعاليْ أيّتها
المجنونةُ إني صادقتُ النّارنج وقُلتُ له حمّل صوتيَ بالعزّة
إن النخلة تتبعُ ساريةً هامتْ زمناً حتّى وجدتْ باب
المحروقِ يقول لهَا دمُهُم يا سيّدتي ضجّت عيناهُ ارتجّت
حُفرتُهُ
ولكِ العزّةُ نارنجاً تلقانِي نفحتُه كلماتٍ من ينسى كلماتك
لمّا الماء أتاها فاغتسلت بالنّار غشيتُ الحُرقَةَ في ليلِ
الرَّغَبُوتْ
أيّتها العزّةُ طُوفي اكتملت أعضائي ذاكرةً لم تمهلها أخبارٌ
جالسها رأسٌ قطعوهُ على أعشابِ سَبو
3
أّباركُ صيحةً عبرتْ إليّ من النّخيل ومن ظلالِ سَبُو تداهم
خيلُهم هل عادت الأسماءُ بعد طوافها بين الخرافة
والجهات المحرقات لتخبر أنّني صاحبتُ صورتها محدّقةً
على الأسوار فالقرمود فالشّبّاكِ جاءت لفحةً تتكسّرُ الأعباء
فوق بريقها الفضّيّ(51/120)
لم يرحل عن العين اختلاطُ الجمر بالشفتين ذاكرةً تبادرني
وذاكرةً ترمّمُ ساقي المخروم من تعب الفصولِ يكادُ يهتف
بالعشيرةِ صيحةً وصلت من الأحداق للأحداقِ واحدةً من
السّوسانِ والحبقِ المُطلِّ على بياض السّطح كيف تسلّلت
حتّى نزلتُ بحوضها أسعى وأشربُ من مياهِ سَبُو أحُلُّ بهِ
احتباسَ الصّوتِ
يا صوتي
ويا صوتي
يجيبُ القادمون من المساء
ومن غُموضِ البُعدِ فابتهجي
لنا حلُمٌ وأنتِ غمامةٌ زرقاءُ فابتهجي
دمٌ قامت طفولتُهُ وأقسم أن يجاهرَ باشتعال العينِ والخلخال
والوشمِ الفريدِ بمعصمٍ قطعوهُ ثمّ رموهُ في بئرِ لذاك سألت
عابرةً على شطّ الخليج تعود لي الأمواج باسترسال لمعتها
وتعبثُ بالمسافةِ
ها هم الأحبابُ يقتربونَ وجهكَ مربكٌ
ويداك تنتشران من دربٍ إلى دربٍ وتشتبكانِ في قوسٍ لهُ
الزّيتونُ والرّمّانُ هل تسمو بك الذّكرى
سَبُو يا معدن
الأسماء تغسلُ عارض الأخبار حين يشاءُ بابُ اللّيل أن
يعلو فَصَيْحَتُهُمْ تجدّفُ نحونا بالصّعقِ لا تكتئب هذا
المساءُ سمعتهمْ برقاً يرابط بين أنساغِ النّشيد ودبدبات
الصّحو يهتكُ ساعةَ الأقفال
يا صوتي
ويا صوتي
يسلّمني هُبوباً صافياً
شلاّلُ صحتهم يراني الماءُ لوناً موحشاً يُصغي وينشغلُ
4
كان لي القرارُ يقول هذا
الشّرقُ حين لمحتهُ يدنو
وينفخُ في سماقِ اللّوح
يفرشُ لي الحصيرَ يصوغ
كفّي من رنين الحرف كان
الحربُ أين طفولتي اختبأت
وكيف أقصُّ عن غسقٍ
يُصاحبني إلى باب دخلت
الجامعَ السُّفليِّ عندَ الصّحن
كان الضّوءُ منحدراً وجلبابي
يلفُّ الرّكبتين لمحتُهُ يختارُ
لي قصباً يقولُ اكتُبْ كتبْتُ
الجُرحَ ثمّ مشيتُ لم أذكرْ
حنين أصابعي والشهوةَ
الأخرى على شفتي
سأذكُرُ سيّدَ الكلماتِ
يقرئني هواء غامضاً يا سيّدَ
الكلماتِ لا تغضبْ نسيت
أصابعي بين الذهول مربّعِ
الزَّلّيجِ رائحةٍ تسمّى الياسمين
لمحنتها وهذا عُنفي اقتربت
من السّكراتِ حضرتُهُ كتبتك
في انغراس الشّوقِ والحُمّى(51/121)
أنا المقصيُّ من عتباتِ
أهلِكَ أيّها الشّرقُ القريبُ
5
كيف انصرفتْ أعشابُ
سَبُو لغوايتها
وتعالت بين معابر هجرتها
كيف الورقُ الأبيضُ يهذي بمسالكها
ويفاجئ
أحوال تصدّعها
كيف الأزرقُ يجفو وبناتُ القُدسِ حللنَ
بصوتي مرتدياتٍ قاماتِ النّخلِ البدويِّ أتين
بآياتِ الهذيان تصفّحن الجسد المنسيّ روين
حُروفي بالحنّاء غناء العُرسِ تسابقن إلى ساقي
الممدودةِ يفرشنَ الأزرقَ يحملنَ إلى كتفي
الألواحَ قرأتُ اهتاجت حتّى قُلتُ فضائي ثمّ
الوشمُ أتى ونشيدُكَ قابلَ عيناً رافقَ غاباتٍ لا
يعرفُها إلاّ سرّي
6
ها أنا أعطي لكُلّ خطوةٍ صورةَ صديقٍ ولكلّ رائحةٍ حديثاً
عن نخلةٍ أو زهرةٍ تحضرُ إلى مقام العين هذا الصّباح
انتبهتُ من هنا بدأت صفحاتُ الكونِ تنفتحُ وأسرار
الصّمتِ تنغلقُ أو لعلّها وشوشةُ حُزنٍ دافئ لم يسترحْ بعدُ
أعلمُ
لم تبقَ إلاّ
لحظةٌ ويسألني النّهارُ عن انكساري لم أتململ
والقادمون من البعاد يطرقون الباب لم نَمُتْ بعدُ
أعلمُ
تلك بقايا بيوت
أندلسيّةٍ تُطلُّ عليّ حدادٌ في الممرّ الآخر
دبدباتٌ وهذا سريري لم أستسلم
أيّها الشّرقُ الصّديق
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> مواسم الطريقة
مواسم الطريقة
رقم القصيدة : 6881
-----------------------------------
1
ستراهُم مكتئبين به أحياناً منشغلين مساءً يفتحُ أزرار
العتباتِ يكُوكب حُمّاهُ له أن يقرأ ما كتبوه على لوح
الكتفين تراتيلُ الأحجارِ يُردّدها وجهٌ ينساهُ اسمٌ ينساه
وحيداً بين معابر هذا الضّوء لجُبّ الأحوال لقُبّتها يهتف يا
أنت سحابتي الزّرقاء تكونُ له سرّ الكلمات
وترافقنا
منّا اقتربت
جهةٌ نتوحّدُ في ترنيمةِ عُزلتها
لونٌ يحتملُ التّكوينَ رميتُ الصّوتَ كريماً ها هو يوقظُ
سوسنةً لم يكترثوا لمداهُ لهُ أنحاءٌ منتصراتٌ كان صديقاً
للدّهشةِ يلهُو أجمل ما يلهو ببدايات الطّرقاتِ لماذا في
الهمساتِ اكتملوا تلك النّخلةُ أوّلُ من علّمهُ أشياء غوايته(51/122)
أوصاهُ بحوض ظلالٍ مُرتجفاتْ
كان بطيئاً مرتبكاً يسعى ويخاطب
كان إليها منحدراً
ومسافته
تتعهّد حيرتَهُ
قادتهُ طفولةُ نهرٍ حين أحبّ أواني الفخّار
الزّليجَ الزرابي مسكَ اللّيلِ الوشمَ بقايا
النّغمةِ والنّجماتْ
لم يجعلْ من أطيافِ الشّرقِ مكاناً لم يخلُقْ من شمسِ
الشرقِ كتاباً كان الفجع لأقسمتُ بماء سَبُو جهتي
أنقاضٌ هائمةٌ يرمونَ حنين الطّفلِ بأحجار تمائمهم وحنيناً
صاحبَ أقواساً خشباً شُبّاكاً ترتيلاً نقشاً حرّض أنساماً هُنّ
لهُ نقراتْ
أو كنّ له غصنين
سيركبُ ليلتهُ حتّى يلقاهُ ضجيج البئر
تمهّلْ يا منْ
أهديتَ قرنفلةَ الأسفارِ إلى خطّ سيصير خطوطاً معجبةً
بمتاهِ نُخيلاتٍ ضمّته إلى أفياءِ وداعتها سمّوهُ بما شاؤوا من
يأسٍ أو أشباحٍ فاجتمعت في الكفّ بِحارُ الكونِ سيدخل
صرختها
ينشدُ ملحونَ الجمرة
فالجمرةِ
هل من لطخاتِ نزيفٍ هادئةٍ
يتشكّلُ
حتّى يلمَسَها
متوسّدةً بوّابةَ وحدتها
في البرد تموت
يتقدّم في أصداء النّهر
ولا أعماق لغير دمي
طفلٌ
في غرفته
يهجُرُ تاريخ بلادٍ
يهجُرُ مأتم أضرحةٍ
وبيوتْ
وصديقي
الأزرق يكشفُ لي عن نارِ سريرته شطحاتٍ راسخةً في
الشّوقِ لماذا تَنزفُ تلك برودتها اختبأت في خُرصانِ
الغُرفُ السّفليّةِ لا النّسيانُ يهدّدها
لنهارِ الشّعرِ يفكّكُ دائرةَ الأحراشِ اللّيلةِ يبغتُ هذا الطّفل
الشّرقيّ على عتباتِ الدّبّاغين العطّارين هنالك أرصدُ
منخطفاً باب المحروقِ وذاك نعمْ سيّدي التوشيحَ نسيتُ
على لوح الصّلصال التقينا ذات مساءٍ في أعضائي
كان لوشوشةٍ مترقّبةٍ يقرأ ما لا يفهم واقرأ
ما لا يفهم خاطبْ عصيانَ قرنفلةٍ جسمي ممسوسٌ
ينخسفُ
ستسافرُ عينُكَ بين شُقوقِ الأنهارِ يُعاشركَ الملكوت
كتفاهُ
على أعشابِ حصير
ترتخيان
وتجلّلهُ
أشجارُ الماءِ كلاماً
أملس
في منخفضاتِ الجمرةِ
ينكشفُ
من أجلِ اللّيلِ صَمُوت
2
وأقولُ أنا أنتُم يعلُوني موّالٌ من سهلِ الشّاويةِ اليومَ انحبستْ(51/123)
أضواءُ الحُلمِ ترامت وانبسطت
هَيْلي يَوَى
اختطفوا جسمي عُضواً عضوا ورمونا في دهليز سرّيٍّ لم
ينطق باسمِهِ إنسٌ أو جانٌ ما جاء كتابٌ أخرسُ في الوطن
العربيّ بغير قبابٍ أو صلواتٍ خاشعةٍ تنحلُّ على أحباب
الحقِّ مشانقَ
رأسٍ حجْمُ مسافِتِه النّاسُ الفُقراءُ تعالوا يا
أحبابُ هُنا العينُ اتّسعت
حتّى ضاقت
عنها سعة الجسمِ المجموع المُفرد وانتشروا في النّهرِ
يكونُ لكُم مأوىً لا مأوىً غيرُ هبوبٍ يأتلفُ
3
يهيّئ يومَهُ لرصاصةٍ
ورصاصةٍ
جمعٌ رصاصٌ
هل يُصالحُ موتَهُ
هبّت على شفتيه لفحةُ قبرها
من فأس
كانت حُلكةُ البارودِ تبدأ كلّ ساريةٍ
تُعايِنُ هدْمَها
بيروتُ
تُعلِنُ عن مداهُ ويكتفي بالعين لا خبر الحُروف تسلّلتْ
بعضاً إلى بعضٍ ولم يبلغ بعيداً كان يسألُهُ تفضّل يا خراب
الشّرقِ أنت ولايتي من قال سقفُ الدّمع يأوينا كعادته
اقتفى وجهاً يصدّق ما رآه ولا يراه محا الطّرائقَ وانتشى
لم يسترح
جمعته أعيادُ الخُطُوطِ بلعبةٍ من أين يبدأها يباركُ رعدَهُ هذا
البياضُ لهُ وذاك الخوفُ يسمعُهُ وبينهما حجابُ الضّجّةِ
الأولى
تيقّنَ أنّ خطوتَهُ السّؤال ونخلةٌ
جاءت تباغتُهُ بياضُكَ طلسمٌ ولك الفراغ
4
هذا زمني
وأرابِطُ في أنساغِ يقيني
ينفُرُ منّي الصّمتْ
وتبقى حُنجرتي حمّالةَ
هذا الصوت المسلول الصّافي الموسومِ
بماء الورد
5
في الجهة الأخرى صلصلةٌ ماذا يقرأ هذا الميّت في
حفرتهِ تتدلّى الحُفرةُ من هذا الميّت لا تسأل علّقنا سبباً
وقتلناهم لن يحتفل الموتُ بغير الموتِ تقدّم حتّى ينشطر
الماءُ البنّيُّ فتسكن ريح صباحك إن الحضرة بين سبُو
ومساء أعزل في بردى تتأجّج حمّلْ أرضك بالأضواء تهبّ
على ليلتك الذّكرى
جسدٌ يتصدّعُ في صحراء الخشيةِ
حين يؤالفُ بين العيد وبين الموتِ يمجّدُ ماء الهتك
ولا نومَ تثقّبُ رائحة الخشخاشِ تُحصّنُ عينك تنسى أن
تتوارى في المتوحّد صدّقني هل خطّت أو رصدتْ أعماقُك
شيئاً من عشقٍ وسهاد(51/124)
بيروتُ لها أطفالٌ يلتقطونَ حصىً
أعضاءً
مقطعَ أغنيةٍ
ساحةَ نومٍ
تعتيمَ رماد
يرنونَ إلى ما يشبه عاصفةً فيلاحقني موتٌ يسقُطُ بعضي
حنّتْ لي عائلةُ الصّرخاتِ يداك بماء النّيل تُعيدان إليّ
نشيدَ الضّوء وهذا النّخلُ صديقُ الدّهشةِ يقترب
كنّا نجلسُ في نفسِ الشّرفةِ
نشربُ نفس الشاي
تهامسنا
زرقةُ حقلٍ كانت تجري بين الأطفال دعوتُ النّهر إلى
حُلمي ونساءٌ هُنَ على صوتي غبشٌ وسحائبُ حنّاء
سلّمتُ صداي لُعشبِ سَبُو
6
هُو ذا جسمي احتضانٌ للمنافي خِطَطُ التّدوين ضاعت
والإشاراتُ التي خلّفتها بين البياض انسحبت خلف سماءٍ
لن تراني
يتهجّى دَمَهُم بين نخيل ودخانِ
ردّدوا الصّمت عليه
عيّنوا الجُرح وقولوا أين يُخفي الدّمعُ عنّا جثثاً
يحتشدُ الشّرقُ على دفّةِ صحراء
على سارية القتل
سلوني عن هبوبٍ ينشدُ الغيم أغانينا
استعادت هدمَهَا
والكلماتُ احترقت بين يديه
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> فأس عن فأس نأت
فأس عن فأس نأت
رقم القصيدة : 6882
-----------------------------------
ها أنتِ تُحيطين النّعشَ الحجريّ
بخُطوطٍ كُوفيّةٍ
برشاشٍ
أرصُدُهُ في حاشيةِ الزّليج
بمواويل الطّربِ الأندلسيّ
ها أنت أمامي
أوضحُ من ظُلُماتِ البحرِ على جسدي
تجتازين الضّوء القمريّ إلى أقصى الكلمات
ضاقت عنكِ الشّمسُ وضاقت عنّي العتمات
ها أنت على ألواح الفتنة تنتقلينْ
من فانيةٍ
لجلالةِ فانيةٍ
تتخطّين حزامَ الضّوءِ فلا تنذهلين
ها أنت صفاءٌ منطفئٌ
في أجراسِ الحُلْمْ
وفضاءٌ منجرحٌ
يتدحرجُ في سردابِ اليُتْمْ
ضحكٌ لأراجيحِ الشّهداء
ضحكٌ لرخامٍ ينسلّ إلى شبه سماءْ
يا ناراً تشربُها الشهواتُ السّائلةُ انجذبي نبّئني
لمجاريك اندفقي يا سيّدي البرّاح
في حوضِ لُغاتي كيفَ أُحرّر فارسي من فاس
حجرٌ يحاصرُ بعضُه بعضاً يفكّكُ رقرقاتِ طفولةٍ منقادة
نحو المساءلة الطّليقة في انسياقِ النّخلِ هل نحت الجسارة(51/125)
في شُقوق الغفوةِ الأولى تزوّد من شعيلاتِ الفصاحة بذرة
الفتك السّعيدة هيّأ الكلمات للظنّ المُعبّإِ بانشطار حدائق
المعنى
سيصحبُ ماءهُ
سيفتّتُ الصّور البديعةَ لارتفاع القوس
ها هو يهتدي بشفافية الفراغ
بخطوةٍ
مطعونةٍ
بمساقط الأنفاس
في ضوء الحجارة
والثّغور القادمات مع القوافل والغُبارْ
غسقٌ لفاس
قمرٌ لنهرِ سَبو العتيق
من علّم الأيّام راحتها
سُمٌّ
تعتّق واستفاق
في ضجّة الأعضاء
يَصْعَدُ
وردةً تركتْ فراشها على حدّ السّماق
تطأُ العبارةُ حكمةً
تمحو دوائرها
فتشتعلُ الأواني بالصّراخ
فأسٌ عن فاسَ نأتْ
موّج كلماتِكَ في صحنِ العتماتْ
واغْسل أحجار الشّام
بمياه سبُو
صنعاء
نفسٌ يتدلّى من مشكاةِ المحو
وها هو ذا ابن سليمان على درجاتِ الصّفّارين
يتفرّسُ في أطياف غيابْ
صرخاتٌ
آهلةٌ
ببرودة
حُبستِها
لطخاتٌ
لطخاتٌ
وسحاب
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> فأس عن فأس نأت 2
فأس عن فأس نأت 2
رقم القصيدة : 6883
-----------------------------------
والماءٌ عتيقْ
بِصُراخِكِ سيّدتي
اشتعلت
والماءُ شقيق
ترحلُ فاسُ الليلة نحو الرّقع
المجهولة في عُمق الأعماق تهيّج
خِلجانَ الوحدةِ هل كانوا حين نأوا
عنها فرحين بغير صناديق الإسمنت
معلّقةً في حُلكةِ هذا العالم مفتونين
بغيرِ قوارير الغاز المضغوطِ إلى
أقصَى الصّيحةِ وافخَرْ بالآلةِ تُهديك
الأعضاء من الألمنيوم المستورد
جمِّلْ وجهكَ بالمرهِمِ والقلب
استبدلهُ بمعجون البلاستيك افخرْ
سيراود صلصالاً
ليُؤاخِيَهُ
يستدعي نجمتَهُ
يتزوّجُ صحراء الخشية يفصلُ منطوق النّخل عن القوس
الأقواسَ عن الأعلامِ يزيّن حاشيةً بهجوم ضباع يحفظ
شهوتَهُ في بئر الحيرة يسلُكُ منعرجاتٍ تكتم دهشتَهُ
وانهضْ يا تهجيج الهذيانِ
مباركةٌ ناري
حصِّنْ يا ابْنَ
حبُوسٍ غيمَتَنا
سنُسافرُ من حوضِ الإنشادِ إلى زيتونِ زلاغ مراكبُنا
أشباحٌ ترحلُ في النّبضاتٍ حواسُّ وهبناها النّهش اللّعنة(51/126)
عقّقناها وجعلناها تغرقُ في سمّ كان لنا
يكلّمني نورسٌ من مساء بعيدٍ على
هيئةِ الخيزرانُ عَنِ الذاهبين معي
لجنوبِ الغوايةِ مندفعين بحبرٍ تسيل
عذوبتُهُ شُعلاً يُنصتون لماء سَبُو لم
تَقُم بيننا حُجّةٌ هوَ هذا المساءُ لهُ أُممٌ
تتآلفُ في سحبٍ تتحدّرُ من شهوةِ
اللّحظاتِ جداولَ آبقةً تتوجّسُ ساعتها
صُورٌ تتواردُ يسكُنُها التائهُونْ
نقشٌ يتذكّرُ صاحبَه يتصفّح ترتيل دمٍ ما أرسخَ هذا الحفْرَ
الخشبيَّ خطوطٌ تكتُم ضحكتها جغرافيةَ القتل
استيقظ يا صاحبي الملعون لنا
كأسٌ أخرى شعشعناها بخرافةِ رأسِ الغولِ فراشاتٌ
نقّطناها بشُعاعٍ منذهلٍ من كزخستان
استيقظ سَتَرَى
في مرتفعاتِ السّكرة نجمتك
الوثنيّةَ تنشُر فوق العشبِ مناديل الصّيحةِ ضوءَ وريقاتي
بجزائر منسيّةٍ في ليل الأوقيانوسِ هنالك يهتفُ من منكم
يتشهّى حدّ الشفرةِ
لا أحدٌ
هل هذا الكونُ سديمٌ تلك النقطة سادرةٌ
كلِّمني من قصبٍ مجهولٍ
خبّئني في صدفاتِ الحُلم
اغمُرني بجليل النّار أنا الموؤودةُ
دثّرني
انظروا إليّ أيها العابرون جيّداً
هذه كسواتي الثّلاث
خذوا منها واحدةً
وضعوها على مدينة فاس
ثمّ انظروا إليها
تذوبُ
أهلها يتلاشوْنَ
بنيانُها
وأسوارُها
وماؤُها
يتلاشوْنْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> من يسمع فأس تغني لابن سليمان
من يسمع فأس تغني لابن سليمان
رقم القصيدة : 6884
-----------------------------------
هذا الولدُ المفتون بليِّ عمامته
بشعيراتٍ
تضحكُ فوق
الصُّدغين
شُعيراتٍ تنعشُ ما
بين الفخذين
يغلّقُ بهو منامتِهِ
ويُطاوعُ
تغريبةَ عينين رماديّتين
يرىَ
أليافَ سحابٍ منشغلٍ بجدار البيت
يرىَ
شمساً تتسلسلُ في أحقاقِ
نواعير الماء
ممالك مسك اللّيل
سواريَ تسمُقَ بالزِّلِّيج
إلى الزّلِّيجِ
إلى
السقفِ النّجميِّ
يرى
خالاً يتعقّبهُ من تحتِ ثُقُوبِ خمارٍ
يستعذب تمزيق يديه
يَرَى
دمُهُ أحواضَُ رياح
دمُهُ نارٌ تتهجّجُ في عرصاتِ عبارته(51/127)
سيكونُ الولدَ العاشقَ للأحجارِ
رصيناً
يخلقُ ماء جسارَتِهِ
هل تسمعُ فاسَ تُغنّي لابن سليمان
وأعنِي
ابن حَبُوسْ
ولدٌ يفتلُ إقليدَ الشّعرْ
ويُعاشرُ أقواسَ سَبُو
ولدٌ يغسلُ أدراج الصّفارين
بدماء الصّمت
ولدٌ يعبُرُ من أشفارِ امرأةٍ
لمنازِهِ غرناطهْ
ولدٌ فتّشَ في رملِ سبأْ
عن رنين الشّام
كان حتّى كانْ
ثم استيقظت عيني على حرارة الجير الأبيض في
البيت الذي رقمُهُ 5 فرقمُهُ 103 على
أبوابٍ لها مشاهدُ نقشٍ بمراتبِ أعماقي للشّمس
كُنتُ ألهو بحفرِ فرصةِ تساقطها شيئاً فشيئاً
للبياضِ أن يلعبَ حولي نازلاً من الحيطان
صاعداً من سعة السّطح ذلك البيتُ بألواح
خشبيّةٍ كان مسقوفاً بقليل من الإسمنت كان مبلّطاً
شجرةُ بُرتُقالٍ تحتضنُ ليمونةً أُصَصٌ تطوف النّهار
كُلّهُ بصهريج المياه لذلك نقطفُ الضّياء في
موعِدِهِ ناضجاً حينما ارتفعت القامة بفرح سنواتها
العَشرِ أصبحت السّطوحُ البعيدة قريبةً من ندائي
كلُّ سطحٍ إليّ يأتي طائعاً هذه المآذنُ التي لا
تعرفُ عنها أيّها العابرُ غير نقوشٌ مريضةٍ حكت
لي ما لن تراهُ الأفقُ هناكَ الأفقُ البطئُ ينحني
حتّى الجُيُوشُ التي حاصَرتِ الأسوارَ ما تزال
تعتقلُها الحجارةُ إليّ الأطفالُ على بعضنا
يهجُمُ بعضٌ على سواعدنا الهضابُ فاسُ
احتمتْ بصلاتها والكبرياءُ انتهت قبل الأوان
قرميدٌ أخضرُ ينفتحُ
دبدباتٌ سريعةٌ في أعضاء النهارْ
نقطةٌ وحيدةٌ
لا يراها العابرون تدنو
تتكوّنُ في حقلِ الكلام
من الطّيوبِ إلى السّعارْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> يأجوج ومأجوج
يأجوج ومأجوج
رقم القصيدة : 6885
-----------------------------------
قُل للحكمةِ
أن تفقئ عينيها
قُل للشاعر
أن يتسكّع في طقس الهذيان
ليرى المعنى
خارج حوضِ المعنى
قُل للتربةِ
أن تنسى نعليها
وتسافرَ في ليلةِ عاشوراء
لم يقصِدْ فاس
ولم يقطف جرحاً من نهر طفولته
هذا الولعُ الفضّيّ بسرِّ الباء
يُعطيه فراشاتٍ
تتحدّرُ من ألفٍ
منشقًّ(51/128)
لا
يهجُمُ
إلاّ في مسرح غبطته
شُعلاً
تتآزرُ فيها الفاء
نغماتٌ أو أصواتٌ سوف تفسّخُهُ ذرّات مفترساتٍ وحدتهُ
تتقمّصُ حفل زهيراتٍ تسرجُ للشّهداء مجالسهم بجنان
العدوةِ للشّعراء مساقط ماء
يتقاسمُهُ أطفالٌ ينجذبون لنهرِ
سبو
لغةً ودماء
تحلُمُ
لا
ستُصادفُ بُركاناً يتوالدُ في أعضائك ملتبساً بمياه تحرسُها
حشراتُ الرّوحِ لذلك لم تقتحم الطّعناتِ ولم يأخذك
وداعٌ مقترنٌ بمرافئَ صامتةٍ
كنتُ الصّبوةَ
كنتُ النّارنجَ
أطوّقُ نقشاً محتدماً بهدير الفُلكِ أخادعُ أستعصي
للّهب
الكونيّ انتبهت أسراري غُصناً غصناً يبتكرُ القمرُ الصّيفي
شقيقاً يقتادُ الرّغباتِ إلى أحلامي هذا طفلٌ سمّوْهُ ابن
حَبوسٍ يبحثُ عن ألوانِ فراشته ويوزّعُ أقوال الغنباز على
كلَّ جناحٍ يصعدُ أدراجَ سكونٍ يُملي آيةَ هجرته في شبه
غناءْ
وأنا الذي سافرتُ في ليلِ
القصيدةِ
وابتهاجِ المَحوْ
أدعو الخطوط لمجدِ هاويةٍ
لها الهذيانُ
والهذيانْ
فليسَ لغيرِ هذا اليُتمِ
تنشأُ في المسافاتِ الخبيئة
حيثُ البلادُ
تجاوبتْ في فاس
حيثُ دمُ الذين أتوْا
تدثّر بالنّخيلاتِ البعيدة
والأناشيدِ الوضيئةْ
ضحكٌ لشقوقِ الماء
ضحكٌ لمعادنَ تلمعُ فوق صدور نساءْ
لغةٌ
تتبطّنُ نخلتُها
وهج الأشياء
تعصاني وردتُهُ
أو تلك يمامتُهُ
تسكنُ أقصى الضّحكات
يزنّرُ جبهتَهُ
بزنابقَ مسْكرةٍ يتسلّقُ أشجار الخرّوبِ يداهم باب الحمراء
برائحةِ النّعناع يحصّنُ عائلةَ الموْتى بطيورِ العدوةِ حيثُ
سُلالةُ رائحتها
يتعقّبني
وأنا أرصدُ أشباحَ صباحٍ لا تتذكّرها الكلِماتْ
أعلنتُ لأحجاري تتويجَ صداقتها وسّعتُ
حصاري مكتملاً للمُدُن الخرساء تُسافرُ من
شُبّاكِ نجومٍ فارغةٍ وأنا مجّدتُ جلالتها
حاول أنْ
تخدشَ صمتَ قبابك ليلاً بعد الليل استمسك
ببعيدٍ ينحازُ إليكَ إذا المجذوبونَ اتّحدوا في
الفرحةِ غالبني ترجيعُ غياب
يا أيّتُها الفاءُ
الملفوفةُ بالدِّفْلى انجذبي لصلاة الأعضاء(51/129)
الوثنيّة ليسَ الطّفلُ قديماً حتّى تنتمي الأحجار
إليه بلى يفدونَ عليه اللّيلة من شطحاتِ
المنتصرين بعقد دمٍ كالوردةِ فوق شقوقِ جباه
أو قمرٍ تتزوّجُهُ الحنّاءُ مرايا لابن حبوسٍ
تنهشُها الأوجاعُ دوائرُ من ريحٍ وسحابْ
فتياتٌ هنّ بقايا أندلسٍ يملين طواسينَ الجسدِ المصقول
خليج الشّهوةِ توليفَ الضّحكاتْ
لكنّ القرويّين قبائلُ نازلةٌ من صنعاء اليمن
احتضنوا صورَ الدِّمنِ
المملوكةِ للأشعار
فهل لك أن تتسلّقَ بُرجَ اللّيلة غزالتك الصّحراءُ
مفتوناً بين القمرِ البحري وآخرة هُنا تنشأُ فاسُ برابرة
الأحجارِ على طللٍ من مأربَ يهبونَ الوافد سلهاماً
فيك طفولةُ من ينساقُ من السّحب يفتتحُ الآفاقَ حروفاً
الزّرقاء فوانيسُ العرباتِ تضجّ بما تتحوّلُ أمداحاً تتفجّر
يتسرّبُ من صرخاتِ دمٍ يتصدّعُ في صحْنِ التاريخ
بين يديك الصّلصالُ وماءْ
يتذكّر فاتحةَ الطّوفانِ تواشيحٌ من هجّجَ صمتك يا
تترسّمُ محلولَ الصّخرِ اليمنيّ جدّي من ثبّت فيك
مراكبُ أعناب أنّى ظهرتْ تمنحُ هبوبَ كآبتك الأيّام
للعين خفاياها غبشٌ يتنفّسُ على كتفيك عصافير
أغصانَ الطّلح هنالك يجري سفناً مهدّدةً
تجري فوق الرّمل السّبتيّ إلى علِّمني
أسوارك فاسُ ريحَ المذبوحينَ
السّيدةُ المغمورةُ صهاريجُ لقبابٍ
بالحمّى أقفالٌ
بلقيسُ لفروجٍ أجسادٌ تعفُنُ
لها ابنتها الصّغرى في باب المحروقْ
أروَى
ألماءُ حدودُ الهُدْنَةِ
غبشٌ أطيبُ من رائحةٍ تتشبّهُ والفتنةِ من يستنجدُ
باستهلالِ الفتك مسافةُ رعدٍ حنّ بالآخرِ هذا قمرٌ يكتمُ
إليّ رخيماً ينشدُ لي هل كان له أن آياتِ إماء شيّعنَ
يجثوا أو يتدحرجَ كان له أن تنقاد الأنهار بزهرِ طفولتهنّ
الباءُ إلى الدّربوزِ تُشاهدَ وشماً في لهُنَ نواميسٌ أدغالُ
أحواضِ غبارٍ يا عدوى المُرعب غناء منحرفٍ إفريقيٍّ
أنتِ انبثقي من حضْن زيّانَ لا
مداراتٍ أبدياً لا تستسلِمُ لي
سيحرّضُ
علاّلُ الفاسيُّ عصابةَ طيرٍ يقتحمونَ عليّ(51/130)
مناسكَ أعشابٍ تتهلهلُ فيها الأحوالُ الوثنيّةُ أمكنةٌ للبدءْ
حقولٌ آهلةٌ بالضّوء
تزوبعُ
ذاكرتي
وحَّدني بالهذيان
فوحّدَ
خاطبني بكريم اللّوعةِ
خاطب
طلّقْ
مقصورَة
هذا
الوَحَلِ
التبّريريِّ استسلم
لفضاء
لا تُفضي غيرُ
الرّغباتِ
إليهِ
و
اتبَعنِي
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> مستحيل
مستحيل
رقم القصيدة : 6886
-----------------------------------
لم يختف الغنباز عن أجرام سهرتنا له
كنّا نعدّ تدفّق الأمداح من شطح إلى ماء
وهذي النار تحجُب يشبها بفصول
دالية مهدّدة على أعتابها
كنّا
نُقيم
شعيرةً
لتماسك الأضواء
نُسلِمُ يُتمنا لعواصف تعلو بكلّ عروقها
كنّا نحرّر شمسنا من غفلة الأشياء ننشئ
ريح أقواس هي العتمات نسكنها لتبلغ
رجفةً أشهى مفازتها
مدارٌ
من عنيف لهتك تختبر اللغات سموقهُ
وجعٌ لصمت الصّاعدين إلى البداية ها
هُنا كتفٌ توسّد بئرها جهةٌ على أهوالها
ومضاتُ عابرةٍ تذكّر بالهبوب غبارنا
ماذا
تريدُ شساعةٌ
وهبت لنا أجراسها
لا شيءَ غير الصمت
في الواقع
ليثبتَ مُستحيلٌ
من
شقو
قِ الموت
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> ظنون
ظنون
رقم القصيدة : 6887
-----------------------------------
لهذي الظّنون التي
نستضئ بها
لهذي المنافي التي التأمت
بينها
نحدّدُ لون الأثر
وننثُرهُ
بجعاً
وننثُرهُ
موجةً
أو حجرْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> توأم
توأم
رقم القصيدة : 6888
-----------------------------------
هذا الميّت لن
يعرفهُ
أيّ سحابٍ مرتحلٍ
هذا التوأم لن
يفهمه
ليلُ دبيب اليرقان
إنّه يلهو بطيور عبرت شفتيه
وردةً لا تُلقِ عليه
في انخفاض المنامة
واصغ إليه
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> سيدة
سيدة
رقم القصيدة : 6889
-----------------------------------
هي سيّدةٌ
يحتمي وجهها بالهواء
هي نافذةٌ
سقطت
كيف تعرفها
في اكتمال العراء
عمىً
يعلوُ بي هذا الحبر إلى نفسي
يعلو بي منتصراً
ثمّ
إلى حيثُ يراود عينيَ
يعلُو(51/131)
حتّى تنشأ في
غفلة حُمّاي
مراتيجٌ
ومواسمُ حنّاء
ومنازلُ من ليلِ الرقصات
إلى
ليل الرقصات
ويكون النّخل قريباً من خطواتٍ
نسيتْ صاحبها
ومشيئتها
تحت الصمت فجأتُ
صريراً
دائرةَ الشّمعِ تذوب
وفراشاً
ينهض من لطخته
وطيوراً قادتني
بتوزّعها
لعمايْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> توهج
توهج
رقم القصيدة : 6890
-----------------------------------
هو ذا
يوقظُ ماءً
ليبلّل
ما يستودعه عطش الأسلاف
من الأغصان
على
كتفيهْ
شعلٌ
تتخفّى بين مخاطرِهِ
وتُعيدُ إلى
مجد الليلةِ منظور
هسيس
ومسالك هينمةٍ
تتدافع في
أضواء
يديهْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> هجوم
هجوم
رقم القصيدة : 6891
-----------------------------------
ليستْ لي أقواسٌ وقباب
جمرٌ ينساقُ بمفرده
نحوي
ولهُ منّي شطحاتُ الكفّ
كواكب من جغرافية الأسلاف
على أغصان دمي
تنشأُ نوّارةٌ
فتنتها
يا ريحان الرّغبة
من هذي الصّحراء المنفرجهْ
تتجمّع أحلافي شيئاً
شيئاً
وعلى أسرار الصّمت
نهجُمُ
كم أنت عطوفٌ
يا
ترتيل جهاتي المنحجبهْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> كتابة
كتابة
رقم القصيدة : 6892
-----------------------------------
سمّها قطرةً أولى
تتخثّر في لحظات ارتياب
سمّها هبةً
نبذت برد معبرها
واكتفت بانحفار الغياب
قل لها
أن تكون لهم خيمةً
قل لهم
إنّها
نفسٌ لاتّقاد السّحاب
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> وحدة
وحدة
رقم القصيدة : 6893
-----------------------------------
هبوب دمي يؤالف بين أهوالٍ تعرّفت
الرّياح
على
مسالكها بطيئاً تنشأ اللحظات
في أقصى تفتّتها
مغيبٌ نازلٌ ببخارِه
ولدٌ يضجّ بهينمات القادمين ببُعدهم
سحب توسّع للفراشة منتهى ألوانها
دمي الوحيد لبعضه يُصغي
سيسأل عن ممرّ النهر
من عبروا وذبذبةٌ تعيد
صباحها من هدأة الغنباز
أيّ يد تهيئني لهذا الضوء يسهر في
علوّ الصّمت ليس يطوف بالأحجار غير
نداواة عرّت كثافتها
أتندثر اللغات(51/132)
على تخوم الفتك في ليلٍ كهذا الصّمت
تحرسُ لي
ولايتُهُ
الشّبابيك
ارتدت أشياءَ
صرختها
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> هناك
هناك
رقم القصيدة : 6894
-----------------------------------
يدان قريبتان و وشمةٌ
شفافةٌ طافت
به الأنواء
هل هذا مدارك
أم خطوطي العائدات
من الغناء
ومن غُبارٍ ما
هناك إذن
هناك إذن
سعفة
تلك السّعفة
ترتيلُ
مناخات تتخفّى قُبّتها
ظلٌّ يتكاثر
بين مخابئ وحدته
مشروع جوارٍ لن ينساهُ خفيفٌ
مرتحلٌ
أضغاث منارات وعواصفُ
تسهر قرب
دمي
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> مجاهدة
مجاهدة
رقم القصيدة : 6895
-----------------------------------
سأمنح للمنافي لون
غُنباز يعلّمني
انشقاق
تآلف بين السّهوب
سأودّع جبهتي عند ابتداء فراشة الملحون
أوردتي
أطوف بها على
نومِ
النّخيل
سأحضرُ شوقّ هذا الضوء
من
باب تغافلني
سأسرق
لفحةَ النجمات
من مستورِ سهرتها
إذن
فلربّما شاءت
مساءات المعابر
إن تسمّي شرفةً
متروكةً
لصفاء صمتٍ
يختفي
بين المناسك والهبوب
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> طرقات - شجرة
طرقات - شجرة
رقم القصيدة : 6897
-----------------------------------
الأرض تبتكر العروق
جذعٌ
يضيء بوحدةٍ في بردِ أغباشٍ
غصونٌ ميّتاتٌ
تدفع الأفق الأخير إلى اضطراب بزوغه
فصرخت فيك ارحل معي
وكتبتُ في صمت الكتاب اقرأ معي:
وجهي فضاءٌ
قادمٌ بطيوره
شبحٌُ دمي
يعيد عليّ أنساغ البروق
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> طرقات - حصى
طرقات - حصى
رقم القصيدة : 6898
-----------------------------------
أدنو من الأنفاس في أقصى تبعثرها
لوامعُ فيك تسطعُ
من يهدّدها
قلتُ: اقتربتُ من الطّيوبِ الباقيات
لكنّهنّ الواشمات
يُهدين لي جهة التّبدّد
والمدى
حجرٌ أصمُّ
من الجبال أو الوهاد
يهدين لي صوتاً كسوتُ به بلاداً هارباتْ
وواحدةً
فواحدةً
لمستُ حوافّ هذا الصّبح
إنّ لذائذ البشرةْ
توسّعُ
لي
مسافات الحداد
طرقاتٌ - صمت(51/133)
لو كنتُ أملكُ رغبتي
لوضعت أقواساً
تلي
أقواس
لو كنتُ أهجُرُ حيرتي
لأضفتً أجراساً
إلى
أجراسْ
لو كنتُ أًسرِجُ شهوتي
لتركت أنفاساً
بلا
أنفاسْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> طرقات - سيل
طرقات - سيل
رقم القصيدة : 6899
-----------------------------------
طبقاتُ الماء
تتزاحم في صدري
ماءٌ يحمومٌ
ماء
أزرقُ
من أيّ هواءْ
تتدفّقُ عاصفةُ الكلمات
سيلٌ
يحفر في الرملِ مداراً منفلتاً
وأخاديد اقتربت
من وردة ناري
لا
نار العُزلة
نار الخطوات
هي ذي أنساغُ نهاري
حاضرةٌ بشوائبها
وعلى الأوراق تفاجئني
أمزاجُ نداءْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> طرقات - شاعر
طرقات - شاعر
رقم القصيدة : 6900
-----------------------------------
يا مدرك شمس اللّيل
وموزّع أصداء
ما الأفق الفضّيّ على أشباح طفولتنا
لم يبق لنا
في الفجر المنسيّ
سوى
ما يجهلنا
وبقايا وشوشةٍ
لنساءٍ
ملتفتاتٍ
ما زلن وضيئاتٍ
وسوى
جسدٍ منهوِشٍ
فوق سرير الصّمت
طللٌ آخرُ
لا أرض له
لُغةٌ
وسماءٌ فارغةٌ تركُضُ
رملٌ
ويدي امتلأت
بحضورك أنت
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> طرقات - من أمرني
طرقات - من أمرني
رقم القصيدة : 6901
-----------------------------------
توغّل
في مصاحبة انشقاق الرّمل
مكانٌ
مثبتٌ في العين
مكانٌ وحدُه
للفجر مضطرباً يضيء
جهةً
أُسمّيها المستحيل
خطوطك تنثني
أبداً
تحيّي عُريها
فاتبعْ
معارج يتمِكَ الفضّي
أنت بها
ترى صفتي على سعف النّخيل
هُنا الأقصى
مكانٌ
يحتمي بدمٍ تبدّدَ أصلهُ
مكانُك أنتَ
أملسُ
شاخصٌ يدعوك لاسترسال مجهولٍ
تضاعف وشمهُ
نارٌ
يواصلُ ليلها عُنفُ الرحيل
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> شمس من أساطير
شمس من أساطير
رقم القصيدة : 6902
-----------------------------------
يطول النهّر
شمساً من أساطير
توارث رصدها الشعراء
أو
غنّوا
لسيّد ليلها
يطولُ النهر منحرفاً قليلاً
ثمّ
يحفر وهم مرثيةٍ بكلّ شموعها(51/134)
يضع البيوت على علوّ غامقٍ
بين النّباح
وبين سهب الذكريات
للماء
هنا شكلٌ من الأنفاس أزرقُ
باردٌ متموّجٌ
حذرٌ قريبٌ مشمسٌ
متقدّمٌ
أصداء مجذاف يوشوشُ ضاحكاً
شيءٌ
من الأسرار
أم
شبحٌ
تكرّر عبر أزمنةٍ
لها
صعقُ الضّياء
ولست أرى سوى أوراق
دُبّالٍ
تطاير بعضُها هوساً
فيظهر قادماً متعدّداً صمت الجهات
لونٌ بآخر
سعفةٍ
يهذي ويلبسني
ظلالٌ طافياتٌ
فوق
سطح الحاضر الماضي
هواء
يبني قوارب
للذين يفتّشون عن القصيدة
ماسكين برعبهم عطش النداء
خفضت يدي
لتلمس في التردّد صوت لمعتها
مساءُ التّيه يا نُسغي
ويا لغة تدِبّ على النّخيل مبدّداً تتقاسمه السّماء
هل حان وقتُ النّهر كي
يعلو
ويسبق ضفّتيه إلى حدود كدتُ أحجبها
حُدود اللاّنهاية
كيف أخطفها من الجهة
الّتي
وضع السّواد
على أقمارها
خِتم
الحداد
هو ذا الخلاء
ولي الهسيس هناك أتبعُهُ
عبورٌ ما لطير النّهر
مختلطاً
برائحة وماء
أردّدُهُ
بطيئاً واسعاً
عينيْ من الأشلاء تخلقُهُ
وفي محو الرجوعِ
إلى الوراء
أو التّناحر بين أفكار مشوّشة
تثبّتُهُ
كما
لو أنّ قطعة غيمةٍ جزّت
لتعبُرني أساطيرٌ
بأجنحة العماء
مساء التّيه
إنّ
الصّمت
بيتٌ
من
بيوت الفقد
إنّ
الموت
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> أهبط إليك
أهبط إليك
رقم القصيدة : 6903
-----------------------------------
إشارة
من صمت
لا
تدل
المسالك
عليه
اهبط يا محمّد اهبط
لا تفتّش عن قدميك أو عن صدرك
اهبط إليك
متّقداً بما أنت فيه
ممّا ليس لك
عشّق نفسك إلى نفسك
انفرد
بقوّة عينك
واحذر نظرة المقت
حيرتُك
قبل الهبوط هي حيرتُك
في الهبوط
ورأيتني أهبط منحدراً متوعّراً
كنت عثرت عليه في ليلٍ
مضاءٍ بمراكب الشّك
ثمّ في خلوةٍ
وأنا متوحّدٌ
من
غير
امتثال
حولي أصواتٌ تنادي
في كلّ نداء
يظهر النهر من وراء مسافة وأنا
لستُ عارفاً إن كان من خارجي يجري
أم
داخلي
إن كان أخضر
أم أبيض
أشبه بالشّعرة أم رعوداً
تتكاثر في أعضائي
أهبط(51/135)
وأُبصّر جسدي هابطاً تحت إبطي فراغٌ هائلٌ ما يقرّبني من
عظامي كان البردُ
لم تسبقني حممٌ حتى التّراب ظلّ محافظاً على جفافه
شيءٌ منّي انفصل عنّي وفي الهبوط ألمٌ لكن اللّذة كانت
أشدّ
أهبطُ
للفضاء نداوةٌ هذا سحابٌ مائلٌ نحو البنفسجيّ ثمةَ إشارةٌ
تدلّني على الطّرق المؤدّية إليّ أقصد حيرةً هي ما
ملكتُ في لمحٍ من البصر
تذكّرتُ
الهابطين على زمن مقبل دائماً من الدّخان
فيه أظلّ واقفاً أترجّى جهةً لا تراني
مستنجداً
أحتمي بغبار أشرعة يشعُّ مع الهواء
فهل أنا متودّداً
أستميل شيئاً من حياةٍ في الحياة
أفتكُّ
مرافقاً
أشهدُ على جهةٍ لا تراني
إليك أهبط إليك
هي الجوزاء لي بُرجٌ
ولي كهفٌ
ستهبط منك أنفاسي
مقطّرةٌ
تفتّش عن قرارتها
فراغٌ
بألوان انعكاسٍ
هادئٍ
يضاعف برجُهُ
ينمو على حجرٍ وطين
شيئاً يبينُ ولا يبينْ
لم تُدرك الأنفاس فاتحة اليقين
نهرٌ
سماويٌّ
يضاعف برجُهُ
شيئاً يبينُ ولا يبينْ
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> ما بناه الأقدمون
ما بناه الأقدمون
رقم القصيدة : 6904
-----------------------------------
ليل لأنهاري
يعود
الرّاحلون
ولم
أعد
أبداً
هنالك سيّدون على البسيطة
تائهون
مع القصيدة والغناء
شكراً
لأهلي المثقلين بذعرهم
شكراً
لنم تركوا إقامتهم
على حدّ الهباء
ليلٌ
ولي لغةٌ
تُضاءُ بوجدهم
شذرات دمعٍ ما تزال معلّقات
في شقوق الرّوح
أو
أصداءُ أزمنةٍ توالت في الرّحيل
مع السّحاب الحرّ
والضّحكات
صوتٌ يرتديه النّهر
ليلٌ من هواء
وجدٌ
يبدّد شكلُهُ طُرقاً
سيأتي آخرون
يرتّلون عليّ شيئاً من سحاب ما
أبارككم
إذن
وأنا تعلّمت الفراسة
كلّما أقبلت
كانت نقطة التّكوين شمس منامتي
في
النّهر يلطف بي سواي
نهرٌ
يفاجئُ ما تكرّر
من خطوط النّهر
رُكنُ اللانهاية شاسعٌ أو لا مصبّ له
أتابع
رجفة الأنس الّتي لمعت
على طين وماء
ولي الصّداقة
بذرة التّكوين تسكرني
تلك الصداقة أوّلُ الأسماء
قبالتي الّذين أتوا
من
نهر هذا
النّهر(51/136)
فانظر كيف
شئت
انطق بما سكرت يداك من المساء
إلى المساء
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> أعمى صديق
أعمى صديق
رقم القصيدة : 6905
-----------------------------------
1.
من ذلك الأعمى الذي خطف يدي وألقى بها في النّهر كنتُ أكاد ألمحهُ وهو كلّما اقتربت من هينماته تشبّث بالخفاء لا لأنّه ظلّ لوجهه برودة الليل يتجوّل بين أزقّة لها من الشّمم ما يدُلّ على الانتقال من زقاق إلى زقاق يضغط ببطن كفّه على العكّازة عابثاً بالإشارات وبا
2.
ذلك الأعمى قريبٌ من سمائي لكنّني مدركٌ أنّه شخصٌ يختلف عنّي تماماً لا أبادله التّحية إلا بين ذكرى وذكرى وهو لا يلحّ في أكثر من عبث يسمّيه المحبة حينما يحسّ بحركات قدميْ عشيقته الراقصة كلّ أعضائه تبدأ في السّيلان عيناهُ تبصران ما تكتبُ الرّقصات هل أسرفتُ ف
3.
طُف بي أيّها النّهر مشارق المنفى اجعل لي دبيباً يتسلّق النّخيل وقت الفجر كلّ مسافةٍ تعوي وهذا القادم الأعمى يلمس ما لا يُلمسُ بضع فراسخ في السرّ دبّالٌ يظلّل ما تبقّى من بخار لقد تركت ورائي قبوراً تئنّ قبوراً تستجير وضعت يدي على أغصانٍ محروقةٍ آثرت أن أسه
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> ليل وميتون
ليل وميتون
رقم القصيدة : 6906
-----------------------------------
ليلٌ
أخطّ عليه
ضوء
المستحيل
لم ينتظر أحدٌ هبوطي
حيرةٌ
تنحلُّ في الأعضاء
في شمس
النّخيل
خوفٌ
أظنّ النّهر يفرغهُ من الأشكال
رقّت قطرةٌ
هبطت من العتمات
ثمّة
ميّتون
وبينهم وجهي
شعراء المغرب العربي >> محمد بنيس >> صحراء على حافة الضوء
صحراء على حافة الضوء
رقم القصيدة : 6907
-----------------------------------
(1)
عينٌ تؤاخي تيهها
في لحظة
الفجر القديم
هناك حيثُ الرّملُ ينشأُ هاذياً بيباضه
حيث الأشعّة راسيّاتٌ
والمدى غمرٌ يحرّرهُ الكلام
عينيْ
تردّدُ ما تشاءُ
خطوطُ من جاؤوا
ومن تركوا بقايا الرّيح
ساهرةً
بجمرتها على وطنٍ توزّع بين أنقاض الغمام(51/137)
أيُّ فلاةٍ هذه التي. أنفاسي تتشبّثُ بها. كما لو كانت. مع سيّارة مسرعةٍ في شراييني. تتقاطعُ. صاعداتٍ إلى معتمِ النّبضات. لتوّها صاعدات. من وداع يلتبسُ. فيه اللاّشيءُ بالشيء. هذا ليلٌ. رمالٌ تصنعها الرّياح. رمالٌ. تنبسطُ. بين يديك رقيقةً. مرّر أصابعك. استعد
لهاثٌ دائمٌ
يصلُ الشواطئ بالشّواطئ
وابتداءُ الرمْلِ جسرٌ
يُدركُ الخُطوات بين دم النّهاية
لا نهاية
للذين يوسّعون منابع العطش
مسافةُ رجّةٍ
تُلقي عليّ وشاحها
أنحاء شاحبةٌ تمرُّ قريبةً
من حُفرةٍ
سمّيتها خطأً ظلال مشاعري
صورٌ تتابعَ محوُها
أثراً
زُمرّدةٌ
هذيتُ بها
إلى حتم المتاهْ
أسلمت أنفاسي مبعثرةً
ولي طرُقٌ سمعتُ فراغها يأتي
إليّ كأنّهُ بيتي
وقافلةٌ
من السّحب التي استولت عليّ هُنا
ووجهٌ هاربٌ
وسماءْ
بأيّ هواء
أعودُ إليك أنت أخي
شبيهي
من منابع زُرقةٍ
تركتُ حدودها أبداً تضيع
لأيّ مساء
تدفّقت الظلالُ على الظلال
وأيّ دماء
تشرّدُ ساعديك
(2)
حجرٌ يكتُبُ أبياتاً
ريبتُها
تجري في ذاكرةٍ من ريح
حجرٌ
يتلو
حجراً
بقعٌ بيضاءُ
تحُفُّ ببضعِ خطوطٍ متآكلةٍ
ألهذا ينهشني موتٌ
ألهذا أستقصي باسمك يا شاعرٌ كلّ ضريح
أَ : لا يأتي الوقت بأمداحي
بَ : ربواتٌ تتباطأُ
في الأعضاء
نعومتها
قُل هي العين تسرق
منتهاها لا تعبأُ كثيراً
دِ : قنديلٌ تنعكس الأشباحُ
خالطها الوهم خالطها
على قدميه
الغيمُ سيّدةً تهاجر في
لمحةٍ من سُلالات
يَّ : هي ذي أسرابُ غزالٍ
رغبتها ربّما سلكت مثلي
تبحثُ عن فيءٍ
مجازاتٍ غير مكتملةٍ
في
بطيوبِ الشّيح لازمت
المنعرجات
آكاماً تراها متدفقةً
بطائفةٍ من التّصاوير
ةٌ : سفنٌ تتدافعُ خضرتها
صدّقتُ لمعتها نحوي
أبياتٌ لا تصدأ في صرختها آلام جريحْ
(3)
ليكُن ماؤك مائي
أيتها الصّحراء
المودوعةُ في أسمائي
انتشري
جسداً آخر يدنُو
لعواصف أُبصرها تدنو
بهدوء
لا يرتابُ
إذن
نفحاتٌ زرقاءُ
انصبّت في كلّ عُروقك
أزمنةٌ مساءُ بها عينتُكِ أرجائي(51/138)
وكان الفجرُ مشتدّاً عليك. يفيضُ من أرضٍ خلاء. رُبما صُعقوا. هنا قبلي. هجومُ هذا الرّمل يتركُ لي النّهاية في مكانٍ. من سيكشفُهُ. صباحُ الخير. يا رسماً يضاعفُ ما تحدّر من ندائك. في نشيد التّائهين لأجل آيتك التي. حرّرتها من كلّ دمع.
ها هو الضّوء اعتلى طرقاً. من المرجان. تلمعُ في الأخاديد البطيئة. كلّ ناحيةٍ تبادلُ أختها عبق الشّميم. نداكِ أيتها المفازةُ زهرةٌ بيضاءُ تكبرُ في شقوق الروح. ألمس شرفةً متروكةً للعابرين. يوطّدون صبابةً. أنت الذي آخيتهُم. يفدون من شوقٍ عليك. ومن نشيدٍ ساهرٍ
هناك أنت. ترى كتابات. سحيقات. لها شأنُ الهلاك. حُروفُك التأمت أساريع ارتمت. بسطورها متعاقبات. هارباتٍ. في مسافتك المنيعةِ. كاسياتٍ ملتقىَ الشّهوات.
عينٌ تختلي بجهاتها. سعفُ النّخيل يطلّ من أفقٍ يدلُّ عليك. لا تُسرع. أمامك موجةٌ هدأت لتوقظَ عندها قدميك. لا تقصُص على أحدٍ. منابعها.
منازلُ في الخفاء تباعدت
أصداؤها
خطواتُهُم خفّت إليك
إبلٌ محمّلةٌ
بغيمٍ
أطلسيٍّ
بانثناء شعيلةٍ
حيّتك غبطتها وتاهت في دروب يديك
وقتٌ بلون الصّمت يشرع في التّكون. فجرُك الرّملي ذاب على الحصى. خطّ تناثر بين غدران. لنا ولهٌ أن نشبّه. غير أن الوقت أشلاءٌ مغطّاةٌ بعصفٍ لا غناءَ لهُ. ولي عطشُ الغريب.
عطشٌ وموسيقى
توالى الفجرُ
منتصراً
نشيدُ الغيمٍ يسكُنُ تحت أهدابي
هناك تآلفوا
فيءٌ
يواصلُ وقته العاري
يواصل عهدهُ
عينُ الغريب على الغريب
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> موت كلكامش
موت كلكامش
رقم القصيدة : 6908
-----------------------------------
[ عن إيابه بلا صحراء]
أيها الموت
صديقي أيها الموت..
ها أنت تعيدُني إليكَ من أمومةٍ مشاعةٍ،
ها أنتَ تشْبَخُ، من فوق ظلال أبنائك النائمين،
لتَسطو على امرأتك،
وتنجبَ منها زوجةً لي،
ها أنت تأخذني من حسد وجيز،
فأستيقظُ منك كي أنام.
في ما مضى،
أخذني منك أصدقاءٌ فرحون بمراثٍ لا تستحقهم.(51/139)
كم مرةً ناديتني، أتذكر؟
كان صوتك يتدحرج في منحدرات غامضة،
وهو يلقي
عليَّ وصيةَ الكامنين له في منعطف صغير.
أتذكُرُ..؟
عندما ـ نحنُ رهائنَ المستقبل ـ تلثَّمنا بملامحنا
وعبرنا مضيق السنة الأخيرة،
أتَذكُر يا صديقي؟
كانت السنةَ الأخيرةَ من حربٍ متأخرة،
مراهقون لا شتاء يسميهم،
دائماً يحصلون عليك بآبائهم،
ودائماً
نشيدك التائه يغويهم،
فينحدرون بهزائم لا تسميهم.
يصل آباؤنا،
وجنازاتهم تُطلُّ على شتاء هارب.
يصلون،
بعد أن يبيعوا جلودهم لصحراء مكهربة.
كيف لي يا صديقي،
أن أدلهم على عنوانك؟
مرضى بإفادات عن اللاجئين إلى الندم،
موتى على أسرَّة تَروي وحشة اللاحقين.
زرعتَ لِيْ ألغامَك في كل نوم..
أتذكرك في عيون أصدقائي،
هبطت فيها سبعُ سماوات،
وأيديهم التي سقطتْ منها بقية الأرض.
أتذكرك، يا صديقي،
في أعناق أصدقائي المصلوبين إلى مشانق تستدير،
ولا تتلفت معهم.
أتذكرك، وأنت تحرسني،
في معارك تجتازني مصادفاتها.
أتذكرك، في انقفال أبواب الدبابة،
وهي تعبر غابات (التاو)
في الأشجار التي تُنيم مصائدَها عندما أقترب،
أتذكرك،
في جثثٍ مكبوبة على الوجوه، تصرخ: أنا.
في السفر إليك،
لم يكن معي غيرُك،
أيها السفر أليه،
لم أستدل على طرقي إلاّ لأتشتّتَ
في مواجهات مع آثارٍ مخادعة،
لم أتقدم لإطلاق طيورك مني
إلاّ عند هبوبك فيَّ.
أُجراؤك يوقعون بيننا
وأنتَ أوّلُ مَن يعرفني من الأصدقاء!
أُجراؤكَ تَفضَحهُم شمسُ أبَديتكَ
حيث لا ظلامَ مُقَدَّساً لأيامهم.
... وهكذا,
كأرواح ـ بلا عينين ـ مقيدةٍ بحبل،
هذه السماء ليست لأحد،
كحربة يقودها الليل إلى بساتين خائفة.
أصطدم، دائماً، بمذكراتك، لدى من دونوا رسائلك،
أصطدم، بأدويةٍ بقيت منهم في صناديق الدبابات،
الدبابات المعاقة في معارك سابقة،
بأدوات حلاقة، كان يستخدمها الظلام،
مطلية بغبار الخنادق.
في المستشفيات، كم نافستني عليهم؟
والتقطتَ صورة أخيرة لهم،
ولم تترك لي نسخة عنها!(51/140)
في المستشفيات، كم ربتَّ على كتفيَّ؟
واعتذرت، معي للزوار وهداياهم المردودة.
أتذكر يا صديقي؟
ونحن نعبر خابور الحزن إلى ظلالنا المالحة؟
حيثُ ألسنةُ الميتين تروي حياتنا،
أتذكر، كم من السابقين عبروا منِّي،
وما انبثقوا ـ إلى الآن ـ أمامي؟
أيتامك يا صديقي، أكثر من أبنائك،
هؤلاء ملفقون، لأسمائهم منفى، ولا منفى لسمائهم،
وأولئك كانوا معي،
قبل أن تعطيهم الحرب عنوانك.
أما أنا،
فلديَّ ـ إليك ـ نصفُ عنوانٍ من هؤلاء،
ونصفٌ من أولئك،
فإلى أين أوجه رسائلي؟
أيتامُك أمواتك لكنَّهم فرحون!
مع صفارة الإنذار،
كان جوعُك الأفريقي يترصد ما تلقيه الطائراتُ،
وما تطبخه النيرانُ من ذكرياتنا.
فكم أبقيتَ من نسيانٍ لأعرفك؟
كم سميت لي من أحفادٍ،
لأشتبه بسلالتك الصمّاء؟
صديقي أيها الموت.
والأطفال...؟
طالما استدرجَتهم حلواك،
إلى نهر بلا ضفتين،
أو لوّنتَ لهم ألعابك،
قبل أنْ تسرقَ السياراتُ لوناً نائماً،
قاطعةً طريقَه إلى ذهب أعمى.
كنت أحسَبُ إنَّ ربيعَك محصورٌ
في قطاع( 50) في مدينة الثورة،
حيث عجائزُ ـ وحسب ـ يحصدون حقولك،
وكنت أطلُّ على تعبهم الأخير،
من بين زحمة المودعين.
لمْ أدرِ أنَّ خريفك يمتدُّ
إلى سحنات تنقصها الذكرياتُ،
لمْ أدْرِ أنَّ سنتك الكبيسة
مأهولة بما لا يعدُّ من أحذية الداخلين!
ولا آثار لعودتهم سوى أخبارك بيننا.
صديقي أيها الموت!
من أين لأسنانك كلُّ هذا الحنان
لتربي صرخة مقطوعةَ القدمين؟
من أين لأسرَّتك كلُّ هذا اليأسِ
لتعدَ جهاتٍ مهجورة،
لتحظى بأحلام من ناموا بلا ليلٍ،
وتعيدَهم إلى رعشة بيضاء هناك.
لا أدري،
لماذا يذبل أسبوعك في المحطات،
عندما يأكل الغرباء مسدساتهم وينامون؟
المسدسات، لا أسماء لهروبها،
لا ملامح لشبهاتها،
ولا مواعيد لنومها،
المسدسات فوضى الله حين يختار أعداءَهُ.
مِن على السطح، تومئ لي
بكفٍ محناة وفي بنصرها خاتم من شهوات،
بجهشات طفولة تُرَجِّفُ الوحْشةَ،(51/141)
بالحياةِ، تواصلُ نعينا ونستمرُّ نومئ بلا يدين!
أتذكر؟
عندما ازدحموا في الحافلة،
وكنت تقودها بلا أحد منهم ـ سوى ازدحامهم! ـ
أتذكر؟
كانوا يستردون حواسهم
عند كلِّ أبدٍ في الطريق إلى البداية المجهولة،
وكنت تفرك عينيك،
أمام عناوينهم التي يهبطون، فجأة، عندها،
عناوينهم التي لا تتذكرها لترسلها لنا.
صديقي أيها الموت،
لم تصلني رسائلك،
مع أنني أرسلها دائماً!
ولم أكذب وصيتهم الوحيدة،
مع أنهم تركوها على جسدك المفقود.
نتكرر بعد كل نوم،
وتتأخر أنت،
صديقي أيها الموت .
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> الموت بين نهرين
الموت بين نهرين
رقم القصيدة : 6909
-----------------------------------
... كلكامش لمْ يحظَ بموتهِ في المرآة،
فخرج إلى نومه، حياً وبكامل حروبه،
حيث سبعون أنكيدو وأكثر، تركهم نائمين،
مِن أوّلِ الفراتِ إلى شرقِ دجلة.
...، نظّارته، وجواز سفره،
وساعته التي تأخرت ـ قليلاً عن النوم ـ
هي ما يجعلني قادراً على رثائه.
...، ولم أجده على السطح،
حيث تركته يطيِّر الطائرات الورقيَّة،
والطِّيورَ التي لا تعود.
فمن يخرجني من الماضي؟
هو الذي لم يمتْ
فعاش ميتاً
وهذا اسمُهُ يرثُ الموتى.
...، حرّفوه وناموا، فلمْ يبقَ منْهُ سوى أخطائه.
خرج في نهار ليس لأحدٍ معرفة به
وكان يبتسمُ لأعدائه
ويعلِّقُ مفاتيحَ مملكتِهِ
في رقبةِ ثورِ الموت.
حقولُ ألغاز غافلة تعبرني،
وأنا مفخَّخٌ كالهُدوء،
وهادئ كالفخّ.
...، واقفونَ وفي أيديهم ذكرى الأبد
على ان نهراً مُنتحراً،
أعادَ أزهارَ الإعتذار لأبطال الفوات،
وسوى ذلك،
حرائقُ مستمرَّةٌ تنْحتُ حياتهم.
رصاصٌ مُهشَّمُ الأسْنانِ،
تتطايرُ رائحتُه،
ظلال خُوَذٍ مثقوبةٍ تنهار،
مسدسٌ أعمى يتلفَّت ببكائه،
ميت يسهو فيستردُّ أخطاءه بسرعة.
كان أنكيدو مُجنَّداً
في كتيبة الدبابات الحادية والسبعين
في اللواء المدرَّع الثاني والخمسين.
يسمُّونَهُ ولا يقفون،
وما زالَ يتسلَّل(51/142)
من أخطاء تائهة.
أكان عليَّ ـ دائماً ـ
أن أسجن ظلَّي
لأصل قبل أن يتكرَّروا فيَّ؟
أكان علي أن ألوِّنَهُ،
لكي يعبروا، منه إلي؟
طرقٌ مفضيةٌ إلى بريدٍ نائمٍ
كاد يعود إلى نسيانِه،
هم يُرسَلونَ إليه،
لأنهم ينامون بلا بريد.
الهاربُ من حروبٍ قديمة
دلَّني على جثَّةٍ لا تعود لأحد،
ذلك أن جميع مَن جاءوا،
تعرَّفوا عليَّ حالاً.
وما تركوني،
غير أنني أضعت الكلامَ
وكان وجهي يحارب.
أحصيتُ مَن تَركوني،
فَوجَدتُ أَنَّني،
سأكلِّمُ ـ لاحقاً ـ
كَثيْراً مِن الموت.
وها أنا أقفُ على ضفة أخرى
ولو نودي عليهِم ـ بصوتي ـ
لاسودَّت أكفانهم.
لأجل هذا
يبيضُّ صوتي،
وهو يعبرُ أمامَ العميان.
لم يكن لنا،
فلماذا نسمِّيه؟
أمِنْ أجْلِ أن نعودَ إلى نهار ضال؟
وكانوا على ظلال السلالم،
يعبرون
تقودهم سلاسلُ من نُعاس.
...، يهربون
يتبعهم طريقهم إلى روائحهم الراكدة،
ويدفنون خيالاتهم،
قبل أن يصل الوقت.
...، وجوهٌ شاغرةٌ
لا تستدلُّ على التائهين في النوم،
وجوهٌ
يجرجرها رمحٌ ضريرٌ
إلى حبر غامض.
قلبي تعضُّه رسائلُ مرَّةٌ
ودليلي إليك عمايَ الأكيد.
...، أهذه بلادي؟
بلادي التي لم أرها ولم تغنِّ باسمي
كنتُ فيها، وكانت تحاصرني فيَّ
فاخترتُها،
لكي أتكاثر خارج الظلّ.
إجازته
نصفُه نومٌ
ونصفُه نهارٌ مثْقلٌ بالمشاغل،
يرى الأشياء هاربةً فينام.
شكُّه مسدساتٌ مُشتقَّة من الخوف،
واحتجاجه صراخ أعرج،
ومصدِّقوه،
حفَّارون في ليلٍ مؤلل.
قُبورٌ هاربة تحِنُّ إلى أزهاره الحائرة،
إلى أمطاره الضالة،
قبورٌ تهربُ تحتَ سماءٍ تُشبهها.
ينظِّفُ الموسيقى من هواء أجشّ،
يدخل مُسرعاً،
وبنظَّارة تحتال،
يُصغي إلى فضلاتٍ الهروب.
رسائله مُرَّة
ويُطيل أيامَه تحت شمس المتوسِّط.
كَمَنْ يسْتولي على الانتظارِ كلِّه،
يعتقلُ أيَّامه ويخْرج حُرَّاً،
لأنَّهم، كلَّما نادوه،
سمعوا نُعاسَه فسبقوه إلى النوم.
يوصي:
أمطاره تتعثَّر في الطريق،
يصل منها نعاس
وخيوطها العمياء.(51/143)
ممسوس كظلٍّ،
وواضح كالغرباء،
أيَّامُه تُسمِّمُ ذكرياتٍ لا أوَّل لها.
كان ثالث اثنينِ معه،
أحدهما ينصتُ بيد أن الغابة تعْبُرُ بينهما،
بيد أن أشجاراً تنعطفُ، ونهاراً يتأسفُ،
وأحدهما تركَ عينيه عند جسر طويل،
وعاد ينصت بيدَ أن الغابة....
ساعته
أعطاها لغيره، لينسى مواعيده مع الله،
وكانتْ يدُه تؤلمه،
كلَّما اهتزَّ قلبُه بينَ فَخذيْ أنثى.
وغيرُه صارَ راكضاً إلى مواعيدِ ساعته،
ـ وكانا يلتقيان عند نسيانٍ متلاحق ـ
وما أنْ انتحر الأخيرُ وسافر الأوَّل،
حتَّى بقيتْ ساعة يدوية
تنتظرهما في يدِ جندي مفقود.
ينام، وتحلُمُ عنه، وتغلق الباب أيضاً!
وفي الصباح تغْسل وجهها نيابة عنه
وتفرِّشُ أسنانها، ثمَّ تخرجُ،
بينما لا يزال في السرير،
معْتقداً إنها ما زالت نائمة قربه.
نظَّارتُهُ
رَجَمَ بها البحْرَ عنْدما تذكَّر إنه ميتٌ،
وعاد إلى صحرائه بلا ذكريات،
فالتقطتْها نُسورٌ قديمة الأحلام،
وشاهدتْه سماءٌ مسْجونة في زجاجه الأعمى،
لم يلتفتْ ـ في طريق عودته ـ إلى مآله الحائر،
حيث خارطة النَّدم، تشنُّ هروباً على جهات الحواس.
