العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد أصبحتْ، ونُعاتُها نُعّاتُها،
قد أصبحتْ، ونُعاتُها نُعّاتُها،
رقم القصيدة : 4001
-----------------------------------
قد أصبحتْ، ونُعاتُها نُعّاتُها،
وكذلك الدّنيا تَخيبُ سُعاتُها
كرّارةٌ أحزانُها، ضرّارةٌ
سُكّانَها، مَرّارَةٌ ساعاتُها
نامتْ دُعاةُ الدّولتينِ فضاعتا،
وهي المنيّةُ لا تَخيبُ دُعاتُها
ذَرْها، وتلك نصيحةٌ معروفةٌ،
عَظُمتْ منافعُها وقلّ وُعاتُها
لا تتبعَنّ الغانياتِ مُماشياً،
إنّ الغَواني جَمّةٌ تَبِعاتُها
وإذا اطّلعْنَ من المَناظر فالهُدى
أن لا تَراكَ، الدّهرَ، مُطّلِعاتُها
واحذَرْ مقالَ النّاسِ: إنّك بينها
سِرحانُ ضآنٍ حين غاب رعاتُها
ودَعِ القراءة إنْ ظنَنتَ جَهيرَها،
ذكرَتْ به الحاجاتِ مستمعاتُها
فالصوتُ هدرُ الفحل تؤنسُ رِكزَه
أُلاّفُهُ، فتُجيبُ مُمتَنِعاتُها
أوْلى من البيض الأوانسِ، بالعُلا،
قُلُصٌ تجوبُ الليلَ مدّرعاتُها
جُمِعتْ جسومٌ من غرائزَ أربعٍ،
وتفرّقتْ من بعدُ مجتَمعاتُها
وهي النفوسُ، إذا تُمَيِّزُ بينها،
فأعزُّها في العيشِ مُقتنِعاتُها
ومتى طرَدْتَ أمورَها بقياسِها،
فأحقُّها بمَذلّةٍ طَمِعاتُها
وكأنّ آمالَ الفتى وحتوفَه
فِئتانِ، تهزأُ منه مُصطَرِعاتُها
أوقاتُ عاجلةٍ كأنّ مُضيّها
ومْضُ البُروقِ، خواطفاً لمعاتُها
ويخالفُ الأيّامَ حُكمٌ واقِعٌ
فيها، ومثلُ سُبوتها جُمُعاتُها
كم أُوقدَتْ لشُموعِها صُبْحِيّةٌ
في الليلِ ثُمَّ أُطفئَتْ شمَعاتُها
فمتى يُنبَّهُ من رُقادٍ، مُهلِكِ،
مَن قد أضرّ، بعينهِ، هَجعَاتُها
وترادفَتْ هذي الجّدوبُ، ولم تلُحْ
غَرّاءُ، تبغي الرّوضَ منتجِعاتُها
وكأنّ تسبيحاً هديلُ حمامةٍ،
في مجدِ ربكَ أُلّفتْ سَجَعَاتُها
من يغتبِطْ بمعيشةٍ، فأمامَه
نُوَبٌ، تُطيلُ، عناءَهُ، فجعاتها
وإذا رجَعتَ إلى النُّهى فذواهب
الأيامِ، غيرَ مؤمَّلٍ رجَعاتها
تَهوى السلامةَ والقبورُ مضاجِعٌ(39/379)
سلَبت عن اليَقَظات مضطجِعاتها
دنياكَ مشبهةُ السّرابِ، فلا تَزُلْ
برزينِ حلمِكَ موشكاً خُدَعاتها
رَقشاءُ فيها ليلها ونهارها،
تلكَ الضّئيلةُ، شأنها لسعاتها
وتَرِثُّ أغراضُ الشبابِ وينطوي
إبّانُها، فتنيبُ مُرتدعاتها
ويُنهنِهُ الرجلُ الحصيفُ بسنّه
أوطارَهُ، فتضيقُ مُتّسِعاتها
وتقارعت شوس الخطوب فكُشّفت،
عن مَهلَكِ الحيوانِ، مقترعاتها
تستعذبُ المهجاتُ وِرْدَ بَقائها،
فتَلذُّهُ، وتُغِصُّها جُرعاتها
وتَظَلُّ حباتُ القلوبِ زَرائعاً،
كالأرض، والصّهواتُ مُزدرعاتها
إن كان قد عتمَ الظّلامُ، فطالما
مَتَعَ النهارُ فماوَنَتْ مُتعاتُها
نُظمتْ قصائدُ من أذى، مَثلاتُها
أمثالُها، فاتتكَ منتزعاتُها
وتُعينُ أسبابَ الحياة وينتهي
أمدٌ لها، فتَخون منقطعاتها
فاخفِض حديثَك للمحدّثِ جاهداً،
فذميمةُ الأصواتِ مُرْتفعاتها
مُهجٌ تخافُ من الرّدى، ولعلّهُ،
إن جاء، تأمنُ صولةً هلِعاتُها
أوْ ما تفيقُ، من الغرام، بفاركِ
مشهورةٍ، مع غيرنا وقعاتها
نفسٌ تُرَقِّعُ أمرها، حتى إذا
أجَلٌ توَرّدَ، أُعجِزَتْ رُقعاتُها
وترى الصلاةَ، على الغويّ، ثقيلةً،
مثلَ الهِضابِ تؤودُهُ ركعاتها
وتُضِلُّ أفعالُ الشّرور جناتَها،
وتفوزُ بالخيراتِ مصطنعاتُها
ومحاسنُ الدوَل،التي غُرّتْ بها،
حالتْ، فقبلَ حِسانها شِنعاتُها
والنارُ، إن قرّبتْ كفَّكَ، مرةً،
منها، ثنتْ عن قبضِها لذعاتُها
ولعلّ عكساً، في الليالي، كائنٌ،
فتعودَ، في الشَّرَقاتِ، متّضِعاتُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بنْتُ عن الدنيا، ولا بنتَ لي
بنْتُ عن الدنيا، ولا بنتَ لي
رقم القصيدة : 4002
-----------------------------------
بنْتُ عن الدنيا، ولا بنتَ لي
فيها، ولا عِرْسٌ ولا أُخْتُ
وقد تحمّلْتُ، من الوزْرِ، ما
تعجِزُ أن تحمِلهُ البُخْتُ
إن مدحوني، ساءني مدْحُهُمْ،
وخِلتُ أني، في الثّرى، سُختُ
جسميَ أنْجاسٌ، فما سرني
أني، بمسْكِ القولِ، ضُمّخْتُ(39/380)
منْ وسَخٍ صاغَ الفتى ربُّه،
فلا يقولنّ: توسّختُ!
والبختُ في الأولى أنالَ العلا،
وليسَ في آخرةٍ بَخت
كذاك قالوا، وأحاديثُهم،
يَبينُ فيها الجَزْلُ والشُّخت
لو جاء من أهلِ البِلى مُخبرٌ،
سألتُ عنْ قومٍ وأرّخت:
هل فازَ بالجنةِ عُمّالُها،
وهل ثَوى في النّار نُوبَخْت؟
والظلمُ أن تلزمَ ما قد جنى،
عليك، بَهْرامُ وبَيْدَخت
وبعضُ ذا العالمِ من بعضهِ،
لولا إياةٌ لم يكن فَخت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وارحمتا للأنامِ كلّهمُ،
وارحمتا للأنامِ كلّهمُ،
رقم القصيدة : 4003
-----------------------------------
وارحمتا للأنامِ كلّهمُ،
فإنّهم منْ هوى الحياةِ أُتُوا
أُفٍّ لهم، ما أقلّ فطْنَتَهم،
لَذّوا أكيلاً، وإنما سُئتوا
غَنّوا من الجهلِ، في محافلهم،
ولو درَوا ما تحمّلوا نأتوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عليكم بإحسانِكم، إنّكم
عليكم بإحسانِكم، إنّكم
رقم القصيدة : 4004
-----------------------------------
عليكم بإحسانِكم، إنّكم
متى تَكبِتوا غيركم تُكْبَتُوا
يُرَبّي المَعاشِرُ أبناءَهُمْ،
ويَشْقى الأنامُ بما ربّتوا
وما الناسُ إلاّ نباتُ الزّما
نِ، فليحْصِدِ القوْمُ ما نبّتوا
فيا للنصارى، إذا أمسكوا،
ويا لليهودِ، إذا أسبْتُوا
وقد سُئِلوا عنْ عباداتهم ،
فما أيّدُوها، ولا ثَبّتُوا
ومِن خير ما فَعَلَ الفاعلونَ،
أنّهُمُ بتُقًى أخبتُوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أترغبُ في الصّيتِ بينَ الأنامِ؟
أترغبُ في الصّيتِ بينَ الأنامِ؟
رقم القصيدة : 4005
-----------------------------------
أترغبُ في الصّيتِ بينَ الأنامِ؟
وكم خَمَلَ النّابهُ الصّيِّتُ
وحَسْبُ الفتى أنّهُ مائتٌ،
وهلْ يعرِفُ الشّرفَ الميت؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يؤمِّلُ كلٌّ أنْ يعيشَ، وإنّما
يؤمِّلُ كلٌّ أنْ يعيشَ، وإنّما
رقم القصيدة : 4006
-----------------------------------
يؤمِّلُ كلٌّ أنْ يعيشَ، وإنّما(39/381)
تُمارِسُ أهوالَ الزّمانِ، إذا عِشتا
إذا افترقتْ أجزاءُ جسمي لم أُبَلْ،
حُلولَ الرّزايا في مَصيفٍ، ولا مشتا
فرِشْ مُعدِماً إن كان يمكنُ رَيشُهُ،
ولا تفخَرَنْ، بين الأنام، بما رِشتا
وإن فِضْتَ للأقوام بالمالِ والغِنى،
فيا بحرٌ أيقِنْ بالنّضوبِ وإن جِشتا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أكرم ضعيفَكَ، والآفاقُ مجدبةٌ،
أكرم ضعيفَكَ، والآفاقُ مجدبةٌ،
رقم القصيدة : 4007
-----------------------------------
أكرم ضعيفَكَ، والآفاقُ مجدبةٌ،
ولا تُهِنْهُ، ولوْ أعطيتَه القُوتا
وجانِبِ الناسَ تأمَنْ سوءَ فعلِهمُ،
وأن تكونَ لدى الجلاّس ممقوتا
لا بدّ من أن يذمِّوا كلّ من صحبوا،
ولوْ أراهمْ حَصى المِعزاءِ ياقوتا
وقضِّ وقْتَكَ بالتّقْوى، تجوّزُهُ،
حتى تصادِفَ يوماً، فيه، موقوتا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن شئتَ أن تُرزَقَ الدنيا ونِعمتَها،
إن شئتَ أن تُرزَقَ الدنيا ونِعمتَها،
رقم القصيدة : 4008
-----------------------------------
إن شئتَ أن تُرزَقَ الدنيا ونِعمتَها،
فخلِّ دنياكَ تظفرْ بالذي شيتا
أنشأتَ تطلبُ منها غيرَ مُسعِفةٍ،
وما لها، أيّها الإنسان، أُنشيتا
فاخشَ المليكَ ولا توجَدْ على رهَبٍ،
إن أنت بالجنّ في الظلماء خُشّيتا
فإنما تلك أخبارٌ ملفَّقةٌ،
لخدعة الغافل الحشويِّ، حوشيتا!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عِيدانُ قَيْنَاتِنا منْ تحتِ أرجُلِها،
عِيدانُ قَيْنَاتِنا منْ تحتِ أرجُلِها،
رقم القصيدة : 4009
-----------------------------------
عِيدانُ قَيْنَاتِنا منْ تحتِ أرجُلِها،
وعودُ قينَتِكم، في حُجرها، باتا
وما حَكَينَ النصارى في لِباسِهِمُ،
ولا بغَيْنَ، كأهلِ السَّبْتِ، إسباتا
لكنّهُنّ حنيفاتٌ بمزْعَمِنا،
ذكّرنَنَا اللَّهَ تمجيداً، وإخْباتا
يُثْبِتْنَ ربّاً قديراً، لا كِفاءَ لهُ،
وما عَمَدْنَ، لغيرِ اللَّهِ، إثْباتا(39/382)
شعراء مصر والسودان >> أمل دنقل >> صفحات من كتاب الصيف والشتاء
صفحات من كتاب الصيف والشتاء
رقم القصيدة : 401
-----------------------------------
1 - حمامة
حين سَرَتْ في الشارعِ الضَّوضاءْ
واندفَعَتْ سيارةٌ مَجنونةُ السَّائقْ
تطلقُ صوتَ بُوقِها الزاعقْ
في كبدِ الأَشياءْ:
تَفَزَّعَتْ حمامةٌ بيضاءْ
(كانت على تمثالِ نهضةِ مصرْ..
تَحْلُمُ في استِرخاءْ)
طارتْ, وحطَّتْ فوقَ قُبَّةِ الجامعةِ النُّحاسْ
لاهثةً, تلتقط الأَنفاسْ
وفجأةً: دندنتِ الساعه
ودقتِ الأجراسْ
فحلَّقتْ في الأُفْقِ.. مُرتاعهْ!
أيتُها الحمامةُ التي استقرَّتْ
فوقَ رأسِ الجسرْ
(وعندما أدارَ شُرطيُّ المرورِ يَدَهُ..
ظنتُه ناطوراً.. يصدُّ الطَّيرْ
فامتَلأتْ رعباً!)
أيتها الحمامةُ التَّعبى:
دُوري على قِبابِ هذه المدينةِ الحزينهْ
وأنشِدي للموتِ فيها.. والأسى.. والذُّعرْ
حتى نرى عندَ قُدومِ الفجرْ
جناحَكِ المُلقى..
على قاعدةِ التّمثالِ في المدينهْ
.. وتعرفين راحةَ السَّكينهْ!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا صاحِ! إن حاوَرْتَ آخرَ، مُشفِقٌ
يا صاحِ! إن حاوَرْتَ آخرَ، مُشفِقٌ
رقم القصيدة : 4010
-----------------------------------
يا صاحِ! إن حاوَرْتَ آخرَ، مُشفِقٌ
يَبغي رَشادَك، جاهِداً أن تسْكتا
كم بكَّتَ الموتُ الحريصَ على الذي
يأتي، فسَحّتْ مقلتاه، وبكّتا
قد زكّت القَدَمانِ في غيرِ الهدى،
ويَداه عمّا حازه ما زكّتا
والنّفْسُ شكّتْ في يقينِ الأمر، والـ
ـكفّانِ، أن رمتَا، قنيصاً شكّتا
ما انفكّتا، ولديهما سَبَبُ المُنى،
تتمسّكانِ به إلى أن فُكّتا
لم تشف ذنبي المكّتانِ، وإنّ لي
شفتين، أخلافَ المعيشة، مكّتا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كادتْ سنيَّ، إذا نطقْتُ، تقيمُ لي
كادتْ سنيَّ، إذا نطقْتُ، تقيمُ لي
رقم القصيدة : 4011
-----------------------------------
كادتْ سنيَّ، إذا نطقْتُ، تقيمُ لي(39/383)
شَخْصاً يُعارضُ بالعِظاتِ مُبَكِّتا
وتقولُ: من بعثَ اللسانُ بغيرِ ما
أرضى، فحقٌّ أن يُهانَ ويَسْكتا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا أخطبُ الدنيا إلى مالكِ الدّ
لا أخطبُ الدنيا إلى مالكِ الدّ
رقم القصيدة : 4012
-----------------------------------
لا أخطبُ الدنيا إلى مالكِ الدّ
نيا، ولكنْ خُطبَتي أُختَها
النفسُ فيها، وهي محسودةٌ،
ذاتُ شقاءٍ، عَدِمتْ بَختَها
وهي تقفّي، بالرّدى، دَرَّها،
كما تَقفّتْ، بالرّدى، بُختَها
ما أُمُّ دَفرٍ أُمُّ طِيبٍ، ولو
أنّك بالعَنْبرِ ضمّختها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيُّ صفاةٍ لا يُرى دهرها
أيُّ صفاةٍ لا يُرى دهرها
رقم القصيدة : 4013
-----------------------------------
أيُّ صفاةٍ لا يُرى دهرها
يجيد، في مدّته، نحتها
كانوا زماناً فوقَ غَبْرَائِهمْ،
ثمّ استحالوا، فغَدَوا تحتها
أوْدَعهمْ ربُّهمُ سرَّها،
من بعدِ ما أطعَمهم سُحتها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصُمْتَ الشهورَ، فهلاّ صمتَّ،
أصُمْتَ الشهورَ، فهلاّ صمتَّ،
رقم القصيدة : 4014
-----------------------------------
أصُمْتَ الشهورَ، فهلاّ صمتَّ،
ولا صومَ حتى تطيلَ الصُّموتا
يلاقي الفتى عيْشَه بالضّلالِ،
ويبقى عليه إلى أن يموتا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أخو الرّاحِ إنْ قال قولاً وجدْتَ،
أخو الرّاحِ إنْ قال قولاً وجدْتَ،
رقم القصيدة : 4015
-----------------------------------
أخو الرّاحِ إنْ قال قولاً وجدْتَ،
أحسنَ ممّا يقولُ، الصُّموتا
ويشرَبُ منها إلى أن يقيءَ،
ولا غَروَ إن قلتَ: حتى يموتا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يمرُّ بكَ الزمنُ الدّغْفليُّ،
يمرُّ بكَ الزمنُ الدّغْفليُّ،
رقم القصيدة : 4016
-----------------------------------
يمرُّ بكَ الزمنُ الدّغْفليُّ،
وكم فيه منْ رجلٍ أسْنَتا
فلا تسألِ المرءَ عن سِنّهِ،
ولا مالِه، واخْشَ أن تُعْنتَا(39/384)
ولا تَبغِيَنْ لمحةً، في الحياة،
إلى جارَتيكَ إذا كَنّتا
فلولا مخافةُ جَنِّ الشبابِ،
وسَوءِ الغريزة، ما جُنّتا
وحَسبُكَ من مخزياتِ الفعالِ
ما شكتا منك، أو ظنّتا
طربتُ لقُمْرِيّتَيْ مَرْبعٍ،
على غُصُنَيْ ضالةٍ غَنّتَا
بَدَتْ لهما زَهَرَاتُ الرّبيع،
فأحسنَتا القولَ، وافتنّتَا
وتعذِرُ نفسكَ عندَ الحنينِ؛
وتعذُلُ نفسكَ أن حنّتا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عذيري من الدّنيا عَرتني بظُلْمِها،
عذيري من الدّنيا عَرتني بظُلْمِها،
رقم القصيدة : 4017
-----------------------------------
عذيري من الدّنيا عَرتني بظُلْمِها،
فتمنحني قُوتي لتأخذ قوّتي
وجدْتُ بها ديني دَنِيّاً، فضرّني،
وأضللتُ منها في مُروتٍ مُروّتي
أخوتُ، كما خاتتْ عُقابٌ، لوَ انّني
قدَرْتُ على أمرٍ، فعدِّ أُخُوَّتي
وأصبحتُ، في تيهِ الحياةِ، منادياً،
بأرفع صوتي أينَ أطلبُ صُوَّتي
وما زال حوتي راصدي، وهو آخذي،
فما لمَتابي ليسَ يَغسِلُ حُوّتي؟
رآنيَ ربُّ النّاسِ فيها مُتابعاً
هَواي، فويحي يومَ أسكنُ هوّتي
وما بَرِحتْ لي ألوةٌ حرَجيّةُ،
تُصَيِّرُ، من رَطبِ العِضاه، ألوّتي
أبَوتُكَ يا إثمي، ومن لي بأنّني
أتيتُك، فاشكر، لا شكرتَ، أُبوّتي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد رجّتِ اللَّهَ النفوسُ لكشفهِ
لقد رجّتِ اللَّهَ النفوسُ لكشفهِ
رقم القصيدة : 4018
-----------------------------------
لقد رجّتِ اللَّهَ النفوسُ لكشفهِ
أموراً، فأعطى أنفُساً ما ترجّتِ
فإن تُنْجِكَ الخيلُ المعَدّةُ للوغى،
فعن قَدَرٍ، يأتي من اللَّهِ، نجّتِ
وشتّانَ قَتلى في الترابِ شِجاجُها،
ومقتولةٌ، بين المجالسِ، شُجّتِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نوائبُ، إن جلّتْ تجلّت سريعةً،
نوائبُ، إن جلّتْ تجلّت سريعةً،
رقم القصيدة : 4019
-----------------------------------
نوائبُ، إن جلّتْ تجلّت سريعةً،
وإما توالت في الزمان تولّتِ(39/385)
ودُنياك، إن قلّت أقلّت، وإن قلَت،
فمن قَلتٍ في الدين نجّت، وعلّت
غلَت، وأغالت، ثمّ غالت، وأوحشت
وحشّت وحاشت واستمالت وملّت
وصلّت بنيرانٍ، وصلّت سيوفُها،
وسلّت حُساماً من أذاةٍ، وسلّت
أزالت، وزلّت بالفتى عن مقامِه،
وحلّت، فلما أُحكمَ العقدُ حلّت
شعراء مصر والسودان >> أمل دنقل >> فقرات من كتاب الموت
فقرات من كتاب الموت
رقم القصيدة : 402
-----------------------------------
- 1 -
كلَّ صَباح..
أفتحُ الصنبورَ في إرهاقْ
مُغتسِلاً في مائِه الرقْراقْ
فيسقُطُ الماءُ على يدي.. دَمَا!
وعِندما..
أجلسُ للطّعام.. مُرغما:
أبصرُ في دوائِر الأطباقْ
جماجِماً..
جماجِماً..
مفغورةَ الأفواهِ والأَحداقْ!!
- 2 -
أحفظُ رأسي في الخزائنِ الحديديّهْ
وعندما أبدأُ رِحلتي النهاريّة
أحمل في مكانِها.. مذياعا!
(أنشرُ حوليَ البياناتِ الحماسيّةَ.. والصُّدَاعا)
وبعد أن أعودَ في خِتامِ جولتي المسائيّة
أحملُ في مكان رأسي الحقيقيّه:
.. قنّينيةَ الخمرِ الزُجاجيّه!
أعودُ مخموراً الى بيتيَ..
في الليلِ الأخيرْ
يوقفُني الشرْطيُّ في الشّارع.. للشُّبْهه
يوقفُني.. برهه!
وبعد أن أرشُوَهُ.. أواصل المسير!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قديماً كرهتُ الموتَ، واللَّهُ شاهدٌ،
قديماً كرهتُ الموتَ، واللَّهُ شاهدٌ،
رقم القصيدة : 4020
-----------------------------------
قديماً كرهتُ الموتَ، واللَّهُ شاهدٌ،
وقد عشتُ حتى أسمَحتْ لي قَرُونتي
وأحسبُهُ لو جاءني لأبَيْتُهُ،
ومن عندِ ربّي نُصرتي ومعُونَتي
إذا أنا واراني الترابُ، فخلّني
وما أنا فيه، قد كُفيت مؤونتي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هي الرّاحُ تلقي الرمحَ من راحة الفتى،
هي الرّاحُ تلقي الرمحَ من راحة الفتى،
رقم القصيدة : 4021
-----------------------------------
هي الرّاحُ تلقي الرمحَ من راحة الفتى،
وتُبدلُ منه كفَّهُ عُودَ ناكِتِ
وقد وثَبَتْ في بَزلِها وَثبَ حيّةٍ،(39/386)
وما قُتلت إلاّ بأسود ساكت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أفارسَ مِقْنَبٍ، وأميرَ مصرٍ،
أفارسَ مِقْنَبٍ، وأميرَ مصرٍ،
رقم القصيدة : 4022
-----------------------------------
أفارسَ مِقْنَبٍ، وأميرَ مصرٍ،
نزَلْتَ عن الكُمَيْتِ إلى الكُمَيْتِ
فتلكَ حميدةٌ آدَتْكَ حيّاً؛
وهذي أشعرَتْكَ خُفوتَ مَيْت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا لم يكن خلفي كبيرٌ يُضيعُهُ
إذا لم يكن خلفي كبيرٌ يُضيعُهُ
رقم القصيدة : 4023
-----------------------------------
إذا لم يكن خلفي كبيرٌ يُضيعُهُ
حِمامي، ولا طِفْلٌ، ففيمَ حياتي؟
وما العيشُ إلاّ علةٌ بُرؤها الرّدى،
فخلِّي سبيلي أنصرفْ لِطِياتي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا تتّقُونَ اللَّهَ رَهطَ مسلِّمٍ!
ألا تتّقُونَ اللَّهَ رَهطَ مسلِّمٍ!
رقم القصيدة : 4024
-----------------------------------
ألا تتّقُونَ اللَّهَ رَهطَ مسلِّمٍ!
فقد جُرتمُ في طاعةِ الشّهواتِ
ولا تتْبَعوا الشيطانَ في خُطُواتِه،
فكم فيكمُ من تابع الخُطواتِ
عمَدْتم لرأي المثنويّةِ، بعدما
جَرَتْ لذّةُ التّوحيد في اللّهواتِ
ومن دونِ ما أبديتمُ خُضِبَ القَنا،
ومارَ نجيعُ الخيلِ في الهَبوات
فما استحسنت هذي البهائمُ فعلكم،
من الغَيّ، في الأُمّات والحَموات
وأيْسَرُ ما حلّلتُمُ نحرَ ذارعٍ،
يَعمُّكمُ بالسُّكرِ والنّشَوات
جَعلتمْ علياً جُنّةً، وهو لم يَزل،
يُعاقِبُ، من خمرٍ، على حُسُواتِ
سألنا مَجُوساً عن حقيقةِ دينها؛
فقالت: نعمْ لا ننكِحُ الأخوات
وذلك في أصل التّمجّسِ جائزٌ،
ولكنْ عدَدْناهُ من الهفوات
ونأبى فظيعاتِ الأمور، ونَبتغي
سُجوداً لنُور الشمسِ في الغَدوات
وأعذَرُ من نُسوانكم، في احتمالها
فُضوحَ الرّزايا، آتُنُ الفلوات
فلا تجعلوا فيها الغويَّ مُسلَّطاً،
كما سُلّطَ البازي على القَطوات
تهاونتمُ، بالذّكرِ، لمّا أتاكمُ،
ولم تحفِلوا بالصّوم والصلوات(39/387)
رَجوتم إماماً، في القِران، مضلَّلاً،
فلمّا مضى قلتم إلى سنوات
كذاك بنو حوّاء: بَرٌّ وفاجرٌ؛
ولا بدّ للأيّام من هَنوات
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> للشّامتين رَزايا في شِماتِهمُ،
للشّامتين رَزايا في شِماتِهمُ،
رقم القصيدة : 4025
-----------------------------------
للشّامتين رَزايا في شِماتِهمُ،
فكُنْ مُصاباً ولا تُحسبْ من الشُّمُتِ
يبدوُ سرورُ أُناسٍ أظهروا حَزَناً،
وإن تسَتّرَ خلفَ الألسُنِ الصُّمُتِ
أميرُ قومٍ أصابته منيّتُهُ؛
فضَلّ من قال: إنّ المرءَ لمْ يمُت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خلَصتُ من سبراتٍ في السّباريتِ،
خلَصتُ من سبراتٍ في السّباريتِ،
رقم القصيدة : 4026
-----------------------------------
خلَصتُ من سبراتٍ في السّباريتِ،
وربَّ يومٍ كريتٍ دون تكريتِ
كم بالسّماوة من صِلٍّ ومن أسدٍ،
كلاهما خُصّ في شِدْقٍ بتهْريت
ما زُرْتُ داركَ حتى شفّني تعبي،
وخارَت العيسُ في آثار خِرّيت
والخيرُ في الأرض، كالأترجِّ منبِتُه،
وأُلزمَ الشّرُّ تدخيناً بكبريت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الحمدُ للَّهِ قد أصبحتُ في دَعةٍ،
الحمدُ للَّهِ قد أصبحتُ في دَعةٍ،
رقم القصيدة : 4027
-----------------------------------
الحمدُ للَّهِ قد أصبحتُ في دَعةٍ،
أرضى القليلَ ولا أهتمُّ بالقوتِ
وشاهدٌ خالقي أنّ الصلاةَ، لهُ،
أجلُّ عندي من دُرّي وياقوتي
ولا أُعاشرُ أهلَ العَصرِ، إنّهُمُ،
إن عوشِرُوا بينَ محبوبٍ وممقوت
يسيرُ بي وبغيري الوقتُ مبتدراً،
إلى محلٍّ، من الآجال، موقوت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إدفن أخا المُلكِ دفنَ المرءِ مفتقراً،
إدفن أخا المُلكِ دفنَ المرءِ مفتقراً،
رقم القصيدة : 4028
-----------------------------------
إدفن أخا المُلكِ دفنَ المرءِ مفتقراً،
ما كانَ يملكُ منْ بيتٍ ولا بِيتِ
إنّ التّوابيتَ أجداثٌ مكرَّرةٌ،
فجنّبِ القومَ سَجْناً في التّوابيت(39/388)
واردُدْ إلى الأمّ شَبْحاً طالَ معهدُها
بضمّه، وهي لا تُرجى لتربيت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> راعتكَ دُنياكَ، من رِيعَ الفؤادُ، وما
راعتكَ دُنياكَ، من رِيعَ الفؤادُ، وما
رقم القصيدة : 4029
-----------------------------------
راعتكَ دُنياكَ، من رِيعَ الفؤادُ، وما
راعتك في العيش، من حسن المُراعاةُ
كأنّما اليومُ عبدٌ طالبٌ أمَةً
من ليلةٍ، قد أجدّا في المُساعاة
وأمُّكَ السّوءُ لم تحفظك في سببٍ،
لا بل أضاعتكَ أصنافَ الاضاعات
تبني المنازلَ أعمارٌ مُهدَّمةٌ،
من الزّمانِ، بأنفاسٍ وساعات
إن شِئتَ إبليسَ أن تلقاهُ مُنصلتاً
بالسيفِ يضرِبُ، فاعمِدْ للجماعات
تجدْهمُ في أقاويلٍ مخالفةٍ
وجهَ الصّوابِ، وأسرارٍ مُذاعات
يباكرون بألبابٍ، وإن خَلُصَتْ،
معْصِيّةٍ، وبأهواءٍ مُطاعات
قالوا وقلنا، دَعاوٍ ما تُفيدُ لنا
إلا الأذى واختصاماً في المُداعات
تَكسّبَ الناسُ بالأجسام، فامتهنوا
أرواحَهُم بالرّزايا في الصّناعات
وحاولوا الرّزقَ بالأفواه، فاجتهدوا
في جَذب نفعٍ بنظمٍ أو سِجاعات
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مرّ الزّمانُ فأضحى في الثّرى جسَدٌ؛
مرّ الزّمانُ فأضحى في الثّرى جسَدٌ؛
رقم القصيدة : 4030
-----------------------------------
مرّ الزّمانُ فأضحى في الثّرى جسَدٌ؛
فهل تملّى رجالٌ بالمُلاوات؟
والرّوحُ أرضيّةٌ في رأي طائفة،
وعند قومٍ ترَقّى في السّماوات
تمضي على هيئة الشخص الذي سكنت
فيه، إلى دار نُعمى أو شقاوات
وكونُها في طريح الجسم أحوَجَها
إلى ملابسَ، عنّتها، وأقوات
وقدرةُ اللَّه حقٌّ، ليس يُعجزُها
حَشْرٌ لخلقٍ، ولا بَعثٌ لأموات
فاعجبْ لعُلويّةِ الأجرام صامتةً،
فيما يقالُ، ومنها ذاتُ أصوات
ولا تطيعنّ قوماً، ما ديانتهُم
إلاّ احتيالٌ على أخذ الإتاوات
وإنّما حمّلَ التّوراةَ قارئَها
كسبُ الفوائد، لا حبُّ التلاوات
إنّ الشّرائعَ ألقت بيننا إحَناً،
وأودعتَنا أفانينَ العداوات(39/389)
وهل أُبيحت نساءُ القوم عن عُرُضٍ،
للعُرب، إلا بأحكام النُبوّات؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الكونُ في جملةِ العوافي؛
الكونُ في جملةِ العوافي؛
رقم القصيدة : 4031
-----------------------------------
الكونُ في جملةِ العوافي؛
لا الكونُ في جُملة العُفاةِ
لينُ الثّرى، للجسوم، خيرٌ
من صُحبةِ العالَم الجُفاةِ
قد خَفَتَ القومُ، فاستراحوا؛
آهِ منَ الصمتِ والخُفات
لم يبقَ، للظّاعنين، عينٌ
تبكي على الأعظُم الرُّفات
أرى انكفاتي، إلى المنايا،
أغنى عن الأسرة الكُفاة
أُثبتُ لي خالقاً حكيماً،
ولستُ من معشرٍ نُفاة
خَبَطتُ في حِندِسٍ مُقيمٍ،
وأعجزتْ علّتي شُفاتي
فمن ترابٍ إلى ترابٍ،
ومن سُفاةٍ إلى سُفاة
نعوذُ باللَّه من غَوانٍ،
يكنّ باللّبِّ معصفات
ومن صِفاتِ النِّساءِ، قِدْماً،
أن لسنَ في الوُدّ مُنصفات
وما يبينُ الوفاءُ، إلاّ
في زَمَنِ الفَقد والوفاة
كم ودّعَ النّاسُ من خليلٍ
سارَ، فما همّ بالتفات
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دنياك موموقةٌ
دنياك موموقةٌ
رقم القصيدة : 4032
-----------------------------------
دنياك موموقةٌ
أكثرُ من أختها
لم تُبقِ، من جزْلها،
شيئاً ولا شَخْتِها
أتى على ذَرّها الآ
تي على بُختِها
فانظرْ إلى صُنْعِها؛
وانظر إلى بَختها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خُذي رأيي، وحسبكِ ذاك منّي،
خُذي رأيي، وحسبكِ ذاك منّي،
رقم القصيدة : 4033
-----------------------------------
خُذي رأيي، وحسبكِ ذاك منّي،
على ما فيّ من عِوَجٍ وأمْتِ
وماذا يبتغي الجُلساءُ عندي،
أرادوا منطِقي وأردتُ صَمتي
ويوجدُ بيننا أمدٌ قصِيٌّ،
فأمّوا سَمتَهُمْ وأمَمْتُ سَمتي
فإنّ القرّ يدفعُ لابسيه
إلى يومٍ، من الأيامِ، حَمت
أرى الأشياءَ تجمعها أُصولٌ؛
وكم في الدّهر من ثُكل وشمت
هو الحيوانُ من إنْسٍ ووحشٍ؛
وهنّ الخَيلُ من دُهمٍ وكُمت(39/390)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ترنّمْ في نهارِكَ، مستعيناً
ترنّمْ في نهارِكَ، مستعيناً
رقم القصيدة : 4034
-----------------------------------
ترنّمْ في نهارِكَ، مستعيناً
بذكرِ اللَّه، في المترنِّماتِ
عَنيْتُ بها القوارحَ، وهيَ غُرٌّ،
ولسْنَ بخيلكَ المتقدِّماتِ
يبتْنَ، بكلّ مُظلِمةٍ وفجٍّ،
على حَوضِ الرّدى مُتهجّماتِ
إذا السُّبُحُ الجيادُ أرحْنَ وقتاً،
حملْنَك مُسرَجاتٍ مُلجَمات
وهَيْنمْ، والظلامُ عليك داجٍ،
لدى وُرْقٍ سُمِعْنَ مُهينمات
ولا تُرجِعْ، بإيماءٍ، سلاماً
على بيضٍ أشرْنَ مُسلِّمات
أُلاتُ الظَّلم جِئن بشرّ ظُلمٍ،
وقدْ واجَهْنَنا متظلّمات
فوارِسُ فِتنةٍ، أعلامُ غَيٍّ،
لَقِينَكَ بالأساورِ معلِمات
وِسامٌ ما اقتَنَعنَ بحسنِ أصلٍ،
فجِئنَكَ بالخضاب مُوسَّمات
رأينَ الوردَ في الوجناتِ حَيماً،
فغادَينَ البنانَ مُعنِّمات
وشنّفْنَ المسامِعَ قائلاتٍ؛
وكلَّمْنَ القُلوبَ مكلِّمات
أزمْنَ لجهْلِهنّ حَصىً بدُرٍّ؛
غرائبُ لم يكنّ مُثلَّمات
أجازَينَ التّرابَ، عن البرايا،
بأكلِ شخوصِها المتجسِّمات؟
نقعنَ بماءِ زمزمَ، لانصارى
ولا مُجُساً، يَظلْنَ مزمزمات
وقدْ يُصبِحنَ عن بِرٍّ ونُسكٍ،
بأطيبِ عنبرٍ متنسِّمات
كأنّ خواتمَ الأفواه فُضّتْ
عن الصُّهْب العِذاب، مُختَّمات
كؤوسٌ من أجَلّ الرّاح قَدْراً،
ولكن ما يزَلنَ مُفَدَّمات
يكادُ الشّربُ لا يبليه عَصْرٌ،
إذا باشَرْنَهُ متلثّمات
ثنتهنّ الجماجمُ من مُرادٍ،
بشيبٍ، فانْثنينَ مُجَمجمِات
خمورُ الرّيقِ لسْنَ بكلّ حالٍ
على طُلاّبهنّ محرَّمات
ولكنّ الأوانسَ باعثاتٌ
ركابَك في مهالكَ مُقتِماتِ
صحِبنكَ فاستفدتَ بهنّ وُلداً
أصابكَ من أذاتك بالسّمات
ومَنْ رُزِق البنين فغيرُ ناءٍ،
بذلك، عن نوائبَ مُسقِمات
فمن ثُكلٍ يَهابُ ومن عقوقٍ
وأرزاءٍ يجئنَ مُصَمِّمات
وإن نُعطَ الإناثَ، فأيُّ بؤسٍ
تبين في وجوهِ مُقَسَّمات
يُرِدْنَ بُعولةً ويُرِدْنَ حَلْياً،(39/391)
ويلقَينَ الخطوبَ ملوَّمات
ولسنَ بدافعاتٍ يومَ حرْبٍ،
ولا في غارةٍ متغَشِّمات
ودفنٌ، والحوادثُ فاجعاتٌ،
لإحداهنّ، إحدى المكرُمات
وقد يفقدنَ أزواجاً كراماً،
فيا للنسوةِ المتأيِّمات!
يلِدْنَ أعادياً، ويكُنّ عاراً،
إذا أمسَينَ في المُتَهَضَّماتِ
يرُعنك، إن خدمن بغير فنٍّ،
إذا رُحنَ العشيَّ مُخدَّمات
وأمّا الخمرُ، فهي تزيلُ عقلاً،
فتحتَ به مَغالِقَ مُبهَمات
ولو ناجتكَ أقداحُ النّدامى،
عدَت عن حَملها متندِّمات
تذيعُ السرّ من حُرٍّ وعَبدٍ،
وتُعربُ عن كنائز مُعجَمات
وينفضُ إلفُها الرّاحاتِ، حتّى
تعودَ من النّفائس مُعدمات
وزيّنت القبيحَ، فباشرَتْهُ
نفوسٌ كُنّ عنه مُخزَّمات
ويشرَبُها، فيقلِسُها، غويٌّ؛
لقد شامَ الخفيَّ من الشِّمات
ويرفعُ شَربُها لغطاً بجهلٍ؛
كأسرابٍ وَرَدْنَ مُسدَّمات
لعلّ الرُّبْدَ عُجْنَ لها برَبْعٍ،
فإضْنَ من السّفاهِ مصلَّمات
أو الغِربانَ مِلنَ لها ببِيضٍ،
نواصعَ، فانثنينَ مُحَمَّمات
فإن هَلكتْ خُرُوسُكِ أُمَّ ليلى،
فما أنا من صِحابِكِ واللُّمات
فعَنكِ تعودُ أبنيةُ المعالي،
وأطلالُ النّهى مُتهدّمات
وقد يَضحي صُحاتُكِ أهل سجنٍ،
وتَلقَينَ الكؤوسَ محطَّمات
ولا تُخبرْ شُؤونَكَ، واجعلَنْها
سرائرَ، في الضّميرِ، مُكَتَّمات
فإنّ السّرّ في الخَلِدينَ مَيتٌ،
أخو لَحْدَينِ، بين مقسَّمات
وما الجاراتُ إلاّ جارياتٌ
بعيبكَ، إن وُجِدنَ مهيَّمات
فلا تسأل: أهندٌ أم لميسٌ
ثوتْ في النّسوةِ المُتخيِّمات
ولا ترمُق بعينكَ رائحاتٍ،
إلى حمّامِهنّ، مكمَّمات
فكم حلّتْ عقودُ النّظمِ وَهنْاً
عقوداً للرّشادِ منظَّمات
وكم جَنت المعاصمُ من معاصٍ،
تعودُ بها المعاضدُ مُعصِمات
ومن عاشرتَ من إنسٍ، فحاذر
غوائلَ، مُرَّدٍ متهكِّمات
متى يطمعنَ فيك، يُرَينَ، تيهاً،
لأطيب مطعمٍ متأجِّمات
ويرفعْنَ المقالَ، عليك، جهلاً،
ويُنفِذن الذّخائر مغرِمات
توهّمنَ الظّنونَ، فكنّ ناراً
لما أُشعِرنَهُ متوهِّمات(39/392)
إذا زُيّنّ في أيّام حَفْلٍ،
بدت خيلُ المَريدِ مُسوَّمات
فغِرْ زُهرَ الحِجال ولا تُغِرْها،
فتسمحَ بالدّموع مسجَّمات
وليس عكوفُهنّ، على المصلّى،
أماناً عن غوارٍ مُجرمات
ولا تَحمَد حِسانَك، إن توافت
بأيدٍ، للسّطورِ، مقوِّمات
فحملُ مغازلِ النّسوان أولى،
بهنّ، من اليراع مقلَّمات
سهامٌ، إن عرفن كتابَ لِسنٍ
رجَعنَ، بما يسوءُ، مُسمَّمات
ويتركنَ الرّشيدَ بغيرِ لُبٍّ،
أتَينَ لهدْيه متعلّمات
وإنْ جئنَ المُنجّمَ سائلاتٍ،
فلسنَ عن الضّلال بمُنجمات
ليأخذن التِّلاوةَ عن عجوزٍ،
من اللاّئي فَغرْنَ مهتَّمات
يُسبّحنَ المليكَ بكلّ جُنحٍ،
ويركعنَ الضّحى متأثّمات
فما عَيبٌ، على الفتيات، لحنٌ،
إذا قلن المراد مترجِمات
ولا يُدنَين من رجلٍ ضريرٍ،
يلقّنُهُنّ آياً محكَمات
سوى من كان مرتعشاً يداهُ،
ولِمّته من المتثغّمات
وإن طاوعنَ أمرك، فانْهَ غِيداً
يُزرنَ عرائساً متيمِّمات
أخذنَ كريشِ طاووسٍ لباساً،
ومِسكاً بالضّحى متلغِّمات
وأبِعدْهُنّ من ربّاتِ مَكرٍ،
سواحِرَ، يغتَدين معزِّمات
يقُلنَ نُهيّجُ الغُيّابَ، حتى
يجيئوا بالرّكابِ مزمَّمات
ونَعطِف هاجرَ الخلاّن، كيما
يزول عن السّجايا المُسئمات
وجمعُ طوائف العُمّار سهلٌ
علينا، بالجوالبِ موذَمات
زعمنَ بأنّ، في مغنى فقيرٍ،
كنوزاً للملوك مصتَّمات
فلا يدخلنَ دارك باختيارٍ،
فقد ألفيتُهُنّ مذَمَّمات
وإن خالسنَ غِرّتَكَ ارتقاباً،
فحقٌّ أن يُرحنَ مشتَّمات
وساوِ لديكَ أترابَ النّصارى،
وعِيناً من يهودَ، ومسلمات
ومن جاورتَ من حُنُف وسرب
صوابىء، فليبنّ مكرَّمات
فإنّ النّاسَ كلَّهمُ سَواءٌ،
وإن ذكت الحروب مضرَّمات
ولا يتأهّلَنْ شيخٌ، مُقِلٌّ،
بمُعصرةٍ من المتنعّمات
فإنّ الفقرَ عيبٌ، إن أُضيفَتْ
إليه السّنّ، جاء بمعظَمات
ولكنْ عِرسُ ذلك بنتُ دهر،
تجنّبت الوجوهَ محمَّمات
من اللاّئي، إذا لم يُجدِ عامٌ،
تفوّقن الحوادثَ مُعدِمات
من الشُّمطِ اعتزلنَ بكلّ عودٍ،(39/393)
وأفنين السّنين مجرَّمات
ويغتفرُ الغنى وخْطاً برأسٍ،
إذا كانت قواك مسلَّمات
وواحدةٌ كفتكَ، فلا تجاوز
إلى أُخرى، تجيءُ بمؤلمات
وإن أزعمتَ صاحبةً بضِرٍّ،
فأجدِر أن تروعَ بمُعرِمات
زجاجٌ، إن رفِقتَ به، وإلاّ
رأيتَ ضروبَه متقصِّمات
وصن في الشّرخ نفسك عن غوانٍ
يزُرنَ مع الكواكبِ معتمات
فقد يسري الغويُّ، إلى مخازٍ،
بجنحٍ في سحائب منجمات
وما حَفِظَ الخريدةَ مثلُ بَعلٍ،
تكونُ به من المُتحرمات
يحوطُ ذمارَها من كلّ خطبٍ،
ويمنعُها مصاعبَ مُقرَمات
إذا الغارانِ غِرْتَهُما بحِلٍّ،
فدينكَ بالتّورّع والصُّمات
فهذا قولُ مختبرٍ شفيقٍ،
ونُصحٌ للحياة وللممات
طبائعُ أربعٌ جُشّمنَ أمراً،
فإضنَ، لحمله، متجشّمات
وأرواحٌ سوالكُ، في جسومٍ،
يُهَنَّ بأن يُرَينَ مُجسَّمات
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رُوَيدَكِ يا سَحابةُ لا تجودي،
رُوَيدَكِ يا سَحابةُ لا تجودي،
رقم القصيدة : 4035
-----------------------------------
رُوَيدَكِ يا سَحابةُ لا تجودي،
على السّبخاتِ، من جهلٍ، هَمَيتِ
طلبتِ ديانَةً بينُ البرايا،
لقد أشْوتْ سهِامُكِ إذ رَمَيت
تَزَيّوْا بالتّصوفِ، عن خِداعٍ،
فهل زُرتِ الرجالَ، أو اعتَميت؟
وقاموا في تواجُدِهم، فداروا،
كأنهُمُ ثِمالٌ من كُمَيْت
وما رقصوا حِذاراً من إلهٍ،
ولا يبغونَ إلاّ ما حَمَيت
وجدْتُ النّاسَ ميتاً مثلَ حيٍّ،
بحُسنِ الذّكرِ، أو حيّاً كَميْت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كُفّي شُموسَكِ، فالسِّرارُ أمانةٌ،
كُفّي شُموسَكِ، فالسِّرارُ أمانةٌ،
رقم القصيدة : 4036
-----------------------------------
كُفّي شُموسَكِ، فالسِّرارُ أمانةٌ،
حُمّلتِها، ومتى ثمِلْتِ رميَتِها
ما أُمُّ لَيلاكِ العتيقةُ بَرّةٌ،
كَنّيْتِها للقوم، أو سمّيتها
وهيَ القتيلةُ، لم تؤذَّ بقتلها،
أصْمَتكِ، من عُرُضٍ، وما أصميتها
وعلى كرام الشَّرب نمّت بالذي
يُخفونُه، وإلى الكُرُوم نميتِها(39/394)
وكأنما هي، من ذُكاءٍ، نطفةٌ
صفقتِها، وبلؤلؤٍ أطميتِها
وشججتِها حمراءَ، غيرَ مُبينَةٍ
وضحاً يرى في ناصعٍ أدْميِتها
ومُدامةٌ، في راحتيكِ، بذلِتها،
كمُدامةٍ، في عارضَيكِ، حميتها
فتكتْ بشاربها السُّلافةُ عَنْوَةً،
حتى ثَنَتْ حيّ النفوس كَمَيتِها
حملتْ كُمَيْتاً تحتَ أدْهمَ لم يَزلْ،
في الأشهَبَينِ، مُقصِّراً بكُمَيِتها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد حاطت، الزّوجَ، حرّةٌ سألتْ
قد حاطت، الزّوجَ، حرّةٌ سألتْ
رقم القصيدة : 4037
-----------------------------------
قد حاطت، الزّوجَ، حرّةٌ سألتْ
مليكَها العَونَ في حياطتها
غدّتْ ببُرْسٍ إلى مَرادِنها،
أو خيطِ غزلٍ إلى خياطتِها
أماطتِ السوءَ عن ضَمائِرِها،
فلاقتِ الخيرَ في إماطتِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّما نحنُ في ضلالٍ وتعليـ
إنّما نحنُ في ضلالٍ وتعليـ
رقم القصيدة : 4038
-----------------------------------
إنّما نحنُ في ضلالٍ وتعليـ
ـلٍ، فإن كنتَ ذا يقينٍ فهاتِهْ
ولحُبّ الصحيح آثَرتِ الرّو
مُ انتسابَ الفتى إلى أُمّهاتِهْ
جهِلوا من أبوه، إلاّ ظُنوناً،
وطَلى الوَحشِ لاحقٌ بمَهاته
قد يحوزُ الخَبُّ الشّحيحُ جبا الما
ءِ، ولا يستحِقُّ نضحَ لَهاته
وكثيرٌ له، إذا قيستِ الأشـ
ـياءُ، عظْمٌ يرْميه بعضٌ طهاتِه
رُئس الناسُ بالدّهاءِ، فما ينـ
ـفكُّ جيلٌ ينقادُ طوعَ دُهاتِه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> من صفة الدنْيا التي أجمع النّا
من صفة الدنْيا التي أجمع النّا
رقم القصيدة : 4039
-----------------------------------
من صفة الدنْيا التي أجمع النّا
سُ عليها، أنّها ما صفَتْ
كم عَفّةٍ ما عفّ عنها الرّدى؛
وكم ديارٍ لأناسٍ عفَتْ
التفّت الآمالُ منّا بها،
وقد مضى آملُها ما التفَتْ
يا شفَةً همّتْ برَشْفٍ لها،
فانتزعتْ أكؤسَها، ما شفَتْ
خفّتْ لها نفسُ الفتى، جاهداً،
وبينما يدأبُ فيها خَفَت
لوَ أنها تسكُنُ في مِثلها،(39/395)
لكُلّفتْ فوقَ الذي كَلّفتْ
والأرضُ غذّتنا بألطافِها،
ثمّ تغذّتنا، فهل أنصفَتْ؟
تأكلُ مَن دبّ على ظَهْرها،
وهي على رُغبتِها ما اكتفتْ
أتَنتفي منّا لآثامِنا،
وخِلْتُها لو نطقتْ لانتفَتْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نفوسٌ تُشابهُ أصحابَها،
نفوسٌ تُشابهُ أصحابَها،
رقم القصيدة : 4040
-----------------------------------
نفوسٌ تُشابهُ أصحابَها،
عَتَوا في زمانهمُ، إذ عتَتْ
وما يرتضي اللُّبُّ عندَ البيانِ،
لا ما أتوهُ ولا ما أتَتْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عذيرِيَ من صورةٍ قد عثتْ؛
عذيرِيَ من صورةٍ قد عثتْ؛
رقم القصيدة : 4041
-----------------------------------
عذيرِيَ من صورةٍ قد عثتْ؛
ومن كفّ دافِنِها، إذ حَثَتْ
ونَفسٍ تمنّتْ لذيذَ الطعامِ،
فلمّا أصابت مناها غَثتْ
وجاثَتْ لدى حاكمٍ خَصمَها،
ومن غيرِ حقٍّ لعمري جَثَت
فلا ترْثِينّ لها، إنّها
لجِسمِكَ، في ضعفهِ، ما رثَت
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ثِيابيَ أكفاني، ورَمْسيَ منزِلي،
ثِيابيَ أكفاني، ورَمْسيَ منزِلي،
رقم القصيدة : 4042
-----------------------------------
ثِيابيَ أكفاني، ورَمْسيَ منزِلي،
وعيْشي حِمامي، والمنيّةُ لي بعْثُ
تحلَّيْ بأسنى الحّلْي، واحتلبي الغنى،
فأفضلُ من أمثالِكِ النّفَرُ الشُّعث
يسيرون، بالأقدامِ، في سُبُل الهُدى،
إلى اللَّهِ، حَزْنٌ ما توَطّأن أو وعْث
وما في يدٍ قُلبٌ، ولا أسؤقٍ بُرىً،
ولا مَفرَقٍ تاجٌ، ولا أُذُنٍ رَعث
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وغانيةٍ في دارِ أشوسَ ظالمٍ،
وغانيةٍ في دارِ أشوسَ ظالمٍ،
رقم القصيدة : 4043
-----------------------------------
وغانيةٍ في دارِ أشوسَ ظالمٍ،
تُسَوَّرُ ممّا لم يجِبْ وتُرَعَّثُ
يُصاغُ لها، في حَليِها، أيمُ عَسجدٍ؛
فهلْ أمنت من لدغِه حين تُبْعثُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا جَسدي لا تجزَعَنّ من البِلى،(39/396)
أيا جَسدي لا تجزَعَنّ من البِلى،
رقم القصيدة : 4044
-----------------------------------
أيا جَسدي لا تجزَعَنّ من البِلى،
إذا صرت في الغبراء، تُحثى، وتُنبثُ
وإن كانَ هذا الجسمُ قبلَ افتراقه
خبيثاً، فإن الفعلَ شرٌّ وأخْبثُ
مَناكب ساعاتي ركبتُ، فأبتغي
لَباثاً،وسيرُ الدّهر لا يتلبّثُ
نهارٌ وليلٌ عوقبا، أنا فيهما
كأني، بخَيطَيْ باطلٍ، أتشبّثُ
أظُنُّ زماني، كونَهُ وفسادَهُ،
وليداً، بتُرْبِ الأرض يلهو ويعبثُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> من أحْسنِ الدّهرِ وقتاً ساعةٌ سلِمَتْ
من أحْسنِ الدّهرِ وقتاً ساعةٌ سلِمَتْ
رقم القصيدة : 4045
-----------------------------------
من أحْسنِ الدّهرِ وقتاً ساعةٌ سلِمَتْ
من الشّرورِ، وفيها صاحبٌ حَدَثُ
أعجبْ بدَهرك أُولاهُ وآخِرهِ؛
إنّ الزّمانّ قديمٌ، سِنُّه حَدَثُ
أوْدى رَداهُ بأجيالٍ، فكم حُفِرَتْ
أجداثُ قومٍ ولم يُحْفَرْ لهُ جَدَثُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> من أعجبِ الأشياءِ في دهرنا،
من أعجبِ الأشياءِ في دهرنا،
رقم القصيدة : 4046
-----------------------------------
من أعجبِ الأشياءِ في دهرنا،
واللَّهُ لا ناسٍ، ولا والثُ
اثنانِ باتا في فِراشٍ معاً،
فَأصْبَحا، بينهُما ثالث
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد لقيَ المرءُ، من دهرِهِ،
لقد لقيَ المرءُ، من دهرِهِ،
رقم القصيدة : 4047
-----------------------------------
لقد لقيَ المرءُ، من دهرِهِ،
عجائبَ يغلُثُها الغالثُ
وكم بات ثانيَ عِرسٍ لهُ،
فأصبَحَ بينهُما ثالثُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا يَرهَبُ الموتَ مَن كان امرأً فَطِناً،
لا يَرهَبُ الموتَ مَن كان امرأً فَطِناً،
رقم القصيدة : 4048
-----------------------------------
لا يَرهَبُ الموتَ مَن كان امرأً فَطِناً،
فإنّ، في العيش، أرزاءً وأحداثا
وليس يأمَنُ قومٌ شرَّ دهرِهمُ،
حتى يحُلّوا، ببطنِ الأرض، أجداثا(39/397)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا مُتُّ لم أحفِلْ بما اللَّهُ صانعٌ
إذا مُتُّ لم أحفِلْ بما اللَّهُ صانعٌ
رقم القصيدة : 4049
-----------------------------------
إذا مُتُّ لم أحفِلْ بما اللَّهُ صانعٌ
إلى الأرضِ، من جَدبٍ وسقي غيوثِ
وما تشعرُ الغبراءُ ماذا تُجِنُّه:
أأعظُمُ ضأنٍ أم عِظامُ ليوثِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تقلُّ جسومَنا أقدامُ سَفْرٍ،
تقلُّ جسومَنا أقدامُ سَفْرٍ،
رقم القصيدة : 4050
-----------------------------------
تقلُّ جسومَنا أقدامُ سَفْرٍ،
مشَتْ في ليلِ داجيةٍ بوعثِ
وظاهرُ أمرنا عيشٌ وموتٌ،
ويدأبُ ناسكٌ لرجاءِ بعثِ
فما رِجْلٌ مُخلَّدَة بحِجْلٍ؛
ولا أُذُنٌ منعَّمةٌ برَعثِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أراني في الثّلاثة من سجوني،
أراني في الثّلاثة من سجوني،
رقم القصيدة : 4051
-----------------------------------
أراني في الثّلاثة من سجوني،
فلا تسأل عن الخبرِ النّبيثِ
لفقدي ناظري، ولزومِ بيتي،
وكونِ النّفس في الجسد الخبيثِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا خيرَ في الدّنيا، وإن ألهى الفتى،
لا خيرَ في الدّنيا، وإن ألهى الفتى،
رقم القصيدة : 4052
-----------------------------------
لا خيرَ في الدّنيا، وإن ألهى الفتى،
فيها، مَثانٍ أُيّدَتْ بمثالثِ
شرُّ الحياةِ بَسيطةٌ، مذمومةٌ،
عَمَدَتْ لها، بالسّوء، كفُّ الغالثِ
وسلامةٌ كسلامةِ الجُزءِ الّذي،
بالضّربِ، لُزّ من الطّويلِ الثّالثِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أكرِهْتَ أن يُدعى وليدُك حارثاً؟
أكرِهْتَ أن يُدعى وليدُك حارثاً؟
رقم القصيدة : 4053
-----------------------------------
أكرِهْتَ أن يُدعى وليدُك حارثاً؟
يا حارِثَ ابنَ الحارثِ ابنِ الحارث
تلك الصّفاتُ لكلّ منْ وطىء الحَصى
ما بينَ موروثٍ وآخرَ وارِثِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لمّا ثَوتْ في الأرضِ، وهي لطيفةٌ،(39/398)
لمّا ثَوتْ في الأرضِ، وهي لطيفةٌ،
رقم القصيدة : 4054
-----------------------------------
لمّا ثَوتْ في الأرضِ، وهي لطيفةٌ،
قُدَماؤنا أمِنتْ من الأحداثِ
لم يستريحوا من شُرور ديارهم،
إلاّ برِحلتِهم إلى الأجْداثِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو نطقَ الدّهرُ في تصرّفهِ،
لو نطقَ الدّهرُ في تصرّفهِ،
رقم القصيدة : 4055
-----------------------------------
لو نطقَ الدّهرُ في تصرّفهِ،
لعدّنا، كلنّا، من التَّفثِ
قال لنا: إنّني أحِجُّ إلى اللَّـ
ـه، وأنتم من أقبحِ الرَّفثِ
نفَثْتُكمُ مرّةً، على غلطٍ
مني، فهل تعذرونَ في النَّفثِ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا أرْضُ فوقَكِ أهلُ الذُّنوبِ،
أيا أرْضُ فوقَكِ أهلُ الذُّنوبِ،
رقم القصيدة : 4056
-----------------------------------
أيا أرْضُ فوقَكِ أهلُ الذُّنوبِ،
فهلْ بكِ من ذاكَ همٌّ وبَثّ
وقد زعمُوا النّارَ مبْعوثَةً،
تهذِّبُ، ممّن عليك، الخبَثْ
وسِيّانِ ماضٍ قَصيرُ المدى،
وآخرُ باقٍ، طويلُ اللَّبَث
وخَلقُكِ، من رَبّنا، حِكمةٌ،
لقدْ جلّ عن لِعِبٍ أو عبث
وهل يحفِلُ الجسمُ، في رَمسهِ،
إذا جاءهَ حافرٌ، فانتبث؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حُظوظٌ: فرَبْعٌ يُخطّى الغَمامَ؛
حُظوظٌ: فرَبْعٌ يُخطّى الغَمامَ؛
رقم القصيدة : 4057
-----------------------------------
حُظوظٌ: فرَبْعٌ يُخطّى الغَمامَ؛
وربْعٌ يجادُ؛ وربعٌ يُدَثّ
وكم حَدَثٍ، من صروفِ الزّمانِ،
يكرَهُهُ شيخُنا، والحَدَث
مراسُ الأذى، ولباسُ الضّنى،
وسُقْيُ الحِمامِ، وسُكنى الجَدث
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رأيتُ سَحاباً خِلتُهُ متدفّقاً،
رأيتُ سَحاباً خِلتُهُ متدفّقاً،
رقم القصيدة : 4058
-----------------------------------
رأيتُ سَحاباً خِلتُهُ متدفّقاً،
فأنجَم، لم يُمطِر، وإن حسُن الخَرْجُ
وكم فاتكَ الشيءُ، الذي كنتَ راجياً؛(39/399)
وجاءكَ، بالمقدار، ما لم تكن ترجو
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد جاءنا هذا الشّتاءُ، وتحتَهُ
لقد جاءنا هذا الشّتاءُ، وتحتَهُ
رقم القصيدة : 4059
-----------------------------------
لقد جاءنا هذا الشّتاءُ، وتحتَهُ
فقيرٌ مُعرّى، أو أميرٌ مدَوَّجُ
وقد يُرزَقُ المجدودُ أقواتَ أمّةٍ؛
ويُحرَمُ، قوتاً، واحدٌ، وهو أحوَج
ولو كانت الدّنيا عروساً وجدتُها،
بما قَتَلَت أزواجَها، لا تُزوَّج
فعُجْ يدَك اليُمنى لتشربَ طاهراً،
فقد عِيفَ، للشَّربِ، الإناءُ المعوَّج
على سفَرٍ هذا الأنامُ، فخلِّنا،
لأبعدِ بينٍ واقعٍ، نتحوّج
ولا تعجَبْن من سالم؛ إنّ سالماً
أخو غمرةٍ، في زاخرٍ يَتموّج
وهل هوَ إلاّ رائدٌ لعشيرةٍ،
يلاحِظُ بَرْقاً في الدّجى يتَبوّج
ولولا دِفاعُ اللَّهِ لاقى مِنَ الأذى،
كما كان لاقى خامِدٌ ومتوَّج
إذا وُقِيَ الإنسان، لم يَخشَ حادثاً؛
وإن قيل هَجّامٌ على الحرب أهوج
وإن بلغ المقدارُ لم ينجُ سابحٌ،
ولو أنّه في كُبّةِ الخيلِ أعْوج
فلا تَشْهَرنْ سيفاً لتطلُب دَولةً،
فأفضلُ ما نلتَ اليَسيرُ المروَّج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جماجمُ أمثالُ الكُراتِ، هفت بها،
جماجمُ أمثالُ الكُراتِ، هفت بها،
رقم القصيدة : 4060
-----------------------------------
جماجمُ أمثالُ الكُراتِ، هفت بها،
سيوفٌ، ثناها الضّربُ، وهي صوالج
وقد يُغلِقُ الانسانُ من دون شخصه
وِلاجاً، وهمُّ القلب في النّفس والج
لعمري! لقد حلّتْ وكوراً حمائِمٌ،
لياليَ ضاقتْ عن ظباءٍ توالج
أُؤمّلُ عفْوَ اللَّه، والصّدرُ جائشٌ،
إذا خلَجتْني، للمنونِ، الخوالج
هناكَ تَوَدُّ النّفسُ أنّ ذنوبها
قليلٌ، وأنّ القِدْحَ، بالخير، فالج
ويُنسي، أخا الأشواقِ، رملةَ عالجٍ
ويَبرينَ، من هولِ الرّدى، ما يعالج
سيأكلُ هذا التُّربُ أعضاءَ بادنٍ؛
وتُورَثُ أحجالٌ لها، ودَمالج
ويُصمي الفتى سهمٌ من الدّهر صائبٌ،
وإن صُرِفتْ عنهُ السّهامُ الزّوالج(39/400)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا دَرَجَتْ، في العالَمينَ، قبيلةٌ،
إذا دَرَجَتْ، في العالَمينَ، قبيلةٌ،
رقم القصيدة : 4061
-----------------------------------
إذا دَرَجَتْ، في العالَمينَ، قبيلةٌ،
فخيرٌ لها، من أن تئثّ، خروجُها
فما أمِنَتْ نسوانُ قومٍ أعزّةٍ،
على عزّها، أن تستباحَ فُروجُها
وما تمنع الخَودَ الحَصانَ حُصونُها،
ولو أنّ أبراجَ السّماءِ برُوجُها
فما عرّجتْ، في شأوِها، أمُّ جُنْدَبٍ،
ولا عَقَلَتْها شاؤها وعُروجُها
تُذالُ كراسيّ الملوك، وطالما
غدَت وهي تُحمى بالعوالي مُروجُها
على الإبل، حتى ما تُقِلُّ رجالَها،
وبالخيلِ، حتى أثقلتها سُروجُها
وما علمَتْ روحٌ بجسمي دخولَها
إليه، فهلْ يَخفى عليه خُروجُها؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> روّحْ ذبيحَكَ، لا تُعجلْهُ ميتَتَهُ،
روّحْ ذبيحَكَ، لا تُعجلْهُ ميتَتَهُ،
رقم القصيدة : 4062
-----------------------------------
روّحْ ذبيحَكَ، لا تُعجلْهُ ميتَتَهُ،
فتأخذَ النّحضَ منه، وهو يختلجُ
هذا قبيحٌ، وعلمي، غيرُ متّسقٍ،
بما يكونُ، ولكن في الثّرى ألِجُ
والنّاس من أجْلِ هذا الأمرِ في ظُلَمٍ،
وما أُؤمّلُ أنّ الفجرَ ينبلجُ
مضى أنُاسٌ، وأصبحنا على ثقةٍ
أنّا سنتبَعُ، فالأشجانُ تَعْتَلِجُ
إن أدلجوا، وتخلّفنا وراءَهُمُ
شيئاً يسيراً، فإنّا سوفَ ندّلِجُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بعالجٍ، باتَ هَمُّ النفسِ يعتلِجُ؛
بعالجٍ، باتَ هَمُّ النفسِ يعتلِجُ؛
رقم القصيدة : 4063
-----------------------------------
بعالجٍ، باتَ هَمُّ النفسِ يعتلِجُ؛
فهلْ أسِيتَ لعينٍ، حينَ تختلِجُ؟
إنْ بشّرَتْ بدُموعٍ، فهي صادقةٌ؛
أو خَبّرَتْ بسُرُورٍ، قلتَ: لا يلجُ
أَدلِجْ إلى رحمةِ اللَّهِ، التي بُذلتْ،
فما يسُرُّكَ إلاّ في التّقى دَلجُ
قد عِيلَ صبرُك، والظلماءُ داجيةٌ،
فاصبِرْ قليلاً، لعلّ الصبحَ ينبلجُ
لا يعرفُ الدّهرَ إلا معشرٌ غَلبوا،(39/401)
فما استكانوا، ولم يُزْهَوا، وقد فلجوا
غيوثُ مَحْلٍ، ومن أدراعِهم غُدُرٌ؛
بحارُ جودٍ، وفي أغمارهم خُلجُ
الألمعيّون، إن ظنّوا، وإن حدَسوا،
ظَنينَهم، بيقينٍ واضحٍ، ثلَجوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إقنعْ بأيسرِ شيءٍ، فالزّمانُ له
إقنعْ بأيسرِ شيءٍ، فالزّمانُ له
رقم القصيدة : 4064
-----------------------------------
إقنعْ بأيسرِ شيءٍ، فالزّمانُ له
مَحيِلةٌ، لا تُقضّى عندها الحِوَجُ
وما يكفُّ، أذاةً عنك، حِلفُ ضنىً،
وقدْ يشجُّك عُودٌ، مسّه عَوجُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعوذُ باللَّهِ منْ ورْهاءَ قائلةٍ،
أعوذُ باللَّهِ منْ ورْهاءَ قائلةٍ،
رقم القصيدة : 4065
-----------------------------------
أعوذُ باللَّهِ منْ ورْهاءَ قائلةٍ،
للزّوج: إني إلى الحمّامِ أحتاجُ
وهمُّها في أمورٍ، لو يُتابِعُها
كِسرى عليها، لشينَ المُلكُ والتّاجُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد دجّى الزّمانُ فلا تدجّوا؛
لقد دجّى الزّمانُ فلا تدجّوا؛
رقم القصيدة : 4066
-----------------------------------
لقد دجّى الزّمانُ فلا تدجّوا؛
ولجّ، فلم يَدَعْ خصماً يَلجُّ
أراني قدْ نَصحتُ، فما لنُصحي،
إذا ما غارَ في أُذُنٍ، يُمَجّ؟
عجبنا للرّكائبِ مُبرَياتٍ،
يَسيلُ بهنّ بعدَ الفجّ فجّ
تُنصُّ إلى تِهامةَ، مبْتغاها
صلاحَ، وليسَ في النّياتِ وَجّ
هي الدّنيا، على ما نحنُ فيه،
معاشٌ يُمْترى، ودَمٌ يُثَجّ
ليالي ما بمكّةَ من مقامٍ،
ولا بيتٌ، بأبطحِها، يحجّ
وما فَتِئتْ وُلاةُ الأمر فيها،
على الصّفراء، تُصِرفُ أو تَشِجّ
وقد كُذب الصّحيحُ، بلا ارتياب،
فهل صدَقَ الأصَمُّ أو الأشجّ؟
مضى أهلُ الرّجاءِ على سبيلٍ،
كأنّهمُ العظائمُ، لم يُرَجّوا
فما للرّمحِ، قرّبَهُ رجالٌ،
يُنصَّلُ للمنيّةِ، أو يُزَجّ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تفخَرَنّ مَعاشِرٌ بقديمها؛
لا تفخَرَنّ مَعاشِرٌ بقديمها؛(39/402)
رقم القصيدة : 4067
-----------------------------------
لا تفخَرَنّ مَعاشِرٌ بقديمها؛
فليَنسِبنّ كُلابُها ونُباجُها
والخيلُ، إن مزعت بفرسان الوغى،
فلترجِعنّ إلى الثرى أثباجُها
وإذا البُجادُ أتى الفتاةَ بدِفئِها
وخِبائِها، فكأنّه ديباجُها
كم نالَ أطيبَ مَطعمٍ هِلباجةٌ،
أشِرٌ، وأعوزَ حُرّةً هِلباجُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تيمّمَ، فجّاً واحداً، كلُّ راكبٍ،
تيمّمَ، فجّاً واحداً، كلُّ راكبٍ،
رقم القصيدة : 4068
-----------------------------------
تيمّمَ، فجّاً واحداً، كلُّ راكبٍ،
ولا بدّ أني سالكٌ ذلك الفجّا
وسيّانِ أُمٌّ بَرّةٌ، وحمامةٌ،
غذتْ ولداً في مَهدهِ، وغذتْ بجّا
فلا تَبكُرنْ يوماً، بكفّك مُدْيةٌ،
لتُلِكَ فَرخاً في مواطِنهِ دجّا
تَلفّتَ في دُنْياهُ، سابِحُ غَمْرَةٍ،
إلى السِّيفِ لهفاً، بعدَما وَسِط اللُّجّا
ورَجّى أموراً، لم تكن بقريبة
إليه، فخطّته الحوادثُ ما رجّا
يُرجّي مَعاشاً من له بدوامِهِ؛
وهل يتركُ الدهرُ الفقيرَ وما رَجّا؟
فلا تَبتئِسْ للرّزق، إنْ بَضّ فاتِراً
ولا تَغتبِطْ إن جاشَ رزقُك أو ثَجّا
أعُوّامَ بحرٍ، إن أُصِبْتُمْ فهيّنٌ؛
وإن تَخلَصوا، فاللَّه ربُّكمُ نجّا
ضَلِلْتُمْ، فهل من كوكبٍ يُهتدى به،
فقد طالَ ما جَنّ الظلامُ وما دجّا
فلا تأمنوا المرءَ التّقيّ على التي
تسوءُ، وإنْ زارَ المساجدَ أو حجّا
ولا تقبلوا من كاذبٍ متسوِّقٍ،
تحيّلَ في نصرِ المذاهب، واحتجّا
فذلك غاوي الصّدرِ، قلبي كقلبه،
متى ملأ التّذكيرُ مِسمَعهُ مجّا
وإنّ، لأجسامِ الأنامِ، غرائزاً،
إذا حرّكت للشرّ طالِبَهُ لجّا
فلا آسىَ للدنيا، إذا هي زايلتْ،
فما كنتُ فيها لا سِناناً ولا زُجّا
وقد خُلقتْ عوجاءَ، مثلَ هِلالها،
يكونُ وإيّاها، القيامةَ، مُعْوجّا
سواءٌ على النّفسِ، الخبيثِ ضميرُها،
أمكّةَ زارتْ، للمناسكِ، أو وجّا
فبالطائِفِ الرّاحُ الكُميتُ، سلافةً،(39/403)
إذا ما تمشّت في حشا وادعٍ أجّا
فكمْ من قتيلٍ غادرتْ، ومكلَّمٍ
على ألمٍ، غِبَّ القتيلِ، الذي شُجّا
مُشعشعةٌ لو خالطَتْ، وهو عاقلٌ،
ثبيراً، تداعى بالجَهالةِ، وارتجّا
رأيتُ الفتى كالعَودِ، يرتعُ مرّةً،
وإن مسّت الأعباءُ كاهِلَهُ ضجّا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا سعْدُ! إنّ أبّا سعْدٍ لَحادِثُهُ
يا سعْدُ! إنّ أبّا سعْدٍ لَحادِثُهُ
رقم القصيدة : 4069
-----------------------------------
يا سعْدُ! إنّ أبّا سعْدٍ لَحادِثُهُ
أمسى الحِمامُ يُسمّى عندَهُ فرَجا
والرّوحُ شيءٌ لطيفٌ ليس يُدركُه
عقلٌ، ويسكنُ من جسم الفتى حَرَجا
سُبحان ربّكَ، هل يبقى الرّشادُ لهُ،
وهلْ يُحسُِّ بما يَلقى، إذا خَرجا؟
وذاك نورٌ لأجسادٍ يُحسنّها،
كما تبيّنتَ، تحتَ اللّيلةِ، السُّرُجا
قالت مَعاشرُ: يبقى عندَ جُثّتِهِ،
وقال ناسٌ: إذا لاقى الرّدى عَرَجا
وليس في الإنس من نفس إذا قُبِضت،
سافَ الذينَ لديها طِيبهَا الأرجا
وأسعَدُ النّاسِ، بالدنيا، أخو زُهُدٍ،
نافى بَنيها، ونادَوا، إذ مضى: درَجا
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> بيروت والحب والمطر
بيروت والحب والمطر
رقم القصيدة : 407
-----------------------------------
انتقي أنت المكان..
أي مقهى، داخل كالسيف في البحر،
انتقي أي مكان..
إنني مستسلم للبجع البحري في عينيك،
يأتي من نهايات الزمان
عندما تمطر في بيروت..
أحتاج إلى بعض الحنان
فادخلي في معطفي المبتل بالماء..
ادخلي في كنزة الصوف ..
وفي جلدي .. وفي صوتي ..
كلي من عشب صدري كحصان..
هاجري كالسمك الأحمر .. من عيني إلى عيني
ومن كفي إلى كفي..
ارسمي وجهي على كرأسه الأمطار، والليل ،
وبللور الحوانيت، وقشر السنديان..
طارحيني الحب .. تحت الرعد ، والبرق ..
وإيقاع المزاريب .. امنحيني وطنا في معطف الفرو الرمادي..
اصلبيني بين نهديك مسيحا..
عمديني بمياه الورد .. والآس .. وعطر البيلسان
عانقيني في الميادين..(39/404)
وفوق الورق المكسور، ضميني على مرأى من الناس..
ارفضي عصر السلاطين، ارفضي فتوى المجاذيب..
اصرخي كالذئب في منتصف الليل..
انزفي كالجرح في الثدي..
امنحيني روعة الإحساس بالموت..
ونعمى الهذيان..
عندما تمطر في بيروت..
تنمو لكآباتي غصون، ولأحزاني يدان
فادخلي في كنزة الصوف .. ونامي
نحن تحت الماء يا نخلة روحي .. نخلتان..
***
ليس في ذهني قرار واضح.
فخذيني حيثما شئت ..
اتركيني حيثما شئت..
اشتري لي صحف اليوم .. وأقلام رصاص
ونبيذا .. ودخان..
هذه كل المفاتيح .. فقودي أنت ..
سيري باتجاه الريح والصدفة..
سيري في الزواريب التي من غير أسماء..
أحبيني قليلا..
واكسري أنظمة السير قليلا..
واتركي لي يدك اليمنى قليلا..
فذراعاك هما بر الأمان..
***
ليس للحب ببيروت خرائط..
لا ولا للعشق في صدري خرائط..
فابحثي عن شقة يطمرها الرمل ..
ابحثي عن فندق لا يسأل العشاق عن أسمائهم..
سهريني في السراديب التي ليس بها ..
غير مغن وبيان..
***
قرري أنت إلى أين ..
