ذاك قصد السبيل لم تغفلي فيه حقوق الدنيا ولا فرض دين
إن تبيني ففي النهى لك تاج
خالد النور فوق أنقى جبين أم المحسنين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ربة الدولة والجاه المكين
ربة الدولة والجاه المكين
رقم القصيدة : 54143
-----------------------------------
ربة الدولة والجاه المكين
عدت يحدو ركبك الروح الأمين
عدت في منشأة معتزة
بك والبحر ذلول مستكين
يتلقاها برفق صدره
ويحيي عن شمال ويمين
قلدت ما قلدت من شرف
ولها أعلى لواء في السفين
بسم الثغر وقد أرست به
غدوة عن عجب للناظرين
فمن الأفقين في آن بدت
آيتا الإحسان والحسن المبين
بزغت شمس الضحى من سترها
وهلال العيد من أنقى جبين
مرحبا بالفضل والنبل معا
طلعا باليمن للمرتقبين
هذه جنات مصر أبرزت
لك من زينتها ما تشهدين
لبست سندسها الأرض لمن
ألبستها الفخر بين الأرضين
آتت الأشجار ما استنبتها
برها من أكل للآكلين
شدت الطيار تتلو حمدها
بعد حم الله رب العالمين
حبذا تغريدها في جذل
بعد شجو رددته وأنين
إن آمال بلاد ومنى
أمة موحية ما تسمعين
ليس فيه من مداجاة وهل
يصدق الإنشاد والقلب يمين
فاض مجى النبل منينبوعه
باسطا أذرعه للمستقين
يحمل الخصب وما عنصره
غير ما يهدي من الكنز الثمين
أرخص العسجد حتى إنه
جاز في المألوف أن يسمى بطين
فهو فوق الترب تبر ذائب
وهو للوراد سلسال معين
عودك المحمود عيد للحمى
ولهليه على مر السنين
لو تسنى في مكان واحد
جمعهم الفيتهم مجتمعين
ذلك الود قديم زاده
كل يوم سبب منك متين
مكرمات ألفت بينهم
إني روا في غيرها مختلفين
كيف لا يصفيك ودا معشر
لك بالشكر على الدهر مدين
زدته برا بأن كنت له
نعمة القدوة في دنيا ودين
لا كبا جدك من سيدة
فضلها يشمله في كل حين
لو عددنا فيه من أسعدته
لعددناهم ألوفا ومئين
تخطيء الحصر أياد لم تدع
موضعا للحزن في قلب حين
زارت الدهماء في أخصاها
واستزارتها قصور المالكين
كم بنت مأوى وشادت ملجأ(45/344)
للأيامى واليتامى البائسين
واقامت دار علم نشأت
خير جيل من بنات وبنين
يا لها من مأثرات كلها
خالد في ذكريات الذاكرين
دمت لفحسان ما طال المدى
وأعز الله أم المحسنين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> طفت والصبح طالبا في الجنان
طفت والصبح طالبا في الجنان
رقم القصيدة : 54144
-----------------------------------
طفت والصبح طالبا في الجنان
سلوة من نواصب الأشجان
فنفى حسنها الأسى عن ضميري
وجلا ناظري وسر جناني
ظنبق ناصع البياض نقي
ترتوي من بياضه العينان
وجفون من نرجس داخلتها
صفرة الداء في محاجر عاني
وورود كأنها ملكات
برزت في غلائل الأرجوان
وافانين من شقيق ومن فل
ومن مضعف ومن ريحان
كل ضرب شبيه سرب جميع
مفرد عن لداته في مكان
طال فيها تأملي وكأني
كنت منها في روض عين حسان
فتوخيت مشبها لأليس
بينها في صفاتها والمعاني
فإذا الباهر النقي من الزنبق مرآة حسنها الفتان
رسمها في سنائها وسناها
وصدى لا سمها أو اسم ثاني
فيه منها البهاء والقامة الهيفاء
واللون صورة الوجدان
والعبير الذي يحدث عما
في الضمير الأخفى بأذكى بيان
والشعاع الذي به يرى الغبي زهرا
ويريها آزاهرا في آن
فهي في الروض والنجوم قواص
وهي في الأوج والنجوم دواني
تتراءى السماء والأرض كل
في سواها وتلتقي الجنتان
إنما النرجس ابتسامة فجر
ألطفت نسجها يد الرحمن
قام في حلة البياض فكانت
ثوب روح لا ثوب جسم فاني
واستزاد الحلى سواها فجاءت
حيث زادت علائم النقصان
هكذا سر كل حي نراه
خلل الشكل باديا للعيان
فنرى أنفس الحسان حسانا
حيثما هن عن حلي غواني
ونرى أنفس الأزاهر غرا
إذ نراها عفيفة الألوان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> روعتني ذكرى الخسارة لما
روعتني ذكرى الخسارة لما
رقم القصيدة : 54145
-----------------------------------
روعتني ذكرى الخسارة لما
نبأوني بها فبت جزينا
فقد الف ونصف ألف نضارا
جل بين الخطوب عن أن يهونا(45/345)
كان حق الزمان إعطاءك الآلاف
لا الأخذ منك شل يمينا
أولست الذي له كل يوم
حسنات نعدها بالمئينا
أولست الذي على غدرات الصحب
يبقى الأخ الوفي الأمينا
إنما الدهر حرب كل كريم
ونبيل فما يزال خؤونا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> زعيمة زبات النهى من دراريء
زعيمة زبات النهى من دراريء
رقم القصيدة : 54146
-----------------------------------
زعيمة زبات النهى من دراريء
سوافر تجلوها سماوات عدنان
ليهنئك في تأبييد أصدق نهضة
لرفع مقام الشرق تقدير لبنان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> زيدان قد آنستني من وحشة
زيدان قد آنستني من وحشة
رقم القصيدة : 54147
-----------------------------------
زيدان قد آنستني من وحشة
ما كان أشوقني إلى زيدان
وإلى السويعات التي ذقنا بها
طيب الحياة ونحن في لبنان
تشدو فتطرب مجلسا لولي النهى
جمع العلى في ملتقى إخوان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ألشرق طال سباته الروحاني
ألشرق طال سباته الروحاني
رقم القصيدة : 54148
-----------------------------------
ألشرق طال سباته الروحاني
هل أيقظته صيحة الريحاني
وعلام أجمع أمرهم من واجب
تدعو غليه سلامة الوطان
ما من أمان في الحياة وأين من
يقضي الحياة جميعها بأمان
فطن الحكيم لما الحوادث خبأت
فنضا حجاب الغيب قبل أوان
واليوم صدقت الكوارث قوله
كيف الشعوب طليقها والعانئ
وعزيزها بسلاحه وكفاحة
وذليلها بالحق والبرهان
قد مالأ العلم الغزيزة فهي لم
تترك لغير السيف من سلطان
ردت إليه الرأي في عمران ما
يهوى وفي التقويض من عمران
فتطيرتت من حكمها ألبابنا
وتحيرت في حكمة الرحمن
يا من لقيت الله ما في علمه
من غاية لتحول الإنسان
جزع المحابر والمنابر أنها
قد بدلت نم عزها بهوان
كنت أداة السلم دهرا والهدى
فإدت أداة السلب والعدوان
هرع الزمان بنا فما من مهلة
للوادع الراضي ولا للواني
وسطا جديد نظامه بقديمه(45/346)
ورمى الجمود بصاعق النيران
فهو المصدع بعد طول رسوخه
وهو المروع بعد طول أمان
لا ينقض الباني يدا إلا وقد
نقض البناء وقال رأي الباني
وبأي خسف عوقب القوم الأولى
عاقوا شموسهم عن الدوران
غلت الحياة فإن ترجها حرة
كن من أباة الضيم والشجعان
واقحم وزاخم واتخذلك حيزا
تحميه يوم كريهة وطعان
لا حق إلا أن تنافح دونه
إن القناة عصا بغير سنان
يا من نودعه وكل مودع
دامي الفؤاد مقرح الجفان
أعظم بخطبك في البلاد وإنما
عظم المصاب يقاص بالحرمان
كم في حياتك من مثال واعظ
للناس من شيب ومن شبان
شتى مزاياك التي أبرزتها
برعاية المتعهد اليقظان
وعزيمة قرنت بصبر لم تدع
لك في مجال السبق من اقران
جابت بك الافاق تستوقي بها
ما شئت من أدب ومن عرفان
فالأرض روض والجنى متنوع
وحجاك مشتر وفكرك جان
أودعت في الكتب التي صنفتها
أزكى ثمار العلم للأذهان
ونثرت بين كتابة وخطابة
ما لا يجود بدره البحران
أخبارهم آدابهم أخلاقهم
صورتها في اصدق الألوان
فلصنعك المشكور أكرم موقع
من كل قلب في بني عدنان
جهلت مفاخرهم وراء مكانها
واليوم قد عرفت بكل مكان
إن المعري الذي ترجمته
فرفعت بين اللسن خير لسان
وابنت للأقوام ما بالضاد من
حكم جلتها في بديع بيان
ليبارك الزمن الذي رجحته
فضلا على متقادم الزمان
لا بدع أن بلغت ما بلغته
شرقا وغربا من عزيز الشان
سبحان من وهب النبوغ مميزا
بعلاه بلدانا على بلدان
لبنان بين جباله ورجاله
طالت ذراه أوج كل عنان
لو تجتلي عين معاني مجده
طالت ذراه أوج كل عنان
لو تجتلي عين معاني مجده
لرأي رعانا توجت برعان
يا ابن الفريكة نم مناك ناجيا
فيه من الحسرات والحزان
تحنو عليك صلادة بظلالها
وتقر في واد من التحنان
إن المصير الى الثرى وإخاله
أندى وأرفه في ثرى لبنان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> صدق النعي ورددد الهرمان
صدق النعي ورددد الهرمان
رقم القصيدة : 54149
-----------------------------------(45/347)
صدق النعي ورددد الهرمان
الله أكبر كل حي فان
ما يعظم الانسان لا تعصمه من
هذا المصير عظائم الإنسان
أمشيد الدستو حسب المجد ما
أدركت من جاه ورفعة شان
ولأنت أبقى من ألم به الردى
إن صح أن الذكر عمر ثان
لكن مصر وقد بعدت مروعة
تزداد أشجانا على أشجان
من مبلغ النائي ألوك حزينة
لنواه والخوان ينتحران
أغليل تطرقه الذئبا عشية
وبلهنة يتشاغل الليثان
أتلم روحك بالحمى إلمامة
فيرى الهدى في نورها الخصمان
سنة على عينيك رانت دونهه
وإليه لفتة قلبك اليقظان
فقدت بثروت مصر ثورة حكمة
كانت ذخيرة قوة وصيان
مأمولة في كشف كل ملمة
ألقت على صدر الحمى بجران
رجل إذا وازنت في ميزانه
من لا يراجح عاد بالرجحان
طلق محياه سري طبعه
عذب الشمائل ناصع التبيان
سمح السريرة همه ألا يرى
من ثلمة في وحجة الأوطان
كلف بنفع بلاده متغمد
ذنب المسيء إليه بالغفران
لولا هواه لقومه لم تتقد
فيه لظى حقد ولا شنآن
تبلوة عن كثب فتلفي النبل في
إسراره والنبل في الإعلان
وترى زعيما تتقيه مهابة
وترى أخا من أودع الإخوان
ثقة الثقات وغوث كل مهذب
أودى به ريب من الحدثان
من بعده يشكي إذا العافي شكا
برحاءه ويفك قيد العاني
إن أكبرت فيه المروءة خطبها
فالرزء رزء العين في إنسان
كانت بحاجات الكرام بصيرة
واليوم تخطي موقع الإحسان
ولي الإدارة والقضاء فلم يكن
بمفرط أو مفرط في شان
لم يرضه التقويض مدة حكمه
فبنى زهخير القائمين ألباني
راضا لصعاب العاتيان مذللا
عقباتها بالدأب والإحسان
أعرفت إذ دعت البلاد إلى الفدى
إقدام ذاك المسعد المعوان
أيام يبذل في الطليعة نفسه
لنجاتها من ذلة وهوان
في الوقفة الكبرى له الأثر الذي
يبقى على متعاقب الأزمان
ألسيف يلمع بالوعيد حياله
في كل أفق أنكر اللمعان
متبسما ومن النذير تبسم
يبدو قبيل توقد النيران
لكن من يرعى الحقيقة رعيه
يأبى بقاء في مقام تفان
أمل تعرضت المناياا دونه
فمضى وما يثنيه عنه ثان
لو أن موتا جاز قبل أوانه(45/348)
أيكون غير الموت بعد اوان
ألحلم ما تجلوص باحة وجهه
والعزم ما تذكو به العينان
ووراء ما تبدي الجباه سرائر
وورائ ما تخفي القلوب معان
أأتتك أنباء المنابذة التي
ريع الثقات لها من اطمئنان
ما زال بالأواء حتى ذادها
وقضى على التشتيت والخذلان
ووفى لمصر بردة من حقها
ما كاد يتسعصي على الإمكان
لم ينس قط الشعب في سلطانها
فأقره مستكمل السلطان
واضاف بالدستور أروع درة
يزهى بها إكليلها النوراني
أشهدته أيام أغمدت الظبي
وتلاقت الآراء في الميدان
فرأيت في تعريبه عن قومه
آيات ذاك الحب والإيمان
يجلو أدلتهم بأي يراعة
ويقيم حجتهم بأي لسان
في الحل والترحال ينضح عنهم
بوضوح برهان وسحر بيان
فيحاور القهار غير مماذ
ويداور الجبار غير جبان
متحول لكنه متكن
من نفسه في محور الدوران
وإن إذا نهز النجاح تباطأت
فإذا تحينها فليس بوان
ومن التقدم في المجال تأخر
ومن البدار تلكؤ وتوان
ويكاتم الناس الذي في صدره
ومن القوى ما نيط بالكتمان
في معشر متفرق أهواؤهم
كتفرق الأذوناق والألولان
أشهيد أنبل ما يكابد مغرم
ببلاده من حبها ويعاني
تبكيك مصر اليوم مثل بكائها
يوم الرحيل وقد مضى حولان
فقدت بفقدك أي سيف صارم
عزت به ودريئة في آن
عنوان نهضتها وخير محصل
من مجدها في ذلك العنوان
هيهات يسلبها زمان من له
فيها مآثر ملء كل زمان
أما وديعتك التي خلفتها
فالحق يكلؤها فنم بامان
وعلى اصطفاق الموج فيما حولها
هي معقل متمكن الأركان
يرتد ريب الدهر عنها حاسرا
وتصان بالأرواح والأبدان
أقرانك الأمجاد في الشيب الأولى
يرعونها وبنوك في التيان
طرابلس لبنان شكر الشاعر لحكامها وعلمائها ووجهائها وأدبائها ورؤساء مدارسها وقد أقاموا حفلة كبيرة لاستقابله في مدينته م
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> هل يخذلنا الماء؟
هل يخذلنا الماء؟
رقم القصيدة : 5415
-----------------------------------
أستميحُكِ عذراً
ما عدتُ أرى سوى المهزلة
ما عدتُ أسمعُ سوى الجلجلة(45/349)
وحيداً / كالذي هو أنا
ما عدتُ أبصرُ في انتهاءات المدارج
سوى الخراب
يستبدُّ بالمدارج / الخراب
وعلى شفير الغيم
تُنصَبُ مِقصلة
وتزدحمُ الوجوهُ الزرقُ والعيونُ
المُطفَئاتُ والشفاهُ المقفَلة
..
كأنني ثقبٌ يُطلُّ على العدم !
أفضي إلى جميع النار
كأنني / وهو أنا
تُغري خطاي الزلزلة
كيف أبصرُ أن الله
لا يزال ها هنا
وهؤلاء الأنبياءُ حولي
يتخاذلون
يتساقطون الآن
في جحيم الأسئلة !
..
أستميحُكِ عذراً
لا أرى شيئاً
الغبارُ يشقُّ ابتداءاتِ السنابل
والسماءُ تخونُ العصافير
المطرُ الحامضُ يُثمرُ في حقلي
مسوخَ الفجيعة
تُشرِعُ فينا / عطباً
تُحدِثُ فينا / ثقباً
خُلَلاً من وهنٍ ممتدٍ
فينا ،
لا أرى
وحيداً / كالذي هو أنا
ذاهبٌ في حرائق اللغات
ذاهلٌ عمّا يُوصِد الرؤى
متروكٌ لما لا يجيء
ومنذورٌ لما لا يعبأ إلا
باحتمالاته
ما عدتُ ألمحُ في انشداهات الطين
ما كان يُرى
ولا ظلاً لريحٍ يأوي تشرُّدي
هذي المسافاتُ اليباب
تلوكني
ومراكبُ الغثيان تسبحُ في
دمي
ويحَ دمي!!
هذي الدروبُ مطعونةٌ
بالرحيل
والخواصرُ مصعوقةٌ
بالذاكرة !
..
ربّاه
هل يخذلنا الماء؟
..
ألف لام ميم
ألمٌ وضيم
نون ألف حاء
ألف تاء ،
مبعثرٌ أنا
أحاولُ أتهجّى صحوَ قلبي
في عتمة (لغة)!
..
ياء ألف غين
ألف ألف دال تاء
ألف حاء باء
ومكفوفٌ بـ كاف
..
عليكَ القدر
ومنها الصهيل
وإليها المفازاتُ القاصيات
يُشْرِعْنَ موتك الآتي
رايةً
لشهداءَ يعبرون أول الشوق
ويهرقون ما تبقّى من
اشتهاءات الوجد
عند آخر الغيمات
..
هل يخذلنا الماء؟
..
عليكَ القدر
ومنها الصهيل
وإليها مدُّ الجراحِ الغافيات
على وهن المسافة
من هنا
حتى تخوم النزف
المستحيل
..
تلك حدودُ المسألة !
..
أستميحُكِ عذراً
الشوارعُ مُستباحةٌ بالأنين
والجراحُ يعلوها الصدأ
العاصفةُ تكسرُ سطوةَ الليل
والوجعُ الأسمى يرومُ الطلل
فإذا كُشِفَ الغطاء
وغار ماءُ الأرض وأقلعت
السماء
(أحبكِ)
فهل يخذلني الماء؟
..(45/350)
وإذا العينُ سُهِّدتْ
وإذا القلب تشظّى
وإذا روحي سُئلتْ
بأي ذنبٍ جُرِحَتْ
(أحبكِ)
فهل يخذلني الماء؟
..
العذابُ لوحُ السهر
ومحفورٌ على خدِّ هذا السهد :
(أحبكِ)
فلا الشمسُ ينبغي لها أن
تدرك وهجك
ولا الليل سابقُ الصهيل
و(كُلُّكِ) في عشقي
تسبحون.
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ألطيب في نفحات الروض حياني
ألطيب في نفحات الروض حياني
رقم القصيدة : 54150
-----------------------------------
ألطيب في نفحات الروض حياني
وأنسكم يا كرام الحي أحياني
رعيتموني وداري شقة قذف
فلم أزل واجدا أهلي وخلاني
إن قال ما قال إخواني لتكرمتي
فهل أنا غير مرآة لإخواني
وإن شجا مصر صوتي هل يكون سوى
صوت العزيزين سوريا ولبنان
لا تسألوني وقد لاقيت ما سمحت
به مكارمكم عما تولاني
إلى طرابلس الدار التي دعيت
فيحاء من رحب فيها بضيفان
ذات الخلائق أبداها ونم بها
في كل موقع حس كل بسان
ذات النفوس التي لاحت سرائرها
غرا على أوجه كلازهر غران
ذات الوادعة الحسنى وأحسن ما
كانت موادعة في ارض شجعان
إلى أعزة هذي الدار من نجب
تاهت فخارا بقاصيهم وبالداني
متوجي كل ما جاؤوا بمحمدة
ومخرجي كل ما شاؤوا بإتقان
وسابقي كل ذي فضل وماثرة
فضلا وماثرة في كل ميدان
لا يبخلون إذا اهل الندى بخلوا
وليس يؤذي الندى منهم بمنان
حي ابن نحاس وهو التبربينهم
بعنصريه وهل في التبر رأيان
وحي عونا له تعتز دولته
منه بكرن قوي بين أركان
سمح الخلائق أولاني مدائحه
وجل ما قلبه المسماح أولاني
واذكر بني كرم قوم غدا اسمهم
للجود واللطف فيه خير عنوان
ونوفلا وخلاطا والولى لحفوا
بشاوهم من ألباء وأعيان
ماذا تعد وكائن في طرابلس
اعزة من أولي جاه وعربان
إن تولهم من ثناء ما يحق فلا
يفتك حمد لهذا الضيف في آن
من آل ملوك ميمون نقييبته
عداه ذم ولا يلفى له شاني
أغر يغلي عطاياه تخيره
لها فإحسانه أضعاف إحسان
إلى الأولى شرحوا صدري بألفتهم
على اختلاف عقيدات وأديان(45/351)
من صادرين إلى العلياءم عن أمل
كأنه دوحة أوفت بأغصان
ألسيدان بهم جاران في مقة
والمذهبان هما في القلب جاران
إلى الأولى بلغت بالجد نهضتهم
مكانةلم تخل يوما بإمكان
من كل ندب به تعتز لجنتهم
لا يظلم الحق داعيه بإنسان
رئيسها محرز في الفضل منزلة
فاقت منازل أنداد وأقران
إلى المجيدين جادتني قرائحهم
نظما ونثرا بما أربى على شاني
من غادة خلب الألباب منطقها
هي الفريدة في عقل وتبيان
دلت مهارتها خبرا ومعرفة
على التفوق في خبر وعرفان
ومن رفيق صبا ما زلت من قدم
أرعاه رعي أخ بر ويرعانئ
وناثر لبق أبقى بذهني من
غبداعه خير ما يبقى بأذهان
وشاعر عبقري الصوغ قلدني
أغلى القلائد من در وعقيان
عقد تفرد فيه الرافعي وهل
لذلك البلبل الغريد من ثاني
حسبي ثناء عليه إن أردت له
وصفا فقلت اسمه والوصف أعياني
الى اللواتي يهذبن البنات كما
يرضى الكمالاتن من حسن وإحسان
والقائمين بتثقيف البنين على
اجل ما يبتغي تثقيف فتيان
إلى الأوانس أنمتهن مدرسة
قامت بفضلين للساعي وللباني
مثلن ما شنف الآذان في لغة
جعلنها خير تشنيف لآذان
أزف أبيات شكراني وليس تفي
بالحق لو صغتها آيات شكران
فيا كراما أقرتني حفاوتهم
بحيث يحسدني أرباب تيجان
لا تسألوني وقد وليت ما سمحت
به مكارمكم عما تولاني
دوموا ودامت بلا عد مفاخركم
مخلدات لزمان فأزمان
والعز والجاه في هذا الحمى أبدا
بكم جديدان ما كر الجيديدان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> عيد تجدد فيه مجد عدنان
عيد تجدد فيه مجد عدنان
رقم القصيدة : 54151
-----------------------------------
عيد تجدد فيه مجد عدنان
وقد تآخى المليكان الوفيان
إن مثلا وطنين اليوم في وطن
فما العروبة إلا شمل أوطان
هز ائتلافهما الدنيا وبشرها
بينمن حال لأجيال وأزمان
وما يوثق عهدا في أواصره
كما يوثقه بالود قلبان
فاروق يا من كفاه في حصافته
وعدله أنه فاروق الثاني
أوليت مصر من الآلاء ما نطقت
به روائع إصلاح وعمران(45/352)
غلى مفاخر ملء الشرق من أدب
ومن فنون ومن تثقيف أذهان
واليوم ضاعفت ما تسدي بمأثرة
أعيت بلطف المعاني كل تبيان
فقد أتحت لمصر ملتقى عجبا
جلا لها مطلع البدرين في آن
ما أعجز الشعر عن غيفاء حقهما
لو أنه صيغ من در وعقيان
أهلا وسهلا بمن في القلب منزله
بالعاهل العربي الباذخ الشان
كالنجم بعدا وتدنيه مؤانسة
كلاليث بأسا وفيه حلم إنسان
رصانة وذكاء وانبساط يد
أكرم بها يد سمح غير منان
سل أهل نجد وسل أهل الحجاز به
تسمع احاديث سمار وركبان
وسل أولي عبقريات جروا معه
عن عبقريته في كل ميدان
نعم الأمين لبيت الله يوسعه
برا ويرعاه في تقوى وغيمان
أقر حاضره وباديه
ما أنفع العدل مقرونا بإحسان
بنى القرى في ااقصي البيد يعمرها
وقبله لم تباشرها يدا بان
يستقبل العيش فيها من تديرها
ولا تراع له شاء بذوبان
وأخرج الدر من اخلاف جلمدها
للعائلين ومن أجواف غيران
في الرزق ماء لارواء وتغدية
وفيه ماء لأنوار ونيدان
والماء والنار جل الله ربهما
في النفع للناس أو في الضر سيان
حياك ربك يا ضيفا ألم بنا
ونحن من جذل أشباه ضيفان
إن البلاد التي ولتك سدتها
لها هوى مصر في سر وإعلان
هوى وشائجه فيها مقدسة
وقد اقامت عليه كل برهان
هل أبصر الركب حشدا غير مبتهج
فيها وعاج بمغنى غير مزدان
آل السعود هم السيد الاولى كتبت
آي السعود لهم أقلام مران
سحائف المجد خطوها وزينها
عبدالعزيز بتاج فوق عنوان
فما غوى جيش مصر في تحيته
رب الكتائب من رجل وفرسان
يا سادة العرب من صيابة نجب
أوتوا الرياسات أو أرباب تيجان
تضمه مفي سبيل الضاد جامعة
كل بها لأخيه خير معوان
هل بغية العرب إلا صون عزتهم
بالائتلاف وإلا درء عدوان
لم تشهدونا وأنتم بين أعينينا
ورب قاص على رغم النوى دان
ويا مليكين فزنا من لقائهما
بنعمة عز أن توفى بكشران
عيشا وزيدا فخار الأمتين بما
آتاكما الله من جاه وسلطان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> عمر قطعت مداه قبل أوان(45/353)
عمر قطعت مداه قبل أوان
رقم القصيدة : 54152
-----------------------------------
عمر قطعت مداه قبل أوان
خذ بالمخلد واعد ما هو فان
ما زلت في جد وجد عاثر
حتى سموت ودونك القمران
عجلت بينك في جهادك فاحتوى
معنى الشهادة وهي ذات معان
أعزز على أهل النهى ألا ترى
في الشوط حين تسابق الأقران
وعلى الندي مكانك الخالي إذا
رنت العيون إلى أعز مكان
من آل عقل لا يخر مكافح
حتى يلوح من الصفوف الثاني
غر من الفتيان ما برحت لهم
في الصالحات الباقيات يدان
لي فيهم الأصفى من الأحباب لا
أعدمه والوفى من الخلان
وهبوا النفائس والنفوس كأنها
فضلات زاد فيهوى لبنان
وإذا ذكرت فدى سعيد منهم
وضحت صحيفتهم من العنوان
ماذا دهى الأفراخ في
ل ضحا عن أيكة في نعمة وأمان
كشفت مفاجأة الرزيئة سترها
وانتيب مألف عزها بهوان
لا لا ويأبى العدل ذاك ثوبة
لمخلف ذمما على الوطان
أبكيك يا خدني وكم متقدم
أمسيت أبكيه من الخدان
كثرت جراحاتي وأحث ما أتى
متلاحقا وأمضه جرحان
أخوان في عام رزئتهما ومن
كانا لعمري ذانك الأخوان
بالأمس كنت عزاء قلبي عنهما
واليوم قلبي فاقد السلوان
يا شاعر العرب الذي آثاره
جمعت عيون الشعر في ديوان
صغت القريض فراح يبهى في الحلى
ما صيغ من در ومن عقيان
أللطف في تأليفه والظرف في
تصريفه صفتان بينتان
تتباريان جزالة وسهولة
وإلى استلاب اللب تستبقان
من ينظم المعنى الدقيق ويحكم المبنى
الرقيق بذلك الاتقان
قول أعارته الطبيعة زينة
خلابة من حسنها الفتان
ما أجمل الصور التي تجلى به
في أبهج النوار والأولان
لم ينصر الفصحى كنصرك جهبذ
متضلع متوسع في آن
قوى معاقلها ودرب نشأها
فبنى لها جدرا من الأركان
واقره في الصدر من ديوانهم
أشياخها بالطوع والإذعان
واحسرتا إن الكنانة لم تفز
بأثارة من ذلك العرفان
أدباء لبنان الكرام عزاءكم
إنا لمشتركون في الأحزان
هل حل خطب بالشآم وأهله
إلا تقاسم شجوه الطقارن
إن لم تروني في الجماعة حاضرا(45/354)
جسما فإني حاضر بجناني
ما بي ونى عمن دعاني منكم
لكن حكما لا يرد عداني
شأن الصحافة أن تشرف من به
شرفت ومن ألوى بذاك الشان
أدوا حقوق نقيبها وخطيبها
فأديبها المتفوق الفنان
ألكاتب الحر المجيد النائب البر
الشديد العزم والإيمان
رجل قصارى جهده في قومه
نصر المضيم أو افتكاك العاني
يحمي حقيقتهم وحرياتهم
بشجاعة المستبسل المتفاني
ويرد كيد خصومهم في نحرهم
بلسان صدق دامغ البرهان
وينزه الخلاق من شبه بها
ويطهر الآداب من أدران
أوديع نقضيك الوداع وكلنا
ذاكي الحشى مستعبر الجفان
ستعيد طير الأرز ما علمتها
من شدوك المشجي على الأزمان
وستذكر الضاد اعتزاز بيانها
بك ما جرت ذكرى أمير بيان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> عذيري من ضنى القلب الحزين
عذيري من ضنى القلب الحزين
رقم القصيدة : 54153
-----------------------------------
عذيري من ضنى القلب الحزين
على الإلف المفارق مكسويني
جواد شاخ في طلب المعالي
ولكن ظل مهرا في عيوني
أريد بقاءه والدهر آب
علي بقاءه فيما يزيني
يقطع بالقنوط نياط قلبي
ويلقي الريب في عقلي وديني
أتوقره السنون فلن أراه
طليقا مارحا مرح الجنون
كما هو كان والدنيا شباب
وفيه روائع الحسن المبين
إذا ما شد في طلب بعيد
يهز الأرض بالوطء المتين
وإن يختل على الأفراس تيها
فشت فيهن أعراض الفتون
وإن يصهل فأبجر آل عبس
له صوت يعاد بلا رنين
فيا ألفا وبضع مئين أطول
بها ألفا وبضعا من مئين
أبدع والمسافة تلك أنا
سمعنا الرعد صار إلى أنين
مضى زمن الصبا ومضى التصابي
ولج الداء فيالشيخ المين
فوا حربا عليه وكان دهرا
على استقصاء حاجاتي معيني
و ان إذا الوجاهات اقتضتني
تحملي إلى ماتقتضيني
ويمنح جله ركبي جلال
يريني أن كل الخلق دوني
وما أحلاه أبيض غير حر
عفيف الفك وضاح الجبين
يزين سواه تحيل يسير
وحجل كله حتى الوتيني
له ذيل يشير به دلالا
إلى ذات الشمال أو اليمنين
فيحكي راية غراء تسعى
ل تشفي كل ذي داء دفين(45/355)
أمحجبو المعاني والمعاني
بوجهك ظاهرات عن يقين
أساك وفيه كل أخ شريك
يحق على مفديك الأمين
تبدل منه مجدل حين يمطو
بأزازو تفاف لعين
يفلت ماشيا تفليت سوء
أليما للنوف وللجفون
وبينا يسبق القصد اندفاعا
إذا هو قد توقف قبل حين
فخضك في مكانك خض زبد
ولست لسوء حظك بالسمين
فتسمع قعقعات من عظام
ترضض فيك من شد ولين
عزاءك في جوادك يا صديقي
فكم في البعد عنه من شجون
إخال الموت ينذره وإني
لأبصر قسوة الدهر الخؤون
فإن يتول عك يمت حميدا
ولم يك بالأكول ولا البطين
ويمض فدى لأروع شمري
محيط بالعلوم وبالفنون
طبيب بالمعارف لا يضاهى
أيدب غير خال من مجون
إذا ما هز لحيته خطيبا
يقول الخصم يا أرض ابلعيني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> على رغم النوى أبقى قريبا
على رغم النوى أبقى قريبا
رقم القصيدة : 54154
-----------------------------------
على رغم النوى أبقى قريبا
وليس بضائري بعدالمكان
إذا ما فات عيني أن تراكم
ففي قلبي أراكم كل آن
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ألغرس غرسك أيها البستاني
ألغرس غرسك أيها البستاني
رقم القصيدة : 54155
-----------------------------------
ألغرس غرسك أيها البستاني
فانظر الى الثمرات والغصان
أي الرياض كروضة انشاتها
فيها قطوف للنهى ومجاني
علم وأخلاق وحسن شمائل
من كل فاكهة بها زوجان
نبتت نباتا صالحا وتنوعت
زيناتها من حكمة وبيان
يا خير من ربى فأتحف قومه
بنوابغ الآداب والعرفان
أحسنت في آن إلى هذا الحمى
وإلى سواه نهاية الإحسان
الحكمة الزهراء شادت معهدا
ما زلت فيه أثبت الأركان
ومن الألى مروا بظلك أخرجت
نخبا يشار إليهم ببنان
فتيانها في العالم العربي هم
فخر الشباب وزينة الفتيان
البطركية في زمانك نافست
من عهدها المشهور خير زمان
وبنوك فيها ذاكروا أستاذهم
بالخير في الإسرار والإعلان
ما أجمل الثر الذي خلفته
فيها وابقاه على الحدثان
حسبي فخارا أنها بإنابتي(45/356)
عنها تؤدي شكرها بلساني
للغرب في هذي الديار مدارس
فازت بحظ من جناك الداني
فرددت في طلابها ملكاتهم
عربية خلصت من الأدران
آلاف شبان أفادوا بالذي
لقنت آلافا من الشبان
وببعض ما اسديت عز مقامهم
فيما نأى ودنا من البلدان
من سفح لبنان تعالى وصتهم
وصداه فيما ردد الهرمان
في عود دود الذي خلب النهى
ما فيه من ذاك الصدى الرنان
ما زلت من خمسين عاما بانيا
للضاد ما لم يبن قبلك باني
فإذا نظمت فأنت أول شاعر
وإذا نثرت فأين منك الثاني
صغت القريض ومن يصوغ فريده
إلاك صوغ قلائد العقبان
لفظ إلى حسن البداوة جامع
ما للحضارة من جديد معاني
مترقوق المجرى ترقرق جدول
تماسك الأجزاء كلابنيان
نثر من الجزل الذي أسلوبه
يلج النفوس بغير ما استئذان
ويذود من جاراك عن غاياته
ببلوغه الغايات في الإتقان
لللعلم لحمته وللفن السدي
فاظنن بوشي فيه يلتقيان
فيه الرصانة والمتانة تزدهي
بهما الحلى وبهن تزدهيان
أما اللسان فانت في النفر الأولى
نصروه حتى بز كل لسان
فإذا العلى عدت فوارس شوطه
عدتك فيه أول الفرسان
لله معجمك الذي اخرجته
مستكمل التفصيل والتبيان
يصطاد أغلى الدر من قاموسه
ومنالثه من أقرب الشطآن
قيدت فيه أوابد الفصحى بما
فات الأولى سبقوا من الأقران
ونهجت للطلاب نهجا واضحا
يدني أقاصيها إلى الأذهان
حياك ربك من إمام عجز
في عبقريته ومن إنسان
متبتل للعلم مشغول به
عن رشف كاسات وعشق غوان
سمح المحيا والضمير سراره
كجهاره مما ترى العينان
فكه الحديث وإن أقل مكانه
متفقد في مجلس الإخوان
لم يلتمس في العيش إلا غاية
ترضي الإباء وطاهر الوجدان
وسما به خلق عيوف قانع
عن كل موقف ذلة وهوان
يا أيها العلامة العلم الذي
يدري مكانته بنو عدنان
هذي وفودهم إليك توافدت
تلقاك من متعدد الوطان
تهدي تهانئها وفضلك عندها
مالا يوفى حقه بتهاني
حمل التحية شيخها وتضاعفت
بركاته بتحية المطران
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> في حيكم لي قلب جد مرتهن(45/357)
في حيكم لي قلب جد مرتهن
رقم القصيدة : 54156
-----------------------------------
في حيكم لي قلب جد مرتهن
يحبكم وبغير الحب لم يدن
ألنفل في شرعه كالفرض يلزمني
والوعد في حكمه كالعهد يلزمني
قلبي ومضربه جنبي وأحسبه
على نوى سكني أدنى إلى سكني
كيف التخلف عن أنس برؤيتكم
وطالما التسمتها العين في الوسن
أخ دعاني فإكراما وتلبية
قد سر قلبي ذاك الصوت في أذني
من قال للمطلب البادي تعذره
عند اجتماع الهوى والراي كن يكن
أمر المودة مسموع فكيف به
على الطهارة نم رجس ومن درن
من لا يجيب وأسنى ما يكلفه
تشجيع سارين في هاد من السنن
يا آخذين بتعليم الصغار لقد
صنتم مرابعكم من أكبر المحن
مساويء الجهل في الأطفال شاملة
لقومهم كلهم في مقبل الزمن
كم عز من ضعة شعب بفتيته
وكان آباؤهم في اوضع المهن
هو ابتناء لما ترجون من عظم
وهو اتقاء لما تخشون من فتن
فأنفع الناس هم أهل السماح بما
ينمي نفوسا على الأخلاق والفطن
رعاية سنها حق البلاد على
كرامها فرأوها أوجب السنن
هذا هو البر أشقى ما يكون ندى
وتلك فيم عنى خدمة الوطن
يا من بنت بيد في الله أيدة
صرحا على أسس الفضل المتين بني
لكن قومي إذا ضنوا تداركهم
سخاء معتذر عن ألف مختزن
حقيقة إن جرى هذا اللسان بها
فعن أسى للأولى عاتبت لا ضغن
فليشهدوا اليوم والإجلال يخطئهم
غليك ما لصحيح المجدمن ثمن
ولينظروا بطل ما تغري القلوب به
شم المنازل والخضراء في الدمن
إنا لنستقبل الحسنى وقد برزنت
لنا مصورة في وجهك الحسن
أبقيت فينا وفي الأجيال تعقبنا
ذكرى نقدسها في السر والعلن
ذكرى هي الكنز لا يفنى إذا عبثت
أيدي الزمان بكنز غيره ففني
غنتك مي و مي أي ساجعة
بين الشجى في نشيد الخلد والشجن
ألفكر في جنة من عبقريتها
يطير من فنن زاك إلى فنن
تثقيف أبنائكم فيه النجاه لكم
من المذلات والعلات والإحن
هانت نفوس أناس دون ما جمعت
وأي عز لها بالمال إن تهن
وصاغ هكتور من أغلى فرائده
عقدا ينافس ما أغليت من منن(45/358)
وسال في مدحك الشؤوبوب منسكبا
جمانه كانسكاب العارض الهتن
وفاض كالكنبع فياض فطهر من
أوضاره كل حوض راكد أسن
بمقول لا يجارى في فصاحته
ناهيك بالوحي من علامة لسن
بوركت مثرية سنت بقدوتها
لكل غانية نهجا وكل غني
وبوركت في بيوت العلم مدرسة
زادت مدينته تيها على المدن
منارة بين كثر من منائرها
فيها الهدايات للألعاب والسفن
تديرها مسعدات باهرات حلى
من كل طالعة شمسا على غصن
ومسعفون لهم في كل محمدة
أندى الأيادي وأصفاها من المنن
هيهات تنظم في شكر مناقبهم
إن صيغمتزنا أو غير متزن
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> فجع القريض وقد ثوى حسان
فجع القريض وقد ثوى حسان
رقم القصيدة : 54157
-----------------------------------
فجع القريض وقد ثوى حسان
وخلا ببيت المقدس الميدان
جزعت فلسطين وقبل رداه لم
يجزع لرزء قومها الشجعان
إن بان شاعرهم فإر فعالهم
شعر وما الأبحار والأوزان
أبطال صدق ما بهم من لوثة
يوم الحفاظ وما لهم اقران
إن تكد من أحسابهم ربوعهم
زادوا وإن تكد المحاسن زانوا
من لا يحييهم ويرفع ذكرهم
ممن عليه تكرم الأوطان
أمم العروبة شاطرتهم حزنهم
أو ما بنوها كلهم إخوان
وأشد ما ربطت أواصر رحمة
في الأهل أن تتقاسم الأحزان
لا بدع في بث الكنانة شجوها
وكرام جيرتها بهم أشجان
ترثي فقيدهم رثاء فقيدها
ويشف عما تضمر الإعلان
خطب العروبة في أبي إقبالها
قد عز فيه الصبر والسلوان
فقدت به العون الدؤوب وربما
أغنى إذا ما فاتها الأعوان
من يحكم الإفناء بعد سليمه
وبه الرضى وغليه الاطمئنان
أعلم يجلوه لأرباب النهى
والحق يسطع فيه والبرهان
تبكي القوافي من له إبداعه
فيها وذاك الوشي والاتقان
نظم الفوائد في بديعات الحلى
لا الدر يعدله ولا العقيان
ولقد يزف إلى الملوك قلائدا
فتغار من إشراقها التيجان
في شرعه نفحات طيب خالد
لم يؤتها ورد ولا ريحان
يسقي المنى من جفنة علوية
فالقلب صاح والحجى نشوان
أما ترسله ففيه طرائف(45/359)
راقت معانيها وشاق بيان
أبكار فضل تستبيك وربما
وقر الجمال وفعله فتان
لله مقولة الفصيح إذا علا
بين المحافل صوته الرنان
وبوادر ونوادر من قوله
ليست تمل سماعها الآذان
دع ذلك الأدب الرفيع وما به
من كل لون مونق يزدان
واذكر مناقب حرة عربية
سارت بسيب حديثها الركبان
من عفة ومروءة وصداقة
لم يبلها في غيره الخدان
أكرم به بين الأولى بلغوا العلى
بنفوسهم ونماهم عدنان
ودعته قبل الرحيل وسلوتي
أمل الإياب فخانه الحدثان
ما هذه الدنيا وما أوطارنا
عند الزمان وإنه لزمان
وسع الماني التي تلهو بها
هل من تجاريب الصروف أمان
أدى به حرم إلى حرم ولم
يقعده ما يتجشم الجثمان
فقضى قريضة حجه يحتثه
شوق ويحدو ركبه الايمان
متزودا بالصالحات وزاده
من خبر ما يتقبل الرحمن
فأقر في البيت العتيق قراره
وبه تجلى العفو والرضوان
هذا هو الفوز العظيم وهكذا
يغلو الجزاء إذا غلا الإحسان
لطف أساك أبا المحاسنط ما النوى
في الله نأي إنها قربان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> فديت يا من كان صادق رفعة
فديت يا من كان صادق رفعة
رقم القصيدة : 54158
-----------------------------------
فديت يا من كان صادق رفعة
إذ قل صادقها على الأزمان
أمال سبقك في مجالات العلى
إراك شأو العمر قبل أوان
من كان في أوطانه ما كنته
كبرت خسارته على الأوطان
أيمت نائحة عليك وفية
فهي الغداة جليلة الحزان
أيتمت ولدا ناعما أظفارهم
حرموا حنو أب عليهم حاني
يجم الفؤاد وتستهل من الأسى
تفحية بالمدمع الهتان
وترى على حسن ملامح بثه
من قبل عهد الطفل بالأشجان
يمم بوجهك شطر ربك إنه
نعم الولي لهم ونم بأمان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> قصصت علي من عبر الليالي
قصصت علي من عبر الليالي
رقم القصيدة : 54159
-----------------------------------
قصصت علي من عبر الليالي
غرائب لا تدانيها الظنون
فما بلغت شغاف القلب إلا
وقد فاضت من الحزن العيون
لحى الله الذين بهم وثقنا(45/360)
فألفينا وفيهم يخون
ترابطنا بعهد ضيعوه
اينقضي هكذا السبب المتين
لقد بتنا ونحن على يقين
فأصبحنا وليس لنا يقين
خليل قضيت أياما شدادا
لوم يمسسك فيها ما يهين
لقد شفعت بك الحسنات فيها
فشفعها لك الله المعين
أريت القوم كيف الحق يلعو
وكيف نهاية الباغي تكون
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> الفكرة
الفكرة
رقم القصيدة : 5416
-----------------------------------
لماذا ،
حينما الشمسُ تلوح
وحين آخرُ غيمةٍ تفرّ
يُشهِرُ البرقُ سياطَه
في وجه السماء
وتصرخُ الرعود ؟
..
لماذا ،
حينما المطرُ يجيء
وحين الحياةُ تهطلُ
في كهوف الموت
يُعلِنُ الإعصارُ تمرّده المفاجئ
وتُولدُ العاصفة !
..
لماذا ،
حين الحبّةُ سنبلةً تصير
وحين بكارةُ الأرضِ تُفَضّ
يندلعُ اليباسُ الحقودُ
في رحم المدى
وينداحُ اليباب ؟!
..
ولماذا (؟!)
..
ثمة خطأٌ ما - لا بدّ !
..
آه ،
حينما الطفلةُ على الأرجوحة تلهو
وحين العجوزُ مبتسماً يعود
يتساقطُ البشرُ من قبعة الغول
ويطلِقُ القنّاصُ الرصاصة!
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> قف خاشعا بضريح عز الدين
قف خاشعا بضريح عز الدين
رقم القصيدة : 54160
-----------------------------------
قف خاشعا بضريح عز الدين
واقرأ سلام أخ عليه حزين
كنا على وعد فحال حمامه
دون اللقاء وعدت عود غبين
علم من العلام قوضه الردى
أنى طواه وكان جدم كين
عهدي به إن كافحته حوادث أبلى بعزم في الكفاح متين
قد أكان أحسن قدوة في قومه
للسير في منهاجه المسنون
رجعوا إليه فكان أصدق ناصح
واستأمنوه فكان حق أمين
أثرى بحكمته فعز ولم يكن
فيما تقاضاه العلى بضنين
أرضى الإله ونفسه ومضى إلى
غايات دنياه سليم الدين
سل في التجارة كيف كان نجاحه
وبلوغه ما ليس بالمظنون
وسل المرافق كيف كان يديرها
بنشاط مقدام وحزم رزين
فيبلغ العمال غاية نجحها
بالقصد والتدبير والتحسين
أي مصطفى ألقيت درسا عله
يبقى لدى الفتيان نصب عيون(45/361)
مجد البلاد بجاهها وثرائها
لا بالخصاصة وهي باب الهون
شتان بين طليق قوم يبتني
ملكا وبين مغلل مسكين
يغريه أن تجرى عليه وظائف
وبحبها يرضيه عيش ضمين
لم يختدع عرض حجاك ولم يجر
بك عن طريق الجوهر المكنون
فاذهب حميدا خالد الذكرى وفز
بثواب ما أسلفت فوز قمين
عبد الحميد كرامة ومحبة
أفلا أجيب السؤول إذ تدعوني
للأكرمين بني طرابلس يد
عندي وفضل ليس بالممنون هيهات أن أنسى وإن طال المدى ذكرى حفاوات بهن لقوني
فلهم وداد صادق متقادم
موصولة أسبابه بوتيني
افإن تولى ذو مقام بينهم
يعتاقني شغل عن التابين
في أي نجم للهداية زاهر
فجعوا وركن للفخار ركين
لو أن بي إرقاء ماء شؤونهم
أرقأته وبذلت ماء شؤوني
يا واصف النجل النجيب المرتجى
للجاه بعد أبيه والتمكين
عظمت مواساة الحمى لك فليكن
فيها العزاء لقلبك المحزن
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> قد تلوى رفاقنا وبقينا
قد تلوى رفاقنا وبقينا
رقم القصيدة : 54161
-----------------------------------
قد تلوى رفاقنا وبقينا
يعلم الله بعدهم ما ليقينا
هل من الصاب في كؤوسك سؤر
قد سقينا يا دهر حتى روينا
أوداع يتلو وداعا وتأبين
على الإثر معقب تأبينا
أيها الشاعر الذي كان حينا
يتغنى وكان ينحب حينا
خطم العود إن كر الليالي
لم يغادر في العود إلا ألأنينا
أن يلم الردى بمي غداة
يا لقومي بأي خطب دهينا
طالع السعد هل تحول نوءا
يبعث الريح والسحاب الهتونا
فإذا ما أقر أمس عيونا
قرح اليوم بالدموع العيونا
نعمة ما سخا بها الدهر حتى
آب كالعهد سالبا وضنيا
أيهذا الثرى ظفرت بحسن
كان بالطهر والعفاف مصونا
لهف نفسي على حجى عبقري
كان ذخرا فصار كنزا دفينا
غيه يا مي أسرف اليتم تبريحا
بروح كان الوفي الحنونا
فقدك الوالدين حالا فحالا
جعل البيض من لياليك جونا
ورمى أصغريك رامي الكبيرن
فذاقا قبل المنون المنونا
أقفر البيت أين ناديك يا مي
غليه الوفود يختلفونا
صفوة المشرقين نبلا وفضلا(45/362)
في ذراك الرحيب يعتمرونا
فتساق البحوث فيه ضروريا
يودار الحديث فيه شجونا
وتصيب القلوب وهي غراث
من ثمار العقول ما يشتهينا
في مجال الأقلام آل إليك السبق
في المنشئات والمنشئينا
أين ذاك البيان يأخذ بالألباب
فيما تجلين أو تصفينا
في لغات شتى وفي لغة الضاد
تجندين صوغ ما تكتبينا
أدب قد جمعت فيه علوما
يخطيء الظن عدها وفنونا
وتصرفت فيه نظما ونثرا
باقتدار تصرف الملهمينا
وتبتغين الصلاح من كل وجه
وتعاين سقوة المصلحينا
وحي قلب يفيض بالحب للخير
ويهدي إليه من يهتدونا
ويود الحياة عزا وجهدا
لا يود الحياة خسفا ولينا
فهو نا يبث بثا رفيقا
يمل النفس رحمة وحنينا
وهو آنا يثور ثورة حز
عاصفا عصفة تدك الحصونا
ينصر العقل يكشف الجهل يوحي العدل
يرعى الضعيف والمسكينا
أين ذاك الصوت الذي يملك الأسماع
في كل موقف تقفينا
فجع الشرق في خطبيته الفصحى
وما كان خطبها ليهونا
أبلغ الناطقات بالضاد عيت
بعد ان أدت البلاغ المبينا
أطربته وهذبته وحثته
على الصالحات دنيا ودينا
بكلام حوى الطريفين تنغيما كما يستحب أو تلوينا
قدرته لفظا ولحظا وإيماء
بما ودت المنى ان يكونا
ذاك في العيش ما شغلت به والغيد
تلهو وا ت لا تلهينا
لم ترومي إلا الجليل وجانبت
الاباطيل واقتيت الفتونا
وجعلت التحصيل دأبا
وآتيت جناه فطاب للمجتنينا
لاتحادالنساء في مصر فضل
أكبر الناس منه ما يشهدونا
قدم اليوم في الوفاء مثالا
من مساعيه بالثناء قمينا
يا هدى أنت رحمة وهدى للشرق
فابقى له وافني السنينا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> قد قام عرشك في أعز مكان
قد قام عرشك في أعز مكان
رقم القصيدة : 54162
-----------------------------------
قد قام عرشك في أعز مكان
وعليه هامات الجبال حواني
وجرى المسلسل من نميرك مخرجا
عن جانبي مجراه نضر جنان
ينصب في الوادي البعيد قراره
بأحب تهدار إلى الآذان
سيل بمنقطع سحيق غوره
للصخر في مهواه شبه ليان
كوشاح هفهاف تدلى من عل(45/363)
متحليا بالدر والعقيان
ما أنفس الوقت الذي في قربه
يقضى وما يعطي بلا أثمان
تجري وراء نطافه أشجاننا
فكأنهن يسلن بالأشجان
للحسن آيات مواثل حوله
من مثلج صدرا ومن فتان
ما تخدع العينان فيه جماله
كدمال ما تتحقق العينان
أنظر بأيمنه إلى الرأس الذي
يزهى بروعة تاجه الروماني
تكسو جلالتها لصباح وقد بدا
يزدان بالأنوار والألوان
وانظر بأيسره إلى الطود الذي
فيه من الإبداع فن ثاني
تجد الأصيل مشققا ونضارة
بين الجذوع يسيل والأغصان
وتجد سناما مستطيلا قاتما
يهتز في بحر من اللمعان
يلعوه تمساح تضرب دونه
موج السنى ويعب ظالظمآن
سرح بحيث تشاء طرفك لا يقع
إلا على ما فوق كل بيان
أتى الطبيعة وهي أرم أقبلت
بثديها وبها أبر لبان
تسقي مدارجها وتلقى درها
عفوا على الأغوار والقيعان
فإذا سموت إلى الذى ترنو إلى
ما دونها من مرتمي العقبان
أخذتك بالتقوى ولست بمتق
وعرفت سر صوامع الرهبان
ألنفس في إشراقها من شاهق
تثنى بهيبته إلى الإيمان
جزين في هذي الحلى موفورة
نعماؤها مرفوعة البنيان
أما الهواء فما أرق إذا سرى
بين الصنوبر عابق الأردان
والماء ما اصفى موارده وما
أشفى نداه لمهجة الحران
هذا المعاش موإنه غنم لمن
يهوى الحياة خلت من الآدران
وخلت من الآفات والعلل التي
تأتي من الكفات في العمران
يا أهل جزين الذين تجلموا
بمكارم الأخلاق والعرفان
من نخبة في شيبها وشبابها
غر الخلال وصفوة الاعيان
طوقتموني بالجميل ولم أكن
اهلا لهذا الفضل والإحسان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> قضيت عمري لا مستديتا
قضيت عمري لا مستديتا
رقم القصيدة : 54163
-----------------------------------
قضيت عمري لا مستديتا
ولا مليا بأن أدينا
لكن علمي ببنك مصر
ونفعه لم يزل يقينا
يا من يشيدون صرح مال
صرح معال تشديونا
أنتم لوطانكم محبون
حب صدق لا مدعونا
لستم تقولون ما تخلونه
لوكن تحققونا
طلعت حرب طلعت حربا
على أعادي الحمى زبونا
بالنطق عذبا والراي عضبا(45/364)
يفري من الباطل الوتينا
وفضل ذاك الثبات يأبى
على الصعوبات أن يخونا
وذلك الأخذ بالحساب الذي
بفقدانه منينا
فكان فقدانه علينا
في كل أحوالنا غبينا
أغرى بنا الطامعين طرا
وأشمت العاذلين فينا
ط طلعت يا كاتبا أديبا
ويا خطيبا ندبا مبينا
ويا حكيما في كل شأن
يليه مستبصرا رزينا
ويا هماما أجد في المة
الصناعات والفنونا
قصر دون المقام وصفي
فيا مزاياه اسعدينا
أبرز بك ابنا لمصر لما
جدت فنادت أين البنونا
أين الأباة المجربونا
أين الحماة المرجيونا
أين بناة العلا بيوتا
تهي الرواسي ولا يهينا
أين المعيدون من فخار
ما قد طواه البلى قرونا
فلتلتقي مأثرات قومي
يصدق الظاهر الدفينا
ذاكم هو النابه العظيم الذي
حفلتم تكرمونا
ويا نبيلا أولاه نصرا
وكان خيرا له معينا
حييت من مااجد تسامت
به أصول في الماجدينا
أبديت في كل ما توليت
حكمة تصلح الشؤونا
ويا كريم الأصول فرع
المؤثلين المؤصلينا
بأي عبء نهضت حين
اللدات في الخوض يلعبونا
فكن قولا وكن فعلا
خير مثال للموسرينا
لو صنعوا ما صنعت أو بعضه
لسدنا المسودينا
ويا تجارا بما أتوا من
روائع الفضل شرفونا
وكان منهم في كل حال
ما يحمد المجد أن يكونا
بلادكم تبتغي سراة
يغنونها لا منصبينا
كم أنجح القصد منتجوها
وغيرهم أخلف الظنونا
دمتم عماد الحمى ودام الحمى
بكم راقيا أمينا
ذلك قولي أعدته اليوم
بعد عشر من السنينا
عشر تقضتط وبنك مصر
ينمو ويسمو ثبتا مكينا
كأنه دوحة على الشرق
كله فرعت غصونا
لا يأتليها درا وبرا
كما تبر الأم البنينا
وكلها مزهر فنونا
وكلها مثمر فنونا
في كل حول أو بعض حول
أجد نصرا بكرا مبينا
وتابع الفتح بعد فتح
ورد كيد المثبطينا
وصار عنوان فخر مصر
ومعقل العزة الحصينا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> قالوا قراكم شهيي
قالوا قراكم شهيي
رقم القصيدة : 54164
-----------------------------------
قالوا قراكم شهيي
كذا بعهدي كانا
لكن إذا قدم العهد
اعقبه النسيانا(45/365)
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> لذكراك يا حفني في النفس أشجان
لذكراك يا حفني في النفس أشجان
رقم القصيدة : 54165
-----------------------------------
لذكراك يا حفني في النفس أشجان
وكيف سلوي للرفاق الأولى لبانوا
تولوا وأبقاني زمان بعدهم
أعز إذا عزوا أهون إذا هانوا
نوابغ آداب وعلم تلاحقوا
ومكانوا من الآداب والعلم ما كانوا
بعيني ما طالت حياتي شخوصهم
وفي السمع أقوال عذاب وألحان
لقد تركوا سفرا من المجد حافلا
وكل له في ذلك السفر عنوان
وتحت اسم حفني معان كثيرة
هو الضوء إن حللته وهي ألوان
فحفني كان الكاتب الأوحد الذي
خلت قبل أنت حظى به مصر أزمان
منارة عهد للحضارة زاهر
بشتى حلاها يستضيء ويزدان
مباحثته في كل فن طرائف
يجملها سبك بديع وتبيان
تنير وتشجي قارئيها كأنما
تصيب المنى فيها عقول وأذهان
رسائله منسوجة نسج وحدها
تروع بوشي فيه للطرف أفنان
وتنفح فيها نفحة عبقرية
نسيمات روض فيه ورد وريحان
وحفني كان الشاعر المبدع الذي
قصائده در نظمن وعقيان
قريض إذا استنشدته ذقت طيبه
وحسك نشوان وروحك نشوان
كمشمولة من مشتهى النفس قطرت
يعاطيكها في مجلس النس ندمان
يلوح بها المعنى الطليق وإنما
هو الوحي وحى لا عروض وأوزان
وحفني كان العالم العامل الذي
له القول طوع والبلاغة مذعان
مثقف نشء العصر أيام لم تكن
وسائل تقريب ولم يكن إتقان
فاتوتي ذخرا من غوالي دروسه
غرانيق فازوا في الحياة وفتيان
يعز الحمى منهم بكل مهذب
له أدب جم وفضل وعرفان
و حفني كان الجهبذ اللبق الذي
به عاد للفصحى على اللغو سلطان
ورد على القرآن محم رسمه
كما خه في سالف الدهر عثمان
حفني في ناديه ذو الكلم التي
بأبدع منها لا تشنف آذان
عبارته تجري بأشفى من الندى
ومنطقه من حكمة الدهر ريان
هو الأسمر العبل البطيء حراكه
ولكنه روح تخف ووجدان
فإن يك إنسان يباهيه طلعة
فليس يباهيه بمعناه إنسان
وحفني قاض راقب الله عالما
بأن الذي يحيى إذا اقتص رحمن(45/366)
فبالغ في استبطان كل سريرة
محاذرة أن يخطيء الحق برهان
وكائن طوى من ليلة نابغية
بها رقد الشاكي وقاضيه سهران
وفي الدين أو في العلم صرف جهده
بأحسن ما يوحيه عقل وإيمان
يمد بما في الوسع جامعتيهما
وكل له مرمى وكل له شان
فهذي لها منه نصير ومرشد
وهذي لها منه ظهير ومعوان
إذا ائتمر المستشرقون وقلبت
تواريخنا مما طو الين والآن
فحفني منطيق المعارف والنهى
هناك وصوت للكنانة رنا
وفي كل ما يأتيه لا يستفزه
أثمت غنم أم هنالك شركان
فواحربا من طارئين تحالفا
عليه فدكاه كما دك بنيان
اصيب بسهم جنبه فهو صابر
وآخر أصمى بكره فهو ثكلان
و ما ملك من يحسن العيش بعدها
عليها سلام في الجنان ورصوان
وهي الجلد الباقي به إذ ترحلت
وأودى أسى يبكيه أهل وإخوان
مصاب أصاب العرب بدوا وحضرا
فقحطان ملكوم الفؤاد وعدنان
وعز أسا دار السلام وصوحت
بقاع العزيز الخضر واهتز لبنان
وروعت الفسطاط لكنها طغى
على حزنها في ذلك اليوم أحزان
أجاب بنوها مهرعين وقد دعا
إلى الذود ظلم حملوه وعدوان
وفارقت الغيد الخدور عوامدا
إلى حيث يلقى الروع شيب وشبان
كفى شاغلا أن يشغلوا عن نفوسهم
لينصف شعب مستضام وأوطان
فيقتحموا الخطار عولا وما بهم
أيردى كهول أو يعاجل ولدان
ويزدحموا مستبسلين ويصطلوا
على الكر نيرانا تليهن نيران
ففي جو الاستشهاد والموت فاتك
ولليأس إزراء عليه وطغيان
تولى عن الجلى معد رجالها
فإما غفت عيناه فالقلب يقظان
وإن لم ير النصر العزيز فروحه
من الموطن العلى به اليوم جذلان
وما همه إن لم يوفوه حقه
إذا رد حق القوم والبغي خزيان
سلام على حفني إن بلاده
ترددد ذكراه وفي النفس تحيان
إذا هو لم يكرم على قدر فضله
فما البطء إجحاف وما الصبر سلوا ن
أما كان حكم الدهر في الناس واحدا
ولم تختلف فيه شعوب وبلدان
فقدم مجدودا وأخر غيره
تحكم نجم والفرقان أقران
ولكن عقبى السوء سوء محتم
وما كان إحسانا فعقباه غحسان
بلادك يا أفوى بنيها وفية(45/367)
مشيئتها تقضى وإن عاق حدثان
سيبقى على الأيام مجدك كاملا
برغم العوادي ليس يعروه نقصان
وإن تنس أعمال رهائن وقتها
فليس لما خلدت في مصر نسيان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> لحق اليوم بالرفقا أمين
لحق اليوم بالرفقا أمين
رقم القصيدة : 54166
-----------------------------------
لحق اليوم بالرفقا أمين
كيف يسلو هذا الفؤاد الحزين
يا أليفي من الصبا هل تلت
أفراحنا الذاهبات إلا الشجون
أين جولاتنا وأين الدعابات
وأين الهوى وأين الفتون
أين تلك الآمال غب الدراسات
وفيها الحجى وفيها الجنون
رام كل منا مراما من العيش
إذا شط قربته الظنون
لست أنى وقد أجيزلك الطب
وزانت لك المنى ما تزين
يوم وافيتني وتوشك أن تبدو في وجهك النضير غضون
ما الذي جد يا أمين لقد أزمعت امرا مراسه لا يهون
قلت هذا بتي سألحق بالجيش
فإما العلى وإما المنون
قلت يا صاحبي أتقحم بيدا
تتلظى والحرب فيها زبون
قلت إني خلقت للسعي في الأرض
وما بي إلى السكون سكون
ونهجت النهج الذي اخترت لا تشنيك
عنه أخطاره والدجون
فتمنتطقت بالسلاح ولكن
لا لما تطبع السلاح القيون
رحت تأسو جرحى وتشفي مراسا
تترامى الربى بهم والحزون
وتوقيهم الردى وتريهم
معجزات الانقاذ كيف تكون
بعد حرب السودان والعود منه
جد شان هانت لديه الشؤون
جلجلت دعوة العروبة فاهتز
لها من به إليها حنين
وتنادى حماتها وتلاقى
في السرايا من بالوفاء يدين
فشددت الرحال في نضرة القوم
وقد عز في الجهاد المعين
وقضيت العوام في نقل تقسو تصاريها
وآنا تلين
ذت أحداثها تمر وتحلو
في ظروف حديثهن شجون
فبلغت المنى العصية ابلعزم
وذو العزم بالنجاج قمين
واثابت بغداد مسعاك إذ
بت وفيها لك المكان المكين
ما توطنت ناعم البال حتى
كاد كيدا لك الزمان الخؤن
نزلت علة بجسمك لم يقو عليها
وهو البناء المتين
فوهى الهيكل المنيع ولكن
سلم الجوهر الرفيع الحصين
فتفرغت للتآليف يمليها
ضمير حي وذهن رصين(45/368)
أين شغل الديوان مما أفاد الشرق
ذاك التحبير والتدوين
كم كتاب أبحث فيه كنوزا
كان في الغيب ذخرها المكنون
تلك للضاد ثروة نشرت فيها علوم مطوية وفنون
يا بني مصر يا بني العرب إن العهد
دين والحفظ للعهد دين
الفريق المقدام والعامل العامل
والكاتب الديب المبين
هل توفيه حقه مرثيات
أو ويوفيه حقه تأبين
بان عن موقع اللحاظ محياه
ولكن نوره لا يبين
فليخلد في قلب كل شكور
ذلك الصادق الوفي الأمين
يا صديقا فجعت فيه وإني
لم أخل أنه وشيكا يؤون
إن قبرا تزار فيه لروض
قد كساه الريحان والنسرين
فإذا اخطأ السحاب ثراه
نضرته بما سقته العيون
يا شقيق الفقيد صبرا على رزئيك فهو الشقيق وهو الخدين
لا يرد القضاء حزن جزوع
كل من عاش بالقضاء رهين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> لم يخطيء التوفيق صاحبه
لم يخطيء التوفيق صاحبه
رقم القصيدة : 54167
-----------------------------------
لم يخطيء التوفيق صاحبه
فيما أردت بناءه فبني
أيعز أمنع ما يعز على
تلك العزائم منك والفطن
دستور مصر أعيد عن ثقة
بالحق لم تضعف ولم تهن
وأعيد الاستقلال منتزعا
من عاديات الدهر والمحن
نزع اتحاد القوم نصلته
من غمدها في مقبض الحن
نخب من الزعماء ضمهم
عقد فضم مفاخر الزمن
ساروا بهديك راشدين فما
جاروا وذاك النور في السنن
عز إذا ما المجد ساوامهم
جادوا بأنفهم بلا شحن
فاهنأ وسعد خير مبتديء
يجديد تقدير من الوطن
لو قيل للحسن كيف تهوى
إن أنت خيرت ان تكونا
لقال في بدء كل شيء
ياليت لي هذه العيونا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> لي مليك أحبه
لي مليك أحبه
رقم القصيدة : 54168
-----------------------------------
لي مليك أحبه
وهو بالكاشح افتتن
جدي العاثر ابتلاني
منه بسوء ظن
خال عي اللسان ضنا
أعي اللسان ضن
فابتغى لي عقوبة
بنت فن من ابن فن
أمرك الأمر يا مليكي
ولكن رفعت م
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> لبنان جادك شاكرا ومفاخرا(45/369)
لبنان جادك شاكرا ومفاخرا
رقم القصيدة : 54169
-----------------------------------
لبنان جادك شاكرا ومفاخرا
بوسامه الذهبي يا سمعا ن
فاهنأ بمالك من محبة أمة
وتجلة زكاهما لبنان
كرمت خصالك فهي في غر الحلى
مما به تتنافس الوطان
تزهى به علياء أنت فؤادها
وبعينها ولعينها إنسان
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> انظر في المرآة
انظر في المرآة
رقم القصيدة : 5417
-----------------------------------
(.. إلى طيفه ، أحبّه ، حتى انتهائي قتيلاً في الرماد.. ووَحده ، إليه ، أعشقه حدّ تلاشي عنفوان الطين في شهقة دمي المفجوع بحزني عليه.. أبي..)
ـــــ
أُسمّيكَ الوطن
وأرسمُكَ على جناحَي طائرٍ كبير
يجوبُ المدار
ويُعلنُكَ سيداً أبدياً لمواطن الشمس
..
أُسمّيكَ العشق
وأشلحُ من البروقِ شعاعَها
ومن النجومِ متكأً لأصابعي
أغزلُ لعينيكَ مرايا
ولجفنيكَ مدىً آخرَ للبوح
..
أُسمّيكَ المطر
وأنثرُ دميَ في الجداولِ والحقول
ليُعادَ خلقيَ على مرأى السنابل
وأكونَ للسماءِ - كما تشتهي - طفلَها
في الأرض
..
أُسمّيكَ الحُلُم
وأقترحُكَ صحواً في أعينِ الآخرين
فأغفوَ حين نشوتِهم بالحضور
وأرصدُ وجهَكَ بعيداً في الغياب
..
أُسمّيكَ الشعر
وأكتبُكَ في تفاصيل الظلِّ ونبرة العتمات
كي يشتهيكَ القمر
و يحلُمَ بطيفِكَ المشرّدونَ واليتامى
..
أُسمّيكَ المنفى
وأكفرُ بغيرِكَ وطناً لشفتيَّ
أعتنقُ مِلّةَ من عبروا إليكَ
وأموتُ شهيداً على سدّةِ بابِك
..
أُسمّيكَ أبي
وأصوغُ لمجدِكَ كلَّ الحكايا
ليُزهِرَ وجهُ أميَ في الندى
وتحسدَ النجماتُ أختي لطلّتِها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> لك يا سويف العزيز مثال
لك يا سويف العزيز مثال
رقم القصيدة : 54170
-----------------------------------
لك يا سويف العزيز مثال
هو رمز للنبل في كل عين
من جمال الشباب صيغ المحيا
وجلال المشيب تاج اللجين(45/370)
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ماذا يريد الشعر منني
ماذا يريد الشعر منني
رقم القصيدة : 54171
-----------------------------------
ماذا يريد الشعر منني
أخنى عليه علو سني
هل كان ما ذهبت به الأيام من أدبي وفني
أحسنت ظني والليالي
لم توافق حسن ظني
ورجع من سوق عرضت
بضاعتي فيها بغبن
أفكان ذلك ذنبها
أم كان ذنبي لا تسلني
خمدت بي النار التي
رفعت بعين العصر شأني
هي شعلة كانت تثير
قريحتي وتنير ذهني
أيام لي طرب وقلبي
موقع السهم المرن
لا تندبني للعظائم
بعدها لا تندبني
يا من يحملني تكاليف
الشباب ارفق بوهني
زمني تولى والأولى
عمروه من صحبي فدعني
ولى الربيع وجف عودي
وانقضى عهد التغني
إني ختمت العيش ف
وادي المخيلة أو كأني
فإذا بدت لك همة
من دائب يشقى وبيني
فعذيره خوف التسشبه
بالرحى من غير طحن
ويكد كد النحل وهي
لغيرها تسعى وتجني
أرضى بأن تقضى منى
للآخرين وإن عدتني
أخلي مكاني للذي
يسمو غليه بغير حزن
ولقد أهش لمن يطاولني
وإن يك تحت ضبني
إن الحقيقة حين نبلغها
لتكفينا وتغني
فيها الجلال بكل معناه
وفيها كل حسن
تتشابه التركات في
أنا نعد لها ونقني
فإذا تولينا فهل
أسماؤنا منا ستغني
إن نبق والأرواح قد
ذهبت فما الأسماء تعني
لو لم يكن في الذكر للأعقاب نفع لم يشقني
أما الجزاء فإني استوفيت منه فوق وزني
في الحاضر استسلفت ما
سيقوله التالون عني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> من عذيري والدمع جارس خين
من عذيري والدمع جارس خين
رقم القصيدة : 54172
-----------------------------------
من عذيري والدمع جارس خين
إن جرح النوى لجرح ثخين
فقد خير الصحاب أودى بصبري
واراني التبريح كيف يكون
يا حبيبا عليه ضم فؤادي
وفؤادي بمن يحب ضنين
كيف فارقته ولم يتفطر
جزعا ذلك المصاب الحزين
لا وحق الذي آماتك تحيا
ولك الحب فيه والتمكين
ويرى صحبك الأولى بنت عنهم
روحك الحي في حلى لا تبين
إن بالشرق بعد سركيس شجوا(45/371)
شرقت بالدمءا منه الجفون
فل من غرب مصر أن يتوى ل
خلها البر والولي المين
دميت مهجة الآم وسالت
بالصفا في لبنان منه العيون
لمريدي سركيس في آخر المعمور
نوح مردد وأنين
كل قطر للعرب فيه مقام
أو مقال له به تأبين
وبأغلى فريده وحلاه
جاد في مدحه اللسان المبين
ذاك احقه على ناطقي الضاد
ومن بالوفاء منهم يدين
عجب أن خبا الشهاب وأن أعقب
ذاك الحراك هذا السكون
كان ملء الحياة فهي وقد ولى
فراغ تحس فيه المنون
أوقع الذعر حينه في نفوس
خلن من ذاك عزمه لا يحين
يا فخار البيان ماذا دهاه
فهو اليوم خاشع مستكين
يتلقى الخطوب غير أبي
وعلى نفسه يكاد يهون
كيف ينسى سنين أعززت فيها
شأنه فوق ما تعز الشؤون
إذ أثرت الحرب العوان على البغي
وكل له عليك معين
فترامى بحرا وبرا بك لانفي
ووراتك بالحجاب السجون
وبلوت الشقاء من كل لون
ما به رحمة وما بك لين
شد في السرة التي ست ما عانيت
مما ترتاع منه الظنون
محن تنسف العزائم في الأبطال
نسفا لو أنهن حصون
إنما صانك الثبات على رأي
تفديه والثبات يصون
وصحيح اليقين لو صلى النار
عذابا ما اعتل منه اليقين
ذاك درس ألقيته وسيبقى
عظة الناس ما تمر القرون
كم فتى فيك يا حميد السجايا
فقد البأس والندى والدين
كنت شملا من الصفات جميعا
فتوليت تلك الصفات العيون
فقد الفاقدوك حرا صريحا
مال في طباعه تلوين
وخدينا على اختلاف الليالي
لا يجاريه في الولاء خدين
وصديقا في وده لا يداجي
وصدوقا بعهده لا يمين
ونديما حديثه طرف لا تتناهى ألطافها وشجون
يورد النادرات أظرف غيراد
ويعدو اخفهن المجون
وأديبا إذا تقضت فنون
من إجاته تلتها فنون
يؤثر السهل في الكلام واللجزل
متى تدعه البلاغة حين
تطفر البادرات من نبعه العذب
وفي المستقر فكر رصين
ظاهر القول قد يرى نزقا والرأي
في غوره البعيد رزين
هو للناظرين نور مبين
وهو للواردين ماء معين
ما تراني معددا من صفات
كلها يكرم الفتى ويزين
كان سركيس في الصحافة إن قامت(45/372)
صعاب يروضها فتهون
كل يوم يأتي بسحر حلال
قد حلا فيه للعقول الفتون
فهوى إذ هوى شهاب منير
من بنيها وانهد ركن ركين
ضم من شملهم اساهم عليه
وغلى الرشد يرجع المحزون
فلنحي النقابة اليوم قامت
ولها عند قبره تكوين
كان سركيس عالي النفس لا يشكو
ويشكي ما اسطاع من يستعين
كان سركيس يمنح العذر إلا
من أتى باغيا أمورا تشين
كان إن تدعه المروءة لباها
ومسعاه بالنجاح ضمين
كان سمحا يجني القليل ولكن
فيه فضل يصيبه المسكين
لا يبالي شح السحاب عليه
وعلى غيره السحاب هتون
كان في أهله وهم خير أهل
نعم رب الحمى وننعم القرين
لهم من هداه نجم مضيء
ولهم من نداه كنز ثمين
عاد حب البنين في ذلك المرشد
للعالمين وهو جنون
إن تواروا في دارة الدار عنه
جد شوق به ولج حنين
أي عذب الخطاب حلو المعاني
رزئته أسماعهم والعيون
كيف يسلونه وفي كل أفق
لحديث عنه صدى ورنين
غيه سركيس إن بكينا فإن الباقي
الحزن والسرور الظعين
لا على الذاهبين لكن علينا
حين يمضون تستدر الشؤون
مصر قامت حيالك اليوم ترثيك
وفي قلبها عليك لشجون
كنت بالروح تفتديها وما من
يفتديها بروحه مغبون
لم يضع راحل وفي نفس كل
م بنيها له قرار مكين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> مر في بالنا فأحيانا
مر في بالنا فأحيانا
رقم القصيدة : 54173
-----------------------------------
مر في بالنا فأحيانا
كيف لو زارنا وحيانا
رشأ والنفار شيمته
لا لشيء يصد أحيانا
قد سلا عهده ونحن على
عهدنا لا نطيق سلوانا
نحن أهل الهوى نضام ولا
نسأل العدل من تولانا
آمرات العيون تأمرنا
ونواهي الخصور تنهانا
يعذب الطعن في جوانحنا
إذ تكون القدود مرانا
ونبيح السيوف أكبدنا
إذ تكون الجفون أجفانا
ما لنا غير تلك رائعة
في زمان العزيز ملاونا
في زمان به البلاد غدت
روض أمن أغن ريانا
أمرها في يد الرشيد هدى
وابن عبد العزيز إحسانا
ملك سابق الملوك إذا
كانت المحمدات ميدانا
ماليء من جميل قدوته
كل قلب رضى وإيمانا(45/373)
يبصر الغيب من فراسته
ويعيد العصي قد دانا
آية الحلم في سياسته
أن يرد المسيء معوانا
كل شأن للدهر جاز به
زاده في علائه شانا
يقع الخطب قاسيا فإذا ما تولى مراسه لانا
من كعباس في تفرده
عز نصرا وجل سلطانا
عيدت مصر عيده فجلت
صورا للسعود ألوانا
وتلا الثغر تلوها فعدا
شأوها بهجة وإتقانا
سطعت في الدجى زواهره
تتراءى في اليم غرانا
فإذا بحره وشاطئه
جسم نور أغار كيوانا
أهل إسكندرية شرفا
هكذا البر أو فلا كانا
قد عهدت الخلوص شيمتكم
وكعهدي شهدته الانا
راعني صدقه فخيل لي
أن عين العزيز ترعانا
كلما مرت السنون بكم
زدتمونا عليه برهانا
إن شعبا هذي حميته
لم يضع حقه ولا هانا
دام عباس للحمى أسدا
ولعين الزمان إنسانا
ولديم ذلك الولاء فكم
صان ملكا وسر أوطانا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> مددت طرافك للائذين
مددت طرافك للائذين
رقم القصيدة : 54174
-----------------------------------
مددت طرافك للائذين
عوذت من دهرك العائذين
وأوليت برك من يرتجيه
أبالبر أول ما تشعرين
شعاع الفريدة في المالكات
وبنت المرحب في المالكين
حمى الله دارا إليك اعتزت
وباسمك أصحت حمى المحتمين
تداوي العليل وتأسو الجريح
وتشكي الحريب من المشتكين
وتعنى بعافية المهات
وترعى البنات وترعى البنين
ومن أرشد الرأي ألا تفوت
عنايتتها فئة الوسطين
بمصر الجديدة قد أنشئت
وتشمل جيرانها المعوزين
وإن هي إلا نواة لما
تهيئه نية المحسنين
فبشر أهالي هذي الضواحي
بيقظة أعيانها المصلحين
مقدمهم واسمه وصفه
هو الطاهر الأريحي الرصين
وفي اسم شفيق دليل عليه
ومن مثله ينصر البائسين
وأما رياض ففي نفسه
رياض بأخلاقه يزدهين
له ولأعوانه أي فضل
عظيم فكل بحمد قمين
وكل من الصحب أسدى يدا
فوفى وكل بحمد قمين
مؤسسة وهبت دارها
لها بارك الله في الواهبين
تصرف فيها أيادي الكرام
بقلب عطوف وفكر رزين
سراه الحمى ما أعز الحمى
بكم من دعاة ومن شاهدين
يسر الكنانة إجماعكم(45/374)
وأسمى المنى أن تروا مجمعين
ففي مثل هذا إذا ما بذلتم
فلستم غلاة ولا مسرفين
وخلوا الأولى بخلوا باليسير
فهل بارك الله للباخلين
وآتوا زكاتك عن رضا
تقية غيتائها مكرهين
تقية إنفاق أضعافها
ولا اجر إذ ذاك للمنفقين
إذا استأر المرء بالخير دون
أخيه فذلك رأي الأفين
وإن شقي الناس من حولنا
أفي الحق أنا من الناعمين
أيصلح مجتمع ليس فيه
لمن يستعين به من معين
أما علمتنا الرزايا التي
تصب المنايا على الوادعين
بأنا إذا ما أبينا الزكاة
لم نك في سربنا آمنين
وأنا برحمتنا للضعاف
نكون لنفسنا راحمين
ألا أيها السادة الحافلون
بمفتتح هو فتح مبين
فهمتم زمانكم فاهنأوا
بإقراضكم ربكم عن يقين
مفاخر فاروق في عصره
تجاوز مقدرة المادحين
سواء بقدوته أم بما
يوجه من همم المقتدين
أبر الملوك الأولى حببوا
سجايا الملوك إلى العالمين
وما همه غير إسعاد من
سوس وإصلاح دنيا ودين
فمن منه أخلق في السائدين
بوصف الرشيد ونعت المين
ليكلأه رب العلى وليصن
من الدهر حصن البلاد الحصين
وينم الأميرة فريال في
ذرا أهلها أشرف المنجبين
فتشهد في الغد ما قدمت
من الخير في اوليات السنين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> مليكتانا أدام الله عزهما
مليكتانا أدام الله عزهما
رقم القصيدة : 54175
-----------------------------------
مليكتانا أدام الله عزهما
شمسان اشرقتا باليمن في آن
يوم سعيد جلا للحاشدين به
أسنى الروائع من حسن وإحسان
في موكب من أميرات لاحمى عجب
بكل ما يبهر الأبصار مزدان
وهذه منهما نعمى مجددة
قلوبنا نتلقاها بشكران
يا نخبة يشهدون اليوم حفلتنا
من كل مسعدة أو كل معوان
مجد البلاد وأنتم تنهضون به
موطد بدعامات وأركان
صرح نمى البر مبناه وبانيه
قد بارك الله في مبناه والباني
أقيم لم يدخر فيه الكرام يدا
للشعب مورد تهذيب وعرفان
للإتحاد به مرمى أراد به
رقي أمته في شطرها الثاني
ينشيء الفتيات الصالحات لما
يرجى بها من صلاح الحال والشان(45/375)
وأي نور هدى فيه وظل ندى
تنمو بفضلهما أغراس فينان
حمدا لفاروق من يحصي مآثره
علما وفنا واسبابا لعمران
مليكنا صورة الدنيا وقد حسنت
كأنه ملك في شكل إنسان
بحكمه يسر الله القوى لنا
ما لم ييسر لأقوام وأوطان
فليحيى ذخرا لوادي النيل سيده
وليبلغ الشأو من جاه وسلطان
مؤيدا بقلوب من رعيته
تصفى له الحب في سر وإعلان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> من يبتني للعلم دارا إنما
من يبتني للعلم دارا إنما
رقم القصيدة : 54176
-----------------------------------
من يبتني للعلم دارا إنما
هو يبتني مستقبل الأوطان
اليوم حاجتنا إلى فتياتنا
شرع وحاجتنا الى الفتيان
تهذيبهن متمم تهذيبهم
ورقيهن رقيهم في آن
إصلاحهم إصلاح كل عشيرة
وصلاحهن صلاح كل زمان
وفلاحنا بتكاتف الجنسين في
أدب يزنهما وفي عرفان
يا ربة المنن التي شادت بها
للدين والدنيا ضروب مباني
خلفت بالفضل الذي أسديته
ذكرى مرددة بكل جنان
وفيت يوسف حقه في قومه
من لطف منزلة ورفعة شان
باسميكما توجت في سفر العلى
طرسا خلا إلا من العنوان
ليت السراة تشبهوا بعقيلة
في الخالدين لها أعز مكان
جادت وضنوا أقدمت وتأخروا
جلت وهم في أول الميدان
برت وما بروا بنشء طيب
زاكي النبات إلى الندى ظمآن
أعظم بخطتها الحميدة قدوة
لمن أشترى خلدا بعمر فان
لفريق خير من غوان هن عن
أغلى الحلى بصافتهم غواني
يسعين للفرض النبيل فما ترى
إلا ملائك رحمة وحمنان
أغصان بان لا يميل بها الهوى
للله ميلك يا غصون البان
ولقد يساهرن النجوم لواسجا
دفئا لمقرور الشوى عريان
لو يغتدين موشبات زينة
عجبا تدر القوت للغرثان
كم معهد للبر شادت حوله
أبر رقاق أضخم العمدان
وبأنملات ناعمات أسس
للخير فيه ثوابت الركان
إني أقلب ناظري فما أرى
في محمدات الناس كافحسان
هل يبلغ الإنسان خلق غيره
أعلى الذرى في رتبة الإنسان
للا كفالته وحسن دفاعه
لم يبق تدمير على عمران
ناهيك بالمعروف يجري كالندى
وبه سقاء من بنان حسان(45/376)
وأعزة بين الرجال أفاضل
هم نخبة في الشيب والشبان
يا سمعي صوت الضمير وجل من
داع مطاع الأمر والسلطان
ومهيء سبب لبعض دونه
من صاغ آيات من الشركان
هذي تحياتي إليكم لطفت
فيها العظات بخالصات تهاني
مسك الختام بها دعاء خالص
لكم بعيش رفاهة وأمان
تحيا فريدة عصرها هيلانة
ويعيش كل مؤازر معان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> مولاي دم بين الملوك
مولاي دم بين الملوك
رقم القصيدة : 54177
-----------------------------------
مولاي دم بين الملوك
الأدين رفيع شأن
وولي عهدك في ظلال
أبيه في عز وأمن
ينمو ويأوي منك في
رغد إلى الصدر الحن
هبة من الله الكريم
أتت على قدر التمني
إقبال مولودك السعيد
إقبال عيد واي عيد
كأنه سل من حشانا
ذاك الذي هل من بعيد
هنيئا أيها الملك المفدى
لك الولد الذي توليه عهدا
أهل فكان إقبالا وسعدا
به تزداد إقبالا وسعدا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> مثالي هذا منبىء عن سريرتي شهادته حق علي مبين
مثالي هذا منبىء عن سريرتي شهادته حق علي مبين
رقم القصيدة : 54178
-----------------------------------
مثالي هذا منبىء عن سريرتي شهادته حق علي مبين
حبوت به خلا يوفي بصونه
كرامة ودي والوفي أمين
مشى النور فيه والظلال تحفه
صوادق في التشبيه ليس تمين
دمي منه يجري في الغصون ومهجتي
يحس لها تحت السكون حنين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ما أنس من طيب عيشي
ما أنس من طيب عيشي
رقم القصيدة : 54179
-----------------------------------
ما أنس من طيب عيشي
لا أنس يوم القران
ولا جلال زفافي
وروعة المهرجان
ولا لحاظ لداتي
وقد وددن مكاني
يوم شفى النفس فيه
لقا من يهواني
فليكف الله سعدي
وليرع ما أعطاني
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> نوم مغمض الرأسِ ويمشي في العينين !
نوم مغمض الرأسِ ويمشي في العينين !
رقم القصيدة : 5418
-----------------------------------
- أريدُ أن أستريح(45/377)
وهذا العالم في رأسي !
يا أمي دليني أستريح
- تعال.. نَمْ
- ينامُ المرتاحُ يا أمي
دليني أستريح ،
أيها العالم اخرج من رأسي !
- تعال اغمض عينيك
- وهذا الأعمى يا أمي ، عيناه مغمضتان
أ يمشي الآن برأسِهِ في النوم؟!
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ما بين لصوص ولصوص
ما بين لصوص ولصوص
رقم القصيدة : 54180
-----------------------------------
ما بين لصوص ولصوص
فرق في الأعلى والأدنى
لصغارهم الموت المزري
وكبارهم الشرف الأسنى
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> محمد أني عنك أسأل دائبا
محمد أني عنك أسأل دائبا
رقم القصيدة : 54181
-----------------------------------
محمد أني عنك أسأل دائبا
وما أنت يوما واحدا سائل عني
ولم أدر لي ذنبا إليك اقترفته
فقل يا فدتك النفس ماذا جرى مني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هنيئا لكم أن تسمعوا شعر حافظ
هنيئا لكم أن تسمعوا شعر حافظ
رقم القصيدة : 54182
-----------------------------------
هنيئا لكم أن تسمعوا شعر حافظ
وأن تسمعوا إنشاده الشعر في آن
هما تحفتا دهر ضنين ظفرتما
بكلتيهما من مسعف غير ضنا ن
أحس اختلاجا للمنى في صدوركم
وألمح للآمال إرهاف آذان
يثور بها شوق إلى شدو حافظ
فكيف أليهها بترتيل مرطان
وهل أنا إلا صاحب ومرافق
لضيف جليل أين من شأن هشاني
أعرف نفسي إذ أعرفكم به
وعندكم علم به كفوق تبياني
أفاض على هذي البلاد وأهلها
عوارف لا توفى بشكر وعرافن
وقلدكم من خالدات ثنائه
قلائد من در فريد وعقيان
ومن غانيات لسن في كل موضع
حللن به إلا أزاهير بستان
ألا يا أعزاء الحمى من كهولة
يضمهم هذا المقام وشبان
حملنا إليكم من ديار عزيزة
تحيات إخوان كرام فخوان
وأمنية من ذلك الوطن الذي برحنا بلا كره إلى الوطن الثاني
بأن تبلغوا غايات ما بتغونه
لمتكم من سبط جاه وسلطان
دعاء لهم من حظه مثل ما لكم
كفى جامعا ان المصابين سيان
رعى الله يما في دمشق جلالنا(45/378)
بشائر فجر من صلاح وعمران
ودارا بها للعلم عالية الذرى
وطيدة آساس متينة أركان
ونابته تزهى الشآم بانهم
بنوها إذا باهت بلاد بفتيان
الست ترى المستقبل الحر ضاحكا
بهم عن وجوه كالمصابيح غران
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هذا الرثاء الذي تمليه أشجاني
هذا الرثاء الذي تمليه أشجاني
رقم القصيدة : 54183
-----------------------------------
هذا الرثاء الذي تمليه أشجاني
أخطه ودموعي ملء أجفاني
بيروت ماذا رماني في الصميم وقد
رميت في ملتقى ذكري وتحناني
إن الذي روع الأحباب روعني
يا دار أنسي وما أبكاك أبكاني
تلك النواقيس في قلبي مجلجلة
وللذان صدى مشج بآذاني
بيت هوى بل بيوت أربعون هوت
شتى النواحي دهاها الرزء في آن
تهدمت فأرتنا سوء ما فعلت
بصنعة الله فيها صنعة الباني
يا ويحها من مغان لا غناء بها
كيف العروس معلى منقض أركان
حال اليتامى وحال الأيمات بها
تذكي الأسىف الحشى إذكاء نيران
ضحت ظلال الرجال الكاسبين لهم
وخلفت بعدهم أنضاء حرمان
ومعيلون تلاهو عن شواغلهم
حينا وما الدهر بالاهي ولا الواني
فعوجلوا بالرجى في نكبة عمم
تخرمتهم وما كانت بحسبان
أجرى عليهم قضاء خر كلكله
على نساء ضعيفات وولدان
يا أهل لبنان لا زالت مكارمكم
مجيبة من دعا يا أهل لبنا
في الضير والضيم لم يجهل مبرتكم
ولا مروءتكم عاف ولا عان
تلك القلوب وما أصف معادنها
قد صاغها الله من جود وإحسان
فما أخاف على من ستغاث له
وفيكم كل مسماح ومعوان
هذي على أن وقتي غير ذي سعة
عجالة ليس تعدو بث أحزاني
لو صور الحس معناها لناظرها
تكشف النفس فيها عن دم قان
لم أبغ حثا لإخواني بها وهم
أهل الندى بل كمشكاة فخواني
جزاهم الله خيرا بالذي صنعوا
ويصنعون ولا ريعوا بحدثان قران إميل زيدان بك والانسة روز كريمة المرحوم المحامي الكبير نقولا توما
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هو يوم أغر مبتسم
هو يوم أغر مبتسم
رقم القصيدة : 54184(45/379)
-----------------------------------
هو يوم أغر مبتسم
عن وجو بالبشر غران
رضي المجد ان تزف به
بنت توما إلى أبن زيدان
وردة خير وردة نبتت
نبت حسن في خير بستان
ذات وجه يبدو الذكاء به
وقام كناعم البان
بنت ذاك الذي مفاخره
خلدت ذكره لزمان
كان ملء العيون محمدة
فهو حي بكل إنسان
و إميل زين الشباب إذا ما أزدهى موطن بشبان
جامع النبل والنبوغ إلى
فضل علم وحسن تبيان
نجل ذاك الذي فضائله
أنزلته في اوج كيوان
أرخ الشرق فهو عالمه
وهو معطيه عمره الثاني
هكذا يحسن القرآن وقد
وازنته العلى بميزان
يا عروسان تم سعدكما
لا يشب تمه بنقصان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هدايا الناس من زهر الجنان
هدايا الناس من زهر الجنان
رقم القصيدة : 54185
-----------------------------------
هدايا الناس من زهر الجنان
وما أهديه من زهر الجنان
جميلك سابقوعلي شكر
أجبت غليه قلبي إذ دعاني
وتسعدني السوانح في وفائي
فخواني الكرام وذاك شاني
فمن ممطور ودك في فؤادي
جني هذي التهانيء في التهاني
تدار فما تضن على الندامى
بسر الراح في غر الأواني
أيظفر في الكرائم من حجار
بلطف الحس أو ظرف المعاني
وهل تسمو المصوغات الغوالي
إلى طرق البديع أو البيان
لعرس فتاتك المشهور يوم
غدا بروائه عرس الزمان
على ذكراه تصطفق القوافي
كما اصطفقت بنود المهرجان
أعزة مصر محتشدون فيه
وربات الكمال من الغواني
ويعقد أولياء الله عقدا
يزيد جلاله قدس المكان
يبارك للحجى والطهر فيه
وقد ضمتها حلة الاقتران
تزف إلى نجيب ألمعي
شأى ورهانه اسمى رهان
مليكا ساعة في عرش فأل
أقامته لسعدهما الأماني
تحيط به الحواشيم عذارى
شبائه بالملائكة الحسان
وتكله العناية وهي ترنو
بعين أب على ولديه حان
هناك رأيتتتوفيقا وعهدي
به ثبتا كراسية الرعان
ألان الرفق جانبه وذت
مدامعه الأبية من حنان
فهذا من مواقفه وفيها
ضروب الفخر أشجى ما شجاني
أنادرة الرجال نهى وعلما
ونضجا باليراعة واللسان(45/380)
بلت منك الوزارة لوذعيا
حكيما في الصلابة والليان
حليما ليس تخطيء ناظريه
عواقب ما يعالج أو يعاني
يصرفها بايات اقتدار
لها شهد الأقاصي والأداني
وجردت النيابة منك ننصلا
كليلا دونه النصل اليماني
يحل المعضلات من القضايا
وفيه لنجحها أوفى ضمان
ومحصت التجارب أي ندب
له في كل مفخرة يدان
معر صناعة ومقيل فن
وقوام على أرض وبان
طرائق في سبيل المجد شتى
رفعنك بين أعلام الوان
فإن اقل انفردت فرب زهر
بك ابتدأت وليست بالواني
كواكب بيتكم نسق وأدنى
إلى عيني منها نيران
إذا استوت النجوم سنى وقدرا
فابرز ما نراه ما يداني
ويذكر فرقدا من لا يسمى
وبالأفراد يعني الفرقدان
أعرني بعض ما بك من ذكاء
له لمح الدراري في العنان
ومن خطرات ذاك الفكر تجري
بها الفطرات من تلك البنان
أصرح عن ولاء لم يضره
تقادمه بأبلغ ترجمان
وأبعها شوارد فيك تزري
برنات المثالث والمثاني
مخلدة مناقبك اللواتي
بلغت بهن غاية الافتنان
غرائب في تألفها مثار
فعجاب النفوس والافتنان
إذا ما روضة طابت فحدث
عن الغراس فيها والمجاني
لتكثر في منازلك الدواعي
إلى الأفراح في آن فآن
ودهرك مقبل والعيش رغد
كما تهى وسربك في أمان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هو العيش جهد طائل وفتون
هو العيش جهد طائل وفتون
رقم القصيدة : 54186
-----------------------------------
هو العيش جهد طائل وفتون
وما الموت إلا راحة وسكون
نو بقاء عالمين بما به
وفي كل يوم حسة وأنين
فجعنا بميمون النقيبة أروع
تقر به حين اللقاء عيون
مثال لمن يحيا الحياة كريمة
ويسمو بها عن كل ما هو دون
صفى لمن صافى وفى لمن وفى
غفور لمن يغتابه ويخون
ومهما تكن عند امريء حاجة له
فليس يداجيه وليس يمين
عهدناه لا تلقاه إلا على الرضا
ويخشن آنا دهره ويلين
تزين دنيا الطامعين له المنى
ويأبى له عرض يعف ودين
ولم يك خيرا منه في الصحب صاحب وفي الخدناء الكرمين خدين
وهيهات فيمن عاش برا بأهله
أب عاش برا مثله وقرين(45/381)
أكامل سعد الله أني لجامع
عليك وكم غيري عليك حزين
افي لحظة خلنا بها الدهر مغضيا
وانت مليء بالنشاط تحين
وكان بك التوفيق للعلم والحجى
فمذا دهى التوفيق حينت تبين
أقمت صروحا للثقافة ضخمة
تعان على تشييدها وتعين
لها تستمد البر من كل قادر
وما أنت بالقسط الوفير ضنين
وأنت على المبذول من حر مالهم
ومالهم في النبانين أمين
ومن يك ذا عزم متين فكل ما
تولاه بالعزم المتين متين
مدارس تبني للكنانة فتية
يهذبهم تأديبهم ويزين
وتعني يتعليم البنات عناية
ترقى بها أخلاقها وتصون
أمضك ما كابدته من شئونا
وأكثر هاتيك الشؤون شجون
فما فاتك الصبر الجميل على الأذى
لأنك بالغب الحميد تدين
كخدمتك الوطان فلخدم اللى
رأوا نهضة العمران كيف تكون
إذا الدار هانت من جهالة أهلها
فكل عزيز في الوجود يهون
وهل ترتقي الأقوام ما لم ترقها
علوم وآداب بها وفنون
سلام على مثواك تنشر حوله
مآثرك الكبرى وأنت دفين
بما طبت نفسا عنه مما تحبه
لك الوطن الباكي عليك مدين
ألا أن خطب النيل في يوم كامل
لخطب له في الضفتين رنين
فكم ذارف دمعا وكم صافق أسى
كما يصفق الاراه وهو غبين
وكيف أسى الباكي ولا عوض له
يرجيه والذخر المضاع ثمين
خلا في عيون الناظرين مكانه
ومنزله في الذكريات مكين
أينسى وفي الأعقاب آثار فضله
ستبقى وما للصالحات منون
ففي رحمة الله الكريم مجاهدا
بأوفى جزاء في النعيم قمين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هل في علاقة مصر بالسودان
هل في علاقة مصر بالسودان
رقم القصيدة : 54187
-----------------------------------
هل في علاقة مصر بالسودان
مالا يود دوامه القطران
يا بعثة الشرف التي وفدت وفي
كل القولب لها أعز مكان
لقيتك مصر ما تغالت ملتقى
أم لأيرار من الوعدا
مزهوة بالزائرين أولى التقى
والعلم والإقدام والإحسان
ما قصرت عن واجب تقضي به
لكم الكرامة وهو في الإمكان
ومن افتاحات الجميلة عندها
عودا لرئيس وعودكم في آن
عاد الرئيس محققا آمالها(45/382)
فالعيد في ارجائها عيدان
أرسى بها الدستور واستقلالها
بلغ التمام موطد البنيان
وتفككت أغلالها وتقلصت عنها ظلا البغي والعدوان
ثمرات ما غرست يدا سعد وما
أروت نفوس الشيب والشبان
شهداء لم تعل الذرى اسماؤهم
ودماؤهم في القاع والركان
سقت الغوادي ظامئات خلوعهم
سيبا من الرحمات والرضوان
أحبب بيوم النصر والإخوان في
أفياء سيف النصر يلتقاين
وأعاظم القطرين مجتمعون من
زعماء أو علماء أو أعيان
تجلو الخلاصة من رجالات الحمى
ألطافها لخلاصة الضيفان
في روضة أنف منسقة الحلى
نسقا تقر بحسنه العينان
تتناشد الزينات في إكرامهم
ما ليس ينشد شاعر بلسان
هل في أزارهها وفي راياتها
غلا بديع للنهى ومعان
بين أرتقاص الظل فيها والسنى
وتغازل الأضواء والألولان
مالم يجدنظم القريض أجاده
أو زاد نظم الورد والريحان
مالم يفد لفظ الشفاه أفاده
لظ العيون بافصح البيان
فلتحيا مصر وشطرها سودانها
ولتحيا وحدة مصر والسودان
وليحيا فاروق المليك المفتدى
ويعز تحت لوائه القطران
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ههنا من بني المدور ثاو
ههنا من بني المدور ثاو
رقم القصيدة : 54188
-----------------------------------
ههنا من بني المدور ثاو
كان وجه الدنيا وحسن الدين
للمبرات جنة أرخوها
في ذراها خلود قسطنطين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هنيئا يا ميل فقد تجلت
هنيئا يا ميل فقد تجلت
رقم القصيدة : 54189
-----------------------------------
هنيئا يا ميل فقد تجلت
لفضل الله عندك آيتان
ينال عناية من كان أهلا
وللسمح الكريم عنايتان
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> الماء ليس أكيداً !!
الماء ليس أكيداً !!
رقم القصيدة : 5419
-----------------------------------
الماءُ ليسَ أكيداً
- ليسَ مِنْ ماءٍ به -
ويأتي محمَّلاً بالأخطاء
وقطعاً لا ملامحَ له ،
فخطأُ النهرِ
و ذاهبٌ - لا بدَّ -
في استقصاء السلالة
وخطأُ الرملِ
ولا شكَّ في ضحالتِه(45/383)
وخطأُ الحصى
وينقُرُها العشبُ لإغفاءةِ الطمي
وخطأُ النوارسِ
وتنأى عن حكمةِ الجبل ،
الماءُ ليسَ أكيداً
الماءُ
خطأُ
الأخطاء (!)
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هذا حفيد لفتح الله مولده
هذا حفيد لفتح الله مولده
رقم القصيدة : 54190
-----------------------------------
هذا حفيد لفتح الله مولده
فتح من الله وللاداب والفطن
لما بدا أنشد الإقبال في جذل
تاريخ بولس سام غرة الزمن
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هذي رحاب دياب نشهدنا القرى
هذي رحاب دياب نشهدنا القرى
رقم القصيدة : 54191
-----------------------------------
هذي رحاب دياب نشهدنا القرى
في رسمه الموروث عن عدنان
هي شيمة العرب الكرام وسنة
ماثروة يتعاقب الزمان
يا من شمائله رياض في سامه
قد جمعت كالسفر في عنوان
لله عهدك يا رياض فإنه
عهد ائتناف المجد في لبنان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> وارحمتا لي من صروف زماني
وارحمتا لي من صروف زماني
رقم القصيدة : 54192
-----------------------------------
وارحمتا لي من صروف زماني
انى رمت رامت سهام مكاني
إني لأسأل والرفاق تحملوا
أترى يطيل عذابي الملوان
من مبلغ السلوان مقروح الحشى
سدت عليه مسالك السلوان
منعاك يا عبدالعزيز أمضني
واضاف أشجانا إلى أشجاني
فاجأتني بالنأي قبل أوانه
هل حرقة كالنأي قبل أوان
أتسوء إخوانا ملكت قلوبهم
ظرفا وكنت مسرة الإخوان
رب البيان وأنت بالغ شأوه
أعجزت بالسبق البديع بياني
آدب يخال مطالعو آياته
أن الكلام مثالث ومثان
فقت الذين أخذت عنهم يافعا
وبززت من جلو من الأقران
هذا بإجماع فماذا عارضت
دعوى دعي من سنى البرهان
لا خير في زمن إذا ما طاولت
فيه الصعاد عوالي المران
أحدثت اسلوبا وكنت إمامه
وبقيت فذا فيه ما لك ثان
جمع السهولة والجزالة لفظه
تتخالفان حلى وتأتلفان
ديباجة عربية مصرية
نقشت برائعة من الألوان
من للنوادر تجتني منها النهى(45/384)
ما تشتهي من يطبات مجان
من للبوادر لا يجود بمثلها
قبل الروية أحضر الأذهان
من اللدعابة وهي قد قرنت إلى
حلم الشيوخ تراهة الشبان
إن ثقفت لطفت وفي ضحكاتها
إيماض برق لا انفضاض سنان
نهل تساقاها القلوب فتشتفي
غلل وتفضي للقلوب أمان
بدوات ألبق كاتب زمدث
صافي البداهة بارع التبيان
في جده ومراحه متصرف
بيراعة خلابة ولسان
أخلا من البشري عصر لم يكن
يه على ذاك المثال اثنان
شخص قليل ظله
طاوي الحشى يمشي فلا تتوازن الكتفان
طلق المحيا إذ تراه وربما
نمت بكامن دائه العينا ن
حبت ملامحه بمسحة أدمة
هي من منا إن شئت أو عدنان
وبعارضيه الهابطين ولمة
شعثاء لم تلمم من الثوران
ومضنة يطوي عليها صدره
وكأنه أبدا عليها حان
من ذلك التمثال لاحت للورى
آيات أي حجى واي جنان
حسن المنارة في سطوع ضيائها
لا في زخارفها ولا البنيان
أما خلائقه فقل ما شئت في
جم المروءة راسخ الايمان
ما ضاق صدرا وهو أصدق مسلم
يتخالف الاراء والأديان
نعم الفتى في غيبة أو مشهد
نعم الفتى في السر والإعلان
بالعدل يقضي في الحقوق بوالندى
يقضي حقوق الأهل والجيران
يسعى كأدأب من سعى لمهمة
مهما يجشم دونه ويعان
متشمرا بغدوه ورواحه
عجل الخطى مسترسل الأردان
لو كان ما في جده في جده
لعلت مكانته إلى كيوان
لكنه لم يلف يوما عاتبا
أو طالبا ما ليس في الإمكان
ورعى حقيقة نفسه وأجلها
عن أن تبدل عزة بهوان
ما منصب فوق المناصب أوغنى
فوق المطالب غاية الفنان
مهما يزاول فالكرامة عنده
هي في إجاته وفي الإتقان
ماذا يكون سليل بيت صالح
عالي المنارة باذخ الأركان
الواد الشيخ الرئيس وولده
سرواه في أدب وفي عرفان
صبرا جميلا يا أخاه وأنت من
بحجاه يدرك حكمة الرحمن
كم في القضاء تلوح للفطن الذي ولي القضاء سرائر ومعان
وعزاءكم بيا آله إن الذي
تبكونه في نعمة وجنن
وعزاءكم يا معجبين بفضله
فيما دنا وناي من الأوطان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ولو المدينة وجهكم ودعوني(45/385)
ولو المدينة وجهكم ودعوني
رقم القصيدة : 54193
-----------------------------------
ولو المدينة وجهكم ودعوني
أنا في هواي وعزلتي وجنوني
عودوا إلى البلد الأمين وغادروا
بلدا لبعد الناس غير أمين
عودوا إلى حيث النمائم والأذى
ولاعيش بين وساوس وظنون
حيث الرذائل في مرافل عزة
حيث الفضائل في غلائل هون
حيث الضيافة للنزيل المترجى
ما شاء حتى العرض حتى الدين
حيث التجارة بالوداد وبالقلى
وبكل رأي في الحياة أفين
حيث المصون هو الحطام المقتنى
وفاف ذات الخدر غير مصون
حيث المسيء إلى أخيه بمنه
طاوي الضلوع على ندى ممنون
حيث الفتى كالشيخ يحني راسه
ويرى الحقيقة رؤية التخمين
بادي الهموم ولا هموم وإنما
هن البقايا من طلا ومجون
تلك الحضارة لا أحب خلاقها
وأرى محاسنها شباك فتون
ماذا دهاني في اختباري أهلها
من كذب آمالي وصدق عيوني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> أمن الفساد طغيت نهر السين
أمن الفساد طغيت نهر السين
رقم القصيدة : 54194
-----------------------------------
أمن الفساد طغيت نهر السين
أم لست في دنيا ولا في دين
لعب تلاعبه الهيولى جائحا
بالنار أو بالماء أو بالطين
تلك المياه تجمعت وتدفعت
عن دجن أخلاف ودكن عيون
طمت فمت بالبوار ولم تذر
حقل الفقير ولا حمى المسكين
خرساء أو هدارة في سيرها
جرافة بالعنف أو باللبن
حتى إذا ضاق العقيق وضمها
سدان من صخر أصم متين
جست أساهما تعالج نقضه
فعصى فمتر باصطحاب جنون
وتراكبت لتنال من أعلاهما
تفدكه خلوا من التمكين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> وارحمتناه قد قضى
وارحمتناه قد قضى
رقم القصيدة : 54195
-----------------------------------
وارحمتناه قد قضى
ذاك المحب المين
مات وفي صدره
رائحة الياسمين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> وليدة دعا المحيون بأن
وليدة دعا المحيون بأن
رقم القصيدة : 54196
-----------------------------------(45/386)
وليدة دعا المحيون بأن
تحيا ويحيا آلها سنينا
قرت عيون المجد في تاريخها
الطفلة الغراء مادلينا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا ابن لبنان عد إلى لبنان ط
يا ابن لبنان عد إلى لبنان ط
رقم القصيدة : 54197
-----------------------------------
يا ابن لبنان عد إلى لبنان ط
نازلا منه في اعز مكان
مصر تهدي إليه من هو أهداه
غليها تهادي الخصان
ليس بدعا وفي القلوب صفاء
ما يرى من تفارض الجيران
ساء هجرانك الرفاق ولكن
ليس بين القطرين من هجران
وطن واحد وتجمعه الضادظ لمغزى في لفظه الوطان
فتيمم تلك الربى والق من منحضهم
ودنا من الإخوان
واستزدهم ما تستزاد قواهم
من تبار في حبها وتفان
لا يكن بينكم لخدمتها غير
الوفي السميذع المعوان
فزعت أمة إليك فنب عنها
وقرب لها بعيد الماني
وأبتغ الخير ما استطعت سبيلا
واحم ذاك الحمى من العدوان
وتوخ الرأي السديد على ما
دون تسديده الضمي يعاني
ذاك حوض فداه كل نفيس
فافده بالفؤاد قبل اللسان
كافح الخصم دونه وادرإ الباطل
عنه بقوة البرهان
رب قول يصاغ من ذوب قلب
صهرته حرارة الإيمان
لست أوصيك كيف يوصي حكيم
وله دان ذانك الأصغران
يا طبيب الأبدان تهنيء من أرشدت
أو عدت صحة الأبدان
يا خطيبا يقوم الدهر منادا
ويثني شكيمة الحدثان
يا أديبا إلى النفوس يؤدي
بأرق الألفاظ أخفى المعاني
يا صديقا حرمان أصحابه الانس
بلقياه غاية الحرمان
كان للنأي في النفوس انقباض
بسطته يد لهذا الزمان
كل قاص دنا بما أبدع العلم
إلى أن تلامس القطبان
واستطاع الناؤون بينهما أن
يتلاقوا تلاقي الطفان
اغلي البعد في المسافة إلا
من جنان وقد نبا بجنان
سر تسايرك للعناية عين
ملئت من رعاية وحنان
فإذا ما تيت بيروت واستشرفت
آيات حسنها الفتان
في جنان لعلها الصورة الصغرى
تراءت لخالدات الجنان
فتفقد سفحا فخورا تووارى
تحت حان من سرحه شاعران
لاحق بعد سابق وهما في السن
تربان والحجى ندان
كابدا في الحياة ما كابداه(45/387)
واستقرا بدنيهما الرمسان
حي إلياس حي طنيوس حيث
اللمعيان في الثرى جاران
وابتعث خافقيهما من سكون
بعد صوت دوى به الخافقان
ثم روحهاما بنافحة من
روض مصر زكية الأردان
قل وحق الوفاء لسنا بسالين
وما وحشة سوى السلوان
شد ما نحن واجدون من التبريح
هل مثل وجدنا تجدان
أبقلبيكما من الشوق باق
فاشفياه بدمعنا الهتان
يا نقولا عش للفصاحة والشعر
وللعلم والحجى والبيان
لا حرمنا أنوار مرقمك الهادي
وأنغام صوتك الرنان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا مصر أنت الهل والسكن
يا مصر أنت الهل والسكن
رقم القصيدة : 54198
-----------------------------------
يا مصر أنت الهل والسكن
وحمى على الأرواح مؤتمن
حبي كعهدك في نزاهته
والحب حيث القلب مرتهن
ملء الجوانح ما به دخل
يوم الحافظ وما به دخن
ذاك الهوى هو سر كل فتى
منا توطن مصر والعلن
هو شكر ما منحت وما منعت
من أن تنغص فضلها المنن
هو شيمة بقولبنا طهرت
عن أن تشوب نقاءها الظنن
أي الديار كمصر ما برحت
روضا بها يتقيد الظعن
فيها الصفاء وما به كدر
فيها السماء وما بها غصن
مصر التي ليست منابتها
خلسا وما في مائها أسن
مصر التي أبدا حدائقها
غناء لا يعرى بها غصن
مصر التي أخلاق أمتها
زهر سقاه العارض الهتن
مصر التي أخلاقها حفل
ويدر منها الشهد واللبن
كذب الأولى قالوا محاسنها
توهي القوى وجنانها دمن
فهي التي عرفت مروءتها
أمم ويعرف مجدها الزمن
وهي التي أبناؤها شهب
عن حق مصر ما بها وسن
يذكو هاها في جوانحهم
كالجمر مشبوبا وإن رصنوا
هم وارثوا آلامها وبهم
سترد عن أكنافها المحن
صحت عقيدتهم فليس تهي
في حادث جلل ولا تهن
لله وثبتهم إذا استبقت
فيها النهى وتبارت المنن
داعي المبرة والوفاء دعا
فأجابت العزمات والفطن
صوت من الوادي تجاوب في
ترديده الأسناذ والقنن
روح البلاد تنبهت فجى
ما أكبرته العين والأذن
جرت المسالك بالرجال وقد
غمرت بهم رحباتها المدن
جري الأتي يفيض منطلقا(45/388)
من حيث يطغى وهو مختزن
من كل مدثر بثوب هدوى
لدياره أو ثوبه الكفن
رهن الحياة بعزها فإذا
هانت فما لحياته ثمن
ساد الإخاء على الجموع فلا
رتب تميزها ولا مهن
فرق تقاربت القلوب بها
وتناءت البيئات والسن
لا جنس بل لا دين يفصلها
والخلف ممدود له شطن
ألإلف والسلم الوطيد يرى
حيث الحفائظ كن والفتن
فإذا بدا فيم وقف ضغن
لم يعد رأيا ذلك الضغن
الشعب إن يصدق تكافله
ببلوغ غايات العلى قمن
كل يقول وما بمقوله
كذب وما في قلبه جبن
يا أيها الوطن العزيز فدى
لك مالنا والروح والبدن
منك الكرمة والوجود معا
فإذا استعدتهما فلا حزن
حييت يا صلة مباركة
شدت ولن يلفى بها وهن
اهلا برهط الفضل من نجب
بهم التقى والعلم واللسن
بالناصحين ونصحهم بلج
بالناهجين ونهجهم سنن
خير الدعاة الى الوفاق على
ما يقتضيه الشرع والسنن
جادوا بسعي لا يوازنه
بالقدر حمد جل ما يزن
بجميل ما صنعوا وما رفعوا
فاز الوئام وخابت الإحن
حكماء إن عرضت لأمتهم
حاج فهم لأدقها فطن
الأزهر الزهى له منن
عظمت وهذي دونها المنن
فلتحيا مصر وتحيا أمتها
ولترق أوج السعد يا وطن
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا صورة شبهت صخرا بإنسان
يا صورة شبهت صخرا بإنسان
رقم القصيدة : 54199
-----------------------------------
يا صورة شبهت صخرا بإنسان
في روعة ملأت قلبي وإنساني
لا وجه أبهى ولا أزهى برونقه
من وجهك النضر في منحوت صوان
من المليك الذي تثني جلالته
عنه ويمضي فما يثنيه من ثان
هذا فتى النيل ذو التاجين من قدم
هذا فتى مصر راعمسيس الثاني
سيزستريس الذي دان العتاة له
من قوم حث ومن فرس ويونان
إن قصر الجيش أغرى الرأي أمكنه
ما فاز خاتلها منها بإمكان
ممنون مردي العادي غير محتشم
بطشا ومسدي الأيادي غير منان
مستقبل الشمس عبر النهر ما طلعت
صبحا براس من الجلمود رنان
أناظر أنت لما هم كيف خطا
من الصفا غير معتاق ولا عان
هو المضاء تراءى فاستوى رجلا
هو الإباء رعى ضعفي فحياني(45/389)
قاربت سدت العيا على وجل
ولم أخله يناجيني فناجاني
تراه عيناي مغضوضا لهيبته
طرفاهما وتراني منه عينان
ارابني أنني قبلا بصرت به
محنطا مدرجا في سود أفان
أكبر برمسيس ميتا لن يلم به
موت وأكبر به حيا إلى الان
تقوض الصرح فيما حوله ونجا
على التقادم لم يمسس بحدثان
لولا تماثيله الخرى محطمة
ما جال في ظن فان انه فان
في مصر كم عز فرعون فما خلدوا
خلوده بين أبصار وأذهان
ولم يتم لها في غير مداته
ما تم من فضل غثراء وعمران
ولم يسر ببنيها مثل سيرته
ساع الى النصر لا ساه ولا وان
من منتهى النيل في أيامه استعت
إلى أعاليه في نوب و سودان
ومن علي الذرى في الطور عن كثب
إلى قصي الربى في أرض كنعنان
في ارض كنعان إلا أن عسكره
أحس ما بأس شعب غير مذعان
أعاد كراته فيها وعاد على
اعقابه بعد إيقال وإمعان
فما يرى نقعه وهو الضباب علا
تلك الربى فدحاها دحو قيعان
حتى تهب به ريح فترجعه
عنها عثورا بأذيال واردان
وتبرز القمم الشماء ذاهبة
في الأوج تحسبها أجزاء أعنان
مغسولة بدماء الفجر طالعها
من أدمع القطر ذر فوق مرجان
سفوحها حرة والهام مطلقة
وكل عان بها بعد الأسى هاني
وموقع الذل ناء عن أعزتها
كموقع الظل عن هامات لبنان
لكنما الخلف في الجارين صار إلى
حلف وأدنى الى الصلح الأشدان
وإن خيرا حليفا من تروض به
صعبا وتوليه ودا بعد عدوان
تصافيا فصفا جو العلى لهما
وطوعا ما عصى مما يرومان
وطالما كان ذاك الإلف بينهما
على صروف الليالي خير معوان
في مبدإ الدهر والأقوام جاهلة
زها بمتبكرات العقل عصران
عصر بما ابتدع الفينيق واخترعوا
فيه له فضل سباق ومسحان
وعصر مصر الذي فاقت روائعه
آي الأجدينمن فخم ومزدان
مما توالت على الوادي به حقب
زينت حواشي الصفا منه بأفنان
حضارتان سما شأو النهى بهما
افادتا كل تثقيف وعرفان
وباتحادهما في الشأن من قدم
ما زال يرتبط الأسنى من الشان
يا مجد رمسيس كم أبقيت من عجب
فيه ومسألة عنه لحيران(45/390)
أبغض به في العدى من هادم حنق
وحبذا هو للتاريخ من بان
عالى الصروح كما وغلى الفتوح بلا
رفق بقاص ولا عطف على دان
أكان منزله في المجد منزله
لو رق قلبا لشيب أو لشبان
أم كان ما أدركت مصر على يده
ذاك المقام الذي أزرى بكيوان
تخير الخطة المثلى له ولها
يعلو فتعلو به والخفض للشاني
ما زال بالقوم حتى صار بينهم
غله جند تحابيه وكهان
ورب سائمة بلهاء هائمة
تشقى وتهواه في سر وإعلان
يسومنها كل خسف وهي صابرة
لا صبر عقل ولكن صبر إيمان
ألا وقد بلغت في الخافقين به
مكانة لم تكن منها بحسبان
إن باب في حجب باءت إلى نصب
يلوخ منه لها معبوده الجاني
فبجلت تحت تاج الملك مدميها
وقبلت دمها في المرمر القاني
واليوم لو بعثت من قبرها لبدا
لها كما خبرته منذ أزمان
ما زال صخرا على العهد الذي عهدت
بلا فؤاد وإن داجي بجثمان
مسخرا قومه طرا لخدمته
وما بغى رب سوء محض إحسان
مخلد المجد دون القائمين به
من شوس حرب وصناع وأعوان
مخالسا ذمة العلياء مضطجعا
من مهد عصمتها في مضجع الزاني
بحيث آب وكل الفخر حصته
ولم يؤب غيره إلا بحرمان
كم راح جمع فدى فرد وكم بذلت
في مشترى سيد أرواح عبدان
لموقع الأمر فيهم كل تكرمة
ومنفذ الأمر فيهم كل نسيان
كلا وعزته فيما طغفى وبغى
وذل من قبل الضيزى بإذعان
هم الذين على عسر بمطلبه
قد أسعوفه بأموال وفتيان
وهم على سفه دانوا بمن نصبوا
فخولوه مدينا حق ديان
فيم الأولى صنعوا أنصابه درست
رسومهم منذ باتوا رهن أكفان
وما لأسمائهم دون اسمه دفنت
شعثا منكرة في رمس كتمان
إن يجهل الشعب فالحكم الخليق به
حق العزيزين من وال وسلطان
أو يرشد الشعب يمس الأمر في يده
ولا اعتداد بأملاك وأعيان
ليت البلاد التي اخلاقها رسبت
يعلو بأخلاقها تيار طغيان
النار أسوغ وردا في مجال على
من بارد العيش في أفياء فينان
أكرم بذي مطمع في جنب مطمهعه
ينجو الأذلاء من خسف وخسران
يهب فيهم كإعصار فينقلهم
من خفض عيش إلى هيجاء ميدان(45/391)
بعض الطغاة إذا جلت إساءته
فقد يكون به نفع لوطان
في كل مفخرة تسمو الشعوب بها
تفنى جموع مفاداة لأحدان
كم في سنى الكوكب الوهاج مهلكة
في كل لمح لأضواء وألوان
لم ترق حقبة مصر كما رقيت
في عصره بين أمصار وبلدان
لما رمت كل تاني الشوط ممتنع
بسابقين الى الغايات شجعان
ألا ترى في بقايا الصرح كيف مضوا
بأوجه باديات البشر غران
هم الذين على عسر بمطلبه
قد أسعفوه باموال وفتيان
وهم على سفه دانوا بمنن نصبوا
فخولوه مدينا حق ديان
فيم الأولى صنعوا أنصابه درست
رسومهم منذ باتوا رهن أكفان
وما لأسمائهم دون اسمه دفنت
شعثا منكرة في رمس كتمان
إن يجهل الشعب فالحكم الخليق به
حق العزيزين من وال وسلطان
أو يرشد الشعب يمس الأمر في يده
ولا اعتداد بأملاك وأعيان
ليت البلاد التي اخلاقها رسبت
يعلو بأخلاقها تيار طغيان
النار أسوغ وردا في مجال على
من بارد العيش في افياء فينان
أكرم بذي مطمع في جنب مطمعه
ينجو الأذلاء من خسف وخسران
يهب فيهم كإعصار فينقلهم
من فخض عيش غلى هيجاء ميدان
بعض الطغاة إذا جلت إساءته
فقد يكون به ننفع لأوطان
في كل مفخرة تسمو الشعوب بها
تفنى جموع مفاداة لحدان
كم في سنى الكوكب الوهاج مهلكة
في كل لمح لأضواء وألوان
لم ترق حقبة مصر كما رقيت
في عصره بين أمصار وبلدان
لما رمت كل تاني الشوط ممتنع
بسابقين غلى الغايات شجعان
ألا ترى في باقيا الصرح كيف مضوا
باوجه باديات البشر غران
وكيف عادواو رمسيس مقدمهم
إلى الربوع بأوساق وغلمان
فبعد أن صال بين المالكين بهم
صار الكبير المعلى بين أوثان
بالمس يدنيه قربان لآلهة
واليوم يأتيه أرباب بقربان
إن يغد ربهم العلى فلا عجب
هل من نظام بلا شمس لأكوان
جهالة ولدت فيها قرائحهم
ضروب نحت وتصوير وبنيان
مما لو ساتطلع الراني نفائسه
لما انقضى عج المستطلع الراني
في كل منكشف كنز ومستتر
مظنة لخبايا ذات أثمان
آيات مقدرة جلت دقائقها
شأي بها كل قوم قوم هامان
تقادم العصر الخالي بها ولها(45/392)
تم الجديدين من حذق وإتقان
لم يعتور مجدها مهدوم أروقة
ولم يذلك فنها مهدود أركان
وراض كل أبي هول بها حرد
دمى تهاويلها آيات إحسان
وزاد روعتها أنقاض آلهة
فيها حوان على أنقاض تيجان
سجود ما كان مسجودا له عظة
في نفس كل لبيب ذات أشجان
ورب رزء بآثار أشد أسى
منه ملما بأشخاص وأعيان
والتاج أشجى إذا ما نفض عن صنم
منه إذا ما هوى عن راس إنسان
بيت عتيق يرى فيه الكمال على
ما شابه الآن من أعراض نقصان
حججته وبه من طول مدته
وفضل جدته للطرف حسنان
ما زال والدهر يطويه وينشره
يزهى جلالا رواقاه المديدان
في النقش منه لهل الذكر قد كتبت
آيات ذكر بإحكام وتبيان
تنزلت صورا واستكملت سورا
في مصحف من دعامات وجدران
شاقت بفتنتها الأقوام فاقتبسوا
منها اصول حكومات وأديان
ومن حلاها استمدوا كل تحلية
بلا محاشاة إغريق و رومان
هذا هو المجد نفنى والبقاء له
على تعاقب أجيال وأزمان
تاريخ مصر و رمسيس فريدته
عقد من الدر منظوم بعقيان
ما مثله في طروس الفخر من قدم
طرس من الفخر أوعى كل عنوان
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> مردخاي
مردخاي
رقم القصيدة : 542
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سمعتوا قصة مردخاي .. ؟!
من زمان قالوا لخوكم مردخاي
" مردخاي هذا زمانك جاي "
شفت هالخوان قاتلهم .. خذ أرضهم .. اهدم منازل بعضهم .. وشردهم
غير معالم ارضهم . .واطمس ملامحهم ..فرقهم وتصير سيدهم !!
وامسك بتلمودك ودينك .. وبعّثر مبادئهم
وبعد ماتزرع بذور الحقد فيما بينهم .. وتحصد مشاعرهم
قد ماتقدر حيد اكبرهم .. رد له كامل حقوقه
واعزف على اوتار فرقتهم
واضرب أغناهم بـ افقرهم
حاربهم بهم .. واشعل معاركهم
وبعد مايستنزفوا قوة بعض ..
خذ مابقى منهم .. وفاوضهم
فاوضهم على الفتات ..
واذا عطوك حق الفتات .. رجع لهم ربعه
وسالمهم
هذي قصة مردخاي سيد الزمان الجاي
عاجبكم ؟!
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> مضحك هذا اللون !(45/393)
مضحك هذا اللون !
رقم القصيدة : 5420
-----------------------------------
هاه هاه هاه
مضحكٌ هذا اللون
ساهٍ وشهيّ
يتبلّرُ في زهوٍ هفهاف
سادرٍ وعفِيّ
..
نديٌّ هذا اللون
لامعٌ شفّاف
كمسيلِ الضوء الأحمر
فوق شفاهٍ قرمزية
هاه هاه هاه
مبهِجٌ جداً
وفاتنٌ حدّ الصعق
مُترَفٌ بالغرور
ومتطامِنٌ بالكبرياء
..
مضحكٌ هذا الجوّ
لن أخرج منه الآن..!
..
قبل انكسارٍ واحد
كان هنا - يدورُ حول السرّ
وبعد التوحّش الأخير
تأبّطَ ماء العين وانتعلَ نيروز الغواية
مدهشٌ هذا اللون
له انسرابُ الذهول في حنايا عذراء
داهمها غيثُ الهطول
وقتَ الفجأة
..
رخيٌّ هذا اللون
له انسكابُ اللظى على شفتَي بركان
وانحسارُ سهو الماء عن ضفّة ساحل
هاه هاه هاه
باهظٌ جداً
أن يميهَ السهلُ بالصعب
ويدورَ الحدُّ حول الحدّ
لكنني سأخالجُ الملوحة
وأتنكّبُ العميق
..
هو ذا ،
الكُحْلُ المتولِّهُ بنرجس العيون
الفستقُ - عطرُ الليمون
والرمادُ المُوغِلُ في حمأة الزفرات
هو ذا ،
التمهّلُ / الدنوّ / قضمُ الارتباك
والشهدُ المتقطِّرُ في أوصال الوهلة
حين يلبسُني حريرُ حضورك ،
احتشادُ مُبهِر وتراصٌّ مهيب
هذا اللونُ له تناقضُ التكوين
والتوتّرُ المحموم حين أتكوكبُ
في رجفتك
..
هذا اللونُ فستقي
لكنه رغم طزاجته
هاه هاه هاه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا عبرة الدهر جاوزت المدى فينا
يا عبرة الدهر جاوزت المدى فينا
رقم القصيدة : 54200
-----------------------------------
يا عبرة الدهر جاوزت المدى فينا
حتى ليأنف أن ننعاه ماضينا
فالسهل قد دفنت فيه معاقلنا
والبحر قد فقدت فيه جوارينا
وانثل من عزنا ما عز مطلبه
واندك من مجدنا ما شاد بانينا
وعد ذنبا علينا ما يشرفنا
وعد رفع لنا ما بات يدنينا
فاز القوي علينا في تضاؤلنا
والحق أعلى ولكن ليس يغنينا
لا فخر أن يغلب الأقوى مناضلة
بل أن يدين ضعيف مثلما دينا
يا دهر إن كنت لم تمهل شبيبتنا(45/394)
حتى ادلت انحطاطا من معالينا
فأنت خير مرب للأولى جهلوا
كجهلنا ان ترك الحزم يشفينا
فزد مصائبنا حتى تنبهنا
تكن حياة لنا من حيث ترينا
هم سقوا بدم الأكباد عزمهم وبات في صدإ العماد ماضينا
فلم تجئهم علاهم من شوامخهم
ولم يجيء خفضنا من خفض وادينا
كانت عمالتنا الدنيا باجمعها
والقول والفعل في الأقطار ماشينا
إذا التي أرضعتها ذئبة فإدت
روما تصدت تبارينا فتبرينا
حتى رمتنا بداهي الظفر طاغية
فتى دهاء وبأس جاء يفنينا
في فتية من بني الرومان قد ألفوا
نار الوغى فحكوا فيها الشياطينا
أردوا عساكرنا أخلو دساكرنا
هدوا منارنا طاغين باغينا
ولم يكن جندنا إلا قساورة
أبلوا بلاء الصناديد الأشدينا
لكن صرفا من المقدور غالبهم
فما نجا منهم غير الأقلينا
ما بالنا بعد أن دكت مدينتنا
وامتد حكم العادي في نواحينا
صرنا حيارى سكارى من تخاذلنا
وأسعفتهم يدانا في تلاشينا
وأصبحت دارنا والكون تابعها
مثوى لهم ومواليهم موالينا
تالله ما غلبونا حيث باسلنا
قضى قتيلا ونالوا من نواصينا
لكنهم غلبونا حين ملكهم
أزمة الأمر شادينا وراضينا
فما هم بأعادينا
خلائقنا هي التي أصبحت أعدى أعادينا
أليوم روما هي الدنيا وصولتها
تنافس الأرض توطيدا وتمكينا
وما أثنية إلا معقل خرب
نجيل أصفادنا فيه مذالينا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يوم أثار كوامن الأشجان
يوم أثار كوامن الأشجان
رقم القصيدة : 54201
-----------------------------------
يوم أثار كوامن الأشجان
وأدال للذكرى من السلوان
لأيا يثاب به فقيد لم يكن
في قومه ليثاب بالنسيان
ذاك الذي أذكى عوائمهم وقد
خست فجرأها على الحدثان
ما شئت إطراء فقل فيه وفي
أصحابه الصيابة الشجعان
سعد وعدلي وثروت والولى
درجوا من الزعماء والأقران
كل قضته مصر حق وداعه
بمخلدات الذكر في الأذهان
إلا الذي لم يتخذ ذخرا له
من صولة سلفت ومن سلطان
رشدي وكان الحول دهرا حوله
والمال لو يبغيه طوع بنان(45/395)
أمسى رهين قرارة مقرورة
وبنوه في حرب وفي حرمان
عقبى نزاهته وليست تستوي
في الناس عقباها بكل مكان
رشدي وهل ينسى لرشدي قومه
حسن البلاء وقوة الإيمان
إذ راح يبذل في الطليعة نفسه
لنجاتهم من ذلة وهوان
محض البلاد هواه غير مساوم
مهما يكابد في الهوى ويعاني
وبقلبه لولا أعادي قومه
لم تتقد يوما لظى شنآن ولطالما لقي الأذى متغمدا ذنب المسيء إليه بالغفران
من مثله ولي المور فساسها
بالحزم والإقدام والعرفان
متصرفا فيها تصرف عادل
صافي السريرة طاهر الإعلان
ماذا أعدد من شمائل حلوة
وفضائل هي فوق كل بيان
وجمال نفس حرة ما عباها
إلا تنزهها عن البهتان
تجني صراحتها عليه وإنما
خبث اللثام على العزة جان
هي شيمة الأحرار من قدم وكم
جارت عليها شيمة العبدان
يعني مقالته ولا تلفيه في
حال يغم عليك ما هو عان
تأبى له الروغان شيمته ولا
يطلى المحال عليه بالروغان
يا من برفعة شأنه بلغ الذرى
واداد بالخلاق رفعة شان
رد في النعيم ثواب ربك خالدا
متمتعا باعفو والرضوان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يفسح الراحلون للقادمينا
يفسح الراحلون للقادمينا
رقم القصيدة : 54202
-----------------------------------
يفسح الراحلون للقادمينا
احسن الله حظم يا بنينا
إحفظوا غيبنتا وأغضوا عن التقصير
منا في شوطنا اسبقونا
نحن لم نخترع جديد المعاني
وغلونا في لفظها تحسينا
فتح الفن كل باب حديث
وعلى عهده العتيق بقينا
فخذو انتم من العلم ما أعطى
قوولا الطريف قولا مبينا
لغة الضاد لا تضن عليكم
إن جددتم بكل ما تبتغونا
كل يم يصيب في منجم منها
الأجيب الريب كنزا دفينا
أخذ الغرب من مغوصنا الدر
وفي صوغه أجاد الفنونا
وهو يأبى الجمود يوما فما للشرق لا يسأم الجمود قرونا
فكروا فكروا مليا مليا
واستقلوا بوحيكم راشدينا
واستمدوا هدى سجيتكم واتخذوها لكم نصيحا أمينا
فإذا ما انشأتم فاخلقوا خلقا
تكونوا حقيقة منشيئنا
ذاك ذاك التجديد لا فعل من يمكن(45/396)
في مقعل القديم سجينا
لا ولا خلط من إلى الفضل يعزو
خلطه بالفصاحة التهجينا
أيها الشاعر الفتى عش وزدنا
مبدعات على توالي السنينا
وليكن فوزك العتيد لما يتلو
من الفوز طالع ميمونا
أحمس الأول ابتداء جميل
أطرب السامعين والناظرينا
سقت فيه طرد الرعاة مساقا
زاد جيد البيان عقدا ثمينا
وبعثت الأشخاص بعثا عجيبا
وسبكت الأغراض سبكا رصينا
وأمطت الحجاب عن أي سر
كان في مهجة الفخار مصونا
بين نثر لا عيب يه وشعر
مثل ما تشتهي المنى أن يكونا
كلم من تخطف البرق يسبقن
إلى موقع الجمال الظنونا
أساليب في الرواية يحدثن
سرورا وقد أسلن الشؤونا
وحوار يبلغ العظة المثلى
من الأولين للآخرينا
وختام تضوع المسك منه
بعبير أضاعه الدهر حينا
قد سممنا لحب طيبة فيه
نفح طيب أذكى الحمية فينا
إن تكن هذه روايتك الأولى
فما الظن باللواتي لينا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا عائدا برعاية الرحمن
يا عائدا برعاية الرحمن
رقم القصيدة : 54203
-----------------------------------
يا عائدا برعاية الرحمن
ألنيل راض عنك والهرمان
أقبلت موفور السلامة فائزا
والموت ينظر نظرة الخزيان
من جانب البحر المهيج تجوزه
في الجو أو من جانب البركان
لله درك من جريء حازم
لا مبطيء سفها ولا عجلان
ود الحمى لو يقتفي آثاره
جيش من البلاء في الفتيان
أثبت والفلك الضعيفة مركب
ما يستطاع بقوة الإيمان
صدق العزيمة واليقين إذا هما
وفرا فأقصى ما يؤمل داني
في مصر عيد للنبوغ تقيمه
للخالدين ولا يقام لفاني
أضحت وحاضرها كما أقررته
تستقبل الأيام باطمئنان
وتلفت الماضي إليك محييا
أملا به المجدان يلتقيان
للملك في ذمم المفاخر والعى
عوض كفالته على الشجعان
اليوم تخدو في العرين أسوده
والنصر بين مخالد العقبان
في الحرب أو في السلم لا تقضي المنى
إلا وساعات الكفاح ثوان
صدقي تلاه أحمد ويليهما
سرب البزاة يجوب كل عنان
إني لمحت هلالناو انما
ي بدو عليه تلهب الظمآن(45/397)
لو كان شاهده أخوه لراعه
بجمال غرته الهلال الثاني
أيعود في رايات مصر وظله
فرق القى يمشي بلا استئذان
ونراه كالعهد القديم مصعدا
ونرى لديه تطامن البلدان
أهلا بأمهر فارس مترجل
عن مصعب يرتاض بالعرفان
خواض أجواز العنان ممانع
غير النهى عن أخذه بعنا
فرس كما حلم الجدود مجنح
قد حققته يقظة الأزمان
يدعو الرياح عصية فتنيله
أكتافها بالطوع والإذعان
يسمو فتتضع الشوامخ دونه
حتى تؤوب بذلة الغيطان
ويجول بين السحب جولة ممعن
في الفتح لا يثنيه عنه ثان
فإذا منائرها عوائر بالدجى
وبحارها ينضبن من طغيان
وإذا قراها العامرات وروضها
يقوين من حسن ومن عمران
وإذا مناجم تبرها وعقيقها
مهدودة مشبوبة النيران
وإذا الصنوف الكثر من حيوانها
صور منكرة من الحيوان
وإذا عوالم ليس منها باقيا
إلا اختلاط أشعة ودخان
هذي ألاعيب الخيال وصفتها
بضروب ما تتوهم العينان
ومن المخاطر ما يفوق بهوله
ما تخطر الأوهام في الأذهان
من الكمي بها وضرى طرفه
بالوثب فوق حبائل الحدثان
حتى إذا ما جال غير مدافع
او عام بين الليث والسرطان
ألوى يحط فيما يقول شهوده
إلا جلال النسر في الطيران
فإذا دنا خلوه عرشا قائما
شدته أملاك بلا أشطان
فإذا جرى ثم استوى فوق الثرى
ظهرت لهم أعجوبة الإنسان
شوق دعا فاجبت لا تلوي بما
تسام من رجائه وتعاني
وأحس بالوجد الذي حملته
متن الأثير فشع بالتحنان
ماذا عراك وقد نظرت محلقا
وجه الحمى بجماله الفتن
فبدا لك القطر العظيم كرفعة
خضراء لا تعدو مدى بستان
وجلال لك الريف الحلى ممزوجة
بالظاهر الخافي من الألوان
في مصر و الإسكندرية والقرى
خف الورى بتعدد السكان
أنظر إلى أجدادهم وكهولهم
أنظر الى الفتيات والفتيان
أنظر الى البادين والخضار في
حلباتها استبقوا لغير رهان
خرجو ليستجلوا طليعة مددهم
في ركبه المحفوف باللمعان
وليكحوا هدب الجفون بإثمد
من ذر ذاك المرود النوراني
وليبلغوا شكر الحمى ذاك الذي(45/398)
أعلى مكانته إلى كيوان فالأرض هامات إليك توجهت ونواظر نحو السماء روان
أشعرت والنسمات ساكنة بما
لقلوبهم في الجو من خفقان
وعرفت في إكرامهم لك منتهى
ما بلغ الإسداء من عرفان
نزلت سفينتك الصغيرة من عل
تزجي برحمة ربك المنان
كلا ولا يلجا لرجاء ولوجها
في كل جانحة وكل جنان
لا يأخذ الأبصار نور هابط
متوانيا كهبوطها المواني
لقيتك حاضرة البلاد لقاءها
لجل ذي حق على الأوطان
واستقبل الثغر الأمين نزيله
ببشاشة المتهلل الجذلان
ما زال للإسكندرية فضلها
ببدارها والسبق في الميدان
جمعت حيالك شيبها وشبابها
كالهل مؤتلفين والإخوان
من نخبة إن يدعهم ذاعي الفدى
لبا هكل سميذع متفان
أبدع بحشدهم الذي انتظم العلى
في موضع وجلا الحلى في كآن
طلع الأمير الفرد فيه مطلعا
عجبا تمنى مثله القمران
عر الذي اختلفت صفات كماله
وجلالها وجمالها وحمالها سيان
الشرق يعرف قدره ويجله
يوراه من أعلى الذرى بمكان
فاهنأ بقربك منه يا صدقي ونل
ما شئت فخر ورفعة شان
وتلق منه يدا تجيد خيارها
وتكافيء الإحسان بالإحسان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا أم كلثوم بتفك
يا أم كلثوم بتفك
رقم القصيدة : 54204
-----------------------------------
يا أم كلثوم بتفك
أنت نابغة الزمان
بلغت من عليائه
ما ليس يبلغ بالماني
وقد انفردت فلا سابق
في المقام ولا مدان
نغمات شدوك في المسامع
من أغاريد الجنان
يهتز من طرب ومن
عجب بهن الخافقان
فاروق أولاك السوام
وفي تفضله معان
فيم التغني لا يراعي
كالخطابة والبيان
والشمس يقبس من سناها
كل مرموق المكان
عاش المليك وللعلوم
وللفنون به التهاني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا رجاء الوطن
يا رجاء الوطن
رقم القصيدة : 54205
-----------------------------------
يا رجاء الوطن
وضياء الأعين
إن يك البدر استوى
فوق عرش فكن
مصر جاءت وبها
بالولاء البين
إنها نهواه في
سرها والعن
ر الله به
سيئات الزمن
ونفى عنها به(45/399)
طارئات المحن
يا ذا المنن
من غير حصر
أيد وصن
فاروق مصر
يدفق الندى
من يمينه
يشرق الهدى
من جبينه
ليدم جده
عاليا سرمدا
ويطل عهده ما يطول المدى
رد على برقية لاسلكية من صديق عزيز
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا من أتتني بلا سلك رسالته
يا من أتتني بلا سلك رسالته
رقم القصيدة : 54206
-----------------------------------
يا من أتتني بلا سلك رسالته
منظومة نظم إبداع وير بخافي النبض رنان
قرأتها فشجاني صوت باعثها
كأ في راي عيني سمع آذاني
جاءت بمصداق ود غير مؤتشب
لو رابين رابني حس وإيماني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا مائسا عن غض بان
يا مائسا عن غض بان
رقم القصيدة : 54207
-----------------------------------
يا مائسا عن غض بان
أعيت محاسنه بياني
مني عبد الشمس المنيرة هل يلام على افتتان
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا أديبا إليه كل أديب
يا أديبا إليه كل أديب
رقم القصيدة : 54208
-----------------------------------
يا أديبا إليه كل أديب
راجع يوم حجة وبيان
قيل لي إن في دنانك خرا
عتقت منذ حقبة في الدنان
خلصت من دم وردت لماء
ثم أضحت روحا بفعل الزمان
عرق الذوق آية الذوق فيما
وصفوه وغاية الاتقان
فإذا كان منه عندكك فضل
فابذل الفضل واغتنم شكراني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا بالغ الستين من عمره
يا بالغ الستين من عمره
رقم القصيدة : 54209
-----------------------------------
يا بالغ الستين من عمره
نود لو بلغت فيه المئين
دم رافعا بين منار الهدى
منارة المشرق في العلامين
من فحمات الليل تجلو الضحى
وظلمات الريب تجلو اليقين
ومن طوايا الناس تبدي بما
خبرت منهم كل كنز دفين
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> إلاءات .....!!!!
إلاءات .....!!!!
رقم القصيدة : 5421
-----------------------------------
- السنوسي حبيب -
العربيدُ صديقُ الأيائل(45/400)
المولعُ بالتعاويذ والشعر
الكاهنُ إياه
ويهجسُ بالبارا سيكولوجي
- المهدي الحمروني -
يخرجُ إلينا / نحن الصغار كنا نراه:
وبحيرةٌ من عشقٍ تمشي معه.
كان يكوي قميص الوقت بدفء الأغنيات
أتذكر ، يرتِّبُ ياقته ببهجة الموسيقى
أن آخر مرةٍ رأيته
وينفضُ عن يديه البحيرة.
ولأن زرقةَ السماءِ إمعانٌ في مكيدة البحر
الوطنُ عارٍ ،
- منصور أبو شناف -
تحفُّني مشيئةُ المطر
للنديم الشتائي الذي يستأنفُ هدوئه
كلّما جسَّ الرفاقُ قلقَ الموسيقى
ورقص الجارة الرومانية العجوز
واللهِ إنني أمشي في الهواء الأكثر بساطة
- جاكلين سلام -
تهشُّ غبار الحرب
تقتنصُ غيمة المسرّة لمقتبل الحزن
قال وهو يصعدُ في مطر الكلام :
إني أراه فوق رأسي
ويتكاسرُ فينا جمرُ القصيدة
لسهوها نرفِّفُ الأضلاع متكأً
نؤاخيها ،
- مفتاح العمّاري -
لن تمنعنا من ارتجال الرصيف
ربما غيمةٌ خفيفةُ الروح
بين شاعرٍ ونصٍ مؤجَّل !
تبديلَ جدولِ دوامه !
تجاوز الإشارة الحمراء في شارعٍ مزدحم !
يغني ويشربُ القهوة !
وغيرُ عادي على الإطلاق
بأية رغبةٍ في الوحوحة - مثلاً -
وهي تُرضِعُ أطفالها الأربعة ،
يركضُ في ردهات الفندق ، يصرخ :
- جميل حمادة -
لا اطمئنانٌ أكثر
يبدو ذلك في ارتباك نظارتك
وشغبِكَ الأنيقِ المُحاوِلِ - أحياناً -
لا كأستاذنا الكهل حين:
They are my students
..
إلى ذلك الحد !
لكن الأشد إرباكاً أن يتأهه (وهبة) اللعين
يا أخي أحبك بقرف !!
- محمد بن الأمين -
عصافيرٌ تنثرُ ريشَها في فِضّة السماء
أسماكٌ يعضُّها الماءُ تطيرُ فوق موجٍ أحمر
رأسُهُ يثقبُ شاشَ غيمتي
روحُها تكادُ تصغي إليَّ
أبي يحدثني عن أبيه
وأنا إلى الأصدقاء
فأركضُ أركضُ في البكاء
هي شهقةُ الحريق
هي احتباسُ الدمع
هو دهشةُ السنابل
لِمرَّةٍ
إلى هذا الحد ،
بخمرة التوحُّد
لا لا لا..
غنِّ / ارقص / نطِّط / اجهش
ثم إنكَ ستدخلُ النار
في "سيد الذباب" !
دعه ينحازُ لنا ، وللنار
- العجيلي الأمين -(45/401)
صوته المنسول من وحشة البراري
ونبرة الطلح الحزين
الصافنة كأشباح الرتمات
محفوفٍ بمكائد الجن وتعاويذ الخفائيين
تأبط هشيمكَ المجروح بالريح
وحين صليلُ الأجراس يأخذُ جوفكَ المقرور
واعلم قد أُحِيطَ بك
- محمد زيدان -
كأسوأ ما يكون
يستمرُ حدوثُ العالم !
يستمر
ي
ر
الغرفة رقم (35)
باذخةٌ جداً / لا شك
وغيرُ عادي على الإطلاق
أن تشعرَ السيدةُ البدينة
بأية رغبةٍ في الوحوحة - مثلاً -
أو ضيقٍ في التنفس
وهي تُرضِعُ أطفالها الأربعة ،
ما بالُ فتاها الخامس إذاً
يركضُ في ردهات الفندق ، يصرخ :
أوكسجين.. أوكسجين ؟!
- جميل حمادة -
قَلَقٌ أقل
لا اطمئنانٌ أكثر
أعرف ،
يبدو ذلك في ارتباك نظارتك
واحتدام خصلتيكَ النافرتين
وشغبِكَ الأنيقِ المُحاوِلِ - أحياناً -
استعارة رزانةٍ مُفترَضة ،
لا كأستاذنا الكهل حين:
Shut your mouth please,
They are my students
بل تلك التي: "أوكى ، بس حاكمّل النكتة".
..
ماشي ،
مربكٌ جداً أن ندوخَ بين الجمرة والعسل
وتخذلنا غزالاتُ الحمادة الحمراء
إلى ذلك الحد !
مربكٌ أن يغمدَ رياض الريّس
- ولأي سببٍ كان -
أحلامنا في جيبه ويمضي
لكن الأشد إرباكاً أن يتأهه (وهبة) اللعين
يذكرني:
يا أخي أحبك بقرف !!
أحبك باشمئزاز !!
- محمد بن الأمين -
وأنا إلى المدينة
عصافيرٌ تنثرُ ريشَها في فِضّة السماء
وأنا إلى البحر
أسماكٌ يعضُّها الماءُ تطيرُ فوق موجٍ أحمر
وأنا إلى الجبل
رأسُهُ يثقبُ شاشَ غيمتي
وأنا إلى الموسيقى
روحُها تكادُ تصغي إليَّ
وأنا إلى الحقل
أبي يحدثني عن أبيه
ويصارحني بخوفه على مستقبل ذاكرتي
وأنا إلى الأصدقاء
لا أجدُ أحداً
فيما أعودُ إلى البيت
تنفتحُ في قلبي شوارعُ الليل
فأركضُ أركضُ في البكاء
- صلاح حسين الحداد -
هو شهوةُ العطش
في زمن الرماد
هي شهقةُ الحريق
في جوف المهبّ
هي احتباسُ الدمع
في أحداق الغيم
هو دهشةُ السنابل
في انفلات الجدب ،
لِمرَّةٍ
إن يختلطَ شاعرٌ بقصيدته
إلى هذا الحد ،(45/402)
يذُوْقَا معاً نشوة الإله
بخمرة التوحُّد
- عبد الوهاب قرينقو -
لا لا لا..
لا تخمد ، استيقظ
غنِّ / ارقص / نطِّط / اجهش
نصُّكَ أنِرْه ، ارخِهِ يطير
ثم إنكَ ستدخلُ النار
وسأخبرُكَ حينها كيف صدمني "فيربر"
مع أنني - واللهِ - كنتُ حيادياً
ولم يخطر ببالي أصلاً أن أقارنه بـ "جولدينغ"
في "سيد الذباب" !
اليوم سأقرأُ صديقي كافكا وأكتبُ الشعر
لن يتعهَّرَ إلا الزمن !
نصُّكَ أنِرْه ، حرِّره
دعه ينحازُ لنا ، وللنار
أما الموز ، فلِلـ..... !
- العجيلي الأمين -
أكادُ أسمعُكَ تنصِتُ إليه
صوته المنسول من وحشة البراري
تخصُّه الفيافي بعنعنات الغربي
ونبرة الطلح الحزين
أكادُ أراكَ ترمقُ ظلاله
الصافنة كأشباح الرتمات
في ليلٍ صحراوي
محفوفٍ بمكائد الجن وتعاويذ الخفائيين
أيها المنذورُ لنارك
تأبط هشيمكَ المجروح بالريح
واذهب في موتكَ الحي
وحين صليلُ الأجراس يأخذُ جوفكَ المقرور
عانِق الحجر
واعلم قد أُحِيطَ بك
وأنكَ في بكاءِ الأنبياء !
- محمد زيدان -
ملطَّخٌ أنتَ بهذا البكاء
كأسوأ ما يكون
وبمنتهى السذاجة
يستمرُ حدوثُ العالم !
..
يستمر
..
ي
س
ت
م
ر
.
.
.
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يرقى الذرى ويعيش مغتباطا
يرقى الذرى ويعيش مغتباطا
رقم القصيدة : 54210
-----------------------------------
يرقى الذرى ويعيش مغتباطا
شعب على أعدائه خشن
تبكي العيون الشام راسفة
في القيد محدقة بها المحن
أتعز أمصار بفتيتها
وتهون تلك بهم وتمتهن
أشقى اليتامى في مرابعه
شعب يعيش وماله وطن
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا من رعيت النيل رعي موفر
يا من رعيت النيل رعي موفر
رقم القصيدة : 54211
-----------------------------------
يا من رعيت النيل رعي موفر
للخير مقتص من الطغيان
عادلت في إحسانه حتى استوى
إحسانه في الشح والفيضان
ومنعت في المقسوم من آلائه
إيثار إنسان على إنسان
أفحمت دون الحقمن لم ترضهم(45/403)
لما جعلت الحكم للميزان
حياك قوم بالحصافة ستسهم
وحللت منهم في أجل مكان
وليت بالمعروف أجمع أمرهم
فإليك منهم أجمع الشكران
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا ولدي اللذين غابا
يا ولدي اللذين غابا
رقم القصيدة : 54212
-----------------------------------
يا ولدي اللذين غابا
عني وكانا ضياء عيني
قعدت والحزن لي أليف
في كل آن وكل أين
حرقة ثكل تذيب قلبا
ما حال قلبي بحرقتين
لم يبق لي في الحياة يوم
أسلوبه غير يوم بيني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا مزهرا صيغ من جذوع
يا مزهرا صيغ من جذوع
رقم القصيدة : 54213
-----------------------------------
يا مزهرا صيغ من جذوع
رقت وضمن ضم الصوان
لم تنس ما أوجعته فيها
من نغمات طير الجنان
فاللحن سر بها دفين
وهي على سرها حوان
إن بعثتها الأوتار ردت
تلك الأغاريد في حنان
لا صوت أشجى من صوت عود
كيف به وهو عود هاني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا من يرابي والربا بالهدى
يا من يرابي والربا بالهدى
رقم القصيدة : 54214
-----------------------------------
يا من يرابي والربا بالهدى
يحسن في الدنيا وفي الذين
قسيمه الخمسة لو أنصفت
لقل أن توفى بخمسين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا أوحد الطب هذي
يا أوحد الطب هذي
رقم القصيدة : 54215
-----------------------------------
يا أوحد الطب هذي
بشرى وقرة عين
سماء دارك زينت
بثالث القمرين
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا صديقا شعرت إذ بان عني
يا صديقا شعرت إذ بان عني
رقم القصيدة : 54216
-----------------------------------
يا صديقا شعرت إذ بان عني
أنه حيل بين روحي وبيني
فإدونا طيفين ترمق رسمي
منه عين ورسمه نصب عيني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا طيب يم لا يضاهي حسنه
يا طيب يم لا يضاهي حسنه
رقم القصيدة : 54217
-----------------------------------(45/404)
يا طيب يم لا يضاهي حسنه
بيمنه قرت وسرت أسرتان
هنأ فيه السعد إذ أرخه
هنري ولورا قمري هذا القران
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا له حلم شيخ في مضاء فتى
يا له حلم شيخ في مضاء فتى
رقم القصيدة : 54218
-----------------------------------
يا له حلم شيخ في مضاء فتى
وما له في ثقات الضاد أقران
في مجمع الأدب الراقي وصفوته
أقر أنك أنت الشيخ جبران
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا عين فيجتها وصافي مائها
يا عين فيجتها وصافي مائها
رقم القصيدة : 54219
-----------------------------------
يا عين فيجتها وصافي مائها
هي أمة روي الثرى بدمائها
أفما ترون بلاءها في نفحها
عن حوضها لله حسن بلائها
وقعات أبطال يصول على العدى
فيها أباة الضيم من أبنائها
لولا ضناي لكنت من أشهادها
يوم الفدى ولكن تمن شهدائها
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> كف مجروحةٌ لصديقتي القصيدة
كف مجروحةٌ لصديقتي القصيدة
رقم القصيدة : 5422
-----------------------------------
وأنا إليك
أحطُّ جسدي في أول الضوء
وتتقرفصُ في داخلي أحلامٌ صغيرة
..
لم يحكَّها وجهُ العالم الناشف
لم تلمس - بعد - طراوة الهواء
..
..
ها أنا أطفئُ شاشة العالم
بريموت الروح ،
وفيما يضجُّ بصوتك شريانُ الحنين
أهذي بناعسة الخد في بيتي
وأكتبُ قصيدتي الأخيرة
..
سأفكرُ حتماً في قارئٍ بعيد
ورقيبٍ عتيد
يسفعُ بناصيتي الخاطئة
..
رقيبٍ يجزُّ خصلة بيتي الشعري
من أخمص القصيدة
حتى مجمع النهدين !
..
..
سأفكرُ في إلهي الخاص
وتركيبة عناصره الشيطائكية
..
سأفكرُ في الملاكِ الأيسر سييء السمعة
..
..
سأفكرُ في سارة الطفلة
بوجهها الشاع
وجارتي الوحيدة بحزنها المُدبَّب
وصديقي الكهل (الشاعر سابقاً)
وربّة البيت (التي لاحقاً السيدة البدينة)
..
سأفكرُ في أشياء كثيرة
..
أنا الذي لامتحان الباب
أطبقُ قامتي على الظل
وأسمّي السريرَ ماراثونَ الضجر
..
..(45/405)
أبكي إن غاب البكاء
وإن لم أقلق ،
أقلق !
..
أشكركِ جداً لما حدث ، وما لم
وما يحدث ، وما لن
أنتِ التي احتملتِني كل هذا الهراء
..
أنا الذي لم يحتملني أحد
..
..
سأخرج الآن
تذكرتُ موعداً !
..
ها قد جرحتُ كفّي
صافحيني
أيتها القصيدة ..
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هل يسعف القول في حمد الأولى وفدوا
هل يسعف القول في حمد الأولى وفدوا
رقم القصيدة : 54220
-----------------------------------
هل يسعف القول في حمد الأولى وفدوا
أوي سعد العذر في تقصير كاتبة
سراة قومي ومن لي أن أافئهم
أتوا جميلا ما رقوا لصاحبه
جزاهم الله خيرا عن أخ رفقت
به الحياة وقد قاموا بجانبه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> تعجل نفسي ما تشتهي
تعجل نفسي ما تشتهي
رقم القصيدة : 54221
-----------------------------------
تعجل نفسي ما تشتهي
فتخطيء تحقيق آرابها
وإن المور لمرهونة
بأوقاتها وبأسبابها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> سلام على القدس الشريف ومن به
سلام على القدس الشريف ومن به
رقم القصيدة : 54222
-----------------------------------
سلام على القدس الشريف ومن به
على جامع الأضداد في إرث حبه
على البلد الطهر الذي تحت تربه
قلوب غدت حباتها بعض تربه
حججت إليه والهوى يشغل الذي
يحج إليه عن مشقات دربه
على ناهب للأرض يهدي روائعا
إلى كل عين من غنائم نهبه
فسبحان من آتاه حسنا كا ه
به أوتي التنزيه عن كل مشبه
تلوح لمن يرنو أعالي جباله
أشد اتصالا بالخلود وربه
واي جمال بين سمرة طوده
وخضرة واديه وحمرة شعبه
وأين يرى مرج كمرج ابن عامر طط بطيب مجانيه وزينات خصبه
هو البيت يؤتي سؤله من يؤمه
فاعظم به بيتا وأكرم بشعبه
به مبعث للحب في كل موطيء
لأقدام فادي الناس من فرط حبه
وليس غريبا فيه إلا بشخصه
فتى زاره قبلا مرارا بقلبه
تفضل أهلوه وما زال ضيفهم
نزيلا على سهل المكان ورحبه
بإكرام إنسان قليل بنفسه(45/406)
لكنه فيهم كثير بصحبه سأذكر ما أحي نعيمي بأنسهم ووردي من حلو اللقاء وعذبه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ما باله ما أصابه
ما باله ما أصابه
رقم القصيدة : 54223
-----------------------------------
ما باله ما أصابه
ما ؤله في الغابة
هب الغداة واولى
غلى الزوال اضطرابه
تهفو الغصون إليه
ا وتنثني توابه
آنا يبين وآن
يخفى وراء غيابه
أنى تنقل يمشي
في زينة وغرابه
موشحا بشعاع
أو مستقلا سحابه
أو خائضا بحر فيء
يشق شقا عبابه
تفر بين يديه
أهلهة لعابه
او عابرا بخطاه
مجرة مناسبة
من الوريقات تجري
بها الصبا الوثابه
حتى إذا الشمس مالت
بين الأسى والدعابه
تلقى وداعا بهيجا
والظل يلقي كاب
أجرت على منكبيه
حلى نضار مذابة
فلاح كالطيف لولا
هز النسيم ثيابه
ماذا توخيت يا من
اضوى العناء إهابه
من كل ذات غراس
وكل ذات عشابه
فكان ما رمت سؤلا
عزت إليه الإحابة
أردت في الزهر بكرا
فتنانة خلابه
عن كل بنت ربيع
بحسنها تنتابه
براقة عن ذكاء
ضحاكة عن جابه
فواحة عن خلال
ذكية مستطابة
نقية لم تطالع
بأعين مرتابه
للمجتلي هي روض
وللشجي صحابه
أنيبها في وفاء
عني أعز إنابه
لدى أميرة فضل
مصونة وهابه
بها جمال ونبل
إلى عل ومهابه
مقامها لا يسامى
كرامة وحسابه
أسدت إلي جميلا
وما قضيت نصابه
فظلت في الزهر أبغي
تلك التي لا تشابه
حتى إذا طال كدي
ولم افز بالطلابة
نظمتها من خيال
وصغتها بالكتابه
على الهدية رسما
تثيب بعض الإثابه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا فاقدا لولد الوحيد عجبت من
يا فاقدا لولد الوحيد عجبت من
رقم القصيدة : 54224
-----------------------------------
يا فاقدا لولد الوحيد عجبت من
داء عصاك وطالما أخضعته
لو كان طب شافيا لشفيته
أو كان حب نافعا لنفعته
أوشكت من علم ومن بر به
أن تمطل الأقدار ما استودعته
لكن أطلت بالابتداع بقاءه
فأطال فيه السقم ما أبدعته
ولقد سما خلقا وعز نقيبة
وغلا حلى فلأجل ذاك أضعته(45/407)
وفرت به غر الخلال فقصرت
كلم المؤبن أن توفي نعته
واليوم آمال الفضائل والعلى
يحفلن في تشييع من شيعته
يا ايها المتغرب الفطن الذي
بك ضاق دهرك ظالما ووسعته
أكبرت منك نهى وعاجل خبرة
أن تزمع السفر الذي أزمعته
وحقيقة في العمر أنك مخسر
بشرائه وموفق إن بعته
لكنني أبكي لم ثاكل
فجعتها ولوالد فجته
ولسوف أنظر كل غصن زاهر
فاراك عدت به وقد نوعته
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> م هذه الدنيا بمأمونة
م هذه الدنيا بمأمونة
رقم القصيدة : 54225
-----------------------------------
م هذه الدنيا بمأمونة
لا تفترر بالساعة السانحه
يجظك في العقبى بإحسانه
من يلحق الليلة بالبارحة
يا أيها الزائر أحبابه
قف بضريحي واقرإ الفاتحة
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> وارحمتا لمصاب
وارحمتا لمصاب
رقم القصيدة : 54226
-----------------------------------
وارحمتا لمصاب
دامي الحشى مقروحه
باق به شطر روح
يبكي علىش طر روحه
الثكل موت طويل
مداه في تبريحه
يا صاحبي كيف ريب الزمان في تصريحه
إن الغموض لخير
للنفس من توضيحه
لذ بالقريض وجدنا
بجزله وفصيحه
وصف لنا الورد في زهوه
وفيتصويحه
وصف من الركب حالي
طليقه وطليحه
وصف من الركب إلى طليقه وطليحه
رزئت أي وليد
نضر المحيا صبيحه
حر الفؤاد أبي
غض الشباب جموحه
خدا فأدرك قبل الوان شأو طموحه
وخلف الدار في أي
وحشة لنزوحه
فبعض قلبك فيها
بعضه في ضريحه
قد أكرم الله مثواه
في رحاب صروحه
فارحم حشاك وشارك
فتاك في تسبيحه
نعم العزاء لمستكمل
اليقين صحيه
هذا أخ لك عانى
كر المنايا بسوحه
إلى جروحك يهدي
صبابنة من جروحه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ايقر همتك البعيده
ايقر همتك البعيده
رقم القصيدة : 54227
-----------------------------------
ايقر همتك البعيده
أنتبلغ الدنيا الجديدة
يا ناشدا للعلم تضرب
في البلاد لتستفيده
أحسنت يا زين الإمارة
هكذا الشيم الحميده(45/408)
يا ليت للأقيال أجمع
مثل خطتك الرشيده
لو أنهم فعلوا لعاد
الشرق سيرته العهيده
اشقيق عباس العزيز وركن دولته الوطيدة
لا غرو أن سرت أما ركيا
بزورتك الفريده
بطواف ذي الفخر الصيل يرى عجائبها الوليده
متنكر فيها وتعرف
فضله المقل الشهيدة
يخفي إمارته المجيدة بين سوقتها المجيده
مستكفيا بخلاله ولها أمارتها الكيده
وبعزة هي في طباع
الملك لا تعدو حدوده
وكياسة ذكت دم الشرقي
من مدد مديده
وشمائل غرر تريك
الجد حيثت رى حفيده
مولاي للنسب الرجوح وخاب من يبغي ججوده
لكن ثمة أمة
عظمت بنشأتها العتيدة
أرأيت معجزة الحديد
بها وصولتها لاشددة
والبرق سخرت العقول
قواه مسكته رعوده
أرأيت ماردة المباني
والدعامات العنيدة
من كل صرح حافل
كمدينة جمعت نضيده
تلك اللباق الأربعون
أقلها بيتا قصيده
لولا الزمان لطاولت
أهرامنا الشم الشميدة
أرأيت ثم رأيت ما
تأبى المنى أو تستزيده
من غر يات المعارف
والصناعات المفيده
ونتائج العزم الصحيح
تروضه الفكر الشديده
وطرائف العقل الذكي
تجيبه الأيدي المجيده
هذي مفاخرهم
وليسست بالخافات الزهيده
للشرق في استكمالها
أثر يحج به حسوده
قد أحكمته عشيرة
إن تدع لم تك بالعقيده
جمعت بها نخب الشآم إلى النهى بأسا وجوده
هي ملة سعدت بشكرك
عن شقيقتها البعيدة
حفظت صنيعك حفظ من
بروفائه يغلي وجوده
ذكرت لهذا القطر حسن
ولائه ورعت عهوده
حيث ممثله
وأعلت في مهاجرها بنوده
فعلت كما يوحي الإخاء
لنفس ليست كنوده
وكذا التضامن بيننا
لا تحصر الدنيا حدوده
مولاي عيدك عندهم
وجد التكافل فيه عيده
فسرورهم في حكمه
وسرورنا حال وحيده
أنى يكونوا أو نكن
فالشكرواجدنا عبيده
فليهنأوا بك زائرا
وتطب نفوسهم الودوده
أمسوا شهود سناك في
آن وأضحينا شهوده
بعيونه وقلوبنا
نرعى من العقد الفريده
جذلين تنعم في صبيحتنا
وليلكم سعيده
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده ده
إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده ده(45/409)
رقم القصيدة : 54228
-----------------------------------
إذا المرء لم ينصف بقدر جهاده ده
فإن له فضلا بقدر اجتهاده
توخ عظيمات المنى وانح نحوها
برأي يضيء الدهر وري زناده
وثابر تصب فوزا فما الفوز للفتى
بإسرافه في الجهد بل باقتصاده
بنا حاجة النسر المهيض جناجه
إلى جوه العالي ورحب مراده
أيرقى إلى أوج الكمال مصعد
ويعدوه دون الوج نقصان زاده
يقال الرضى بعض الغنى قلت كله
ولكن لجسم المرء لا لفؤاده
نفينا من الأنغام ما ليس مفضيا
إلى ذل من يهوى ومنح قياده
جعلنا جميع اللحن شجوا وأنه
لدل حبيب معرض أو عناده
ولا عيد إلا للأسى في قلوبنا
أما مله قلب لفرط اعتياده
سكارى يكاد الصوت يوقر هامنا
إذا ما علا عن رتبة في انطياده
ألا طرب يا قوم في جأر مغضب
لأمته أو عرضه أو وداده
ألا طرب والجيش يحدوه معزف
شديد الوغى يوري اللظى في جماده
ألا طرب والبحر في ثورانه
يصور إيقاع جلال امتداده
ألا طرب والنهر تهوي سيوله
إلى قاعه مصطكه بصلاده
ألا طرب والقفر كالقبر ساكن
لناء شجته حمحمات جواده
ألا يوم مشهود ألا فوز حافل
ألا رهط يعلو صوته باتحاده
أما للفتى قول كبير لنده
ولا صيحة في فخره واعتداده
الا رعد هداد ألا برق خاطف
ألاعارض تجري الربى في اشتداده
ألا نغم إلا إذا حيت الصبا
غريب حمى طالت ليالي بعاده
تصوغ أقل اللحن دون أجله
ونهوى انتقاص الفن دون ازدياده
ولا وصف إلا أن يمثل حالة
من النفس لم تبلغ بديهة باده
لها لمعان النصل بين استلاله
إلى وشك أن يعرى وبين اغتماده
نحب من الإنشاد كل مكرر
بلحن جمود الفكر من مستفاده
وتنبو بنا الآذان عن مستجده
فكل عتيق فهو من مستجاده
ومهما يعد في صيغة بعد صيغة
مقاربة لم نشك من مستعاده
بنا حاجة النسر المهيض جناحه
إلى جوه العالي ورحب مراده
أيرقى إلىأ وج الكمال مصعد
ويعدوه دون الوج نقصان زاده
بني وطني إن نلتمس لرقينا
عتادا فهذا الفن بعض عتاده
إذا نحن أحكمناه أعلى همومنا(45/410)
وأنجى سوادا هالكا من سؤاده
وحرر قوما صاغرين فردهم
كبار المساعي والمنى والمشاده
متى يغد منا الجيش يستقبل الردى
ويسمع مسرورا نشيد بلاده
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> أغادية بكرت بالحيا
أغادية بكرت بالحيا
رقم القصيدة : 54229
-----------------------------------
أغادية بكرت بالحيا
رعتك العناية من غاديه
إذا ما سكبت طهور الندى
إلمي بباحثة الباديه
أجف الردى غصنها والغصون
في الروض زهرة ناديه
فقيده مصر فريدة عصر
لها كل غانية فادية
وكانت أديبة أيامها
وكانت منارتها الهادية
إذا ما قرأنا لها آية
حسبنا الحروف بها شادية
الم بها دهرها قاتلا
فيا قتلة لا تفيها ديه
تظل الكنانة تبكي أسى
عليها ومهجتها صاديه
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> الشائعُ منكِ لي
الشائعُ منكِ لي
رقم القصيدة : 5423
-----------------------------------
- مقاطع مُجتزأة من سيرة حلم! -
1/ فتنة:
منذ أخرجكِ أبوكِ
شقراءَ من غيرِ سوء
- ابنةً أخرى -
نسينا أختَكِ الكبرى
2/ سِرّ:
حميميةُ السِرّ
[الذي بيني وبينك]
تسرّبتْ خلسةً إلى أذن الشمس
فوشوشتْ بها للغيوم
الغيومُ همستْ للرياح ، بالسِرّ
طارت الرياحُ إلى جهةٍ غير معلومة
لكنّ الشهودَ قالوا
أنّ مواسمَ البرتقال
أسفرت عن وجهك - هناك.
3/ انفضاح:
تعانقنا في حضن سحابة
ففضحنا المطر ..
4/ تشخيص:
حين تضحكين
يتعثّرُ الياسمينُ في دهشته
ويشهقُ الضوءُ
في ارتباك الخطوة الأولى
حين تبكين
تسحُّ الغيومُ ولهاً
بلون الشفق
وتتفتّحُ زنبقةُ الذهول
في الحنايا
حين تصمتين - فقط -
تسقطُ علامتا استفهام
تحملان ملامح وجهينا
..
يتدثّرُ الوجودُ بعباءة القلق
فيما يسعل الرماديُّ في الأفق
معلناً قيامة الأسئلة.
5/ مكر:
اسمعيني ،
هذا العالم يكفرُ بطفولتنا
لذا ،
يجبُ أن لا نكبرَ أبداً
ليظلَّ على كفره
ولا يدخل الجنة!
6/ طريق:
أنتِ يا شمسَ الحقيقة
اقبسي مِنَّا شعاعاً
كي ينيرَ لكِ الطريق.
7/ أثرٌ لَهُم:(45/411)
تشبهُكِ الكلماتُ
ويشبهُني الشعر ، تشبهكِ الغيوم
ويشبهني المطر ، يشبهُنا الأفق
تشبهنا السماءُ البوحُ الشجرةُ الموسيقى الغيمةُ
الحمامةُ الشمسُ العاصفةُ النجومُ القصيدةُ
النهرُ الأطفالُ الورودُ الملائكةُ
العصافيرُ ، تشبهنا
الحياة ،
يشبهنا كلُّ شيء
ولا نشبه شيئاً
8/ احتواء:
تروِّضينَ أحزانه
تدلِّلينها ،
يمشي إليكِ / كأنه القدر
يهطل فيكِ / كأنه المطر
فاحتوِ منه المعصم والنبضات
وهزّي إليك بأركان الوجود
تسّاقطُ عليك حُبّاً
وأمناً
ومطراً
وحياة
9/ دراية:
أ تدرين
/ والصهيلُ يشقُّ الآن عاصفتي /
أنني أسألُني:
- لِمَ أتضاعفُ لكِ
ولا أتَّسِعُ لي ؟!
ولِمَ ،
كلما طرأتِ فيَّ
أركضُ في دمي ؟!
..
أ تدرين
/ وهذه الليلة ،
حزنٌ بأسرهِ مُكرَّسٌ لدمي
وسريرٌ بحجم المأساة
مُعَدٌّ لاحتوائي /
أن الضفّة التي ارتأتنا
احتمالاً لصبوتها
والنارَ التي ساورتنا غواية الأبواب
محضُ سراب.؟
..
لا عليكِ
اغمضي عينَ الإجابة
هذا سؤالٌ مُفرِطٌ في الهباء
لا يصلحُ أن يكونَ فاتحةً
لاجتراح القصيدة
وفيما أُرتِّبُ قلقاً ما لسؤالٍ يليق
أرجوك :
ظلِّلي فراغي بأحمر الحنّاء
أو أسود الكحل
وضعي فاصلةً منقوطة
بآخر السطر ،
السطرُ الذي يرتأيني في الكلام - المعنى
وفي السماء - الغيمة
وفي الأرض - النشيج
..
..
أنا الذي الإلهُ أعطاهُ سؤالَ النار
فأفضى إلى جحيم غوايتك
وأشعل رماد الأجوبة
..
هاكِ دمي
..
..
قد هِيتَ لك
..
اعبري فيه
وانصبي هنالك - في بياضه
أسوارك ،
ارسمي حدوداً بحجم الدفق
وابتني مدائنكِ بعدد النبضات
اسكبي من فِيكِ نهراً
من عبيرٍ وعسل
و ازرعي على حوافه الأشجار
والورود
اصنعي من نور وجهك
شمساً لبنيةً للّيل
وقمراً لوزياً للنهار
وافركي أصابعك ليزهرَ الياسمين
ويتدلّى النرجسُ من الشرفات
مأخوذاً بدهشة الحضور ،
ابتسمي: تطيرُ من جفنيك الفراشاتُ
والعصافير
ابتسمي: تورِقُ السماءُ في كفَّيك
أطفالاً وملائكة
ابتسمي
،(45/412)
اعبري - الآن - في هذا الألق ،
تلك دولةٌ أخرى
تستعصي على الغزاة.
10/ حبر - تشات
تعذر تسليم "كل" الرسائل لـ "كافة" المستخدمين
جفَّت الكيبوردات ورُفِعَ الماسنجر !!
11/ الشائعُ منكِ لي
..
...
......
لا يُقال !
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> در في سمائك يا قضاء فإن يثر
در في سمائك يا قضاء فإن يثر
رقم القصيدة : 54230
-----------------------------------
در في سمائك يا قضاء فإن يثر
بك عثير فقراره في لحده
من يبتغ الشمس المنيرة بالأذى
ترأف به مهما يضل وتهده
إن يرمك الشاكي بحقد عنده
فاسلم ولا تبلغك رمية حقده
من زيف الأحكام لم يك ناقما
بل نقادا فليبد حجة نقده
ما قيمة القول الجزاف فإنه
مهما يخله مجديا لم يجده
يا كائلا في غير كيل لم يصب
مما يرجي غير خيبة قصده
لوكان يأخذك القضاء بعدله
لم تلف مجترئا عليه لرده
لكن اصبت الحلم منه مرتعا
فمضيت فيه إلى تجاوز حده
ما شئت من شكواك زده فإنما
شكواك منه آية من حمده
إخواننا لكم علينا ذمة
رعيت فما بال الوفاء وعهده
إني عجبت لعاقل من رهطكم
مبد جميلا وهو مضمر ضده
إنتطلبوا عدل القضاء كودكم
فالعدل ليس كودكم وكوده
ألعدل شيء فوق حسبة سيد
في قومه أو قائد في جنده
ألعدل شيء مطلق مني لتزم
تجنيسه يسد عليه ويرده
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ألطائر العالي مراده
ألطائر العالي مراده
رقم القصيدة : 54231
-----------------------------------
ألطائر العالي مراده
ماذا يجشمه مراده
قد يبتغي أوجالسهى
ويخون همته عتاده
ويصاد بين صغاره
إن عز في القحم اصطياده
أودت بإسماعيل نجدته
وأضناه سهاده
رخصت عليه حياته
وغلت على قدر بلاده
لا بدع أن تفنى عزائمه
وأن يأتي رقاده
وفى الجهاد وطاح مختتما
بصرعته جهاده
سمح إذا جار المعاش عليه أصنفه معاده
ألأريحية ذخره
ومكارم الأخلاق زاده
متشبث بالحق يرعاه
وبالله اعتضاده
جمع الأنام على اختلاف
في مشاربهم وداده(45/413)
جمعا تالفت الخصوم به
وفي ذاك انفراده
فالشعب وفق في هواه
مسودوه أو سواده
أشهدت لهفته عليه
حين قيل دنا بعاده
ما في محبيه امرؤأقض به وساده
تشكو مرارته السؤاد
وفي مرائرهم سؤاده
أرأيت في التشييع ما الشعب الحزين وما احتشاده
ولمحت ما تحت العبوسة
من شجى تورى زناده
وعرفت من جمر الأسى
ما ليس يستره رماده
وكأن بين ضولعهم
كبدا ألم بها كباده
أنظرت تقويض البناء
الضخم حين هوى عماده
وطغى على الأبصار بعد بياضه الزاهي سواده
ريعت له شم الصروح
وعم أهليها حداده
فرثى لذاك البيت طارف
عزه ورثى تلاده
لهفي على نجم خبا
لن يجدي العين الإتقاده
وعلى شبيه النصل أغمد رونق النصر أغتماده
أين الفتى الحر الأبي
واين سؤدده وآده
أين الأديب الألمعي
وما يرقشه مداده
ما القول توحيه قريحته
ويبدعه اجتهاده
أين الخ البر الذي
يرجى نداه أو ذياده
أكفى مقيل إن كبا
بأخيه في شوط جواده
أين النقي الطبع في
دهر قد استشرى فساده
طهرت من الأوضار شيمته
ولم يدنس بجاده
يا مضجعا للتوأمين
طوى جمالهما جماده
كأضالع الحاني على
ولديه قد لانت صلاده
سقيا ورعيا لا عداك
العفو ساكبة عهاده
ألفرقدا تواريا
والأفق عاوده أربداده
فليعل فيه ثالث القمرين
وليسلم فؤاده
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> في ذمة الله وفي عهده
في ذمة الله وفي عهده
رقم القصيدة : 54232
-----------------------------------
في ذمة الله وفي عهده
شبابه الناضر في لحده
سمت به عن موقف عزة
تخرج بالأرشد عن رشده
زانت له حوض الردى زينة
تظمأ بالراوي إلى ورده
لهفي عليه يوم جاش الأسى
به وفاض الحزن عن حده
فطم كالسيل علىص بره
وعالج العزم إلى هده
واكتسح الآمال منثورة
كالورق الساقط عن ورده
ودار في الغور بما كان من
هواه أو شكواه أو وجده
فراح لا يشعر إلا وقد
ألقاه تيار إلى نده
والياس إن فاجأ ذا مرة
دوخ ذا المرة عن قصده
طيف بلا ظل كتوم الخطى
من يعترض مسلكه يرده
منتعل البرق خفي السرى(45/414)
يصم بالرعدة عن رعده
مهلكه الآساد في نابه
وصرعة الطواد في زنده
كل قوى التشتيت في لينه
وكل بطش البين في شده
يلابس الجسم ويغشى الحشى
ويملأ الهامة من وقده
فالمبتلى في حلم موهن
موه بكل العزم عن صده
حلم هلامي اللظى فاجع
يبلغ منه منتهى جهده
حتى إذا اما امتص منه النهى
في مستطيل الجنح مسوده
أطلقه من حالق ذاهلا
في نيله يهلك أو سنده
مفارقا غر أمانيه
أو موتم الطهار من ولده
واها لمبكي على فضله
مفتقد الآداب في فقده
صيد من الماء ولو أنصفوا
لظل في الماء على وده
يهزه الموج رفيقا به
كما يهز الطفل في مهده
مضى نقي الجسم والبرد لا
في جسمه لوث ولا برده
ما ضرجت بالدم أثوابه
ولا رى الصادع من زنده
مبتردا بالماء في نفسه
شغل عن الماء وعن بدره
مات مرجى في اقتبال الصبا
يا خيبة الدنيا ومل تفده
طلقها زلاء لم ترع ما
آثر أن ترعاه من عهده
ولم يفارق بمناءاتها
سوى أذاها وسى سهده
ما كان أدنى العيش عن رأيه
واضيق الأرض على جهده
وكان أوفاه لمحبوه
لولا انحطاط العمر عن قصده
فرب رسم بات في جيبه
وعن ذاك الرسم في كبده
أقالك الحق فما عاثر
من كانت العثرة في جده
من ذل فليولك من عذره
أو عز فليولك من حمده
سقاك دمعي نضحه صنتها
إلا عن الوافي وعن وده
والله راعيك أليس الذي جاءك في احالين من عنده
عكاظ أنشدت في اجتماع لأدباء مصر عام
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هذي عكاظ وذاك معهدها
هذي عكاظ وذاك معهدها
رقم القصيدة : 54233
-----------------------------------
هذي عكاظ وذاك معهدها
أنبغ فتيانها مجددها
باتت إليها المنى تتوق وقد
طال على الراقبين موعدها
في مصر قامت وجل مأثرة
للعرب ما قد أعاد مشهدها
ساوم فيها على جواهره
من في مرائي النفوس ينضدها
وأطرب العصر من منابرها
بل كل عصر يجيء منشدها
ونافر القرن في مجاولها
أرصنها فطنة وأشرها
من النهى سمرها التي اشتبكت
والبيض مشهورها ومغمدها
شبان مصر هذي مقاولكم
نافس أغلى الكلام جيده(45/415)
فأتقنو مثلها الفعال يعد
لمصر سلطانها وسؤددها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> إن التي نجلت عليا أنجبت
إن التي نجلت عليا أنجبت
رقم القصيدة : 54234
-----------------------------------
إن التي نجلت عليا أنجبت
للعلم أنفس درة في عقده
قد نشأته على الفضائل والعى
فبحمدها نطق المشيد بحمده
لا بدع إن عم الأسى في فقدها
وطنا يفي للمحسنين كعهده
فمشى وراء النعش في تشييعها
كبراء قادته ونخبة جنده
أعطته من دمها ودمع عيونها
أنقى مفاخره وأنبغ ولده
وبنت له بعنائها وسهادها
تلك الدعامة من دعائم مجده
أعلي هل تلفى لعجزك جازعا
والطب قد أعطاك ما في حده
إن لم يفدها الطب إلا جهده
ماذا عليك وتلك غاية جهده
الأمر أمر الله إن يعجل وإن
ي مهل وما تعدوه حيلة عبده
أما جرحت بحيث لا تأسو يد
فجراح نفسك برؤها من عنده
حسب الفقيدة أن تلاقي ربها
وتثاب خيرا في النعيم وخلده
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> عبد العزيز عميد أكرم أسرة
عبد العزيز عميد أكرم أسرة
رقم القصيدة : 54235
-----------------------------------
عبد العزيز عميد أكرم أسرة
وكفاك فخرا أن تكون عميدها
وتكون بدر التم بين نجومها
والفرد إن عد الفخار عديدها
ليس المصاب مصابها بك وهو قد
شمل البلاد قريبها وبعيدها
هي أسرة كرمت مهزتها ولم
يغمز منافرها بلؤم عودها
أحمدت ما شاء الوفاء وفيها
وحمدت ما شاء الوداد ودوده
ورأيت في النجباء من ابنائها
درا تقلده المناقب جيدها
تدري الكنانة بأسها في نفحها
عنها لدى الجلى وتعرف جودها
فإذا تعاظلت الشؤون دعت لها
فطناءها المتصرفين وصيدها
عبد العزيز المستعان بأيده
ليذود عن أحسابها ويزيدها
حققت ما رجته فيك بهمة
لم يشهد الجيل الحديث نديدها
ترتاض مصعبة المور فما تني
حتى تجاري في مرامك قودها
تلك القوى لولا مغالبة الردى
لم توه أحداث الزمان شديدها
أفنيتها عجلان في طلب العلى
وقضيت في شرخ الشباب شهيدها(45/416)
فكما بكى سروات مصر فقيدهم
بكت الفضائل والعلوم فقيدها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هاتت معالم مات سيدها
هاتت معالم مات سيدها
رقم القصيدة : 54236
-----------------------------------
هاتت معالم مات سيدها
ووهت دعائم ماد أيدها
ورحبت سماء كان فرقدها
ملء العيون فبان فرقدها
ويح المنية أي معتصم
مدت إلى عليائه يدها
في مصر أنات مصعدة
لبنان من أسف يرددها
أمؤلف الشركات مقتحما
غمراتها إذ عز موجده ا
ومهندس المصار تحكمها
أسسا ولا تألو توطدها
ومعالج الأرضين تصلحها
من حيث كان الجهل يفسدها
للمال فيها كل عائدة
تزكو وللأوطان أعودها
تلك الحدائق راع منظرها
للآهلين وراق موردها
تلك المرافق في تعددها
يختال عجبا من يعددها
يا للأسى أقضى مصر منها
بذكائه وتوى مشيدها
ذاك الذي ورد الردى نصفا
وله من الآثار أخلدها
كانت تيمم بابه زمر
ما اسطاع يسعفها ويسعدها
يهب الهبات لغير ما علل
فيزيدها برا تجردها
ويكاد ينقض فضل باذلها
في غبن نائلها تعودها
شأ النفوس وقد تنزه عن
إحراز شكر الناس مقصدها
خلصت لوجه الخير نيتها
فزكا من الذكرى تزودها
يا راحلا رزء القلوب به
لم ينتقص منه تعددها
ما النار في حطب تضرمها
كالنار في كبد توقدها
هل رحت تستبق المراحل في
دنياك حتى حان أبعدها
لكأن مشهدك المهيب وقد
مشت المحامد فيه مشهدها
تبكي الشمائل أنس موحشها
ومكارم الخلاق تسعدها
كان المضنة للنفوس فلم
يشفع به أن ضن أجودها
مادت بها شم الصروح فهل
شعرت بحدثان يهددها
كيف الثبات وكان أرسخ من
طود فلم يثبت مشيدها
تبكي المروءة أن ناصرها
ولى وأقوى منه معهدها
توت العزائم غير أن لها
بين الورى سيرا تخلدها
ولها دخائر في الحياة وفي
ما بعد يبلي الدهر سرمدها
قد كان ينشيء كل منقبة
يدعى إليها أو يجددها
صرفت عقلك في الفنون فلم
يفلته أجداها وأجودها
وشرعت في العمال تحكمها
أسسا ولا تألو توطدها
الله في أم تقيم على ما نابها ويزول أوحدها(45/417)
وحليلة فقدت مدلهة
من كان بعد الله يعبدها
وشقيقة شقت مرارتها
من حزنها إذ بان منجدها
وعشيرة أدمى مآقيها
بنواه أسراها وأمجدها
هي أسرة كشفت مقاتلها
للدهر لما صيد أصيدها
ترجو أبنه لمفاخر وعلى
في إثر والده يجددها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ضعي على عينيك بلورة
ضعي على عينيك بلورة
رقم القصيدة : 54237
-----------------------------------
ضعي على عينيك بلورة
لتسلمي من وهج الهاجرة
ويسلم العالم من فتنة
تشبها ألحاظك الساحرة
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> كانت عيون الريب الساهرة
كانت عيون الريب الساهرة
رقم القصيدة : 54238
-----------------------------------
كانت عيون الريب الساهرة
ترمق تلك الطفلة الطاهرة
من هي
بنت من بنات الأسى معروضة للصفقة الخاسرة
يطمع فيها حسنها والصبا
والفاقة العضاضة الكافرة
ما زال غرا قلبها لاهيا
عما يهيج الشهوة الخادرة
أبأس ما سارت بأطمارها
لمتك إلا بهجة سائرة
تحس للأبصار في نفسها
وقع الندى من نبتة ناضرة
وتلتقي كل ابتسام كما
تلقى الشعاع الدرة الزاهرة
وتقبل المدح على أنه
مصداق ما في المقلة الناظرة
جاهلة ما في قلوب الأولى
تأمنهم من شيمة غادره
لا تضمر المرآة في زعمها
شيئا وزراء الصورة الظاهرة
ويح الفقيرات الجميلات من
حبائل القناصة الماكرة
كالورد لا يعصمه شوكه
إذا دنت منه يد جائرة
تمر بين الناس ذات الغنى
تقلها جوابه طائره
فتثبت الأبصار شوطا بها
ثم تني ظالعة حاسرة
والحسن إن لم يرج يملل كما
يمل حسن الأنجم السافرة
أما ابنة البؤس فهيهات ان
تملك دفع القوة القاهرة
أنى تكن تلحق بها لفظة
مريبة أو لحظة فاجره
أو عدة فاتنة للنهى
أو هبة خلابة ساحرة
لا تفتأ الخدعة في إثرها
ساعية أو حولها دائرة
حتى إذا أضرمت قلبها
فشب كالمجمرة الثائرة
أشبعت الفساق من لحمها
وسفكت هدرا دم العاهرة
تلك التي سقت على ذكرها
تفصيل هذي العظة الزاجره(45/418)
كانت على وشك السقوط الذي تسقطه المسكينة العاثرة
قد احدق السوء بها منذرا
بالويل مما تزر الوازرة
لولا فتى جم مروءاته
شيمته في عصره نادرة ه
لا يكبر الدهر بأحداثه
يوما على همته الكابره
أنقذها محتسبا ربه
بها ونعمت حسبة الاخرة
أدخلها معهد علم به
تحفظ حفظ القنية الفاخرة
تتم بالآداب في عصمة
جمال تلك الصورة الباهرة
اعظم بلطف الله عونا على
صيانة البائسة القاصرة
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> لعينيك من جارة جائره
لعينيك من جارة جائره
رقم القصيدة : 54239
-----------------------------------
لعينيك من جارة جائره
شقائي ومالي العاثره
أتنأين عني وتجفيني
لإرضاء طائفة ما كره
برئنا إلي الحب لا ذنب لي
ولا لجيبتي الهاجره
ولكنهم علموها الجفاء
وخطوا لها خطة القاصره
وأصغوا إلى قول واش بها
و حاش لها أنها وازره
أذاك الجبين وبلوره
يمثل فكرتها الخاطره
أتلك العيون وأنوارها
مراء لأخلاقها الباهرة
أتلك الشفاه وما قبلتها
سوى الم واللدة الزائره
أذاك القوام ومن حسنه
تميل الغصون له صاغره
أتلك الطفولة وهي سياج
لروض به نفسها طائره
أذاك العفاف ومما صفا
تقر به المقل الناظرة
محاسن بغي وأخلاق إثم
وزينة عاطلة فاجره
لعمري إنهم اتهموك
بما في نفوسهم الخاسرة
وإن الذي عاب منك السفور
كمن قال للشمس يا سافره
وإني أهواك ملء عيوني
وملء حشاشتي الصابرة
وملء الزمان وملء المكان
ودنياني أجمع والآخره
فإن يستملك إلي الهوى
وعين العفاف لنا خافره
أليس الهوى روح هذا الوجود
كما شاءت الحكمة الفاطره
فيجتمع الجوهر المستدق بآخر بينهما آصره
ويأتلف الذر وهو خفي
فيمثل في الصور الظاهره
ويحتضن الترب حب البذارر
فيرجعه جنة زاهره
وهذي النجوم أليست كدر
طواف على أبحر زاخره
عقود نتثرة بانتظام
على نفسها أبدا دائرة
يقيدها الحب بعضا وكل
إلى صنوها صائره
فيا هند أنت منى مهجتي
وناهية القلب والآخره
إليك أميل وغياك أبغي
بعاطفة في الهوى قاهره(45/419)
وما ثم عيب نعاب به
معاذ صبابتنا الطاهرة
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> لا شيء سوى الماء !