لم يفركْ عينيه ليصدِّقَ إنَّه بيْن أعداءٍ ذوي أرواح مُقَنَّعة،
كان يُغْمضُهما ليصِلَ بإشاراته المنْسيَّة إلى وجهِهِ.
ومنْذُ ذلك الوقت إلى أيامه تلك،
صارَ كلُّ ما حولَه يتخفَّى ـ مُسرعاً ـ تحت وقْتِه الهارب
وصار ـ هوـ يُمطرُ نسياناً كافياً لإيواء عراةٍ مذْهولين
بعد انسحابٍ موبوء.
جواز سفره
أوصوه،
أنْ يوثقَ ظلَّه إلى جبلٍ ينهار،
ووعَدوهُ بما خلْف البحار
مِنْ سواحلَ مَنْذورة لأقدامه،
وبأنَّه سيجْهشُ تحتَ أشجارها
حتَّى يبيضَّ جمْرُهُ
ثُمَّ يصْمتُ
حتى يستعيدَ صرخَته،
وبأنَّه سيسْهرُ
حتَّى يُمطرَ النَّهارُ في عباءة أمِّه،
وعندما اصطدمتْ ـ على خرائطهم ـ فُصولُه،
حَصَدوا أشجارَ نَومِه،
فكانَ فجْرُ دكاكينهم.
وصِيَّتُه
...، إلاّ إنَّه يموتُ وكفَّاه مُقْفلتانِ،(51/144)
بلا أخوةٍ يشبهونَه ولا ما يذكِّرُ به من أعداء.
...، إلاَ أنَّهُ يعضُّ أحلامَهُ وينام،
كي تنطقَ جثَّة مصابة بالنسيان.
يصلُ،
قبلَ أنْ يبدِّلَ الفجْرُ حرَّاسه.
فيطول،
كنخْلة مرَّة أوصتْ بظلالها،
ويسْتديرُ،
كلَّما أومأتْ مرْوحَة!
أمامَ عماهُ
يتحشَّدُ الغُرباءُ
بخرائطَ ممحوّة،
وينْعَسون.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> بهلوان
بهلوان
رقم القصيدة : 6910
-----------------------------------
لسْنا تحْتَ سماءٍ واحدَةٍ لتُنافسَني على الله.
لسْتُ مأهولاً بالسُّجَناء، لتنقِّبَ في أنحائي عن ذكرياتك،
ولستَ معركةً في منام لأستيقظ في الصباح بقتلى يُشْبهونك.
أنا لديَّ كمْشةُ أيَّام، أنقذتُها في الهروب الأخير،
وأيَّامُك وديعة في مصرف، تستعيدُها عند السفر!
أنا كنيْسَة مقتولين يحدثونني، كلَّ يوم، عن خروج أحدهم
ويرجِعُونَ كلُّهم إلاّ الصغير.
موعودٌ أنا بالوقوفِ على المرتفعات البعيدة،
ومأمولٌ في رَعَشات النهاية،
وفيك بحيراتٌ من الأمواتِ ـ يعيشون كلَّ يوم! ـ
مُصطَحبينَ آثامي إلى منحدراتٍ قديمة.
حُزني رؤوسٌ تدورُ على الرماح، وكلُّ قَبْرٍ أمِّي.
وسعيدٌ أنْتَ في السِّيرك
تنقسمُ ـ كلَّما عُدْتَ ـ بهْلَواناتٍ ومُصفِّقينَ.
هكذا المصادفاتُ مؤامراتٌ مَنْسيَّة بعناية.
فلسْتَ أنكيدو لأصارعك في غاباتٍ عدَّة تتقاعَدُ بالتدريج.
ولَسْنا في صَحْراءَ واحدةٍ لأحييك.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> موت عائلي
موت عائلي
رقم القصيدة : 6911
-----------------------------------
أُجْلِسُ موتي ـ صغيراًـ بينَ كثيرينَ يُشْبهونَه،
وأسْتَديرُ عن الجميع،
بما لديَّ من نسيانٍ.
وها أنا،
كمَنْ وأدَ كلماتِه،
لا أسمِّي أحداً،
كّيْ لا يرتدَّ لي اسمي
غيْرَ أنَّني،
مُنْذُ أن هربْتُ مِنْ شراكةِ الغابة،
أصطدمُ ـ يومياًـ بأشجارها.
وثمَّة أيضاً،
مُتَشابهونَ كثيرونَ،
يصيحونَ بي: يا أبي.
الخابور
هذا الشَجَر
أثمارُه أحزان.(51/145)
لكأنَّ قواربَ الهاربينَ
توابيتُ عيدٍ فاسد.
لكأنَّ تتمَّة لليْلِ
تتيهُ نَوافيرُها في البقيَّةِ مِنْ جُنون.
هذا الشجرُ أحْزانُ مَنْ هَرَبوا،
كنَّا نُعَلِّقُ أرواحَنا
على مداخل ظلاله،
وكنَّا نُرافقهُ إلى آخرِ دموعِنا،
إلى آخرِ أشقَّاء معْكوسينَ في المُستقْبل.
هذا الشَّجر سمَّمه ـ قبلنا ـ الغرباءُ،
وها أسْماؤنا جَمْرةٌ تنبِّهُ الخرسان.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> مجنَّدون
مجنَّدون
رقم القصيدة : 6912
-----------------------------------
شكَّ الخَريفُ بمنْ أتاهُ من المعارك،
فارتدى أثراً غريباً واختفى،
وتَنبَّهتْ ناري لخارطةٍ مهاجرةٍ،
وكان الليلُ مفتاحاً مصاغاً من هروب
* * *
غُرَفٌ أقلُّ من انتحارِ البَحْر
كيْفَ أعضُّ ألغامي وأمشي في تُرابٍ خائفٍ؟
كيفَ انتقاءُ الليْل في عيدٍ مُسنٍّ؟
كيفَ نْعْبرُ وجْه مَنْ عبروا أمام غرائز القناص؟
أقْفَلْنا عليهم نارَنا، فتناسخوا صفة على عددٍ وعادوا.
* * *
لا يُشْبهونَ ملامحَ الغرقى على بحرٍ
ولا يَعِدونَ آخرَهم بما وُعِدوا به من ذكريات.
شجرٌ معادٌ كلَّما افترَقوا، ونسيانٌ مُشاعٌ يشْطبُ الآثار.
مذْعورينَ ينْحدرونَ خلفَ ضبابهم، وسؤالُهم فشل الوصول.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> نايٌ لِعَودَتِهم
نايٌ لِعَودَتِهم
رقم القصيدة : 6913
-----------------------------------
بلادي..لِمَنْ سنَجِرُّ ذبائحنا في الحروب الطَّويلة؟
مّنْ سينالُ دشاديشَنا عنْدَما تترمَّلُ قاماتُنا؟
مَنْ سيئنُّ بمُتحَفنا عندما يتخفَّى بنا الغابرون؟
على الجَبهات، كثيرون منَّا رأوا كلَّ شيءٍ وغابوا
فغنِّ بأسْمائهم ريثما يرجعون!
* * *
أسمِّيكِ هاربة كي أبرِّر بحْثي عن الله فيك.
أسمِّيكِ، في لفْتة الياسمين، مُطاردة بينَ نارٍ وعنوانها.
أسمِّيكِ قفْلاً على الحبْر، يكتمُ إلاَّ عن القافلين!
أسميك [ لاشيء]
كي أصلَ التَّسْمياتِ بعينينِ لا تصفانك في الذكريات.
* * *(51/146)
تُرابُكِ يشْهقُ في جّسدي كلَّما انتفضَتْ صرخاتي مع امرأة،
وموتاكِ يَعْوونَ بي كلَّما ارتعبوا من رطوبةِ أعدائهم في مدافن متصلات.
مدافنُك امرأة تتزوَّجُ سبْعة مُسْتتِرينَ ومُتَّضحاً واحداً وتخون الجميع معي! أنا ضجَّة من ملوكٍ معاقينَ بينهم السُّومرِّي الأخير، وبينهم القائمُ المتعدِّدُ والعابرُ المتأخرُ بعدَ الهجوم الأخير.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> كاميرا المجنون
كاميرا المجنون
رقم القصيدة : 6914
-----------------------------------
على أثر خائفٍ
أتعقَّبُ ضاحية من مجانينَ فرُّوا إلى داخلي
وأترقَّبُ عيْنيَّ كي أتعرَّفَ فيهم:
على الهاربينَ من الحرْب، والمتعبين من الحبِّ، والباحثينَ عن الله!
كي لا تصفَّ الإشاعات أولادها وتعلمهم أن يعودوا إلى التسميات.
ولا أتحدَّثُ في الليلِ عنْ قاتلٍ تائهٍ
أو حروبٍ محرَّرةٍ من نوازعها!
* * *
أتعقَّبُ ضاحية من مجانينَ كانوا جنوداً،
قبْل أن تهدمَ الحربُ آبارَهم،
أتعقَّبُهم
يَنْقلونَ معدَّاتِهم لمعاركَ ضدَّ سماءٍ برأسي!
* * *
على غيمةٍ تحْضنُ التركاتِ، هرَّبتُ موتي،
لتمْسحَ أمطارُ مرْثيتي قبَّعاتِ المجانينَ
منْ صرخاتٍ تُشَتِّتُهم نحْوَ عهْدي القديم،
ولا دمْعَ يروي عن الله سيْرَتَه في الحروب.
فمي عاطلٌ يتسلَّل منهُ كثيرون، ممَّن يشيعون في المنسيات
فمن سيحدِّثهم عن جنوني
سوى خطأ يدَّعيني لينكرني في المآل؟
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> خارج الصورة
خارج الصورة
رقم القصيدة : 6915
-----------------------------------
في ساعةٍ تائهةٍ في الساتر الأخير لما يؤدي إلي،
في لمعانٍ أخير للإنسان،
ليس لي، في ساعة كهذه، سوى ما خسرت:
بلادي التي استأثرتْ بي وهجَّرت ظلالي،
وأهلي الذين يزرعون نومهم بصورتي،
وينتظرونَ صوت بسطالي يوقظ الفجْرَ.
ليس لي، سوى دمعةِ أمِّي، تسْقطُ بعدّ موتها
ـ إذْ لم أكن ـ
ليس لي سوى أصدقاء أتذكَّرهم(51/147)
بضحكاتٍ بيضاء تصطدمُ في ما بينها قبل هجومٍ متوقَّع،
وقبل أنْ يسحبَ كلٌ نفْسهُ إلى نحيبٍ.
أمَّا عبيدي فلا أنْذرهم لشيء ،
أما الخَدَمُ الذينَ أطالوا ضجري بالوشايات،
فسينْصرفونَ في عيدٍ مُزوَّر.
أمَّا النِّساء الملوَّنات منْ نوافذهنَّ الزرْق إلى أبوابهنَّ الحُمر،
ومنْ بساتينهنَّ الصُّفْر إلى إنشادهنَّ الأسْود،
فعنْدي أمطارٌ لعُزلاتِهنَّ.
أمَّا أنتِ، أنتِ التي لم تصلي، فلم تصلي بعْد.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> بريد من قطاع 50
بريد من قطاع 50
رقم القصيدة : 6916
-----------------------------------
كَمَنْ يتعقَّبُ آثار المَطر الذي
مشى تحته الرعاةُ،
أنا أكتبُ المشاغبات.
نكايةً بما اقترفْتُ من محبَّة
وندماً عَلَىْ كنايات محجوزة في المسْتقْبلِ،
أجرِّدُ النِّسورَ من طيرانِها إلى ذكرياتي
كمَنْ يَضَعُ قفْلاً عَلَىْ حياتِه ويهرب.
طبول التشابيه تثيرُ فجْراً نائماً منذُ عشرة أيَّام،
نحاس أصواتِ يطرقُ الأبوابَ المحنَّاة منذُ ثلاثة أيام،
وأبواقٌ ـ نحاسية أيضاً ـ تتشاجَرُ في ممرًَّات الفضاء
مع بيارقَ تخشْخشُ رؤوسُ ألوانها.
وبقفْزة واحدة،
كمن عضَّه حلمٌ من نومهِ
كان الصبيُّ يتخلَّص من شبكة النعاس في سريره
ويتعقَّبُ ـ حافياً ـ
روائحَ تبتعدُ في طرفِ الزُّقاق.
رُبَّمَاْ لهذا،
يَكْتَمِلُ حُلُمِيْ ـ دائماً ـ
وأنا أتمشَّىْ حَاْفِياً
وبكامل ِ أناقتي في المدينة!
ولا ينتبهُ الناسُ لصرخاتي النائمة
وهي تناديني إلى السَّرير.
رُبَّمَاْ لهذا،
كلَّما مسحْتُ العرقَ عنْ وجهي
ابتعدْتُ أكثرَ خارجَ النهار.
أيقظوه،
فلا ينطقُ من نومٍ
وكلِّموه،
فهْو لا يُخْبرُ عن حَيَاْة.
أمامه صحْراء مقتولين،
وماؤه مختلٌّ
كأنه يتذكَّر صورتَه.
ليتَه لي
هذا الذي ليسَ لأحد،
لأشاهدَ الغيابَ
ممهوراً بإعجابي.
أجراسُ ماءٍ
أم سماءٌ هدَّها الزلزالُ
أم صافرةُ أوبئةٍ،
هذه التي تحْتضنُني في المنام؟
ترْتَفعُ آلامي في هروبِها(51/148)
كآبارٍ منْزليَّة
يئنُّ طينُها وحيداً آخر الليل.
المكان يستبْدلُ حنجرتَهُ
وأنا أسمعُ أنينَ ألعابٍ شعبية
وأنفاسَ درَّاجاتٍ مزركشة
تمضي لقتلِ دروسِها خلفَ التلال.
ألغامٌ في النوم،
تتنفَّسُ قبْلَ أشجاري
وأحلامي تسْعل في كلِّ اتجاه.
أنا منْذ أن تهندَستْ جثَّتي،
أمدُّ يديَّ بعلوِّهما،
مصفِّفاً شعْرَ ملائكةٍ غرْقى،
تاركاً قدميَّ تخوضانِ في ملحِ الماضي.
يوميَّاً نلتمُّ،
كأنَّنا وباءٌ قادمٌ من حدودٍ أخرى.
يومياً ننْقصُ في الأيام،
وأنا أجمعُ غروبَهُم
كما لو انَّ السَّماء تلتقطُ صورةً
لأرضِ معْركةٍ غادروها للتوِّ!
كنَّا نتبوَّلُ عَلَىْ ظلال بعْضنا،
مشيِّدينَ مجْداً من الكراهية،
وها بعدً أرضٍ مرَّ فوقها القطارُ،
ظلالنا جفَّتْ تماماً.
ومجدُنا ما زال.
أيضاً كنَّا نكتبُ عَلَىْ الأرْضِ أسماءنا
بمياهِ قضبانِنا الحارة.
من يدري
لعلّنا ماء يهربُ من التسْمية؟
(الدشاديشُ) المخطَّطةُ،
تلْمعُ إزاءَ منبِّهاتِ الشاحناتِ،
وأيدٍ تطشُّ الترابَ عَلَىْ دمٍ من إبهام قدمٍ مهشَّم...
الأرْضُ أيضاً مُصطكَّةُ الأسنان.
( الدشاديشُ) ذاتُها
تطْبخُ في قدورٍ سوداءَ،
لتفْرَحَ
حتَّى العاشرِ من الحزْنِ
عندما القدورُ ذاتها
تسْهرُ حتَّى الفجْر
بالقمْح والخرْفان.
لمْ يتهدَّم أمام عينيَّ
تمثالُ النعاسِ،
فمنْ سأقاومُ بعدَ نهاري هذا؟
الألعابُ
لم نُنجزْها إلى الآن،
علينا أن نغادرَ هذه اللعبة،
بلا مراهنات.
درَّاجاتٌ رجوليِّة تمرَّ بنا
إلى مواعيدَ خارجَ المدينة.
وبما يشبهُ منافساتٍ مع الآلهة
نركضُ خلْفها.
طرَفُ( الدشاديش) بين أسناننا
وأفخاذنا الملساءُ النحيفةُ
ترتجفُ
في كسل الوعورة.
نحتضنُ أعمدة الكهرباء
كصاعدي النخيل،
وبينَ أفخاذنا
يلمعُ ماءُ الشهْوة.
لسنا مسنينَ بما يكفي
لفقدانِ العظام في الظلام،
وأحدُنا يهربُ
طارقاُ عمودً الكهْرباء
بعظامٍ أخرى،
ملوِّحاً بعودةٍ إلى الحَيَاْةِ التي لم نجدْ.
هل تركْنا الأبطالَ(51/149)
وحيدينَ في السينما
وعدنا إلى بيوتنا
منْشغلينَ
بصنعِ أسلحة وأعداء
ننافسُهم في الشوارع
والذكريات.
وهؤلاء أيضاً
رجعوا
إلى تركاتهم
مقوِّسينَ أيَّامَهم
ليمرُّوا
من شاشة الحروب.
أكنَّا جميعاً شعراءَ،
مفرداتنا الأشياء التي
لا تتشكَّلُ إلاَّ بالخوفِ
أم ترانا
صيادونَ خائبون
يعودونَ إلى منازلِهم
بالشهْرة
وأحاديثَ عن المشاهدات؟
منْ شرفةٍ أخيرةٍ،
لتوديع زورقٍ مليءٍ بالأقليِّات
صرخْتُ:
هذا أنا المتثائبُ خلْفَ جسدهِ.
وهنا تقريباً
دفنتُ رأسي بينَ ركبتيَّ
متورِّطاً برحلةٍ
مع قياصرة
بأكاليلَ مسمومة.
بكيتُ تقريباً،
بلا أصدقاء،
مع أن الزوْرقَ
لم يتعقَّب مجرى النَّهْر، فقط،
أنا أصغر الغرباء عَلَىْ اليابسة.
الماضي ثورٌ في شاحنة
نَسيَ عينيه في مكان آخر
وها هو مائلٌ كغيمة في شاحنة!
يجدرُ بي أن أحييه
كأننا نرى بعضنا من خُرمِ إبرة.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> عاد من السماء
عاد من السماء
رقم القصيدة : 6917
-----------------------------------
كأعمى يكذبُ في الغابة
ويسدُّ ثُقبَ الباب بأنفه،
جاء بأخبارِ الأيام التي فرَّتْ من الحروب،
ومدافنُه لمْ تزلْ باردة0
رائحة أجْراس قديمة، تلوِّنُ النوم0
تقدَّمْ000
إنَّه ليسَ لأحد،
وهؤلاءِ مواطنُوه
يقطنونَ يأسَهم،
كأنَّهُ يتزوَّجُ ماضيه باستمرار،
كأنَّه يسْتبْدل أذنيه في الغابة!
أعدْه إلى مهدِه
وامسحْ يديكَ من روائحِ المنفى
أعدْه إلى أوانه "الآن"
لا لأنَّنا غُرباء
بل لأنَّ أعماقَه تتلفَّتُ في المستقبل.
أعدنا إلى دوائرَ مرسومةٍ بالماء
عَلَىْ أرْضٍ لمْ يرْوها أحدٌ مِنْ قبلنا،أو بعدَهم
أعدنا إلى السجونِ المهاجرة معنا
حيث كلُّنا ميِّتون
نهرب من صورِنا
تاركين آباءنا في الصور بلا أبناء
وفي القبور،
بلا أحاديث عن الماضي.
صفاته إنَّه ملغَّزٌ وشائع
ولسانُه جنَّة بمسدَّساتٍ جريحة.
مع هذا،
يظْهرُ في الشَّوارعِ وخواتمُه تثرثر،
فقيلَ إنَّه مطرودٌ من المجد
وقيلَ محاربٌ(51/150)
ماتَ بكاملِ خوفِهِ
وقيلَ: أسلحة المقْتول تنْزفُ عداواتٍ أيضاً
كأنَّما الثأرُ
بوقٌ عائمٌ عَلَىْ وحولٍ
تطفو عليها أحذية المحاربين أيضاً
وقيلَ إنَّهُ صفَّى حياتَه
ـ ذلك المساء ـ
ومشى إلى الحدودِ بغير خاتم
حتى أشعلَ الأيَّامَ خلْفَهُ
كلَّما تذكَّرَ شذرة خاتمَه
فترهبنتْ أشجارٌ
وتفرعنتْ أوثانٌ عَلَىْ صورتِه
قيلَ أنَّ عداواتِه مازالتْ في الطباعة
لهذا فهو يقضِّي نهارَه
متنكرا بإعجابه0
كأنَّه كثيرونَ ولا أحد
مشْتمِلٌ بنار
وحرائقُهُ هؤلاءِ المتشابهون
أختام الخرافة تلطِّخُ روحَهُ
وليس من جنَّة سواه0
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> أرمي بنردي إلى الهاوية
أرمي بنردي إلى الهاوية
رقم القصيدة : 6918
-----------------------------------
أنا كلَّما نظرتُ إلى الهاوية
رأيتُ سهامي تتعثَّرُ بآثامِها
كأنني ملائكة ينتحرونَ ببعضهم
ولم يبْقَ منِّي سوى شركاء في الهاوية.
أنا كلَّما نظرْتُ في الهاوية
تهيَّجتْ حملاني بنداءِ نارٍ ضريرة
لكأنَّني أمشي عَلَىْ صمْتي،
بينما خيوطٌ من ظلالٍ مدْفونة،
تتشاجر فيما بينها كلَّما تفتَّتَ
تحتَ أقدامي،
حجر الهاوية.
لكثرة مَنْ رثيتُ ـ في الطريقِ إلى الهاوية ـ
نمتُ مع السَّماء،
وتمشَّيتُ في النارِ ومعي قبلاتُ كثيرةٌ.
وصار أصدقائي
ينفلتون من المشاجراتِ جريحاً جريحاً
ولمعانُ أفواههم يتخبَّطُ في كلِّ الجهات.
روائحهم بلا خرائط،
كأنَّهم يخلطونَ حبْرَهم بالأدوية
ويرْسلونَ حقائبَهم بالبريدِ أو القواربِ،
وليسَ لديهم ما يستحقُّونه!
قبْلَ هذا وبعدَه
الليلُ مأهولٌ بأشجارٍ عزْباءَ،
وقوافلُه تجرُّ أسرارَها عَلَىْ الأرْض.
صورةُ مَنْ هذهِ الملوَّنة بآلامٍ وساعتُها عاطلة؟
لعلَّها خيانة تُشرقُ في الماضي،
وعَلَىْ فمي منها تفَّاحة،
وأنا نائمٌ في الأنقاض.
*
أنا مسْرعُ في مواجهةِ النَّهار الذي يعدُّ لي وليمتَه
غير منتبهٍ لسحَّاب بنطالي الذي يثرثرُ منذ الصَّباح!(51/151)
كأنَّني أخْلقُ من نسياني خجلاً
لمظليين يهاجمون الجنَّة منذ عدَّة قرون
وأنا كلَّما نظرت في الهاوية،
ارتعشت آباري في نومها
وحلَّقتْ من عيوني قططٌ مقوَّسة الظهْر
كأنَّها تودِّعُ السَّماء
وتشمُّ رائحة طائراتٍ في المستقبل.
*
فلماذا أوصيتُ عَلَىْ نظَّارة طبية،
لعيوني التي تتكاثر في الغابة،
هل أنا العازفُ الأخيرُ تحتَ نوافذك المغلقة
أيتها الهاوية؟
*
قُلتُ للصحْراء وكانت كثيرينَ،
لا تقْربوا الأضرحة بآثامي
أنا شريككم في الجنَّةِ الممحوَّة،
قلتُ للنهْر، وكانَ هارباً من الجنَّةِ ايضاً:
مَنيُّ العبيدِ أسودُ!
وما البياضُ سوى حبلٍ سريٍّ لتهريب المستقبل.
*
أنا كلَّما نظرتُ في الهاوية
وجدتُني واقفاً في العرْس،
بينما شخصٌ يحاولُ الظهورَ معي في الصورة،
وبعْدَ عشرينَ عاماَ وأكثر،
أجلسُ، عريساً، كأنَّني خنْتُ وقوفي،
وحولي مسافرونَ إلى بلدانٍ شتَّى،
تهْدرُ محرِّكاتُ طائراتهم أمام باب الصالة،
كأنَّني بيْنَ سفرتين،
أختارُ وقتاً خارجَ الأمكنة.
*
أوقظُ ملابسي
وأمتعتي،
وأنا مهدَّدٌ بآثامي التي
ترقدُ خلفً مرْتفعاتِ هذا الفجر،
لا شمْسَ إلاَّ وسَحَرةٌ حرَّضوها عَلَىْ دفعي إلى الهاوية.
أنا محاربٌ ضائعٌ في تضاريس ظلامهِ الخالد،
أنا الرجلُ البعيد أضعُ أيَّامي في الماء.
وأتعقَّبُ روائحَ الغرْقى وأخَلِّدُ يأسَ اللصوصِ
وهمْ يتعثَّرونَ بآثارهِم،
كأطفالٍ،
في أولمبيادِ الهروب من السَّماء،
بقواربَ في كتاب.
بينما الأرْضُ ليستْ أكيدةً
حُفرَةٌ نساها اللهُ قبلَ أن يبْرَحَ
طائراً إلى بيتِه في النقوش المُرْتعشة.
*
وها أنا بعْدَ مُنتَصَفِ الليلِ،
أعودُ بزوجتي، إلى المنزل أيضاً،
وحيدين معَ الله العائد مِثلَنا
مُتعقِّبين ثرثرةَ الأثر.
*
أنا كلكامش الهاربُ من ثأرِ الحَيَاْةِ
إلى حَيَاْةٍ غيْر مُعنْونة.
أنا محمدُ الغائبُ
أدخلُ المقهى ـ في ظهيرة الشبهات ـ بقمصان التشابيه.
أنا أميرٌ آشوريٌّ مدفونٌ، مع أسلحتي، في شرقِ دجلةَ(51/152)
بينما يسافرُ رأسي إلى أستراليا!
أنا سعادةٌ مقصوصة الشَّعر وأعيادها طويلة وسوداء!
وها أنا أنظرُ في الهاوية،
أرمي بنردي
فرْصَةً أخيرةً لانبعاثِ الخسائر،
هازَّاً كتفيَّ من الضحكِ،
ومتكئاً عَلَىْ أحدٍ يحاول الظهورَ معي في الصورة.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> العثور عَلَىْ حَيَاْة
العثور عَلَىْ حَيَاْة
رقم القصيدة : 6919
-----------------------------------
البطلُ
بعدَ عدةِ قُرونٍ منْ مقتلهِ
إثرَ مشاحناتِ نبلاْ،
يستيقظُ في الفنْدقِ،
عَلَىْ ستائرَ مذعورةٍ.
وبعينيهِ اللتينِ لم تتذكَّراْ أعداءهُ،
يرى ضجةً لمحاربينَ في العشْريْناتِ
يقطعونَ الشارعَ نحْوَ شرْفتهِ،
مُكوِّمِيْنَ أعْضاءهم الناقصةَ
في عرباتٍ.
ويتبادلونَ العناوينَ معَ المارةِ.
بينما أمَّهاتٌ عذراواتٌ،
يكْشفْنَ عنْ رُكبهنَّ
ويستعدنَ للتصوير.
*
يقولُ... وأكتُبُ
ينامُ... وأحلمُ.
أيُّنا هو؟
يحلمُ بيْ مُهرَّباً فيْ سفنِ القراصنةِ
وأنامُ وعَلَىْ رأسهِ عصابةٌ حمْراءُ
وعَلَىْ ثياب واحدِ منا ندوبٌ
وآثارُ خجلٍ منْ صورِ العاريات!
*
أقرأْ يديكَ،
أنا سيوفٌ حافيةُ الظلالِ، تخبطُ فيْ كلِّ الجهات
ولا حاجة بي لعداواتٍ بالمراسلة.
لملمْ عينيكَ من نوافذِ الباب، للعائدِ من ترابهِ
أنا أشجارٌ معصوبة العينينِ
تمشي عَلَىْ آثار صرخاتها
وليس ليْ شأنٌ
باللهبِ الذي يتعقبني.
*
سوِّ ثيابكَ في مواجهةِ الشبابيك التي
تناديك منها القرودُ
وفي أيديها ساعتُكَ القديمةُ.
أنا مراهناتٌ قديمةٌ
عَلَىْ انتظارِ أعدائي فيْ الصحْراء
وليس لي أسمٌ
عَلَىْ اللافتاتِ في الطابور.
*
يكثرُ الطيرانُ من حولي
ولا أنحني لالتقاط حجارةٍ من فمِ الأرضِ،
كأنما كلُّ زئبقٍ،
يُخَثِّرُ صورَتهُ ليهربَ من مآلهِ،
وكلُّ إغماضةٍ تهدمُ لمعانَ حشائشها
وتأوي إلى الطينِ
فأيُّ فجرٍ يقودني
إلى الموسيقى التي ألقتْ بنفسها من النافذة؟
في أيَّةِ جنَّةٍ أدفنُ أخْشابي المْحترقة؟(51/153)
وأنا خليطٌ من أجراس شتى
ندهت ذكرياتها عَلَىْ قهقهة ماردٍ
رمى بنفسهِ من قطار المحاربين.
*
يدُ الخيال الملوَّثةُ بالحَيَاْةِ،
تمتدُّ من وراءِ ضماداتها
لتجرني في النهاراتِ كمشبوهٍ قديم
يضحكُ مما يرى
وعَلَىْ لسانه قفلٌ مالحٌ.
*
لم يكن الماضي بيتي، لأشعلَ مكتبتي،
وأسعلَ حبراً ينسى.
وليس حاضري معطفاً
أتنزه فيه بين أمطارٍ مشبوهةٍ.
أنا أيامٌ مذعورة من رواتها
أستطيعُ، فقط، أن أنبه جسدي من
أبواق مجذومة،
تعودُ من عناقها مع الأمواتِ،
أنا فقط،
أغسل أسناني كي أقبلَ الله دون كلام بائتٍ في فمي.
*
وحتى لو تعثَّرتُ بإيقونةٍ نائمةٍ
أنا عاشر النائمينَ في الحانةِ
وهم أقل مني في المشاغباتِ
إنهم يقرأونَ أشعاراً
عن الكراسي التي صُفَّت ـ بلا خرائط ـ
في مأتم بصحراء!.
الكراسي التي تتثاءبُ
وعليها معاطف غامضةٌ
تُركتْ بانتظار جلودهم،
ليس المظليينَ الضالين
ولا الفارين من حروب أهليةٍ في السماء،
يقرأونَ خلوداً في حَيَاْةٍ ليست لأحد،
مصادفاتٌ تنام في الماضي
وهي ليست من خطأٍ أكيد.
*
ومثلهم
يرتجف النائمون ـ وهم قتلى ـ في الشاحنة.
الجسد يصطدمُ بنارِ سطور كلما اندلقَ الحبرُ
عَلَىْ غير قصد،
كأنما تخضبُ الملائكةُ أرواحها من لهجةِ الأرضِ،
وهي كلامٌ موصى به من الموت.
ومثلهم أيضاً
القتلى يرتجفون وهم يخرجون من نومهم في الشاحنة.
*
الحَيَاْةُ التي عشتُها قبل الحرب،
تُشبهُ الحَيَاْةَ التي عشتها قبل الحرب!
ما عدا مناديلَ زرقاء
تخفق فوق الباصات!
ما عدا مقاهيَ
شاخ روادها بآخر رمية نردٍ
ولم يبقَ سوى الله ينتظر المحاربين،
ما عدا مبارياتٍ
بين الأرضِ والعرق الملوَّنِ
من قمصان لاعبين هربوا إلى أوروبا،
ما عدا عاداتٍ علنيةً
لشبانٍ يقطنون حرمانهم
وهم فخورون بفحولتهم،
ما عدا دروسنا
تسجُننا كلّ يومٍ
وسجانونا آباؤنا ببدلاتٍ قصيرة!
وربطاتِ عُنقٍ لمقاومة الصيف!
ما عدا عائلةً بتنور واحد ونيران متعددة،
تخبز زجاج حياتها،(51/154)
ليتسلل منها أبناء يستحقون النسيان،
يستبدلون بنادقهم وبساطيلهم
بجنةٍ تخبز لهم ندماً في المنفى
غيرَ أنَّ الحَيَاْةَ التي قُتلتْ في الحرب،
زوجتني من حَيَاْةٍ أخرى.
نافستُ عليها موتاً أشقرَ وطويلاً،
ما عدا ذلك،
أنا نائم ولي سيرة أخرى.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> كتابة الملل
كتابة الملل
رقم القصيدة : 6920
-----------------------------------
أجتهدُ في كتابة المللِ،
حتى يشع التراب بين أظافري،
ويرتمي خارجَ حدائقي الدخانُ،
حتى أرى لحم الملائكةِ هابطاً
بزنابيلَ ومظلاتٍ.
مَنْ يُشاكسُ الميتينَ،
في مبارياتهم عَلَىْ تكذيب أقدمهم.
يبلعُ الأذى ما تبقى من مطرودينَ،
لهم خواتمُ، وعَلَىْ وجناتهم طينٌ يسميهم،
وفي أسمائهم سمٌ ينطقُ ميتاتهم بالترتيب.
أذى آخرُ يحفرُ صورته،
بنظارتيم من سُعالٍ،
عَلَىْ ضباب نافذةٍ،
يسافر خلفها وجه من شتاء،
إلى جنوب مجفف عَلَىْ الرصيف.
أرتعب من بقية النوم عَلَىْ ملابسي،
فلا أحسُّ أنني خرجت ن السماءِ حقاً،
كأن ما أتلفت من أحلام ـ عَلَىْ الضفتين ـ
لم تكفِ لتوقيع الحَيَاْةِ بإمضاء إلى التلف.
يحتجزون هندساتهم
وهي تبنى سريعاً في ملفٍ مفقودٍ
كأنهم يبتسمون في التوقيع،
أو
كأنهم واقفون حقاً في التردد..
الإيابيون؟
لم أقل أنهم من الفشل،
ولا أظنهم إلى الذهاب،
مع أنّض ذهبهم مُسنٌّ.
لا أرى، فكيف لي أن أنام عنك أيتها الأيام؟
أشتدُّ في التأبينِ
كما لو أنني أنقصُ كلَّ يومٍ.
وأتعدّدُ،
ذلك أنهم غادروا وحبرهم لازمٌ،
أما أورامهم
فتنقلها شاحناتٌ إلى الخريف المؤلَّل.
ومع هذا،
ليست صورةً تامة الأمراض
يبارزها عَلَىْ الحائطِ،
أعداءٌ ملثَّمون وركبُهم ممْحوَّةٌ.
فمن سرقَ اللوْحةَ
وهي لمْ تُفرغْ مسدساته بعدُ؟
أيائل مقلوبة عَلَىْ ظهيرتها
كزوارق تهرب من سماء تراقبها باستمرار،
كان الفجرُ هكذا
عندما اضطررتُ إلى نسيان كل ما يشبهني في السرير.
وليس جندياً مصاباً بالحنين
إلى حروب الذباب،(51/155)
وليكن جنازة مرفوعة عَلَىْ نافورةٍ
والمعلمون،
يلقنون تلاميذهم جباية الألم.
حتى السماء وهي تلوي رغبتها،
ممهورة بتقاعسي إلى آخر القارات
حتى أظافري المكوية ببطء
تتلعثمُ في تهييج العطر عَلَىْ الزجاج،
وكمن يطق رقبته، بعد يوم بكوابيسَ
أو
كمن يغطُّ في يومٍ بأيامٍ مملةٍ
أو
كمن ينام إلى آخر السطر...
كزرقة في مكتب مكنوس،
ذاكرتي تصكُ أسنانها
وحولها مهربونَ
فديتهم حصان عليه ثمار بيضاء،
وقائماه يخوضان في عسلٍ.
من أبدلني بزهاء عشرة مني
ومع هذا أتخبط في الوصول إلى ملامحي؟
خلال ذلك،
ذئبٌ يترجم الله إلى مصاهراتٍ
مع المسلحي.
بينما شتاء قادمٌ
فراؤه أخضر العينيين!
المتعة قوس من ظلامٍ.
وها أنا أتسلق النسيانَ
لأستردَّ ناراً غير مسكونة
أتسلقُ النسيان ليوصلني إلى هضبة عويلي،
تتفجَّرُ فيها الصُورُ
كألغام حرب قديمةٍ
المتعةُ ظلامٌ مقوسٌ
أفعالٌ غير متشابهة ليائسٍ مشبوهٍ
وها أنا
أتدحرجُ من نهاياتٍ مسننة ومسنة أيضاً!
مُعدِّلاً آثاري
لغماً حائراً،
والشبهات عَلَىْ جانبيه.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> عَلَىْ غير ما أتذكر
عَلَىْ غير ما أتذكر
رقم القصيدة : 6921
-----------------------------------
للمرَّةِ الأخيْرةِ
مجالساتٌ
وَعِرَةٌ
أجْعَلُها خَلْفِيْ
وأتكئُ عَلَىْ كَتِفِ النَّهار،
وأعوْدُ مُضمَّداً بنيْرانيْ إلى المقْهىْ
وأرويْ
قصةَ عنْ شُعُوبٍ
تتقاتلُ في الطِّيْنِ عَلَىْ نجمةٍ تائهة.
للمرَّة الأخيْرةِ
والباصاتُ أمامَ عينيْ
خيباتُ نسوةٍ لمْ يَعُدْنَ مِنَ الأساطيْر،
وبينَ التائهِ والعائدِ من أسْرِه!
أرتابُ بقبَّعاتٍ سُوْدٍ تَتَطَاْيَرُ عِنْدَ الأضْرِحَةِ
كالْغِرْبَاْنِ، مُنْتَصَفَ النَّهَاْرِ
أقُوُلُ:
هَذِهِ حَيَاْةٌ مُلَوَّنةٌ فْي مَنَاْم
وأحَدُهُمْ يُعِيْشُ فيْ الِمِذْيَاْعِ
وَيَمْشِيْ فْي الطُّرُقَاْتِ بِلاْ وَجْهٍ
ويقولُ: هذهِ حَيَاْتِيْ.
*
ليْستْ بهذهِ الأنحاءِ، فَدَعُوُهُمْ(51/156)
يُحْرِقُوُنَ تَرِكَاْتِ الأسَاْطِيْرِ
فْي مَدِيْنَةِ (الثَّوْرَةِ)
كَوَبَاْءٍ يَتَقَلَّبُ فْي آبَاْرِهِ
وَمِنْ حَوْلَهُ غِزْلانٌ
مِنْ شُعُوبٌ تُشْوَىْ صَرَخَاْتُهَاْ
إنَّهَاْ قَوُاْفِلُ مِنْ دِيَاْنَاْتٍ حَاْفِيَةٍ
هَاْجَمَتْهَاْ الطَّاْئِرَاْتُ فِيْ الصَّحْرَاْءِ
أضْوَاءٌ مُرَّةٌ فِيْ الوادِيْ
تَجْتَاْزُهَا الفَرَاْشَاْتُ إلَىْ الطِّفْلِ
حيث عري تام يصهل في السماءِ
ليستْ بهذه الأنْحاءِ
فلا أحدٌ عَلَىْ جسدٍ ولا جناحَ للنهار
*
للمرة الأخيرةِ
والمدارس لا تصلحُ بساتينَ للهذيان
ولا مَرَابطَ لِخَيلِ التوحيدي
والمعلمُ لمْ يقشِّرْ عَلَىْ أيدينا تفاحةً
فكيفَ نطردُ من النهار
إلى عطلة الحلاقينَ؟
عاطلونَ بالتظاهراتِ،
ومستاءونَ في المستشفياتِ
وفي اليوم الثالث،
أراجيح عاليةٌ
نطير فيها فوق الأعياد.
*
حتى أساتذتي
الذين تركوني عَلَىْ مقعد الدرس،
أراقبُ، من سور الحديقة المهدوم،
جنازاتهم المنتحبة،
رأيْتُهم في المنفى
وقد نشروا جلودهم عَلَىْ الجبال،
وحلقوا شواربَهم في عواصمَ هجريةٍ
حتى أصدقائي،
الذين هجرتهم في القبو،
أنجبوا أشقاء لميراثهم في المنفى,
*
حتى أنني نسيتُ
أن أستيقظ من إجازتي،
حتى أنني وقفتُ
وقفتُ بين الأسْلحةِ مائلاً
حتى أنني وأشجاري
ومعاطفي وأجراسي المنهكة أيضاً
صعدنا متدافعينِ، إلى الحافلة.
حتى أنني
ألَّفتُ أخباراً لمستقبلي المشبوه
وبذرتها لطيور ساحة الميدان،
حتى أن اللغةَ
لم تكمل الطيرانَ فوق الجبهاتِ،
بينما أعشاشها مستعمرات ومنافٍ،
حتى أنني سندسَ
لم تكفَّ عن التحليق أيضاً
لولا دُميتانِ في المكتبة!
........
لقد كنتُ أزاولُ الحَيَاْةَ حقاً.
*
أما الطبيعةُ،
فعندما ينطفئُ السياجُ بيننا
أنا وهذهِ المشاغباتُ التي تتشبّهُ بالتاريخِ،
أما الحقيبةُ،
فمعلقةٌ عَلَىْ دموعٍ تتعبُ بالتدريجِ،
أما الجوازاتُ،
فلا أحدٌ يعودُ
ليستعيدَها منْ طروادةَ.
وكلُّ هذا
إسرافٌ فيْ مُعانقةِ الفُوضىْ،(51/157)
ولولاْ ذلكَ
لم تلتقط الشمْسُ
صورةً لجنَّةٍ فيْ المنْزلِ،
أما الشعاراتُ
فعميانٌ يلعبون النردَ في المنفىْ
كما لو أن قبضةً غامضةً
تلوحُ في قطار ينعسُ أمامَ مُنْتَظريْه.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> شاهد العهد المغلوب
شاهد العهد المغلوب
رقم القصيدة : 6922
-----------------------------------
سيرة الغَاْئب عن حياته
تَطْريزٌ على غبارٍ داكنٍ
الحَيَاْة تساوم الزبائن المؤجّلين.
بين سوادين أعزلين
وفي النهار
أمِتْها
أمتْها
أبعدَ من حياتي
بينما أسندُ رأسي إلى ندمي
وهكذا استمررْتُ
أحْلاْمي تتكلَّمُ
أحْلاْمي كذلك تنزلُ من الباص
ليس الا مغزل التاريخ
1
2
ثمة ما يتبقى من الْمَوْت، ربما شهوة ناقصة تفشل في لمِّ ضجة الذهب المسفوح، ربما الذِكْرَيَاْت تثرثر فوق سيارة الإيفا، حياتي كذلك تثرثر في نداءات غسيل الملابس، وحمام الأسواق، في مكالمات الهواتف العمومية ومقاهي الأقليات الصغيرة.
4
[ المحوُ َبعْد أن أكملَ التحقيقَ في هروبِ ميتٍ كان يقرأ في دفتر كتبوا فيه غيابي ]
أحمل في الأسواق جثة الميراث، وخلفي النادمون يفركون عيونهم، وسبع نساء نادمات يخضبن ألسنتهنَّ من رمادي،
أيتها الحَيَاْة يا أرملتي
الشمس التي فوقي تماماً لا أجدها، الشمس التي اسودت على رأسي، تدعوني إلى البحث عنها، فألاحقها عند أبواب المنازل في منعطفات لا تؤدي إلى طريق، ألاحقها في دليل الهاتف، ألاحقها في متاحف الآثار وشركات المقاولات، ألاحقها في محلات بيع الأحذية أو أنساها في المصاعد
لأقول ما أجهل، علّي أن أدع المحكي يرطن بين رصيفين منشغلين بالسكوت، وأقمار تخرج من المستشفيات فيتجمع على طعنها ثلاثة مصابين بعاهتين مختلفتين، الجُنُوْن أيضاً حين خرج من المكتبة، هرول خلف يده التي سرقتها إحدى موظفات السياحة.
9
10
11
ج / حكمة فهران فاضل/ حلق شاربيه قبل السباحة في نهر الزاب (آغجلر تموز 1989)(51/158)
سأقول ما أجهل تاركاً للغةِ أن تحررَ متعتها من سياطي، ألون الأفعال بالرغبة كي أحكَّ سواد أغلالها وأهدُّ السياج بين الطبيعة والتاريخ نهر
حياتي أميةٌ، فمن يدلني على خطأ واحد يبرر لي قراءة ما يحدث وكتابة ما لم يحدث؟ من يدلني على سبب واحد يبررُ لي أن أستجوب امِرْآة كَيْفَ لم أصادفها قبل أن أخرج من حياتي ؟
الحَيَاْة أرملة أبوس حرملها وأترك وردة معاقبة على سوادها، أجتاز أحد عشر مستوراً وأعلق احتجاجي على عنق تمثال لا ينحني، لكنه يتذكر.
خارج حياتي، احلم بالبريد الَّذِيْ يروض الْوَحْشَة والمنحدرات التي تقدم الاعتذار للغيوم، خارج حياتي أتكلَّم عن مزيد من الرَبِيْع الَّذِيْ قوس الفضة، وخلفه سلاسل الرماد تقتاد أحد المحاربين إلى الاعتراف.
لا غرباء في القاعة كي تتعرف حريتي عليَّ، أجلس قرب متعة العدم، فأرى المختلفين كلهم خاسرين كلهم ينتظرون أمطارا ذهبية من جلد المقتول كلهم مرسلون حتما إلى الطواحين يرزمون تحتها الأيَّاْم ليعيشوا رحلة تمت وينسوا أصابعهم إلى السياج الَّذِيْ قسم البيت وكنت هناك
سقوف المنازل كلها، وهواء المدن المنسية خلف نار الماضي، السَّمَاْء المقنعة بالمتعة وكذلك الأيَّاْم التي ترزم الوصية، لا تصرف الضيف الماكث في الكُلَّمَاْت المعادية. أطرديه أيتها القطط التي تسعل حجرا أيها السكون الجائع ليس إلا محارب عتاده الذكرى فحاصره أيها
خزائن الأحْلاْم مهددة بالانتحار، فادفعها أمامك، مثل برميل أبيض أو مثل عربة أسلاك صنعتها في الطفولة، واترك الهواء المغتصب لسكاكين الحرية العمياء، اترك لها مصيرها الفردي واختر نظارة سوداء أو زرقاء، وقفازاً ملوناً وقبعة معقوفة وعصا تنشُّ بها الحاضر وادخل حيا
كم تتغير الأسماء في متاحفك أيها الْكَلاْم؟ ما نفع هذا كله ؟ ونحن رماد الآلة التي تكنس ما نحصي من أحْلاْم ندهناها في أول اليتم؟ ما نفع الندم أمام المرايا التي تعاقب المنتظرين ؟(51/159)
بسيطة هي الفوضى: راية منفردة قرب نهر الخازر تحتها ينام الثأر رأسه شرق وقدماه غرب بينما ينحني الشريط الجائع بين حيلة المصورين وجمعة الأحْلاْم .
اللحظة صورة احفظها في إطار العدم، والفراغ جدار، بينما أحْلاْمنا شريط اسود يبروز الزاوية.. كل هذا لأبرئ الفرات من الغرقى والخريف من المنتحرين والنِّسَاْء من الغابة، لم كل هذا ؟
ليختلط اللغز، وتنفض الطيور غبار دموعها، ولتنم مقاهي المواعيد القصيرة ولتسافر قوارب المتأخرين عن المعارك والمصحات التي تنتشر في ظلام حياتنا. ليختلط اللغز ولكن مقابل ذلك لي أن أقول ماذا تحت لسانك أيها القصاب؟
26
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> مطاحن عاطلة ، رَبِيْع كاسد
مطاحن عاطلة ، رَبِيْع كاسد
رقم القصيدة : 6923
-----------------------------------
كُلَّمَاْ اقتربت من لمعانكم،
تذكرت انهار ظلامي.
احبكم أحبكم هكذا،
وأعلو كي ابلغ نسيانكم .
اصعد فوق غيمكم الحاقد،
اصعد كي امجد ضعفكم.
لن أكون طريقا لكذبة عمياء،
تدعى أحد المارة.
ارفع يدي عن صناديق موتكم
وأمدهما في استقامة لتمتلكا الأبد.
إنكم أسئلتي التي تسعى إلي،
ماكثا في نسيانكم
أواصل ذِكْرَيَاْتي.
أنال كل ما يتاح من مطاحن عاطلة،
كي اقف فرحا أمام رَبِيْعي الكاسد.
أحيك وجه النهار بأخطائي،
بما يشبه ذكرى عديمة التعريف.
عزلتي حنين إلى ندمي،
إنها الغيمة التي تصعد السلم لتنام معي.
لست عدوّي أيها اللصٌّ،
إنني أبحث عن ظلامك كي أحيَّيك.
وأنت أيضا أُّيها الأعمى ،
ماذا تريد لكي أقودك ؟
سواد الحرية معلنٌ في الأعمى ،
واللصُّ مقترحٌ لسوادٍ ما.
أنقذ حياتي من جذام المرايا،
أنقذها من انهيار مؤكدٍ.
بأسنان الأزهار ، أرقش المجهول ،
لأمنع مَوْتِيْ من الانتظار .
أيها الظلام الخاطف ،
ارتديت نظّارةً سوداء،
متهيئاً للمعانك .
بأظافر تشع بالريبة،
أنهش قميص الغياب،
وأرتد إلى حدائقي.
أو ، بقبضة مترددةً،
أطرق الفراغ العائد من نومٍ مسلوب .(51/160)
لماذا أضَّيع إنصاتي، الحاشد هكذا
في حَيَاْة مكررةٍ ومؤجَّلةٍ أيضاً.
سأربحُ مَوْتِيْ الأشقرَ ،
منذ إتمام ِ أخطائي على جسد الأبد .
أعترف بال [هناك ] ؟.
متاريسكَ خوفي ،
اسمي إذن ، خوفك أيها العابر .
شقيقك أيتها الحِّرية ُ مقتولٌ مسلوبٌ،
انثري شعرك ، وتزوَّجي النسيان .
لو يفرغون من كُلَّمَاْتهم،
لو يفرغون من تعداد صراخ البيارق،
لم يتَّبعوني.
أطرد من داري غبار الرَبِيْع،
ثم أقفل الباب وأنام .
مقابر بعيدة عن الأزهار،
هكذا أتوقع أن تستمر حياتي.
في الخارج،
أزهار تتمرد على مساء مجهز بالأخْطَاْء،
وأكاد أستيقظ.
تكراراً لبريدي الواضح،
أفتح شارعا في السَّمَاْء،
أفتح بلساني العزلة.
بريدك أنت ،غير بريدي،
أنْتَظِر في الأسواق،
إشاعات عن السَّمَاْء.
الأبعد عن يدي يزداد غفلة،
وجسمك يزخ علي الظلام.
جسمك؟
أم وشاية الشمس،
بالمراكب التي تدفع الهواء إلى صحرائي؟.
كاف لجسمك الغالب،
أحتاجها لأطارد المجاز الغافل.
أمام يبرق مهمل، الوريثان يختصمان،
بينما أنشغل بارتداء حذائي!
برفقة المطرودين إلى مجدهما،
قمر الحاضر أيضاً، ينام في الفنادق.
الوضوح ، أعمق الخسائر التي نرتكبها،
عندما ظلام ما يدفن الأجراس.
أتحسس مجهوليتي:
يدي، لساني، أنفي، عيني،أذني.....
أتحسس حياتي فأصرخ.
الأقفال غسلت هواء أحْلاْمي،
بظلام يكفي لإيقاظ غابة الغَاْئب
الرَبِيْع النائم، يسرق انتباه السَّمَاْء القاسية،
السَّمَاْء التي تؤبن الحاضر.
وحتى انحسار الطوفان الحالي
سبع أزهار، مرعوبة في الباب،
تستقبل جثتي.
سوى اعتدالك في المقعد
ثمة أيضا،
تلاش هائل يخبر عن حضورك.
الحقول سبايا ،
والأرض عارية حولي.
ماذا أصنع بهذا الغياب الشاهق؟
هذا كل ما يتاح من غيابك المقنع،
هذا كل ما يتاح من صراخي.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> غيمة العابر
غيمة العابر
رقم القصيدة : 6924
-----------------------------------
بينما هجمات الورد ترتد عن جثتي،(51/161)
سبعة أيَّاْم أرتكبها، وأغير التقويم .
ثريٌ بطمعي في غيابك،
أندسُّ في ندائك المقفل.
أو أغادر المنازل المعلقة عليها صور المسبيات بشعرهن المحلول،
وأصابع الحاضر التي لا تتهم أحداً.
أقطع بين كلمتين،
كل ذِكْرَيَاْتي،
وما لم يحدث من حاضري،
كي أرى الصوت الأحمر يتجول في مقاطعات كلا،
وأرافق الذئاب إلى المحطة التي أنْتَظِر فيها أيَّاْمي،
لعلها طلاق الأرامل المنتظرات حياتهن.
أزهر في الظلام،
وأسميك خارج نسياني جرس المتعة،
أقطع بين حياتي وأبديتك سبعة أبناء ماتوا،
وخمسة مستورين،
أصادف إحداك تعرى شعرها تماما في مجلس للعزاء،
أنكسر تحت ضعفك المتعجل يا فصاحة السكوت.
نابليون، كان ينتظر المصعد النازل من سماء بلقيس
طمعا في الغيمة التي ترملت فصاح :يا أمي ،
وكان أن ناديت الجرة السوداء يا يتمي،
فلم تنهض قامتك بما يكفي ،
لتقبيلك دون أن أنحني.
أوص أيها المغلوب ،
أحْلاْمك التي لم تعش خارجها
علقها على الرمح المذهب،
الرمح المتجه إلى الجنوب،
أيَّاْمك المديونة
أمسح بها الأسلحة المعادة من ذِكْرَيَاْتها.
وهو الفراغ انتشر في الورد العائد من خلاصه،
لكنه وهو المرتد إلى الأبدية الفائتة
يتملص من كناية شقراء، يصف اختباءه
على وشك أن يحظى بتشيع الأجراس،
السؤال، نصف ما يعيش منه،
أو نصف ما ينام ،
أو ما يحدث به أصدقاءه عن حياته النائمة.
وليس نهاراً، الَّذِيْ يهاجم الفراغ المتجول.
لست من استلقى ، وابتسامة على شفتيه بعد انتحار يومه،
أمسح ظلها ،أو تكون الكُلَّمَاْت ، أو الكُلَّمَاْت ظلها،
مرتبة الزهور والأسماء على طاولات لا تخص أحداً،
ولم أتذكر نسيانها .
[هذه ليست حَيَاْة ]
وكان أن مزق صورة العائد من أعياد لم تسفر
عن حياته في الخيمة الصفراء،
نفكك أحْلاْمنا بحثاً عن نوم تام ،
عن نهار نعيشه تماما ،
يحق لنا أن ندون عليه أسماءنا
نحن الهاربين خارج الرَبِيْع،
حضورنا محايد وننتظر العهد المغلوب .
[حياتنا ليست لنا](51/162)
كان يقترح النسيان على السياج المفضوح،
قبل أن يكرر النفي الناقص،
استمر في تقطيع غيابه بين أيَّاْمه،
فحدث أن تعدَّى إلى غيمتين ناقصتين أيضاً
وعندما تمر حافلةُ في أمومة الظلام ،
يسترد ضجة باصات بعد الظهر،
والانتظار الوهمي لنظارةٍ،
تسرق عزلة الواقف تحت ماضيه الغائم،
حياتها لها الوردة،
إنها تنتحر أيها المسدس
وبينما يخرج من منزله،
كان المغلوب يبحث عن يديه في جيبه.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> المحذوف قبل أن يتكرر
المحذوف قبل أن يتكرر
رقم القصيدة : 6925
-----------------------------------
ولا أسِّميه،
لولا أنه يتهجاني،
في بياض كامل.
دائماً الرجل الخاسر .
أصعد السلم،
وفي يدي رسائل معدةٌ للتأجيل،
بينما أتأمل في الأسفل ابتعادي.
الأشجار ، منعطفات السوق، اللافتات غير المقروءة،
لا تعنيني،
ربما سائق الحافلة بلا ذِكْرَيَاْت.
لعلني الأحد الَّذِيْ يلي الأحد مباشرة
أو الأربعاء الموصولة بالأربعاء،
في حاجة إلي، كنت [لا أحد]،
مع هذا، سرقوا عدمي !.
المقعد، في مظلة انتظار الباص،
وأنت تتكئين إلى إغفاءةٍ بَيْضِاْءَ،
أعنيك ، وأقصدها.
دائما الرجل الخاسر،
في يدي مفتاح سجني ،
الشبح ببابي حشد الْمَوْتىْ ،
أو لعله ،
حشد الْمَوْتىْ ببابي.
وبعد ثماني سنين قضاها في المصح،
عاد السامري،
ليوقظ أحْلاْمه التي تنام في الباص .
خاتمي ذو الفص الأملح،
ساعتي اليدوية المستطيلة،
منديلي الأبيض،
نظارتي الشمسية ،
محفظتي الجلدية السوداء،
علبة سجائري،
أضعها جميعا على الطاولة،
وأخرج للناس، أعزل من حياتي،
حياتي التي تستمر بالتكرار خارجي.
يخطئ في تشغيل الدبابة،
لأنه يتذكر ربطة عنقه ،
أفضل من ذلك ،
أن يربي هرة وحيدة،
ولا يحلق ذقنه في الصباح.
ما صلة المكتوب بالمحذوف؟
ليس أكثر من:
وتنزل من القوة والقدرة، ولا خلل.
وهو لهذا ، نيابة عن الغَاْئب ،
يعاقب الغَاْئبين ،
أو، يزور اليوم الماضي ، بالتالي،
أو، في الْمَسَاْء ،(51/163)
الغزلان تفشل في استعادة المعلومات.
أو، وهذا غير مؤكد،
في البداية ، أنسى يديَّ على الطاولة،
فتزداد أيَّاْم الأسبوع يوماً،
وأحتجُّ.
سأشي بي لدي حاضري،
وكان الهواء،
يبارز إمضاءتي في غرفة ضيقةٍ.
الزئير المعلب على الطاولة،
قوائم الهاتف تجعلني أكثر حكمة،
مع هذا ،
الصيف ، أكثر عتمة من الصيف ،
وجدتها ..!
ليست الشعرة الطويلة بمحفظتي،
الصدفة عزلاء
والطويلة تنحني لرفع جوربها في الطريق ،
أو، قد يجيء الراعي في الليل،
يقطع أسلاك الهاتف،
وينجز الثأر ،
آه بماذا أصل العبارة؟
مولدة الضوء عجوزٌ في الثانية عشرة،
شابة في الخامسة،
ولم يجدني أحد الحراس في الطابق السابع .
ولا تصدق،
الإنسان ليس هو ،
لكنُه...
بائع الساعات في القرية يخدعني ،
(صوفي مارسو) و(كيم باسنجر)
اصطحبتهما معا إلى السرير ،
ونمت وحيداً!!
سوى نافذة الذكرى،
ثمة ما يتكرر .
النهار لي، والْمَسَاْء ربما ،
والتي ستبلغ الخمسين ،
تنتظر في صورتي ،
ولا تربي ندمي .
تحت سماء التاجر ،
موسيقى عارية تماماً وعزلاء أيضا،
تجلد العميان ،
وسيقان طويلة وشقراء، تكتب جثتي ،
في وجه طفل ملوث بالذكرى،
ربما...
لكن المصعد واقف خارج المسرح .
فخ بعيد، بعيد عن المناديل الملونة والأجساد العارية، اسميه السكوت في اعتراف يخصني تماما، فخ يكفي لا لهاء أعمى يدخل متحف أحْلاْم نائمة، أو جريح يخرج من مصعد معطل، تاركا أحذية نسوية لا تعود إلى أحد في الحديقة، فخ بعيد عن الحرية التي ترقص في صالة سوداء وتشير
لقد رأيت القطيعة في إحدى مرايا البيت، القطيعة التي تخلت نهائيا عن الأقنعة المتورمة، حينما تستأجرون رسائلي، خذوا أصابعي واتركوا لي خاتمي كي يحق لي أن أدير عنقي، فالحصاد الناقص يستمر بالتكرار، وأنا منذ أول النمو، استمر في مراقبة المزارعين الَّذِيْن يجهلون م(51/164)
اللحظة التي ما تزال تغرد على كتفي وأنا واقف في الظل مروحةٍ ، نادمة ٌ أيضاً ، والنِّسَاْء أيَّاْم لا يحق لي تكرارها، في سخونة الصمت أوفي الْكَلاْم الَّذِيْ هو وشاية بالأحْلاْم لدى السيد السكوت ،إذن الفشل استمر في التكرار،أو استمرَّ في البطولة غَاْئب عن وش
هذا ما يخصني، وحيد بذكرى لا شأن لي بها، وأحْلاْم يربيها سواي، لا شأن لي بها ، وهواء يسود في غابة شقراء لا شأن لي به.
النهار كاسد ، والكُلَّمَاْت الملوثة تتسابق للحضور خارج البياض ، ملابس النِّسَاْء، واجهات المحلات ،الباصات...وأعدُّ الرماد للسطو على قارب الملح وإغلاق السواد على غيم كثير.اللحظة شيخ يتنازل عن عصاه، فأشاهد الغَاْئب نيابة عني، والأولاد يعطشون نيابة عني، والسجا
أنا المحذوف بالتكرار لكنهم راسخون في التقويس ،أسماؤهم مطري، وأعيادهم ندمي، والمزارع صفقت لي، خاسراً، أهلاً بالسعة التي نجت مني، أهلا ً بالفضة التي تلتهم الفرق بين الصحراء والسوق،السوق التي لم أعد أرى فيها العباءات السود لأصرخ: يا أمي، والصحراء التي لا تطي
مستعد غدا لإيواء أقماري المهزومة في حقيبة مع أدوات الحلاقة والملابس الداخلية وبدلة الحرب.
مستعد غدا لإطفاء أعيادي التي لم أجدها في الشراء المؤجل أوفي ابتسامة كاتب الإدعاء الَّذِيْ يؤمم الهواء المتصل بالساعة السابعة و(الموجود المتأخر )المتصل بسيد القلعة المرتشي الَّذِيْ يرمي سبعة غَاْئبين في مستنقع بارد ويأمر بإحراق أيَّاْمي أمام حفل كاذب.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> إبادة الْكَلاْم المفتوح
إبادة الْكَلاْم المفتوح
رقم القصيدة : 6926
-----------------------------------
الغراب مرة أخرى
انتبهوا أيها المحكيّون.
المحذوف نص ترتكبه سيدةٌ تنام في الباص،
وعليِّ أن أشيعه لدى المحكي لهم.
ليس إلا كناية تجفف الوجدان،
ليس إلا طواحين،
وكل هذا الرَبِيْع،
لا يكفي لتأبين أعيادي.(51/165)
أستجوب السكوت بين الْكِنَاْيَة والتأويل،
آملا أن أعدَّ أيَّاْمي خارج الهندسة.
السَّمَاْء موسيقى مندحرة،
وهكذا هي الْوَحْشَة.
الانتظار، يطيل عصياني،
وأظافري أيضا.
الكُلَّمَاْت تغوص في صمتها،
بينما البيوت، الأشخاص، الجسور، المقاهي،
الشرفات، الأيَّاْم،..أبدية في موتها.
الكُلَّمَاْت تخزن عقابها،
أين يصل من يقشر الهواء؟
لو تقصر الكُلَّمَاْت، عبرت إلى أبديتك.
سوى ما ينطُّ من دفاتر الغابة،
لمتعة الخاسر كل شيء،
تهرب الأجساد من سوادها.
إطاعة السواد المسافر،
ربما، هي ما يؤخر القوافل عن الأعياد،
القوافل، ربما هي ما يرتب الأسئلة،
على جنة الذكرى.
المسافة بين الكُلَّمَاْت،
فم يستدرج أسناني
والمجاز، عطلة الْكَلاْم عن نفسه.
القط الَّذِيْ يموت في الممر،
يلغي الفرق، بين الهندسة والتأويل،
ما دامت الرموز مردودة إلى:
القط الَّذِيْ يموت في الممر.
خذوا عني، خذوا عني،
ليتك الحاضر بكل ما حوله،
أيَّاْمي ضرائب ارثها،
وبلا ذِكْرَيَاْت لأندم.
لتندم الغيمة أيضا،
وليندم الرَبِيْع،
هكذا هو التأجيل،
أتكلم، أحلم،
أنشط في تعدية الحاضر إلى النسيان،
ثم،
حَيَاْة أحدنا تستيقظ من نومها.
كَيْفَ وقد استمر هكذا،
يغادر الحاضر من أجل وصفه،
بينما النسيان خلفه طفل.
لست لذلك، ذلك الَّذِيْ استيقظ من حياته هنا،
فأرتد حالا إلى نسيانه، وقهقه.
الْمّكَاْن، شخص غَاْئب عنه وله قفل،
القفل مكان الْمّكَاْن،
لا أردُّ الكُلَّمَاْت إلى مصيرها،
لكنني أهرب من جمهرات الورد.
تغتال نسيانها المِرْآة
لأنها عندما تعلِّقُ القميص،
أو عندما تضع الحلي على الطاولة،
تتذكر الوشم، فتبكي.
بعد كل هذا النقصان.
الرَبِيْع يكذب، والكُلَّمَاْت أيضا،
تتمة الذكرى،
عقوبة لمجدها الأخرس.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> أحد عشر برزخا قبلي
أحد عشر برزخا قبلي
رقم القصيدة : 6927
-----------------------------------
برزخ الْكَلاْم(51/166)
فضاؤك يحكي، يحكي فضاؤك، أنت وفضائي تحكيان.
قبر بلا فراشة كرسي يرتل ظلاما بريئا
هكذا كان ما يشدني إلى مقعد فوق المياه.
أقبل حنك غيمة، فتمطر دهشتي،
رغبة في القول، أفرق جموع التنكر،
وأنا أدخن إصبعي في غياب الْمّكَاْن،
في المستوى الثاني من اللغة |الأبعد في الإيحاء| الأقرب للتلقين،
أجلست شيخ التورية، ليفصح عما يحدث.
ما الَّذِيْ يحدث ؟
شخص الْكَلاْم الَّذِيْ هو حوار عيني مع الوشم على سيقان النِّسَاْء اللواتي يتشبهنَ بالمسبيات، ويحملنَ شموع َالعرس لعريس غَاْئب ولهن أعين خضر، شخص الْكَلاْم هذا ، لا يصحُّ إلا علي، وأدري أن الأبناء سيفترضونه عائلة، ثم يفرقونه في جمل اعتراضية، وفواصل، وأسما
وعلى ما به من علات هذا الشخص سيدعي الأبناء أنه حائط أخضر، يليق بأن يصفّوا عليه أسماءهم، وأنا بعد ذلك، مجبر أن آمر السياف أن يقص من تاريخ اليد تحت شمس سوداء، وأبشر بتاريخ اللسان.
برزخ الْمَوْت
مع أن الأصفر يغطي أدلتي وهناك من يحرق بستان المطر،
ومع أن الصيف أجمل، فالخيول لا تطارد الخريف،
البرية اشتعال الصخرة الشاذة، وثمة ورد سائد،
الخيول لا تنتظر الماضي،
ثعالب القصد تسترخي في الممر،
ماذا أسمي ما يحدث؟
الشخص الواقف قرب نافورة الذكرى،
بماذا يحلم والمنديل في كفه؟
في الوطن السادس بعد الآن وقبل المأدبة الأخيرة (أعني ثور الصيف) يؤتى بما ليس بعد على هيئة كبش أملح / قال الشيخ / ويذبح على تل أبيض.
فأصرخ:نجوت منك يا مَوْتِيْ
ويصيح :أكملت فيك اللغات.
برزخ الذكرى
العذراء ابتراد الصيف،
أوقدْ يا رَبِيْع جُمْلَة الانثى،
وألقِ على الأرض سلة بَيْضِاْءَ،
لعل صحراء أجوبتي ترافق الذِكْرَيَاْت إلى الأسئلة،
لعل القطار المتعب يشك بالمنتظرين.
لعل ديك المحطة ينسى أسيجة المدن القادمة،
فإنني رأيت القوس ينعس في كف رغبة صفراء،
أصطاد الجسر المؤدي إلى ثمر أبيض،
الأعداء ملونون،(51/167)
أشيخ تحت غيمة عانس، وأقطع الطريق المؤدي إلى أبنائنا البيض،
والأعداء ملونون.
برزخ التأجيل
الفك التي تحدثنا عنها في الطريق إلى هنا، منغلقة على راهبة أو حذاء، غاية ما في الأمر أنها تفتح ذات يوم ليخرج من أو ما فيها، وحتما يتكئ على جدار دمي، وليس هذا مما يتوقع، بل أنه مما حدث بعد الآن، وهذا يكفي لأن أصدق أن قتلي، كان لأجل القشور خارج الصحن، أقول:ن
برزخ العمى
أمير الأخْطَاْء ـ على غير عادته ـ بنظارة يخرج من باب خشبي تاركاً ناراً بَيْضِاْءَ تبكي على السرير، والقفل يَنْزُفُ ـ كان لا بد من ذكر ذلك ـ
إذن، ما ينبغي هو الشك،
الستارة أو الضباب، هو ما منعني عن الإصغاء، لمحياك،
لذلك، لم أفاجأ،
حين شاهدت ديك الجن في الْمّقْهَىْ
ينظف بعيدان الثقاب أسنانه.
برزخ الوشاية
الْكُنْيَة براءة الاسم،
لذلك، كنيت عن الوقائع،
وقصدت كل ما لم يحدث ولا استثني ما حدث،
يتخللني الضوء، كُلَّمَاْ مس جَسَدِيْ غبارُ الماضي
أمام مِرْآة بَيْضِاْءَ في سنة كبيسة، لاحظت ـ بقوة الإصغاء ـ
أن التأويل أكبر من دلالة الدار،
فكان عليَّ أن أغيِّرَ تاريخَ الصهيل
وأن أسكن خارج النتائج،
وأغلق الباب المفضي إلى الْبَحْر الَّذِيْ يصفرُّ،
الْبَحْر الَّذِيْ يبحث عن أمه،
أغلقت الباب عليه الْبَحْر الَّذِيْ يستلهم الصحراء،
وتركت له خواتم المسبيات العشر،
وعدت أصغي إلى مِرْآة بَيْضِاْءَ في سنة بسيطة.
برزخ التأويل
مساء المطر،
أيتها النار التي ترتدي قبعة
الآن مطر،
وأم تقتاد ولدها، في احتفال الرجولة،
إلى ساحة الإصغاء،
الآن مطر،
ولكي يتأكد الولد من براءة الأشياء،
صارت الدهشة ثوراً،
الآن مطر،
وأحب الثور.
برزخ الوقت
لست بريئا إلى هذا الحد،
أخطأت يا قلادة المعنى،
فشفاهية العصر، لا تؤرخ الشخص الَّذِيْ يمر يوميا
بحائط ماضيه،
طغيان الطقس، وحده، يستطيع ذلك،
وفي المِرْآة البَيْضِاْءِ فقط،
تستطيع الكُلَّمَاْت، أن تكون عبيدا لمدح العدم،(51/168)
مع هذا، فالحوار بغضٌ مؤدب،
وعليه، أستطيع القول ـ خارج التدوين ـ:
أن الشخص الَّذِيْ يمريوميَّاً بحائط ماضيه،
ليس بريئا إلى هذا الحد،
ربما ـ لهذا ـ نحتاج، حين نجتاز جسرا، إلى التلفت،
بحثا عن الحلاج أو بائع السجائر،
ليس لأن الحلاج مطلوب لدى السياف،
ولا لأن بائع السجائر أعمى،
بل لأننا ـ على الجسر ـ نطأ الفضاء.