فإن الحب في بيروت مثل الله في كل مكان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أغنى الأنامِ تقيٌّ في ذُرى جَبَلٍ،
أغنى الأنامِ تقيٌّ في ذُرى جَبَلٍ،
رقم القصيدة : 4070
-----------------------------------
أغنى الأنامِ تقيٌّ في ذُرى جَبَلٍ،
يَرْضى القليلِ، ويأبَى الوشيَ والتاجا
وأفقرُ النّاس، في دُنياهمُ، مَلِكٌ،
يَضحِي، إلى اللّجبِ الجرّارِ، محتاجا
وقد علمْتُ المنايا غيرَ تاركةٍ
ليثاً بخَفّانَ، أو ظبياً بفِرتاجا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تسريحُ كفّيَ بُرْغوثاً، ظفِرتُ به،
تسريحُ كفّيَ بُرْغوثاً، ظفِرتُ به،
رقم القصيدة : 4071
-----------------------------------
تسريحُ كفّيَ بُرْغوثاً، ظفِرتُ به،
أبرُّ من درهمٍ تعطيهِ مُحتاجا
لا فرقَ بينَ الأسَكّ الجَونِ أُطلقُهُ،
وجَونِ كِندةَ أمسى يَعقُدُ التّاجا
كلاهما يَتَوَقّى، والحياةُ لهُ(39/405)
حبيبةٌ، ويَرُومُ العيشَ مهتاجا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو لم تكن طرْقُ هذا الموت موحشةَ،
لو لم تكن طرْقُ هذا الموت موحشةَ،
رقم القصيدة : 4072
-----------------------------------
لو لم تكن طرْقُ هذا الموت موحشةَ،
مَخشيّةً، لاعتراها القومُ أفواجا
وكان مَنْ ألقَتِ الدنيا عليه أذىً،
يَؤمُّها تاركاً، للعيش، أمواجا
كأسُ المنيّةِ أولى بي، وأروَحُ لي،
من أن أُكابدَ إثراءً وإحواجا
في كلّ أرضٍ صروفٌ، غيرُ هازلةٍ،
يلعبنَ بالنّاسِ أفراداً وأزواجاً
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الوقتُ يُعْجلُ أن تكونَ محلِّلاً
الوقتُ يُعْجلُ أن تكونَ محلِّلاً
رقم القصيدة : 4073
-----------------------------------
الوقتُ يُعْجلُ أن تكونَ محلِّلاً
عُقَدَ الحياةِ، بأن تَحُلّ الزّيجا
فالدّهرُ لا يسخو بأريٍ للفتى،
حتى يكونَ، بما أمَرّ، مزيجا
هزَجت نوادبُ للعقولِ، فخيّبتْ
أُنثى، ترومُ لطفلِها تهزيجا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا ترُع الطائرَ، يغذو بَجّهْ،
لا ترُع الطائرَ، يغذو بَجّهْ،
رقم القصيدة : 4074
-----------------------------------
لا ترُع الطائرَ، يغذو بَجّهْ،
يلتقطُ الحبّ، لكي يمُجّهْ
إنّ الأنام واقعٌ في لُجّهْ،
وظُلمَةٍ من أمْره مُلتَجّهْ
دَعِ الفُروعَ، وخُذِ المَحَجّهْ؛
لا تأمنَنْ ذا عاهةٍ مُضِجّه
إنّ عصاك، وهيَ المُعوجّهْ،
تُحدِثُ في رأسِ أخيك الشجّهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعَمْرُكَ ما أنجاكَ طِرفُكَ، في الوغى،
لعَمْرُكَ ما أنجاكَ طِرفُكَ، في الوغى،
رقم القصيدة : 4075
-----------------------------------
لعَمْرُكَ ما أنجاكَ طِرفُكَ، في الوغى،
من الموْتِ، لكنّ القضاءَ الذي يُنجي
فلا تكُ زيراً للنّساءِ، وإنْ تمِلْ
لهنّ، فلا تأذنْ لزيرٍ ولا صَنْجِ
ولا تدْنُ للصّهْباءِ، بنتاً لأبيضٍ؛
ولا تقرَبِ الحمْراءَ، من ولد الزّنج(39/406)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سرتْ بقوامٍ، يسرِقُ اللُّبَّ، ناعمٍ،
سرتْ بقوامٍ، يسرِقُ اللُّبَّ، ناعمٍ،
رقم القصيدة : 4076
-----------------------------------
سرتْ بقوامٍ، يسرِقُ اللُّبَّ، ناعمٍ،
إلى مُدْلجٍ، تلقى البُرى، أُختُ مدلجِ
وقد حار هادي الرّكب، والليلُ ضاربٌ
بأرواقهِ، والصّبْحُ لم يتبَلّجِ
تكابدُ خضراءَ الحنادِسٍ، جَونةً،
ذخيرَتُها، من بدرها، نِصْفُ دُمْلُج
إلى أن بدا فجرٌ يكشّفُ نهجَهُ
لنا بِلسانٍ مُفْصِحٍ، غيرِ لَجلج
وإن خلَجتْ عينٌ لبينٍ، فحسبُها،
من البين، يومٌ، من ردىً، مُتخلَّج
كفى حَزَناً أنّ الفتى، بعدَ سَومهِ،
تقولُ له الأيّامُ: في جَدَثٍ لِج
وكم وطِئَتْ أقدامُنا، في تُرابِها،
جبينَ أخي كِبْرٍ، وهامةَ أبلج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خُذوا في سبيل العقل تُهدَوا بهَدْيه،
خُذوا في سبيل العقل تُهدَوا بهَدْيه،
رقم القصيدة : 4077
-----------------------------------
خُذوا في سبيل العقل تُهدَوا بهَدْيه،
ولا يَرْجُوَنْ، غيرَ المهيمِنِ، راجِ
ولا تُطفِئوا نورَ المليكِ، فإنّه
مُمتِّعُ كلٍّ من حِجىً بسِراج
أرى النّاسَ في مجهولةٍ، كبراؤهم
كوِلدانِ حيٍّ، يلعبونَ خُراجِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لَكَونُ خِلّك في رمسٍ أعزُّ لهُ،
لَكَونُ خِلّك في رمسٍ أعزُّ لهُ،
رقم القصيدة : 4078
-----------------------------------
لَكَونُ خِلّك في رمسٍ أعزُّ لهُ،
من أن يكونَ مليكاً عاقِدَ التّاجِ
المَلْكُ يحْتاجُ أُلاّفاً لتنْصرَهُ،
والميتُ ليسَ إلى خَلقٍ بمُحتاجِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد أسرجوا بكُمَيتٍ أطلقَت لُجُماً،
قد أسرجوا بكُمَيتٍ أطلقَت لُجُماً،
رقم القصيدة : 4079
-----------------------------------
قد أسرجوا بكُمَيتٍ أطلقَت لُجُماً،
ولم يهِمّوا بإلجامٍ وإسراجِ
يستصبحون، وعينُ الدّيك نائمةٌ،
بقَهوةٍ مثلِ عينِ الدّيك، مئراج(39/407)
دبّت دبيبَ نِمالٍ في أنامِلِهِم،
بسائرٍ في رؤوس القومِ، درّاج
تُفرِّجُ الهمَّ عنهُم، بل تزيدُهُمُ،
نَكْداً، هواجِسُ ما همّت بإفراج
لم يعلموا أنّ أقداراً ستُنزلهم،
بالعُنف، من فوقِ أفدانٍ وأبراج
وما أرى درجاتِ الفضلِ مغنيةً
عن الفتى، عادَ محثوثاً لإدراج
أمّا الحياةُ، فلا أرجو نوافلَها؛
لكنّني لإلهي خائفٌ راجي
ربِّ السّماكِ وربِّ الشّمس، طالعةً،
وكلِّ أزهرَ، في الظّلماءِ، خرّاج
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> شكرا
شكرا
رقم القصيدة : 408
-----------------------------------
شكرا لحبك..
فهو معجزتي الأخيره..
بعدما ولى زمان المعجزات.
شكرا لحبك..
فهو علمني القراءة، والكتابه،
وهو زودني بأروع مفرداتي..
وهو الذي شطب النساء جميعهن .. بلحظه
واغتال أجمل ذكرياتي..
شكرا من الأعماق..
يا من جئت من كتب العبادة والصلاه
شكرا لخصرك، كيف جاء بحجم أحلامي، وحجم تصوراتي
ولوجهك المندس كالعصفور،
بين دفاتري ومذكراتي..
شكرا لأنك تسكنين قصائدي..
شكرا...
لأنك تجلسين على جميع أصابعي
شكرا لأنك في حياتي..
شكرا لحبك..
فهو أعطاني البشارة قبل كل المؤمنين
واختارني ملكا..
وتوجني..
وعمدني بماء الياسمين..
شكرا لحبك..
فهو أكرمني، وأدبني ، وعلمني علوم الأولىن
واختصني، بسعادة الفردوس ، دون العالمين شكرا..
لأيام التسكع تحت أقواس الغمام، وماء تشرين الحزين
ولكل ساعات الضلال، وكل ساعات اليقين
شكرا لعينيك المسافرتين وحدهما..
إلى جزر البنفسج ، والحنين..
شكرا..
على كل السنين الذاهبات..
فإنها أحلى السنين..
شكرا لحبك..
فهو من أغلى وأوفى الأصدقاء
وهو الذي يبكي على صدري..
إذا بكت السماء
شكرا لحبك فهو مروحه..
وطاووس .. ونعناع .. وماء
وغمامة وردية مرت مصادفة بخط الاستواء...
وهو المفاجأة التي قد حار فيها الأنبياء..
شكرا لشعرك .. شاغل الدنيا ..
وسارق كل غابات النخيل
شكرا لكل دقيقه..
سمحت بها عيناك في العمر البخيل(39/408)
شكرا لساعات التهور، والتحدي،
واقتطاف المستحيل..
شكرا على سنوات حبك كلها..
بخريفها، وشتائها
وبغيمها، وبصحوها،
وتناقضات سمائها..
شكرا على زمن البكاء ، ومواسم السهر الطويل
شكرا على الحزن الجميل ..
شكرا على الحزن الجميل ..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما عاقدُ الحبل يبغي بالضّحى عَضَداً،
ما عاقدُ الحبل يبغي بالضّحى عَضَداً،
رقم القصيدة : 4080
-----------------------------------
ما عاقدُ الحبل يبغي بالضّحى عَضَداً،
إلاّ كصاحبِ مُلْكٍ عاقِدِ التّاجِ
وما رأينا صرُوفَ الدّهرِ تاركَةً
ليثاً، بتَرْجٍ، ولا ظبياً بفِرتاج
ما أعدلَ الموتَ من آتٍ، وأستَرَهُ،
فهيّجني، فإني غَيرُ مُهتاجِ
العيشُ أفقرَ منّا كلَّ ذاتِ غنًى؛
والموتُ أغنى بحقٍّ كلَّ محتاج
إذا حياةٌ علينا،للأذى فَتحتْ
باباً من الشرّ، لاقاهُ بإرتاج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّني راكبُ اللُّجّ، الذي عصفَتْ
كأنّني راكبُ اللُّجّ، الذي عصفَتْ
رقم القصيدة : 4081
-----------------------------------
كأنّني راكبُ اللُّجّ، الذي عصفَتْ
رياحُهُ، فهو في هَوْلٍ وتمويجِ
وفي طِباعِكَ زَيْغٌ، والهلالُ، على
سُمُوّهِ، حِلْفُ تقويسٍ وتعوج
فزِنْ، من الوزن، لفظاً، حينَ تُرسِله،
وزنْ، من الزّين، إعطاءً بترويج
وانظر إلى نفسكَ اللَّومى بمنظرِها،
ولو غَدَوتَ أخا مُلكٍ وتتويج
واطلُب لبنتك زوجاً كي يُراعِيهَا،
وخوّفِ ابنَك من نسلٍ وتزويج
ما اليسر كالعُدم في الأحكام، بل شحطت
حالُ المياسيرِ عن حالِ المحاويجِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا إنّ الظّباءَ لَفي غُرُورٍ،
ألا إنّ الظّباءَ لَفي غُرُورٍ،
رقم القصيدة : 4082
-----------------------------------
ألا إنّ الظّباءَ لَفي غُرُورٍ،
تُرَجّي الخُلدَ بعدَ لُيوثِ تَرْجِ
وأشرفُ من ترى، في الأرض، قدراً،
يعيشُ، الدّهرَ، عبدَ فمٍ وفَرجِ
وحبُّ الأنفس الدّنيا غُرورٌ،(39/409)
أقامَ النّاسَ في هَرْجٍ ومَرْجِ
وإنّ العِزّ، في رُمْحٍ وتُرْسٍ،
لأظهرُ منهُ في قَلَمٍ ودَرْجِ
وما أختارُ أني المَلْكُ يُجبا،
إليّ، المالُ من مَكسٍ وخَرْجِ
فدَعْ إلفَيْكَ: من عَربٍ وعُجْمٍ،
إلى حِلْفَيكَ: من قَتَبٍ وسرج
سِراجُكَ، في الدُّجُنّةِ، عينُ ضارٍ،
وإلاّ فالكواكبُ خيرُ سُرج
متى كشّفتَ أخلاقَ البرايا،
تَجِدْ ما شِئتَ من ظُلمٍ وحِرْج
ضَغائنُ لم تزَلْ من قبل نُوحٍ،
على ما هانَ من فِرْزٍ وعَرْج
فجرّت قتلَ هابيلٍ أخوه؛
وألقتْ بينَ مُعتزل ومُرجي
وخانت وُدَّ لُقمانٍ لُقَيناً،
لياليَ حرّفتْ سَمُراً بشرج
فدارِ معيشةٍ، واحْمل أذاةً،
لمن صاحبتَ من حَوصٍ وبُرج
فإنّ الأُسْدَ تَتبعُها ذِئابٌ
وغِربانُ، فمن عُورٍ وعُرج
مسيرُك ، في البلاد، أقلُّ رُزءاً
مع الفِئَتَينِ من قُمْرٍ وخُرج
وكم خدَعَتْ هِزَبْراً، كان جَبراً،
من الأملاكِ، ذاتُ حُلىً ودَرج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجدتُ الناسَ في هَرْجٍ ومَرْجِ،
وجدتُ الناسَ في هَرْجٍ ومَرْجِ،
رقم القصيدة : 4083
-----------------------------------
وجدتُ الناسَ في هَرْجٍ ومَرْجِ،
غُواةً بين مُعتزلٍ ومُرجي
فشأنُ مُلوكهمْ عَزفٌ ونزفٌ؛
وأصحابُ الأمورِ جُباةُ خرْجِ
وهمُّ زعيمِهم إنهابُ مالٍ،
حرامِ النّهبِ، أو إجلالُ فرجِ
وإنّ شَرارةً وقعتْ بوادٍ
لتُحْرِقَ وحدها سَمُراً بشَرج
رُكوبُ النّعشِ أسرعُ لابنِ دهرٍ،
يريدُ الخيرَ من قَتَبٍ وسَرجِ
غدا العُصفورُ، للبازي، أميراً؛
وأصبحَ، ثعلباً، ضِرغامُ تَرج
أفي الدّنيا، لحاها اللَّهُ، حقٌّ،
فيُطلَبَ، في حنادِسِها، بسُرج؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنا، للصَّرورةِ، في الحياةِ، مُقارنٌ،
أنا، للصَّرورةِ، في الحياةِ، مُقارنٌ،
رقم القصيدة : 4084
-----------------------------------
أنا، للصَّرورةِ، في الحياةِ، مُقارنٌ،
ما زلتُ أسبحُ في البحارِ المُوَّجِ
وصرورةٌ في شيمتَينِ، لأنني،(39/410)
مُذ كنتُ، لم أحجُجْ ولم أتزوّجِ
من مذهبي أن لا أشُدّ بفِضّةً
قَدَحي، ولا أُصغي لشَربِ مُعَوَّجِ
لكن أُقضّي مُدّتي بتقنّعٍ،
يغني، وأفرَحُ باليسيرِ الأروج
هذا، ولستُ أوَدُّ أني قائمٌ
بالملكِ، في ثوبَيْ أغرَّ متوَّج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وصلَ الهجيرَ إلى الهجيرِ لعلّه،
وصلَ الهجيرَ إلى الهجيرِ لعلّه،
رقم القصيدة : 4085
-----------------------------------
وصلَ الهجيرَ إلى الهجيرِ لعلّه،
في الخُلدِ، يظفَرُ بالهواء السَّجسجِ
سلَبتْهُ، بُرْدَ الوَرْدِ، راحةُ مِيتَةٍ،
غصبته، حين كستْه بُرْدَ بنفسج
غشّاهُ مُصفرُّ الأنامل، خافياً
فكأنّهُ، لِبنَانهِ، لم يَنسُج
ولّى وخلّفَ عِرسَهُ وبناتِه،
يجنينَ أطيبَ مَطعَمٍ من عَوْسج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عن لاعِجٍ باتوا برملةِ عالجِ،
عن لاعِجٍ باتوا برملةِ عالجِ،
رقم القصيدة : 4086
-----------------------------------
عن لاعِجٍ باتوا برملةِ عالجِ،
في رَبْوَتَيْ عَوْدٍ كظهرِ الفالجِ
في مُقْفِرٍ، تنآهُ سَلمى مَدْلجٍ،
من بعدِ طِيتّه، وسلمَا دالجِ
مثل الأساورِ والدّمالج، في الطّوى،
أنِسوا ذواتِ أساورٍ ودمالجِ
والأرضُ قد لفظتْ حُشاشةُ نورِها،
فدَجا الظّلامُ سوى الوميض الخالج
فزعوا إلى ذكرِ المليكِ، وحسبُهُمْ
أُنْساً بذلك، في الضّمير الوالج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتعوجُ أم ليس المشوقُ بعائجِ؟
أتعوجُ أم ليس المشوقُ بعائجِ؟
رقم القصيدة : 4087
-----------------------------------
أتعوجُ أم ليس المشوقُ بعائجِ؟
هاجتْ وساوسُهُ لبرْقٍ هائجِ
سبحانَ مَن بَرأ النجومَ، كأنّها
دُرٌّ، طَفا من فوق بحرٍ مائج
لوْ شاء ربُّك صَيّر الشرطَينِ، من
هذي الكواكب، عند أدنى ثائج
والتّاجُ تقوى اللَّهِ، لا ما رصّعوا
ليكونَ زيناً للأمير التّائج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن هاجكِ البارقُ فاهتاجي،
إن هاجكِ البارقُ فاهتاجي،(39/411)
رقم القصيدة : 4088
-----------------------------------
إن هاجكِ البارقُ فاهتاجي،
لا يُمْنَعُ الرّزقُ بإرتاجِ
أُصبحُ في لحدي، على وَحدتي
لستُ إلى الدّنيا بمحتاج
ما أُسْدُ خفّانَ بمتروكةٍ
فيها، ولا غزلانُ فِرْتاج
كشفيَ رأسي، وافتقاري بها،
خيرٌ من التّمليكِ والتّاج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أطعْتُ، في الأيّام، سَدّاجي؛
أطعْتُ، في الأيّام، سَدّاجي؛
رقم القصيدة : 4089
-----------------------------------
أطعْتُ، في الأيّام، سَدّاجي؛
وسارَتِ الدّنيا بأحْداجي
آليتُ ما أدري، ولا عالَمي
من كوكبي في الحِندِس الدّاجي
لا بسَط الخالقُ في مدّتي،
حتى يرى النّاظرُ هدّاجي
قد ذُبح الذّارعُ في ساحةٍ،
فيا له من دَمِ أوْداجِ!
يسلُكُ محمودٌ، وأمثالُهُ،
طريقَ خاقانَ وكُنداج
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> جسمك خارطتي
جسمك خارطتي
رقم القصيدة : 409
-----------------------------------
زيديني عِشقاً.. زيديني
يا أحلى نوباتِ جُنوني
يا سِفرَ الخَنجَرِ في أنسجتي
يا غَلغَلةَ السِّكِّينِ..
زيديني غرقاً يا سيِّدتي
إن البحرَ يناديني
زيديني موتاً..
علَّ الموت، إذا يقتلني، يحييني..
جِسمُكِ خارطتي.. ما عادت
خارطةُ العالمِ تعنيني..
أنا أقدمُ عاصمةٍ للحبّ
وجُرحي نقشٌ فرعوني
وجعي.. يمتدُّ كبقعةِ زيتٍ
من بيروتَ.. إلى الصِّينِ
وجعي قافلةٌ.. أرسلها
خلفاءُ الشامِ.. إلى الصينِ
في القرنِ السَّابعِ للميلاد
وضاعت في فم تَنّين
عصفورةَ قلبي، نيساني
يا رَمل البحرِ، ويا غاباتِ الزيتونِ
يا طعمَ الثلج، وطعمَ النار..
ونكهةَ شكي، ويقيني
أشعُرُ بالخوف من المجهولِ.. فآويني
أشعرُ بالخوفِ من الظلماء.. فضُميني
أشعرُ بالبردِ.. فغطيني
إحكي لي قصصاً للأطفال
وظلّي قربي..
غنِّيني..
فأنا من بدءِ التكوينِ
أبحثُ عن وطنٍ لجبيني..
عن حُبِّ امرأة..
يكتُبني فوقَ الجدرانِ.. ويمحوني
عن حبِّ امرأةٍ.. يأخذني
لحدودِ الشمسِ..(39/412)
نوَّارةَ عُمري، مَروحتي
قنديلي، بوحَ بساتيني
مُدّي لي جسراً من رائحةِ الليمونِ..
وضعيني مشطاً عاجياً
في عُتمةِ شعركِ.. وانسيني
أنا نُقطةُ ماءٍ حائرةٌ
بقيت في دفترِ تشرينِ
زيديني عشقاً زيديني
يا أحلى نوباتِ جنوني
من أجلكِ أعتقتُ نسائي
وتركتُ التاريخَ ورائي
وشطبتُ شهادةَ ميلادي
وقطعتُ جميعَ شراييني...
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حاليَ حالُ اليائسِ الرّاجي،
حاليَ حالُ اليائسِ الرّاجي،
رقم القصيدة : 4090
-----------------------------------
حاليَ حالُ اليائسِ الرّاجي،
وإنّما أرْجِعُ أدراجي
إذا رَأيتُ الخيرَ في رَقْدَتي،
عَدَدْتُها ليلةَ مِعْراجي
إنْ قمتُ من غُبرةِ هذا الثّرى،
أهدى إلى خضراءَ مِئراج
فالحمْدُ للَّه على نِعْمَةٍ،
تُعقِبُ من ضَنكٍ وإحراجِ
لو أنني البِرجِيسُ، أو جارُهُ،
نَزَلْتُ من أرْفع أبراج
ما أُمّ سرْياحٍ، إذا ما غَدَتْ،
مُورِثَتي أدْمُعَ درّاج
يَنسى الفتى الحربيُّ، في قبرِهِ،
أيّامَ إلجامٍ وإسراج
وخَوضَهُ في نفَيانِ الوغى،
على طَمُوح الطَّرْفِ هرّاج
وخضْبَهُ الأبيضَ، مُستأنساً،
بأسْوَدٍ، للهَولِ، فرّاج
يفُضُّ ما أذهبَ من قوْنسٍ،
بزِئبقٍ، يمتدُّ، رجْراج
أشلَّ، أو أعرجَ، دهرٌ عدا،
فوارِساً، عن شكّ أعراج
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وصفتُكَ، فابتهجتَ، وقلتَ خيراً،
وصفتُكَ، فابتهجتَ، وقلتَ خيراً،
رقم القصيدة : 4091
-----------------------------------
وصفتُكَ، فابتهجتَ، وقلتَ خيراً،
لتجزيَني، فأدْركني ابتهاجي
إذا كان التّقارضُ من مُحالٍ،
فأحسنُ من تمادُحِنا التَّهاجي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا أثْنى عليّ المرءُ، يوماً،
إذا أثْنى عليّ المرءُ، يوماً،
رقم القصيدة : 4092
-----------------------------------
إذا أثْنى عليّ المرءُ، يوماً،
بخيرٍ ليسَ فيّ، فذاك هاجٍ
وحقّيَ، إن أساءَ بما افتراهُ،
فلؤمٌ من غريزتيَ ابتهاجي(39/413)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدا النّاسُ كلّهمُ في أذىً،
غدا النّاسُ كلّهمُ في أذىً،
رقم القصيدة : 4093
-----------------------------------
غدا النّاسُ كلّهمُ في أذىً،
فزُجّ حياتَك فيمن يُزَجّ
ولا تطْلُبَنّ اللُّبابَ الصّريح،
فقد سِيط عالَمُنا، وامتزجْ
ألم ترّ أنّ طويلَ القرِيـ
ـضِ من متقاربهِ، والهزَجْ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما مضى نَفَسٌ، فاحسَبَنْهُ
إذا ما مضى نَفَسٌ، فاحسَبَنْهُ
رقم القصيدة : 4094
-----------------------------------
إذا ما مضى نَفَسٌ، فاحسَبَنْهُ
كالخيطِ، من ثوبِ عُمرٍ، نَهَجْ
وإنْ هاجكَ الدّهرُ، فاصبرْ له،
وعِشْ ذا وقارٍ، كأنْ لم تُهَجْ
فكم جمرةٍ خمدَتْ، فانقضتْ،
وكان لها منذُ حينٍ وَهَجْ
فيا قائدَ الجيش خفّضْ عليكَ،
في غير حظّك يعلو الرَّهجْ
زمانٌ حباكَ قليلَ العطاءِ،
ما زالَ يُكثِرُ أخْذَ المُهَج
فلا تُودِ أنفسَنا، حَسبُنا
قضاءٌ، له بأذانا لَهَجْ
أعِنْ باكياً، لجّ في حزنه؛
وسلْ ضاحكَ القوم مِمّ ابتهج؟
وعالمُنا المنتهي كالصبيّ،
قيلَ له، في ابتداءٍ، تَهجّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُشَجُّ بنو آدمٍ بالصّخور؛
يُشَجُّ بنو آدمٍ بالصّخور؛
رقم القصيدة : 4095
-----------------------------------
يُشَجُّ بنو آدمٍ بالصّخور؛
وإنّ المدامَ بماءٍ تُشَجّ
فما نَزلَ اليُمْنُ في شَربها،
ولا في وعاءِ سُلافٍ نَشَجْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يقولُ لكَ: انعمْ مُصبحاً، متودِّدٌ
يقولُ لكَ: انعمْ مُصبحاً، متودِّدٌ
رقم القصيدة : 4096
-----------------------------------
يقولُ لكَ: انعمْ مُصبحاً، متودِّدٌ
إليكَ، وخيرٌ منه أغلبُ، أصبَحُ
رَجوتَ بقُربٍ، من خليلكَ، مرحباً،
وبُعدُكَ منه، في الحقائق، أربحُ
إذا أنت لم تهربْ من الإنْس، فاعترف
بطُلسٍ تَعاوى، أو ثعالبَ تَضبح
ومارس، بحُسن الصّبر، بلواك، إن هُمُ(39/414)
أتَوا بقبيحٍ، فالّذي جِئْتَ أقبح
تروحُ إلى فعْلِ السّفيهِ وتغتدي،
وتُمْسي على غيرِ الجميل، وتُصبح
كأنّ خطوبَ الدّهر بحرٌ، فمن يمُت
بفَرطِ صَداهُ، فهو في اللُّجّ يَسبَح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصاحِ! هي الدّنْيا تُشابهُ مَيتةً؛
أصاحِ! هي الدّنْيا تُشابهُ مَيتةً؛
رقم القصيدة : 4097
-----------------------------------
أصاحِ! هي الدّنْيا تُشابهُ مَيتةً؛
ونحنُ حواليها الكلابُ النّوابحُ
فمن ظلّ منها آكلاً، فهو خاسرٌ،
ومن عاد عنها ساغباً، فهو رابح
ومن لم تبيّتْهُ الخطوبُ، فإنّهُ
سيَصْبَحُهُ من حادث الدّهر صابح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد سنحتْ لي فكرةٌ بارحيةٌ،
لقد سنحتْ لي فكرةٌ بارحيةٌ،
رقم القصيدة : 4098
-----------------------------------
لقد سنحتْ لي فكرةٌ بارحيةٌ،
وما زادني، إلاّ اعتباراً، سنوحُها
بربّةِ طَوْقٍ، ما أقلّ جَناحُها
جناحاً، وفي خضر الغصون جنوحُها
وهاجَ، حُمَيّاها، أصيلٌ مذكِّرٌ،
تغنّيه شَجْواً، أو غداةٌ تنوحُها
وتلكَ، لعمري، شيمةٌ أوّليّةٌ،
تَوارثَها شِيثُ الحَمامِ ونُوحُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد برحتْ طيرٌ ولستُ بعائفٍ،
لقد برحتْ طيرٌ ولستُ بعائفٍ،
رقم القصيدة : 4099
-----------------------------------
لقد برحتْ طيرٌ ولستُ بعائفٍ،
وإن هاجَ لي بعضَ الغرام بُروحُها
أرى هذَياناً، طالَ من كلّ أُمّةٍ،
يَضَمَّنُهُ إيجازُها وشروحها
وأوصالَ جسمٍ، للتّرابِ، مآلُها،
ولم يدرِ دارٍ: أين تذهبُ روحُها؟
ولا بُدّ، يوماً، من غُدُوٍّ مبغَّضٍ،
سنغدوهُ، أو منْ رَوحةٍ سنروحُها
ولو رَضِيتْ، دون النّفوسِ، بغيرِها،
لحُطّتْ بعفوٍ، لا قِصاصَ، جروحها
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> التحديات
التحديات
رقم القصيدة : 410
-----------------------------------
أتحدّى..
من إلى عينيكِ، يا سيّدتي، قد سبقوني
يحملونَ الشمسَ في راحاتهمْ(39/415)
وعقودَ الياسمينِ..
أتحدّى كلَّ من عاشترتِهمْ
من مجانينَ، ومفقودينَ في بحرِ الحنينِ
أن يحبّوكِ بأسلوبي، وطيشي، وجنوني..
أتحدّى..
كتبَ العشقِ ومخطوطاتهِ
منذُ آلافِ القرونِ..
أن ترَيْ فيها كتاباً واحداً
فيهِ، يا سيّدتي، ما ذكروني
أتحدّاكِ أنا.. أنْ تجدي
وطناً مثلَ فمي..
وسريراً دافئاً.. مثلَ عيوني
أتحدّاهُم جميعاً..
أن يخطّوا لكِ مكتوبَ هوىً
كمكاتيبِ غرامي..
أو يجيؤوكِ -على كثرتهم-
بحروفٍ كحروفي، وكلامٍ ككلامي..
أتحداكِ أنا أن تذكُري
رجلاً من بينِ من أحببتهم
أفرغَ الصيفَ بعينيكِ.. وفيروزَ البحورْ
أتحدّى..
مفرداتِ الحبِّ في شتّى العصورْ
والكتاباتِ على جدرانِ صيدونَ وصورْ
فاقرأي أقدمَ أوراقَ الهوى..
تجديني دائماً بينَ السطورْ
إنني أسكنُ في الحبّ..
فما من قبلةٍ..
أُخذتْ.. أو أُعطيتْ
ليسَ لي فيها حلولٌ أو حضورْ...
أتحدّى أشجعَ الفرسانِ.. يا سيّدتي
وبواريدَ القبيلهْ..
أتحدّى من أحبُّوكِ ومن أحببتِهمْ
منذُ ميلادكِ.. حتّى صرتِ كالنخلِ العراقيِّ.. طويلهْ
أتحدّاهم جميعاً..
أن يكونوا قطرةً صُغرى ببحري..
أو يكونوا أطفأوا أعمارَهمْ
مثلما أطفأتُ في عينيكِ عُمري..
أتحدّاكِ أنا.. أن تجدي
عاشقاً مثلي..
وعصراً ذهبياً.. مثلَ عصري
فارحلي، حيثُ تريدينَ.. ارحلي..
واضحكي،
وابكي،
وجوعي،
فأنا أعرفُ أنْ لنْ تجدي
موطناً فيهِ تنامينَ كصدري..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعاذلتي! إنّ الحسانَ قِباحُ؛
أعاذلتي! إنّ الحسانَ قِباحُ؛
رقم القصيدة : 4100
-----------------------------------
أعاذلتي! إنّ الحسانَ قِباحُ؛
فهلْ لظلام العالمين صباحُ؟
يسمّي، ابنَهُ كِسرى، فقيرٌ ممارسٌ
شَقاءً، وأسماءُ البنينَ تُباحُ
وربَّ مسمّى عنبراً، وهو مُوهِتٌ،
وليثاً، وفيه، أن يَهِيجَ، نُباح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا أيها النّاس! جازَ المدحُ قدرَكمُ،
يا أيها النّاس! جازَ المدحُ قدرَكمُ،
رقم القصيدة : 4101(39/416)
-----------------------------------
يا أيها النّاس! جازَ المدحُ قدرَكمُ،
وقصّرت، عن مدى مولاكمُ، المِدَحُ
إذا استعانوا بأقداحٍ، لها قيمٌ،
على المُدامَةِ، فالإثمُ الذي قدَحوا
وعندَهُمْ مُسْمِعاتٌ، يأذنونَ لها؛
ما للمسامع عمّا قلنَ مُنتَدَحُ
قالوا: غدونَ مُصيباتِ الغناءِ لنا،
وتلك عندي مصيباتٌ لهمْ فُدُحُ
عنِ الطّواويسِ ما يلبسن مُسترَقٌ؛
وهنّ بعدُ قماريُّ الضّحى الصُّدحُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا مُشرِعَ الرّمحِ في تثبيتِ مملكةٍ،
يا مُشرِعَ الرّمحِ في تثبيتِ مملكةٍ،
رقم القصيدة : 4102
-----------------------------------
يا مُشرِعَ الرّمحِ في تثبيتِ مملكةٍ،
خيرٌ من المارِنِ الخَطّيِّ مِسباحُ
يزيدُ ليْلُكَ إظلاماً إلى ظُلَمٍ،
فما لهُ، آخِرَ الأيّامِ، إصباحُ
لا يعتِمُ الجنحُ في مثوى أخي نُسُكٍ،
وكلّما قال شيئاً، فهو مصباحُ
أموالُنا في تٌقانا، لا رُؤوسَ لها؛
فكيفَ تؤمَلُ، عند اللَّهِ، أرْباح؟
ونحنُ في البحْرِ، ما نجّتْ سفائنُه،
وكم تقطّعَ، دون العِبر، سُبّاح
وسوفَ نُنسى، فنُمسي، عندَ عارِفنا،
وما لنا، في أقاصي الوهم، أشباح
تغيّرَ الدّهُر، حتى لو شحا أسدٌ،
لقيلَ: كشَّ خلالَ القومِ رُبّاح
ليثُ النّزالِ، ولكن، في منازلِه،
كلبٌ، على فضلاتِ الزّادِ، نبّاح
تجرّعَ، الموْتَ، نَحّارٌ لأينقهِ،
إذا شتا، ولفارِ المسكِ ذبّاح
يجودُ بالتّبرِ إنْ أصحابُهُ بخِلوا،
ويكتُمُ السّر، إن خُزّانُهُ باحوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تجمّعَ أهلُهُ زُمَراً إليه،
تجمّعَ أهلُهُ زُمَراً إليه،
رقم القصيدة : 4103
-----------------------------------
تجمّعَ أهلُهُ زُمَراً إليه،
وصاحت عِرسُه: أودى فصاحوا
تُخاطِبُنا، بأفواه المنايا،
من الأيّامٍ، ألسِنةٌ فِصاحُ
نصحتُكمُ: أهينوا أمَّ دَفرٍ،
فما يبقى لكم، مِنها، نِصاحُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَطيحُ، ولا نطيقُ دِفاعَ أمرٍ،(39/417)
نَطيحُ، ولا نطيقُ دِفاعَ أمرٍ،
رقم القصيدة : 4104
-----------------------------------
نَطيحُ، ولا نطيقُ دِفاعَ أمرٍ،
فكيف يروعُنا الغادي النّطِيحُ
ولم يَكُ أهلُ خَيْبَرَ أهلَ خُبْرٍ،
بما لاقى السَّلالِمُ والوَطيحُ
وجَدْتُ الغيبَ، تجهلُهُ البرايا،
فما شِقٌّ، هُديتَ، وما سطيح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اقنعْ بما رضيَ التّقيُّ لنفسِهِ،
اقنعْ بما رضيَ التّقيُّ لنفسِهِ،
رقم القصيدة : 4105
-----------------------------------
اقنعْ بما رضيَ التّقيُّ لنفسِهِ،
وأباحَهُ لك، في الحياةِ، مبيحُ
مِرآةُ عقلك، إن رأيتَ بها سوى
ما في حِجاكَ، أرَته، وهو قبيح
أسنى فِعالِك ما أردْتَ بفعلِه
رشَداً، وخيرُ كلامك التسبيحُ
إنّ الحوادثَ ما تزالُ لها مُدىً؛
حَمَلُ النجوم ببعضهنّ ذَبيح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أستقبحُ الظاهرَ من صاحبي؛
أستقبحُ الظاهرَ من صاحبي؛
رقم القصيدة : 4106
-----------------------------------
أستقبحُ الظاهرَ من صاحبي؛
وما يُواري صَدْرُهُ أقبحُ
سُبِبْتَ بالكلبِ، فأنكَرْتَهُ،
والكلبُ خيرٌ منك، إذ يَنبَح
صلّى الفتى الجمعةَ، ثمّ انثنى
لذارعٍ، في مِسحِه، يذبح
يُعطى به التّاجرُ أرباحَهُ،
وتاجِرُ الخُسرَانِ لا يربح
فليْتني عِشْتُ بداويّةٍ،
حرباؤها، في عُودِهِ، يشبَح
يصدى بها الرّكبُ، وأعلامُها،
كأنّها، في آلِها، تسبَحُ
أو بتُّ، في صَهوةَ، مستوطِناً،
أُمسي، مع الأغفار، أو أُصبح
والنّفسُ كالجامح، فلْيثْنِها
لُبٌّ، أوابي لُجْمهِ تُكبح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المرءُ، حتى يُغَيَّبَ الشّبَحُ،
المرءُ، حتى يُغَيَّبَ الشّبَحُ،
رقم القصيدة : 4107
-----------------------------------
المرءُ، حتى يُغَيَّبَ الشّبَحُ،
مُغتبِقٌ هَمَّهُ، ومُصْطَبِحُ
والخَلقُ حيتانُ لُجّةٍ لَعِبَتْ،
وفي بِحارٍ، من الأذى، سبحوا
لا تحفِلنْ هَجْوَهمْ ومدحَهُمُ؛(39/418)
فإنّما القوْمُ أكلُبٌ نُبُحُ
ولا تهَبْ أُسدَهُمْ، إذا زأرُوا؛
وقُل: تداعت ثَعالبٌ ضُبُح
وهمْ، من المْوتِ، أهلُ منزلةٍ،
إن لم يُراعوا بطارقٍ صُبِحوا
لم يَفطُنوا للجميلِ، بل جُبِلوا
على قبيحٍ، فما لهمْ قُبِحوا؟
فمنْ لِتَجْرِ الوداد، إنّهُمُ
لا خَسِرُوا، عندهمْ، ولا رَبحوا
أقلُّ منهم، شرّاً ومُرزيةً،
ما ركبوا، للسُّرى، وما ذبَحوا
فليتهُمْ كالبهائم اعترفُوا
لُجْماً، إذا بان زَيغُهُمْ كُبِحوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا كاذباً! لا يَجوزُ زائفُهُ،
يا كاذباً! لا يَجوزُ زائفُهُ،
رقم القصيدة : 4108
-----------------------------------
يا كاذباً! لا يَجوزُ زائفُهُ،
وما عليه، من فضّةٍ، وضَحُ
كشّفتُ عمّا تقولُ مُجتهِداً،
لعلّ حقّاً، لطالبٍ، يضحُ
فكلّما هذّبتْكَ تجربةٌ،
أنشأتَ، للباحثينَ، تَفْتضِحُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد علِموا أنْ سيُخطفُ الشّبحُ،
قد علِموا أنْ سيُخطفُ الشّبحُ،
رقم القصيدة : 4109
-----------------------------------
قد علِموا أنْ سيُخطفُ الشّبحُ،
فاغتَبقوا بالمدامِ واصطبَحوا
ما حَفِظوا جارةً، ولا فعلوا
خيراً، ولا في مكارمٍ رَبِحوا
غالوا بأثْوابِهمْ، فما حَسُنوا،
في ذهَبيّ اللّباسِ، بل قبُحوا
دَعَوْا إلى اللَّه كي يُجيبَهُمُ،
سِيّانِ همْ والخواسىءُ النُّبحُ
كم قتَلوا عاتقاً، وكم جَرحوا
دَنّاً، وكم فارَ تاجرٍ ذبَحوا
لا تغبِطِ القوْمَ، في ضَلالتهِمُ،
وإنْ رُؤوا، في النّعيم، قد سبحوا
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
رقم القصيدة : 411
-----------------------------------
1
.. عندما قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب،
فكرت كثيرا..
ما الذي تجدي اعترافاتي؟
وقبلي كتب الناس عن الحب كثيرا..
صوروه فوق حيطان المغارات،
وفي أوعية الفخار والطين، قديما
نقشوه فوق عاج الفيل في الهند..(39/419)
وفوق الورق البردي في مصر ،
وفوق الرز في الصين..
وأهدوه القرابين، وأهدوه النذورا..
عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق.
ترددت كثيرا..
فأنا لست بقسيس،
ولا مارست تعليم التلاميذ،
ولا أؤمن أن الورد..
مضطر لأن يشرح للناس العبيرا..
ما الذي أكتب يا سيدتي؟
إنها تجربتي وحدي..
وتعنيني أنا وحدي..
إنها السيف الذي يثقبني وحدي..
فأزداد مع الموت حضورا..
2
عندما سافرت في بحرك يا سيدتي..
لم أكن أنظر في خارطة البحر،
ولم أحمل معي زورق مطاط..
ولا طوق نجاة..
بل تقدمت إلى نارك كالبوذي..
واخترت المصيرا..
لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور..
عنواني على الشمس..
وأبني فوق نهديك الجسورا..
3
حين أحببتك..
لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا
أصبح جمرا مستديرا..
وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد..
يأتي بالملايين ليلقي في شواطينا البذورا..
وبأن السرو قد زاد ارتفاعا..
وبأن العمر قد زاد اتساعا..
وبأن الله ..
قد عاد إلى الأرض أخيرا..
4
حين أحببتك ..
لاحظت بأن الصيف يأتي..
عشر مرات إلينا كل عام..
وبأن القمح ينمو..
عشر مرات لدينا كل يوم
وبأن القمر الهارب من بلدتنا..
جاء يستأجر بيتا وسريرا..
وبأن العرق الممزوج بالسكر والينسون..
قد طاب على العشق كثيرا..
5
حين أحببتك ..
صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى..
ومذاق الخبز أحلى..
وسقوط الثلج أحلى..
ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى..
ولقاء الكف بالكف على أرصفة " الحمراء " أحلى ..
والرسومات الصغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى..
وارتشاف القهوة السوداء..
والتدخين..
والسهرة في المسح ليل السبت..
والرمل الذي يبقي على أجسادنا من عطلة الأسبوع،
واللون النحاسي على ظهرك، من بعد ارتحال الصيف،
أحلى..
والمجلات التي نمنا عليها ..
وتمددنا .. وثرثرنا لساعات عليها ..
أصبحت في أفق الذكرى طيورا...
6
حين أحببتك يا سيدتي
طوبوا لي ..
كل أشجار الأناناس بعينيك ..
وآلاف الفدادين على الشمس،(39/420)
وأعطوني مفاتيح السماوات..
وأهدوني النياشين..
وأهدوني الحريرا
7
عندما حاولت أن أكتب عن حبي ..
تعذبت كثيرا..
إنني في داخل البحر ...
وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه
غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا.
8
ما الذي أكتب عن حبك يا سيدتي؟
كل ما تذكره ذاكرتي..
أنني استيقظت من نومي صباحا..
لأرى نفسي أميرا ..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> العلمُ، كالقُفل، إن ألفيتَهُ عَسِراً،
العلمُ، كالقُفل، إن ألفيتَهُ عَسِراً،
رقم القصيدة : 4110
-----------------------------------
العلمُ، كالقُفل، إن ألفيتَهُ عَسِراً،
فخلّه، ثمّ عاودهُ لينفتحا
وقد يخونُ رجاءٌ، بعد خِدْمَتِهِ،
كالغرب خانتْ قواه، بعدما مُتحا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دَعَوْا، وما فيهمُ زاكٍ، ولا أحدٌ
دَعَوْا، وما فيهمُ زاكٍ، ولا أحدٌ
رقم القصيدة : 4111
-----------------------------------
دَعَوْا، وما فيهمُ زاكٍ، ولا أحدٌ
يخشى الإلهَ، فكانوا أكلُباً نُبُحا
وهل أجلُّ قتيلٍ، من رجالِهمُ،
إذا تُؤُمّلَ، إلاّ ماعِزٌ ذُبحا؟
خيرٌ من الظّالمِ الجبّارِ، شيمتُهُ
ظلمٌ وحيْفٌ، ظليمٌ يرْتعي الذُّبَحا
وليسَ عندَهُمُ دينٌ ولا نُسُكٌ،
فلا تغرّك أيدٍ تحمِلُ السُّبَحا
وكم شُيوخٍ غدّوْا، بِيضاً مفارقُهمْ،
يُسبِّحونَ، وباتوا في الخنى سُبُحا
لو تعقِلُ الأرضُ ودّتْ أنها صَفِرَتْ
منهم، فلم يرَ فيها ناظرٌ شبَحا
ما ثعلبٌ، وابنُ يحيى، مبتغاي به،
وإن تفاصحَ، إلاّ ثعلبٌ ضبحا
أرى ابنَ آدَمَ قضّى عيشةً عجباً،
إنْ لم يُرحْ خاسراً، منها، فما رَبحا
فإن قدرْتَ، فلا تفعلْ سوى حسنٍ،
بين الأنامِ، وجانبْ كلّ ما قبُحا
فحيرةُ المُلْكِ خِلْتُ المنذِرَين، بها،
لم يُغبقا الرّاحَ، في عِزٍّ، ولا صُبِحا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قلّمْتُ ظِفريَ، تاراتٍ، وما جسدي
قلّمْتُ ظِفريَ، تاراتٍ، وما جسدي
رقم القصيدة : 4112
-----------------------------------(39/421)
قلّمْتُ ظِفريَ، تاراتٍ، وما جسدي
إلاّ كذاكَ، متى ما فارقَ الرّوحا
ومن تأمّلَ أقوالي رأى جُمَلاً،
يظلُّ، فيهنّ، سرُّ الناسِ مشروحا
إنّ الحياةَ لمفرُوحٌ بها، طَلَقاً،
يُغادرُ الخلَدَ الجَذلانَ مقروحا
قد ادّعيتُمْ، فقلنا: أين شاهدُكم؟
فجاءَ من باتَ، عند اللُّبّ، مجروحا
إن صحّ تعذيبُ رمسٍ من يُحلُّ به،
فجنّبانيَ ملحوداً ومضروحا
الوحشُ والطّيرُ أوْلى أن تنازَعَني،
فغادراني، بظهرِ الأرض، مطروحا
شُدّا عليّ دَريساً، كي يواريَني،
ثمّ اغدُوَا بسلام اللَّه، أو رُوحا
يا نفسِ! يا طائراً في سجنِ مالِكه،
لَتُصْبِحَنّ، بحمدِ اللَّهِ، مسروحا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجبي للطبيب يُلحِدُ في الخا
عجبي للطبيب يُلحِدُ في الخا
رقم القصيدة : 4113
-----------------------------------
عجبي للطبيب يُلحِدُ في الخا
لقِ، من بعد درْسهِ التّشريحا
ولقد عُلّمَ المنجّمُ ما يو
جَبُ، للدّين، أن يكونَ صريحا
من نجومٍ ناريّةٍ، ونجومٍ
ناسبَتْ تُرْبةً وماءً وريحا
فَطِنُ الحاضرينَ من يفهمُ التّعـ
ـريضَ، حتى يظنُّهُ تصريحا
رُبّ روحٍ، كطائرِ القَفصِ المسـ
ـجونِ، ترجو بمَوتِها التّسريحا
فرَّحوكم بباطلٍ، شيمةُ الخمـ
ـرِ، فمَهلاً! لا أوثِرُ التَّفريحا
كيفَ لي أن أكونَ، في داريَ الأخـ
ـرى، معافًى من شِقوةٍ، مستريحا
ذا اقتناعٍ، كما أنا اليومَ فيه،
أو أُخلّى، فلا أرِيمُ الضّريحا
عجباً لي! أعصي، من الجَهل، عقلي،
ويظلُّ السّليمُ، عندي، جريحا
مثلُ قيسٍ، غداة فارقَ لبُنى،
عاد يشكو، فيما جناهُ، ذريحا
يتكنّى، أبا الوفاءِ، رجالٌ،
ما وجدنا الوفاءَ إلاّ طريحا
وأبو جَعْدَةٍ، ذُؤالةُ، مَنْ جعـ
ـدَةُ؟ لا زالَ حاملاً تتريحا
وابنَ عِرسٍ عرَفتُ وابنَ بريحٍ
ثمّ عِرساً جهلتُه، وبريحا
ومنَ اليُمنِ، للفتى، أن يجيءَ الـ
ـموتُ، يسعى إليه سَعياً سريحا
لم يمارسْ، من السّقام، طويلاً،
ومَضى، لم يكابدِ التَّبريحا(39/422)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني
غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني
رقم القصيدة : 4114
-----------------------------------
غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني
لتسمعَ أنباءَ الأمورِ الصحائحِ
فلا تأكُلْن ما أخرجَ الماء، ظالماً،
ولا تبغِ قوتاً من غريض الذّبائحِ
وأبيَضَ أُمّاتٍ، أرادتْ صريحَه
لأطفالها، دون الغواني الصّرائح
ولا تفجَعَنّ الطّيرَ، وهيَ غوافلٌ،
بما وضعتْ، فالظّلمُ شرُّ القبائح
ودعْ ضرَبَ النّحل، الذي بكَرت له،
كواسِبَ منْ أزهارِ نبتٍ فوائح
فما أحرزَته كي يكونَ لغيرِها،
ولا جمَعَتْهُ للنّدى والمنائح
مسحْتُ يدي من كلّ هذا، فليتني
أبَهْتُ لشأني، قبل شيب المسائح
بَني زمني، هل تعلمون سرائراً،
علمتُ، ولكني بها غيرُ بائح؟
سريتمْ على غَيٍّ، فهلاّ اهتدَيتمُ
بما خيّرَتْكُمْ صافياتُ القرائح
وصاحَ بكم داعي الضّلال، فما لكم
أجَبتمْ، على ما خيّلتْ، كلَّ صائح؟
متى ما كشَفْتمْ عن حقائقِ دِينِكمْ،
تكشّفتمُ عن مُخزياتِ الفضائح
فإن تَرشُدوا لا تخضبوا السّيفَ من دمٍ،
ولا تُلزِموا الأميالَ سَبرَ الجرائح
ويُعجبني دأبُ الذينَ ترهَبوا،
سوى أكلِهمْ كدَّ النفوسِ الشّحائح
وأطيبُ منهم مطعماً، في حياته،
سُعاةُ حلالٍ، بين غادٍ ورائح
فما حبسَ النّفسَ المسيحُ تعبُّداً،
ولكن مشى، في الأرض، مِشيةَ سائح
يغيّبُني، في التُّربِ، من هو كارهُ،
إذا لم يغيّبْني كَريهُ الرّوائح
ومن يَتوقّى أنْ يجاورَ أعظُماً،
كأعظُمِ تلكَ الهالكاتِ الطّرائح
ومن شرّ أخلاقِ الأنيسِ، وفعلِهم،
خُوارُ النّواعي والْتِدامُ النّوائح
وأصفَحُ عن ذنبِ الصّديقِ وغيره،
لسكنايَ بيتَ الحقّ بينَ الصّفائح
وأزهدُ في مدح الفتى، عند صِدْقهِ،
فكيفَ قبولي كاذباتِ المدائح!
وما زالتِ النّفسُ اللّجوجُ مطيةً،
إلى أن غدتْ إحدى الرّذايا الطّلائح
وما يَنْفَعُ الانسانَ أنّ غمائماً(39/423)
تَسُحُّ عليهِ، تحتَ إحدى الضّرائح
ولو كان، في قُربٍ من الماءِ، رغبةٌ،
لنافسَ ناسٌ في قبورِ البطائح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمَا وفؤادٍ بالغرام قريحِ،
أمَا وفؤادٍ بالغرام قريحِ،
رقم القصيدة : 4115
-----------------------------------
أمَا وفؤادٍ بالغرام قريحِ،
ودمعٍ بأنواع الهمومِ سريحِ
لقد غَرّتِ الدّنْيا بَنِيها بمذْقِها،
وإن سمَحُوا من ودّها بصريح
أليلى، وكلٌّ أصبحَ ابنَ مُلَوَّحٍ؛
ولبُنى، وما فينا سوى ابنِ ذَريح
وفي كلّ حينٍ يونُسُ القوم آيةٌ
بشخصٍ قتيلٍ، أو بشخص جريح
ولم يطّرِحْكَ المرءُ عنه لِعِبرَة
يراها بمرفوتِ العظام، طريح
وليسَ لنا، في مدة العيشِ، راحةٌ،
فكيفَ بموتٍ، من أذاك، مُريح
وتَعقدُ سلوانَ الفتى عنك نفسُه
بأذيال بَرْقٍ، أو دَوائبِ ريح
وما زال، في بلواكِ، مذْ يوم وضعه
عليك، إلى أن عادَ رهنَ ضريح
طلبتُ شفاءً منك، واهتجت سائلاً
بذاك أبا سلمان، وابنَ بريح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجِبتُ للمرْءِ، إذ يَسْقي حليلَتَهُ
عجِبتُ للمرْءِ، إذ يَسْقي حليلَتَهُ
رقم القصيدة : 4116
-----------------------------------
عجِبتُ للمرْءِ، إذ يَسْقي حليلَتَهُ
سُلافةً، وهو منها تائِبٌ صاح
كأنّها إذْ تحسّتْ، ثمّ، أربعةً،
أو خمسةً، شردتْ عنهُ بصَحصاح
كانت ضعيفةَ عقلٍ، فاستزادَ لها
في ضَعفِهِ، ضدّ عُذّالٍ ونُصّاح
وكان في لفظِها عَيٌّ فأيّده،
فلم تُخبّره عن شيءٍ بإفصاح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> من عاشرَ النّاسَ لم يُعدَمِ نِفاقَهُمُ،
من عاشرَ النّاسَ لم يُعدَمِ نِفاقَهُمُ،
رقم القصيدة : 4117
-----------------------------------
من عاشرَ النّاسَ لم يُعدَمِ نِفاقَهُمُ،
فما يفوهونَ، منْ حقٍّ، بتصريحِ
فاعجبْ لتحريق أهلِ الهندِ مَيْتَهُمُ،
وذاك أروحُ من طولِ التّباريحِ
إن حرّقوهُ فما يخشَونَ من ضَبُعٍ
تسري إليه، ولا خَفيٍ وتطريح(39/424)
والنّارُ أطيبُ من كافورِ ميّتِنا
غِبّاً، وأذهبُ للنّكراءِ والرّيح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كفَتْكَ حَوادثُ الأيّام قتلاً،
كفَتْكَ حَوادثُ الأيّام قتلاً،
رقم القصيدة : 4118
-----------------------------------
كفَتْكَ حَوادثُ الأيّام قتلاً،
فلا تعرِضْ لسيفٍ، أو لرُمْحِ
تراضى أهلُ دهرِكَ بالمخازي،
فكيفَ تعيبُ رامقةً بلمح؟
وأصحابُ الشّريفِ، ولا تَساوٍ،
كأصحاب ابنِ زرعةَ وابن سمح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أهاتفةَ الأيكِ خَلّي الأنام،
أهاتفةَ الأيكِ خَلّي الأنام،
رقم القصيدة : 4119
-----------------------------------
أهاتفةَ الأيكِ خَلّي الأنام،
ولا تَثلِبيهِ ولا تمدَحي
وإن كنتِ شاديةً، فاصمتي؛
وإن كنتِ باكيةً، فاصْدَحي
كدَحْنا لفانيةٍ حُلوةٍ؛
فكيفَ نلومُكِ إنْ تكدحي
وإنْ حملَتْ راحتي راحَها،
بأقداحِها، لم تفزْ أقدُحي
وما يُضْحكُ السنّ في دَهْرِها؟
كأنّ المصائبَ لم تفدَح
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> تجليات صوفيه
تجليات صوفيه
رقم القصيدة : 412
-----------------------------------
1
عندما تسطع عيناك كقنديل نحاسي،
على باب ولي من دمشق
أفرش السجادة التبريز في الأرض وأدعو للصلاه..
وأنادي، ودموعي فوق خدي: مدد
يا وحيدا.. يا أحد..
أعطني القوة كي أفنى بمحبوبي،
وخذ كل حياتي..
2
عندما يمتزج الأخضر، بالأسود، بالأزرق،
بالزيتي، بالوردي، في عينيك، يا سيدتي
تعتريني حالة نادره..
هي بين الصحو والإغماء، بين الوحي والإسراء،
بين الكشف والإيماء، بين الموت والميلاد،
بين الورق المشتاق للحب.. وبين الكلمات..
وتناديني البساتين التي من خلفها أيضاً بساتين،
الفراديس التي من خلفها أيضا فراديس،
الفوانيس التي من خلفها أيضا فوانيس..
التي من خلفها أيضا زوايا، وتكايا، ومريدون
وأطفال يغنون.. وشمع .. وموالد ..
وأرى نفسي طيور من ذهب..
وسماء من ذهب
ونوافير يثرثرن بصوت من ذهب(39/425)
وأرى، فيما يرى النائم، شباكين مفتوحين..
من خلفهما تجري ألوف المعجزات..
3
عندما يبدأ في الليل، احتفال الصوت والضوء..
بعينيك .. وتمشي فرحا كل المآذن..
يبدأ العرس الخرافي الذي ما قبله عرس..
وتأتي سفن من جزر الهند، لتهديك عطورا وشموسا.
عندها..
يخطفني الوجد إلى سبع سماوات..
لها سبعة أبواب..
لها سبعة حراس..
بها سبع مقاصير.
بها سبع وصيفات..
يقدمن شرابا في كؤوس قمريه..
ويقدمن لمن مات على العشق،
مفاتيح الحياة السرمدية..
وإذا بالشام تأتيني .. نهورا.. ومياها..
وعيونا عسليه..
وإذا بي بين أمي، ورفاقي،
وفروضي المدرسيه..
فأنادي، ودموعي فوق خدي:
مدد!
يا وحيدا، يا أحد
أعطني القدرة كي أصبح في علم الهوى..
واحدا من أولياء " الصالحيه "...
4
عندما يرتفع البحر بعينيك كسيف أخضر في الظلمات
تعتريني رغبة للموت مذبوحا على سطح المراكب
وتناديني مسافات..
تناديني بحيرات...
تناديني كواكب..
عندما يشطرني البحر إلى نصفين..
حتى تصبح اللحظة في الحب، جميع اللحظات..
ويجيء الماء كالمجنون من كل الجهات..
هادما كل جسوري..
ماحيا كل تفاصيل حياتي..
يتولاني حنين للرحيل
حيث خلف البحر بحر..
ووراء الجزر مد .. ووراء المد جزر..
ووراء الرمل جنات لكل المؤمنين
ومنارات..
ونجم غير معروف..
وعشق غير مألوف ..
وشعر غير مكتوب..
ونهد .. لم تمزقه سيوف الفاتحين.
5
عندما أدخل في مملكة الإيقاع، والنعناع، والماء،
فلا تسعجليني..
فلقد تأخذني الحال، فأهتز كدرويش على قرع الطبول
مستجيرا بضريح السيد الخضر . وأسماء الرسول ..
عندما يحدث هذا..
فبحق الله، يا سيدتي، لا توقظيني.
واتركيني..
نائما بين البساتين التي أسكرها الشعر، وماء الياسمين
علني أحلم في الليل بأني..
صرت قنديلا على باب ولي من دمشق..
6
عندما تبدأ في عينيك آلاف المرايا بالكلام
ينتهي كل كلام..
وأراني صامتا في حضرة العشق،
ومن في حضرة العشق يجاوب؟
فإذا شاهدتني منخطف اللون، غريب النظرات..(39/426)
وإذا شاهدتني أقرأ كالطفل صلاتي..
وعلى رأسي فراشات. وأسراب حمام..
فأحبيني، كما كنت، بعنف وجنون..
واعصري قلبي، كالتفاحة الحمراء، حتى تقتليني..
وعلى الدنيا السلام...
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إلى النُّسُك ارْتحْ، وأصحابِهِ،
إلى النُّسُك ارْتحْ، وأصحابِهِ،
رقم القصيدة : 4120
-----------------------------------
إلى النُّسُك ارْتحْ، وأصحابِهِ،
إذا فاتِكُ القوْمِ لم يرْتَحِ
وإن قرعَ البابَ غاوٍ عليـ
ـكَ، فزدْهُ وثاقاً ولا تفتحِ
أخوك امرؤٌ يستحيه الـ
ـديق، وآفتُهُ أنّه يستحي
رأيتُ الفتى يُلتحى غصنُهُ،
فيهلِكُ من قبلِ أنْ يلتحي
وما كتبتهُ يدٌ للزّمان،
فعنْ يدهِ مرةً يمتحي
وكم بدأ الحيُّ في حاجةٍ،
فأعجلَهُ قدَرٌ ينتحي
كما مُلىء الغَرْبُ من مائِهِ،
وخُلّيَ في الجَفر لم يُمتح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بوارِقُ للحابِ لا للسّحابِ،
بوارِقُ للحابِ لا للسّحابِ،
رقم القصيدة : 4121
-----------------------------------
بوارِقُ للحابِ لا للسّحابِ،
طرِبتَ إلى ضوءِ لمّاحِها
أرى الخمرَ تجْمَحُ بالشّاربينَ،
فلا تُخدَعنّ بإسماحها
وكم طمحت باللبيب الأريبِ،
فأُسقِطَ عن ظهرِ طمّاحها
وليس الزّجاجُ زجاجَ الخطوب،
ولكنْ أسنّة أرماحها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سمعي مُوقًّى، سالمٌ،
سمعي مُوقًّى، سالمٌ،
رقم القصيدة : 4122
-----------------------------------
سمعي مُوقًّى، سالمٌ،
فقُلِ الصّوابَ ولا تَصِحْ
من قبلِ يومِ حليمةٍ
حَلِمَ الأديمُ، فما يَصِحّ
والمرءُ في تركيبِه،
غَضَبٌ يهيجُ، إذا نُصح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعوذُ باللَّهِ من أُولي سَفَهٍ،
أعوذُ باللَّهِ من أُولي سَفَهٍ،
رقم القصيدة : 4123
-----------------------------------
أعوذُ باللَّهِ من أُولي سَفَهٍ،
أن يَعرِفوا عِلّةَ الضّلالِ تُزَحْ
يُسقَونَ راحاً، لهم، معتَّقةً،
لو أنها من قلبيهمْ لنزَحْ(39/427)
بينهُمُ كالغَمامِ شاديةٌ،
تومضُ في ملبسٍ كقوسِ قُزح
يجدُّ، في وصلها، مُلاعِبُها،
وهي لجُلاّسِها تقولُ مُزَح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هي الرّاحُ أهلاً لطولِ الهِجاءِ،
هي الرّاحُ أهلاً لطولِ الهِجاءِ،
رقم القصيدة : 4124
-----------------------------------
هي الرّاحُ أهلاً لطولِ الهِجاءِ،
وإن خصّها معشرٌ بالمِدَحْ
فلا تُعجِبنْكَ عروسُ المُدام؛
ولا يُطرِبنْكَ مُغنٍّ صَدَحْ
ومنْ يفتقِدْ لُبَّهُ، ساعةً؛
فقد مات فيها بخطبٍ فدَح
قبيحٌ بمن عدّ بعضَ البِحارِ،
تغريقُهُ نفسَهُ في قدح
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تنسّكْتَ بعدَ الأربَعينَ ضَرورةً،
تنسّكْتَ بعدَ الأربَعينَ ضَرورةً،
رقم القصيدة : 4125
-----------------------------------
تنسّكْتَ بعدَ الأربَعينَ ضَرورةً،
ولم يبقَ إلاّ أن تقومَ الصّوارخُ
فكيفَ تُرجّي أن تُثابَ، وإنّما
يرى الناسُ فضل النسك والمرء شارخ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تفرّقُوا كي يَقِلّ شرُّكم،
تفرّقُوا كي يَقِلّ شرُّكم،
رقم القصيدة : 4126
-----------------------------------
تفرّقُوا كي يَقِلّ شرُّكم،
فإنّما النّاسُ كلُّهمْ وسخُ
أجْهِلْ بساداتهم، وإن زَعَموا
أنهُمُ، في علومهم، رسخوا
ما فسخوا، بالقبيح، عهدَهُمُ،
ضنّوا، وأمّا بسرّهمُ فسَخوا
قد نُسِخَ الشرعُ في عصورِهمُ،
فليْتهمُ مثلَ شرعِهم نُسخوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا يَفقِدَنْ، خيرَكمْ، مُجالسُكم؛
لا يَفقِدَنْ، خيرَكمْ، مُجالسُكم؛
رقم القصيدة : 4127
-----------------------------------
لا يَفقِدَنْ، خيرَكمْ، مُجالسُكم؛
ولا تكونوا كأنّكُمْ سَبَخُ
ولا كقومٍ حديثُ يومِهمُ،
ما أكلوا، أمسَهم، وما طَبَخوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا عَقَدَتْ عَقداً لياليكَ هذه،
إذا عَقَدَتْ عَقداً لياليكَ هذه،
رقم القصيدة : 4128
-----------------------------------(39/428)
إذا عَقَدَتْ عَقداً لياليكَ هذه،
فإنّ لها من حُكمِ خالِقها فسخا
لعمري لقد طالت على المدلج السُّرى،
وليس يرى في حندسٍ لهباً يُسخا
وجدنا اتّباع الشرع حزماً لذي النُّهى،
ومن جرّبَ الأيّامَ لم ينكر النَّسْخا
فما بالُ هذا العصْرِ مافيه آية
من المَسخ إن كانت يهود رأت مَسخا
وقال، بأحكام التّناسخ، مَعشرٌ
غلوا، فأجازوا الفسخ في ذاك والرّسخا
ومن يعفُ عن ذنبٍ، ويسخُ بنائلٍ،
فخالقُنا أعفى، وراحتُهُ أسخى
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى طِوَلاً عمَّ البرِيّةَ كلّها،
أرى طِوَلاً عمَّ البرِيّةَ كلّها،
رقم القصيدة : 4129
-----------------------------------
أرى طِوَلاً عمَّ البرِيّةَ كلّها،
فيُقْصَرُ بالحكم الإلهيّ، أو يُرْخا
ذكرنا الصّبا والشّرْخَ، ثم ترادفت،
حوادِثُ أنستنا الشّبيبةَ والشَّرخا
وقدْ ينتحي، الزّندَ، الغويُّ بجهله،
فيفضُل، في القَدح، العَفارة والمَرْخا
فإن كنتَ ذا لُبٍّ مكينٍ، فلا تَقِس
بحِمصِكَ والمِيماسِ دِجلةَ والكَرخا
وقد فُجِعتْ بالفرخِ أمْسِ حَمامةٌ،
فما بالُها تُلْفي بموضعها فرخا؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الحب في الجاهليه
الحب في الجاهليه
رقم القصيدة : 413
-----------------------------------
شاءت الأقدار، يا سيدتي،
أن نلتقي في الجاهليه!!..
حيث تمتد السماوات خطوطا أفقيه
والنباتات، خطوطا أفقيه..
والكتابات، الديانات، المواويل، عروض الشعر،
والأنهار، والأفكار، والأشجار،
والأيام، والساعات،
تجري في خطوط أفقيه..
***
شاءت الأقدار..
أن أهواك في مجتمع الكبريت والملح..
وأن أكتب الشعر على هذي السماء المعدنيه
حيث شمس الصيف فأس حجريه
والنهارات قطارات كآبه..
شاءت الأقدار أن تعرف عيناك الكتابه
في صحارى ليس فيها..
نخله..
أو قمر ..
أو أبجديه ...
***
شاءت الأقدار، يا سيدتي،
أن تمطري مثل السحابه
فوق أرض ما بها قطرة ماء
وتكوني زهرة مزروعة عند خط الاستواء..(39/429)
وتكوني صورة شعريه
في زمان قطعوا فيه رءوس الشعراء
وتكوني امرأة نادره
في بلاد طردت من أرضها كل النساء...
***
أو يا سيدتي..
يا زواج الضوء والعتمة في ليل العيون الشركسيه..
يا ملايين العصافير التي تنقر الرمان..
من تنورة أندلسيه..
شاءت الأقدار أن نعشق بالسر..
وأن نتعاطى الجنس بالسر..
وأن تنجبي الأطفال بالسر..
وأن أنتمي - من أجل عينيك -
لكل الحركات الباطنيه..
***
شاءت الأقدار يا سيدتي..
أن تسقطي كالمجدليه..
تحت أقدام المماليك..
وأسنان الصعاليك..
ودقات الطبول الوثنيه..
وتكوني فرسا رائعه..
فوق أرض يقتلون الحب فيها..
والخيول العربيه..
***
شاءت الأقدار أن نذبح يا سيدتي
مثل آلاف الخيول العربيه..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ذكّوا على مذهبِ الكوفيّ أرضَكمُ،
ذكّوا على مذهبِ الكوفيّ أرضَكمُ،
رقم القصيدة : 4130
-----------------------------------
ذكّوا على مذهبِ الكوفيّ أرضَكمُ،
وجانبوا رأيَهُ في مسكرٍ طُبخا
ولا تكُنْ هبة الخَلاّت، عندَكُمُ،
كالغيثِ وافقَ، في إبّانه، السَّبَخا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ماتَ ابنُها صَرختْ بجهلٍ،
إذا ماتَ ابنُها صَرختْ بجهلٍ،
رقم القصيدة : 4131
-----------------------------------
إذا ماتَ ابنُها صَرختْ بجهلٍ،
وماذا تستفيدُ من الصّراخِ؟
ستَتبعُهُ، كعطف الفاءِ ليستْ
بمَهلٍ، أو كثُمّ على التّراخي؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنْ كنتِ يا وَرْقاءُ مَهدِيّةً،
إنْ كنتِ يا وَرْقاءُ مَهدِيّةً،
رقم القصيدة : 4132
-----------------------------------
إنْ كنتِ يا وَرْقاءُ مَهدِيّةً،
فلا تُبنّي الوَكرَ للأفرُخِ
ولا تكوني مثلَ إنْسِيّةٍ،
متى يَنُبْها حادثٌ تصرخُ
وانفردي في بلدٍ عازبٍ
عنّا، وعيشي ذاتَ بالٍ رخي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أحسِنْ بهذا الشّرعِ من ملّةٍ،
أحسِنْ بهذا الشّرعِ من ملّةٍ،
رقم القصيدة : 4133(39/430)
-----------------------------------
أحسِنْ بهذا الشّرعِ من ملّةٍ،
يثبُتُ لا يُنسَخُ فيما نُسخْ
جاءَتْ أعاجيبُ، فوَيْحٌ لنا!
كأنّنا في عالمٍ قد مُسِخ
والجسمُ كالثّوبِ على روحِهِ،
يُنزعُ أن يُخلِقَ، أو يتَّسخْ
والنّجْلُ إن بَرّاً، وإن فاجراً،
كالغصنِ، من أصل أبيه، فُسخ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألم ترَ أنّ الخيرَ يَكسِبُهُ الحِجى
ألم ترَ أنّ الخيرَ يَكسِبُهُ الحِجى
رقم القصيدة : 4134
-----------------------------------
ألم ترَ أنّ الخيرَ يَكسِبُهُ الحِجى
طَريفاً، وأنّ الشرّ في الطبع مُتلَدُ؟
لقد رابني مغدى الفقيرِ، بجَهْلِهِ،
على العَيرِ، ضرباً، ساءَ ما يتقَلّدُ
يحمّلُه ما لا يطيقُ، فإن وَنى،
أحالَ على ذي فَترةٍ يتجَلد
يظلّ كزانٍ مُفترٍ، غيرِ مُحصَنٍ،
يُقامُ عليه الحَدُّ، شَفْعاً، فيُجلَد
تظاهَرُ أبلادُ الرّزايا بظهرِه
وكشْحَيْهِ، فاعذِرْ عاجزاً يتبَلدّ
لنا خالقٌ لا يَمتري العقلُ أنّه
قديمٌ، فما هذا الحديثُ المولدَّ؟
وإن كان زَندُ البِرّ لم يُورِ طائلاً،
فتلكَ زِنادُ الغيّ أكْبَا وأصلدَ
وما سرّني أنّي أصَبْتُ مَعاشِراً
بظلمٍ، وأني في النّعيم مُخلَّد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يكونُ أخو الدنيا ذليلاً، موطَّأً،
يكونُ أخو الدنيا ذليلاً، موطَّأً،
رقم القصيدة : 4135
-----------------------------------
يكونُ أخو الدنيا ذليلاً، موطَّأً،
وإن قيل، في الدهر، الأميرُ المؤيَّدُ
ولا بدّ من خطبٍ يُصيبُ فؤادَهُ
بسَهمٍ، فيُضحي، الصائدَ، المتصيَّد
بقيتُ، وإن كان البقاءُ محبَّباً،
إلى أن ودِدْتُ العيشَ لا يتزيّد
وسرْتُ، وقيدي بالحوادث مُحكَمٌ،
كما سارَ بيتُ الشعرِ، وهو مقيَّد
وما العمرُ إلاّ كالبناءِ، فإن يَزِد
على حدّه، فهو الرّفيعُ المشيَّد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رميتَ ظباءَ القفرِ، كيما تصيدَها،
رميتَ ظباءَ القفرِ، كيما تصيدَها،
رقم القصيدة : 4136(39/431)
-----------------------------------
رميتَ ظباءَ القفرِ، كيما تصيدَها،
ومنْ صادَ عفوَ اللَّه أرمى وأصْيَدُ
أجَدَّك، هل أُنسيتَ صحبَك في السُّرى،
وكلّهمُ، من نَعسةِ الفجر، أغْيَد
كهولٌ عتَوا في سنّهم، وكأنّهمْ
غصونٌ، على مَيسِ الركائب، مُيَّد
إذا الصّبحُ أعطى العينَ عنقودَ كرمةٍ
مُلاحيّةٍ، ما أَمَّلَتْ، أخْذَهُ، اليد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعلّ نجومَ الليلِ تُعمِلُ فِكرَها
لعلّ نجومَ الليلِ تُعمِلُ فِكرَها
رقم القصيدة : 4137
-----------------------------------
لعلّ نجومَ الليلِ تُعمِلُ فِكرَها
لتَعلَمَ سرّاً، فالعيونُ سواهدُ
خرجتُ إلى ذي الدارِ كُرهاً، ورِحلتي
إلى غيرِها بالرّغمِ، واللَّهُ شاهد
فهل أنا فيما بينَ ذيْنك مُجبرٌ،
على عملٍ، أمْ مُستطيعٌ، فجاهد؟
عدمتُكِ يا دنيا، فأهلُكِ أجمعوا
على الجهلِ؛ طاغٍ: مسلمٌ ومُعاهد
فمفتضِحٌ يُبدي ضمائرَ صدْره؛
ومُخفٍ ضميرَ النفسِ، فهو مجاهد
أخو شَيبةٍ طفلُ المُرادِ، وهِمّةٌ،
لها هِمّةٌ، في العيشِ، عذراءُ ناهد
فوا عجباً نقفو أحاديثَ كاذب،
ونترُكُ، من جَهلٍ بنا، ما نشاهد
لقد ضلّ هذا الخلقُ، ما كان فيهمُ،
ولا كائنٌ، حتى القيامةِ، زاهد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّك، عن كيدِ الحوادثِ، راقد،
كأنّك، عن كيدِ الحوادثِ، راقد،
رقم القصيدة : 4138
-----------------------------------
كأنّك، عن كيدِ الحوادثِ، راقد،
وما أمِنَتْهُ، في السّماءِ، الفراقدُ
سيجري، على نيرانِ فارسَ، طارقٌ
فتخمُدُ، والمِرّيخُ، في العينِ، راقد
وما ابتسمَت أيّامُه النُّكدُ عن رضًى،
ولكنْ تحاشى، والصّدورُ حواقد
أأُنفِقُ من نفسي، على اللَّهِ، زائفاً،
لألحقَ بالأبرارِ، واللَّهُ ناقد؟
وشخصي وروحي مثلُ طفلٍ وأُمِّه،
لتلك بهذا، منْ يدِ الرّبّ، عاقد
يموتانِ، مثلَ الناظرَينِ، توارداً،
فلا هو مفقودٌ، ولا هيَ فاقد
ولو قبلَت أمرَ المليكِ جُنُوبُنا،(39/432)
لَما قَبِلَتْها، في الظّلامِ، المراقد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُحقُّ كسادُ الشعرِ في كلّ موطنٍ،
يُحقُّ كسادُ الشعرِ في كلّ موطنٍ،
رقم القصيدة : 4139
-----------------------------------
يُحقُّ كسادُ الشعرِ في كلّ موطنٍ،
إذا نفَقَت هذي العروضُ الكواسِدُ
عُفاةُ القَوافي، كالذي ولُماتِها،
إذا هنّ لم يُوصَلنَ، فاللّفظُ فاسد
ومن عاشَ بين النّاس لم يخلُ من أذًى
بما قال واشٍ، أو تكلم حاسد
وليس جِسادٌ في ترائبِ كاعبٍ،
كأحمرَ منه مضربُ السيفِ جاسدُ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني
إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني
رقم القصيدة : 414
-----------------------------------
1
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات..