لا شيء سوى الماء !
رقم القصيدة : 5424
-----------------------------------
قصيدةٌ أخرى
يُفترَضُ أن تكون هنا
سقطت قطرةُ ماءٍ على الورقة
فانتفضت قصيدتي
سحبت جسدها المبلَّل وقفزت من النافذة !
..
من منكم رأى قصيدةً مذعورة
تركضُ في الشارع دون حذاء
أرجو إعادتها لي !
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هي ليلى عبد المسيح فحدث
هي ليلى عبد المسيح فحدث
رقم القصيدة : 54240
-----------------------------------
هي ليلى عبد المسيح فحدث
عن كمال وعفة ومبره
ذات جيد عليه يطلع الصبح
ولطف تشف عنه الأسرة
خير ما تثمر المحاسن في روض
أب فاضل وأم حره
حبذا يومنا الذي وصل المجد
به أسرة راما بأسره
يوم زفت ليلى إلي ذار يوحنو
وبيت الحبيب بيت المسره
فليقا عينا بعيش مديد
وليكونا لكل عين قره
وليدم يوسف الندى ينظم الأفراح
كالعقد درة إثر دره
شكر صديق أهدى ساعة ذهبية إلى الشاعر
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا صاحبا جميله
يا صاحبا جميله
رقم القصيدة : 54241
-----------------------------------
يا صاحبا جميله
ما عشت لا أنكره
ولست محتاجا إلى
شيء به أذكره
فإن قلبي في الغياب
أبدا يحضره
حبوتني بساعة
والخير ما تؤثره
معنى الحياة يجتلى
في الوقت إذ نبصره
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> جاءوا وكانوا أربعة
جاءوا وكانوا أربعة
رقم القصيدة : 54242
-----------------------------------
جاءوا وكانوا أربعة
كما تهب الزوبعة
دارت بهم وما دروا
دائرة مسبعة
واقوا إلى ساحة جود
نزلوها عن سعة
لأقوا بها ما سرهم
من رقة ومن دعه
ومن جمال وكمال
جل رب أبدعه
ومن حديث مطرب
فاز به من سمعه
وازدردوا ما ازدردوا
من اكلات مشبعة
وشربوا ما شربوا
من خمرة ومن جعه
وذكروا من غاب عن
حماه والقلب معه
داعين لله بأن
يشفيه ويرجعه(45/420)
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> تنكرت الحياة كأن دهرا
تنكرت الحياة كأن دهرا
رقم القصيدة : 54243
-----------------------------------
تنكرت الحياة كأن دهرا
يجيء وينقضي في كل ساعه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> البر في أنبل غاياته
البر في أنبل غاياته
رقم القصيدة : 54244
-----------------------------------
البر في أنبل غاياته
ممثل في هذه الجامعه
مصدر أنوار كفى أنه
مطلع هذي الشهب اللامعه
يا أمة ضدجط وأنداده
جلو لنا صورتها الرائعة
بنيتها دارا أوى الشرق في
رحب إلى أفيائها الواسعة
وقلت للدينا ولم تخطئي
خير المودات هي النافعه
إن رياضا اخرجت للنهى
هذي الثمار الغضة اليانعه
تهدي إلى الفارس حمدا به
طاب تغني طيرها الساجعه
فه
الغرفة التجارية بالاسكندرية أنشدت يوم افتتاح صرحها الجديد عام
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> أليس شيئا عجيبا
أليس شيئا عجيبا
رقم القصيدة : 54245
-----------------------------------
أليس شيئا عجيبا
صرح ويدعى بغرفه
تناقض فيه سر
تجلو البداهة لطفه
وما التواضع عجز
إن التواضع عفه
صرح به كل غنم
لمن يقلب طرفه
في كل مطرح لحظ
من الصناعات طرفه
ومن روض التجارات
تحفة عند تفه
ألنسج يبدي حلاه
والطيب يبذل عرفه
متانة في رواء
وحسن ذوق وخفه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> عطف المليك على الشعب
عطف المليك على الشعب
رقم القصيدة : 54246
-----------------------------------
عطف المليك على الشعب
هز للجد عطفه
وهديه لم يفته
في كل فن وحرفه
يقيله ويقيه
إن سامه الدهر خسفه
ما أحفل الذكر بالمجد
حين ينشر صحفه
بوحيه أدرك الثغر
من هواه أشفه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> والثغر ما زال في اماثرات
والثغر ما زال في اماثرات
رقم القصيدة : 54247
-----------------------------------
والثغر ما زال في اماثرات
راجح كفه
كعهده فاز بالسبق
والحواضر خلفه(45/421)
والفوز في كل حال
خطيرة ظل حلفه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> كفاه لحظ من الله
كفاه لحظ من الله
رقم القصيدة : 54248
-----------------------------------
كفاه لحظ من الله
بالعناية حفه
وكون هذا الأمير الجليل في الضيم كهفه
قيل بنى صرح مجد
أعلى إلى النجم سقفه
مراده لا يسامى
ورايه لا يسفه
عال علوا كبيرا
عن الأمور المسفه
بكل ما فيه نفع
للشرق يبسط كفه
أزف شعري إلهي
وفخره أن أزفه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا أحمد الخير يا من
يا أحمد الخير يا من
رقم القصيدة : 54249
-----------------------------------
يا أحمد الخير يا من
أسدى وأجزل عرفه
ما كان رأيك أدنى
من بذلك المال سلفه
حييت من لواذعي
وقاره زاد لطفه
فتى كهم المعالي
علما وبأسا ورأفه
سمح السجية لا تعدم
المرافق عطفه
كالنيل مد فروعا
وكل فرع لضفه
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> لا بأس من موتٍ آخر !
لا بأس من موتٍ آخر !
رقم القصيدة : 5425
-----------------------------------
- الإهداء/ إليها.. طبعاً.. ! -
ــــ
لا بأسَ من موتٍ آخر
يقترفُك الليلة ،
ولأن الكلامَ يتوسّدُ الهجير
ستفترضُ ما يلي:
1- أنكَ مطوَّقٌ بالنزيف
2- وأنك سطرٌ في الخواء
3- وأنك تموت.. ولا أثرٌ يدلُّ عليك سواك..!
..
متعَبٌ جداً
كان نهارُكَ محتشداً بالفوضى
مأهولاً بالخراب
محموماً بالمكائد
وموشوماً بالغواية ،
ولأن البوحَ رفعٌ للماء
ستشي بك الجداول
وتدفعُكَ الريحُ إلى آخرِ فاصلةٍ
في الهدير
لتصلبكَ في عراء الكلمات
..
مرهَقٌ للغاية
وتـ
تـ
سـ
ا
ا
ا
قـ
ـطُ جداً ،
فمنذ تلك الريح
وتأخذُكَ الضراوةُ إلى الشحوب
ومنذ ذاك الغيم
عليك أن تشبهَ وجهك
ذلك اليأخُذُكَ إليها
دون تعثُّرٍ في التفاصيل
أو بحثٍ جزئي عن علامات فارقة ،
فأيُّ صراخٍ يكسرُ الهواء
وأنت تموتُ بصورةٍ أفضل ؟
وأي ماءٍ يهشمُ العويل
وأنت أبهةُ الجنائز الأنيقة ؟
أي انهمارٍ يطفئ الهسيس(45/422)
وأي ذهابٍ في الحريق
أي وأي وأ....
يااااااااااه...!!!
هزّ حيرتك وراقِصْ ذهولك
والآن
لا شيء !
اهدأ فقط ، ودع الموسيقى تسيلُ
على هذا الخراب
...
كنتَ أقربَ إلى القصيدة
حين راودها العواء
فسقطتْ في كحل الخديعة
وكانت أبعدَ من غيمة
حينما انطفأت حواسُك/ فجأة
فمزقتك نصالُ الخواء
واعترتك الرجفة ،
فقط ، عليكَ أن تعقدَ صلحاً مؤقتاً مع اللحظة
وتعيد ترتيب التفاصيل:
- ماذا لو أعربتَ عن رغبتك في الخروج
أو هيأتَ نفسك لقراءة قصيدة
ثم اكتشفت عطباً إضافياً في العينين ؟
- ماذا لو قررتَ فجأةً تقليمَ أظافرك
أو تدوينَ سيرةِ رجلٍ كُنتَهُ
ثم اكتشفتَ أن أصابعك ملأى بالثقوب ؟
لا بأس ،
يلزمك أكثرُ من تصعيدٍ للبكاء:
- لكَ أن تعدَّ فنجان قهوة بلا سكر
وتشعلَ آخر سيجارةٍ في ليلك المُحنَّط
حارقاً في رمادها سلالاتِ الهموم
ومانحاً رئتيك فرصةً أخيرة
لاستشهادٍ عبثيٍ مثير
على يدِ سرطان غبي
- لك أن تعتصرَ سحابة الذاكرة
وتحرثَ تفاصيل الطين
بحثاً عن وجهين تحبهما
عجوزٍ في العاشرة ، وطفلةٍ بعمر الأزل
- لك أن...
وفيما يتمدّدُ جرحُك على أريكة الليل
لا بأسَ من حمامٍ سريع
وقليلٍ من العطر
استعداداً لسؤالٍ محتمل:
- هل فرغتَ من الحياة..؟
..
للتوِّ
كان حضورُها تعويذةً للوقت
كان العذوبة
وكان وضوءَك للصلاة
وحتى آخرِ هنيهةٍ للعشق
كنتَ الصلاة
وكنتَ البدءَ والمُنتهَى ،
فبأي آلاءِ الحنين ضيَّعتكَ المنافي
حتى تغرَّبَت فيك الجهات
واستبدّ بخفقِكَ المتاه ؟
وبأي ماءٍ تبتدئُك التراتيل
ليعمِّدَ الطهرُ أجِنّة كفرِكَ المخبوء
وتفيءَ في دمكَ الوثني الصبواتُ النبيّة..؟!
..
ها ها ها
قارورةُ الكلام
لا تكفُّ عن المسيل
ولا وقتَ لديك لدفع الضحك
في اتجاهٍ آخر
ربما تزجيةُ الفراغ في المساورة
تمنحك فاتحةً أخيرة لتدشين النهايات
وقد ينسكب حبرُ موتك السري/ خلسة
على منبت عاصفةٍ في الجوار
فيأثمُ عظمُ الأرض بنقيع كفرك
وتتوثّنُ بدمِكَ الجهات..!
...
ها ها ها(45/423)
يا لهذا الخواء ..!
..
بإمكانك أن تموتَ بلا ثرثرة
ودون تورّطٍ في الهراء
بإمكانك أن تموت دونما ترهُّل
أو إغراقٍ مملٍّ في سرد الهشاشة
تستطيع أن تنصب سُرادِقَ عزائك
كمن يقيمُ في الوهلة
أو يستوطنُ فقاعة حلم
فهل يجرحك السؤال: لِمَ ؟
ولأنك توهّمتَ اختلافَكَ عنهم
فلن يكون موتُك كما تشتهي !
ولأنها تراكَ كالآخرين
فلن يبكي عليك أحدٌ سواك !
فقط ، ذلك الطفلُ المجروحُ الوجنتين
لا يزالُ يبسملُ في الماء
ويسجدُ في الضوء
متشحاً بالرماد
وداخلاً في موته المتكرر كل صباح
محاولاً تأسيس قيامةٍ تليقُ به
ومنتظراً وجهاً لا يشبه أحداً
فهل تتوقف الآن ؟!
..
آن لموتكَ أن ينضج
فصيِّره كأبهى ما يكون
وكأي عاقلٍ جداً
عليكَ أن تنسلّ إلى الطمأنينة
كيفما اتفق
وتأفلَ دونما ضجيج
..
هيا.. اخرج الآن من القصيدة ..!!!
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> في اسم الهلالي رمز
في اسم الهلالي رمز
رقم القصيدة : 54250
-----------------------------------
في اسم الهلالي رمز
لا يخطيء اللب كشفه
ما يستكن ضمير
في الغيب إلا استشفه
فتى على الحلم فيه
لا تعصف الريح عصفه
ما ألزم الصف يوما
غلا تقدم صفه
فرد على أنه وزيران
يعدل الإلف إلفه
كأنما نصباه
عبء عليه مرفه
وقبلهت ناء ذو الأيد
وهو يحمل نصفه
قوي عزم ولكن
تدري المكارم ضعفه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> أمين يحيى دعاء
أمين يحيى دعاء
رقم القصيدة : 54251
-----------------------------------
أمين يحيى دعاء
واسم تضمن وصفه
يأبى على مصبيات الحليم
ان تتستخفه
نعم الرئيس رئيس
لا ينكر الحزم ظرفه
يجري السفينة واليمن
في اتجاه الدفة
بحسن رأي يذود الزمان
عنها وصرفه
والنجح في العمل الحر
أن تلائم ظرفه
لقد رمى أي مرمى
بعون من لف لفه
هم نخبة إن يقلوا
فأول السيل شعفه
تالفوا للرقي المروم
احسن ألفه
سمت مناهم وهبوا
لا يعبأون بكلفه(45/424)
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا وقفة العيد ماذا
يا وقفة العيد ماذا
رقم القصيدة : 54252
-----------------------------------
يا وقفة العيد ماذا
أريتنا في وقفه
من كل ما أبدعت مصر نوعه أو صنفه
فراع وشيا وصوغا
وأحكم الذوق رصفه
في العين دمع تبيح المسرة اليوم ذرفه
فقد تقلص ظل
ألقى على الفطر سجفه
ولاح طالع سعد
يميط تلك السدفه
خطب تأبد حتى
أردت يا مصر صرفه
لله شعبك يغزو
حقا ويحكم زحفه
وإنما ينصف الشعب حين يوجب نصفه
فتح عزيز يحيى
في فتح هذي الغرفة
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> كتابك في الرشيد كتاب صدق
كتابك في الرشيد كتاب صدق
رقم القصيدة : 54253
-----------------------------------
كتابك في الرشيد كتاب صدق
هو التاريخ رد إلى الحقيقه
على أحداثه ارسلت ضوءا
تغلغل في مهاويها السحيقه
بأخذ عن ثقات الرأي فيها
هداك إلى روابطها الوثيقة
فلم تخطئك فهما واعتبارا
مراميها الجليلة والدقيقة
وكم مغزى خفي أبرزته
عبارتك المصفاة الأنيقة
وكم أحجية تأبى حلولا
جلا لك حلها وحي السليقه
تكاد بوصفك الآثار تحيا
وقد دت روائعها العتيقة
فعادت مثلما كانت قديما
بغعجاب وإكبار خليقة
رعى الله التي كتبت لترضي
بنفس حرة ويد طليقه
وللآداب أحساب غوال
إذا اتصلت بأنساب غريقه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> على شبابك يبكي
على شبابك يبكي
رقم القصيدة : 54254
-----------------------------------
على شبابك يبكي
يا حرة يا نبيله
أفي التراب توارى
تلك المعاني الجميلة
حسن تولى وأبقى
عنه رسوما محيله
جهد الأسى أن تغيبي
وما لعود وسيله
نأسى ونيأس حزنا
وليس في اليد حيله
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> عيد حسيب عيد حبيب
عيد حسيب عيد حبيب
رقم القصيدة : 54255
-----------------------------------
عيد حسيب عيد حبيب
إلي من مبدإ الطفوله
فتى معال من خير آل
والفرع قد يقتفي أصوله
نابغة مدرك مناه(45/425)
بالحزم والعزم والرجوله
متى يعالج أمرا يؤيد
فيه بروح من البطوله
له وفاء لم يعرف الناس
في أماجيدهم عديله
فضيلة البر قد تجت
فيه وأعظم بها فضيله
تالله إني ما طال عمري
لست بناس يوما جميله
علمني أن أقول شعرا
إذ لست أسطيع ان اقوله
فوده فيا لفؤاد باق
لا يملك الدهر أن يزيله
شاركت فيه من غير شرك
ولم أشارك إلا مثيله
شاركت صنوا له كريما
ضاعف ودي تجلتي له
فليحي في غبطة حسيب
وليسعد الأهل والقبيله
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> حي الكنانة غدوة استقلالها
حي الكنانة غدوة استقلالها
رقم القصيدة : 54256
-----------------------------------
حي الكنانة غدوة استقلالها
واحمد بلاء الصيد من أبطالها
تلك المعاهد البعيد منالها
أدنت مساعيهم بعيد منالها
خطت بما قطرت قلوب شبابها
وبمثله قطرت عقول رجالها
قل للذين تعمدوا إبطالها
لا تسرفوا ما الغنم في إبطالها
يبغون إعجال المطالب كلها
ويعز ما يبغون من إعجالها
فز بالتي واتتك من أمنية
واعتد ما تعتد لاستمالها
وإذا بررت بأمة مغلولة
فالحزم أن تفتك من اغلالها
أمواقف الحلفاء من إعزازها
كمواقف الأعداء من إدلالاله
هي فرصة سنحت ولم يك نافعا
ندم يفت القلب بعد زوالها
سنحت وبالأيام عنها غفلة
هل كان حسن الراي في إفالها
إن السياسة وعرة ومراسها
صعب وواديا لتيه في اذيالها
لا تؤمن الزلات والحكم الهوى
في الفرق بين صوابها وضلالها
لكن هدى فيها لاكنانة نخبة
زكتهم جلاوتهم بمجالها
ما لاجبهة الزهراء إلا صفوة
جمعت عزائمها ليوم نضالها
من كل أروع باسل ومحنك
درب ومبرم عقدة حلالها
ومثقف ثبت وندب حول
يتتبع الشبهات في تجوالها
مسلح بالراي ليس يفوته
في كل معضلة جواب سؤالها
ومراقب في نفسه وبلاده
ذمم العلى مستمسك ببالها
ومعود في خوض كل كريهة
ألا يباليها على أهوالها
رمت الكنانة إذ رمت أهدافها
بهم فكانوا صائبات نبالها
ولو أنها جنحت إلى خذلانهم
لغدا عدول الخلق من عذالها(45/426)
فتح ستتلوه الفتوح وهمة
حملت بوادرها ضمان مالها
ولجت به باب الحياة وهيأت
للمجدما يرجوه يوم صيالها
بالخلادات الذكر من أسمائها
والخالدات الإثر من أفعالها
هي أمة شغفت برياتها
فاظنن بطيب البث يوم وصالها
بالأمس أبدت للزعيم شعورها
في زينة خلابة بجمالها
لو شبهت أعيادها الخرى بها
ما كانت الأعياد من أمثالها
واليوم أفصح مجلسا نوابها
عن رايها وهما لسانا حالها
فبدت مشئتها وحصحص ما ترى
حقا عليها بعد حل عقالها
أتوافق الأيام في إدبارها
وتخالف الأيام في غقابلها
يا سعد جلت ماثراتك عندها
عن أبلغ الإطراء في اقوالها
بالأمس تعههدها وذلك جهدها
فخذ الثناء اليو ممن أعمالها
أطلل عليها باسما متألقا
من حيث تبدو الزهر في إطلالها
وحيالك الشهداء من آسادها
ويحالك الشهداء من أشبالها
نخب من النخب الأعزة عوجلت
من أجل هذا اليوم في آجالها
وانظر إلى مصر الوفية راضيا
عما تراه من جديد خلالها
أيقظتها وظللت بعد نهوضها
عنوان عزتها ورمز جلالها
فإذا هي استبقتك بين عيونها
فمثالك المشهود عين مثالها
وغذا بنت لك مضجعا في صدرها
فذخيرة تهدى إلى أجيالها
إن غابت الشمس استضاء بشعلة
عند الخلود السر في إشعالها
من نفسها وبنفسها تذكو فما
تفنى وما ينفى خفي ذبالها
هيهات أن تنساك مصر ولم تكن
يا سعدها إلا مصدق فألها
خلفت فيها مصطفاك فكلما
شهدت مواقفه خطرت ببالها
أدى الأمانة في تقاضي حقها
واستنجز الأيام بعد مطالها
هل أنتما إلا زعيما شعبها
وميسيراها في سبيل كمالها
علمان إن قدرت خصالكما فقد
قدرت ولم تخطيء أجل خصالها
يا ذا الرياسات التي اضفت على
وادي الكنانة وارفات ظلالها
عافاك ربك كيف تضطلع القوى
بأقل ما حملت من أحمالها
قلب الفتى يوهيه شغل واحد
أتطيق ما تبلوه في أشغالها
لكن نفسا في جهادك رضتها
بالحادثات خفافها وثقالها
محصتها تمحيص أغلى جوهر
في ضيم كل ملمة ونكالها
وبذاك اشهدت البلاد مداك في
إنجاح ما بسطته من آمالها(45/427)
اليوم بين يديك أجمع أمرها
والحال حال الفصل في استقبالها
فلتشهد اليام بعثة شمسها
وليغمر الآفاق ظل هلالها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> تكتب يومياتها عالده
تكتب يومياتها عالده
رقم القصيدة : 54257
-----------------------------------
تكتب يومياتها عالده
ناقدة في حكمها عالده
تذكر ما يخطر في بالها
في كلم معدودة حافله
وتصف الناس على خبرة
حتى تراهم صورا ماثله
وتصف الحوال مشهودة
كأنها المرسمة الناقله
في جمل موجزة جزله
واضحة نرسلها عاجله
أجبني من نقدها قولها
في غادة بادنة جاهله
فلانة حسناء لكنها
على صباها بضة خامله
إن تتكلم فهي مجهودة
أو تتحرك فهي مثاله
كرودة أكثر غرواؤها
فنشأت مائية ذابله
وقولها في هرم جاعل
هوى الغواني شغلا شاغله
وجه الثمانين وشعر الصبا
ألشيب حلي الأنفس الكامله لم يتزوج وهو شا أمريء يحسب جهلا نسوة الناس له
فضاع في غسرافه عمره
ولم ينل غلا المنى السافله
وما درى أن سعود الهوى
لفاضل زوجهت فاضله
وقولها خطرة فكر لها
كأنها عن نفسها قائله
فلانة حسناء في زعمهم
أديبة آنسة عاقله
لكنها ليست على ثرو ه
إذن فهتيك الحلى باطله
يزدحم الفتيان في بابها
واتتبع القافلة القافله
كأنها التمثال في متحف
تزورة للرؤية السابلة
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> إذا ما روضة الآداب باهت
إذا ما روضة الآداب باهت
رقم القصيدة : 54258
-----------------------------------
إذا ما روضة الآداب باهت
بغالي الدوح باهينا بنخله
أمير الشعر ما أسناه تاجا
حليت به وما أحلى محله
يدا لبنان حبا صاغتاه
لمن أضضفى على الأكوان ظله
فإن تبعد
ولم نشهد فمنا لمثواك التحية والتجلة
وغن نبغ العزاء جلا أمين
لنا الفرع الزكي يعيد أصله
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> إني اقمت على التعلة
إني اقمت على التعلة
رقم القصيدة : 54259
-----------------------------------
إني اقمت على التعلة
حتى نقعت اليم غله(45/428)
من لا يطيع وقد دعا العاص
وجاد طيب نهله
نهر أتم الله نسمته
به وأدام فضله
أغلى مفاخر حمص في الديما وأعلاها ملحه
لله ذاك النهر ما
أزهى خمائله المظله
وأحب نبت الروض في
أفيائه وابر أهله
هذا احتفال ما أحيلى
في مقام ما أجله
جمع الحدائق والأزاهر
والكواكب والهله
جمع الأماجيد الأولى
بهم السداد لكل خلة
وأولى وجاهات خلت
من كل شائبة وعله
وصنوف إخوان بهم
ضم الحمى للذود شمله
متى لفين وذاك شرط للحياة المستقله
أو ليس في عقب الشقاق
الضعف تصحبه المذلة
وهل النزاع سوى احتضار
لشعوب المضمحله
قوم برؤيتهم أراني
المجد عزته ونبله
آيات همتهم بواد
في الحقول المستغله
ولهم صناعات بها الوطان
ما شاءت مدله
هل ينكر المجد الصحيح
على التعدد في الأدله
يا سادة قد أعظموا
شأني الغداة وما أقله
شكرا لما أوليتم العبد
الفقير من التجله
ومن امتداح خاله الأدباء
في ولست أهله
كل له فضل علي
وذاك فضل عائد له
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> ثلاث بورتريهات لصحراء الضجر
ثلاث بورتريهات لصحراء الضجر
رقم القصيدة : 5426
-----------------------------------
1.
جمّالون
حمّالو تعبٍ مُستعمَل
نافِقةٌ قوافلُهم
وحتماً لا على الترجيح
آبِقون كتاريخهم
..
قفائيون
شيّالون لخيباتهم
عتّالون للمباءات
متفاقمون كالرِّجس
وشائعون كالطاعون
والِغون في الدم ،
نافرون منهم إليهم
متفصِّدون كسرطانٍ في نسغ طفل
ومندملون كجرحٍ ينزُّ صديده
..
جمّالون
جوّابون مفاوزَ للخديعة
وهّابون لماء الوجه
حطّابون للدسائس
جلاّبون للهزائم
خلاّبون لألباب بلا حياة
ذهّابون في سيرة الولغ
2.
ساحليون
مطريّون
راكِبو أمواج
طرواديون باستحقاق
وفادِحون في الأخذ دونما هوادة ،
أشاوسٌ في مدنٍ عزلاء
ومغاويرُ أوسمةٍ دونما معارك
فرسانٌ خشبيون
أحصنتُهم أسِرَّةُ العذراوات البائسات
وسيوفُهم من عجين الفاقة الأزلي
..
ساحليون
فائضون على شواطئ المدن
كهلامٍ خائرٍ لبزّاقٍ بحري
نهريّون(45/429)
دبِقةٌ ملامِسُهم
كقشور سمكٍ ميت
يطفو على ضفة خليج ،
خفّاشيون بامتياز
ولفرط الطراوة
تتقصّفُ حراشفهم لضربة شمس صغيرة ،
مجحفَلون بالسخام والكوليسترول
ومدجَّجون بشعارات مجوقلة
3.
جبليّون
قساة
فحّاشو قولٍ ومخصيّو أفعال
سهليون
عتاة
نازحون لإيلافٍ موعود
داهِسين في طريقهم العشب والأعناق
شطّاحون
ردّاحون
مُنفَرِطون في الشوارع
يتمخَّطُهم الضجر
24.03.2003
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> وقفت على القبر الذي أنت نازله
وقفت على القبر الذي أنت نازله
رقم القصيدة : 54260
-----------------------------------
وقفت على القبر الذي أنت نازله
وقوف جبان باديات مقاتله
وما القبر إلا حلق غرثان هاضم
من الموت ما يلقي به فهو غائله
لمثل أمين يجزع الناس إذ مضى
أواخره محمودة وأوائله
دفناه مبكيا نضير شبابه
ومبكية آدابه وفضائله
كأنا نواريه الثرى كل ساعة
أسى وكأنا كل آن نزايله
هوى بين أيدينا وقد ودت المنى
لو أن لفضل ساعدا فهوناشله
كما سقطت في البحر درة باخل
أحاق به لج من اليأس شامله
فراح يعيد الطرف لا هو صابر
ولا هو يدري أي أمر يحاوله
يقطر فوق الغمر سائل دمعه
ولا يدرك الشيء لذي هوس ائله
فتى كان سباقا إلى كل غاية
ويعلم إلا قدره فهو جاهله
رجونا له بالطب برءا يسرنا
به وغذا الطب المؤمل خاذله
ومن قلبه الداء الذي هو يشتكي
فماذا تداويه وماذا وسائله
وكان على طيب الزمان وخبثه
جني ثمار الأنس عذبا مناهله
ولا يبتغي إلا المحامد والعلى
ومرضاة وجه الله فيما يزاوله
إذا اطبقت سحب الحوادث حوله
أضاءت بها أخلاقه وشمائله
وإن تدن نار الحقد منه تضوعت
مناقبه طيبا بها وفواصله
وما انقبضت إلا عن الشر كفه
وما انبسطت إلا لخير أنامله
فلا راعنا بين الأمين وكلنا
يجد إليه والهموم رواحله
هل المرء مرجو على كل حالة
لطول بقاء والليالي كافله
فإن كان طفلا فهن منذ ولاده
رهين المنايا والرزايا قوابله
وإن كا نشيخا فهو قد شد رأسه(45/430)
إلى الأرض من عجز وناءت كواهله
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> أعروس إكليلها يعلوها
أعروس إكليلها يعلوها
رقم القصيدة : 54261
-----------------------------------
أعروس إكليلها يعلوها
ام هي الشمس والسنى يجلوها
أوتيت غير حسنها البالغ الغايات
نفسا فيا لغيد تستثنيها
ومن اللحن في أناملها آيات
سحر على النهى تجريها
وقف الشعر عند حد معانيها
وقد خيل أنه يطريها
غنيت عن حلى البديع القوافي
بحلاها وبعضها يغنيها
ما استعارات كاتب التي يثني
عليها خصالها تكفيها
إن أردت التشبيه دعها وشبه
رب حسن لا يقبل التشبيها
ذلك الحسن سال من منبع الحسن
نقيا منزها تنزيها
وقديما أبى الأصيل من الحسن
شريكا فناهز التأليها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> عاجت أصيلا بالرياض تطوفها
عاجت أصيلا بالرياض تطوفها
رقم القصيدة : 54262
-----------------------------------
عاجت أصيلا بالرياض تطوفها
كمليكة طافت معاهد حكمها
حسناء أمرها الجمال فأنشأت
في ايكها الأطيار تخطب باسمها
والحسن أكمل ما يكون شبيبة
في بدئها وملاحة في تمها
سترت بأخضر سندسي جيدها
فحكى المحيا وردة في كمها
وتمايلت في ثوب خز مورق
غصنا وهل للغصن نضرة جسمها
فإذا دنت في سيرها من زهرة
همت بأخذ ذيولها وبلثمها
أو جاورت فرعا رطيبا لينا
ألوى بمعطفه ومال لضمها
وتحف أبصار بها فيخزنها
بحيائها ويشكنها في وهمها
كالنحل طفن بزهرة فلسعنها
ورشفن منها ما رشفن برغمها
حتى إذا حلى العياء جبينها
بندى وأخمد جمرة من عزمها
جلست تقابل أمها وكأنما
كلتاهما جلست قبالة رسمها
لكن عاصفة أغارت فجاة
بالهوج من لدد الرياح وقتمها
فاهتزت الغبراء حتى صافحت
عذبات سرحتها منابت نجمها
وتناثرت صفر الفتاة غمائما
سترت عن الأبصار طلعت نجمها
فتحيرت فيما تحاول وهي قد
أعيت بلا مرآتها عن نظمها
فدنت تحاذي أمها وتناظرت
بعيونها وجلت سحابة همها
كذا الفتاة إذا ابتغت مرآتها(45/431)
فتعذرت نظرت بعيني أمها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هب زهر الربيع
هب زهر الربيع
رقم القصيدة : 54263
-----------------------------------
هب زهر الربيع
في نظام بديع
تحت أقدامها
وعلوالي الغصون
نكست للعيون
نضر أعلامها
وبدا في حلى
وجهها ما جلا
نور إلهامها
إن هذي عروس
تتمنى النفوس
سعد أيامها
لم يوف البيان
في مقام القران
حق إكرامها
فانتقى للثناء
من فننون الغناء
خير أنغامها
نجمها في صعود
فلتدم والسعود
رهن أحكامها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا أميرا أهدى إلى لغة الضاد
يا أميرا أهدى إلى لغة الضاد
رقم القصيدة : 54264
-----------------------------------
يا أميرا أهدى إلى لغة الضاد
كنوزا من علمه وبيانه
ذلك المعجم الزراعي قد كان
رجاء حققته في أوانه
عمل لا يكاد يقضيه إلا
مجمع بالكثير من أعوانه
دمت ذخرا له مى ثره في
نفع هذا الحمى وفي رفع شأنه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا مسهد القوم أطلت السنة
يا مسهد القوم أطلت السنة
رقم القصيدة : 54265
-----------------------------------
يا مسهد القوم أطلت السنة
ما الدهر إلا بعض هذي السنه
يومك في لبنان يوم له
انباؤه في آخر الزمنه
هون من دمعي عزيزا أجل
وعزة الخطب الذي هونه
بكيت تلك المحمدات التي
بعدك امست بالنوى مؤذنه
وهي بها الركن الركين الذي
ما لبث الواجب أن أوهنه
بكيت ذاك الخلق الحر ما
أحصنه والخلق ما أحسنه
بكيت ذاك الود أتحفتني
بآية من أنسه بينه
بكيت علما شاملا نفعه
دون منه المجد ما دونه
بكيت إلهاما أباه على
أقرانك الوحي الذي لقنه
بالفكر تستنزله من عل
والصوغ تغلي في الحلى معدنه
معناه ما أبلغ واللفظ ما
أفصح والأسلوب ما أرصنه
بكيت ذاك الأدب العذب في
جاعله من كرم ديدنه
والجانب اللين حتى إذا
دعا حفاظ عاد ما أخشنه
والجود تفني فيه من رقة
ماص ور اللطف وما فننه
بلحظة أو لفظة تغتدي
محسنة قبل اليد المحسنه(45/432)
أمر عظيم أن يجود أمروء
وسره مصداق ما أعلنه
ما نفقات المال إلا على
ما تشتهيه النفس بالهينه
ا أيها الناعيه في قومه
نعيت أوفى خادم موطنه
فتى رعى كل مواثيقه
على اختلاف الحال والآنة
إن يرأس الشوى يسسها ولم
تؤخذ عليه في مقام هنه
ولم يكن إلا أخا ناصحا
في رفقة عن ثقة مذعنه
أو يبرح المنصب تهض على
قدرته في ذاته البينه
في جنب ذاك الفضل أقلل بما
تعدد الأقلام واللسنه
ياعانيا يدفيه من قيده
أعزة لو فدية ممكنة
ضمك لبنامن إلى صدره
وقد يجد الحس بالأمكنه
رقت لك الأضلاع منه فما
وسدت إلا مهجة لينه
نم هانئا كم ساهد في ثرى
غربته ود به مدفنه
ولتكس مثواك غوادي الحيا
من كل ناضر أزينه
فيه صبى حق على مثله
أن تحنو الوردة والسوسنه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا أبنة العم إن ذاك الذي
يا أبنة العم إن ذاك الذي
رقم القصيدة : 54266
-----------------------------------
يا أبنة العم إن ذاك الذي
أكبرت آياته وأعظمت فنه
ليس بالشاعر الذي خلت غلا
عبرة قد يصوغها أو أنه
أنت أقرضته الثناء فلم يردد
وما كان جاحدا للمنه
قلبه يعرف الجميل ويرعى
كل حسنى أعارها اللطف حسنه
لم يطعه البيان أطوع ما كان مديح
لوالد يصف ابنه
ولسان المنطيق آنا له جري
وآنا يعروه عي ولكنه
غير أن السرور قد أسعد اليوم بياني
وخلى فكري يسير وشأ ه
فاهنئي أيها العروس ويا ابن
العم فاغنم سعد القران ويمنه
أنت أرقى الشباب خلقا وخلقا
وارق الأتراب حذقا وفطنه
وهي وجه العفاف ينظها الطرف
قريرا وإن دعنوها بفتنه
بارك الله فيكما فارغدا عيشا
وذوقا صفو الزمان وأمنه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> وحيك يا سيدتي أمينة
وحيك يا سيدتي أمينة
رقم القصيدة : 54267
-----------------------------------
وحيك يا سيدتي أمينة
جاء من الهدى بما بتغينه
في مثل حي تخلدينه
يثير شجو النفس الرزينه
ويستدر الدمع السخينه
كانت برنتي اسرة مسكينه
مجيدة مرهقة حزينه(45/433)
أخلاقها قويمة مكينه
لكنها لم تعرف السكينه
ولا رضا كانت به قمينه
نبوغها كما تصورينه
شذ بها فحطم السفينه
وصفتها صادقة امينه
في قصة محكمة رصينه
لغتها فصيحة مبينه
حكمتها واعظة متينه
وتلك يا سيدتي أمينه
مأثرة جديدة ثمينه
مما على الأيام تبذلينه
لمصر من جهد فما تألينه
وفخر مصر أنها مدينه
بما تقولين وتفعلينه
وتبدعينه وتنقلينه
لمرتقى جيل تجددينه
بينت للقرية والمدينة
ما بهما من قدره كمينه
إن جليت كنوزها الدفينه
ليس النساء صورا للزينه
هن القوى المسعفة المعينه
ما أنجح الشأن الذي يلينه
مأ اصلح النشء الذي يبنينه
أحسنت يا سيدتي أمينه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ألحب روح أنت معناه
ألحب روح أنت معناه
رقم القصيدة : 54268
-----------------------------------
ألحب روح أنت معناه
والحسن لفظ أنت مبناه
إرحم فؤادا في هواك غدا
مضنى وحماه حمياه
تمت برؤيتك المنى فحكت
حلما تمتعنا برؤياه
يا طيب عيني حين آنسها
يا سعد قلبي حين ناجاه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> إذا ما فرنسا قلدتك وسامها
إذا ما فرنسا قلدتك وسامها
رقم القصيدة : 54269
-----------------------------------
إذا ما فرنسا قلدتك وسامها
فخارا بمصري يجيد لسانها
فكيف فخار الضاد بالعلم الذي
نمته فأعلى في البيان بيانها
وهل كان غير العلم وهو وليدها
معيدا إليها في اللغات مكانها
تداركها في البدء والعود ربها
بنصر عزير صانها ثم صانها
بطه قديما عظم الوحي شأنها
وطه حديثا عزز العلم شأنها
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> كفٌ مجروحةٌ لصديقتي القصيدة
كفٌ مجروحةٌ لصديقتي القصيدة
رقم القصيدة : 5427
-----------------------------------
وأنا إليك
أحطُّ جسدي في أول الضوء
وتتقرفصُ في داخلي أحلامٌ صغيرة
..
لم يحكَّها وجهُ العالم الناشف
لم تلمس - بعد - طراوة الهواء
..
..
ها أنا أطفئُ شاشة العالم
بريموت الروح ،(45/434)
وفيما يضجُّ بصوتك شريانُ الحنين
أهذي بناعسة الخد في بيتي
وأكتبُ قصيدتي الأخيرة
..
سأفكرُ حتماً في قارئٍ بعيد
ورقيبٍ عتيد
يسفعُ بناصيتي الخاطئة
..
رقيبٍ يجزُّ خصلة بيتي الشعري
من أخمص القصيدة
حتى مجمع النهدين !
..
..
سأفكرُ في إلهي الخاص
وتركيبة عناصره الشيطائكية
..
سأفكرُ في الملاكِ الأيسر سييء السمعة
..
..
سأفكرُ في سارة الطفلة
بوجهها الشاع
وجارتي الوحيدة بحزنها المُدبَّب
وصديقي الكهل (الشاعر سابقاً)
وربّة البيت (التي لاحقاً السيدة البدينة)
..
سأفكرُ في أشياء كثيرة
..
أنا الذي لامتحان الباب
أطبقُ قامتي على الظل
وأسمّي السريرَ ماراثونَ الضجر
..
..
أبكي إن غاب البكاء
وإن لم أقلق ،
أقلق !
..
أشكركِ جداً لما حدث ، وما لم
وما يحدث ، وما لن
أنتِ التي احتملتِني كل هذا الهراء
..
أنا الذي لم يحتملني أحد
..
..
سأخرج الآن
تذكرتُ موعداً !
..
ها قد جرحتُ كفّي
صافحيني
أيتها القصيدة ..
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> دع الخمر نصح أخ إنها
دع الخمر نصح أخ إنها
رقم القصيدة : 54270
-----------------------------------
دع الخمر نصح أخ إنها
لتوهي القلوب وتردي النهى
وحيث وجدت دمارا وبؤسا
ولم تدر مأتاهما ظنها
أما هي تلك التي خربت
بيوتا بتقويضها ركنها
أما هي تلك التي ضعضعت
شعوبا ودكت بها مدنها
وكل المربين من كل جيل
وكل النبيين عنها نهى
وكل أولي العزم قد سبها
وما في أولي الحزم من سنها
عليها حماة الحجى غارة
فخير أولي الفتح من شنها
والقا دراكا بكاساتها
تهاض ولا تعصموا دنها
طلاقا لشمطاء توهي القوى
وتثكل أم الوحيد ابنها
عجيب تزايد عشاقها
بقدر استطالتهم سنها
طلاقا بتاتا بلا رجعة
وحسب امريء جنة جنها
ولا تقبلوا ترهات غواة
ترى سوءها وترى حسنها
تعظم عن سفه نفعها
وترفع من ضعة شأنها
أليس لوفرة أرزائها
تجوز خالقها لعنها
فيا فتية الخير يا خير من
تقيم بهم أمة وزنها(45/435)
لمصر بكم حسن ظن إذا عففتم فلا تخلفوا ظنها
له شكر لكلة أرز
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا باعثا بأرز راح آكله
يا باعثا بأرز راح آكله
رقم القصيدة : 54271
-----------------------------------
يا باعثا بأرز راح آكله
يثني عليك وأذكى الطيب في فيه
إن كان في البيت ما يذكو فيشبهه
فليس يشبه لطف لطف مهديه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> إن تكونوا حماتها وبنيها
إن تكونوا حماتها وبنيها
رقم القصيدة : 54272
-----------------------------------
إن تكونوا حماتها وبنيها
ما لتلك الذئبا تعتس فيها
افترضون أن تهون عتيدا
بعد ذاك الإباء في ماضيها
تلك أوطانكم تباع عليكم
صفقة بخسة فمن مشتريها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> تمنيت لو كنت في حالة
تمنيت لو كنت في حالة
رقم القصيدة : 54273
-----------------------------------
تمنيت لو كنت في حالة
وعن احد مرة راضيه
لو أنك قاضية في الحمى
لكن تعلى أهله القاضيه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> إذا وهى الحب فالهجران يقتله
إذا وهى الحب فالهجران يقتله
رقم القصيدة : 54274
-----------------------------------
إذا وهى الحب فالهجران يقتله
إن تمكن فالهجران يحييه
صغيرة النار عصف الريح يطفئها
ومعظم النار عصف الريح يذكيه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> شارفت مصر وفيها كل ناضرة
شارفت مصر وفيها كل ناضرة
رقم القصيدة : 54275
-----------------------------------
شارفت مصر وفيها كل ناضرة
من الزاهر يحي النفس رياها
فظلت في روضها مستطلعا لبقا
حتى ظفرت باذكاها وابهاها
مليكة الورد ملء العين صورتها
ماء الجمال جرى فيها فارواها
الحس يجلو الخبايا من سرائرها
والطهر يسطع نورا من محياها
وما تخال سوى در منثرة
ألفاظها دارجات من ثناياها
مرآتها أمها تجلي محاسنها
مجددات وتستجلي سجاياها
مالت إليك وما في قدها ميل
وما طوت غير ما تبدي طواياها(45/436)
وكيف لا تعرف الزهراء كوكبها
إذا هدى الطالع الميمون مسراها
قال الحواسد أقوالا فهل نقصت
مما به المبدع المجواد حلاها
أجللتها في معاني النفس عن شبه
وإن زعمت لها في الحسن أشباها
يا ابن الأكابر زاد الله رفعتهم
من أسرة لخصت فيه مزاياها
للفضل في مصر أعلام سمت وصوى
وإن أظهرها فيها صواياها
إن كان للمال قدر فوق قيمته
فقدرها فوق ما الإثراء آاها
نعم الفتى هو لستي في عشيرته
إن عد أصوبها رايا وامضاها
حباه مولاه بالآلاء وافرة
فلم يكن لتمام العقل تياها
يخفي فضائل تبديها فعائله
وإن أروعها في النفس أخفها
يا ابني طيبا وقرا أعينا وخذا
من المنى خير ما تعطيه دنياها
إن الحياة أطال الله عمر كما
ليست سوى لفظة والحب معناها
أرى السفينة في الميناء رافعة
شراعها وعيون اليمن ترعاها
لنقله يبدأ العيش الجديد بها
ويكلأ الله مجراها ومرساها
كونا سعيدين واعتزا بنسلكما
واستوفيا العز والعلياء والجاها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> شجانا نوح شاديها
شجانا نوح شاديها
رقم القصيدة : 54276
-----------------------------------
شجانا نوح شاديها
وتصويع بواديها
بلاد كانت النعمى
تراءى في مغنيها
فماذا أنزلت فيها
من البؤس أعاديها
كوارث أفحشت
فتهيب الرقام محصيها
رمتها النكبة الكبرى
بجيش من دواهيها
جنود لا عداد لها
بها غصت نواحيها
فهبت للزياد ولم
يرعها بأس غازيها
يجاهد كل فتيتها
ويجهد كل أهليها
فلما ساتنفدت أغلى
قرها في تفانيها
توى أبطالها وأبى
حياة الذل باقيها
نفوس حرة صدقت
على الجلى معاليها
لئن جلت مصائبها
فما أنحلت أواخيها
ولم تثلل عزائمها
ولم تفلل مواضيها
وما عدمت مواساة
مفاخرها تواسيها
لقد عظمت بحاضرها
كما عظمت بماضيها
فنحن اليوم في ذكرى
بطولتها نحييها
ونصفيها مودتنا
وخير الراح صافيها
ونذرك كل عرافة
لها بالشكر نقضيه
إذا ظلت إلى حين فعدل الله حاميها
ستبقى الدهر ما بقيت
فضائل قومنها فيها
ويأتي النصر وفق منى(45/437)
تمنيها فيرضيها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> شيدها إلياس دارا وما
شيدها إلياس دارا وما
رقم القصيدة : 54277
-----------------------------------
شيدها إلياس دارا وما
أسعدها دارا بأهليها
أبهج من ظاهر زيناتها
للمجتلي زينات من فيها
قصيدة رائعة أكملت
حىل مبانيها معانيها
بورك في الباني وفي أسرة
لم تعرف الزهو ولا التيها
من نفسها لا جاهها مجدها
ومن سجاياها معاليها
ليس على النعمى لها حاسد
يحفظها الله ويحميها ليلى المغنية وقد تبرعت بحفلة لمساعدة منكومبي الحريق بالأستانة
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ليلى أجمعي الناس إلى محفل
ليلى أجمعي الناس إلى محفل
رقم القصيدة : 54278
-----------------------------------
ليلى أجمعي الناس إلى محفل
مصغ وكوني القينة الشاديه
دعوت للخير فجاءوا له
بأنفس طيبة راضيه
ما كلمات الشكر إن نهدها
ببعض ما جدت به وافية
آها لمنكوبين قد أحرقت
ديارهم غائلة جانيه
ريع يتاماهم وأطفالهم
وشردت نسوتهم باكيه
باتوا وما بعد الحمى من حمى
إلا كهوف في الدجى الغاشيه
كهوف نور شادها ساخرا
شعاع تلك الشغل الطاغية
أطنافها تندى شرارا فما
تحسبها إلا به داميه
من يرجع الشيخ إلى بيته
إلى مصلاه من الزاويه
من يسعف الكهل وحاجات من
يعول من أسرته ماهيه
من لرعوس فارقت خدرها
وأصبحت بعد الحلى عاريه
رأيت يا ليلى بعين النهى
أهوال تلك النكبة الداهيه
فهزت الرأفة أتارها
في نفسك المرنانة الصافيه
وما أناشيدك إلا صدى
منها لتلك الشيمة الساميه
ليلى استوى في التخت سلطانة
على قلوب الرفقة الصاغية
في روضة شائقة أنشئت
لساعة أزهارها زاهيه
تحت سماء فائض نورها
من ألف مصباح بها ذاكيه
ليلى أثيري من خبايا المنى
كنوز تلك النغمة الخافيه
وليذكر الناس غراما مضى
ولتذكر العاشقة الناسيه
وليجذل الجذلان وليبك من
يبكي لشكوى نفسه الشاكيه
ففي مثارات الهوى عندهم
خير لتلك الأنفس العانيه(45/438)
قولي لهم يا ليل يطرب له
أشهاد تلك الليلة القاسيه
كأنني أنظر من حيثما
أرسلت تلك الدرر الغاليه
ندى من الرحمة يهمي على
نيران تلك الأربع الصاليه
تحية للحرية وأبطالها والشورى ورجالها
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> حييت خير تحيه
حييت خير تحيه
رقم القصيدة : 54279
-----------------------------------
حييت خير تحيه
يا أخت شمس البريه
حييت يا حريه المشمس للأشباح وأنت للأرواح
كالشمس يا حريه
أنت النعيم وأحلى
أنت الحياة وأغلى
للخلق يا حريه
شارفتنا فانتعشنا
وفي ظلالك عشنا
بالعدل يا حريه
كوني لنا عهد سعد
وعصر فخر ومجد
يدوم يا حريه
دعاة الانقلاب يمشون بعضا ألى بعض في الخفاء
من المخبون سعيا
دجى كأشباح رؤيا
ضئيلة غيهبيه
هل في حواشي الظلام
لهم خبيء مرام
يبغونه في العشيه
من كل محبي ومدرج
وكل مسرى مدلج
سرى الظنون الخفيه
إذ غض جفن فروق
وعد سير الطريق
خطيه بخطيه
نامت فروق ولكن
كما تنام المدائن
والناس فيها شقيه
نامت وفيها يواقظ
وسامع ولواحظ
إلى القلوب النجيه
مبثوثة في حواشي
ذاك السواد الغاشي
كالرقط في ثوب حيه
تحاذر الطير منها
والوحش تبعد عنها
في عصمة البرية
إلا دهاة قورما
تمضي ثقالا هموما
سريعة أو بطيه
من كل راكب ليل
كمي حرب وخيل
أو حرة حوريه
النساء التركيات يحملن رسائل الفدائيين
حسناء ذات ابتسام
هتاك ستر الظلام
لحاظها دريه
تسير سير الملائك
على فخاخ المهالك
بخطرة ملكيه
تضم في الصدر سرا
يصبح الملك جمرا
إن تبد منه شظيه
تمضي رسولا امينا
توتي البلاغ المبينا
رضية مرضيه
لا غرو فيما أبادت
من حكم فرد وشادت
من دولة شوريه
بلفظة دونتها
او لحظة ضمنتها
إشارة معنويه
أكان داعي المهالك
قبل انقلاب الممالك
سوى تناج بنيه
يا سرها كنت آية
قد أنزلتها العنايه
في صفحة جوهريه
روته عنها شفاه
أجرى عليها الإله
عذوبة كوثريه
يا غادة الترك حمدا
أنت المثال المفدى
للحسن والأريحيه
أبطلت رمي النساء
بالغدر والإفشاء(45/439)
وكنت تلك الوفيه
شعراء المغرب العربي >> محمد زيدان >> الفكرة !
الفكرة !
رقم القصيدة : 5428
-----------------------------------
لماذا ،
حينما الشمسُ تلوح
وحين آخرُ غيمةٍ تفرّ
يُشهِرُ البرقُ سياطَه
في وجه السماء
وتصرخُ الرعود ؟
..
لماذا ،
حينما المطرُ يجيء
وحين الحياةُ تهطلُ
في كهوف الموت
يُعلِنُ الإعصارُ تمرّده المفاجئ
وتُولدُ العاصفة !
..
لماذا ،
حين الحبّةُ سنبلةً تصير
وحين بكارةُ الأرضِ تُفَضّ
يندلعُ اليباسُ الحقودُ
في رحم المدى
وينداحُ اليباب ؟!
..
ولماذا (؟!)
..
ثمة خطأٌ ما - لا بدّ !
..
آه ،
حينما الطفلةُ على الأرجوحة تلهو
وحين العجوزُ مبتسماً يعود
يتساقطُ البشرُ من قبعة الغول
ويطلِقُ القنّاصُ الرصاصة!
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> من الجياع الظماء
من الجياع الظماء
رقم القصيدة : 54280
-----------------------------------
من الجياع الظماء
ألقتهم الدأماء
في كل أرض قصيه
أتشات جاه ومجد
ضموا لأشرف قصد
قامت به عصبيه
يذللون الصعابا
ولا ينون طلابا
للغاية المنويه
عرفت منهم اديبا
قضى الشباب غريبا
بين القرى الغربيه
حيال سعد بنيها
يشقى الفتى الحر فيها
بالنبعة الشرقيه
تزجى إليه فيأبى
أسمى المناصب حبا
للخدمة القومية
أولئك النافعونا
وهم هم الدافعونا
عنا أمورا فريه
لقد شقوا في المسير
لكن لقوا في المصير
مثوبة أبديه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> من الكماة السكون
من الكماة السكون
رقم القصيدة : 54281
-----------------------------------
من الكماة السكون
تبدو عليهم غضون
لشاغل في الطويه
فواد جيش الهلال
وقاهرو الأبطال
في كل حرب عتيه
أبو على الأجنبينا
ذاك التحكم فينا
ولم تغلنا المنيه
ولم يروا من صلاح
لنا سوى إصلاح
شؤوننا الأهليه
فأقسموا عازمينا
أن يدهشوا العالمينا
بآية وطنيه
فازروا بما قد أرادوا
لم تزحف الأجناد
ولم تحث مطيه
يا باعثي الدستور
من جوف أعصى القبور(45/440)
عن رد تلك الخبيه
كنتم لنا جل فخر
وظلتم خير ذخر
فينا وخير بقيه
حتى أتيتم بأرقى
مما مضى وبابقى
لنا وللذريه
فتحتم للإخاء
بغير سفك دماء
بلادنا المحميه
فليحي جيش النظام
جيش الفتوح العظام
جيش النهى والحميه
أهدى الحياة غلينا
فاي حق علينا
شكرا لتلك الهديه
ولنذكر الشهداء
ممن سقوا أبرياء
فيها كؤوس المنيه
يا صفوة الأحرار
وخالدي الآثار
كي كل نفس زكيه
ناموا وطابت قرارا
أرسامكم في الصحارى
أعلامها مطويه
عبد الحميد أصبتا
بما إليه أجبتا
بنيك من أمنيه
لا ضير فيها عليكا
والخير منها إليكا
يعود قبل الرعيه
ما شارك الملك امه
في الحكم غلا أتمه
بحكمة ورويه
شاور فذلك فرض
ما في المشورة غض
من قدر نفس أبيه
أما قتلت الليالي
خبرا بحال فحال
في الكرة الدولية
أتعب بنيك جهادا
بما يعز البلادا
واغنم حياة هنيه
ويا بني الوطان
من ساكني البلقان
إلى الفلا الأسيويه
كونوا كزهر السماء
بحسن ذاك الصفاء
والوحدة الأخويه
كونوا ردى للعادي
كونوا فدى للبلاد
بلادنا المفديه
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> قربته فما ارتوى
قربته فما ارتوى
رقم القصيدة : 54282
-----------------------------------
قربته فما ارتوى
وجفته فما ارعوى
غادة من سعى إلى
غية عندها غوى
جن فيها وقبله
جن قيس من الهوى
وقضى خالد النوى
يتداوى من النوى
فدفناه برد الغيث
قبرا به ثوى
من قضى هكذا شهيدا فمن أهلنا هوا
كل ناج إلى مدى
لاحق بالذي ثوى
فالسجاع الذي مضى
قبلنا يحمل اللوا
والجريء الذي اقتفى
والبطيء الذي نوى
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> أبو حسن أصفى الرفاق سريرة
أبو حسن أصفى الرفاق سريرة
رقم القصيدة : 54283
-----------------------------------
أبو حسن أصفى الرفاق سريرة
وأوفاهم عهدا على القرب والنأي
وأبسلهم ذودا عن العرض والحمى
اثبتهم رأيا على صالح الرأي
يكافح عن أوطانه وحقوقها
بلا وهن في عزمه وبلا وهي
فما ينثني عن قصده لعوائق(45/441)
تعوق ولا يلوي بامر ولا نهي
هنيئا له إجماع شعب يحبه
وما ينقض الإجماع كره أولي البغي
ولا برحت شواره أنقى صحيفة
يبث الهدى فيها على النشر والطي
تمج بها تلك اليراعة نورها
لكشف ظلامات الكرام وللهدي
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> حجك أرضى ربك العليا
حجك أرضى ربك العليا
رقم القصيدة : 54284
-----------------------------------
حجك أرضى ربك العليا
وسر في روضة النبيا
وفاض بالندى على وادي الهدى
فرده بعد الصدى رويا
أكبر أهل ابيت في أنسية
طافت به إلماما العلويا
وبسطها يد المواساة التي
أسعدت الحريب والشقيا
زعيمة النهضة هل زرت حمى
ولم تيسري له الرقيا
وهل رأيت مستضاما معوزا
ولم تكوني المنصف الكفيا
وهل شهدت ظلمة غاشية
ولم تكوني الكوكب الدريا
الجهل والبؤس تعقبتهما
وقد أزالا الخلق الشرقيا
فما رحمت المال في حربهما
وما ادخرت عزمك القويا
أديت فرضا زدته نوافلا
بها أقتفيت أصلك الزكيا
أبوك سلطان ومن في عصره
ضارع ذاك المحسن السريا
الأروع المقدام في ذياده
عن قومهع والورع التقيا
تابعته فضلا ونبلا فاسلمي
وليبق ذكره المجي يا
أهلا وسلا بالتي نور الهدى
يسطع في اسمها وفي المحيا
سعيت سعيا مثمرا مباركا
وعدت عودا راضيا مرضيا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> زارني صبحا وحيى
زارني صبحا وحيى
رقم القصيدة : 54285
-----------------------------------
زارني صبحا وحيى
باسم طلق المحيا
قا يا بشرا فقلت البشر أن جئت إليا
منذ أقبلت فؤادي
شام سعدا وتهيا
قآل قد أسدى عزيز
القطر إنعاما سنيا
شرف الإكرام منا
والجلا لألمعيا
قلت زاد الله من تعنيه عزا ورقيا
ورعى الحر المفدى
ورعى البر الوفيا
الذي يبتكر الفخر
ابتكارا عبقريا
يلبس الرفعة لبسا
حسبيا نسبيا
يا رفاق الخير هذا بأ سر وأحيا
أنشدوا وأعين تحيي
رتبة المجد ويحيى
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> زوج سليم غليه آبت
زوج سليم غليه آبت
رقم القصيدة : 54286(45/442)
-----------------------------------
زوج سليم غليه آبت
وفية طلقة المحيا
تاركة في الحياة ذكرا
ما دام فيها الوفاء حيا
لله قبر أوت إليه
وفارقت أوجها السنيا
كان له قبلها مقام
غدا بأضعافه حريا
ألا ترى الهام خاشعات
حياله والعلى جثيا
من زاره من مؤخيه
رأيى هنا موضع الثريا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> ألشعر من مبدإ الخلق كان فنا سنيا
ألشعر من مبدإ الخلق كان فنا سنيا
رقم القصيدة : 54287
-----------------------------------
ألشعر من مبدإ الخلق كان فنا سنيا
وكان في كل جيل
مقامه مرعيا
إلهامه دارج الكون
منذ شب فتيا
داود وهو الذي كان
عاهلا ونبيا
غنى بشعر على الدهر لم يزل مرويا
كم ذات تاج اجادت
عروضه والرويا
إلى حلاها الغوالي
به أضافت حليا
وكم ربيبة خدر
صاغته صوغا سويا
وأخرجت من بحار الخيال درا نقيا
يا من تحل محلا
من اللدات عليا
وتجتلي من بعيد
لها ضياء حييا
أفي فؤادك وحي
نادى نداء خفيا
فأسمعي النس منه
إنشادك العلويا
وأقبسي زينة الملك ملمحا ملكيا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> صفاء العيش في شمل جميع
صفاء العيش في شمل جميع
رقم القصيدة : 54288
-----------------------------------
صفاء العيش في شمل جميع
له الجنات والصرح المهيا
طروب حسه غرد هواه
طهور ماؤه عف الحميا
جميل ضم كل جميل فعل
نقي القلب وضاح المحيا
بدا سعد السعود به يرينا
بأوج العز مجتمع الثريا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> عاش هذا الفتى محبا شقيا
عاش هذا الفتى محبا شقيا
رقم القصيدة : 54289
-----------------------------------
عاش هذا الفتى محبا شقيا
وقضى نحبه محبا شقيا
وبكى دمع عينيه في سطور
جعلته على المدى مبكيا
منشد للغرام لم يشد إلا
كان إنشاده نواحا شجيا
شاعر كان عمره بيت تشبيب
وكان الأنين فيه الرؤيا
فاقرئي شرح حاله واجبي من
ذلك القلب كيف بات خليا
إن في نظمه لحسا لطيفا
باقيا منه في السطور خفيا(45/443)
فاذرفي دمعة عليه تعيدي
ورق الطرس بالحياة نديا
وتثيري من روحه نسمات
وتفيحي منها عبيرا ذكيا
شعراء مصر والسودان >> محمود أمين >> تساورني الدماء !
تساورني الدماء !
رقم القصيدة : 5429
-----------------------------------
تساورني الدماء
فأنحني للعمر كي يعبر
وللموتى لكي يحصوا جنائزهم
وافتح في الرماد مدينة
أحزانها ..
جمرٌ
وجمرتها..
دروب
يأتي إليها من أقاصي موته
وطن ٌ تعرّى من بنيه
ومن خرائبه
تمدد في تراب ٍ ضيق ٍ
ليقاسم الأشجار لوعتها
وينسخ ُ من قطيفة روحهِ
وطنا ً أخيرا ً
لاتلوثه البراءة ُ
أو يدنسه ُ حليب
..
..
كلما أسرجت ُ بئرا ً
في فلاة ٍ
خانت الأرض ُ..
كلما كحّلت ُ نافذة ً
يحاصرني غمام
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> فرع سمعان فرع أصل كريم
فرع سمعان فرع أصل كريم
رقم القصيدة : 54290
-----------------------------------
فرع سمعان فرع أصل كريم
دام للفرع ذلك الصل حيا
ملأ الشرق رونقا وجمالا
وجنى طيبا ونورا وفيا
أيها الخاطب الثريا وما
تلك سوى طالع من السعد حيي
إن تنل عن أبيك أسمى محل
هل من البدع أن تنال الثريا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> فخار للكنانة أن تكوني
فخار للكنانة أن تكوني
رقم القصيدة : 54291
-----------------------------------
فخار للكنانة أن تكوني
رئيسة الاتحاد اليعربي
وإن تتبوئي أسمى مكان
بندوة الاتحاد العالمي
بفضلك في بلاد الضاد هبت
عقائلها تجاهد بسعد لأي
ونور هداك نهضتهن تمت
على قدر ولم توصم بغي
وكانت في الحياة سبيل صدق
لينتصف الضعيف من القوي
نساء الشرق سرن مباريات
نساء الغرب في السنن السوي
وفي هذا التنافس كل خير
ويرجى للحضارة والرقي
بمؤتمر النساء جلوت وجها
يقر بنظرة منه المحيي
وأبديت الذي أوتيت خلقا
وخلقا من كمال عبقري
فلسطين المصابة ذدت عنها
من الإبهام والكيد الخفي
وللأم المباحة كنت أقوى
مؤازرة على الدهر العتي
إذا قيل السلام وذاك لفظ(45/444)
لله معناه فهو أجل شي
وإلا فهو تضليل يلهي
به الباكون في كون شقي
لقد بينت ما نهج التصافي
بأبلغ حجة وأسد رأي
وقالت فيه صاحبتاك قولا
أصاب مكامن الداء الدوي
فأهلا بالتي آبت بفوز
يكللها بإكليل سني
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> كانت حياتي لي فاضحت للتي
كانت حياتي لي فاضحت للتي
رقم القصيدة : 54292
-----------------------------------
كانت حياتي لي فاضحت للتي
أحببتها ماذا جنت عينايا
بهما جلبت وقد نظرتك شقوتي
وحسبت أني جالب نعمايا
لا عيش إلا بالمنى وشكيتي
أني قصرت على رضاك منايا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> هو اليوم لن أنساه ما ظلت باقيا
هو اليوم لن أنساه ما ظلت باقيا
رقم القصيدة : 54293
-----------------------------------
هو اليوم لن أنساه ما ظلت باقيا
إذا آب ألفاني وما زلت باكيا
أخير شباب العصر نبلا وهمة
طفرت العيا إلى العليا فجزت المراقيا
بروحي ذاك الوجه كالبدر مشرقا
وذاك القوما اللدن كالرمح عاليا
مضت أربع لم تبتسم ضحواتها
ولم تكن الأيام إلا لياليا
وما نظرت عيني معاهد أنسنا
سأبكي وأستبكي عليك القوافيا
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يا من لها القصر المنيف ومن لها القدر السني
يا من لها القصر المنيف ومن لها القدر السني
رقم القصيدة : 54294
-----------------------------------
يا من لها القصر المنيف ومن لها القدر السني
ولها المحاسن والحلى
وأحبها الخلق الأبي
لم تنكري عنت الرحيل وعيشك الرغد الهني
فحججت بيت الله والدنى إليه هو التقي
ترعاك عين للعناية
لا القنا والسمهري
ويفيض منك البر
فالوادي الظميء به روي
ألله راض عنك يا فخر الغواني والنبي
شعراء العراق والشام >> جبران خليل جبران >> يد لله لا توفى بحمد
يد لله لا توفى بحمد
رقم القصيدة : 54295
-----------------------------------
يد لله لا توفى بحمد
من الداء الملم شفت عليا
هو الفرع الكريم بنبعته(45/445)
زكا وتقيل الأصل الزكيا
ليحي محققا أمل المعالي
بهمته علي أمين يحيا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لا يغرنك في السيف المضاء
لا يغرنك في السيف المضاء
رقم القصيدة : 54296
-----------------------------------
لا يغرنك في السيف المضاء
فالظبى ما نظرت منها الظباء
مرهفات الحد امهاها المها
وقضاها للمحبين القضاء
حدق علتها صحتها
ربما كان من الداء الدواء
خليا بين هواها ودمى
فعلى تلك الدمى تجري الدماء
في لقاء البيض السمى منى
دونها للبيض والسمر لقاء
داو أنفاسي بأنفاس الصبا
فلتعليل الهوى اعتل الهواء
كيف تشفى كبد ما برحت
أبدا تأوي إليها البرحاء
وجفون دمعها الساعي بها
فعليها من بكاها رقباء
هل محل الحب إلا أعين
خائنات وقلوب أمناء
يا نديمي وكأسي وجنة
ضرجتها بالعيون الندماء
لا تظنا الورد ما يسقي الحيا
إنما الورد الذي يسقى الحياء
بزني من في يدي ما في يدي
يا لقومي أسرتني الأسراء
أو ما تعجب مني مالكا
فتكت فيه عبيد وإماء
بعيون لو تراءت سقمها
في ضياء الدين أعداها الشفاء
غمرات حجبت وجه العلى
فكأن الصبح في الأفق مساء
يتشكي الفضل منها والنهى
ويعاد المجد منها والعلاء
حيث لا تسمع إلا داعيا
لا مريء أشفى دواءيه الدعاء
من إذا حم فقد حم الندى
وإذا صح فقد صح الرجاء
أعقب البرء سرورا ضاحكا
في جفون كاد يدميها البكاء
وأرت ألحاظها أغراضها
لا يصح اللحظ ما اعتل الضياء
ما برى حتى أنبرى مبتسما
عن ثنايا مجده هذا السناء
فلئن عم بشكواه الأذى
فلقد عم بمشفاه الهناء
يا ابن بهرام على شحط النوى
دعوة لبى الندى فيها النداء
وازر الفخر مساع عقدت
منك تاجا توجته الوزراء
ألبس الدين ضياء ساطعا
فعلى الإسلام من ذاك بهاء
وعمدت الملك بالرأي الذي
سمعت أمرك فيه الأمراء
وثنت أخلاقك الغر يدي
عن صلات واصلتها الكرماء
كم ورى زندك لي من غاية
تركتني ومداها الشعراء
فتقلد من ثنائي أنجما
تحسد الأرض عليهن السماء
لم تزل تسعى بحمد حامد(45/446)
وعليه من سنا الفضل لواء
أيضيق الجود عن مثلي يدا
بعد ما ضاق بأمثالي الفضاء
....
أمدا يحسر عنه البلغاء
يغشى الليالي
فالليالي فاعلات ما تشاء
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أرأيت ما فعلت بنا الصهباء
أرأيت ما فعلت بنا الصهباء
رقم القصيدة : 54297
-----------------------------------
أرأيت ما فعلت بنا الصهباء
من حيث تسبي العقل وهي سباء
جارت على الأعطاف حين جرت لها
جرى النسيم غصونه الندماء
بكر على قرع المزاج تبرجت
في الكأس فهي قريعة عذراء
نار يزيد الماء في إيقادها
أرأيت نارا يزدهيها الماء
ومن العجائب أن تروض أمة
قتلت وفيها بعد ذاك إباء
يحدو بها صخب المثاني كلما
غنى تثنت أيكة غناء
حسب الأماني موردا ومغردا
وهل المنى إلا غنى وغناء
ما لي وللأيام تخطب هدنتي
حتى كأن صروفها أكفاء
لا تستطيع يد تصد شكيمتي
عن شيمتي فلتجهد الأعداء
إني لذو لونين أحمد معشرا
وأذمهم ما أحسنوا وأساءوا
خلق سما خلق الأمير بفضله
والسيف فيه رونق ومضاء
متواضع في عزه لعفاته
إن التواضع في العلاء علاء
من معشر ذهبوا وأحيوا ذكرهم
من ......
المدركين من العدى ما أملوا
والآخذين من العلى ما شاءوا
يا ذا المناقب كلما اجتهد العدى
في كتمها نمت بها الآ لأء
عقد الرهان على لحاقك معشر
لا داحس فيهم ولا الغبراء
من ذا يحاول هدم أبنية العلى
سيما إذا كان الندى البناء
قد حلقت بك في المعالي همة
لا تستطيع تجوزها الجوزاء
فاسلم فإنك للمساعي غاية
وافخر فإنك للسماء سماء
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> نافرته البيضاء في البيضاء
نافرته البيضاء في البيضاء
رقم القصيدة : 54298
-----------------------------------
نافرته البيضاء في البيضاء
وانفصال الشباب فصل القضاء
حاكمته إلى معاتبه الشيب
لتستمطر الحيا بالحياء
فاستهلت لبينها سحب عينيه
ويوم النوى من الأنواء
يا شبابا لبسته ضافي الظل
وتبلى ملابس الأفياء
كان برد الدجى نسيما وتهويما
فأذكته نفحة من ذكاء(45/447)
ذو الجهادين من عدو ونفس
فهو طول الحياة في هيجاء
من له طاعة الصوارم في الحرب
ولي الأعناق تحت اللواء
من مساع إذا عقدت على الشهب
رهانا جازت مدى الجوزاء
وسماح إذا استغاث به الآمل
لبى نداه قبل النداء
أيها المالك الذي ألزم الناس
سلوك المحجة البيضاء
قد فضحت الملوك بالعدل لما
سرت في الناس سيرة الخلفاء
قاسما ما ملكت في الناس حتى
لقسمت التقى على الأتقياء
شيم الصالحين في جتر الترك
وكم من سكينة في قباء
أنت حينا تقاس بالأسد الورد
وحينا تعد في الأولياء
صاغك الله من صميم المعالي
حيث لا نسبة سوى الآلآء
وكأن القباء منك لما ضمم
من الطهر مسجد بقباء
أنت إلا تكن نبيا فما فاتك
إلا خلائق الأنبياء
رأفة في شهامة وعفاف
في اقتدار وسطوة في حياء
وجمال ممنطق بجلال
وكمال متوج ببهاء
وإذا ما الملوك خافت سهام الذمم
زرت عليك درع الثناء
عجب الناس منك أنك في الحرب
شهاب الكتيبة الشهباء
وكأن السيوف من عزمك الماضي
أفادت ما عندها من مضاء
ولعمري لو استطاع فداك القوم
بالأمهات والآباء
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا نخيل العراق كن في أمان الله
يا نخيل العراق كن في أمان الله
رقم القصيدة : 54299
-----------------------------------
يا نخيل العراق كن في أمان الله
مستودعا حيا الأنواء
مستقيما على طريق النعامى
راسخا في مسارح الأنداء
كاسيا من قوادم السعف الغضض
محلى بجوهر الأقناء
فالتفاتي إليك بعض حنيني
وثنائي عليك رهن انثنائي
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> لي صاحب
لي صاحب
رقم القصيدة : 543
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لي صاحبٍ مرة وأنا جالس معه
كان في بالي بداية فكرة لمطلع قصيدة
وكنت أحاول قد ماقدر .. شتات فكري أجمعه
أتذكر أنه قاللي في وقتها .. رغم اني ما كنت اسمعه
هالدنيا ذي مافيها شي مبهج
كل شي ممل .. أيامنا مثل الجرايد ..
كلها سواسيه
أتذكر اني وقتها تمتمت وقلت .. دونما تركيز(45/448)
فعلا .. معاك حق .. هذي حقيقة قاسية
أتذكر انه قاللي .. رغم اني ماكنت اسمعه
حبيبتي مادري قست .. والا نست
أو انها متناسيه
أتذكر اني قلت له .. أيضا دونما تركيز
فعلا .. أكيد .. معاك حق .. فعلا ظروفك قاسية
أتذكر أنه قاللي وقاللي وقاللي
لين الشعر فيني تلاشى .. وقتها صرت اسمعه
كان يتأملني ويقول :
ليه الفرح دايم لأيامي يتحاشى
تبغوا الخلاصة القاسية ؟
صاحبي في يومها كم كان مزعج .. حيل مزعج
مثلما رنين الهاتف الجوال .. وسط هذي الأمسية
العصر العباسي >> المتنبي >> عذل العواذل حول قلبي التائه
عذل العواذل حول قلبي التائه
رقم القصيدة : 5430
-----------------------------------
عَذْلُ العَواذِلِ حَوْلَ قَلبي التّائِهِ
وَهَوَى الأحِبّةِ مِنْهُ في سَوْدائِهِ
يَشْكُو المَلامُ إلى اللّوائِمِ حَرَّهُ
وَيَصُدُّ حينَ يَلُمْنَ عَنْ بُرَحائِهِ
وبمُهْجَتي يا عَاذِلي المَلِكُ الذي
أسخَطتُ أعذَلَ مِنكَ في إرْضائِهِ
إنْ كانَ قَدْ مَلَكَ القُلُوبَ فإنّهُ
مَلَكَ الزّمَانَ بأرْضِهِ وَسَمائِهِ
ألشّمسُ مِنْ حُسّادِهِ وَالنّصْرُ من
قُرَنَائِهِ وَالسّيفُ مِنْ أسمَائِهِ
أينَ الثّلاثَةُ مِنْ ثَلاثِ خِلالِهِ
مِنْ حُسْنِهِ وَإبَائِهِ وَمَضائِهِ
مَضَتِ الدّهُورُ وَمَا أتَينَ بمِثْلِهِ
وَلَقَدْ أتَى فَعَجَزْنَ عَنْ نُظَرَائِهِ
ألقَلْبُ أعلَمُ يا عَذُولُ بدائِهِ
وَأحَقُّ مِنْكَ بجَفْنِهِ وبِمَائِهِ
فَوَمَنْ أُحِبُّ لأعْصِيَنّكَ في الهوَى
قَسَماً بِهِ وَبحُسْنِهِ وَبَهَائِهِ
أأُحِبّهُ وَأُحِبّ فيهِ مَلامَةً؟
إنّ المَلامَةَ فيهِ من أعْدائِهِ
عَجِبَ الوُشاةُ من اللُّحاةِ وَقوْلِهِمْ
دَعْ ما نَراكَ ضَعُفْتَ عن إخفائِهِ
ما الخِلُّ إلاّ مَنْ أوَدُّ بِقَلْبِهِ
وَأرَى بطَرْفٍ لا يَرَى بسَوَائِهِ
إنّ المُعِينَ عَلى الصّبَابَةِ بالأسَى
أوْلى برَحْمَةِ رَبّهَا وَإخائِهِ
مَهْلاً فإنّ العَذْلَ مِنْ أسْقَامِهِ(45/449)
وَتَرَفُّقاً فالسّمْعُ مِنْ أعْضائِهِ
وَهَبِ المَلامَةَ في اللّذاذَةِ كالكَرَى
مَطْرُودَةً بسُهادِهِ وَبُكَائِهِ
لا تَعْذُلِ المُشْتَاقَ في أشْواقِهِ
حتى يَكونَ حَشاكَ في أحْشائِهِ
إنّ القَتيلَ مُضَرَّجاً بدُمُوعِهِ
مِثْلُ القَتيلِ مُضَرَّجاً بدِمائِهِ
وَالعِشْقُ كالمَعشُوقِ يَعذُبُ قُرْبُهُ
للمُبْتَلَى وَيَنَالُ مِنْ حَوْبَائِهِ
لَوْ قُلْتَ للدّنِفِ الحَزينِ فَدَيْتُهُ
مِمّا بِهِ لأغَرْتَهُ بِفِدائِه
وُقِيَ الأميرُ هَوَى العُيُونِ فإنّهُ
مَا لا يَزُولُ ببَأسِهِ وسَخَائِهِ
يَسْتَأسِرُ البَطَلَ الكَمِيَّ بنَظْرَةٍ
وَيَحُولُ بَينَ فُؤادِهِ وَعَزائِهِ
إنّي دَعَوْتُكَ للنّوائِبِ دَعْوَةً
لم يُدْعَ سامِعُهَا إلى أكْفَائِهِ
فأتَيْتَ مِنْ فَوْقِ الزّمانِ وَتَحْتِهِ
مُتَصَلْصِلاً وَأمَامِهِ وَوَرائِهِ
مَنْ للسّيُوفِ بأنْ يكونَ سَمِيَّهَا
في أصْلِهِ وَفِرِنْدِهِ وَوَفَائِهِ
طُبِعَ الحَديدُ فكانَ مِنْ أجْنَاسِهِ
وَعَليٌّ المَطْبُوعُ مِنْ آبَائِهِ
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> نزلت فزرت قبر أبي العلاء
نزلت فزرت قبر أبي العلاء
رقم القصيدة : 54300
-----------------------------------
نزلت فزرت قبر أبي العلاء
فلم أر من قرى غير البكاء
ألا يا قبر أحمد كم جلال
تضمنه ثراك وكم ذكاء
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> مررنا بجو فهاج الجوى
مررنا بجو فهاج الجوى
رقم القصيدة : 54301
-----------------------------------
مررنا بجو فهاج الجوى
على مهجة شرقت بالنوى
بلاد إذا الذئب أمس بها
طوى ليله يشتكي الطوى
وأذهلني الوجد عنها فما
ذكرت سوى عهدكم في سوى
وفي الركب صب إذا اشتاقكم
لوى جيده نحوكم فالتوى
يجود بعين لو أن الركاب
تغمر في دمعها لارتوى
أحب الشآم أهوى العراق
فخلفي هوى وأمامي هوى
فيا معشر الناس أشكو الغرام
إليكم فهل عندكم من دوا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أتقيل الجدوى وتلك غمامة(45/450)
أتقيل الجدوى وتلك غمامة
رقم القصيدة : 54302
-----------------------------------
أتقيل الجدوى وتلك غمامة
حاشاكم انقشعت ونجم قد خوى
ولكم نويت لقاكم وتصدني
أيدي النوى ولكل عبد ما نوى
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> هذي العزائم لا ما تدعي القضب
هذي العزائم لا ما تدعي القضب
رقم القصيدة : 54303
-----------------------------------
هذي العزائم لا ما تدعي القضب
وذي المكارم لا ما قالت الكتب
وهذه الهمم اللاتي متى خطبت
تعثرت خلفها الأشعار والخطب
صافحت يا ابن عماد الدين ذورتها
براحة للمساعي دونها تعب
ما زال جدك يبني كل شاهقة
حتى ابتنى قبة أوتادها الشهب
لله عزمك ما أمضى وهمك ما
افضى اتساعا بما ضاقت به الحقب
يا ساهد الطرف والأجفان هاجعة
وثابت القلب والأحشاء تضطرب
أغرت سيوفك بالإفرنج راجفة
فؤاد رومية الكبرى لها يجب
ضربت كبشهم منها بقاصمة
أودى بها الصلب وانحطت بها الصلب
قل للطغاة وإن صمت مسامعها
قولاً لصم القنا في ذكره أرب
ما يوم إنب والأيام دائلة
من يوم يغرا بعيد لا ولا كثب
أغركم خدعة الآمال ظنكم
كم أسلم الجهل ظنا غره الكذب
غضبت للدين حتى لم يفتك رضى
وكان دين الهدى مرضاته الغضب
طهرت أرض الأعادي من دمائهم
طهارة كل سيف عندها جنب
حتى استطار شرار الزند قادحة
فالحرب تضرم والآجال تحتطب
والخيل من تحت قتلاها تخر لها
قوائم خانهن الركض والخبب
والنقع فوق صقال البيض منعقد
كما استقل دخان تحته لهب
والسيف هام على هام بمعركة
لا البيض ذو ذمة فيها ولا اليلب
والنبل كالوبل هطال وليس له
سوى القسي وأيد فوقها سحب
وللظبى ظفر حلو مذاقته
كأنما الضرب فيما بينهم ضرب
وللأسنة عما في صدورهم
مصادر أقلوب تلك أم قلب
خانوا فخانت رماح الطعن أيديهم
فاستسلموا وهي لا نبع ولا غرب
كذاك من لم يوق الله مهجته
لاقى العدى والقنا في كفه قصب
كانت سيوفهم أوحى حتوفهم
يا رب حائنة منجاتها العطب
حتى الطوارق كانت من طوارقهم(45/451)
ثارت عليهم بها من تحتها النوب
أجسادهم في ثياب من دمائهم
مسلوبة وكأن القوم ما سلبوا
أنباء ملحمة لو أنها ذكرت
فيما مضى نسيت أيامها العرب
من كان يغزو بلاد الشرك مكتسبا
من الملوك فنور الدين محتسب
ذو غرة ما سمت والليل معتكر
إلا تمزق عن شمس الضحى الحجب
أفعاله كاسمه في كل حادثة
ووجهه نائب عن وصفه اللقب
في كل يوم لفكري من وقائعه
شغل فكل مديحي فيه مقتضب
من باتت الأسد أسرى في سلاسله
هل يأسر الغلب إلا من له الغلب
فملكوا سلب الإبرنز قاتله
وهل له غير أنطاكية سلب
من للشقي بما لاقت فوارسه
وإن بسائرها من تحته قتب
عجبت للصعدة السمراء مثمرة
برأسه إن إثمار القنا عجب
سما عليها سمو الماء أرهقه
أنبوبه في صعود أصلها صبب
ما فارقت عذبات التاج مفرقة
إلا وهامته تاج ولا عذب
إذا القناة ابتغت في رأسه نفقا
بدأ لثعلبها من نحره سرب
كنا نعد حمى أطرافنا ظفرا
فملكتك الظبى ما ليس نحتسب
عمت فتوحك بالعدى معاقلها
كأن تسليم هذا عند ذا جرب
لم يبق منهم سوى بيض بلا رمق
كما التوى بعد رأس الحية الذنب
فانهض إلى المسجد الأقصى بذي لجب
يوليك أقصى المنى فالقدس مرتقب
وائذن لموجك في تطهير ساحله
فإنما أنت بحر لجة لجب
يا من أعاد ثغور الشام ضاحكة
من الظبى عن ثغور زانها الشنب
ما زلت تلحق عاصيها بطائعها
حتى أقمت وأنطاكية حلب
حللت من عقلها أيدي معاقلها
فاستحلفت وإلى ميثاقك الهرب
وأيقنت أنها تتلو مراكزها
وكيف يثبت بيت ماله طنب
أجريت من ثغر الأعناق أنفسها
جرى الجفون امتراها بارح حصب
وما ركزت القنا إلا ومنك على
جسر الحديد هزبر غيله أشب
فاسعد بما نلته من كل صالحة
يأوي إلى جنة المأوى لها حسب
إلا تكن أحد الأبدال في فلك التقوى
فلا نتمارى أنك القطب
فلو تناسب أفلاك السماء بها
لكان بينكما من عفة نسب
هذا وهل كان الإسلام مكرمة
إلا شهدت وعباد الهوى غيب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أما وخيال زار ممن أحبه
أما وخيال زار ممن أحبه(45/452)
رقم القصيدة : 54304
-----------------------------------
أما وخيال زار ممن أحبه
لقد هاج من ذكراه مالا أغبه
إذا ما صبا المحب إلى الصبا
ذكرت نسيما بالثغور مهبه
فيا نفحات الشام وفقا بمهجة
يحامي عليها مدنف القلب صبه
فلا تسألن الصب أين فؤاده
فإن فؤاد المرء مع من يحبه
وفي شعب الأكوار من هو عالم
غداة استطار البرق من طار لبه
يشيم ثغور الفرن تهمي كأنها
سنا بشر نور الدين تنهل سحبه
إذا ما سما في مبهم الخطب وجهه
تمزق عن بدر الدجنة حجبه
تولد بين الغيث والليث والتقى
منافسه أي الثلاثة تربه
يعد مضاء في الظبى لا وضربه
بها قلل الأعداء ما السيف ضربه
مكين الحجا أرضى الزمان بنفسه
إلى الآن حتى لان وانقاد صعبه
حمى قبة الإسلام بالخيل فاغتدت
وأوتادها جرد الطعان وقبة
فكم هبوة أوقعن بالكفر تحتها
فما انقشعت إلا وللذل جنبه
كيوم الرها الورهاء والهام يانع
ملي برعي الهندواني خصبه
وشهباء هاجتها وغى صرخديه
ثناها وليل الحرب تنقض شهبه
وعارم يوما بالعريمة فاغتدت
كوادي ثمود إذ رغا فيه سبقه
وعاصى على العاصي بأرعن خاطب
دم الإفك حتى أنكح النصل خطبه
بإنب لما أكسب المال وانثنى
بصاحب أنطاكية وهو كسبه
غداة هوى شطرين للسيف رأسه
وللرمح حتى توج الرأس قلبه
على حين للخطى فيه عوامل
يعاقبه خفض الحسام ونصبه
وقائع محمودية النصر لم تزل
غريبا بها عن موطن السيف غربه
يقوم مقام الجيش فيها وعيده
ويفعل أفعال الكتائب كتبه
وحين انتضته عزمه من قرابه
مضى وهو نصل والممالك قربه
إلى أن دعته ربها كل بلدة
فليس من الأمصار ما لا يربه
ولما نزا بالقمص عجب هوى به
على أم رأس البغي والغدر عجبه
فأصبح في الحجلين ينكر خطوه
بعيد على الرجلين في السعي قربه
تعاقبه البشرى بأخذ حصونه
فيا عانيا ضرب البشائر ضربه
تناجي عزاز باسمه تل باشر
فيلعنه لعن الصريخ وسبه
فإن يكن المقهور من ثل عرشه
فهذا عمود الكفر قد طاح طنبه
فقل لملوك الخافقين نصيحة(45/453)
كذا عن طريق الليث يزأر غلبه
وخلوا عن الآفاق فالشرق شرقه
بحكم الردينيات والغرب غربه
ولا يعتصم بالدرب طاغ على القنا
فإن القنا في ثغرة النحر دربه
رحيب فضاء الحلم عن ذات قدرة
إذا ضاق من صدر المملك رحبه
عفو عن الجاني يكاد الذي جنى
يكر به شوقا إلى العفو ذنبه
أمتخذ الإخلاص لله جنة
ومن يعتصم بالله فالله حسبه
أبوك استرد الشام بالسيف عنوة
وللروم بأس طالما غال خطبه
إذا ذب عن أضغاث دنياه مالك
فأنت الذي عن حوزة الدين ذبه
رأيت اتباع الحق خيرا مغبة
فأخرجت عن رأي يسرك غبه
وأوضحت ما بين الفريقين سنة
بها عرف المربوب من هو ربه
وبينت ما قد كان من كان يبتغي
دليلا بأن الله من أنت حزبه
عجبت لمنان عليه بأنه
محب وهل في الناس إلا محبه
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يشيم هواكم مقلتي فتصوب
يشيم هواكم مقلتي فتصوب
رقم القصيدة : 54305
-----------------------------------
يشيم هواكم مقلتي فتصوب
ويرمي نواكم مهجتي فتصيب
تلقوا تحياتي إليكم عن الصبا
إذا حان من ذاك النسيم هبوب
فمن حذري وريت بالبان والنقا
مخافة أن يسعى علي رقيب
فلا تمنعيها من قوامك هزة
فيحظى بها غصن سواك رطيب
وليلة بتنا والمهارى حواسر
يزر عليها للظلام جيوب
فبتن يبارين الكواكب في الدجى
لهن طلوع بالفلا وغروب
نواصل من صبغ الظلام كما بدا
لعينك من تحت الخضاب مشيب
خوافق في صدر الفضاء كأنها
وقد وجبت منها القلوب وقلوب
سوابح في بحري سراب وسدفة
لهن اعتلاء بالضحى ورسوب
فليت ابن أمي والكواكب جنح
يرى أنني فوق النجيب نجيب
وأني صرفت الهم عني بهمة
تفرى دجى عن صبحها وكروب
وأن سديد الدولة ابن سديدها
جلا ناظري منه أغر مهيب
وريق وفي عود الكرام قساوة
طليق وفي وجه الزمان قطوب
بليغ إذا جد الخصام مضى له
لسان بأطراف الكلام لعوب
نسيب المعالي يطرب القوم مدحه
كأن الثناء المحض فيه نسيب
له خلق تبدي الصبا منه غيرة
يكاد إذا هبت عليه يذوب
وثغر على جهم المطالب ضاحك(45/454)
وصدر على ضيق الزمان رحيب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> مررنا في ديار بني عدي
مررنا في ديار بني عدي
رقم القصيدة : 54306
-----------------------------------
مررنا في ديار بني عدي
يجاذب لوعتي شرق وغرب
يتيمني بأرض الشام حب
ويعطفني على بغداد حب
غرام طارف وهوى تليد
لكل صبابة في القلب شعب
ولا وأبيك ما هومت إلا
سرى لهما خيال لا يغب
فكل هوى يطالبني بقلب
وهل لي غير هذا القلب قلب
إذا كان التنائي في التلاقي
فماذا يصنع الدنف المحب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أمعظمة الصليب وددت أني
أمعظمة الصليب وددت أني
رقم القصيدة : 54307
-----------------------------------
أمعظمة الصليب وددت أني
ودين الله عندكم صليب
إذا أقبلت قبلني حبيب
أسر به وعانقني حبيب
وهل بيني وبين العود فرق
يرى إلا التفجع والنحيب
هبيني صورة يحنى عليها
أجيب إذا دعيت ولا تجيب
فلم يسمع بأطرف من فتاة
من الرهبان قونتها أديب
فلو قديسها ناجاه لفظي
لأمسى والنسيب له نسيب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أمالك رقي سرح الطرف غاديا
أمالك رقي سرح الطرف غاديا
رقم القصيدة : 54308
-----------------------------------
أمالك رقي سرح الطرف غاديا
على أهل بطنان سقتها سحابها
حدائق للحذاق فيها لبانة
يعيد لنا شرخ الشباب شبابها
وإن كنت تبغي يالك مدخلا
إلى جنة الفردوس فالباب بابها
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أهيم إلى العذب من ريقه
أهيم إلى العذب من ريقه
رقم القصيدة : 54309
-----------------------------------
أهيم إلى العذب من ريقه
إذا هيم العاشقين العذيب
شهدت عليه وما ذقته
يقينا ولكن من الغيب غيب
العصر العباسي >> المتنبي >> أتنكر يا ابن إسحق إخائي
أتنكر يا ابن إسحق إخائي
رقم القصيدة : 5431
-----------------------------------
أتُنْكِرُ يا ابنَ إسْحَقٍ إخائي
وتَحْسَبُ ماءَ غَيرِي من إنائي؟
أأنْطِقُ فيكَ هُجْراً بعدَ عِلْمي(45/455)
بأنّكَ خَيرُ مَن تَحْتَ السّماءِ
وأكْرَهُ مِن ذُبابِ السّيفِ طَعْماً
وأمْضَى في الأمورِ منَ القَضاءِ
ومَا أرْبَتْ على العِشْرينَ سِنّي
فكَيفَ مَلِلْتُ منْ طولِ البَقاءِ؟
وما استَغرقتُ وَصْفَكَ في مَديحي
فأنْقُصَ مِنْهُ شَيئاً بالهِجَاءِ
وهَبْني قُلتُ: هذا الصّبْحُ لَيْلٌ
أيَعْمَى العالمُونَ عَنِ الضّياءِ؟
تُطيعُ الحاسِدينَ وأنْتَ مَرْءٌ
جُعِلْتُ فِداءَهُ وهُمُ فِدائي
وهاجي نَفْسِهِ مَنْ لم يُمَيّزْ
كَلامي مِنْ كَلامِهِمِ الهُراءِ
وإنّ مِنَ العَجائِبِ أنْ تَراني
فَتَعْدِلَ بي أقَلّ مِنَ الهَبَاءِ
وتُنْكِرَ مَوْتَهُمْ وأنا سُهَيْلٌ
طَلَعْتُ بمَوْتِ أوْلادِ الزّناءِ
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ما استأنف القلب من أشواقه أربا
ما استأنف القلب من أشواقه أربا
رقم القصيدة : 54310
-----------------------------------
ما استأنف القلب من أشواقه أربا
إلا استفزته آيات الهوى طربا
لله نسبة أنفاسي إلى حرقي
إذا النسيم إلى ريا الحمى انتسبا
أهكذا لم يكن في الناس ذو شجن
إلا صبا كلما هبت عليه صبا
ما أعجب الحب يدعى بأسه غزلا
جهلا به ويسمى جده لعبا
ويح الحمام أما تجتاز بارقة
إلا بكى في مغاني الدار وانتحبا
كأنه واجد وجدي بحيرتها
فكلما خطرت في قلبه وجبا
فموضع السر مني يستضيء سنا
ومنبع الماء منها يلتظي لهبا
أحبابنا عاد عيد الهم بعدكم
تباعدت داركم في الحب واقتربا
ما بال سلوة بالي لا تسركم
حتى كأن لكم في راحتي تعبا
ما خانكم جلدي إلا وفي لكم
قلب متى سمته ترك الغرام أبى
علاقة غلبت صبري فلا عجب
إن الصبابة خصم طالما غلبا
لئن علوت ملوك العصر مرتبة
فمثل ما نلته يعلو بك الرتبا
لو لم يكن شرف الأفعال معتبرا
كان الفتى مثل باقي جنسه قصبا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ابن منير هجوت مني
ابن منير هجوت مني
رقم القصيدة : 54311
-----------------------------------
ابن منير هجوت مني
حبرا أفاد الورى صوابه(45/456)
ولم تضيق بذاك صدري
فإن لي أسوة الصحابة
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> نزلنا على القصب السكري
نزلنا على القصب السكري
رقم القصيدة : 54312
-----------------------------------
نزلنا على القصب السكري
نزول رجال يريدون نهبه
بحز كحز رقاب العدى
ومص كمص شفاه الأحبه
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> شرح المنبر صدرا
شرح المنبر صدرا
رقم القصيدة : 54313
-----------------------------------
شرح المنبر صدرا
لتلقيك رحيبا
أترى ضم خطيبا
منك أم ضمخ طيبا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إني لأغنى الناس عن عصبية
إني لأغنى الناس عن عصبية
رقم القصيدة : 54314
-----------------------------------
إني لأغنى الناس عن عصبية
ما الحق مفتقر إلى متعصب
ومخاتل بالكيد يهتك شخصه
وضح النهار فيحتمي بالغيهب
ما كان أبصرني بكف أذاته
لو كنت أحسن رقية للعقرب
يا طالبا ذلي بجامح غيه
أو ما سمعت بعزآل مسيب
الحافظين ذمارهم في جارهم
والعاقدين ذمامهم للأجنبي
والراكبين من الظبي في بارق
والنازلين من القنا في مضرب
والحانين الحاتمين من الندى
ما شاع في العربي والمستعرب
قوم إذا استبقوا على أحسابهم
جلبوا لعز الدين أكرم منسب
ملك تواصله الفضائل رغبة
في مجده من أبعدين وأقرب
جمع القلوب على محبة ملكه
ما عنده من رأفة وتحيب
فإذا يقاس بخيل قيس خيله
عدت معد وأعربت عن يعرب
سيف إذا ابتسمت مضارب سيفه
أيقنت أن البرق ليس بخلب
يأتم في ليل الوغى بسنانه
أرأيت شمسا تستضيء بكوكب
إن كنت غرا من حقيقة بأسه
فاسأل بها غرر العتاق الشرب
كالليث ترتجل الثناء وفوده
يوم السلام على أغر محجب
مستمطر النعمى يشف حياؤه
عن شيمة ذهب ووجه مذهب
حرم المعالي من يلذ بفنائه
يحلل به بين الصفا والأخشب
يا ابن المعاقل من عقيل والأولى
رجموا الكواكب شركة في المنصب
أمتك أمات الثناء لواحقا
ابكارها عن قرع فكر منجب
من كل ثاوية تبيت على السرى
كالنجم بين مشرق ومغرب(45/457)
إن حميت فوذيلة في صعدة
أو قوضت فعقيلة في ربرب
شامت من الشام الفرات وجاورت
في دوسر جار الغرام الصيب
حلت بملك المالكي فصافحت
ما شئت من أهل هناك ومرحب
حيث المناقب في المواهب والفضائل
في الفواضل والعلى في المكسب
وكذا إذا لم تلف إلا طالبا
رفد الرجال فكن شريف المطلب
أضحى بك الأضحى المهنا ضاحكا
يفتر عن ثغر الزمان الأشنب
لا قوضت أبدا خيام سروره
إلا وهديك فيه هدي مقرب
وإذا المناسب صرحت ثمراتها
عنها فأنت الطيب ابن الطيب
أنت الذي ما اعتادني إحسانه
إلا صفحت عن الزمان المذنب
سقى الله بالزوراء من جانب الغرب
مها وردت عين الحياة من القلب
عفائف إلا عن معاقرة الهوى
ضعائف إلا في مغالبة الصب
عقائل تخشاها عقيل بن عامر
كواعب لا تعطي الذمام على كعب
إذا جاذبتهن البوادي مزية
من الحسن شبهن البراقع بالنقب
تظلمت من أجفانهن إلى النوى
سفاها وهل يعدي البعاد على القرب
ولما دنا التوديع قلت لصاحبي
حنانيك سربي عن ملاحظة السرب
إذا كانت الأحداق نوعا من الظبى
فلا شك أن اللحظ ضرب من الضرب
هبوني تعسفت الفراق ضلاله
فأصبحت في شعب وقلبي في شعب
فإني إذا ناديت يا صبر منجدا
خذلت ولبى إن دعا حرقه لبي
تقضى زماني بين بين وهجرة
فحتام لا يصحو فؤادي من حب
وأهوى الذي أهوى له البدر ساجدا
ألست ترى في وجهه أثر الترب
وأعجب ما في خمر عينيه أنها
تضاعف سكري كلما قللت شربي
إذا لم يكن في الحب عندي زيارة
ترجى فما فضل الزيارة عن غب
وما زال عوادي يقولون من به
وأكتمهم حتى سألتهم من بي
فصرت إذا ما هزني الشوق هزة
أحلت عذولي في الغرام على صحبي
وعند الصبا منها حديث كأنه
إذا سار بين الشرب ريحانة الشرب
تنم عليه نفحة بابلية
نمت من ثناياها إلى البارد العذب
تراح لها الأرواح حتى تظنها
نسيم جمال الدين هب على الركب
سروا عاقدي الآمال بهمة
بها وضعوا أثقالهم في ذرى الشهب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> هي جنة المأوى فهل من خاطب(45/458)
هي جنة المأوى فهل من خاطب
رقم القصيدة : 54315
-----------------------------------
هي جنة المأوى فهل من خاطب
لاث الجواب على رسول الراغب
إن الصفائح يوم صافحت الرها
عطفت عليها كل أشرس ناكب
فتح الفتوح مبشرا بتمامه
كالفجر في صدر النهار الآيب
لله أية وقعة بدرية
نصرت صحابتها بأيمن صاحب
ظفر كمال الدين كنت لقاحة
كم ناهض بالحرب غير محارب
وأمدكم جيش الملائك نضرة
بكتائب محفوقة بكتائب
جنبوا الدبور وقدتم ريح الصبا
جند النبوة هل لها من غالب
وخوافق قد توجت بأهلة
وعوامل قد نصبت بكواكب
أترى الرها الورهاء يوم تمنعت
ظنت وجوب السور سورة لاعب
فتح الضرام المصطلي لعلوجها
بابا إلى جمر الجحيم الذاهب
باتوا أساطين الضلال وأصبحوا
هدفا لقاذفة العذاب الواصب
أغراض رام لو رآها حاجب
ما أفرجت عن قوسه يد حاجب
لا أين يا أسرى المهالك بعدها
ضاق الفضاء على نجاة الهارب
شدا إلى أرض الفرنجة بعدها
إن الدروب على الطريق اللآَّحب
أفغركم والثأر رهن دمائكم
ما كان من إطراق لحظ الطالب
وإذا رأيت الليث يجمع نفسه
دون الفريسة فهو عين الواثب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لعل خيالا ضل حين انتيابها
لعل خيالا ضل حين انتيابها
رقم القصيدة : 54316
-----------------------------------
لعل خيالا ضل حين انتيابها
رأى نار شوقي موهنا فاهتدى بها
وإلا فأين الطيف من راكب السرى
نزولا على حكم النوى واغترابها
أخي كلف أسرى بأشقى صبابة
فوسدها في الصبح أيدي ركابها
ألم بنا والليل ينفض لمة
على الأفق ريب من بقايا خضابها
تخطى إلينا نائبا عن وصالها
وأعرض عنا مغريا بعتابها
فوالله ما أدري وقد نفر الكرى
سرى ببرود النفس أو باكتئابها
وإني لمخبول الغرام بحبها
على ما أرى من هجرها واجتنابها
ألا إنما قاضي القضاة وشمسها
سماء يرب المجد هامي ربابها
تصد الغوادي عن مباراة كفه
وقد شغلت من عجبها وعجابها
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> دمعي لسان فمه ناظر(45/459)
دمعي لسان فمه ناظر
رقم القصيدة : 54317
-----------------------------------
دمعي لسان فمه ناظر
يعزو الوشايات إلى سكبه
فأعجب لطرف دل قلبا على الحب
هو الواشي على حبه
إذا الحبيب اشتط في هجره
فاعدل من الحسن إلى تربه
وداو داء الهوى بالهوى
إفاقة المخمور في شربه
يا عجبا من قائل لم يجد
معنى فقاس الشمس يوما به
تلك أحتراق النجم في قربها
منه وهذا الفوز في قربه
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> عرجا بالأثارب
عرجا بالأثارب
رقم القصيدة : 54318
-----------------------------------
عرجا بالأثارب
كي أقضي مآربي
واسرقا نوم مقلتي
من جفون الكواعب
واعجبا من ضلالتي
بين عين وحاجب
رب كأس حبابها
من ثغور الحبائب
أسكرتني فبت ملقى
بأعلى الترائب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أودعتكم قلبي وودعتكم
أودعتكم قلبي وودعتكم
رقم القصيدة : 54319
-----------------------------------
أودعتكم قلبي وودعتكم
لا آمن البعد على قلبي
وعدت أدعو الله في قربكم
وقد أجيبت دعوة القرب
فاعتبروا مشتاقكم في الهوى
هل زل عنه خاتم الحب
العصر العباسي >> المتنبي >> أمن ازديارك في الدجى الرقباء
أمن ازديارك في الدجى الرقباء
رقم القصيدة : 5432
-----------------------------------
أمِنَ ازْدِيارَكِ في الدُّجى الرُّقَبَاءُ
إذْ حَيثُ كنتِ مِنَ الظّلامِ ضِياءُ
قَلَقُ المَليحَةِ وِهْيَ مِسْكٌ هَتكُها
ومَسيرُها في اللّيلِ وهيَ ذُكاءُ
أسَفي على أسَفي الذي دَلّهْتِني
عَنْ عِلْمِهِ فَبِهِ عَليّ خَفَاءُ
وَشَكِيّتي فَقْدُ السّقامِ لأنّهُ
قَدْ كانَ لمّا كانَ لي أعضاءُ
مَثّلْتِ عَيْنَكِ في حَشايَ جِراحَةً
فتَشابَها كِلْتاهُما نَجْلاءُ
نَفَذَتْ عَلَيّ السّابِرِيَّ ورُبّما
تَنْدَقّ فيهِ الصَّعدَةُ السّمْراءُ
أنا صَخْرَةُ الوادي إذا ما زُوحمَتْ
وإذا نَطَقْتُ فإنّني الجَوْزاءُ
وإذا خَفِيتُ على الغَبيّ فَعَاذِرٌ
أنْ لا تَراني مُقْلَةٌ عَمْيَاءُ(45/460)
شِيَمُ اللّيالي أنْ تُشكِّكَ ناقَتي
صَدْري بها أفضَى أمِ البَيداءُ
فَتَبيتُ تُسْئِدُ مُسْئِداً في نَيّها
إسْآدَها في المَهْمَهِ الإنْضاءُ
بَيْني وبَينَ أبي عليٍّ مِثْلُهُ
شُمُّ الجِبالِ ومِثْلُهنّ رَجاءُ
وعِقابُ لُبنانٍ وكيفَ بقَطْعِها
وهُوَ الشّتاءُ وصَيفُهُنّ شِتاءُ
لَبَسَ الثُّلُوجُ بها عَليّ مَسَالِكي
فَكَأنّها بِبيَاضِها سَوْداءُ
وكَذا الكَريمُ إذا أقامَ ببَلْدَةٍ
سَالَ النُّضارُ بها وقامَ الماءُ
جَمَدَ القِطارُ ولَوْ رَأتْهُ كمَا تَرَى
بُهِتَتْ فَلَمْ تَتَبَجّسِ الأنْواءُ
في خَطّهِ من كلّ قَلبٍ شَهْوَةٌ
حتى كأنّ مِدادَهُ الأهْواءُ
ولكُلّ عَيْنٍ قُرّةٌ في قُرْبِهِ
حتى كأنّ مَغيبَهُ الأقْذاءُ
مَنْ يَهتَدي في الفِعْلِ ما لا تَهْتَدي
في القَوْلِ حتى يَفعَلَ الشّعراءُ
في كلّ يَوْمٍ للقَوافي جَوْلَةٌ
في قَلْبِهِ ولأُذْنِهِ إصْغَاءُ
وإغارَةٌ في ما احْتَواهُ كأنّمَا
في كُلّ بَيْتٍ فَيْلَقٌ شَهْبَاءُ
مَنْ يَظلِمُ اللّؤماءَ في تَكليفِهِمْ
أنْ يُصْبِحُوا وَهُمُ لَهُ أكْفاءُ
ونَذيمُهُمْ وبهِمْ عَرَفْنَا فَضْلَهُ
وبِضِدّها تَتَبَيّنُ الأشْياءُ
مَنْ نَفْعُهُ في أنْ يُهاجَ وضَرُّهُ
في تَرْكِهِ لَوْ تَفْطَنُ الأعداءُ
فالسّلمُ يَكسِرُ من جَناحَيْ مالهِ
بنَوالِهِ ما تَجْبُرُ الهَيْجاءُ
يُعطي فتُعطَى من لُهَى يدِهِ اللُّهَى
وتُرَى بِرُؤيَةِ رَأيِهِ الآراءُ
مُتَفَرّقُ الطّعْمَينِ مُجْتَمعُ القُوَى
فكأنّهُ السّرّاءُ والضّرّاءُ
وكأنّهُ ما لا تَشاءُ عُداتُهُ
مُتَمَثّلاً لوُفُودِهِ ما شَاؤوا
يا أيّهَا المُجدَى علَيْهِ رُوحُهُ
إذْ لَيسَ يأتيهِ لها اسْتِجداءُ
إحْمَدْ عُفاتَكَ لا فُجِعْتَ بفَقدِهم
فَلَتَرْكُ ما لم يأخُذوا إعْطاءُ
لا تَكْثُرُ الأمواتُ كَثرَةَ قِلّةٍ
إلاّ إذا شَقِيَتْ بكَ الأحْياءُ
والقَلْبُ لا يَنْشَقّ عَمّا تَحْتَهُ
حتى تَحِلّ بهِ لَكَ الشّحْناءُ(45/461)
لمْ تُسْمَ يا هَرُونُ إلاّ بَعدَمَا اقْـ
ـتَرَعَتْ ونازَعتِ اسمَكَ الأسماءُ
فغَدَوْتَ واسمُكَ فيكَ غيرُ مُشارِكٍ
والنّاسُ في ما في يَدَيْكَ سَواءُ
لَعَمَمْتَ حتى المُدْنُ منكَ مِلاءُ
ولَفُتَّ حتى ذا الثّناءُ لَفَاءُ
ولجُدْتَ حتى كِدْتَ تَبخَلُ حائِلاً
للمُنْتَهَى ومنَ السّرورِ بُكاءُ
أبْدَأتَ شَيئاً ليسَ يُعرَفُ بَدْؤهُ
وأعَدْتَ حتى أُنْكِرَ الإبْداءُ
فالفَخْرُ عَن تَقصِيرِهِ بكَ ناكِبٌ
والمَجْدُ مِنْ أنْ يُسْتَزادَ بَراءُ
فإذا سُئِلْتَ فَلا لأنّكَ مُحوِجٌ
وإذا كُتِمتَ وشَتْ بكَ الآلاءُ
وإذا مُدِحتَ فلا لتَكسِبَ رِفْعَةً
للشّاكِرينَ على الإلهِ ثَنَاءُ
وإذا مُطِرْتَ فَلا لأنّكَ مُجْدِبٌ
يُسْقَى الخَصِيبُ ويُمْطَرُ الدّأمَاءُ
لم تَحْكِ نائِلَكَ السّحابُ وإنّما
حُمّتْ بهِ فَصَبيبُها الرُّحَضاءُ
لم تَلْقَ هَذا الوَجْهَ شَمسُ نَهارِنَا
إلاّ بوَجْهٍ لَيسَ فيهِ حَيَاءُ
فَبِأيّما قَدَمٍ سَعَيْتَ إلى العُلَى
أُدُمُ الهِلالِ لأخمَصَيكَ حِذاءُ
ولَكَ الزّمانُ مِنَ الزّمانِ وِقايَةٌ
ولَكَ الحِمامُ مِنَ الحِمامِ فِداءُ
لوْ لم تكنْ من ذا الوَرَى اللّذْ منك هُوْ
عَقِمَتْ بمَوْلِدِ نَسْلِها حَوّاءُ
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا عارضا نفسه وعارضه
يا عارضا نفسه وعارضه
رقم القصيدة : 54320
-----------------------------------
يا عارضا نفسه وعارضه
يضرب دون الوصال بالحجب
أنبت منه لسلوتي سببا
يا هاجري قبل ذا بلا سبب
فالق به قطع كل ذي صلة
هذا كسوف بعقدة الذنب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> بدور حجى يرفض عن نورها الدجى
بدور حجى يرفض عن نورها الدجى
رقم القصيدة : 54321
-----------------------------------
بدور حجى يرفض عن نورها الدجى
وينجاب منها عن شمائل أنجاب
تهز الوغى منكم سيوف صوارم
وتجلو العلى منكم شمائل كتاب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> شتوا يدعو الضيوف إلى قراهم(45/462)
شتوا يدعو الضيوف إلى قراهم
رقم القصيدة : 54322
-----------------------------------
شتوا يدعو الضيوف إلى قراهم
سنا نيرانهم فوق الروابي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> فم وثغر وشنب
فم وثغر وشنب
رقم القصيدة : 54323
-----------------------------------
فم وثغر وشنب
كأس وخمر وحبب
واحربا من شادن
لم يرضه مني الحرب
مولد ليس له
إلا إلى الحسن نسب
يضحك عن مسدسات
النحل فيهن الضرب
ما إن حماني ثغره
إلا سباني ونهب
ولا مشى تهاديا
إلا مشى القلب خبب
هل سبب الي الرضى
يا عاتبا بلا سبب
تنكرني قتلي وفي
يديك من قتلي سلب
ما لي ابكي قاتلي
يا للرجال للعجب
كأن عيني إذا
دمي ودمعي أنسكب
يدا أمين الدين تهمي
باللجين والذهب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> بالسفح من لبنان لي
بالسفح من لبنان لي
رقم القصيدة : 54324
-----------------------------------
بالسفح من لبنان لي
قمر منازله القلوب
حملت تحيته الشمال
فردها عني الجنوب
فرد الصفات غريبها
والحسن في الدنيا غريب
لم أنس ليلة قال لي
لما رأى جسدي يذوب
بالله قل لي يا فتى
ما تشتكي قلت الطبيب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وما كلف البدر ما قيل فيه
وما كلف البدر ما قيل فيه
رقم القصيدة : 54325
-----------------------------------
وما كلف البدر ما قيل فيه
ولكن رأى وجهها فانتقب
وما خلف الريق مثل الرحيق
لو لم يفتها اللمى والشنب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ومتى ما قيل ردي قلبه
ومتى ما قيل ردي قلبه
رقم القصيدة : 54326
-----------------------------------
ومتى ما قيل ردي قلبه
قالت القاتل أولى بالسلب
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> رأيت نهر قويق
رأيت نهر قويق
رقم القصيدة : 54327
-----------------------------------
رأيت نهر قويق
فساءني ما رأيت
فلو ظمئت وأسقيت
ماءه ما رويت
ولو بكيت عليه
بقدرة ما اشتفيت
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وقالوا لاح عارضه(45/463)
وقالوا لاح عارضه
رقم القصيدة : 54328
-----------------------------------
وقالوا لاح عارضه
وما ولت ولا يته
فقلت عذار من أهوى
أمارته إمارته
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> كنت جهلا فيما مضى أحسد الأحياء
كنت جهلا فيما مضى أحسد الأحياء
رقم القصيدة : 54329
-----------------------------------
كنت جهلا فيما مضى أحسد الأحياء
فأصبحت أغبط الأمواتا
مذ عرفت الأيام لست أبالي
أي شيء عاصى يدي أم واتى
فتنزه عمن تصامم عن صوتك
واسأل من يسمع الأصواتا
العصر العباسي >> المتنبي >> ماذا يقول الذي يغني
ماذا يقول الذي يغني
رقم القصيدة : 5433
-----------------------------------
ماذا يَقولُ الّذي يُغَنّي
يا خيرَ مَنْ تَحتَ ذي السّماءِ
شَغَلْتَ قَلْبي بلَحْظِ عَيْني
إلَيكَ عَنْ حُسْنِ ذا الغِناءِ
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> منيتني بتعلة
منيتني بتعلة
رقم القصيدة : 54330
-----------------------------------
منيتني بتعلة
حبست فهاجت علتي
ووعدتني بطويلة
تأتي فكانت ليلتي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إلى كم أسوم الدهر غير طباعه
إلى كم أسوم الدهر غير طباعه
رقم القصيدة : 54331
-----------------------------------
إلى كم أسوم الدهر غير طباعه
وأصدقه عن شيمتي وهو حانث
وأسمو مجدا في العلى وتحطني
خطوب كأن الدهر فيهن عابث
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لو كنت ثالثنا بأشمونيثا
لو كنت ثالثنا بأشمونيثا
رقم القصيدة : 54332
-----------------------------------
لو كنت ثالثنا بأشمونيثا
حتى ترى التوحيد والتثليثا
لرأيت منا أعينا طماحة
تستحسن التذكير والتأنيثا
من كل محتضن يجاذب ردفه
فكأنه احتقب الرمال الميثا
ومهفهف لعب الصبا بقوامه
حتى توهمت الشباب خنيثا
لما سألت علالة من ريقه
ملأ الزجاجة ثم جاء حثيثا
قلت اسقني من فيك إن رضابه
قد رد أطيب ما حملت خبيثا
قال اعتبر قرع المزاج نسيبه
ما عمد ثغري تفهم الثالثوثا(45/464)
وبدا يناظرني بها عن دينه
فقطعت ليلا بالجدال مكيثا
يختص عيسى بالصلاة واصطفى
لوطا وتذكرنا المدامة شيئا
والبدر مبتسم كوجه خريدة
قرنت به فرعا عليه أثيثا
يا ليلة أفردت طرفي فجرها
عنقا يكون به المطي حثيثا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لك الله إن حاربت فالنصر والفتح
لك الله إن حاربت فالنصر والفتح
رقم القصيدة : 54333
-----------------------------------
لك الله إن حاربت فالنصر والفتح
وإن شئت صلحا عد من حزمك الصلح
وهل أنت إلا السيف في كل حالة
فطورا له حد وطورا له صفح
سقيت الردينيات حتى رددتها
ترنح من سكر فحل القنا تصحو
وما كان كف العزم إلا إشارة
إلى الحزم لو لم يغضب السيف والرمح
وقد علم الأعداء مذيت جانحا
إلى السلم ما تنوي بذاك وما تجو
إذا ما دمشق ملكتك عنانها
تيقن من في إيليا أنه الذبح
متى التفت نقع الجحفلين على الهدى
فلا مهمة يحوي الضلال ولا سفح
إذا سار نور الدين في الجيش غازيا
فقولا لليل الإفك قد طلع الصبح
تركت قلوب الشرك تشكو جراحها
فلا زالت الشكوى ولا اندمل الجرح
صبرت فكان الصبر خير مغبة
فسيق إليك الملك يسعى به النجح
كأن القنا تجلو له وجه أمره
ولو أمهلت بلقيس ما غرها الصرح
بدولتك الغراء أصبح ضدها
بهيما ولولا الحسن ما عرف القبح
وكم من قريح القلب لو بات واردا
موارد هذا العدل ما مسه قرح
سخابك هذا الدهر جودا على الورى
على أنه ما زال في طبعه شح
وقد كان يمحو رسم كل فضيلة
ونحن نراه اليوم يثبت ما يمحو
بك ابتهج الألباب وانتهج الحجا
وأثمرت الآداب وأطرد المدح
ولاذت بك التقوى وعاذت بك العلا
ودانت لك الدنيا وعزبك السرح
فلا قلب إلا قد تملكته هوى
ولا صدر إلا قد جلاه لك النصح
وما الجود في الأملاك إلا تجارة
فمن فاته حمد الورى فاته الربح
ولم أختصر ما قلت إلا لأنني
أعبر عما لا يقوم به الشرح
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ويلاه ممن قلبه صخرة
ويلاه ممن قلبه صخرة
رقم القصيدة : 54334(45/465)
-----------------------------------
ويلاه ممن قلبه صخرة
في زند قلبي أبداً قادحه
كأنما كأس سنا ريقه
بعد الكرى نافجة نافحه
تالله هل في خده حمرة
أم خمرة أم جمرة لافحة
لو لم تكن مقلته في الحشا
جارحة ما سميت جارحة
تمضي صلاتي كلها باسمه
فلا تسل عن سورة الفاتحة
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ألا لله درك أي در
ألا لله درك أي در
رقم القصيدة : 54335
-----------------------------------
ألا لله درك أي در
صريح جاء بالكرم الصريح
وعسكرك الذي استولى مسيحا
علي ما بين فامية وسيح
ووقعتك التي بنت العوالي
صوادر عن قتيل أو جريح
بإنب يوم أبرزت المذاكي
من النقع الغزالة في مسوح
غداة كأنما العاصي احمرارا
من الدم عبرة الجفن القريح
وقد وافاك بالإبزنز حتف
اتيح له من القدر المتيح
قتلت أشحهم بالنفس إذا لا
يجود بنفسه غير الشحيح
ملأت بهم ضرائحهم فأمسوا
وليس سوى القشاعم من ضريح
وعدت إلى ذرى حلب حميدا
سمو البدر من بعد الجنوح
فإن حليت بغرتك الليالي
فكم لسناك من زمن مليح
رويدك تسكن الهيجا فواقا
بحيث تريح من تعب المريح
فأنت وإن أرحت الخيل وقتا
فهمك غير هم المستريح
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أحاكمها في مهجتي ولها اليد
أحاكمها في مهجتي ولها اليد
رقم القصيدة : 54336
-----------------------------------
أحاكمها في مهجتي ولها اليد
وأطلب منها رد قلبي فتجحد
وأسأل داجي هجرها عن صباحه
وهجر الغواني ليلة ما لها غد
فيا منتهى النجوى إذا صرح الهوى
وباتت به الشكوى لظى تتوقد
عهدتك يوم الروع ضامن نجدتي
فهل أنت إن غارت هباتك تنجد
نشدتك لا تأمن على مضمر الحشى
مدامع شمل السر فيها مبدد
فكل حديث يمكن السمع رده
سوى مستفيض عن جوى القلب يسند
بكينا دما والقاصرات سوافر
فلاحت خدود كلهن مورد
وقد وقف الواشون من كل وجنة
على محضر فيه المدامع تشهد
فجفن محب فيه جرح مضرج
وجفن حبيب فيه سيف مهند
سهرت غراما واللواحي هواجد(45/466)
وكيف ينمام الليل طرف مسهد
ألوذ ببرد اليأس من وغرة النوى
وأطمع عند القرب والقرب أبعد
أأدرك ما فاتت به سنة الكرى
وأرجو صلاح الدهر والدهر مفسد
أرى القوم صما كلما ذكر الندى
كأن الندى في السمع معنى مردد
فما صرح التشمير عن خوض لجة
إلى الحظ إلا قيل صرح ممرد
عجبت لأحكام الليالي وجورها
عن القصد في الاقسام حيث تقصد
ووسنا لنا في ظل الغبارة ناعم
ويقظان في نار الذكا يتوقد
وآلمني من فات همي اهتضامه
وأقصدني من ليس فيه مقصد
وولتك أعناق المعالي سيادة
نيابتها في الشرق والغرب سودد
فللملك وجه سافر عن سفارة
يؤكدها منك الولاء المؤكد
أنامت مساعيك الظبى في جفونها
فهل كان في تنبيه رأيك مرقد
وداويت فيها ناظر السيف بعدما
مضى وهو طرف من دم الحرب أرمد
دلفت إليها خائضا غمراتها
وموج الوغى بين الفريقين مزبد
تقطب منك البيض وهي ضواحك
ويفتر عنك الخطب واليوم أربد
ونافذ آراء متى لم تصل بها
فلا الرمح مركوز ولا السيف مغمد
فللنصرمنها ما تحوز وتصطفي
وللمجد منها ما تحل وتعقد
.... عندك خائفا
فراقا له منك التبسم موعد
وأعطيت في قتل الخطوب دياتها
وكيف يديها القاتل المتعمد
مناقب لا الرأي القياسي ناهض
بها فسواء عالم ومقلد
أرى البخل يفني المال والمال راهن
ويبقى السماح المرء والمرء ينفد
فدونكها كالحضر سرا ونفحة
تغور بآفاق البلاد وتنجد
لها بين افواه الرواة تلاوة
تردد ما دام الليالي تردد
نهى توجد الألباب عند وجودها
وتنشد في أثنائها حين تنشد
لقائح أفكار تمادى نتاجها
فأولدها هذا الكلام المولد
فلا زال يحدوها إليك اشتياقها
لها كل وقت منك عهد مجدد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> هو السيف لا يغنيك إلا جلاده
هو السيف لا يغنيك إلا جلاده
رقم القصيدة : 54337
-----------------------------------
هو السيف لا يغنيك إلا جلاده
وهل طوق الأملاك إلا نجاده
وعن ثغر هذا النصر فلتأخذ الظبى
سناها وإن فات العيون اتقاده
سمت قبة الإسلام فخرا بطوله(45/467)
ولم يك يسمو الدين لولا عماده
وذاد قسيم الدولة ابن قسيمها
عن الله ما لا يستطاع ذياده
ليهن بني الإيمان أمن ترفعت
رواسيه عزا واطمأن مهاده
وفتح حديث في السماع حديثه
شهي إلى يوم المعاد معاده
أراح قلوبا طرن من وكناتها
عليها فوافى كل صدر فؤاده
لقد كان في فتح الرهاء دلاله
على غير ما عند العلوج اعتقاده
يرجون ميلاد ابن مريم نصرة
ولم يغن عند القوم عنه ولاده
مدينة إفك منذ خمسين حجة
يفل حديد الهند عنها حداده
تفوت مدى الأبصار حتى لو أنها
ترقت إليه خان طرفا سواده
وجامحة عز الملوك قيادها
إلى أن ثناها من يعز قياده
فأوسعها حر القراع مؤيد
بصير بتمرين الألد لداده
كأن سنا لمع الأسنة حوله
شرار ولكن في يديه زناده
فأضرمها نارين حربا وخدعة
فما راع إلا سورها وانهداده
فصدت صدود البكر عند افتضاضها
وهيهات كان السيف حتما سفاده
فيا ظفرا عم البلاد صلاحه
بمن كان قد عم البلاد فساده
غداة كأن الهام في كل قونس
كمائم نبت بالسيوف حصاده
فلا مطلق إلا وشد وثاقه
ولا موثق إلا وحل صفاده
ولا منبر إلا ترنح عوده
ولا مصحف إلا أنار مداده
فإن يثكل الإبرانز فيها حياته
وإلا فقل للنجم كيف سهاده
وباتت سرايا القمص تقمص دونها
كما تتنزى عن حريق حراده
إلى أين يا أسرى الضلالة بعدها
لقد ذل غاويكم وعز رشاده
رويدكم لا مانع من مظفر
يعاند أسباب القضاء عناده
مصيب سهام الرأي لو أن عزمه
رمى سد ذي القرنين أصمى سداده
وقل لملوك الكفر تسلم بعدها
ممالكها إن البلاد بلاده
كذا عن طريق الصبح أيتها الدجى
فيا طالما غال الظلام امتداده
فلو درج الأفلاك عنه تحصنت
لأمست صعادا فوقهن صعاده
ومن كان أملاك السموات جنده
فأية أرض لم ترضها جياده
ولله عزم ماء سيحان ورده
وروضة قسطنطسنية مستراده
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لكم من فؤادي ما اباحكم الوجد
لكم من فؤادي ما اباحكم الوجد
رقم القصيدة : 54338
-----------------------------------(45/468)
لكم من فؤادي ما اباحكم الوجد
فهلا حماني من وعيدكم وعد
أأحبابنا سرتم على القرب سيرة
من الغش جلى من ضمائرها البعد
ولي عند أعضاد المهاري لبانة
إذا ما اقتضاها الوجد قام بها الوخد
فما أتشكى البعد إلا تعرضت
لي الحرة الوجناء والفرس النهد
وعزم يسامي النيرات كأنما
سما بجناحيه أبو غانم سعد
جواد تمادى دون لاحقه المدى
وعد تناهى دون إحسانه العد
كأن اللهى في راحتيه ودائع
لكل فقير والعطاء لها رد
مواهب شتى بين جود ورحمة
إذا ما ادعاها الأجر نازعه الحمد
تملك أعناق المكارم واجتنى
ثنائي منه المال والجاه والود
يد ضمنت وردي وأخرى تدل بي
فسابقة تبدو وسائقة تحدو
وأين ثنائي منه وهو نسيئه
يسامحني فيه وإحسانه نقد
تمهل منه في مساعي خزيمة
عريق العلى ينميه من أسد أسد
بني الهضبة العليا إذا النار أخمدت
ورى لهم في كل شاهقة زند
إذا طارف منهم تقبل تالدا
سما الجد من آلائهم ونما الجد
أبا غانم إن السماحة منهل
بكفيك منها كل شارقة ورد
تفرغت شغلا بالمعالي وإنما
تروح لتشييد المكارم أو تغدو
إذا ما علت يمناك كفا حسبتها
من البر أما تحت كلكلها مهد
وكنت إذا راهنت قوما إلى العلى
تخونهم بعد المدى فأتوا بعد
وحالفت ما بين المناقب في العلى
فجاءت وكل اثنين بينهما عقد
ففي قربك الزلفى وفي وعدك الغنى
وفي بشرك الحسنى وفي رأيك الرشد
ومثلك من ساق الثناء سماحه
وتيمه بالسائل الوجد لا الوجد
وفك يدي أمواله من ختومها
فكاك الأسارى قد أضربها القد
فدم للمعالي كلما ذر شارق
جرى بالذي تهواه طائرك السعد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا ليت أن الصد مصدود
يا ليت أن الصد مصدود
رقم القصيدة : 54339
-----------------------------------
يا ليت أن الصد مصدود
أو لا فليت النوم مردود
إلى متى تعرض عن مغرم
في خده للدمع أخدود
قالوا عيون البيض بيض الظبى
قلت ولكن هذه سود
يخاف منها وهي في جفنها
والسيف يخشى وهو مغمود
وكيف لا نثني على عيشنا المحمود(45/469)
والسلطان محمود
فليشكر الناس ظلال المنى
إن رواق العدل ممدود
ونيرات الملك وهاجة
وطالع الدولة مسعود
وصارم الإسلام لا ينثني
إلا وشلو الكفر مقدود
مناقب لم تك موجودة
إلا ونور الدين موجود
مظفر في درعه ضيغم
عليه تاج الملك معقود
نال المعالي حاكما مالكا
فهو سليمان وداوود
ترتشف الأفواه أسيافه
إن رضاب العز مورود
وكم له من وقعة يومها
عند ملوك الشرك مشهود
والقوم إما مرهق صرعة
أو موثق بالقد مشدود
حتى إذا عادوا إلى مثلها
قالت لهم هيبته عودوا
طالب بثأر ضمنته الظبى
فكل ما يضمن مردود
والكر والفر سجال الوغى
فطارد طورا ومطرود
وإنما الإفرنج من بغيها
عاد وقد عاد لها هود
قد حصحص الحق فما جاحد
في قلبه باسك مجحود
فكل مصر بك مستفتح
وكل ثغر بك مسدود
العصر العباسي >> المتنبي >> إنما التهنئات للأكفاء
إنما التهنئات للأكفاء
رقم القصيدة : 5434
-----------------------------------
إنّمَا التّهْنِئَاتُ لِلأكْفَاءِ
ولمَنْ يَدَّني مِنَ البُعَدَاءِ
وَأنَا مِنْكَ لا يُهَنّىءُ عُضْوٌ
بالمَسَرّاتِ سائِرَ الأعْضَاءِ
مُسْتَقِلٌّ لَكَ الدّيَارَ وَلَوْ كَا
نَ نُجُوماً آجُرُّ هَذا البِنَاءِ
وَلَوَ انّ الذي يَخِرّ مِنَ الأمْـ
ـوَاهِ فيهَا مِنْ فِضّةٍ بَيضَاءِ
أنْتَ أعلى مَحَلّةً أنْ تُهَنّا
بمَكانٍ في الأرْضِ أوْ في السّماءِ
وَلَكَ النّاسُ وَالبِلادُ وَمَا يَسْـ
ـرَحُ بَينَ الغَبراءِ وَالخَضرَاءِ
وَبَساتينُكَ الجِيادُ وَمَا تَحْـ
ـمِلُ مِنْ سَمْهَرِيّةٍ سَمْرَاءِ
إنّمَا يَفْخَرُ الكَريمُ أبُو المِسْـ
ـكِ بِمَا يَبْتَني مِنَ العَلْياءِ
وَبأيّامِهِ التي انسَلَخَتْ عَنْـ
ـهُ وَمَا دارُهُ سِوَى الهَيجاءِ
وَبِمَا أثّرَتْ صَوَارِمُهُ البِيـ
ـضُ لَهُ في جَمَاجِمِ الأعْداءِ
وَبمسْكٍ يُكْنى بهِ لَيسَ بالمِسْـ
ـكِ وَلَكِنّهُ أرِيجُ الثّنَاءِ
لا بمَا يَبتَني الحَواضرُ في الرّيـ
ـفِ وَمَا يَطّبي قُلُوبَ النّساءِ(45/470)
نَزَلَتْ إذْ نَزَلْتَهَا الدّارُ في أحْـ
ـسَنَ منها مِنَ السّنى وَالسّنَاءِ
حَلّ في مَنْبِتِ الرّياحينِ مِنْهَا
مَنْبِتُ المَكْرُماتِ وَالآلاءِ
تَفضَحُ الشّمسَ كلّما ذرّتِ الشمـ
ـسُ بشَمْسٍ مُنيرَةٍ سَوْداءِ
إنّ في ثَوْبِكَ الذي المَجْدُ فيهِ
لَضِيَاءً يُزْري بكُلّ ضِيَاءِ
إنّما الجِلدُ مَلبَسٌ وَابيضَاضُ الـ
ـنّفسِ خَيرٌ من ابيضَاضِ القَبَاءِ
كَرَمٌ في شَجَاعَةٍ وَذَكَاءٌ
في بَهَاءٍ وَقُدْرَةٌ في وَفَاءِ
مَن لبِيضِ المُلُوكِ أن تُبدِلَ اللوْ
نَ بلَوْنِ الأستاذِ وَالسّحْنَاءِ
فَتَرَاهَا بَنُو الحُرُوبِ بأعْيَا
نٍ تَرَاهُ بها غَداةَ اللّقَاءِ
يا رَجاءَ العُيُونِ في كلّ أرْضٍ
لم يكُنْ غيرَ أنْ أرَاكَ رَجَائي
وَلَقَدْ أفْنَتِ المَفَاوِزُ خَيْلي
قَبلَ أنْ نَلتَقي وَزَادي وَمَائي
فَارْمِ بي ما أرَدْتَ مني فإنّي
أسَدُ القَلْبِ آدَميُّ الرُّوَاءِ
وَفُؤادي مِنَ المُلُوكِ وَإن كا
نَ لِساني يُرَى منَ الشّعراءِ
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> تفي بضمانها البيض الحداد
تفي بضمانها البيض الحداد
رقم القصيدة : 54340
-----------------------------------
تفي بضمانها البيض الحداد
وتقضي دينها السمر الصعاد
وتدرك ثارها من كل باغ
فوارس من عزائمها الجلاد
ويغشى حومة الهيجا همام
يشد بضبعه السبع الشداد
أظنوا أن نار الحرب تخبو
ونور الدين في يده الزناد
وجند كالصقور على صقور
إذا انقضوا على الأبطال صادوا
إذا أخفوا مكيدتهم أخافوا
وإن ابدوا عداوتهم أبادوا
ونصرة دولة حاميت عنها
وهل يخشى وأنت لها عماد
وإن تتل القوافي ما تلته
بإنب ما يؤنبها سناد
جرت بالنصر أقلام العوالي
وليس سوى النجيع لها مداد
وطالت أرؤس الأعلاج خصبا
فنادى السيف قد وقع الحصاد
أحطت بهم فكان القتل صبرا
ولا طعن هناك ولا طراد
وللإبرنز فوق الرمح رأس
توسد والسنان له وساد
ترجل للسلام ففرسوه
وليس سوى القناة له جواد
غضيض المقلتين ولا نعاس(45/471)
وغائرها وليس به سهاد
فسر واستوعب الدنيا فتوحا
فلا هضب هناك ولا وهاد
وزر ببني الوغى مثوى حبيب
فما عن باب مسلمة ذياد
ولا في باب فارس غير ثكلى
بفارسها يضيق بها الحداد
لأنطاكية يحمي ذراها
وقد دانت لسطوتك البلاد
وأذعنت الممالك واستجابت
ملبية لدعوتك العباد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يذود الظبى عنهن والحدق الصيد
يذود الظبى عنهن والحدق الصيد
رقم القصيدة : 54341
-----------------------------------
يذود الظبى عنهن والحدق الصيد
أمرهفة بيض ومرهفة سود
على أن أوحاهن فتكا صوارم
صياقلها أجفانها والمراويد
فلا جسم إلا بالبواتر مقصد
ولا قلب إلا بالنواظر مقصود
وما البارقات الراعدات عواصف
بهمي لولا المبرقات الرعاديد
وليس الهوى ما صدني عنه غيره
ولا مالواني عنه لوم وتفنيد
ولكنه الشكوى إلى من أحبه
وإن حال صد دونها وصناديد
هل الروض من تلك المحاسن مجتنى
أم الحوض من ذاك المقبل مورود
وهل ظل ريعان الشبيبة عائد
علاي ولقيان الأحبة مردود
وداد بأكناف الوفاء ممنع
وعهد بأنواء الصبابة معهود
وإني الخوار الشكيمة في الهوى
وإن بات في خدي للدمع أخدود
تنكب خوفا من دمي البيض والقنا
وتلوي به في ليهن المواعيد
وينزل لي عن ثأهرها النفر العدى
وتقتادني في دلها البقر الغيد
ويقطع في الطرف والطرف فاتر
فقل في مضاء السيف والسيف مغمود
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> مع الركب أنباء الحمى لو يعيدها
مع الركب أنباء الحمى لو يعيدها
رقم القصيدة : 54342
-----------------------------------
مع الركب أنباء الحمى لو يعيدها
لهيج مفتونا بها يستعيدها
خليلي هل لي في الرفاق رسالة
يذكرني العهد القديم جديدها
تهب صباكم ليس بين هبوبها
وبين ركود النفس إلا ركودها
ويسري هواكم في البروق وإنما
وقود الحشا إما استطار وقودها
ليهنك مأثور الوغى عن خلافة
بك أخضر واديها وأورق عودها
وأنى تخاف الضيم دولة هاشم
وآراؤك الأنجاد فيها جنودها(45/472)
وكيف يغيب النصر عنكم بوقعه
ملائكة الله الكرام شهودها
كتائب تردي بالكتائب لفظها
ظباها وسمر الخط فيها بنودها
إذا فتنة للحرب أسعر نارها
فإن ضرام المرهفات خمودها
بدأت بإحسان فجد بتمامه
فمثلك مبدي منه ومعيدها
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> غدرتم بنا غدر الشباب الذي مضى
غدرتم بنا غدر الشباب الذي مضى
رقم القصيدة : 54343
-----------------------------------
غدرتم بنا غدر الشباب الذي مضى
فوا أسفا هل كان بينكما عهد
وإن قلتم إني سبقت إلى النوى
فما جئتها حتى بدا منكم الصد
فلا تغفلوا ناري فلي عنده هوى
متى كتمته العين نم به الخد
دعوا ما مضى من قبل هذا لما بعد
فأقسم لولا المجد ما عرف المجد
كريم سمت أوصافه لعفاته
قرائن كل اثنين بينهما عقد
محياه والبشرى ويمناه والندى
ونجواه والدنيا وتقواه والزهد
ففي قربه الزلفى وفي وعده الغنى
وفي نيله الحسنى وفي رايه الرشد
إذا وجه نور الدين قابل مجده
فقل في كمال البدر قابله السعد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وحل ذرى العواصم وهي نهبى
وحل ذرى العواصم وهي نهبى
رقم القصيدة : 54344
-----------------------------------
وحل ذرى العواصم وهي نهبى
فأجلى الشرك حتى ليس ضد
ثنى يده عن الدنيا عفافا
ومال بها عن الأموال زهد
رأى حط المكوس عن الرعايا
فأهدر قبل ما أنشاه بعد
ومد لها رواق العدل شرعا
وقد طوى الرواق ومن يمد
وبات وعند باب العرش منها
لدولته دعاء لا يرد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وأرشف خمره والكأس ثغر
وأرشف خمره والكأس ثغر
رقم القصيدة : 54345
-----------------------------------
وأرشف خمره والكأس ثغر
وأقطب ورده والغصن قد
وكم بالثغر من ثمرات در
جناها بعد قرب الدار بعد
ومن عقد ينافس فيه ثغر
ومن ثغر ينافس فيه عقد
ورمان وتفاح حلاه
لعين المجتنى نهد وخد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ملك أشبه الملائك فضلا
ملك أشبه الملائك فضلا
رقم القصيدة : 54346(45/473)
-----------------------------------
ملك أشبه الملائك فضلا
وشبيه بمالك الأمر جنده
عم إحسانه فأصبح يتلى
شكره في الورى ويدرس حمده
فسقى الله ذكره أينما حلل
ولا فاته من النصر رفده
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وقلدتني طوق الحمامة منه
وقلدتني طوق الحمامة منه
رقم القصيدة : 54347
-----------------------------------
وقلدتني طوق الحمامة منه
تردد فيها من ثنائك تغريد
ثناء يثني أعظم الدهر دقة
وإيراده في وجنة الشمس توريد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> فارقونا وكل عين من الحرقة
فارقونا وكل عين من الحرقة
رقم القصيدة : 54348
-----------------------------------
فارقونا وكل عين من الحرقة
قلب وكل جفن وريد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أصاح متى عجب بالسيده
أصاح متى عجب بالسيده
رقم القصيدة : 54349
-----------------------------------
أصاح متى عجب بالسيده
فسل عن فؤادي في الإفئدة
وقلبك حذره من أن يصاد
فإن بها للهوى مصيده
وجوه تباهي قناديلها
ببهجة نيرانها الموقده
ترى كل مستضعف خصره
إذا ما دعا طرفه أنجده
وزات روادف عند القيام
تحسبها أنها مقعده
وبدر من الشعر في غاسق
يضاحك أبيضه أسوده
فيالي من ذلك الزبرقان
إذا زرفن الليل أو جعده
محل خيال إذا ما رأيت
أمرده قلت ما أمرده
ومسرح عين كحيل الظباء
تغانج غادته أغيده
به كل نشوانه لحظها
يطرق بين يدي عربدة
صوارم قاطعة في الجفون
فهي مجردة مغمدة
فها أنا من في سبيل الغرام
أورده الحب ما أورده
فهل لدم فات من طالب
وهيهات أعجز يوم غده
وكيف يجازى بقتل النفوس
من لم يمد إليها يده
العصر العباسي >> المتنبي >> أرى مرهفا مدهش الصيقلين
أرى مرهفا مدهش الصيقلين
رقم القصيدة : 5435
-----------------------------------
أرَى مُرْهَفاً مُدهِشَ الصّيقَلِينَ
وبابَةَ كُلّ غُلامٍ عَتَا
أتأذَنُ لي ولَكَ السّابِقاتُ
أُجَرّبُهُ لَكَ في ذا الفَتى(45/474)
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> نبت الجفون فما اغتمضن وإنما
نبت الجفون فما اغتمضن وإنما
رقم القصيدة : 54350
-----------------------------------
نبت الجفون فما اغتمضن وإنما
حق السيوف إذا نبت أن تغمدا
وكأن طرفي حين أبكته دما
ألقى الشعاع بخدها فتوردا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وعيشك ما سميت نومك باسمه
وعيشك ما سميت نومك باسمه
رقم القصيدة : 54351
-----------------------------------
وعيشك ما سميت نومك باسمه
ولكنني أرخته مولد الردى
وحسبك كم زوار قبرك روضة
ترى أعين الباكين زهرا موردا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ليت القلوب على نظام واحد
ليت القلوب على نظام واحد
رقم القصيدة : 54352
-----------------------------------
ليت القلوب على نظام واحد
ليذوق حر الوجد غير الواجد
فإلام يهوى القلب غير مساعف
بهوى ويلقى الصب غير مساعد
نمتم عن الشكوى وأرقني الجوى
يا بعد غاية ساهر من هاجد
أضللت قلبا ظل ينشد لبه
من لي بوجدان الفقيد الفاقد
ونهت مدامعي الوشاة فرابهم
شاك صبابته بطرف جامد
ولو أنهم سمعوا إلية عبرتي
في الحب لا تهموا يمين الشاهد
أشكو إليك فهل عليك غضاضة
يا ممرضي صدا لو أنك عائدي
يا من إذا ما نمت أوقع بي الكرى
غضبا لطيف خياله المتعاهد
أما الرقاد فلو يكون بصحة
ما كان ناظرك السقيم براقد
أهوى الغصون وإنما أضنى الصبا
شوق النسيم إلى القضيب المائد
ويهجيني برق الثغور وإن سما
في ناظري خلال غيث ساهد
بكرت على بالي الشباب تلومه
عدي الملامة عن حنين الفاقد
ما زال صرف الدهر يقصر همتي
حتى صرفت إلى الكرام مقاصدي
وإذا الوفود إلى الملوك تبادرت
فعلى جمال الدين وفد محامدي
فلتعلمن ظلم الحوادث انني
يممت أزهر كالشهاب الواقد
يمضي العزائم وهي غير قواطع
ما السيف إلا قوة في الساعد
باق على حك الزمان ونقده
ومن الصحيح على امتحان الناقد
يلقاك في شرف العلى متواضعا
حتى ترى المقصود مثل القاصد(45/475)
وإذا دنت يمناه من مسترفد
لم تدر أيهما يمين الرافد
أمنية للمعتفي ومنية
للمعتدي وشريعة للوارد
ولع بأسهم فكره فإذا رمى
أصمى بها غرض المدى المتباعد
يتصرف المتصرفون بأمره
عن حكم أمر نافذ لا نافذ
لا تحسبوا أني انفردت بحمده
هيهات كم لمحمد من حامد
يا مسترق الماجدين بفضله
والفخر كل الفخر رق الماجد
أقلامك القدر المتاح فما جرى
إلا جرت بفواقر وفوائد
من كل أرقش مستهل ريقه
أفواه بيض أو ثغور أساود
تزجي كتائبه الكتائب تلتظي
لهبا أمام مسالم لمعاند
كم من ولي قلدته ولا ية
عقد اللواء لها ثناء العاقد
حتى إذا سلك العدو سبيلها
فعلى طريق مكامن ومكائد
تستام امثال الكلام شواردا
فتبيت عندك في حبالة صائد
تلك البلاغة ما تملك عفوها
بيديك إلا بذ جهد الجاهد
ولقد لحظت الملك منهوب الحمى
من جانبيه فكنت أول ذائد
ربيت بيت المال تربية امرئ
يحنو عليه بها حنو الوالد
اشعرت نفسك منه يأس نزاهة
ومنحت همك منه بأس مجاهد
فممالك السلطان ساكنة الحشا
من بعد ما كانت فريسة طارد
عطفت على يدك المساعي رغبة
نظرت إلى الدنيا بعين الزاهد
وثنت أعنتها إليك مناقب
يا طالما كانت نشيدة ناشد
مجد على عرش السماك وهمة
ترقى السها بجناح جد صاعد
وعلى يجوز بها المدى حسد العدى
إن العلى منصورة بالحاسد
يا حبذا هم إليك أصارني
وعزيمة تقفو رياضة قائد
أنا روضة تزهى بكل غريبة
أفرائدي من لم يفز بفرائدي
إن ساقني طلب الغنى أو شاقني
حب العلى فلقد وردت مواردي
ومتى عددت إلى نداك وسائلي
أعددت قصدي من أجل مقاصدي
حتى أعود من امتداحك حاليا
وكأنني قلدت بعض قلائدي
ما كانت الآمال تكذب موعدي
أبدا وحسن الظن عندك رائدي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وفت لك الدنيا بميعادها
وفت لك الدنيا بميعادها
رقم القصيدة : 54353
-----------------------------------
وفت لك الدنيا بميعادها
باذلة أفلاذ أكبادها
وأوفدت غر سلاطينها
عليك في همة أنجادها
تبغي سناءً اقصدت قصده(45/476)
طائعة طاعة أجنادها
خاضعة تعتد أعمارها
يوم التلاقي يوم ميلادها
شامت دمشق بك برق العلا
فأرسلت أصدق روادها
رأتك نور الدين نار الهدى
قد أشرق الأفق بإيقادها
فيممت منك حيا مزنة
بيض الأيادي ورد ورادها
فاسأل مجير الدين عن جيرة
أوردها محمود إيرادها
تبوأت من عزها قبة
سمر القنا أطناب أوتادها
تنافس الناس على دولة
فت بها أعين حسادها
يغدو المعادي كالموالي لها
فوالها إن شئت أو عادها
يا ملكا تزهى بأسمائه
منابر تسمو بأعوادها
وتأخذ الأسماع أوصافه
عن جمع الدنيا وأعيادها
كم للمعالي فيك من رغبة
تفنى الأماني دون تعدادها
لك المساعي الغر يا جامعا
من طرفيها بين أضدادها
يغشى الوغى أفرس فرسانها
وفي التقى أزهد زهادها
فأنت نسكا غيث أبدالها
وأنت فتكاً ليث آسادها
في أمة أنت حمى دينها
حينا وحينا شمس عبادها
يطوى بك العمر إلى غاية
حسبك تقوى الله من زادها
هذا وكم من سنة بدعة
أعدمتها من بعد إيجادها
مآثر لو عدمت راويا
تكفل النظم بإسنادها
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> علقت بحبل من حبال محمد
علقت بحبل من حبال محمد
رقم القصيدة : 54354
-----------------------------------
علقت بحبل من حبال محمد
أمنت به من طارق الحدثان
العصر العباسي >> المتنبي >> ألا كل ماشية الخيزلى
ألا كل ماشية الخيزلى
رقم القصيدة : 5436
-----------------------------------
ألا كُلُّ مَاشِيَةِ الخَيْزَلَى
فِدَى كلِّ ماشِيَةِ الهَيْذَبَى
وَكُلِّ نَجَاةٍ بُجَاوِيَّةٍ
خَنُوفٍ وَمَا بيَ حُسنُ المِشَى
وَلَكِنّهُنّ حِبَالُ الحَيَاةِ
وَكَيدُ العُداةِ وَمَيْطُ الأذَى
ضرَبْتُ بهَا التّيهَ ضَرْبَ القِمَا
رِ إمّا لهَذا وَإمّا لِذا
إذا فَزِعَتْ قَدّمَتْهَا الجِيَادُ
وَبِيضُ السّيُوفِ وَسُمْرُ القَنَا
فَمَرّتْ بِنَخْلٍ وَفي رَكْبِهَا
عَنِ العَالَمِينَ وَعَنْهُ غِنَى
وَأمْسَتْ تُخَيّرُنَا بِالنّقا
بِ وَادي المِيَاهِ وَوَادي القُرَى(45/477)
وَقُلْنَا لهَا أينَ أرْضُ العِراقِ
فَقَالَتْ وَنحنُ بِتُرْبَانَ هَا
وَهَبّتْ بِحِسْمَى هُبُوبَ الدَّبُو
رِ مُستَقْبِلاتٍ مَهَبَّ الصَّبَا
رَوَامي الكِفَافِ وَكِبْدِ الوِهَادِ
وَجَارِ البُوَيْرَةِ وَادي الغَضَى
وَجَابَتْ بُسَيْطَةَ جَوْبَ الرِّدَا
ءِ بَينَ النّعَامِ وَبَينَ المَهَا
إلى عُقْدَةِ الجَوْفِ حتى شَفَتْ
بمَاءِ الجُرَاوِيّ بَعضَ الصّدَى
وَلاحَ لهَا صَوَرٌ وَالصّبَاحَ،
وَلاحَ الشَّغُورُ لهَا وَالضّحَى
وَمَسّى الجُمَيْعيَّ دِئْدَاؤهَا
وَغَادَى الأضَارِعَ ثمّ الدَّنَا
فَيَا لَكَ لَيْلاً على أعْكُشٍ
أحَمَّ البِلادِ خَفِيَّ الصُّوَى
وَرَدْنَا الرُّهَيْمَةَ في جَوْزِهِ
وَبَاقيهِ أكْثَرُ مِمّا مَضَى
فَلَمّا أنَخْنَا رَكَزْنَا الرّمَا
حَ بَين مَكارِمِنَا وَالعُلَى
وَبِتْنَا نُقَبّلُ أسْيَافَنَا
وَنَمْسَحُهَا من دِماءِ العِدَى
لِتَعْلَمَ مِصْرُ وَمَنْ بالعِراقِ
ومَنْ بالعَوَاصِمِ أنّي الفَتى
وَأنّي وَفَيْتُ وَأنّي أبَيْتُ
وَأنّي عَتَوْتُ على مَنْ عَتَا
وَمَا كُلّ مَنْ قَالَ قَوْلاً وَفَى
وَلا كُلُّ مَنْ سِيمَ خَسْفاً أبَى
وَمَنْ يَكُ قَلْبٌ كَقَلْبي لَهُ
يَشُقُّ إلى العِزِّ قَلْبَ التَّوَى
وَلا بُدَّ للقَلْبِ مِنْ آلَةٍ
وَرَأيٍ يُصَدِّعُ صُمَّ الصّفَا
وَكُلُّ طَرِيقٍ أتَاهُ الفَتَى
على قَدَرِ الرِّجْلِ فيه الخُطَى
وَنَام الخُوَيْدِمُ عَنْ لَيْلِنَا
وَقَدْ نامَ قَبْلُ عَمًى لا كَرَى
وَكانَ عَلى قُرْبِنَا بَيْنَنَا
مَهَامِهُ مِنْ جَهْلِهِ وَالعَمَى
وَماذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ
وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا
بهَا نَبَطيٌّ مِنَ أهْلِ السّوَادِ
يُدَرِّسُ أنْسَابَ أهْلِ الفَلا
وَأسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ
يُقَالُ لَهُ أنْتَ بَدْرُ الدّجَى
وَشِعْرٍ مَدَحتُ بهِ الكَرْكَدَنّ
بَينَ القَرِيضِ وَبَينَ الرُّقَى
فَمَا كانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ
وَلَكِنّهُ كانَ هَجْوَ الوَرَى(45/478)
وَقَدْ ضَلّ قَوْمٌ بأصْنَامِهِمْ
وَأمّا بِزِقّ رِيَاحٍ فَلا
وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ
رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى
العصر العباسي >> المتنبي >> لقد نسبوا الخيام إلى علاء
لقد نسبوا الخيام إلى علاء
رقم القصيدة : 5437
-----------------------------------
لَقَدْ نَسَبُوا الخِيامَ إلى علاءٍ
أبَيْتُ قَبُولَهُ كُلَّ الإبَاءِ
وَمَا سَلّمْتُ فَوْقَكَ للثّرَيّا
وَلا سَلّمْتُ فَوْقَكَ للسّمَاءِ
وَقد أوحَشْتَ أرْضَ الشّامِ حَتّى
سَلَبْتَ رُبُوعَهَا ثَوْبَ البَهَاءِ
تَنَفّسُ والعَواصِمُ مِنْكَ عَشْرٌ
فتَعرِفُ طِيبَ ذلكَ في الهَواءِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أسامري ضحكة كل راء
أسامري ضحكة كل راء
رقم القصيدة : 5438
-----------------------------------
أسَامَرِّيُّ ضُحْكَةَ كُلّ رَاءِ
فَطِنْتَ وَكنْتَ أغْبَى الأغْبِيَاءِ
صَغُرْتَ عنِ المَديحِ فقلتَ أُهجَى
أنّكَ ما صَغُرْتَ عنِ الهِجاءِ
وَما فَكّرْتُ قَبلَكَ في مُحالٍ
وَلا جَرّبْتُ سَيْفي في هَبَاءِ
العصر العباسي >> المتنبي >> لعيني كل يوم منك حظ
لعيني كل يوم منك حظ
رقم القصيدة : 5439
-----------------------------------
لِعَيْني كُلَّ يَوْمٍ مِنْكَ حَظٌّ
تَحَيّرُ مِنْهُ في أمْرٍ عُجابِ
حِمَالَةُ ذا الحُسَامِ عَلى حُسَامٍ
وَمَوْقعُ ذا السّحابِ عَلى سَحابِ
تَجِفّ الأرْضُ من هذا الرَّبابِ
وَيَخْلُقُ مَا كَسَاهَا مِنْ ثِيابِ
وَما يَنفَكّ مِنْكَ الدّهْرُ رَطْباً
وَلا يَنفَكّ غَيْثُكَ في انْسِكابِ
تُسايِرُكَ السّوارِي وَالغَوَادي
مُسايَرَةَ الأحِبّاءِ الطِّرابِ
تُفيدُ الجُودَ مِنْكَ فَتَحْتَذيهِ
وَتَعجِزُ عَنْ خَلائِقِكَ العِذابِ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> مجلس رجال
مجلس رجال
رقم القصيدة : 544
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مجلس رجال
على اليسار مقلّط .. وعلى اليمين صالة
ضيوف جالسين(45/479)
قهوجي يلم الفناجين
وينطر اخر ضيف منهم يهز فنجاله
ضيف يقبل من بعيد
يقوم صاحب المجلس طلال لستقباله
شخص جالس على اليمين يهمس لجاره :
" هذا احمد اللي جاي بس ماهو لحاله "
" من معه ؟ "
" يبدولي اطفاله "
ويدخل احمد معه ثلاث اطفال
وعند باب الصالة يستقبله طلال
" السلام عليكم "
الكل يوقف
" هلا والله مرحبا عليكم السلام .. حي الله احمد هلا وسهلا .. تفضل .. كيف الحال ؟ "
" هلا طلال ..اعرّفك على عيالي .. ابني صابر عمره ثمان سنين .. لاتستحي سلّم ياصابر
بنتي هالة .. ست سنين .. سلم ياثامر على الجماعة .. وش هذا اللي في يدك ؟؟
اه .. سجايري والولاعة "
عبدالمعين يطالع الساعة .. ويهمس لجاره
" كيف يجيب اطفاله ؟! .. محد منا معه اطفاله .. ليش يجيب اطفاله "
ويجلس احمد ويجلس حوله عياله
طلال يقول :
" ما شاء الله .. ياحليلهم .. الله يحفظهم ويحرسهم ويحميهم
ماشاء الله يا صابر : ايش هالثوب الجديد "
احمد يقول وملىء وجهه ابتسامة
" هذا صابر موهوب في التقليد قوم ياصابر قلّد اصالة
والا تدري وري عمك كيف يركض سامي الجابر "
ينطلق صابر لخارج المجلس .. يرجع معه كورة يشوتها .. تنزل من السقف ثمان لمبات مكسورة
احمد يقول وملىء وجهه ابتسامة
" شاطر ياصابر ... شفت ياطلال شقاوة هالعيال "
طلال يتمتم :
" ياحليلهم .. الله يحفظهم ويحرسهم ويحميهم "
" تعالي ياهالة سمعيهم و وريهم اغنية و رقصة الخيالة
لا تستحي يا بنت مافيه احد غريب هذا عمك طلال وهذا عمك مثيب
وهذا عمك عبدالمعين وهذا ..... لا مؤاخذة انت مين ؟ "
- انا عبدالكريم
" عبدالكريم .. تخيّل يا اخي ماعرفتك لانك يمكن ملتحي .... لاتستحي يابنت لاتستحي ..
تدري طلال " هالة نجحت بامتياز "
صوت مدوي ينفجر
" اه ياثامر ما اشطنك .. كسّرت القزاز "
احمد يقول وملىء وجهه ابتسامة
" شفت ياطلال شقاوة هالعيال "
طلال يتمتم :
" ياحليلهم ..الله يحفظهم ويحرسهم ..... ؟؟؟؟!!!!(45/480)
" وش كنت اقول ايوا طلال كنت اقول هالة نجحت بامتياز اعطيتها البارح فلوس
وقلت لها ياهالة ايش ما تبغي اشتري "
طلال يقول
" مبروك .. مبروك .. ايش تبغي تصيري لما تكبري "
هالة تتفل على طلال .. وتقول :
" ايش دخل ابوك "
احمد يقول وملىء وجهه ابتسامة
" شفت ياطلال شقاوة هالعيال "
طلال يتمتم :
"ياحليلهم .. الله يحفظهم ..................... ؟؟!!!
" تعال ياثامر .. عد لعمك من واحد الى العشرة "
ثامر يبتدي يعد
" واحد ..اثنين .. ثلاثة .. سبعة "
احمد يقول وملىء وجهه ابتسامة
" دايم يعد .. ولما يوصل اربعة يلخّبط "
يالله ياثامر من جديد
يبدا ثامر من جديد
" واحد .. اثنين .. ثلاثة .. سبعة "
" شاطر يا ثامر شفتوا كيف لخبط "
ينفتح باب المقلّط ويدخل النادل شايل دخون
والصالة في حالة جنون
احمد يصفق .. صابر وثامر يرقصون
طلال يقوم
" العشاء .. تفضلوا ..الله يحيكم "
احمد يقول
" يالله يا اولاد الله يحميكم .. اتعشوا اول .. بعدين سووا اللي تبون "
يركض الاولاد قبل الضيوف .. وللمقلط يدخلون
صابر ياخذ برتقالة .. يرميها على النادل .. تطيح المدخنة والدخون
ثامر هناك .. يكسر بياله .. ويرمي شظاياه على اللي ياكلون
هالة ترمي على طلال صينية ... وتاخذ علبة مياه غازية
تخضها .. تخضها .. تخضها .....
وترقص رقصة الخيالة .. وتفتح العلبة
احمد يقول وملىء وجهه ابتسامة
" ايوه ... هذي رقصة الخيالة "
والضيوف في ثياب من المياه الغازية يرفلون
مجلس رجال
على اليسار مقلط .. وعلى اليمين صالة
كل شي فيها ماهو على حاله
قزاز مكسور .. سجادة محروقة .. غترة مشقوقة
صينية هناك مرمية ...
ضيوف مبللين بمياة غازية
على وجه عبدالمعين جرح قطعي . .ومهلبيّة
نادل مصاب بحروق من الدرجة الاولى .... وجروح سطحية
كورة ... لمبات مكسورة
يضهر احمد من المقلط وملىء وجهه ابتسامة
" اكرمك الله يا طلال..شايف شقاوة هالعيال(45/481)
اقول طلال .. اشكر ام العيال نورة .. العشاء كان رائع .. ماقصرت مشكورة
عشاكم ياجماعة بعد اسبوع عندي ... لازم تشوفو ولدي الصغير ؟!!
اخر العنقود .. منصور .. عمره ثمان شهور .. شيطاني يعقد ..اظن له معي صورة
شوف يا طلال هالصورة .. لاتغرك نظرته .. ترى والله ذكي مره
ما يضحك ولا يبكي لما يبدا اخوه ثامر يعد "
طلال صامت ما يرد
وترتسم على وجهة احمد علامة استفهام ويتساءل في داخله
" طلال كن وجهه متغير ..اكيد احد من هالضيوف زعله
مسكين طلال .. دايم في حاله مايخلوه .. زين جبت العيال سلوه "
ويخرج احمد من الصالة .. فخور بعياله
تارك وراه مجلس .... كان مجلس رجال
وعلى اليسار بقايا مقلط ... وعلى اليمين شبه صالة
العصر العباسي >> المتنبي >> فديناك أهدى الناس سهما إلى قلبي
فديناك أهدى الناس سهما إلى قلبي
رقم القصيدة : 5440
-----------------------------------
فدَيناكَ أهدى النّاسِ سَهماً إلى قَلبي
وَأقتَلَهُم للدّارِعِينَ بِلا حَربِ
تَفَرّدَ في الأحكامِ في أهْلِهِ الهَوَى
فأنتَ جميلُ الخُلْفِ مستحسَنُ الكِذْبِ
وَإنّي لمَمنُوعُ المَقاتِلِ في الوَغَى
وَإن كُنتُ مَبذولَ المَقاتِلِ في الحبّ
وَمَن خُلِقَت عَيناكَ بَينَ جُفُونِهِ
أصابَ الحدورَ السهلَ في المرتقى الصّعبِ
العصر العباسي >> المتنبي >> لا يحزن الله الأمير فإنني
لا يحزن الله الأمير فإنني
رقم القصيدة : 5441
-----------------------------------
لا يُحْزِنِ الله الأميرَ فإنّني
لآخُذُ مِن حَالاتِهِ بِنَصِيبِ
وَمَن سَرّ أهْلَ الأرْضِ ثمّ بكَى أسًى
بكَى بعُيُونٍ سَرّهَا وَقُلُوبِ
وَإنّي وَإنْ كانَ الدّفينُ حَبيبَهُ
حَبيبٌ إلى قَلْبي حَبيبُ حَبيبي
وَقَدْ فارَقَ النّاسَ الأحِبّةُ قَبْلَنَا
وَأعْيَا دَوَاءُ المَوْتِ كُلَّ طَبيبِ
سُبِقْنَا إلى الدّنْيَا فَلَوْ عاشَ أهْلُها
مُنِعْنَا بهَا مِنْ جَيْئَةٍ وَذُهُوبِ
تَمَلّكَهَا الآتي تَمَلُّكَ سَالِبٍ(45/482)
وَفارَقَهَا المَاضِي فِراقَ سَليبِ
وَلا فَضْلَ فيها للشّجاعَةِ وَالنّدَى
وَصَبْرِ الفَتى لَوْلا لِقاءُ شَعُوبِ
وَأوْفَى حَيَاةِ الغَابِرِينَ لِصاحِبٍ
حَياةُ امرِىءٍ خَانَتْهُ بَعدَ مَشيبِ
لأبْقَى يَمَاكٌ في حَشَايَ صَبَابَةً
إلى كُلّ تُرْكيّ النّجارِ جَليبِ
وَمَا كُلّ وَجْهٍ أبْيَضٍ بِمُبَارَكٍ
وَلا كُلّ جَفْنٍ ضَيّقٍ بنَجِيبِ
لَئِنْ ظَهَرَتْ فِينَا عَلَيْهِ كآبَةٌ
لقَدْ ظَهَرَتْ في حَدّ كُلّ قَضِيبِ
وَفي كُلِّ قَوْسٍ كلَّ يَوْمِ تَنَاضُلٍ
وَفي كلِّ طِرْفٍ كلَّ يَوْمِ رُكوبِ
يَعِزّ عَلَيْهِ أنْ يُخِلّ بِعادَةٍ
وَتَدْعُو لأمْرٍ وَهْوَ غَيرُ مُجيبِ
وَكنتَ إذا أبْصَرْتَهُ لكَ قَائِماً
نَظَرْتَ إلى ذي لِبْدَتَينِ أديبِ
فإنْ يَكُنِ العِلْقَ النّفيسَ فَقَدْتَهُ
فَمِنْ كَفّ مِتْلافٍ أغَرّ وَهُوبِ
كَأنّ الرّدَى عادٍ عَلى كُلّ مَاجِدٍ
إذا لمْ يُعَوِّذْ مَجْدَهُ بِعُيُوبِ
وَلَوْلا أيادي الدّهْرِ في الجَمْعِ بَينَنا
غَفَلْنَا فَلَمْ نَشْعُرْ لَهُ بذُنُوبِ
وَلَلتّرْكُ للإحْسَانِ خَيْرٌ لمُحْسِنٍ
إذا جَعَلَ الإحسانَ غَيرَ رَبيبِ
وَإنّ الذي أمْسَتْ نِزارُ عَبِيدَهُ
غَنيٌّ عَنِ اسْتِعْبَادِهِ لِغَرِيبِ
كَفَى بصَفَاءِ الوُدّ رِقّاً لمِثْلِهِ
وَبالقُرْبِ مِنْهُ مَفْخَراً للَبيبِ
فَعُوّضَ سَيْفُ الدّوْلَةِ الأجْرَ إنّهُ
أجَلُّ مُثَابٍ من أجَلّ مُثِيبِ
فَتى الخَيلِ قَدْ بَلّ النّجيعُ نحورَها
يُطاعِنُ في ضَنْكِ المَقامِ عَصِيبِ
يَعَافُ خِيَامَ الرَّيْطِ في غَزَواتِهِ
فَمَا خَيْمُهُ إلاّ غُبَارُ حُرُوبِ
عَلَيْنَا لَكَ الإسْعادُ إنْ كانَ نَافِعاً
بِشَقِّ قُلُوبٍ لا بِشَقّ جُيُوبِ
فَرُبّ كَئيبٍ لَيسَ تَنْدَى جُفُونُهُ
وَرُبّ نَدِيِّ الجَفْنِ غَيرُ كَئيبِ
تَسَلَّ بفِكْرٍ في أبَيْكَ فإنّمَا
بكَيْتَ فكانَ الضّحكُ بعدَ قَريبِ
إذا استَقبَلَتْ نَفسُ الكريمِ مُصابَها(45/483)
بخُبْثٍ ثَنَتْ فاسْتَدْبَرَتْهُ بطيبِ
وَللواجِدِ المَكْرُوبِ مِن زَفَراتِهِ
سُكُونُ عَزاءٍ أوْ سُكونُ لُغُوبِ
وَكَمْ لَكَ جَدّاً لمْ تَرَ العَينُ وَجهَهُ
فَلَمْ تَجْرِ في آثَارِهِ بغُرُوبِ
فَدَتْكَ نُفُوسُ الحاسِدينَ فإنّها
مُعَذَّبَةٌ في حَضْرَةٍ ومَغِيبِ
وَفي تَعَبٍ مَن يحسُدُ الشمسَ نورَها
وَيَجْهَدُ أنْ يأتي لهَا بضَرِيبِ
العصر العباسي >> المتنبي >> فديناك من ربع وإن زدتنا كربا
فديناك من ربع وإن زدتنا كربا
رقم القصيدة : 5442
-----------------------------------
فَدَيْناكَ مِنْ رَبْعٍ وَإنْ زِدْتَنَا كرْبا
فإنّكَ كنتَ الشرْقَ للشمسِ وَالغَرْبَا
وَكَيفَ عَرَفْنا رَسْمَ مَنْ لم يدَعْ لَنا
فُؤاداً لِعِرْفانِ الرّسومِ وَلا لُبّا
نَزَلْنَا عَنِ الأكوارِ نَمشِي كَرامَةً
لمَنْ بَانَ عَنهُ أنْ نُلِمّ بهِ رَكْبَا
نَذُمُّ السّحابَ الغُرَّ في فِعْلِهَا بِهِ
وَنُعرِضُ عَنها كُلّما طَلَعتْ عَتْبَا
وَمن صَحِبَ الدّنيا طَوِيلاً تَقَلّبَتْ
على عَيْنِهِ حتى يَرَى صِدْقَها كِذبَا
وَكيفَ التذاذي بالأصائِلِ وَالضّحَى
إذا لم يَعُدْ ذاكَ النّسيمُ الذي هَبّا
ذكرْتُ بهِ وَصْلاً كأنْ لم أفُزْ بِهِ
وَعَيْشاً كأنّي كنتُ أقْطَعُهُ وَثْبَا
وَفَتّانَةَ العَيْنَينِ قَتّالَةَ الهَوَى
إذا نَفَحَتْ شَيْخاً رَوَائِحُها شَبّا
لهَا بَشَرُ الدُّرّ الذي قُلّدَتْ بِهِ
وَلم أرَ بَدْراً قَبْلَهَا قُلّدَ الشُّهْبَا
فَيَا شَوْقُ ما أبْقَى ويَا لي من النّوَى
ويَا دَمْعُ ما أجْرَى ويَا قلبُ ما أصبَى
لَقد لَعِبَ البَينُ المُشِتُّ بهَا وَبي
وَزَوّدَني في السّيرِ ما زَوّدَ الضّبّا
وَمَن تكُنِ الأُسْدُ الضّواري جُدودَه
يكُنْ لَيلُهُ صُبْحاً وَمَطعمُهُ غصْبَا
وَلَسْتُ أُبالي بَعدَ إدراكيَ العُلَى
أكانَ تُراثاً ما تَناوَلْتُ أمْ كَسْبَا؟
فَرُبّ غُلامٍ عَلّمَ المَجْدَ نَفْسَهُ
كتعليمِ سيفِ الدّوْلة الطّعنَ والضرْبَا(45/484)
إذا الدّوْلَةُ استكفَتْ بهِ في مُلِمّةٍ
كفاها فكانَ السّيفَ والكَفّ والقَلْبَا
تُهابُ سُيُوفُ الهِنْدِ وَهْيَ حَدائِدٌ
فكَيْفَ إذا كانَتْ نِزارِيّةً عُرْبَا
وَيُرْهَبُ نَابُ اللّيثِ وَاللّيْثُ وَحدَهُ
فكَيْفَ إذا كانَ اللّيُوثُ لهُ صَحبَا
وَيُخشَى عُبابُ البَحْرِ وَهْوَ مكانَهُ
فكَيفَ بمَنْ يَغشَى البِلادَ إذا عَبّا
عَلِيمٌ بأسرارِ الدّيَانَاتِ وَاللُّغَى
لهُ خَطَرَاتٌ تَفضَحُ النّاسَ والكُتْبَا
فَبُورِكْتَ مِنْ غَيْثٍ كأنّ جُلودَنَا
به تُنْبِتُ الدّيباجَ وَالوَشْيَ وَالعَصْبَا
وَمن وَاهِبٍ جَزْلاً وَمن زاجرٍ هَلا
وَمن هاتِكٍ دِرْعاً وَمن ناثرٍ قُصْبَا
هَنيئاً لأهْلِ الثّغْرِ رَأيُكَ فيهِمِ
وَأنّكَ حزْبَ الله صرْتَ لهمْ حِزْبَا
وَأنّكَ رُعْتَ الدّهْرَ فيهَا وَرَيبَهُ
فإنْ شَكّ فليُحدِثْ بساحتِها خَطْبَا
فيَوْماً بخَيْلٍ تَطْرُدُ الرّومَ عنهُمُ
وَيَوْماً بجُودٍ تطرُدُ الفقرَ وَالجَدْبَا
سَراياكَ تَتْرَى والدُّمُسْتُقُ هارِبٌ
وَأصْحابُهُ قَتْلَى وَأمْوالُهُ نُهْبَى
أتَى مَرْعَشاً يَستَقرِبُ البُعدَ مُقبِلاً
وَأدبَرَ إذ أقبَلْتَ يَستَبعِدُ القُرْبَا
كَذا يَترُكُ الأعداءَ مَن يَكرَهُ القَنَا
وَيَقْفُلُ مَنْ كانَتْ غَنيمَتُهُ رُعبَا
وَهَلْ رَدّ عَنهُ باللُّقَانِ وُقُوفُهُ
صُدُورَ العَوالي وَالمُطَهَّمَةَ القُبَّا
مَضَى بَعدَما التَفّ الرّماحانِ ساعَةً
كما يَتَلَقّى الهُدْبُ في الرّقدةِ الهُدبَا
وَلَكِنّهُ وَلّى وَللطّعْنِ سَوْرَةٌ
إذا ذَكَرَتْها نَفْسُهُ لَمسَ الجَنْبا
وَخَلّى العَذارَى والبَطاريقَ والقُرَى
وَشُعثَ النّصارَى والقَرابينَ وَالصُّلبَا
أرَى كُلَّنَا يَبْغي الحَيَاةَ لنَفْسِهِ
حَريصاً عَلَيها مُسْتَهاماً بها صَبّا
فحُبُّ الجَبَانِ النّفْسَ أوْرَدَهُ البَقَا
وَحُبُّ الشّجاعِ الحرْبَ أوْرَدهُ الحرْبَا
وَيخْتَلِفُ الرّزْقانِ والفِعْلُ وَاحِدٌ(45/485)
إلى أنْ تَرَى إحسانَ هذا لِذا ذَنْبَا
فأضْحَتْ كأنّ السّورَ من فوْقِ بدئِهِ
إلى الأرْضِ قد شَقَّ الكواكبَ والتُّربَا
تَصُدّ الرّياحُ الهُوجُ عَنْهَا مَخافَةً
وَتَفْزَعُ فيها الطّيرُ أن تَلقُطَ الحَبّا
وَتَرْدي الجِيادُ الجُرْدُ فوْق جبالها
وَقد نَدَفَ الصِّنّبرُ في طُرْقها العُطْبَا
كَفَى عَجَباً أنْ يَعجَبَ النّاسُ أنّهُ
بَنى مَرْعَشاً؛ تَبّاً لآرائِهِمْ تَبّا
وَما الفَرْقُ ما بَينَ الأنامِ وَبَيْنَهُ
إذا حَذِرَ المحذورَ وَاستصْعبَ الصّعبَا
لأمْرٍ أعَدّتْهُ الخِلافَةُ للعِدَى
وَسَمّتْهُ دونَ العالَمِ الصّارِمَ العَضْبَا
وَلم تَفْتَرِقْ عَنْهُ الأسِنّةُ رَحْمَةً
وَلم تَترُكِ الشّأمَ الأعادي لهُ حُبّا
وَلَكِنْ نَفاها عَنْهُ غَيرَ كَريمَةٍ
كَريمُ الثّنَا ما سُبّ قَطّ وَلا سَبّا
وَجَيْشٌ يُثَنّي كُلّ طَوْدٍ كَأنّهُ
خرِيقُ رِياحٍ وَاجَهَتْ غُصُناً رَطْبَا
كأنّ نُجُومَ اللّيْلِ خافَتْ مُغَارَهُ
فمَدّتْ عَلَيْها مِنْ عَجاجتِهِ حُجْبا
فمن كانَ يُرْضِي اللّؤمَ والكفرَ مُلكُهُ
فهذا الذي يُرْضِي المكارِمَ وَالرّبّا
العصر العباسي >> المتنبي >> ألا ما لسيف الدولة اليوم عاتبا
ألا ما لسيف الدولة اليوم عاتبا
رقم القصيدة : 5443
-----------------------------------
ألا ما لسَيفِ الدّوْلَةِ اليَوْمَ عَاتِبَا
فَداهُ الوَرَى أمضَى السّيُوفِ مَضَارِبَا
وما لي إذا ما اشتَقْتُ أبصَرْتُ دونَهُ
تَنَائِفَ لا أشْتَاقُها وَسَبَاسِبَا
وَقد كانَ يُدْني مَجلِسِي من سَمائِهِ
أُحادِثُ فيها بَدْرَهَا وَالكَوَاكِبَا
حَنَانَيْكَ مَسْؤولاً وَلَبّيْكَ داعياً
وَحَسبيَ مَوْهُوباً وحَسبُكَ وَاهِبَا
أهذا جَزاءُ الصّدْقِ إنْ كنتُ صادقاً
أهذا جَزاءُ الكِذبِ إنْ كنتُ كاذِبَا
وَإنْ كانَ ذَنْبي كلَّ ذَنْبٍ فإنّهُ
مَحا الذّنْبَ كلَّ المَحوِ مَن جاءَ تائِبَا
العصر العباسي >> المتنبي >> أحسن ما يخضب الحديد به(45/486)
أحسن ما يخضب الحديد به
رقم القصيدة : 5444
-----------------------------------
أحسَنُ ما يُخْضَبُ الحَديدُ بهِ
وَخَاضِبَيْهِ النّجِيعُ وَالغَضَبُ
فَلا تَشينَنْهُ بالنُّضارِ فَمَا
يَجْتَمِعُ المَاءُ فيهِ وَالذّهَبُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أيدري ما أرابك من يريب
أيدري ما أرابك من يريب
رقم القصيدة : 5445
-----------------------------------
أيَدْري ما أرابَكَ مَنْ يُريبُ
وَهل تَرْقَى إلى الفَلَكِ الخطوبُ
وَجِسمُكَ فَوْقَ هِمّةِ كلّ داءٍ
فَقُرْبُ أقَلّها منهُ عَجيبُ
يُجَمّشُكَ الزّمانُ هَوًى وحُبّاً
وَقد يُؤذَى منَ المِقَةِ الحَبيبُ
وَكَيفَ تُعِلُّكَ الدّنْيا بشَيْءٍ
وَأنْتَ لِعِلّةِ الدّنْيَا طَبيبُ
وَكَيفَ تَنُوبُكَ الشّكْوَى بداءٍ
وَأنْتَ المُسْتَغاثُ لِمَا يَنُوبُ
مَلِلْتَ مُقامَ يَوْمٍ لَيْسَ فيهِ
طِعانٌ صادِقٌ وَدَمٌ صَبيبُ
وَأنْتَ المَرْءُ تُمْرِضُهُ الحَشَايَا
لهِمّتِهِ وَتَشْفِيهِ الحُرُوبُ
وَما بِكَ غَيرُ حُبّكَ أنْ تَرَاهَا
وَعِثْيَرُهَا لأِرْجُلِهَا جَنيبُ
مُجَلَّحَةً لهَا أرْضُ الأعادي
وَللسُّمْرِ المَنَاحِرُ وَالجُنُوبُ
فَقَرِّطْهَا الأعِنّةَ رَاجِعَاتٍ
فإنّ بَعيدَ ما طَلَبَتْ قَرِيبُ
إذا داءٌ هَفَا بُقْراطُ عَنْهُ
فَلَمْ يُعْرَفْ لصاحِبِهِ ضَرِيبُ
بسَيْفِ الدّوْلَةِ الوُضّاءِ تُمْسِي
جُفُوني تحتَ شَمسٍ ما تَغيبُ
فأغْزُو مَنْ غَزَا وبِهِ اقْتِداري
وَأرْمي مَنْ رَمَى وَبهِ أُصيبُ
وَللحُسّادِ عُذْرٌ أنْ يَشِحّوا
على نَظَرِي إلَيْهِ وَأنْ يَذوبُوا
فإنّي قَدْ وَصَلْتُ إلى مَكَانٍ
عَلَيْهِ تحسُدُ الحَدَقَ القُلُوبُ
العصر العباسي >> المتنبي >> بغيرك راعيا عبث الذئاب
بغيرك راعيا عبث الذئاب
رقم القصيدة : 5446
-----------------------------------
بِغَيرِكَ رَاعِياً عَبِثَ الذّئَابُ
وَغَيرَكَ صَارِماً ثَلَمَ الضِّرَابُ
وَتَمْلِكُ أنْفُسَ الثّقَلَينِ طُرّاً(45/487)
فكَيفَ تَحُوزُ أنفُسَها كِلابُ
وَمَا تَرَكُوكَ مَعْصِيَةً وَلَكِنْ
يُعَافُ الوِرْدُ وَالمَوْتُ الشّرَابُ
طَلَبْتَهُمُ عَلى الأمْوَاهِ حَتى
تَخَوّفَ أنْ تُفَتّشَهُ السّحَابُ
فَبِتَّ لَيَالِياً لا نَوْمَ فِيهَا
تَخُبّ بكَ المُسَوَّمَةُ العِرابُ
يَهُزُّ الجَيشُ حَوْلَكَ جانِبَيْهِ
كمَا نَفَضَتْ جَناحَيْها العُقابُ
وَتَسْألُ عَنهُمُ الفَلَوَاتِ حتى
أجابَكَ بَعضُها وَهُمُ الجَوَابُ
فَقاتَلَ عَنْ حَرِيمِهِمِ وَفَرّوا
نَدَى كَفّيْكَ وَالنّسَبُ القُرَابُ
وَحِفْظُكَ فيهِمِ سَلَفَيْ مَعَدٍّ
وَأنّهُمُ العَشائِرُ وَالصّحابُ
تُكَفْكِفُ عَنهُمُ صُمَّ العَوَالي
وَقَدْ شَرِقَتْ بظُعْنِهِمِ الشِّعابُ
وَأُسْقِطَتِ الأجِنّةُ في الوَلايَا
وَأُجْهِضَتِ الحَوائِلُ وَالسِّقابُ
وَعَمْروٌ في مَيَامِنِهِمْ عُمُورٌ
وَكَعْبٌ في مَياسِرِهِمْ كِعَابُ
وَقَدْ خَذَلَتْ أبُو بَكْرٍ بَنِيهَا
وَخاذَلَها قُرَيْطٌ وَالضِّبابُ
إذا ما سِرْتَ في آثَار قَوْمٍ
تخَاذَلَتِ الجَماجِمُ وَالرّقَابُ
فَعُدْنَ كمَا أُخِذْنَ مُكَرَّماتٍ
عَلَيْهِنّ القَلائِدُ وَالمَلابُ
يُثِبْنَكَ بالذي أوْلَيْتَ شُكْراً
وَأينَ مِنَ الذي تُولي الثّوَابُ
وَلَيْسَ مَصيرُهُنّ إلَيْكَ شَيْناً
وَلا في صَوْنِهِنّ لَدَيْكَ عَابُ
وَلا في فَقْدِهِنّ بَني كِلابٍ
إذا أبصَرْنَ غُرّتَكَ اغتِرَابُ
وَكَيفَ يَتِمّ بأسُكَ في أُنَاسٍ
تُصيبُهُمُ فَيُؤلمُكَ المُصَابُ
تَرَفّقْ أيّهَا المَوْلى عَلَيهِمْ
فإنّ الرّفْقَ بِالجاني عِتَابُ
وَإنّهُمُ عَبيدُكَ حَيثُ كانُوا
إذا تَدْعُو لحَادِثَةٍ أجَابُوا
وَعَينُ المُخْطِئِينَ هُمُ وَلَيْسُوا
بأوّلِ مَعْشَرٍ خَطِئُوا فَتَابُوا
وَأنْتَ حَياتُهُمْ غَضِبَتْ عَلَيهمْ
وَهَجْرُ حَيَاتِهمْ لَهُمُ عِقَابُ
وَمَا جَهِلَتْ أيادِيَكَ البَوَادي
ولكِنْ رُبّمَا خَفيَ الصّوَابُ
وَكَمْ ذَنْبٍ مُوَلِّدُهُ دَلالٌ(45/488)
وَكَمْ بُعْدٍ مُوَلِّدُهُ اقْتِرَابُ
وَجُرْمٍ جَرّهُ سُفَهَاءُ قَوْمٍ
وَحَلّ بغَير جارمِه العَذابُ
فإنْ هَابُوا بجُرْمِهِمِ عَلِيّاً
فَقَدْ يَرْجُو عَلِيّاً منْ يَهَابُ
وَإنْ يَكُ سيفَ دَوْلَةِ غيرِ قيسٍ
فَمِنْهُ جُلُودُ قَيسٍ والثّيابُ
وَتَحْتَ رَبَابِه نَبَتُوا وَأثّوا
وَفي أيّامِه كَثُرُوا وَطابُوا
وَتحتَ لِوائِه ضَرَبُوا الأعَادي
وَذَلّ لهُمْ منَ العَرَبِ الصّعابُ
وَلَوْ غَيرُ الأمير غَزَا كِلاباً
ثَنَاهُ عَنْ شُمُوسِهِمِ ضَبَابُ
وَلاقَى دونَ ثَأيِهِمِ طِعَاناً
يُلاقي عِنْدَهُ الذّئْبَ الغُرابُ
وَخَيْلاً تَغْتَذي ريحَ المَوَامي
وَيَكْفيها مِنَ المَاء السّرَابُ
وَلَكِنْ رَبُّهُمْ أسْرَى إلَيْهِمْ
فَمَا نَفَعَ الوُقُوفُ وَلا الذّهابُ
وَلا لَيْلٌ أجَنّ وَلا نَهَارٌ
وَلا خَيْلٌ حَمَلْنَ وَلا رِكَابُ
رَمَيْتَهُمُ ببَحْرٍ مِنْ حَديدٍ
لَهُ في البَرّ خَلْفَهُمُ عُبَابُ
فَمَسّاهُمْ وَبُسْطُهُمُ حَريرٌ
وَصَبّحَهُمْ وَبُسْطُهُمُ تُرَابُ
وَمَنْ في كَفّه مِنْهُمْ قَنَاةٌ
كمَنْ في كَفّه منهُمْ خِضابُ
بَنُو قَتْلى أبِيكَ بأرْض نَجْدٍ
وَمَنْ أبْقَى وَأبْقَتْهُ الحِرابُ
عَفَا عَنهُمْ وَأعْتَقَهُمْ صغاراً
وَفي أعناقِ أكثرهمْ سِخابُ
وَكُلّكُمُ أتَى مَأتَى أبِيه
وَكُلُّ فَعَالِ كُلّكُمُ عُجَابُ
كَذا فَلْيَسْرِ مَن طَلَبَ الأعادي
وَمثلَ سُراكَ فَليَكُنِ الطِّلابُ
العصر العباسي >> المتنبي >> يا أخت خير أخ يا بنت خير أب
يا أخت خير أخ يا بنت خير أب
رقم القصيدة : 5447
-----------------------------------
يا أُخْتَ خَيرِ أخٍ يا بِنْتَ خَيرِ أبِ
كِنَايَةً بهِمَا عَنْ أشرَفِ النّسَبِ
أُجِلُّ قَدْرَكِ أنْ تُسْمَيْ مُؤبَّنَةً
وَمَنْ يَصِفْكِ فَقد سَمّاكِ للعَرَبِ
لا يَمْلِكُ الطّرِبُ المَحزُونُ مَنطِقَه
وَدَمْعَهُ وَهُمَا في قَبضَةِ الطّرَبِ
غدَرْتَ يا مَوْتُ كم أفنَيتَ من عدَدٍ(45/489)
بمَنْ أصَبْتَ وكم أسكَتَّ من لجَبِ
وكم صَحِبْتَ أخَاهَا في مُنَازَلَةٍ
وكم سألتَ فلَمْ يَبخَلْ وَلم تَخِبِ
طَوَى الجَزِيرَةَ حتى جاءَني خَبَرٌ
فَزِعْتُ فيهِ بآمالي إلى الكَذِبِ
حتى إذا لم يَدَعْ لي صِدْقُهُ أمَلاً
شَرِقْتُ بالدّمعِ حتى كادَ يشرَقُ بي
تَعَثّرَتْ بهِ في الأفْوَاهِ ألْسُنُهَا
وَالبُرْدُ في الطُّرْقِ وَالأقلامُ في الكتبِ
كأنّ فَعْلَةَ لم تَمْلأ مَوَاكِبُهَا
دِيَارَ بَكْرٍ وَلم تَخْلَعْ ولم تَهَبِ
وَلم تَرُدّ حَيَاةً بَعْدَ تَوْلِيَةٍ
وَلم تُغِثْ داعِياً بالوَيلِ وَالحَرَبِ
أرَى العرَاقَ طوِيلَ اللّيْلِ مُذ نُعِيَتْ
فكَيفَ لَيلُ فتى الفِتيانِ في حَلَبِ
يَظُنّ أنّ فُؤادي غَيرُ مُلْتَهِبٍ
وَأنّ دَمْعَ جُفُوني غَيرُ مُنسكِبِ
بَلى وَحُرْمَةِ مَنْ كانَتْ مُرَاعِيَةً
لحُرْمَةِ المَجْدِ وَالقُصّادِ وَالأدَبِ
وَمَن مَضَتْ غيرَ مَوْرُوثٍ خَلائِقُها
وَإنْ مَضَتْ يدُها موْرُوثَةَ النّشبِ
وَهَمُّهَا في العُلَى وَالمَجْدِ نَاشِئَةً
وَهَمُّ أتْرابِها في اللّهْوِ وَاللّعِبِ
يَعلَمْنَ حينَ تُحَيّا حُسنَ مَبسِمِها
وَلَيسَ يَعلَمُ إلاّ الله بالشَّنَبِ
مَسَرّةٌ في قُلُوبِ الطّيبِ مَفِرقُهَا
وَحَسرَةٌ في قُلوبِ البَيضِ وَاليَلَبِ
إذا رَأى وَرَآهَا رَأسَ لابِسِهِ
رَأى المَقانِعَ أعلى منهُ في الرُّتَبِ
وَإنْ تكنْ خُلقتْ أُنثى لقد خُلِقتْ
كَرِيمَةً غَيرَ أُنثى العَقلِ وَالحَسبِ
وَإنْ تكنْ تَغلِبُ الغَلباءُ عُنصُرَهَا
فإنّ في الخَمرِ معنًى لَيسَ في العِنَبِ
فَلَيْتَ طالِعَةَ الشّمْسَينِ غَائِبَةٌ
وَلَيتَ غائِبَةَ الشّمْسَينِ لم تَغِبِ
وَلَيْتَ عَينَ التي آبَ النّهارُ بهَا
فِداء عَينِ التي زَالَتْ وَلم تَؤبِ
فَمَا تَقَلّدَ بالياقُوتِ مُشْبِهُهَا
وَلا تَقَلّدَ بالهِنْدِيّةِ القُضُبِ
وَلا ذكَرْتُ جَميلاً مِنْ صَنائِعِهَا
إلاّ بَكَيْتُ وَلا وُدٌّ بلا سَبَبِ(45/490)
قَد كانَ كلّ حِجابٍ دونَ رُؤيَتها
فَمَا قَنِعتِ لها يا أرْضُ بالحُجُبِ
وَلا رَأيْتِ عُيُونَ الإنْسِ تُدْرِكُها
فَهَلْ حَسَدْتِ عَلَيها أعينَ الشُّهبِ
وَهَلْ سَمِعتِ سَلاماً لي ألمّ بهَا
فقَدْ أطَلْتُ وَما سَلّمتُ من كَثَبِ
وَكَيْفَ يَبْلُغُ مَوْتَانَا التي دُفِنَتْ
وَقد يُقَصِّرُ عَنْ أحيائِنَا الغَيَبِ
يا أحسَنَ الصّبرِ زُرْ أوْلى القُلُوبِ بِهَا
وَقُلْ لصاحِبِهِ يا أنْفَعَ السُّحُبِ
وَأكْرَمَ النّاسِ لا مُسْتَثْنِياً أحَداً
منَ الكِرامِ سوَى آبَائِكَ النُّجُبِ
قد كانَ قاسَمَكَ الشخصَينِ دهرُهُما
وَعاشَ دُرُّهُما المَفديُّ بالذّهَبِ
وَعادَ في طَلَبِ المَترُوكِ تارِكُهُ
إنّا لَنغْفُلُ وَالأيّامُ في الطّلَبِ
مَا كانَ أقصرَ وَقتاً كانَ بَيْنَهُمَا
كأنّهُ الوَقْتُ بَينَ الوِرْدِ وَالقَرَبِ
جَزَاكَ رَبُّكَ بالأحزانِ مَغْفِرَةً
فحزْنُ كلّ أخي حزْنٍ أخو الغضَبِ
وَأنْتُمُ نَفَرٌ تَسْخُو نُفُوسُكُمُ
بِمَا يَهَبْنَ وَلا يَسخُونَ بالسَّلَبِ
حَلَلْتُمُ من مُلُوكِ الأرْضِ كلّهِمِ
مَحَلَّ سُمرِ القَنَا من سائِرِ القَصَبِ
فَلا تَنَلْكَ اللّيالي، إنّ أيْدِيَهَا
إذا ضَرَبنَ كَسَرْنَ النَّبْعَ بالغَرَبِ
وَلا يُعِنّ عَدُوّاً أنْتَ قاهِرُهُ
فإنّهُنّ يَصِدْنَ الصّقرَ بالخَرَبِ
وَإنْ سَرَرْنَ بمَحْبُوبٍ فجَعْنَ بهِ
وَقَد أتَيْنَكَ في الحَالَينِ بالعَجَبِ
وَرُبّمَا احتَسَبَ الإنْسانُ غايَتَهَا
وَفاجَأتْهُ بأمْرٍ غَيرِ مُحْتَسَبِ
وَمَا قَضَى أحَدٌ مِنْهَا لُبَانَتَهُ
وَلا انْتَهَى أرَبٌ إلاّ إلى أرَبِ
تَخالَفَ النّاسُ حتى لا اتّفاقَ لَهُمْ
إلاّ على شَجَبٍ وَالخُلفُ في الشجبِ
فقِيلَ تَخلُصُ نَفْسُ المَرْءِ سَالمَةً
وَقيلَ تَشرَكُ جسْمَ المَرْءِ في العَطَبِ
وَمَنْ تَفَكّرَ في الدّنْيَا وَمُهْجَتهِ
أقامَهُ الفِكْرُ بَينَ العَجزِ وَالتّعَبِ
العصر العباسي >> المتنبي >> فهمت الكتاب أبر الكتب(45/491)
فهمت الكتاب أبر الكتب
رقم القصيدة : 5448
-----------------------------------
فَهِمْتُ الكِتابَ أبَرَّ الكُتُبْ
فَسَمْعاً لأمْرِ أميرِ العَرَبْ
وَطَوْعاً لَهُ وَابْتِهاجاً بِهِ
وَإنْ قَصّرَ الفِعْلُ عَمّا وَجَبْ
وَمَا عَاقَني غَيرُ خَوْفِ الوُشاةِ
وَإنّ الوِشاياتِ طُرْقُ الكَذِبْ
وَتَكْثِيرِ قَوْمٍ وَتَقْلِيلِهِمْ
وَتَقْرِيبِهِمْ بَيْنَنَا وَالخَبَبْ
وَقَدْ كانَ يَنصُرُهُمْ سَمْعُهُ
وَيَنْصُرُني قَلْبُهُ وَالحَسَبْ
وَمَا قُلتُ للبَدْرِ أنتَ اللُّجَينُ
وَما قُلتُ للشمسِ أنتِ الذّهَبْ
فيَقْلَقَ منهُ البَعيدُ الأنَاةِ
وَيَغْضَبَ منهُ البَطيءُ الغَضَبْ
وَمَا لاقَني بَلَدٌ بَعْدَكُمْ
وَلا اعتَضْتُ من رَبّ نُعمايَ رَبْ
وَمَنْ رَكِبَ الثّوْرَ بَعدَ الجَوَا
دِ أنْكَرَ أظْلافَهُ وَالغَبَبْ
وَما قِسْتُ كُلَّ مُلُوكِ البِلادِ
فدَعْ ذِكْرَ بَعضٍ بمَن في حلَبْ
وَلَوْ كُنْتُ سَمّيْتُهُمْ باسْمِهِ
لَكانَ الحَديدَ وَكانُوا الخَشَبْ
أفي الرّأيِ يُشْبَهُ أمْ في السّخَا
ءِ أمْ في الشّجاعةِ أمْ في الأدبْ
مُبَارَكُ الاسْمِ أغرُّ اللّقَبْ
كَرِيمُ الجِرِشَّى شرِيفُ النّسَبْ
أخُو الحرْبِ يُخدِمُ ممّا سبَى
قَنَاهُ وَيَخْلَعُ ممّا سَلَبْ
إذا حازَ مالاً فَقَدْ حازَهُ
فَتًى لا يُسَرّ بِمَا لا يَهَبْ
وَإنّي لأُتْبِعُ تَذْكَارَهُ
صَلاَةَ الإل?هِ وَسَقْيَ السُّحُبْ
وَأُثْني عَلَيْهِ بِآلائِهِ
وَأقرُبُ منْهُ نَأى أوْ قَرُبْ
وَإنْ فارَقَتْنيَ أمْطَارُهُ
فأكْثَرُ غُدْرَانِهَا ما نَضَبْ
أيَا سَيفَ رَبّكَ لا خَلْقِهِ
وَيَا ذا المَكارِمِ لا ذا الشُّطَبْ
وَأبْعَدَ ذي هِمّةٍ هِمّةً
وَأعرَفَ ذي رُتْبَةٍ بالرُّتَبْ
وَأطْعَنَ مَنْ مَسّ خَطّيّةً
وَأضرَبَ مَنْ بحُسَامِ ضَرَبْ
بذا اللّفْظِ ناداكَ أهْلُ الثّغُورِ
فَلَبّيْتَ وَالهَامُ تحتَ القُضُبْ
وَقَدْ يَئِسُوا مِنْ لَذِيذِ الحَياةِ
فَعَينٌ تَغُورُ وَقَلْبٌ يَجِبْ(45/492)
وَغَرّ الدُّمُسْتُقَ قَوْلُ العُدَا
ةِ إنّ عَلِيّاً ثَقيلٌ وَصِبْ
وَقَدْ عَلِمَتْ خَيْلُهُ أنّهُ
إذا هَمّ وَهْوَ عَليلٌ رَكِبْ
أتَاهُمْ بأوْسَعَ مِنْ أرْضِهِمْ
طِوَالِ السّبيبِ قِصَارِ العُسُبْ
تَغيبُ الشّوَاهِقُ في جَيْشِهِ،
وَتَبْدُو صِغاراً إذا لم تَغِبْ
وَلا تَعْبُرُ الرّيحُ في جَوّهِ
إذا لم تَخَطّ القَنَا أوْ تَثِبْ
فَغَرّقَ مُدْنَهُمُ بالجُيُوشِ
وَأخْفَتَ أصْوَاتَهُمْ باللّجَبْ
فأخْبِثْ بِهِ طالِباً قَتْلَهُمْ
وَأخْبِثْ بِهِ تارِكاً مَا طَلَبْ
نَأيْتَ فَقَاتَلَهُمْ باللّقَاءِ
وَجِئْتَ فَقَاتَلَهُمْ بالهَرَبْ
وَكَانُوا لَهُ الفَخْرَ لَمّا أتَى
وَكُنْتَ لَهُ العُذْرَ لمّا ذَهَبْ
سَبَقْتَ إلَيْهِمْ مَنَايَاهُمُ
وَمَنْفَعَةُ الغَوْثِ قَبْلَ العَطَبْ
فَخرّوا لخَالِقِهِمْ سُجّداً
وَلَوْ لم تُغِثْ سَجَدوا للصُّلُبْ
وَكم ذُدتَ عَنهُمْ رَدًى بالرّدى
وَكَشّفْتَ من كُرَبٍ بالكُرَبْ
وَقَدْ زَعَمُوا أنّهُ إنْ يَعُدْ
يَعُدْ مَعَهُ المَلِكُ المُعتَصِبْ
وَيَسْتَنْصِرانِ الذي يَعْبُدانِ
وَعِنْدَهُما أنّهُ قَدْ صُلِبْ
ليَدْفَعَ ما نَالَهُ عَنْهُمَا
فَيَا لَلرّجالِ لهَذا العَجَبْ
أرَى المُسْلِمِينَ مَعَ المُشْرِكِيـ
ـنَ إمّا لعَجْزٍ وَإمّا رَهَبْ
وَأنْتَ مَعَ الله في جانِبٍ
قَليلُ الرّقادِ كَثيرُ التّعَبْ
كأنّكَ وَحْدَكَ وَحّدْتَهُ
وَدانَ البَرِيّةُ بابنٍ وَأبْ
فَلَيْتَ سُيُوفَكَ في حَاسِدٍ
إذا ما ظَهَرْتَ عليهمْ كَئِبْ
وَلَيْتَ شَكاتَكَ في جِسْمِهِ
وَلَيتَكَ تَجْزِي ببُغْضٍ وَحُبْ
فَلَوْ كُنتَ تَجزِي بِهِ نِلْتُ منِـ
ـكَ أضْعَفَ حَظٍّ بأقوَى سَبَبْ
العصر العباسي >> المتنبي >> أبا سعيد جنب العتابا
أبا سعيد جنب العتابا
رقم القصيدة : 5449
-----------------------------------
أبَا سَعيدٍ جَنّبِ العِتابَا
فَرُبّ رَأيٍ أخطأ الصّوابَا
فإنّهُمْ قَدْ أكْثَرُوا الحُجّابَا(45/493)
وَاسْتَوْقَفُوا لرَدّنَا البَوّابَا
وَإنّ حَدّ الصّارِمِ القِرْضَابَا
وَالذّابلاتِ السُّمرَ والعِرابَا
تَرْفَعُ فيمَا بَيْنَنا الحِجَابَا
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> نحس
نحس
رقم القصيدة : 545
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يوم الاثنين اغتنى .. وصار بين الاغنيا ترتيبه الثالث
يوم الثلاثاء الفجر .. مات في حادث
فريق كورة .. دائما ترتيبه في الدوري الاخير
واذا لعبوا واستبسلوا .. قبل الاخير
وبعد السنين الممحلة .. جاهم رئيس ثروته كثر التراب
عيّن مدير .. عنده من الخبرة كثير
شال الكبار ولعّب شباب
وجاب المدرب اللي له اسمٍ مهاب
واتقدموا .. وصلوا للدور النهائي
ويوم النهائي .. قبل المباراة بدقايق
في البلد حصل انقلاب
مسكين .. شين وفقير
وفي الدراسة حاول انه يستمر .. ومااستطاع
وضعه صعب ..ابوه مات وهو صغير
وماترك له الا الفقر .. وامه واخته .. والهم من فوقه وتحته
ومالقى لجل الهروب من الضياع .. الا انه يدور وظيفة .. أي وظيفة
ولقى من ضيقته مخرج .. وظيفة دخلها معقول .. يمشي الحال لو اعرج
ومرت سنة وسنين ..