برزخ الجسد
الأمكنة التي تنتقل معنا، هي تاريخنا، الَّذِيْ حين ننام، يصير لنا وسادة، وإلا ماذا يعني سطح عليه مسبيتان تقرأان الفضاء الَّذِيْ يحكي، وتشيران إلى شخص الفضة، وهو يدفع بابا خشبيا، ثم يخرج حاضنا صورة ماضيه الَّذِيْ يحتاج إلى خيانته؟
الأمكنة اسلوبنا في هجاء النشيد الَّذِيْ يعجز عن رثاء اللغة، وإلا ما الَّذِيْ يجعل لساني يحرف غيمة لم تمطر، لكنها تحاول؟
أقول هذا بجميع كرهي لمن يدونون النِّسَاْء،
للذين لا يختزلون اللغة بالْمَوْت،
للبرزخيين حتى بتحريف أسمائهم أمام معلم أخرس،
وفيه رائحة الماضي،
للذين وجدتهم قربي يمتحنون الجمل المفيدة أمام حفيدتي التي شاخت أمام الصيدلاني، وهي تسأل عن هواء يكفيها لانتظاري.
برزخ هو
أفترض ـ حين اقترح هذا الأسلوب ـــ أنني أرسخ عزلتي خارج مبررات تدويني، لكنني فوجئت به ـــ أحد البرازخ ـــ يستغل عماي المقصود هذا، ليشير إلى أنني راسخ في التأويل، وعلى أية حال، لست مقيما ليكون هناك،
هذا ما أكرره، وبالتالي، تصبح الإشارة لي تأويلا،
المجد لي إذن وللتأويل ...
ثم أن الصورة التي التقطتها العام الماضي، تبين إني أكثر وسامة مما كنت عليه، قبل سنوات تحت شجرة السيسبان بانتظاري، لاشك أنني كنت فاشلا في استدراج منديل الْمَسَاْء، فافترضت الأشرعة لكي تسهل الإقامة تحت لافتة تهجوني.
برزخ الحوار
في الخميس القادم،
في حفلة أقامها المدعو إلى موته،
استطاع الْكَلاْم، أن يقشر التفاحة وهي في الصحن،
الضيف تعرف على الكرسي،
لأن المرايا أقل من الجدران،(51/169)
وهنا أستأذن المدعو كرسيه لأعداد الوجوه،
أحدهم، تلكأ في استذكار اسمه، فأشار إلى التفاحة،
الآخر استلذ بمقعد سهل ويثرثر،
وأنا، طمعا في النطق، انحنيت لكي أحرر كلامي من يد أعدائي،
وإذا بي أبرر قتلي،
على أن الْكَلاْم، في هذه الحالة، موت ترابي وناري أيضا، أي أن [هي] وجدت نفسها فجأة في حفلة الخميس القادم.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> منتظرا قرب غيابك
منتظرا قرب غيابك
رقم القصيدة : 6928
-----------------------------------
شكرا لمنحي حاضراً ليس يحدث، السَّمَاْء جمعة والأرض ذكرى!
هذا ما يردُّ إليَّ الغد الطاعن في التراجع.
ــ كم الوقت؟
تخرج يدي من جيبي، في معصمي بقية للتآمر على النافذة العجوز:
جَسَدِيْ لغة، يدي تشير وتبكي،
عيناي بستان أخير لأقوى الأموات،
أنفي عاطل عن الارتداد إلى النوم،
لساني جمرة تتلقن الورد،
جَسَدِيْ لغة ،وأنا خارج المعنى،
متى تتحرر الكُلَّمَاْت؟
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> السبايا بالكفن الأسود
السبايا بالكفن الأسود
رقم القصيدة : 6929
-----------------------------------
إلى أمي
كان الفجر، ينام في قاعة تسورها الزهور المحترقة ويصرخ في تناقض الأشجار، وعند كل خطوة، كنت أزرع قرطاً وأقتل طفلاً.
أسير إليك، إلي، أعني إلينا.
وحين أصل ، أكون قد شربت أممي اليابسة، وغرست وتدا في عيني، سميته قلقي، وزرعت أشجاري في الصحراء السمينة.
نفسٌ تتهشَّم عند التقاء سرَّتين، وقلب يلهث للجفاف، أواريك في معاطفي وأعبر الضباب نحو منازل الغرباء وخيام أمي.
تموت فيَّ سماتي، ولست قاتلاً،
تنغرس الوحولة في مرايا خطاي، ولست منهزما،
أقول :أنا ما زلت أنعت الثعالب باسم الحكماء،
وأصطاد الأرانب، عل بدئي ينهض، وتنضج العربات في صحراء أمي .
تنهضين، تنهضين، تنهضين،
أعطش، أعطش، أعطشن، أعطش،
تتلفَّتين، أقضم خوفي بشفاهي.
تنهضين، كان الفجر ينكر أبوته لي، ويتنازل الرعاع.
كم كم، كم؟(51/170)
لا جدار لساعة البيت.
ينكسر الطين، يقوم طفل من سرير نومه، يفتش عن أقراط ومزمار ونهر.
ينتفخ الطين، يتجوف، تثقبه الرياح فيصدح بالعويل،
هذا مزمار..
الطفل يبحث عن نهر وأقراط
يفرك عينيه، فيسقط قرط .
ــ واحد إذن ؟
ــ ما العدد؟
يقوم للمصباح، يفرغه من زيته الْقَدِيْم ويبول فيه،
عتمة بنفسجية معلقة على جدار، لطخها الصبي بضحكاته وأسماه نهرا.
ــ ماذا تبقى؟.
يركض الفتى في غفلة الحلاقين، تزدحم الأواني بالغبار ثم ...؟
يحتمل الفتى أن يستبدل بالتحية الرعاع. ويسلك سوقا أخرى،
هناك ربما كان الفجر.
يفتش عن ميقات، وصحيفة وسكين.
الميقات، ليطعمه لخنازير المصانع.
والصحيفة، ليمسح بها نهد أنثى،
وله في السكين غاية اليهودي.
جمعت إذن، كل ما أحتاج لرحلة التكوين
وهذه شمسي، عرجاء تركض خلفي،
عند اتساع النهر، أنبش بذرة الأرض
وأنفخ فيها رمادي.
سيشتعل النهر.
أجسم يأسي على هيئة حلاق غبي وأمر
ــ أين؟
كثيراً ما يسأل عن نساء، قيل أنهن عرايا
كنَّ في غرفته
وأمرُّ،
ــ أين؟
يبدو أن براعة التجار تخذله،
فهو يسقط في الْبَحْر شكله ويدعي العمى،
قالت ــ وهي تودعني ــ إنه غبي، وضحكت،
لكنه ــ وكانت تقطع القمر الأبيض من جبيني ــ يحتاج إلى شيء منك، اعطه سمة، وانغرس في غبائه، ستحتاج إليه .
ركضتُ،
رأيتُ أفعى تدخل في ثياب أنثى، وتمنحها شهوة السكين،
رأيتُها، وكانت البنت تنطرح على الرمل، وترفع نهدها وتغرق في الظلام.
عبرت،
رأيت جثة تنفصل عن دمي، ويدا تومئ للغروب قلت كونتُها وسأبرأ منها.
حين استفاقت الشمس في الصحراء كرمح منتصر اقتربتُ من جنة عمياء،
تذكرت جداري الَّذِيْ اختفت منه ساعة البيت والعتمة البنفسجية التي تنكرني،
قلت سأبرأ منها بعد رحيل الشمس،
حين تهرم هذه الجثة
أو حين يسكب الرجال فيها شهواتهم، سأتمُّ خسراني،
لأكون وهما
لابد من فرس أكسرها، وأكسر عند صهيلها
تركات الحضارة، وتطلعات الجموع لسكرة الليمون.(51/171)
أنبح في شق الجبل، وأركض في فوهة التاريخ بحثاً عن تقشر
العبيد، وتعطل الأسياد.
معطل يا سيدي،
ولي دهشة إعرابي من تقاطع الأضواء على الرمال،
معطل يا سيدي.
ولي سخرية القش من مطر أسود.
أنهش معصمها وأختفي عند بحر ملوث بتناوب السفن البَيْضِاْءِ، وفي يدي شمس، وعلى جبيني قمر، وثمة تحت إبطي صحيفة، أعلق في أطرافها سكيناً، وأدخرها للواقعة،
ولا جدار لساعة البيت.
أحيانا، أهدم ذاتي لأشيد ذاتي.
وبينهما،
يبقى العالم مثلما حلمة يفركها منديل أخضر.
وبين ذاتي وما أشيد،
ثمة خاتم ضيعه الشتاء واصفرَّ عند الشمس في الصيف،
وحين أجيء لأجمع من تعطله الثلج، تنكسر نفسي.
مهيئا قبري على شكل عاهرة لا تهتم بالقادمين،
أركض وحلفي شمس عرجاء،
كَيْفَ يمكنني أن أقارن بين ضدين؟
أثبت في خاصرتي رمحا بدوياً،
وأبحث عما يغايرني، لأكشف غيبيتي،
وغيابتي غيبيتي، عصا وسامري وأشياء يعرفها الرعاع.
أتهم الحكماء بالالتباس بغيابتي،
أتهمهم باستبدال زَمَنيْ.
أنا الزَمَنُ المكسور على نافذة الجُنُوْن
لا وقت لي.
أنا الراسخ في تفسير روح الْبَحْر،
لا حكمة أتقمصها.
حين حدثتها عن شقاء الطفل، وعطش المصباح، نبشت عيني بعيدان ذهبية وأجلت مَوْتِيْ. وهي اندحار الأبيض في الشتاء، وقسوة الصوفي على ذاته.
أتجمل أحيانا، أقول:
حذائي ووجهي لامعان كلاهما
............... ..
أثبت هذا في ذاكرتي، وأدخل بستان الأسياد، وحين تمس أصابعي كرومهم ينضج في رمادي الضحك فأسحب يدي، واعدو في الفراغ.
وبين أن أملأ مجالي، وأعدو في الَّذِيْ بنيته، ثمة وقت لتفريغ دمي، ودمي يتدثر بي، وأنا أتجمهر فيَّ،
وبين دمي وبيني ضحك سلطان ورعونة حاشية
وهدوء عرش.
بيتي، هذا الجنوب، لطخه الشمال، وأفزعه تداخل أزمات التخيل في مِرْآة يعكسها الرمل.
ليس سوى الرمل، يجلو فضيحة اتباعي ومآثمي التي لطخت بها ظهور النِّسَاْء.(51/172)
وكمن يتطلع إلى مقبرة في السَّمَاْء، أرى إلى هزائمي التي تنافس الأمطار في أكتآبها، هزائمي، حين تشقق الْبَحْر عند ساق فتاة متوضئ بالوشم والزعفران.. هزيمتي:
أذكر كنت بين الإسفلت والطين والجرائد اليومية،
أجرف في طريقي ما خلف الأجداد من أعضائهم حين داهمتهم الذئاب ــ صادفت، أذكر، ساقها مثبتة على زهرة تكويني، وجرة لبني الصيفي، وبين حاجة صيفي للبن، واستغاثة الزهرة بي، نظرة إلى ساقها فأصابني العمى.
وفي الوقت الَّذِيْ كانت فيه البنت تنحني لرفع قرطها الَّذِيْ سقط توا في التراب. كانت البيضة ترتجُّ فتحدث إيقاعاً جنائزياً، ترتجُّ، تفقِّس، وحين زقزق الطير، رفعت البنت بصرها نحوه فمات.
ولأنها ما زالت مشغولة بجمع زينتها التي سقطت.
فقد بدأت زهرتي بالتحجر، والجرة بالتمدد، وساقاها تتعرقان وترتجفان، وفي هذا الوقت، تمددت على الرمل، وتقلبت سبعاً، لكن تشنُّجَ الزرع، لم يعني على ما كنت فيه، كذلك السَّمَاْء، حين تكاملت، ضيقت علي صدري، وما زالت البنت كُلَّمَاْ أرسلت بصرها إلى شيء مات، العشب
وكانت الأرض تحتلُّ فراغاً في ثوبها الْبَحْري، ولست أدرك، كَيْفَ آلفت بين رعشة الماء، ولوعة التربة واندفعت إليها بأطراف مقطعة، ورحت أفسر لها اختلاط الأضداد وأنفي الإثبات، وأسهب في تقليد السَّمَاْء وهي تنفض معطفها و... كنت أعني كم الوقت.
ليس في برزخ الأعراف لذي النفس الزكية حيز، كان متشكلاً في أجنحة اليمامات ولما اقتربن من غيمة شوهاء، اختض جناح اليمامة الأولى فهبط النحاس، وظلت اليمامات يصحن عند مقام هبوطه، لكن الساحة كانت بركة من سكاكين.
من أجل طقوس الفردانية، ظلَّ متشكلاً في أجنحة اليمامات لكنْ ثمة شق في غشاء الأرض، أخرج طفلة ملوثة برائحة الأرض، وملطخة بالزنابق، فوق ركبتها وشم له بعد اليمامات ليس يدري ذو النفس الزكية متى كبرت، لكنه، رأى الوشم على ركبتها يكبر.(51/173)
لم يتكلم، راح يسألها عن الوقت، أرعدت السَّمَاْء، تخثر الهواء، الأشجار اخترقت سقفها، ولم تتكلم، راح يبحث في تاريخه النقلي والعقلي، يبحث في إسطبله البشري، في حروفية النوري، وجفر الأئمة المحليين، عن تناغم بمقدار ما ارتجفت أنثى الأرض، لم يجد، فراح يرطن بمخاطب
[[ للواحدية بنت الخارجي]] وقفت قافلة الخيل الدهم ترجل ألف فارس من نور أبيض، وكونوا دائرة، حولها، ميلا من الدهشة كان الطريق.
لم يجعل ذو النفس الزكية صدره جداراً لتعليق صور الفرسان،
لم يطمس إبهامه تحت لسانه، لكنه استدار.
اليمامات اقتربن كثيراً، والنحاس يجأر مكتوما في الساحة، لم يرزق أمومة
، أظلم الفارس الأول، عندما تقدم لرؤية وشمها الركبويِّ وكذلك الثاني، والسابع، حتى الألف،افتضت دائرة الضوء ولاحت العتمة ثانية وخلالها، عاود النظر إلى الوشم.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> العيون أقل من الشرفات
العيون أقل من الشرفات
رقم القصيدة : 6930
-----------------------------------
تيقظ ((أبجد )) ـــ وهو ابن ما ليس بعد ـــ ولكنه كائن لغوي له ذِكْرَيَاْت ويلبس ربطة عنق ويعشق أيضا ـــ تيقظ،
والعام كان على وشك أن يتيبس إذ لا مواسم،
فارتطمت روحه بغبار العبيد وصادف أن مرايا الوشاية عزلاء،أقفل باب التهجي، وردد وهو يغادر تورية الشخص:
القصد سور الخطيئة
التوبة امِرْآة رجمت تحت شمس مؤجلة،
والنهار يعانق أرملة الذِكْرَيَاْت،
تأكد (أبجد) أن الشوارع لا تطفئ الفتيات،
وأن الْكَلاْم أقل من الشرفات،
ولاحظ ــ وهو يسير إلى جانب امِرْآة في الثلاثين ــ أن زليخة عذراء
أيضا تأكد إن الَّذِيْ مات أمس أخوه،
إذن صحح الْمَرْثِياْت،
ونم تحت قوس الْكِنَاْيَة،
وأنْتَظِر الأبْجَدِيَّة في موتها.
صَحِّحِ الْمَرْثِياْت،
فثمة ما يتحرف من أجل عزل الْكَلاْم عن المتكلم ،
صحح سؤالك
من مات أنت وليس الْكَلاْم،
لماذا تصر على خطأ هائل يتسلل منه عدوي الْقَدِيْم،(51/174)
عدوي الَّذِيْ يتشبه بي، يتذرع باسمي،
لكي يتزوج حلما تركت على أرضه ذِكْرَيَاْتي وخفي .
وجاري الَّذِيْ لقن الذِكْرَيَاْتِ الشراسة،
من أجل تأجيل شمس الْمَسَاْء التي نبحت خارج السور.
صَحِّحْ لَي المشهد المتكرر
اذكر كنتُ بصحراءِ نومي، أحاولُ إغواءَ سيدةَ النرجسِ الساحلي
وأعني بها شمسَ مكةَ، لما تَكَلَّمَ مِنْ جَاْنِبِ الطور رأسُ النبَّيةِ، أذكر أني تركت التي هي في ساحلي، وسعيت لها ، وأعني النبية، حتى إذا أوشكت محنتي أن تفرج، نوديت من حيث كنت، فألقيت من هي نادت وقد أمسكت نهدها الأيسر اختلط الأجلان علي ولم أجد الافتراض.
أنا الخطأ المتكرر في جثة النوم.
أحتاج أكثر مما لدى الذِكْرَيَاْت لأمدح مَوْتِيْ
ولست الَّذِيْ هو آت
إلى حدث يتخلف عن صنعه الحكماء،
ولي ما أقول على ما به من عبودية للكلام
وبما أنه لا مفر من التسميات،
سأطوي لساني على جُمْلَة أجلت شكلها بانتظاري.
أمر على زَمَنٍ شفهي تغرب في الجسر،
ألقي عليه بقية صيفي،
ولست بناج،
ولكنني أسرد الْمَرْثِياْت التي لم يشأ أمهر المسرحيين تحريفها،
ربما لفتوة هذا النهار الَّذِيْ هز مشهدنا،
أو لعل السَّمَاْء بلا جرس،
وبلا سبب أستلذ بشتم الفراغ،
نهار قوي على الجسر، يبحث عني،
وأنت تربين منذ ثماني سنين على مقعد الدرس مَوْتِيْ
ودار أبي رحلت منذ سبع سنين،
وأنت تقصين في كل عام أمام عبودية الوقت شعرك،
والمقفلون على شكهم فوجئوا بك تستعيدين المناديل فوق السطوح،
وتستقبلين العبيد بدمع أجير،
أقول لهذا الخريف خريف
يَحِنُّ السؤال إلى المسك بِيْ،
والخريفُ الأخير يَحِنُّ إلى دهشة في الخفاء،
أقولُ خريفك أعمى، وأعزل أيضا،
لماذا تحاولُ إعدادَ أقواسك الذهبية،
ثمة ما لست تدري،
يؤول ما لا تحب وبينهما شاهد ميت.
شفتاك على الباب لن تخطفا زهرة الداخلين،
وأوصيك بالسنبلات التي لا تؤدي إلى الفجر،
والببغاء التي لا تموت مع المنشدين،
إذن ما حكيناه منفى،
وإصغاؤنا للمدون سجن،(51/175)
وتسألني هل تبدل شكل الحوار،
ورائحة الصيف والمطر الآسيوي؟
وتسألني بعد ذلك عن ميت لم يشاهد ذراع الخريف،
تمرر وشما إلى الشرفات ...
لماذا الأبوة يا غَيْمةَ النَّاْزِحيْن؟
أمِنْ أجْلِ أنْ نَرِثَ الإنتشار على جثة لم تلدنا؟
ونجلد في أول الصيف أحْلاْمنا،
ثم نعبد أخطاءنا الثانوية؟
كَيْفَ تذكرت شكل الفراغ،
لماذا صعوبة إصغائنا لابتعاد النفوس؟
هل الغد شكل لما نتذكر؟
وهل نتذكر إلا الَّذِيْ لم نصدق؟
إذن، كَيْفَ نهرب من أحْلاْمنا؟
وهذي الفضاءات تنزع بوقا عن العالم المتوقف عن لذة الْمَوْت
من أجل شمس ستولد في وأرض تموت هناك،
وبينهما ما يؤرخ أحْلاْمنا،
أفصعب علي النزول إلى لحظة تسترد من الحاضر الْمَرْثِياْت؟.
وسهل علي التلفت نحو رَبِيْع تغرب عن بيتنا؟
لا أريد الرَبِيْع لذلك لم ألتفت
أو أريد الرَبِيْع ولم ألتفت
يا رَبِيْع أبي، يا رجوع الفريسة،
فجري شيخ ولا أستطيع التلفت،
خلفي، وفي داخلي غامض، من أبين؟!
ورائي غيابي فقط أستطيع التخفي،
وذي اخر الشرفات تحدق بي، وتجيد اصطياد المرايا،
وثمة ورد أجير يعري السياج من الذِكْرَيَاْت،
أجل إنه آخر العابرين على الجسر،
آخر من يتلقى التحية في شارع شاغر
يتسلى بعد الظلال التي مكثت خارج الكُلَّمَاْت،
وراء غيابي فقط، أستطيع التحدث عن مشهد دائري،
لذا أحتمي بالْكِنَاْيَة قبل الدخول إلى منزل الحكماء،
ولكن لماذا أسميك،أب جد منفصلا عن بنيك ومتصلا بالْكَلاْم وَمُلْتَبِساً بالْكِنَاْيَة؟
كَيْفَ أناديك في زَمَنٍ ضيق،
ثم أقصدك عن جُمْلَة تتحدث خارج قصدي.
أليس انكسار الطواحين أكبر من ذِكْرَيَاْتي؟
أليس الَّذِيْ يتمرأى من الباص،
يدرك أن الأماكن عمياء تبحث عن مستقر لتاريخها؟ فلم الكائنات التي اتضحت تتشبه بي قبل أن أكمل الانزواء؟
أنا لست أعمى،ولكنني أتأكد من خطئي،
وأصر على أن من يتمرأى من الباص أعمى،
وإن الأماكن لا تتعرف إلا على حيز يطرد الكُلَّمَاْت،(51/176)
فكَيْفَ أسميك دوما بما لا يصح علي،
وأنت سواي،
ولي غربة الكُلَّمَاْت التي جلست خارج القصد .
مطرودة عن يدي.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> تأويل الظلام
تأويل الظلام
رقم القصيدة : 6931
-----------------------------------
نشيد أهم من الفجر، يدفعني للتأمل في جسد الكُلَّمَاْت.
نشيد يحرف قصد عدوي، ويلقي إلي بلغز صريح.
نشيد بمقدار ضعفي أمام غروبك،
هذا هو الوقت..
فيما مضى، لا يحق لزورق جدي المسير على الرمل،
إذ ليس من شاهد يستلذ بقنص الْكَلاْم الَّذِيْ يتسرب، أبيض من روحه.
ليس من مشهد يتأكد جدي به من عماه.
وإلأ لماذا يصير حفيدي،
على حمل صحن ورائحة امِرْآة، وكتاب الحروب إلى قبره؟
لماذا أقول: الشوارع عزلاء في يوم نحس ومعصية مستمر؟
لماذا أمجد غيري بمدحي وأرثي غدي؟
ولدي الَّذِيْ يجعل النار تصطف في مدخل الورد،
لي شرفة سأردد منها النشيد،
ولكن من يشعلون الفضاء، لهم ما يحرف مَوْتِيْ.
هم الطائفون على شكلهم في خريف أكيد،
مريبون حين يقولون: هذا الخريف خريف.
مريبون حين يغطون أسنانهم بدموع الْكَلاْم،
يعدون أيَّاْمهم بزوال غدي،
وأصر على ذِكْرَيَاْتي، لكي أتفوق في هجو أعيادهم،
يجلسون على غيمة يشيرون لي في الظلام ،
وباسم الفضاء المؤجل أدعو إلى جنتي ثم أرجم من جاء!
ليس أكيد تكاثر هذا الهواء لإحراق أسئلتي،
واستدارة عنق الرَبِيْع لأجلي،
لذا صرت أرمي إلى العابرين مراياي،
منذ محت طفلة من جدار الظلام يدي،
وصرت أحرض سري على الارتداد إلى حاضر يتمشهد تحت وصاية غيري.
أعالي الهواء ألذ من الشمس وهي تطل من الشرفات
ألذ من الشمس، جالسة تتفرس بالورد يلقي من الشرفات على فتيات، نثرن الشعور، وطفن على أمهات بلا أمهات.
هنا ما يكون،
جنوب السؤال ــ قتيلا ــ يشير إلي،
ونسر يحط على بعد متر من الذِكْرَيَاْت،
هنا ما يكون،
يد تتحدث،
رائحة تتخيل،
روح تشير،
مزارع باطلة،
وعلي الذهاب إلى نبأ أسفل الغيم،(51/177)
فيه تنامت وجوه بني بعيدا عن الماء،
والنار تسعل، لا ذِكْرَيَاْت لهذي السَّمَاْء،
بمن سأحاجج شرقا تحدر من جيبه مشهد يتحدث عني؟
ومن أي نافذة في ظلام الإقامة، أعلن.
إن الَّذِيْ يتدحرج من عربات الغنائم أمسى الَّذِيْ لم أصف موته.
وعمى جَسَدِيْ، يصف الاتكاء على غيمة تتملص من عضة القلب، يا سارقا من بساتين ليلي الد اليمام،
بمن سأخاصم هذا الْمَسَاْء؟
وأشهد أنك لم تأت، بل كنت تكمن في سلة الذِكْرَيَاْت
وتلتذ بالاعتزال،
لتأتي هداياك يا نسر،
تلتقط الشمس من سطح بيتي،
لترمي بها ــ في الغروب ــ على منزل شاسع
فوقه امِرْآة تتسلى بإحصاء أولادها فوق حبل الغسيل،
وتحلم بي صاعدا سلما خشبيا،
ويدا خطئي تنسجان بياضك،
يا دهشة تتقافز في ريفها حكمتي،
بينما الواقفات على السطح، منشغلات بإغواء روحي التي تتحدث
في أسفل الغيم عن نبأ ليس ذا صلة بي،
غدا ما أقول لصنبور ماء بمدخل داري إذاغلظت شفتاي؟
غدا ما أقول لحائط مدرستي، حين تخرج عن حكمتي قدماي؟..
شطبت على كلمة تتشبه بي،
لأحقق تورية الشخص في خطل القول،
حرضت كرهي على أسفي،
وقرأت مساء الخميس الَّذِيْ يعقب الأربعاء على صفحة الوقت
اسمي الَّذِيْ كان يذكر أخبار غيري،
مساء الخميس الَّذِيْ يسبق الأربعاء،
كسرت مرايا الغراب الأخير،
مرايا ملونة
والخريف المشوه أبيض
أقنعة الواقفين على سلم الصمت خرساء،
خرساء كل اللغات،
ووجهي رماد يغلف ساق الفصول
وفي الطريق إلى منزل ثامن لم تطأ قلبه الذِكْرَيَاْت
وفي المدائن تسقط واحدة إثر أخرى،
وفي النوافذ، ترجم من أخطأوا في التنزه تحت السَّمَاْء!
من الواقفون؟
ومن أجل الشمس هذا الْمَسَاْء؟
أنا الواقف الأبدي على جثة الحدث الطارئ اندحرت كل أسئلتي
عند بوابة الأبد المستقر
وما زلت أصغي إلى ظلمة في الخريف،
تلخص أوجه من حرفوا الغيم،
أبكي، وأحصي على جسر صيفي،
جميع الخيول التي عبرت باتجاه الخريف بلا سنبلات، وأهتف(51/178)
المجد لي حين أجتاز جسرا وتصغي المدينة
المجد ليحين أهجو الرَبِيْع على سور وردك،
المجد لي حين أحتاج غيري لمَوْتِيْ وموتك ،
المجد لي حين أخرج من بيتنا،
وأصدق أني الَّذِيْ نام في ساعة متأخرة،
وتحمس ترتيب أيَّاْمه في السرير،
إلى كم سيختلف السابقون على عزل قوسي،
لينطلقوا آمنين وراء لهاثي؟
إلى كم يسمون أنهارهم بلغاتي؟
لهم ما لهم من غموض،
ولي محنة المبعدين عن الاتضاح،
لهم أرضهم يدفنون بها ما يشاؤون من أمهات
ولي بدني أتنزه فيه بروح بدائية،
وأمر على ضيق أيَّاْمهم،
كان تاج الخرافة يسطع حين أمر على الجسر،
فيما تهرول أسطورة ويلاحقها فتية يرتدون الوشاية،
لا ليس هذا احتجاجي على كثرة الشرفات التي تسرق العابرين لغتي
ليس هذا رهاني،
رهاني على هامش يتحفز تحت لسان الظلام،
رهاني على ما تأجل مما سيأتي ،
ولي في العصور سوى الآن،
لي في النوافذ ــ وهي هنالك ــ إلا وقوفي هنا،
ومعي لا لغات، أمس بها جسدا يتوسد خرج الْكَلاْم
أطارد شمسا لأكتشف الفرق بين الأبوة والسقف،
أخدع صيفي،
فأصعد تلا أرى من عليه الغياب،
يكلم آخر مرثية للشهود،
مشاهد شتى تدل على إننا غَاْئبون،
نمو أظافرنا خلسة،
عجزنا عن ملاحقة الباص عند الصباح،
خلو الهواء من اللافتات التي كان يحرقها السومري،
سقوط الحقيبة من يد سيدة في مصافحة مع أعمى،
غياب أكيد يصافح كل ممر
غياب يصافح بائعة الورد في مدخل الصيدلية،
وجه يغيب أمام زجاج المحلات في ساعة متأخرة،
وغياب هنا،
يرشد اللافتات إلى الانتظار.....
أضف ما يلي للذي كان،
((أبجد )) آخر عبد تبقى بسوق الإجابة
فأصغ لصوتك قبل الْكِنَاْيَة،
وألق على تلك الأبيض امِرْآة الكُلَّمَاْت
سيسعى اليمام
وتخطئ في نفي شخص معي،
وخلاف الَّذِيْ يفعل الأقوياء
أبرر ضعف الحوار بما ليس فيه،
لأن الضحية فخ لإغواء غيري على البطش بالكُلَّمَاْت
خذ الأب ولتعطي غيمة تتكفل يتمي،
خذ اللغز ثم أعطني ما يعين على الاتضاح(51/179)
فنزف العناوين في الغابة السومرية، عطلني عن تذكر من كنت،
ثم تذكرت من سوف أبكي عليه،
وكان النهار قويا،
قويا بما يكفي لإيذاء ورد على حائط مدرسي
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> إنكم تحرقون نهاري بأعيادكم
إنكم تحرقون نهاري بأعيادكم
رقم القصيدة : 6932
-----------------------------------
على شارع يصل الفندق العبد بالفندق العبد، سيدة بالسواد تؤجر كف الهواء لإرسال أعيادها العانسات إلى رجل يتسلل من فندق ثالث،
.... ((شوان)) طريق إلى قرية نهدها كروي تماما،
مقابر ناي تحيط قوافل من ثركوا قرب جسر المدينة تاريخهم
وأناقتهم، واستقروا معي عند ريف حزين،
نفر لتل خساراتنا، حين تهزم أحْلاْمنا في ممر الْكَلاْم،
تلال الحديد تئن، فتحرق أيَّاْمنا مع زيت المحرك،
هل قلت ما ليس يعقل؟
لكن ذلك ما يتكرر في قلعة أرسلتني لها غيمة كبرت بطنها من لهاث سواي
أفر إلى ندم لاحق
للهاث الطبيعة ــ مظلمة ــ تحت دبابة يتذكر سائقها غيمة كبرت بطنها من لهاث سواي،
أفر إلى وجه كردية دعكت نهدها بصخور معادية،
....وشواي بريد إلى سنة دخلت خطأ في حياتي،
شوان سماء مؤجلة،
تستقربها العربات التي أخطأت في تلقي توابيت أعيادنا
وشوان حديث معي،
وأريد التحدث عن ندم لم يفسر وصية أبنائه الميتين،
أريد التحدث عن فتية، يضربون على مدخل الدار أجمل أحْلاْمهم وينامون منتحرين،
أريد التحدث عن غيمة تتجمد في جَسَدِيْ،
ورسائل مجهولة
وستائر تلهث تحت نعاس المكائد،
أقفاص زرع كثيف تؤدي ــ على أكثر القصد ــ مَوْتِيْ على جسد امرأتين، مع الفجر، ترتديان السواد، وتنقطعان إلى شهوة بساتين محروقة،
وأقول:
ستنشأ سعدية في مدارس طلابها،
وتحب نبيا بلا معجزات،
وتنجب أرضا لدعوته
وأقول:
مزامير صيفك معنى ووجهك ناي بلا ذِكْرَيَاْت،
وأدرك كم أنت معلنة في غيابي،
وكم أنت عاطلة عن ضحاياك،
كم انخدعت بي فوانسيك الماكرات؟
وتنتبهين، فأغطس في عطش شاسع،(51/180)
ويداك رَبِيْعان منهزمان أريحهما عن مطاردتي في النهار،
وصيفك أقسى من الالتجاء إلى فشل كامل
كاذبون جميع الرماة ولن يرشدوك إلى جثتي.
لن يحبوك تحت مداخن عالية،
لن يعيدوك للموسم التام لن يجدوك على قبة في الشمال
وهذي الصحارى التي تتنفس قسوتها لي،
ولي مسرح ناقص في الطريق إلى جمجمال
ونسر يرافق حافلة في الطريق إلى جمجمال
بياض يثرثر في جثث الحيوانات
يثرثر في ندم الراجعين بأختامهم، لكنائس تبيض من موتنا،
وكنائس تصغي إلى دبة سرقت حارسا ــ في الثلاثين ــ لم يتزوج
فما أحوج القطة المدرسية لي
والسَّمَاْء تفرخ أيتامها إلى جمجمال
الجمالُ يَسُدُّ الطريق،
فترتد مقبرتي لمدائن غاشمة
في الطريق إلى جمجمال
حوار معي، يتحالف في محوه جبليان يتجهان للنطق بالحَاْفِلاْت
التي جلست بانتظار الطريق،
وكن هناك غراب بلا قصة،
يتأمل بغلا بلا ذِكْرَيَاْت
وكان بتسعة أغطية أسفل الصفر
والهادئون ــ بلا درجات ــ ينامون تحت سماء محايدة
والطريق إلى جمجمال عيون مسلحة بسكوت قديم
ــ علي هنا أن أدخن كي أتقرب من مشهد ساقط ــ
فالجنود بكامل أدمعهم يقطعون الخريف
ويشتركون بشتم النِّسَاْء أمام المباني،
ويختلفون أمام جوارب مملوءة بهواء الغمامة
تخفق فوق سطوح المنازل
فيما تطير ملابس نسوية من منازل واطئة،
ولهذا يصر الجنود على ترك عيد المدينة يبكي،
وينتحرون بأعيادهم
وبمحفظتي، يودعون رسائلهم وعناوينهم،
ثم ينتحرون بأحْلاْمهم في الخفاء،
وعندي عدوي الملوك الَّذِيْن إذا انتحروا،
حملوا الْمَرْثِياْت إلى القبر وانكسروا كاملين،
وعندي عدوي الملوك الَّذِيْن إذا فسدوا أفسدوا،
ولهذا يصر الجنود على قتل مَوْتِيْ الجميل،
وحذف البياض الَّذِيْ يتهجى علانية الوسطاء،.
ويقرأ خمس مقابر غامضة، خلف [ك] هي عصر بلا حكماء،.....
ك تائب مسبية قرب صيف معاد،
هـ لاك الحروف التي فسرتني
يـ ادم الأرض من بعد مَوْتِيْ؟
عـ طشت أمام المرايا،
صـ برت فنام على بصري القاتلون(51/181)
إلى كم أمر بتاريخ أعمى يبارز أسئلتي تحت غيم بطيء البكاء؟
وكل الهلاك بلام مؤجلة منذ كاف
إلى كم يموت الْكَلاْم أمام وقوف النِّسَاْء بباب المقابر؟
كَيْفَ أصرح بالذِكْرَيَاْت الذبيحة عند اشتداد العويل الَّذِيْ يتجدد بي؟
كَيْفَ أنفي سؤالا لأثبت أجوبتي في تلاشي النهار
هل انتشرت جثتي في بقية هذا الهواء الَّذِيْ يتكرر؟
ليس لدي من الذِكْرَيَاْت
سوى ما يمر أمام الهواء فلا أتعرف في زحمة الميتين عليه،
من الميتون؟
ثلاثة منتحرين، على واحد أن يجيء معي لجمال الظلام، ونسيان هذا الخريف
ثلاثتهم يكذبون أمام بريد يفتش عن قارئ لم يمت في الحوار
وهم شوهوا حاسة الورد وانتحروا خارج القفل،
ليست لهم غرف يلدون بها،
كاذبون أمام البريد ولا يشبهون المرايا،
لقد أخطأ الورد،
لم تكن الشرفات مؤجلة
فلماذا تساقط مستثنيا عودتي من حراسة مرثيتي،
أخطأ الورد،
والقفل يهتف في فم ذئب قتيل.
إلى أين أصطحب الفرحين بلا فرح أو جنون؟
إلى أين مرتديا ندمي وألواح للحَاْفِلاْت بألبسة امرأتي الداخلية
تحت سماء النهار؟
لقد مر حراس أعيادنا،
وطئوا لغتي
والطريق إلى العصر
يتضامن في نقلها الميتون،
ومن جهة تتنازل عن ركبتيها
إلى جهة تتلثم في محفل الانتظار،
أقود السرير الَّذِيْ ليس لي،
للمساء الَّذِيْ ليس لي،
فأشاهد عنق حصان وراء السياج،
يصفق للغَاْئبين عن المشهد المتتالي،
وكان مربي البغال الحزينة،يجلد أيَّاْمه ويشم الصهيل، لينسى
على عطلة الأفق أيَّاْم بغل شديد التلفت، كان مربي التغال يردد في وحشة الأرض ذكرى مشردة، ويحن إلى نسوة لم يلدن مفابرهن على عشبة في الْمَسَاْء،
متى تسترد الطبيعة هجرتها في
كي أستطيع التلفت نحو مزارع صخرية، تتثاءب بعد حروب
مؤجلة،
ومواعيد لا تستعد لمَوْتِيْ.
وليس لدي من الفجر،
إلا فوانيس لا تستدل على أحد،
والهواء ترمل خلفي
أحادية هذه اليد،
تمسك وحشتها،
وتؤرخ ما يتساقط من فرح فاشل،
ولأن الرَبِيْع حناجر مسكونة بالرماد،(51/182)
بكل هدوء،
سينسحب العاشقون من المسرح السومري
إلى شجر خلف هذا الْكَلاْم المشوه
هذا الْكَلاْم الَّذِيْ لا يؤدي وظائف من يبذرون السكوت
ليصدم أسيجة في نهار ضعيف
لأن الخريف ذئاب من اللذة استوطنت عتمة العانسات،
أسمي الَّذِيْ تعرفون بما تجهلون
وأجهل حريتي في ابتكار النشيد،
لأن الشتاء عقارب تغتال تاريخها،
فما زالت الروح تعطش فوق الجسور
أفسركم حين يهلك هذا السجل المحرف في قدحي
وبقوة عيدي المؤجل ، أجهل أعيادكم بالنهار،
أفسركم في متاحف تنشأ بي، وترد عليَّ احتجاجي،
أفسركم، بأصابع نادمة وخواتم لم تغتسل برماد الفصول،
أفسركم حين أدفن في لغتي حاضري،
وبعزلة مَوْتِيْ أعيد انتشاري على شرفات الْكَلاْم،
أفسركم غَاْئبين عن المشهد المستمر بلا شاهد وأقول:
لأعيادكم دهشة الساكتين أمام اعتراف المرايا
لأعيادكم ندم واحد، ومسارح مزعجة
ونهاري ترمل شرق البكاء المسلح
حيث احتفلتُ بإحراق أحذيتي، ووطئت البياض،
أقيس بأعيادكم قامة الخاسرين،
فأربح مقبرتين ومنفى،
ولم أعط في الحرب، إلا فوانيس لا تستدل على أحد
ولذا سوف أدخل هذا الممر بلا فرح أو مراث...
....يروضها النمرة المدرسية في عزلة عن هزائمه ــ ويعود إلى هرة في الشمال ــ فينكر بدلته الجبلية، ثم يؤثث أيَّاْمه ويقرر أن
يتزوج شمس الْمَسَاْء ويعطل ساعته [إنه مدهش في إطاعة رغبته]
ويعلم تابوته المشي خلف مهندسة تتعثر بالذِكْرَيَاْت.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> تحت سَمَاْءٍ مثقوبة
تحت سَمَاْءٍ مثقوبة
رقم القصيدة : 6933
-----------------------------------
مرَّة أخيرةً أخرى أمام بَرِيْدِ الْمَوْتَىْ بقَمِيْصٍ مثَّقب.
مرَّةً أخيرةً أخرى، أستدعي يتامى أحْلاْميْ، من المَمَرَّرَاْتِ السُّوْدِ لأزجَّ بهم في هواء المطاحن.
مرة أخيرة أخرى، أحتاجُ هذا الظلام ـ كل الظلام ـ لإعلانِ ربيعي الفائت.
[كان الناسُ يُحرقونَ معاطفَهم
وأثاثَ بيوتهم،
كأنَّهُ الشِّتَاْء الأخير](51/183)
الْهَوَاْءُ نفسهُ، ضيِّقٌ ساخنٌ، والطرقات ذاتُها، سوى أنَّها ليسَتْ هيَ، والأنْفاقُ بظلامها المزدحمِ، والجسور بتاريخها الماكر، والطَّعام بمذاقه المفقود، والنساء باحتمالهنَّ المؤجل، والجميع بما جمعوا من المحال المؤكد.
فلمن كلُّ هذا العيد؟
السنةُ الَّتِيْ لمْ تبْدأ
تخْلعُ ملابسَها على سياج حروبٍ قديمة
بانتظار سياطِ الحديدِ الَّتِيْ تجْلدها
تحتً سَمَاْءٍ تبكي!
أسْقطُ عالياً وبطيئاً كمظليٍّ يتذكَّر، أسقطُ خارجَ الربيع المُعلن، أسقط هذهِ المرَّةَ هادئاً.
لمنْ كلُّ ما أرى من جدرانٍ تصلُ الشوارعَ بالحدائقِ؟
لمنْ العيونُ المتساقطة في الشوارعِ كفصِّ الخاتم؟
لمن تُبنى الغيومُ هناك؟
لمن بقايا الآن؟
[قريباً من السطوح
صواريخ " كروز" تتنزَّهُ
كزجاجات البيرة،
والسَمَاْءُ حانة بلا زبائن]
مرَّةً أخيرةً أخرى، يداك ـ بلا زُهُوْرٍـ تبحثانِ عنْ رفاتِ أيامي.
مرَّةً أخيرةً أخرى، القبورُ ممراتُ، مسطَّحة، والطرقات مقابر عالية لفتيانٍ غامضين.
مرَّةً أخيرةً أخرى، الشاهدةُ واحدةٌ لقتْلى متعدِّدين.
[ كانت الطائرات تنظِّف السَمَاْءَ
من ذكريات الطِّيور
ليكتبَ الطيَّارون بدلاً عنها،
أسْمَاْءَ حبيباتهم.]
أرفقُ هذا اليأسَ الفاحشَ بعناوينَ وهميِّةٍ للمدنِ السُّوْدِ.
فشلٌ مؤكدٌ هو كلُّ ما أعرفُ عن كمون النقاطِ في صرْخةِ المتخلِّينَ عنْ إنقاذ ساحلي من الوقت.
فشَلٌ مؤكدٌ هو كلُّ ما أعرفُ عن إرداء أسئلتي أمام سفراء الذكريات.
[ترتدُّ إلى التسمياتِ الأشجارُ،
إلى كلامٍ يرقِّعُ الفشلَ
إلى حبلٍ أبْيضَ، هاربٍ من حبر النسيان.]
نصْفُ حياتي لنقْل الغيومِ من أماكنَ طارئة لأخرى مؤجَّلة، وعليَّ إحصاء كلِّ هذا الأبد الممزَّق.
نصْفُ حياتي لأتعلَّم مكافحةَ الأزهار الَّتِيْ تُردي حياتي.
نصْفُ حياتي لحراسةِ الوحوش الحديديَّةِ من هواء الشِّتَاْء.
[المدافعُ مَحْبَرةُ تُلاحِقُ جُثَّة الْهَوَاْءِ،
تَرْسُمَ ـ بالدويِّ ـ عرياً أسْود](51/184)
لماذا كلُّ هذا الاسترخاء حيالَ طوفانِ الغياب؟
لماذا يتخلى المنتحرونَ عن الرصاص المتبقيِّ في مسدَّساتهم؟
سأنْذِرُ اللافتاتِ بالرَّحيلِ عن البابِ لأخرج.
[وهذا خطاُ آخرُ أحصيه بعناية
أنْتِ والحياة باطلتان.]
أرثيه، كما أصفُ غابةً مهدَّدةً بالغيمِ،
تقدَّمْ إلى احتمالكَ الناقص أيُّها الزمن المصفَّدُ.
حريَّة لمْ يطأها المجْنون، ربيعُها أقلُّ إعلاناً ورمادُها مزدوجٌ إلى آخر الماضي.
أقلُّ استحواذاً على فجرٍ يفزُّ من نومه في الحافلة.
أقلُّ من أزهارٍ تنتقلُ من شعر امرأة إلى مكتب شخصٍ ينسى حياته في غابة بيضاء.
[وهو لمَّا أرسلوه ـ نائماً ـ إلى الصَّحْراء
نسيَ احتجاجَه،
وصفَّقَ بأجفانه.]
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> أعياد متنكِّرة
أعياد متنكِّرة
رقم القصيدة : 6934
-----------------------------------
أدفعُ أيامي إلى ارتدادها،
وخلفْي الأخطاءُ، تؤبِّنُ الحاضرَ.
عرباتُ تتساقطُ منها ألقابٌ لم أرثْها،
لتعرِّفني بأبوَّة السَّواد،
أقلُّ من ندمي جسْرُك، أينَ أقيمُ سعادةَ الغرباء؟
أدفعُ أيامي إلى عبورِها،
إلى دلالة تحرِّفُ البستان،
وتذكرُ كناية الورْد،
عارفاُ بك تجلدينَ غيومي،
فأهرِّب أعيادي بعباءاتٍ سودٍ،
يدفعهنَّ الْهَوَاْءُ الَّذِيْ يحرِّكُ الأبواب.
بعدَ مُنْتَصَفِ الْلَيْلِ،
حياد الكلمات يكنسُ ضجَّتي،
فيهربُ الخريفُ من لساني
وأختارُ شمسَك الحبيسة في الدولاب،
أبصمها على قَمِيْصِيْ
وأرتِّبُ نظارتي.
نظارتك وصيفة لدموعك.
الحياةُ ليستْ هزائمي،
ما من نخلةٍ تتلفَّتُ لأدَّعي إنها أمي،
ما من بَرِيْدٍ لكي أؤرِّخَ أيامي،
ما من صمتٍ بعيدٍ وأسودَ فأغتالها،
إذن... ألبسُ قفَّازَ حُروبي وأصافحها.
المُنْتَظِرونَ المُنْتَظَرون
حياتي عناوينُهُم
ولا يصِلون.
أيَّتها الحرْبُ،
كمْ شمساً سنجتازُ في أنفاقك،
قبْلَ الوصولِ إلى شمسنا الماضية؟
أيَّتها الأرْملةُ الَّتِيْ تتزوَّجُ أيتامَها.(51/185)
أيَّتها العانسُ الَّتِيْ تطْحنُ الفتيانَ بظلامِها،
مثلَ إبرٍ من العطْر.
الأصْدقاءُ يرسمونَ غابةَ المدافنِ
ولا موتَ يجدِّدُ وردةَ السواد.
المُنْتظِرون المُنْتظَرون،
بعْدَ مشْهدٍ هندستْه الحربُ،
أجْمعُ وجوهَهم المذعورةَ،
كأنَّني أروِّضُ عطْراً يهاجمُ روحي.
مرشَّحونَ للنسيان،
كمن يقرأ حياتَهُ العزلاء
في دفترٍ تقلِّبُه أصابعُ النار.
خافً السِّياجِ،
تُقيمُ أيامُنا مأتمَ الذكريات.
أيُّها الحاضرُ، كم سنُنْجزُ من فواتِك؟
نراجعُ أيامَنا على طاولة الخريفِ
هلْ سوى النَّار تهْزمُ أحْلاْمَنَاْ؟
هلْ سوى أسنانِها تصطكُّ على بَرِيْدِنَاْ؟
نُنيمُ في المقهى،
أحْلاْمََناْ العائدةَ من حروبٍ مؤجَّلة،
ونمدُّ أخطاءنا،
سكَّة للقطارات المحمَّلة بأعيادنا.
الظلامُ ماردٌ يفتحُ كيسهُ،
فتدْخلُ الطرقاتُ،
بينما يجلسُ الْمَوْتَىْ،
مُنتَظرينَ حَبْلَ أيامِهم.
أصْنعُ من رسائلي جسْراً لمدافنِ الصَّمتِ،
وعيني إلى الغابة،
وهي تستعدُّ لحصْدِ بَرِيْدِيْ المُتوقَّع
بينما،
تفقِدُ الغيمةُ قبَّعتها في الطريقِ إليَّ.
قَبْلَ فجرٍ ثالثٍ
أنجزُ آخرَ ذكرى
وأنبِّهُ أيِّامي لاستقبال تابوت الماضي.
الظلامُ يحْرسُ أخطائي،
في الطريق إلى حلمي الماكر،
حقيبة الهارب لا تتسعُ
لمزيد من الذكرى.
بَعْدُ لمْ أوْلَدْ
وهذهِ الحياةُ،
رسالةً أكتُبها لامرأةٍ لمْ أجدْها.
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> المتأخر يرزم الأمكنة
المتأخر يرزم الأمكنة
رقم القصيدة : 6935
-----------------------------------
أستمرُّ،
واقفاً أعدُّ التوابيتَ الَّتِيْ لم تعد لقامتي،
أستمرُّ،
في الكتابةِ ضدَّ الْهَوَاْءِ المؤرَّخ،
في محاصرةَ الماضي الهاربِ من تابوتِه،
في الالتجاء إلى الكنايةِ الغائبة،
في انتظارِ المرشَّحينَ للنسيانِ،
أستمرُّ.
لو انَّ لي غيرَ هذا القلب،
أستمرُّ،
في التورِّطِ بغابة غيابك،
في حراسةِ دميةِ النسيان،
في فواتكِ المستمرِّ،
أستمرُّ.(51/186)
لو انَّ لي جسدينِ،
أستمرُّ
بأحدهما بانتظارك،
وبالآخر،
أستمرُّ في ملاحقةِ ازدحامك.
أستمرُّ
في النهوض من النوم قبلَ أحْلاْميْ.
بلا حريقٍ يلتقطُ صُوْرَةً لاحتجاجي.
أستمرُّ،
لأنَّ ظلالَ الميِّتينَ تخيطُ لي أيامي
لأنَّني ـ على الدوام ـ فخٌّ يهربُ،
حيْثُ أمكنةٌ تعوي وقربها ظلامٌ يتكسَّر،
حيْثُ أحْلاْميْ تتلفَّتُ،
ولا عناوينَ في الكلمات توصلني إليها.
أستمرُّ،
مُنْدفعاً إلى الشَّموعِ الَّتِيْ تعطِّر المدافنَ
معها حينَ يغادرُ الزائرونَ،
أستمرُّ بلا زائرين،
بلا حاشية تمجِّدُ زُهُوْريْ الَّتِيْ تروِّضُ النارَ،
بلا ظلامٍ يوصلني إلى بَرِيْدِكِ،
بلا مناديلَ تلوِّحُ للسِّطوح،
بلا هزائمَ تشغلني عنْ تعقُّبِ هزيمتي.
مرتدَّاً إليَّ،
أستمرُّ،
إلى أوَّل النسيان،
إلى أنْ تستعيدَ الذكرى سوادَها،
إلى انهدام العصافير فوق البنايات،
إلى تأخري عن ملاحقة ندمي،
إلى اكتمال الغيمة في رحم الغابة،
أستمرُّ.
ملغوماً بريعِ أخطائي،
أستمرُّ
ضدَّ أسلحةٍ تبكي،
ضدَّ تعاليمِ موتي،
ضدَّ ماضيَّ الواقفِ تحتَ سَمَاْءٍ بلا إشاعاتٍ،
ضدَّك، جالسةً يباغتكِ صراخُ غيابي،
ضدَّ تذكُّرٍ معتمٍ يتعثَّرُ بهِ نسياني الهارب،
ضدَّ مرآةٍ تتنفَّسُ عريَكِ المشاغب.
متعثراً بخطبةِ الخيالِ الواقفِ في المَمَرِّ
أستمرُّ،
ينقُصني كلُّ ما لم أحصلْ عليه،
لكي أعرِّفَ الحاضرَ بالندم،
لكي أخسرَ ـ دائماً ـ كلَّ ما لم أحصل عليه.
أمامَ عاصفةٍ تندفعُ ولا قدرةَ لي على إرجاعها،
أستمرُّ،
متكئاً على كلامٍ خائفٍ،
دائماً، كآخر النسيان،
أستمرُّ، كمستقبلٍ هاربٍ وأقدامهُ تحرثُ الذكرى،
أستمرُّ
متأخراً عن مُدنٍ تستبدلُ سَمَاْءَهَاْ.
أستمرُّ.
دائماً كالتوابيت الغريبة،
أتلفَّتُ لعراك أعيادي في الصحراء،
كخيبة المفاتيح،
أستمرُّ
كأمطارٍ ترقِّعُ الذكرياتِ بأزهارٍ صدئة.
أستمرُّ،
مْصْغياً إلى جثَّة المحاربِ الَّتِيْ يفزعها المطر،
وخلفَ نظارةِ الْمَوْتَىْ،
أبْحثُ(51/187)
عن ذكرياتٍ لإيواءِ أيامي.
أستمرُّ وحيداً،
أبحثُ في المرآة عن جثَّة السَمَاْءِ،
ترتعدُ الأرْضُ،
أسقطُ
على الأجْراسِ الَّتِيْ تُطيِّرُ الخديعةََ،
أستمرُّ...
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> أسبقها إلى الظلام، وأندم
أسبقها إلى الظلام، وأندم
رقم القصيدة : 6936
-----------------------------------
غيرَ هذا كانت وصيَّةُ العابرِ إلى سوادِه،
كلامٌ غيرُ مسلَّح يمرُّ أمام عينيَّ،
دافعاً عربةً محمَّلة بفتاتِ الساعاتِ إلى الْهَوَاْءِ المالح.
كلُّ هذا البَرِيْدِ لإخراجِ المحروز إلى عيدٍ بلا قبَّعة،
بينما نايٌ قريبٌ يمشِّطُ جنونَ حياتي، ويستدرجُ حيَّنَا القديمَ عبْرَ جسْرِ حياتي.
*
الموسيقى سبيٌ محرَّرٌ،
والطَّريقُ فكرةُ المهْزوم
رجالٌ عديدونَ يشاغبونَ عزلةَ الأجْراسِ،
الأيدي في الجيوب، ويعبرونَ إلى حياتهم.
أتركها عندَ أوَّلِ نفقٍ في السَمَاْءِ،
وأحنُّ إليها بأسودٍ من ندمٍ،
رجالٌ عديدونَ يجلسونَ معي، تاركينَ حياتَهم
تناقشُ الماضي خلفَ سكَّةِ الوقْت.
*
إنَّكم تعانقونَ ظلالَ كلماتي،
كلماتي في المصَّح، منذ سقطتم عنْدَ سياجِها المظلم.
منذ أن وخزَتْ عينايَ غابةَ النَّهار!
إلاَّ ظلامَ مجدي،
غيِّروا أسْمَاْءكُمْ وادخلوا مواريثَ الأمواتِ باسمي،
إلاَّ ظلامَ مجدي،
لكم سوادُها الثرثار، رائحةُ كلماتي في حوارٍ ما، خطئي في الإيقاعِ بلحظةٍ سوداءَ، لوعةُ الأجراس في غابة جريحةٍ، طريقُ بَرِيْديْ المحرَّف وكلُّ ما ترتكبه النساء،
إلاَّ ظلامَ مجدي.
*
وبما أنَّ السَمَاْءَ عزلاءُ من حيواناتها،
أسلحةُ اللذةِ تنبتُ أبعدَ من شراسةِ جسمك.
كذلك المقاطعات الَّتِيْ تغتال فاتحيها، ترسل شكَّها، في المناديلِ والحروفِ الَّتِيْ تسهرُ مع متعةِ الكيمياء،
خطآن معلَّقانِ على فضلات الْهَوَاْءِ،
هو كلُّ ما ترثُ المربيَّةُ الجميلةُ من أمجاد حياتي،
أما البرقُ الَّذِيْ يستدرجُ الحصان إلى ربيعٍ جائعٍ فليسَ لي.(51/188)
ليس لي ذلك الغموضُ في إيماءاتِ السطوحِ الواطئة، والبيوت القريبة من طريق الحافلات، وعربات النهار الَّتِيْ تجرَّها الذكرى.
ليس لي حُزنُ السرادقات المنصوبة في نهارات حياتي.
ليس لي حديثُ النِّساء قربَ صفير المطاحن بانتظار أن يشمَّ الطحَّانُ جمرهنَّ.
*
فما نفع القسوةُ العاطلة؟
ما نفعُ جسر الكلمات بينَ خراب الجسدِ والوردةِ الراكضة؟
أعضاء حريَّتي لا تكفي لاستعباد غيابك،
سياجٌ من الذكريات كانَ يدفعُ ناري بعيداً عنْ بياضِ أحْلاْمِك،
حدائقي عاجزةٌ عن انتظار صهيل المداخن،
أينّ أنيمُ أحْلاْميْ؟
*
مَنْ سرقَ غطاءَ الفكْرة، لم يدثِّر الصرخَة بالكناية،
فكانَ أن تكاثرَ الخّرّسُ العالي ومزَّقَ الْهَوَاْءَ،
أنفاقُ طقوسي لا تكفي،
والكلامُ يأكلُ يدَ الفضاءِ،
أينّ أنيمُ أحْلاْميْ.
*
كلَّما فتحْتُ خزانةَ الملابسِ ـ كي أستعدَّ للخروج ـ
طالعتني أشياءُ الميِّتينَ: صورُهم، بَرِيْدِهِمْ،....
هناكَ برقُ شاسعٌ يهدمُ ما أتممْتُ من ظلامٍ شاهقٍ،
مطارقُ جريحة تدافعُ عن كلماتها ضدِّي،
فضاءٌ مختومٌ بالأسئلةِ، يفرُّ من بياضِ نسياني.
أينَ أنيمُ أحْلاْميْ؟
*
الشمس تخمشُ نوافذَ البناياتِ، وتفكِّكُ أزرارَها في مناسبة لتجريب النظارة على عيون النَّهار.
الحيطانُ كلامٌ خاصٌ بينَ أخرسينِ يصغيان فجأةً لصمتي.
بلذة ساخنة، أنقلُ خطايَ على سوادِ الطريقِ،
مراقباً التنوراتِ السُّوْدَ، الأحذيةَ السُّوْدَ، الحقائبَ السُّوْدَ، القمصانَ السُّوْدَ، الجواربَ السُّوْدَ، ومنديلَ الرأسِ الأبيض.
بهذا الغيابِ كلِّه أكُبرُ بينَ نساء بعد الظهر.
نساء بعد الظهر مواعيد آلام الأسنان،
أو مطرٌ في هواءٍ شرسٍ،
نساءُ بعدَ الظُّهر صيغةٌ سريعة لأخطائي المؤجلَّة.
*
يكبُرُ الكلامُ المرحَّلُ من مقاعدِ الربيعِ إلى هاويةِ المُتعة،
وأنا أنقِّطُ الْهَوَاْءَ المقوَّسَ على ظلامِ مجدي،
بدبابيسَ من ندمٍ وذكريات،
ويضغطُ الربيعُ عليَّ كثيراً،(51/189)
يوجزُ ملامحي، إزاءَ فجْرٍ ينهشُ صمتاً هارباً من ظلامي.
عالمٌ أرملُ يُلخِّصُ النَّهارَ،
بالفرارِ من سعادةٍ تشاكسُ الدمَ المسفوحَ من نوافذِ الباصات.
عالمٌ يبلِّغُ الأصفادَ إلى المساء العالي.
*
عيني بَرِيْدٍ معلنٌ على لسانِ يمزِّقُ الكلمات،
عيني قطاراتٌ تُنْزلُ الأعيادَ قربَ سَمَاْءٍ تدافعُ عن زُهُوْرٍ تُطيلُ أظافرَها،
بينما خيَّاطةٌ في الثلاثين، تمحو مشاغلها بالإبرةِ، ولسانُها يفتحُ صُوْرَةَ الطَّقسَ.
*
موتي تحتَ إبطي، ويدي توزِّعُ الزُهُوْرَ وتعزِّي حياتي.
أكتُبُ كلمةً، وأحدسُ موتي ماكثاً في الكلمة التالية.
[الكتابة إعادة للمستقبل.]
*
نُكسِّرُ الكلمات العالية، من أجل أن نصطادَ فخَّاً دافئاً أنيمُ به غايتي العائدة من فواتها.
أخرجوا معي كي نطاردَ شمس الوجدانِ المعْتم،
[ الكلماتُ أيضاً، حصى نُردي به غرابَ الأسئلة]
*
رائحةُ برقٍ عاطلٍ، أشمُّها وأنا ممدَّدُ في قاربِ اللحظةِ المملَّة،
اللحظةِ الَّتِيْ تُخِيْطُ قَمِيْصَ الأبد على جسدي،
قطِّعوها جيِّداً قبْلَ أنْ تحتجَّ على طفْرةِ عماي.
*
ما حياتي إنْ لم أصفْ غيابَها؟
إنْ لم أمسحْ دمَ الذكرى، من خناجرِ الحاضرِ، براياتٍ بيضاء؟
معزولٌ عن بَرِيْدِ نومِك وهذا انتظاري الحالمُ،
مكنيني يا فصولُ من سياجكِ الَّذِيْ يطاردُ أبناءَ صحرائي الذهبيَّةِ.
حشِّدي المصائدَ يا نهاراتِ عصياني، لأطيحَ بالأمطارِ الَّتِيْ توجزُ فوضى الغيومِ النائمةِ على عجل.
يا بداياتُ هل ظلامٌ يداكِ لأعرفَ جثَّتي؟
*
مِنْ عانسٍ تطْحَنُ الغيومَ إلى آخرِ ذلك!
أسئلتي العالية، والتامَّة أيضاً
أجتازها، لتوقفَ الملحقاتِ عن الانتشار،
بأسناني العاطلة أمزِّقُ البرْقَ الَّذِيْ يشتبكُ مع أخطائي، بينما أتورَّطُ في غابةِ اللحْظة.
*
أكفانٌ سوداءُ، بَرِيْدٌ أسودُ، ومعارفُ معْتِمةٌ تنالُ جهلاً كافياً
وأشخاصٌ ملفَّقونَ، وحِرَفيِّونَ يتصلونَ بالعناصر المفقودة في مطرٍ شاق.(51/190)
أُنزلُ من توبةٍ أعلى الأخطاء،
إلى اعترافٍ يكفي لإقامةِ سهْرةٍ معَ مَنْ لمْ أعْرفهم.
*
حياتي مشيَّدةٌ على عَجَلٍ، سريعٌ في مغادرةِ الأخبارِ المسيَّجةِ بالأمكنةِ،
أنبشُ قبْرَ السَمَاْءِ بظلامي العاصي،
وأسندُ قامةَ الصَّمتِ إلى حائطٍ البرْقِ،
هكذا،
وليأتِ العدمُ منْ غيمةٍ أو مُسدَّس،
هكذا ولتجمعوا الجرارَ الَّتِيْ تنعسُ بينَ نهرينِ يقتتلان.
*
الكلامُ المحتشدُ كَنسَ العواصفَ من أزقَّة جسدي المعتمة.
والصرخاتُ تبقِّعُ جلدَ أيامي، وزجاجُ الخريفِ أقواسٌ.
في ربيعٍ متوحِّشٍ، حيث السَمَاْءُ تُقَطِّعُ بأسنانِها ظلاميَ الفائض،
حيثُ نعاسٌ مبتورٌ ينهضُ من سريرٍ طويلٍ،
حيث عسلٌ واضحٌ يستدعي سواداً شائكاً،
ربَّما سواد تنورتكِ الجلديَّة، أو سواد الغائب عن حياته، في ربيعٍ متوحِّشٍ، حيث تنتظرين،
أنْتظرُ الشراك الَّتِيْ تُردي ظلالَ أسمائي.
[فريسةُ وجداني الجائع ناضجة
بينما يأسكِ يستمرُّ في الغليان.]
*
كما في المرَّة القادمة، وأعيادٌ مقفلةٌ،
إسمُهُ يسرعُ في التلفُّتِ إلى أيامٍ تنهارُ،
اسمُه ـ أقول اسمه ـ ( لا بَرِيْد ولا سرير!)
خارجَ الكلماتِ تحفرُ أيامي أنفاقَ العيد المكذوب،
ربَّما جثَّتي مسكونةٌ بالرسائل المنسيَّةِ،
ربَّما يداكِ أجراسٌ تغسلُ مقابضَ الأبوابِ،
أبوابِ المنازلِ المهدومةِ، وأبوابِ الباصات الَّتِيْ أسكبُ فيها بياضَ روحي، وأبوابِ الكلام المهمل تحتَ راياتٍ مهزومة.
*
رأوني متورطاً بالسكوتِ، فتكلَّموا خارجَ القول،
سرَّاقُ هوامشي وحسَّادُ أعيادي المؤجلَّة،
رأوني واقفاً تحتَ فواتِ الآن، ويداي في جيبي،
بينما المطرُ الأشقرُ يمرُّ امامي.
*
الوردةُ خلفَ الظلام تخطِّطُ لاغتيال هوائي،
أهوَ ما يدعوني لنسيانِ مهنة الحربِ في المصعد!
أهو ما يدعوني لتصديق ثراء زوج الخياطة
وتدريب الْهَوَاْءِ على الجلوس فوق كتفي؟
أهو ما يدعوني إلى وضعِ يدي في يد العدمِ والمشي في جنازة الحريَّة؟(51/191)
الحريَّة خطيبةُ الميتِ،
أو ميتٌ يطلِّقُ زوجتِهِ لصالحِ الْمَوْتَىْ.
*
الرفضُ مأذونٌ لهُ بقراؤةِ المحْوِ في رسالة سوداء،
وهكذا أيُّها الممثِّلُ المفضوحُ،
لا بَرِيْدُكِ الغامضُ، ولا قهقهةُ العميان، ينجيان مشهدَكَ الصامتَ
من عرْي الموسيقى.
فامحُ رائحةَ انتظارك،
كأنْ تتلمَّسَ حياتَكَ النائمةَ وتقول: أحلُمُ،
أو كأنْ تعبرَ أرضاً حراماً لا تُفضي إلى ربيعٍ أوعدوٍّ .
*
كما في المرَّة القادمة و" شعائرُ" تجلسُ في إحدى زوايا الدار، وأقدامٌ محنَّاةٌ تضربُ سجَّادةَ الأرْضِ! بينما تندبُ الحريَّةُ بشعرٍ مسفوح على بطونٍ وظهورٍ، مغسولةٍ بدخانٍ وأبخرة، والطويلةُ نصف عاريةٍ في المطبخ، وثمَّةَ باصٌ يتعطَّلُ في الصحراء!
[اللذةُ تطبخُ النارَ نيابة عن عيدٍ ينامُ في المطبخ!]
*
أرضي مؤجَّلةٌ،
وما أنا عليه الآن، سوادُ الهروبِ اللاحقِ،
البياضُ يتأخَّرُ،
ترتدِّينَ،
فأنالُ فواتَكِ.
*
أنتِ غيابُها
ما غيابُك؟
*
عندما أشبهُ أحداً
أحرمُ أحْلاْميْ من التَّنَزُّهِ في الْهَوَاْءِ،
الْهَوَاْءِ الَّذِيْ يتقاطعُ على غياب ليسَ لي.
*
على أية أعراسٍ ينطوي صيفُك كي أهذِّبَ أفعالي الملتبسة مع حريقِ القسْوةِ؟
أينَ أستبدلُ هذا الجسدَ الملحقَ بي؟
أينَ أستبدلُ نسيانَكِ بالحياةِ؟
ماذا لو تطيرُ أعيادُكِ كي ألاحقَ أزهاراً ترتدي صحوَك؟
كي أحقَّقَ أخطائي المؤجَّلة، وأسلمَ ظلامي لذئابِ اللحظة المحروسةِ بالخوفِ، أكلُّ هذه الكلماتِ الناقصة حياتي؟
ماذا فعلتُ بأعيادي كي أطالبَ بالقصاصِ من أفعالي الَّتِيْ تنامُ قربَ ضوءٍ يُشيعُ كلَّ ما لا يحقُّ لي اتباعهُ؟
*
فمي يخلطُ حليبَك بالكلام، ويدي توصي الأشباح بأثمارك القديمة،
وقدْ أخذَ الغائبُ صُوْرَةَ أخطائي ومتعةَ الفرارِ من الخطأ الوحيدِ وشظايا الربيع المشاكس.
أستقبلُ أعترافي خارجَ الماضي الَّذِيْ يحتالُ،
خارجَ المقابر الَّتِيْ تحرسُ الأجراسَ،(51/192)
وهذهِ التلال الَّتِيْ تخبِّئ خافها فجراً آثماً.
*
كما في المرَّة القادمة
أصِلُ
متأخِّراً..
شعراء العراق والشام >> محمد مظلوم >> مراثي المؤجَّلين
مراثي المؤجَّلين
رقم القصيدة : 6937
-----------------------------------
أيُّها الأموات لماذا تظهرونَ لي؟
أنتم يا من مدنهم الخرائب
وبيوتهم العظام
... لماذا تطاردوني؟
إرث المعزول
موائدُ...
غيرَ أن الْهَوَاْءَ يحملُ كرهَ حامليه،
أقصدُ،
الملثَّمينَ بالثأر الفائت، وعلى عيونهم أقفالُ الكتب المهدومة.
موائدُ...
فوقها مخلَّفات ما يوحي بخطَّة لإعدام الربيع المقبل،
بينما،
رقعة الشطرنج، والمسدَّسُ الرماديُّ ينتظرانِ المطر.
إرث المجنون
خلفَ منصَّة بيضاءَ،
الصَّيفُ يعوي،
وخلفه ابتسامة بيضاء،
ترطنُ خلفها عتمة الحكاية...
.......................
يجلسُ سيِّدُ الوردِ بين طوفانينِ،
شابكاً يديه على ركبتيه،
كمن ينام،
أو، كما كان في بطن أمِّه،
متَّكئاً إلى سواد الحريِّة،
حالماً بخرابِ ما يتاحُ من أجراسِ رماده.
..................................
هل كنتُ آخرَ الأخطاء، لتكون المرأةُ عقابي؟
إرث المنتحر
مشاغلُ القطار رغبة النهار في التلفُّتِ قبل المغادرة،
والوصيَّة الَّتِيْ تنظِّفُ الرسائل،
حريقٌ معلَّبٌ في وجدانٍ شاغر،
إستدلِّوا عليه بأدويته إذن ولا ترثوا عصيانَه
علِّقوا سلاسلَ غيمِه في غرفةِ الدَّرسِ،
واجمعوا صحونَ الطعام،
المروحةُ الَّتِيْ فوقَه توقفتْ قبلَ إسبوعين،
لمْ يعُدْ ممكناً أن يوزِّعَ بينكم حلوى غيابه،
كان يناديه، خارج القاعة،
ـ مَنْ...؟
كان يناديه خارج الغياب،
في حراسة النهار،
عندما ميِّتُ سرقَ البندقية.