ومقصوصة ، كجناح أبيك، هي المفردات
فكيف يغني المغني؟
وقد ملأ الدمع كل الدواه..
وماذا سأكتب يا بني؟
وموتك ألغى جميع اللغات..
2
لأي سماء نمد يدينا؟
ولا أحدا في شوارع لندن يبكي علينا..
يهاجمنا الموت من كل صوب..
ويقطعنا مثل صفصافتين
فأذكر، حين أراك، عليا
وتذكر حين تراني ، الحسين
3
أشيلك، يا ولدي ، فوق ظهري
كمئذنة كسرت قطعتين..
وشعرك حقل من القمح تحت المطر..
ورأسك في راحتي وردة دمشقية .. وبقايا قمر
أواجه موتك وحدي..
وأجمع كل ثيابك وحدي
وألثم قمصانك العاطرات..
ورسمك فوق جواز السفر
وأصرخ مثل المجانين وحدي
وكل الوجوه أمامي نحاس
وكل العيون أمامي حجر
فكيف أقاوم سيف الزمان؟
وسيفي انكسر..
4
سأخبركم عن أميري الجميل
سأخبركم عن أميري الجميل
عن المكان مثل المرايا نقاء، ومثل السنابل طولا..
ومثل النخيل..
وكان صديق الخراف الصغيرة، كان صديق العصافير
كان صديق الهديل..
سأخبركم عن بنفسج عينيه..
هل تعرفون زجاج الكنائس؟
هل تعرفون دموع الثريات حين تسيل..
وهل تعرفون نوافير روما؟
وحزن المراكب قبل الرحيل
سأخبركم عنه..
كان كيوسف حسنا.. وكنت أخاف عليه من الذئب(39/433)
كنت أخاف على شعره الذهبي الطويل
... وأمس أتوا يحملون قميص حبيبي
وقد صبغته دماء الأصيل
فما حيلتي يا قصيدة عمري؟
إذا كنت أنت جميلا..
وحظي جميلا..
5
لماذا الجرائد تغتالني؟
وتشنقني كل يوم بحبل طويل من الذكريات
أحاول أن لا أصدق موتك، كل التقارير كذب،
وكل كلام الأطباء كذب.
وكل الأكاليل فوق ضريحك كذب..
وكل المدامع والحشرجات..
أحاول أن لا أصدق أن الأمير الخرافي توفيق مات..
وأن الجبين المسافر بين الكواكب مات..
وأن الذي كان يقطف من شجر الشمس مات..
وأن الذي كان يخزن ماء البحار بعينيه مات..
فموتك يا ولدي نكتة .. وقد يصبح الموت أقسى النكات
6
أحاول أن لا أصدق . ها أنت تعبر جسر الزمالك،
ها أنت تدخل كالرمح نادي الجزيرة، تلقي على الأصدقاء التحيه،
تمرق مثل الشعاع السماوي بين السحاب وبين المطر..
وها هي شفتك القاهرية، هذا سريرك، هذا مكان
جلوسك، ها هي لوحاتك الرائعات..
وأنت أمامي بدشداشة القطن، تصنع شاي الصباح،
وتسقي الزهور على الشرفات..
أحاول أن لا أصدق عيني..
هنا كتب الطب ما زال فيها بقية أنفاسك الطيبات
وها هو ثوب الطبيب المعلق يحلم بالمجد والأمنيات
فيا نخلة العمر .. كيف أصدق أنك ترحل كالأغنيات
وأن شهادتك الجامعية يوما .. ستصبح صك الوفاه!!
7
أتوفيق..
لو كان للموت طفل، لأدرك ما هو موت البنين
ولو كان للموت عقل..
سألناه كيف يفسر موت البلابل والياسمين
ولو كان للموت قلب .. تردد في ذبح أولادنا الطيبين.
أتوفيق يا ملكي الملامح.. يا قمري الجبين..
صديقات بيروت منتظرات..
رجوعك يا سيد العشق والعاشقين..
فكيف سأكسر أحلامهن؟
وأغرقهن ببحر الذهول
وماذا أقول لهن حبيبات عمرك، ماذا أقول؟
8
أتوفيق ..
إن جسور الزمالك ترقب كل صباح خطاك
وإن الحمام الدمشقي يحمل تحت جناحيه دفء هواك
فيا قرة العين .. كيف وجدت الحياة هناك؟
فهل ستفكر فينا قليلا؟
وترجع في آخر الصيف حتى نراك..
أتوفيق ..
إني جبان أمام رثائك..
فارحم أباك...(39/434)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا إنّ أخلاقَ الفتى كزمانِه،
ألا إنّ أخلاقَ الفتى كزمانِه،
رقم القصيدة : 4140
-----------------------------------
ألا إنّ أخلاقَ الفتى كزمانِه،
فمنْهَنّ بِيضٌ، في العيون، وسودُ
وتأكلنا أيّامُنا، فكأنّما
تمرّ بنا الساعاتُ، وهي أُسودُ
وقد يَخمُلُ الإنسانُ في عنفوانِه،
ويَنْبَهُ من بعد النُّهَى، فيسود
فلا تحسُدَنْ يوماً على فضلِ نعمةٍ،
فحسبُكَ عاراً أن يقال حسود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عرفتُ سجايا الدّهرِ: أمّا شرورهُ
عرفتُ سجايا الدّهرِ: أمّا شرورهُ
رقم القصيدة : 4141
-----------------------------------
عرفتُ سجايا الدّهرِ: أمّا شرورهُ
فنَقْدٌ، وأمّا خيرُهُ فوعودُ
إذا كانت الدّنيا كذاكَ، فخَلِّها،
ولو أنّ كلّ الطالعاتِ سُعُود
رقَدْنا، ولم نملِك رُقاداً عن الأذى؛
وقامتْ بما خِفْنا، ونحنُ قعود
فلا يرهبنّ الموتَ من ظَلّ راكباً،
فإنّ انحداراً، في التّرابِ، صعود
وكم أنذَرتْنا بالسّيولِ صواعِقٌ؛
وكم خَبّرتنا بالغَمامِ رُعُود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعمري! لقد أدلجتُ، والركب خالف،
لعمري! لقد أدلجتُ، والركب خالف،
رقم القصيدة : 4142
-----------------------------------
لعمري! لقد أدلجتُ، والركب خالف،
وأحييتُ ليلي، والنّجومُ شهودُ
رجُبتُ سَرابيّاً، كأنّ إكامَهُ
جوارٍ، ولكنْ ما لهنّ نُهود
تمجّسَ حِرْباءُ الهجيرِي وحولَه
رَواهبُ خَيطٍ، والنّعامُ يهودُ
وقد طالَ عهدي بالشّباب، وغيّرَت
عُهودَ الصّبا، للحادثاتِ، عهود
وزهّدني، في هَضبَةِ المجدِ، خبْرَتي
بأنّ قَراراتِ الرّجالِ وُهودُ
كأنّ كُهولَ القومِ أطفالُ أشهُرٍ
تَناغَتْ، وأكوارَ القِلاصِ مُهودُ
إذا حُدّثوا لم يَفهَموا، وإذا دُعوا
أجابُوا، وفيهم رَقدَةٌ وسُهُود
لهمْ منصِبُ الإنس المُبينِ، وإنّما
على العِيسِ منهم بالنُّعاسِ فُهود(39/435)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حَياتيَ، بعدَ الأربعينَ، منيّةٌ،
حَياتيَ، بعدَ الأربعينَ، منيّةٌ،
رقم القصيدة : 4143
-----------------------------------
حَياتيَ، بعدَ الأربعينَ، منيّةٌ،
ووجدانُ حِلْفِ الأربعينَ فقُودُ
فما لي، وقد أدركتُ خمسةَ أعقدٍ؟
أبَيني وبين الحادِثاتِ عُقودُ؟
كأنّا، من الأيّامِ، فوقَ ركائبٍ،
إذا قِيدَتِ الأنضاءُ، فهي تقود
فدلّ هجيرٌ، في زمانكَ، أنّه
سخائمُ، في أحشائِهِ، وحُقُود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا إنّما الدّنيا نُحُوسٌ لأهلِها،
ألا إنّما الدّنيا نُحُوسٌ لأهلِها،
رقم القصيدة : 4144
-----------------------------------
ألا إنّما الدّنيا نُحُوسٌ لأهلِها،
فما في زمانٍ أنتَ فيهِ سُعودُ
يُوَصّي الفتى، عندَ الحِمامِ، كأنّه
يَمُرُّ فيقضي حاجةً ويَعودُ
وما يئِسَتْ، من رجعةٍ، نفسُ ظاعنٍ
مضتْ، ولَها عندَ القضاءِ وعود
تسيرُ بنا الأيّامُ، وهيَ حَثيثَةٌ،
ونحنُ قِيامٌ، فوقَها، وقُعود
فما خَشِيَتْ، في السّيرِ، زلّةَ عاثرٍ،
ولكن تساوى مَهْبِطٌ وصعود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أوَدّعُ يَوْمي عالماً انّ مثْلَهُ،
أوَدّعُ يَوْمي عالماً انّ مثْلَهُ،
رقم القصيدة : 4145
-----------------------------------
أوَدّعُ يَوْمي عالماً انّ مثْلَهُ،
إذا مرّ عن مثلي، فليسَ يَعودُ
وما غَفلاتُ العَيشِ إلاّ مَناحِسٌ،
وإن ظَنّ قَوْمٌ أنّهُنّ سُعودُ
كأني، على العَودِ الرَّكوبِ مُهَجِّراً،
إذا نصّ حِرباءُ الظهيرةِ، عُود
سرى الموت في الظلماء والقوم في الكرى،
وقامَ على ساقٍ، ونحنُ قُعود
وتلك، لَعمرُ اللَّهُ، أصعبُ خُطّةٍ،
كأنّ حُدوري في التّراب صُعُود
وإنّ حياتي، للمنايا، سحابةٌ؛
وإنّ كلامي، للحِمامِ، رعود
ينجّزُ هذا الدّهرُ ما كان مُوعِداً،
وتمطُلُ منه، بالرّجاء، وعود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَودُّ الفتى أنّ الحياةَ بسيطةٌ؛(39/436)
يَودُّ الفتى أنّ الحياةَ بسيطةٌ؛
رقم القصيدة : 4146
-----------------------------------
يَودُّ الفتى أنّ الحياةَ بسيطةٌ؛
وأنّ شقاءَ العيش ليسَ يبيدُ
كذاكَ نَعامُ القفر يخشى من الردى،
وقوتاهُ: مَرْوٌ، بالفلا، وهبيدُ
وقد يخطىء الرأيَ امرؤٌ، وهو حازمٌ،
كما اختلّ، في وزن القريض، عبيد
مضى الواقفُ الكِنديّ، والسِّقطُ غابرٌ،
وصاحتْ ديارُ الحيّ: أينَ لبيد؟
تولّى ابنُ حُجْرٍ، لا يعودُ لشأنِه،
وطالتْ ليالٍ، والمعالمُ بيدُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إلى اللَّهِ أشكو مُهجَةً لا تُطيعُني،
إلى اللَّهِ أشكو مُهجَةً لا تُطيعُني،
رقم القصيدة : 4147
-----------------------------------
إلى اللَّهِ أشكو مُهجَةً لا تُطيعُني،
وعالَمَ سَوْءٍ، ليسَ فيهِ رشيد
حِجًى، مثلُ مهجورِ المنازلِ، داثرٌ،
وجهلٌ، كمسكونِ الدّيارِ، مَشيدُ
لقد ضلّ حِلمُ الناسِ مُذْ عهدِ آدمٍ،
فهلْ هو من ذاكَ الضلالِ نَشيدُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أبيدةُ قالت للوعولِ، مُسِرّةً:
أبيدةُ قالت للوعولِ، مُسِرّةً:
رقم القصيدة : 4148
-----------------------------------
أبيدةُ قالت للوعولِ، مُسِرّةً:
تَبِدْنَ بحكمِ اللَّه، ثمّ أبيدُ
ولا أدّعي للفَرْقَدينِ بعزّةٍ،
ولا آلِ نعشٍ، ما ادّعاهُ لَبيد
وكم ظالمٍ يلتذُّ شهداً، كأنّه
ظليمٌ، قراهُ، بالفلاةِ، هِبيد
وكُدرِيّةٍ أودتْ، وغودرَ مُدْهُنٌ؛
وبَيْدانَةٍ، منها المراتع بيد
فإنّ عبيداً، وابنَ هندٍ، وتُبّعاً،
وأسرَةَ كِسرَى، للمليك عبيد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَسمّى رشيدا، من لُؤَيّ بن غالبٍ،
تَسمّى رشيدا، من لُؤَيّ بن غالبٍ،
رقم القصيدة : 4149
-----------------------------------
تَسمّى رشيدا، من لُؤَيّ بن غالبٍ،
أميرٌ، وهل في العالمينَ رشيد؟
فإنّ أغانيّ الليالي نياحةٌ،
ومنها بسيطٌ مقتضىً، ونشيد
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الإفتتاحية
الإفتتاحية(39/437)
رقم القصيدة : 415
-----------------------------------
إلى امرأة لا تعاد
تسمى . . مدينة حزني
إلى من تسافر مثل السفينة في ماء عيني
وتدخل وقت الكتابة
ما بين صوتي وبيني
أقدم موتي إليك .. على شكل شعر
فكيف تظنين أني أغني؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما وُفّقوا، حسبوني من خيارِهمُ،
ما وُفّقوا، حسبوني من خيارِهمُ،
رقم القصيدة : 4150
-----------------------------------
ما وُفّقوا، حسبوني من خيارِهمُ،
فخِلِّهمْ، لا يُرجّى منهم الرّشَدُ
أمّا إذا ما دعا الدّاعي لمكرُمةٍ،
فهل قليلٌ، ولكنْ، في الأذى، حُشُد
كم يَنشدونَ صفاءً من ديانتهمْ،
وليسَ يوجدُ، حتى الموتِ، ما نشدوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الرّوحُ تنأى، فلا يُدرى بموضعها،
الرّوحُ تنأى، فلا يُدرى بموضعها،
رقم القصيدة : 4151
-----------------------------------
الرّوحُ تنأى، فلا يُدرى بموضعها،
وفي الترابِ، لعَمري، يُرفَثُ الجسدُ
وقد علمنا بأنّا، في عواقِبنا،
إلى الزّوالِ، ففيمَ الضّغنُ والحسدُ؟
والجِيدُ يَنعمُ، أو يشقى، ويُدركُه
رَيبُ المنونِ، فلا عِقدٌ ولا مَسَد
يُصادفُ الظبيُ وابنُ الظبي قاضيةً
من حَتفهِ، وكذاكَ الشّبلُ والأسد
ونحنُ في عالمٍ، صيغتْ أوائلُهُ
على الفَسادِ، فغيٌّ قولُنا: فَسدوا
تَنَفّقوا بالخنى والجهلِ، إذ نَفَقوا
عند السّفاهِ، وهم، عند الحِجى، كُسُد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عاشوا، كما عاشَ آباءٌ لهم سَلَفوا،
عاشوا، كما عاشَ آباءٌ لهم سَلَفوا،
رقم القصيدة : 4152
-----------------------------------
عاشوا، كما عاشَ آباءٌ لهم سَلَفوا،
وأورثُوا الدّينَ تقليداً، كما وَجَدُوا
فما يُراعونَ ما قالوا، وما سمعوا؛
ولا يُبالونَ، من غيٍّ، لمن سجدوا
والعُدْمُ أروحُ ممّا فيه عالَمُهمْ،
وهو التكلّفُ، إن هبّوا، وإن هجدوا
لم يحمِ فارسُ حيٍّ، من ردًى، فرَسٌ؛
ولا أجدّتْ، فأجدت عِرمسٌ أُجُد(39/438)
والحظُّ يسري، فيغشى معشراً، حُسبوا
من اللّئامِ، وتُقضَى، دونه، المُجُد
وما تَوَقّى، سيوفَ الهند، بيضُ طُلًى،
بأن تُناطَ، إلى أعناقها، النُّجُد
قد يدأبُ الرجلُ المنجودُ، مُجتهداً،
في رِزقِ آخرَ، لم يُلمِمْ به النَّجَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لولا التنافسُ في الدنيا، لما وُضعَت
لولا التنافسُ في الدنيا، لما وُضعَت
رقم القصيدة : 4153
-----------------------------------
لولا التنافسُ في الدنيا، لما وُضعَت
كتْبُ القناطر، لا المُغني، ولا العُمَدُ
قد بالَغوا في كلامٍ بانَ زُخرُفُهُ،
يُوهي العيونَ، ولم تَثْبُت له عَمَد
وما يزالونَ، في شامٍ وفي يمنٍ،
يستَنْبطونَ قياساً ما لهُ أمَد
فذَرْهُمُ ودَناياهُم، فقد شُغِلوا
بها، ويكفيكَ منها القادرُ الصّمدَ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تجاوَزَتْ عنّيَ الأقدارُ، ذاهبَةً،
تجاوَزَتْ عنّيَ الأقدارُ، ذاهبَةً،
رقم القصيدة : 4154
-----------------------------------
تجاوَزَتْ عنّيَ الأقدارُ، ذاهبَةً،
فقد تأبّدْتُ، حتى ملّني الأبدُ
وليسَ هُدبَا جفوني رِيشَتَيْ سُبَدٍ،
إذا تمطّرَ، تحتَ العارضِ، السَّبَد
نشْكُو إلى اللَّهِ أنّا سيّئو شِيَمٍ،
نحنُ العبيدُ، وفي آنافِنا عَبَد
والمرءُ ظالمُ نفْسٍ، تجتني مَقِراً،
يظنُّهُ الشّهدَ، والظُّلمانُ تَهتَبد
وما تزالُ جُسومٌ، في مَحابِسها،
حتى يُفَرَّجَ عن أكبادها الكبَد
شرِبتُ قهوَةَ هَمٍّ، كأسُها خَلَدي،
وفي المَفارقِ، ممّا أطلَعَتْ، زبَد
فاجعلْ سوامَك نُهبَى، ما بكتْ إبلٌ
مثْوى لبيدٍ، ولا أوبارُها اللُّبُد
والملكُ يفنى، ولا يبقى لمالكهِ،
أودى ابنُ عادٍ، وأودى نَسرُه لُبَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صيّرْ عَتادَكَ تقوى اللَّهِ تَذخَرُها،
صيّرْ عَتادَكَ تقوى اللَّهِ تَذخَرُها،
رقم القصيدة : 4155
-----------------------------------
صيّرْ عَتادَكَ تقوى اللَّهِ تَذخَرُها،(39/439)
يُنَجّيكِ منه السّابحُ العَتَدُ
والحكْم جارٍ على الأكتادِ، محتَمَلٌ،
ولا يُطيقُ ثباتاً، تحتَهُ، الكَتَدُ
كم زالَ جيلٌ، وهذي الأرضُ باقيةٌ،
ما همَ بالزّيغِ، من أوتادِها، وتدُ
أقتادُ هَمّاً بأقتادٍ على إبِلٍ؛
وهل يُبَلِّغُ، ما أمّلتُهُ، القَتَد؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو يفهمُ الناسُ، ما أبناؤهم جَلَبٌ،
لو يفهمُ الناسُ، ما أبناؤهم جَلَبٌ،
رقم القصيدة : 4156
-----------------------------------
لو يفهمُ الناسُ، ما أبناؤهم جَلَبٌ،
وبيعَ، بالفَلس، ألفٌ منهمُ كَسدوا
فويحَهم، بئسَ ما ربّوا وما حضنوا؛
فهي الخديعةُ والأضغانُ والحسدُ
وكلُّنا، في مساعيهِ، أبو لهبٍ؛
وعرِسُهمْ لم يقع، في جيدها، مَسد
وما الدنيُّ، ذِراعُ الخَودِ نُمرُقُه،
مثلَ السنيّ، ذراع الجسرِ يتّسد
والجسمُ للرّوحِ مثلُ الرَّبع تسكُنُه،
وما تُقيمُ، إذا ما خُرّبَ الجسدَ
وهكذا كان أهلُ الأرض، مذ فُطروا؛
فلا يظُنّ جهولٌ أنّهم فَسَدوا
ما أنتَ والرّوضَ تلقى من غمائِمِه،
فيهِ المَفارِشُ، للثّاوينَ، والوُسُد
كأنّما شُبّ، في أقطارِه، قُطُرٌ
بالغيثِ، أن بالَ فيه الثورُ والأسدُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أهلُ البسيطة، في هَمٍّ حياتُهُمُ،
أهلُ البسيطة، في هَمٍّ حياتُهُمُ،
رقم القصيدة : 4157
-----------------------------------
أهلُ البسيطة، في هَمٍّ حياتُهُمُ،
ولا يُفارقُ، أهلَ النجدةِ، النَّجَدُ
أَمثالُنا كان جُيْلٌ، قبلنا، فمضَوا،
ومثلُ رُزْءٍ وجدنا حِسّهُ، وجدوا
والمجدُ للَّهِ لا خَلْقٌ يشارِكُهُ،
وآلُ حوّاءَ ما طابوا ولا مجَدُوا
أمّا إلى كلّ شرٍّ عَنّ، فانتَبَهوا
بل لم يناموا، ولكن عن تُقًى هجَدوا
والناسُ يَطغَونَ، في دنياهُمُ، أشَراً،
لولا المخافةُ مازَكّوا ولا سجدوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> في كلّ أمرِكَ تقليدٌ رضيتَ به،
في كلّ أمرِكَ تقليدٌ رضيتَ به،
رقم القصيدة : 4158(39/440)
-----------------------------------
في كلّ أمرِكَ تقليدٌ رضيتَ به،
حتى مقالُكَ ربّي واحدٌ أحدُ
وقد أمَرنا بفكْرٍ في بدائعِهِ،
وإن تفكّرَ فيهِ مَعشَرٌ لحدوا
وأهلُ كلّ جدالٍ يُمسِكونَ به،
إذا رأوا نورَ حقٍّ ظاهرٍ جحدوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حوادثُ الدّهرِ أملاكٌ، لها قَنَصٌ،
حوادثُ الدّهرِ أملاكٌ، لها قَنَصٌ،
رقم القصيدة : 4159
-----------------------------------
حوادثُ الدّهرِ أملاكٌ، لها قَنَصٌ،
والإنسُ وحشٌ، فقد أزرى بها الطَّرَدُ
وما تبقِّي، سهامَ المرءِ، كَثرَتُها؛
فاقضِ الحياةَ، وأنتَ الصارمُ الفرَد
والشِّيبُ شابوا على جَهلٍ ومنقصةٍ؛
والمُردُ، في كلّ أمرٍ باطلٍ، مَرَدوا
والعيشُ، كالماءِ، تَغشاهُ حوائِمنُا،
فصادرونَ، وقومٌ إثرَهم ورَدوا
ومَدُّ وقتيَ، مثلُ القِصرِ غايتُه؛
وفي الهلاكِ تساوى الدرُّ والبرَد
يا رُبّ أفواهِ غِيدٍ أُملئت شَنَباً،
ثمّ استحالَ، ففي أوطانِهِ الدَّرَد
يغدو، على دِرْعهِ، الزرّادُ يُحكِمُها،
وهل يُنجّيه، ممّا قُدّر، الزرَدُ؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> المحاكمة
المحاكمة
رقم القصيدة : 416
-----------------------------------
يعانق الشرق أشعاري .. ويلعنها
فألف شكر لمن أطرى . . ومن لعنا
فكم مذبوحة . .دافعت عن دمها
وكل خائفة أهديتها وطنا
وكل نهد . .أنا أيدت ثورته
وما ترددت في أن أدفع الثمنا
أنا مع الحب حتى حين يقتلني
إذا تخليت عن عشقي .. فلست أنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجبتُ للمُدنَفِ المُشفي على تلَفٍ،
عجبتُ للمُدنَفِ المُشفي على تلَفٍ،
رقم القصيدة : 4160
-----------------------------------
عجبتُ للمُدنَفِ المُشفي على تلَفٍ،
ومن يحدّثُ عنه، بالرّدى، خلَدوا
فهلْ بلادٌ يعرّي الموتُ ساكنَها،
فيُبتَغى، في الثّرَيّا، ذلك البلدُ؟
يَشقى الوليدُ، ويَشقى والده بهِ،
وفازَ مَن لم يُوَلِّهْ، عقلَه، ولد(39/441)
إذا تلبّس، بالشجعان، جبنهُمُ،
وبالكرامِ أسرُّ الضّنّ، أو صلدوا
عظمٌ ونَحضٌ تبنّى، منهما، طلَلٌ،
كأنّها الأرضُ منها السّهلُ والجلَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن جادَ بالمالِ سَمْحٌ، يبتغي شرَفاً،
إن جادَ بالمالِ سَمْحٌ، يبتغي شرَفاً،
رقم القصيدة : 4161
-----------------------------------
إن جادَ بالمالِ سَمْحٌ، يبتغي شرَفاً،
آلت مَعاشرٌ: ما في كفّهِ جودُ
لو ماجدَ النجمُ أهلَ الأرض، عارضَهُ،
منهمْ، رجالٌ، فقالوا: أنت ممجود
فالرّأيُ هجرانُكَ الدّنيا وساكنَها
فأنتَ، من جَود هذي النفس، منجود
لا تُذهِبِ الوُجدَ في إيثار وَجدِهِمُ،
فإنّ ذمّك، بين الإنس، موجود
وإن تهجّدْتَ، لم تعدَم ثوابَ تُقًى؛
وإن هَجَدْتَ، فإنّ الليلَ مهجود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عِشْ ما بدا لكَ، لا يبقى على زمنٍ،
عِشْ ما بدا لكَ، لا يبقى على زمنٍ،
رقم القصيدة : 4162
-----------------------------------
عِشْ ما بدا لكَ، لا يبقى على زمنٍ،
مُخوَّداتٌ، ولا أُسْدٌ، ولا خُودُ
إن كنتَ جَلداً، فأجلادي إلى نفَدٍ؛
كم صخرةٍ قد تشظّتْ، وهي صَيخود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نقضي الحياةَ، ولم يُفصَد لشارِبنا
نقضي الحياةَ، ولم يُفصَد لشارِبنا
رقم القصيدة : 4163
-----------------------------------
نقضي الحياةَ، ولم يُفصَد لشارِبنا
دَنٌّ، وَلا عَودُنا، في الجَدب، مفصود
نفارقُ العيشَ، لم نظفرْ بمعرفةٍ؛
أيُّ المعاني، بأهل الأرض، مقصود
لم تُعطِنا، العلمَ، أخبارٌ يجيءُ بها
نَقلٌ، ولا كوكبٌ، في الأرض، مرصود
وابيضّ ما اخضرّ من نبتِ الزمان بنا؛
وكلُّ زرعٍ، إذا ما هاجَ، محصود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُودُوا إلى اللَّهِ، ما أُدٌّ مفخرُها
أُودُوا إلى اللَّهِ، ما أُدٌّ مفخرُها
رقم القصيدة : 4164
-----------------------------------
أُودُوا إلى اللَّهِ، ما أُدٌّ مفخرُها(39/442)
شيءٌ يُعَدُّ، ولا أُودٌ ولا أُودُ
طوبَى لموؤودةٍ في حالِ مَولِدِها،
ظُلماً، فليتَ أباها الفظّ موؤود
يا رَبّ! هل أنا بالغفرانِ، في ظعَني
مزوَّدٌ؟ إنّ قلبي منك مزؤود
والناسُ كالأيكِ، مخبوٌّ لعاضده،
إلى اليبوسِ، وماضٍ، وهو يمؤود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الصبرُ يوجَدُ، إن باءٌ له كُسرَتْ،
الصبرُ يوجَدُ، إن باءٌ له كُسرَتْ،
رقم القصيدة : 4165
-----------------------------------
الصبرُ يوجَدُ، إن باءٌ له كُسرَتْ،
لكنّهُ، بسكونِ الباءِ، مفقودُ
ويُحمَدُ الصابرُ المُوفي على غَرَضٍ،
لا عاجزٌ، بعرى التقصيرِ، معقود
وقد نفتْ عنكَ، إغماضاً، مُلاحيَةٌ
في كَرمِها، وكأنّ النّجمَ عُنقود
والمَهرُ، يعطيه أنثى، غيرَ منصِفَةٍ،
سَيْبٌ من اللَّه، والمهريّةُ القود
والنّقدُ يُهدى إلى الدينار، مكرُمةً؛
فليْتَهُ، بعد حُسنِ الضّرب، منقود
لا يحمِلُ اللّيلُ همَّ الساهرينَ به؛
ولا يُجانبُ حُزناً، وهو مرقود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُسَرُّ، إن كنتُ محموداً على خُلُق؛
أُسَرُّ، إن كنتُ محموداً على خُلُق؛
رقم القصيدة : 4166
-----------------------------------
أُسَرُّ، إن كنتُ محموداً على خُلُق؛
ولا أُسَرُّ بأني المَلْكُ محمودُ
ما يَصنعُ الرأسُ بالتّيجان يعقدُها؛
وإنّما هو، بعدَ الموتِ، جُلمود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ الغِنى لَعزيزٌ، حينَ تطلبُهُ،
إنّ الغِنى لَعزيزٌ، حينَ تطلبُهُ،
رقم القصيدة : 4167
-----------------------------------
إنّ الغِنى لَعزيزٌ، حينَ تطلبُهُ،
والفقرُ، في عنصر التركيب، موجودُ
والشّحُّ ليس غريباً عندَ أنفُسِنا،
بل الغريبُ، وإن لم يُرحَم، الجُود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بقيتُ حتى كسا الخدّين جَونُهُما،
بقيتُ حتى كسا الخدّين جَونُهُما،
رقم القصيدة : 4168
-----------------------------------
بقيتُ حتى كسا الخدّين جَونُهُما،(39/443)
ثمّ استَحالَ، ومسّ الجسمَ تخديدُ
بلَوتُ، من هذه الدّنيا وساكِنها،
عجائباً، وانتهاءُ الثوبِ تقديد
رُدّي كلامَكِ، ما أمللتِ مستمعاً؛
وهلْ يُملُّ، من الأنفاس، ترديد؟
هاجتْ، بكايَ، أغانيُّ القِيانِ بها،
كأنّها، من ذواتِ الثُّكل، تعديد
والناسُ، في الأرضِ، أجناسٌ مقلَّدةٌ،
كالهَديِ قُلّدَ، لم يَذعَرْهُ تهديد
قالوا، فلمّا أحالوا أظهروا لَدَداً؛
فالقولُ مَينٌ، وفي الأصواتِ تنديد
ضلّوا عن الرّشد، منهم جاحدٌ جحِدٌ،
أو من يَحُدُّ، وهل، للَّه، تحديد؟
لفظٌ يبدَّدُ، من شَرخٍ ومكتهِلٍ؛
والمالُ يُجمَعُ، لم يدْركهُ تبديد
رَمَوا، فأشوَوْا، ولم يُثبِت قياسُهُمُ
شيئاً، سوى أنّ رميَ الموتِ تسديد
ما سيّدٌ غيرُ رِعديدٍ علمتُ بهِ،
كأنّما الحتفُ، إن لاقاهُ، رِعديد
والخيرُ يجلُبُ شرّاً، والذُّباب دعا
إلى الجَنى، إنّه في الطّعم قِنديد
وخِلتُ أنيَ حَرْفُ الوقفِ، سكّنه
وقتٌ، وأدركه، في ذاك، تشديدُ
وأشرَفُ الناسِ، في أعلى مراتبه،
مثلُ الصَّديدِ، ولكن قيلَ صِنديد
ما كِبرُهُ، وثقيلُ اللّحنِ يَمنعُه،
من سرعةِ الفَهمِ، ترسيلٌ وتمديد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا الصّحاب، فقدْ مرّوا وما عادوا،
أمّا الصّحاب، فقدْ مرّوا وما عادوا،
رقم القصيدة : 4169
-----------------------------------
أمّا الصّحاب، فقدْ مرّوا وما عادوا،
وبيننا، بلقاءِ الموتِ، ميعادُ
سرٌّ قديمٌ، وأمرٌ غيرُ متّضِحٍ؛
فهلْ، على كشفنا للحقّ، إسعادُ؟
سَيرانِ ضدّانِ من رُوحٍ ومن جسدٍ،
هذا هبوطٌ، وهذا فيه إصعاد
أخْذُ المنايا سوانا، وهي تاركةٌ
قبيلَنا، عظةٌ منها وإيعاد
توقّعوا السّيلَ، أوفَى عارضٌ وله
في العينِ برْقٌ، وفي الأسماعِ إرعاد
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أشهد أن لا أمرأه إلا أنت
أشهد أن لا أمرأه إلا أنت
رقم القصيدة : 417
-----------------------------------
أشهدُ أن لا امرأة ً
أتقنت اللعبة إلا أنت
واحتملت حماقتي(39/444)
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنتِ ..
2
أشهدُ أن لا امرأة ً
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك إلا أنت
والعقل والجنون إلا أنت
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأة ً
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذتِ
واستعمرتني مثلما فعلت
وحررتني مثلما فعلت
3
أشهدُ أن لا امرأة ً
تعاملت معي كطفل عمره شهران
إلا أنتِ ..
وقدمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأة ً
كانت معي كريمة كالبحر
راقية كالشعر
ودللتني مثلما فعلت
وأفسدتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأة
قد جعلت طفولتي
تمتد للخمسين .. إلا أنت
4
أشهدُ أن لا امرأة ً
تقدرأن تقول إنها النساء .. إلا أنت
وإن في سُرَّتِها
مركز هذا الكون
أشهدُ أن لا امرأة ً
تتبعها الأشجار عندما تسير
إلا أنتِ ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي
إلا أنتِ ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي
إلا أنت
أشهدُ أن لا امرأة ً
إختصرت بكلمتين قصة الأنوثة
وحرضت رجولتي عليَّ
إلا أنتِ ..
5
أشهدُ أن لا امرأة ً
توقف الزمان عند نهدها الأيمن
إلا أنتِ ..
وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأة ً
قد غيرت شرائع العالم إلا أنت
وغيرت
خريطة الحلال والحرام
إلا أنتِ ..
6
أشهدُ أن لا امرأة ً
تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني .. تغرقني
تشعلني .. تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهدُ أن لا امرأة ً
تحتل نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
تزرعني
وردا دمشقيا
ونعناعا
وبرتقال
يا امرأة
اترك تحت شَعرها أسئلتي
ولم تجب يوما على سؤال
يا امرأة هي اللغات كلها
لكنها
تلمس بالذِهْنِ ولا تُقال
7
أيتها البحرية العينين
والشمعية اليدين
والرائعة الحضور
أيتها البيضاء كالفضة
والملساء كالبلور
أشهدُ أن لا امرأة ً
على محيط خصرها . .تجتمع العصور
وألف ألف كوكب يدور(39/445)
أشهدُ أن لا امرأة ً .. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربى أول الذكور
وآخر الذكور
8
أيتها اللماحة الشفافة
العادلة الجميلة
أيتها الشهية البهية
الدائمة الطفوله
أشهدُ أن لا امرأة ً
تحررت من حكم أهل الكهف إلا أنت
وكسرت أصنامهم
وبددت أوهامهم
وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
إستقبلت بصدرها خناجر القبيلة
واعتبرت حبي لها
خلاصة الفضيله
9
أشهدُ أن لا امرأة ً
جاءت تماما مثلما انتظرت
وجاء طول شعرها أطول مما شئت أو حلمت
وجاء شكل نهدها
مطابقا لكل ما خططت أو رسمت
أشهدُ أن لا امرأة ً
تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت
تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت
يا امرأة ..كتبت عنها كتبا بحالها
لكنها برغم شعري كله
قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبت
10
أشهدُ أن لا امرأة ً
مارست الحب معي بمنتهى الحضاره
وأخرجتني من غبار العالم الثالث
إلا أنت
أشهدُ أن لا امرأة ً
قبلك حلت عقدي
وثقفت لي جسدي
وحاورته مثلما تحاور القيثاره
أشهدُ أن لا امرأة ً
إلا أنتِ ..
إلا أنتِ ..
إلا أنتِ ..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إلهنا اللَّهُ، مَلْكٌ أوّلٌ، أحدٌ،
إلهنا اللَّهُ، مَلْكٌ أوّلٌ، أحدٌ،
رقم القصيدة : 4170
-----------------------------------
إلهنا اللَّهُ، مَلْكٌ أوّلٌ، أحدٌ،
تطيعُهُ، من صنوفِ الناسِ، آحادُ
لقد عرَضنْا على الأبرار دينَكمُ،
فكلُّهُمْ، عن دنايا فعلِكم، حادوا
إنّ المجوسَ لأزكى منكمُ عملاً؛
وإنّما شأنُكم جَحْدٌ وإلحادُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المُلكُ للَّهِ، لا ننفكُّ في تعبٍ،
المُلكُ للَّهِ، لا ننفكُّ في تعبٍ،
رقم القصيدة : 4171
-----------------------------------
المُلكُ للَّهِ، لا ننفكُّ في تعبٍ،
حتى تَزايَل أرواحٌ وأجساد
ولا يُرى حيوانٌ، لا يكونُ له،
فوقَ البسيطةِ، أعداءٌ وحُسّادُ
وما أؤمّلُ، عندَ الدّهر، مصلحةً؛
وإنّما هو إتلافٌ وإفساد
ولا أُسَرُّ، إذا ما أُسرَتي خَمَلوا،(39/446)
وهل أمِنتُ عليهم، إن همُ سادوا؟
والناسُ مثل ضِراءِ الصيدِ، إن غَفِلت
عن شأنِها، فلها بالطبع إيساد
إذا الأصاغرُ لاقتها أكابرُها،
فتلكَ، في الشرّ، أشبالٌ وآساد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الناسُ، للأرضِ، أتباعٌ، إذا بَخِلتْ
الناسُ، للأرضِ، أتباعٌ، إذا بَخِلتْ
رقم القصيدة : 4172
-----------------------------------
الناسُ، للأرضِ، أتباعٌ، إذا بَخِلتْ
ضَنّوا، وإن هي جادتْ، مرّةً، جادوا
تماجدَ القومُ، والألبابُ مُخبِرةٌ
أن ليسَ، في هذه الأجيالِ، أمجادُ
والملكُ للَّه، والدّنيا بها غِيَرٌ:
خيرٌ وشرٌّ وإعدامٌ وإيجاد
والناسُ شتّى، ولم يجمعهُمُ غَرضٌ:
شَدٌّ وحَلٌّ وإتهامٌ وإنجاد
يا ليل! ضِدّان: قومٌ في الدّجى سُهُرٌ
تهجّدوكَ، وقومٌ فيكَ هُجّاد
أُنجُدْ أخاكَ على خَيرٍ يَهُمُّ بهِ،
فالمؤمنونَ، لدى الخيراتِ، أنجاد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد وعظتْني بكَ الليالي؛
قد وعظتْني بكَ الليالي؛
رقم القصيدة : 4173
-----------------------------------
قد وعظتْني بكَ الليالي؛
بغيره يوعظُ السّعيدُ
أبدِىءْ قِلًى، أو أعِدْ جَفاءً؛
فربُّكَ المُبْدِىءُ المُعيد
أنتَ أميرٌ، وأنتَ قاضٍ،
وشأنُكَ الوعدُ والوعيد
كاليوم بانَتْ فضيلتاهُ
بأنّه جُمعةٌ، وعيد
ثمّ انقضى، فهوَ غيرُ آتٍ،
من وصفهِ النّازحُ البعيد
تُعاقبُ الأنعمُ الرّزايا،
ويخلُفُ، الجابهَ، القعيد
أحْسِنْ بما القَيلُ فيه غادٍ،
لو لم يكن، قصرَهُ، الصعيد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنْ صحّ لي أنّني سَعيدُ،
إنْ صحّ لي أنّني سَعيدُ،
رقم القصيدة : 4174
-----------------------------------
إنْ صحّ لي أنّني سَعيدُ،
فليتني ضمّني صَعيدُ
صُمتُ حياتي إلى مَماتي،
لعلّ يومَ الحِمامِ عيدُ
وراعني للحسابِ ذكرٌ،
وغرّني أنّهُ بعيدُ
وعنْ يميني وعنْ شِمالي،
يَصحبَنُي حافظٌ قعيد
حمامةٌ في غصونِ أيْكٍ،
ناحت فأنشأتُ أستَعيد(39/447)
وما فَقِهتُ المرادَ منها،
كلُّ فقيهٍ لهُ مُعيد
إذا رَجَونا قضاءَ وعدٍ،
فكيفَ لا يُرهَبُ الوعيد!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خُمِرْتَ من الخُمارِ، وذاكَ نجِسٌ،
خُمِرْتَ من الخُمارِ، وذاكَ نجِسٌ،
رقم القصيدة : 4175
-----------------------------------
خُمِرْتَ من الخُمارِ، وذاكَ نجِسٌ،
وأمّا من خِمارِكَ، فهوَ سَعْدُ
ونَفسُكَ ظبيَةٌ رَتَعَتْ بقَفْرٍ،
يُراقبُ، أخذَها، المغوارُ، جعد
وزيْنَبُ، إن أصابَتها المَنايا،
فهندٌ من وسائِقها، ودَعد
جرَتْ عاداتُنا بسُقوطِ غَيْثٍ،
تدُلُّ علَيهِ بارِقَةٌ ورَعْدُ
شرُورُ الدّهرِ أكثرُ من بَنيهِ،
فقبلُ، سطَتْ على أُممٍ، وبَعد
تعجّلَ ميّتٌ بالهُلْكِ نَقداً،
فمرّ، وعندَهُ، للبعثِ، وعد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعُدُّ لِبَذْلِكَ الإحسانَ فضلاً؛
أعُدُّ لِبَذْلِكَ الإحسانَ فضلاً؛
رقم القصيدة : 4176
-----------------------------------
أعُدُّ لِبَذْلِكَ الإحسانَ فضلاً؛
وكم من معشَرٍ بَخلِوا وسادُوا
فجُدْ، إن شئتَ مَرْبَحَةَ اللّيالي،
فَما للجُودِ، في سُوقٍ، كَساد
أبَيتُ المالِ بيتٌ من مقالٍ،
متى يُنقَصْ يُلِمّ به الفساد؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يحرّقُ نفسَهُ الهنديُّ خوفاً،
يحرّقُ نفسَهُ الهنديُّ خوفاً،
رقم القصيدة : 4177
-----------------------------------
يحرّقُ نفسَهُ الهنديُّ خوفاً،
ويقصُرُ، دونَ ما صنعَ، الجِهادُ
وما فعلتْهُ عُبّادُ النّصارَى،
ولا شرعيّةٌ صبَأوا وهادُوا
يقرِّبُ جسمَه للنّارِ عَمداً،
وذلكَ منهُ ديِنٌ واجتِهاد
وموتُ المَرءِ نوْمٌ طالَ جدّاً
عليه، وكلُّ عيشتهِ سُهاد
نوَدَّعُ بالصّلاةِ وَداعَ يأسٍ،
ونُترَكُ في التّرابِ فلا نُهادُ
أُهالُ من الثرى، والأرضُ أُمٌّ،
وأُمُّكَ حِجْرُها نِعمَ المِهاد
إذا الرّوحُ اللّطيفَةُ زايَلَتني،
فلا هَطَلَتْ على الرّمَمِ العِهاد(39/448)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تفَوّهَ دهرُكم عجَباً، فأصغُوا
تفَوّهَ دهرُكم عجَباً، فأصغُوا
رقم القصيدة : 4178
-----------------------------------
تفَوّهَ دهرُكم عجَباً، فأصغُوا
إلى ما ظلّ يخبر، يا شهودُ
إذا افتكَرَ الذين لهم عقولٌ
رأوا نبأً، يحقُّ له السُّهودُ
غدا أهلُ الشّرائعِ في اختلافٍ،
تُقَضُّ به المَضاجعُ والمُهود
فقد كذَبَتْ على عيسى النّصارى،
كما كذَبتْ على موسى اليَهود
ولمْ تَستَحدِث الأيّامُ خُلقاً،
ولا حالتْ، من الزّمنِ، العُهود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا بلغَ الوليدُ لديكَ عَشراً،
إذا بلغَ الوليدُ لديكَ عَشراً،
رقم القصيدة : 4179
-----------------------------------
إذا بلغَ الوليدُ لديكَ عَشراً،
فلا يدخُلْ على الحُرَمِ الوليدُ
فإنْ خالفْتَني وأضعتَ نُصحي،
فأنتَ، وإن رُزِقتَ حِجًى، بليد
ألا إنّ النّساءَ حبالُ غَيٍّ،
بهنّ يُضَيَّعُ الشرَفُ التّليد
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> حبيبتي هي القانون
حبيبتي هي القانون
رقم القصيدة : 418
-----------------------------------
أيتها الأنثى التي في صوتها
تمتزج الفضة . . بالنبيذ . . بالأمطار
ومن مرايا ركبتيها يطلع النهار
ويستعد العمر للإبحار
أيتها الأنثى التي
يختلط البحر بعينيها مع الزيتون
يا وردتي
ونجمتي
وتاج رأسي
ربما أكون
مشاغبا . . أو فوضوي الفكر
أو مجنون
إن كنت مجنونا . . وهذا ممكن
فأنت يا سيدتي
مسؤولة عن ذلك الجنون
أو كنت ملعونا وهذا ممكن
فكل من يمارس الحب بلا إجازة
في العالم الثالث
يا سيدتي ملعون
فسامحيني مرة واحدة
إذا انا خرجت عن حرفية القانون
فما الذي أصنع يا ريحانتي ؟
إن كان كل امرأة أحببتها
صارت هي القانون
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى الأيّامَ تفعلُ كلَّ نُكرٍ،
أرى الأيّامَ تفعلُ كلَّ نُكرٍ،
رقم القصيدة : 4180
-----------------------------------
أرى الأيّامَ تفعلُ كلَّ نُكرٍ،(39/449)
فَما أنا، في العَجائبِ، مستزيدُ
أليسَ قُرَيشُكم قتلَتْ حُسيناً،
وصار، على خلافتِكم، يزيدُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تعالى اللَّه! ما تلقى المطايا
تعالى اللَّه! ما تلقى المطايا
رقم القصيدة : 4181
-----------------------------------
تعالى اللَّه! ما تلقى المطايا
من الإنسانِ، والدّنيا تصيِدُ؟
إذا سلِمتْ فنَصٌّ في المَوامي،
فواصدَ ما به فَنيَ القصيدُ
وما ينفكُّ، في السّنواتِ، منها
حليبٌ، أو نحيرٌ، أو فصيدُ
أتُجزى، الخيرَ، صِيدٌ من رِكابٍ،
كما تُجزْى، من الأملاك، صِيد؟
أم الإلغاءُ يشملُها، فتُضحي،
كأنّ سَوامَها زرْعٌ حصِيد؟
وكيفَ، ورَبُّها في الحُكمِ عدلٌ،
ودُنياها، لخالقها، وصِيدُ!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا كانتِ الدّنيا، فليسَ يَسُرُّني
لا كانتِ الدّنيا، فليسَ يَسُرُّني
رقم القصيدة : 4182
-----------------------------------
لا كانتِ الدّنيا، فليسَ يَسُرُّني
أنّي خليفتُها، ولا محمودُها
وجهِلتُ أمري، غيرَ أني سالِكٌ
طرُقاً، وخَتْها عادُها وثَمودها
زعموا بأنّ الهَضْبَ سوفَ يذيبُه
قدَرٌ، ويحدُثُ، للبحارِ، جُمودُها
وتَشاجروا في قُبّةِ الفلكِ، التي
ما زالَ يَعظُمُ، في النّفوس، عَمودها
فيقولُ ناسٌ: سوفَ يُدركُها الرّدى؛
ويمينُ قومٌ: لا يجوزُ هُمودها
أتُدالُ يوماً فضّةٌ من فِضّةٍ؛
فيصيرَ، مثلَ سبيكةٍ، جُلمودُها؟
إن فرّقَت، شُهبَ الثرَيّا، نكبةٌ،
فلجُذْوةِ المرّيخ حُقّ خُمودُها
وإذا سيوفُ الهندِ أدركَها البِلى،
فمن العجائب أن تدومَ غُمودُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنا صائمٌ طولَ الحياةِ، وإنّما
أنا صائمٌ طولَ الحياةِ، وإنّما
رقم القصيدة : 4183
-----------------------------------
أنا صائمٌ طولَ الحياةِ، وإنّما
فِطري الحِمامُ، ويومَ ذاك أُعيِّدُ
لونانِ من ليلٍ وصبحٍ لوّنا
شَعري، وأضعفني الزّمانُ الأيّد
والنّاسُ كالأشعارِ ينطِقُ دهرُهم(39/450)
بهمُ، فمُطلِقُ معشرٍ، ومقيِّد
قالوا: فلانٌ جيّدٌ لصديقِه،
لا يكذِبوا، ما في البريّة جيّد
فأميرُهمْ نالَ الإمارةَ بالخَنى،
وتَقيُّهُم، بصلاتِه، متصيِّد
كنْ مَن تشاءُ مُهجَّناً، أو خالصاً،
وإذا رُزِقتَ غنًى فأنتَ السيّد
واصمُتْ، فما كثُرَ الكلام من امرىء
إلاّ وظُنّ بأنّه مُتَزَيِّد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد كان قبلكَ ذادَةٌ ومَقاولٌ
قد كان قبلكَ ذادَةٌ ومَقاولٌ
رقم القصيدة : 4184
-----------------------------------
قد كان قبلكَ ذادَةٌ ومَقاولٌ
ذادوا وما صرف، الخطوبَ، ذِيادُ
أمراءُ، حكّامٌ كأيّامٍ أتتْ،
شفعاً بها، الجمُعات والأعياد
كزيادٍ الأمويّ، أو كزيادٍ المـ
ـرّيّ، إذ ولّى، فأينَ زياد؟
تُثنى الخَناصرُ في الكرام عليهمُ،
وتُمَدُّ نحو سناهُمُ الأجياد
والمطلَقاتُ، من النّفوس، كأنّما
جُمِعتْ لها الأغلالُ والأقياد
وحبائلُ الأيّام، ليس بمُفلِتٍ
صقرٌ مكائِدَها، ولا فيّاد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اللَّه أكبرُ! ما اشتريتُ بِضاعةً،
اللَّه أكبرُ! ما اشتريتُ بِضاعةً،
رقم القصيدة : 4185
-----------------------------------
اللَّه أكبرُ! ما اشتريتُ بِضاعةً،
إلاّ وأدركَ، سُوقَها، الإكسادُ
بَدَنٌ بلا بَدَنٍ يعيشُ، وكم طوى
جسدٌ سنيهِ، وما عليهِ جِساد
أضحَتْ تظنُّ بكَ الديانَةَ والغِنى
والعلمَ، فاهتاجَتْ لكَ الحُسّاد
ولقد صفِرتَ من الثلاثِ، كأنّما
أدَمٌ حواكَ، مِن الخُلوّ، مساد
شغلَ، السعادةَ عنك، أهلُ ممالكٍ
رُزقوا الذي حُرم الكرام، وسادوا
رقدوا، ولم ترقُد، ونالوا ما ابتَغوا،
وعجِزتَ عنه، وللكِيانِ فَساد
ومن المَعاشرِ مَن يظَلُّ، كأنّه
ضَمِنُ الفؤادِ، يسادُ حينَ يساد
خمِدَتْ خواطرُ منهمُ، وتكاثفتْ
أرواحُهُمْ، فكأنّها أجساد
مُهِدَتْ لهمْ فُرشٌ، وباتَ لديهِمُ
وُسُدٌ، وبِتَّ، وما لدَيك وِساد
من يؤتَ حظّاً يَبتَهجْ، ويكنْ له
عِزٌّ، فترهبَ، ضأنَه، الآساد(39/451)
ولو ادّعى ظبيُ الفلاةِ ولاءَه،
لعَداه، من قُنّاصِه، الإيساد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما سَرّني أني إمامُ زمانِه،
ما سَرّني أني إمامُ زمانِه،
رقم القصيدة : 4186
-----------------------------------
ما سَرّني أني إمامُ زمانِه،
تُلقَى إليّ، من الأمورِ، مَقالِدُ
يا حارِ! إنّ العُمْرَ حارٍ، فانتبِهْ!
يا خالدُ اتّقِ، ليسَ يُعرفُ خالد
فعلامَ تجتَلِبُ الحِمامَ، بجهلِها،
مُهَجٌ تُطاعِنُ في الوغى، وتجالد؟
يرجو الأبُ الطّفلَ الصغيرَ، وطالما
هَلَك الوليدُ، وعاشَ فينا الوالدُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> آلَيتُ ما مُثري الزّمانِ، وإن طَغا،
آلَيتُ ما مُثري الزّمانِ، وإن طَغا،
رقم القصيدة : 4187
-----------------------------------
آلَيتُ ما مُثري الزّمانِ، وإن طَغا،
مُثرٍ، ولا مسعودُهُ مسعودُ
ما سرّ غاوينا الجهُولَ، وإنّما
هتفَ الحَمامُ به، وناحَ العُود
كاساتُهُ الملأى، وعَزفُ قِيانِه،
للحادِثاتِ بوارِقٌ ورُعود
هلكتْ سُعودٌ، في القبائلِ، جَمّةٌ؛
وأقامَ، في جوّ السّماء، سعود
بَدْرٌ يصوَّرُ، ثمّ يمحقُ نورُهُ،
ويُغرِّبُ المِرّيخُ، ثمّ يعود
لا تحْمِلَنْ ثِقلاً عليّ، فإنّني،
وَهْناً، وقُدّامَ الرّكابِ، صَعود
والوعدُ يُرْقَبُ، والنجاحُ، لمِثلِنا،
أن يَستمرّ، بمطلِهِ، المَوعود
ومن العجائبِ ظَنُّ قومٍ أنّهُ
يُثني الفتى بالغَيّ، وهو قَعود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كُوني الثريّا، أو حَضارِ، أو الـ
كُوني الثريّا، أو حَضارِ، أو الـ
رقم القصيدة : 4188
-----------------------------------
كُوني الثريّا، أو حَضارِ، أو الـ
ـجوزاءَ، أو كالشّمسِ لا تلِدُ
فَلَتلكَ أشرفُ مِن مؤنّثةٍ،
نَجَلَتْ، فضاقَ بنَسلِها البلد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُقعُدْ، فما نفعَ القيا
أُقعُدْ، فما نفعَ القيا
رقم القصيدة : 4189
-----------------------------------
أُقعُدْ، فما نفعَ القيا(39/452)
مُ، ولا ثَنى، خيراً، قُعودُ
غَنّتْكَ دُنياكَ الخَلُو
بُ، وحبُّها، في الكفّ، عود
أمّا إساءَتُها، فقَدْ
كانت، وحُسناها رعود
والمرءُ يَهبِطُ هاوِياً؛
والعيشُ، من كلفٍ، صَعود
والشّخصُ مثلُ اليومِ يَمـ
ـضي في الزّمانِ، فلا يَعود
أسعِدْ بلا منٍّ، فإنّ
الجودَ بالنُّعْمى سُعُود
والغَيثُ أهنؤُهُ الذي
يَهمي، وليسَ له رُعود
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> اه يا لجراح
اه يا لجراح
رقم القصيدة : 419
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا جيت أنا بـ سامحك..
تبكي الجراح ما ودها..
مشتاق ودي أصافحك..
عيت يدي لا مدها...
آه. .يا لجراح .. راح اللي راح ..
وراحتي .. من يا ترى بيردها ..
يا حب.. ياذ كرى واسم..
مدري انا ابكي عليك من العذاب اوابتسم..
صدقني في يأسي .. نفسي تبي نفسي تبيك ..
لا يا دفا شمسي تبيك..
ليه خنتني ..الله عليك ..
آه يا الجراح .. راح اللي راح..
وراحتي .. من يا ترى بيردها ..
لا تحاكي عيوني .. يمطر سحاب الملح ..
ولا تلمس أشجوني .. ينبت في قلبي جرح ..
ناظرني يا خلي .. جرح انا كلي ..
وشلون أبـ ارضى الصلح ..
صار الخريف حبي ..حزن وورق أصفر..
...ودعني يا قلبي..وخل العذاب أقصر..
آه يا الجراح .. راح اللي راح..
وراحتي .. من يا ترى بيردها ..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا سابحاً يَصْهَلُ في غِرّةٍ!
يا سابحاً يَصْهَلُ في غِرّةٍ!
رقم القصيدة : 4190
-----------------------------------
يا سابحاً يَصْهَلُ في غِرّةٍ!
أينَ وجيهُ الخيلِ والذائِدُ؟
آدَى له، في الدّهرِ، ما يبتغي،
ثمّ أتاهُ قدَرٌ آئِدُ
هل يأمن الحوتُ من الشُّهْب أن
يأخُذَهُ، في الكِفّةِ، الصّائد؟
أو حمَلٌ نُزّه، في الجوّ، أنْ
يغتالَهُ، بالمدْيةِ، الكائد؟
إن كانَ للمِرّيخِ عقلٌ، فما
يَستُرُ عَنهُ أنّه بائد
يُوصي الفتى بالأمرِ، من بعدِه،
كأنّه، من بينِه، عائد
يَكذِبُني الرائدُ، في زعمِهِ،(39/453)
ومُهلَكٌ، إن كذَبَ، الرائد
والخيرُ لا يُكفَرُ، فليُحسنِ المسـ
ـلمُ، والصَابىءُ، والهائد
فوائِدُ الأيّامِ محبوبةٌ،
وفاقدٌ، لذّتَها، الفائد
فزجِّ دُنياكَ، فما يخلدُ الـ
ـناقصُ، في العيشِ، ولا الزائد
وإنّ منْهاجَ الرّدى يَستوي،
فيه، مَسودُ القوم والسائد
وإنّما يَلقى شُجاعُ الوغى،
كما يُلاقي النّافرُ الحائِد
تُقصَف، بالقدرةِ، رَضوى، كما
يُقصَف هذا الغُصُنُ المائد
ولو درى الموؤودُ ما عندنا
منْ نبأٍ، ما عُتِبَ الوائد
قد شُيّدَ القصرُ لسكّانِه،
وغيرُ مَن يسكُنُه الشّائد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنْ شرِبوا الرّاحَ، فما شُرْبُنا،
إنْ شرِبوا الرّاحَ، فما شُرْبُنا،
رقم القصيدة : 4191
-----------------------------------
إنْ شرِبوا الرّاحَ، فما شُرْبُنا،
في الرّاح، إلاّ الأزرقُ الباردُ
لا تطرُدِ الوحشَ، فما يلبثُ الـ
ـمطْرودُ، في الدّنيا، ولا الطارِد
أختُ بني الصّاردِ، في دهْرِها،
أصابَها سَهمُ ردًى، صارد
كان لها كرْمانِ، هذا أبَى الـ
ـسّقيا، وهذا أبداً وارد
لا تُوحِشُ الوَحدَةُ أصحابَها،
إنّ سُهَيْلاً، وحدَهُ، فارد
وكم ترى، في الأفقِ، من كوكبٍ
يَعظُمُ أنْ يُرْمى به المارد
خبّرتْني أمراً، فقلْ راشداً:
مِنْ أينَ هذا الخبرُ الشارد؟
عليكَ بالصّدق، فلا حظّ لي
في كَذِبٍ، ينْظِمُه السّارد
من يُدْنِ، للشّاكةِ، أثوابَهُ،
يُصِبْهُ منها غُصُنٌ هارد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مولاك مولاك، الذي ما له
مولاك مولاك، الذي ما له
رقم القصيدة : 4192
-----------------------------------
مولاك مولاك، الذي ما له
نِدٌّ، وخابَ الكافرُ الجاحدُ
آمِنْ به، والنفسُ ترقى، وإن
لم يبقَ إلاّ نَفَسٌ واحد
ترجُ بذاكَ العفوَ منه، إذا
أُلحدتَ ثمّ انصرَفَ اللاّحد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما أسلَمَ المسلمون شرَّهُمُ،
ما أسلَمَ المسلمون شرَّهُمُ،
رقم القصيدة : 4193(39/454)
-----------------------------------
ما أسلَمَ المسلمون شرَّهُمُ،
ولا يهودٌ لتوبةٍ هادوا
ولا النّصارى لدينهم نصروا،
وكلُّهُمْ لي بذاكَ أشهاد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صاحِ، ما تضحكُ البُروقُ شَماتاً
صاحِ، ما تضحكُ البُروقُ شَماتاً
رقم القصيدة : 4194
-----------------------------------
صاحِ، ما تضحكُ البُروقُ شَماتاً
بحِمامٍ، ولا تُبكّي الرّعودُ
يا مَحلّي، عليكَ منّي سلامٌ،
سوفَ أمضي ويُنجَزُ الموعود
ليتَ شعري، عمّن يحلُّك بعدي،
أقيامٌ لصالحٍ أمْ قعود؟
أيُرجّونَ أن أعود إليهم؟
لا تُرَجّوا، فإنّني لا أعود!
ولجسمي إلى التراب هُبوطٌ،
ولروحي إلى الهواء صعود
وعلى حالها تدومُ اللّيالي،
فنحُوسٌ لمَعشرٍ أو سعود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَلُوا، معشرَ الموتى، الذي جاء وافداً
سَلُوا، معشرَ الموتى، الذي جاء وافداً
رقم القصيدة : 4195
-----------------------------------
سَلُوا، معشرَ الموتى، الذي جاء وافداً
إليكم، يخبرْ، فهوَ أقربُكمْ عهدَا
يُحَدّثْكمُ أنّ البلادَ مقيمةٌ
على ما عهدْتم ذلك الهضبَ والوهدا
ولم تفتأ الدّنيا تغُرٌّ خليلَها،
وتبدلُهُ، من غَمضِ أجفانها، سهدا
تريه الدُّجى في هيئةِ النّور، خدعةً،
وتُطعِمُه صاباً، فيحسِبهُ شهْدا
وقد حَمَلَتْهُ فوقَ نعشٍ، وطالما
سرى فوقَ عنسٍ، أو علا فرساً نهدا
ولم تتّرِكْ من حيلَةٍ لتغُرّهُ،
ولم يُبقِ، في إخلاصِه، حُبُّها جُهدا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا ترحمُ الأشياخَ لمّا تأوّدوا،
ألا ترحمُ الأشياخَ لمّا تأوّدوا،
رقم القصيدة : 4196
-----------------------------------
ألا ترحمُ الأشياخَ لمّا تأوّدوا،
يقولون: قد كنّا الغَرانقةَ المُرْدا
ترَدّوْا بخُضرٍ من حديدٍ، وأقبلوا
على الخيل تَردي، وهي من فوقها تردى
وجاؤوا بها سَوْمَ الجَرادِ، مُغيرةً،
يقودونَ، للموتِ، المطهَّمةَ الجُرْدا(39/455)
ترى الهِمَّ لا شيءٌ، سوى الأكل، همَّه،
لهُ جسدٌ ما اسطاعَ حَرّاً ولا بردا
يُقِلُّ العصا، مستثقلَ الطِّمرِ، بعدما
علا فرساً، واجتابَ ماذِيّةً سردا
ولا تترُكُ الأيّامُ مَردًى لظبيةٍ
من الأُدْم، تختارُ الكِباثَ ولا المَردا
ولم يُلفِ منها فاردُ القُمْرِ مَخلَصاً،
وقد بلغتْ أحداثُها القَمرَ الفردا
وجدْنا دُرَيداً، من هوازنَ، لم يجدْ
صروفَ اللّيالي، حين تأكُلهُ، دُردا
رعَتْ قبلُ نبتاً جدَّ عدنانَ، واعترت
إياداً، فأبلتْ منْ قبائلها بُردا
يخوَّفُ، بالذئبِ، المسنُّ، وقد مضى
له زمنٌ، لا يرْهبُ الأسَدَ الوَرْدا
نزَلنا بدارٍ كالضّيوفِ، ولم نُرِدْ
بَراحاً لها، حتى أجدّتْ لنا طردا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى حيوانَ الأرضِ، غيرَ أنيسِها،
أرى حيوانَ الأرضِ، غيرَ أنيسِها،
رقم القصيدة : 4197
-----------------------------------
أرى حيوانَ الأرضِ، غيرَ أنيسِها،
إذا اقتاتَ لم يَفرَحْ بظُلمٍ ولا جَدا
أتعْلمُ أُسْدُ الغيل، بعدَ افتِراسِها،
تحاولُ دُرّاً، أو تحاولُ عسْجدا؟
وما اتّخذَ الأبرادَ سِرحانُ قفرَةٍ،
ولا شَبّ ناراً أينَ غارَ وأنجدا
وأضعفُ منْ تلقاهُ من آلِ آدَمٍ،
إذا ما شتا، يَبغي وَقوداً وبُرْجُدا
وأُنْصفُهمْ ما هابتِ الوحشُ سُبّةً،
ولا وقعَتْ من خشيةِ اللَّهِ سُجَّدا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الخيرُ كالعَرْفجِ المَمْطُور، ضرّمهُ
الخيرُ كالعَرْفجِ المَمْطُور، ضرّمهُ
رقم القصيدة : 4198
-----------------------------------
الخيرُ كالعَرْفجِ المَمْطُور، ضرّمهُ
راعٍ، يَئِطُّ، ولمّا أن ذكا خَمَدا
والشرُّ كالنّار، شُبّتْ، ليلَها، بَغَضاً،
يأتي على جمرِها دهرٌ، وما هَمَدا
أما ترى شجرَ الإثمارِ مُتعَبَةً،
لم تُجنِ، حتى أذاقتْ غارساً كمدا؟
والشاكُ في كلّ أرضٍ، حانَ منبِتُه،
بالطبعِ، لا الغَمرَ يَستسقي، ولا الثمدا
لا تشكُرَنّ الذي يوليكَ عارِفةً،(39/456)
حتى يكونَ، لما أولاكَ، مُعتَمِدا
ولا تشيمَنْ حُساماً، كي تريقَ دماً؛
كفاكَ سيفٌ لهذا الدّهرِ ما غُمدا
وشاعَ في النّاسِ قولٌ لستُ أعهدُهُ،
وذاكَ أنّ رجالاً ذامَتِ الصَّمدا
أيُحمَدُ المرءُ، لم يُهمُمْ بمكرُمةٍ،
يوماً، ويُترَكُ مولى العُرف ما حُمدا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد ساءها العُقمُ، لا ضمّتْ ولا ولدتْ!
قد ساءها العُقمُ، لا ضمّتْ ولا ولدتْ!
رقم القصيدة : 4199
-----------------------------------
قد ساءها العُقمُ، لا ضمّتْ ولا ولدتْ!
وذاكَ خيرٌ لها لو أُعطيَتْ رَشَدا
ما يأخُذُ الموتُ، من نفسٍ لمُنفردٍ،
شيئاً سِواها، إذا ما اغتالَ واحتشدا
ومُنشِدُ الخيرِ لا تُصغي له أُذُنٌ،
قد ضَلّ مُذْ كانتِ الدنيا، فما نُشدِا
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> شجرة القمر
شجرة القمر
رقم القصيدة : 420
-----------------------------------
1
على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ
وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ
وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ
وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ
هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ
إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ
ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ
ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ
وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكرياتْ
وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنياتْ
وكانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ
ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ
وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ
يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ
ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ
وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ
وما كان يغفو إذا لم يَمُرّ الضياءُ اللذيذ
على شَفَتيهِ ويسقيهِ إغماءَ كأسِ نبيذْ
وما كان يشربُ من منبع الماء إلاّ إذا
أراق الهلالُ عليه غلائلَ سكرى الشَّذَى
2(39/457)
وفي ذات صيفٍ تسلّل هذا الغلامُ مساءْ
خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدماءْ
وسار وئيدًا وئيدًا إلى قمَّةٍ شاهقهْ
وخبّأ هيكلَهُ في حِمَى دَوْحةٍ باسقهْ
وراح يعُدّ الثواني بقلبٍ يدُقّ يدُقّ
وينتظرُ القَمَرَ العذْبَ والليلُ نشوانُ طَلْقُ
وفي لحظةٍ رَفَعَ الشَّرْقُ أستارَهُ المُعْتمهْ
ولاحَ الجبينُ اللجينيّ والفتنةُ المُلْهِمهْ
وكان قريبًا ولم يَرَ صيّادَنا الباسما
على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْقَ الدُّجَى حالما
... وطوّقَهُ العاشقُ الجبليّ ومسّ جبينَهْ
وقبّلَ أهْدابَهُ الذائباتِ شذًى وليونهْ
وعاد به: ببحارِ الضِّياءِ, بكأس النعومهْ
بتلك الشفاهِ التي شَغَلتْ كل رؤيا قديمهْ
وأخفاه في كُوخه لا يَمَلّ إليه النَّظَرْ
أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صاد.. صادَ القَمرْ?
وأرقَدَه في مهادٍ عبيريّةِ الرّوْنقِ
وكلّلَهُ بالأغاني, بعيْنيهِ, بالزّنْبقِ
3
وفي القريةِ الجبليّةِ, في حَلَقات السّمَرْ
وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أين القمر?!"
"وأين أشعّتُهُ المُخْمليّةُ في مَرْجنا?"
"وأين غلائلُهُ السُّحُبيّة في حقلنا?"
ونادت صبايا الجبالِ جميعًا "نُريدُ القَمَرْ!"
فردّدتِ القُنَنُ السامقاتُ: "نُريدُ القَمَرْ"
"مُسامِرُنا الذهبيّ وساقي صدى زَهْرنا"
"وساكبُ عطر السنابِل والورد في شَعْرنا"
"مُقَبّلُ كلّ الجِراح وساقي شفاه الورودْ"
"وناقلُ شوقِ الفَرَاشِ لينبوعِ ماءٍ بَرودْ"
"يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْمٍ بعيدِ القَرَارْ"
"ويُنْمي جدائلَنا ويُريقُ عليها النُّضَارْ"
"ومن أينَ تبرُدُ أهدابُنا إن فَقَدْنا القَمَر?"
"ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَن يغذّي السّمَرْ?"
ولحنُ الرعاةِ تردّدَ في وحشةٍ مضنيهْ
فضجّتْ برَجْعِ النشيدِ العرائشُ والأوديهْ
وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُنُ ذاكَ الغُلامْ
ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطرامْ
وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فوق المَرَاقي حَجَرْ(39/458)
ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريدُ القَمَرْ"
وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبالِ وطارْ
إلى عَرَباتِ النجومِ وحيثُ ينامُ النّهَارْ
وأشرَبَ من نارِهِ كلّ كأسٍ لزهرةِ فُلِّ
وأيقَظَ كلّ عبيرٍ غريبٍ وقَطْرةِ طلِّ
وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صوتَ احتجاجْ
ترددَ عند عريش الغلامِ وراء السياجْ
وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْت القَمَرْ?"
فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأينَ خَبَأْتَ القَمَرْ?"
4
وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحوكْ
ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْرُخُ: "لن يأخذوك?"
وكان هُتَافُ الرّعاةِ يشُقّ إليهِ السكونْ
فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنونْ
وراح يغنّي لملهِمه في جَوًى وانْفعالْ
ويخلطُ بالدَّمْع والملح ترنيمَهُ للجمالْ
ولكنّ صوتَ الجماهيرِ زادَ جُنونًا وثورهْ
وعاد يقلِّبُ حُلْمَ الغلامِ على حدِّ شفرهْ
ويهبطُ في سَمْعه كالرّصاص ثقيلَ المرورْ
ويهدمُ ما شيّدتْهُ خيالاتُهُ من قصور
وأين سيهرُبُ? أين يخبّئ هذا الجبينْ?
ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائدين?
وفي أيّ شيء يلفّ أشعَّتَهُ يا سَمَاءْ
وأضواؤه تتحدّى المخابئَ في كبرياءْ?
ومرّتْ دقائقُ منفعِلاتٌ وقلبُ الغُلامْ
تمزِّقُهُ مُدْيةُ الشكِّ في حَيْرةٍ وظلامْ
وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّرَى في ضَجَرْ
ليدفِنَ هذا الأسيرَ الجميلَ, وأينَ المفرْ?
وراحَ يودِّعُهُ في اختناقٍ ويغسِلُ لونهْ
بأدمعِه ويصُبّ على حظِّهِ ألفَ لعنَهْ
5
وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هدْمَ الجدارْ
وتحطيمَ بوّابةِ الكوخ في تَعَبٍ وانبهارْ
تدفّقَ تيّارهم في هياجٍ عنيفٍ ونقمهْ
فماذا رأوا? أيّ يأسٍ عميق وأيّة صَدْمَهْ!
فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَمْ
وأمّا الغُلامُ فقد نام مستَغْرَقًا في حُلُمْ
جدائلُهُ الشُّقْرُ مُنْسدلاتٌ على كَتِفَيهِ
وطيفُ ابتسامٍ تلكّأ يَحلُمُ في شفتيهِ
ووجهٌ كأنَّ أبولونَ شرّبَهُ بالوضاءهْ(39/459)
وإغفاءةٌ هي سرّ الصَّفاءِ ومعنى البراءهْ
وحار الرُّعاةُ أيسرقُ هذا البريءُ القَمَرْ?
ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثمّ... أينَ القَمَرْ?
وعادوا حَيارى لأكواخهم يسألونَ الظلامْ
عن القَمَر العبقريّ أتاهَ وراءَ الغمامْ?
أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْهُ خلفَ الغيومْ
وراحتْ تكسّرُهُ لتغذّي ضياءَ النجومْ?
أمِ ابتلعَ البحرُ جبهتَهُ البضّةَ الزنبقيّهْ?
وأخفاهُ في قلعةٍ من لآلئ بيضٍ نقيّهْ?
أم الريحُ لم يُبْقِ طولُ التنقّلِ من خُفِّها
سوى مِزَقٍ خَلِقاتٍ فأخفتْهُ في كهفها
لتَصْنَعَ خُفّينِ من جِلْدِهِ اللّين اللَّبَنيّ
وأشرطةً من سَناهُ لهيكلها الزنبقي
6
وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ
يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ
يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ
يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ
ومرَّ على طَرَفَيْ قدمَيْه بكوخ الغُلامْ
ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْرَ النَّدى والسَّلامْ
وراح يسيرُ لينجز أعمالَهُ في السُُّفُوحْ
يوزِّعُ ألوانَهُ ويُشِيعُ الرِّضا والوضوحْ
وهبَّ الغلامُ مِنَ النوم منتعشًا في انتشاءْ
فماذا رأى? يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ!
هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّةِ, حيثُ الصباحْ
تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيرَ عُشْبٍ رَعَتْهُ الرياحْ
هنالكَ كانت تقومُ وتمتدّ في الجوِّ سِدْرَهْ
جدائلُها كُسِيَتْ خُضْرةً خِصْبةَ اللون ِثَرَّهْ
رعاها المساءُ وغذَّت شذاها شِفاه القَمَرْ
وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِرْ
وأشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شَذَاهُ
وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِرَتْ من سَناهُ
وأثمارها? أيّ لونٍ غريبٍ وأيّ ابتكارْ
لقد حار فيها ضياءُ النجومِ وغارَ النّهارْ
وجُنّتْ بها الشَّجَراتُ المقلِّدَةُ الجامِدَهْ
فمنذ عصورٍ وأثمارُها لم تَزَلْ واحدهْ
فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رَضَعَتْ? أيّ تُرْبهْ
سقتْها الجمالَ المفضَّضَ? أي ينابيعَ عذْبَهْ?(39/460)
وأيةُ معجزةٍ لم يصِلْها خَيالُ الشَّجَرْ
جميعًا? فمن كلّ غُصْنٍ طريٍّ تَدَلَّى قَمَرْ
7
ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكرون
حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقريِّ الجُنون
وحتى الجبالُ طوتْ سرّه وتناستْ خطاهُ
وأقمارَهُ وأناشيدَهُ واندفاعَ مُناهُ
وكيف أعادَ لأهلِ القُرى الوالهين القَمَرْ
وأطلَقَهُ في السَّماءِ كما كانَ دونَ مقرْ
يجوبُ الفضاءَ ويَنْثرُ فيه النَّدَى والبُرودهْ
وشِبْهَ ضَبابٍ تحدّر من أمسياتٍ بعيدهْ
وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر في عمْق كهفِ
يؤكّدُ أنَّ الغلامَ وقصّتَهُ حُلْمُ صيفِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> من عاشَ تسعينَ حَوْلاً، فهو مغتربٌ،
من عاشَ تسعينَ حَوْلاً، فهو مغتربٌ،
رقم القصيدة : 4200
-----------------------------------
من عاشَ تسعينَ حَوْلاً، فهو مغتربٌ،
قدْ زايلَ الأهلَ، إلاّ معشراً جُدُدا
وشاهَدَ النّاسَ من كهلٍ، ومُقتَبِلٍ،
ودالفِ الخَطوِ، لا يُحصي لهم عَددا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الصّدرُ بيتٌ، إذا ما السرُّ زايلَهُ،
الصّدرُ بيتٌ، إذا ما السرُّ زايلَهُ،
رقم القصيدة : 4201
-----------------------------------
الصّدرُ بيتٌ، إذا ما السرُّ زايلَهُ،
فما يُكَنُّ ببيتٍ، بعدَهُ، أبدا
فاحفَظْ ضميرَكَ عنْ خِلٍّ تجالسُه؛
فكم خفّيٍ خَفاهُ ماكِرٌ، فَبَدا
وللحَقودِ علاماتٌ يَبِنُّ بها،
كما رأيتَ، بشدْقِ الهادِرِ، الزّبَدا
يَستَحسنُ المرءُ دُنياهُ، فتُقلتُه،
والعينُ تَستَحسنُ الهنديّ والرُّبَدا
فازجرْ هواكَ، وحاذِرْ أن تطاوعَهُ،
فإنّهُ لَغَويٌّ، طالما عُبِدا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حورفتُ في كلّ مطلوبٍ هممتُ به،
حورفتُ في كلّ مطلوبٍ هممتُ به،
رقم القصيدة : 4202
-----------------------------------
حورفتُ في كلّ مطلوبٍ هممتُ به،
حتى زَهِدتُ، فما خُلّيتُ والزُّهُدا
فالحمدُ للَّهِ! صابي ما يُزايلُني،(39/461)
ولستُ أصدُقُ إن سمّيتُهُ شُهدا
وما أظنُّ جِنانَ الخُلدِ يُدركها
إلاّ مَعاشرُ، كانوا في التّقى جُهدا
يمضي النّهارُ، فما أنفكُّ في شُغُلٍ،
ولا أُطيقُ، إذا جَنّ الدّجى، سُهُدا
أمّا المِهادُ، فجنبي فيهِ مضطَجِعٌ،
والدّينُ عِقدُ جُنوبٍ تهجُرُ المُهُدا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نادى حَشا الأمّ بالطفل الذي اشتملت
نادى حَشا الأمّ بالطفل الذي اشتملت
رقم القصيدة : 4203
-----------------------------------
نادى حَشا الأمّ بالطفل الذي اشتملت
عليه: ويحكَ لا تظهرْ ومُتْ كَمَدا!