والمسكين .. صارت كل آماله زواج
واتزاحمت في داخله الاسئلة ..
منهي اللي بتقبله ؟ .. وليه ؟
وفي يوم مامثله ابد .. شافها .. اجمل من اجمل مارأى
واضحكتله ... مستحيل !! ...اضحكتله
ومشت من اول الحارة .. ولحقها
وادخلت في بيت جاره ..
سأل عنها وعرف ... قنوعة واسمها سارة
تصير اخت لمرة جاره
ارسل لها اخته .. تجس النبض
جت البشاير
راح لمه .. وفرحته كبر السما والارض
وافقت !! .. ابشرك يمه .. لقيتها يمه
سارة اخت حصة مرت منصور ..
ابيها وهي تبيني .. وابغى منك الشور
خلاص يا يمه خلاص .. بقول لهمومي الوداع .. بقول لهمومي الوداع
قالتله امه :
يا ولدي .. بس هذي اختك في الرضاع
العصر العباسي >> المتنبي >> لأحبتي أن يملأوا
لأحبتي أن يملأوا
رقم القصيدة : 5450(45/494)
-----------------------------------
لأحِبّتي أنْ يَمْلأوا
بالصّافِياتِ الأكْوُبَا
وَعَلَيْهِمِ أنْ يَبذُلوا
وَعَليّ أنْ لا أشْرَبَ
حتى تَكُونَ البَاترَا
تُ المُسمِعاتِ فأطْرَبَا
العصر العباسي >> المتنبي >> لأي صروف الدهر فيه نعاتب
لأي صروف الدهر فيه نعاتب
رقم القصيدة : 5451
-----------------------------------
لأيّ صُرُوفِ الدّهْرِ فيهِ نُعاتِبُ
وَأيّ رَزاياهُ بوِتْرٍ نُطالِبُ
مَضَى مَنْ فَقَدْنا صَبرَنا عند فَقْدِهِ
وقد كانَ يُعطي الصّبرَ والصّبرُ عازِبُ
يَزُورُ الأعادي في سَمَاءِ عَجَاجَةٍ
أسِنّتُهُ في جانِبَيْها الكَواكِبُ
فتَسْفِرُ عَنهُ والسّيوفُ كأنّما
مَضارِبُها مِمّا انْفَلَلْنَ ضرائِبُ
طَلَعْنَ شُمُوساً والغُمُودُ مَشارِقٌ
لَهُنّ وهاماتُ الرّجالِ مَغارِبُ
مَصائِبُ شَتّى جُمّعَتْ في مُصيبَةٍ
ولم يَكفِها حتى قَفَتْها مَصائِبُ
رَثَى ابنَ أبينا غيرُ ذي رَحِمٍ لَهُ
فَباعَدَنَا عَنْهُ ونَحْنُ الأقارِبُ
وَعَرّضَ أنّا شامِتُونَ بمَوتِهِ
وإلاّ فَزارَتْ عارضَيْهِ القَواضِبُ
ألَيسَ عَجيباً أنّ بَينَ بَني أبٍ
لنَجْلِ يَهوديٍّ تَدِبّ العَقارِبُ
ألا إنّما كانَتْ وَفاةُ مُحَمّدٍ
دَليلاً على أنْ لَيسَ لله غَالِبُ
العصر العباسي >> المتنبي >> دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا
دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا
رقم القصيدة : 5452
-----------------------------------
دَمْعٌ جرَى فقضَى في الرَّبْعِ ما وجَبَا
لأهلِهِ وشَفَى أنّى ولا كَرَبَا
عُجْنا فأذهَبَ ما أبْقَى الفِراقُ لَنا
منَ العُقُولِ وما رَدّ الذي ذَهَبَا
سَقَيْتُهُ عَبَراتٍ ظَنّهَا مَطَراً
سَوائِلاً من جُفُونٍ ظَنّها سُحُبَا
دارُ المُلِمِّ لها طَيفٌ تَهَدّدَني
لَيلاً فَما صَدَقتْ عَيني ولا كَذَبَا
أنْأيْتُهُ فَدَنا، أدْنَيْتُهُ فنَأى،
جَمّشْتُهُ فَنَبَا، قَبّلْتُهُ فأبَى
هامَ الفُؤادُ بأعرابِيّةٍ سَكَنَتْ(45/495)
بَيْتاً من القلبِ لم تَمدُدْ له طُنُبَا
مَظْلُومَةُ القَدّ في تَشْبيهِهِ غُصُناً
مَظلُومَةُ الرّيقِ في تَشبيهِهِ ضَرَبَا
بَيضاءُ تُطمِعُ في ما تحتَ حُلّتِها
وعَزّ ذلكَ مَطْلُوباً إذا طُلِبَا
كأنّها الشّمسُ يُعْيي كَفَّ قابضِهِ
شُعاعُها ويَراهُ الطّرْفُ مُقْتَرِبَا
مَرّتْ بنا بَينَ تِرْبَيْها فقُلتُ لَها
من أينَ جانَسَ هذا الشّادِنُ العَرَبَا
فکستَضْحَكَتْ ثمّ قالتْ كالمُغيثِ يُرَى
ليثَ الشَّرَى وهوَ من عِجْلٍ إذا انتسبَا
جاءتْ بأشجعِ مَن يُسمى وأسمحِ مَن
أعطَى وأبلغِ مَنْ أملى ومَنْ كَتَبَا
لوْ حَلّ خاطرُهُ في مُقْعَدٍ لمَشَى
أو جاهلٍ لصَحا أو أخرَسٍ خَطَبَا
إذا بَدا حَجَبَتْ عَيْنَيكَ هَيْبَتُهُ
وليسَ يحجبُهُ سِترٌ إذا احتَجَبَا
بَياضُ وَجْهٍ يُريكَ الشّمسَ حالكةً
ودُرُّ لَفظٍ يُريكَ الدُّرَّ مَخْشَلَبَا
وسَيفُ عَزْمٍ تَرُدّ السّيفَ هِبّتُهُ
رَطْبَ الغِرارِ منَ التأمُورِ مُختَضِبَا
عُمرُ العَدوّ إذا لاقاهُ في رَهَجٍ
أقَلُّ مِنْ عُمْرِ ما يَحْوِي إذا وَهَبَا
تَوَقَّهُ فَمَتى ما شِئْتَ تَبْلُوَهُ
فكُنْ مُعادِيَهُ أوْ كُنْ له نَشَبَا
تَحْلُو مَذاقَتُهُ حتى إذا غَضِبَا
حالَتْ فلَوْ قطرَتْ في الماءِ ما شُرِبَا
وتَغْبِطُ الأرْضُ منها حيثُ حَلّ بهِ
وتَحْسُدُ الخيلُ منها أيَّها رَكِبَا
ولا يَرُدّ بفيهِ كَفّ سائِلِهِ
عن نَفسِهِ ويَرُدّ الجَحفَلَ اللّجِبَا
وكُلّما لَقيَ الدّينارُ صاحِبَهُ
في مُلكِه افترَقا من قبلِ يَصْطَحِبَا
مالٌ كأنّ غُرابَ البَينِ يَرْقُبُهُ
فكُلّما قيلَ هذا مُجْتَدٍ نَعَبَا
بَحْرٌ عَجائِبُهُ لم تُبْقِ في سَمَرٍ
ولا عَجائِبِ بحرٍ بَعدَها عَجَبَا
لا يُقْنِعُ ابنَ عليٍّ نَيْلُ مَنزِلَةٍ
يَشكُو مُحاوِلُها التّقصيرَ والتّعَبَا
هَزّ اللّواءَ بَنو عِجْلٍ بهِ فَغَدا
رأساً لهمْ وغَدا كُلٌّ لهُمْ ذَنَبَا
التّارِكينَ منَ الأشياءِ أهْوَنَها(45/496)
والرّاكبينَ مِنَ الأشياءِ ما صَعُبَا
مُبَرْقِعي خَيلِهمْ بالبِيضِ مُتّخذي
هامِ الكُماةِ على أرماحِهِمْ عَذَبَا
إنّ المَنيّةَ لَوْ لاقَتْهُمُ وَقَفَتْ
خَرْقاءَ تَتّهِمُ الإقدامَ والهَرَبَا
مَراتِبٌ صَعِدَتْ والفِكْرُ يَتْبَعُها
فَجازَ وهْوَ على آثارِها الشُّهُبَا
مَحامِدٌ نَزَفَتْ شِعْري ليَمْلأها
فآلَ ما امتَلأتْ منْهُ ولا نَضَبَا
مَكارِمٌ لكَ فُتَّ العالمينَ بِهَا
مَنْ يَسْتَطيعُ لأمْرٍ فائِتٍ طَلَبَا
لمّا أقَمْتَ بإنْطاكِيّةَ اخْتَلَفَتْ
إليّ بالخَبرِ الرُّكْبانُ في حَلَبَا
فَسِرْتُ نَحْوَكَ لا ألْوي على أحَدٍ
أحُثّ راحلَتيَّ: الفَقْرَ والأدَبَا
أذاقَني زَمَني بَلْوَى شَرِقْتُ بها
لَوْ ذاقَها لَبَكَى ما عاشَ وانتَحَبَا
وإنْ عَمَرْتُ جَعَلْتُ الحرْبَ والدةً
والسّمْهَريَّ أخاً والمَشرَفيَّ أبَا
بكلّ أشعثَ يَلقى الموْتَ مُبْتَسِماً
حتى كأنّ لهُ في قَتْلِهِ أرَبَا
قُحٍّ يَكادُ صَهيلُ الخَيلِ يَقذِفُهُ
عن سرْجِهِ مَرَحاً بالعِزّ أو طَرَبَا
فالمَوْتُ أعذَرُ لي والصّبرُ أجملُ بي
والبَرُّ أوْسَعُ والدّنْيا لِمَنْ غَلَبَا
العصر العباسي >> المتنبي >> بأبي الشموس الجانحات غواربا
بأبي الشموس الجانحات غواربا
رقم القصيدة : 5453
-----------------------------------
بأبي الشُّموسُ الجانِحاتُ غَوارِبَا
أللاّبِساتُ مِنَ الحَريرِ جَلابِبَا
ألمُنْهِباتُ عُقُولَنَا وقُلُوبَنَا
وجَناتِهِنّ النّاهِباتِ النّاهِبَا
ألنّاعِماتُ القاتِلاتُ المُحْيِيَا
تُ المُبْدِياتُ مِنَ الدّلالِ غَرائِبَا
حاوَلْنَ تَفْدِيَتي وخِفْنَ مُراقِبا
فوَضَعْنَ أيدِيَهُنّ فوْقَ تَرَائِبَا
وبَسَمْنَ عَنْ بَرَدٍ خَشيتُ أُذِيبُهُ
من حَرّ أنْفاسي فكُنْتُ الذّائِبَا
يا حَبّذا المُتَحَمّلُونَ وحَبّذا
وَادٍ لَثَمْتُ بهِ الغَزالَةَ كاعِبَا
كَيفَ الرّجاءُ منَ الخُطوبِ تخَلُّصاً
منْ بَعْدِ ما أنْشَبنَ فيّ مَخالِبَا(45/497)
أوْحَدْنَني وَوَجَدْنَ حُزْناً واحداً
مُتَناهِياً فجَعَلْنَهُ لي صاحِبَا
ونَصَبْنَني غَرَضَ الرّماةِ تُصِيبُني
مِحَنٌ أحَدُّ منَ السّيوفِ مَضارِبَا
أظْمَتْنيَ الدّنْيا فَلَمّا جِئْتُهَا
مُسْتَسْقِياً مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَا
وحُبِيتُ من خُوصِ الرّكابِ بأسوَدٍ
من دارِشٍ فغَدَوْتُ أمشي راكِبَا
حالٌ متى عَلِمَ ابنُ مَنصورٍ بهَا
جاءَ الزّمانُ إليّ مِنْها تَائِبَا
مَلِكٌ سِنَانُ قَنَاتِهِ وبَنَانُهُ
يَتَبَارَيانِ دَماً وعُرْفاً سَاكِبَا
يَستَصْغِرُ الخَطَرَ الكَبيرَ لوَفْدِهِ
ويَظُنّ دِجْلَةَ ليسَ تكفي شارِبَا
كَرَماً فلَوْ حَدّثْتَهُ عن نَفْسِهِ
بعَظيمِ ما صَنَعَتْ لظَنّكَ كاذِبَا
سَلْ عَن شَجاعَتِهِ وزُرْهُ مُسالماً
وَحَذارِ ثمّ حَذارِ مِنهُ مُحارِبَا
فالمَوْتُ تُعرَفُ بالصّفاتِ طِبَاعُهُ
لم تَلْقَ خَلْقاً ذاقَ مَوْتاً آئِبَا
إنْ تَلْقَهُ لا تَلْقَ إلاّ جَحْفَلاً
أوْ قَسطَلاً أو طاعِناً أو ضارِبَا
أو هارِباً أو طالِباً أو راغِباً
أو راهِباً أو هالِكاً أو نادِبَا
وإذا نَظَرْتَ إلى الجِبَالِ رَأيْتَهَا
فوْقَ السّهُولِ عَواسِلاً وقَواضِبَا
وإذا نَظَرْتَ إلى السّهُولِ رَأيْتَها
تَحْتَ الجِبالِ فَوارِساً وجَنَائِبَا
وعَجاجَةً تَرَكَ الحَديدُ سَوادَها
زِنْجاً تَبَسّمُ أوْ قَذالاً شَائِبَا
فكأنّمَا كُسِيَ النّهارُ بها دُجَى
لَيْلٍ وأطْلَعَتِ الرّماحُ كَواكِبَا
قد عَسكَرَتْ مَعَها الرّزايا عَسكَراً
وتَكَتّبَتْ فيها الرّجالُ كَتائِبَا
أُسُدٌ فَرائِسُها الأسُودُ يَقُودُها
أسَدٌ تَصِيرُ لَهُ الأسُودُ ثَعالِبَا
في رُتْبَةٍ حَجَبَ الوَرَى عَن نَيْلِها
وعَلا فَسَمَّوهُ عَلِيَّ الحاجِبَا
ودَعَوْهُ من فَرْطِ السّخاءِ مُبَذّراً
ودَعَوْهُ من غصْبِ النّفوسِ الغاصِبَا
هذا الذي أفنى النُّضارَ مَواهِباً
وعِداهُ قَتْلاً والزّمانَ تَجَارِبَا
ومُخَيِّبُ العُذّالِ مِمّا أمّلُوا(45/498)
مِنْهُ ولَيسَ يَرُدّ كَفّاً خائِبَا
هذا الذي أبصَرْتُ منهُ حاضِراً
مِثْلَ الذي أبْصَرْتُ مِنْهُ غائِبَا
كالبَدْرِ من حَيثُ التَفَتَّ رَأيْتَهُ
يُهْدي إلى عَيْنَيْكَ نُوراً ثاقِبَا
كالبَحْرِ يَقذِفُ للقَريبِ جَواهِراً
جُوداً ويَبْعَثُ للبَعيدِ سَحائِبَا
كالشّمسِ في كَبِدِ السّماءِ وضَوْؤها
يَغْشَى البِلادَ مَشارِقاً ومَغارِبَا
أمُهَجِّنَ الكُرَماءِ والمُزْري بهِمْ
وتَرُوكَ كلِّ كريمِ قوْمٍ عاتِبَا
شادوا مَناقِبَهُمْ وشِدْتَ مَنَاقِباً
وُجِدَتْ مَناقِبُهُمْ بهِنّ مَثَالِبَا
لَبّيْكَ غَيظَ الحاسِدينَ الرّاتِبَا
إنّا لَنَخْبُرُ من يَدَيْكَ عَجَائِبَا
تَدبيرَ ذي حُنَكٍ يُفَكّرُ في غَدٍ
وهُجُومَ غِرٍّ لا يَخافُ عَواقِبَا
وعَطاءَ مالٍ لوْ عَداهُ طالِبٌ
أنْفَقْتَهُ في أنْ تُلاقيَ طالِبَا
خُذْ مِنْ ثَنَايَ عَلَيْكَ ما أسْطِيعُهُ
لا تُلْزِمَنّي في الثّناءِ الواجِبَا
فلَقَدْ دَهِشْتُ لِما فَعَلْتَ ودونَهُ
ما يُدهِشُ المَلَكَ الحَفيظَ الكاتِبَا
العصر العباسي >> المتنبي >> إنما بدر بن عمار سحاب
إنما بدر بن عمار سحاب
رقم القصيدة : 5454
-----------------------------------
إنّما بَدْرُ بنُ عَمّارٍ سَحَابٌ
هَطِلٌ فيهِ ثَوَابٌ وعِقابُ
إنّما بَدْرٌ رَزَايا وعَطايَا
ومَنايا وطِعانٌ وضِرابُ
ما يُجيلُ الطِّرْفَ إلاّ حَمِدَتْهُ
جُهدَها الأيدي وذَمّتهُ الرّقابُ
ما بهِ قَتْلُ أعاديهِ ولكِنْ
يَتّقي إخلافَ ما ترْجو الذّئابُ
فَلَهُ هَيْبَةُ مَنْ لا يُتَرَجّى
ولَهُ جُودُ مُرَجّىً لا يُهابُ
طاعنُ الفرْسانِ في الأحداقِ شزْراً
وعَجاجُ الحرْبِ للشّمسِ نِقابُ
باعِثُ النّفسِ على الهوْلِ الذي لَيْـ
ـسَ لنَفْسٍ وَقَعَتْ فيهِ إيَابُ
بأبي ريحُكَ لا نَرْجِسُنَا ذا
وأحاديثُكَ لا هذا الشّرابُ
لَيسَ بالمُنكَرِ إنْ بَرّزْتَ سَبقاً،
غيرُ مدفوعٍ عنِ السّبقِ العِرابُ
العصر العباسي >> المتنبي >> ألم تر أيها الملك المرجى(45/499)
ألم تر أيها الملك المرجى
رقم القصيدة : 5455
-----------------------------------
ألَمْ تَرَ أيّهَا المَلِكُ المُرَجّى
عَجائِبَ ما رأيْتُ منَ السّحابِ
تَشَكّى الأرْضُ غَيبَتَهُ إلَيْهِ
وتَرْشُفُ ماءَهُ رَشْفَ الرُّضابِ
وأوهِمُ أنّ في الشِّطْرَنْجِ هَمّي
وفيكَ تأمُّلي ولَكَ انْتِصابي
سأمْضِي والسّلامُ عَلَيكَ منّي
مَغيبي لَيْلَتي وغَداً إيابي
العصر العباسي >> المتنبي >> يا ذا المعالي ومعدن الأدب
يا ذا المعالي ومعدن الأدب
رقم القصيدة : 5456
-----------------------------------
يا ذا المَعالي ومَعْدِنَ الأدَبِ
سَيّدَنا وابنَ سَيّدِ العَرَبِ
أنْتَ عَليمٌ بكُلّ مُعْجِزَةٍ
ولَوْ سألْنا سِواكَ لمْ يُجِبِ
أهذِهِ قابَلَتْكَ راقِصَةً
أمْ رَفَعَتْ رِجْلَها منَ التّعَبِ
العصر العباسي >> المتنبي >> ضروب الناس عشاق ضروبا
ضروب الناس عشاق ضروبا
رقم القصيدة : 5457
-----------------------------------
ضُرُوبُ النّاسِ عُشّاقٌ ضُرُوبَا
فأعذَرُهُمْ أشَفُّهُمُ حَبِيبَا
وما سَكَني سِوَى قَتْلِ الأعادي
فهَلْ من زَوْرَةٍ تَشفي القُلوبَا
تَظَلّ الطّيرُ منها في حَديثٍ
تَرُدّ بهِ الصّراصِرَ والنّعيبَا
وقد لَبِسَتْ دِماءَهُمُ عَلَيْهِمْ
حِداداً لم تَشُقّ لَهُ جُيُوبَا
أدَمْنا طَعْنَهُمْ والقَتْلَ حتى
خَلَطْنا في عِظامِهِمِ الكُعُوبَا
كأنّ خُيولَنا كانَتْ قَديماً
تُسَقّى في قُحُوفِهِمِ الحَليبَا
فَمَرّتْ غَيرَ نافِرَةٍ عَلَيْهِمْ
تَدوسُ بنا الجَماجِمَ والتّريبَا
يُقَدّمُها وقد خُضِبَتْ شَواهَا
فَتًى تَرْمي الحُرُوبُ بهِ الحُرُوبَا
شَديدُ الخُنْزُوانَةِ لا يُبَالي
أصابَ إذا تَنَمّرَ أمْ أُصِيبَا
أعَزْمي طالَ هذا اللّيلُ فانْظُرْ
أمِنْكَ الصّبْحُ يَفْرَقُ أنْ يَؤوبَا
كأنّ الفَجْرَ حِبٌّ مُسْتَزارٌ
يُراعي مِنْ دُجُنّتِهِ رَقِيبَا
كأن نُجُومَهُ حَلْيٌ عَلَيْهِ
وقد حُذيَتْ قَوائِمُهُ الجَبُوبَا(45/500)
كأنّ الجَوّ قاسَى ما أُقاسِي
فصارَ سَوادُهُ فيهِ شُحُوبَا
كأنّ دُجاهُ يَجْذِبُها سُهادي
فَلَيسَ تَغيبُ إلاّ أنْ يَغيبَا
أُقَلّبُ فيهِ أجْفاني كأنّي
أعُدّ بهِ على الدّهرِ الذّنُوبَا
وما لَيْلٌ بأطْوَلَ مِنْ نَهارٍ
يَظَلّ بلَحظِ حُسّادي مَشُوبَا
وما مَوْتٌ بأبْغَضَ مِنْ حَياةٍ
أرَى لَهُمُ مَعي فيها نَصيبَا
عَرَفْتُ نَوائِبَ الحَدَثانِ حتى
لَوِ انْتَسَبَتْ لكُنتُ لهَا نَقيبَا
ولمّا قَلّتِ الإبْلُ امْتَطَيْنَا
إلى ابنِ أبي سُلَيْمانَ الخُطُوبَا
مَطايا لا تَذِلّ لمَنْ عَلَيْهَا
ولا يَبغي لهَا أحَدٌ رُكُوبَا
وتَرْتَعُ دونَ نَبْتِ الأرْضِ فينا
فَما فارَقْتُها إلاّ جَدِيبَا
إلى ذي شِيمَةٍ شَغَفَتْ فُؤادي
فلَوْلاهُ لقُلْتُ بها النّسيبَا
تُنازِعُني هَواها كلُّ نَفْسٍ
وإنْ لم تُشْبِهِ الرّشَأ الرّبِيبَا
عَجيبٌ في الزّمانِ وما عَجيبٌ
أتَى مِنْ آلِ سَيّارٍ عَجيبَا
وشَيْخٌ في الشّبابِ ولَيس شَيخاً
يُسَمّى كلُّ مَن بَلَغَ المَشيبَا
قَسَا فالأُسْدُ تَفْزَعُ مِن يَدَيْهِ
وَرَقّ فنَحنُ نَفزَعُ أن يَذوبَا
أشَدُّ منَ الرّياحِ الهُوجِ بَطشاً
وأسرَعُ في النّدى منها هُبُوبَا
وقالوا ذاكَ أرْمَى مَنْ رَأيْنَا
فقُلْتُ رَأيْتُمُ الغَرَضَ القَريبَا
وهَلْ يُخْطي بأسْهُمِهِ الرّمَايَا
وما يُخْطي بما ظَنّ الغُيُوبَا
إذا نُكِبَتْ كَنائِنُهُ اسْتَبَنّا
بأنْصُلِها لأنْصُلِها نُدُوبَا
يُصيبُ ببَعْضِها أفواقَ بَعضٍ
فلَوْلا الكَسرُ لاتّصَلَتْ قَضِيبَا
بكُلّ مُقَوَّمٍ لم يَعْصِ أمْراً
لَهُ حتى ظَنَنّاهُ لَبِيبَا
يُريكَ النَّزْعُ بَينَ القَوْسِ منْهُ
وبَينَ رَمِيّهِ الهَدَفَ اللّهِيبَا
ألَستَ ابنَ الأُلى سَعِدوا وسادوا
ولم يَلِدوا امرَأً إلاّ نَجِيبَا
ونالُوا ما اشْتَهَوْا بالحَزْمِ هَوْناً
وصادَ الوَحشَ نَملُهُمُ دَبِيبَا
وما ريحُ الرّياضِ لهَا ولَكِنْ
كَساها دَفنُهُمْ في التُّرْبِ طِيبَا(46/1)
أيَا مَنْ عادَ رُوحُ المَجْدِ فيهِ
وصارَ زَمانُهُ البالي قَشيبَا
تَيَمّمَني وكيلُكَ مادِحاً لي
وأنْشَدَني مِنَ الشّعرِ الغَريبَا
فآجَرَكَ الإل?هُ على عَليلٍ
بَعَثْتَ إلى المَسيحِ بهِ طَبِيبَا
ولَسْتُ بمُنكِرٍ مِنْكَ الهَدايَا
ولَكِنْ زِدْتَني فيها أدِيبَا
فلا زالَتْ دِيارُكَ مُشرِقاتٍ
ولا دانَيتَ يا شَمسُ الغُرُوبَا
لأُصْبِحَ آمِناً فيكَ الرّزايا
كمَا أنَا آمِنٌ فيكَ العُيُوبَا
العصر العباسي >> المتنبي >> ألمجلسان على التمييز بينهما
ألمجلسان على التمييز بينهما
رقم القصيدة : 5458
-----------------------------------
ألمَجْلِسانِ على التّمْييزِ بَيْنَهُمَا
مُقَابِلانِ ولَكِنْ أحْسَنا الأدَبَا
إذا صَعِدْتَ إلى ذا مَالَ ذا رَهَباً
وإنْ صَعِدْتَ إلى ذا مالَ ذا رَهَبَا
فَلِمْ يَهابُكَ ما لا حِسّ يَرْدَعُهُ
إنّي لأُبْصِرُ مِنْ فِعْلَيْهِمَا عَجَبَا
العصر العباسي >> المتنبي >> تعرض لي السحاب وقد قفلنا
تعرض لي السحاب وقد قفلنا
رقم القصيدة : 5459
-----------------------------------
تَعَرّضَ لي السّحابُ وقد قَفَلْنا
فقُلتُ إليكَ إنّ مَعي السّحابَا
فَشِمْ في القُبّةِ المَلِكَ المُرَجّى
فأمْسَكَ بَعدمَا عَزَمَ انسِكابَا
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> نبض الشوارع
نبض الشوارع
رقم القصيدة : 546
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ما غدا للوقت معنى .. مابقى للشعر دافع
ملّت الآمي حروفي .. ومل صدري من الضلوع
غصت في أعماق روحي .. خذت نبض من الشوارع
يمكن ألقى أي معنى يوقد لشعري الشموع
صرت اراقب كل ومضة .. وارخي للهمس المسامع
واحتري قلوبٍ تسافر من قساها للخشوع
ألتقيت الظلم لذة في البشر والعدل ضايع
وألتقيت من المشاعر كل صنف وكل نوع
به قلوبٍ ياهي تشقى لو يبات الحقد جايع
وبه قلوبٍ لوهي تقوى مابقى في الدنيا جوع
وبه عيون في هدبها تسكن الآم ومواجع(46/2)
ومن سواد اليأس فيها ماقوت تذرف دموع
به فقر مُدقع يبكي وبه غنا فاحش ورائع
به بخل ظاهر وشامل به كرم لكن قنوع
به بشر ينسى صلفها ان كل من راح راجع
وبه بشر تنطر اجلها ترتجي ذاك الرجوع
به مسلي طول ليلة كل ما مولاه مانع
وبه مصلي ذاب ليله في سجودة والركوع
به كساد و به فساد و به طموح وبه مطامع
به بطالة به سفالة به مخادع ومخدوع
به اسى غطى الحناجر به كدر قضى المضاجع
به هروبٍ للتطرف والا لغياب وهجوع
به دجل يملى الحواري به كذوب في الجوامع
طوّل اللحية لسلطة ماهو سنة والا طوع
به نفاق وفاق حده مالقى في الناس رادع
به صدق موجود لكن مهمل وماله شيوع
به شعوبٍ ضاع املها تكره الفعل المضارع
تلقى في الماضي عزاها اما حاضرها يلوع
به تعاسة وانتكاسة به ظلامٍ مايمانع
يقتل اخر ضي فينا وشمسنا تنسى الطلوع
به كاءابة به سحابة غيثها دم ومدامع
به مهانة واستكانة به مذلة به خضوع
به ليالٍ ما تبالي لو تجينا بالفواجع
والحزن فيها مثالي واصلٍ ماهو قطوع
وش بقى في العمر معنى وش بقى للشعر دافع
وكل ما سالت حروفي ضاقت بصدري الضلوع
العصر العباسي >> المتنبي >> ألطيب مما غنيت عنه
ألطيب مما غنيت عنه
رقم القصيدة : 5460
-----------------------------------
ألطّيبُ مِمّا غَنيتُ عَنْهُ
كَفَى بقُربِ الأميرِ طِيبَا
يَبْني بهِ رَبُّنَا المَعَالي
كمَا بِكُمْ يَغْفِرُ الذّنُوبا
العصر العباسي >> المتنبي >> أيا ما أحيسنها مقلة
أيا ما أحيسنها مقلة
رقم القصيدة : 5461
-----------------------------------
أيا ما أُحَيْسِنَها مُقْلَةً
ولَوْلا المَلاحَةُ لم أعْجَبِ
خَلُوقِيّةٌ في خَلُوقيّها
سُوَيداءُ من عِنَبِ الثّعلَبِ
إذا نَظَرَ البازُ في عِطْفِهِ
كَسَتهُ شُعاعاً على المَنكِبِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب
أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب
رقم القصيدة : 5462
-----------------------------------(46/3)
أعِيدوا صَباحي فَهوَ عندَ الكَواعبِ
ورُدّوا رُقادي فَهوَ لحظُ الحبائِبِ
فإنّ نَهاري لَيْلَةٌ مُدْلَهِمّةٌ
على مُقْلَةٍ مِنْ بَعدِكمْ في غياهبِ
بَعيدَةِ ما بَينَ الجُفُونِ كأنّمَا
عَقَدْتُمْ أعالي كلِّ هُدْبٍ بحاجِبِ
وأحْسَبُ أنّي لوْ هَوِيتُ فِراقَكُمْ
لَفارَقْتُهُ والدّهرُ أخبثُ صاحِبِ
فَيا لَيتَ ما بَيْني وبَينَ أحِبّتي
مِنَ البُعْدِ ما بَيني وبَينَ المَصائِبِ
أُراكِ ظَنَنْتِ السّلكَ جِسمي فعُقْتِه
عَلَيْكِ بدُرٍّ عن لِقاءِ التّرائِبِ
ولَوْ قَلَمٌ أُلقيتُ في شَقّ رأسِهِ
من السّقمِ ما غيّرْتُ من خطّ كاتِبِ
تُخَوّفُني دونَ الذي أمَرَتْ بِهِ
ولم تَدْرِ أنّ العارَ شرُّ العَواقِبِ
ولا بُدّ مِنْ يَوْمٍ أغَرّ مُحَجَّلٍ
يَطولُ استِماعي بَعدَهُ للنّوادِبِ
يَهُونُ على مِثْلي إذا رامَ حاجَةً
وُقوعُ العَوالي دونَها والقَواضِبِ
كَثيرُ حَيَاةِ المَرْءِ مِثْلُ قَليلِهَا
يَزولُ وباقي عَيْشِهِ مِثْلُ ذاهِبِ
إلَيْكِ فإنّي لَسْتُ ممّنْ إذا اتّقَى
عِضاضَ الأفاعي نامَ فوقَ العقارِبِ
أتاني وَعيدُ الأدْعِياءِ وأنّهُمْ
أعَدّوا ليَ السّودانَ في كَفْرَ عاقِبِ
ولَوْ صَدَقوا في جَدّهمْ لَحَذِرْتُهمْ
فَهَلْ فيّ وَحدي قَوْلُهم غيرُ كاذِبِ
إليّ لَعَمري قَصْدُ كُلّ عَجيبَةٍ
كأنّي عَجيبٌ في عُيُونِ العَجائِبِ
بأيَّ بِلادٍ لم أجُرَّ ذُؤابَتي
وأيُّ مَكانٍ لم تَطأْهُ رَكائبِي
كأنّ رَحيلي كانَ منْ كَفّ طاهرٍ
فأثْبَتَ كُوري في ظهورِ المَواهِبِ
فَلَمْ يَبْقَ خَلْقٌ لم يَرِدْنَ فِناءَهُ
وهُنّ لَهُ شِرْبٌ وُرُودَ المَشارِبِ
فَتًى عَلّمَتْهُ نَفْسُهُ وجُدودُهُ
قِراعَ العَوالي وابتِذالَ الرّغائبِ
فقَدْ غَيّبَ الشُّهّادَ عن كلّ مَوْطِنٍ
ورَدّ إلى أوطانِهِ كلَّ غائِبِ
كَذا الفاطِمِيّونَ النّدى في بَنانِهِمْ
أعَزُّ امّحاءً مِنْ خُطوطِ الرَّواجِبِ
أُناسٌ إذا لاقَوْا عِدًى فكأنّما
سِلاحُ الذي لاقَوْا غُبارُ السّلاهِبِ(46/4)
رَمَوْا بنَواصِيها القِسِيَّ فجِئْنَها
دَوَامي الهَوادي سالماتِ الجَوانِبِ
أُولَئِكَ أحْلى مِنْ حَياةٍ مُعادَةٍ
وأكْثَرُ ذِكْراً مِنْ دُهورِ الشّبائِبِ
نَصَرْتَ عَلِيّاً يا ابْنَهُ ببَواتِرٍ
من الفِعْلِ لا فَلٌّ لها في المَضارِبِ
وأبْهَرُ آياتِ التّهاميّ أنّهُ
أبوكَ وأجدى ما لكُمْ من منَاقِبِ
إذا لم تكُنْ نَفْسُ النّسيبِ كأصْلِهِ
فماذا الذي تُغني كرامُ المَناصِبِ
وما قَرُبَتْ أشْباهُ قَوْمٍ أباعِدٍ
ولا بَعُدَتْ أشْباهُ قَوْمٍ أقارِبِ
إذا عَلَوِيٌّ لم يكنْ مِثْلَ طاهِرٍ
فَما هُوَ إلاّ حُجّةٌ للنّواصِبِ
يَقولونَ تأثِيرُ الكَواكِبِ في الوَرَى
فَما بالُهُ تأثِيرُهُ في الكَواكِبِ
عَلا كَتَدَ الدّنْيا إلى كُلّ غايَةٍ
تَسيرُ بهِ سَيْرَ الذَّلُولِ براكِبِ
وحُقّ لَهُ أن يَسْبِقَ النّاسَ جالِساً
ويُدْرِكَ ما لم يُدرِكُوا غيرَ طالِبِ
ويُحْذَى عَرانِينَ المُلوكِ وإنّها
لَمِنْ قَدَمَيْهِ في أجَلّ المَراتِبِ
يَدٌ للزّمانِه الجَمْعُ بَيْني وبَيْنَهُ
لتَفْريقِهِ بَيْني وبَينَ النّوائِبِ
هُوَ ابنُ رَسولِ الله وابنُ وَصِيّهِ
وشِبْهُهُما شَبّهْتُ بعدَ التّجارِبِ
يَرَى أنّ ما ما بانَ مِنكَ لضارِبٍ
بأقْتَلَ مِمّا بانَ منكَ لعائِبِ
ألا أيّها المالُ الذي قد أبادَهُ
تَعَزَّ فَهَذا فِعْلُهُ بالكَتائِبِ
لَعَلّكَ في وَقْتٍ شَغَلْتَ فُؤادَهُ
عنِ الجُودِ أوْ كَثّرْتَ جيشَ مُحارِبِ
حَمَلْتُ إلَيْهِ مِنْ لِسَاني حَديقَةً
سقاها الحجى سقيَ الرّياضِ السّحائِبِ
فَحُيّيتَ خيرَ ابنٍ لخَيرِ أبٍ بهَا
لأشرَفِ بَيْتٍ في لُؤيّ بنِ غالِبِ
العصر العباسي >> المتنبي >> من الجآذر في زي الأعاريب
من الجآذر في زي الأعاريب
رقم القصيدة : 5463
-----------------------------------
مَنِ الجآذِرُ في زِيّ الأعَارِيبِ
حُمْرَ الحِلَى وَالمَطَايَا وَالجَلابيبِ
إنْ كُنتَ تَسألُ شَكّاً في مَعارِفِها
فمَنْ بَلاكَ بتَسهيدٍ وَتَعذيبِ(46/5)
لا تَجْزِني بضَنًى بي بَعْدَهَا بَقَرٌ
تَجزي دُموعيَ مَسكوباً بمسكُوبِ
سَوَائِرٌ رُبّمَا سارَتْ هَوَادِجُهَا
مَنيعَةً بَينَ مَطْعُونٍ وَمَضرُوبِ
وَرُبّمَا وَخَدَتْ أيْدي المَطيّ بهَا
على نَجيعٍ مِنَ الفُرْسانِ مَصْبوبِ
كمْ زَوْرَةٍ لَكَ في الأعرابِ خافِيَةٍ
أدهى وَقَد رَقَدوا مِن زَوْرَةِ الذيبِ
أزُورُهُمْ وَسَوَادُ اللّيْلِ يَشفَعُ لي
وَأنثَني وَبَيَاضُ الصّبحِ يُغري بي
قد وَافقوا الوَحشَ في سُكنى مَراتِعِها
وَخالَفُوها بتَقْوِيضٍ وَتَطنيبِ
جِيرانُها وَهُمُ شَرُّ الجِوارِ لهَا
وَصَحبُهَا وَهُمُ شَرُّ الأصاحيبِ
فُؤادُ كُلّ مُحِبٍّ في بُيُوتِهِمِ
وَمَالُ كُلِّ أخيذِ المَالِ مَحرُوبِ
ما أوْجُهُ الحَضَرِ المُسْتَحسَناتُ بهِ
كأوْجُهِ البَدَوِيّاتِ الرّعَابيبِ
حُسْنُ الحِضارَةِ مَجلُوبٌ بتَطْرِيَةٍ
وَفي البِداوَةِ حُسنٌ غيرُ مَجلوبِ
أينَ المَعيزُ مِنَ الآرَامِ نَاظِرَةً
وَغَيرَ ناظِرَةٍ في الحُسنِ وَالطّيبِ
أفدِي ظِبَاءَ فَلاةٍ مَا عَرَفْنَ بِهَا
مَضْغَ الكلامِ وَلا صَبغَ الحَواجيبِ
وَلا بَرَزْنَ مِنَ الحَمّامِ مَاثِلَةً
أورامُهُنَّ صَقيلاتِ العَرَاقيبِ
وَمِنْ هَوَى كلّ مَن ليستْ مُمَوِّهَةً
ترَكْتُ لَوْنَ مَشيبي غيرَ مَخضُوبِ
وَمِن هَوَى الصّدقِ في قَوْلي وَعادَتِهِ
رَغِبْتُ عن شَعَرٍ في الرّأس مكذوبِ
لَيتَ الحَوَادِثَ باعَتني الذي أخذَتْ
مني بحِلمي الذي أعطَتْ وَتَجرِيبي
فَمَا الحَداثَةُ من حِلْمٍ بمَانِعَةٍ
قد يُوجَدُ الحِلمُ في الشبّانِ وَالشِّيبِ
تَرَعْرَعَ المَلِكُ الأستاذُ مُكْتَهِلاً
قَبلَ اكتِهالٍ أديباً قَبلَ تأديبِ
مُجَرَّباً فَهَماً من قَبْلِ تَجْرِبَةٍ
مُهَذَّباً كَرَماً مِنْ غيرِ تَهذيبِ
حتى أصَابَ منَ الدّنْيا نِهايَتَهَا
وَهَمُّهُ في ابْتِداءاتٍ وَتَشبيبِ
يُدَبّرُ المُلْكَ منْ مِصرٍ إلى عَدَنٍ
إلى العِراقِ فأرْضِ الرّومِ فالنُّوبِ(46/6)
إذا أتَتْهَا الرّياحُ النُّكْبُ منْ بَلَدٍ
فَمَا تَهُبُّ بِهَا إلاّ بتَرْتِيبِ
وَلا تُجاوِزُها شَمسٌ إذا شَرَقَتْ
إلاّ وَمِنْهُ لهَا إذْنٌ بتَغْرِيبِ
يُصَرّفُ الأمْرَ فيها طِينُ خاتَمِهِ
وَلَوْ تَطَلّسَ مِنهُ كلُّ مكتُوبِ
يَحُطّ كُلَّ طَوِيلِ الرّمْحِ حامِلُهُ
من سرْجِ كلّ طَوِيلِ الباعِ يَعبوبِ
كَأنّ كُلّ سُؤالٍ في مَسَامِعِهِ
قَميصُ يوسُفَ في أجفانِ يَعقوبِ
إذا غَزَتْهُ أعادِيهِ بِمَسْألَةٍ
فقد غَزَتْهُ بجَيْشٍ غَيرِ مَغْلُوبِ
أوْ حارَبَتْهُ فَمَا تَنْجُو بتَقْدِمَةٍ
ممّا أرَادَ وَلا تَنْجُو بتَجْبِيبِ
أضرَتْ شَجاعَتُهُ أقصَى كتائِبِهِ
على الحِمَامِ فَمَا مَوْتٌ بمَرْهوبِ
قالُوا هَجَرْتَ إلَيْهِ الغَيثَ قلتُ لهمْ
إلى غُيُوثِ يَدَيْهِ وَالشّآبِيبِ
إلى الذي تَهَبُ الدّوْلاتِ رَاحَتُهُ
وَلا يَمُنُّ على آثَارِ مَوْهُوبِ
وَلا يَرُوعُ بمَغْدورٍ بِهِ أحَداً
وَلا يُفَزِّعُ مَوْفُوراً بمَنْكُوبِ
بَلى يَرُوعُ بذي جَيْشٍ يُجَدّلُهُ
ذا مِثْلِهِ في أحَمّ النّقْعِ غِرْبِيبِ
وَجَدْتُ أنْفَعَ مَالٍ كُنتُ أذخَرُهُ
مَا في السّوَابِقِ مِنْ جَرْيٍ وَتَقرِيبِ
لمّا رَأينَ صُرُوفَ الدّهرِ تَغدُرُ بي
وَفَينَ لي وَوَفَتْ صُمُّ الأنابيبِ
فُتْنَ المَهَالِكَ حتى قالَ قائِلُهَا
ماذا لَقينَا منَ الجُرْدِ السّراحِيبِ
تَهْوِي بمُنْجَرِدٍ لَيسَتْ مَذاهِبُهُ
لِلُبْسِ ثَوْبٍ وَمأكولٍ وَمَشرُوبِ
يَرَى النّجُومَ بعَيْنَيْ مَنْ يُحاوِلُها
كأنّهَا سَلَبٌ في عَينِ مَسلُوبِ
حتى وَصَلْتُ إلى نَفْسٍ مُحَجَّبَةٍ
تَلقَى النّفُوسَ بفَضْلٍ غيرِ محْجوبِ
في جِسْمِ أرْوَعَ صَافي العَقل تُضْحكُه
خلائِقُ النّاسِ إضْحاكَ الأعاجيبِ
فَالحَمْدُ قَبْلُ لَهُ وَالحَمْدُ بَعدُ لها
وَلِلقَنَا وَلإدْلاجي وَتأوِيبي
وَكَيْفَ أكْفُرُ يا كافُورُ نِعْمَتَهَا
وَقَدْ بَلَغْنَكَ بي يا كُلّ مَطلُوبي
يا أيّهَا المَلِكُ الغَاني بتَسْمِيَةٍ(46/7)
في الشّرْقِ وَالغرْبِ عن وَصْفٍ وتلقيبِ
أنتَ الحَبيبُ وَلَكِنّي أعُوذُ بِهِ
من أنْ أكُونَ مُحِبّاً غَيرَ محْبوبِب
العصر العباسي >> المتنبي >> أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
رقم القصيدة : 5464
-----------------------------------
أُغالِبُ فيكَ الشّوْقَ وَالشوْقُ أغلَبُ
وَأعجبُ من ذا الهجرِ وَالوَصْلُ أعجبُ
أمَا تَغْلَطُ الأيّامُ فيّ بأنْ أرَى
بَغيضاً تُنَائي أوْ حَبيباً تُقَرّبُ
وَلله سَيْرِي مَا أقَلّ تَئِيّةً
عَشِيّةَ شَرْقيّ الحَدَالى وَغُرَّبُ
عَشِيّةَ أحفَى النّاسِ بي مَن جفوْتُهُ
وَأهْدَى الطّرِيقَينِ التي أتَجَنّبُ
وَكَمْ لظَلامِ اللّيْلِ عِندَكَ من يَدٍ
تُخَبِّرُ أنّ المَانَوِيّةَ تَكْذِبُ
وَقَاكَ رَدَى الأعداءِ تَسْري إلَيْهِمُ
وَزَارَكَ فيهِ ذو الدّلالِ المُحَجَّبُ
وَيَوْمٍ كَلَيْلِ العَاشِقِينَ كمَنْتُهُ
أُرَاقِبُ فيهِ الشّمسَ أيّانَ تَغرُبُ
وَعَيْني إلى أُذْنَيْ أغَرَّ كَأنّهُ
منَ اللّيْلِ باقٍ بَينَ عَيْنَيْهِ كوْكبُ
لَهُ فَضْلَةٌ عَنْ جِسْمِهِ في إهَابِهِ
تَجيءُ على صَدْرٍ رَحيبٍ وَتذهَبُ
شَقَقْتُ بهِ الظّلْماءَ أُدْني عِنَانَهُ
فيَطْغَى وَأُرْخيهِ مراراً فيَلْعَبُ
وَأصرَعُ أيّ الوَحشِ قفّيْتُهُ بِهِ
وَأنْزِلُ عنْهُ مِثْلَهُ حينَ أرْكَبُ
وَما الخَيلُ إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ
وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لا يجرّبُ
إذا لم تُشاهِدْ غَيرَ حُسنِ شِياتِهَا
وَأعْضَائِهَا فالحُسْنُ عَنكَ مُغَيَّبُ
لحَى الله ذي الدّنْيا مُناخاً لراكبٍ
فكُلُّ بَعيدِ الهَمّ فيهَا مُعَذَّبُ
ألا لَيْتَ شعري هَلْ أقولُ قَصِيدَةً
فَلا أشْتَكي فيها وَلا أتَعَتّبُ
وَبي ما يَذودُ الشّعرَ عني أقَلُّهُ
وَلَكِنّ قَلبي يا ابنَةَ القَوْمِ قُلَّبُ
وَأخْلاقُ كافُورٍ إذا شِئْتُ مَدْحَهُ
وَإنْ لم أشأْ تُملي عَليّ وَأكْتُبُ
إذا تَرَكَ الإنْسَانُ أهْلاً وَرَاءَهُ(46/8)
وَيَمّمَ كافُوراً فَمَا يَتَغَرّبُ
فَتًى يَمْلأ الأفْعالَ رَأياً وحِكْمَةً
وَنَادِرَةً أحْيَانَ يَرْضَى وَيَغْضَبُ
إذا ضرَبتْ في الحرْبِ بالسّيفِ كَفُّهُ
تَبَيَّنْتَ أنّ السّيفَ بالكَفّ يَضرِبُ
تَزيدُ عَطَاياهُ على اللّبْثِ كَثرَةً
وَتَلْبَثُ أمْوَاهُ السّحابِ فَتَنضُبُ
أبا المِسْكِ هل في الكأسِ فَضْلٌ أنالُه
فإنّي أُغَنّي منذُ حينٍ وَتَشرَبُ
وَهَبْتَ على مِقدارِ كَفّيْ زَمَانِنَا
وَنَفسِي على مِقدارِ كَفّيكَ تطلُبُ
إذا لم تَنُطْ بي ضَيْعَةً أوْ وِلايَةً
فَجُودُكَ يَكسُوني وَشُغلُكَ يسلبُ
يُضاحِكُ في ذا العِيدِ كُلٌّ حَبيبَهُ
حِذائي وَأبكي مَنْ أُحِبّ وَأنْدُبُ
أحِنُّ إلى أهْلي وَأهْوَى لِقَاءَهُمْ
وَأينَ مِنَ المُشْتَاقِ عَنقاءُ مُغرِبُ
فإنْ لم يكُنْ إلاّ أبُو المِسكِ أوْ هُمُ
فإنّكَ أحلى في فُؤادي وَأعْذَبُ
وكلُّ امرىءٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ
وَكُلُّ مَكانٍ يُنْبِتُ العِزَّ طَيّبُ
يُريدُ بكَ الحُسّادُ ما الله دافِعٌ
وَسُمْرُ العَوَالي وَالحَديدُ المُذرَّبُ
وَدونَ الذي يَبْغُونَ ما لوْ تخَلّصُوا
إلى المَوْتِ منه عشتَ وَالطّفلُ أشيبُ
إذا طَلَبوا جَدواكَ أُعطوا وَحُكِّموا
وَإن طلَبوا الفضْلَ الذي فيك خُيِّبوا
وَلَوْ جازَ أن يحوُوا عُلاكَ وَهَبْتَهَا
وَلكِنْ منَ الأشياءِ ما ليسَ يوهَبُ
وَأظلَمُ أهلِ الظّلمِ مَن باتَ حاسِداً
لمَنْ بَاتَ في نَعْمائِهِ يَتَقَلّبُ
وَأنتَ الذي رَبّيْتَ ذا المُلْكِ مُرْضَعاً
وَلَيسَ لَهُ أُمٌّ سِواكَ وَلا أبُ
وَكنتَ لَهُ لَيْثَ العَرِينِ لشِبْلِهِ
وَمَا لكَ إلاّ الهِنْدُوَانيّ مِخْلَبُ
لَقِيتَ القَنَا عَنْهُ بنَفْسٍ كريمَةٍ
إلى الموْتِ في الهَيجا من العارِ تهرُبُ
وَقد يترُكُ النّفسَ التي لا تَهابُهُ
وَيَخْتَرِمُ النّفسَ التي تَتَهَيّبُ
وَمَا عَدِمَ اللاقُوكَ بَأساً وَشِدّةً
وَلَكِنّ مَنْ لاقَوْا أشَدُّ وَأنجَبُ(46/9)
ثنَاهم وَبَرْقُ البِيضِ في البَيض صَادقٌ
عليهم وَبَرْقُ البَيض في البِيض خُلَّبُ
سَلَلْتَ سُيوفاً عَلّمتْ كلَّ خاطِبٍ
على كلّ عُودٍ كيفَ يدعو وَيخطُبُ
وَيُغنيكَ عَمّا يَنسُبُ النّاسُ أنّهُ
إلَيكَ تَنَاهَى المَكرُماتُ وَتُنسَبُ
وَأيُّ قَبيلٍ يَسْتَحِقّكَ قَدْرُهُ
مَعَدُّ بنُ عَدنانٍ فِداكَ وَيَعرُبُ
وَمَا طَرَبي لمّا رَأيْتُكَ بِدْعَةً
لقد كنتُ أرْجُو أنْ أرَاكَ فأطرَبُ
وَتَعْذُلُني فيكَ القَوَافي وَهِمّتي
كأنّي بمَدْحٍ قَبلَ مَدْحِكَ مُذنِبُ
وَلَكِنّهُ طالَ الطّريقُ وَلم أزَلْ
أُفَتّش عَن هَذا الكَلامِ وَيُنْهَبُ
فشَرّقَ حتى ليسَ للشّرْقِ مَشرِقٌ
وَغَرّبَ حتى ليسَ للغرْبِ مَغْرِبُ
إذا قُلْتُهُ لم يَمْتَنِعْ مِن وُصُولِهِ
جِدارٌ مُعَلًّى أوْ خِبَاءٌ مُطَنَّبُ
العصر العباسي >> المتنبي >> منى كن لي أن البياض خضاب
منى كن لي أن البياض خضاب
رقم القصيدة : 5465
-----------------------------------
مُنًى كُنّ لي أنّ البَياضَ خِضابُ
فيَخفَى بتَبييضِ القُرونِ شَبَابُ
لَيَاليَ عندَ البِيضِ فَوْدايَ فِتْنَةٌ
وَفَخْرٌ وَذاكَ الفَخْرُ عنديَ عابُ
فكَيْفَ أذُمُّ اليَوْمَ ما كنتُ أشتَهي
وَأدْعُو بِمَا أشْكُوهُ حينَ أُجَابُ
جلا اللّوْنُ عن لوْنٍ هدى كلَّ مسلكٍ
كمَا انجابَ عن ضَوْءِ النّهارِ ضَبابُ
وَفي الجسْمِ نَفسٌ لا تَشيبُ بشَيْبِهِ
وَلَوْ أنّ مَا في الوَجْهِ منهُ حِرَابُ
لهَا ظُفُرٌ إنْ كَلّ ظُفْرٌ أُعِدُّهُ
وَنَابٌ إذا لم يَبْقَ في الفَمِ نَابُ
يُغَيِّرُ مني الدّهرُ ما شَاءَ غَيرَهَا
وَأبْلُغُ أقصَى العُمرِ وَهيَ كَعابُ
وَإنّي لنَجْمٌ تَهْتَدي صُحبَتي بِهِ
إذا حالَ مِنْ دونِ النّجومِ سَحَابُ
غَنيٌّ عَنِ الأوْطانِ لا يَستَخِفُّني
إلى بَلَدٍ سَافَرْتُ عنهُ إيَابُ
وَعَنْ ذَمَلانِ العِيسِ إنْ سامَحتْ بهِ
وَإلاّ فَفي أكْوَارِهِنّ عُقَابُ
وَأصْدَى فلا أُبْدي إلى الماءِ حاجَةً(46/10)
وَللشّمسِ فوقَ اليَعمَلاتِ لُعابُ
وَللسرّ مني مَوْضِعٌ لا يَنَالُهُ
نَديمٌ وَلا يُفْضِي إلَيْهِ شَرَابُ
وَللخَوْدِ منّي ساعَةٌ ثمّ بَيْنَنَا
فَلاةٌ إلى غَيرِ اللّقَاءِ تُجَابُ
وَمَا العِشْقُ إلاّ غِرّةٌ وَطَمَاعَةٌ
يُعَرّضُ قَلْبٌ نَفْسَهُ فَيُصَابُ
وَغَيرُ فُؤادي للغَوَاني رَمِيّةٌ
وَغَيرُ بَنَاني للزّجَاجِ رِكَابُ
تَرَكْنَا لأطْرَافِ القَنَا كُلَّ شَهْوَةٍ
فَلَيْسَ لَنَا إلاّ بهِنّ لِعَابُ
نُصَرّفُهُ للطّعْنِ فَوْقَ حَوَادِرٍ
قَدِ انْقَصَفَتْ فيهِنّ منهُ كِعَابُ
أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سابحٍ
وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ
وَبَحْرُ أبي المِسْكِ الخِضَمُّ الذي لَهُ
عَلى كُلّ بَحْرٍ زَخْرَةٌ وَعُبابُ
تَجَاوَزَ قَدْرَ المَدْحِ حتى كأنّهُ
بأحْسَنِ مَا يُثْنى عَلَيْهِ يُعَابُ
وَغالَبَهُ الأعْداءُ ثُمّ عَنَوْا لَهُ
كمَا غَالَبَتْ بيضَ السّيوفِ رِقابُ
وَأكْثرُ مَا تَلْقَى أبَا المِسْكِ بِذْلَةً
إذا لم تَصُنْ إلاّ الحَديدَ ثِيَابُ
وَأوْسَعُ ما تَلقاهُ صَدْراً وَخَلْفَهُ
رِمَاءٌ وَطَعْنٌ وَالأمَامَ ضِرَابُ
وَأنْفَذُ ما تَلْقَاهُ حُكْماً إذا قَضَى
قَضَاءً مُلُوكُ الأرْضِ مِنه غِضَابُ
يَقُودُ إلَيْهِ طاعَةَ النّاسِ فَضْلُهُ
وَلَوْ لم يَقُدْهَا نَائِلٌ وَعِقَابُ
أيَا أسَداً في جِسْمِهِ رُوحُ ضَيغَمٍ
وَكَمْ أُسُدٍ أرْوَاحُهُنّ كِلابُ
وَيَا آخِذاً من دَهْرِهِ حَقَّ نَفْسِهِ
وَمِثْلُكَ يُعْطَى حَقَّهُ وَيُهابُ
لَنَا عِنْدَ هذا الدّهْرِ حَقٌّ يَلُطّهُ
وَقَدْ قَلّ إعْتابٌ وَطَالَ عِتَابُ
وَقَد تُحدِثُ الأيّامُ عِندَكَ شيمَةً
وَتَنْعَمِرُ الأوْقاتُ وَهيَ يَبَابُ
وَلا مُلْكَ إلاّ أنتَ وَالمُلْكُ فَضْلَةٌ
كأنّكَ سَيفٌ فيهِ وَهْوَ قِرَابُ
أرَى لي بقُرْبي منكَ عَيْناً قَريرَةً
وَإنْ كانَ قُرْباً بالبِعَادِ يُشَابُ
وَهَل نافِعي أنْ تُرْفَعَ الحُجبُ بَيْنَنا(46/11)
وَدونَ الذي أمّلْتُ مِنْكَ حِجابُ
أُقِلُّ سَلامي حُبَّ ما خَفّ عَنكُمُ
وَأسكُتُ كَيمَا لا يَكونَ جَوَابُ
وَفي النّفسِ حاجاتٌ وَفيكَ فَطَانَةٌ
سُكُوتي بَيَانٌ عِنْدَها وَخِطابُ
وَمَا أنَا بالباغي على الحُبّ رِشْوَةً
ضَعِيفُ هَوًى يُبْغَى عَلَيْهِ ثَوَابُ
وَمَا شِئْتُ إلاّ أنْ أدُلّ عَوَاذِلي
عَلى أنّ رَأيي في هَوَاكَ صَوَابُ
وَأُعْلِمَ قَوْماً خَالَفُوني فشَرّقُوا
وَغَرّبْتُ أنّي قَدْ ظَفِرْتُ وَخَابُوا
جَرَى الخُلْفُ إلاّ فيكَ أنّكَ وَاحدٌ
وَأنّكَ لَيْثٌ وَالمُلُوكُ ذِئَابُ
وَأنّكَ إنْ قُويِسْتَ صَحّفَ قارِىءٌ
ذِئَاباً وَلم يُخطىءْ فَقالَ ذُبَابُ
وَإنّ مَديحَ النّاسِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ
وَمَدْحُكَ حَقٌّ لَيسَ فيهِ كِذابُ
إذا نِلْتُ مِنكَ الوُدّ فالمَالُ هَيّنٌ
وَكُلُّ الذي فَوْقَ التّرَابِ تُرَابُ
وَمَا كُنْتُ لَوْلا أنتَ إلاّ مُهاجِراً
لَهُ كُلَّ يَوْمٍ بَلْدَةٌ وَصِحَابُ
وَلَكِنّكَ الدّنْيَا إليّ حَبيبَةً
فَمَا عَنْكَ لي إلاّ إلَيْكَ ذَهَابُ
العصر العباسي >> المتنبي >> لقد أصبح الجرذ المستغير
لقد أصبح الجرذ المستغير
رقم القصيدة : 5466
-----------------------------------
لقَدْ أصْبَحَ الجُرَذُ المُسْتَغِيرُ
أسيرَ المنَايا صَريعَ العَطَبْ
رَمَاهُ الكِنَانيُّ وَالعَامِرِيُّ
وَتَلاّهُ للوَجْهِ فِعْلَ العَرَبْ
كِلا الرّجُلَينِ اتّلَى قَتْلَهُ
فَأيُّكُمَا غَلّ حُرَّ السَّلَبْ
وَأيُّكُمَا كانَ مِنْ خَلْفِهِ
فإنّ بهِ عَضَّةٌ في الذّنَبْ
العصر العباسي >> المتنبي >> ما أنصف القوم ضبه
ما أنصف القوم ضبه
رقم القصيدة : 5467
-----------------------------------
مَا أنْصَفَ القَوْمُ ضبّهْ
وَأُمَّهُ الطُّرْطُبّهْ
وَإنّمَا قُلْتُ ما قُلْـ
ـتُ رَحْمَةً لا مَحَبّهْ
وَحيلَةً لَكَ حَتّى
عُذِرْتَ لوْ كنتَ تَأبَهْ
وَمَا عَلَيْكَ مِنَ القَتْـ
ـلِ إنّمَا هيَ ضَرْبَهْ
وَمَا عَلَيْكَ مِنَ الغَدْ(46/12)
رِ إنّمَا هيَ سُبّهْ
يَا قَاتِلاً كُلَّ ضَيْفٍ
غَنَاهُ ضَيْحٌ وَعُلْبَهْ
وَخَوْفَ كُلّ رَفِيقٍ
أبَاتَكَ اللّيْلُ جَنْبَهْ
كَذا خُلِقْتَ وَمَنْ ذا الّـ
ـذِي يُغَالِبُ رَبَّهْ
وَمَنْ يُبَالي بِذَمٍّ
إذا تَعَوّدَ كَسْبَهْ
فَسَلْ فُؤادَكَ يا ضـ
بَّ أينَ خَلّفَ عُجْبَهْ
وَإنْ يَخُنْكَ فَعَمْرِي
لَطَالَمَا خانَ صَحْبَهْ
وَكَيْفَ تَرْغَبُ فِيهِ
وَقَدْ تَبَيّنْتَ رُعْبَهْ
مَا كُنْتَ إلاّ ذُبَاباً
نَفتْكَ عَنّا مذَبّهْ
وَإنْ بَعُدْنَا قَليلاً
حَمَلْتَ رُمْحاً وَحَرْبَهْ
وَقُلْتَ لَيْتَ بكَفّي
عِنَانَ جَرْداءَ شَطْبَهْ
إنْ أوْحَشَتْكَ المَعَالي
فإنّهَا دارُ غُرْبَهْ
أوْ آنَسَتْكَ المَخَازي
فإنّهَا لَكَ نِسْبَهْ
وَإنْ عَرَفْتَ مُرَادي
تكَشّفَتْ عَنكَ كُرْبَهْ
وَإنْ جَهِلْتَ مُرَادي
فإنّهُ بِكَ أشْبَهْ
العصر العباسي >> المتنبي >> آخر ما الملك معزى به
آخر ما الملك معزى به
رقم القصيدة : 5468
-----------------------------------
آخِرُ مَا المَلْكُ مُعَزّىً بِهِ
هذا الذي أثّرَ في قَلْبِهِ
لا جَزَعاً بَلْ أنَفاً شابَهُ
أنْ يَقْدِرَ الدّهْرُ على غَصْبِهِ
لَوْ دَرَتِ الدّنْيَا بمَا عِنْدَهُ
لاستَحيَتِ الأيّامُ من عَتبِهِ
لَعَلّهَا تَحْسَبُ أنّ الذي
لَيسَ لَدَيهِ لَيسَ من حِزْبِهِ
وَأنّ مَنْ بَغدادُ دارٌ لَهُ
لَيسَ مُقيماً في ذَرَا عَضْبِهِ
وَأنّ جَدّ المَرْءِ أوْطانُهُ
مَن لَيسَ منها لَيسَ من صُلبِهِ
أخَافُ أنْ تَفْطَنَ أعْداؤهُ
فيُجْفِلُوا خَوْفاً إلى قُرْبِهِ
لا بُدّ للإنْسانِ من ضَجعَةٍ
لا تَقْلِبُ المُضْجَعَ عن جَنبِهِ
يَنسى بها ما كانَ مِن عُجْبِهِ
وَمَا أذاقَ المَوْتُ من كَرْبِهِ
نحنُ بَنُو المَوْتَى فَمَا بالُنَا
نَعَافُ مَا لا بُدّ من شُرْبِهِ
تَبْخَلُ أيْدينَا بِأرْوَاحِنَا
على زَمَانٍ هيَ من كَسْبِهِ
فَهَذِهِ الأرْوَاحُ منْ جَوّهِ
وَهَذِهِ الأجْسامُ مِنْ تُرْبِهِ(46/13)
لَوْ فكّرَ العاشِقُ في مُنْتَهَى
حُسنِ الذي يَسبيهِ لم يَسْبِهِ
لم يُرَ قَرْنُ الشّمسِ في شَرْقِهِ
فشَكّتِ الأنْفُسُ في غَرْبِهِ
يَمُوتُ رَاعي الضّأنِ في جَهْلِهِ
مِيتَةَ جَالِينُوسَ في طِبّهِ
وَرُبّمَا زَادَ على عُمْرِهِ
وَزَادَ في الأمنِ على سِرْبِهِ
وَغَايَةُ المُفْرِطِ في سِلْمِهِ
كَغَايَةِ المُفْرِطِ في حَرْبِهِ
فَلا قَضَى حاجَتَهُ طالِبٌ
فُؤادُهُ يَخفِقُ مِنْ رُعْبِهِ
أستَغْفِرُ الله لشَخْصٍ مضَى
كانَ نَداهُ مُنْتَهَى ذَنْبِهِ
وَكانَ مَنْ عَدّدَ إحْسَانَهُ
كأنّمَا أفْرَطَ في سَبّهِ
يُرِيدُ مِنْ حُبّ العُلَى عَيْشَهُ
وَلا يُريدُ العَيشَ من حُبّهِ
يَحْسَبُهُ دافِنُهُ وَحْدَهُ
وَمَجدُهُ في القبرِ مِنْ صَحْبِهِ
وَيُظْهَرُ التّذكيرُ في ذِكْرِهِ
وَيُسْتَرُ التأنيثُ في حُجْبِهِ
أُخْتُ أبي خَيرِ أمِيرٍ دَعَا
فَقَالَ جَيشٌ للقَنَا: لَبّهِ
يا عَضُدَ الدّوْلَةِ مَنْ رُكْنُها
أبُوهُ وَالقَلْبُ أبُو لُبّهِ
وَمَنْ بَنُوهُ زَينُ آبَائِهِ
كأنّهَا النّوْرُ عَلى قُضْبِهِ
فَخْراً لدَهْرٍ أنْتَ مِنْ أهْلِهِ
وَمُنْجِبٍ أصْبَحتَ منْ عَقْبِهِ
إنّ الأسَى القِرْنُ فَلا تُحْيِهِ
وَسَيْفُكَ الصّبرُ فَلا تُنْبِهِ
ما كانَ عندي أنّ بَدْرَ الدّجَى
يُوحِشُهُ المَفْقُودُ من شُهْبِهِ
حاشاكَ أن تَضْعُفَ عن حَملِ ما
تَحَمّلَ السّائِرُ في كُتْبِهِ
وَقَدْ حَمَلْتَ الثّقلَ من قَبْلِهِ
فأغنَتِ الشّدّةُ عَنْ سَحْبِهِ
يَدْخُلُ صَبرُ المَرْءِ في مَدْحِهِ
وَيَدْخُلُ الإشْفَاقُ في ثَلْبِهِ
مِثْلُكَ يَثْني الحُزْنَ عن صَوْبِهِ
وَيَستَرِدّ الدّمعَ عن غَرْبِهِ
إيمَا لإبْقَاءٍ عَلى فَضْلِهِ؛
إيمَا لتَسْليمٍ إلى رَبّهِ
وَلم أقُلْ مِثْلُكَ أعْني بِهِ
سِواكَ يا فَرْداً بِلا مُشْبِهِ
العصر العباسي >> المتنبي >> لما نسبت فكنت ابنا لغير أب
لما نسبت فكنت ابنا لغير أب
رقم القصيدة : 5469
-----------------------------------(46/14)
لمّا نُسِبْتَ فكُنْتَ ابْناً لِغَيرِ أبٍ
ثمّ اخْتُبِرْتَ فَلَمْ تَرْجعْ إلى أدَبِ
سُمّيتَ بالذّهَبيّ اليَوْمَ تَسْمِيَةً
مُشتَقّةً من ذهابِ العقلِ لا الذّهَبِ
مُلَقَّبٌ بكَ مَا لُقّبْتَ وَيْكَ بهِ
يا أيّها اللّقَبُ المُلقَى على اللّقَبِ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> يا كاعب
يا كاعب
رقم القصيدة : 547
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا كاعب الطبع الفريد
ياللي في صدقك تكذبي
يا أقدم الكيد الجديد
كيد انسجن منه نبي
يا جاريه تملك عبيد
يا مقيده تسبي سبي
القوه في ضعفك تبيد
وسلاحك الدمع اسكبي
ما يعجزك قاسي عنيد
الكهل يصبح بك صبي
ينصاد ويظن انه يصيد
ويصدقك هذا الغبي
ويظن انه الفذ الوحيد
ما يدري انك تلعبي
مسكين هالجاهل بليد
ظنك بوصله ترغبي
ان جاك اقفيتي بعيد
وان صد عنك تقربي
وان شفتي اخلاصه يزيد
في حيرتك تتقلبي
وان بان لك فجأة سعيد
من هالسعادة تغضبي
وان قلتي عني لا تحيد
وطاوعك ....... تستغربي
وان قلتي فراقك أريد
وغاب عنك تندبي
ياطالب الراي السديد
يا حاير بطبع الظبي
أقرب من حبال الوريد
وابعد من المجد الأبي
وأوضح من أنوارٍ تقيد
واخفى من النملة دبي
الشك فيها والأكيد
وغموضها به تختبي
شف فعلها يحكي ويعيد
الغدر شيمة مذهبي
زادي النكد به استزيد
والمكر صافي مشربي
البعض ينصاني مجيد
والبعض يحبيلي حبي
ضعفي قوي وذلي عتيد
يا ليت اعرف مأربي
شف فعلها برجلٍ شديد
تلقى طلبك ومطلبي
تعطيه بعض اللي يريد
وتاخذ جميع اللي تبي
أستثني من هذا القصيد
كل النساء بكوكبي
العصر العباسي >> المتنبي >> لحا الله وردانا وأما اتت به
لحا الله وردانا وأما اتت به
رقم القصيدة : 5470
-----------------------------------
(لَحَا اللهُ ورَدَانا وأمًّا اتَتْ بِهِ
لهُ كَسْبُ خِنْزِيرٍ وخُرْطومُ ثَعْلَبِ)
(فَمَا كانَ فِيهِ الغَدْرُ إلاَّ دَلالَةً
عَلى أنَّهُ فِيهِ مِنَ الأُمّ والأَبِ)(46/15)
(إذا كَسَبَ الإنْسانُ مِنْ هَنِ عِرْسِهِ
فيا لُؤْمَ إنْسانٍ وَيا لُؤْمَ مَكْسَبِ)
(أهَدَا اللُّذيَّا بِنْتُ وَرْدَانَ بنْتُهُ
هُمَا الطَّالبانِ الرّزْقَ مِن شَرّ مَطْلبِ)
العصر العباسي >> المتنبي >> أنصر بجودك ألفاظا تركت بها
أنصر بجودك ألفاظا تركت بها
رقم القصيدة : 5471
-----------------------------------
أُنْصُرْ بجُودِكَ ألْفاظاً ترَكتُ بها
في الشّرْقِ والغرْبِ من عاداك مكبوتا
لَنَا مَلِكٌ لا يَطْعَمُ النّومَ هَمُّهُ
مَمَاتٌ لِحَيٍّ أوْ حَياةٌ لمَيّتِ
فقد نَظَرْتُكَ حتى حانَ مُرْتَحَلي
وذا الوَداعُ فكُنْ أهْلاً لِما شِيتا
وَيكْبُرُ أنْ تَقْذَى بشَيْءٍ جُفُونُهُ
إذا ما رَأتْهُ خَلّةٌ بِكَ فَرّتِ
جَزَى الله عَني سَيْفَ دَوْلَةِ هاشِمٍ
فإنّ نَدَاهُ الغَمْرَ سَيْفي وَدَوْلَتي
العصر العباسي >> المتنبي >> فدتك الخيل وهى مسومات
فدتك الخيل وهى مسومات
رقم القصيدة : 5473
-----------------------------------
فَدَتْكَ الخَيْلُ وَهْىَ مُسَوَّماتٌ
وبَيِضُ الهِنْدِ وَهْىَ مُجَرَّدَاتُ
فَدَتْكَ الخَيلُ وهيَ مُسَوَّماتُ
وبِيضُ الهِنْدِ وهيَ مُجَرَّداتُ
وَصَفْتُكَ في قَوافٍ سائِراتٍ
وقَدْ بَقِيَتْ وإنْ كثرَتْ صِفاتُ
أفاعِيلُ الوَرَى مِنْ قَبْلُ دُهْمٌ
وفِعْلُكَ في فِعالِهِم شِيَاتُ
وَصَفْتُكَ في قَوَافٍ سائِرَاتٍ
وَقَدْ بَقَيِتْ وَإنْ كَثُرَتْ صِفاتُ
وأسْوَدَ أمّا القَلْبُ مِنْهُ فَضَيّقٌ
نَخِيبٌ وَأمّا بَطْنُهُ فَرَحِيبُ
أفاعيِلُ الوَرَى مِنْ قَبْلُ دُهْمٌ
وَفِعْلُكَ فيِ فِعِالِهِمُ شِياتُ
يَمُوتُ بهِ غَيظاً على الدهرِ أهْلُهُ
كمَا ماتَ غَيظاً فاتكٌ وَشَبِيبُ
إذا ما عَدِمتَ الأصْلَ وَالعقلَ والنّدى
فَمَا لحَيَاةٍ في جَنَابِكَ طِيبُ
وَعَبْدُهُ كالمُوَحِّدِ اللّهَا
وفي انصِرافي إلى مَحَلّي
العصر العباسي >> المتنبي >> سرب محاسنه حرمت ذواتها
سرب محاسنه حرمت ذواتها
رقم القصيدة : 5474(46/16)
-----------------------------------
سِرْبٌ مَحاسِنُهُ حُرِمتُ ذَوَاتِها
داني الصّفاتِ بَعيدُ مَوْصوفاتِهَا
أوْفَى فكُنْتُ إذا رَمَيْتُ بمُقلَتي
بَشَراً رأيتُ أرَقَّ مِن عَبَراتِهَا
يَسْتَاقُ عيسَهُمُ أنيني خَلفَها
تَتَوَهّمُ الزّفَراتِ زَجرَ حُداتِهَا
وكأنّها شَجَرٌ بَدَتْ لَكِنّهَا
شَجَرٌ جَنَيتُ الموْتَ من ثمَراتِهَا
لا سِرْتِ مِن إبلٍ لوَانّي فَوْقَها
لمَحَتْ حرارَةُ مَدمَعيّ سِماتِهَا
وحمَلتُ ما حُمّلتِ من هذي المَها
وحَملتِ ما حُمّلتُ من حسراتِها
إنّي على شَغَفي بِما في خُمْرِها
لأعِفُّ عَمّا في سَرابِيلاتِهَا
وتَرَى المُرُوّةَ والفُتُوّةَ والأبُوّ
ةَ فيّ كُلُّ مَليحَةٍ ضَرّاتِهَا
هُنّ الثّلاثُ المانِعاتي لَذّتي
في خَلْوَتي لا الخَوْفُ من تَبِعاتِهَا
ومَطالِبٍ فيها الهَلاكُ أتَيْتُها
ثَبْتَ الجَنانِ كأنّني لم آتِهَا
ومَقانِبٍ بمَقانِبٍ غادَرْتُهَا
أقْوَاتَ وَحْشٍ كُنّ من أقواتِهَا
أقْبَلْتُها غُرَرَ الجِيادِ كأنّما
أيْدي بَني عِمرانَ في جَبَهاتِهَا
ألثّابِتينَ فُرُوسَةً كَجُلُودِها
في ظَهْرِها والطّعنُ في لَبّاتِهَا
ألعارِفِينَ بها كَما عَرَفَتْهُمُ
والرّاكِبِينَ جُدودُهُمْ أُمّاتِهَا
فكأنّما نُتِجَتْ قِياماً تَحْتَهُمُ
وكأنّهُمْ وُلِدوا على صَهَواتِهَا
إنّ الكِرامَ بِلا كِرامٍ مِنْهُمُ
مِثْلُ القُلوبِ بلا سُوَيداواتِهَا
تِلْكَ النّفُوسُ الغالِباتُ على العُلى
والمَجْدُ يَغْلِبُها على شَهَواتِهَا
سُقِيتْ مَنابتُها التي سقَتِ الوَرَى
بنَدَى أبي أيّوبَ خيرِ نَبَاتِهَا
لَيسَ التّعَجّبُ من مَواهِبِ مالِه
بَلْ مِنْ سَلامَتِها إلى أوْقاتِهَا
عَجَباً لهُ حَفِظَ العِنانَ بأُنْمُلٍ
ما حِفْظُها الأشياءَ مِنْ عاداتِهَا
لوْ مرّ يَرْكضُ في سُطورِ كتابَةٍ
أحْصَى بحافِرِ مُهْرِهِ مِيماتِهَا
يَضَعُ السّنانَ بحيثُ شاءَ مُجاوِلاً
حتى مِنَ الآذانِ في أخْراتِهَا(46/17)
تَكْبو وراءَكَ يابنَ أحمدَ قُرَّحٌ
لَيْسَتْ قَوائِمُهُنّ مِنْ آلاتِهَا
رِعَدُ الفَوارِسِ مِنكَ في أبْدانِها
أجرَى من العَسَلانِ في قَنَواتِهَا
لا خَلْقَ أسمَحُ منكَ إلاّ عارِفٌ
بك راءَ نَفسَكَ لم يقلْ لك هاتِهَا
غَلِتَ الذي حَسَبَ العُشورَ بآيَةٍ
تَرْتيلُكَ السُّوراتِ مِنْ آياتِهَا
كَرَمٌ تَبَيّنَ في كَلامِكَ مَاثِلاً
ويَبِينُ عِتْقُ الخَيلِ في أصواتِهَا
أعْيَا زَوالُكَ عَن مَحَلٍّ نِلْتَهُ
لا تَخْرُجُ الأقمارُ عن هالاتِهَا
لا نَعذُلُ المرَضَ الذي بك شائِقٌ
أنتَ الرّجالَ وشائِقٌ عِلاّتِهَا
فإذا نَوَتْ سَفَراً إلَيْكَ سَبَقْنَها
فأضَفْتَ قَبلَ مُضافِهَا حالاتِهَا
ومَنازِلُ الحُمّى الجُسومُ فقُلْ لنا
ما عُذرُها في تَرْكِها خَيراتِهَا
أعْجَبْتَها شَرَفاً فَطالَ وُقُوفُها
لِتأمُّلِ الأعضاءِ لا لأذاتِهَا
وبَذَلْتَ ما عَشِقَتْهُ نَفسُك كلّه
حتى بذَلْتَ لهَذِهِ صِحّاتِهَا
حقُّ الكواكبِ أن تعودَكَ من عَلٍ
وتَعُودَكَ الآسادُ مِنْ غاباتِهَا
والجِنُّ من سُتَراتِها والوَحشُ من
فَلَواتِها والطّيرُ منْ وُكَناتِهَا
ذُكرَ الأنامُ لَنا فكانَ قَصيدَةً
كُنتَ البَديعَ الفَرْدَ مِنْ أبياتِهَا
في النّاسِ أمثِلَةٌ تَدورُ حَياتُها
كَمماتِها ومَماتُها كَحَياتِهَا
فاليَوْمَ صِرْتُ إلى الذي لوْ أنّهُ
مَلَكَ البَرِيّةَ لاستَقَلّ هِباتِهَا
مُستَرْخَصٌ نَظَرٌ إلَيهِ بما بهِ
نَظَرَتْ وعَثْرَةُ رِجْلِهِ بدِياتِهَا
العصر العباسي >> المتنبي >> لهذا اليوم بعد غد أريج
لهذا اليوم بعد غد أريج
رقم القصيدة : 5475
-----------------------------------
لهذا اليَومِ بَعْدَ غَدٍ أرِيجُ
وَنَارٌ في العَدُوّ لهَا أجيجُ
تَبِيتُ بهَا الحَواضِنُ آمِنَاتٍ
وَتَسْلَمُ في مَسالِكِهَا الحَجيجُ
فلا زَالَت عُداتُكَ حَيْثُ كانَت
فَرائِسَ أيُّهَا الأسَدُ المَهيجُ
عَرَفْتُكَ والصّفُوفُ مُعَبّآتٌ
وَأنْتَ بغَيرِ سَيفِكَ لا تَعيجُ(46/18)
وَوَجْهُ البَحْرِ يُعْرَفُ مِن بَعيدٍ
إذا يَسْجُو فكَيفَ إذا يَمُوجُ
بأرضٍ تَهْلِكُ الأشْواطُ فيهَا
إذا مُلِئَت من الرّكْضِ الفُرُوجُ
تحاوِلُ نَفْسَ مَلْكِ الرّومِ فيهَا
فَتَفْدِيهِ رَعِيّتُهُ العُلُوجُ
أبِالغَمَراتِ تُوعِدُنَا النَّصارَى
ونحنُ نُجُومُهَا وَهيَ البُرُوجُ
وَفِينَا السّيْفُ حَمْلَتُهُ صَدُوقٌ
إذا لاقَى وغارَتُهُ لَجُوجُ
نُعَوّذُهُ مِنَ الأعْيَانِ بَأساً
وَيَكْثُرُ بالدّعاءِ لَهُ الضّجيجُ
رَضِينَا والدُّمُسْتُقُ غَيرُ رَاضٍ
بمَا حكَمَ القَوَاضِبُ والوَشيجُ
فإنْ يُقْدِمْ فَقَد زُرنَا سَمَنْدُو
وَإن يُحْجِمْ فمَوعِدُنَا الخَليجُ
العصر العباسي >> المتنبي >> بأدنى ابتسام منك تحيا القرائح
بأدنى ابتسام منك تحيا القرائح
رقم القصيدة : 5476
-----------------------------------
بأدْنَى ابْتِسَامٍ مِنْكَ تحيَا القَرَائِحُ
وَتَقوَى من الجسْمِ الضّعيفِ الجَوارحُ
وَمَن ذا الذي يَقضِي حقُوقَكَ كلّها
وَمَن ذا الذي يُرْضي سوَى من تُسامحُ
وَقَدْ تَقبَلُ العُذْرَ الخَفيُّ تكرَّماً
فَما بالُ عُذْري واقِفاً وَهوَ وَاضحُ
وَإنّ مُحالاً إذْ بكَ العَيشُ أنْ أُرَى
وَجِسمُكَ مُعتَلٌّ وجِسميَ صالحُ
وَما كانَ تَرْكُ الشّعرِ إلاّ لأنّهُ
تُقَصّرُ عَن وَصْفِ الأميرِ المَدائحُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أنا عين المسود الجحجاح
أنا عين المسود الجحجاح
رقم القصيدة : 5477
-----------------------------------
أنَا عَينُ المُسَوَّدِ الجَحْجَاحِ
هَيّجَتْني كِلابُكُمْ بالنُّباحِ
أيَكُونُ الهجانُ غَيرَ هِجانٍ
أمْ يكونُ الصُّراحُ غيرَ صُراحِ
جَهِلُوني وإنْ عَمَرْتُ قَليلاً
نَسَبَتْني لهُمْ رُؤوسُ الرّماحِ
العصر العباسي >> المتنبي >> جللا كما بي فليك التبريح
جللا كما بي فليك التبريح
رقم القصيدة : 5478
-----------------------------------
جَلَلاً كمَا بي فَلْيَكُ التّبْريحُ(46/19)
أغِذاءُ ذا الرّشإِ الأغَنّ الشّيحُ
لَعِبَتْ بمَشيَتِهِ الشَّمولُ وغادرَتْ
صَنَماً منَ الأصنامِ لَوْلا الرّوحُ
ما بالُهُ لاحَظْتُهُ فتَضَرّجَتْ
وَجنَاتُهُ وفُؤادِيَ المَجْرُوحُ
وَرَمَى وما رَمَتَا يَداهُ فَصابَني
سَهْمٌ يُعَذِّبُ والسّهامُ تُريحُ
قَرُبَ المَزَارُ ولا مَزارَ وإنّما
يَغدو الجَنانُ فَنَلْتَقي ويَرُوحُ
وفَشَتْ سَرائرُنا إلَيكَ وشَفّنا
تَعريضُنا فبَدا لَكَ التّصريحُ
لمّا تَقَطّعَتِ الحُمُولُ تَقَطّعَتْ
نَفْسِي أسًى وكأنّهُنّ طُلُوحُ
وَجَلا الوَداعُ من الحَبيبِ مَحاسِناً
حُسْنُ العَزاءِ وقد جُلينَ قَبيحُ
فَيَدٌ مُسَلِّمَةٌ وطَرْفٌ شاخِصٌ
وحَشاً يَذوبُ ومَدْمَعٌ مَسفُوحُ
يجدُ الحَمامُ ولوْ كوَجدي لانْبَرَى
شَجَرُ الأراكِ مَعَ الحَمامِ يَنُوحُ
وأمَقَّ لوْ خَدَتِ الشّمالُ براكِبٍ
في عَرْضِهِ لأناخَ وَهْيَ طَليحُ
نازَعْتُهُ قُلُصَ الرّكابِ ورَكْبُها
خَوْفَ الهَلاكِ حُداهُمُ التّسبيحُ
لَوْلا الأميرُ مُساوِرُ بنُ مُحَمّدٍ
ما جُشّمَتْ خَطَراً وَرُدّ نَصِيحُ
ومتى وَنَتْ وأبُو المُظَفَّرِ أمُّها
فأتاحَ لي وَلَها الحِمامَ مُتِيحُ
شِمْنا وما حُجِبَ السّماءُ بُرُوقَهُ
وحَرًى يَجُودُ وما مَرَتْهُ الرّيحُ
مَرْجُوُّ مَنْفَعَةٍ مَخُوفُ أذِيّةٍ
مَغْبُوقُ كأسِ مَحامِدٍ مَصبوحُ
حَنِقٌ على بِدَرِ اللُّجَينِ وما أتَتْ
بإساءَةٍ وعَنِ المُسِيءِ صَفُوحُ
لَوْ فُرّقَ الكَرَمُ المُفَرِّقُ مالَهُ
في النّاسِ لم يَكُ في الزّمانِ شَحيحُ
ألْغَتْ مَسامِعُهُ المَلامَ وغادَرَتْ
سِمَةً على أنْفِ اللّئَامِ تَلُوحُ
هذا الذي خَلَتِ القُرُونُ وذِكْرُهُ
وحَديثُهُ في كُتْبِها مَشْرُوحُ
ألْبابُنا بِجَمَالِهِ مَبْهُورَةٌ
وسَحابُنا بِنَوالِهِ مَفضُوحُ
يَغشَى الطّعانَ فَلا يَرُدّ قَنَاتَهُ
مكسُورَةً ومِنَ الكُماةِ صَحيحُ
وعلى التّرابِ منَ الدّماءِ مَجاسِدٌ
وعلى السّماءِ منَ العَجاجِ مُسُوحُ(46/20)
يَخْطُو القَتيلَ إلى القَتيلِ أمَامَهُ
رَبُّ الجَوادِ وخَلْفَهُ المَبْطُوحُ
فمَقيلُ حُبّ مُحبّه فَرِحٌ بِهِ
ومَقيلُ غَيظِ عَدُوِّهِ مَقْرُوحُ
يُخْفي العَداوَةَ وهيَ غَيرُ خَفِيّةٍ
نَظَرُ العَدُوّ بِمَا أسَرّ يَبُوحُ
يا ابنَ الذي ما ضَمّ بُرْدٌ كابنِهِ
شَرَفاً ولا كالجَدّ ضَمّ ضَريحُ
نَفْديكَ من سَيْلٍ إذا سُئِلَ النّدَى
هَوْلٍ إذا اخْتَلَطا دَمٌ ومَسيحُ
لَوْ كُنتَ بحراً لم يكُنْ لكَ ساحِلٌ
أو كنتَ غَيثاً ضاقَ عنكَ اللُّوحُ
وخَشيتُ منكَ على البِلادِ وأهلِها
ما كانَ أنذَرَ قَوْمَ نُوحٍ نُوحُ
عَجْزٌ بِحُرٍّ فَاقَةٌ وَوَراءَهُ
رِزْقُ الإل?هِ وبابُكَ المَفْتُوحُ
إنّ القَرِيضَ شَجٍ بِعطْفي عائِذٌ
من أنْ يكونَ سَوَاءَكَ المَمْدوحُ
وذَكيّ رائحَةِ الرّياضِ كَلامُها
تَبْغي الثّنَاءَ على الحَيَا فَتَفُوحُ
جُهْدُ المُقِلّ فكَيفَ بابنِ كَريمَةٍ
تُوليهِ خَيراً واللّسانُ فَصيحُ
العصر العباسي >> المتنبي >> جارية ما لجسمها روح
جارية ما لجسمها روح
رقم القصيدة : 5479
-----------------------------------
جاريَةٌ ما لجِسْمِها رُوحُ
بالقَلبِ مِنْ حُبّها تَباريحُ
في كَفّها طاقَةٌ تُشِيرُ بهَا
لكُلّ طِيبٍ مِنْ طيبِها رِيحُ
سأشرَبُ الكأْسَ عن إشارَتِها
ودَمعُ عَيني في الخَدِّ مَسفوحُ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> يا محاكي الصم
يا محاكي الصم
رقم القصيدة : 548
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا محاكي الصم .. مجهودك سُدى
مُنصت ٍ للبكم إنصات ٍ شديد
يا مدور في الظلالات الهُدى
منتظر ابليس عن غيه يحيد
منتظر تلقى رفيق ٍ في العِدا
عاري ٍ تبغى الدفى وسط الجليد
باحث ٍ عن عز ابطى ما بتدى
باحث ٍ في هالمتاحف عن جديد
منتظر منقذ يبادر بالندا
يهزم الأعدا وحقك يستعيد
منتظر منهو يعينك بالفدا
انتظرت سنين ما جا ماتريد
عالي ٍ صوت العرب أحدث صدى
شجب وإستنكار تنديد و وعيد(46/21)
حطموا هذا العدو اللي اعتدا
بالقمم أو بالخطب أو بالقصيد
يا مدور عن مثال ٍ يقتدى
لا تدور مسك في وسط الصديد
انفظ غبار الأماني ما غدا
للأماني حظ في سوق العبيد
كل وقت له نهايات ومدى
ما يجي أبطال في الوقت البليد
ما ينول المجد من يخشى الردى
في قريب الوقت والا في البعيد
كل سيف ٍ ما يجرد للصدا
كل مجد ٍ ما يجدد مايفيد
الخبر يصبح خبر بالمبتدا
والمعالي دانيه للي يريد
وكل يوم يحاك ثوب ويرتدى
وكل يوم يكفّن ويقبر فقيد
وكل مافي الكون زايل ماعدا
وجه ربك مالك الملك المجيد
يا محاكي الصم صرخاتك سُدى
لا تأذن وسط أوثان الحديد
العصر العباسي >> المتنبي >> يقاتلني عليك الليل جدا
يقاتلني عليك الليل جدا
رقم القصيدة : 5480
-----------------------------------
يُقاتِلُني عَلَيْكَ اللّيْلُ جِدّاً
ومُنصَرَفي لَهُ أمضَى السّلاحِ
لأنّي كُلّما فارَقْتَ طَرْفي
بَعيدٌ بَينَ جَفْني والصّباحِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أباعث كل مكرمة طموح
أباعث كل مكرمة طموح
رقم القصيدة : 5481
-----------------------------------
أباعِثَ كُلّ مَكْرُمَةٍ طَمُوحِ
وفارِسَ كُلّ سَلْهَبَةٍ سَبوحِ
وطاعِنَ كلّ نَجْلاءٍ غَمُوسٍ
وعاصِيَ كلّ عَذّالٍ نَصِيحِ
سَقاني الله قَبلَ المَوْتِ يَوْماً
دَمَ الأعداءِ من جوْفِ الجُرُوحِ
العصر العباسي >> المتنبي >> وطائرة تتبعها المنايا
وطائرة تتبعها المنايا
رقم القصيدة : 5482
-----------------------------------
وطائِرَةٍ تَتَبّعُهَا المَنَايَا
على آثارِها زَجِلُ الجَنَاحِ
كأنّ الرّيشَ منهُ في سِهَامٍ
على جَسَدٍ تَجَسّمَ من رِياحِ
كأنّ رُؤوسَ أقْلامٍ غِلاظٍ
مُسِحنَ برِيشِ جُؤجؤهِ الصِّحاحِ
فأقْعَصَها بحُجْنٍ تَحْتَ صُفْرٍ
لهَا فِعْلُ الأسِنّةِ والصِّفَاحِ
فقُلتُ لكُلّ حَيٍّ يَوْمُ سُوءٍ
وإنْ حَرصَ النّفُوسُ على الفَلاحِ
العصر العباسي >> المتنبي >> ما سدكت علة بمورود
ما سدكت علة بمورود(46/22)
رقم القصيدة : 5483
-----------------------------------
مَا سَدِكَتْ عِلّةٌ بمَوْرُودِ
أكْرَمَ مِنْ تَغْلِبَ بنِ داوُدِ
يأنَفُ مِنْ مِيتَةِ الفِراشِ وَقَدْ
حَلّ بِهِ أصْدَقُ المَوَاعيدِ
وَمِثْلُهُ أنْكَرَ المَمَاتَ عَلى
غَيرِ سُرُوجِ السّوابِحِ القُودِ
بَعْدَ عِثَارِ القَنَا بلَبّتِهِ
وَضَرْبِهِ أرْؤسَ الصّنَاديدِ
وَخَوْضِهِ غَمْرَ كُلّ مَهْلَكَةٍ
للذِّمْرِ فيها فُؤادُ رِعْديدِ
فإنْ صَبَرْنَا فَإنّنَا صُبُرٌ
وَإنْ بَكَيْنَا فَغَيْرُ مَرْدودِ
وَإنْ جَزِعْنَا لَهُ فَلا عَجَبٌ
ذا الجَزْرُ في البَحْرِ غَيرُ مَعهُودِ
أينَ الهِبَاتُ التي يُفَرّقُهَا
على الزَّرَافَاتِ وَالمَوَاحِيدِ
سالِمُ أهْلِ الوِدادِ بَعْدَهُمُ
يَسْلَمُ للحُزْنِ لا لِتَخْليدِ
فَمَا تَرَجّى النّفوسُ مِنْ زَمَنٍ
أحْمَدُ حالَيْهِ غَيرُ مَحْمُودِ
إنّ نُيُوبَ الزّمَانِ تَعْرِفُني
أنَا الذي طالَ عَجْمُها عُودي
وَفيّ ما قَارَعَ الخُطُوبَ ومَا
آنَسَني بالمَصائِبِ السُّودِ
ما كُنْتَ عَنْهُ إذِ اسْتَغاثَكَ يا
سَيْفَ بَني هاشِمٍ بمَغْمُودِ
يا أكْرَمَ الأكْرَمينَ يا مَلِكَ الـ
ـأمْلاكِ طُرّاً يا أصْيَدَ الصِّيدِ
قَدْ ماتَ مِنْ قَبْلِها فَأنْشَرَهُ
وَقْعُ قَنَا الخَطّ في اللّغاديدِ
وَرَمْيُكَ اللّيْلَ بالجُنُودِ وَقَدْ
رَمَيْتَ أجْفانَهُمْ بتَسْهيدِ
فَصَبّحَتْهُمْ رِعَالُهَا شُزَّباً
بَينَ ثُباتٍ إلى عَبَادِيدِ
تَحْمِلُ أغْمادُهَا الفِداءَ لَهُمْ
فانْتَقَدُوا الضّرْبَ كالأخاديدِ
مَوْقِعُهُ في فَراشِ هَامِهِمِ
وَرِيحُهُ في مَنَاخِرِ السِّيدِ
أفْنى الحَيَاةَ التي وَهَبْتَ لَهُ
في شَرَفٍ شَاكِراً وَتَسْوِيدِ
سَقيمَ جِسْمٍ صَحيحَ مَكْرُمَةٍ
مَنجُودَ كَرْبٍ غِياثَ مَنجُودِ
ثُمّ غَدَا قَيْدهُ الحِمَامَ وَمَا
تَخْلُصُ مِنْهُ يَمينُ مَصْفُودِ
لا يَنقُصُ الهالِكُونَ مِنْ عَدَدٍ
مِنْهُ عَليٌّ مُضَيِّقُ البِيدِ(46/23)
تَهُبّ في ظَهْرِهَا كَتائِبُهُ
هُبُوبَ أرْواحِهَا المَراوِيدِ
أوّلَ حَرْفٍ مِنِ اسمِهِ كَتَبَتْ
سَنَابِكُ الخَيلِ في الجَلاميدِ
مَهْمَا يُعَزِّ الفَتى الأميرَ بِهِ
فَلا بإقْدامِهِ وَلا الجُودِ
وَمِنْ مُنَانَا بَقَاؤهُ أبَداً
حَتى يُعَزّى بكُلّ مَوْلُودِ
العصر العباسي >> المتنبي >> عواذل ذات الخال في حواسد
عواذل ذات الخال في حواسد
رقم القصيدة : 5484
-----------------------------------
عَوَاذِلُ ذاتِ الخَالِ فيّ حَوَاسِدُ
وَإنّ ضَجيعَ الخَوْدِ منّي لمَاجِدُ
يَرُدّ يَداً عَنْ ثَوْبِهَا وَهْوَ قَادِرٌ
وَيَعصي الهَوَى في طَيفِها وَهوَ راقِدُ
متى يَشتفي من لاعجِ الشّوْقِ في الحشا
مُحِبٌّ لها في قُرْبِه مُتَبَاعِدُ
إذا كنتَ تخشَى العارَ في كلّ خَلْوَةٍ
فَلِمْ تَتَصَبّاكَ الحِسانُ الخَرائِدُ
ألَحّ عَليّ السّقْمُ حتى ألِفْتُهُ
وَمَلّ طَبيبي جانِبي وَالعَوائِدُ
مَرَرْتُ على دارِ الحَبيبِ فحَمْحمتْ
جَوادي وهل تُشجي الجيادَ المعاهدُ
وما تُنكِرُ الدّهْمَاءُ مِن رَسْمِ منزِلٍ
سَقَتها ضَريبَ الشَّوْلِ فيهِ الوَلائِدُ
أهُمّ بشَيْءٍ واللّيَالي كأنّهَا
تُطارِدُني عَنْ كَوْنِهِ وَأُطارِدُ
وَحيدٌ مِنَ الخُلاّنِ في كلّ بَلْدَةٍ
إذا عَظُمَ المَطلُوبُ قَلّ المُساعِدُ
وَتُسْعِدُني في غَمرَةٍ بَعدَ غَمْرَةٍ
سَبُوحٌ لهَا مِنهَا عَلَيْهَا شَوَاهِدُ
تَثَنّى عَلى قَدْرِ الطّعانِ كَأنّمَا
مَفَاصِلُهَا تَحْتَ الرّماحِ مَرَاوِدُ
وَأُورِدُ نَفْسِي والمُهَنّدُ في يَدي
مَوَارِدَ لا يُصْدِرْنَ مَن لا يُجالِدُ
وَلَكِنْ إذا لمْ يَحْمِلِ القَلْبُ كفَّهُ
على حَالَةٍ لم يَحْمِلِ الكَفَّ ساعِدُ
خَليلَيّ إنّي لا أرَى غيرَ شاعِرٍ
فَلِمْ منهُمُ الدّعوَى ومني القَصائِدُ
فَلا تَعْجَبَا إنّ السّيُوفَ كَثيرَةٌ
وَلكِنّ سَيفَ الدّوْلَةِ اليَوْمَ واحِدُ
لهُ من كَريمِ الطبعِ في الحرْبِ مُنتضٍ(46/24)
وَمن عادةِ الإحسانِ والصّفحِ غامِدُ
وَلمّا رَأيتُ النّاسَ دونَ مَحَلِّهِ
تَيَقّنْتُ أنّ الدّهْرَ للنّاسِ نَاقِدُ
أحَقُّهُمُ بالسّيْفِ مَن ضَرَبَ الطُّلى
وَبالأمْنِ مَن هانَتْ عليهِ الشّدائدُ
وَأشقَى بلادِ الله ما الرّومُ أهلُها
بهذا وما فيها لمَجدِكَ جَاحِدُ
شَنَنْتَ بها الغاراتِ حتى تَرَكْتَها
وَجَفنُ الذي خَلفَ الفَرنْجةِ ساهِدُ
مُخَضَّبَةٌ وَالقَوْمُ صَرْعَى كأنّهَا
وَإنْ لم يكونوا ساجِدينَ مَساجِدُ
تُنَكّسُهُمْ والسّابِقاتُ جِبالُهُمْ
وَتَطْعَنُ فيهِمْ وَالرّماحُ المَكايدُ
وتَضربهم هبراً وَقد سكنوا الكُدَى
كما سكَنَتْ بطنَ الترابِ الأساوِدُ
وتُضحي الحصون المشمخرّاتُ في الذرَى
وَخَيْلُكَ في أعْنَاقِهِنَّ قَلائِدُ
عَصَفْنَ بهمْ يَوْمَ اللُّقَانِ وَسُقنَهم
بهِنريطَ حتى ابيَضّ بالسبيِ آمِدُ
وَألحَقنَ بالصّفصَافِ سابورَ فانهَوَى
وَذاقَ الرّدَى أهلاهُما وَالجَلامِدُ
وَغَلّسَ في الوَادي بهِنّ مُشَيَّعٌ
مُبارَكُ ما تحتَ اللّثَامَينِ عابِدُ
فَتًى يَشْتَهي طُولَ البلادِ وَوَقْتُهُ
تَضِيقُ بِهِ أوْقاتُهُ وَالمَقَاصِدُ
أخُو غَزَواتٍ مَا تُغِبُّ سُيُوفُهُ
رِقابَهُمُ إلاّ وَسَيْحانُ جَامِدُ
فلَم يَبقَ إلاّ مَنْ حَمَاهَا من الظُّبى
لمَى شَفَتَيْها وَالثُّدِيُّ النّوَاهِدُ
تُبَكّي علَيهِنّ البَطاريقُ في الدّجَى
وَهُنّ لَدَينا مُلقَياتٌ كَوَاسِدُ
بذا قضَتِ الأيّامُ ما بَينَ أهْلِهَا،
مَصائِبُ قَوْمٍ عِندَ قَوْمٍ فَوَائِدُ
وَمن شرَفِ الإقدامِ أنّكَ فيهِمِ
على القَتلِ مَوْمُوقٌ كأنّكَ شَاكِدُ
وَأنّ دَماً أجرَيْتَهُ بكَ فَاخِرٌ
وَأنّ فُؤاداً رُعْتَهُ لكَ حَامِدُ
وَكلٌّ يَرَى طُرْقَ الشّجاعَةِ والنّدى
وَلكِنّ طَبْعَ النّفْسِ للنّفسِ قائِدُ
نَهَبْتَ منَ الأعمارِ ما لَوْ حَوَيْتَهُ
لَهُنّئَتِ الدّنْيَا بأنّكَ خَالِدُ
فأنْتَ حُسامُ المُلْكِ وَالله ضَارِبٌ
وَأنْتَ لِواءُ الدّينِ وَالله عَاقِدُ(46/25)
وَأنتَ أبو الهَيْجا بنُ حَمدانَ يا ابنهُ
تَشَابَهَ مَوْلُودٌ كَرِيمٌ وَوَالِدُ
وحَمدانُ حمدونٌ وَحمدونُ حارثٌ
وَحارِثُ لُقْمانٌ وَلُقْمَانٌ رَاشِدُ
أُولَئِكَ أنْيابُ الخِلافَةِ كُلُّهَا
وَسَائِرُ أمْلاكِ البِلادِ الزّوائِدُ
أُحِبّكَ يا شَمسَ الزّمانِ وبَدْرَهُ
وَإنْ لامَني فيكَ السُّهَى والفَراقِدُ
وَذاكَ لأنّ الفَضْلَ عندَكَ بَاهِرٌ
وَلَيسَ لأنّ العَيشَ عندَكَ بارِدُ
فإنّ قَليلَ الحُبّ بالعَقْلِ صالِحٌ
وَإنّ كَثيرَ الحُبّ بالجَهْلِ فاسِدُ
العصر العباسي >> المتنبي >> لكل امرىء من دهره ما تعودا
لكل امرىء من دهره ما تعودا
رقم القصيدة : 5485
-----------------------------------
لكل امرىءٍ مِنْ دَهْرِهِ ما تَعَوّدَا
وعادَةُ سيفِ الدّوْلةِ الطعنُ في العدى
وَإنْ يُكذِبَ الإرْجافَ عنهُ بضِدّهِ
وَيُمْسِي بمَا تَنوي أعاديهِ أسْعَدَا
وَرُبّ مُريدٍ ضَرَّهُ ضَرَّ نَفْسَهُ
وَهادٍ إلَيهِ الجيشَ أهدى وما هَدى
وَمُستَكْبِرٍ لم يَعرِفِ الله ساعَةً
رَأى سَيْفَهُ في كَفّهِ فتَشَهّدَا
هُوَ البَحْرُ غُصْ فيهِ إذا كانَ ساكناً
على الدُّرّ وَاحذَرْهُ إذا كان مُزْبِدَا
فإنّي رَأيتُ البحرَ يَعثُرُ بالفتى
وَهذا الذي يأتي الفتى مُتَعَمِّدَا
تَظَلّ مُلُوكُ الأرْض خاشعَةً لَهُ
تُفارِقُهُ هَلْكَى وَتَلقاهُ سُجّدَا
وَتُحْيي لَهُ المَالَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا
وَيَقْتُلُ ما تحيي التّبَسّمُ وَالجَدَا
ذَكِيٌّ تَظَنّيهِ طَليعَةُ عَيْنِهِ
يَرَى قَلبُهُ في يَوْمِهِ ما ترَى غَدَا
وَصُولٌ إلى المُسْتَصْعَباتِ بخَيْلِهِ
فلَوْ كانَ قَرْنُ الشّمسِ ماءً لأوْرَدَا
لذلك سَمّى ابنُ الدُّمُستُقِ يَوْمَهُ
مَمَاتاً وَسَمّاهُ الدُّمُستُقُ موْلِدَا
سَرَيْتَ إلى جَيحانَ من أرْضِ آمِدٍ
ثَلاثاً، لقد أدناكَ رَكضٌ وَأبْعَدَا
فَوَلّى وَأعطاكَ ابْنَهُ وَجُيُوشَهُ
جَميعاً وَلم يُعطِ الجَميعَ ليُحْمَدَا(46/26)
عَرَضْتَ لَهُ دونَ الحَياةِ وَطَرْفِهِ
وَأبصَرَ سَيفَ الله منكَ مُجَرَّدَا
وَما طَلَبَتْ زُرْقُ الأسِنّةِ غَيرَهُ
وَلكِنّ قُسطَنطينَ كانَ لَهُ الفِدَى
فأصْبَحَ يَجْتابُ المُسوحَ مَخَافَةً
وَقد كانَ يجتابُ الدِّلاصَ المُسرَّدَا
وَيَمْشِي بهِ العُكّازُ في الدّيرِ تائِباً
وَما كانَ يَرْضَى مشيَ أشقَرَ أجرَدَا
وَما تابَ حتى غادَرَ الكَرُّ وَجْهَهُ
جَريحاً وَخَلّى جَفْنَهُ النّقعُ أرْمَدَا
فَلَوْ كانَ يُنْجي من عَليٍّ تَرَهُّبٌ
تَرَهّبَتِ الأمْلاكُ مَثْنَى وَمَوْحَدَا
وكلُّ امرىءٍ في الشّرْقِ وَالغَرْبِ بعده
يُعِدّ لَهُ ثَوْباً مِنَ الشَّعْرِ أسْوَدَا
هَنيئاً لكَ العيدُ الذي أنتَ عيدُهُ
وَعِيدٌ لمَنْ سَمّى وَضَحّى وَعَيّدَا
وَلا زَالَتِ الأعْيادُ لُبْسَكَ بَعْدَهُ
تُسَلِّمُ مَخرُوقاً وَتُعْطَى مُجدَّدَا
فَذا اليَوْمُ في الأيّامِ مثلُكَ في الوَرَى
كمَا كنتَ فيهِمْ أوْحداً كانَ أوْحَدَا
هوَ الجَدّ حتى تَفْضُلُ العَينُ أُختَهَا
وَحتى يكونُ اليَوْمُ لليَوْمِ سَيّدَا
فَيَا عَجَباً مِنْ دائِلٍ أنْتَ سَيفُهُ
أمَا يَتَوَقّى شَفْرَتَيْ مَا تَقَلّدَا
ومَنْ يَجعَلِ الضِّرْغامَ للصّيْدِ بازَهُ
تَصَيّدَهُ الضّرْغامُ فيما تَصَيّدَا
رَأيتُكَ محْضَ الحِلْمِ في محْضِ قُدرَةٍ
وَلوْ شئتَ كانَ الحِلمُ منكَ المُهنّدَا
وَما قَتَلَ الأحرارَ كالعَفوِ عَنهُمُ
وَمَنْ لكَ بالحُرّ الذي يحفَظُ اليَدَا
إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ
وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا
وَوَضْعُ النّدى في موْضعِ السّيفِ بالعلى
مضرٌّ كوضْع السيفِ في موضع النّدى
وَلكنْ تَفُوقُ النّاسَ رَأياً وَحِكمةً
كما فُقتَهمْ حالاً وَنَفساً وَمحْتِدَا
يَدِقّ على الأفكارِ ما أنْتَ فاعِلٌ
فيُترَكُ ما يخفَى وَيُؤخَذُ ما بَدَا
أزِلْ حَسَدَ الحُسّادِ عَنّي بكَبتِهمْ
فأنتَ الذي صَيّرْتَهُمْ ليَ حُسّدَا(46/27)
إذا شَدّ زَنْدي حُسنُ رَأيكَ فيهِمُ
ضرَبْتُ بسَيفٍ يَقطَعُ الهَامَ مُغمَدَا
وَمَا أنَا إلاّ سَمْهَرِيٌّ حَمَلْتَهُ
فزَيّنَ مَعْرُوضاً وَرَاعَ مُسَدَّدَا
وَمَا الدّهْرُ إلاّ مِنْ رُواةِ قَصائِدي
إذا قُلتُ شِعراً أصْبَحَ الدّهرُ مُنشِدَا
فَسَارَ بهِ مَنْ لا يَسيرُ مُشَمِّراً
وَغَنّى بهِ مَنْ لا يُغَنّي مُغَرِّدَا
أجِزْني إذا أُنْشِدْتَ شِعراً فإنّمَا
بشِعري أتَاكَ المادِحونَ مُرَدَّدَا
وَدَعْ كلّ صَوْتٍ غَيرَ صَوْتي فإنّني
أنَا الطّائِرُ المَحْكِيُّ وَالآخَرُ الصّدَى
تَرَكْتُ السُّرَى خَلفي لمَنْ قَلّ مالُه
وَأنعَلْتُ أفراسي بنُعْماكَ عَسجَدَا
وَقَيّدْتُ نَفْسِي في ذَرَاكَ مَحَبّةً
وَمَنْ وَجَدَ الإحْسانَ قَيْداً تَقَيّدَا
إذا سَألَ الإنْسَانُ أيّامَهُ الغِنى
وَكنتَ على بُعْدٍ جَعَلْنَكَ موْعِدَا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ألا يا غزال الثغر هل أنت منشدي
ألا يا غزال الثغر هل أنت منشدي
رقم القصيدة : 54355
-----------------------------------
ألا يا غزال الثغر هل أنت منشدي
علقت بحبل من حبال محمد
ويا هل لذاك اليوم في الدهر ليلة
تعود ولو عادت عقيما بلا غد
فألقاك فيها هادي الكأس حاديا
وحسبك من ساع بها ومغرد
ألا حبذا عاري المحاسن عاطل
محلى بأنوار الملاحة مرتد
إذا ما الأماني ما طلتني بوعدها
ذكرت له وصلا على غير موعد
وقد نام عنا الدهر حتى كأنه
غداة التقينا بات شارب مرقد
فيا حسن ذاك الوجه إذ ريع روعة
فعوذه منها بتصليبة اليد
وأولعني صرف الزمان بذمه
وكيف أذم الدهر فيه محمد
وأي زمان يستحق ملامة
أبو الفضل عنها صافح متعمد
وعند كمال الدين في كل موطن
كمال بأنوار الثناء مؤيد
تزحزح عن أوطانه طالب العلى
وأمضى الحسامين الحسام المجرد
مقيم بأوطان القلوب وداده
وليس قريبا كل من يتودد
مجدد أعمار المعالي طويلها
وساكن أكناف القوافي مخلد
وينمي إلى غرس تلوح ثماره
على دوحة يدنو جناها وتبعد(46/28)
قبيل العلى ما أنجدوا غير أنهم
أجابوا صريح المكرمات فأنجدوا
إذا ما رووارووا قلوبا صواديا
وإن أوردوا عن غمرة القصد أبعدوا
فكل حديث في السماحة مسند
إلى غير هم فهو الضعيف المفند
سعوا فاسترقوا الدهر حتى كأنما
لهم من زمانيه أمانٌ مجدد
أيا سيد الحكام هل من إصاخة
على حين لا يصغي إلى الحمد سيد
تقلدت أحكام القضاء وإنما
قضاء الليالي بعض ما تتقلد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> من منصفي من حب ظالم
من منصفي من حب ظالم
رقم القصيدة : 54356
-----------------------------------
من منصفي من حب ظالم
والحب فيه الخصم حاكم
ما كنت أدري ما الهوى
حتى بليت بغير راحم
قاسي الفؤاد يبيت في
رغد الكرى وأبيت هائم
ومن العجائب أن يرى
متيقظا في أسر نائم
يا صارمي أو ما كفى
ما في جفونك من صوارم
لاموا عليك وليس لي
سمع يعن على اللوائم
لوم الحسود على مظاهرة
العميد أبي الغنائم
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أما لو كان لحظك نصل غمدي
أما لو كان لحظك نصل غمدي
رقم القصيدة : 54357
-----------------------------------
أما لو كان لحظك نصل غمدي
لبت وثأر صرف الدهر عندي
ولو كان ابتسامتك حد عزمي
فللت نوائب الأيام وحدي
إذا للقيت عادية الليالي
على ثقة وجند هواك جندي
ولكن أنت والأيام جبش
على متخاذل الأنصار فرد
عذيري من هوى ونوى رمى بي
عنادهما على وجد ووخد
وأغيد بات متشحا بثغر
على نحر ومبتسما بعقد
أصد عذوله ويصد عني
فما أنفك من غمرات صد
وأشكو ما لقيت إلى سقام
بعينيه فلا يعدي ويعدي
متى أرجو مسالمة الليالي
وهذا موقفي من أهل ودي
ولو أني ألاقي ما ألاقي
بمجد الدين صلت بأي مجد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> في بني الأسباط ظبي
في بني الأسباط ظبي
رقم القصيدة : 54358
-----------------------------------
في بني الأسباط ظبي
مالك رق الأسود
يأسر الناس بقد
وبخد وبجيد
تنبت الأبصار في وجنته
ورد الخدود
ملق الوعد متى طالبه
اللحظ بجود(46/29)
كفلت زهرة عينيه
بإثمار الوعود
صيرفي في غرامي
في صروف ونقود
أنا في الدين حنيفي
وفي الحب يهودي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ظبي بسوق الصرف من أجله
ظبي بسوق الصرف من أجله
رقم القصيدة : 54359
-----------------------------------
ظبي بسوق الصرف من أجله
مهرت في الصرف وفي النقد
ما كنت في صيدي له طامعا
لو لم يكن إبليس من جندي
يقول والدينار في كفه
من عنده قلت له عندي
وكلتني عينه بالرضا
وانعقد الوعد على الوعد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا معشر الفتيان ما عندكم
يا معشر الفتيان ما عندكم
رقم القصيدة : 54360
-----------------------------------
يا معشر الفتيان ما عندكم
في حائم ذيد عن الورد
آلى على الخمر لا ذاقها
ما عاش إلا زمن الورد
وقد مضى الورد فهل رخصة
في أن يكون الورد من خد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا مطلعا بصدوده في لمتي
يا مطلعا بصدوده في لمتي
رقم القصيدة : 54361
-----------------------------------
يا مطلعا بصدوده في لمتي
ما غاب تحت عذاره من خده
لك عارض ألقى علي بياضه
وأغار من شعري على مسوده
وأظن خدك مذ تخوف نهبه
ضرب السياج على حديقة ورده
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> رنا بطرف مريض الجفن منكسر
رنا بطرف مريض الجفن منكسر
رقم القصيدة : 54362
-----------------------------------
رنا بطرف مريض الجفن منكسر
فمن رأى جؤذرا يلهو بآساد
جفن روى عنه ما يرويه من سقم
جسمي فصح به نقلي وإسنادي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> حملت الكرام فأكرمتني
حملت الكرام فأكرمتني
رقم القصيدة : 54363
-----------------------------------
حملت الكرام فأكرمتني
ورحت وقد حملتني الجياد
فإن ترني للمعالي مهادا
فلي من ظهور المذاكي مهاد
فلم لا أتيه على العالمين
وفوقي جواد وتحتي جواد
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> دعا ما دعى من غره النهي والأمر
دعا ما دعى من غره النهي والأمر
رقم القصيدة : 54364(46/30)
-----------------------------------
دعا ما دعى من غره النهي والأمر
فما الملك إلا ما حباك به القهر
ومن ثنت الدنيا إليه عنانها
تصرف فيما شاء عن إذنه الدهر
ومن راهن الأقدار في صهوة العلى
فلن تدرك الشعرى مداه ولا الشعر
إذا الجد أمسى دون غايته المنى
فماذا عسى أن يبلغ النظم والنثر
ولم لا يلي أسني الممالك مالك
زعيم بجيش من طلائعه النصر
ليهن دمشقا أن كرسي ملكها
حبي منك صدرا ضاق عن همه الصدر
وأنك نور الدين مذ زرت أرضها
سمت بك حتى انحط عن نسرها النسر
خطبت فلم يحجبك عنها وليها
وخطب العلى بالسيف ما دونه ستر
جلاها لك الإقبال حورية السنا
عليها من الفردوس أردية خضر
خلوب أكنت من هواك محبة
نمت فانتمت جهرا وسر الهوى جهر
فسقت إليها الأمن والعدل نحلة
فأمست ولا أسر تخاف ولا إصر
فإن صافحت يمناك منبعد هجرها
فأحلى التلاقي ما تقدمه هجر
وهل هي إلا كالحصان تمنعت
دلالا وإن عز الحيا وغلا المهر
ولكن إذا ما قستها بصداقها
فليس له قدر وليس لها قدر
هي الثغر أمسى بالكراديس عابسا
وأصبح عن باب الفراديس يفتر
على أنها لو لم تجبك إنابة
لأرهقها من بأسك الخوف والذعر
فإما وقفت الخيل ناقعة الصدى
على بردى من فوقها الورق النضر
فمن بعد ما أوردتها حومة الوغى
وأصدرتها والبيض من علق حمر
وجللتها نقعا أضاع شياتها
فلا شهبها شهب ولا شقرها شفر
علا النهر لما كاثر القصب القنا
مكاثرة في كل نحر لها نحر
وقد شرقت أجرافه بدم العدى
إلى أن جرى العاصي وضحضاحه غمر
صدعتهم صدع الزجاجة لا يد
لجابرها ما كل كسر له جبر
فلا ينتحل من بعدها الفخر دائل
فمن بارز الإبرنز كان له الفخر
ومن بز أنطاكية من مليكها
أطاعته ألحاظ المؤللة الخزر
أخو الليث لولا غدرة نزعت به
إلى الذئب إن الذئب شيمته الغدر
أتى رأسه ركضا وغودر شلوه
وليس سوى عافي النسور له قبر
وقد كان في استبقائه لك منة
هي الفتك لو لم تغضب البيض والسمر
كما أهدت الأقدار للقمص أسره(46/31)
وأسعد قرن من حواه لك الأسر
طغى وبغى عدوا على غلوائه
فأوبقه الكفران عداوة والكفر
وألقت بأيديها إليك حصونه
ولو لم تجب طوعا لجاء بها القسر
وأمست عزاز كاسمها بك عزة
تشق على النسرين لو أنها الوكر
فسر واملأ الدنيا ضياء وبهجة
فبالأفق الداجي إلى ذا السنافقر
كأني بهذا العزم لا فل حده
وأقصاه بالأقصى وقد قضي الأمر
وقد أصبح البيت المقدس طاهرا
وليس سوى جاري الدماء له طهر
وقد أدت البيض الحداد قروضها
فلا عهدة في عنق سيف ولا نذر
وصلت بمعراج النبي صوارم
مساجدها شفع وساجدها وتر
وإن يتيمم ساحل البحر مالكا
فلا عجب أن يملك الساحل البحر
سللت سيوفا أثكلت كل بلدة
بصاحبها حتى تخوفك البدر
إذا سار نور الدين في عزماته
فقولا لليل الإفك قد طلع الفجر
همام متى هزت مواضي سيوفه
لها ذكرا زفت له قلعة بكر
ولو لم يسر في عسكر من جنوده
لكان له من نفسه عسكر مجر
مليك سمت شم المنابر باسمه
كما زهيت تيها به الأنجم الزهر
فيا كعبة ما زال في عرصاتها
مواسم حج لا يروعها النفر
خلعت على الأيام من حلل العلى
ملابس من أعلامها الحمد والشكر
وتوجت ثغر الشام منك جلالة
تمنت لها بغداد لو أنها ثغر
فلا تفتخر مصر علينا بنيلها
فيمناك نيل كل مصر بها مصر
رددت الجهاد الصعب سهلا سبيله
ويا طالما أمسى ومسلكه وعر
وأطمعت في الإفرنج من كان بأسه
تخوف أن يعتاده منهم فكر
وأقحمت جرد الخيل أعلى حصونها
ولولاك لم يهجم على كافر كفر
ومن يدعي فيقتلك الشرك شركة
إذا لم يكن عند القوافي له ذكر
هي القانتات الحافظات فروجها
فشاهدها عدل ورائقها سحر
ولو لم يكن في فضلها وكمالها
سوى أنها من بعد عمر الفتى عمر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> هذا الذي ولدت له الأفكار
هذا الذي ولدت له الأفكار
رقم القصيدة : 54365
-----------------------------------
هذا الذي ولدت له الأفكار
وتمخضت فألا به الشعار
وجرت له خيل النهى في حلبة
وردت وصفو ضميرها المضمار
وأتت به نذر القوافي برهة(46/32)
إن القوافي وحيها إنذار
حكمت لسيفك بالممالك عنوة
حكما لعمري ما عليه غبار
يا أيها الملك المطيل نجاده
بر بدين بهديه الأبرار
يا ابن السيوف وهل فخرت بنسبة
إلا سما بك قائم وغرار
فارقت دار الملك غير مفارق
لك من علاك بكل أرض دار
في عسكر يخفي كواكب ليله
نقع فيطلعها القنا الخطار
جرار أذيال العجاج وراءه
وأمامه بك جحفل جرار
تدني لك الغايات أكبر همة
نورية همم الملوك كبار
حتى ملأت الخافقين مهابة
دانت لعظم نظامها الأقطار
وملكت سنجارا وما من بلدة
إلا تمنى أنها سنجار
وبسطت بالأموال كفا طالما
طالت بها الآمال وهي قصار
وجرت بأمداد الجياد شعابها
جري السيول وما عداك قرار
وثنى الفرات إلى يديك عنانه
والبحر ما اتصلت به الأنهار
وما ملكت رحبة مالك فتبرجت
منها لعينك كاعب معطار
جاءتك في حلل الربيع وحليها
قبل الربيع شقائق وبهار
نثرت عليك هوى القلوب محبة
وتود لو أن النجوم نثار
فأقمت كالشمس المنيرة إن نأت
عن أفقها فلها به أقمار
من كان نور الدين ثم أجنه
ليل السرى حفت به الأنوار
تدعو البلاد إليك ألسنة الظبي
فتجيبك الأنجاد والأغوار
حتى عمدت الدين يا ابن عماده
بقنا أسنتها عليه منار
وقفلت من أسفار جدك قادما
كالصبح نم بثغره الإسفار
يغشى البصائر نور وجهك بعد ما
اعتركت على قسماته الأبصار
حتى عمرت بكل قلب صدره
حين الصدور في القلوب قفار
إن تمس في حلب رياحك غضة
فلها بأنطاكية إعصار
وغدت جيادك بالشآم مقيمة
ولها بأطراف الدروب مغار
همم سبقت بها إلى مهج العدى
صرف الردى ومسيره إحضار
وأرى صياح القمص كان خديعة
فطغى وجار وليس ثم وجار
سأل الصنيعة غير محقوق بها
والخير يهدم ما بنى الختار
حتى إذا ما غبت أقدم عاثيا
إقدام من لم يدن منه قرار
أمضى السلاح على عدوك بغيه
بالغدر يطعن في الوغى الغدار
فاحسم عناد ذوي العناد بجحفل
كالليل فيه من الصفيح نهار
جند على جرد أمام صدورها
صدر عليه من اليقين صدار
قد بايع الإخلاص بيعة نصرة(46/33)
ولكل هادي أمة أنصار
ملك له من عدله ووفائه
جيش به تستفتح الأمصار
وإذا الملوك تثاقلت عن غاية
وأرادها حفت به الأقدار
وإذا انتضته إلى الثغور عزيمة
قامت مقام جنوده الأخبار
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إن الألى جمعتهم والنوى دار
إن الألى جمعتهم والنوى دار
رقم القصيدة : 54366
-----------------------------------
إن الألى جمعتهم والنوى دار
جاروا فهل أنت لي من ظلمهم جار
ساروا على أنهم قربا كبعدهم
فلست أدري أقام الحي أم ساروا
عندي على الوجد فيهم كل لائمة
وعندهم للهوى العذري أعذار
ففي الصدور صبابات وموجدة
وفي الخدور لبانات وأوطار
قد أنكر القوم من وجدي ومن حرقي
هوى تهادن فيه الماء والنار
إلام أعلن أسراري وأكتمها
وآية الشوق إعلان وإسرار
دين على عبراتي أن تقر به
وإنما غاية الإنكار إقرار
قالوا السلو سبيل اليأس بعدهم
وكيف أسلو وريح الشوق إعصار
يا صاحبي اطويا ليلي مسامرة
بمثل ما بي فللعشاق أسمار
سلا نسيم الصبا النجدي نفحته
هل عنده من ظباء الرمل أخبار
ما عرج الركب عني يوم كاظمة
إلا ودون تراقي القوم أسرار
وفي الظعائن من عدنان غانية
لها من القلب ما تهوى وتختار
غصن تنزه أن يجنى له ثمر
من الوصال وهل للبان أثمار
تعتادني خطرات من تعطفه
ودون ذلك أهوال وأخطار
وفي المقيمين بالزوراء لي سكن
كأنما طرفه للفتك عيار
ساومته نهلة من ريقه بدمي
وليس غير خفي اللحظ سمسار
فآه من سهم رام ماله أثر
ومن قتيل غرام ماله ثار
إن فاتني من زماني ما أقدره
فربما حال دون النجح مقدار
لا ذنب لي غير أقوام عرفتهم
بيني وبينهم في الفضل إنكار
وإنما النقص في حظي لتقصهم
فما علي إذا ما فاتني عار
دعني على ما بعزمي من مفللة
أغامر الهم فالأيام أغمار
فلم أكن أستثير الدهر غضبته
غلا ولي من أبي المنصور أنصار
وهي القوافي إذا تدعو لحادثة
شمس القضاة فجرف الخطب منهار
فليعد جور الليالي جار همته
فقد تقدم إعذار وإنذار(46/34)
ما يمتري الظن فيه عند نائله
إن الغمائم من كفيه تمتار
يهمي سحاب يديه وهو مبتسم
وللغزالة أنواء وأنوار
شمس لها من معالي جدها فلك
تسري به من سعود المجد أقمار
كواكب همها إدراك غايتها
من العلى والعلى للشهب مضمار
مثل الأسنة كل نال رتبته
من السنا والقنا الخطي أنظار
إذا بنوك أبا منصور انتسبوا
إلى نداك سما بالفخر تيار
عممتم المجد بالنعمى وهم بكم
بحر يمد المعاني منه أنهار
ما زلت تغلي بنات الحمد مشتريا
حتى غدوت وللأشعار أسعار
من كل فاتنة بكر ضرائرها
عون وهل يستوي عون وأبكار
فليهنك العمر الوافي الثناء به فإنما سائرات الشعر أعمار
وكلما عاد عيد النحر مقتبلا
وافى وجودك للأموال نحار
ترى العواقب من أجفان ذي فطن
يقظان يعلم أن العيش أطور
أسماؤكم في سماء المجد ثابتة
وفعلكم في بروج الحمد سيار
لا فاتني من سنا أنواركم نظر
فكل يوم أراكم فيه مختار
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> حذار منا وأنى ينفع الحذر
حذار منا وأنى ينفع الحذر
رقم القصيدة : 54367
-----------------------------------
حذار منا وأنى ينفع الحذر
وهي الصوارم لا تبقي ولا تذر
وأين ينجو ملوك الشرك من ملك
من خيله النصر لا بل جنده القدر
سلوا سيوفا كأغماد السيوف بها
صالوا فما غمدوا نصلا ولا شهروا
حتى إذا ما عماد الدين أرهقهم
في مأزق من سناه يبرق البصر
ولوا تضيق بهم ذرعا مسالكهم
والموت لا ملجأ منه ولا وزر
وفي المسافة من دون النجاة لهم
طول وإن كان في أقطارها قصر
وأصبح الدين لا عينا ولا أثرا
يخاف والكفر لا عين ولا أثر
فلا تخف بعدها الإفرنج قاطبة
فالقوم إن نفروا ألوى بهم نفر
إن قاتلوا قتلوا أو حاربوا حربوا
أو طاردوا طردوا أو حاصروا حصروا
وطالما استفحل الخطب البهيم بهم
حتى أتى ملك آراؤه غرر
والسيف مفترع أبكار أنفسهم
ومن هنالك قيل الصارم الذكر
لا فارقت ظل محيي العدل لامعة
كالصبح تطوي من الأعداء ما نشروا
ولا انثنى النصر عن أنصار دولته(46/35)
بحيث كان وإن كانوا به نصروا
حتى تعود ثغور الشام ضاحكة
كأنما حل في أكنافها عمر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> كيف قلتم ما عند عينيه ثار
كيف قلتم ما عند عينيه ثار
رقم القصيدة : 54368
-----------------------------------
كيف قلتم ما عند عينيه ثار
وبخديه من دمي آثار
لو شهدتم إعراضه وخضوعي
لم يكن في قضيتي إنكار
يا لقومي وكيف تنكر قتلي
لحظات جحودها إقرار
إن تطلبتم من الطرف والوجنة
عذري ففيهما أعذار
أو سألتم أي البديعين أذكى
جل ناري أم ذلك الجلنار
ما أراني ليلى بغير نهار
غير ليل يلوح فيه نهار
زاد إشراق وجهه بين صدغيه
وفي الليل تشرق الأقمار
لا تسلني عن الهوى فهو في الأجفان
ماء وفي الجوانح نار
ويظن العذول أن مشيبي
ضاحك عنه لمة وعذار
لم أشب غير أن نار فؤادي
ألهبت فاعتلى الدخان شرار
ولماذا أخشى الزمان وإن جار
ولي من أسامة اليوم جار
بندى من مؤيد الدولة الأروع
حبل على الوفاء مغار
ماجد لا يسوءه عدم المال
ولا يستخفه الإكثار
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> دار تغار الشمس في أفقها
دار تغار الشمس في أفقها
رقم القصيدة : 54369
-----------------------------------
دار تغار الشمس في أفقها
من حسنها والشمس مغيار
يزأر فيها ضيغم ما له
غير سيوف الهند أظفار
تمسي وتضحي وهو جار لها
والله ذو العرش له جار
لسيفه الباتر من دهره الجائر
ما يهوى ويختار
قد ملأ الأسفار من ذكره
نشر له في الروض إسفار
حمد يضوع الجو من نشره
كأنما راويه عطار
إن خطرت في قلبه خطرة
أجابها ماض وخطار
وإن دعا داعيه يوم الوغى
سيوفه لبته أقدار
كأنما صارمه مرسل
له من التأييد أنصار
يا مالك الدنيا ولكنها
دنيا لها في الدين آثار
ويا جوادا ما لآلائه
غير قضاء الحمد مضمار
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> واحربا في الثغور من بلد
واحربا في الثغور من بلد
رقم القصيدة : 54370
-----------------------------------
واحربا في الثغور من بلد(46/36)
يضحك حسنا كأنه ثغر
به قصور كأنها بيع
ناطقة في خلالها الصور
هالات طاقاتهن آهلة
يبسم عن كل هالة قمر
سوافر كلما شعرن بنا
برقعهن الحياء والخفر
من كل وجه كأن صورته
بدر ولكن ليله شعر
فهو إذا ما السلو حاربه
كان لتلك الضفائر الظفر
فيا عذولي فيهن دع كلفي
وانظر إلى الشمس هل لها طرر
وكن معيني على ذوي خدع
إن سالم القلب خادع النظر
سرت وخلفت في ديارهم
قلبا تمنيت أنه بصر
ولم أزل أغبط المقيم بهم
للقرب حتى غبطت من أسروا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أرضى اليسير وما هواك يسير
أرضى اليسير وما هواك يسير
رقم القصيدة : 54371
-----------------------------------
أرضى اليسير وما هواك يسير
أنا في الهوى غر وأنت غرير
ولو اقتصرت على حشاشة مغرم
وافاك من مأسورك الميسور
ما أذعنت لك من فؤادي طاعة
إلا وأنت على القلوب أمير
ضمنت ثناياك العذاب مخافتي
فهل الثغور الضاحكات ثغور
وعجبت كيف سهام لحظك في الحشى
ما فترت ونصالهن فتور
يضن الجفون المدنفات بسحرها
دنفي فطرفك ساحر مسحور
ما . . . . . . . . . في الهوى
قصر الملامة دمعه المقصور
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> كم بالكنائس من مبتلة
كم بالكنائس من مبتلة
رقم القصيدة : 54372
-----------------------------------
كم بالكنائس من مبتلة
مثل المهاة يزينها الخفر
من كل ساجدة لصورتها
لو ألصقت سجدت لها الصور
قديسة في حبل عاتقها
طول وفي زنارها قصر
غرس الحياء بصحن وجنتها
وردا سقى أغصانه النظر
وتكلمت عنها الجفون فلو
حاورتها لأجابك الحور
وحكت مدارعها غدائرها
فأراك ضعفي ليلة قمر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أقول لخيلي عند أبلى وماؤه
أقول لخيلي عند أبلى وماؤه
رقم القصيدة : 54373
-----------------------------------
أقول لخيلي عند أبلى وماؤه
يباري دموعي والرفاق تسير
تجاوزن عن ماء الغدير وشربه
فبين جفوني للركاب غدير
ولما ثنى طرفي اشتياقي إليكم
ولم يركم كاد الفؤاد يطير(46/37)
وكيف برؤياكم وبيني وبينكم
مهامه تثني الطرف وهو حسير
وأعجب ما ألقاه في الحب أنني
أسير وقلبي بالعراق أسير
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> اسعد بغراء عروضية
اسعد بغراء عروضية
رقم القصيدة : 54374
-----------------------------------
اسعد بغراء عروضية
ميزانها في الشعر طيار
وإن تكن جاءت بديهية
فربما أشكر مسطار
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> سطرا عذار مونق خطه
سطرا عذار مونق خطه
رقم القصيدة : 54375
-----------------------------------
سطرا عذار مونق خطه
تقرأ لي منه المعاذير
بينهما روضة ورد لها
من خالها الأسود ناطور
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> تأنق في وضعها ماهر
تأنق في وضعها ماهر
رقم القصيدة : 54376
-----------------------------------
تأنق في وضعها ماهر
تفيت البصائر أنوارها
بني في حشى الصب حمامها
وفي وجنة الحب ظيارها
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> من لقلب يألف الفكرا
من لقلب يألف الفكرا
رقم القصيدة : 54377
-----------------------------------
من لقلب يألف الفكرا
ولعين ما تذوق كرى
ولصب بالغرام قضى
ما قضى من وصلكم وطرا
ويح قلبي من هوى قمر
أنكرت عيني له القمرا
حالفت أجفانه سنة
قتلت عشاقه سهرا
يا خليلي اعذرا دنفا
يصطفي في الحب من غدرا
وذراني من ملامكما
إن لي في سلوتي نظرا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وآراء إذا شهرت ظباها
وآراء إذا شهرت ظباها
رقم القصيدة : 54378
-----------------------------------
وآراء إذا شهرت ظباها
على ليل الظبى فتقت نهاره
ومجد ند عن شعري وهمت
به الشعرى فما شقت غباره
وما للشمس أن تخفي سناها
ولا للصبح أن يطوي مناره
يحاول رزقه بنفاد رزقي
ورب جسارة عادت خساره
وإن من العجائب أن ناري
مؤججة وتلذعني شراره
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ولما أردنا متاح السرور
ولما أردنا متاح السرور
رقم القصيدة : 54379
-----------------------------------(46/38)
ولما أردنا متاح السرور
خطبنا من الماء للخمر صهرا
فزفت عروسا تريك الحباب
إن شئت عقدا وإن شئت ثغرا
إذا الماء أهدى له لونه
رأيت العقيق وقد حال درا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا هند من لأخي غرام ما جرى
يا هند من لأخي غرام ما جرى
رقم القصيدة : 54380
-----------------------------------
يا هند من لأخي غرام ما جرى
برق الثغور لطرفه إلا جرى
أبكته شيبته وهل من عارض
شمت البوارق فيه إلا أمطرا
لا تنكري وضحا لبست قتيره
ركض الزمان أثار هذا العثيرا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> عن خاطري نبأ الخيال الخاطر
عن خاطري نبأ الخيال الخاطر
رقم القصيدة : 54381
-----------------------------------
عن خاطري نبأ الخيال الخاطر
فاعجب لزورة واصل عن هاجر
لم يعد أن جعل الرقاد وسيلة
فأتى الجوانح من سواد الناظر
خاف العيون فزار في جنن الكرى
أهلا وسهلا بالحبيب الزائر
حتى إذا طلبته عيني فاتها
والطيف ألطف من شعاع الباصر
قل للرقيب دهاه برق تبسمي
فرأى سروري دون كشف سرائري
هذي ودائع من أحب مصونة
دون الترائب تحت ختم محاجري
يئس العذول فكف من غلوائه
حتى شككت أعاذ لي أم عاذري
ملك الغرام علي فضل تماسكي
فانقدت منه لطوع ناه آمر
فإذا سطوت سطوت غير المعتدي
وإذا عفوت عفوت غير القاهر
ولقد علمت على تباريح الجوى
أن السلو خراب قلب عامر
وإذا استقل عن الفؤاد قطينه
لم يبق فيه سوى محل داثر
غار الفريق فغار صبري بعده
هيهات أطلب منجدا من غائر
كالدمع دل على الهوى حتى إذا
حم الفراق منيت منه بحائر
لاموا على فرط البكاء وفقده
فدهيت من قبل الوفي الغادر
وهب المدامع أخرست أفما رأوا
سهرا يصيح على جفون الساهر
ما زلت أرقب كل نجم طالع
حتى نظرت إلى البهي الزاهر
فرأيت نجم الدين في أفق العلى
أبقى على وضح الصباح النائر
قمرا تحاماه الأفول وإن علا
حدا على فلك الكمال الدائر
يقضي فيعدل في القضاء وإن يمل
ميل السماح رأيت غبن الجائر(46/39)
حذفت أسانيد الرواة لمجده
حملا على متن الحديث السائر
فصوادق الآحاد من أخباره
نسخت وجوب العلم بالمتواتر
أقضى القضاة إذا تغلغل فكره
في شبهة والحكم حكم الظاهر
ما زال يوضح أمر كل خفية
حتى قضى بين القنا المتشاجر
قف يا منافسه وراءك صاغرا
فله التقدم كابرا عن كابر
من معشر نالوا العلى فتوزعوا
رتب الجلال على محيط دوائر
قوم إذا صدر الورى عن نسبة
ضربوا بقربى في العلى وأواصر
لا يطلعون صفاتهم وذواتهم
إلا بدور أهلة ومنابر
لبوا صريخ الحادثات بعزمة
بعثت على الأيام ثورة ثائر
وتخلصوا أسرى الزمان بأسرهم
من بين أنياب له وأظافر
حملوا الخصوص على العموم فلو فلوا
ملويه ما عثروا بجد عاثر
وسمى لمرتاد الكلام ثناؤهم
من غاية قطعت نياط الشاعر
ولذاك إن أغربت في أوصافهم
أعربت منك عن البديع الناضر
يا أيها النجم الذي حركاته
مترددات في بروج خواطري
أنت الذي إما سما كشف العمى
وإذا ارجحن أتى بنوء ماطر
ولأنت من بسط الكمال يمينه
فاقسم لنفسك قسمة المستأثر
لبست بك الخلع التي ألبستها
خلعا من الشرف البهي الباهر
جاءتك مالكة القلوب كأنها
في ناظري زمن الشباب الناضر
حاكت بواكير الخريف وإنما
حاكت به حلل الربيع الباكر
فتمل منها غرة زهرية
طارت بشائرها بأيمن طائر
سعدا لواجفة الفؤاد فإنها
نقلتك منه إلى محل الناظر
ولضمر سبقت إلى غاياتها
والسبق من شيم الجواد الضامر
من كل فاتنة إذا ما أنشدت
ألقت على الأسماع مسحة ساحر
نظمت مآثركم وسير مجدها
شعري فعدت من أجل مآثري
فاتت لواحقها الجياد وأطفأت
في نقعها غرر الكلام الغائر
فتهن نهب الناهبات مظفرا
من كل من طلب العلاء بظافر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> .
.
رقم القصيدة : 54382
-----------------------------------
.
.
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لله عزمك أي سيف وغى
لله عزمك أي سيف وغى
رقم القصيدة : 54383
-----------------------------------
لله عزمك أي سيف وغى
طبعت مضاربه على القهر(46/40)
ما زفت الحرب العوان به
إلا انجلت عن معقل بكر
هل وجه نور الدين غير سنا
صدع الدجى عن خجلة البدر
ملك مهابته طليعته
أبدا أمام جيوشه تسري
كم فل كيدهم بصاعقة
شغلت قلوبهم عن الفكر
تركت حصونهم سجونهم
فالقوم قبل الأسر في أسر
عصم العواصم فهي ضاحكة
تجلو الظبي ثغرا على الثغر
وإذا سرايا خيله قفلت
نهضت سرايا الخوف والذعر
ورمى القلاع بمثل جندلها
حتى استكان الصخر بالصخر
يا سائلي عن نهج سيرته
هل غير مفرق هامة الفجر
عدل حقيق من تأمله
أن يحيي العمرين بالذكر
وشهامة في الله خالصة
عقدت عليه تمائم الأجر
وندى يد ماضر واردها
ألا يبيت مجاور البحر
هذا المخيم في ذرى حلب
وثناؤه أبدا على ظهر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أتراك عن وتر وعن وتر
أتراك عن وتر وعن وتر
رقم القصيدة : 54384
-----------------------------------
أتراك عن وتر وعن وتر
ترمي القلوب بأسهم النظر
كيف السبيل إلى طلاب دمي
والثأر عند معاقل الحور
هي وقعة الحدق المراض فمن
جرح جبار أو دم هدر
تمضي العزائم حيث لا وزر
وتفل دون معاقد الأزر
يا صاح راجع نظرة أمما
فقد اتهمت على المها بصري
بكرت تطاعننا لواحظها
فتنوب أعيننا عن الثغر
وتري مباسمها معاصمها
مجلوة في لؤلؤ الثغر
يا لائم العشاق إنهم
ليرون ذنبك غير مغتفر
أو ما علمت بأنها صور
جادت بأنفسها على الصور
ومدامة كالنار مطفئها
غرض لها ترميه بالشرر
يجري الحباب على زجاجتها
والتبر خير مراكب الدرر
كالجمر تلفح كف حاملها
فتظنه منها على خطر
والكأس والساقي إذا اقترنا
فانظر إلى المريخ والقمر
عذلا على طربي بجائرة
لولا مجير الدين لم تجر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> في طاعة الحب ما أنفقت من عمري
في طاعة الحب ما أنفقت من عمري
رقم القصيدة : 54385
-----------------------------------
في طاعة الحب ما أنفقت من عمري
وفي سبيل الهوى ما شاب من شعري
طال الوقوف على ضحضاح نائلكم
وغلة الصدر بين الورد والصدر(46/41)
كم قد أمات الهوى شوقي وأنشره
عن يأس منتظر أو وعد منتظر
من شاقه البرق نجديا فبي شغف
كم شاقه لثغور الشام من ثغر
قل للبراقع إن النقب ما برحت
حتى استرقت فؤادي رقة الخصر
وهل أراني نجوم الشيب طالعة
إلا الشموس اللواتي غبن في الحجر
بمهجتي وبصحبي كل آنسة
تبيت نافرة مني ومن نفري
وما يريب الغواني من ذوي كلف
عفوا فعفوا طريق الطيف بالسهر
أما ترى سنة الأقمار مشرقة
في لمتي فبياض الليل للقمر
هبني أخلص جسمي من معذبه
فمن يخلص قلبي من يدي نظري
فيا نسيم الخزامى هب لي سحرا
لعل نشرك مطوي على خبر
واحذر لسان دموعي أن تنم به
فإن سري من دمعي على خطر
إذا المقاصد عنت سامعا أخذت
على طريق إلى الأفهام مختصر
خود يسرك منها أنها أبدا
مقيمة وهي في الدنيا على سفر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أين مضاء الصارم الباتر
أين مضاء الصارم الباتر
رقم القصيدة : 54386
-----------------------------------
أين مضاء الصارم الباتر
من لحظات الفاتن الفاتر
وأين ما يؤثر عن بابل
من فعل هذا الناظر الساحر
ظبي إذا لوح منه الهوى
بواصل صرح عن هاجر
يوهمني في قوله باطنا
والحكم محمول على الظاهر
نام وأغرى الوجد بي فانظروا
ما أولع النائم بالساهر
ثم اغتدى يقنصني نافرا
يا عجبا للقانص النافر
عاتبته في عبرتي زاجرا
خوفا على الأسرار من زاجر
فاعتذرت عيني إلى عينه
معذرة الوافي إلى الغادر
أضنى الهوى قلبي ليطوي به
مسافة البين على ضامر
وطار فانقض عليه الجوى
بكاسر الجفن على كاسر
وقهوة تحسب كاساتها
كواكبا في فلك دائر
رعت بها ليل الهوى فانجلى
عن شمس هذا الزمن الناضر
وأبعد الأخطار تقريبها
مؤيد الدولة من خاطري
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أما وكأس تشف عن ثغر
أما وكأس تشف عن ثغر
رقم القصيدة : 54387
-----------------------------------
أما وكأس تشف عن ثغر
يبسم عجبا بوردتي خفر
يحميهما صارم مضاربه
من كحل والفرند من حور
لقد عصيت الملام في رشأ(46/42)
ملكه القلب طاعة البصر
تنافس الخيزران قامته
لينا ولونا في اللمس والنظر
دقة كشح وبرد مرتشف
فوا غرامي بالخصر والخصر
وذي سهام تصمي بغير يد
على قسي ترمي بلا وتر
وكيف تخطي القلوب مرهفة
تراش بين القضاء والقدر
نوافذ تنهر الفتوق دما
ولا ترى للجراح من أثر
يا مسهري واصلا ومجتنبا
والصب ما بين ليلتي سهر
إذ لا ترى العين فرق بينهما
إلا بطول السهاد والقصر
لا عذل فيك بات لي سمرا
يا حبذا العذل فيك من سمر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أبرق في الثغور من الثغور
أبرق في الثغور من الثغور
رقم القصيدة : 54388
-----------------------------------
أبرق في الثغور من الثغور
وفي نحر العدو من النحور
وإن تجمع مباسمها عقودا
ففي أفواهها ما في الصدور
على أردافها قضبان بان
تميس بفاتنات اللحظ حور
إذا انتصبت فأقطار الدراري
وإن مالت فأفلاك البدور
فلو منطقتها بحلى يديها
جرت تلك الخصور على الخصور
سمعن بمن سكن بيوت شعر
فأبرزن المحاسن في الشعور
وأمرحن النواظر في وجوه
منزهة الخدود عن الخدور
تريك الحسن غير مبرقعات
ألا ما في البراقع من غرور
فلو خادعت طرفك لم تعرج
به إلا على قمر منير
فدعني من مغازلة البوادي
فلي شغل بسكان القصور
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إن كان لا بد من السكر
إن كان لا بد من السكر
رقم القصيدة : 54389
-----------------------------------
إن كان لا بد من السكر
فمن يدي خمارة الجسر
خمارة تطلع من نحرها
جمارة بيضاء من نحر
تمسي فتمسي الراح في راحها
تهدي سنا الشمس إلى البدر
حتى إذا دارت على شربها
ألحاظها أغنت عن الخمر
ما زرتها إلا وباتت يدي
أولى من الزنار بالخصر
وبت أسقى من جنى ريقها
كأسا من الثغر على الثغر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> كلما خالسته نظري
كلما خالسته نظري
رقم القصيدة : 54390
-----------------------------------
كلما خالسته نظري
رد جفنيه على حور
وا بلائي من مفوقة
ليس ترمي القلب عن وتر(46/43)
كيف لا تصمي وأسهمها
واقعات من يد القدر
بأبي من في عمامته
قمر في هالة القمر
يا عديل النفس محتملا
ونزيل الطرف في الحضر
أنت من هذا المحل وذا
أبدا في رحلتي سفر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أقمت فلم يقض المقام لبانة
أقمت فلم يقض المقام لبانة
رقم القصيدة : 54391
-----------------------------------
أقمت فلم يقض المقام لبانة
وسرت وقلبي عنكم غير سائر
أسائل أعلام السماوة عنكم
فيخبرني عن بعدكم عجز ناظري
فلما رأيت الوجد ليس بنافعي
زجرت فؤادي عنكم بالزواجر
وأنشر مني لوعة القلب صاحبي
فأسبل ماء الدمع بين المحاجر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ألا كم ترامت بالس بمسافر
ألا كم ترامت بالس بمسافر
رقم القصيدة : 54392
-----------------------------------
ألا كم ترامت بالس بمسافر
وكم حافر أدميت يا دير حافر
وبين قباب المنجبين مجبة
أبت أن ترى إلا بأجفان ساهر
وعند الفرات من يمين ابن مالك
فرات ندى لا يختطى بالمعابر
إذا أوجه الفتيان غارت مياهها
فوجه علي ماؤه غير غائر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إلا يكن قد هويته بشرا
إلا يكن قد هويته بشرا
رقم القصيدة : 54393
-----------------------------------
إلا يكن قد هويته بشرا
فإنه فتنة على البشر
واحربا من بياض وجنته
تراكضت فيه ظلمة الشعر
حين تبدى سواد عارضه
كما تبدى الكسوف بالقمر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أجرني يا وهيب وهب حياتي
أجرني يا وهيب وهب حياتي
رقم القصيدة : 54394
-----------------------------------
أجرني يا وهيب وهب حياتي
لخال فوق وجنتك اليسار
بدا كبقية الند المعلى
رماها قابس في وسط نار
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ماذا بأطراف الثغر
ماذا بأطراف الثغر
رقم القصيدة : 54395
-----------------------------------
ماذا بأطراف الثغر
من بارق على ثغر
وما بأنطاكية
من بشر يسبي البشر
وكم بها من فتنة
تلقاك في ألف قمر
من ظبية تأنيثها(46/44)
ينظر من عيني ذكر
وأغيد تذكيره
له من العين الحور
حتى إذا أجلت في
تلك الديارات النظر
لم تر إلا صورا
ساجدة إلى صور
سبحان من أبدعها
جند القضاء والقدر
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أين عزي من روحتي بعزاز
أين عزي من روحتي بعزاز
رقم القصيدة : 54396
-----------------------------------
أين عزي من روحتي بعزاز
وجوازي على الظباء الجوازي
واليعافير ساحبات المغافير
علينا كالربرب المجتاز
بعيون كالمرهفات المواضي
وقدود مثل القنا الهزاز
ونحور تقلدت بثغور
ريقها ذوب سكر الأهواز
ووجوه لها نبوة حسن
غير أن الإعجاز في الأعجاز
كل خمصانة ثنت طرف الزنار
من تكة على هواز
ذات خصر يكاد يخفى على الفارس
منه مواقع المهماز
لاحظتني فانقض منها على قلبي
طرف له قوادم باز
وسبتني لها ذوائب شعر
عقدتها تاجا على أبرواز
من معيني على بنات بني الأصفر
غزوا فإنني اليوم غاز
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إذا دفعت إلى قوم تعاشرهم
إذا دفعت إلى قوم تعاشرهم
رقم القصيدة : 54397
-----------------------------------
إذا دفعت إلى قوم تعاشرهم
فلا تكن ناسيا ما يذكر الناس
رتب لكل امرىء ممن تجالسه
نوعا من الخلق إن الخلق أجناس
والق الندامى ولو في كل عاشرة
إن الكياسة من أشراطها الكاس
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> بدينك يا قس بربارة
بدينك يا قس بربارة
رقم القصيدة : 54398
-----------------------------------
بدينك يا قس بربارة
وما بت تتلوه في الحندس
أجرني من الصور الناطقات
متى قمن حولك في مدرس
إذا هن أقبلن وقت الصلاة
في كل لون من الأطلس
وجالت مناطق أوساطها
وضاقت بها حلل السندس
وأجلسها ثقل أردافها
فيالي من ذلك المجلس
فلولا التحرج من ملتي
طلعت عليهن في برنس
وقمت ألحن قداسهن
غير بليد ولا أخرس
ولم تك فرسانها في الطعان
بأشجع مني ولا أفرس
ألا حبذا ما استثار الهوى
بتلك الكنائس من كنس
ترى كل فاتنة وجهها
معرى بشمس الضحى مكتس(46/45)
تكاد التماثيل من حسنه
تفور بناطقة الأنفس
فرنجية ساكن عقدها
وزنارها قلق المجلس
إذا قبلت صورة أقبلت
عليها بناظرها الأشوس
فيا ليتني عندها دمية
تراني ولا ريب في ملمسي
فأقسم لو أنني أستطيع
تحولت صورة مرجرجس
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ضحكت تباشير الصباح كأنها
ضحكت تباشير الصباح كأنها
رقم القصيدة : 54399
-----------------------------------
ضحكت تباشير الصباح كأنها
قسمات نور الدين خير الناس
المشتري العقبى بأنفس قيمة
والبائع الدنيا بغير مكاس
وسرى دعاء الخلق يحرس نفسه
إن الدعاء يعد في الحراس
راض الخطوب الصم بعد جماحها
وألان من قلب الزمان القاسي
وأعاد نور الحق في مشكاته
وأقام وزن العدل بالقسطاس
واختار مجد الدين سائس ملكه
فحمى الرياسة منه طود راسي
فهو الخبير بكل داء معظل
يأسو جراح زماننا ويواسي
وأذل سلطان النفاق بعزة
خضعت لها الآساد في الأخياس
وعرته أقران الخطوب فصدها
ألوى يمارسها أشد مراس
ولو أن فيض النيل فائض فضله
لم تفتقر مصر إلى مقياس
سكنت شعب الدهر بعد تخمط
وألنت من عطفيه بعد شماس
وفتحت باب الحظ بعد رتاجه
وأذنت للأطماع بعد الياس
حتى منحت الخلق كل مسرة
فالناس في عرس من الأعراس
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أميمة لو شهدت وقد مررنا
أميمة لو شهدت وقد مررنا
رقم القصيدة : 54400
-----------------------------------
أميمة لو شهدت وقد مررنا
بأخطار السماوة ما نقاسي
إذا لعلمت ويحك أن قلبا
يحن إليك فيها غير قاس
ولما أن مررت بجو راج
على عجل ذكرت أبا فراس
وقد أخذ الكرى من صاحبيه
وجار عليهما حكم النعاس
فواسى صحبه خل كريم
فوالهفي على الخل المواسي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يجري الثناء له بسودده
يجري الثناء له بسودده
رقم القصيدة : 54401
-----------------------------------
يجري الثناء له بسودده
وأخو العنان أحق بالفرس
والشكر عند المستحق له
مثل الجنى في كف مغترس(46/46)
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> بوجه معذبي آيات حسن
بوجه معذبي آيات حسن
رقم القصيدة : 54402
-----------------------------------
بوجه معذبي آيات حسن
فقل ما شئت عنه ولا تحاش
فنسخة حسنة قرئت وصحت
وها خط الكمال على الحواشي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وكيف يفوز بفضل الكمال
وكيف يفوز بفضل الكمال
رقم القصيدة : 54403
-----------------------------------
وكيف يفوز بفضل الكمال
من جعل الأكمل الأنقصا
لعمرك ما أنصف المثمرات
من يجتنيها بخبط العصا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لو كان سرك للوشاة معرضا
لو كان سرك للوشاة معرضا
رقم القصيدة : 54404
-----------------------------------
لو كان سرك للوشاة معرضا
لم أغض من دمعي على جمر الغضا
حاشى لودك في الحشى أن ينقضي
ولعهد حبك في الحشى أن ينقضا
ما خاب من أسرت مواقع طرفه
فاستنجد الصبر المحب المبغضا
خفيت على الواشي سرائر وجده
وإن استطار بها الغرام وأرمضا
وسما الرقيب له فأغمض دمعه
صون الهوى في ناظر ما أغمضا
ولربما أجرى غمام جفونه
برق أضاء له على ذات الإضا
وبملتقى الأهواء جؤذر رملة
أقبلت ذاوله عليه وأعرضا
شفع المواعد بالمطال مخافة
أن ينقضي أجل الوصال المقتضى
ألف النوى فقضيت دون لقائه
ليلا تواكبه النجوم مفضضا
حتى إذا نازلت فارس لحظه
ما زلت منه محاربا ومحرضا
في معرك نضيت جفون ظباته
عن أعين كفت الظبى أن تنتضى
يا قاتل الله النصال . . .
حدق الغواني ما أصح وأمرضا
ولكم قصرت بكل قاصر طرفه
منها طراق الليل حتى قوضا
واصلته متسرعا متمتعا
وجلوته متبسطا متقبضا
باتت تنال يدي على رغم النوى
ما يقتضى منه وما لا يقتضى
وإذا سقى فمه الرحيق مقبلا
حيا بتفاح الخدود معضضا
ما اسود في يوم الصدود فإنه
يلقاك في ليل التواصل أبيضا
هذا وكم جاريت في طلق الصبا
سلس القياد وكان صعبا ريضا
عاقرت مبهم عتبه حتى بدت
غرر الرضاء على خلال أبي الرضا
وعلى جلال الدين فرط مهابة(46/47)
محض الكمال لها الجمال وأمحضا
يزداد من كل السواد تحببا
حينا وما كل السواد مبغضا
كالبحر ما بات الرجاء مناجيا
عنه المنى إلا أطال وأعرضا
إن يهجع الوزراء لم ير عزمه
في الملك إلا ناهضا أو منهضا
أو أعرض الكرماء عنك رأيته
متصديا لك بالندى متعرضا
لو لم يكن لبنانه شيم الحيا
ما أزهر القرطاس منه وروضا
ما أعرض المعنى المعنى حيلة
إلا ثناه مصرحا ومعرضا
يعيي السعاة مراسلا ورسيله
ينضي الطروس مسودا ومبيضا
ما جاش في صدر الملطف صدره
إلا ظننت الجيش قد ملأ الفضا
تنداح دوحة مجده من معشر
ما زال طفلهم وزيرا مرتضى
شرعوا على دين السماح شريعة
حمت المحارم أن تمس وتعرضا
أمرت ونص على ابن أحمد أمرها
فوليت مردودا إليك مفوضا
فأبى ارتياحك دون ذاك حمية
أن يستباح وغيره أن يرفضا
ملك المساعي الغر لا يخشى الوفا
حاشى بناء العز أن يتقوضا
آتاك فرعا منك حلق أصله
يأبى الذي رفع السما أن يخفضا
فانهض بجدك قاطنا أو ظاعنا
واقطع بحدك مغمدا أو منتضى
لا زال عزمك في الحوادث ماضيا
كالسيف مطبوع الغرار على المضا
لهفي على زمن بقربك فاتني
يا ليتني استقبلت منه ما مضى
بل ليت شعري كيف شعري بعدما
نغضت مكامنه لديك فأنغضا
واخجلتا لسبيكة مسخوطة
إن لم تكن جليت على عين الرضا
جاءتك راكضة لو أن عنانها
يندى بهيبتها الحيا أن يركضا
كانت محجبة بفضل قناعها
حتى نضا عنها ارتفادك ما نضا
فعلى علاك تبرجت معروضة
ألا تلفعت الخفارة معرضا
ولئن أسمت الطرف في ميدانه
فلربما سبق المجل فأحمضا
أهدى لها الشرف استماعك فادعت
نسب الرضي نباهة والمرتضى
وحوت بقربك بعد غايات العلا
فقضى لها بالسبق أعدل من قضى
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أما الشباب فطيف زارني ومضى
أما الشباب فطيف زارني ومضى
رقم القصيدة : 54405
-----------------------------------
أما الشباب فطيف زارني ومضى
لما تبلج صبح الشيب معترضا
ما كان أبيض وجه الوصل حين دجا
وما أشد ظلام الهجر حين أضا(46/48)
وما وجدت الصبا في طول صحبته
إلا كما لبس الجفن الكرى ونضا
فالآن صرح شيب الرأس عن عذل
محض ولم يزو عنك النصح من محضا
فإن تبت سحب الأجفان هامية
فعن سنا بارق في عارض ومضا
ومن عجائب وجدي أنه عرض
لم يبق مني جسما يحمل العرضا
ولم يدع لي موت السر من جسدي
عرقا إذا جسه آسي الهوى نبضا
فإن يكن دل إعراض الدلال على
غير الملال فسخطي في هواك رضا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ذكرتك في حسينة والروابي
ذكرتك في حسينة والروابي
رقم القصيدة : 54406
-----------------------------------
ذكرتك في حسينة والروابي
ملفعة المناكب بالرياض
ورعن الكثب مخضر المجاني
على الغدران مترعة الحياض
وقد سئمت من السير المطايا
ومل قتودها حنق العضاض
وضاقت ساحة الأخلاق حتى
نبا الخلق الكريم عن التغاضي
وعندك أنني مع ما ألاقي
نسيتك لا وعينيك المراض
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> تجاهل صحبي أن بكيت صبابة
تجاهل صحبي أن بكيت صبابة
رقم القصيدة : 54407
-----------------------------------
تجاهل صحبي أن بكيت صبابة
علي فقالوا ما جرى قلت أدمع
وما عبر الصب الكئيب عن الجوى
بمثل لسان فوه جفن ومدمع
لي الله من قلب يواصل بثه
عشية أسباب المنى تتقطع
وقد ردت الحاجات خوف وشاتها
إلى مقلة فيها لسان ومسمع
وأسرى نعاس يمموا كعبة الندى
فهم سجد فوق المذاكي وركع
على كل نشوان العنان كأنما
جرى في وريديه الرحيق المشعشع
شكائمها معقودة بسياطها
تخال بأيدينا أراقم تلسع
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وشحنة كالهلال في ياعوا
وشحنة كالهلال في ياعوا
رقم القصيدة : 54408
-----------------------------------
وشحنة كالهلال في ياعوا
عيناه جند له وأشياع
وال وألبابنا ولا يته
ومقطع والقلوب إقطاع
إذا بدا أذعنت له حدق
وإن شدا ملكته أسماع
يجس أوتار عوده بيد
إيقاعها بالنفوس إيقاع
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> خفضي الصوت يا حمامة مقرى
خفضي الصوت يا حمامة مقرى(46/49)
رقم القصيدة : 54409
-----------------------------------
خفضي الصوت يا حمامة مقرى
هاج شوقي دعاؤك المرفوع
إنما تستثير رقة شكواك
دموعي والوجد حيث الدموع
طربت عند إلفها وشجاني
فقد إلفي فأينا المفجوع
....
....