إرث الغائب
ـ لِمَنْ...؟
واستدار النهارُ، نافضاً كفَّيه من دمية العصيان،
في الوقتِ ذاته،
كان الغائبُ،
يفكِّرُ بيديه، ويتكلَّمُ بقدمه في الحذاء الضيِّق،
وهم كانوا يعطونَها لشراسة الموسيقى الَّتِيْ تحطِّمُ صُوْرَةَ الظلام،(51/193)
وتُقدِّمُ الأقْنعةَ في فوضى الغائبين،
...............
عليَّ أنْ أعيدَ ما نسيتُهُ لأحظى بأحْلاْميْ،
عليَّ أنْ أنْ أجرِّبَ الصَّحراء، لأعودَ من ممرِّ الخطأ،
عليَّ أنْ أرثَ غيابي
لأرثي المستقبل.
إرث ألـ [ .....]
إلى حسين مظلوم
ألـ[ حسين] نامَ، وارثاً حزنَ غده،
نامَ ألـ [حسين] والحاضرُ يعدُّ لقبره منفى.
..........................
الْهَوَاْءُ خصمٌ راهنٌ
والبقيَّةُ تأجيلٌ لحياته السُّوْدَاْءِ،
الـ [حسين] نامَ
تاركاً عينيهِ تنسجانِ أعيادَ خسرانه.
.................................
أبوه الخطأ المستترُ في الكنايةِ
وأمُّه،
غابة النسيان الهارب من التدوين،
منكسرٌ أمامَ أعياده ومحتفلٌ بالندم.
..............................
الشرفاتُ
تسرقُ مشهَده وهو يخبئ حريَّته الشاسعة،
نصفُهُ انتظارٌ ونصفُه تأجيل.
إقرأوه...،
كما تضيِّعونَ إبرةً في الدم،
واسمعوه...،
كما يركضُ الأعمى في غابة الأجراس
..............................
كأنَّه ـ إذا ما وقف ـ
مئذنة، تغادرُ الأرْضَ الَّتِيْ أنبتَتْها،
لتلاحقَ رسائلها إلى السَمَاْءِ...
بقامته،
أتذكَّرُ ـ أمَّناـ النَّخلةَ
وبضحكتهِ ضجيجَ الرطب،
فكفِّنوه،
بعطور المشتليات،
نادوه باسمه
ستجيبكم كربلاء.
..............
هُم يا حسين،
متكرِّرون،
كطعنات الماضي على وجوه تتقنَّعُ بالندم،
ومعادة جنائزنا كأيدٍ تحتضنُ الفوات،
لأنَّ حزننا بَرِيْدٌ من الله،
لن يجدوا في الغيوم ما يشي بنا،
أخافُ يا حسين..
ـ عندما أقرأ ـ أنْ أحرِّفك،
فأستمرُّ في المحْو.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> صحوة الورق
صحوة الورق
رقم القصيدة : 6938
-----------------------------------
حُلمٌ تجلّى كالنَّدى,
في صَحوة ِالوَرق ِ
أوّاهُ من نوم ِالعيون ِعلى القَذى
أواهُ يا أرقى.
لما تعثَّرتِ الخُطى بتفرُّقِ الطُّرُق ِ
تَعِبَ التِطامُ الموج ِ
من بأسي, ومن غرقي
بكتِ العيونُ معى,(51/194)
على ميلادِها فرحاً فأمطرتِ السماءُ
تبشّر الآتينَ من أقصى بلادِ القَهْرِ بالعَبراتِ
فَأنخْتُ راحِلَتي,
وكلَّ مآربي.. في رْوضةٍ خضراءَ
تحكي للحيارى قصةَ الآتينَ
من ثَغْرِ الصباح ِالآتي
وفَرشْتُ لللأحلام ِفيها بُردةً
بين الزهورِ.
غزلتُها بخواطِري
ونسجتُها بحياتي
حتى رأيتُ الكونَ هذا صَفْحَتي,
والغيمَ شِعري
والطيورَ رُواتي
يا ظُلمةَ الأمس ِالكئيبِ تبدَّدِي
قد آن أَنْ أَحْيا بُزوغَ نَهاري
وأرى وِشاحَ الياسمين ِعلى الرُّبى
وأعى حديثَ النورِ للنوّارِ
وأرى بلادي,
حرةً بين الطيورِ, كطفلةٍ سمراءَ,
خضبها الربيعُ بحُلَّةِ الأزهارِ
تجري..
فيسبقُها الفراشُ الى المروج ِ
وتنثني نحو الغديرِ,
تُثيرُ صفوَ الماءِ بالأحجارِ
وتعودُ نحوي
والحنينُ يحثُّها
فأضمها ولَهاً كما عوّدتُها
وتذوبُ في صدري.. فَتَخْمَدُ ناري
فلقد رحلتُ,
وفي فؤادي لهفةٌ للعودِ,
لكني رحلتُ
وما عجبتُ لقسوتي وعنادي.
اني رحلتُ الى بلادٍ
تستريحُ على رُباها خَيمتي, ودفاتِري ومِدادي
فوجدتُ أَنَّ أَحِبّتي رَحَلُوا معى
ووجدتُ في تلكَ البلادِ
بِلادي.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> تلك الحكاية
تلك الحكاية
رقم القصيدة : 6939
-----------------------------------
قبلَ اضطرام ِالنارِ
بالجُثثِ المليئةِ بالشَّجنْ
قبل اختناق ِالبحرِ
في رئةِ الزمنْ
قبل انتحارِ الناقلاتِ
على سفافيدِ الحمايةْ
قبل اجتماعاتِ الدعايةْ
قبل اضطراباتِ اليمنْ
كُنّا، وحتى اليومَ هذا لا نزالُ
بمسرح ِالأحداثِ آيةْ
هَدفاً يجرّبُ صبيةُ الخِنزيرِ
في أعراضِنا فَنَّ الرّمايةْ
تلكَ الحكايةُ, في البدايةِ
والنهايةُ, في البدايةْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أمسية عند قارعة الطريق
أمسية عند قارعة الطريق
رقم القصيدة : 6940
-----------------------------------
ألقيتُ أشعاري..
وألقى كلُّ ذي فنٍّ فُنونهْ
حقبُ الزمان ِبخاطري,(51/195)
وعلى تَضارِيس ِالجَبين ِ, مرصَّعٌ تعبُ السََّفرْ
وجَميعُنا في سُنّةِ التاريخ ِ, متّهمٌ بإغراق ِالسّفينةْ
تعبتْ خيولُ الصّمتِ فَوقَ شِفاهنا..
تَعِبَ اليراعُ من التّسَكُع ِبينَ عوراتِ المدينةْ
فزرعتُ أول نخلةٍ هيفاءَ في الأرض ِاليبابِ,
وزهرةً برّيةَ الإقدام ِتمتصُّ الخُصوبَةَ فوقَ أنقاض ِالشّجرْ
عبثاً نقاتلُ..
آه لو تَدرين يا غبراءُ, كيفَ نُلملِمُ التّقْوى,
َونقْتبسُ الضّياءَ من السّحْر
خَبَتِ الحماسةُ في المحابرِ والقصائدُ تنتحرْ
غفتِ المنابرُ..
كيف نخترقُ السَّكِينةْ
لما تعثَّرَ حَرْفُنا الموعوُد في شَفَةِ القَمَرْ
وتعطّلتْ لُغةُ الصديق ِ إلى الصديق ِ
وحُرّفتْ لُغةُ الحجرْ
عبثاً نقاتلُ..
لا مجيرَ اليوم من وهج ِالحريق ِ,سوى الحريقْ
فاحملْ يراعَكَ والدفاتِرَ يا صديقي,
وامض ِبعدي..
إنّنِى ماضٍ إلى ذاكَ البريْق..
لنقيمَ أمسيةَ الكرامةِ..
عند قارعةِ الطريْق.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قمة
قمة
رقم القصيدة : 6941
-----------------------------------
القمةُ تَتْبعها قِمةْ
والأُخرى تعقِبُها قِمةْ
ورقابُ الأحرارِ جسورٌ
ما بين القمّةِ والقمةْ
والأملُ الباردُ ملتهبٌ
مضطربٌ في قلبِ الأٌمّةْ
فمتى تنصهُر الغُمّةْ
ومتى تنبعثُ الهِمةْ
لا يبدو للنصرِ سبيلٌ
وبُنود الغيرةِ قَد حُذِفتْ
من جدول ِأعمال ِالقمةْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> رفيق الدرب
رفيق الدرب
رقم القصيدة : 6942
-----------------------------------
ماضياتُ الهندِ أم ضربُ الودعْ
وطِلابُ المجدِ أم سنُّ البِدَعْ
لا تدعْ للظُلمِ حقاً لاتدعْ
لايُبيدُ الظُّلمُ إلا ما نَدَعْ
يا رفيقَ الدرب ِلا ُتصغ ِلمنْ
حَسِب الوَهْمَ رفيقاً وانخدعْ
هاكَ قلبي إن فيهِ جمرةً
خِلتُها تغفو على جَفن ِالصدَعْ
تَستمدُّ الحُزنَ, تخبو تَتلظّى
فوقَ جُرح ٍكلما ضاقَ اتّسعْ
قد تعلّمتُ الهوى من بأْسِها(51/196)
فبعثتُ الحُبَّ في قلبِ الجَزَعْ
فاعتصرْ من عَينيَ اليومَ أسىً
وامسح ِالآلامَ من فَرْطِ الوَجَعْ
يالقومي لم يَكُنْ ما بينَنَا
غيرُخيطٍ آدميٍّ وانقطعْ
ألعن الأحجارَ في حاناتِنا
كلما ألقى جبانٌ واقْتَرعْ
يا رفيقَ الدّربِ إني ملهمٌ
رفعَ الحرفَ لواءً فارتفعْ
وعلى مأتم ِجوعي في دَمي
تعزُف الأنْغَامُ قانونَ الشَّبَعْ
فأَعِدْ لي فكرةً أنجو بها
وشُعاعاً حيثُ مالاحَ سَطَعْ
واركب الأمواجَ هذا قَاربي
لا تَقُلْ لي ذاكَ أعطى أو منعْ
أنتَ وعدٌ قادمٌ لا ينْثَني
دعْ أجيرَالقوم ِ يجني ما زَرعْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> القافلة
القافلة
رقم القصيدة : 6943
-----------------------------------
رأيتُ..
قبيل انقشاع ِالضبابْ
غراباً يحومُ على القافلةْ
وفوق الرّكابْ,
ركامٌ من الشّك والأسئِلَةْ
وعرسٌ يُسربلُهُ الانتحابْ
وفي هودج ِالركبِ لحنُ العذابْ..
يتيم تهدهدهُ أرملةْ.
يقود المسيرةِ,
شيخٌ ضريرٌ, قديمُ الثيابْ..
تعثر في هامش ِالمرحلةْ..
رأيتُ..
قبيلَ انقشاع ِالضبابْ
ملامحَ للجولةِ المُقبلةْ
فجلجَلَ في الكون ِصوتُ السحابْ..
إلى أينَ أيتُها القافِلةْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> فجر جديد
فجر جديد
رقم القصيدة : 6944
-----------------------------------
فجرٌ جديدٌ,
قد أطلَّ بنورِهِ فتأَهّبى
هذا فُؤادي صفحة, قدَّمتُها
فخُذي يراعَكِ, واكتُبي
فاضتْ ينابيعُ الهوى طَرباً,
إلى شفتيكِ تَرنو فاشْرَبي
فالعارُ أنْ لا تشربي
والعارُ أنْ لا تكتبي
فالفجرُ يبسُط راحتيهِ إلى قبيل المغْرب
نجلاءُ لا تتهربي,
فلقد نقشتُ على جبين ِالشمس ِرسمكِ
إذْ نقشتُ قَصائدي
ورسمتُ هامةَ مَذْهبي
وكتبتُ في عين ِالزمان ِ,
قَصيدةَ الأوطان ِ
يحيا بها قلبان ِمقبوران ِ
حكم الزمانُ عليهِما
أن يُصبِحا قَبرين ِيَرتجفان ِ
يُلقَى بِجُثمان ِالمشاعِر فيهما قسراً
كأنهما على سفح ِالهوى
قصران ِ, مهجوران ِ(51/197)
حتى اذا طلعَ الصباحُ على الدُّنى
كالنّورِ ينسابان ِ
نجلاءُ آن الوقتُ أن نَحيا معاً
قُومي نُبدّدُ ثورة َالأحزان ِ
فالصبحُ جَرَّد سيفَهُ من غمدِهِ
فَتجرَّدي من ماردِ السجّانِ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ليل المحن
ليل المحن
رقم القصيدة : 6945
-----------------------------------
نتألّمُ في ليل ِالمِحَن ِ
ونذوبُ على سفح ِالزَّمَن ِ
نَنْسابُ لحوناً مُرهَفَةً
ما بينَ المِلَّةِ والوَطَن ِ
غنينا في الصَّحْو ِوقُلنا
وكتبْنَا في عين ِالوَسن ِ
من أرض ِالغبراءِ عَدَوْنَا
بالحرفِ إلى قلبِ اليمن ِ
وخرجْنا من قَفَص ِالدُّنْيَا
كخروج ِالروح ِمن البَدَن ِ
نَشدو فنُشِّيدُ تاريخاً
ونجوبُ الأرضَ بلا سكن ِ
صهواتُ الشِّعر ِمَنازِلُنا
وظهورُ البهجةِ والحَزَن ِ
فالشعرُ مشّقةُ من عَقِلوا
والأرضُ مُقامُ الممتَحَنِ
شُعراءَ الأرض ِهل انغمرتْ
جمراتُ الصحوةِ في الوهنِ
شعراءَ الأرض ِهل انسلختْ
مدُن الأحرار ِمن المدن ِ
شامٌ يتمزَّقُ في شام ٍ
عدنٌ يشتاقُ إلى عَدَن ِ
وخليجٌ يبحثُ عن وجهٍ
ثانٍ للبيع ِبلا ثَمَن ِ
وشهيدُ القدس ِعلى صَدْري
موؤودٌ يحلُمُ بالكَفَن ِ
قد جِئتُ من الماضي حُرّاً
لكن الحاضِرَ قَيَّدَني
أبكي أتمزّقُ أشلاءً
باليأس ِفمن ذا يجمعُنِي
من ذا يتفحَّصُ في صَدْرِي
في رَأسي, من ذا يفهمُنِي
يحصُدُني قَوْمي وا أَسفي
من أرضي, من ذا يَزْرَعُني
عَلّمَنِي حُبَّ الأرضِ أَبى
يا ليتَ أبي ما عَلَّمَنِي
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الجد الحفيد
الجد الحفيد
رقم القصيدة : 6946
-----------------------------------
يا نصيرَ الضُّعفاءْ
يا حبيبَ الفُقراءْ
يا مُجيرَ الدُّخَلاءْ
يا عفيفاً, ألْبَسَ الرّغْبَةَ عِقداً من نِساءْ
يا شريفاً جَعَلَ الذمةَ قوتاً
والمروءاتِ حساءْ
يا مُضِلَّ الأتقِياءْ
زِدْ على ظَهرِيَ سَوْطاً
إنك اليومَ أسيري
كلما أنزلتَ سَوطاً فوقَ ظَهْري(51/198)
زاد رأسي كبرياءْ.
أيها المسكينُ فوقَ الأرض ِتحبو
إن نورَ الحقِّ يسري في الفضاءْ
فانتفْخ ما شئتَ كِبراً وعُتوّاً
ليس في وِسعِكَ إطفاءُ السماءْ
ليس في وسعِكَ أن تحجبَ صَوتي
إن صوتَ البُلبل ِالغِرّيدِ
يَعلو فوقَ صوتِ الببغاءْ
لن أريك البسمةَ الصفراءَ حتى تَنتشِي
بل لنْ أواري الاستياءِ
لا تُساومني على بيع ِيَراعى
إنُه أرضي, وعِرضي, ومَتاعِي
لَنْ أَخُطَّ اليومَ إلا ما أشاءْ
لا تَسلْ عن مذْهبي
لا تَسلْ عن مأْربي
لا تَسلْ عن كُتبي
لا تَسلْ عن حلم ِأُمّي وأَبي
لا تَسلْ من كانَ جدّي
إنَّ جدّي,
جَدُّ كل الأبرياءْ
كان يوماً علماً
كان يوماً حلماً
كان يوماً قلماً
كان يوماً,
شوكةً في حَلقِكَ الموبوءِ من مصِّ الدِّماءْ
كان شعباً, يستريحُ المجدُ في أضلاعِهِ
كان غَيثاً يزخُرُ التاريخُ من أوجاعِهِ
كان نوراً في جبين ِالكون ِقُدسِيَّ الضَّياءْ.
لاتسل عنه, فلن تدري بهِ
لم يكن يوماً وسيطاً بين تجار ِالضميرْ
لم يكن يوماً أجيرْ
لا تسل عنه, فلن تدري بهِ
لم يعشْ في الأرض ِجلاداً
على الناس ِخفيرْ
كل ما يملكُ جدي
نخلةٌ,
وبعيرٌ صَيْعَرِىٌّ وحَصيرْ
رغم هذا صادروا أحلامَ جدي
ماتَ جدي,
بعدَ أنْ جاء أبي
يحملُ الثأرَ صغيراً,
وهو لا يدري إلى أينَ المصيرْ.
وحملت الثأر بعدَهْ
وشرِبتُ الصبر عندَهْ
علّني أبلُغُ مجدَهْ
ثم ألقيتُ بأحلامي, وآلامي إلى قلبِ عُميرْ
ذلك الطفلُ الصغيرْ
عَلّهُ يُصبحُ جَدّاً مثلَ جدّي
علّهُ يصبحُ شَْعباً
هل عرفتَ الآن جدّي؟
إنه الطفلُ الصغيرْ
إنه الكهلُ الكبيرْ
إنه الماردُ يسرى في فضاءاتِ الضميرْ
إنه الفتحُ المؤزّرْ
إنه النّصر الأخيرْ
فانتبهْ يا سيدي,
إن جدّي لا يجيدُ الطّعنَ في الخلفِ,
ولا يُتقنُ صُنعَ الأقنعةْ
فهو رجعِيٌّ, أصوليٌّ قديمْ
لا يُبالي بالشعاراتِ الحديثةْ
وهو شرقيٌّ
يرى في كلِّ وجهٍ مستعارٍ
وجهَ شيطانٍ رجيمْ
عد الى أصلِكَ دَرءاً للفِتَنْ
وانصرِ الأوطانِ ينصرْكَ الوطنْ(51/199)
وانتظرْ من أرضكَ الحُبلى رِجالاً
خُدِّروا في كهفِها المشؤوم ِأعواماً طوالا
لا نريدُ اليومَ جاهاً
لا نريدُ اليومَ مالا
لا نُريدُ اليومَ الا عزّةً,
تلبسُ ثوباً وعِقالاً
آن للمنبوذِ في أوطانِهِ,
أن يستعيدَ اليوم دورهْ
فأعد للثوبِ عِزّهْ
وأعد للعِز ثَوبَهْ
آن أن نعلنَ جَمعاً, في عيون ِالصبح ِتَوْبةْ
آن أن نقبلَ صيحات ِالتحدي,
آن أن ننبتَ في الأرض ِوإلا..
برقابِ الذل أولى سيفُ جَدى
لا تقفْ كالعارِ تَجْترُّ الخطيئَةْ
والقلوبُ البيضُ بالثأرِ مليئَةْ
ليس منا, من يُوارى رأسُه وسط الزحامْ
ليس منا, من يقول القهرُ في أرض ِالنبوءاتِ مشيئَةْ
كلنا عزمٌ, وحزمٌ, وإرادَةْ
كلنا كالصبح ِأحلامٌ جريئَةْ
كلنا, أصحابُ حق ٍفي أراضينا وأصحابُ سِيادَةْ
لا لِترْميمِ المآسي
لا لتأصيل ِالعرُوضاتِ المُعادَةْ
إنما.. كي نطبع التاريخ حُرّاً
فوق هاتيكِ القِلادَةْ
كُلّما هبتْ علينا غضبةُ الغربِ ركعنا
فجرتْ, كالطبع ِفينا
لطمةُ الأعقابِ عادَةْ
آه يا عصرَ التناسِى
آه يا عصرَ التغاضِى
آه يا عصر البلادَةْ
تَسخرُ الأحداثُ منا, يالقومي,
فَقَدَ الجمرُ اتّقادَهْ
أي ماءٍ, ذلك الملعون قد أوهى عنادَهْ
أيها الجد الذي قد ضاعَ منا
لا تسلْ عن حالِنا..
عد إلى الأصنام ِ, أبْشِرْ بالإِفادَةْ
هذه البقعةُ غَصّت بملايين ِالجرادْ
هذه البقعةُ ضَاقتْ بالعِبادْ
هذه البقعةُ غاصَتْ في متاهاتِ الجليدْ..
آه يا عَصرْ الرمادْ.
زلزلي يا أرضُ, ذوبي يا جِبالْ
فعسى أن يسطعَ الفجرُ الجديدْ
وعسى أن تسقطَ الأشباحُ من تحتِ الحبالْ
وعسى, أن يبعثَ الإحساسَ فينا
ماردُ الجد الحفيدْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> حصون الأماجد
حصون الأماجد
رقم القصيدة : 6947
-----------------------------------
حُصونَ الأماجِدِ يا مِعولُ
أنا الرّجُلُ الثائِرُ الأَعزلُ
رموني بجُرمٍ يَشُقُّ الفُؤادَ
ويفعلُ بالصدرِ ما يفعلُ
وما كان جُرمي سوى أنني(51/200)
أُحرّمُ بالحَرْفِ ما حَلّلوا
وأني إذا بّدلُوا آيةً
شَكَوْتُ إلى الله ما بَدّلوا
وأني إذا أَشْعلُوا فِتنةً
غَرفتُ وأطفأتُ ما أشْعَلُوا
وأني إذا أَسْدلُوا بُردةً
على الظُلم ِأحرقتُ ما أسْدَلُوا
أَأُلجَمُ جَمراً على صالح ٍ
وغيري على الكُفرِ يُسْألُ
وما كنتُ إلا فؤاداً رقيقاً
يذوب إذا غرّدَ البُلُبلُ
وبالغتُ في العَقْل ِحتى غَدوتُ
من الصبرِ والحلم ِلا أعْقِلُ
فيا صاح ِكيف الرجالُ تُضامُ
ويُسقونَ صاباً إذا عدّلُوا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> وقفة على باب الأماني
وقفة على باب الأماني
رقم القصيدة : 6948
-----------------------------------
كن شديداً وتجلّدْ
لا تدعْ ناركَ تَخْبو
عند أبوابِ الأَماني
فانكسارُ الذاتِ في تلكَ الأَماني
واحتراقُ النفس ِبالحرمان ِأمجدْ
كي تُبالي بالتعازي والتهاني
مُتْ على الأوراق ِواخْلُدْ
ليس للمرءِ خيارٌ عند تِلكِ المِقْصَلةْ
ليس للمرءِ خيارْ
وهو مكتوفُ الأَماني
فوق تلكِ القُنبلةْ
ليس للشِعرِ سبيلٌ سالكٌ
نحوَ الرؤوس ِالمُقفلَةْ
كن صبوراً وتجلّدْ..
فاشتعالُ النارِ
في بحرِ الدياجي قَدرٌ
والحق أرمدْ
حطّم ِالقيدَ ودوّنْ ما تواري من قَصيدْ
أيقظِ الأحرارَ فينا.. فلقدْ نامَ العَبيدْ
يا صديقي..
كلَ حرفٍ ضَائع ٍقد أغْفَلتْهُ المطبَعةْ
سوفَ يأتي من عيون ِالفجرِ
يَعدو ثائِراً كالزوبعةْ
سوف يأتي ذلكَ الحرفُ إلينا من جديدْ
سوف يأتي حَاملاً نصراً جديدْ
سوف يأتي لابِساً ثوباً جديدْ
أيها المجنونُ في عصرِ العقول ِالراجحةْ
لا تصدقهُمْ,
قَد اغتالوا يديكْ
جرعوكَ الذُّلَّ في عين ِالنهارْ
واستجاروا بعدما قاموا عَليكْ
ثم جاءوا بالعقاقيرِ إليك
لا تصدقهمْ,
فما تِلكَ العقاقيرُ اشتعالٌ واقتتالْ
إنها داء الرجالْ
إنه الأفيونُ يغلي في شرايين ِالبِغالْ
إنها الأموالُ تربو تحتَ تلك الأحذيةْ
فاركب النعلَ وإلا..
سوف تطويكَ النّعالْ.(51/201)
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> من النيل إلى البيت الكبير
من النيل إلى البيت الكبير
رقم القصيدة : 6949
-----------------------------------
هنا الحب والعشقُ والذكرياتْ
هنا الشوقُ واللهفةُ الجامِحَةْ
هنا المجدُ والوجدُ والأمنياتْ
هنا اليومُ يشتاقُ للبارحَةْ
هنا الشّعرُ والسّحرُ والأُغنياتْ
هنا الحس والفكرةُ السارحَةْ
هنا القلب ينسابُ ملء الجنان
ويسخرُ بالطيرِ والأجنحِةْ
هنا روضةُ الفكرِ ماذا هناكَ
سوى وحشةِ الغربةِ الكالحَةْ
نُباعُ من القهرِ بيعَ الرقيق ِ
ونحلمُ بالصفقةِ الرابحَةْ
ففي كل صدرٍ طموحٌ يموتُ
وفي كل جمجمةٍ مذبحَةْ
عقولٌ تحاصَرُ في كل دربٍ
وحربٌ تدورُ بلا أسلحَةْ
وأُنشودةُ الشمس ِقبل الصباح ِ
قَرأنا على روحها الفاتحَةْ
ظلامٌ يُخيّمُ فوقَ الرؤوس ِ
وذل تُبرّرُهُ المَصْلحَةْ
ومجدٌ تهدّمَ من كل ركن ٍ
أبى ساعدُ الخوفِ أنْ يُصلِحَهْ
فأجْسُرنا هِرةٌ لا تَثورُ
وفأرٌ يُساقُ إلى المشْرحَةْ
ألا ليتَ للنيل ِهذا لسانٌ
لحدّثَ كيف اشتعالُ الشعوبْ
وكيف الشبابُ وكيف الكهولُ
وكيف العقولُ وكيف القلوبْ
اذا ما استغاثَ من الجورِ دربٌ
تزمجرُ كالموتِ كل الدّروبْ
فيا نيلُ لي فيكَ شمسٌ تَغيبُ
وليلٌ يطيبُ وقَلبٌ يَذوبْ
اذا تابَ من حُبّكَ العاشقونَ
أنا المُستهامُ الذي لا يتوبْ
وأهرُبُ منكَ اشتياقاً إليكَ
وأرجِعُ حتى عَشِقْتُ الهروبْ
لَئِنْ كان حُبي لغيركَ ذَنْباً
عفا اللهُ عن سالفاتِ الذّنوبْ
لك العهدُ حتى تعودَ الحياةُ
إلى حُرةٍ لُطّختْ بالعُيوبْ
لك العهدُ والعيدُ يَبدوْ بَعيداً
ولكنْ لكَ العهدُ في كل عِيدْ
أُلَملِمُ بالصبرِغرسَ البقاءِ
فقد تشرقُ الشمسُ فوقَ الجليدْ
وقد يُنزعُ القَيدُ من كل جيدٍ
إذا أيقنَ الحُرُّ ماذا يُريدْ
وإن كَبَّلَ الناسَ قهْرُ الحديدِ
ففي صولةِ النارِ قهرُ الحديدْ
حنانَكَ يا نيلُ إني تَعبتُ
وسطّرتُ بالموتِ بيتَ القصيدْ
وفائي إلى أن يعودَ اللِّقاءُ(51/202)
لاكتب بالوَردِ شَيئاً جَديدْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> تناديني
تناديني
رقم القصيدة : 6950
-----------------------------------
تناديني.
كما لو كنتُ أَعرفُها
وتسألُني عن الأشعارِ والأسفارِ والدنيا
عن الأصحابِ,
من جاءوا ومن نَزحُوا
عن الصّحراءِ,
هل مازالتِ الصحراءُ واسعةً؟..
تُلملمُ أنةَ الحادي وتُنشِدُها
أم ان العجزَ راودها فَضاقَتْ,
مِثلما ضاقَتْ صُدورِ الناس ِفي وطَني
أحدّقُ بين عينيها لأسألها..
فَتُخْرجُ من حقيبتِها كتاباً كنتُ أَحفظهُ
ومنديلاً لآخرِ دمعةٍ في القلبِ تُرْهقُني,
وتَمضي كالنسيمِ الحرّ شاخصةً..
تلملمُ أنّةَ الحادي وتُنشِدُها
مُعلِّلَتي,
يموتُ الشّعرُ في شَفتيِّ مُحترقاً..
وفي صدري متاريسٌ, وأرْصِفةٌ..
وأطفالٌ بلا مأوى
وبارقةٌ من الذّكرى,
تُراوِدُ قلبي المكلومَ بين الحين ِوالحينِ.
دعيني غاضباً أبداً..
فلا الصدرُ الذي حَطّمْتُه شِعراً قُبيلَ الفَجرِ يَرْحمُني
ولا الصحراءُ تُؤويني.
دعيني أنشرُ الأحلامَ عابسةً
فهذا الرأسُ لاتُشفيهِ أحلامُ السّلاطين ِ
دعيني مُفْرداً أبداً بأوراقي ومُنفرداً
أهيمُ, أهيمُ
كالعُقلاءِ كالشُعراءِ أو مثلَ المجَانين ِ
على صَفحاتي البيضاءِ كان الموعدُ الآتي
لَقِيت الوجدَ, والآلامَ , والذّكرى..
وماأ لفيتُ أبياتي
مُعللتي,
أنا ما بِعتُ في أسواقِهِمْ قَلَمي
ولا ساومتُهُم يوماً على ذاتي
ولكني قتلتُ الصّمتَ والإذعانَ كي تَبقى عِباراتي
يجاذِبُني الى الأجدادِ, شوقٌ مالَهُ حدُّ
فلا تَهِنِي إذا ما غِبتُ يا هندُ
وضَمّ رُفاتي اللّحْدُ
فهذا الشعرُ كالأجدادِ,
يَبقَى مُشْرِقاً أبداً..
إلى الأحفادِ يمتَدُّ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قبلة العاشقين
قبلة العاشقين
رقم القصيدة : 6951
-----------------------------------
تُحبُّ البقاءَ تُريدُ الأمانْ
تسيرُ وفي شعرِها وردتانْ
إذا همسَ الصيفُ ذابتْ على(51/203)
خُدودِ العرائس ِكالزعفرانْ
وهمّتْ تُريدُ الزمانَ القديم
وهيهاتَ يرجِعُ ذاك الزمانْ
بها مِنهُ رائحةُ الياسمين
ومنها بِهِ مسجدٌ وأذانْ
أحبك يا قبلةَ العاشقين
أحبكِ يا نجمةَ المهرجانْ
أحبكِ مهما يقولُ الوشاةُ
ومهما تقطبَ وجهُ الّزمانْ
فإن أُودِعَ الشعرُ بين الضلوع ِ
فأنتِ القريضُ وأنتِ اللسانْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> لست أعزل
لست أعزل
رقم القصيدة : 6952
-----------------------------------
لستُ في الثورةِ أعزلْ
إنني أحملُ قلباً,
وضياءً ليسَ يأفلْ
إنني في كل صبح ٍ,
أبعثُُ الإيمانَ من صدري جُنداً,
جَحفلا ًفي إثر جحفلْ
لستُ أعزلْ
فنشيدي يملأٌ الكونَ حياةً
وطيوري حرةٌ في كل جدْوَلْ
لستُُ أخشى وقفةَ العُمرِ
فعُمرى في رحابِ الحق أطولْ
إنني أرفُضُ ذُلاً وانهزاماً
كلما أدبرَ أقبلْ
وانتصاراً بادّعاءِ السلم ِيُقتلْ
واتفاقاً كلما هَبّ من الغفوة ِللصّحوِ تأجّلْ
قيل لي عفواً تمهلْ,
مبدأ الرّفض ِثقيلٌ,
قلتُ أدرى..
إنما الإذعانُ أثقلْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> مفارق الأبناء
مفارق الأبناء
رقم القصيدة : 6953
-----------------------------------
الحزنُ قوتي والشّقاءُ ردائي
يا من تَجرّعَ حسرةَ الآباءِ
ودّعتُ قلبي يومَ أن ودّعتُ في
حُضن ِالشريفةِ فلذةَ الأحشاءِ
حيٌّ من الأمواتِ أُحسَبُ بعدهُ
أم أنني ميتٌ من الأحياءِ
ليلُ العِبادِ يَزورُني مُتربّصاً
وكأنّهُ يسعى الى إيذائي
واليلُ يحملُني على أكتافِهِ
فاذا بِلَيلِ البائسينَ إزائي
ليس التّغرّبُ أن تفارقَ موطناً
إن الغريبَ مُفارقُ الأبناءِ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قضي الأمر
قضي الأمر
رقم القصيدة : 6954
-----------------------------------
حَجرٌ
في رأس ِالتلمودِ عبادةْ
طفلٌ يعرفُ كيفَ يموتُ لأجل ِقضيتِهِ
حتماً يعرفُ كيف يقودُ بلادهْ
طفل يخترقُ العادةْ
في زمن ِالنوم ِالمتأصّل ِ(51/204)
يعرف أكثر من كل جباةِ الأرض ِ, حدودَ الأرض ِ
ويعرفُ,
أن النومَ على الصندوق ِالعاهرِ موتٌ
والموتُ على وجع ِالقُدس ِشهادةْ
يا حائطَ برلين ِالشرق ِالأوسطِ..
إني ألمحٌ فأساً
تخرج من شفةِ القبرِ الأولْ
يحملُها سبعونَ شهيداً,
يدفعهم سيلٌ بَشَرِىٌّ آمنَ
أن النسمةَ لن تأتي,
والصبحُ الباسمُ محصورٌ, ما بينَ الحائِطِ والقادةْ
حجرٌ آخر مُنتفِضٌ وتكونُ سيادهْ
فرسانَ النوم ِ, أما منتبهٌ
لا تنتبهوا..
قُضِىَ الأمرُ, ولا تنظيرَ اليوم
لقد زرعَ الفلاحُ الحقلَ,
ولن يحضرَ غيرُ الفلاح ِحصادهْ
هذا الحجرُ الباسلُ..
ربّانيُّ الصُّنع ِ, فلسطيني المنبتِ,
ما جاء من البيتِ الأبيض ِمحمولاً
فوق ظهورٍ تعشقُ أن تتغنى طَرباً
تحت سياطِ السادةْ
ولمن قال بأن الثورةَ حمراءَ أنادي..
يا عبدالهادي, يا ابن غنيمْ
هل كان الطفلُ هُلامياً في ثورتِهِ
هل كان الحجرُ المتألّقُ في كف هُنيدةَ أحمرْ
هل كان إمامُ المسجدِ, راكاحِيَّ الهيئةِ فوقَ المنبرْ
يا حمدان البورينيّ,
لقد ورّثْتَ لأهلكَ أغناماً,
أطهرَ من كل نِعاج ِالأمريكانْ
حمدانُ,
اذا كان المَدُّ العربي تعثّر في الدربِ
فثمةَ دربٌ آخر لا نعرفُهُ
دمُكَ المغدورُ يسطّرهُ جسراً,
يمتد كما يمتدُّ نداءُ الحقِّ من القُدس ِالى أفغانستانْ
أعْلِنْ إِسلامكَ, يا من يتحسّسُ ثوبَ الطّوفانْ
أعلن اسلامَكَ فالثورةُ ميزانٌ
والويلُ لمن يعبثُ في شوكةِ هذا الميزانْ
لغةٌ لا تُرسلُ عشرينَ فصيلاً للضفّةِ
ليستْ من هذا القرآنْ
قُضِىَ الأمرُ..
ولا تنظيرَ اليوم,
لقدْ سقطتْ كل خفافيش ِالليل ِ
لكي يبدأَ دورُ الإنسانْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ياسين
ياسين
رقم القصيدة : 6955
-----------------------------------
قِفْ كما أنتَ هناكْ
عارِيَ الصدرِ,
ثقيلَ القدمينْ.
بين جنبيكَ حياةٌ,
وعلى رأسِكَ أشلاءُ السّنينْ..
قف كما أنتَ وحيداً
ليس في الأرض ِسِواكْ
أنت من صاغَ من العاهةِ مجداً,(51/205)
ومن العجزِ يدينْ.
أنت من لقّن هذا الشَّعبَ في المهدِ نشيدَ العائدينْ
وتَلاشتْ صيحةُ الزّيفِ,
ومازِلْتَ تُغنّي..
حَطّموا سورَ المدينةْ
واطردوا كل الأفاعي من بطون ِالأوديةْ
واغرِسوا في كل سفح ٍزَهرتينْ
وانصبوا سور المدينةْ,
وارفعوهُ قامةً أو قامتينْ.
عَبسَ الخطبُ, ومازِلتَ تُغنّي,
عندما أودَعْتَ فوقَ الشاطئ ِالفضيِّ هاتيكَ الوصّيةْ
وغرستَ الهامةَ الشمّاءَ في كل النواحي,
وزرعتَ البندقية
قف كما أنتَ,
فهذا الجسدُ المشلولُ قسراً,
ليس تؤذيهِ المنيةْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> شعارات فدائية
شعارات فدائية
رقم القصيدة : 6956
-----------------------------------
أنبكي في بلاطِ الذُّلِّ
أيام الفتوحاتِ الوليديةْ؟
أنندُبُ حظّنا في حضرةِ الحجّاج ِ
أم نستعطفُ البصرىَّ كي يرضى بنا شعباً..
ونَحنُ نبايعُ الأحرارَ في قصرِ العبوديةْ.
ونرسمُ في رِواق ِالقصرِ أطفالاً, وأحجاراً.
ونكتبُ من دُموع ِالقمح ِأبياتاً رثائيةْ
عَجِبتُ لكل ِفنّان ٍ,
يمارسُ حرفة التحريرِ في المنفى
عَجِبتُ لكل ِنَحّاتٍ,
يُحوِّرُ غضبةَ الأطفال ِأوراقاً
كفرتُ بكل نَخّاس ٍ,
يُصدّرُ ثورةَ الأبطال ِأفلاماً دعائيةْ
تموتُ الخيمةُ الشمطاءُ برداً
في شتاءِ الخوفِ,
لا كعبٌ يواريها ببردتهِ
ولا غسان ينفضُ عن ذوائبها
غبارَ الوقتِ والأسفارْ
مشردةٌ..
تدورُ, تدورُ من وطن ٍإلى وطن ٍ
ولا وطنٌ يُواريها
كأن بقاءَها في الأرض ِ
معقودٌ بِغُربتها,
بعيداً عن نشيدِ الكرم ِوالزيتونِ
ما أوهاكَ
يا عصر الشعاراتِ الفِدائيةْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> حفنة من وطن
حفنة من وطن
رقم القصيدة : 6957
-----------------------------------
أزِفَ المساءُ,
وما تزالُ قصيدتي
تجترُّ آخر ومضةٍٍ للبدءِ..
ترنو نحوَ فجرِ الخاتمةْ.
سفرٌ طويلٌ..
آهِ ياجسرَ الظلام ِ
وما أشَقَّ السير في دربِ الذئابِ
على ركام ٍمن صقيع ِالليل ِ,(51/206)
يرتدُّ النداءُ إلى ضُلوعي
كلما أعلنتُ ميلاداً لعنوان ِقصيدةْ
هكذا تُغتالُ أحلامُ الذي, يرنو الى القمَم ِالبَعيدةْ
فمتى ستحتفلُ النجومُ
عليكَ يا جسرَ الظلام ِ..
متى ستكتملُ القصيدةْ؟
قَلّبتُ أيامَ الرجال ِجميعَها,
فوجدتُها عَبثاً تلوح ُوتَختفي,
هل لي بأيام ٍجديدةْ؟
أنظلُّ نلهثُ خلفهُ؟
وهو المؤرّقُ خلفها
أنظلُّ بينهما وخلفهُما
نصفِّقُ ثم نرقُصُ ثم نسكنُ فوقَ أنقاض ِالوطنْ؟
يتربعُ التلمودُ فوقَ رؤوسِنا.. فمتى سيسقطُ؟
هل سيهوى تحتَ أقدام ِالحفاةِ
مُكَبّلاً بالإعترافِ
وهل سينتعِلُ الحفاةُ حذاءَهم؟..
من بعد طولِ السيرِ فوقَ الشوكِ
في الرمضاءِ
أم..
سنظلُّ نلهثُ خلفهُ
ويظلُّ يلهثُ خلفها
ونظلّ بينهما وخلفهما
نصفّق ثم نرقُصُ ثم نسكُنُ
فوق أنقاض ِالوطنْ
ونقولُ أن جميعَ من رضَعَ الولاءَ
بقصعةِ التضليل ِمفطورٌ على حُبِّ الوثَنْ
يا أيها الشعبُ الذي مازالَ غَضاً
رغم أسواطِ الجفافِ..
لقد ضربتَ بعرقِكَ الحرِّ الترابَ كنخلةٍ,
فارفعْ جبينكَ..
إن في الأفق ِانتصاراً
ليس يعرفهُ سواكَ
فعد لنخلتكَ القديمةِ
والْثُم ِالصحراءَ,
واحمِلْ حفنةً, تجدِ الخريطةَ تستريحُ براحتيكْ
وارْسم تضاريسَ البلادِ
على الترابِ
كما تريدُ بمقلتيكَ
مُحطّماً كل الثوابتِ والحدودِ,
لكي تفوزَ بطلقةٍ..
أو تنتصرْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الحجر الأول
الحجر الأول
رقم القصيدة : 6958
-----------------------------------
الحجرُ الأولُ,
تعريةٌ للوجهِ الأولْ
والوجه الأولُ
مرآةٌ للوجهِ العشرينْ
والحجرُ الأولُ,
إلحادٌ بِنُبوءاتِ الدجّالينْ
يا أبناءَ الدين ِ
ويا أبناءَ الطينْ
إن كُنّا, من فرطِ الرهبةِ والتَدجينْ
نتآزر في يوم ِالأرض ِ
فتآزُرُكم من تشرينَ الى تشرينْ
يا أبناءَ المقهورينْ
حُلّوا بالحجرِ الجلمودِ قضيّتَكمْ, ودعونا
لا سلعةَ تُرضى حاجَتكم
في أسواق ِالنخّاسينْ
صُغتم بالطين ِقصيدتكُمْ, فتألقتمْ(51/207)
وتألّقْنا في التلحينْ
موتوا في الداخل ِأحراراً
لا تنتظروا,
لا وقتَ لديكم للصبرْ
لن تأتي قافلةُ التموينْ
لهبٌ في الداخل ِوالخارج ِ, والسكينُ هي السكينْ
لا تقتبسُوا مِنّا نَصراً..
فالنصرُ بداخِلكم أنتمْ
أما نحنُ,
فسلسلةٌ للقمع ِمُوثّقةٌ,
ما بينَ سجين ٍوسجينْ
يا فرسانَ اليوم ِ
ويا أبناءَ الأمس ِ
ويا أحفادَ الأميّينْ
جودوا بالنّفْس ِوبالنّفْس ِ
فمليوُنُ أجيرٍ ثوريٍّ,
لا يرقى لحذاءِ صغيرٍ, يتوارى بجدارِ القُدس ِ
لا غِشَّ اليومَ,
ولا تزييفَ, ولا تحريفَ, ولا تلوينْ
العالمُ يلهو ويُغنّي..
والقدسُ حَزينْ
يا لَمَمَ النّصرِ المخروق ِ
ويا ألمَ القرن ِالعشرينْ
يا نصفاً يفترشُ التقوى,
والآخرُ يلتحفُ الطينْ..
لَستُم أصحابَ فلسطينْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أنت القضية
أنت القضية
رقم القصيدة : 6959
-----------------------------------
شكراً لأصحابِ الفضيلةْ
أفتيتمونا يا رجال
فالصّمتُ فتوى, عندما كبرَ السؤالْ
والجهرُ بالفتوى رذيلةْ.
لا تسألوا كيف انخمادُ النارِ يسبقُ الاشتعالْ
لاتسألوا..
فالعارُ يغزو آخرَ الصفحاتِ من تاريخنا,
والشمسُ ترنو للزّوالْ
وعمائمُ الثوار ِمجهدةٌ
بفقهِ البيع ِ, والذّبح ِالحلالْ
فمتى ستنتفضُ الجبالْ
ومتى ستبعثُ هِمّةُ الفاروق ِ
من تحت الخرائب ِوالرّمالْ
ُربعُ الخريطةِ عُزّلٌ ومشردونْ
والماكثونَ المتخمونَ على نفاياتِ الموائدِ
لا يجيدونَ القتالْ
فإلى النضال ِ, إلى النضال ِ, إلى النضالْ.
جفل الغضنفرُ, عندما زأر الغزالْ
يا أيها الطفلُ الذي
لم يدرِ ما طعمُ الدلالْ
كبر السؤالْ,
من ذا يُزيلُ الشكَّ من صدرِ السؤالْ
كبر السؤالُ على الرجال ِ
فمن لأحلامِ الرجالْ
يا أيها الطفلُ الذي
ما عادَ يُصغى للخَطَرْ
حَطّمْ قِرابكَ في زمان ِ الذُلِّ
وامتشق ِالحجرْ
أنتْ الجِبالُ,
وما عداكَ غثاءُ أوهامَ تذوبُ
إذا تَسَاقَطَ من محيّاك المطرْ
يا من يُسَطّرُ بالحجارةِ,(51/208)
قصةَ الفجرِ الجديد المُستعِرْ
عفّرْ جبينكَ في ترابِ القدس ِواعتزل ِالبشرْ
وانهضْ إلى شمس ِالحياةِ مُعاهداً, ومُعانقاً
فالكل قد لَزِمَ الحُفَرْ
أنت القضيةُ,
أيها الموؤودُ في رحم ِالقضيةْ
أنت القضيةُ, والوَصيةُ للبقيةْ
فاعلق برحمِ الأرض ِ,
لا تَدع ِالوصيةْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> فنجان القهوة
فنجان القهوة
رقم القصيدة : 6960
-----------------------------------
الليلُ كئيبٌ جِداً
وشريطُ النورِ كمنشنقةٍ
تتسلّلُ من ثقبِ البابِ الموصودْ
والقافلةُ لها وقعٌ مُختلفٌ
فوقَ رمال ِالصحراءِ العُظْمىَ
والأنباءُ مُسَوّرَةٌ
والقاعةُ مُحْكَمَةُ الغَلْق ِ
وباردةٌ كَسِني القَحطِ
ونارُ الكاهن ِ, لاتوقَدُ الا لبخورِ السّحرِ أو التنجيمْ
لا قهوةَ حتى اللحظةِ..
ما اعتدنا أن نشربَ قهوتنا باردةً
فالأوطانُ لها نارٌ,
لا تخبو أبداً في الليل ِ
ولا تخمدُ حتى في الأحزانْ
يا نارَ البدوى, لقد خبتِ النارُ,
فلا عدنانَ , ولا غسّانَ, ولا قحطانْ
لا يخدعكَ ضجيجُ القوم ِ,
إهابُ الثعبان ِالأرقطِ لا يستُرُ إلا الثُّعبانْ
أشعِلْ ناركَ يا بدوي وجرّبهمْ,
واصرخ..
من يشرب هذا الفنجانْ؟
سَتظلُّ تُنادي وتنادي..
لكِنْ لنْ يبردَ فنجانُك يا بدوي,
أدر ظهرَكَ للقاعةِ,
واصرخْ ثانيةً,
من يشربُ هذا الفنجانْ؟
ستوافيكَ الأرضُ بأجيال ٍ,
ما أعددتَ لهم من قبلُ..
يُحِبّونَ القهوةَ والثأرَ
إذا كان البُنُّ يمانياً ..
دعنا نَشربْها ساخنةً من غيرِ نُواح ٍوعُواءْ
ثم نَشُقُّ الصحراءَ بكل عتادِ الحربِ
نَشُقُّ الصخْرَ..
ونُبحِرُ عبرَ الميّتِ للأَحياءْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أحلام المنى
أحلام المنى
رقم القصيدة : 6961
-----------------------------------
يا أنيسَ النّفس ِدَعْ عنكَ البُكاءْ
لا يدومُ الحزنُ ما دامَ الرّجاءْ
مسكنُ الطيرِعلى أوكارهِ
غير أن الطيرَ يشدو في السماءْ(51/209)
فابتسمْ كالفجرِ كالشمس ِالتي
عَطرتْ بالنورِ أرجاءَ الفضاءْ
وابعثِ الآمالَ تشدو حرةً
تستتشِفُّ السّعدَ من وحي ِاللقاءْ
يا حبيبي إنّكَ اليومَ معي
فرحةٌ تختالُ بين الأضلُع ِ
طيفُكَ الورديُّ قدْ أسلمتُهُ
لهفةَ المشتاق ِعندَ المضجع ِ
فاسترحْ ما شئتَ في الروح ِالتي
حطّمتْ خطبَ الفراق ِالمُفجع ِ
واتركِ الآلامَ لا تحفلْ بها
يا حبيبي إنك اليومَ معِى
لا أرى الناسِ إلا ما أرى
أنتَ من أبصرتُهُ بين الورى
لا يضُمُّ القلبُ إلا من بهِ
لا تضُمُّ العينُ الا البَصرا
سفّهِ العُذّالَ اني شاهِدٌ
أين وضعُ الشمس ِمن وضع ِ الثرى
واعتصمْ بالصبرِ واعلمْ أنني
لا أرى في الناس ِإلا ما أرى
يا شقيقَ الروح ِباللهِ متى
يُنعشُ القلبَ بلُقياكَ الفتى
إن لي نفسين ِ قد سُقتهما
في غِمارِ الشوق ِحتى ذابتَا
لَكَأَنّ القلبَ من حَرِّهِما
بين نارين جُنوناً شَبَّتَا
فمتى الأقدارُ تُسدى سَعْدها
يا شقيقَ الروح ِباللهِ متى
غَنَّتِ الأطيارُ في الروض ِالنّدِيْ
تُطربُ العشاقَ عند الموردِ
في يديها فرحةٌ تحيا بها
أين ذاك الأنسُ ولّى من يدِي؟
عَلِمَ الحُسّادُ أني عاشقٌ
من يقيها من عيون ِالحُسَّدِ
هكذا تستشرِسُ العينُ إذا
غنتِ الأطيارُ في الروض ِالنّدِيْ
أيها الساكنُ في ذاك الجبلْ
هل ترى في الأفقِ خَيطاً من أملْ
هل ترى الأحلامَ هل أبصرتَها
تتهادى فوقَ جِسرٍ من قُبَلْ
هل ترى قلباً يُجاري خَطوها
قد مضى في ركبِها ثم انفصلْ
ذاك قلبي حين أعياهُ النّوى
أيها الساكنُ في ذاكَ الجبلْ
عَطّّلَ التسهيدُ أحلامَ المُنى
وخيولُ الوصل ِتعدو بيننَا
تحملُ البُشرى الى كل البيوتْ
تطرقُ الأبوابَ إلا بابَنا
فسألتُ الخيلَ هل من خبرٍ
يقشعُ الأحزانَ من آفاقِنا
فإذا بالقلبِ يُبدي صيحةً
عطّل التسهيدُ أحلامَ المُنىَ
أغمِضى يا عينُ لا، لا تَفْضَحِي
وأبيحي السِرَّ إنْ لَمْ تَسْتَحِى
سِرّيَ المكتومُ من يدري ِ بهِ
لن يذاعَ السِرُّ إنْ لم تَشْرحي(51/210)
فاستحي يا عينُ إني صابرٌ
واكتمي الأحزانَ حتى تَفْرَحي
لا يبيحُ السِرَّ إلا ظالمٌ
أغمضى يا عينُ لا، لا تَفْضَحِى
أَلْحَقَ السُّهْدُ بِعَيْنَيَّ الأذى
وغريبُ الدّارِ دوماً هكذا
يسهرُ الليلَ يُنَاجِي قلبَهُ
وسوادُ العين ِيكويهِ القَذى
أين من عينِي زهورٌ عِطْرُها
يملأُ الأكوانَ طيباً وشَذى
كلّما أمْعنْتُ في أطيافِهِمْ
ألحَقَ السهدُ بِعَينَيَّ الأذىَ
كلما زارَ خيالٌ ومضَى
أسألُ النفسَ لماذا أَعْرَضا
كيفَ يَمضِى وأنا صبٌّ بهِ
كيفَ تغتالُ المسافاتُ الرِّضا
ما الذى نَحّاهُ عني أسوداً
بعدما وافى جميلاً أبيضا
أسألُ اللهَ لقاءً طَيّباً
كلما زارَ خيالٌ ومضىَ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> تاج الحب
تاج الحب
رقم القصيدة : 6962
-----------------------------------
جَاءتْ على زَهْرِ الصِّبا تختالُ
سَحَرَ الخمائلَ عُودُها الميّالُ
حتى اذا مالتْ وبانَ خِضَابُها
بأناملٍ غَنّى بِهِنّ جمالُ
فاحتْ زُهورُ الروض ِمن نَفَحاتِها
عِطراً تبدَّى من شذاهُ خَيالُ
تمشى كأنَّ الكونَ ذلك ملكُهَا
ولنا لها التسليمُ والإجْلالُ
فتثاقَلَتْ لما رأتني مُمعِناً
فيها بطرفٍ يعتريهِ سُؤالُ
وتَبسّمَتْ, حتى أقولُ تبسّمَتْ
وتمايلتْ, فترنّمَ الخِلخالُ
فكأنما الخلخالَ أحدثَ ضَجّةً
في خَافِقي وكأنّها الزّلْزالُ
لمّا رأتْ منى اختلاجَ مشاعرٍ
قالتْ بِهَمْسٍ: فُكّتِ الأغْلالُ
إن النفوسَ إذا تَرَنَّمَ عودُها
رقصتْ على أوتارهِ الآمالُ
فأجبتُ من قلبٍ يُلوِّعُهُ الهوى
أكذا بهمس ٍتُزْهقُ الآجالُ
لو كانَ تاجُ الحبِّ يؤخَذُ قُوّةً
لَحَظي بهِ دونَ النّساءِ رجالُ
لكنني أجدُ الغرامَ مشقّةً
عن خوضِهِ تتقاعسُ الأبطالُ
يا من كساها الحُسنُ ثوبَ شمائل ٍ
وكسا مُحيّاها الجميلَ كمالُ
قولي لطرفِكِ ينثنِي عن عزمِهِ
طرفٌ بدى منهُ الرّدى ينهالُ
فبِأيمن ِالطرفين ِحَلَّ مُقاتلٌ
وبأيْسَرِ الجفنين ِحَلَّ الخالُ(51/211)
أَمَّا أنا، فأسيرُ حَرْبِ إبادةٍ
أسدٌ تُقيّدُ مِعصميهِ غَزالُ
ما كنتُ أومِنُ بالغرام ِوبالهوى
عبثاً أراهُ تعيشهُ الجُهّالُ
حتى رأيتُ الحبَّ ذاكَ حقيقةً
لمّا تجسّد ذلِكَ التِمثَالُ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> فرط التمني
فرط التمني
رقم القصيدة : 6963
-----------------------------------
دَعِي عِزّةَ النّفْس ِتُنجيكِ مِنّي
فقد ماتَ بين الضلوع ِالحنينْ
لقد أنهكَ العُمرَ فَرْطُ التمنّى
وقلبُكِ فى جفوةٍ لا يلينْ
فأنَّى لقلبي أن يُسْتَرقَّ
وأنى لقلبِكِ أن يَسْتكينْ
لقد سقطَ الحبُّ من راحتيكِ
وأنتِ كما أنتِ لا تعلمينْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> جد يا نسيم
جد يا نسيم
رقم القصيدة : 6964
-----------------------------------
جُدْ يا نسيمُ وحَرّكِ الأَشْجَانا
قد ذابَ من فرطِ الغرام ِكِلانا
غَنّيتَ للرّوض ِالنضيرِ صبابةً
وجعلتَ من تلكَ الجبالِ بيانا
وغدوتَ لحناً رائعاً يحيا بهِ
شجرُ الخريفِ وللربيعِ لِسانا
جُدْ يا نسيمُ على الفؤادِ فإنهُ
كالمُستغيثِ يُصارعُ الأحزانا
لَهَفِي على طَرْفٍ تألّقَ رِمشُهُ
روحي إليهِ أزُفُّها قُربانا
لكأنّنَا حينَ التقينا خِلْسةً
وتَلاصَقتْ بالراحتين ِيَدانا
كالطّيرِ يسبحُ في فسيح ِسمائهِ
وكأنّ ما في كونِنا إلاّنا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ما أجملك
ما أجملك
رقم القصيدة : 6965
-----------------------------------
يُسائِلُني القلبُ ما أذهلكْ
فهلاّ أذِنْتَ بأن أسألكْ
على وجنتيكَ احمرارُ الورودِ
فقُلْ لي بِرَبّكَ من قَبّلكْ
ومن سكبَ الليلَ في مُقلتيكَ
ومن ذا على الناس ِقد جَمّلكْ
فللّهِ في خَلقِهِ ما يُريدُ
ولِله ِدَرُّكَ ما أجْملَكْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أكلمها
أكلمها
رقم القصيدة : 6966
-----------------------------------
أكلّمُها ولا تدري كأني(51/212)
أكلّمُ في سُكون ِالّليل ِنَفسِي
ولولا نارُها في القلبِ تَسْري
لما بالغْتُ, والأيّامُ تُنْسِى
لقد نهبَتْ من الأحشاءِ رُوحي
وأبدَلَتِ السعادةَ بالتأسَّي
فمولدُ حُبّنَا للنّفْس ِيَبْدو
كمولدِ بسمةٍ في يوم ِنَحْسٍ
أقَاتِلَتي وما أذنَبْتُ رِفْقاً
لقد غابتْ من الأكوان ِشَمْسِي
وأُحْرِقَ في ربيع ِالعُمْرِ رَوْضِي
فأَمْحَلَتِ الرُّبى وكسرتُ فَأْسِي
فَلَسْتُ مُخَيّراً في عيش ِيَوْمي
ولستُ مُسَيراً في قَتْل ِأَمْسِي
لأقتحمَ الحوادثَ وهي صَرعَى
فتذبحُنِي على وعي ٍوحِسِّ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> لا تقلقي
لا تقلقي
رقم القصيدة : 6967
-----------------------------------
لا تَقْلقِي,
ما عُدتُ في شوق ٍإلى أنْ نلتقي
ماتَ الهوى,
في زحمةِ الزمن ِالفسيح ِالضَيّق ِ
ما عُدتُ ذاك العاشقَ الموهومَ
في بحرِ الجوى,
ما عادَ جمرُكِ مُحرقي
عودي إلى صفحاتِيَ الأُولى
وفي أعماقِها طُوفي
وفيها دقّقي
سترينَنِى, شَمْساً تَذُوبُ تَلَهُّفاً
وتَسيلُ دَمْعاً, من عيون ِالمشْرِق ِ
لا تقلقِي,
مَهْما تباعَدتِ المسافةُ بينَنا
وتمزّقَ القلبُ الشقيُّ صَبابةً
لا, لنْ أقولَ تَرَفّقِي
لا تَقْلقِي.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> شيخوخة
شيخوخة
رقم القصيدة : 6968
-----------------------------------
كَبَرنا ..
تداعى بنا العَزْمُ .
ما عادَ عُكّازُنا المُتَهالِكُ
يَقْوى على حمْلِ هذا الخَرابْ .
طويلٌ هو الدرْبُ ..
يالكَ من شاعِرٍ
لا تُجيدُ الحِسابْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> حوار ساخن مع البحر
حوار ساخن مع البحر
رقم القصيدة : 6969
-----------------------------------
للبَحْرِ زُرْقَتُهُ ..
وللشُّبّاكِ آلاءٌ تدل على النّزيلْ .
والوجْهُ وجْهي ،
حيثُما يمّمْتُ لي وطَنٌ
ولكني أَحِنُّ إلى النّخيلْ .
مازادَني التِّرْحالُ
إلا رَغْبَةً في المُكْثِ ،
لكِني أبَيْتُ المُكْثَ(51/213)
حتى يُبْعَثَ السِّرُّ الذي دفنوهُ
في جَوْفِ القَتيلْ .
أمضِي ،
وتَتْبَعُني ظِلالُ السَّمْرِ أنَّى رُحْتُ ...
يَدْفَعُني إلَيَّ المُسْتَحيلْ .
بين الشَّبابيكِ التي غادَرْتُها
والبحرِ
سِرٌّ ليسَ تمحوهُ الرِّياحْ .
أشْفَقْتُ من حُمّايَ
ذاتَ صَبيحَةٍ غَيماءَ
مُنْتَصِباً ،
على قدمينِ من ثلْج ٍ
تَكَسَّرَ عندَ أوّلِ نسمةٍ ..
يا بحرُ ،
لاتدع ِ السَّواحِلَ تُشْتَرى
باللُّؤْلُؤِ المسمومِ،
لا تدَع ِ النِّساءَ
يَلُذْنَ بالحُجَج ِ الرَّخيصةِ ،
إذْ يَبُحْنَ بِسِرِّكَ الأَزَلِيِّ
في سوقِ الإماءْ .
لا تُلْقِنا حُمَماً
تَبَدَّدُ في صهيلِ الرِّيح ِ
أُغنِيَةً ..
يُحَرِّفُها السّفيهُ كما يشاءْ .
بينَ الشَّبابيكِ التي غادَرْتُها والبَحْرِ
يلْتَهِبُ الشِّتاءْ .
روحي وروحُكَ يا مُحيطُ
حمامتان ِ
تُرَفْرِفانِ على رُؤوسِ الماكِثينَ
على ظُهورِ مَطِيِّهِمْ .
مُنذُ احْتِواءِ الرِدِّةِ الأولى
وفتْحِ الشّامِ ،
حتى آخِرِ الرِّدّاتِ
في قَرْنِ القُرونِ،
وعودةِ القِرْدِ المُدَلَّلِ
في ثِيابِ الأُسْدِ
قالوا ،
سوفَ يُمْضي ليلةً أو ليلتينِ
فأكرِموا مثواهُ ..
أكْرَمَهُ الحُفاةُ،
وسلَّموهُ الدّارَ والمُفْتاحَ
وانْصَرَفوا ...
والنّوقُ غارِقَةٌ
إلى أعناقِها في الجوعِ
تنْتَظِرُ الخليفَةَ ...
والخليفةُ غارِقٌ
في ثوبِهِ الفَضْفاضِ
ينتَظِرُ السماءْ.
يانوقُ ،
هُزّي جِذْعَ هذا الكَوْنِ ..
تَنْهَمِرُ الجِبالُ عليكِ أودِيَةً
تُزَلْزِلُ هَجْعَةَ التاريخ ِ ،
تَكْنِسُ ماتشاءُ من الغُثاءْ .
أُشْرِبْتُ هذا الحُبَّ ،
حتى صِرْتُ قافِيةً
لكُل حمامةٍ
تَجْتَرُّ غُصَّتَها وتُلحِنُ في الغِناءْ.
أُشْرِبْتُ هذا الحُبَّ ،
من ظَمأِ الصَحارَى ،
من دُموعِ الوَرْدِ ،
من عَبَقِ المساءْ .
أُشْرِبْتُ هذا الحُبَّ ،
حتى عُدْتُ كالطِفْلِ
الذي عَجِزَتْ يداهُ عن الْتِقاطِ النَّجْمِ ،
فالْتَهَبَتْ دِماءُ العَجْزِ في خديهِ ثائِرَةً(51/214)
وأَجْهَشَ بالبُكاءْ.
يا بحْرُ ،
شُدَّ 'عباءَةَ اللَّيْلِ الطويلِ إليكَ
علّي أملاُ الكأسَ التي سُكِبَتْ
على ظَمَأِ الأَحِبَّةِ،
من رَحيقِ الفجْرِ
أمْلأُها ضِياءْ.
يا بَحْرُ ،
هلْ لي أن أراكَ
كما يراكَ العاجِزونَ وأستريحْ ؟
ماعدْتُ أحتمِلُ البقاءَ،
فقد تداعى ذلك الطَّوْدُ الجريحْ.
لم يبقَ منهُ سوى الظِّلال ِ علىالرِّمال ِ
ونِصفِ أُغنيةٍ حزينةْ.
لم يبقَ منهُ
سوى التَّرَقُّبِ والسَّكينَةْ.
لم يبقَ منهُ عدا أنينهْ.
للبحرِ زُرْقَتُهُ ،
وللشُّباّكِ آلاءٌ تدُلُّ على النَّزيلْ .
والوَجْهُ وجهي ،
حيثُما يمَّمْتُ لي وطَنٌ ،
ولكنِّي أَحِنُّ إلى النَّخيلْ.
فإِلامَ يَتِّسِعُ الفراغُ ؟
وتنتهي كالطَّيْفِ هاتيكَ السّفينةْ.
وأَظلُّ أسَْقِي ورْدَةً
ذَبُلَ الرَّجاءُ بفرعِها
بينَ السَّنابِكِ والصَّهيلْ.
يابَحْرُ ،
هاتِ يدَيْكَ
إنّي غارِقٌ في البَرِّ
ألْتَمِسُ النَّجاةَ
فَهَلْ إلى مَوْتٍ جديدٍ من سبيلْ ؟
خُذْني إلَيْكَ ،
إلى الجُذورِ ،
وحَرِّرِ الرّوحَ الَسَّجينةْ.
قَدْ ضِقْتُ بالسِرِّ الدَّفينِ من الفِرارِ
وضاقتِ الأَرْضُ الكَبيرَةُ بالقتيلْ .
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> عصفور المقهى
عصفور المقهى
رقم القصيدة : 6970
-----------------------------------
مكانُكَ في المقهى
.ليسَ خاليًا
بعدَ رحيلِكَ
جاءَ عصفورٌ
.و جلسَ في رُكْنِك
أتأمّلُهُ
من بعيد
مثلما كنتُ أتأمَّلُكَ
و هو يدخّنُ سيجارتَهُ
و يشردُ بعينيهِ التائهتينِ
.في الدخان
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> عودة الظل
عودة الظل
رقم القصيدة : 6971
-----------------------------------
قَدَمٌ تَذْوي ..
يَدٌ تَهْتَزُّ كالعُشْبةِ ،
عَيْنٌ تَغْرَقُ .
كَبْوَةٌ أُخْرى ...
ظَلامٌ ،
صَرْخَةٌ في الخَنْدَقِ المَهْجورِ ،
صَدْرٌ يَشْهَقُ .
وَمْضَةٌ مابينَ لَيْلَيْنِ
أَرَقْنا حَوْلَها العُمْرَ لِتَنْمو ..(51/215)
ذَهَبَ العُمْرُ وفاضَ الغَسَقُ .
بَعُدَ الشاطِىءُ ،
والبَحَّارَةُ الحَمْقى
يهيمونَ بأَحلامِ العَصافيرِ
إزاءَ المَوْجِ واللُّؤْلؤِ
يامَوْجُ ويالُؤْلُؤُ ..
ياحَتْفَ السُلالاتِ التي لمْ تَصْدُقِ البَحْرَ
أَذِقْهُمْ بأْسَ أَهْلِ السبْتِ
فالجُمْعَةُ ..
لمْ يَبْقَ منَ الجُمْعَةِ
إلا الحَشْدُ والجُبَّةُ
والصَّوْتُ الذي يعلو
بما لا يُغْضِبُ الأعْداءَ
يا مَوْجُ ويالُؤْلُؤُ ..
ما زالَ بِنا شَيْءٌ مِنَ الغَوَّاصِ
مَهْما عَطِشَ الصَّبُ إلى البَرِّ
وحَنَّ الزَّوْرَقُ.
كُنْتُ وَحْدي ،
وَسْطُ هذا الشّارِعِ المُكْتَظِّ بالغُرْبَةِ
أَشْكو كَثْرَةَ الأَحْلامِ
والسُّوقُ يُواري نِصْفَ ما يَعْرِفُ
عنْ رُوّادِهِ ،
والجُدُرُ الصمّاءُ
تُلْقي بِظِلالِ الشَّكِ حَوْلي
كٌنْتُ وَحْدي ..
أَطَأُ الشَّوكَ لِكيْلا أجرَحَ الوَرْدَ ..
فَيَبْكي الحَبَقُ .
كُنْتُ أَقْتَصُّ بصوتي لِقطيعٍ
حَظُّهُ فَيضُ سَرابٍ
وَرِقابٌ كرِقابِ العيرِ
تُقْتادُ إلى الجَدْبِ
وسيْفٌ نَزِقُ.
بَيْنَ لَيْلَيْنِ ..
ومازال رُغاءُ النُّوقِ
يَرْتَدُّ من الصَّحْراءِ في قلبِي
ولَحْنٌ سَرَّبَتْهُ الرِّيحُ من ثُقْبِ جِدارْ.
كانَ ذاكَ اللَّحْنُ ظِلِّي ...
لّسْتُ أَدْري ،
أينَ ولّى عندما غاب النَّهارْ .
لستُ أدري ..
أتُرَى أُمسِكُ ظِلِّي ؟
أم تُرَى أنْفُذُ مِثْلَ الظِلِّ
من هذا الحِصارْ ؟
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> برتقال
برتقال
رقم القصيدة : 6972
-----------------------------------
بينَ تلكَ الوُجوهِ الكئيبةِ
كانَ يطوفُ بسلَّتهِ
كانَ يهمسُ في حذَرٍ .. بُرْتُقال .
شَاحِبَ الوَجْهِ كانَ كعادتِهِ
حينَ يحمِلُ تلكَ الأمانةَ
عبرَ الحدودِ على رأسهِ ،
ثم يُلقي بنعليهِ في حُفرةٍ بالجِوارِ
لكي لا يُثيرَ الثعابينَ
وهي تُؤَدِّي غريزَتَها الأُمَمِيَّةَ في حَقْلِهِ.
إنهُ الآن يجتازُ سوقَ الحِدادةِ
حيثُ تُصَبُّ السُيوفُ القَديمةُ آنِيةً(51/216)
والبنادِقُ أرْصفةً لعُبورِ البهائمِ
أما المُدي ،
فتُسَنُّ لصَدِّ هجومٍ قَريبْ .
إنهُ الآنَ يُسْقِطُ سلَّتَهُ
بعدما أمِنَ الوضْعَ من حولهِ
في القليبْ.
إنهُ الآنَ ينبُشُ قبْراً قديمَ المعالِمِ,
يُخْرِجُ من جوفهِ سلَّتهً
مثلَ سلَّتِهِ
إنهُ يَرْجِعًُ الآنَ أدراجَهُ ...
هامِساً ،
بينَ تلكَ الوجوهِ الكئيبةِ
في حذرٍ ..
برتقالْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> حلمنا الصغير
حلمنا الصغير
رقم القصيدة : 6973
-----------------------------------
على ضفافِ حُلمِنا القصيرِ
نَنْتهي ، حِكايتينِ
بينَ هذهِ البُيوتْ.
نُطَمْئِنُ الحياةَ بالحياةِ
والسُّكوتَ بالسُّكوتْ.
ونُطلِقُ العُيونَ ،
حَيثُ ينتهي الزمانُ والمَكانْ .