فإنْ خرجتَ إلى الدّنيا لقِيتَ أذىً
من الحوادث، بَلْهَ القيظَ والجَمَدا
وما تَخَلّصُ يوماً من مكارِهِها،
وأنتَ لا بدّ فيها بالغَ أمَدا
ورُبّ مثلِكَ وافاها على صِغَرٍ،
حتى أسَنّ، فلم يُحمَدْ ولا حَمِدا
لا تأمنِ الكفُّ من أيّامها شَلَلاً،
ولا النّواظرُ كفّاً عَنّ، أو رَمَدا
فإنْ أبَيتَ قَبُولَ النّصح مُعتَدياً،
فاصنعْ جميلاً، وراعِ الواحدَ الصّمدا
فسوفَ تلقى بها الآمالَ واسعةً،
إذا أجزْتَ مدًى منها رأيتَ مَدا
وتركبُ اللُّجّ تَبغي أن تُفيدَ غنىً،
وتقطعُ الأرْضَ لا تُلْفي بها ثَمَدا
وإن سَعِدتَ، فما تَنفكُّ في تَعَبٍ،
وإن شقيتَ، فمن للجِسمٍ لو همَدا؟
ثمّ المنايا، فإمّا أن يُقالَ مضى
ذَميمَ فعلٍ، وإمّا كوكَبٌ خَمَدا
والمرءُ نصلُ حُسامٍ، والحياةُ لَهُ
سَلٌّ، وأصوَنُ للهنديّ أن غُمِدا
فلو تكلّمَ ذاكَ الطّفلُ قالَ لهُ:
إليكَ عنّي! فما أُنشئتُ مُعتمِدا!
فكيفَ أحمِلُ عَتْباً؟ إن جرى قدَرٌ
عليّ، أدركَ ذا جِدٍّ ومَن سَمَدا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الصّبُر أروَحُ من حاجٍ تَكلّفُهُ،
الصّبُر أروَحُ من حاجٍ تَكلّفُهُ،
رقم القصيدة : 4204
-----------------------------------
الصّبُر أروَحُ من حاجٍ تَكلّفُهُ،
تُرْجي لهُ الخيلَ والمهْرِيّةَ القُودا
والهَمُّ، للحيّ، إلْفٌ لا يفارقُه،(39/462)
حتى يَعودَ، مع الأمواتِ، مَفقودا
تلكَ النّوابحُ، خالَتْ بدرَ ليلتِها،
قُرصاً، وظنّتْ ثُرَيّا الليلِ عُنقودا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنُحتُ جهلاً، وقد ناحتْ مُطوَّقةٌ،
أنُحتُ جهلاً، وقد ناحتْ مُطوَّقةٌ،
رقم القصيدة : 4205
-----------------------------------
أنُحتُ جهلاً، وقد ناحتْ مُطوَّقةٌ،
من الحَمامِ، على خضراءَ مَقلودَهْ
قامتْ على النّاعمِ الأمْلودِ، هاتفةً،
وما تُشاقُ إلى بيضاءَ أملودَه
وأُمُّ دَفرٍ، لعَمري، شرُّ والدةٍ،
وبنتُها أُمُّ ليلى شرُّ مولودَه
فاجلدْ أخاكَ عليها، إن ألمّ بها،
فإنّها أخذَتْ، واللُّبَّ، مجلودَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ترْجو يهودُ المسيحَ يأتي،
ترْجو يهودُ المسيحَ يأتي،
رقم القصيدة : 4206
-----------------------------------
ترْجو يهودُ المسيحَ يأتي،
وتأمُلُ، الدّهرَ، أنْ يهودا
وكيفَ تُرْعى لهم عُهودٌ،
من بعدِ ما ضيّعوا العُهودا
وكلُّ ما عندَهُمْ دَعاوٍ،
حتى يقيموا به الشّهودا
غَدَوا وأشياخَهمْ، لجهلٍ،
كوِلدةٍ، أُوطنُوا المُهودا
وليسَ بيتي على الرّوابي،
وإنّما آلفُ الوهودا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قضاءُ اللَّهِ يبتعثُ المَنايا،
قضاءُ اللَّهِ يبتعثُ المَنايا،
رقم القصيدة : 4207
-----------------------------------
قضاءُ اللَّهِ يبتعثُ المَنايا،
فيُهلِكْنَ الأساودَ والأسودا
فعيشا مُفضِلَينِ، أو استَميحا،
وسُودا مَعشراً، أو لا تَسودا
فما بَهجَ، الصديقَ، الدهرُ، إلاّ
وكرّ، فسَرّ ذا الضّغنِ الحسودا
يُسيِّرُ بِيضَهُ والسّودَ، حتى
يُبيدَ، برَغْمِها، بِيضاً وسُودا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُبيدُ، على التّناسُبِ، كلَّ يومٍ،
أُبيدُ، على التّناسُبِ، كلَّ يومٍ،
رقم القصيدة : 4208
-----------------------------------
أُبيدُ، على التّناسُبِ، كلَّ يومٍ،
كأني لم أجُبْ بيداً فبيدا
وأقضائي، منَ الرّؤساءِ، كوني(39/463)
وكونُهُمُ، لخالِقنا، عَبيدا
صَلاتي، في الظّهائرِ، لا اصطِلائي
بهنّ، أرُومُ زَبْداً في زَبِيدا
قَضاءُ اللَّهِ يُفجِعُني وشيكاً،
ولو كنتُ الحُطيئةَ أو لبيدا
كأنّ ذوي التنعّمٍ، في البرايا،
نَعامٌ، راحَ يلتقطُ الهبيدا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا صاعِ، لستُ أُريد صاعَ مَكيلةٍ،
يا صاعِ، لستُ أُريد صاعَ مَكيلةٍ،
رقم القصيدة : 4209
-----------------------------------
يا صاعِ، لستُ أُريد صاعَ مَكيلةٍ،
فأضيفَهُ، لكن أرَخّمُ صاعِدا
لا تَدْنونّ منَ الشّرورِ وأهْلِها،
فتكونَ من أهْل العُلى متباعدا
فالمرء يَقْعُدُ، بالمكارِمِ، قائِماً،
ويَقومُ، في طَلبِ المعالي، قاعِدا
خيرُ المواهبِ ما أتاكَ ميَسَّراً
غيرَ المُرازِحِ، بالمِطالِ، مُواعِدا
والغيثُ أهنْأُ ما تراهُ عطيّةً،
ما لم يُحثّ بوارقاً ورواعدا
خَمسٌ براحتها تُعانُ، وراحةٌ،
بأشاجعٍ تدعُو، لأيدٍ، ساعدا
عَوْنٌ له عَوْنٌ، إلى أن يَبلُغَ الخَـ
ـلاّقَ، جَلَّ مُظاهراً ومُساعدا
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> خمس أغان للألم
خمس أغان للألم
رقم القصيدة : 421
-----------------------------------
1
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
ساقي مآقينا كؤوسَ الأرَقْ
نحنُ وجدناهُ على دَرْبنا
ذاتَ صباحٍ مَطِيرْ
ونحنُ أعطيناهُ من حُبّنا
رَبْتَةَ إشفاقٍ وركنًا صغيرْ
ينبِضُ في قلبنا
**
فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ
عن دَرْبنا مَرّهْ
يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ
يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ
ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ
2
مِن أينَ يأتينا الأَلمْ?
من أَينَ يأتينا?
آخَى رؤانا من قِدَمْ
ورَعى قوافينا
**
أمسِ اصْطحبناهُ إلى لُجج المياهْ
وهناكَ كسّرناه بدّدْناهُ في موج البُحَيرهْ
لم نُبْقِ منه آهةً لم نُبْقِ عَبْرهْ
ولقد حَسِبْنا أنّنا عُدْنا بمنجًى من أذَاهْ
ما عاد يُلْقي الحُزْنَ في بَسَماتنا(39/464)
أو يخْبئ الغُصَصَ المريرةَ خلف أغنيَّاتِنا
**
ثم استلمنا وردةً حمراءَ دافئةَ العبيرْ
أحبابُنا بعثوا بها عبْرَ البحارْ
ماذا توقّعناهُ فيها? غبطةٌ ورِضًا قريرْ
لكنّها انتفضَتْ وسالتْ أدمعًا عطْشى حِرَارْ
وسَقَتْ أصابعَنا الحزيناتِ النَّغَمْ
إنّا نحبّك يا ألمْ
**
من أينَ يأتينا الألم?
من أين يأتينا?
آخى رؤانا من قِدَمْ
ورَعَى قوافينا
إنّا له عَطَشٌ وفَمْ
يحيا ويَسْقينا
3
أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ?
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ
نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ?
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ?
**
ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ?
طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ
تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ
وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ
**
يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ
مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ
ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ?
ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ?
**
هذا الصغيرُ... إنّه أبرَأ مَنْ ظَلَمْ
عدوّنا المحبّ أو صديقنا اللدودْ
يا طَعْنةً تريدُ أن نمنحَها خُدودْ
دون اختلاجٍ عاتبٍ ودونما ألمْ
**
يا طفلَنا الصغيرَ سَامحْنا يدًا وفَمْ
تحفِرُ في عُيوننا معابرًا للأدمعِ
وتَسْتَثيرُ جُرْحَنا في موضعٍ وموضعِ
إنّا غَفَرْنا الذنبَ والإيذاء من قِدَمْ
4
كيف ننسىَ الألَمْ
كيف ننساهُ?
من يُضيءُ لنا
ليلَ ذكراهُ?
سوف نشربُهُ سوف نأكلُهُ
وسنقفو شُرودَ خُطَاه
وإذا نِمنا كان هيكلُهُ
هو آخرَ شيءٍ نَرَاهْ
**
وملامحُهُ هي أوّلَ ما
سوف نُبْصرُهُ في الصباحْ
وسنحملُهُ مَعَنا حيثُما
حملتنا المُنى والجراحْ
**
سنُبيحُ له أن يُقيم السُّدودْ
بين أشواقنا والقَمَرْ
بين حُرْقتنا وغديرٍ بَرُودْ
بين أعيننا والنَّظَرْ
**
وسنسمح أن يَنْشُر البَلْوى
والأسَى في مآقينا
وسنُؤْويه في ثِنْيةٍ نَشْوَى
من ضلوع أغانينا
**
وأخيرًا ستجرفُهُ الوديانْ
ويوسّدُهُ الصُّبَّيْر(39/465)
وسيهبِطُ واديَنَا النسيان
يا أسانا, مساءَ الخَيْرْ!
**
سوف ننسى الألم
سوف ننساهُ
إنّنا بالرضا
قد سقيناهُ
5
نحن توّجناكَ في تهويمةِ الفجْرِ إلهَا
وعلى مذبحكَ الفضيّ مرّغْنَا الجِبَاهَا
يا هَوانا يا ألَمْ
ومن الكَتّانِ والسِّمْسِمِ أحرقنا بخورَا
ثمّ قَدّمْنا القرابينَ ورتّلْنَا سُطورَا
بابليَّاتِ النَّغَمْ
**
نحنُ شَيّدنا لكَ المعبَدَ جُدرانًا شَذيّهْ
ورَششنا أرضَهُ بالزَّيتِ والخمرِ النَّقيَّهْ
والدموع المُحرِقهْ
نحن أشعلنا لكَ النيرانَ من سَعف النخيلِ
وأسانا وَهشيم القمح في ليلٍ طويلِ
بشفاهٍ مُطْبَقَهْ
**
نحنُ رتّلْنَا ونادَيْنا وقدّمْنا النذورْ:
بَلَحٌ من بابلِ السَّكْرَى وخُبْزٌ وخمورْ
وورودٌ فَرِحَهْ
ثمّ صلّينا لعينيك وقرّبنا ضحيّهْ
وجَمَعْنا قطَراتِ الأدمُعِ الحرّى السخيّهْ
وَصنَعْنا مَسْبَحَهْ
**
أنتَ يا مَنْ كفُّهُ أعطتْ لحونًا وأغاني
يا دموعًا تمنحُ الحكمةَ, يا نبْعَ معانِ
يا ثَرَاءً وخُصوبَهْ
يا حنانًا قاسيًا يا نقمةً تقطُرُ رحْمَه
نحنُ خبّأناكَ في أحلامنا في كلّ نغْمهْ
من أغانينا الكئيبهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَستأسِدُ النّبتُ الغضيضُ، فلا تلُمْ
يَستأسِدُ النّبتُ الغضيضُ، فلا تلُمْ
رقم القصيدة : 4210
-----------------------------------
يَستأسِدُ النّبتُ الغضيضُ، فلا تلُمْ
رَجُلاً، متى أبصَرْتَهُ مُستأسِدَا
وإذا حُسِدْتَ، فإنّ شكرَ فضيلةٍ
أنْ لا تُؤاخذَ، في الإساءةِ، حاسدا
ومن الرّزيّةِ أنْ تبيتَ مُكلَّفاً
إصلاحَ مَنْ صحِبَ الغريزَةَ، فاسدا
والدّينُ متجَرُ ميّتٍ، فلذاكَ لا
تُلفيهِ، في الأحياءِ، إلاّ كاسِدا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّما العالَمُ ضأنٌ، غدتْ
كأنّما العالَمُ ضأنٌ، غدتْ
رقم القصيدة : 4211
-----------------------------------
كأنّما العالَمُ ضأنٌ، غدتْ
للرّعيِ، والموتُ أبو جعْدَه
فهادجٌ، حاملُ عُكّازَةٍ،(39/466)
وفارسٌ، مُعتَقِلٌ صُعدَه
وآخرٌ يُدْركُ منْ قبلهُ،
ويتركُ الدّنيا لمنْ بعدَه
عَيشٌ، كما تَعهدُ، لامُخلِفٌ
وعيدَهُ، بل مُخلِفٌ وعدَه
هل يأمنُ البِرجيسُ، في عِزّه،
منْ قَدَرٍ يُعْدِمُهُ سعْدَه؟
كأنّما النّجمُ، لخوفِ الردى،
تأخُذُهُ من فَرَقٍ رِعْده
كم لابنٍ، في الأرض، لم يدّكرْ
لُبناهُ، مُذ بانَ، ولا دعده
أُحاذِرُ السّيلَ، ومنْ لي بمنـ
ـجاةٍ، إذا أسمَعَني رعْده؟
والوقتُ لا يفتأ، في مَرّه،
مُقَرِّباً، من أجلٍ، بُعدَه
فراقبِ الخالقَ، بالغَيبِ، في النـ
ـيامةِ والقيامةِ والقَعده
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد غادرَ العيشُ هذا السّوادَ،
لقد غادرَ العيشُ هذا السّوادَ،
رقم القصيدة : 4212
-----------------------------------
لقد غادرَ العيشُ هذا السّوادَ،
يُعاني، من الدّهرِ، بِيضاً وسودا
وتنعكِسُ الحالُ، حتى ترى
ظباءَ الأراكِ يُخِفْنَ الأسودا
يُنَفّقُ فِكري عليّ التّقَى،
ويأبَى له الطبعُ إلاّ كسودا
يسودُ الفتى، كارِهاً، قومَه،
ويأمُرُهُ اللُّبُّ أنْ لا يَسودا
فإنّ خمولَكَ دِراْعٌ عليكَ،
وُقيتَ بها عائِباً أو حَسودا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ترومُ، بجهِلكَ، لُقيا الكِرام،
ترومُ، بجهِلكَ، لُقيا الكِرام،
رقم القصيدة : 4213
-----------------------------------
ترومُ، بجهِلكَ، لُقيا الكِرام،
ولستُ، لذي كرَمٍ، واجِدا
وتحسبُ أنّ التقيّ الذي
تشاهدُهُ، راكِعاً ساجِدا
تَنَبّهْ، فأنتَ على غِرّةٍ،
إخالُكَ مُستَيقِظاً، هاجِدا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حوائِجُ نفسي كالغواني قصائِرٌ،
حوائِجُ نفسي كالغواني قصائِرٌ،
رقم القصيدة : 4214
-----------------------------------
حوائِجُ نفسي كالغواني قصائِرٌ،
وحاجاتُ غيري كالنّساء الرّدائد
إذا أغضَبَ، الخيلَ، الشكيمُ، فما لها
عليه اقتِدارٌ، غيرَ أزْمِ الحدائدِ
وما يَسبَحُ الإنسانُ في لُجّ غَمْرَةٍ(39/467)
من العِزّ، إلاّ بعدَ خوضِ الشدائدِ
وما كفَّ عقلي أن يؤمِّلَ بائِداً،
من الأمرِ، إني بائَدٌ وابنُ بائِدِ
أحيدُ، فتُشويني السّهامُ، ولو رَمتْ
قِسيُّ حِمامي لم تجدْني بحائِدِ
لعمْرُكَ ما شامَ الغَمائِمَ شائمي،
ولا طلَبَ الرّوضَ السّحابيَّ رائد
تُذادُ، عن الحوضِ، الغرائبُ، ضِنّةً،
وحوضُ الردى، ما دونَه كفُّ ذائد
وكيفَ أرجّي، من زمانٍ، زيادَةً،
وقد حذَفَ الأصليَّ حذفَ الزّوائد؟
أواكَ ضَنٍ، فاهربْ من الانسِ، طالما
تَبَرّمَ مُضنىً من حديثِ العوائد
وقد يُخلفُ، الظنَّ، المعَيْدُ إصابةً،
كما أعوَنَ الدجّالُ في آلِ صائد
وما أعجبتني، لابن آدمَ، شيمةٌ،
على كلّ حالٍ من مسودٍ وسائد
وتُسليكَ، عن نَيلِ الفوائدِ، ساعةٌ،
ثنتْ وصفَ حيٍّ، بعدها، كاسمِ فائد
وما يبلغُ الأحياءُ عزّاً بكثرَةٍ؛
وهل لحصى المَعزاءِ قدْرُ الفرائد؟
له العددُ الوافي، ولكنْ دنتْ له،
فما أخَذَتْهُ، ناظِماتُ القلائِد
تُقَسَّمُ أطواقُ المَنايا، ولم تَزَلْ
تَبُتُّ سُلوكاً، من عُقودِ الخرائد
وخالَفَ ناسٌ في السَجايا، ليُشهروا،
كما جُعِلَ التصريعُ ختمَ القصائد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد ركزوا الأرماحَ، غيرَ حميدةٍ،
لقد ركزوا الأرماحَ، غيرَ حميدةٍ،
رقم القصيدة : 4215
-----------------------------------
لقد ركزوا الأرماحَ، غيرَ حميدةٍ،
فبُعداً، لخيلٍ، في الوغى، لم تطارِدِ
تداعَوْا، فقالوا: ناسكٌ وابنُ ناسكٍ،
وما هوَ إلاّ ماردٌ وابنُ مارد
وما زالَ عرّافُ الكواكبِ ذاكراً
إماماً، كنجمٍ، في الدُّجُنّةِ، فارد
وما يجمَعُ الأشتاتَ إلاّ مُهَذَّبٌ
من القومِ، يُحمى بارداً فوقَ بارد
إذا نالَ ما يرجوهُ من زُحَلَ، الذي
بدا شرُّهُ، لم يبغِهِ منْ عُطاردِ
وإنْ يكُ، في الدّنيا، سعودٌ، فإنّما
تكونُ قليلاً كالشذوذِ الشوارد
أرى كدَراً عمَّ المواردَ، كلّها،
فَمُتْ، أو تجرّعْ من خَبيثِ الموارد(39/468)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعَنْ واقدٍ، خبّرْتني، وابنِ جَمرَةٍ،
أعَنْ واقدٍ، خبّرْتني، وابنِ جَمرَةٍ،
رقم القصيدة : 4216
-----------------------------------
أعَنْ واقدٍ، خبّرْتني، وابنِ جَمرَةٍ،
وآلِ شهاب، خامدٌ كلُّ واقد
وما النّاسُ إلاّ خائفو اللَّه، وحدَهُ،
إذا وقع التُّميُّ في كفّ ناقدِ
رَقَوا، ورَقدْنا، فاعتلَوا في هويَّنا،
وتلك المَراقي غيرُ هذي المراقد
فراقُ درٍ، أعطاكَ، غيرَ مقصِّر
نظامَ الثريّا، أو فريدَ الفراقد
إذا خَلَجَتْني، منْ حياةٍ، منيّةٌ،
فلستُ على الباغي العدّوِّ بحاقد
وأفرَقُ منْ يومٍ تُصمُّ غواتُهُ،
فتُعوِلُ إعوالَ النّساءِ الفواقد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما رأيتم عُصبَةً هَجَريّةً،
إذا ما رأيتم عُصبَةً هَجَريّةً،
رقم القصيدة : 4217
-----------------------------------
إذا ما رأيتم عُصبَةً هَجَريّةً،
فمن رأيها، للنّاس، هجرُ المساجدِ
وللدّهرِ سرٌّ مُرقِدٌ كلَّ ساهرٍ،
على غِرّةٍ، أو مُوقِظٌ كلَّ هاجد
يقولونَ: تأثيرُ القِرانِ مغيِّرٌ،
من الدّين، آثارَ السُّراة الأماجد
متى ينزِلِ الأمرُ السماويُّ لا يُفِدْ،
سوى شَبَحٍ، رمحُ الكميّ المناجد
وإنْ لحقَ، الإسلامَ، خَطبٌ يُغضُّه،
فما وجَدتْ، مثلاً لهُ، نفسُ واجد
إذا عظّموا كَيوانَ عَظّمتُ واحداً،
يكونُ له كَيوانُ أوّلَ ساجد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خطوبٌ تألّت: لا يزالُ، معذَّباً،
خطوبٌ تألّت: لا يزالُ، معذَّباً،
رقم القصيدة : 4218
-----------------------------------
خطوبٌ تألّت: لا يزالُ، معذَّباً،
أخوها، وحلّتْ كلَّ كفٍّ وساعدِ
وما فوقَ هذي الأرضِ إلاّ مؤهَّلٌ
لهمٍّ، فقارِبْ في الظّنونِ وباعدِ
إذا جلّ خَطبٌ ساعدَ، المرءَ، ضدُّه
ولا خيرَ في الإخوانِ، إن لم تساعد
وقد يهجرُ الحتفُ القيامَ إلى الوغى،
ويَطُرقُ أبياتَ النّساءِ القواعد
فإن رُمتَ جوداً، فليجىء منك مطلقاً،(39/469)
وأكرِمْهُ عن تقييدِه بالمواعد
فأهنأُ غَيمٍ جادَ، في الأرضِ، نائلاً،
غَمامٌ سَقاها في صَمُوتِ الرّواعد
وإنّ المنايا لا يَغِبُّ نزولُها،
فتخْفِضَ أربابَ الجدودِ الصواعد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كنتَ من فرطِ السّفاهِ مُعطِّلاً،
إذا كنتَ من فرطِ السّفاهِ مُعطِّلاً،
رقم القصيدة : 4219
-----------------------------------
إذا كنتَ من فرطِ السّفاهِ مُعطِّلاً،
فيا جاحدُ اشهَدْ أنّني غيرُ جاحِدِ
أخافُ، من اللَّهِ، العقوبةَ آجلاً،
وأزعُمُ أنّ الأمرَ في يدِ واحد
فإني رأيتُ المُلحدينَ تعودُهُمْ
ندامتُهم، عندَ الأكفّ اللّواحد
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> أغنية حب للكلمات
أغنية حب للكلمات
رقم القصيدة : 422
-----------------------------------
فيمَ نخشَى الكلماتْ
وهي أحيانًا أكُُفٌّ من ورودِ
بارداتِ العِطْرِ مرّتْ عذْبةً فوق خدودِ
وهي أحيانًا كؤوسٌ من رحيقٍ مُنْعِشِ
رشَفَتْها, ذاتَ صيفٍ, شَفةٌ في عَطَشِ?
**
فيم نخشى الكلماتْ?
إنّ منها كلماتٍ هي أجراسٌ خفيّهْ
رَجعُها يُعلِن من أعمارنا المنفعلاتْ
فترةً مسحورةَ الفجرِ سخيّهْ
قَطَرَتْ حسّا وحبًّا وحياةْ
فلماذا نحنُ نخشى الكلماتْ?
**
نحنُ لُذْنا بالسكونِ
وصمتنا, لم نشأ أن تكشف السرَّ الشِّفاهُ
وحَسِبنا أنّ في الألفاظ غولاً لا نراهُ
قابعًا تُخْبئُهُ الأحرُفُ عن سَمْع القرونِ
نحنُ كبّلنا الحروف الظامئهْ
لم نَدَعْها تفرشُ الليلَ لنا
مِسْندًا يقطُرُ موسيقَى وعِطْرًا ومُنَى
وكؤوسًا دافئهْ
**
فيم نخشى الكلماتْ?
إنها بابُ هَوًى خلفيّةٌ ينْفُذُ منها
غَدُنا المُبهَمُ فلنرفعْ ستارَ الصمتِ عنها
إنها نافذةٌ ضوئيّةٌ منها يُطِلّ
ما كتمناهُ وغلّفناهُ في أعماقنا
مِن أمانينا ومن أشواقنا
فمتى يكتشفُ الصمتُ المملُّ
أنّنا عُدْنا نُحبّ الكلماتْ?
**
ولماذا نحن نخشَى الكلماتْ
الصديقاتِ التي تأتي إلينا(39/470)
من مَدَى أعماقنا دافئةَ الأحرُفِ ثَرّهْ?
إنها تَفجؤنا, في غَفْلةٍ من شفتينا
وتغنّينا فتنثالُ علينا ألفُ فكرهْ
من حياةٍ خِصْبة الآفاقِ نَضْرهْ
رَقَدَتْ فينا ولم تَدْرِ الحياةْ
وغدًا تُلْقي بها بين يدينا
الصديقاتُ الحريصاتُ علينا, الكلماتْ
فلماذا لا نحبّ الكلماتْ?
**
فيمَ نخشى الكلماتْ?
إنّ منها كلماتٍ مُخْمليات العُذوبَهْ
قَبَسَتْ أحرفُها دِفْءَ المُنى من شَفَتين
إنّ منها أُخَرًا جَذْلى طَروبهْ
عَبرَت ورديّةَ الأفراح سَكْرى المُقْلتين
كَلِماتٌ شاعريّاتٌ, طريّهْ
أقبلتْ تلمُسُ خَدّينا, حروفُ
نامَ في أصدائها لونٌ غنيّ وحفيفُ
وحماساتٌ وأشواقٌ خفيّهْ
**
فيمَ نخشى الكلماتْ?
إن تكنْ أشواكها بالأمسِ يومًا جرَحتْنا
فلقد لفّتْ ذراعَيْها على أعناقنا
وأراقتْ عِطْرَها الحُلوَ على أشواقنا
إن تكن أحرفُها قد وَخَزَتْنا
وَلَوَتْ أعناقَها عنّا ولم تَعْطِفْ علينا
فلكم أبقت وعودًا في يَدَينا
وغدًا تغمُرُنا عِطْرًا ووردًا وحياةْ
آهِ فاملأ كأسَتيْنا كلِماتْ
**
في غدٍ نبني لنا عُشّ رؤًى من كلماتْ
سامقًا يعترش اللبلابُ في أحرُفِهِ
سنُذيبُ الشِّعْرَ في زُخْرُفِهِ
وسنَرْوي زهرَهُ بالكلماتْ
وسنَبْني شُرْفةً للعطْرِ والوردِ الخجولِ
ولها أعمدةٌ من كلماتْ
وممرًّا باردًا يسْبَحُ في ظلٍّ ظليلِ
حَرَسَتْهُ الكلماتْ
**
عُمْرُنا نحنُ نذرناهُ صلاةْ
فلمن سوف نصلّيها... لغير الكلماتْ?
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يكونُ الذي سمّى، من القوم، خالداً
يكونُ الذي سمّى، من القوم، خالداً
رقم القصيدة : 4220
-----------------------------------
يكونُ الذي سمّى، من القوم، خالداً
كذوباً، لأنّ المرءَ ليسَ بخالِدِ
يُجالدُ محرُومٌ على الأمرِ فاتهُ،
وأحرزَهُ، بالحظّ، منْ لم يجالد
أرى كلّ مولودٍ يناسبُ والداً،
وما كلّ مولودِ الأنامِ بوالد
ويجري قضاءٌ، مالَكمْ عنه حاجزٌ،
فألقُوا إلى مولاكمُ بالمقالد(39/471)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد ماتَ جَنِيُّ الصِّبا منذُ برهَةٍ،
لقد ماتَ جَنِيُّ الصِّبا منذُ برهَةٍ،
رقم القصيدة : 4221
-----------------------------------
لقد ماتَ جَنِيُّ الصِّبا منذُ برهَةٍ،
وتأبَى عِفاري القلبِ غيرَ مرُودِ
أمرّت، وأمرَت أُمُّ دفرٍ، وإنْ حلَتْ،
فكم حَلأتْ قوماً غداةَ ورودِ
شربْتُ بَروداً لم يدعْ نارَ غُلّةٍ،
وعنْ مَنكبِي ألقَيتُ خيرَ بُرود
فإنّ قتيرَ الشّيبِ لم يحمِ جانباً،
فكانَ بعكسٍ من قتيرٍ سرود
أقيمي، فإني لا رَقيميَ مُعجبي؛
ورودي، فإني لا أهَشُّ لرُود
أعَزُّ بني الدّنيا، بغيرِ مذلّةٍ،
مُبينُ وَجىً، منها، فقيدُ شُرود
بعقّاقةٍ أهلَ العقيقِ ومَنعَجٍ؛
وزرّادَةٍ، بالحَتْفِ، أهلَ زَرود
فُرودُ السّواري والتوائمُ، في الدّجى،
تُقِرُّ لربٍّ، صاغَها، بفُرود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا المرءُ لم يغلِبْ، من الغيظِ، سَورَةً،
إذا المرءُ لم يغلِبْ، من الغيظِ، سَورَةً،
رقم القصيدة : 4222
-----------------------------------
إذا المرءُ لم يغلِبْ، من الغيظِ، سَورَةً،
فليسَ، وإنْ فضّ الصّفا، بشديدِ
ومن جمعَ الضرّاتِ يطُلبُ لذّةً،
فقد باتَ، في الإضرارِ، غيرَ سديد
وإنْ يلتمِسْ أُخرى، جديداً لحاجة،
فلا يأمَنَنْ منها ابتغاءَ جديد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأني، وإنْ أمستْ تضمُّ، جميعَنا،
كأني، وإنْ أمستْ تضمُّ، جميعَنا،
رقم القصيدة : 4223
-----------------------------------
كأني، وإنْ أمستْ تضمُّ، جميعَنا،
مدائنُ في غُبرِ المهامِهِ، بيدِ
إذا قلتُ شعراً، لستُ فيهِ بحائبٍ،
فما أنا إلاّ تائبٌ كلبيدِ
وبائيَةٌ من ضعفِ عقلِ نفوسِنا،
كبائّيةٍ من شارداتِ عبيد
غدَوتُ أعدُّ الحُرفَ سعداً، كأنّني
ظليمٌ تغذّى، راضياً، بهبيدِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خوى دَنُّ شَرب فاستَجابوا إلى التقى،
خوى دَنُّ شَرب فاستَجابوا إلى التقى،(39/472)
رقم القصيدة : 4224
-----------------------------------
خوى دَنُّ شَرب فاستَجابوا إلى التقى،
فعيسُهُمُ نحوَ الطّوافِ خوادي
توي ديّنٌ في ظَنّهِ: ما حرائرٌ،
نظائرَ آمٍ، وُكّلتْ بتوادي
رُويْدَكَ! لو لم يُلحِدِ السيفُ لم تكنْ
لتحمِلَ، هامَ المُلحدينَ، هواد
تغيّرتِ الأشياءُ في كلّ موطِنٍ،
ومنْ لِجَوادٍ، نائِلاً، بجوادِ؟
فما للسّوادي، بالمَعاشرِ، في الدّجى،
لقدْ غَفَلَتْ عن رِحلَةٍ بسواد
وليسَ ركابي، عنْ رضايَ، عوادِناً،
ولكنْ عَداها، أنْ تَسيرَ، عوادي
أتُجمَعُ، في رَبْعٍ، قِيَانٌ، كأنّها
شوادِنُ، باللّحنِ الخفيفِ، شوادي
بِوادٍ، نأتْ عنهُ العُيونُ، وعندَهُ
بوادِنُ، للأمرِ القبيحِ، بَوادي
وما تُشبِه، الشمسَ، الرّوادنُ مُرّداً،
كخيلٍ، بمَيدانِ الفُسوقِ، رَواد
وكلُّ رَواد، لا تُصابُ، أبيّةٌ
متى نوزِعتْ، في منطقٍ، لرِواد
فهل قاتلٌ منهنّ غَيداءَ، مرّةً
فوَادٍ، وهلْ، للمومِساتِ، فَوادي؟
تفرّعتِ الجُرْدَ العِرابَ، لِعزّةٍ،
كوادِنُ، بينَ المُقرِفاتِ، كوادي
تروحُ إليهنّ الغُواةُ، عشيّةً،
وهنّ على ضِدّ الجميلِ غوادي
حوَى، دينَ قومٍ، مالُهمْ، فنفوسُهم
إلى الفَتَكاتِ المُخزياتِ حوادي
وقامتْ، على أهلِ الرّشادِ، نوادبٌ،
وغصّتْ، بأهلِ المُندِياتِ، نوادي
أوى، ديْرَ نَصرانيّةٍ، متظاهرٌ
بنُسكٍ، ألا إنّ الذّئابَ أوادي
سوى ديدنِ الجُهّالِ يذهبُ عنهُمُ،
وقد طالَ جَهْري، فيهمُ، وسوادي
وتدري المَواضي ما دواءُ دوائبٍ
يَبِتْنَ، لرَهْطِ المرءِ، شَرَّ دوادي
وإنّ دُواداً، حينَ أنكَرَ عقلَهُ،
لَغَيرُ مَقيتٍ، عندَ أُمّ دُوادِ
أتأمُلُ، ريّاً بالوُرودِ، ركائبٌ
صوادرُ عن صَدّاءَ، وهيَ صوادِ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما زالتِ الرّوحُ، قبلَ اليومِ، في دَعةٍ،
ما زالتِ الرّوحُ، قبلَ اليومِ، في دَعةٍ،
رقم القصيدة : 4225
-----------------------------------
ما زالتِ الرّوحُ، قبلَ اليومِ، في دَعةٍ،(39/473)
حتى استَقرّتْ، بحُكمٍ اللَّه، في الجسدِ
فالآنَ تلكَ وهذا منْ قذىً وأذىً،
لا يُخْليانكَ بَلْهَ الغِلّ والحسدِ
قالَ الدَنيُّ لمالٍ كانَ سادَ بهِ:
لأكرِمَنّكَ، لولا أنتَ لم أسُدِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا بدّ للرّوحِ أن تنأى عن الجسَدِ،
لا بدّ للرّوحِ أن تنأى عن الجسَدِ،
رقم القصيدة : 4226
-----------------------------------
لا بدّ للرّوحِ أن تنأى عن الجسَدِ،
فلا تُخَيّمْ على الأضغانِ والحسدِ
واجعَلْ، لعَزمتِكَ، الظّلماءَ ناجيَةً،
نجُومُها كعلوبِ النِّسع والمسد
فهل تحاذرُ، من طعن السّماك، ردًى،
أمْ بالهِلالِ تُوقّى مِخلَبَ الأسد؟
منْ لا يسُدّ ويُسئِدْ في حَنادسه،
ويُسدِ خَيراً، إلى العافين، لا يَسُدِ
حملُ المدَجَّجِ ترْكاً فوقَ هامتِه،
أشفُّ للرّأسِ من وضعٍ على الوُسُد
وضرْبةُ القِرْن، في الهيجاء، منتصراً،
أوْلى بهِ من خِصامِ الجيرَةِ الفُسُد
ومُغرَمٌ بالمَخازي، طالبٌ صلَةً،
مُغرًى بتنفيقِ أشعارٍ لهُ كُسُدِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن كانَ قلبُكَ فيه خوفُ بارئِهِ،
إن كانَ قلبُكَ فيه خوفُ بارئِهِ،
رقم القصيدة : 4227
-----------------------------------
إن كانَ قلبُكَ فيه خوفُ بارئِهِ،
فلا تجاوزْ حِذارَ اللَّه بالحَسَدِ
هما نقيضانِ لا يَستَجمِعانِ به،
والظبيُ غيرُ مُقيمٍ في ذَرا الأسد
والرّوحُ في حبّ دُنياها معذَّبةٌ،
حتى يُقالَ لها: بِيني عن الجسد
ما لا تُطيقُ هلاكٌ حينَ تحمِله،
والدُّرُّ يهلِكُ دونَ النّظم في المسَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نِعمَ الوسادُ يميني ما بقيتُ لها،
نِعمَ الوسادُ يميني ما بقيتُ لها،
رقم القصيدة : 4228
-----------------------------------
نِعمَ الوسادُ يميني ما بقيتُ لها،
وإنْ أُغَيَّبْ أُوَسِّدْها فأتّسِدِ
التُّربُ جَدّي، وساعاتي ركائبُ لي،
والعيشُ سَيري، وموتي راحةُ الجسد
العينُ منْ أرَقٍ، والشخصُ من قلقٍ،(39/474)
والقلبُ من أملٍ، والنفسُ من حسَد
إنبَهْ وسُدْ، فهُما هَمٌّ تُكابدُه،
واخملُ، إذا شئتَ أن تحظى، ولا تسد
واجبن أو اشجع، فطرقُ الموتِ واحدة،
والظبيُ فيهنّ مثلُ السيِّد والأسد
وذاتُ عِقدٍ تُلاقي من أذًى وقذًى،
كما تُلاقيهِ ذاتُ الحَطْبِ والمَسَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد أهبِطُ الرّوضةَ الزهراء، عاريَةً،
قد أهبِطُ الرّوضةَ الزهراء، عاريَةً،
رقم القصيدة : 4229
-----------------------------------
قد أهبِطُ الرّوضةَ الزهراء، عاريَةً،
سدّى لها الغيثُ نسجاً، فالنباتُ سَدِ
تُمسي الشقائقُ فيها، وهي قانيةٌ،
ممّا سقاها رُعافُ الجَدْي والأسد
يَغنى بنو المُلكِ، إنْ حلّوا بساحتها،
عن الزّرابيّ والأنماطِ والوُسُد
لا حسّ للجسم بعدَ الرّوح نعلمُهُ،
فهل تُحِسُّ إذا بانَتْ عن الجَسدَ؟
والطبعُ يهوي إلى ما شانَ، يطلبُه،
لكن يُجَرُّ إلى ما زانَ بالمَسَدِ
وفي الغرائزِ أخلاقٌ مذَمَّمَةٌ،
فهلْ نُلامُ على النّكراءِ والحسَد؟
أهَكذا كانَ أهلُ الأرضِ قبلَكُمُ،
أمْ غُيّروا بسجايا منهُمُ فُسُد؟
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> النهر العاشق
النهر العاشق
رقم القصيدة : 423
-----------------------------------
أين نمضي? إنه يعدو إلينا
راكضًا عبْرَ حقول القمْح لا يَلْوي خطاهُ
باسطًا, في لمعة الفجر, ذراعَيْهِ إلينا
طافرًا, كالريحِ, نشوانَ يداهُ
سوف تلقانا وتَطْوي رُعْبَنا أنَّى مَشَيْنا
**
إنه يعدو ويعدو
وهو يجتازُ بلا صوتٍ قُرَانا
ماؤه البنيّ يجتاحُ ولا يَلْويه سَدّ
إنه يتبعُنا لهفانَ أن يَطْوي صبانا
في ذراعَيْهِ ويَسْقينا الحنانا
**
لم يَزَلْ يتبعُنا مُبْتسمًا بسمةَ حبِّ
قدماهُ الرّطبتانِ
تركتْ آثارَها الحمراءَ في كلّ مكانِ
إنه قد عاث في شرقٍ وغربِ
في حنانِ
**
أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ
حولَ أكتافِ المدينهْ?
إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ
ساكبًا من شفَتَيْهِ(39/475)
قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ
**
ذلكَ العاشقُ, إنَّا قد عرفناهُ قديما
إنه لا ينتهي من زحفِهِ نحو رُبانا
وله نحنُ بنَيْنا, وله شِدْنا قُرَانا
إنه زائرُنا المألوفُ ما زالَ كريما
كلَّ عامٍ ينزلُ الوادي ويأتي للِقانا
**
نحن أفرغنا له أكواخنا في جُنْح ليلِ
وسنؤويهِ ونمضي
إنه يتبعُنا في كل أرضِ
وله نحنُ نصلّي
وله نُفْرِغُ شكوانا من العيشِ المملِّ
**
إنه الآن إلهُ
أو لم تَغْسِل مبانينا عليه قَدَمَيْها?
إنه يعلو ويُلْقي كنزَهُ بين يَدَيها
إنه يمنحُنا الطينَ وموتًا لا نراهُ
من لنا الآنَ سواهُ?
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما الخيرُ صومٌ يذُوبُ الصّائمونَ له،
ما الخيرُ صومٌ يذُوبُ الصّائمونَ له،
رقم القصيدة : 4230
-----------------------------------
ما الخيرُ صومٌ يذُوبُ الصّائمونَ له،
ولا صلاةٌ، ولا صوفٌ على الجسدِ
وإنّما هوَ ترْكُ الشرّ مُطّرَحاً،
ونفضُكَ الصّدْرَ من غِلٍّ ومن حسَد
ما دامت الوحْشُ والأنعامُ خائفةً
فَرْساً، فما صَحّ أمرُ النُّسك للأسد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خِدْرُ العروس، وإن كانتْ مُحَبَبَّةً،
خِدْرُ العروس، وإن كانتْ مُحَبَبَّةً،
رقم القصيدة : 4231
-----------------------------------
خِدْرُ العروس، وإن كانتْ مُحَبَبَّةً،
أدهى وأفتَكُ من عرّيسةِ الأسَدِ
وشِركةُ الخِلّ، فيما هانَ، تُفْسِدُهُ
عليك، فاتّقِ منْ أخلاقِكَ الفُسُدِ
ما عاشَ جِسمانِ، في الدّنيا، بواحدة
من النّفوسِ، ولا النّفسانِ بالجسد
ونيّةُ الخيرِ، مثلُ الطّيرِ، آبيَةٌ
صدرَ الفتى، فليحاذِرْ صائدَ الحسد
كم سادَ، في مُدّةِ الأيّامِ، من رجلٍ،
ثمّ انقضى، فهو مثلُ المرءِ لم يَسُد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما يُحسِنُ المرءُ غيرَ الغِشّ والحسدِ؛
ما يُحسِنُ المرءُ غيرَ الغِشّ والحسدِ؛
رقم القصيدة : 4232
-----------------------------------(39/476)
ما يُحسِنُ المرءُ غيرَ الغِشّ والحسدِ؛
وما أخوكَ سوى الضّرغامةِ الأسد
لا خيرَ في النّاسِ، إنْ ألقَوا سيادَتهمْ
إليكَ، طوعاً، فخالِفْهُمْ ولا تَسُدِ
فليسَ يَرضَونَ عن والٍ ولا ملِكٍ،
ولو أتَوا بالأماني في قُوى مَسَد
جاؤوا الفَخارَ بأموالٍ لهم نُفُقٍ،
ولم يجيئوا بأخلاقٍ لهمْ كُسُد
وإن تكنْ هذه الأرواحُ خالِصةً،
فهنّ يَفسُدْنَ في أرواحِنا الفُسُد
وقد رأينا، كثيراً بينَنا، جَسَداً
بغيرِ روحٍ، فهل روحٌ بلا جسد؟
تَطَهّرَتْ، بنبيذِ التّمرِ، طائفةٌ،
وقد أجازوا طهوراً بالدّم الجسد
فالحَمدُ للَّه! ما نفسي بساميةٍ،
ولا بناني، على أيدي العُفاةِ، سَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مللتُ عيشي، فعُوجي يا منيّةُ بي،
مللتُ عيشي، فعُوجي يا منيّةُ بي،
رقم القصيدة : 4233
-----------------------------------
مللتُ عيشي، فعُوجي يا منيّةُ بي،
وذُقتُ فنّيْه: من بُؤسٍ ومن رَغدِ
غَدِي سيُوجِدُ أمسي، لا ينازِعُني
في ذاكَ خَلْقٌ، وأمسي لا يصيرُ غدي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نفسٌ قدِ استُودِعتْ جسماً إلى أمدٍ،
نفسٌ قدِ استُودِعتْ جسماً إلى أمدٍ،
رقم القصيدة : 4234
-----------------------------------
نفسٌ قدِ استُودِعتْ جسماً إلى أمدٍ،
فإن تفارِقْهُ بالمِقدارِ لا يَعُدِ
أوعِد وعِد، سوف يأتي، بعدنا، زمنٌ
كأنّنا فيه لم نُوعِدْ ولم نَعِدِ
تصعّدَ الفكرُ، ثمّ ارتدّ منحَدِراً،
فحارَ بينَ هُبوطِ المَلكِ والصَّعَد
لو تسلكُ الروحُ، في الأجبالِ، عالمةً
كعلمنا، هدَمتها كثرةُ الرَّعَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصمُتْ وإن تأْبَ فانطق شطر ما سمعتْ
أصمُتْ وإن تأْبَ فانطق شطر ما سمعتْ
رقم القصيدة : 4235
-----------------------------------
أصمُتْ وإن تأْبَ فانطق شطر ما سمعتْ
أُذناكَ، فالفمُ نصفُ اثنينِ في العَددِ
واجعَلهُ غايةَ مايأتي اللسانُ به،
وإن تجاوزَ لم يقرُبْ من السَّددِ(39/477)
النّاسُ أجمعُ، من دنياهمُ خُلقوا،
فما انتقالك منْ أدٍّ إلى أدَد
بُعداً لهمْ منْ رجالٍ لاحُلومَ لهم،
يمشونَ في الوَعثِ، إعراضاً عن الجَدد
وَدِدْتُ أنّ إلهي كان غادَرني،
ومُدّتي، في يديها، أقصرُ المُدَد
تُخاصمُ الحظّ في شيءٍ يجودُ به،
وراحَ خصمُك منه بيّنَ اللدَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا غدوتَ عن الأوطان مرْتحلاً،
إذا غدوتَ عن الأوطان مرْتحلاً،
رقم القصيدة : 4236
-----------------------------------
إذا غدوتَ عن الأوطان مرْتحلاً،
فضاهِ في البينِ حذفَ الواو من يَعِدِ
كانت، فبانت، وما حنّتْ إلى وطنٍ،
وعاد غادٍ إلى وكرٍ، ولم تعُد
سعِدتَ، إن كنتَ بحراً فائضاً بجداً؛
والبحرُ ليسَ بمحسوبٍ من السُّعُد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وعظتُ قوماً، فلم يُرْعُوا إلى عِظَتي،
وعظتُ قوماً، فلم يُرْعُوا إلى عِظَتي،
رقم القصيدة : 4237
-----------------------------------
وعظتُ قوماً، فلم يُرْعُوا إلى عِظَتي،
مثلَ امرىءِ القيس ناجى طائرَ الوادي
أرى الزّمانَ وشيكاً، مبطئاً، ولهُ
حالٌ تخالفُ إيشاكي وإرْوادي
كم جادَ، قبليَ، حضّارٌ وبادية
للوارثينَ بأفراسٍ وأذواد
إنّ المنايا أرتْنا حُجّةً، شرحتْ
فضلَ العطايا لبخّالٍ، وأجْواد
والعفوَ آمُلُ من ربّي، إذا حُضِرَت
نَفسي، وفارَقتُ عُوّادي لأعوادي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جاءَت أحاديثُ، إن صحّت، فإنّ لها
جاءَت أحاديثُ، إن صحّت، فإنّ لها
رقم القصيدة : 4238
-----------------------------------
جاءَت أحاديثُ، إن صحّت، فإنّ لها
شأناً، ولكنّ فيها ضعْفَ إسنادِ
فشاوِرِ العقلَ، واتُرك غيرَهُ هَدَراً؛
فالعقلُ خيرُ مشيرٍ ضمَّهُ النادي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ،
اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ،
رقم القصيدة : 4239
-----------------------------------
اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ،(39/478)
فليحضُرِ الناسُ إقراري وإشهادي
هذا، ورُبّ صديقٍ لي أفاد غنًى،
زهِدْتُ فيه، على عُدْمي وإزهادي
أعمى البصيرةِ، لا يَهديه ناظرُهُ،
إذ كلُّ أعمى لديه، من عصاً، هاد
وقد علِمتُ، إذا سُهّدْتُ من حذَرٍ،
أنْ ليس يَنفي خطوبَ الدهرِ تَسْهادِ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> إلى الشعر
إلى الشعر
رقم القصيدة : 424
-----------------------------------
من بَخور المعابدِ في بابل الغابرهْ
من ضجيج النواعيرِ في فَلَواتِ الجَنوبْ
من هتافاتِ قُمْريّةٍ ساهرهْ
وصدى الحاصدات يغنّين لحنَ الغروبْ
ذلكَ الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوبْ
لحياتي, لسمع السنينْ
مُثخَنًا بعبيرِ مساءٍ حزينْ
أثقلتهُ السنابِلُ بالأرَجِ النَّشْوانْ,
بصدًى شاعريّ غريبْ
من هُتافاتِ ضفدعةٍ في الدجى النعسان
يملأُ الليلَ والغدْرانْ
صوتُها المتراخي الرتيبْ
**
ذلك الصوتُ, صوتُكَ سوف يؤوب
لحياتي, لسَمْع المساءْ
سيؤوبُ وأسمعُ فيه غناءْ
قمريَّ العُذوبةِ فيه صَدًى من ليالي المطر
من هدوءِ غُصونِ الشجر
وهي تمتصّ سَكْرى, رحيق السَّماءْ
الرحيقَ الذي عطّرتْهُ الغيومْ
بالرؤى, بتحايا النجومْ
**
سأجوبُ الوجودْ
وسأجمَعُ ذرّاتِ صوتِكَ من كل نَبْعٍ بَرودْ
من جبال الشِّمالْ
حيث تهمسُ حتى الزنابقُ بالأُغنياتْ
حيثُ يحكي الصنوبرُ للزَّمَنِ الجوّالْ
قصصًا نابضاتْ
بالشَّذى, قصصًا عن غرامِ الظِّلالْ
بالسواقي, وعن أغنياتِ الذئابْ
لمياهِ الينابيعِ في ظُلَلِ الغاباتْ
عن وقَارِ المراعي وفلسفة الجَدْولِ المُنْسابْ
عن خَروفٍ يُحسّ اكتِئابًا عميقْ
ويُقضِّي النَّهارْ
يقضِمُ العُشْبَ والأفكارْ
مُغْرَقًا في ضَبابِ وجودٍ سحيقْ
**
وسأجمعُ ذرّاتِ صَوْتِك من ضَحِكاتِ النعيمْ
في مساءٍ قديمْ
من أماسيِّ دِجلةَ يُثْقلُ أجواءَهُ بالحنينْ
مرحُ الساهرينْ
يرشفونَ خرير المياهْ
وهي تَرْطُمُ شاطئَهُمْ, وضياءُ القَمَرْ
قَمَرِ الصيفِ يملأ جوّ المَساءِ صُوَرْ
والنسيمُ يمرّ كلمس شِفاهْ(39/479)
من بلادٍ أُخَرْ
ليلةٌ شهرزاديّةُ الأجواءْ
في دجاها الحَنونْ
كلّ شيءٍ يُحسّ ويحلُمُ حتى السكونْ
ويهيم بحبِّ الضياءْ
**
وسأسمَع صوتَكَ حيثُ أكونْ
في انفعال الطبيعةِ, في لَحَظاتِ الجنونْ
حينَ تُثْقل رجعَ الرُّعودْ
ألفُ أسطورةٍ عن شَبابِ الوجودْ
عن عصورٍ تَلاَشَتْ وعن أُمَم لن تعودْ
عن حكاياتِ صبيانِ (عادْ)
لصبايا (ثمودْ)
وأقاصيصَ غنَّتْ بها شهرزادْ
ذلك الملكَ المجنونْ
في ليالي الشتاءْ
وسأسمَعُ صوتَكَ كلّ مَسَاءْ
حين يغفو الضياءْ
وتلوذُ المتاعبُ بالأحلامْ
وينامُ الطموحُ تنامُ المُنَى والغَرَامْ
وتنامُ الحياةُ, ويبقى الزَّمَانْ
ساهرًا لا يَنَامْ
مثل صوتك, ملء الدُّجَى الوَسنانْ
صوتُكَ السهرانْ
في حنيني العميق
صوتك الأبديّ الذي لا يَنَامْ
فهو يبقَى معي سهرانْ
وأُحسّ صداهُ الملوّنَ يملأ كل طريقْ
بالشَّذَى بندى الألوانْ
صوتُكَ المجهولْ
أنا أدركتُ - يا فرحتا - سرّهُ المَعْسُولْ
أنا أدركتُهُ أنا وَحْدي وصمْتُ الزَّمَانْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا آلَ يَعقوبَ! ما تَوراتُكُم نبأٌ
يا آلَ يَعقوبَ! ما تَوراتُكُم نبأٌ
رقم القصيدة : 4240
-----------------------------------
يا آلَ يَعقوبَ! ما تَوراتُكُم نبأٌ
من وَرْي زندٍ، ولكن وري أكبادِ
إن كانَ لم يبدُ للأغمارِ سِرُّكمُ،
فإنّهُ ليَ، في أكنانِه، باد
لقدْ أكلتمْ بأمرٍ، كلُّه كذِبٌ،
على تقادُمِ أزمانٍ وآبادِ
ورابني أنّ أحباراً، لكمْ، رَسخوا
في العلم، ليسوا، على حالٍ، بعُبّاد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُنيايَ! فيكِ هوى نَفسي ومُهلِكُها،
دُنيايَ! فيكِ هوى نَفسي ومُهلِكُها،
رقم القصيدة : 4241
-----------------------------------
دُنيايَ! فيكِ هوى نَفسي ومُهلِكُها،
والماءُ يُودي بنفس الواردِ الصادي
وما قصدْتُكِ مختاراً فتَعذُلَني
فيكِ العواذلُ، إن حاولتِ إقصادي
والمرءُ يطلُبُ أمراً، ما يُبَيّنُهُ،(39/480)
كالحَرْفِ يُلفَظُ بين الزّاي والصّاد
موْتان: هذا بوَرسٍ عُلّ ميّتُهُ،
وآخرٌ زادَ على وَرسٍ بفِرصاد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سمّيتَ نجلَكَ مَسعوداً، وصادَفَهُ
سمّيتَ نجلَكَ مَسعوداً، وصادَفَهُ
رقم القصيدة : 4242
-----------------------------------
سمّيتَ نجلَكَ مَسعوداً، وصادَفَهُ
رَيبُ الزمانِ، فأمسى غيرَ مسعودِ
عودي يخافُ من الإحراق، صاحبُهُ،
إن قال ربّي لأجسام البِلى: عودي
حاشا لربّكَ من إخلافِ مَوعِده،
وإنّما الخُلفُ في قولي وموعودي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> محمودُنا اللَّهُ، والمسعودُ خائفُهُ،
محمودُنا اللَّهُ، والمسعودُ خائفُهُ،
رقم القصيدة : 4243
-----------------------------------
محمودُنا اللَّهُ، والمسعودُ خائفُهُ،
فعَدِّ عن ذِكرِ محمُودٍ ومسعودِ
مَلْكانِ لو أنّني خُيّرتُ مُلكَهُما،
وعُودَ صلْبٍ، أشارَ العقلُ بالعودِ
القبرُ لا رَيْبَ منزولٌ، فما أرَبي
إلى ارتقاءِ رفيعِ السَّمْكِ، مصعُود
قوتي غنايَ، وطِمري ساتري، وتُقى
مولاي كنزي، ووِرد الموتِ موعودي
والنّفسُ أمّارَةٌ بالسوءِ ما اجترمتْ،
إلاّ وسيّىءُ طَبعي قائلٌ: عودي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا يُعْجبَنّ الفتى بفضلٍ،
لا يُعْجبَنّ الفتى بفضلٍ،
رقم القصيدة : 4244
-----------------------------------
لا يُعْجبَنّ الفتى بفضلٍ،
فإنّهُ مقتضى بوَعْدِ
يقولُ: جاوزتُ، في المعالي،
آلَ سعيدٍ وآلَ سعد
فليسَ فوقي، وليس مثْلي،
وليسَ قبلي، وليسَ بعدي
والدُهُ خصّهُ بعَدْوى
من موتِهِ، والحِمامُ يُعدي
أودى بفرسانِ كلّ جيلٍ،
من سَبِطٍ، فيهمُ، وجَعد
وما ثنى الحادثاتُ معْدىً
من مثل بسطامَ وابن مَعدي
يا زَينباً، حُلّيتْ، ودعداً،
كمْ مرّ منْ زينبٍ ودَعْد
فالحمدُ للَّه قلّ خيري،
وصارَ قُرْبي نظيرَ بُعدي
وقدْ بدا لي، من المنايا
بارقةٌ آذَنَتْ برَعْد(39/481)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا دنوتِ لشامٍ، أو مررتِ به،
إذا دنوتِ لشامٍ، أو مررتِ به،
رقم القصيدة : 4245
-----------------------------------
إذا دنوتِ لشامٍ، أو مررتِ به،
فنكّبِيه وراءَ الظّهْرِ، أو حيدي
قد غيّر الدّهْرُ منهُ، بعدَ مبتهَجٍ،
وألحَدَ السّيفُ فيه، بعدَ توحيدِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تعالى اللَّهُ! كم مَلِكٍ مَهِيبٍ،
تعالى اللَّهُ! كم مَلِكٍ مَهِيبٍ،
رقم القصيدة : 4246
-----------------------------------
تعالى اللَّهُ! كم مَلِكٍ مَهِيبٍ،
تبدّلَ، بعد قصرٍ، ضيقَ لحدِ
أُقِرُّ بأنّ لي ربّاً قديراً،
ولا ألقَى بدائعَهُ بجَحْد
لوَ اني في عِدادِ الرّملِ صَحبي،
لأُودعت الثرى، وتُركتُ وحدي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بوَحدانيّةِ العَلاّمِ دِنّا،
بوَحدانيّةِ العَلاّمِ دِنّا،
رقم القصيدة : 4247
-----------------------------------
بوَحدانيّةِ العَلاّمِ دِنّا،
فذَرْني أقطَعُ الأيّامَ وحدِي
سألتُ، عن الحقائقِ، كلَّ يومٍ،
فما ألفَيتُ إلاّ حرْفَ جَحد
سوى أني أزولُ بغير شَكٍّ،
ففي أيّ البلادِ يكونُ لحدي؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمَا عرَفَ المقيمُ بأرضِ مصرٍ،
أمَا عرَفَ المقيمُ بأرضِ مصرٍ،
رقم القصيدة : 4248
-----------------------------------
أمَا عرَفَ المقيمُ بأرضِ مصرٍ،
وميضَ بوارقٍ، ودَويَّ رعدِ؟
ورُبّ غمامةٍ نشأت، فزالتْ،
وليسَ ثَرى مَحَلّتِنا بجَعد
إذا رُزِقَ الفتى في المَحلِ جَدّاً،
رعى ما شاءَ من ثَعدٍ ومَعْد
وما نالَتْ خِلافَتَها قُرَيشٌ،
وأرْغِمَ سَعدُها إلاّ بسَعد
فإنّ، لهذه الدّنيا، طريقاً،
عليه يمُرُّ مَنْ قبلي وبعدي
إذا وعدتْكَ خَيراً ماطلتْهُ؛
وهلْ يُرْجى لها إنجازُ وعد؟
فَزَجِّ العيشَ منْ صفوْ ورَنقٍ؛
ودَعْ شجَنَيكَ من هندٍ ودعد
ولا تجلِسْ إلى أهلِ الدّنايا،
فإنّ خلائقَ السّفَهاءِ تُعدي(39/482)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُمامةُ! كيفَ لي بإمام صِدْقٍ،
أُمامةُ! كيفَ لي بإمام صِدْقٍ،
رقم القصيدة : 4249
-----------------------------------
أُمامةُ! كيفَ لي بإمام صِدْقٍ،
ودائي مُشرِقي، فمتى مَعادي؟
فخافي شِرّتي، ودعي رجائي،
فإني، مثلَ عادِ النّاسِ، عادِ
كَنودٌ جاءنا منها كُنودٌ،
وأعيا القومَ سعدٌ من سعاد
أما لكم، بني الدنيا، عقولٌ
تصُدُّ عن التنافُسِ والتعادي؟
أسُنّتُنا المآلُ إلى صعيدٍ،
فما بالُ الأسنّةِ والصِّعاد؟
ومن يكُ حظُّهُ، منكم، دُنُوّاً،
فإنّ أجلّ حظّي في البعاد
وقد جرّبتُكم، فوجدتُ جهلاً
مُبيناً في السِّباطِ وفي الجِعاد
أذاةٌ من صديقٍ، أو عدوٍّ،
فبؤسٌ للأصادِقِ والأعادي
وتُغدِرُ هذهِ الأيّامُ منّي،
كما أغدَرْنَ من إرَمٍ وعادِ
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الأربعين
الأربعين
رقم القصيدة : 425
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ادري ان الوقت يذهب ما يعود
اربعينٍ فارقتني يالعنود
ماطر الايام من غيم الزمان
ما يبل الريق لو مهما يجود
كم شربته صافيٍ بارد قراح
ما دريت ان الظما سر الوجود
كل شمسٍ تلمس اشجار العمر
تحرق الاوراق وتجف الفنود
وكل ريحٍ تدفع شراع العمر
ينقطع به حبل ويميل العمود
اربعين مرت وتوني صغير
انتظر لعل تصدق لي الوعود
والغريب اني على هذا مغبوط
ادري اني بخير لا شفت الحسود
الزمن يا بنيتي كله زوال
ما تخلد كود لحظات السجود
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أكُمْهاً ليس بينَهُمُ بصيرٌ!
أكُمْهاً ليس بينَهُمُ بصيرٌ!
رقم القصيدة : 4250
-----------------------------------
أكُمْهاً ليس بينَهُمُ بصيرٌ!
أما لكُمُ، إلى العلياءِ، هادي؟
عَمرْنا، الدّهرَ، شبّاناً وشيباً،
فبؤسٌ للرّقادِ وللسّهادِ!
وأوطنّا الدّيارَ، بكلّ وقتٍ،
فألفَينا الرّوابيَ كالوِهادِ
يُمَهَّدُ للغنيّ فراشُ نومٍ؛
وقبرٌ كانَ أروَحَ من مِهاد(39/483)
إذا اقترنتْ بجسمِ الحيّ روحٌ،
فتلك وذاكَ في حالَيْ جِهاد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجبتُ لشاربٍ بزُجاجِ راحٍ،
عجبتُ لشاربٍ بزُجاجِ راحٍ،
رقم القصيدة : 4251
-----------------------------------
عجبتُ لشاربٍ بزُجاجِ راحٍ،
دُوينَ العَقلِ، سُداً من حديدِ
ولم يحتَجْ إلى عَوْنٍ بقِطرٍ،
ولم يَكُ صاحبَ الأيدِ الشديد
رأى شمسَ المُدام تغورُ فيهِ،
وتطلُعُ في ذُرى قدَحٍ جديد
مقيماً، غيرَ ذي سَفَرٍ، تكفّا
بنَدْمانَيْهِ من جَمّ العدِيد
كذي القرْنينِ، لكنْ ضلّ هذا،
ويُسّرَ ذاكَ للرّأي السّديد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأني كنتُ في أزمانِ عادٍ،
كأني كنتُ في أزمانِ عادٍ،
رقم القصيدة : 4252
-----------------------------------
كأني كنتُ في أزمانِ عادٍ،
أُعاشِرُ آلَ قَيلٍ، أو مُرَيْدِ
وما عَفتِ الحوادثُ عن شُجاعٍ،
فتعْفو عن عُتيْبةَ أو دُرَيْدِ
أريدُ الآنَ مَغفِرَةً، فإنّي
أُراقِبُ حتْفَ مُغفِرَةٍ بِرَيْدِ
وإنّ صوارِدَ الأيّامِ تأتي
على عِقْبانِها، وعلى الصُّرَيْدِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إرْكَعْ لربّكَ في نَهارِكَ واسجُدِ،
إرْكَعْ لربّكَ في نَهارِكَ واسجُدِ،
رقم القصيدة : 4253
-----------------------------------
إرْكَعْ لربّكَ في نَهارِكَ واسجُدِ،
ومتى أطقْتَ تُهجُّداً فتَهَجّدِ
وإذ غلا البُرُّ النّقيُّ، فشارِك الـ
ـفرسَ الكريمَ وساوِ طِرفَك تَمجُدِ
واجعلْ لنَفْسكَ من سليطِ ضيائِها
أُدْماً، ونَزْرَ حَلاوةٍ من عُنجُد
وارْسُمْ بفَخّارٍ شَرابَك، لا تُرِدْ
قدَحَ اللُّجَينِ ولا إناءَ العَسْجد
يكفيك صَيفَك من ثيابكَ ساترٌ،
وإذا شَتوْت فقِطعةٌ من بُرْجُد
أنهاكَ أن تليَ الحكومةَ، أو تُرى
حِلفَ الخَطابةِ، أو إمامَ المسجد
وذَرِ الإمارةَ، واتخاذَك دِرّةً
في المِصْرِ، يحسَبُها حُسامَ المُنجد
تلك الأمورُ كرِهتُها لأقارِبٍ
وأصادِقٍ، فابخَلْ بنفْسِكَ أو جُدِ(39/484)
ولقدْ وجدتُ وَلاءَ قومٍ سُبّةً،
فاصرِفْ ولاءَكَ للقديمِ المُوجِد
ولتَحْلَ عِرْسُكَ بالتقى، فنِظامُهُ
أسنى لها من لُؤلؤٍ وزَبرْجَدِ
كلُّ يسبِّحُ، فافهَمِ التّقديسَ في
صوتِ الغُرابِ، وفي صُياح الجُدجُد
وانزِلْ بعِرْضِكَ في أعزّ مَحَلّةٍ،
فالغَورُ ليسَ بموطِنٍ للمُنجِد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أكتمْ حديثَكَ عن أخيك، ولا تكنْ
أكتمْ حديثَكَ عن أخيك، ولا تكنْ
رقم القصيدة : 4254
-----------------------------------
أكتمْ حديثَكَ عن أخيك، ولا تكنْ
أسرارُ قلبِكَ مثلَ أسرارِ اليدِ
ولكلّ عصرٍ حائدٌ، ومُقدَّمٌ
للحربِ، يضربُ في جبينِ الأصيدِ
فمضى يزيدُ ومَخْلدٌ في دَولَةٍ،
وثنى الزمانُ إلى يزيدَ ومَزيَد
وتقارُبُ الأسماءِ، ليس بموجِبٍ
كوْنَ التقارُبِ، في الفِعالِ، الأزيد
فالغُمْرُ نافَى الغَمرَ، عندَ قياسهِ،
والسِّيدُ غيرُ مشابهٍ للسَّيّد
وتديُّرُ الأوطانِ حُبَّ، وطالما
قُنِصَ الحَمامُ على الغصون المُيَّد
ظُلِمَ الأنامُ، فناصِ بِيدَكَ مفرداً،
حتى تُعَدّ من الرجالِ البُيّد
ومتى رُزِقْتَ شَجاعةً وبلاغةً،
أوطنْتَ، من رَبعِ العلى، بمُشيَّد
فالطيرُ سؤدَدُها الرفيعُ، وعزُّها،
قُسِما على خُطبائها والصُّيّد
وإذا الحِمامُ أتَى، فما يكفيكَهُ
نَفْرُ الجَبانِ، ولا حِيادُ الحُيّد
ومقيَّدٌ، عند القضاءِ، كمُطلَقٍ،
فيما ينوبُ، ومطلَقٌ كمقيَّد
فالظبيةُ الغيداءُ، صبّحها الرّدى،
أدماء تَرْتعُ في النباتِ الأغيَد
قَدَرٌ يُريكَ حليفَ ضَعْفٍ أيِّداً،
ويردُّ قِرْنَ الأيْدِ ضِدّ مؤيَّد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا المُجاورُ، فارْعَهُ وتوقَّه،
أمّا المُجاورُ، فارْعَهُ وتوقَّه،
رقم القصيدة : 4255
-----------------------------------
أمّا المُجاورُ، فارْعَهُ وتوقَّه،
واستعفِ ربّكَ من جوارِ المُلْحِدِ
ليسَ الذي جَحَدَ المليكَ، وقد بدتْ
آياتُه، بأخٍ لمنْ لم يَجْحَد(39/485)
وأرى التوحُّدَ، في حياتكَ، نِعمةً،
فإنِ استَطَعتَ بُلوغَه، فتوحّد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تَبدَءوني بالعداوةِ منْكمُ،
لا تَبدَءوني بالعداوةِ منْكمُ،
رقم القصيدة : 4256
-----------------------------------
لا تَبدَءوني بالعداوةِ منْكمُ،
فمسيحُكمْ، عندي، نظيرُ محمّدِ
أيَعيثُ ضَوءُ الصّبحِ ناظرَ مُدلِجٍ،
أمْ نحنُ أجمعُ في ظَلامٍ سَرْمَد
كُمْهُ البصائِر، لا يَبينُ لها الهُدى،
أو مُبصِرٌ، أبداً، بعينَيْ أَرْمَد
جسدٌ يُعَذَّبُ، في الحياةِ، حسِبتُهُ
مُستَشعِراً حَسَدَ العِظامِ الهُمّد
إنّ السّيوفَ تُراحُ في أغمادِها،
وتَظَلُّ في تَعَبٍ، إذا لم تُغْمَد
مَن لي بجسمٍ لا يُحِسُّ رزيّةً،
لكن يُعَدُّ كتُربةٍ، أو جَلْمَد
روحٌ إذا اتّصلَتْ بشخصٍ لم يزلْ
هُوَ وهْيَ، في مرض العَناء المُكمِد
إن كنتِ من ريحٍ، فيا ريحُ اسكُني،
أو كنتِ من لَهبٍ، فيا لهبُ اخمُد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كُفّي دُموعَكِ، للتفرّقِ، واطلبي
كُفّي دُموعَكِ، للتفرّقِ، واطلبي
رقم القصيدة : 4257
-----------------------------------
كُفّي دُموعَكِ، للتفرّقِ، واطلبي
دمعاً يُبارَكُ مثلَ دمعِ الزاهدِ
فبقطرَةٍ منهُ تَبوخُ جهنّمٌ،
فيما يُقالُ، حديثُ غيرِ مُشاهد
خافي إلهَكِ، واحذَري من أُمّةٍ،
لم يَلبَسوا، في الدّينِ، ثوبَ مجاهد
أكَلوا فأفنَوا ثمّ غَنَّوا وانتَشَوا
في رَقصِهِمْ، وتمتّعوا بالشّاهد
حالَتْ عُهودُ الخَلق، كم من مسلمٍ،
أمسى يَرُومُ شَفاعَةً بمُعاهِد
وهو الزمانُ قضى، بغير تناصفٍ،
بينَ الأنامِ، وضاعَ جُهدُ الجاهد
سَهِدَ الفتى لمَطالِبٍ ما نالها،
وأصابَها من باتَ ليسَ بساهِد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اللَّهُ صَوّرَني، ولستُ بعالِمٍ،
اللَّهُ صَوّرَني، ولستُ بعالِمٍ،
رقم القصيدة : 4258
-----------------------------------
اللَّهُ صَوّرَني، ولستُ بعالِمٍ،(39/486)
لِمَ ذاكَ، سُبحانَ القديرِ الواحدِ
فلتشهدِ الساعاتُ، والأنفاسُ لي،
أني بَرِئتُ من الغَويّ الجاحدِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا شامَ للسلطانِ، إلاّ أنْ يُرى
لا شامَ للسلطانِ، إلاّ أنْ يُرى
رقم القصيدة : 4259
-----------------------------------
لا شامَ للسلطانِ، إلاّ أنْ يُرى
نَعمُ البداوةِ كالنّعامِ الطّارِدِ
ويكونَ، للبادينَ، عذبُ مياهِه،
مثلَ المُدامَةِ لا تَحِلُّ لوارِد
وتَظَلُّ أبياتٌ، لهم، شَعَرِيّةٌ،
كبيوتِ شِعْرٍ، في البلاد، شوارد
ويقومُ مَلْكٌ في الأنامِ، كأنّه
مَلَكٌ يُبرّحُ بالخَبيثِ المارد
صَنَعُ اليدينِ بقتل كلّ مخالفٍ
بالسّيفِ، يضربُ بالحديد البارد
قالوا: سيمْلِكُنا إمامٌ عادلٌ،
يرمي أعادينَا بسهمٍ صارد
والأرضُ موطنُ شِرّةٍ وضغائنٍ،
ما أسمَحَتْ بسرورِ يومٍ فارد
ولو أنّ فيها ناظراً، كالمُشتَري،
يُعطي السّعودَ، وكاتباً كعُطارد
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الحب عبدي وسيدي
الحب عبدي وسيدي
رقم القصيدة : 426
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا تشد القيد ...
تجرح يدي ... أو تجرح القيد ...
قيدك غدى يوجع يدي ...
سجني أنا انت ... وسجنك أنا ...
والحب ... الحب عبدي وسيدي ...
لا ... لا تشد القيد ...
دمي ... جرى ... دمك ...
همي إني اشوفك في يدي ...
وإلاّ يدي همّك ...
في معصمي صرت ...
إنت السجين في معصمي ...
وكانك تصبرت ... أنا مقوى الصبر ...
دمعي في عيني ... وصرختي تملا فمي ...
سجني وسجاني ... أحزانك احزاني ...
وشلون ابنساك ... وشلون تنساني ...
محبوس في عيونك دمع ...
وزنزانتي ... تقطيبة الحاجب ...
وحاول توارى في الجفا ...
يا وجهه الصاحب ...
بتشوف نفسك في يدي ...
قيدٍ رقيق ...
قيدٍ سلب حريتي ...
ليته طليق ...
يا صاحبي ... ما به ابد قيدٍ طليق ...
لا ... لا توجع يدي ...
سجني انا انت ... وسجنك انا ...