أطلعت شمسك لما أشرقت
نور فكر كان في أسر الكمام
سفرت عن وجنتي ملثومة
تتهادى من حياء في لثام
فاشتملها برء جسم برؤه
في الأيادي كأياديك الجسام
إنما كان قتاما فانجلى
أي شمس لم تجلل بقتام
فاقتبل أفضل ما تسمى به
من علو وضياء ودوام
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يخوفني بالبعد من لا أوده
يخوفني بالبعد من لا أوده
رقم القصيدة : 54410
-----------------------------------
يخوفني بالبعد من لا أوده
ويأمرني بالعجز من لا أطيعه
وهل يفرس الضرغام لولا انتجاعه
ولو دام في عريسه دام جوعه
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أترى فوق سهما من حسام
أترى فوق سهما من حسام
رقم القصيدة : 54411
-----------------------------------
أترى فوق سهما من حسام
يا له من ضارب باللحظ رام
. . . . . . بظبى
أم جفون تتجافى عن سهام
. . . كأسي جمال علني
صفو كأس غير مفوض الختام
لحظات بت منها طافحا
أي سكر دام من أي مدام
بابليات حلال شربها
ومن الخمر حلال كحرام
وبأكناف المصلى جيرة
لا يجيرون محبا من غرام
نفر تأوي إليهم بقر
عينها راعية رعي الذمام
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> حسبي من البرحاء أني مولع
حسبي من البرحاء أني مولع
رقم القصيدة : 54412
-----------------------------------
حسبي من البرحاء أني مولع
بمهفهف أمسى بقتلي مولعا
يسبي القلوب بفاحمين تكنفا
من طرتيه للغزالة مطلعا
وفم تخال غديره مترقرقا
في نوره حوضا وروضا ممرعا
فعلى العواذل فيه ألا تنتهي
عن عذلها وعلي ألا أسمعا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لا تخدعن فما الحسام المرهف
لا تخدعن فما الحسام المرهف
رقم القصيدة : 54413
-----------------------------------(46/50)
لا تخدعن فما الحسام المرهف
إلا الذي يحويه جفن أوطف
وإذا رأيت اللحظ يعمل في الحشا
عمل الأسنة فالقوام مثقف
ويح المحب أما يخالس نظرة
إلا هفا بالقلب ظبى أهيف
بالله يا نفحات أنفاس الصبا
ما بال غصن البان لا يتعطف
يا مسكري وجدا بخمر جفونه قل لي أتلك لواحظ أم قرقف
بادر جمالك بالجميل فربما
ذوت المحاسن أو أبل المدنف
واسبق عذارك باعتذارك قبل أن
يأتي بعزل هواك منه ملطف
إن جاز أن يرث الملاحة باسمه
أحد فإنك يوسف يا يوسف
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إذا ما تأملت القوام المهفهفا
إذا ما تأملت القوام المهفهفا
رقم القصيدة : 54414
-----------------------------------
إذا ما تأملت القوام المهفهفا
تأملت سيفا بين جفنيه مرهفا
بليت بقاسي القلب لا عطف عنده
أما شيمة للغصن أن يتعطفا
وذي صلف يغريه بالتيه صمته
إذا سمته رد السلام تكلفا
وطرف تجلى عن سقامي سقامه
فهلا شفى من بات منه على شفا
أحب اقتضاء الوصل من كل هاجر
وإن مطل الدين الغريم وسوفا
وأقنع من وعد الحبيب بخلفه
ومن كلفي أن أسأل الوعد مخلفا
وما زلت موقوف الغرام على هوى
يجدد لي من عهد ظمياء ما عفا
أخا كلف لا يرهب الليل زائرا
إذا ضل نهج الحي عنه تعسفا
سقى الله أيام التهافت في الصبا
جنى كل جنان الأصائل أوطفا
ليالي أضللت الرقيب مواقفا
أغازل فيهن الغزال المشنفا
إذا بت أستجلي الحسان محاسنا
تروحت أستجلي البنان المطرفا
أودع لبي ذاهل القلب مغرما
وأودع قلبي فاتر الطرف أهيفا
تقضى الصبا إلا تذكر ما مضى
وإلا سؤالا عن زمان تسلفا
وإلا شبابا فلل الشيب حده
إذا ما هفا نحو التصابي تلهفا
وعاد علي الدهر فيما سخا به
فنغص ما أعطى وكدر ما صفا
على أنني خلفت خلفي نوائبا
كفاني مجد الدين منهن ما كفى
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا بني الصوفي زرتكم
يا بني الصوفي زرتكم
رقم القصيدة : 54415
-----------------------------------
يا بني الصوفي زرتكم
طائفا بالبيت معتكفا(46/51)
فرأيت الغيث مغترفا
من أياديكم ومعترفا
من رأى أخلاقكم أنفا
أن يرود الروضة الأنفا
ذات بهو من ألم بها
وصفا لحسنه وصفا
عاقد في الجو منطقة
لا يرى طرف لها طرفا
طال إشراقا فحين سما
توجوا هاماته شرفا
من . . . . . . إذا
طير شادروانها هتفا
مغرم بالبهو فهو متى
هف من شوق إليه هفا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ترى الإبريق يحمله أخوه
ترى الإبريق يحمله أخوه
رقم القصيدة : 54416
-----------------------------------
ترى الإبريق يحمله أخوه
كلا الظبيين يلثمه ارتشافا
يظل كمطرق في القوم يبكي
دما أو ناكس يشكو الرعافا
بكف مهفهف الكشحين ينمي
إلى الغصن اعتدالا وانعطافا
يدير الكأس من يده دهاقا
ويسقي الراح من فمه سلافا
ويهدي الورد لا من وجنتيه
فيأبى أخذه إلا قطافا
ومسمعنا الأغن إذا تغنى
خلعت على محبته العفافا
يضاعف من سرور القلب حتى
يكاد يشق للطرب الشغافا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> كم لي بأنطاكية من هوى
كم لي بأنطاكية من هوى
رقم القصيدة : 54417
-----------------------------------
كم لي بأنطاكية من هوى
لا أنثني عنه بتعفيف
إذ لا أجيل العين إلا على
جيش من الأقمار مصفوف
من كل بيضاء مسيحية
ما عندها البدر بموصوف
تجري ثناياها المآقي فما
تلحظ طرفا غير مطروف
فالعين خوف العين مصروفة
عنها وما القلب بمصروف
هذا وكم وجه كشمس الضحى
بالهيكل المكشوف مكشوف
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وقد اختصرت لك الثناء وربما
وقد اختصرت لك الثناء وربما
رقم القصيدة : 54418
-----------------------------------
وقد اختصرت لك الثناء وربما
وافاك بالمقصود صدر ملطف
هذا الحساب يفوت أوهام الورى
ويحوزه الهندي بتسعة أحرف
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أوطن القلب من هواكم فريق
أوطن القلب من هواكم فريق
رقم القصيدة : 54419
-----------------------------------
أوطن القلب من هواكم فريق
ما لصرف النوى عليه طريق(46/52)
كلما امتد بيننا أمد البين
تدانى هؤاكم الموموق
طول عهدي بكم يضاعف وجدي
وكذا يفعل الشراب العتيق
خفقت لي وللنجوم قلوب
بعدكم ما أطاعهن خفوق
حجب الدمع مقلتي فعداها
أن ترى ما يروقها ما تريق
وأرى البعد في الصبابة كالقرب
فقلبي على الزمان مشوق
ولآلي دموع عيني طواف
فلما ذا غواصهن غريق
لا يرع في يد الفراق زمان
مر لي من وصالكم مسروق
حيث غصن الشباب غض وريق
وتحايا المدام عض وريق
وغرامي لا يستدل به الطيف
ولا تهتدي إليه البروق
ومغاني دياركم مثل مغنى فيه
معنى من الهوى مطروق
والليالي مثل الغواني إذا أسفرن
لم تدر أيها المعشوق
في زمان تضاعفت لعميد الملك
في ظله علي الحقوق
لو شهدتم صبابتي لعلمتم
أن قلبي بحبكم معذوق
أو وقفتم على غلوي فيكم
قام لي عندكم بذلك سوق
رابني بعدكم زماني فلا الأيام
بيض ولا الربيع أنيق
ورأيت الرحيق يجلب همي
أفحالت عن السرور الرحيق
أسلمتني إلى الأسى فهي في الكأس
رحيق وفي فوادي حريق
وبلوت الورى قياسا إليكم
فاستمرت على قياسي فروق
وتصفحت بعدكم شيم الناس
وفيها الصريح والممذوق
يعد الدهر باللقاء فيسليني
ويروي أخباركم فيشوق
سانحات يكاد يتهم السمع
عليها قلب عليكم شفيق
ويعاطيني الغرام أفاويق
هواكم فما أكاد أفيق
غير أني أهيم شوقا إذا هب
نسيم بنشركم مفتوق
قد ملكتم قلبي وسرحتم جسمي
فواها أنا الأسير الطليق
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أرى الصوارم في الألحاظ تمتشق
أرى الصوارم في الألحاظ تمتشق
رقم القصيدة : 54420
-----------------------------------
أرى الصوارم في الألحاظ تمتشق
متى استحالت سيوفا هذه الحدق
واويلتا من عيون قلما رمقت
إلا انثنت عن قتيل ما به رمق
يا صاح دعني وما أنكرت من ولهي
بان الفريق فقلبي بعدهم فرق
أما ترى أي ليث صاده رشأ
وأي خرق دهاه شادن خرق
في معرك لذوات الدل لو شرقت
بحره أنفس العشاق ما عشقوا
من كل شمس لها من خدرها فلك
وبدر تم له من فرعه غسق
ومن كثيب تجلى فوقه قمر(46/53)
على قضيب له من حلة ورق
وغادة في وشاح يشتكي عطشا
إلى حجول بها من ريها شرق
تبسمت والنوى تبدي الجوى عجبا
من لوعة تحتها الأحشاء تحترق
وأنكرت لؤلؤ الأجفان حين طفا
منها على لجة إنسانها غرق
يا من لصب شجاه ليل صبوته
لما تبسم هذا الأبيض اليقق
متى نهته النهى حنت علاقته
إن الكريم بأيام الصبا علق
صاحبت عمري مسرورا ومكتئبا
كذلك العيش فيه الصفو والرنق
وعشت أفتح أبوابا وأغلقها
حتى سمت بي علا ما دونها غلق
فسرت مغتبق الإدلاج معتنقا
ذرى عزائم من تعريسها العنق
لا أرهب الليل حتى شاب مفرقه
وهل يخاف الدجى من شمسه أبق
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ما أطرق الجو حتى أشرق الأفق
ما أطرق الجو حتى أشرق الأفق
رقم القصيدة : 54421
-----------------------------------
ما أطرق الجو حتى أشرق الأفق
إن أغمد السيف فالصمصام يأتلق
دون الأسى منك نور الدين في حلب
مملك ينجلي عن وجهه الغسق
كنت الشقيق الشفيق الغيب حين ثوى
أراق ماء الكرى من جفنك الأرق
تلقى الأسى من لباس الصبر في جنن
حصينة تحتها الأحشاء تحترق
ومدة الأجل المحتوم إن خفيت
فإن أيامنا من دونها طرق
وإنما نحن في مضمار حلبتها
خيل إلى غاية الأعمار تستبق
شأو إذا ابتدر الأقوام غايته
كان المؤخر فيها من له السبق
إن كان صنوك هذا قد ثوى فذوى
ففي مغارسك الأثمار والورق
أو أصبحت بعده الأهواء نافرة
أيدي سبا فعلى علياك تتفق
ما غاب من غاب عن آفاق مطلعه
إلا ليفتر عن أنوارك الأفق
ما دام شمسك فينا غير آفلة
فالدين منتظم والملك متسق
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لقد فتنتني فرنجية
لقد فتنتني فرنجية
رقم القصيدة : 54422
-----------------------------------
لقد فتنتني فرنجية
نسيم العبير بها يعبق
ففي ثوبها غصن ناعم
وفي تاجها قمر مشرق
وإن تك في عينها زرقة
فإن سنان القنا أزرق
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أرض تحل الأماني في أماكنها
أرض تحل الأماني في أماكنها(46/54)
رقم القصيدة : 54423
-----------------------------------
أرض تحل الأماني في أماكنها
بحيث تجتمع الدنيا وتفترق
إذا شد الطير في أغصانها وقفت
على حدائقها الأسماع والحدق
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> رنا وكأن البابلي المصفقا
رنا وكأن البابلي المصفقا
رقم القصيدة : 54424
-----------------------------------
رنا وكأن البابلي المصفقا
ترقرق من جفنيه صرفا معتقا
ورد يدا عن ذي حباب مرنق
وحيا بها من وجنتيه مروقا
وراح وشمس الراح في غسق الدجى
تقابل منه البدر في بانة النقا
سعى في خضاب من رحيق مشعشع
ببرد رضاب ذبت منه تحرقا
ولي عبرات تستهل صبابة
عليه إذا برق الغمام تألقا
أنهنه وجدي أن يفوه بلوعتي
وكان لسان الحب بالحب أنطقا
فإما أشم عذري سعى بي مكذبا
وإن اختصم دمعي سعى بي مصدقا
فلله ما ألقاه من فيض مدمع
إذا كفكف العذال منه تدفقا
ألفت الهوى حتى حلت لي صروفه
ورب نعيم كان جالبه شقا
ألذ بما أشكوه من ألم الجوى
وأفرق إن قلبي من الوجد أفرقا
فها أنا ذو حالين أما تحرقي
فحي وأما سلوتي فلك البقا
يقول نجي الدمع رفقا بمائه
ولو رفق الحادي به لترفقا
فإن بنات الصدر ما دام في اللهى
لها مرتقى فالدمع في غير مرتقى
وردت شراب الدمع فازددت غلة
ومن ذا يعاطيك الإخاء المحققا
وأرخص شوقي في الهوى صدق خلتي
ويهدي النفاق من أراد التنفقا
سفرت لهذا الدهر عن غير شيمتي
ومن كان مأخوذا بخلق تخلقا
وأصبحت لا أرضى القوافي لمنطقي
على أن لي فيها لسانا ومنطقا
وصنت بنات الفكر عن غير أهلها
ومن ولي الحسناء صان وأشفقا
ومنيتها كفؤا تليق بمجده
فكانت بآلاء ابن أحمد أليقا
كدأبي ما كانت سهام مطالبي
لترمي هوى ما لم تجد فيه مرشقا
فزارت عفيف الدين شاكية العلى
ليمنحها محض الوداد فأصدقا
فتى خطب الزلفى فأجزل مهرها
تقى ورأى الدنيا نعيا فطلقا
أخو ثقة ولى على المال راحة
ترى أن جمع الحمد أن يتفرقا
إذا علقت أخرى النسيب بمدحه(46/55)
خروجا رأيت المدح بالسمع أعلقا
رسيل الغوادي يستهل بنانه
سماحا إذا ما رائد النجم أخفقا
تباين في حاليه سح على العلى
وأسرف في الجدوى فأثرى وأملقا
وأنفد في جمع المحامد همه
ولم يدخر إلا التلاد المفرقا
فلا مجد إلا ما به شهد الندى
ولا مال إلا ما أتاك وأنفقا
تمرس بالألوى الأبي فما وفى
وقرطس في المعنى الخفي فأغرقا
يجيل رموز الطرف من لحظاته
ويقرأ في النجوى الكلام المعلقا
رأى بيت مال الملك نهبى فأصبحت
كفايته سورا عليه وخندقا
فما سئل الإنصاف إلا أناله
ولا احتاط للسلطان إلا توثقا
أمانة مرجو الأناة مخوفها
تحلمه العدوى ويملكه التقى
كذا ما ادعى طرق السياسة صادقا
سوى من بلوناه على العجم أصدقا
رأيت بني عبد اللطيف إذا انتموا
كواكب لا ترضى سوى المجد مشرقا
أناس تجلوا في دجى كل غمة
سنا وتحلوا لؤلؤ الحمد منتقى
وصانوا علاهم عن كلام مذمم
ولم يقتنوا إلا الثناء المعشقا
إذا كسد الفضل الغريب بموسم
وسيق إلى أسواقهم كان أسوقا
شفعت مساعيهم بسعيك يا أبا الحسين
فحزت الحسنيين موفقا
وخلوا لك الغايات لا عن كلالة
ولكن تقدمت السوابق أسبقا
بقيت على رغم العدى فائت الردى
تجمع من شمل الندى ما تفرقا
ودمت لأعياد الزمان مهنأ
بكل رداح تبهر الشمس رونقا
فدونكها من مطلع الشعر مبسما
ترى معرقا في نسبة الفضل مغرقا
معاني من لم يورد السمع ماءها
تغمر منها في سراب ترقرقا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> بنتم فبان محل صبري عنكم
بنتم فبان محل صبري عنكم
رقم القصيدة : 54425
-----------------------------------
بنتم فبان محل صبري عنكم
والجسم بعد القلب أول لاحق
وتقوضت خيماتكم عن ناظري
فضربتموها في الفؤاد الوامق
فلأهدين إلى جفونكم الكرى
ولأسرين سرى الخيال الطارق
ولأقضين مناسكي من قربكم
فزيارة المعشوق حج العاشق
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> تملكتم فؤادي دون جسمي
تملكتم فؤادي دون جسمي
رقم القصيدة : 54426(46/56)
-----------------------------------
تملكتم فؤادي دون جسمي
فما أنا بالأسير ولا الطليق
وذي عذل معنى بالمعنى
يميل على الدعابة للعقوق
يحوم من الغرام على خلافي
وأين الروح من نفس الغريق
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا هلالا لاح في شفق
يا هلالا لاح في شفق
رقم القصيدة : 54427
-----------------------------------
يا هلالا لاح في شفق
أعف أجفاني من الأرق
فك قلبي يا معذبه
فهو من صدغيك في حلق
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أشبا سيوف الهند أم عيناك
أشبا سيوف الهند أم عيناك
رقم القصيدة : 54428
-----------------------------------
أشبا سيوف الهند أم عيناك
وجنى جني الورد أم خداك
مارنق المغنى الذي غادرته
قفرا وصيوب الحشا مغناك
جودي بمأمول النوال فإنني
أصبحت مفتقرا إلى جدواك
وأراك يغشاني خيالك في الكرى
أترى خيالي في الكرى يغشاك
حجبوك أم حجبوا الحياة فإنني
لأرى الحياة غداة يوم أراك
ولقد رميت فما أصابت أسهمي
ورميتني فأصابني سهماك
وعلقت في أشراككم فاصطدتني
وتعطلت عن صيدكم أشراكي
وأعرت جسمي من جفونك سقمها
فتحكمت في مهجتي عيناك
ولقد ملكت قياد قلبي طائعا
وفتكت فيه بلحظك الفتاك
أنى أحلأ عن موارد لم تزل
مبذولة السقيا لعود أراك
حوت الدلال إذا . . . لداتها
. . . الطعام . . . بالمسواك
ردي الوصال على قتيل صبابة
ما كان يسلم نفسه لولاك
سيعوذ منك إذا تراكبت المنى
بأبي الحسين لعله يكفافك
بفتى يجير المستجير إذا عري
إن كان لا يحمي اللهيف حماك
يلقى المعبس من صروف زمانه
بطلاقة المتهلل الضحاك
يتصرف العافون في أمواله
قبل السؤال تصرف الملاك
أمسكت عن مدحيه حتى إنني
أيقنت أن سيضرني إمساكي
ومدحته مستدركا ولربما
عفى على تقصيري استدراكي
قد كنت يا ابن الأكرمين ملكتني
فعساك تسمح منعما بفكاكي
رويت عليك شواهد من مدرك
للمجد قبل شواهد الإدراك
بشرت بالمجد التليد ملكته
في الناس قبل بشارة الأملاك
تقديم علمك بالإله تيقنا(46/57)
من حيث كان تأخر النساك
في المذهب الأمم الذي لا ينتهى
فيه بمعتقد إلى الإشراك
سر يفرق بين كل مصدق
بر وكل مشبه أفاك
حزت الهدى واستشعروا بضلالة
فتتيهوا في صحصح دكداك
وعلو همتك التي لم تقتنع
حتى علت بك شامخ الأفلاك
أموالهم حل وما ملك الغنى
من صرحوا بعداوة ومحاك
وكلاهما ملك لديك فخذ له
إسلامه ولهذه بهلاك
خذها سبيكة عسجد سمحت بها
أفكار صواغ لها سباك
كالوشي إلا أنها قد نزهت
في نسجها عن شيمة الحواك
كالروض أصبح ضاحكا مما امترى
جنح الأصيل له السحاب الباكي
نظم الكواكب حين ينشد نظمها
شعرى سرت متلوة بسماك
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أو ما ترى طرب الغدير
أو ما ترى طرب الغدير
رقم القصيدة : 54429
-----------------------------------
أو ما ترى طرب الغدير
إلى النسيم إذا تحرك
بل لو رأيت الماء يلعب
في جوانبه لسرك
وإذا الصبا هبت عليه
أتاك في ثوب مفرك
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أما آن أن يزهق الباطل
أما آن أن يزهق الباطل
رقم القصيدة : 54430
-----------------------------------
أما آن أن يزهق الباطل
وأن ينجز العدة الماطل
إلى كم يغب ملوك الضلال
سيف بأعناقها كافل
فلا تحفلن بصول الذئاب
وقد زأر الأسد الباسل
كذا ما انثنت قط صم الرماح
أو يتثنى القنا الذابل
هو السيف إلا تكن حاملا
لبزته بزك الحامل
وهل يمنع الدين إلا فتى
يصول انتقاما فيستاصل
أبا جعفر أشرقت دولة
أضاء لها بدرك الكامل
فإما نصبت لرفع اسمها
فإنكما الفعل والفاعل
بك انقاد جامحها المصعبي
وأخصب جانبها الماحل
ليهنك ما أفرج النصر عنه
وما ناله الملك العادل
فتوح الفتوحات نظم القناة
أعلى أنابيبها العامل
فقل للحقاق الطريق الطريق
فقد دلف المقرم البازل
وجاهد في الله حق الجهاد
محتسب بالعلى قافل
بجيش إذا أم ورد الثغور
يروى به الأسل الناهل
إذا شمر البأس عن ساقه
مضى وهو في نقعه رافل
فيا نعمة شمل الشاكرين
فضلك إفضالها الشامل
تمخض عزم لها منجب(46/58)
فيا سعد ما وضعت حامل
غداة ولا رمح دون الطعان
إلا وعقربه شائل
ولا نصل إلا له بارق
دماء الطلى تحته وابل
وقد قلدوا السيف تحصينهم
ولكنه الناصر الخاذل
وهل يمنع السور من طالع
يشايعه القدر النازل
شققتم إليها بحار الحديد
ملتطما موجه الهاطل
وخضتم غمار الردى بالردى
وعن نفسه يدفع القاتل
فإن يك فتح الرها لجة
فساحلها القدس والساحل
فهل علمت علم تلك الديار
أن المقيم بها راحل
أرى القمص يأمل فوت الرماح
ولا بد أن يضرب السابل
يقوي معاقله جاهدا
وهل عاقل بعدها عاقل
وكيف بضبط بواقي الجهات
لمن فات حسبته الحاصل
برأيك في الحرب أم لفظك
استفاد إصابته النابل
وعن حد عزمك في المشكلات
قضى فمضى الصارم القاصل
نشرت الفضائل بعد الخمول
ألا ربما نبه الخامل
وحطت البلاد على نأيها
كأنك في كلها نازل
أتعفو الممالك من حافظ
وصدرك من حفظها آهل
ولم لا تحيط بآفاقها
وفي يدك الصامت القائل
إذا ما علا الخمس في حومة
ففارس بهمتها راجل
يفيض على الطرس سحر البيان
كأن بنانته بابل
متى ترك الحمد والمرهفات
فأحمدها القاطع الواصل
بسابقة العلم فت الأنام
وهل يدرك العالم الجاهل
إذا خطب الأكرمون الثناء
فأكرم أصهارك الفاضل
أعز الكفاة وتاج العراق
من كفه بالندى حافل
تأمل مطالع هذا الكلام
وإلا فكوكبه آفل
أرى القوم تلقح آمالهم
وحالي من دونه حائل
فهل لي على البعد من قربة
يديل بها فضلك الدائل
فإن الغمام بعيد المنال
وفي كل فج له نائل
وأنت الزمان وأنت الأمان
من كل ما يفرق الذاهل
وأنت الحلي على المكرمات
فلا وصفت أنها عاطل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أقدك الغصن أم الذابل
أقدك الغصن أم الذابل
رقم القصيدة : 54431
-----------------------------------
أقدك الغصن أم الذابل
ومقلتاك الهند أم بابل
سحران هذا طاعن ضارب
وتلك فيها خبل خابل
واكبدي من فارغ لم يزل
لي من هواه شغل شاغل
ظبي متى خاتلته قانصا
رجعت والمقتنص الخاتل
لمته أم أرقم هائج(46/59)
وصدغه أم عقرب شائل
وطرفه الفاتك أم لحظه
ذا سائف طورا وذا نابل
يشرب كأسا طلعت في يد
كوكبها في قمر آفل
كأنه والجام في كفه
بدر الدجى في شفق ناهل
غصن النقا يحمل شمس الضحى
يا حبذا المحمول والحامل
أسمر كالأسمر من لحظه
له سنان جيده العامل
ملاحة بالبخل مقرونة
كل مليح أبدا باخل
إذا نأى مثله في الكرى
هواه فهو القاطع الواصل
أشكو ضنى جسمي إلى خصره
وكيف يشفي الناحل الناحل
ينكر ما ألقاه من صده
وأي فعل ماله فاعل
من لي على البعد بميعاده
وإن لواني ديني الماطل
وكيف لي بالوصل من طيفه
وذو الهوى يقنعه الباطل
أرى دماء الأسد عند الدمى
انظر من المقتول والقاتل
من كل لاهي القلب من ذاهل
به فسل أيهما الذاهل
يا صاح ما أحلى مذاق الهوى
لو كان فيه عاذل عادل
ما لي لا ألحظ عين المها
إلا دهاني سربها الخاذل
وماله ينفر من لمتي
كأنه من أسد جافل
ما زال ينسي نأيه هجره
حتى لأنسى عامه القابل
قضية جائرة مالها
غير مجير الدين مستاصل
وكيف أخشى من لطيف الحشا
ظلما وتاج الدولة الدائل
كثر حسادي حتى لقد
تنبه الهاجد والغافل
وكاد يعطي في نداه الصبا
لو أن شيبا بالندى ناصل
القائد الخيل مغافيرها
يزأر فيها الأسد الباسل
مشمر للبأس عن ساقه
والجيش في عثيره رافل
ماض فما أورد صادي القنا
إلا تروى الأسل الناهل
يناهز الأعداء من عرفه
غاز بأنفال العلى قافل
لم ينج من سطوته عاند
ولم يخب في ظله آمل
يزجي الندى حتى إذا ما اعتدى
فالدم من سطوته هاطل
ما ساجلته المزن إلا انثنى
مستحييا من طله الوابل
لا يتناهى فيض معروفه
وأي بحر ماله ساحل
سما به نابه آبائه
حين أسف النسب الخامل
وامتاز بالعلم على أهله
وهل يساوي العالم الجاهل
يا محيي العدل ويا مسرف
البذل فأنت الجائر العادل
يا أنصت الناس إلى حكمة
يقبلها من سمعه قابل
علا بك الفضل ذرى همة
عن غرة الشعرى لها كاهل
لولا سنا فضلك يجلو الدجى
ما عرف المفضول والفاضل
ولم يغامر جودك المقتفي
ولم يجانب مجدك العادل(46/60)
فهل المحامد ضامنات عنك لي
معنى على هذا البيان بيانه
وهي القوافي ما تناظر بالندى
إلا وقام بفضلها برهانه
ما كان بيت فضيلة في فارس
إلا ومن عربيتي سلمانه
فمن يكن خص بمعروفه
فأنت من إحسانه شامل
بوركت من غيث إذا ما همى
روض منه الأمل الماحل
إن هزك العزم فيا طالما
أرهف منك الصارم القاصل
سيف متى أم نفوس العدى
صمم والنصر بها كافل
فكنت كالشمس سمت إذ سمت
ونورها في أفقها ماثل
وأين ينأى من قلوب الورى
من حبه في كلها نازل
فابق حيا ينبت روض المنى
وأين من أفعالك القائل
ودم فما دمت منار الهدى
فللمعالي سنن سابل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> حين سما لي في السلو سبيل
حين سما لي في السلو سبيل
رقم القصيدة : 54432
-----------------------------------
حين سما لي في السلو سبيل
توكل بي بالآخرين وكيل
وغر ضعيف الخصر بين جفونه
من اللحظ ماضي الشفرتين كليل
له خيمة بالتل غير وخيمة
يفيء لها ظل عليه ظليل
تدافع عنه غيرة الشمس بالضحى
وللظبي في ظل الكناس مقيل
يقولون لي نوم العليل مشرد
فلم نال منه الطرف وهو كليل
يسائلني ما حاجتي وهو عالم
ورب جواب ما إليه سبيل
وأطمع منه في الوصال ودونه
دلال على الهجران منه دليل
متى سمحت عين لعان بفدية
فلا فاتني من ذا الجمال جميل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ملك المدى يوم أغر محجل
ملك المدى يوم أغر محجل
رقم القصيدة : 54433
-----------------------------------
ملك المدى يوم أغر محجل
يأتي السوابق وهو منها أول
يختال في عطفيه جو ضاحك
ويميس في طرفيه عام مقبل
جاء الربيع له بأكمل زينة
فأتاك في خلع الغمائم يرفل
من أقحوان ما جرى دمع الحيا
إلا تبسم من شقيق يخجل
وعيون نور هومت أجفانها
فسرى ينبهها النسيم المرسل
فلكل ضاحكة إذا استجليتها
ثغر بأفواه العيون يقبل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> تنوء بها يوم الخصام حلومها
تنوء بها يوم الخصام حلومها
رقم القصيدة : 54434(46/61)
-----------------------------------
تنوء بها يوم الخصام حلومها
وتغدو بها نحو الصريخ خيولها
كأن أنابيب القنا بأكفهم
قداح بأيدي اللاعبين تجيلها
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا سعد ما أحسنها شمائلا
يا سعد ما أحسنها شمائلا
رقم القصيدة : 54435
-----------------------------------
يا سعد ما أحسنها شمائلا
لو لم تكن سانحة شمائلا
ترنو إليك باعتراض مثل ما
ترنو المها تعرضت مطافلا
فوقها سوالفا وأعينا
أما ترى السيوف والحمائلا
من كل ذي دل غريب نعته
أحسن ما كان جبانا باخلا
ولم أكن أعلم قبل ختلها
أن الظباء تنصب الحبائلا
راشقة بالنبل من ألحاظها
كأن تحت كل جفن نابلا
ما اتخذت أعيننا مقاصدا
حتى أرتها المهج المقاتلا
إذا تصدى للعيون سحرها
أرتك ما بين الجفون بابلا
وإن تبارى لحظها ولفظها
قلت أبو الفضل تلا الفضائلا
من يصدر السامع عن كلامه
مصادرا من النهى حوافلا
ويذهل الناطق عن جوابه
حتى ترى كل فصيح باقلا
مناقب تأبى المساعي أن يرى
فيها كمال الدين إلا كاملا
قاضي القضاة مشرقا ومغربا
كافي الكفاة لجة وساحلا
ندب إذا استندبته داعي الندى
لبى النداء قائلا وفاعلا
قد غرس الحمد له في منطقي
فرائضا مثمرة نوافلا
لا يعرف المعروف إلا غامرا
ولا يرى الإحسان إلا شاملا
مكارم دلت على شيمته
إن لكل شيمة دلائلا
حامل كف حامل متى تضع
كانت لها أيدي الورى قوابلا
وهمة سيارة قد جعلت
منازل البدر لها منازلا
مقيمة ظاعنة كأنما
أودعها الأشعار والرسائلا
يهمي على الظمآن من سماحه
غيث تكون سحبه أناملا
وتبعث الأقلام من فطنته
مراسلا تضطهد المراسلا
وتنتضي الخطوب من عزمته
صوارما لا تعرف الصياقلا
ما ارتدف الأقوام أعجاز العلى
حتى علاها صهوة وكاهلا
ما زال للأيتام منه كافل
حتى اغتدى للمكرمات كافلا
فللقوا في ضجة ببابه
حين رأت إنصافه الأراملا
عدل على الآمال إلا أنه
مال على المال فليس عادلا
يا ماجدا ما برحت آلاؤه
فضائلا نعتدها فواضلا(46/62)
إن العطايا كالقضايا حيرة
ما لم يكن حكمك فيها الفاصلا
فعافيا يندب رسما عافيا
وسائلا لا يجتني وسائلا
وأنت من حامى الندى عن مجده
حتى ابتنى الحمد له معاقلا
وإنما بذل المعالي فرصة
من بذل النائل كان النائلا
من لم تلد حسن الثناء إنها
محمولة جاءت إليك حاملا
حاشاك أن يطوي عنها وده
من قد طوت من دونه المراحلا
مناسب نسيبها مديحها
تصاهر الأواخر الأوائلا
محامد لا كالدمى وإنما
تلك العقول اجتليت عقائلا
قليلة أمثالها كثيرة
أمثالها ما برحت مواثلا
فاسعد بها قواطنا ظواعنا
واجتلها حواليا عواطلا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا غريرا غر الفؤاد المدله
يا غريرا غر الفؤاد المدله
رقم القصيدة : 54436
-----------------------------------
يا غريرا غر الفؤاد المدله
يا عزيزا به عرفت المذله
بأبي ذلك الملاك وإن أصبح
من قتلتي على غير مله
كلما ناظر العواذل فيه
رحت من دله قوي الأدله
أيها الشادن المحرم وصلي
كيف أغفلت مقلة مستحله
وإذا كان لحظها سبب السقم
فلم قيل إنها معتله
ومن الوجد في العلاقة أني
لا أمل الصدود حتى تمله
حدثوه بعلتي وسقامي
فعسى أن يرق لي ولعله
آه ممن إذا رفعت إليه
من غرامي أدقه وأجله
رد رزنامج الشكاة وقد وقع
لي فيه صح والحمد لله
نظرا عادلا كأن عماد الدين
من لفظه عليه أمله
ألمعيا هواه عندي على البعد
مولى على فؤادي الموله
ذا يد ذائدا بها نوب الدهر
فكم ردها بأبرح غله
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أيا عاذلي في الحب مالي وللعذل
أيا عاذلي في الحب مالي وللعذل
رقم القصيدة : 54437
-----------------------------------
أيا عاذلي في الحب مالي وللعذل
ويا هاجري هل من سبيل إلى وصل
أحين استجارتك الملاحة في الهوى
بخلت كأن الحسن في ذمة البخل
لي الله من قلب تملكه الجوى
فأمسى أسيرا رهن حبل من الخبل
منيت بمثل البدر في مستقره
يريك المنال الصعب في المنظر السهل
إذا ما التقينا جال طرفي وطرفه(46/63)
فأنظر من دمع وبنظر من نصل
فيا ويح قلبي من بلاه بحبه
ومن دل ألحاظي على ذلك الدل
ويا لي من ليل طويل كهجره
وصبر ضعيف ضعف أجفانه النجل
ألفت قلاه واستطبت مطاله
وأطيب ما جاء الوصال على مطل
إذا ما الكرى أهدى إلي خياله
فيا حبذا تهويمة جمعت شملي
سلوا القمر المفتي بأن لقاءه
علي حرام كيف حل له قتلي
ويا ليلة باتت تمخض بالنوى
إلى أن تجلت وهي واضعة الحمل
نشدت فؤادا بات ينشد لبه
فجسمي بلا قلب وقلبي بلا عقل
وقالوا حباك الشيب بالحلم والنهى
ومن لي بأيام الشبيبة والجهل
ليالي أجتاب الليالي صبوة
فرامي غرامي لا يرى موقع النبل
متى ما خلا قلب المحب من الهوى
فيا لك من ربع أقام بلا أهل
ألم تر أن الشيب بين جوانحي
أقام مقام الفضل عند أبي الفضل
خليلا صفاء لا يريدان فرقة
وهل يصبر الخل الودود عن الخل
عقيد المعالي بين كفيه والندى
مواثيق عقد لا تروع بالحل
ويبسم عن ثغر يبشر بالحيا
كما بشر البرق اليماني بالوبل
دعوه كمال الدين نعتا وإنه
لأولى بأوصاف الكمال من الكل
مناقبه بين الورى مستفيضة
إذا رويت لم تعتبر صحة النقل
وكيف بإنكار المساعي عريقة
يؤيدها من بعد ما كان من قبل
وما العلم إلا سيرة شهدت بها
أسانيدها أورد فرع إلى أصل
إذا الحجب عن قاضي القضاة ترفعت
سما لك كهل الرأي في المنصب الكهل
متى ارتجل الإيجاز في صدردسته
رأيت الخطاب الفصل في ذلك الفصل
وليس جزيل الحمد إلا لمن له
دقيق معاني العلم في المنطق الجزل
غريب العلى يفتن في مكرماته
إذا ما انقضى شكل بدا بك في شكل
وجدنا ابن عبد الله أندى من الحيا
وأعلى محلا منه في الزمن المحل
يبلغ ذا الآمال قاصية المنى
على ظهر ما يعلو من العزم أو يعلي
فطورا يباريه الرجاء على النوى
وطورا تناجيه المطالب في الرحل
إليك انتضى شوقي إليك عزيمة
هي النصل تحت الليل أو سلة النصل
إذا ما اقتضى الورد الصدى صدرت بنا
على غير مهل عن موارد كالمهل
ونهج كنهج النمل في غلس الدجى(46/64)
سلكت وغمدي قرية من قرى النمل
سنا مرهف يقضي لدعوى مضائه
يمين المحامي عنه أو شاهد الفل
على سابح يطوي المدى بسنابك
لمستها فوق الصفا طاعة الرمل
سفيه الخطى حتى إذا جثم القطا
فلا عن أفاحيص الفلا لمم السبل
كأن القوافي راهنته بأنها
تباريه أو تتلو المقال على الفعل
على ماجد أمواله بيد الندى
فليس عليها من وكيل سوى البذل
أتت مستجيرات فهل من حمية
لهذا الكلام الحر في الزمن النذل
وأنت فشمس العدل حكما وحكمة
وظلم بنات الفكر عدل عن العدل
أبا الفضل كم لي في مساعيك مدحة
ألذ على الأفواه من ضرب النحل
ترى القوم فيها بين راو وسامع
كلا عاشقيها لدهر يكتب أو يملي
فريدة لفظ في فريد محاسن
فتلك بلا مثل وأنت بلا مثل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> خاطر بقلبك إما صبوة الغالي
خاطر بقلبك إما صبوة الغالي
رقم القصيدة : 54438
-----------------------------------
خاطر بقلبك إما صبوة الغالي
فيما أحب وإما سلوة السالي
هذا مكر الهوى فاعطف على نظر
في بابليته هندي بلبال
من كل ذي هيف ترنو لواحظه
إليك من لهذم في صدر عسال
أبل كل سقيم غير ناظره
وغير جسمي ما هما بإبلال
كم ليلة بت من كأسي وريقته
نشوان أمزج سلسالا بسلسال
وبات لا تحتمي عني مراشفه
كأنما ثغره ثغر بلا وال
يا مطلقي ما بقي للحب من جسدي
وفي يديهم فؤادي رهن أغلال
إن شئتم علم حالي بعد فرقتكم
فأنصتوا للحمام العاطل الحالي
خذوا حديث غرامي عن مطوقة
تتلو ضلالي في فرع من الضال
لم تتركوا لي سوى نفس أجود بها
والجود بالنفس غير الجود بالمال
إذا غضبتم وبات الوجد يشفع لي
إلى رضاكم رأيت السقم أشفى لي
شغلتم نظري عمن نخالسه
لحظ الهوى وتفرغتم لإشغالي
ويا سنا شعري نفرت عن بصري
بيض الأوانس واستنفرت عذالي
هب أن ليل شبابي زال فاحمه
عني فما بال أسحاري وآصالي
كفوا رياح الصبا عني فما بكرت
إلا بنار هوى قلبي بها صال
تجري النعامى فما بالي وقد خطرت
بالركب ما خطرت إلا على بالي(46/65)
توافدت رسلها بالشوق موقرة
فأدمعي بين إسراب وإرسال
كأن عيني في فضل انسكابهما
يدا أبي غانم جادت بأفضال
وتلك مزنة جود كلما ابتسمت
تبجست بملث الفضل هطال
غمر يصدك عن تكذيب مادحه
ما عند كفيه من تصديق آمالي
يثري فلا يستقر المال في يده
كأنه عذل في سمع مختال
متيم ببنات الفكر وهي به
مفتونة فهو لاشال ولا سال
تداركت حاله ودا ومحمدة
ما غيرت غير الأيام من حالي
ألهى توالي دهري عن أوائله
حتى تسليت بالباقي عن الخالي
غارت حميته مني على حكم
في الشعر يجري عليها حكم جهال
ريعوا لها وهي أعمار مخلدة
كأنني زرتهم منها بآجال
فافتك بالجود ما في غل باخلهم
منها وحقق أقوالا بأفعال
وابتز ما لملوك العصر من فكري
وللأماثل من مضمار أمثالي
أرخصت ودي لمن يغلي مساومتي
سماحة فأنا المسترخص الغالي
يا من يزار فيلفى عنده كرم
بلا حجاب ومجد بالعلى حال
تواضعا في علو زاده شرفا
ما أحسن الشرف الداني من العالي
أنت الجواد الذي ممن يماثله
في غربة ومن الآلاء في آل
ما فال رأي القوافي منك في رجل
ترى نداء اسمه ضربا من الفال
من كان من عرب أو كان من عجم
فأنت يا سعد من يمن وإقبال
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أشرق البهو يا جبين الهلال
أشرق البهو يا جبين الهلال
رقم القصيدة : 54439
-----------------------------------
أشرق البهو يا جبين الهلال
فجلاه لوجهك المتلالي
عن ليال حجبن عنا سناها
إنما غيبة الهلال ليالي
لم يكن ما ألم بالجسم شكوى
فتهنا لوافد الإقبال
لا ولا كان زائرا من سقام
إنما كان طائفا من خيال
وعكة أقلعت وأنت صحيح
ويصح النسيم بالإعتلال
أو ما هذه السماء سرار البدر
فيها على طريق الكمال
نعمة الله لا يخص بها الخالق
إلا من كان منه ببال
ولباس من المثوبة والغفران
ألبست ضافي الأذيال
فهنيئا لك البقاء وإن كان
هناء يخص فيه المعالي
والتقى والندى ومعربة الخيل
وبيض الظبى وسمر العوالي
والخلال التي إذا ما تحلت
صدرت منك عن كريم الخلال(46/66)
إن وقتك النفوس ما تتوقى
فحقيق فدى الموالي الموالي
أو تحصنت في شعار من التقوى
فما زلت منه في سربال
فشفى الله من أجل دواء يه
صريح الدعاء والابتهال
ملك أبدل المخافة بالأمن
وأضحى يعد في الأبدال
وهو تاج الملوك فالملك العاطل
حال به على كل حال
وإذا النيران غابا فنور الدين
شمس فجرية الآصال
قد أرت وجهك العلى ما يريها
وهي مرآة صالح الأعمال
وقضى الله أن نجمك في الأنجم
سام وأن جدك عال
كل يوم هذا المحيا محيى
بالتهاني على يد الإقبال
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا أهل بابل أنتم أصل بلبالي
يا أهل بابل أنتم أصل بلبالي
رقم القصيدة : 54440
-----------------------------------
يا أهل بابل أنتم أصل بلبالي
ردوا فؤادي على جثماني البالي
لا واعتناق هواكم بعد فرقتكم
ما كان صرف النوى منكم على بالي
وإنما اعترضت بيني وبينكم
نوائب أرخصت من دمعي الغالي
لولا مكان هواكم من محافظتي
لما صرفت إليكم وجه آمالي
سلوت عن غيركم لما علقت بكم
وجدا ألا فاعجبوا للعاشق السالي
يا صاح إن دموعي حرب زاجرها
فامنح هواملها تركي وإهمالي
وانظر إلى عبراتي بعد بعدهم
إن أنت لم تر حالي عند ترحالي
لو كنت شاهدنا والبين يجمعنا
على وداع بنيران الهوى صال
رأيت حبة قلبي كيف يسلبها
خد لها ليس بالخالي من الخال
وقد علاني فتور عند رؤيتها
مقسم بين عينيها وأوصالها
أقول للصاحب الهادي ملامته
ضلالة القلب في أكناف ذي ضال
دعني أفض شؤوني في معالمها
فالدمع دمعي والأطلال أطلالي
أما كفى أسفا أني أصخت إلى
نهي النهى وكفيت الشيب عذالي
إذا التفت إلى ما فات من عمري
سحبت فوق رسوم اللهو أذيالي
سقى الحيا طرفي عيش نعمت به
فلم يكن غير أسحار وآصال
أولى لها إن دنت بالوصل ثانية
فإن ذكرت النوى يوما فأولى لي(46/67)
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لو أن قاضي الهوى علي ولي
لو أن قاضي الهوى علي ولي
رقم القصيدة : 54441
-----------------------------------
لو أن قاضي الهوى علي ولي
ما جار في الحكم من علي ولي
وكان ما في الدلال من قبل
الحسن بما في الغرام من قبلي
حسبي وحسب الجوى أغالبه
فيا عذولي مالي وللعذل
كيف يداوى الفؤاد من سقم
تاريخه كان وقعة المقل
لا تسقيني صريح لائمة
فصحتي في سلافة القبل
بي من بني الترك شادن غنج
يصيد لحظ الغزال بالغزل
أغيد يلقاك طرفه ثملا
وليس فيه سماحة الثمل
مبتسم والعيون باكية
وفارغ والقلوب في شغل
لاحظني كالقضيب معتدلا
وصد والصبر غير معتدل
وأصبحت في الورى محبته
كأنها دولة من الدول
ملاحة دانت القلوب بها
طوعا كما دانت العلى لعلي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> كأن الذي آلى على بسط كفه
كأن الذي آلى على بسط كفه
رقم القصيدة : 54442
-----------------------------------
كأن الذي آلى على بسط كفه
سوى مالها في البأس من قائم النصل
يروح عقيد الراح لا يستفزه
إلى الكأس إلا أنها ضرة البخل
يملك ألباب القلوب بروعة
تحالف من بعدي على حرب من قبلي
وليست كأخرى تربها يكفر الحيا
كأن وقوع الغيث منها على رمل
أبا الحسن انقادت إلى بابك المنى
وحلت به الآمال محلولة العقل
بقيت . . . الدولة المرتجى لها
إلى أن ترى من نسله أبوي شبل
هلال تجلى في الكمال على الصبا
ورب صبا يأوي إلى سودد كهل
وغرس علمنا أصله من فروعه
وما العلم إلا رد فرع إلى الأصل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> بسيفك المنتضى من الكحل
بسيفك المنتضى من الكحل
رقم القصيدة : 54443
-----------------------------------
بسيفك المنتضى من الكحل
ووردك المجتنى من الخجل
وكأسك المشتهى مقبلها
أنت لأجلي خلقت أم أجلي
أهوى لذكراك كل عاذلة
حسبك محبا محبة العذل
لولاك لم أستلذ لائمة
فليت من لامني علي ولي
كي لا يكون الملام منه على
معتدل القد غير معتدل(47/1)
مبتهج والنفس ذاهلة
وآمن والقلوب في وجل
ولو بان جسمي لخصره لشكا
ذاك إلى ذا ظلامة الكفل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> كل دعوى شجاعة لم تؤيد
كل دعوى شجاعة لم تؤيد
رقم القصيدة : 54444
-----------------------------------
كل دعوى شجاعة لم تؤيد
بكلام الكلام دعوى محال
لا يرعك الصقال في السيف حتى
ينطق الفل شاهدا للصقال
لو تكون السهام تحسن قصدا
عرجت عن مقاصد الآمال
غادر البأس في جبينك منه
أثرا لاح في جبين الهلال
لا يجلى دجى الحوادث إلا
غرر الحرب في وجوه الرجال
في مقاديمها تصاب المقاديم
وترمى الأكفال في الأكفال
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> دعوا للمحيا ما استباحته من عقلي
دعوا للمحيا ما استباحته من عقلي
رقم القصيدة : 54445
-----------------------------------
دعوا للمحيا ما استباحته من عقلي
فإني رأيت الحظ من حيز الجهل
وما زالت الأيام يجري نظامها
على العكس حتى أدرك الجد بالهزل
وهل في فؤادي فضلة تسع الهوى
وما العشق إلا شغل قلب بلا شغل
إذا أنت لم يصحبك إلا مهذب
فخلك من أمس وحيدا بلا خل
فدع لذوي الأموال ما اغتبطوا به
وصن ثمرات الفضل بخلا على الفضل
فإن الفتى من غادرته خلاله
فريدا وإن أضحى من الناس في حفل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ونجل تدرك الأبصار منه
ونجل تدرك الأبصار منه
رقم القصيدة : 54446
-----------------------------------
ونجل تدرك الأبصار منه
سنا قمر بتاج المجد حال
حبته سنة الإسلام طهرا
تكفل غيره الماء الزلال
فيا لك من دم يجري سرورا
وكلم نقصه سمة الكمال
وذي ألم يلذ به وجرح
يكون قصاصه جدل الرجال
وأي جناية ترضى المساعي
بها ويثاب جانيها بمال
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> من رآني قبلت عين رسولي
من رآني قبلت عين رسولي
رقم القصيدة : 54447
-----------------------------------
من رآني قبلت عين رسولي
ظن أن الرسول جاء بسولي
إنما حين قال أبصرت مأمولك
أجللت من رأي مأمولي(47/2)
إن عينا تأملت ذاك الوحه
أحق العيون بالتقبيل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> بين فتور المقلتين والكحل
بين فتور المقلتين والكحل
رقم القصيدة : 54448
-----------------------------------
بين فتور المقلتين والكحل
هوى له من كل قلب مل انتحل
توق في فتكتها لواحظا
أما ترى تلك الظبى كيف تسل
يا ويحها نواظرا سواحرا
ما عقل العقل بها إلا اختبل
لو لم تكن بابل في أجفانها
لما برت أسهمها من المقل
يا راميا مسمومة نصاله
عيناك للقارة قل لي أم ثغل
وعاذل خوفني من لحظها
إليك عني سبق السيف العذل
ذاك على سفك دمي محبب
أنا القتيل مغرم بمن قتل
لاحظت منه وجنتين ما جرى
ماء الصبى بجمرها إلا اشتعل
آه على ظمآنها ضمانة
لو كفل الخصر لوجدي بالكفل
يا صاح حلل من أناشيط الأسى
إذا حللت بين هاتيك الحلل
سل عن رقادي بالغضى كيف مضى
وعن فؤادي بعدها ماذا فعل
وإن رأت عيناك ربعا خاليا
فاسق حيا طلهما ذاك الطلل
وعد عن محاجر بحاجر
نظرتها أقرب عهد بأجل
واجتن أثمار الهوى فباللوى
غصن نقا يحمل تفاح الخجل
وإن يغب عنك اهتزاز قده
فسل به اترابه من الأسل
كل حلال عنده محرم
فليت شعري عن دمي كيف استحل
إياك أن تحمل قلبي ظلما
فما لخصمي بقبيلي من قبل
ترى ولي الثأر إن أراده
فهل مجير من مجير الدين هل
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> الحق مبتهج والسيف مبتسم
الحق مبتهج والسيف مبتسم
رقم القصيدة : 54449
-----------------------------------
الحق مبتهج والسيف مبتسم
ومال أعدا مجير الدين مبتسم
قدت الجياد وحصنت البلاد
وأمنت العباد فأنت الحل والحرام
وجئت بالخيل من أقصى مرابطها
معاقد الحزم في أوساطها الحزم
حتى إذا ما أحاط المشركون بنا
كالليل يلتهم الدنيا له ظلم
وأقبلوا لا من الإقبال في عدد
يؤود حاسبه الإعياء والسأم
أجريت بحرا من الماذي معتكرا
أمواجه بأواسي البأي تلتطم
وسست جندك والرحمن يكلؤه
سياسة ما يعفى إثرها ندم
وقفت في الجيش والأعلام خافقة(47/3)
كل قناة فوقها علم
يحوطك الله صونا في عيونهم
والله يعصم من بالله يعتصم
حتى إذا بدت الأراء ضاحكة
وأقبلت اوجه الإقبال تبتسم
أتبعت جن سراياهم مضمرة
فيها نجوم إذا جد الوغى رجموا
والنصر دان وخيل الله مقبلة
ترجو الشهادة في الهيجا وتغتنم
صاب الغمام عليهم والسهام معا
فما دروا أيما الهطالة الديم
سرو لينتهبوا الأعمار فانتهبوا
قتلا ويغتنموا الأمول فاغتنموا
وأقبلت خيلنا ترى بخيلهم
مجنوبة وعلى أرماحنا القمم
وأدبر الملك الطاغي يزعزعه
حر الأسنة وهو البارد الشبم
وافوا دمشق فظنوا انها جدة
ففارقوها وفي أيديهم العدم
وأيقنوا مع ضياء الصبح أنهم
إن لم يزولوا سراعا زالت الخيم
فغادروا أكثر القربان وانجلفوا
وخلفوا أكثر الصلبان وانهزموا
وحاولوا المسجد الأدني فما عبرت
عن مسجد القدم الأقصى لهم قدم
مستسلمين لأيدي المسلمين وقد
أغرى القنا بتمادي خطفهم نهم
لا يملك الجسم دفعا عن مقاتله
كأن حين يغشاه الردى صنم
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> تباشرت الأقطار من فرح به
تباشرت الأقطار من فرح به
رقم القصيدة : 54450
-----------------------------------
تباشرت الأقطار من فرح به
ففي كل ثغر من ظباه مباسم
وما تحمل الخيل الاعادي جهالة
به بل رجاء أنهن غنائم
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أبدى السلو خديعة للائم
أبدى السلو خديعة للائم
رقم القصيدة : 54451
-----------------------------------
أبدى السلو خديعة للائم
وحنى الضلوع على فؤاد هائم
ورأى الرقيب يحل ترجمة الهوى
فاستقبل الواشي بثغر باسم
ومضى يناضل دونه كتمانه
ما الحب إلا للمحب الكاتم
من فاض ختم لسانه عن سره
ختمت أنامله ثنية نادم
ومهفهف لعب الصبا بقوامه
لعب النعامى بالقضيب الناعم
حرم الوصايا وأرهفت أجفانه
فأتاك ينظر صارما من صارم
ولكم جرى طرفي يعاتب طرفه
لو يسمع الساجي حديث الساجم
إني لأرحم ناظريه من الضنا
لو أن مرحوما يرق لراحم
لله موقفنا وقد ضرب الدجى(47/4)
سترا علينا من جفون النائم
وفمي يقبل خاتما في كفه
قبلا تغالط عن فم كالخاتم
كيف السبيل إلى مراشف ثغره
عين الرقيب قذاة عين الحائم
نلحى الوشاة وإن بين جفوننا
لمدامعا تسعى لها بنمائم
يا أيها المغرى بأخبار الهوى
لا تخدعن عن الخبير العلم
اسأل فديتك بالصبابة لمتي
واسأل بنور الدين صدر الصارم
ومعطفات ترتمي بأجنحة
ومثقفات تهتدي بلهاذم
ومسومات لست تدري في الوغى بقوائم يدركن أم بقوادم
كل ابن سابقة إذا ابتدر المدى
فلغير غرته يمين اللاطم
يرمي بفارسه أمام طريده
حتى يرى االمهزوم خلف الهازم
ينمى إلى الملك إذا قسم الندى
والبأس كان المكتنى بالقاسم
متسربل بالحزم ساعة تلتقي
حلق البطان على جواد الحازم
ما بين منقطع الرقاب وسيفه
إلا اتصال يمينه بالقائم
سام الشآم ويالها من صفقة
لولاه ما أعيت على يد سائم
ولشمرت عنها الثغور وأصبحت
فيها العواصم وهي غير عواصم
تلك التي جمحت على من راضها
ودعوت فانقادت بغير شكائم
وإذا سعادتك احتبت في دولة
قام الزمان لها مقام الخادم
يا ابن الملوك وحسب أنصار الهدى
ما عند رأيك من ظبا وعزائم
قوم إذا انتضت السيوف أكفهم
قلت الصواعق في متون غمائم
من كل منصور البيان بعجة
وهل الأسود الغلب غير الأعاجم
أو مفصح يقري الصوارم في الوغى
أسخى هناك بنفسه من حاتم
حصن بلادك هيبة لا رهبة
فالدرع من عدد الشجاع الحازم
وارم الاعادجي بالعوادي وإنها
كفلت بفل قديمها والقادم
أهلا بما حملت إليك جيادهم
ما في ظهور الخيل غير غائم
واسأل فوارس حاكموك إلى القنا
في الحرب كيف رأوا لسان الحاكم
تلك العوامل أي فعال العدى
ما سكنت حركتها بجوازم
هيهات يطمع في محلك طامع
طال البناء على يمين الهادم
كلفت همتك العلو فحلقت
فكأنما هي دعوة في ظالم
قطنت بأوطان النجوم فكم لها
من مارد قذفت إليه براجم
أنشأت في حلب غمامة رأفة
أمددت ديمتها بنوء دائم
ألحقت أهل الفقر فيها بالغنى
أمن المؤمل ثروة للعادم
وأظن أن الناس لما لم يروا(47/5)
عدلا كعدلك أرجفوا بالقائم
فتهن أوصاف العلى منظومة
فالدر أنفسه بكف الناظم
جاءتك في حلل النباهة حاسرا
تختال بين فضائل ومكارم
عربية أنسابها لو أنها
لحقت أمية لانتمت في دارم
وتمل غرة كل فطر بعده
متسربلا أسنى ثواب الصائم
لا زال وجهك في عقود سعوده
بدر التمام مقلدا بتمائم
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أنتم كالشمس لولا خدرها
أنتم كالشمس لولا خدرها
رقم القصيدة : 54452
-----------------------------------
أنتم كالشمس لولا خدرها
ما شكى عاشقها ليل التمام
من لدات الحور إلا أنها
ألفت نار الحشى دار مقام
وأما لو أصبحت موجدتي
جدتي كنت بكم أغنى الأنام
أو لو أن الحب فضل كان لي
ما لشمس الدين من فضل الكرام
نير تقدمه آثاره
كبوادي الفجر تحدو بالظلام
طالع المغرب من مشرقه
طلعة الشمس على أهل الشآم
عاقد الجود غماما هاطلا
أوليس الشمس حربا للغمام
حاكم يلجأ من همته
ومن العلم إلى ركني شمام
لو قضى بين نداه والحيا
لا نقضى بينهما طول الخصام
ومتى أنشأ فضلا ناثرا
نال حبات قلوب في نظام
كم ثنى جائر سمع بهدى
وهدى حائر دمع بانسجام
بين تاج لاح في وقد السنا
وكمال راح في عقد التمام
فوقوا الليل بنجم ثاقب
وشهاب يتسرى عن ضرام
حين فاتوا فأتوا شأو العلى
غرر الفضل وفرسان الكلام
فهمه ما بين ماض صارم
في خطوب الدهر أو قاض إمام
أو جواد للمعالي سابق
أو عتاد للملمات همام
رفعوا للملك أعلام السنا
ونفوا عن حوزتيه كل ذام
ورأت آراؤهم يوم الوغى
فوق ما دق عن الطعن التؤام
وإذا ما أظلمت سبل الهدى
ضرجوا عنها غيابات الجهام
يا بني القاسم هل من قرب
فلقد طال على البعد أوامي
ما انتجعت الغيث حتى شاقني
برقكم ما كل برق مستهام
إنما انتم أواذي ندى
يمتريها عارض بالفضل هام
شغلوا كل فؤاد بهوى
وأمالوا كل قلب عن ملام
وأباتوا كل قلب شارد
من هواهم في عقال وزمام
رفعوا فوق العوالي أنجما
طالعات دون أقمار الخيام
حجبت كل فتاة أختها
أقواما منعوه بقوام(47/6)
ما عليهم لو أباحوا في الهوى
ما عليهم من صفات المستهام
من خصور وشحوها بالضنى
وعيون كحلوها بالسقام
يا أحبائي متى تشفي الجوى
نظرة بين وداع وسلام
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> هبوا أن حاجبه حاجب
هبوا أن حاجبه حاجب
رقم القصيدة : 54453
-----------------------------------
هبوا أن حاجبه حاجب
بدا في شعار بني هاشم
فمن أين صار إلى ثغره
بياض أتى من أبي غانم
مواهب تحسر عن شأوها
مذاكي سنا البارق الساجم
تراقت سموا إلى واجد
وصابت حنوا على عادم
كفيض البحار يمد الغمام
وينقع من غلة الحائم
إذا لاح في زمن عابس
أراك ثنايا الثنا الباسم
محامد من دون إعراضه
قطعن الطريق على الشاتم
وقالوا السماحة طائية
وكم في خزيمة من حاتم
يرد قراه على الطارقين
رأد الضحى في الدجى العاتم
إذا أسلمتك الذرى فاستجر
بني أسد عصمة العاصم
أعز منالا على أعجم
وأصلب عودا على عاجم
لهم من حديث العلى في القديم
ما ليس للطارف القادم
تنوب المغارم أموالهم
فتنشط عقلا على الغارم
نجوم العلى غربت في العلى
وأوصت إلى سعدها الناجم
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ولما نزلنا بالزواجر هاجني
ولما نزلنا بالزواجر هاجني
رقم القصيدة : 54454
-----------------------------------
ولما نزلنا بالزواجر هاجني
خيالان منها معرق وشآمي
فبت وهذا آخذ بشكيمتي
إليه وهذا جاذب بزمامي
تجاذبني الأهواء شرقا ومغربا
فقلبي ورائي تارة وأمامي
وتسألني الحسناء عن طول غيبتي
فقلت لها عام لديك بعام
تباعد عن ذات السوارين روحتي
فلم يبق من لمياء غير لمام
فها أنا إن بغداد هاجت صبابتي
بعثت إلى دار السلام سلامي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إذا أبرزتهن العيون حواسرا
إذا أبرزتهن العيون حواسرا
رقم القصيدة : 54455
-----------------------------------
إذا أبرزتهن العيون حواسرا
نظرن إلينا من خلال المعاصم
حلول بمستن العفاة عفاتهم
غنيون عن نار القرى بالمباسم
وقد بان عن لبنان برق كأنه(47/7)
بياض الأيادي أوسنا وجه حاتم
تعود فوود الحمد عنه كأنهم
قد افترقوا عن جامعات المواسم
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> واحيائي وقد مررت بعم
واحيائي وقد مررت بعم
رقم القصيدة : 54456
-----------------------------------
واحيائي وقد مررت بعم
من مسيحية دعتني بعمي
أين عصر الشباب أيام أدعوها
صبيا بجدتي وبأمي
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لمن القوام السمهري سنانه
لمن القوام السمهري سنانه
رقم القصيدة : 54457
-----------------------------------
لمن القوام السمهري سنانه
ما أرهفت من لحظها أجفانه
إن كان نازعك الهوى إنكاره
فمن الذي بعث الجوى عرفانه
ظبي صوارم مقلتيه أسنة
فبناظريه ضرابه وطعانه
لهج بكأس جفونه فقوامه
أبدا نزيف رحيقها سكرانه
كفلت سلافة خده عن صدغه
ألا يفارق وردها ريحانه
وبنفسي الرشأ المترجم طرفه
عن بابل هاروتها إنسانه
لا وصل إلا ما تجود به النوى
من طيفه فوصاله هجرانه
حكمته فقضى علي قضاؤه
وهوى الأحبة جائر سلطانه
أدمى جفون الصب صب دموعه
سعة وضاق بسره كتمانه
ضمن الفريق فراق أغصان اللوى
أفبينه ضمن الجوى أم بانه
يا فضل ما للفضل هيض جناحه
فبدت زمانته وضاع زمانه
قعد السماح به وكم من ناهض
ضاقت لبانته فضاق لبانه
ومخلف ما كان يبلغ شأوه
لو لم يكن بيد القضاء عنانه
ومروع سكنت خوافق أمنه
لولا جمال الدين عز أمانه
من نال قاصية المطالب جوده
والغيث ما عم الربى هطلانه
واستوعبت غرر الكلام فنونه
واستوسقت ثمر العلى أفنانه
أذكى الأنام إشارة وعبارة
ما المرء إلا قلبه ولسانه
ففروعه تنبيك عن أعراقه
وكفاك من خير النسيب عيانه
وإذا أردت محله من فارس
فترق حيث سما به إيوانه
شرف تفيأت الملوك ظلاله
وعلى على هماتها بنيانه
ما أغمدوا سيف ابن ذي يزن به
إلا تقاصر عندها غمدانه
جد تمكن في ذؤابة منصب
لو نالها العيوق جن جنانه
فليبت مال الملك من عزماته
طماح طرف كفاية يقظانه
يغدو عليه ثقيلة أكمامه(47/8)
ويروح عنه خفيفة أردانه
لا تخدع الأهواء ثاقب رأيه
والرأي مملوك عليه مكانه
مستظهر بولاته فكفاتهم
نوابه وثقاتهم أعوانه
يعدوهم تأنيبه ويخصهم
تهذيبه ويعمهم إحسانه
وإذا انتضوا أقلامه لملمة
أبصرت من كتابه فرسانه
ميثاقه حرم لخائف بأسه
يغنيك عن أيمانه إيمانه
وقف الحساب عليه ركض إجابة
لا البرق يدركها ولا سريانه
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> بما بعطفيك من تيه ومن صلف
بما بعطفيك من تيه ومن صلف
رقم القصيدة : 54458
-----------------------------------
بما بعطفيك من تيه ومن صلف
من دل ذلك يا هذا على تلفي
ناشدتك الله في نفس غدت فرقا
بين الجوى والأسى والبث والأسف
ومهجة رفع التكليف خالقها
عنها لشدة ما تلقى من الكلف
أستشعر اليأس في لا ثم تطمعني
إشارة في اعتناق اللام والألف
إن أنت رويت من ألفاظه أذنا
علمت كيف مقر الدر في الصدف
وإن نظرت إلى القرطاس في يده
رأيت كيف نبات الروض في الصحف
وثنى الخطاب إليه فضل فصاحة
لا قسها منه ولا سحبانه
هذا وإن تكن اتصالات العلى
تقضي بسعد فالقران قرانه
أمحمد بن علي اعتنق الأسى
فكري فضاق بفارس ميدانه
ما بال حادي المجد مغبر المدى
وأخو الهوينا روضة أعطانه
هبني جنيت على نداك جناية
تقضى فأن حنوه وحنانه
وأنا الذي لا عيب فيه لقائل
ما لم يقل هذا الزمان زمانه
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> والله لو أنصف الفتيان أنفسهم
والله لو أنصف الفتيان أنفسهم
رقم القصيدة : 54459
-----------------------------------
والله لو أنصف الفتيان أنفسهم
أعطوك ما ادخروا منه وما صانوا
ما أنت حين تغني في مجالسهم
إلا نسيم الصبا والقوم أغصان
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> خذوا حديث غرامي عن ضنا بدني
خذوا حديث غرامي عن ضنا بدني
رقم القصيدة : 54460
-----------------------------------
خذوا حديث غرامي عن ضنا بدني
أغنى لسان الهوى عن دمعي اللسن
إذا استقل محل السر محتملا
عن الضمير فهل يبقى سوى العلن(47/9)
وخبروني عن قلبي ومالكه
فربما أشكل المعنى على الفطن
من ذا الذي ترهب الأبطال صولته
زيد الفوارس أم سيف بن ذي يزن
وما جفون إذا سلت صوارمها
تجاذبت مهج الأقران من قرن
هذا الذي سلب العشاق نومهم
أما ترى عينه ملأى من الوسن
تفرق الحسن إلا في محاسنه
ويلاه من فتن جمعن في فنن
إذا الصبابة عاطتني مدامتها
فما فؤادي على سر بمؤتمن
أمسى غرامي بذاك القد يوهمني
أن اعتلال الصبا شوق إلى الغصن
أعيا اللوائم سمعي غير لائمة
للشيب مالت إلى عيني عن أذني
حتى إذا ما تناهى العذل عن كلفي
قامت إلي بنات الدهر تعذلني
فما ثنت ناظري عن منظر حسن
حتى أرتني مكاني من أبي الحسن
وكيف يخشى جناني مس حادثة
وقد جعلت صفي الدين من جنني
فتى يجاوز بالآمال غاياتها
حتى ترى في المنى ما ليس في المنن
المشتري الحمد غضا من معادنه
يغضي على الغبن فيه لا على الغبن
يعتد بذل عطاياه لطالبها
من الفروض عليه لا من السنن
حتى كأن خطوط الكف من يده
كتاب وقف على الإحسان والمنن
يولي وينسى الذي أولاه محتقرا
كأن ما كان من نعماء لم يكن
أرى الوفود رباع الجود عامرة
من بعد ما وقفوا منها على دمن
إذا احتبى الحلم في حضن رياسته
رأيت عقد الحبى منه على حضن
معترك الوفد هذا قد قضى عللا
من راحتيه وذا في ساحة العطن
تمده من بني العجلان مأثرة
بمثلها فخرت قيس على اليمن
قوم إذا ناظروا عن سرح جارهم
تكلمت ألسن الخطية اللدن
تجول أسيافهم في قلب من وتروا
مجالها موهنا في أعين البدن
إذا تهادوا بها في البرك آونة
شفوا نحول الظبي من ذلك السمن
إذ لا ترد ذراها عن قوائمها
ولا تحامي عن اللبات باللبن
ترى القوائم تبدي في أكفهم
مباسم الجود بين السيف والسفن
كأنهم عندما جاد الزمان بهم
تخيروك له جودا على الزمن
فلا تعفت سبيل من مكارم
أصبحت من نهجها إلا على سنن
يا ناصح الدولة الإحسان مرتهن
على الثناء وهذا ما على الرهن
والعيد عندي كيوم عاد ذاهبه
وإنما فعله من فعلك الحسن(47/10)
فاحرز به حبرات الحمد مطرحا
ما يصنع القوم في صنعاء أو عدن
من اللواتي إذا غالى الكرام بها
في موطن لم يراعوا مبلغ الثمن
غراء إذ حللت من معشر أجنا
فربما عاقدت قوما على الأجن
كأنها بعد إعلان الضمير بها
لا تستخير سوى الأسماع من وطن
ترى البصائر في صافي بلاغتها
ما في سواها من الأقذاء والدرن
والشعر مرآة عقل يستدل بها
على موازنة الألباب والفطن
فلا تغرك أشباح معطلة
فإنما الشعر مثل الروح في البدن
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا هل سمعتم بدير سمعان
يا هل سمعتم بدير سمعان
رقم القصيدة : 54461
-----------------------------------
يا هل سمعتم بدير سمعان
وما به للعيون من عان
أموقف للصلاة هيكله
أم منبت من منابت البان
في كل غصن تفاحتا خجل
تلقاك من مثل ببستان
من ذات بشر يلوح في بشر
وذات جان يعلو على جان
يرمي فيصمي عن غير ناطقة
ما كل قوس ترى بمرنان
في ليلة لم تزل بها حرقي
تلفح نيرانهم بنيران
كأن بهرام من توقده
بات زعيما بحرب كيوان
نار ونور كأن إنسهما
في الليل ما آنس ابن عمران
حتى انجلى الصبح في كنائسها
عن كل نشوانة ونشوان
تسجد للشمس وهي معرضة
في الأفق عنه بوجه غيران
وانصرفوا والفؤاد أفئدة
مع كل نصرانة ونصران
يا حسن عيد الصليب لو أن كان
الدهر فيهم أعياد صلبان
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> يا غزال الثغور بالقسيان
يا غزال الثغور بالقسيان
رقم القصيدة : 54462
-----------------------------------
يا غزال الثغور بالقسيان
أنت من غال ذكره نسياني
أسأل السانحات عنك نهارا
فإذا الليل جن جن جناني
كيف يصغي إلى السلو جماحي
بعدما أطلق الغرام عناني
حبذا يوم باكرتنا الزنانير
ترينا القضبان في الكثبان
وعلى موقف الأساقف ظبي
يفرس الأسد من بني الفرسان
غصن نابت من المرمر المنضود
في غير منبت الأغصان
الذبح النفوس سموه بالمذبح
أم للصلاة والقربان
أخرته القسوس عن رتبة الصدر
وحطته في صدور الأماني(47/11)
ذاك وقت سخا علي به الدهر
فيا هل لذلك اليوم ثان
فأرى من أراني الشمس شماسا
على الأرض تالي الألحان
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أما عند هذا القوم الرديني
أما عند هذا القوم الرديني
رقم القصيدة : 54463
-----------------------------------
أما عند هذا القوم الرديني
سجية عطف تقاضاه ديني
وأحسب ما طال هذا المطال
إلا ليلحق حينا بحين
ومن عجب أنني أشتكي
قساوة غصن من البان لين
رماني بسهمين من ناظرين
عن متن قوسين من حاجبين
وإن أنكرت مقلتاه دمي
فسائل به حمرة الوجنتين
ولم لا تناكرني عينه
وقد علمت كيف إقرار عيني
ومالي خصم سوى ناظري
فهل حاكم بين عيني وبيني
أصبت عدى فملأت القلوب
وصبت يدا فملأت اليدين
كأنك لست ترى راحة
سوى حثو مالك بالراحتين
فداؤك باك على ماله
بكاء اليتيم على الوالدين
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> كلما غض هواكم من جفوني
كلما غض هواكم من جفوني
رقم القصيدة : 54464
-----------------------------------
كلما غض هواكم من جفوني
سكن اللوم اغترارا لسكوني
ووراء الصدر مني لوعة
شانها ركض دموعي في شؤوني
يا لدمع حار في أجفانه
أن يسمى يوفي أو خؤون
فلئن دل على وجدي بكم
فلقد حامى عن السر المصون
فتأمل عجبا من ناظر
خائن يخبر عن قلب أمين
في سبيل الحب مني مهجة
قتلت بين خدود وعيون
يئست أن تفتدى أفئدة
أسرت بين فتور وفتون
وقلوب ملكتهن المها
فاتكات بالنهى ملك اليمين
جبرة ما زال قتلي دينها
واعتصامي بمجير الدين ديني
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> قل لمن أطلع شمس
قل لمن أطلع شمس
رقم القصيدة : 54465
-----------------------------------
قل لمن أطلع شمس
الكأس من أفق اليمين
احبس الكأس فقد
عفت سلاف الزرجون
واسقني من خمر ألحاظك
كأسا من فتون
أنا لا أشربها إللا
بكاسات الجفون
لا تلمني أين سكر الخمر
من سكر العيون
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> عج بنا أيها الدليل فقد جرت
عج بنا أيها الدليل فقد جرت(47/12)
رقم القصيدة : 54466
-----------------------------------
عج بنا أيها الدليل فقد جرت
بصحبي عن قصد ذات اليمين
يبتغي وادي المياه من الأرض
ووادي المياه بين جفوني
يا خليلي أحين بانت دموعي
عن شؤوني سألتني عن شؤوني
لا تسلني يا ملحيا أين قلبي
ضل قلبي الحزين بين الحزون
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وحمائم ناحت على فنن
وحمائم ناحت على فنن
رقم القصيدة : 54467
-----------------------------------
وحمائم ناحت على فنن
فبعثن لي حزنا إلى حزن
ناحت ونحت وفي البكا فرج
فظللت أسعدها وتسعدني
شتى الهوى والشوق يجمعنا
كل بكى منا على شجن
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ما زلت أخدع عن دمشق
ما زلت أخدع عن دمشق
رقم القصيدة : 54468
-----------------------------------
ما زلت أخدع عن دمشق
صبابتي بالغوطتين
حتى مررت بتادف
فكأنني بالنيرين
ورأيت ما قد كنت
آمله بأشواقي بعيني
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> وحبيب طوى وصالي لما
وحبيب طوى وصالي لما
رقم القصيدة : 54469
-----------------------------------
وحبيب طوى وصالي لما
نشر الشيب خلتي بعد صون
ظن صبغ الشباب صبغ الليالي
فاصطفاها علي أكبر عون
حال حين استحال لون شبابي
باعني في الهوى بفاضل لون
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أقمت بالأنبار ذا لوعة
أقمت بالأنبار ذا لوعة
رقم القصيدة : 54470
-----------------------------------
أقمت بالأنبار ذا لوعة
مقسومة بين حبيبين
أشتاق أهلي بدمشق وفي
بغداد حظ القلب والعين
ففي لقائي ذا فراقي لذا
قل لي متى أخلو من البين
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> أعرب الفضل من بديع الزمان
أعرب الفضل من بديع الزمان
رقم القصيدة : 54471
-----------------------------------
أعرب الفضل من بديع الزمان
عن معان عزت على يونان
ما تلاها لما تلاها ولكن
فاتها حائزا خصال الرهان
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> ما هذه الحدث الفواتن(47/13)
ما هذه الحدث الفواتن
رقم القصيدة : 54472
-----------------------------------
ما هذه الحدث الفواتن
إلا سهام في كنائن
ترمي فلا تخطي المقاتل
إنه من حان حائن
وأغن غنى محسنا
فعجبت من شاد وشادن
ما غردت حركاته
إلا تراقصت السواكن
ينأى ويدنو طيفه
فهو المواصل والمباين
ما أغفل الأجسام من
أخذ القلوب بها رهائن
يا مودعا قلبي هواه
توق دمعي فهو خائن
لا ملة لك في الملال
فأي دين أنت دائن
أتحل قلبا ظاعنا
يا ساكنا في غير ساكن
أترى لمن وليته
حرب العواذل أن يهادن
إن خاف قلبي في هواك
فأمر جاه الحب واهن
وإن استجار فإن جارك
يا ضياء الدين آمن
رب الفواضل والفضائل
والمحامد والمحاسن
والعارفات تعود من
جدوى يديك إلى مواطن
والبارقات من الخلائق
تمتري السحب الهواتن
والمجد مخزون العلا
والمال ليس عليه خازن
وعوامل الأقلام لا
تنفك مشرعة تطاعن
تعلو البنان طليعة
خلف الصدور لها مكامن
لبست سرابيل الوغى
أو ما تراها في الجواشن
أأبا سعيد والسعيد
من استقل إليك ظاعن
وضحت له سبل الهدى
وجرت له الطير الميامن
ويداك تقذف بالنضار
كأنها بعض المعادن
وعلي حسن الظن فيك
وقد يكون الظن كاهن
أملا ضمنت له النجاح
وآمل الكرماء ضامن
أنا من إذا صغت القريض
فمن يوازي أو يوازن
وإذا جرت أمثاله
بالحمد فيك فمن يراهن
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> قلت تقول الله لا خائفا
قلت تقول الله لا خائفا
رقم القصيدة : 54473
-----------------------------------
قلت تقول الله لا خائفا
مع حكم القرآن حكم القران
لا راقب النجم ولا سائلا
ما فعل السعدان والنيران
بل غرت للإسلام حتى لقد
دان له من بالطواغيت دان
رعت نواميس نواقيسها
بحلبة الآذان وقت الأذان
تمحو تصاوير الدمى عن يد
تبني المحاريب خلال المحان
هذا وكم أنشأت من منبر
فارسه فارس سحر البيان
من مال بالإخلاص ما ملته
كان من الله مكين المكان
يا شائما بالشام صوب الحيا
ودانيا من كل قاص ودان
هذي سجوف الملك مرفوعة(47/14)
عن ملك أخباره كالعيان
أوضح سبل العدل مفتنة
فللبرايا بالدعاء افتتان
ألغى حقوقا كلها باطل
إلى ضمان حط مال الضمان
عطفا ورفقا بالرعايا وإن
أصبح تأديب ملوك الزمان
كم بين من نام على نشوة
وساهد في صهوة من حصان
في كل يوم ينثني سيفه
ببلدة بكر وأخرى عوان
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> له من الرشأ الوسنان عيناه
له من الرشأ الوسنان عيناه
رقم القصيدة : 54474
-----------------------------------
له من الرشأ الوسنان عيناه
ولي من الوجد أقصاه وأدناه
ما ضن ناظره عني بنظرته
إلا وأسقم الطرف أشقاء
بنفسي القمر المحجوب طلعته
عني وإن كان يهواني وأهواه
إذا عزمت على السلوان خادعني
بثغره فثنت عزمي ثناياه
يلومني الناس في وجدي بمبسمه
ظلما ولو عاينوا فاه لما فاهوا
قد كنت أعهده يهوى مواصلتي
يا ليت شعري من بالهجر أغراه
ولى هواه على قلبي فعذبه
وحكم السقم في جسمي فأضناه
وليلة بات ندماني مقبله
أسقى المدامة والكاسات أفواه
وأجتني الورد من أفنان وجنته
إذ لا يفارق ذاك الورد مجناه
عادت لعيني أحلام الكرى وسرى
طيف الخيال فحيا الله مسراه
يا صاح إن كنت صاحي القلب من كلف
فسل نسيم الصبا من أين مغداه
يا حبذا وافد الأشواق مبتكرا
يحي سلامك يا سلمى محياه
ما هب يحكي الخزامى طيب نفحته
إلا نسبت إلى رياك رياه
ولا رفعت إلى بدر الدجى نظري
إلا ذكرتك والأقمار أشباه
كيف السلو وما بالشام من سكن
يغنيك عن سكن بغداد مغناه
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> لا تناظر جاهلا
لا تناظر جاهلا
رقم القصيدة : 54475
-----------------------------------
لا تناظر جاهلا
أسندك الدهر إليه
إنما تهدي له
علما يعاديك عليه
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إذا ما زرت ماريا
إذا ما زرت ماريا
رقم القصيدة : 54476
-----------------------------------
إذا ما زرت ماريا
فما سعدى وماريا
فتاة كقضيب البان
يثنيها الصبا طيا
تلوى كالمواعيد
أطالت عمرها ليا
لها وجه مسيحي(47/15)
ترى الميت به حيا
إذا ما قابلته الشمس
لم تبصر له فيا
فيا أحسن من أعرض
إدلالا ومن حيا
أتنسين وحياك
فتى قلت له هيا
فلو نظهر وسم الحب
أبصرت له كيا
هوى إلا يكن رشدا
فما أحسنه غيا
العصر العباسي >> ابن القيسراني >> إذا ما خدمت كبار الملوك
إذا ما خدمت كبار الملوك
رقم القصيدة : 54477
-----------------------------------
إذا ما خدمت كبار الملوك
فأول ما تخدم الحاشيه
فكن جاري الماء يسقي الرياض
فأول ما تشرب الساقيه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وسواسُ حليكِ أم هم الرقباءُ
وسواسُ حليكِ أم هم الرقباءُ
رقم القصيدة : 54478
-----------------------------------
وسواسُ حليكِ أم هم الرقباءُ
للقلب نحوَ حديثهم إصغاءُ
ووميضُ ثغرِك أم تألُّق بارقٍ
وشهابُ شنفِك ذا أم الجوزاءُ
يا بانة ً ورقُ الشبابِ ظلالُها
وكأنَّ قلبي بينها ورقاءُ
يا بدْرَتم يهتدي بضيائه
ساري الفلاة ِ وليلتي ليلاءُ
أشكوكِ أم أشكو إليك صبابَتي
أنتِ الدواءُ ومنك كان الداءُ
مالجَّ داءٌ أو تفاقمَ مُعضلٌ
إلا وفي يُمنى يديهِ شفاءُ
إن رامَ بالتدبيرِ حيلة َ بُرئها
أبدتْ منافعَها له الأعضاءُ
حتى إذا سئمَتْ نفوسهمُ الردى
واعتاصَ مُصطبرٌ وعزَّ عزاءُ
وافوا وقد جعلوا الدُّروعَ ضراعة ً
إذ لم يكنْ غيرَ الخضوع وِقاءُ
وتبوَّءوا دارَ الخلافة ِ ملجأً
فلهم بعَقوة ِ بابها استِجداءُ
فعيونهم صورٌ ووقعُ حديثهم
همسٌ ورجْعُ كلامِهم إيماءُ
رهباً فعافٍ شاقَهُ بذلُ النَّدا
راج وطاغ ساقه استعفاءُ
علموا مواقعَ ذنبهم من عفوهِ
فاستشعروا الإحسانَ حين أساءوا
لا يَحسبنَّ الرومُ سِلمكَ رهبة ً
فالزَّند للنيرانِ فيه ثواءُ
لم تُغمدِ الأسيافُ من وهنٍ بها
لكن نفوسٌ أجِّلت ودماءُ
نامت على شِبَع وقد سالمتهمُ
وعلاجُ فرْطِ الغِبطة ِ الإغفاءُ
يا نيِّراً لولا توقدُ نورِهِ
هفتِ الحلومُ وفالطتِ الأراءُ
لو أن بأسكَ والجموعُ زواحفٌ
في مجمع البحرينِ غيضَ الماءُ(47/16)
لله سيفُك والقلوبُ بوالغٌ
ثُغرَ الحناجرِ والنفوسُ ظماءُ
تتزاحمُ الأرواحُ دون ورودِهِ
فكأنما هو نُطفة ٌ زرقاءُ
لله قومُك آل نصرٍ والقنا
قِصَرٌ وأجسامُ العِدا أشلاءُ
الطاعنونَ الخيل يوم المُلتقى
والمُطعمون إذا عَدَتْ شهباءُ
سيماهمُ التقوى أشداءُ على الكفارِ
فيما بينهم رُحماءُ
نصروا الجزيرة َ أولاً ونصيرها
ضاقَت عليهِ برُحبها الأنحاءُ
وأتوا ودينُ الله ليس بأهلهِ
إلا أليلٌ خافتٌ وذماءُ
قمعوا بها الأعداءَ حتى أذعنوا
والبيضُ من عَلقِ النَّجيع رداءُ
فكأنما حمرُ البنودِ خوافقاً
منها قلوبٌ شفَّهن عناءُ
لم يأمنوا مَكْرَ إلالهِ وإنما
إمهالُهم عن وردِهِ إملاءُ
إن أبرَموا أمراً فربُّك مُبرمٌ
أمراً وإنهمُ همُ السفهاءُ
والله جلَّ اسماً لملكِكَ ناصرٌ
والله فيك كفاية ٌ وكِفاءُ
فَمَن المدافعُ والملائكُ حزبُهُ
والله ردَءُ والجنودُ قَضاءُ
فإذا هُمُ عادوا لماضي عهدهم
فغِرارُ سيفِكَ للعُصاة جزاءُ
مزقُ جفونَ البيضِ عن ألحاظِها
لتسيل فوقَ شِفارها الجَوباءُ
واهزُز غُصونَ السُّمر وهي ذوابلٌ
تسقُطْ عليك العِزَّة ُ القعساءُ
يا أيها المَلكُ الذي من رأيُه
جندٌ له النَّصرُ العزيزُ لواءُ
يهنيكَ أسعدُ وافدٍ ما تَنقضي
أيامُه وسعادة ٌ وبقاءُ
عبدٌ أعدْتَ الدهرَ فيه يافعاً
طلقاً تلوحُ بوجههِ السراءُ
لما برزْتَ إلى المصلَّى ماشياً
ودَّتْ خدودٌ أنها حصباءُ
وسمَتْ إلى لُقياكَ أنصارُ الورى
حتى كأنَّ جميعهم حِرباءُ
حتى إذا اصطفُّوا وأنت وسيلة ٌ
وسما إلى مرقِ القُبولِ دعاءُ
ملئت صدورُ المسلمين سكينة ً
إذ ذاك وانتاشَ القلوبَ رجاءُ
وتيقَّنوا الغُفرانَ في زلاَّتهم
ممَّن لديه الخلقُ والإنشاءُ
قسماً بربِّ الهُزل وهي طلائحٌ
نحتَت مناسِمَ سوقِها السراءُ
من كل نضْوِ الآل يستفُّ الفلا
سيراً تقلَّصُ دونَه الأرجاءُ
عوجاً كأمثال القِسي ضوامراً
أغراضُهن الركن والبطحاءُ
يحمِلنَ كل مُشَهَّدٍ أضلاعه
صيفٌ وفي الأماق منه شتاءُ(47/17)
لرفعتَ بندَ الأمنِ خفّاقاً فقد
كادت تسيرُ مع الذّئاب الشّاءُ
وكففتَ كفَّ الجوْرِ في أرجائها
وعمَرَتَ ربعَ العدلِ وهو خَلاءُ
وعفَفْتَ حتى عن خيالٍ طارقٍ
ووهبتَ حتى أعذرَ استجداءُ
قمسا لأنت ملاكُ كلِّ رغيبة ٍ
ومأمُّ من ضاقت به الغبراءُ
ولأنتَ ظلُّ الله بين عبادِه
وبلاده إن عُدِدَ الأفياءُ
أمؤملَ الإسلام إنَّ وسائلي
هنَّ الشموسُ فما بهنَّ خفاءُ
مالي سوى حُبي لملكك مذهبٌ
ولربما تتخالف الأهواءُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وخفَّ لتوديعي وتشييع رحلَتي
وخفَّ لتوديعي وتشييع رحلَتي
رقم القصيدة : 54479
-----------------------------------
وخفَّ لتوديعي وتشييع رحلَتي
أخو كلِّ إيثارٍ وكل وفاءِ
فكم من أكفٍّ أغريت بتصافُح
وكم من جفونٍ أولعت ببكاءِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا محلاَّ لخُلّتي وانتخائي
يا محلاَّ لخُلّتي وانتخائي
رقم القصيدة : 54480
-----------------------------------
يا محلاَّ لخُلّتي وانتخائي
لم يُبح لي الخروجَ بابُ الرَّخاء
دلَّ أن الرخاء مغتبطٌ بي
فبحق تبجُّحي وانتخاء
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سيدي أنت عمدتي فاحتَملْني
سيدي أنت عمدتي فاحتَملْني
رقم القصيدة : 54481
-----------------------------------
سيدي أنت عمدتي فاحتَملْني
وتغمَّد بالفضل منكَ جَفائي
مبتلًى أنت بالبرابر والغُزز
وأهل الجبالِ والصحراء
وذوي أينُقٍ وأهل حميرٍ
ورجال وصِبية ٍ ونساء
وبوادٍ يجري لك الجلفُ منهم
بكِساء طوْرا ودونَ كِساء
ترفعُ الصَّوت إن مررتَ عليهم
كالكراكيَّ أو بناتِ الماء
وإذا ما اعتذرتَ لم يقبلوا الأعذارَ
خصَّ القبول بالعُقلاء
وشيوخ بيض اللحا خضَّبوا الأرجلَ
مثل الحمامِ بالحِنّاء
وسعاة ٍ ذوي اجتداءَ والحافٍ
شديدٍ يأتون بعد العَشاء
وأفاريد يسرُدون دويا
كدويِّ الرَّحى قليلِ الغَناء
يكتب الشَّخص منهم ألف حولٍ
وهو لا يستبين شكلَ الهجاء
غير ذالٍ تردُّ دالا وظاء(47/18)
جُعِلت نائبا منابَ الطّاء
وحبيشٍ كلامُهم يشبه الخُطّاف
عند انفجارِ خيطِ الضِّياء
وتيوسٍ من أهل أندلُسٍ قد
قصدوا عن ضرورة ِ وجلاءَ
كان منهمْ مرزبَّة ٌ وسواهُ
وهو فيهم من جملة ِ الظُّرفاءَ
وذوو كدية ٍ وقومٌ أسارى
عبروا البحرَ رغبة ً في الفِداء
أوقحُ القومِ ضجَّت الأرضُ منهم
نبذوا كل حشمة ٍ وحياء
وسع الكلَّ منك خُلْقٌ جميلٌ
وجناب للفضلِ رحبُ الفِناء
وتولوا عن انفرادٍ يبثون
وقد أسعفوا حميدَ الثّناء
من له قدرة ٌ سواكَ على الخدمة ِ
بوركت أو على الثُّقلاء
إنما أنت للبريَّة ِ كهفٌ
وملاذٌ في شدة ِ ورخاء
أين ثِقلي إذا فُرضْت ثقيلا
وكثيرَ الجفاء من هؤلاء
ومُقامي نزر وأصرفُ وجهي
لِسَلا حيثُ معدن الحُمقاء
فأعنِّي واصرف لتجديدِ ما أصدرتُ
وجهَ الأماجِدِ الحُسباء
وأعِدني لخَلوتي عن قريبِ
لا تعذِّب قلبي بِطول الثَّواء
خالِصاً عند كلِّ سرٍّ وجهرٍ
لك حُبي ومِدْحتي ودُعائي
أنت أنقذتَهُ وليس له إلاك
في كل غاية ٍ وابتداء
ختم الله بالرضا يا ابن رضوانٍ
لك العُمرُ بعد طولِ البقاء
شفاءُ عِيّاضٍ للنفوس شِفاءُ
فليس لفضلٍ قد حواهُ خَفاءُ
هديّة ُ برٍّ لم يكُن لِجزيلها
سوى الأجرِ والذكرِ الجَميل كِفاءُ
وفى لنبيِّ الله حقَّ وفائِهِ
وأكرمُ أوصافِ الكِرامِ وفاءُ
وجاء به بحراً يقولُ بفضلهِ
على البحرِ طعمٌ طيَّبٌ وصفاء
وحقُّ رسولِ الله بعد وفاتِهِ
رعاهُ وإغفالُ الحقوق جَفاء
هو الذُّخر يُغْني في الحيلة عتادُهُ
ويتركُ منه للبنينَ رِفاء
هو الأثرُ المحمودُ ليسَ ينالُهُ
دُثورُ ولا يُخشى عليه عفاءُ
حرصتُ على الإطنابِ في نشرِ فضلِهِ
وتمجيدِهِ لو ساعدتني فاءُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إليكَ مددتُ الكفَّ في كل لأواء
إليكَ مددتُ الكفَّ في كل لأواء
رقم القصيدة : 54482
-----------------------------------
إليكَ مددتُ الكفَّ في كل لأواء
ومنكَ عرفتُ الدهرَ ترديدَ نعماء
ويسَّرتني قبل ابتدائي ونشأَتي(47/19)
لِشِقوة بعدي أو سعادة ِ إذ نائيء
تعاليتَ يا مولاي عن كلِّ مشبهٍ
فيا جلَّ ما طوَّقت من غُرِّ آلاء
إذا اعتبرتَ نفسي سِواك بفكرتي
فيا خُسرَ أوقاتي وضيعة َ آنائي
وإن أبصرَتْ عيناي غيرَك فاعلاً
فقد تهتُ للأوهام في جُنْح ظلماءِ
بما لكَ من سرٍّ بدأت به الوَرى
وعِلْم محيطٍ بالوجودِ وأسماء
أعنِّي وطهِّرني وخلِّص حقيقتي
إليك وأيِّد نورَ سرِّي ومعناء
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا جُملة َ الفضلِ والوفاء
يا جُملة َ الفضلِ والوفاء
رقم القصيدة : 54483
-----------------------------------
يا جُملة َ الفضلِ والوفاء
ما بمعاليكَ من خفاء
عندي للوُدِّ فيك عقدٌ
صحَّحه الأمر باكتِفاء
ما كنت أقضي عُلاكَ حقا
لو جئْتُ مدحاً بكلِّ فاء
فأول وجهَ القبولِ عُذرى
وجنِّب الشكَّ في صفاء
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مولاي أنتَ فِدائي
مولاي أنتَ فِدائي
رقم القصيدة : 54484
-----------------------------------
مولاي أنتَ فِدائي
أجب خَفِي نِدائي
إن لم تُدارك برحمى
فقدْ هَلكتُ بداء
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> صدَعَ الظلامُ بها وحثَّ كؤوسَها
صدَعَ الظلامُ بها وحثَّ كؤوسَها
رقم القصيدة : 54485
-----------------------------------
صدَعَ الظلامُ بها وحثَّ كؤوسَها
صِرفاً بغير بُلالة ٍ من ماء
فلو أنهم نَظروا إلى أحشائهِ
لرأَوْهُ مثلَ حُباحبِ الظّلماء
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بُشرى يقومُ لها الزّمانُ خطيبا
بُشرى يقومُ لها الزّمانُ خطيبا
رقم القصيدة : 54486
-----------------------------------
بُشرى يقومُ لها الزّمانُ خطيبا
وتأرَّج الأفاقُ منها طيبا
هذا طلوعُ فتوحِكَ الغرِّ التي
ما كانَ طالعُ سعدِها لِيغيبا
أظهرْتَ دينَ الله في ثُغْر العِدا
وقَهَرْت تمثالاً به وصليبا
وذعرْتَ بالجيش اللُّهام بلادَها
ملء الفضا ملأَ القلوبَ وجيبا
جيشٌ يرى تعبَ المفاوِزِ راحة ً(47/20)
والسَّهلَ صعباً والبعيدَ قَريبا
شَرِقت ثغورُ الدين منهُ بغُصَّة ٍ
ولقينَ منه حوادثاً وخُطوبا
ومتى سَرْت للمُسْلمينَ سرية ٌ
أبدى لها التَّحذيرَ والتَّأليبا
حتى إذا استشْرى وأعضَلَ داؤُه
شَكَتِ الثغورُ به فكُنْت طَبيبا
وإذا أرادَ الله بُرء زمانة ٍ
لم تعْدُ ميقاتاً لها مكْتوبا
لله يومُ الفتحِ منه فإنَّه
يومٌ على الكفار كان عَصيبا
فتحٌ تفتَّحت المنى عن زهرِهِ
وافترَّ ثغر الدَّهر عنه شنيباً
حفَّت به راياتُك الحُمرُ التي
قادتْ إليه قبائلاً وشعوبا
وتعلَّقت بهم الرجالِ بصورِهِ
فتخالُ في شُرفاتهِ يَعسوبا
وحفَتْ به عوجُ القسيِّ ضلوعَها
تغتالُ فيه جوانِحاً وقُلوبا
فكأنَّما قُزحٌ حنتْ أقواسَهُ
أيدي الغمامِ وأمطرَت شُؤبوبا
ورَأى المنيَّة ربُّهُ وهفا إلى
طلبِ الأمانِ فقيلَ لا تثريبا
وإذا أمرؤٌ ألقى إليك قيادَهُ
ورجاكَ أدركَ حِلمَك الموهوبا
من بعْدِ ما قعَدَتْ به أنصارُهُ
رهباً وأبصرَ وعدهُمْ مكذوبا
وتبلْبَلَت بالليلِ ألسُنُ نارِهِ
تصِلُ الصُّراخ فما لقينَ مجيبا
ولو أنهم جاشوا إليكَ وجمَّعوا
أقصى تُخومهمُ صباً وجَنوبا
غادوْتهُم صرعى على عفرِ الثرى
وملأتَ أرضهُمُ بُكاً ونَحيبا
وتركْتَ كلَّ مثقفٍ متقصِّدا
فيهم وكل مهندٍ مخضوبا
بعصابَة ٍ يمنيَّة مهما انتمتْ
في العُرب كان لها الحُسامُ نَسيبا
ألبسْتَ ملكَ الرومِ عارا باقياً
وكسوتَ غمَّا وجههُ وقُطوبا
فاستقبِلِ الملكَ المؤيّدَ خالداً
والدهر غضا والزمانَ قشيبا
واهنأ أبا الحجاجِ بالفتح الذي
يُهدي إليك من الفُتوح ضُروبا
وانعم بموقعِهِ الجميلِ فإنه
يُشَجي عدوا أو يسرُّ حبيبا
والدَّهر محتفِلٌ لملككَ محتفٍ
يُبدي على أثرِ العجيبِ عجيبا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هي أسعدٌ ما دونهنَّ حجابُ
هي أسعدٌ ما دونهنَّ حجابُ
رقم القصيدة : 54487
-----------------------------------
هي أسعدٌ ما دونهنَّ حجابُ
لا ينقضي عدٌّ لها وحسابُ(47/21)
وبشائرٌ تصلُ النُّفوس كأنَّما
بين النُّفوس وبينها أنسابُ
تأتي على قدرٍ فيخلفُ بعضُها
بعضاً كما خلفَ السحابَ سحابُ
أما الفتوحُ فقد تجلَّى واضحٌ
من صبحِها الأجلى وفُتح بابُ
وسَرَت بشائرها بكل تحية
شُدَّتْ لها الأفْتادُ والأقْتابُ
حتى إذا شَمِل البلاد وأهلها
فعلا لهم قَدَحٌ وعَزَّ جَنابُ
طَلَعتْ على الأعقاب أعزَّ موقعا
منها والآلاء عذابُ
فارتاح دوْحُ المُلْك عنْ فرْع العُلا
وازداد في أفُق الجلال شهابُ
واسْتُلَّ مِن أجفان خَزْرج صارمٌ
خَضَعت إليه مفارقٌ ورِقابُ
وهوتْ إليه أسِنَّة وأسِرَّة
ومواكبٌ وكتائبٌ وكتابُ
فاسْعدْ أميرَ المسلمين بطالع
يُمْنى إليه الحرْبُ والمحرابُ
واشْدُد به لأخيه أزْرا وارتقِبْ
منهم أسُودا والأسِنَّة غابُ
فإذا تسعَّرتِ الوغى وتنكَّرتْ
بهم الرجال دعَوْتهم فأجابوا
ورميْتَها منهم بكُلِّ مُجَرِّبٍ
ذلَّتْ له الأقرانُ وهي صعابُ
هُنِّيتها نُعْمى إليك جليلة
لا يسْتَقِلُّ بشُكْرها إطنابُ
لله منك مؤيَّدٌ ذو عَزْمة ٍ
راضٍ وأيامُ الزمان غِضابُ
مِن آل نصرٍ من ذؤابة خزرج
قومٌ همُ الأنصارُ والأصحابُ
آثاركَ الغَرُّ الكرامُ كواكبٌ
تأبى الكواكبُ أن يضِلَّ ركابُ
فإذا همَمْتَ بلغْتَ كلَّ مُمَنَّع
وإذا رأيت الرأي فهو صوابُ
أبديتَ من تقوى الإله سريرة ً
يُحْبى مقامُك فضْلَها ويُثابُ
وجرَيْتَ في العلياء مقتدِيّا بما
دَخَرَتْ إليك أرُومَة ٌ ونِصابُ
فاسْلم ومُلْكُك آمن مما يَتَّقي
تضْفو عليه للمُنى أثواب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> خَطْبٌ ألمَّ فأذْهبَ الأخ والأبا
خَطْبٌ ألمَّ فأذْهبَ الأخ والأبا
رقم القصيدة : 54488
-----------------------------------
خَطْبٌ ألمَّ فأذْهبَ الأخ والأبا
رغْماً لأنف شاء ذلك أو أبا
قَدَرٌ جرى في الخلْق لا يجدُ امرؤٌ
عمَّا جرَتْ به المقادِرُ مهربا
إمّا جزِعْت له فَعُذْرٌ بيِّنٌ
قضَتِ الدَّواهي أن تُحَلّ له الحُبا(47/22)
لا كانَ يوْمُها الكَرِيه فكمْ وكمْ
فيه المُجْلي والمُصَلي قد كبا
يومٌ لَوَى لَيانُهُ لم يَبْق للإسلام
حدٌّ مُهندٍ إلا نَبا
وتجمَّعتْ فيه الضَّلالُ فقابلَتْ
فيه الهُدى فتفرَّقتْ أيْدي سبا
آها لِعِز المُحْتدينَ صرامة ً
لأذلِّ عِزِّ المُهْتدينَ وأذْهبا
دَهَمَ المصابُ فعَمَّ إلا أنَّه
فيما يخُصُّكَ ما أمَرَّ وأصْعبا
يا ابن الخطيبِ خِطابَ مكترِثٍ لما
قد ألزَمَ البثَّ الألَدًّ وأوْجبا
قاسَمْتُكَ الشَّجْو المُقاسَمة َ التي
صارتْ بِخالصِ ما مَحَضْتُك مَذْهبا
لِمَ لا وأنت لديَّ سابِقٌ حَلْبة ٍ
تُزْهَى بمنْ في السَّابقين تأدَّبا
لا عادَ يومٌ نالَ مِنْك ولا أتَتْ
سَنَة ٌ به ما اللَّيْلُ أبدى كَوْكَبا
يَهْني الشَّهِدين الشهادة إنها
سببٌ يزيد من الإله تَقَرُّبا
وَرَدَا على دار النّعيمِ وُحُورِها
كَلَفاً بِبِرِّهما يَزِدْنَ تَرَحُّبا
فاستغْنِ بالرَّحْمنِ عَمَّنْ قد تَوَى
مِنْ حِزْب خَيْرِ مَنِ ارْتَضَى ومَن اجْتَبى
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أهلا بِمَقْدمِكَ السَّنِّي ومرْحبا
أهلا بِمَقْدمِكَ السَّنِّي ومرْحبا
رقم القصيدة : 54489
-----------------------------------
أهلا بِمَقْدمِكَ السَّنِّي ومرْحبا
فلقد حباني اللهُ مِنْك بما حبا
وافيت والدُّنيا عليَّ كأنها
سَمُّ الخِياط وطِرْفُ صبري قدْ كبا
والدَّهرُ قد كَشَف القِناع فلَمْ يَدَعْ
لي عُدَّة ً للرَّوع إلا أذْهبا
صَرَفَ العِنانَ إليَّ غير مُقَصّرٍ
عنّي وأثْبَتَ دُون ثَغْرتي الشَّبا
خطْبٌ تأوّبني يضيق لهوْلِه
رَحْبُ الفَضا وتهي لموْقِعهِ الرُّبا
لو كان بالوُرْقِ الصَّوادِحِ في الدُّجى
ما بي لَعَاق الوُرْق عنْ أنْ تَنْدُبا
فأنَرَتْ مِنْ ظلْماء نفسي ما دجا
وقَدَحْتَ مِنْ زِنْدِ اصْطباري ما خَبا
فكأنني لَهَبَ الهجيرُ بمُهْجتي
في مَهْمَه وبعثتَ لي نَفَس الصَّبا
لا كانَ يوْمُكَ يا طريفُ فطالما
أطْلَعْت للآمال بَرْقاً خُلَّبا(47/23)
وَرَمَيْتَ دينَ الله مِنْكَ بفادِح
عَمَّ البسيطَة َ مَشْرِقاً أو مَغْرِبا
وخَصَصْتَني بالرُّزْء والثُكْل الذي
أوْهى القُوَى منّي وهَدّ المَنْكِبا
لا حُسْن للدُّنيا لديَّ ولا أرَى
في العَيْشِ بعدَ أبي وصِنْوي مأرَبا
لولا التَّعَلُّلُ بالرّحيل وأننا
نُنْضي من الأعمال فيها مَرْكَبا
فإذا ركَضْنا للشَّبيبة ِ أدْهُما
جالَ المشيبُ به فأصْبَح أشْهَبا
والمُلْتَقَى كَثَبٌ وفي وِرْدِ الرّدَى
نَهَلَ الورَى من شاء ذلك أوْ أبا
لَجَرَيْتُ طوْعَ الحُزْنِ دُون نهاية ٍ
وذَهَبْتَ من خَلْعِ التَّصَبُّرِ مَذْهبا
والصّبرُ أولى ما اسْتكانَ لَهُ الفَتَى
رُغْماً وحَقًّ العبدِ أن يتأدّبا
وإذا اعْتَمَدْتَ الله يوماً مَفْزَعا
لمْ تُلْف منه سِوى إليه مَهْرَبا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وليلة ِ أنسٍ باح مِنّا بها الهَوَى
وليلة ِ أنسٍ باح مِنّا بها الهَوَى
رقم القصيدة : 54490
-----------------------------------
وليلة ِ أنسٍ باح مِنّا بها الهَوَى
فهُزَّت لترجيع الثَّقيلِ المناكبُ
بِعُودٍ ترى وَقْعَ الأناملٍ فوْقَها
كما اجْتَهَدْتَ في نَسْجِهنَّ العناكبً
حَشَدْنا جموعَ اللَّحنِ منه فأقْبلَتْ
كتائبُ تَقْفو إثْرهُن كتائبُ
ودارَتْ بنا الأقداحُ حتى كأننا
بدورٌ وكاساتُ المدامِ كواكبُ
يُظَلِّلُنا بالغَيْم نَدٌّ وعَنْبرٌ
وتَنْضَحُنا بالطَّيب سُحْبٌ سواكِبُ
إلى مثل هذا الأُنسِ يرْكَبُ جالسٌ
حَنِيناً لِلُقْياه ويجلسُ راكِبُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سقى طَلَلَ الحي الذي أنتُمُ به
سقى طَلَلَ الحي الذي أنتُمُ به
رقم القصيدة : 54491
-----------------------------------
سقى طَلَلَ الحي الذي أنتُمُ به
تَعالَوْا بنا نُعْطِ الصّبابة حقّها
ويُسْعِد صَوبُ الدَّمْع أجفانَ صَبِّه
ونمْسَحُ أعطافَ الزَّمانِ لَعَلَّه
يعُودُ إلى عُتْباه من بعد عَتْبِه
أعِنْدكُمُ عِلْمٌ بما يَفْعَلُ الهَوى(47/24)
إذا اسْتَنَّ دَمْعُ العيْنِ فوقَ مَصَبِّه
وما يَقْدَحُ التِّذكارَ إن هَبَّ منكُمُ
نسيمٌ يغصُّ المسْكَ دون مَهبِّه
وما كان إلا أنْ جَنَى الطَّرْفُ نَظْرَة ً
غدا القَلْبُ رَهْناً في عُقُوبة ِ ذَنْبه
وما العدْلُ أنْ يأتي امرؤٌ بجريرة ٍ
فيُؤخَذَ في أوْزارها جارُ جَنْبِه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> زارَتْ وقَدْ صَرَفَ العِنانَ الغَيْهَبُ
زارَتْ وقَدْ صَرَفَ العِنانَ الغَيْهَبُ
رقم القصيدة : 54492
-----------------------------------
زارَتْ وقَدْ صَرَفَ العِنانَ الغَيْهَبُ
والصُّبْحُ يُنشر منه بَنْدٌ مُذْهَبُ
والزَّهْرُ في نَهْر المجرَّة ِ بعضها
يطْفو بِصِفْحَتِها وبعضٌ يَرْسُبُ
وكأنما الفَلَكُ المُكَوْكَبُ غادة ٌ
زُفَّت وحَلَّ لها الحُلِيّ المَغْرِبُ
والدَّوْحُ صلَّى بالتَّحيات التي
ألْقَى بمَسْمَعِهِ النَّسيمُ الطَّيب
والطَّيرُ قد نَفَضَ الجناحَ مُؤذّنا
والوُرْقُ تَتْلُو والبلابِلُ تَخْطُب
بِكْرٌ من الحيّ الحلال ببابل
تُنْمَى إلى هارُوتِهِ إذْ تُنْسَب
محْجوبَة ٌ في خَدْرِ طِرْسٍ دُونها
للحُسْنِ من غُرِّ المعاني مَرْكَبُ
ممْنوعَة ُ الأبياتِ بالبيضِ الظّبا
فالنّجْمُ للطُّرَّاقِ منها أقْرَب
ألباب ربّاتُ الحِجالِ بلِ الحِجا
كيف اهْتَدَيْتَ وما اسْتبانَ المذْهبُ
قد كُنْتُ أقْنَعُ منك في سِنة ِ الكَرى
بالطَّيفِ فضلا عن مزارِ يَقْرُب
ويئسْتُ إذ عاقَتْكَ أحراسُ العِدا
عن زَوْرتي وتألَّفوا وتألَّبوا
تالله لو أرسلتَ طيفَكَ لانْثَنى
خَوْفَ القواطِعِ خائفا يترقَّبُ
فأبيْتَ إلا أن تُبَرِّدَ غُلّة ً
لو عُلِّلَتْ بالبحْرِ كانت تَلْهَبُ
فَرَغَ الإلاهُ عن الحُظوظِ فَعَدِّ عن
حظٍ تَكِدُّ له فحظُّك يطلبُ
قسماً بِمُهْديك الذي أنوارُه
كالشمسِ إلا أنها لا تَغْربُ
لنَعَشت مني مُهْجة ً مَطْلُولة ً
وأنلْتني فوقَ الذي أنا أطلبُ
إيهٍ أبا حسَنٍ بأي عبارة
أثْنِي على عُلْياكَ عَزَّ المطلبُ(47/25)
طَوَّقتني منها قِلادَة مَفْخرٍ
في مثلها باغي المكارِمِ يَرْغَبُ
هذا وكم لك منْ يدٍ مَشفُوعة ٍ
لا يسْتَقلُّ بحمْلِها لي مَنْكِبُ
وإليكَها كالبَحْر قِيسَ بمذْنَبٍ
والشمسُ نازَعَها الضِّياءَ الكَوْكَبُ
وتوَخَّني بالعُذْرِ إنَّ قريحتي
كالضَّرْع جفَّ وشحَّ مما يُحْلبُ
أمَّا دُعاؤكَ لي فعِلْمي أنَّه
ما إنْ له إلا العِنايَة َ مُوجِب
والوقْتُ فيه للقَبُولِ مَظِنَّة ٌ
وبِساطُ حالِ الوقتِ عنه يُعْربُ
هذا جنًى غَرَسَتْه كفُّ رِضاكَ لي
فهَصَرْتُه وهو الكثيرُ الأطْيَبُ
ونَتِجَة ٌ قَدَّمْتُ عند قِياسها
ما يوجب الإحسانَ لا ما يَسْلُبُ
لكنْ غَدَوْت برغم أنفي قاعِدا
والدّمعُ من عيني يفيضُ ويَسْكُبُ
وتنازعَ القَصْدانِ عَزْمي عندها
فالضّعفُ يُمْسك والتَّشوُّقَ يَجْذبُ
والعزْمُ بين المقصِدَين مُرَدَّدٌ
والقلبُ بين الحالتينِ مُذَبْذَبُ
ولو أنني ألْفيَتُ طِرْفاً يُرْتَضى
للفَرِّ والتأويلُ فيه يُجَنَّبُ
وإذا تَبَيَّنَتِ المقاصِدُ لم يكن
فيها أخو جِدٍّ كمن هو يلْعبُ
لبذلتُ فيه كلّ ما مَلكَتْ يدي
وحثَثْتُه للحرْبِ فيما أحْسِبُ
وهزَزْتُ فيه كلّ أسمَرَ ذابلٍ
يشْقَى بطَعْنتِه العدُوُّ الأصهَبُ
ما بِنْتُ عنه لفَرْطِ جبنٍ فاضِحٍ
كلا فما قلبي لذُعْرٍ يَنْحَبُ
والحتْفُ غاية ُ من يرُوحُ ويغتدي
فإذا فررْتَ إليه منه المهْرَبُ
وحَذَرْتَ لي عُقْبى القطيعة جاهداً
وهي الطَّريقة ُ والسَّبيلُ الأصْوبُ
لكن لديَّ فراسة ٌ معضْودَة ٌ
فإذا ظَننْتُ فإنها لا تكْذِبُ
والشّرْعُ يعتبرُ الظُّنونَ وسيما
ظنٌّ يكادٌ الحقُّ فيه يَغْلبُ
كِلْني لعلمي في صحابي إنني
بهِمُ خبيرٌ ماهرٌ ومُجَرِّبُ
لك ظاهِرٌ منهم حَكَمْتَ به ولي
منهُم بواطِنٌ عن عِيانِك غُيَّبُ
سِيانِ منهم واصلٌ أو هاجِرٌ
أو عاذِرٌ أو عاذِلٌ ومُؤنِّبُ
مهما جفاني صاحِبٌ في الناس لي
سَعة ٌ وفي عرْضِ البسيطة ِ مَذْهبُ
لا تسْتَقِرُّ على التّنافُس صُحْبَة ٌ(47/26)
وموَدّة ُ الأكفاءِ أمرٌ يَصْعُب
والماءُ إن ألف الثَّواء تغيَّرتْ
أوصافُه وعلا عليه الطُّحْلُبُ
إنّ الصّداقة َ لفْظة ٌ مدْلُولها
في الدّهْرِ كالعنْقاءِ بل هو أغْربُ
كم فضّة ٍ فُضَّتْ وكم من ضَيْعة ٍ
ضاعت وكم ذهبٍ رأينا يَذْهبُ
إلا الصداقَة َ فهي ذُخْرٌ خالدٌ
أسْمى وأسْنى ما اكْتَسَبْتَ وتَكْسِبُ
وإذا رَضِيَت وقد رَضِيتَ فليس لي
عِلْمٌ بمن يرضى ومن يغْضَب
وإذا بَقيتَ فلستُ أبكي مَنْ مَضَى
لم لا وأنت الأهلُ عِنْدي والأبُ
أمحلَ والدي الذي لجَنابِه
آوي وفي مَرْضاتِهِ أتَقَلَّبُ
خيَّرتَني بين المُقام أو السُّرى
والأمرُ يُفْصِحُ بالمسير ويُعْرِب
فترجَّحَ العزْمُ الحثيثُ وساقِطٌ
حُكْمُ الإباحة ِ ما اسْتبانَ الأوجب
ووعَدَت بالعذْرِ الجميلِ وإنني
لأخافُ من يَبْغي عليَّ ويَعْتِبُ
نَبهَت لمَّا نِمْتُ عنك مُؤمَّلا
يُرْدِي الأعادي منك ماضٍ مُقْضِب
فامدُدْ لها كُفّا بُنَيَّة ساعة ٍ
لكن أبوها دونَ فَخْرٍ مُنْجِب
وإذا أتَتْكَ عشية ً فامْدُدْ لها
عَرَضْتَ لنا أصلا فقلنا الرَّبرب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أعاتِبُ دهرا لا يُصيخُ إلى عَتْبِ
أعاتِبُ دهرا لا يُصيخُ إلى عَتْبِ
رقم القصيدة : 54493
-----------------------------------
أعاتِبُ دهرا لا يُصيخُ إلى عَتْبِ
وأسألُهُ صفْحاً ومالي من ذَنْب
وأعْلِنُ بالشَّكْوى إلى غير راحِم
فأشْكُو وقد عزَّ العزاءُ إلى ربي
أبا حسَنٍ ما للزمان يَنُوشُني
كأنك لم تعْلمْ بوُدِّي ولا حُبِّي
ومن لي بأقوام علَيَّ تألَّبوا
أسالِمهُم دَهْري ويَسْعَوْن في حربي
وأنت علي قد علِمَتْ تَشَيُّعي
فكُن ناصري وادْرَأ جموعَ بني حَرْبِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ألا حدِّثاها فهي أمُّ العجائب
ألا حدِّثاها فهي أمُّ العجائب
رقم القصيدة : 54494
-----------------------------------
ألا حدِّثاها فهي أمُّ العجائب
وما حاضِرٌ في وصْفِها مثلَ غائبِ(47/27)
ولا تُخْليا منها على خطَرِ السُّرى
سُروجَ المذاكي أو ظُهورَ النجائبِ
ولا تُغْفلا من وَسْمِها كلّما سرَتْ
صدورُ القوافي أو صدورُ الرَّكائبِ
وحُطَّ لها بين الحَطيمِ وزمزمِ
رجالا من البُشْرى مِلآء الحقائبِ
هو الخبَرُ الصِّدقُ الذي وضَحت به
سبيلُ الهُدى بعد الْتباسِ المذاهِب
وما هي إلا دعْوة ٌ يُوسُفِيَّة ٌ
أثارتْ قَبُول الله ضَرْبة َ لازِب
سَمَتْ نحو أبوابِ السّماءِ فلم تُرَعْ
بتَشْغِيب بَوّابِ ولا إذْنِ حاجِب
أيوسُفُ إنّ الدّهرَ أصبح واقِفا
على بابِكَ المأمولِ مَوْقِف تائبِ
دُعاؤُكَ أمضى من مُهنَّدة الظُّبا
وسَعْدُكَ أقضى من سُعُودِ الكواكِب
سُيُوفُكَ في أغمادِها مُطمئنَّة ٌ
ولكنّ سيْف الله دامي المضارِبِ
فَثِق بالذي أرْعاكَ أمرَ عباده
وسلْ فضلَه فالله أكرمُ واهِبِ
لقد طَوّق الأذفنشَ سعدُكَ خِزْية ً
تجِدُّ على مرِّ العصورِ الذّواهِبِ
وفَيْتَ وخانَ العهْدَ في غيرِ طائل
وصدَّقَ أطماعَ الظُّنونِ الكواذب
جرى في مجاري العِزّ غيرَ مقصِّرٍ
وهل نَهَضَ العُجْبُ المُخِلُّ براكِب
وغالَبَ أمرَ الله جلَّ جلالُه
ولَمْ يَدْرِ أنّ الله أغْلَبُ غالِبِ
ولله في طيّ الوجودِ كتائبٌ
تَدِقُّ وتخفى عن عُيُونِ الكواكِبِ
تُغيرُ على الأنفاسِ في كُلِّ ساعة ٍ
وتكْمُنُ حتى في مياهِ المشارب
أخَذْتَ عليهِ الطُّرْقَ في دارِ طارِقٍ
فما كَفَّ عنه الجيشُ من كَفِّ ناهب
فصار إلى مَثْوى الإهانَة ِ ذاهبا
وخَلَّفَ عارَ الغدْرِ ليْسَ بذاهِب
فمِن قارع في قومِه سِنَّ نادِم
ومِنْ لاطِمٍ في خدِّه خَدَّ نادِبِ
مصائب أشْجَى وقعُها مُهَجَ العِدا
وكمْ نِعَمٍ في طَيّ تلكَ المصائب
وإن لم يُصِبْ مِنْهُ السِّلاحُ فإنما
أصِيبُ بسَهْم من دُعائكَ صائِب
ولله من ألْطافِه في عبادِه
خزائنُ ما ضاقَتْ بمَطْلَبِ طالِب
فمهما غَرَسْتَ الصَّبرَ في تُرْبة ِ الرِّضا
بحُكْمِ القَضَا فلْتجنِ حسْنَ العواقِب
ولا تُبْعِدِ الأمرَ البعيدَ وقوعُهُ(47/28)
فإنّ الليالي أمهاتُ العجائِب
هنيئا بِصُنْعِ قد كفاكَ عظيمُهُ
رُكوب المرامي واخْتيارَ الكواكِب
ودونكَ فافْتح كلّ ما أبْهَم العِدا
ورُدَّ حُقوقَ الدِّينِ من كُلِّ غاصِب
وبادرْ عدوَّ الله عند اضْطِرابِهِ
وعاجِلْه بالبيضِ الرِّقاقِ القواضِب
إذا قيل أرضُ الله إرثُ عبادِهِ
بمُوجِب تقوى أنت أقْرَبُ عاصِب
ألَسْتَ من القومِ الذين إذا انْتَموْا
نَمَتْهُم إلى الأنصا غُرُّ المناسب
سماحَة َ إيمانٍ وإشراقَ أوْجُهٍ
وصِحَّة َ أحلام وغُرَّ مناقِب
إذا أشْرَقَتْ يومَ النّوالِ وجوهُهُم
رأيت البدُورَ في خِلال السَّحائب
ويا جبَلَ الفتحِ اعتمدْها صنيعة ً
رأينا بها كيف انجلاءُ الغياهب
إذا ما هباتُ الله كانتْ صحيفة ً
فما هي إلا سَجْدة ٌ في المواهِب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أأبْصرتَ مني في المصانع قُبَّة ً
أأبْصرتَ مني في المصانع قُبَّة ً
رقم القصيدة : 54495
-----------------------------------
أأبْصرتَ مني في المصانع قُبَّة ً
تأنَّقَ فيى السَّعْدُ من كُلّ جانب
فتُتلى سُطورُ الكتْبِ فوْقيَى دائما
وتُعْرضُ من تحتي سطورُ الكتائِب
وفي ساحتي مَسْعًى لطالِبِ رحْمة ٍ
ومأمنُ مُرْتاعِ وموْقِفُ تائب
فقُلْ فيّى إني للمأمَّلِ كعْبة ً
وإن كنتُ قد أبْرزْتُ في زيِّى كاعب
أنا الغادة ُ الحسناءُ يُغْني جمالُها
عن الدّر من فوق الطُلَى والتَّرائب
وما الحُسْنُ إلا ما يكون طبيعة ً
بلا جُهدِ مُحْتالٍ ولا كسْبِ كاسِب
ومن آيتي أنّي على حالِ عِزّتي
قعدتُ ببابِ المُلْكِ مَقْعَدَ حاجِبِ
أُدِلُّ على ما حازَهُ من جلالة ٍ
وكم شاهِدٍ أبدَى محاسنَ غائب
فدامَ جميعَ الشَّملِ في ظِلّ نعْمة
من الله مَشْمولا بِحسن العواقب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنورُ سناءَ لاحَ في مشْرِق الغرْبِ
أنورُ سناءَ لاحَ في مشْرِق الغرْبِ
رقم القصيدة : 54496
-----------------------------------
أنورُ سناءَ لاحَ في مشْرِق الغرْبِ(47/29)
وفرعُ اعتلاءَ لاحَ في دَوْحة ِ العُرْب
ووارثُ أعلامِ العلا نَشِبَ النّدى
ومَوْقِدُ نورِ البِشْرِ في ظُلَمِ الكرب
نَطَقْت فحُزْتَ الحُكمَ فَصْلاً خطابُه
يُقَلَّبُ من وَشْي البلاغة ِ في عَصْب
ومَنْ كأبي بكرٍ عميدا مؤملا
خُلاصَة َ شَعْب العِلْمِ ناهيكَ من شعب
كفيلٌ بنَيْلِ الجودِ قبل سُؤالهِ
وَصُولٌ إلى الغاياتِ في المَرْكَبِ الصعب
وأي انْسِكابٍ في سحائب كفِّه
إذا كَلَحَت شهباءُ عن ناجذِ الجدب
وأي مضاءَ في لطيفِ طِباعِه
كما سكَنَ التّصْميمُ في ضُبَّة ِ القُضْب
سُلالة ُ أعْلامٍ وفَرْعُ مكارِم
بهم فَلَكُ العَلْياءِ دارَ على قُطْب
عَشَوْا نحوَ نورِ الله يَقْتبسونه
وقد خَرَقُوا من دُونِه ظُلمَ الحُجْب
حَمَوْا حائمَ التّهْويم وِرْدَ جُفونِهِم
وشَدُّوا وثاقَ السُّهد في شَرَكِ الهُدْب
أتوْا دَوْحة َ التّحقيقِ تَدْنو قُطوفُها
فحازُوا جناها وهي معْرِفة الرَّب
وهَزُّوا فُروعَ العلْمِ وهي بواسِقٌ
فلله ما جازُوهُ من رُطَبِ رَطب
فإن جَرَتِ الأيامُ في غُلُوائها
وجرَّت وشيجَ القَسْر في مأزقِ الخَطْب
فما لقِيتْ إلا شُجاعا مُجرَّبا
ولاّ عَجَمَتْ إلا على عُودِكَ الصُّلْب
وإن أغْفَلْتُ من فرضِ بِرَّكَ واجباً
على أنها قد أوطأتْك ذُرى الشُّهْب
فقد دَرأتْ حقّ الوصِيّ سفاهَة ً
عليّ وأعْلتْ من قِداح بني حَرْب
ورُبّما حادَ اللئيمُ بنائلٍ
وشَنّ بأقْصى سرْجِه غارَة َ العضْب
وأنت من الصِّيدِ الذين سَمَت بهم
أرُومَة ُ لَخْمٍ في حدائقِها الغُلْب
إلى عمرِ هندٍ حيثُ يخْتَصِمُ العلا
ويَشْهَدُ نَصْلُ السَّيفِ في حَومَة الحرب
إلى مُرْتَقى ماء السَّماء الذي كسا
زمانَ احتدام المَحْل أردِيَّة َ الخِصْب
فلا العِزُّ يُعْزَى مُنْتهاه لحاجِبٍ
ولا الجودُ يُجْدي أن تُذُوكِرَ في كَعْب
فكم أنجبوا من صارم ذي حفيظة ٍ
إذا كَهَمَتْ ذُلْقُ الصِّفاحِ لَدَى الضَّرْب
وكم أعقبوا من ضَيْغَم يرغَم الطُّلا(47/30)
ويهزِمُ أسبابَ الكتائب والكُتْب
إذا عَمَّ طرسَ اليومِ نفسُ دُجُنَّة ٍ
وعمَّمَ بُرْسُ الغُرِّ في هامَة ِ الهُضْب
حشا باهظُ الأجزالِ وقد ضِرامِها
فأوْرتْ جحيما لافِحاً أوجهَ السُّحْب
وأعملَ في الكَوْماء حَدَّ حُسامِه
فخَرَّت وشِيكاً للجبينِ وللجَنْب
فأثقل أكْتاداً وعمَّ حقائباً
وأنْهَلَ ضَيْماً نبعَ مطّرِدٍ عذب
يروم بسَكْبِ الجُود كَسَب ثنائهم
فلله من سَكْبٍ كريمٍ ومن كَسَب
مآثرُكُم آل الحكيمِ بقِيتُم
بَلَغْنَ مَدى الحصرِ المُواصِلِ والحَسْب
فماذا عسَى أحصي وماذا عسَى أفي
أيُنْضِبُ لُجَّ اليَمِّ مُسْتَنزَرُ الشُّرْبِ
على أنني مهما اقتضبتُ بديهة ً
على خبَرِ العنْقاء إن ذُكِرَتْ تُرْبي
وما الشِّعرُ إلا ما أفوهُ بسحْرِهِ
وما خَلَّصَت إبْريزَه شُعْلة ُ اللُّب
ولستُ كمن يَعْتَدُّ بالشِّعرِ مَكْسَباً
هَبِلتُ رضيعَ المجدِ إن كان منْ كَسْب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> الحمدُ لله مَوْصُولا كما وجبا
الحمدُ لله مَوْصُولا كما وجبا
رقم القصيدة : 54497
-----------------------------------
الحمدُ لله مَوْصُولا كما وجبا
فهو الذي برداء العِزّة احْتَجَبا
الباطِن الظّاهرِ الحق الذي عَجَزَتْ
عنه المدارِكُ لما أمْعَنَتْ طَلَبا
علا عنِ الوصْفِ مَن لا شيءَ يُدْرِكُه
وجَلَّ عن سبَبٍ من أوْجَدَ السّببا
والشُّكرُ للهِ في بدْءٍ ومُخْتَتَم
فالله أكرَمُ من أعْطى ومَنْ وَهَبا
ثم الصّلاة ُ على النُّورِ المبينِ ومن
آياته لَمْ تَدَعْ إفْكاً ولا كَذِبا
مُحَمَّدٌ خيرُ من تُرْجى شَفاعتُهُ
غداً وكُلّ امرىء ٍ يُجْزَى بما كَسَبا
ذو المعجزات التي لاحَتْ شواهِدُها
فشاهَدَ القوْمُ من آياتِهِ عجَبَا
ولا كمِثْلِ كتابِ الله مُعجِزَة ٍ
تبْقَى على الدَّهْرِ إنْ ولّى وإنْ ذهبا
صلّى عليه الذي أهْداهُ نُورَ هُدًى
ما هبَّتِ الرِّيحُ من بعدِ الجنوبِ صَبا
ثمّ الرّضا عن أبي بكْرٍ وعن عُمَرٍ(47/31)
بَدْرانِ من بعده للمِلّة ِ انْتُخِبا
وبعدُ عُثْمان ذو النُّورَيْن ثالِثُهم
من أحْرَزَ المجدَ مَوْروثا ومُكْتَسَبا
وعن عليًّ أبي السِّبْطَيْن رابِعهم
سيْفِ النّبي الذي ما هزَّه فَنَبا
وسائِرِ الأهلِ والصّحْب الكرامِ فهُمْ
قد أشْبَهُوا في سماء الملَّة ِ الشُّهُبا
وبَعْدَ أنصارِهِ الأرضَيْن إنّ لهمْ
فضائلاً أعْجَزَتْ منْ عدَّ أو حَسَبا
آوَوْه في الرَّوْع لمّا حَلّ دارَهُمْ
وجالَدُ وأمنْ عَتا في دينِهِ وأبا
وأوْرَثُوا مِنْ بني نَصْرٍ لنُصْرَتِهِ
خلائفاً وصلُوا من بعدِهِ السّببا
ولا كيُوسُفَ مولانا الذي كَرُمَتْ
آثارُهُ وبنيهِ السّادة ِ النُّجَبا
وبعدَ هذا الذي قدَّمْتُ من كَلمٍ
صِدْق يُقَدِّمُهُ من خَطّ أو خَطَبا
فإنني حُزْتُ من سامي الخلالِ مدًا
أجَلْتُ فيه جِياحَ الفَخْرِ مُنْتَسَبا
إمارَة ٌ قد غدا نصْرٌ لقُبَّتِها
عِمادَ عِزٍّ وكُنّا حولهُ طُنُبا
سلَكْتُ فيها نهْج الإمام أبي
وطالما أشْبهَ النّجْلُ الكريمُ أبا
فكان أوّلَ ما قدَّمْتُ في صِغَري
مِنْ بعد ما قد جَمَعْتُ الفضْل والأدَبا
إني جعَلْتُ كتاب الله مُعْتَمِدا
لا تعرفُ النّفسُ في تحصيلِهِ تَعَبا
كأنني كُلّما رَدَّدْتُه بفمي
أسْتنشِقُ المِسْك أو أسْتَطْعِمُ الضَّرَبا
حتى ظفِرْتُ بحظٍّ منهُ أحْكِمُهُ
حِفْظاً فَيَسَّرَ منه الله لي أرَبا
وعن قريبٍ بحولِ الله أحْفظُهُ
فرُبّما أدْرك الغاياتِ مَنْ طلبا
فالله يجْرزي أميرَ المسلمينَ أبي
خيْر الجزاء فكَمْ حقٍّ لهُ وَجَبا
وأنْعُم غَمَرَتْني منه واكِفة ٍ
وأنْشَأْت في سَماء اللُّطْفِ لي سُحُبا
قَيْسًا دَعاني وسَماني على اسْم أبي
قَيْسٍ بن سَعْدٍ ألا فاعْظِم به نَسَبا
بأي شُكْرٍ نُوَفِّي كُنْهَ نِعْمَتِه
لو أنّ سحْبان أو قُسّاً لها انْتُدِبا
وكافأ اللهُ أشْياخي برَحْمتِهِ
ومن أعانَ ومن أمْلى ومن كَتَبا
والحمدُ للهِ ختْماً بعد مُفْتَتَحِ
ما البارِقُ التاج أو ما العارِضُ انْسَكَبا(47/32)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سُعُودك لا ما تَدَّعيه الكواكِبُ
سُعُودك لا ما تَدَّعيه الكواكِبُ
رقم القصيدة : 54498
-----------------------------------
سُعُودك لا ما تَدَّعيه الكواكِبُ
وجُودُك فينا لا السّحابُ السّواكِبُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> حديثٌ على رغم العلا غيرُ كاذبِ
حديثٌ على رغم العلا غيرُ كاذبِ
رقم القصيدة : 54499
-----------------------------------
حديثٌ على رغم العلا غيرُ كاذبِ
تغصُّ النوادي عندَهُ بالنوادِب
ولله من سهم على البعْدِ صائبٍ
رمى ثغرَة َ المجد الصريح المناسِبِ
أيا صاحبي نجواي دعوة َ صاحبٍ
أطافَتْ به الأشجانُ من كلِّ جانِبِ
ألمَّا بأجداثِ العُلى والمناقِبِ
تحيى ثَراها واكفاتُ السَّحائب
يغصُّ الغمامُ الجَوْنُ يوْمَ انْسِكابِهِ
إذا صَدَرَتْ عن راحتَيْكَ المواهِبُ
ويَصْغُرُ عند الشّمسِ في روْنقِ الضًّحى
سَناها إذا دارَت عليْكَ المواكِبُ
بِك ارْتاحَ دينُ اللهِ في عُنْفوانِهِ
وشُيِّدَ رُكْنٌ منهُ واعْتَزّ جانِبُ
وأصْبَحَتِ الأيامُ رائقة َ الحُلا
وقدْ حُلِيَتْ منها الطُّلا والتَّرائِب
وفاخَرَ بعضُ الأرضِ بعْضاً فأصْبَحَتْ
مشارِقُها تُزْرِي عليها المغارِبُ
لِواؤُكَ منصورٌ وحِزْبُكَ ظافِرٌ
وملْكُك محْفوظٌ وسيْفُكَ غالِبُ
ورِفْدُكَ موْهوبٌ وعزْمُكَ مُبْرَمٌ
وبأْسُكَ مَرْهوبٌ وسهْمُكَ صائبُ
مجازُ المعاني الغُرِّ فيك حقيقة ٌ
وحبُّكَ فرْضٌ في العقائدِ واجِبُ
فتُهْدى بك الأمْداحُ قَصْدَ صوابِها
إذا أعْوَزتْها في سواكَ المذاهِبُ
سما بِكَ في الأنصارِ بيْتٌ سما بهِ
إلى ذِرْوة ِ البيتِ الرّفيعِ المَناسِبُ
وأطْلَعَ سَعُْد منك بدْرَ خلافة ٍ
تُنيرُ به الدُّنيا وتُجْلَى الغياهِبُ
ومن ذا له فخْرٌ كسَعْدٍ على الوَرى
فسعْدٌ وزيرٌ للنّبيّ وصاحِبُ
مكارِمُ لم تخْلُقْ على بُعد المَدَى
ولا شابَ منها الخالِصَ البَحْتَ شائِبُ(47/33)
لك الله من ليثٍ حمى حوزَة َ الهُدَى
وعضْبٍ يمانٍ لم تخُنْهُ المضارِبُ
وبدْرِ كمالٍ ضاء تلْتاحُ حولهُ
من الأمراء الغالبين الكواكِبُ
إذا ذُكرِ الأملاكُ من مثل يوسُف
يُسالِمُ في ذات الهُدى ويحارِبُ
ويُعطي الرّماحَ السَّمْهريّة َ حقّها
ويضْمنُ عُقْبى الدَّهرِ والدهرُ عاتِب
وتضْفُو على أعْطافِهِ حُللَ العُلا
مُطَهَّرة ٌ ما دَنَّستْها المعائب
وتخْتَرِقُ الأرجاءَ من طيبِ ذكرِهِ
جنادِبُ تحْدوها الصّبا والجنائبُ
هل المسْكُ مفْتوتٌ بمدْرَجة ِ النّدى
أم ادُّكِرَتْ منك العُلا والمناقِبُ
لعمْرُكَ ما ندري إذا ما سَمَتْ بنا
بمجْلِسكَ السّامي الجَلال المراتِب
وقَرَّت بمرْآكَ العُيون وقيَّدَتْ
بمنْطِقكَ الفَصْل الحِسانُ الغرائبُ
أتِلْكَ شمولٌ صِرْفة ٌ أم شمائلٌ
وهلْ ضَرَبٌ عَذْبُ الجنى أم ضرائبُ
مهابة ُ مُلْكٍ في مخِيلة ٍ رحْمة ٍ
كما اسْتَرْسَلَتْ عند البُروق السَّحائِبُ
أما والقِلاصِ البُدْنِ في لُجَج الفلا
غوارِبِ حتى ما تبينً الضّرائبُ
إذا هاجَ بحرُ الآل من هبَّة الصبا
فهنَّ طواف في السّرابِ رواسِبُ
قطعْنَ إلى البيتِ العتيقِ على الوجا
مفاوزَ لا تنجو بهِنَّ النجائبُ
لأنتَ عمادُ الملكِ والله رافِعٌ
وأنتَ حسامُ الدين والله ضارِبُ
ندبْتَ إلى الأمنِ البلادَ وأهلها
ولا قلْبَ إلا بالمخافة ِ واجبُ
وسكّنت بحرَ الخطْبِ واللجُّ مزبدٌ
وموجُ الردى آتيهُ متراكِبُ
وصلتَ على الشكِّ الملجلجِ بالهدى
وقد رُجِمت فيك الظّنونُ الكواذبُ
وأوضحْتَ طرْقَ الحق للخلقِ بعدما
عفَتْ منه آثارٌ ومحَّت مذاهبُ
ووافق شهرُ الصوم منكَ خلفية ً
له في مقامِ الذّكرِ قلبٌ مراقبُ
فأزمعَ عنكَ السّير لا عن ملالة ٍ
وقد كمُلت بالبر منه المآرِب
ووافاكَ عيد الفِطْر يطوي لك المدى
وحطّت له في مُنْتداكَ الركائبُ
وما هو إلا من عُفاتكَ قد أتى
ترغِّبه فيما لديك الرّغائبُ
أمولاي خُذْها في امتداحك غادة ً
تغارُ بمرآها الحِسان الكواعبُ(47/34)
وروض بنانٍ أينعَتْ ورقاتُهُ
وقد سحّ فيها من بنانِكَ ساكِبُ
ولا زلت تجْني النَّصر من شجَرِ القنا
وتُدني الأماني وهي شمسٌ مصاعِبُ
وتثني لعلياكَ الرّكائب في السُّرى
ولو سكتوا أثنَتْ عليك الحقائب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> برِحتُ إلى الشّوق المبرِّح من قلبي
برِحتُ إلى الشّوق المبرِّح من قلبي
رقم القصيدة : 54500
-----------------------------------
برِحتُ إلى الشّوق المبرِّح من قلبي
وسلَّمتُ أمري في الغرام إلى رَبي
وصانَعت الحاظ الظِّباء بمُهجتي
فما قبِلَت سِلمي ولا تركت حَربي
إذا لامَ قلبي في الهَوى عيني التي
جنَتْ صرفت عني الملامَ إلى قلبي
فلا تنكروا أن هزَّتِ الريحُ منكبي
وأذهلني وَجْدي عن الأهْل والصَّحب
ففي سكْرة ِ الصَّهباء ما تعلمونَه
فكيفَ إذا انضافَتْ إلى سكرة ِ الحُب
وبي من ظِباء الإنس رائقة َ الحُلى
وهبْتُ لها نفسي وملَّكتها لُبي
صبوْتُ وما قلبي بأوَّل من صبا
لناطقَة ِ القُرْطين صامتَة ِ القُلْب
إذا ما رنَتْ غارت بألحاظها الظِّبا
ومهما انثنَتْ غصَّت منعَّمَة ِ القُضْب
شكوتُ لها داء الهوى فاشتكَتْ به
فأبكي لها من حُبِّها وهي من حُبي
خليلي جرَّبت الهوى وخبرْتُهُ
فمُلِّيت علماً منه بالسهل والصعبِ
وما عرفتْ نفسي ألذَّ من اللّقا
وأندى على الأكبادِ من ساعة ِ القُرْب
وأحلى من العُتبى وأشهى من الرِّضا
إذا جاءَ من بعدِ القطيعَة ِ والعتْب
سأذهبُ في اللذاتِ ملء أعنتي
وأُركضُ خيل اللهو في طلقٍ رحْب
وإنَّ ودادي في الخليفة ِ يوسُفٍ
يكفِّرُ عند الله ما كان من ذنبِ
سلالَة ِ أنصارِ الهُدى وحُماتهِ
ووارث حزبِ الله ناهيك من حِزْب
محيًّا كمثل الشمسِ في رَوْق الضُّحى
وكفٍّ كما حُدِّثت عن واكف السُّحب
يصاحبُه التوفيقُ في كل وِجهة ٍ
ويقدمُ منه الجيْشَ جيشٌ من الرُّعب
به نظم الله الشّتاتَ فأصبحت
نفوسُ البرايا وهي آمنة ُ السِّرب
فدامَ قريرَ العين في ظلِّ عيشة ٍ(47/35)
تُنيف معاليهِ على رُتبِ الشُّهْب
ولا برِحْت أيامُهُ وزمانُه
مآثرُها تحيا بها دولَة ُ العرب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لك الحقُّ الذي يجبُ
لك الحقُّ الذي يجبُ
رقم القصيدة : 54501
-----------------------------------
لك الحقُّ الذي يجبُ
وفضلك ليس يحتجب
ودون عُلاك ما تُنمى
إليه السَّبعة ُ الشُّهب
وفوْقَ ابن البتول ابن
وفوق ابن البتول أبُ
أتتني منكَ زائرَة ٌ
يقودُ هدِّيها الأدَبُ
زرَتْ بابن الحسينِ فما
له في الحُسْن منتسَبُ
ونادت بالرَّضى لقدْ
حكيت وفاتَكَ الشَّنب
تعالى الله من يهبُ الكمالَ
ونعْمَ ما يَهَبُ
تُغازلني معانيها
فتُسفِرُ ثمَّ تنتقِبُ
ولكن نغَّص المَسْرى
ودهري كلُّهُ عجبُ
وأوحَتْ عنك لي وَصَبا
تخطى مجدَكَ الوصَبُ
فصرْتُ كصاحبِ الضَّليلِ
دون الدَّرْب أنتحِبُ
فإنَّك ذُخري الأعلى
ومعقِلُ عزِّي الأشِبُ
وأنت جميعُ أسبابي
إذا ما أعوَزَ السبَبُ
وجدتُكَ عدتي وغنى
يدي إذا أذهِبَ الذهبُ
فلولا أنك اسبقَيْتني
والعقل مستلبُ
وبالدَّر النثيرِ شعبتَ
صَدعا ليسَ ينشعِبُ
فدتْك كواعِبُ الخضراء
لا عجَمٌ ولا عربُ
ودُمت الدَّهر في سُحُبٍ
من الآلاء تنسحِبُ
ألا بكيا روْضَ الجلال الذي ذَوي
على حين هزَّتهُ السماحَة ُ واستوا
وجادتْهُ أخلافُ الخلافَة ِ فارتوا
ونوحا على نجْمِ العلاء الذي هَوا
فأبرَزَ شمسَ الجوِّ في خلعَة ِ الجوا
فللهِ من ديوانِ فضلٍ قد انطوا
وعوجا بأكنافِ الضَّريح الذي حوا
من الجودِ والإفضال أسنى المراتِبِ
أقيما بحقِّ مأتمَ الباسِ والنَّدى
ولا تقفا خيْلَ الدُّموع إلى مدا
لبدرٍ جلى جنْحَ الرجا لِمن اهتدى
وغصْنٍ ذوى حينَ استوى وتأوَّدا
وسيف إمام أغمدتْهُ يدُ الرَّدى
ولا تأنسا ما راح ركبٌ وما غدا
ألا فابكيا غيث المواهِبِ والجدا
وليث الشَّرى نجلَ السُّراة الأطايب
هو الدَّمْع إن شحّتْ لخطب عيونُه
على ابن أبي عمرو يُذالُ مصونُه
فتًى حرَّك الأرجاء حزناً سُكنوه(47/36)
وغالَتْ قصيات الأماني مَنونهُ
فحُثا سحابَ الدَّمْع تهمي هتونُهُ
عليه كما كانَتْ تصوبُ يمينَهُ
وجودا بوبْلِ الدَّمعِ تهمي شؤونُهُ
كما هملَتْ مزَنُ الغيوثِ السواكِبِ
وقولا لمن شُدَّت إليه نُسوعه
تُؤمِّل منه النصر فيما يروعُهُ
فيصرِخُه إن ضاقَ بالرَّوع روعُهُ
هو القدرُ المحتومُ حُمَّ وقوعُهُ
وبدرُ الليالي لا يُرجَّى طلوعُهُ
وقلب المعاني أسلمتْه ضلوعُه
ونوحا فإنَّ المجدَ أقوَتْ ربوعهُ
وزلزِلَ منه مشمخِرُّ الأهاضبِ
هصرْتَ ثمار العزِّ طيّبة الجنا
وشيَّدت مثوى الفخْرِ مستحكَمَ البِنا
وخلَّفت في الأرجاء من ذائِع الثنا
فضائِع لا يغتالُها طارقُ الفنا
وصيَّرت صعْبَ الشَّرق للغربِ هيناً
وكنت مسرّ اللخلوصِ ومُعلنا
وما كنتَ إلا البحر والطَّودَ والسَّنا
تضيءُ ضياء الزَّاهرات الثواقِب
ألهفاً عليها من خلالٍ كريمة ٍ
كروْضِ الرُّبا تفترُّ في أرض ديمة
ترفُّ جناها عن أصولٍ قديمة ٍ
ودرَّة ِ مجدٍ لا تُقاسُ بقيمة
تذودُ عن الأحرارِ كل عظيمة
وكم من معالٍ قد حويْت عظيمة
وما كنْتَ إلا حائزاً كل شيمة ٍ
من الفخْرِ سبَّاقاً لبذل الرَّغائب
إذا ذكر الحُجَّابُ في كل مشهَدٍ
وأملاكهُمُ في كلِّ هاد ومهتَد
ومعتمدٍ من بعدهم ومؤَيِّد
وعددت الآثارُ من كل أوحَد
كما زين نحْرٌ بالفريدِ المقلَّدِ
وكانوا نجوماً في الزمان لِمُهتَد
فما اختصَّت الأملاكُ مثل محمدٍّ
وما افتخرَتْ طول الزَّمان بحاجِب
محمَّد أحرزْتَ العلاءَ المكمَّلا
فعُلياكَ قد حطَّتْ سِواكَ وإن علا
فكنتَ الحيا والبدْرَ جوداً ومُجتلا
وسيفاً طريرَ الحدِّ منتظِمَ الحُلا
بلغْتَ التي ما فوقَها متمهَّلا
وما بالغ الإطنابُ فيكَ وإن غَلا
وما نالتِ الأشرافُ ما نلْتَ من عُلا
ولا لك ندٌّ في العلا والمناقِب
لأبديْتَ في التَّدبير كلَّ عجيبَة
بآراء كهلٍ في ثيابِ شبيبَة
فأعجزْتَ حُجَّاب العلا بضريبَة
من الله والخلقِ الحميد قريبَة
ونفسٍ إلى داعي الكمال مجيبَة ِ(47/37)
تذوبُ حياءً وهي غيرُ مريبة
وإن خُصَّ منهم ماجِدٌ بنقيبة ٍ
فقد حُزتَ في العليا جميع المناقِب
كمُلْت فلم تلحَقْ عُلاك النقائصُ
سموت فلم يدرِكْ محلك شاخِصُ
وحثَّتْ لمغناكَ الرَّحب القلائِصُ
ورُدَّت بك الأهوالُ وهي نواكِص
فإن شئتَ إخلاصاً فؤادُكَ خالصٌ
ويارة ً ما حازها قطٌّ غائِص
نمتك إلى المجدِ الأصيلِ خصائِصُ
يقصِّرُ عنها نجلُ زيدٍ وحاجِبِ
هو البين حتماً لا لعلَّ ولا عسى
وماذا عسى يُغْني الولي وما عسا
ولو كان يُجدي الحزْنُ وينفعُ الأسى
لما وجدَتْ أنفاسُنا متنفَّسا
فكم بين من هدَّ البناء وأسَّسا
وليس سواءً أحسنَ الدهْرُ أم أسا
ظعنَتْ عن الدنيا حميداً مقدَّساً
وسرْتَ بريًّا من ذميمٍ المثالبِ
كذا البثُّ لا يُشفي بليتَ وعلَّني
أعالج أشجاني إذا الليلُ جنَّني
وأنهلني وِرْدَ الدُّموع وعلَّني
وما أنا عن حُزني عليك بمنثَني
فلم يُلهني ما طاب من عيشي الهَني
أقولُ لمن يبغي سلوِّي خلِّني
فبالله ما دمعي براقٍ وإنني
أكفكِفُ منه كالعهادِ السَّواكبِ
لبست الرِّضى في بدأة وتتمَّة ٍ
ودافعت عن مولاكَ كلَّ ملمَّة
كفيت إذا استكفاكَ كلَّ مهمة ٍ
ولم تألُ في صيتٍ بعيدٍ وهمَّة
وكنتَ أحقَّ المخلصينَ بنعمة ٍ
فقدسْتَ من إلٍّ كريم ورِمّة
وغمَّضك الرحمنُ منه برحمة ٍ
تبلِّغُك الزُّلفى وأقصى المآربِ
ترحَّلْت عن ربعٍ علمت غرورَهُ
وفارقْتَ مغناهُ وأخليت دورَه
ورافقْتَ ولدانَ الجنانِ وحورَهُ
ومن قدَّم الخير استطاب وَجوره
فضاعفَ في مثواكَ ربُّك نورهُ
ونضرتَهُ لقاكَها وسرورَهُ
وبوَّأك من أعلى الجنانِ قصورهُ
تحيِّيك فيها مسبلاتُ الذوائبِ
على مثله ثُكلاً تشيب المفارِقُ
وهل تخطىء المرءَ الخطوبُ الطوارِقُ
لقد شاقَني منك الحبيبُ المفارِقُ
فقلبي وأجفاني العقيقُ وبارِقُ
أصبْتُ بذخري منك والدَّهرُ سارقٌ
سأصحَبُ فيك الوجدَ ما ذرَّ شارقُ
عليك سلامُ الله ما لاحَ بارقٌ
وما سجعت وُرْق الحمام النَّوادبُ(47/38)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أبدى لِداعي الفوزِ وجْهَ مُنيبِ
أبدى لِداعي الفوزِ وجْهَ مُنيبِ
رقم القصيدة : 54502
-----------------------------------
أبدى لِداعي الفوزِ وجْهَ مُنيبِ
وأفاق من عذلٍ ومن تأنيبِ
كلِفَ الجنانِ إذا جَرى ذِكرُ الحِمى
والبانِ حنَّ له حنينَ النِّيبِ
والنَّفسُ لا تنفكُّ تكلفُ بالهوى
والشيْبُ يلحظُها بعينِ رَقيب
رحَل الصِّبا فطرحْتُ في أعقابِهِ
ما كان من غزْلٍ ومن تشبيبِ
أترى التَّغزُّل بعد أن رحل الصِّبا
شأني الغداة َ أو النَّسيب نسيبي
أنَّى لمثلي بالهوى من بعدِ ما
للوخطِ في الفَودين أي دبيبِ
لبِسَ البياض وحلَّ ذروة َ منبرٍ
منِّي ووالي الوعْظَ فِعل خطيب
قد كان يستُرُني ظلامُ شَبيبتي
واليومَ يفضَحُني صباح مشيبي
وإذا الجديدانِ استجدَّا أبليا
من لِبسة ِ الأعمار كلَّ قشيبِ
سلني عن الدَّهرِ الخؤونِ وأهلِهِ
تسَلِ المهلَّب عن حروبِ شبيبِ
متقلَّبُ الحالات فاخبرْ تقلِهِ
مهما أعدت يداً إلى تقليبِ
فكل الأمورَ إذا اعترتْكَ لربِّها
ما ضاق لطفُ الربِّ عن مربوبِ
قد يخبأُ المحبوبِ في مكروهِها
من يخبأُ المكروهَ في المحبوب
واصبر على مضضِ اللَّيالي إنها
كحوامِلِ ستلدنَ كلَّ عجيب
واقنعْ بحظٍّ لم تنَلْهُ بحيلة ٍ
ما كلُّ رامٍ سهمَهُ بمُصيب
يقع الحريصُ على الرَّدى ولكُم غَدا
تركُ التَّسبُّب أنفعُ التَّسبيبِ
من رامَ نيْلَ الشيءِ قبل أوانِهِ
رام انتقالَ يلمْلَمِ وعسيبِ
فإذا جعلتَ الصَّبر مفزع مُعضلٍ
عاجلْتَ علَّتهُ بطب طبيبِ
وإذا استعنْتَ على الزَّمان بفارسٍ
لبَّى نداءك منهُ خيرُ مجيب
بخليفة ِ الله في كفِّه
غيثٌ يروِّض ساح كلَّ جديبِ
المنتقى من طينة ِ المجدِ الذي
ما كان يوماً صرفُهُ بِمشوب
يرمي الصِّعاب بسعدِهِ فيقودها
ذُللاً على حَسَبِ الهوى المرغوب
ويرى الحقائِقَ من وراء حِجابِها
لا فرق بين شهادة ٍ ومَغيب
من آل عبدِ الحق حيث توشحت
شُعبُ العلا وربَتْ بأيِّ كثيب(47/39)
أسُدُ الشَّرى سرج الوَرى فمقامُهُم
لله بين محارِبِ وحُروب
إمَّا دعا الداعي وثوَّبَ صارِخاً
ثابوا وأمُّوا حومة َ التثويب
شُهبٌ ثواقب والسماءُ عجاجة ٌ
تأثيرها قد صحَّ بالتجريب
ما شئتَ في آفاقها من رامحٍ
يبدو وكفٍّ بالنجيع خضيب
عجبت سيوفهُمْ لشدَّة بأسهِمْ
فتبسَّمْت والجوُّ في تقطيب
نُظموا بلبّاتِ العلا واستوسقوا
كالرُّمح أنبوباً على أنبوب
تروي العواليَ في المعالي عنهُم
أثر النَّدى المولودَ والمكسوب
عن كل موثوقٍ به إسنادُهُ
بالقطع أو بالوضعِ غيرُ مَعيب
فأبو عِنانٍ عن عليِّى غضَّة ً
للنقل عن عثمانَ عن يعقوب
جاءوا كما اتَّسق الحسابُ أصالة ً
وغدا فذلك ذلك المكتوبِ
متجسِّدا من جوهرِ النُّور الذي
لم ترمَ يوماً شمسُهُ بغُروب
متألقاً من مطلعِ الحق الذي
هو نورُ أبصار وسرُّ قُلوب
قُل للزَّمان وقد تبسَّم ضاحكاً
من بعد طول تجهُّم وقطوب
هي دعوة الحق التي أوضاعُها
جمعت من الآثارِ كلًّ غريب
هي دولة ُ العدلِ الذي شمِلَ الورى
فالشاة ُ لا تخشى اعتداءَ الذيبِ
لو أن كسرى الفُرْس أدرك فارساً
ألقى إليه بتاجِهِ المعصوب
لمَّا حللتُ بأرضه متملئاً
ما شئتُ من بِرِّ ومن ترحيبِ
شملَ الرضا فكأنَّ كل أقاحَة
ترمي بثغرٍ للسلامِ شنيب
وأتيتُ في بحر القِرى أمَّ القُرى
حتى حططتُ بمرفأ التّقريب
فرأيتُ أمرَ الله من ظلِّ التُّقى
والعدل حتى سُرادِق مضروبِ
ورأيتُ سيفَ الله مطرورَ الشَّبا
يمضي القضاءُ بحدِّه المرهوبِ
وشهدتُ نور الله ليسَ بآفل
والدِّين والدنيا علَى ترتيبِ
وورَدْتُ بحرَ العلم يقذِفُ موجُهُ
للناس من دررِ الهدى بضروب
لله من شيم كأزهارِ الرُّبا
غبَّ انثيال العارِضِ المسكوبِ
وجمالِ مرأى في رداءِ مهابة
كالسيفِ مصقولِ الفرَنْدِ مهيب
يا جنة ً فارقتُ من غرُفاتها
دار القرارِ بما اقتضتْهُ ذنوبي
أسفي على ما ضاع من حظِّي بها
لا تنقضي ترحاتُهُ ونحيبي
إن أشرقَتْ شمسٌ شرقت بعبرتي
وتفيضُ في وقت الغروبِ غروبي(47/40)
حتى لقد علمت ساجعة ُ الضُّحى
شجوي وجانِحَة ُ الأصيل شُحوبي
وشهادَة ُ الإخلاص توجبُ رِحْلتي
لنعيمها من غيْر مسَّ لغوب
يا ناصرَ الحق العريبِ وأهلُهُ
أنضاءُ مسغبة ٍ وفلُّ خطوب
حقِّقْ ظنون بنيه فيك فإنهُمْ
يتعلَّلون بوعدِكَ المرقوبِ
ضاقَتْ مذاهب نصرهِمْ فتعلَّقوا
بجناب عزِّ من عُلاك رحيبِ
ودَجا ظلامُ الكفرِ في آفاقِهم
أو ليس صُبحكَ منهمُ بقريب
فانظر بعينِ العزِّ من ثُغر غدا
حذر العِدا يرنوا بطرفِ مُريب
نادتْكَ أندلسٌ ومجدك ضامنٌ
ألا تخيب لديكَ في مطلوبِ
غَصب العدوُّ بلادها وحسامُك
الماضي الشَّبا مسترجعُ المغصوب
أرِها السَّوابح في المجاز حقيقة ً
من كلِّ قعدة ِ مجربٍ وجنيب
يتأوَّدُ الأسلُ المثقف فوقَها
وتجيبَ صاهلة ٌ رُغاءَ نجيبِ
والنَّصرُ يضحِكَ كل مبْسَم غرَّة
والفتح معقودٌ بكلِّ سَبيب
والروم فارم بكلِّ رجم ثاقبٍ
يُذكي بأربعِها شُواظ لهيب
بذوابل السُّلب التي تركَتْ بني
زيَّان بين مجدَّلٍ وسَليب
وأضِفْ إلى لام الوَغا ألفَ القَنا
تظهَرْ لديْكَ علامة ُ التَّغليب
إن كنْتَ تعجمُ بالعزائِم عودَها
عودُ الصَّليب اليوْمَ غيرُ صليبِ
ولكَ الكتائبُ كالخمائِل أطلعَتْ
زهرَ الأسنَّة فوق كلِّ قضيبِ
فمُرنَّح العِطفين لا من نشوة ٍ
ومورَّد الخدين غيرُ مُريب
يبدو سدادُ الرَّأي في راياتِها
وأموُرها تجري على تجريب
وترى الطُّيور عصائباً من فوقها
لحلول يوم في الضّلالِ عسيبِ
هذَّبْتَها بالعرض يذكر يومُهُ
عرض الوَرى للموعِدِ المكتوب
وهي الكتائبُ إن تُنوسي عرضُها
كانت مدوَّنة ً بلا تهذيبِ
حتى إذا فرضَ الجلادُ جدالَهُ
ورأيت ريحَ النَّصر ذاتَ هُبوب
قدَّمْت سالبة العدوِّ وبعدها
أخرى لعزِّ النَّصر ذات وُجوب
وإذا توسط فضل سيفك عندها
جزأي قياسك فزت بالمطلوب
وتبرأ الشيطانُ لمَّا أن علا
حزبُ الهدى من حزبِهِ المغلوب
الأرضُ إرثٌ والمطامعُ جمَّة ٌ
كل يهشُّ إلى التماس نصيبِ
وخلائفَ التَّقوى هم ورَّاثها(47/41)
فإليكها بالحظ والتَّعصيبِ
لكأنَّني بك قد تركْتَ ربوعَها
قفراً بكر الغزوِ والتَّعقيبِ
وأقمتَ فيها مأتماً لكنه
عرسٌ لنسر في الفلاة َ وذيبِ
وتركتَ مُفْلتها بقلبٍ واجبٍ
رهباً وخدٍّ بالأسى مندوب
تبكي نوادِبُها وينقلن الخُطا
من شلو طاغية ٍ لشلو صليب
جعل الإلهُ البيت منك مثابة ً
للعاكفينَ وأنت خيرُ مُثيب
فإذا ذُكرْتَ كأن هبَّات الصَّبا
فضَّت بمدرجها لطيمة َ طيبِ
لولا ارتباطُ الكونِ بالمعنى الذي
قصُرَ الحِجا عن سرِّه المحجوب
قلنا لعالمِكَ الذي شرَّفْتَهُ
حسدا البسيطُ مزية َ التَّركيبِ
ولأجلِ قُطرِكَ شمسُها ونجومها
عدلت عن التَّشريقِ للتَّغريبِ
تبدو بمطلعِ أفقِها فضيَّة ً
وتغيب عندكَ وهي في تذهيبِ
مولاي أشواقي إليك تهُزُّني
والنارُ تفضَعُ عرفَ عودِ الطَّيبِ
بِحُلى علاك أطلْتُها وأطبْتُها
ولكم مُطيل وهو غير مُطيب
طالبْتُ أفكاري بفرض يديها
فوفَتْ بشرط الفوْزِ والترتيبِ
متنبىء أنا في حُلى تلك العُلا
لكنَّ شِعري فيك شِعرُ حَبيب
والطَّبعُ فحلٌ والقريحَة ُ حرَّة ٌ
فاقبلهُ بين نجيبة ِ ونجيب
لكنَّني سهَّلتها وأدلتُها
من كلِّ وحشي بكلِّ ربيبِ
هابَتْ مقامَكَ فاطبيت صِعابَها
حتى غَدَتْ ذُللاً على التدريب
إن كنت قد قاربْتُ في تعديلِها
لا بدَّ في التعديل من تقْريب
عُذرى لتَقْصري وعجزي ناسِخٌ
ويحلُّ منك العفوُّ عن تَثريب
من لم يَدِنْ لله فيك لقُربِهِ
هو من جنابِ الله غيرُ قَريب
والله ما أخفيتُ حُبَّك خيفة ً
إلا وأنفاسي عليَّ تشي بي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مولايَ يا خيرَ مُلوكِ الوَرى
مولايَ يا خيرَ مُلوكِ الوَرى
رقم القصيدة : 54503
-----------------------------------
مولايَ يا خيرَ مُلوكِ الوَرى
ونُخبة النَّصر وأربابِه
قُمت بأمرٍ أنت أهلٌ له
فلتأتِ هذا الأمرَ من بابِه
لا تُدْن من بابك شخصاً يرى
بأنَّهُ في الناس أولى بهِ
وعندَهُ مالٌ ومن خلفهِ
أيدٍ تعلقْنَ بأهدابِه(47/42)
لا سيما من دخلَتْ أذنهُ
وانتفخَتْ من تحت أثوابِه
وخافَ منه الملكُ فيما مضى
وكان يَنوي قطعَ أسبابِه
قد أفسَدت أقوالُ كهانهِ
فكرتَهُ اليومَ وحسَّابه
ينظرُ في المرآة من وجهها
بين مواليهِ وأحزابِه
عروسُ ملك طالما أعملتْ
في عقدِهِ أرجل خطابِهِ
فهمُّه استبدال قوادِهِ
وفكرُهُ استنخابُ كتَّابِه
إن نامَ كانت حلُمَ أفكارِهِ
أو قامَ كانت نصْبَ محرابِه
ينقُدُك الغيبَة َ مهما خَلا
ما بين أهليهِ وأصحابِهِ
ويجذِبُ الجند إلى نفسهِ
بخادع القولِ وخُلا بهِ
كأن به إن لم تكُنْ حازماً
والوفد يبغي إذن حجَّابِهِ
والآن وقد هابَكَ فاحذر فما
يبدأ فتكاً غير هيَّابِهِ
وقاطِعُ الدولة مستقبلٌ
فلتستعِذْ من شرِّ أوصابِهِ
والله يكفيك شرور العِدى
لا يستعين العبد إلا بهِ
والملكُ لم يقصر على أمَّة ٍ
وإنما الملك لغُلابِهِ
هذا ابن هودٍ بعد إرث العلا
فازَ بنو نصرٍ بأسلابهِ
لا يستلذُّ العيش ليت الشَّرى
حتى يذودَ الأسدَ عن غابِهِ
وإن أضعْتَ الحزم لم تنفلِتْ
من ظَفر الحين ومن نابِهِ
لا تتَّهمني إنني ممتلٍ
من حكم الملكِ وآدابِهِ
وعقلَكَ الموهوب حكمه في
الأحوال واشكرْ فضل وهَّابهِ
وكلُّ من أدللتَه قبلها
علِّمه بالملكِ وألقابِهِ
لم يُر مُلكٌ في زمان خلا
قام لَهُ رسمٌ بأترابه
من قلتَ له يا عمُّ مرة
ثِق بتعاطيه وإعجابهِ
أو سيدي دام يرى سيدي
حقًّا له قمت بإيجابهِ
وابسُطْ على الخلق من العدل ما
يستتِرُ الخلقُ بجلبابِهِ
وأحكِم السِّلم لهم عاقداً
عقدَة َ غرٍّ ظاهرٍ نابهِ
ومهِّد السلطان فعل امريء
يخلِّف الملك لأعقابهِ
وبعدَ فرض الحجِّ لا بد لي
من دار مولايَ ومن بابهِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أيغلبُ من عاداك والله غالبُه
أيغلبُ من عاداك والله غالبُه
رقم القصيدة : 54504
-----------------------------------
أيغلبُ من عاداك والله غالبُه
ويفلِتُ من ناواك والسَّيف طالبهُ
ويخلُصُ من في راحتيك زمامهُ(47/43)
فسيبك كاسيهِ وسيفُكَ سالبهُ
كبا بعداك الجد لما تنكَّبوا
رضاك وطرف البغي يصرع راكِبه
فيا ذلَّ من عاداك يا ملكَ العُلا
لخابَت أمانيهِ وساءت عواقِبُه
يُسالمُ من سالمت دهرَكَ بعدما
يدافِعُ من سالمتَهُ ويحاربِهُ
ولله في عُلياكَ سرٌّ محجبٌ
تلوح بعزِّ المسلمينَ كواكِبُه
أبا سالم دينُ الإله بك اعتَلى
وأيَّد ركنٌ منه واعتزَّ جانبُه
دعا بابُك الأعلى الفتوحَ فأقبلَتْ
أيمنَعُ حظٌّ والمهَين واهِبهُ
أجرتَ وأويْتَ الغريب وإنها
سجيَّة من عزَّت وطابَتْ مناسِبهُ
وأضمرتَ يا مولى الأئمَّة نصرَهُ
فملككَ بالنَّصرِ استقلَّت ركائبهُ
ومن علمَ الرحمنُ نية صدقهِ
أتته بألطاف الإله عجائبهُ
هنيئاً أميرَ المسلمينَ بنعمة ٍ
لها أثرٌ في الدِّين تبدو مذاهِبه
ولا زال صنعُ الله يضفو لباسُهُ
على أمرك العالي وتصفو مشارِبُه
وقابل صنيعَ الله بالشُّكر واستزدْ
من الله صنعاً تستهلَّ سحائبه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا طلعَة َ الشُّوم التي مهما بدَتْ
يا طلعَة َ الشُّوم التي مهما بدَتْ
رقم القصيدة : 54505
-----------------------------------
يا طلعَة َ الشُّوم التي مهما بدَتْ
يئست عُفاة ُ النُّجح من أسبابِهِ
يا وقفَة َ الناعي بمقتل واحِدٍ
أذكى على الأحشاء حَرَّ مُصابِهِ
يا زورَة َ الألم الذي يُرى
جاءت رِكابُ الموت في أعقابِه
يا فُرقَة َ السَّكن الذي لا ترتجي
يومَ الوداعِ النَّفسُ يوم إيابهِ
يا صبغَة َ الشَّيب الملمِّ بعارضٍ
زجرت حمائِمُهُ غراب شبابه
يا موقعَ الفقرِ الشَّديد على الغنى
من ذي ضناً تُغري الفَلى بركابِه
يا وقْفة َ الطُّلاب في باب امرىء ٍ
تُخزى سبالُهُم لدى بوابه
يا خجلَة َ من ضارطٍ في محفلٍ
تبقى غضاضتُها على أعقابِه
وفضيحَة َ الخوان لمَّا ألفيت
أسبابُ من يبغيهِ تحتَ ثِيابِه
يا من تشكَّى دهره من عارهِ
يا من تبرَّم دهرُهُ من عابِه
يا من يغصُّ به الزمانُ ندامة ً
من كفِّه وتراه قارعَ نابِه(47/44)
ويغصُّ من فرط الحياء جفونَه
من سوء ما قد جاءَهُ وأتى بهِ
يا من تجمَّلَ بالحرام وإنَّما
قدرُ الفتى ما كان تحتَ إهابِه
هلاَّ ذكرت وكيف وهي فضيلة ٌ
ما إن يضُرَّ العضب كونُ قرابِه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> رأيتُ بمخدومي انتفاخاً فرابني
رأيتُ بمخدومي انتفاخاً فرابني
رقم القصيدة : 54506
-----------------------------------
رأيتُ بمخدومي انتفاخاً فرابني
وبادرتَ دكَّان الطبيبِ كما وَجَب
فقال وقاك اللهُ فيه فلا تخَفْ
عليه فهذا النَّفْح ليسَ لهُ سَبب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أجِلُّك أن يلمَّ بك العتابُ
أجِلُّك أن يلمَّ بك العتابُ
رقم القصيدة : 54507
-----------------------------------
أجِلُّك أن يلمَّ بك العتابُ
وودُّك لا يداخلُهُ ارتيابُ
وأستعدي عُلاك على اختصارٍ
إذا ما عاد لي منك الجوابُ
وللإنصاف قُسطاسٌ قويمٌ
يبين به من الخطإ الصَّوابُ
أتطنِبُ في معانيها المعالي
بربعكُمُ ويختصرُ الكتابُ
ومن يُعطي الجزيلَ بلا حِساب
يكونُ لهُ على لفظ حِسابُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> جوانحُنا نحو اللِّقاء جوانحٌ
جوانحُنا نحو اللِّقاء جوانحٌ
رقم القصيدة : 54508
-----------------------------------
جوانحُنا نحو اللِّقاء جوانحٌ
ومقدارُ ما بينَ الدِّيار قريبُ
وتمضي اللَّيالي والتزاوُرُ معْوِزٌ
على الرغم منا إن ذا لغريبُ
فديتُكَ عجِّلْها العشيَّ زيارة ً
ولو مثل ما ردَّ اللحاظَ مُريبُ
وإنَّ لقاء جل عن ضرب موعدٍ
لأكرمُ ما يُهدي الأريب أريبُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وأبيضَ من بني الأشجارِ يبدو
وأبيضَ من بني الأشجارِ يبدو
رقم القصيدة : 54509
-----------------------------------
وأبيضَ من بني الأشجارِ يبدو
له خدٌ كمرآة ِ الغريبه
وربَّتما تلون باحمرارٍ
له ثانٍ كملتبسٍ بريبه
وربَّتما يكون به مصلَّى
ترى الصُّفرَ الوجوهِ به منيبَه
يبثُّ لك المسائلَ والمعاني(47/45)
وإن يسألْهُ شخصٌ لن يُجيبه
وكم ضربٍ يقاسي كلَّ يومٍ
إذا ضربت على قومٍ ضربيَة
ويحوي النَّحْو لا بل كلَّ عِلْم
ويَروي الشِّعْرَ من مَدْحٍ وغيبه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بنفسي غزالٌ في ثناياهُ بارِقٌ
بنفسي غزالٌ في ثناياهُ بارِقٌ
رقم القصيدة : 54510
-----------------------------------
بنفسي غزالٌ في ثناياهُ بارِقٌ
ولكنَّه للواردينَ عذابُ
إذا كان لي منه عن الوصْلِ حاجزٌ
فدمعي عقيقٌ في الجفونِ مُذاب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ناديتُ دمعي إذ جَدَّ الرَّحيل بهمْ
ناديتُ دمعي إذ جَدَّ الرَّحيل بهمْ
رقم القصيدة : 54511
-----------------------------------
ناديتُ دمعي إذ جَدَّ الرَّحيل بهمْ
والقلبُ من فرق التوديعِ فد وَجَبا
سَقَطْتَ يا دمع من عيني غداة َ نأى
عني الحبيبُ ولم تقضِ الذي وَجبا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> تولّى ابن صفوانٍ فلا ربع بعدَهُ
تولّى ابن صفوانٍ فلا ربع بعدَهُ
رقم القصيدة : 54512
-----------------------------------
تولّى ابن صفوانٍ فلا ربع بعدَهُ
من الأُنس إلا عادَ وهو خَراب
وقد كان سيفاً في الغوامِضِ منتضى ً
فغطَّى عليه للصَّفيح قرابُ
وقد كاذ صفواناً عليه طلاوة ٌ
فأصبح صفواناً عليه تُراب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أرسلتُ عيني في حُلاك بنظرة ٍ
أرسلتُ عيني في حُلاك بنظرة ٍ
رقم القصيدة : 54513
-----------------------------------
أرسلتُ عيني في حُلاك بنظرة ٍ
هي كانت السَّبب القريبَ لما بي
وأراك بالعبراتِ قد عاقبتَها
ليس الرَّسولُ بموضعٍ لعِقاب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا ذَهَبت يمينك لا تضيِّع
إذا ذَهَبت يمينك لا تضيِّع
رقم القصيدة : 54514
-----------------------------------
إذا ذَهَبت يمينك لا تضيِّع
زمانك في البُكاء على المُصيبة
ويُسراكَ اغتنم فالقوسُ ترمي
ولا تدري أرَشْقُتها قريبة(47/46)
وما بغريبة نوَبُ الليالي
ولكن النَّجاة هي الغريبة
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا فكَّرَت في وطنٍ كريم
إذا فكَّرَت في وطنٍ كريم
رقم القصيدة : 54515
-----------------------------------
إذا فكَّرَت في وطنٍ كريم
نبَتْ بك عنه نائبة ُ اغتراب
وعوَّضَك الزمان بشرِّ دارٍ
وسُكنى منزل وحشِ الجناب
فابْد بما انتقلت له اغتباطاً
وفكِّر في انتقالك للتُراب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لا عدل في الملك إلا وهو قد نَصَبه
لا عدل في الملك إلا وهو قد نَصَبه
رقم القصيدة : 54516
-----------------------------------
لا عدل في الملك إلا وهو قد نَصَبه
وصيَّر الخلْق في ميراثهِ عَصَبة
والكفَّتان ترى من كفِّه طلباً
أن تُخرجا العدد المجهولَ للطَّلبة
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا أديباً أزرى بكلِّ أديب
يا أديباً أزرى بكلِّ أديب
رقم القصيدة : 54517
-----------------------------------
يا أديباً أزرى بكلِّ أديب
ضربُ الشُّهد أنت دون ضريبِ
زعم النَّاس أن طبعَكَ حلوٌ
قلت والطَّبع باصطلاح الطّبيب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أشكو إلى الصيدِ من آل يعقوبِ
أشكو إلى الصيدِ من آل يعقوبِ
رقم القصيدة : 54518
-----------------------------------
أشكو إلى الصيدِ من آل يعقوبِ
والنَّجعُ ما بين مضمونٍ ومرقوبِ
زرعْتُ عُرقوب أرضي من شعيركُمْ
جاء الجرادُ فأفنى زَرَع عُرقوبي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أضرم النار في الحشيشِ يحيى
أضرم النار في الحشيشِ يحيى
رقم القصيدة : 54519
-----------------------------------
أضرم النار في الحشيشِ يحيى
مثلما تضرِمُ الحشيش بِقلبه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> حفظ الله قلبَهُ من فساد
حفظ الله قلبَهُ من فساد
رقم القصيدة : 54520
-----------------------------------
حفظ الله قلبَهُ من فساد
مثل ما يُحفَظُ اسمه مع قلبِه(47/47)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا غزالا ترك القلب المبلَّى
يا غزالا ترك القلب المبلَّى
رقم القصيدة : 54521
-----------------------------------
يا غزالا ترك القلب المبلَّى
حين ولَّى في خفوق وكآبَة
كيف يشكو القلب مني خَفقاناً
ودواءُ المسكِ في تلك الذُّؤابَة
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا شمس فضلٍ سناها ليس يحتجب
يا شمس فضلٍ سناها ليس يحتجب
رقم القصيدة : 54522
-----------------------------------
يا شمس فضلٍ سناها ليس يحتجب
والشمسُ تسفر أحياناً وتنتقِبُ
كلفْتَ بالبدر والأقدار غالبة ٌ
تقفو مدارجُهُ طَوْراً وتعتقبُ
والبدر يكسِفُ جِرم الشمس عادتُهُ
هذا الخسوفُ الذي كنْتَ أرتقِبُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا نفس لا تصْغِ إلى سلوة ٍ
يا نفس لا تصْغِ إلى سلوة ٍ
رقم القصيدة : 54523
-----------------------------------
يا نفس لا تصْغِ إلى سلوة ٍ
كم أخلفَ الموعِدَ عُرقوبُ
وأنت يا قلبي وصَّاك إبراهيمُ
بالحُزن ويعقوبُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> تقول غرناطة ٌ يوما لمالقة ٍ
تقول غرناطة ٌ يوما لمالقة ٍ
رقم القصيدة : 54524
-----------------------------------
تقول غرناطة ٌ يوما لمالقة ٍ
لمَّا استراحت لوعدٍ منك مرقوبِ
أمسكتِ يوسُف عني فعل ظالمة ٍ
فهل لي اليوم إلا حزنُ يعقوبُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وكأنما صُوَر الزُّجاج وقد رمت
وكأنما صُوَر الزُّجاج وقد رمت
رقم القصيدة : 54525
-----------------------------------
وكأنما صُوَر الزُّجاج وقد رمت
أيدي المِزاج على الكؤوسِ حبابا
ملكان قد قعدا قعودَ تشاورٍ
عمَّت جيوشُهُما الجهات قِباب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> خذها مُجاجة زهرٍ باسمٍ
خذها مُجاجة زهرٍ باسمٍ
رقم القصيدة : 54526
-----------------------------------
خذها مُجاجة زهرٍ باسمٍ
من فوق غصنٍ للرِّياض رَطيب(47/48)
أهديتُها طيباً إليك وإن يكُن
علمي بأنَّك أنتَ طيبُ الطِيب
أرأيت بنت زجاجة ٍ ومُجاجة ٍ
تُهدى إلى قاض من ابن خطيب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أمَلي من الدُّنيا تأتي خلوة ٍ
أمَلي من الدُّنيا تأتي خلوة ٍ
رقم القصيدة : 54527
-----------------------------------
أمَلي من الدُّنيا تأتي خلوة ٍ
في منزلٍ بادٍ خصيبِ الجانِب
أذكي به زنْد القِراءة ِ والقِرى
رحبَ الجنابِ لطارِقٍ أو طالِبِ
حتى ألاقي الله لم تصرِفني
الأوهامُ عنه بشاغِل أو شاغِب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بأوْتُ على زمني هِمَّة ً
بأوْتُ على زمني هِمَّة ً
رقم القصيدة : 54528
-----------------------------------
بأوْتُ على زمني هِمَّة ً
فأعتبني الزَّمانُ العاتِب
وشرَّفني الله في موطِني
وفي بيتِهِ يشرفُ الكاتب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أري سيفَ إبراهيم بيني وبينَهُ
أري سيفَ إبراهيم بيني وبينَهُ
رقم القصيدة : 54529
-----------------------------------
أري سيفَ إبراهيم بيني وبينَهُ
مناسبَة ٌ عند اعتبارِ المناسب
بشرتُ حروف الكتبِ عند التباسِها
وتبشُرُ حداهُ حروفَ الكتائِبِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مالي أعذِّبُ نفسي في مطامِعِها
مالي أعذِّبُ نفسي في مطامِعِها
رقم القصيدة : 54530
-----------------------------------
مالي أعذِّبُ نفسي في مطامِعِها
والنَّفس تُزري بتهذيبي وتَهذي بي
إذا استعنتُ على دهرٍ بتجربة ٍ
تأبى المقاديرُ تجريبي وتجري بي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نادتْني الأيام عند لقائِهِ
نادتْني الأيام عند لقائِهِ
رقم القصيدة : 54531
-----------------------------------
نادتْني الأيام عند لقائِهِ
وهي التي لا تغفل التَّنبيها
يا ابن الخطيبَ خطبْتَ بالعزم العُلا
فبلغْتَ منها القَصد يابن أبيها
الوجه طلقاً والمعارِفَ جمَّه
والجود رحباً والمحلَّ نَبيها(47/49)
أثرت بأشتاتِ الفضائِلِ كفُّه
أترى وِلايتهُ التي تجبيها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا عِمادي صحَّ عندي أنني
يا عِمادي صحَّ عندي أنني
رقم القصيدة : 54532
-----------------------------------
يا عِمادي صحَّ عندي أنني
لك مملوكٌ وتلميذٌ وصاحِبُ
فإذا ما لم تصدِقْ دَعْوتي
قيل عني ومعاذ الله كاذِب
فأعِد عزِّي وشرِّف منزلي
وادعني في الحفْل مهما كنت غائِب
هذه عندك لا خطرٌ لها
وهي عندي من سنيَّات المواهِب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قد كان قلبي مهما
قد كان قلبي مهما
رقم القصيدة : 54533
-----------------------------------
قد كان قلبي مهما
دعا مقامٌ أجابا
حتى إذا صحَّ قصدي
صار المَقام حِجابا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> كلُّ أذًى واجعله ما شئتَهُ
كلُّ أذًى واجعله ما شئتَهُ
رقم القصيدة : 54534
-----------------------------------
كلُّ أذًى واجعله ما شئتَهُ
يقطَعُه الموتُ فاهْوِنْ به
فليحذَرِ المرء دوام الأذَى
وأصلُهُ الغفلة ُ عن ربِّه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> تأمَّلِ الرمل في المِنكانِ مُنطلِقا
تأمَّلِ الرمل في المِنكانِ مُنطلِقا
رقم القصيدة : 54535
-----------------------------------
تأمَّلِ الرمل في المِنكانِ مُنطلِقا
يجري وقدِّرْه عمراً منك منتَهَبا
والله لو كانَ وادي الرَّمل يُنجدُهُ
ما طال طائلُهُ إلا وقدْ ذهبا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا والي العمرِ وألقابُهُ
يا والي العمرِ وألقابُهُ
رقم القصيدة : 54536
-----------------------------------
يا والي العمرِ وألقابُهُ
لها إلى التَّضبيع فَرْطُ انِتساب
لا تأمَنِ الدهر وعُدوانهُ
عليك فالدهرُ سريعُ الحِساب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> والله ما البغلة ُ عندي إذا
والله ما البغلة ُ عندي إذا
رقم القصيدة : 54537
-----------------------------------
والله ما البغلة ُ عندي إذا(47/50)
حقَّقْت أمري غير مقلوبِها
كلتاهُما يأتي عليه المدى
وإنما النَّفس بمطلوبها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا من دعاني إلى رِفدٍ يجودُ به
يا من دعاني إلى رِفدٍ يجودُ به
رقم القصيدة : 54538
-----------------------------------
يا من دعاني إلى رِفدٍ يجودُ به
الغني بالله مؤتماًّ بمذهبِه
حاشا وكلاَّ لمثلي يا صديقي أن
ينسى الغنيَّ ويستجدي الغني به
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نسبْتَ لي المساوي اعتسافاً
نسبْتَ لي المساوي اعتسافاً
رقم القصيدة : 54539
-----------------------------------
نسبْتَ لي المساوي اعتسافاً
وغطَّيت المحاسن بالذُّنوب
أعلاَّم العيوب جزاكَ عنِّي
بما أسلفت علام الغيوب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> من كان في الحُكْم له نائبٌ
من كان في الحُكْم له نائبٌ
رقم القصيدة : 54540
-----------------------------------
من كان في الحُكْم له نائبٌ
فقد أصابَتْ ماله نائِبَه
ولَّى يدا خائبة ً أمرُهُ
فأصبحت صفقتُه خائبه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عجب الأميرُ لجرأتي يوم الوغى
عجب الأميرُ لجرأتي يوم الوغى
رقم القصيدة : 54541
-----------------------------------
عجب الأميرُ لجرأتي يوم الوغى
فأجبتهُ وجلبتُ شاهد حبِّه
لم لا يكونُ الليث والنَّقد العِدا
من كنت أنت مصوراً في قلبِه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عقباتُ منكَّب ناكبة ٌ
عقباتُ منكَّب ناكبة ٌ
رقم القصيدة : 54542
-----------------------------------
عقباتُ منكَّب ناكبة ٌ
من أقدمَ فاقتحَمَ العقبَة
وتخلَّصَ من درك المهوى
فليفكُكْ عن شكرٍ رقَبة
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قلتُ إذ وجَّه لي حببا
قلتُ إذ وجَّه لي حببا
رقم القصيدة : 54543
-----------------------------------
قلتُ إذ وجَّه لي حببا
من الرُّمان حِبي
ما معي حبٌّ يكافيك
سِوى حبة قلبي(47/51)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> شرقتُ بعبرتي لما تغنَّتْ
شرقتُ بعبرتي لما تغنَّتْ
رقم القصيدة : 54544
-----------------------------------
شرقتُ بعبرتي لما تغنَّتْ
على الأوتار رائقة ُ الشَّبابِ
وما استعبرْتُ من طربٍ ولكن
يذكِّرني الرَّبابِ هوى الربابِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> كنتُ آسي على زمانٍ تقضَّى
كنتُ آسي على زمانٍ تقضَّى
رقم القصيدة : 54545
-----------------------------------
كنتُ آسي على زمانٍ تقضَّى
أخلق الدَّهر منه ثوباً قشيبا
فتأسَّيْت حين أبصرتُ فود الليل
قد عمهُ الصَّباح مشيبا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> تخالُ عند المزجِ إبريقنا
تخالُ عند المزجِ إبريقنا
رقم القصيدة : 54546
-----------------------------------
تخالُ عند المزجِ إبريقنا
وكأسنا من فمِهِ تقرُب
عينا من الماء ومن دونِهِ
غزالة ٌ قد أقبلتْ تشربُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنت فظٌّ والعطف
أنت فظٌّ والعطف
رقم القصيدة : 54547
-----------------------------------
أنت فظٌّ والعطف
بالضاد والأمرُ مُرتبكْ
قد حِرت ما بين ذا وذا
أنا بالله ثمَّ بك
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> فؤادي مأمورٌ ولحظك آمرٌ
فؤادي مأمورٌ ولحظك آمرٌ
رقم القصيدة : 54548
-----------------------------------
فؤادي مأمورٌ ولحظك آمرٌ
وطاعة ُ رب الأمر في النّاس واجبُ
وأيِّد ذاك اللحظ منك بحاجبٍ
ويقبُحُ أن يُعصى أمير وحاجب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لك الملكُ ملك الحسنِ فاقض بكلِّ ما
لك الملكُ ملك الحسنِ فاقض بكلِّ ما
رقم القصيدة : 54549
-----------------------------------
لك الملكُ ملك الحسنِ فاقض بكلِّ ما
تشاء فما يُعصى لأمرك واجبُه
إذا ما كسرْتَ اللحظ من تحت حاجبٍ
تحكَّم في الألباب كسرى وحاجِبُه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ترفَّع من سلطان لحظِكَ حاجبهُ(47/52)
ترفَّع من سلطان لحظِكَ حاجبهُ
رقم القصيدة : 54550
-----------------------------------
ترفَّع من سلطان لحظِكَ حاجبهُ
ومن مثل هذا الأمر يُعجبُ عاجِبهُ
وما هو إلا قائمٌ فوق رأسِهِ
يوفَّى له من منصب المُلك واجبُه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> من لي به أسمر حلو اللِّما
من لي به أسمر حلو اللِّما
رقم القصيدة : 54551
-----------------------------------
من لي به أسمر حلو اللِّما
أهيف ماضي الهجْرِ مرهوبَه
كالنَّحلِ في رقة خصرٍ وفي
لسع متى تشاء ومقلوبَه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> والله ما أبقوا لعذلٍ غاية ً
والله ما أبقوا لعذلٍ غاية ً
رقم القصيدة : 54552
-----------------------------------
والله ما أبقوا لعذلٍ غاية ً
فالله يحسبهُمُ رِضا وثواباً
أودى بصبري صُدغهُ لما بدا
وجنى عليَّ فسلسلوهُ عِقاباً
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أتى ابن سليمنَ وفي الفكر فترة ٌ
أتى ابن سليمنَ وفي الفكر فترة ٌ
رقم القصيدة : 54553
-----------------------------------
أتى ابن سليمنَ وفي الفكر فترة ٌ
يخبِّر أن العقل جدُّ مُغيبِ
فقلتُ أظنُّ السيد اعتمَّ عمة ً
ولكنَّها في الأصل من كُنية الأب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إنما كان ريقُك العذب شُهداً
إنما كان ريقُك العذب شُهداً
رقم القصيدة : 54554
-----------------------------------
إنما كان ريقُك العذب شُهداً
حيثُ أهل الهوى ذباب مُكبَّة
ثم لما التحيْتَ طاروا جميعاً
ما لطرد الذُّباب مثل المكبَّة
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بحقِّ ما بيننا يا ساكني القصْبَة
بحقِّ ما بيننا يا ساكني القصْبَة
رقم القصيدة : 54555
-----------------------------------
بحقِّ ما بيننا يا ساكني القصْبَة
رَدُّوا علي حياتي فهي مُغتصبهْ
ماذا جنيتُمْ على نفسي ببعدِكمُ
وأنتم الأهلُ والأحبابُ والعَصبهْ(47/53)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> صِحْت بالرَّبع فلم يستجيبوا
صِحْت بالرَّبع فلم يستجيبوا
رقم القصيدة : 54556
-----------------------------------
صِحْت بالرَّبع فلم يستجيبوا
ليت شعري أين يمضي الغَريبُ
وبِجنبِ الدَّارِ قبرٌ خصيبٌ
منه يستسقي المكان الجَديبُ
غاب قلبي فيه عند التِماحي
قلت هذا القبرُ فيه الحبيبُ
لا تسل عن رِجعتي كيفَ كانتْ
إن يوم البَيْن يومٌ عصيبُ
باقتراب الموتِ علَّلتُ نفسي
بعد إلفي كلُّ آت قَريب
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> جهادُ هوًى لكن بغير ثواب
جهادُ هوًى لكن بغير ثواب
رقم القصيدة : 54557
-----------------------------------
جهادُ هوًى لكن بغير ثواب
وشكوى جوًى لكن بغيرِ جواب
وعمر تولَّى في لعل وفي عسى
ودهر تقضَّى في نوًى وعِتاب
أما آن للمنبتِّ في سبلِ الهوى
بأن يهتدي يوماً سبيل صواب
تأمَّلتها خلفي مراحل جُبْتُها
يناهِزُ فيها الأُربعين حِسابي
جرى بي طِرْفُ اللهو حتى شكا الوجا
وأقفر من زادِ النّشاطِ جرابي
وما حصلَتْ نفسي عليها بطائِلٍ
ولا ظفِرتْ كفي ببعض طِلاب
نصيبي منها حسرة ٌ كونُها مضت
بغير زكاة ٍ وهي مثلُ نِصاب
وما راعني والدَّهرُ ربُّ وقائعٍ
سجال على أبنائِهِ وغِلابِ
سوى شعراتٍ لُحْنَ من فوق مفرقي
قَذَفن لشيطان الصِّبا بِشهاب
أبحن ذِماري وانتهبْنَ شَبيبتي
أهُنُّ نصولٌ أم نُصولُ خِضابي
وقد كنت بهْوِي الروض طيبَ شمائلي
ويمرَحُ غصنُ البان طيِّ ثِيابي
فمنْذُ كتب الوخطُ الملمُ بعارضي
حُروفاً أتى فيها بمحضِ عِتاب
نسختُ بما قد خطَّه سُنَّة الهوى
وكم سنَّة ٍ منسوخة ٍ بكتابِ
سلامٌ على تلك المعاهدِ إنها
مرابِعُ أُلا في وعهد صِحابي
ويا آسة العهدِ انعمي فلطالما
سكبتُ على مثواكِ ماءَ شَبابي
كأنِّي بذات الضَّالِ يعجب من فتًى
تذكَّر فيها اللَّهو بعد ذَهابِ
تقول أذكري بعدما بان جيرَتي
وصوَّحَ روضي واقشعرَّ جَنابي
وأصبحْتُ من بعد الأوانِسِ كالدُّمى(47/54)
يَهولُ حُداة ُ العيس جَوْبَ يَباب
تغارُ الرِّياح السافيات بطارفي
فما إن تُريمُ الرَّكضَ حولَ هضاب
فإن سجعَ الرُّكبان فيَّ بمدحة
حثتت في وجوهِ المادِحين تُرابي
ألم تعلموا أن الوفاءَ سجيَّتي
إذا شحطَتْ داري وشطَّ رِكابي
سقاكِ كدمعي أو كجودِكِ وابلٌ
يقلِّد نحر الحوضِ درَّ حباب
ولا برحتْ تهفو لمعهدكَ الصَّبا
ويسحبُ فيه المزنُ فضل سَحابِ
سِواي يروعُ الدّهرَ أو يستفزُّهُ
بيوم فراقٍ أو بيوم إيابِ
وغيري يثني الحِرصُ ثني عنانِهِ
إلى نيل رفْدٍ والتماسِ ثوابِ
تملأتُ بالدنيا الدَّنية ِ خِبرة ً
فأعظم ما بالناس أيسر ما بي
وأيقنْتَ أن الله يمنعُ جاهداً
ويرزُقُ أقواماً بغير حسابِ
فيا ذلَّ أذن همُّها إذن حاجب
ويا هونَ وجهٍ خلف سدة ِ بابِ
وقد كان همِّي أن تُعاني مطيَّتي
ببعض نباتِ النِّيل خوض عُباب
وأُضحي ومحراب الدُّمى متهجدي
وأمسي وماءُ الرافدين شَرابي
وتضحكُ من بغدادَ بيض قبابها
إذا ما تراءت بالسَّواد قِبابي
ولكن قضاءُ يغلبُ العزمَ حُكمهُ
ويضربُ من دون الحجابِ حجاب
يقولون لي حتى تندُبُ فائتا
فقُلتُ وحُسن العهدِ ليس بعاب
إذا أنا لم آسفْ على زمن مضى
وعهدٍ تقضَّى في صِباً وتصاب
فلا نظمَتْ درَّ القريضِ قريحتي
ولا كانت الآدابُ أكبرَ دابي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> دعاكَ بأقصى المغربينِ غريبُ
دعاكَ بأقصى المغربينِ غريبُ
رقم القصيدة : 54558
-----------------------------------
دعاكَ بأقصى المغربينِ غريبُ
وأنتَ على بعدِ المزارِ قريب
مدلٌّ بأسباب الرجاء وطرفُهُ
غضيضٌ على حُكم الحَياء مُريب
يكلِّفُ قرص البدرِ حمل تحية ٍ
إذا ما هوى والشمسَ حينَ تَغيب
لترجع من تلك المعالمِ غدوة ً
وقد ذاع من ردَّ التحيَّة طيبُ
ويستودعُ الرِّيح الشمالِ شمائلاً
من الحبِّ لم يعلم بهنَّ رقيب
ويطلبُ في جَيْبِ الجنوب جوابَها
إذا ما أطلَّتْ والصَّباح جنيبُ
ويستفهمُ الكفَّ الخضيبَ ودمعُهُ(47/55)
غراما بحنّاء النَّجيع خضيبُ
ويتبعُ آثارَ المطي مشيعاً
وقد زمزم الحادي وحنَّ نجيبُ
إذا أثر الأخفاف لاحت محارباً
يخرُّ عليها راكعاً ويُنيب
ويلقى ركاب الحجِّ وهي طلائعٌ
طِلاحٌ وقد لبى النداءَ لبيبُ
فلا قول إلا أنة ٌ وتوجعٌ
ولا حول إلا زفرَة ٌ ونحيبُ
غليلٌ ولكن من قبولك منهلٌ
عليلٌ ولكن من رضاك طبيبُ
ألا ليت شعري والأماني ضالة ٌ
وقد تخطىء الآمال ثمَّ تصيبُ
أينجبُ نجدٌ بعد شحطِ مَزارِهِ
ويكتَبُ بعد البُعدِ منه كثيب
وتُقضى ديوني بعدما مطلَ المدى
وينفذُ بيعي والمبيعُ معيب
وهل أنتضي دهري فيسمَحُ طائِعاً
وأدعو لحظي مسمعاً فيُجيب
ويا ليتَ شِعري هل لحومي مورِدٌ
لديك وهل لي في رضاكِ نَصيب
ولكنَّك المولى الجوادُ وجارُهُ
على أي حال كان ليس يَخيب
وكيف يضيقُ الذَّرع يوماً بقاصدٍ
وذاك الجنابُ المستجارُ رَحيب
وما هاجني إلا تألُّق بارق
يلوح بفوْدِ الليل منه مَشيب
ذكرتُ به ركب الحِجازِ وجيرة ً
أهاب بها نحو الحَبيب مُهيب
فبتُّ وجفني من لآلىء دمعِهِ
غنيٌّ وصبري للشُّجون سَليب
ترنِّحني الذِّكرى ويهفوني الجوى
كما مال غصنٌ في الرِّياض رطيب
وأحضرُ تعليلاً لشوقي بالمُنى
ويطرق وجدٌ غالبٌ فأغيبُ
مُناي لو أعطيتُ الأماني زورة ً
يبثُّ غرامٌ عندها ووجيبُ
فقول حبيبٍ إذ يقول تشوُّقاً
عسى وطنٌ يدنو إلي حبيبُ
تعجبت من سيفي وقد جاوَرَ الغضا
لقلبي فلم يسبُكْهُ منه مُذيب
وأعجبُ أن لا يورق الرُّمح في يدي
ومن فوقه غيثُ الشؤون سكيبُ
فيا سرح ذاك الحي لو أخلفَ الحيا
لأغناك من صوبِ الدُّموعِ صبيبُ
ويا هاجِرَ الجوِّ الجديب تلبُّثاً
فعهدي رطبُ الجانبين خصيبُ
ويا قادح الزَّند الشَّحاح ترفُّقا
عليك فشوقي الخارجي شبيبُ
أيا خاتِمَ الرُّسْل المكين مكانُهُ
حديثُ الغريبِ الدار فيك غريبُ
فؤادٌ على جمر البعاد مقلَّبٌ
يماح عليه للدُّموع قليبُ
فوالله ما يزدادُ إلا تلهُّباً
أأبصرت ناراً ثار عنه لهيبُ
فليلتُهُ ليل السَّليم ويومُها(47/56)
إذا شُدّ للشوق العِصابُ عَصيبُ
هواي هُدًى فيك اهتديتُ بنورِهِ
ومنتسبي للصَّحب منك نسيبُ
وحسبي عُلاً أني لصحبك منتَم
وللخزرجيِّين الكرامِ نسيبُ
عدت عن مغانيكَ المشوقَة ِ للعِدا
عقاربُ لا يخفى لهنَّ ذابيبُ
حراصٌ على إطفاء نورٍ قدحتَهُ
فمستلبٌ من دونِهِ ولسيبُ
فكم من شهيدٍ في رضاك مجدَّل
يظلِّله نصرٌ ويندُب ذيب
تمرُّ الرياحُ الغفلُ فوق كلومِهم
فتعبِقُ من أنفاسها وتَطيب
بنصرك عنك الشُّغل من غير منة ٍ
وهل يتساوى مشهدٌ ومَغيب
فإن صحَّ منك الحظُّ طاوعت المنى
ويبعُدُ مرمى السَّهم وهو مُصيب
ولولاك لم يعجَمْ من الروم عودُها
فعودُ الصَّليب الأعجمي صَليب
وقد كانتِ الأحوال لولا مراغِبٌ
ضمنتَ ووعد بالظُّهور تريبُ
فما شئت من نصرٍ عزيزٍ وأنعُمٍ
أثاب بهنَّ المؤمنين مُثيبُ
منابرُ عز أذزن الفتحُ فوقَها
وأفصح للعضب الطرير خطيبُ
نقودُ إلى هيجائها كل صاهلٍ
كما ريع مكحول اللِّحاظ ربيبُ
ونجتابُ من سرد اليقين مدارعاً
يكيفها من يجتبي ويُنيب
إذا اضطربَ الخطيَّ فوق غديرها
يروقُكَ منها لجة ٌ وقضيبُ
فعذراً وإغضاء ولا تنس صارِخاً
بعزِّك يرجو أن يُجيب مُجيبُ
وجاهك بعد الله نرجو وإنهُ
لحظٌ ملىء بالوفاءِ رغيبُ
عليك صلاة ُ الله ما عيَّب الفضا
عليك مطيلٌ بالثناء مصيبُ
وما اهتزَّ قدٌّ للغصون مرنحٌ
وما افتر ثغرٌ للبروق شنيبُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نبِّهْ نديمك للصَّبوح وهاتِها
نبِّهْ نديمك للصَّبوح وهاتِها
رقم القصيدة : 54559
-----------------------------------
نبِّهْ نديمك للصَّبوح وهاتِها
كالشمس تشرقُ من جميع جِهاتها
واصرِفْ بصرَفِ الراح همَّا كامناً
واحيي السُّرور تنعُّماً بحياتِها
صفراءُ تصفرُ عن حباب كؤوسها
رقَّتْ فرقَّ لنا الزمان بذاتِها
أبدى عليها المزْجُ در حبابِهِ
فتخالُهُ دُرا على لبَّاتها
وكأنما بين النَّدامى أطلعت
بدراً بجنح الليل من آياتِها
أكرم بها فالصَّفو بعض صِفاتها(47/57)
وتصادُقُ الأعداء من عاداتِها
من كفِّ ساجية ِ الجفون كأنما
هبَّت وفي الأجفان بعض سِناتها
ولِثغرها عندَ ابتسامِ أقاحِهِ
بدرٌ تألق في سنا وجَناتها
سقياً لأربُعها وإن هي أخلفَتْ
ديمٌ سقتها العين من عَبَراتها
دع عنْك هِنداً والديار ومن بها
ودع الغرامَ يكونُ بعض عفاتِها
وانهض بِمدحتِكَ التي حلَّيتها
بثنا أمير المسلمين وهاتِها
ملكٌ أعدَّتْه الخلافة ُ ناشئاً
والذُّعر يبرق تحت حدِّ ظُباتِها
فغدا أحق بها وقام بعبئِها
وسما بأقربِها إلى غاياتِها
وأتاحَ أندلُساً بحدِّ حسامِ
نصراً فأحيا الأرضَ بعد مَماتِها
وأفاضَ ماءَ العدل في أقطارِها
فنَما بذاك الماء غضٌ نباتِها
وغدا بها المعروفُ عُرفاً جارياً
فارتاحت الأيامُ من أزماتِها
حتى السُّيوف غدت كبعضِ عُفاتِهِ
سالت فأقطعَها رِقابَ عُداتِها
كيف اهْتدى قَبْضَ العِنانِ بأنْمُل
نشأَتْ وليس القَبْضُ من عاداتِها
يا خيْرَ من وطىء العِتاقَ رِكابُهُ
وأعزَّ من حمَلَتْ على صهواتِها
بَلَغَتْ ملوكَ الرّومِ عنك مهابَة ٌ
فغدتْ تمُجُّ الرِّيق في لهواتِها
لا غَرو أنّ الرّومَ خامَرَ قلْبَها
فالأُسْدُ تُخْشى وهي في أجماتِها
لِمُحمَّد بن أبي الوليدِ شمائلٌ
غُرٌّ بدَتْ والحُسْنُ بعضُ صفاتِها
ومكارِمٌ قد أعجزَتْ مَنْ رامَها
تسْتغرقُ الدنيا أقلُّ هِباتِها
أمحمَّد أبْليتَ دينَ محمدٍ
حسْنَى بَقاء الذِّكرِ مِن حَسَناتها
هذي الجزيرة ُ لا تزالُ عزيزة ً
محفوظة بِكَ يا إمامَ وُلاتِها
إن طافَ شيطانُ العِدا بِسمائِها
رجَمَتْهُ شُهْبٌ صَلاتِها وزكاتِها
لمّا دعَتْكَ لنصرها لبَّيْتها
ورضيتَ بذْلَ النَّفسِ في مرضاتِها
وهزَزْتَ دوْحَ العزْمِ في روْضِ الرَّجا
فجنَيْتَ غضَّ النّصْرِ مِن ثمراتِها
وحسبْتَ بحرَ الماءِ كفَّكَ بالنِّدا
فصدمْتَها مُسْتأنِسا بهباتِها
وأتيْتَ فِعْلة َ جدِّكَ الأرْضى التي
لا يرْتضي العلياءَ مَنْ لم يأتِها
فلْيَهْنَ أنْدَلُساً قُدومُكَ إنّه(47/58)
حِرْزٌ لها من طاغياتِ عُتاتِها
تُنْسي فِعالَ أبيكَ في آبائهمْ
والشِّبْلُ نِدُّ الأُسْدِ في فَعَلاتِها
فالله يَخْدُمُكَ الكواكبَ عزّة ً
لك سَعْدُها واليُمْنُ مِن تَبَعاتِها
ويقِرّ عيْنُ الملْكِ بالقمرِ الذي
خضَعَتْ له الأقمارُ في هالاتِها
هذه عروسُ قصائدي حلَّيْتُها
ورفَفْتُها في السَّعْدِ مِنْ ساعاتِها
لك يا أميرَ المسلمينَ فعِمْ بها
ولي الهناءُ على بناءِ أبياتِها
كَرُمَتْ بِنِسْبَتِها إليك فحقُّها
أنْ يُعْتنى بروِيِّها ورُواتِها
وعلى مقامِكُمْ سلامٌ عاطرٌ
تُهْديهِ دارينُ لدى نفحاتِها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مَنْ لي بذِكْرى كلّما أوْجَسْتُها
مَنْ لي بذِكْرى كلّما أوْجَسْتُها
رقم القصيدة : 54560
-----------------------------------
مَنْ لي بذِكْرى كلّما أوْجَسْتُها
تمحُو سُلُوِّي واشْتياقي تُثْبِتُ
وسحابُ دَمْعٍ كلّما أمْطرتُهُ
غير القَتادِ بمَضْجِعي لا تُنْبِتُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> الختْمُ يُحْفظُ مضمونُ الكتابِ بِهِ
الختْمُ يُحْفظُ مضمونُ الكتابِ بِهِ
رقم القصيدة : 54561
-----------------------------------
الختْمُ يُحْفظُ مضمونُ الكتابِ بِهِ
وهو الدليلُ على مضمونِ عَزّتِه
قُفْلٌ مِنَ الشمع تَثني العينَ هيبتُهُ
فضْلا عن أن تدْنو لحوزتِهِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وقالوا عجبْنا لضَحْكِ المشيبِ
وقالوا عجبْنا لضَحْكِ المشيبِ
رقم القصيدة : 54562
-----------------------------------
وقالوا عجبْنا لضَحْكِ المشيبِ
بوجهكَ في هذه المدّة
تصاقَرَ شيبُكَ من بعدِنا
فها هو يضحكُ في الشِّدَّة ِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ما رئي مثلي في الماضي ولا الآتِ
ما رئي مثلي في الماضي ولا الآتِ
رقم القصيدة : 54563
-----------------------------------
ما رئي مثلي في الماضي ولا الآتِ
فريدة ٌ جَمَعَتْ بين أشْتاتِ(47/59)
أنا العروسُ من الرَّيحانِ لي حُلَلٌ
والبَهْوُ تاجي والصِّهريجُ مِرْآتي
قد قُمْتُ من خلْفِ دارِ السَّعْدِ خادِمة ً
فكُنْهُ حالي أني يا أخْيَّاتي
خَديمَة ٌ من بناتِ الرّومِ واقِفة ٌ
رَفَعْتُ من فوقِ رأسي بِنْتَ مَوْلاتي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا واحدَ الدّهرِ في خَلْقِ وفي خُلُقِ
يا واحدَ الدّهرِ في خَلْقِ وفي خُلُقِ
رقم القصيدة : 54564
-----------------------------------
يا واحدَ الدّهرِ في خَلْقِ وفي خُلُقِ
يا من له الفضْلُ في الماضي وفي الآت
يا مُسْنِدَ السَّعْدِ والنَّصْرِ العزيزِ إلى
سَعْدٍ لنَصْرِ إلى خيرِ البريّات
رواية ٌ في غَوَالي المجدِ ثابتة ٌ
وفي صحائِف بيض المُشْرِفِيَّات
زارَتْكَ مُزرِية ترْجو عوائدَها
من لثْمِ أمْلِكَ البُسْطِ السِّنِيَّاتِ
صُفْرُ الملابسِ في شكْلِ وفي أرَج
كأنها مُذْهِباتُ العنْبريَّاتِ
فانْعَمْ بعادتِكَ الحُسْنى فمثلُكَ مِنْ
أجْرى العوائِدَ في الهديَّاتِ
بقيْتَ يا قمرَ العلياءِ مُنْفرداً
بالعزِّ تُسعِدُ بيْتَ المُلْكِ بالذّاتِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وبيضٍ كدُودِ القزِّ زاد اشْتباهُها
وبيضٍ كدُودِ القزِّ زاد اشْتباهُها
رقم القصيدة : 54565
-----------------------------------
وبيضٍ كدُودِ القزِّ زاد اشْتباهُها
وأفرَطَ حتى بالتَّكوُّنِ في التُّوتِ
تعجَّبْتُ منها في بنادِق جوهرٍ
يُزيِّنُها ما احْمَرّ منها بياقوت
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أبا ثابتٍ كُنْ في الشدائدِ ثابتا
أبا ثابتٍ كُنْ في الشدائدِ ثابتا
رقم القصيدة : 54566
-----------------------------------
أبا ثابتٍ كُنْ في الشدائدِ ثابتا
أعيذُكَ أن يُلْفى عدوُّكَ شامِتا
عزاؤُكَ عن عبد العزيز هو الذي
يليقُ بعِزًّ منك أعجَزَ ناعتا
فدَوْحتُكَ الغنَّاءُ طالت ذَوائِبا
وسَرْحَتُكَ الشّمّاءُ طابَتْ منابِتا
لقدْ هدَّ أركانَ الوُجودِ مُصابُهُ(47/60)
وأنْطَقَ منه الشّجْوُ من كان صامِتا
فمن نفْسِ حُرٍّ أوْثَقَ الحُزنُ كَظْمَها
ومن نفسٍ بالوجْدِ أصبح خافِتا
والموتُ في الإنسانِ فصْلٌ لِحَدِّهِ
فكيف نُرَجِّي أن نُصاحِبَ مائتا
وللصّبرِ أولى أن يكونُ رُجوعُنا
إذا لم نكُنْ بالحُزْن نُرجع فائِتا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قُلْتُ للشَّيْبِ لا يَرْبِكَ جَفائي
قُلْتُ للشَّيْبِ لا يَرْبِكَ جَفائي
رقم القصيدة : 54567
-----------------------------------
قُلْتُ للشَّيْبِ لا يَرْبِكَ جَفائي
في اخْتصاري لك البُرورَ ومَقْتك
أنت بالعتْبِ يا مَشِيبي أوْلى
جئْتني غفْلة ً وفي غيرِ وقْتِكَ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا قلْبُ كم هذا الجَوى والجُفوتْ
يا قلْبُ كم هذا الجَوى والجُفوتْ
رقم القصيدة : 54568
-----------------------------------
يا قلْبُ كم هذا الجَوى والجُفوتْ
ذماءك ستبْق لئلاّ يَفوتْ
فقال لا حْول ولا قوْل لي
قد كان ما كان فحسْبي السُّكوتْ
فارَقني الرُّشْدُ وفارَقْتُه
لما تعشَّقْتُ بشيء يموت
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا لم أشاهدْ منْك قبل منِيَّتي
إذا لم أشاهدْ منْك قبل منِيَّتي
رقم القصيدة : 54569
-----------------------------------
إذا لم أشاهدْ منْك قبل منِيَّتي
نهاية َ أمالي وغاية غاياتي
فحُسْنُ عزائي حِيلَ بيْني وبيْنه
وقُرَّة ُ عيْني لم تجلّ بمرآتي
شُهودُكَ أمْنٌ من عُداة ِ خواطِري
وقُرْبُكَ حِرْزٌ من توَقُّعِ آفاتي
فإن لم يكُنْ وصْلٌ فهَبْها إشارة ً
فيا حُسْنَ شاراتي بها من إشاراتي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قُلْتُ يا ناقُ كُلّ مالِ وجاهِ
قُلْتُ يا ناقُ كُلّ مالِ وجاهِ
رقم القصيدة : 54570
-----------------------------------
قُلْتُ يا ناقُ كُلّ مالِ وجاهِ
وعقارٍ فهُنّ مُتركات
فاقصدي طيّة ً تليقُ بقصْدِي
وسُكوناً تهْوي لهُ حَرَكاتي
فانْبَرتْ تقْطَعُ المفاوِزَ حتى(47/61)
بَرَكَتْ في حِمى أبي البَرَكات
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ما رأتْ عيْني عجيبا
ما رأتْ عيْني عجيبا
رقم القصيدة : 54571
-----------------------------------
ما رأتْ عيْني عجيبا
كَيَراعي في الدَّواة ِ
غائصاً يسْتخْرِجُ الدُّرَّ
ببحرِ الظُّلُماتِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنا كافرٌ وسِواي فيه بعاذِلٍ
أنا كافرٌ وسِواي فيه بعاذِلٍ
رقم القصيدة : 54572
-----------------------------------
أنا كافرٌ وسِواي فيه بعاذِلٍ
لا يسْتبين الصِّدْقُ في آياتِه
ومُصَدِّقُ بصحيفة ِ الخدِّ الذي
قد أعْجَبَ الكُفّارَ حُسْنُ نباتِهِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وبحْري تلاعَبَ في شريطٍ
وبحْري تلاعَبَ في شريطٍ
رقم القصيدة : 54573
-----------------------------------
وبحْري تلاعَبَ في شريطٍ
وحيّ الفِعْلَ مُتّصلَ الصُّموتِ
تدلّى وارْتقى وسما وأهْوى
فأعْجبَ في التّماسُكِ والثّبوتِ
فقلنا إن يكنْ بشرا سوِيا
ففيه غريزة ٌ من عنكبوتِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وقالوا حَكى الزّرْزُور لوْنا وخِفّة
وقالوا حَكى الزّرْزُور لوْنا وخِفّة
رقم القصيدة : 54574