وحَيثُ تَخْلَعُ النُّفوسُ حُلَّةَ التُّرابِ ،
يورِقُ انتِظارُنا الطَّويلْ.
نميلُ كيفَ مالَ ظِلُّنا ،
كالنَّخْلِ حينِ تَهْدأُ الشّمالْ.
وظِلُّنا يميلُ كيفما نميلْ.
على ضِفافِ حُلْمِنا القصيرِ
بيتُ عَنكبوتْ.
يَزُفُّنا إليهِ حينَ تَغْرَقُ الجِبالْ.
فَنَرْتَمي ، فراشَتينِ ،
حولَ شَمْعةٍ تموتْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> خلف بوابة الثلاثين
خلف بوابة الثلاثين
رقم القصيدة : 6974
-----------------------------------
تَجَهَّمَ وَجْهُ الكَلامِ
فماذا تقولْ ؟
ثلاثون عاماً،
ومَهْدُكَ بَرْدٌ بكل الفُصولْ.
ثلاثون عاماً،
تُباغِتُكَ الطَّعناتُ
وتَهْوي عليكَ القِلاعُ.
ثلاثون عاماً ،
وأيَّامُكَ الحالِماتُ تُباعُ.
ثلاثون سهماً ،
يغورُ بقلبِكَ
كي لا تجوعَ السِّباعُ.
يقولون: خُذْ ماتشاءُ
وخَلِّ المراكبَ تمضي ...
وأنَّى يعودُ بما يدَّعون الشِّراعُ.
ثلاثون عاماً من الجَدْبِ،
تجثو على مِنْكَبيكَ،
ومازِلتَ خِصْباً،
وحولَكَ يَنْتَحِبُ المُتْخَمونَ الجِياعُ.
ثلاثون تمضي
كَمَرِّ السَّحابةِ
من مشهدٍ تَسْتَخِفُّ به الكائناتُ
إلى مشهدِ.
ثلاثون تمضي كأُنشودةٍ(51/217)
في مهبِّ الرِّياحِ بلا مُنشدٍ.
ثلاثون تَصْفَرُّ في أُمِّها
وتُكابِرُ رَغْمَ السَّلامْ.
ثلاثون تُفْصِحُ
لمَّا تَجَهَّمَ وَجْهُ الكَلامْ.
على بابِها سورةُ الفَتْحِ تُتلى ...
وطفلٌ له ساعدانِ من الصَّخْرِ
يَسْتَمْطِرانِ الغَمامْ.
وعينانِ مِلْؤُهُما الثأرُ،
تَلْتَهِمانِ المَدى ..
وصوتٌ توالدَ
بين الشِّفاهِ وبين الصدى.
تُخاتِلُني نَجْمَةُ الفَجْرِ،
تَأْخُذُني من يَدَيَّ إلى خيمةٍ في العراءِ
لِتَنْثُرَني حَوْلَها زَنْبَقاً وندى.
وتَسْكُبَني كالضِّياءِ على قِبْلةِ الفاتحينَ
أُعاهِدُها مسجداً مسجدا.
خذوني إليها ..
فمازال في وجهِها عتبٌ
أن تأخَّرتُ ،
أُقْسِمُ لاعُذْرَ لي ..
غيرَ أنَّ السلاحِفَ أسرعُ مما ظننتْ.
فها هي تمضي بأسْفارِها في البلادِ
تُمَهِّدُ للدَّوْرَةِ الأَلْفِ ..
ما أسرعَ السُّلُحْفاةِ
إذا كبَتِ الخيلُ في ظِلِّها.
رُوَيْدكِ عُصْفورةَ القلبِ
لاتهجُري عُشَّكِ الأبديّ،
فهذا السَّحاب سيُمطرُ حتماً
بُعيدَ الثلاثينَ،
من جوفهِ
سيدا .
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> مدخل
مدخل
رقم القصيدة : 6975
-----------------------------------
هربًا
من زمانِ القُبْح
تختبئُ الملائكةُ
.في عينيك
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ورقة متأخرة إلى شرم الشيخ
ورقة متأخرة إلى شرم الشيخ
رقم القصيدة : 6976
-----------------------------------
" قالتِ الأَعرابُ آمَنَّا " ..
فما باعوا مطاياهُم
وماشَدُّوا على الجوعِ حِزاما.
وهوى النَّجمُ،
فما أغْروهُ بالمُكثِ
وماهَبُّوا من السَّهْلِ ،
إذْ انهارَ بنا الطَّوْدُ قياما.
ودعا الدّاعي ،
فكانوا آخِرَ الرَّكْبِ
وراءً وأماما.
أيُّها الحادي،
أما في الأُفْقِ بَرْقٌ،
يَقْدَحُ الكَوْنَ دَوِيَّاً وغَماما ؟
خَيَّمَ اللَّيلُ،
فكُنَّا صَمْتَهُ المُطْبِقَ
إلا صَرْخةً تَذْوي بأوْداجِ الثَّكالى
وبقايا غُصَّةٍ تحبو على القَلْبِ(51/218)
ونَفْساً فاتَها الدَّهْرُ عِظاما.
أيها الحادي،
إذا ما أُتْخِمَ الرّملُ بأحلامِ الطواويسِ
وغَصّ العُشْبُ بالدَمْعِ ،
فأيُّ اللَّحْنِ يُنْجيكَ من الرّومِ ؟
وأي الصّمتِ يَحْميكَ من الرَّملِ ؟
وإن كُنْتَ تناهَيتَ حنيناً وهُياما.
قَدَرُ اللهِ ،
بأن تسْكُنَ كالرِّيحِ
" بِوادٍ غيرِ ذي زَرْعٍ "
بِقَلْبٍ يافِعٍ يهْفو إلى القطْرِ
لِتَنْمو بينَ جَدْبينِ
يسومانِكَ كِفْلَيْنِ من القَحْطِ
لِما أعْلَنْتَ في الأعرابِ
لَمَّا آثَرَ الجهلَ أبو جهلٍ
وآثَرتَ البواريدَ
وأرْخيتَ إلى اللهِ الخِطاما.
كُلُّنا حادٍ،
دعِ النَّخلةَ تُلقي ظِلَّها الوارِفَ في القَلْبِ
فإناَّ أٌمَّةٌ، تَمْتَدُّ كالظِّل
إذا مالَ بها الوَقْتُ
وكالنَّخْلةِ ،
لاتَطْرَبُ إلا تَحْتَ جَمْرِ القَيظِ
إنَّا أُمَّةٌ، تَغْسِلُ بالموتِ خطاياها
ولاتُذْعِنُ ،
مهما كانَ شَرْمُ الشَّيْخِ رومِيّاً ..
دَعِ النَخْلَةَ تُلْقي ظِلَّها الوارِفَ
أَكْفاناً على القُدْسِ
فَقَدْ ألَْقَيْتُ روحي قبْلَها في النِّيلِ،
واخْتَرْتُ من الحورِ اللَّواتي
مَسَّهُنَ الضُّرُّ في الأرْضِ
وما ساوَمْنَ في حَبَّةِ قَمْحٍ.
كُلُّنا حادٍ،
وهذا اللَّحْنُ لا يَفْتُرُ
مَهْما فَتَكَ الثَلْجُ بِأقْدامِ مطايانا
فَنَيْنا فيهِ أَنْغاماً
وأَفْنَيْنا فُصولاً لا تَفي بالعَهْدِ
حتَّى ضَحِكَ الوَرْدُ
فَكُنَّا لَونَهُ الزَّاهي.
أَتَيْنا من لَهيبِ الوَقْتِ
نَجْتَرُّ مَرايانا بِلا وَجْهٍ
تَوَحَّدْنا بِهِ،
بَعْدَ نُضوجِ اللَّوْزِ،
صِرْنا وَجْهَهُ الباهي.
أتَيْنا
كَيْ نُعيدَ الزَّيْتَ للزَّيْتونِ
قَبْلَ القَطْفَةِ الأولى.
وَنُلْقِي جَمْرةَ اللهِ
على الأَرْضِ
لَقَدْ ضاقَ بِنا الكَوْنُ
ومازِلْنا نُغَنِّي عَوْدَةَ الطَّيْرِ
الذِّي يأْكُلُهُ المَنْفَى ..
شَرِبنا البَحْرَمرَّاتٍ
على بوَّابةِ النّهْرِ
فَما قَرَّبَنا المِلْحُ
إلى اللاّةِ ولا العُزَّى،
ولَمَّا اسْوَدّ وَجْهُ العُرْبِ(51/219)
صِرْنا صَفْحَةً سَوْداءَ
في إضْبارَةِ الدَّهرِ.
أَجَلْ إنَّا نُحِبُّ المَوْتَ،
حتَّى تَطْفَحَ البِئْرُ بِما فيها ...
وتُلْقَى رايةُ الأَعْرابِ
والحاخامُ في البِئْرِ.
أَجَلْ إنَّا نُحِبُّ المَوْتَ،
حتَّى تَرْتَوي الأَحْجارُ
بينَ القبْرِ والقَبْرِ.
أَجَلْ إنَّا نُحِبُّ المَوْتَ
في الإصْباحِ والإمْساءِ والفَجْرِ.
نُحِبُّ المَوْتَ،
مَهْما قالتِ الأعْرابُ آمنَّا
بِفَتْحِ البابِ
للخَفَّاشِ والعَنْقاءِ والنَسْرِ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ساكن الظل
ساكن الظل
رقم القصيدة : 6977
-----------------------------------
ألا أيُّها المُتَوَشِّحُ ثَوْباً من الحُزْنِ،
أسْهَبْتَ في الصَّمْتِ ..
ما كُنْتُ أَعْلَمُ
أن الَّذينَ يُقيمونَ في الظِلِّ مَوْتى
إلى أنْ تَقَيَّأتَ ظِلَّكَ ..
كُنْ كَيْفَما شِئْتَ وارْحَلْ
أو ابْقَ معي في القصيدةِ ،
من ذا يُعيدُ إلى الجَسَدِ المُتَخَشِّبِ
ماءً تَبَخَّرَ كالعُمْرِ
سُقْني إليكَ
فقد أزِفَ اللَّيْلُ
واحْمَرَّ وجَهُ السَّماءْ.
أرِحْني ...
وخُذْ بِيَدَيَّ إلى حَيْثُ تَكْمُنُ
فالوَقْتُ أقْصَرُ مما تَظُنُّ
وذاكَ الشُّعاعُ الكَسيرُ
سَيُلْقي بنا في الخَليجِ المُسَهَّدِ ..
أيُّ السَّبيلينِ أوْلَى بهذا السكونْ.
أنا ما تَعَفَّفْتُ،
إلا لأَنَّ اشْتِياقِيَ
أجْمَلُ مِمّا يُخَبِّئُ هذا المساءْ .
سأكْتُبُ حتى الصَّباحِ،
لَعَلَّ الدَّقائِقَ توصِلُ مابينَ قلبي
ومافاتَنِي من حُروفِ الهِجاءْ.
لَعَلِّي أُكَحِّلُ عَيْنَيْكَ بالدَّمْعِ
قبلَ الفِراقِ الطَّويلْ.
تَفَيَّأتُ ظِلَّكَ ..
لكِنَّ بَيْنِي وبَيْنَكَ نِفْطُ القَبيلةِ
ليْتَكَ تُشْعِلُ هذا الفَتيلْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> غربة وغبار
غربة وغبار
رقم القصيدة : 6978
-----------------------------------
وهُنالكَ،
حيثُ يلوذُ القلبُ بذكراهُ الأولى ..
باللَّهْفَةِ للقافِيةِ البِكْرِ ،(51/220)
وبالجذعِ الشّامِخِ في الصَّحْراءْ.
تحتَ سماءٍ،
تحْجِبُها أشجارُ الثَّلْجِ
تَوَسَّدْتُ الوَحْشَةَ
بين النارِ وبين الماءْ.
تغفو عينايَ على جِذْعٍ
في الغُرْبَةِ لا يَعْرِفُني،
ويباغِتُني الصَّمْتُ بصوتٍ،
يهتفُ في أُذُنَيَّ تَأَخَّرْتَ كثيراً ..
عبثاً هذا القلبُ
يطاردُ حبّةَ رملٍ
تحملها الرّيحُ
وقد غابَ السّاحِلُ والميناءْ.
يا وطناً
غيّبهُ البحرُ وراء البحرِ
أراك بقلبيَ طِفْلاً ..
يحملُ في كفَّيْهِ الشَّمْسَ
وأُماًّ ،
في زاويةِ البابِ تُوَدِّعُني.
وقصيدةَ شِعْرٍ
سطَّرَها الدّربُ على زُوّادَةِ دَرْبي.
ياوطناً ،
غَيَّبَهُ البحرُ وراء البحرِ
أراك بقلبي.
تنفضُ عن كَتِفَيَّ غُبارَ الغُربةِ،
تَنْضَحَ ماءَ الوردِ على وجهي،
وتُخَضِّبُ رأسيَ بالحِنّاءْ.
وطني،
يا أفصحَ ملحمةٍ خرساءْ.
وطني،
يا أصدقَ لحنٍ في الكونِ
ويا أعذبَ ماءْ.
يانخلةَ مريمْ
ياقبرَ ابنِ العاصْ
يابحرَ عمانْ
ياجبلَ الطورِ ويابغدادَ وياصنعاءْ.
حسبي في هذا العرسِ الشّوقْ.
ماجئتُ لكي أشربَ نخبَ الوهمِ،
فقد آثرتُ الغُربةَ
حتى يوصلَ هذا الطّوقْ.
حتى تنطلقَ الناقةُ من مَعْقِلِها
تطوي الأرضَ
مُحَمَّلةً بِلبانِ ظَفارْ.
وتعودُ تُفتِّشُ عن ذاك الرّقَمِ الساقِطِ فينا
لتُعيدَ القيمةَ للأصفارْ.
منذ سنينَ ،
وخيمتُنا مطفأةُ العينينِ
على دربِ وبارْ.
غارقةٌ في الصّمتِ الأعجمْ.
مبهمةٌ كالقَدَرِ المُبهمْ.
شامخةٌ في غاربِ سفحٍ ينهارْ.
ياسوقَ عُمانَ
لقد نَفَقَتْ قافِلَةُ التُّجَّارْ.
ياأهلَ عُمانَ لقد طَلَعَ الفَجْرُ
ولم نَشْتَمَّ دُخانَ السَّمْرْ
من أَطْفَأَ تلكَ النّارْ ؟
من جاءَ بأصنامِ قريشَ
إلى هذا السّاحِلْ ؟
من ساقَ إليها النّخلَ قرابينَ
لكي يُنْحَرَ فَجْراً
بخناجِرِ أهلِ الرّدّةْ ؟
من خَصَّ ابنَ الهيجاءِ بنيشانِ النَّصْرِ
لموقعةٍ لم تولدْ بعدُ
تُسَمّى طُنْبُ الكُبْرى ؟
من عَلَّمَ بُطْرُسَ هذا
فنّ القرصنةِ الدّوليةْ ؟(51/221)
ليحاصرَ قافلةَ ابنِ عميرٍ
خلفَ متاريسِ الصّومال.
أذِّن في هذا البحرِ الرّاكِدِ
يامُصْعبُ
أن الحربَ صليبِيّةْ.
وجياعُ القرنِ الأفريقيِّ
تُدَجَّنُ تحتَ مخالبِ كلبِ الرّومْ.
أذِّن يا مُصْعَبُ،
علَّ البَحرَ الرّاكِدَ هذا يَغضبُ
أوْ ينتفضَ النَّهْرُ
هنالِكَ في الخُرطومْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> إنهم لا يموتون
إنهم لا يموتون
رقم القصيدة : 6979
-----------------------------------
قَضَى اللَّيلُ وانْتَبَهَ النائِمونَ
على وَهَجِ الشَّمْسسِ.
كانوا يُعِدُّونَ حُلماً جديداً
يرونَ بهِ كُلَّ مافاتَهُم
في النَّهارِ البَعيدْ.
وكانوا يَصُكُّونَ أوراقَهُم
للبَقاءِ وللمُلكِ،
حينَ اطْمَأنُّوا إلى غَيْمَةٍ،
زعموا أنّها سوفَ تَهْمي
على غَرْسِهِم.
وظَنُّوا بأنَّ السَّماءَ
تُبارِكُ ما يَدَّعونْ.
قَضَى اللَّيْلُ
وانْتَبَهَ النَّائِمونَ
على صوتِ يحيى،
على عِطرِهِ،
على وقْعِ أنفاسِهِ
في الزُّقاقِ القريبةِ.
قالوا،
لقد عادَ فجراً من الغيبِ
مُنْتَشِراً في البلادِ
على غيرِ هَيْئَِتِهِ ..
فهو أسرعُ مما عهدناهُ
أطولُ
أكْبَرُ
أكثرُ
عيناهُ تستطلِعانِ المدى
في الجِبالِ،
ونعلاهُ تستبِقانِ
على قُحفِ حافلةٍ في الخليلْ.
سلامٌ على روحِ يحيى
إذْ امتشقَ الصُبحَ
من غِمدهِ الأبدِيِّ بِكِلْتا يَدَيْهِ.
سلامٌ على آلِ يحيى
بما أتحفوا الكائناتِ
بهذا الطِّرازِ من الغَرْسِ
هُمْ أُمَّةٌ لا تموتُ ..
إذا ماقضى بُرعُمٌ نَحْبَهُ
نالَ شُرَّتَهُ من يليهِ.
سلامٌ على أُم يحيى
بما أَرْضَعَتْهُ وما لقَّنَتْهُ التَّمَرُّدَ
حتى تضائلَ عُمرُ المسافاتِ في مُقلتيهِ.
يقولونَ عادَ،
وماذاكَ إلا عَطاءُ المُقِلِّ
فأُمُّ النُّبوءاتِ حُبْلَى
بِخَلْقٍ جَديدٍ من الجِنِّ والإنْسِ
ينتظرونَ الأذانَ
على شَفةِ النَّهْرِ واللاّحقينَ بهِم
لكي لا تكونَ لذي حُجَّةٍ حُجَّةٌ
في القُعودِ على سُرُرِ الخائفينْ.
أتى غَضَبُ اللهِ،(51/222)
فاسْتَبْشِروا بالقِطافِ
لقد حانَ مَوْسِمَكُمْ آلَ يَحْيى،
فها قدْ تهاوتْ قرونُ الشياطينِ
ممَّا تَسومونَهُم من عذابْ.
أتى غَضَبُ اللهِ،
فلْتَشْتَري كُلُّ باذِرَةٍ غَرْسَها
ولا تَحْزَنَنَّ إذا ما ذَوَى في الهَجيرْ،
فهذا الغِراسُ
جديرٌ بأَلاّ يموتَ،
وإن شَح في خَلَدِ القانِطينَ السّحابْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> على الطريق
على الطريق
رقم القصيدة : 6980
-----------------------------------
صحائِفُ تَنْطوي.
لُغَةٌ تَوَسَّدُ عُجْمَةَ الأعْرابِ،
رَكْبٌ كان ينوي السَّيرَ
لولا نَجْمَةٌ أَفَلَتْ.
ذُهولٌ هذه الأمْصارُ
لا حِسٌّ ولا خَبَرُ.
كأنَّّ اللَّيلَ حينَ يَلُفُّها
في صَدْرِهِ الثَلْجِيِّ
مَقْبَرَةٌ
تَمُرُّ حِيالها الآمالُ مداً
ثم تنحَسِرُ.
لنا فيها قُلوبٌ
جُلُّها الأحْزانْ.
مُعَلقَةٌ على أبْوابِ مَنْ رَحَلوا ..
وأَسْيافٌ تَقيءُ الصَّبْرَ،
ذابلةٌ على الجُدْرانْ.
تَضيقُ إزاءَها السُبُلُ.
أُسائِلُ كيفَ يَلقى اللهَ
مَنْ يَهْوي بِخَنْدَقِ
من يرى في الصُّلْحِ مَأْرَبَهُ
ولا يهْوي على الأنْفالِ
وِرْداً في الدُجى الكابِي
إذا ما أَسْرَفَ السُّلْطانْ.
وأَسْألُ كيفَ يَلْقى اللهَ
مَنْ لا يَقْتَني كَفَناً
وسَهْماً من سِهامِ اللَّيْلِ
يَتْلوهُ على بَوابةِ الشيشانْ.
كأَنِّي موضِعٌ للطَّعْنِ
بينَ ضُلوعِ هذا الفَجْرِ
يَنْزِفُ ثَوْرَةً
كالبحرِ فوقَ سَواحِلِ الأمْواتْ.
لَعَلَّ الرَّمْلَ يُنْكِرُ بَعْضَ ما أَنْكَرْتُ
ساعَةَ حَرَّفَ المُرْتَدُّ سِفْرَ الحَرْبِ،
ثُمَّ تَأَبَّطَ التَوْراةْ.
لعلي أُلْهِبُ الجَمْرَ الذي
أَلِفَ الرّمادَ، تَطَيُّراً بالثَلْجِ،
علِّي أوصِلُ المَدَّ العَظيمَ
بما تَكَسَّرَ من فُروعِ النّهْرِ،
فالنَّخْلُ المُؤَمَّمُ
ظامِئٌ مثلي ..
يُرَدِّدُ ،
كانَ ياما كانَ
حَوْلَ قليبِنا هذا ..
وجَفَّ الماءُ
جَفَّ الماءُ
جَفَّ الماءُ.
صناديدَ الجزيرةِ(51/223)
كيفَ نحيا دونما رِيِّ ؟
نُحاصَرُ كالنِّياقِ الجُرْبِ
بينَ النِّفْطِ والصَّحْراءْ.
و جَفَّ الماءُ
جَفَّ الماءْ
جَفَّ الماءْ
صناديدَ الجزيرةِ
كيف نُوقَ الذُلَّ ؟
والقُلَّيْسُ يَقْعي تارةً أُخْرى
على هاماتِنا الشَمَّاءْ.
وجَفَّ الماءُ
جَفَّ الماءُ
جَفَّ الماءْ.
صناديدَ الجزيرةِ
أَيُّ دينٍ ذلك الموقوفُ
بينَ زِيارَةِ الأمواتِ والفُقَهاءْ.
صناديدَ الجزيرةِ
لَسْتُ إلا موضِعاً للطَّعْنِ والتَّمْزيقِ
فلتَمْضِ السِّباعُ
بهذهِ الأشْلاءْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الطريد
الطريد
رقم القصيدة : 6981
-----------------------------------
رَأَيْتُكَ ذاتَ هَجِيرٍ
تَجُرُّ السَّلاسِلَ
والشَّمْسُ تَقْدَحُ في أُمِّ رَأْسِكَ
ناراً خُرافِيَّةً ..
كنتَ وحدَكَ
بينَ الجَزيرةِِ والشّامِ
تومِئُ في سَخَطٍ للقَوافلِ
مُتَّشِحاً بالسَّرابْ.
وها أنْتَ ذا،
تَتَفَيَّأُ ظِلَّ البنادِقِ،
توصِلُ أوَّل هذا التُّرابِ بآخِرِهِ
والقوافِلُ حولكَ
تُلقي بأوراقِها في الترابْ.
ولو أنَّ أهلَ القُرى آمنوا،
لَوَضَعْتَ السِّلاحَ،
وأَسْرَجْتَ خيلَكَ غَرْباً
تُريدُ بها وَجْهَ ربِّكَ
لكنّهُم مَرَقوا
كالذِّئابِ الطَّريدةِ من كُلِّ بابْ.
ستبقى وحيداً
تُكَفْكِفُ عن مُقلتيكَ النُّعاسَ
تُفَتِّشُ عن نجمةٍ في السّماءِ
تُضيءُ لك الدربَ،
فالجُنْدُ خلفكَ
والجُنْدُ حولكَ
والجُنْدُ بين يديكْ.
وما نقموا منكَ
إلا أن اتَّقَدَ الحقُّ
بينَ ضُلوعِكَ
ثم انْبَرَى لَهَباً
يَتَأَجَّجُ في وجْنَتَيْكْ.
وما نقموا منكَ
إلا امْتِدادَكَ نَهْراً
بهذا الجفافِ
وشدْوَ النَّخيلِ
على ضِفَّتيكْ.
بلادُكَ تغفو على عَفَرِ الكونِ،
ثم إذا ما نَفَضْتَ غُبارَ الهزيمةِ
عن ثوبِها
و غَسَلْتَ ضَفائِرَها
بالنَّدى المُتَحَدِّرِ من زَهْرِ عينيكَ
قالوا تَمَرَّدَ
تلكَ أَمانِيُّهُمْ ..
ما راقونَ بأفواهِهِمْ
كلما شَبَّ عَمْرٌو على الطَّوْقِ
زادوهُ طَوْقاً ..(51/224)
ألا أيُّها المُتَمَرِّدُ ،
هذي الفَيالِقُ
مهما تَجَلَّى بها البَأْسُ وهمٌ.
وتلكَ السّجونُ التي ينْصِبونَ انْعِتاقُ.
وتِلْكَ الجِباهُ التي تَتَوَضَّأُ بالنُّورِ
قُدْسِيَّةٌ،
لا تَخِرُّ لِغيرِ الإلهِ
وذاكَ العِراقُ المُخَضَّبُ بالحُزْنِ
مهما توالى عليهِ الجَحيمُ عِراقُ.
ألا أيُّها المُتَمَرِّدُ،
لا يَخْدَعَنْكَ الرُّكامُ البَليدُ
بما يَدَّعيهِ
فما الحِلْمُ إنْ شَذَّ
عن مَوْضِعِ الحِلْمِ
إلا خوارٌ،
وما الحِكْمَةُ المُسْتَكينَةُ
في مَوضِعِ السَّيْفِ
إلا نِفاقُ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> فساد الملح
فساد الملح
رقم القصيدة : 6982
-----------------------------------
كساقيةٍ فوقَ هذا اليبابِ
تفيضُ بِدهرٍ منَ الصَّمْتْ.
تُقاسِمُكَ الرِّيْحُ وحشتَها والمَدى
والعيونَ اللَّواتي اشترينَكَ
من ألفِ عامْ.
أتيتَ وقد فَسَدَ المِلْحُ،
لَمْلَمَتِ الأرضُ أطرافَها للرَّحيلِ
وبَحْرٌ تَجَرَّعْتَهُ
مَوْجَةً مَوْجَةً
باعَ زُرْقَتَهُ في الظلامْ.
تدورُ وعيناكَ نافِذَتانِ
تَجوبانِ هذا الفَراغَ،
وقَلْبُكَ نافِذَةٌ للقَمَرْ.
أُناديكَ،
يابَدَويَّاً تَغَرَّبَ في جِلْدِهِ
لمْ يََعُدْ في الزَّمانِ المُسافِرِ
مُتَّسَعٌ للبَقاءِ
ولا مَوْضِعٌ للسَّفَرْ.
نُخَيْلاتُكَ الباقِياتِ على عَهْدِهِنَّ
تَحَنَّيْنَ بالحُزْنِ،
أَقْسَمْنَ ألا يُبايِعْنَ هذا الشتَاءَ
وأَلاَّ يُغَنِّيْنَ هذا المَطَرْ.
لِعَيْنَيْكَ بَوْحُ النَّشيدِ المُكابِرِ
في زمنِ الصَّمْتِ
يا موغلاً في النَّخيلِ
وفي العِشْقِ،
للذارياتِ
يَجُبْنَ ثُغورَ الصَّباحِ المُرابِطِ
يَحْمِلْنَ عَرْشَ الرّشيدِ
على سَعَفِ النَّخْلِ
بين الفُراتِ ودِجْلَةَ
يُخْفينَهُ تحتَ أصْفادِ بابِلَ
كي لايراهُ المَجوسْ.
فَها هُوَ ذا يَزْدَجَرْدُ
يُلَوِّحُ بالنَّارِ ثانِيَةً
والجزيرةُ تَجْتَرُّ حَرْبَ البَسوسْ.
وهاهُوَ يَضْرِبُ أَسْوارَهُ
حولَ أسوارِ "مالكْ".(51/225)
يُلْقي بمَرْساتِهِ فوقَ صَدْرِ الخَليجِ،
يُلَقِّنُهُ الفارِسِيَّةَ
والأَزْدُ يَحْتَلِبونَ العزائمَ
كلٌّ على قَدْرِ ناقتِهِ.
أيها البَدَوِيُّ الجَريحُ
على حَرْفِ هذا الزمانِ
إليكَ يدايَ وعَهْدِي،
وما تَرَكَ الفاتِحونَ على غُرَّةِ اللَّيلِ
فالدَّرْبُ أقْصَرُ مِمَّا تُشيعُ القبيلةُ
ذي قارُ آتيةٌ كالنّوارِسٍ
والقادِسِيَّةُ لمَّا تَزَلْ
ثّوْرَةً في الرِّمالْ.
على حرفِ هذا الزمانِ
تَطَرَّقْتُ يوماً
وأَرْسَلْتُ قلبي على غَفْلَةِ اللّيْلِ
طائِرَ شوْقٍ
يَتوقُ إلى عَبَقِ الياسمينْ.
وأَسْدَلْتُ فوقَ القديمِ منَ الشِّعرِ جَفْني ..
لَعَلِّي أَرى فيه شيْئاً
يُعيدُ الحُروفَ التي غُيِّبَتْ
في حنايا السِّنينْ.
لَعَلِّي أَرى نَوْرَساً
شاءَ ألاَّ يغيبَ طَويلاً
وآثَرَ أنْ يَسْبِقَ العائِدينْ.
على حرفِ هذا الزَّمانِ
وحيثُ تكونُ النُّجومُ البَعيدةُ
أقربَ للقلبِ،
تَفْنى المسافاتُ،
يَتَّصِلُ الصُّبْحُ بالصُّبْحِ
والبُرْتُقالُ بِيافا.
تُعودُ إلى الرَّملِ رائِحَةُ الطَلِّ،
يَلْتَحِمُ الوطنُ المُتَناثِرُ
في قلبِ سَوْسَنَةٍ
تَشْتَهي الدِفْءَ،
توقِظُنا الذِّكرياتُ
فنورقُ رَغْمَ الخَريفِ
ونُزْهِرُ رَغْمَ الشتاءْ.
هنا لا تُسيءُ الطُّيورُ
ولكنَّها تَتَطرَّفُ في الصَّحْوِ
إنْ فَسَدَ المِلْحُ
أوجُيِّرَ الشُّعَراءْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الحقيقة
الحقيقة
رقم القصيدة : 6983
-----------------------------------
غادَرْتُ يوماً دَوحَةَ الأحْلامِ،
أنشدُ دَوْحَةً أُخْرى
تُبادِلُني الحقيقةَ
فانْتَهيتُ إلى سرابْ.
سلَّمْتُ أمري ..
واعْتَزَلْتُ الرَّكْبَ،
علَّ النّاَقَةَ العَرْجاءَ
تُرْشِدُني إلى ما أشتهي ..
فهي التي تقوى
على وَهَجي وشَوْكي وارْتِحالي،
دونما لغة تُفَسِّرُ آهتي
وثباتَ رأْسي في الطَّريقْ.
خضَّبتها بالوَرْسِ
فانْتَصَبَتْ،
تَجِسُّ برأْسِها صَدْري
لِتَسْمَعَ ما أقولْ.(51/226)
ياأيُّها السِرُّ الدَّفينُ ألا انْجلِ،
قالتْ
فأَضْمَرْتُ البُكاءْ.
حدَّانِ كم أخشاهُما:
جَلَدي
ودَمْعَةَ ناقَتي.
ودَّعْتُ أرضَ المِسْكِ
مُصفَرَّ الجبينِ
كنَبْتَةٍ في الظِّل
تَحْمِلُ جَذْوَةَ الشَّمْسِ.
وخَرَجْتُ من دنيا الخيالِ
بِفِكْرَتي زمناً
يُلاحِقُني الكلامُ،
فأنْتَقي منهُ الحزينَ
لِفَرْطِ مااسْتشرَى السَّوادُ
بضِحْكَةِ الأَمْسِ.
يا أيُّها التَّاجُ المُوَشَّى بالنُجومِ
إلامَ يعبدُكَ الجرادُ ؟
وأَنْتَ أوْهى مايكونُ الجَدْبُ ..
لستُ جرادةً ..
بل صفحةُ القدرِ الذي
يَهَبُ الحقيقةَ وجْهَها.
كُنْ ماتشاءُ،
فلنْ يجيبكَ في الظلامِ
سوى الجرادْ.
ما اعتَدْتُ صدقَ نُبوءَةِ الأحْلامِ،
لكنّ الحقيقةَ كذبةٌ أُخرَى
يُسَوِّغُها الشُّذوذُ بألفِ بابٍ
كلُّها تُفْضي إليهِ.
فهل لنا بابٌ،
سوى كشفِ الغِطاءِ عنِ السُّؤالِ
وقلبِ ميزانِ الأُمورِ بِكَفَّتيهِ!
أم هل لنا دربٌ،
سوى تلك التي تَرَكَ القطيعُ
فظلَّ عمَّا يدَّعيهِ.
أنا ليس لي وجهٌ سوى وجهي،
ولا لغةٌ،
سوى تلك التي أُرْضِعْتُ
قبل اللََّثْغَةِ الأولى،
ولا قلبٌ
يُقَلِّبُهُ المُقامِرُ في يديهِ.
أنا قِصَّةٌ تُحْكى،
إذا يَبِسَ الرَّمادُ
على شِفاهِ الجاهِلِيَّةِ في عُكاظْ.
أنا همسُ ساقيةٍ بأُذْنِ الرِّيحِ
تُنْبِئُها بما قد كان
من أمرِ الذين تراجعوا
عن موكبِ الشَّهداءِ في أحدٍ.
وما قدْ كانَ من أمرِ الرُّماةِ،
وما اسْتَجَدَّ من النِّفاقِ الصِّرْفِ
والكُفْرِ البواحِ.
عن جنَّةٍ،
قالوا سترجعُ
بالكثيرِ من الكلامِ
أو القليلِ من الكِفاحِ.
أنا ما عَجِبْتُ
لمن يموتَ علىالتخومِ
فداءَ خيمَتِهِ الصَّغيرَةِ،
بل عَجِبْتُ
لمن يُريدُ الأرْضَ
كامِلةَ التُّرابِ بلا جراحِ.
أنا ليلةٌ تَعِبَ السُّهادُ بها
ونامَ مُعَطَّراً بالشِّعْرِ،
فاسْتَيْقَضْتُ
من حُلُمِ الخواطرِ،
حامِلاً قبسَ الحقيقةِ
فوقَ أكتافِ الصَّباحِ.(51/227)
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> للنخل عيون
للنخل عيون
رقم القصيدة : 6984
-----------------------------------
هل حَدَّقْتَ بوجهِ النَّخْلَةِ
إذْ هَمَسَتْ نسمةُ صبحٍ شاردةٌ
في أذنِ الزيتونْ ؟
أو باغتَكَ الفجرُ،
فجئتَ على خيطِ الشَّمْسِ
لتمسحَ دمعَتَها .. ؟
هل تدري أن النَّخْلَةَ لا تسقُطُ
في الحدِّ الفاصلِ بين القلبينِ
وتمتَدُّ إلى اليامونِ
إذا سَقَطَتْ زهرةُ لوزٍ
سهواً في اليامونْ.
هل داعبَكَ الشَّوْقُ
وأنت تَشُقُّ عُبابَ الصُّّلْحِ
بخارِطةِ الجَوْعى ؟
أم أنّكَ أحْرَقْتَ الزيتَ على بابِ أريحا،
ونثرتَ على طاولةِ البيعِ أهازيجَ الزَّعْتَرْ ؟
وَوَثَبْتَ بِخِنْجَرِكَ الثَّوْرِيِّ
على خاصِرَةِ القُدسِ
ونحنُ نراقِبُ عن كثبٍ
كالثورِيّينَ جميعاً،
ونَفَضْتَ يَدَيْكَ بلا خَجَلٍ
وأدنْتَ الخِنْجرْ.
يالغةً
تورثُني الموتَ وأعشقُها.
ماذا يُجدي الشِّعْرُ ؟
إذا غُلِّقَتِ الأبوابُ إزاءَ الشَّمْسِ
وآثَرَتِ الأزهارُ فصولاً أُخرى
وتَنَكَّرَتِ الأرضُ لقافيتي ..
يالغَةً
تَتَكَسَّرُ فوقَ رصيفِ الشِّعْرِ
وتَحْمِلُها الرِّيحُ بعيداً،
كم أنتِ مُكابرةٌ في هذا الليلْ.
تتقاسَمُكِ الأقلامُ
ولا يقرأُ عينيكِ سوايْ.
من لي في هذا البحرِ
إذا ما اشْتَقْتُ لحرفٍ
يَفْضَحُ قلبي،
أو لصلاةٍ تحتَ القُبَّةْ ؟
من منكم يقرأُني ثانيةً
قبل تمامِ البَيْعَةِ ،
من منكم يَمْنَحُني قَلْبَهْ ؟
سَفَرٌ هذا العُمْرُ
وقارِبي المَشْحونُ
يسيرُ وحيداً ..
تتلوهُ الأمْواجُ،
ويمضي ..
كالنجمةِ،
يصغرُ يصغرُ يصغرُ ..
والساحلُ ينأى ..
حتى صارَ كخيطٍ
يَلْتَفُّ على عُنُقِي ..
يَدْفَعُني البحرُ
إلى البحرِ
وأدفعُهُ،
كي أغرقَ في بحرِ الشَّفَقِ.
سَفَرٌ وبِحارٌ ورِياحٌ وأُكابِرُ
حتى في غَرَقِي.
رُحْماكَ إلهيَ
أهْلَكَنا السّوءُ،
ومازِلْنا نَتَمَسَّحُ
في ذيلِ الدُّنيا
ونُخَضِّبُ نَعْشَ كرامتِنا
بدموعِ الزَّنْبَقِ والحَبَقِ.(51/228)
عبثاً تتصابى الثورةُ
في هذا العُمْرِ
وتحلُمُ بالزهرِ وبالورقِ.
تَتَأَبَّطُ غُصْنَ الزَّيْتونِ المُنْهَكِ،
تَفْرِشُ كوفِيَّتَها للرَّشّاشِ ليغفو،
فالشّارعُ يغفو ..
والفارسُ يُسْدِلُ جفنيهِ
على وهمِ العودةِ
ثم ينامْ.
ماكانَ معي
غيرُ حفيفِ النخلةِ
حينَ تَسَلَّلْتُ إلى كَبِدِ الرِّيحِ
وَأَوْقَدْتُ بها حطبَ الأَيّامْ.
ودَسَسْتُ الحَرْفَ
بكأسِ زنادِقةِ اللَّيْلِ
وعَلَّقْتُ الفأْسَ
على غارِبِ أكبرِهِمْ.
كانَ الشَّرْقُ
يَغُصُّ بِلَحْنٍ يَمَنيٍّ
يَنْبُشُ ما خَلَّفَهُ الأجْدادُ
بِصَحْراءِ القلبِ،
يَغُصُّ بقافيةٍ
تشربُ كُلَّ بُحورِ الشِّعْرِ،
وتَغْرَقُ في دمعةِ سَوْسَنَةٍ،
تسجدُ للهِ
وتبكي ..
في النصفِ الآخِرِ
من ليلِ الغُرَباءْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> احتضار المساء
احتضار المساء
رقم القصيدة : 6985
-----------------------------------
صباحُكَ أَزهَى ..
دَعِ النائِحاتِ،
فما أنتَ أوَّلُ كبشٍ
تُسَنُّ المُدى حولهُ ..
لستَ إلا احتضاراً
لهذا المساءْ.
صباحُكَ رجعٌ
لهمسِ القُبورِ جديدٌ،
صهيلٌ على بابِ غَزّةَ،
زنبقةٌ عندَ مرجِ الزُّهورِ،
تُخَبِّئُ في صدرِها جمرةً للشِّتاءْ.
دَعِ النائِحاتِ يُمَزِّقْنَ أَثْوابَهُن
على شُرُفاتِ المنازِلِ،
يُطلينَ أَوْجُهَهُنَّ بِقارِ الهزيمةِ،
يُشْعِلْنَ في كُلِّ ناحِيَةٍ كربلاءْ.
بلا دفَّةٍ هذه الفُلكُ تجري ..
ونحنُ الشِّراعُ الذي مااعْتلى الفُلكَ
إلا إلى ضَفَّةٍ وارِفةْ.
سُدًى نَتَفَيَّأُ ظِلَّ السَّحابِ
سُدًى نُحسِنُ الظَّنَّ بالبحرِ
كيْ نَأْمَنَ العاصِفةْ.
هُنا بينَ هذي الجِفانِ
المليئةِ بالجوعِ
يَفْتَرِشُ الفُقراءُ الزمانَ.
هنا حيثُ تَنْتَصِبُ الخَيْمَةُ القُرَشِيةُ
تَنْتَصِبُ الضِّفتانِ،
بيوتاً وأَرْصِفةً ومآذنَ
تَسْتَشْرِفُ الفَجْرَ
خَلْفَ الجِبالِ القَريبةِ.
توغِلُ في الصَّمْتِ
شَيْئاً فَشيْئاً،
فَثمَّةَ قطرةُ زيتٍ هُنالِكَ(51/229)
تُشْعِلُ كُلَّ المَصابيحِ،
كُلَّ القُلوبِ التي نالَ منها الظلامُ.
استعِرْ أَيها الحَنفِيُّ المُكبَّلُ بالحُزنِ
فالحربُ أَوَّلُها السِّلمُ،
أَوَّلُها وقفةٌ عند مَفْرَزَةِ الجُندِ،
طَرْقٌ على رَأْسِ هذا الغُثاءِ،
استعِرْ أيها المُتَحَفِّزُ مُنذُ الوِلادةِ
فالصُلْحُ والمَلَكِيَّةُ والنفطُ
جِسْرٌ لأحْذِيةِ العابرينْ.
أتيتَ غريباً منَ العُمْقِ،
لكنَّهمْ يُدرِكونَ الحقيقةَ
أنَّ الذي يَتَعَقَّبُ أَوْثانَهُمْ
كان يوماً هُنا،
نالَ من هذهِ الأرضِ شُرَّتَها
واسْتَقى الأَبْجَدِيَّةَ في الحُبِّ
منْ صَدرِها
جُرعَةً للطَّريقْ.
وهُم يُدركونَ
بأن الطُّيورَ تعودُ
إذا حانَ موسِمُها
والعناقيدُ تَدنو من الأرضِ
في ألقٍ،
واحتضارُ المساءِ بشيرٌ
بما تعدُ الشَّمسُ حين تَفيقْ.
كأَنِّي بِهمْ
يَضْرِبونَ المساميرَ حولَ المساجِدِ
فالفجرُ يقتربُ الآنَ،
والقهْوةُ اليمنِيَّةُ
تغْلي كشارِعِ غَزّةَ،
والنّيلُ ينفضُ عن كتفيهِ الزبَدْ.
أجلْ إِنَّها الطَّلْقَةُ الفَصْلُ
تُكْمِلُ دَوْرَتَها اليومَ،
فالشَّارِعُ الرَّطْبُ
واللاّفِتاتُ القديمةُ
تُنْبِئُ عن جيفةٍ
سوفَ يَحْمِلُها النَّسْرُ
هذا الصباحْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> وآخرهم أبو الصعاليك
وآخرهم أبو الصعاليك
رقم القصيدة : 6986
-----------------------------------
من الشرفةِ البِكرِ
كانَ يُطِلُّ ..
كصقرٍ،
يتوقُ إلى موسِمِ الصَّيْدِ،
تَنْسابُ عيناهُ بين الجُموعِ
تُسافرُ ،
ثم تُسافرُ
ثم تعودُ إلى رأْسِهِ
بغُبارِ السَّفَرْ.
فأغْلَقَ نافِذَةَ الحُزْنِ،
أغْمَضَ جفنيهِ،
واسْتَلَّ من جيبِهِ قَلماً
وانتحرْ.
تجلَّيتَ يافارسَ النّورْ.
طويتَ المراحلَ،
ذُبتَ قصائدَ تُتْلى ..
أَسْمَعْتَ من لم يَكُنْ يُتْقِنِ السَّمْعَ،
قد مُتَّ
كي لاتموتَ الحقيقةُ
في الشُّرُفاتْ.
تَشَرَّبْتَنا
ثم ألْقيْتَنا قِصَّةً للخليقةِ مُبهمةً ..
كان رأسُك متَّقِداً بالجنونِ(51/230)
وقلبُكَ يعزِفُ عُمراً
يُشيرُ إلى نجمةٍ في سمائِكَ.
كُلُّ الحروفِ التي قتلتْكَ
تتوقُ إليكَ
وكُلُّ الذين يَصُدّونَ عنكَ
بكُلِّ المواقعِ
شَدُّوا إليكَ الرِّحالْ.
على صَهْوَةِ الشَّوْقِ جاءوا،
من النَّكَباتِ
من الجوعِ
من كُلِّ نافذةٍ
وجْهُهَا للجليلْ.
من البحرِ
من كُلِّ زيتونةٍ
فرعها في السماءِ
من الرَّمْلِ
من زقزقاتِ الطُّيورِ
من الصُّبْحِ
من همساتِ النَّخيلْ.
تَجَلَّيتَ فيهمْ،
وهذا الذي بين أَضلاعِهِمْ
قَلْبُكَ اليَعْرُبِيُّ الذي ليسَ يكذِبُ.
فانهضْ كما كنتَ
وافتحْ لهمْ بابَ عينيكَ
يَشتعلِ الكَوْنُ صُبحاً جميلْ.
ليعلمَ كُلُّ الصَّعاليكِ حينئذٍ،
أن بابَكَ أوسعُ من بابِ كسرى ..
وصبحَكَ أجملُ من صبحِ كسرى ..
وأن صواريكَ
لماّ تَزَلْ في سماءِ المحيطِ
تُرَدِّدُ ترنيمةَ السّاحلِ المُسْتَباحْ.
أَيُقتلُ حُلْمُ فلسطينَ في عُقْرِ قلبِكَ ؟!
من للسَّواحلِ ؟
من للصَّعاليكِ ؟
من للجياعِ ؟
على أيِّ سفحٍ من الوهمِ
تَهْي الجِراحْ ؟
وفي أيِّ مُعْتَرَكٍ تُستباحْ !
وتلك المصاحفُ،
لماَّ تزلْ في شباكِ السلامِ
مُعَلَّقةً في رِقابِ الرِّماحْ.
فهل سلبوكَ الجنونَ
على عتباتِ الكلامِ المدبَّجِ ؟
يا مُفْعَماً بالجنونِ
لقد سلبوكَ السِّلاحْ.
وليسَ لمن لمْ يُخَضِّبْ جناحيهِ بالدّم
أن يسبقَ السِّربَ نحوكِ يافا ..
ويُرْجِعَ من قاعةِ الاحتضارِ بمدريدَ
شبراً من الأرضِ
أو ومضةً من صباحْ.
فعُدْ مثلما كنتَ
ياابنَ أبي الأرضِ
خُذ موقعاً عندَ أيَّةِ بواَّبةٍ
قد تُطل على وجهِ زيتونةٍ
تحتويكَ بأغصانِها ..
واسْتعِذْ بإلهكَ،
ربِّ الصعاليكِ
لا بإلهِ السَّلامِ المُطَأطىءِ
ثم اشتعلْ ثورةً
للصِّراعِ المؤبَّدِ
لا للخِطابِ المُهَوَّدِ
بين مُقاطَعَةٍ وانْفِتاحْ.
وربِّكَ لنْ ترجِعَ القُدْسُ
إلاَّ على جُثَثِ المارقينَ
بكُلِّ البلادِ التي وقَّعتْ
صَكَّ بيعِ الشُّعوبِ
ونزعِ السِّلاحْ.
رِياحَ الصَّعاليكِ،
مُرِّي على كل ثَغْرٍ(51/231)
بكأسٍ تجرَّعتُها مُفْرداً ..
واغرسي وردةً
عند كل تلاوةِ فاتحةٍ
واشهدي يارياحْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الوعد
الوعد
رقم القصيدة : 6987
-----------------------------------
ها أنا عُدتُ يامصرُ
على الوعدِ.
ها أنا عُدتُ،
ولكنْ
هذه المرَّةَ وحدي.
عدتُ كي أكتبَ للنّيلِ جديداً
إنَّما يامِصرُ عذراً،
ليسَ بالوردِ.
كلُّ شَيءٍ فيكِ
يبدو مثلما كانَ جميلاً،
كعيونِ النيلِ،
كالأشواقِ،
كالوُدِّ.
إنما يامصرُ،
ماجدوى رُجوعي ؟
ونشيدي موجةٌ حيرَى
على صدرِ الخليجِ المُرِّ
بين الجَزْرِ والمَدِّ.
يسقُطُ الحرفُ على مسقَطَ سَهْواً
من ذُرَى القلبِ
لِيَبْنِي خيمةً للحُزْنِ في نجدِ.
أيها النّيلُ
تقاسَمْنا هُمومَ الوقتِ والشَكْوى
ولكن غِبْتَ عامينِ
فهل تدري بما عندي.
أنتَ مهدي إنْ تذكّرتُ
ولحدي إن تأملتُ،
فما أقصاكَ من مهدٍ
وما أدناكَ من لحدِ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> انتظار
انتظار
رقم القصيدة : 6988
-----------------------------------
انا واللَّيلُ
والصّمْتُ الثّقيلُ وموعدي،
وملامحُ الآتينَ
من قلبِ الجنوبِ القَفْرِ
وجها عاشقينِ.
تلاقيا،
شفتينِ من عَطَشٍ
هما النهرُ الذي يَرْويكَ ياولدي.
فلا تَجْزَعْ
إذا قَبَّلْتُ رأسَكَ
ثم غادرتُ المعاقلَ كلها طَلَلاً ..
أُسافِرُ عنكَ ملءَ الكونِ خاطِرةً
وأشتاقُ.
وأستهدي بنجمِ البائسينَ
بشمعةِ العشاقِ
أستهدي بمن ظلّوا طريقَ القصرِ
من وقفوا على بوّابةِ الدُّنيا
بقنديلينِ من ذهبٍ،
لعصفورٍ من الذّهَبِ.
يُرَدِّدُ قلبُهُ وطناً وأغنيةً،
هي العَوْدُ المؤجَّلُ
والضُحى المَنْفِيُّ
خلفَ مرافئِ الدُّنيا.
أنا واللَّيلُ،
مملكةُ النخيلِ
وموعدي،
طوقٌ من الأشْواقِ
حولَ التينِ والزيتونِ والعِنَبِ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قبلة إلى بغداد
قبلة إلى بغداد
رقم القصيدة : 6989
-----------------------------------(51/232)
بنصفِ رغيفٍ،
بنصفِ مجنزرةٍ،
قد رفعتَ الستارْ.
وعَرَّيْتَ ماشاءَ ربُّكَ
كُلَّ الوجوهِ،
لكي يعرفَ النّاسُ
أن الظَّلامَ،
يُعَرِّيهِ بالنّورِ نصفُ قَمرْ.
وأمْهَلَتنا فُسْحَةً
من زمانِ الخِلافةِ
حتى نُعيدَ الموازينَ،
لكِنْ تَعَجَّلْتَ ..
أو قُلْ نَسيتَ
بأنَّكَ لستَ الرشيدَ
وليسَ بنا ذرَّةً من عُمَرْ.
حياتي بحبَّةِ طلٍّ
على نخلةٍ في العراقْ.
تُرَوِّعُها الرِّيحُ من كُلِّ صَوْبٍ
فديتُكَ ..
لو كان سَيْلُ القنابلِ ورداً
يُساقِطُ فوقَ الفُراتِ
لفاضَ الفُراتْ.
أنا مانسيتُكِ ،
لكِنَّنِي ،
بِتُّ منذُ انْحِسارِ الغِطاءِ
عن الشّارِعِ الأَعْجَمِيِّ
أُلَمْلِمُ ما خَلَّفَتْهُ الحوادِثُ
مِمَّا تَبَقَّى من العَرَبِيَّةِ،
أرفو بها شَرْخَ دهرٍ من العُقْمِ
أَوْهَمْتُ نفسي
بأنَّ القصائِدَ
تَرْقَعُ مامَزَّقَ الدَّهْرُ
حتى تَحَجَّرَ في شَفَتَيَّ النَّشيدْ.
فأيْقَنْتُ أَنَّي أُحَدِّثُ نَفْسِي،
وأًَلْفيتُ كُلَّ قريبٍ بعيدْ.
إلى أن تداعى عَلَيَّ الشِّتاءُ
بأَضْرِحَةِ الغابرينَ،
تَبَرَّأْتُ من شارعٍ
يَسْتَلِذُّ بِحَرْقي
وفي صدرهِ جَبَلٌ من جليدْ.
رأوني أُخَضِّبُ كَفِّي
بمِلْحِ الخليجِ،
وأندُبُ،
حتى تمازَجَ دَمْعِيَ بالبحرِ،
لكِنَّهُمْ جَهِلوا
أنَّنِي
لن أُقَبِّلَ كفاًّ
تُشيرُ إلى نَخْلَةٍ
في بلادِ الرشيدْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ما بين النخلة والزيتون قلبي
ما بين النخلة والزيتون قلبي
رقم القصيدة : 6990
-----------------------------------
عاشِقٌ أنتَ،
وهذي الأرضُ مِضْيافٌ
لكلِّ العاشقينْ.
عاشِقٌ أنت
ولكنْ
غيرُ كُلِّ العاشقينْ.
حُبُّكَ الأوحَدُ نَخْلةُ ..
وبقايا خَيْمَةٍ
بين التِّلالِ الحُمْرِ ،
صارتْ مَسْكَناً للوَحْشِ
يُؤْوي تحتها الذِّبُ صِغارَهْ.
حُبُّكَ الأَوْحَدُ بَرْدٌ وشرارةْ.
ورُؤى قَلبِكَ
بُرْكانٌ بأَرضِ الياسَمينْ.
فإلامَ الحُزْنُ ياابْنَ العَمِّ ؟(51/233)
قدْ أَسْرَفْتَ في الشّوقِ
فما خُنتَ وماخانَ التُّرابْ.
ما الكُويتيونَ إلا خُصْلةٌ
من شَعْرِ لَيْلَى ..
بَعْثَرَتْها الرِّيحُ في كُلِّ الشِّعابْ.
ما الكُويتيونَ إلا نَبْضَةٌ في القلبِ
والقلبُ مُصابْ.
ما الكُويتيونَ إلا بُرعُمٌ
قد شابَ من فرطِ الشَّبابْ.
أينَ تَمْضِي ..
أَيُّها العاشِقُ في عِزِّ الظَّهيرةْ ؟
تَمْلأُ الجَرَّةَ من هذا السَّرابْ.
وَرُؤاكَ البِكْرُ،
أَدْهى من تضاريسِ الجزيرةْ.
لو نَذَرْتَ الأرضَ والأحلامَ قبراً،
وتَرَبَّعْتَ عليها لاكْتَفيتْ.
لو قَرَنْتَ الحُبَّ بالعِصيانِ
يومَ الزَّحْفِ سَيْفاً,
وتَسَلَّحْتَ بأدْنى ماتُريدُ الحَرْبُ صَبراً
لَعَصَيْتْ.
لو دَعَوْتَ النَّهرَ في بغدادَ
أن يصنعَ شيئاً،
لاسْتَثَرْتَ الطُّوْزَ في قلبِ الكُويتْ.
ياصديقي،
هذه الصَّحْراءُ تَهْواكَ،
ولكنَّ المتاريسَ التي تقتاتُ منها,
خلفها يمتدُّّ عمرٌ آخرٌ
للقيدِ والجلاّدِ والحُمّى
وألوانُ الشِّقاقْ.
خلفها تمتدُّ أعناقُ الكويتيينَ في المنفى,
وأعناقُ العراقيينَ في قلبِ العراقْ.
لا أرى المِتراسَ إلا غيمةً أُخرى
سَتُلْقي غَدْرها يوماً
كما خانَ الرِّفاقْ.
أَعِناقُ الشرقِ والغربِ
سَيُحْيِي مارداً قد ماتَ دهراً ؟!
إنني ألمَحُ حتفَ الأُمَّةِ السَّمْراءِ يدنو
كُلَّما اشتَدَّ العِناقْ.
يا أخي،
ماذا لو اسْتَنْهَضْتَ أحبابَكَ في كُلِّ مكانٍ
وتَمَرَّدْتَ وأَعْلَنْتَ الطَّلاقْ ؟
أَخُيولُ الرّومِ أَعْتَى ؟!
أم من اسْتَنْشَقَ طَوْزَ الصَّيْفِ،
واستعْلى على الجمرِ
ومازالَ يُغَنِّي ...
إن بيتاً لستُ أرعاهُ بسيفي
ليس بيتي.
وحبيباً لستُ أحميهِ بِجَفني
ليس منِّي.
كيفَ أُمْسي عاشِقاً ..
ثم أُنادي ،
باسْمِ ذاكَ العشقِ من يسهرُ عنِّي ؟
كيفَ يحمي دَمِيَ المَهدورَ ،
من يُهْدِرُ عزمي وصباباتي وفَنَّي ؟
لستُ أنساكِ فلسطينُ،
ولكنْ ، ليسَ ذنبي
إنْ تأخّرتُ قليلاً ،
فجوادي ،
كاد أن يغرقَ في الوحلِ ،
وسيفي(51/234)
صارَ في قبضةِ غيري.
هكذا أصبحتُ،
لمّا أعلنَ الثُوّارُ
أن النَّصْرَ يأتي بالتَمَنّي.
كيف أنساكِ،
وقلبي لم يزلْ يحملُ قنديلاً وزيتاً ؟
وضلوعي،
خيمةُ العرسِ التي
ما اسْتَسْلَمَتْ للرِّيحِ
رغمَ الحُزنِ والجوعِ
وما أعلنَ أربابُ القرارْ.
كيفَ أنسى طفلةً تحملُ مقلاعاً ؟
وتُلْقي دَمَها للنورِ فخراً
بعدما ألقى دعاةُ السِّلمِ
ملحَ اللَّيلِ في عينِ النهارْ.
إن عاشَ على التَّمْرِ زماناً
ورأى النخلةَ ،
حتماً يعرفُ اللَّيْمونَ في يافا
ومن ربّى على الموتِ صغاراً
كيفَ لا يعشقُ في غَزَّةَ أفعالَ الصِّغارْ ؟!
أيُّها القلبُ الذي يُدعى فلسطينُ ،
لقد بالغتَ في النَّبْضِ
ولكنْ دونَ جدوى ..
ذَهَبَ الدّم هباءً ،
بعدما خارَ الجَسَدْ.
هَتَفَ الدّاعي ونادى:
أيُّها العُرْبُ ..
فلا الماضونَ في تسبيحِهِمْ للسِّلمِ
لبّوا صرخةَ القُدْسِ
ولا البعثُ اتَّقَدْ.
ويحَ ذاك العِقدِ ما أَبْخَسَهُ
نَثَرَ الدُرَّ تِباعاً
بلداً بعد بلدْ.
أَيُّها الشَّعْبُ ،
إذا وافاكَ شيطانُ السَّلاطينِ
وقال النَّصْرُ بالرّومانِ يعلو ..
قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> عروة في المرآة
عروة في المرآة
رقم القصيدة : 6991
-----------------------------------
كئيبةٌ سماؤُك،
مطوق بالضجر من جهاتك الأربع.
تبحثُ عن زاويةٍ للصمت تلوذُ بها،
وعن جهةٍ خامسةْ..
لم يبقَ للآخرينَ خيارٌ،
إلا أن يتركوكَ وشأنكَ،
لتواجهَ مصيرَك ومصيرَهُم ،
لا لشيءٍ ..
إلا لأنك عروةْ.
يتسلّلُ صوتٌ مُتهدّجٌ من عمقِ الصحراءِ،
متعكّزاً على حظٍّ أعرجْ.
يطرقُ جمجمَتكْ،
ويتردّدُ صداهُ داخلَها ..
أوجزْ ..
يتقطّعُ الصوت ،
يتلاشى ..
يعودُ ثانيةً ،
بما يُشبهُ تمتماتِ المعابدِ البوذيّةِ
أوجزْ ..
يختفي الصوت ..
تنتابُكَ حالةٌ من الغثيانِ والشّعورِ بالوحدةِ والخوف،
ترفع يديكَ عالياً ..
تتفقّدُ رأسَكَ،
تمرّرُ يديكَ على وجهِكَ،
تَرْتَخِيانْ ..(51/235)
تسقُطُ اليسرى خارِجةً عن سيطرتِك،
فيما تستقرُّ اليمنى على موضعِ القلبْ.
تُغمِضُ عينيكَ قليلاً،
تجلِسُ تاركاً يديكَ تنسابانِ إلى جانبي المقعَد،
محاولاً استعادةَ توازنِكَ ولملمةَ أفكارِكَ،
مُسْتَفِزّاً ذاكرَتَكَ باستدعاءِ تلكَ الخيوطِ المفقودةِ
والعلاقاتِ التي تربِطُ الصّوتَ بالصدى
والصحراءَ بالإيجازِ
وعروةَ بعروةْ.
تفتحُ عينيكَ ..
فإذا بالمكانِ تعلوهُ مسحةٌ من زُرقةِ الحياةِ
وإذا بالصوتِ يعودُ صافياً
وكأنّهُ
ينسابُ من الضميرِ
ليصُبَّ في الضميرْ.
دعوةٌ مُلِحَّةٌ إلى الإيجازِ
ورغبةٌ عارمةٌ في البوحِ
وحبلُكَ مشدودٌ
مابينَ الذاكرةِ والرُّؤى ..
مُنقطِعٌ منْ لا ينظرُ إلى الوراءْ.
أعمى، من لا يُبصِرُ الوردةَ خلفَ هذا الجبلْ.
منافقٌ من ينشطِرُ بين النِّدّينْ.
قوِيٌّ من يمُدَّ بينهما الحبلْ.
ضعيفٌ من لا وُجْهَةَ لهْ.
مارِقٌ من يحزُّ بشفرتِهِ ما اتّصَلْ.
تستحثُّ الخُطى ..
ليلةٌ ،
ليلتانِ ،
ثلاثْ ..
لا يعُدُّ الحِجارَةَ من قادِهُ حلمهُ ..
وحدَها المُعجزاتُ تفيقُ ،
إذا نامَ فيكَ السّؤالْ.
من هُنا،
عند مَواطِىءِ أحزانِنا،
يبدأ الحلمُ ،
وإليها يعودْ.
تِلكُم دورةٌ كاملةْ.
فالخُطوطُ ، لا تَتِمُّ استقامتُها
ولا يكتملُ مداها ،
إلا حينما تُلامِسُ بِداياتِها الأولى ..
- هي الدوائر إذن ..
- لا ..
بل محض الاستقامةْ.
إنكَ تمقتُ الأحلامَ المنقطعةَ ،
تلكَ التي نتلمّسُ أطرافها الأخرى بمنتهى اليُسرِ ،
وتعشقُ تلكَ التي لا تشي إلا بالبداياتْ ..
أنت لا تسْتلذُّ بالعذاباتِ ،
لكنك لا تطيقُ الخديعةْ.
وردةٌ خلفَ هذا الجبلْ.
يستبدُّ بها الخفقانُ
إذا ما تفتّحَ قلبي ..
أنتَ لاتعلمُ الغيبَ،
ولستَ كاشفاً للحُجُبْ،
لكنك لا تُعَوِّلُ كثيراً على عينيكَ
في قراةِ الحُبِّ والأحلامِ والثورة
فتلكَ أبجديّةُ يختصُّ بها القلبْ.
دليلُكَ لا يُخطِىءُ الهدفَ أبداً ..
فهل يُضطرُّ من هذا دليلهُ ،(51/236)
إلى تأجيلِ مشاريعِهِ حتى يطلُعَ النهارْ ..؟
مادامتْ مرآتُكَ صافيةً
فحتماً، أن هذا الذي تراهُ، هو وجهُكَ
وحتماً أن كل الذي تراهُ يتحرّكُ حولَكَ
في هذا الزلزال،
هو محضُ خوفٍ ويأسٍ وارتباكْ.
أجل .. يُمكِنُكَ أنْ تلتفِتَ إلى الوراءِ،
بل يجبُ عليكَ ذلكَ،
إذا أحسَسْتَ بأنّ الفراغَ خلفَ ظهرِكَ يَتَنامى ..
لكِنْ حذارِ أن يبتلعَكَ ذلكَ الوَحْشْ.
وِحْدَتُكَ هي ملاذُكَ الأخيرْ،
حتى تُصبِحَ الفِكرةُ مشاعاً ..
ليس فرداً من يحملُ على عاتقِهِ خلاصَ الجماعة.
وحدهُ الفردُ،
من ذابتْ ملامِحُهُ وسْطَ حَشْدٍ ليسَ له سماتْ.
قابِلٌ أنتَ للتحوّلِ ..
لكنْ ليسَ غلى فراغْ.
هل يستطيعُ أحدٌ أن يجزِمَ،
بأن حباتِ المطرِ هذه
لم تسقُطْ من قبلُ على مكانٍ آخرْ ؟
لم يمُتْ عُروةُ ..
فالأفكارُ لا تموتْ.
ينصحُكَ الذينَ يدّعونَ مودَّتَكَ ،
بأنْ تُلقي ببعضِ سِماتِكَ على الحاجبِ،
قبل لقائِكَ الحاسمْ.
فهل يُشيرُ إلى الحقيقةِ،
من يُمسكُ بعصاهُ من النّصفْ ..؟
نصفُ السؤالِ خوفْ.
نصفُ الإجابةِ إبهامْ.
نصفُ الموقفِ هزيمةْ.
نصفُ الحقِّ باطِلْ.
ثمّةَ أمورٌ،
لا تقبلُ القِسْمَةَ على أكثر من واحدْ
ولا تخضعُ لمنطِقِ فنّ المُمْكِنِ
حتى في بيوتِ الفجورْ.
يقفونَ على منابِرِهِمُ الهشّةِ،
مُلقينَ بِخُطَبِهِمُ الرّكيكةِ
باسمِ الجماهيرِ الأبيّةِ
وتقفُ وحدَكَ صامتاً ..
لتُفْحِمَ الجميعْ.
- أنتَ تتدخّلُ في السياسةِ.
- بل هي التي تتدخّلُ حتى في لونِ حذائي.
خارِجٌ على النّظامِ
من يتّقي الصّفْعةَ بيديهِ،
أو يصرُخُ من شدّةِ الألمْ.
إذا رأيتَ الدّبّابةَ تُزاحِمُ الناسَ في الطّرُقاتِ،
فاعلمْ أنّ الجولةَ للشارعْ.
وإذا رأيتَها مرّةً،
تستعرِضُ مفاتنَها مُغطّاةً بالوردِ،
في إحدى المناسباتِ الوطنيّةَ،
فاعلمْ أنّها ليستْ للحربْ.
ثمةَ كائناتٌ
لم توجدْ إلا لتحقيقِ انحرافٍ ما ..
تقولُ ابنتي :
أيُّنا يستحقُّ العِقابَ،
أنا أمْ أخي ؟ ..(51/237)
أمَنْ يُشعِلُ النّارَ في صُحُفِ اليومِ ،
أمْ مَنْ يُحاوِلُ إطفاءَها ..؟
فأيقنتُ ،
أن الذي يستحقُّّ العِقابَ .. أنا.
كثيرا ما نحلُمُ،
بأن تتحقّقَ أمانينا المؤجّلةُ
في أولادنا ..
فإذا ما حدثَ ذلكَ،
نِدمْنا ..
جميلٌ أن نحلمَ ،
لكن علينا أن نُدرِكَ أنّ زمانَ مُمارسةِ الحلمِ،
هو بالضرورةِ غيرُ زمانِ تحقّقِهِ
ولِكُلِّ أغنيةٍ ،
مُفرداتُها
وموسيقاها.
- .. فلماذا الأحلامُ إِذَنْ ؟
- حتى لا يبتلِعَنا الفراغُ من الخلفْ ..
كعادتِنا ..
في الليالي الطويلةِ
نُقصِرُ من كل شيء ..
ونُخفِضُ أصواتَنا ،
حين يبزُغُ نجمٌ جديدْ.
سواحِلُنا مُرّةٌ ..
وأحلى بشائِرِها ،
أنّها لا تبوحْ ..
سواحِلُنا،
والليالي الطويلةُ
والصمتُ
قهوتُنا في الصباحِ البعيدْ.
* * *
أيها المساءُ الجميلْ.
أيتُها الأبوابُ، التي تُفضي إلى الروحْ.
أيتها النجومُ التي تعملُ بصمتْ.
أيتها الوجوهُ المألوفةُ،
والمُكْتَظّةُ في الذاكرةْ.
ايها الهاربون من قبضةِ التاريخِ
واللّحودِ والجبالِ البعيدةْ.
أيها القلبُ المُنْهكْ.
ايها القلمُ البخيلْ.
ايتها المُستَعمَرةُ الصغيرةْ.
ايها السّجنُ الكبيرْ.
أيها الصّعلوكُ الموغِلُ في القِدَمِ والحداثةْ.
أيها الظالِمُ والمَظلومْ.
أيها الطالبُ والمطلوبْ.
أيها المُحاصِرُ والمُحاصَرْ.
أيها الكسيحُ المُقعدْ.
أيها المُطلِقُ ساقيهِ للرّيحْ.
أيها الصمتُ المُطبِقْ.
أيها البوحُ العظيمْ ..
كم هي الحياةُ ضيّقةٌ
على من يسكنُها،
وفضفاضة
على من تسكُنُهْ ..
قليلٌ من الزادِ يكفي لقطعِ هذه المفازةْ.
يتنادونَ،
بتلك الصحراءِ القفرِ طويلاً
يسمعُ كلُّ مِنْهُمْ صوتَ أخيهِ ولا يُدْرِكُهُ
أما عُرْوَةُ،
بعد أن استَعْمَلَهُ العِشقُ على أعلى تَلٍّ
كان يرى المسرحَ من كُلّ جوانبهِ
ويُفنّدُهم صوتاً صوتاً ..
كان يرى الأشياءَ ،
كما لم تظهرْ من قبلُ لعينٍ ظامئةٍ ..
كان يرى في العُشْبِ اليابِسِ،
ماسوفَ يؤولُ إليهِ العُشْبُ اليابسُ(51/238)
أو ماكان عليهِ ..
كان يرى الدّورةَ كاملةً ..
سدّدْ عروةُ،
قوسُكَ من تلكَ الحبّةِ
والسّهمُ يُشيرُ إلى أكثرِ من هدفٍ ..
هي لحظةٌ نسترقُها في غفلة من الوقتِ،
تلك التي تتّكئُ عليها الأزمنةُ الخالدةْ.
هي خطوةُ أولى في طريقِ السؤالِ،
تلك التي تفتحَ فيضَ الإجابةْ.
إذا أسعَدَكَ حلمكَ الذي تحقّقَ بلا سعي منكَ،
ولم تُشَكّكْ في صدقِ تلك السّعادةِ،
فاعلمْ أنّكَ صيدٌ هيّنْ.
ليس بعدُ
ليلنا أطولُ من هذا الكلامْ.
والرُّؤى جزرٌ ومدٌّ.
لعنةُ التاريخِ تقفوكَ،
وقدّامكَ تاريخٌ ألدُّ.
أنتَ عشقُ النخلِ للنخلِ،
وماللعشقِ والنخلةِ في عُرفِكَ حدُّ.
بثيابِ الحُزنِ غامرتَ، لثوبِ العُرسِ
تستجدي القوافلْ.