والحب ... الحب عبدي وسيدي ...(39/487)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جَهْلٌ مَراميَ أن تكونَ مُوافقي،
جَهْلٌ مَراميَ أن تكونَ مُوافقي،
رقم القصيدة : 4260
-----------------------------------
جَهْلٌ مَراميَ أن تكونَ مُوافقي،
وشكوك نفسي، بينهنّ، تَعادي
ليسَ التكثّرُ من خليقةِ صادِقٍ،
فاذهبْ لعادِكَ أستمرَّ لعادي
لو كانَ لي غَيمٌ لجادَ بمائِه،
من غيرِ إبراقٍ، ولا إرْعادِ
أخلِفْ، إذا أوْعَدْتَ غافرَ زَلّةٍ
منْ جارِمٍ، وأنِلْ بلا ميعادِ
ولقد غدوْتُ بأُمّةٍ وبإمّةٍ
قَزَمِيّتَينِ، وهمّةٍ منْ عاد
والجسمُ يَهْوي، بالطّباعِ، إلى الثرى
ويَبِينُ فيه تكلّفُ الإصعاد
وإخالُ نفسي، حينَ تفقِدُ شخصَها،
تلقى الذي عَمِلَتْهُ قبل مَعاد
لا تشربَنْ ما عشتَ من دمِ أبيضٍ
سَبِطٍ، ولا سُودٍ، يلُحْن، جِعاد
دَعةٌ، لمثلِكَ، تَرْكُ دَعْدٍ للنّوى،
وسعادةٌ لكَ هِجرةٌ لسُعاد
لم تبلُغِ الآرابَ شدّةُ ساعدٍ،
ما لم يُعِنْها اللَّهُ بالإسْعاد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أروى دمٌ قلباً، وتلكَ سفاهةٌ؛
أروى دمٌ قلباً، وتلكَ سفاهةٌ؛
رقم القصيدة : 4261
-----------------------------------
أروى دمٌ قلباً، وتلكَ سفاهةٌ؛
والدّهرُ منْ عَجَلٍ ومنْ إرْوادِ
فَروائحٌ، وبواكِرٌ، ومَعارِفٌ،
ومَناكِرٌ، وحَواضِرٌ، وبوادِ
وجوادُ قومٍ، عُدّ منْ بُخَلائهمْ،
وحَليفُ بُخْلٍ، عُدّ في الأجواد
والخَلقُ أطوارٌ، يُزيلُ شُخوصَهمْ،
بعدَ المثولِ، مثبِّتُ الأطواد
شِيَمٌ، من الدّنيا، يُجازُ بها المَدَى،
ستُشاكلُ الأذواءَ بالأذواد
وادٍ من الموتِ الزّؤامِ، وكلُّنا
أشفى ليُدْفَعَ فوق جُرفِ الوادي
سفَرٌ يطولُ، من الأنامِ، على كرًى
منْ غفلةٍ، وكرًى من الأزواد
وأوادمُ الزمنِ الطويلِ كثيرةٌ،
وأوادمُ الطّعمِ الشّهيّ أواد
وأمضُّ من ثِقلِ العيادَةِ، للفتى،
نُوَبٌ تكونُ عواديَ العُوّاد
لا يُفجِعنّكَ، والخطوبُ كثيرةٌ،
أنّ الغوادرَ، للفِراق، غواد(39/488)
عَمَدَتْ لنا الأيّامُ، وهي دوائبٌ،
لتردّ أقداماً مكانَ هَواد
فطوارقٌ جاءَتهُمُ بطواردٍ،
ونوادبٌ قامتْ لهمْ بنواد
همٌّ بأسوِدَةِ القُلوبِ، مَناخُهُ
للبِيضِ، حينَ أنَخْنَ بالأفواد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اذكُرْ إلهكَ، إنْ هَببتَ من الكَرى،
اذكُرْ إلهكَ، إنْ هَببتَ من الكَرى،
رقم القصيدة : 4262
-----------------------------------
اذكُرْ إلهكَ، إنْ هَببتَ من الكَرى،
وإذا همَمْتَ لهَجعةٍ ورُقادِ
إحذَرْ مجيئكَ، في الحساب، بزائفٍ،
فاللَّهُ ربُّكَ أنْقَدُ النُّقّاد
تَغْشى جهنّمَ دمعةٌ منْ تائِبٍ،
فتبوخُ، وهي شديدةُ الإيقاد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قلّدْتَني الفُتيا، فتوّجْني غداً
قلّدْتَني الفُتيا، فتوّجْني غداً
رقم القصيدة : 4263
-----------------------------------
قلّدْتَني الفُتيا، فتوّجْني غداً
تاجاً، بإعفائي من التّقليدِ
ومن الرّزِيّةِ أن يكون فؤا
دُكَ الوقّادُ في جسدٍ، عليه، بليد
وحوادثُ الأيّامِ تُولَدُ جِلّةً،
وتَعودُ تَصْغُرُ ضدّ كلّ وليد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن شئتَ كلّ الخَيرِ يُجمَعُ في
إن شئتَ كلّ الخَيرِ يُجمَعُ في
رقم القصيدة : 4264
-----------------------------------
إن شئتَ كلّ الخَيرِ يُجمَعُ في
الأولى، فبِتْ كالصّارِمِ الفَرَدِ
ماذا يَرُوقُ العَينَ من أُشُرٍ،
عُقباهُ صائرَةٌ إلى درَد
وتُصاغُ، للبِيضِ، الأساوِرُ منْ
لُبْس الأساورَ سابغَ الزَّرَد
وأْمَنْ، على المالِ، الرجالَ، ولا
تأمَنهُمُ أبداً على الخُرُد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجَدْنا اختلافاً، بيننا، في إلهنا،
وجَدْنا اختلافاً، بيننا، في إلهنا،
رقم القصيدة : 4265
-----------------------------------
وجَدْنا اختلافاً، بيننا، في إلهنا،
وفي غيرهِ، عزَّ الذي جلّ واتّحدْ
لنا جُمعَةٌ، والسّبتُ يُدعى لأمّةٍ
أطافتْ بموسى، والنصارى لها الأحد(39/489)
فهلْ، لِبواقي السّبعةِ الزُّهر، معشرٌ،
يجلّونها ممّن تنسّكَ أو جَحد؟
تقرّبَ ناسٌ بالمُدامِ، وعندَنا،
على كلّ حالٍ، أنّ شاربَها يُحدّ
وما كَفَّهُمْ عن شُربها سوطُ ضاربٍ،
ولا السيف، إنّ السيف من سوطه أحدّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تُكرِموا جسدي، إذا ما حلّ بي
لا تُكرِموا جسدي، إذا ما حلّ بي
رقم القصيدة : 4266
-----------------------------------
لا تُكرِموا جسدي، إذا ما حلّ بي
رَيْبُ المَنُونِ، فلا فضيلةَ للجسد
كالبُرْدِ كانَ على اللّوابِسِ نافقاً،
حتى إذا فَنِيتْ بشاشتُهُ كسدْ
أرواحُنا ظُلمتْ، فتلك بيوتُها
دُرُسٌ، خَوَينَ من الضّغائن والحسدْ
وارُوهُ من قبل الفسادِ، فإنّهُ
جسمٌ، إذا فُقِدتْ حرارتُه فَسدْ
لا تَغبِطوا رجلاً على ما نالَهُ،
إنْ باتَ قد سادَ الرّجالَ، ولم يُسَد
فحوادثُ الأيّامِ غَيرُ تواركٍ
نسرَ النجوم، ولا السّماكَ، ولا الأسد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما جُلِبَ الخيرُ إلى
ما جُلِبَ الخيرُ إلى
رقم القصيدة : 4267
-----------------------------------
ما جُلِبَ الخيرُ إلى
صاحِبِ عقلٍ، وكسدْ
أشدُّ خطْبٍ، يُتّقى،
فِراقُ رُوحٍ لجسدْ
يُذكَرُ أنْ سوفَ يَعُمُّ
أهلَ شرٍّ وحسدْ
طوفانُ نارٍ كائنٌ،
يخرُجُ من قلبِ الأسد
أصيغَةُ العالَمِ ذا،
أم طالَ دهرٌ، ففسَد؟
أهْوَنُ، منْ سُؤالهم،
حطْبُك في ريحٍ وسَدّ
إنْ لم يجئكَ، بغنًى،
يومٌ، فقد سدّ مسَدّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يلقاكَ، بالماءِ النميرِ، الفتى،
يلقاكَ، بالماءِ النميرِ، الفتى،
رقم القصيدة : 4268
-----------------------------------
يلقاكَ، بالماءِ النميرِ، الفتى،
وفي ضميرِ النّفسِ نارٌ تَقِدْ
يُعطيكَ لفظاً، ليّناً مسُّهُ،
ومثلُ حدّ السيفِ ما يَعتَقِد
ويمرَحُ الإنسانُ، منْ جَهلِهِ،
وهو أسيرٌ في رباطٍ وَقِدّ
كمْ حلّتِ الأيّامُ من حِيلَةٍ،
ثُمّتَ حلّتْ كلّ عَقدٍ عُقد(39/490)
والمرءُ كالبائع في سُوقِه،
يأخذُ ما يُعطى ولا يَنتَقِد
حتى إذا اليومُ انقضى ساءَهُ
ما تجِدُ النفسُ، وما يفتقِد
لا أحقِدُ، الآن، على صاحبٍ،
إن رابَني، مَعدِنَ خَيرٍ حَقد
فهذه الدّنيا على ما تَرى،
لم تَدِ مَقتولاً ولم تَسْتقِد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا اجتمعَ اثنانِ، في منزلٍ،
إذا اجتمعَ اثنانِ، في منزلٍ،
رقم القصيدة : 4269
-----------------------------------
إذا اجتمعَ اثنانِ، في منزلٍ،
على خَرْبةٍ، فُضِحا للأبَدْ
تُبَدُّ الحظوظُ على أهلِها،
ولكنْ تُبادُ، ومنْ لم يُبَد
وفي وَحْدَةِ المرءِ سِترٌ لهُ،
فكن مثلَ سيفك حِلْفَ الرُّبَد
ولا تَعرِضنّ لبنتِ الكُرومِ،
أُختِ السّرور، وأمِّ الزَّبد
فإنْ وسّعَتْ، للفتى، ساعةً،
فسوفَ تُغادُرُه في كَبَد
وما زِلتَ، بعد غُرابِ الصِّبا،
قَرِينَ البُزاةِ، فَقَعْ يا لُبَدْ
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> اوراق الزمن
اوراق الزمن
رقم القصيدة : 427
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ادفن يدي .. تحت الثرى
واسقيها من جفني ارق ..
يذبل مابين اصابعي ..
عشب و ورق ..
ادفن يدي .. فوق الثرى ..
يلفها برد وسموم ..
واحس بعروقي يبست ..
ما توصل عروقي الثرى ..
ولا تشرب عروقي النجوم
وينبت على جفني سهاد ..
يذبل ورا صدري الشجن ..
اشقق اوراق الزمن ..
وانام ..
في حلقي الليله جفاف ..
شربت أيامي .. ومضت ..
واللي بقى جرحي الوفي ..
في خاطري باب يرد ..
وسراج دوبه ينطفي ..
اغطي الظلمه بظلام ..
كل ما اشد اصابعي ..
على العيون المتعبه ..
جرحٍ ينام .. وجرحٍ شعر بي وانتبه ..
قام وتبعني لشرفة ظلمه بعيد ..
جاني يقاسمني السهاد .. جاني قصيد ..
ادفن يدي تحت الثرى .. فوق الثرى ..
واعيش انا بباقي يدي ..
نصفٍ يموت .. ونصفٍ درى انه يموت ..
يا سيدي .. ربي انا نقطه فـ بحر ..
علمني كيف اهوى الحياه ..
علمني كيف اهوى القدر ..(39/491)
علمني بإماني اكون ..
يارب .. اكثر من بشر ..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُسمُّون بالجهْلِ عبدَ الرّحيم،
يُسمُّون بالجهْلِ عبدَ الرّحيم،
رقم القصيدة : 4270
-----------------------------------
يُسمُّون بالجهْلِ عبدَ الرّحيم،
وعبدَ العزيز، وعبدَ الصَّمدْ
وما بلَغُوا أن يكونوا لهُ
عبيداً، وذلك أقصى الأمَد
ولكنّهُ خالقُ العالمينَ:
ذائبِ أجزائهمْ، والجَمَد
تعمّدْهُ يُغنِكَ، بالهَدْي، أن
تُدرِّسَ مغنيَّهُم، والعُمَد
إذا كان ما نالني، بالقَضاءِ،
فمن سُوءِ رَأييَ طولُ الكمَد
ولم يبقَ، في الأمر، منْ حيلةٍ،
فيُقصَرَ منْ عُمُرٍ، أو يُمدّ
وإنّ ثموداً أتتْ، بحرَهُمْ،
خُطوبٌ، فما تركتْ من ثَمَد
رأيتُ الفتى شَبّ حتى انتهَى،
وما زالَ يَفنى إلى أنْ همَد
كمصباحِ ليلٍ بدا يَستَنيرُ،
ثمّ تَناقصَ حتى خَمَد
ولولا الذي بانَ من حُكمِهِ،
لقُلنا: طويلُ زمانٍ سَمَد
إذا طَفِئَتْ في الثّرى أعينٌ،
فقدْ أمِنتْ منْ عمًى أو رمد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تغيّبتُ في منزلي بُرْهةً،
تغيّبتُ في منزلي بُرْهةً،
رقم القصيدة : 4271
-----------------------------------
تغيّبتُ في منزلي بُرْهةً،
سَتيرَ العُيوبِ فقيدَ الحسدْ
فلمّا مضى العُمْرُ، إلاّ الأقلَّ،
وحُمَّ لروحي فراقُ الجسدْ
بُعِثتُ شفيعاً إلى صالحٍ،
وذاكَ من القومِ رأيٌ فَسَد
فيسْمعُ منّيَ سجْعَ الحَمامِ،
وأسمَعُ منهُ زئيرَ الأسد
فلا يُعجِبَنّيَ هذا النفاقُ،
فكم نفّقتْ محنةٌ ما كسَد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما يُعرَفُ، اليومَ، من عادٍ وشيعَتِها،
ما يُعرَفُ، اليومَ، من عادٍ وشيعَتِها،
رقم القصيدة : 4272
-----------------------------------
ما يُعرَفُ، اليومَ، من عادٍ وشيعَتِها،
وآلِ جُرْهُمَ، لا بطنٌ ولا فَخِذُ
أطارَهُمْ، شيمةَ العَنقاءِ، دَهرُهُمُ،
فليسَ يَعلَمُ خَلقٌ أيّةً أخذوا(39/492)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> النّاسُ أكثرُ ممّا أنتَ مُلتَمِسٌ،
النّاسُ أكثرُ ممّا أنتَ مُلتَمِسٌ،
رقم القصيدة : 4273
-----------------------------------
النّاسُ أكثرُ ممّا أنتَ مُلتَمِسٌ،
إنْ لم يوازِرْكَ هذا المُستعانُ، فذا
وما يَريبُكَ منْ سَهْمٍ رُميتَ به،
وقد أصابكَ مرّاتٍ فما نَفذا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ليْتَ البسيطةَ لا تلقى بظاهِرها
ليْتَ البسيطةَ لا تلقى بظاهِرها
رقم القصيدة : 4274
-----------------------------------
ليْتَ البسيطةَ لا تلقى بظاهِرها
شَعباً، يُعَدُّ، ولا بطْناً، ولا فَخِذا
أعارَكَ اللَّهُ ما أعطاكَ مَوهِبَةً،
لو كان ما نلتَ موهوباً لما أُخِذا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا لهفَ نفسي على أني رَجَعْتُ إلى
يا لهفَ نفسي على أني رَجَعْتُ إلى
رقم القصيدة : 4275
-----------------------------------
يا لهفَ نفسي على أني رَجَعْتُ إلى
هذي البلادِ، ولم أهلِكْ ببغداذا
إذا رأيتُ أموراً لا توافقني،
قلتُ: الإيابُ إلى الأوطانِ أدّى ذا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَلَفّعَ بالعَباءِ رجالُ صدقٍ،
تَلَفّعَ بالعَباءِ رجالُ صدقٍ،
رقم القصيدة : 4276
-----------------------------------
تَلَفّعَ بالعَباءِ رجالُ صدقٍ،
وأوسعَ غيرُهم سَرَقاً ولاذا
فلا تَعجَبْ لأحكامِ اللّيالي،
فإنّ صُرُوفَها بُنيَتْ على ذا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا واعظي بالصّمتِ! ما لك لا
يا واعظي بالصّمتِ! ما لك لا
رقم القصيدة : 4277
-----------------------------------
يا واعظي بالصّمتِ! ما لك لا
تُلْقي إليّ حديثكَ اللّذّا؟
إنّ الجديدَيْنِ، اللّذيْنِ هُما
سِبْقانِ، بذّاني وما بُذّا
كالنّابلَينِ غَدَتْ سِهامُهما
ليستْ مُرَيَّشةً، ولا قُذّا
وكأنّ، للسّاعاتِ، أجنحةً،
فإخالُهُنّ بها قطاً حُذّا
قدرٌ يُنادي الحتفَ، من كثَبٍ؛
دَعْ ذا إلى الميقاتِ، أو خُذْ ذا(39/493)
أمَلي بياضُ الصّبحِ أنْبَتَهُ،
وعهدتُه، بالأمسِ، مُنجَذّا
خلِّ السّرورَ لمنْ يُعَزُّ بهِ،
واعبُدْ إلهَكَ واحداً فذّا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَبذْتمُ الأديانَ منْ خَلفِكم،
نَبذْتمُ الأديانَ منْ خَلفِكم،
رقم القصيدة : 4278
-----------------------------------
نَبذْتمُ الأديانَ منْ خَلفِكم،
وليسَ في الحكمةِ أن تُنبَذا
لا قاضيَ المِصرِ أطعتُم، ولا
الحَبرَ، ولا القَسُّ، ولا الموبَذا
إن عُرضَتْ مِلّتُكمْ، بينهم،
قال جميعُ القومِ: لا حبّذا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَفادى نفوسُ العالمينَ من الرّدى،
تَفادى نفوسُ العالمينَ من الرّدى،
رقم القصيدة : 4279
-----------------------------------
تَفادى نفوسُ العالمينَ من الرّدى،
ولا بُدّ، للنّفسِ المُشيحةِ، من أخذِ
ترى المرءَ جبّارَ الحياةِ، وإنْ دنَتْ
منيّتُه ألفَيتَهُ، وهو مستخذي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الجدران
الجدران
رقم القصيدة : 428
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
المنزل ثلاث جدران .. ورابع ..
ما بينهم ضايع .. متشقق وعاري ..
ويميزه شباك .. ضيق ..
مصبوغ.. بالأحمر الناري ..
ومحاصرٍ باسلاك .. علقت بها وردة ..
أوراقها المنزل .. والبرعم الأفلاك ..
***
وعلى الجدار الثاني ..
وأمثال .. وأغاني
مكتوبة بكسرة فحم ..
وصندوق خشب ..
مزخرف بغير الذهب .. غير الجواهر ..
تحت الكتابه نافر ..
فوقه ظلالٍ عريق ..
مثل العنيد .. من الجروح ..
مثل السيوف اللي مقابضها حديد ..
أسرار من ماتوا بعيد ..
وما خلفوا حتى الورق ..
***
أما الثالث من الجدران ..
معلقٍ عليه صورة .. لإنسان ..
من دفتر نفوس .. مكبره ..
مدري جفونه مبخره ..
ولال تجاعيد خيوط .. دخان
وفي الركن كرسي خيزران ..
يجلس عليها الوقت ..
وجريدة ٍ عنوانها باهت .. تغفى على الإسمنت ..
وفوقها كوب فارغ .. وفتات خبز ..
وأصابع ٍ للجوع صفرا مكسره ..(39/494)
***
ويبقى الجدار الأول ..
وهو أعرض الجدران .. وأكثرها وقار ..
وهو الوحيد اللي انبنا فـ نور النهار ..
بوابته على الطريق الرملي ..
صَفت أحجار درجها .. بصبر ..
وش كنها .. ؟؟
سنونٍ صفر .. في فمٍ مذهول ..
وظلما تشدك للدخول .. تشدك ..
وكل ما مسكت اكرة الباب النحاس بيدك ..
تلطخت بدم ٍ طري ..
الجرح نزفٍ يحتري .. أما الطعون ..
وين الطعون .. راحت ..
***
البيت ثلاث جدران .. ورابع ..
مالهم طابع .. يجمعهم ..
يشبهون أهلهم ..
وما صادفوا غير الحياة ..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَن يَبغِ، عنديَ، نحواً، أو يُرِدْ لغةً،
مَن يَبغِ، عنديَ، نحواً، أو يُرِدْ لغةً،
رقم القصيدة : 4280
-----------------------------------
مَن يَبغِ، عنديَ، نحواً، أو يُرِدْ لغةً،
فما يُساعَفُ منْ هذا ولا هذي
يكفيكَ شَرّاً، من الدّنيا، ومنقَصةً،
أن لا يَبينَ لك الهادي من الهاذي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> شُئِمتِ يا هِمّةً، عادت شآميةً،
شُئِمتِ يا هِمّةً، عادت شآميةً،
رقم القصيدة : 4281
-----------------------------------
شُئِمتِ يا هِمّةً، عادت شآميةً،
من بعد ما أُوطنتْ، عصراً، ببغداذ
ولستِ ذاتَ نخيلٍ، لا ولا أُنُفٍ
كَرْميّةٍ، فتقولي شفّني داذي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لوَ انّكَ، مثل ما ظَنّوا، كريمٌ،
لوَ انّكَ، مثل ما ظَنّوا، كريمٌ،
رقم القصيدة : 4282
-----------------------------------
لوَ انّكَ، مثل ما ظَنّوا، كريمٌ،
لما فتنتْكَ بنتُ الكرمِ هذي
ولا أصْبَحْتَ فاقِدَ كلّ عقلٍ،
تُباذي، في المجالسِ، أو تُهاذي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَن يُوقَ لا يُكلَمْ، وإن عَمدتْ له
مَن يُوقَ لا يُكلَمْ، وإن عَمدتْ له
رقم القصيدة : 4283
-----------------------------------
مَن يُوقَ لا يُكلَمْ، وإن عَمدتْ له
نبْلٌ، تُغادِرُ شَخْصَهُ كالقُنْفُذِ
بلغتْهُ مُرْهَفةُ النّصالِ، وأُثبِتَتْ(39/495)
فيما عليه، وكلُّها لم تَنْفُذِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صوارِمُهُم عُلّقَتْ بالكُشوحِ،
صوارِمُهُم عُلّقَتْ بالكُشوحِ،
رقم القصيدة : 4284
-----------------------------------
صوارِمُهُم عُلّقَتْ بالكُشوحِ،
مكانَ تَمائِمِهِمْ والعِوَذْ
وما يَمنُع، الخائفينَ الحِمامَ،
لُبْسُ دُروعِهِمُ والخُوَذ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جرى المَينُ فيهمْ، كابراً بعدَ كابرٍ،
جرى المَينُ فيهمْ، كابراً بعدَ كابرٍ،
رقم القصيدة : 4285
-----------------------------------
جرى المَينُ فيهمْ، كابراً بعدَ كابرٍ،
عن الخُبر يحكي، لا عن السلف، الحَبرُ
خَبَرْتُ بني الدنيا، وأصبحتُ راغباً
إليهم، كأني ما شَفاني بهمْ خُبْرُ
جِبِلّةُ ظُلْمٍ، لا قوامَ بحَرْبها،
وصيغةُ سَوْءٍ، ما لمكسورها جَبرُ
تِلاوتُكمْ ليست لرُشدٍ، ولا هُدى
بعِشرَينِ، ما فيها ادّغامٌ ولا نَبر
وما العيشُ إلاّ عُبر أسفارِ ظاعِنٍ،
لمُقلتهِ، ممّا يمارِسُهُ، العَبر
تغَبّرْتُها بالسّيرِ، حتى تركْتُها
طليحَ رِكابٍ، ما لأخلافِها غُبْر
وقد ماتَ، من بعد التّغَشْمُر، جهلُها،
فغُيّبَ، إلاّ أنّ هامَتَها القبر
حديثٌ أتانا عن يَمانٍ ومُشئِمٍ،
وأَولى البرايا، بالذي فُريَ، الكُبرُ
خفِ اللَّهَ، حتى في جنى النّحلِ ذُقتَه،
فما جَمَعتْ إلاّ لأنفُسِها الدَّبْر
إذا أنتَ زُوّجتَ العجوزَ، على الصِّبا
فأيّامُها صِنٌّ، عليك، وصِنَّبر
وتحْطيمُ أرماحِ الوغى إبَرٌ صغا،
بها القولُ: كم طعنٍ يُهيّجُهُ أبر
وصبرُكَ فضلٌ فيك، إن كنت قادراً،
وإلاّ فعجزٌ، من خلائِقكَ، الصبر
لِقاؤكَ ما فيه، لمِثليَ، خِيرةٌ،
ولا لك، فانظرْ أين يُلتَمسُ الشَّبر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كان لم يَقْتُرْ عليكَ، عطاءَهُ،
إذا كان لم يَقْتُرْ عليكَ، عطاءَهُ،
رقم القصيدة : 4286
-----------------------------------
إذا كان لم يَقْتُرْ عليكَ، عطاءَهُ،(39/496)
إلهُكَ، فَلْيَهجُر أنامِلَك القَترُ
ونحنُ بنو الدّهر، الذي هو خاتِرٌ،
فليسَ بناءٍ، من خلائقنا، الختْر
أمورٌ شَجتْ، إن لم تتمّ، فإنّها
أراقمُ تُزجي، الحتفَ، أذنابُها البُتر
ولم يحْم، ظبياً نافراً، كونُ مَسكِهِ
عَتيرَةَ مِسكٍ، أن يُلِمّ به العَتر
وحبُّك هذي الدّارَ أُسُّ إمامةٍ
لجهلِكَ، والبادي، على باطنٍ، سِتر
عجبتُ لرَكب الموج يَرجون كوكباً،
وجيشُ المنايا، من نفوسهِمُ، فِتر
مُدامةُ سِنٍّ وافقتها مُدامةٌ،
إذا هي دبّتْ، فالعِظامُ بها فَتر
تغُولانِ لُبّ المرءِ من كلّ وجهةٍ،
فكلتاهُما يَغشاكَ أن يغلِبَ الهُتر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قِيانٌ غدتْ، خمساً وعشراً، على عَصا
قِيانٌ غدتْ، خمساً وعشراً، على عَصا
رقم القصيدة : 4287
-----------------------------------
قِيانٌ غدتْ، خمساً وعشراً، على عَصا
لخمسٍ وعشرٍ، لا يُحَسُّ لها جَذْرُ
تحلّتْ بشَذْرٍ بعد أطواق حِندسٍ
قديمٍ، ومن صوغ الندى ذلك الشَّذر
لقد أكثرَتْ، في يومِها، أُمُّ ناهِضٍ
من السّجعِ، حتى ملّ منطِقَها الهذر
وقد جوانحنا، البُهر عُذِرتْ في نوْحِها وغنائِها،
فلمّا أطالَتْ فيهما بَطَلَ العُذْر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تقَنّعْ من الدّنيا بلَمحٍ، فإنّها،
تقَنّعْ من الدّنيا بلَمحٍ، فإنّها،
رقم القصيدة : 4288
-----------------------------------
تقَنّعْ من الدّنيا بلَمحٍ، فإنّها،
لدى كلّ زوجٍ، حائضٌ ما لها طُهْرُ
متى ما تُطَلِّقْ تُعطِ مَهراً، وإن تزِدْ
فنفسُكَ، بعد الدَّينِ والرّاحةِ، المَهر
ولم ترَ بطنَ الأرضِ، يُلقي، لظهرِها،
رجالاً، كما يُلقى، إلى بطنِها، الظّهر
بنو الشَّرخ زادوا، عن بني الشيخ، قوّة،
ويضعُفُ، عن ضُعفٍ بقارِحه المهر
إذا ما جرَيْنا، والذين تقدّمُوا
مَضَوا، وترامى، في جوانحنا البهر
تَمتّعَ أبكارُ الزّمانِ بأيْدِهِ
وجئنا بوَهنٍ، بعدما خرِفَ الدّهر
فليتَ الفتى كالبَدْرِ جُدّد عمْرُهُ،(39/497)
يعودُ هلالاً كلّما فنيَ الشّهر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غفَرتُ زماناً في انتكاسِ مآثمٍ،
غفَرتُ زماناً في انتكاسِ مآثمٍ،
رقم القصيدة : 4289
-----------------------------------
غفَرتُ زماناً في انتكاسِ مآثمٍ،
وعندَ مليكِ الناسِ يُلتَمسُ الغَفْرُ
وفي وَحدةِ الإنسانِ أصنافُ لذّةٍ؛
وكلُّ صنوفِ الوحش يجْمَعُها القفر
لعلّ ذُنوباً كُنّ للدّينِ سُلّماً؛
ونارُكَ، دُونَ الماءِ، يقدَحُها الحَفر
تَطَلَّ بمِسكٍ، أو تَضَمّخْ بعَنبرٍ،
أرى أُمَّ دَفرٍ، ما عدانا ابنُها دَفْر
وما القبرُ إلاّ منزلٌ، نفَرَتْ لَهُ
كَذُوبُ المُنى، ثمّ اطمأنّ بها النَّفْر
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> حسايف
حسايف
رقم القصيدة : 429
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
التفت ...
وتوها ... توها ما اختفت ...
ماكساها الليل ... باللون الحزين ...
التفت ... وتعالت صرخته ...
في نظرته ...
صاح ... لكن بالنظر ...
وانكسر .... شوفه عثر ...
حسايف .. تذبل الضحكه وهى بين الشفايف ..
تذبل الفرحه وتضيع ...
ويصبح الكون الوسيع ...
مايكفي خطوتين .. لاكساه الليل بااللون الحزين ..
يوم مدلها يده ..
كانت الرجفه لقا ..
ودعت فيها الشقا ..
وتركت بين الاصابع ..
عطرها ..
وعمرها ... ما جت على وقت الوعد ...
إلا ذاك اليوم ...
و عمرها ... ما بكت .. و ما ضحكت ...
ما حكت له .. واسكتت
مثل ذاك اليوم ...
كانت أجمل من خياله ... كانت انضر ...
كانت أكثر ... من أماني عمره الظامي حنين ..
و اختفت ... من كساها الليل باللون الحزين
اختفت في الطريق اللي معه ...
كانت تجيه ...
كيف دربٍ جمعه معها ... خذاه ...
ليتها اختارت سواه ...
تزرع القرقا لياليها ... عليه ...
وحسايف ... حسايف ...
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بيوتٌ، فمهدومٌ يُرى ومُقوَّضٌ،
بيوتٌ، فمهدومٌ يُرى ومُقوَّضٌ،
رقم القصيدة : 4290(39/498)
-----------------------------------
بيوتٌ، فمهدومٌ يُرى ومُقوَّضٌ،
بكَسرٍ، وبيتٌ من قريضٍ لهُ كسْرُ
حوادثُ فيها رائحاتٌ ومُغتَدٍ؛
وأمران: عُسْرٌ، في البريّةِ، أو يُسْر
وإنّ رجالاً، كان نَسْرٌ، لديهِمُ،
إلهاً، عليهم، قبلَنا، طلعَ النّسر
وعاشُوا يَرونَ اليُسرَ إفضالَ مُكثرٍ
على مُقترٍ، ثمّ انقضى النّاس واليسرُ
لهم سُنّةٌ أن لا يُضَيَّعَ مُعدِمٌ،
إذا سنَةٌ أزرى، بأنجُمها، الأُسر
وما رَبَحُ الدّنيا بممكِنِ تاجِرٍ
على حالَةٍ، بل كلُّ أعمالها خُسر
حياةٌ كجِسْرٍ بين موتينِ: أوّلٍ
وثانٍ، وفَقْدُ الشخص أن يُعبرَ الجسر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دعي، وذري، الأقدارَ تمضي لشأنِها،
دعي، وذري، الأقدارَ تمضي لشأنِها،
رقم القصيدة : 4291
-----------------------------------
دعي، وذري، الأقدارَ تمضي لشأنِها،
فلم تحْمِ مُلْكاً لا دمَشقُ ولا مِصرُ
ولا الحَرّةُ السّوداءُ حاطتْ سيادةً؛
ولا البصرةُ البيضاءُ حصّنها البِصر
تَرومُ قياساً للحوادثِ، ضِلّةً،
وتلك أُصولٌ، ليسَ يجْمعُها حَصْر
وعندَ ضياءِ الفجرِ صُلّيَتِ الضحى،
وعند غروبِ الشمس صُلّيتِ العَصر
وما يجملُ التقصيرُ في كلّ مَوطن،
ولا كلُّ مفروضِ الصّلاةِ له قَصر
إذا لم يكنْ بُدٌّ من الموتِ، فالقَهُ،
أفُضَّ به الفَوْدانِ أم فُرِيَ الخصر
عليٌّ مضى، من بعدِ نَصْرٍ وعزّةٍ؛
وحَمزَةُ أودى قبلَ أن يُنزَلَ النّصر
وإني أرى ذُرّيّةَ الشيخِ آدمٍ،
قديماً، عليهم، بالرّدى، أُخِذَ الإصرُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا زادكَ المالُ افتقاراً وحاجةً
إذا زادكَ المالُ افتقاراً وحاجةً
رقم القصيدة : 4292
-----------------------------------
إذا زادكَ المالُ افتقاراً وحاجةً
إلى جامِعِيهِ، فالثراءُ هو الفقرُ
ألمْ ترَ أنّ المَلْكَ ليسَ بدائمٍ
على مُلكِهِ، إلاّ وعسكرُهُ وِقْر؟
تَتبّعُ، آثارَ الرّياضِ، حَمامةٌ،
ويُعجِبُها، فيما تُزاولُهُ، النّقر(39/499)
تَهُمُّ بنَهضٍ، ثمّ تَثني برَغبةٍ،
فما شَعَرَتْ، حتى أُتيحَ لها صقر
وقد عرّفَتْها أُمُّها، أمسِ، شرّهُ،
وأنّ الرّدى يقرُو المكانَ الذي تقرو
ومن حان، يوماً، جارَ في عينهِ عمىً،
وفي لبّه ضعفٌ، وفي سَمعِه وَقر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تلقّبَ مَلكٌ قاهراً، مِن سَفاهةٍ؛
تلقّبَ مَلكٌ قاهراً، مِن سَفاهةٍ؛
رقم القصيدة : 4293
-----------------------------------
تلقّبَ مَلكٌ قاهراً، مِن سَفاهةٍ؛
وللَّهِ مولاهُ الممالكُ والقَهرُ
أتغضبُ أنْ تُدعى لئيماً مُذَمَّماً؛
وحَسبُكَ، لؤماً، أنّ والدَكَ الدّهرُ
تَزَوّجَ، دُنياهُ، الغبيُّ بجهلِه،
فقد نَشَزَتْ من بعد ما قُبِضَ المهر
تَطَهّرْ ببعدٍ من أذاها وكيْدِها،
فتلكَ بغيٌّ، لا يَصِحُّ لها طُهْر
وأنفقتُ، بالأنفاسِ، عُمري، مُجزّءاً،
بها اليَومَ ثمّ الشّهرَ، يتبعُهُ الشهر
يسيراً يسيراً مثلَ ما أخذَ المَدى،
على النّاسِ، ماشٍ، في جوانحه بُهْر
كذَرٍّ على ظَهرِ الكثِيبِ، فلم يزَلْ
بهِ السيرُ، حتى صارَ من خلفهِ الظّهر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كنتُ قد جاوزتُ خمسينَ حِجّةً،
إذا كنتُ قد جاوزتُ خمسينَ حِجّةً،
رقم القصيدة : 4294
-----------------------------------
إذا كنتُ قد جاوزتُ خمسينَ حِجّةً،
ولم ألقَ خيراً، فالمَنيّةُ لي سِترُ
وما أتوقّى، والخُطوبُ كثيرةٌ،
من الدّهر، إلاّ أنْ يَحِلّ بي الهِتر
أحاديثُ عن قَيْلِ بن عِترٍ ورَهْطِه،
رُويدَكَ ما قَيْلٌ ووالدُهُ عِتر؟
غدتْ أُمُّنا الدنيا إلينا مُسيئَةً،
لها، عندنا، من كلّ ناحيةٍ وِتْر
ونحنُ كرَكْب الموجِ، ما بينَ بَعضِهم
وبينَ الرّدى، إلاّ الذراعُ أو الفِتر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أجَلُّ سِلاحٍ، يَتّقي المرءُ قِرنَهُ
أجَلُّ سِلاحٍ، يَتّقي المرءُ قِرنَهُ
رقم القصيدة : 4295
-----------------------------------
أجَلُّ سِلاحٍ، يَتّقي المرءُ قِرنَهُ(39/500)
به، أجَلٌ، يومَ الهِياجِ، مُؤخَّرُ
ورُبّ كميٍّ يحمِلُ السيفَ، صارماً،
إلى الحربِ، والأقدارُ تلهو وتسخَرُ
وكنزُكَ في الغبراءِ، لا بدّ، ضائعٌ،
ولكنْ لدى الخضراءِ يُحمى ويُذخَر
تُفاخرُ، ظنّاً منكَ أنّكَ ماجدٌ،
وحسبُك، من ذامٍ، غُدوُّكَ تَفْخر
وما شَرفٌ الإنسانِ إلاّ عطِيّةٌ
حدَتها اللّيالي، والقضاءُ المسخَّر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا صغّر، اسماً، حاسدُوكَ، فلا تُرَع
إذا صغّر، اسماً، حاسدُوكَ، فلا تُرَع
رقم القصيدة : 4296
-----------------------------------
إذا صغّر، اسماً، حاسدُوكَ، فلا تُرَع
لذلك، والدنيا، بسعْدكَ، تَفغَرُ
فإنّ الثريّا واللُّجَينَ، وحسبُنا
بها، وسُهيلاً، كلَّهنّ مصغَّرُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعَمري، لقد عزّ المباحُ عليكمُ،
لعَمري، لقد عزّ المباحُ عليكمُ،
رقم القصيدة : 4297
-----------------------------------
لعَمري، لقد عزّ المباحُ عليكمُ،
وهان، بجَهلٍ، ما يُصانُ ويُحظَرُ
وفي الحقّ أشباهٌ من الذهَبِ، الذي
نشاهدُه، ثِقلٌ ومَكْثٌ ومَنظر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حوَتْنا شُرُورٌ، لا صلاحَ لمثلِها،
حوَتْنا شُرُورٌ، لا صلاحَ لمثلِها،
رقم القصيدة : 4298
-----------------------------------
حوَتْنا شُرُورٌ، لا صلاحَ لمثلِها،
فإنْ شذّ منّا صالحٌ، فهو نادرُ
وما فَسَدَتْ أخلاقُنا باختيارِنا،
ولكنْ بأمرٍ سبّبتْهُ المقادرُ
وفي الأصلِ غِشٌّ، والفروعُ تَوابعٌ؛
وكيف وفاءُ النَّجْلِ والأبُ غادِر!
إذا اعتَلّتِ الأفعالُ، جاءتْ عليلةً،
كحالاتِها، أسماؤها والمصادر
فقل للغُرابِ الجَونِ، إن كان سامعاً:
أأنتَ، على تغييرِ لونِكَ، قادر؟
سَماحُكَ مجهولٌ، ونُحلُك واضحٌ،
ومجدُكَ ضاويٌّ، وجِسْمُكَ حادر
بني العصر! إن كانت طوالاً شخوصُكم،
فإنّكمُ في المَكرُماتِ حيادر
ومن قبلُ، نادى الوكرُ أينَ ابنُ أجدلٍ
أواني، وقال الغابُ أينَ الخوادر؟(40/1)
وفي كلّ أرضٍ، للمنيّةِ، غائلٌ،
عليهِ يَمينٌ أنّهُ لا يُغادر
فوادٍ به ظبيٌ، وليسَ لنَفسهِ
فوادٍ، وتَردى، في ذُراها، الفوادر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دَع القومَ! سلُّوا بالضّغائنِ، بينهم،
دَع القومَ! سلُّوا بالضّغائنِ، بينهم،
رقم القصيدة : 4299
-----------------------------------
دَع القومَ! سلُّوا بالضّغائنِ، بينهم،
خناجرَ، واشرَبْ ما سَقَتك الخناجرُ
طَعامُ غنيّ الإنسِ والفاقِدِ الغِنى
سواءٌ، إذا ما غيّبَتهُ الحَناجر
بهِجْتَ بفرْعٍ لا ثباتَ لأصلِه،
ففيمَ تُلاحي، أو علامَ تُشاجر؟
إذا أنتَ هاجَرتَ القبائحَ والخَنى،
فأنتَ، على قُرْبِ الدّيارِ، مُهاجر
تعرّضَ، للطيرِ السوانحِ، زاجرٌ؛
أما لكَ من عَقلٍ يَكفُّك زاجِر؟
ولكنّها الدنيا أرتْ من يُحبُّها
محاجرَ تُسقى، دونهنّ، المحاجر
متى ما فَعلتَ الخَيرَ ثمّ كَفَرْتَهُ،
فلا تأسَفَنْ! إنّ المهَيْمنَ آجِر
ولو لمْ يَبرّ الحرُّ إلاّ مَخافَةً
من الخِزي، بين النّاس، إن قيلَ فاجر
فنزِّه جَميلاً، جِئتَهُ، عن جَزايةٍ
تُؤمَّلُ، أو رِبحٍ، كأنّك تاجِر
وبالجِدّ زار، اللاّتَ، أهلُ ضلالةٍ،
وعُظّمَتِ العُزّى، وأُكرِمَ باجر
شَتَوْنا وصِفْنا وارتَبَعْنا، فلمْ يدُمْ
شِتاءٌ، وزالَ القيظُ عنّا، وناجر
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> تغريد
تغريد
رقم القصيدة : 430
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ياللي خذا شعره من الطير تغريد
ومن مدلهم الغيث صافيه لا جاد
ومن كل روضٍ عله السيل ترديد
ريح الزهر ومداعب الريح الأفناد
ومن كل صبحٍ بدد الليل تبديد
دفا الشعاع وفرحة النور لاباد
جاني قصيدك مثل عقدٍ على جيد
الجادل اللي كلها زين وعناد
ما هي من اللي يدلهون المواعيد
حشا ولا هي في الهوي صيد من صاد
وتلفتت روحي لحسنا من الغيد
واشتب في قلبي من الشوق وقاد
ولمست قلبي لين كله تجاعيد
شاب الهوى يا ليت ما فات ميعاد(40/2)
يا بو حمد ما عادلي في الهوى سيد
وغيره فلا والله ما نقبل اسياد
وين الذي وصله على العين تسهيد
( ولا ودي اقطع درب لاماك برقاد )
يابوحمد وين وصلتنا التناهيد
ضاع العمر ما بين قرطاس وامداد
وانا احسب الشعر صعب المواريد
ماهو غديرٍ ينضحه كل قصاد
يوم امتلا هالجو حشو ومفاريد
راع الجمل معذور لو كسر إشداد
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى كلّ أُمٍّ، عُبرُها غيرُ مُبطىءٍ،
أرى كلّ أُمٍّ، عُبرُها غيرُ مُبطىءٍ،
رقم القصيدة : 4300
-----------------------------------
أرى كلّ أُمٍّ، عُبرُها غيرُ مُبطىءٍ،
وما أُمُّ دَفرٍ بالتي بانَ عُبرُها
هي النّفسُ تهوى الرُّحبَ، في كلّ منزل،
فكيفَ بها إن ضاق، في الأرض، قبرها
وآخِرُ عهدِ القومِ بي يومَ تَنطوي
عليّ جَرُورُ الوِردِ، يُكرَه زَبْرها
فهل يَرتجي، خُضرَ الملابسِ، ظاعنٌ،
وقد مُزّقتْ، في باطن التُّرب، غُبرها؟
أتَتْنيَ أنباءٌ، كثيرٌ شُجونُها،
لها طُرُقٌ أعيى، على النّاس، خُبرها
هفا دونها قَسُّ النصارى، وموبَذُ الـ
ـمجوس، وديّانُ اليهودِ، وحَبرها
وخطّوا أحاديثاً لهم في صحائفٍ،
لقدْ ضاعت الأوراقُ، فيها، وحِبرها
تخالفتِ الأشياعُ في عُقَبِ الرّدى،
وتلك بحارٌ، ليس يُدرَكُ عِبرها
وقيل: نفوسُ النّاسِ تستطِيعُ فِعلَها؛
وقال رجالٌ: بل تبيّنَ جَبرها
ولو خُلِقَتْ أجسادُنا من صَبارَةٍ،
لقلّ، على كرّ الحوادثِ، صَبرها
يجيئك شهرا ناجرٍ، بعدَ قرّها،
وصِنَّبْرُها، بعد المَقيظِ، ووَبْرُها
وما أحرزتْ، نفسَ المدجَّج، في الوغى
مُضَبِّرَةٌ، يستأسرُ، الوحشَ، ضَبرها
أو النَّثرةُ الحصداءُ، قُوربَ نسجُها،
لها حَلَقٌ هالَ، الأسنّةَ، عَبرها
إذا أُودِعَتْها جثّةٌ، وتعرّضتْ
لبِيض الظُّبَا، لم يمكن السيفَ هَبرها
وأودتْ بنو وَبرٍ وبَبْرٍ، فما حَمى
عزيزٌ، ولا شُمٌّ توَقّلَ وَبرها
وقد سُمّيَ المرءُ الهِزَبْرَ، تفاؤلاً،
وليسَ بباقٍ، في اللّيالي، هِزَبْرُها(40/3)
نوائبُ ألقَتْ، في النّفوس، جرائحاً،
عصى، كلَّ آسٍ، في البريّة، سَبرها
ليَ القوتُ، فليعمُر، سَرنديبَ، حظُّها
من الدُّرّ، أو يكثُر، بغانَةَ، تِبرها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجِبتُ لورقاءِ الجناحَينِ، شأنُها،
عجِبتُ لورقاءِ الجناحَينِ، شأنُها،
رقم القصيدة : 4301
-----------------------------------
عجِبتُ لورقاءِ الجناحَينِ، شأنُها،
إذا غنيَ الأقوامُ بالمالِ، فَقرُها
غدتْ أمسِ في قُرّيّةٍ صَفَرِيّةٍ،
بقِرّيّةٍ يُوعي بها، الزّادَ، نَقرها
فما أخذتْ إلاّ ثلاثاً ونَحوَها
من الحَبّ، حتى جاءَ، بالحتفِ، صَقرها
وما رجعَتْ يوماً إلى عُقرِ دارِها،
وكان، بكفَّيْ ذلك السّهمِ، عَقرها
أرى أدهَمَ الظّلماءِ يعقُبُ شُقرةً،
فتودي بها دُهْمُ الجِيادِ، وشُقرها
فعظِّم أخا النّسكِ التقيَّ، لدِينِهِ،
ونفْسَكَ فاحقرْ، نافعٌ لكَ حَقرها
ولا تقرإ الكُتبَ المضلِّلَ دَرْسُها،
وقد وضُحتْ طرْقُ الهدايةِ، فاقرُها
فيا مُهجَةً كالعَودِ، أمْسَت مُناخةً،
إذا شكَت الأثقالَ، ضُوعِفَ وِقرها
متى سمِعَتْ أُذْني مَقالةَ ناصِحٍ،
أُتيحَ لها، عن قاتلِ النّصح، وَقرها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى أُمنَّا، والحمدُ للَّهِ ربِّنا،
أرى أُمنَّا، والحمدُ للَّهِ ربِّنا،
رقم القصيدة : 4302
-----------------------------------
أرى أُمنَّا، والحمدُ للَّهِ ربِّنا،
يهُبُّ علينا، بالحوادثِ، مُورُها
فما زِيدَ منها، قبضةَ الكفّ، زَبدُها،
ولا عَمِرَتْ فيها، لخيرٍ، عُمورها
ولم تدرِ، يوماً، ضأنُها ومَعيزُها
بما احتَلَفَتْ آسادُها ونُمورها
تشتّتَ فيها رأيُنا، وتوفّقَتْ،
على رِيبَةٍ، أمواهُها وخُمورُها
تَوامَرُ، فيما لا يحلُّ، نُفوسُنا
بتَيهاءَ، لا تُخفى علينا أُمورُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَسَمّى سروراً، جاهلٌ متخَرِّصٌ،
تَسَمّى سروراً، جاهلٌ متخَرِّصٌ،
رقم القصيدة : 4303(40/4)
-----------------------------------
تَسَمّى سروراً، جاهلٌ متخَرِّصٌ،
بفيهِ البَرى! هل، في الزمان، سرورُ؟
نعم! ثَمّ جُزءٌ من أُلوفٍ كثيرةٍ
من الخيرِ، والأجزاءُ، بعدُ، شُرور
يَسارٌ وعُدْمٌ وادّكارٌ وغَفْلَةٌ،
وعزٌّ وذُلٌّ، كلُّ ذاك غُرور
حَوانا مكانٌ، لا يجوزُ انتقالُهُ،
ودهرٌ لهُ بالسّاكنيهِ مُرور
فكُرّ على الأبطالِ، أو كرّ في الوغى،
لهذي اللّيالي حَملَةٌ وكُرور
نأتْ، عن ذَرورِ العَينِ، مقلةُ شارقٍ،
لها كلّما لاحَ الصّباحُ دُرور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عقولُكُم، في كلّ حالٍ، بكِيّةٌ،
عقولُكُم، في كلّ حالٍ، بكِيّةٌ،
رقم القصيدة : 4304
-----------------------------------
عقولُكُم، في كلّ حالٍ، بكِيّةٌ،
ولكنْ دموعُ الباكياتِ غِزارُ
يعودُ فنيدُ الملكِ، إن عادَ جَدُّهُ
مُعَدٌّ، إليكم، أو أبوه نِزار
وما صحّ للمرءِ المحصِّلِ أنّهُ
بكُوفانَ قَبرٌ، للإمامِ، يُزار
أخو الدين مَن عادى القبيحَ، وأصبحتْ
له حُجرةٌ، من عِفّةٍ، وإزار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أسِيتُ، إذ غابتِ الأحجالُ والغُرَرُ؛
أسِيتُ، إذ غابتِ الأحجالُ والغُرَرُ؛
رقم القصيدة : 4305
-----------------------------------
أسِيتُ، إذ غابتِ الأحجالُ والغُرَرُ؛
وإنّما النّاسُ، في أيّامهمْ، عُرَرُ
وعُذْتُ باللَّه من عامٍ، أخي سَنةٍ،
نجومُه، في دُخانٍ ثائرٍ، شَرر
كأنّما بُرُّهُ دُرٌّ لعِزّتِهِ،
وكيف تؤكلُ، عند المعْدِمِ، الدُّرر
وطُرّة الروض يُدمي الرجلَ موطئها،
ينسيكَ ما جنتِ الأصداغُ والطُّرَر
أدرِرْ يمينَكَ بالجَدوى، إذا قدرتْ؛
إنّ المنايا، لَعَمري، مَنهجٌ دَرَر
وِقابُ أسماعِنا جاءَتْ بمَنفعةٍ،
وماأتَتنا بشيءٍ، يُحمَدُ، السُّرر
سرّاءُ دهرِكَ لم تكمُلْ لدى أحدٍ؛
فليتَ طفلَكَ لم تُقطَعْ لهُ سُرَر
أسَرَّك، الآنَ، أن تُلقى على قلقٍ،
مثلَ الأسرّ، حماهُ، نومَه، السُّرَر
لم نهجُرِ الماءَ إلاّ بعد تجربةٍ،(40/5)
لقد شرِبنا، فلم تَذهب بها الحِرَر
سرارة الوَهدِ، يَلقى الجنبُ مضجَعَها،
خيرٌ من التّبرِ، منسوجاً به السُّرُر
ما قُرّة العين، ذات الوِردِ، مُعوزة،
وغُيّبَتْ، عن بواكي الأعين، القُرر
فينا التّحاسدُ معروفٌ، فهل حَسدتْ
مجترّةُ الإبلِ أُخرى، ما لها جِرر؟
ما شِرّةٌ من خليلِ النّفسِ واحدةُ،
لا بلْ تُوافيكَ، من تِلقائِه، شِرر
نهاكَ ناهيكَ عن بَيعٍ على غَررٍ،
وأنتَ كُلُّكَ، فيما بانَ لي، غَرر
أمّ عُقَيلٌ، فما عنْ ظُلمها عُقُلٌ؛
تلك الصريراتُ، فيهم، ضاعت الصُّرر
مرُّ الليالي، إذا استولى على مرَسٍ،
تقضّبتْ منه بالمستَمسكِ المِرر
والشرُّ، في الإنس، مبثوثٌ، وغيرهِمُ،
والنفعُ، مذ كان، ممزوجٌ به الضّرر
تشاكلوا في سَجيّاتٍ مذمَّمةٍ،
وأشبَهَتْ لَبواتِ الغابَةِ الهِرَر
تَناقضٌ في بني الدّنيا، كدهرِهِمُ،
يمضي المَقيظُ، وتأتي، بعده، القِرر
للَّهِ درُّ شبابٍ، سارَ ظاعنُهُ،
لو ردّه، من دموع الآسفِ، الدَّرر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> زهوي على المرءِ، فوقي، متلِفٌ، وعلى
زهوي على المرءِ، فوقي، متلِفٌ، وعلى
رقم القصيدة : 4306
-----------------------------------
زهوي على المرءِ، فوقي، متلِفٌ، وعلى
مثلي، غَباً، وعلى منْ دونَه، أشرُ
حَسْبُ البريّةِ منْ قُرْبَى، تضمُّهمُ
أشياءُ توجَدُ، منها أُلّفَ البشرُ
والنّاس، كالنّار، كانوا في نَشاءَتهم
يُستَضْوأُ السِّقطُ منْها ثمّ ينتشِر
والأرضُ تُنبِتُ من نخلٍ ومن عُشَر،
وما يخلَّدُ لا نخلٌ ولا عُشَرُ
لو يَعقِلون لهنَّوا أهلَ ميّتهمْ،
ولم تُقَمْ، لوليدٍ فيهمُ، البُشَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الدّهْرُ كالرَّبْعِ، لم يَعلمْ بحالتهِ،
الدّهْرُ كالرَّبْعِ، لم يَعلمْ بحالتهِ،
رقم القصيدة : 4307
-----------------------------------
الدّهْرُ كالرَّبْعِ، لم يَعلمْ بحالتهِ،
هل عند ذي الدّارِ، من سكانها، خبرُ؟
وسوفَ يقدُمُ، حتى يَسْتَسِرّ به(40/6)
سَنا النّهارِ، ويُفني، شَرْخَه، الكبر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نخشى السّعيرَ، ودُنيانا، وإن عُشقَتْ،
نخشى السّعيرَ، ودُنيانا، وإن عُشقَتْ،
رقم القصيدة : 4308
-----------------------------------
نخشى السّعيرَ، ودُنيانا، وإن عُشقَتْ،
مثلُ الوطيسِ تَلَظّى، ملؤهُ سُعُرُ
ما زِلْتُ أغسِلُ وجهي للطَّهورِ به،
مُسياً وصبْحاً، وقلبي حَشوُه ذُعُر
كأنّما رمتُ إنقاءً لحالكهِ،
حتى اتّقاني، بصافي لونه، الشّعَرُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حاجي نظيمُ جُمانٍ، والحياةُ مَعي
حاجي نظيمُ جُمانٍ، والحياةُ مَعي
رقم القصيدة : 4309
-----------------------------------
حاجي نظيمُ جُمانٍ، والحياةُ مَعي
سِلْكٌ قصيرٌ، فيأبَى جمعَها القِصَرُ
أمّا المُراد فجمٌّ، لا يُحيطُ بهِ
شَرْحٌ، ولكنّ عُمرَ المرءِ مختصَر
والدّهرُ يخطُب أهلَ اللبّ، مذ عقَلوا
ما خافَ عِيّاً، ولا أزرى به الحَصَر
والغيُّ في كلّ شيءٍ، ليسَ يعدَمُهُ
باغيهِ، حتى من الأعنابِ تُعتَصر
والشرُّ في عالَمٍ، شاهدتُه، خُلُقٌ،
ما صدَّهمْ عن أذاهُ الحرُّ والخَصَر
فالصُّمُّ، من عُنصُرِ الإفسادِ، حاسدةٌ،
لصحّةِ السّمعِ، خُلداً، ما له بصَر
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> ثقوب
ثقوب
رقم القصيدة : 431
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
فم الجروح .. نوافذ البوح..
هذي ثقوب الصارخ الحي..
نوافير من ضي .. وجدار
أملاها بحديث النار..
وأكسرها على اقدام الأماني..
مره أغاني .. كلام جارح..
وهذا القصيد اللي كتبت البارح..
اليوم انفاس الصباح..
تلفح الجروح..
آه يا صبحٍ لمحت .. في عتمته روحي ..
طفله تصدح على خشب المسارح ..
يا صوتها الغاضب المقطوع ..
بعض السواد .. شموع ..
ومحدٍ درى وش قلتي..
خانتني الجوارح..
مثل القصيد اللي كتبت البارح ..
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرْمى، وجدِّكَ، من رامي بني ثُعَلٍ،(40/7)
أرْمى، وجدِّكَ، من رامي بني ثُعَلٍ،
رقم القصيدة : 4310
-----------------------------------
أرْمى، وجدِّكَ، من رامي بني ثُعَلٍ،
حتفٌ، لديه إزاءُ الحوضِ، والعُقُرُ
يغشاهمُ الكرهُ، في الدنيا، فآدِبُهمْ
منهُ، كآدِبِ قيسٍ، ليس ينتقِرُ
إن عُوّضوا بذنوبٍ، أُسلِفَتْ، سَقَراً،
فلم تَرُمْهُمْ، على عِلاّتِها، سَقر
أغناهمُ اللَّهُ من مالٍ، وأفقرَهُمْ
من الرشادِ، فما استغْنَوا، بل افتقروا
ويحقِرون أخا الإعدام، بينهمُ،
وإنّ أفضلَ منهم لَلّذي احتقروا
كأنّما العمرُ سِلكٌ مدَّهُ قَدرٌ،
فيه الفَواقِرُ، لا دُرٌّ ولا فِقَر
ولاجتِ النّارُ، كالشقراءِ، يحبِسها،
عن مُهرِها، القيدُ، وهناً، فهي لا تقِر
بدَتْ بليلٍ، كعين الديك، عن شَحطٍ،
أو عُرْفِه، بمحلٍّ، دونَهُ أُقَر
يُعاقرُ الراحَ شَرْبٌ، حولَها، سُهُدٌ،
تروي، التراب نجيعاً، سُوقُ ما عقروا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> من ادّعى الخيرَ من قومٍ، فهم كُذُبٌ،
من ادّعى الخيرَ من قومٍ، فهم كُذُبٌ،
رقم القصيدة : 4311
-----------------------------------
من ادّعى الخيرَ من قومٍ، فهم كُذُبٌ،
لا خيرَ، في هذه الدنيا، ولا خِيَرُ
وسيرةُ الدهرِ ما تنفكُّ مُعجِبَةً،
كالبحرِ، تغرَقُ في ضَحضاحِها السّيَرُ
نمتارُ، من أُمّنا الغَبراءِ، حاجتَنا
وللبسيطةِ من أجسادنا مِيَر
كم غَيّرَتْنا بأمرٍ خُطّ حادثُهُ،
وربُّنا اللَّهُ لم تُلْمِمْ به الغِيَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> منازلُ المجدِ، من سكّانِها، دُثُرُ،
منازلُ المجدِ، من سكّانِها، دُثُرُ،
رقم القصيدة : 4312
-----------------------------------
منازلُ المجدِ، من سكّانِها، دُثُرُ،
قد عَثّرَتْهمْ، صُرُوفٌ، بالفتى، عُثُرُ
هَبِ الديانةَ لا تُرعى، فما لَهُمُ
حقَّ المروءةَ لم يرعَوْا، وإن كَثُروا؟
لا يحلبونَ، لضيفٍ طارقٍ، غُمُراً،
إلاّ وثَمّ نفوسٌ، للقِرى، خُثُرُ
أنحنُ أفضلُ أمْ أشياءُ جامدةٌ،(40/8)
أضحَتْ، سَواءً لديها، العينُ والأثر؟
ما هزّ، سيفَك، تِيهٌ بل مقلَّدُهُ،
لمّا أنارَ له التأثيرُ والأُثُر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تورّعوا، يا بني حوّاءَ، عن كَذبٍ،
تورّعوا، يا بني حوّاءَ، عن كَذبٍ،
رقم القصيدة : 4313
-----------------------------------
تورّعوا، يا بني حوّاءَ، عن كَذبٍ،
فما لكم، عند ربٍّ صاغكم، خَطَرُ
لم تُجدِبوا لقبيحِ من فعالِكُمُ،
ولم يَجئكم، لُحسنِ التوبة، المطرُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تشكّتِ، الضِّيعةَ، الشقراءُ، جاهدةً،
تشكّتِ، الضِّيعةَ، الشقراءُ، جاهدةً،
رقم القصيدة : 4314
-----------------------------------
تشكّتِ، الضِّيعةَ، الشقراءُ، جاهدةً،
فقيلَ: صبراً إلى أن ينبُتَ الشّقِرُ
ولا مقرّ على اللّذّاتِ، أوّلُها
شُهْدٌ، يَغُرُّ، ولكن غِبّه مِقَرُ
آلى الزمانُ، يقيناً، أن سيجمعُنا،
إلى الترابِ، ورُسْلُ الموتِ تنتقِر
يُغنى الفتى، بالمنايا، عن مآربِهِ،
ويُنفَخُ الروحُ في طفلٍ، فيفتقِر
عرفتَ أمراً، فلا تُزعِجْك حادثةٌ،
ما كان مثلُكَ، في أمثالها، يَقِر
عندي لخِلّيَ إعظامٌ، لمِنّتِه،
وإنّني، لِلّذي أُوليه، مُحتقِر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد شابَ رأسي، ومن نبت الثرى جسدي،
قد شابَ رأسي، ومن نبت الثرى جسدي،
رقم القصيدة : 4315
-----------------------------------
قد شابَ رأسي، ومن نبت الثرى جسدي،
فالنّبتُ آخرُ ما يعتُو به الزّهَرُ
إذا ركبتَ، لإدراكِ العُلا، سفُناً،
فالبحرُ يحمِلُ ما لا يحمِلُ النّهَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَمِّ الهلالَ، إذا عايَنتَهُ، قَمَراً،
سَمِّ الهلالَ، إذا عايَنتَهُ، قَمَراً،
رقم القصيدة : 4316
-----------------------------------
سَمِّ الهلالَ، إذا عايَنتَهُ، قَمَراً،
إنّ الأهِلّةَ، عن وشكٍ، لأقمارُ
ولا تقولَنْ: حُجَينٌ، إنّهُ لقَبٌ،
وإنّما يَلفِظُ، التلقيبَ، أغمار(40/9)
هل صحّ قولٌ من الحاكي، فنقبَلَهُ،
أمْ كلُّ ذاكَ أباطيلٌ وأسمار؟
أمّا العقولُ، فآلتْ أنّه كذِبٌ،
والعقلُ غَرْسٌ، له، بالصدقِ، أثمار
ما هاج، للحازم الماضي، سوى حَزَنٍ،
عُودٌ يجاوبُهُ، في الشَّرب، مِزمار
هل تعرِفُ الماءَ، تغشاه القَطا زمراً
قبلَ الصباح، وفيهِ الجِنُّ سُمّار
كأنّ كَيوانَ، في ظلماءِ حِندسِهِ،
من الهُمودِ وطولِ المَكثِ، مِسمار
من يُرزَقِ الحظَّ يسعَدْ أينَ كان به،
ومن يُخَيَّبْ، فإنّ الموتَ مِضمار
كانت عَجائبُ، والمِقدارُ صيّرَها
إلى ابنِ حربٍ، ولاقَى، الحتفَ، عمّار
ما فات أعيا، ولم ترجِعْ، إلى مُضَرٍ،
عينٌ، وجَوّلَ، في الآفاقِ، أنمار
يَنهَى لسانُكَ عن شيءٍ، منافَقَةً،
والسّرُّ بالشيءِ، يَنهَى عنهُ أمّار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا مُلكَ للمَلِكِ المقصورِ نَعلَمُهُ،
لا مُلكَ للمَلِكِ المقصورِ نَعلَمُهُ،
رقم القصيدة : 4317
-----------------------------------
لا مُلكَ للمَلِكِ المقصورِ نَعلَمُهُ،
وكلُّ مُلْكٍ، على الرحمنِ، مقصورُ
مَضَتْ قرونٌ، وتمضي بعدَنا أُممٌ،
والسّرُّ خافٍ، إلى أن يُنفخَ الصّور
لم يُحصِ أعدادَ رمل الأرض ساكنُها؛
وكلُّ ذلك، عندَ اللَّهِ، محصور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمورُ سكّانِ هذي الأرضِ كلّهِمُ،
أمورُ سكّانِ هذي الأرضِ كلّهِمُ،
رقم القصيدة : 4318
-----------------------------------
أمورُ سكّانِ هذي الأرضِ كلّهِمُ،
كلفظِهم، فيه منظومٌ ومنثورُ
يُلقي، المُهَنّدَ مأثوراً، أخو كرَمٍ،
ولا يَشِيعُ قبيحٌ عنهُ، مأثور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جَيبُ الزمانِ على الآفاتِ مزرورُ
جَيبُ الزمانِ على الآفاتِ مزرورُ
رقم القصيدة : 4319
-----------------------------------
جَيبُ الزمانِ على الآفاتِ مزرورُ
ما فيهِ إلاّ شقيُّ الجَدّ مضرورُ
أرى شَواهِدَ جَبرٍ، لا أُحَقّقُهُ،
كأنّ كلاًّ، إلى ما ساءَ، مجرور(40/10)
هوّنْ عليكَ، فما الدّنيا بدائمةٍ،
وإنّما أنتَ مثلُ النّاسِ مغرور
ولو تصوّرَ أهلُ الدّهرِ صورتَهُ،
لم يُمْسِ منهم لبيبٌ، وهو مَسرور
لقد حَجَجتَ، فأعطَتك السُّرى عَنتاً،
فهلْ عَلِمتَ بأنّ الحجّ مَبرور؟
والخَيرُ والشرّ مَمزُوجانِ، ما افترَقا،
فكلُّ شُهْدٍ عليه الصّابُ مَذرور
وعالَمٌ فيهِ أضدادٌ، مُقابلَةً،
غِنًى وفقرٌ، ومكروبٌ ومقرور
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الاختيار
الاختيار
رقم القصيدة : 432
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ودي اختار.. الليله درب ..
ما تعرفه ..
ودي اجلس في مكان ..
ما يذكرني بصدفه ..
أو وعد ..
ودي أحكي يا حبيبي .. مع احد ..
غيرك احد ..
لجل النهار .. وحريتي ..
اعطيني .. لحظة اختيار ..
وحدي وغديت أنت الزحام ..
وحدي أبد .. وانت الكلام ..
نورك وما غيره .. ظلام ..
عذب الحروف .. طاغي الطيوف ..
أبعد عن عيوني .. بااشوف ..
لجل النهار .. وحريتي ..
اعطيني .. لحظة اختيار ..
ابي درب .. مايوصلني لدارك ..
ابي وعد .. ماحتمل فيه انتظارك ..
وابي ليل .. مايجي بعده نهارك ..
ودي ادري .. هي حياتي ..
اختياري .. أو اختيارك ..
ودي انسى .. ليله وعدك .. أنسى وعدك .. ماأجيك ..
وش يضرك .. لواخونك .. مره واختارك عليك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَخَيُّلٌ من بني الدّنيا، غدا عَجَباً،
تَخَيُّلٌ من بني الدّنيا، غدا عَجَباً،
رقم القصيدة : 4320
-----------------------------------
تَخَيُّلٌ من بني الدّنيا، غدا عَجَباً،
للمُفكرِينَ، وكلُّ النّاسِ محسورُ
كأنّ إعرابَ أغرابٍ ثَوَوا، رمَناً،
بالدوّ، فينا، بُحكمِ النحوِ، مأسور
فناطقٌ، يَسكُنُ الأمصارَ من عجمٍ،
نُطقَ ابنِ بَيداء، لمّا يحْوِه سُور
وناظمٌ لعَروض الشّعر، عن عُرُضٍ،
وما يُحِسُّ بأنّ البيتَ مَكسور
ومُغتَدٍ بحِبال الصّيدِ ينصِبُها،
كَيما يَفيءُ له من ذاكَ مَيسور(40/11)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا يُبصِرُ القَومُ، في مَغناك، غِسلَ يدٍ
لا يُبصِرُ القَومُ، في مَغناك، غِسلَ يدٍ
رقم القصيدة : 4321
-----------------------------------
لا يُبصِرُ القَومُ، في مَغناك، غِسلَ يدٍ
على الطعامِ، إلى أن يُرفعَ السُّورُ
ولا يَكُنْ ذاكَ إلاّ بعدَ كفّهِمُ
أكُفَّهمْ، ويَسيرُ الفعل مَيسور
فإنّ تقريبَ خُدّامِ الفَتى حُرُضاً،
والضّيفُ يأكلُ، رأيٌ منه مخسور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الصمتُ أولى، وما رِجْلٌ مُمَنَّعَةٌ،
الصمتُ أولى، وما رِجْلٌ مُمَنَّعَةٌ،
رقم القصيدة : 4322
-----------------------------------
الصمتُ أولى، وما رِجْلٌ مُمَنَّعَةٌ،
إلاّ لها بصُروفِ الدّهرِ تعثيرُ
والنّقْلُ غَيّرَ أنباءً سَمِعتَ بها؛
وآفةُ القَولِ تَقليلٌ وتكثير
والعقلُ زينٌ، ولكن فوقَهُ قَدَرٌ،
فما لهُ، في ابتغاءِ الرّزق، تأثير
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما باختياريَ ميلادي، ولا هَرَمي،
ما باختياريَ ميلادي، ولا هَرَمي،
رقم القصيدة : 4323
-----------------------------------
ما باختياريَ ميلادي، ولا هَرَمي،
ولا حياتي، فهل لي بعدُ تَخييرُ؟
ولا إقامةَ إلاّ عن يَدَيْ قَدَرٍ،
ولا مَسيرَ إذا لم يُقضَ تَسيير
زَعَمْتَ أنّكَ تَهديني لواضِحَةٍ،
كذَبتَ، هذا الذي تحكيهِ تحيير
عَيّرتَ أمراً، فهل غيّرتَ مُنكَرَهُ،
أم ليسَ عندَكَ للنّكراءِ تَغيير؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غيّر وأنكر، على ذي الفُحش، منطقَهُ،
غيّر وأنكر، على ذي الفُحش، منطقَهُ،
رقم القصيدة : 4324
-----------------------------------
غيّر وأنكر، على ذي الفُحش، منطقَهُ،
إذا أجازَ خنا زيرٍ خنازيرُ
أمّا الجسومُ، فإنْسٌ في مناظِرِها،
لها، من النّحضِ، تشبيكٌ وتأزير
كأنّها، ورِجالٌ يَنهضونَ بها،
من الفخامةِ هَوناتٌ بهازير
يُعزَّرُ المَلْكُ، توقيراً، وحُقّ لهُ،
على المآثمِ، تأديبٌ وتعزيرُ(40/12)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لهفي على لَيلَةٍ ويومٍ،
لهفي على لَيلَةٍ ويومٍ،
رقم القصيدة : 4325
-----------------------------------
لهفي على لَيلَةٍ ويومٍ،
تألّفَتْ منهما الشّهورُ
وأُلفِيا عُنْصرَيْ زمانٍ،
ليسَ، لأسراره، ظُهور
قد أصبحَ الدّينُ مَضمحلاًّ،
وغَيّرتْ آيَهُ الدّهور
فلا زَكاةٌ، ولا صيامٌ،
ولا صَلاةٌ، ولا طَهور
واعتاض، حِلَّ النكاح، قومٌ
بنُسوةٍ، ما لها مُهور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّما الأرضُ شاعَ فيها،
كأنّما الأرضُ شاعَ فيها،
رقم القصيدة : 4326
-----------------------------------
كأنّما الأرضُ شاعَ فيها،
من طِيبِ أزهارِها، بَخُورُ
أثْنَتْ على ربّها السّواري،
والنّبْتُ والماءُ والصّخورُ
ونحنُ فوقَ الترابِ ثِقْلٌ،
يكادُ من تحتنا يَخُور
لا تفتَخرْ! إنّ كلّ فخرٍ
للَّهِ، واستَعجَمَ الفخور
ألا ترى أنّ أُمّ دَفْرٍ،
كأنّها آلُها السَّخُور؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كم سبّحَتْ أربَعٌ جَوارٍ،
كم سبّحَتْ أربَعٌ جَوارٍ،
رقم القصيدة : 4327
-----------------------------------
كم سبّحَتْ أربَعٌ جَوارٍ،
لها بتسْبيحِها حُبورُ
فمنْ جَنوبٍ ومن شَمالٍ،
ومن صَباً، أختُها الدَّبورُ
والشُّهبُ، جمعاً، وشِعرَياها،
تلك الغُمَيصاءُ والعَبور
فمجّدوا ربّكم إلى أن
تَلفِظ، أمواتَها، القُبور
فكلُّ ما تفعلُ البرايا،
إلاّ تُقَى ربّها، يَبُور
والصّبرُ، حزمٌ، على الرزايا،
وقبلَنا فُضّلَ الصّبور
وهلْ أمِنتمْ على ثَبيرٍ،
أنْ يَتداعى به الثُّبور؟
فكلُّ ذي مِشيَةٍ سيُرْمى
بعَثرَةٍ، ما لها جُبور
طالَ وقوفي، وراءَ جِسْرٍ،
وإنّما يُنظَرُ العُبور
إنّ ابنَ آسى مضى، ولكن
دلّ، على فضلِهِ، الزَّبور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا سَنَةٌ بكى تشرينُ فيها،
إذا سَنَةٌ بكى تشرينُ فيها،
رقم القصيدة : 4328
-----------------------------------
إذا سَنَةٌ بكى تشرينُ فيها،(40/13)
وساعَدَهُ بدمعتهِ أذارُ
فرُودي حيثُ شِئتِ، بغيرِ أزْلٍ،
وليسَ علَيكِ من جَدْبٍ حِذار
فذاكَ أوانُ تخضَرُّ الرّوابي،
لناظرِها، وتبيضُّ الوِذار
أيُلقى العُذرُ أم أبتِ الخَطايا،
قديماً، أن يكونَ لكِ اعتذارُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ثلاثُ مآرب: عَنْسٌ، وكُورٌ،
ثلاثُ مآرب: عَنْسٌ، وكُورٌ،
رقم القصيدة : 4329
-----------------------------------
ثلاثُ مآرب: عَنْسٌ، وكُورٌ،
ونَهجٌ قد أبانَ، فهل بُكورُ؟
وبعضُ النّاس، في الدنيا، كطيرٍ
أوانفَ أن تُلائمها الوكورُ
ذكورٌ لا إناثَ لها، ولكنْ
قَرائنُها المهنّدَةُ الذُّكور
عرفتُكُمُ بني حوّاءَ، قِدْماً،
فكُلُّكمُ أخو ضِغْن مَكور
وما فيكم، على الإحسان، جازٍ،
ولا منكمْ، على النُّعمى، شَكور
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> جمرة غضى
جمرة غضى
رقم القصيدة : 433
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
جمرة غضى .. أضمها بكفي
أضمها حيل . .