-----------------------------------
وقالوا حَكى الزّرْزُور لوْنا وخِفّة
وصوْتا ونفْعا من شَكَيايا خفيِّيتِ
فقلتُ لهذا أو لما قد جهِلتُمُ
نَصَبْتُ لذا الزّرزُور سُبِّيطَ لِحْيتي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أُحدِّثُكمْ وهو عن طُرْفة ٍ
أُحدِّثُكمْ وهو عن طُرْفة ٍ
رقم القصيدة : 54575
-----------------------------------
أُحدِّثُكمْ وهو عن طُرْفة ٍ
حديثا يَجُرُّ إلى الحِرْفَة ِ
تمنيتُ من فضْلكُمْ غرْفة ً
فعادَ فُضولي على غُرْفة ِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قحطْنا ثم صاب الغيْثُ رُحْمى
قحطْنا ثم صاب الغيْثُ رُحْمى
رقم القصيدة : 54576
-----------------------------------
قحطْنا ثم صاب الغيْثُ رُحْمى(47/62)
فشُكرا يا حمامُ إذا لغَطتّا
ويا غِياثَ الرِّضا عنّا انْسِكابا
فأنت على الخبير به سقَطتّا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لم أعُدَ الحُسامَ من أدواتي
لم أعُدَ الحُسامَ من أدواتي
رقم القصيدة : 54577
-----------------------------------
لم أعُدَ الحُسامَ من أدواتي
حسْبُ نفسي يراعَتي ودَواتي
فأنا اليومَ تجْمعُ السيفَ كفّي
ويَراعَ الكُتَّابِ بعد شَتاتِ
شَكَرَ اللهُ أنْعُما ألْبستْني
حُللَ البرّ والرّضا مُعْلَماتِ
أنا عبدٌ أقامَ مولاي شَكْلي
لم أكنْ أستحقُّ شيئا بِذاتي
وكذا الخلْقُ من تُرابٍ ولكنْ
نَفَخَ اللهُ فيه رُوح الحياة ِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قد زُرْتُ قبْركَ عن طَوْع بأغْماتِ
قد زُرْتُ قبْركَ عن طَوْع بأغْماتِ
رقم القصيدة : 54578
-----------------------------------
قد زُرْتُ قبْركَ عن طَوْع بأغْماتِ
رأيتُ ذلك من أوْلى المُهمَّاتِ
لِمَ لا أزورُكَ يا أنْدى الملوكِ يداً
ويا سِراجَ اللّيالي المُدْلِهمَّات
وأنتَ من لو تخطّى الدّهرُ مَصْرعَهُ
إلى حياتي أجادَتْ فيه أبياتي
أنافَ قبْركَ في هَضْبٍ يُميِّزهُ
فتَنْتَحيهِ حَفِيّاتُ التّحياتِ
كَرُمَتْ حيّا وميْتا واشْتهَرْتَ عُلاً
فأنت سلطانُ أحياءٍ وأمواتِ
ما ريىء مثلكَ في ماضٍ ومُعْتقدي
أن لا يُرى الدّهر في حالِ وفي آتِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عدّ عَنْ كيْتٍ وكَيْتٍ
عدّ عَنْ كيْتٍ وكَيْتٍ
رقم القصيدة : 54579
-----------------------------------
عدّ عَنْ كيْتٍ وكَيْتٍ
ما عليها غيرُ ميْتِ
كيف تُرْجى حالة ُ البُقْيا
لِمِصْباح وزَيْتِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أقولُ لخلٍّ سامَني فَهمُ ما حَوى
أقولُ لخلٍّ سامَني فَهمُ ما حَوى
رقم القصيدة : 54580
-----------------------------------
أقولُ لخلٍّ سامَني فَهمُ ما حَوى
ولا عِوجاً قد ظنّ فيّ ولا أمْتا
نظرْتُ فلم أفهم وحُقّ لناظِرٍ(47/63)
إذا لم يجدْ فهْما بأن يلزَمَ الصّمْتا
وعندي أنّ العُذْرَ أوْضحُ واضِح
إذا كُنتَ في بحر المعارِف قد عُمْتا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قبَّلتُهُ حُلْو الشّمائلِ أسْمرا
قبَّلتُهُ حُلْو الشّمائلِ أسْمرا
رقم القصيدة : 54581
-----------------------------------
قبَّلتُهُ حُلْو الشّمائلِ أسْمرا
وأجبتُهُم إذ عاتبوني ليْلتَهُ
هو مُشْبِهٌ للنّحلِ في أوصافهِ
أفأنْكَرُوا أني أذُوقُ عُسَيْلَتَه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لمّا دعا داعي الهوى لبّيْتُهُ
لمّا دعا داعي الهوى لبّيْتُهُ
رقم القصيدة : 54582
-----------------------------------
لمّا دعا داعي الهوى لبّيْتُهُ
وحثَثْتُ رحْلي مُسْرعا وأتيْتُهُ
وحَجَجْتُ كعْبتهُ فما من منْسكٍ
إلا أقمْتُ شعارَهُ وقضَيْتُهُ
ولو أنني أنصفتُ حجّ لي الهوى
عيناي زمْزمُهُ وقلبي بيْتَه
من مُنْصِفي من جيرة ٍ لم يَرْحمُوا
دمْعاً على عَرَصاتِهم أجْرَيْتُه
راعوا فُؤادي بالصُّدودِ وما رَعَوْا
عهْداً لهم حافَظْتُهُ ورَعَيْتُه
طاوَعْتُ قلبي حين لجّ لَجاجُهُ
في حُبّهم ولو انتهى لنهَيْته
من ذا يُواسي في أسًى حالفْتُه
أم من يُعاني مِن جَوى ً عانَيْتُه
مهما زَجَرْتُ صبابتي حرَّضْتُها
وإذا كفَفْتُ تشوُّقي أغْريْتُه
يا من سُكوتي في هواهُ تفكُّرٌ
في شأنِهِ وإذا نَطَقْتُ عَنَيْتُه
يا من أموّهُ بالصِّفاتِ وبالحُلى
من أجْلِهِ وأغارُ إن سَمّيْتُه
يا روضة ً غرسَتْ لِحاظي وردَها
وسكبْتُ دمعي ديمة ً وسقيْتُه
فإذا جنيتُ بناظري من زَهْرها
كتب الهوى ذنباً عليَّ جَنيتُه
أدَّى إلي الطَّيفُ عنك رسالة ً
فقرأتُها ولو اسطتعتُ قريتهُ
ما كان ضرَّكَ لو أبحْتَ مقامَهُ
فبثثتُهُ شكواي أو ناجَيْتُه
قالت فِداكَ أبي فؤادُك في يدي
عانٍ ولو أنِّي أشاء فديتُه
طبُّ المسيحِ لديَّ منه مسحة ً
أيقيمٌ داء كلَّما داويتهُ
أهدى لمن يبغي الشِّفاء من الجوى
فيفيقُ مضناه ويحيا ميتُه(47/64)
بيدي حياة ُ متيَّمي وحِمامُهُ
فلكم تلافيْتُ الذي أفنيتُه
أسألتَ يوماً يوسُفاً مولى الورى
شِيَمَ الندى والباسِ واستجْدَيْتَه
مَلِكٌ إذا بذلَ الحبا قال الحيا
أخشى الفضيحَة َ إن أنا جاريْتُه
أمر العُلا ونهى فقالت طاعة ٌ
ما شاء شِئْتُ وما أباه أبيْتُه
وسما انتماءً في ذؤابة ِ خزرجٍ
فزكت أرومتُهُ وقدِّسَ بيتُه
بيتٌ عمادُ علاهُ سعد عُبادة ٍ
وطنابُهُ الأنصار نِعْمَ البيتُ
مولاي قابل بالقبولِ وبالرِّضا
نظماً بدرِّ ثناك قد حلّيْتُه
رقَّتْ معانيه لديّ فلو جرى
سَحَراً نسيمُ الرَّوضِ لاسْتجفَيتُه
وعلى احتكامي في القَريضِ وإنني
يرويهِ عنِّي الدَّهرُ إن روَيْتُه
فلقد هممْتُ بأن أقوم بواجبٍ
من حقِّ مدحِكَ ثم ما وفَّيتُهُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هلُمَّ فما بيني وبينَكَ ثالثُ
هلُمَّ فما بيني وبينَكَ ثالثُ
رقم القصيدة : 54583
-----------------------------------
هلُمَّ فما بيني وبينَكَ ثالثُ
وقد غفَلَتْ في الحبِّ عنا الحوادِثُ
وما ثَمَّ غيرُ الكاس والآسي والهَوى
وغيرُ المثاني ساعَدَتْها المثالثُ
أفي الحق يا أخت الغَزالة أنني
أجدُّ بأشواقي ولحظُكَ عابِثُ
أعوذُ بصبري من جفونٍ مريضة ٍ
لها مرضٌ في القلب مني لابثُ
ووالله ما تُغني ولا تنفعُ الرُّقى
وهاروتُها في عُقدة ِ السِّحر نافثُ
إذا هزَّ غصنُ البان عاطِرَ نسمة ٍ
مع الفجرِ هزتني إليك البواعثُ
وما كان عهدٌ في هواك عقدتُهُ
لينكُثَهُ حتى القيامة ناكِثُ
هل العيشُ إلا الوصلُ في عَقِبِ الكرى
وللشَّوق داع في القلوب وباعِثُ
وكأس عتابٍ في الهوى نُقْلُها الرضا
يدير حمَّياها النَّديمُ المحادِثُ
جزى الله عنَّا الدَّهرَ خير جزائهِ
وإن سَبَقَتْ منه خُطوبٌ كوارثُ
غنِينا فلم نحتَجْ إلى البدر والحيا
إذ ضَنَّ غَيْثٌ أو إذا جنَّ حادث
لئن غرَّ بدرُ الأفق فضل انفرادِهِ
فبين القصورِ البيض ثانٍ وثالِثُ
وإن حلف الغيْثُ السَّكوبُ بأنه(47/65)
أعمُّ ندى من يوسفِ فهو حانِثُ
سجاياه تَروي من حديث كَمالِهِ
صحائفَ فيها للعُلاء مباحِثُ
مثابة مجدٍ بين سعدٍ عبادَة ٍ
ونصر زكا منهم قديمٌ وحادِثُ
فلا يُنْقَضُ الرأي الذي هو مُبرِمٌ
ولا يحذر الجيشُ الذي هو باعِثُ
غنيٌّ بحفظ الله عن حفظ نفسِهِ
إذا خيفَ أمرٌ أو تُوُقِّعَ حادِثُ
أمولاي إن حُدِّثْتَ عن سحر بابلٍ
فإني بالسِّحرِ الحثيثِ لنافِث
أتتك تروقُ العينَ خُبْراً ومخْبراً
كما جَلَبَ النَّوْرَ الرِّياضُ الدمائثُ
فدُم للعلا زيناً وللدينِ عُدَّة ً
وللملك سيفاً تتقيهِ الحوادثُ
فمُلكُكَ للأملاكِ لا شكَّ غالِبٌ
وعمرُكَ للأعمارِ لا شكَّ وارِثُ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بِتنا نُكابدُ همَّ القحطِ لييلتنا
بِتنا نُكابدُ همَّ القحطِ لييلتنا
رقم القصيدة : 54584
-----------------------------------
بِتنا نُكابدُ همَّ القحطِ لييلتنا
وأنجَدَ السُّهْدُ والكربُ البراغيثا
وكان يُحمَلُ ما كنا نكابِدُهُ
من المشقة لو أن البراغيثا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إن شَهَرتْ نصلي يدا يوسُفٍ
إن شَهَرتْ نصلي يدا يوسُفٍ
رقم القصيدة : 54585
-----------------------------------
إن شَهَرتْ نصلي يدا يوسُفٍ
ريعتْ لِفَتْكي مُهجة ُ اللَّيثِ
ولُحتُ مثل البَرْقِ في كفِّهِ
لا ينكر البرقُ على الغَيْث
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا إماماً غدا لدينٍ ودنيا
يا إماماً غدا لدينٍ ودنيا
رقم القصيدة : 54586
-----------------------------------
يا إماماً غدا لدينٍ ودنيا
خيرَ مستصرَخٍ وخير غِياثِ
حلفَ الليْلُ وهو بَرٌّ كريمٌ
عند ذكراكَ مقْسِما بالثَّلاثِ
أنك المستعينُ بالله حقاًّ
في ابتدارٍ إلى الهدى وانبعاثِ
حفظَ الله أمة ً أنت فيها
ملِكاً من طوارق الأحداثِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا سراج الجمالِ يا بن سِراج
يا سراج الجمالِ يا بن سِراج
رقم القصيدة : 54587(47/66)
-----------------------------------
يا سراج الجمالِ يا بن سِراج
يا هلالاً في أسعد الأبْراجِ
كلَّما رُمْتُ فيك بعضَ سُلوي
رجع الشَّوقُ بي على الأدراجِ
أنت شمسي فكلَّما غاب عنِّي
فنهاري مثل الظلامِ الدَّاجي
يا مريضَ الجفون أمرَضْتَ قلبي
فادَّرِكني ففي يديْك عِلاجي
أجفونٌ تُجيلها أم كؤوسٌ
أترعت للهوى بغيرِ مِزاج
تخدَعُ الناس بالفتون ففيها
نسكُ بشر وسَطْوَة ُ الحجاجِ
يا غزالا غزا ديارَ الأعادي
وأجالَ الجيادَ تحت العَجاج
لكَ يا فارسَ الخيولَ أنادي
لك يا عنتَرَ الصُّفوف أناجي
هُزَّ من معطفيك ذابل خطٍّ
ذا قِوامٍ مهفهفِ واندماج
وشم السيفُ من لحاظك تفري
كل درع مضاعفٍ في الهياج
يا عُذولي إليك عني فإني
لست للنُّصح منك بالمُحتاج
شفِّني حبُّ جوهري الثنايا
كوثَرِي اللما لطيف المزاجِ
أضرم النّارَ في فؤادي وهل تُنكَرَ
نارٌ تولدت عن سِراج
وحماني عذبُ الرُّضابِ فجادتْ
مقلتي فوق وجنتي بالأُجاجِ
غفر الله لي لقد جئتُ زوراً
بجدال ملفَّقٍ وحِجاج
كيف أشكو بِعادَ من هو دانٍ
قاتل الله شِرَّتي ولجاجي
ساعدتني بعد المِطالِ الليالي
واستقامَ الزَّمان بعد اعوِجاج
لو ترانا واللّيلُ في عُنفوانٍ
قُلت سِرَّينِ في فؤاد الدَّياجِ
نقطعُ الليل في التثامٍ وضمٍّ
وسرورٍ وغِبطة ٍ وابتهاجِ
هاكها والحبابُ يعلو عليها
غادة ً تُوِّجَتْ بأبدع تاجِ
قارَبَتْ أن تسيل بالكاس ممّا
شفَّ عن جسمها أديم الزُّجاجِ
قسماً بالدعاء في عرفاتٍ
ومِنى ً حيث مجمع الحجاج
ما فُؤادي بغير حبِّكَ عان
ولغير اغتنامِ وصلك راجِ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> رقمت أنامل صانعي ديباجي
رقمت أنامل صانعي ديباجي
رقم القصيدة : 54588
-----------------------------------
رقمت أنامل صانعي ديباجي
من بعد ما نظمت جواهر تاجي
وحكيت كرسي العروس وزدته
أني ضمنت سعادة الأزواج
من جاءني يشكو الظماء فموردي
صرف الزلال العذب دون مزاج
فكأنني قوس السماء إذا بدت(47/67)
والشمس مولانا أبو الحجاج
لآزال محروس المثابة ما غدا
بيت الإلاه مثابة الحجاج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> فقت الحسان بحلتي وبتاجي
فقت الحسان بحلتي وبتاجي
رقم القصيدة : 54589
-----------------------------------
فقت الحسان بحلتي وبتاجي
فهوت إلي الشهب في الأبراج
ييد وإناء الماء في كعابد
في قبلة المحراب قام يناجي
ضمنت على مر الزمان مكارمي
ري الأوام وحاجة المحتاج
فكأنني استقريت آثار الندى
من كف مولانا أبي الحجاج
لا زال بدرا في سماء خلافة
ما لاح بدر في الظلام الداجي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا كتابي إذا بلغت محلا
يا كتابي إذا بلغت محلا
رقم القصيدة : 54590
-----------------------------------
يا كتابي إذا بلغت محلا
فيه غيث الندى وغوث الراج
فلتقبل عني بغير توان
كف مولى الورى أبي الحجاج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هب النسيم معطر الأراج
هب النسيم معطر الأراج
رقم القصيدة : 54591
-----------------------------------
هب النسيم معطر الأراج
فشفى لواعج قلبي المهتاج
وافى يحدث عن أحبتي الألى
أصبحت أكني عنهم وأحاجي
فاشرب على ذكر الحبيب وسقني
صهباء تشرق في الظلام الداجي
من خمرة السر المقدسة التي
كلفت بطاستها يد الحلاج
وأرت له الأشياء شيئا واحدا
فغدا يخاطب نفسه ويناجي
ورأى ابن أدهم لمحة من نورها
تلتاح بين مخارم وفجاج
فغدا ومن صوف الصفاء شعاره
واعتاضه من لبسة الديباج
رفعوا لها قبسا بجانب طورهم
فعشوت نحو سراجه الوهاج
وبحثت عنها خمرة لما تزل
سبب النجاة لطالب أوراج
لما علمت مكانها وزمانها
أعملت في ليل السرى إدلاجي
وأتيت رب الدير في محرابه
فبثثت إفلاسي إليه وحاج
ناديته مترحما والليل قد
رجعت كتائبه على الأدراج
مالي سواك فلا تخيب مقصدي
ما خاب فيك رجاء عبد راج
وافيت من أرض بعيد خطوها
من بعد طول تخبط ولجاج
مهما ضحيت فظل حبك ملجأي
ومتى مرضت ففي يديك علاجي(47/68)
ومددت كف الفقر أسأله فيا
عز الغنى وذلة المحتاج
فرأى افتقاري في يديه فجالي
من جوده بالوابل الثجاج
وأحلني من ديره في هضبة
تنحط عنها الشهب في الأبراج
وجلا علي الراح في أكواسها
فشربتها صرفا بغير مزاج
تخفى عن الإدراك إلا أنها
يهدي سناها راحة المزاج
فترى زجاجتها بغير مدامة
وترى مدامتها بغير زجاج
والى علي بها وقال هي التي
فيها سمحت بخير النساج
فاشرب وبح باسمي جهارا لا تخف
في الدير من نصب ولا إحراج
يا صاحبي وما أرى لي صاحبا
غيري أعاطيه الهوى وأناجي
عوجا على طلل الوجود وبلغا
عني السلام فلات حين معاج
لله إخوان الصفاء فإنهم
سلكوا الطريق الواضح المنهاج
من كل ذي طمرين أشعث أغبر
عبثت بشملته يد الإنهاج
وقفوا بأبواب اليقين وفتحوا
ما كان منها قبل ذا إرتاج
حتى إذا كادت سماة طريقهم
تخفى بكل مموه ومداج
نادت هلموا جددوا عهد الرضا
أيام مولانا أبي الحجاج
فاستقبلوا داعي المقام كأنما
أتت المقام ركائب الحجاج
أحيا الإلاه به رسوم طريقهم
وحماهم من ملكه بسياج
ملك يحب الصالحين ويقتدي
في الدين من أنوارهم بسراج
ويواصل الليل التمام مسهدا
لله بين مراقب ومناج
أبدى رسوم العلم بعد عفائها
وأعاد وجه الحق ذا إبهاج
وغدا الزمان بسيفه وبسيبه
يومين يوم ندى ويوم هياج
وأحق من ملك الخلافة ناصر
ينميه صاحب صاحب المعراج
كل الفضائل لم تحل بحمده
لباتها فتمامها لخداج
خذها أمير المسلمين قوافيا
ثارت عجاجتها على العجاج
أنا جوهري اللفظ لآعجب إذا
جمعي منظمها بهذا التاج
أبقيت بالذكر الجميل مدائحا
لك في فم الراوي وقلب الراجي
واخلد ونصر الله جل جلاله
يأتيك أفواجا على أفواج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ماذا أحدث عن بحر سبحت به
ماذا أحدث عن بحر سبحت به
رقم القصيدة : 54592
-----------------------------------
ماذا أحدث عن بحر سبحت به
حدث عن البحر لا إثم ولا حرج
دحاه مبتدع الأشياء مستويا
ما إن به درك كلا ولا درج(47/69)
حتى إذا ما المنار الفرد لاح لنا
صحت أبشري يا مطايا جاءك الفرج
قربت من عامر دارا ومنزلة
والشاهد العدل هذا الطيب الأرج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هذي ثمان قد قطعن الحجا
هذي ثمان قد قطعن الحجا
رقم القصيدة : 54593
-----------------------------------
هذي ثمان قد قطعن الحجا
في سيرها معتبر للحجا
مرت وقد نال بها آمن
ما شاء من أوطاره وارتجا
فجرد العزم الذي ما نبا
والتحف الليل الذي قد سجا
يرده الخوف ويدعو به
إذا أطاع الخوف داعي الرجا
قد قطع البر فقال الوجا
واقتحم البحر فقال النجا
والتذ بالباقي فحط الخطا
ومر بالفاني فما عرجا
مولاي هذا نهج أهل الهوى
فاسمح لمن قارب أو لججا
واسلك في السير به منهجا
عن مادح جل وعمن هجا
ولتقرأ النسخة واترك إلى
سر المعاني خطها المدمجا
فكيف لا تحرز إرث العلا
من ورث الأنصار والخزرجا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أهلا بطيف زار في غسق الدجى
أهلا بطيف زار في غسق الدجى
رقم القصيدة : 54594
-----------------------------------
أهلا بطيف زار في غسق الدجى
فأعاد ليلتنا صباحا أيلجا
فتحت زيارته لصب هائم
باب القبول وكان قدما مرتجا
لله درك من خيال مطمع
علقت لنا بحباله أبدي الرجا
كيف اهتديت وهل بدا لك مضجع
خطا النحول عليه خط مدمجا
يا سالكا بمحبه طرق النوى
هلا سلكت إلى التواصل منهجا
أفديك من حكم تأول حكمه
فقضى بقتل العاشقين تحرجا
أو ما ترى طوفان فيض مدامعي
يذكي جحيما بالضلوع تأججا
أستنبىء البرق الخفوق إذا بدا
وأساهر الليل الطويل إذا دجا
هب لي رضاك فإنني مستشفع
بعلى أمير المسلمين المرتجا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا سرت سار النور حيث تعوج
إذا سرت سار النور حيث تعوج
رقم القصيدة : 54595
-----------------------------------
إذا سرت سار النور حيث تعوج
كأنك بدر والبلاد بروج
لك الله من بدر على أفق العلا
يلوح وبحر بالنوال يموج(47/70)
تفقدت أحوال الثغور بنية
لها نحو أبواب القبول عروج
وسكنتها بالقرب منك ولم تزل
تهيم هوى من قبله وتهيج
مررت على وعد مع الغيث بعدها
فمنظرها يعد العبوس بهيج
فكم تلعة قد كلل النور تاجها
ورف عليها للنبات نسيج
ولا نجد إلا روضة وحديقة
ولا غور إلا جدول وخليج
أيوسف دم للدين تحمي ذماره
إذا كان للخطب الأبي ولوج
بفتية صدق إن دجا ليل حادث
فهم سرج آفاقهن سروج
بقيت قرير العين ما ذر شارق
وما طاف بالبيت العتيق حجيج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا سبتة العزفيين الألى درجوا
يا سبتة العزفيين الألى درجوا
رقم القصيدة : 54596
-----------------------------------
يا سبتة العزفيين الألى درجوا
وقد تضوع من أخبارهم أرج
ما بال ربعك قد حط العفاء به
رحل المقيم وأودى حسنك البهج
أين المجالس أم أين الفهارس أم
أين المدارس لا تنبو بها الحجج
أين الأساطيل تزجى من سوابحها
دهما معتقة بيداؤها اللجج
أين الصدور إذا ما المعضلات دجت
هدت إلى القصد من آرائهم حجج
يصرفون من الخطى عاسلة
سمرا تسيل على أعطافها المهج
تخرموا لم يكن في الأرض منحدر
يقي المنون ولا في الجو منعرج
قالت تخونني صرف الزمان فلم
يدخل لي الأنس قلبا من لدن خرجوا
وكل ذي جدة يبلى إذا لعبت
به الليالي وسارت دونه الحجج
لعل فارس تحييني مكارمه
إن الشدائد يأتي إثرها الفرج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مولاي ست من الظلام مضت
مولاي ست من الظلام مضت
رقم القصيدة : 54597
-----------------------------------
مولاي ست من الظلام مضت
كالمسك في صبغة وفي أرج
أجزاء ليل مضت كما انطلقت
كف على سبحة من السبج
إلى محل القبول قد عرجت
بفعلك البر خير منعرج
فاسلم أبا سالم لنهج هدى
جدده منك أي منتهج
فليلة المولد الكريم على
تقواك لله أصدق الحجج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قل للأشوني ولا تحتشم
قل للأشوني ولا تحتشم
رقم القصيدة : 54598(47/71)
-----------------------------------
قل للأشوني ولا تحتشم
قول امرىء بالحق محتج
يا من براه الله لما برا
من برد صرف ومن ثلج
وقشر رمان وشب ومن
سلك وعفص قابض فج
عقدك كافور بلا مرية
وعقلك الهلهل من بنج
ولفظك البارد يا سيدي
من زمهرير هب في فج
لف على المعنى الضعيف القوى
كخر وقط لف في خمج
عجبت من زوجك ما بالها
لم تستغث منك بقولنج
ما بالها لم ينصرف خصمها
بفالج منك بلا فلج
ما بالها لم يعترض خدرها
خدر على السكنى مع الثلج
أظنها قد سحقت فلفلا
فذلك السحق هو المنج
سافته في وج وفي خردل
ومن لذاك الوجه بالوج
ما حال من داناك في بقعة
ضيقة والله لا يلج
ما حال من جاور منك الصبا
والقرمض ضره مشج
فلا فم يعمل في لفظة
ولا يد تدنو إلى فرج
وإن تشوفت إلى زوجة
ثانية حسبك من زوج
عجوز ينير بها تجتزي
تأتيك للأرياح في فوج
تضحك لحييك لها رعدة
ضحك الحصى في مطرح الموج
فسق لها خالك من بعدما
تجعله للخبث في درج
واحمل لها البين وبرد الكلا
نوعين في تخت وفي خرج
وبت بها في مسقط للندى
في بردة أو مقطع برج
وإن أردت الغسل فاعدد له
خلا وبالقثاء فاستنج
وامزج بما ميثا وحب الفنا
لخلخة متقنة المزج
وابن بفج الريح علية
تقصدها في حذر الهرج
واغن بقطن الثلج عن متجر
يغنيك عن جمع وعن حلج
واغزله بالريح وهيء له
مرمة المصقول والكنج
والصن والصنبر فاجعلها
عيدا كعيد العج والثج
واهجر مخيط الثوب واحلق به
وطف طواف الناس في الحج
ما أنت إلا البراد شارد
من فلك البارد في أوج
جفاؤك الفظ الذي نالني
صيرني للفكر في هرج
عمري ما إن نالني مثله
من ضيم سبتي ولا طنج
فاستغفر الله ولا تهف في
كتب مدى الدهر ولا درج
ولا تطع بردك في مثلها
إلا لعبد لك أو علج
لا زلت والشارب من خسة
والريق من حامض نارنج
ينير والجدي إذا عدلا
حظك من شهر ومن برج
وجئت في صلبك من معشر
من ولد عور ومن عرج
بيض وسود فوق نطع الأذى
كأنهم قطعات شطرنج
تخالهم يا جوج دارت بذي القرنين
يدعون إلى خرج(47/72)
وزينت عنقك نغنوغة
كأنها عقدة أترنج
ما هب ريح الصر في بقعة
وارتفع الثلج على مرج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بإسماعيل ثم أخيه قيس
بإسماعيل ثم أخيه قيس
رقم القصيدة : 54599
-----------------------------------
بإسماعيل ثم أخيه قيس
تأذن ليل همي بانبلاج
دم الأخوين دوا جرح قلبي
وعالجني وحسبك من علاج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إن الهوى لشكاية معروفة
إن الهوى لشكاية معروفة
رقم القصيدة : 54600
-----------------------------------
إن الهوى لشكاية معروفة
صبر التصبر من أجل علاجها
والنفس إن ألفت مرارة طعمها
يوما ضمنت لها صلاح مزاجها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لم لا تنال العلا أو يعقد التاج
لم لا تنال العلا أو يعقد التاج
رقم القصيدة : 54601
-----------------------------------
لم لا تنال العلا أو يعقد التاج
والمشتري طالع والشمس هيلاج
والسعد يركض في ميدانها مرحا
جذلان والفلك الدوار هملاج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قد صح في سنن النبي محمد
قد صح في سنن النبي محمد
رقم القصيدة : 54602
-----------------------------------
قد صح في سنن النبي محمد
فضلي على الموشي والديباج
ولأجل هذا اختصني بلباسه
ملك العلا الأرضي أبو الحجاج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا سافر السلطان نحو منكب
إذا سافر السلطان نحو منكب
رقم القصيدة : 54603
-----------------------------------
إذا سافر السلطان نحو منكب
ولم أتبعه جاهدا سقط الحرج
فمن عقب من ضل في شعبها هوى
ومن درج من زل في ضنكها درج
عسى من أضاق الصدر من حبه لها
يتيح ببغض منه فيها لنا الفرج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أأبصرتنا كالشهب والشمس فتية
أأبصرتنا كالشهب والشمس فتية
رقم القصيدة : 54604
-----------------------------------
أأبصرتنا كالشهب والشمس فتية
تهلل منا البر والبحر والموج(47/73)
رحلنا عن الأوج الرفيع محله
مراحل شتى ثم عدنا إلى الأوج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ولما تناهى ورد خدك نضرة
ولما تناهى ورد خدك نضرة
رقم القصيدة : 54605
-----------------------------------
ولما تناهى ورد خدك نضرة
وأنشأ في طي القلوب هياجا
تشوق سراق العيون لقطفه
فكان له شوك العذار سياجا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قالوا كلفت به غلاما حالكا
قالوا كلفت به غلاما حالكا
رقم القصيدة : 54606
-----------------------------------
قالوا كلفت به غلاما حالكا
فأجبتهم لي فيه ما يشفي المهج
مهما جننت به هوى وصبابة
علقت فوقي منه حرزا من سبج
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هو النصر باد للعيون صباحه
هو النصر باد للعيون صباحه
رقم القصيدة : 54607
-----------------------------------
هو النصر باد للعيون صباحه
فما عذر صدر ليس يبدو انشراحه
حديث تهاداه الركائب في السرى
وتجلى على راح المسرة راحه
وآية بشرى هز معطفه الهدى
لها وتبدى للزمان ارتياحه
وأصبح دين الله قد عز جاره
بموقعها والكفر هيض جناحه
وآثار ملك ظاهر الفضل لم يزل
يشفع فينا هديه وصلاحه
إذا دهم الروع استقل دفاعه
وإن أخلف الغيث استهل سماحه
بيوسف لاح الحق أبلج واضحا
وأصبح دين الله فازت قداحه
يقصر نفح الطيب عن طيب ذكره
ويزري بأزهار الرياض امتداحه
تلافيت بالعزم البلاد وأهلها
وقد عصفت للكفر فيها رياحه
وحفت به الأعداء من كل جانب
كما حف بالخصر الهضيم وشاحه
وقدت إليها الجيش والعسكر الذي
تروي عواليه وتروى صحاحه
فدوخت ما ضمت عليه بلاده
ونفلت ما زرت عليه بطاحه
وصبحت جمع الكفر في مستقره
فخابت مساعيه وساء صباحه
فبين صريع بالفلاة مجدل
طريح وعان لا يرجى سراحه
ومن بين مكلوم بحد سيوفها
تسيل على الأعقاب منه جراحه
وأقبل منصور اللواء مؤيدا
ذوابله قد ضرجت وصفاحه
إذا الخطب لم يسمح بفضل قياده
ولاقيته بالصبر لان جماحه(47/74)
وإن أنت في روض الجهاد غرسته
تبسم عن زهر الفتوح افتتاحه
ومهما استعنت الله في الأمر وحده
أتاك به من كل أمر نجاحه
فما ضل من كان الإله دليله
وما ذل من حسن اليقين سلاحه
فهنيته صنعا جميلا وموردا
من النصر يندى في القلوب قراحه
ودمت عزيز الجار سيفك فاصل
وسيبك ممنوح النوال مباحه
ودونكها مني إليك بديهة
نتيجة حب طاب فيك صراحه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> خذها فقد وضح الصباح ولاحا
خذها فقد وضح الصباح ولاحا
رقم القصيدة : 54608
-----------------------------------
خذها فقد وضح الصباح ولاحا
والروض يهدي عرفه النفاحا
ما زال يكتم من حديث نسيمه
والآن أمكنه الحديث فباحا
لما رأى جيش الصباح مشمرا
عمت مضاربه ربى وبطاحا
والأفق يرفع منه بندا مذهبا
ويسل من بيض البروق صفاحا
سل الجداول أنصلا مصقولة
تبدو وهز من الغصون رماحا
والزهر تسقط للغروب كما ذوى
زهر الرياض وفارق الأدواحا
والطير يدعو للصبوح مكررا
فتراه قد نفض الجناح وصاحا
فكأنما الظلماء طرف أدهم
أخذ العنان فما يفيق جماحا
لا توقد المصباح واعلم أن لي
من وجه من أحببته مصباحا
حث الكؤوس وهاتنيها قهوة
تنفي الهموم وتجلب الأفراحا
من كف فاتنة اللحاظ غريرة
سكرى الجفون وما سقين الراحا
هي روضة تجنيك بين لثاثها
خمرا ومن وجناتها تفاحا
فإذا اعتنقت أو ارتشفت فإنما
عانقت غصنا وارتشفت أقاحا
وامزج بصرف الراح عذب رضابها
ما ضر أن خلط الحرام مباحا
قامت تقول وفي فتور جفونها
سنة الكرى مولاي عمت صباحا
واستنطقت عود الغناء فلم نجد
إذ ذاك في خلع العذار جناحا
واستنطقت عودا بمدحة يوسف
مولى لنا شمل الوجود سماحا
فسرى السرور بنا إلى أن لم نطق
صبرا وكدنا نبذل الأرواحا
رب الأيادي البيض من بثنائه
زان القريض وعطر الأمداحا
ذو همة علياء مد المشترى
طرفا إلى غاياتها طماحا
يزجي من النقع المثار سحائبا
ركبت من العزم الشديد رياحا
ويزيرها أرض العدو صوافنا
تختال زهوا في الوغى ومراحا(47/75)
تنميه من أبناء نصر سادة
سنوا الهدى والعدل والإصلاحا
إن أغلقت أبوابها أيدي العدا
جعل الإله سيوفهم مفتاحا
يا واحد المجد الذي آثاره
تروي حسانا في الزمان صحاحا
أنسيتنا بحسامك الماضي الظبا
ولوائك المنصور والسفاحا
لا زال ملكك ساميا في عزة
تستصحب الإمساء والإصباحا
ما غردت وأرقاء فوق أراكة
تبكي الهديل وما صباح لاحا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أثار سناها والديار نوازح
أثار سناها والديار نوازح
رقم القصيدة : 54609
-----------------------------------
أثار سناها والديار نوازح
سنا بارق من مطلع الوحي لائح
ركائب تستف الفلا فكأنها
سفائن في بحر السراب سوابح
إليك رسول الله شدت نسوعها
وغادرها الإدلاج وهي طلائح
تحملن من زوار قبرك فتية
تواصل في ذات الهدى وتنازح
هم القضب إن مالوا مع الذكر خشية
وإن رجعوه فالحمام الصوادح
حنانيكما يا صاحبي بمغرم
جوانحه نحو الحجيج جوانح
أقام يعاني الشوق عن قدر ومن
أقام على عذر كمن هو رائح
تداني هوى لما تباعد منزلا
فها هو دان في الزيارة نازح
وها أنت يا إنسان عين يقينه
بروضة من حاز المحاسن سارح
كدحت إلى رب الجمال ملاقيا
فيا أيها الإنسان إنك كادح
هنيئا لكم يا زائري تربة الهدى
بلوغ المنى والسعي في الله ناجح
حللتم بمثوى خير من وطئ الثري
وأكرم من ضمت صفا وصفائح
معاعد فيهن الملائكة العلا
غواد بتنزيل الكتاب روانح
أفاء عليها الله أفياء نوره
ففيهن من دار السلام ملامح
تبوأها من خيرة الرسل من سمت
به ليلة المعراج فيها المطامح
وبالأفق الأعلى من العرش قد سمت
سجاياه بالله تلك السجائح
رسول البرايا جاء بالصدق فامحت
بنور هداه الترهات الصحاصح
مبلغهم أهدى رسالات ربه
أمين على الإسلام في الله ناصح
مغيث ودعوى المذنبين خطيئتي
ونفسي نفسي والشهود الجوارح
له المعجزات الزاهرات كأنها
بروق بآفاق البقين لوائح
كإخباره بالغائبات فعنده
لأبواب أسرار الغيوب مفاتح
وفي يوم إذ رمى قبضة الثرى(47/76)
فولت جموع الشرك وهي جوامح
وأعطى عسيب النخل في حومة الوغى
فهز حسام منه للدم سافح
دعا الله يستسقي فلبت سماؤه
بواكفه القطر السحاب الدوالح
وألقى بأخلاف الشياه يمينه
فجادت به وهي الضروع الشحائح
وروى ظمآء الجيش ماء بنانه
فلله أمواه هناك سوائح
وفي ليلة الميلاد لاحت شواهد
توالت بها لله فينا المنائح
أضاءت قصور الشام منهن وانجلت
معالم ما ضمت عليه الأباطح
وهد لها إيوان كسرى مهابة
وأخمد من نيران فارس لافح
وغاض بها وادي السماوة فانشنت
تقلص ذيل الخصب فيه المسارح
وأبصر سيف الملك رؤيا فأصبحت
لتذكارها ترتاع منه الجوارح
وأعلمه كهانة أن أرضه
أتيح لها من سيد العرب فاتح
فمن كرسول الله للخلق ملجأ
إذا طوحتهم للزمان الطوائح
عنايته بالمذنبين عظيمة
إذا عظمت يوم الحساب الفضائح
وإنا اقتدينا فاهتدينا بصحبه
وما صحبه إلا النجوم اللوائح
أبادوا شياطين الضلال وزينت
سماء رسوم الحق منهم مصابح
وأذهب ليل الشك صبح يقينهم
فأسفر من فجر الحقائق واضح
وقامت على الدين الحنيف أدلة
تبين مرجوح بهن وراجح
أولاك الألى بالأنفس اشتروا الهدى
فتجرهم في جنة الخلد رابح
رعوا لرسول الله حق وصاته
فذاعت بهم في المسلمين النصائح
ومازال في الإسلام منهم أيمة
تناضل عن دين الهدى وتكافح
وتنجب من أبنائها كل ناصر
يفل شباة الخطب والخطب فادح
فمن مثل مولانا الخليفة يوسف
إذا عدد الفخر الملوك الجحاجح
أياديه سحت في الورى بركاتها
فأيامهم بيض الليالي صوالح
إمام الهدى يا خير من بذل اللهى
وشادت علاه المعلوات الصرائح
إذا اشتبهت آيى الخلائف في الندى
فأي نداك المحكمات الفواتح
وإن رويت عنهم عوالي علائهم
فآثار علياك الحسان الصحائح
وإن مدح في المكرمات تعارضت
فأنت إلى الأدنى من الله جانح
أقمت لميلاد الرسول شعائرا
بها الله عن ذنب المسلمين صافح
تباهت بأمداح الرسول محمد
فطابت بذكراها الرياح النوافح
إذا نشرت فيها صحائف مدحه
وذاعت بنشر الحمد منها الممادح(47/77)
تلقتك من أرض الهنود لطائم
ينم بها من مسك دارين فائح
هي الليلة الغراء حسبك ليلة
بها نجم دين الله أزهر لائح
إذا ما أضاءت لي مطالع نورها
فقلبي لها زند الفصاحة قادح
فيا ليلة الميلاد دونك مدحة
وأيسر ما تهدى إليك المدائح
وإن أنت بالإقبال قابلت وفدها
فتسمح بالإمداح فيك القرائح
وأنت لها أحييت يا محي الهدى
فروضا بهن الله صدرك شارح
يمينا لقد قرت بدولتك الرضا
عيون بروض العدل منك سوارح
فما الناس طرا غير صنفين حامد
على فضل ما تولي وآخر مادح
فدم ناصر للدين ما حن نازح
وما افتن في غصن الأراكة صادح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أمن جانب الغربي نفحة بارح
أمن جانب الغربي نفحة بارح
رقم القصيدة : 54610
-----------------------------------
أمن جانب الغربي نفحة بارح
سرت بتباريح الجوى في الجوارح
قدحت بها زند الغرام وإنما
تجافيت لدين السلو لقادح
وما هي إلا نسمة حاجرية
رمى الشوق منها كل قلب بجارح
رجعنا لها من غير سكر كأنها
شمائل أخلاق الشريف ابن راجح
فتى هاشم سبقا إلى كل غاية
وصبرا مغار الحبل في كل فادح
أصيل العلا جم السيادة ذكره
طراز نضار في برود المدائح
وفرقان مجد يصدع الشك نوره
حبا الله منه كل صدر بشارح
وفارس ميدان البيان إذا انتضى
صحائفه أنست مضاء الصفائح
رقيق كما راقتك نغمة ساجع
وجزل كما راعتك صولة جارح
إذا ما احتبى مسحنفرا في بلاغة
وخيض خضم القول منه بسابح
وقد شرعت في مجمع القول نحوه
أسنة حرب للعيون اللوامح
فما ضعضعت منه لصولة صادح
ولا ذهبت منه بحكمة ناصح
تذكرت قسا قائما في عكاظه
وقد غص بالشم الأنوف الجحاجح
ليهنك شمس الدين ما حزت من علا
خواتمها موصولة بالفواتح
رعى الله ركبا أطلع الصبح مصفرا
بمرآك من فوق الربا والأباطح
ولله ما أهدته كوماء أوضعت
برحلك في قفر عن الإنسي نازح
أقول لقومي عندما حط كورها
وساعدها السعدان وسط المسارح
ذروها وأرض الله لا تعرضوا لها
بمعرض سوء فهي ناقة صالح(47/78)
إذا ما أردنا القول فيك فمن لنا
بطوع القوافي وانبعاث القرائح
بقيت منى نفس ونجعة رائد
ومورد ظمآن وكعبة مادح
ولا زلت تلقى السهل والرحب حيثما
أرحت السرى من كل غاد ورائح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا قادما وافى بكل نجاح
يا قادما وافى بكل نجاح
رقم القصيدة : 54611
-----------------------------------
يا قادما وافى بكل نجاح
أبشر بما تلقاه من أفراح
راحت تذكرني كؤوس الراح
والقرب يخفض للجناح جناح
وسرت تدل على القبول كمثل ما
دل النسيم على انبلاج صباح
حسناء قد عنيت بحسن صفائها
عن دملج وقلادة ووشاح
أمست تحض عن اللياذ بمن جرت
بسعوده الأقلام في الألواح
بخليفة الله المؤيد فارس
قمر المعالي الأزهر الوضاح
ما شئت من همم ومن شيم غدت
كالروض أو كالزهر في الأدواح
فضل الملوك فليس يدرك شأوه
أنى يقاس الغمر بالضحضاح
أنسى بني عباسهم بلوائه
المنصور أو بحسامه السفاح
وغدت معاني الملك لما حلها
ترسى ببدر هدى وبحر سماح
وحياة من أهداك تحفة قادم
في العرف منها راحة الأرواح
ما زلت أجعل ذكره وثناءه
روحي وريحاني الأريج وراح
ولقد تمازج حبه بجوارحي
كتمازج الأجسام في الأرواح
ولو أنني أبصرت يوما في يدي
أمري لطرت إليه دون جناح
فالآن ساعدني الزمان وأيقنت
من قربه نفسي بفوز قداح
إيه أبا عبد الإله وإنه
لنداء ود في علاك صراح
أما إذا استنجدتني من بعدما
ركدت لما جنت الخطوب رياح
فإليكها مهزولة وأنا الذي
قررت عجزي واطرحت سلاحي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مولاي منذ بعدت دياري لا تسل
مولاي منذ بعدت دياري لا تسل
رقم القصيدة : 54612
-----------------------------------
مولاي منذ بعدت دياري لا تسل
عن طول ليلي وارتقاب صباح
جرح البعاد فؤاد عبدك فهو من
أجل الترحل عنك رهن جراح
لم نلق بعدك ما يلذ لناظري
من حسن أرجاء وزهر بطاح
وبقيت جسما دون روح لا تسل
عن حال أجسام بلا أرواح
وكأنني مذ غاب وجهك ذاهب(47/79)
في الليلة الظلماء بلا مصباح
والآن حين قربت منك فآنست
نفسي وعادت غضة أفراح
لو كان يا مولاي أمري في يدي
يوما لطرت إليك دون جناح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> السعد هذا بابه المفتوح
السعد هذا بابه المفتوح
رقم القصيدة : 54613
-----------------------------------
السعد هذا بابه المفتوح
والعز هذا سره المشروح
آثار مولانا الإمام محمد
مثل الكواكب في السماء تلوح
إن كان دين الله جل جلاله
جسما فدولته العلية روح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بلد قد غزاه صرف الليالي
بلد قد غزاه صرف الليالي
رقم القصيدة : 54614
-----------------------------------
بلد قد غزاه صرف الليالي
وأباح الحريم منه مبيح
فالذي خر من بناه قتيل
والذي خر منه بعض جريح
وكأن الذي يزور طبيب
قد تأتى له به التشريح
أعجمت منه أربع وطلول
صال قدما بها اللسان الفصيح
كم معان غبت بتلك المعاني
وجمال أخفاه ذاك الضريح
وملوك تعبدوا الدهر حتى
أصبح الدهر وهو عبد صريح
دوخوا نازح البسيطة حتى
نال ما شاء ذابل وصفيح
حين شبت لهم من الباس نار
ثم هبت لهم من النصر ريح
أثر يندب المؤثر لما
طال بعد الدنو منه النزوح
فقلوب النجوم تخفق وجدا
وعيون السحاب حزنا تفوح
ساكن الدار روحها كيف يبقى
جسد بعدما تولى الروح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ولم لا ولي قلب لبعدك خافق
ولم لا ولي قلب لبعدك خافق
رقم القصيدة : 54615
-----------------------------------
ولم لا ولي قلب لبعدك خافق
وجفن على حكم الدموع جريح
تنازعني الضدان فيك على النوى
فجسمي سقيم والوداد صحيح
فلو أن ليلى أبصرتني أقسمت
لما غال قيس بن الذريح ضريح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> حييت يا مختط سيف ابن نوح
حييت يا مختط سيف ابن نوح
رقم القصيدة : 54616
-----------------------------------
حييت يا مختط سيف ابن نوح
بكل مزن يغتدي أو يروح
وحمل الريحان ريح الصا
أمانة فيك إلى كل روح(47/80)
دار أبي الفضل عياض التي
أضحت برياه رياضا تفوح
يا ناقل الآثار يعنى بها
وواصلا في العلم سير الجموح
طرفك في الفخر بعيد المدى
طرفك للمجد شديد الطموح
كفاك إعجازا كتاب الشفا
والصبح لا ينكر عند الوضوح
لله ما أجزلت فينا به
من منحة تقصر عنها المنوح
روض من العلم همى فوقه
من صيب الفكر الغمام السفوح
فمن بيان الحق زهر ند
ومن لسان الصدق طير صدوح
تأرج العرف وطاب الجنى
وكيف لا يطعم أو لا يفوح
وحلة من طيب خير الورى
في الجيب والأعطاف منها نضوح
ومعلم للدين شيدته
فهذه الأعلام منه تلوح
فقل لهامان كذا أو فلا
يا من أضل الرشد تبنى الصروح
في أحسن التقوم أنشأته
خلقا جديدا بين جسم وروح
فعمره المكتوب لا ينقضي
وإن تقضى عمر سام ونوح
كأنه في الحفل ريح الصبا
وكل عطف فهو غصن مروح
ما عذر مشغوف بخير الورى
إن هاج منه الذكر أن لا يبوح
عجبت من أكباد أهل الهوى
وقد سطا البعد وطال النزوح
إن ذكر المحبوب سالت دما
ما هن أكباد ولكن جروح
يا سيد الأوضاع يا من له
بسيد الأرسال فضل الرجوح
يا من له الفخر على غيره
والشهب تخفى عند إشراف يوح
يا خير مشروح وفى واكتفى
منه ابن مرزوق بخير الشروح
فتح من الله حباه به
ومن جناب الله تأتي الفتوح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ملكت رسول الله رقي فمن يبرح
ملكت رسول الله رقي فمن يبرح
رقم القصيدة : 54617
-----------------------------------
ملكت رسول الله رقي فمن يبرح
وأوليتني الحظ الرغيب ومن يشرح
فلا كان لي جفن لبعدكم لم يصب
ولا كان لي قلب بقربك لم يفرح
فسعيك مدعى لا يخيب من نأى
ورعيك مرعى لا يضق بمن يسرح
فداك فؤاد ضم حبك حبة
كما يودع المبذور في الأرض أو يطرح
فأصبح غصنا ذا مروح ونعمة
وما عذره مهما ذكرت فلم يمرح
رجاؤك سؤلي كلما جرح الأسى
ولا يستوي آسي الكلوم ومن يجرح
وقد كان في قلبي لبعدك قرحة
وفودي لم يشهب وسني لم يقرح
فكيف وقد رانت عليه ذنوبه
وإن أنا لم أضرح فويلي متى أضرح(47/81)
فضلت النبيئين الكرام مزية
وكم بين رب اشرح وبين ألم نشرح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هل كنت تعلم في هبوب الريح
هل كنت تعلم في هبوب الريح
رقم القصيدة : 54618
-----------------------------------
هل كنت تعلم في هبوب الريح
نفسا يؤجج لاعج التبريح
أهدتك من شيح الحجاز تحية
غاضت بها غرض الفجاج الفيح
بالله قل لي كيف نيران الهوى
ما بين ريح بالفلاة وشيح
وخضيبة المنقار تحسب أنها
نهلت بمورد دمعي المسفوح
فاحت بما تخفي وناحت في الدجى
فرأيت في الآماق دعوة نوح
نطقت بما يخفيه قلبي أدمعي
ولطالما صمتت عن التصريح
عجبا لأجفاني حملن شهادة
عن خافت بين الضلوع جريح
ولقبل ما كتبت رواة مدامعي
في طرتيها حلية التجريح
جاد الحمى بعدي وأجراع الحمى
جود تكل به متون الريح
هن المنازل ما فؤادي بعدها
سال ولا وجدي بها بمريح
حسبي ولوعا أن أزور بفكرتي
زرواءها والجسم رهن نزوح
فأبث فيها من حديث صبابتي
وأحث فيها من جناح جنوحي
ودجنة كادت تضل بني السرى
لولا وميضا بارق وصفيح
رعشت كواكب جوها فكأنها
ورق تقلبها بنان شحيح
صابرت منها لجة مهما ارتمت
وطمت رميت عبابها بسبوح
حتى إذا الكف الخضيب بأفقها
مسحت بوجه للصباح صبيح
شمت المنى وحمدت إدلاج السرى
وزجرت للآمال كل سنيح
فكأنما ليلى نسيب قصيدتي
والصبح فيه تخلصي لمديح
لما حططت لخير من وطيء الثرى
بعنان كل مولد وصريح
رحمى إله العرش بين عباده
وأمينه الأرضى على ما يوحي
والآية الكبرى التي أنوارها
ضاءت أشعتها بصفحة يوح
رب المقام الصدق والآي التي
راقت بها ورقات كل صحيح
كهف الأنام إذا تفاقم معضل
مثلوا بساحة بابه المفتوح
يردون منه على مثابة راحم
جم الهبات عن الذنوب صفوح
لهفي على عمر مضى أنضيته
في ملعب للترهات فسيح
يا زاجر الوجناء يعتسف الفلا
والليل يعثر في فضول مسوح
يصل السرى سبقا إلى خير الورى
والركب بين موسد وطريح
لي في حمى ذاك الضريح لبانة
إن أصبحت لبنى أنا ابن ذريح(47/82)
وبمهبط الروح الأمين أمانة
واليمن فيها والأمان لروحي
يا صفوة الله المكين مكانه
يا خير مؤتمن وخير نصيح
أقرضت فيك الله صدق محبتي
أيكون تجري فيك غير ربيح
حاشا وكلا أن تخيب وسائلي
أو أن أرى مسعاي غير نجيح
إن عاق عنك قبيح ما كسبت يدي
يوما فوجه العفو غير قبيح
واخجلتا من حلبة الفكر التي
أغريتها بغرامي المشروح
قصرت خضاها بعدما ضمرتها
من كل موفور الجمام جموح
مدحتك آيات الكتاب فما عسى
يثني على علياك نضم مديحي
وإذا كتاب الله أثنى مفصحا
كان القصور قصار كل فصيح
صلى عليك الله ما هبت صبا
فهفت بغصن للرياض مرووح
واستأثر الرحمن جل جلاله
عن خلقه بخفي سر الروح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عن باب والدك الرضا لا أبرح
عن باب والدك الرضا لا أبرح
رقم القصيدة : 54619
-----------------------------------
عن باب والدك الرضا لا أبرح
يأسوا الزمان لأجلها أو يجرح
ضربت خيامي في حماه فصبيتي
ترعى الجميم به وبهمي تسرح
حتى يراعي وجهه في وجهتي
بعناية تشفي الصدور وتشرح
أيسوغ عن مثواه سيري خائبا
ومنابر الدنيا بذكرك تصدح
أنا في حماه وأنت أبصر بالذي
يرضيه منك فوزن عقلك أرجح
في مثلها سيف الحمية ينتضى
في مثلها زند العزيمة يقدح
وعسى الذي بدأ الجميل يعيده
وعسى الذي سد المذاهب يفتح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مر الذباب على فم ابن كماشة
مر الذباب على فم ابن كماشة
رقم القصيدة : 54620
-----------------------------------
مر الذباب على فم ابن كماشة
فانفض عسكره وهيض جناحه
فكأنهم صرعى وقد عصفت بهم
مسمومة عند الصباح رياحه
سرعان حرب من بني حرب وقد
حمل السلاح عليهم سفاحه
أعلي جل الله كم من حائن
ناجيته صبحا فساء صباحه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وذي حيل يعي التقية أمرها
وذي حيل يعي التقية أمرها
رقم القصيدة : 54621
-----------------------------------
وذي حيل يعي التقية أمرها
مكايده في لجة الليل تسبح(47/83)
يدب شبول الليث والليث ساهر
ويسرق ناب الكلب والكلب ينبح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قلت والناقوس في مرتش
قلت والناقوس في مرتش
رقم القصيدة : 54622
-----------------------------------
قلت والناقوس في مرتش
والليل قد مد علينا الجناح
أغربت طولا يا غراب الدجى
فلم تر الليلة عنا براح
فخذ على نفسك لا تغترر
قد حرك الجلجل بازي الصباح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنظر إليها تجد حب الملوك بها
أنظر إليها تجد حب الملوك بها
رقم القصيدة : 54623
-----------------------------------
أنظر إليها تجد حب الملوك بها
وقد حكى نورها المبيض حين فتح
قطنا تراكم في الأغصان إذ قذفت
لفائف الثلج في أعلاه قوس قزح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لك عاذل بثقيله وخفيفه
لك عاذل بثقيله وخفيفه
رقم القصيدة : 54624
-----------------------------------
لك عاذل بثقيله وخفيفه
بين الندام غبوقه وصبوحه
أما الخفيف فكفه ودماغه
أما الثقيل فقوله أو روحه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنا من خالص الحديد غدير
أنا من خالص الحديد غدير
رقم القصيدة : 54625
-----------------------------------
أنا من خالص الحديد غدير
فترى وسطي الردى وهو سابح
أنا سعد السعود في كف مولاي
وإن قيل في سعد الذابح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وقاني أذى الناس أخذ الدواء
وقاني أذى الناس أخذ الدواء
رقم القصيدة : 54626
-----------------------------------
وقاني أذى الناس أخذ الدواء
وجاء بعذر لرفع الجناح
كذا الحبارى إذا ضويقت
يدافع عنها سلاح السلاح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أخي لا تقل كذبا إن نطقت
أخي لا تقل كذبا إن نطقت
رقم القصيدة : 54627
-----------------------------------
أخي لا تقل كذبا إن نطقت
فاللناس في الصدق فضل وضح
وخف إن كذبت طرو افتضاح
فما كذب الفجر إلا افتضح(47/84)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قال من يعنى بأمري
قال من يعنى بأمري
رقم القصيدة : 54628
-----------------------------------
قال من يعنى بأمري
ليت ربي قد أراحك
وطنا تسمع فيه
أنعم الله صباحك
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عبد العزيز خليفة الله الذي
عبد العزيز خليفة الله الذي
رقم القصيدة : 54629
-----------------------------------
عبد العزيز خليفة الله الذي
ظفر الهدى منه بفوز قداحه
ولذاك ما أهدت علاه هدية
قد أعربت عن بأسه وسماحه
حي بها وطن الجهاد تحية
أبدت عهود نشاطه ومراحه
فالخيل عن أعراقه والتمر عن
أخلاقه والطيب عن أقداحه
ورقيقها من ليله الجم التقى
وكتابها من فجره وصباحه
وسلاحها ماض مضاء عزيمه
أو سابغ واق سبوغ صلاحه
جددت عهد أبيك في إمدادها
لما قبست النور من مصباحه
لا زال سعيك في الخلافة ناجحا
تستمطر الدنيا مهب رياحه
ولواء نصرك يستهل غمامة
تذر الفتوح جثى بقضب رماحه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ما على القلب بعدكم من جناح
ما على القلب بعدكم من جناح
رقم القصيدة : 54630
-----------------------------------
ما على القلب بعدكم من جناح
أن يرى طائرا بغير جناح
وعلى الشوق أن يشب إذا هب
بأنفسكم نسيم الصباح
جيرة الحي والحديث شجون
والليالي تلين بعد الجماح
أترون السلو خامر قلبي
بعدكم لا وفالق الإصباح
ولو أني أعطي اقتراحي على
الأيام ما كان بعدكم باقتراح
ضايقتني فيكم صروف الليالي
واستدارت علي دور الوشاح
وسقتني كأس الفراق دهاقا
في اغتباق مواصل باصطباح
واستباحت من جدتي وفتائي
حرما لم أخله بالمستباح
قصفت صعدة انتصاري وفلت
غرب عزمي المعد يوم كفاح
لم تدع لي من السلاح سوى مغفر
شيب أهون به من سلاح
عالجتني به وفي الوقت فضل
لاهتزازي إلى الهوى وارتياح
فكأن الشباب طيف خيال
أو وميض خبا عقيب التماح
ليل أنس دجى وأقصر بليل
جاذبت برده يمين صباح
صاح والوجد مشرب والورى صنفان(47/85)
من منتش وآخر صاح
يا ترى والنفوس أسرى الأماني
مالها عن وثاقها من براح
هل يباح الورود بعد ذياد
أو يتاح اللقاء بعد انتزاح
وإذا أعوز الجسوم التلاقي
ناب عنه تعارف الأرواح
جاد عهد الهوى من السحب هام
مستهل الوميض ضافي الجناح
كلما اخضل الربوع بكاء
ضحكت فوقها ثغور الأقاح
عادني من تذكر العهد عيد
كان مني للعين عيد الأضاح
سفحت فيه للدموع دماء
فهي فوق الخدود ذات انسياح
وركاب سروا وقد شمل الليل
بمسح الدجى جميع النواحي
وكأن الظلام عسكر زنج
ونجوم الدجى نصول الرماح
حملت منهم ظهور المطايا
أي جد بحت وعزم صراح
ستروا الوجد وهو نار وكان الستر
يجدي لولا هبوب الرياح
خلفوني من بعدهم ناكس الطرف
ثقيل الخطا مهيضا جناحي
وحدوها مثل القسي ضمورا
قد برت منهم سهام قداح
وطووا طوع لاعج الشوق والوجد
إلى الأبطحي غبر البطاح
مصطفى الكون من ظهور النبيئين
هداة الأنام سبل الفلاح
حجة الله حكمة الله نور الله
في كل غاية وافتتاح
حاشر الخلق عاقب الرسل
والمثبت بالله بعدهم والماح
صاحب المعجزات لا يتمارى
العقل في آيها الحسان الصحاح
من جماد يقر أو قمر ينشق
والماء من بنان الراح
دعوة الأنبياء منتظر الكهان
دعوى البشير باستفتاح
مظهر الوحي مطلع الحق معنى الخلق
فتح المهيمن الفتاح
أي غيث من رحمة الله هام
وسراج بهديه وضاح
ما الذي يشرح امرؤ في رسول
عاجل الله صدره بانشراح
شقه الروح ثم طهر منه القلب
من بعد بالبرود القراح
مدحتك الأيات يا خاتم الرسل
فمن لي من بعدها بامتداح
ولعجز النفوس عن درك الحق
وإيقافها وقوف افتضاح
مثل الله نوره في المثاني
بمثال المشكاة والمصباح
فأزل خجلتي بإغضائك المأمول
واستر به عوار افتضاح
صلوات الله يا نكتة الكون
على مجدك اللباب الصراح
عدد القطر والرمال وما
عاقب دهر غدوه برواح
وجزاك الإله أفضل ما يجزى
كرام الأيمة النصاح
أسفي كم أرى طريد ذنوب
أو بقتني فليس لي من سراح
قد غزتني الخطوب غزو الأعادي(47/86)
وبرتني الهموم برى قداح
سبق الحكم واستقل وهل يمحى
قضاء قد خط في الألواح
لا لدنيا جنحت آلغ فيها
لا لدين خلصت لا لصلاح
قاطعا في الغرور برهة عمري
خسرت صفقتي وخابت قداحي
طمع الشيب باللجام المحلى
حين أجريت أن يرد جماح
فأبت نفسي اللجوج وجدت
في سمو إلى الهوى وطماح
يا طبيب الذنوب تدبيرك الناجع
في علتي ضمين النجاح
يا مجلي العمى وكافي الدواهي
ومداوي المرضى وآسي الجراح
سد باب القبول دوني ومالي
يا غياثي سواك من مفتاح
خصك الله بالكمال وزند الكون
لم تقترن بكف اقتداح
قبل أن يوجد الوجود وأن يتحف
بالنور ظلمة الأشباح
وأضاءت من نور ميلادك الأرض
وهزت له اهتزاز ارتياح
فسرى الخصب في الجسوم الهزالى
وجرى الرسل في الدروع الشحاح
ولقد رعيت لديه حقوق
أقطعتها العدا جناب اطراح
بمعالي محمد بن الحجاج
ليث العدا أو غيث السماح
ناصر الحق مرسل النقع سحبا
بين سمر القنا وبيض الصفاح
ومزير الجياد أرض الأعادي
وهي مختالة لفرط المراح
يتلاعبن بالظلال عرابا
غذيت في الفلى لبان اللقاح
يا سراج النادي وحتف الأعادي
وعماد الملك الكريم المناح
جمع الله من حلى آل عباس
لعلياك في سبيل امتداح
بين رأي موفق واعتزام
مستعين وصارم سفاح
وخفضت الجناح في الأرض حتى
لم تدع فوق ظهرها من جناح
أنت مصباحها ونور دجاها
دافع الله عنك من مصباح
محض الله منك ياقوتة الملك
وينبوع العدل والإصلاح
بخطوب أرت حديث سليمان
وجاءت بالحادث المجتاح
بيدي هلهل الحجا فاقد الدين
أخي جرأة ورب اجتراح
نال منها عقبى مسيلمة الكذاب
إذ عاند الهوى وسجاح
ثم رد الأمور ردا جميلا
لك من بعد فرقة وانتزاح
فاجزه في الورى الجميل وعامل
منه كنز الغنى ومثوى الرياح
واشتر الحمد بالمواهب واعقد
عقدها في مظنة الأرباح
بركات السماء تبتدر الأرض
إذا استودعت بدور السماح
وتهنأ به بناء سعيدا
جاء المعلوات وفق اقتراح
وتمتع منه بهالة ملك
أطلعت منك أي بدر لياح
مشور الرأي مجمع الحفل مثوى(47/87)
كل ذمر وسيد جحجاح
ومقام السلام في مدة السلم
وغاب الأسود يوم الكفاح
ملتقى حكمة وملقب الهام
ومغنى السرور والأفراح
أين كسرى أو أين إيوان كسرى
لا يقاس الخضم بالضحضاح
أين نور الإله من عنصر النار
إذا ما اعتبرته يا صاح
بنية كان فخر ماله مذخورا
كزهر الرياض في الأدواح
حين طاب الزمان واعتدل الفصل
استجدت وبادرت بافتتاح
هاكها قد تتوجت بالمعاني
واكتست حلة اللغات الفصاح
حين غاض الشباب وارتجع الفكر
وضاق خطو القريض الساح
جهد قلب لفقت بعد جهاد
نقطة من قليبه الملتاح
ومعاني البيان هن عذارى
لا يبحن الشيوخ عقد نكاح
ما لشيخ سوى الرجوع إلى الله
ونجوى أهل التقى والصلاح
ولزوم الباب الذي جبر الكسر
ووصل السؤال والإلحاح
وعلى ذلك فهي ساحرة الأحداق
تزري بكل خود رداح
تنفث السحر في الجفون وتلوى
طرر الحسن للوجوه الملاح
دمت في عزة ورفعة قدر
بين مغدى موفق ومراح
ما تولت دهم الدجنة عدوا
وجرت خلفهن شهب الصباح
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لك الله من قلب على الحب مصحا
لك الله من قلب على الحب مصحا
رقم القصيدة : 54631
-----------------------------------
لك الله من قلب على الحب مصحا
وجفن وشى بالسر مني وأفصحا
روى عنه خدي مسندا ومسلسلا
حديث دموع العين حتى تجرحا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا سيدي الأوحد الأسمى ومعتمدي
يا سيدي الأوحد الأسمى ومعتمدي
رقم القصيدة : 54632
-----------------------------------
يا سيدي الأوحد الأسمى ومعتمدي
وذا الوسيلة من أهل ومن بلد
العذر أوضح من نور على علم
فعد إن غبت عن لهو وعن فند
دعوت في يوم الاثنين الصحاب ضحى
وفيه ما ليس في سبت ولا أحد
يوم السلام على المولى وخدمته
فاسمع وإن عثرت رجل فخذ بيدي
بقيت في ظل عيش لا نفاذ له
مصاحبا غير محصور إلى أمد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ودرة نور في غلاف زبرجد
ودرة نور في غلاف زبرجد
رقم القصيدة : 54633(47/88)
-----------------------------------
ودرة نور في غلاف زبرجد
كما لاح في الخضراء لألاء فرقد
كأن فتاة جاءها من خليلها
كتاب بشكوى الحب من غير موعد
فلفت بمخضر البرود بنانها
برورا وإجلالا عن اللمس باليد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يمينا بيانع ورد الخدود
يمينا بيانع ورد الخدود
رقم القصيدة : 54634
-----------------------------------
يمينا بيانع ورد الخدود
وعذب اللمى في الشهي البرود
وزورة حب على غفلة
ووصل ألم بربع الصدود
وإلا بمنهل صوب الحيا
وخفق البنود وقصف الرعود
لأنت صباح ظلام الخطوب
وكفك مفتاح باب السعود
جمالك معنى جمال الوجود
وبابك معنى مضاء وجود
ورضوان أعظم شيء يدل
على أن دارك دار الخلود
أعدت الخلافة أنوارها
سواطع من بعد طول الخلود
وألفت بالعدل بين القلوب
وفرقت بين الظبا والغمود
فهز بك الدين أعطافه
كما اهتز غصن الرياض المجود
إذا كان مدح ملوك الورى
نظاما فمدحك بيت القصيد
ألست من القوم حازوا الندى
وخاضوا إلى الروع باب الحديد
وسلوا عليه سيوفا تسيل
على صفحتيها دماء الوريد
فيا من يؤمل هذا الجناب
أرحت بعقوة رعي العهود
بلغت بيوسف مثوى الضيوف
وورد الندى ومناخ الوفود
ثمال الفقير ويسر العسير
وكهف الغريب ومأوى الطريد
تقيل أخلاق كسب الثنا
فأيد طارفها بالتليد
ولما استتم بناء العلى
وأحرز شأو الجلال البعيد
وأيقن أن لم يدع غاية
لراج ولا موضعا للمزيد
وأن الديار جسوم الجسوم
تولى إقامة قصر مشيد
تخير أعظمه مرمرا
فجاءوا بكل قوي شديد
لتحكم قوة تركيبه
بطبع صحيح وعمر مديد
وجاءت تجر إليه الصخور
عمالقة من كفاة الحشود
إذا جذبوها إليهم حنوا
ظهورا ومدوا لها كل جيد
كأنهم عبدوا صخرة
وذلك هيمنة بالسجود
كأن الأساطين مهما نظرت
إليها موسدة فوق عود
مهود توسدها توأم
مقطمة من بنات الصلود
كأن بأفلاك أعجالها
سحابا بها قطع من جليد
سفائن تخرق بحر الفلا
وتلحق نحوك بيدا فبيد
كأن الصواري على ظهرها(47/89)
طرحن مخافة هول شديد
وإما أعدت فأعجاز نخل
تفطرن عن طلع يمن نضيد
تولى عطارد إتقانها
وقابلها منك سعد السعود
وعجم مهى ما عرفن الكلام
عذارى بنيات أم ولود
كواعب تخجل حور الحجال
وبيض الجسوم طوال القدود
لبسن رداء الصباح الجديد
وجررن ذيل الزمان الجديد
وقلن أبشري بلقاء الإمام
فجاءت ميممة بالصعيد
أمولاي عبدك ما إن له
مدى الدهر عن بابكم من محيد
أتتك تقرر عذر البديه
على أنها ذات نهج سديد
ولو أمهل الوقت تنقيحها
لجاوزت غاية عبد الحميد
فلا بالغبي ولا بالعيي
ولا بالبطي ولا بالبليد
بقيت لبذل نوال وجود
ونشر بنود ونصر جنود
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لمن طلل نائي المزار بعيده
لمن طلل نائي المزار بعيده
رقم القصيدة : 54635
-----------------------------------
لمن طلل نائي المزار بعيده
وعهد كريم لا يذم حميده
عفا غير نؤي كالسوار وموقد
كما جثمت بيض الحمام وسوده
إذا أخلف الغيث الأباطح والربا
فتسكاب دمع المقلتين يجوده
محل لسعدى والزمان مساعد
وجفن الليالي لا يريم هجوده
وقفنا به عوج المطي كأنه
عليل ومجتاز الركاب يعوده
فلولا نسيم رد رجع جوابنا
فسكن من حر الأوام بروده
لما حملت منا الضلوع غرامها
ولا كان هذا الشوق يخبو وقوده
وتالله لولا أنة تشهر الجوى
فأضحى وسر الحب باد جحوده
لأثرت كتم الوجد بين جوانحي
وبلغت في القلب الهوى ما يريده
خليلي ما للركب لا يشتكي الوجا
وما لبساط الفقر يطوى مديده
يحيا جناح السير حتى كأنما
رجاء أمير المسلمين يقوده
أظن ديار الحي منا قريبة
وظمآن هذا البعد حان وروده
وإلا فما بال النسيم كأنما
أكبت على النار الكباء هنوده
تأرج في الآفاق مسرى هبوبه
كما حملت عنه الثناء وفوده
وما بال هذا العيس لا تسأم السرى
كما جهرت عند المغار جنوده
أمير كفى الإسلام كل عظيمة
وقد شاب من طول العناء وليده
وقاد إلى أصراخه كل سابح
معوده ألا تحط لبوده
وألف أسرار النفوس على الهوى(47/90)
فأوشك من وقد الشتات خموده
ولما عرت هذي الجزيرة نبوة
وعطل من فوق الجهاد أكيده
وأصبح ثغر الثغر بعد ابتسامه
ولولا دفاع الله فضت عقده
تدارك آل النصر حفظ ذمائه
فأعقب صديق الجلال شهيده
وأنجبه للدين يحمي ذماره
كما أنجبت ليث العرين أسوده
فقام بأمر الله ناصر دينه
ولا عبء يثني عزمه ويؤوده
وأسلك نهج الحق من حاد بعدما
تنوسي ذكراه وضل سديده
إذا عدد الأملاك مجدا ومحتدا
فيوسف أنصار النبي جدوده
وإن قعدوا من دون مبلغ غاية
تدانى له من كل قصد بعيده
وأي فؤاد منهم غير خافق
إذا خفقت أعلامه وبنوده
له فتكات ما تجف ظباتها
وعزم اقتدار ما تحل عقوده
ورأي يمد الشمس نورا ومشهدا
ملائكة السبع الطباق شهوده
فللناس في يوم العطاء هباته
ولله في الليل سجوده وهجوده
يمينا لما الأنواء إلا يمينه
وما الجود إلا ما سقى الأرض جوده
أمير العلى لولاك أصبح ربعها
خلاء ودين الله واه عموده
ولكن نهجت العدل من بعد فترة
وقد درست آثاره وعهوده
شمل الكفر بعد ائتلافه
فأضحى عميدا في الرغام عميده
في الله حق جهاده
فأذعن عاصيه وذل عنيده
منصور اللواء سعيده
وظلك خفاق الرواق مديده
مرهوب الغرار حديده
وسيبك مسكوب النوال عقيده
لم تنهل بالغيث ديمة
ولا راق من زهر الرياض مجوده
مسعى كل آمل غاية
وأخلق من عصب الزمان جديده
لك العيد الذي أنت عيده
وفي الله ما تبديه أو ما تعيده
المصلى والجنود روائح
تغص بها أغواره ونجوده
أبصرت منك النواظر ملأها
جمالا تمد النيرات سعوده
وآية نصر في حجاب مهابة
تدافع عن دين الهدى من يكيده
فلما قضيت النحر أقبلت راضيا
عن الله تعلي ذكره وتشيده
وأوردتنا من جود كفيك موردا
يبرد غلات الظماء بروده
وألبستنا الآلاء بيضا سوابغا
فزادك منها الله ما تستزيده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> زمانك أفراح لدينا وأعياد
زمانك أفراح لدينا وأعياد
رقم القصيدة : 54636
-----------------------------------
زمانك أفراح لدينا وأعياد(47/91)
فعيد ونيروز سعيد وميلاد
تزورك أثناء الزمان كأنها
عفاة ترجي راحتيك وقصاد
فتهدي إلى كل مقالا يخصه
فمنا لها در ومنهن أجياد
لقد عم منك الرفد من جاء قاصدا
نوالك حتى للمواسم إرفاد
غصون المنى تدني إليك قطافها
وللدهر إسعاف إليك وإسعاد
تعلم من أخلاقك العدل في الورى
فللعلم إعلام وللجود إيجاد
إذا رمت صعبا أو طلبت ممنعا
فجدك يدعو بالصعاب فتنقاد
مقامك حيث السحب هامية الندى
مقيل لا صباح السرى فيه إخماد
تؤمله الرواد إن أخلف الحيا
وتنجعه الركبان إن نفد الزاد
وتهوى قلوب المعتفين لظله
فتعمل أقتاب إليه وأقتاد
سللت حسام العضد والقطر واجف
وللروع إبراق عليه وإرعاد
وقدت إليها الجرد والنصر خافق
يرق عليها والملائك أعداد
فما عاقها عن نيلها القصد عائق
ولا عزها يوما من الله إمداد
وجاهدت أحزاب الضلالة جاهدا
فلم يغنهم من حد سيفك ما كاد وا
ولاذوا إلى السلم استلاما ورهبة
وقد شارفوا ورد المنية أو كاد وا
فألفت ما بين الظبا وجفونها
وقد أوحشت منهم جفون وأغماد
وأجممت حد السيف عن مهجاتهم
وقد طال منهم في سؤالك ترداد
وأحصن درع أيقنوا بدفاعه
لبأسك إذعان إليه وإخلاد
فمهدت بالسلم البلاد لأهلها
فللأمن إصدار عليك وإيراد
وأصبحت الأدراع وهي مدارع
وأزراد أزرار الوغى وهي إبراد
أيوسف حسب القول فيك وإن علا
قصور فما إن يحصر القطر تعداد
توقلت أهضاب الجلال وأحرزت
لك الحمد آباء كرام وأجداد
وأملاك صدق إن عرا الناس رائع
من الخطب جدوا أو عرت أزمة جادوا
أجاروا رسول الله بدأ ولم تزل
مآثرهم في الدين تسمو وتزداد
مقاماتهم بيض وحمر قبابهم
يرف بها هدي ويشرق إرشاد
تحف بها الجرد العتاق ودونها
لباغي القرى نار تشب وإيقاد
وأندية ينتابها الباس والندى
فيخلف إيعاد وينجز ميعاد
ولم تأل سبقا في اقتفاء سبيلهم
فصلت كما صالوا وسدت كما سادوا
حديث له في المشرقين رواية
وعند العوالي السمهرية إسناد
فدم تذعر الأعداء في شعفاتها
وتنقض ما شدوا وتعمر ما شادوا(47/92)
ويهنيك نيروز سعيد قد انقضى
أتتك على آثاره منه أعداد
أتاك على علم بجودك في الورى
فأمل من جدواك ما هو يعتاد
وما هو إلا رائد لبشائر
فلا زال يحدوها إليك ويقتاد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قلبي وسمعي في شغل عن الفند
قلبي وسمعي في شغل عن الفند
رقم القصيدة : 54637
-----------------------------------
قلبي وسمعي في شغل عن الفند
فأقصر اللوم عني اليوم أو فزد
قد كنت أصغي لما توحي إلي به
لو كان قلبي قبل اليوم طوع يدي
وكم كتمت وأسررت الهوى زمنا
طي الجوانح حتى خانني جلدي
وشيمة النفس إن أخفت سريرتها
بدت شواهدها يوما على الجسد
قالوا الهوى بعد بعد الدار منتكث
فقلت هذا قياس غير مطرد
سلوا عن الحب من قلبي مجربه
فما المقلد يوما مثل مجتهد
سقى الإله زمان الوصل صوب حيا
جون الربابة لا نزر ولا ثمد
وجاد ربعا على أكناف كاظمة
كنا به من لذيذ العيش في رغد
والكأس تجلى عروسا في منصتها
والروض يرفل في أثوابه الجدد
والسحب تبكي وثغر الزهر مبتسم
والنرجس الغض ساه والغمام ند
عهود أنس وأيام لنا انصرمت
أخنى عليها الذي أخنى على لبد
ما للزمان رمت نحوي نوائبه
فأقصدتني بلا عقل ولا قود
وسدد الدهر دوني كل شاحبة
زرقاء أسمى شباها فلذة الكبد
سطا علي وقد قل النصير وهل
يرجى الغناء لدى كف بلا عضد
وسار أبناء دهري في سيرته
ويشبه الأب حقا منجب الولد
تخذتهم عدة للدهر فانقلبوا
وهم علي لدهري أعظم العدد
من منصف بين آمالي وغايتها
فقد تجاوزن في مطلي على الأمد
كأنني لم أنط بالنجم من هممي
ولم أسر في المعالي سير متئد
ولا اتخذت من الأنصار لي وزرا
فكان يوسف بعد الله معتمد
ولا نظمت على لباته مدحي
نظم الحلي على لبات ذي غيد
خليفة من صميم العرب دوحته
فيها انتهى المجد مستوفى ومنها بدي
في كفه لبني الآمال بحر ندى
عذب المذاقة هين غير ذي زبد
لو أن راحته فاضت أناملها
في الغيث لم يقتصر يوما على بلد
إن أبهم الخطب أذكى في دجنته(47/93)
رأيا يفرق بين الغي والرشد
وإن عدا الدهر أبدى من أسرته
وكفه رأي حيران وريى صد
وإن نظرت إلى لألاء غرته
يوم الهياج رأيت الشمس في الأسد
حتى إذا محص الله القلوب بها
ولا دفاع لحكم الواحد الصمد
وقفت والروع قد ماجت جوانبه
بحيث لا والد يلوي على ولد
وصلت يوم التقى الجمعان منصلتا
كالصقر في السرب أو كالليث في النقد
فأصبح دين الله لا تخفى معالمه
وأصبح الملك مرفوعا على عمد
إن الحروب سجال طالما وهبت
في اليوم فرصتها واسترجعت لغد
لا يغرر الروم ما نالوا وما فعلوا
فإن ذلك إملاء إلى أمد
فللقلوب من الغماء منصرف
بما تقدم في بدر وفي أحد
وإن دون طلاب الثأر أسد وغى
من قومك الغر أو آبائك النجد
قد أقلعوا كل مشحوذ الغرار إلى
شن الغوار وسلوا كل ذي ميد
والعزم باد وصنع الله مرتقب
والفتح منتظر إن لم يحن فقد
وعادة النصر لا تستبط مقدمها
إن لم توافك في سبت ففي أحد
وهاكها من بنات العرب ساحرة
هيفاء تختال بين الدل والغيد
ولست يوما على شعر بمقتصر
ولا بأبيات منظوم بمنفرد
وإنما أنا روض والعلوم له
غيث فأي جنى إن شئته تجد
بقيت في ظل ملك غير منصرم
مصاحب غير محصور إلى أمد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ألحظك أم سيف عمرو أعيدا
ألحظك أم سيف عمرو أعيدا
رقم القصيدة : 54638
-----------------------------------
ألحظك أم سيف عمرو أعيدا
لقد جند الحسن فيك الجنودا
تبدى محياك تحت الدجى
فخر العواذل طرا سجودا
أناشدك الله في مغرم
أحلت عليه الجفا والصدودا
إذا هطلت سحب أجفانه
نثرن على الخد درا فريدا
فلو كنت تقبل مني الرشا
لحليت جيدك منه عقودا
ولو جدت بالقرب بعد النوى
أعدت معناك خلقا جديدا
فتدخلني للرضا جنة
وتصلي حسودي نارا وقودا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أدرها فوجه الصبح قد كاد أن يبدو
أدرها فوجه الصبح قد كاد أن يبدو
رقم القصيدة : 54639
-----------------------------------
أدرها فوجه الصبح قد كاد أن يبدو(47/94)
وفي كل غصن ساجع غرد يشد
وخذها على آس الرياض وورده
فهذا عذار للرياض وذا خد
كأن سقيط الطل في الروض والصبا
تهاداه طفل والخزامى له مهد
كأن لطاف القضب من فوق وردها
مراود تستشفي بها أعين رمد
كأن نضير الغصن جيد منعم
يرف من الزهر الجني به عقد
كأن انسياب النهر بين ظلالها
حسام صقيل والظلال له عمد
كأن الصبا عند الهبوب تحية
بطيبها تختص أندلس الهند
فبادر إلى اللذات من قبل فوتها
فمهما تولت ساعة ما لها رد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نبا الجنب مني عن وثير مهاده
نبا الجنب مني عن وثير مهاده
رقم القصيدة : 54640
-----------------------------------
نبا الجنب مني عن وثير مهاده
وحالف مني الجفن طول سهاده
ومما شجاني والشجون كثيرة
ولا غرو أن يشقى أمرؤ ببعاده
تذكرته فرخ القطاة فأسرعت
دموعي تهمي ويلها لانفراده
وما حال جسم ظاعن حال بينه
قضاء جرى حتما وبين فؤاده
إذا شئت أن أحظى إليه بنظرة
تسكن ما أورى الجوى من زناده
جعلت كتابي ناظري ولحظته
بناظرة من طرسه ومداده
سمي الأب الأحنى وأي وسيلة
تخصك من قلبي بمحض وداده
أعندك عبد الله علم بأنني
رمى الصبر مني للأسى بقياده
وقد كان يشفيني الخيال إذا سرى
وكيف لجفني في الهوى برقاده
تناءيت عن دار النعيم لشقوتي
وأسكنني الرحمن شر بلاده
بمنقطع الرمل الذي من ثوى به
فقد بان في الدنيا ضلال ارتياده
مجال لأفراس الرياح إذا جرت
فليس بخال ساعة من طراده
أعانيهما بحرين بحرا من العدا
له ثبج من بيضه وصعاده
وبحرا من الماء الأجاج تروعنا
روائع من أهواله في اشتداده
عسى الله يدني ساعة القرب واللقا
ويجعل جهدي في سبيل جهاده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أدرها بين مزمار وعود
أدرها بين مزمار وعود
رقم القصيدة : 54641
-----------------------------------
أدرها بين مزمار وعود
ودونك فاغتنم زمن السعود
فبرد الروض مرقوم الحواشي
ودر الطل منظوم العقود
وجنح الليل مطوي النواحي(47/95)
وضوء الفجر منشور البنود
وخذها والبلابل في خصام
وجنح الصبح ملتهب الوقود
عرائس في حلى الكاسات تجلى
موردة الترائب والخدود
خطبناها وكان الأنس مهرا
وألحان القيان من الشهود
شموسا كلما غربت ولاحت
على الأفواه تطلع في الخرود
وفاتنة اللحاظ إذا تثنت
رأيت الغصن يمرح في البرود
غزالة ربرب ومهاة قفر
تعود طرفها صيد الأسود
فتمرضها بألحاظ مراض
وتسهرها بأجفان رقود
إذا ما استنطقت نغم المثاني
ثنينا هزة قضب القدود
حمدت يد الزمان علي لما
نعمت بها على رغم الحسود
أقول لصاحبي والراح تجري
وورد الأنس مبذول الورود
وقد ماست غصون البان سكرا
من الأوراق في خضر البرود
تهز يد النسيم الطل فيها
فتحسبها ولائد في مهود
وإن قام الغمام بها خطيبا
ترى الإبريق يسرع في السجود
جنان بينهن الحور تمشي
أحقا هذه دار الخلود
تمتع فالزمان لنا كفيل
بإنجاز المؤمل والوعود
فقد عاد الزمان اليوم عيدا
وهز البشر أعطاف الوجود
بأوبة يوسف رب الأيادي
ومحي الدين من بعد الخمود
جمال الملك مبتدع المعالي
ثمال الخلق منتجع الوفود
نمته من الخلائف آل نصر
أولى الغايات من باس وجود
ودان له الزمان فدام فيه
قرير العين منصور الجنود
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ثنى الصعدة السمراء من لين قده
ثنى الصعدة السمراء من لين قده
رقم القصيدة : 54642
-----------------------------------
ثنى الصعدة السمراء من لين قده
وجرد من أجفانه سيف جده
وأقبل في جيش من الحسن رائع
ترى العرب العرباء من دون بنده
فمن ثعل الزوراء لمحة طرفه
ومن مضر الحمراء صفحة خده
ولاحت له في حومة القلب فتكة
تعجل نصر الله فيها لوعده
فحكم سيف اللحظ في عسكر الهوى
فكم مهجة مطلولة فوق حده
وكم من فؤاد ضاع في مأزق الهوى
فقيدا وقد أبلى بمبلغ جهده
وأشكل فها موته من حياته
فعمر في حكم الغرام لفقده
بنفسي حجازي الجمال إذا انتمى
تطأطأت العليا لعزة مجده
تبسم عن در من السمط رائق
تأنق صنع الله في نظم عقده(47/96)
ثناياه قد أبدت معالم بارق
وأنفاسه أبدت نواسم نجده
وأعطافه تبدو عليها إذا انثنى
شمائل من بان الحجاز ورنده
تفجر من عين الجمال بمورد
تحوم القلوب إليهم من دون ورده
يلوح على أزراره قمر الدجى
ويمرح غصن البان في طي برده
ويختال أثناء الذؤابة هازئا
كما اختال سيف في خمائل غمده
لئن قلقت أعطافه في وشاحه
فكم أقلقت قلب المشوق بوجده
وإن كحل السحر المبين جفونه
فكم كحلت طرف المعنى بسهده
وقالوا عذار قلت لا بل صحيفة
عقدت له فيها وثيقة وده
فقبلت في ليل الذؤابة وجهه
وعدت بذاك النور من ليل صده
وعاطيته حمراء في لون أدمعي
إذا سكبت ذوب العقيق لبعده
وقلت لساقيها وللأنس طاعة
تحكم في هزل الحديث وجده
أدرها فرض الخد أخضله الحيا
وحف طراز الأنس من حول ورده
فناولها ممزوجة برضابه
ولو أنني أنصفت قلت بشهده
فلما بدت للراح فيه ارتياحة
ومالت شمال للشمول بقده
توسد أضغاث الرياحين وانثنى
يغط غطيط الطفل من فوق مهده
فبايعت سلطان العفاف ولم أجز
على فكرتي إلا الوفاء بعهده
أبا الشرف الأرضى تلطف بأنفس
غزاها غرام أصبحت نهب جنده
ترفق وعللها بأيسر نائل
يحوط دماها كالشمال ورده
وإن أنت لم تغفل فما أنت في الورى
بأول مولى جار في حكم عبده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> الصبر إلا في هواك حميد
الصبر إلا في هواك حميد
رقم القصيدة : 54643
-----------------------------------
الصبر إلا في هواك حميد
الخطب صعب والمرام بعيد
يا أيها القمر الحجازي الذي
تجلى بغرته الدياجي السود
وحدت شخصك في الفؤاد لعله
ينجيه من نار الجوى التوحيد
وجعلت حبك مذهبا وشريعة
قلدته يا حبذا التقليد
إن نالت الشهداء جنات العلى
ولهم نعيم عندها وخلود
فلقد شهدت بأن قربك جنة
حقا وإني بالغرام شهيد
يا من تشابه منه في ضعف القوى
خصر وطرف ساحر وعهود
جسمي ولحظك في السقام تشاركا
والله يعلم أينا المفؤود
إن كنت تنكر ما ألاقي في الهوى
فالوجه قاض والدموع شهود(47/97)
أصبحت في شغل بحبك شاغل
لا العذل ينهاني ولا التفنيد
تهفو الصبا سحرا فأستجفي الصبا
وأغص بالسلسال وهو برود
وأميل عن ظل الأراكة ضاحيا
ورواقها رحب الجناب مديد
يا عهد عين الدمع كم من لؤلؤ
للدمع جدت به عساك تعود
تسري نواسمك اللدان بليلة
فيهزني شوق إليك شديد
كم ساعة للأنس فيك قضيتها
من نالها ما فاته مقصود
ومجاذب ثني الذؤابة عابث
تهفو بخوطته الصبا فيميد
السقم مبثوث على لحظاته
والسحر في أجفانه معقود
نادمته وشربت فضل مدامه
واللحظ من أكواسه معدود
ولقد هممت بأن أروي غلة
لجحيمها بين الضلوع وقود
وأبث سرا في فؤادي دونه
للكتم باب مرتج مسدود
كم لؤلؤ نثر الحديث عقوده
نظمت لشمل الود منه عقود
ولئن تحامانا الرقيب فلم يرم
عنا رقيب للعفاف عتيد
لولا هواك أيا أبا الشرف الرضا
ما كان عندي للوجود وجود
إيه عميد الوحي غير مدافع
قلبي بما يلقاه منك عميد
إن بنت فاسمح لي برجع تحية
أو غبت فابعث بالخيال يعود
يا ابن الكرام الهاشميين الألى
الباس طوع بنانهم والجود
رفقا على مهج تملكها الهوى
فالرفق من أخلاقكم معدود
ولاك سلطان الجمال نفوسنا
فاحكم بما ترضى فنحن عبيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لي الله من عنوان ملك مجدد
لي الله من عنوان ملك مجدد
رقم القصيدة : 54644
-----------------------------------
لي الله من عنوان ملك مجدد
تروح هبات الله نحوي وتعدي
بناني أمير المسلمين محمد
سمي النبي الهاشمي محمد
وقد جيد الأملاك مني قلادة
وكم زان حسن الجيد حسن المقلد
ونوه في بحر الخلافة سعده
فلا زال في سعد وعز مؤيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عجبا لوجد لا يلين شديده
عجبا لوجد لا يلين شديده
رقم القصيدة : 54645
-----------------------------------
عجبا لوجد لا يلين شديده
وغرام قلب شب فيه وقوده
ولقد عهدت القلب وهو موحد
فعلام يقضى في العذاب خلوده
إتلاف نفسي في هواك حياتها
وفناء قلبي في رضاك وجوده(47/98)
وإن استربت سلي شهود مدامعي
قد صح من في وجنتيه شهوده
هل تذكرين عهود أيام الحمى
لله أيام الحمى وعهوده
أيام وجه الدهر طلق والصبا
لدن المعاطف يانع أملوده
فاليوم عاد القرب منا في الهوى
بعدا وصال على الوصال صدوده
ولقد شجاني بارق متألق
يشجى به صب الفؤاد عميده
أورى بجنح الليل في سقط اللوى
سقطا ورت خلل السحاب زنوده
وهمى على طلل الأحبة ديمة
فحسبت عيني عند ذاك تجوده
وكأن نور جبين يوسف نوره
وكأن ديمته الملثة جوده
ملك أقام الحق يخفق ظله
فالحق خفاق الرواق مديده
وحباه رب العرش آية مفخر
حكمت له أن الملوك عبيده
وحمى الجزيرة حاملا أعباءها
بلهام جيش لا يكت عديده
وغدا بأسباب العلا متمسكا
فيها فحفظ الله ليس يؤوده
من كان أنصار النبي جدوده
فملائك السبع الطباق جنوده
ماست غصون رماحه وتفتحت
بشقائق النصر العزيز بنوده
وأعد أوزار الحروب صوافنا
تمضي على عقبانهن أسوده
من كل أجرد سابق عبل الشوى
ما إن تحط عن الحروب لبوده
يرمى به الغرض البعيد فينثني
بطلابه كثب المزار بعيده
ويكاد ينتعل الهلال إذا سرى
ويقلد الشمس المنيرة جيده
وقواضبا بيضا سقين دم العدا
فبدا على صفحاتها توريده
ومفاضة زغبا تضاعف نسجها
حلقاء قدر نسجها داوده
وحنية تحنو على سهم الردى
فيصيب شالكة الرمي سديده
أضحى الضلال بها يصوح نبته
وأخضر من دين الحنيفة عوده
أخليفة الرحمن والملك الذي
تنميه من أقيال خزروج صيده
ماذا ينمق في امتداحك مادح
لا ينزف البحر الخضم وروده
ما زهر روض الغور روضة الحيا
وحنت عليه بروقه ورعوده
وسرى سقيط الطل في أوراقه
بردا كدر أسلمته عقدوه
وكأنه في ضفة النهر انتشى
وغدا يبوح بسره عربيده
بجني ورد شج وجنته الندى
أو سوسن شقت عليه بروده
وتخال غصن البان فيه عابدا
ما إن يريم ركوعه وسجوده
بأنم من مسرى امتداح عاطر
يهدى إلى نادي علاك فريده
ألبست هذا الملك ثوب جلالة
يبقى على مر الجديد جديده
وعضدت دين الله بابن نصيره
حتى سما فوق السماء عموده(47/99)
جاهدت دين الكفر حتى سمته
خسفا ورام السلم منك عنيده
وتبعت آثار النبي ميمما
مما أمه صديقه وشهيده
قابلت شهر الصوم منك بما به
ينهل من فضل الآلاء مزيده
ووصلت تم الليل منه بيومه
ذكرا يبلغه القبول صعوده
وشرعت للصدقات أصفى مشرع
يندى على حر الصدور بروده
فجزاك بالأجر الجزيل صيامه
وحباك بالنصر المؤزر عيده
فاهنأ به في الدهر أسعد قابل
طلعت بعز المسلمين سعوده
لما مررت إلى مصلاه ضحى
والترب يلثم أخمصيك صعيده
قضيت من حق الشريعة مقصدا
لزم الملوك الصالحين أكيده
فاخلد ودم وانعم بسابع نعمة
تترى وملك لا يثل مشيده
لا زال ذكرك في البسيطة دائما
يسري على كتد الزمان حميده
من كاد ملكك من عدو يبتغي
شرا فإن الله عنك يكيده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنتم من مناسب الأمجاد
أنتم من مناسب الأمجاد
رقم القصيدة : 54646
-----------------------------------
أنتم من مناسب الأمجاد
موضع العقد من طلا الأجياد
ولكم من مناصب الفخر أسماها
وعز الندى وغر الأيادي
يا لأيامهم وقد يبس العود
وغالت شهباء سرح البلاد
والتقى رائد الحجاز ونجران
وسعد الأمحال في كل واد
أنذر المنذر الأنام بجدواه
وسح النعمان نعمى عتاد
فحوار ترغو ونار تلظى
وطهاة تشي وداع ينادي
وحبا من مطارف وشي صنعا
بها كالرياض غب العهاد
معشر يجعل الضيوف أصدقاء
كرما والأموال بعض الأعادي
معشر يجعل الحسام على الطفل
اعوذاذا والمهد ظهر الجواد
خطباء الأقوال يوم جدال
وكماة الأبطال يوم الجلاد
يا لأيامهم وقد زلت
الرجل وزالت شوامخ الأطواد
فشبا صعدة بثغرة ذمر
وغرارا مهند في هاد
وصفاح تمضي وسمر تلظى
تقدح النار في متون الصلاد
ووجوه بسر وخيل ظماء
كرعت في مناهل الأوراد
وكماة تحمي مراودها السمر
فتكوى بها عيون الجواد
فكأن الرماح كانت ركازا
وكأن الهيجاء يوم الميعاد
أقبلوا إن نظرت قلت بدور
حجبتها سحائب الأزراد
عجبا كيف لا تسيل سيوف
حملوا أنفسا على الأغماد(47/100)
تضرم النار في غدير دلاص
وعزيز تألف الأضداد
من كعمرو مفني البراجم والمدن
وقد ألقحت حروب الشداد
معشر أورثوا الهداية عن هود
فمن مهتد به أو هاد
فلقد أنجبوك يا عمدة الحي
ورب البيت الرفيع العماد
ماجدا مفضلا شجاعا حليما
واسع المنتدى كثير الرماد
يا أبا بكر المؤمل للخطب
المفدى وتحفة المرتاد
في سبيل الإله مجد توارثت
كريم الإصدار والإيراد
في سبيل الإلاه أخلاقك اللاتي
هي العذب في احتدام الجواد
في سبل الإلاه علم ترويه
ونقل مصحح الإسناد
في سبيل الإلاه منك خلال
تدر الشهب في حضيض الوهاد
لي ثناء كما علمت هو الوشي
وصفاء في فمي وفؤادي
فلذا ما أحوك عضب امتداحي
سابريا مسهم الأبراد
مخجلا لفظه حلاوة معناه
صحيح الأسباب والأوتاد
ما الذي تحصر الممادح والحمد
وقد جزت غاية التعداد
فلو أني استنصرت إذ رمت شكريك
وحمدي لسان قس إياد
وجعلت النهار طرسي كيما
أحصر الود والظلام مدادي
نفذ الطرس والمداد ولما
أحصي شكري ولا شرحت ودادي
وإذا ما مدحت لست ببدع
إن في البحر وقع كل ثماد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مقامك مرفوع على عمد السعد
مقامك مرفوع على عمد السعد
رقم القصيدة : 54647
-----------------------------------
مقامك مرفوع على عمد السعد
وحمدك مسطور على صحف المجد
وحبك أشهى في القلوب من المنى
وذكرك أحلى في الشفاه من الشهد
كرمت إلى أن كاد يسألك الحيا
وصلت إلى أن هابك السيف في الغمد
وجمع منك الله مفترق العلا
وشتى المعاني الغر في في علم فرد
وأحييت آثار الخلائف سابقا
حياد المدى فيما تعيد وما تبدي
ولا مثل شفاف الضياء بنيته
على الطائر الميمون والطالع السعد
توشح من زهر النجوم قلادة
ومن فلق الإصباح أصبح في برد
مقام الندى والباس والعدل والتقى
ومستودع العلياء والشرف العد
دحيت من الزليج صفحة أرضه
بلونين مبيض الأديم ومسود
كما رقم الكافور بالمسك والتقت
ذوائب من شعر أثيث على خد
وأرسلت فيه جدول الماء سائلا(47/101)
كما سل مصقول الغرارين من غمد
تقابل بيتاه وقد أبرزتهما من
الدين والدنيا علاك على حد
فألبست هذا حلة الملك والغنى
وألبست هذا شملة النسك والزهد
وكم عبرة أبديت تلعب بالنهى
فتنحرف الأذهان منا عن القصد
فكم عادة تختال تحت منصة
معصفرة السربال مصقولة الخد
من الصفر إلا أنها عربية
إذا اجتليت فيها سمات بني سعد
حبتها دمشق الشام كل زجاجة
أرق من الشكوى وأصفى من الود
رأينا به كرسي كسرى وتاجه
تلاحظه عينا على قدم العهد
وكم رامح للفرس فيها ونابل
وراح تعاطيها مهفهفة القد
ومن سرر مرفوعة وأرائك
كما رقمت أيدي الغمام صبا نجد
يذكر مرآها قلوب أولي النهى
بما وعد الأبرار في جنة الخلد
حدائق ديباج سقتها من الحيا
سحائب أفكار مهنأة الورد
فما شئته من نرجس وبنفسج
وآس وسوسان نضير ومن ورد
وهبت رياح النصر في جنباتها
فأنشأن سحب العنبر الورد والند
مطارد فرسان ومجرى سوابح
ومكنس عزلان وغابة ذي لبد
تكنفها عدل الخليفة يوسف
فترعى الظباء العفر فيها مع الأسد
إمام هدي من آل سعد نجاره
ونصر الهدى ميراثه لبني سعد
مآثره تلتاح في أفق العلا
وآثاره تستن في سنن الرشد
فتلحظ من أنواره سورة الضحى
وتحفظ من آثاره سورة الحمد
من النفر الوضاح السادة الأولى
يغيثون في الجلى ويوفون بالعهد
إذا حدثوا تروي الرواة حديثهم
عن الأسمر الخطي والأبيض الهندي
أناصر دين الله وابن نصيره
على حين لا يغني نصير ولا يجدي
طلعت على الدنيا بأيمن غرة
أضاء بها نور السعادة في المهد
وكم رصدت منا العيون طلوعها
فحقق نصر الله في ذلك الرصد
وقت بيتك المعمور من كل حادث
عناية من يغني عن الآل والجند
تهنأ به الأيام دانية الجنا
وصافح به الآمال منظومة العقد
ودونكها من بحر فكري جواهرا
تقلد في نحر وتنظم في عقد
يقوم بآفاق البلاد خطيبها
يترجم عن حبي ويخبر عن ودي
ركضت لها خيل البديهة جاهدا
وأسمعت آذان المعاني على بعد
فجاءت وفي ألفاظها لفف الكرى
سراعا وفي أجفانها سنة السهد(47/102)
تقول رواة الشعر عند سماعها
ترى هل لهذا الند في الأرض من ند
رعى الله قطرا أطعلعتك سماؤه
وبورك في مولى كريم وفي عبد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> دعاها تشم آثار نجد ففي نجد
دعاها تشم آثار نجد ففي نجد
رقم القصيدة : 54648
-----------------------------------
دعاها تشم آثار نجد ففي نجد
هوى هاج منها ذكره كامن الوجد
ولا تصرفاها عن ورود جمامه
فكم شرقت بالريق في مورد الجهد
يذيب ثراها الشوق لولا مدامع
تحل عراها في المحاجر والخد
وتصبو إلى عهد هنالك سالف
فتبدي من الشوق المبرح ما تبدي
حملن نشاوى من سلاف صبابة
تميل بهم ميل المنعمة الملد
إذا هب هفاف النسيم تساقطوا
فكف إلى قلب وأخرى على خد
نشدتكما بالله هل تبصرانها
معالم محتها الغمائم من بعدي
عفت غير سفع كالحمام جواثم
وغير جدار مثل حاشية البرد
وموقد نار يستطير رماده
ونؤي كما دار السوار على الزند
وغير ظباء في رباها كوانس
تفيأن في أفيائها دوحة الزند
قفوا نشتكي ما نلاقي من الهوى
وننح على يوم الرحيل ونستعدي
ونهد إلى الأجفان إثمد تربها
فما اكتحلت من بعده بسوى السهد
سنسأل عن سكانها نفس الصبا
لعل نسيم الريح يخبر عن هند
إذ العيش غض والشبيبة وارف
جناها وشمل الحي منتظم العقد
مفارق ما راع البياض سوادها
وأفئدة لم تدر ما ألم الصد
ووصل كأنا منه في سنة الكرى
وعيش كأنا منه في جنة الخلد
مرابع ألا في وعهد أحبتي
سقى الله ذاك العهد منسكب العهد
وجاد به من جود يوسف ساجم
ملث همول دون برق ولا رعد
وإن أحق الغيث أن يحيي الربا
ويروي غمام صاب من منشىء المجد
إمام هدى من آل سعد نجاره
ونصر الهدى ميراثه لبني سعد
مآثره تلتاح في صحف العلا
وآثاره تستن في سنن الرشد
إذا هم أمضى الله في الأرض حكمه
وما لقضاء الله في الأرض من رد
أقول لركب ينتحي طرق السرى
ويخبط في جنح من الليل مزبد
تهادا مطاياه التهائم والربى
ويرمي به غور الفلاة إلى نجد
وقد أخلف الغيث السكوب ديارها(47/103)
وأفضى بها هزل السنين إلى جد
ولم يبق منها الأزل غير حشاشة
تنازعها اللاواء في العظم والجلد
أريحوا فقد يممتم حضرة الندى
وأوردتم في مورد الرفق والرفد
بحيث بلوغ القصد ليس بنازح
لراج ولا باب الرجاء بمنسد
ولذتم من الدهر الظلوم بناصر
يرد شباة الدهر مفلولة الحد
به جمع الله القلوب على الهدى
وأذهب ما تخفي الصدور من الحقد
وأحيى رسوم الفضل وهي دوارس
وأطلع من نور الهداية لمن يهدي
فما روضة بالغور عاهدها الحيا
وحلت حبا الأنواء في ذلك العقد
وحجبها عن ناظري الشمس فانثنت
تستر في ظل من الغيم ممتد
وبث نسيم الروض فيها تحية
قريبة عهد باجتياز على الهند
وفض فتيت المسك في جنباتها
فأرعف آناف الشقائق والورد
بأعطر عرفا من أريج ثنائه
إذا نشرت آثاره صحف الحمد
أناصر دين الله وابن نصيره
على حين لا يغني نصير ولا يجدي
طلعت على الدنيا بأيمن غرة
أضاء بها نور السعادة في المهد
وكم رصدت منا العيون طلوعها
فحقق نصر الله في ذلك الرصد
ولما عرت هذه الجزيرة روعة
وأصبح فيها الرعب ملتهب الوقد
وأوجف خوف الكفر شم هضابها
تداركت منها كل واه ومنهد
هززت إلى إعزازها كل ذابل
وقدت إلى إصراخها كل ذي لبد
وشمت سيوف الحق والله ناصر
وجهزت قبل الجيش جيشا من السعد
وقلت لنفس العزم هبي وشمري
وهذا أوان الشد في الله فاشتدي
ولو لم تقد جيشا كفتك مهابة
من الله تغني عن نصير وعن جند
ولكن جنبت الجرد قبا بطونها
فأقبلن أسرابا كمثل القطا تردي
وما راع ملك الروم إلا طلوعها
بوارق تدعى بالمطهمة الجرد
وغابا من الخطي تحت ظلاله
أسود من الأنصار تفتك بالأسد
فلما استفز الذعر منك فؤاده
وحقق معنى الفضل في ذلك الحد
وما برحت والله ناصر دينه
قضاياه في عكس لديك وفي طرد
رمى بيد الإذعان للسلم رهبة
وخاطب يستدعي رضاك ويستجدي
فرحمى لحيى لم تجره فإنه
فريد وإن أضحى من القوم في عد
وأصرخ نصر الله دعوة صارخ
طويت له تحت الدجى شقة البعد
وبشرى لأرض قد سلكت بأهلها(47/104)
من السنن الأرضي على واضح القصد
جمعت بها الأهواء بعد افتراقها
فأصبح فيها الضد يأنس بالضد
ويهنيك هذا العيد أسعد وافد
أتاك مع النصر العزيز على وعد
طوى البعد عن شوق وحط ركابه
ببابك باب الجود في جملة الوفد
فأوليتنا في ظله كل نعمة
هي القطر لا يحصى بحصر ولا عد
وفاضت بهتان الندى منك راحة
هي البحر لا ينفك حينا عن المد
ودونكها من بحر فكري لآلئا
تقلد في نحر وتنظم في عقد
يسير بها ركب النسيم إذا سرت
سراع المطايا في ذميل وفي وخد
تقوم بآفاق البلاد خطيبة
تترجم عن حبي وتخبر عن ودي
كأن العراقيين عند سماعها
وقد غص حفل القوم نحل على شهد
يقولون إن هبت من الحمد نفحة
فليس لهذا الند في الأرض من ند
سقى الله قطرا أطلعتك سماؤه
وبورك في مولى كريم وفي عبد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قفا فاسألا في ساحة الأجدع الفرد
قفا فاسألا في ساحة الأجدع الفرد
رقم القصيدة : 54649
-----------------------------------
قفا فاسألا في ساحة الأجدع الفرد
معالم محتها الغمائم من بعد
وجرت عليها الراسيات ذيولها
على أنها تزداد طيبا على البعد
وعوجا عليها فاسألا عن أنيسها
وإن كان تسآل المعالم لا يجدي
ولكنها نفس تجيش ونفثة
تورح من بث وتطفىء من وجد
مرابع ألا في وعهد أحبتي
سقى الله ذاك العهد منسكب العهد
وجاد به من جود كف محمد
ملث همول دون برق ولا رعد
وإن أحق الغيث أن يروي الثرى
لغيث زكي صاب من منشأ المجد
إمام هدى من آل سعد نجاره
ونصر الهدى ميراثه لبني سعد
غمام ندى جاد البلاد فأصبحت
تجرر ذيل الخصب والعيشة الرعد
وفرع زكي من أصول كريمة
حكاها كما قد الشراك من الجلد
فتلحظ من أنواره سورة الضحى
وتحفظ من آثاره سورة الحمد
من النفر الوضاح والسادة الألى
يغيثون في الجلى ويوفون بالعهد
محمد قد أحييت دين محمد
وأنجزت من نصر الهدى سابق الوعد
طلعت على الدنيا بأيمن غرة
أضاء بها نور السعادة في المهد
وكم رصدت منا العيون طلوعها(47/105)
فحقق نصر الله في ذلك الرصد
هنيئا لملك فاتحتك سعوده
وعز على الأيام منتظم العقد
وعقدة ملك كان ربك كالئا
لها وأصل السعد يغني عن الجد
جمعت بها الأهواء بعد افتراقها
فقد كان فيها الضد يأنس بالضد
أمولاي هذا الأمر جد وإنما
يليق به من عامل الجد بالجد
ودونكها من ناصح الجيب مخلص
وصية صدق أعربت لك عن ود
أفض في الرعايا العدل تحظ بحبها
وحكم عليها الحق في الحل والعقد
وما من يد إلا يد الله فوقها
ومن شيم المولى التلطف بالعبد
فكن لهم عينا على كل حادث
وكن فيهم سمعا لدعوة مستعد
وأنت ثمال الله فابسط نواله
إذا بسط المحتاج راحة مستجد
وأوجب لأرباب السوابق حقها
ولا تمنع المعروف من لك من جند
هم الحد في نحر العدو وهل ترى
دفاعا لمن يلقى العدو بلا حد
وشاور أولي الشورى إذا عن معضل
فمن أعمل الشورى فما ضل عن قصد
وكن بكتاب الله تأتم دائما
هو الحق والنور المبين الذي يهدي
ألا لا يرع منا الزمان عصابة
موكدة الميثاق مرهفة الحد
تقابل أمر الله بالبشر والرضا
وتلقى الذي ترضاه بالشكر والحمد
وتخلف فيمن خلفته ملوكها
برعي الذمام الحر والحفظ للعهد
وما هي إلا أنفس مستعارة
ولا بد يوما للعواري من رد
غنينا عن البحر الذي غاض بالحيا
وعن كوكب العلياء بالقمر السعد
حياة جناها الدهر من شجر الردى
سريعا ووجدان تكون عن فقد
وسيفان هذا سله الدهر ماضيا
صقيلا وهذا رده الدهر في غمد
وقت ملكك المحروس من كل حادث
عناية من يغني عن الآل والجند
ودونكها من بحر فكري جواهرا
تقلد في نحر وتنظم في عقد
ركضت بها خيل البديهة جاهدا
وأسمعت آذان المعاني على بعد
فجاءت وفي ألفاظها لفف الكرى
سراعا وفي أجفانها سنة السهد
وإني وإن أطنبت فيك لقاصر
ومن ذا يطيق الرمل بالحصر والعد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أهاجتك ذكرى من خليط ومعهد
أهاجتك ذكرى من خليط ومعهد
رقم القصيدة : 54650
-----------------------------------
أهاجتك ذكرى من خليط ومعهد(47/106)
سمحت لها بالدمع في كل مشهد
وعادك عيد من تذكر جيرة
نأوا بالذي أسأرته من تجلد
حنانيك من نفس شعاع ومهجة
إذا لم يحن من بعدهم فكأن قد
فكم دونهم من مهمه ومفازة
وأثباج بحر زاخر اللج مزبد
كأن لم يكن من قبل يومك عاشق
ولا واقف بالربع وقفة مكمد
ولا تسأل الأطلال بعد قطينها
فعفت جوابا بعد طول تردد
ومستنصر من دمعه غير ناصر
ومستنجد من ضره غير منجد
سوى عبرة تحدو ثقال سحابها
إذا ما ونت ريح الزفير المصفد
أسى النفس لا يقوى على رد فائت
فإن شئت فلتقلل وإن شئت فازدد
وما رجل الدنيا سوى متفطن
لنكرائها ماض مضاء المهند
إذا أقبلت بالخير لم تستفزه
وإن هي ضلت لم يقدها بمقود
فلا تقن ما يجني عليك ذهابه
وإن كان معتدا به ضر معتد
وخذ ما به جاد الزمان مسامحا
ولا تترك يوم السرور إلى غد
وسر في مراح الله مقتصر الخطا
وكن لنوال الله منبسط اليد
وإن راع دهر أو تنكر حادث
فلذ بحمى من عامر بن محمد
فتى الحي من هنتاتة جيرة الهدى
وخيرة أصحاب النبي الموحد
وكوكب أفق الغرب لم يبق بعده
وبعد ابنه من كوكب متوقد
رحيب مجال الفضل يكلف بالعلا
فما هو بالمصغي لقول المفند
ويطوي برود الملك فوق خلائق
تناسب خلق الناسك المتزهد
ومشتغل بالحزم يقدح زنده
إذا اشتغل الأملاك باللهو والدد
وضافي لباس المجد بالفضل مكتس
وبالفخر معتم وبالحمد مرتد
وتحتمل الركبان طيب حديثه
فيأتيك بالأخبار من لم تزود
ومرتقب الإقبال من كل وجهة
وأمر وللصنع الجميل معود
فوالله ما ندري أيمن نقية
ترف عليه أم سعادة مولد
تساس به الأقطار بعد ارتجاجها
وتدنو له الأقطار بعد تبعد
له جبل في ملتقى الهول عاصم
يناول من يحتله النجم باليد
ورأي إذا ما جهزت عنه راية
كفى سعدها عن كل جند مجند
يرى الأمر في أعجاز صدوره
بعين البصير الألمعي المسدد
أليس من القوم الذين علاهم
مخلدة واستشهد الكتب تشهد
مآثرهم في الدين غير خفية
فهم كالنجوم الزاهرات لمهتد
خلائف عبد المؤمن الملك الذي(47/107)
بسر من المهدي قد كان يهتدي
ودوخ أكناف البسيطة بعده
وأعلن بالتوحيد في كل مسجد
وأبناؤه من بعده أعملوا الظبا
وأمضوا سيوف الله في كل ملحد
فسل إن أردت الأرك إذ غصت الربا
بكل عميد بالرغام موسد
فمن ذا له كالقوم إن شئت في ندى
وباس وفي فضل وفي صدق مشهد
لئن زينوا الدنيا بزهر وجوههم
لقد زينوا بالذكر كل مجلد
وأبقوا ثناء عاطرا فكأنما
نسيم الصبا هبت على الزهر الندي
أبا ثابت لا زال سعدك ثابتا
وجودك يروي ورده غلة الصدى
ولا زلت قطبا تستدير به العلا
كما دارت الأفلاك حول المجدد
رفعت بناء الملك لما تمايلت
دعائمه فوق الأساس الموطد
وأصرفته لما دعاك على النوى
وواصل ترجيع النداء المردد
بكل صقيل المتن سال خليجه
ولكن حكم القين قال له اجمد
يرى بنحول الحد شيمة عاشق
ويكذب خداه بخد مورد
وملتفت عن أزرق اللحظ قد حكى
به العلق المحمر مقلة أرمد
شكا مرة الألحاظ في حومة الوغى
فوافاه ملتف الغبار بأثمد
وكل شهير العتق أشرف جيده
وقام على ملمومة من زبرجد
إذا ما تغنى بالصهيل مرجعا
سمعت به صوت الغريض ومعبد
تألق عن برق الدجنة كلما
تبسم في قطع من الليل أربد
وجددت نصر الجد في ابن ابنه اللذي
رعيت له حق الذمام المؤكد
ولم تأت بدعا في الوفاء وإنما
شفعت الذي أسلفت في القوم من يد
ويأبى لك المجد الذي أنت أهله
على الدهر إلا أن تتمم ما بدي
وعدت يجر الملك خلفك ذيله
وفي حكمك العليا تروح وتغتدي
ويعتد منك الملك والدين والورى
بكافي الدواهي والهمام المؤيد
وسوغك العقد السعيد مسرة
وهنأك الأملاك أعذب مورد
شددت بعهد الملك أزر مجادة
توارثتها عن أوحد بعد أوحد
ومثلك من يرمي بهمته العلا
ويرفع أعلام الثناء المجدد
ويحي من التوحيد رسما يعيده
لخير اجتماع الشمل بعد تبدد
عقيلة ملك فزت منها بطائل
عزيز على النفس الكريم الممجد
يزر عليها هوج الملك هالة
يدور عليها كل غفر وفرقد
فلو أنصفت فوق العيون ابتغوا لها
طريقا فتمشي فوق صرح ممرد(47/108)
وفي نسبة الأشياء يظهر حسنها
موحدة زفت لخير موحد
فهنأك الله الإياب ولا انقضت
سعودك تترى بين مثنى وموحد
وقابل صنيع الله فيك بشكره
وراقبه حال السر والجهر تحمد
فيا هضبة العليا ويا مزنة الندى
ويا مفخر الدنيا ويا قمر الندى
ويا عدة الملك المريني كلما استجار به
في الأمس واليوم والغد
ركضت إليك الجرد أفلي بها الفلا
وأدرع منها فرقدا بعد فرقد
يطير بها الشوق الحثيث فينبري
لمثواك منها كل سهم مسدد
ولو هاج عزمي من سواك وصاح بي
لآثرت سيما العاجز المتبلد
وما كنت أرضى أن أنال ذريعة
أكد لها نفسي وأكذب مقصدي
وأقتحم الأخطار والأرض تلتظي
وألتهم الأقطار والهول يغتدي
ولو أن شمس الجو أو قمر الدجى
يعودان في هضبي لجين وعسجد
ولكنه ود وحسن تخير
قضى لك مني بالثناء المخلد
جعلتك بين الناس حظي الذي سمت
لإحرازه نفسي وطبعي منجدي
وحرك عزمي أن أزورك قاعدا
على فرس العز الأصيل المجدد
ليخلص تأميلي إليك ووجهتي
وبيرأ عزمي من سواك ومقصدي
فلا تنس لي هذا الزمام فإنه
لخير ذمام قد وصلت به يدي
أجار علاك الله من كل حادث
ولا زلت في سعد على الدهر مسعد
وأحيا أبا يحيى لعينك قرة
قريعك في حزم وعزم وسؤدد
مؤمل أبنائي ومظهر دعوتي
ولولا اتقائي عتبه قلت سيدي
ولا زلت تجني كلما اشتجر الوغى
جنى النصر من غرس القنا المتقصد
وكثر من حسادك الله إنه
إن الله أنمى خيره إليك تحسد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سرق الدهر شبابي من يدي
سرق الدهر شبابي من يدي
رقم القصيدة : 54651
-----------------------------------
سرق الدهر شبابي من يدي
ففؤادي مشعر بالكمد
واحتملت الأمر إذ أبصرته
باع ما أفقدني من ولدي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> الشكر يصغر والهبات تزيد
الشكر يصغر والهبات تزيد
رقم القصيدة : 54652
-----------------------------------
الشكر يصغر والهبات تزيد
فمتى يجيد القول فيك مجيد
يا من له الفخر البعيد على الورى(47/109)
إن كان مولانا ونحن عبيد
إن كانت الأعياد قبلك دائما
عيدين فالدنيا بملكك عيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هون على النفس النفيسة أمرها
هون على النفس النفيسة أمرها
رقم القصيدة : 54653
-----------------------------------
هون على النفس النفيسة أمرها
وإذا سلمت فلا ترع لفقيد
لم يأت صرف الدهر بدعا محدثا
كم من يزيد قد مضى ويزيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وقائلة صف لي فديتك رحلة
وقائلة صف لي فديتك رحلة
رقم القصيدة : 54654
-----------------------------------
وقائلة صف لي فديتك رحلة
عنيت بها ياشقة القلب من بعدي
فقلت خذيها من لسان بلاغة
كما نظم الياقوت والدر في عقد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لا يسو ظنك من أجل سهم
لا يسو ظنك من أجل سهم
رقم القصيدة : 54655
-----------------------------------
لا يسو ظنك من أجل سهم
عاد مغنى السعد من غير عاده
أو لست الشمس دون امتراء
حل في برجك سهم السعاده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يوم أزمعت عنك طوع البعاد
يوم أزمعت عنك طوع البعاد
رقم القصيدة : 54656
-----------------------------------
يوم أزمعت عنك طوع البعاد
وعدتني عن اللقاء العوادي
قال صحبي وقد أطلت التفاتي
أيى شيء تركت قلت فؤادي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سميى رسول الله أحييت مهجتي
سميى رسول الله أحييت مهجتي
رقم القصيدة : 54657
-----------------------------------
سميى رسول الله أحييت مهجتي
وعاجلني منك الصريح على بعد
فإن عشت أبلغ فيك نفسي عذرها
وإن لم أعش فالله يجزيك من بعد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إن كان يسقي الأرض جود عمامة
إن كان يسقي الأرض جود عمامة
رقم القصيدة : 54658
-----------------------------------
إن كان يسقي الأرض جود عمامة
فأنا الذي أسقي غمام الجود
قابلت من وجه ابن نصر قبلة
فلها ركوعي دائما وسجودي(47/110)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لله درك يا ابن بطان فما
لله درك يا ابن بطان فما
رقم القصيدة : 54659
-----------------------------------
لله درك يا ابن بطان فما
لشهير جودك في البسيطة جاحد
إن كان في الدنيا كريم واحد
يزن الجميع فأنت ذاك الواحد
أجريت فضلك جعفرا يحيا به
ما كان من مجد فذكرك خالد
فالقوم منك تجمعوا في واحد
ولد كما شاء العلاء ووالد
وهيى الليالي لا تزال صروفها
يشقى بموقعها الكريم الماجد
وبمستعين الله يصلح منك ما
قد كان غيره الزمان الفاسد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> الحمد لله كم لله من وجود
الحمد لله كم لله من وجود
رقم القصيدة : 54660
-----------------------------------
الحمد لله كم لله من وجود
وحكمة ظهرت في كل موجود
بالله يا آل مرين أبشروا وثقوا
بكل سعد على الأيام ممدود
فملككم بسليمان بن داود في
الدهر ملك سليمان بن داود
لا ينبغي لسواكم بعدكم فلكم
فخر على الخلفاء الجلة الصيد
قد حل في جبل للفتح منتسب
بالفتح مفتخر بالفتح موعود
سفينة الأمل الممدود قد سحبت
في جوده واستوت منه على الجود
شدوا عليه يد المعتد فهو لكم
ذخر مقلد في نحر وفي جيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا أبا الفضل إن تخب عن سواد
يا أبا الفضل إن تخب عن سواد
رقم القصيدة : 54661
-----------------------------------
يا أبا الفضل إن تخب عن سواد
العين ما غبت عن سواد الفؤاد
صار يوم السرور بعدك ليلا
ووثير المهاد شوك القتاد
وكأن الجفون إذا غبت عنها
نحرت دمعها لضيف السهاد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عذار كما دب الحباب على الورد
عذار كما دب الحباب على الورد
رقم القصيدة : 54662
-----------------------------------
عذار كما دب الحباب على الورد
محاسنه أربت على الحصر والعد
سعى نحو ورد الثغر وانساب نحوه
فتحسبه نملا تدب إلى شهد
فيا ألفا للقد هل من إمالة
ويا حرف لين العطف هل لك من قد(47/111)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لما رأوا أنني به كلف
لما رأوا أنني به كلف
رقم القصيدة : 54663
-----------------------------------
لما رأوا أنني به كلف
وأوشكوا ينطقون من حسدي
قالوا الفتى بارد فقلت لهم
خلوه يا برده على كبدي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> منكانة الرمل فيها عبرة ونهى
منكانة الرمل فيها عبرة ونهى
رقم القصيدة : 54664
-----------------------------------
منكانة الرمل فيها عبرة ونهى
وشاهد أن كلا منقض كمدا
لباب عمر الفتى يجري بحربتها
كأنما العمر لما أطلقت قصدا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قدم البنفسج وهو نعم الوارد
قدم البنفسج وهو نعم الوارد
رقم القصيدة : 54665
-----------------------------------
قدم البنفسج وهو نعم الوارد
قد نم منه إلي طيب زائد
فسألته ما باله فأجابني
والحق لا يبغى عليه شاهد
أقبلت أطلب من بنان محمد
صلة فعاد إلي منه عائد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أقول والليل أعياني تطاوله
أقول والليل أعياني تطاوله
رقم القصيدة : 54666
-----------------------------------
أقول والليل أعياني تطاوله
وأوسع الذم والتعنيت أسوده
ما كان يجرأ ليلي أن يطاولني
شعاركم يا بني العباس أيده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قل للذي ذكر الهدى وعهوده
قل للذي ذكر الهدى وعهوده
رقم القصيدة : 54667
-----------------------------------
قل للذي ذكر الهدى وعهوده
فبكى وأصبح مشفقا من فقدها
غصبت حقوق الله جل جلاله
فقضى أبو الحسن الصغير بردها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قالوا ولائم مولانا مجالسها
قالوا ولائم مولانا مجالسها
رقم القصيدة : 54668
-----------------------------------
قالوا ولائم مولانا مجالسها
عشرون من ضحوة الليل معدودة
فقلت ألوانها في النفع أدوية
والبعض منها بل المجموع محموده(47/112)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لو لم يكن واديكم باردا
لو لم يكن واديكم باردا
رقم القصيدة : 54669
-----------------------------------
لو لم يكن واديكم باردا
لقلت من دمعي أتى الوادي
أو لم يك الشادي به أعجما
طارحت شجوي طيرة الشادي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عند رأس المزاد عادني السهد
عند رأس المزاد عادني السهد
رقم القصيدة : 54670
-----------------------------------
عند رأس المزاد عادني السهد
ولم تغن حيلتي واجتهادي
حسبي الله كيف يبرى سريعا
سهر عن صداع رأس المزاد
حكى فارس الشطرنج طرفك لا يرى
ينقل من بيضاء إلا إلى حمرا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا ما تجلى النور في جنح ظلمة
إذا ما تجلى النور في جنح ظلمة
رقم القصيدة : 54671
-----------------------------------
إذا ما تجلى النور في جنح ظلمة
جلاها كما تجلو الدجى غرة الفجر
فلا تعجبن للحبر أن حال لونه
فوجهك يجلو غرة الليل والحبر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لعمرك ما أغار على عدو
لعمرك ما أغار على عدو
رقم القصيدة : 54672
-----------------------------------
لعمرك ما أغار على عدو
كجيش النصر بورك من مغير
ولا شرحت مدونة المعالي
سوى فتيا أبي الحسن الصغير
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ومنتقش المتن كالمبرد
ومنتقش المتن كالمبرد
رقم القصيدة : 54673
-----------------------------------
ومنتقش المتن كالمبرد
إذا هب عرف النسيم الندي
تدافع مسترسلا مائجا
كما اندفع الدرع من مزود
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عبس الليل فلا صبح يرى
عبس الليل فلا صبح يرى
رقم القصيدة : 54674
-----------------------------------
عبس الليل فلا صبح يرى
وهوى النجم وغاب الفرقد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قلت لما أتى الكتاب بعنوان
قلت لما أتى الكتاب بعنوان
رقم القصيدة : 54675(47/113)
-----------------------------------
قلت لما أتى الكتاب بعنوان
رأيت العيون تقصد قصده
طبق من أزاهر رائقات
سقطت فوقه من الختم ورده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> جاء العذار بظل غير ممدود
جاء العذار بظل غير ممدود
رقم القصيدة : 54676
-----------------------------------
جاء العذار بظل غير ممدود
فمنتهى الحسن منه غير محدود
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لقد زار الجزيرة منك بحر
لقد زار الجزيرة منك بحر
رقم القصيدة : 54677
-----------------------------------
لقد زار الجزيرة منك بحر
يمد فليس نعرف منه جزرا
أعدت لها بعهدك عهد موسى
سميك فهي تتلو منه ذكرا
أقمت جدارها وأفدت كنزا
ولو شئت اتخذت عليه أجرا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> خليفة الله ساعد القدر
خليفة الله ساعد القدر
رقم القصيدة : 54678
-----------------------------------
خليفة الله ساعد القدر
علاك ما لاح في الدجى قمر
ودافعت عنك كف قدرته
ما ليس يسطيع دفعه البشر
ليس لنا ملجأ نؤمله
سواك أنت الثمال والوزر
وجهك في النائبات بدر دجى
لنا وفي المحل كفك المطر
والناس طرا بأرض أندلس
لولاك ما أوطنوا ولا عمروا
وجملة الأمر أنه وطن
في غير علياك ما له وطر
ومن به مذ وصلت حبلهم
ما جحدوا نعمة ولا كفروا
وقد أهمتهم نفوسهم
فوجهوني إليك وانتظروا
ناديت قلبي إذ لاحت طلائعه
يا صبر أيوب هذا درع داود
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ما غض مني أن أخلفت موعود
ما غض مني أن أخلفت موعود
رقم القصيدة : 54679
-----------------------------------
ما غض مني أن أخلفت موعود
وروض خدك أضحى ذاوي العود
وقال صوت عذار فوق صفحته
سفينة الحسن قد حطت على الجود
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أضاف إلى الجفون السود شعرا
أضاف إلى الجفون السود شعرا
رقم القصيدة : 54680
-----------------------------------
أضاف إلى الجفون السود شعرا(47/114)
كجنح الليل أو صبغ المداد
فقلت أمير هذا الجيش تركو الأجور
له بتكثير السواد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لما رضيت بفرقتي وبعادي
لما رضيت بفرقتي وبعادي
رقم القصيدة : 54681
-----------------------------------
لما رضيت بفرقتي وبعادي
وصرمت أمالي وخنت ودادي
لاعنت أم الصبر فيك وبعده
ورثت للأشجان كنز فؤادي
فالصبر مني أجنبي بعدها
ولواعج الأشجان من أولادي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أمولاي استزد بالشكر صنعا
أمولاي استزد بالشكر صنعا
رقم القصيدة : 54682
-----------------------------------
أمولاي استزد بالشكر صنعا
فقد وعد المزيد الله بعده
أبحت ذمار من ناواك لما
نويت جهاده وقصدت قصده
وما كان الذمار بمستباح
ولكن العزيز أعز عبده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قال لي صاحبي وقد بان زهدي
قال لي صاحبي وقد بان زهدي
رقم القصيدة : 54683
-----------------------------------
قال لي صاحبي وقد بان زهدي
عندما أمل الهمام العميد
لم أعرضت واستهنت بهذا
قلت أغناني الغني الحميد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أرد ما كان وارض بما قضاه
أرد ما كان وارض بما قضاه
رقم القصيدة : 54684
-----------------------------------
أرد ما كان وارض بما قضاه
إلاهك هذ خلق المريد
ورم بالشكر من أعطاك ستره
فإن الشكر مفتاح المزيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> رحلت فكنت في التحقيق بدرا
رحلت فكنت في التحقيق بدرا
رقم القصيدة : 54685
-----------------------------------
رحلت فكنت في التحقيق بدرا
منازلك المنازل والبلاد
ومن أفلاك رحلتك المعالي
ومن آثار نيرك الجهاد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أرقت فجنح الليل قيد خطوه
أرقت فجنح الليل قيد خطوه
رقم القصيدة : 54686
-----------------------------------
أرقت فجنح الليل قيد خطوه
فلهفي على الجفن القريح المسهد
وما بليت نفس امرىء متطرق(47/115)
بأوحش من عبد عبوس مقيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قم سقني والأفق يقرع بابه
قم سقني والأفق يقرع بابه
رقم القصيدة : 54687
-----------------------------------
قم سقني والأفق يقرع بابه
من أول الفجرين ضيف وارد
وكأنني بالصبح فيه غاطسا
من بعد ما هب الهواء البارد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ركب السفينة واستقل بأفقها
ركب السفينة واستقل بأفقها
رقم القصيدة : 54688
-----------------------------------
ركب السفينة واستقل بأفقها
فكأنما ركب الهلال الفرقد
وشكوا إلي بميده فأجبتهم
لا غرو أن ماد القضيب الأملد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> في غير حفظ الله من هامة
في غير حفظ الله من هامة
رقم القصيدة : 54689
-----------------------------------
في غير حفظ الله من هامة
هام بها الشيطان في كل واد
ما خلفت ذكرا ولا رحمة
في فم إنسان ولا في فؤاد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بنفسي حالك شقة السويدا
بنفسي حالك شقة السويدا
رقم القصيدة : 54690
-----------------------------------
بنفسي حالك شقة السويدا
لذلك ما يحن له الفؤاد
أطيل له التفاتي والتماحي
لأن العين ينفعها السواد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قد كنت أجهد في التماس صنيعة
قد كنت أجهد في التماس صنيعة
رقم القصيدة : 54691
-----------------------------------
قد كنت أجهد في التماس صنيعة
نفسا شهاب ذكائها وقاد
وأقول لو كان المخاطب غيركم
عند الشدائد تذهب الأحقاد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> دعانا إلى بنيونش وهي جنه
دعانا إلى بنيونش وهي جنه
رقم القصيدة : 54692
-----------------------------------
دعانا إلى بنيونش وهي جنه
شريف تولى الله تطهير مجده
فاذكرنا مثواه بالجنة التي
وعدنا بها والله منجز وعده
نعيما وريحانا وروحا وكلما
يعد لمن حاباه سابق وعده
فقلنا ظفرنا اليوم من أجل أحمد
بهذه ونرجو تلك من أجل جده(47/116)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> شوق نفسي إلى كلامك يحكي
شوق نفسي إلى كلامك يحكي
رقم القصيدة : 54693
-----------------------------------
شوق نفسي إلى كلامك يحكي
ناره للجحيم ذات الوقود
فإذا قيل هل تملات قالت
في جواب السؤال هل من مزيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إنا بني نصر إذا ما أطلعت
إنا بني نصر إذا ما أطلعت
رقم القصيدة : 54694
-----------------------------------
إنا بني نصر إذا ما أطلعت
يوما سماء سعودنا مولودا
كانت حمائلنا له وسروجنا
بين الملوك تمائما ومهودا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا رسول الصبا فديتك بلغ
يا رسول الصبا فديتك بلغ
رقم القصيدة : 54695
-----------------------------------
يا رسول الصبا فديتك بلغ
فرط شوقي إن استطعت ووجدي
وتحمل نحو القباب سلاما
يزدري عرفه بأزهار نجد
ثم قبل بكف مولاي عني
وتحدث بما أعيد وأبدي
ولتشاهد ذاك الجمال بطرفي
ولتطأ ذلك التراب بخدي
وتلطف فإنما هي نجوى
بثها الشوق بين مولى وعبد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بشراك للملك في علياك تمهيد
بشراك للملك في علياك تمهيد
رقم القصيدة : 54696
-----------------------------------
بشراك للملك في علياك تمهيد
وفي زمانك للأفراح تجديد
قد ساعد السعد ربعا أنت تعمره
وأنجزت فيه للفتح المواعيد
وصاحبتك على الأيام أربعة
عز ونصر وتمكين وتمهيد
يا يوسف الملك والحسن ارتقب زمنا
راياتك الحمر في خديه توريد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> تعجلت وخط الشيب في زمن الصبا
تعجلت وخط الشيب في زمن الصبا
رقم القصيدة : 54697
-----------------------------------
تعجلت وخط الشيب في زمن الصبا
لخوضي غمار الهم في طلب المجد
فمهما رأيتم شيبة فوق مفرقي
فلا تنكروها إنها شيبة الحمد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قل لشمس الدين وقيت الردى
قل لشمس الدين وقيت الردى
رقم القصيدة : 54698(47/117)
-----------------------------------
قل لشمس الدين وقيت الردى
لم يدع سقمك عندي جلدا
رمدت عينك هذا عجب
أو عين الشمس تشكو الرمدا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> غشيان مثواك مثوى الجود يوم ندى
غشيان مثواك مثوى الجود يوم ندى
رقم القصيدة : 54699
-----------------------------------
غشيان مثواك مثوى الجود يوم ندى
مما ينافس فيه الوالد الولدا
وحبك اليوم ذخر من تأثله
جنى به الفوز في دار النعيم غدا
وقد مددت لإذن من علاك يدي
فاسمح بها دمت أعلى العالمين يدا
وحلت تجار الريع كل بضاعة
تقر لها صنعاء بالفضل والهند
فما شئت فيها من نمارق سندس
وإستبرق من فوق غبر الربا تبدو
ولائم فضل الله فيها موائد
تقوم قيان الورق من فوقها تشدو
لك الشكر يا رحمان فيما بذلته
من الرفق فينا دائما ولك الحمد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا نمت نم للأمن فوق مهاد
إذا نمت نم للأمن فوق مهاد
رقم القصيدة : 54700
-----------------------------------
إذا نمت نم للأمن فوق مهاد
وإن قمت قم للعز تحت عماد
وجل فوق سرجي واجعل الوصل غايتي
فإني للذات خير جواد
حجبت بحجب الصون عن كل ناظر
وأسكنت للترحيب أرفع ناد
وحف بي الغيد الحسان لخدمتي
فسري مكتوم وحسني باد
ويسر للتوفيق والسعد مركبي
وذلل للوصل الهني قيادي
أوصل في حال الإقامة للمنى
وأضمن للركاب كل مراد
إذا قلت روضا فالنجوم أزاهر
سقاها الصبا والدل صوب غوادي
وإن قلت للأقمار أسعد مطلع
صدعت بمحض الحق دون عناد
تقر ملوك الصين بالفخر كلما
فخرت بفضل حزته لتلاد
وثامن أملاك الجهاد أقامني
مطية سلم في محل جهاد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أجلك عن كتب يغص من الود
أجلك عن كتب يغص من الود
رقم القصيدة : 54701
-----------------------------------
أجلك عن كتب يغص من الود
وأكرم وجه العذر منك عن الرد
ولكني أهدي إليك نصيحتي
وإن كنت قد أهديتها ثم لم تجد
إذا مقول الإنسان جاوز حده(47/118)
تحولت الأغراض منك إلى الضد
فأصبح منك الجد هزلا مذمما
وأصبح منه الهزل في صورة الجد
فما اسطعت قبضا للعنان فإنه
أحق السجايا بالعلاء وبالمجد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> رفلت بإبراهيم في حلل السعد
رفلت بإبراهيم في حلل السعد
رقم القصيدة : 54702
-----------------------------------
رفلت بإبراهيم في حلل السعد
وأفردت بالفخر المؤثل والمجد
تبنى حسام النصر مني مرضعا
وعوضت حجر المستعين من المهد
فجئت مريني المضا لمن انتضى
وإن كنت منسوب النجار إلى الهند
وكم رىء من نجل أبر بفضله
على الوالد المشهور بالفضل والحمد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نشدتك هل أبصرت قبلي أو بعدي
نشدتك هل أبصرت قبلي أو بعدي
رقم القصيدة : 54703
-----------------------------------
نشدتك هل أبصرت قبلي أو بعدي
مقورة قوراء كالقمر السعد
رحيبة أكناف ضميمة أنعم
تدل على الفخر المؤثل والمجد
يبشر بالشمل الجميع قدومها
وتأتي مع العيش الخصيب على وعد
تمد ببسم الله في كل مشهد
وترفع بعد الشكر لله والحمد
وتخلف جود الغيث إن أخلف الحيا
وتكفل للعافين بالرفق والرفد
ترى فوقها الطيفور أستاذ حلقة
معاني حروف الحلق من بعض ما يبدي
إذا ما ابن مسد أسندت عنه نعمة
رأيت أكف القوم تلحم أو تسدي
توارثها المولى أبو سالم الرضى
عن الوالد المولى المقدس والجد
علي بن عثمان بن يعقوب ما لها
مفاخر قد أربت على الحصر والعد
أدام لك الله البقاء وأصبحت
مكارمه نورا على علم فرد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> صدني عن لقاء نجلك عذر
صدني عن لقاء نجلك عذر
رقم القصيدة : 54704
-----------------------------------
صدني عن لقاء نجلك عذر
يمنع الجسم عن تمام العبادة
واختصرت القرى لأن حط رحلا
في محل الغنى ودار الزهادة
ولو أني احتفلت لم يعن الدهر
ولا نلت يعض بعض أراده
وعلى كل حالة فقصوري
عادة إذ قبولك العذر عادة
لا عدمت الرضا من الله والحسنى(47/119)
كما نص وحيه والزيادة
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنعام أرضك تقهر الأسادا
أنعام أرضك تقهر الأسادا
رقم القصيدة : 54705
-----------------------------------
أنعام أرضك تقهر الأسادا
طبع كسا الأرواح والأجسادا
وخصائص الله بث ضروبها
في الأرض ساد لأجلها من سادا
إن الفضائل في حماك بضائع
لم تخش من بعد النفاق كسادا
كان الهزبر محاربا فجزيته
بجزاء من في الأرض رام فسادا
فابغ المزيد من الإله بشكره
وارغم بما خولته الحسادا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أبو عنان خير مستخلف
أبو عنان خير مستخلف
رقم القصيدة : 54706
-----------------------------------
أبو عنان خير مستخلف
أصلح من أمر الورى ما فسد
لا ينكر الفضل لملاكه
إلا امرؤ غطى عليه الحسد
وحق من جمع في الخلق بين
النفس والروح وبين الجسد
لأنت يا مولاي شمس العلا
حقا وهذا البرج برج الأسد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قسما بمن يبدي الورى ويعيد
قسما بمن يبدي الورى ويعيد
رقم القصيدة : 54707
-----------------------------------
قسما بمن يبدي الورى ويعيد
ويقرب المأمول وهو بعيد
وبخير من أدى أمانة وحيه
إن السعيد على الورى لسعيد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ما اسم إذا زدته ألفا من العدد
ما اسم إذا زدته ألفا من العدد
رقم القصيدة : 54708
-----------------------------------
ما اسم إذا زدته ألفا من العدد
أفاد معناه لم ينقص ولم يزد
وإنما اختلفا من بعد ما ائتلفا
معنى بشيئين من قدر ومن بلد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ياذا الذؤابة إلا أنه سعد
ياذا الذؤابة إلا أنه سعد
رقم القصيدة : 54709
-----------------------------------
ياذا الذؤابة إلا أنه سعد
هل يقرب الوصل أو هل ينجز الوعد
بي منك ما لو غدا بالشمس ما طلعت
أو بالغمامة لم يسمع لها رعد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> كما شيكم من أجله انكمش السعد(47/120)
كما شيكم من أجله انكمش السعد
رقم القصيدة : 54710
-----------------------------------
كما شيكم من أجله انكمش السعد
إذا ما اطرحتم شؤمه أنجز الوعد
ومن لم تكن من قبل للسعد عنده
مخيلة نجع كيف ترجى له بعد
وتصريفه المشؤوم فلتتذكروا
وما قلت إلا بالذي قد علمت سعد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لا ترج إلا الله في شدة
لا ترج إلا الله في شدة
رقم القصيدة : 54711
-----------------------------------
لا ترج إلا الله في شدة
وثق به فهو الذي أيدك
حاشاك أن ترجو إلا الذي
في ظلمة الأحشاء قد أوجدك
واشكره بالرحمة في خلقه
ووجهك ابسط بالرضا أو يدك
والله لا تهمل ألطافه
قلادة الحق الذي قلدك
ما أسعد الملك الذي سسته
يا عمر العدل وما أسعدك
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أصابتك يا عين عين الحسد
أصابتك يا عين عين الحسد
رقم القصيدة : 54712
-----------------------------------
أصابتك يا عين عين الحسد
فتجر الندى والندامى كسد
وكلت لكل شهير خطير
فقمت به وسددت المسد
ولما علوت وقدت الزمان
بحبل فأوهقته من مسد
رأى أسدا من أسود الرجال
لذاك رماك بداء الأسد
تعز فما ثم من كائن
يصاحبه الكون إلا فسد
وقد يتأتى صلاح النفوس
وتطهيرها بفساد الجسد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مكناسة جمعت بها زمر العدا
مكناسة جمعت بها زمر العدا
رقم القصيدة : 54713
-----------------------------------
مكناسة جمعت بها زمر العدا
فمدى بعيد فيه ألف مريد
من واصل للجوع لا لرياضة
أو لابس للصوف غير مريد
فإذا سلكت طريقها متصوفا
فابن السلوك فيها على التجريد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عندما لاحت بعيني بردة
عندما لاحت بعيني بردة
رقم القصيدة : 54714
-----------------------------------
عندما لاحت بعيني بردة
قصد الوقت بها ما قصده
قلت يا قوم حصاة قذفت
شرد النوم فيها من شرده
حام سرب النوم للورد به
ثم لما طرحت ما ورده(47/121)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> شغلت بيوم العرض عمن وسيلتي
شغلت بيوم العرض عمن وسيلتي
رقم القصيدة : 54715
-----------------------------------
شغلت بيوم العرض عمن وسيلتي
إلى الله يوم العرض رحمة جده
وإن كنت قد قصرت في فرض بره
فوالله ما قصرت في رعي عهده
ولا جهلت نفسي أياديك التي
جعلت لساني بعدها رهن حمده
وإن ضاق وسعي عن قياسي ببعضها
فما ضاق عن عذر لها وسع مجده
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لقد زالت اللأواء وارتفع الجهد
لقد زالت اللأواء وارتفع الجهد
رقم القصيدة : 54716
-----------------------------------
لقد زالت اللأواء وارتفع الجهد
وأطنب في شكر الحيا الغور والنجد
غداة سرت ريح النعامى لواحقا
وجاء على آثارها الغيث من بعد
سحائب أمثال القطار إذا ونت
بمثقلة الأوقار صاح بها الرعد
وهش عليها البرق بالسوط فانبرت
تدافع في عرض الفلاة وتشتد
فما كان إلا أن أناخت وعرست
فعرست النعماء واقتضي الوعد
وأبرزني كرسي سعد وملتقى
بدور وميدانا لكل وداد
وكم حكمة أبدى وكم ظلمة جلا
بنور هدى من رأيه ورشاد
فدام عزيز الأمر منفسح المدى
يسالم في ذات الهدى ويعادي
ويبلغ غايات المنى وهو وادع
ويعقد في الأعناق بيض أياد
محاسنه كحل إلى كل ناظر
وطاعته نور بكل فؤاد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> تألق نجديا فأذكرني نجدا
تألق نجديا فأذكرني نجدا
رقم القصيدة : 54717
-----------------------------------
تألق نجديا فأذكرني نجدا
وهاج لي الشوق المبرح والوجدا
وميض رأى برد الغمامة مغفلا
فمد يدا بالتبر أعملت البردا
تبسم في بحرية فتجهت
فما بذلت وصلا ولا ضربت وعدا
وراود منها فاركا قد تمنعت
فأهوى لها نصلا وهددها رعدا
وأغرى بها كف الغلاب فأصبحت
ذلولا ولم تسطع لامرته ردا
فحلتها الحمراء من شفق الضحى
نضاها وحل المزن من جيدها عقدا
لك الله من برق كأن وميضه
يد الساهر المقرور قد قدحت زندا
تعلم من سكانه شيم الندى(47/122)
فغادر أجراع الحمى روضة تندى
وتوج من نوارها قنن الربا
وختم من أزهارها القضب الملدا
سرعان ما كانت مناسف للصبا
فقد ضحكت زهرا وقد خجلت وردا
بلاد عهدنا في قراراتها الصبا
يقل لذاك العهد أن يألف العهدا
إذا ما النسيم اعتل في عرصاتها
تناول فيها البان والشيح والرندا
فكم في مجاني وردها من علاقة
إذا ما استثيرت أرضها أنبتت وجدا
أو استشعرتها النفس عاهدت الجوى
أو التمحتها العين عاقرت السهدا
ومن عاشق حر إذا ما استماله
حديث الهوى العذري صيره عبدا
ومن ذابل يحكي المحبين رقة
فيثني إذا ما هب عرف الصبا قدا
سقى الله نجدا ما نضحت بذكرها
على كبدي إلا وجدت لها بردا
وآنس قلبي فهو للعهد حافظ
وقل على الأيام من يحفظ العهدا
صبور وإن لم تبق إلا ذبالة
إذا استنشقت مسرى الصبا اشتعلت وقدا
خفوق إذا الشوق استجاش كتيبة
تجوس ديار الصبر كان لها بندا
وقد كنت جلدا قبل أن تذهب النوى
ذمائي وأن تستأصل العظم والجلدا
أأجحد حق الحب والدمع شاهد
وقد وقع التسجيل من بعد ما أدى
تناثر في إثر الحمول فريده
فلله عينا من رأى الجوهر الفردا
جرى يققا في ملعب الخد أشهبا
وأجهده ركض الأسى فجرى وردا
ومرتحل أجريت دمعي خلفه
ليرجعه فاستن في إثره قصدا
وقلت لقلبي طر إليه برقعتي
فكان حماما في المسير بها هدا
سرقت صواع العزم يوم فراقه
فلج ولم يرقب سواعا ولا ودا
وكحلت جفني من غبار طريقه
فأعقبها دمعا وأورثها سهدا
لي الله كم أهذي بنجد وحاجر
وأكني بدعدا في غرامي أو سعدي
وما هو إلا الشوق ثار كمينه
فأذهل نفسا لم تبن عنده قصدا
وما بي إلا أن سرى الركب موهنا
وأعمل في رمل الحمى النص والوخدا
وجاشت جنود الصبر والبين والأسى
لدي فكان الصبر أضعفها جندا
ورمت نهوضا واعتزمت مودعا
فصدني المقدار عن وجهتي صدا
رقيق بدت للمشترين عيوبه
ولم تلتفت دعواه فاستوجب الردا
تخلف مني ركب طيبة عانيا
أما آن للعاني المعنى بأن يفدى
مخلف سرب قد أصيب جناحه
وطرن فلم يسطع مراحا ولا مغدا(47/123)
نشدتك يا ركب الحجاز تضاءلت
لك الأرض مهما استعرض السهب وامتدا
وجم لك المرعى وأذعنت الصوى
ولم تفتقد ظلا ظليلا ولا ورد
إذا أنت شافهت الديار بطيبة
وجئت بها القبر المقدس واللحدا
وآنست نورا من جناب محمد
يداوي القلوب الغلف والأعين الرمدا
فنب عن بعيد الدار في ذلك الحمى
وأذر به دمعا وعفر به خدا
وقل يا رسول الله عبد تقاصرت
خطاه وأضحى من أحبته فردا
ولم يستطع من بعد ما بعد المدى
سوى لوعة تعتاد أو مدحة تهدى
تداركه يا غوث العباد برحمة
فجودك ما أجدى وكفك ما أندى
أجار بك الله العباد من الردى
وبوأهم ظلا من الأمن ممتدا
حمى دينك الدنيا وأقطعك الرضا
وتوجك العلياء وألبسك الحمدا
وطهر منك القلب لما استخصه
فجلله نورا وأوسعه رشدا
دعاه فما ولى هداه فما غوى
سقاه فما يظمى جلاه فما يصدا
تقدمت مختارا تأخرت مبعثا
فقد شملت علياؤك القبل والبعدا
وعلة هذا الكون أنت وكلما
أعاد فأنت القصد فيه وما أبدا
وهل هو إلا مظهر أنت سره
ليمتاز في الخلق المكب من الأهدى
ففي عالم الأسرار ذاتك تجتلي
ملامح نور لاح للطور فانهدا
وفي عالم الحس اغتديت مبوأ
لتشفي من استشفى وتهدي من استهدى
فما كنت لولا أن ثبت هداية
من الله مثل الخلق رسما ولا حدا
بماذا عسى يثني عليك مقصر
ولم يأل فيك الوحي مدحا ولا حمدا
بماذا عسى يجزيك هاو على شفى
من النار قد أسكنته بعدها الخلدا
عليك صلاة الله يا خير مرسل
وأكرم هاد أوضح الحق والرشدا
عليك صلاة الله يا خير راحم
وأشفق من يثني على رأفة كبدا
عليك صلاة الله يا كاشف العمى
ومذهب ليل الشك وهو قد اربدا
إلى كم أراني في البطالة كانعا
وعمري قد ولى ووزري قد عدا
تقضى زماني في لعل وفي عسى
فلا عزمة تمضي ولا لوعة تهدا
حسام جبان كلما شيم نصله
تراجع بعد العزم والتزم الغمدا
ألا ليت شعري هل أراني ناهدا
أقود القلاص البدن والضامر النهدا
رضيع لبان الصدق فوق شملة
مضمرة وسدت من كورها مهدا
فتهدي بأشواقي السراة إذا سرت(47/124)
وتحدي بأشواقي الركاب إذا تحدى
إلى أن أحط الرحل في تربك الذي
تضوع ندا ما رأينا له ندا
وأطفيء في تلك الموارد غلتي
وأحسب قربا مهجة شكت البعدا
بمولدك اهتز الوجود وأشرقت
قصور ببصرى ضاءت الهضب والوهدا
ومن رعبه الأوثان خرت مهابة
ومن هوله إيوان فارس قد هدا
وضاء له الوادي وصبح عزه
بيوتا لنار الفرس أعدمها الوقدا
رعى الله منها ليلة أطلع الهدى
على الأرض من آفاقها القمر السعدا
وأقرض ملكا قام فينا بحقها
لقد أحرز الفخر المؤثل والمجدا
وحيا على شط الخليج محلة
يحالف من يلفي بها العيشة الرغدا
وجاد الغمام العد فينا خلائفا
مآثرهم لا تعرف الحصر ولا العدا
علي وعثمان ويعقوب لا عدا
رضا الله ذاك النجل والأب والجدا
حموا وهم في حومة البأس والندى
فكانوا الغيوث المستهلة والأسدا
ولله ما ذا خلفوا من خليفة
حوى الإرث عنهم والوصية والعهدا
وقام بأمر الله يحمي حمى الهدى
فيكفي من استكفى ويعدي من استعدا
إذا ما أراد الصعب أغرى بنيله
صدور العوالي والمطهمة الجردا
فكم معتد أردى وكم تائه هدى
وكم حكمة أضفى وكم نعمة أبدى
أبا سالم دين الإله بك اعتلى
أبا سالم ظل الأمان بك امتدا
فدم من دفاع الله تحت وقاية
كفاك بها أن تسحب الحلق السردا
ودونكها مني نتيجة فكرة
إذا استرشحت للنظم كانت صفا صلدا
ولو تركت من الليالي صبابة
لأجهدتها ركضا وأرهقتها شدا
ولكنه جهد المقل بذلته
وقد أوضح الأعذار من بلغ الجهدا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> دعا عزماتي والمطية والوخدا
دعا عزماتي والمطية والوخدا
رقم القصيدة : 54718
-----------------------------------
دعا عزماتي والمطية والوخدا
وإلا فكفا الشوق عني والوجدا
ولا تصليا دمعي بتجريح مقلتي
فدمعي مقبول على القلب ما أدا
ألم ترياني كلما هبت الصبا
أبل بها من نار لوعتي ال...
وأصبوا إلى البرق الحجازي كلما
أجالت أكف الأفق في آسيها الزندا
وما كان قبل اليوم جفني ساهرا
نعم هجر سعدى علم المقلة السهدا(47/125)
ولما تفانى الصبر إلا صبابة
تسهل من وقع الحوادث ما اشتدا
ولم يبق مني غير رعي موافق
تعلم منها الأس أن يحفظ العهدا
حننت إلى العهد القديم الذي قضي
حميدا فما أغنى الحنين ولا أجدا
لي الله كم أهذي بنجد وحاجر
وأكني بدعد في غرامي أو سعدا
وما هي إلا زفرة هاجها الهوى
وأبدى بها تذكار يثرب ما أبدا
وكم قد كتمت الشوق لولا مدامع
يروي حديثها المحاجر والخدا
وتخرج من بحر الجفون جواهرا
تحاجي بها من أذكر الجوهر الفردا
أبعد سرى الركب الحجازي موهنا
أمد لنفسي في تعللها مدا
وأرجع عمري من زماني لقابل
كأني قد أحصيت أيامه عدا
ألا يا حداة الركب يبغون يثربا
ويلقون في الله السأمة والجهدا
بما بيننا من خلة طاب ذكرها
إذا فرغت عوج المطي بكم نجدا
وأبصرتم نور النبوة ساطعا
قد اكتنف الترب المقدس واللحدا
وناجيتما من مطلع الوحي روضة
أعد لها الله السعادة والخلدا
ولا قلب إلا خافق في شغافه
ولا طرف إلا من مهابتها ارتدا
معاهد مد الغيم فضل رواقه
بها وكساها من نسيجته بردا
وهب العليل اللدن مستشفيا بها
فكان الدواء البان والشيح والرندا
ودأرا أقام الوحي في عرصاتها
فلم يبق عنها بعد خلتها بعدا
فقولوا رسول الله يا خير خلقه
وأكرم مختار أبان به الرشدا
غريب بأقصى الغرب طال اشتياقه
فلولا تعلات المنى لقضى وجدا
يؤمل نيل القرب والذنب مبعد
وقد سد من طرق التخلص ما سدا
المقدار منك مراده
وشاقه منك القرب لا استوجب الردا
ولكنه يرجو الذي أنت أهله
وأنت الذي أعطى الجزيل وما أكدا
وأنت ملاذ الخلق حيا وميتا
وأكرمهم ذاتا وأعظمهم مجدا
فلولاك ما بان الضلال من الهدى
ولا امتاز في الأرض المكب من الأهدا
ولما محت آي الشرائع فطرة
وأصبحت الأهواء لا تعرف القصدا
وتعبد من دون الإله حجارة
طغام رجال يجعلون له ندا
وقد شنت الغارات من كل تلعة
فأصبح حر القوم عن كثب عبدا
أراد بك الله انكحام شتاتهم
وسل وشيكا من صدورهم الحقدا
وفاض على الأديان دينك واحتوت(47/126)
جنودك أقصى الشام والصين والهندا
وأنحت على ملك العراقين وانتهت
بتبت حتى واجهت خيلها السدا
وكم قد تجهمت الخطوب كوالحا
وصابرت ليل الربع وهو قد اربدا
وأدت في الله العشيرة جهدها
فجادلتها بالحق السنة اللدا
وكم قد جلوت المعجزات عليهم
شموسا أقاموا دونها اللبس والجحدا
وما يثمر البرهان إلا لجاجة
إذا لقيت أنواره أعينا رمدا
فصلى عليك الله يا خير راحم
وأشفق من يثني على رأفة كبدا
ويا ليت أني في جوارك ثاويا
أوسد منه المسك والعنبر الوردا
وإن فسح الرحمن في العمر برهة
فلا بد من حث المطية لا بدا
خليلي ماذا يحصر القول إن غلا
وماذا عسى يحصي الكلام وإن ندا
وماذا يعد الوصف من معجزاته
وآي رسول الله تستغرق العدا
سما فوق أطباق السماء مناجيا
وكلم تكليما بها الأحد الفردا
وما زاغ منه الطرف كلا ولا طغى
فلله ما أجلى ولله ما أهدى
ولما دعا بالجذع أقبل خاضعا
إليه وشق البدر واستنطق الصلدا
ولما شكا الجيش اللهام له الظما
أسال له من ماء أنمله وردا
وأثبت منه الريق عين قتادة
فأحكمها من بعد ما ذهبت ردا
وفي ليلة الميلاد أكبر آية
تخر الجبال الراسيات له هدا
أشادت بها الكهان قبل طلوعها
ومن هولها إيوان كسرى قد انهدا
فيا ليلة قد عظم الله قدرها
وأنجز للنور المبين بها وعدا
وصير أوثان الضلالة خضعا
إليها فلم يترك سواعا ولا ودا
وعاجل بالإخماد نيران فارس
فلم تر للنيران من بعدها وقدا
أعدك ميلادا لخاتم رسله
وأطلع في آفاقك الشرف السعدا
فصولي على مر الزمان وفاخري
بهذا النبي الحال والقبل والبعدا
حقيق علينا أن نحل لك الحبا
ونقريك منا البر والشكر والحمدا
ونجعل فيها منك عيدا ومشهدا
نشيع من الذكر الحكيم به شهدا
ونخلع من أمداح أحمد حلة
عليك ومن منظوم آياته عقدا
وفينا سليل النصر يحفظ منك ما
أضيع ويلقى فيك بالبدر الوفدا
إمام أفاض الله في الأرض عدله
فأوشك فيها الضد أن يألف الضدا
أقام على حب النبي وآله
وأشرب تقوى ربه الحل والعقدا(47/127)
نما سيد الأنصار سعد وسددت
يد له في أغراضه النصر والسعدا
وأروث حق النصر لا عن كلالة
وللسبط في المشروع أن يرث الجدا
أيوسف يا حامي الجزيرة حيث لا
نصير ومصلي بأسها الضمر الجردا
أفاض عليها الله ملكك ديمة
وروى ثراها منك منسكبا عهدا
فملكك فيها ما أجل جلاله
وسيفك ما أسطى وكفك ما أندا
صدعت بأمر الله في جنباتها
فألبسك التقوى وقلدك العضدا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هاجتك إذ جئت اللوى فزرودا
هاجتك إذ جئت اللوى فزرودا
رقم القصيدة : 54719
-----------------------------------
هاجتك إذ جئت اللوى فزرودا
ذكراك أوطانا بها وعهودا
عاثت بهن يد الزمان فلم تجد
أعلامهن عن العفاء محيدا
إلا مواقد كالحمام جواتما
وترى بأظلاف الظباء كديدا
دمن غذيت بهن أخلاف الهوى
ولبست ريعان الشباب جديدا
وركضت طرف اللهوي في شأو الصبا
مرحا فجرت مدى النعيم بعيدا
مالي وتذكار الصبابة والصبا
ومواثقا عند الهوى وعهودا
وصباح شيب الفود لاح بمفرقي
فغدوت من فقد الصبا مفؤودا
أنا إلى الرحمن منها أنفسا
بذين من ظلم الجسود لحودا
نسيت عوالمها الكرام فنورها
تستامه أيدي الهوى تبديدا
واستوترت شبحا خلاء لم يزل
لخفي معناها الأثير ضديدا
ترد الأجاج مرنقا ولطالما
وردت بأكناف العذيب برودا
هلا استظلت دوحة القدس التي
كرعت قبيل الكون فيه ...
وتذكرت عهدا بمنعرج اللوى
لا يستحيل وموثقا مشهودا
ورقت معاريج العلا لتجوز في
سمط الجلال نظامها المعهودا
ذنبي عداني عن لحاق ذوي الهوى
فغدوت عن درك الرشاد طريدا
يا مصطفى الرحمن والنور الذي
أخفى الضلال وأظهر التوحيدا
المنتقى من سر هاشم في الذرا
حيث استقر مدى الفخار صعودا
جيران بيت الله والعرب الألى
أضحوا على قنن النجوم قعودا
تخذوا السيوف تمائما لوليدهم
والحرب ظئرا والسروج مهودا
وحوى الكبير فخاره عن كابر
وتوارث الأبناء فيه جدودا
أعلقت كفي منك حبل محبتي
لا واهنا خلقا ولا مجدودا
وجعلت مدحك للإله وسيلتي(47/128)
فشربت في دار النعيم خلودا
فإذا بدت هوج الخطوب عواصفا
وافيت ركنا من حماك شديدا
وإذا عدت أيدي الذنوب عواسفا
لتعيث كنت الملجأ المقصودا
الخلق يوم العرض جاهك تعتفي
تأتي على قدم الصغار رقودا
متأملين إلى الحساب ذواهلا
متهيبين الموقف الموعودا
راجين فيه لديك فضل شفاعة
ومؤملين مقامك المحمودا
لله در ركائب قطعت إلى
مغنى ثراك تهائما ونجودا
قوم أهاب بعزمهم داعي الهوى
فاستشعروا التقوى وجابوا البيدا
فإذا ظلام الليل مد جناحه
كحلوا عيونهم تسهيدا
وإذا النهار جلى الظلام وأتلعت
من ميسمها الغزالة جيدا
لبسوا الهجير وصافحوا غبر الفلا
وصلوا لصارمها بهن وقودا
وأتوا خضم الماء يزخر مزجه
فشروا بإعدام الحياة وجودا
عوجا تلح لها الرياض أعنة
والساج جسما والهناء جلودا
تفري أديم الماء وهي نواصع
منه وتترك خده أخدودا
أموا ضريحا طاب نشرا عرفه
وزكا بنور المعجزات صعيدا
جعلوا الكلام به دعاء خافتا
واستبدلوا فيه النعال خدودا
شحب الجسوم تخالهم إذا أجهشوا
بانا بأخلاف الدموع مجودا
أقسمت بالنور الذي سبحانه
أضحى لها الطور المنيف مديدا
لمحمد خير البرية كلها
ذاتا وأوسعهم سنات جودا
أعزز بمولده الكريم وخصه
من ذكرك التقديس والتمجيدا
يا ليلة تخذ الملائك يومها
والمرسلون إلى القيامة عيدا
أضحت لها أصنام مكة سجدا
ذللا على صفح الرغام همودا
وتقاول الكهان أن رئيها
أضحى لديك مقرنا مصفودا
وبيوت فارس أرمدت نيرانها
واعتض من لفح الضرام خمودا
وأتت على إيوان كسرى رجة
هدت قواعده وكان مشيدا
صلى عليك الله ما هبت الصبا
وهنا فهزت مائسا أملودا
وبكت حمام البان بين هديلها
شجوا يهيج ورجعت تغريدا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نعمنا بوصل من حبيب مساعد
نعمنا بوصل من حبيب مساعد
رقم القصيدة : 54720
-----------------------------------
نعمنا بوصل من حبيب مساعد
وقد أقلق النفس انتظار المواعد
ونلنا كما شاء الهوى عقب النوى
على رغم أنف من عدو وحاسد(47/129)
الظلام كأنها
أحاديث سر ضمها قلب جاحد
نجاذب أهداب العتاب لطيفة
فنسقي بعهد الدمع ذكر المعاهد
ونمزح كأس الراح تترع بيننا
شمولا بمعسول من الريق بارد
ونلثم ما بين النحور إلى الطلى
وإن هي غصت بالحلى والقلائد
وننهل في ورد اللماغلة الظما
فيالك من ري لغلة وارد
وننعم من وصل الحبيب بجنة
هي الخلد لكن الفتى غير خالد
ولما استمال النوم والكأس جفنه
وألقى لسلطان الكرى بالمقالد
نضحت على نيران قلبي بقربه
ووسدته ما بين نحري وساعدي
وكانت إلى ذكر الفراق التفاتة
قدحت بها زند الأسى غير خامد
فأيقظه قلب خفوق ومقلة
تجود بدر ذائب غير جامد
وريع وقد شد العناق وثاقه
كما ريع ظبي في حبالة صائد
فأقبل يشكو ضعف ما أنا أشتكي
ويسأل من أشواقه كل شاهد
ويقسم لي أن لا يخون مواثقا
تخذت عليه محكمات المعاقد
وقال لتهن الوصل مني فإنما
يهون إلى المحبوب خوض الشدائد
إلى أن دعا داعي الصباح وأقبلت
طلائع فجر للدجنة ذائد
فعانقت منه الغصن في كثب النقى
وقبلت منه البدر بين الفراقد
وودعته كرها وداع ضرورة
وحكم النوى يجري على غير واحد
وقام كما هب النسيم بسحره
فمال بممطور من البان مائد
وولى فرد الطرف نحوي مسلما
به بين أطراف حسان النواهد
فأما اصطباري فهو أول راحل
وأما اشتياقي فهو أول قاعد
فيا قلبي صبرا إن للدهر رجعة
لعل زمانا للوصال بعائد
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لا جادك الغيث الهمول إذا سقى
لا جادك الغيث الهمول إذا سقى
رقم القصيدة : 54721
-----------------------------------
لا جادك الغيث الهمول إذا سقى
غيث بلاد الله يا بلذوذ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نفحت فشبت لافح التذكار
نفحت فشبت لافح التذكار
رقم القصيدة : 54722
-----------------------------------
نفحت فشبت لافح التذكار
والنجم نضو سرى وفل سفار
وأتت محملة متون أحادث
فاهت بهن مباسم الأزهار
هفافة يقضي لطيف هبوبها
بتذكر الأوطان والأوطار(47/130)
فضلوع مشتقاق يشب وقودها
ذكر العهود ودمع عين جار
لله ما قد هجت يا ريح الصبا
وقدحت ما بين جوانجي من نار
أمعللي بمطامع من دونها
قطع النفوس مراحل الأعمار
أرتاح فيك للوم لوامي كما
يرتاح نجدي لشم عرار
لله من قلب تقسم ناره
ما بين مدمع ديمة وأوار
تتعاور الأفكار فيه ذبالة
فهي الفراش تجول حول النار
إما نطقت فذكر عهدك منطقي
وإذا صمت فأنت في إضمار
تزداد أشواقي إذا يوم خلا
كتضاعف الأعداد بالأصفار
من لي بقلب كلما نادى به
داعي الصبابة طار كل مطار
مطل الغنى ظلم ففيم ظلمتني
ولويت ديني عن وجودي يساري
جاورت قلبي واطرحت حقوقه
والله قد وصى بحفظ الجار
يا سائلي سلا عليما بالهوى
عند العروض حقائق الأشطار
إني ارمؤ أعطيت دهري مقودي
وجريت في طلق مع الأعصار
وخلعت نسكي واشتملت تولهي
ما بين كاس فم وآس عذار
والفت في شرك الجفون تخبطي
فحذار من فتن العيون حذار
أو لست من لاك الكلام وصاغه
قيد الركاب وطرفة الأسمار
فإذا مدحت هي النجوم قلادة
وإذا نسبت فنسمة الأسحار
وظللت أطلب في الكرام نشيدتي
حتى أنخت بعقوة الأنصار
فحططت رحلي بين نيران القرى
ورميت بينهم عصا التسيار
لله مثوى جنة يممته
حزب الرسول وأسوة المختار
يا وافدي بر وبحر لذتما
بمربع مرتبع وعز جوار
نصروا الرسول وقد دجى ليل الهوى
والروع دامي الناب والأظفار
ورعوا له بعد الوفاة حقوقه
فمرت سيوف الله كل ممار
قوم من العرب اليمانيين الألى
نصروا الهدى وتبوؤا بالدار
قاموا بأمر الله والإسلام ما
بين العدو ومزبد زخار
واسترهفوا البيض العضاب كأنما
تمضي بكفي خالد وضرار
أخليفة الرحمن وابن عميدهم
والمرتجى لجلائل الأخطار
حياك بالإرشاد والإسعاد من
أحيا بك الإسلام بعد تبار
وحباك بالنصر العزيز مهيمن
نعش الورى بك بعد طول عثار
أرعاك أمر عباده فرعيتهم
في حالي الإعلان والإسرار
ونهجت طرق العدل مهتديا بما
شهدت عليه صحائح الأخبار
وافيت والإسلام صوح نبته
فأتيته بالديمة المدرار(47/131)
لولا بنو نصر لأندلس
لما عمر الهدى فيها قرارة دار
وصدمت بحر الخطب بعد ذمامه
ما بين غرب مثقف وغرار
لله يا لله سيرة يوسف
محي العفاة وقاتل الإقتار
رحمى بلا من وأمن دونما
رهب وحفظ أذمة وذمار
نور كما متع الصباح لناظر
وخلائق كالروض عب قطار
إن راع خطب أو عرى جدب ترى
كفاه تدرأ ذا
لو كان في جفر الهباءة ماثلا
لعدا على النقد الهزبر الضار
أو كان في قنص بن معد ثاوبا
دهم العفاء ربيعه بن نزار
ولما تلاشوا جبلا ورمت بهم
أيدي النبيط أقاصي الأنبار
أو كان في يوم الضريم لما غدا
حكم بن زنباع رهين إسار
أو أمه عمر بن بكر ما طفت
مهجات صبيته في ذي قار
ولو أن حمير أغفلت أيامها
لشكت إليه عياث ذي الأدعار
يا ابن الخلائف والذين إذا احتبوا
أبصرت في النادي هضاب وقار
حامين يومهم الذمار ونارهم
بالليل تهدي في الظلام الساري
خذها كما شاء الخلوص بديعة
تزهى بشارتها على بشار
سكنت معانها سواد مدادهنا
إن المدامة سرها في القار
ما ضرني أن لم أجيء متقدما
السبق يعرف آخر المضمار
ولئن غدا بحر البلاغة بلقعا
فلرب كنز في أساس جدا
وعلى احتفال المدح فيك فإنما
هي نقطة من يحرك الزخار
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا ربة البيت الممنع جاره
يا ربة البيت الممنع جاره
رقم القصيدة : 54723
-----------------------------------
يا ربة البيت الممنع جاره
وريبة الشرف العلي مناره
ما بال قلبك لا يرق لهائم
أم ما لقلبي لا يقر قراره
باعدت بين جفون صبك والكرى
حتى تساوى ليله ونهاره
وحميت طير النوم ورد شؤونه
فالنوم لا يرد الجفون غراره
إن كنت تنكر ما بقلبي من جوى
يلتاج في طي الضلوع أواره
فاستشهدي الدمع السفوح بوجنتي
واستخبري الطيف النزوح قراره
وحذار من شرر الحشا أن تسألي
فإذا قدحت الزند طار شراره
تعس العذول أما درى أن الهوى
خفيت على أربابه أسراره
إن كان أبطره السلو فإنما
سلوان مثلي في هواك تباره
ما للسلو وللمشوق أتينني
من قلبه بغرامه سناره(47/132)
يا كعبة الحسن الذي قلبي له
مرمى الجمار وأضلعي أستاره
مني بأيسر نائل تحي به
قلبا تقسم في الهوى أعشاره
قالت وقد حذرت حبال مطامعي
لا ينكرن على الغزال نفاره
لا تخدعن فإنني إنسية
والحسن يلعب بالنهى غراره
أو ما ترى الملك ابن نصر يوسفا
أسدا وأنصار النبي نجاره
ملك إذا دهم الردى ترك العدا
جزرا تجرر بالفلا أكساره
نصر الجزيرة حيث لا مستصرخ
والباس دامية الشبا أظفاره
وكفت شديد حروبها وجدوبها
كفا الجلال يمينه ويساره
حتى إذا القحت حروب الجدب عن
أزل وغال جنابها إضراره
فبكل أفق رائد لا يلتقي
لفظته عن ساحاتها أغواره
والضرع أصبح منه بعد جفوله
جفت غضارته وغاض سماره
عادت بمصفر القتاد لقاحه
واسترفدت عشر الفلاة عشاره
والقوت قلص للنفاد ظلاله
والأزل قد شمل النفوس حصاره
والمرجفون يلبدون عجاجة
رجما بغيب أخفيت أقداره
حتى إذا قالوا تسعر ثاقب
عم السماء بلفحه استسعاره
أذكى شعاع الشمس نار قرانه
وهو الذي رصدت له أدواره
واحتل بيت الليث في آثاره
زحل وليث الغاب يرهب زاره
والعلم علم الله جل جلاله
والعبد إدراك القصور قصاره
وإذا الغني خفيت عليه مسالك
منه فكيف لغيره إبصاره
بين النجوم تشبها ريح الصبا
والليل ينهب بالنسيم صواره
والصبح قطع في فجاج شروقه
والأرض قصر أحميت أقطاره
إذ أقبلت سحب الغمام حوافلا
فحثا يجلجل في الثرى مدراره
وأنار شيب البرق عارض عارض
تحدى بأصوات الرعود قطاره
فغزت عدو المحل في أحجاره
حتى إذا طفيت بهن جماره
أخذت عليه شعابه ونقابه
جون الغمام فعفيت آثاره
فاهتز نبت الأرض بعد سكونه
نشأ وفك من الرغام إساره
واستأنف الروض اقتبال شبابه
فأظل من بعد المشيب عذاره
وتسربل الريحان حلة سندس
رقمت جنوب جيوبها أزهاره
وتتوجت زهرا مفارق دوحه
وتدرجت في حجره أبكاره
لولا مقام للضراعة قمته
فمحا خطيات الورى استغفاره
ما كان هذا الخطب مما ينقضي
وللج في آفاقها إعصاره
يا أيها الملك المرجى والذي
شهدت بتقوى ربه أخباره(47/133)
كم موقف لك والقلوب خوافق
يهفو بأجرام الجبال وقاره
في جحفل لجب تلاطم موجه
وطما بأثباج الظبا زخاره
شغفت به بيض الصوارم في الطلا
وطما بأثباج الظبا زخاره
أطلعت من شهب الرماح ثواقبا
في مأزق أخفى ذكاء غباره
هيهات يجحد فضل مجدك جاحد
إن العلا علم وفخرك ناره
وأدرت أفلاك السياسة فوقه
فافتر في ليل الخطوب نهاره
إن أصبحت أرض الخلافة معدنا
فالناس تربته وأنت نضاره
لا غرو أن طلعت فعالك أنجما
إن الهدى فلك عليك مداره
حليته وحميت من أرجائه
فلأنت حقا صوره وسواره
أبني عبادة إن فخر قد يمكم
تليت بفرقان الهدى أسطاره
النصر لفظ أنتم مدلوله
والدين روض أنتم نواره
والحلم لحظ أنتم أجفانه
والعلم قلب أنتم أنواره
نصر النبوة فيكم مستودع
فهو النسيم وأنتم أسحاره
القوم ظل الله بين عباده
حاط اليقين بهم فعز ذماره
آوى لظلهم الهدى ولقبل ما
أردى الضلال بعزهم مختاره
من كان أنصار النبي جدوده
فملائك السبع العلا أنصاره
لله في إنجاز نصرك موعد
قد آن من إصباحه إسفاره
دجت الخطوب فكنت نور ظلامها
خفي الرشاد فكنت أنت مناره
فجوارح الإسلام أنت حياتها
حقا وصدر الدين أنت صداره
فاهزز ظبا النصر العزيز فإن من
عاداك مطلول النجيع جباره
قد عاذ ذو الإقدام منك بسلمه
ذعرا وأذعن رهبة جباره
ذخرتك أحكام الإله لنصره
ونمتك من هذا الأنام خياره
فارفع شعار الحق في علم الهدى
حتى يقر على النجوم قراره
وانعم بمقتبل السعود فإنما
يجري القضاء بكل ما تختاره
في مصر قلبي من خزائن يوسف
حب وعير مدائحي تمتاره
حليت شعري باسمه فكأنه
في كل قطر حله ديناره
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أدارهم بين الأجارع فالسدر
أدارهم بين الأجارع فالسدر
رقم القصيدة : 54724
-----------------------------------
أدارهم بين الأجارع فالسدر
سقتك الغوادي كل منسكب القطر
أجيبي تجافت عن رباك يد الردى
ولا نضبت أمواه موردك الغمر
ولا زال ظل البان فيك منعما
يميس من الأوراق في حلل خضر(47/134)
متى ظعن الحي الجميع وأصبحوا
كما افترق الحجاج في ليلة النفر
وأين استقلوا هل بهضب تهامة
محلين أم حلوا على قنة الحجر
وإذ زجروها معرقين فهل سروا
بشط دجيل أم أجازوا على الجسر
أم الشام أموا أم على رمل خالج
حدوا عابرين النيل قصدا إلى مصر
فقالت سروا والليل مرخ سدوله
وجنح الليالي في اقتبال من العمر
وشدوا عقود العزم فوق رحالهم
فما راعني إلا ركائبهم تسري
فهذا عزمي قد بثت شجونه
إليك وما قد كان بعد فلا أدري
ولولا نسيم دل طيب حديثه
علي وآراج تضوع للسفر
لما عرفوا مني المكان ولا بدت
مثول طلول فوق كثباني العفر
يمينا برب الراقصات إلى منى
وحرمة ما بين المقام إلى الحجر
لو أنني أعطيت الصبابة حقها
وأمكنت مغتال التشوق من صدري
لما سغت من ورد الحياة صباية
ولو سغتها من بعد ذاك فما عذري
ولكن أبت إلا التصبر همة
لها قصبات السبق في معرك الدهر
تعوضت أنس الصبر من وحشة النوى
وفوضت لله التصرف في أمري
أفقرا وقد أوردت في مورد الغنى
وخوفا وقد أصبحت جار بني نصر
حططت بآل الله عوج ركائبي
فلقيت بالترحيب والسهل والبر
ولذت بهم من صولة الدهر عائذا
كما جنح الطير المروع إلى وكر
فمد جناح الأمن فوق مخافتي
وقد فر عنها الذعر من شدة الذعر
وأصبحت لا أخشى الزمان ودونه
كتائب من قوم كرام ومن وفر
مقيما أرى الأحداث من حيث لا ترى
فمن مبلغ عن منزلي ربة الخدر
بأقدم من يمضي إذا الخيل أحجمت
وأحلم من يغضي وأكرم من يقري
إذا نزل المكروه أو بخل الحيا
فغيث لمعتر وغوث لمضطر
فدونك يا آل الوجيه ملاعبي
ظلالك والديباج من مرج خضر
ويا بدر المال الصموت تبرجي
وشأنك فابيضي إذا شئت واصفري
ويا حلل الهضب اليماني فاخري
نجوم الدجى أو حاسني زمن الزهر
أيا ظاعنا نحر الدجنة يبتغي
طلوع سنى الخيمات في مطلع الفجر
ألا حدثن عني الأحبة إنني
حططت بحي لا يلين على قسر
وإني مذ يممت حضرة يوسف
تقل مقادير الخلائق عن قدر
بحيث أتيت الأرض مسكا ترابها(47/135)
وأوطيت من حصبائها أنفس الدر
سقيت بها ظمآن من مورد الحيا
وأنشقت في آفاقها عنبر الشحر
وحييت شمس الملك في مطلع الهدى
وقبلت كف الليث في لجة البحر
ووقفت آمالي على ملك الورى
فأعديت أرباح الرجاء على خسر
وناديت بالأمال من هضبة العلا
هلموا إلى ورد السماحة والبشر
أمير الطوال السمر والقضب البتر
وحافظ دين الله في نازح الثغر
خبت نار حرب لم تهجها وأقفرت
منازل قوم لم تبت منك في خدر
وفلت جموع ناصبتك فإنها
تقارع سيفا في يد الصمد الوتر
تركت أبيات المفارق منهم
ترابا وأغماد السيوف عصا تجري
فلله ما أعززت من ملة الهدى
ولله ما أذللت من ملة الكفر
ولله عيد فاتحتك سعوده
تحييك بالفتح القريب وبالنصر
ولله من صوم قضيت حقوقه
وزودته المتلو من سور الذكر
وصلت به ليل التمام بيومه
وناجيت منها الروح في ليلة القدر
إلى أن تقضى عنك لا عن ملالة
فبورك من صوم زكي ومن فطر
أمولاي لو كان النهار صحيفتي
وكان ظلام الليل من دونها حبري
وكانت حديدات الجوارح أالسنا
لقصرت في حمدي علاك وفي شكري
أعدت لنا من عهد أسلافك الرضا
عهودا فيا طيب الوصال على الهجر
وجددت فينا نعمة طال عهدنا
بها فاجتلينا غرة الزمن النضر
خليلي إن الشعر سحر وإنني
إذا شئتما تحقيقه بابل السحر
وما الدر إلا ما أراني قائلا
فساحله نظمي ولجته فكري
جعلت امتداحي فيك أشرف حلية
أباهي بها الأقوام في محفل الفخر
وأعددت حبي في علاك وسيلة
ألاقي بها الرحمان في موقف الحشر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> رجعنا بحول الله بعد استدارة
رجعنا بحول الله بعد استدارة
رقم القصيدة : 54725
-----------------------------------
رجعنا بحول الله بعد استدارة
برقبانها للإنس كيد اختياره
كما راجع البركار مفروض نقطة
من السطح منها كان بدء مداره
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أغرى بي الشامت الحسود
أغرى بي الشامت الحسود
رقم القصيدة : 54726
-----------------------------------(47/136)
أغرى بي الشامت الحسود
وما درى أني مهجور
فإن شكت أسيافها من دمي
يقول للألحاظ مه جوروا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا وارث المهدي في الجبل الذي
يا وارث المهدي في الجبل الذي
رقم القصيدة : 54727
-----------------------------------
يا وارث المهدي في الجبل الذي
فضل الجبال فكان مطلع بدره
بمصلاه ومدرسه الذي
أهدى من التوحيد يانع زهره
أبشر فإنك بعدما بعد المدى
وتولت الدنيا مجدد أمره
واعلم بأنك أنت عامر ربعه
واعلم بأنك أنت نكته سره
وإذا بلغت إلى محلك سالما
سلم لسعدك في أزمة أمره
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مبارك ما قدمت سفيان رغبة
مبارك ما قدمت سفيان رغبة
رقم القصيدة : 54728
-----------------------------------
مبارك ما قدمت سفيان رغبة
ولا خوف تقصير ولا سوء سيرة
وما نظرة مني إليك أعدها
سوى نعمة لله في كبيرة
وإن كان ما لقيت قبلك أنجما
فأنت على التحقيق شمس منيرة
ورب صلاة قدم النفل قبلها
وتشرب من قبل الثريد حريرة
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> كأنا بتامسنا نجوس خلالها
كأنا بتامسنا نجوس خلالها
رقم القصيدة : 54729
-----------------------------------
كأنا بتامسنا نجوس خلالها
وممدودها في سيرنا ليس يقصر
مراكب في البحر المحيط تخبطت
ولا جهة تدرى ولا البر يبصر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مولاي يهنيك المطر
مولاي يهنيك المطر
رقم القصيدة : 54732
-----------------------------------
مولاي يهنيك المطر
وافى به الوطن الوطر
رحم العباد بخاطر
في حق نفسك قد خطر
متدارك الدفعات يحسب
من بنانك قد قطر
أقسمت لو طلبت سعودك
صلد صخر لانفطر
عدم الغياث بستر عدلك
في البرية والبطر
أمن الوجود بجودك البؤس
وكان على خطر
وروت حديث علاك حتى
الترك كلا والتطر
والله ما يحكيك ما
كتب البيان وما سطر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> برابعة الساعات جئت أخبر
برابعة الساعات جئت أخبر(47/137)
رقم القصيدة : 54733
-----------------------------------
برابعة الساعات جئت أخبر
وللمدح في المولى الهمام أخبر
ولم لا وقد أحيا بك الله سنة
نهلل في أعيادها ونكبر
كأن ربيعا كان للناس شهره
ربيعا سقاه عارض منك ممطر
فأرجاؤه من نور وجهك تزدهي
وبطحاؤه من نور وجهك تزهر
محمد قد عظمت دين محمد
ومثلك من يبدي الجميل ويظهر
لقد شد أزر الملك منك خليفة
له تحت ستر الغيب نصر مؤزر
تبشر منه العارفون بوارد
قريب المدى بالله فيما تبشر
فكن واثقا بالله مستنصرا به
فهل ثم إلا الله يكفي وينصر
يقل جموع الشرك وهي كثيرة
وينمي من الدين القليل فيكثر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هنيئا بما خولت من رفعة القدر
هنيئا بما خولت من رفعة القدر
رقم القصيدة : 54734
-----------------------------------
هنيئا بما خولت من رفعة القدر
ودمت قرير العين منشرح الصدر
وبشرى لملك قد طلعت بأفقه
هلالا له سير إلى رتبة البدر
خلفت الأب المرضي خير خلافة
وقمت بأمر الله ممتثل الأمر
ولما قضى المختار هل قام بعده
بضم شتات الدين غير أبي بكر
سعيد على الإسلام أنت وأهله
فلا زلت في سعد يدوم وفي نصر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنا روضة وجه الأمير محمد
أنا روضة وجه الأمير محمد
رقم القصيدة : 54735
-----------------------------------
أنا روضة وجه الأمير محمد
شمسي ودوني للحسام غدير
وإذا التقى روض ونهر كيف لا
يلفى لأكواس الحروب مدير
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> كأني قرص الشمس عند طلوعها
كأني قرص الشمس عند طلوعها
رقم القصيدة : 54736
-----------------------------------
كأني قرص الشمس عند طلوعها
وقد قدمت من قبلها نسمة الفجر
كأن نسيما والهجير مطنب
حديث وصال جاء في زمن الهجر
وإلا كما هبت بمحتدم الوغى
صبا النصر لكن من جنود بني نصر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> جلا الحق قلبي حتى أنارا
جلا الحق قلبي حتى أنارا(47/138)
رقم القصيدة : 54737
-----------------------------------
جلا الحق قلبي حتى أنارا
فآنست من جانب الطور نارا
ودرت على مركزي دورة
يحقر من دارها ملك دارا
وحققت أنيتي وهي كنز
فأخرجته إذ هدمت الجدارا
وأبصرت رسمي رسما محيلا
وأبصرت وصفي وصفا معارا
فمن كان مثلي نال الغنى
وباهى وجر الذيول افتخارا
رمى للوجود بأوهامه
وحل القيود وفك الإسارا
ولم يرض من بعد بالأهل أهلا
ولم يرض من بعد بالدار دارا
فمهما نطقت نطقت ادكارا
ومهما صمت صمت اعتبارا
ودير قطعت إليه الفلا
وجبت الدجى وركبت البحارا
ونادمت من أهله فتية
تراهم سكارى وما هم سكارى
كلفنا به في سياق الحديث
فقمنا نعاقر فيه العقارا
ولما حللنا بأكنافه
حللنا الحبا ونبذنا الوقارا
وطرنا إلى الراح فيه ارتياحا
ومن هزه الوجد والشوق طارا
ولاحت لهم خطفات البروق
تلوح مرارا وتخفى مرارا
يعارض فيها الجلال الجمال
فهم بين قبض وبسط حيارا
زعقنا براهبه زعقة
وقلنا مددنا الأكف افتقارا
ومن أجل خمرك جبنا الفلا
وخضنا الدجى وقطعنا القفارا
فقال وما مهرها عندكم
فقلت أمتنا النفوس الكبارا
فقال خبأت لكم خمرة
تشح عليها النفوس الغيارا
فكل حكيم وذكر حكيم
عليها حنا وإليها أشارا
مقدسة عن مكان يرى
منزهة عن شعاع توارا
معتقة جسمتها اليهود
ومن بعدها ثلثتها النصارى
وقال البراهيم والفرس فيها
وقد جهلوا الحق نورا ونارا
وغبنا فلم ندر من أمرنا
سوى أننا قد غلبنا اضطرارا
إليك سمي نبي الهدى
مقالا يطابق منك اختيارا
دعتني لما لست أهلا له
علاك فجئت بجهدي ائتمارا
فغط على نقصه بالكمال
وأول قبولك مني اعتذارا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> خليلي إن اشتقتني مرة
خليلي إن اشتقتني مرة
رقم القصيدة : 54738
-----------------------------------
خليلي إن اشتقتني مرة
تشوقك القلب مني مرارا
وما زلت أصفيك محض الوداد
وأمنحك الحب بحتا نضارا
جعلتك في حادث الدهر سورا
وفي معصم الفخر مني سوارا(47/139)
وأعددت ودك كنزا عتيدا
أقمت الوفاء عليه جدارا
لعمرك لو حيز لي ملك كسرى
وخاقان ذي التاج أو ملك دارا
وخيرت في ودك المرتضى
وفيه لملت إليه ختيارا
نسبت لي الذنب ظلما ولو
جنيت لأملت منك اعتفارا
فمثلك من يعثر الخل يوما
فيغضي له ويقيل العثارا
فكيف وكيف ولا ذنب لي
سوى الود مهما أعدت اعتبارا
فمالك عوفيت ترضي العدا
وتولي البعاد وتبدي النفارا
تواريت عن ناظري ظاهرا
وشخصك في الفكر ما إن توارى
وأحللتني للأمان حمى
ورميت بها من فؤادي الجمارا
فمن بعتبك بعد العتاب
وكنت أؤمل عنك اصطبارا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا بني السادة الكرام نداء
يا بني السادة الكرام نداء
رقم القصيدة : 54739
-----------------------------------
يا بني السادة الكرام نداء
يبتغي الجبر للمهيض الكسير
أنا بالحي مستجير وبالميت
أما في كليهما من مجير
ليس موسى هذا بصاحب فرعون
ولا في عصاه من تأثير
فانصروني وعينوا لي رسولا
صارم الحد محكم التدبير
وأريحوا بالياس قلبي فإني
قد تخبطت في وبال كبير
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> والي الولاة وواحد الزمن الذي
والي الولاة وواحد الزمن الذي
رقم القصيدة : 54740
-----------------------------------
والي الولاة وواحد الزمن الذي
تبأى الملوك بمثله وتفاخر
صيرت حاتم طي يزري به
زار ويسخر إن تذوكر ساخر
إن كان طلا أنت جود ساجم
أو كان نهرا أنت بحر زاخر
وإذا الزمان الأول استعلى بأهليه
أناف بك الزمان الآخر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> رأيت هدايا الأرض دونك قدرها
رأيت هدايا الأرض دونك قدرها
رقم القصيدة : 54741
-----------------------------------
رأيت هدايا الأرض دونك قدرها
فأهديتك العلم الذي جل ذكره
عيونا من الأخبار والأدب الذي
تضوع مسراه وأينع زهره
ودر ثناء من علاك انتخبته
ومن عجب يهدى إلى البحر دره
وآثار أملاك كرام تقلدوا
حلا بيتك النصري لله دره
بلوا خلق الدنيا رخاء وشدة(47/140)
وجر بهم حلو الزمان ومره
فما منهم من ضاق بالروع ذرعه
ولا من تعاصى في الشدائد صبره
وقاموا بأمر الله إن دهم الردى
تكنفهم عضد الإلاه ونصره
فدونك من أخبارهم كل رائق
يطيب على الترداد والعود ذكره
وكم طرفة أوردتها وغريبة
تجلى بها من مجلس الملك نحره
هدية مقصور عليك اعتماده
وخدمة عبد مخلص لك صدره
وسميتها من بعد ما أسأل الرضى
لها طرفة العصر الذي بك فخره
وإني وإن أطنبت فيك لقاصر
ومن بلغ المجهود قد بان عذره
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا واحد الدهر في علم وفي عمل
يا واحد الدهر في علم وفي عمل
رقم القصيدة : 54742
-----------------------------------
يا واحد الدهر في علم وفي عمل
وعمدة الملك في ورد وفي صدر
يا صاحب القلم الأعلى الذي نسخت
يراعه الصفر حكم الصارم الذكر
ما مثل قولي لك انظر كسوة حسنت
أو مثل قولي لك أذكر راوي السير
وما اسم شيء إذا صحفت ثانيه
فاذكربه رجلا قد طال في صحر
يأتي مع النجم في تعديل جدوله
حينا وإن كان معدودا من الشجر
لا زالت العيس تروي كل شاردة
عن منتداك بملء السمع والبصر
فكلما رددت علياك قيل لها
بالله قل وأعد يا طيب الخبر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> جنابك محفوظ وسعدك سافر
جنابك محفوظ وسعدك سافر
رقم القصيدة : 54743
-----------------------------------
جنابك محفوظ وسعدك سافر
وحزبك ظافر
وفعلك للصنع الجميل محالف
ورأيك للنجح المبين مؤازر
وصرح علاك في سراوة يعرب
تبيد الليالي دونه وهو عامر
يطل على أوج السماك عماده
ولا طنب إلا العلى والمفاخر
وألبست سيمى المجد في المهد ناشئا
وسدت وما شدت عليك المآزر
وقد تعلم الغايات من بدآتها
وتظهر في أولى الأمور الأواخر
وعالج داء الدهر منك مجرب
طبيب بأدواء السياسة ماهر
فأنت لحبل الملك لا شك واصل
وأنت لصدع الدين لا شك جابر
تروم الأبيات الصعاب فتنثني
ليان الهوادي وهي شمس نوافر
وتقبس من نور الإلاه هداية(47/141)
فتبصر بدءا ما له الأمر صائر
وكم فتكة في الروم بكر جلوتها
منصاتها للمسلمين المنابر
تهادى وألفاف البنود خدورها
وتقدمها عند الزفاف البشائر
ولما استجارتك الجزيرة والردى
محيط وغصت بالقلوب الحناجر
وحجبتها بالسيف عن كل ظالم
....