تسألُ التجّارَ عن دربِ الحريرِ،
انْشَقَّ وجهُ الدّربِ في وجهكَ دربينِ
وما انشقّ بك العشقُ ..
وسلمى تستعِدُّ.
حيثما عُدْتَ،
وُلوجٌ في الغدِ المُبهمِ،
أو يمَّمْتَ سَدُّ.
مُزَقُ ذِكراكَ
واللُّقيا،
وإن شَحَّ بها الإرعادُ وِرْدُ.
أنت والإقبالُ والإدبارُ،
إقبالٌ على الحتفِ
وحتفُ العاشقِ المَوْتورِ مهْدُ.
أيها النسرُ،
وقد شاءَتْ نسورُ الّلاتِ
أن تتبعَ ماتتلو الحماماتُ
على مُلكِ اليتامى ..
وما خان اليتامى
ولكن الحماماتِ تخونُ.
أيها النّسرُ،
جبالُ اللهِ مأواكَ
فهذا السهلُ يانسرُ ،
شباكٌ وعيونُ.
ليلنا أطولُ من مرثيّةٍ
تُتْلى على قبرِ أبي الفتحِ ..
وئيدةٌ خطوهُ
بين بيوتٍ ، سلبوها الملحَ
أو باعتْهُ للبحرِ مراراً
رأفةً بالبحرِ
أن يفقدَ سيماهُ ، بعينِ الساحِلِ الأعمى ..
* * *
تريده كما هوَ ..
أو هكذا تدّعي ..
وتحبّهُ لذاتِهِ وصفاتِهِ معاً ، أو هذا ما يُحِسُّهُ ويقرأهُ
في عينيها ، كلّما اخْتلى بها في مساحةٍ من البيتِ
منسيّةٍ أو زاويةٍ من زوايا السّكينةِ الخاليةِ من
العلاقاتِ أو التداخلاتِ الأخرى ..
..........
فإذا ما دخل في خِضَمِّ التّفاعلِ متوغّلاَ في
الخصوصيّةِ والحوارِ الساخنِ والمُحتدِمِ بين الذاتِ(51/239)
والصفاتِ، أنكرتْهُ جملةً وتفصيلاً ..
فهي تحبّ أن تراهُ دائماً ، بشكلهِ البسيطِ ، تماماً ،
كالذي ينظرُ إلى لوحةٍ تشكيليةٍ ولأولِ مرّةٍ بشكلٍ
سطحيٍّ ومباشرٍ ، دون المغامرةِ في الكشفِ عن
العلاقاتِ التي تربط الألوان بعضها ببعض،
والخطوطَ المستقيمةَ والمائلةَ منها والأكثرَ ميلاناً،
وغيرَ ذلك من علاقاتِ وملامحِ تلك اللوحةْ.
تحب أن تراهُ مجزّأَ ، مُفَكّكاً ، لكي تستطيعَ هي،
وبطريقتِها الخاصّةِ، إعادةَ صياغتِهِ وتركيبِهِ
بالصورةِ التي تحلو لها، لا التي يحاولُ هو أن
يتلمّسَ ملامِحَها في مرآةِ نفسهْ.
تحبّهُ شاعراً صادِقاً ، وتكرهُ فيهِ الجرأةْ.
تحبّهُ حكيماً متأملاً، وتكرهُ فيهِ الشرودْ.
تحبّهُ بطلاً مغامراً، وتكرهُ أن تراهُ على قمّةِ جبلْ.
تحبّهُ كريماً، وتكرهُ فيه العُسرْ.
تحبّهُ عفيفاً، وتكرهُ أن تراهُ مُصَعِّراً خدّهُ للدنيا.
تحبّهُ فاعلاً، مثابراً، وتكرهُ فيهِ الغِيابْ.
فيالها من امْرأةٍ،
ومن بلدٍ،
تلك التي تقتُلُني،
لأنها تُحِبُّني ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> انكفاءة على إمرأة ووطن
انكفاءة على إمرأة ووطن
رقم القصيدة : 6992
-----------------------------------
في سُترتِهِ يَندسُّ
مُنكفئاً
يتحرّى الكونَ
ويرسمهُ حسبَ رؤاهُ.
فالزّحمةُ تُبعِدُهُ عنهُ،
وتفاهاتُ الشارعِ
تُقصيهِ عن بعضِ سجاياهُ.
ماكان رماديّا أبداً،
كان بياضاً صِرفاً في كلّ الأحوالِ
وكان إذا حلّ الليلُ ونامَ النسّكُ
أفاقَ،
وحمّل بالشوقِ مطاياهُ.
كان يُجاهرُ في صمتٍ
تقرأُ في عينيهِ،
أهازيجَ البحرِ وثورتَهُ
حين تُثَرْثِرُ في الأسواقِ الأفواهُ.
أقصوهُ
ثم اجتهدوا في فكّ طلاسمِهِ
فازداد غموضاً ..
واستعذبَ خُلوتَهُ
وتوسّدَ جُلّ مراياهُ.
كان جديداً كالصّبحِ
ومغسولاً بندى النّخلِ
يمدُّ الكونَ شراعاً
يرحلُ في ملكوتِ الأشياءِ
يُؤَوِّلُها كيفَ يشاءُ.
بِكراً كان العالمُ في عينيهِ
ومشحوناً بالدّهشةِ ..(51/240)
علّمهُ الصمتُ
كلامَ المنسيينَ بأركانِ الليلِ،
فالغَ فيهِ
حتى أجراهُ لغةً كالفُلِّ
على ألسنةِ الطيرِ
وأفئدةِ العُشّاقْ.
كان يخُطُّ الشّعرَ بلا أوراقْ.
ينقشُ في ذاكرةِ الصّحوِ المُطلقِ غفوتهُ
مابين سمائينِ تصبّانِ السّهدَ
بعينيهِ الغارقتين بماء الحبِّ
وتنْصبّانِ به وجعاً حُلواً ..
تعرفهُ حين الصحراءُ تراهُ.
وأرصفة الليلِ الحُبلى بالأسرارِ
تعد خطاهُ.
حين يعودُ من الغيبةِ
متّشِحاً بالشوقِ
يفتشُ تحتَ الجدرانِ المنسيةِ
عن بعضِ بقاياهُ.
نزقٌ،
يوقِفُهُ اللّحنُ الغَجَرِيُّ
على أطرافِ أصابعِهِ
يزرعُ فيه الترحالَ وطعمَ البعدِ
إذا مر بهِ سحَرا كالطيفِ
بما أنْستْهُ الأيامُ.
يوصلهُ برِفاق
مازالوا يرعون النجمَ
ويختطّونَ على الرّملِ قصائدَهُمْ
مازالوا بعْدُ على العهدِ
ومازال يُذَكّرهم بالملحِ
وبالفكرةِ حين تُساورُها الأوهامُ.
نزِقٌ
إلا في الحبِّ
وسهلٌ
إلا حين يضامُ.
هَوَتِ الأعوامُ عليهِ
كأشباحِ الموتِ,
وماحادَ
فما أفلحتِ الأعوامُ.
زُمَراً قاموا ..
لما ألفوه تيمّم بالغيمِ
وصلى الغائب ..
قالوا : ردوه إليكمْ،
حتى لا تفتَتِنَ الأرضُ
أقيموهُ على فيءِ البصرةِ ..
هذا من صُنعِ النخلِ،
تجذّرَ واستعصى ..
وضعَ الدنيا في كفّيهِ وغَرْبَاَها ..
فتهاوتْ من بين أصابعهِ رملاً ..
هذا من صُنعِ اللهِ،
تمرّدَ،
ألقى كل غُبارِ الرّجعةِ
حتى صار شفيفاً
ليس يُرى
إلا حين ينزُّ الجُرحُ بدمعِ امرأةٍ
ترفعُ عن كاهلهِ
قِسْطاً من بوحِ الصحراءِ
أعيدوهُ إلى الفصلِ الأوّلِ
من سِفرِ الأسفارِ
يهيمَ بوحشتِهِ ..
لا امرأةٌ تؤويهِ إليها،
لا قابلةٌ،
تُخرجُ منه الفكرةَ
أو تُخرجُهُ من رَحِمِ الحُزنِ.
دعوهُ عشراً ثانيةً
حتى يهرُمَ فيهِ الجمرُ
ويخبو ..
ثم تُهَدْهِدُهُ الرّيحُ رماداً
زُمَراً قاموا،
وهو هناكَ يصلّي ..
ويُعيدُ نظامَ الشّوكة في الميزانِ
وترتيبَ الأشياءْ.
مازال يصلي ..
ينفثُ من أقصى الوجعِ
الروحَ
بهذي البطنِ العاقِرْ.(51/241)
مازال يصلّي ويُكابرْ.
يومُك يا إبراهيمُ طويلُ.
والحفرةُ حمراءٌ كلسانِ الطيرِ
وصدرُكَ عارٍ
إلا من وشْيٍ أنامِلها ..
يوم انتفضَ القلبُ الحالمُ
من رقدتِهِ ..
مازلتْ في الصدرِ أناملُها
تبحثُ عن زاوية ليس بها جرحٌ
مازالتْ تتحسّسُ أوردةً
تلهثُ فيها الخيلُ عقوداً ..
يومُكَ يا إبراهيمُ طويلُ.
ومداراتُك
خارجَ هذا الكونِ الباهِتِ
دربٌ آخرُ
للحب وللموتِ وللعودةِ.
لكن الحفرةَ
أوسعُ من أن يملأها
هذا الجسدُ المثقلُ بالشوقِ.
أروني قبراً آخرَ يحضُنني
يجمع فِيَّ شتاتَ الصوتْ.
قبراً ما مرّ بهِ أحدٌ قبلي ..
قبراً يصلُحُ للحُبّ وللموتْ.
قبراً لا يتعدى الشبرينِ
لقلبينِ صغيرينِ
وغُربةْ.
قلبينِ انتبها بعد أفولِ النجمِ
بأن الشمسَ ستحرقُ أستارَ الليلِ
وأن الساعةَ آتيةٌ لا ريبْ.
آه لو نقرأُ مافي الغيبْ.
لو كُنا نتهجّى الأيامَ الحُبلى ..
لزرعنا الرّمانَ الأسودَ
في البحرِ الأحمرِ للحيتانْ.
ونسجنا من أهدابِ بنات الموصلِ
أسلاكاً حول البستانْ.
لو تعلمُ سيدتي
ما تحت السترةِ من بركانْ.
لغَفوْتُ بعينيها الساهرتينِ العمرَ،
ولاسْتنطقتُ السَّيْحَ الظامِئَ والسّمرَ
ليشهدَ أن الموقدَ
مازال يُعطّرُ بالقهوةِ والهيلِ ظفيرتها
واسْتنطقتُ الجبل الضاربَ في الغيمِ
بأني مازلتُ أصلي ..
سيدةَ الجبلِ الشامخِ
فنجانُكِ بين الفرعِ المائلِ والموقدِ
يدعوكِ إليهِ ..
يتوسّلُني،
ألا أرفعَ أشرعتي قبلَ مجيئكِ
فالريحُ شِمالٌ
ورجالُ البحرِ قليلُ ..
يتوسلني،
ألا أبرح مُتّكئي هذا،
حتى تأتينَ بخبزِ الصبحِ
فقد أعددتُ القهوةَ لاثْنينْ.
أقسَمَ فنجانُكِ
ألا يبرُدَ حتى تأتينْ.
أقسَمِ أنكِ آتيةٌ لا ريبْ.
آه لوكنا نقرأ مافي الغيبْ.
جبلٌ،
وشجيراتٌ ظمأى
وبقايا آثارٍ
لفتىً أثقلهُ الشوقُ،
وبيتانِ من الشعرِ
على بابِ عروسِ البحرِ،
وسوسنةٌ في صدر الصّبْ.
أويكفي هذا للحبْ ؟
أويكفي ..
أن نكتبَ
ثم نموتَ
على قارعةِ الصمتِ
كأشجارِ الشارِعْ ..؟(51/242)
ينقُرُنا في الليلِ حمامٌ
من كل جهاتِ الأرضِ
ونحن الأقربُ للشمسِ ؟!
أودُّ الموتَ بقبرٍ
لا يتعدّى الشبرينِ
لقلبينِ صغيرينِ
وغربةْ.
هذا فنجانُكِ سيّدتي،
أسكبُهُ الآنَ
لتخضَرّ البطحاءُ
ويزهو البَرَمُ الذابِلُ في السّمْرْ
فانا لن أحرِقَ أشرِعتي
قبلَ عبورِكَ
ياوطني.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> من يكمل اللحن بعدي
من يكمل اللحن بعدي
رقم القصيدة : 6993
-----------------------------------
غبتِ،
أفنيْتِني ..
ليلتي ورقٌ أصفرٌ
نام فوق رصيفِ الأهلّةِ،
والبُعدُ أبعدُ مما تعوّد قلبي ..
أألقاكَ ثانيةً ؟
لست أدري ..
أما زِلتِ حولَ المضاربِ،
أم أن هودجكِ المُتَماهي مع الريحِ،
لا يعرفُ المُكثَ
مثلي ..
ففرّ ككل الحمامِ الذي لا يعودْ ؟
أناديكِ يا ..
وانكفأتُ على نصفِ نايٍ ..
فمن يكملُ اللحنَ بعدي ..؟
أبرقٌ
ورعدٌ
وغيمٌ مددتُ له القلبَ
ثم تفيقُ السماءُ بِزُرْقتِها،
وأفيقُ على ظمأي ؟!
أيها الجبلُ المتطرّفُ
والوجعُ المتطرّفُ
ها عدتُ أحملُ رائحةَ الزعفرانِ
وجرحاً ينزُّ بدمعِ النخيلْ.
حاسرَ القلبِ،
تخدشهُ نسمةُ البَرِّ
كأنْ لم تلِدْهُ الحوادثُ بين ذراعيكَ
أو لم تطأهُ السنابكُ يوماً ..
فهل يغفرُ الصّخرُ مااقْترفَ الوردُ ؟
هل يغفرُ الوردُ مااقْترفَ الصّخرُ ؟
هل تغفرانِ لمن ظلّ بينكما الدّربَ ؟
إني غفرتُ لكلّ النّبالِ
وذلك مما يجودُ القتيلْ.
صهوتي لا تميلُ ..
ومِلْتُ على الجانبينِ
فكانَ انْتِصابُ المحاورِ أجلى ..
وعيناكِ أحلى
وروحي على صخرةِ المُعجزاتِ
يُكابرُ من حولِها الفُقراءُ
ويُلقونَ أرغفةَ العُمرِ للطّيرِ
و الطيرُ تحملُ أخبارَهم للأحبّةِ
والأرضُ تبدو كأرحبِ زنزانةٍ للمطاريدِ ..
شُدّي الرحيلَ
أو احْترقي كالفراشةِ في نارِ عبسٍ
أنا لا أعودُ إلى خيمةٍ نصبوها لغَيري.
أنا وتدٌ للخِيامِ اليتيمةِ
والعابرينَ إلى جُرحهمْ.
نهرُ من لا يرى في السّرابِ غنيمتَةُ ..(51/243)
وجهُ من يَتَمرْآى بأحزانِهِ ..
أيها الفرحُ المنتمي،
كبوةً كبوةً تبلغُ الخيلُ مأربَها
نجمةً نجمةً تعبُرُ الليلَ
ياعينُ،
أرخي النخيلَ على من تُحبّينَ ..
ضُمِّي بأجفانكِ الساهراتِ مواويلَ عمري
لكِ اللهُ كيفَ تدُسيّنَ فينا الحياةَ
وكيفَ ندسُّ بكِ الذكرياتْ.
شاهدٌ لفحُ ريحِ السّمومِ على شفتيّ
بأنّي رضعتُ المواسمَ فيكِ.
حيثُما كنتُ ،
ينتابُني شوكُكِ الأزليُّ
فأحني الضّلوعَ عليه
أُوَسِّدُهُ القلبَ ..
نَمْ أيّها الشوكُ،
يصحو ..
أفِقْ أيّها الشوكُ،
يغفو ..
فأغفو بهِ وعليهِ
وأصحو على أوّلِ العُمرِ مُرتعِداً ..
أيها الكهلُ ،
نِمتَ طويلاً ..
تُراكَ تعلَّمتَ مما رأيتَ ؟
أما زِلتَ تحلُمُ ..؟!
أنّى لعُروَةَ أن يستكينَ لعبسٍ
وأنَّى لها أن تُهادِنَ زلَّتهُ ..
زلّتي ،
أنني أعرفُ الوردَ من شوكهِ ..
صِحْتُ يا ..
وانكفأتُ،
فمن يُكملُ اللحنَ بعدي ؟
أيها المُنْتَأى ..
أيها المُرْتَقى الصّعْبُ
حولكَ روحي تطوفُ
وأنتَ، كما أنتَ
تهمِسُ في مسمعِ الغيمِ
قصّةَ من غادروكَ
وقالوا : سنرجِعُ يوماً ..
وما عادَ غيري.
أما قُلتَ يوماً :
بأن الغريبَ هو الأرضُ
ها نحنُ نرقعُ أحلامنا في العراءِ غريبينِ ..
والأرضُ يسكُنُها الشاربونَ الأوائلُ من جُرحها ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الطقس الأخير
الطقس الأخير
رقم القصيدة : 6994
-----------------------------------
في حضرةِ الطّقسِ الأخيرِ
تَبيضُ في العُشِّ القَصِيِّ حمامةٌ خجلى ..
فتَبْيَضُّ القِلاعُ الحُمْرُ
راياتُ الثُغورِ
سلاسلُ الأسرى
عيونُ النائحاتِ على الشواهِدِ
أين تمضي أيها العبدُ الفقيرُ ..؟
أهلكْتَ من سيجيءُ بعدكَ ..
تشتهيكَ الريحُ ألا تبرحَ الميناءَ
والفُلكُ التي تَبْني بعينِ اللهِ
مُنكرةٌ بهذا الساحلِ المسكونِ بالنسيانِ
والجودِيُّ لا يقوى على حملِ الحقيقةِ مرّتينِ ..
فقِفْ،
فِداؤُكَ كل باكيةٍ تنوحُ على سِواكَ(51/244)
وكل أرضٍ لا تتوقُ إلى شِتائكَ ..
أنت جرحُ الأرضِ
فاسكُنها بما أوتيتَ من وجعٍ،
تَباهَى بالقليلِ من الرّجاءِ
وبالكثيرِ من الفجيعةِ
قُل لهم :
ها إنني اجتزتُ المسافةَ .. وانتهيتْ.
ياسيّد الصبحِ الغريبَ
أرِ الطيورَ سبيلَها ..
وافتحْ سماءَكَ للعُروجِ إليكَ
واستَبِقِ النساءَ إلى الرجالِ
مُعطّراً بالخصبِ والموتِ الشهِيِّ على التخومِ
أرِ النجومَ مواطِنَ البدْوِ الذينَ تناسلوا
في غفلةِ الوقتِ
ارْتعِشْ،
كالسّعفةِ النشوى بما هَمَسَ النسيمُ.
أطِلْ بقاءكَ في حجيجِ الليلِ
حتى الهَدْيِ ..
لا تبرحْ مقامكَ
واشهدِ الذبحَ الخُرافةَ
واعتصمْ بالحُزنِ
تنجُ من الخديعةِ،
أيها الوجعُ العظيمُ.
في حضرةِ الطّقسِ الأخيرِ
تَلوحُ فاتِحةُُ
فتنتفِضُ الرّؤوسُ على نُطوعٍ
من حريرِ الخوفِ،
تنْكَمِشُ الرّقابُ وتستقيمُ.
طوعاً تُساقُ العيرُ نحو فنائِها ..
فتظلُّ شامخةً
وفي أخفافِها يثِبُ الجحيمُ.
من أيِّ نافذةٍ تُطِلُّ،
ترى النّعاسَ يُكحّلُ الطُّرُقاتِ
والقِطَطَ الأليفةَ
تحتَ جُدرانِ البيوتِ
تُطِلُّ ثانيةً،
ترى عرقَ الكُسالى
في كُؤوسِ الليلِ يغلي،
كلما هبطَ الكلامُ.
تُطِلُّ ثالثةً،
ترى الّلا شيءَ يكبُرُ في الشوارِعِ،
يُغرِقُ الجُدرانَ،
والقِطَطَ الأليفةَ،
والنّعاسَ.
تُطِلُّ رابِعةً،
يُباغِتكَ الظلامُ.
يقتاتُ من عينيكَ هذا الشارِعُ الأعمى
ومن كفّيكَ حبلُ الوُدِّ
أدْبَرَتِ القوافِلُ نحوَ غايتِها
وأنتَ مُعلّقٌ بينَ العَدُوَّينِ
اسْتخَرْتَ،
فما أمِنْتَ لغيرِ موتِكَ، حيثُ أنتَ
كأنّكَ ما خُلِقتَ لغيرِ هذا الرّملِ
فانبَجَسَتْ عيونُ الأرضِ في عينيكَ
وارْتَعَدَ الغمامُ.
من أيِّ مقبرةٍ ستنفُذُ يا سلامُ ؟
هذي الشواهِدُ ، لا يموتُ لها قتيلُ.
ستظلُّ شاخصةً بأحداقِ اليتامى،
تَحْرِثُ الذّكرى ..
فيكثُرُ في دواخِلِنا القليلُ.
يا سيّدَ الصبحِ الغريبَ
أرِحْ رِكابكَ ساعةً،
حتى تميلَ الشمسُ
قد أزرى بكَ الدّرْبُ الطويلُ.(51/245)
وارْفعْ لثامَكَ،
كي تشُمُّ الطّلْعَ في قصصِ الصبايا
العابِراتِ إلى غديرِ البوحِ
لا تخشَ الملامَ،
فإنّ مثلكَ ليس يجْحدُهُ النخيلُ.
مرّرْ يديكَ على أديمِ الأرضِ،
واسمعْ همسَ من نذوركَ للصُّبحِ العَصِيِّ،
وأوْدَعُوا فيكَ الشّرارةَ يا فتيلُ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> لي خلف المجرّات إخوةو على الأرض أصدقاء
لي خلف المجرّات إخوةو على الأرض أصدقاء
رقم القصيدة : 6995
-----------------------------------
تؤرجحُني
في فضاءٍ
كملاكٍ
لَهُ المجرّاتِ
إخوةٌ
و على الأرضِ
.أصدقاء
أغنيةُ آخرِ المساءِ و أوّلِ الليلِ
تهزّ
في الروحِ
أغصانًا
تطيّرُ الموتَ
.تطربُ الصمت
ضَحِكُ الأصحابِ
يقودني لبكاءٍ منسيّ
لأدراجٍ مغلقةٍ على أطفالٍ
يشعلونَ دموعَهُمْ
.ليستأنسوا
الدخانُ
وطنٌ
في الخلاءِ
.يتلاشى
الجرحُ
قمرٌ برتقاليٌّ
تشعلُهُ الجمرةُ
.ليتجلّى
الماءُ يضحكُ
.وحيدًا في القاعِ
الأصحابُ
يضحكونَ
عاليًا
.يلامسونَ الفرح
الفوانيسُ
و النباتاتُ
متدليةٌ من السقفِ
.ظلاًّ لجنّةٍ بعيدةٍ
أيقوناتُ الغربةِ
متدليةٌ من جبيني
ضوءاً
لعتمةٍ
.صرفتُ في سوادِها طفولتي
بكاءُ النهرِ خَفَتَ
.يبدو أنّ الأسماكَ نامَتْ
الريحُ
.ما زالت تهدهدُنا
.هل نغفو؟
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> اللحظة العمر
اللحظة العمر
رقم القصيدة : 6996
-----------------------------------
في حضرةِ الطّقسِ الأخيرِأيها الطارقُ
من أنتَ،
ومن أين أتيتْ ؟
إن هذا البابَ لا يُفضي لبيتْ.
أتراهُ البردُ أزرى بكَ
كالعصفورِ
تلتفُّ على أُكْرَةِ بابي ؟
تنقُرُ الصمتَ
وتلهو بغيابي ..
لو تمهّلتَ،
لكان السّبقُ للشعرِ
وكانَ الشّعرُ لكْ.
لو تعجّلتَ،
لكحّلتَ الصباحاتِ بأسرارِكَ
واسْتأثَرْتَ في الليلِ
بقلبٍ
قبلَ أن تفطنَ للحب شفاهي قبّلكْ.
لحظةٌ،
كنتُ بها القاتلَ
والمقتولَ
والخنجرَ
والجرحَ
فمن كنتَ ..؟
أمِمّا يذرُ الليلُ من الطلِّ على الورودِ(51/246)
تسلّلْتَ إليّا ؟
أم من الصُبحِ الذي لم يأتِ بعدُ
اجْتاحَكَ الشوقُ إلى ماضيكَ،
فاسْترْشَدْتَ بالوهمِ عليّا ؟
ما أنا بعد تجنّيكَ سوى لحنٍ تلاشى خلفَ هذا البابِ
فلْتَبْقَ على أكرتِهِ،
تتلو حكاياكَ ..
وترثي غدَكَ الموؤودَ في الأمسِ صبيّا.
هرِمَ اللّيلُ ،
أدِرْ ظهْرَكَ للّيلِ ،
وقُلْ كُنتُ هُنا ..
زائِراً تاقَ إلى غُربتِهِ لمّا دَنا
ولْيكُنْ عُذرُكَ
أنّي وطَنٌ
ينْبُشُ فيما تنبُشُ الغُربةُ فيهِ وطناً
لحظةٌ،
نامَ بها العُمرُ قريرَ الشّوقِ
مابينَ ذِراعَيْكَ
فكُنتُ اللّحظَةَ الأقصرَ في العُمرِ
وكُنتَ العُمرَ
واللّحظَةُ في صدرِكَ تغشى الزّمنا.
ما لهذا الرّحْبِ
أمسى مَهْبطَ الأشباحِ ؟
وارتدَّ عن الشّعرِ
وقد كانَ لأدنى ما يبُثُّ القلبُ
كانَ المسكنا ..
فلْيكُنْ عُذريَ
أنّي قلمٌ
يكتُبُ ما لا يفْقَهُ الخَوْفُ
فَرِدْ حوضيَ
تَقرأُنِي كما كنتَ ..
وإلاّ ،
فانتظرْ بالبابِ
حتى آخرَ العُمْر
هباءً ..
وتضهَجّى المُبْهَما.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> كنقطة عتمة في الضوء
كنقطة عتمة في الضوء
رقم القصيدة : 6997
-----------------------------------
بإمكانِ كُلٍّ منّا
.ألاّ ينامَ وحيدًا
لماذا لا تحرّكُ مقبضَ بابي
في هذه اللحظةِ
و تدخلُ
كضوءٍ
في العتمة؟
تجلسُ إلى حافةِ سريري
تعيشُ أرقي
و القهوةَ
و موسيقى روحٍ تجلّتْ؟
لماذا لا تأتي
كنجمةٍ بردانةٍ
تختبئُ تحت لحافي؟
قلبي يتيمٌ
كنقطةِ عتمةٍ
.في الضوءِ
لماذا لا تفاجئني
و تحرّكُ مقبضَ البابِ
فالستائرَ
فعدّةَ القهوةِ
و جهازَ التسجيل؟
لديَّ صمتٌ كثيرٌ
و بنٌّ رائعٌ
و اسطواناتٌ مجنونةٌ
.أعرفُ أنّك تُحبُّها
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> كنت هنا
كنت هنا
رقم القصيدة : 6998
-----------------------------------
في حضرةِ الطّقسِ الأخيرِأيها الطارقُمابين ذراعينا أمدُ ..
أمتدُّ إليها ،
تبتعِدُ ..
أتبعُها في النفقِ الظّامِىءِ،
تنأى ،
تتلاشى ،(51/247)
ترتعِدُ.
وحدي أُسرِجُ خيلَ القومِ
أُروّضُ فيها الشّوقَ إلى الغزْوِ
أُسرّحُ شعرَ المُهرِ الجامحِ في صدري
أُلجِمُهُ بلجامٍ من نورْ.
وحدي أتلظّى خلفَ السّورْ.
أتبعُ كلَّ تفاصيلِ اللّحظةِ،
أغرقُ في دمعتِها الحرّى،
تغرقُ فِيَّ،
نُسافرُ،
كلُّ في وُجهتهِ ..
يلقى كلُّ منّا الآخرَ،
نأتلِقُ
تنتبِهُ الغُربةُ في قلبينا،
نَفْتَرِقُ
مِنّي تَنْسَلُّ ..
أَنْسَلُّ من الوردِ يتيماً ..
أرجِعُ،
لا وردَ سوى الذّكرى ..
ليلايَ،
أريقي من مائِكِ فوقَ رُكامي،
أنبعِثُ ..
مَيّتُكِ اكْتظَّ بهِ الجَدَثُ.
ها عُدتُ ..
أألقاكِ هنا ..؟
هل أنتِ كما كُنتِ،
وكانَ الخَطْوُ إليكِ وئيداً خَجِلاً ..؟
أُقسمُ أذكرُهُ ..
أذكرُ كلّ دبيبِ الخوفِ إليكِ،
وأذكرُ أنّي كنتُ الطّفلَ المفطومَ حديثاً ..
والصّدرُ الحاني كان يُداعبُ فِيَّ الجوعْ.
أذكرُ أنّي كنتُ هنا ..
أنّكِ أصغرُ منّي في الحُزنِ،
وأكبرُ من قلبٍ مفجوعْ.
ها عُدتُ ..
أيذكُرُ هذا الرّكنُ وقوفَ الوقتِ لديهِ؟
أم أنّ الركنَ كأهلِ الرّكنِ،
سواحِلُ ترحلُ قبلَ وصولِ البحّارينْ ؟
هل مازال به شيءٌ منّي،
أم أن رياحَ الصّيفِ المحمومةَ،
تكنِسُ حتّى ريحَ الجنّةِ ..؟
صُبّي ماءكِ في قدحي ..
علّ شفاهَ الأرضِ تلينُ،
وأنبُتُ في بابِكِ ظِلاًّ لرُعاةِ الشّمسْ.
صُبّي ماءَكِ فوقَ جبيني
ودَعيني، يا مولاتي
أمضي قُدُماً نحوَ الأمسْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> هذا من أنباء الطير
هذا من أنباء الطير
رقم القصيدة : 6999
-----------------------------------
يبتزّكَ هذا الساحلُ
يُغريكَ بأجنحةِ الصبحِ
لكي تنقشَ في الماءِ حكاياكَ
وترحلَ في صمت ..
يُغريكَ الساحلُ بالموتِ بعيداً
خلفَ الأسوارِ
وخلفَ أمانيكَ الحُلوةِ
يبتزُّكَ حتى الرّمقِ الأدنى.
كيف أموتُ هناكَ بلا كفنٍ
يدفعُ عني النملَ
ويستُرُني
حين تعُمّ الدّهشةُ وجهَ الأرضْ ؟
إني لا أخشى الموتَ
ولا العُريَ
ولا الغُربةَ
لكني،(51/248)
أخشى أن يأكلَني النملُ الأحمرُ
قبل الفجرِ
فلا تعرفُني أمي ..
إني أكرهُ ألا تعرفَني أمي
أكرهُ أن ألقى الأحبابَ
بلا عينينِ
بلا شفتينِ
بلا قافيةٍ.
ما أصعبَ أن ينهالَ النملُ على قافيتي.
ماأصعبَ أن تَطرُقَ بابَ القبرِ وحيداً ..
أو يشتدَّ بكَ البردُ على بابِ جهنّمْ.
أن تخرجَ من بيتكَ بالمِسْكِ،
تُعطّرُ جدرانَ البلدةِ،
ثم تعودَ إليه بخفيكَ وأوساخِ الشارعْ.
أن يمتصَّ الساحلُ قلبَكَ،
أن تكتبَ للوردِ بلا قلبٍ،
أن تُتْرَكَ للسوقيّةِ
تنهشُ في رأسكَ ذاكرةَ الرّملِ الأصفرْ.
ياامْرأةَ القيصرِ
إنا لغةٌ تتكسّرْ.
إنا لغةٌ،
يمضُغُها الوقتُ
ويبصُقُها ذهباً
يتشظّى قهقهةً في الطّرقاتْ.
دوسي ما شئتِ بنعليكِ الجائعتينِ
على هذا اللّحمِ الفاسدْ.
واختالي كالطاووسِ بأذيالكِ،
فوق شفاهِ البُكْمِ.
وقولي للقيصرِ
ألا يرهقَ عينيهِ الجاحظتينِ
بهذا السّفْرِ المُظلمْ.
وَلْيُطْبِقْ جفنيهِ على العتمةِ
حتى يسودَّ الداخلُ أكثرْ.
ودعيهِ يعُبُّ من الآبارِ المُرّةِ،
علَّ الفاقةَ تبلُغُ ذُروةَ هذا السّفَهِ المعقودِ ولائمَ
للسيّارةِ،
والسيّاحِ المهووسينَ بِحَرِّ الصحراءِ،
وللّحْمِ المُتَرَجْرِجِ كالفقْماتِ على ساحِلنا الفضّي ..
على ساحِلِنا الفِضّي،
رأيتُ الناسَ جميعاً
إلا البحارَ
فما كان له أثرٌ ..
أحفادَ البحرِ،
انسلخَ الموسمُ
والغائبُ في شرنقةِ الصمتِ الباردِ
ليس له أثرٌ ..
كيف تواطأ هذا الساحلُ والنورمانُ عليكَ
وأنت البحرُ
وأصدافُ البحرِ
وزوبعةُ الماءِ الدافئِ ؟
من أيِّ ثغورِ الأرضِ اجتاحَكَ وحشُ الأعماقِ ؟
وكيف ؟
وأين ؟
وماذا قال الشعراءُ
إذْ امْتلأتْ رئتاكَ بماءِ القّهرِ
هنالِكَ خلفَ بحارِ الأرضِ جميعاً
ماذا قال الشعراءُ إذْ اشتدّ الصّمتُ
وأَحْكَمَ قبضَتَهُ النكراءَ على ثغرِ الأرضِ،
وأنت تُودّعُ بالأصفادِ الفولاذيّةِ
في رجليكَ الحافيتينِ الأصدافَ،
وعيناك إلى البحرِ تَخُطّانِ طريقَ العودةِ ؟(51/249)
ياقلبُ اسْتبقِ الموجةَ نبضاً ..
يا بوصلةَ البحرِ وياسِرّ البحارينَ،
اسْتبِقِ الموجةَ ذاتَ النبأِ السيّءِ
فالعاصفةُ المشؤومةُ هذا موعِدُها ..
* * *
أنْبَأَنِي النّورسُ
أن الطلقةَ هذي المرةَ
سوف تكونُ من الخلفِ
وهذا موعِدُها
أن أظافرَ عبدِاللهِ ابْنِ أُبَيٍّ،
مازالَ بها شيءٌ من لحمِ الأنصارْ.
أن الداخلَ قد حلَّ بتاهَرْتَ
ومازالتْ تلهثُ خلفَ عباءتهِ الأمصارْ.
أن الأندلسَ الآنَ تُشَيّعُ جُثْمانَ القبليّةْ ..
قالَ النورسُ ماقالَ،
وَوَشْوَشَني بكلامٍ آخرَ
حَلّفني ألاّ أفشيهِ
لكن العينَ امتلأتْ فُلاًّ ..
فابْيضّ البحرُ أمامي أشرعةً
كثيابِ العُرسِ المشغولةِ باللؤلؤِ
واخضرّ طريقُ البحارْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ومضات
ومضات
رقم القصيدة : 7000
-----------------------------------
سواد :
زوجتُهُ حُبلى
وهو ضريرٌ
يتمنّى أن يقطعَ ذاك الشارعَ
في الليلِ بلا مِنّةْ.
ماذا لو كان القادِمُ أعمى ..؟
***
رأسُ السّنة :
في رأسِ السّنةِ الميلاديّةِ جِنّيّةْ
عيناها مُطْفأتانْ
ولها ثغرٌ كالحانةِ
لا يتثاءَبُ،
إلا لدخولِ العامِ الآتي ..
وخروجِ الشّعبِ السّكرانْ.
***
صحفي:
هو يلهثُ كالكلبِ بدفترهِ
ويُفتّشُ من كل زوايا القاعةِ
فالشاعرُ،
لن يقرأ هذي الليلةَ شعراً.
***
رضوخ :
هاتِ يديكَ
رضيتُ بنصفِ الحُبِّ
ونصفِ الموتْ.
***
أرَق :
لا توقظهُ الساعةُ
من لا يعرفُ طعمَ النّومْ.
***
أميّة:
أُمّيٌّ من لا يقرأُ مرآتهْ.
أعدَى الأعداءْ
أعدى الأعداءِ
صديقٌ لا تَعْرِفُهُ ..
***
سرابْ:
في قمّةِ ذاكَ الطّودِ
وفوقَ الغيمِ بشبرينِ
أكادُ أرى كفّيها تنزلقانْ،
فهل تمكُثُ حتى أُدرِكَها ...؟
***
حُجّةْ:
فرّغَ البُندُقيّةَ
في صدرِ تلكَ الحمامةِ،
ليسَ ليقتلَها ..
إنّما كان يُؤْلِمُهُ أن تطيرْ.
***
حُلُمْ:
على أيِّ جنبيكَ كنتَ تنامْ ؟
وأيُّ الصباحاتِ كنتَ تُطَرّزُ ؟
حين تفتّحَ في شفتيكَ الكلامْ.
***(51/250)
صُعْلوكْ:
بعينيهِ قال الكثيرْ.
فأوجسَ منهُ الأميرُ،
وقالَ:
بماذا تُلَوّحُ ؟
قالَ:
كلامُ الصعاليكِ ليسَ يُعادُ.
***
حُضورْ:
قالتْ:
لن يُغلقَ هذا البابُ
غِبْ ما شئتَ
فإنّكَ ممّنْ يأتونَ،
إذا غابوا ..
***
أمل:
يدُكَ اليُمنَى بارِدةٌ
هاتِ اليُسْرَى ...
***
خُبزٌ ومِلْحْ:
خُذْ هذا البابَ
وخُذْ نصفَ السّورِ إذا شئتْ ..
فالسارقُ يشربُ قهوتَهُ معنا ..
ويقاسِمُنا نِصْفَ الخُبزِ ونصْفَ المِلحْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الكوكب الآخر
الكوكب الآخر
رقم القصيدة : 7001
-----------------------------------
أضئني
،زهرةَ عبّادِ شمس
غيابُكَ
.مقبرةٌ مهجورة
يدُكَ الصغيرةُ
جسرٌ
بينَ الجنّاتِ
،و بيني
عيناكَ
.دربي إلى اللّه
قلبي
،فراشةُ ليلٍ
عيناكَ
فانوسانِ يحترقانِ
.بالعبث
تعبرُني
كالريحِ
تبعثرُني
تمضي
و في عينيكَ
.المجهول ذاته
.أسميكَ موتي
لمستُكَ العابرة
وحدَها
تجرّدُ وجهي
منه
ترسمُهُ
غروبًا
.في الخريف
قمرٌ ملوَّنٌ
لا يبكي
أطفالٌ لا يشيخونَ
.تلكَ مدينتي
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> مراوغة
مراوغة
رقم القصيدة : 7002
-----------------------------------
يبلعُ الجمرةَ،
يَكوى صدرَهُ الهشَّ ..
عنيدٌ مثلها،
يقتاتُ من جَدْبِ الوُعودِ.
يبلعُ الجمرةَ،
يُلقي بشِباكِ الصّبرِ في بحرِ خطاياها
يُواري عَزْمَهُ الواهي،
ويلقي من جديدِ ..
تتمنّاهُ،
فيغدو ظِلّها ..
ثم تُجازيهِ بأشواكِ الورودِ
ليلهُ أطولُ من آهاتِها،
حين يُرَقّيها بآياتِ الخُلودِ.
يحتويها بالرُّؤى الخضراءِ والشّعرِ
فتَحْمَرُّ ..
ثم تَصْفَرّ إذاهمّ بها الشوقُ إليهِ ..
عاشقانِ، اسْتَتَرا خلفَ حُروفِ الزّمنِ المَنْسِيِّ
خلفَ الشّمسِ
في الأفقِ البعيدِ.
قيّدا العُمرَ بِرُكنِ اللّيلِ حتى نامَ ..
واخْتَطّا على جفنيهِ،
كم نِمْتَ .. ؟
فما يدري،
وما يدرونَ طولَ القُبْلَةِ الوَلْهى ..
على أنّاتِ هاتيكَ القيودِ.(51/251)
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> نامي
نامي
رقم القصيدة : 7003
-----------------------------------
ستنامينَ،
وتصحينَ على مايُشبهُ الحلمَ ..
فنامي ..
إنكِ الآنَ على ضِفّةِ قلبي،
حَرّكي المجذافَ
قد لا يُنْبِئُ الساحلُ بالعُمقِ
فهُزّي هَدْأةَ الماءِ،
ونامي
بينَ مَوْجي وغَمامي ..
قلقٌ ..؟
أدري ..
وأنّى لكِلينا أنْ يرى مصرَ ولا يحزنُ
أو يضحكُ حتى الموتْ ..
لسنا أوّلَ الغَرْقى،
ولسنا أوّلَ الناجينَ في هذا الزّحامِ.
كنتُ قد ضيّعتُ ظلّي هاهُنا ..
حتى إذا ماعُدتُ،
كان الظِلُّ خيطاً في وشاحِ الليلِ،
والوجْهُ الذي أهْوى،
وجوهاً تتلاشى في الظلامِ.
ستنامين،
فنامي ..
إنكِ الآن على بُعدِ كثيبينِ من النّخلِ،
حرّضي الناقةَ،
واغريها بماتَهوى
فها قد فاحَ طَلْعُ الصّيفِ
والآلُ يُماهي نَزَقَ الشوقِ أمامي.
ياابْنةَ البحرِ،
كلانا غُربةٌ تسعى بِهذا الفَلَكِ الددوّارِ
لا تعرفُ للعالمِ مَرْسى.
حرّضي الناقةَ
لكنْ،
خفّفي اللّهفةَ
فالصحراءُ مثلُ النيلِ تَنْسى.
هذه الجنّةُ،
لا تحملُ رأساً مُثقلاً بالوردِ والشّوكِ
ولا تهتَزُّ إلا لحُداءِ الموتِ ..
نامي ..
وصِلي اللّحظةِ باللّحظةِ،
حتى تَبْلُغي الشّمسَ،
وعودي طفلةً،
لاتُشْبِهُ الأطفالَ
إلا عندما تغفو ...
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> عندما تتشظى القناديل
عندما تتشظى القناديل
رقم القصيدة : 7004
-----------------------------------
لها ألفُ وجهٍ ..
لها قامة من دُخانْ
أتتْ والمرايا مهشّمةٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌٌ،
والقناديلُ كالماسِ
مُنْتَبِهٌ في المكانْ
أراها بكل الشّظايا،
وداخلَ قلبي،
وخارجَ هذا الزمانْ.
أُلملِمُ رأسي،
أعيدُ الحكايةَ من بِدْئِها ..
منذُ أنْ ودّعتْني
ومُنذُ خرجتُ،
ومنذُ تركتُ لديها الكلامَ الذي لمْْ أقُلهُ،
ومنذُ ومنذُ ..
هنالِكَ،
كان اللقاءُ الذي زمّلتهُ الطفولةُ بالخوفِ
كنتُ أودُّ مُصافحةَ الحلمِ،(51/252)
كنتُ أتوقُ إلى ذلكَ الصّعبِ،
تلك العيونِ التي تسترقُّ المساءَ،
ويسهرُ فيها المساءْ.
أراها خلالَ القناديلِ
أشرعةً لا تؤوبُ إلى ساحلٍ ..
ويكَ يا قلبُ،
ماذا دهاكَ
تلاحِقُ هذا الرّهامْ ..؟
إلامَ تُعَنِّفُني بإقْتفاءِ الظِّلالِ،
وفيك ظَلالُ الخليقةِ.
ويكَ أضعتَ النجومَ،
فعُدْتَ بلا وُجهةٍ ..
تتأبّطُ شطرَ الغيابِ الأخيرْ.
خلالَ القناديلِ وهي مُحَطَّمَةٌ،
تهتدي بانْطفاءاتِ تلكَ الشّظايا.
وبينَ المرايا تدورُ بهذا الرّكامْ.
تُناديكَ من كل فجٍّ،
تُحَنّيكَ بالألمِ المُسْتطابِ،
تمنّيك بالمسكِ والهفواتِ الحنونةِ،
تَخْضَرُّ بين ذراعيك ثم تغيبْ.
سماويّةٌ لا تُمسّ ..
لها هالةٌ من مشيجِ السّهارى،
لها السّنْبُلاتُ تُطأْطِئُ
حين تُطِلُّ من الشّرُفاتِ البعيدةِ بالخِصْبِ،
تلك التي حارَ فيها الضّباب الشّفيفُ على مُقلتيَّ،
فصرتُ أراها خلالَ الدّموعِ،
نجوماً يغُصُّ بها الليلُ ..
ياليلُ،
هاتِ نُجَيْمَتيَ المُستَحمّةَ بالشمسِ
تلك التي تُصهِرُ الخَلَجاتِ الخجولةَ بين جناحَيّ
حتى أفيض مواسمَ للحُلمِ ...
ياليلُ،
رُدّ إليّ الحُصونَ التي دمّرتها الرّياحُ،
فظهريَ دونَ غطاءٍ ..
تُراوِدُني في المنامِ بلادي،
فَيَنْشطرُ القلبُ.
ياليلُ
رُدّ نُجيمتيَ المُستحمَّةَ بالشمسِ ،
حتى تضيقَ المسافةُ
مابينَ قلبي وقلبي ..
سئِمتُ الفراغاتِ بين السّطورِ ..
سأملأها بالتهجّدِ والتمتماتِ،
كما تفْعلُ الرّيحُ،
حين تُهدهدُ أوراقنا الذابلةْ.
سأكتبُ ماقالهُ الصّمتُ،
يوم توادَعَ فينا الرّمادُ.
أنا لا أقولُ انْتَهَيْنا ..
ولكنّهُ البدءُ يُرْعِبُني ،
كلّما همّتِ المعجزاتُ ببابي
وهَمّ السّهادُ.
تقولُ أهابُك،
كيفَ،
وفِيّ الْتِقاءُ الفَراشِ المُرَوّعِ
عند انعقادِ الزّهورِ،
وفِيّ الحصادُ ؟
تقولُ تأخّرتَ،
والناسُ قد بَلَغوا ..
قلتُ قد بُلِّغوا مايُرادُ،
وما بَلَغوا ما أرَادوا ..
وحيداً،
ولا بأس،
سوف أسيرُ
فكوني ..(51/253)
وإلاّ فَبَعْدَ النجومِ نجومٌ
ستظهرُ قبلَ الصباحِ
وبعد البلادِ بلادُ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> انحناءات
انحناءات
رقم القصيدة : 7005
-----------------------------------
بحرُ يا بحرُ،
ياهامةً تنحني للسواحلِ
تاركةً كبرياءَ السنينَ
انكساراتِ وجدٍ ..
تُراكَ تخاذَلْتَ مثليَ حين عشِقتَ،
أم الوقتُ أرادكَ
فوق الترابِ،
صريعَ الأماني الجميلةِ ..؟
ها هي ذي الأغنياتُ
تعزّيك فيما بكيتَ،
وفيما رأيتَ
من الأنجُمِ الموغلاتِ
بهذا الظلامِ السحيقِ.
أراك تُحَمّلني
عِبْءَ ما خلّفتْهُ الليالي الثقيلةُ
كيف وفيكَ انطفاءُ الشموسِ،
وفيكَ اشتعالي ..
كنتَ أنتَ عزاءَ الطيورِ الغريبةِ
تبسطُ من تحتها صدرَكَ الرَّحبَ ..
تُرشدُها للحياةِ
فمن ذا يؤجّجُ فيكَ الحياةَ،
وقد رستِ الفُلكُ
بعد انقضاءِ المواسمِ ..؟
من ذا يُتوّج رأساً تَمَلّكهُ الوردُ،
حتى اسْتَخَفّ بشوكِ المسافةِ ..؟
من ذا يُروّضُ فيكَ جُموحَ الطفولةِ،
أو يشتريكَ ببعضِ الكلامِ المُنَمْنَمِ،
حين تموتُ القصائدُ
بين الخليجِ ومصَرَ وقامةِ سلمى ..؟
فاشْربِ المُرّ وحدَكَ،
لا عاصمَ اليومَ من جُرعةٍ
للبقاءِ أو الموتِ بين يديها.
حالماً كالفراشاتِ كنتُ ..
وحين أفقتُ،
احْترقْتُ بنارِ الحقيقةِ،
ياليتني ما أفقْتُ.
حالماً كنتُ في عُشّها ..
أعقد الليلَ بالليلِ،
كي لا تفيقَ العصافيرُ
بين ضلوعي
وتلسعُني الشمسُ قبل الأوانْ.
حالماً كنتُ ..
لكنّني،
أتَحَسّسُ كل المواضِعِ
حين يُباغتُني الياسمينُ
برائحةِ الزّعفرانْ.
بحرُ يابحرُ،
يا بعضَ شوقي إليها
رويدكَ،
فالغدُ موعدُنا ..
سوف تأتي برائحةِ النخلِ
شامخةً كالصباحِ
وفي يدها جُلُّ ماقد تركتُ لديها.
غداً تتحنّي بملحِكَ كلُّ النوارسِ،
والأغنياتُ الحبيسةُ في شفتيها ..
غداً نرتمي فوق موجكَ
زوّادتينِ
لهذا الطريقِ الطويلِ ..
غداً نُطفِئُ الشمسَ
قبل الغروبِ،
نُعَلّقُ أحلى قصائدِنا
في رقابِ الطيورِ(51/254)
ونسخرُ بالمستحيلِ ..
بحرُ يابحرُ،
ياهامةً تنحني
كي تُقَوّمَ فينا انْحناءاتِ هذا الزمانِ
وما أسقَطَ الدّهرُ
من كبرياء السواحلِ
قبل الخريفِ وبعد الخريفْ ..
هاهو الشوقُ والشّعرُ والعاشقُ الطفلُ
بين ذراعيكَ
فلتحفظِ السِّرَّ
حتى تعودَ الحقيقةُ عن غَيّها
أو أعودَ إلى خيمةِ الزّاهدينَ
لأخلو بها قصةً
لاتموتْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أجمل طفلين
أجمل طفلين
رقم القصيدة : 7006
-----------------------------------
وها نحنُ عُدنا،
كأجملِ طفلينِ بعدَ الخصامْ.
نُلَوّح للرّيحِ حينَ تُغنّي ..
ونهفوا إلى قمرٍ دثّرتْهُ الغُيومُ،
ولم يبقَ منهُ،
سوى ماتبقى لنا من كلامْ ..
نُغازلُ أوديةً لا تثورُ
نُحرّضُ فيها السّكونَ
لتكشفَ عن زهرتينِ
تعانقنا بين تلك الصخورِ،
وعن فارسٍ،
آن أنْ يترجّلَ قبل الخريفْ.
حمامةَ قلبي،
أموتُ وأحيا كنبضِ الشواطئِ
بين جناحيكِ
فلتعذريني،
إذا ما تلعْثمَ موجيَ في راحتيكِ
وقلتُ
أحبكِ ..
إني شقيتُ بهذا الوجودِ الرّتيبِ
وهذا القتالِ بغير سلاحٍ ..
تناهيتُ فيكِ،
تلا شيْتُ
أفنيتُ روحيَ في مقلتيكِ.
حمامة قلبيَ،
يارعشةً تعتريني
ويابسمةً في شِفاهِ الغماماتِ،
يا دمعةً في عيوني.
أفيقي،
إذا ما أتيتكِ في النومِ
أحملُ مفتاحَ روحي
وشُدّي عليهِ بكلتا يديكِ
أفيقي،
إذا ما دعاكِ إلى الحقِّ قلبي،
وقال خذيني ..
أفيقي إذا ما غفا الكونُ
واكتحلي بالسكينةِ،
تلقينَني
في الزوايا القريبةِ،
همساً لهذا المساءِ الحزينِ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أغنية للحياة
أغنية للحياة
رقم القصيدة : 7007
-----------------------------------
ليتني،
ليتها،
ليت هذا الدخانَ الكثيفَ الذي بيننا،
يتبدّدُ أعمدةً ..
كي أرى وجهَها من خلالِ الركامِ
وتبصرَ فِيَّ احْتضَارَ النّدى ..
ليتها تتقدّمُ شبراً،
لتسمعَ صوتاً
تهشّمَ بين المراثي سُدى ..
ليتها تتأخّرُ شِبراً
إلى حيثُ كنّا(51/255)
نُخَضِّبُ شَعْرَ المُحِبّينَ بالمسكِ،
نُشْعِلُ جيدَ السّماءِ بِجَذْوَتِنا
نجمةً
نجمةً
ثم نُلقي بأرواحِنا في المَدى ..
ليتها شطحةٌ من خيالٍ،
إذَنْ لأوَيْتَ إلى مَخْدَعِ الوردِ،
أو صُغتُ ملحمةً للفَراشِ الحزينِ،
وأطلقتُ أشرعتي للنهارْ.
كلّما هزّتِ الرّيحُ أوردةَ الشّوقِ،
غنّيت لحْني ..
وعَلّقتُ في بابها قمراً لا يغيبْ.
كنتُ أوفى المُحِبّينَ،
أوفى الصّعاليكِ،
للخيلِ والليلِ
والقُبّراتِ التي لا تنامْ.
كنتُ لمّا يَحِلّ الشّتاءُ،
ويذرفُ دمعتهُ فوقَ سفحِ القلوبِ،
أُبادِرُ بالجمْرةِ المُشتهاةِ،
أمرُّ بها بين تلك البيوتِ
التي لا تزالُ تفوحُ
بأرغِفةِ الّلاجِئينْ.
كنتُ لمّا يَحِلّ الشّتاءُ
ويذرفُ دمعتهُ،
أشتهي أن أموتَ على صفحةٍ
لم يَطَلها المِدادُ.
أنا يا ابْنةَ القلبِ شطرُكِ،
مهْما توالى الدّخانُ الكثيفُ على شُرفتينا،
أو انْطفأ البدرُ في مُقلتينا ..
فثمةَ خيطٌ من الأمنياتِ النّديّةِ،
يَسْتَلُّنا طينةً للنّماءِ أو الهَدْمِ ..
لا تَقْنَطِي،
لن يطولَ الوقوفُ بنا
سوف نبدأُ خلقاً جديداً،
له سِمَةٌ لا تكونُ لغيرِ المُحِبّينَ،
يا نارُ كوني ..
فكُنّا ثُغاءً بتلكَ السّهولِ المديدةِ ..
يَرْتدُّ بعد انْقِضاءِ الزَّمانِ،
صدىً للحياةِ،
أنا يا ابْنةَ القلبِ شَطْرُكِ ..
فلْتَنْثُري ما تبقّى منَ الآسِ حولَ رُفاتي،
وقولي لأهلِ القَصاصِِ إذا ما أتواْ
إنّهُ سيعودْ ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أشباح الغد
أشباح الغد
رقم القصيدة : 7008
-----------------------------------
أناديها ..
وروحي هودجُ الأغرابْ.
إلى جبالِ المِسْكِ.
يومٌ في جفونِ النيلِ،
في الأعصابْ.
مُثْقلتينِ بالأشواقِ والغُرْبةْ.
فنهوِي في شِباكِ الغيبِ،
بين الأهل والأصحابْ.
غداً نُرخِي حِبالَ القلبِ،
فنشدوا مِلءَ حسْرتِنا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الطريق إلى رأس التل
الطريق إلى رأس التل(51/256)
رقم القصيدة : 7009
-----------------------------------
مدخل
- وَجَعُ الذّكرى
وتراتيلُ الليل ِ
- ُطيورُ الغاب ِ المفجوعةُ في الأحباب ِ.
- أباريقُ الفجْر ِ المسكوبةُ
في عيني ُأنثى النورس ِ،
قبلَ الهجرة ِ أوبعدَ وصولِ ِ السّربِ.
- عناقيدُ العنبِ الحامِضْ.
- أيدي القطّافينَ ،
وأيدي الزّرّاعِ ،
وأيدي المُنتظرينَ على بابِ الموسِمْ.
- أفئدةُ العُشّاقِ المخدوعينَ
بوعدِ الصّحراء ِ
- أعاصيرُ الفِكرِ على ورق ِ الدّفترْ.
-أشرِعةُ العودةِ للظّلِّ
- أهازيجُ المهزومينَ على الشّاطئِِ
ينتظِرونَ الأخبارَ المهزومةْ..
- أرغفهُ الصبرِ المقسومةُ
بالعدلِ المُطلق ِ
بينَ الطير ِ
وبينَ الناس ِ
وباقي خلقِ اللهِ
- أنامِلُ حورِيّاتِ البحر ِ ،
تُلامِسُ جِلْدَ الساحِلْ.
يصحو السّاحِلُ من هذَيان ِ الحُمّى
يستقبلُ بحّارتَهُ باللّهفة ِ والإعياءْ.
- نقشُ العَرَبِ الخُلّصِ في صدر ِ الموجة ِ
أو ظهر ِ كثيب ِ الرّمل ِ
- نحيبُ الموجة ِ والرّمل ِ
على أجفان ِالعرب ِالخُلّص ِ.
- أضرِحةُ الصّوفيّةِ
في الشّام ِومِصرَ..
- حُشودُ الزّوّار ِ،
- البكّاؤونَ،
- سماسِرةُ الدّفن ِ،
- النّدّاباتُ ،
- الدّجَلُ المُتفشّي في أسواق ِالموتْ..
مشهد التيه
أضَعْتُ الوُجهةَ
ضيّعتُ طريقي،
نحوَ الكوخ ِ المضروب ِعلى رأس ِ التلِّ..
فقدْتُ جناحَيَّ
ورِجلاي تذوبان ِبهذي الزّّّحمةْ.
كيفَ أعودُ إلى حالتِِيَ الأولى؟
من يتأبّطُني زُوّادَةَ دربٍ؟
كي أغفو باقي أيّام ِالعُمر ِ
وأصحو في رأس ِالتَلِّ
مع الصُّبح ِ .
غريبٌ
أتلَمّسُ أقنِعةَ الخَلق ِ
وأبحثُ عمّنْ يُشبِهُني..
وحدي في الزّحمة ِ..
من يُرشِدُني نحوي؟
قلبي يتناثرُ مِنّي في كُلّ مكان ٍ..
أجمعُهُ..
يتناثرُ ثانيةً.
يتماهى بالشّارِع ِ ،
يُنكِرُني..
أتلمّسُهُ في النّاسِ..
لقد صار غريباً مِثلي
يبحثُ عن رأس ِالتّلِّ ،
هُنالِكَ ،
حيثُ يعودُ السّربُ ،
ويغفو بعدَ عناءِ الرّحلةْ.
قلبي ،(51/257)
لُغتي ودليلي في العتمةْ.
وحدي ، أتحسّسُ جُدرانَ العُمر ِ
أُقاسِمُها في الليل ِضياعي
وتُقاسِمُني الصّمتْ.
تتعهّدُني
بجفاء ِ الأحباب ِ ،
وقسوة ِ من شرِبوا من كأسي ،
وارتحلوا..
تقِف اللّّّحظةُ حيثُ وقفْتُ ،
(( وما في الجُبّة ِغيري)) ..
أحبابي رحلوا..
رِجلايَ تذوبان ِ
إلى حدِّ اليأس ِ
وما عادوا .
أهْلكْتُ الخيلَ ،
طوَيتُ الأرضَ ،
وعُدتُ إلى حيثُ فَنائي
بينَ الأمصار ِ
وما عادوا.
كيفَ أُحنِّي أطرافَ الأمَل ِ
المعقود ِ بعودتِهِمْ
بعد ضياع ِ الجِهةِ الأشهى..
ولِمَ الأعيادُ ؟
جِهتي قلبٌ ،
لُغةٌ ،
بُعدٌ ،
تتوحّد فيه ِالأبعادُ .
أرصِفةٌ تُؤوي الفُقراءَ
وتُرضِعُ أبناءَ الشّمس ِ
من الشّمس ِ
هُنالِكَ ،
حيثُ الوجهُ الآخَرُ للدنيا
أو حيثُ الأشياءُ ،
بِحالتِها الأولى..
مشهد الانكفاء
في هذا الجُزءِ المعزول ِمن العالم ِ ،
في هذا المقهى ،
من هذا الكُرسِيِّ ،
أُحدّقُ في كُلّ الأشياءِ ،
أُحمِّلُها ما لا تحملُ ،
أسبحُ في بحر ِدقائِقِها زَمَناً ..
وأعودُ بأخبار ِالخَلق ِ المُهملْ .
من هذا الكُرسِيِّ ،
عرفتُ الأصعَبَ والأسهلَ
والأقبحَ والأجملْ .
وقرأتُ تراتيلَ النّجمةِ في الليل ِ ،
وما تركَ السّهرُ المجنونُ
على الطّرْفِ الأكحلْ .
زاوِيةٌ في هذاالكونِ الشاسِعِ تكفي ..
زاوِيةٌ تتحمّلُ طينَكَ ،
أوهامَكَ .
زاوِيةٌ ،
تُغريكَ بِعِطرِ اللّحظةِ ،
تُهديكَ الحبّةَ
والتُربةَ
والمِنْجَلْ .
زاوِيةٌ ،
منها تستدعي الكونَ ،
تُحدّثُهُ
تستفتيهِ
تُقرّعُهُ تستجديهِ
تُجرّدُهُ
تُعطيهِ
تُؤمّرُهُ ..
تتواصلُ فيهِ
بما فاتكَ ،
تَفصِلُهُ ..
زاوِيةٌ ،
تورِقُ في الجدْبِ
وتُثمِرُ قبلَ المِوسمْ .
زاوِيةٌ ،
تُخلي قلبَكَ من وَسَخ ِ المِشْوار ِ
وتسكُبُ فيكَ اللّونَ المائِيَّ
لتُصبحَ لوناً أبهى ،
روضاً أزهى ،
نهراً أطولْ .
مشهد القصاص
ماذا لو تقتَصُّ الأرضُ
من الُكلِّ
بما كسبتْ أيدي البعض ِ؟
تُراها ، هل تَخْضَرُّ لسائمةٍ ؟(51/258)
أو تُنبِتُ فُلاًّ لحبيبين ِ ،
تراءى لهُما أنّ العُمرَ طويلٌ
وبياضٌ كالفُلِّ .
تُراها ، هل تنضحُ, ماءً ،
لجبينٍ يتغشّاهُ لهيبُ الصّحراءْ ؟
ماذا لو تقتصُّ الأرضُ من الأبناء ِ
بما كسَبَتْ أيدي الآباءْ ؟
مشهد المختار
زيتونُك ِ يا أرضُ شحيحٌ هذا العامُ
وأطفالُك ِ جوعى ..
يقتاتونَ على الخُبزِ اليابِسٍ والماءْ .
والمُختارُ ،
يعُدُّ نقودَ العامِ الفائِتْ .
يُخطِئُ في العَدِّ ،
ويحسِبُ ثانِيةً ..
يُخطِئُ ،
يحسِبُ ،
يُخطِئُ ،
يحسِبُ ..
ثُمّ تضيعُ الحِسبةْ .
لم يبقَ من العُمرِ كما فاتَ ،
وتمتدُّ اللّعبةْ ..
الأطفالُ تجوعُ وتعرى
والقتلى يزدادونَ ،كما تزداد نُقودُ المُختارْ .
وهو يعُدُّ القتلى
والجرحى
والأموالَ
ويُخطِئُ في العَدِّ ..
يُعيدُ الكَرّةَ ،
تَكْثُرُ في عينيهِ الأصفارْ .
من أينَ أتى هذا الصِّفرُ ؟
وذاكَ الواحَدُ ، والخمسةُ ..؟
كيفَ تَكَوَّنَ هذا الرّقمُ الجَبَّارْ ؟
زيتٌ
زيتونٌ
قتلى
جرحى ..
ونُقودٌ بالعُملاتِ الصّعبة ِ ،
للوضْع ِ الصّعب ِ ،
وأرصِفةٌ تبكي الشُّهداءَ
وتهتِفُ باسم ِ المُختارْ .
مشهد العودة
تقِفُ الساعةُ ،
تشهقُ ،
رجعاً لصدى الصّرخة ِ
تحتَ لهيبِ الوقتِ .
يفوحُ دُخانُ اللّيل ِ ،
وعطرُ الجُرحِ المنقوشِ حديثاً
فوقَ جبينٍ نرفعُهُ
كي لا نوصمَ بالعارْ .
- وطنٌ تولدُ فيهِ ،
- وطنٌ يولدُ فيكَ ،
- وثالِثُ، تسمعُ عنهُ ..
فأيُّ الأوطان ِ المُرّة ِ
- في الوقتِ الضّائعِ
تختارْ ؟
وجعُ الذّكرى
وتراتيلُ الليل ِ
تُحرّضُ فيَّ الشّعرَ فأكتُبُهُ
بالخطِّ المهزوزِ على كُلّ جدارْ .
وحدي حينَ ينامُ الليلُ ،
أفُكُّ رِباطَ الخيل ِ
وأُطلِقُها ..
ورِباطَ الفِكرِ ،
ليسرَحَ في دُنيا الأحرارْ .
أستدعي كُلَّ طيور ِ الغاب ِ
المفجوعةِ في الأحبابِ ،
أُسامِرُها ،
حتى ينبُتَ قبلَ الفجر ِ جناحي ..
تقِف الساعةُ ،
عند الحدّ الفاصِلِ
بينَ الموتينِ :
العودةُ ،
واللاعودةُ ،
فاسْتَرْشَدْتُ(51/259)
بِحَدِّ السّيفِ ،
وأسرجْتُ من الليل ِ صباحي ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> وعلى المقيمين خارجها مراعاة فارق التصويت
وعلى المقيمين خارجها مراعاة فارق التصويت
رقم القصيدة : 7010
-----------------------------------
الرياض التي ترتدي جَوْربًا للشتاء الثقيل ، وتنتعلُ الصبح دفئا تقصّى ظلالَ الضحى ...
حدثتني بأن القصيدةَ واقعةٌ بينَ نصْبِ وجزْم
والصديقة مابين عزمِ وحزمْ ..!
قالتِ الساحليةُ : إنّ المسافة مابين حزن الصدور
و( شِعرِ ) اللِّحى مطلعٌ جاهلي .. !
إذافالقيافة أن نكتبَ الشعرَ من غير خارطةِ فالخرائطُ لاتعتني بالممراتِ حينَ تغافلها عبوةٌ ناسفةْ
الخرائطُ لاتستعيذ بشمس الرياض ولا تستطيع التكهّنَ بالعاصفةْ ..!
كلٌ دربِ يؤدي لمسجدِ جدي ..
حينَ جاء أبي بعدَ عمر طويلْ
وأدى بها الظهرَ عصرًا صامَ من دون قيلولةِ قال إن المساجد محدِقَةٌ
والدكاكين مغلقةٌ
واحتقان المجالس فيها رجال يجيئون بالرمد الموسمي ....!
***
النوافذ سيدةٌ من زجاج يراودها البرد عن نفسها ويحيط بها الموت ( شِبطًا ) تهبُّ على حزنها
حينَ تدخلُها آمن قلبُها والشوارعُ باءتْ بوزْرِ
السويدي ....
قلتُ إنَّ المدينة شتويّةٌ حين يشتعلُ الجمرُ جمرا
ويأتي على غفلة من عطاء
الرياضُ إذا تحلقُ الشمس صلعتها كل صيف
وتلسعها جمرة البرد في قلبها في شتاءٍ بلا خيمةٍ
سوفَ تشكو علينا الشتاء .. !
الرياض بلا أصدقاء ...!
إنها نصف سيدة كحّلت عينها بالنقابِ وراحت تؤدي صلاة الجماعةِ في بيتها ...
أقرأت طفلها سورةَ الفتحِ
مدّت يداها تَعَسّسُ جوعَ النجوم
ونامت على ( تلّةٍ ) من سماء ..!
جئتها بعدَ موتِ أبي بثمانينَ عمرًا
ولازال مسجدها قائما بشؤون الدقائق فيها :
منابرها لم تزل أدعيةْ ..
غير أن نقاط العبور بها يقظةٌ معديةْ ..!
النساء اخترقنَ الغياب وجئنَ بحادثة في طريق القصيدة ..!
الشوارع مرسومة فوق شاشات هاتف أنثى
فأحملها في يدي ..!(51/260)
والكتابة تعويذة القادمين إليها يسومونها سوء عاقبة المبصرين
لم أجئها حنينْ
جئتها ذات حين
في مساء حزين
واحتقانٍ دفينْ
الشوارعُ كل العواميد فيها مضاءةْ
صفحة الماء حين تطول الغيوم بها عتمةً كالقناع الذي ترتديه البراءةْ ..!
والعصافير في ردهات المنائر صوت البراء ..!
الرياضُ نداء الصحاري الذي طار نحو السماء .. صباحُ الإشارات مزحومة .. فارس جاءها من بقاء ..!
لا تكممْ يدي ..
ليس بين رعاش الأصابع إلا صلاة أبي ماتَ من دونِ قيلولةِ حينما دلّكَ الموتُ أعضاءهُ واستوى في يديه ..!
لستُ أبكي عليه ... !
ظلُّ بيتي نمت فيه نخلةُ جدي فأطعمتُ من عذقها إخوتي ..!
خذ يدي لاتدعني ..
فالدماء التي في القميص دمائي
وما كذبوا إخوتي حين قالوا قتلناهُ ماكذبوا حين قالوا وكيف نقول له الذئبَ مافي المدينة إلا كلاب وأحياؤها كلها من نساء ..!
خذ يدي لاتدعني ..
ستبيضُّ عينُ أبي وهو يبكي
فما كنتُ يوسُفَهُ وهو يعقوبُ
لكنني كنتُ أتلو بدكَّانه سورةَ الأنبياء ..!
***
الرياض أريكة سيدة تركت ظلّها في مهبِّ المشيئةْ
أرجحتها الحوادث منذ الفراق الأخير ، وقد حملت بالدوارْ ..
جاء فيها النهارْ .. يسأل الليل عن وطنٍ لاتباغض
فيه :
بين راءٍ وياءِ
بين مدٍّ وحدْ
بين ضاد و
د
1
ر
لا تفرق دمي حين تقتلني سوف نقتصّ من كل قلبٍ ظنونْ !
لنا نخلةٌ بين دالينِ .. مد وحد ..!
كلنا واحدٌ جبهةً يمَّمَتْ وجهها واستطالتْ على الوقت لاتنحني حين تسجد إلا لربي :
الرصيف سيبني على حده موعدًا للخطا
والشوارع تكتم أنفاسها كلما عاثَ فيها هروب :
( كلنا في الشمال العليا
إذا كان بعض السويدي الجنوبْ )
كلنا للرياض نحرّك عقربَ ساعتنا باتجاه شوارعها ثم نوشك بالظل قبل الغروبْ
لاتكمّم فمي ..
إنها مئزر الوقت تحمل قنديلها راعشا في الشتاء
لتدفئ أوردةَ الصبر فينا ..
وتنتعل الريح ..
خاتمها شاعر جاء من غير وعدٍ بها ثم حكَّ فراء قصيدته
واستوى للبياضْ ..(51/261)
لاتكمِّمْ فمي .. أول الشعر أنثى وآخره بقعة زوجوها الخزامى ..
فجاءت لنا بالرياض ..!