أبي الدفا .. لو تحترق كفي
وأبي سفر لليل
بردان أنا تكفى .. أبي احترق بدفا
لعيونك التحنان .. فعيونك المنفى
جيتك من الإعصار .. جفني المطر .. والنار
جمرة غضى
والله الجفا برد .. وقل الوفا برد
والموعد المهجور ما ينبت الورد
ياحبي المغرور .. ياللي دفاك اشعور
رد القمر للنور .. واحلى العمر .. في وعد
بردان .. بردان أنا تكفى.. أبي احترق بدفا
يا أول الحب .. شفتك أنا مره
واهديت لك قلب
ورديت لي جمرة
ومن يومها كان الرحيل
وليل الشتا .. القاسي الطويل
وآه يا الحنين
لليل باب له حارسين
برد وسحاب
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُمورٌ تَستَخفُّ بها حُلومٌ،
أُمورٌ تَستَخفُّ بها حُلومٌ،
رقم القصيدة : 4330
-----------------------------------
أُمورٌ تَستَخفُّ بها حُلومٌ،
وما يَدري الفتى لمن الثُّبورٌ
كتابُ محمّدٍ، وكتابُ موسى،
وإنجيلُ ابنِ مَريمَ، والزّبور
نهَتْ أُمماً، فما قبلتْ، وبارت(40/14)
نصيحتُها، فكلُّ القومِ بُور
ودارَا ساكنٍ وحَياةُ قَوم،
كجسرٍ، فوقَهُ اتّصَلَ العُبور
يُعطَّلُ مَنزلٌ، ويُزارُ قَبرٌ،
وما تبقى الدّيارُ ولا القُبور
حِمامٌ فاتكٌ، فهل انتصارٌ،
وكِسرٌ دائمٌ، فمتى الجُبور؟
ومُلْكٌ كالرّياح جَرَتْ قَبولٌ،
فلمْ تَلبَثْ، وأعقَبتِ الدَّبور
أُصولٌ قد بُنينَ على فَسادٍ،
وتقوى اللَّهِ سُوقٌ لا تَبور
ليطّلِعَ المليكُ عليك فيها،
وأنتَ، على نوائِبِها، صَبور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> للحالِ بالقَدَرِ اللّطيفِ تغيُّرُ،
للحالِ بالقَدَرِ اللّطيفِ تغيُّرُ،
رقم القصيدة : 4331
-----------------------------------
للحالِ بالقَدَرِ اللّطيفِ تغيُّرُ،
فلينْأ عنكَ تفاؤلٌ وتطيُّرُ
قد حارَ آدمُ، في القضاءِ، وآلُه،
أفلِلْملائِكِ، في السّماء، تحيّر؟
تتخَيّرينَ الأمرَ كي تحظَيْ بهِ؛
هيهاتَ ليسَ، على الزمانِ، تخيّر
وتديّري عند السّماك أو السُّها،
فلكلّ جسمٍ، في التّرابِ، تديّر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنا، باللّيالي والحوادثِ، أخبرُ،
أنا، باللّيالي والحوادثِ، أخبرُ،
رقم القصيدة : 4332
-----------------------------------
أنا، باللّيالي والحوادثِ، أخبرُ،
سَفَرٌ يَجِدُّ بنا، وجِسرٌ يُعبَرُ
واجهتَ قُبّرَةً، فخِفتَ تطيّراً؛
ما كلُّ ميتٍ، لا أبا لكَ، يُقبر
من أحسنِ الأحداثِ وضعُك غابراً
في التُّربِ، يأكلُهُ تُرابٌ أغير
ما أجهلَ الأمَمَ، الذينَ عرَفتهُمْ،
ولعَلّ سالفَهُمْ أضلُّ وأتبر
يَدْعونَ في جُمَعاتهمْ، بسفاهةٍ،
لأميرهمْ، فيكادُ يَبكي المِنْبر
جِئْنا على كُرْهٍ، ونرحلُ رُغّماً،
ولعلنّا ما بين ذلك نُجبر
ما قيلَ في عِظَمِ المَليكِ وعزّهِ،
فاللَّهُ أعظَمُ، في القياس، وأكبر
وكأنّما رؤياكَ رؤيا نائمٍ،
بالعكس، في عُقبَى الزّمان، تُعبَّر
فإذا بَكَيتَ بها فتلكَ مسرّةٌ،
وإذا ضحِكتَ، فذاكَ عينٌ تَعْبُرُ
سُرّ الفتى، من جَهلِه، بزمانه،(40/15)
وهو الأسيرُ، ليومِ قتلٍ يُصبَر
لعِبَتْ به أيّامُهُ، فكأنّه
حَرْفٌ يُلَيَّنُ، في الكلام، ويُنبَر
عجَزَ الأطبّةُ عن جروحِ نوائبٍ،
ليست، بغير قضاءِ ربّك، تُسبَر
والمَينُ أغلَبُ في المَعاشرِ، كم أخٍ
للدّفرِ، وهو، إذا يُسمّى، العَنبر
شَرُفَ اللّئيمُ، وكم شَريفٍ رأسه
هَدَرٌ يُقَطّ، كما يُقَطّ المِزْبَر
سلْ أمّ غيلانَ الصّموت عن ابنِها،
وبناتِ أوْبَرَ، ما أبوها أوْبَر
والشرُّ يجلِبُهُ العَلاءُ، وكم شكا،
نبأً، عليٌّ، ما شكاهُ قَنبر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إجعل تُقاكَ الهاءَ، تَعرِفْ همسَها،
إجعل تُقاكَ الهاءَ، تَعرِفْ همسَها،
رقم القصيدة : 4333
-----------------------------------
إجعل تُقاكَ الهاءَ، تَعرِفْ همسَها،
والرّاءَ، كَرَّرَها، الزّمانَ، مُكرِّرُ
قالوا: جهنّمُ! قلتُ: إنّ شرارَها
ولهيبها، يَصلاهُما المتشرِّرُ
لا تُخبِرَنّ، بكُنْهِ دينكَ، مَعشراً
شُطُراً، وإنْ تَفعَلْ، فأنتَ مُغَرِّرُ
واصمُتْ، فإنّ الصّمتَ يكفي أهلَهُ،
والنّطقُ يُظهِرُ كامناً، ويُقَرِّرُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصبَحتُ غيرَ مميَّزٍ منْ عالَمٍ
أصبَحتُ غيرَ مميَّزٍ منْ عالَمٍ
رقم القصيدة : 4334
-----------------------------------
أصبَحتُ غيرَ مميَّزٍ منْ عالَمٍ
مثلَ البَهائمِ، كلُّهمْ متحيّرُ
يتخيّرونَ، على المليكِ، قضاءَهُ؛
سَفِهَ الغُواةُ، وليس فيهِمْ خَيّرُ
فاكْفُفْ لسانَكَ أن تُعيِّر، واعلمَنْ
أنْ ليسَ يأمَنُ، ما يَعيبُ، مُعَيِّرُ
ما حطّ، رُتبَتَك، الحسودُ، وما الذي
ضرّ الأميرَ بأن يقالَ أُمَيِّر
وسُهَيلٌ اللّمّاحُ صُغّر لفظُهُ،
فانظُرْ أهيّرَهُ، بذاك، مهيِّر؟
وعهدتُني، زمنَ الشبيبةِ، ذاكياً
قَبسي، فأخمِدَ، والخُطوبُ تُغيِّر
لا يستَطيعُ النّاسُ دفعَ فضيلةٍ،
بالقدرِ، صيّرها إليكَ مصيِّر
هذي الكواكبُ، للمليكِ، شواهدٌ،
منها الخفيّ، لناظرٍ، والنّيّر
نمنا، وما رَقَدَتْ، وحلّ مقيمُنا،(40/16)
والنّجمُ، في أُفقِ السماءِ، يُسَيَّر
والمرءُ حَيّاهُ المَشيبُ، فشانَهُ
عند الحبائبِ، وهو نَضرٌ شيّر
آليتُ، لا يدري بما هو كائنٌ
متفائِلٌ بالأمر، أو متطيّر
كالدّارِ صبّحها سوى قُطّانها،
فثَوَوْا بها، وتحمّلَ المتديّر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كيفَ احتيالُكَ والقضاءُ مدبِّرٌ،
كيفَ احتيالُكَ والقضاءُ مدبِّرٌ،
رقم القصيدة : 4335
-----------------------------------
كيفَ احتيالُكَ والقضاءُ مدبِّرٌ،
تجني الأذى، وتقولُ إنّك مُجبَرُ
أرواحُنا معنا، وليس لنا بها
علمٌ، فكيفَ إذا حوَتها الأقبرُ؟
ومتى سرى، عن أربعين، حليفُها،
فالشخصُ يصغرُ، والحوادث تكبَر
نفسٌ تُحِسُّ بأمرِ أُخرى، هذه
جسرٌ إليها، بالمخاوف يُعبَر
من للدّفينِ بأن يُفَرَّجَ لحدهُ
عنه، فَينهَضَ، وهو أشعثُ أغبر؟
والدّهرُ يقدُمُ، والمعاشرُ تنقضي،
والعجزُ تصديقٌ بمَينٍ يُخبر
زعمَ الفلاسفَةُ، الذين تنطّسوا،
أنّ المَنيّةَ كَسرُها لا يُجبَر
قالوا وآدمُ مثلُ أوبَرَ، والورى
كبناتِه، جهِلَ امرؤٌ ما أوبر
كلُّ الذي تحكونَ عن مولاكمُ
كذبٌ، أتاكمْ عن يَهودَ يحبَّر
رامت به الأحبارُ نيلَ مَعيشةٍ
في الدّهرِ، والعملُ القَبيحُ يُتَبِّر
عُكِسَ الأنامُ بحِكمةٍ من ربّه،
فتحكّمَ الهَجَرِيُّ فيه وسَنْبَر
كذبٌ يقالُ على المَنابِر دائماً،
أفلا يَميدُ، لما يُقالُ، المنبر؟
وأجلُّ طيبِهِمُ دمٌ من ظبيةٍ،
وقذًى من الحيتانِ، وهو العَنبر
ولعلّ دنيانا كرقدَةِ حالمٍ،
بالعكسِ ممّا نحنُ فيهِ تُعَبَّر
فالعينُ تبكي، في المنامِ، فتجتني
فَرَحاً، وتضحكُ في الرّقاد فتَعبَر
والنّفسُ ليسَ لها، على ما نالَها
صبرٌ، ولكنْ بالكراهةِ تصبر
يغدو المدجَّجُ بازياً أوْ أجْدَلاً،
فيرُوحُ محتكِماً عليه القُبّر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا صالحُ اجعل وصفَ شخصِك واسمَه
يا صالحُ اجعل وصفَ شخصِك واسمَه
رقم القصيدة : 4336
-----------------------------------(40/17)
يا صالحُ اجعل وصفَ شخصِك واسمَه
مِثلينِ، إنكَ في بحارِكَ ماهرُ
ما فِضّةُ الإنسانِ إلاّ فَضّةٌ،
والتّبرُ تَتبيرٌ، وجَدُّكَ ظاهر
والدُّرُّ دَرٌّ للهمومِ، تُسِرُّه؛
إنّ الجَواهرَ، بالأذاةِ، جَواهر
كَذَبَ الذي سمّى المُمَلَّكَ قاهراً؛
نحنُ الأذِلّةُ، والمليكُ القاهر
وكذاكَ يُدْعى طاهراً مَن كلُّهُ
نجسٌ، ويُفقَدُ، في الأنامِ، الطاهر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا ربِّ! عيشةُ ذي الضّلالِ خسارُ،
يا ربِّ! عيشةُ ذي الضّلالِ خسارُ،
رقم القصيدة : 4337
-----------------------------------
يا ربِّ! عيشةُ ذي الضّلالِ خسارُ،
أطلِقْ أسيرَكَ، فالحَياةُ إسارُ
وكأنّ عُمْرَ المَرءِ شُقّةُ ظاعنٍ،
تُسرى بأنفاسٍ له، وتُسار
وكأنّما الدّنيا كَعابٌ، أيُّنا
رجَى لها صِلَةً، فذاكَ يَسار
ستَعودُ أشباهٌ لعادٍ مَرّةً،
وتهُبُّ من رَقداتِها الأيسار
وإذا الفتى لحظَ الزمانَ بعينِهِ،
هانَ الشّقاءُ عليهِ والإعسارُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الحَظُّ يُقْسَمُ، عاشَ بِشْرٌ ما اشتكَى
الحَظُّ يُقْسَمُ، عاشَ بِشْرٌ ما اشتكَى
رقم القصيدة : 4338
-----------------------------------
الحَظُّ يُقْسَمُ، عاشَ بِشْرٌ ما اشتكَى
نَظراً، وعُمّرَ، أكمَهاً، بشّارُ
وهي الحوادثُ عُوَّذٌ، ولواقحٌ،
وشوائلٌ، وحوائِلٌ، وعِشار
كم شُرنَ من أري، يكونُ مَقيلُهُ
ثَغْراً، يُشارُ له وليسَ يُشار
والفقرُ موتٌ، غيرَ أنّ حليفَه
يُرجَى له، بتموّلٍ، إنشار
ونرى مباشرَةَ الترابِ مَهانَةً،
وإليهِ ترْجِعُ هذهِ الأبشار
قد ضَنّ مَن رُزِقَ الغنى بزَكاتِه،
وَغدا فلا فَلْحٌ ولا تِعشار
لم يُعْطِ رُبْعَ العُشرِ من أوراقِهِ،
فتُرامَ منْ سَقْي الحَيا أعشار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ذهبَ الكرامُ، فليتَهُم ذهبٌ يُرى،
ذهبَ الكرامُ، فليتَهُم ذهبٌ يُرى،
رقم القصيدة : 4339
-----------------------------------(40/18)
ذهبَ الكرامُ، فليتَهُم ذهبٌ يُرى،
ونُضارُ أحسابِ الرّجالِ نُضارُ
إنْ يَبقَ لا يَهرَم، وإن يُطرَح إلى
حمراءَ مُوقَدَةٍ، فليسَ يُضار
لا يُدرِكُ اليَومَ، الذي خَلّفتَهُ،
تقريبُ سابقَةٍ، ولا إحضار
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> تخير
تخير
رقم القصيدة : 434
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أنا ما أشير بالفرقا .. ولا أحدك على المقعاد
تخير في طريق الوصل .. والا درب هجراني
حرام الوصل ما يجمع قلوبٍ عن هواها بعاد
وبعض البعد لو عذب يجمع بين خلاني
تحسب ان الهوى ضحكة دقايق عشتها في ميعاد
إلى ما رحت تنساها .. وتنسَى الوعد وتنساني
ألا يا صاحبي .. الرفقة ترى مَا هِى ثياب جداد
تبدلها متى مليت .. وتلبس غيرها ثاني
إلى ضاع الوفا .. مابه هوى بارجيه أنا .. ووداد
ترى ذا الفرق .. بين أقرب قريب .. وبين عدواني
تحاكيني بطرف لسان وهرجي من صميم فواد
وتاقف من بعيد .. ويم درب الموت تنخاني
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أقصَرتُ منْ قَصْرِ النّهار، وقد أنَى
أقصَرتُ منْ قَصْرِ النّهار، وقد أنَى
رقم القصيدة : 4340
-----------------------------------
أقصَرتُ منْ قَصْرِ النّهار، وقد أنَى
مني الغروبُ، وليسَ لي إقْصارُ
ويَنالُ طالبُ حاجَةٍ، بفَلاتِه،
ما لا تجودُ بمثلِهِ الأمْصارُ
وإذا الحوادِثُ جهّزَتْ جيشاً لها،
خمَدَتْ قُرَيْشٌ فيهِ والأنصار
أنا ما حَجَجْتُ، فكم تحُجُّ نوائبٌ
شخصي، ويفقدُ، عندها، الإحصار
قدُمَ الزّمانُ، وعُمرُه، إن قِستَهُ،
فلَدَيْهِ أعمارُ النّسورِ قِصار
الهَمُّ منتشرٌ، ولكنْ ربُّهُ
يوماً، يصيرُ إلى الثّرى، فيُصار
والمُعصِراتُ، من الخِرادِ، عَواصِفٌ،
كالمُعصِراتِ، صنيعُها إعصار
كم يَسمعُ النّاسُ العِظاتِ، وكم رأوا
غَيرَ الجَميلِ، فغُضّتِ الأبصار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أفطِرْ وصُمْ، أو صُمْ وأفطرْ، خائفاً،(40/19)
أفطِرْ وصُمْ، أو صُمْ وأفطرْ، خائفاً،
رقم القصيدة : 4341
-----------------------------------
أفطِرْ وصُمْ، أو صُمْ وأفطرْ، خائفاً،
صومُ المنيّةِ ما لهُ إفطار
وأُراعُ منْ تِرْبي، ولا أرتاعُ من
تُربي، وفي قُربِ الأنيسِ خِطارُ
مَن كالصّعيدِ الحُرّ، من أبنائِهِ
زَهرُ الربيعَ، وروضُهُ المِعطار
وكأنّ في كفّ الزّمانِ، بنَوْره،
قُطُراً، تُعَمُّ بنَشرهِ الأقطار
متمطِّرينَ إلى الخيانَةِ والأذى
وهُمُ السّحائبُ، ما لها إمْطار
ومن الفضيلَةِ للجَوامِد أنّها
لا حسّ يَتبعَهُا، ولا أوطار
تَخِذَ الغُرابُ، على المفارق، موقِعاً
ولقد علمتُ بأنّهُ سيُطار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اللُّبُّ قُطبٌ، والأمورُ له رَحًى،
اللُّبُّ قُطبٌ، والأمورُ له رَحًى،
رقم القصيدة : 4342
-----------------------------------
اللُّبُّ قُطبٌ، والأمورُ له رَحًى،
فيهِ تُدَبَّرُ كلُّها وتُدارُ
والبدرُ يكمُلُ، والمحاقُ مآلُه،
وكذا الأهِلّةُ عُقْبُها الإبدارُ
إلزمْ ذَراكَ، وإن لقيتَ خَصَاصةً،
فاللّيثُ يَستُرُ حالَهُ الإخدار
لم تَدرِ ناقةُ صالحٍ، لمّا غَدَت،
أنّ الرّواحَ يُحَمُّ فيه قُدار
هذي الشخوص، من التّراب، كوائِن،
فالمرءُ، لولا أن يُحِسّ، جِدار
وتَضِنُّ بالشيءِ القليلِ، وكلُّ ما
تُعطي وتَملِكُ، ما له مقدار
ويقولُ داري، من يقولُ، وأعبُدي؛
مَهْ! فالعبيدُ، لربّنا، والدّارَ
يا إنسَ! كم يَردُ، الحياةَ، مَعاشرٌ
ويكونُ، من تلفٍ، لهم إصدار
أترومُ من زمنٍ وفاءً مُرضياً،
إنّ الزّمانَ، كأهلِه، غدّار
تقِفونَ، والفُلكُ المُسخَّرُ دائرٌ،
وتقدِّرونَ، فتَضحكُ الأقدار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طُرُقُ العَلا مجْهولةٌ، فكأنّها
طُرُقُ العَلا مجْهولةٌ، فكأنّها
رقم القصيدة : 4343
-----------------------------------
طُرُقُ العَلا مجْهولةٌ، فكأنّها
صُمُّ العدائِدِ، ما لها أجذارُ
والعقلُ أنذرَنا بما هو كائنٌ(40/20)
في الدّهر، ثمّ تَشَعّبَ الإنذار
أعْذرتَ طفلَكَ، سالكاً نهج الهدى،
ولذاكَ، في طلبِ العُلا، إعذار
ونُحاذرُ الأشياءَ، بعدَ يَقيننا،
أن لا يُردّ الكائناتِ حِذار
بالصّمتِ يُدرِكُ طامرٌ رامَهُ،
وتخيبُ منهُ بعوضةٌ مِهذار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمتارُ من هذا الأنامِ، وكيفَ لي،
أمتارُ من هذا الأنامِ، وكيفَ لي،
رقم القصيدة : 4344
-----------------------------------
أمتارُ من هذا الأنامِ، وكيفَ لي،
ومنَ الزّمانِ وشرِّه أمتارُ
سِترٌ وبخلٌ، والتجنّبُ والنّوى،
أستارُ مِثِلكَ، دوننا إستار
لو تتركُ الدّنيا الفتى ومرادَهُ،
لوَجَدْتَهُ يشتَطُّ، أو يَختارُ
أمسى يذمُّ الخاترينَ، مُحَقِّقاً،
واللَّهُ يشهَدُ أنّهُ ختّار
وإذا الغِنى لزمَ الغنيُّ، لأجلِهِ،
طَلَبَ المُعينِ، فذلك الإقتار
ولرُبّ مُشتارٍ في الذُّرى،
فجنى المنيّةَ في الذي يشتار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تَصحبنّ، يدَ اللّيالي، فاجراً،
لا تَصحبنّ، يدَ اللّيالي، فاجراً،
رقم القصيدة : 4345
-----------------------------------
لا تَصحبنّ، يدَ اللّيالي، فاجراً،
فالجارُ يؤخَذُ أن يعيبَ الجارُ
هذي سجايا آلِ آدمَ، إنّهمْ،
لِثمارِ كلّ ظُلامةٍ أشجار
واللَّهُ ليسَ بطالبٍ، من جابرٍ،
ما نالَ أبجرُ وابنُهُ حجّار
ضرَبتْ كِنانةَ، خُشب، فتيةٌ،
لقبٌ، مضى لأبيهِمُ، النّجّار
ثمّ استبيحوا، عَنوَةً، فكأنّهُم
جاروا، وما كانوا الرّسولَ أجاروا
فَجَرَتْ قُرَيشٌ بالفِجارِ وحربِه،
ولكلّ نفسٍ، في الحياةِ، فِجار
أهْجُرْ ولا تهجُرْ، وهجّر ثمّ لا
تُهجِر، فيُذهِبَ، ماءَكَ، الإهجار
وأراكَ توجَرُ، حينَ تُوجِرُ، ناشئاً،
عِظَةً، وإن لم يُرضِكَ الإيجار
وإذا بذلتمْ نائلاً لتُعوَّضوا
عنه، فأنتم، في الجميلِ، تِجار
ثُعَلُ بن عمرٍو ما حماه شامخٌ،
صعبٌ ولا ثُعلَ الوحوش، وِجار
قدْ عادَ شوْكُ فَزارةٍ متحرِّقاً،
وتصدّعتْ، من دارم، الأحجارُ(40/21)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تأسفَنّ لفائِتٍ، ما واحدٌ
لا تأسفَنّ لفائِتٍ، ما واحدٌ
رقم القصيدة : 4346
-----------------------------------
لا تأسفَنّ لفائِتٍ، ما واحدٌ
يُقضى له، في نَفسِهِ، إيثارُ
ويودُّ أن لا تَنقضي آثارُهُ،
ولتُدْرَسَنّ، كشَخْصِهِ، الآثار
تمشي علينا الحادِثاتُ، ووطؤها،
كسَنا البَوارِقِ ليس فيهِ عِثار
أظننتَ دَهرَك، عن خطابك، صامتاً،
وإذا أبَهتَ، فإنّهُ مِكْثار
هذا امرُؤ القيس بنُ حُجْرٍ في الثرى
دثَرتْ معالُمهُ، فأينَ دِثار؟
إن كانَ مَنْ قتلَ المحاربَ مُجبَراً
يُسْطى عليه، فأيْنَ يُبغى الثّار؟
تُلفي الكبيرَ، على تَقادُمِ سِنّه،
والطّبْعُ فيهِ طَماعَةٌ وكِثارُ
وتخافُ منْ كَوْنِ الرّدى، وكأنّه
صَيدٌ، لضاريَةِ الخطوبِ، مُثار
فابعِدْ، من الثرثارِ، حتى الوِرْدَ من
نَهرٍ، على الظمأ، اسمُهُ الثرْثار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُنياكَ تُشبِهُ ناضِحاً مترَدداً،
دُنياكَ تُشبِهُ ناضِحاً مترَدداً،
رقم القصيدة : 4347
-----------------------------------
دُنياكَ تُشبِهُ ناضِحاً مترَدداً،
منْ شأنِها الإقبالُ والإدْبار
آلَيتُ ما الحِبْرُ المِدادُ بكاذِبٍ،
بل تَكْذِبُ العلماءُ والأحبار
زَعَموا رِجالاً كالنخيل جُسومُهم،
ومَعاشِرٌ أُمّاتُهُمْ أشْبارُ
إنْ يَصغُروا أو يَعْظُموا فبقدْرَةٍ،
ولربّنا الإعظامُ والإكبْار
ووجدَتُ أصنافَ التكلّم ستّةً،
بالمَينِ منها أُفرِدَ الإخْبار
خاطتْ إبارُ الشّيبِ فَوْدَكَ، بعدما
خَلُقَ الشّبابُ، فهلْ لهنّ إبار؟
يُستَصغَرُ الحيُّ الحقيرُ، ودونَه
أُمَمٌ، تَوَهّمُ أنّهُ جَبّار
جشِبٌ كفاكَ مطاعِماً، وعباءَةٌ
أغْنَتْكَ أن تُتخَيّرَ الأوبار
أمّا وَبارِ، فقد تحمّلَ أهلُها،
وتخلّفَتْ بعدَ القطينِ وَبار
والشّخصُ، في الغبراء، غُبّرَ، فانثنى
وكأنّما هو للغُبارِ غُبار
يا طالباً ثأرَ القتيلِ، ألمْ يَبِنْ
لكَ أنّ كلّ العالمينَ جُبار؟(40/22)
وتَخالَفُ الأهواءُ: هذا مُدّعٍ
فِعلاً، وذلكَ دِينُهُ الإجْبارُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أجْزاءُ دهرٍ ينقضينَ، ولم يكنْ
أجْزاءُ دهرٍ ينقضينَ، ولم يكنْ
رقم القصيدة : 4348
-----------------------------------
أجْزاءُ دهرٍ ينقضينَ، ولم يكنْ
بيني وبَينَ جميعِهِنّ جِوارُ
يمضي، كإيماضِ البروقِ، وما لها
مُكثٌ، فيُسمَعَ، أو يُقالَ حوار
أنوارُ مَهلاً! كم ثَوى من رَبرَبٍ
نُورٍ، ولاحتْ، في الدّجى، أنوار
منعَ الزّيارَةَ، من لميسَ وزَينَبٍ،
حتفٌ، لكلّ خَريدةٍ زَوّار
وتَسيرُ عن أترابها، لتُرابها
جُمْلٌ، ويورَثُ دُملُجٌ وسوار
يرمي، فلا يُشوي الزّمان، إذا رَمى
سهْماً، وأخطأ ذلكَ الاسوار
ونَسُورُ للرُّتبِ العُلا، فيردُّنا،
للقدرِ، صرْفُ نوائبٍ سَوّار
وكأنّما الصّبحُ الفتيقُ مهنّدٌ
للقَهرِ، ماءُ فرِندِهِ مَوّار
قد ذَرّ قرْنٌ، ثمّ غابَ، فهل له
معنًى؟ أجلْ، هو للنّفوسِ بَوار
إن غارَ بيّتَ أُمَّنا في لَيلِهِ،
فإذا يَغُورُ، فثائِرٌ مَغوار
صُوَرٌ تُبَدَّلُ غيرَها، فمعوَّضٌ
بالخَيطِ خيطٌ، والصُّوارِ صوار
إني أُواري خَلّتي، فأريهِمُ
رِيّاً، وفي سرّ الفؤادِ أُوار
يُخفي العيوبَ، وفي الغُيوبِ حديثها،
وغداً يُبيّنُ، أمرَها، المِشوار
وونَى الرّجالُ العاملونَ، وما ونَى
فَلَكٌ، بخدمَةِ ربّهِ دوّار
ويكرُّ، من جيشِ القضاءِ، مسلَّطٌ،
ثورٌ وشابَةُ، تحتَهُ، خوّار
أطوارَ دارِكَ بعتَهُ منْ ظالِمٍ؛
والناسُ، مثلُ زمانهمْ، أطوار
ما زالَ ربُّكَ ثابتاً في مُلكِه،
يَنمي إليهِ، للعِبادِ، جُؤار
وأتت على الأكوارِ، جمعِ الكور، والـ
ـكورِ المسرَّحِ، هذه الأكوار
أيّامَ، سنبلةُ السّماءِ زريعةٌ،
وسُهَيلُها، فحلُ النّجومِ، حُوار
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> كافي عتاب
كافي عتاب
رقم القصيدة : 435
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
البارحة والقلوب أصحاب
كنت القمر وأنت تمدحني(40/23)
واليوم .. لي مخلبين وناب
ومشا هد الدم يفرحني
كذاب هذا المدح كذاب
وكذّاب ذم يجرحني
إنسان..ماني نجم وشهاب
وليتك ملاكٍ وتصلحني
لي صرت عاري..علي ثياب
بالله وشلون تفضحني
اخطيت واخطيت كافي عتاب
إنطق بحكمي وريحني
ياصاحبي ماقطعت أرقاب
عدلٍ قصاصي وتذبحني
ولاني بعد أجمل الأصحاب
الأجمل إنك تسامحني
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> تالي نهار
تالي نهار
رقم القصيدة : 436
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تالي نهار وعاتق الشمس مذبوح
والوقت لو تدرين للوقت ذباح
كن السما صوتً من الذعر مبحوح
والليل خيلٍ سود للضي تجتاح
وسحايبٍ فوق الشفق كنها قروح
على جبينٍ ما شكى كثر ما طاح
لاذت عصافير المسا في ذرا الدوح
وتنفس سراج الوهن بين الألواح
حبيبتي ضاق الفضى وين باروح
وان رحت ظلم النفس للنفس ما راح
مجروح ماهو هم لو قلت مجروح
يالله عسى ما اصير في قلبك جراح
تبسمي برقٍ على ثغرك يلوح
بشد له مدام في العمر مرواح
غزيت وجه الصبح من غير مصلوح
وانكفت دون الشمس هقوات ورماح
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> مرثية يوم تافه
مرثية يوم تافه
رقم القصيدة : 437
-----------------------------------
لاحتِ الظلمةُ في الأفْق السحيقِ
وانتهى اليومُ الغريبُ
ومضت أصداؤه نحو كهوفِ الذكرياتِ
وغدًا تمضي كما كانت حياتي
شفةٌ ظمأى وكوبُ
عكست أعماقُهُ لونَ الرحيقِ
وإِذا ما لمستْهُ شفتايا
لم تجدْ من لذّةِ الذكرى بقايا
لم تجد حتى بقايا
انتهى اليومُ الغريبُ
انتهى وانتحبتْ حتى الذنوبُ
وبكتْ حتى حماقاتي التي سمّيتُها
ذكرياتي
انتهى لم يبقَ في كفّيّ منه
غيرُ ذكرى نَغَم يصرُخُ في أعماق ذاتي
راثيًا كفّي التي أفرغتُها
من حياتي, وادّكاراتي, ويومٍ من شبابي
ضاعَ في وادي السرابِ
في الضباب
كان يومًا من حياتي
ضائعًا ألقيتُهُ دون اضطرابِ
فوق أشلاء شبابي
عند تلِّ الذكرياتِ
فوق آلافٍ من الساعاتِ تاهت في الضَّبابِ(40/24)
في مَتاهاتِ الليالي الغابراتِ
كان يومًا تافهًا. كان غريبًا
أن تَدُقَّ الساعةُ الكَسْلى وتُحصي لَحظاتي
إنه لم يكُ يومًا من حياتي
إنه قد كان تحقيقًا رهيبا
لبقايا لعنةِ الذكرى التي مزقتُها
هي والكأسُ التي حطّمتها
عند قبرِ الأمل الميِّتِ, خلفَ السنواتِ,
خلف ذاتي
كان يومًا تافهًا.. حتى المساءِ
مرت الساعاتُ في شِبْهِ بكاءِ
كلُّها حتى المساءِ
عندما أيقظَ سمعي صوتُهُ
صوتُهُ الحُلْوُ الذي ضيّعتُه
عندما أحدقتِ الظلمةُ بالأفْقِ الرهيبِ
وامّحتْ حتى بقايا ألمي, حتى ذنوبي
وامّحى صوتُ حبيبي
حملت أصداءه كفُّ الغروبِ
لمكانٍ غابَ عن أعينِ قلبي
غابَ لم تبقَ سوى الذكرى وحبّي
وصدى يومٍ غريبِ
كشحوبي
عبثًا أضرَعُ أن يُرجِعَ لي صوتَ حبيبي
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> بس أحلم
بس أحلم
رقم القصيدة : 438
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
صحيح اني انسى الحوادث والملامح و الاسامي..
لما أكتب عن غرامي .. شعر ابعد ما يكون عن مجرد
جرح دامي ..
يمكن أقرب للجنون...
من تفاصيل الحكاية..الاساور والمرايه..
عندي هموم القصيده غامضه صعبه عنيده..
وانت عاشق للوضوح ..
ودك بسري ابوح..و انا اخر همي بوحي
اعبر الشارع ... في الرصيف الثاني قهوه
فيها اربع طاولات ..وحده اجلس فيها وحدي ..وحده للي بيجي بعدي .. وحده لأغلى حرف عندي..أما اخر وحده دايم للي فات..
من هموم وذكريات ..زحمة لكن كل من في القهوه ربعي
كلهم دمي و دمعي ليه ما تجلس مكاني
وهذا شوفي وهذا سمعي اطلب اقلام ودفاتر ..وحاول اكتب عن شعور ..لاهو ظلما و لا هو نور ..
قلب مابين السطور .. وانا اكتب اغنيه مثل الرسايل كنت اكذب .. و الخيال العذب كذب ..
كنت لازم اخفي سري و ما اقول
ان هالمره قصيدي هو خيالات الحقول تطرد اسراب الطيور عن حقيقه عن شعور ....
ما هو في ذهب السنابل .. انما تحت الجذور ..
كسروا العشاق بابي ...(40/25)
قطعوا لحمي ثيابي.. وخلعوا الادراج ..
طاحت مزهرياتي الجميله شققوا جفني كتابي وسألوا
وين الجديله
ودمعة العين الكحيله مالقوا في بيتي الا .. وما لقوا في صدري الا .. وما لقوا في قلبي الا ..
امنياتي المستحيله ..
و اني احلم بس احلم ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> الجريده
الجريده
رقم القصيدة : 439
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الجريده ..
ادري وش سر الجريده
به أحد .. يقطع وريده ..
وينزف أخبارٍ جديده ..
وحنا نقراها الصباح ..
دنيا مكتوبه فـ ورق .. دنيا من دم .. وعرق ..
دنيا مجنونه ارق .. وهم ..
انسرق .. إحترق .. المهم
كلها أخبارٍ سعيده
وحنا نقرلها الصباح ..
لو طبعنا .. صفحة ما فيها خبر ..
لا حروف .. ولا صور
صفحة يملاها البياض ..
صفحة تملانا بياض .. ما يعكرها الحبر ..
كان ذي الصفحة الوحيدة
اللي اقراها الصباح .. في الجريدة
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> بالي
بالي
رقم القصيدة : 440
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لا تدعك القلب ترجي يظهر المارد
ويقول لبيك عبدك باح مكنونه
قنديلك اللي انطفى ليل الشتا البارد
سيان عنده وفيت او توك تخونه
ترجّل الفارس اللي لاجله تطارد
يازين شلفاك ملت تطعن طعونه
كل ماحداك الضما جيت الضما وارد
كنك تعاف القراح وتشرب عيونه
شاب العتب وانقطع ما بينناالوارد
ولولا الندم ما غرس فـ ابهامه سنونه
والحزن سيف على ارقاب الفرح جارد
وكل بسمةٍ في ديون الصبر مرهونه
إن صادفك في طريقك بالي الشارد
قله يموت الهوى .. باعيش انا بدونه
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> أجمل زمانه
أجمل زمانه
رقم القصيدة : 441
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ما سألته .. إسمه .. عنوانه .. مكانه ..
ومرني .. أجمل زمانه ..
مر في قلبي وراح .. خطوته مست جراح ..(40/26)
آه .. مديت النظر .. وآه .. جرحني النظر ..
وما سألته كيف .. ضيعته خجل ..
يا إنت .. خبرني من إنت ..
جرحتني وين الدوا .. وين إنت ..
انامين انادي .. وليه أنادي ..
من أي وادي العطر ..
من أي شمس النور ..
ولا الشجن من أي شارع ..
وما سألته كيف .. ضيعته خجل ..
ما سألته ما مداني .. كلها كانت ثواني ..
حرف من خوفي قتلته ..
وحرف عانقني وعصاني ..
بس وقفت فـ مكاني ..
آه .. مديت النظر .. وآه .. جرحني النظر ..
وما سألته كيف .. ضيعته خجل ..
شعراء الجزيرة العربية >> بدر بن عبدالمحسن >> انتي
انتي
رقم القصيدة : 442
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مثل الوسن إنتي ..
حبك سرقني .. وانتبهت
وتوي أعرف ان الزمن فرقه ووعد ..
وان الهوى ماله ثمن ..
***
باكر تجين .. أو ماتجين ..
أرجوك سوِّي اللي تبين ..
بس انتظر .. وعدك نعم ..
ما خلى للدنيا طعم ..
***
الا الحنين ..
باكر تجين .. أو ما تجين ..
أرجوك سوِّي اللي تبين ..
بس انتظر .. وعدك نعم
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> أغنية الهاوية
أغنية الهاوية
رقم القصيدة : 443
-----------------------------------
مججتُ الزوايا التي تلتوي
وراءَ النفوسْ
وراءَ بريقِ العُيُونْ
وأبغضتُ حتى السُّكونْ
وتلكَ المعاني التي تنطوي
عليها الكؤوسْ
معاني الصَّدَى والجُنونْ
معاني الخطايا التي تُبرقُ
بريقَ النجومْ
وفي لمسها اللهبُ المُحرقُ
ولونُ الهمومْ
كرهتُ الجفونَ التي تأسرُ
وخلفَ سماء ابتساماتها
لهيب الحقود
كرهتُ الأكفَّ التي تعصرُ
وخلفَ حرارة رَعْشاتها
جمودٌ كذُلِّ الحياهْ
على جُثةٍ تحت بعض اللحودْ
تعيثُ بها دودةٌ في برودْ
كرهتُ ارتعاشَ الشفاهْ
برَجعِ الصلاهْ
ففي كلِّ لفظٍ خطيئهْ
تجيشُ بها رَغباتٌ دنيئهْ
وعفتُ طُموحي وبحثي الطويلْ
عن الخيرِ, والحبِّ, والمُثلِ العاليهْ
وحقّرتُ سعيي إلى عالمٍ مستحيلْ
فخلفَ انخداعيَ تنتظرُ الهاويهْ(40/27)
وعفتُ جنوني القديمَ وعفتُ الجديدْ
وأودعتهُ في مكانٍ بعيدْ
دفنتُ به رَغَباتِ البشرْ
وسمّيتهُ جنة الواهمين
ستمضي السنينْ
لماذا أُحسُّ الأسى والضَّجَرْ,
وكفُّ المطَرْ
تلفُّ على عنقي المختنقْ
حبالَ الفِكرْ?
وأينَ أسيرُ وقلبي النزقْ
هنالكَ ما زالَ, لا يبرُدُ
ولا يحترقْ
كقلبِ أبي الهولِ. أين الغدُ?
أُحسُّ حياتي تذوبْ
قفي لحظةً واحدهْ
ولا تَسحبي يَدكِ الباردهْ
فأغنيةُ الهاويهْ
تُهِيبُ بأقداميَ الشاردهْ
وتَلوي الدروبْ
قفي لحظةً يا حبالَ الحياهْ
ولا تتركيني هنا
معلقةً بالفراغِ الرهيبْ
فأمسي القريبْ
تلاشى على آخرِ المنحنى
وظلُّ غدي
تَلثَّمَ, أُوّاهُ لو أهتدي
قفي لحظةً واحدهْ
ولا تَسحبي يَدَكِ الباردهْ
فأغنيةُ الهاويهْ
تردّدها الأنفسُ الجانيهْ
تكرّرُها في جُنونْ
على سمعيَ المُجهَدِ
تكرّرُها لم يَعُدْ لي سكونْ
أكادُ أسيرُ إلى الهاويهْ
مع السائرينْ
وأدفِنُ آخرَ أحلاميهْ
وأنسى غدي
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> الكوليرا
الكوليرا
رقم القصيدة : 444
-----------------------------------
سكَن الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كل فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ
مَوْتَى, موتَى, لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ(40/28)
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوُضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداءْ
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ, الموتُ, الموتْ
يا مصرُ شعوري مزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> في جبال الشمال
في جبال الشمال
رقم القصيدة : 445
-----------------------------------
عُدْ بنا يا قطار ْ
فالظلام رهيبٌ هنا والسكونُ ثقيلْ
عُدْ بنا فالمدَى شاسعٌ والطريقُ طويل
والليالي قِصارْ
عدْ بنا فالرياحُ تنوحُ وراءَ الظلالْ
وعُواءُ الذئابِ وراءَ الجبالْ
كصراخِ الأسى في قلوبِ البشرْ
عُدْ بنا فعلى المنحدَرْ
شَبحٌ مكفهرٌّ حزينْ
تركتْ قَدَماهُ على كلِّ فجرٍ أثرْ
كلُّ فجرٍ تقضّى هنا بالأسى والحنين
شَبحُ الغربةِ القاتلهْ
في جبال الشّمالِ الحزينْ
شبحُ الوَحدةِ القاتلهْ
في الشمالِ الحزينْ
عد بنا قد سئمنا الطَّوَافْ
في سُفُوحِ الجبال وعُدْنا نخافْ
أن تطولَ ليالي الغيابْ
ويغطي عُوَاءُ الذئابْ
صوتنا ويعزُّ علينا الإيابْ
عُدْ بنا للجنوبْ
فهناكَ وراءَ الجبالِ قلوبْ
عدْ بنا للذينَ تركناهُم في الضبابْ
كلُّ كفٍّ تلوِّحُ في لهفةٍ واكتئابْ
كل كفٍّ فؤاد
عدْ بنا يا قطارُ, سئمنا الطَّوَافَ وطالَ البعادْ
وهنالكَ همسٌ عميقْ(40/29)
لاثغٌ خلفَ كلِّ طريق
في شعابِ الجبالِ الضِّخامْ
ووراءَ الغمامْ
في ارتعاشِ الصَّنَوْبرِ, في القريةِ الشاحبهْ,
في عُوَاءِ ابن آوى, وفي الأنجمِ الغاربهْ,
في المراعي هنالكَ صوتٌ شَرُودْ
هامسٌ أن نعودْ
فهناكَ بيوتٌ أُخَر
ومراعٍ أخرْ
وقلوبٌ أخرْ
وهناكَ عيونٌ أبَت أن تنامْ
وأكفٌّ تضمُّ الدُّجَى في اضطرامْ
وشفاهٌ ترددُ أسماءنا في الظلامْ
وقلوبٌ تُصيخُ لأقدامنا في وُجومْ
وتنادي النجومْ
في أسًى وسكونْ:
"ومتى يا نجومُ سيذكرنا الهاربونْ?"
"ومتى يَرْجعونْ?"
لحظةً, سنعودْ
لن يرانا الدُّجَى ها هنا, سنعودْ
سنعودُ, سنطوي الجبالْ
ورُكَامَ التلالْ
لن ترانا ليالي الشمالْ
ها هنا من جديدْ
لن يحسَّ الفضاءُ المديد
نارَ آهاتِنا في المساءِ الرهيبْ
في سكونِ المساءِ الرهيبْ
**
عُدْ بنا يا قطارَ الشمالْ
فهناكَ وراءَ الجبالْ
الوجوهُ الرقاقُ التي حجَبَتها الليالْ
عُدْ بنا, عُد إلى الأذرُعِ الحانيهْ
في ظلالِ النخيلْ
حيثُ أيامُنا الماضيهْ
في انتظارٍ طويلْ
وقفتْ في انتظار
تتحرى رجوعَ القطارْ
لتسير مع السائرينْ
حيثُ أيامُنا تسألُ العابرينْ
واحدًا, واحدًا, في حنينْ
"ومتى عودةُ الهاربينْ?"
**
لنعُدْ فهناكَ نشيد قديمْ
حولَنا هامسٌ بالرُّجوعْ
ما أحبَّ الرجوعْ
بعد هذا الطوَاف الأليمْ
في جديبِ الشِّعابْ
حيث تَعْوي الذئاب
لنعدْ, فالدُّجَى بارد كالجليدْ
وهنالكَ خلفَ الفضاءِ البعيدْ
أذرعٌ دافئهْ
لنعدْ فالجبالُ تكشِّرُ عن ليلها المظلمِ
وهنالكَ خلفَ الدُّجَى المبهَمِ
صوتُ أحبابنا, في الظلامِ السحيقْ
نابضًا بالحنينِ العميقْ
صوتُهم مُثقلاً بالعتابْ
صوتُهم ردّدته الشِّعابْ
صوتُهُم في سكون المكانْ
دائرٌ كالزمانْ
لنعُدْ قبلَ أن يقضيَ الأفعوانْ
بفراقٍ طويلٍ, طويلْ
عن ظلالِ النخيلْ
عن أعزائنا خلفَ صمتِ القفارْ
عدْ بنا يا قطارْ
فالليالي قصار
وهنالكَ أحبابُنا في أسًى وانتظارْ(40/30)
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> إلى العام الجديد
إلى العام الجديد
رقم القصيدة : 446
-----------------------------------
يا عام لا تقرب مساكننا فنحن هنا طيوف
من عالم الأشباح, يُنكرُنا البشر
ويفر منّا الليل والماضي ويجهلنا القدر
ونعيش أشباحًا تطوفْ
نحن الذين نسير لا ذكرى لنا
لا حلم, لا أشواقُ تُشرق, لا مُنى
آفاق أعيننا رمادْ
تلك البحيرات الرواكدُ في الوجوه الصامتهْ
ولنا الجباه الساكتهْ
لا نبضَ فيها لا اتّقادْ
نحن العراة من الشعور, ذوو الشفاه الباهتهْ
الهاربون من الزمان إلى العدمْ
الجاهلون أسى الندمْ
نحن الذين نعيش في ترف القصورْ
ونَظَلُّ ينقصنا الشعور.
لا ذكرياتْ,
نحيا ولا تدري الحياةْ,
نحيا ولا نشكو, ونجهلُ ما البكاءْ
ما الموت, ما الميلاد, ما معنى السماء
**
يا عامُ سرْ, هو ذا الطريقْ
يلوي خطاكَ, سدًى نؤمل أن تُفيقْ
نحن الذين لهم عروق من قصبْ
بيضاءُ أو خضراء نحن بلا شعورْ.
الحزن نجهله ونجهل ما الغضب
ما قولُهم إنّ الضمائر قد تثور
ونود لو متنا فترفضنا القبور
ونود لو عرف الزمانْ
يومًا إلينا دربه كالآخرين
لو أننا كنا نؤرخ بالسنين,
لو أننا كنا نقيَّد بالمكانْ
لو أن أبواب القصور الشاهقات
كانت تجيءُ قلوبَنا بسوى الهواء,
لو أننا كنا نسير مع الحياةْ
نمشي, نحس, نرى, ننام
وينالنا ثلج الشتاءْ
ويلفُّ جبْهَتَنا الظلام
أواه لو كنا نحسّ كما يحس الآخرونْ
وتنالنا الأسقام أحيانًا وينهشنا الألم
لو أنَّ ذكرَى أو رجاء أو ندم
يومًا تسدُّ على بلادتنا السبيلْ
لو أننا نخشى الجنونْ
ويثيرُ وحشَتنا السكون
لو أن راحتنا يعكّرها رحيل
أو صدمة أو حزن حب مستحيل.
أواه لو كنا نموت كما يموت الآخرونْ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> مرثية إمرأة
مرثية إمرأة
رقم القصيدة : 447
-----------------------------------
[ صور من زقاق بغداديّ ]
ذهبتْ ولم يَشحَبْ لها خدٌّ ولم ترجُفْ شفاهُ(40/31)
لم تَسْمع الأبوابُ قصةَ موتها تُرْوَى وتُرْوَى
لم تَرتَفِعْ أستار نافذةٍ تسيلُ أسًى وشجوَا
لتتابعَ التابوت بالتحديقِ حتى لا تراهُ
إلا بقيّةَ هيكلٍ في الدربِ تُرْعِشُه الذِّكَرْ
نبأ تعثّر في الدروب فلم يجدْ مأوًى صداهُ
فأوَى إلى النسيانِ في بعضِ الحُفَرْ
يرثي كآبَته القَمَرْ.
**
والليلُ أسلم نفسَهُ دون اهتمامٍ, للصَباحْ
وأتى الضياءُ بصوتِ بائعةِ الحليبِ وبالصيامْ,
بمُوَاءِ قطٍّ جائعٍ لم تَبْقَ منه سوى عظامْ,
بمُشاجراتِ البائعين, وبالمرارةِ والكفاحْ,
بتراشُقِ الصبيان بالأحجار في عُرْضِ الطريقْ,
بمساربِ الماء الملوّثِ في الأزقّةِ, بالرياحْ,
تلهو بأبوابِ السطوح بلا رفيقْ
في شبهِ نسيانٍ عميقْ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> صلاة الأشباح
صلاة الأشباح
رقم القصيدة : 448
-----------------------------------
تململت الساعةُ الباردهْ
على البرج, في الظلمة الخامدهْ
ومدّتْ يدا من نُحاسْ
يدًا كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ
يدَ الرَّجل المنتصبْ
على ساعة البرج, في صمته السرمديّ
يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ
وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ
على القلعة الراقدهْ
على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت
تظَلّ تحدَّقُ, ينطقُ فيها السكوتْ
وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب:
"صلاةٌ, صلاهْ!"
**
ودبّتْ حياهْ
هناكَ على البُرْج, في الحَرَس المُتْعَبينْ
فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ
ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ
ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ
وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ
تُشير: "صلاةٌ, صلاهْ!"
فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ,
صدى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ
يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ
فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ
هزيلٌ شَحِبْ,
يَجُرّ رَمَادَ السنينْ,
يكاد الدُّجى ينتحبْ
على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ
**
وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ(40/32)
يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ, لا يُدْركونْ
لماذا يسيرونَ? ماذا عسى أن يكونْ?
تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ
أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ
وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب
وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ,
نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ,
نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ
وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ
على البرج كالعنكبوتْ
يدٌ من نحاسْ
يحرّكها في احتراسْ
فترسل صيحَتها في الدياجي
"صلاةٌ, صلاهْ"
**
وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ
رأى حارس شَبَحَيْن
يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن?
تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ
وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ
ولكنّ عينيهما في انطفاءْ
ولفظُ "صلاة صلاهْ"
يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ
**
"ألستَ ترى"
"خُذْهما!"
ثم ساد السكون العميق
ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق
**
وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير
وحيثُ الغموضُ المُثيرْ
وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ
يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ
ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ
على البرج مستغْرَقًا في سكوتْ,
فيرتفعُ الصوت ضخْمًا, عميق الصدى, كالزمان
ويرتجفُ الشَّبَحانْ
**
"من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ"
"ومن ظُلُمات البيوت"
"من الشُرَف الماردهْ"
"من البرجِ, حيثُ يدُ العنبكوتْ"
"تُشيرُ لنا في سكوتْ"
"من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ"
"أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ"
"أتيناكَ, نحن عبيدَ الزمانْ"
"وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ"
"أتينا نَجُرّ الهوانْ"
"ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ"
"ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ"
"وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ"
"أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ"
"أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ"
"على أعينِ المُذْنبينْ"
"على أعينِ الهاربينْ"
"إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ"
"من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ. يا من نراهْ"
"صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ"(40/33)
"يحدّق, عيناه لا تغفوان"
"وكفَّاه مَطْويّتانْ"
"على ألفِ سرٍّ. أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ"
"على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ"
"نُناديهِ, دونَ دموعْ,"
"ونصرخ: آهْ!"
"تعِبْنا فدعْنا ننامْ"
"فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا: "صلاهْ!"
"إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ,"
"ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ"
"على كل باب بأيديهم الباليه"
"وقد أكلتْها القُرونْ"
"ولم تُبْق منها سوى كومة من عظامْ"
"تعبنا... فدعنا ننامْ.."
"ننامُ, وننسى يد الرجل العنكبوتْ"
"على ساحة البرج. تنثُرُ فوق البيوتْ"
"تعاويذَ لعنتها الحاقدهْ"
"حنانك بوذا, على الأعينِ الساهدهْ"
"ودعها أخيرًا تموتْ"
**
وفي المعبد البرهمي الكبيرْ
تحرّكَ بوذا المثيرْ
ومدّ ذراعيه للشبحَيْنْ
يُبارك رأسيْهما المُتْعَبيْنْ
ويصرخُ بالحَرَس الأشقياءْ
وبالرَّجُلِ المنتصبْ
على البرْج في كبرياءْ,
"أعيدوهما!"
ثم لفَّ السكونُ المكانْ
ولم يبقَ إلا المساءْ,
وبوذا, ووجه الزمانْ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> دكان القرائين الصغيرة
دكان القرائين الصغيرة
رقم القصيدة : 449
-----------------------------------
في ضباب الحُلْم طوّفتُ مع السارين في سوق عتيقِ
غارق في عطر ماء الورد, وامتدّ طريقي
وسّع الحُلْم عيوني, رش سُكْرًا في عروقي
ثملت روحي بأشذاء التوابلْ
وصناديق العقيقِ
وبألوان السجاجيد,
بعطر الهيل والحنّاء,
بالآنية الغَرْقى الغلائلْ
سرقت روحي المرايا, واستداراتْ المكاحلْ
كنتُ نَشْوى, في ازرقاق الحُلْم أمشي وأسائلْ
أين دكّان القرائين الصغيرهْ
أشتري من عنده في الحلم قرآنًا جميلاً لحبيبي
يقتنيه لحن حبٍّ,
قَمرًا في ليلةٍ ظلماء,
خبزًا وخميرهْ
عندما في الغد يَرْحَلْ
من مطار الأمس والذكرى حبيبي
يتوارى وجهه خلف التواءات الدروبِ
**
سرتُ في السوق,
إذا مرّ بقربي عابرٌ ما,
أتمهّل
ثم أسألْ:
سيّدي في أي دكّان ترى ألقى القرائين الصغيرهْ
أيّ قرآن, سواءٌ أحواشيه حروف ذهبيّهْ(40/34)
أم نقوش فارسيّهْ
أي قرآن?..... وفي حلمي يقول العابرُ
لحظة يا أختُ, قرآنكِ في آخر هذا المنحنى, في (مندلي)
اسألي عن (مندلي)
فهو دكان القرائين الصغيرهْ
ويغيب العابرُ...
وجهه في الحُلْم لونٌ فاترُ...
ثم أمضى في الكرى باحثةً عن (مندلي)
حيث أبتاعُ بما أملك قرآنًا وأهديه حبيبي
حينما يرحلُ عني في غدٍ وجه حبيبي
وتغطيه المسافاتُ وأبعاد الدروبِ
حيث أبتاع من الدكان قرآنًا صغيرًا لحبيبي
ثم أهديه له عند الوداعْ
ليخبّي ضوءه في صدره بُرْعَم طيبِ
وليؤويه إليه حرز حبي
وعصافيري المشوقاتِ,
وتلويح ذراعي
واختلاجاتِ شراعي
**
سرتُ في حلميَ في السوق قريرهْ
أسرتْ روحي السجاجيدُ الوثيرهْ
وأواني عطرِ ماء الورد, والكعبةُ صورهْ
نعستْ ألوانها في حضن حانوتٍ,
وفي حلمي مضيتُ
في دمي شوقٌ لدكان القرائين الصغيرهْ
وحلمتُ
وحلمتُ
بقرائينَ كثيراتٍ, وأختارُ أنا منها, وأهدي لحبيبي
في صباح الغد قرآنًا, ويؤويه حبيبي
صدرَهُ تعويذةً تدرأ عنه الليلَ والسَّعْلاة في أسْفَارِهِ
تزرع اسم الله في رحلته, تسقيه من أسرارِه
**
كان كلّ الناس لي يبتسمون
وعلى لهفة أشواق سؤالي ينحنونْ
زرعوا حلمي ورودا
وسّعوا السوقَ زوايا وحدودا
كلهم كانوا يشيرون إلى بعض مكانٍ غامض إذ يعبرونْ
يهمسون:
اسألي عن (مندلي)
ابحثي عن (مندلي)
دكّة في آخر السوق وتُلْفين القرائين الصغيرهْ
أطعموا قلبيَ من نكهة كُتْبٍ عنبريّاتِ كثيرهْ
بينها ألقى عصافيري القرائين الصغيرهْ
حيث أختارُ وأهدي لحبيبي
واحدًا يحميه من ليل الدروبِ
ووشايات المغيبِ
واحدًا يحمله في الطائرهْ
باقةً من زنبق الله, وسُحْبًا ماطرهْ
**
سرتُ طول الليل في حلمي, ولكن أين ألقى (مندلي)?
شَعَّب السوق حناياه,
ترامَى,
وتَمدّدْ
صار عشرين, دوربًا وزوايا
وفروعًا وخبايا
وتعدّدْ
وتعدّدْ
حيرتي أبصرتها طالعة من قعر آلاف المرايا
قذفتني الامتداداتُ ومصتني الحنايا
وأنا أشرب كوبًا فارغًا, والسوق مُجْهَدْ(40/35)
تحت خطوي, ودمي يلهث شوقًا
وأنا أعطش في أرض الرؤى, أذرعها غربًا وشرقًا
لستُ أُسْقى, لست أُسْقَى
ضاع مني (مندلي)
ضاعَ, لا القرآنُ, لا الأشذاء لي
ما الذي بعد عطوري, وقرائيني تَبَقَّى
**
مرَّ بي في سوق حلمي ألفُ عابرْ
كلهم قالوا: - وراء المنحنى التاسع يحيا (مندلي)
حيث قرآني وعطري المتناثر
حيث أَلْقَى (مندلي)
(مندلي) يا أنهرا من عَسَلِ
يا ندًى منتثرًا فوق بيادرْ
يا شظايا قمر مغتسلِ
في دموعي,
يا أزاهيرُ من الياقوت نامت في غدائرْ
يا هتافاتِ أذان الفجر من فوق منائر
(مندلي) يا (مندلي)
اسمه فوق الشفاهْ
فلّة غامضة اللون,
وشمعٌ,
وتراتيلُ صلاهْ
وزروع ومياهْ
وأنا مأخوذة الأشواق أدعوه ولكن لا أراهْ
وأنا من دون قرآن حبيبي
ومع الفجر سيرحَلْ
في انبلاج الغَسَق القاني حبيبي
وشفاهي صلواتٌ تترسَّل
وعناقيد دموع تتهدّلْ
انبثق يا عطش السوق انبثق يا (مندلي)
يا قرائين حبيبي
يا ارتعاش السنبلِ
في حقول الحلم من ليلى العصيبِ
**
أين مني (مندلي)? والبائع المصروع من عطر القرائينْ?
ذاهلاً مستغرقًا في حُلُمِ?
ضائعًا هيمان مأخوذًا بأفق مبهمِ
يتشاجى, وجدُهُ سُكْرٌ وتلوينْ
صاعدًا من ولهٍ في عالم من عنبر مضطرمِ
تائهًا من شوقه عَبْرَ بساتينْ
عطشات النخل, والقرآن في تمُّوزها أمطار تشرينْ
(مندلي) يا ظمأى يا جرح سكّينْ
في خدود وشرايينْ
**
وطريقي نحو دكان القرائين الصغيرهْ
فيه أوراد لها عطر عجيبُ
كل من ذاق شذاها تائهٌ,
منسرق الروح,
شريدٌ
لا يؤوبُ
مندلي يا حقل نسرينْ
ذقتُ أسرارَكَ واستبعدتُ كوبي
لم أعد أعرف فجري من غروبي
وتواجدْتُ وضيّعتُ دروبي
وتشوقت لقرآنٍ, على رفّكَ غافٍ,
أشتريه لحبيبي
**
وسمعتُ العابرينْ
يصفون المخزن المنشود: تسري فيه أصداءْ
وتلاوين, وموسيقى وأضواءْ
تصرع السامع صرعًا باختلاجاتِ حنينْ
وشموعٍ ودوالي ياسمينْ
آه لو أني وصلتُ
آه حتى لو تمزقْتُ,
تبعثرتُ,
اكتويتْ
لو تذوقتُ العطورَ السارباتِ(40/36)
حول دكان القرائين الصغيرهْ
آه لو أمسكتُ في كفّي قرآنًا,
كدوريّ حنون القَسَماتِ
واحد من ألف قرآن حواليه ضبابٌ,
وشذى وردٍ,
وموسيقى مثيرهْ
ليس يقوَى قَطُّ إنسانٌ بأن يصغي إليها
يسقط الصاحي صريعًا, غير واعٍ, ضائعًا في شاطئيها
آه لو أني أطبقتُ عليه شفتَيّا
هو قرآنُ حبيبي
آه لو لامستُ رياهُ بأطراف يديّا
هو وِرْدى, وامتلائي, ونضوبي
والنشيد المحرق المخبوء في قعر دمي, في مقلتيّا
**
وانتهى السوقُ وفي حلمي يَئستُ
وعلى دكّة آمالي الطعينات جلستُ
وانتحبتُ
لم يَعُدْ في السوق من ركن قصيِّ
لم أقلّبْهُ... وتاهتْ (مندلي)...
غرقَتْ في عمق بحر من ضبابٍ سندسيِّ
واختفت في ظل غابات سكونٍ أبديِّ
لم يدع يأسيَ حتى سحبة القوس على الأوتار لي
ضاع حتى الظلّ مني, وتبقّتْ لي روًى من طَللِ
أين أبوابكِ يا ترتيلتي,
يا (مندلي)
يا عطور الهَيْل والقرآنِ يا وجه نبيِّ
يا شراعًا أبيضًا تحت مساء عنبيِّ
**
وإذن ماذا سأهدي لحبيبي
في غد حينَ يسافر?
فرغتْ كفّي من القرآنِ غاضتْ في صَحَارايَ المعاصِر
وخوى خدّايَ إلاّ من غلالات شحوبي
وحبيبي سيغادرْ
دون قرآنٍ, هديّه...
غضة تلمس خدّيهِ كما يلمس عصفورٌ مُهَاجرْ
جبهة الأفق برشّات غناءٍ عسليّهْ
وحبيبي سيسافر
خاوى الكف من القرآن, من عطر البيادرْ
وحكايات المنائر
وأنا أبقى شجيه
كظهيرات من الحزن عرايا غيهبيّهْ
ضاع قرآني, وضاعت (مندلي)
واختفى وجهُ حبيبي
خلف غيم مُسْدَلِ
وامتدادات سهوبٍ وسهوبِ
فوداعًا يا قرائيني, وداعًا (مندلي)
وإلى أن نتلاقى يا حبيبي
وإلى أن نتلاقى يا حبيبي
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> غرباء
غرباء
رقم القصيدة : 450
-----------------------------------
أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنا
نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا?
يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ
يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ
سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا:
مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ(40/37)
غُربَاءْ
اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيرِ
كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعوري
دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا
وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى
أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري
إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,
غرباءْ
مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ
كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ
مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ
خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي
خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ
أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ
غرباءْ
أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ
يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف
أو لا تُبْصرُ? عينانا ذبولٌ وبرودٌ
أوَلا تسمعُ? قلبانا انطفاءٌ وخمودُ
صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ
ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ
غرباءْ
نحن من جاء بنا اليومَ? ومن أين بدأنا?
لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين.. فدَعنا
نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا
بعضُ حبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا
آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا
قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا
غُرباءْ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> أنا
أنا
رقم القصيدة : 451
-----------------------------------
الليلُ يسألُ من أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنّعتُ كنهي بالسكونْ
ولفقتُ قلبي بالظنونْ
وبقيتُ ساهمةً هنا
أرنو وتسألني القرونْ
أنا من أكون?
والريحُ تسأل من أنا
أنا روحُها الحيران أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ
فإذا بلغنا المُنْحَنى
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ
فإِذا فضاءْ!
والدهرُ يسألُ من أنا
أنا مثلهُ جبّارةٌ أطوي عُصورْ
وأعودُ أمنحُها النشورْ
أنا أخلقُ الماضي البعيدْ
من فتنةِ الأمل الرغيدْ
وأعودُ أدفنُهُ أنا
لأصوغَ لي أمسًا جديدْ
غَدُهُ جليد
والذاتُ تسألُ من أنا
أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في ظلام
لا شيءَ يمنحُني السلامْ
أبقى أسائلُ والجوابْ(40/38)
سيظَل يحجُبُه سراب
وأظلّ أحسبُهُ دنا
فإذا وصلتُ إليه ذابْ
وخبا وغابْ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> جامعة الظلال
جامعة الظلال
رقم القصيدة : 452
-----------------------------------
أخيرًا لمستُ الحياهْ
وأدركتُ ما هي أيُّ فراغٍ ثَقيلْ
أخيرًا تبيّنتُ سرَّ الفقاقيعِ واخيبتاهْ
وأدركتُ أني أضعتُ زمانًا طويلْ
ألُمُّ الظلالَ وأخبِطُ في عَتْمة المستحيلْ
ألمُّ الظلالَ ولا شيءَ غير الظِلالْ
ومرَّتْ عليَّ الليالْ
وها أنا أُدْركُ أني لمستُ الحياهْ
وإن كنت أصرُخُ واخيبتاهْ!
ومرَّ عليَّ زمانٌ بطيءُ العُبورْ
دقائقُهُ تتمطّى مَلالاً كأنَّ العُصورْ
هنالكَ تغفو وتنسى مواكبُها أن تدورْ
زمانٌ شديدُ السواد, ولونُ النجومْ
يذكّرُني بعيونِ الذئابْ
وضوءٌ صغيرٌ يلوحُ وراءَ الغُيومْ
عرفتُ به في النهايةِ لونَ السَّرابْ
ووهمَ الحياهْ
فواخيبتاهْ
أهذا إذن هو ما لقّبوهُ الحياهْ?
خُطوطٌ نظَلُّ نخطِّطُها فوقَ وجهِ المياهْ?
وأصداءُ أغنيةٍ فظّةٍ لا تَمَسُّ الشِّفاهْ?
وهذا إذنْ هو سرُّ الوجودْ?
ليالٍ ممزّقةٌ لا تعودْ?
وآثارُ أقدامِنا في طريقِ الزمان الأصَمْ
تمرُّ عليها يدُ العاصفهْ
فتمسحُها دونما عاطفهْ
وتُسْلمُها للعَدَمْ
ونحنُ ضحايا هنا
تجوعُ وتعطشُ أرواحُنا الحائرهْ
ونحسَبُ أَن المنى
ستملأ يومًا مشاعرَنا العاصرهْ
ونجهلُ أَنَّا ندورْ
مع الوَهْم في حَلَقاتْ
نجزِّئُ أيامَنا الآفلاتْ
إلى ذكرياتْ
وننتظرُ الغَدَ خلفَ العُصورْ
ونجهلُ أَن القبور ْ
تمدُّ إلينا بأذرعِها الباردهْ
ونجهلُ أَنّ الستائرَ تُخفي يدًا ماردهْ
**
عرفتُ الحياةَ, وضِقتُ بجمع الظلالْ
وأضجرَني أن نجوبَ التلالْ
نحدّقُ في حَسرةٍ خلفَ رَكبِ الليالْ
تسيرُ بنا القافلهْ
نجوسُ الشوارعَ في وَحْدةٍ قاتلهْ
إلامَ يُخادعُنا المبهَمُ?
وكيفَ النهايةُ? لا أحدٌ يعلم
**
سنبقى نسيرْ
وأبقى أنا في ذُهولي الغريرْ
ألُمُّ الظلالَ كما كنتُ دونَ اهتمامْ(40/39)
عيونٌ ولا لونَ, لا شيءَ إلاَّ الظلامْ
شفاهٌ تُريدُ ولا شيءَ يَقرَبُ مما تريدْ
وأيدٍ تُريدُ احتضانَ الفضاءِ المديدْ
وقلبٌ يريدُ النجومْ
فيصفعُهُ في الدياجيرِ صوتُ القَدُومْ
يُهيلُ الترابَ على آخر الميّتينْ
وأقصوصةٌ من يَرَاع السنينْ
تضجُّ بسمعي فأصرخ: آه!
أخيرًا عرفتُ الحياهْ
فواخيبتاهْ!
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> خرافات
خرافات
رقم القصيدة : 453
-----------------------------------
قالوا الحياة
هي لونُ عينَيْ ميّتِ
هي وقعُ خَطو القاتلِ المتلفّتِ
أيامُها المتجعداتْ
كالمعطفِ المسموم ينضَحُ بالمماتْ
أحلامُها بَسَماتُ سعْلاةٍ مخدِّرةِ العيونْ
ووراءَ بسمتِها المَنُونْ
قالوا الأملْ
هو حَسرةُ الظمآنِ حينَ يرى الكؤوسْ
في صورةٍ فوق الجدارْ
هو ذلكَ اللونُ العَبُوسْ
في وجه عُصْفورٍ تَحطّمَ عُشُّهُ فبكى وطارْ
وأقام ينتظرُ الصباحَ لعلَّ مُعجزةً تُعيدْ
أنقاضَ مأواهُ المخرَّبِ من جديدْ
قالوا النعيمْ
وبحثتُ عنه في العيونِ الغائراتْ
في قصّةِ البؤسِ التي كُتبتْ على بعض الوجوهْ
في الدهْرِ تأكلُهُ سنوهْ
في الزهرِ يرصُدُ عِطرَهُ شَبحُ الذبولْ
في نجمةٍ حسناءَ يرصُدُها الأفولْ
قالوا النعيمُ ولم أجدْهُ فهل طَوى غدَهُ وماتْ?
قالوا السكونْ
أسطورةٌ حمقاءُ جاء بها جَمَادْ
يُصغي بأذنيه ويتركُ روحَه تحت الرَّمادْ
لم يسمعِ الصَّرَخاتِ يُرْسلُها السياجْ,
وقصائصُ الورقِ الممزَّق في الخرائبِ, والغبارْ, ومقاعدُ الغُرَفِ القديمة, والزُّجَاجْ,
غطّاهُ نَسْجُ العنكبوت, ومعطفٌ فوق الجدارْ
قالوا الشباب
وسألتُ عنه فحدثوني عن سنينْ
تأتي فينقشعُ الضَّبَابْ
وتحدثوا عن جنّةٍ خلف السَّرَابْ
وتحدثوا عن واحةٍ للمتعَبينْ
وبلغتُها فوجدتُ أحلامَ الغَدِ
مصلوبةً عند الرِّتاج الموصَدِ
قالوا الخلودْ
ووجدتُهُ ظلا تمطَّى في بُرُودْ
فوق المدافنِ حيثُ تنكمشُ الحياهْ
ووجدتُهُ لفظًا على بعض الشفاهْ(40/40)
غنّته وهي تنوحُ ماضيها وتُنزلُهُ اللحودْ
غنّتْهُ وهي تموتُ... يا لَلازدراء!
قالوا الخلودُ, ولم أجدْ إلاَّ الفناءْ
قالوا القلوبْ
ووجدتُ أبوابًا تؤدي في اختناقْ
لمقابرٍ دُفِن الشعورُ بها وماتَ غدُ الخيالْ
جُدرانُها اللزِجاتُ تبتلعُ الجَمَالْ
وتمجُّ قبحًا لا يُطاقْ
وهربتُ شاحبةً أتلك إذنْ قلوبْ?
يا خيبةَ الأحلامِ. إني لن أؤوبْ
قالوا العيونْ
ووجدتُ أجفانًا وليس لها بَصَرْ
وعَرَفْتُ أهدابًا شُدِدْن إلى حَجَرْ
وخبرتُ أقباءً ملفّعةً بأستار الظنونْ
عمياءَ عن غير الشُّرور وإن تكن تُدعى عيونْ
وعرفتُ آلافًا وأعينُهم صفائحُ من زجاجْ
زرقاءُ في لون السماء, وخلف زرقتها دَياجْ
قالوا وقالوا
ألفاظُهم لاكت تَرَدُّدَها الرياحْ
في عالم أصواتُهُ الجوفاءُ يرصُدُها الفناءْ
المتعبونَ بلا ارتياحْ
الضائعونَ بلا انتهاءْ
قالوا وقلتُ وليس يبقى ما يُقالْ
يا لَلخرافةِ! يا لَسُخريةِ الخيالْ!
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> أنشودة السلام
أنشودة السلام
رقم القصيدة : 454
-----------------------------------
أيها السادرونَ في ظلمة الأر ض كفاكم شقاوةً وذهولا
احملوا نادمينَ أشلاء موتا كم ونوحوا على القبور طويلا
ضمّخوها بالعطر لفّوا بقايا ها بزَهْر الكنارِ والياسمينِ
واهتفوا حولها بأنشودة السلـ ــمِ ليهنا في القبر كلُّ حزينِ
اجمعوا الصبية الصغار ليشدوا بلحون الصفاء والابتسامِ
أنقذوا الميّتين من ضجّة الحر بِ ليستشعروا جمال السلامِ
فيم هذا الصراع يا أيها الأحـ ـياءُ? فيم القتالُ? فيم الدماءُ?
فيمَ راح الشُبّانُ في زَهْرة العُمْـ ــرِ ضحايا وفيمَ هذا العِداءُ?
أهْو حبُّ الثراءِ? يا عَجَبَ القلـ ــبِ! وما قيمة الثراء الفاني?
في غدٍ رحلةٌ فهل يدفع الأمـ ـــواتُ بالمالِ وحشةَ الأكفانِ?
كل حيّ غدًا إلى القبر مَغْدَا هُ فهل ثَمَّ في المماتِ ثراءُ?
افتحوا هذه القبورَ وهاتوا حدِّثونا أينَ الغِنَى والرخاءُ?(40/41)
انظروا ها هنا على الشوكِ والرَمْـ ـــلِ ثوى الأغنياءُ والمُعْدمونا
أيُّ فَرْقٍ ترى وهل غيرُ صمتِ الـ ـموتِ فوق القبور والراقدينا?
عجبًا ما الذي إذن ساق هذا الـ ـكون للموتِ والأذى والدَّمَارِ?!
فيم تحدو الشُعوبَ أطماعُ غرٍّ يتصبَّى عينيهِ وهْجُ النار ِ?
نشوةُ النَّصْرِ? يا لسُخْرية الألـ ـفاظِ! يا لَلأَوهامِ يا لَلضَّلالِ!
أيها الواهمونَ حسبكمو وهْـ ـمًا وهبُّوا من الكَرَى والخيالِ
نحن أَسْرَى يقودنا القَدَرُ الأعـ ـمى إلى ليل عالمٍ مجهولِ
ليس منا من يستطيع فكاكًا ليس منا غير الأسيرِ الذليلِ
أبدًا تأمرُ الليالي ونمشي ليس يُجْدي تضرّعٌ أو بكاءُ
ليس يخشى المماتُ صولةَ جبّا رٍ وما يستثيرُهُ الضُّعَفاءُ
هكذا الموتُ غالبٌ أَبَدَ الدهْـ ـر ونحن الصَّرْعَى الضعافُ الحيارَى
وله النصْرُ والفخارُ علينا فاندبوا ما دعوتموهُ انتصارا
أيّها العالمُ المخرَّبُ قد أسـ ـفَرَتِ الحربُ عن غلابِ المنايا
شهدتْ هذهِ القبورُ لها بالنـ ـصْرِ يا رحمتا لتلك الضحايا
ثم ماذا يا ساكني العالم المحـ ــزونِ? ماذا من القتال جنيتُمْ?
وهل وصلتم إلى النجوم البعيدا تِ وهل مِن كفّ العذابِ نجوتم?
هل تغلَّبتُمُ على الفقر والأحـ ـــزانِ والسُّقْمِ أيّها الواهمونا
أنجوتم من المآثمِ أم لم يَزَلِ العيشُ فتنةً ومُجُونا
أسفًا لم تزل كما كانت الأنـ ـفُسُ تحيا في إثمها الأبديِّ
لم تزل خمرةُ الضلال رجاء الـ آدميينَ في الوجود الشقيِّ
لم تزل في الوجود أغنيةُ الحز نِ يغنّي بها الضعاف الجياعُ
لم يزل في الوجود مرضى حَيَارَى أبدًا تعتريهمُ الأوجاعُ
كل شيء باقٍ كما كان قبل الـ ـحربِ غير الأيتام والأمواتِ
غير ظلّ من الكآبة والحَيْـ ــرةِ يمشي على ضفاف الحياةِ
هؤلاء الأيتامُ بالأمس كانوا صورةَ البِشْر والمراحِ الجميلِ
تحت ظلّ الآباء يقضون عيشًا ما دَرَوْا غير صَفْوِهِ المعسول(40/42)
وأفاقوا من حلمهم فإذا الأقـ ــدارُ حربٌ والكونُ قتلٌ ونارُ
يا عيونَ الأطفال لا تسألي الدنـ ـيا علام اللَّظَى? وفيم الدمارُ?
في سبيل المجدِ المزيّفِ هذا الـ ـهولُ لا كان مجدُهم لا كانا
في سبيل النَّصْرِ المموّه عاد الـ ـعالم الحلو في اللهيبِ دخانا
هؤلاء الصَّرْعَى على الصخْر والشو كِ شبابًا وفتيةً وكهولا
كيف كانوا بالأمسِ آيةَ رؤيا رَسَموها فلم تَهِشَّ طويلا?
أيّها الأشقياءُ في الأرض يا من لم تُمتْهم قذائفُ النيرانِ
عبثًا تأملون أن يرجع الآ نَ أعزَّاؤكم إلى الأوطانِ
انظروا ها هم الجنودُ يعودو نَ فُرَادَى مهشّمي الأعضاءِ
آهِ لولا بقيةٌ من حياةٍ لم يُعَدّوا في جملةِ الأحياءِ
عبثًا يبحثون في هذه الأنـ ـقاضِ عن أهلهم وعن مأواهم
عبثًا يسألون ما يعلم العا برُ شيئًا فيا لنارِ أساهم
كيف ذاقوا مرارة الخيبة السَّوْ داءِ بعد الآلامِ والأدواءِ
هل نَجَوْا من براثن الموت والأسـ ــر لكي يسقطوا أَسَارَى الشقاءِ?
أيّها الأشقياءُ يا زُمَر الأحـ ـياءِ في كلّ قريةٍ وصعيدِ
آنَ أن نستعيدَ ماضيَ حُبٍّ هو مفتاحُ حُلْمنا المفقودِ
ما الذي بيننا من البغض? ماذا كان سرُّ القتالِ والأَحقادِ?
أيّها الناقمون نحن جميعًا شَرَعٌ في أيدي الخطوب الشدادِ
نحن نحيا في عالم ليس يُدْرَى سرُّه فهو غيهبٌ مجهولُ
تطلعُ الشمسُ كل يومٍ فما كُنْـ ــهُ سناها? وفيم كان الأفولُ?
ما الذي يُطْلعُ النجومَ على الكو نِ مساءً? ما كنْهُ هذا الوجودِ?
أيُّ شيءٍ هذا الفضاءُ? وما سر دُجَاهُ? هل خلفَهُ من حُدودِ?
نحن هل نحن في الوجود سوى الجهـ ــلِ مصُوغًا في صورة الإنسانِ?
كلُّ ما في الأكوانِ يحكمنا ما ذا إذنْ سرُّ ذلك الطُغيانِ?
فيم نطغى? وكيف ننسَى قوى الكو نِ وما في الوجود أضعف منّا
ينخَرُ الدودُ ما نَشِيدُ ولا تُبْـ ـقي البراكينُ والرياحُ علينا
فيم نقضي حياتنا في العداوا تِ ونُمْضي السنينَ يأسًا وحزنا?(40/43)
كيف ننسَى أَنّا نعيشُ حياة الـ ــوردِ سرعان ما يموتُ ويَفْنى
لن تدومَ الأَيّامُ لن يحفَظَ الدهـ ــــرُ كيانًا لكائنٍ بَشَريِّ
فلنَدَعْ هذه الضغائنَ والأحـ ـقادَ ولنَحْيَ في الودادِ النقيِّ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> مأساة الحياة
مأساة الحياة
رقم القصيدة : 455
-----------------------------------
عبثًا تَحْلُمينَ شاعرتي ما
من صباحٍ لليلِ هذا الوجود
عبثًا تسألين لن يُكْشف السرُّ
ولن تَنْعمي بفكِّ القيودِ
****
****
في ظلال الصَّفْصافِ قَضَّيتِ ساعا
تِكِ حَيْرى تُمضُّك الأسرارُ
تسألين الظلالَ والظلُّ لا يعـ
ـلَمُ شيئًا وتعلمُ الأقدارُ
****
****
أبدًا تنظرين للأُفق المجـ
ـهول حيرى فهل تجلّى الخفيُّ?