وكيف له بالقرب منها وإنها
لتأوي إلى إيمانها وهو كافر
وقد كثرت في الروم من فتكاتها
عداد اليتامى والأيامى الحرائر
وطالت لها الرنات في أرض رومة
كما زحفت عند الغناء المزامر
ولله منها في الوجود جزيرة
شكتها بمنبت الشمال الجزائر
وليس عجيبا أن تغص عقيلة
بأخرى وتشكو بالضرار الضرائر
وصابرت شطر الحول إلا أقله
تراوح أحزاب العدا وتباكر
فعز مرام الروم في كل حيلة
وأصبح في الحصر العدو المحاصر
قصرت عليها النفس غير معرج
على ذكر من ضمت عليه المقاصر
وخاطرت بالنفس النفيسة دونها
وهل فاز بالأخطار إلا المخاطر
وما كان يدري قيمة الدر ربه
لو التزمت أصدافهن الجواهر
عبرتهما بحرين بحرا من العدا
وبحرا من اللج الذي هو زاخر
ولما تبدت للمحاق حجبتها
تصادم فيهن الجوى وتصادر
تلوح إياة البدر والليل حالك
فتبصرنا نسعى له ونبادر
وهيهات أين البدر منك إذا بدا
وكيف يجوز اللبس والفرق ظاهر
ولكنها منا تعله وارد
بحار الأماني أعوزته المصادر
فيا ليلة الاثنين كم لك من يد
لموقعها الإسلام والله شاكر
قدمت كما وافى على الكبرة الصبا
وجادت على المحل السحاب المواطر
وإلا كما لذ الأمان لخائف
وواصل من بعد القطيعة هاجر
وأطلع منك الفلك شمسا منيرة
لها فلك بالعلم والحلم دائر
ورامت بك الأعداء كل بعيدة
من المكر لم تخطر عليها الخواطر
وفيت وخانوا والوفاء غريزة
وما يستوي في الدهر واف وغادر
وما هذه الأبصار تعمى حقيقة
ولكنها تعمى النهى والبصائر
ومن للعدا أن يبلغوا فيك ما
لقد لبس الأذفنش منها ملاءة
من اللؤم تأباها الملوك الأكابر
وأسرع ينضو ثوبها متنصلا
وربك يدري ما تكن الضمائر
فقابلت بالصفح الجميل اعتذاره(47/142)
وإن عظمت منه إليك الجرائر
فإنك أولى من يقود إلى الرضا
وأحلم من تلقى إليه المعاذر
ألا فاشكروا يا أهل أندلس يدا
ليوسف لا يحصي لها الفخر حاصر
ألا فالثموا منه الدروع فإنها
وسائل للغفران هذي المغافر
ألا فاشكروا تلك الكتائب واجعلوا
محاريب ما تبديه منها الحوافر
هنيئا أمير المسلمين بأوبة
أهل بها لله باد وحاضر
يلذ على الأفواه ترداد ذكرها
كما شار مقطوفا من الشهد شائر
ودونكها حسناء أما جمالها
فبدع وأما الطرف منها فساحر
تبين المعالني في سواد مدادها
كما سترت زهر الوجوه الغدائر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يمينا بمن حث الركائب في بدر
يمينا بمن حث الركائب في بدر
رقم القصيدة : 54744
-----------------------------------
يمينا بمن حث الركائب في بدر
ومهبط وحي الله في ليلة القدر
لقد مزجت روحي بروحك في الهوى
كما مزج الماء الزلال مع الخمر
فأنت إلى قلبي ألذ من الهوى
وأشهى إلى نفسي من النهي والأمر
وقد شفني وجد إليك ولوعة
هي الجمر أو أذكى وقودا من الجمر
فإن طرقتني من جنابك نسمة
وضعت لها يمنى يدي على صدري
ملكت بني الدنيا ويملكني الهوى
ألا فاعجبوا بالله يا قوم من أمري
حبيب إذا ما حجبته يد النوى
فطيف له يسري وذكر له يجري
بنفسي من أهدي إلي تحية
كما حملت ريح الصبا نفحة الزهر
يمثل منه البدر والنجم والدجى
مثالا لعيني أو خيالا إلى فكري
فإن غاب عني وجهه ودلاله
أعلل قلبي بالدجنة والبدر
وإن غاب قرط عنده ومقلد
رجعت إلى الجوزاء والأنجم الزهر
لحا الله أجفان الغواني فإنها
تسوق الهوى للقلب من حيث لا يدري
لها فتكات في القلوب كأنها
سيوف الملوك الغالبين بني نصر
ليوث الهدى تحمى كل خائف
غيوث الندى تهمي على كل مضطر
أولئك قومي دونوا المجد والعلا
فكنت كبسم الله في أول السطر
تراءت لعزمي همة يوسفية
بها قصر الله الكمال على قصر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سكن الحب فؤادي وعمر
سكن الحب فؤادي وعمر(47/143)
رقم القصيدة : 54745
-----------------------------------
سكن الحب فؤادي وعمر
ونهى الشوق بقلبي وأمر
وغزت قلبي ألحاظ الظبا
بظباها أين يا قلب المفر
بأبي والله لحظ فاتر
ما جنى في مهجة إلا اعتذر
من مجيري من نصيري في الهوى
ضاع بين الغنج ثأري والحور
كنت يا قلبي على طول المدى
تحذر الحب وهل ينجي الحذر
وبنفسي من إذا جن الدجى
أمسك النوم وأهداني السهر
غصن بان وهلال ورشا
إن تثنى أو تبدى أو خطر
لو بدا للحور يوما وجهه
قلن جل الله ما هذا بشر
زار في ليلين ليل للدجى
حالك الجنح وليل للشعر
فضممت الغصن من ثوب النقى
ولثمت الراح من بين الدرر
وجرى دمعي ... ...
قلت مهلا لا تروع إنما
هي من دمعي لآلىء غرر
فاعتراه من كلامي خجل
خلط الورد بسوسان الخفر
حبذا ليل نعمناه وقد
حلت الزهرة في بيت القمر
وحمدنا الصبر في الأمر وقد
حمد العقبى محب قد صبر
خضت بحر الحب والدمع وهل
تدرك الآمال إلا بالغرر
فسطا الوصل على الهجر كمن
ببني نصر على الدهر انتصر
أبحر الجود وأملاك الورى
وسيوف الله تردي من كفر
لهم الفخر بحق وكفى
بأبي الحجاج أسمى مفتخر
أي مجد أحكمت آياته
فهي تتلى مثلما تتلى السور
دام في سعد جديد ومنى
تصل الآصال فيها بالبكر
ما ارتدى بالغيث روض فروت
نسمة الريح عن الزهر خبر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أما وخيال في المنام يزور
أما وخيال في المنام يزور
رقم القصيدة : 54746
-----------------------------------
أما وخيال في المنام يزور
وإن كان عندي أن ذلك زور
لقد ضقت ذرعا بالنوى بعد بعدكم
على أنني في النائبات صبور
أدافع من شوقي ووجدي كتائبا
يزلزل رضوى عندها وثبير
سرايا إذا ما الليل مد رواقه
على سرحة الصبر الجميل تغير
برى جسدي فيكم غرام ولوعة
إذا سكن الليل البهيم تثور
فلولا أنيني ما اهتدى نحو مضجعي
خيالكم بالليل حين تزور
ولو شئت في طي الكتاب لزرتكم
ولم تدر عني أحرف وسطور
تذكرت عهدا طال بعد انصرامه(47/144)
عليه الأسى وانجاب وهو قصير
وقد طلعت للريح في ظلماته
نجوم توالي حثهن بدور
وهب نسيم الروض في روضة الرضا
بليلا وأكواس السرور تدور
وعهدا بعين الدمع للدمع بعده
موارد في آماقنا وبحرور
عهود مني غص الزمان بحسنها
فغار عليها والزمان غيور
فها أنا أستقري الرياح إذا سرت
ليخبرني بالظاعنين خبير
وإن خط وجدي من دموعي رسالة
على صفح خدي فالنسيم سفير
فيا رحلة الصيف الذي بجوانحي
لها لهب لا ينقضي وسعير
أحول منك الشهر حولا على الورى
وأصبحت والأيام وهي شهور
ويا قلب لا تطرح سلاحك رهبة
فهل هي إلا أنة وزفير
جنيت الهوى لا عن ملال ولا قلا
فمثلي بموصول الملام جدير
وجردت عني لبسة الوصل طائعا
وكم شرق بالماء وهو نمير
أأحمد إن جل الذي بي من الهوى
وأصبحت مالي في هواك نصير
فلست من اللطف الخفي بيائس
فكم من بكاء كان عنه سرور
أتاني كتاب منك لا بل حديقة
تفيأتها والهجر منك هجير
وأرسلت دمع العين حين قرأتها
فمنها أمامي روضة وغدير
تكلفت فيك الصبر والصبر معوز
وملت إلى الأطماع وهي غرور
ولذت إلى الآمال وهي سفاهة
وهونت فيك الخطب وهو عسير
سألقي إلى أيدي الزمان مقادتي
فيعدل في أحكامه ويجور
وإن الذي بالبعد أجرى قضاءه
على جمع شملي كيف كان قدير
فتدرك آمال وتقضى مآرب
لدي وتشفى باللقاء صدور
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نبيت على علم يقين من الدهر
نبيت على علم يقين من الدهر
رقم القصيدة : 54747
-----------------------------------
نبيت على علم يقين من الدهر
ونعلم أن الخلق في قبضة القهر
ونركن للدنيا اغترارا بلهوها
وحسبك من يرجو الوفاء من الغدر
ونمطل بالعزم الزمان سفاهة
فيوم إلى يوم وشهر إلى شهر
ونغري بما يفنى المطامع والهوى
ونرفض ما يبقى فيا ضيعة العمر
وندفع أحبابا كراما إلى الردى
ونسلو ونلهو بعد ذاك عن الأمر
هو الدهر لا يبقى على حدثانه
جديد ولا ينفك عن حادث نكر
وبين الخطوب الطارقات تفاضل
كفضل من اغتالته في رفعة القدر(47/145)
ألم تر أن المجد أقوت ربوعه
وصوح من أدواحه كل مخضر
ولاحت على وجه العلاء كآبة
فقطب من بعد الطلاقة والبشر
أمولاتنا الكبرى فداؤك أننا
برئنا إلى الأشجان من شيمة الصبر
فقدناك فقد النواظر نورها
وكنت لنا نورا يضيء لمن يسري
عجبت لمغتال الردى كيف لم يرع
لمنزلك المحفوف بالنهي والأمر
وكيف انبرى صرف الحمام مصمما
خلال الصفاح البيض والأسل السمر
ستور من الدين المتين كثيفة
وكم دونها للملك والعز من ستر
نعد الرماح المشرفية والقنى
ويطرق أمر الله من حيث لا ندري
هو الدهر يجري في البرية حكمه
فعز الغنى سيان أو ذلة الفقر
رمى تبعا بالحتف قصدا فلم يكن
لأتباعه في ذلك الخطب من نصر
وأردى أنوشروان كسرى بصرفه
كسيرا ولم يترك لقيصر من قصر
لقد فجع الإسلام منك وأهله
بذخر بعيد الصيت مشتهر الذكر
وواحدة فاقت نساء زمانها
كما فضلت أمثالها ليلة القدر
وهل خفض التأنيث للشمس رتبة
وهل رفع التذكير من رتبة البدر
أصالة آراء وفضل سياسة
وفخر انتماء دونه منتهى الفخر
وديوان مجد ضمنت صفحاته
خلال الملوك الغالبين بني نصر
بإبقاء معروف ورعي وسيلة
بإيواء ملهوف بنصرة مضطر
أرى سفر الدنيا يرجى إيابه
... ... ... ... إلى الحشر
أعيدي لقصر الملك منك التفاتة
ولو بمزار للخيال الذي يسري
فكم فيه من قلب لبعدك خافق
ومن لوعة تذكي ومن عبرة تجري
وشمل جميع فرقته يد النوى
ومرآى بديع غيرته يد الدهر
ومنصب ملك أوحشت جنباته
وهالة إيوان تراءت بلا بدر
وما كنت إلا الشمس يحيا بك الورى
على بعد العلياء أو رفعة القدر
وهيهات من للشمس منك بمشبه
كمال بلا نقص ونفع بلا ضر
حملنا على الأعناق منك سحابة
مباركة السقيا مقدسة القطر
ولما أتينا اللحد في غلس الدجى
رأينا أفول الشمس في مطلع الفجر
فلو أن قبرا صار للناس قبلة
جعلنا مصلانا إلى ذلك القبر
ولو وجد الخلق السبيل لتربة
حوت لحدك المكنوف بالفضل والبر
لطافوا بها سبعا ولبوا وأحرموا
ففازوا لديها بالمثوبة والأجر(47/146)
وذادت عن العلياء عزمة يوسف
سليل علاك الطاهر الملك البر
ولكنه حكم من الله نابع
يقابل بالتسليم والصبر والشكر
ودونك من عبد لملكك نادب
ثناء كما هب النسيم على الزهر
ولو كان في وسعي عناء بلغته
بما يقتضيه قدرك الضخم لا قدري
ووالله ما وفيت حقك واجبا
ولكنه شيء أقمت به عذري
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يحييك بالريحان والروح من قبر
يحييك بالريحان والروح من قبر
رقم القصيدة : 54748
-----------------------------------
يحييك بالريحان والروح من قبر
رضا الله عمن حل فيك مدى الدهر
إلى أن يقوم الناس تعنو وجوههم
إلى باعث الأموات في موقف الحشر
ولست بقفر إنما أنت روضة
منعمة الريحان عاطرة النشر
ولو أنني أنصفتك الحق لم أقل
سوى يا كمام الزهر أو صدف الدر
ويا ملحد التقوى ويا مدفن الهدى
ويا مسقط العليا ويا مغرب البدر
لقد حط فيك الرحل أي خليفة
أصيل المعالي غرة في بني نصر
لقد حل فيك العز والمجد والعلا
وبدر الدجى والمستجار من الذعر
ومن كأبي الحجاج حامي حمى الهدى
ومن كأبي الحجاج ماحي دجى الكفر
إمام الهدى غيث الندى دافع العدا
بعيد المدى في حومة المجد والفخر
سلالة سعد الخزرج بن عبادة
وحسبك من بيت رفيع ومن قدر
إذا ذكر الإغضاء والحلم والتقى
وحدثت عن علياه حدث عن البحر
تخونه صرف الزمان وهل ترى
دواما لحال أو بقاء على أمر
هو الدهر ذو وجهين يوم وليلة
ومن كان ذا وجهين يعتب في غدر
تولى شهيدا ساجدا في صلاته
أصيل التقى رطب اللسان من الذكر
وقد عرف الشهر المبارك حق ما
أفاض من النعمى ووفى من البر
وباكر عيد الفطر والأمر مبرم
وليس سوى كأس الشهادة من فطر
أتيح له وهو العظيم مهابة
وقدرا حقير الذات والخلق والقدر
شقي أتته من لدنه سعادة
ومنكر قوم جاء بالحادث النكر
وما غض من عال جناية سافل
وأسباب حكم الله جلت عن الحصر
فهذا علي قد قضى بابن ملجم
وأوقع وحشي بحمزة ذي الفخر
نعد السيوف المشرفية والقنا(47/147)
ويطرق أمر الله من حيث لا ندري
ومن كان بالدنيا الدنية واثقا
على حالة يوما فقد باء بالخسر
فيا ملك الملك الذي ليس ينقضي
ويا من إليه الحكم في الخلق والأمر
تغمد بستر العفو منك ذنوبنا
فلسنا نرجي غير عفوك من ستر
وألحق أمير المسلمين برحمة
تبوئه دار المقامة والأجر
ومن كأبي الحجاج حامي حمى الهدى
ومن كأبي الحجاج ماحي دجى الكفر
فما عندك اللهم خير ثوابه
وأبقى ودنيا المرء خدعة مغتر
وصل على الهادي المشفع ما بدت
سماة الصباح الطلق في مطلع الفجر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بحيث القباب البيض والأسل السمر
بحيث القباب البيض والأسل السمر
رقم القصيدة : 54749
-----------------------------------
بحيث القباب البيض والأسل السمر
ليوث غيوث كلما أخلف القطر
مقاول من أقيال سعد بن خزرج
أنوفهم شم وأوجههم غر
يشب على أبياتهم ضرم القرى
فيهدي إذا ما ظل في السفر السفر
يقولون والآفاق غير مغيمة
كأن على الأرجاء أردية غبر
إذا الوفر لم يدلل على الحمد ربه
فلا جلت النعمى ولا وفر الوفر
وما العمر إلا زينة مستعارة
ترد ولكن الثناء هو العمر
وإن زحفوا من دون راية يوسف
تقول تعالى من له الخلق والأمر
وتبصر سحبا من دروع سوابع
يطير بها عزم ويقدمها نصر
إمام به عز الهدى وتبادرت
لطاعته الدنيا وذل به الكفر
وأصبح ثغر الثغر يبسم ضاحكا
وقد كان مما نابه ليس يفتر
أقام سياج السلم دون ذماره
فلا ظبة تعرى ولا روعة تعرو
تناقلت الركبان طيب حديثه
فلما رأوه صدق الخبر الخبر
مضاء تضيق الأرض عنه برحبها
وشيمة حلم لا يضيق بها صدر
فما عمر إن قيس يوما ببأسه
وإن وصفوه بالدهاء فما عمر
لك الله ما أمضى سيوفك في العدا
إذا ما أسود الحرب خامرها الذعر
ودارت على أبطالها أكؤس الردى
فمالت كأن القوم أزرى بها السكر
وأي فؤاد منهم غير خافق
إذا خفقت في البحر أعلامك الحمر
دعتك قلوب المؤمنين وأخلصت
وقد طاب منها السر لله والجهر
ومدت إلى الله الأكف ضراعة(47/148)
فقال لهن الله قد قضي الأمر
وألبسها النعمى ببيعتك التي
بها أمن الإسلام وانسدل الستر
وجاءتك كالآرام تختال في الحلى
جياد المذاكي والمحجلة الغر
وراد وشقر واضحات شياتها
فأجسامها تبر وأرجلها در
وشهب إذا ما ضمرت يوم غارة
مطهمة غارت بها الشهب الزهر
طوامح في أرسانهن فوارة
يبين على أعطافها الزهو والكبر
كأني بهم لما تعاطوا حديثها
وأعناقهم ميل وأعينهم خزر
وجاشوا إلى رأي من الكفر فائل
وغرهم الشيطان بالله فاغتروا
وربك بالنصر المؤزر كافل
فعادته في قومك العضد والنصر
كأنك قد ضمرت كل كتيبة
غنائمها بيض وآسالها سمر
إذا ما انجلى عنها القتام تدافعت
على الأرض من ماديها لجج خضر
عليها من الأبطال كل مجرب
نقاب تساوى عنده الحلو والمر
فدوخت الآفاق حتى أنيسها
خلاء وحتى ربعها بلقع قفر
لقد ضل من يبغي من البحر ضلة
ولم يدر أن البحر أنملك العشر
وعاش لنور النيرين بزعمه
وما الشمس إلا دون وجهك والبدر
تلقيت شهر الصوم بالبر والتقى
تود بأن لا ينقضي ذلك الشهر
وودع يثني بالذي أنت أهله
وقد حلت الزلفى وقد عظم الأمر
ووافاك شهر الصوم يزهى بغرة
تزف بها البشرى ويبدو بها البشر
أتيت مصلاه على قدم الرضا
وقد عظم التمجيد لله والذكر
وقد غص من وسغ السبيكة وسعها
وجر بها أذياله العسكر المجر
وما ريء من مثل له يوم زينة
كأن نضيد الزهر راق به الزهر
ودارت من الأعزاز تحت لوائها
رماة على أوتارها للعدا وتر
إذا اصطنبوا أقواسهم وتمنطقوا
فتبصر جيش الترك جاشت به مصر
فهنيته عيدا سعيدا إذا انقضى
أتتك ضروب منه ليس لها حصر
ولا زلت في ملك منيع مؤيد
تهش له الدنيا ويعلو له الدهر
إذا نحن أثنينا عليك بمدحة
فهيهات يحصى الرمل أو يحصر القطر
ولكننا نأتي بما نسطيعه
ومن بذل المجهود حق له العذر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> محلك بالدنيا وبالدين معمور
محلك بالدنيا وبالدين معمور
رقم القصيدة : 54750
-----------------------------------(47/149)
محلك بالدنيا وبالدين معمور
فشانيك مخذول وراجيك منصور
إليك تناهى حمد كل فضيلة
فها هو ممدود عليك ومقصور
كأن محاميد الزمان دفاتر
وحمدك تصحيح عليه وتطرير
تحوط أمور الملك منك سياسة
حباها من اللطف الإلهي تدبير
بمائس غصن العطف غض شبابه
أثير له في عالم الكون تأثير
يفوه بفضل الحكم غرب لسانه
فيفصح في تبيانه وهو مبتور
عميم الندى حتى بماء شبابه
كريم بأفواه المواهب مشكور
يفوه إذا يروي ويصمت في الظما
وفي حالتيه مستغاث ومحذور
تغادر أبطال الكتائب كتبه
وأعناقها ميل وأعينها صور
ويرغب في نعماه كل مؤمل
ويرهب بوساه أمير ومأمور
ومن عجب أن يستنال نواله
فيعذب شهدا وهو في الشكل زنبور
كأن لسان الدهر نفث يراعه
يترجم عما أضمرته المقادير
إذا اهتز في روض المهارق غصنه
تساقط منظوم البيان ومنثور
تخال صباح الطرس يرقم بالدجى
ويرقش بالمسك المفتق كافور
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وقالوا الجزيرة قد صوحت
وقالوا الجزيرة قد صوحت
رقم القصيدة : 54751
-----------------------------------
وقالوا الجزيرة قد صوحت
فقلت غمام الندى تنتظر
إذا وكفت كف موسى بها
غماما يعود الجناب الخضر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عقب الشعير لقد هوت بك عيري
عقب الشعير لقد هوت بك عيري
رقم القصيدة : 54752
-----------------------------------
عقب الشعير لقد هوت بك عيري
كالمجرمين هووا لقعر سعير
بينا نرى من فوق ظهر مجدب
صارت من الأشكال في تقعير
من كل راحية كغارب ناقة
أو كل عرجاء كعنق بعير
ما الشين في اسمك غير نقطة ألثغ
بدل السعير أتى بلفظ شعير
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وهت مني القوى بطريق شاط
وهت مني القوى بطريق شاط
رقم القصيدة : 54753
-----------------------------------
وهت مني القوى بطريق شاط
ودار على تألمي الإزار
فلا سن الإله مزار شاط
إذا ما شاط شط بها المزار(47/150)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بغيضة وحش الليل خوف ووحشة
بغيضة وحش الليل خوف ووحشة
رقم القصيدة : 54754
-----------------------------------
بغيضة وحش الليل خوف ووحشة
كأن فؤادي وحشة قد أعارها
ولكن هذي أقفرت من أنيسها
وغيضة قلبي يسكن الهم دارها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> انظر إليه والأصيل مورس
انظر إليه والأصيل مورس
رقم القصيدة : 54755
-----------------------------------
انظر إليه والأصيل مورس
والشمس ترسل من عنان مسيرها
فكأنما هو زئبق مترجرج
ألقت عليه الشمس من إكسيرها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> حقر لها ما في يديها بدأة
حقر لها ما في يديها بدأة
رقم القصيدة : 54756
-----------------------------------
حقر لها ما في يديها بدأة
واضمن لها عوضا وإن لم يحضر
واربأ بنفسك عن تسامح بائع
واغنم إذا سامتك شهوة مشتر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لا تقربن بما ينعى عليك غدا
لا تقربن بما ينعى عليك غدا
رقم القصيدة : 54757
-----------------------------------
لا تقربن بما ينعى عليك غدا
وتستخف بحمل لست تقدره
فشاهد الزور يقضي حق صاحبه
وبعد هذا بتلك العين ينظره
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قعدت لتذكير ولو كنت منصفا
قعدت لتذكير ولو كنت منصفا
رقم القصيدة : 54758
-----------------------------------
قعدت لتذكير ولو كنت منصفا
لذكرت نفسي فهي أحوج للذكرا
إذا لم يكن مني لنفسي واعظ
فيا ليت شعري كيف تفعل في أخرا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ولما حثثت السير والله حاكم
ولما حثثت السير والله حاكم
رقم القصيدة : 54759
-----------------------------------
ولما حثثت السير والله حاكم
لملكك في الدنيا بعز وفي الأخرا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنا ملعب الوصل الذي يشرح الصدرا
أنا ملعب الوصل الذي يشرح الصدرا
رقم القصيدة : 54760(47/151)
-----------------------------------
أنا ملعب الوصل الذي يشرح الصدرا
وبرج سماء يجمع الشمس والبدرا
حفيظ على الأسرار حتى كأنني
دعيت سريرا أنني أحفظ السرا
إذا ما أجلت العين بين بدائعي
وشاهدت حسنا يذهل العقل والفكرا
وقد مد ستر التبر فوقي وأرسلت
يد اليمن والتوفيق من تحته سترا
رأيت جوادا لا يخاف عثاره
ومركب سعد لا يجوع ولا يعرا
كأني رياض زارها واكف الحيا
فألبسها وشيا وطيبها نشرا
وثامن أملاك الجهاد أقامني
فألبسني عزا ورفع لي قدرا
ويستعبد الأحرار جود يمينه
وتخجل وجه الشمس غرته الغرا
ولا زال نصري العلى رائق الحلى
يصاحب جيش النصر رايته الحمرا
ولا زلت أفقا للقباب ومطلعا
يريك البدور الغر والأنجم الزهرا
إذا ما دنا الإمساء حييت بالمنى
ومهما أتى الإصباح حييت بالبشرا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يحق لي المجد المؤثل والفخر
يحق لي المجد المؤثل والفخر
رقم القصيدة : 54761
-----------------------------------
يحق لي المجد المؤثل والفخر
ويعرف فضلا حزته البر والبحر
أنا المطلع الميمون والفلك الذي
به تلتقي الشمس المنيرة والبدر
مطية توفيق من السعد جلها
وحليتها الدر المرصع والتبر
مقيم وفي ذات القوائم نسبتي
ولو كنت أنوي السير ما كان لي عذر
أأبرح من مثوى السعادة والرضا
وحليتي العليا ومسكني القصر
تقر بمرآيا العيون إذا بدت
عجائب أشكالي وينشرح الصدر
لبست من التبر المثمن حلة
وقمت مقاما دونه الأنجم الزهر
يقصر عن أمداحه كل مادح
وهيهات يحصى الرمل أو يحصر القطر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لو كان لي في الهوى اختيار
لو كان لي في الهوى اختيار
رقم القصيدة : 54762
-----------------------------------
لو كان لي في الهوى اختيار
ما شط بي عنكم المزار
رحلت عنكم ولي فؤاد
له بأحوازكم قرار
ما حسنت بعدكم وجوه
عندي ولا أعجبت ديار
وقادني نحوكم غرام
يهيج أشواقه ادكار
فليس لي عنكم براح
ما اختلف الليل والنهار(47/152)
ولما شجاه البعد عنك وشفه
تبدى نحول الشوق فوق هلاله
ولولا اختصاص الشرع يوما بعينه
وأنك توفي الأمر حق امتثاله
لما امتاز يوم العيد من يوم غيره
فدهرك عيد كله في احتفاله
ودونكها كالروض عاهده الحيا
وجر عليه الفضل ذيل اعتداله
إذا لم يكن في السيف من طيب طبعه
له صيقل لم ينتفع بصقاله
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> السعد جندك والقضاء دليل
السعد جندك والقضاء دليل
رقم القصيدة : 54763
-----------------------------------
السعد جندك والقضاء دليل
والله بالنصر العزيز كفيل
فإذا هممت بلغت كل ممنع
وإذا رأيت الرأي ليس يفيل
شهدت لك العلياء أنك ربها
والدين أنك سيفه المسلول
والجود أنك غيثه الهامي الحيا
هذ وكل شاهد مقبول
والحق يغني عن شهادة شاهد
أنى يرام على الصباح دليل
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هلم إليها إنها دار
هلم إليها إنها دار
رقم القصيدة : 54764
-----------------------------------
هلم إليها إنها دار
سكانها للعريب أنصار
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا نمت نم للأمن فوق سرير
إذا نمت نم للأمن فوق سرير
رقم القصيدة : 54765
-----------------------------------
إذا نمت نم للأمن فوق سرير
وإن قمت قم في غبطة وسرور
ودونك فاستغرب على الماء موقفي
كما وقف ابن الماء وسط غدير
على نصبة الأفراح أحكم بنيتي
حكيم بما يأتيه جد بصير
فإن كنت عن كأس وراح وشادن
سؤولا فلا ... مثل خبير
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> كفلت عنايتك الجميلة
كفلت عنايتك الجميلة
رقم القصيدة : 54766
-----------------------------------
كفلت عنايتك الجميلة
لي بإحراز الوطر
ولقيت من بر وخير
ملء سمعي والبصر
شكرا لأنعمك التي
يزداد منها من شكر
لما تعذر أن أشاهد
ذلك الوجه الأغر
وجهتها لتنوب فيه
وفي هنائك بالمطر
وأقبل الكف الكريمة
فهو أولى منتظر
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا فارس الأجواد بين سفينة(47/153)
يا فارس الأجواد بين سفينة
رقم القصيدة : 54767
-----------------------------------
يا فارس الأجواد بين سفينة
غزوية تشجي العدو ومنبرا
ولقد نمتك إلى الخطابة نسبة
فإذا تنوسيت إلاكم فاذكرا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> جاءتك تعرف بالشميم سراها
جاءتك تعرف بالشميم سراها
رقم القصيدة : 54768
-----------------------------------
جاءتك تعرف بالشميم سراها
كرمت عناصرها وطاب ثراها
لما بعثت بها تورد خدها
واحمر من خجل لديك عراها
فاحنو عليها عودة لجمالها
واجعل لقاءك بالقبول قراها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عندي لموعدك افتقار محوج
عندي لموعدك افتقار محوج
رقم القصيدة : 54769
-----------------------------------
عندي لموعدك افتقار محوج
ووعودك افتقرت إلى إنجازها
والله يعلم فيك صدق مودتي
وحقيقة الأشياء غير مجازها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أرى كل فتك للحاظ انتسابه
أرى كل فتك للحاظ انتسابه
رقم القصيدة : 54770
-----------------------------------
أرى كل فتك للحاظ انتسابه
وهان مضاء ليس فيه لها حظ
ألم تر أن السهم غير مقرطس
ولا صائب حتى يسدده اللحظ
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> باتت نجوم الأفق دون علاكا
باتت نجوم الأفق دون علاكا
رقم القصيدة : 54771
-----------------------------------
باتت نجوم الأفق دون علاكا
وتحلت الدنيا ببعض حلاكا
والدين دين الله أنت عماده
لولاك أصبح مائلا لولاكا
أنسى زمانك كل عصر ذاهب
حسنا وأكسى ذكرك الأملاكا
فإذا هموا راموا لمجدك غاية
كان القصور لديهم إدراكا
ومحت مآثرك المآثر عندما
نظمن في نحر العلا أسلاكا
شرف يجر على المجرة ذيله
بلغ السماء وزاحم الأفلاكا
وندى كصوب الغيث إلا أنه
لا يعرف الإمحال والإمساكا
وخلائق كالروض زاوله الحيا
غبا ودبجه الربيع وحاكا
ورجاحة لو كان بعض وقارها
بالريح كانت لا تحير حراكا
إن راع من يوم الوغى عباسه(47/154)
في الحرب كان جبينك الضحاكا
من للحيا بنوال كفك إن همى
من للسوابق أن تجوز مداكا
سيف وسيف ضمنا في راحة
ضمنت حياة للورى وهلاكا
لم تأل في حفظ الرعايا جاهدا
ومراقبا فيها من استرعاكا
إن عز مثواك الممنع طاهرا
فصدورها وقلوبها مثواكا
يحلو حديث العلا في أسماعها
ويلذ في أفواهها ذكراكا
ما روضة ضحكت ثغور أقاحها
وحياها الحيا فتباكا
حضر الولي وأحكمت ريح الصبا
بين الغمام وبينها إملاكا
بات تغنيها الحمام فتنثني
طربا وتنسيها السحاب دراكا
والريح تحسبها كصائد لجة
يرمي على صفح الغدير شياكا
بأتم من عرف امتداحك نفحة
مهما ثنينا القول نحو ثناكا
كم قاصد أنضى إليك مطيه
متوسدا كورا لها ووراكا
شهد العيان له بصدق سماعه
فاستصغر الأخبار حين رآكا
لا يغررن الروم في إملائها
قدر جرى فالحرب هات وهاكا
ولملكك العقبى وحسبك ناصرا
إن الإله عدو من عاداكا
لله يوسف من إمام هداية
جلى بنور يقينه الأحلاكا
تنميه من أبناء نصر سادة
حاطوا العباد ودمروا الإشراكا
فتراهم في يوم محتدم الوغى
أسدا وفي خلواتهم نساكا
كانوا ملائكة إذا جن الدجى
وإذا الأسرة مهدت أملاكا
أبناء نصر آل سعد ناصروا
خير الورى طرا وما أدراكا
مولاي خذها حلة موشية
أهداكها حسناء عبد علاكا
شردت معانيها وأصبحت ترعا
عني فراوضها اللسان ولاكا
وعلى أبياتها فحين دعوتها
لمديحك انثالت علي وشاكا
هذا وكم لي من وسيلة خدمة
ما إن يضيع ذماؤها حاشاكا
هنئت عيد الفطر أسعد قادم
حث السرى شوقا إلى لقياكا
والشهر ود بأن يطول مقامه
كلفا بودك منه واستمساكا
وفيت حق صيامه وقيامه
بمقام صدق لم يقمه سواكا
انعم بملك دائم لا ينقضي
واخلد قواما للعلا وملاكا
فلو أن دنيا خيرت ما تبتغي
لم تأمل الدنيا سوى بغياكا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> النصر نصك والحسام دليله
النصر نصك والحسام دليله
رقم القصيدة : 54772
-----------------------------------
النصر نصك والحسام دليله
والفتح وعدك والإلاه كفيله(47/155)
كفلت رياض الملك منك بدوحها
فرعا نضيرا لا يخاف ذبوله
واهتز دوح الملك منه منعما
ريان يقصفه الندى ويميله
وطلعت بدرا لا يخاف محاقه
يوما ولا يخشى عليه أفوله
حتى إذا خطبتك ألسنة الهدى
وحباك هذا العهد إسماعيله
ورآك أهلا للخلافة بعده
فأراك قدح الملك كيف تجيله
وكسا أيا لتك البلاد وأهلها
ظلا تكفل بالعباد ظليله
وحبا السياسة منك حامل عبئها
فمضت عزائمه وعز قبيله
ثم استحث إلى الإلاه ركابه
وغدا وفي دار النعيم حلوله
فهوت حلوم حدن عنك وما اهتدى
طرف تعامى عن سناك كليله
وهفت بدين الكفر أطماع قضت
أن تقتضي أوتاره ودخوله
ثم استبد العزم فيك وما رتأى
والعزم يوهن عنده تأجيله
ورمى إليك مقاليد الأمر الذي
تركت إليك فروعه وأصوله
واستخبر النصر العزيز ولم يزل
يلوي بدين الدين فيك مطوله
فارتاح دين الله في ريعانه
وأعيد مقتبل الشبيبة خيله
وتكنف الإسلام منك وأهله
نظير يعز عن النهى تأويله
عالجته بالمشرفي وطالما
أعيا مزاولة الأساة عليله
حتى إذا غدت البلاد قريرة
والأمن تسحب بينهن ذيوله
والسلم قد كفت أكف عداتها
والباس نامت في الغمود نصوله
أرضيت دين الله مقتديا بما
نطق الكتاب به وسن رسوله
تستودع الأنساب غرة يعرب
وتشيد فخر الأبطال أثيله
وذهبت تعتام البيوت ميمما
ما يممت أذواؤه وقيوله
فحداك توفيق الإله لمنصب
مثواك مثواه وغيلك غيله
حيث المعالي والعوالي والظبا
والبيت عال في البنا أصيله
حتى إذا رفت عليك ظلاله
وسرت بأرواح القبول قبوله
وتوشجت أغصان دوحة خزرج
ذمما وحيز لكل مجد سواله
أعرست في مثوى الخلافة بعدما
عكفت علاك تشيده وتطيله
فبدا كما لاح الصباح لناظر
متألقا يغشى العيون صقيله
تبلى الليالي وهي تندى جدة
ويجف زهر الروض وهو بليله
حيث الرياض تفتحت أزهاره
وهما عليها من نداك هموله
حيث الجلال يهول أفئدة الورى
ويند عن إدراكهم تمثيله
وقد ازدهى الديباج في روضاته
خطلا كما جلت الربيع فصوله
من كل منسدل الجناح مهدل(47/156)
تضفو بمذهبة القباب سدوله
وموسد فوق الأرائك رائق
يزهى على موضوعها محموله
ثم اغتديت وملكك السامي العلى
مجموع شمل بالمنى موصوله
والبشر منسحب الجناح على الورى
والأنس تشتمل الوجود شموله
واللحن قد وشجت غصون ضروبه
فسبى العقول خفيفه وثقيله
خلدت سر النصر في أعقابه
وسلكت قصدا لا يضل سبيله
فعم الخلود بها قصور مقامة
يحبوك سعد عزها وينيله
حتى تزين بالبنين صدورها
ويلين في باع الخلافة طوله
فكأنني بالملك قد عقد الحبا
وزها بفاخر درهم إكليله
فكأنني بك والفتوح سوافر
والسبي قد غمر الربا تنفيله
نصر الهدى سعد وفاز بإرثه
من بعد يوسف سبطه وسليله
ملك عزيز الجار ممنوع الحمى
ممنوح منهل الندى مبذوله
يقظان لا حفظ الثغور يؤوده
كلا ولا صعب الأمور يهوله
وإذا دعاه الملك منه للذة
ناجاه من تقوى الإله عذوله
شمل البلاد وأهلها تأمينه
وهمى عليهم بالندى تأميله
أخليفة الله الذي آراؤه
شهب تنير دجى الهوى وتحيله
خذها إليك عقيلة الشعر الذي
تبدي له سمة الخضوع فحوله
درا تكون في بحار بلاغة
يهدى إليك ثمينه وجليله
وصل الدوام إذا نبت بيض الظبا
تمضي وإن عثر الزمان تقيله
فالملك أنت عماده وعتاده
والدين أنت ملاذه ومقيله
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سرى والدجى قد آن منه رحيل
سرى والدجى قد آن منه رحيل
رقم القصيدة : 54773
-----------------------------------
سرى والدجى قد آن منه رحيل
نسيم يتيح البرء وهو عليل
وأدار على الأغصان راح ارتياحه
فغادر أعطاف الغصون تميل
وما كنت أعتاد الصبا قبل خمرة
ولا قلت في الريح الشمال شمول
وأهدى إلى الآناف من نفحاته
لطائم فيها أذخر وجليل
رسائل شكري خط أحرفها الجوى
ومضى على شط الفراق نزيل
أجد ادكار العهد والعهد شاسع
وحل عرى الأجفان فهي همول
وهاج ضراما للتشوق ما خبا
فيا لبليل ثار عنه غليل
وقفنا بربع المالكية بعد ما
تنسم بين قومه ورحيل
رسوم جسوم في رسوم تشابها
كلانا على حكم البعاد نحيل(47/157)
نكلف رسم الدار رجع جوابنا
وذلك شيء ما إليه سبيل
فيا من رآنا والركاب مناخة
طلول تبكي عهدهن طلول
رعى الله قلبي ما أتم وفاءه
إذا نزحت دار وبان خليل
مقيم على رعي العهود على النوى
كفى القلب ذما أن يقال ملول
خليلي من سلمان بالله ساعدا
فما الخل إلا مسعد ومقيل
ولا تجريا ذكر الفراق فإنه
حديث على سمع الغداة ثقيل
ولا تسألا أن يهمي الغيث بالحمى
فمن مقلتي غيث أجس همول
ألا فابليا فود الفلا بنجائب
لها خبب لا ينقضي وذميل
قلاص براها السير حتى كأنها
خواطر في فكر الفلاة تجول
وراض اعتساف البيد حد شماسها
فأصبح منها الصعب وهو كلول
يلومونني في الحب قومي جهالة
وما كان طبعا فهول ليس يحول
وما زلت مذعق الشباب تمائمي
أدير قداحي في الهوى وأجيل
إذا بارق للثغر يوما أهاب بي
ركبت إليه الخطب وهو جليل
ولجت على الغيران بيت قبابه
وجئت عرين الليث وهو يهول
ولي وطأة فوق الزمان ثقيلة
يطأطىء هديها لها ويميل
أجر رداء العيش والعيش أخضر
وأخشى رماح اللحظ وهو كحيل
وكم ساعة شافهت في موقف النوى
تقبح وجه الصبر وهو جميل
غضضت على التوديع جفني عندها
وفي القلب داء للفراق دخيل
وكم ليلة مزقت جيب ظلامها
وقد سحبت منها علي ذيول
إلى أن تبدى الشيب في مفرق الدجى
وفجر نهر الفجر فهو يسيل
ويوما دعوت الوحش تحت هجيره
وللأسد في ظل القتاد مقيل
إذا زأرت عن جانبي أجابها
رغاء يباري زأرها وصهيل
إلى أن تلقى مغرب الشمس قرصها
كما التهم القرص الرهيف أكول
ولا صاحب إلا سنان وصارم
وعزم بتيسير السبيل كفيل
ووجناء تجني القرب من شجر السرى
قلوص نماها شدقم وجديل
وعاذلة في الجود قلت لها اقصري
رويدك هل نال العلاء بخيل
إذا المرء لم يشر الثناء بما اقتنى
فكل كثير يقتنيه قليل
ولي همة من دونها كل شارق
يرجع عنها الطرف وهو كليل
تقلدني دهري حساما مهندا
له في رقاب الدار عين صليل
وما زال يلقاني في الحوادث ضاربا
فعندي لإحداث الزمان فلول
تغني بأشعاري الحداة إذا سرت(47/158)
وشدت لها في الخافقين حمول
أبت غير محض العز نفسي فليس لي
بساحة ضيم ما حييت نزول
وكيف بالمام المذلة لامرىء
ومن يمن رهط له وقبيل
إذا العرب العرباء نصت قديمها
ورجع قال عند ذاك وقيل
كفانا افتخارا وانتصارا ونسبة
تتابعة من يعرب وقيول
ذؤابة سلمان وسلمان كندة
وكندة ظل ما أردت ظليل
ستدري عداتي أي ليث حفيظة
أثرن وأيام الزمان تدول
إذا أصبحت خيلي البيوت مغيرة
وفي كل شعب مقنب ورعيل
عذيري من قوم تجيش صدورهم
لهم عن طريق العدل في عدول
إذا قلت غضوا أو إذا لجت أطرقوا
وإن غبت منهم قائل وفحول
عموا عن سنا فضلي فضلوا عن الهدى
هوى النفس قدما للرجال قتول
ومن حسد الشمس المنيرة نورها
ورفعتها في الجو فهو جهول
أبا قاسم خذها إليك كأنها
حسام يروع الناقدين صقيل
أتت كأنابيب القناة بيوتها
لها من قوافيها الحسان نصول
إذا شردت عني القوافي نوازعا
فليس لها إلا لديك حلول
وإن هطلت سحب البيان حوافلا
فليس لها إلا عليك همول
وأنت عمادي واعتدادي ومفزعي
وذخر أماني والحديث يطول
وأنت حسامي كلما جل حادث
أذود به عن حوزتي وأصول
تحامت حماك النائبات وأصبحت
سعودك زهرا ما لهن أفول
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> كتبت بدمع عيني صفح خدي
كتبت بدمع عيني صفح خدي
رقم القصيدة : 54774
-----------------------------------
كتبت بدمع عيني صفح خدي
وقد منع الكرى هجر الخليل
وراب الحاضرين فقلت هذا
كتاب العين ينسب للخليل
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لقد رام كتم الوجد يوم ارتحاله
لقد رام كتم الوجد يوم ارتحاله
رقم القصيدة : 54775
-----------------------------------
لقد رام كتم الوجد يوم ارتحاله
ولكن دمع العين باح بحاله
فجاد ولم يملك بوادر عبرة
حداها مع الأظعان حادي جماله
أخو زفرة لا يستقيم كأنها
يجول فراس البكر حول ذباله
إذا حن لاقى دمعه بيمينه
وإن أن حاذى قلبه بشماله
تذكرت عهدا أحلى من الكرى
وأقصر من المام طيف خياله(47/159)
فيا ليت شعري من أتاح لي الجوى
وعذب بالي هل أمر بباله
خليلي هبا فاجراها وغنيا
عليها بكثبان الحمى ورماله
وإن غالها حر الهجيرة فاذكرا
غضارة واديه وبرد ظلاله
وقولا لها ريا فأكتاف رية
إمام نوانا فأبشري باحتلاله
ستجنين غض العيش من مضض السرى
إذا حط عنك الكور بين جلاله
وتأتي أمير المسلمين خوامسا
فتكرع من بعد النوى في نواله
خليفة صدق لم يجد بشبهه
زمان ولم تأت الدنيا بمثاله
يرف إلى العافين لألاه بشره
كما رف متن العضب عند صقاله
إذا هم كان الدهر عبد مقامه
وإن قال قال الحق عند مقاله
مجير من استعداه قبل ندائه
ومغني من استجداه قبل سؤاله
مثير رياح في حومة الوغى
ومختطف الأبطال يوم نزاله
وموقد نار العدل في علم الهدى
ومطفىء نار البغي بعد اشتعاله
ومطلع شمس البشر في سحب الندى
وباني معاليه وهادم ماله
والله من مجد رفيع عماده
تبيت النجوم الزهر دون مناله
وأقسم ما روض الربا عقب الحيا
بأعطر عرفا من ثناء خلاله
أيوسف دم للدين تحمي ذماره
وتجني الأماني تحت ظل جلاله
وللجود تهمي ساجما من سحابه
وللباس تذكي جاحما من مصاله
حثثت ركاب العزم في خير وجهة
أتيح بها الإسلام برد اعتلاله
نشرت لواء الدين حين طويتها
مراحل غزو منك في نصر آله
إذا جئت قصرا أو حللت بمربع
ثوى الأمن والتمهيد بين حلاله
وصاب غمام الجود فوق بطاحه
وأشرق نور الهدي فوق جباله
كأنك بدر والبلاد منازل
إذا جبت أفقا راق نور جماله
وإن فقته بالحلم والعلم والندى
وشاركته في نوره وانتقاله
فكم بين محفوظ الكمال من الردى
ومتصف بالنقص بعد كماله
ولما أرحت السير في قصورية
بعزم تضيق الأرض دون مجاله
رأى منك بحر الماء بحرا من الندى
فواصل منه الموج لثم نعاله
زجرت بها الأسطول يبتدر العدا
ويمضي إلى ما اعتداه من فعاله
بكل خفيف دافق ومطاوع
مثار صباه أو مهب شماله
فلله عينا من رآها صوافنا
أفاض عليها القار سحم جلاله
إذا سعا عدتها هبة الريح أسرعت(47/160)
كما أنساب أيم الروض غب انسلاله
وغربان أثباج زجرت سنيحها
ويظهر نجح الأمر في حسن فاله
سحاب إذا تهفو بروق صفاحه
همى عرض هجم بودق نباله
وغيل ليوث غابه من سلاحه
وآساده يوم الوغى من رجاله
وروض سقاه النصر صوب غمامه
ودارت عليه مفعمات انسجاله
فأغصانه ملتفة من رماحه
وأوراقه مخضرة من نصاله
جوار غذاها الغزو در لبانه
وحجبها الإسلام تحت حجاله
هواف إلى جرف العدو وإنما
وثقن بنصر الله يوم قتاله
لملكك عقبى النصر فارقب طلوعها
فقد آن للإسلام آن اقتباله
هو الله يملي للعدا ويد الهدى
ببرهانها تجلو ظلام محاله
وهل يستوي مستبصر في يقينه
ومستبصر في غيه وضلاله
هنيئا لك العيد السعيد فإنه
أتاك ببشرى الفتح قبل اتصاله
طوى البعد عن شوق وحث ركابه
وأوشك في منغاك حط رحاله
فمن استجار علاك عز جواره
وعزيز قوم لم يطعك ذليل
وإذا توخيت السياسة في الورى
يوما فما للعدل عنك عدول
وإذا جنبت المغريات إلى العدا
سيان عندك فرسخ أو ميل
ولو استعنت الدهر واستنجدته
لبدت لأمرك طاعة وقبول
وأتى ومن قطع الظلام كواكب
ومن الصباح أسنة ونصول
إن رمت في الله الجهاد وطالما
أرضى الإله جهادك المقبول
وأنفت للدين الحنيف وأهله
من أن يطيح نجيعه المطلول
وقدحت زند عزيمة نصرية
تركت ديار الكفر وهي طلول
وسلكت للتقوى سبيلا سنها
علم الملوك أبوك إسماعيل
ورجعت والنصر العزيز مصاحب
لك والملائكة الكرام قبيل
في عسكر لجب كأن جموعه
فوق الوهاد إذا زحفن سيول
كالبحر إلا أنهن كتائب
والريح إلا أنهن خيول
والبرق إلا أنهن أسنة
والرعد إلا أنهن طبول
فبكل نجد راية منشورة
وبكل غور مقنب ورعيل
كان افتتاح بني بشير مبدأ
سبب البشارة بعده موصول
سرت بموقعه النفوس وإنه
نبأ على سمع العدو ثقيل
ثم ارتقيت ثنية الثغر التي
هي للضلال معرس ومقيل
ورميتها بعزيمة نصرية
كادت لها شم الهضاب تزول
خود تجلت في منصة شاهق
مختالة إكليلها الإكليل
ومصام عز للنجوم مزاحم
ما لاستباحة ما حواه سبيل(47/161)
سامي الذرا متمتع أركانه
يرتد عنه الطرف وهو كليل
أصميت ثغرتها بسهم عزيمة
تذر الأبي الصعب وهو ذليل
دارت بأعلى منذريها قهوة
للحتف مترعة الكؤوس شمول
ثم انثنيت وبالرماح تقصد
مما غزوت وللسيوف فلول
وتركت سحب النقع في آفاقها
تسمو وأنهار السيوف تسيل
لا يغررن الروم في أملائها
قدر فأيام الحروب تدول
والعزم وار في الحفيظة زنده
والرأي مشحوذ الغرار صقيل
ولو أنهم ملأوا البسيطة كثرة
إن الكثير مع الضلال قليل
وإذ امرؤ جعل الصليب نصيره
دون الإله فإنه مخذول
من مثل يوسف في الملوك إذا غدت
تزهى بفضل قديمها وتصول
طلق المحيا والخطوب عوابس
هامي الأنامل والغمام بخيل
بدر ولا غير الكتيبة هالة
ليث ولا غير الأسنة غيل
من أسرة سعدية نصرية
أثنى عليها الله والتنزيل
لله من فتح جليل قدره
ينميه جد في الملوك جليل
دين على الزمان ابتدرت قضاءه
سهل المرام وإنه لبخيل
لبست بك الأيام زخرف حسنها
وزها على الأجيال هذا الجيل
فاهنا بموصول الفتوح فإنما
هي سنة ما إن لها تبديل
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أبا مالك أنت نجل الملوك
أبا مالك أنت نجل الملوك
رقم القصيدة : 54776
-----------------------------------
أبا مالك أنت نجل الملوك
غيوث الندى وليوث النزال
ومثلك يرتاح للمكرمات
ومالك بين الورى من مثال
عزيز بأنفسنا أن نرى
ركابك مؤذنة بارتحال
وقد شاهدت منك خلقا جميلا
أناف على درجات الكمال
وفازت لديك بساعة أنس
كما زار في النوم طيف خيال
فلولا تعللنا أننا
نزورك فوق بساط الجلال
ونبلغ فيك الذي نرتجي
وذاك على الله سهل المنال
لما فترت أنفس من جوى
ولا برحت أدمع في انهمال
تلقتك حيث احتللت السعود
وكان لك الله في كل حال
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أفي فترة السلوان جاء رسلوها
أفي فترة السلوان جاء رسلوها
رقم القصيدة : 54777
-----------------------------------
أفي فترة السلوان جاء رسلوها
وقد أسعف النفس الأبية سولها(47/162)
نبذت الهوى نبذ الجفون قذاتها
فأتعب من يشقى بنفس جهولها
وحذرتها عقبى الخليل فإنها
يعود بإخلال عليها خليلها
تمالأت بالدنيا وبالناس خبرة
فأحقر شيء في عياني جليلها
فلو أن رضوى حملت بعض همتي
لطأطأ من أكتاد رضوى ثقيلها
إذا عقدت كف الفتى بنواله
فشر عتادي التي لا أنيلها
وإني لأبدي للصديق تغاضيا
يغض على زلاته ويقيلها
وما ضرني أني ثويت بمغرب
إذا طلعت أنوار علمي يحيلها
فكم طحلب مخف من الماء صفحة
يشف عن الشيء الخفي صقيلها
يترجم عن عذب الشراب مذاقه
ويعرب عن عتق الجياد صهيلها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وافي بعطفتك البشير فلو غدت
وافي بعطفتك البشير فلو غدت
رقم القصيدة : 54778
-----------------------------------
وافي بعطفتك البشير فلو غدت
روحي جزاء وروده لم أعدل
فكأن دهري لم يزل لي مسعفا
وكأن حالي بعد لم يتبدل
أنهضتني لما قعدت وقمت في
نصري ومالي من نصير أول
وأجرتني إذ جار دهري واعتدى
ورمى بسهم منه أصمى مقتل
أنحى على الأب والشقيق فغيبا
عني فحالي بعدهم لا تسأل
وأشد ما لقيت فيما نالني
أن كنت يوما عن رضاك بمعزل
يا ملبسي النعمى بأي عبارة
أصل الثناء لملكك المتفضل
يا مبقيا رمقي بفضل حنانه
يا مفزعي يا ملجأي يا موئل
دم في زمام الله حزبك غالب
وحماك محروس وملكك معتل
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أبشر فقد نلت ما ترجو على عجل
أبشر فقد نلت ما ترجو على عجل
رقم القصيدة : 54779
-----------------------------------
أبشر فقد نلت ما ترجو على عجل
ويسر الله ما تبغيه من أمل
وساعدتك الدنيا فيما تؤمله
فاهنأ بسعد على الأيام متصل
واحكم على الدهر وافعل ما تشاء به
فالدهر طوعك والأيام كالخول
فما ذعرت ببدر غير مبتدر
ولا أمرت بأمر غير ممتثل
ما لذة العيش إلا في علا وطلا
ووصل حب بلا صد ولا ملل
خذها كمثل شعاع الشمس صافية
حمراء لا تستمع فيها إلى عذل
من كف ساحرة الألحاظ فاتنة
حسناء تختال بين الحلي والحلل(47/163)
إذا رنت أو ثنت أعطافها مرحا
فالظبي في نظر والغصن في ميل
وأنضر الروض أضحى وهو مصطبح
والغصن قد مال ميل الشارب الثمل
حتى إذا الشمس مالت نحو مغربها
كأنها عاشق يبكي على طلل
وحجب الليل عنا حسن منظره
بستر جنح من الظلماء منسدل
لاحت إلينا شموس الحسن ساطعة
ولا سماء سوى الإستار والكلل
وفي الوجوه لنا روض أزاهرة
من وردة الخد أو من نرجس المقل
وخير ما ظفرت كف المحب به
خمر من الريق أو نقل من القبل
فاستغم الأنس يوما إن ظفرت به
في دولة أصبحت من أسعد الدول
أيام يوسف أعياد مجددة
ولى عن الخلق فيها الهم يوم ول
وأصبحت كالربيع الطلق ضاحكة
إذ حل فيها حلول الشمس في الحمل
فسار بالعدل في ورد وفي صدر
وراقب الله في قول وفي عمل
أنواره في سماء العدل نيرة
تبدو وآثاره أسرى من المثل
لازال في عزة تصفو مواردها
مبلغا كل ما يرجوه من أمل
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سلوا عن فؤادي بعدكم كيف حاله
سلوا عن فؤادي بعدكم كيف حاله
رقم القصيدة : 54780
-----------------------------------
سلوا عن فؤادي بعدكم كيف حاله
وقد قوضت عند الصباح رحاله
ولا تحسبوا أني سلوت على النوى
فسلوان قلبي في هواكم محاله
وما حال من شطت بغرب دياره
وفي الشرق أهلوه وثم حلاله
ولكنني وطنت نفسي وإنها
سجية من طابت وجلت خلاله
وعللت نفسي باللقاء فإنني
لآمل لطف الله جل جلاله
وما الحر إلا من يعاني ضرورة
فيبدو عليها صبره واحتماله
سجية آباء كرام ورثتها
بحق ويبني المجد للمرء آله
توارثت عز الملك عن كل ماجد
سما في المعالي باسه ونواله
صهيل الجياد الصافنات غناؤه
وتحت البنود الخافقات ظلاله
سل الدهر عن أبناء نصر وإن ضنا
فسل عنهم الدين الذي هم رجاله
عسى جبل الفتح الذي بجنابه
حللت بقرب الفتح يصدق فاله
نسائل أنفاس النسيم إذا سرى
عسى خبر عنكم تؤدي شماله
ونرجو مزار الطيف في سنة الكرى
ومن لي بنوم فيه يسري خياله
بنفسي غزال قد غزتني لحاظه
وتيم قلبي حسنه وجماله(47/164)
هو البدر والجوزاء قرط معسجد
وجنح الليالي فرعه ودلاله
تقربه الأوهام مني وإن نأت
منازله عني وعز مناله
وأسأل عن أخباره كل وارد
فيا ليت شعري كيف عني سؤاله
ألا في سبيل الله قلب مقلب
على البعد لا يخلو من الوجد باله
وبالجانب الشرقي سرب من الدما
بغير الكرى ما إن يصاد غزاله
تقنصت منه ظبية الأنس فانثنت
رهينة حب وثقتها حباله
أفاتكة اللحظ الذي بجوانحي
على غرة منها استقرت نباله
يطيع الورى ملكي امتثالا لأمره
وأمرك مكتوب علي امتثاله
لئن غبت عن عيني فشخصك حاضر
يلازم فكري شكله ومثاله
وإن نقلت عنك الليالي ركائبي
فؤادي فشيء ليس يخفى انتقاله
إذا ما جدت ريح الزفير مدامعي
تسح فتروى من دموعي رماله
وتالله ما اعتل النسيم وإنما
تعلم من شجوي فبان اعتلاله
تذكرت ليلا بالحبيب قطعته
وشملي على كل الأماني اشتماله
تحير فيه الفجر أين طريقه
وفوق ذراعي بدره وهلاله
وعاطيته من خمره ورضابه
شرابا به منه عليه انتقاله
وعانقت منه الغصن مالت يد الصبا
به فسباني لينه واعتداله
ترى هل يعود الشمل كيف عهدته
ويبلغ قلبي ما اشتهى ويناله
سقى الله من غرناطة متبوئا
غماما يروي ساحتيها سجاله
وربعا بحمراء المدينة آهلا
أنيطت على بدر السماء حجاله
وغابا به للملك أشبال ضيغم
يروع الأعادي باسه وسباله
لقد هاجني شوق إليها مبرح
إذا شمت برق الشرق شب ذباله
فكم لي على الوادي بها من عشية
يقل لها ذكر الفتى ومقاله
عسى الله يدني ساعة الفرج التي
بها يتسرى عن فؤادي خباله
صرفت إلى الله الوفاء ضراعة
وما خاب يوما من عليه اتكاله
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إذا أنا لم أوثر هواي على عزمي
إذا أنا لم أوثر هواي على عزمي
رقم القصيدة : 54781
-----------------------------------
إذا أنا لم أوثر هواي على عزمي
فنفسي في طوعي وأمري في حكم
وإن أنا أرجأت الأمور إلى غد
طعنت بغرب الفخر في ثغرة الحزم
وإن أحق الناس باللوم لامرؤ
يضل طريق الرشد وهو على علم(47/165)
كتمت اشتياقي والنحول ينم بي
كأني أحلت الكتم مني على جسم
وقلت لجفني إن دعيت لعبرة
فساعد بها مطل الغني من الظلم
ولم لا وقد حل الركاب بيثرب
وبؤت بشحط الدار منها على رغم
تدامر أقوام إليها وضمروا
مخيسة تهوي بأجنحة العزم
وقام خضم الماء دون مرامهم
فلم يحفلوا منه بصول ولا لطم
إذا النفس أبدت فيه صنا بجسمه
تقول لها الأشواق ألقه في أليم
فما كان إلا أن أتوا معهد الهوى
وشيكا كما أغفيت في سنة الحلم
وفازوا بما حازوا كراما فإنما
زيارة خير الخلق من أعظم الغنم
كأني بقومي حين حلوا حلالها
وأعينهم إذ ذاك أجفانهم تهم
يكبون للأذقان في عرصاتها
سلاما وتقبيلا على ذلك الرسم
فيعفى عن الأوزار في ذلك الحمى
وتغتفر الأثام في ذلك اللثم
فلله در القوم فيها وقد غدوا
ضيوفا بمثوى سيد العرب والعجم
أقام لهم حيا أمانا من الردى
وقام مقام الغيث في شدة الأزم
وحلوا به ميتا فكان قراهم
خفاوة ذي روح ومأمن ذي جرم
رسول أتى حكم الكتاب بمدحه
وأثنى عليه الله بالصدق والحلم
أحب من المحيا وأجدى من الحيا
وأهدى لمن ضل السبيل من النجم
قريع صميم المجد في آل هاشم
أولي القسمات الغر والأنف الشم
أتى رحمة والناس في مدلهمة
يروحون في غي ويغدون في إثم
فصدق من قادته سابقه الهدى
وساعده الأسعاد في سالف الحكم
وصد عن الآيات من سبقت له
شقاوته في سابق القدر الحتم
وأعجز من أعمى الضلال يقينه
عمى قد تحدى من معاقره العقم
فروى لهام الجيش منه بأنمل
جرى الماء في أثنائها سائغ الطعم
ولما دعا بالبدر شق لحينه
وأقبل منه الشق يهوي إلى الكم
وكلمه ضب الفبلاة مخاطبا
ومستفهما في القول تكليم ذي فهم
وخاطبه الصخر الجماد محدثا
وحذره ما في الذراع من السم
وفي الختم منه للنبيئين آية
رأينا بها معنى البداية في الختم
سرى نوره في أوجه نبوية
مقدسة ينميه أكرم من ينم
ولم تشك ثقل الحمل آمنة الرضا
ولا دهيت منه بكرب ولا غم
وفي ليلة الميلاد منه بدت لها(47/166)
شواهد لم تخطر لنفس ولا على وهم
وبشرها الأملاك أن وليدها
إمام النبيئين الكرام أولي العزم
إلى أن فرى الليل عن نور وجهه
كما شف سحب عن سنا قمر تم
فخرت له الأصنام صرعى وزلزلت
بمكتها أجرام أجبالها الشم
فرام استراق السمع رائد غائب
من الجن فانقضت له شهب الرجم
وإيوان كسرى أسرعت شرفاته
وقد عاينت ما عاينته إلى الهدم
وأخبر شق أن في الأرض عندها
طلوع نبي طاهر الأب والأم
رسول من الرحمن يدعو إلى الهدى
ويدعو إلى دار السلامة والسلم
فلله منها ليلة بركاتها
سحائبها تنهل بالنعم العم
أشاد أمير المسلمين بذكرها
فأحيا سبيلا دارسا لأولي العلم
وآثر تقوى الله منها فلم يكن
بمشتغل عنها بزور ولا فم
تقي حذا حذو الخلائف واقتدى
بهم مثل ما خط الكتاب على الرسم
إذا هم أمضى عزمه وإذا سطا
فلا عدة تغني ولا عدة تحم
وإن جد يوما لم يبت دون غاية
وإن جاد ما ذو العطر يوما بمهتم
وإن طلب الصعب الممنع ناله
بمدركة الأقصى ومنزلة العصم
إذا ما دجى روع فغرة يوسف
تضيء بها الآفاق في الجادة الجهم
وإن زمن يوما عرته زمانة
فراحته برء الزمان من السقم
فيا ناصر الإسلام دم في حلى العلا
وجارك في أمن وقطرك في سلم
ولا برحت آثارك الغر تكتسي
بدائع مما صاغ في وصفها نظم
وإني بنعماك التي ملأت يدي
فأصبحت من إحسانها وافر القسم
لأخلق من جفني المسهد بالكرى
وأليق بالسر المصون من الكتم
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بشرى تقوم لها الدنيا على قدم
بشرى تقوم لها الدنيا على قدم
رقم القصيدة : 54782
-----------------------------------
بشرى تقوم لها الدنيا على قدم
حيا بها الله حي النصر في القدم
وأصبح الدين جذلانا بموقعها
يثني بكل لسان ناطق وفم
واستبشرت دولة الإسلام حين رأت
سيفا من العرب مسلولا على العجم
خلافة الله يهنيك الدوام فما
تخشى نفادا وقد قال الإله دم
ويا بشير بنعمى جل موقعها
لك البشارة مما شئت فاحتكم
ويا أمير الهدى هنيتها نعما(47/167)
موصولة العد قد جلت عن النعم
أجدى من الغيث بعد الجدب في بلد
أو الشبيبة بعد الشيب والهرم
شهاب هدي تجلى في سماء علا
وفرع ملك نما في دوحة الكرم
تاهت به الجرد واهتزت به طربا
معاطف الشم والمصقولة الخدم
وللتنافس في تقبيل راحته
ظل التفاخر بين السيف والقلم
فاعدد له الخيل تزهى في مرابطها
شرس اللحاظ لها حقد على اللجم
واذكر بمسمعه الأهدى وقائعه
يلح لوجهك منه وجه مبتسم
وكلما كملت فيه القوى وشدا
فاجعل مجالسه في الحفل كل كم
وليكثر القوم ذكرا في مجالسه
من السياسة والأمثال والحكم
حتى إذا كملت فيه الورى وسما
خطلا وراع أسود الغاب في الأجم
فاذعر به الكفر في أقصى مآمنه
وحط به الدين من خلف ومن أمم
لكي تلوح عليه في شمائله
شمائل من أبيه الطاهر الشيم
ومن كيوسف في الأملاك من ملك
بالحلم متسم بالحزم محتزم
تنمي علاك من الأنصار سادتها
في مفخر ككعوب الرمح منتظم
خلائف لم تزل بالهدي صادعة
بالعدل في الظلم أو بالنور في الظلم
السابقون إلى الغايات إن ارتضوا
والناطقون بفصل الحكم في الكلم
من كل أروع أن ضنت بوابلها
سحب السماء وشحت شحة الديم
قامت يداه مقام الغيث وانتجعت
نداه زاجرة الوخادة الرسم
وأصبح الحي بعد الجهد في دعة
ريان من زفرات الخيل والنعم
يا أيها الملك الندب الذي عصمت
منه البلاد بدفاع من العصم
هفا بها الروع وارتجت جوانبها
وكان ساكنها لحما على وضم
فأصبحت بك بعد الروع آمنة
في ظل ملكك أمن الطير في الحرم
فلو رآك زهير ما تخلفها
غرا على مرر الأحقاب في هرم
ولو تناسى الرضى الدهر ثم رأى
أيام سلمك لم يحفل بذي سلم
فاهنأ بغرة سعد طالع لمنى
سعد بعز جديد غير منصرم
بقيت في ظل ملك لا نفاد له
والدهر طوعك والأيام كالخدم
ودام نجلك لا تنفك تحرسه
عين من الله لم تهجع ولم تنم
حتى ترى الجيش يغزو تحت رايته
مؤيد العزم منصورا على الأمم
والرفد ما بين مرفض ومنكسب
والوفد ما بين منفض ومنزحم
مولاي لي ذمم في الملك سابقة(47/168)
وأنت أكرم راع حرمة الذمم
مالي لسان بما أوليت من منن
ولا كفيء لما أسديت من نعم
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قلدت من نصر الإله حساما
قلدت من نصر الإله حساما
رقم القصيدة : 54783
-----------------------------------
قلدت من نصر الإله حساما
حاط العباد ومهد الأياما
فإذا تنبه حادث نبهته
وتركت أجفان الأنام نياما
وذعرت أسد الغاب في أجماتها
لما هززت من القنا آجاما
فإذا هممت بلغت أقصى غاية
وإذا رأيت الرأي كان لزاما
وإذا الجزيرة نال منها واقع
جلل وهاج بها العدو ضراما
أصليتها نار السيوف فأصبحت
بردا على كبد الهدى وسلاما
وقدمت في يوم الهياج بفتية
لم تدر إلا البطش والإقداما
متسربلين هجيرها فإذا دجى
قطعوا الدجنة سجدا وقياما
فلباس بأسك راع أفئدة العدا
ووجود جودك أعدم الإعداما
عجبا لراحتك الملثة بالندى
ألا تكون على الغمام غماما
تهمي ووجهك نوره متألق
وللمزن إن سحب السحاب أغاما
نظم الشتات ليوم بيعتك التي
كانت لجمع المسلمين نظاما
فتواصلوا حتى كأن قلوبهم
عقد التواصل بينها أرحاما
لله يوسف من إمام هداية
ملك غدا للمتقين إماما
ساس البلاد وراض من دهمائها
إبلا صعابا لا تطيع خطاما
إن أمه العافون ينتجعونه
يلقاهم متهللا بساما
أو حاول الأداب مبتدعا لها
راض العقول وروض الأفهاما
أبدت محبتك الملوك فإن من
والاك والى الله والإسلاما
وأتت هداياها إليك فأكدت
بين القلوب مودة وذماما
جردا تلاعب في الحلي ظلالها
عفر الأديم تخالها أراما
صبرا على حرب الفيافي والسرى
لا تسأم الإسراج والإلجاما
صعب الركائب والحمول حديثها
حتى تجاوز للعراق الشاما
لله قومك والرماح شواجر
والبيض تلتهم الصلى والهاما
عرب صميم من ذؤابة يعرب
تأبى الدنية أو تموت كراما
دخروك للإسلام ندبا أروعا
سحب الندى ضخيم الهموم هماما
وبنوا لك المجد المؤثل والعلا
ففرعت منها ذروة وسناما
كم من جموع للعدو عظيمة
قد غادروها بالفلاة عظاما(47/169)
وكتيبة جعلوا الصفاح صحائفا
فيها وخطي القنا أقلاما
فترى النجوم مناصلا وأسنة
والقطر نبلا والسماء قتاما
والخيل لما ضاق رحب مجالها
لم تستطع خلفا ولا قداما
مالت فوائقها على أعرافها
وهن سكرى ما عرفن مداما
فتخالهم جزرا على صهواتها
وتخالها من تحتهم أوضاما
قولا لطاغية الفرنج وقد أبى
إلا لجاجا قاد منه حماما
قدك الأسل فهي التي عودتها
من قبل سامت أنفك إلا رغاما
الخيل جردا والرماح ذوابلا
والبيض ذلقا والخميس لهاما
نكث العهود وغره شيطانه
ورأى الوفاء بما وفيت حراما
وإذا تنكبت الوفاء سياسة
فأضلت الآراء والأرحاما
والغدر مرتعه وخيم وكلما
لاذ امرؤ بحماه خاب وخاما
قد أدهش الذعر المخيف قلوبهم
ودهى العقول وزلزل الأقداما
هموا وأفرط رعبهم فتوقفوا
فعلام لا تنطى السيوف علاما
أنت المؤمل لافتكاك بلادهم
كم دليل من دون ذلك قاما
لم لا وربك قد قضى لك بالعلا
وبنصر ملكك أحكم الأحكاما
فإذا زحفت بحزب ربك غالبا
قادوا رعاعا نحوه وطغاما
وإذا استعنت الله واستنجدته
استنجدوا الصلبان والأصناما
فافتح أعاليها المنيفات الذرى
وانشر على شرفاتها الأعلاما
واحسم بسيفك كل داء كامن
فلذاك ما دعي الحسام حساما
واهنأ بعيد عائد لك بالمنى
وانعم بقاء في العلا ودواما
وصل السعود بكل جد صاعد
واستقبل الأعصار والأعواما
ما دام ثغر الزهر تلمه الصبا
فتحط عنه من الحكام لثاما
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أنا طاق تزهى بي الأيام
أنا طاق تزهى بي الأيام
رقم القصيدة : 54784
-----------------------------------
أنا طاق تزهى بي الأيام
تعبت في بدائعي الأفهام
وتبديت للنواظر محرابا
كأن الإناء في إمام
واقف للصلاة حتى إذا ما
جئت للشرب حان منه السلام
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> فتحت سعودك كل باب مبهم
فتحت سعودك كل باب مبهم
رقم القصيدة : 54785
-----------------------------------
فتحت سعودك كل باب مبهم
وجلا يقينك كل خطب مظلم(47/170)
وجنيت غصن الفتح من ورق الظبا
والنصر من غرس القنا المتحطم
فانهل بسعدك قبل جندك للعدا
وابعث برعبك قبل جيشك تهزم
واحفظ بحزمك كل سرب غافل
واكلأ بسهدك جفن كل مهوم
فالحتف فوق غرار سيفك يلتظي
والرزق بين بنان كفك ينهم
يا عصمة الثغر الذي دارت به
أعداؤه دور السوار بمعصم
يا قائد الخيل المغيرة بالضحى
ومزير ربع الكفر كل مطهم
من كل برق بالأهلة مسرج
قيد الأوابد بالثريا ملجم
من أخضر كالحبر أو من أشقر
كالتبر أو من أحمر كالعندم
أو أشهب إن لاح في غسق الدجى
فكأنما هو غرة في أدهم
قطعت سيوفك كل حكم قاطع
وقضت سعودك قبل كل منجم
وإذا الخطوب جهلت لحن خطابها
كان الحسام الصلت خير مترجم
كم فتكة لك في العدو مشهورة
يزري حديث تليدها بالأقدم
وكتيبة قرأت ظباك كتابها
فعلمت منها كل ما لم يعلم
ولك الجواري المنشآت سوابحا
في اليم أمثال الصقور الحوم
فتح القوادم للفنا قد أبرمت
أمرا بها كف القضاء المبرم
من كل منصاع كأن شراعه
قطع السحاب سرت بنوء المرزم
ساح البياض البحت تحت جناحه
فتراه في شية الغراب الأعصم
تلك الجواري المنشآت صداقها
مهج العدا وخلوفهن من الدم
وحجالهن من البنود فلا ترم
وصلا بدينار لهن ودرهم
نصرت عباد الله جل جلاله
وسطت بعباد المسيح ومريم
يممتها والماء موجود لها
نحو العدو فكان خير تيمم
حملت رجالا كالليوث مصاعبا
صبرا على الفج المصاع المضرم
قصدت بهم بحر الزقاق عزيمة
قد جردت أسيافها لم تكهم
حتى إذا طلعت وجوه سعودها
بيضا على ذاك السواد الأعظم
وكأن قوس الغيم بعض قسيها
وذرى الذوائب بعض تلك الأسهم
نادى لسان النصر يفصح ناطقا
يا أسرة الدين الحنيف تحكم
كم راية للفتح فوق رؤوسهم
خفقت وكم ملك هناك مصوم
فتركن أحزاب الصليب كأنما
ثملوا بمحتوم الرحيق مفدم
تقلي مفارقها المياه كأنما
في البحر نائمة وليس بنوم
صرعى على عفر الرمال وليمة
للحوت أو للطير أو للضيغم
ناديت والحفلاء غير عجيبة
هذا الصنيع لمثل ذاك الموسم(47/171)
من كل منسحب السوابغ مضمر
سم الأفاعي تحت جلد الأرقم
وملفف في العصب أعرت متنه
وكسته حاشية الرداء المعلم
أو بالسلاح سيستطع عن نفسه
دفعا فمد لها يد المستسلم
أقفرت ربع الكفر من سكانه
بهلاكهم وعمرت ربع جهنم
وسقيتهم كأس الردى ممزوجة
سم الأساود في نقيع العلقم
وقدحت فوق الماء نارا تلتظى
وسفحت فوق البحر بحرا من دم
فكأن صفح البحر مدت فوقه
أيدي الرياح مطارفا من عندم
بنيان كفر وطدت أساسه
لولا دفاع الله لم يتهدم
لله من يوم تعاظم قدره
في كل يوم ذاهب متقدم
نعش الجزيرة بعد شد وثاقها
وأجار من حفت به من مسلم
بكر الفتوح نضت لديك نقابها
من بعد طول تقنع وتلثم
سمر الركاب إذا تعاورها السرى
من منجد في الأرض أو من متهم
وغريبة الزمن التي آثارها
متلوة بين الحطيم وزمزم
فاهنأ به صنعا جميلا وارتقب
من بعده إتيان صنع أعظم
جمع الإله بيوسف شمل الورى
وأثنى النوائب وهي فاغرة الفم
ثبت الجنان إذا الخطوب تعاظمت
متبسم في الحادث المتجهم
يمضي رياح العزم غير مسوف
ويلاحظ الآراء بعد تلوم
فتراه يوم الحزم آخر مرتىء
وتراه يوم العزم أول مقدم
تنميه من أبناء سعد أسرة
كرمت فنعم المنتمى والمنتم
الطاعنون وما بها من طاعن
والمطعمون وما بها من مطعم
كلف بإدراك المعالي هائم
صب بابكار المكارم مغرم
فتراه بين عزيمة تفري الطلى
يوما وعفو عن جريمة مجرم
قسما بجودك وهو أي ألية
وبعز ملكلك وهو اسمى مقسم
ما ذكر أيام الشباب وقد مضى
أو ما الغنى عند الفقير المعدم
بأجل من نظري لوجهك ساعة
عندي وأحلى من ثنائك في فم
مولاي خذها غادة عربية
تزهى بعقد من علاك منظم
لما اعتزيت إلى ثنائك بان لي
بالعقل كيف وجوب شكر المنعم
لو قال في هرم زهير مثلها
هرم الزمان وذكره لم يهرم
أو مر عنترة عليها لم يقل
هل غادر الشعراء من متردم
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> خليلي إذا ما جئتما دار طارق
خليلي إذا ما جئتما دار طارق
رقم القصيدة : 54786(47/172)
-----------------------------------
خليلي إذا ما جئتما دار طارق
سقى الله ذاك الربع صوب غمامه
فلا تغفلا أن تنهيا عن أخيكما
هدية طيب من كريم سلامه
إلى منزل للملك وللدين خيمت
ركائب العلا والجود بين خيامه
مضارب عز كالنجوم محيطة
بأزهر مثل البدر عند تمامه
وقولا أمير المسلمين تحية
حباك بها عبد حليف غرامه
ترحل عن مثواك طوع ضرورة
وخلف قلبا راضيا بمقامه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> حيى ربوع الحي من نعمان
حيى ربوع الحي من نعمان
رقم القصيدة : 54787
-----------------------------------
حيى ربوع الحي من نعمان
جود الحيا وسواجم الأجفان
دار عهدت بها الشبيبة دوحة
طيب الحياة بيها جني دان
أيام جفن الدهر عنا مطبق
فيها وأجفان السعود روان
بتنا نجر بها برود عفافنا
قشب الجيوب صوافي الأردان
في فتية يتحاورون بدائعا
كلقيط در أو سقيط جمان
وإذا ثنتهم أريحية مطرب
قلت النعامى في غصون البان
غاض الزمان بها تنعم عيشة
فأحالها والدهر ذو الوان
وسروا وقد أقعى الظلام وغممت
نهر الثريا غابة السرطان
فالسهد بعدهم أليف محاجر
والوجد إثرهم حليف جنان
حسبي من الأيام أني بعدهم
لا أبتغي سببا إلى السلوان
ولرب معتاد السفار رمت به
أيدي الركاب نوازح البلدان
ألف الترحل لا يقيم ببلدة
إلا مقام العذل في الأذان
عاطيته راحا من الأدب الذي
مزجت سلافته بصرف بيان
وهززت دوح بدائهي فتساقطت
رطب المعاني تستفز الجان
فأصاخ مستمعا وقال تعجبا
إن الخمول نتيجة الأوطان
ولأنت يا هذا ضياع مغفل
بين الكساد ومرخص الأثمان
هلا سلكت ذرى قلوصك ظاعنا
لتحل إعظاما ذرى كيوان
تصدى سيوف الهند في أجفانها
والفخر إن بانت على الأجفان
إن التواني جد مستودع الشقى
وكذا الهوينى أم كل هوان
فأجبته ليس التنقل مذهبي
كلا ولاحت الركائب شان
أي البلاد ألم أم أي الورى
أبغي فأصرف نحو ذاك عنان
وبباب مولانا المؤيد يوسف
ما شئت من حسنى ومن إحسان
النهر من مضربه والقطر من(47/173)
لدم وروض الشعب من إيوان
وسحاب جود يمينه لا ينثني
تسكابها عن وابل هتان
أيقنت لما أن مثلت ببابه
أن النجوم تشوفت لمكان
شاهدت كسرى منه في إيوانه
ولقيت رب التاج من غمدان
من آل سعد الخزرج بن عبادة
صحب الرسول وأسرة الفرقان
المؤثرين على النفوس بزادهم
والمفعمين حقائب الضيفان
إن سوبقوا سبق المدى أو كوثروا
فهم النجوم علا وعز مكان
قوم إذا لاثوا العمائم واحتبوا
ذلت لعزهم ذوو التيجان
أو قام في نادي الملوك خطيبهم
خروا له رهبا على الأذقان
أسليل مجدهم وسبط فخارهم
ومؤمل القاصي وقصد الدان
أعليت بنيانا على ما أسسوا
فتعاضد البنيان بالبنيان
فهم الأصول زكت ولكن إنما
فضل الجنى من شيمة الأفنان
عجبا لمن يعتد دونك جنة
وغرار سيفك في يد الرحمان
ولمن عصاك وظن أن ستجيره
أنصار جار أو سحيق مكان
لكم جنى نصر مآثر لم تكن
لبني الرشيد ولا بني مروان
باهت بلادكم البلاد فأصبحت
غرناطة تزهى على بغدان
قمتم بأمر الله في أقطارها
ما بين غلظة قدرة وليان
قدتم بها الجرد المذاكي شردا
غبر النواصي ضمر الأبدان
وقهرتم من رامها لمساءة
فغدا معنى ربقة الأذعان
لله يوم المرج لا بعدت به
أيدي الزمان وشفعته بثان
صدمته أحزاب الضلال كأنما
هول الجبال تخب في أرسان
هابوا الشرى فتخاذلت عزاماتهم
جهل الرعاة قضى بهلاك الضان
فكأنهم والمشرفية فوقهم
نار القبول أتت على قربان
لله نارا هلكت عبادها
هندية تغدو بغير دخان
نار ولكن في متون غرارها
ماء يؤجج غلة الظمآن
وكذا السيوف ملثمة أنواؤها
والشمس في جدي وفي سرطان
ورسمتم تاريخ كل وقيعة
في مهرق التلعات والكثبان
أعضاؤهم فيها حروف قطعت
أثر المداد بها نجيع قان
فاضرب بخيشك ما وراء ثغورهم
فمن الملائك دونه جيشان
لن تلقى مجتمعا لكفر بعدها
قد حيل بين العير والنزوان
بشراك أن الله أكمل عيدنا
بالعفو منك ومنه وبالغفران
عيد أعاد على الزمان شبابه
فاعجب لأشمط عيد في ريعان
أضحى بك الأضحى وقد طلعت به(47/174)
شمس الضحى وكلاكما شمسان
ومددت للتقبيل يمناك التي
هي والحيا في نفعها سيان
شكرت لك الدنيا صنيعكما عندها
لما شفيت زمانة الأزمان
أندرت قبل النضج لما جئتها
ملكا وكان البرء في البحران
مولاي لا تنسى وسائل من له
للدولة الغراء سبق رهان
واسأل مواقفنا ببابك يوم لم
يدع لخدمته سوى الخلصان
قد كان والدك الرضى يرعى لها
ذمما ويذكرها مع الأحيان
خدما رآها بالعيان حميدة
والموت يحضر من ظبا لسنان
فلكم يدهي الرق في أعناقها
ولنا حقوق نصائح العبدان
خذها أمير المسلمين بديعة
سحبت بدائعها على سحبان
تطوي البلاد مشارقا ومغاربا
قسية تثني بكل لسان
ويقر بالتقصير عند سماعها
رب القصائد في بني حمدان
سلفت نسيم الروض رقة عطفها
ووقارها على ثهلان
قضت البلاغة لي بفوز قداحها
في الشعر يوم تنازع الخصمان
ونبغت في زمن أخير أهله
ما ضر أني لست من ذبيان
ما كل من نظم القوافي شاعر
أو كل مصقول الغرار يمان
إن لم أدعها في امتداحك فذة
مثلا شرودا لست من سلمان
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أمولاي إن الشعر ديوان حكمة
أمولاي إن الشعر ديوان حكمة
رقم القصيدة : 54788
-----------------------------------
أمولاي إن الشعر ديوان حكمة
يفيد الغنى والعز والجاه من كانا
وقد قعد المختار في الحفل منصتا
له وحبا كعبا عليه وحسانا
وفيما رواه الناقلون وأثبتوا
بذلك ديوانا صحيحا فديوانا
بأن أبا بكر خليفته الرضا
وفاروقه الأدنى إليه وعثمانا
وأن عليا قدس الله جمعهم
وكرمنا بالقرب منهم وجارانا
لهم في ضروب القول إذ هم نجاره
خطاب وشعر يستقران تبيانا
وفاض على أهل القريض نوالهم
فروض روض القول سحا وتهتانا
وأنت أحق الناس أن يفعل الذي
به فعل المختار دينا وإيمانا
فما زلت تهدي في البرية هديه
وتقضي بما يرضيه سرا وإعلانا
وإن قيل قدر المرء ما هو محسن
فصنعة نظم القول أرفعه شانا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سقى علم الجنتين فالجزع فالبانا(47/175)
سقى علم الجنتين فالجزع فالبانا
رقم القصيدة : 54789
-----------------------------------
سقى علم الجنتين فالجزع فالبانا
ملث يباري الرسم ... وتهتانا
فإن عد تسكابا معالم أنسها
وحيا بمسراها هضابا وغيطانا
ومد برود النبت في قنن الربا
وحلى عروس الدوح درا وعقيانا
معاهد لذات ربوع مآرب
هصرنا بها غصن الشبيبة فينانا
فكم ليلة لي للمنى في رياضها
أجرر من عصب الفكاهة أردانا
روينا عن الضحاك مسند زهرها
وقد مثلت فيها المشائخ أغصانا
وأدت عن البكاء سحب غمامه
فروى صدى النبت المشيم وروانا
وقد رف جيد الغصن في حلي زهره
ونافح راح الظل فارتاح نشوانا
وهزت وقور الروض نغمة قينة
من الورق إذ باتت ترجع ألحانا
فجاد بها ما ضن من در زهره
وأرخص من حلي الخمائل ما صانا
أبا حسن ما شئت بعدك منظرا
يروق ولا خامرت نفسي سلوانا
ولا حل في قلبي لغيرك خضرة
ولا استحسنت عيناي بعدك إنسانا
ألا من نصيري في جلاد تباعد
ألا من مجيري من نوى مد أشطانا
وقد كنت أستقري حديثك قبلها
فها أنا أستقري تحيتك الآنا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ما لقلبي إذا هفا البرق حنا
ما لقلبي إذا هفا البرق حنا
رقم القصيدة : 54790
-----------------------------------
ما لقلبي إذا هفا البرق حنا
وصبا للنسيم من أرض لبنا
وإذا ما الظلام حل عراه
عايد الشوق والغرام فجنا
خبروها أني سلوت فقالت
أن يشيب الغراب عندي أدنا
ثقة بالوفاء في عهد خل
أصبح العهد عنده مطمئنا
يا ابنة الحي إن سلوت سلوناك
وإن حلت عن عهودك حلنا
ما الذي تنكرينه من معناك
أبخلا أم كبرة أوجبنا
لمة ودها الخضاب وغصن
هز منه الشباب غصنا لدنا
وندى يؤثر الضيوف على الأهل
إذا ما نوء السماوات ضنا
وسلي اليوم هل ثنيت عنانا
عن ثناء أو صعدة تتثونا
طال ما بت في تحسدك الترب
وتصغي لما تناجيه أذنا
وهي البدر غير أن عفافي
طاب خبرا وطال فضلا وردنا(47/176)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هات الحديث عن الركب الذي بانا
هات الحديث عن الركب الذي بانا
رقم القصيدة : 54791
-----------------------------------
هات الحديث عن الركب الذي بانا
هل جاوز الشعب أم هل يمم البانا
أحبابنا إن نأت يوما دياركم
عنا فما زلتم بالقلب سكانا
إذا دعتنا إلى السلوان بعدكم
نفوسنا قامت الأشواق تنهانا
في ذمة الله أحباب لنا ارتحلوا
دانوا محبهم مثل الذي دانا
فإن شكونا إليهم ما نكابده
شكوا من البعد عنا مثل شكوانا
يا نسمة الريح من تلقاء أرضهم
جرر على الطيب أذيالا وأردانا
واقر السلام على من لست أذكره
وإن كنيت بهند عنه أحيانا
اسأله أين عهود بيننا أخذت
كأن ما كان منه قط ما كانا
وقل له أنت روحي يا معذبه
فلا أرى عنك طول الدهر سلوانا
قد صار دمعي بحرا في محاجره
وأصبت وسطه الأجفان أجفانا
ما رأى يا منى نفسي وبغيتها
إنسان عيني لما غبت أعيانا
قد كان وصلك يوما ليس يقنعي
فصار يقنع قلبي ذكرك الآنا
يا سامعين من العذار إفكهم
بالله لا تسمعوا زورا وبهتانا
يا صاح لا تبك عهدا للوصال مضى
عنا حميدا وأوطارا وأوطانا
هون عليك فما الشكوى بنافعة
وكل صعب إذا هونته هانا
وانظر إلى الروض إذ هبت محدرة
طلائع الريح كيف اهتز وازدانا
وجرد الماء من عهد الظلال به
سيفا من الجدول المسلول عريانا
وأوتر القوس في آفاقه قزح
يرمي قد راح أنهارا وغدرانا
وأرسل الغيم نبلا من سحائبه
أدمى بغيثها وردا ونعمانا
فهاتها كشعاع الشمس مشرقة
كأن في الكأس ياقوتا وعقيانا
واشرب على نغمة الأوتار مصطحبا
وبح بسر الهوى ولا تبق كتمانا
واركض إلى اللهو أفراس الصبا مرحا
إذا وجدت لخيل اللهو ميدانا
ولا تضع فرص اللذات إن لنا
ربا كريما يقيل الذنب غفرانا
وكيف نرهب من خطب ألم بنا
يوما ويوسف بعد الله مولانا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> مالي على شرفي ورفعة شان
مالي على شرفي ورفعة شان
رقم القصيدة : 54792(47/177)
-----------------------------------
مالي على شرفي ورفعة شان
وعظيم أنصاري وعز مكاني
لعب الغرام بمهجتي وجنان
عجبا يهاب الليث حد سنان
وأهاب لحظ فواتر الأجفان
أصبحت في أمر الهوى متعجبا
أهدي إلى الأعداء باسا صيبا
وأرى الردى في الحرب عذبا طيبا
وأقارع الأهوال لا متهيبا
منها سوى الأعراض والهجران
أخفيت سري في الضلوع مكتما
حتى وشى دمعي به وتكلما
وأصاب سهم اللحظ قلبي إذ رمى
وتملكت نفسي ثلاث كالدما
بيض الوجوه نواعم الأبدان
أطلعن من غرر الحجال الباهر
أقمار حسن تحت سود غدائر
وسفرن عن مثل الصباح السافر
ككواكب الظلماء لحن لناظر
من فوق أغصان على كثبان
من كل ناظرة بعيني جؤذر
مختالة في الحلي ذات تبختر
تعطو كخوط البانة المتناظر
هذي الهلال وتلك بنت المشتر
حسنا وهذي أخت غصن البان
لما غدوت بحبهن معذبا
وعلمت أني لم أصادف مهربا
وإذا دعوت لسلوة قلبي أبي
حاكمت فيهن السلو إلى الصبا
فقضى بسلطان على سلطان
عجبا لأجفان ضعيفات القوى
تركنني رهن السقام بلا دوى
لولا الهوى أنحى على جبل هوى
لا تعذلوا ملكا تذلل للهوى
ذل الهوى عز وملك ثان
مالي وغصن العمر غض ما ذوى
والشمل لا تدنو إليه يد النوى
أطوي الضلوع على الصبابة والجوى
إن لم أطع فيهن سلطان الهوى
كلفا بهن فلست من مروان
أخلدت طوعا للهوى وإنابة
ولئن نحلت ضنا وذبت كآبة
فلقبل ما علق الوليد حبابة
ما ضر أني عبدهن صبابة
وبنو الزمان وهن من عبدان
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ولما رأت عزمي حثيثا على السرى
ولما رأت عزمي حثيثا على السرى
رقم القصيدة : 54793
-----------------------------------
ولما رأت عزمي حثيثا على السرى
وقد رابها صبري على موقف البين
أتت بكتاب الجوهري دموعها
فعارضت من دمعي بمختصر العين
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يعاهدني دمعي على كتم سره
يعاهدني دمعي على كتم سره
رقم القصيدة : 54794
-----------------------------------(47/178)
يعاهدني دمعي على كتم سره
ويجري إذا ذكر جرى ويمين
وذلك لأني من نجيعي خضبته
وليس لمخضوب البنان يمين
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ذكروا العهود فهاج من أشجاني
ذكروا العهود فهاج من أشجاني
رقم القصيدة : 54795
-----------------------------------
ذكروا العهود فهاج من أشجاني
شوق إذا جن الدجى ناجاني
فكأنما الآماق مني أبحر
يقذفن بالياقوت والمرجان
ولو أنني أمسكت أجفاني وقد
ذكروا العهود لقلت ما أجفاني
أشكو إلى الله الفراق فإنني
مالي بما فعل الفراق يدان
يا لا رعى الله الرمال ولا سقى
منها ملث القطر شر مكان
جبلا لطارق مذ أقل ركابه
لم تهن عنه طوارق الحدثان
يا مجمع البحرين كم مزقت من
جمع وكم باعدت بعد تدان
لولا عسى ولعل بان تجلدي
وبرئت من صبري ومن كتماني
ومن اللطائف واللطائف رحمة
لله في سر وفي إعلان
خود أتتني خلسة في غرفتي
وأرتني الآمال رأي عياني
قد كنت في نار البعاد معذبا
فدخلت منها جنة الرضوان
وجررت للخيلاء ذيلي عندها
وجريت في الإعجاب ملء عناني
وكأنني عاطيت كأس مدامة
صهباء بين مثالث ومثان
زارت وقد جارت علي يد الضنى
والسقم قد أنحى على جثماني
فاستقبلت بالبرء كل تألم
واستدركت فضل الذماء الفاني
طب المسيح بعثت يابن سميه
في رقية خفيت عن الأذهان
سخرت بدائعها التي أودعتها
بزمانها هذا وكل زمان
يا أيها القاضي الذي لم يختلف
في القصد منه والكمال اثنان
إني ظفرت بمنحة وذخيرة
من ودك الباقي على الأزمان
وغرست حبك في الفؤاد فأصبحت
أدواحه مخضرة الأفنان
ولكم أخ للخطب قد أعددته
لم تجن منه يدي سوى الخطبان
ولكم حميم قد وردت جمامه
فشرقت منها بالحميم الآن
حركت مني فطنة أفكارها
وقف على البرحاء والأشجان
أو بعد شطر الحول مغتربا على
حكم الليالي نازع الأوطان
تذكو لدي من البيان شرارة
وتشام بارقة من العرفان
لازلت تبدي وجه كل غريبة
يملي حديث بديعها الملوان
وتجيل في يوم البيان جياده
فيقال هذا فارس الميدان(47/179)
ما أن في السحر الحمام بنغمة
رقصت لها طربا غصون البان
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لك الله فيما تنتحيه وما تقضي
لك الله فيما تنتحيه وما تقضي
رقم القصيدة : 54796
-----------------------------------
لك الله فيما تنتحيه وما تقضي
فأنت الذي أقرضته أحسن القرض
وأنت الذي أحييت شرعة دينه
وقد رفضت أحكامها أيما رفض
وأنت مددت العدل فوق بلاده
فأصبحت بعد الجهد في عيشة خفض
ولولاك لم تنهل بالغيث ديمة
ولم ترفل الأغصان في الورق الغض
ولا قر قلب في قرار ضلوعه
ولم تعرف الأجفان ما لذة الغمض
ولما أبى الأعداء إلا لجاجة
نهضت بأمر الله أحسن ما نهض
مقيما بما استدعاك فرض جهادهم
ولم تأل في ندب إليه وفي حض
وأعددت من غر الجياد صوافنا
مطهمة من كل أجرد منقض
يشف حجاب النقع عن قسماتها
كما شف جهم السحب عن بارق الومض
وما راع ملك الروم إلا طلوعها
سوابح تزجيها رياح من الركض
ونادى لسان الفتح في عرصاتهم
كذلك مكنا ليوسف في الأرض
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> هلم فجفن الدهر قد لاذ بالغمض
هلم فجفن الدهر قد لاذ بالغمض
رقم القصيدة : 54797
-----------------------------------
هلم فجفن الدهر قد لاذ بالغمض
وأمكن ميدان التصابي من الركض
إلى مجلس حيا مقاصده الحيا
وراح به الريحان في الطول والعرض
ويوم كأخلاق الصبي إذا بكى
حبته من الصحو السماء بما يرضى
فيضحك أحيانا ويعبث تارة
فمن ضحك يأتي ومن عبرة تمضي
وروض دنت للهاصرين قطوفها
فكان كلام القوم بعضا إلى بعض
أهذي التي كنا وعدنا بنيلها
وجنة عدن في السماء أم الأرض
كأن الصبا جاءت تخبر قضبها
سحيرا بأن الوقت ضاق عن الفرض
فأسرعت الأغصان تبتدر الثرى
وتعمر باقي الوقت منه بما تقضي
وسالت دموع الطل عند سجودها
كما بكت العباد من خشية العرض
ونامت جفون النرجس الغض بينها
كأن خضيب الطير قال لها غض
فمن أبيض كالدر حف بأصفر
هناك ومصفر يحف بمبيض
ترى النحل في أثنائهن كأنما(47/180)
صيارف عاثت في الدراهم بالقرض
ومرضعة طفلا من العود ثديها
ولا در إلا الدر من أدب محض
كأن أباه الدوح ورد خدها
بما جاده نيسان من ورده الغض
وتطلب أحيانا بفرض رضاعه
فيبتز من تلك الدراهم في الفرض
إذا لمسته بالبنان تخالها
طبيبا من الحذاق جس على نبض
وتدني إليه السمع تصغي كأنه
يحقق قدر البسط فيه من القبض
وراح إذا ناجيت في الكأس روحها
رأيت اتصال الروح بالعالم الأرض
إذا طلعت مفترة في سعودها
تبشر أحكام السرور بما تقضي
إذا سمح الدهر الضنين بساعة
فعض عليها جاهدا أيما عض
فإن لم يساعدك الزمان فإنما
وجودك في الأيام كالعدم المحض
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> حكم الجفون على فؤادي ماض
حكم الجفون على فؤادي ماض
رقم القصيدة : 54798
-----------------------------------
حكم الجفون على فؤادي ماض
كيف التخلص والخصيم القاضي
ومن العجائب أن أحكام الهوى
جور ولكني بذلك راض
يا بانة تلوي معاطفها الصبا
للحسن بين حدائق ورياض
غمزات طرفك في القلوب تخالها
مثل السهام مضت إلى الأغراض
ولدت أشكال الجمال بوجنة
ألفت فيها حمرة ببياض
وأصبت لي قلبا صحيحا سالما
عمدا بأجفان لديك مراض
عذب بما ترضى وما تختاره
قلبي بسوء الصد والأعراض
واعطف علي بوزرة يا بغيتي
فلقد غرقت بدمعي الفياض
وتعال نأخذ بالهوى عهدا كما
كنا عليه في الزمان الماضي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وأحول يعدي القلب سقمى جفونه
وأحول يعدي القلب سقمى جفونه
رقم القصيدة : 54799
-----------------------------------
وأحول يعدي القلب سقمى جفونه
فتضحى صحيحات الجسوم به مرضى
رأى الحسن أن اللحظ منه مهند
فحرفه كيما له يكون أمضا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أبا الفضل عاتب أباك الرضى
أبا الفضل عاتب أباك الرضى
رقم القصيدة : 54800
-----------------------------------
أبا الفضل عاتب أباك الرضى
وقل يغفر الله ما قد مضا
وذكره مني ودادا قديما(47/181)
وعهدا أبى الله أن ينقضا
وسله عوائد إغضائه
فقلبي في جمرات الغضا
جفى النوم جفني لما جفى
وأعرض أنسي إذ أعرضا
ولكنني أرتجي عطفه
وشيكا وآمن منه الرضا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا روضة للأدب المجتنى
يا روضة للأدب المجتنى
رقم القصيدة : 54801
-----------------------------------
يا روضة للأدب المجتنى
أغرقها الشامت في حوض
قلنا وقد بللها ماؤه
لا ينكر الماء على الروض
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> سقى دارهم هام من السحب هامع
سقى دارهم هام من السحب هامع
رقم القصيدة : 54802
-----------------------------------
سقى دارهم هام من السحب هامع
ولا أجدبت تلك الربى والأجارع
ينوب عن الأجفان في عرصاتها
إذا كل منها عارض متتابع
وحيا بها عهدا إذ العيش ناعم
نضير وإذ روض الشبيبة يانع
وقفنا عليها الركب يوما وبعده
وثالث يوم واقتضى السير رابع
نعفر في الآثار حر خدودنا
ونشكو إلى الأطلال ما البين صانع
فكم قد روت عنابها تلكم الربى
أحديث شكوى سلسلتها المدامع
معاهدنا التي محت حسنها النوى
ترى هل ليالي الأنس فيك رواجع
ويسكن قلب من بعادك خافق
ويرقأ جفن من فراقك دامع
يمينا بعهد القرب فيك إذ الهوى
قشيبا وإذ شمل الأحبة جامع
لما خامر السلوان بعد قلوبنا
ولا عرفت منا الجنوب المضاجع
وإنا ليعرونا إليك تشوق
إذا لاح برق من ثناياك لامع
ومن عجب أن خاننا فيك عزمنا
ولا العهد منسي ولا الحي شاسع
وما أن تنكبنا الوفاء طريقة
ولا برحت تحنو عليه الأضالع
ولكننا جئنا من الأرض جنة
فهل للعباد الفائزين مشارع
فأبصارنا وقف على كل منضر
يروق وفيها ما تلذ المسامع
ومن حل هذا الملك لم يبق بعده
رحيلا ولم ينزع به عنه نازع
حللنا من الأنصار حيا بنوره
أضاءت لأرباب اليقين المطالع
وغابا لأسد الله دون مرامه
جنود السموات الطباق تدافع
فإن غال خطب فهوى مأوى من الردى
وإن جل ذنب فهو في الذنب شافع
وفاضت علينا من مواهب يوسف(47/182)
بحار لغلات الظماء نواقع
ولاحت لنا من بشره ونواله
سحاب هوام أو شموس طوالع
فلم نر من قبل استلام يمينه
بحار نوال قيل هن أصابع
ألا هكذا فليحرز المجد ربه
وتبنى المعالي أو تربى الصنائع
أمير العلا لولاك لم تنب روعة
ولم تعرف النوم العيون الهواجع
ولا سكنت هذي الجزيرة برهة
وأصبحت الأوطان وهي بلاقع
ولا عرف الحق المبين من الهوى
ولا مثلت للسالكين المهايع
ولما استشاط الكفر بين بلادها
وقادته لاستئصالهن المطالع
أعدك فيها الله تنصر دينه
وتصدع بالحق الذي أنت صادع
وتمضي كما يمضي القضاء بقدرة
من الله لا يلفى لها الدهر دافع
وكتبت من أسد الحفاظ كتائبا
إذا ثوب الداعي أتته تسارع
إذا سحبوا ذيل الدروع إلى الوغى
كما تسحب السحب البدور الطوالع
تحركت الأجبال واشتعل الفلا
وزلزل من هذي البسيطة وادع
وأعددت من غر الجياد صوافنا
تغار بأدناها البروق اللوامع
مطهمة جردا لها من دم العدا
شيات ومن نسج القتام البراقع
ومنصلت كالصبح أشهب ساطع
وأحمر وردي وأصفر فاقع
لديهن من زال الرمال إذا انثنت
تسيل ومن ظبى الفلاة أسارع
وثقفت من سمر الرماح ذوابلا
بأقلامها فيهم تخط الوقائع
فأصبح جمع الكفر دون نزالها
كما تترك النبت الهشيم الزعازع
يؤمل بالسلم انتظام شتاته
وهيهات يرجى وصل ما الله قاطع
فبابك مرجو وبأسك متقى
ورفدك مبذول وعدلك شاسع
وملكك منصور وحزبك غالب
وسيفك أناف الضلالة جاذع
لك الله ما أمضى سيوفك كلما
توقع من مر الحوادث واقع
ومن ذا له جد كجدك أو أب
إذا عددت آباءهن التتابع
لقد أبصرت منك النواظر ملئها
غداة بدا من غرة العيد طالع
برزت على رجل الجلال إلى التي
ترفع من مثواك ما الله رافع
وأحييت للدين الحنيف شرائعا
بأنصار دين الله تحيا الشرائع
وقد زحفت يغشي العيون رواؤها
صفوف من الفرسان وهي دوارع
فلما قضيت العيد سنة نحره
وأطعم معتر هناك وقانع
رجعت إلى دار الخلافة والعلا
فضاءت بنور الهدي تلك المرابع
وعرضت للتقبيل كفا كريمة(47/183)
تفيض على الطلاب منها ينابع
وذاعت بروض المدح فيك مدائح
كما ذاع من أنفاس دارين ذائع
فيهنيك في الأعياد أسعد قادم
يخبر أن الفتح من بعد تابع
أطل فحيانا بطل سروره
لقد عذبت منه لدينا المواقع
فدم ملجأ للدين تحمي ذماره
إذا دهمت يوما بنيه المفازع
كأن بك قد أحرزت كل ممنع
بعيد فلم يمنعه دونك مانع
وأصبح ملك الروم نهبا وأصبحت
تحكم في غلب الرقاب الجوامع
ودانت لك الدنيا وأصبح شملها
بعيد افتراق وهو بالدين جامع
وإني لأرجو الله حتى كأنني
أرى بجميل الظن ما الله صانع
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ما ضر لو سلم أو ودعا
ما ضر لو سلم أو ودعا
رقم القصيدة : 54803
-----------------------------------
ما ضر لو سلم أو ودعا
من أودع القلب الذي أودعا
ضن برجع الطرف يوم النوى
هلا رعى عهدي كما أرعى
زم المطايا وتخلفني
أسأل عنها الطلل البلقعا
وصار لا يلوي على ظبة
يوما ولا يلوي لها أخدعا
وارتحل القلب على إثره
فصرت أبكيه وقلبي معا
نشدتك الله نسيم الصبا
إن جئت في تسيارك الأجرعا
فصرت في أغصانه ذبلا
وغدت من غدرانه أدرعا
عرج على الوادي كذا يسرة
وابلغ سلامي ذلك المربعا
وقل له إني مقيم على
ودي إذا أخلف أو ضيعا
يا سائلي كيف طعم الهوى
لله ما أحلى وما أفظعا
كأنما في أضلعي بارق
يهفو إذا ما صادح رجعا
كأنما دمعي إذا استنصرت
لواعج الشوق به أسرعا
وضمر الشقر على وجنتي
تصنع ما شاءته أن يصنعا
جيش بني نصر ملوك الورى
قوما إذا الداعي لخطب دعا
خلائف مجدهم أقدم
سما جلالا ونما تبعا
بيت على أس الهدى قائم
قد أذن الله بأن يرفعا
أملاك صدق جاهدوا في العدا
وصيروا أملاكها خشعا
فاستشهد الآثار في أرضها
تلف بكل ربوة مصرعا
إن بطش الدهر بقوم حموا
أو تعثر الأيام قالوا لعا
أوجئتهم في الجدب تبغي الندى
سحوا عليك السحب الهمعا
وإن خبرت القوم ألفيتهم
لله ما أهدى وما أروعا
في حومة الحرب أسود الشرى
وفي الظلام سجدا ركعا
كواكب الأرض وأنوارها(47/184)
أضحى بهم مغربها مطلعا
كفاهم أن أنجبوا يوسفا
الأريحي الملك الأروعا
ملكا عميم الجود سح الندى
أجدى من الوابل أو أنفعا
ألف بالعدل قلوب الورى
وفرقت يمناه ما جمعا
يهوي إليه الوفد مستأنسا
من نازح الآفاق ما انتسا
حتى إذا ما أبصروا وجهه
صدق مرأى عندهم مسمعا
حاط بلاد الله من بعدما
هبت بها ريح العدا زعزعا
وابتهلت فيه قلوب الورى
والله جل اسما سميع الدعا
فصانها منه بماضي الظبا
إن هم أمضى أو همى أترعا
فجرد البيض وجر القنا
وجرع الأعداء ما جرعا
يا ناصر الدين وحامي الهدى
إن غاله خطب وإن روعا
مالي بما أوليك من مقول
وإن غدوت اللسن المسقعا
فاستقبل الأيام وضاحة
واجن جنى النصر فقد أينعا
واهنأ بنيروز مسراته
قد أصبحت أبوابها شرعا
دمت رفيع الملك سامي العلا
ما طاف بالبيت امرؤ أوسعا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إن كنت تنكر ما تكن ضلوعي
إن كنت تنكر ما تكن ضلوعي
رقم القصيدة : 54804
-----------------------------------
إن كنت تنكر ما تكن ضلوعي
من لاعج فاسأل شهود دموعي
أعلمت بعدك بالمخضب وقفتي
أدعو من السلوان غير سميع
لهفي على عهد بمنعرج الحمى
مغنى السرور وأنسي المجموع
قالوا متى ظعن الذين تخلفوا
نار الجوى بفؤادك المصدوع
فأجبتهم شدوا الركائب موهنا
وتحملوا الأقمار تحت هزيع
وسروا فكان النوم شهر محرم
ومواطن الأجفان شهر ربيع
وكلوا بحفظ العهد أي مراقب
واستحفظوا الأسرار غير مذيع
فمتى جنحت إلى السلو تعللا
غلب التطبع شيمة المطبوع
يا ملبسي ثوب السقام وتاركي
بين الأوام وبين حر ضلوع
عامل بما عودت من لطف ومن
رحمى ولا تنظر لسوء صنيع
واعطف علي وجد بأيسر نائل
ما قل يكثر منك عند قنوع
أيقظت لما نمت ساكن زفرتي
وحرمت أجفاني لذيذ هجوع
ووكلت عيني بالفراقد والسهى
أبكيت عند غروبها وطلوع
فالنجم في كبد السماء مسامري
والسقم في قلق الفراشي ضجيع
جردت ثوب الصبر فيك تولها
ولبست ثوب تذللي وخضوع
حتى بكى لي عاذلي من رحمة(47/185)
ورثى لطول صبابتي وولوع
سل نحر سائل عبرتي أو زفرتي
يأتك بالمخفوض والمرفوع
واسأله عن وجدي يجبك مبادرا
هذا قياس ليس بالمرفوع
عذبتني وأبحت جسمي للضنا
ومنعتني ما ليس بالممنوع
إن كان ذنبي أنني بك مغرم
كلف الفؤاد فلات حين رجوع
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لعل خيالا منك يطرق مضجعي
لعل خيالا منك يطرق مضجعي
رقم القصيدة : 54805
-----------------------------------
لعل خيالا منك يطرق مضجعي
وإن ضل يهديه الأنين بموضع
تصدق به وابعثه في سنة الكرى
وما شئته من بعد ذلك فاصنع
وإن عاد فاسأله يجبك بما يرى
لعلك ترثي أو لعلك تقنع
وإلا فمن لي بأيسر نائل
بأن أشتكي وجدي إليك وتسمع
عرفت الهوى حلوا ومرا مذاقه
وما صادق في حبه مثل مدع
فما ذقت أدهى من مشاهدة النوى
وأعظم من بين الحبيب المودع
ولم أنس إذ عانقتها لوداعنا
فخالط در العقد جوهر أدمع
فتسمح باليمنى دموع جفونها
وتجعل يسرى فوق قلب مروع
وقالت دموعي واشتياقي وزفرتي
شهود على ما من غرامك أدع
فإن غبت غاب الأنس عني بأسره
ومالي من عيش إذا لم تكن مع
ولما سرت والليل قد مال وانقضى
وأعجلها ضوء الصباح الملمع
ولم تستطع رد السلام مخافة
أشارت بطرف العين ثم أومت بأصبع
فأي اصطبار لم تحلل عقوده
وأي فؤاد بعد لم يتصدع
رعى الله من يرعى العهود على السنوى
فلست تراه عن هواه بمقلع
ولكن دمعي لا يطيع لمن دعا
وكم بين عاص في الدموع وطيع
أحبة قلبي لا تظنوا بأنني
نسيت وأفنى البعد نيران أضلع
عليكم سلام الله ما هبت الصبا
وما لاح برق في أجارع لعلع
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> طغى العدو وبغى
طغى العدو وبغى
رقم القصيدة : 54806
-----------------------------------
طغى العدو وبغى
وشبت نيران الوغى
وأظهر السلم وقد
أسر حسوا في ارتغا
فبلغ الرحمن سيف
النصر فيه ما ابتغا
ورده رد ثمود
والفصيل قد رغا
حتى يرى وليمة
لكل مرهوب الثغا(47/186)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> تلافيت نصر الدين إذ كاد يتلف
تلافيت نصر الدين إذ كاد يتلف
رقم القصيدة : 54807
-----------------------------------
تلافيت نصر الدين إذ كاد يتلف
وأنجزت وعد الحق وهو مسوف
وأنشئت في أفق العلا سحب الندى
وسقيت روض المجد فهو مفوف
وجمعت أسباط المكارم والعلا
وناديت لا تثريب إذ أنت يوسف
وقر سرير الملك لما حللته
ولو لم تشد أرجاؤه كاد يرجف
دعتك قلوب الناس إذ عم جدبها
ولح الأسى فيها وجل التأسف
فأطللت غيثا في سماء عجاجة
ترى دلوها شهب الأسنة تقذف
تهب رياح النصر في جنباتها
رخاء ورعد الطبل خلفك يقصف
فما كنت إلا رحمة الله أرسلت
فأينع معتر وأخصب معجف
فقر بك الإسلام عينا ولم يزل
يعدك للجلى ويسعى فتسعف
فلله من يوم أغر محجل
لحزب الهدى قدما إليه تشوف
أرى الدين دين الله ما كان يرتجي
ودافع عن أهليه ما يتخوف
فيا حضرة للعدل أصبحت روضة
بأنوارها روض الهداية يتحف
ويا كعبة الملك التي بركاتها
تفيض على زوارها وتوكف
ليهنيك منصور اللواء مؤيد
بحار الندى من جود كفيه تغرف
همام إذا ما عاين القرن سيفه
فموعده الحشر الذي ليس يخلف
وأقسم لو رام الثريا لنالها
بعزم اقتدار ما لها عنه مصرف
وصول إلى الغايات يرجى ويتقى
كريم السجايا لم يشبه التكلف
يؤلف بالحسنى قلوبا تفرقت
يفرق بالإحسان ما لا يؤلف
أمولاي إني عبد نعمتك الذي
عليك ثنائي ما حييت موقف
وما الشعر إلا بعض نعماك إنه
وإن راق من أزهار مجدك يقطف
تكفلت بالإحسان بدءا وعودة
فخير تسنيه وشعر تشرف
بلغت بإمداحي لملكك رتبة
تطل على أوج السماك وتشرف
وأحرزت في شأو امتداحك غاية
تقرر مداح الملوك فتنصف
أجرر ذيلي عند ذكر جريرها
بيانا فلا أهفو ولا أتوقف
وأنتعل الجوزاء عجبا وإن غدت
تقرط آذان بها وتشنف
وماذا عسى بثني فصيح وشاعر
وماذا عسى يحصي كلام مزخرف
وأنت أبا الحجاج حجة ديننا
بك الله يجلو الشك والسوء يصرف
وأنت ابن أنصار الهدى وحماته(47/187)
هنيئا لهم هذا الثناء المخلف
نحوا نحو باب للعلا فعلا بهم
على السنن المرضي والعدل يعطف
شعارهم علم وحلم ونائل
وحرب ومحراب وسيف ومصحف
فكم أطلعوا في الحرب من نجر صارم
يعفر آناف الطغاة ويرعف
وكم عائل أغنوا وكم خائف حموا
وكم معدم أثروه جودا وأترفوا
بعثت إلى أرض العدا بكتيبة
تكاد بها شمس الظهيرة تكسف
قبائل أدواها السرى فتنكرت
ولكنها عند الكريهة تعرف
تقود إليهم كل أجرد سابح
تهد به شم الهضاب وتنسف
تكبر عن لبس الحديد إلى الوغى
فقام مقام الدرع برد ومطرف
تنكب عنها البيض وهي بواتر
ويقصر عنها السمهري المشقف
وما كل زند يحمل الكف ساعدا
ولا كل مصقول السفاسق مرهف
فجاست أقاصي أرضهم وتعسفت
غنائمهم لله ذاك التعسف
فأبصر ملك الروم منك مؤيدا
إذا هم لأوان ولا متخلف
فسالم إشفاقا وكف تخوفا
وعف فما أنجاه ذاك التعفف
ووجه يستجدي علاك رسوله
وكاتب يستدني رضاك ويلطف
وأقبل لا يدري إلى النجم يرتقي
أم إلى البحر يبغي أم إلى البيت يدلف
يؤمل تقبيل البساط ومن له
به وبروق الهند عينيه تخطف
وقد جنحوا للسلم فاجنح تفضلا
فما منهم عين من الرعب تطرف
فلا برحت أيامك الغر تقتفي
بك الفتح والآمال لا تتوقف
ولا زالت الأملاك تأتيك خضعا
ولا زلت بالإحسان والعفو تكلف
وينشد من يأتي لبابك وافدا
تلافيت نصر الدين إذ كاد يتلف
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أشارت غداة البين من خلل السجف
أشارت غداة البين من خلل السجف
رقم القصيدة : 54808
-----------------------------------
أشارت غداة البين من خلل السجف
بناظرتي ريم وسالفتي خشف
وأبصرت التوديع حقا فلم تطق
غداتئذ كتما لبعض الذي تخفي
أماطت عن الخد اللثام فأطلعت
هلالا على غصن وغصنا على حقف
وقالت لأتراب لها قمن دونها
فقائلة سحي وقائلة كفي
أخلاي هل طعم أمر من النوى
وأفظع خطبا من مفارقة الإلف
ولم تك إلا ساعة وتسنمت
ظهور المطايا كل فاتنة الطرف
ودارت على الركب الصوارم والقنا(47/188)
وجرد المذاكي من أمام ومن خلف
أمالوا السرى قصد العراق وأزمعوا
على مهمة تسفي به الريح ما تسفي
ودل عليهم من تخلف منهم
بما أودعوا طيب النسيم من العرف
فلا عهد إلا بالخيال وبالمنى
ولا وصل إلا بالرسائل والصحف
بكيت دما حتى توهم صاحبي
بأني غداة البين أرعف من طرفي
وكم رمت أن يجدي البكاء فلم يكن
ليجدي ورجعت الحنين فلم يشف
أيا قاتل الله الغواني فإنما
طلاب الردى وقف على ربة الوقف
تغادو ذا الجأش القوي جفونها
ضعيف انتصار وهي بينة الضعف
إذا ما غرسن الوعد في روضة الهوى
جنيت على أغصانه ثمر الخلف
ترى من أحل الغدر وهو محرم
وحرم غصن الأقحوان على الرشف
سأصرف عن قلبي مساعدة الهوى
فقد كان في حولين من ذاك ما يكفي
وأذهب من صبري إلى كل مذهب
وكل كريم لا يقيم على خسف
وأفزع من دهري إلى ظل يوسف
فلله من ركن منيع ومن كهف
زجرت القوافي والمطايا شواردا
إلى واحد في الروع يغني عن الألف
وقور إذا الأبطال طاشت حلومها
وأقدم في الهيجاء صفا إلى صف
إذا ذكر الأملاك يوما فيوسف
لما شئت من جود وما شئت من عطف
وبالسيف سفاح وبالهدي مهتد
وبالرعب منصور وبالله مستكف
هو الدهر لكن عدله وسماحه
يرد صروف الدهر راغمة الأنف
هو البدر إلا أنه الدهر كامل
إذا صيب نور البدر بالنقص والخسف
من العرب الشم الأنوف إذا احتبوا
تبوأت في جار مجير وفي حلف
كرام إذا ما الغيث في الأرض لم يكف
بصوب حيا كانت أكفهم تكفي
فإن حملوا أقنوا أو استصرخوا حموا
وإن بذلوا أغنوا عن الديم الوطف
وإن مدحوا اهتزوا كما هبت الصبا
على كل ممطور من البان ملتف
وأن سمعوا اللغو فروا بأنفس
كرام السجايا لا تفر من الزحف
لعمري لئن هاجت عزائمك العدا
كما بحثت عن حتفها ربة الظلف
وغرتهم الحرب السجال وقلما
يدل غرور القوم إلا على الحتف
فقد آن أخذ الدين منهم بثأره
وما كان جفن الدين في مثلها يغف
ودون مهب العزم كل مهند
وخطية سمر وفضفاضة زغف
وأسد غضاب إن تذكرن يومها(47/189)
عضضن بأطراف البنان من اللهف
أمولاي زارتك القوافي كأنها
هدايا تهادتها القيان إلى الزف
عليها عقود من ثنائك نظمت
مناسبة التأليف محكمة الرصف
أتاك بها النيروز معترفا بما
لملكك فيه من نوال ومن عرف
فهنيته والدهر طوعك والمنى
توافي بما تهواه ضعفا على ضعف
تمهدت الدنيا بملكك بعدما
أقامت زمانا لا تفر من الرجف
ورضت صعاب الدهر وهي شوامس
فذللتها من غير جهد ولا عنف
وكم صرف التأميل نحوك آمل
فصيرته بالعدل ممتنع الصرف
وكم من يد أوليتنيها كريمة
يقل لها نظمي ويعي بها وصفي
فأسبابك الوثقى وصلت بها يدي
ونعمتك الكبرى ملأت بها كفي
فإن أنا لم أمحضك مني بخالص
من الود صاف في قراراته صرف
وآت ببحر المدح فيك لغاية
ترى دونها الأبصار حاسرة الطرف
فلا ضاع معنى يستضاء بنوره
جناني ولا خطت بناني في حرف
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> إخواننا لا تنسوا الفضل والعطفا
إخواننا لا تنسوا الفضل والعطفا
رقم القصيدة : 54809
-----------------------------------
إخواننا لا تنسوا الفضل والعطفا
فقد كاد نور الله بالكفر أن يطفا
وإذ بلغ الماء الزبا فتداركوا
فقد بسط الدين الحنيف لكم كفا
تحكم في سكان أندلس العدا
فلهفا على الإسلام ما بينهم لهفا
وجاشت جيوش الكفر بين خلالها
فلا حافرا أبقت عليها ولا ظلفا
أنوما وإغفاء على سنة الكرى
وما نام طرف في حماها ولا أغفا
أحاط بنا الأعداء من كل جانب
فلا وزرا عنهم وجدنا ولا كهفا
ثغور غدت مثل الثغور ضواحكا
أقام عليها الكفر يرشفها رشفا
فمن معقل حل العدو عقاله
ومن مسجد صار الضلال به وقفا
ومن غادة بكر جلتها يد الجلا
ولم تدر الإذاية قط أو سجفا
ومن صبية حمر الحواصل أصبحت
تقلب ذعرا بين أعدائها الطرفا
ومن نسوة أضحت أيامى حواسرا
يعاين في أعيانها الوهن والضعفا
وسيلتنا الإسلام وهو أخوة
من الملإ الأعلى تقربنا زلفا
أخوفا وقد لذنا بجاه من ارتضى
وذلا وقد عذنا بعز من استصفا
فهل ناصر مستبصر في يقينه(47/190)
يجير من استعدى ويكفي من استكفا
ومنتجز فينا من الله وعده
فلا نكث في وعد الإله ولا خلفا
وهل بائع فينا من الله نفسه
فلا مشتر أولى من الله أو أوفا
أفي الله شك بعد ما وضح الهدى
وكيف لضوء الصبح في الأفق أن يخفا
وكيف يعيث الكفر فينا ودوننا
قبائل منكم تعجز الحصر والوصفا
غيوث نوال كلما سئلوا الندى
ليوث نزال كلما حضروا الزحفا
إذا كاتبت يوما فأقلامها القنا
وإن أرسلت كانت صفائحها الصحفا
فقوموا برسم الحق فينا فقد عفا
وهبوا لنصر الدين فينا فقد أشفا
وها نحن قد لذنا بعز حماكم
ونرجو من الله الإدالة واللطفا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> قسما بالليل وما وسقا
قسما بالليل وما وسقا
رقم القصيدة : 54810
-----------------------------------
قسما بالليل وما وسقا
وآيات البدر إذا اتسقا
والنجم الثاقب حين هوى
راجما والصبح إذا انفلقا
وبنور الطور وقد أضحى
موسى لجلالته صعقا
لمخايل ملكك تخبرني
أن التأبيد لها خلقا
أحييت الدين وقد أودى
وأعدت الملك وقد خلقا
يا ناصر دين الله ومن
بعنايته الوثقى وثقا
مهدت لملكك مصطبحا
في ظل الأنس ومغتبقا
ونظمت المجد فوافره
غناك السعد به وسقا
طابت بوجودك أندلس
حسنت بجوارك مرتفقا
إن طاف بها شيطان عدى
يبغي لسمائك مسترقا
أو جاس خلال منازلها
قذفته سعودك فاحترقا
الله تخير يوسف من
غرر الأملاك هدى ونقا
كهف لجأ الإسلام له
فعفا وحمى وكفى ووقا
وأعز الرشد به فرقا
وأذل الغمى به فرقا
وافى وصباح الملك دجى
فانجاب الغاسق وأئتلقا
والأرض تضيق بساكنها
وتغص بريقتها شرقا
فاهتزت حين أتى وربت
وأسال بها ماء غدقا
وتداركها بعزائمه
ما مثل صفاح الهند رقا
وأقام الحق وجاء به
فإذا بالباطل قد زهقا
يجري في محكم راحته
أحكام سعادات وشقا
لو عاد البدر بغرته
لم يخش الخسف ولا امحقا
أو أم اليم بعزمته
يوما لتصدع وانفرقا
أو لاذ الوحش بجانبه
لم يرهب من عاد طرقا
مهلا فمواطر كفك ما
أبقت محتاجا ومرتزقا(47/191)
ولقد أمرت حتى غمرت
وتخوف سائلك الغرقا
أبني الأنصار لك شرف
حكم آي القرآن به نطقا
آووا نصروا أو أذوا صبروا
كانوا لرسول الله وقا
حفظوه ببذل النفس كما
حفظوا بجفونهم الحدقا
ووفوا لله ما عهدوا
فما كذبوه إذ صدقا
ورضوا بالصبر فما وهنوا
جزعا في الدين ولا قلقا
أمجاهد دين الله لقد
أمنت بصارمك الطرقا
وخليفته في أمة من
بالوحي أتى وبه فرقا
هجرت النوم لطاعته
بالغزو وواصلت الأرقا
هذا النيروز أتاك بما
تهواه وبالبشرى سبقا
فسنملك أرض الروم فما
أبقيت بها إلا رمقا
كفروا بالله فأرهقهم
وملكت فزادهم رهقا
فالرمح ينضنض من شره
لهم والصارم قد دلقا
والخيل تهد مرابطها
وتقد أعنتها حنقا
شهب كالشهب إذا قذفت
دهم كالليل إذا غسقا
صفر كالشمس إذا جنحت
حمر وقد ألبست الشفقا
إما صهلت في أرض عدى
فغراب البين بهم نعقا
ما أرعد ركض سنابكها
إلا والصارم قد فرقا
يعتد بها ملك شهم
لو رام بها الشعرى لحقا
أو عارضها بالبرق كبا
أو أورد عين الشمس سقا
لولا كلمات سبقت
بالسلم وعهد قد سبقا
لتركت ديارهم قفر السلهام
وسلمهم نفقا
وجعلت مياههم غورا
وتركت صعيدهم زلقا
يا حزب الله وناصره
بالحق ومدرك ما سحقا
أنت المدخور ليومهم
أنت المفتاح لما غلقا
وافيت إليك بركض
لغمر نوالك مستبقا
فسبكت التبر لها لحما
وجعلت أجتلها شرقا
فأنل واحمل وأعد وأبد
وانعم في ظل حمى وبقا
ما لاح النور بمشرقه
أو هزت ريح غصن نقا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> زارت ونجم الدجى يشكو من الأرق
زارت ونجم الدجى يشكو من الأرق
رقم القصيدة : 54811
-----------------------------------
زارت ونجم الدجى يشكو من الأرق
والزهر سابحة في لجة الأفق
والليل من روعة الإصباح في دهش
قد شاب مفرقه من شدة الفرق
وأوشكت أن تضل القصد زائرة
لولا أني كنت في باق من الرمق
قالت تناسيت عهد الحب قلت لها
لا والذي خلق الإنسان من علق
ما كان قط تناسي العهد من شيمي
ولا السلو عن الأحباب من خلق(47/192)
ولا ترحلت عن مغناك من ملل
قد يترك الماء يوما خيفة الشرق
كم ليلة بتها والطيف يشهد لي
لم تطعم النوم أجفاني ولم تذق
أشكو إلى النجم وهنا أكابده
حتى شكا النجم من وجدي ومن قلق
يا لائمي أفيقا من ملامكما
فإنني منذ سقيت الحب لم أفق
هل تذكراني ليالينا وقد نفحت
ريح الصبا في رياض للصبا عبق
وإذ نعمنا برغم الدهر فيه وقد
عض الأنامل من غيظ ومن حنق
بكل ساحرة الألباب آيتها
أن تطلع الشمس في جنح من الغسق
تنازع الغصن لدنا في تأوده
وتخصم الريم في الألحاظ والعنق
والروض يجلو عذاره وقد لبست
عقائل الورق ديباجا من الورق
كأنما الغصن شارب ثمل
بكأس مصطبح في الأنس معتبق
فكلما ارتاح هز العطف من طرب
وجاد زهوا بمنثور من الورق
كأنما الدوح والأغصان جائلة
قد جادها كل جهم الغيم مندفق
أحبة راعها والشمل منتظم
داعي الوداع فمن باك ومعتنق
كأنما الطل إذ طل الشقيق به
خد بصفحته رشح من العرق
همت ثغور الأقاحي أن تقبله
فللبنفسج وجه الواجم الحنق
كأن أوراقه والريح تعطفها
سواعد رفعت خضرا من الدرق
كأنما الآس آذان الجياد وقد
شعرن بالروع في قفر من الطرق
كأنما النهر في أثنائه أفق
والورد في الشط منه حمرة الشفق
أو سيف يوسف يوم الروع سال به
نجيع أعدائه المحمر في الزرق
إمام عدل يحب الله سيرته
عف الغيوب كريم الخلق والخلق
أقام للدين قسطاسا فأمنه
ما سامه الجور من نحس ومن رهق
وعم بالرفق هذا القطر فابتدرت
تنمي مآثره جوابة الرفق
أقول للركب المزجي مطيته
يحثها السير بين النص والعنق
يا زاجر العيس أنضاء مضمرة
كأنها أسهم يمرقن عن فوق
أهلة ما لها عهد بمنزلة
من كل منخسف الجثمان ممحق
أرح ركابك فقد أوردت في نهل
وقد ظفرت بحبل الله فاعتلق
حللت بالمنزل المحبو نائله
بباب ملك لباب البر مستبق
نمته أملاك صدق بل ملائكة
من كل محتزم بالحزم منتطق
آثارهم في سماء الملك لائحة
تهدي وذكرهم مسك لمنتشق
وحل من الأنصار منتسبا
في معشر صبر عند الوغى صدق(47/193)
حزب النبي الألى إن روعة دهمت
ملء الفضا لم تهن ذرعا ولم تضق
يا قائد الخيل تردي في أعنتها
هزلى الأباطن والأنساء والصفق
من كل أحمر وردي تنازعه
ظباء وجرة في الألوان والخلق
وأشهب في سماء النقع مخترق
كأنه قاذف يهوي لمسترق
وأدهم اللون إن أبداك غرته
تخال زنجية تفتر عن يقق
كأنه وهو بالظلماء مشتمل
خاضت قوائمه نهرا من الفلق
وأبلق شغفت حور العيون به
كأنما عطفتها نسبة الحدق
تشارك الليل في أحكام صنعته
واليوم واتفقا فيه على البلق
أنت الذي خاصمت فيك السيوف إلى
أن خلص الحق رهن الملك من غلق
وأنت أمنت حقا ثغر أندلس
وقلب ساكنها يرتج من خفق
قد عاودت دولة الإسلام جدتها
والكفر مشتمل بالواهق الخلق
فأقلق البيض واهزز كل غالبة
فالدين في مرح والكفر في وهق
حتى إذا الروم رامت فرصة ونزا
يوما منافقها الأشقى عن النفق
فاهزز بوعبك قبل الجيش ما جمعوا
واضرب بسعدك قبل الصارم الذلق
واستقبل الفتح والنصر الذي نطقت
آثاره بصحيح غير مختلق
وإن شكت مرهفات الهند من ظمأ
فسقها عللا صرفا من العلق
وإن هم جنحوا للسلم واعتلقوا
منها بمستحتكم الأسباب والعلق
فاجنح لها بكتاب الله مقتديا
إذ ذاك واستبق فلا من ظباك بق
واهنأ بقابل أعياد مواسمها
منظومة ككعوب الرمح في نسق
في ظل مملكة من دون ساحتها
ردء من الله يحمي حوزها ويق
مولاي دونكها عقدا فرائده
تزهى بمنتظم الإبداع متسق
يودها الدوح في أغصانه زهرا
غضا وتحسدها دارين في العبق
تزري بطيب أواليها أواخرها
كذلك السبق يبدو آخر الطلق
لو جئت في حلبة العرب التي سبقت
ما كنت في القوم إلا حائز السبق
وإن تأخر بي عن جيلهم زمني
فربما جاء معنى الصفح في اللحق
والعقل كالبحر إن هالتك هيبته
فالشعر يسبر منه منتهى العمق
فإن وفيت بحق المدح فهو جنى
روض بإنعامك السيح العمام سق
وإن عجزت فعن عذر وثقت به
من رام عد الحصى والقطر لم يطق
وإن وفيت ببعض القصد ريتما
يكفي من العقد ما قد حف بالعنق(47/194)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> نديمي عللني بمشمولة واسق
نديمي عللني بمشمولة واسق
رقم القصيدة : 54812
-----------------------------------
نديمي عللني بمشمولة واسق
ولا تولجن سمعي حديثا عن العشق
فقد ضاق ميدان الشباب عن الهوى
فآثرت النفس الرجوع إلى الحق
وهذا زمان الزهو حيالك باسما
تلوح سمات البشر في وجهه الطلق
وقد قاد يوم الغيم سحبا كأنها
رقاق أتت تمشي الهوينا على رفق
كأن حداة الرعد ظلت طريقها
فهزت لكيما تهتدي مشعل البرق
وكعبة روض زارها القطر والتقت
بميقاتها جوابة الغرب والشرق
وقد قلب السوسان فيها رداءه
كأن النعامى أبرزته ليستسق
كأن عليل النرجس اهتاج داؤه
وقد قعدت تبكيه ساجعة الورق
وقد أشفق الغيم الظليل بمائه
فتنفث فيه سحبه والصبا ترقي
حللت بها والورد هدي مقرب
فتوبت في رضابها بانة الزق
وسيلتها حمراء والغيم عاكف
فضاء لها جوي وضاع بها أفق
وقد هرمت مما تطاول عمرها
ومما محت أعضاءها حمية الدق
وحييت أكواسي بها فكأنها
جسوم تشف الروح في بدأة الخلق
تخال بها الإبريق عند سجوده
إماما يطيل المكث في أحرف الحلق
يرددها كي يكسب الطبع دربة
بهن ولكن ليس يفصح في النطق
وعود حنا أضلاعه فوق كافىء
يفوه بما بوحي البيان وما يلقي
ويعرب عما في الضمير كأننا
قصدنا سطيحا أو جلسنا إلى شق
عكفنا عليه والبروق كأنها
مطهمة شقر تبارت إلى السبق
وقد شاب فود الليل من روعة الضيا
وطارت قلوب النجم من شدة الخفق
إذا ما الليالي أنهجت بردة الصبا
وسدت إلى اللذات سالكة الطرق
تعلل بنزر من زمان مساعد
فمالك إن ولى سبيل إلى اللحق
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أمحي رسوم الأنس إن شئت أن تبقي
أمحي رسوم الأنس إن شئت أن تبقي
رقم القصيدة : 54813
-----------------------------------
أمحي رسوم الأنس إن شئت أن تبقي
ذمائي فوف من ودادكم حقي
فليس أخو الترجيح تحسبه أخا
إذا لم يكن عونا على العدل والرفق(47/195)
عكوفا على اللذات من قبل فوتها
حريصا على الإرشاد في منهج الحق
فخذ منهم أوفى وأصدق لهجة
فليس أخو التمويه مثل أخي الصدق
فكم ليلة بتنا نعاطي وداده
ألذ من العتبى وأشهى من العشق
إذا طارق منهم تأنس للقرى
نحرت له دني ووسدته زق
وقلت لساقينا أدرها سلافة
على صرخة المزمار أو نغمة الورق
فقام بها تحذو أشعة خده
فما قدر الحذاق فيها على الفرق
رقيق حواشي الأنس حين ظهوره
أبيح له مالي ومكن من رق
إذا رمت منه ساقيا ومحدثا
فمن ثغره يلقي ومن لحظه يسقي
من الجانب الغربي أطلع كأسه
كما طلع المريخ من جانب الشرق
سلاف إذا لاحت لمحلولك الدجى
تعهدت لها الطراق في سبل الطرق
بذلنا لها أثمانها قبل ذوقها
لأن شميم المسك أغنى عن الذوق
توالت لها الأحقاب في أرض بابل
فجاءت بنقض الجسم كاملة الخلق
إذا ما أتتها نوبة بعد نوبة
تعذبت فيها الروح من خشية الدق
فخذها على وشي البطاح مبادرا
لعطف من الدنيا ورغد من الرزق
كأن رداء الروض من رقم صانع
لطيف التهدي في الصناعة والحذق
يلين إلى قحط الهجير بنانه
فتسأله النوار عن زابر الودق
فما لبست يوما خليق ثيابها
وما غضت الأجفان إلا لتستسق
تسوق النعامى كل ما ينعش القوى
بفضل مزاج في لطيف من الصدق
إذا ما سرى الوسمي في شبح الثرى
تمخضت الأكوان مفتوقة الرتق
فيصنع من ميت التراب عجائبا
كما صنع الإكسير من حجر الطلق
أليس على الأزهار للشمس سطوة
فتخشى من الأنوار حتى من البرق
إذا نفس الإصباح جن جنونها
فريح الصبا تذكي وورقاؤها ترقي
تشققت الأزهار عن جامد الثرى
كذا جامد الألفاظ أصل لمشتق
وصامتة القلبين تحسب عودها
مشوقا إذا غنى يذوب من الشوق
له قطع مخروط وجيد غزالة
ومنقار طاووس وجفنة مستسق
وقد ولفت أجزاؤه فتحكمت
على نسبة ترضي بواسطة الربق
وقد مدت الأوتار فيه لحكمة
فجاء بديع الخلق مستحسن النطق
إذا جست الغيداء أوسط جيده
سمعت الذي تبدي كمثل الذي تلق
فتحسب فيه من سليمان زاجلا
يترجم منه عن سطيح وعن شق(47/196)
يجيب خرير الماء نغمة عودها
بما جاء للقمري منه على وفق
كأن غدير النهر في الدوح دارع
على تعب منه إلى الظل مستلق
إذا رفعت عنه الظلال رواقها
تعد بها النينان في الطول والعمق
كأن نجوم الليل والليل راحل
قلوب هفت يوم الفراق من الخفق
وتحسب خيط الفجر مرود فضة
يجول من الآفاق في حدق زرق
فسابق إلى اللذات تحظ بحوزها
فقد وقفوا حوز الرهان على السبق
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا صانعي لله ما أحكمته
يا صانعي لله ما أحكمته
رقم القصيدة : 54814
-----------------------------------
يا صانعي لله ما أحكمته
فلأنت بين الصانعين رئيس
أحكمت تاجي يوم صغت رقوشه
فصبت إليه مفارق ورؤوس
وأقمت من محرابه فكأنه
مجلى إناء الماء فيه غروس
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا سيدي أفديك بالنفس
يا سيدي أفديك بالنفس
رقم القصيدة : 54815
-----------------------------------
يا سيدي أفديك بالنفس
فككت ما عميت بالأمس
ولم يكن شأني ولكنني
صرفت فيه قوة الحدس
ونلت منه شرفا خالدا
يأبى دروس المرء في الرمس
ولم أجد عندي جزاء له
سواي فأملكني بلا فلس
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> لو أنني فيك بذلت الذنا
لو أنني فيك بذلت الذنا
رقم القصيدة : 54816
-----------------------------------
لو أنني فيك بذلت الذنا
حسبتها كالثمن البخس
يا قرة العين وقيت الردى
من أعين الجنة والإنس
لله ذهن منك مهما سرى
في مشكل لم يبق من لبس
شريعة الآداب لما أتت
قامت على أنملك الخمس
وليس بدعا ما تحليته
لا ينكر النور على الشمس
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ووجه غرست البذر فيه بنظرة
ووجه غرست البذر فيه بنظرة
رقم القصيدة : 54817
-----------------------------------
ووجه غرست البذر فيه بنظرة
فياليت كفي متعت بجنى غرس
كأن احمرار الخد تحت عذاره
علامة مولانا على أحمر الطرس
وبينهما في صحة الأمر نسبة
لذلك أمضيت الغرام على نفس(47/197)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> ودير أنخنا في قراراته العيسا
ودير أنخنا في قراراته العيسا
رقم القصيدة : 54818
-----------------------------------
ودير أنخنا في قراراته العيسا
بحلة رهبان إلاههم عيسا
عكوف على التمثال يستلمونه
ويعنون بالإنجيل حفظا وتدريسا
زعقنا بهم بعد العشي فهيمنون
كأنا ذعرنا غابة منه أو خيسا
وقلنا بنو سبل جوانح للقرى
فقال زعيم القوم رحبا وتأنيسا
فقلنا هواء الشام غال نفوسنا
فهل لك في شيء ينفس تنفيسا
فقال أخمر وهي شيء محرم
عليكم لبئس المسلمون إذا بئسا
فقلت دع الإنكار إنا عصابة
يطيعون فيما تشتهي النفس إبليسا
فقام يجر المسح ثم أتى بها
فأبصرت كيوانا تناول برحبيسا
وصارفته فيها لجينا بعسجد
فناولني كأسا وناولته كيسا
فلله من عيش نعمنا بلهوه
حمدنا به منا مقيلا وتعريسا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> طرقنا ديور القوم وهنا وتليسا
طرقنا ديور القوم وهنا وتليسا
رقم القصيدة : 54819
-----------------------------------
طرقنا ديور القوم وهنا وتليسا
وقد قدسوا الروح المقدس تقديسا
وقد رفعوا الإنجيل فوق رؤوسهم
وقد قدسوا الروح المقدس تقديسا
فما استيقظوا إلا لصكة بابهم
فأدهش رهبانا وخوف قسيسا
وقام لنا البطريق يسعى ملبيا
وقد لين الناقوس رفقا وتأنيسا
فقلنا له أمنا فإنا عصابة
أتينا لتثليث وإن شئت تسديسا
وما قصدنا إلا الكؤوس وإنما
لحنا له في القول خبثا وتدليسا
ففتحت الأبواب بالرحب منهم
وعرس طلاب المدامة تعريسا
فلما رأى زقي أمامي ومزهري
فقال أتأنيسا لحنت وتلبيسا
فقام إلى دن ففض ختامه
فكبس أجرام الغياهب تكبيسا
سلافا حواها القار لبسا فخلته
مثالا من الياقوت في الحبر مغموسا
وطاف بها رطب البنان مزنر
فأبصرت عبدا صير الحر مرؤوسا
إلى أن سطا بالقوم سلطان نومهم
ورأس فتيل الشمع نكس تنكيسا
وثبت إليه للعناق فقال لي
بحق الهوى هب لي من الضم تنفيسا
كتبت بدمع العين صفحة خده(47/198)
فطلس حبر الشعر كتبي تطليسا
فبئس الذي احتلنا وكدنا عليهم
وبئس الذي قد أضمر واقبل ذا بيسا
فبتنا يرانا الله شر عصابة
تطيع بعصيان الشريعة إبليسا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا واحد العليا بلا إلباس
يا واحد العليا بلا إلباس
رقم القصيدة : 54820
-----------------------------------
يا واحد العليا بلا إلباس
ابعث بسهم من أبي العباس
واعلم بأني لا أقلد مذهب أبي
سفيان يوما خيفة الوسواس
ولجد من شرح الكتاب تحيزي
هذا إذا اختلف انتماء الناس
فابعث به طيا بكل خفية
كالطيف في جنح الظلام الغاس
كي لا ينازع فيه غير مقصر
جاري أبو عبد الله الفاسي
ومن العجائب أن أكون وإنني
إن قست أمرا صح فيه قياسي
حالفت معتاد الرماة لفعلتي
فبعثت نحو السهم بالقرطاس
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وعصبة شر من يهود لقيتها
وعصبة شر من يهود لقيتها
رقم القصيدة : 54821
-----------------------------------
وعصبة شر من يهود لقيتها
يجانبها داعي الهدى ويحاشيها
إذا أمنوا واستوثقوا الباب أعلنوا
خبائث ما كان اللسان ليفشيها
كأن رؤوس القوم عند صلاتهم
وقد أومأت للأرض صفر شواشيها
أقاح أمالتها الرياح على الثرى
وقد أسقطت عنها بياض حواشيها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا هلالا يا قضيبا يا رشا
يا هلالا يا قضيبا يا رشا
رقم القصيدة : 54822
-----------------------------------
يا هلالا يا قضيبا يا رشا
إن تبدى أو تثنى أو مشا
يا غزالا ورده في أدمعي
كلما شاء ومرعاه الحشا
قد فشا فيك هيامي في الورى
وهو لولا دمع عيني ما فشا
ولكم آثرت كتمان الهوى
غير أن الدمع بالسر وشا
كيف بالكتمان يوما لامرىء
سره في خده قد نقشا
أو بسلوان لمن في رية
جمسه والقلب في وادي الأشا
خذ فؤادي لك مني هبة
حرة وافعل بقلبي ما تشا
بعت فيك النوم بالسهد فلا
فرق عندي بين صبح وعشا
كم ليال بت في ظلمائها
أمتطي من نار شوقي فرشا
كلما صحت بها واكبدي(47/199)
مادت الأرض لما بي دهشا
وكأن النجم شرب ثمل
واصل الثملة حتى ارتعشا
وكأن الصبح في الليل وقد
ملأ الأرجاء مما جيشا
ثائر راقب منه فرصة
ثم لما أمكنته بطشا
وتخال الأفق ثغرا قاصيا
غلب الروم عليه الحبشا
ملئت من جوهر الدمع يدي
عجبا أقبل في قلبي الرشا
وجرى من ماء عيني نهر
حين أرسلت دموعي مجهشا
فاعجبوا من جوهر لا يقتنى
ولنهر ليس يروي عطشا
يا نديمي فؤادي كلما
نفحت ريح النعامى انتعشا
آنسا قلبي بتذكار الحمى
فالحمى من أهله قد أوحشا
صاع يوم البين قلبي فانجثى
بين أخفاف المطايا وانبشا
وامزجاها قهوة عطرية
كرمت كرما وطابت عرشا
فإذا أبصرها ذو قرة
ظنها بالبعد نارا فعشا
وإذا قبلها شاربها
قطب الوجه لها وانكمشا
فسلا الساقي الذي أترعها
حببا أودعها أوحنشا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا حبيبا من لعيني أن تراه
يا حبيبا من لعيني أن تراه
رقم القصيدة : 54823
-----------------------------------
يا حبيبا من لعيني أن تراه
قد رمى حبك قلبي وبراه
لم يدع هجرك لي من رمق
آه مما فعل البين وآه
ودعاني نجوة داعي الهوى
فاستجاب القلب مني إذ دعاه
يا لقلبي كلما هبت صبا
شفه الوجد لأيام صباه
من عذيري من غريم باللوى
ماطل ألوى بديني ولواه
إن يكن لم يرع عهدي في الهوى
فوقاه الله ربي ورعاه
يا نسيم الريح بلغ خبري
إن أتيت الربع أو جئت حماه
واقر أحبابي سلامي بعد أن
تبدأ الربع بتقبيل ثراه
قد جفاني النوم من بعدهم
من رسول بين جفني وكراه
ولقد كنت صبورا إنما
صدع البين فؤادي وكواه
جل ما ألقاه من فرط الجوى
حسبي الله فلا رب سواه
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> أبا العلاء تلقاك الزمان بما
أبا العلاء تلقاك الزمان بما
رقم القصيدة : 54824
-----------------------------------
أبا العلاء تلقاك الزمان بما
تهوى وأجنت لك الدنيا مجانيها
وأسعد الله بيتا أنت عامره
وشيد العز عليا أنت بانيها
هديتي لك ود لو بعثت به(47/200)
لم يستطع حمله الدنيا ومن فيها
وقدرة الوقت إن فكرت تقصر عن
نفسي وتقصر نفسي عن أمانيها
وقد بعثت بنزر النزر محتقر
إن الهدايا على قدر مهديها
فانظر بعين الرضا والسمع لا نظرت
عين العدو لمرأى فيك يرضيها
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> دعوتك للود الذي جنباته
دعوتك للود الذي جنباته
رقم القصيدة : 54825
-----------------------------------
دعوتك للود الذي جنباته
تداعت مبانيها وهمت بأن تهي
وقلت لعهد الوصل والقرب بعدما
تناءى أأسلو عن حياتي وأنتهي
ومن شام من جو الشبيبة بارقا
ولم تنهه عنه النهى كيف ينتهي
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> عهد الشباب سقى أيامك الأولا
عهد الشباب سقى أيامك الأولا
رقم القصيدة : 54826
-----------------------------------
عهد الشباب سقى أيامك الأولا
سح من الدمع إن شح الحيا هطلا
وإن حبا الله حياها من يأت حيا
يوما وأسعف طالبا بما سألا
فجاد حيك منها غير مفسده
مجلجل يطأ الأوهاد والقللا
يغادر الدوح من بعد الذوى خظلا
يختال في حلل موشية وحلا
فكم لنا فيه إذ عهد الهوى كثب
وإذ خضاب شباب الفود ما نصلا
من عهد أنس تفيأت السرور لدى
روضاته وجنيت اللهو والغزلا
ومن شموس وأقمار إذا طلعت
كانت مشارقها الأستار والكللا
فاليوم لا وصل إلا أن نرى لهم
نهدي تحيتنا الأسحار والأصلا
يا لائمي وقد لج الغرام ذرا
لومي وإن كنتما في مرية فسلا
قد أنب اللوم قلبي في تقلبه
حولا وراود يثي مربعا كملا
لا الجفن مني على شحط المزار جفا
دمعي ولا القلب من بعد البعاد سلا
كم لذت بالدهر أن يدني النوى فأبى
وبالتعلل أن يجدي فما فعلا
وليس تروي غليلا أو تعل صدى
ظماء عزمك ما أودت هل أهلا
وفتية نحرت نحر الفلاة ضحى
بالعزم واتخذت ظهر الدجى جملا
أنضاء أفيح إن ظلوا وإن ظمئوا
شاموا الندى واستبدلوا البيض والأملا
غالت سوائمها شهب السنين فما
أبقت مراسا ولا حولا ولا مللا
تبغي الندى وحيث لج الجود مورده(47/201)
عذب وتنتجع الأملاك والدولا
أجلت قدح سفاري في ركابهم
ففاز قداحي فيما رمته وعلا
حتى أنخنا المطايا في حمى ملك
عن منهج العدل والإحسان ما عدلا
لله يوسف في الأملاك إن وردت
عنه العفاة جنابا للندى خضلا
كانت مواهبه قبل اللقاء لهم
نهبا وكانت لهم جناته نزلا
جزل العطاء لو أن البحر نائله
لقل في جوده الفياض ما بذلا
آراؤه شهب تهدي وسيرته
ما إن ترى عوجا فيها ولا خللا
من دوحة الأزد حيث الحي من يمن
بشط غسان من بعد السرى نزلا
ثم استراد جناب الله خزرجه
حتى أحل بأعلى يثرب الحللا
من كل أروع تبدو في أسرته
سمات يعرب تأبى الشوب والدخلا
مطعام مسغبة إن ضن صوب حيا
مطعان هيجاء لا جبنا ولا بخلا
يأبى الموارد أن تؤتى مشارعها
حتى إذا أرسلت رعيانها الرسلا
ترى الملوك وقوفا دون مورده
لا يوردون به إلا إذا نهلا
حتى إذا أنزل الله الكتاب بما
أنار أبصار أرباب النهى وجلا
أوت نبي الهدى لما استجار بها
والناس في فترة قد كذبوا الرسلا
وجالدت دونه الأحزاب جاهدة
وجدلت بظبا برهانه الجدلا
فأصبحت في نواديها أدلته
تعلو وملته قد هاضت المللا
يا ناصر الدين لما قل ناصره
ومطلع الجود والإحسان قد أفلا
لولا التشهد والترداد منك له
لم يسمع الناس يوما من لسانك لا
... الجزيرة أمر لا تقر به
وهاج مرجلها من فتنة وغلا
فقر راجفها لما احتللت بها
ورضت بالعدل منها الميل فاعتدلا
واهتزت الأرض في ريعانها وربت
كأن ملكك شمس حلت الحملا
حتى إذا برقت للروع بارقة
أقبلتها البيض والعسالة الذبلا
وكلما عذلتك النفس وادعة
جعلت سيفك فيها يسبق العذلا
في فتية ذمرت منها العلا صعدا
قد ساغ صبر المنايا عندها وحلا
تضيء أوجهها والحرب كالحة
وشاب مفرقها بالنقع واكتهلا
لو رامت الشهب في أقصى مراكزها
لم تبق في الجو بهراما ولا زحلا
أرسلت منها على الأعداء داهية
دهياء ما وجدت في دفعها قبلا
حتى إذا سألتك السلم مائلة
حكمت فيها كتاب الله ممتثلا
وصرت والدين ضاح في هواجرها(47/202)
ظلال أمن وسلم أمن السبلا
فكادت الشاء ترعى والذئاب معا
وكادت الناس فيها تأمن الأجلا
فدم وملكك للإسلام خير حمى
يغني الخطوب ويكفي الحادث الجللا
واسعد بعيد أعاد الدهر مبتهجا
في ظل ريعانه والسعد مقتبلا
وازلف بصوم حييت الذكر وافده
قرى وأخلصت فيه القول والعملا
أثنى عليك بما أوليت من عمل
بر وودع أرضى راحل رحلا
ودون ملكك من روض البيان نهى
أرحت فيها القوافي فاغتدت مثلا
تنبيك عن قدم في العرب راسخة
والطرف يعرف منه العتق إن صهلا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> تذكرت عهدا للشباب الذي ولى
تذكرت عهدا للشباب الذي ولى
رقم القصيدة : 54827
-----------------------------------
تذكرت عهدا للشباب الذي ولى
فصاب له تسكاب دمعي وانهلا
وقلت وقد آنست بارقة الهوى
عهود الصبا يا ما ألذ وما أحلا
إذ العيش غض والشبيبة روضة
أزاهرها تجنى وأنوارها تجلا
عهود منى ألوى لجدتها المدى
وقلص من إيناسها ذلك الظلا
وما كان إلا كالخيال لنائم
ألم ويا سرعان ما قوض الرحلا
فلله من ضيف حميد مقامه
لدينا فلو طال المقام لما ملا
نوى ظعنا قبل الوداع مبادرا
فجاد الحيا مثواه أن يتماحلا
وخلفنا نأتي الرسوم فنشتكي
إليها وهل تشفي الرسوم جوى كلا
ومما شجاني أن مررت بمكتب
فهيج وجدي للزمان الذي ولا
وكم قدم قد أقدمت لغرامها
وخط على تعذيب مهجته دلا
بعيد عن الأبصار سام مكانه
فلله ما أبهى ولله ما أعلا
خميلة ذكر جادها واكف المنى
فمن حكمة تروى ومن آية تتلا
وقد حل فيه من مهى الإنس فتية
أوانس لا يعرفن شيحا ولا رملا
تراع من الوسمي إن كان ساقطا
عليها وتستخفي النسيم إذا اعتلا
وليس لديها للعذار توقع
فترهب يوما عقربا منه أو صلا
إذا ما بكى منهم لديغ لدرة
وجادت بدر الدمع مقلته النجلا
وسال بصفح الخد در دموعه
رأيت شقيق الروض بالغيم قد طلا
وما كان إلا أن وقفت فأسرعوا
يريشون من أهداب أحداقهم نبلا
وهبوا إلى أعطافهم ولحاظهم
فكم صعدة هزت وكم صارم سلا(47/203)
رويدكم يا قوم إنا بنو الهدى
آآل كتاب الله لا تنسوا الفضلا
قصارى منانا أن نفوز بنظرة
ونقنع من نيل الوصال بما قلا
إلى الله أشكو ما ألاقي من الجوى
وبعض الذي ألقاه من لاعج أجلا
ويالك من نفس إذا برقت لها
عهود الهوى قالت لوارده أهلا
ومن نظرة دلت على جفني البكا
ومن خطرة نادت إلى قلبي الخبلا
أبا جعفر جاريت كل معلم
ففت بنيه في طريقتك المثلا
ويا حضرة أضحى أبو جعفر بها
فكان لها أهلا وكانت له أهلا
بقيت كناسا للظباء ومربعا
جنابك لا يشكو عفاء ولا محلا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وفدت عقيلتك التي أهديتها
وفدت عقيلتك التي أهديتها
رقم القصيدة : 54828
-----------------------------------
وفدت عقيلتك التي أهديتها
حسناء تسحب للبيان ذيولا
فهفا لها النادي وحل لها الحبا
أهل الكلام مصاعبا وقيولا
وهي العقيلة من قريش أحرزت
من منصب الشرف المنيف جليلا
فبلغت لما أن ظفرت بقربها
أملا ملأت به يدي وسولا
وكأنني لما سمعت بديعها
ورشفت منها مرفقا مشمولا
دنف تناءت بالأحبة داره
حبا ووجه من نحب رسولا
وحبوت منك يدا حبتني بالمنى
منها ثناء دائما موصولا
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> وجودك حيى الملك والدين والدنيا
وجودك حيى الملك والدين والدنيا
رقم القصيدة : 54829
-----------------------------------
وجودك حيى الملك والدين والدنيا
وجودك أحيا المجد والسيرة العليا
وجدك أولى الأمن واليمن والهدى
وجدك جلى الخطب والموئد الدهيا
لك الله من ملك سعيد زمانه
تكنفتنا عدلا وأوسعتنا رعيا
إذا ألمت أو أملتك عصابة
تواسي الذي استجدى وتأسو الذي أعيا
ألم تر أن الدهر أذعن طائعا
لما شئت لا يعصيك أمرا ولا نهيا
فقابل عيد مقبل لك بالمنى
وطالع سعد حاكم لك بالبقيا
وداع دعا حي على بيعة الرضا
فإنجاز وعد أالله أصبح مأتيا
هلموا إلى تقبيل راحة يوسف
فمن وجهه البشرى ومن كفه السقيا
ألا الرحمن نصر نبيه
فحيا تحيات العلا ذلك الحيا(47/204)
همام أجد الدين بعد اختلافه
وألبسه من عدل أيامه وشيا
وفرق بين الحق والشك إذ جرى
على سنن الفاروق في هديه جريا
فمن نوره الأرجاء باهرة السنا
ومن ذكره الأفواه عاطرة الريا
أهاب فلبى الفتح داعيه إذ دعا
وأصرخه النصر المؤزر إذ أيا
هو السحب جودا والكواكب همة
وبدر الدجى وجها وشمس الضحى رأيا
فلو راع صرف الدهر يوما بجيشه
لأصبح نسيا آخر الدهر منسيا
من القوم شادوا الدين بدءا ودافعوا
بأسيافهم عن ركنه الوهن والوهيا
من القوم جادوا بالنفوس كأنما
يسقون في ورد الردى الشهد والأريا
من القوم آووا خاتم الرسل أحمدا
وهم عضدوا التنزيل والحق والوحيا
بدور لسار أو بحور لسائل
فمن تلق منهم تلق أروع بدريا
فمن أدهم أضفى عليه مسجيا
رداء كلون البرس ألحف زنجيا
ومن أشقر كالبرق يستبق الصبا
ومن أشهب يفري أديم الدجى فريا
ومن أحمر تحت العجاج كأنه
سنا شفق يلتاح في الليلة الدجيا
ومن أشعل رش النجيع احمراره
وقد سامت الهيجاء مرجلها غليا
وأصفر حلاه الأصيل نضاره
ووشى بنيل النيل أعرافه وشيا
عراب كما تنصاع قتم كواسر
إذا استعجلوها من مرابطها العليا
حرام عليها أن يفوت قنيصها
ولو أنها تبغي الفراقد والجديا
ولا يحملون النار عن ثقة بها
سنابكها تستحضر الزند والوريا
حشاياهم عند الكرى صهواتها
فأحلامهم بالسبي صادقة الرؤيا
ألا في سبيل الله سيرتك التي
ينادي بها الإيمان حي هلا حيا
تجليت للدنيا فأشرق نورها
وقد كان وجه الدهر ذا مقلة عميا
فكم نصرة لله جهرا قضيتها
وكم نعمة غماء قضيتها خفيا
وكم كربة جليت داج ظلامها
وداع لنصر الله لم تره الأيا
وكم وثقت بالنصر منك كتيبة
بعثت بها لا تعرف الجهد والونيا
تدوخ أقطار العدو بعدوها
وتقهرهم قتلا وترهقهم خزيا
فلم تبق إلا من حمتها جفونها
أو الشنب المعسول والشفة اللميا
وأهيف ساجي المقلتين إذا انتهى
تثنى لنا غصنا ولا حظنا ظبيا
جرت سانحات بيننا وبوارحا
فكانت لنا غنما وكانت لهم نعيا(47/205)
فيا حلم الملك الذي عم عدله
جميع الورى إن أشكل النص والفتيا
ومن قوله فصل ومن فعله هدى
ومن ملكه رشد به أذهب الغيا
لمعنى حباك الله بالملك ناشئا
أهل العلم في المهد مهديا
ودونكها يصبو الحليم لحسنها
وتسبي عقول السامعين لها سبيا
تصير حر الشعر عبدا وإن يكن
محل من الإبداع غايته القصيا
تجرر ذيل الزهو عند جريره
وطائيه تطوي وتكند كنديا
ويهتز عطف الملك عند سماعها
كهزة كفيك الجسام اليمانيا
نتيجة قلب ممحض لك وده
تبيد الليالي وهي باقية تحيا
فلا زلت يا أقصى الملوك مآثرا
وأمضاهم في الله أبيض هنديا
رضاك لرضوان الإله مبلغ
وحبك ذخر في الممات وفي المحيا
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> نلومك يا يوم النحوس ونعذل
نلومك يا يوم النحوس ونعذل
رقم القصيدة : 54830
-----------------------------------
نلومك يا يوم النحوس ونعذل
وأنت على ما أنت تمضي وتقبل
فلا نحن ما عشنا عن اللوم نرعوي
ولا أنت ما كر الجديدان تحفل
ونحسب أن الجد قولٌ نذيعه
وتحسب أنا في المقالة نهزل
لعمرك ما أسلفت فينا جريرة ً
ولكن شعباً خاملاً يتعلل
يلومك فيما كان من جهلاته
فهل كنت تغريه ليالي يجهل
كذلك شأن العاجزين وهكذا
يسيء إلى الأيام من ليس يعقل
ظلمناك والإنسان بالظلم مولعٌ
فليس وإن ناشدته العدل يعدل
أنلنا الرضى والق الذي جر جهلنا
بحلمٍ لو أن الحلم عندك يؤمل
ومر علينا كل يومٍ مسلماً
سلام حثيث السير لا يتمهل
لحا الله قوماً حملونا من الأذى
بما ضيعوا الأوطان ما ليس يحمل
همو خذلوها فاستبيح حريمها
وما برحت تبغي انتصاراً فتخذل
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> أعلل نفسي والأماني طماعة ٌ
أعلل نفسي والأماني طماعة ٌ
رقم القصيدة : 54831
-----------------------------------
أعلل نفسي والأماني طماعة ٌ
ونفس الفتى تلهو وذو العيش يأمل
أعللها بالصالحات من المنى
وبالدهر من بعد الإساءة يجمل
وما حاجتي أن أرتعي العيش ناضراً
أعل بماء الخفض فيه وأنهل(47/206)
ولكنني أرجو الحياة لأمة ٍ
تقاد إلى الجلاد ظلماً وتقتل
يكيد لها أعداؤها ويخونها
بنوها فما تدري على من تعول
أرى سوءة ً شنعاء لست إخالها
بغير الدم المهراق عن مصر تغسل
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> دعا فأثار الساكنين دعاؤه
دعا فأثار الساكنين دعاؤه
رقم القصيدة : 54832
-----------------------------------
دعا فأثار الساكنين دعاؤه
ونادى فراع الآمنين نداؤه
أخو وصبٍ ما إن يحم انقضاؤه
وذو أربٍ ما إن يحين قضاؤه
به من بني مصرٍ عناءٌ مبرحٌ
فيا ليت شعري هل يزول عناؤه
أما إنه لو كان يشفي غليله
بكاءٌ على مصر لطال بكاؤه
تقسمها الأقوام لا ذو حمية ٍ
فيحمي ولا واقٍ فيرجى وقاؤه
وما مصر إلا موطن نحن أهله
عزيزٌ علينا أرضه وسماؤه
فيا حبذا قبل الشقاء نعيمه
ويا حبذا بعد النعيم شقاؤه
ثوى فيه أقوامٌ مللنا ثواءهم
ويا رب ثاوٍ لا يمل ثواؤه
لقد كان يابى أن يذل لغاصبٍ
فيا ليت شعري أين ضاع إباؤه
ويا ليت شعري أية بان عزه
وأين تولى مجده وعلاؤه
لقد كان يرعاه رجالٌ أعزة ٌ
بهم من صروف الدهر كان احتماؤه
همو ضاربوا عنه فصانوا ذماره
بصارم عزمٍ ما يرد مضاؤه
بني وطني لا تسخطوه عليكمو
فليس سواءً سخطه ورضاؤه
بني وطني خلوا التخاذل إنه
بلاؤكمو يجتاحكم وبلاؤه
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> حميت لواء الملك فارتد طالبه
حميت لواء الملك فارتد طالبه
رقم القصيدة : 54833
-----------------------------------
حميت لواء الملك فارتد طالبه
وصنت ذمار الحق فاعتز جانبه
وأدركت نصراً ما رمت ساحة الوغى
بأمواجها حتى رمتها غواربه
تضج العدى غرقى وينساب زاخراً
تعب عواديه وتطغى معاطبه
إذا النصر عادى في الوغى جند مدبرٍ
فجندك مولاه وسيفك صاحبه
أبت أمة اليونان أن تسكن الظبى
فهب الردى فيها تلظى مضاربه
بعثت عليها من جنودك عاصفاً
تضيق به الآجال إن جد دائبه
ترامى بها فالبر حيرى فجاجه
مروعة ً والبحر حرى مساربه
إذا التمست في غمرة الهول مهرباً(47/207)
تطلع عادي الموت وانقض واثبه
منايا توزعن النفوس بمعطبٍ
دعا السيف فيه فاستجابت نوادبه
إذا انهل مسفوكٌ من الدم أعولت
وراحت تريق الدمع ينهل ساكبه
وإن ضج ما بين القواضب هالك
أرنت وراء الخيل شعثاً تجاوبه
مآتم أمسى الملك مما تتابعت
وأعراسه ما تنقضي ومواكبه
تجلت هموم كن بالأمس حوله
كما اسود ليل ما تفرى غياهبه
أهاب بها النصر الحميدي فارعوت
وأقبل وضاحاً تضيء كواكبه
تبيت منيفات المآذن هتفاً
بأنبائه والبغي ينعق ناعبه
بريدٌ من المختار يعبق طيبه
وبرقٌ من الأنصار يسطع ثاقبه
سنا الوحي أسطارٌ فإن كنت قارئاً
فهذا كتاب الحق والله كاتبه
أفي معقل الإسلام تطمع أمة ٌ
تبيت مناياها حيارى تراقبه
إذا لمحت إيماءة ً منه أجلبت
على القوم حتى يسأم الشر جالبه
كتائب من أقوامنا خالدية ٌ
وما الحرب إلا خالدٌ وكتائبه
مشت تأخذ الأعداء والله قائم
عليها ودين الله يعتز غالبه
إذا لمست حصناً هوت شرفاته
وإن لمحت طوداً تداعت مناكبه
تعلمت الهيجاء شتى فنونها
وتمت لها من كل فن عجائبه
لها في أعاصير القتال وقائعٌ
هي السحر لولا أن يزيف كاذبه
ألمت بلاريسا فحل ربوعها
عذابٌ إذا ما استصرخت لج واصبه
رمتها بوبلٍ من حديدٍ وأسربٍ
تتابع يجري من يد الله صائبه
تقلب في فرسالة العين هل ترى
على اليأس فيها من سميعٍ تخاطبه
تديران نجوى جارتين اعتراهما
على الضعف هم يصدع الصخر ناصبه
إذا صاحتا بالجيش تستنجدانه
تنصل موريه وأجفل هاربه
بكل مكانٍ مدبرٍ من فلولهم
تضل مناحيه وتعمى مذاهبه
يجانب حر البأس والأرض كلها
دمٌ وسعيرٌ مطبقٌ ما يجانبه
ومن يلتمس لحم الضواري له قرًى
فتلك مقاريه وهذي مآدبه
هم أطعموا الموت الزؤام وعلموا
جنون السكارى ما تكون عواقبه
تساقوا أفاويق الغرور فما نجوا
وليس بناجٍ من أذى السم شاربه
أجارتنا ما أكرم الجيش لو وفى
وما أحسن الأسطول لو جد لاعبه
إليكم بني هومير هل من قصيدة ٍ
تغني ضوارينا بها وثعالبه
دعوا شيخكم إني على الشعر قائمٌ(47/208)
فما يبتغي غيري على الدهر طالبه
أسيرة فيكم حديثاً مردداً
لنا مجده الأعلى وفيكم مثالبه
لنا من بني عثمان سيفٌ إذا انتمى
تسامت به أعراقه ومناسبه
لحمزة حد منه غير مكذب
وحد لسيف الله شتى مناقبه
إذا ما دعا الشم الأباة لغارة ٍ
دعا البيت فيه واستجابت أخاشبه
قضيت لهم في الله واجب حقه
وكيف بحق الله إن ضاع واجبه
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> إنا بنو عثمان أعلام الورى
إنا بنو عثمان أعلام الورى
رقم القصيدة : 54834
-----------------------------------
إنا بنو عثمان أعلام الورى
والأرض تشرف فوقها الأعلام
إنا السنام إذا الأنام تفاخرت
والناس فيهم منسم وسنام
إنا يسوس أمورنا ويقيمها
ملكٌ بأمر إلهه قوام
رحب الذراع كفى الذي نعنى به
رأيٌ له في المشكلات حسام
عبد الحميد أتاح في أيامه
للملك ما ذهبت به الأيام
لولا حزامته وشدة بأسه
ومضاؤه لتضعضع الإسلام
ما زال يحمي حوضه مذ جاءه
وكذاك يحمي غيله الضرغام
ملكٌ يقوم الليل ينظر في غدٍ
ماذا يسدد والملوك نيام
منع الخلافة أن تنال صروحها
حتى تحامت سوحها الأوهام
جدعاً لأنف معاشر منتهمو
بالملك ما منتهم الأحلام
ولقد درى اليونان أنا معشر في الروع ضرابو الكماة كرام
بيض الوجوه إذا الكريهة كشرت
وسما لها تحت الحديد ضرام
نسطو ونبطش قادرين أعزة ً
تشكو السيوف ضرابنا والهام
نهفوا وتثبت رجحاً أحلامنا
وتظل تهفو منهم الأحلام
وارحمتا للروم أبقينا بهم
جرحاً مدى الأيام لا يلتام
إنا لنمنع أن يضام حريمنا
ونزلزل الأرضين حين يضام
دم يا أمير المؤمنين فما لمن
عاداك بين العالمين دوام
لا زلت يا ركن الخلافة شامخاً
تعنو لك الأعراب والأعجام
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> إلام تجن الحادثات وتظلم
إلام تجن الحادثات وتظلم
رقم القصيدة : 54835
-----------------------------------
إلام تجن الحادثات وتظلم
وحتى متى تبغي العداة وتظلم
حملنا من الأيام ما لا يطيقه
أبانٌ ولا يقوى عليه يلملم(47/209)
نوائب تتلوها إلينا نوائبٌ
صعاب تهد الراسيات وتهدم
إذا نحن قلنا قد تولت غيومها
توالت علينا ترجحن وتسجم
ظللنا لها ما بين باكٍ دموعه
تسيل وشاكٍ قلبه يتضرم
جزى الله ما يجزي المسيئين معشراً
تمادت بنا شكوى الإساءة منهم
أتوا مصر ضيفاناً أطلنا قراهمو
وإكرامهم والحر للضيف يكرم
فما برحوا يأتون كل عظيمة ٍ
فنغضي ويأبون الجميل فنحلم
أهذا جزاء المحسنين وفوا به
فيا بئسما يجزي اللئيم المذمم
بذلنا لهم أرياً وجاءوا بعلقمٍ
وهل يستوي الضدان أريٌ وعلقم
نقيضان هذا مر في الذوق مطعماً
فمج وهذا قد حلا منه مطعم
لئامٌ لقوا منا كراماً لقوهمو
بأحلام عادٍ يلأمون ونكرم
همو زعموا أنا ضعافٌ فضاعفوا
أذانا وكم من مخطئ حين يزعم
يزيد الأذى منهم فيزداد حلمنا
ويعظم وقع الخطب فينا فنعظم
وجاروا وماروا واعتدوا وتمردوا
وجالوا وصالوا وازدروا وتهضموا
وعادوا وكادوا واستبدوا وعاندوا
وخانوا ومانوا واستطالوا وأجرموا
ولم يتركوا شيئاً لنا من بلادنا
نلذ به بين الأنام وننعم
نعم تركوا آلام حزنٍ مبرحٍ
بها كل قلبٍ من بني مصر مفعم
كفى حزناً أنا نرى مصر أصبحت
بعين بنيها وهي نهبٌ مقسم
تناديهمو كي يدركوها ولا أرى
سوى محجمٍ يعتاق ساقيه محجم
بني مصر هيا قد تمادى جثومكم
أأنتم إلى يوم القيامة جثم
بني مصر هذي مصر تبكي مصابها
ألا مشفق يحنو عليها ويرحم
بني مصر هذي مصر قد ساء حالها
وأسوأ حالاً لو تفيقون أنتم
بني مصر قد أوردتمو مصر مورداً
يذيق الردى وراده لو علمتم
أسأتم إليها جاهدين وأنتمو
بنوها فهلا للعداة أسأتم
فيا ليتها من قبل كانت عقيمة ً
ويا ليتها في مقبل الدهر تعقم
فما ثاكل شمطاء أمسى وحيدها تخرمه صرف الردى المتخرم
رهين بلى ً قد حل في جوف حفرة ٍ
يسد عليها بالرجام ويردم
تولت بقلبٍ موجعٍ لفراقه
تشق عليه الجيب حزناً وتلطم
يقرح جفنيها لطول بكائها
دموعٌ سخيناتٌ يعندمها دم
بأعظم من مصر اكتئاباً وحسرة ً
وقد زال عنها عزها المتصرم(47/210)
لقد هرمت مصر ونزعم أنها
فتاة ٌ فهل أدعى فتى ً حين أهرم
بدا ظهرها بعد الشباب مقوساً
وقد كان قبل الشيب وهو مقوم
ولو أسفرت عن وجهها لبدت لنا
حقيقتها لكنها تتلثم
إذا حاولت مصرٌ إلى المجد نهضة ً
أبى ذاك عظمٌ واهنٌ متهشم
أتلك فتاة ٌ يا بني مصر إنكم
توهمتمو هذا فخاب التوهم
وفلاح مصرٍ كم توالت مصائبٌ
عليه تلقى شرها وهو مرغم
رأى القوت من هم الحياة فباعه
يخاف أذاهم وانثنى يتألم
له صبية ٌ خمص البطون كأنهم
جوازل وكرٍ ما لها فيه مطعم
وبادية الثديين أخلق ثوبها
وأبلاه بعد الحول حول مجرم
توجع تبغي بعد عامين غيره
حفاظاً على العورات والمرء معدم
يقول لها لا ترفعي الصوت واجعلي
لباسك حسن الصبر ما ثم درهم
مغارم شتى لا تزال تصيبني
إذا مغرم منها انقضى جاء مغرم
نمارس أنواع الشقاء وغيرنا
بما نحن نجني دوننا يتنعم
نبيع ببخسٍ ما علمت ونشتري
من القوم لا بالبخس ما نحن ننجم
فلو أن في مصرٍ مصانع لم يكن
كمغنم أهليها على الدهر مغنم
بلادٌ يفيض الخير فيها وتشتكي
وشعبٌ يفوز الأجنبي ويحرم
ألا ليت هذا الدهر يعكس سيره
فيعتاد مصراً عهدها المتقدم
لقد كان عيداً للبلاد وموسماً
تسر به لو دام عيدٌ وموسم
ترقت بروج العز فيه بواذخاً
لها من صميم العزم والحزم سلم
أتى بعده عهدٌ وعهدٌ كلاهما
أضر وأنكى للبلاد وأشأم
كفى حزناً أن المدارس أصبحت
دوارس فيها للبلى متخيم
أرى أمة ً حيرى يظل سوادها
صريع العمى والجهل ما يتعلم
ألا مصلح يبني الحياة لقومه
ألا منقذ يحمي البلاد ويعصم
سما من سما بالعلم واعتز بالحجى
من اعتز فينا والذين تقدموا
رأيت سنام المجد لا يستطيعه
بلا أدبٍ يسمو به المتسنم
وكيف تنال المجد في الناس أمة ٌ
أزمتها للإنكليز تسلم
أنطمع كالأحياء في نيل بغية ٍ
وأعداؤنا تقضي علينا وتحكم
ولم أر كالسودان أبعث للأسى
وإن لج في ترنامة المترنم
أكانوا عداة ً فابتدرنا قتالهم
وصاولهم منا الخميس العرمرم
دهمناهمو لا بل دهمنا نفوسنا(47/211)
فهلا علمنا أينا كان يدهم
سيوف لغير الله سلت عليهمو
تطبق فيهم مرة ً وتصمم
تمنى لو أن الحامليها تثلمت
سواعدها أو أنها تنثلم
ومشتجرات في الصدور نوافذٌ
تود تقى ً لو أنها تتحطم
فيا عجباً للدهر كيف يضمنا
وإخواننا الأدنين في الحرب مأزم
ألا حرمة وافى بها الدين تتقى
ألا رحم أوصى بها الله ترحم
كأني بأرواحٍ قضت شهداؤها
تسامى إلى ديانها تتظلم
لعمري لقد غيظت لسوء صنيعنا
ملائكة الجبار فهي تدمدم
تجدلت الحامون منا ومنهمو
وحدثت الناعون عنا وعنهم
فمن لنساءٍ قد شجاها التأيم
ومن لصغارٍ قد دهاها التيتم
يهنئنا قومٌ بهذا وإنما
يهنأ من يغزو العدو فيغنم
علام أرى الغاوين تسدي وتلحم
وتنثر في مدح العداة وتنظم
ألا قاتل الله المقطم إنه
ليوشك أن يندك منه المقطم
نود له أن يهتدي من ظلاله
فيأبى وأن يحذو الكرام فيلأم
وكيف يرى سبل الهداية مبغضٌ
لها مستهامٌ بالغواية مغرم
يدب يقول السوء في مصر جاهداً
كما دب ليلاً ينفث السم أرقم
ألم يدر أن الصدق أهدى طريقة ً
وأجدى وأن الحق أقوى وأقوم
تمنى العدى أن تستبيح بلادنا
منى ً دونها ذو لبدتين غشمشم
شتيمٌ تحامى الضاريات عرينه
يكشر عن أنيابه ويصلقم
منى دونها غيث البلاد وغوثها
مليك الورى عبد الحميد المعظم
أجل الملوك الصيد في الفضل رتبة ً
وأقوم رأياً في الخطوب وأحزم
له عزماتٌ ماضياتٌ متى ترم
مراماً تحاماها القضاء المحتم
يبيت الدجى يرعى الرعايا بفكرة ٍ
حكت منه طرفاً كالئاً ما يهوم
هو المرتجى للملك يحمي ذماره
ويدحر عنه المعتدين ويدحم
ورأيٍ له أمضى غراراً ومضرباً
من السيف لا ينبو ولا هو يكهم
تغض به هام الأعادي إذا عتت
وتجذم أسباب العوادي وتخذم
أمولاي رحماك التي أنت أهلها
فحتى متى نبدي الشكايا ونكتم
يصرح بالشكوى لعلياك معشرٌ
ويخشى الأعادي معشرٌ فيجمجم
أمضت جراحات الخطوب قلوبنا
وليس لها في غير كفيك مرهم
أما للشياطين التي قد تمردت
بأرضك شهبٌ من سمائك رجم
غياثك يا رب البلاد لأمة ٍ(47/212)
يهدم عالي مجدها ويهضم
غياثك إنا قد سئمنا حياتنا
ومثل حياة الحر في مصر تسأم
غياثك قد ضاق الخناق وحشرجت
نفوسٌ إذا استبقيتها تتلوم
بقيت لهذا الملك تدفع دونه
وتمنع أمر المسلمين وتعصم
ولا زلت يا روح الخلافة سالماً
فأمنية الإسلام أنك تسلم
ولا برح البيت الذي أنت شائدٌ
من المجد فينا وهو بيتٌ محرم
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> أعلل نفسي بالعواقب أرتجي
أعلل نفسي بالعواقب أرتجي
رقم القصيدة : 54836
-----------------------------------
أعلل نفسي بالعواقب أرتجي
لأدواء قومي من يد الله شافيا
عسى واضحٌ من نوره أن يظلنا
فيصدع عن آمال مصر الدياجيا
أراها كساري الليل لا يأمن الردى
ولا هو يرجو من سنا النجم هاديا
تلف الدجى في غمرة الهم بالدجى
وتلبس أهوال السرى والدواهيا
وتعزف تدعو الجن أن يكشفوا الأذى
تعالج من كرب يهول الأناسيا
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> غضب الحماة لدين أحمد غضبة ً
غضب الحماة لدين أحمد غضبة ً
رقم القصيدة : 54837
-----------------------------------
غضب الحماة لدين أحمد غضبة ً
نصر الإله بها وعز المصحف
قذفت بهانوتو فطاح بهبوة ٍ
ترمي بأبطال الرجال وتقذف
ما انقض يرمى المسلمين بعسفه
حتى انبرى القدر الذي لا يعسف
هاج الحماة فهاج كل مشيعٍ
عجل الوقائع بالفوارس يعصف
جبريل يدلف باللواء وأحمد
بين الوصي وبين حمزة يزحف
أو كلما هاج التعصب أهله
صاح الغوي بنا وضج المرجف
في كل يومٍ للتعصب غارة ٌ
يدعو بها داعي الصليب ويهتف
ضجت شعوب المسلمين وراعهم
ظلم الألى لولا السياسة أنصفوا
جعلوا الصليب سلاحها وتدفعت
عن جانبيه دماً فلم يستنكفوا
إن الصليب على جهالة أهله
ليرى سبيل المصلحين ويعرف
أيهم هانوتو بقبر محمدٍ
ويسوع حوليه يطوف ويعكف
أيقول تلك فلا تميد بأهلها
باريس من فزعٍ ويهوي المتحف
فلسوف ينظر أي ملكٍ ينطوي
ولسوف يعلم أي عرشٍ ينسف
ويحي على الإسلام هان وزلزلت
أيدي الخطوب شعوبه فاستضعفوا(47/213)
لولا التعصب لم ترع في ظله
أمم تميد ولا ممالك ترجف
وأرى الذين تفرقت أهواؤهم
لو أنهم غضبوا له لتألفوا
مهلاً دعاة الشر إن وراءكم
يوماً تظل به الشعوب تخطف
تنخبط الأحداث في غمراته
وتظل عن أهواله تتكشف
لله فيما تفعلون بدينه
عهدٌ أبر وموعدٌ ما يخلف
مهلاً فيومئذٍ يحم قضاؤه
إن القضاء إذا جرى لا يصرف
كشف الكتاب عن المحجة فانظروا
وأرى المحجة عندكم أن تصدفوا
لوذوا بأروع ما تخاف نفوسكم
إن الكتاب على النفوس لأخوف
إن الذي قهر الجبابر ما له
مثل يعد ولا شبيه يوصف
يزجي أساطيل القضاء سطوره
وتقود خيل الله منه الأحرف
ولربما ركب المجرة فاعتلى
وهوى المنيف على العباب المشرف
حصن يلوذ الدين منه بجانبٍ
عزريل مرتقبٌ عليه يرفرف
تشقى الجواء بما يذيب من القوى
وتضيق بالمهج التي يتلقف
ما بين وثبة ثائرٍ ونكوصه
إلا مجالٌ للحماة وموقف
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> غوى الناس حتى لا صواب ولا رشد
غوى الناس حتى لا صواب ولا رشد
رقم القصيدة : 54838
-----------------------------------
غوى الناس حتى لا صواب ولا رشد
وضلوا فلا رسل تطاع ولا جند
إذا كنت في أمر النفوس مشاوراً
فما لك من سيفٍ تشاوره بد
وإنك إن أمعنت في نقدها انتهى
بك الأمد الأقصى ولم ينته النقد
وما زلت بالدنيا أعد ذنوبها
إلى أن تناهت همتي وانقضى العد
بليت بمن تفري الزواجر سمعه
فيطغى وترميه العظات فيشتد
يقول غواة الناس مجدٌ وسؤددٌ
ولا سؤددٌ فيما بدا لي ولا مجد
أرى الناس أنداداً ولا مجد لامرئٍ
إذا لم يكن كالدهر ليس له ند
بذلك أقضي في الصديق وفي العدى
ومثلي يدري ما العداوة والود
نما الناس حولي من محب وحاقدٍ
فما غرني حب ولا هاجني حقد
بني النيل إني لا أرى فيه مفرداً
ولا أدعي أني به الشاعر الفرد
وليس بناء المجد فيكم بقائمٍ
مدى الدهر والأخلاق تهوي وتنهد
كفى الدهر عتباً يا بني النبل أنه
مجال حياة ٍ للممالك أو لحد
عتبتم على الأيام وهي كعهدها(47/214)
فلا تعتبوا حتى يدوم لكم عهد
وإن وثب الضرغام للصيد عادياً
فلا تعجبوا أي الضراغم لا يعدو
وما اتخذت للهو من قبل داحسٍ
رقاق المواضي والمسومة الجرد
بني النيل جدوا في المطالب واصدقوا
فلا مجد حتى يصدق العزم والجد
هو البأس حتى يجفل الأسد الورد
ويذهل عن حوبائه الرجل الجلد
سنركبها روعاء تلوي عنانها
ونرمي بها هوجاء ليس لها رد
وما هو إلا أن يثور غبارها
فلا أفق إلا وهو أقتم مسود
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> دعونا نبتدر ورد الحمام
دعونا نبتدر ورد الحمام
رقم القصيدة : 54839
-----------------------------------
دعونا نبتدر ورد الحمام
ليطفئ برده حر الأوام
دعونا إن للأوطان حقاً
تضيع دونه مهج الكرام
أنخذلها ونحن لها حماة ٌ
فمن عنها يناضل أو يحامي
أنسلمها إلى الأعداء طوعاً
فتلك سجية القوم الطغام
أيبغي الإنكليز لها استلاباً
ولما تختضب بدمٍ سجام
ويمش أخو الوغى منا ومنهم
على جثثٍ مطرحة ٍ وهام
أنتركها بأيدي القوم نهباً
وفي هذي الكنانة سهم رام
لقد ظن العداة بنا ظنوناً
كواذب مثل أحلام النيام
رأونا دونهم عدداً فنادوا
علينا بالنزال وبالصدام
وزجوها فوارس ضاق عنها
فضاء الأرض أعينها دوام
لقيناهم بآسادٍ جياع
ترى لحم العدى أشهى طعام
لعمر أبيك ما ضعفت قوانا
فنجنح صاغرين إلى السلام
معاذ الله من خورٍ وضعفٍ
ومن عابٍ نقارفه وذام
ولا والله نرضى الخسف ديناً
كدأب المستذل المستضام
إذا حكم العدى جنفاً علينا
فأعدل منهم حكم الحسام
هبونا كالذي زعموا ضعافاً
أيأبى نصرنا رب الأنام
أيخذلنا ونحن له نصلي
جميعاً من قعودٍ أو قيام
فلا يأسٌ إذا ما الحرب طالت
من النصر المرجى في الختام
ولسنا نترك الهيجاء يوماً
بلا نارٍ تشب ولا ضرام
فإما العيش في ظل المعالي
وإما الموت في ظل القتام
هي الأوطان إن ضاعت رضينا
من الآمال بالموت الزؤام
فهل جاء البوير حديث قومي
وما قومي بشيءٍ في الخصام
لنعم القوم ما أوفوا بعهدٍ
لأوطانٍ شقين ولا ذمام(47/215)
ولا اعتصموا بحبل الجد يوماً
ولا لاذوا بأكناف الوئام
فوا أسفي على وطن كريمٍ
غدا ما بيننا غرض السهام
ونحن على توجعه سكوتٌ
كأنا بعض سكان الرجام
رعى الله البوير بحيث كانوا
وجاد ديارهم صوب الغمام
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> نبئ سواي فما لي حين تخبرني
نبئ سواي فما لي حين تخبرني
رقم القصيدة : 54840
-----------------------------------
نبئ سواي فما لي حين تخبرني
بأس الحديد ولا صبر الجلاميد
ماذا حملت من الأنباء لا رزئت
أذني وعيني بمسموعٍ ومشهود
خادعت أذني فلم أسمع بصالحة ٍ
وخنت عيني فلم أبصر بمودود
دعني أصم عن الدنيا وساكنها
أعمى عن الدهر في أحداثه السود
إني تزودت قبل اليوم داهية ً
دهياء أحمل منها فوق مجهودي
قل للفجائع شتى لا عداد لها
كفي أذاك عن الباكين أو زيدي
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> أغرك يا أسماء ما ظن قاسم
أغرك يا أسماء ما ظن قاسم
رقم القصيدة : 54841
-----------------------------------
أغرك يا أسماء ما ظن قاسم
أقيمي وراء الخدر فالمرء واهم
ذكرتك إني إن تجلت غيابتي
على ما نمى من ذكرك اليوم نادم
تضيقين ذرعاً بالحجاب وما به
سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
سلامٌ على الأخلاق في الشرق كله
إذا ما استبيحت في الخدور الكرائم
أقاسم لا تقذف بجيشك تبتغي
بقومك والإسلام ما الله عالم
لنا من بناء الأولين بقية ٌ
تلوذ بها أعراضنا والمحارم
أسائل نفسي إذ دلفت تريدها
أأنت من البانين أم أنت هادم
ولولا اللواتي أنت تبكي مصابها
لما قام للأخلاق في مصر قائم
نبذت إلينا بالكتاب كأنما
صحائفه مما حملن ملاحم
ففي كل سطرٍ منه حتف مفاجئٌ
وفي كل حرفٍ منه جيشٌ مهاجم
حنانك إن الأمر قد جاوز المدى
ولم يبق في الدنيا لقومك راحم
أحاطت بنا الأسد المغيرة جهرة ً
ودبت إلينا في الظلام الأراقم
وأبرح ما يجني العدو إذا رمى
كأهون ما يجني الصديق المسالم
لنا في كتاب الله مجد مؤثلٌ
وملكٌ على الحدثان والدهر دائم(47/216)
إذا نحن شئنا زلزل الأرض بأسنا
ودانت لنا أقطارها والعواصم
نصول فنجتاح الشعوب وننثني
بأيماننا أسلابها والغنائم
قضينا المدى صرعى تخور نفوسنا
وتخذلنا في الناهضين العزائم
فلم يك إلا أن أحيط بملكنا
ولم يك إلا أن دهتنا العظائم
تداعت شعوب الأرض تسعى لشأنها
وغودر شعب في الكنانة نائم
هممنا بربات الحجال نريدها
أقاطيع ترعى العيش وهي سوائم
وإن امرأً يلقي بليلٍ نعاجه
إلى حيث تستن الذئاب لظالم
وكل حياة ٍ تثلم العرض سبة ٌ
ولا كحياة ٍ جللتها المآثم
أتأتي الثنايا الغر والطرر العلى
بما عجزت عنه اللحى والعمائم
عفا الله عن قومٍ تمادت ظنونهم
فلا النهج مأمونٌ ولا الرأي حازم
ألا إن بالإسلام داءً مخامراً
وإن كتاب الله للداء حاسم
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> متى ينهض الشرق من كبوته
متى ينهض الشرق من كبوته
رقم القصيدة : 54842
-----------------------------------
متى ينهض الشرق من كبوته
وحتى متى هو في غفوته
كبا وكذلك يكبوا الجواد
براكبه وهو في حلبته
ونام كما نام ذو كربة ٍ
تملكه اليأس في كربته
وهي عزمه ما يطيق الحراك
وقد كان كالليث في وثبته
تجر عليه عوادي الخطوب
كلاكلها وهو في غفلته
نواهب ما كان من مجده
سوالب ما كان من عزته
فلا هو يدفع عن حوضه
ولا هو يمنع من حوزته
لعاً أيها الشرق من عثرة ٍ
بها نهض الغرب من عثرته
لقد كنت تسبقه أعصراً
وقد كان يظلع في مشيته
إلى المجد حين تذريته
وحين تضاءل عن ذروته
سما الغرب واعتز بعد الذي
رأى القوم ما كان من ذلته
وجد يروم كبار الأمور
فقد أصبحت وهي من بغيته
فأدرك ما أعجز المدركين
ولم يثن ذلك من همته
بلى هو في سعيه دائبٌ
تزيد الكوارث في قوته
إذا نابه حادثٌ رائعٌ
تخور العزائم من خشيته
دعا من بنيه مطاعٌ مجاب
تخف الجموع لدى دعوته
كراماً يكرون مسترسلين
كمبتدر الغنم في كرته
هم يجبرون المهيض الكسير
إذا فلل الدهر من شوكته
وهم يكرمون السري الكريم
ولا يحمدون سوى سيرته(47/217)
وهم ينصفون ولا يظلمون
كمن أصبح الظلم من شيمته
فلا يرفع المرء عن قدره
ولا يخفض الشيء عن قيمته
خلالٌ غدت غرة ً للخلال
وهل حسن شيءٍ سوى غرته
تحلى بها الغرب سقياً له
وبورك فيه وفي حليته
لقد كان في حفرة ٍ ثاوياً
ولكن ثوى الشرق في حفرته
فيا لهف قلبي لمجدٍ مضى
ويا شوق نفسي إلى عودته
ويا لهف آبائنا الأولين
على الشرق إن ظل في نكبته
همو غادروه كروضٍ أريضٍ
تتوق النفوس إلى نضرته
ونحن تركناه للعاديات
ولم نرع ما ضاع من حرمته
فأذهبن ما كان من حسنه
وأفنين ما كان من بهجته
فهل يسمع القول أهل القبور
خطيبٌ فيسهب في خطبته
يناديهم فيم هذا الرقاد
كفى ما دهى الشرق من رقدته
لقد ضاع بعدكم مجده
وكل المثالب في ضيعته
وأنتم رجالٌ ذوو نجدة ٍ
فلا تقعدوا اليوم عن نجدته
لكم عزماتٌ صلابٌ شداد
يلين لها الدهر في شدته
قواصم للمعتدي المستطيل
عواصم يحمين من صولته
بها يدرك الشرق ثاراته
فيشفى وينقع من غلته
سقى الله سكان تلك القبور
غيوثاً هوامع من رحمته
وعزى بني الشرق عن مجده
وبارك للغرب في أمته
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> أهذي ديار القوم غيرها الدهر
أهذي ديار القوم غيرها الدهر
رقم القصيدة : 54843
-----------------------------------
أهذي ديار القوم غيرها الدهر
فعوجوا عليها نبكها أيها السفر
محا آيها مر العصور وكرها
إذا مر عصرٌ كر من بعده عصر
نسائلها أين استقل قطينها
وهل تنطق الدار المعطلة القفر
وكائن ترى من ذي ثمانين خضبت
لطول البكى من شيبه الأدمع الحمر
بكى وطناً أودت بسالف مجده
حوادث دهرٍ من خلائقه الغدر
أغارت عليه من جنوبٍ وشمألٍ
فما برحت حتى أتيح لها النصر
ألا إنها مصر التي شقيت بنا
فيا ويح مصرٍ ما الذي لقيت مصر
مضى عزها المسلوب ما يستعيده
بنوها فلا عز لديهم ولا فخر
هم رقدوا عنها فطال رقادهم
فديتكم هبوا فقد طلع الفجر
ألما تروا أن قد تقسم أمركم
بأيدي الألى جدوا فهل لكم أمر
أما فيكم حرٌ إذا قام داعياً(47/218)
إلى صالحٍ أوفى فجاوبه حر
كريمان لما يجثما عن عظيمة ٍ
ولا بهما إذ يدعوان لها وقر
هما هضبتا عزمٍ وحزمٍ كلاهما
يخافهما الخطب المخوف فما يعرو
هما الذخر للأوطان إن جل حادثٌ
فضاقت به ذرعاً وأعوزها الذخر
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> أم تدافع يأسها برجائها
أم تدافع يأسها برجائها
رقم القصيدة : 54844
-----------------------------------
أم تدافع يأسها برجائها
ما تنقضي الآمال في أبنائها
أمسى الشقاء لها خديناً ما له
متحول عنها فيا لشقائها
هذا لعمركم العقوق بعينه
أكذا تخلى الأم في بلوائها
أكذا تغادر للخطوب تنوشها
وتمد أيديها إلى حوبائها
غرض النوائب ما تزال سهامها
تهوي مسددة ً إلى أحشائها
صرعى تواكلها الحماة فما لها
إلا ترقب موتها وفنائها
تبكي وتضحك دونها ولو أننا
بشرٌ بكينا رحمة ً لبكائها
تشكو البلايا التاركات نعيمها
بؤساً وما تشكو سوى جهلائها
يا آل مصر وأنتم أبناؤها
ولكم جوانب أرضها وسمائها
إن تسألوا فالجهل داء بلادكم
ومن البلية أن تموت بدائها
والمال وهو من الودائع عندكم
نعم الدواء المرتجى لشفائها
إن يبن زارعها الحياة لقومه
فبكف صانعها تمام بنائها
عود الثقاب أما يكون بأرضنا
إلا تراه العين من أقذائها
يا قوم هل من إبرة ٍ مصرية ٍ
تشفي بقايا النفس من برحائها
إن الصنائع للحياة وسيلة ٌ
فتعاونوا طراً على إحيائها
لا تبخلوا يا قوم إن كنتم ذوي
كرمٍ فما الدنيا سوى كرمائها
قوموا قيام الأكرمين وجردوا
همماً تود البيض بعض مضائها
وتدفقوا بالمكرمات ونافسوا
في بذل عارفة ٍ وكسب ثنائها
عز الثراء فجئت مصر وأهلها
متبرعاً بالشعر عن شعرائها
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> فداؤك نفسي من لواءٍ محببٍ
فداؤك نفسي من لواءٍ محببٍ
رقم القصيدة : 54845
-----------------------------------
فداؤك نفسي من لواءٍ محببٍ
حمى جانبيه كل ماضٍ مدرب
يدين له الجبار غير معذلٍ
ويعنو له المغوار غير مؤنب(47/219)
إذا ما ألمت بالديار ملمة ً
رماها بمثل المارج المتلهب
سميعٍ إذا استفزته متحفزٍ
سريعٍ إذا استنجدته متوثب
أخي ثقة ٍ لا بأسه بمكذبٍ
ولا برقه في الحادثات بخلب
هم الصحب صانوا للديار لواءها
وصالوا على أعدائها غير هيب
يكرون كر الدارعين إلى الردى
إذا الحرب أبدت عن عبوسٍ مقطب
إذا طلبوا حقا تداعوا فأجلبوا
على سالبيه وانثنوا غير خيب
على حين قل الناصرون وأعرضت
رجالٌ متى تحمل على الجد تلعب
أطالت عناء الناصحين ولم يكن
ليردعا قول النصيح المؤدب
متى تر شعباً للعماية تستبق
إليه وإن يبد الهدى تتنكب
تنام عن الأوطان ملء عيونها
وما عميت عن خصمها المترقب
فيا عجباً كيف القرار بمعطبٍ
وكيف الكرى ما بين نابٍ ومخلب
ألا ليتها موتى بمدرجة البلى
وكالموت عيش الخائن المتقلب
وما منع الأوطان إلا حماتها
وذادتها من ذي شبابٍ وأشيب
همو ذخرها المرجو في كل حادثٍ
وعدتها في كل يومٍ عصبصب
سلام عليهم من كهولٍ وفتية ٍ
وبورك فيهم من شهودٍ وغيب
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> أمن صلفٍ صدودك أم دلال
أمن صلفٍ صدودك أم دلال
رقم القصيدة : 54846
-----------------------------------
أمن صلفٍ صدودك أم دلال
فقد أحدثت حالاً بعد حال
صددت وكنت لا تنوين شراً
لمن أخزيته بين الرجال
مضى بك لا يريبك منه شيءٌ
سوى ما غاب من تلك الخلال
وما بين الرضى والسخط إلا
تأمل ناظرٍ فيما بدا لي
فيا لك نظرة ً جرت شؤوناً
هنالك لم تكن تجري ببال
أحلت سرور ذاك القلب حزناً
وهجت له أفانين الخبال
سجية هذه الدنيا وخلقٌ
تريناه تصاريف الليالي
ولكن أنت أعجل بانقلابٍ
من الدنيا وأعجب في انتقال
وأقرب من هدى ً فيما رواه
لنا الراوي وأبعد عن ضلال
رأيت خيانة الأوطان ذنباً
فلم يكن الجزاء سوى الزيال
ولم يك ذاك من شيم الغواني
إذا ما أزمعت صرم الحبال
شرعت لها وللفتيان ديناً
ضربت به على دين الأوالي
وأقسم لو حكتك نساء قومي
لسنت بيننا سبل المعالي
نخون بلادنا وننام عنها(47/220)
ونخذلها لدى النوب الثقال
ونسلمها إلى الأعداء طوعاً
بلا حربٍ تقام ولا قتال
ونلهو بالحسان فلا ترينا
تبرم عاتبٍ وملال قال
ولو صنعت صنيعك لم نخنها
ولم نؤثر مصانعة الموالي
ولم يك نقصها ليعد عيباً
إذا عجز الرجال عن الكمال
فإن غضبوا علي فقول حرٌ
يرى أوطانه غرض النبال
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> مهلاً بني الشرق لا تعصف بكم هممٌ
مهلاً بني الشرق لا تعصف بكم هممٌ
رقم القصيدة : 54847
-----------------------------------
مهلاً بني الشرق لا تعصف بكم هممٌ
الشرق منها مروع السرب مزؤود
قوم هم الجن سلطاناً ومقدرة ً
إن كان للجن صنعٌ بعد مشهود
شقوا الجواء فلا باب السهى غلقٌ
ولا السبيل إلى الجوزاء مسدود
الغرب في بركات العلم منغمسٌ
والشرق في ظلمات الجهل موؤود
بادت له صحفٌ بيض مطهرة ٌ
واستحدثت صحفٌ قارية ٌ سود
دنياه وحشية الأطماع فاتكة ٌ
ودينه فاحش الأخلاق عربيد
دين من الغي يطغى في معابده
رب من الذهب الوهاج معبود
ولن تقيم يد الباني وإن جهدت
دنيا الشعوب وركن الدين مهدود
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> مت لتحيا ولا تردها حياة ً
مت لتحيا ولا تردها حياة ً
رقم القصيدة : 54848
-----------------------------------
مت لتحيا ولا تردها حياة ً
تصطليها النفوس موتاً فظيعا
ضيعة النفس في احتفاظك بالنفس
وعارٌ على الفتى أن يضيعا
آية الحر أن يغامر للمجد
وأن يطلب المحل الرفيعا
يستبيح الحمى المنيع ويعتمد
دماء العدى حماه المنيعا
ساهر الهم والصريمة لا يبغي
قراراً ولا يريد هجوعا
يعلم الحي أنه عصمة الحيي
إذا خاف من ملم وقوعا
صادق العزم لا يضيق لدى الإقدام
ذرعاً ولا يطيق رجوعا
ينكر السبل لا تموج نفوساً
حين يمضي ولا تمج نجيعا
شر ما تجلب الخطوب عليه
أن يرى شعبه الأمين مروعا
فهو يمضي مجاهداً لا يبالي
صرع الخصم أم تردى صريعا
يتلقاه حاسراً يأخذ الأسياف
غصباً ويستبيح الدروعا
سائل الناس أيهم صان نفساً(47/221)
وابك حراً صان النفوس جميعا
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> داء أهل الشرق ضعف الهمم
داء أهل الشرق ضعف الهمم
رقم القصيدة : 54849
-----------------------------------
داء أهل الشرق ضعف الهمم
وبهذا كان موت الأمم
يا بني الشرق ولا شرق لكم
بسوى الجد ورعي الذمم
مالكم لا تنجلي غمتكم
أتحيون اشتداد الغمم
فرجوها واكشفوا ظلمتها
بقوى كشافة ٍ للظلم
خنتم العهد فبتم نوماً
ضل سعي الخائنين النوم
يا بني الشرق أفيقوا إنما
خدعتكم كاذبات الحلم
إن من شر البلايا نومكم
عن عدو ساهرٍ لم ينم
يقظ العينين والرأي معاً
وهو ماضٍ كالحسام المخذم
لا تظنوا المجد شيئاً هيناً
إنه في لهوات الضيغم
هكذا نحن وهذي حالنا
ليس فينا غير نكسٍ محجم
واهن العزم ضعيفٍ قلبه
غير ثبت الجأش في المزدحم
يا بني الشرق لمجدٍ ضائعٍ
من بكى ضيعته لم يلم
كان بالأمس منيعاً صرحه
يتسامى فوق هام الأنجم
أصبح اليوم كربعٍ دارسٍ
طامسٍ عفته أيدي القدم
قد شجاني وشجاه أنه
بسوى أيديكمو لم يهدم
جددوه وامنعوا حوزته
وادفعوا عنه يد المهتضم
وارفعوا بنيانه حتى يرى
كالذي كان أشم القمم
إنني أخشى وبالشرق صدى ً
أن يروى من بنيه بالدم
وأرى موت الفتى خيراً له
من حياة ٍ بين نابى أرقم
أصبح الشرق كبيراً هرماً
لهف نفسي للكبير الهرم
أكرموه يا بنيه إنه
ليس يرضى الشيخ إن لم يكرم
أزجروا أنفسكم عن غيها
إن عقبى الغي طول الندم
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> في كل يومٍ شرعة ٌ ونظامٌ
في كل يومٍ شرعة ٌ ونظامٌ
رقم القصيدة : 54850
-----------------------------------
في كل يومٍ شرعة ٌ ونظامٌ
ما هكذا الأحكام والحكام
عشرون عاماً والديار مريضة ٌ
تنتابها الأدواء والأسقام
إن الأساة لتعرف الداء الذي
ترك المريض تذيبه الآلام
ولربما غش الطبيب عليله
ليعود منه الداء وهو عقام
كيف الشفاء لمصر من أدوائها
أم كيف يرجى عزها ويرام
والمصلحون كما علمت وأهلها
عنها على زجر المهيب نيام(47/222)
وإذا النفوس تعددت أهواؤها
شقيت بها الكتاب والأقلام
يا دولة ٌ رفعت على أوطاننا
علماً تنكس تحته الأعلام
أين المواثيق التي أبرمتها
إن كان منك لموثق إبرام
لم تحفلي بعهودنا فنقضتها
يا هذه نقض العهود حرام
عشرون عاماً ما كفتك وهكذا
تأتي وتذهب بعدها الأعوام
طال المقام وأنت أنت ولم يكن
ليطول لولا الجهل منك مقام
دومي فما للجاهلين دوام
وكذا يكون الجد والإقدام
الأرض أرضك والسماء حليفة ٌ
لك والليالي والورى خدام
يا أمة خاط الكرى أجفانها
هبي فقد أودت بك الأحلام
هبي فما يحمي المحارم راقد
والمرء يظلم غافلاً ويضام
هبي فما يغني رقادك والعدى
حول الحمى مستيقظون قيام
عجباً لهذا النيل كيف نعقه
ويدوم منه البر والإكرام
لو كان يجزينا بسوء صنيعنا
أودى بهاتيك النفوس أوام
لكنها رحم الجدود ولم تزل
ترعى لدى أمثاله الأرحام
شيئان يذهب بالشعوب كلاهما
نومٌ عن الأوطان واستسلام
إلا يحن للراقدين قيام
فعليهم وعلى الديار سلام
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> سلامٌ أيها الملك الهمام
سلامٌ أيها الملك الهمام
رقم القصيدة : 54851
-----------------------------------
سلامٌ أيها الملك الهمام
تطوف به الملائكة الكرام
أتيتك والعيون الخزر ترنو
إلي كأنها حولي سهام
فمن أوحى إلى الأقوام أنى
سأشكو من أذاهم ما نسام
لقد خلفتنا لخطوب دهرٍ
غوالب ما لنا منها اعتصام
سئمناها فليس لنا اصطبار
وأيسر ما بنا منها السآم
محمد إنها عشرون عاماً
وحسب المرء مما ساء عام
أتدري ما تجشمنا الليالي
وتركبنا حوادثها الجسام
أترضى أن يقر الضيم فينا
فخير رغائب الحر الحمام
أليس الموت أجمل من حياة ٍ
يهان المرء فيها أو يضام
أنوماً يا محمد عن بلاد
أباح حريمها الأهل النيام
فقم تر ما دهاها من شقاءٍ
ومثلك ليس يعييه القيام
وإنك لو أجلت الطرف فيها
لخضب جيبك الدمع السجام
وأقيم لو قدرت على جزاءٍ
إذن أودى بنا منك انتقام
هدمنا ما بنيت من المعالي(47/223)
بعزمك والخطوب لها اعتزام
أما يرضيك عمن عق منا
رجالٌ بالوفاء لها اتسام
سواءٌ من نمته مصر منهم
على غير الحوادث والشآم
رعى الله الشآم فكم حبانا
أيادي مالها عنا انصرام
لنا من أهله أهل كرام
يصان العهد فيهم والذمام
همو أعوان مصر وناصروها
إذا نزلت بها النوب العظام
وهم إخواننا الأدنون فيها
نصافيهم وإن كره الطغام
يؤلف بيننا نسبٌ قريبٌ
ويجمعنا التودد والوئام
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> سر فالسعادة حيث كنت تكون
سر فالسعادة حيث كنت تكون
رقم القصيدة : 54852
-----------------------------------
سر فالسعادة حيث كنت تكون
ومن السعادة سيرك الميمون
الحزم هادٍ والسياسة مركبٌ
والعزم حادٍ والمضاء قرين
لك كل عامٍ رحلة ٌ تبغي بها
ما عز من آمالنا فيهون
ترد الموارد ما يكدر صفوها
قول الوشاة وللوشاة شؤون
سر فالقلوب على ركابك حومٌ
يبدو لعينك سرها المكنون
صحبتك تعلم أن برك زادها
والبر بالحب الصريح ضمين
اطلع بيلدز كوكباً متوقداً
تنجاب عنه غياهب ودجون
والق الخليفة قد تهلل وجهه
بشراً وخف إليك وهو رصين
وتذكر العهد القديم وجددا
عهداً عن الود المتين يبين
كثرت ظنون الجاهلين وقلما
تبقى إذا وضح اليقين ظنون
كذبوا فما انتقض الذي أبرمتما
والظن في بعض الأمور يخون
أتهيجهم طشيوز وهي سحابة ٌ
تمضي كما يمضي السحاب الجون
إن الخليفة ليس بعدو علمه
أن الأمير حسامه المسنون
ومن السياسة أن يظل مذرباً
تعنو له هام العدى وتدين
عباس إنك للذين تسوسهم
حصنٌ يرد العاديات حصين
يأبى اشتداد الخطب حين تروضه
عزمٌ له النوب الشداد تلين
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> إليها بالأماني الكبار
إليها بالأماني الكبار
رقم القصيدة : 54853
-----------------------------------
إليها بالأماني الكبار
وبالمجد المؤثل والفخار
وبالبركات والخيرات طراً
تكون بحيث كنت من الديار
إلى مصر التي ذابت حنيناً
إليك وشفها طول الأوار
مكانك في البلاد وفي ذويها(47/224)
مكان الري في المهج الحرار
رحلت تصون مصر من العوادي
وتمنع ما وليت من الذمار
تحلق صاعداً بجناح عزمٍ
يجل عن المحلق والمطار
تجشمه المناقب يبتنيها
منيفات الذرى فوق الدراري
كأن مضاءه قدر متاحٌ
يسد على العدى سبل الفرار
رأت منك الملوك فتى خطوبٍ
يدافعهن بالهمم الكبار
طلعت بيلدز فأطل نورٌ
على نورٍ هنالك مستطار
جلست إلى اليمين فكنت يمناً
وقد جلس الصدور إلى اليسار
لدى أسدٍ من الخلفاء ضارٍ
تهاب عرينه الأسد الضواري
أخاف الحادثات فما تراها
تبيت على أمانٍ أو قرار
سيشكره الخليفة حسن رأيٍ
تبلج منك عن حسن اختيار
إلى مصر فقد أخذت حلاها
لعودك واكتست أبهى شعار
وتلك وفودها جاءتك تبدي
من الشوق المبرح ما توارى
وفودٌ أقبلت من كل فجٍ
تموج كأنها لجح البحار
سلمت وصادفت خيراً ويمناً
ركابك في رواحٍ وابتكار
شعراء مصر والسودان >> أحمد محرم >> بمثلكما تعلو الديار وتسعد
بمثلكما تعلو الديار وتسعد
رقم القصيدة : 54854
-----------------------------------
بمثلكما تعلو الديار وتسعد
وتدنو لها الآمال من حيث تبعد
أبى لكما رعي الذمام سوى الذي
يذاع فيطرى أو يشاع فيحمد
ليوميكما في الحرب والسلم مشهدٌ
يقر بعيني من تطلع يشهد
لئن أوحشن الأعداء سيفٌ مجرد
لقد آنس الأوطان رأي مجرد
فبوركتما إذ تنفضان يديكما
من الأمر لا تعلو بأمثاله اليد
فدى لكما قومي وإن كنت منهمو
أسر إذا سروا بأمرٍ وأكمد
أراهم على وخز القريض ووكزه
وما فيهم إلا ذليلٌ معبد
يساقون سوق الحمر للسوط ما ونى
لدى السير منها فهي في السهل تجهد
إلى قاتم الأعماق ما فيه مشرقٌ
يضيء ولا منه إلى علو مصعد
كأني بهم قد شارفوه فأيقنوا
بموتٍ على أسرابهم يتورد
أسيت لأوطانٍ أباحوا ذمارها
فأيدي العدى فيها تعيث وتفسد
تبدد بين الجبن والحرص رأيهم
وأضيع رأييك الذي يتردد
سأبكي على مصرٍ وسالف مجدها
وإن لم يكن لي من بني مصر مسعد
أرى اليوم مثل الأمس أو هو أنكد
فيا ليت شعري ما يجيء به الغد(47/225)
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> بتافلفت برغوث كثير
بتافلفت برغوث كثير
رقم القصيدة : 54730
-----------------------------------
بتافلفت برغوث كثير
يضج لهوله الفلك الأثير
إذا عجلت لنا بالوثب قلنا
أثار جراد مزرعة مثير
العصر الأندلسي >> لسان الدين الخطيب >> يا ابن الخلائف يا سمي محمد
يا ابن الخلائف يا سمي محمد
رقم القصيدة : 54731
-----------------------------------
يا ابن الخلائف يا سمي محمد
يا من علاه ليس يحصر حاصر
أبشر فأنت مجدد الملك الذي
لولاك أصبح وهو رسم داثر
من ذا يعاند منك وارثه الذي
بسعوده فلك المشيئة دائر
ألقت إليك يد الخلافة أمرها
إذ كنت أنت لها الولي الناصر
هذا وبينك للصريخ وبينها
حرب مضرسة وبحر زاخر
من كان هذا الصنع أول أمره
حسنت له العقبى وعز الآخر
مولاي عندي في علاك محبة
والله يعلم ما تكن ضمائر
قلبي يحدثني بأنك جابر
كسري وحظي منك حظ وافر
بثرى جدودك قد حططت حقيبتي
فوسيلتي لعلاك نور باهر
وبذلت وسعي واجتهادي مثلما
يلقى لملكك سيف أمرك عامر
وهو الولي لك الذي اقتحم الردى
ونضى العزيمة وهو سيف باتر
وولي جدك في الشدائد عندما
خذلت علاه قبائل وعشائر
فاستهد منه النصح واعلم أنه
في كل معضلة طبيب ماهر
وبعثتها لتنوب قبل توصلي
لك إذ عراني عنك عذر ظاهر
إن كنت قد عجلت بعض مدائحي
فهي الرياض وللرياض بواكر
العصر العباسي >> المتنبي >> فارقتكم فإذا ما كان عندكم
فارقتكم فإذا ما كان عندكم
رقم القصيدة : 5486
-----------------------------------
فَارَقْتُكُمْ فإذا ما كانَ عِندكُمُ
قَبلَ الفِراقِ أذًى بَعدَ الفراقِ يَدُ
إذا تَذكّرْتُ ما بَيني وَبَيْنَكُمُ
أعانَ قَلبي على الشّوْقِ الذي أجِدُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أهلا بدار سباك أغيدها
أهلا بدار سباك أغيدها
رقم القصيدة : 5487
-----------------------------------
أهلاً بدارٍ سباك أغْيدُها
أبعد ما بان عنك خُرَّدُها(47/226)
ظِلْتَ بِهَا تَنْطَوِي عَلى كَبِدٍ
نَضِيجَةٍ فَوْقَ خِلْبِهَا يَدُهَا
يَا حَادِيَيْ عيسِهَا وَأحْسَبُني
أُوجَدُ مَيْتاً قُبَيْلَ أفْقِدُهَا
قِفَا قَليلاً بها عَليّ فَلا
أقَلّ مِنْ نَظْرَةٍ أُزَوَّدُهَا
فَفي فُؤادِ المُحِبّ نَارُ جَوًى
أحَرُّ نَارِ الجَحيمِ أبْرَدُهَا
شَابَ مِنَ الهَجْرِ فَرْقُ لِمّتِهِ
فَصَارَ مِثْلَ الدّمَقْسِ أسْوَدُهَا
يَا عَاذِلَ العَاشِقِينَ دَعْ فِئَةً
أضَلّهَا الله كَيفَ تُرْشِدُهَا
لَيْسَ يُحِيكُ المَلامُ في هِمَمٍ
أقْرَبُهَا مِنْكَ عَنْكَ أبْعَدُهَا
بِئْسَ اللّيَالي سَهِدْتُ مِنْ طَرَبٍ
شَوْقاً إلى مَنْ يَبِيتُ يَرْقُدُهَا
أحْيَيْتُهَا وَالدّمُوعُ تُنْجِدُني
شُؤونُهَا وَالظّلامُ يُنْجِدُهَا
لا نَاقَتي تَقْبَلُ الرّدِيفَ وَلا
بالسّوْطِ يَوْمَ الرّهَانِ أُجْهِدُهَا
شِرَاكُهَا كُورُهَا وَمِشْفَرُهَا
زِمَامُهَا وَالشُّسُوعُ مِقْوَدُهَا
أشَدُّ عَصْفِ الرّيَاحِ يَسْبُقُهُ
تَحْتيَ مِنْ خَطْوِهَا تَأوّدُهَا
في مِثْلِ ظَهْرِ المِجَنّ مُتّصِلٍ
بمِثْلِ بَطْنِ المِجَنّ قَرْدَدُهَا
مُرْتَمِياتٌ بِنَا إلى ابنِ عُبَيْـ
ـدِ الله غِيطَانُهَا وَفَدْفَدُهَا
إلى فَتًى يُصْدِرُ الرّمَاحَ وَقَدْ
أنْهَلَهَا في القُلُوبِ مُورِدُهَا
لَهُ أيَادٍ إليّ سَابِقَةٌ
أعُدّ مِنْهَا وَلا أُعَدّدُهَا
يُعْطي فَلا مَطْلَةٌ يُكَدّرُهَا
بِهَا وَلا مَنّةٌ يُنَكّدُهَا
خَيْرُ قُرَيْشٍ أباً وَأمْجَدُهَا
أكثَرُهَا نَائِلاً وَأجْوَدُهَا
أطْعَنُهَا بالقَنَاةِ أضْرَبُهَا
بالسّيْفِ جَحْجاحُهَا مُسَوَّدُهَا
أفْرَسُهَا فَارِساً وَأطْوَلُهَا
بَاعاً وَمِغْوَارُهَا وَسَيّدُهَا
تَاجُ لُؤيّ بنِ غَالِبٍ وَبِهِ
سَمَا لَهَا فَرْعُهَا وَمَحْتِدُهَا
شَمْسُ ضُحَاهَا هِلالُ لَيلَتِهَا
دُرُّ تَقَاصِيرِهَا زَبَرْجَدُهَا
يَا لَيْتَ بي ضَرْبَةً أُتيحَ لهَا
كمَا أُتِيحَتْ لَهُ مُحَمّدُهَا(47/227)
أثّرَ فِيهَا وَفي الحَدِيدِ ومَا
أثّرَ في وَجْهِهِ مُهَنّدُهَا
فَاغْتَبَطَتْ إذْ رَأتْ تَزَيّنَهَا
بِمِثْلِهِ وَالجِرَاحُ تَحْسُدُهَا
وَأيْقَنَ النّاسُ أنّ زَارِعَهَا
بالمَكْرِ في قَلْبِهِ سَيَحْصِدُهَا
أصْبَحَ حُسّادُهُ وَأنْفُسُهُمْ
يُحْدِرُهَا خَوْفُهُ وَيُصْعِدُهَا
تَبْكي علَى الأنْصُلِ الغُمُودُ إذَا
أنْذَرَهَا أنّهُ يُجَرِّدُهَا
لِعِلْمِهَا أنّهَا تَصِيرُ دَماً
وَأنّهُ في الرّقَابِ يُغْمِدُهَا
أطْلَقَهَا فَالعَدُوّ مِنْ جَزَعٍ
يَذُمّهَا وَالصّدِيقُ يَحْمَدُهَا
تَنْقَدِحُ النّارُ مِنْ مَضارِبِهَا
وَصَبُّ مَاءِ الرّقابِ يُخْمِدُهَا
إذَا أضَلّ الهُمَامُ مُهْجَتَهُ
يَوْماً فَأطْرَافُهُنّ تَنْشُدُهَا
قَدْ أجْمَعَتْ هَذِهِ الخَلِيقَةُ لي
أنّكَ يا ابنَ النّبيّ أوْحَدُهَا
وأنّكَ بالأمْسِ كُنْتَ مُحْتَلِماً
شَيْخَ مَعَدٍّ وَأنْتَ أمْرَدُهَا
وَكَمْ وَكَمْ نِعْمَةٍ مُجَلِّلَةٍ
رَبّيْتَهَا كانَ مِنْكَ مَوْلِدُهَا
وَكَمْ وَكَمْ حَاجَةٍ سَمَحْتَ بهَا
أقْرَبُ منّي إليّ مَوْعِدُهَا
وَمَكْرُمَاتٍ مَشَتْ علَى قَدَمِ الْـ
ـبِرّ إلى مَنْزِلي تُرَدّدُهَا
أقَرّ جِلْدي بهَا عَليّ فَلا
أقْدِرُ حَتّى المَمَاتِ أجْحَدُهَا
فَعُدْ بهَا لا عَدِمْتُهَا أبَداً
خَيْرُ صِلاتِ الكَرِيمِ أعْوَدُهَا
العصر العباسي >> المتنبي >> كم قتيل كما قتلت شهيد
كم قتيل كما قتلت شهيد
رقم القصيدة : 5488
-----------------------------------
كمْ قَتيلٍ كمَا قُتِلْتُ شَهيدِ
لِبَياضِ الطُّلَى وَوَرْدِ الخُدودِ
وَعُيُونِ المَهَا وَلا كَعُيُونٍ
فَتَكَتْ بالمُتَيَّمِ المَعْمُودِ
دَرَّ دَرُّ الصَّبَاءِ أيّامَ تَجْرِيـ
ـرِ ذُيُولي بدارِ أثْلَةَ عُودِي
عَمْرَكَ الله! هَلْ رَأيتَ بُدوراً
طَلَعَتْ في بَراقِعٍ وعُقُودِ
رَامِياتٍ بأسْهُمٍ رِيشُها الهُدْ
بُ تَشُقّ القُلوبَ قبلَ الجُلودِ
يَتَرَشّفْنَ مِنْ فَمي رَشَفَاتٍ(47/228)
هُنّ فيهِ أحْلى مِنَ التّوْحيدِ
كُلُّ خُمْصَانَةٍ أرَقُّ منَ الخَمْـ
ـرِ بقَلْبٍ أقسَى مِنَ الجُلْمُودِ
ذاتِ فَرْعٍ كأنّما ضُرِبَ العَنْـ
ـبَرُ فيهِ بمَاءِ وَرْدٍ وَعُودِ
حالِكٍ كالغُدافِ جَثْلٍ دَجُو
جيٍّ أثيثٍ جَعْدٍ بلا تَجْعِيدِ
تَحْمِلُ المِسْكَ عن غَدائرِها الرّيـ
ـحُ وَتَفْتَرُّ عَن شَنيبٍ بَرُودِ
جَمَعَتْ بينَ جسْمِ أحمَدَ والسّقْـ
ـمِ وَبَينَ الجُفُونِ وَالتّسْهِيدِ
هَذِهِ مُهْجَتي لَدَيْكِ لحَيْني
فانْقُصِي مِنْ عَذابِها أوْ فَزيدي
أهْلُ ما بي منَ الضّنَى بَطَلٌ صِيـ
ـدَ بتَصْفيفِ طُرّةٍ وبجيدِ
كُلُّ شيءٍ مِنَ الدّماءِ حَرامٌ
شُرْبُهُ مَا خَلا ابْنَةَ العُنْقُودِ
فاسْقِنيهَا فِدًى لعَيْنَيْكَ نَفسي
مِنْ غَزَالٍ وَطارِفي وَتليدي
شَيْبُ رَأسِي وَذِلّتي ونُحولي
وَدُمُوعي عَلى هَوَاكَ شُهُودي
أيّ يَوْمٍ سَرَرْتَني بوِصالٍ
لمْ تَرُعْني ثَلاثَةً بِصُدُودِ
مَا مُقامي بأرْضِ نَخْلَةَ إلاّ
كمُقامِ المَسيحِ بَينَ اليَهُودِ
مَفْرَشِي صَهْوَةُ الحِصانِ وَلَكِـ
ـنّ قَميصِي مسرُودَةٌ مِنْ حَديدِ
لأمَةٌ فاضَةٌ أضَاةٌ دِلاصٌ
أحْكَمَتْ نَسْجَها يَدَا داوُدِ
أينَ فَضْلي إذا قَنِعْتُ منَ الدّهْـ
ـرِ بعَيْشٍ مُعَجَّلِ التّنكيدِ
ضاقَ صَدري وطالَ في طَلبِ الرّزْ
قِ قيامي وَقَلّ عَنهُ قُعُودِي
أبَداً أقْطَعُ البِلادَ وَنَجْمي
في نُحُوسٍ وَهِمّتي في سُعُودِ
وَلَعَلّي مُؤمّلٌ بَعْضَ مَا أبْـ
ـلُغُ باللّطْفِ من عَزيزٍ حَميدِ
لِسَرِيٍّ لِباسُهُ خَشِنُ القُطْـ
ـنِ وَمَرْوِيّ مَرْوَ لِبْسُ القُرُودِ
عِشْ عزيزاً أوْ مُتْ وَأنتَ كَرِيمٌ
بَينَ طَعْنِ القَنَا وَخَفْقِ البُنُودِ
فَرُؤوسُ الرّمَاحِ أذْهَبُ للغَيْـ
ـظِ وَأشفَى لِغلّ صَدرِ الحَقُودِ
لا كَما قد حَيِيتَ غَيرَ حَميدٍ
وإذا مُتَّ مُتَّ غَيْرَ فَقيدِ
فاطْلُبِ العِزّ في لَظَى وَدَعِ الذّ
لّ وَلَوْ كانَ في جِنانِ الخُلُودِ(47/229)
يُقْتَلُ العاجِزُ الجَبَانُ وقَدْ يَعـ
ـجِزُ عَن قَطْع بُخْنُقِ المَولودِ
وَيُوَقَّى الفَتى المِخَشُّ وقَدْ خوّ
ضَ في ماءِ لَبّةِ الصّنْديدِ
لا بقَوْمي شَرُفْتُ بل شَرُفُوا بي
وَبنَفْسِي فَخَرْتُ لا بجُدودِي
وبهمْ فَخْرُ كلّ مَنْ نَطَقَ الضّا
دَ وَعَوْذُ الجاني وَغَوْثُ الطّريدِ
إنْ أكُنْ مُعجَباً فعُجبُ عَجيبٍ
لمْ يَجدْ فَوقَ نَفْسِهِ من مَزيدِ
أنَا تِرْبُ النّدَى وَرَبُّ القَوَافي
وَسِمَامُ العِدَى وغَيظُ الحَسودِ
أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّـ
ـهُ غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أقصر فلست بزائدي ودا
أقصر فلست بزائدي ودا
رقم القصيدة : 5489
-----------------------------------
أقْصِرْ فَلَسْتَ بزائِدي وُدّا
بَلَغَ المَدَى وَتَجاوَزَ الحَدَّا
أرْسَلْتَها مَمْلُوءَةً كَرَماً
فَرَدَدْتُها مَمْلُوءَةً حَمْدَا
جاءَتْكَ تَطْفَحُ وَهيَ فَارِغَةٌ
مَثْنَى بهِ وَتَظُنّهَا فَرْدَا
تَأبَى خَلائِقُكَ التي شَرُفَتْ
ألاّ تَحِنّ وَتَذْكُرَ العَهْدَا
لَوْ كُنْتَ عَصراً مُنْبِتاً زَهَراً
كُنْتَ الرّبيعَ وكانَتِ الوَرْدَا
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> يوميات مواطن عربي
يوميات مواطن عربي
رقم القصيدة : 549
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
السبت ...