26 / يناير 2004 م
الرياض
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> رحيل في تضاريس الغربة والعشق
رحيل في تضاريس الغربة والعشق
رقم القصيدة : 7011
-----------------------------------
راحلٌ
حبلُهُ في يديه ِ
وقبضةُ تمرٍ وماءْ .
كالنسيم ِ إذا مرّ في الليل ِ ،
سرّحَ سعفَ النخيل ِ
وألهبَهُ صبوةً ..
مرّ بالشّرُفاتِ التي لا تَفَتَّحُ
إلا إذا طلعَ الفجْرُ ،
ألقى التّحيّةَ
قالَ : سلامٌ على أهل ِ هذا المساءْ .
راحلٌ
زادُهُ الدّربُ
قِبلتُهُ ، الريحُ
نجمتُهُ قلبُهُ
نعلُهُ الأرضُ
هامتُهُ في السماءْ .
قال يوماً : - وما سمِعَ الميّتونَ -
بأن السواحلَ قد تُنكِرُ الماءَ ..
فاتّخِذوا غيرَ هذي القبور ِمَواطنَ للزّهْو ِ..
هُبّوا بأكفانِكُمْ نحو ما تدّعونَ
وما لا تُطيقونَ
عَضّوا على لُجُم ِالمَوتِ ،
كُرّوا إلى حتفِكُم .
وانهلوا الصُّبحَ صِرفاً
من البحر ِللنهر ِ
واستقبلوا قِبلتي ..
راحلٌ
ليس إلاّ
بسقطِ المتاع ِ
وما شذّ من لُغةِ القوم ِ
حينَ يزيدُ الكلامُ على حدّهِ أو يقِلُّ
راحلٌ
ليس كالراحلينَ ،
من الحُزن ِ كان انبعاثُكَ
للحُزن ِتصبو ..
ومنهُ ، إليهِ ، تُسطَّرُ أفراحَ روحِكَ
تلهوا بكلّ الجِنان ِ ،
وتنفُذُ من كلّ نارٍ ،
حُداؤُكَ ،
في كلّ خيلٍ تصولُ
وبأسُكَ
في كلّ سيفٍ يُسَلُّ .
قبِلتَ الرّهانَ ،
ولمّا استويتَ على شفْرةِ الرّأي ِ
لِنْتَ لهُمْ ..
باسِطاً راحتيكَ لِمن خالفوكَ الطريقةَ
فانْتشروا كالجرادِ سُدىً ،
وانْكفَأْتَ على وتَدٍ ،
لم يكُن لسِواكَ من الطّير ..
لِنْتَ لهُم ما استطَعْتَ
وما لان قلْبُ البلادِ عليكَ
ليُخرِجَ منها الأعَزَّ الأذَلُّ .
(( من المُؤمنينَ رِجالٌ ))
وحسْبُكَ أنّكَ أنتَ الأقَلُّ .
من المؤمنينَ ..
وما جنحوا لرحيلكَ ،
فارتحلوا خارجَ الحُزن ِ
يلتمسونَ الرُّؤى(51/262)
في عروق ِ الظلام ِعلى جذوةٍ تضمحِلُّ .
عفَوتَ ،
ومثْلُكَ يرأفُ
حينَ تدورُ الشِّمالُ برأس ِ الخليج ِ
ويصفحُ عن كلّ طيرٍ يزِلُّ .
وثُرْتَ ،
ومثلُكُ يعتَبُ في الصّحْوِ
كيما تعودَ السفينةُ أدراجها ،
قبل أن تستفِزَّ الشِّمالُ شياطينَها
في المياهِ الغريبةِ .
آهٍ من البحر ِ والرّيح ِ والفُلْكِ
فيما تَهيمُ
وممّا تُقِلُّ .
رأوكَ انْحنيتَ على زهرةٍ
لم ينَلْها الذّبولُ
وقد ذبُلَ الجلّنارُ .
رأوها تخضّبُ بالطّيبِ في مِفرقيكَ البياضَ ،
وتطبعُ عِشقَ الرُّبى ، قُبْلَةً بينَ عينيكَ ،
حانَ البِذارُ .
وقُمتَ ،
وقد ربَتِ الأرضُ ،
واهتَزَّ يابِسُها نشوةً
في الحِصار ِ،
لقد نِلتَ ما لم ينلْهُ الحِصارُ .
فُراتُ ارْتعِشْ ..
شِئتَ ألاّ تكُفَّ عن العِشْق ِ ،
والنّخلُ غيدٌ ،
تمايلْنَ تيهاً ، على جانبيكَ .
أبا الخِصْبِ ،
لن يحجِبَنَّكَ عما يفيضُ بهِ القَلبُ
ما ردّدَ العاذلونَ ،
ولن يمحُوَنَّ الذي بيننا ،
ما يُحيكُ الغُبارُ .
تهُزُّ الأعاصيرُ ،
ما زاد عن حاجةِ الأرض ِ
كَرهاً ..
ويمكُثُ مهما تأجّجَ في جوفِها ،
ما يشاءُ الأُورارُ .
وأنتَ السّعيرُ الذي يُثلِجُ الصّدْرَ ..
أنتَ الطّريقُ إلى سُرّةِ الكون ِ ،
أنتَ المزارُ .
تطاولَ نخلُكَ ،
حينَ تطاولتِ الرّومُ في الخائفينَ ،
وخرّوا لها سُجّداً، دون ما يعبدونَ
- بجُنح ِ الظّلام ِ -
فأشرقَ في حُزنِكَ البابِليِّ النهارُ .
أبا الخِصبِ ،
ما زِلتُ أقدحُ جِذعاً
أصابتْهُ قبلَ الشّتاءِ السّماءُ ،
وأخشى إذا احتكمَ البَردُ ،
أن يستبِدَّ بأفراخ ِ طيرٍ تعهّدْتها بدم ِ القلبِ .
مازلتُ أقدحُ في الماءِ جَهدي ..
وأنّى لها أن تفيقَ من الوَهْم ِ
في مكْمَن ِ الماءِ نارُ .
غثاءٌ تقاذفهُ السّيلُ ،
- دونَ حياءٍ -
يُباهي بوجهين ِ :
في الشرق ِ وجهٌ ،
وفي الغربِ وجهٌ ،
تحيّرتُ أيّهُما المستعارُ ؟
وأسندتُ رأسي على كتِفِ الحُزن ِ
أغمضْتُ عينَيَّ ،
والوقتُ منتبِهٌ(51/263)
يتوغّلُ في النسبِ العربيّ برِفقٍ ..
(( هنا القُدس ))
قال المُذيعّ ، وماتْ .
على إثر ِ طلقةِ بارودةٍ ،
كان يحملُها ثائرٌ في الخليج ِ
يبيعُ نضالاتهِ دبكةً في الشتاتْ .
(( هنا القدسُ ))
أعربتِ النُّخَبُ الوطنيّةُ عن حُزنها
لانهيار السلام ِ ،
وتمثال ِ بوذا ،
وأعصابِ مستوطناتِ الخليل ِ ، وغزّةَ .
أعلنَ مُفتي الدّيارِ :
بأن الذي يتزنّرُ قُنبُلةً ،
ويموتُ دفاعاً عن الأرض ِ والعِرض ِ
.. في النارْ .
(( هنا صوتُ تلِّ أبيبْ..))
صحوْتُ ،
((هنا القدس))
ينقطِعُ الصّوتُ ،
ثمّةَ شيءٌ يدورُ هنالكَ ..
همهمةٌ ،
صوتُ أحذيةٍ ، تتسلّلُ بينَ المزارع ِ ،
في حذرٍ ..
زنانيرُ تُربطُ ،
أُخرى تُحلُّ .
(( هنا القدسُ ثانية ))
وملهىً تَطايرُ أشلاؤهُ
في الهواءِ المُعشّق ِ بالنارِ
رغمَ السلام ِ
وبوذا
ومُفتي الديارِ
وأعصابِ مستوطناتِ الخليل ِ
وما أعربتْ نُخبُ الوطنيّةِ ..
يا أيّها النسبُ العربيّ
صباحُكَ فُلُّ ..
وزغرودةٌ تملأُ الأُفْقَ
من بيتِ كُلِّ شهيدٍ تزنّرَ بالمُعجزاتِ تُطِلُّ .
راحِلٌ فيكِ
عنكِ
إليكِ
أجُسُّ المنافِذَ ،
والحبلُ مُتّصلٌ بيننا في الورى نسبا .
إنما ،
ما على ذاك عهْدُ الأجاويدِ ..
عِشقُ الأجاويدِ ،
لا يبتغي الموتُ من أجلِهِ سببا .
رحَلْتُ ،
وقلبي فنارُ العماليق ِ ، في حبكةِ الليل ِ
يستطلِعُ الدُّورَ ..
ماذا تُخَبّىءُ
من عُبُواتٍ وزيتٍ ..؟
يُضَمّدُ جوعَ الشوارِع ِ
مُسْتَعْتَباً تَعِبا .
وماذا يُعِدُّ الفُراتُ لِشُحِّ المواسِم ِ ..؟
ماذا يُرَدُّدُ قلبُ الجزيرةِ
تحتَ لُهاثِ القوافِل ِ ؟
لمّا تضاءلَ- بينَ قِطافِ القُرى - تينُهُ عِنبا ..
وماذا يُخَبّرُ نيلُ الصّعيدِ عن الثأرِ ..؟
هل قطّعتْ مِصْرُ للثائرين ِ ضفائِرَها ..؟!
أم تخلّيتَ يانيلُ عن ضفّتيكَ ،
وأنت الذي أجّجَ الفَقْرَ- من جودِهِ - فيهِما لَهَبا ..
كُنتُ
- إذا كُنتَ تُودِعُ جَمْرَكَ في رَحِمِ الأرض ِ-
لا أعرِفُ الشِّعْرَ ..(51/264)
حتى اكْتَوَيْتُ بنارَيْكُما ،
وانْثَنَيتَ ...
فهلْ يتحاشى الذي وهَبَ الشَّيْءَ ، ما وَهَبا ..
راحِلٌ
قد دعاني المَقامُ إلى فتح ِ قلبي ..
- وما يومُ قلبي بِسِرٍّ -
على ملأٍ في عُكاظ ..
وما كان لي يومَها ، خيمةٌ من أدَمْ .
بَدَأْتُ من الصّفْرِ ،
أُنشِدُ جُرحي على صخْرَةِ البَوْح ِ
ألقيتُ جُلّ دمي ..
....................
لاشيءَ يوحي بشيْءٍ ..
...................
...................
سلامٌ على أهلِ هذا المساءْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> بين يديك
بين يديك
رقم القصيدة : 7012
-----------------------------------
كوبان لِلُّقيا ،
وثالثُ للوداعْ .
ما فات فاتَ ،
وما تبقّى للّيالي البيض ِ،
فارْتَشِفي بقاءَكِ من فنائي ..
لم يبقَ لي مما تبقّى
من غنائي ،
غيرُ احْتقان ِ الصّوتِ في رِئَتي
ورجع ِ الأُغنياتْ .
خيطاً من الشوقِ ارْتميتُ
على أنامِلِكِ النّديّةِ
فانسجي وطناً ندِيّاً ..
للطيورِ الخُضرِ
حُرّاً ،
دونَ قافيةٍ ،
على بحرِ الشتاتْ .
ماعُدتُ عُكّازاً
لقافلةِ الظلام ِ ،
خلَعتُ ثوبَ الصّفح ِ
عن نهرٍ يسوقُ إلى جهنّمَ .
خُطوتي ،
لغةٌ
بلا لحنٍ .
ولحني ،
ناصعٌ
كالصبح ِ .
صُبحي ،
وُجهةُ التاريخ ِ
حينَ يُحدّدُ التاريخُ
وُجهتَهُ ..
وينفُذُ من بهاءِ
المُلكِ والملكوتِ
نحوَ بهاءِ جُرحِك ..
فلْتَنْسِجي وطناً
لكلِّ العاشِقينْ .
وخريطةً أشهى ..
بِحَجْم ِ الحبِّ ،
زيتوناً ،
وظِلاًّ للرُّعاةْ .
قبراً بلا نقشٍ
ولا زُوّارَ ،
أرصفةً ،
وشعباً للمُخيّم ِ والرّصيفِ ،
مُخيّماً للجولةِ الأُخرى ..
وقولي :
من لم يمُت بالسّيفِ ماتْ .
من لم يُعِدّ عيالهُ
بيديهِ ، أحزِمةً ،
تَقُضُّ مضاجِعَ الأعداءِ ماتْ .
من لم يُحدّثْ نفسَهُ
بالغزْوِ ماتْ .
من ماتَ مُنتظراً
على بابِ الوُلاةِ تأدُّباً ،
كي يطلبَ الغُفرانَ قبلَ الكرِّ ماتْ .
من قالَ : هب لي يا إلهي ركعتينِ
- بساحةِ الأقصى-
بلا وجعٍ ولا حُمّى ..(51/265)
فلا رَبِحَتْ تجارتُهُ ..
وماتْ .
خيطاً من الشوق ِ ارْتَمَيْتُ ،
فهل يحُطُّ الموتُ في كفّيكِ
بعضَ خَطِيئَتِي ..؟
أمْ أنّ عبداللهِ ماتْ ..؟؟
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الدّرة قال
الدّرة قال
رقم القصيدة : 7013
-----------------------------------
تحتَ جِدارِكِ أُمّاهُ
يغيبُ الوقتْ .
كان العمرًُ كفوهةِ قَنّاصٍ
لستُ أراهُ ..
وأبي مبيضُّ العينينِ أمامي
يستجدي الريحَ ،
يُلَوّحُ للأقدارِ ، أنِ اخْضَرِّي ...
حين توالَى الزّخُّ ،
رأيتُكِ طوداً
لا ينهارُ لموتِي .
بينَ يديكِ عتادُ الزيتون ِ
وفي صَدرِكِ سِرّي ...
تحتَ جدارِكِ
أهْلكتُ الخيلَ صهيلاً ،
أحْرَجْتُ الفرسانَ ،
ومازالَ زِمامُ الشّارع ِ في كَفّي .
قالوا :
انْتَظِرِ الجولاتِ الأُخْرى ..
قلتُ :
لِكُلٍّ جولتُهُ ...
من يعرفُ سرّ القدسِ
سيعْرِفُني ..
في أولى الطّلقاتِ
تلاشى الكونُ ..
فكُنتُ
وفي آخرها ،
أخذ الكونُ مكاني ..
فحملتُ زماني ،
ومضيت .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> للطيور مواعيدها
للطيور مواعيدها
رقم القصيدة : 7014
-----------------------------------
للطيورِ مواعيدُها ..
لا تُسوّفُ هذي النّوارِسُ
حينَ يُنادي الشّتاءُ ،
ترى الأُفقَ أجْنِحَةً
والسواحلَ
مُبيضّةُ الوجهِ والقلبِ
مأمونةً ..
حفّها الرّيشُ
بالفرح ِ المَوْسِمِيِّ .
يَرُشُّ على وجهِكَ الملحَ
ماءُ الخليج ِ ،
لتسرحَ
في ملكوتِ البحارِ
وأسرارِ من ركبوها
وما رجعوا ..
نشوةُ المشهدِ السرمدِيِّ
تقودُكَ نحو الفناءِ
المُعَطّرِ بالذكرياتِ .
تُعيدُكَ طِفْلاً
تَحَنّى إلى رُكبتيهِ
برمل ِ الظّهيرةِ .
تُرسِلُ عينيكَ
بين النوارِس ِ ،
تبحثُ عن نورس ٍ ،
كان قبلَ ثلاثينَ عاماً ، هنا ..
كان يبكي ..
وكُنتَ صغيراً ،
تؤوّلُ سِرَّ بُكاءِ النوارِسِ
بالجوعِ .
لم تدرِ أنّ النوارِسَ
تبكي من العِشق ِ ،
حتى عشِقْتَ ،
وذُقتَ النّوى ،
وبكيتْ .
كنتَ طفلاً ،(51/266)
وصوتُكَ أرجوحةٌ
تترنّحٌ في كُلّ بيتْ .
والصبايا اللّواتي
تسلّقتَ أحلامَهُنّ ،
نأينَ ..
وصِرنَ يُوارينَ أوْجُهَهُنّ
إذا ما قرأنَ بعينيكَ
أسماءَهُنّ ..
كبِرنَ
كبِرنَ
وما زال رملُ الظهيرةِ
بينَ أصابِعِ رِجليكَ
يشهدُ ،
أن النوارِسَ
لا تخلِفُ الوعدَ
والطّفلَ مازال يعدو ..
تشيخُ المسافةُ ،
والطّفلُ يعدو ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> التابوت
التابوت
رقم القصيدة : 7015
-----------------------------------
نافذةٌ
لا تطرُقُها الشمسُ ،
وقلبٌ
لا يدخُلُه الليلْ .
وسماءٌ ،
تحكي قصّتها ماءً
يُطفىءُ عزمَ الذاكرةِ الكَسلى ..
حينَ تكونُ وحيداً ،
تستجدي الصّمتَ ،
وتسألُهُ الرفقَ بقلبِكَ ،
تسألُهُ أن يصمُتَ
حتى تعبُرَ دونَ ضجيجٍ ،
وتُصافِحَ أيامكَ
يوماً يوماً ..
الصّمتُ ،
وثرثرةُ المطرِ الفظِّ ،
ونافذةُ الليل ِ ،
وُلوجٌ في الفَوْضى
وخروجٌ من لحن ِ
الزّمنِ اليومِيِّ .
عُروجٌ في الوحشةِ .
غوصٌ في أيام ِ اللهِ
المحجوبةِ عن عينيكْ .
أيامٌ ،
لا يبصِرُها إلا قلبٌ
لا يدخُلُهُ الليلُ ،
ولا يلمسُها غيرُ السّحرِ
الكامن ِ في كفّيكْ .
ينتصِفُ الليلُ
وأنت على مقعدِكَ المنسِيِّ
تُقلّبُ أيامَكَ ..
كلُّ الأيام ِ أمامَكَ ..
إلا يومَ وُلِدتَ
ويومَ تموتْ .
ما أضيقَ هذا التابوتْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> رجل وإمرأة وغياب
رجل وإمرأة وغياب
رقم القصيدة : 7017
-----------------------------------
في طاولةٍ ،
وأنا الرجلُ المحضُ ،
وحيداً أجلسُ ..
أوْدَعَنِي الّليلُ
على طاولةٍ وحدي .
وهي امْرةٌ مَحْضٌ ،
تغزِلُ عمرَ الحبِّ وتنقُضُهُ ،
ثُم تعودُ وتغزِلُهُ ..
طاولتي ،
أوسعُ من كأس ٍ فارِغةٍ
ويدٍ تمتدُّ إلى الوهم ِ
وأضيقُ مما أحملُ ..
يا امْرأةً
تنثُرُني في الكون ِ
لتجمعني ،
رجلاً مَحْضاً
لا يكتبُ ،
إلا في عينيها
الشاردتينِ
الغاضبتين ِ
الناعستين ِ
الباحثتين ِ عن الحبّ
بعينيّ(51/267)
الشاردتين ِ
الغاضبتينْ .
ترمُقُني من بُعدٍ ..
فأراها خلفَ بحارِ الدنيا
مملكةً ،
لا يدخُلُها غيري .
أضعُ السيفَ
وكلّ عتادِ الحربِ
وأخلعُ نعليَّ
لأدخُلَ مملكتي .
مملكتي ،
تُشهرُ سيفَ الحبّ بوجهي
وتقولُ تأخّرتَ ..
تأخّرتُ
تأخّرتُ
لأنّي ..
- لاعُذرَ لديكَ ، تأخّرتَ ،
وعُد من حيثُ أتيتَ .
فعُدتُ إلى طاولةٍ
أوسعُ من كأسٍ فارِغةٍ
ويدٍ تمتدُّ إلى الوهم ِ .
كتبتُ الفصلَ الأوّلَ
من قصّتنا :
رجُلٌ محضٌ ،
وامرأةٌ محضٌ ،
وغيابٌ يجمعُ بينهُما ..
ليعودا ،
قلبين ِ
بعيدين ِ
قريبين ِ
حبيبين ِ
غريبينْ .
قصّتنا أطوَلُ
من هذا الليلِ،
وأوسعُ من طاولتي ..
كيفَ أُريقُ الحبرَ على طاولةٍ
لا تحملُ إلا كأساً فارغةً
ويداً تمتد إلى الوهم ِ ؟
وكيفَ أُحمّلُ هذاالليلَ القاصِرَ
فيضَ جنوني ؟
سأعودُ إلى الغُرفةِ ،
كي لا يسخرَ هذا البردُ القارصُ
من عَرَقِي ..
فالمشوارُ طويلٌ
واللغةُ العربيةُ لا تُسعِفُني
حتى في الغُرفةِ ..
يبدو أن فرنسا لا تفهمُني !
لا بأسَ
كِلانا لا يفهمُ صاحبهُ .
لكن حبيبةَ قلبي ،
لا تفهمُني أيضا ..
- تلكَ مُغامرةٌ أخرى
في لغةِ العشق ِ
وثرثرةِ المهزومينْ .
الحربُ هنا ،
باردةٌ جداً ..
ليس بها غيرُ الصمتِ ،
وبعض ِ الكلماتِ المدروسةِ
حتى الموتْ .
ما أصعبَ أن تكبُرَ
فيكَ اللغةُ العربيّةُ
ثمّ تشيخَ
وتُصبِحَ لغةً أخرى ..
تلك أُصولُ اللُّعبةِ ،
- جَمِّلها بقليلٍ مما تضعُ
الباريسيّاتُ إذا شِخْنَ
على أوجُهِهِنَّ ،
وقُل : هذي لُغتي ..
- هذا كذبٌ
لُغتي طفلٌ ،
لا يُنهِكُهُ الحبُّ .
سأحملهُ في الصدرِ
وأسقيهِ بقلبي
حتى ينفُذَ جورِياً في خدّيها ..
وأقول لها :
هذي لُغتي .
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الغريبة
الغريبة
رقم القصيدة : 7018
-----------------------------------
حملتُ
نعشَ طفولتي
على كتفي
و مشيتُ
.في جنازةِ أحلامي
تبعني أطفالٌ
عصافيرُ
ظلّي
رافضًا أن يكونَ
ظلاًّ
.لطفلة ميّتة(51/268)
حملتُ النعشَ الصغيرَ
و مشيتُ
قابلتُ قلوبًا أعرفُها
،وجوهًا لا أذكرُها
مشيتُ
.لم يعرفني أحد
الفجرُ الشاحبُ
يشبهني
النهرُ الأخضرُ
يشبهُ ذبولَ عينيك
جرحُ الشمسِ
في الشروقِ
.لا يشبهُ أحدا
تتشابهُ حقائبُ السفر
التذاكرُ
المطاراتُ
و ليالي الوحدةِ
.في ظلِّ قمرٍ غريب
تتشابهُ بطاقاتُ الأصدقاء
أمطارُ الشتاء
المقاهي
المتاجرُ
وجوهُ الناسِ
.في الزحام
وحدي أنا الغريبةُ
.لا أشبهُ أحدا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> آلهة الوجع
آلهة الوجع
رقم القصيدة : 7019
-----------------------------------
أجيء لعينيكِ ذات وسنْ
إذا ما الشتاء على بابنا :!
هنا قبلة لاتخافُ الوشاةْ
هنا ما ( يدوُّخ ) ليل الدعاةْ
هنا مقطعٌ موغلٌ بالشجنْ ..!
ترى هل تبقَّى لها في دمي بقعةٌ
هل تبقَّى لمقطوعتي دهشة
والتفاصيل ما بيننا بامتداد الزمن ..!
كل بيتٍ ( كَفَنْ !!
البياضُ الذي في القلوبِ ورغوةُ كوبِ اللبنْ
الضياءُ التي تتقطَّرُ من شهوات المرايا وحزنُ الوطنْ ..
كل شيء بها ( فاتنٌ ) وانحسار الظلال من الوهج
قلبي الذي كلما لقَّنتهُ الوفاءَ لها يُفْتَتنْ ..!!
***
هل تبقَّى بصندوق حلمك أنثى تصلي لها
فتعود البساتين للطرقات الطويلة ..!
سوى فاتنٍ من ستودعُ شعرك في قلبها
ثم تبكي عليها الحكايا النبيلة ..؟!
ومن سوف تحمل ورد القصيدة في خلجاتِ الكتابِ
وتخطوعلى الماء أغنيةً مستحيلةْ ..!
غادرتْ قلبَها .. واستوتْ للفراقْ ..
نمتَ في ( مفرش ) الآه طفلاً مُعاقْ ..!
إيه ...ياشاعرٌ ليلُه من نجومٍ
وأحلامُه في ممر الأذى خطواتٍ قتيلةْ .
نُمْتَ لاتسألِ الآنَ من أقرأَ النجمَ سيرةَ ليلى
ورقيا وفاء .. وثاراتِ تلك القبيلة !
***
النساءُ حذاء الشياطينِ توبةُ من لايتوبُ
كل اللواتي سألنَ دمي :
أيهن التي سوف تكفلُ طفل القصيدةْ ..!
حين ينشأ مستعبَدًا سوف يسألُ :
منكنَّ صامت معي يوم أن جئتها صائمًا
ثم أفطرتُ فيها
منكنَّ سيدةٌ مهرها من أبيها(51/269)
وخاتَمُها كالنميمةِ تلبسه كل سيِّدةٍ ليلةً
دون أن تستعيدَه ..!؟
النساء حكايا سعيدةْ ..!
النساء دعاء التقاةِ وأجنحةُ الغيمِ
آخر من يُبْلِغُ الضوءَ أن الظلالَ
زوايا الجريدةْ
وأنَّ المحبين قالوا له ..
قلبها كالرسولِ ، وأحلامها غضَّة
ولك الريحُ والغيم والأمنيات الزهيدة ..!
النساءُ بوارُ فمي حين غنَّيتُ أنثى
تململتُ في قلبها واستويتُ لها شاعرًا
حين ناديتُها هاأنا :
كان رجع الصدى : ها أنا ..
ها أنا .. ها أنا ...
لا
أزالُ
ا
ل
ب
ع
ي
د
ة ..!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> جنين
جنين
رقم القصيدة : 7020
-----------------------------------
(1)
دجاجات أمِّ الشهيدِ ،
ستنقُصُ واحدةً ..
بعدَ يومٍ أو اثنين ِ .
والغيمُ ، سوفَ يُطوّقُ
ألفَ حمامةْ .
فها هي ذي الحافلاتُ تُعربِدُ
والطّفلُ ،
منذُ الصّباح ِ ،
يُعِدُّ حِزامهْ .
(2)
بعينيكِ كنتُ أرى ماترينْ
وأسمعُ ما تسمعينْ
أشُمّكِ طَلْعاً
يُعطّرُ خُلوتِيَ البائسةْ .
وألمحُ فيكِ خُطىً ،
تتقدّمُ خُطوتِي اليائسةْ .
وأنزِفُ من جُرحِكِ الأزلِيّ
الذي تنزفينْ .
وما قُلتُ يوماً أُحِبّكِ ...
فلتصفحي ياجنينْ .
(3)
هَبْ أنّكَ زيتونةْ .
والجرّافةُ تخطو نحوكَ ..
لو كُنتُ مكانَكْ ،
لنجَوتُ بأهلي وصَحوْتْ .
ماذا لو كُنتَ مكاني .. ؟
(4)
تماديتَ ياطوقُ ، تنشُدُ قُرْبي ..
وتلتفُّ حولِي منذ الأزلْ .
ولكنّ دربكَ ، دربٌ
ودربيَ ، دربي ..
فخلفكَ نبضِيَ في العالمينَ ،
وخلفِيَ حقدٌ طويلُ الأجلْ .
فغِبْ أيها الطّوقُ خلفَ الوُجودِ
لأجمعَ مابينَ قلبي وقلبي ..
(5)
الصّالِحُ والطّالِحُ ،
والحامِضُ والمالِحُ ،
والبينَ بينْ :
ألوانُ طيفٍ حُرّةٌ ،
على قميصِ العَوْلمةْ .
فلتهنأِ الأوطانُ
بالأصالةِ المُطَعّمةْ .
واللّعنةُ الكُبرى ،
على من يخلعُ القميصْ .
(6)
بينما كان يُناجي
ببّغاواتِ اليسارِ الحُرِّ
في الحِزبِ تذكّرْ :
أن كلّ الببّغاواتِ
على الإطلاق ِ ،(51/270)
من نفس ِ المُعسْكَرْ .
(7)
ذو الخطَطِ البنّاءَةْ :
كانَ يتُفُّ في المِرآةْ .
لعلّهُ يَسْتَمْرِئُ الإساءِةْ ،
قبلَ الدُّخول ِ في المُفاوضاتْ .
(8)
الناسُ ،
سواسِيةٌ ،
كالمشطِ ،
في عُرْفِ العالم ِ ،
بعدَالشّطْبِ ،
وبعدَ القصْفِ ،
وبعدَ الكشْطِ .
(9)
النّساءُ الّلواتي تَسَلّلْنَ
دونَ حياءٍ إلى الذاكرةْ :
رِجالٌ من السّلْم ِ ،
كانوا يخوضونَ
حربَهُمُ الماكِرةْ .
(10)
على بُعدِ خفقةِ قلبٍِ
وطرفةِ عينْ
تنامُ جنينْ .
ركاماً من التّعَبِ الأبدِيِّ
على عِشقِها الأبديِّ .
برائِحةِ الموتِ تغفو ..
مُعفَّرةَ الشّعرِ ،
مُغبرّةَ الشّفتينْ .
بنِصفِ قميصٍ ،
تُغَطّي جماجِمَ أطفالِها ..
وتُعرّي مُلوكَ الطّوائفِ للعالمينْ .
(11)
رَسَمَ الطّفلُ إناءً ،
فيهِ خارِطةُ الوطن ِ العربِيِّ
على السّبوّرةْ .
وحواليها ،
تتمطّى كُلُّ كلابِ
الأرض ِ المسعورةْ .
(12)
ثُمُنُ الأرْض ِ
ثَمَنُ العِرْض ِ ..
(13)
- الكلبةُ تعوي ..
كلبٌ ، يهرُبُ من بابِ الدّارِ المفتوحْ .
كلبٌ ، يتبعُهُ ..
ثالِثُ ، خلفهُما مهزوماً
رابعُ ، ينبَحُ عندَ البابِ المفتوحْ
يلهثُ ..
يتمدّدُ منتشِياً ،
ويُحرّكُ ذيلَهْ ..
- وطنٌ يهوي ..
وملايينُ الجُندِ ،
تُخبّئُ أذيالَ الخيبةِ بينَ الأفخاذِ
وتَعْوي ..
(14)
فلسطينُ يانجمةً في سمائي .
وياثورةً ،
يتوثّبُ بُركانُها تحتَ مائي .
وياسِرّ قلبي الذي
ما تشعّبَ في الأرضِ
لولا تحدّرَ من ناظِرَيْكِ بُكائي .
أزُفُّ إليكِ مواويلَ حُزني ،
إلى أن أُزفَّ إليكِ دِمائي ..
(15)
في الأُفُق ِ البعيدِ ،
غيمةٌ حزينةٌ ، تجهشُ بالبُكاءُ .
يستبْشِرُ البدوُ بدمعِها
والرّملُ والشّجرُ .
وفي عزاءِ التّين ِ والزّيتون ِ ،
تحبِسُ الأُمُّ دُموعَ حُزنِها
على ابْنِها الوحيدِ
فيجهشُ القَدَرْ .
وتهتِفُ الأمَّةُ باسْمِ الأُمِّ والشّهيدِ
شتّانَ بينَ الأرض ِ والسّماءْ .
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> أطفالك
أطفالك(51/271)
رقم القصيدة : 7021
-----------------------------------
في ظلِّ نخيلِكَ
.نبتَ طفلٌ
.اشتريتُ منه زهرةً
تراكَ قرأتَ قصائدي؟
من ألوانِكَ
.وُلِدَتْ طفلةٌ
.اعْتَلَتْ روحي مسرحًا
تراكَ سمعتَها؟
الريشةُ
بينَ أناملِكَ
عصفورٌ مبتلٌّ برذاذِ الجنّةِ
و احتمالاتِ القصيدة
جسرُ أطفالٍ و طيورٍ و نخيل
.بينَ سماءين
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> لو .. حرف اقتناع لاقتناع !
لو .. حرف اقتناع لاقتناع !
رقم القصيدة : 7022
-----------------------------------
الصفحة رقم ( 923 ) في كتاب الياسمين
( الصفحة الأخيرة )
( لو كنتِ كالأخريات
وكنتُ أنا عابرا في الطريقْ
مالتقينا على مفرق المفردات
وسكبنا على القارئينَ الرحيقْ )
***
أنتِ يا قبلةَ السحرِ يا ( مَلكانَ ) القصيدةِ
يا طفلة الروحِ
كيف تنامينَ بعدي ..!
آخر الدمع يجدي ..!؟
غصَّةُ الليل بالذكرياتِ
برودةُ كلِّ ( الكبائنِ )
حمْقُ السجائرِ
رائحة الَنَفَسِ المتخثِّر فوق شفاةِ الهواتفِ عندي ..!
وآخر عهدي ..!
تمرَّغتُ بالريحِ طفتُ على شرفات النساءِ ..
تساءلتُ
منكنَّ تعرفُ صمتي ؟
وتجهلُ موتي ؟!
منكنَّ عنوانُ كل الحكايا التي تتهجَّى بصوتي ؟!
منكنَّ تحمل ساعاتها وتسير الطريقَ المؤدي إلى البالِ ...
قطَّعنَ أيديهنَّ وقلنَ بصوتٍ شحيحٍ ..( سلاما عليها )
فهل كنَّ يعرفنَ أن البدايةَ مثلُ النهايةِ
لاشيءَ غير ضميرِ المخاطبِ يجهلُ أسماءهنَّ
ويلهجُ ( أنتِ ) !
***
سلامًا عليكِ ..
ولو كنتِ كالأخرياتِ حملتُ كتاب القصائد نحو النجوم وحيدا ..!
جلست هناك على مقعد الغيمِ وابتعتُ حلم العيونِ وعدتُ سعيدا
سلاما عليكِ ولو كنتِ كالأخرياتِ
لما أغلق الليلُ بابي بوجه الصباحِ
وظل يبايعني لونه فجرعهري
ولو كنتِ كالأخرياتِ لما انشقَّ صدري
وفوَّضتُ أمري
لأنثى أقّلبها فوق جمر اتكالي عليكِ
وأذكار شعري ..!
سلاما عليكِ
متى شئتِ عودي إلى قريتي غصنَ ليمونةٍ
أو عصافير أمي الحزينةْ(51/272)
متى شئتِ عودي منعَّمةً في شقائق وجهي
وجدران تلك المدينةْ
تمدُّ الغصون لنافذتي ثم تأوي لرقيا أمينةْ
سلاما عليكِ
متى شئتِ عودي ولو ياسمينةْ ..!
***
لو كنتِ كالأخرياتِ
وكنتُ من الآخرينْ
لما امتزج الشعر بالياسمينْ ..!
لما فرقَّتنا المواقف مابين حزنكِ مني
ومابين أني حزينْ !
لما غادرتنا المساءتُ نحو الشوارعِ فارغةً مثل صدري
وخائفة مثل عينيك في آخر الليلِ تجتاحها رعشات الحنينْ
لو أننا لم نكن نفهم الأرض حين تدورُ
ونفهمُ طفل القصيدة كيف يثورُ
ونعلم أن غدا لايجيءُ كما نقتفيهْ
أنتِ قنديلُ تيهْ !
وأنا كالمساء الذي يجمعُ الساهرين لكأساته ثم يتركهم
وحدهم ويطيرُ إلى نجمةٍ تهجرُ الليلَ كي لاتضيءَ ولا تشتهيهْ
لو كنتِ كالأخرياتْ
وكنت من الآخرينْ
لما ودعتنا السنينْ
ولا آثر الشعر أوجاعنا بعد حينْ
ولا عرف الناس من بعدنا زمن الطيبينْ ..!
***
(وداعًا إلى يوم أن يبعثَ الله قلبًا جديدًا
وأنثى تصلّي لشاعرها لايحاسبها ربُّها
ومكانًا تعيش النوارسُ فيه من الآمنينْ ! )
8/ 6/ 2003م
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الرجال العنيدون
الرجال العنيدون
رقم القصيدة : 7023
-----------------------------------
(1)
الرّجالُ العنيدونَ ،
ينكسِرونَ سريعاً .
الرّجالُ العنيدونَ ،
من بين أنقاضِهِم يُبعثونْ .
(2)
أنا لستُ مُتّخِذاً نجمةً
في براريكِ تُرشِدُني ..
نجمتي في رِمالِكِ
هذا الضّياعْ .
فأنّى توجّهتُ
ثمّةَ فاجِعةٌ في الطّريق ِ
تُشيرُ إليكِ ..
(3)
صوتٌ ، يتبدّدُ في الصحراءْ .
صوتٌ ، يتردّدُ بينَ الصُّمِّ .
وصوتٌ ، محبوسٌ في حُنجرةٍ
من فَرطِ الهمِّ .
وصوتٌ ، يغرقُ في حلقٍ
مُكتظٍّ بالماءْ .
تلك الأصواتُ المحمودةُ
في وطنٍ يعشقُهُ الأعداءْ .
(4)
أُسمّيكِ ((حُبّي))
وسمّوْكِ ((أرضُ الذّهب)) .
فنِلتُ الفجيعةَ فيكِ
ونالوا الأََرَبْ .
فذنبي أنا ،
أنني عاشقٌ ،
وذنبُكِ ،
أنكِ أرضُ العربْ .
(5)(51/273)
لاحَ لي ، أنهم يتبعونَ خُطايَ ،
ولاحَ لهُم ، أنهُم تائِهونْ .
فغيّرتُ وُجهةَ دربِي
إلى غيرِ ما أشتهي ..
وما غيّروا قطُّ ما يشتهونْ .
أريتُهُمُ دربَهُم في البِلادِ ،
وضيّعتُ دربي ..
(6)
حفَرَ الوقتُ الأخاديدَ
بوجهِ السّندبادْ .
ومضى يبكي الفُتوحاتِ العظيمةْ .
تارِكاً للريحِ أسرارَ البلادْ .
وعلى الجُثّةِ ،
آثارَ الجريمةْ .
(7)
في بَلَدي ،
يُنكِرُني أخي
وزَوْجَتي
وَوَلَدي .
في البَلدِ الغريبةْ ،
استحضِرُ الإخوانَ
والأبناءَ
والحَبيبَةْ .
(8)
عيّنةٌ من خاصِرةِ الكون ِ بلادي .
تتعانقُ فيها الجيناتُ
وتنسجِمُ الأعراقْْْْ .
لا يشعُرُ فيها بالغرْبةِ ،
إلاّ شَجرُ السمْرْ .
ما ذنبُ العالم ِ ،
حينَ نُباغَتُ من كلِّ الآفاقْ ؟
إن كنا قدَرَاً ،
- في الأرض ِ-
هُنوداً حُمْرْ .
(9)
ليس لي من بِلادي :
سِوى ،
مايجودُ بهِ
الأصدِقاءُ الأعادي .
(10)
من قال : لا
يُنطحُ
أو يُرفسُ
أو يموتْ .
فقُلْ يا أيّها التّيسُ نعمْ .
فقال : لا
لعلّني أُحرّضُ الغنَمْ .
(11)
الظّالِمُ والمَظْلومُ
في الهَوى سِيّانْ .
بينَ رَصيفِ الذُّلِّ والبَلاطِ .
فذاكَ مُمْعِنٌ ،
في البَيْعِ والترويجِ للإدْمانْ ،
وذلكَ في التّعاطي ..
(12)
قالَ : خُذْها ،
فأشرعْتُ صَدْري ..
وطَنِي ،
كيفَ لي أنْ أرُدَّ لهُ طَلَبا .
طعنةٌ ،
ثمّ يُسْدَلُ نِصفُ السِّتارِ ،
ويُسْدَلُ كُلُّ السِّتارِ
إذا صُلِبا ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> شجر المكتب ..!
شجر المكتب ..!
رقم القصيدة : 7024
-----------------------------------
صباحكِ يجتاحني مثلما تشتهينْ ..!
أسائلُ عنكِ القصائدَ ..
أنسخُ منها الأثير لديكْ ..
أتسلى إلى أن تجيئي بكفَّي حَنِيْنْ .!
أكثِّفُ رغوةَ موسِ الحلاقةِ ..
أقرأُ كل الجرائد في النتِّ ..
أطلب من قلقي أن يفرِّشَ أسنانه ريثما تحضرين ..
( 2 )
حينما تتحرَّك سوسنةٌ
لرياح الجنوبِ
سيخضرُّ ظني(51/274)
وإن هشَّت الرأس للريح جاءتْ شمالاً
تبرَّأتُ مني .!
فكيف سأكشف من دون حزني بأني .......
وكل اهتزاز الغصونِ استجابتها
للرياح التي تبعدُ العطر عني ..!
( 3 )
لم تكوني هنا .. حين كانت تراودني
عن فمي ..
لم تكن عينها مثل عينيكِ ..ناهيةً آمرةْ
لم تكن .. ْ تتبسَّم مثلكِ تكتبُ مثلكِ
تخبرني أننا أمةً شاعرةْ ..
لم تكوني هنا ..
خطفتْ .. من يدي تذكرةْ
أخذتني إلى الشرفة المقمرة..!
ثم قامت تحدثني عن جزيرتها الساحرة ..
حين كانت تعد حقائبنا .. سافرتْ وحدها
للجزيرةِ تلك التي قلتِ لي
حين كنَّا معا في صباحٍ يمد الظلالَ ..:
أراها كعينيْ .. بعينِك حين أموءُ بلا ذاكرةْ ..!
( 4 )
لا أريدُ مكانًا جديدا ..
تعوَّدت أن أتعقَّبَ ظلك عبر المواقعِ
من مكتبي ..!
تعوَّدت أن لا أردَّ السلامَ عليكِ
بمفردة واضحةْ ..!
تعوَّدت حتى على لوحتي
بت أعرف ان الحروف التي أجهدتها الأصابع
حتى تلاشتْ
تنادي عليك
أنا
لا أريد مكانا جديدًا .. تعودت في مكتبي
أن أعِدَّ مكانكِ ..
حتى مفضَّلتي وحدها بارتباطٍ
صحيحٍ لكل الأغاني التي تعشقين ..
اذهبي أنتِ .. وحدكِ
لكنني ..لا أريد مكانا جديدا ..
مكاني هنا حيثما (تحضرينْ ) ..!
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> وجوه 1
وجوه 1
رقم القصيدة : 7025
-----------------------------------
لأنّكَ وحيدٌ
و روحُكَ شاحبةٌ
تلوّنُ وجوهَ أطفالِكَ بالمساحيق
ثمّ تجلسُ قبالتَهُمْ
.و تبكي
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> وحيدًا من جهة خامسة ..!
وحيدًا من جهة خامسة ..!
رقم القصيدة : 7026
-----------------------------------
أبادرُ أنثى ..
أقصُّ لها سيرةَ الشعرِ
حين تكلَّمتُ في المهدِ
حين أعدتُ لهيأة وجهي الجهاتِ
وطوَّقتُ ذاكرتي بالحنينْ..
على هامش الياسمين
حمَلْتُ لعينيكِ .
خوفَ المراكبِ من هدْأةِ البحرِ..
أحلامَ بحَّارةٍ منهكينَ
وجئتُ على دفترٍ من بياضِ السنينْ ...(51/275)
لأنثى أبادرها .. فتفضُّ بكارةَ صوتي
أواعدها ..فتقصُّ عليَّ حكايةَ موتي
أودعها فتموء القصيدةُ في ركنِ قلبي
تبلِّغني أنها أنجبت بعدها ورقًا أصفرًا وخريفًا حزينْ .!
***
متى سوف تكتب بالحبرِ
بالبحرِ
بالحربِ
ياوطنا عينه ندبةٌ في مؤخِّرةِ الأرض
ياراؤه.. بصقةْ في فم الصمت
ياباؤه صفعةٌ فوق خد التواريخ
كلُّ النبوءؤات تحمله
حينَ أرخي عجيزته واستراحْ
متى سوف تحملها في بياضِ النوارسِ
تخطو على رغواتِ الفراتِ
تميد السنابل بالريح حين تقول :
انتظرتكَ في ردْهةٍ من صباحْ
أنا لم أنم .. مثل عينيكِ يسكننا دمعةٌ من عراقٍ
وتسخر من يُتْمِنا نشوةٌ من كفاحْ ..!
متى سوفَ تكتبُ
با لـ ح ب ر
بالـ ب ح ر
بالـ ح ر ب
يا وطنًا حين لامستُ أطرافَهُ خزَّني البردُ
ناديتُ من أين أبدأ ؟:
لاشيء يُفضي لمعنى
الحروف التي لاتلوِّنُ صدرَ الحقيقة تفنى
النجومُ التي غادر الليل مجلسها في سرير الحكايات وسنى
وأنتَ كما أنتَ تحملها مطرًا في صحاري الجزيرة
تلقي بها في البثور التي تتعرَّى بوجه الرياحْ
متى سوف تكتب ...؟
تبدو الصحاري ثكالى
وتهوي الصواري احتمالا
ونفطُ الجزيرةِ لاأحمرًا فنعدُّ لهم ما استطعنا من الخيلِ
أو أسودًا فنمدُّ لهم ما اصطفينا من النُبْلِ
أو أزرقا فنهدُّ لهم ما اصطنعنا من الذلِّ
لا أحمرَ
أسودَ
أخضرَ
حينما جاء ذنبًا مُباحْ ..!
***
أبادر وقتي
أحدِّثُ عينيكِ عن وعدِ موتي
وأنتِ .. كأنتِ
مسوَّمةً لامساسَ لقلبكِ
إلا بكفِّ القصيدةْ
لاحزنَ يؤيكِ إلا مواويل أهل العراقِ
... أحقادُ أهل العراقِ
استطالوا نخيلا من الحزنِ .. حين استفاؤوا لظلٍّ صبورْ ..
أفي الشعرِ حين تئنُّ العروبةُ رجعَ الصدورْ ..؟
أبادر صمتي
وأعبرُ خاصرتي خنجرًا من نداء الصبايا
فأصغي لأطفالِ صوتكِ
حين يجفُّ حليبُ السطورْ ..
بكوا حين ناموا
إذا استيقظوا واستباحوا دمي ليعيشوا حفاةً
يعيدون طيش الرسائل عبر الهواتفِ بعد الكتاب
ويعتسفون الغيابَ ابتذال الحضورْ ..!(51/276)
أبادرُ ..
لاشيء .. لاشيءَ
بين العراقِ وبينك مابين حقدكِ والخطوُ
مابين أني أبادرُ أو أن تبادرَ أنثى
مابين شعري ورمل القبورْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> خربشات على جدار القلب
خربشات على جدار القلب
رقم القصيدة : 7027
-----------------------------------
(1)
مهزوماً كُنْتُ
فصِرتُ أُجرّدُ سيفي البتّارَ
وأُغمِدُهُ عِدّةَ مرّاتٍ
في عينَيْ كِسرى ..
مُنذُ تعهّدَ (( رَبعِيُّ ))
-في الرّؤيا-
أن يبدأَ
جولَتَهُ الأُخرى
(2)
أتيتُكَ بالقِرْبةِ والعَصا
وقصعةِ الطّعام ِ ،
أسحبُ الدّنيا بما تحوزُ
من قُرونِها ..
وليس لي في حمصَ
مَطمَعٌ-أو غيرِها-
وليس لي فيكَ
ولا سِواكَ في الوَرى ..
أتيتُ والدنيا غُبارُ عابِرٍ
خلفَ متاعِيَ الذي ترى .
لا ناقةَ لي من بعدِها ولا بعيرْ ..
لقدْ نجوتَ يا ((عُميرْ)) .
(3)
خلفَ الشُبّاكِ
حديقةُ أزهارْ .
فيها عُصفورٌ ثرثارْ .
يوقظُني كُلّ صباح ٍ
كيْ أقطِفَ زهرةْ .
ذاتَ مساءٍ ،
داهمني الشّعرُ
فأشعلْتُ الليلَ جُنوناً ،
علّي أخرجُ منهُ الفِكرةْ .
وغفوتُ مع الفجرِ
ليوقِظَني :
ياولدي لا تلعبْ بالنّارْ .
(4)
تبيّنْتُهُ في الظّلام ِ المُفضّض ِ بالنّجم ِ
يحمِلُ عبءَ المبيتِ على كتِفيهِ
ويبحثُ عن حائطٍ لا ينامْ .
وأبصرْتُهُ في الصّباح ِ الفَضوح ِ،
يُغادِرُ مقبرةً في المدينةِ ،
ممتطِياً صهوةَ الرّيح ِ
قبلَ الزّحامْ .
(5)
للشّفةِ العُليا،
شفةُ سُفلى ..
للشفةِ السُّفلى ،
شفةٌ عُليا ..
بينهُما ،
وصلٌ وفِراقْ .
لولاهُ ،
لما كانَ التاريخُ ،
ولا الأشعارُ ،
ولا الأوراقْ .
(6)
خالٍ هذا المقهى ..
يملؤُهُ الصّمتُ ،
من الأبوابِ المفتوحةِ للرّيح ِ ،
إلى الأقداح ِ النّعسانةِ خلفَ النّادِلِ ،
والأكوابِ السّكرى ..
أجلِسُ وحدي ،
فأنا والمقهى،
- بعد غيابِ المهووسينَ
بداء الشّعرِ وبالقهوةِ -
صِرنا ،
كعجوزين ِعلى عُكّازِ اليأس ِ
يعُبّان ِ من الصّمتِ المُرِّ(51/277)
ويقتاتان ِ على الذّكرى .
(7)
ساجِداً ..
كما تركتُهُ
قبلَ ثلاثينَ سنةْ .
يشكو من الجوع ِ ،
مُطوّقاً بعُروةِ الإمام ِ
والطّقوس ِ الآسِنةْ .
(8)
- بيتُ الشّعرِ المُنهارِ ،
وأشلاءُ الوقتِ .
- دخانُ السّأَم ِ الأحمرُ
تحتَ رمادِ الحربِ ،
- وأحلامُ صقورِ الصّيدِ .
خيوطٌ تتقاطعُ كالحُمّى في صدرِ اليومْ .
تنحرُ في الرّأس ِ الصّحوَ ،
وتشنُقُ في العين ِ النّومْ .
(9)
غيمةٌ من دُخانٍ ،
تَصاعدُ في الجوِّ ،
من فم ِ هذا الخواءِ .
فارِغونَ ،
كتِلكَ الأراجيل ِ
لا أصلَ يربِطُها بالتُرابِ
ولا فرعَ يوصِلُها بالسّماءِ .
(10)
تعثّرَ إبليسُ في السوق ِ
في كعبِ أُنثى من الجِنِّ ،
فانهمَرَ الناسُ من كُلِّ صوبٍ
وشدّوهُ من ساعِديهِ .
وما تركوهُ ، إلى أن أفاقَ ،
وعادَ إلى غيّهِ ،
فاطْمأنّوا عليهِ .
(11)
في الدائرةْ ،
تحرُسُ ألفُ عينٍ ساهِرةْ .
لكنها عمياءْ .
يُعربِدُ الخَرابُ في جُفونِها
في وَضَحِ الظّهيرةْ .
في الدائرةْ ،
ثمّةَ أعيُنٌ ،
تجُسُّ مايُحاكُ في المساءْ ،
بنعمةِ البصيرةْ .
(12)
الوجعُ الليلِيُّ ،
يجيءُ بلا وعدٍ أنّى شاءَ ،
ويرحلُ أنّى شاءْ .
يتخطّفُ في الليلِ بناتَ الشّعرِ
ويشربُ كُلّ بُحوري ..
يأتي بصقيع ِ الصّحراءِ
ويذهبُ بالدّفءِ ،
وبعض ِ الأوهام ِ المحمودةِ بينَ سُطوري
الوجعُ الليلِيُّ حُشودٌ بارِدةٌ ، ليس لها أسماءْ .
تنمو كقُرون ِ الجِنِّ إذا غاض الماءْ .
وتُعربِدُ في أحلام ِ الشاعِرِ
كالعِفريتِ المأمورِ .
تأتي كيف تشاءُ ،
وترحلُ كيفَ تشاءْ .
(13)
كرةٌ هذي الأرضُ
تدورُ ولا تتعبْ .
والناسُ عليها ،
يركلُ كلٌّ صاحبَهُ ..
هذا شأنُ اللاعبِ ،
حين تكون الكرةُ الملعبْ .
(14)
-في الليلِ ، هل ينامُ الليلْ ؟
((تسألُني صغيرتي ))
- أجبتُها : وفي النهارِ ؟ هل يذهبُ النهارُ للمدارسْ؟
- قالت : نعمْ .
- قلتُ : إذنْ ينام الليلْ .
- قالتْ : وأين يفرشُ الليلُ فراشَ نومِهِ ؟(51/278)
- أجبتُ : مالونُ حقيبةِ النهارْ ؟
- فانتفضتْ : ليس له حقيبةْ .
-أجبتُها : وليس لليلِ فراشْ .
- قالتْ : إذنْ ، ليس ينامُ الليلْ .
- قلتُ : ولا النهارُ يعرفُ المدارسْ .
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> وجوه 2
وجوه 2
رقم القصيدة : 7028
-----------------------------------
طرقوا نافذتَهُ
لكنّهُ أطبقَ أهدابَهُ
و اختبأ
من دموعهم
.خلفَ نظَّارتيهِ
.كم يخشى جرحَ المرايا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> سلم للنزول فقط
سلم للنزول فقط
رقم القصيدة : 7029
-----------------------------------
(1)
البابُ موصدُ :
آن له أن يستريحْ .
يعودُهُ غُبارُ الشارعِ القديمْ
وتنكسُ الأحزانَ عنه الريحْ .
البابُ موصدُ :
لا رِجلَ تنسابُ خِلالَهُ ،
ولا تدّقهُ يدُ .
(2)
أضاءْ السراجْ .
لم يجدْ من حولهُ من أحدْ .
أطفأهُ ..
تذكّرَ منفاهُ ،
ثم غفا ..
(3)
النّملةُ الحمراءْ ،
تجُرُّ طابوراً من النملِ
الذي ليس يحيدُ عن مسارِها .
النملةُ الحمراءْ
لا تنظرُ للوراءْ .
(4)
شاردٌ
رهنَ فكرتِهِ الشارِدةْ .
ولمّا تعذّرَ أن يهتدي ..
لاذ بالقهوةِ الباردةْ .
(5)
ينثرُ الأزهارَ في الدربِ ،
فإنْ عادَ ،
رأى الأزهارَ
تحت الشمسِ والأقدامِ
عمراً يتلاشى ..
فتلاشى .
(6)
نصفُ القلبِ ،
ونصفُ الوجهِ ،
ونصفُ الفنجانْ :
صورٌ كاملةٌ للرّدةِ ،
في الحبِّ
وفي الدّربِ
وفي الأحزانْ .
(7)
الشاعرُ
والخُلوةُ
والقافيةْ .
ثَكلى ،
تُلاحق ابْنَها الميّتَ
في الهجيرِ
حافيةْ .
(8)
السفنُ المشحونةُ بالأشواقْ ،
لا ترسو إلا في الأعماقْ .
(9)
السفنُ العظيمةُ الرواحلْ ،
..تغرقُ في السواحلْ .
(10)
السفنُ التي تُبحرُ في القلوبْ ،
يقودُها النيلُ إلى الجنوبْ .
(11)
سُلّمٌ ليس باللهِ يرتبطْ ،
سُلّمٌ للنزولِ فقطْ .
(12)
كان يغازلُ النّساءَ في الأسواقْ .
حتى إذا رأى زوجتَهُ ،
تنسجُ ،
مايغزلُ في السوقِ ،
أفاقْ .
(13)
حالمٌ ،
ليست الأرضُ منزلُهُ .(51/279)
قدراً ،
أنزلتْهُ بذنبِ أبيهِ السماءْ .
(14)
كلُّ الأبوابِ مُغَلّقةٌ ،
إلا بابُ الشّرْ .
والعالمُ طوفانٌ ،
يحتضنُ الفلاحُ شتيلتَهُ فيهِ
وما منْ بَرْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> القبو
القبو
رقم القصيدة : 7030
-----------------------------------
(1)
أغلقْتُ البابَ :
توحدْتُ بدُنيايَ .
أشرعتُ البابَ :
تلاشيتُ بدُنيا الناسْ .
(2)
رِجلايَ تولدانِ
من جديدْ .
فرُحتُ أسرِعُ الخُطَى ،
مُسْتَشْعِراً مناخَ
حتفِيَ الأكيدْ .
(3)
وحدي بهذا القَبْوِ
لا جِنٌّ ولا بشرُ ..
فإلامَ أنتظرُ ؟
لولا نداء العُمقِ أيقظَني ..
صَهْ :
أنتَ تُحتَضَرُ .
(4)
حين تكونُ الّلوحةُ مرسومةْ :
أقرأُ فيها قلبَ الرّسامِ ،
وأترُكُها ..
أما إنْ كانتْ بيضاءَ
كلونِ الثلجِ ،
فأقرأُ فيها قلبَ الكونِ ،
ولا تترُكُني ..
(5)
من قالَ :
لن تعيشَ كما تريدْ ،
أخرجني من وهميَ القديمِ
نحوَ وهميَ الجديدْ .
(6)
من قالَ :
أنّ الشّعرَ لا يموتْ :
أراحني من صَخَبِ السّكوتْ .
(7)
أحذيةُ الدّقائقِ الصّغيرةْ :
تَمُرُّ فوقَ جَبْهَتي ،
كأنّها الخُيولْ .
تَسحَقُ ألفَ فكرةٍ كبيرةٍ
بوقعِها العجولْ .
تحملُ ألفَ فارسٍ
وألفَ سيرةٍ وسيرةْ .
أحذيةُ الدقائقِ الصّغيرةْ .
(8)
وأنا أرفعُ رأسي ،
موغِلاً في الغيمِ والشّعرِ
تذكّرتُ طواويسَ وعسكرْ .
فتواضعتُ لفَقْري ،
ورفعتُ الرأسَ أكثرْ .
(9)
مرّ بي ،
ثم لوّحَ لي من بعيدٍ بيُمناهُ :
أنْ غُضَّ طرفَكَ عنّي .
أنا لنْ أعودَ إلى الخلفِ ،
لنْ أشربَ القهوةَ الباردةْ .
كانَ ذاكَ الفتى المُتَمَرِّدُ :
عُمري الذي حَطَّمَ الطّوقَ ،
وانْسَلَّ كالنّسمةِ الشّارِدةْ .
(10)
قبلَ أنْ أرفعَ في الظُّلمةِ صوْتي ،
هالَنِي الصّمتُ ،
وأحْسَسْتُ بِموتِي .
(11)
وأنا أومئُ للرّكبِ
بِكَفِّ العَفْوِ ،
عانقْتُ زَماني ..
فبقيتُ مكاني .
(12)
وأنا أقذِفُ بالسّاحِلِ في اليَمِّ ،
تذكّرتُ الطيورَ العائِدةْ .(51/280)
فتأسّفْتُ ،
ولكنْ ،
دونَ أدنى فائدةْ .
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الليل
الليل
رقم القصيدة : 7031
-----------------------------------
الريحُ
.مقعدُهُ الهزّاز
ما زالَ ينتظرُ
.أميرَهُ الجميل
أعدّ طاولةَ البدرِ
لعاشقينِ
فهل يولدُ طفلٌ
من لمسةٍ
في ظلّ النجومِ؟
وحيدٌ
يبدءونَ حيثُ ينتهي
.لا أميرَ له
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> شمعتان للممر
شمعتان للممر
رقم القصيدة : 7032
-----------------------------------
(1)
بيننا جبلٌ من جليدْ ،
جبلٌ من حديدْ ،
جبلٌ من ورقْ .
أنتَ لستَ تريدُ إذابتَهُ
فلماذا الأرقْ ؟
(2)
قطرةٌ من نَدى
تُعَرّي مساءتِنا في الصباحِ .
فننقُضُها ،
موعداً ،
موعدا .
(3)
على رسلِها تتهادَى ..
تعرّضَ لي طيفُها في المنامِ ،
ولما أفَقْتُ ،
تَمادَى ..
(4)
في ليالٍ
لها عِطْرُها وارْتِعاشاتُها :
أتّقِي البردَ
كي أنْمحِي بينَ دقّاتِ قلبي
ودقّاتِ ساعتِها
وأموتْ .
(5)
ليس بيني وبينكَ ،
إلا الظلامُ الذي يحجبُ الزيفَ .
فلتُشْعِل النارَ
حتى تَرانِي .
(6)
طريقُكِ يا ابْنةَ عمّي ،
طريقي الذي لن أمُرَّ عليهِ مرورَ الكِرامْ .
طريقٌ ننامُ بأوّلِهِ صامتَيْنِ ،
ونصحو بآخرهِ ،
فينامُ الكلامْ .
طريقٌ تجاوَزَنا والسّلامْ .
(7)
هنا تنتهي مثلما بدأتْ ،
قصّةُ الدّائرةْ .
رجلٌ غابَ منذُ الطفولةِ في الشّعرِ
وامرأةٌ تنتظرْ .
- ليسَ بينهُما ما يقولُ : بأنّ السماءَ
ستُودِعُ في الأرضِ
ما لا تُطيقُ من الوردِ
- بينهُما كل شيءٍ يقولُ : بأنّهُما شمعتانِ
تضيئانِ هذا المَمَرْ ..
(8)
ضربَ الخيمةَ ،
لم يدرِ بأيّ الأرضِ كانْ .
فإذا ما لَمَحَ النجمةَ في الليلِ ،
اهْتَدَى .. وسَرَى ..
وجدَ الأحبابَ ،
بعد الغيبةِ العُظمَى
بلا دمعٍ ،
على تلكَ الذُّرَى ..
فانْمحَى كالظِّلِّ ،
في الليلِ ،
- بلا نجمٍ -
ولم يدرِ ،
بأيِّ الأرضِ كانْ .(51/281)
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> آخر رسالة حب مالم
آخر رسالة حب مالم
رقم القصيدة : 7033
-----------------------------------
قفي قليلاً دعي التجريحَ والعتبا
واصغي لآخر طيرٍ في الهوى نعبا
هذي شجوني لعلي اليومَ أنثرها
على السطورِ فلا تستلطفي الغضبا
في أذن هذا الدجى ألقيتُ خاطرتي
فخلتُ أن الهوى قد صاغها أدبا
أنا سرابٌ وحبي مزنة وقفت
لم تحجبِ الشمسَ أو تستجمع السحبا
أنا دموعٌ وحبي مقلة كُحِلتْ
لو تنثر الدمع سال الكحل وانسكبا
أنا شراعٌ وقلبي مركب قلقٌ
أنا غناءٌ وأذني تجهلُ الطربا
***
يادمعةً في عيونِ الليلِ تسألني
عن الحنينِ .. عن الأمس الذي ذهبا
عن الطيورِ عن الروض الذي ابتسمتْ
به الحياةُ عن الشعر الذي تعبا
لا تعذليني فما كانت محبَّتنا
إلاَّ بصيصًا من الأحلام مضطربا
وهل تركنا صدى في أذنِ حاضرنا
نحيي به الليل أو نجلو به الصخبا ؟!
لا .. ما أرى يافتاتي في حقائبنا
شيئًا إذا ماصمدنا اليوم مرتقبا
إني وإياك وردٌ لا أريجَ له
حتى الفراش على خديه منتحبا ..!
***
تمضي ثواني الدجى تمتطُّ أرجلها
والعمر مازال في جفنيَّ مكتئبا
وأنتِ ياساعةً مشلولة عبثت
بخاطري وتولَّت تنكر السببا
ماذا تريدين مني رحلتي تعبتْ
مهاجرًا لم أزل بالحب مغتربا
أبيعُ في غابة الأحزانِ أغنيتي
وأشتري لبقايا نارنا حطبا
حتى رجعتُ وأنفاسي معذبة
حزينة وجدار اليأس منتصبا
ولم يهب حبنا عن رحلتي ثمنًا
غير الرماد فهل نحيا بما وهبا؟!!
****
إذا تأمَّلت يومًا يامعذِّبتي
هذي الحروف التي لم تعرف الكذبا
فإنها ساعة من خاطري سقطتْ
أضعتها بينما استلهم الهربا
فلتحفظيها لعلَّ الحب يجهلها
عندي ( كآخر حرفٍ في الهوى كُتِبا )
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> مسافة
مسافة
رقم القصيدة : 7034
-----------------------------------
ملاكٌ
.على حافةِ قمرٍ
كثيرًا
ما راودَتْهُما
.رغبتُهُ
الأميرُ
متأرجحٌ
بينَ حرفٍ
.و لون
البنتُ
في حجرتِها(51/282)
.تهدهدُ أطفالَهُ
لو أطلَّ من شرفتِهِ
لمحَها
.تقرؤهُ
لو عبرَتْ بعينيها النافذةَ
.شردَتْ في شرودِهِ
لو ارتمى الملاكُ
و ارتطمَ
بعتمةِ المسافةِ
.التقيا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> جرح وقصيد
جرح وقصيد
رقم القصيدة : 7035
-----------------------------------
نجواكَ صوتٌ خافتٌ يشجيني
وأنينك المشلول صوت أنيني
نبكي العراق صبية موءؤدة
وتراث مجد في فم التنِّينِ
أبكي إذا قلَّبتُ أمسي حالمًا
وقرأتُ في عينيكَ ما يبكيني
أبكي إذا عبرت خيول خواطري
لخيولِ سعدٍ في بقاع شجوني
وتمرَّد الحلم الجميل على فمي
وطوى الفجيعة في بقاع شجوني
يا صاحبي تبقى العراق قصيدةً
وفراشة محمومة التلوينِ
خبأتُ .. لا بل ما تزال طفولتي
تنداح رغم كهولتي بجبيني
أنبت في حقل الشموس قصائدي
ورجعتُ أعزف بالظلام لحوني
بالشعر أنْفي ما يعيقُ تنقُّلي
وتنقُّلي ببشاعةٍ ينفيني
لو أنَّ منديل الهوى بأناملي
أو في البحور المائجاتِ سفيني
لرميتُ في كفِّ الرياح مراكبي
ومسحت بالمنديل دمع عيوني
لكنما وجهي غريب عن دمي
وقناعتي موبوءة بظنوني
أغلقتُ في وجه الرياح نوافذي
ووقفت ذاكرتي لبوح حنيني
فسرتْ على أثر الخيول خواطري
وغفت على حلم الفتوح جفوني
فنظمتُ من أمسي فواجع حاضري
ومن السحائب غيمة ترويني
تنساق خلف الريح تمطِرُ في فمي
صوت ( الرشيد ) وهدأة التأبين
متأرجحٌ بين النقيض يهزني
عصف الطريق وحلمي المجنونِ
لا الأمس صادرني إليه ولا ارى
في يومي المذبوح ما يبقيني
تنهار في وجه النهار مدائني
وخرائطي تبلى بطول سنيني
إنْ حكتَ بالسكين ثوب صبابةٍ
فأنا أصنِّعُ من يدي سكيني
لو أنجبت عيني جنينًا حالما
عانقتُ بالسكين صدر جنيني
الجرحُ مقروء بظهرِ ملامحي
ينساب رغم تجملي بشؤوني
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> عند باب المدينة
عند باب المدينة
رقم القصيدة : 7036
-----------------------------------
فاتني أن أراكْ.
عند باب المدينةِ،(51/283)
والناسُ كالنملِ،
يعترِكونَ على الأملِ السُّكّرِيِّ،
وأنتَ تُحدّقُ في البحرِ.
عيناكَ مُحمرّتانِ من المِلحِ،
قلبُكَ، يخفِقُُ، يخفِقُ،
والنورسُ المُصطفى لمْ يعُدْ.
عندَ بابِ المدينةِ،
ودّعتُ قلبي ..
لأدخُلَ مُسترشِداً بِخُطى العابِرينَ
لعلّي أرى أحداً يشتري الوهمَ
لكِنّني لم أجِدْ.
خِلتُ أنّي سأُفلِحُ،
في دسِّ بعضِ النّوايا القديمةِ
في السّوقِ،
خِلتُ الصّعاليكَ،
لمّا يَزَلْ بعضُهُمْ يتذكّرْ.
فاتني أن أراكَ،
وفاتَكَ مِمّا رأيتُ
بهذي المدينةِ أكْثَرْ.
أبُثُّ الإشاراتِ،
عَلَّ لبيباً يعي ما أُريدُ
ويفطَنُ للرّمزِ،
أو سابِلاً،
أنهكَتهُ المسيرةُ،
يُلقي بِأوزارِهِ
فوق وِزْري ..
فأنجو بهِ
قبلَ أن أتَعثّرَ
أو يتعثّرْ.
أنوءُ بِسِرّي،
ويحمِلُني السِرُّ ..
سرّانِ نحنُ
وبَوْحانِ
في كبِدِ السّوقِ
والسّوقُ سِرٌّ وبَوْحُ.
فاتني أن أراكَ
فَوَدّعْتُ قلبي بِبابِ المدينةِ،
كالنّاسِ
علّكَ تعرِفُهُ،
أو تدُلُّكَ منهُ علَيّ الجُروحُ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الرحلة لم تبدا بعد
الرحلة لم تبدا بعد
رقم القصيدة : 7037
-----------------------------------
الرحلةُ لم تبدأ بعدُ ..
ولم يبدأ بعدُ العَدُّ
ولا المدُّ استوفى حُجّتَهُ
لنفيضَ زُرافاتٍ نحو البحرْ ..
أو نُغرِقَ نوقَ النّعمانِ البيضَ
بِعُقرِ الصّحراءْ.
الرّحلةُ أشرِعةٌ
تبحثُ عن ماءٍ
يحمِلُها نحو العُمقِ الأعمقِ،
والماءُ الظامىءُ
يبحث في جُبّك يا يوسُفُ
عن شَربةِ ماءْ.
آيتُنا في السّفَرِ المُضني
أنّا أحياءٌ،
نتحرّى ما يُشبِهُ تُربتَنا
في هذي الأحياءْ .
نورِقُ في الجدبِ
ونهمي في الصيفِ
سحاباً أبيضَ
في ناحيةٍ،
غادرها البدوُ
إلى مُدُنِ السّكّرْ .
آيتُنا أنّا شجرٌ
في كُلِّ مواسِمِهِ أخضَرْ .
تُشبِعُنا البسمةُ،
حينَ تُطِلُّ من القلبِ علينا
فنجودُ بلا حدٍّ ..
ونجودُ إذا ما جُعنا للبسمةِ أكثرْ .
الرحلةُ لم تبدأْ بعدُ،(51/284)
وما ذاك سِوى عَرَقِ الطّلقِ
وما تلكَ سوى الزفراتِ الأولى
قبلَ بُزوغِ الفجرِ على قافِلتي ..
هيّأتُ الرّكْبَ،
وعطّرْتُ الصّبحَ بدُهنِ العودِ،
وحمّلْتُ الناقةَ ما خَفّ
وناديتُ نِساءَ الحيِّ :
أنِ اسْرَحْنَ بِأغنامِ القريةِ
كالمُعتادِ
وخبّئنَ الدّمعَ بأحداقِ القلبِ
لعلّ الناقةَ تمضي بسلامٍ ..
مازالَ الوقتُ
على شفةِ الوادي
يتفتّحُ،
والطّيرُ تُوشوِشُ للطّيرِ
أغاني اللّحظةِ ..