أبدًا تسألين والقَدَرُ السا
خرُ صمتٌ مُسْتغلِقٌ أبديُّ
فيمَ لا تيأسينَ? ما أدركَ الأسـ
ـــرارَ قلبٌ من قبلُ كي تدركيها
أسفًا يا فتاةُ لن تفهمي الأيـ
ـــامَ فلتقنعي بأن تجهليها
اُتركي الزورق الكليل تسيِّرْ
هُ أكفُّ الأقدارِ كيف تشاءُ
ما الذي نلتِ من مصارعة المو
جِ? وهل نامَ عن مناكِ الشقاءُ?
آهِ يا من ضاعتْ حياتك في الأحـ
ـــلامِ ماذا جَنَيْتِ غير الملالِ?
لم يَزَلْ سرُّها دفينا فيا ضيـ
ـعةَ عُمْرٍ قضَّيتِهِ في السؤالِ
****
****
هُوَ سرُّ الحياة دقَّ على الأفـ
ـهامِ حتى ضاقت به الحكماءُ
فايأسي يا فتاةُ ما فُهمتْ من
قبلُ أسرارُها ففيم الرجاءُ?
****
****
جاء من قبلِ أن تجيئي إلى الدُّنْـ
ـيا ملايينُ ثم زالوا وبادوا
ليتَ شعري ماذا جَنَوْا من لياليـ
ـهمْ? وأينَ الأفراحُ والأعيادُ?
ليس منهم إلاَّ قبورٌ حزينا
تٌ أقيمت على ضفاف الحياةِ
رحلوا عن حِمَى الوجودِ ولاذوا
في سكونٍ بعالم الأمواتِ
****
****
كم أطافَ الليلُ الكئيب على الجو
وكم أذعنت له الأكوانُ
شهد الليلُ أنّه مثلما كا
نَ فأينَ الذينَ بالأمس كانوا?
****
****
كيف يا دهرُ تنطفي بين كفَّيـ
ـــكَ الأماني وتخمد الأحلامُ?(40/44)
كيف تَذْوي القلوبُ وهي ضياءٌ
ويعيشُ الظلامُ وهْو ظلامُ
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> إلى ميسون
إلى ميسون
رقم القصيدة : 457
-----------------------------------
إن خَبَتْ أعينُ النجومْ
وسجَتْ بَسْمةُ القمرْ
واختفتْ خُضْرةُ الكروم
وذوى الوردُ وانتثرْ
كنتِ لي أنتِ كوكبًا مُخْمَليّ الـ
ـلمسِ ينثالُ نبْعَ عطْرٍ وضوءِ
كان لي من بريقِ عينيكِ لونُ الـ
ـقَمَرِ اللَّدْنِ في ليالي الدِّفْءِ
كان وحْيي حكايةً منكِ فيها
من شَذى الورد ألفُ شيءٍ وشيء
كنتِ لي أنتِ يا بنفسجتي فجـ
ــرَ جَمَالٍ مُطَلْسَمٍ غيرِ مَرْئي
وإذا أطفأ الزَّمَانْ
كلّ حبٍّ حملتُهُ
وَطَوتْ ظُلمة المكانْ
كلّ ضوءٍ شربتُهُ
كان لي من صفاءِ وجهكِ بَدْءٌ
لأغاني حُبٍّ وحبٍّ وحُبّ
ومن الكوكبينِ عَيْنَيْكِ تنشقُّ
لعمري آثارُ ألْفَيْ دَرْبِ
من بريقِ الجبينِ من مَلْمَس الخدّ
الحريريّ من سَوَادِ الهُدْبِ
معبَرٌ للجَمالِ من شاطئِ المجـ
ـهولِ يُرْسي ائتلاقُهُ عند قَلْبي
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> ثورة على الشمس
ثورة على الشمس
رقم القصيدة : 458
-----------------------------------
وقَفَتْ أمام الشمس صارخةً بها
يا شمسُ، مثلُكِ قلبيَ المتمرِّدُ
قلبي الذي جَرَفَ الحياةَ شبابُهُ
وَسقَى النجومَ ضياؤه المتجدِّدُ
مهلاً ، ولا يخدعْكِ حزنٌ جائرٌ
في مقلتيَّ ، ودمعةٌ تتنّهدُ
فالحزنُ صورةُ ثورتي وتمرُّدي
تحت الليالي ؛ والألوهةُ تَشْهدُ
****
****
مَهْلاً ولا يخدَعْكِ حزنُ ملامحي
وشُحوبُ لوني وارتعاشُ عواطفي
واذا لمحتِ على جبيني حَيْرتي
وسُطورَ حزني الشاعريِّ الجارفِ
فهو الشعورُ يُثيرُ في نفسي الأَسى
والدمع في هول الحياةِ العاصفِ وهي النبوَّةُ لم تطِرْ فتمرّدَتْ
****
****
شَفَتايَ مُطبْقَتان فوق أساهما
عينايَ ظامئتانِ للأنداءِ
تَرَكَ المساءُ على جبيني ظلَّهُ
وقضى الصباحُ على جديدِ رجائي
فأتيتُ أسكُبُ في الطبيعة حَيْرَتي(40/45)
بين الشَّذَى والوردِ والأفياء فسَخِرْتِ من حُزني العميقِ وأدمُعي
****
****
يا شمسُ حتى أنتِ ؟ يا لَكَآبتي !
أنتِ التي ترنو لها أحلامي
أنتِ التي غّنى شَبَابي باِسمها
وشَدَا بفَيضِ ضيائها البسَّامِ
أنتِ التي قدّستُها وتَخِذْتُها
صَنَماً ألوذُ به من الآلامِ
يا خيبةَ الأحلامِ ، ما أبقَيْتِ لي
الا ظلالَ كآبتي وظلامي
****
****
سأحطِّمُ الصَنَمَ الذي شيّدْتُهُ
لك من هَوَايَ لكلِّ ضوءٍ ساطعِ
وأُديرُ عيني عن سَنَاكِ مُشيحةً
ما أنتِ الاّ طيفُ ضوءٍ خادعِ
وأصوغُ من أحلامِ قلبي جَنّةً
تُغْني حياتي عن سَنَاكِ الّلامعِ
نحنُ ، الخياليّينَ ، في أرواحنا
سرُّ الأَلوهةِ والخُلودِ الضائعِ
****
****
لا تَنْشُري الأضواءَ فوق خميلتي
ان تُشرقي ، فلغيرِ قلبي الشاعرِ
ما عاد ضوؤكِ يستثيرُ خوالجي
حَسْبي نجومُ الليلِ تُلْهِمُ خاطري
هنّ الصديقاتُ السواهرُ في الدُجَى
يفهمن روحي وانفجارَ مشاعري
ويُرِقْن في جَفْني خُيوطَ أشعَّةٍ
فَضيَّةٍ ، تحتَ المساءِ الساحر
****
****
ألليلُ ألحانُ الحياة وشِعْرُها
ومَطَافُ آلهةِ الجَمالِ اُلملْهِمِ
تهفو عليه النفسُ غير حبيسةٍ
وتحلّق الأرواحُ فوقَ الأْنجُمِ
كم سِرْتُ تحتَ ظَلامه ونجومِهِ
فنسِيتُ أحزانَ الوجودِ المُظْلمِ
وعلى فمي نَغَمٌ إِلهيُّ الصَدَى
تُلْقيهِ قافلةُ النجومِ على فمي
كم رُحْتُ أرقبُ كلَّ نجمٍ عابرٍ
وأصوغُ في غَسَق الظلامِ ملاحني
أو أرقبُ القَمَرَ المودِّعَ في الدُجى
وأهيمُ في وادي الخيال الفاتنِ
ألصمتُ يبعَثُ في فؤادي رعشةً
تحت المساء المُدْلهمّ الساكنِ
والضوءُ يرقُصُ في جفوني راسماً
في عُمْقها أحلامَ قلبٍ آمنِ
****
****
يا شمسُ ، اما أنتِ .. ماذا ؟ ما الذي
تلقاهُ فيكِ عواطفي وخواطري ؟
لا تَعْجَبي ان كنتُ عاشقةَ الدُجى
يا ربَّةَ اللّهَبِ المذيبِ الصاهر
يا من تُمَزِّقُ كلَّ حُلْمٍ مُشْرقٍ
للحالمينَ وكلَّ طيفٍ ساحرِ
يا من تُهدِّمُ ما يشيّدُهُ الدُجى(40/46)
والصمْتُ في أعماق قلب الشاعرِ
أضواؤكِ المتراقصاتُ جميعُها
يا شمسُ أضعفُ من لهيب تمرُّدي
وجنونُ نارِكِ لن يمزّقَ نغمتي
ما دام قيثاري المغرِّدُ في يدي
فإِذا غَمرْتِ الأرضَ فَلْتَتَذكَّري
أَني سأخلي من ضيائكِ مَعْبدي
وسأدِفنُ الماضيْ الذي جَلَّلتِهِ
ليخيِّمَ الليلُ الجميلُ على غَدِي
شعراء العراق والشام >> نازك الملائكة >> عاشقة الليل
عاشقة الليل
رقم القصيدة : 459
-----------------------------------
يا ظلامَ الليلِ يا طاويَ أحزانِ القلوبِ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
حاملاً في كفِّه العودَ يُغنّي للغُيوبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليلِ في الوادي الكئيبِ
****
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شُهد الوادي سُرَاها
أقبلَ الليلُ عليها فأفاقتْ مُقْلتاها
ومَضتْ تستقبلُ الواديْ بألحانِ أساها
ليتَ آفاقَكَ تدري ما تُغنّي شَفَتاها
آهِ يا ليلُ ويا ليتَكَ تدري ما مُنَاها
****
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجي والسكونُ
وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ
فنَضتْ بُرْدَ نهارٍ لفّ مَسْراهُ الحنينُ
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكونُ حزينُ
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليلِ أنينُ
****
إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديهِ الأَغنِّ
هوذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيا مُتَمنٍّ
تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُزْنِ
فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّي
وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ
****
ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسماءِ ؟
أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعراء ؟
أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقاءِ ؟
أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضياءِ ؟
عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المساء
****
طيفُكِ الساري شحوبٌ وجلالٌ وغموضُ
لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّه الليلُ العريضُ
فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أسرارٌ تَفيضُ(40/47)
آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيضُ
فارجِعي لا تَسْألي البَرْق فما يدري الوميضُ
عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سرُّ الذُهُولِ ؟
ما الذي ساقكِ طيفاً حالماً تحتَ النخيلِ ؟
مُسْنَدَ الرأسِ الى الكفَينِ في الظلِّ الظليلِ
مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ
ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميلِ
****
أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ
فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائناتُ
قد جَهِلْناهُ وضنَتْ بخفاياهُ الحياةُ
ليس يَدْري العاصفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ
فارحمي قلبَكِ ، لن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ
شعراء العراق والشام >> سعدي يوسف >> أغتيال
أغتيال
رقم القصيدة : 460
-----------------------------------
المصعد في برج الكارلتون بطيءٌ ،
أبطأُ من فيل يتمرّغ قرب الماء
المصعد يهبطُ ...
ينفتح الباب
وينغلق الباب
كأن العالم ما زال هو العالم ...
لكنّ البارود
سيظل طويلاً في رائحة المصعدِ
والرجل المقتول
سيظل طويلاً في غرفته العليا ...
شعراء العراق والشام >> سعدي يوسف >> إلى أمام
إلى أمام
رقم القصيدة : 461
-----------------------------------
الرايات
خافقةٌ، تحت سماءٍ لم تتكوَّنْ بَعد ...
أمّا نحن المنذورون لنحملها
تحت الريح
وتحت المطرِ
فعلينا أن نتكوَّن أيضا ...
شعراء العراق والشام >> سعدي يوسف >> بيت
بيت
رقم القصيدة : 462
-----------------------------------
هذا البيتُ لنا :
غرفاتٌ اربعُ
بابان
وشرفةْ
وقناديلُ، وفخّارٌ، ووسائدُ ...
انت تقولين: "البيتُ لنا" .
لكنْ ...
هل قال الطائر
- وهو يهذِّب عيدانَ العشِّ -
"البيت لنا؟"
شعراء العراق والشام >> سعدي يوسف >> تشاؤم
تشاؤم
رقم القصيدة : 463
-----------------------------------
حين جئنا هذه الأرضَ
وقلنا : "سوف نبني عالماً أجملَ".
كان الكونُ أجملْ ...
أوَلم يسمحْ لنا بالأسئلةْ
وبمنأى الحلمِ ؟
أمّا الآن(40/48)
والطيرُ الذي ينُْبئنا طارَ
فقد حلَّ زمانُ القتلةْ .
شعراء العراق والشام >> سعدي يوسف >> صمت
صمت
رقم القصيدة : 464
-----------------------------------
في الصمت يأتي المطرُ الآخرْ
في الصمت تأتي دورةُ الأعشابْ
في الصمت يأتي العسلُ الأوّلْ
في الصمت أصغي لنبيذٍ لاذعٍ
ينزّ في الهدأةِ من جلدي ... وئيداً
مُفعِماً أوردةَ المرأةْ .
شعراء العراق والشام >> سعدي يوسف >> مريم تأتي
مريم تأتي
رقم القصيدة : 465
-----------------------------------
-1-
وللحظةٍ غمرتْكَ بالقبلاتِ
ثم نأت متوجةً بخوصٍ أبيضٍ .
في أي نهرٍ سوف تنغمس الأناملُ ؟
أي ماءٍ سوف يبتلّ القميصُ بهِ ؟
وأيةُ نخلةٍ ستكون مُتّكأً ؟
وهل يَسَّاقطُ الرُطَبُ الجَنِيّ ؟
أكان جذعُ النخلةِ المهتزُّ أقصى ما تحاول مريمُ ؟
الأشجارُ موسيقى ،
وهذي الشقة البيضاءُ في بيروت ما زالت أمام البحرِ
تخفق في البعيد مدينة مائية أخرى
وألمحُ وجه جَدّي : زرقةَ العينين، والكوفية الحمراءَ
ألمحُ في الحواجز وجهَ مريمَ ،
في المحاور خطوةَ الملكِ المتوّجِ بالقذيفةِ
يدخل الرومانُ منتظمين كردوساً ،
وقوميون يقتتلون في الدكانِ .
مريمُ في مدينتها ،
وأنت تراقب الطرقَ البعيدة : هل تجيءُ اليومَ ؟
كانت عند مزبلة الرصيفِ
وأوقدتْ نيرانَها ،
ومضتْ متوجةً بأدخنةٍ ،
تباركت المدينةْ .
لهفي عليكَ وأنتَ مشتعلُ
في الليلِ خلف الساترِ الرملِ
هل كان ينبض دونك الأملُ
أم كان يخفق منتأى الخيلِ ؟
كلما جئتُ بيتاً تذكرتُ بيتا
كلما كنتُ حيّاً تناسيتُ ميْتا
غير أن الذي جئتُهُ
غير ان الذي كنتُهُ
لم يعدْ لي
لم يعدْ غيرَ ظِلّ
وليكنْ !
إن ظلاً يصيرْ
خيرُ ما يُرتجى في ظلام المسيرْ
- 2 -
لو كنتُ أعرفُ أين مريمُ
لا تَّبعتُ النجمَ نحو بلادها،
لكنّ مريمَ خلّفتني في المتاهة منذُ أن رحلتْ
وقالت : سوف تلقاني إذا أحببتَني .
في الرمل أبحثُ عن أناملها
وفي أطلال "عينِ الحلوةِ" السوداءِ عن عينينِ ،(40/49)
في باب "الوكالة" أسألُ الشبّانَ : هل مرّتْ ؟
وبين صحيفةٍ وصحيفةٍ أتسقّطُ الأنباءَ
في المذياع، أمس، سمعتُ صوتاً : صوتَ مريمَ ؟
أم تراها تسكن الطلقاتِ
بين الليلكيّ وبين حيّ السلّمِ المنخوبِ ؟
بيروتُ التي استندتْ الى أحجارها
فزّتْ كطير البحرِ ،
والعشاقُ يمتشقون رشاشاتهم
والبحرُ يهدأُ
ينصتُ الأطفالُ للصوتِ المباغتِ ...
في البعيد حرائق " ،
والطائراتُ تدورُ في أفقٍ رصاصيٍّ
لكِ العشاقُ والطلقاتُ ... مريمُ
تدخلين ، إذن ؟
تعالي ...
هذا الفضاءُ نظلُّ نطرقهُ
حتى نرى في الوحشةِ العَلَما
حتى يدور الطيرُ نُطلِقُهُ
نحو النجومِ ليطلق القَسَما
في البراري فلسطينُ ، في قبّراتِ المخابيءْ
في الرصاص الكثيفِ
وفي صيحةِ الراجمةْ
في الأغاني فلسطين، في الخصلة الفاحمة
في قميص الشهيدْ
في حديدٍ يردّ الحديدْ
في يدٍ
في زنادْ
في اقتراب البلادْ
-3-
ها نحن، مريمُ ، نرسمُ الطرقاتِ في الليلِ الملبّدِ
نرصدُ الطلقاتِ تتبعنا
ونقفز مثل عصفورين مذعورين بين قذيفةٍ وقذيفةٍ
ها نحن، مريمُ ، نهبط الدرجاتِ نحو الملجأ الليلي ،
نحصي الطائراتِ مغيرةً
ونقولُ : آمَنّا ...
ونمشي ، خلسةً ، للبحرِ
نجلس خلف أكياس الترابِ
ونرقب الأمواجَ تهدرُ ، والشبابَ مقاتلينَ ...
ثيابُهم مخضّرة" كالصخر عند شواطيء المتوسطِ
انتظري قليلاً ، كي نقول لهم : سلاماً
كي نباركَ بالدموع سلاحَهم
كي نمسحَ الخصلاتِ بالماءِ القليلِ
ونمضغَ الخبزَ المجفف صامتينَ ...
ومريم ، المرآةُ والرؤيا ،
بشارةُ أن نموتَ ممجّدينَ
وأن نعيشَ كما يعيش الرفقةُ البسطاءُ
مريمُ تسكنُ الميلادَ
تسكن في الدم العربيّ
نتبعها ، وتتبعنا
ولكنا، هنا ، في قسوةِ اللحظاتِ
ننسج من عباءتها هويتَنا
وندخلُ في القيامةْ
في الموقع الحجريّ رايتُنا
مغروزة في وقفةِ الزمنِ
سنظل نغرزها ونغرزها
حتى نفجّرَ نبعةَ الوطنِ
وليكنْ ما يكونْ
وليكنْ أن يجيء الجنونْ
وليكنْ ...
إننا القادمونْ(40/50)
شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> ازف اليك الخبر
ازف اليك الخبر
رقم القصيدة : 467
-----------------------------------
نزار ازف اليك الخبر
لقد اعلنوها وفاة العرب
وقد نشروا النعي فوق السطور
وبين السطور وتحت السطور
وعبر الصور
وقد صدر النعي
بعد اجتماع يضم القبائل
جاءته حمير تحدو مضر
وشارون يرقص بين التهاني
تتابع من مدر او وبر
وسام الصغير على ثورة
عظيم الحبور شديد الطرب
نزار ازف اليك الخبر
هنالك مليون دولار
جاد بها زعماء الفصاحة
للنعي في مدن القاتلين
اتبتسم الان ؟
هذي الحضارة
ندفع من قوتنا
لجرائد سادتنا الذابحين
ذكاء يحير كل البشر
نزار ازف اليك الخبر
واياك ان تتشرب روحك
بعض الكدر
فنحن نموت نموت نموت
ولكننا لا نموت ... نظل
غرائب من معجزات القدر
اذاعاتنا لا تزال تغني
ونحن نهيم بصوت الوتر
وتلفازنا مرتع الراقصات
فكفل تثنى ونهد نفر
وفي كل عاصمة مؤتمر
يباهي بعولمة الذل
يفخر بين الشعوب
بداء الجرب
وليلاتنا مشرقات ملاح
تزينها الفاتنات الملاح
الى الفجر
حين يجيء الخدر
وفي دزني لاند جموع الاعاريب
تهزج مأخوذة باللعب
ولندن مربط افراسنا
مزاد الجواري وسوق الذهب
وفي الشانزليزيه سددنا المرور
منعنا العبور
وصحنا : تعيش الوجوه الصباح
نزار ازف اليك الخبر
يموت الصغار وما من احد
تهد الديار وما من احد
يداس الذمار وما من احد
فمعتصم اليوم باع السيوف
لبيريز
عاد واعلن ان السلام الشجاع
انتصر
وجيش ابن ايوب مرتهن
في بنوك رعاة البقر
وبيريس يقضي اجازته
في زنود نساء التتر
ووعاظنا يرقبون الخلاص
مع القادم المرتجى المنتظر
نزار ازف اليك الخبر
سئمت الحياة بعصر الرفات
فهيىْ بقربك لي حفرة
فعيش الكرامة تحت الحفر
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> أُحِبّ .. ولكن
أُحِبّ .. ولكن
رقم القصيدة : 468
-----------------------------------
أُحِبّ لو استطعت بلحظةٍ
أن أقلب الدنيا لكم : رأساً على عَقِبِ
وأقطع دابر الطغيانِ(40/51)
أحرق كل مغتصبِ
وأوقد تحت عالمنا القديمِ
جهنماً ، مشبوبة اللّهبِ
وأجعل أفقر الفقراء يأكل في
صحون الماس والذهبِ
ويمشي في سراويل
الحرير الحرّ والقصبِ
وأهدم كوخه .. أبني له
قصراً على السُحُبِ
أحبّ لو استطعت بلحظةٍ
أن أقلب الدنيا لكم رأساً على عقبِ
ولكن للأمور طبيعة
أقوى من الرغبات والغضب
نفاذ الصبرِ يأكلكم فهل
أدى إلى إرَبِ ؟؟
صموداً أيها الناس الذين أحبهم
صبراً على النُوَبِ !!
ضعوا بين العيون الشمس
والفولاذ في العَصبِ
سواعدكم تحقق أجمل الأحلام
تصنع أعجب العَجَبِ
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> أناديكم .. أشد على أياديكم
أناديكم .. أشد على أياديكم
رقم القصيدة : 469
-----------------------------------
أناديكم
أشد على أياديكم..
أبوس الأرض تحت نعالكم
وأقول: أفديكم
وأهديكم ضيا عيني
ودفء القلب أعطيكم
فمأساتي التي أحيا
نصيبي من مآسيكم.
أناديكم
أشد على أياديكم..
أنا ما هنت في وطني ولا صغرت أكتافي
وقفت بوجه ظلامي
يتيما، عاريا، حافي
حملت دمي على كفي
وما نكست أعلامي
وصنت العشب فوق قبور أسلافي
أناديكم... أشد على أياديكم!!
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> السكّر المرّ
السكّر المرّ
رقم القصيدة : 470
-----------------------------------
أجيبيني !!
أنادي جرحك المملوء ملحاً يا فلسطيني !
أناديه وأصرخُ :
ذوِّبيني فيه .. صبّيني
أنا ابنك ! خلّفتني ها هنا المأساةُ ،
عنقاً تحت سكين .
أعيش على حفيف الشوقِ ..
في غابات زيتوني .
وأكتب للصعاليك القصائد سكّراً مُرّاً ،
وأكتب للمساكين .
وأغمس ريشتي ، في قلب قلبي ،
في شراييني .
وآكل حائط الفولاذ ..
أشرب ريح تشرين .
وأدمي وجه مغتصبي
بشعرٍ كالسكاكين .
وإن كسر الردى ظهري ،
وضعت مكانه صوّانة ،
من صخر حطين .. !!
فلسطينيةٌ شبّابتي ،
عبأتها ،
أنفاسي الخضرا .
وموّالي ،
عمود الخيمة السوداءِ ،
في الصحرا .
وضجة دبكتي ،
شوق التراب لأهله ،
في الضفة الأخرى .(40/52)
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> بأسناني
بأسناني
رقم القصيدة : 471
-----------------------------------
بأسناني ،
سأحمي كلّ شبرٍ من ثرى وطني
بأسناني .
ولن أرضى بديلاً عنه
لوعُلّقت
من شريان شرياني .
أنا باقٍ
أسير محبتي .. لسياج داري ،
للندى .. للزنبق الحاني .
أنا باقٍ
ولن تقوى عليّ
جميع صُلباني
أنا باقٍ
لآخذكم .. وآخذكم .. وآخذكم
بأحضاني
بأسناني
سأحمي كلّ شبرٍ من ثرى وطني
بأسناني
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> جسر العوده ..
جسر العوده ..
رقم القصيدة : 472
-----------------------------------
أحبائي !!
برمش العين
أفرش درب عودتكم ،
برمش العين .
وأحضن جرحكم ،
وألُمّ شوك الدّرب ،
بالجفنين .
وبالكفين ، سأبني جسر عودتكم ،
على الشطّين
أطحن صخرة الصّوان ،
بالكفين .
ومن لحمي ..
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> المصلوب
المصلوب
رقم القصيدة : 473
-----------------------------------
أحبائي !
أنا بالورد والحلوى
وكل الحبّ أنتظرُ
أنا ، والأرض ، والقمر
وعين الماء ، والزيتون ، والزهر
وبيّاراتنا العطشى ،
وسكّتنا ،
وكرمُ دوالْ
وألف قصيدة خضراءُ
منها يوزرق الحجر
أنا بالورد والحلوى
وكل الحبّ أنتظرُ
وأرقب هبة الريح التي
تأتي من الشرقِ
لعلّ على جناح جناحها
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> هنا باقون
هنا باقون
رقم القصيدة : 474
-----------------------------------
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
هنا .. غلى صدوركم , باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج , كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
هنا .. على صدوركم , باقون كالجدار
ننظف الصحون في الحانات
ونملأالكؤوس للسادات
ونمسح البلاط في المطابخ السوداء
حتى نسل لقمة الصغار
من بين أنيابكم الزرقاء
هنا غلى صدوركم باقون , كالجدار
نجوع .. نعرى .. نتحدى
ننشد الأشعار
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات
ونملأ السجون كبرياء(40/53)
ونصنع الأطفال .. جيلا ثائرا .. وراء جيل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
إنا هنا باقون
فلتشربوا البحرا
نحرس ظل التين والزيتون
ونزرع الأفكار , كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا .. ولا نرحل
وبالدم الزكي لا نبخل .. لا نبخل .. لا نبخل
هنا .. لنا ماض .. وحاضر .. ومستقبل
كأننا عشرون مستحيل
في اللد , والرملة , والجليل
يا جذرنا الحي تشبث
واضربي في القاع يا أصول
أفضل أن يراجع المضطهد الحساب
من قبل أن ينفتل الدولاب
لكل فعل :- ... إقرأوا
ما جاء في الكتاب
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> المُغَنّي
المُغَنّي
رقم القصيدة : 475
-----------------------------------
وأعطي نصف عمري ، للذي
يجعل طفلاً باكياً
يضحك
وأعطي نصفه الثاني ، لأحمي
زهرة خضراءَ
أن تهلك
وأمشي ألف عام خلف أغنية
وأقطع ألف وادٍ
شائك المسلك
وأركب كل بحرٍ هائج ،
حتى ألم العطرَ
عند شواطئ الليلك
أنا بشريّة في حجم إنسانٍ
فهل أرتاحُ
والدم الذكي يسفك !!
أغني للحياة
فللحياة وهبت كل قصائدي
وقصائدي ،
هي كلّ ..
ما أملك !
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> تعالوا
تعالوا
رقم القصيدة : 476
-----------------------------------
تعالوا أيها الشعراء
نزرع فوق كل فم
بنفسجةً .. وقيثاره
تعالوا أيها العمال
نجعل هذه الدنيا العجوز
تعود نوّاره
تعالوا أيها الأطفال
نحلم بالغد الآتي
وكيف نصيدُ أقماره
تعالوا كلكم .. فالظلم ينهي
بعد دهرٍ طال
مشواره
وأنتم قد ورثتم
كل هذا الكون
روعتُهُ ،
وثروتُهُ ،
وأٍسرارَه !!
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> نيران المجوس
نيران المجوس
رقم القصيدة : 477
-----------------------------------
على مهلي!!
على مهلي!!
أشد الضوء.. خيطا ريقا،
من ظلمة الليل
وأرعى مشتل الأحلام،
عند منابع السيل
وأمسح دمع أحبابي
بمنديل من الفل(40/54)
وأغرس أنضر الواحات
وسط حرائق الرمل
وأبني للصعاليك الحياة..
من الشذا
والخير،
والعدل
وإن يوما عثرت، على الطريق،
يقيلني أصلي
على مهلي
لأني لست كالكبريت
أضيء لمرة.. وأموت
ولكني ..
كنيران المجوس: أضيء..
من
مهدي
إلى
لحدي!
ومن...
سلفي
إلى ..
نسلي!
طويل كالمدى نفسي
وأتقن حرفة النمل.
على مهلي!
لأن وظيفة التاريخ...
أن يمشي كما نملي!!
طغاة الأرض حضرنا نهايتهم
سنجزيهم بما أبقوا
نطيل حبالهم، لا كي نطيل حياتهم
لكن..
لتكفيهم
لينشنقوا..!!
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> أشد من المحال
أشد من المحال
رقم القصيدة : 478
-----------------------------------
يا أخوتي ! هذا التراب ترابنا
رغم الليالي
أرويته بدمي ودمعي
طول أيامي الخوالي
ورضعت من ثدي الجبال الشمّ،
والقمم العوالي
عزمي وأقدامي،
وصبري للشدائد، واحتمالي
زيتهُ . . من ماء قلبي
زيتهُ . . ذزب اللآلي
ومن الأماني المسكراتِ
عبير زهر البرتقال
يا أخوتي ! الأرض تهتفْ
بالنساء وبالرجال
هيا نلبي . . إننا
شعب أشد من المحال !!
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> مرج بن عامر
مرج بن عامر
رقم القصيدة : 479
-----------------------------------
1ـ العُصارة
وعرفتَني لما أتيتكَ
بعد غيبتيَ الطويلة ،
مستفيض الشوق زائر
أبكي بلا دمع
وأسحب خطوتي
في خطو مفجوع وقابر
ونظرت نحوي ..
هذه النظراتُ
في قلبي .. خناجر
علقت أنفاسي عليها
ـ غير مختارٍ ـ
وعلقت الخواطر
وهممت أن تنهض
فشدّك ألف قيدٍ
محكم الحلقات قاهر
وفقدتَ صوتكَ
إذ هممت تصيح بي
وفقدتُ صوتي
وأنا الذي عوّدتُ صوتي
أن يطوف ..
على المنابر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
إني شربت ..
عصارة المأساة ،
يا مرج بن عامر !!
2ـ محرّمات
أرضي ..! ترابي ..!
كنزيَ المنهوبُ ..! تاريخي ..
عظام أبي وجدّي
حرمت عليَّ ، فكيف أغفر ؟؟
لو أقاموا لي المشانقَ ..
لست غافر
هذي قرانا السُّمرُ
أضحت كلُّها دِمَناً
وآثاراً عواثر
آحادُها بقيت ،(40/55)
وما زالت
تحارب بالأظافر
شدَّت على أعناقها أنيابهم
تمتصُّ من دمها
كواثر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
حتى المقابر بُعثرت ..
حتى المقابر ..
3ـ قطعن النصراويات
(من أغنية شعبية قديمة)
النصراويّات الجآذرُ
كم قطعن مداكَ
في خطو الأكابر !
زمرٌ على الطرقاتِ
فيهنّ الحبالى والبنات البكرُ
كالزهر المسافر
والمرضعاتُ ..
صغارهن على الظهور ،
على الخواصر
يَنقُلْنَ أكوام الغلالِ ،
من الحقول ..
إلى البيادر
يسهرنَ حول النّار ،
ينشدن الأغاني
دون آخِر
عن حرب تركيّا ،
وأسراب الفرارييّنِ ،
عن ظلم العساكر
وعن الخواتم ، والأساورِ ،
كيف بيعت
لاقتناء سلاح ثائر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
إن كان لصُّ الأرضِ وحشاً كاسراً ،
فالعزم
فينا
ألفُ
كاسِر
4ـ الظاهرة والعمق
لا تحكِ لي ! لا تحكِ لي
أنا قادمٌ
من حيث تُغتال الضمائر
وتذوب في الأغلالِ
أيدٍ حُرّةٌ
ويوسوس الفولاذُ
في أقدام صابر
أنا قادمٌ
من حيث كل فمٍ
عليه حارسٌ
والمخبِرون على الستائر
حيث استوى في الحُكمِ
شرطيٌّ
وقديسٌ
وتاجر
حيث الجريمة فرَّخت
في كلّ مأمورٍ
وآمر
حيث العيون السُّودُ
تثقبُ بالرصاصِ
وبالخناجر
حيث الرجال بلا طعامٍ
والنساءُ بلا رجالٍ
والجمالُ بدون شاعر
حيث الحدود خنادق
والبحر زيت كله
والأفق بالفولاذ عامر
وحديقة الأطفال
صارت مصنعاً للكُرهِ
وانغمّت البصائر
حيث الصّدى والظلّ
ينكر أصلهُ
ويسوط خالقه مغامر
أنا قادم
من حيث
تلتهب الضمائر
حيث المآسي تصنع الأبطال
والشكوى
علامة كل خائر
حيث الشوارع زاحفات بالرجالِ
مواكباً
من دون آخر
حيث البحيرات التي
أمواجها أعلام شعبٍ
لن يهاجر
وحناجر الأطفال
والعمال
والشعراء
تملأ
أفقَ عالمنا
بشائر
*
*
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
أأنا الذي نيّبت
تخدعني المظاهر .. ؟!
الضؤ والمأساة
قالا لي: لعنتَ ، إنفذ
إلى عمق الظواهر
لا شئ يبقى نفسه
والدّهر
دولاب ودائر
ولكل ليل آخرٌ ،
مهما بدا ..
من دون آخر ..
5 ـ شوق العواصِف(40/56)
يا جذر جذري !! انني سأعود حتماّ
فانتظرني . انتظرني في شقوق الصخر ،
والأشواك ، في نوارة الزيتون ، في
لون الفراش ، وفي الصدى والظل ،
في طين الشتاء وفي غبار الصيف ،
في خطو الغزال، وفي قوادم كل طائر..
شوق العواصف في خطاي ،
وفي شراييني ..
نداء الأرض .. قاهر
أنا راجع فاحفظنَ لي
صوتي .. ورائحتي .. وشكلي
يا أزاهر
إحفظن لي
صوتي .. ورائحتي .. وشكلي ،
يا أ .. ز .. ا .. ه .. ر !!
شعراء العراق والشام >> توفيق زياد >> فلتسمع كل الدنيا
فلتسمع كل الدنيا
رقم القصيدة : 480
-----------------------------------
فلتسمع كل الدنيا ... فلتسمع
سنجوع .. ونعرى
قطعا .. نتقطع
ونسفّ ترابك
يا ارضا تتوجع
ونموت .. ولكن
لن يسقط من أيدينا
علم الأحرار المشرع
لكن .. لن نركع
للقوة .. للفانتوم ... للمدفع
لن نخضع
لن يخضع منا
حتى طفل يرضع
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> إذا دارت بنا الدنيا
إذا دارت بنا الدنيا
رقم القصيدة : 481
-----------------------------------
إذا دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا
وأحرقنا قصائدَنا وأسكتنا أغانينا...
ولم نعرف لنا بيتا من الأحزان يؤوينا
وصار العمر أشلاء ودمّر كلّ مافينا ...
وصار عبيرنا كأسا محطّمةً بأيدينا
سيبقى الحب واحَتنا إذا ضاقت ليالينا
إذا دارت بنا الدنيا ولاحَ الصيف خفّاقا
وعادَ الشعرُ عصفورا إلى دنيايَ مشتاقا...
وقالَ بأننا ذبنا ..مع الأيام أشواقا
وأن هواكِ في قلبي يُضئ العمرَ إشراقا ...
سيبقى حُبُنا أبدا برغم البعدِ عملاقا
وإن دارت بنا الدنيا وأعيتنا مآسيها...
وصرنا كالمنى قَصصا مَعَ العُشّاقِ ترويها
وعشنا نشتهي أملا فنُسمِعُها ..ونُرضيها...
فلم تسمع ..ولم ترحم ..وزادت في تجافيها
ولم نعرف لنا وطنا وضاع زمانُنا فيها...
وأجدَب غصنُ أيكتِنا وعاد اليأسُ يسقيها
عشقنا عطرها نغما فكيف يموت شاديها ؟
وإن دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا ..(40/57)
وجاء الموت في صمتٍ وكالأنقاض يُلقينا ...
وفي غضبٍ سيسألنا على أخطاء ماضينا
فقولي : ذنبنا أنا جعلنا حُبنا دينا
سأبحث عنك في زهرٍ ترعرع في مآقينا
وأسأل عنك في غصن سيكبر بين أيدينا
وثغرك سوف يذكُرني ..إذا تاهت أغانينا
وعطرُك سوف يبعثنا ويُحيي عمرنا فينا
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أميرة في قصرك الثلجي
أميرة في قصرك الثلجي
رقم القصيدة : 484
-----------------------------------
أين أنت أيها الاحمق الغالي ؟
ضيعتني لأنك أردت امتلاكي ! ....
* * *
ضيعتَ قدرتنا المتناغمة على الطيران معاً
وعلى الإقلاع في الغواصة الصفراء ...
* * *
أين أنت ؟
ولماذا جعلت من نفسك خصماً لحريتي ،
واضطررتني لاجتزازك من تربة عمري ؟
* * *
ذات يوم ،
جعلتك عطائي المقطر الحميم ...
كنت تفجري الأصيل في غاب الحب ،
دونما سقوط في وحل التفاصيل التقليدية التافهة ..
* * *
ذات يوم ،
كنتُ مخلوقاً كونياً متفتحاً
كلوحة من الضوء الحي ...
يهديك كل ما منحته الطبيعة من توق وجنون ،
دونما مناقصات رسمية ،
أو مزادات علنية ،
وخارج الإطارات كلها ...
* * *
لماذا أيها الأحمق الغالي
كسرت اللوحة ،
واستحضرت خبراء الإطارات ؟
* * *
أنصتُ إلى اللحن نفسه
وأتذكرك ...
يوم كان رأسي
طافياً فوق صدرك
وكانت اللحظة ، لحظة خلود صغيرة
وفي لحظات الخلود الصغيرة تلك
لا نعي معنى عبارة "ذكرى" ..
كما لا يعي الطفل لحظة ولادته ،
موته المحتوم ذات يوم ...
* * *
حاولت ان تجعل مني
أميرة في قصرك الثلجي
لكنني فضلت أن أبقى
صعلوكة في براري حريتي ...
* * *
آه أتذكرك ،
أتذكرك بحنين متقشف ...
لقد تدحرجت الأيام كالكرة في ملعب الرياح
منذ تلك اللحظة السعيدة الحزينة ...
لحظة ودعتك
وواعدتك كاذبة على اللقاء
وكنت أعرف انني أهجرك .
* * *
لقد تدفق الزمن كالنهر
وضيعتُ طريق العودة إليك
ولكنني ، ما زلت أحبك بصدق ،
وما زلت أرفضك بصدق ...
* * *
لأعترف !(40/58)
أحببتك أكثر من أي مخلوق آخر ...
وأحسست بالغربة معك ،
أكثر مما أحسستها مع أي مخلوق آخر ! ...
معك لم أحس بالأمان ، ولا الألفة ،
معك كان ذلك الجنون النابض الأرعن
النوم المتوقد .. استسلام اللذة الذليل ...
آه اين أنت ؟
وما جدوى أن أعرف ،
إن كنتُ سأهرب إلى الجهة الأخرى
من الكرة الأرضية ؟ ...
* * *
وهل أنت سعيد ؟
أنا لا .
سعيدة بانتقامي منك فقط .
* * *
وهل أنت عاشق ؟
أنا لا .
منذ هجرتك ،
عرفت لحظات من التحدي الحار
على تخوم الشهوة ...
* * *
وهل أنت غريب ؟
أنا نعم .
أكرر : غريبة كنت معك ،
وغريبة بدونك ،
وغريبة بك إلى الأبد .
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا القيامةُ، فالتّنازعُ شائِعٌ
أمّا القيامةُ، فالتّنازعُ شائِعٌ
رقم القصيدة : 4349
-----------------------------------
أمّا القيامةُ، فالتّنازعُ شائِعٌ
فيها، وما لَخبيئِها إصحارُ
قالت مَعاشرُ: ما للؤلؤِ عائِمٍ،
يوماً، إلى ظُلَمِ المَحارِ، مَحارُ
وبدائعُ اللَّه القديرِ كثيرةٌ،
فيَحورُ، فيها، لبُّنا، ويَحار
هذي حروفُ اللّفظِ سطرٌ واحدٌ،
منها يُؤلَّفُ للكلام بحار
أفهِمْ أخاكَ بما تشاءُ ولا تُبَلْ،
يا حارِ، قلتَ هناكَ، أو يا حارُ
غرَضُ الفتى الإخبارُ عمّا عندَهُ،
ومن الرّجالِ، بقولِهِ، سحّار
لم تأتِ آصالي بما أنا شاكِرٌ
منها، فتفعلَ مثلَهُ الأسحار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طَفئتْ عيونُ النّاظرينَ، وأشرَقتْ
طَفئتْ عيونُ النّاظرينَ، وأشرَقتْ
رقم القصيدة : 4350
-----------------------------------
طَفئتْ عيونُ النّاظرينَ، وأشرَقتْ
عينُ الغزالَةِ، ما بها عُوّارُ
ويكونُ، للزُّهرِ الطوالعِ، مُنتَهًى
يَذْوَيْنَ فيهِ، كما ذَوَى النُّوّارُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيَزورُنا شرخُ الشّبابِ، فيُرتجى،
أيَزورُنا شرخُ الشّبابِ، فيُرتجى،
رقم القصيدة : 4351
-----------------------------------(40/59)
أيَزورُنا شرخُ الشّبابِ، فيُرتجى،
أم يَستَقِرُّ بمنزِلٍ، فيُزارُ؟
هيهاتَ ما لم يَنتَفِضْ من قَبرِهِ
مُضَرٌ، فيُبعثَ، أو يَهُبَّ نِزار
أضلَلتُه، وصبرتُ عنه، فلا يَدي
أزَمَتْ عليهِ، ولا الدّموعُ غِزار
تُطوى النّضارةُ، باللّيالي، مثلَ ما
يُطوى، بأيدي الصائناتِ، إزار
والعيشُ حربٌ لم يَضَعْ أوزارَها
إلاّ الحِمامُ، وكلُّنا أوزار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بينَ الغريزَةِ والرّشادِ نِفارُ،
بينَ الغريزَةِ والرّشادِ نِفارُ،
رقم القصيدة : 4352
-----------------------------------
بينَ الغريزَةِ والرّشادِ نِفارُ،
وعلى الزّخارِفِ ضُمّتِ الأسفارُ
وإذا اقتضيتَ، معَ السّعادةِ، كابياً،
أوْريتَهُ ناراً، فقيلَ عَفار
أمّا زمانُكَ بالأنيسِ، فآهِلٌ،
لكنّهُ، ممّا تَودُّ، قِفار
أقفرتُ منْ جهتينِ: قَفرِ مَعازَةٍ،
وطعامِ ليلٍ جاءَ، وهو قَفار
وإذا تَساوى، في القبيحِ، فعالُنا،
فمنِ التّقيُّ، وأيُّنا الكَفّار؟
والنّاسُ بينَ إقامةٍ وتحمّلٍ،
وكأنّما أيّامُهمْ أسْفار
والحتفُ أنصفَ بينهم، لم تمتنعْ
منه الرّئالُ، ولا نجا الأغفار
والذّنبُ، ما غُفرانُهُ بتصنّعٍ
منّا، ولكنْ ربُّنا الغَفّار
وكم اشتكتْ أشفارُ عينٍ سُهدَها،
وشفاؤها ممّا ألمّ شِفار
والمرءُ مثلُ اللّيثِ، يفرِسُ دائماً،
ولقدْ يخيبُ، وتَظفَرُ الأظفار
ولطالما صابرْتُ ليلاً عاتماً،
فمتى يكونُ الصّبحُ والإسفار؟
يرجو السّلامةَ رَكبُ خَرقٍ متلِفٍ،
ومن الخَفيرِ أتاهُمُ الإخفار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا ليلُ! قد نامَ الشجيُّ، ولم يَنمْ،
يا ليلُ! قد نامَ الشجيُّ، ولم يَنمْ،
رقم القصيدة : 4353
-----------------------------------
يا ليلُ! قد نامَ الشجيُّ، ولم يَنمْ،
جِنحَ الدُّجُنّةِ، نَجمُها المِسهارُ
إن كانتِ الخضراءُ روضاً ناضراً،
فلعلّ زُهرَ نجومِها أزهارُ
والنّاسُ مثلُ النبتِ يُظهرهُ الحيا،
ويكونُ، أوّلَ هُلْكِهِ، الإظهار(40/60)
ترْعاهُ راعيةٌ، وتهتِكُ بُرْدَهُ
أُخرى، ومنهُ شَقائقٌ وبَهار
ما ميّزَ الأطفالَ في إشباحِها
للعَينِ، حلُّ ولادةٍ، وعِهار
والجهلُ أغلبُ، غيرَ عِلمٍ أنّنا
نفنى، ويبقى الواحدُ القهّار
وكأنّ أبناءَ الذينَ هم الذّرى
أعفاءُ أهلٍ، لا أقولُ مِهار
يا لَيتَ آدَمَ كان طَلّقَ أُمَّهُمْ،
أو كانَ حرّمَها عليه ظِهار
ولدَتْهُمُ، في غيرِ طُهرٍ، عاركاً،
فلذاكَ تُفقَدُ فيهمُ الأطهار
ولديّ سِرٌّ، ليس يمكنُ ذكرُهُ،
يخفى على البصراءِ، وهو نَهار
أما هدًى، فوجدتُهُ، ما بينَنا،
سِرّاً، ولكنّ الضّلالَ جِهار
والرُّزءُ يُبدي، للكريمِ، فضيلةً،
كالمِسكِ تَرفعُ نشرَهُ الأفهار
فازجر عزيزتَكَ المُسِيئةَ، جاهداً،
واستكفِ أن تُتخَيّرَ الأصهار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كم بالمدينةِ من غريبٍ نازِلٍ،
كم بالمدينةِ من غريبٍ نازِلٍ،
رقم القصيدة : 4354
-----------------------------------
كم بالمدينةِ من غريبٍ نازِلٍ،
لا ضابىءٌ منهمْ، ولا قيّارُ
أمّا الذينَ تديّروا، فتَحَمّلوا،
وتخلّفَتْ، بعدَ القَطينِ، دِيارُ
سارَ الزّمانُ بهم إلى أجداثِهمْ؛
وكذا الزّمانُ بأهلِهِ سيّار
كنْ حيثُ شِئتَ بلُجّةٍ، أو ربوةٍ،
أو وَهْدةٍ، سينالُكَ التّيّار
قد أعرسَتْ عِرسُ الأميرِ بتابعٍ
ضَرَعٍ، فأينَ حليلُها المِغيار؟
والدّهرُ سِيدٌ في الخديعةِ، ضَيْغَمٌ
في الفَرْسِ، طائرُ مسلكٍ طيّار
والأرضُ تقتاتُ الجسومَ، كأنّما
هذا الحِمامُ، لتُرْبها، مَيّار
واللَّهُ يُحمَدُ، كلّما طالَ المدى،
طَمَتِ الشّرورُ، وقلّتِ الأخيار
لا حظّ، في الدّنيا، لعالي همّةٍ،
والوحشُ أفضلُ صَيدِها الأعيار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما للفتى عقَرَت، حِجاه وما لَه،
ما للفتى عقَرَت، حِجاه وما لَه،
رقم القصيدة : 4355
-----------------------------------
ما للفتى عقَرَت، حِجاه وما لَه،
حَمْراءُ صافيةٌ، فقيلَ عُقارُ
قُرِعَتْ بماءٍ، وهي ذائبُ عَسجدٍ،(40/61)
فطفَت عليه، من اللُّجَينِ، نِقار
أودى أبوها، وهو أسْودُ حالكٌ،
فأقامَ، يخلُفُهُ عليها القار
لو كان قُدْساً، ثمّ هبّتْ ريحُها
بِهضابِهِ، لم يَبقَ فيه وَقار
قد أفقرَتْه، وفي تجنّبِها غِنىً،
ومن المَليكِ غناهُ والإفقار
لو تحمِل الشَّربُ الرواسيَ، أوهَموا،
أنْ ليسَ، فوقَ ظهورِهمْ، أوقار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد أذكرتْ هذي السّنونَ من الأذى،
قد أذكرتْ هذي السّنونَ من الأذى،
رقم القصيدة : 4356
-----------------------------------
قد أذكرتْ هذي السّنونَ من الأذى،
لا أنّ ناسِيَها له أذْكارُ
وتعارَفَ القومُ، الذينّ عرَفتُهُمْ،
بالمُنكراتِ، فَعُطّلَ الإنْكار
ما للمنيّةِ مِنْ عَوانٍ أبكَرَتْ،
فأوَتْ إلَيها العُونُ والأبْكارُ
هل تَعلَمُ الطّيرُ الغَوادي عِلمَنا،
أمْ لا يَصِحُّ لمِثلِها أفكار؟
لو أنّها شَعَرَتْ بما هو كائِنٌ،
لم تُتّخَذْ لفِراخِها الأوكار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا ظالماً! عقدَ اليدَينِ، مصليّاً،
يا ظالماً! عقدَ اليدَينِ، مصليّاً،
رقم القصيدة : 4357
-----------------------------------
يا ظالماً! عقدَ اليدَينِ، مصليّاً،
مِن دون ظُلمِكَ يُعقَدُ الزُّنّارُ
أتظنُّ أنّكَ للمَحاسن كاسبٌ،
وخبيُّ أمرِكَ شِرّةٌ وشَنار؟
ومع الفتى، من نفسِه، نُميّةٌ،
ما زالَ يحلِفُ أنّها دينار
ليلٌ بلا نورٍ، أجَنَّ بمَهمَهٍ
حبَسَ الأدلّةَ، ليس فيه مَنار
وهي الحياةُ، فِعفّةٌ، أو فتنَةٌ،
ثمّ المَماتُ، فجَنّةٌ أو نار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتِعارُ عينُك يا بن أحمرَ، ضِلّةً،
أتِعارُ عينُك يا بن أحمرَ، ضِلّةً،
رقم القصيدة : 4358
-----------------------------------
أتِعارُ عينُك يا بن أحمرَ، ضِلّةً،
ويسومُ ليسَ ببارحٍ، وتِعارُ
مِن قَبلِ باهلَةَ، التي يُنمَى لها
جَدّاكَ، قيلت فيهما الأشعار
وكذاكَ أحكامُ الزّمانِ، وإنّما
ثوبُ الحَياةِ، وما يضُمُّ، معار(40/62)
والدّهرُ عارٍ لا يُغادرُ مَلْبَساً،
فالمَجدُ مُندرسٌ بهِ والعار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعمارُنا جاءت، كآيِ كِتابِنا،
أعمارُنا جاءت، كآيِ كِتابِنا،
رقم القصيدة : 4359
-----------------------------------
أعمارُنا جاءت، كآيِ كِتابِنا،
منها طِوالٌ وُفّيَتْ، وقِصارُ
والنّفسُ في آمالِها، كطريدةٍ
بين الجوارحِ، ما لها أنصار
ومنَ الرّجالِ مُحارَفٌ في دِينِهِ،
وعن المَقادِرِ غُضّتِ الأبْصار
صلّى، فقصّرَ، وهو غيرُ مسافرٍ،
متيمّماً، ومَحَلُّهُ الأمصار
دفعَ الزكاةَ إلى الغنيّ، سَفاهةً،
وغدا يحُجُّ، فردّهُ الإحصار
إني رَقدتُ فعُمتُ في لُجَجِ المُنى،
ثمّ انتبهتُ، فعادني إقصار
إن كنتَ صاحبَ جنّةٍ، في ربْوةٍ،
فتوقّ أنْ يَنتابَها إعصار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا علمَ لي بِمَ يُخْتَمُ العُمْرُ؟
لا علمَ لي بِمَ يُخْتَمُ العُمْرُ؟
رقم القصيدة : 4360
-----------------------------------
لا علمَ لي بِمَ يُخْتَمُ العُمْرُ؟
شجرُ الحياةِ، لهُ الرّدى ثُمْرُ
تُغْنيكَ ساعاتٌ، مُواشِكةٌ،
عمّا تَقولُ البِيضُ والسُّمْر
والإنْسُ تَهوى قُربَها أنَساً،
وكأنّها الآسَادُ والنُّمْرُ
حجّبتَ عقلَكَ، عن مُحاورةٍ
بالخَمرِ، وهي لمثلِهِ خُمْر
من سرَّهُ بُدْنٌ يَعيشُ به،
فسروريَ التلويحُ والضُّمر
لَيلٌ يَجُنُّ، وفي حَنادسِه
قَمَرٌ، تَجاوَلَ تحتَهُ قُمْر
والسودُ، في الهبواتِ، يكشفُها
خُضرُ المُتونِ، صُدورُها حُمْر
والنّاسُ في تيهٍ، بلا أمَرٍ،
واللَّهُ يُفصَلُ عندَهُ الأمر
وتَكَشَّفُ الغمراتُ عن رجلٍ،
وهوَ الجهولُ، بشأنِه، الغُمْر
آلَيتُ ما في جيلِنا أحَدٌ
يُختارُ، لا زيدٌ ولا عَمْرو
عُمْنا على دُرٍ، فأعوَزَنا؛
إنّ الجواهرَ دونَها الغَمْر
وأرى المَعاشرَ، في غَرائزِهم
سوءُ الطّباعِ: الخَتْلُ والقَمْر
نارٌ، فمَيتُهُمُ الرّمادُ هَبَا،
وكأنّما أحياؤُهم جَمْر
وتشوقُني، في الجِنحِ، زامرةٌ،(40/63)
ما دِينُها لَعِبٌ ولا زَمْر
أينَ الذينَ كلامُهُمْ أبَداً
قَطْرُ الجَهام، وَجودُهمْ هَمْر
إن يَغمُروكَ بنائِلٍ وندًى
منهمْ فما بصدروهِمْ غِمْر
ليسَ امرؤٌ، في العصر، أعلمُه،
إلاّ وباطِنُ أمرهِ إمرُ
أمّا اللّئيمُ، فعندَهُ حُلَلٌ،
وغدا الكَريمُ، وثوبُهُ طِمْر
طَمَرَ الجهولُ إلى مراتِبِهِ،
ثمّ انثنى وحِباؤهُ طَمْر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَبَرَ الشّبابُ، لأمّه العُبرُ،
عَبَرَ الشّبابُ، لأمّه العُبرُ،
رقم القصيدة : 4361
-----------------------------------
عَبَرَ الشّبابُ، لأمّه العُبرُ،
لا غابرٌ منهُ، ولا غُبْرُ
كالأدهمِ الجاري مضى، فإذا
آثارُه، بمَفارِقي، غُبْر
ونعوذُ بالخلاّق، مِنْ أُمَمٍ
أوْفَى المَنازِلِ، منهُمُ، القبر
إبَرُ العقارِبِ، فوقَ ألسُنِهِمْ،
محمولةٌ، فكلامُهُمْ أبْر
مَنْ جَبرئيلُ، إذا تُخَوِّفُهم؛
لا إيلُ، عندهمُ، ولا جَبْر
وخَبرْتُهم، فوجدتُ أخبرَهم
مثلَ الطّريدةِ، ما لها خُبر
هل يعصِمَنّكَ من لقاءِ ردًى،
بالرّغمِ، أنّكَ عالمٌ حَبْر؟
وحصلتُ من وَرِقٍ على وَرَقٍ
بِيضٍ، يشُقُّ مُتونَها الحِبر
فُضّتْ نُهاكَ بفِضّةٍ سُبكتْ،
ولقد قضى، بتَبارِكَ، التّبر
واللَّهُ أكبرُ، فالولاءُ لهُ،
وكذا الولاءُ يحوزُهُ الكُبر
لو لم تكن، في القومِ، أصغرَهم،
ما بانَ فيكَ، عليهمُ، كِبر
والدّاءُ يُطرَدُ بالأمرّ، وصَرْ
فُ الخَطبِ، وقتَ نزولهِ، الصّبر
والعيشُ سُقمٌ، لا سَآمَ له،
وجِراحُهُ يعيا بها السَّبر
والنّاسُ خَيرُهُمُ كشرّهِمُ،
وتساوَتِ النّعراتُ والدَّبر
ما آلُ بَبْرٍ، إن وصَفتُهُمُ،
إلاّ ضراغمَ، جَدُّها بَبْر
هاوٍ إلى وَهْدٍ، يخالفُهُ
راقي الهِضابِ، كأنّهُ وَبْر
يُوفي على شُرُفاتِ مِنبرِه،
مَنْ هَمُّهُ التحقيقُ والنَّبر
يتلو العِظاتِ، وليس مُتّعِظاً،
بل شَدُّه، لحزامهِ، ضَبر
قد أقطعُ السَّبروتَ يملأُ، بالـ
ـآلِ، المُروتَ، فيشحُبُ السَّبر(40/64)
أودى الزّمانُ بذي الأمانِ، فلا الـ
ـعَرْجيُّ موجودٌ، ولا جَبر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أشْدُدْ يدَيْكَ بما أقو
أشْدُدْ يدَيْكَ بما أقو
رقم القصيدة : 4362
-----------------------------------
أشْدُدْ يدَيْكَ بما أقو
لُ، فقَولُ بعضِ النّاسِ دُرُّ
لا تَدنُوَنّ مِنَ النّسا
ءِ، فإنّ غِبّ الأرْيِ مُرّ
والباءُ مثلُ البَاء، تَخـ
ـفِضُ للدّناءَةِ أوْ تَجُرّ
سَلِّ الفؤادَ عن الحَيا
ةِ، فإنّها شَرٌّ وشُرّ
قدْ نلتَ منها ما كَفا
كَ، فما ظفِرْتَ بما يَسُرّ
صَدَفَ الطّبيبُ عن الطّعا
مِ، وقال: مأكلُهُ يَضُرّ
كُلْ يا طبيبُ! ولا خَلا
صَ من الرّدى، فلمن تغُرّ؟
والعامُ يَمضي دولتيـ
ـنِ، فمنهما وَمِدٌ وقُرّ
وكذاكَ عامٌ بعدَهُ،
وغفَلتَ عن عُمْرٍ يَمُرّ
وأرى النوائبَ لا تزا
لُ، كأنّها سُحُبٌ تدرّ
إنْ تَنهزِمْ خَيلٌ لها،
فَحَذارِ منْ أخرى تكُرّ
قَمَرٌ يلوحُ، مُخَبِّراً
بالهُلْكِ، أوْ شَمسٌ تذُرّ
دُهماً توافينا السّنو
نَ، ولمْ يكنْ فيهنّ غُرّ
والدّرْعُ لا تُنجي الفتى،
وكأنّها في العَينِ كُرّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن غاضَ بحرٌ، مدّةً،
إن غاضَ بحرٌ، مدّةً،
رقم القصيدة : 4363
-----------------------------------
إن غاضَ بحرٌ، مدّةً،
فلَطالمَا غَدَرَ الغديرُ
فلكٌ يدورُ بحكمَةٍ،
ولهُ، بلا رَيْبٍ، مُدِير
إنْ مَنّ مالِكُنا بِما
نهوَى، فمالِكُنا قدير
أوْلا، فَعالَمُ آدمٍ،
بإهانَة المولى، جَدير
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طالَ صومي، ولستُ أرْفعُ سَوْمي،
طالَ صومي، ولستُ أرْفعُ سَوْمي،
رقم القصيدة : 4364
-----------------------------------
طالَ صومي، ولستُ أرْفعُ سَوْمي،
ووُفودي، على المنيّةِ، فِطْرُ
أيّها الشّيبُ لا يَرِيبُكَ منْ كَفّـ
ـي مِقَصٌّ، ولا يُواريكَ خِطر
إن نَهَيتَ النّفسَ اللّجوجَ عن الإثـ
ـمِ، وطابتْ، فإنّما أنتَ عِطر
لُحتَ مثلَ الكافورِ، كفّرَ ذَنْباً،(40/65)
فلتُبرِّدْ، إن كان أُغليَ قِطرُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ضَحِكُ الدّهرِ، في محيّاكَ، مَكرُ،
ضَحِكُ الدّهرِ، في محيّاكَ، مَكرُ،
رقم القصيدة : 4365
-----------------------------------
ضَحِكُ الدّهرِ، في محيّاكَ، مَكرُ،
ما له، غيرَ أنْ يسوءَك، فِكرُ
واعتقادُ الإنسانِ، فيك جميلاً،
مِنّةٌ، لا يَنالها منْكَ شُكر
والحَديثُ المَسْمُوعُ يوزَنُ بالعقـ
ـل، فيَضْوى إليهِ عُرْفٌ ونُكر
ليس بالسّنّ تستْحقُّ المنايا؛
كمْ نجا بازِلٌ وعُوجِلَ بَكْر
وعَوَانٍ حازَتْ حُليَّ كَعابٍ،
فاجأتها، من الحوادِثِ، بِكر
قد ركبتُ الوجناءَ في جَوْشنِ الحِنـ
ـدسِ، أكرى في رحلها وهي تكرُ
راجِياً حُسْنَ حالَةٍ، إنْ تخطّتْـ
ـني، فإعمالها لِيَحْسُنَ ذِكر
ساهراً عُمْرَ ليلتي، وكأنّي
طائرٌ، تحتَهُ، منَ الكُورِ، وَكر
أتقضّى مع الصّباحِ، فلا أطْـ
ـلبُ رِزْقاً، وبي من السُّهْدِ سُكر
عَكَرُ العيشِ في إنائي، وهلْ يُؤ
مَلُ من صفوِه، وقد فاتَ عَكرُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سألتني عنْ رَهْطِ قَيْلٍ وعِترٍ،
سألتني عنْ رَهْطِ قَيْلٍ وعِترٍ،
رقم القصيدة : 4366
-----------------------------------
سألتني عنْ رَهْطِ قَيْلٍ وعِترٍ،
أينَ؟ إلاّ الحَديثُ قَيْلٌ وعِترُ
خابَ منْ خلّفَ الحياةَ هتيكاً،
ما عليْهِ، منْ الدّيانةِ، سِتْرُ
والفتى والرّدى، كراكبِ لُجٍّ،
إنّما نفْسُهُ من الموتِ فِتر
إنْ تَطُلْ عيشَةٌ، فإنّ المَنايا
سوْفَ يُقضى لها، بمنْ عاشَ، وِتر
من عُيُوبِ الكبيرِ قولُهُمُ، إنْ
زَلّ يوماً، قدْ أدرَكَ الشيْخَ هِتْرُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إصبرْ، فمِن حيثُ أُهينَ الحصى
إصبرْ، فمِن حيثُ أُهينَ الحصى
رقم القصيدة : 4367
-----------------------------------
إصبرْ، فمِن حيثُ أُهينَ الحصى
يُكرَمُ، في أدْراجِه، الدُّر
نحنُ عبيدُ اللَّه في أرْضِهُ،
وأعْوَزَ، المستَعْبَدَ، الحرّ(40/66)
بفضْلِ مولانا وإحْسانِهِ،
يماطُ عَنّا البُؤسُ والضُّرّ
أمَا يَرَى الإنسانُ، في نَفسِه،
آياتِ ربٍّ، كلُّها غُرّ؟
في فمِهِ عذبٌ، وفي عينهِ
مِلْحٌ، وفي مِسْمعَهِ مُرّ
يكُرُّ موتانا إلى الحشْر، إنْ
قال لهم بارِئهمْ: كُرّوا
يخلُفُ منّا آخِرٌ أوّلاً،
كأنّنا السُّنبلُ والبُرّ
والمُدُّ يكفيكَ، ولكنّ، في
طبْعِكَ، أنْ يُدّخرَ الكُرّ
بنوكِ يا دُنيا على غِرّةٍ،
لوْ لم يُغَرّوا بك، ما سُرّوا
وهيَ المَقاديرُ، فذا حَتفُهُ
قَيظٌ، وذا مِيتَتُهُ قُرّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو شاءَ ربّي لصاغَني مَلِكاً
لو شاءَ ربّي لصاغَني مَلِكاً
رقم القصيدة : 4368
-----------------------------------
لو شاءَ ربّي لصاغَني مَلِكاً
أوْ مَلَكاً، ليسَ يعجَزُ القَدَرُ
أيّدَ منّي، وقال أيَّ دَمٍ،
أرَقْتَ، فهو الجُبارُ والهَدر
في أصلِنا الزّيْغُ والفسادُ، وهـ
ـذا اللّيلُ طبعٌ، لجِنحهِ، الخَدَرُ
قد عَلِمَ اللَّهُ أنّني رَجلٌ،
لا أفتري، ما افتريتَ يا غُدَر
أعلَمُ أنّي، إذا حَيِيتُ، قذًى،
وأنّني، بعدَ ميتَتي، مَدَر
كم من رجالٍ جُسومُهُمْ عَفَرٌ،
تُبنى بهمْ، أو عليهمُ الجُدُر
يغدو الفتى للأمورِ، يلمَحُ كالبا
زي، وفي طَرْفِ لُبّهِ سَدَر
لا أزعمُ الصفوَ مازجاً كدَراً،
بل مَزعَمي أنّ كلّه كدر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما جُدَرِيٌّ، أماتَ صاحبَهُ،
ما جُدَرِيٌّ، أماتَ صاحبَهُ،
رقم القصيدة : 4369
-----------------------------------
ما جُدَرِيٌّ، أماتَ صاحبَهُ،
من جَدَرِيٍّ، أتتْ بهِ جَدَرُ
ما سدِرَتْ، في العيانِ، أعيُنُهم،
لكنْ عيونُ الحِجَى بها سَدَرُ
والبدرُ بَعدَ الكَمالِ ممتَحِقٌ،
ففيمَ، يا قومُ! تُجمَعُ البِدَرُ؟
كيفَ وفَى، للخليلِ، مؤتَمَنٌ،
وطَبعُهُ، بالأذاةِ، مُبتَدِر؟
والعالَمُ ابنٌ، والدّهرُ والدُهُ،
نجلٌ غَوِيٌّ، ووالدٌ غُدَرُ
في التُّربِ، والصّخرِ، والثّمارِ،(40/67)
وفي الماءِ، نفوسٌ يصوغُها القدَر
فصادِرٌ لا وُرودَ يُدركُهُ،
ووارِدٌ لا يَنالُهُ صَدَرُ
إنْ سَلِمَ المَرءُ من عَواقِبِه،
فكُلُّ رُزْءٍ يُصيبُهُ هَدَر
والرَّجْلُ إن حلّ خِدْرَ غانيَةٍ،
كالرِّجلِ في المشيِ، حَلَّها خَدَر
يضمُّنا الجهلُ في تصرّفِنا،
ما شَدّ منّا رهطٌ ولا قَدَروا
نطلُبُ نوراً، يلوحُ ساطِعُهُ،
ودونَ ذاكَ الظّلامُ والغَدَر
تواضعوا، في الخطوبِ، ترتَفِعوا،
فالشُّهبُ، عندَ الرُّجومِ، تنكدر
لا يَطلُعُ الغربُ، شافياً ظمأً،
حتى يُرَى قَبلُ، وهوَ مُنحَدِر
والسّهلُ، قُدّامَه الحزونةُ، والصّـ
ـفْوُ، من العَيشِ، بعدَهُ كَدَر
فَدُرَّ جوداً، فدرُّ زاخِرَةٍ
حصًى، تساوى الأنيسُ والفُدُر
إن وطِئَتْ، هالكَ الوغى، فرَسٌ،
فجِسمُهُ، بعدَ رُوحِهِ، مَدَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعَمْري لقد فضَحَ الأوّلينَ
لعَمْري لقد فضَحَ الأوّلينَ
رقم القصيدة : 4370
-----------------------------------
لعَمْري لقد فضَحَ الأوّلينَ
ما كتبوه وما سَطّرُوا
وقد عَلِمَ اللَّهُ أنّ العِبادَ،
إنْ يُرزَقوا نِعمَةً يَبطَروا
وإنْ عَجِبُوا لاحْتِباسِ الغَمامِ،
فأعجَبُ من ذاكَ أن يُمطَرُوا
كأنّهُمُ، لقديمِ الضّلالِ،
جِمالٌ على نهجِها تَقطُرُ
إذا القَومُ صاموا فعافُوا الطّعامَ،
وقالوا المُحالَ، فقَد أفطَرُوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا سارِحاً في الجَوّ، دُنياكَ مَعدِنٌ
أيا سارِحاً في الجَوّ، دُنياكَ مَعدِنٌ
رقم القصيدة : 4371
-----------------------------------
أيا سارِحاً في الجَوّ، دُنياكَ مَعدِنٌ
يفوزُ بشَرٍّ، فابْغِ، في غيرِها، وكْرَا
فإنْ أنتَ لم تملِكْ وشيكَ فِراقِها،
فعِفَّ، ولا تنكِحْ عَواناً ولا بِكرا
وألقاكَ فيها والداكَ، فلا تَضَعْ
بها ولداً، يلقى الشّدائدَ والنُّكرا
سمِعنا وشاهَدْنا البدِيّ، وحَسبُنا،
من العَيشِ، أن فُهنا، لخالِقنا، شُكرا(40/68)
إذا ما فَعلتَ الخيرَ، فانسَ فِعالَهُ،
فإنّكَ، ما تَنساهُ، أحيَا له ذِكرا
وحاذِرْ من الصّهْبَاءِ، فهْيَ عدوّةٌ
من الصُّهبِ، مشّتْ في مفاصلك السُّكرا
ولا خيرَ في الممكورَةِ الخَوْد، أضمرتْ
لكَ الغِلّ، وامتارتْ جوانحُها مكرا
إذا صَحّ فكرُ المرءِ فيما يَنوبُهُ
من الدّهرِ، لم يَشغَلْ، بحادثةٍ، فكرا
وتَغلِبُ كانتْ سيفَ بَكرٍ ورُمحَها،
فأمسَتْ تُرامي، عن حرائبِها، بَكرا
كَريتُ عن الشّهرِ الكريت وجُزْتُهُ،
فما ليَ أكرى عن زماني إذا أكرى؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى الأرضَ، فيها دولةٌ مُضَريّةٌ،
أرى الأرضَ، فيها دولةٌ مُضَريّةٌ،
رقم القصيدة : 4372
-----------------------------------
أرى الأرضَ، فيها دولةٌ مُضَريّةٌ،
يكونُ دَمُ الباغي عداوتَها مِضرا
وأرْدِيَةً بِيضاً تَبدّلَ أهلها،
بحُكمِكَ ربّ النّاس، أرْديةً خُضرا
وقد زعَموا أنّ القِرانَ مُغَيِّرٌ
ملوكَ بني النّضر، الأُلى ملكوا النّضرا
وما أعفَتِ الأيّامُ بَدواً من الرّدى،
ولا حَضَراً، فاسأل بَداً عنه والحَضْرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا حانَ يومي، فلأوسَّدْ بموضعٍ
إذا حانَ يومي، فلأوسَّدْ بموضعٍ
رقم القصيدة : 4373
-----------------------------------
إذا حانَ يومي، فلأوسَّدْ بموضعٍ
من الأرضِ، لم يحفُر به أحدٌ قبرَا
هُمُ النّاسُ إنْ جازاهمُ اللَّهُ بالذي
تَوخَّوه، لم يَرْحَمْ جهولاً ولا حَبرا
يرى عَنَتاً، في قربِ حيٍّ وميّتٍ
من الإنس، مَن جلّى سرائرَهم خُبرا
فيا ليتني لا أشهَدُ الحشرَ فيهمُ،
إذا بُعِثوا شُعثاً رؤوسُهُمُ، غُبرا
إذا تمّ، في ما تؤنَسُ العينُ، مضجَعي،
فزدني، هداك اللَّه، من سَعةٍ شبرا
وإن سألوا عن مذهبي، فهو خَشيَةٌ
من اللَّه، لا طَوقاً أبثُّ ولا جبرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أسرَّكَ أنْ كانتْ بوجهِكَ وَجْنَةٌ
أسرَّكَ أنْ كانتْ بوجهِكَ وَجْنَةٌ
رقم القصيدة : 4374(40/69)
-----------------------------------
أسرَّكَ أنْ كانتْ بوجهِكَ وَجْنَةٌ
سَمِيّةُ عِيرٍ، تَحمِلُ المِسكَ والعِطرا
وما علمَ، الأغراضَ، خاطِرُ حِندِسٍ
يُعِدُّ له غاوٍ، يُعاندُه، الخِطرا
فلا القَطرُ آواهُ، ولا القُطرُ ضمّهُ،
ولا هوَ ممّن يسحبُ الوشيَ والقِطرا
أعيشُ بإفطارٍ وصومٍ ويَقظَةٍ
ونومٍ، فلا صوماً حَمِدتُ ولا فِطرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا آمَنَ الإنسانُ باللَّهِ، فليكنْ
إذا آمَنَ الإنسانُ باللَّهِ، فليكنْ
رقم القصيدة : 4375
-----------------------------------
إذا آمَنَ الإنسانُ باللَّهِ، فليكنْ
لبيباً، ولا يَخْلِطْ بإيمانِهِ كُفرا
إذا نفَرَتْ نَفسٌ عن الجِسمِ، لم تعُدْ
إليه، فأبعِدْ بالذي فعلَتْ نَفْرا
كأنّ وليداً، ماتَ قبلَ سُقُوطِهِ
على الأرض، ناجٍ من حِبالتهِ طَفرا
تمنّيتُ أني بَينَ رَوضٍ ومَنْهلٍ،
معَ الوَحشِ، لا مِصراً أحُلُّ ولا كَفرا
يقولونَ مَسْكُ الجَفرِ أُودِعَ حكمةً
إذا كُتبَتْ أطراسُها ملأتْ جَفْرا
وغافرةٍ، في نِيقَةٍ، رَضِعَتْ غِنىً،
كَمُغفِرَةٍ، في النِّيقِ، مُرضِعةٍ غَفرا
متى ملأتْ، كَفّيْكَ، دُنياكَ أرسلَتْ
مُلمّاً، يعيد الكفّ، من جودِها، صِفرا
أمِنْ أُمُ دَفرٍ تَبتَغونَ عَطِيّةً،
وقد فرّقَتْ فيهم سُلالَتَها دَفرا
وكم مِن عَفِيرِ الوجهِ بين أديمها،
وقد كان يرْمي قبلَها الأُدْمَ والعُفرا
غدوتُ مع الأحياءِ، مُذْ حانَ مولدي
إلى اليومِ، ما ننفكُّ، في دأَبٍ، سَفرا