ديون ... وأمراض .. وكبت
الأحد ..
منذ اللحظه الأولى ..
وإلى الأبد ..
ينادي .. ولا يسمعه أحد ..
الأثنين ..
القافلة تسير .. لكن الى أين ؟؟
لا جوابٌ يصدح .. ولا كلابٌ تنبح ..
الثلاثاء ..
أصبح ثرياَ .. وازداد عدد الأثرياء
مات خمسة وأربعون مريضا ..
من ندرة الدواء ..
الأربعاء ..
إحتفال .. صاخب .. فاخر .. معطاء
شعر .. وفكر .. وولائم ..
وخطابات وثناءات ..
وجمع من الأدباء ..
هو احتفال مكلف .. ولا يكاد ينتهي ..
لكن ما يأتي به .. من سمعة ..
جدير بالعناء ..
قرية صغيرة هناك ..أهُلكت من وطأة الوباء ..(47/230)
الخميس ..
كل شيء سعره الى ارتفاع ..
إلا المواطن التعيس ..
قاتل الله .. ابليس
الجمعة ..
إجازة من مجتمع طيب السمعة ..
حكمة السبت
قل لكل من تخشى ... أصبت
حكمة الاحد
اذا طرقت الباب .. وقيل من ؟؟
قل : لا أحد
حكمة الأثنين
انظر بلا عينين .. واسمع بلا اذنين ..
وانطق بلا لسان .. ولا شفتين ..
حكمة الثلاثاء
الثروة تاج على رؤوس الأثرياء ..
لا يراها إلا المرضى والفقراء ..
حكمة الأربعاء
اللهم قني خير الأصدقاء ..
حكمة الخميس
يقول الله سبحانه ..
وأخذنا الذين ظلموا بعذابٍ بئيس
حكمة الجمعة
إلعن الظلام .. لن يجدي أن تشعل شمعة
العصر العباسي >> المتنبي >> أليوم عهدكم فأين الموعد؟
أليوم عهدكم فأين الموعد؟
رقم القصيدة : 5490
-----------------------------------
ألْيَوْمَ عَهدُكُمُ فأينَ المَوْعِدُ؟
هَيهاتِ ليسَ ليَوْمِ عَهدِكُمُ غَدُ
ألمَوْتُ أقرَبُ مِخْلَباً من بَيْنِكُمْ
وَالعَيشُ أبعَدُ منكُمُ لا تَبعُدُوا
إنّ التي سفَكَتْ دَمي بجُفُونِها
لم تَدْرِ أنّ دَمي الذي تَتَقَلّدُ
قالَتْ وقَد رَأتِ اصْفِراري من بهِ
وَتَنَهّدَتْ فأجَبْتُها المُتَنَهِّدُ
فَمَضَتْ وقد صَبَغَ الحَياءُ بَياضَهَا
لَوْني كَما صَبَغَ اللُّجَينَ العَسجَدُ
فرَأيتُ قَرْنَ الشّمسِ في قمرِ الدّجى
مُتَأوّداً غُصْنٌ بِهِ يَتَأوّدُ
عَدَوِيّةٌ بَدَوِيّةٌ مِنْ دُونِهَا
سَلْبُ النّفُوسِ ونارُ حرْبٍ توقَدُ
وَهَواجِلٌ وصَواهِلٌ ومَنَاصِلٌ
وذَوابِلٌ وتَوَعّدٌ وتَهَدُّدُ
أبْلَتْ مَوَدّتَها اللّيالي بَعْدَنَا
ومَشَى عَلَيها الدّهرُ وهوَ مُقَيَّدُ
بَرّحْتَ يا مَرَضَ الجُفُونِ بِمُمرَضٍ
مَرِضَ الطّبيبُ لهُ وَعِيدَ العُوّدُ
فَلَهُ بَنُو عَبْدِ العَزيزِ بنِ الرّضَى
ولكُلّ رَكْبٍ عيسُهُمْ والفَدْفَدُ
مَن في الأنامِ مِنَ الكِرامِ ولا تَقُلْ
مَن فيكِ شأمُ سوَى شجاعٍ يُقصَدُ
أعطى فقُلتُ: لجودِه ما يُقْتَنَى،
وَسَطا فقلتُ: لسَيفِهِ ما يُولَدُ(47/231)
وَتَحَيّرَتْ فيهِ الصّفاتُ لأنّهَا
ألْفَتْ طَرائِقَهُ عَلَيها تَبْعُدُ
في كلّ مُعْتَرَكٍ كُلًى مَفْرِيّةٌ
يَذْمُمْنَ منهُ ما الأسِنّةُ تَحمَدُ
نِقَمٌ عَلى نِقَمِ الزّمانِ يَصُبّها
نِعَمٌ على النّعَمِ التي لا تُجْحَدُ
في شَانِهِ ولِسانِهِ وبَنَانِهِ
وَجَنانِهِ عَجَبٌ لمَنْ يَتَفَقّدُ
أسَدٌ دَمُ الأسَدِ الهِزَبْرِ خِضابُهُ
مَوْتٌ فَريصُ المَوْتِ منهُ يُرْعَدُ
ما مَنْبِجٌ مُذْ غِبْتَ إلاّ مُقْلَةٌ
سهدتْ وَوَجْهُكَ نوْمُها والإثمِدُ
فاللّيلُ حينَ قَدِمْتَ فيها أبْيَضٌ
والصّبْحُ مُنذُ رَحَلْتَ عنها أسوَدُ
ما زِلْتَ تَدنو وهْيَ تَعْلُو عِزّةً
حتى تَوَارَى في ثَراها الفَرْقَدُ
أرْضٌ لها شَرَفٌ سِواها مِثْلُهَا
لوْ كانَ مثْلُكَ في سِواها يُوجَدُ
أبْدَى العُداةُ بكَ السّرورَ كأنّهُمْ
فرِحوا وعِندَهُمُ المُقيمُ المُقْعِدُ
قَطّعْتَهُمْ حَسَداً أراهُمْ ما بهِمْ
فَتَقَطّعُوا حَسَداً لمنْ لا يَحسُدُ
حتى انْثَنَوْا ولَوْ أنّ حرّ قُلوبهمْ
في قَلْبِ هاجِرَةٍ لَذابَ الجَلْمَدُ
نَظَرَ العُلُوجُ فلَمْ يَروْا من حَوْلهم
لمّا رَأوْكَ وقيلَ هذا السّيّدُ
بَقيَتْ جُمُوعُهُمُ كأنّكَ كُلّها
وبَقيتَ بَينَهُمُ كأنّكَ مُفْرَدُ
لهفَانَ يَستوْبي بكَ الغَضَبَ الوَرَى
لوْ لم يُنَهْنِهْكَ الحِجى والسّؤدُدُ
كنْ حيثُ شئتَ تَسِرْ إليكَ رِكابُنا
فالأرْضُ واحِدَةٌ وأنتَ الأوْحَدُ
وَصُنِ الحُسامَ ولا تُذِلْهُ فإنّهُ
يَشكُو يَمينَكَ والجَماجمُ تَشهَدُ
يَبِسَ النّجيعُ عَلَيْهِ وَهْوَ مُجَرَّدٌ
مِنْ غِمْدِهِ وكأنّما هوَ مُغْمَدُ
رَيّانُ لَوْ قَذَفَ الذي أسْقَيْتَهُ
لجَرَى منَ المُهَجاتِ بَحْرٌ مُزْبدُ
ما شارَكَتْهُ مَنِيّةٌ في مُهْجَةٍ
إلاّ وشَفْرَتُهُ على يَدِها يَدُ
إنّ العَطايا والرّزايا والقَنا
حُلَفاءُ طَيٍّ غَوّرُوا أوْ أنجَدُوا
صِحْ يا لَجُلْهُمَةٍ تُجِبْكَ وإنّما
أشفَارُ عَينِكَ ذابِلٌ ومُهَنّدُ(47/232)
من كلّ أكبَرَ مِنْ جِبالِ تِهامَةٍ
قَلْباً ومِنْ جَوْدِ الغَوَادي أجوَدُ
يَلْقاكَ مُرْتَدِياً بأحْمَرَ مِنْ دَمٍ
ذَهَبَتْ بخُضرَتِهِ الطُّلَى والأكْبُدُ
حتى يُشارَ إلَيكَ: ذا مَوْلاهُمُ
وَهُمُ المَوَالي والخَليقَةُ أعْبُدُ
أنّى يَكُونُ أبَا البَرِيّةِ آدَمٌ
وأبوكَ والثّقَلانِ أنْتَ مُحَمّدُ
يَفنى الكَلامُ ولا يُحيطُ بفَضْلِكُمْ
أيُحيطُ ما يَفْنى بمَا لا يَنْفَدُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أيا خدد الله ورد الخدود
أيا خدد الله ورد الخدود
رقم القصيدة : 5491
-----------------------------------
أيَا خَدّدَ الله وَرْدَ الخُدودِ
وَقَدّ قُدودَ الحِسانِ القُدودِ
فَهُنّ أسَلْنَ دَماً مُقْلَتي
وَعَذّبْنَ قَلبي بطُولِ الصّدودِ
وكَمْ للهَوَى من فَتًى مُدْنَفٍ
وكَمْ للنّوَى من قَتيلٍ شَهيدِ
فوَا حَسْرَتَا ما أمَرّ الفِراقَ
وَأعْلَقَ نِيرانَهُ بالكُبُودِ
وأغْرَى الصّبابَةَ بالعاشِقِينَ
وَأقْتَلَهَا للمُحِبّ العَميدِ
وَألْهَجَ نَفْسي لغَيرِ الخَنَا
بحُبّ ذَواتِ اللَّمَى والنّهُودِ
فكانَتْ وكُنّ فِداءَ الأميرِ
ولا زالَ مِنْ نِعْمَةٍ في مَزيدِ
لقَد حالَ بالسّيفِ دونَ الوَعيدِ
وحالَتْ عَطاياهُ دونَ الوُعودِ
فأنْجُمُ أمْوالِهِ في النّحُوسِ
وأنْجُمُ سُؤّالِهِ في السّعُودِ
ولَوْ لمْ أخَفْ غَيرَ أعْدائِهِ
عَلَيْهِ لَبَشّرْتُهُ بالخُلُودِ
رَمَى حَلَباً بِنَواصِي الخُيُولِ
وسُمْرٍ يُرِقْنَ دَماً في الصّعيدِ
وبِيضٍ مُسافِرَةٍ ما يُقِمْـ
ـنَ لا في الرّقابِ ولا في الغُمُودِ
يَقُدْنَ الفَنَاءَ غَداةَ اللّقاءِ
إلى كلّ جيشٍ كَثيرِ العَديدِ
فَوَلّى بأشياعِهِ الخَرْشَنيُّ
كَشاءٍ أحَسّ بِزَأرِ الأسُودِ
يَرَوْنَ مِنَ الذّعر صَوْتَ الرّياحِ
صَهيلَ الجِيادِ وخَفْقَ البُنُودِ
فَمَنْ كالأميرِ ابنِ بنْتِ الأميـ
ـرِ أوْ مَنْ كآبائِهِ والجُدُودِ
سَعَوْا للمَعالي وَهُمْ صبْيَةٌ
وسادوا وجادوا وهُمْ في المُهودِ(47/233)
أمَالِكَ رِقّي ومَنْ شَأنُهُ
هِباتُ اللُّجَينِ وعِتْقُ العَبيدِ
دَعَوْتُكَ عِندَ انْقِطاعِ الرّجَا
ءِ والمَوْتُ مني كحَبل الوَريدِ
دَعَوْتُكَ لمّا بَراني البَلاءُ
وأوْهَنَ رِجْليّ ثِقْلُ الحَديدِ
وقَدْ كانَ مَشيُهُما في النّعالِ
فقَد صارَ مَشيُهُما في القُيُودِ
وكنت منَ النّاسِ في مَحْفِلٍ
فَها أنَا في مَحْفِلٍ مِنْ قُرُودِ
تُعَجِّلُ فيّ وُجوبَ الحُدودِ
وَحَدّي قُبَيلَ وُجوبِ السّجودِ
وقيل: عَدَوْتَ على العالمينَ
بَينَ وِلادي وبَينَ القُعُودِ
فَما لَكَ تَقْبَلُ زُورَ الكَلامِ
وقَدْرُ الشّهادَةِ قَدْرُ الشّهُودِ
فَلا تَسْمَعَنّ مِنَ الكَاشِحِينَ
وَلا تَعْبَأنّ بِعِجْلِ اليَهُودِ
وكنْ فارِقاً بينَ دَعوَى أرَدتُ
وَدَعوَى فَعَلْتُ بشَأوٍ بَعيدِ
وفي جُودِ كَفّيْكَ ما جُدْتَ لي
بنَفسي ولوْ كنتُ أشْقَى ثَمُودِ
العصر العباسي >> المتنبي >> إن القوافي لم تنمك وإنما
إن القوافي لم تنمك وإنما
رقم القصيدة : 5492
-----------------------------------
إنّ القَوافيَ لَمْ تُنِمْكَ وَإنّمَا
مَحَقَتْكَ حتى صِرْتَ ما لا يُوجَدُ
فَكَأنّ أُذْنَكَ فُوكَ حينَ سَمِعْتَها
وَكَأنّهَا مِمّا سَكِرْتَ المُرْقِدُ
العصر العباسي >> المتنبي >> محمد بن زريق ما نرى أحدا
محمد بن زريق ما نرى أحدا
رقم القصيدة : 5493
-----------------------------------
مُحَمّدَ بنَ زُرَيْقٍ ما نَرَى أحَدا
إذا فَقَدْناكَ يُعطي قبلَ أن يَعِدَا
وقَدْ قَصَدْتُكَ والتّرْحالُ مُقترِبٌ
والدّارُ شاسِعَةٌ والزّادُ قد نَفِدَا
فَخَلِّ كَفّكَ تَهْمي وَاثنِ وابِلَها
إذا اكْتَفَيْتُ وإلاّ أغرَقَ البَلَدَا
العصر العباسي >> المتنبي >> ما الشوق مقتنعا مني بذا الكمد
ما الشوق مقتنعا مني بذا الكمد
رقم القصيدة : 5494
-----------------------------------
ما الشّوْقُ مُقتَنِعاً منّي بذا الكَمَدِ
حتى أكونَ بِلا قَلْبٍ ولا كَبِدِ(47/234)
ولا الدّيارُ التي كانَ الحَبيبُ بهَا
تَشْكُو إليّ ولا أشكُو إلى أحَدِ
ما زالَ كُلّ هَزيمِ الوَدْقِ يُنحِلُها
والسّقمُ يُنحِلُني حتى حكتْ جسدي
وكلّما فاضَ دمعي غاض مُصْطَبري
كأنْ ما سالَ من جَفنيّ من جَلَدي
فأينَ من زَفَرَاتي مَنْ كَلِفْتُ بهِ
وأينَ منكَ ابنَ يحيَى صَوْلَةُ الأسَدِ
لمّا وزَنْتُ بكَ الدّنْيا فَمِلْتَ بهَا
وبالوَرَى قَلّ عِندي كثرَةُ العَدَدِ
ما دارَ في خَلَدِ الأيّام لي فَرَحٌ
أبا عُبادَةَ حتى دُرْتَ في خَلَدي
مَلْكٌ إذا امْتَلأتْ مَالاً خَزائِنُهُ
أذاقَهَا طَعْمَ ثُكْلِ الأمّ للوَلَدِ
ماضي الجَنانِ يُريهِ الحَزْمُ قَبلَ غَدٍ
بقَلبِهِ ما تَرَى عَيناهُ بَعْدَ غَدِ
ما ذا البَهاءُ ولا ذا النّورُ من بَشَرٍ
ولا السّماحُ الذي فيهِ سَماحُ يَدِ
أيّ الأكُفّ تُباري الغَيثَ ما اتّفَقَا
حتى إذا افْتَرَقَا عادَتْ ولمْ يَعُدِ
قد كنتُ أحْسَبُ أنّ المجدَ من مُضَرٍ
حتى تَبَحْتَرَ فَهوَ اليومَ مِن أُدَدِ
قَوْمٌ إذا أمْطَرَتْ مَوْتاً سُيُوفُهُمُ
حَسِبْتَها سُحُباً جادَتْ على بَلَدِ
لم أُجْرِ غايَةَ فكري منكَ في صِفَةٍ
إلاّ وَجَدْتُ مَداها غايةَ الأبدِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أحاد أم سداس في أحاد
أحاد أم سداس في أحاد
رقم القصيدة : 5495
-----------------------------------
أُحادٌ أمْ سُداسٌ في أُحَادِ
لُيَيْلَتُنَا المَنُوطَةُ بالتّنادِي
كأنّ بَناتِ نَعْشٍ في دُجَاهَا
خَرائِدُ سافراتٌ في حِداد
أُفَكّرُ في مُعاقَرَةِ المَنَايَا
وقَوْدِ الخَيْلِ مُشرِفةَ الهَوادي
زَعيمٌ للقَنَا الخَطّيّ عَزْمي
بسَفكِ دمِ الحَواضرِ والبَوادي
إلى كمْ ذا التخلّفُ والتّواني
وكمْ هذا التّمادي في التّمادي
وشُغلُ النّفسِ عن طَلَبِ المَعالي
ببَيعِ الشّعرِ في سوقِ الكَسادِ
وما ماضي الشّبابِ بمُسْتَرَدٍّ
ولا يَوْمٌ يَمُرّ بمُسْتَعادِ
متى لحظَتْ بَياضَ الشّيبِ عيني
فقد وَجَدَتْهُ منها في السّوَادِ(47/235)
متى ما ازْدَدْتُ من بعدِ التّناهي
فقد وقَعَ انْتِقاصي في ازْدِيَادي
أأرْضَى أنْ أعيشَ ولا أُكافي
على ما للأميرِ مِنَ الأيادي
جَزَى الله المَسيرَ إلَيْهِ خَيْراً
وإنْ تَرَكَ المَطَايا كالمَزادِ
فَلَمْ تَلقَ ابنَ إبْراهيمَ عَنْسِي
وفيها قُوتُ يَوْمٍ للقُرادِ
ألَمْ يَكُ بَيْنَنا بَلَدٌ بَعيدٌ
فَصَيّرَ طُولَهُ عَرْضَ النِّجادِ
وأبْعَدَ بُعْدَنا بُعْدَ التّداني
وقَرّبَ قُرْبَنا قُرْبَ البِعَادِ
فَلَمّا جِئْتُهُ أعْلَى مَحَلّي
وأجلَسَني على السّبْعِ الشِّدادِ
تَهَلّلَ قَبْلَ تَسليمي علَيْهِ
وألْقَى مالَهُ قَبْلَ الوِسَادِ
نَلُومُكَ يا عَليّ لغَيرِ ذَنْبٍ
لأنّكَ قد زَرَيْتَ على العِبَادِ
وأنّكَ لا تَجُودُ على جَوادٍ
هِباتُكَ أنْ يُلَقَّبَ بالجَوادِ
كأنّ سَخاءَكَ الإسلامُ تَخشَى
إذا ما حُلتَ عاقِبَةَ ارتِدادِ
كأنّ الهَامَ في الهَيْجَا عُيُونٌ
وقد طُبِعتْ سُيُوفُكَ من رُقادِ
وقد صُغتَ الأسِنّةَ من هُمومٍ
فَما يَخْطُرْنَ إلاّ في الفُؤادِ
ويوْمَ جَلَبْتَها شُعْثَ النّواصِي
مُعَقَّدَةَ السّباسِبِ للطّرادِ
وحامَ بها الهَلاكُ على أُنَاسٍ
لَهُمْ باللاّذِقِيّة بَغْيُ عَادِ
فكانَ الغَرْبُ بَحْراً مِن مِياهٍ
وكانَ الشّرْقُ بَحراً من جِيادِ
وقد خَفَقَتْ لكَ الرّاياتُ فيهِ
فَظَلّ يَمُوجُ بالبِيضِ الحِدادِ
لَقُوكَ بأكْبُدِ الإبِلِ الأبَايَا
فسُقْتَهُمُ وحَدُّ السّيفِ حادِ
وقد مزّقتَ ثَوْبَ الغَيّ عنهُمْ
وقَد ألْبَسْتَهُمْ ثَوْبَ الرّشَادِ
فَما تَرَكُوا الإمارَةَ لاخْتِيارٍ
ولا انتَحَلوا وِدادَكَ من وِدادِ
ولا اسْتَفَلُوا لزُهْدٍ في التّعالي
ولا انْقادوا سُرُوراً بانْقِيادِ
ولكن هَبّ خوْفُكَ في حَشاهُمْ
هُبُوبَ الرّيحِ في رِجلِ الجَرادِ
وماتُوا قَبْلَ مَوْتِهِمِ فَلَمّا
مَنَنْتَ أعَدْتَهُمْ قَبْلَ المَعادِ
غَمَدْتَ صَوارِماً لَوْ لم يَتُوبوا
مَحَوْتَهُمُ بها مَحْوَ المِدادِ(47/236)
وما الغضَبُ الطّريفُ وإنْ تَقَوّى
بمُنْتَصِفٍ منَ الكَرَمِ التّلادِ
فَلا تَغْرُرْكَ ألْسِنَةٌ مَوالٍ
تُقَلّبُهُنّ أفْئِدَةٌ أعادي
وكنْ كالمَوْتِ لا يَرْثي لباكٍ
بكَى منهُ ويَرْوَى وهْوَ صادِ
فإنّ الجُرْحَ يَنْفِرُ بَعدَ حينٍ
إذا كانَ البِناءُ على فَسادِ
وإنّ المَاءَ يَجْري مِنْ جَمادٍ
وإنّ النّارَ تَخْرُجُ من زِنَادِ
وكيفَ يَبيتُ مُضْطَجِعاً جَبانٌ
فَرَشْتَ لجَنْبِهِ شَوْكَ القَتادِ
يَرَى في النّوْمِ رُمحَكَ في كُلاهُ
ويَخشَى أنْ يَراهُ في السُّهادِ
أشِرْتُ أبا الحُسَينِ بمَدحِ قوْمٍ
نزَلتُ بهِمْ فسِرْتُ بغَيرِ زادِ
وظَنّوني مَدَحْتُهُمُ قَديماً
وأنْتَ بما مَدَحتُهُمُ مُرادي
وإنّي عَنْكَ بَعدَ غَدٍ لَغَادٍ
وقَلبي عَنْ فِنائِكَ غَيْرُ غَادِ
مُحِبُّكَ حَيثُما اتّجَهَتْ رِكابي
وضَيفُكَ حيثُ كنتُ من البلادِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أحلما نرى أم زمانا جديدا
أحلما نرى أم زمانا جديدا
رقم القصيدة : 5496
-----------------------------------
أحُلْماً نَرَى أمْ زَماناً جَديدَا
أمِ الخَلْقُ في شَخصِ حيٍّ أُعيدَا
تَجَلّى لَنا فأضَأنَا بِهِ
كأنّنا نُجُومٌ لَقينَ سُعُودَا
رَأيْنا بِبَدْرٍ وآبائِهِ
لبَدْرٍ وَلُوداً وبَدْراً وَليدَا
طَلَبْنا رِضاهُ بتَرْكِ الّذي
رَضِينا لَهُ فَتَرَكْنا السّجُودَا
أمِيرٌ أمِيرٌ عَلَيْهِ النّدَى
جَوادٌ بَخيلٌ بأنْ لا يَجُودَا
يُحَدَّثُ عَن فَضْلِهِ مُكْرَهاً
كأنّ لَهُ مِنْهُ قَلْباً حَسُودَا
ويُقْدِمُ إلاّ عَلى أنْ يَفِرّ
ويَقْدِرُ إلاّ عَلى أنْ يَزيدَا
كأنّ نَوالَكَ بَعضُ القَضاءِ
فَما تُعْطِ منهُ نجِدْهُ جُدودَا
ورُبّتَما حَمْلَةٍ في الوَغَى
رَدَدتَ بها الذُّبّلَ السُّمرَ سُودَا
وهَوْلٍ كَشَفْتَ ونَصلٍ قصَفْتَ
ورُمْحٍ تَركْتَ مُباداً مُبيدَا
ومَالٍ وهَبْتَ بِلا مَوْعِدٍ
وقِرْنٍ سَبَقْتَ إلَيْهِ الوَعِيدَا
بهَجْرِ سُيُوفِكَ أغْمادَهَا(47/237)
تَمَنّى الطُّلى أن تكونَ الغُمودَا
إلى الهَامِ تَصْدُرُ عَنْ مِثْلِهِ
تَرَى صَدَراً عَنْ وُرُودٍ وُرُودا
قَتَلْتَ نُفُوسَ العِدَى بالحَديـ
ـدِ حتى قَتَلتَ بهنَّ الحَديدَا
فأنْفَدْتَ مِنْ عَيشِهِنّ البَقاءَ
وأبْقَيْتَ ممّا ملَكْتَ النّفُودَا
كأنّكَ بالفَقْرِ تَبغي الغِنى
وبالموْتِ في الحرْبِ تَبغي الخلودَا
خَلائِقُ تَهْدي إلى رَبّهَا
وآيَةُ مَجْدٍ أراها العَبيدَا
مُهَذَّبَةٌ حُلْوَةٌ مُرّةٌ
حَقَرْنَا البِحارَ بها والأسُودَا
بَعيدٌ عَلى قُرْبِهَا وَصْفُهَا
تغولُ الظّنونَ وتُنضِي القَصيدَا
فأنْتَ وَحيدُ بَني آدَمٍ
ولَسْتَ لفَقْدِ نَظيرٍ وَحيدَا
العصر العباسي >> المتنبي >> يستعظمون أبياتا نأمت بها
يستعظمون أبياتا نأمت بها
رقم القصيدة : 5497
-----------------------------------
يَسْتَعْظِمُونَ أُبَيّاتاً نَأمْتُ بهَا
لا تَحْسُدُنّ على أنْ يَنْأمَ الأسَدَا
لَوْ أنّ ثَمّ قُلُوباً يَعْقِلُونَ بهَا
أنْساهُمُ الذّعْرُ ممّا تحتَها الحَسَدَا
العصر العباسي >> المتنبي >> أقل فعالي بله أكثره مجد
أقل فعالي بله أكثره مجد
رقم القصيدة : 5498
-----------------------------------
أقَلُّ فَعَالي بَلْهَ أكْثَرَهُ مَجْدُ
وذا الجِدُّ فيهِ نِلْتُ أم لم أنَلْ جَدُّ
سأطْلُبُ حَقّي بالقَنَا ومَشايخٍ
كأنّهُمُ من طولِ ما التَثَموا مُرْدُ
ثِقالٍ إذا لاقَوْا خِفافٍ إذا دُعُوا
كَثيرٍ إذا اشتَدّوا قَليلٍ إذا عُدّوا
وطعْنٍ كأنّ الطّعنَ لا طَعنَ عندَهُ
وضرْبٍ كأنّ النّارَ من حرّهِ بَرْدُ
إذا شِئتُ حَفّتْ بي على كلّ سابحٍ
رِجالٌ كأنّ المَوْتَ في فَمِها شَهْدُ
أذُمّ إلى هذا الزّمانِ أُهَيْلَهُ
فأعْلَمُهُمْ فَدْمٌ وأحزَمُهمْ وَغْدُ
وأكرَمُهُمْ كَلْبٌ وأبصرُهُمْ عمٍ
وأسهَدُهُمْ فَهدٌ وأشجَعُهم قِرْدُ
ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى
عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ
بِقَلْبِي وإنْ لم أرْوَ منها مَلالَةٌ(47/238)
وبي عن غَوانيها وإن وَصَلتْ صَدُّ
خَليلايَ دونَ النّاسِ حُزْنٌ وعَبرةٌ
على فَقْدِ مَن أحبَبتُ ما لهُما فَقْدُ
تَلَجُّ دُمُوعي بالجُفونِ كأنّما
جُفُوني لعَيْنيْ كلِّ باكِيَةٍ خَدُّ
وإنّي لتُغْنيني مِنَ الماءِ نُغْبَةٌ
وأصبرُ عَنْهُ مثلَما تَصبرُ الرُّبْدُ
وأمضي كما يَمضي السّنانُ لِطِيّتي
وأطوَى كما تَطوَى المُجَلِّحةُ العُقدُ
وأُكْبِرُ نَفسي عَن جَزاءٍ بغِيبَةٍ
وكلُّ اغتِيابٍ جُهدُ مَن ما لَه جُهدُ
وأرْحَمُ أقواماً منَ العِيّ والغَبَى
وأعْذِرُ في بُغضِي لأنّهُمُ ضدُّ
ويَمْنَعُني ممّن سوَى ابنِ محمّدٍ
أيادٍ لهُ عندي تَضيقُ بهَا عِنْدُ
تَوالى بلا وَعْدٍ ولَكِنّ قَبْلَها
شَمائِلَهُ من غَيرِ وَعْدٍ بها وَعْدُ
سرَى السّيفُ ممّا تَطبعُ الهندُ صاحبي
إلى السّيفِ ممّا يطبَعُ الله لا الهِنْدُ
فَلَمّا رآني مُقْبِلاً هَزّ نَفْسَهُ
إليّ حُسامٌ كلُّ صَفْحٍ لهُ حَدُّ
فلم أرَ قَبلي مَن مَشَى البحرُ نحوَهُ
ولا رَجُلاً قامَتْ تُعانِقُهُ الأُسْدُ
كأنّ القِسِيّ العاصِياتِ تُطيعُهُ
هَوًى أو بها في غيرِ أُنْمُلِهِ زُهْدُ
يكادُ يُصيبُ الشيءَ من قَبلِ رَمْيِهِ
ويُمْكِنُهُ في سَهْمِهِ المُرْسَلِ الرّدُّ
ويُنْفِذُهُ في العَقْدِ وهْوَ مُضَيَّقٌ
من الشّعرَةِ السّوداءِ واللّيلُ مُسوَدُّ
بنَفسي الذي لا يُزْدَهَى بخَديعَةٍ
وإنْ كَثُرَتْ فيها الذّرائعُ والقَصْدُ
ومَنْ بُعدُهُ فَقْرٌ ومَن قُرْبُهُ غنًى
ومَنْ عِرْضُهُ حُرٌّ ومَن مالُهُ عَبْدُ
ويَصْطَنِعُ المَعْرُوفَ مُبْتَدِئاً بهِ
ويَمْنَعُهُ من كلّ مَن ذمُّهُ حَمدُ
ويَحْتَقِرُ الحُسّادَ عن ذِكْرِهِ لهُمْ
كأنّهُمُ في الخَلقِ ما خُلِقوا بَعدُ
وتأمَنُهُ الأعداءُ منْ غيرِ ذِلّةٍ
ولكن على قَدْرِ الذي يُذنبُ الحِقدُ
فإنْ يَكُ سيّارُ بنُ مُكرَمٍ انقَضَى
فإنّكَ ماءُ الوَرْدِ إنْ ذهبَ الوَرْدُ
مَضَى وبَنُوهُ وانْفَرَدْتَ بفَضْلِهِمْ(47/239)
وألفٌ إذا ما جُمّعَتْ واحِدٌ فَرْدُ
لَهُمْ أوْجُهٌ غُرٌّ وأيْدٍ كريمَةٌ
ومَعْرِفَةٌ عِدٌّ وألْسِنَةٌ لُدُّ
وأرْدِيَةٌ خُضْرٌ ومُلْكٌ مُطاعَةٌ
ومَركوزَةٌ سُمْرٌ ومُقرَبَةٌ جُرْدُ
وما عِشْتَ ما ماتُوا ولا أبَواهُمُ
تَميمُ بنُ مُرٍّ وابنُ طابخَةٍ أُدُّ
فبَعضُ الذي يَبدو الذي أنا ذاكِرٌ
وبعضُ الذي يخفَى عليّ الذي يَبدو
ألُومُ بهِ مَنْ لامَني في وِدادِهِ
وحُقَّ لخَيرِ الخَلْقِ من خَيرِهِ الوُدُّ
كَذا فَتَنَحّوْا عَن عَليٍّ وطُرْقِهِ
بني اللّؤمِ حتى يَعبُرَ المَلِكُ الجَعدُ
فَما في سَجاياكُمْ مُنازَعَةُ العُلَى
ولا في طِباعِ التُّربَةِ المِسكُ وَالنَّدُّ
العصر العباسي >> المتنبي >> أما الفراق فإنه ما أعهد
أما الفراق فإنه ما أعهد
رقم القصيدة : 5499
-----------------------------------
أمّا الفِراقُ فإنّهُ ما أعْهَدُ
هُوَ تَوْأمي لوْ أنّ بَيْناً يُولَدُ
ولَقَد عَلِمْنا أنّنا سَنُطيعُهُ
لمّا عَلِمْنَا أنّنَا لا نَخْلُدُ
وإذا الجِيادُ أبا البَهِيِّ نَقَلْنَنا
عَنكُم فأرْدأُ ما ركِبتُ الأجوَدُ
مَن خَصّ بالذّمّ الفراقَ فإنّني
مَن لا يرَى في الدهر شيئاً يُحمَدُ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> اسألوا دمي
اسألوا دمي
رقم القصيدة : 550
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
اسألوا دمي ..وسعادتي وهمي
اسألوا التوفيق..
والكدر والضيق
اسألوا الطيب في صفاتي..
والدعاء اللي في صلاتي
واسألوا شهودي..
الدموع اللي في سجودي
اسألوهم..واسألوا دمي ..
عن غلا أمي
العصر العباسي >> المتنبي >> لقد حازني وجد بمن حازه بعد
لقد حازني وجد بمن حازه بعد
رقم القصيدة : 5500
-----------------------------------
لقَد حازَني وَجْدٌ بمَنْ حازَهُ بُعْدُ
فيَا لَيْتَني بُعدٌ ويا لَيتَهُ وَجْدُ
أُسَرّ بتَجديدِ الهَوَى ذِكْرَ ما مضَى
وإنْ كانَ لا يَبقَى له الحجرُ الصّلدُ(47/240)
سُهادٌ أتانا منكِ في العَينِ عِنْدَنَا
رُقادٌ وقُلاّمٌ رَعَى سَرْبُكمْ وَرْدُ
مُمَثَّلَةٌ حتى كأنْ لمْ تُفارِقي
وحتى كأنّ اليأسَ من وَصْلكِ الوَعدُ
وحتى تَكادي تَمْسَحينَ مَدامعي
ويَعْبَقُ في ثَوْبيَّ من رِيحِكِ النَّدُّ
إذا غَدَرَتْ حَسناءُ وفّتْ بعَهدها
فمِنْ عَهدِها أن لا يَدومَ لها عَهدُ
وإنْ عَشِقَتْ كانتْ أشَدّ صَبابَةً
وإن فَرِكتْ فاذهبْ فما فِركها قَصدُ
وإنْ حقَدَتْ لم يَبقَ في قَلبِها رِضًى
وإنْ رَضِيَتْ لم يَبقَ في قَلبِها حِقدُ
كذلِكَ أخلاقُ النّساءِ ورُبّمَا
يَضِلُّ بها الهادي ويخفى بها الرّشدُ
ولكنّ حُبّاً خامَرَ القَلْبَ في الصِّبَا
يَزيدُ على مَرّ الزّمانِ ويَشْتَدُّ
سَقَى ابنُ عَليٍّ كلَّ مُزنٍ سقَتكمُ
مُكافأةً يَغْدو إلَيْها كمَا تَغدُو
لتَرْوَى كمَا تُرْوي بلاداً سكَنْتِها
ويَنْبُتَ فيها فَوْقَكِ الفَخرُ والمجدُ
بمن تَشخَصُ الأبصارُ يوْمَ رُكوبِهِ
ويُخْرَقُ من زَحْمٍ على الرّجلِ البُرْدُ
وتُلْقي وما تَدري البَنانُ سِلاحَها
لكَثْرَةِ إيماءٍ إلَيْهِ إذا يَبدُو
ضَرُوبٌ لهامِ الضّارِبي الهامِ في الوَغى
خَفيفٌ إذا ما أثقَلَ الفَرسَ اللِّبْدُ
بَصِيرٌ بأخذِ الحَمدِ من كلّ مَوْضِعٍ
ولَوْ خَبَأتْهُ بَينَ أنْيابِها الأُسْدُ
بتَأميلِهِ يَغنى الفَتى قَبْلَ نَيْلِهِ
وبالذّعْرِ من قبلِ المهنّدِ يَنْقَدُّ
وسَيْفي لأنْتَ السّيفُ لا ما تَسُلّهُ
لضرْبٍ وممّا السّيفُ منهُ لكَ الغِمدُ
ورُمْحي لأنْتَ الرّمحُ لا ما تَبُلّهُ
نجيعاً ولوْلا القَدحُ لم يُثقِبِ الزَّنْدُ
منَ القاسِمينَ الشّكرَ بَيني وبَينَهمْ
لأنّهُمُ يُسدَى إلَيهِمْ بأنْ يُسدُوا
فشُكري لهم شُكرانِ: شكرٌ على النّدى
وشكرٌ على الشّكرِ الذي وَهبوا بَعْدُ
صِيامٌ بأبْوابِ القِبابِ جِيادُهُمْ
وأشْخاصُها في قَلبِ خائِفِهمْ تَعدُو
وأنْفُسُهُمْ مَبْذولَةٌ لوُفُودِهم
وأموالهُمْ في دارِ مَنْ لم يَفِدْ وَفْدُ(47/241)
كأنّ عَطِيّاتِ الحُسَينِ عَساكِرٌ
ففيها العِبِدَّى والمُطَهَّمَةُ الجُرْدُ
أرَى القمرَ ابنَ الشّمسِ قد لبسَ العُلى
رُوَيْدَكَ حتى يَلْبَسَ الشّعَرَ الخَدُّ
وغالَ فُضُولَ الدّرْعِ مِن جَنَباتها
على بَدَنٍ قَدُّ القَنَاةِ لَهُ قَدُّ
وباشَرَ أبْكارَ المَكارِمِ أمْرَداً
وكانَ كَذا آباؤهُ وهُمُ مُرْدُ
مَدَحْتُ أباهُ قَبْلَهُ فشَفَى يَدي
مِنَ العُدم مَنْ تُشفَى به الأعينُ الرُّمدُ
حَبَاني بأثْمانِ السّوابِقِ دونَهَا
مَخافةَ سَيرِي إنّها للنّوَى جُنْدُ
وشَهْوَةَ عَوْدٍ إنَّ جُودَ يَمينِهِ
ثُنَاءٌ ثُنَاءٌ والجَوادُ بها فَرْدُ
فلا زِلْتُ ألقَى الحاسِدينَ بمِثْلِها
وفي يدهم غَيضٌ وفي يديَ الرِّفْدُ
وعِندي قَباطيّ الهُمَامِ ومَالُهُ
وعندَهُمُ ممّا ظَفِرْتُ بهِ الجَحدُ
يَرومُونَ شأوي في الكَلامِ وإنّمَا
يحاكي الفتى فيما خَلا المَنطقَ القِرْدُ
فَهُمْ في جُموعٍ لا يراها ابنُ دأيَةٍ
وهم في ضَجيجٍ لا يُحسّ به الخلدُ
ومني استفادَ النّاسُ كُلَّ غَريبَةٍ
فجازوا بتَرْكِ الذّمّ إن لم يكنْ حمدُ
وجَدْتُ عَليّاً وابنَهُ خيرَ قوْمِهِ
وهم خيرُ قوْمٍ واستوَى الحُرُّ والعبدُ
وأصْبَحَ شِعري منهُما في مكانِهِ
وفي عُنُقِ الحَسْناءِ يُستَحسنُ العِقدُ
العصر العباسي >> المتنبي >> وزيارة عن غير موعد
وزيارة عن غير موعد
رقم القصيدة : 5501
-----------------------------------
وزِيارَةٍ عَنْ غَيرِ مَوْعِدْ
كالغُمضِ في الجفنِ المُسهَّدْ
مَعَجَتْ بِنا فيها الجِيا
دُ مَعَ الأميرِ أبي مُحَمّدْ
حَتى دَخَلْنَا جَنّةً
لَوْ أنّ ساكِنَها مُخَلَّدْ
خَضْراءَ حَمْراءَ التّرا
بِ كأنّها في خَدِّ أغْيَدْ
أحْبَبْتُ تَشْبيهاً لَهَا
فَوَجَدْتُهُ ما ليسَ يُوجَدْ
وإذا رَجَعْتَ إلى الحَقَا
ئِقِ فَهْيَ واحدَةٌ لأوْحَدْ
العصر العباسي >> المتنبي >> يا من رأيت الحليم وغدا
يا من رأيت الحليم وغدا
رقم القصيدة : 5502(47/242)
-----------------------------------
يا مَنْ رَأيْتُ الحَليمَ وَغْدَا
بِهِ وحُرَّ المُلُوكِ عَبْدَا
مالَ عَليّ الشّرابُ جِدّا
وأنْتَ للمَكْرُماتِ أهْدَى
فإنْ تَفَضّلْتَ بانْصِرافي
عَدَدْتُهُ مِنْ لَدُنْكَ رِفْدَا
العصر العباسي >> المتنبي >> فماذا تركت لمن لم يسد
فماذا تركت لمن لم يسد
رقم القصيدة : 5503
-----------------------------------
أمِنْ كُلّ شيءٍ بَلَغْتَ المُرادَا
وفي كلّ شأوٍ شأوْتَ العِبَادَا
فَمَاذا تَرَكْتَ لمَنْ لم يَسُد
وماذا ترَكْتَ لمَنْ كانَ سَادَا
كأنّ السُّمانَى إذا ما رَأتْكَ
تَصَيَّدُها تَشْتَهي أنْ تُصادَا
العصر العباسي >> المتنبي >> وشامخ من الجبال أقود
وشامخ من الجبال أقود
رقم القصيدة : 5504
-----------------------------------
وشامِخٍ مِنَ الجِبالِ أقْوَدِ
فَرْدٍ كيأفُوخِ البَعِيرِ الأصْيَدِ
يُسارُ مِنْ مَضِيقِهِ والجَلْمَدِ
في مِثْلِ مَتْنِ المَسَدِ المُعَقَّدِ
زُرْناهُ للأمْرِ الذي لم يُعْهَدِ
للصّيْدِ والنّزْهَةِ والتّمَرُّدِ
بكُلِّ مَسْقيِّ الدّماءِ أسْوَدِ
مُعاوِدٍ مُقَوَّدٍ مُقَلَّدِ
بكُلّ نابٍ ذَرِبٍ مُحَدَّدِ
عَلى حِفافَيْ حَنَكٍ كالمِبْرَدِ
كَطالِبِ الثّأرِ وإنْ لم يَحْقِدِ
يَقْتُلُ ما يَقْتُلُهُ ولا يَدِي
يَنْشُدُ من ذا الخِشْفِ ما لم يَفقِدِ
فَثَارَ من أخضَرَ مَمْطُورٍ نَدِ
كأنّهُ بَدْءُ عِذارِ الأمْرَدِ
فلَمْ يكَدْ إلاّ لحَتْفٍ يَهتَدي
ولم يَقَعْ إلاّ عَلى بَطْنِ يَدِ
فَلَمْ يَدَعْ للشّاعِرِ المُجَوِّدِ
وَصْفاً لَهُ عِندَ الأميرِ الأمْجَدِ
المَلِكِ القَرْمِ أبي مُحَمّدِ
ألقانِصِ الأبْطالَ بالمُهَنّدِ
ذي النِّعَمِ الغُرّ البَوادي العُوّدِ
إذا أرَدْتُ عَدّها لم تُعْدَدِ
وإنْ ذكَرْتُ فَضْلَهُ لم يَنْفَدِ
العصر العباسي >> المتنبي >> ما ذا الوداع وداع الوامق الكمد
ما ذا الوداع وداع الوامق الكمد
رقم القصيدة : 5505(47/243)
-----------------------------------
ما ذا الوَداعُ وَداعُ الوامِقِ الكَمِدِ
هذا الوَداعُ وَداعُ الرّوحِ للجَسَدِ
إذا السّحابُ زَفَتْهُ الرّيحُ مُرْتَفِعاً
فَلا عَدا الرّمْلَةَ البَيضاءَ من بَلَدِ
ويا فِراقَ الأميرِ الرّحْبِ مَنْزِلُهُ
إنْ أنْتَ فارَقْتَنَا يَوْماً فلا تَعُدِ
العصر العباسي >> المتنبي >> وبنية من خيزران ضمنت
وبنية من خيزران ضمنت
رقم القصيدة : 5506
-----------------------------------
وبَنِيّةٍ مِنْ خَيْزُرانٍ ضُمّنتْ
بِطّيخَةً نَبَتَتْ بنارٍ في يَدِ
نَظَمَ الأميرُ لها قِلادَةَ لُؤلُؤٍ
كفِعالِهِ وكَلامِهِ في المَشْهَدِ
كالكأسِ باشَرَها المِزاجُ فأبرَزَتْ
زَبَداً يَدورُ على شَرابٍ أسْوَدِ
العصر العباسي >> المتنبي >> وسوداء منظوم عليها لآلىء
وسوداء منظوم عليها لآلىء
رقم القصيدة : 5507
-----------------------------------
وسَوْداءَ مَنظومٍ عَلَيها لآلىءٌ
لها صُورَةُ البِطّيخِ وهيَ من النّدِّ
كأنّ بَقايا عَنبَرٍ فوْقَ رَأسِها
طلوعُ رَواعي الشيبِ في الشَعَرِ الجعْدِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أتنكر ما نطقت به بديها
أتنكر ما نطقت به بديها
رقم القصيدة : 5508
-----------------------------------
أتُنكِرُ ما نَطَقْتُ بهِ بَديهاً
ولَيسَ بمُنْكَرٍ سَبْقُ الجَوادِ
أُراكِضُ مُعوِصاتِ الشّعرِ قسراً
فأقْتُلُها وغيري في الطّرادِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أود من الأيام ما لا توده
أود من الأيام ما لا توده
رقم القصيدة : 5509
-----------------------------------
أوَدُّ مِنَ الأيّامِ مَا لا تَوَدُّهُ
وَأشكُو إلَيهَا بَيْنَنَا وَهْيَ جُنْدُهُ
يُباعِدْنَ حِبّاً يَجْتَمِعْنَ وَوَصْلُهُ
فكَيفَ بحِبٍّ يَجْتَمِعنَ وَصَدُّهُ
أبَى خُلُقُ الدّنْيَا حَبِيباً تُديمُهُ
فَمَا طَلَبي مِنهَا حَبيباً تَرُدّهُ
وَأسْرَعُ مَفْعُولٍ فَعَلْتَ تَغَيُّراً
تَكَلفُ شيءٍ في طِباعِكَ ضِدّهُ(47/244)
رَعَى الله عِيساً فَارَقَتْنَا وَفَوْقَهَا
مَهاً كُلها يُولَى بجَفْنَيْهِ خَدُّهُ
بوَادٍ بِهِ مَا بالقُلُوبِ كَأنّهُ
وَقَدْ رَحَلُوا جِيدٌ تَنَاثَرَ عِقدُهُ
إذا سَارَتِ الأحداجُ فَوْقَ نَبَاتِهِ
تَفَاوَحَ مِسكُ الغانِياتِ وَرَنْدُهُ
وَحالٍ كإحداهُنّ رُمْتُ بُلُوغَهَا
وَمِنْ دونِها غَوْلُ الطريقِ وَبُعدُهُ
وَأتْعَبُ خَلْقِ الله مَنْ زَادَ هَمُّهُ
وَقَصّرَ عَمّا تَشتَهي النّفس وَجدُهُ
فَلا يَنحَلِلْ في المَجدِ مالُكَ كُلّهُ
فيَنحَلَّ مَجْدٌ كانَ بالمالِ عَقدُهُ
وَدَبِّرْهُ تَدْبيرَ الذي المَجْدُ كَفُّهُ
إذا حارَبَ الأعداءَ وَالمَالَ زَنْدُهُ
فَلا مَجْدَ في الدّنْيَا لمَنْ قَلّ مَالُهُ
وَلا مالَ في الدّنيا لمَنْ قَلّ مَجدُهُ
وَفي النّاسِ مَنْ يرْضَى بميسورِ عيشِهِ
وَمَرْكوبُهُ رِجْلاهُ وَالثّوْبُ جلدُه
وَلَكِنّ قَلْباً بَينَ جَنْبَيّ مَا لَهُ
مَدًى يَنتَهي بي في مُرَادٍ أحُدُّهُ
يَرَى جِسْمَهُ يُكْسَى شُفُوفاً تَرُبُّهُ
فيَختارُ أن يُكْسَى دُرُوعاً تهُدّهُ
يُكَلّفُني التّهْجيرَ في كلّ مَهْمَهٍ
عَليقي مَرَاعِيهِ وَزَاديَ رُبْدُهُ
وَأمْضَى سِلاحٍ قَلّدَ المَرْءُ نَفْسَهُ
رَجَاءُ أبي المِسْكِ الكَريمِ وَقصْدُهُ
هُما ناصِرَا مَنْ خانَهُ كُلُّ ناصِرٍ
وَأُسرَةُ مَنْ لم يُكثِرِ النّسلَ جَدُّهُ
أنَا اليَوْمَ مِنْ غِلْمانِهِ في عَشيرَةٍ
لَنَا وَالِدٌ مِنْهُ يُفَدّيهِ وُلْدُهُ
فَمِنْ مَالِهِ مالُ الكَبيرِ وَنَفْسُهُ
وَمِنْ مَالِهِ دَرُّ الصّغِيرِ وَمَهْدُهُ
نَجُرّ القَنَا الخَطّيّ حَوْلَ قِبَابِهِ
وَتَرْدي بِنا قُبُّ الرّباطِ وَجُرْدُهُ
وَنَمْتَحِنُ النُّشّابَ في كلّ وَابِلٍ
دَوِيُّ القِسِيّ الفَارِسِيّةِ رَعْدُهُ
فإنْ لا تَكُنْ مصرُ الشَّرَى أوْ عَرِينَه
فإنّ الذي فيهَا منَ النّاسِ أُسدُهُ
سَبَائِكُ كافُورٍ وَعِقْيانُهُ الذي
بصُمّ القَنَا لا بالأصَابعِ نَقْدُهُ(47/245)
بَلاهَا حَوَالَيْهِ العَدُوُّ وَغَيْرُهُ
وَجَرّبَهَا هَزْلُ الطّرَادِ وَجِدّهُ
أبو المِسْكِ لا يَفْنى بذَنْبِكَ عفوُهُ
وَلَكِنّهُ يَفْنى بعُذْرِكَ حِقدُهُ
فَيَا أيّها المَنْصُورُ بالجَدّ سَعْيُهُ
وَيَا أيّها المَنْصُورُ بالسّعيِ جَدّهُ
تَوَلّى الصِّبَى عَنّي فأخلَفتَ طِيبَهُ
وَمَا ضَرّني لمّا رَأيْتُكَ فَقدُهُ
لَقَدْ شَبّ في هذا الزّمانِ كُهُولُهُ
لَدَيْكَ وَشابَتْ عندَ غَيرِكَ مُرْدُهُ
ألا لَيْتَ يَوْمَ السّيرِ يُخبرُ حَرُّهُ
فَتَسْألَهُ وَاللّيْلَ يُخْبرُ بَرْدُهُ
وَلَيْتَكَ تَرْعاني وَحَيرَانُ مُعرِضٌ
فتَعْلَمَ أنّي من حُسامِكَ حَدّهُ
وَأنّي إذا باشَرْتُ أمراً أُريدُهُ
تَدانَتْ أقاصِيهِ وَهَانَ أشَدُّهُ
وَمَا زَالَ أهلُ الدّهرِ يَشْتَبِهونَ لي
إلَيْكَ فَلَمّا لُحْتَ لي لاحَ فَرْدُهُ
يُقالُ إذا أبصَرْتُ جَيْشاً وَرَبَّهُ
أمامكَ رَبٌّ رَبُّ ذا الجيشِ عبدُهُ
وَألْقَى الفَمَ الضّحّاكَ أعلَمُ أنّهُ
قَريبٌ بذي الكَفّ المُفَدّاةِ عهدُهُ
فَزَارَكَ مني مَنْ إلَيْكَ اشتِياقُهُ
وَفي النّاسِ إلاّ فيكَ وَحدَكَ زُهدُهُ
يُخَلِّفُ مَنْ لم يَأتِ دارَكَ غَايَةً
وَيأتي فيَدري أنّ ذلكَ جُهْدُهُ
فإنْ نِلْتُ ما أمّلْتُ منكَ فرُبّمَا
شَرِبْتُ بمَاءٍ يُعجِزُ الطّيرَ وِرْدُهُ
وَوَعْدُكَ فِعْلٌ قَبلَ وَعْدٍ لأنّهُ
نَظيرُ فَعَالِ الصّادِقِ القوْلِ وَعدُهُ
فكنْ في اصْطِناعي مُحسِناً كمُجرِّبٍ
يَبِنْ لَكَ تَقرِيبُ الجَوَادِ وَشَدُّهُ
إذا كنتَ في شَكٍّ من السّيفِ فابْلُهُ
فإمّا تُنَفّيهِ وَإمّا تُعِدّهُ
وَمَا الصّارِمُ الهِندِيُّ إلاّ كَغَيرِهِ
إذا لم يُفارِقْهُ النِّجادُ وَغِمْدُهُ
وَإنّكَ لَلْمَشْكُورُ في كُلّ حالَةٍ
وَلَوْ لم يكُنْ إلاّ البَشاشَةَ رِفْدُهُ
فكُلُّ نَوَالٍ كانَ أوْ هُوَ كائِنٌ
فلَحظَةُ طَرْفٍ منكَ عنديَ نِدّهُ
وَإنّي لَفي بَحْرٍ منَ الخَيرِ أصْلُهُ(47/246)
عَطَاياكَ أرْجُو مَدّهَا وَهيَ مَدُّهُ
وَمَا رَغْبَتي في عَسْجَدٍ أستَفيدُهُ
وَلَكِنّها في مَفْخَرٍ أسْتَجِدّهُ
يَجُودُ بِهِ مَن يَفضَحُ الجودَ جودُهُ
وَيحمَدُهُ مَن يَفضَحُ الحمدَ حمدُهُ
فإنّكَ ما مرّ النُّحُوسُ بكَوْكَبٍ
وَقَابَلْتَهُ إلاّ وَوَجْهُكَ سَعدُهُ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> البرواز
البرواز
رقم القصيدة : 551
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قلتيلي انسى
ومن يومها وانا كل ليلة .. قدامي البرواز
حبر العيون ودمع القلم .. في دفتري
وصورتك .. رغم الألم .. ورغم انها خذت من اطباعك كثير
وخانت البرواز .. اشوفها في خاطري
حبيبتي مابيدي حيلة
لاصرتي الصورة .. وعيوني البرواز
وشلون ابنسى
اتعبتي الصورة مشاوير
وتعبت انا بلقى لغدرك معاذير
وصورتك اللي سجنت بروازها طول السنين ..
كانت جسد وبروازها الروح
ويوم انزعت منها الجسد .. تجرّحت اطرافها
وبجروحها راحت لمين ؟
لبروازها الثاني !!
مسكين .. بيسجنك ويبقى سجين
مسكين
تشبهلك اقداره .. خانته
وصورتك يجي يوم وتخونه
حبيبتي ..أو للأسف حبيبته
لاصرتي الصورة .. وجفونه البرواز
وشلون ينسى ؟!
حبيبتي لجل انسى جرحك واستريح .. ببكي
وبعد البكى .. ببكي
وأكيد فيه لحظة بتجي .. وبيجف دمعي
وعندها صورتك اللي في عيوني
بتموت من ظلم العطش ..
بروازها بيصبح نعش
وبتمرني الدمعة الأخيرة ... تاخذ معاها صورتك واطيح
وكني بالمسافة تطول مابين عيني .. ودمعتي .. وخدي
وكني بقلبي الحاير المسكين
نبضه يقول لا تودع الفرقى .. الدمع مايرقى
وعندها لانزلت الدمعة لمثواها الأخير
وفارقت وجهي
بغمض عيوني .. واكسر البرواز
وانسى
العصر العباسي >> المتنبي >> حسم الصلح ما اشتهته الأعادي
حسم الصلح ما اشتهته الأعادي
رقم القصيدة : 5510
-----------------------------------
حَسَمَ الصّلْحُ ما اشتَهَتْهُ الأعادي
وَأذاعَتْهُ ألْسُنُ الحُسّادِ(47/247)
وَأرَادَتْهُ أنْفُسٌ حَالَ تَدْبِيـ
ـرُكَ مَا بَيْنَهَا وَبَينَ المُرَادِ
صَارَ ما أوْضَعَ المُخِبّونَ فيهِ
مِن عِتابٍ زِيادَةً في الوِدادِ
وَكَلامُ الوُشَاةِ لَيسَ على الأحْـ
ـبَابِ، سُلطانُهُ على الأضْدادِ
إنّمَا تُنْجِحُ المَقَالَةُ في المَرْ
ءِ إذا وَافَقَتْ هَوىً في الفُؤادِ
وَلَعَمْرِي لَقد هُزِزْتَ بمَا قِيـ
ـلَ فأُلْفِيتَ أوْثَقَ الأطْوَادِ
وَأشَارَتْ بمَا أبَيْتَ رِجَالٌ
كُنتَ أهدَى منهَا إلى الإرْشَادِ
قد يُصِيبُ الفَتى المُشيرُ وَلم يَجْـ
ـهدْ وَيُشوِي الصّوَابَ بعد اجتهادِ
نِلْتَ ما لا يُنالُ بالبِيضِ وَالسُّمْـ
ـرِ وَصُنْتَ الأرْوَاحَ في الأجْسَادِ
وَقَنَا الخَطِّ في مَراكِزِها حَوْ
لَكَ وَالمُرْهَفَاتُ في الأغْمادِ
ما دَرَوْا إذ رَأوْا فُؤادَكَ فيهِمْ
سَاكِناً أنّ رَأيَهُ في الطّرَادِ
فَفَدَى رَأيَكَ الذي لم تُفَدْهُ
كُلُّ رَأيٍ مُعَلَّمٍ مُسْتَفَادِ
وَإذا الحِلْمُ لمْ يَكُنْ عن طِباعٍ
لم يَكُنْ عَن تَقَادُمِ المِيلادِ
فَبِهَذا وَمِثْلِهِ سُدْتَ يا كا
فُورُ وَاقتَدْتَ كُلّ صَعبِ القِيادِ
وَأطَاعَ الذي أطَاعَكَ وَالطّا
عَةُ لَيْسَتْ خَلائِقَ الآسَادِ
إنّمَا أنْتَ وَالِدٌ وَالأبُ القَا
طعُ أحنى من وَاصِلِ الأوْلادِ
لا عَدا الشرُّ مَن بَغَى لكُما الشرّ
وَخَصّ الفَسَادُ أهلَ الفَسَادِ
أنتُمَا مَا اتّفَقْتُما الجِسْمُ وَالرّو
حُ فَلا احتَجتُما إلى العُوّادِ
وَإذا كان في الأنابيبِ خُلْفٌ
وَقَعَ الطّيْشُ في صُدورِ الصِّعادِ
أشمَتَ الخُلْفُ بالشُّراةِ عِداهَا
وَشَفَى رَبَّ فَارِسٍ من إيَادِ
وَتَوَلّى بَني اليَزِيدِيّ بالبَصْـ
ـرَةِ حتى تَمَزّقُوا في البلادِ
وَمُلُوكاً كأمْسِ في القُرْبِ مِنّا
وَكَطَسْمٍ وَأُخْتِها في البعادِ
بكُمَا بِتُّ عَائِذاً فِيكُمَا مِنْـ
ـهُ وَمن كَيدِ كُلّ باغٍ وَعَادِ
وَبِلُبّيْكُمَا الأصِيلَينِ أنْ تَفْـ
رُقَ صُمُّ الرّمَاحِ بَينَ الجِيَادِ(47/248)
أوْ يَكُونَ الوَليُّ أشْقَى عَدُوٍّ
بالذي تَذخَرَانِهِ مِن عَتَادِ
هَلْ يَسُرّنَ بَاقِياً بَعْدَ مَاضٍ
مَا تَقُولُ العُداةُ في كلّ نَادِ
مَنَعَ الوُدُّ وَالرّعَايَةُ وَالسّؤ
دُدُ أنْ تَبْلُغَا إلى الأحْقَادِ
وَحُقُوقٌ تُرَقّقُ القَلْبَ للقَلْـ
ـبِ وَلَوْ ضُمّنَتْ قُلُوبَ الجَمادِ
فَغَدَا المُلْكُ باهِراً مَنْ رَآهُ
شَاكِراً ما أتَيْتُمَا مِنْ سَدادِ
فيهِ أيْديكُمَا عَلى الظّفَرِ الحُلْـ
ـوِ وَأيدي قَوْمٍ عَلى الأكْبَادِ
هذِهِ دَوْلَةُ المَكارِمِ وَالرّأ
فَةِ وَالمَجْدِ وَالنّدَى وَالأيَادِي
كَسَفَتْ ساعةً كما تكسِفُ الشّمْـ
ـسُ وَعادَتْ وَنُورُها في ازْدِيادِ
يَزْحَمُ الدّهرَ رُكنُها عن أذاهَا
بِفَتًى مَارِدٍ على المُرّادِ
مُتْلِفٍ مُخْلِفٍ وَفِيٍّ أبِيٍّ
عَالِمٍ حَازِمٍ شُجَاعٍ جَوَادِ
أجفَلَ النّاسُ عن طَرِيقِ أبي المِسـ
ـكِ وَذَلّتْ لَهُ رِقَابُ العِبَادِ
كَيْفَ لا يُتْرَكُ الطّرِيقُ لسَيْلٍ
ضَيّقٍ عَنْ أتِيّهِ كُلُّ وَادِ
العصر العباسي >> المتنبي >> عيد بأية حال عدت يا عيد
عيد بأية حال عدت يا عيد
رقم القصيدة : 5511
-----------------------------------
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بمَا مَضَى أمْ لأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ
فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا
وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ
وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً
أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي
شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ
يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما
أمْ في كُؤوسِكُمَا هَمٌّ وَتَسهيدُ؟
أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني
هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ
إذا أرَدْتُ كُمَيْتَ اللّوْنِ صَافِيَةً
وَجَدْتُهَا وَحَبيبُ النّفسِ مَفقُودُ
ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ(47/249)
أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ
أمْسَيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِناً وَيَداً
أنَا الغَنيّ وَأمْوَالي المَوَاعِيدُ
إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ
عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ
جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ
منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ
ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ
إلاّ وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِهَا عُودُ
أكُلّمَا اغتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ
أوْ خَانَهُ فَلَهُ في مصرَ تَمْهِيدُ
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا
فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها
فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ
لَوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُرّ مَوْلُودُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ
إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ
يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
ولا تَوَهّمْتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُقِدوا
وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ
وَأنّ ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ
تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرّعاديد
جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني
لكَيْ يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ
وَيْلُمِّهَا خُطّةً وَيْلُمِّ قَابِلِهَا
لِمِثْلِها خُلِقَ المَهْرِيّةُ القُودُ
وَعِنْدَها لَذّ طَعْمَ المَوْتِ شَارِبُهُ
إنّ المَنِيّةَ عِنْدَ الذّلّ قِنْديدُ
مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً
أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ
أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّاسِ دامِيَةً
أمْ قَدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَينِ مَرْدودُ
أوْلى اللّئَامِ كُوَيْفِيرٌ بمَعْذِرَةٍ
في كلّ لُؤمٍ، وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أنّ الفُحُولَ البِيضَ عاجِزَةٌ
عنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟
العصر العباسي >> المتنبي >> جاء نيروزنا وأنت مراده
جاء نيروزنا وأنت مراده(47/250)
رقم القصيدة : 5512
-----------------------------------
جَاءَ نَيرُوزُنَا وَأنتَ مُرَادُهْ
وَوَرَتْ بالذي أرَادَ زِنادُهْ
هَذِهِ النّظْرَةُ التي نَالَهَا مِنْـ
ـكَ إلى مِثْلِها من الحَوْلِ زَادُهْ
يَنْثَني عَنكَ آخِرَ اليَوْمِ مِنْهُ
نَاظِرٌ أنْتَ طَرْفُهُ وَرُقَادُهْ
نحنُ في أرْضِ فارِسٍ في سُرُورٍ
ذا الصّبَاحُ الذي نرَى ميلادُهْ
عَظّمَتْهُ مَمَالِكُ الفُرْسِ حتى
كُلُّ أيّامِ عَامِهِ حُسّادُهْ
مَا لَبِسْنَا فيهِ الأكاليلَ حتى
لَبِسَتْهَا تِلاعُهُ وَوِهَادُهْ
عندَ مَنْ لا يُقاسُ كسرَى أبوسا
سانَ مُلْكاً بهِ وَلا أوْلادُهْ
عَرَبيٌّ لِسَانُهُ فَلْسَفيٌّ
رَأيُهُ فَارِسِيّةٌ أعْيَادُهْ
كُلّمَا قالَ نائِلٌ أنَا مِنْهُ
سَرَفٌ قالَ آخَرٌ ذا اقْتِصادُهْ
كَيفَ يرْتَدّ مَنكِبي عن سَمَاءٍ
والنِّجادُ الذي عَلَيْهِ نِجَادُهْ
قَلّدَتْني يَمينُهُ بحُسَامٍ
أعقَبَتْ منهُ وَاحِداً أجْدادُهْ
كُلّمَا استُلَّ ضاحَكَتْهُ إيَاةٌ
تَزْعُمُ الشّمسُ أنّهَا أرْآدُهْ
مَثَّلُوهُ في جَفْنِهِ خِيفَةَ الفَقْـ
ـدِ فَفي مِثْلِ أثْرِهِ إغْمَادُهْ
مُنْعَلٌ لا مِنَ الحَفَا ذَهَباً يَحْـ
ـمِلُ بَحراً فِرِنْدُهُ إزْبَادُهْ
يَقْسِمُ الفَارِسَ المُدَجَّجَ لا يَسْـ
ـلَمُ مِنْ شَفْرَتَيْهِ إلاّ بِدادُهْ
جَمَعَ الدّهْرُ حَدَّهُ ويَدَيْهِ
وَثَنَائي فاستَجمَعَتْ آحَادُهْ
وَتَقَلّدْتُ شامَةً في نَداهُ
جِلْدُها مُنْفِساتُهُ وَعَتَادُهْ
فَرّسَتْنَا سَوَابِقٌ كُنَّ فيهِ
فارَقَتْ لِبْدَهُ وَفيها طِرَادُهْ
وَرَجَتْ رَاحَةً بِنَا لا تَرَاهَا
وَبلادٌ تَسيرُ فيهَا بِلادُهْ
هل لِعُذري عند الهُمامِ أبي الفضْـ
ـلِ قَبُولٌ سَوَادُ عَيني مِدادُهْ
أنَا مِنْ شِدّةِ الحَيَاءِ عَليلٌ
مَكْرُماتُ المُعِلِّهِ عُوّادُهْ
مَا كَفاني تَقصِيرُ ما قُلتُ فيهِ
عن عُلاهُ حتى ثَنَاهُ انْتِقَادُهْ
إنّني أصْيَدُ البُزاةِ وَلَكِنّ(47/251)
أجَلّ النّجُومِ لا أصْطادُهْ
رُبّ ما لا يُعَبِّرُ اللّفْظُ عَنْهُ
وَالذي يُضْمِرُ الفُؤادُ اعتِقادُهْ
ما تَعَوّدتُ أن أرَى كأبي الفضْـ
ـلِ وَهَذا الذي أتَاهُ اعتِيادُهْ
إنّ في المَوْجِ للغَرِيقِ لعُذْراً
وَاضِحاً أنْ يَفُوتَهُ تَعْدادُهْ
للنّدَى الغَلبُ إنّهُ فاضَ وَالشّعْـ
ـرُ عِمادي وَابنُ العميدِ عِمادُهْ
نَالَ ظَنّي الأُمُورَ إلاّ كَريماً
لَيْسَ لي نُطْقُهُ وَلا فيّ آدُهْ
ظالِمُ الجُودِ كُلّما حَلّ رَكْبٌ
سِيمَ أنْ تحمِلَ البِحارَ مَزَادُهْ
غَمَرَتْني فَوَائِدٌ شَاءَ فيها
أنْ يكونَ الكلامُ مِمّا أُفَادُهْ
مَا سَمِعْنَا بمَنْ أحَبّ العَطَايَا
فاشتَهَى أنْ يكونَ فيهَا فُؤادُهْ
خَلَقَ الله أفْصَحَ النّاسِ طُرّاً
في مَكانٍ أعْرَابُهُ أكْرَادُهْ
وَأحَقُّ الغُيُوثِ نَفْساً بحَمْدٍ
في زَمانٍ كلُّ النّفوسِ جَرَادُهْ
مِثلَمَا أحدَثَ النّبُوّةَ في العَا
لَمِ وَالبَعْثَ حِينَ شاعَ فَسَادُهْ
زَانَتِ اللّيْلَ غُرّةُ القَمَرِ الطّا
لعِ فيهِ وَلم يَشِنْهَا سَوَادُهْ
كَثُرَ الفِكْرُ كيفَ نُهدي كما أهْـ
ـدَتْ إلى رَبّها الرّئيسِ عِبَادُه
وَالذي عِندَنَا مِنَ المَالِ وَالخَيْـ
لِ فَمِنْهُ هِبَاتُهُ وَقِيَادُهْ
فَبَعَثْنَا بِأرْبَعِينَ مِهَاراً
كلُّ مُهْرٍ مَيْدانُهُ إنْشَادُهْ
عَدَدٌ عِشْتَهُ يَرَى الجِسْمُ فيهِ
رَباً لا يَرَاهُ فِيمَا يُزَادُهْ
فَارْتَبِطْهَا فإنّ قَلْباً نَمَاهَا
مرْبِطٌ تَسْبِقُ الجِيادَ جيادُهْ
العصر العباسي >> المتنبي >> بكتب الأنام كتاب ورد
بكتب الأنام كتاب ورد
رقم القصيدة : 5513
-----------------------------------
بِكُتْبِ الأنَامِ كِتابٌ وَرَدْ
فدَتْ يَدَ كاتِبِهِ كُلُّ يَدْ
يُعَبّرُ عَمّا لَهُ عِنْدَنَا
ويَذْكُرُ من شَوْقِهِ ما نَجِدْ
فأخْرَقَ رَائِيَهُ ما رَأى
وأبرَقَ نَاقِدَهُ ما انتَقَدْ
إذا سَمِعَ النّاسُ ألْفَاظَهُ
خلَقْنَ لهُ في القُلُوبِ الحَسَدْ(47/252)
فقُلْتُ وَقد فَرَسَ النّاطِقِينَ
كذا يَفعَلُ الأسَدُ ابنُ الأسَدْ
العصر العباسي >> المتنبي >> نسيت وما أنسى عتابا على الصد
نسيت وما أنسى عتابا على الصد
رقم القصيدة : 5514
-----------------------------------
نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ
ولاخَفَراً زَادَتْ بهِ حُمرَةُ الخدِّ
وَلا لَيْلَةً قَصّرْتُهَا بِقَصِيرَةٍ
أطالتْ يدي في جيدِها صُحبةَ العِقدِ
وَمَنْ لي بيَوْمٍ مثلِ يَوْمٍ كَرِهتُهُ
قرُبْتُ بهِ عندَ الوَداعِ من البُعْدِ
وَألاّ يَخُصَّ الفَقْدُ شَيْئاً لأنّني
فقدْتُ فلم أفقِدْ دموعي وَلا وَجْدي
تَمَنٍّ يَلَذُّ المُسْتَهَامُ بذِكْرِهِ
وإنْ كانَ لا يُغْنِي فَتيلاً وَلا يُجدي
وَغَيظٌ على الأيّامِ كالنّارِ في الحَشَا
وَلَكِنّهُ غَيظُ الأسيرِ على القِدِّ
فإمّا تَرَيْني لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ
فآفَةُ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي
يَحِلُّ القَنَا يَوْمَ الطّعَانِ بعَقْوَتي
فأحرِمُهُ عِرْضِي وَأُطْعِمُهُ جلدي
تُبَدِّلُ أيّامي وَعَيْشِي وَمَنْزِلي
نجائِبُ لا يَفكُرْنَ في النحسِ وَالسّعدِ
وَأوْجُهُ فِتْيَانٍ حَيَاءً تَلَثّمُوا
عَلَيْهِنّ لا خَوْفاً منَ الحرّ والبرْدِ
وَلَيسَ حَيَاءُ الوَجْهِ في الذّئبِ شيمةً
وَلَكِنّهُ مِنْ شيمَةِ الأسَدِ الوَرْدِ
إذا لم تُجِزْهُمْ دارَ قَوْمٍ مَوَدّةٌ
أجازَ القَنَا وَالخَوْفُ خيرٌ من الوُدِّ
يَحيدونَ عن هَزْلِ المُلُوكِ إلى الذي
تَوَفّرَ مِن بَينِ المُلُوكِ على الجِدِّ
وَمَن يَصْحَبِ اسمَ ابنِ العميدِ محَمّدٍ
يَسِرْ بَينَ أنْيابٍ الأساوِدِ وَالأُسْدِ
يَمُرُّ مِنَ السّمِّ الوَحيِّ بِعَاجِزٍ
وَيَعْبُرُ مِنْ أفواهِهِنّ عَلى دُرْدِ
كَفَانَا الرّبيعُ العِيسَ من بَرَكاتِهِ
فجاءتْهُ لم تَسمَعْ حُداءً سوَى الرّعدِ
إذا ما استَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفْسَهُ
كَرِعْنَ بِسِبْتٍ في إنَاءٍ من الوَرْدِ
كأنّا أرَادَتْ شُكرَنا الأرْضُ عندَهُ(47/253)
فَلَمْ يُخْلِنا جَوٌّ هَبَطْناهُ من رِفدِ
لَنَا مَذْهَبُ العُبّادِ في تَرْكِ غَيرِهِ
وَإتْيَانِهِ نَبْغي الرّغائِبَ بالزّهْدِ
رَجَوْنَا الذي يَرْجُونَ في كلّ جَنّةٍ
بأرْجانَ حتى ما يَئِسنَا من الخُلْدِ
تَعَرّضُ للزّوّارِ أعْنَاقُ خَيْلِهِ
تَعَرُّضَ وَحشٍ خائِفاتٍ من الطّرْدِ
وَتَلْقَى نَوَاصِيهَا المَنَايا مُشيحَةً
وُرُودَ قَطاً صُمٍّ تَشَايَحنَ في وِرْدِ
وَتَنْسُبُ أفعالُ السّيُوفِ نُفُوسَهَا
إلَيْهِ وَيَنْسُبنَ السّيُوفَ إلى الهِنْدِ
إذا الشّرَفَاءُ البِيضُ مَتُّوا بقَتْوِهِ
أتَى نَسَبٌ أعْلى من الأبِ وَالجَدِّ
فَتًى فاتَتِ العَدْوَى من النّاسِ عَينُه
فَما أرْمدتْ أجفانَهُ كثرَةُ الرُّمْدِ
وَخالَفَهُمْ خَلْقاً وَخُلْقاً وَمَوْضِعاً
فقد جَلّ أنْ يُعدَى بشَيْءٍ وَأن يُعدي
يُغَيّرُ ألْوَانَ اللّيَالي عَلى العِدَى
بمَنشُورَةِ الرّاياتِ مَنصُورَةِ الجُندِ
إذا ارْتَقَبُوا صُبْحاً رَأوْا قَبلَ ضَوْئِهِ
كتائِبَ لا يَرْدي الصّباحُ كما تَرْدي
وَمَبْثُوثَةً لا تُتّقَى بطَلِيعَةٍ
وَلا يُحْتَمى مِنْها بِغَوْرٍ وَلا نَجْدِ
يَغُصْنَ إذا ما عُدْنَ في مُتَفَاقِدٍ
من الكُثرِ غَانٍ بالعَبيدِ عن الحَشدِ
حَثَتْ كلُّ أرْضٍ تُرْبَةً في غُبَارِهِ
فَهُنّ عَلَيْهِ كالطّرَائِقِ في البُرْدِ
فإنْ يكُنِ المَهديّ مَن بانَ هَدْيُهُ
فهَذا وَإلاّ فالهُدى ذا فَما المَهدي
يُعَلّلُنَا هَذا الزّمانُ بذا الوَعْدِ
وَيَخْدَعُ عَمّا في يَدَيْهِ من النّقدِ
هَلِ الخَيرُ شيءٌ لَيسَ بالخَيرِ غائِبٌ
أمِ الرُّشدُ شيءٌ غائبٌ ليس بالرُّشدِ
أأحزَمَ ذي لُبٍّ وَأكْرَمَ ذي يَدٍ
وَأشجَعَ ذي قَلبٍ وَأرْحمَ ذي كِبْدِ
وَأحْسَنَ مُعْتَمٍّ جُلُوساً وَرِكْبَةً
على المِنبرِ العالي أوِ الفَرَسِ النّهْدِ
تَفَضّلَتِ الأيّامُ بالجَمْعِ بَيْنَنَا
فلَمّا حَمِدْنَا لم تُدِمْنَا على الحَمدِ
جَعَلْنَ وَداعي وَاحِداً لثَلاثَةٍ(47/254)
جَمَالِكَ وَالعِلْمِ المُبرِّحِ وَالمَجْدِ
وَقد كنتُ أدرَكْتُ المُنى غَيرَ أنّني
يُعَيّرُني أهْلي بإدراكِهَا وَحْدي
وكُلُّ شَرِيكٍ في السّرُورِ بمُصْبَحي
أرَى بعدَهُ مَن لا يرَى مثلَهُ بَعدي
فَجُدْ لي بقَلْبٍ إنْ رَحَلْتُ فإنّني
مُخَلِّفُ قَلبي عِندَ من فَضْلُه عندِي
وَلَوْ فَارَقَتْ نَفْسِي إلَيكَ حَيَاتَها
لَقُلْتُ أصَابَتْ غَيرَ مَذمومةِ العهدِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أزائر يا خيال أم عائد
أزائر يا خيال أم عائد
رقم القصيدة : 5515
-----------------------------------
أزَائرٌ يا خَيَالُ أمْ عَائِدْ
أمْ عِنْدَ مَوْلاكَ أنّني رَاقِدْ
لَيسَ كما ظَنّ، غَشيَةٌ عرَضَتْ
فَجِئتَني في خِلالهَا قَاصِدْ
عُدْ وَأعِدْهَا فَحَبّذا تَلَفٌ
ألصَقَ ثَدْيي بثَدْيِكَ النّاهِدْ
وَجُدْتَ فيهِ بمَا يَشِحّ بِهِ
مِنَ الشّتيتِ المُؤشَّرِ البَارِدْ
إذا خَيَالاتُهُ أطَفْنَ بِنَا...
أضْحَكَهُ أنّني لهَا حَامِدْ
لا أجْحَدُ الفَضْلَ رُبّمَا فعلَتْ
ما لم يكُنْ فَاعِلاً وَلا وَاعِدْ
مَا تَعرِفُ العَينُ فَرْقَ بَيْنِهِمَا
كُلٌّ خَيَالٌ وِصَالُهُ نَافِدْ
يا طَفْلَةَ الكَفّ عَبْلَةَ السّاعِدْ
على البَعِيرِ المُقَلَّدِ الوَاخِدْ
زِيدي أذى مُهجَتي أزِدكِ هوًى
فأجْهَلُ النّاسِ عَاشِقٌ حَاقِدْ
حَكَيْتَ يا لَيلُ فَرْعَها الوَارِدْ
فاحكِ نَوَاهَا لجَفنيَ السّاهِدْ
طَالَ بُكائي عَلى تَذَكُّرِهَا
وَطُلْتَ حتى كِلاكُمَا وَاحِدْ
مَا بَالُ هَذي النّجُومِ حائِرَةً
كأنّهَا العُمْيُ ما لَها قَائِدْ
أوْ عُصْبَةٌ مِنْ مُلُوكِ نَاحِيَةٍ
أبُو شُجاعٍ عَلَيْهِمِ وَاجِدْ
إنْ هَرَبُوا أُدْرِكوا وَإنْ وَقَفُوا
خَشُوا ذَهابَ الطّرِيفِ وَالتّالِدْ
فَهُمْ يُرَجَّوْنَ عَفْوَ مُقْتَدِرٍ
مُبَارَكِ الوَجْهِ جائِدٍ مَاجِدْ
أبْلَجَ لَوْ عاذَتِ الحَمَامُ بِهِ
مَا خَشِيَتْ رَامِياً وَلا صَائِدْ
أوْ رَعَتِ الوَحْشُ وَهْيَ تَذكُرُهُ(47/255)
ما رَاعَها حابِلٌ وَلا طَارِدْ
تُهدي لَهُ كُلُّ ساعَةٍ خَبراً
عَن جَحفَلٍ تحتَ سَيفِهِ بائِدْ
وَمُوضِعاً في فِتَانِ نَاجِيَةٍ
يَحمِلُ في التّاجِ هامةَ العاقِدْ
يا عَضُداً رَبُّهُ بِهِ العاضِدْ
وَسَارِياً يَبعَثُ القَطَا الهَاجِدْ
وَمُمْطِرَ المَوْتِ وَالحَيَاةِ مَعاً
وَأنتَ لا بارِقٌ وَلا رَاعِدْ
نِلتَ وَما نِلتَ من مَضَرّةِ وَهْـ
ـشوذانَ ما نالَ رَأيُهُ الفَاسِدْ
يَبْدَأُ مِنْ كَيْدِهِ بغَايَتِهِ
وَإنّمَا الحَرْبُ غايَةُ الكَائِدْ
ماذا على مَنْ أتَى يُحارِبُكُمْ
فَذَمّ ما اخْتارَ لَوْ أتَى وَافِدْ
بِلا سِلاحٍ سِوَى رَجائِكُمُ
فَفَازَ بالنّصرِ وَانثَنى رَاشِدْ
يُقارِعُ الدّهرُ مَن يُقارِعُكُمْ
على مَكانِ المَسُودِ وَالسّائِدْ
وَلِيتَ يَوْمَيْ فَنَاءِ عَسْكَرِهِ
وَلم تَكُنْ دانِياً وَلا شَاهِدْ
وَلم يَغِبْ غَائِبٌ خَليفَتُهُ
جَيشُ أبيهِ وَجَدُّهُ الصّاعِدْ
وكُلُّ خَطّيّةٍ مُثَقَّفَةٍ
يَهُزّهَا مَارِدٌ عَلى مَارِدْ
سَوَافِكٌ مَا يَدَعْنَ فَاصِلَةً
بَينَ طَرِيءِ الدّمَاءِ وَالجَاسِدْ
إذا المَنَايَا بَدَتْ فَدَعْوَتُهَا
أُبْدِلَ نُوناً بِدالِهِ الحَائِدْ
إذا دَرَى الحِصْنُ مَنْ رَماهُ بها
خَرّ لهَا في أسَاسِهِ سَاجِدْ
ما كانَتِ الطِّرْمُ في عَجاجَتِهَا
إلاّ بَعِيراً أضَلّهُ نَاشِدْ
تَسألُ أهْلَ القِلاعِ عَنْ مَلِكٍ
قدْ مَسَخَتْهُ نَعَامَةً شَارِدْ
تَستَوْحِشُ الأرْضُ أنْ تُقِرّ بهِ
فكُلّها مُنكِرٌ لَهُ جَاحِدْ
فَلا مُشادٌ وَلا مُشيدُ حِمًى
وَلا مَشيدٌ أغنى وَلا شائِدْ
فاغْتَظْ بقَوْمٍ وَهشوذَ ما خُلِقوا
إلاّ لِغَيظِ العَدوّ والحاسِدْ
رَأوْكَ لمّا بَلَوْكَ نَابِتَةً
يأكُلُهَا قَبْلَ أهْلِهِ الرّائِدْ
وَخَلِّ زِيّاً لِمَنْ يُحَقّقُهُ
ما كلُّ دامٍ جَبينُهُ عَابِدْ
إنْ كانَ لمْ يَعْمِدِ الأمِيرُ لِمَا
لَقيتَ مِنْهُ فَيُمْنُهُ عَامِدْ
يُقْلِقُهُ الصّبْحُ لا يرَى مَعَهُ(47/256)
بُشرَى بفَتْحٍ كأنّهُ فَاقِدْ
وَالأمْرُ لله، رُبّ مُجْتَهِدٍ
مَا خابَ إلاّ لأنّهُ جَاهِدْ
وَمُتّقٍ وَالسّهَامُ مُرْسَلَةٌ
يَحيدُ عَن حابِضٍ إلى صَارِدْ
فَلا يُبَلْ قاتِلٌ أعَادِيَهُ
أقَائِماً نَالَ ذاكَ أمْ قاعِدْ
لَيتَ ثَنَائي الذي أصُوغُ فِدى
مَنْ صِيغَ فيهِ فإنّهُ خَالِدْ
لَوَيْتُهُ دُمْلُجاً عَلى عَضُدٍ
لِدَوْلَةٍ رُكْنُهَا لَهُ وَالِدْ
العصر العباسي >> المتنبي >> وشادن روح من يهواه في يده
وشادن روح من يهواه في يده
رقم القصيدة : 5516
-----------------------------------
وَشَادِنٍ رُوحُ مَنْ يَهواهُ في يَدِهِ
سَيْفُ الصُّدودِ عَلى أعْلَى مُقَلَّدِهِ
مَا اهْتَزّ مِنْهُ عَلى عُضْوٍ لِيَبْتُرَهُ
إلاّ اتّقاهُ بتُرْسٍ مِنْ تَجَلّدِهِ
ذَمّ الزّمَانُ إلَيْهِ مِنْ أحِبّتِهِ
ما ذَمّ مِن بَدرِهِ في حَمدِ أحمدِهِ
شَمسٌ إذا الشّمسُ لاقَتهُ على فرَسٍ
تَرَدّدَ النّورُ فيها مِنْ تَرَدّدِهِ
إنْ يَقْبُحُ الحُسْنُ إلاّ عِنْدَ طَلعَتِهِ
وَالعَبْدُ يَقْبُحُ إلاّ عندَ سَيّدِهِ
قالتْ عنِ الرِّفْدِ طِبْ نَفْساً فقلتُ لها
لا يَصْدُرُ الحُرُّإلاّ بَعْدَ مَوْرِدِهِ
لم أعرِفِ الخَيرَ إلاّ مُذْ عَرَفْتُ فَتًى
لم يُولَدِ الجُودُ إلاّ عِندَ مَوْلِدِهِ
نَفْسٌ تُصَغِّرُ نَفسَ الدّهرِ من كِبَرٍ
لهَا نُهَى كَهْلِهِ في سِنّ أمْرَدِهِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أمساور أم قرن شمس هذا
أمساور أم قرن شمس هذا
رقم القصيدة : 5517
-----------------------------------
أمُساوِرٌ أمْ قَرْنُ شَمْسٍ هَذا
أمْ لَيْثُ غابٍ يَقْدُمُ الأسْتَاذَا
شِمْ ما انْتَضَيْتَ فقد ترَكْتَ ذُبابَهُ
قِطَعاً وقَدْ تَرَكَ العِبادَ جُذاذا
هَبكَ ابنَ يزْداذٍ حَطَمْتَ وصَحْبَهُ
أتُرَى الوَرَى أضْحَوْا بَني يَزْداذَا
غادَرْتَ أوْجُهَهُمْ بحَيْثُ لَقيتَهُمْ
أقْفَاءَهُمْ وكُبُودَهُمْ أفْلاذَا
في مَوْقِفٍ وَقَفَ الحِمَامُ عَلَيهِمِ(47/257)
في ضَنكِهِ واسْتَحوَذَ اسْتِحْوَاذَا
جَمَدَتْ نُفُوسُهُمُ فَلَمّا جِئْتَها
أجْرَيْتَها وسَقَيْتَها الفُولاذَا
لمّا رَأوْكَ رَأوْا أبَاكَ مُحَمّداً
في جَوْشَنٍ وأخا أبيكَ مُعاذَا
أعْجَلْتَ ألْسُنَهُمْ بضَرْبِ رِقابهمْ
عَنْ قَوْلهِمْ: لا فارِسٌ إلاّ ذَا
غِرٌّ طَلَعْتَ عَلَيْهِ طِلْعَةَ عارِضٍ
مَطَرَ المَنَايَا وابِلاً ورَذاذَا
سَدّتْ عَلَيْهِ المَشْرَفِيّةُ طُرْقَهُ
فانْصَاعَ لا حَلَباً ولا بَغذَاذَا
طَلَبَ الإمارَةَ في الثّغُورِ ونَشْؤهُ
ما بَينَ كَرْخايا إلى كَلْوَاذَا
فَكأنَّهُ حَسِبَ الأسِنَّةَ حُلْوَةً
أوْ ظَنَّها البَرْنيَّ وَالآزَاذَا
لم يَلْقَ قَبلَكَ مَنْ إذا اختَلَفَ القَنَا
جَعَلَ الطّعانَ مِنَ الطّعانِ مَلاذَا
مَنْ لا تُوافِقُهُ الحَياةُ وطِيبُها
حتى يُوافِقَ عَزْمُهُ الإنْفَاذَا
مُتَعَوّداً لُبْسَ الدّروعِ يَخالها
في البَرْدِ خَزّاً والهَواجِرِ لاذَا
أعْجِبْ بأخْذِكَهُ وأعجَبُ منكما
أنْ لا تَكُونَ لمِثْلِهِ أخّاذَا
العصر العباسي >> المتنبي >> سر حيث يحله النوار
سر حيث يحله النوار
رقم القصيدة : 5518
-----------------------------------
سرْ حَيثُ يحُلُّهُ النُّوّارُ
وأرادَ فيكَ مُرادَكَ المِقْدارُ
وإذا ارْتحلتَ فشَيّعتْكَ سَلامَةٌ
حَيثُ اتّجهْتَ وديمَةٌ مِدرارُ
وصَدرْتَ أغنمَ صادِرٍ عن مَوْرِدٍ
مَرْفُوعَةً لقُدومِكَ الأبصارُ
وأراكَ دهرُكَ ما تحاوِلُ في العدى
حتى كأنّ صُروفَهُ أنْصارُ
أنتَ الذي بَجِحَ الزّمانُ بذِكْرِهِ
وتَزَيّنَتْ بحَديثِهِ الأسْمارُ
وإذا تَنَكّرَ فالفَناءُ عِقابُهُ
وإذا عَفا فَعَطاؤهُ الأعْمارُ
وَلَهُ وإنْ وَهَبَ المُلُوكُ مَواهِبٌ
دَرُّ المُلُوكِ لدَرّها أغْبارُ
لله قَلْبُكَ ما تَخافُ مِنَ الرّدى
وتَخافُ أنْ يَدنُو إلَيكَ العارُ
وتحيدُ عَن طَبَعِ الخَلائِقِ كُلّهِ
ويَحيدُ عَنكَ الجَحفَلُ الجَرّارُ
يا مَنْ يَعِزُّ على الأعزّةِ جارُهُ(47/258)
ويَذِلُّ مِنْ سَطَواتِهِ الجَبّارُ
كُنْ حيثُ شئتَ فما تحولُ تَنوفةٌ
دونَ اللّقاءِ ولا يَشِطّ مَزارُ
وبدونِ ما أنا مِنْ وِدادِكَ مُضمِرٌ
يُنضَى المَطِيُّ ويَقرُبُ المُسْتارُ
إنّ الذي خَلّفْتُ خَلْفي ضائِعٌ
ما لي على قَلَقي إلَيْهِ خِيارُ
وإذا صُحِبْتَ فكلّ ماءٍ مَشرَبٌ
لَوْلا العِيالُ وكلّ أرضٍ دارُ
إذْنُ الأميرِ بأنْ أعُودَ إلَيْهِمِ
صِلَةٌ تَسيرُ بذِكرِها الأشْعارُ
العصر العباسي >> المتنبي >> اخترت دهماءتين يا مطر
اخترت دهماءتين يا مطر
رقم القصيدة : 5519
-----------------------------------
اختَرْتُ دَهْمَاءَتَينِ يا مَطَرُ
وَمَنْ لَهُ في الفَضائلِ الخِيَرُ
وَرُبّمَا فالَتِ العُيُونُ وقَدْ
يَصْدُقُ فيهَا وَيكْذِبُ النّظَرُ
أنتَ الذي لَوْ يُعابُ في مَلاَءٍ
ما عِيبَ إلاّ بأنّهُ بَشَرُ
وَأنّ إعْطاءَهُ الصّوَارِمُ وَالـ
ـخَيْلُ وَسُمْرُ الرّماحِ والعَكَرُ
فاضِحُ أعْدائِهِ كأنّهُمُ
لَهُ يَقِلّونَ كُلّمَا كَثُرُوا
أعاذَكَ الله مِنْ سِهَامِهِمِ
وَمُخْطِىءٌ مَنْ رَمِيُّهُ القَمَرُ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> اجهلك
اجهلك
رقم القصيدة : 552
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أجهلك .. ولي سنين اتخيلك
اتمثلك في كل طيف .. والقاك في قسمات ضيف
كل المشاعر له تقول .. حنا هلك
أجهلك .. ولي سنين اتخيلك
القاك في بعض الوجيه .. ويمرني طيفك واجيه
يا باكر اللي اجهله .. ارقتني الأسئلة
وابطى العمر يستعجلك ..
أجهلك .. ولي سنين اتخيلك
بالعيوب وبالمزايا .. بالألم
لامن هجرتي يجتاحبي ضلوعي وحنايا
اتخيل شكوكك وظنك .. اتخيل التقصير منك
حتى الجفى اتخيله .. وكيف انا باتحمله .. واتحملك
أجهلك .. ولي سنين اتخيلك
وجهك اللي قد حبسته داخلي في غمضة عيوني
واللي ياما قد رسمته .. من عبث طيشي وجنوني
وجهك اللي دوم يظهر لما ألقى نشوة الفكرة الجديدة داهمتني(47/259)
لما القى انكساراتي قصيدة واكتبتني
وجهك اللي دوم يظهر في اعاصيري وسكوني
في الجبال الشاهقة في أجمل خيالي
في السفوح الخافقة بين نبضي وانفعالي
وجهك اللي قد نحته في عظامي والجوارح
وجهك اللي قد حفظته وبتفاصيل الملاح
بالنهار في بسمته .. بالضيا اللي في ورودة
بالعبوس في غضبته .. بالتضاريس وحدوده
من جنوحه في البها .. لين اقصى نقطة في كاسر جماله
للعذوبة .. من شروق النور في ضيه
للشعر في غروبه
من شطوط الكحل في عيونك لنحرك
من بياض الثلج في خدك لجمرٍ قاد في ثغرك
وجهك اللي ما ابد يوم لمحته .. او عرفته
لي سنين اتخيله .. واتخيلك
ياللي كلي بك معرفة .. واجهلك
ما اصعبك .. كيف الاقيك
ما اسهلك .. لو الاقيك
ياللي دوم اتخيلك
مملكة حسن الزمن
وأنا الملك
العصر العباسي >> المتنبي >> أنا بالوشاة إذا ذكرتك أشبه
أنا بالوشاة إذا ذكرتك أشبه
رقم القصيدة : 5520
-----------------------------------
أنَا بالوُشاةِ إذا ذكَرْتُكَ أشْبَهُ
تأتي النّدَى وَيُذاعُ عَنْكَ فَتَكْرَهُ
وَإذا رَأيْتُكَ دونَ عِرْضٍ عَارِضاً
أيْقَنْتُ أنّ الله يَبْغي نَصْرَهُ
العصر العباسي >> المتنبي >> رضاك رضاي الذي أوثر
رضاك رضاي الذي أوثر
رقم القصيدة : 5521
-----------------------------------
رِضاكَ رِضايَ الّذي أُوثِرُ
وَسِرُّكَ سِرّي فَما أُظْهِرُ
كَفَتْكَ المُرُوءَةُ ما تَتّقي
وَآمَنَكَ الوُدُّ مَا تَحْذَرُ
وَسِرُّكُمُ في الحَشَا مَيّتٌ
إذا أُنْشِرَ السّرُّ لا يُنْشَرُ
كَأنّي عَصَتْ مُقْلَتي فيكُمُ
وَكَاتَمَتِ القَلْبَ مَا تُبْصِرُ
وَإفْشَاءُ مَا أنَا مُسْتَوْدَعٌ
مِنَ الغَدْرِ وَالحُرُّ لا يَغدُرُ
إذا مَا قَدَرْتُ عَلى نَطْقَةٍ
فإنّي عَلى تَرْكِها أقْدَرُ
أُصَرّفُ نَفْسِي كَمَا أشْتَهي
وَأمْلِكُهَا وَالقَنَا أحْمَرُ
دَوَالَيْكَ يا سَيْفَهَا دَوْلَةً
وَأمْرَكَ يا خَيرَ مَنْ يَأمُرُ
أتَاني رَسُولُكَ مُسْتَعْجِلاً(47/260)
فَلَبّاهُ شِعْرِي الذي أذْخَرُ
وَلَوْ كانَ يَوْمَ وَغىً قاتِماً
لَلَبّاهُ سَيْفيَ وَالأشْقَرُ
فَلا غَفَلَ الدّهْرُ عَن أهْلِهِ
فإنّكَ عَيْنٌ بهَا يَنْظُرُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أرى ذلك القرب صار ازورارا
أرى ذلك القرب صار ازورارا
رقم القصيدة : 5522
-----------------------------------
أرى ذلكَ القُرْبَ صارَ ازْوِرارَا
وَصارَ طَوِيلُ السّلامِ اختِصارَا
تَرَكْتَنيَ اليَوْمَ في خَجْلَةٍ
أمُوتُ مِراراً وَأحْيَا مِرارَا
أُسَارِقُكَ اللّحْظَ مُسْتَحْيِياً
وَأزْجُرُ في الخَيلِ مُهري سِرارَا
وَأعْلَمُ أنّي إذا ما اعتَذَرْتُ
إلَيْكَ أرَادَ اعْتِذاري اعتِذارَا
كَفَرْتُ مَكارِمَكَ البَاهِرا
تِ إنْ كانَ ذلكَ مني اخْتِيارَا
وَلَكِنْ حَمَى الشّعْرَ إلاّ القَليـ
ـلَ هَمٌّ حَمَى النّوْمَ إلاّ غِرارَا
وَما أنَا أسقَمْتُ جسمي بِهِ
وَلا أنَا أضرَمتُ في القلبِ نَارَا
فَلا تُلزِمَنّي ذُنُوبَ الزّمَانِ،
إلَيّ أسَاءَ وَإيّايَ ضَارَا
وَعِنْدي لَكَ الشُّرُدُ السّائِرا
تُ لا يختَصِصْنَ منَ الأرْضِ دارَا
قَوَافٍ إذا سِرْنَ عَنْ مِقْوَلي
وَثَبْنَ الجِبالَ وَخُضْنَ البِحارَا
وَلي فيكَ مَا لم يَقُلْ قَائِلٌ
وَمَا لم يَسِرْ قَمَرٌ حَيثُ سَارَا
فَلَوْ خُلِقَ النّاسُ منْ دَهرِهِمْ
لَكانُوا الظّلامَ وَكنتَ النّهارَا
أشَدُّهُمُ في النّدَى هِزّةً
وَأبْعَدُهُمْ في عَدُوٍّ مُغَارَا
سَمَا بكَ هَمّيَ فوْقَ الهُمومِ
فَلَسْتُ أعُدُّ يَسَاراً يَسَارَا
وَمَنْ كنتَ بَحْراً لَهُ يا عَليُّ
لَمْ يَقْبَلِ الدُّرَّ إلاّ كِبَارَا
العصر العباسي >> المتنبي >> ألصوم والفطر والأعياد والعصر
ألصوم والفطر والأعياد والعصر
رقم القصيدة : 5523
-----------------------------------
ألصّوْمُ وَالفِطْرُ وَالأعْيادُ وَالعُصُرُ
مُنيرَةٌ بكَ حتى الشّمسُ والقَمَرُ
تُرِي الأهِلّةَ وَجْهاً عَمَّ نَائِلُهُ(47/261)
فَما يُخَصُّ بهِ من دُونِها البَشَرُ
ما الدّهرُ عندَكَ إلاّ رَوْضَةٌ أُنُفٌ
يا مَنْ شَمَائِلُهُ في دَهْرِهِ زَهَرُ
مَا يَنتَهي لكَ في أيّامِهِ كَرَمٌ
فَلا انْتَهَى لكَ في أعْوامِهِ عُمُرُ
فإنّ حَظّكَ من تَكرارِها شَرَفٌ
وَحَظَّ غَيرِكَ منها الشّيبُ والكِبَرُ
العصر العباسي >> المتنبي >> ظلم لذا اليوم وصف قبل رؤيته
ظلم لذا اليوم وصف قبل رؤيته
رقم القصيدة : 5524
-----------------------------------
ظُلمٌ لذا اليَوْمِ وَصْفٌ قبلَ رُؤيَتِهِ
لا يصْدُقُ الوَصْفُ حتى يَصْدُقَ النظرُ
تَزَاحَمَ الجَيشُ حتى لم يَجِدْ سَبَباً
إلى بِساطِكَ لي سَمْعٌ وَلا بَصَرُ
فكُنتُ أشهَدَ مُخْتَصٍّ وَأغْيَبَهُ
مُعَايِناً وَعِيَاني كُلُّهُ خَبَرُ
ألْيَوْمَ يَرْفَعُ مَلْكُ الرّومِ نَاظرَهُ
لأنّ عَفوَكَ عَنْهُ عندَهُ ظَفَرُ
وَإنْ أجَبْتَ بشَيْءٍ عَنْ رَسائِلِهِ
فَمَا يَزالُ على الأمْلاكِ يَفْتَخِرُ
قَدِ اسْتَرَاحَتْ إلى وَقْتٍ رِقابُهُمُ
منَ السّيوفِ وَباقي القَوْمِ يَنتَظِرُ
وَقَدْ تُبَدِّلُهَا بالقَوْمِ غَيْرَهُمُ
لكيْ تَجِمَّ رُؤوسُ القَوْمِ وَالقَصَرُ
تَشبيهُ جُودِكَ بالأمْطارِ غَادِيَةً
جُودٌ لكَفّكَ ثانٍ نَالَهُ المَطَرُ
تكَسَّبُ الشمْسُ منكَ النّورَ طالعَةً
كمَا تَكَسّبَ منها نُورَهُ القَمَرُ
العصر العباسي >> المتنبي >> طوال قنا تطاعنها قصار
طوال قنا تطاعنها قصار
رقم القصيدة : 5525
-----------------------------------
طِوالُ قَناً تُطاعِنُها قِصَارُ
وَقَطْرُكَ في نَدًى وَوَغًى بحارُ
وَفيكَ إذا جَنى الجاني أنَاةٌ
تُظَنّ كَرَامَةً وَهِيَ احتِقارُ
وَأخْذٌ للحَواضِرِ وَالبَوادي
بضَبْطٍ لَمْ تُعَوَّدْهُ نِزارُ
تَشَمَّمُهُ شَميمَ الوَحْشِ إنْساً
وَتُنْكِرُهُ فيَعْرُوهَا نِفَارُ
وَمَا انْقادَتْ لغَيرِكَ في زَمَانٍ
فتَدْريَ ما المَقَادَةُ وَالصَّغَارُ
فَقَرّحَتِ المَقَاوِدُ ذِفْرَيَيْهَا(47/262)
وَصَعّرَ خَدَّهَا هذا العِذارُ
وَأطْمَعَ عَامِرَ البُقْيَا عَلَيْهَا
وَنَزّقَها احتِمالُكَ وَالوَقَارُ
وَغَيّرَها التّرَاسُلُ والتّشاكي
وَأعْجَبَهَا التّلَبُّبُ وَالمُغَارُ
جِيادٌ تَعْجَزُ الأرْسانُ عَنْها
وَفُرْسانٌ تَضِيقُ بها الدّيَارُ
وكانَتْ بالتّوَقّفِ عَنْ رَداهَا
نُفُوساً في رَداهَا تُسْتَشَارُ
وكنتَ السّيفَ قائِمُهُ إلَيْهِمْ
وَفي الأعداءِ حَدُّكَ وَالغِرارُ
فَأمْسَتْ بالبَدِيّةِ شَفْرَتَاهُ
وَأمْسَى خَلْفَ قَائِمِهِ الحِيارُ
وَكانَ بَنُو كِلابٍ حَيثُ كَعبٌ
فخافُوا أنْ يَصِيرُوا حيَثُ صارُوا
تَلَقّوْا عِزَّ مَوْلاهُمْ بِذُلٍّ
وَسَارَ إلى بَني كَعبٍ وَسارُوا
فَأقْبَلَهَا المُرُوجَ مُسَوَّمَاتٍ
ضَوَامِرَ لا هُزالَ وَلا شِيارُ
تُثِيرُ عَلى سَلَمْيَةَ مُسْبَطِرّاً
تَنَاكَرُ تَحْتَهُ لَوْلا الشّعَارُ
عَجَاجاً تَعثُرُ العِقْبانُ فِيهِ
كَأنّ الجَوّ وَعْثٌ أوْ خَبَارُ
وَظَلّ الطّعْنُ في الخَيْلَينِ خَلْساً
كأنّ المَوْتَ بَيْنَهُمَا اختِصارُ
فَلَزَّهُمُ الطّرادُ إلى قِتَالٍ
أحَدُّ سِلاحِهِمْ فيهِ الفِرارُ
مَضَوْا مُتَسابِقي الأعْضاءِ فيهِ
لأِرْؤسِهِمْ بأرْجُلِهِمْ عِثَارُ
يَشُلّهُمُ بكُلّ أقَبَّ نَهْدٍ
لِفَارِسِهِ عَلى الخَيْلِ الخِيارُ
وكلِّ أصَمّ يَعْسِلُ جانِبَاهُ
عَلى الكَعْبَينِ مِنْهُ دَمٌ مُمَارُ
يُغادِرُ كُلَّ مُلْتَفِتٍ إلَيْهِ
وَلَبّتُهُ لثَعْلَبِهِ وِجَارُ
إذا صَرَفَ النّهارُ الضّوْءَ عَنْهُمْ
دَجَا لَيْلانِ لَيْلٌ وَالغُبَارُ
وَإنْ جِنْحُ الظّلامِ انجابَ عَنهُمْ
أضَاءَ المَشْرَفِيّةُ وَالنّهَارُ
وَيَبْكي خَلفَهُمْ دَثْرٌ بُكاهُ
رُغَاءٌ أوْ ثُؤاجٌ أوْ يُعَارُ
غَطَا بالعِثْيَرِ البَيْدَاءَ حتى
تَحَيّرَتِ المَتَالي وَالعِشَارُ
وَمَرّوا بالجَبَاةِ يَضُمُّ فيهَا
كِلا الجَيْشَينِ مِنْ نَقْعٍ إزَارُ
وَجاؤوا الصَّحصَحانَ بلا سُرُوجٍ
وَقَدْ سَقَطَ العِمَامةُ وَالخِمارُ(47/263)
وَأُرْهِقَتِ العَذارَى مُرْدَفاتٍ
وَأُوطِئَتِ الأُصَيْبِيَةُ الصّغارُ
وَقَدْ نُزِحَ الغُوَيْرُ فَلا غُوَيْرٌ
وَنِهْيَا وَالبُيَيْضَةُ وَالجِفَارُ
وَلَيسَ بغَيرِ تَدْمُرَ مُسْتَغاثٌ
وَتَدْمُرُ كاسمِهَا لَهُمُ دَمَارُ
أرادوا أنْ يُديرُوا الرّأيَ فِيهَا
فصَبّحَهُمْ برَأيٍ لا يُدارُ
وَجَيْشٍ كُلّمَا حارُوا بأرْضٍ
وَأقْبَلَ أقْبَلَتْ فيهِ تَحَارُ
يَحُفّ أغَرَّ لا قَوَدٌ عَلَيْهِ
وَلا دِيَةٌ تُساقُ وَلا اعْتِذارُ
تُرِيقُ سُيُوفُهُ مُهَجَ الأعادي
وَكُلُّ دَمٍ أرَاقَتْهُ جُبَارُ
فَكانُوا الأُسدَ لَيسَ لهَا مَصَالٌ
عَلى طَيرٍ وَلَيسَ لهَا مَطارُ
إذا فَاتُوا الرّماحَ تَنَاوَلَتْهُمْ
بأرْمَاحٍ مِنَ العَطَشِ القِفارُ
يَرَوْنَ المَوْتَ قُدّاماً وَخَلْفاً
فَيَخْتارُونَ وَالمَوْتُ اضْطِرارُ
إذا سَلَكَ السّمَاوَةَ غَيرُ هَادٍ
فَقَتْلاهُمْ لِعَيْنَيْهِ مَنَارُ
وَلَوْ لمْ يُبْقِ لم تَعِشِ البَقَايَا
وَفي المَاضي لمَنْ بقيَ اعتِبارُ
إذا لمْ يُرْعِ سَيّدُهُمْ عَلَيْهِمْ
فَمَنْ يُرْعي عَلَيْهِمْ أوْ يَغَارُ
تُفَرّقُهُمْ وَإيّاهُ السّجَايَا
وَيَجْمَعُهُمْ وَإيّاهُ النِّجَارُ
وَمَالَ بهَا على أرَكٍ وَعُرْضٍ
وَأهْلُ الرَّقّتَينِ لهَا مَزَارُ
وَأجْفَلَ بالفُراتِ بَنُو نُمَيرٍ
وَزَأْرُهُمُ الذي زَأرُوا خُوارُ
فَهُمْ حِزَقٌ على الخَابُورِ صَرْعى
بهِمْ منْ شُرْبِ غَيرِهِمِ خُمارُ
فَلَمْ يَسرَحْ لهُمْ في الصّبحِ مالٌ
وَلم تُوقَدْ لَهُمْ باللّيلِ نَارُ
حِذارَ فَتًى إذا لم يَرْضَ عَنْهُمْ
فلَيْسَ بنافِعٍ لَهُمُ الحِذارُ
تَبيتُ وُفُودُهُمْ تَسْرِي إلَيْهِ
وَجَدْواهُ التي سألُوا اغْتِفَارُ
فَخَلّفَهُمْ بِرَدّ البِيضِ عَنْهُمْ
وَهَامُهُمُ لَهُ مَعَهُمْ مُعَارُ
هُمُ مِمّنْ أذَمّ لَهُمْ عَلَيْهِ
كَرِيمُ العِرْقِ وَالحَسبُ النُّضَارُ
فَأصْبَحَ بالعَوَاصِمِ مُسْتَقِرّاً
وَلَيْسَ لبَحْرِ نَائِلِهِ قَرَارُ(47/264)
وَأضْحَى ذِكْرُهُ في كُلّ قُطْرٍ
تُدارُ على الغِنَاءِ بِهِ العُقارُ
تَخِرّ لَهُ القَبائِلُ ساجِداتٍ
وَتَحْمَدُهُ الأسِنّةُ وَالشّفارُ
كأنّ شُعاعَ عَينِ الشّمسِ فيهِ
فَفي أبْصارِنَا مِنهُ انْكِسارُ
فَمَنْ طَلَبَ الطّعانَ فَذَا عَليٌّ
وَخَيْلُ الله وَالأسَلُ الحِرارُ
يَرَاهُ النّاسُ حَيثُ رَأتْهُ كَعْبٌ
بأرْضٍ ما لِنازِلِهَا استِتَارُ
يُوَسّطُهُ المَفَاوِزَ كُلَّ يَوْمٍ
طِلابُ الطّالِبِينَ لا الانْتِظارُ
تَصَاهَلُ خَيْلُهُ مُتَجاوِبَاتٍ
وَمَا مِنْ عادَةِ الخَيلِ السِّرَارُ
بَنُو كَعْبٍ وَمَا أثّرْتَ فيهِمْ
يَدٌ لمْ يُدْمِهَا إلاّ السّوَارُ
بهَا مِنْ قَطْعِهِ ألَمٌ وَنَقْصٌ
وَفيها مِنْ جَلالَتِهِ افتِخارُ
لَهُمْ حَقٌّ بشِرْكِكَ في نِزَارٍ
وَأدْنَى الشّرْكِ في أصْلٍ جِوارُ
لَعَلّ بَنيهِمِ لِبَنيكَ جُنْدٌ
فأوّلُ قُرّحِ الخَيلِ المِهَارُ
وأنْتَ أبَرُّ مَنْ لَوْ عُقّ أفنى
وَأعْفَى مَنْ عُقُوبَتُهُ البَوَارُ
وَأقْدَرُ مَنْ يُهَيّجُهُ انْتِصارٌ
وَأحْلَمُ مَنْ يُحَلّمُهُ اقتِدارُ
وَمَا في سَطْوَةِ الأرْبابِ عَيْبٌ
وَلا في ذِلّةِ العُبْدانِ عَارُ
العصر العباسي >> المتنبي >> بقية قوم آذنوا ببوار
بقية قوم آذنوا ببوار
رقم القصيدة : 5526
-----------------------------------
بَقِيّةُ قَوْمٍ آذَنُوا بِبَوارِ
وَأنْضاءُ أسْفارٍ كَشَرْبِ عُقارِ
نَزَلْنا على حكمِ الرّياحِ بمَسْجِدٍ
عَلَيْنا لها ثَوْبَا حَصًى وغُبارِ
خَليليّ ما هذا مُناخاً لِمِثْلِنا
فَشُدّا عَلَيْهَا وَارْحَلا بنَهَارِ
وَلا تُنكِرَا عَصْفَ الرّياحِ فإنّها
قِرَى كلّ ضَيْفٍ باتَ عند سِوَار
العصر العباسي >> المتنبي >> إذا لم تجد ما يبتر الفقر قاعدا
إذا لم تجد ما يبتر الفقر قاعدا
رقم القصيدة : 5527
-----------------------------------
(إذَا لَمْ تَجِدْ ما يَبْتُرُ الفَقْرَ قاعِداً
فَقُمْ وطلُبِ الشَّىْءَ الَّذي يَبتر العُمرا)(47/265)
(هُمَا خَلَّتانِ: ثَرْوَةٌ أوْ مَنِيَّةٌ
لَعَلَّكَ أنْ تُبْقى بِوَحِدَةٍ ذِكْرَا)
العصر العباسي >> المتنبي >> حاشى الرقيب فخانته ضمائره
حاشى الرقيب فخانته ضمائره
رقم القصيدة : 5528
-----------------------------------
حاشَى الرّقيبَ فَخانَتْهُ ضَمائِرُهُ
وَغَيّضَ الدّمْعَ فانهَلّتْ بَوادِرُهُ
وكاتمُ الحُبّ يَوْمَ البَينِ مُنهَتِكٌ
وصاحبُ الدّمعِ لا تَخفَى سرائرُهُ
لَوْلا ظِباءُ عَدِيّ ما شُغِفْتُ بهِمْ
وَلا برَبْرَبِهِمْ لَوْلا جَآذِرُهُ
من كلّ أحوَرَ في أنْيابِهِ شَنَبٌ
خَمْرٌ يُخَامِرُها مِسكٌ تُخامِرُهُ
نُعْجٌ مَحاجِرُهُ دُعْجٌ نَواظِرُهُ
حُمْرٌ غَفائِرُهُ سُودٌ غَدائرُهُ
أعَارَني سُقْمَ عَينَيْهِ وَحَمّلَني
منَ الهَوَى ثِقْلَ ما تَحوي مآزِرُهُ
يا مَنْ تَحَكّمَ في نَفسي فعَذّبَني
وَمَنْ فُؤادي على قَتلي يُضافِرُهُ
بعَوْدَةِ الدّوْلَةِ الغَرّاءِ ثَانِيَةً
سَلَوْتُ عَنكَ ونامَ اللّيلَ ساهرُهُ
منْ بَعدِ ما كانَ لَيلي لا صَباحَ لَهُ
كأنّ أوَّلَ يَوْمِ الحَشْرِ آخِرُهُ
غابَ الأميرُ فَغابَ الخيرُ عَنْ بَلَدٍ
كادَتْ لفَقْدِ اسمِهِ تَبكي مَنابِرُهُ
قدِ اشتَكَتْ وَحشَةَ الأحياءِ أرْبُعُهُ
وَخَبّرَتْ عَن أسَى المَوْتَى مَقابرُهُ
حتى إذا عُقِدَتْ فيه القِبابُ لَهُ
أهَلّ لله بادِيهِ وحاضِرُهُ
وَجَدّدَتْ فَرَحاً لا الغَمُّ يَطْرُدُهُ
وَلا الصّبابةُ في قَلْبٍ تُجاوِرُهُ
إذا خَلَتْ منكَ حمصٌ لا خلتْ أبداً
فَلا سَقَاها مِنَ الوَسميّ باكِرُهُ
دَخَلْتَها وشُعاعُ الشّمسِ مُتّقِدٌ
ونُورُ وَجْهِكَ بينَ الخلْقِ باهرُهُ
في فَيْلَقٍ مِنْ حَديدٍ لوْ قَذَفتَ بهِ
صرْفَ الزّمانِ لمَا دارَتْ دَوائِرُهُ
تَمضِي المَواكبُ والأبصارُ شاخصَةٌ
منها إلى المَلِكِ المَيْمُونِ طائِرُهُ
قَدْ حِرْنَ في بَشَرٍ في تاجِهِ قَمَرٌ
في دِرْعِهِ أسَدٌ تَدْمَى أظافِرُهُ
حُلْوٍ خَلائِقُهُ شُوسٍ حَقائِقُهُ(47/266)
تُحصَى الحَصَى قَبلَ أنْ تُحصَى مآثرُهُ
تَضيقُ عن جَيشه الدّنيا ولوْ رَحُبتْ
كصَدْرِهِ لم تَبِنْ فيها عَساكِرُهُ
إذا تَغَلْغَلَ فكرُ المرءِ في طَرَفٍ
من مَجْدِهِ غَرِقَتْ فيه خَواطِرُهُ
تَحْمَى السّيوفُ على أعدائِهِ مَعَهُ
كأنّهُنّ بَنُوهُ أوْ عَشائِرُهُ
إذا انْتَضَاها لحرْبٍ لمْ تَدَعْ جَسَداً
إلاّ وباطِنُهُ للعَينِ ظاهِرُهُ
فَقَدْ تَيَقّنّ أنّ الحَقّ في يَدِهِ
وَقَدْ وَثِقْنَ بأنّ الله نَاصِرُهُ
تَرَكْنَ هَامَ بَني عَوْفٍ وثَعْلَبَةٍ
على رُؤوسٍ بلا ناسٍ مَغَافِرُهُ
فخاضَ بالسّيفِ بحرَ المَوْتِ خَلفَهُمُ
وكانَ منهُ إلى الكَعْبَينِ زاخِرُهُ
حتى انتهَى الفرَسُ الجاري وما وَقعَتْ
في الأرضِ من جِيَفِ القتلى حوافرُهُ
كَمْ مِنْ دَمٍ رَوِيَتْ منهُ أسِنّتُهُ
وَمُهْجَةٍ وَلَغَتْ فيها بَواتِرُهُ
وحائِنٍ لَعِبَتْ شُمُّ الرّماحِ بهِ
فالعَيشُ هاجِرُهُ والنّسرُ زائِرُهُ
مَنْ قالَ لَسْتَ بخَيرِ النّاسِ كلِّهِمِ
فجَهْلُهُ بكَ عندَ النّاسِ عاذرُهُ
أوْ شَكّ أنّكَ فَرْدٌ في زَمانِهِمِ
بلا نَظِيرٍ فَفي روحي أُخاطِرُهُ
يا مَنْ ألُوذُ بِهِ فيمَا أُؤمّلُهُ
وَمَنْ أعُوذُ بهِ مِمّا أُحاذِرُهُ
وَمَنْ تَوَهّمْتُ أنّ البَحرَ راحَتُهُ
جُوداً وأنّ عَطاياها جَواهِرُهُ
لا يَجْبُرُ النّاسُ عَظْماً أنْتَ كاسِرُهُ
وَلا يَهيضُونَ عَظْماً أنتَ جابِرُهُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أريقك أم ماء الغمامة أم خمر
أريقك أم ماء الغمامة أم خمر
رقم القصيدة : 5529
-----------------------------------
أريقُكِ أمْ ماءُ الغَمامةِ أمْ خَمْرُ
بفيّ بَرُودٌ وهْوَ في كَبدي جَمْرُ
أذا الغُصْنُ أم ذا الدِّعصُ أم أنتِ فتنةٌ
وذَيّا الذي قَبّلتُهُ البَرْقُ أمْ ثَغرُ
رَأتْ وجهَ مَنْ أهوَى بلَيلٍ عَواذلي
فقُلْنَ نَرى شَمساً وما طَلَعَ الفَجرُ
رَأينَ التي للسّحرِ في لحَظاتِها
سُيُوفٌ ظُباها من دَمي أبداً حُمرُ(47/267)
تَناهَى سُكونُ الحُسنِ من حرَكاتِها
فليسَ لرائي وجهِها لم يَمُتْ عُذْرُ
إلَيكَ ابنَ يحيَى بنِ الوَليدِ تجاوَزَتْ
بيَ البيدَ عِيسٌ لحمُها والدّمُ الشِّعرُ
نَضَحْتُ بذكراكُمْ حَرارةَ قَلبِها
فسارَتْ وطولُ الأرض في عينها شبرُ
إلى لَيثِ حَرْبٍ يُلحِمُ اللّيثَ سيفَهُ
وبَحْرِ نَدًى في موجهِ يغرَقُ البحرُ
وإنْ كانَ يُبقي جُودُهُ من تَلِيدِهِ
شَبيهاً بما يُبقي منَ العاشِقِ الهَجْرُ
فَتًى كلَّ يَوْمٍ تحتَوي نَفْسَ مالِهِ
رِمَاحُ المَعالي لا الرُّدَيْنِيّةُ السُّمْرُ
تَباعَدَ ما بَينَ السّحابِ وبَيْنَهُ
فَنائِلُها قَطْرٌ ونائِلُهُ غَمْرُ
ولَوْ تَنزِلُ الدّنْيا على حُكْمِ كَفّهِ
لأصْبَحَتِ الدّنْيا وأكثرُها نَزْرُ
أراهُ صَغيراً قَدْرَها عُظْمُ قَدْرِهِ
فَما لعَظيمٍ قَدْرُهُ عِندَهُ قَدْرُ
مَتى ما يُشِرْ نحوَ السّماءِ بوَجهِهِ
تَخِرّ لهُ الشِّعرَى ويَنخسِفِ البَدْرُ
تَرَى القَمَرَ الأرْضِيَّ والمَلِكَ الذي
لهُ المُلْكُ بعدَ الله والمَجدُ والذّكرُ
كَثيرُ سُهادِ العَينِ من غيرِ عِلّةٍ
يُؤرّقُهُ في ما يُشَرّفُهُ الفِكْرُ
لَهُ مِنَنٌ تُفْني الثّنَاءَ كأنّما
بهِ أقسَمَتْ أن لا يؤدَّى لها شُكْرُ
أبا أحْمَدٍ ما الفَخْرُ إلاّ لأهْلِهِ
وما لامرىءٍ لم يُمسِ من بُحترٍ فخرُ
هُمُ النّاسُ إلاّ أنّهُمْ من مكارِمٍ
يُغَنّي بهِمْ حَضْرٌ ويحدو بهم سَفْرُ
بمَنْ أضرِبُ الأمثالَ أمْ من أقيسُهُ
إليكَ وأهلُ الدّهرِ دونَكَ والدّهرُ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> أخطيت
أخطيت
رقم القصيدة : 553
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أنا مدري وش إحساسك
ومدري وش تظنيني
أنا الصادق في عينك كنت
و صرت الكاذب الخوان
أنا أخطيت ما انكر ولافيه عذر يكفيني
سوء اني احبك حيل واني دايماً انسان
انا ادري بمدى جرحك
وادري الحظ جافيني
يطول الوقت ما أخطي
وإذا أخطيت كل شيٍ بان
انا شفت الزهر مايل(47/268)
وظنيته يناديني
قطفته يوم ضميته .. لقيته للأسف ذبلان
عرفت انك زهر عمري
عرفت انك بساتيني
وغيرك قيظ مايروى .. سرابٍ يشقي العطشان
انا لو ماحصل ماكان وشهو اللى يدرّيني
بأنك ماسواك انتى .. سكنتى القلب والوجدان
انا اسف على اعذاري
عجزت ألقى عذر فيني
يليق بغلطتي في حقك ويرجع كل شيٍ كان
احبك كثر أخطائي
وادري انك تحبيني
وادري لو تفارقنا فلانقدر على النسيان
اذا تقوي على فراقي وبعدي عنك .. خليني
انا مليت من دور الكرامة
ولعبت الغفران
قليل العمر ياللي انتي دموعك ماتساويني
حرام انه يضيع فراق
هي من قلها الأحزان ؟؟
العصر العباسي >> المتنبي >> إني لأعلم واللبيب خبير
إني لأعلم واللبيب خبير
رقم القصيدة : 5530
-----------------------------------
إنّي لأعْلَمُ، واللّبيبُ خَبِيرُ،
أنْ الحَياةَ وَإنْ حَرَصْتُ غُرُورُ
ورَأيْتُ كُلاًّ ما يُعَلّلُ نَفْسَهُ
بِتَعِلّةٍ وإلى الفَنَاءِ يَصِيرُ
أمُجاوِرَ الدَّيْمَاسِ رَهْنَ قَرَارَةٍ
فيها الضّياءُ بوَجْهِهِ والنّورُ
ما كنتُ أحسبُ قبل دفنكَ في الثّرَى
أنّ الكَواكِبَ في التّرابِ تَغُورُ
ما كنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أن أرَى
رَضْوَى على أيدي الرّجالِ تَسيرُ
خَرَجُوا بهِ ولكُلّ باكٍ خَلْفَهُ
صَعَقاتُ مُوسَى يَوْمَ دُكّ الطُّورُ
والشّمسُ في كَبِدِ السّماءِ مريضَةٌ
والأرْضُ واجفَةٌ تَكادُ تَمُورُ
وحَفيفُ أجنِحَةِ المَلائِكِ حَوْلَهُ
وعُيُونُ أهلِ اللاّذقِيّةِ صُورُ
حتى أتَوْا جَدَثاً كَأنّ ضَرِيحَهُ
في قَلْبِ كُلّ مُوَحِّدٍ مَحْفُورُ
بمُزَوَّدٍ كَفَنَ البِلَى مِن مُلْكِهِ
مُغْفٍ وإثْمِدُ عَيْنِهِ الكافُورُ
فيهِ السّماحةُ والفَصاحةُ والتّقَى
والبأسُ أجْمَعُ والحِجَى والخِيرُ
كَفَلَ الثّنَاءُ لَهُ بِرَدّ حَيَاتِهِ
لمّا انْطَوَى فكأنّهُ مَنْشُورُ
وكأنّما عيسَى بنُ مَرْيَمَ ذِكْرُهُ
وكأنّ عازَرَ شَخْصُهُ المَقْبُورُ
العصر العباسي >> المتنبي >> غاضت أنامله وهن بحور(47/269)
غاضت أنامله وهن بحور
رقم القصيدة : 5531
-----------------------------------
غاضَتْ أنَامِلُهُ وهُنّ بُحُورُ
وخَبَتْ مَكايِدُهُ وهُنّ سَعِيرُ
يُبْكَى عَلَيْهِ وما استَقَرّ قَرارُهُ
في اللّحْدِ حتى صافَحَتْهُ الحُورُ
صَبْراً بني إسْحَقَ عَنْهُ تَكَرّماً
إنّ العَظيمَ على العَظيمِ صَبُورُ
فلِكُلّ مَفجُوع سِواكُمْ مُشْبِهٌ
ولِكُلّ مَفْقُودٍ سِواهُ نَظِيرُ
أيّامَ قائِمُ سَيْفِهِ في كَفّهِ الـ
ـيُمْنى وَبَاعُ المَوْتِ عَنهُ قَصِيرُ
ولَطالَما انْهَمَلَتْ بمَاءٍ أحْمَرٍ
في شَفْرَتَيْهِ جَماجِمٌ ونُحورُ
فأُعيذُ إخوَتَهُ برَبّ مُحَمّدٍ
أنْ يَحْزَنُوا ومُحَمّدٌ مَسرُورُ
أوْ يَرْغَبُوا بقُصُورِهم عَنْ حُفْرَةٍ
حَيّاهُ فيها مُنْكَرٌ ونَكِيرُ
نَفَرٌ إذا غابَتْ غُمُودُ سُيُوفِهِمْ
عَنْها فآجَالُ العِبادِ حُضُورُ
وإذ لَقُوا جَيْشاً تَيَقّنَ أنّهُ
مِنْ بَطْنِ طَيرِ تَنُوفَةٍ مَحْشُورُ
لم تثْنَ في طَلَبٍ أعِنّةُ خَيْلِهِمْ
إلاّ وعُمْرُ طَريدِها مَبْتُورُ
يَمّمْتُ شَاسِعَ دارِهِمْ عَنْ نيّةٍ
إنّ المُحِبّ عَلى البِعادِ يَزُورُ
وقَنِعْتُ باللّقْيا وأوّلِ نَظْرَةٍ
إنّ القَليلَ مِنَ الحَبيبِ كَثيرُ
العصر العباسي >> المتنبي >> ألآل إبراهيم بعد محمد
ألآل إبراهيم بعد محمد
رقم القصيدة : 5532
-----------------------------------
ألآل إبْراهِيمَ بَعدَ مُحَمّدٍ
إلاّ حَنينٌ دائمٌ وزَفِيرُ
ما شَكّ خابِرُ أمْرِهمْ من بَعدِهِ
أنّ العَزاءَ عَلَيهِمِ مَحْظُورُ
تُدمي خدودَهمُ الدّموعُ وتَنقضِي
ساعاتُ لَيْلِهِمِ وهُنّ دُهُورُ
أبْناءُ عَمٍّ كُلُّ ذَنْبٍ لامرِىءٍ
إلاّ السّعايَةَ بَيْنَهُمْ مَغْفُورُ
طارَ الوُشاةُ على صَفاءِ وِدادِهِمْ
وكذا الذّبابُ على الطّعامِ يَطيرُ
ولَقَدْ مَنَحتُ أبا الحُسَينِ موَدّةً
جُودي بها لعَدُوّهِ تَبْذِيرُ
مَلِكٌ تَكَوّنَ كَيفَ شاء كأنّما
يَجْري بفَصْلِ قَضائِهِ المَقْدورُ(47/270)
العصر العباسي >> المتنبي >> مرتك ابن إبراهيم صافية الخمر
مرتك ابن إبراهيم صافية الخمر
رقم القصيدة : 5533
-----------------------------------
مَرَتْكَ ابنَ إبراهيمَ صافِيَةُ الخَمْرِ
وهُنّئْتَها من شارِبٍ مُسكرِ السُّكرِ
رأيْتُ الحُمَيّا في الزّجاجِ بكَفّهِ
فشَبّهْتُها بالشمسِ في البدرِ في البحرِ
إذا ما ذكَرْنا جُودَهُ كانَ حاضِراً
نأى أوْ دَنا يسعى على قدمِ الخِضْرِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أصبحت تأمر بالحجاب لخلوة
أصبحت تأمر بالحجاب لخلوة
رقم القصيدة : 5534
-----------------------------------
أصْبَحْتَ تأمُرُ بالحِجابِ لخَلْوَةٍ
هَيْهاتِ لَسْتَ على الحِجابِ بقادِرِ
مَنْ كانَ ضَوْءُ جَبينِهِ ونَوالُهُ
لم يُحْجَبَا لم يَحْتَجِبْ عن ناظِرِ
فإذا احتَجَبْتَ فأنْتَ غيرُ مُحَجَّبٍ
وإذا بَطَنْتَ فأنْتَ عَينُ الظّاهِرِ
العصر العباسي >> المتنبي >> نال الذي نلت منه منى
نال الذي نلت منه منى
رقم القصيدة : 5535
-----------------------------------
نالَ الَّذِي نِلْتُ مِنْهُ مِنِّى
للهِ ما تَصْنَعُ الخَمُورُ
وَذاَ انْصِرَافي إلى مَحّلى
آاذِنٌ أيُّها الأمِيرُ
العصر العباسي >> المتنبي >> وجارية شعرها شطرها
وجارية شعرها شطرها
رقم القصيدة : 5536
-----------------------------------
وجارِيَةٍ شَعْرُها شَطْرُها
مُحَكَّمَةٍ نافِذٍ أمْرُهَا
تَدورُ وفي كَفّها طاقَةٌ
تَضَمّنَها مُكْرَهاً شِبرُهَا
فإنْ أسكَرَتْنا فَفي جَهْلِها
بما فَعَلَتْهُ بِنَا عُذْرُهَا
العصر العباسي >> المتنبي >> إن الأمير أدام الله دولته
إن الأمير أدام الله دولته
رقم القصيدة : 5537
-----------------------------------
إنّ الأمِيرَ أدامَ الله دَوْلَتَهُ
لَفاخِرٌ كُسِيَتْ فَخْراً به مُضَرُ
في الشَّرْبِ جارِيَةٌ من تَحتِها خَشَبٌ
ما كانَ والِدَها جِنٌّ ولا بَشَرُ
قامَتْ على فَرْدِ رِجْلٍ مِنْ مَهابَتِهِ(47/271)
ولَيسَ تَعقِلُ ما تأتي وما تَذَرُ
العصر العباسي >> المتنبي >> زعمت أنك تنفي الظن عن أدبي
زعمت أنك تنفي الظن عن أدبي
رقم القصيدة : 5538
-----------------------------------
زَعَمْتَ أنّكَ تَنفي الظّنّ عَن أدَبي
وأنتَ أعْظَمُ أهلِ الأرْضِ مِقدارَا
زَعَمْتَ أنّكَ تَنفي الظّنّ عَن أدَبي
وأنتَ أعْظَمُ أهلِ الأرْضِ مِقدارَا
إنّي أنا الذّهَبُ المَعرُوفُ مَخْبَرُهُ
يَزيدُ في السّبكِ للدّينار دينَارَا
العصر العباسي >> المتنبي >> برجاء جودك يطرد الفقر
برجاء جودك يطرد الفقر
رقم القصيدة : 5539
-----------------------------------
برَجاءِ جُودِكَ يُطْرَدُ الفَقْرُ
وبأنْ تُعادَى يَنْفَدُ العُمْرُ
فَخَرَ الزُّجاجُ بأنْ شرِبْتَ بِهِ
وزَرَتْ على مَنْ عافَها الخَمْرُ
وسَلِمْتَ مِنها وهْيَ تُسكِرُنَا
حتى كأنّكَ هابَكَ السُّكْرُ
ما يُرْتَجَى أحَدٌ لمَكْرُمَةٍ
إلاّ الإلهُ وأنْتَ يا بَدْرُ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> مذهلة
مذهلة
رقم القصيدة : 554
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مُذهلة .. !
ماهي بس قصة حسن ...
رغم ان الحسن فيها بحد ذاته .. مشكلة
مُذهلة ..
كل شي فيها طبيعي .. ومو طبيعي
أجمل من الأخيلة
طيبها .. قسوة جفاها ..
ضحكها .. هيبة بكاها ..
روحها .. حدة ذكاها ..
تملأك بالأسئلة ..
مُذهلة ..
مُذهلة ..
تملأك بالأسئلة ..
هي ممكنة والا محال ..؟!
هي أمر واقع .. أو خيال ؟!
هو سهلها صعب المنال .. ؟
أو صعبها تستسهله !
مُذهلة ..
تملأك بالأسئلة ..
ليه كل معجز مر هذا الكون .. فيها له صلة ؟؟
ليه كل شي فيها تظن انك تعرفه .. تجهله !؟
ليه كل (لا معقول) فيها ورغم هذا تعقله !؟
طيبها .. قسوة جفاها ..
ضحكها .. هيبة بكاها ..
روحها .. حدة ذكاها ..
تملأك بالأسئلة ..
مُذهلة ..
يا بدايات المحبة ..
يا نهايات الوله ..
كيف قلبي ما احبه ؟
وانتي قلبك صار له !(47/272)
يا أعذب من الأمنيات ..
يا عالم من الأغنيات ..
يا أجمل الشعر البديع ..
من آخره لين أوله ..
ما راودتك الاسئلة ؟!
ليه عمري ما لقى لبرده دفى ..
الا دفاك ِ !
ليه قلبي ما بدقاته عزف لحد ٍ ..
سواك ِ !
ليه أنا عيني تشوف وماتشوف ..
الا بهاك ِ !
يا أجمل من الأخيلة ..
هذا جواب الأسئلة ..
كي تكوني من حنيني ..