اللحظةُ تمتدُّ زماناً
والرّحلةُ لم تبدأْ بعدُ،
ولم يبدأ بعدُ العدُّ،
ورجلاي تغوصانِ إلى الرّكبةِ
في عَرَقِ الطلقِ
كأنّ الكونَ سيولدُ ثانِيةً
في قامةِ أصغرِ مخلوقٍ
ليكونَ بهيئتهِ الأخرى
أقربَ للفهمِ
ونُصبِحَ أقربَ للمعنى ..
يا صاحبَ سجني
أنبئني
ما فتوى هذا الوعيِ المُهلِكِ ؟
والرّدّةُ تأخُذُنا غصبا.
الرّدّةُ يا ابنَ غُلاةِ العُشّاقِ،
تُحاصِرُ فينا الفُلّ الأبيضَ
حتى يسوَدّ
وتترُكُنا للشارِعِ نَهْبا.
ما فتوى أن نحيا غُرباءَ
ونُدفَنَ في غُربتِنا ..
ونُحنّي شيبَ الغُربةِ
كي يرضى عنّا الشرقُ
فتأخُذُنا الرّدّةُ غربا.
ما فتوى أن نهوي
في هذا البئرِ الكونِيّ ؟
ونُتْقِنَ كُلّ لُغاتِ الكونِ ؟
لِنأمنَ مَكرَ الأيامِ،
ونَلحنَ في الحُبّ
ونبقى عُرْبا.
الرحلةُ لم تبدأ بعدُ
ولم نقطعْ بعدُ السلمَ
ولمْ نوصِلْ بعدُ الحَربا.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> رُحّلٌ، .. واستقروا
رُحّلٌ، .. واستقروا
رقم القصيدة : 7038
-----------------------------------
رُحّلٌ،
واستقرّوا ..
هُنا كانتِ القافلةْ.
هُنا حلّتِ القافِلةْ.
دورةٌ في المكانِ
كزوبعةٍ لاتُغادِرُ موضِعَها وتدورْ.
قُطرُها رملُ هذا اليبابِ،
وتعلو..
نِصفُها غارِقٌ في السحابِ،
وتعلو ..
هكذا،
تتوارى الخِيامُ بهذا الجنونِ
عروقاً من القلبِ ذابلةً في رُخامِ القصورْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> مأساة المهرّج
مأساة المهرّج
رقم القصيدة : 7039(51/285)
-----------------------------------
الآنَ فقطْ
أحسستُ
بمأساةِ المهرّجِ
حينَ يفرغُ دمَهُ
كاملاً
في عروقِ النكتةِ
.و لا يضحكُ أحد
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> قبل أن
قبل أن
رقم القصيدة : 7040
-----------------------------------
ابقي بمنأى عن الأشعار وانطلقي
بلا قيودٍ .. فأنت الشمس في أفقي
تلك الحروف التي ترنو على شفتي
هي الرماد الذي ما زال في ورقي
هي الشجون التي تصحو فتوقظني
على الأنين فأرثي دمعة الحدقِ
هي السنون التي بددتها نزقًا
على البكاء .. وهذا الدمع من نزقي .؟.!
لا تسكني آهة شمطاء تسكنني
ولا تفيقي لشمسٍ غالها شفقي
الشعر أنشودة الذكرى ويا أسفي
ماتت وما زال يبكي حولها قلقي
.............***
يا وردةً شهقت للفجر فا نفتحتْ
وأشرقت للضحى فوَّاحة العبق
غرستها رغم إخفاقي على كتفي
سقيتها لذة الأحلام من عرقي
جداولي لم تزل للزهر جارفة
وشاعر الحب مصلوبٌ على الأرقِ
مراكبي لم تزل في الرمل جاثيةً
وزورقي لم يزل في البحر من ورقِ
أخشى على وردتي العذراء تحرقها
ملوحةُ البحر .. أو تهوي على عنقي
................***
ليلاي في الحب ..لا ليلاي في نغمٍ
أودعته للأسى في ساعة الغرقِ
الشعر ما زال أنَّاتٍ على شفتي
تزفُّها وحشة الساعات بالغسقِ
وضعت كل رمادي في حقائبه
فراح يعبر ارض اليأس من نفقي
وأنت يومي الذي أقتات من فمه
شرائحَ الحب بعد اليأس والفرقِ
بل أنت فجري الذي أخْدجت مولده
فجاء عبر زحام الليل با الفلقِ
أحبك الآن (قيسا ) لا قصائده
فابقي بمنأى عن الأشعار وانطلقي
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> هبل
هبل
رقم القصيدة : 7041
-----------------------------------
لا ترفَعْ صوتَكَ في حضرتِهِ،
لا تتكلّمْ.
حسبُكَ في هذا المجلسِ
أن تسمعَ،
أن تُبصِرَ،
أن تتألّمْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ولاء
ولاء
رقم القصيدة : 7042
-----------------------------------(51/286)
قبلَ سِتّينَ عاماً،
تأبّطَ حاوٍ، بِسوقِ الحِجامةِ،
سيفاً قديماً،
وصُرّةَ زعترْ.
ونادى بِأهلِ المدينةِ:
يا أيُّها القومُ،
ثُمّ اختفى ..
وما زالَ أهلُ المدينةِ يستمعونْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> وقتك من ذهب
وقتك من ذهب
رقم القصيدة : 7043
-----------------------------------
وقتُكَ من ذهبٍ ..!
ولتكُنْ بعدكَ العاصِفةْ.
وأهلُ المدينةِ،
في بابِكَ الذّهبِيةِ ينتظِرونْ.
صِغارَ المطامِحِ والأُمنِياتِ،
كِبارَ الشّجونْ.
قضى جُلُّهُم ذِلّةً
في انتِظارِ الرّغيفِ.
وأحزِمةُ الجوعِ
صارتْ من الجوع
أحزِمةً ناسِفةْ.
وما زالَ وقتُكَ من ذهبٍ ؟!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ها قد علمت
ها قد علمت
رقم القصيدة : 7044
-----------------------------------
ها قد علِمتَ،
فهلْ لزِمتْ؟
ها قد كشفتُ لك الحِكايةَ كُلّها ..
منذُ اغتيالِ أبيكَ
حتى حرْقِ بيتِكَ
ثمّ وأْدِ بناتِكَ الأربَعْ.
تِباعاً تحتَ بيتِ القابِلةْ.
ونماءِ جوعِكَ في ربيعِ النّفطِ
كي تركَعْ.
ها قد علِمتَ،
فهل لزِمتَ السّيرَ
فرداً،
فوقَ حدّ السّيفِ
في عامِ الرّمادةِ؟
أم ستمضي في طريقِ القافِلةْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> مقهى الأحزاب
مقهى الأحزاب
رقم القصيدة : 7045
-----------------------------------
هذا الكُرسِيُّ كبيرٌ،
ذاك صغيرٌ،
ذلكَ أصغرْ.
تبّاً لِزَبائِنِ هذا المقهى ..
خلفِيّاتٌ شتّى:
في الأحجامِ،
وفي الألوانِ،
وفي المظْهرْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> سقوط الملاك
سقوط الملاك
رقم القصيدة : 7046
-----------------------------------
.سقطَ الملاكُ
سقطتُ
من كوكبي الأخضر
.إلى صحرائهم
كلّما نزلَ ملاكٌ
إلى الأرضِ
بكَتْ
في الأفقِ
نجمةٌ
.و انطفأتْ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> القطيع
القطيع
رقم القصيدة : 7047
-----------------------------------(51/287)
الناسُ على دينِكَ،
فاصنعْ ما شِئتَ،
ترَ الخَلْقَ وراءَكَ
يدعونَ لِشارِبِكَ المبرومِ
بِطولِ العُمرِ
حُفاةً
من بابِ الدّنيا الموصودِ
بِوجهِ المحرومينَ،
إلى بابِ جهنّمْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ليس من قلة
ليس من قلة
رقم القصيدة : 7048
-----------------------------------
أفلَسَ الثّورُ
والثّورةُ العاقِرُ.
أفلسَ الثّائِرونْ.
أفلسَ النّصبُ
والنّاصِبونَ البيارِقَ
والهاتِفونَ "بِتحيى بلادي" ..
أفلسَ الصّامِدونْ.
أفلسَ الهارِبونْ.
أفلسَ الخوفُ والكِبرِياءُ.
أفلسَ السّاهِرونْ.
أفلسَ النّائِمونْ.
أفلسَ المُنشِدونْ.
أفلسَ الصّامِتونْ.
..............
..............
ليسَ من قِلّةٍ يا غُثاءُ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قفا نضحك
قفا نضحك
رقم القصيدة : 7049
-----------------------------------
قِفا نضحكْ"
قِفا نطوي البُكاءَ
مُكلّلينَ بِوردِنا الذّاوي
على أطلالِ من رحلوا ..
قِفا نُلقي التحِيّةَ
غيرَ مُنتحبينَ،
يحدونا إلى أمواتِنا الأملُ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> غرور
غرور
رقم القصيدة : 7050
-----------------------------------
أدَرْتَ ظهرَكَ الغَبِيَّ لي !
أدِرهُ ألفَ مرّةٍ،
حتّى يدوخَ رأسُكَ الغبِيُّ
ألفَ دوخةٍ ..
لعلّها تُنجيكَ،
من غُرورِكَ الغبِيِّ
أو تُنهيكَ،
نُكتةً تافِهةً على الرّصيفِ،
عِبرةً،
لِمن يُديرُ ظهرَهُ الغبِيَّ
للحقيقةْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> شتاء
شتاء
رقم القصيدة : 7051
-----------------------------------
لم أكن أبكي
لكنَّ الأصحابَ
كانوا يختفونَ في عينيّ
كأضواءِ السيّاراتِ
.تحتَ المطر
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> طلاق
طلاق
رقم القصيدة : 7052
-----------------------------------
لستُ مِنكم،
لستُموا مِنّي.
ولولا حَبْلِيَ السُّرّيُّ
في أحشاءِ هذي الأرضِ يثنيني،(51/288)
لأشْعلْتُ الفتيلَ،
بِأُسِّ هذي الجَوقةِ الخرقاءِ والجُمهورِ مُنتشِياً ..
وبالفأسِ التي تَهوِي على الفُقراءِ
مُنذُ بِدايةِ المَوّالِ،
أخْرَسْتُ المُغَنّي.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> رشوة
رشوة
رقم القصيدة : 7053
-----------------------------------
أرِحنا يا لُكَعْ.
"قميصُكَ قُدّ من دُبُرٍ" !
عَلِمنا،
خُذْ قميصاً آخراً أحلى
وبُرْداً
واغترِفْ،
أن الجريمةَ لم تقعْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> حرمان
حرمان
رقم القصيدة : 7054
-----------------------------------
الليلُ والنهارْ،
وجهانِ ياابنتي
لِعُملةٍ سخِيّةٍ،
إلاّ على اللّصوصِ والتجّارْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> السوق
السوق
رقم القصيدة : 7055
-----------------------------------
في سوقٍ
نحنُ أقلُّ بها من أن نُحصى ..
يعرِفُنا التجّارُ بسيمانا،
نُنفِقُ ما في الجيبِ،
لِكي يأتيَ ما في الغيبِ.
وتشْتَدُّ الزّحمةُ
في السوقِ
ونُقصى ..
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> حبّ
حبّ
رقم القصيدة : 7056
-----------------------------------
تعثّرتُ بضوئكَ
.عثرتُ على ظلّي
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الخطيب
الخطيب
رقم القصيدة : 7057
-----------------------------------
ألقى خُطبتهُ العصماءْ.
أنهى خُطبتهُ العصماءْ.
وتدارَكَ قبلَ مُغادرةِ القاعةِ:
هل من أسئلةٍ حول الموضوعْ ؟
فتسرّبَ من أفواهِ القومِ الماءْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الجندي المجهول
الجندي المجهول
رقم القصيدة : 7058
-----------------------------------
في السابِعِ من أحدِ الأشهُرِ،
في سنةٍ لا أذكُرُها،
حدث الآتي:
حطّ غُرابٌ
فوق النّصبِ التذكارِيّ
لِجندِيٍّ مجهولْ.
مكتوبٌ في خاصِرةِ النّصبِ
لقد ماتَ من الخوفِ،
فِداءً لفصيلٍ ثورِيٍّ،
حاصرهُ الأتراكُ
بِملهىً ليلِيٍّ
في سيؤولْ.(51/289)
قد كانَ فِدائيّاً فذّاً ..
ناوَرَ حتى الموتِ
فجُثّتهُ كانت رائِعةً كالوردةِ،
لو لا رائحةُ الخمرةِ في بِزّتِهِ
وعلى السروالِ من الرّهبةِ
آثارُ البولْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> نضوب
نضوب
رقم القصيدة : 7059
-----------------------------------
لم يبقَ من الليلِ
سِوى الشيخوخةِ يا ربّاهُ
ولم أكتُبْ شيئاً ..
لم يبقَ من الإبريقِ
سِوى ما يركِدُ في القعرِ
إذا انفضّ النّدماءْ.
لم يبقَ من الماءِ
سِوى كوبِ الماءْ.
لم يبقَ من الأصحابِ
سِوى الأسماءْ.
نام الكونُ
ولم أكتُبْ شيئاً ..
في شيخوخةِ هذا الليلِ،
أُحرّضُ هذا القلمَ النّاعِسَ،
بينَ أصابِعِ كفّي اليُمنى ..
واُقلّبُ باليُسرى،
أوراقي البيضاءْ.
مات الليلُ، بأوّلِ سهمٍ
يمرُقُ من قوسِ الشّمسِ
فسطّرتُ بِذاتِ السّهمِ
المغموسِ بقلبِ الليلِ
قصيدتِيَ العصماءْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> وصلة ليل
وصلة ليل
رقم القصيدة : 7060
-----------------------------------
هذه الشمسُ
تشربُ أطرافَ ليلي ..
فلم يبقَ لي منهُ غيرُ القليلِ.
ولم ترتوِ النفسُ من فيضِهِ بعدُ،
هل لي بِوصلةِ ليلٍ طويلِ؟
أُحدّثُ فيهِ الذّينَ يزورونني
حينَ تغفو الخليقةُ
عن ظُلُماتِ النّهارِ
وعن قاتِلي وقتيلي
أراني،
أرى ليلتي،
أرى الزّائرينَ الذينَ يزورونني في المنامِ،
أرانا
عناقيدَ كَرمٍ،
تخَطّفُنا الطّيرُ كُلَّ صباحٍ
وقبلَ انتِباهِ البلادِ،
تُعلّقُنا كالتمائِمِ شاخِصةً
في رِقابِ النّخيلِ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> وحدة حال
وحدة حال
رقم القصيدة : 7061
-----------------------------------
ثلاثُ كُؤوسٍ
ومِلعقةٌ واحِدةْ
ونحنُ ثلاثةْ.
أنطلُبُ مِلعقتينِ ونُحكِمُ فُرقَتَنا ..؟
أم نَظلُّ بِمِلعقةٍ
يا صديقي،
تُعَلّمُنا وِحدةَ الحالِ
في العِرْقِ
واللّونِ
والمائِدةْ !
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> غربة
غربة(51/290)
رقم القصيدة : 7062
-----------------------------------
بطاقتي
.مصباحٌ متدلٍّ من دمعةٍ
قصائدي
.أطفالٌ شاحبون
ذاكرتي
نافذةٌ
.لا تطلُّ
غربتي
غيمةٌ
.في يدِك
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> نظرتان
نظرتان
رقم القصيدة : 7063
-----------------------------------
بِعينيكِ كُنتُ أرى،
يومَ قُلتُ:
بأنّ السّماءَ ستُمطِرُنا ياسمينْ.
ويومَ أفقْتِ على سُحُبِ الموتِ
تُمطِرُ بغدادَ ناراً
بِعينَيّ كُنتِ تَرينْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> مفارقات
مفارقات
رقم القصيدة : 7064
-----------------------------------
بعضُ الذينَ لا نُحِبّهُم،
يُباغِتونَنا بِما نُحِبْ.
بعضُ الذينَ في انتِظارِهِمْ،
نُفني القُلوبَ والأرواحْ،
يُهدونَنا الجِراحْ.
فعُدْ كما خُلِقتَ نُطفةً بريئةً
ودُمتَ سالِماً يا قلبْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> معادلة
معادلة
رقم القصيدة : 7065
-----------------------------------
أسْرَفْتَ الليلَةَ في الحُزنِ
على ما عانيتَ من الأيامِ المُرّةِ يا نادِمْ.
هَبْ أنّ العالَمَ أحلى،
هَبْ أنّكَ عُمِّرتَ كنوحٍ،
وأتاكَ الموتُ ضُحىً ..
أتُراكَ، ستَزْهَدُ في الليلِ القادِمْ ؟!
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> جرح
جرح
رقم القصيدة : 7066
-----------------------------------
طفلاً محروقَ الوجنتينِ
يهرولُ
على الجسورِ المعتمةِ
هاربًا
من الرمادِ
.إلى الدخان
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> مراوحة
مراوحة
رقم القصيدة : 7067
-----------------------------------
خُطوةٌ للأمامْ
خُطوةٌ للوراءْ
خُطوتانِ تجُبّانِ بعضَهُما ..
حُرّتانْ.
ويفيضُ الزّمانُ بنا
ويضيقُ المكانْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> دمعة
دمعة
رقم القصيدة : 7068
-----------------------------------
طفلةً مبتلّةَ الثوبِ
تركضُ
من ضفّةِ النهرِ
.إلى عينيَّ(51/291)
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> قطرة ترجيح
قطرة ترجيح
رقم القصيدة : 7069
-----------------------------------
بالَغْتَ في التّحديقِ
"قالَ صاحِبي"
بِكأسِكَ التي شرِبتَ نِصفَها ..
فأين أنتَ الآنَ،
في الهواءِ،
أم في الماءِ
غِبتَ كالحِكايةِ القديمةْ ؟
فقُلتُ:
في الخطّ الذي بينهُما،
فقطرةٌ
تزيدُ أو تنقُصُ يا صُويحِبي
بهذه الكأسِ،
تُرجّحُ النّصرَ
أو الهزيمةْ .
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> عزلة
عزلة
رقم القصيدة : 7070
-----------------------------------
لستَ وحيداً،
قال الليلُ،
فقُمتُ وحيداً
أتهجّى أنجُمهُ
وأُفتّشُ حولي ..
ثرثارٌ هذا الليلُ
يُكبّدُني عبءَ العِلمِ بما أعلمْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> جناح
جناح
رقم القصيدة : 7071
-----------------------------------
سأحملُ الطيرَ الأخضرَ
على كفّي
و أمضي
لعلَّ
ينبتُ لي
.جناحًا صغيرًا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> سؤال
سؤال
رقم القصيدة : 7072
-----------------------------------
تسألُني نجلاءْ:
هل يتغيّرُ في الليلِ الليلُ ؟!
أجبتُ:
لا يتغيّرُ في الليلِ
سوى نكهتِهِ ..
حينَ تُراوِحُ بوصلةُ القلبِ المعطوبةُ،
بين الساعةِ،
والموضِعِ،
والنُّدماءْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> خلاصة
خلاصة
رقم القصيدة : 7073
-----------------------------------
عُمرُ الكونِ ثلاثةُ أيامٍ:
يومَ وُلِدتَ،
ويومَ صُدِمتَ بِدُنيا الناسِ،
ويومَ تموتْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> الفرح العابر
الفرح العابر
رقم القصيدة : 7074
-----------------------------------
غريبةٌ
مثلَ أيقونةٍ ملوّنةٍ
.في كنيسةٍ مظلمة
وحيدةٌ
كملاكٍ صغيرٍ متدلٍّ
.من شجرةِ ميلادٍ ميّتة
أحبُّكَ
.في الفرحِ العابر
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> ثبات
ثبات
رقم القصيدة : 7075(51/292)
-----------------------------------
قِفْ على قدمينِ،
على قدمٍ،
أو
على إصبعٍ واحدةْ.
أنت لستَ تدوسُ على الأرضِ،
بل تستفِزُّ بنعليكَ ما نامَ
في أُمّةٍ جاحِدةْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> أود أن أنام
أود أن أنام
رقم القصيدة : 7076
-----------------------------------
أود أن أنامْ.
أود أن أُعانقَ القمرْ.
أود أن أنفُذَ من رِبقةِ الزحامْ.
أود أن أعود شمعةً في حضرةِ السكونِ،
أو أغيبَ باسِطاً جناحي . .
كأنني المدى ،
وقارِبي جِراحي .
أود أن أعودَ بينَ راحتيكِ
دُميَةً لا تُتقِنُ الكلامْ .
تُدثرُ الظلامَ في عينيكِ بالصباحِ.
أود أن أنامْ .
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> ذكريات
ذكريات
رقم القصيدة : 7077
-----------------------------------
صديقتي
ترى ذكرياتها
أشباحًا
،أنا أراها ملائكةً
.و هنالك من لا يراها
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الوجع
الوجع
رقم القصيدة : 7078
-----------------------------------
وجعٌ في الرأسِ،
وجعٌ في الظّهرِ
وفي الكتِفينِ ..
وقِلّةُ نومْ.
ما أصعبَ أن نتلاشى
بينَ الوجعِ المُبهمِ
والوجعِ المفهومْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الفيض
الفيض
رقم القصيدة : 7079
-----------------------------------
جُرحٌ ينِزُّ،
سحابةٌ تهمي،
كؤوسٌ فاض منها الوقتُ،
ساعاتٌ تسيلُ
على رصيفِ الموعِدِ المَنسِيّ،
عينا عاشِقٍ،
نهرانِ ينسابانِ
في هذا الزّقاقِ إلى نِهايتِهِ ..
فما لانَ الطّريقُ
وما ارتعَشْ.
ربّاهُ،
هذي ساعةُ الفيضِ العظيمِ
ونحنُ فيها الغارِقونَ
فكيفَ يقتُلُنا العطَشْ ؟!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الخلاص
الخلاص
رقم القصيدة : 7080
-----------------------------------
إرفَعْ رِجليكَ عن الأرضِ،
وصفّقْ بيديكَ ثلاثاً
أعِدِ الكَرّةَ
أخْفَقْتْ.
غُصْ في هذا الحوضِ إلى القاعِ،
وعُدْ باللّؤلؤِ ..(51/293)
أخْفَقْتْ.
أَدخِلْ سبّابَتَكَ اليُمنى كامِلةً
في الأُذُنِ اليُمنى ..
أخْفَقْتْ.
أُخنُقْ نفسَكَ حتى الموتِ
بكِلتا كفّيكَ ..
نجَحْتْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> عزلة
عزلة
رقم القصيدة : 7081
-----------------------------------
دفنتُ رأسي
.في ظلِّها
غرقتُ
بأهدابي
.في الفراغِ الأزرق
بكيتُ
مثلَ بحرٍ
.أغلقَ نوافذَهُ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الأيام ثلاثة
الأيام ثلاثة
رقم القصيدة : 7082
-----------------------------------
بعضُ الأيامِ تمُرّ عليكَ
بِرائحةِ المسكِ،
وأُخرى بالزّبلِ،
وثالثةٌ،
ليس لها طعمٌ
أو رائحةٌ
أو لونْ.
تلكَ الأيامُ المائِيّةُ،
خبّىءْ نارَكَ عنها
واربأ بِجنونِك،
مصحوباً
بِبقِيّةِ يومٍ مجنونْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الأعمى
الأعمى
رقم القصيدة : 7083
-----------------------------------
ليس الأعمى
من أُطفِىءَ في عينيهِ النورْ.
الأعمى،
من غطّى الشمسَ بكفّيهِ،
وصدّقَ أن العالمَ يغرقُ
في بئرٍ مسحورْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> أسطورة المطر
أسطورة المطر
رقم القصيدة : 7084
-----------------------------------
المطرُ
على نوافذِنا
.دمعُ أطفالٍ رحلوا
في السماءِ
يفتقدونَ أمّهاتِهِمْ
حجراتِهِمْ
دفاترَهُمْ
.و يبكون
قوسُ القزحِ
فرحةُ الأطفالِ ذاتِهِمْ
و قد ربّتَ اللّهُ على أكتافِهِمْ
.و ابتسم
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الإرادة
الإرادة
رقم القصيدة : 7085
-----------------------------------
إذا عزَمتَ أن تموتَ،
فاخترِ الذُّرى ..
فنحنُ لا نموتُ مرّتينْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> الموت حبا
الموت حبا
رقم القصيدة : 7086
-----------------------------------
دعي جراحي ..دعي قلبي وما حملا
لا تسأليني عن الأمس الذي رحلا
ودعته عندما ودعت أغنيتي
وغار جرحي بسهم الحب واندملا(51/294)
تاهت على موجة النسيان رحلتنا
حتى الشواطئ ضاقت قبل أن نصلا
تغرَّب الحب فينا يا مسائلتي
وكيف نسكن حبا ينكرُ الأملا
كانت هناك فتاتي ..حيث كان فمي
يروِّض الشعر ..حتى ينشد القُبلا
الشعر نزف الليالي حين نعزفه
إن لم يكن صوته نزف القلوب فلا
لولا معانقة الأحزان ما وجدت
لها القصائد في أرواحنا سبلا
وتعلمين يقينا أن في شفتي
قصيدة الموت يدمي صوتها الجُمَلا
غدا .. أسافر ..قد لا أستعيد دمي
وقد أموت غريبا عاشقا ثملا
وقد تهيم بشعري ألف باكيةٍ
فأقرئيها هوًى إن جنَّ ما عقلا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> حول عينيك دائرتي
حول عينيك دائرتي
رقم القصيدة : 7087
-----------------------------------
حول عينيكِ دائرتي ومداري
كوكبٌ لا يحيدُ،
ودورةُ عِشقٍ من الحُلمِ لا تنتهي ..
يمُرُّ الزّمانُ بنا
ونظَلُّ صغيرينِ
نلهوا بجمرِ العِنادِ،
ونقترِفُ البُعدَ، كي لا يثورَ العِتابُ.
دورةٌ إثْرَ أُخرى،
وبحرٌ يموجُ وأشرِعةٌ وضبابُ
كُلّما هزّني الشوقُ نحوكِ أحجَمْتُ
أو هزّكِ الشّوقُ نحوِيَ أقصيتِني يا عذابُ.
أنا الليلُ، يا نجمتي
فارحلي حيثُما شِئتِ فِيَّ ونامي ..
لأرسُمَ ثانِيةً حولَ عينيكِ دائرتي
كوكبٌ لا يحيدُ،
ودورةُ عِشقٍ من الحُلمِ لا تنتهي ..
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> دمى فوق منضدة الليل
دمى فوق منضدة الليل
رقم القصيدة : 7088
-----------------------------------
لا الليل يرسم في عيني بداياتي
ولا لعابُ الضحى يغري مساماتي
البحر يغسلُ عن وجهي بداوته
وتمضغ الريح في صمتٍ ستاراتي
من شهقة الأمس جاء الحرف يحملني
مكبَّل الحلْمِ ..محموم المسافاتِ
أنامُ في أعْينِ النجماتِ ترمقني
سحابةٌ ظلَّلتني في خيالاتي
فصرتُ أنقشُ في جدرانها صوري
كسيرة كانكسار الحلم في ذاتي
وفي الصباح يدق الجرحُ نافذتي
فأستفيق على ضوء انكساراتي
لأرمقَ الوهم حينا ثم أسألهُ
لعلَّ مابي خيالا من هلاماتي(51/295)
( يا أنتِ من انتِ لاأدري إذا جمحتْ
بيا السنينُ وأعيتني مناداتي
في أمسي البكر حلما ما غفوتُ له
وفي غدي يتندَّى كالنبوءاتِ
هل أنت أنثاي أم جرح وقفت له
شعري وأنفقتُ صوتي في صباباتي
أعود للأمس ..لهف الأمس أين مضت
ظفائرَ الشَّعْرِ تلهو في فضاءاتي
وأين ( صبغة حناء الأظافر) هل
يُضمِّخُ الطينُ فيها عشبَ مأساتي
بل أين عيناكِ .. أينَ السحرُ يسكنني
وأين صوتُكِ ..بل أين انفعالاتي
أوَّاهُ ما أبشع الذكرى إذا علقتْ
بشاعرٍ نامَ في صحو العباراتِ
******
يا( فاتني ) طعم ذاك الجرح في شفتي
ولونه لون أيامي بمرآتي
يظل يسكنني وهما فأسكنه
في هدأتي في سكوني في انطلاقاتي
في ضحكتي في كلامي ..في تململنا
على السطور تعرِّينا كتاباتي
وأنت آخر من أهديته نغمي
مطرَّز الجرح مكلوم الحكاياتِ
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> برد
برد
رقم القصيدة : 7089
-----------------------------------
في هذا الصيفِ المألوفِ
وتحتَ الشّمسِ المألوفةِ
أجثو في ظِلّكِ،
غيرِ المألوفِ
وأرتجِفُ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> تركتُ السنين وعدت إليك
تركتُ السنين وعدت إليك
رقم القصيدة : 7090
-----------------------------------
تركتُ السنينَ .. وعدتُ إليكْ
شراعًا على موجةٍ ضائعةْ
وصوتًا يشقُّ عُباب البحار
ويلثم أنفاسي الجائعة
تركتُ السنينَ وعدتُ إليك
ضبابًا على نسمة كاذبة
أجدِّفُ أقدامي الذائبة
يموجُ بوجهي ترابُ الطريقِ
فألقاه في نشوةٍ ناحبةْ
تركتُ السنين وعدتُ إليك
ضبابًا على نسمة كاذبة
أجدف أقدامي الذائبة
يموج بوجهي تراب الطريقِ
فألقاهُ في نشوةٍ ناحبةْ
تركتُ السنينَ وعدتُ إليك
وقفتُ ببابِ الغرام اليتيمِ
وساءلتُ أينَ المحبُّ المقيمْ !!
فصحتُ بشعرٍ قديمٍ قديمْ ..!!
تموتُ الدقائقُ في معصمي
يئنُّ الطريقُ ولم تعلمي
بأني ركبتُ إليكِ الجراحَ
وجئتُ على طبقٍ من دمي
أحبكِ ماتت حروف الغرامِ
فهل أنفقت عمرها في فمي(51/296)
وهل كنت وحدي أحب الظلامَ
أحبُّ مغازلة الأنجمِ
أعود إليكِ بلا أغنياتٍ
سوى لثغةِ العاشقِ المعدمِ
أشخبطُ في الرمل بعض الحروفِ
طفولية.. لهفة الملهمِ
****
تركت السنينَ وعدت إليكِ
أفتِّش عن آخرٍ للنهارْ
وعن شاعرٍ عاش بين القفارْ
ليشربَ من أنْهرِ المستحيلِ
ويأكلَ من نبتةِ الانتظارْ
تركتُ السنينَ وعدتُ إليكِ
لصوتي الذي كان بين يديكِ
مللتُ من الواقعِ المستطاعِ
وجئتُ الخيالَ على مقلتيكِ
دعيني لأغمضَ عيني قليلا
فإني تنبَّأتُ حلما جميلا
بأني أموتُ على راحتيكِ
فبعتُ السنينَ وعدتُ إليكِ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> زمن الطفولة
زمن الطفولة
رقم القصيدة : 7091
-----------------------------------
إلى أبي
خذني
من يدي الصغيرةِ
إلى مدينتِكَ
مثلما كانَ الحزنُ يأخذني
.إلى مدرستي
رُدَّني
إلى ضفيرتي
.إلى مهري البنيّ الحزين
رُدَّني
إلى صورتي القديمةِ
.في مرآتي
خذني
حيثُ للأطفالِ
قلوبٌ ملوّنةٌ
و للأحصنةِ الخشبيّةِ
.أجنحة
.رُدَّني
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> بزوغ
بزوغ
رقم القصيدة : 7092
-----------------------------------
في اللّيالي المطيرةِ
تكبَرُ نارُ المُحِبّينَ ..
حتّى إذا احترقوا
وغدَوا كومةً من رمادْ،
مزّقَ البدرُ سِترَ السماءِ
وأعلنَ في الأرضِ عُرسَ البلادْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> بكاء
بكاء
رقم القصيدة : 7093
-----------------------------------
الدمعُ مِمْحاةُ الشّعورِ ..
لا تسكُبيهِ،
فكُلُّ ما قالَ الصّباحُ
وخّطّ في جفنيكِ .. من شِعري .
دعيني أُكمِلُ البُستانَ
والبيتَ الصًغيرَ
لِحُلمِنا المبتورِ
في عينيكِ
ثمّ تفيّئي ظِلّي،
كعُصفورٍ،
يحِنُّ لِنقرةِ العُصفورِ
أو نوحي
على قبري .
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> Cafe de La Paix
Cafe de La Paix
رقم القصيدة : 7094
-----------------------------------
الليلُ
شارعٌ طويلٌ
تبكي على أسفلتِهِ(51/297)
.غربةُ المطر
الليلُ
متاجرُ مغلقةٌ
و رجلٌ حزينٌ
يلفُّهُ معطفٌ
.تلفُّهُ الريح
الليلُ
حانةٌ مخنوقةٌ
بالدخانِ
.و البكاء
رفاقُ الليلِ
مقعدٌ خاوٍ
زجاجةٌ فارغةٌ
و نبضٌ ممتلئٌ باللّه
.كحبّةِ المطر
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> سيدة الفرح الموسمي
سيدة الفرح الموسمي
رقم القصيدة : 7095
-----------------------------------
سيّدةَ الفرِحِ المَوسِمِيِّ،
أنا سيّدُ الحُزنِ
فلتَسكُبي من نداكِ على جمرَتي ..
أُسائِلُ عنكِ المسافةَ ما بينَنا
وأُلوّحُ للعابرينَ إليكِ بقلبي.
يطولُ على بابِكِ الصّمتُ
أو يضمحِلُّ الكلامُ،
كأنّ الذي قيلَ قبلَ الدّموعِ الأخيرةِ يكفي ...
أيكفي؟!
على بابِكِ الموصَدِ ارتَدّ شِعري مِراراً
وعادِ بلا نكهةٍ،
مُثقَلاً بالنِّهايةِ والحبِّ
يا شمعةً يستضيءُ بها الواهِمونَ
وتقتاتُ منّي
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> قصيدتي الأخيرة
قصيدتي الأخيرة
رقم القصيدة : 7096
-----------------------------------
(1)
غدًا حبيبتي الوحيدة ..
ستخلعين طرحةَ المساءْ
وتفتحين هذه الجريدة
لتقرئي ما جدَّ من ملابس الشتاءْ
وآخر العطورِ للنساءْ
فقلِّبي حبيبتي الجريدةْ
لتعثري في صفحة البكاءء
على حروفي الشهيدةْ
كأنَّها قصيدة ....!!
أو نعي شاعرٍ يمجِّدالشقاء .. !
غدًا حبيبتي الوحيدة
ستُغرقينَ أحرفي بقهوة الصباحْ
ستمضغين لهفتي فحاذري الجراحْ ..!
غدًا ستعرفينْ
بأنَّ شاعر الحنينْ
والمنشد الحزينْ
يموت حين يكتبُ الأنينْ
وفوق صفحة البكاءْ
يظل نعيه قصاصة السنينْ ..!
عصفورتي الصغيرةْ
غدا ستقرئين في الجريدةْ ..
و ..بعد موضة الشتاءْ
قصيدتي الأخيرةْ
قضيتي المثيرةْ
ستعرفين أن شاعر البكاء
يموتُ قبل مولد اللقاءْ ...!
يموت حين ترحلُ الطيورْ ..لوكرها
وحين تُمْسَخُ السطورْ .. بفكرها
لموضة الشتاءْ ..!
غدا ستقرئين
غدا ستعرفين
بأنَّ سيد الجراحْ
وشاعرَ النواحْ
يموتُ حينَ تُفْتَحُ الجريدةْ(51/298)
وحين تُمضغُ القصيدةْ
وبعد أن تكوني قد عرفتِ موضة الشتاءْ ..!!
*************
(2)
سيِّدتي الفاضلة :
وقد رميتِ في لسانْ السابلةْ
قصيدتي الجديدة
عذرائي الوحيدةْ
أتسألين كيف أكتبُ القصيدة ؟!
أتسألين عن حبيبتي الفقيدة ..؟!
الشعرُ طفلتي التي تعيش في الشعورْ
يحضنها ذراعه المبتورْ
من تحته .. تمدُّ راحةً .. ثلجيَّةَ الندوبْ
تستجدي العبورْ ..!!
( شعووووور
..................شعوووور
..............................شعوووور )
وفي المساءِ حينما تؤوبْ
تضجُّ بالقضية القديمة
حبيبتي الموءؤدة اليتيمة
كأنما نسيتُ أنها تعيش في دمي
وترتوي من نغمي
وأنها في غربتي ومأتمي
تموتُ حين تولدُ القصيدة
وحين تفتح الجريدة
وبعد أن تكوني قد قرأتِ موضة الشتاء .....!!
*************
(3)
شقيقة المرآة والعطورْ
سأكتب القصيدةْ
سأجمع السنين في سطورْ وأفتح العبور
فقلِّبي الجريدةْ ..
وروِّضي عينيك كي تعانق الشعور
فإنها وحيدة
قصيدتي الأخيرة
شقيقة المرآة والعطورْ
لأول النساء كانت القصيدة
وآخر النساء تمقت القصيدةْ
وبين هذه وتلك ماتت القصيدةْ ...!!
أتعرفين يا ربيبة الجواهرْ
بأنَّ أول النساء تعبدُ المشاعرْ
وآخر النساء (تعلك ) المشاعرْ
وبين هذه وتلك كنتُ شاعرْ
بلحظةٍ مثيرةْ
قصيدةً أخيرة
تموتُ حين تحدث الولادة
فأتقن الشقاء والسعادةْ
ويصرخ الرفاقُ :
هذه قصيدة
............ وحيدة
.....................فقيدةْ ..!!
شقيقة المرآة والعطور
سيجهل التاريخ أنني
جمعتُ أحرفي
بقلبي الوفي
ومتُّ قبل أن تروِّضي عينيكِ للشعورْ
وقبل أن تصفصفي
خصلاتِ شعرك المنثورْ
فلا يرعك ..يا شقيقة المرآة والعطورْ
ذلك الظهورْ
سيخبأ الشعورْ ..!
وتغلقين حجرتك..!!
تحدِّقين بالمرآةِ .... تضحكين للصبا
وتنعمين بالعطور ..فالشعور قد خبا
وهذه القصيدةْ
تموتُ حين تعبثين بالجريدةْ
وحين تجهلين أنها الأخيرةْ ..!!
*************
(4)
حبيبتي العفْوية الفقيرةْ(51/299)
وأنتِ تكنسين الرملَ ..جانب الحظيرةْ
أتعرفين أن هذه القصيدة
قصيدتي الأخيرة..؟!
أتقرئين أحرفي الشهيدةْ ..؟
وجهلك المأجور يجهل القصيدةْ
وخبزك المقروض ينكر الجريدة
أتعرفين أن شاعر السنين الممطرة
يموتُ حين يعبث الخريفُ بالشجرْ
وحين تغرس الزهور في قبر القمرْ
وحين تولد البهائم الصغيرة ..؟!
أتعرفين أن هذه القصيدة ..قصيدتي الأخيرةْ
وأنها في ذلك الجراب كل زادي
وأنها قضيتي المثيرة
أحجية الدجى الطويلة القصيرةْ
وأنني أموووووتُ حين أكتب القصيدةْ
أموت حين أجمع الخواطر الشريدةْ ..
أتعرفين ما الخواطر
هي المشاعرْ
أو الشعور بالمسافرْ ..!
أتلحظين حينما تمرُّ القافلة
حاديا يضجُّ في لسانه الطريقُ .. حين ينطق السكوتْ
يقول إنني أموتْ
ونائي الفوضوي الصموتُ في المقابرْ
يسدُّ كل فتحة تئن فيه العنكبوتْ ..
يغزلُ البيوتَ بالظفائر ..!!
..... صوتُ ذاك الناعبُ الحادي قصيدتي الأخيرة
وذلك النسيج يا حبيبتي الفقيرة ...!!
داري الأثيرةْ ..!!!
*************
( 5 )
حبيبتي .. سجينة الثرى ..!
أتعلمين أن شاعر الورى ..سيكتب القصيدةْ
وأن غابة الكرى ..قصيدة جديدةْ
أنامُ حين يرحلُ الظلامْ
أحس بالعذاب في الدجى فلا أنامْ
وأنتِ يا حبيبتي
عشرًا من السنين في الظلامْ ..!!
عشرًا من السنين تنسجين في لساني القصيدة ..!!
ليهدم الحنين أضلعي
ويلفظ الأنين مقطعي
أحس أنها قصيدتي الأخيرةْ
وأن شاعر الورى سيلحق الصغيرة
ليكتبَ القصيدة ...
قصيدة البكاءْ
تضمُّ أول النساء
وآخر النساءْ
ولا تكون غير أحرف شريدة
تموتُ في الجريدة
تموت حين يعرفون موضة الشتاء
وآخر العطور للنساء
وحين يسخرون بالقصيدة الجديدةْ ..!
حبيبتي سجينة الثرى :
قصيدتي الأخيرة
أصوغ فيها قصتي المثيرة
أبوح فيها ذكرياتي المريرة
( فلا تخافي واهدئي )
سيجهلون أنها الأخيرة
وأن شاعر الورى يموت حين ينزف القصيدة ..!
*************
(6)
قضيتي الجديدة
حبيبتي العنيدة(51/300)
غدًا ستعرفين أنني جمعتُ أول النساءْ
بآخر النساءْ
ومتُّ بين راحتيك أنشد البقاءْ
غدًا ستقرئين في الجريدة
قصيدتي الأخيرة
عصارة الشجون في حروفك الأثيرة
غدًا ستسألين عن جزيرة القصيدةْ
عن الموانئ البعيدةْ
ستعرفين أنها مدينة المسافرْ
نباتها مشاعرْ
ونهرها يهدهد النباتات الصغيرةْ
قضيتي الجديدةْ
حبيبتي العنيدةْ
يا آخر التجاعيد التي تبدو على وجه القصيدةْ
عرفتُ أنكِ مقتِّ موضة الشتاء
وآخر العطور للنساءْ
ورحتِ تبحثين في الجريدة .. عن القصيدةْ
فهل عرفت الآن ما القصيدةْ؟
وهل عرفتِ أنها الأخيرة
وهل عرفتِ أن شاعر السنين الممطرةْ
يريد تذكرةْ
يريد أن يعيش في مدينة المسافرْ
يريد أن ينام عند غابة المقابرْ
يريدُ أن يكون القبرُ في جزيرةٍ بعيدةْ
بعيدةٍ حتى على ..
قضيتي الجديدةْ
حبيبتي العنيدة .....!!
................. وبعد : انتظار ما لاينتظر ..!! ........
كتبتُ يوما يا حبيبتي ..قصيدتي الأخيرة
وقلت إنها قضيتي المثيرةْ
وقلتُ إنني أموت حين أكتب القصيدة
وحين أجمع الخواطر الشريدة
وحينما ترينها في صفحة البكاء
بعد موضة الشتاء في الجريدة !
وعدت أجمع البكاء والنداء في دمي
بحلوه ومره ..يذوب في فمي
كأنني أموتُ حين أكتب القصيدة
وحين ينطوي الدجى بلا قصيدة ..!!
أوَّاه يا حبيبتي ..
لو أنني خُلِقْتُ في زمانٍ غير ذلك الزمان ..!
لكنت شاعرًا يشارُ نحوه برعشة البنانْ ..!!
لكنت أمدح الولاة والقضاةْ
وأسمع الغواني .....ينشدنَ شعري عند حضرة الولاة
يكشفن إن أصبتُ أو أخطأتُ للنحاةْ
وأسمع النحاةْ
يستشهدون بالقصائد التي تفوح من فمي
يروِّجون ما شدوت عند حضرة الولاةْ ...!!
لكنني ولد يا حبيبتي بعصر الانكسارْ
بعصر الاحتضار
بعصرٍ يأنف المدائحْ
يريد أن يحرر القرائحْ
ليأسر النفوسْ
يريد أن تسافر الرؤوسْ
تبذر الضجرْ
بغابةِ القمرْ
يريد أن يكون الشعر ساعة عتيقةْ
توقِّتُ الشجون حين يولد المطرْ ..!!
والآن يا حبيبتي
سأكتب الوصية :(51/301)
وصيتي الأخيرة
لعينك الشهيةْ
لرحلتي المثيرةْ
أموتُ حين أكتب القصيدةْ
وحين ينطوي الدجى ..بلا قصيدةْ
فقلبي الجريدةْ ........!!
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> قصائد
قصائد
رقم القصيدة : 7097
-----------------------------------
نجوْنا
من الغربةِ
.بأعجوبةٍ
نجوْنا
.بقصائدِنا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> لها حينما تمطر القصيدة
لها حينما تمطر القصيدة
رقم القصيدة : 7098
-----------------------------------
حينما يأتي الذي أخشى عليكْ
رعشةً تحقنُ صمتي عنفوانا
حينما يغفو الهوى في راحتيكْ
وأنا أهربُ من عينيكِ .. أغْتال الحنانا
فهو الشعر الذي يعصر قلبي
ويحيلُ النورَ في عيني دخانا ..
***
قدرٌ .. أن تسكني قلبي وقلبي
ملؤه حزنٌ وأحلامٌ ثكالى
لاتضيئي فوق عينيك السؤالا
فأنا أعلم أني ملك عينيكِ .. ولكنَّ المحالا
أن يجفَّ الحرفُ في شفتي
وفي قلبي تدفَّقَ نبْعُهُ عذبًا وسالا
***
قابعٌ وحدي .. وأوراقي مبعثرةٌ كثيرةْ
بينما عيناي تستجدي الصغيرة والكبيرة
والسكون البكر من حولي شراعٌ مبحرٌ
يتندَّى الليل فيهِ ..
مثل عنقودٍ من الحلُمِ المسوَّم بين أوسمة الحكايا
وندوب الحائط المرصوف أطياف الصبايا
والهوى العذريُّ عطرٌ .. واشتهاءاتٌ سبايا
(ذلك الشعر الذي يعصر قلبي
ويحيل النورَ في عيني دخانا )
***
اهدئي .. نامي
فما في الكونِ ما يصغي لهمسي
فأنا أعلم أني فارسٌ .. ما بين أنفاسي ونفسي
لن تري في غرفتي إلا اضطرابي
رعشتي
تبْغي
وصمتي
واكتئابي
لا تقولي إنه شيطانُ شعرٍ
ذلك الشيطانُ لايغري حبوري
لاتقولي إنه شيطانُ شعرٍ
ذلك الشيطانُ لا يثري حضوري
لا يغني بين أضلاعي
ولا ينبض قلبا
لا ينادي ألف محزونٍ .. و لايحمل حبا
لا تقولي إنه شيطان شعرٍ
ذلك الشيطان لا يغري شعوري
***
حينما يأتي الذي أخشى عليك
اتركيني لمكاني
وامنحي عيني المكانا
لن تري شيئًا سوانا
لن تريني أبذر الحب .. وأستسقي الحنانا(51/302)
إنه الشعر الذي يعصر قلبي
ويحيل النور في عيني دخانا
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> عروج
عروج
رقم القصيدة : 7099
-----------------------------------
تمُرّين بالشمسِ
في خِدْرِها تتثاءبُ ..
قبل انبِعاثِ العصافيرِ من عُشّها
في الصباحِ
وتُلقينَ بعضَ الوُرودِ على مدفَنِ الليلِ
ثُم تُصلّينَ رافِعةً حرَجَ المُلتقى ..
فتُصلّي الحياةُ ..
كأنكِ في هذه اللحظةِ المُشتهاةِ
إمامُ المُِحبّينَ
خلفكِ تسعى المراعي
ويسعى الرُّعاةُ.
مليكةَ قلبي،
أفَقْتِ الحنينَ بهذي الضلوعِ السّقيمةِ
فلتعذُريني
إذا ما تبوّأتُ رُكنَ البُكاءِ القصِيّ
وأهرقْتُ دمعي على رُكبتَيّ
وغنّيتُ ما شاءَ لي الحُزنُ
أو مِلتُ بالذّكرياتِ على وتَدٍ
غابَ طائِرُهُ في البلادِ
فمالَ على وجَعي وبكى ..
إلى اللهِ ثُم إلى قلبِكِ المُشتكى.
زمّليني بهذا الضّياءِ الشّفيفِ
وسوقي إلَيّ البخورَ الصّباحِيّ
بُثّيهِ حوليَ
واستفتِحي بالتعاويذِ
إنّي أُعيذُكِ مما أجِدْ.
أفقْتِ الحنينَ
وبَعْثَرْتِني كالسّحابةِ في الصّيفِ
مُنفرِطاً في الهواءِ
وقُلتِ: اتّحِدْ.
صُويحِبتي،
ليس بينَ الحقيقةِ والوهمِ
إلا كمِقدارِ ما زُرتِني في المنامِ
وأغريتِني بالعُروجِ
إلى نجمةِ الصُّبحِ
ثُمّ أفقتُ على عالمٍ من زبَدْ.
صُويحِبتي،
هاتِ كفّيكِ
نستبِقِ الوقتَ
نُكمِلُ مِعراجَنا
قبلَ أن تمسَحَ الشّمسُ رسمَ الخُطى
فنظلّ الطريقَ إلى ما تبقّى من العُمرِ
يا عُمرِيَ المُتبَقّي بِجُعبةِ هذا الوُجودِ
أراكَ تآكلْتَ قُدّامَ عيني،
كشَمعِ اللّيالي الطّوالِ
وما تعِبَ السّاهِرونْ.
تُراكَ ستُمهِلُني قدْرَ وهمٍ جديدٍ
أعيشُ بِهِ
كي أنامَ
وأصحو
على شفتيها نشيداً
تُردّدُهُ، كُلّما ابتسَمَ الصُّبحُ
للكائناتِ بأنوارِهِ
أو تجهّمَ وجهُ البلَدْ.
أُطِلُّ بِقلبِيَ من خلفِ هذا السّياجِ
أرى ظِلّها يتعثّرُ في الوقتِ،
يكبو ..
فتنزَعُ روحي إليهِ بِعُكّازِها
ويخونُ الجسَدْ.(51/303)
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> مكوث
مكوث
رقم القصيدة : 7100
-----------------------------------
الصّيف ُ يسحبُ ذيلهُ النّاريَّ مُبتعِداً،
فما جدوى الصُّعودِ إلى أعالي الأرضِ؟
صُبّي شايَكِ المفتونَ بالنّعناعِ
وانتظِري الشِّتاءْ.
صُبّيهِ
وانتشِري رذاذاً حول قلبٍ
ماتَ من ظمإٍ
كما ظمإي لشايِكِ
كُلّما حلّ المساءْ.
أيّامُكِ الحُبلى بِطَلعِ النّخلِ
تقرأها العِراقُ دَماً
بِكُلّ لُغاتِها الفُصحى،
وتتلوها العُمانِيّاتُ وِرداً
أو تعاويذَ انبِعاثٍ
فوقَ أرحامِ النّساءْ.
أيّامُكِ الحُبلى ..
وما أنجبْنَ غيرَ البَيْنِ
والّلقيا العصِيّةِ
والوداعِ على رصيفِ العابِرينَ
من الظّنونِ إلى الفزَعْ.
مالي أُفتّشُ في دفاتِرِيَ القديمةِ
عن وجعْ؟!
الصيفُ يسحبُ ذيلهُ
بينَ النّخيلِ
كأنّه،ُ
يستلُّ من عينيكِ،
آخِرَ دمعتينِ
ومن جبينِكِ،
عُقدةَ الفصلِ القديمِ
ومن ندى خدّيكِ،
أُغنِيةَ المُروجِ
ومن شِفاهِكِ،
قِصَةَ الآتينَ
من خلفِ البِحارِ
لِنجدةِ السُّفهاءِ
من سُفهائِهِمْ ..
الصّيفُ أذّنَ في الرُّعاةِ :
أنِ اشتروا أغنامَكُمْ،
بالصّفحِ ..
واستبِقوا الذِّئابَ،
إلى الموارِدِ
والشِّعابِ المُفضِياتِ إلى الخِيامْ.
الصّيفُ أذّنَ :
أنّ صيفاً ثالِثاً،
يغلي بِأورِدةِ الشّتاءِ
على تُخومِ الشّامِ،
فاقتصِدوا بماءِ وُجوهِكُمْ
وتأبّطوا أرواحكُمْ
مهراً،
لبارِقةِ السّماءِ،
وحطّموا أغمادَكُمْ
حَطَباً،
لِمائدةِ الّلئامْ.
الصّيفُ أذّنَ :
أنّ عاماً للرّمادةِ قادِمٌ ..
فيهِ يُحَدُّ السارِقونَ
وإنْ تزَنّرَ بعضُهُمْ عبثاً
بأحزِمةِ الصِّيامْ.
الصّيفُ أنهكهُ المُقامْ.
حُلّي ظفائِرَكِ احتفاءً
بانسِلاخِ القيضِ،
وافْترِشي السّوادَ،
أوِ انثُريهِ مِلاءةً سوداءَ
في وجهِ الغمامْ.
علّ السماءَ تحِنُّ،
أو تبكي ..
وتغسِلُ ما تراكمَ
من عناءِ الدّربِ
في ريشِ الحمامْ.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> نشور
نشور(51/304)
رقم القصيدة : 7101
-----------------------------------
حنّطتُ ذاكرتي
حاوطتُها
بالقصائد
و الرسائل
بصورِ الأحبّةِ
،و الأصدقاء
.أغلقتُ التابوتَ
ربما
تصحو ذاكرتي
من موتِها
.ذاتَ يومٍ
لا أريدُها
أن تكونَ وحيدةً
حينَها
.مثلي الآن
أريدُها أن تصحو
.في مملكتِها
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> الفرس
الفرس
رقم القصيدة : 7102
-----------------------------------
كما يتعثّرُ فرخُ القطا،
كان قلبي يُدحرِجُ دقّاتِهِ
ويصيحُ، انهضي،
فرساً ..
تحُطُّ بِكبوتِها في الثّرى
وتُسرّحُ هامتها في السماءِ
مُخضّبةً بالجُموحْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> فاتنْ
فاتنْ
رقم القصيدة : 7103
-----------------------------------
تجيء من الغيب فاتنْ ..
تطلُّ على الشرفة الشاعرةْ
تنازع حزن السنين الطوال
وترقد في آخر الذاكرةْ ..!
هنا حيثُ لا شيء يبدو
ولا شيء يخفى
وحيث يغال الطريق الطريقْ
وحيدًا على الشرفة الحائرةْ .......!
وفي الأفْقِ سورٌ .. وفوقَ الجبينِ
بكائيةٌ في دمي ثائرةْ
وعينايَ لا قطعة من طريقٍ ..
ولا هيَ في غيِّها سادرةْ
أضمِّخُ با الريحِ وجهيْ
أعَضُّ الملوحةَ بالشفتينِ
وأشربُ من دمعةٍ غائرةْ ..!
***
كأنَّ النهارَ ..تثاءبَ
نامَ الشعاعُ على ساعدِ البحرِ
وانداحَ بالأفْقِ لون الغروب
تجيء من الغيب ( فاتنْ )
تسيلُ لقلبي لعاب التذكُّرِ
تجتاحُ با الحزنِ كلَّ الدروبْ
تنادي :
( احتضنِّي ..فبرد الردى في عروقي
وما عدتُ أقوى عويل الرياحْ
فخذني بدفئكَ وهمًا جديدًا
وفوقَ شفاهكَ حلْمًا متاحْ
تنااادي ..
فتمطرني غيمةُ الحزنِ
تصتكُّ أضلاعي المنهكاتِ
وتلفحني نسماتُ الشحوبْ
وحيدًا على الشرفةِ الحائرةْ
على الدرب سرَّحتُ عيني
تنفَّستُ من رئة العابرين
وأشرعتُ للريحِ حلمي العتيقْ
ولا شيء في الكونِ يبدو طليقْ
كأنَّ المدينةَ في قبضةِ الضوءِ
حتى العبور بقيدِ الطريقْ ..!!
لا شيء في الكونِ يبدو طليقْ(51/305)
سوى بعض أحلامكَ المترفاتِ
تناثرْنَ بالأفْقِ مثل النجومِ
لتصبغْنَهُ كبرياءً صفيقْ
سوى .. أنتَ
فاتن
وآهٍ لـ فاتنْ
تروحُ وميضًا وتغدو بريقْ
هنا حيثُ ظلَّ انطلاقكَ
ما بينَ أنتَ وأنتَ
وما بين فاتنْ وفاتنْ
تعلَّقَ بالأفْقِ حلمٌ غريقْ
هنا حيث لاشيء يبدو
ولا شيء يخفى
هنا ..حيث تستمطر الحزنَ
تسْتحلبُ الجرحَ
تنفُخُ بالأفْقِ
لا شيء يغريكَ غير الشهيقْ .........!!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> اختيار
اختيار
رقم القصيدة : 7104
-----------------------------------
ليس بعد اللهِ غيرُ النارِ
فاختاري ..
لستُ أدعوكِ إلى شيءٍ
لِتحتاري.
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> شبّاك
شبّاك
رقم القصيدة : 7105
-----------------------------------
للريحِ
لعصافيرَ الليلِ اليتيمةِ
لنجومٍ
أطفأها المطرُ
أمدُّ يدي
عبرَ شبّاكي
لعلّي
أعثرُ
على قمري
.و ألامسُ غيابَ يدِك
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> كرويّة الحلم والشهقة
كرويّة الحلم والشهقة
رقم القصيدة : 7106
-----------------------------------
( فاتحة )
( مكوَّرةٌ هذه الأرض يا حالمة ..!
قرأتُ التكوُّر للأرض
عند جميع الذينَ رموني
بتهمتها ثم ماتوا...
إبراهيم الوافي )
( أبي ) :
يمدُّ النخيلُ ذراعيه نحو السواقي ..
وبي من لهاثِ القصيدة ما يجمع
القلبَ والنخلَ والأرض
أبي كان يزرعُ ضوءًا..
سقاه زمانًا وأهداه لي ..
ثمَّ قالَ :
(اسقه يابُنَيّْ)
وهاأنا ذا:
والنخيلُ أمامي
تجرِّده الريحُ من كل شيْء
تعرَّيتُ للنخلِ
حين استقامت يدي ...
وكانَ أبي :
( أيها الأمُّ مدي ذراعكِ نحوي
أعطني من ترابِ الضياء العرقْ !
ظمئتُ بماء التعرُّقِ
حتى الغرقْ
أيها الأم مدي حبالك نحوي
.. لابأسَ
بالجذع
بالسّعْفِ
بالمائساتِ القدود ..)
وكنتُ أبي :
أمدُّ يدي باتجاه الضياء
أرى النخلَ يلتفُّ بالنخلِ
( ليمونةً ظلَّلتْ في شفاتي الضحى )
أعيدُ إلى كتفي ماوهبتُه قبلاً(51/306)
.. ليبقى أبي :
يصبُّ مياهَ القصائد
فوق الظلالْ ..
يدوِّره باتجاه الضياء
( دوائرْ
دوائرْ
دوارٌ
دوائر
دوارٌ ..دواااارْ
ويهوي أبي من جبين النهارْ..!!
( أمِّي ) :
أسحُّ دموعي على
الثديِ حتى تملَّح
حتى تحلَّلَ
حتى تكوَّر ...
ثم استوى
وكيفَ ارتوى ؟
حينما كانتِ الأرضُ أنثى
جمعتُ بها شهقاتِ الرمال
وكانت ...
تهشُّ قطيعَ القصائد
تدفعه باتجاه الرجال
إليكَ بنيَّ : المحالُ.. المحالْ :
أسحُّ
أسحُّ
أسحُّ
كأنَّ التكوُّرَ كان الفراقْ
أخافُ من الوأدِ إن كنتُ أنثى
ولكنني جئتُ شيئًا جديدًا
تندَّبَ فوق سطورِ الحياةِ
جميلاً
قبيحًا
سليمًا.. معاق !!
(فاتن )
أكوّرُ عيني :
عندَ المساء
وعندَ الصباح
وعندَ الهجير
أصبُّ على صدركِ
الماءَ
والثلجَ
والزمهرير
أحبكِ:
حينَ قطفتُ العناقيد قبلَ النضوج !
وحين تركتُ القبيلةَ في بابِ عمِّي :
سمعتُ ضلوعكِ
ذات عِشاءٍ تطارقُ بابي
وتصهلُ حولَ الخيامِ التي
ضاجعتها المدينة فتحًا....
وكان الوليد .!
إذا ماولدتِ الزمان الجديدْ
أتبقى الدقيقةُ بنتُ الزمانِ
... ؟ ...؟
ويبقى الزمانُ أما من جديد؟
إذا لم أكنْ صاحبَ السيفِ يومًا
ولم أشترِ حلةَ العرس ذات مساءٍ
ألن يولدَ الحرفُ
من رحمِ عينيكِ صِرفًا ؟
ويعشبََ في الصيفِ حقلُ الجليد؟!
لكنكَ الآنَ كلُّ القصائدِ ..
كيفَ أخافُ التكوَّرَ فوقَ القصيدةْ ؟
أخافُ
أخافُ
أخااااافْ
لبستكِ شعرًا !..!
أموِّجُ في السقفِ بحرَ الظنونِ
أرى فيهِ كلَّ المراكبِ ..
لاتعرفُ العَوْمَ
كلَّ النوارسِ ..
فيهِ تبيضُ
وتَنْثُرُهُ كرةً من حياةْ ..!
(........) :
..وكم قد حلمتُ بأنَّك ذات مساءٍ
رسمتَ حروفي بماء الحياة
وأنِّي تكوَّرتُ حتى الولادةِ ..
نُمْتُ
صَحَوْتُ
بكيتُ
ضحِكْتُ....
وأنَّكَ مازلتَ بكْرَ الشفاة !!
تجوعُ إذا جاعَ فيك الخيالُ
ويعلكُ صمتُكَ عشبَ الفلاة !
وأنَّكَ إن كوَّرت مقلتاكَ الطريقَ
وقفتَ على شرفةٍ لاتنامُ
تنفَّسُ من رئةِ العابرين(51/307)
تفكُّ يداكَ جدائل شعري
ويجهشُ قلبُكَ حدَّالصلاة !!
( ........ )
أجيء لعينيك ذات وسن
إذا مالشتاء على بابنا
وبي لثغة الراء ثوبُ الشجن :
تيا أي جيحٍ
قيأتَ
عيفتَ
يجمتَ
سبيتَ ..؟
( ترى أي جرحٍ قرأت عرفتَ رجمتَ سبرتَ )
وكان الوطن ؟!
(أنا)
إذا ماتكوّرتُ
فوق الفراش ونمتُ
أيبقى النهارُ على موعدي ؟!
أيأتي غدي ؟!!
إذا لم تقرَّ العيونَ العيونَ ..!
إذا لم تكن ليلتي ( ........ ) ...!!
وفجري كعصفورةٍ حالمة ..
فكيفَ أصدِّقُ هذا التكوُّرَ للأرض
حين يحلُّ الظلامُ
وملءُ دمي شهقةٌ نائمة ؟!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> نصف جدارية .. نصف قصيدة الإثنين
نصف جدارية .. نصف قصيدة الإثنين
رقم القصيدة : 7107
-----------------------------------
أين كنتِ ؟
وفي أيّ مرجٍ تكوّرَ هذا النّدى ؟
قبلَ أن تتفتّحَ عيناي بالوردِ،
أو ينبضَ القلبُ
باللونِ والكلماتِ معاً ..
أينَ كنتُ ؟
وأيُّ المسافاتِ تلكَ التي
زرعَتْنا على طرفيها ؟
لتَطرَحَ جذوتُنا أربعينَ خريفاً
من البوحِ والوجعِ المُستطابِ
على الطّاوِلةْ ؟
أينَ كُنّا ؟
وكيفَ سنمضي غَريبَينِ
مُتّكِأَينِ على اللونِ والحرفِ
في الوطنِ الرّخوِ ..؟
يا بعضَ ما كُنتُ أخشى ..
وما كُنتُ أنسِجُ في الحُلمِ
شُدّي على مِعْصَمَيَّ
وقولي:
لقد كُنتُ،
أرسِمُ نِصفَ جِدارِيّتي في العَراءِ ..
وُكُنتَ،
بِنِصفِ القصيدةِ تسنِدُ ظهرَ الجِدارْ.
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم أحمد الوافي >> تهجَّيتُ في سوقِ عكاظْ
تهجَّيتُ في سوقِ عكاظْ
رقم القصيدة : 7108
-----------------------------------
1996/5/6
( إعادة دراسة التاريخ العربي في الذكرى
الثلاثين لنكبةِ حزيران ...)
( أيُّها الناس ُ اسمعوا
وعوا ... ) ( قس بن ساعدة )
لو أنَّهم نثروا رمادَ
السَّمعِ في وجهِ الرِّمالِ
الهاجعاتِ على تجاعيدِ السرابْ
أو صفصفوا عقدَ
النجومِ وأطلقوا
للريحِ أسرجةَ السحابْ
أو أنهمْ رقموا الجبالَ(51/308)
وفوَّضوا للأفْقِ
ترحالَ الغيابْ
أو لوَّنوا زمنَ العروبةِ
أخضرًا واستحدثوا
للناَّرِ زيتًا من ضبابْ !
ماورَّثَ الوجعُ الخرافيُّ
العصورَ خيانةً
يومًا ..ولا خدشتْ
رياحُ البحرِ
إجلال الترابْ
( بين عبس وذبيان)
ياهذه الخيلُ التي
تعدو حوافِرُهامضمِّخةً
ترابَ الأرضِ شرياني
وجدبَ الانتظارْ
لا أنها شهقتْ لعدوِ
السيفِ في صدري ...
ولا جسَّتْ سعالَ الليلِ
في رئةِ الديارْ
ياهذهِ الخيلُ التي
مسختْ قراءاتِ السطورِ
بعيني الأخرى
فماهجعتْ ..
ولا سكنتْ للونِ
النَّارِ مُخْضَرًّا
بريحِ الانكسارْ
هذا الذي يفترُّ من ماء القصيدةِ
شاعرًا ..ملأت ثفالتَهُ الحروبُ
دراهمًا سكرى
وذاعَ به الشجارْ !
لو أنَّهُ شرب القصيدة
مرَّةً أخرى
وجرَّ بظهرِهِ المعوجِّ
محراثَ القِفارْ
ما أثْمرَ التاريخُ
فوقَ التوتِ حنظلةً
ولا يبست عروقُ الليل
ِ في طينِ النهارْ ..!!
( بيني وبينك ..
أنتَ .. أنا )
أجهضْ مدى العينينِ
فالأفْقُ الطليقُ
رسائلُ الأضيافِ
يلتحفونَ أسْتارَ الظلامْ
والنَّارُ في بابِ القبيلةِ
وهْجها أبدًا
شعاراتُ السلامْ
يامنْ زجرتَ الطيرَ
يلْتحفُ الشمالَ نكايةً
أخرى ..وغيمًا
من حِمامْ
هي نفْحةُ الوجعِ
القديمِ تخثَّرتْ في الأفْقِ
من جهةِ اليمينِ
فمالَ عنها الطيرُ
وانحلَّ اللثامْ
لاأنتَ تحملُ وزرَ
ماقترفتْ يدي في الرملِ
أوتبتاعُ من قلقي
دمي المهدورَ
إنْ عنَّ الوئامْ !!
( في سوقِ
النخَّاسين ..)
من يشتري قوتَ
القلوبِ الرَّاجفاتِ
لخفْقةِ الأعشابِ
من ريحِ المطرْ ؟ ..
هذا القوام وهذه
الحسناءُ هارعةٌ
لكوخِ الليلِ ..
ماشربتْ إرادتُها
كؤوس العشقِ
أو رُقِمت بها لغةُ السَّفرْ !!
تنداحُ في لونِ السيوفِ
سبيَّةً
حمراءَ
أوشقراءَ
أو سمراءَ
...
أيَّانَ البصر..!
لو أنَّها وُئدتْ بحرِّ الرملِ
ماصطفقت ذئابُ السوقِ
تنهشُ صمتَها القهريَّ
بالنَّابِ السّعِرْ !!
(وثيقة تخرُّج...)
ها أنتَ تلهثُ في الزوايا
جاثيًا ..تمتصُّ بوحَ الرَّملِ(51/309)
من نهدِ الرياحْ
لا عانقتْ عيناكَ
أقمارَ المساءِ
ولا شربت َ الكأسَ
من كفِّ الصباحْ
ها أنتَ تلهثُ قلبُكَ
المجدورُ كانَ البحرَ ممتدًّا
وكانتْ مقلتاكَ بريئةً
أبدًا من النظرِ المباحْ !
هاأنتَ تلهثُ أو تموتُ
الآنَ فاقرأ ماتشاءُ
عن الرواياتِ
التي جعلتْ من
الأعشابِ موتًا
تستطبُّ به الجراحْ !!!
شعراء الجزيرة العربية >> إبراهيم محمد إبراهيم >> بغداد
بغداد
رقم القصيدة : 7109
-----------------------------------
بغدادُ
يا وجهي الذي ضاعتْ ملامِحُهُ،
وغادَرَهُ الأحِبّةُ.
لم تزَلْ كفّاكِ
من تحتِ الرُّكامِ
تُلوّحانِ لآخِرِ الشُّرَفاءِ .. يا بغدادُ
يا وجهي الذي ضاعت ملامِحُهُ ..
أتَدمَى هامةُ البَرْحِيِّ يا قلبي
ولا أبكي ... ؟!
بغدادُ
يا لَوْحاً من التاريخِ
أعيَتْني طلاسِمُهُ
فكُنتُ كضارِبٍ في البحرِ
لا يرجو النّجاةَ
وَوَدّعَ العُمرَ المديدَ
بساحِلِ النّسيانِ .. يا بغدادُ
يا وجهي الذي ضاعت ملامِحُهُ ..
شطّاكِ
والنخلُ الأَبِيُّ
ولهفتي،
والنّارُ
والعَزْفُ الحزينُ
على أضالِعِنا الحزينةِ ،
لوحةٌ أُخرى ..
لعُرسِ النخلِ
في الأرضِ اليبابِ .
بغدادُ
يا وجهي الذي ضاعت ملامِحُهُ ..
وَأَوْغَلتِ العُيونُ لِحَلِّ طَلْسَمِهِ
وَأَوْغَلَ في الضّبابِ .
بغدادُ
يا مَنْآيَ في شُحِّ المواسِمِ
كيفَ ينمو الجوعُ
تحتَ جِنانِكِ الخضراءِ ؟!
كيفَ يموتُ من ظَمَإٍ فُراتُكِ
في ربيعِ العُمرِ ؟!
يا مُلْكاً تبَدّدَ كالسّحابِ .
بغدادُ
يا وشْمَ الفُتوحِ
على مصاريعِ الزّمانِ
أيسقُطُ التّاريخُ ؟!
أمْ هِيَ صرخةُ البِدْءِ
الحبيسةُ
في القُلوبِ المُطْبِقاتِ
على الحِرابِ .
ما هذه بغدادُ يا بغدادُ
شعراء العراق والشام >> سوزان عليوان >> احتمالات مستحيلة
احتمالات مستحيلة
رقم القصيدة : 7110
-----------------------------------
لو أنّ
هذا الدُبَّ القطنيَّ الحزين
.يبتسمُ
لو أنّ
هذه الأزهارَ الذابلةَ
.تبتسمُ
لو أنّ
صورتَكَ العابسةَ(51/310)