وبس فيني .. ومو بدوني مُذهلة
العصر العباسي >> المتنبي >> لا تنكرن رحيلي عنك في عجل
لا تنكرن رحيلي عنك في عجل
رقم القصيدة : 5540
-----------------------------------
لا تُنكِرَنّ رَحيلي عَنكَ في عَجَلٍ
فإنّني لرَحيلي غَيْرُ مُخْتَارِ
ورُبّمَا فارَقَ الإنْسانُ مُهْجَتَهُ
يَوْمَ الوَغَى غَيرَ قالٍ خَشيَةَ العارِ
وقَدْ مُنِيتُ بحُسّادٍ أُحارِبُهُمْ
فاجعلْ نَداكَ عليهم بعضَ أنصارِي
العصر العباسي >> المتنبي >> عذيري من عذارى من أمور
عذيري من عذارى من أمور
رقم القصيدة : 5541
-----------------------------------
عَذيري مِنْ عَذارَى من أُمورِ
سَكَنّ جَوانحي بَدَلَ الخُدورِ
ومُبْتَسِماتِ هَيْجاواتِ عصرٍ
عنِ الأسيافِ لَيسَ عنِ الثّغُورِ
رَكِبتُ مُشَمِّراً قَدَمي إلَيها
وكُلَّ عُذافِرٍ قَلِقِ الضُّفُورِ
أواناً في بُيُوتِ البَدْوِ رَحْلي
وآوِنَةً عَلى قَتَدِ البَعِيرِ
أُعَرِّضُ للرّماحِ الصُّمِّ نَحرِي
وأنْصِبُ حُرّ وَجْهي للهَجيرِ
وأسري في ظَلامِ اللّيلِ وَحْدي
كأنّي مِنْهُ في قَمَرٍ مُنِيرِ
فَقُلْ في حاجةٍ لم أقْضِ مِنها
على شَغَفي بها شَرْوَى نَقِيرِ
ونَفْسٍ لا تُجيبُ إلى خَسِيسٍ
وعَينٍ لا تُدارُ على نَظيرِ
وكَفٍّ لا تُنازِعُ مَنْ أتَاني
يُنازِعُني سِوَى شَرَفي وخِيري
وقِلّةِ ناصِرٍ جُوزِيتَ عني
بشَرٍّ مِنكَ يا شَرّ الدّهورِ
عَدُوّي كُلُّ شيءٍ فيكَ حتى
لخِلْتُ الأُكْمَ مُوغَرَةَ الصُّدورِ
فلَوْ أنّي حُسِدْتُ عَلى نَفيسٍ
لجُدْتُ بهِ لِذي الجَدِّ العَثُورِ
ولكِنّي حُسِدْتُ على حَياتي(47/273)
وما خَيرُ الحَياةِ بِلا سُرُورِ
فيا ابنَ كَرَوّسٍ يا نِصْفَ أعمى
وإن تَفخَرْ فيا نِصْفَ البَصيرِ
تُعادينا لأنّا غَيرُ لُكْنٍ
وتُبْغِضُنا لأنّا غَيرُ عُورِ
فلَوْ كنتَ امرأً يُهْجى هَجَوْنا
ولكِنْ ضاقَ فِتْرٌ عَن مَسيرِ
العصر العباسي >> المتنبي >> ووقت وفى بالدهر لي عند سيد
ووقت وفى بالدهر لي عند سيد
رقم القصيدة : 5542
-----------------------------------
وَوَقْتٍ وَفَى بالدّهْرِ لي عندَ سَيّدٍ
وَفَى لي بأهْليهِ وزادَ كَثِيرَا
شرِبْتُ على استِحْسانِ ضَوْءِ جَبينِهِ
وزَهْرٍ تَرَى للماءِ فيهِ خَريرَا
غَدَا النّاسُ مِثْلَيْهِمْ به لاعدمتهُ
وأصْبَحَ دَهْري في ذَراهُ دُهُوراً
العصر العباسي >> المتنبي >> أنشر الكباء ووجه الأمير
أنشر الكباء ووجه الأمير
رقم القصيدة : 5543
-----------------------------------
أنَشْرُ الكِباءِ ووَجْهُ الأميرِ
وحُسنُ الغِناءِ وصافي الخُمُورِ
فَداوِ خُماري بشُرْبي لَهَا
فإنّي سكِرْتُ بشُرْبِ السّرورِ
العصر العباسي >> المتنبي >> لا تلومن اليهودي على
لا تلومن اليهودي على
رقم القصيدة : 5544
-----------------------------------
لا تَلُومَنّ اليَهُودِيَّ عَلى
أنْ يَرى الشّمسَ فلا يُنكِرُهَا
إنّما اللّوْمُ على حاسِبِهَا
ظُلْمَةً مِنْ بَعدِ ما يُبصِرُهَا
العصر العباسي >> المتنبي >> إنما أحفظ المديح بعيني
إنما أحفظ المديح بعيني
رقم القصيدة : 5545
-----------------------------------
إنّما أحْفَظُ المَديحَ بعَيْني
لا بِقَلْبي لِمَا أرَى في الأمِيرِ
مِنْ خِصالٍ إذا نَظَرْتُ إلَيها
نَظَمَتْ لي غَرائبَ المَنْثُورِ
العصر العباسي >> المتنبي >> ترك مدحيك كالهجاء لنفسي
ترك مدحيك كالهجاء لنفسي
رقم القصيدة : 5546
-----------------------------------
تَرْكُ مَدحيكَ كالهِجاءِ لنَفسِي
وقَليلٌ لَكَ المَديحُ الكَثيرُ
غيرَ أنّي ترَكْتُ مُقْتَضَبَ الشّعْـ(47/274)
ـرِ لأمْرٍ مِثْلي بهِ مَعْذُورُ
وسَجاياكَ مادِحاتُكَ لا لَفْـ
ـظي وَجُودٌ على كَلامي يُغِيرُ
فَسَقَى الله مَنْ أُحبُّ بكَفّيْـ
ـكَ وأسْقاكَ أيّهذا الأمِيرُ
العصر العباسي >> المتنبي >> بسيطة مهلا سقيت القطارا
بسيطة مهلا سقيت القطارا
رقم القصيدة : 5547
-----------------------------------
بُسَيْطَةُ مَهْلاً سُقِيتِ القِطارَا
تَرَكْتِ عُيُونَ عَبيدي حَيَارَى
فَظَنّوا النَّعَامَ عَلَيْكِ النّخِيلَ
وَظَنّوا الصِّوَارَ عَلَيْكِ المَنَارَا
فَأمْسَكَ صَحْبي بِأكْوَارِهِمْ
وَقد قَصَدَ الضّحكُ فِيهِمْ وَجارَا
العصر العباسي >> المتنبي >> أطاعن خيلا من فوارسها الدهر
أطاعن خيلا من فوارسها الدهر
رقم القصيدة : 5548
-----------------------------------
أُطاعِنُ خَيْلاً مِنْ فَوارِسِها الدّهْرُ
وَحيداً وما قَوْلي كذا ومَعي الصّبرُ
وأشْجَعُ مني كلَّ يوْمٍ سَلامَتي
وما ثَبَتَتْ إلاّ وفي نَفْسِها أمْرُ
تَمَرّسْتُ بالآفاتِ حتى ترَكْتُهَا
تَقولُ أماتَ المَوْتُ أم ذُعِرَ الذُّعْرُ
وأقْدَمْتُ إقْدامَ الأتيّ كأنّ لي
سوَى مُهجَتي أو كان لي عندها وِتْرُ
ذَرِ النّفْسَ تأخذْ وُسعَها قبلَ بَينِها
فمُفْتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمْرُ
ولا تَحْسَبَنّ المَجْدَ زِقّاً وقَيْنَةً
فما المَجدُ إلاّ السّيفُ والفتكةُ البِكرُ
وتَضريبُ أعناقِ المُلوكِ وأن تُرَى
لكَ الهَبَواتُ السّودُ والعسكرُ المَجْرُ
وترْكُكَ في الدّنْيا دَوِيّاً كأنّما
تَداوَلَ سَمْعَ المَرْءِ أنْمُلُهُ العَشرُ
إذا الفضْلُ لم يَرْفَعكَ عن شكرِ ناقصٍ
على هِبَةٍ فالفَضْلُ فيمَن له الشّكْرُ
ومَنْ يُنفِقِ السّاعاتِ في جمعِ مالِهِ
مَخافَةَ فَقْرٍ فالذي فَعَلَ الفَقْرُ
عَليّ لأهْلِ الجَوْرِ كُلُّ طِمِرّةٍ
عَلَيْها غُلامٌ مِلْءُ حَيزُومِهِ غِمرُ
يُديرُ بأطْرافِ الرّماحِ عَلَيْهِمُ
كُؤوسَ المَنَايا حيثُ لا تُشتهَى الخمرُ(47/275)
وكم من جِبالٍ جُبتُ تَشهَدُ أنّني الـ
ـجِبالُ وبَحْرٍ شاهِدٍ أنّني البَحْرُ
وخَرْقٍ مكانُ العِيسِ منهُ مكانُنَا
من العِيسِ فيهِ واسطُ الكورِ والظّهرُ
يَخِدْنَ بنَا في جَوْزِهِ وكأنّنَا
على كُرَةٍ أوْ أرْضُهُ مَعنا سَفْرُ
ويَوْمٍ وَصَلْناهُ بلَيْلٍ كأنّمَا
على أُفْقِهِ من بَرْقِهِ حُلَلٌ حُمْرُ
ولَيْلٍ وصَلْناهُ بيَوْمٍ كأنّمَا
على مَتنِهِ من دَجنِهِ حُلَلٌ خُضرُ
وغَيثٍ ظَنَنّا تَحْتَهُ أنّ عامِراً
عَلا لم يَمُتْ أو في السّحابِ لهُ قَبرُ
أوِ ابنَ ابنِهِ الباقي عَليَّ بنَ أحْمَدٍ
يَجُودُ بهِ لوْ لم أجُزْ ويدي صِفْرُ
وإنّ سَحاباً جَوْدُهُ مِثْلُ جُودِهِ
سَحابٌ على كلّ السّحابِ له فَخرُ
فَتًى لا يضُمّ القلبُ هِمّاتِ قَلبِهِ
ولَوْ ضَمّها قَلْبٌ لمَا ضَمّهُ صَدرُ
ولا يَنْفَعُ الإمكانُ لَوْلا سَخاؤهُ
وهل نافعٌ لوْلا الأكفُّ القنا السُّمْرُ
قِرانٌ تَلاقَى الصَّلْتُ فيهِ وعامِرٌ
كمَا يَتَلاقَى الهِنْدُوَانيُّ والنّصرُ
فَجاءَ بهِ صَلْتَ الجَبينِ مُعَظَّماً
ترَى النّاسَ قُلاًّ حَوْلَهُ وهُمُ كُثْرُ
مُفَدًّى بآباءِ الرّجالِ سَمَيْذَعاً
هُوَ الكرَمُ المَدُّ الذي ما لهُ جَزْرُ
وما زِلْتُ حتى قادَني الشّوْقُ نحوَهُ
يُسايرُني في كُلّ رَكْبٍ لهُ ذِكْرُ
وأستَكْبِرُ الأخبارَ قَبلَ لِقائِهِ
فلَمّا التَقَيْنَا صَغّرَ الخَبَرَ الخُبرُ
إليكَ طَعَنّا في مَدَى كلّ صَفْصَفٍ
بكُلّ وَآةٍ، كلُّ ما لَقِيَتْ نَحْرُ
إذا وَرِمَتْ من لَسعَةٍ مَرِحَتْ لهَا
كأنّ نَوالاً صَرّ في جِلدِها النِّبرُ
فجئناكَ دونَ الشّمسِ والبدرِ في النّوَى
ودونَكَ في أحوالِكَ الشّمسُ والبدرُ
كأنّكَ بَرْدُ الماءِ لا عَيشَ دونَهُ
ولوْ كنتَ بَرْدَ الماءِ لم يكُنِ العِشرُ
دَعاني إلَيكَ العِلمُ والحِلمُ والحِجَى
وهذا الكلامُ النّظمُ والنّائلُ النّثرُ
وما قُلتُ من شِعْرٍ تكادُ بُيُوتُهُ
إذا كُتِبَتْ يَبْيَضّ من نورِها الحبرُ(47/276)
كأنّ المَعاني في فَصاحَةِ لَفْظِهَا
نُجُومُ الثّرَيّا أو خلائقُكَ الزُّهرُ
وجَنّبَني قُرْبَ السّلاطِينِ مَقْتُهَا
وما يَقْتضِيني مِن جَماجِمِها النَّسرُ
وإنّي رأيتُ الضُّرّ أحسَنَ مَنظراً
وأهْوَنَ مِنْ مَرْأى صَغيرٍ بهِ كِبْرُ
لِساني وعَيْني والفُؤادُ وهِمّتي
أوُدُّ اللّواتي ذا اسمُها منكَ والشَّطرُ
وما أنا وَحدي قلتُ ذا الشّعرَ كُلّهُ
ولكنْ لشعري فيكَ من نَفسه شعرُ
وما ذا الذي فيهِ منَ الحُسنِ رَوْنَقاً
ولكنْ بَدا في وجهِهِ نحوَكَ البِشْرُ
وإنّي ولوْ نِلْتَ السّماءَ لَعالِمٌ
بأنّكَ ما نِلتَ الذي يوجبُ القَدْرُ
أزالَتْ بكَ الأيّامُ عَتْبي كأنّمَا
بَنُوها لهَا ذَنْبٌ وأنتَ لهَا عُذْرُ
العصر العباسي >> المتنبي >> باد هواك صبرت أم لم تصبرا
باد هواك صبرت أم لم تصبرا
رقم القصيدة : 5549
-----------------------------------
بَادٍ هَوَاكَ صَبَرْتَ أمْ لم تَصْبِرَا
وَبُكاكَ إن لم يَجْرِ دمعُكَ أو جَرَى
كمْ غَرّ صَبرُكَ وَابتسامُكَ صَاحِباً
لمّا رَآهُ وَفي الحَشَا مَا لا يُرَى
أمَرَ الفُؤادُ لِسَانَهُ وَجُفُونَهُ
فَكَتَمْنَهُ وَكَفَى بجِسْمِكَ مُخبِرَا
تَعِسَ المَهَاري غَيرَ مَهْرِيٍّ غَدَا
بمُصَوَّرٍ لَبِسَ الحَرِيرَ مُصَوَّرا
نَافَسْتُ فِيهِ صُورَةً في سِتْرِهِ
لَوْ كُنْتُهَا لخَفيتُ حتى يَظْهَرَا
لا تَترَبِ الأيْدي المُقيمَةُ فَوْقَهُ
كِسرَى مُقامَ الحاجِبَينِ وَقَيصَرَا
يَقِيَانِ في أحَدِ الهَوَادِجِ مُقْلَةً
رَحَلَتْ وَكانَ لها فُؤادي مَحْجِرَا
قد كُنتُ أحْذَرُ بَيْنَهُمْ من قَبْلِهِ
لَوْ كانَ يَنْفَعُ خائِفاً أنْ يَحذَرَا
وَلَوِ استَطَعتُ إذِ اغْتَدَتْ رُوّادُهمْ
لمَنَعْتُ كُلَّ سَحَابَةٍ أنْ تَقْطُرَا
فإذا السّحابُ أخو غُرابِ فِراقِهِمْ
جَعَلَ الصّياحَ بِبَيْنِهِمْ أن يَمطُرَا
وَإذا الحَمَائِلُ ما يَخِدْنَ بنَفْنَفٍ
إلاّ شَقَقْنَ عَلَيهِ ثَوْباً أخضَرَا(47/277)
يَحْمِلْنَ مِثْلَ الرّوْضِ إلاّ أنّها
أسْبَى مَهَاةً للقُلُوبِ وَجُؤذُرَا
فَبِلَحْظِهَا نَكِرَتْ قَنَاتي رَاحَتي
ضُعْفاً وَأنْكَرَ خاتَمايَ الخِنْصِرَا
أعطَى الزّمانُ فَمَا قَبِلْتُ عَطَاءَهُ
وَأرَادَ لي فأرَدْتُ أنْ أتَخَيّرَا
أرَجَانَ أيّتُهَا الجِيَادُ فإنّهُ
عَزْمي الذي يَذَرُ الوَشيجَ مُكَسَّرَا
لوْ كُنتُ أفعَلُ ما اشتَهَيتِ فَعَالَهُ
ما شَقّ كَوْكَبُكِ العَجاجَ الأكدَرَا
أُمّي أبَا الفَضْلِ المُبِرَّ ألِيّتي
لأُيَمّمَنّ أجَلّ بَحْرٍ جَوْهَرَا
أفْتَى برُؤيَتِهِ الأنَامُ وَحَاشَ لي
مِنْ أنْ أكونَ مُقصّراً أوْ مُقصِرَا
صُغْتُ السّوَارَ لأيّ كَفٍّ بَشّرَتْ
بابنِ العَميدِ وَأيّ عَبْدٍ كَبّرَا
إنْ لمْ تُغِثْني خَيْلُهُ وَسِلاحُهُ
فمَتى أقُودُ إلى الأعادي عَسكَرَا
بأبي وَأُمّي نَاطِقٌ في لَفْظِهِ
ثَمَنٌ تُبَاعُ بهِ القُلُوبُ وَتُشترَى
مَنْ لا تُرِيهِ الحَرْبُ خَلقاً مُقْبِلاً
فيها وَلا خَلْقٌ يَرَاهُ مُدْبِرا
خَنْثى الفُحُولِ من الكُماةِ بصَبْغِهِ
مَا يَلْبَسُونَ منَ الحديدِ مُعَصْفَرا
يَتَكَسّبُ القَصَبُ الضَّعيف بكَفّهِ
شَرَفاً على صُمِّ الرّمَاحِ وَمَفْخَرَا
وَيَبِينُ فِيمَا مَسّ مِنْهُ بَنَانُهُ
تِيهُ المُدِلِّ فَلَوْ مَشَى لَتَبَخْتَرا
يا مَنْ إذا وَرَدَ البِلادَ كِتابُهُ
قبلَ الجُيُوشِ ثَنى الجُيوشَ تحَيُّرَا
أنتَ الوَحيدُ إذا رَكِبْتَ طَرِيقَةً
وَمَنِ الرّديفُ وقد ركبتَ غضَنْفَرَا
قَطَفَ الرّجالُ القَوْلَ وَقتَ نَبَاتِهِ
وَقَطَفْتَ أنْتَ القَوْلَ لمّا نَوّرَا
فَهُوَ المُتَبَّعُ بالمَسامِعِ إنْ مضَى
وَهوَ المُضَاعَفُ حُسنُهُ إنْ كُرِّرَا
وَإذا سَكَتَّ فإنّ أبْلَغَ خَاطِبٍ
قَلَمٌ لكَ اتّخَذَ الأنَامِلَ مِنْبَرَا
وَرَسائِلٌ قَطَعَ العُداةُ سِحاءَهَا
فَرَأوْا قَناً وَأسِنَّةً وَسَنَوّرا
فدَعاكَ حُسَّدُكَ الرّئيسَ وَأمسكُوا
وَدَعاكَ خالِقُكَ الرّئيسَ الأكْبَرَا(47/278)
خَلَفَتْ صِفاتُكَ في العُيونِ كلامَهُ
كالخَطِّ يَمْلأُ مِسْمَعَيْ مَن أبصَرا
أرَأيْتَ هِمّةَ نَاقَتي في نَاقَةٍ
نَقَلَتْ يداً سُرُحاً وَخُفّاً مُجمَرَا
تَرَكَتْ دُخانَ الرِّمْثِ في أوْطانِهَا
طَلَباً لِقَوْمٍ يُوقِدونَ العَنْبَرَا
وَتَكَرّمَتْ رُكَبَاتُهَا عَن مَبرَكٍ
تَقَعَانِ فيهِ وَلَيسَ مِسكاً أذفَرَا
فأتَتْكَ دامِيَةَ الأظَلّ كأنّمَا
حُذِيتْ قَوَائِمُها العَقيقَ الأحْمَرَا
بَدَرَتْ إلَيْكَ يَدَ الزّمانِ كَأنّهَا
وَجَدَتْهُ مَشغُولَ اليَدَينِ مُفكّرَا
مَنْ مُبلِغُ الأعرابِ أنّي بَعْدَها
جالَستُ رِسطالِيسَ وَالإسكَندَرَا
وَمَلِلْتُ نَحْرَ عِشارِهَا فأضَافَني
مَنْ يَنحَرُ البِدَرَ النُّضَارَ لِمَنْ قرَى
وَسَمِعْتُ بَطليموسَ دارِسَ كُتبِهِ
مُتَمَلّكاً مُتَبَدّياً مُتَحَضّرَا
وَلَقيتُ كُلّ الفَاضِلِينَ كأنّمَا
رَدّ الإل?هُ نُفُوسَهُمْ وَالأعْصُرَا
نُسِقُوا لَنَا نَسَقَ الحِسابِ مُقَدَّماً
وَأتَى فذلِكَ إذْ أتَيْتَ مُؤخَّرَا
يَا لَيْتَ باكِيَةً شَجَاني دَمْعُهَا
نَظَرَتْ إلَيكَ كَما نَظَرْتُ فتَعذِرَا
وَتَرَى الفَضيلَةَ لا تَرُدّ فَضِيلَةً
ألشّمسَ تُشرِقُ وَالسحابَ كنَهْوَرَا
أنَا من جَميعِ النّاسِ أطيَبُ مَنزِلاً
وَأسَرُّ رَاحِلَةً وَأرْبَحُ مَتْجَرَا
زُحَلٌ على أنّ الكَوَاكبَ قَوْمُهُ
لَوْ كانَ منكَ لكانَ أكْرَمَ مَعْشَرَا_
العصر العباسي >> المتنبي >> كفرندي فرند سيفي الجراز
كفرندي فرند سيفي الجراز
رقم القصيدة : 5550
-----------------------------------
كَفِرِندي فِرِنْدُ سَيْفي الجُرازِ
لَذّةُ العَينِ عُدّةٌ للبِرازِ
تَحْسَبُ الماءَ خَطّ في لَهَبِ النّا
رِ أدَقَّ الخُطوطِ في الأحرازِ
كُلّما رُمتَ لَوْنَهُ مَنَعَ النّا
ظِرَ مَوْجٌ كأنّهُ مِنكَ هازي
ودَقيقٌ قَذَى الهَباء أنيقٌ
مُتَوالٍ في مُسْتَوٍ هَزْهازِ
وَرَدَ الماءَ فالجَوانِبُ قَدْراً
شَربَتْ والتي تَليها جَوازي(47/279)
حَمَلَتْهُ حَمَائِلُ الدّهر حتى
هيَ مُحتاجَةٌ إلى خَرّاز
وهْوَ لا تَلْحَقُ الدّماءُ غِرارَيْـ
ـهِ ولا عِرْضَ مُنتَضيه المَخازي
يا مُزيلَ الظّلام عَنّي ورَوْضي
يَوْمَ شُرْبي ومَعقِلي في البَرازِ
واليَمانيْ الذي لو اسطَعْتُ كانتْ
مُقْلَتي غِمْدَهُ مِنَ الإعزَازِ
إنّ بَرْقي إذا بَرَقْتَ فَعَالي
وصَليلي إذا صَلَلْتَ ارْتِجازي
لم أُحَمَّلْكَ مُعْلَماً هَكَذا إلا
لِضَرْبِ الرّقاب والأجْوازِ
ولِقَطْعي بكَ الحَديدَ عَلَيْها
فكِلانَا لجِنْسِهِ اليَوْمَ غازِ
سَلّهُ الرّكْضُ بعدَ وَهْنٍ بنَجدٍ
فتَصَدّى للغَيثِ أهْلُ الحِجازِ
وتَمَنّيْتُ مِثْلَهُ فكَأنّي
طالبٌ لابنِ صالحٍ مَن يُؤازي
لَيسَ كلُّ السّراةِ بالرّوذَبَاريِّ
ولا كُلُّ ما يَطيرُ بِبازِ
فارسيٌّ لَهُ منَ المَجد تاجٌ
كانَ مِنْ جَوْهَرٍ على أبْرَوازِ
نَفْسُهُ فَوْقَ كلّ أصْلٍ شَريفٍ
ولَوَانّي لَهُ إلى الشّمس عازِ
شَغَلَتْ قَلْبَهُ حِسانُ المَعالي
عَنْ حِسانِ الوُجوهِ والأعجازِ
وكأنّ الفَريدَ والدُّرَّ واليا
قوتَ مِنْ لَفظِه وَسَامَ الرِّكازِ
تَقضَمُ الجَمرَ والحديدَ الأعادي
دونَهُ قَضْمَ سُكّر الأهْوازِ
بَلَّغَتْهُ البَلاغَةُ الجَهْدَ بالعَفْـ
وِ ونالَ الإسْهابَ بالإيجازِ
حامِلُ الحَرْبِ والدّياتِ عنِ القَوْ
مِ وثِقْلِ الدّيونِ والإعْوازِ
كيفَ لا يَشتَكي وكيفَ تَشَكّوْا
وبهِ لا بمَنْ شَكاها المَرازِي
أيّها الواسِعُ الفِناءِ وما فيـ
ـهِ مَبيتٌ لِمالِكَ المُجْتازِ
بكَ أضْحَى شَبَا الأسنّةِ عندي
كَشَبَا أسْوُقِ الجَرادِ النّوازِي
وانْثَنَى عَنّيَ الرُّدَيْنيُّ حتى
دارَ دَوْرَ الحُروفِ في هَوّازِ
وبآبائِكَ الكِرامِ التّأسّي
والتّسَلّي عَمّنْ مضَى والتّعازِي
ترَكوا الأرْضَ بَعدَما ذَلّلُوها
ومَشَتْ تَحتَهُمْ بلا مِهْمازِ
وأطاعَتْهُمُ الجُيوشُ وهِيبُوا
فكَلامُ الوَرَى لهُمْ كالنُّحازِ
وهِجانٍ على هِجانٍ تأيّتْـ(47/280)
ـكَ عَديدَ الحُبوبِ في الأقْوازِ
صَفّها السّيرُ في العَراءِ فكَانَتْ
فَوْقَ مِثْلِ المُلاءِ مِثْلَ الطّرازِ
وحكَى في اللّحومِ فِعلَكَ في الوَفْـ
ـرِ فأوْدَى بالعَنْتَريسِ الكِنازِ
كُلّما جادَتِ الظّنونُ بوَعْدٍ
عَنْكَ جادَتْ يَداكَ بالإنجازِ
مَلِكٌ مُنْشِدُ القَريضِ لَدَيْهِ
يَضَعُ الثّوْبَ في يَدَيْ بَزّازِ
ولَنا القَوْلُ وهْوَ أدْرَى بفَحْوا
هُ وأهْدَى فيهِ إلى الإعْجازِ
ومِنَ النّاسِ مَن يَجوزُ عَلَيْهِ
شُعراءٌ كأنّهَا الخازِبَازِ
ويَرَى أنّهُ البَصيرُ بِهَذا
وهْوَ في العُمْيِ ضائِعُ العُكّازِ
كلُّ شِعْرٍ نَظيرُ قائِلِهِ فِيـ
ـكَ وعَقلُ المُجيزِ عَقلُ المُجازِ
العصر العباسي >> المتنبي >> ألا أذن فما أذكرت ناسي
ألا أذن فما أذكرت ناسي
رقم القصيدة : 5551
-----------------------------------
ألا أذّن فَمَا أذكَرتَ نَاسِي
وَلا لَيّنْتَ قَلْباً وَهْوَ قَاسِ
وَلا شُغِلَ الأميرُ عَنِ المَعَالي
وَلا عَن حَقّ خالِقِهِ بكَاسِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أظبية الوحش لولا ظبية الأنس
أظبية الوحش لولا ظبية الأنس
رقم القصيدة : 5552
-----------------------------------
أظَبْيَةَ الوَحشِ لوْلا ظَبيَةُ الأنَسِ
لمّا غَدَوْتُ بجَدٍّ في الهوَى تَعِسِ
وَلا سَقَيْتُ الثّرَى وَالمُزْنُ مُخلِفَةٌ
دَمْعاً يُنَشّفُهُ من لَوْعةٍ نَفَسِي
وَلا وَقَفْتُ بجسْمٍ مُسْيَ ثالِثَةٍ
ذي أرْسُمٍ دُرُسٍ في الأرْسُمِ الدُّرُسِ
صَريعَ مُقْلَتِها سأآلَ دِمْنَتِهَا
قَتيلَ تَكسيرِ ذاكَ الجفنِ وَاللَّعَسِ
خَريدةٌ لوْ رَأتها الشّمسُ ما طَلَعَتْ
وَلوْ رآها قَضيبُ البَانِ لم يَمِسِ
ما ضَاقَ قَبلكِ خَلخالٌ على رَشَإٍ
وَلا سَمِعْتُ بديباجٍ على كُنُسِ
إن تَرْمني نَكَباتُ الدّهرِ عن كَثَبٍ
تَرْمِ امرَأً غيرَ رِعْديدٍ وَلا نَكِسِ
يَفْدي بَنيكَ عُبَيْدَ الله حَاسِدُهم
بجَبهَةِ العَيرِ يُفدى حافرُ الفَرَسِ(47/281)
أبَا الغَطَارِفَةِ الحَامِينَ جَارَهُمُ
وَتارِكي اللّيثِ كَلباً غيرَ مُفترِسِ
مِن كُلّ أبْيَضَ وَضّاحٍ عِمامَتُهُ
كأنّمَا اشْتَمَلَتْ نُوراً عَلى قَبَسِ
دانٍ بَعيدٍ مُحِبٍّ مُبغِضٍ بَهِجٍ
أغَرَّ حُلْوٍ مُمِرٍّ لَيّنٍ شَرِسِ
نَدٍ أبيٍّ غَرٍ وَافٍ أخي ثِقَةٍ
جَعْدٍ سرِيٍّ نَهٍ ندبٍ رَضٍ ندُسِ
لوْ كانَ فَيضُ يَدَيْهِ ماءَ غادِيَةٍ
عزّ القَطا في الفَيافي موْضعُ اليبَسِ
أكارِمٌ حَسَدَ الأرْضَ السّمَاءُ بهِمْ
وَقَصّرَتْ كلُّ مصرٍ عن طَرَابُلُسِ
أيّ المُلوكِ وَهُمْ قَصْدي أُحاذِرُهُ
وَأيّ قِرْنٍ وَهُم سَيْفي وهم تُرُسي
العصر العباسي >> المتنبي >> ألذ من المدام الخندريس
ألذ من المدام الخندريس
رقم القصيدة : 5553
-----------------------------------
ألَذُّ مِنَ المُدامِ الخَنْدَرِيسِ
وأحْلى مِنْ مُعاطاةِ الكُؤوسِ
مُعاطاةُ الصّفائِحِ والعَوَالي
وإقْحامي خَميساً في خَميسِي
فَمَوْتي في الوَغَى عَيشي لأنّي
رَأيتُ العَيشَ في أرَبِ النّفُوسِ
ولَوْ سُقّيتُها بيَدَيْ نَديمٍ
أُسَرُّ بهِ لكَانَ أبا ضَبيسِ
العصر العباسي >> المتنبي >> هذي برزت لنا فهجت رسيسا
هذي برزت لنا فهجت رسيسا
رقم القصيدة : 5554
-----------------------------------
هَذِي بَرَزْتِ لَنَا فَهِجْتِ رَسِيسَا
ثمّ انْثَنَيْتِ وما شَفَيْتِ نَسيسَا
وَجعلتِ حظّي منكِ حظّي في الكَرَى
وَتَرَكْتِني للفَرْقَدَينِ جَلِيسَا
قَطّعْتِ ذَيّاكِ الخُمارَ بسَكْرَةٍ
وأدَرْتِ من خَمرِ الفِراقِ كُؤوسَا
إنْ كُنْتِ ظاعِنَةً فإنّ مَدامعي
تَكفي مَزادَكُمُ وتُرْوي العِيسَا
حاشَى لِمثْلِكِ أنْ تكونَ بَخيلَةً
ولمِثْلِ وَجهِكِ أن يكونَ عَبُوسَا
ولمِثْلِ وَصْلِكِ أنْ يكونُ مُمَنَّعاً
ولمِثْلِ نَيْلِكِ أنْ يكونَ خَسيسَا
خَوْدٌ جَنَتْ بَيني وبَينَ عَوَاذِلي
حَرْباً وغادَرَتِ الفُؤادَ وطِيسَا
بَيْضاءُ يَمْنَعُهَا تَكَلَّمَ دَلُّها(47/282)
تِيهاً ويَمْنَعُهَا الحَياءُ تَميسَا
لمّا وَجَدْتُ دَواءَ دائي عِندَها
هانَتْ عليّ صِفاتُ جالينُوسَا
أبْقَى زُرَيْقٌ للثّغُورِ مُحَمّداً
أبْقَى نَفِيسٌ للنّفيسِ نَفيسَا
إنْ حَلّ فارَقَتِ الخَزائِنُ مَالَهُ
أوْ سارَ فارَقَتِ الجُسُومُ الرُّوسَا
مَلِكٌ إذا عادَيْتَ نَفسَكَ عادِهِ
ورَضِيتَ أوحَشَ ما كَرِهتَ أنيسَا
الخائِضَ الغَمَراتِ غيرَ مُدافَعٍ
والشِّمَّرِيَّ المِطْعَنَ الدِّعّيسَا
كَشّفْتُ جَمْهَرَةَ العِبادِ فلمْ أجدْ
إلاّ مَسُوداً جَنْبَهُ مَرْؤوسَا
بَشَرٌ تَصَوّرَ غايَةً في آيَةٍ
تَنْفي الظّنُونَ وتُفْسِدُ التّقْيِيسَا
وبهِ يُضَنّ على البَرِيّةِ لا بِها
وعَلَيْهِ منها لا علَيها يُوسَى
لوْ كانَ ذو القَرْنَينِ أعْمَلَ رأيَهُ
لمّا أتَى الظُّلماتِ صِرْنَ شُمُوسَا
أو كانَ صادَفَ رأسَ عازَرَ سَيفُهُ
في يوْمِ مَعرَكَةٍ لأعْيا عيسَى
أوْ كانَ لُجُّ البَحْرِ مِثْلَ يَمينِهِ
ما انْشَقّ حتى جازَ فيهِ مُوسَى
أوْ كانَ للنّيرانِ ضَوْءُ جَبينِهِ
عُبِدَتْ فكانَ العالَمونَ مَجوسَا
لمّا سَمِعْتُ بهِ سَمِعْتُ بواحِدٍ
ورَأيْتُهُ فرَأيْتُ منْهُ خَمِيسَا
ولحظْتُ أُنْمُلَهُ فَسِلْنَ مَوَاهِباً
ولمَسْتُ مُنْصُلَهُ فَسَالَ نُفُوسَا
يا مَنْ نَلُوذُ مِنَ الزّمانِ بِظِلِّهِ
أبداً ونَطْرُدُ باسْمِهِ إبْلِيسَا
صَدَقَ المُخبِّرُ عنكَ دونَكَ وَصْفُهُ
مَن في العراقِ يراكَ في طَرَسُوسَا
بَلَدٌ أقَمْتَ بهِ وذِكْرُكَ سائِرٌ
يَشْنا المَقيلَ ويَكْرَهُ التّعرِيسَا
فإذا طَلَبْتَ فَريسَةً فارَقْتَهُ
وإذا خَدِرْتَ تَخِذْتَهُ عِرّيسا
إنّي نَثَرْتُ عَلَيكَ دُرّاً فانتَقِدْ
كَثُرَ المُدَلِّسُ فاحْذَرِ التّدليسَا
حَجّبْتُها عَنْ أهلِ إنْطاكِيّةٍ
وجَلَوْتُها لكَ فاجتَلَيتَ عَرُوسَا
خيرُ الطّيورِ على القُصورِ وشَرُّها
يَأوِي الخَرابَ ويَسكُنُ النّاوُوسَا
لوْ جادَتِ الدّنْيا فَدَتْكَ بِأهْلِها(47/283)
أو جاهَدَتْ كُتبَتْ عليك حبيسا
العصر العباسي >> المتنبي >> يقل له القيام على الرؤوس
يقل له القيام على الرؤوس
رقم القصيدة : 5555
-----------------------------------
يَقِلّ لَهُ القِيامُ على الرّؤوسِ
وَبَذْلُ المُكْرَماتِ منَ النّفوسِ
إذا خانَتْهُ في يَوْمٍ ضَحُوكٍ
فكَيفَ تكُونُ في يوْمٍ عَبُوسِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أنوك من عبد ومن عرسه
أنوك من عبد ومن عرسه
رقم القصيدة : 5556
-----------------------------------
أنْوَكُ مِنْ عَبْدٍ وَمِنْ عِرْسِهِ
مَنْ حَكّمَ العَبدَ على نَفسِهِ
وَإنّمَا يُظْهِرُ تَحْكِيمُهُ
تَحَكُّمَ الإفْسَادِ في حِسّهِ
مَا مَنْ يَرَى أنّكَ في وَعْدِهِ
كَمَنْ يَرَى أنّكَ في حَبْسِهِ
لا يُنْجِزُ الميعادَ في يَوْمِهِ
ولا يَعي مَا قالَ في أمْسِهِ
وَإنّمَا تَحْتَالُ في جَذْبِهِ
كَأنّكَ المَلاّحُ في قَلْسِهِ
فَلا تَرَجَّ الخَيرَ عندَ امْرِىءٍ
مَرّتْ يَدُ النّخّاسِ في رَأسِهِ
وَإنْ عَرَاكَ الشّكُّ في نَفْسِهِ
بحَالِهِ فانْظُرْ إلى جِنْسِهِ
فَقَلّ ما يَلْؤمُ في ثَوْبِهِ
إلاّ الذي يَلْؤمُ في غِرْسِهِ
مَنْ وَجَدَ المَذْهَبَ عَنْ قَدْرِهِ
لم يَجِدِ المَذهَبَ عَن قَنْسِهِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أحب امرىء حبت الأنفس
أحب امرىء حبت الأنفس
رقم القصيدة : 5557
-----------------------------------
أحَبُّ امرِىءٍ حَبّتِ الأنْفُسُ
وأطْيَبُ مَا شَمّهُ مَعْطِسُ
وَنَشْرٌ مِنَ النّدّ لكِنّمَا
مجَامِرُهُ الآسُ وَالنّرْجِسُ
وَلَسْنَا نَرَى لَهَباً هَاجَهُ
فهَلْ هَاجَهُ عِزُّكَ الأقْعَسُ
فإنّ القِيامَ التي حَوْلَهُ
لتَحْسُدُ أرْجُلَهَا الأرْؤسُ
العصر العباسي >> المتنبي >> مبيتي من دمشق على فراش
مبيتي من دمشق على فراش
رقم القصيدة : 5558
-----------------------------------
مَبيتي مِنْ دِمَشقَ على فِراشِ
حَشاهُ لي بحَرّ حَشايَ حَاشِ
لَقَى لَيلٍ كعَينِ الظّبيِ لَوْناً(47/284)
وهَمٍّ كالحُمَيّا في المُشاشِ
وشَوْقٍ كالتّوَقّدِ في فُؤادٍ
كجَمرٍ في جَوانحَ كالمُحاشِ
سَقَى الدّمُ كلَّ نَصْلٍ غيرِ نابٍ
ورَوّى كلَّ رُمحٍ غيرِ راشِ
فإنّ الفارِسَ المَنعوتَ خَفّتْ
لمُنصُلِهِ الفَوارِسُ كالرّياشِ
فقد أضحَى أبا الغَمراتِ يُكنى
كأنّ أبا العَشائِرِ غيرُ فَاشِ
وقد نُسِيَ الحُسينُ بما يُسَمّى
رَدى الأبطالِ أوْ غَيثَ العِطاشِ
لَقُوهُ حاسِراً في دِرْعِ ضَرْبٍ
دَقيقِ النّسجِ مُلتَهِبِ الحواشي
كأنّ على الجَماجمِ منهُ ناراً
وأيدي القَوْمِ أجنحَةُ الفَراشِ
كأنّ جَواريَ المُهَجاتِ ماءٌ
يُعاوِدُها المُهَنّدُ مِنْ عُطاشِ
فَوَلّوْا بَينَ ذي رُوحٍ مُفاتٍ
وذي رَمَقٍ وذي عَقلٍ مُطاشِ
ومُنعَفِرٍ لنَصلِ السّيفِ فيهِ
تَواري الضّبّ خافَ من احتراشِ
يُدمّي بعضُ أيدي الخيلِ بَعضاً
وما بِعُجايَةٍ أثَرُ ارْتِهاشِ
ورائِعُها وحيدٌ لم يَرُعْهُ
تَباعُدُ جَيْشِهِ والمُستَجاشِ
كأنّ تَلَوّيَ النُّشّابِ فيهِ
تلوّي الخوصِ في سَعَفِ العِشاشِ
ونَهبُ نُفوسِ أهلِ النّهبِ أوْلى
بأهلِ المجدِ من نَهبِ القُماشِ
تُشارِكُ في النِّدامِ إذا نَزَلْنَا
بِطانٌ لا تُشارِكُ في الجِحاشِ
ومن قَبلِ النّطاحِ وقَبلِ يأني
تَبينُ لكَ النّعاجُ منَ الكِباشِ
فَيا بَحرَ البُحورِ ولا أُوَرّي
ويا مَلِكَ المُلوكِ ولا أُحاشي
كأنّكَ ناظِرٌ في كلّ قَلْبٍ
فما يخفَى عَلَيكَ مَحلُّ غاشِ
أأصْبِرُ عنَكَ لم تَبخُلْ بشيءٍ
ولم تَقبَلْ عليّ كَلامَ واشِ
وكيفَ وأنتَ في الرّؤساءِ عِندي
عَتيقُ الطّيرِ ما بينَ الخِشاشِ
فَما خاشيكَ للتّكذيبِ راجٍ
ولا راجيكَ للتّخييبِ خاشِ
تُطاعِنُ كلُّ خيلٍ كُنْتَ فيها
ولوْ كانوا النّبيطَ على الجِحاشِ
أرَى النّاسَ الظّلامَ وأنتَ نُورٌ
وإنّي مِنهُمُ لإلَيكَ عاشِ
بُليتُ بهِمْ بَلاءَ الوَرْدِ يَلْقَى
أُنُوفاً هُنّ أولى بالخِشاشِ
عَلَيكَ إذا هُزِلْتَ معَ اللّيالي
وحَوْلك حينَ تَسمنُ في هراشِ(47/285)
أتَى خَبَرُ الأميرِ فَقيلَ كَرّوا
فقلتُ نَعَمْ ولوْ لحقُوا بشاشِ
يَقودُهُمُ إلى الهَيجَا لَجُوجٌ
يَسِنُّ قِتالُهُ والكَرُّ نَاشِي
وأسرَجْتُ الكُمَيتَ فناقَلَتْ بي
على إعقاقِها وعلى غِشاشِي
مِنَ المُتَمَرّداتِ تُذَبُّ عَنها
برُمحي كُلُّ طائرةِ الرَّشاشِ
ولَوْ عُقِرَتْ لَبَلّغَني إلَيْهِ
حَديثٌ عَنهُ يحمِلُ كلَّ ماشِ
إذا ذُكِرَتْ مَواقِفُهُ لِحَافٍ
وَشيكَ فَما يُنكِّسُ لانتِقاشِ
تُزيلُ مَخافَةَ المَصْبورِ عَنهُ
وتُلْهي ذا الفِياشِ عنِ الفِياشِ
وما وُجدَ اشتِياقٌ كاشْتِياقي
ولا عُرِفَ انكِماشٌ كانكماشِي
فسِرْتُ إليكَ في طَلَبِ المَعالي
وسارَ سِوايَ في طَلَبِ المَعاشِ
العصر العباسي >> المتنبي >> فعلت بنا فعل السماء بأرضه
فعلت بنا فعل السماء بأرضه
رقم القصيدة : 5559
-----------------------------------
فَعَلَتْ بنَا فِعْلَ السّماءِ بأرْضِهِ
خِلَعُ الأميرِ وَحَقّهُ لم نَقْضِهِ
فكَأنّ صِحّةَ نَسْجِها من لَفظِهِ
وكأنّ حُسنَ نَقائِها من عِرْضِهِ
وإذا وَكَلْتَ إلى كَريمٍ رَأيَهُ
في الجودِ بانَ مَذيقُهُ من محْضِه
العصر العباسي >> المتنبي >> إذا اعتل سيف الدولة اعتلت الأرض
إذا اعتل سيف الدولة اعتلت الأرض
رقم القصيدة : 5560
-----------------------------------
إذا اعتلَّ سيفُ الدوْلةِ اعتلّتِ الأرْضُ
وَمَنْ فوْقَها والبأسُ وَالكرَمُ المَحضُ
وكيفَ انْتِفاعي بالرّقادِ وَإنّمَا
بعِلّتِهِ يَعْتَلّ في الأعْيُنِ الغُمْضُ
شَفَاكَ الذي يَشفي بجُودِكَ خَلقَهُ
فإنّكَ بَحْرٌ كلُّ بَحْرٍ لهُ بَعضُ
العصر العباسي >> المتنبي >> مضى الليل والفضل الذي لك لا يمضي
مضى الليل والفضل الذي لك لا يمضي
رقم القصيدة : 5561
-----------------------------------
مضَى اللّيلُ والفضْلُ الذي لك لا يمضِي
ورُؤياكَ أحلى في العيونِ من الغُمضِ
على أنّني طُوّقْتُ مِنْكَ بنِعْمَةٍ
شَهيدٌ بها بعضِي لغيري على بَعضي(47/286)
سَلامُ الذي فَوْقَ السّماواتِ عَرْشُهُ
تُخَصّ بهِ يا خَيرَ ماشٍ على الأرْضِ
العصر العباسي >> المتنبي >> لا عدم المشيع المشيع
لا عدم المشيع المشيع
رقم القصيدة : 5562
-----------------------------------
لا عَدِمَ المُشَيِّعَ المُشَيَّعُ
لَيْتَ الرّياحَ صُنّعٌ ما تَصنَعُ
وَسَجْسَجٌ أنْتَ وَهُنّ زَعْزَعُ
وواحِدٌ أنْتَ وَهُنّ أربَعُ
وَأنْتَ نَبْعٌ وَالمُلُوكُ خِروَعُ
بَكَرنَ ضَرّاً وبكَرتَ تَنْفَع
العصر العباسي >> المتنبي >> غيري بأكثر هذا الناس ينخدع
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع
رقم القصيدة : 5563
-----------------------------------
غَيرِي بأكْثرِ هذا النّاسِ يَنْخَدِعُ
إنْ قاتَلُوا جَبُنوا أوْ حدّثوا شجُعُوا
أهلُ الحَفيظَةِ إلاّ أنْ تُجَرّبَهُمْ
وَفي التّجارِبِ بَعد الغَيّ ما يَزَعُ
وَما الحيَاةُ ونَفسي بَعدَمَا عَلِمَتْ
أنّ الحَياةَ كَما لا تَشتَهي طَبَعُ
لَيسَ الجَمالُ لِوَجْهٍ صَحّ مارِنُهُ،
أنْفُ العَزيزِ بقَطعِ العِزّ يُجْتَدَعُ
أأطرَحُ المَجْدَ عَنْ كِتْفي وَأطْلُبُهُ
وَأتْرُكُ الغَيثَ في غِمْدي وَأنْتَجعُ
وَالمَشْرَفِيّةُ لا زَالَتْ مُشَرَّفَةً
دَواءُ كلّ كَريمٍ أوْ هيَ الوَجَعُ
وفارِسُ الخَيْلِ مَن خَفّتْ فوَقّرَهَا
في الدّرْبِ والدّمُ في أعطافِهِ دُفَعُ
فَأوْحَدَتْهُ وَما في قَلْبِهِ قَلَقٌ
وَأغضَبَتْهُ وَمَا في لَفْظِهِ قَذَعُ
بالجَيْشِ تَمْتنعُ السّاداتُ كُلّهُمُ
وَالجَيشُ بابنِ أبي الهَيْجاءِ يَمتَنِعُ
قَادَ المَقانِبَ أقصَى شُرْبِها نَهَلٌ
على الشّكيمِ وَأدْنَى سَيْرِها سَرَعُ
لا يَعْتَقي بَلَدٌ مَسراهُ عَنْ بَلَدٍ
كالمَوْتِ لَيسَ لَهُ رِيٌّ وَلا شِبَعُ
حتى أقامَ عَلى أرْباضِ خَرْشَنَةٍ
تَشْقَى بهِ الرّومُ والصّلبانُ والبِيَعُ
مُخْلًى لَهُ المَرْجُ مَنْصُوباً بصارِخَةٍ
لَهُ المَنابِرُ مَشْهُوداً بهَا الجُمَعُ
يُطَمّعُ الطّيرَ فيهِمْ طُولُ أكْلِهِمِ(47/287)
حتى تَكادَ على أحيَائِهِمْ تَقَعُ
وَلَوْ رَآهُ حَوَارِيّوهُمُ لَبَنَوْا
على مَحَبّتِهِ الشّرْعَ الذي شَرَعُوا
لامَ الدُّمُستُقُ عَينَيْهِ وَقَدْ طَلَعَتْ
سُودُ الغَمَامِ فَظَنّوا أنّها قَزَعُ
فيها الكُماةُ التي مَفطومُها رَجُلٌ
على الجِيادِ التي حَوْلِيُّهَا جَذَعُ
يَذري اللُّقَانُ غُباراً في مَنَاخِرِهَا
وَفي حَناجِرِهَا مِن آلِسٍ جُرَعُ
كَأنّهَا تَتَلَقّاهُمْ لِتَسْلُكَهُمْ
فالطّعْنُ يَفْتَحُ في الأجْوَافِ ما يسعُ
تَهْدِي نَواظِرَهَا وَالحَرْبُ مُظلِمَةٌ
مِنَ الأسِنّةِ نَارٌ وَالقَنَا شَمَعُ
دُونَ السَّهَامِ وَدُونَ القُرّ طَافِحَةٌ
عَلى نُفُوسِهِمِ المُقْوَرّةُ المُزُعُ
إذا دَعَا العِلْجُ عِلجاً حالَ بَيْنَهُمَا
أظْمَى تُفَارِقُ مِنهُ أُخْتَهَا الضِّلَعُ
أجَلُّ مِنْ وَلَدِ الفُقّاسِ مُنكَتِفٌ
إذْ فاتَهُنّ وَأمضَى منهُ مُنصَرِعُ
وَمَا نَجَا مِنْ شِفارِ البِيضِ مُنفَلِتٌ
نَجَا ومِنْهُنّ في أحْشَائِهِ فَزَعُ
يُبَاشِرُ الأمْنَ دَهْراً وَهْوَ مُختَبَلٌ
ويَشرَبُ الخَمْرَ حَوْلاً وهوَ ممتقَعُ
كَمْ مِنْ حُشاشَةِ بِطْرِيقٍ تضَمّنَها
للباتِراتِ أمِينٌ مَا لَهُ وَرَعُ
يُقاتِلُ الخَطْوَ عَنْهُ حِينَ يَطلُبُهُ
وَيَطرُدُ النّوْمَ عَنْهُ حينَ يَضْطَجعُ
تَغدو المَنَايا فَلا تَنْفَكّ وَاقِفَةً
حتى يَقُولَ لهَا عُودي فَتَنْدَفعُ
قُلْ للدُّمُسْتُقِ إنّ المُسْلَمينَ لَكُم
خانُوا الأميرَ فجازاهُمْ بما صَنَعُوا
وَجَدْتُمُوهُمْ نِيَاماً في دِمائِكُمُ
كأنّ قَتْلاكُمُ إيّاهُمُ فجَعُوا
ضَعْفَى تَعِفّ الأيَادي عَنْ مِثالِهِمِ
منَ الأعادي وَإنْ هَمّوا بهم نَزَعوا
لا تَحْسَبُوا مَن أسرْتم كانَ ذا رَمَقٍ
فَلَيْسَ يأكُلُ إلاّ المَيْتَةَ الضبُعُ
هَلاّ على عَقَبِ الوادي وقد طَلَعَتْ
أُسْدٌ تَمُرّ فُرادَى لَيسَ تجتَمعُ
تَشُقّكُمْ بفَتَاهَا كُلُّ سَلْهَبَةٍ
والضّرْبُ يأخذُ منكُم فوْقَ ما يدَعُ(47/288)
وَإنّما عَرّضَ الله الجُنُودَ بِكُمْ
لكَيْ يَكونوا بلا فَسْلٍ إذا رَجعوا
فكُلّ غَزْوٍ إلَيكُمْ بَعدَ ذا فَلَهُ
وَكُلّ غازٍ لسَيْفِ الدّوْلةِ التّبَعُ
تَمْشِي الكِرامُ على آثارِ غَيرِهِمِ
وَأنتَ تَخْلُقُ ما تأتي وَتَبْتَدِعُ
وَهَلْ يَشينُكَ وَقتٌ كنتَ فَارِسَهُ
وَكانَ غيرَكَ فيهِ العاجِزُ الضَّرَعُ
مَن كانَ فوْقَ مَحلّ الشّمسِ موْضِعُه
فَلَيْسَ يَرْفَعُهُ شيءٌ وَلا يَضَعُ
لم يُسلِمِ الكرُّ في الأعقابِ مُهْجَتَهُ
إنْ كانَ أسلَمَها الأصْحابُ وَالشِّيَعُ
لَيتَ المُلُوكَ على الأقدارِ مُعْطِيَةٌ
فلَمْ يكُنْ لدَنيءٍ عندَهَا طَمَعُ
رَضِيتَ مِنهُمْ بأنْ زُرْتَ الوَغى فرَأوْا
وَأن قرَعتَ حَبِيكَ البَيضِ فاستَمَعوا
لَقد أباحَكَ غِشّاً في مُعامَلَةٍ
مَن كنتَ منهُ بغَيرِ الصّدقِ تَنتَفعُ
الدّهْرُ مُعتَذِرٌ والسّيفُ مُنْتَظِرٌ
وَأرْضُهُمْ لَكَ مُصْطافٌ وَمُرْتَبَعُ
وَمَا الجِبَالُ لنَصْرانٍ بحَامِيَةٍ
وَلَوْ تَنَصّرَ فيها الأعصَمُ الصَّدَعُ
وَمَا حَمِدْتُكَ في هَوْلٍ ثَبَتَّ بِهِ
حتى بَلَوْتُكَ وَالأبْطالُ تَمتَصِعُ
فَقَدْ يُظَنّ شُجاعاً مَنْ بِهِ خَرَقٌ
وَقَدْ يُظَنّ جَبَاناً مَنْ بِهِ زَمَعُ
إنّ السّلاحَ جَميعُ النّاسِ تَحْمِلُهُ
وَلَيسَ كلُّ ذواتِ المِخْلَبِ السَّبُعُ
العصر العباسي >> المتنبي >> حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا
حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا
رقم القصيدة : 5564
-----------------------------------
حُشاشةُ نَفسٍ وَدّعتْ يوْمَ وَدّعوا
فَلَمْ أدرِ أيّ الظّاعِنَينِ أُشَيِّعُ
أشاروا بتَسْليمٍ فَجُدْنَا بأنْفُسٍ
تَسيلُ مِنَ الآماقِ وَالسَّمُّ أدْمُعُ
حَشَايَ على جَمْرٍ ذَكيٍّ مِنَ الهَوَى
وَعَيْنايَ في رَوْضٍ من الحسنِ تَرْتَعُ
وَلَوْ حُمّلَتْ صُمُّ الجِبالِ الذي بِنَا
غداةَ افترَقْنا أوْشكَتْ تَتَصَدّعُ
بمَا بينَ جَنبيّ التي خاضَ طيْفُهَا
إليّ الدّياجي وَالخَلِيّونَ هُجّعُ(47/289)
أتَتْ زائِراً ما خامَرَ الطّيبُ ثَوْبَها
وكالمِسْكِ مِن أرْدانِها يَتَضَوّعُ
فما جلَسَتْ حتى انثَنَتْ توسعُ الخُطى
كَفاطِمَةٍ عن دَرّها قَبلَ تُرْضِعُ
فَشَرّدَ إعظامي لَها ما أتَى بهَا
مِنَ النّوْمِ والْتَاعَ الفُؤادُ المُفَجَّعُ
فَيَا لَيْلَةً ما كانَ أطْوَلَ بِتُّهَا
وَسُمُّ الأفاعي عَذْبُ ما أتَجَرّعُ
تذلّلْ لها وَاخضَعْ على القرْبِ والنّوَى
فَما عاشِقٌ مَن لا يَذِلّ وَيَخْضَعُ
وَلا ثَوْبُ مَجدٍ غيرَ ثوبِ ابنِ أحمدٍ
عَلى أحَدٍ إلاّ بلُؤمٍ مُرَقَّعُ
وَإنّ الذي حابَى جَديلَةَ طَيِّىءٍ
بهِ الله يُعطي مَنْ يَشاءُ وَيَمْنَعُ
بذي كَرَمٍ مَا مَرّ يَوْمٌ وشَمْسُهُ
على رَأسِ أوْفى ذِمّةً منه تَطْلُعُ
فأرْحامُ شِعْرٍ يتّصِلْنَ لَدُنّهُ
وَأرْحامُ مالٍ ما تَني تتقطّعُ
فتًى ألْفُ جُزْءٍ رَأيُهُ في زَمَانِهِ
أقلُّ جُزَيْءٍ بعضُهُ الرّأيُ أجمَعُ
غَمامٌ عَلَيْنا مُمْطِرٌ لَيْسَ يُقشِعُ
وَلا البَرْقُ فيهِ خُلَّباً حينَ يَلْمَعُ
إذا عُرِضَتْ حَاجٌ إلَيْهِ فَنَفْسُهُ
إلى نَفْسِهِ فِيها شَفيعٌ مُشَفَّعُ
خَبَتْ نارُ حَرْبٍ لم تَهِجْها بَنانُهُ
وَأسْمَرُ عُرْيانٌ مِنَ القِشرِ أصْلَعُ
نَحيفُ الشَّوَى يَعدو على أُمّ رَأسِهِ
وَيحفى فيَقوَى عَدْوُهُ حينَ يُقطَعُ
يَمُجُّ ظَلاماً في نَهارٍ لِسانُهُ
وَيُفْهِمُ عمّن قالَ ما ليسَ يُسمَعُ
ذُبابُ حُسامٍ منهُ أنجَى ضَرِيبَةً
وَأعْصَى لمَوْلاهُ وذا منهُ أطْوَعُ
فَصيحٌ متى يَنطِقْ تجدْ كلّ لَفظَةٍ
أُصُولَ البَرَاعاتِ التي تَتَفَرّعُ
بكَفّ جَوَادٍ لَوْ حَكَتْها سَحابَةٌ
لما فاتها في الشّرْقِ والغَرْبِ موْضِعُ
ولَيسَ كبَحرِ الماءِ يَشتَقُّ قعرَهُ
إلى حَيثُ يَفنى الماءُ حوتٌ وَضِفدعُ
أبَحْرٌ يَضُرّ المُعْتَفينَ وطَعْمُهُ
زُعاقٌ كبَحرٍ لا يَضُرّ وَيَنْفَعُ
يَتيهُ الدّقيقُ الفِكْرِ في بُعدِ غَوْرِهِ
وَيَغْرَقُ في تَيّارِهِ وَهْوَ مِصْقَعُ(47/290)
ألا أيّها القَيْلُ المُقيمُ بمَنْبِجٍ
وهِمّتُهُ فوقَ السِّماكَينِ تُوضَعُ
ألَيْسَ عَجيباً أنّ وَصْفَكَ مُعْجِزٌ
وَأنّ ظُنُوني في مَعاليكَ تَظْلَعُ
وَأنّكَ في ثَوْبٍ وَصَدْرُكَ فيكُما
على أنّه من ساحةِ الأرْضِ أوْسَعُ
وقَلْبُكَ في الدّنْيا ولوْ دَخلَتْ بنَا
وبالجنّ فيهِ ما درَتْ كيفَ ترْجعُ
ألا كُلّ سَمْحٍ غيرَكَ اليَوْمَ باطِلٌ
وكلّ مَديحٍ في سِواكَ مُضَيَّعُ
العصر العباسي >> المتنبي >> شوقي إليك نفى لذيذ هجوعي
شوقي إليك نفى لذيذ هجوعي
رقم القصيدة : 5565
-----------------------------------
شَوْقي إلَيكَ نَفَى لَذيذَ هُجُوعي
فَارَقْتَني وأقَامَ بَينَ ضُلُوعي
أوَمَا وَجَدْتُمْ في الصّراةِ مُلُوحَةً
مِمّا أُرَقْرِقُ في الفُراتِ دُمُوعي
ما زِلْتُ أحذَرُ مِنْ وَداعِكَ جاهِداً
حتى اغْتَدَى أسَفي على التّوْديعِ
رَحَلَ العَزاءُ برِحْلَتي فكأنّمَا
أتْبَعْتُهُ الأنْفَاسَ للتّشْييعِ
العصر العباسي >> المتنبي >> ملث القطر أعطشها ربوعا
ملث القطر أعطشها ربوعا
رقم القصيدة : 5566
-----------------------------------
مُلِثَّ القَطْرِ أعْطِشْها رُبُوعَا
وإلاّ فاسْقِهَا السّمّ النّقيعَا
أُسائِلُهَا عَنِ المُتَدَيّريهَا
فَلا تَدري ولا تُذْري دُمُوعَا
لَحاهَا الله إلاّ ماضِيَيْهَا
زَمَانَ اللّهْوِ والخَوْدَ الشَّمُوعَا
مُنَعَّمَةٌ مُمَنَّعَةٌ رَداحٌ
يُكَلّفُ لَفظُها الطّيرَ الوُقُوعَا
كأنّ نِقابَها غَيْمٌ رَقيقٌ
يُضِيءُ بمَنْعِهِ البَدْرَ الطُّلُوعَا
أقُولُ لها اكشفِي ضُرّي وَقَوْلي
بأكْثَرَ مِنْ تَدَلّلِها خُضُوعَا
أخِفْتِ الله في إحْيَاءِ نَفْسٍ
متى عُصِيَ الإل?هُ بأنْ أُطِيعَا
غَدا بكِ كُلُّ خِلْوٍ مُسْتَهَاماً
وأصْبَحَ كلُّ مَسْتُورٍ خَليعَا
أُحِبّكِ أوْ يَقُولوا جَرّ نَمْلٌ
ثَبِيرَ أوِ ابنُ إبْراهِيمَ رِيعَا
بَعيدُ الصّيتِ مُنْبَثُّ السّرايَا
يُشَيّبُ ذِكْرُهُ الطّفلَ الرّضِيعَا(47/291)
يَغُضّ الطّرْفَ مِن مَكرٍ وَدَهيٍ
كأنّ بهِ ولَيسَ بهِ خُشُوعَا
إذا اسْتَعْطَيتَهُ ما في يَديْهِ
فقَدْكَ سألتَ عن سِرٍّ مُذيعَا
قَبُولُكَ مَنَّهُ مَنٌّ عَلَيْهِ
وَإنْ لا يَبْتَدىءْ يَرَهُ فَظيعَا
لهُونِ المَالِ أفْرَشَهُ أدِيماً
وللتّفريقِ يَكْرَهُ أنْ يَضِيعَا
إذا ضَرَبَ الأميرُ رِقابَ قَوْمٍ
فَما لكَرامَةٍ مَدَّ النُّطُوعَا
فَلَيسَ بواهِبٍ إلاّ كَثيراً
ولَيسَ بقاتِلٍ إلاّ قَريعَا
ولَيسَ مُؤدِّباً إلاّ بِنَصْلٍ
كفى الصّمصامةُ التّعبَ القَطيعَا
عَلِيٌّ لَيْسَ يَمْنَعُ مِنْ مَجيءٍ
مُبارِزَهُ ويَمْنَعُهُ الرّجُوعَا
عَلِيٌّ قاتِلُ البَطَلِ المُفَدّى
وَمُبْدِلُهُ مِنَ الزّرَدِ النّجيعَا
إذا اعْوَجّ القَنَا في حامِليهِ
وجازَ إلى ضُلوعِهِمِ الضُّلُوعَا
ونالَتْ ثَأرَها الأكْبادُ مِنْهُ
فأوْلَتْهُ انْدِقاقاً أوْ صُدوعَا
فَحِدْ في مُلْتَقَى الخَيلَينِ عَنهُ
وإنْ كُنتَ الخُبَعْثِنَةَ الشّجيعَا
إنِ اسْتَجرَأتَ تَرْمُقُهُ بَعِيداً
فأنْتَ اسْطَعْتَ شيئاً ما استُطيعَا
وإنْ مارَيْتَني فارْكَبْ حِصاناً
ومَثّلْهُ تَخِرَّ لَهُ صَريعَا
غَمَامٌ رُبّما مَطَرَ انْتِقاماً
فَأقْحَطَ وَدْقُهُ البَلَدَ المَريعَا
رَآني بَعْدَما قَطَعَ المَطَايَا
تَيَمُّمُهُ وقَطّعَتِ القُطُوعَا
فَصَيّرَ سَيْلُهُ بَلَدي غَديراً
وصَيّرَ خَيْرُهُ سَنَتي رَبِيعَا
وجاوَدَني بأنْ يُعْطي وأحوي
فأغْرَقَ نَيْلُهُ أخذي سَريعَا
أمُنْسِيَّ السّكونَ وحَضرمَوْتاً
ووالِدَتي وكِنْدَةَ والسّبِيعَا
قدِ استَقصَيتَ في سَلبِ الأعادي
فرُدّ لهُمْ من السّلَبِ الهُجُوعَا
إذا ما لم تُسِرْ جَيْشاً إلَيْهِمْ
أسَرْتَ إلى قُلُوبِهِم الهُلُوعَا
رَضُوا بكَ كالرّضَى بالشّيبِ قسراً
وقد وَخَطَ النّواصِيَ والفُرُوعَا
فلا عَزَلٌ وأنْتَ بِلا سِلاحٍ
لحَاظُكَ ما تَكُونُ بهِ مَنِيعَا
لَوِ اسْتَبدَلتَ ذِهْنَكَ من حسامٍ
قَدَدْتَ بِهِ المَغافِرَ والدّرُوعَا(47/292)
لوِ استَفْرَغتَ جُهدَكَ في قِتالٍ
أتَيْتَ بهِ على الدّنْيا جَميعَا
سَمَوْتَ بهِمّةٍ تَسمُو فتَسْمُو
فَما تُلْفَى بمَرْتَبَةٍ قَنُوعَا
وهَبْكَ سَمَحتَ حتى لا جَوادٌ
فكَيفَ عَلَوْتَ حتى لا رَفيعَا؟
العصر العباسي >> المتنبي >> أركائب الأحباب إن الأدمعا
أركائب الأحباب إن الأدمعا
رقم القصيدة : 5567
-----------------------------------
أرَكائِبَ الأحْبابِ إنّ الأدْمُعَا
تَطِسُ الخُدودَ كما تَطِسْنَ اليرْمَعا
فاعْرِفْنَ مَن حمَلَتْ عليكنّ النّوَى
وامشَينَ هَوْناً في الأزِمّةِ خُضَّعَا
قد كانَ يَمنَعني الحَياءُ منَ البُكَا
فاليَوْمَ يَمْنَعُهُ البُكا أنْ يَمْنَعَا
حتى كأنّ لكُلّ عَظْمٍ رَنّةً
في جِلْدِهِ ولكُلّ عِرْقٍ مَدْمَعَا
وكَفَى بمَن فَضَحَ الجَدايَةَ فاضِحاً
لمُحبّهِ وبمَصْرَعي ذا مَصْرَعَا
سَفَرَتْ وبَرْقَعَها الفِراقُ بصُفْرَةٍ
سَتَرَتْ مَحاجرَها ولم تَكُ بُرْقُعَا
فكأنّها والدّمْعُ يَقْطُرُ فَوْقَها
ذَهَبٌ بسِمْطَيْ لُؤلُؤٍ قد رُصّعَا
نَشَرَتْ ثَلاثَ ذَوائِبٍ من شَعْرِها
في لَيْلَةٍ فَأرَتْ لَيَاليَ أرْبَعَا
واستَقْبَلَتْ قَمَرَ السّماءِ بوَجْهِها
فأرَتْنيَ القَمَرَينِ في وقْتٍ مَعَا
رُدّي الوِصالَ سقَى طُلولَكِ عارِضٌ
لوْ كانَ وَصْلُكِ مِثْلَهُ ما أقْشَعَا
زَجِلٌ يُرِيكَ الجَوَّ ناراً والمَلا
كالبَحْرِ والتّلَعاتِ رَوْضاً مُمْرِعَا
كبَنَانِ عَبدِ الواحدِ الغَدِقِ الذي
أرْوَى وأمّنَ مَن يَشاءُ وأجْزَعَا
ألِفَ المُروءَةَ مُذْ نَشَا فَكَأنّهُ
سُقِيَ اللِّبَانَ بهَا صَبِيّاً مُرْضَعَا
نُظِمَتْ مَواهِبُهُ عَلَيْهِ تَمائِماً
فاعْتادَها فإذا سَقَطْنَ تَفَزّعَا
تَرَكَ الصّنائِعَ كالقَواطِعِ بارِقا
تٍ والمَعاليَ كالعَوالي شُرَّعَا
مُتَبَسّماً لعُفاتِهِ عَنْ واضِحٍ
تَغْشَى لَوامِعُهُ البُروقَ اللُّمّعَا
مُتَكَشّفاً لعُداتِهِ عَنْ سَطْوَةٍ
لوْ حَكّ مَنكِبُها السّماءَ لزَعزَعَا(47/293)
الحَازِمَ اليَقِظَ الأغَرَّ العالِمَ الـ
ـفَطِنَ الألَدّ الأرْيَحيّ الأرْوَعَا
الكاتِبَ اللّبِقَ الخَطيبَ الواهِبَ الـ
ـنّدُسَ اللّبيب الهِبْرِزِيّ المِصْقَعَا
نَفْسٌ لها خُلْقُ الزّمانِ لأنّهُ
مُفني النّفُوسِ مُفَرِّقٌ ما جَمّعَا
ويَدٌ لهَا كَرَمُ الغَمَام لأنّهُ
يَسقي العِمارَةَ والمكانَ البَلقَعَا
أبَداً يُصَدّعُ شَعْبَ وَفْرٍ وافِرٍ
ويَلُمُّ شَعْبَ مكارِمٍ مُتَصَدّعَا
يَهْتَزّ للجَدْوَى اهْتِزازَ مُهَنّدٍ
يَوْمَ الرّجاءِ هَزَزْتَهُ يومَ الوَغى
يا مُغْنِياً أمَلَ الفَقيرِ لِقاؤهُ
ودُعاؤهُ بَعْدَ الصّلاةِ إذا دَعَا
أقْصِرْ ولَستَ بمُقْصِرٍ جُزْتَ المدى
وبلغتَ حيثُ النّجمُ تحتكَ فارْبَعَا
وحَلَلْتَ من شَرفِ الفَعالِ مَواضِعاً
لم يَحْلُلِ الثّقَلانِ مِنْها مَوْضِعَا
وحَوَيْتَ فَضْلَهُما وما طَمِعَ امرُؤٌ
فيهِ ولا طَمِعَ امرُؤٌ أنْ يَطْمَعَا
نَفَذَ القَضاءُ بمَا أرَدْتَ كأنّهُ
لكَ كُلّما أزْمَعْتَ أمراً أزمَعَا
وأطاعَكَ الدّهْرُ العَصِيُّ كأنّهُ
عَبْدٌ إذا نادَيْتَ لَبّى مُسْرِعَا
أكَلَتْ مَفاخِرُكَ المَفاخرَ وانْثَنَتْ
عن شأوِهنّ مَطيُّ وَصْفي ظُلَّعَا
وجَرَينَ جَرْيَ الشّمسِ في أفلاكِها
فقَطَعْنَ مَغرِبَها وجُزْنَ المَطْلِعَا
لوْ نِيطَتِ الدّنْيا بأُخْرَى مِثْلِها
لَعَمَمْنَهَا وخَشينَ أنْ لا تَقْنَعَا
فمَتى يُكَذَّبُ مُدّعٍ لكَ فَوْقَ ذا
والله يَشْهَدُ أنّ حَقّاً ما ادّعَى
ومتى يُؤدّي شَرْحَ حالِكَ ناطِقٌ
حَفِظَ القَليلَ النّزْرَ مِمّا ضَيّعَا
إنْ كانَ لا يُدْعَى الفَتى إلاّ كَذا
رَجُلاً فَسَمِّ النّاسَ طُرّاً إصْبَعَا
إنْ كانَ لا يَسْعَى لجُودٍ ماجِدٌ
إلاّ كَذا فالغَيْثُ أبخَلُ مَن سَعَى
قَدْ خَلّفَ العَبّاسُ غُرّتَكَ ابنَهُ
مَرْأًى لَنا وإلى القِيامَةِ مَسْمَعَا
العصر العباسي >> المتنبي >> ألحزن يقلق والتجمل يردع
ألحزن يقلق والتجمل يردع
رقم القصيدة : 5568(47/294)
-----------------------------------
ألحُزْنُ يُقْلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَرْدَعُ
وَالدّمْعُ بَيْنَهُمَا عَصِيٌّ طَيِّعُ
يَتَنَازَعانِ دُمُوعَ عَينِ مُسَهَّدٍ
هَذا يَجيءُ بهَا وَهَذَا يَرْجِعُ
ألنّوْمُ بَعْدَ أبي شُجَاعٍ نَافِرٌ
وَاللّيْلُ مُعْيٍ وَالكَوَاكبُ ظُلَّعُ
إنّي لأجْبُنُ عَن فِراقِ أحِبّتي
وَتُحِسّ نَفسِي بالحِمامِ فأشجُعُ
وَيَزِيدُني غَضَبُ الأعادي قَسْوَةً
وَيُلِمُّ بي عَتْبُ الصّديقِ فأجزَعُ
تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ
عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ
وَلمَنْ يُغالِطُ في الحَقائِقِ نفسَهُ
وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فتطمَعُ
أينَ الذي الهَرَمانِ مِنْ بُنْيَانِهِ،
ما قَوْمُهُ، ما يَوْمُهُ، ما المصرَعُ؟
تَتَخَلّفُ الآثارُ عَنْ أصْحابِها
حِيناً وَيُدرِكُها الفَنَاءُ فتَتْبَعُ
لم يُرْضِ قَلْبَ أبي شُجاعٍ مَبلَغٌ
قَبلَ المَمَاتِ وَلم يَسَعْهُ مَوْضِعُ
كُنّا نَظُنّ دِيارَهُ مَمْلُوءَةً
ذَهَباً فَمَاتَ وَكلُّ دارٍ بَلقَعُ
وَإذا المَكارِمُ وَالصّوَارِمُ وَالقَنَا
وَبَنَاتُ أعوَجَ كلُّ شيءٍ يجمَعُ
ألمَجْدُ أخسَرُ وَالمَكارِمُ صَفْقَةً
من أن يَعيشَ لها الهُمامُ الأرْوَعُ
وَالنّاسُ أنزَلُ في زَمَانِكَ مَنزِلاً
من أنْ تُعايِشَهُمْ وَقَدرُكَ أرْفَعُ
بَرِّدْ حَشَايَ إنِ استَطعتَ بلفظَةٍ
فَلَقَدْ تَضُرُّ إذا تَشَاءُ وَتَنْفَعُ
مَا كانَ منكَ إلى خَليلٍ قَبْلَها
ما يُسْتَرَابُ بهِ وَلا مَا يُوجِعُ
وَلَقَدْ أرَاكَ وَمَا تُلِمّ مُلِمّةٌ
إلاّ نَفَاهَا عَنكَ قَلبٌ أصْمَعُ
وَيَدٌ كأنّ نَوَالَهَا وَقِتَالَهَا
فَرْضٌ يحِقّ عَلَيْكَ وَهْوَ تبرُّعُ
يا مَنْ يُبَدِّلُ كُلّ يَوْمٍ حُلّةً
أنّى رَضِيتَ بحُلّةٍ لا تُنْزَعُ؟
ما زِلْتَ تَخْلَعُهَا على مَنْ شاءَها
حتى لَبِسْتَ اليَوْمَ ما لا تَخلعُ
ما زِلْتَ تَدْفَعُ كُلّ أمْرٍ فادِحٍ
حتى أتى الأمرُ الذي لا يُدفَعُ(47/295)
فَظَلِلْتَ تَنظُرُ لا رِماحُكَ شُرَّعٌ
فيما عَرَاكَ وَلا سُيوفُكَ قُطَّعُ
بأبي الوَحيدُ وَجَيشُهُ مُتَكاثِرٌ
يَبكي وَمن شرّ السّلاحِ الأدْمُعُ
وَإذا حصَلتَ من السّلاحِ على البكا
فحَشاكَ رُعتَ به وَخدَّكَ تَقرَعُ
وَصَلَتْ إليكَ يَدٌ سَوَاءٌ عِندَها الـ
ـبازي الأُشَيْهِبُ وَالغُرابُ الأبقَعُ
مَن للمَحافلِ وَالجَحافلِ وَالسُّرَى
فَقَدَتْ بفَقْدِكَ نَيِّراً لا يَطْلُعُ
وَمَنِ اتخذتَ على الضّيوفِ خَليفَةً
ضَاعُوا وَمِثْلُكَ لا يكادُ يُضَيِّعُ
قُبْحاً لوَجهِكَ يا زَمَانُ فإنّهُ
وَجهٌ لَهُ من كُلّ قُبحٍ بُرْقُعُ
أيَمُوتُ مِثْلُ أبي شُجَاعٍ فاتِكٍ
وَيَعيشَ حاسِدُه الخصِيُّ الأوكَعُ
أيْدٍ مُقَطَّعَةٌ حَوَالَيْ رَأسِهِ
وَقَفاً يَصيحُ بها: ألا مَن يَصْفَعُ
أبْقَيْتَ أكْذَبَ كاذِبٍ أبْقَيْتَهُ
وَأخذتَ أصْدقَ من يقولُ وَيسمَعُ
وَتَرَكْتَ أنْتَنَ رِيحَةٍ مَذْمُومَةٍ
وَسَلَبْتَ أطيَبَ رِيحَةٍ تَتَضَوّعُ
فَاليَوْمَ قَرّ لكُلّ وَحْشٍ نَافِرٍ
دَمُهُ وَكانَ كأنّهُ يَتَطَلّعُ
وَتَصَالَحتْ ثَمَرُ السّياطِ وَخَيْلُهُ
وَأوَتْ إلَيها سُوقُها وَالأذْرُعُ
وَعَفَا الطّرَادُ فَلا سِنَانٌ رَاعِفٌ
فَوْقَ القَنَاةِ وَلا حُسَامٌ يَلمَعُ
وَلّى وَكُلُّ مُخالِمٍ وَمُنَادِمٍ
بعْدَ اللّزُومِ مُشَيِّعٌ وَمُوَدِّعُ
مَنْ كانَ فيهِ لكُلّ قَوْم مَلجأٌ
ولسيْفِهِ في كلّ قَوْمٍ مَرْتَعُ
إنْ حَلّ في فُرْسٍ فَفيهَا رَبُّهَا
كسرَى تذلّ لهُ الرّقابُ وَتخضَعُ
أوْ حَلّ في رُومٍ فَفيها قَيصَرٌ
أوْ حَلّ في عَرَبٍ فَفِيهَا تُبّعُ
قد كانَ أسرَعَ فارِسٍ في طَعْنَةٍ
فرَساً وَلَكِنّ المَنِيّةَ أسْرَعُ
لا قَلّبَتْ أيدي الفَوَارِسِ بَعْدَهُ
رُمحاً وَلا حَمَلَتْ جَوَاداً أرْبَعُ
العصر العباسي >> المتنبي >> بأبي من وددته فافترقنا
بأبي من وددته فافترقنا
رقم القصيدة : 5569
-----------------------------------(47/296)
بأبي مَنْ وَدِدْتُهُ فَافْتَرَقْنَا
وقَضَى الله بَعْدَ ذَاكَ اجْتِمَاعَا
فَافْتَرَقْنَا حَوْلاً فَلَمّا التَقَيْنَا
كَانَ تَسْلِيمُهُ عَليّ وَدَاعَا
العصر العباسي >> المتنبي >> موقع الخيل من نداك طفيف
موقع الخيل من نداك طفيف
رقم القصيدة : 5570
-----------------------------------
مَوْقعُ الخَيْلِ مِنْ نَداكَ طَفيفُ
وَلَوَ انّ الجِيادَ فيها أُلُوفُ
وَمنَ اللّفْظِ لَفظَةٌ تَجْمَعُ الوَصْـ
ـفَ وذاكَ المُطَهَّمُ المَعْرُوفُ
مَا لَنَا في النّدَى عَلَيكَ اختيارٌ
كلُّ ما يَمنَحُ الشّريفُ شرِيفُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أهون بطول الثواء والتلف
أهون بطول الثواء والتلف
رقم القصيدة : 5571
-----------------------------------
أهْوِنْ بطولِ الثَّواءِ والتّلَفِ
والسّجنِ والقَيْدِ يا أبا دُلَفِ
غَيرَ اخْتِيارٍ قَبِلْتُ بِرَّكَ لي
والجُوعُ يُرْضي الأسودَ بالجِيفِ
كُنْ أيّها السّجنُ كيفَ شئتَ فقد
وَطّنْتُ للمَوْتِ نَفْسَ مُعترِفِ
لوْ كانَ سُكنايَ فيكَ مَنقَصَةً
لم يَكُنِ الدُّرُّ ساكِنَ الصَّدَفِ
العصر العباسي >> المتنبي >> لجنية أم غادة رفع السجف
لجنية أم غادة رفع السجف
رقم القصيدة : 5572
-----------------------------------
لجِنّيّةٍ أمْ غادَةٍ رُفِعَ السَّجْفُ
لوَحْشِيّةٍ لا ما لوَحشيّةٍ شَنْفُ
نَفُورٌ عَرَتْها نَفرَةٌ فتَجاذَبَتْ
سَوالِفُها والحَليُ والخَصرُ والرِّدْفُ
وخَيّلَ منها مِرْطُها فكأنّما
تَثَنّى لَنا خُوطٌ ولاحَظنَا خِشفُ
زِيادَةُ شَيْبٍ وهيَ نَقصُ زِيادَتي
وقُوّةُ عِشقٍ وهيَ من قُوّتي ضُعْفُ
أراقَتْ دَمي مَن بي منَ الوَجدِ ما بها
من الوَجدِ بي والشوْقُ لي ولها حِلْفُ
أكَيداً لَنا يا بَينُ واصَلْتَ وَصْلَنَا
فلا دارُنا تَدنُو ولا عيَشُنا يَصفُو
أُرَدّدُ وَيْلي لوْ قَضَى الوَيْلُ حاجَةً
وأُكْثِرُ لَهفي لوْ شفى غُلّةً لَهْفُ
ضَنًى في الهَوى كالسّمّ في الشّهدِ كامناً(47/297)
لَذِذْتُ به جَهْلاً وفي اللّذّةِ الحتفُ
فأفْنى وما أفنَتْهُ نَفْسِي كأنّمَا
أبو الفَرَجِ القاضي له دونَها كَهفُ
قَليلُ الكَرَى لوْ كانتِ البِيضُ والقَنَا
كآرائِهِ ما أغنَتِ البَيضُ والزَّغْفُ
يَقُومُ مَقامَ الجَيشِ تَقطيبُ وَجهه
ويَستَغرِقُ الألفاظَ من لَفظِهِ حرْفُ
وإنْ فَقَدَ الإعطاءَ حَنّتْ يَمينُهُ
إلَيْهِ حَنينَ الإلْفِ فارَقَهُ الإلْفُ
أديبٌ رَسَتْ للعِلْمِ في أرضِ صَدْرِهِ
جِبالٌ جِبالُ الأرضِ في جنبها قُفُّ
جَوادٌ سَمَتْ في الخَيرِ والشرّ كَفُّهُ
سُمُوّاً أوَدَّ الدّهرَ أنّ کسمَهُ كَفُّ
وأضْحَى وبَينَ النّاسِ في كلّ سَيّدٍ
منَ النّاسِ إلاّ في سيادَتِهِ خُلفُ
يُفَدّونَهُ حتى كأنّ دِماءَهُمْ
لجاري هَواهُ في عُروقِهمِ تَقفُو
وُقُوفَينِ في وَقْفَينِ شُكْرٍ ونَائِلٍ
فنائِلُهُ وَقْفٌ وشُكرُهُمُ وَقْفُ
ولمّا فَقَدْنَا مِثْلَهُ دامَ كَشْفُنَا
عليهِ فدامَ الفقدُ وانكشفَ الكَشْفُ
وما حارَتِ الأوْهامُ في عُظْمِ شأنِهِ
بأكثرَ ممّا حارَ في حُسْنِهِ الطّرْفُ
ولا نالَ مِنْ حُسّادِهِ الغَيظُ والأذَى
بأعظَمَ ممّا نالَ من وَفرِهِ العُرْفُ
تَفَكّرُهُ عِلْمٌ ومَنْطِقُهُ حُكْمٌ
وباطِنُهُ دينٌ وظاهِرُهُ ظَرْفُ
أماتَ رِياحَ اللّؤمِ وهْيَ عَواصِفٌ
ومَغنى العُلى يودي ورَسْمُ الندى يَعفُو
فلَمْ نَرَ قَبلَ ابنِ الحُسَينِ أصابِعاً
إذا ما هطَلنَ استحيتِ الدِّيَمُ الوُطفُ
ولا ساعِياً في قُلّةِ المَجْدِ مُدْرِكاً
بأفعالِهِ ما لَيسَ يُدرِكُهُ الوَصْفُ
ولم نَرَ شَيئاً يَحمِلُ العِبْءَ حَملَهُ
ويَستَصغِرُ الدّنْيا ويَحمِلُه طِرْفُ
ولا جَلَسَ البَحرُ المُحيطُ لِقاصِدٍ
ومن تَحتِه فَرْشٌ ومن فوْقه سقفُ
فَوا عَجَبا مني أُحاوِلُ نَعْتَهُ
وقد فنيَتْ فيه القراطيسُ والصُّحْفُ
ومن كَثرَةِ الأخبارِ عَن مَكْرُماتِهِ
يَمُرّ لَهُ صِنْفٌ ويأتي لهُ صِنْفُ
وتَفْتَرُّ منهُ عَنْ خِصالٍ كأنّها(47/298)
ثَنَايا حَبيبٍ لا يُمَلّ لَهَا رَشْفُ
قصَدْتُكَ والرّاجونَ قَصدي إلَيهِمِ
كثيرٌ ولكن ليسَ كالذّنَبِ الأنْفُ
ولا الفِضّةُ البَيضاءُ والتّبرُ واحداً
نَفوعانِ للمُكدي وبَيْنَهُما صَرْفُ
ولَستَ بدونٍ يُرْتَجَى الغَيثُ دونَهُ
ولا مُنتَهَى الجودِ الذي خلفَهُ خَلْفُ
ولا واحداً في ذا الورى من جَمَاعَةٍ
ولا البَعضَ من كلٍّ ولكنّك الضِّعْفُ
ولا الضِّعْفَ حتى يَتبَعَ الضِّعفَ ضِعفُه
ولا ضِعفَ ضِعفِ الضِّعفِ بل مثله ألْفُ
أقاضِيَنَا هذا الذي أنْتَ أهْلُهُ
غَلِطْتُ ولا الثُّلثانِ هذا ولا النّصْفُ
وذَنْبيَ تَقْصِيري وما جِئتُ مَادِحاً
بذَنبي ولكنْ جئتُ أسألُ أن تَعفُو
العصر العباسي >> المتنبي >> به وبمثله شق الصفوف
به وبمثله شق الصفوف
رقم القصيدة : 5573
-----------------------------------
بِهِ وبِمِثْلِهِ شُقّ الصّفُوفُ
وزَلّتْ عَن مُباشِرِها الحُتُوفُ
فَدَعْهُ لَقًى فإنّكَ مِنْ كِرامٍ
جَواشِنُها الأسِنّةُ والسّيوفُ
العصر العباسي >> المتنبي >> ومنتسب عندي إلى من أحبه
ومنتسب عندي إلى من أحبه
رقم القصيدة : 5574
-----------------------------------
ومُنْتَسِبٍ عِندي إلى مَنْ أُحِبّهُ
وللنَّبْلِ حَوْلي مِن يَدَيهِ حَفيفُ
فَهَيّجَ مِنْ شَوْقي وما من مَذَلّةٍ
حَنَنْتُ ولَكِنّ الكَريمَ ألُوفُ
وكلُّ وِدادٍ لا يَدومُ على الأذَى
دَوامَ وِدادي للحُسَينِ ضَعيفُ
فإنْ يكُنِ الفِعْلُ الذي ساءَ واحِداً
فأفْعالُهُ اللائي سَرَرْنَ أُلُوفُ
ونَفْسي لَهُ نَفْسي الفِداءُ لنَفْسِهِ
ولكِنّ بَعضَ المالِكينَ عَنيفُ
فإنْ كانَ يَبغي قَتْلَها يَكُ قاتِلاً
بكَفّيهِ فالقَتْلُ الشّريفُ شريفُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أعددت للغادرين أسيافا
أعددت للغادرين أسيافا
رقم القصيدة : 5575
-----------------------------------
أعْدَدْتُ للغَادِرِينَ أسْيَافَا
أجْدَعُ مِنْهُمْ بِهِنّ آنَافَا
لا يَرْحَمُ الله أرْؤساً لَهُمُ(47/299)
أطَرْنَ عَن هامِهِنّ أقْحَافَا
ما يَنْقِمُ السّيفُ غَيرَ قِلّتِهمْ
وَأنْ تَكُونَ المِئُونَ آلافَا
يا شَرّ لَحْمٍ فَجَعْتُهُ بدَمٍ
وَزَارَ للخامِعَاتِ أجْوَافَا
قد كنتَ أُغنيتَ عن سؤالِكَ بي
مَنْ زَجَرَ الطّيرَ لي وَمَنْ عَافَا
وَعَدْتُ ذا النّصْلَ مَن تعَرّضَهُ
وَخِفْتُ لمّا اعترَضْتَ إخْلافَا
لا يُذكَرُ الخَيرُ إنْ ذُكِرْتَ وَلا
تُتْبِعُكَ المُقْلَتَان تَوْكَافَا
إذا امْرُؤٌ راعَني بِغَدْرَتِهِ
أوْرَدْتُهُ الغَايَةَ التي خَافَا
العصر العباسي >> المتنبي >> أيدري الربع أي دم أراقا
أيدري الربع أي دم أراقا
رقم القصيدة : 5576
-----------------------------------
أيَدْري الرَّبْعُ أيَّ دَمٍ أراقَا
وَأيَّ قُلُوبِ هذا الرّكْبِ شَاقَا
لَنَا ولأهْلِهِ أبَداً قُلُوبٌ
تَلاقَى في جُسُومٍ ما تَلاقَى
ومَا عَفَتِ الرّياحُ لَهُ مَحَلاًّ
عَفَاهُ مَنْ حَدَا بِهِمِ وَسَاقَا
فَلَيْتَ هوَى الأحبّةِ كانَ عَدلاً
فَحَمّلَ كُلّ قَلبٍ ما أطَاقَا
نَظَرْتُ إلَيْهِمِ والعَينُ شَكْرَى
فَصارَتْ كُلّهَا للدّمعِ مَاقَا
وَقَدْ أخَذَ التّمامَ البَدْرُ فيهِمْ
وَأعْطاني مِنَ السّقَمِ المُحاقَا
وَبَينَ الفَرْعِ والقَدَمَينِ نُورٌ
يَقُودُ بِلا أزِمّتِهَا النّياقَا
وَطَرْفٌ إنْ سَقَى العُشّاقَ كأساً
بهَا نَقْصٌ سَقانِيهَا دِهَاقَا
وَخَصْرٌ تَثْبُتُ الأبْصارُ فِيهِ
كأنّ عَلَيْهِ مِن حَدَقٍ نِطاقَا
سَلي عَنْ سِيرَتي فَرَسي ورُمحي
وَسَيْفي والهَمَلَّعَةَ الدِّفَاقَا
تَرَكْنَا من وَرَاءِ العِيسِ نَجْداً
وَنَكّبْنَا السّماوَةَ والعِراقَا
فَمَا زالَتْ تَرَى واللّيلُ داجٍ
لِسَيفِ الدّوْلَةِ المَلِكِ ائتلافَا
أدِلّتُهَا رِياحُ المِسْكِ مِنْهُ
إذا فَتَحَتْ مَناخِرَهَا انتِشاقَا
أبَاحَكِ أيّهَا الوَحْشُ الأعَادي
فَلِمْ تَتَعَرّضِينَ لَهُ الرّفَاقَا
وَلَوْ تَبّعْتِ ما طَرَحَتْ قَنَاهُ
لَكَفّكِ عَن رذَايَانَا وَعَاقَا(47/300)
وَلَوْ سِرْنَا إلَيْهِ في طَرِيقٍ
مِنَ النّيرانِ لمْ نَخَفِ احتِرَاقَا
إمَامٌ للأئِمّةِ مِنْ قُرَيْشٍ
إلى مَنْ يَتّقُونَ لَهُ شِقَاقَا
يَكونُ لهُمْ إذا غَضِبُوا حُساماً
وَللهَيْجاءِ حينَ تَقُومُ سَاقَا
فَلا تَسْتَنْكِرَنّ لَهُ ابْتِساماً
إذا فَهِقَ المَكَرُّ دَماً وَضَاقَا
فَقَدْ ضَمِنَتْ لَهُ المُهَجَ العَوَالي
وَحَمّلَ هَمَّهُ الخَيْلَ العِتَاقَا
إذا أُنْعِلْنَ في آثَارِ قَوْمٍ
وَإنْ بَعُدُوا جَعَلْنهُمُ طِرَاقَا
وَإنْ نَقَعَ الصّريخُ إلى مَكَانٍ
نَصَبْنَ لَهُ مُؤلَّلَةً دِقَاقَا
فَكَانَ الطّعْنُ بَيْنَهُمَا جَوَاباً
وَكانَ اللّبْثُ بَيْنَهُما فُوَاقَا
مُلاقِيَةً نَواصِيهَا المَنَايَا
مُعاوِدَةً فَوَارِسُهَا العِنَاقَا
تَبِيتُ رِمَاحُهُ فَوْقَ الهَوَادي
وَقَدْ ضَرَبَ العَجاجُ لَها رِوَاقَا
تَميلُ كأنّ في الأبْطالِ خَمْراً
عُلِلْنَ بها اصْطِباحاً وَاغْتِبَاقَا
تَعَجّبَتِ المُدامُ وَقَدْ حَسَاهَا
فَلَمْ يَسكَرْ وَجادَ فَما أفَاقَا
أقامَ الشِّعْرُ يَنْتَظِرُ العَطَايَا
فَلَمّا فَاقَتِ الأمْطارَ فَاقَا
وَزَنّا قِيمَةَ الدّهْمَاءِ مِنْهُ
وَوَفّيْنا القيَانَ بِهِ الصَّداقَا
وَحاشا لارْتِياحِكَ أنْ يُبارَى
وَللكَرَمِ الذي لَكَ أنْ يُبَاقَى
وَلَكِنّا نُداعِبُ مِنْكَ قَرْماً
تَرَاجَعَتِ القُرُومُ لَهُ حِقَاقَا
فَتًى لا تَسْلُبُ القَتْلَى يَداهُ
ويَسْلُبُ عَفْوُهُ الأسرَى الوِثَاقَا
وَلم تَأتِ الجَميلَ إليّ سَهْواً
وَلم أظْفَرْ بهِ مِنْكَ استِراقَا
فَأبْلِغْ حاسِدِيّ عَلَيْكَ أنّي
كَبَا بَرْقٌ يُحاوِلُ بي لَحاقَا
وَهَلْ تُغْني الرّسائِلُ في عَدُوٍّ
إذا ما لم يَكُنَّ ظُبًى رِقَاقَا
إذا ما النّاسُ جَرّبَهُمْ لَبِيبٌ
فإنّي قَدْ أكَلْتُهُمُ وَذاقَا
فَلَمْ أرَ وُدّهُمْ إلاّ خِداعاً
وَلم أرَ دينَهُمْ إلاّ نِفَاقَا
يُقَصّرُ عَن يَمينِكَ كُلُّ بحْرٍ
وَعَمّا لم تُلِقْهُ مَا ألاقَا(47/301)
وَلَوْلا قُدْرَةُ الخَلاّقِ قُلْنَا
أعَمْداً كانَ خَلْقُكَ أمْ وِفَاقَا
فَلا حَطّتْ لَكَ الهَيْجَاءُ سَرْجاً
وَلا ذاقَتْ لَكَ الدّنْيَا فِراقَا
العصر العباسي >> المتنبي >> لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
رقم القصيدة : 5577
-----------------------------------
لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي
وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه
وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى
مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّهُ
وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي
وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى
شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ
وَأشنَبَ مَعْسُولِ الثّنِيّاتِ وَاضِحٍ
سَتَرْتُ فَمي عَنهُ فَقَبّلَ مَفْرِقي
وَأجيادِ غِزْلانٍ كجيدِكِ زُرْنَني
فَلَمْ أتَبَيّنْ عاطِلاً مِنْ مُطَوَّقِ
وَما كلّ مَن يهوَى يَعِفّ إذا خَلا
عَفَافي وَيُرْضي الحُبّ وَالخَيلُ تلتقي
سَقَى الله أيّامَ الصّبَى ما يَسُرّهَا
وَيَفْعَلُ فِعْلَ البَابِليّ المُعَتَّقِ
إذا ما لَبِسْتَ الدّهْرَ مُستَمتِعاً بِهِ
تَخَرّقْتَ وَالمَلْبُوسُ لم يَتَخَرّقِ
وَلم أرَ كالألحَاظِ يَوْمَ رَحِيلِهِمْ
بَعثنَ بكلّ القتل من كلّ مُشفِقِ
أدَرْنَ عُيُوناً حائِراتٍ كأنّهَا
مُرَكَّبَةٌ أحْداقُهَا فَوْقَ زِئْبِقِ
عَشِيّةَ يَعْدُونَا عَنِ النّظَرِ البُكَا
وَعن لذّةِ التّوْديعِ خوْفُ التّفَرّقِ
نُوَدّعُهُمْ وَالبَيْنُ فينَا كأنّهُ
قَنَا ابنِ أبي الهَيْجاءِ في قلبِ فَيلَقِ
قَوَاضٍ مَوَاضٍ نَسجُ داوُدَ عندَها
إذا وَقَعَتْ فيهِ كنَسْجِ الخدَرْنَقِ
هَوَادٍ لأمْلاكِ الجُيُوشِ كأنّهَا
تَخَيَّرُ أرْوَاحَ الكُمَاةِ وتَنْتَقي
تَقُدّ عَلَيْهِمْ كلَّ دِرْعٍ وَجَوْشنٍ(47/302)
وَتَفري إليهِمْ كلَّ سورٍ وَخَندَقِ
يُغِيرُ بهَا بَينَ اللُّقَانِ وَوَاسِطٍ
وَيَرْكُزُهَا بَينَ الفُراتِ وَجِلّقِ
وَيَرْجِعُهَا حُمْراً كأنّ صَحيحَهَا
يُبَكّي دَماً مِنْ رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ
فَلا تُبْلِغَاهُ ما أقُولُ فإنّهُ
شُجاعٌ متى يُذكَرْ لهُ الطّعنُ يَشْتَقِ
ضَرُوبٌ بأطرافِ السّيُوفِ بَنانُهُ
لَعُوبٌ بأطْرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ
كسَائِلِهِ مَنْ يَسألُ الغَيثَ قَطرَةً
كعاذِلِهِ مَنْ قالَ للفَلَكِ ارْفُقِ
لقد جُدْتَ حتى جُدْتَ في كلّ مِلّةٍ
وحتى أتاكَ الحَمدُ من كلّ مَنطِقِ
رَأى مَلِكُ الرّومِ ارْتياحَكَ للنّدَى
فَقامَ مَقَامَ المُجْتَدي المُتَمَلِّقِ
وخَلّى الرّماحَ السّمْهَرِيّةَ صاغِراً
لأدْرَبَ منهُ بالطّعانِ وَأحْذَقِ
وكاتَبَ مِن أرْضٍ بَعيدٍ مَرامُهَا
قَريبٍ على خَيْلٍ حَوَالَيكَ سُبّقِ
وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسُولُهُ
فَمَا سارَ إلاّ فَوْقَ هامٍ مُفَلَّقِ
فَلَمّا دَنَا أخْفَى عَلَيْهِ مَكانَهُ
شُعَاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَألّقِ
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى
إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي
ولَمْ يَثْنِكَ الأعْداءُ عَنْ مُهَجاتِهمْ
بمِثْلِ خُضُوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ
وَكُنْتَ إذا كاتَبْتَهُ قَبْلَ هذِهِ
كَتَبْتَ إليْهِ في قَذالِ الدّمُسْتُقِ
فإنْ تُعْطِهِ مِنْكَ الأمانَ فَسائِلٌ
وَإنْ تُعْطِهِ حَدّ الحُسامِ فأخلِقِ
وَهَلْ تَرَكَ البِيضُ الصّوارِمُ منهُمُ
حَبِيساً لِفَادٍ أوْ رَقيقاً لمُعْتِقِ
لَقَد وَرَدوا وِرْدَ القَطَا شَفَرَاتِهَا
وَمَرّوا عَلَيْها رَزْدَقاً بعدَ رَزْدَقِ
بَلَغْتُ بسَيْفِ الدّوْلَةِ النّورِ رُتْبَةً
أنَرْتُ بها مَا بَينَ غَرْبٍ وَمَشرِقِ
إذا شاءَ أنْ يَلْهُو بلِحيَةِ أحْمَقٍ
أراهُ غُبَاري ثمّ قالَ لَهُ الحَقِ
وَما كمَدُ الحُسّادِ شيءٌ قَصَدْتُهُ
وَلكِنّهُ مَن يَزْحَمِ البَحرَ يَغرَقِ(47/303)
وَيَمْتَحِنُ النّاسَ الأميرُ برَأيِهِ
وَيُغضِي على عِلْمٍ بكُلّ مُمَخْرِقِ
وَإطراقُ طَرْفِ العَينِ لَيسَ بنافعٍ
إذا كانَ طَرْفُ القلبِ ليسَ بمطرِقِ
فيا أيّها المَطلوبُ جاوِرْهُ تَمْتَنِعْ
وَيا أيّهَا المَحْرُومُ يَمِّمْهُ تُرْزَقِ
وَيا أجبنَ الفُرْسانِ صاحِبْهُ تجترىءْ
ويا أشجَعَ الشجعانِ فارِقْهُ تَفْرَقِ
إذا سَعَتِ الأعْداءُ في كَيْدِ مجْدِهِ
سعى جَدُّهُ في كيدهم سعيَ مُحْنَقِ
وَما ينصُرُ الفضْلُ المُبينُ على العدَى
إذا لم يكُنْ فضْلَ السّعيدِ المُوَفَّقِ
العصر العباسي >> المتنبي >> تذكرت ما بين العذيب وبارق
تذكرت ما بين العذيب وبارق
رقم القصيدة : 5578
-----------------------------------
تَذَكّرْتُ ما بَينَ العُذَيبِ وَبَارِقِ
مَجَرَّ عَوَالينَا وَمَجْرَى السّوَابِقِ
وَصُحْبَةَ قَوْمٍ يَذبَحُونَ قَنيصَهُمْ
بفَضْلَةِ ما قد كَسّرُوا في المَفارِقِ
وَلَيْلاً تَوَسَّدْنَا الثَّوِيّةَ تَحْتَهُ
كأنّ ثَرَاهَا عَنْبَرٌ في المَرَافِقِ
بِلادٌ إذا زارَ الحِسانَ بغَيرِهَا
حَصَى تُرْبِهَا ثَقّبْنَهُ للمَخانِقِ
سَقَتْني بهَا القُطْرُبُّليَّ مَليحَةٌ
على كاذِبٍ منْ وَعدِها ضَوْءُ صَادقِ
سُهادٌ لأجفانٍ وَشَمْسٌ لِنَاظِرٍ
وَسُقْمٌ لأبدانٍ وَمِسْكٌ لِناشِقِ
وَأغْيَدُ يَهْوَى نَفْسَهُ كلُّ عاقِلٍ
عَفيفٍ وَيَهوَى جسمَهُ كلُّ فاسِقِ
أدِيبٌ إذا ما جَسّ أوْتَارَ مِزْهَرٍ
بلا كُلَّ سَمْعٍ عن سِواها بعائِقِ
يُحَدِّثُ عَمّا بَينَ عادٍ وَبَيْنَهُ
وَصُدْغاهُ في خَدّيْ غُلامٍ مُراهِقِ
وَمَا الحُسْنُ في وَجْهِ الفتى شَرَفاً لَهُ
إذا لم يكُنْ في فِعْلِهِ وَالخَلائِقِ
وَمَا بَلَدُ الإنْسانِ غَيرُ المُوافِقِ
وَلا أهْلُهُ الأدْنَوْنَ غَيرُ الأصادِقِ
وَجائِزَةٌ دَعْوَى المَحَبّةِ وَالهَوَى
وَإنْ كانَ لا يخفَى كَلامُ المُنافِقِ
برَأيِ مَنِ انْقادَتْ عُقيلٌ إلى الرّدَى
وَإشماتِ مَخلُوقٍ وَإسخاطِ خالِقِ(47/304)
أرَادوا عَلِيّاً بالذي يُعجِزُ الوَرَى
وَيُوسِعُ قَتلَ الجحفَلِ المُتَضايِقِ
فَمَا بَسَطُوا كَفّاً إلى غَيرِ قَاطِعٍ
وَلا حَمَلُوا رَأساً إلى غَيرِ فَالِقِ
لَقَد أقدَمُوا لَوْ صادَفُوا غيرَ آخِذٍ
وَقد هرَبوا لوْ صَادَفوا غيرَ لاحِقِ
وَلَمَّا كَسَا كَعْباً ثِياباً طَغَوْا بِهَا
رَمَى كلَّ ثَوْبٍ مِنْ سِنانٍ بخارِقِ
وَلمّا سَقَى الغَيْثَ الذي كَفَرُوا بِهِ
سَقَى غَيرَهُ في غَيرِ تلكَ البَوَارِقِ
وَما يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ حارِمٍ
كمَا يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ رازِقِ
أتَاهُمْ بهَا حَشْوَ العَجَاجَةِ وَالقَنَا
سَنَابِكُهَا تحشُو بُطُونَ الحَمالِقِ
عَوَابِسَ حَلّى يَابِسُ الماءِ حُزْمَها
فَهُنّ على أوْساطِها كالمَنَاطِقِ
فَلَيْتَ أبَا الهَيْجا يرَى خَلْفَ تَدْمُرٍ
طِوَالَ العَوالي في طِوال السَّمالِقِ
وَسَوْقَ عَليٍّ مِنْ مَعَدٍّ وَغَيرِها
قَبَائِلَ لا تُعْطي القُفِيَّ لِسَائِقِ
قُشَيرٌ وَبَلْعَجْلانِ فيها خَفِيّةٌ
كَرَاءَينِ في ألْفاظِ ألثَغَ نَاطِقِ
تُخَلّيهِمِ النّسْوانُ غَيرَ فَوَارِكٍ
وَهُمْ خَلّوُا النّسْوانَ غَيرَ طَوَالِقِ
يُفَرِّقُ ما بَينَ الكُماةِ وَبَيْنَهَا
بطَعْنٍ يُسَلّي حَرُّهُ كلَّ عاشِقِ
أتَى الظُّعْنَ حتى ما تَطيرُ رَشاشَةٌ
منَ الخَيلِ إلاّ في نُحُورِ العَوَاتِقِ
بكُلّ فَلاةٍ تُنكِرُ الإنْسَ أرْضُهَا
ظعائنُ حُمْرُ الحَليِ حمرُ الأيانِقِ
وَمَلْمُومَةٌ سَيْفِيّةٌ رَبَعِيّةٌ
تَصيحُ الحَصَى فيها صِياحَ اللّقالِقِ
بَعيدَةُ أطْرَافِ القَنا مِنْ أُصُولِهِ
قَريبَةُ بَينَ البَيضِ غُبرُ اليَلامِقِ
نَهَاهَا وَأغْنَاهَا عَنِ النّهْبِ جُودُه
فَمَا تَبْتَغي إلاّ حُماةَ الحَقائِقِ
تَوَهّمَهَا الأعرابُ سَوْرَةَ مُترَفٍ
تُذَكّرُهُ البَيْداءُ ظِلَّ السُّرادِقِ
فَذَكّرْتَهُمْ بالمَاءِ ساعَةَ غَبّرَتْ
سَماوَةُ كَلبٍ في أُنوفِ الحَزَائِقِ(47/305)
وكانُوا يَرُوعونَ المُلُوكَ بأنْ بدَوْا
وَأنْ نَبَتَتْ في المَاءِ نَبْتَ الغَلافِقِ
فهاجُوكَ أهْدَى في الفَلا من نُجُومه
وَأبْدَى بُيُوتاً من أداحي النّقانِقِ
وَأصْبَرَ عَن أمْوَاهِهِ من ضِبابِهِ
وَآلَفَ منْها مُقْلَةً للوَدائِقِ
وَكانَ هَديراً مِنْ فُحُولٍ تَرَكتَها
مُهَلَّبَةَ الأذنابِ خُرْسَ الشّقاشِقِ
فَما حَرَمُوا بالرّكضِ خَيلَكَ رَاحةً
وَلَكِنْ كَفَاهَا البَرُّ قَطعَ الشّوَاهقِ
وَلا شَغَلُوا صُمّ القَنَا بِقُلُوبِهِم
عنِ الرَّكْزِ لكِنْ عن قلوبِ الدماسقِ
ألمْ يحذَروا مَسْخَ الذي يَمسَخُ العِدى
ويجعَلُ أيدي الأُسدِ أيدي الخرانِقِ
وَقد عايَنُوه في سِواهُمْ وَرُبّمَا
أرَى مارِقاً في الحَرْبِ مصرَعَ مارِقِ
تَعَوّدَ أنْ لا تَقْضَمَ الحَبَّ خَيْلُهُ
إذا الهَامُ لم تَرْفَعْ جُنُوبَ العَلائِقِ
وَلا تَرِدَ الغُدْرانَ إلاّ وَمَاؤهَا
منَ الدّمِ كالرّيحَانِ فَوْقَ الشّقائقِ
لَوَفْدُ نُمَيرٍ كانَ أرْشَدَ منْهُمُ
وقد طَرَدوا الأظْعانَ طَرْدَ الوَسائقِ
أعَدّوا رِماحاً مِنْ خُضُوعٍ فطاعَنُوا
بهَا الجَيشَ حتى رَدّ غَرْبَ الفَيالِقِ
فَلَمْ أرَ أرْمَى منهُ غَيرَ مُخاتِلٍ
وَأسرَى إلى الأعداءِ غَيرَ مُسارِقِ
تُصِيبُ المَجانيقُ العِظامُ بكَفّهِ
دَقائِقَ قد أعْيَتْ قِسِيَّ البَنَادِقِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أرق على أرق ومثلي يأرق
أرق على أرق ومثلي يأرق
رقم القصيدة : 5579
-----------------------------------
أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ
وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ
جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى
عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ
مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ طائِرٌ
إلاّ انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ
جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَفي
نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ
وَعَذَلْتُ أهْلَ العِشْقِ حتى ذُقْتُهُ
فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ(47/306)
وَعَذَرْتُهُمْ وعَرَفْتُ ذَنْبي أنّني
عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا
أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ
أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ
نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ
جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا
أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى
كَنَزُوا الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ
حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ
خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا
أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ
فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ
وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ
وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ
وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ
وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي
مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ
حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ
حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ
أمّا بَنُو أوْسِ بنِ مَعْنِ بنِ الرّضَى
فأعزُّ مَنْ تُحْدَى إليهِ الأيْنُقُ
كَبّرْتُ حَوْلَ دِيارِهِمْ لمّا بَدَتْ
منها الشُّموسُ وَليسَ فيها المَشرِقُ
وعَجِبتُ من أرْضٍ سَحابُ أكفّهمْ
من فَوْقِها وَصُخورِها لا تُورِقُ
وَتَفُوحُ من طِيبِ الثّنَاءِ رَوَائِحٌ
لَهُمُ بكُلّ مكانَةٍ تُسْتَنشَقُ
مِسْكِيّةُ النّفَحاتِ إلاّ أنّهَا
وَحْشِيّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعْبَقُ
أمُريدَ مِثْلِ مُحَمّدٍ في عَصْرِنَا
لا تَبْلُنَا بِطِلابِ ما لا يُلْحَقُ
لم يَخْلُقِ الرّحْم?نُ مثلَ مُحَمّدٍ
أحَداً وَظَنّي أنّهُ لا يَخْلُقُ
يا ذا الذي يَهَبُ الكَثيرَ وَعِنْدَهُ
أنّي عَلَيْهِ بأخْذِهِ أتَصَدّقُ
أمْطِرْ عَليّ سَحَابَ جُودِكَ ثَرّةً
وَانظُرْ إليّ برَحْمَةٍ لا أغْرَقُ
كَذَبَ ابنُ فاعِلَةٍ يَقُولُ بجَهْلِهِ
ماتَ الكِرامُ وَأنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أي محل أرتقي
أي محل أرتقي
رقم القصيدة : 5580
-----------------------------------(47/307)
أيَّ مَحَلٍّ أرْتَقي
أيَّ عَظيمٍ أتّقي
وَكُلّ مَا قَدْ خَلَقَ اللّـ
ـهُ وَما لَمْ يُخْلَقِ
مُحْتَقَرٌ في هِمّتي
كَشَعْرَةٍ في مَفْرِقي
العصر العباسي >> المتنبي >> هو البين حتى ما تأنى الحزائق
هو البين حتى ما تأنى الحزائق
رقم القصيدة : 5581
-----------------------------------
هُوَ البَينُ حتى ما تَأنّى الحَزائِقُ
ويا قَلْبُ حتى أنْتَ مِمّن أُفارِقُ
وَقَفْنا ومِمّا زادَ بَثّاً وُقُوفُنَا
فَرِيقَيْ هَوًى منّا مَشُوقٌ وشائِقُ
وقد صارَتِ الأجفانُ قَرْحى منَ البُكا
وصارَتْ بهاراً في الخدودِ الشّقائقُ
على ذا مضَى النّاسُ اجتماعٌ وفُرْقَةٌ
ومَيْتٌ ومَوْلُودٌ وقالٍ ووامِقُ
تَغَيّرَ حَالي واللّيالي بحالِها
وشِبْتُ وما شابَ الزّمانُ الغُرانِقُ
سَلِ البِيدَ أينَ الجِنّ منّا بجَوْزِها
وعن ذي المَهاري أينَ منها النَّقانِقُ
ولَيْلٍ دَجوجيٍّ كَأنّا جَلَتْ لَنا
مُحَيّاكَ فيهِ فاهْتَدَيْنا السَّمالِقُ
فما زالَ لَوْلا نُورُ وَجهِكَ جِنحُهُ
ولا جابهَا الرُّكْبانُ لوْلا الأيانِقُ
وهَزٌّ أطارَ النّوْمَ حتى كَأنّني
من السُّكرِ في الغَرْزَينِ ثوْبٌ شُبارِقُ
شدَوْا بابنِ إسحقَ الحُسينِ فصافحتْ
ذَفارِيَها كِيرانُها والنَّمارِقُ
بمَنْ تَقشَعرّ الأرْضُ خوفاً إذا مشَى
عليها وتَرْتَجّ الجبالُ الشّواهِقُ
فتًى كالسّحابِ الجونِ يُخشَى ويُرْتَجى
يُرَجّى الحَيا منها وتُخشَى الصّواعقُ
ولَكِنّها تَمْضِي وهذا مُخَيِّمٌ
وتَكذبُ أحياناً وذا الدّهرَ صادِقُ
تَخَلّى منَ الدّنْيا ليُنْسَى فَما خلتْ
مَغارِبُها مِنْ ذِكْرِهِ وَالمَشارِقُ
غَذا الهِنْدُوانيّاتِ بالهَامِ والطُّلَى
فَهُنّ مَدارِيها وهُنّ المَخانِقُ
تَشَقَّقُ مِنهُنّ الجُيوبُ إذا غَزا
وتُخضَبُ منهنّ اللّحَى والمَفارِقُ
يُجَنَّبُها مَنْ حَتْفُهُ عنهُ غافِلٌ
ويَصلى بها مَن نَفسُهُ منهُ طالِقُ
يُحاجَى به ما ناطِقٌ وهْوَ ساكِتٌ(47/308)
يُرَى ساكتاً والسّيفُ عن فيه ناطِقُ
نَكِرْتُكَ حتى طالَ منكَ تَعَجّبي
ولا عَجَبٌ من حُسنِ ما الله خالِقُ
كأنّكَ في الإعطاءِ للمَالِ مُبغِضٌ
وفي كلّ حَرْبٍ للمَنيّةِ عَاشِقُ
ألا قَلّما تَبْقَى علَى ما بَدا لَهَا
وحَلّ بهَا مِنْكَ القَنَا والسّوابِقُ
خَفِ الله وَاسْتُرْ ذا الجَمالَ ببُرْقعٍ
فإنْ لُحتَ ذابتْ في الخدورِ العواتقُ
سَيُحيي بكَ السُّمّارُ ما لاحَ كوْكبٌ
ويَحدو بكَ السُّفّارُ ما ذرّ شارِقُ
فَما تَرْزُقُ الأقدارُ من أنتَ حارِمٌ
ولا تَحْرِمُ الأقدارُ مَن أنتَ رازِقُ
ولا تَفْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ راتِقٌ
ولا تَرْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ فاتِقُ
لكَ الخَيرُ غَيري رامَ من غيرك الغنى
وغَيري بغَيرِ اللاذِقيّةِ لاحِقُ
هيَ الغَرضُ الأقصَى ورُؤيَتُكَ المنى
ومَنزِلُكَ الدّنْيا وأنْتَ الخَلائِقُ
العصر العباسي >> المتنبي >> وجدت المدامة غلابة
وجدت المدامة غلابة
رقم القصيدة : 5582
-----------------------------------
وَجَدْتُ المُدامَةَ غَلاّبَةً
تُهَيّجُ للقَلْبِ أشْواقَهُ
تُسِيءُ مِنَ المَرْءِ تأديبَهُ
ولَكِنْ تُحَسّنُ أخْلاقَهُ
وأنْفَسُ ما للفَتى لُبّهُ
وذو اللّبّ يَكْرَهُ إنْفاقَهُ
وقَدْ مُتُّ أمْسِ بها مَوْتَةً
ولا يَشْتَهي المَوْتَ مَنْ ذاقَهُ
العصر العباسي >> المتنبي >> وذات غدائر لا عيب فيها
وذات غدائر لا عيب فيها
رقم القصيدة : 5583
-----------------------------------
وذاتِ غَدائِرٍ لا عَيْبَ فيها
سِوَى أنْ لَيسَ تَصْلُحُ للعِناقِ
إذا هَجَرَتْ فَعَنْ غيرِ اختِيارٍ
وإنْ زارَتْ فَعَنْ غيرِ اشْتِياقِ
أمَرْتَ بأنْ تُشالَ فَفارَقَتْنَا
وما ألِمَتْ لحادِثَةِ الفِراقِ
العصر العباسي >> المتنبي >> سقاني الخمر قولك لي بحقي
سقاني الخمر قولك لي بحقي
رقم القصيدة : 5584
-----------------------------------
سَقاني الخَمْرَ قَوْلُكَ لي بحَقّي
وَوُدٌّ لمْ تَشُبْهُ لي بِمَذْقِ(47/309)
يَميناً لَوْ حَلَفْتَ وأنتَ تأتي
على قَتْلي بها لَضَرَبتُ عُنْقي
العصر العباسي >> المتنبي >> ما للمروج الخضر والحدائق
ما للمروج الخضر والحدائق
رقم القصيدة : 5585
-----------------------------------
ما للمُرُوجِ الخُضْرِ والحَدائِقِ
يَشكُو خَلاها كَثرَةَ العَوائِقِ
أقامَ فيها الثّلجُ كالمُرافِقِ
يَعقِدُ فَوْقَ السّنّ ريقَ الباصِقِ
ثمّ مَضَى لا عادَ مِنْ مُفارِقِ
بقائِدٍ مِنْ ذَوْبِهِ وسائِقِ
كأنّما الطّخرُورُ باغي آبِقِ
يأكُلُ من نَبْتٍ قَصيرٍ لاصِقِ
كَقَشْرِكَ الحِبرَ عَنِ المَهارِقِ
أرودُهُ مِنْهُ بكَالشُّوذانِقِ
بمُطْلَقِ اليُمْنى طَويلِ الفائِقِ
عَبْلِ الشَّوَى مُقارِبِ المَرَافِقِ
رَحْبِ اللَّبانِ نَائِهِ الطّرائِقِ
ذي مَنخِرٍ رَحْبٍ وإطلٍ لاحِقِ
مُحَجَّلٍ نَهْدٍ كُمَيْتٍ زاهِقِ
شادِخَةٍ غُرّتُهُ كالشّارِقِ
كأنّها مِنْ لَوْنِهِ في بارِقِ
باقٍ على البَوْغاءِ والشّقائِقِ
والأبْرَدَينِ والهَجِيرِ المَاحِقِ
للفارِسِ الرّاكِضِ منهُ الواثِقِ
خَوْفُ الجَبَانِ في فُؤادِ العاشِقِ
كأنّهُ في رَيْدِ طَوْدٍ شاهِقِ
يَشأى إلى المِسمَعِ صَوْتَ النّاطقِ
لوْ سابَقَ الشّمسَ من المَشارِقِ
جاءَ إلى الغَرْبِ مَجيءَ السّابِقِ
يَتْرُكُ في حِجارَةِ الأبارِقِ
آثَارَ قَلْعِ الحَلْيِ في المَناطِقِ
مَشْياً وإنْ يَعْدُ فكالخَنادِقِ
لَوْ أُورِدَتْ غِبَّ سَحابٍ صادِقِ
لأحْسَبَتْ خَوامِسَ الأيانِقِ
إذا اللّجامُ جاءَهُ لطارِقِ
شَحَا لَهُ شَحْوَ الغُرابِ النّاعِقِ
كأنّما الجِلْدُ لعُرْيِ النّاهِقِ
مُنْحَدِرٌ عَنْ سِيَتيْ جُلاهِقِ
بَزّ المَذاكي وهْوَ في العَقائِقِ
وزادَ في السّاقِ على النَّقانِقِ
وزادَ في الوَقْعِ على الصّواعِقِ
وزادَ في الأُذْنِ على الخَرانِقِ
وزادَ في الحِذْرِ على العَقاعِقِ
يُمَيّزُ الهَزْلَ مِنَ الحَقائِقِ
وَيُنْذِرُ الرَّكْبَ بِكُلِّ سَارِقِ
يُرِيكَ خُرْقاً وَهْوَ عَيْنُ الحاذِقِ(47/310)
يَحُكّ أنّى شَاءَ حَكَّ الباشِقِ
قُوبِلَ مِنْ آفِقَةٍ وآفِقِ
بَينَ عِتاقِ الخَيْلِ والعَتائِقِ
فعُنْقُهُ يُرْبي على البَواسِقِ
وحَلْقُهُ يُمْكِنُ فِتْرَ الخانِقِ
أُعِدُّهُ للطّعنِ في الفَيالِقِ
والضّرْبِ في الأوْجُهِ والمَفارِقِ
والسّيرِ في ظِلّ اللّواءِ الخَافِقِ
يحمِلُني والنّصْلُ ذو السّفاسِقِ
يَقطُرُ في كُمّي إلى البَنائِقِ
لا ألحَظُ الدّنْيا بعَيْنيْ وامِقِ
ولا أُبالي قِلّةَ المُوافِقِ
أيْ كَبْتَ كُلّ حاسِدٍ مُنافِقِ
أنْتَ لَنا وكُلُّنا للخالِقِ
العصر العباسي >> المتنبي >> قالوا لنا مات إسح?ق فقلت لهم
قالوا لنا مات إسح?ق فقلت لهم
رقم القصيدة : 5586
-----------------------------------
قالوا لَنا: ماتَ إسح?قٌ! فقُلتُ لهمْ:
هذا الدّواءُ الذي يَشفي منَ الحُمُقِ
إنْ ماتَ ماتَ بِلا فَقْدٍ ولا أسَفٍ
أو عاشَ عاشَ بلا خَلْقٍ ولا خُلُقِ
مِنْهُ تَعَلّمَ عَبْدٌ شَقّ هامَتَهُ
خوْنَ الصّديقِ ودَسَّ الغدرِ في المَلَقِ
وحَلْفَ ألْفِ يَمينٍ غَيْرِ صادِقَةٍ
مَطرودَةٍ ككُعوبِ الرّمح في نَسَقِ
ما زِلْتُ أعرِفُهُ قِرْداً بِلا ذَنَبٍ
خِلْواً مِنَ البأسِ مَملُوءاً من النّزَقِ
كَريشَةٍ في مَهَبّ الرّيحِ ساقِطَةٍ
لا تَسْتَقِرّ على حالٍ منَ القَلَقِ
تَستَغرِقُ الكَفُّ فَوْديهِ ومَنْكِبَهُ
فتَكْتَسي منهُ ريحَ الجَوْرَبِ العَرِقِ
فَسائِلُوا قاتِلِيهِ كَيفَ ماتَ لَهُمْ
مَوْتاً من الضّرْبِ أمْ موْتاً من الفَرَقِ
وأينَ مَوْقعُ حَدّ السّيفِ من شَبَحٍ
بغَيرِ جِسْمٍ ولا رَأسٍ ولا عُنُقِ
لَوْلا اللّئَامُ وشيءٌ مِنْ مُشابَهَةٍ
لَكانَ ألأمَ طِفْلٍ لُفّ في خِرَقِ
كَلامُ أكثرِ مَنْ تَلقَى ومَنظَرُهُ
ممّا يَشقّ على الآذانِ والحَدَقِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أتراها لكثرة العشاق
أتراها لكثرة العشاق
رقم القصيدة : 5587
-----------------------------------
أتُراها لكَثْرَةِ العُشّاقِ(47/311)
تَحْسَبُ الدّمعَ خِلقَةً في المآقي
كيفَ تَرْثي التي ترَى كلَّ جَفْنٍ
راءها غَيرَ جَفْنِها غَيرَ راقي
أنْتِ مِنّا فَتَنْتِ نَفسَكِ لَكِنّـ
ـكِ عُوفيتِ مِنْ ضَنًى واشتياقِ
حُلتِ دونَ المَزارِ فاليَوْمَ لوْ زُرْ
تِ لحالَ النُّحولُ دونَ العِناقِ
إنّ لَحْظاً أدَمْتِهِ وأدَمْنَا
كانَ عَمداً لَنا وحَتفَ اتّفاقِ
لوْ عَدا عَنكِ غيرَ هجرِكِ بُعدٌ
لأرارَ الرّسيمُ مُخَّ المَنَاقي
ولَسِرْنا ولَوْ وَصَلْنا عَلَيها
مثلَ أنْفاسِنا على الأرْماقِ
ما بِنا مِنْ هوَى العُيونِ اللّواتي
لَوْنُ أشفارِهِنّ لَوْنُ الحِداقِ
قَصّرَتْ مُدّةَ اللّيالي المَواضِي
فأطالَتْ بها اللّيالي البَواقي
كاثَرَتْ نائِلَ الأميرِ مِنَ الما
لِ بما نَوّلَتْ مِنَ الإيراقِ
لَيسَ إلاّ أبا العَشائِرِ خَلْقٌ
سادَ هذا الأنامَ باستِحقاقِ
طاعنُ الطّعنَةِ التي تَطْعَنُ الفيـ
ـلَقَ بالذّعْرِ والدّمِ المُهرَاقِ
ذاتُ فَرْغٍ كأنّها في حَشَا المُخْـ
ـبَرِ عَنها من شِدّةِ الإطْراقِ
ضارِبُ الهَامِ في الغُبارِ وما يَرْ
هَبُ أن يَشرَبَ الذي هوَ ساقِ
فَوْقَ شَقّاءَ للأشَقِّ مَجَالٌ
بَينَ أرْساغِها وبَينَ الصّفاقِ
ما رآها مكَذِّبُ الرُّسلِ إلاّ
صَدّقَ القَوْلَ في صِفاتِ البُراقِ
هَمُّهُ في ذوي الأسِنّةِ لا فيـ
ـها وأطْرافُها لَهُ كالنّطاقِ
ثاقبُ الرّأيِ ثابِتُ الحِلْمِ لا يَقـ
ـدِرُ أمْرٌ لَهُ على إقْلاقِ
يا بَني الحارِثِ بنِ لُقمانَ لا تَعـ
ـدَمْكُمُ في الوَغى متونُ العتاقِ
بَعَثُوا الرُّعبَ في قُلوبِ الأعاد
يِّ فكانَ القِتالُ قَبلَ التّلاقي
وتكادُ الظُّبَى لِما عَوّدوها
تَنْتَضِي نَفْسَها إلى الأعْناقِ
وإذا أشفَقَ الفَوارِسُ مِنْ وَقْـ
ـعِ القَنَا أشفَقوا مِنَ الإشْفاقِ
كلُّ ذِمرٍ يزْدادُ في الموْتِ حُسناً
كَبُدورٍ تَمامُها في المُحاقِ
جاعِلٍ دِرْعَهُ مَنِيّتَهُ إنْ
لم يكُنْ دونَها منَ العارِ واقِ
كَرَمٌ خَشّنَ الجَوانبَ مِنهُمْ(47/312)
فَهْوَ كالماءِ في الشّفارِ الرّقاقِ
ومَعالٍ إذا ادّعاها سِواهُمْ
لَزِمَتْهُ جِنايَةُ السُّرّاقِ
يابنَ مَنْ كُلّما بَدَوْتَ بدا لي
غائبَ الشّخصِ حاضرَ الأخلاقِ
لوْ تَنَكّرْتَ في المَكَرّ لقَوْمٍ
حَلَفُوا أنّكَ ابنُهُ بالطّلاقِ
كيفَ يَقوَى بكَفّكَ الزَّندُ والآ
فاقُ فيها كالكفّ في الآفاقِ
قَلّ نَفْعُ الحَديدِ فيكَ فَما يَلـ
ـقاكَ إلاّ مَنْ سَيفُهُ مِنْ نِفاقِ
إلْفُ هذا الهَواءِ أوْقَعَ في الأنْـ
ـفُسِ أنّ الحِمامَ مُرُّ المَذاقِ
والأسَى قبلَ فُرْقَةِ الرّوحِ عجزٌ
والأسَى لا يكونُ بَعدَ الفِراقِ
كمْ ثَراءٍ فَرَّجتَ بالرّمْحِ عنهُ
كانَ مِن بُخلِ أهلِه في وِثاقِ
والغِنى في يَدِ اللّئيمِ قَبيحٌ
قَدْرَ قُبْحِ الكَريمِ في الإمْلاقِ
ليس قوْلي في شمس فعلك كالشّمْـ
ـسِ ولكن كالشّمسِ في الإشراقِ
شاعرُ المَجْدِ خِدْنُهُ شاعرُ اللّفْـ
ـظِ كِلانا رَبُّ المَعاني الدّقاقِ
لم تَزَلْ تَسمَعُ المَديحَ ولكِنّ
صَهيلَ الجِيادِ غَيرُ النُّهاقِ
ليتَ لي مثلَ جَدّ ذا الدّهرِ في الأد
هُرِ أوْ رِزْقِهِ منَ الأرزاقِ
أنْتَ فيهِ وكانَ كلُّ زَمانٍ
يَشتَهي بَعضَ ذا على الخَلاّقِ
العصر العباسي >> المتنبي >> لام أناس أبا العشائر في
لام أناس أبا العشائر في
رقم القصيدة : 5588
-----------------------------------
لامَ أُناسٌ أبا العَشائِرِ في
جُودِ يَدَيْهِ بالعَينِ والوَرِقِ
وإنّما قِيلَ لِمْ خُلِقْتَ كذا
وخالِقُ الخَلْقِ خالِقُ الخُلُقِ
قالوا: ألمْ تكْفِهِ سَمَاحَتُهُ
حتى بنَى بَيْتَهُ على الطُّرُقِ
فقُلتُ: إنّ الفَتى شَجاعَتُهُ
تُريهِ في الشُّحّ صُورَةَ الفَرَقِ
الشّمسُ قد حَلّتِ السّماءَ وما
يحجُبُها بُعدُها عنِ الحَدَقِ
بضَرْبِ هامِ الكُماةِ تَمّ لَهُ
كَسبُ الذي يكسِبونَ بالمَلَقِ
كُنْ لُجّةً أيّها السّماحُ فقَدْ
أمّنَهُ سَيفُهُ مِنَ الغَرَقِ
العصر العباسي >> المتنبي >> رب نجيع بسيف الدولة انسفكا(47/313)
رب نجيع بسيف الدولة انسفكا
رقم القصيدة : 5589
-----------------------------------
رُبّ نَجيعٍ بسَيفِ الدّوْلَةِ انْسَفَكا
وَرُبَّ قافِيَةٍ غَاظَتْ بِهِ مَلِكَا
مَن يَعرِفِ الشّمسَ لم يُنكِرْ مَطالعها
وَيُبصِرِ الخَيلَ لا يَستكرِمِ الرَّمَكَا
تَسُرّ بالمالِ بَعضَ المَالِ تَمْلِكُهُ
إنّ البِلادَ وَإنّ العالَمينَ لَكَا
العصر العباسي >> المتنبي >> إن هذا الشعر في الشعر ملك
إن هذا الشعر في الشعر ملك
رقم القصيدة : 5590
-----------------------------------
إنّ هَذا الشّعرَ في الشّعْرِ مَلَكْ
سارَ فَهوَ الشّمْسُ وَالدّنيا فَلَكْ
عَدَلَ الرّحْم?نُ فيهِ بَيْنَنَا
فَقَضَى باللّفْظِ لي وَالحَمْدِ لكْ
فَإذا مَرّ بِأُذْنَيْ حَاسِدٍ
صارَ مِمّنْ كانَ حَيّاً فَهَلَكْ
العصر العباسي >> المتنبي >> أما ترى ما أراه أيها الملك
أما ترى ما أراه أيها الملك
رقم القصيدة : 5591
-----------------------------------
أمَا تَرَى ما أراهُ أيّها المَلِكُ
كأنّنَا في سَماءٍ ما لَها حُبُكُ
ألفَرْقَدُ ابْنُكَ وَالمِصباحُ صاحِبُهُ
وأنتَ بَدرُ الدُّجَى والمَجلسُ الفَلَكُ
العصر العباسي >> المتنبي >> بكيت يا ربع حتى كدت أبكيكا
بكيت يا ربع حتى كدت أبكيكا
رقم القصيدة : 5592
-----------------------------------
بكَيتُ يا رَبْعُ حتى كِدْتُ أُبكيكَا
وجُدْتُ بي وبدَمعي في مَغانيكَا
فعِمْ صَباحاً لقدْ هَيّجتَ لي طَرَباً
وَارْدُدْ تَحِيّتَنَا إنّا مُحَيّوكَا
بأيّ حُكْمِ زَمانٍ صِرْتَ مُتّخِذاً
رِئْمَ الفَلا بَدَلاً من رِئْمِ أهليكَا
أيّامَ فيكَ شُمُوسٌ ما انْبَعَثْنَ لَنا
إلاّ ابتَعَثنَ دماً باللّحْظِ مَسْفُوكَا
والعَيشُ أخضَرُ والأطلالُ مُشرِقَةٌ
كأنّ نُورَ عُبَيْدِالله يَعْلُوكَا
نَجا امرؤٌ يا ابنَ يحيَى كنتَ بُغيَتَهُ
وخابَ رَكْبُ رِكابٍ لم يَؤمّوكَا
أحْيَيْتَ للشّعَراءِ الشّعرَ فامْتَدَحوا(47/314)
جَميعَ مَنْ مَدَحوهُ بالّذي فيكَا
وعَلّمُوا النّاسَ منكَ المجدَ واقتدروا
على دَقيقِ المَعاني مِنْ مَعانيكَا
فكُنْ كَما شِئتَ يا مَنْ لا شَبيهَ لَهُ
وكيفَ شئتَ فَما خَلْقٌ يُدانيكَا
شُكْرُ العُفاةِ لِما أوْلَيتَ أوْجَدَني
إلى نَداكَ طَريقَ العُرْفِ مَسْلُوكَا
وعُظْمُ قَدْرِكَ في الآفاقِ أوْهَمَني
أنّي بِقِلّةِ ما أثْنَيْتُ أهْجُوكَا
كَفَى بأنّكَ مِنْ قَحطانَ في شَرَفٍ
وإنْ فَخَرْتَ فكُلٌّ مِنْ مَواليكَا
ولَوْ نَقَصْتُ كما قد زِدْتَ من كَرَمٍ
على الوَرَى لَرَأوْني مِثْلَ شانيكَا
لَبَّيْ نَداكَ لَقَدْ نادَى فأسْمَعَني
يَفديكَ من رجلٍ صَحبي وأفديكَا
ما زِلْتَ تُتْبِعُ ما تُولي يَداً بيَدٍ
حتى ظَنَنْتُ حَياتي مِنْ أياديكَا
فإنْ تَقُلْ هَا فَعاداتٌ عُرِفتَ بها
أوْ لا فإنّكَ لا يَسخُو بلا فُوكَا
العصر العباسي >> المتنبي >> نهنى بصور أم نهنئها بكا
نهنى بصور أم نهنئها بكا
رقم القصيدة : 5593
-----------------------------------
نُهَنَّى بصُورٍ أمْ نُهَنّئُهَا بِكَا
وقَلّ الذي صُورٌ وأنْتَ لَهُ لَكَا
وما صَغُرَ الأرْدُنُّ والسّاحلُ الذي
حُبيتَ بهِ إلاّ إلى جَنبِ قَدْرِكَا
تَحَاسَدَتِ البُلْدانُ حتى لوَ ?نّها
نُفُوسٌ لَسارَ الشّرْقُ والغرْبُ نحوَكا
وأصْبَحَ مِصْرٌ لا تكونُ أمِيرَهُ
ولَوْ أنّهُ ذو مُقْلَةٍ وفَمٍ بَكَا
العصر العباسي >> المتنبي >> لم تر من نادمت إلاكا
لم تر من نادمت إلاكا
رقم القصيدة : 5594
-----------------------------------
لَمْ تَرَ مَنْ نَادَمْتُ إلاّكَا
لا لِسِوَى وُدّكَ لي ذاكَا
ولا لحُبّيهَا ولَكِنّني
أمسَيْتُ أرْجوكَ وأخْشاكَا
العصر العباسي >> المتنبي >> يا أيها الملك الذي ندماؤه
يا أيها الملك الذي ندماؤه
رقم القصيدة : 5595
-----------------------------------
يا أيّها المَلِكُ الذي نُدَماؤهُ
شُرَكاؤهُ في مِلْكِهِ لا مُلكِهِ
في كلّ يَوْمٍ بَيْنَنا دَمُ كَرْمَةٍ(47/315)
لكَ تَوْبَةٌ من تَوْبَةٍ من سَفكِهِ
والصّدقُ من شيَمِ الكرام فقلْ لنا
أمنَ الشّرابِ تَتوبُ أم من تركِهِ؟
العصر العباسي >> المتنبي >> قد بلغت الذي أردت من البر
قد بلغت الذي أردت من البر
رقم القصيدة : 5596
-----------------------------------
قَد بَلَغْتَ الذي أرَدْتَ منَ البِرِّ
ومِنْ حَقِّ ذا الشّريفِ عَلَيكَا
وإذا لمْ تَسِرْ إلى الدّارِ في وَقْـ
ـتِكَ ذا خِفْتُ أنْ تَسيرَ إلَيكَا
العصر العباسي >> المتنبي >> لئن كان أحسن في وصفها
لئن كان أحسن في وصفها
رقم القصيدة : 5597
-----------------------------------
لَئِنْ كانَ أحْسَنَ في وَصفِها
لقد فاتَهُ الحسنُ في الوَصْفِ لكْ
لأنّكَ بَحْرٌ وإنّ البِحارَ
لتأنَفُ مِنْ حالِ هذي البِرَكْ
كأنّكَ سَيْفُكَ لا ما مَلَكْـ
ـتَ يَبْقَى لَدَيْكَ ولا ما مَلَكْ
فأكْثَرُ من جَرْيها ما وَهَبْتَ
وأكْثَرُ مِنْ مائِها ما سَفَكْ
أسأتَ وأحْسَنْتَ عَن قُدْرَةٍ
ودُرْتَ على النّاسِ دَوْرَ الفَلَكْ
العصر العباسي >> المتنبي >> فدى لك من يقصر عن مداكا
فدى لك من يقصر عن مداكا
رقم القصيدة : 5598
-----------------------------------
فِدًى لكَ مَن يُقَصّرُ عَن مَداكا
فَلا مَلِكٌ إذَنْ إلاّ فَدَاكَا
وَلَوْ قُلْنا فِدًى لكَ مَن يُساوي
دَعَوْنَا بالبَقَاءِ لِمَنْ قَلاكَا
وَآمَنّا فِداءَكَ كُلَّ نَفْسٍ
وَلَوْ كانَتْ لمَمْلَكَةٍ مِلاكَا
وَمَنْ يَظَّنُّ نَثْرَ الحَبّ جُوداً
وَيَنصِبُ تحتَ ما نَثَرَ الشِّباكَا
وَمَنْ بَلَغَ الحَضِيضَ بهِ كَرَاهُ
وَإنْ بَلَغَتْ بهِ الحالُ السُّكاكَا
فَلَوْ كانَتْ قُلُوبُهُمُ صَديقاً
لَقَدْ كانَتْ خَلائِقُهُمْ عِداكَا
لأنّكَ مُبْغِضٌ حَسَباً نَحِيفاً
إذا أبْصَرْتَ دُنْيَاهُ ضِنَاكَا
أرُوحُ وَقد خَتَمتَ على فُؤادي
بحُبّكَ أنْ يحِلّ بهِ سِوَاكَا
وَقَد حَمّلْتَني شُكْراً طَوِيلاً
ثَقِيلاً لا أُطيقُ بِهِ حَرَاكَا(47/316)
أُحاذِرُ أن يَشُقّ عَلى المَطَايَا
فَلا تَمْشِي بِنَا إلاّ سِواكَا
لَعَلّ الله يَجْعَلُهُ رَحِيلاً
يُعِينُ على الإقامَةِ في ذَرَاكَا
فلوْ أنّي استَطَعتُ خفَضْتُ طرْفي
فَلَمْ أُبْصِرْ به حتى أرَاكَا
وَكَيفَ الصّبرُ عَنكَ وَقد كَفَاني
نَداكَ المُسْتَفيضُ وَما كَفَاكَا
أتَترُكُني وَعَينُ الشّمسِ نَعلي
فتَقْطَعَ مَشيَتي فيهَا الشِّرَاكَا
أرَى أسَفي وَمَا سِرْنا شَديداً
فكَيفَ إذا غَدا السّيرُ ابترَاكَا
وَهَذا الشّوْقُ قَبلَ البَينِ سَيفٌ
وَهَا أنا ما ضُرِبتُ وَقد أحَاكَا
إذا التّوْديعُ أعرَضَ قالَ قَلبي
عليكَ الصّمتَ لا صاحَبتَ فاكَا
وَلَوْلا أنّ أكْثَرَ مَا تَمَنّى
مُعاوَدَةٌ لَقُلتُ: وَلا مُنَاكَا
إذا اسْتَشْفَيْتَ مِنْ داءٍ بِداءٍ
فأقتَلُ مَا أعَلّكَ ما شَفَاكَا
فأستُرُ مِنكَ نَجْوَانَا وَأُخْفي
هُمُوماً قَد أطَلْتُ لَها العِرَاكَا
إذا عاصَيْتُهَا كانَتْ شِداداً
وَإنْ طاوَعْتُها كانَتْ رِكَاكَا
وَكمْ دونَ الثّوِيّةِ مِنْ حَزِينٍ
يَقُولُ لَهُ قُدومي ذا بِذاكَا
وَمِنْ عَذْبِ الرُّضَابِ إذا أنَخْنَا
يُقَبّلُ رَحْلَ تُرْوَكَ وَالوِرَاكَا
يُحَرِّمُ أنْ يَمَسّ الطّيبَ بَعدي
وَقد عَبِقَ العَبِيرُ بِهِ وَصَاكَا
وَيَمْنَعُ ثَغْرَهُ مِنْ كلّ صَبٍّ
وَيَمْنَحُهُ البَشَامَةَ وَالأرَاكَا
يُحَدّثُ مُقْلَتَيْهِ النّوْمُ عَنّي
فَلَيتَ النّوْمَ حَدّثَ عن نَداكَا
وَأنّ البُخْتَ لا يُعْرِقْنَ إلاّ
وَقد أنضَى العُذافِرَةَ اللِّكَاكَا
وَمَا أرْضَى لمُقْلَتِهِ بِحُلْمٍ
إذا انْتَبَهَتْ تَوَهَّمَهُ ابتِشاكَا
وَلا إلاّ بأنْ يُصغي وَأحْكي
فَلَيْتَكَ لا يُتَيّمُهُ هَوَاكَا
وكم طَرِبِ المَسامعِ ليس يَدري
أيَعْجَبُ مِنْ ثَنَائي أمْ عُلاكَا
وَذاكَ النّشرُ عِرْضُكَ كانَ مِسكاً
وَهَذا الشّعْرُ فِهْرِي وَالمَداكَا
فَلا تَحمَدْهُما وَاحْمَدْ هُماماً
إذا لم يُسْمِ حَامِدُهُ عَنَاكَا(47/317)
أغَرَّ لَهُ شَمَائِلُ مِنْ أبِيهِ
غَداً يَلْقَى بَنُوكَ بهَا أبَاكَا
وَفي الأحبابِ مُخْتَصٌّ بوَجْدٍ
وَآخَرُ يَدّعي مَعَهُ اشْتِرَاكَا
إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ
تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى
أذَمّتْ مَكْرُماتُ أبي شُجاعٍ
لعَيْني مِنْ نَوَايَ عَلى أُلاكَا
فَزُلْ يا بُعْدُ عَنْ أيدي رِكَابٍ
لهَا وَقْعُ الأسِنّةِ في حَشَاكَا
وَأنّى شِئْتِ يا طُرُقي فَكُوني
أذَاةً أوْ نَجَاةً أوْ هَلاكَا
فلَوْ سِرْنَا وَفي تِشرِينَ خَمْسٌ
رأوْني قَبلَ أنْ يَرَوُا السِّماكَا
يُشَرِّدُ يُمْنُ فَنّاخُسْرَ عَنّي
قَنَا الأعْداءِ وَالطّعْنَ الدِّرَاكَا
وَألْبَسُ مِنْ رِضَاهُ في طَريقي
سِلاحاً يَذعَرُ الأعْداءَ شَاكَا
وَمَنْ أعتَاضُ منكَ إذا افْتَرَقْنَا
وَكلُّ النّاسِ زُورٌ ما خَلاكَا
وَمَا أنَا غَيرُ سَهْمٍ في هَوَاءٍ
يَعُودُ وَلم يَجِدْ فِيهِ امتِساكَا
حَيِيٌّ مِنْ إل?هي أنْ يَرَاني
وَقَد فارَقْتُ دارَكَ وَاصْطَفَاكَا
العصر العباسي >> المتنبي >> رويدك أيها الملك الجليل
رويدك أيها الملك الجليل
رقم القصيدة : 5599
-----------------------------------
رُوَيْدَكَ أيّها المَلِكُ الجَليلُ
تَأنّ وعُدَّهُ ممّا تُنيلُ
وجُودَكَ بالمُقامِ ولَوْ قَليلاً
فَما فيما تَجُودُ بهِ قَليلُ
لأِكْبُتَ حاسِداً وأرَى عَدُوّاً
كأنّهُما وَداعُكَ والرّحيلُ
ويَهْدَأ ذا السّحابُ فقد شكَكنا
أتَغلِبُ أمْ حَياهُ لَكُم قَبيلُ
وكنتُ أعيبُ عَذْلاً في سَماحٍ
فَها أنَا في السّماحِ لَهُ عَذولُ
وما أخشَى نُبُوّكَ عَنْ طَريقٍ
وسَيفُ الدّوْلَةِ الماضي الصّقيلُ
وكلُّ شَواةِ غِطْريفٍ تَمَنّى
لسَيرِكَ أنّ مَفرِقَها السّبيلُ
ومِثْلِ العَمْقِ مَمْلُوءٍ دِماءً
جَرَتْ بكَ في مجاريهِ الخُيُولُ
إذا اعتادَ الفَتى خوْضَ المَنايا
فأهْوَنُ ما يَمُرّ بهِ الوُحُولُ
ومَن أمَرَ الحُصُونَ فَما عَصَتْه
أطاعَتْهُ الحُزُونَةُ والسّهُولُ(47/318)
أتَخْفِرُ كُلَّ مَنْ رَمَتِ اللّيالي
وتُنشرُ كلَّ مَن دَفنَ الخُمولُ
ونَدعوكَ الحُسامَ وهَلْ حُسامٌ
يَعيشُ بهِ مِنَ المَوْتِ القَتيلُ
وما للسّيفِ إلاّ القَطْعَ فِعْلٌ
وأنْتَ القاطعُ البَرُّ الوَصُولُ
وأنْتَ الفارِسُ القَوّالُ صَبْراً
وقَد فَنيَ التكلّمُ والصّهيلُ
يَحيدُ الرّمحُ عنكَ وفيهِ قَصْدٌ
ويَقصُرُ أنْ يَنالَ وفيهِ طُولُ
فلَوْ قَدَرَ السّنانُ على لِسانٍ
لَقالَ لكَ السّنانُ كما أقولُ
ولوْ جازَ الخُلودُ خَلَدتَ فَرْداً
ولكِنْ ليسَ للدّنْيا خَليلُ
العصر العباسي >> المتنبي >> نعد المشرفية والعوالي
نعد المشرفية والعوالي
رقم القصيدة : 5600
-----------------------------------
نُعِدّ المَشرَفيّةَ والعَوالي
وتَقْتُلُنا المَنُونُ بِلا قِتالِ
ونَرْتَبِطُ السّوابِقَ مُقرَباتٍ
وما يُنْجينَ مِنْ خبَبِ اللّيالي
ومَنْ لم يَعشَقِ الدّنيا قَديماً
ولكِنْ لا سَبيلَ إلى الوِصالِ
نَصيبُكَ في حَياتِكَ من حَبيبٍ
نَصيبُكَ في مَنامِكَ من خيَالِ
رَماني الدّهرُ بالأرزاءِ حتى
فُؤادي في غِشاءٍ مِنْ نِبالِ
فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ
تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ
وهانَ فَما أُبالي بالرّزايا
لأنّي ما انْتَفَعتُ بأنْ أُبالي
وهَذا أوّلُ النّاعينَ طُرّاً
لأوّلِ مَيْتَةٍ في ذا الجَلالِ
كأنّ المَوْتَ لم يَفْجَعْ بنَفْسٍ
ولم يَخْطُرْ لمَخلُوقٍ بِبالِ
صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ
على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ
على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً
وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
فإنّ لهُ ببَطْنِ الأرْضِ شَخْصاً
جَديداً ذِكْرُناهُ وهْوَ بَالِ
أطابَ النّفسَ أنّكِ مُتِّ مَوْتاً
تَمَنّتْهُ البَوَاقي والخَوَالي
وزُلْتِ ولم تَرَيْ يَوْماً كَريهاً
تُسَرّ النّفسُ فيهِ بالزّوالِ
رِواقُ العِزّ فَوْقَكِ مُسْبَطِرٌّ
ومُلْكُ عَليٍّ ابنِكِ في كمَالِ
سَقَى مَثْواكِ غادٍ في الغَوادي(47/319)
نَظيرُ نَوَالِ كَفّكِ في النّوالِ
لِساحبهِ على الأجداثِ حَفْشٌ
كأيدي الخَيلِ أبصَرتِ المَخالي
أُسائِلُ عَنكِ بعدَكِ كلّ مَجدٍ
وما عَهدي بمَجدٍ عَنكِ خالِ
يَمُرّ بقَبرِكِ العافي فيَبكي
ويَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السّؤالِ
وما أهداكِ لِلْجَدْوَى عَلَيْهِ
لَوَ انّكِ تَقدِرينَ على فَعَالِ
بعَيشِكِ هلْ سَلَوْتِ فإنّ قَلبي
وإنْ جانَبْتُ أرْضَكِ غيرُ سالِ
نَزَلْتِ على الكَراهَةِ في مَكانٍ
بَعُدْتِ عنِ النُّعامى والشَّمالِ
تُحَجّبُ عنكِ رائحَةُ الخُزامَى
وتُمْنَعُ منكِ أنْداءُ الطِّلالِ
بدارٍ كلّ ساكِنِها غَريبٌ
بَعيدُ الدّارِ مُنْبَتُّ الحِبالِ
حَصانٌ مثلُ ماءِ المُزْنِ فيهِ
كَتُومُ السّرّ صادِقَةُ المَقالِ
يُعَلّلُها نِطاسِيُّ الشّكايَا
وواحِدُها نِطاسِيُّ المَعَالي
إذا وَصَفُوا لهُ داءً بثَغْرٍ
سَقاهُ أسِنّةَ الأسَلِ الطِّوالِ
ولَيسَتْ كالإناثِ ولا اللّواتي
تُعَدّ لها القُبورُ منَ الحِجالِ
ولا مَنْ في جَنازَتِها تِجارٌ
يكونُ وَداعُها نَفضَ النّعالِ
مَشَى الأمَراءُ حَوْلَيها حُفاةً
كأنّ المَرْوَ من زِفِّ الرّئَالِ
وأبْرَزَتِ الخُدورُ مُخَبّآتٍ
يَضَعْنَ النِّقْسَ أمكِنَةَ الغَوالي
أتَتْهُنّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ
فدَمْعُ الحُزْنِ في دَمعِ الدّلالِ
ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا
لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ
وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ
ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
وأفجَعُ مَنْ فَقَدْنا مَن وَجَدْنا
قُبَيلَ الفَقْدِ مَفْقُودَ المِثالِ
يُدَفِّنُ بَعْضُنا بَعضاً وتَمْشِي
أواخِرُنا على هامِ الأوالي
وكَمْ عَيْنٍ مُقَبّلَةِ النّواحي
كَحيلٌ بالجَنادِلِ والرّمالِ
ومُغْضٍ كانَ لا يُغْضِي لخَطبٍ
وبالٍ كانَ يَفكُرُ في الهُزالِ
أسَيْفَ الدّوْلَةِ اسْتَنجِدْ بصَبرٍ
وكيفَ بمِثْلِ صَبرِكَ للجِبالِ
وأنتَ تُعَلّمُ النّاسَ التّعَزّي
وخوْضَ الموْتِ في الحرْبِ السِّجالِ(47/320)
وحالاتُ الزّمانِ عَلَيكَ شتى
وحالُكَ واحدٌ في كلّ حالِ
فلا غِيضَتْ بحارُكَ يا جَمُوماً
على عَلَلِ الغَرائبِ والدِّخالِ
رأيتُكَ في الّذينَ أرَى مُلُوكاً
كأنّكَ مُسْتَقيمٌ في مُحالِ
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ
فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ
العصر العباسي >> المتنبي >> إلام طماعية العاذل
إلام طماعية العاذل
رقم القصيدة : 5601
-----------------------------------
إلامَ طَماعِيَةُ العاذِلِ
ولا رأيَ في الحُبّ للعاقِلِ
يُرادُ مِنَ القَلْبِ نِسْيانُكُمْ
وتأبَى الطّباعُ على النّاقِلِ
وإنّي لأعْشَقُ مِنْ أجْلِكُمْ
نُحُولي وكلَّ امرىءٍ ناحِلِ
ولَوْ زُلْتُمُ ثُمّ لمْ أبْكِكُمْ
بكَيْتُ على حُبّيَ الزّائِلِ
أيُنكِرُ خَدّي دُموعي وقَدْ
جرَتْ منهُ في مَسلَكٍ سابِلِ
أأوّلُ دَمْعٍ جرَى فَوْقَهُ
وأوّلُ حُزْنٍ على راحِلِ
وهَبْتُ السّلُوّ لِمَنْ لامَني
وبِتُّ منَ الشّوْقِ في شاغِلِ
كأنّ الجُفُونَ على مُقلَتي
ثِيابٌ شُقِقْنَ على ثاكِلِ
ولوْ كنتُ في أسرِ غَيرِ الهَوَى
ضَمِنْتُ ضَمانَ أبي وائِلِ
فَدَى نَفسَهُ بضَمانِ النُّضارِ
وأعطَى صُدورَ القَنَا الذّابِلِ
ومَنّاهُمُ الخَيْلَ مَجْنُوبَةً
فَجِئْنَ بكُلّ فَتًى باسِلِ
كأنّ خَلاصَ أبي وائِلٍ
مُعاوَدَةُ القَمَرِ الآفِلِ
دَعا فسَمِعتَ وكمْ ساكِتٍ
على البُعدِ عِندَكَ كالقائِلِ
فَلَبّيْتَهُ بِكَ في جَحْفَلٍ
لَهُ ضامِنٍ وبِهِ كافِلِ
خَرَجنَ منَ النّقْعِ في عارِضٍ
ومنْ عرَقِ الرّكضِ في وابِلِ
فَلَمّا نَشِفْنَ لَقِينَ السِّياطَ
بمِثْلِ صَفَا البَلَدِ الماحِلِ
شَفَنَّ لخَمْسٍ إلى مَنْ طَلَبنَ
قُبَيْلَ الشُّفُونِ إلى نازِلِ
فَدانَتْ مَرافِقُهُنّ الثّرَى
على ثِقَةٍ بالدّمِ الغاسِلِ
وما بَينَ كاذَتَيِ المُسْتَغِيرِ
كمَا بَينَ كاذَتَيِ البائِلِ
فَلُقِّينَ كُلَّ رُدَيْنِيّةٍ
ومَصبُوحَةٍ لَبَنَ الشّائِلِ
وجَيشَ إمَامٍ على ناقَةٍ
صَحيحِ الإمامَةِ في الباطِلِ(47/321)
فأقْبَلْنَ يَنْحَزْنَ قُدّامَهُ
نَوافِرَ كالنّحْلِ والعاسِلِ
فلَمّا بدَوْتَ لأصْحابِهِ
رَأت أُسْدُها آكِلَ الآكِلِ
بضَرْبٍ يَعُمّهُمُ جائِرٍ
لَهُ فيهِمِ قِسمَةُ العادِلِ
وطَعْنٍ يُجَمِّعُ شُذّانَهُمْ
كمَا اجتَمَعَتْ دِرّةُ الحافِلِ
إذا ما نَظَرْتَ إلى فارِسٍ
تَحَيّرَ عَنْ مَذْهَبِ الرّاجِلِ
فظَلّ يُخَضِّبُ مِنها اللّحَى
فَتًى لا يُعيدُ على النّاصِلِ
ولا يَسْتَغيثُ إلى ناصِرٍ
ولا يَتَضَعْضَعُ مِنْ خاذِلِ
ولا يَزَعُ الطِّرْفَ عَنْ مُقدَمٍ
ولا يرْجعُ الطَّرْفَ عنْ هائِلِ
إذا طَلَبَ التَّبْلَ لم يَشْأهُ
وإنْ كانَ دَيْناً على ماطِلِ
خُذُوا ما أتاكمْ بهِ واعذِرُوا
فإنّ الغَنيمَةَ في العاجِلِ
وإنْ كانَ أعجَبَكُم عامُكُمْ
فعُودوا إلى حِمْصَ في القابِلِ
فإنّ الحُسامَ الخَضيبَ الذي
قُتِلْتُمْ بهِ في يَدِ القاتِلِ
يَجودُ بمِثْلِ الذي رُمْتُمُ
فلَمْ تُدْرِكوهُ على السّائلِ
أمامَ الكَتيبَةِ تُزْهَى بِهِ
مَكانَ السّنانِ منَ العامِلِ
وإنّي لأعْجَبُ مِنْ آمِلٍ
قِتالاً بكُمٍّ على بازِلِ
أقالَ لَهُ الله لا تَلْقَهُمْ
بماضٍ على فَرَسٍ حائِلِ
إذا ما ضرَبْتَ بهِ هامَةً
بَراها وغَنّاكَ في الكاهِلِ
ولَيسَ بأوّلِ ذي هِمّةٍ
دَعَتْهُ لِمَا لَيسَ بالنّائِلِ
يُشَمّرُ لِلُّجِّ عَنْ ساقِهِ
ويَغْمُرُهُ المَوْجُ في السّاحِلِ
أمَا للخِلافَةِ مِنْ مُشْفِقٍ
على سَيفِ دَوْلَتِها الفاصِلِ
يَقُدّ عِداها بِلا ضارِبٍ
ويَسْري إلَيهِمْ بِلا حامِلِ
ترَكْتَ جَماجِمَهمْ في النَّقَا
وما يَتَحَصّلْنَ للنّاخِلِ
وأنْبَتَّ مِنْهُمْ رَبيعَ السّباعِ
فأثْنَتْ بإحسانِكَ الشّامِلِ
وعُدْتَ إلى حَلَبٍ ظافِراً
كَعَوْدِ الحُليّ إلى العاطِلِ
ومِثْلُ الذي دُسْتَهُ حافِياً
يُؤثّرُ في قَدَمِ النّاعِلِ
وكَمْ لَكَ مِنْ خَبَرٍ شائعٍ
لَهُ شِيَةُ الأبْلَقِ الجائِلِ
ويَوْمٍ شَرابُ بَنيهِ الرّدَى
بَغيضِ الحُضورِ إلى الواغِلِ(47/322)
تَفُكّ العُناةَ وتُغْني العُفاةَ
وتَغفِرُ للمُذْنِبِ الجاهِلِ
فَهَنّأكَ النّصْرَ مُعْطيكَهُ
وأرْضاهُ سَعْيُكَ في الآجِلِ
فَذي الدّارُ أخونُ من مُومِسٍ
وأخدَعُ مِن كَفّةِ الحابِلِ
تَفَانَى الرّجالُ على حُبّها
وما يَحْصُلُونَ على طائِلِ
العصر العباسي >> المتنبي >> أعلى الممالك ما يبنى على الأسل
أعلى الممالك ما يبنى على الأسل
رقم القصيدة : 5602
-----------------------------------
أعْلى المَمالِكِ ما يُبْنى على الأسَلِ
والطّعْنُ عِندَ مُحِبّيهِنّ كالقُبَلِ
وما تَقِرُّ سُيوفٌ في مَمالِكِها
حتى تُقَلْقَلَ دَهراً قبلُ في القُلَلِ
مِثْلُ الأميرِ بَغَى أمراً فَقَرّبَهُ
طولُ الرّماحِ وأيدي الخيلِ والإبِلِ
وعَزْمَةٌ بَعَثَتْهَا هِمّةٌ زُحَلٌ
من تَحتِها بمَكانِ التُّرْبِ من زُحَلِ
على الفُراتِ أعاصِيرٌ وفي حَلَبٍ
تَوَحُّشٌ لمُلَقّى النصْرِ مُقْتَبَلِ
تَتْلُو أسِنّتُهُ الكُتْبَ التي نَفَذَتْ
ويَجْعَلُ الخَيلَ أبدالاً مِنَ الرُّسُلِ
يَلقى المُلوكَ فلا يَلقى سوَى جَزَرٍ
وما أعَدّوا فَلا يَلقَى سوَى نَفَلِ
صانَ الخَليفَةُ بالأبطالِ مُهْجَتَهُ
صِيانَةَ الذَّكَرِ الهِنْدِيّ بالخِلَلِ
الفاعِلُ الفِعْلَ لم يُفْعَلْ لِشدّتِهِ
والقائِلُ القَوْلَ لمْ يُترَكْ ولم يُقَلِ
والباعِثُ الجَيشَ قد غالَتْ عَجاجَتُه
ضَوْءَ النّهارِ فصارَ الظُّهرُ كالطّفَلِ
الجَوُّ أضيَقُ ما لاقاهُ ساطِعُها
ومُقْلَةُ الشّمسِ فيها أحيرُ المُقَلِ
يَنالُ أبْعَدَ منها وهيَ ناظِرَةٌ
فَما تُقابِلُهُ إلاّ على وَجَلِ
قد عرّضَ السّيفَ دونَ النّازِلاتِ بهِ
وظاهرَ الحزْمَ بينَ النّفسِ والغِيَلِ
ووَكّلَ الظّنَّ بالأسرارِ فانكَشَفَتْ
لَهُ ضَمائِرُ أهلِ السّهلِ والجَبَلِ
هُوَ الشّجاعُ يَعُدّ البُخلَ من جُبُنٍ
وهْوَ الجَوادُ يَعُدّ الجُبنَ من بَخَلِ
يَعودُ مِنْ كلّ فَتْحٍ غيرَ مُفْتَخِرٍ
وقَدْ أغَذّ إلَيهِ غيرَ مُحْتَفِلِ(47/323)
ولا يُجيرُ عَلَيْهِ الدّهْرُ بُغْيَتَهُ
ولا تُحَصِّنُ دِرْعٌ مُهْجَةَ البَطَلِ
إذا خَلَعْتُ على عِرْضٍ لهُ حُلَلاً
وجَدتُها مِنهُ في أبهَى منَ الحُلَلِ
بذي الغَباوَةِ مِنْ إنْشادِها ضَرَرٌ
كمَا تُضِرّ رِياحُ الوَرْدِ بالجُعَلِ
لَقد رَأتْ كلُّ عينٍ منكَ مالِئَها
وجَرّدَتْ خيرَ سَيفٍ خيرَةُ الدّوَلِ
فَما تُكَشّفُكَ الأعداءُ عن مَلَلٍ
من الحُروبِ ولا الآراءُ عن زَلَلِ
وكَمْ رِجالٍ بلا أرضٍ لكَثرَتِهِمْ
ترَكْتَ جَمْعَهُمُ أرْضاً بلا رَجُلِ
ما زالَ طِرْفُكَ يَجري في دِمائِهِمِ
حتى مشَى بكَ مشْيَ الشّارِبِ الثَّمِلِ
يا مَن يَسيرُ وحُكمُ النّاظرَينِ لَهُ
فيما يَراهُ وحكمُ القلبِ في الجَدَلِ
إنّ السّعادَةَ فيما أنْتَ فاعِلُهُ
وُفّقْتَ مُرْتَحِلاً أوْ غَيرَ مُرْتَحِلِ
أجْرِ الجِيادَ على ما كنتَ مُجرِيَها
وخُذْ بنَفْسِكَ في أخْلاقِكَ الأُولِ
يَنْظُرْنَ مِنْ مُقَلٍ أدمَى أحِجّتَها
قَرْعُ الفَوارِسِ بالعَسّالَةِ الذُّبُلِ
فَلا هَجَمْتَ بها إلاّ على ظَفَرٍ
وَلا وَصَلْتَ بها إلاّ إلى أمَلِ
العصر العباسي >> المتنبي >> بنا منك فوق الرمل ما بك في الرمل
بنا منك فوق الرمل ما بك في الرمل
رقم القصيدة : 5603
-----------------------------------
بنا منكَ فوْقَ الرّملِ ما بك في الرّملِ
وهذا الذي يُضْني كذاكَ الذي يُبلي
كأنّكَ أبصرْتَ الذي بي وخِفْتَهُ
إذا عشتَ فاخترتَ الحِمامَ على الثُّكلِ
تركتَ خُدودَ الغانِياتِ وفَوْقَها
دموعٌ تُذيبُ الحسن في الأعينِ النُّجلِ
تَبُلّ الثّرَى سوداً منَ المِسكِ وحدَه
وقد قطرَتْ حُمراً على الشّعَرِ الجَثلِ
فإنْ تَكُ في قَبرٍ فإنّكَ في الحَشَا
وإنْ تَكُ طفلاً فالأسَى ليسَ بالطفلِ
ومِثْلُكَ لا يُبكَى على قَدْرِ سِنّهِ
ولكِنْ على قدرِ المخيلَةِ والأصْلِ
ألَستَ منَ القَوْمِ الأُلى مِنْ رِماحِهمْ
نَداهُم ومِن قتلاهُمُ مُهجةُ البخلِ
بمَوْلودِهِمْ صَمْتُ اللّسانِ كغَيرِهِ(47/324)
ولكِنّ في أعْطافِهِ مَنطِقَ الفضْلِ
تُسَلّيهِمِ عَلْياؤهُمْ عَن مُصابِهِمْ
ويَشغَلُهُمْ كسبُ الثّناءِ عن الشغلِ
أقَلُّ بَلاءً بالرّزايَا مِنَ القَنَا
وأقْدَمُ بَينَ الجَحْفَلينِ من النَّبْلِ
عَزاءَكَ سَيفَ الدّولَةِ المُقْتَدَى به
فإنّكَ نَصْلٌ والشّدائدُ للنّصلِ
مُقيمٌ مِنَ الهَيجاءِ في كلّ مَنزِلٍ
كأنّكَ من كلّ الصّوارِمِ في أهلِ
ولم أرَ أعصَى منكَ للحُزْنِ عَبرَةً
وأثْبَتَ عَقْلاً والقُلُوبُ بلا عَقلِ
تَخُونُ المَنايا عَهْدَهُ في سَليلِهِ
وتَنصُرُهُ بَينَ الفَوارِسِ والرَّجْلِ
ويَبقَى على مَرّ الحَوادِثِ صَبرُهُ
ويَبدو كمَا يَبدو الفِرِنْدُ على الصّقلِ
ومَنْ كانَ ذا نَفسٍ كنَفسِكَ حرّةٍ
فَفيهِ لها مُغْنٍ وفيها لَهُ مُسلِ
وما الموْتُ إلاّ سارِقٌ دَقّ شَخْصُهُ
يَصولُ بلا كَفٍّ ويَسعى بلا رِجْلِ
يَرُدُّ أبو الشّبلِ الخَميسَ عنِ ابنِهِ
ويُسْلِمُهُ عِندَ الوِلادَةِ للنّملِ
بنَفسي وَليدٌ عادَ مِن بَعدِ حَمْلِهِ
إلى بَطنِ أُمٍّ لا تُطرقُ بالحَمْلِ
بَدَا ولَهُ وَعْدُ السّحابَةِ بالرِّوَى
وصَدَّ وفينا غُلّةُ البَلَدِ المَحْلِ
وقد مَدّتِ الخَيلُ العِتاقُ عُيونَها
إلى وَقتِ تَبديلِ الرّكابِ من النّعلِ
ورِيعَ لَهُ جَيشُ العَدوّ وما مشَى
وجاشتْ له الحرْبُ الضَّروسُ وما تغلي
أيَفْطِمُهُ التَّوْرابُ قَبلَ فِطامِهِ
ويأكُلُهُ قبلَ البُلُوغِ إلى الأكلِ
وقبلَ يرَى من جودِهِ ما رأيتَهُ
ويَسمَعُ فيهِ ما سمعتَ من العذلِ
ويَلقَى كمَا تَلقَى من السّلمِ والوَغَى
ويُمسِي كمَا تُمسِي مَليكاً بلا مِثلِ
تُوَلّيهِ أوساطَ البِلادِ رِماحُهُ
وتَمْنَعُهُ أطرافُهُنّ منَ العَزْلِ
أنَبْكي لمَوتانا على غَيرِ رَغْبَةٍ
تَفُوتُ مِنَ الدّنْيا ولا مَوْهبٍ جَزْلِ
إذا ما تأمّلتَ الزّمانَ وصَرْفَهُ
تيَقّنْتَ أنّ الموْتَ ضرْبٌ من القتلِ
وما الدّهرُ أهلٌ أنْ تُؤمَّلَ عِندَهُ
حَياةٌ وأنْ يُشتاقَ فيهِ إلى النّسلِ(47/325)
العصر العباسي >> المتنبي >> لا الحلم جاد به ولا بمثاله
لا الحلم جاد به ولا بمثاله
رقم القصيدة : 5604
-----------------------------------
لا الحُلْمُ جادَ بِهِ وَلا بمِثالِهِ
لَوْلا اذّكارُ وَدَاعِهِ وزِيَالِهِ
إنّ المُعِيدَ لَنَا المَنَامُ خَيَالَهُ
كانَتْ إعادَتُهُ خَيَالَ خَيَالِهِ
بِتْنَا يُناوِلُنَا المُدامَ بكَفّهِ
مَنْ لَيسَ يخطُرُ أنْ نَراهُ ببالِهِ
نجني الكَواكِبَ من قَلائِدِ جيدِهِ
ونَنالُ عينَ الشمس من خَلخالِهِ
بِنْتُم عَنِ العَينِ القَريحَةِ فيكُمُ
وَسَكَنْتُمُ طَيَّ الفُؤادِ الوَالِهِ
فَدَنَوْتُمُ ودُنُوّكُمْ من عِنْدِهِ
وَسَمَحتُمُ وسمَاحُكمْ من مالِهِ
إنّي لأُبغِضُ طَيفَ من أحْبَبْتُهُ
إذْ كانَ يَهجُرُنا زَمانَ وِصَالِهِ
مِثْلُ الصّبابَةِ والكآبَةِ وَالأسَى
فارَقْتُهُ فَحَدَثْنَ من تَرْحالِهِ
وقَدِ استَقدتُ من الهوَى وأذَقْتُهُ
من عِفّتي ما ذُقتُ مِنْ بَلبالِهِ
وَلقد ذَخرْتُ لكُلّ أرْضٍ ساعَةً
تَستَجفِلُ الضّرْغامَ عن أشبالِهِ
تَلقَى الوُجوهُ بها الوُجوهَ وبَيْنَها
ضَرْبٌ يَجولُ الموْتُ في أجْوَالِهِ
ولقد خَبأتُ مِنَ الكَلامِ سُلافَهُ
وسَقيتُ مَنْ نادَمتُ من جِرْيالِهِ
وإذا تَعَثّرَتِ الجِيادُ بسَهْلِهِ
بَرّزْتُ غَيرَ مُعَثَّرٍ بِحبَالِهِ
وحَكَمتُ في البَلدِ العَرَاءِ بناعجٍ
مُعتادِهِ مُجْتابِهِ مُغتالِهِ
يَمشي كَما عَدَتِ المَطيّ وَرَاءَهُ
ويَزيدُ وَقْتَ جَمَامِها وكَلالِهِ
وتُراعُ غَيرَ مُعَقَّلاتٍ حَوْلَهُ
فَيَفُوتُهَا مُتَجَفّلاً بعِقالِهِ
فَغَدا النّجاحُ وراحَ في أخفَافِهِ
وَغَدَا المِراحُ وراحَ في إرْقالِهِ
وَشرِكْتُ دوْلَةَ هاشِمٍ في سَيفِها
وشققتُ خِيس المُلكِ عن رِئبالِهِ
عن ذا الذي حُرِمَ اللّيوثُ كَمالَه
يُنسِي الفريسَةَ خَوْفَهُ بجمالِهِ
وَتَواضَعُ الأمَراءُ حَوْلَ سَريرِهِ
وتُري المَحَبّةَ وَهيَ من آكالِهِ
ويُميتُ قَبلَ قِتالِهِ ويَبَشُّ قَبْـ(47/326)
ـلَ نَوالِهِ ويُنيلُ قَبلَ سُؤالِهِ
إنّ الرّياحَ إذا عَمَدْنَ لناظِرٍ
أغناهُ مُقبِلُها عَنِ اسْتِعجالِهِ
أعطَى ومَنّ على المُلُوكِ بعَفْوِهِ
حتى تَسَاوَى النّاسُ في إفضالِهِ
وإذا غَنُوا بعَطائِهِ عَنْ هَزّهِ
وَالَى فأغنَى أنْ يَقُولوا وَالِهِ
وكأنّما جَدْواهُ مِنْ إكْثارِهِ
حَسَدٌ لسائِلِهِ على إقْلالِهِ
غرَبَ النّجومُ فغُرْنَ دونَ همومه
وطَلَعنَ حينَ طَلَعنَ دونَ مَنالِهِ
والله يُسْعِدُ كلّ يوْمٍ جَدَّهُ
ويزيدُ مِنْ أعدائِهِ في آلِهِ
لَوْ لم تَكُنْ تَجري على أسيافِهِ
مُهَجاتُهُمْ لجَرَتْ على إقْبالِهِ
لم يَتْرُكوا أثَراً عَلَيهِ من الوَغَى
إلاّ دِماءَهُمُ على سِرْبالِهِ
فَلِمِثْلِهِ جَمَعَ العَرَمْرَمُ نَفْسَهُ
وبمثْلِهِ انفصَمَتْ عُرَى أقتالِهِ
يا أيّها القَمَرُ المُباهي وَجهَهُ
لا تُكذَبَنّ فلستَ من أشكالِهِ
وإذا طَمَى البحرُ المُحيطُ فقُلْ لَهُ
دَعْ ذا فإنّكَ عاجِزٌ عَنْ حالِهِ
وَهبَ الذي وَرِثَ الجدودَ وما رَأى
أفعالَهُمْ لاِبنٍ بِلا أفْعَالِهِ
حتى إذا فَنِيَ التُّرَاثُ سِوَى العُلى
قَصَدَ العُداةَ من القَنا بِطِوَالِهِ
وَبأرْعَنٍ لَبسَ العَجاجَ إلَيهِمِ
فَوْقَ الحَديدِ وَجَرّ مِن أذيالِهِ
فكَأنّمَا قَذِيَ النّهَارُ بنَقْعِهِ
أوْ غَضّ عَنهُ الطّرْفَ من إجلالِهِ
الجَيشُ جيشُكَ غيرَ أنّكَ جيشهُ
في قَلْبِهِ وَيَمِينِهِ وشِمالِهِ
تَرِدُ الطّعانَ المُرّ عَنْ فُرْسَانِهِ
وتُنازِلُ الأبطالَ عَن أبْطالِهِ
كُلٌّ يُريدُ رِجالَهُ لحَيَاتِهِ
يا مَنْ يُريدُ حَيَاتَهُ لرِجَالِهِ
دونَ الحَلاوَةِ في الزّمانِ مَرارَةٌ
لا تُخْتَطَى إلاّ على أهْوالِهِ
فَلِذاكَ جاوَزَها عَليٌّ وَحْدَهُ
وَسَعَى بمُنْصُلِهِ إلى آمَالِهِ
العصر العباسي >> المتنبي >> يؤمم ذا السيف آماله
يؤمم ذا السيف آماله
رقم القصيدة : 5605
-----------------------------------
يُؤمِّمُ ذا السّيفُ آمَالَهُ(47/327)
وَلا يَفْعَلُ السّيفَ أفْعَالَهُ
إذا سارَ في مَهْمَهٍ عَمَّهُ
وَإنْ سارَ في جَبَلٍ طَالَهُ
وَأنْتَ بِمَا نُلْتَنَا مَالِكٌ
يُثَمرُ مِنْ مَالِهِ مَالَهُ
كأنّكَ ما بَيْنَنَا ضَيْغَمٌ
يُرَشِّحُ للفَرْسِ أشْبَالَهُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أينفع في الخيمة العذل
أينفع في الخيمة العذل
رقم القصيدة : 5606
-----------------------------------
أيَنفع في الخَيْمَةِ العُذّلُ
وَتَشْمَلُ مَن دَهرَها يَشمَلُ
وَتَعْلُو الذي زُحَلٌ تَحْتَهُ
مُحالٌ لَعَمْرُكَ مَا تُسألُ
فَلِمْ لا تَلُومُ الذي لامَهَا
وَمَا فَصُّ خاتَمِهِ يَذْبُلُ
تَضِيقُ بشَخْصِكَ أرجاؤهَا
وَيَركُض في الواحِدِ الجَحفَلُ
وَتَقصُرُ ما كُنتَ في جَوفِهَا
وَيُركَزُ فيها القَنَا الذُّبَّلُ
وَكَيفَ تَقُومُ على راحَةٍ
كَأنّ البِحارَ لَهَا أُنْمُلُ
فَلَيْتَ وَقَارَكَ فَرّقْتَهُ
وَحَمّلْتَ أرضَكَ مَا تَحْمِلُ
فَصارَ الأنَامُ بِهِ سَادَةً
وَسُدْتَهُمُ بالّذي يَفْضُلُ
رَأت لَونَ نُورِكَ في لَونِهَا
كَلَونِ الغَزَالَةِ لا يُغْسَلُ
وَأنّ لَهَا شَرَفاً بَاذِخاً
وَأنّ الخِيامَ بِها تَخجَلُ
فَلا تُنْكِرَنّ لَها صَرعَةً
فَمِن فَرَحِ النّفسِ ما يَقتُلُ
وَلَو بُلّغَ النّاسُ ما بُلّغَت
لخانَتْهُمُ حَولَكَ الأرجُلُ
وَلمّا أمَرتَ بتَطْنيبِهَا
أُشيعَ بأنّكَ لا تَرحَلُ
فَمَا اعْتَمَدَ الله تَقْويضَهَا
وَلَكِنْ أشارَ بِما تَفْعَلُ
وَعَرّفَ أنّكَ مِن هَمّهِ
وَأنّكَ في نَصْرِهِ تَرفُلُ
فَمَا العَانِدُونَ وَما أثّلُوا
وَمَا الحَاسِدُونَ وما قَوّلُوا
هُمُ يَطْلُبُونَ فَمَا أدرَكُوا
وَهُمْ يَكْذِبُونَ فمَن يَقْبَلُ
وَهُمْ يَتَمَنّوْنَ مَا يَشْتَهُونَ
وَمِن دونِهِ جَدُّكَ المُقْبِلُ
وَمَلْمُومَةٌ زَرَدٌ ثَوبُهَا
وَلَكِنّهُ بالقَنَا مُخْمَلُ
يُفاجىءُ جَيْشاً بِهَا حَيْنُهُ
وَيُنْذِرُ جَيْشاً بِهَا القَسطَلُ
جَعَلْتُكَ في القَلْبِ لي عُدّةً(47/328)
لأنّكَ في اليَدِ لا تُجْعَلُ
لَقَد رَفَعَ الله مِن دَولَةٍ
لهَا مِنْكَ يا سَيفَها مُنصُلُ
فإن طُبِعَت قَبلَكَ المُرهَفَاتُ
فإنّكَ مِن قَبْلِها المِقْصَلُ
وَإن جادَ قَبْلَكَ قَومٌ مَضَوا
فإنّكَ في الكَرَمِ الأوّلُ
وَكَيْفَ تُقَصّرُ عَن غايَةٍ
وَأُمّكَ مِن لَيْثِهَا مُشْبِلُ
وَقَد وَلَدَتْكَ فَقَالَ الوَرَى
ألم تَكُنِ الشّمسُ لا تُنْجَلُ
فَتَبّاً لِدِينِ عَبيدِ النّجومِ
وَمَن يَدّعي أنّهَا تَعْقِلُ
وَقَد عَرَفَتْكَ فَمَا بَالُهَا
تَراكَ تَراهَا ولا تَنْزِلُ
وَلَو بِتُّمَا عِنْدَ قَدْرَيْكُمَا
لَبِتَّ وأعْلاكُمَا الأسْفَلُ
أنَلْتَ عِبادَكَ مَا أمّلَت
أنَالَكَ رَبُّكَ مَا تَأمُلُ
العصر العباسي >> المتنبي >> أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل
رقم القصيدة : 5607
-----------------------------------
أجابَ دَمعي وما الدّاعي سوَى طَلَلِ
دَعَا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَّكبِ وَالإبِلِ
ظَلِلْتُ بَينَ أُصَيْحابي أُكَفْكِفُهُ
وَظَلّ يَسفَحُ بَينَ العُذْرِ وَالعَذَلِ
أشكُو النّوَى ولهُمْ من عَبرَتي عجبٌ
كذاكَ كنتُ وما أشكو سوَى الكِلَلِ
وَمَا صَبابَةُ مُشْتاقٍ على أمَلٍ
مِنَ اللّقَاءِ كمُشْتَاقٍ بلا أمَلِ
متى تَزُرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيارَتَهَا
لا يُتْحِفُوكَ بغَيرِ البِيضِ وَالأسَلِ
وَالهَجْرُ أقْتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ
أنَا الغَريقُ فَما خَوْفي منَ البَلَلِ
مَا بالُ كُلّ فُؤادٍ في عَشيرَتِهَا
بهِ الذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ
مُطاعَةُ اللّحْظِ في الألحاظِ مالِكَةٌ
لمُقْلَتَيْها عَظيمُ المُلْكِ في المُقَلِ
تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِسَاتُ بهَا
في مَشيِهَا فيَنَلنَ الحُسنَ بالحِيَلِ
قَدْ ذُقْتُ شِدّةَ أيّامي وَلَذّتَهَا
فَمَا حَصَلتُ على صابٍ وَلا عَسَلِ
وَقَد أراني الشبابُ الرّوحَ في بَدَني
وَقد أراني المَشيبُ الرّوحَ في بَدَلي(47/329)
وَقَدْ طَرَقْتُ فَتَاةَ الحَيّ مُرْتَدِياً
بصاحِبٍ غَيرِ عِزْهاةٍ وَلا غَزِلِ
فَبَاتَ بَينَ تَراقِينَا نُدَفّعُهُ
ولَيسَ يَعلَمُ بالشّكوَى وَلا القُبَلِ
ثمّ اغْتَدَى وَبِهِ مِنْ دِرْعِهَا أثَرٌ
على ذُؤابَتِهِ وَالجَفْنِ وَالخِلَلِ
لا أكْسِبُ الذّكرَ إلاّ مِنْ مَضارِبه
أوْ مِنْ سِنانِ أصَمِّ الكَعْبِ مُعتَدِلِ
جادَ الأميرُ بهِ لي في مَوَاهِبِهِ
فَزانَهَا وَكَسَاني الدّرْعَ في الحُلَلِ
وَمِنْ عَليّ بنِ عَبْدِالله مَعْرِفَتي
بحَمْلِهِ، مَنْ كَعَبدِ الله أوْ كَعَلي
مُعطي الكواعبِ وَالجُرْدِ السّلاهبِ وَالـ
ـبيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذُّبُلِ
ضاقَ الزّمانُ وَوَجهُ الأرْض عن ملِكٍ
مِلءِ الزّمانِ ومِلءِ السّهْلِ وَالجبَلِ
فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَلٍ
وَالبَرّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ
من تَغلِبَ الغالِبينَ النّاسَ مَنصِبُهُ
وَمِن عَديٍّ أعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ
وَالمَدْحُ لابنِ أبي الهَيْجاءِ تُنجِدُهُ
بالجاهِلِيّةِ عَينُ العِيّ وَالخَطَلِ
لَيْتَ المَدائحَ تَسْتَوْفي مَنَاقِبَهُ
فَما كُلَيْبٌ وَأهْلُ الأعصُرِ الأُوَلِ
خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ
في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
وَقد وَجدتَ مكانَ القَوْلِ ذا سَعَةٍ
فإنْ وَجَدْتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ
إنّ الهُمَامَ الذي فَخْرُ الأنَامِ بِهِ
خيرُ السّيوفِ بكَفّيْ خيرَةِ الدّوَلِ
تُمسِي الأمانيُّ صَرْعَى دونَ مَبْلَغه
فَمَا يَقُولُ لشيءٍ لَيتَ ذلكَ لي
أُنْظُرْ إذا اجتَمَعَ السّيْفانِ في رَهَجٍ
إلى اختِلافِهِمَا في الخَلْقِ وَالعَمَلِ
هذا المُعَدُّ لرَيْبِ الدّهْرِ مُنْصَلِتاً
أعَدّ هذا لرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ
فالعُرْبُ منهُ معَ الكُدْرِيّ طائرَةٌ
وَالرّومُ طائِرَةٌ منهُ مَعَ الحَجَلِ
وَمَا الفِرارُ إلى الأجْبالِ مِنْ أسَدٍ
تَمشِي النّعَامُ به في معقِلِ الوَعِلِ(47/330)
جازَ الدّروبَ إلى ما خَلْفَ خَرْشَنَةٍ
وَزَالَ عَنْها وذاكَ الرّوْعُ لم يَزُلِ
فكُلّما حَلَمَتْ عذراءُ عِندَهُمُ
فإنّمَا حَلَمَتْ بالسّبيِ وَالجَمَلِ
إن كنتَ تَرْضَى بأنْ يعطوا الجِزَى بذلوا
منها رِضاكَ وَمَنْ للعُورِ بالحَوَلِ
نادَيتُ مَجدَكَ في شعري وَقد صَدَرَا
يا غَيرَ مُنتَحَلٍ في غيرِ مُنتَحَلِ
بالشّرْقِ وَالغَرْبِ أقْوامٌ نُحِبّهُمُ
فَطالِعاهُمْ وَكُونَا أبْلَغَ الرّسُلِ
وَعَرّفَاهُمْ بأنّي في مَكارِمِهِ
أُقَلّبُ الطَّرْفَ بَينَ الخيلِ وَالخَوَلِ
يا أيّها المُحسِنُ المَشكورُ من جهتي
وَالشكرُ من قِبَلِ الإحسانِ لا قِبَلي
ما كانَ نَوْميَ إلاّ فَوْقَ مَعْرِفَتي
بأنّ رَأيَكَ لا يُؤتَى مِنَ الزَّلَلِ
أقِلْ أنِلْ أقْطِعِ احملْ علِّ سلِّ أعدْ
زِدْ هشِّ بشِّ تفضّلْ أدنِ سُرَّ صِلِ
لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ
فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ
وَلاَ سَمِعْتُ وَلا غَيرِي بمُقْتَدِرٍ
أذَبَّ مِنكَ لزُورِ القَوْلِ عن رَجُلِ
لأنّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لا تَكَلَّفُهُ
ليسَ التكحّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ
وَمَا ثَنَاكَ كَلامُ النّاسِ عَنْ كَرَمٍ
وَمَنْ يَسُدّ طَريقَ العارِضِ الهطِلِ
أنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ
وَلا مِطالٍ وَلا وَعْدٍ وَلا مَذَلِ
أنتَ الشّجاعُ إذا ما لم يَطأ فَرَسٌ
غَيرَ السَّنَوّرِ وَالأشلاءِ وَالقُلَلِ
وَرَدَّ بَعضُ القَنَا بَعضاً مُقارَعَةً
كأنّها مِنْ نُفُوسِ القَوْمِ في جَدَلِ
لا زِلْتَ تضرِبُ من عاداكَ عن عُرُضٍ
بعاجِلِ النّصرِ في مُستأخِرِ الأجَلِ
العصر العباسي >> المتنبي >> عش ابق اسم سد جد قد مر انه سر فه تسل
عش ابق اسم سد جد قد مر انه سر فه تسل
رقم القصيدة : 5608
-----------------------------------
عِشِ ابْقَ اسْمُ سُدْ جُدْ قُدْ مُرِ انْهَ کسْرُ فُهْ تُسَلْ
غِظِ ارْمِ صِبِ احْمِ اغْزُ اسْبِ رُعْ زَعْ دِلِ اثنِ نَلْ(47/331)
وَهذا دُعاءٌ لَوْ سكَتَّ كُفِيتَهُ
لأنّي سألْتُ الله فيكَ وَقَدْ فَعَلْ
العصر العباسي >> المتنبي >> شديد البعد من شرب الشمول
شديد البعد من شرب الشمول
رقم القصيدة : 5609
-----------------------------------
شَديدُ البُعدِ من شرْبِ الشَّمولِ
تُرُنْجُ الهِنْدِ أوْ طَلْعُ النّخيلِ
وَلكِنْ كُلّ شيءٍ فيهِ طِيبٌ
لَدَيْكَ مِنَ الدّقيقِ إلى الجَليلِ
وَمَيْدانُ الفَصاحَةِ وَالقَوافي
وَمُمْتَحَنُ الفَوَارِسِ وَالخُيولِ
أتَيْتُ بمَنْطِقِ العَرَبِ الأصِيلِ
وَكانَ بقَدْرِ مَا عَايَنْتُ قِيلي
فَعَارَضَهُ كَلامٌ كانَ مِنْهُ
بمَنْزِلَةِ النّسَاءِ مِنَ البُعُولِ
وَهذا الدُّرُّ مَأمُونُ التّشَظّي
وَأنْتَ السّيْفُ مأمُونُ الفُلُولِ
وَلَيسَ يَصِحّ في الأفهامِ شيءٌ
إذا احتَاجَ النّهارُ إلى دَليلِ
العصر العباسي >> المتنبي >> لقيت العفاة بآمالها
لقيت العفاة بآمالها
رقم القصيدة : 5610
-----------------------------------
لَقِيتَ العُفَاةَ بآمالِها
وَزُرْتَ العُداةَ بآجالِهَا
وَأقْبَلَتِ الرّومُ تَمشِي إلَيْـ
ـكَ بَينَ اللّيُوثِ وَأشبالِهَا
إذا رَأتِ الأُسْدَ مَسْبِيّةً
فأينَ تَفِرُّ بأطْفالِهَا
العصر العباسي >> المتنبي >> وصفت لنا ولم نره سلاحا
وصفت لنا ولم نره سلاحا
رقم القصيدة : 5611
-----------------------------------
وَصَفْتَ لَنَا، وَلم نَرَهُ، سِلاحاً
كأنّكَ وَاصِفٌ وَقْتَ النّزالِ
وَأنّ البَيْضَ صُفّ عَلى دُرُوعٍ
فَشَوّقَ مَنْ رَآهُ إلى القِتَالِ
وَلَوْ أطْفَأتَ نَارَكَ تا لَدَيْهِ
قَرَأتَ الخَطّ في سُودِ اللّيَالي
وَلَوْ لحَظَ الدُّمُسْتُقُ حَافَتَيْهِ
لَقَلّبَ رَأيَهُ حَالاً لحَالِ
إنِ اسْتَحْسَنْتَ وَهْوَ على بِساطٍ
فأحسَنُ ما يكُونُ عَلى الرّجالِ
العصر العباسي >> المتنبي >> ليالي بعد الظاعنين شكول
ليالي بعد الظاعنين شكول
رقم القصيدة : 5612
-----------------------------------(47/332)
لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ
طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ
يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ
وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ
وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً
وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ
وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا
وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ
إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ
فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ
وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً
لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ
يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسِنّةِ فَوْقَهُ
فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ
أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا
لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ
ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي
فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ
لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً
شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ
وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ
بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ
وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ کثّارَ عاشِقٌ
ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذُحُولُ
وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ
تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ
رَمَى الدّرْبَ بالجُرْدِ الجيادِ إلى العِدى
وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خُيُولُ
شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا
لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ
وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ
بحَرّانَ لَبّتْهَا قَناً وَنُصُولُ
هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ
بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ
وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ
إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ
فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ
عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ
على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ
وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ
فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً
قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ
سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ(47/333)
فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ
وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ
كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ
وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً
وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ
فَخاضَتْ نَجيعَ القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ
بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ
تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ
بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ
وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ مَلَطْيَةٍ
مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ
وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قُباقِبٍ
فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ
وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا
تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ
يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ
سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمسيلُ
تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ
وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتَليلُ
وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى
وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ
طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها
لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ
تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا
فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ
وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى
وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ
وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ
وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ
وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا
وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ
لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ
وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ
فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ
دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ
وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ
وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ
فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ
فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ
جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ
وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ
فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ
بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ(47/334)
على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ
وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ
لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ
فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ
نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً
وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ
أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً
وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ
بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ
نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ
أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا
عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ
إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً
غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ
إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ
هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ
وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ
فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ
فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً
فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ
إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ
فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ
أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ
إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ
وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني
أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ
أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى
وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ
سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ
إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ
وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ
وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ
وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ
كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ
يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا
وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ
فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ
فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ
يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ
إذا لم تَغُلْهُ بالأسِنّةِ غُولُ
شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ
فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ
فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا(47/335)
لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ
لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً
وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ
العصر العباسي >> المتنبي >> إن كنت عن خير الأنام سائلا
إن كنت عن خير الأنام سائلا
رقم القصيدة : 5613
-----------------------------------
إنْ كنتَ عَنْ خَيرِ الأنَامِ سَائِلا
فَخَيْرُهُمْ أكثَرُهُمْ فَضائِلا
مَن أنتَ مِنهمْ يا هُمامَ وَائِلا
ألطّاعِنِينَ في الوَغَى أوَائِلا
وَالعاذِلِينَ في النّدَى العَواذِلا
قد فَضَلوا لفَضْلِكَ القَبَائِلا
العصر العباسي >> المتنبي >> دروع لملك الروم هذي الرسائل
دروع لملك الروم هذي الرسائل
رقم القصيدة : 5614
-----------------------------------
دُرُوعٌ لمَلْكِ الرّومِ هذي الرّسائِلُ
يَرُدّ بهَا عَنْ نَفْسِهِ وَيُشَاغِلُ
هيَ الزّرَدُ الضّافي علَيْهِ وَلَفْظُها
عَلَيْكَ ثَنَاءٌ سَابِغٌ وَفَضائِلُ
وَأنّى اهْتَدَى هذا الرّسُولُ بأرْضِهِ
وَما سكَنَتْ مذْ سرْتَ فيها القساطِلُ
وَمن أيّ ماءٍ كانَ يَسقي جِيادَهُ
وَلم تَصْفُ مِن مَزْجِ الدّماءِ المَناهِلُ
أتَاكَ يكادُ الرّأسُ يَجْحَدُ عُنقَهُ
وَتَنْقَدّ تحتَ الدّرْعِ منهُ المَفَاصِلُ
يُقَوِّمُ تَقْوِيمُ السِّماطَينِ مَشْيَهُ
إلَيكَ إذا ما عَوّجَتْهُ الأفَاكِلُ
فَقَاسَمَكَ العَينَينِ منهُ وَلَحْظَهُ
سَمِيُّكَ وَالخِلُّ الذي لا تُزَايِلُ
وَأبصَرَ منكَ الرّزْقَ وَالرّزْقُ مُطمِعٌ
وَأبصَرَ منهُ المَوْتَ وَالمَوْتُ هَائِلُ
وَقَبّلَ كُمّاً قَبّلَ التُّرْبَ قَبْلَهُ
وَكُلُّ كَميٍّ وَاقِفٌ مُتَضائِلُ
وَأسْعَدُ مُشتاقٍ وَأظْفَرُ طَالِبٍ
هُمَامٌ إلى تَقبيلِ كُمّكَ وَاصِلُ
مَكانٌ تَمنّاهُ الشّفَاهُ وَدونَهُ
صُدورُ المَذاكي وَالرّماحُ الذّوَابِلُ
فَما بَلّغَتْهُ ما أرَادَ كَرامَةٌ
عَلَيْكَ وَلَكِنْ لم يخِبْ لكَ سائِلُ
وَأكْبَرَ مِنْهُ هِمّةً بَعَثَتْ بِهِ
إلَيْكَ العِدى وَاستَنظَرَته الجَحافِلُ(47/336)
فأقْبَلَ مِنْ أصْحابِهِ وَهوَ مُرْسَلٌ
وَعادَ إلى أصْحابِهِ وَهْوَ عاذِلُ
تَحَيّرَ في سَيْفٍ رَبيعَةُ أصْلُهُ
وَطابِعُهُ الرّحْم?نُ وَالمَجدُ صاقِلُ
وَمَا لَوْنُهُ مِمّا تُحَصّلُ مُقْلَةٌ
وَلا حَدُّهُ مِمّا تَجُسُّ الأنامِلُ
إذا عايَنَتْكَ الرُّسْلُ هانَتْ نُفُوسُها
عَلَيْها وَما جاءَتْ بهِ وَالمُرَاسِلُ
رَجَا الرّومُ مَنْ تُرْجى النّوَافلُ كلّها
لَدَيهِ وَلا تُرْجى لدَيهِ الطّوَائِلُ
فإنْ كانَ خوْفُ القَتلِ وَالأسرِ ساقَهم
فقَد فعَلوا ما القَتلُ وَالأسرُ فاعِلُ
فخافُوكَ حتى ما لقَتلٍ زِيادَةٌ
وَجاؤوكَ حتى ما تُرَادُ السّلاسِلُ
أرَى كُلَّ ذي مُلْكٍ إلَيكَ مَصِيرُهُ
كأنّكَ بَحْرٌ وَالمُلُوكُ جَداوِلُ
إذا مَطَرَتْ مِنهُمْ ومنكَ سَحائِبٌ
فَوَابِلُهُمْ طَلٌّ وَطَلُّكَ وَابِلُ
كريمٌ متى اسْتُوهِبْتَ ما أنتَ رَاكبٌ
وَقد لَقِحتْ حَرْبٌ فإنّكَ نازِلُ
أذا الجُودِ أعْطِ النّاسَ ما أنتَ مالكٌ
وَلا تُعْطِيَنّ النّاسَ ما أنَا قائِلُ
أفي كلّ يوْمٍ تحتَ ضِبْني شُوَيْعِرٌ
ضَعيفٌ يُقاويني قَصِيرٌ يُطاوِلُ
لِساني بنُطْقي صامِتٌ عنهُ عادِلٌ
وَقَلبي بصَمتي ضاحِكٌ منهُ هازِلُ
وَأتْعَبُ مَنْ ناداكَ مَنْ لا تُجيبُهُ
وَأغيَظُ مَنْ عاداكَ مَن لا تُشاكلُ
وَما التّيهُ طبّي فيهِمِ غَيرَ أنّني
بَغيضٌ إليّ الجاهِلُ المُتَعَاقِلُ
وَأكْبَرُ تيهي أنّني بكَ وَاثِقٌ
وَأكْثَرُ مالي أنّني لَكَ آمِلُ
لَعَلّ لسَيْفِ الدّوْلَةِ القَرْمِ هَبّةً
يَعيشُ بها حَقٌّ وَيَهلِكُ باطِلُ
رَمَيْتُ عِداهُ بالقَوافي وَفَضْلِهِ
وَهُنّ الغَوَازي السّالماتُ القَوَاتِلُ
وقَدْ زَعَمُوا أنّ النّجومَ خَوالِدٌ
وَلَوْ حارَبَتْهُ نَاحَ فيها الثّواكِلُ
وَمَا كانَ أدْناها لَهُ لَوْ أرَادَهَا
وَألْطَفَهَا لَوْ أنّهُ المُتَنَاوِلُ
قَريبٌ عَلَيْهِ كُلُّ ناءٍ على الوَرَى
إذا لَثّمَتْهُ بالغُبَارِ القَنَابِلُ(47/337)
تُدَبّرُ شرْقَ الأرْض وَالغرْبَ كَفُّهُ
وَلَيسَ لها وَقْتاً عنِ الجُودِ شَاغِلُ
يُتَبِّعُ هُرّابَ الرّجالِ مُرَادَهُ
فَمَنْ فَرّ حَرْباً عارَضَتْهُ الغَوَائِلُ
وَمَنْ فَرّ مِنْ إحْسَانِهِ حَسَداً لَهُ
تَلَقّاهُ منْهُ حَيثُما سارَ نَائِلُ
فَتًى لا يَرَى إحْسانَهُ وَهْوَ كامِلٌ
لهُ كامِلاً حتى يُرَى وهوَ شَامِلُ
إذا العَرَبُ العَرْباءُ رَازَتْ نُفُوسَها
فأنْتَ فَتَاهَا وَالمَليكُ الحُلاحِلُ
أطاعَتْكَ في أرْوَاحِهَا وَتَصَرّفَتْ
بأمرِكَ وَالتَفّتْ عَلَيْكَ القَبَائِلُ
وَكُلُّ أنَابِيبِ القَنَا مَدَدٌ لَهُ
وَما يَنكُتُ الفُرْسانَ إلاّ العَوَامِلُ
رَأيتُك لوْ لم يَقتَضِ الطّعنُ في الوَغى
إلَيكَ انقِياداً لاقتَضَتْهُ الشّمائِلُ
وَمَنْ لم تُعَلّمْهُ لكَ الذّلَّ نَفْسُهُ
منَ النّاسِ طُرّاً عَلّمَتْهُ المَناصِلُ
العصر العباسي >> المتنبي >> إن يكن صبر ذي الرزيئة فضلا
إن يكن صبر ذي الرزيئة فضلا
رقم القصيدة : 5615
-----------------------------------
إنْ يكُنْ صَبرُ ذي الرّزيئَةِ فَضْلا
تكُنِ الأفضَلَ الأعَزّ الأجَلاّ
أنتَ يا فوْقَ أنْ تُعَزّى عنِ الأحـ
ـبابِ فوْقَ الذي يُعزّيكَ عَقْلا
وَبألفاظِكَ اهْتَدَى فإذا عَزّ
اكَ قَالَ الذي لَهُ قُلتَ قَبْلا
قَدْ بَلَوْتَ الخُطوبَ مُرّاً وَحُلْواً
وَسَلَكتَ الأيّامَ حَزْناً وَسَهْلا
وَقَتَلْتَ الزّمانَ عِلْماً فَمَا يُغْـ
رِبُ قَوْلاً وَلا يُجَدِّدُ فِعْلا
أجِدُ الحُزْنَ فيكَ حِفْظاً وَعَقْلاً
وَأرَاهُ في النّاسِ ذُعراً وجَهْلا
لَكَ إلْفٌ يَجُرّهُ وَإذا مَا
كرُمَ الأصْلُ كانَ للإلْفِ أصلا
وَوَفَاءٌ نَبَتَّ فيهِ وَلَكِنْ
لم يَزَلْ للوَفَاء أهْلُكَ أهْلا
إنّ خَيرَ الدّمُوعِ عَوْناً لَدَمْعٌ
بَعَثَتْهُ رِعايَةٌ فاسْتَهَلاّ
أينَ ذي الرِّقّةُ التي لَكَ في الحَرْ
بِ إذا استُكرِهَ الحَديدُ وَصَلاّ
أينَ خَلّفْتَهَا غَداةَ لَقِيتَ الـ(47/338)
ـرّومَ وَالهَامُ بالصّوارِمِ تُفْلَى
قاسَمَتْكَ المَنُونُ شَخْصَينِ جوْراً
جَعَلَ القِسْمُ نَفْسَهُ فيهِ عَدْلا
فإذا قِسْتَ ما أخَذْنَ بمَا غَا
دَرْنَ سرّى عَنِ الفُؤادِ وَسَلّى
وَتَيَقّنْتَ أنّ حَظّكَ أوْفَى
وَتَبَيّنْتَ أنّ جَدّكَ أعْلَى
وَلَعَمْرِي لَقَدْ شَغَلْتَ المَنَايَا
بالأعادي فكَيفَ يَطلُبنَ شُغلا
وَكَمِ انتَشْتَ بالسّيُوفِ منَ الدهـ
ـرِ أسيراً وَبالنّوَالِ مُقِلاّ
عَدّها نُصرَةً عَلَيْهِ فَلَمّا
صَالَ خَتْلاً رَآهُ أدرَكَ تَبْلا
كَذَبَتْهُ ظُنُونُهُ، أنْتَ تُبْليـ
ـهِ وَتَبْقى في نِعْمَةٍ لَيسَ تَبْلَى
وَلَقَدْ رَامَكَ العُداةُ كَمَا رَا
مَ فلَمْ يجرَحوا لشَخصِكَ ظِلاّ
وَلَقَدْ رُمْتَ بالسّعادَةِ بَعْضاً
من نُفُوسِ العِدى فأدركتَ كُلاّ
قارَعَتْ رُمحَكَ الرّماحُ وَلَكِنْ
تَرَكَ الرّامحِينَ رُمحُكَ عُزْلا
لوْ يكونُ الذي وَرَدْتَ من الفَجْـ
ـعَةِ طَعناً أوْرَدْتَهُ الخَيلَ قُبْلا
وَلَكَشّفْتَ ذا الحَنينَ بضَرْبٍ
طالمَا كَشّفَ الكُرُوبَ وجَلّى
خِطْبَةٌ للحِمامِ لَيسَ لهَا رَدٌّ
وَإنْ كانَتِ المُسمّاةَ ثُكْلا
وَإذا لم تَجِدْ مِنَ النّاسِ كُفأً
ذاتُ خِدْرٍ أرَادَتِ المَوْتَ بَعلا
وَلَذيذُ الحَيَاةِ أنْفَسُ في النّفْـ
ـسِ وَأشهَى من أنْ يُمَلّ وَأحْلَى
وَإذا الشّيخُ قَالَ أُفٍّ فَمَا مَـ
ـلّ حَيَاةً وَإنّمَا الضّعْفَ مَلاّ
آلَةُ العَيشِ صِحّةٌ وَشَبَابٌ
فإذا وَلّيَا عَنِ المَرْءِ وَلّى
أبَداً تَسْتَرِدّ مَا تَهَبُ الدّنْـ
ـيَا فَيا لَيتَ جُودَها كانَ بُخْلا
فكفَتْ كوْنَ فُرْحةٍ تورِثُ الغمّ
وَخِلٍّ يُغادِرُ الوَجْدَ خِلاّ
وَهيَ مَعشُوقةٌ على الغَدْرِ لا تَحْـ
ـفَظُ عَهْداً وَلا تُتَمّمُ وَصْلا
كُلُّ دَمْعٍ يَسيلُ مِنهَا عَلَيْها
وَبِفَكّ اليَدَينِ عَنْها تُخَلّى
شِيَمُ الغَانِيَاتِ فِيها فَمَا أدْ
ري لذا أنّثَ اسْمَها النّاسُ أم لا(47/339)