ورَبُّكَ عمَّ الوَهدَ، بالرّزق، والرُّبَا،
وأمطَرَ بالموتِ العمائرَ والقَفرا
وإن حبّبَ اللَّهُ الحُسامَ إلى امرىءٍ،
حَباهُ بهِ، في كلّ مَفرَغةٍ، خَفرا
وصيّرَ جَفناً جَفنَهُ، وغِرارَهُ
غِراراً لعينَيهِ، وشَفرتَه شُفْرا
وقد ضفَرتْ، فَرْعاً، كريمةُ مَعشرٍ،
فما حَلّ إلاّ الغاسلاتُ له ضَفْرا
دنا نيرُها من كفّها لتَعَبّدِ،
وألقَتْ دنانيراً براحتِها صُفرا(40/70)
إذا هَجَرَتْ زِيرَينِ: زِيرَ أوانسٍ،
وزِيرَ غِناءٍ، فهي راجيَةٌ عَفْرا
وردْنا، بلا وَفْرٍ، ديارَ حَياتِنا،
ونترُكُ فيها، يومَ نرتحلُ، الوَفرا
ولو لم يقدِّرْ خالقُ اللّيثِ فَرْسَه
لِمَطعَمهِ، لم يُعطهِ النّابَ والظُّفرا
تطولُ اللّيالي والزّمانُ، وتنبري
حوادثُ لا تُبقي، على ظهرها، شَفرا
ولا ريبَ في مَهوى الرفيع إلى الثّرى،
ولو انّه جارى السّماكينِ والغَفْرا
ولو أنّ أبراجَ السّماءِ بُروجُه،
لَبُدّلَ منها، غيرَ ممتنعٍ، جَفرا
عجبتُ لرقٍّ ضُمّنَ المَينَ، بعدما
تخَيّرَه قَوْمٌ، لتَوراتِهم، سِفرا
كما وَسَقَ، الرّاحَ، السّقاءُ، وربّما
يُضاهي مَزاداً، من مشاربهم، وُفرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد أصبحتْ دُنياكَ، من فَرطِ حُبّها،
لقد أصبحتْ دُنياكَ، من فَرطِ حُبّها،
رقم القصيدة : 4376
-----------------------------------
لقد أصبحتْ دُنياكَ، من فَرطِ حُبّها،
تُرينا كثيراً، من نوائبها، نَزْرَا
ولو ظَهرتْ أحداثُها لَسمِعتَها
تَغَيَّظُ، أو عايَنْتَ أعيُنَها خُزْرا
تُواصِلُنا رَمياً، وتوسِعنا أذًى،
وتَقتُلُنا خَتْلاً، وتَلْحَظُنا شَزْرا
ولا رَيبَ عندَ اللُّبّ في أنّ خيرَها
بكيٌّ، وإنْ أمسَتْ مصائبُها غُزرا
وقد جَهّزَتْ للعَقلِ راحاً تَغولُه،
فدَعْها ولا تَشرَبْ طِلاءً، ولا مِزرا
ولو أنّها جَلاّبةُ العَفوِ خِلتُها
حَرَاماً، فأنّى وهيَ تجتلبُ الوِزرا
إذا زارتِ الشَّربَ المراجيحَ هتّكتْ
فلم تَتّرِكْ فيهمْ إزاراً ولا أزرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا،
هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا،
رقم القصيدة : 4377
-----------------------------------
هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا،
إذا هو جاءَ الخيرَ لم يَعْدَمِ الشرّا
وهل تظفَرُ الدّنيا عليّ بمِنّةٍ،
وما ساءَ فيها النّفسَ أضْعافُ ما سرّا
يُلاقي حليفُ العيشِ ما هوَ كارِهٌ،(40/71)
ولو لم يكُنْ إلاّ الهواجرَ والقُرّا
نوائبُ منها عمّتِ الكهلَ، والفتى،
وطفلَ الوَرى، والشيخَ، والعبدَ، والحرّا
إذا وُصلَتْ، بالجسم، رُوحٌ، فإنّها
وجُثمانها تَصلَى الشّدائدَ والضّرّا
بدا فرحٌ مِنْ مُعْرِسٍ، أفما درى
بما اختارَ مِنْ سُوءِ الفِعالِ، وما جرّا؟
سعَى آدَمُ جَدُّ البريةِ في أذًى
لذرّيّةٍ، في ظهْرِه، تُشبِهُ الذَّرّا
تلا النّاسُ، في النّكراءِ، نهجَ أبيهمُ،
وغُرَّ بنُوهُ، في الحياةِ، كما غُرّا
يقولُ الغُواةُ: الخِضرُ حيٌّ، عليهِمُ
عفاءٌ، نعم ليلٌ، منَ الفتنِ، اخضرّا
ولو صدقُوا، ما انفَكّ في شرّ حالةٍ
يُعاني بها الأسفارَ، أشعَثَ، مُغبرّا
ولكنّ مَنْ أعطاهُمُ الخبرَ افترى،
وأُلفيَ مثلَ السيِّد، أجمَعَ وافترّا
جَنى قائلٌ بالمَينِ، يطلُبُ ثروةً،
ويُعذَرُ فيهِ مَنْ تَكَذّبَ مَضطرّا
خُذا الآنَ فيما نحنُ فيهِ، وخلّيا
غداً، فهو لم يَقْدُمْ، وأمسِ، فقد مرّا
لنفْسيَ ما أطْعَمْتُ، لم يَدْرِ آكلٌ،
سوايَ، أحُلْواً، جازَ في الفم، أم مُرّا
ومن شِيَمِ الإنس العُقُوقُ، وجاهلٌ
مُحاوِلُ بِرٍّ عندَ مَنْ أكلَ البُرّا
عجبتُ لهذي الشّمسِ، يمضي نهارُنا،
إذا غَرَبَتْ، حتى إذا طَلَعتْ كَرّا
لها ناظِرٌ لم يَدْرِ ما سِنَةُ الكَرى،
ولا ذُرّ، مُذ قالَ المليكُ له: ذُرّا
وساعاتُنا، كالخيل، تجري إلى مدًى،
حوالكَ، دُهماً، لا محجَّلةً، غُرّا
نعيمٌ طما عند امرىءٍ، ومسخَّرٌ
له، بمجالِ الحُوتِ يلتمِسُ الدُّرّا
سوايَ الذي أرْعى السّوامَ، وساقَه،
وبالجَدّ، لا بالسّعيِ، أحتلبُ الدَّرّا
ومن ذا الذي يَنضو لِباسَ بَقائِهِ
نَقيَّ بياضٍ، لم يُدَنِّسْ له زِرّا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تعالى الذي صاغَ النّجومَ بقُدْرَةٍ،
تعالى الذي صاغَ النّجومَ بقُدْرَةٍ،
رقم القصيدة : 4378
-----------------------------------
تعالى الذي صاغَ النّجومَ بقُدْرَةٍ،
عن القَولِ أضْحَى فاعلُ السّوءِ مجبِرَا(40/72)
أرى عالَماً يَشكو إلى اللَّهِ جَهْلَهُ،
وكم من بَرًى يعْلو، فيخطُبُ، مِنبرا
همُ القومُ، سافُوا عَنبراً بمعاطسٍ،
فخافُوا وسافُوا بالصّوارمِ عَنبرا
يعيشُ الفتى، ما عاشَ، كالظبي لم يُفِدْ
بدُنياهُ، إلاّ أن يُعالَ ويكبُرا
ولم يَدرِ لمّا أنْ أتاها، ولا دَرى
إلى أينَ يَمضي، فاستكانَ مُدبَّرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا طَلَعَ الشَّيبُ المُلِمُّ، فحيّهِ،
إذا طَلَعَ الشَّيبُ المُلِمُّ، فحيّهِ،
رقم القصيدة : 4379
-----------------------------------
إذا طَلَعَ الشَّيبُ المُلِمُّ، فحيّهِ،
ولا تَرضَ للعَينِ الشّبابَ المزَوَّرَا
لقد غابَ، عن فَوديك، خمسينَ حجّةً،
فأهْلاً بهِ لمّا دَنا، وتسوّرا
فمنْ عثراتِ المرءِ، في الرأي، أنّهُ
إذا ما جرى ذكرُ الخِضابِ تشوّرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جِوارُكَ هذا العالَمَ، اليومَ، نكبةٌ
جِوارُكَ هذا العالَمَ، اليومَ، نكبةٌ
رقم القصيدة : 4380
-----------------------------------
جِوارُكَ هذا العالَمَ، اليومَ، نكبةٌ
عليك، وليسَ البَينُ عنهُ ميسَّرَا
سيعْلَمُ ذاكَ المدّعي صحّةَ الهدى،
متى كان حقٌّ، أيُّنا كانَ أخسرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ودَّك الإنسانُ يوماً لخِلّةٍ،
إذا ودَّك الإنسانُ يوماً لخِلّةٍ،
رقم القصيدة : 4381
-----------------------------------
إذا ودَّك الإنسانُ يوماً لخِلّةٍ،
فغيّرَها مَرُّ الزّمانِ، تنكّرَا
ويُشرَبُ ماءُ المُزْنِ، ما دامَ صافياً،
ويَزهَدُ فيهِ وارِدٌ، إن تعكّرا
وما زالَ فَقرُ المرءِ يأتي على الغِنى،
ونِسيانُهُ مستدرِكاً ما تذكّرا
شَرابُكَ بئسَ الشيءُ سَرّ، وإنّما
أفادَ سروراً باطلاً، حينَ أسكَرا
وفي النّاسِ مَن أعطى الجميلَ بَديهةً،
وضنّ بفعلِ الخيرِ لمّا تفَكّرا
فخَفْ قولَ مَن لاقاكَ من غيرِ سالِفٍ
حميدٍ، فأبْدى بالنّفاقِ تشكُّرا
وكم أضمرَ المصحوبُ مكراً بصاحبٍ،(40/73)
فألفى قضاءَ اللَّهِ أدهَى وأمْكَرا
يقومُ عليهِ النّوْحُ ليلاً، ولو غَدا
سليماً لأجرى شأوَ غيٍّ وبكّرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتتْ جامعٌ، يومَ العَرُوبةِ، جامعاً،
أتتْ جامعٌ، يومَ العَرُوبةِ، جامعاً،
رقم القصيدة : 4382
-----------------------------------
أتتْ جامعٌ، يومَ العَرُوبةِ، جامعاً،
تقُصُّ على الشُّهّادِ، بالمِصر، أمرَها
فلو لمْ يقوموا ناصرينَ لصوتِها،
لخِلتُ سماءَ اللَّهِ تُمطِرُ جمْرَها
فهدّوا بناءً كان يأوي، فِناءَهُ،
فواجرُ، ألقَتْ للفَواحشِ خُمرَها
وزامرَةٍ، ليستْ من الرُّبد، خضّبَتْ
يدَيها ورجليها، تُنَفِّقُ زَمرَها
ألِفنا بلادَ الشّامِ إلْفَ ولادَةٍ،
نُلاقي بها سُودَ الخُطوبِ وحُمرَها
فطَوراً نُداري، من سُبيعةَ، لَيثَها،
وحيناً نُصادي، من ربيعةَ، نِمرَها
أليسَ تميمٌ غيّرَ الدّهرُ سَعدَها؛
أليسَ زَبيدٌ أهلَكَ الدّهرُ عَمرها؟
ودِدتُ بأني، في عَمايَةَ، فاردٌ،
تُعاشرُني الأرْوَى، فأكْره قُمرها
أفِرُّ من الطَّغْوى إلى كلّ قَفرةٍ،
أُؤانسُ طَغياها، وآلَفُ قُمرَها
فإني أرى الآفاقَ دانتْ لظالِمٍ،
يَغُرُّ بغاياها، ويشرَبُ خَمرَها
ولو كانتِ الدّنيا من الإنسِ لم تكنْ
سوى مُومسٍ، أفنَتْ، بما ساء، عمرها
تدينُ لمجدودٍ، وإنْ باتَ غَيرُهُ
يهزُّ لها بِيضَ الحرُوبِ، وسُمرَها
وما العَيشُ إلاّ لُجّةٌ باطليّةٌ،
ومن بلَغَ الخمسينَ جاوزَ غمرَها
وما زالتِ الأقدارُ تترُكُ ذا النُّهَى
عديماً، وتُعطي مُنيةَ النّفسِ غَمْرَها
إذا يَسّرَ اللَّهُ الخطوبَ فكَمْ يدٍ،
وإن قصُرتْ، تجني من الصّابِ تمرَها
ولولا أُصولٌ، في الجيادِ، كوامنٌ،
لما آبَتِ الفُرسانُ تحمَدُ ضَمرَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا رَدَنَتْ فيما يَعودُ لطِفْلِها
إذا رَدَنَتْ فيما يَعودُ لطِفْلِها
رقم القصيدة : 4383
-----------------------------------
إذا رَدَنَتْ فيما يَعودُ لطِفْلِها(40/74)
بنفعٍ، فآمِرْها ورجِّ إمارَها
وجنّتُكَ الأولى عروسُك وافقَتْ
رِضاكَ، فإن أجنَتكَ فاجنِ ثمارَها
وما هذه الدّنيا بأهلِ وديعَةٍ،
فلا تأتمنْها، قد عرفتَ أمارَها
ولا أحمَدُ البيضاءَ تشرَبُ محضَها
وتَسقي بنيها والنزيلَ سَمارَها
وتترُكُ جَمْرَ الزّوْجِ يخبو، لرِحلَةٍ
إلى الرُّكن والبطحاء، ترمي جمارَها
وأولى بها من بيتِ مكّةَ بيتُها،
إذا هيَ قضّتْ حَجّها واعتمارَها
متى شَرِبتْ خمراً، فلستُ بآمنٍ
عليها غويّاً أن يحلّ خِمارَها
فقد عَرِيَتْ بالكأسِ من كلّ مَلبَسٍ
جميلٍ، وألقَتْ في حَشاكَ خُمارَها
معَ القَمَرِ السّاري تَعَلّقَ ودُّها،
فما بذلَتْ للخِلّ إلاّ قِمارَها
وخيرُ النّساءِ الحامياتُ نفوسَها
من العارِ، قبلَ الخيل تحمي ذمارَها
أرانيَ غِمراً بالأمورِ، ولم أزَلْ
أجوبُ دُجاها، أو أخوضُ غِمارَها
وأفضلُ من مِزمارِ شَربٍ نَعامَةٌ،
تُكَرِّرُ، في السَّهب الرّحيبِ، زِمارَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُريدُ، من الدّنيا، خُمودَ شرورِها،
أُريدُ، من الدّنيا، خُمودَ شرورِها،
رقم القصيدة : 4384
-----------------------------------
أُريدُ، من الدّنيا، خُمودَ شرورِها،
فتوقِدُ، ما بينَ الجوانحِ، نارَها
تضلّلُني في مَهمَهٍ بعدَ مَهمَهٍ،
عدمتُ بهِ أنوارَها ومَنارَها
وتُظهِرُ لي مَقتاً، وأُضمرُ حُبَّها،
كأني جهولٌ ما عرفتُ شَنارَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ركبتْ إجّارَها، ورأيتَها
إذا ركبتْ إجّارَها، ورأيتَها
رقم القصيدة : 4385
-----------------------------------
إذا ركبتْ إجّارَها، ورأيتَها
تُكَلِّمُ يوماً، في التستّر، جارَها
فبادرْ إليها البتَّ، واهجُرْ وصالَها،
وقلْ تلكَ عَنسٌ حلّ راعٍ هِجارها
وإنْ شاجرَتْ في ابنٍ لها أو كريمةٍ
عليها، فياسِرْها، وخلِّ شِجارها
إذا شئتَ يوماً أن تُقارِنَ حُرّةً
من النّاس، فاخترْ قومَها ونِجارها
فمنهنّ من تُعطي الرَّباحَ عشيرَها؛(40/75)
ومنهنّ من تُنبي بُخسرٍ تِجارَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا،
إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا،
رقم القصيدة : 4386
-----------------------------------
إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا،
يَصيدُها مَن أفادَ اللُّبَّ والعُمُرَا
كم جُزْتُ شهراً وكم جرّمتُ من سنةٍ،
وما أرانيَ إلاّ جاهلاً غُمُرا
والغيُّ كالنّجْمِ عُرْياناً، بلا سُتُرٍ،
وللحقوقِ وُجُوهُ أُلبِسَتْ خُمُرا
ألا سفينَةَ، أو عِبراً أمُدُّ له
كَفّي، فأنجوَ من شَرٍّ لها غَمرَا
فلا يَغُرّنْكَ من قُرّائنا زُمَرٌ،
يتلونَ، في الظُّلَمِ، الفُرقانَ والزُّمَرا
يُقامِرون بما أُوتوهُ منْ حِكَمٍ،
وصاحبُ الظّلمِ مَقمورٌ إذا قَمَرا
يُبدي التديّنَ، محتالاً، ضمائرُهُ
غيرُ الجميلِ، إذا ما جسمُهُ ضَمَرا
يشدو مزاميرَ داودٍ، ويفضُلُه،
في النُّسكِ، نافخُ مزمارٍ له زمَرا
ولا تشيفَنْ، على دارٍ، لتنظُرَها،
فمنْ أشافَ على قومٍ كمن دَمرا
يوفي، على المِنْبرِ العالي، خَطيبُهُمُ؛
وإنّما يَعِظُ الآسَادَ والنُّمُرا
همُ السّباعُ، إذا عَنّتْ فرائسُها؛
وإنْ دعوتَ لخيرٍ حُوّلوا حُمُرا
قد صَدّقَ النّاسُ ما الألبابُ تُبطِلُه،
حتى لظنّوا عَجوزاً تحلُبُ القَمَرا
أناقةٌ هو أمْ شاةٌ، فيمنَحَها
عُسّاً تغيثُ به الأضيافَ، أو غُمَرا
وحَدّثَتْكَ رجالٌ عن أوائِلها؛
فاسمَعْ أحاديثَ مَينٍ تُشبِهُ السَّمَرا
رجوتُ أغصانَ سِدرٍ أن تُظَلّلَني،
وقد تقلّصَ منها الظلُّ وانشَمَرا
يخالفُ، الطبعَ، معقولٌ خُصصْتَ به،
فاقبلْ إذا ما نهاكَ العَقلُ، أو أمَرا
والدّارُ تدمُرُ من كلٍّ، وما غرضي
كونٌ بتدمُرَ لكن منزِلٌ دَمرا
والإنسُ أشجارُ ناسٍ أثمرتْ مَقِراً،
وأكثرُ القومِ شاكٍ يفقدُ الثّمَرا
وما التّقيُّ بأهلٍ أن تُسَمّيَهُ
بَرّاً، ولو حَجّ بيتَ اللَّهِ، واعْتمرا
والقَلبُ يَغرى بما تُهدي الرّياحُ لهُ،
كحَملِها الرّيحَ من زيدٍ إلى عُمرا(40/76)
ثبْ من طَمارٍ، إذا لم تستطعْ سَرَباً؛
وثِبْ شبيهَ التميميّ الذي طَمَرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما يفتأ المرءُ، والأبرادُ يُخلِقُها
ما يفتأ المرءُ، والأبرادُ يُخلِقُها
رقم القصيدة : 4387
-----------------------------------
ما يفتأ المرءُ، والأبرادُ يُخلِقُها
باللُّبْس، عصراً، إلى أن يَلبَس الكِبرَا
وذاكَ بُرْدٌ، إذا ما اجتابَهُ رجلٌ،
ألغَى الحُبورَ، وألقى بالفمِ الحَبرا
يا ساكني الأرضِ! كم ركبٍ سألتُهمُ
بما فعلتمْ، فلمْ أعرفْ لكم خَبرا
زالتْ خُطوبٌ، فلم تُذكَرْ شدائدُها،
والعَوْدُ يَنسى، إذا ما أُعفيَ، الدَّبَرا
ولن تصيبوا، من الدّنيا، سوَى صَبَرٍ،
حتى تكونوا، على أحداثها، صُبُرا
وحبُّها، وهي، مذْ كانتْ، مُحبَّبةٌ،
أقامَ داوُدُ يتلُو، ليلَهُ، الزُّبُرا
دنياكُمُ لكمُ، دوني، حكمتُ، بها،
حُكمَ ابنِ عَجلان يجنيها الذي أبَرا
أما رأيتَ فقيهَ المِصرِ أقبَلَ مِن
دَفن الصّديق، فلم يُوعَظْ بمن قبرا؟
أنت ابن وقتك، والماضي حديثُ كرًى،
ولا حلاوَةَ للباقي الذي غبَرا
ويَعبُرُ الحيُّ بالخالي، فيَعبَرُهُ،
وكم رأى ذاتَ ألوانٍ، فما اعتَبرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا وفتْ، لتِجارِ الهنْدِ، فائدةٌ،
إذا وفتْ، لتِجارِ الهنْدِ، فائدةٌ،
رقم القصيدة : 4388
-----------------------------------
إذا وفتْ، لتِجارِ الهنْدِ، فائدةٌ،
فاجعل، مع اللَّهِ، في دُنياكَ متّجَرَا
ودينُ مكّةَ، طاوعنا أئِمّتَهُ،
عصراً، فما بالُ دينٍ جاءَ من هجَرا
والسّعدُ يُدْرِكُ أقواماً، فيرفعُهم،
وقد يَنالُ، إلى أن يُعبَدَ، الحجرا
وشرّفتْ، ذاتَ أنواطٍ، قبائِلُها،
ولم تُبايِنْ، على عِلاّتها، الشجرا
فاترُكْ ثعالِبَ إنْسٍ في مَنازِلِها؛
ودعْ ثعالبَ وَحشٍ تسكُنُ الوُجُرا
وما ثَعالبُ، في قيسٍ ولا يَمنٍ،
إلاّ ثعالبُ دُجْنٌ تنفُضُ الوَبَرا
أتَزجرونَ أميراً أنْ يكلّفَكم
ضيماً، فيحمدَ، غِبّ الشأن، من زجرا(40/77)
قد كانَ يُحسنُ في داجي شبيبَتهِ،
حتى إذا لاحَ، فجراً، شيبُهُ فَجَرا
فإنّ عِلباءً المدعوّ في أسدٍ،
ساقَ الحِمامَ، فأسقى ماءَهُ حُجُرا
كاد العَذابُ من الخَضراءِ يُمْطِرُنا،
وكادتِ الأرْضُ ترغُو تحتَنا ضَجَرا
إن صَحّ جسْمٌ، فإنّ الدّينَ منتكِسٌ،
تظنُّهُ، كلَّ حينٍ، مُدْنَفاً هَجَرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فوارسُ الدّهرِ جاءتْ تَسبقُ النُّذُرا،
فوارسُ الدّهرِ جاءتْ تَسبقُ النُّذُرا،
رقم القصيدة : 4389
-----------------------------------
فوارسُ الدّهرِ جاءتْ تَسبقُ النُّذُرا،
كأنّما هيَ خيلٌ تنفُضُ العُذُرا
فاجعلْ شِعارَكَ حمدَ اللَّهِ، تَذكرُهُ
في كلّ دهرِكَ، واستَشعِرْ به حَذَرا
واعذرْ سواك، فأمّا النّفس إن جرَمتْ
فانقَم عليها، ولا تقبل لها عُذُرا
وكثرَةُ القولِ دلّتْ أنّ صاحبَها
ألغى، وبذّر، فاهجر، واتّقِ البُذُرا
فإنّ، في الطّيرِ، ذا ريشٍ، به ضرَعٌ،
إذا أفاقَ أطالَ النّطقَ والهَذرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تأخُّرُ الشّيبِ عني مثلُ مقْدَمه
تأخُّرُ الشّيبِ عني مثلُ مقْدَمه
رقم القصيدة : 4390
-----------------------------------
تأخُّرُ الشّيبِ عني مثلُ مقْدَمه
على سوايَ، ووقتُ الشيبِ ما حضرَا
وكم تعدّتْ، يَبيسَ الأرض، راعيةٌ
من السّوامِ، ورامتْ عينُها الخُضرا
وأطْوَلُ الحِينِ يُلفى مثلَ أقصرِهِ،
فاسألْ ربيعَةَ عمّا قُلتُ، أو مُضَرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا الحياةُ، ففَقرٌ لا غِنى معَهُ
أمّا الحياةُ، ففَقرٌ لا غِنى معَهُ
رقم القصيدة : 4391
-----------------------------------
أمّا الحياةُ، ففَقرٌ لا غِنى معَهُ
والموتُ يُغني، فسبحانَ الذي قدَرَا
لو أنصَفَ العيشُ لم تُذمَمْ صحابتهُ،
وما غدَرْنا، ولكن عَيشُنا غدَرا
غُفرانَ ربّك، هل تغدو، مُؤمِّلَةً،
أغفارُ شابةَ، أنْ تُدعى بها فُدُرا
أم خُصّ، بالأملِ المبسوط، كلُّ فتًى(40/78)
من آلِ حوّاءَ، يُنسي وِرْدُه الصّدرا
يا صاحِ! ما خدرت رجلي، فأشكوَها،
ولم أزَلْ والبرايا نشتكي الخدَرا
ليلاً من الغيّ، لا أنوارَ يُطلِعُها،
فالرّكبُ يَخبطُ، في ظلمائه، الغَدرا
لا تَقرَبَنْ جَدَرِيّاً، ما أردتُ بهِ
داءً يُرى، بلْ شراباً مُودَعاً جَدَرا
زُفّتْ إلى البَدرِ، والدينارُ قيمتُها،
عند السّباءِ، وكانتْ تسكنُ المَدرا
والخَيرُ ينْدُرُ، تاراتٍ، فنعرِفُه،
ولا يُقاسُ على حَرْفٍ، إذا ندرا
وكم مصائبَ، في الأيّامِ، فادحةٍ،
لولا الحِمامُ، لعُدّتْ كلُّها هَدرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الدينُ هَجرُ الفتى اللذّاتِ عن يُسُرٍ،
الدينُ هَجرُ الفتى اللذّاتِ عن يُسُرٍ،
رقم القصيدة : 4392
-----------------------------------
الدينُ هَجرُ الفتى اللذّاتِ عن يُسُرٍ،
في صحّةٍ واقتدارٍ منه ما عَمِرا
والحِلْمُ صبرُ أخي عِزٍّ لظالمهِ،
حتى يقولَ أُناسٌ ذلّ أو قُمِرا
والغُمرُ يأتي غِمارَ اللُّجّ، يحسِبُها
ضحضاحَ ماءٍ، فنُلفيهِ وقد غُمِرا
والظبيُ أشجَعُ من ليثٍ ومن نَمِرٍ،
إذا ألَمّ يُضاهي اللّيثَ والنّمِرا
ومن عناءِ اللّيالي خادِمٌ ضغِنٌ
إنْ يُؤمَرِ الأمرَ يَفعَلْ غيرَ ما أُمِرا(40/79)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يذوي الرّبيعُ وتخضَرُّ البِلادُ لَهُ،
يذوي الرّبيعُ وتخضَرُّ البِلادُ لَهُ،
رقم القصيدة : 4393
-----------------------------------
يذوي الرّبيعُ وتخضَرُّ البِلادُ لَهُ،
ونحنُ مثلُ سَوامٍ، نرتعي الخُضَرَا
ولا انتباهَ لإنسٍ من رُقادِهمُ،
إلاّ إذا قيلَ: هذا الموتُ قدْ حضَرا
وما القَبائلُ، إلاّ في مُقابلَةٍ
جيشَ المَنيّةِ من عدنانَ أو مُضَرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا يُوقِدِ النّارَ ذاكَ الحَيُّ في أثَري،
لا يُوقِدِ النّارَ ذاكَ الحَيُّ في أثَري،
رقم القصيدة : 4394
-----------------------------------
لا يُوقِدِ النّارَ ذاكَ الحَيُّ في أثَري،
فلَستُ أُوقِدُ في آثارِهم نارَا
حِلْفُ السّفاهِ يرى أقمارَ حِندِسِهِ
دراهماً، ويظنُّ الشّمسَ دينارا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يغدو، إلى كسبِ قيراطٍ، أخو عملٍ،
يغدو، إلى كسبِ قيراطٍ، أخو عملٍ،
رقم القصيدة : 4395
-----------------------------------
يغدو، إلى كسبِ قيراطٍ، أخو عملٍ،
لو يُوزَنُ الإثمُ فيه كانَ قنطارا
يبغي التشبّثَ، بالأوقاتِ، جائزُها،
هيهاتَ ما الوقتُ إلاّ طائرٌ طارا
فازجُرْ خواطِرَ نفسٍ غيرِ محسنَةٍ،
فقد تُجَشِّمُ، في دُنياكَ، أخطارا
والناسُ يخزونَ، بالسّوآتِ، أنفسَهم،
حتى يُقَضّوا، من الأشياءِ، أوْطارا
وهَجرُ لذّةِ حِينٍ، غيرِ دائمَةٍ،
يَرُدُّ، بالمنْطِقِ، المتفالَ مِعْطارا
وقد تكونُ أيادي القومِ باذِلَةً،
حتى تُعَدّ، مع الأمطارِ، أمطارا
إن صُمْتَ عن مأكل العاي ومشرَبهِ،
فلا تحاوِلْ، على الأعراضِ، إفطارا
وإنّ أطيبَ، من مسكٍ ومن قُطُرٍ،
أنْ لا تطورَ، لدارِ السَّوْءِ، أقطارا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا نحلُ، إن شارَ شُهداً منك مكتسِبٌ،
يا نحلُ، إن شارَ شُهداً منك مكتسِبٌ،
رقم القصيدة : 4396
-----------------------------------(41/1)
يا نحلُ، إن شارَ شُهداً منك مكتسِبٌ،
فحَسبُهُ أنّ، بعدَ الموتِ، إنشارا
وما أُسَرُّ لتَعشِيرِ الغُرابِ أسًى؛
ولا أُبكّي خليطاً حلّ تِعشارا
ولا توهّمتُ أُنثى الأنجُمِ امرأةً؛
ولا ظَنَنْتُ سُهَيلاً كان عَشّارا
ولستُ أحمدُ بُشرى، وهي كاذبةٌ،
ولا أُوافقُ حمّاداً وبَشّارا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُبعُد من النّاسِ تَطرَحْ ثِقلَ أُلفَتِهمْ،
أُبعُد من النّاسِ تَطرَحْ ثِقلَ أُلفَتِهمْ،
رقم القصيدة : 4397
-----------------------------------
أُبعُد من النّاسِ تَطرَحْ ثِقلَ أُلفَتِهمْ،
ولا تُرِدْ لك أعواناً وأنصارَا
ولا تُحاوِلُ من قومٍ، إذا صُحِبوا،
أذكَوا لرَغمِكَ أسماعاً وأبصارا
لمّا تَبَيّنتُ طولَ الدّهرِ، طالَ بهِ
فكري، فأشعرَ هذي النفسَ إقصارا
يا لهفِ! كم مُدْنِ أملاكٍ غدَونَ، فلا
فيهِ، وكم فلواتٍ عُدْنَ أمصارا
واللَّهُ أكبرُ، لا يدنُو القياسُ له،
ولا يجوزُ عليه كان أو صارا
لا مُلكَ لي، وأرى الدّنيا تُحاصرُني،
وما حَجَجتُ، وقد لاقيتُ إحصارا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قُرَّ البخيلُ، فأمسى، من تحفّظِهِ،
قُرَّ البخيلُ، فأمسى، من تحفّظِهِ،
رقم القصيدة : 4398
-----------------------------------
قُرَّ البخيلُ، فأمسى، من تحفّظِهِ،
يُلقي على الجِسمِ دِيناراً فدِينارَا
يَشكو الشّتاءَ، فيرجُو أن يدفّئَهُ؛
أوْقِدْ صِلاءَكَ، ليسَ العَسجدُ النارا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كم يُسّرَ الأمرُ، لم تأمَلْ تَيسّرَهُ؛
كم يُسّرَ الأمرُ، لم تأمَلْ تَيسّرَهُ؛
رقم القصيدة : 4399
-----------------------------------
كم يُسّرَ الأمرُ، لم تأمَلْ تَيسّرَهُ؛
وكم حَذِرْتَ، فما وُقّيتَ محذورَا
فاغفِرْ ذُنوباً لتُجزى بعدَ مغفِرَةٍ؛
واعذِرْ لتُصبحَ بينَ النّاسِ مَعْذورا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أقاتِليَ الزّمانُ، قِصاصَ عَمْدٍ،
أقاتِليَ الزّمانُ، قِصاصَ عَمْدٍ،(41/2)
رقم القصيدة : 4400
-----------------------------------
أقاتِليَ الزّمانُ، قِصاصَ عَمْدٍ،
لأني قد قتلتُ بَنيهِ خُبْرَا؟
ولم أسفِكْ دِماءَهُمُ، ولكنْ
عَرفتُ شُؤونَهم كشفاً وسَبرا
غَدَوتُ ورَيبَهُ فرسَيْ رهانٍ،
يُجيدُ نَوائِباً، وأُجيدُ صَبرا
كأنّ نُفوسَنا إبلٌ صِعابٌ،
بُراها عَقلُها، والعيسُ تُبرا
وكم ساعٍ ليُحْبَرَ في بناءٍ،
فلم يُرزَقْ بما يَبنِيهِ حَبرا
كأمّ القَزّ يَخرُجُ من حَشاها
ذُرى بَيتٍ لها، فيعُودُ قَبرا
لعلّكَ مُنْجزي أغبارَ دَيني،
إذا قمنا من الأجداثِ غُبرا
وحافِرِ مَعدِنٍ لاقَى تَباراً،
وكانَ عناؤهُ ليُصيبَ تِبرا
توافقْنا على شِيَمٍ خِساسٍ،
فما بالُ الجَهولِ يُسِرُّ كِبْرا؟
فهذا يسألُ البُخَلاءَ نَيْلاً؛
وهذا يضربُ الكرماءَ هَبرا
جلوسُ المرءِ في وبَرٍ، مليكاً،
نظيرُ طُلوعِهِ في الهَضْبِ وبْرا
ودعواكَ الطّبيبَ، لجَبْرِ عُضْوٍ،
أخفُّ عليكَ من دَعْواكَ جَبْرا
وما يحْمي الفتى، كِبَراً، وزَرْداً
بموتٍ، لبسُهُ زَرَداً وكِبْرا
نُقَضّي وقتَنا بغنًى وعُدْمٍ؛
ونُنفِقُ لفظَنا هَمساً ونَبرا
إلى الخلاّقِ، أبْرأُ مِنْ لسانٍ
تعوّدَ أن يروعَ النّاسَ أبْرا
ومَنْ يُبْدِعْ طوِيّاً في سهولٍ،
فلا يَترُكْ، مع الطارينَ، زُبرا
كأنّا في بحارٍ من خُطوبٍ،
وليسَ يرى لها الرّاؤونَ عِبرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمَرّتْ هذهِ الدّنْيا، ومرّتْ،
أمَرّتْ هذهِ الدّنْيا، ومرّتْ،
رقم القصيدة : 4401
-----------------------------------
أمَرّتْ هذهِ الدّنْيا، ومرّتْ،
وإمراراً أُؤنّبُ لا مُرُورَا
وأغرانا بها طبعٌ لَئيمٌ؛
وأعْطَتْ مِنْ حَبائِلها غُرورا
قَرَتْكَ من القِرَى، وقَرَتْ بهُلْكٍ،
وأقرَتْ عِبْأها، وقَرَتْ شُرُورا
أيلبَثُ لي، فأذكرَهُ، زمانٌ،
فإني خِلْتُهُ نَسِيَ السّرورا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتفرَحُ بالسّريرِ، عميدَ مُلكٍ،
أتفرَحُ بالسّريرِ، عميدَ مُلكٍ،(41/3)
رقم القصيدة : 4402
-----------------------------------
أتفرَحُ بالسّريرِ، عميدَ مُلكٍ،
بجهلِكَ والحُصولِ على السّريرَهْ
ولو قَرّرْتَ فِكرَكَ في المَنايا،
إذاً لبكَيتَ بالعَينِ القريرَه
أكلَّ عشيّةٍ جَسَدٌ جريرٌ
إلى جَدَثٍ، ليُسألَ عن جَريره
وما رقّتْ، ولا رثَتِ اللّيالي،
منَ السّرْحانِ للأظبي الغريره
فهلْ أوصتْ، بنيها، أمُّ خِشفٍ،
بأن لا تظلموا أحداً بَريره؟
تودّعُنا الحَياةُ بمُرّ كأسٍ،
إذا انتقضتْ من الحيّ المَريره
نأى عنهُ النّسيسُ، فقد تَساوى
له لَمْسُ الحديدةِ والحريره
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا يَجزَعَنّ، من المنيّةِ، عاقِلٌ،
لا يَجزَعَنّ، من المنيّةِ، عاقِلٌ،
رقم القصيدة : 4403
-----------------------------------
لا يَجزَعَنّ، من المنيّةِ، عاقِلٌ،
فالنّعْشُ من نُعِشَ الفتى أن يَعْثُرَا
والعيْشُ من عَشِيَ البصيرُ، أصابَه
قلبٌ وإسكانٌ، فسمِّ لتدثُرا
والدّفنُ دِفءٌ في الشّتاءِ، وظُلّةٌ
في القَيظِ، حُقّ لمثلِها أن يؤثرا
أعني بذلكَ أنّهُ لي مؤمِنٌ
مِنْ كلّ رُزْءٍ، في حَياتي أثرا
إنّ الذي نظمَ الأنامَ قَضَى لهُ
بسلوكهِ النّكباتِ، حتى يُنثرا
والرّبُّ لم يزدَدْ، ولا هو ناقِصٌ؛
ما قلّ مُلكُ إلهِنا فيُكثَّرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لم أرضَ رأيَ وُلاةِ قومٍ، لقّبوا
لم أرضَ رأيَ وُلاةِ قومٍ، لقّبوا
رقم القصيدة : 4404
-----------------------------------
لم أرضَ رأيَ وُلاةِ قومٍ، لقّبوا
ملِكاً بمُقتَدِرٍ، وآخَرَ قاهرَا
هذي صِفاتُ اللَّهِ، جَلّ جَلالُهُ،
فالحَقْ بمنْ هَجَرَ الغُواةَ مُظاهِرا
نَبغي التّطهّرَ، والقضاءُ جَرَى لنا
بسواهُ، حتى ما نعاينُ طاهِرا
والنّاسُ في ظُلَمِ الشكوكِ تنازَعوا
فيها، وما لمَحوا نهاراً باهِرا
نَمضي ونَتّرِكُ البلادَ عريضةً،
والصّبحَ أنوَرَ، والنّجومَ زواهِرا
عِشْ ما بدا لك، لن ترى إلاّ مدًى
يُطوى كعادته، ودَهراً داهرا(41/4)
لا تُولِدوا، وإذا أبَى طَبعٌ، فلا
تَئِدوا، وأكرِمْ بالترابِ مُصاهِرا
والجِسمُ أصلٌ فرّعتهُ قُدرَةٌ،
فأبانَ خالقُهُ حَصًى وجواهرا
كم قائِمٍ بِعظاتِهِ مُتَفَقِّهٍ في
الدّينِ، يوجَدُ حينَ يُكشَفُ عاهرا
وعلمتُ قلبَ المَرءِ يَغرَق في هوى
دُنياهُ، خابَ مكاتماً ومجاهرا
ماذا أفَدْتَ بأنْ أطَلْتَ تفكّراً
فيها، وقد أفنَيتَ لَيلَكَ ساهرا؟
وخمولُ ذكرِكَ، في الحياةِ، سلامةٌ،
ودهاكَ مَن أمسى لذِكرِكَ شاهرا
فتَجَنّبَنْ مُتوافقَينِ على الأذَى،
مُتَخالِفَينِ بواطناً وظواهرا
وإخالُنا في البحر، ليسَ بسالِمٍ
منهُ الذي ركبَ الغواربَ ماهرا
ملَكوا فَما سلَكوا سبيلَ الرّشد، بل
ملأوا الدّيارَ ضوارِباً ومزاهرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما للنّعائِمِ لا تَمَلُّ نِفارَها؛
ما للنّعائِمِ لا تَمَلُّ نِفارَها؛
رقم القصيدة : 4405
-----------------------------------
ما للنّعائِمِ لا تَمَلُّ نِفارَها؛
والشُّهْبُ تألَفُ سيرَها وسِفارَها
والطّبعُ يخفُرُ ذمّةً من ناسِكٍ؛
والعَقلُ يكرَهُ، جاهداً، إخفارَها
تَلَتِ النّصارى، في الصّوامع، كتبَها
ويهودُ تقرأ، بالقوى، أسفارها
ليسَ المَعاشرُ، سبّدتْ هاماتِها،
كمَعاشرٍ أمسَتْ تُجِمُّ وِفارَها
وأعُدُّ قصّ الظّفرِ شيمَةَ ناسكٍ،
والهندُ، بعدُ، مُطيلَةٌ أظفارها
مِلَلٌ غدَتْ فِرَقاً، وكلُّ شريعَةٍ
تُبدي، لِمُضْمَرِ غيرِها، إكفارَها
والرّملَةُ البيضاءُ غودِرَ أهلُها،
بعدَ الرَّفاغةِ، يأكلونَ قفارَها
والعُرْبُ خالفتِ الحضارةَ، وانتقتْ
سُكنى الفلاةِ، ورُعلَها وصُفارَها
كانت إماؤهُمُ زوافِرَ مَوْرِدٍ،
فالآنَ أثقَلَ نَضرُها أزفارها
أهِلَتْ بها الأمصارُ، فهيَ ضواربٌ
عَمَدَ الممالِكِ، لا تريدُ قِفارَها
لم يَبقَ إلاّ أن تؤمّ جيادُهُمْ
رَمَحاً، لتقطَعَ رَملَها وجِفارَها
عتروا الفوارِسَ بالصّوارِمِ والقَنا،
والمَلْكُ في مصرٍ يُعَتِّرُ فارَها(41/5)
جعلوا الشّفارَ هوادِياً لتَنوفَةٍ
مَرهاءَ، تُكحَلُ بالدّجى أشفارُها
تَكبُو زِنادُ القادِحينَ، وعامرٌ،
بالشامِ، تقدَحُ مَرْخَها وعَفارها
وإذا الذّنوبُ طَمتْ، فأخلِص توبةً
للَّهِ، يُلْفَ بفضلِهِ غفّارها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَثَلُ الفتى، عندَ التغرّبِ والنّوى،
مَثَلُ الفتى، عندَ التغرّبِ والنّوى،
رقم القصيدة : 4406
-----------------------------------
مَثَلُ الفتى، عندَ التغرّبِ والنّوى،
مَثَلُ الشّرارةِ إن تُفارِقْ نارَها
إن صادَفتْ أرضاً أرَتْكَ خُمودَها؛
أو وافقَتْ أُكُلاً أرتْكَ مَنارها
ولَبئسَ نفسُ المرءِ نفسٌ حسّنَتْ
فعلَ القَبيحِ له، فنصّ شَنارَها
ورْهاءُ، مُفسِدَةٌ، أهانتْ عِرضَها
حتى أُصيبَ، وأكرمَتْ دِينارَها
وأساءَ ناكِحُ زوْجَةٍ نَصرانَةٍ،
قطعَتْ، لأجلِ نِكاحِهِ، زنّارَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما لي بما بعدَ الرّدى مَخْبَرَهْ؛
ما لي بما بعدَ الرّدى مَخْبَرَهْ؛
رقم القصيدة : 4407
-----------------------------------
ما لي بما بعدَ الرّدى مَخْبَرَهْ؛
قد أدْمَتِ الآنُفَ هذي البُرَهْ
اللّيلُ، والإصباحُ، والقَيظُ، والـ
إبرادُ، والمنزِلُ، والمَقبَرَه
كم رامَ سَبرَ الأمرِ، مَن قبلَنا،
فنادتِ القُدرةُ لنْ تَسبُره
فاجبُرْ فقيراً بَعطاءٍ لَهُ،
إن كان، في طَوْلِكَ، أن تجبره
سبحانَ مولانا الذي صاغَنا،
ما ظهرَتْ، في عِضَةٍ، عُكبَره
عشِنا وجسرُ الموتِ قُدّامَنا،
فَشَمّرِ الآنَ لِكَيْ تَعبُرَه
والعِزُّ في الثّروَةِ، والعيشُ في الـ
ـحَبرةِ، والحِرفةُ في المِحْبَرَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إيّاكَ والأيمانَ تُلقي بها،
إيّاكَ والأيمانَ تُلقي بها،
رقم القصيدة : 4408
-----------------------------------
إيّاكَ والأيمانَ تُلقي بها،
فإنّها مُحرِجَةٌ مُكفِرَهْ
وذمّةُ المؤمنِ مَخفورةٌ
بالدّينِ، لا تَدْنو لها مُخفِره
عِيسٌ تُبارِي جُدْلَها بالفَتى،(41/6)
فجُدْ لها يا ربّ بالمَغفِرَه
أقفَرَ، في المَطعَمِ، رُكبانُها،
والقومُ بالدّوّيّةِ المُقفِره
ما حاولوا عَفوَكَ لا غَيْرَهُ،
من وَلَدٍ، تَمنَحُهُ، أوْ فِرَه
كم جاوزوا من حِندسٍ مظلمٍ،
ليبلُغوا رحمتَكَ المُسفِرَه
ما الغَفرُ، في أنجُمهِ، آمنُ الاقـ
ـدارِ، بَلْهَ الغُفرَ والمُغفِرَه
أيُلْحِدُ الشّيخُ، ومَلْحودُهُ
قد آنَ للحافِرِ أن يَحفِرَه؟
بيني وبينَ البعثِ طولُ البِلَى،
ومَن لهذي النّفسِ أن تطفِرَه؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> من عاشَ سبعينَ، فهو في نَصَبٍ،
من عاشَ سبعينَ، فهو في نَصَبٍ،
رقم القصيدة : 4409
-----------------------------------
من عاشَ سبعينَ، فهو في نَصَبٍ،
وليسَ للعَيشِ بعدَها خِيَرَه
والخَيرُ من زئبقٍ تشكُّلُهُ،
وإنّما يَرقُبُ امرؤٌ غِيَرَه
لا يَتَطَيّرْ، بناعِبٍ، أحدٌ،
فكلُّ ما شاهَدَ الفَتى طِيَرَه
رُؤيتُكَ المَيتَ في الكَرَى سببٌ،
يقول: من يَفقِدِ الحياةَ، يَرَه
هل سارَ في النّاسِ أوّلٌ بتُقًى،
فيَتبَعَ النّاسُ، بعدَهُ، سِيَرَه؟
ملوكُنا الصّالحونَ، كلُّهمُ
زيرُ نِساءٍ، يَهَشُّ للزِّيَرَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا حَصانَ النّساءِ! كم فارساً وُلـ
يا حَصانَ النّساءِ! كم فارساً وُلـ
رقم القصيدة : 4410
-----------------------------------
يا حَصانَ النّساءِ! كم فارساً وُلـ
ـدُكِ؟ مَهْ! إنّما ولَدْتِ قُبورَا
من أرادَ البقاءَ، وهو حبيبٌ،
فليُعِدّنْ، للحُزْنِ، قلباً صَبورا
لو دَرى بالذي عَلِمْتُ ثَبيرٌ،
لدَعا، من أذى الحياةِ، ثُبورا
ما ترى، في الزّمانِ، إلاّ قتيلاً،
أو أسيراً، لحَتفِهِ، مَصبورا
عَبَرَ النّاسُ فوقَ جسرٍ أمامي،
وتخلّفْتُ لا أُريدُ عُبورا
أشعَرَ اللَّهُ، خالقُ الأممِ، الشّعـ
ـرى الغميصاءَ ذِلّةً، والعَبُورا
وتُحِبُّ الأمُّ الخَلوبَ، وداوودُ
يُحبُّ الدّنيا، ويتْلو الزَّبورا
كلُّنا، يشهدُ الإلهُ، كسيرٌ
يترجّى، بضعفِ رأيٍ، جُبورا(41/7)
قد خَبَرْنا، فكيفَ يُغتَرُّ بالشـ
ـيءِ الذي باتَ عندَنا مخبُورا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> استرَدّ الحياةَ منكِ، لعَمرُ اللَّهِ،
استرَدّ الحياةَ منكِ، لعَمرُ اللَّهِ،
رقم القصيدة : 4411
-----------------------------------
استرَدّ الحياةَ منكِ، لعَمرُ اللَّهِ،
من كانَ، للحَياةِ، مُعِيرَا
ربّما تدرُجينَ في أوّلِ النّمـ
ـلِ، إذا ما عَدَونَ عِيراً فعِيرا
وتَحُلّينَ قَريَةً، فسقاكِ الـ
ـموتُ كأساً، كما سَقاها البَعيرا
أتُرَجّينَ، مِن إلهكِ، عفواً،
وتخافينَ، في الحسابِ، السّعيرا؟
لُعِنَ الحِرْصُ، كم تحكّرْتِ قوتاً
ثمّ خلّفتِ بُرّه والشّعيرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد يَحُجُّ الفتى ويَغنى بعِرْسٍ،
قد يَحُجُّ الفتى ويَغنى بعِرْسٍ،
رقم القصيدة : 4412
-----------------------------------
قد يَحُجُّ الفتى ويَغنى بعِرْسٍ،
وهو، من صُرّةِ اللُّجَينِ، صَرورَهْ
بِدَرُ المالِ مثلُ بَدرِ الدّجَى يُمـ
ـحَقُ، من بَعدِ أن يَتِمّ، ضرورَه
حُجّةٌ، إن أقَمتَها لضعيفٍ،
حِجّةٌ، في حُقوقِها، مبرُورَه
أيّها المرءُ! إنّما أنتَ كالنّمـ
ـلَةِ، تَغدو لبُرّةٍ مَجرُورَه
يَبعَثُ اللَّهُ، في نهارٍ ولَيلٍ،
بركاتٍ، من رِزقِه، مدروره
ما لباسُ التّقوى على النّاسِ، لكنّ
ثياباً، على الخَنَى، مَزرُوره
أدفِئوا بالطّعانِ، بَينَ التّراقي،
والحَوايا، أسنّةً مَقروره
قد تُلاقي، الحِمامَ في وَضَحِ اليَوْ
مِ، نفوسٌ بصُبحِها مَسرورهْ
وتَرَى الحَقَّ يَستَنيرُ، فتَدْري
أنّها، في حياتها، مَغرُوره
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتَدْري النَجومُ بما عندنا،
أتَدْري النَجومُ بما عندنا،
رقم القصيدة : 4413
-----------------------------------
أتَدْري النَجومُ بما عندنا،
وتشكو، منَ الأينِ، أسفارَها
وتَغبِطُ غانيةً، في النّساءِ،
تَعبِطُ، في بَيتِها، فارَها
بَني آدَمٍ كلّكُمْ ظالِمٌ،(41/8)
فما تُنصِفُ العَينُ أشفارَها
وقدْ أهِلَتْ بالخنى دارُكُمْ،
فلا أبْعَدَ اللَّهُ إقفارَها
ويَلْهَمُ، نُسّاكَها، تُرْبُها،
كما ظلّ يَلهَمُ كُفّارَها
فهلْ قامَ، من لحدِهِ، ميّتٌ
يَعيبُ، على النّفسِ، إخفارَها
يقولُ: جنينا ذنوباً لَنا،
وجَدْنا المهَيْمِنَ غَفّارَها
كأنّ حَياةَ الفَتى لَيلَةٌ،
يُرَجّي أخو اللُّبّ إسْفارَها
مضى المَرءُ موسى، وأضحَتْ يهود
تَتلو، على الدّهرِ، أسفارَها
نُقَلّمُ، للنُّسكِ، أظفارَنا،
وطَوّلَتِ الهندُ أظْفارَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تباركتَ! إنّ الموتَ فرْضٌ على الفتى،
تباركتَ! إنّ الموتَ فرْضٌ على الفتى،
رقم القصيدة : 4414
-----------------------------------
تباركتَ! إنّ الموتَ فرْضٌ على الفتى،
ولوْ أنّهُ بَعضُ النّجومِ التي تسري
ورُبّ امرىءٍ ، كالنّسرِ في العزّ والعلا،
هَوى بسِنانٍ، مثلِ قادمةِ النّسرِ
وهوّنَ ما نَلقَى، من البؤسِ، أنّنا
بنو سفَرٍ، أوْ عابرونَ على جِسرِ
وما يترُكُ الإنسانُ دُنياهُ، راضياً،
بعِزٍّ، ولكنْ مُستَضاماً على قَسر
وما تَمنَعُ الآدابُ والمُلْكُ سَيّداً،
كقابوسَ، في أيّامِهِ وفناخُسر
متى ألقَ، مِنْ بَعدِ المَنيّةِ، أُسْرَتي
أُخَبّرْهُمُ أني خَلَصتُ من الأسر
سَما نَفَرٌ، ضرْبَ المِئِينَ، ولم أزَلْ
بحمدِك مثلَ الكسرِ يُضربُ في الكسر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدا رَمضاني ليسَ عنّي بمُنقَضٍ،
غدا رَمضاني ليسَ عنّي بمُنقَضٍ،
رقم القصيدة : 4415
-----------------------------------
غدا رَمضاني ليسَ عنّي بمُنقَضٍ،
وكلُّ زماني لَيلَتيْ آخِرِ الشّهْرِ
أرُومُ خلاصاً من قَضاءٍ مُسَلَّطٍ
عليّ، توخّى قاهرَ النّاسِ بالقَهْرِ
رَمى آلَ صخرٍ بالصّخورِ، وجَرولاً
بهَضبٍ، وألقى الرّاسياتِ على فِهر
ولوْ طارَ جبريلٌ، بقيّةَ عُمرِهِ،
عن الدّهر، ما اسطاعَ الخروجَ من الدّهر
وقد زعَموا الأفلاكَ يُدركها البِلى،(41/9)
فإنْ كانَ حقّاً، فالنَجاسةُ كالطّهر
وأمّا الذي لا ريْبَ فيهِ لعاقلٍ،
فغَدْرُ اللّيالي بالظَّلاميّةِ الزُّهر
وإنْ صَحّ أنّ النّيّراتِ مُحِسّةٌ،
فماذا نكِرْتُمْ من ودادٍ ومن صِهر؟
لعلّ سُهَيْلاً، وهو فحلُ كواكبٍ،
تزوّجَ بنتاً للسّماكِ على مَهرِ
يقولونَ تأتي فوقَنا، مثلَ ما أتَى
بنو الأرض في حالِ السّرارِ، أو الجهر
فيا لَيتَ شعري هل تُراعُ من الرّدى
وتركعُ نُسكاً بالعِشاءِ وبالظّهرِ
وتَكذِبُ، أنّ المَينَ في آلِ آدَمٍ
غرائزُ جاءَتْ بالنّفاقِ وبالعَهر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقدْ وضعَتْ حوّاءُ، أُمُّكَ، بِكرَها
لقدْ وضعَتْ حوّاءُ، أُمُّكَ، بِكرَها
رقم القصيدة : 4416
-----------------------------------
لقدْ وضعَتْ حوّاءُ، أُمُّكَ، بِكرَها
بدارِ الرّزايا، من عَوانٍ ومن بِكرِ
ولمْ يتناوَلْ، دُرّةَ الحقّ، غائصٌ
من النّاسِ، إلاّ بالرّويّةِ والفكرِ
صُرُوفُ اللّيالي إنْ سَمَحْنَ، لماجدٍ؛
بذكر جميلٍ، عُدْنَ يَعصِفنَ بالذكر
مَكَرْنَ بكُلّ المُدرَكاتِ جُسومُها
وأعراضُها، فليَلْحقِ المَكُر بالمَكر
نهارٌ كذي اللُّبّ العَديمِ، ولَيلَةٌ
كإحدى بَناتِ الزّنجِ، يلعبنَ بالدَّكر
فهلْ علمَتْ شَغواءُ، في النِّيقِ، أنّها
سَيخلِجُها ريبُ المنونِ من الوَكر؟
فإنْ جهِلتْ ذاكَ المُصابَ، فراحةٌ؛
وإنْ أيقَنَتهُ، فهْيَ في نَبإٍ نُكرِ
دعِ النّسلَ! إنّ النّسلَ عُقباه مِيتةٌ؛
ويُهجَرُ طيبُ الرّاحِ، خوفاً من السكر
على الذّمّ بِتنا مُجمِعينَ، وحالُنا،
من الرّعبِ، حالُ المجمعينَ على الشكر
وهل يُصبِحُ السّادي الجديليُّ بازِلاً،
إذا لم يَجُزْ، في سنّه، عُصُرَ البَكر؟
أُراعُ، فلا أرْعى، ومثلي مَعاشرٌ
تنامُ، فلا تَنمي، وتَكرى، فلا تكري
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى ابنَ أبي إسحاقَ أسحَقَهُ الرّدى،
أرى ابنَ أبي إسحاقَ أسحَقَهُ الرّدى،
رقم القصيدة : 4417
-----------------------------------(41/10)
أرى ابنَ أبي إسحاقَ أسحَقَهُ الرّدى،
وأدرَكَ عمرُ الدّهرِ نفسَ أبي عَمرِو
تَباهَوْا بأمْرٍ صيّروهُ مَكاسباً،
فعادَ عليهمْ بالخَسيسِ منَ الأمرِ
بكُسوَةِ بُرْدٍ، أو بإعطاءِ بُلغَةٍ
من العيشِ، لا جَمِّ العَطاءِ ولا غَمر
ولم يصنَعوا شيئاً، ولكن تَنازَعوا
أباطيلَ تُضحي مثلَ هامدَةِ الجَمر
فلا يُضعِ اللَّهُ المَساعيَ في التّقَى،
فمَنْ يَسعَ فيها لا يخَفْ غَبَنَ القَمْر
أما قالَهُ الكوفيُّ في الزّهدِ، مثلَ ما
تغنّى به البِصرِيُّ، في صِفِة الخَمر؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مغنّيةٌ هذي الحَمامةُ، أصبحتْ
مغنّيةٌ هذي الحَمامةُ، أصبحتْ
رقم القصيدة : 4418
-----------------------------------
مغنّيةٌ هذي الحَمامةُ، أصبحتْ
تُغَنّي على ظهرِ الطريقِ، بلا جَذر
أرامتْ، من اللَّهِ، الثوابَ، أم انبرَتْ
تؤمّلُ بالسّجعِ التخلُّصَ من نَذْر؟
لقد أكثرتْ، حتى حسِبتُ مَقالَها،
وإن كانَ مَعدومَ السِّقاطِ، من الهَذر
تُخَوّفُنا من أُمّ دَفرٍ، خديعَةً،
ومكراً، فلم تَذْرِ الدّموعَ، ولم تُذرِ
عَدِمناكِ دُنيانا على السّخطِ والرّضا،
فقد شَفّنا زَرْعٌ تكوّنَ من بَذر
وإنّا لَعُذْرِيّونَ فيكِ من الهوى،
ولَسنا بُعذْريّينَ فيكِ من العُذر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غُبِقنا الأذى، والجاشريّةُ همُّنا،
غُبِقنا الأذى، والجاشريّةُ همُّنا،
رقم القصيدة : 4419
-----------------------------------
غُبِقنا الأذى، والجاشريّةُ همُّنا،
ونادى ظلامٌ لا سبيلَ إلى الجَشرِ
أتكتبُ سطراً، ليسَ فيهِ تخَوُّفٌ
لربّكَ؛ ما أولى بنانَكَ بالأَشِرِ
وإنْ بُتِكَتْ عشرٌ، فمن بعدِ ما جنتْ
بكلّ فسيطٍ، قُضّ أكثرَ من عَشر
وما زالتِ الأيّامُ، يبشُرُ صَرْفُها
أديميَ، حتى ما يُحِسُّ من البَشر
وحِبْرِيَ أودى بالمَدى، فكأنّه
جديدُ مُدًى، أنحَتْ لحِبرِك بالقَشر
وأعْجَبُ ما تخشاهُ دَعَوةُ هاتفٍ،
أُتيتُمْ، فهبّوا يا نيامُ إلى الحَشْر(41/11)
فيا لَيتَنا عِشنا حَياةً، بلا ردى،
يدَ الدّهرِ، أو مُتنا مماتاً بلا نَشر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ترجَّ بُلطْفِ القَولِ ردَّ مُخالفٍ
ترجَّ بُلطْفِ القَولِ ردَّ مُخالفٍ
رقم القصيدة : 4420
-----------------------------------
ترجَّ بُلطْفِ القَولِ ردَّ مُخالفٍ
إليكَ، فكم طِرْفٍ يُسكَّنُ بالنَّقرِ
وإن لم ترَ الصّقرَ الحَمامةُ، دهرَها،
فمن شِيَمِ الوُرقِ الحذارُ من الصّقرِ
وإنْ جاءَ ضَيفٌ طارقٌ، عن ضرورةٍ،
فذُخرٌ لقاريه الطعامُ الذي يَقْري
تعوّدتَ مني عادَةً، فتركتَها،
وما ذاكَ من نِسيانِ حقٍّ ولا حُقْر
وإنّ اقتناعَ النّفسِ من أحسنِ الغنى،
كما أنّ سوءَ الحِرْصِ من أقبح الفقر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى كفْرَ طابٍ أعجزَ الماء حفْرَها،
أرى كفْرَ طابٍ أعجزَ الماء حفْرَها،
رقم القصيدة : 4421
-----------------------------------
أرى كفْرَ طابٍ أعجزَ الماء حفْرَها،
وبالِسَ أغناها الفُراتُ عن الحفرِ
كذلك مجرى الرّزقِ وادٍ بلا ندًى،
ووادٍ به فَيضٌ، وآخرُ ذو جَفْرِ
خَبرْتُ البرايا، والتّصعلُكَ، والغِنى،
وخَفضَ الحشايا، والوجيفَ مع السّفر
فأطيَبُ أرضِ اللَّهِ ما قلّ أهلُهُ،
ولم ينأ فيه القوتُ عن يدِكَ السّفر
يُعاني مقيمٌ بالعراقِ، وفارسٍ،
وبالشّامِ، ما لم يَلْقَهُ ساكنُ القفر
فَمِلْ عن بني حوّاءَ منْ نسلِ آدمٍ،
لتنزِلَ بينَ الحُوّ، والأُدْمِ، والعُفْر
ولا بُدَّ، في دُنياكَ، من نصَبٍ لها،
وهل وضَعَ الأثقالَ دهرُكَ عن شَفر؟
أليسَ هِزَبْرُ الغابِ، وهو مُمَلَّكٌ
على الوَحش، يبغي الصيد بالناب والظُّفر
وأنت، إذا اسَتعملتَ أكوابَ عَسجدٍ،
أسأتَ ويَجزيكَ الاناءُ من الصَّفر
لقد سكنت نفسي، على الكُره، جسمَها،
فألفيتُها لا تَستَقرُّ من النَّفر
فإن لم تَنلْ وفراً من المالِ، فاستَعِنْ
وَفارَةَ عقلٍ، فهي أزكى من الوَفر
وإن لم يكنْ لبُّ الفتى معَ شَخْصه(41/12)
وليداً، فما يَفري لنَفعٍ ولا يُفْري
يُسمّي غويٌّ من يُخالفُ كافراً؛
له الويلُ، أيُّ الناسِ خالٍ من الكُفْر؟
حَصلنا على التمويهِ، وارتابَ بعضُنا
ببَعض، فعندَ العَينِ رَيبٌ من الشُّفر
وليسَ الذي قالَ اليهوديّ ثابتاً،
سوى أنّهُ بالخَطّ أُثبِتَ في السِّفر
غفَرْنا وما أغنى اغتفاراً، وإنّما
عَنيتُ انتكاسَ البُرْءِ لا كرَمَ الغَفْر
إذا خَشِيَتْ أُمٌّ، على ابنٍ، منيّةً،
فيا أُمّ دَفرٍ قد أمِنْتِ على دَفْر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا سَعِدَ البازي، البعيدُ مُغارُهُ،
إذا سَعِدَ البازي، البعيدُ مُغارُهُ،
رقم القصيدة : 4422
-----------------------------------
إذا سَعِدَ البازي، البعيدُ مُغارُهُ،
تأدّى إليه رِزْقُهُ، وهو في الوَكرِ
ويحوي الفتى بالجَدّ مالَ عدُوّهِ،
على رُغْمِه، من غيرِ حِرصٍ ولا مكر
ولو نَحِسَتْ طيٌّ لأُلحِقَ حاتمٌ
بحيٍّ، سواها، مثلِ تَغلِبَ أو بَكر
وما أمَدٌ، في الدّهر، يُبلَغُ، مرّةً،
بأبْعَدَ ممّا نالَهُ المرءُ بالفِكر
كلوا طيّباً، فالطّيبُ، فيما طعِمتمُ،
يُبينُ على أفواهِكم خالصَ الشّكر
وقد لاحَ شيْبٌ في الذَّرا فصحوتمُ،
وصحّ لكم أنّ الشّبابَ من السّكر
فلا تَنسَوُوا اللَّهَ، الذي لو هُديتمُ
إلى رُشدِكمْ، ما زالَ منكم على ذكر
ولا تُنْكِروا حقّ الكبيرِ، فإنّه
لأوجَبُ ممّا تَعرِفونَ من النُّكر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كسرَ العبدُ الإناءَ، فعَدّهِ
إذا كسرَ العبدُ الإناءَ، فعَدّهِ
رقم القصيدة : 4423
-----------------------------------
إذا كسرَ العبدُ الإناءَ، فعَدّهِ
اذاةً له، إنّ الإناءَ إلى كسْرِ
رفيقُكَ أسْرَى في يديك، فلا تكنْ
غليظاً عليهمْ واتّقِ اللَّه في الأسْرِ
نَمُرُّ، سِراعاً، بينَ عُدْمَينِ، ما لنا
لَباثٌ، كأنّا عابرُونَ على جسْر
نَسيرُ ونسري، عامدِين، لمنزِلٍ
تشُدُّ يداهُ رِبقَةَ السّائرِ المُسْري
وقد نأمُلُ الآمالَ، وهيَ مَنوطةٌ(41/13)
إلى ذَنَبِ السِّرحانِ، أو عُنق النّسر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كنتَ ذا ثِنْتينِ فاغْدُ مُحارِباً
إذا كنتَ ذا ثِنْتينِ فاغْدُ مُحارِباً
رقم القصيدة : 4424
-----------------------------------
إذا كنتَ ذا ثِنْتينِ فاغْدُ مُحارِباً
عدوّينِ، واحذَرْ من ثلاثِ ضرائرِ
وإنْ هُنّ أبدَينَ المودّةَ والرّضا،
فكم من حُقُودٍ غُيّبَتْ في السّرائر!
قِرانُكَ ما بَينَ النّساءِ أذِيّةٌ
لهنّ، فلا تحْمِلْ أذاةَ الحرائر
وإن كنتَ غِرّاً بالزّمانِ وأهْلِه،
فتكفيك إحْدى الآنِساتِ الغرائر
لقد ودّ أصْحابُ الكبائرِ لو رأوا
جرائرَهمْ مقذُوفةً في الجرائر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَعيبُ أُناسٌ أنّ قوماً تجرّدوا
يَعيبُ أُناسٌ أنّ قوماً تجرّدوا
رقم القصيدة : 4425
-----------------------------------
يَعيبُ أُناسٌ أنّ قوماً تجرّدوا
لحَمّامِهم، نُصبَ العيون الشّوازِرِ
لقد سَعِدوا، إن كان لم يَجرِ، عندَهم
من الوِزْرِ، إلاّ تَرْكُهُمْ للمآزِرِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجبْتُ لهذا الشّخصِ يأوي إلى الثّرى
عجبْتُ لهذا الشّخصِ يأوي إلى الثّرى
رقم القصيدة : 4426
-----------------------------------
عجبْتُ لهذا الشّخصِ يأوي إلى الثّرى
وقد عاشَ، دهراً، في الرّفاقِ السّوائرِ
تُقَلّبُهُ الأيّامُ في كلّ وجهةٍ،
كتقْليبِ وَزْنٍ في فَلوكِ الدّوائرِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قضاءٌ يوافي مِنْ جميعِ جِهاتِهِ،
قضاءٌ يوافي مِنْ جميعِ جِهاتِهِ،
رقم القصيدة : 4427
-----------------------------------
قضاءٌ يوافي مِنْ جميعِ جِهاتِهِ،
كما هوَ عن أيمانِنا والأياسِرِ
ولو لم يُرِدْ، جَوْرَ البُزاةِ على القَطا،
مُكَوِّنُها، ما صاغَها بمناسِر
رأيتُ سكوتي مَتْجَراً، فلزِمتُهُ،
إذا لم يُفِدْ رِبحاً، فلستُ بخاسِر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يقولُ لك العقلُ، الذي بَيّنَ الهُدى:(41/14)
يقولُ لك العقلُ، الذي بَيّنَ الهُدى:
رقم القصيدة : 4428
-----------------------------------
يقولُ لك العقلُ، الذي بَيّنَ الهُدى:
إذا أنتَ لم تَدْرأ عدُوّاً فدارِهِ
وقَبّلْ يدَ الجاني، الذي لستَ واصِلاً
إلى قَطعِها، وانظرْ سقوطَ جِدارِه
وما الوقتُ إلاّ طائرٌ يأخُذُ المدى،
فبادِرْهُ، إذ كلّ النُّهَى في بِداره
رأتْكَ البرايا ظالماً، يا ابنَ آدَمٍ،
وبئسَ الفتى مَن جارَ عندَ اقتدارِه
ونالَتْ أذاةٌ عنهُ جاراً ونائياً،
وأُمّنَ منهُ ضَيغَمٌ في خِداره
وفارَةُ دارينَ افتراها لِطِيبِهِ،
وما أمِنَتْ، بلواهُ، فارةُ داره
ويجهلُ حتى يسألَ الفَلَكَ، الذي
يدورُ عليهِ، كيفَ بَدءُ مَداره
يحاوِرُ نجمَ اللّيلِ، جَهلاً، كأنّه،
على طولِ نأيٍ، طالعٌ في انحداره
وما برِحتْ في الصّدرِ، للضّغن، أنؤرٌ،
عجبتُ لها لم تَشتَعِلْ في صِداره
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لِنَفسيَ، إن تَنْأ عن الجسم، رَوْعةٌ،
لِنَفسيَ، إن تَنْأ عن الجسم، رَوْعةٌ،
رقم القصيدة : 4429
-----------------------------------
لِنَفسيَ، إن تَنْأ عن الجسم، رَوْعةٌ،
كروعةِ أُنثى، أُجلِيَتْ عن ديارها
فإن رحلَتْ، بالرّغم، مُستقرّها،
فما كان سُكناها لهُ باختيارها
ففُوزوا بنُسكٍ، في الحياةِ، وثَبّتوا
لأقدامكُم في الأرضِ، قبل انهيارها
وإن تُعظِموا، في دينِكم، جُمُعاتِكم،
فإنّ رجالاً أُولِعَتْ بشِيارِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تعالَيتَ ربَّ النّجمِ، هل هو عالمٌ
تعالَيتَ ربَّ النّجمِ، هل هو عالمٌ
رقم القصيدة : 4430
-----------------------------------
تعالَيتَ ربَّ النّجمِ، هل هو عالمٌ
بحالاتِه، في مَطلَعٍ ومَغارِ؟
أمِ الشُّهبُ لم تَشعُر، كما جهلَ الهدى،
وَقودٌ، لدى غارٍ، يُحَشُّ بغار
ولم يدرِ سيفُ الهندِ ما جَشمَ الفتى
به من سُرى ليلٍ، وبُعدِ مُغار
ومَن هويَ الدّنيا الكذوبَ، فإنّهُ
رهِينٌ بثَوْبَيْ ذِلّةٍ وصَغار(41/15)
إذا هيَ جادَتْ خسّرَتْ، وإذا أبتْ،
فكم حسّرَتْ من جِلّةٍ وصِغار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كنتَ لا تَسطيعُ دفعَ صغيرَةٍ
إذا كنتَ لا تَسطيعُ دفعَ صغيرَةٍ
رقم القصيدة : 4431
-----------------------------------
إذا كنتَ لا تَسطيعُ دفعَ صغيرَةٍ
ألمّتْ، ولا تَسطيعُ دفعَ كبيرِ
فسلّم إلى اللَّهِ المقاديرَ، راضياً؛
ولا تسألنْ بالأمر غيرَ خبير
وليسَ بغالٍ ناصحٌ تستَفيدُه،
ولو كارَ من تِبرٍ بمثل ثَبير
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما للبصائِرِ لا تخلو من السَّدَرِ،
ما للبصائِرِ لا تخلو من السَّدَرِ،
رقم القصيدة : 4432
-----------------------------------
ما للبصائِرِ لا تخلو من السَّدَرِ،
والعقلِ يُعصى، فيُمسي وهو كالهَدَرِ
آلَيْتُ أُثني على قَومٍ بنُسكِهِمُ،
وقد تكشّفَ سهلُ الأرضِ عن غَدَر
إنْ قلتُ صُفّوا بإلغازٍ، فمُعتَمَدي
صُفّوا من الصفّ لا صُفّوا من الكدَر
مَن كان، في الدّهرِ، ذا جَدٍّ أفاد به
ما شاءَ، حتى اشتراءَ البَدرِ بالبِدَر
وقِسْ، بما كان، أمراً لم يكنْ، ترَه،
فالرِّجلُ تعرِفُ بعضَ الموتِ بالخَدَر
على خَبيئِكَ أسْتارٌ، مضاعَفَةٌ،
بالعقل والصّمْتِ والأبوابِ والجُدُر
لكلّ وقتٍ شؤونٌ تستعدُّ له،
والهمُّ في الوِرْدِ غيرُ الهمّ في الصّدَر
ما قلتُ أُسرِيَ، في ليْلٍ، على عَملٍ،
أدارَهُ اللَّهُ، والأفلاكُ لم تَدُرِ
أضرُّ من جُدَريٍّ، شانَ حاملَهُ،
بحَمْلِه، جَدَريٌّ، جاءَ مِن جَدَر
والمَرءُ يُنكِرُ ما لم تجْرِ عادتُهُ
بمثلِهِ، ثمّ يَبغي الحُوتَ في الغُدُر
طأ بالحوافرِ قَتْلَى في مَصارِعِها،
فالجِسمُ، بعدَ فراقِ الرّوح، كالمَدر
والنّفسُ تطلُبُ أغراضاً، ولو علمتْ
بالغيبِ، سِيئَتْ بمخبوءٍ من القَدر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمسى خليلُكَ، عند اللُّبّ، محتَقَراً،
أمسى خليلُكَ، عند اللُّبّ، محتَقَراً،
رقم القصيدة : 4433(41/16)
-----------------------------------
أمسى خليلُكَ، عند اللُّبّ، محتَقَراً،
وليسَ في المَلإ الغادي بمُحتَقَرِ
تَخالُ نَورَ الأقاحي، في عَوارضِهِ،
يُدْنَى إليهِ بكأسٍ ذائبِ الشَّقِر
إنْ يُعطَها، وهو رَضوى، في زجاجته،
يَعدم رَشاداً، فلا يحلُمْ ولا يَقِر
كم سيّدٍ جعلَتْهُ الرّاحُ منْ خُرُقٍ،
وكان كالهَضبِ من ثهلانَ أو أُقُر
والرّاحُ تجعَلُ مُرّ العيشِ، عندَهمُ،
حُلْواً، وقد ذكّرتُهمْ أوّلَ المَقِر
تخالسوا لذّةً، منها، مُعَجَّلَةً،
ولم يُبالوا بما يَلقَوْنَ من سَقَر
وأغنَتِ الشَّرْبَ إلاّ من جميلِ نُهىً،
مَنْ يَفتَقِرْ منه يوجَدْ شرَّ مفتقِر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا رَبّةَ الخِدْرِ عُدّي مِيتَةً وسَناً،
يا رَبّةَ الخِدْرِ عُدّي مِيتَةً وسَناً،
رقم القصيدة : 4434
-----------------------------------
يا رَبّةَ الخِدْرِ عُدّي مِيتَةً وسَناً،
فإنّما أنتِ إحدى الغِيدِ من مُضَرِ
طيبي، ضميراً، بأمرٍ لا مَحيدَ لَه،
يلقاهُ بالرّغمِ أهلُ البدْو والحَضَر
لم تكفَهُ الخُضرُ منْ لؤمٍ ولا كرَمٍ،
ولا تجاوَزَ عن موسى ولا الخضِر
لو كانتِ الرّيحُ تحتي ما نجوتُ بها،
فكيف أنجو بذاتِ الشَّدّ والحُضُر!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> السّعدُ يجعلُ ذَرّيّ الدَّبَا نِعَماً؛
السّعدُ يجعلُ ذَرّيّ الدَّبَا نِعَماً؛
رقم القصيدة : 4435
-----------------------------------
السّعدُ يجعلُ ذَرّيّ الدَّبَا نِعَماً؛
والنّحسُ يُهلِكُ ما للمَرءِ من أَمَرِ
والخمرُ تخميرُ عقلٍ، فاجْفُ ضاربةً
ترمي الحِجا في ضَراءِ الوِرْدِ والخَمر
يُعَلِّلُ الحيُّ نَفساً، غيرَ باقيَةٍ،
حتى يقصِّرَ عنهُ اللّيلَ بالسَّمر
لا يُعجبَنّك، في جِنح الدّجى، قمرٌ،
فإنّ عُقبَى محاقٍ غايَةُ القَمَر
والدّهرُ أنسى بني بَكرٍ بُجيْرَهُمُ،
وسوفَ يُنسي قُرَيشاً غَدرةَ الشَّمِر
ولا تَروقَنّكَ الأغصانُ، مائدَةً،(41/17)
فإنّما تُحمَدُ الأشجارُ بالثّمَر
عَجِبتُ للظبي مَنسوباً إلى أسدٍ،
وللمَهاةِ التي تُعزَى إلى النّمِر
في عالَمٍ غَيرَةُ الحمراءِ عادتُهُمْ،
وليسَ تُعرَفُ فيهم غيرَةُ الحُمر
وحَجَّ، كَلميَ، بعضُ الناس، معتمراً،
فهلْ أُلامُ على حَجٍّ ومُعتَمر؟
ومُضمِراتِ أُمورٍ زادَهنّ، سنا،
إضمارُهنّ، وتجري الخَيلُ بالضُّمُر
خلّدْتُهنّ بسَجن السّرّ مِنْ خَلَدٍ،
سوْداؤهُ من أعادي البيض في الخُمُرِ
لمّا توَلّى يزيدُ الأمرَ هانَ على
مَعاشرٍ كونُهُ، من قبلُ، في عُمَر
تخافُ قُمرَ اللّيالي، وهي باهِشَةٌ
إلى الأنامِ، بأيدي غالَةٍ قُمُر
نعوذُ باللَّهِ من مُلْكٍ، نُشَبِّهُهُ
غيماً، أراقَ متى لا يُمْرَ لا يَمِر
وللمقاديرِ أحكامٌ، إذا وقعَتْ
بالهَضبِ مارَ، أو اللُّجِّيِّ لم يَمُر
صارَ الكتابُ مزاميرَ الغُواةِ، لهم
به أغانيُّ في حاميمَ والزُّمَر
صلّوا به، ثمّ صلّوا، في مظالمهِمْ،
مثلَ السيوفِ، على المستأنس، القُمُر
قدْ خانتِ البَعْلَ أُنثى، تستَجيشُ له
بهَمزَةٍ، هو غَيثٌ جِدُّ منهَمِر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قدْ باشروكَ بمكروهٍ أُدِيتَ بهِ،
قدْ باشروكَ بمكروهٍ أُدِيتَ بهِ،
رقم القصيدة : 4436
-----------------------------------
قدْ باشروكَ بمكروهٍ أُدِيتَ بهِ،
حتى توهّمتَ أنْ ليْسوا من البشرِ
زَهْوُ التكبّرِ لا زَهْوُ النخيلِ بهم،
والنّبعُ ليسَ بَمجْنيٍّ من العُشر
خمساً وعشراً أجادوا في قِراءتِهم،
ووفّروا المالَ من خُمسٍ ومن عُشر
وما يحجّونَ من دِينٍ ولا نُسُكٍ،
وإنّما ذاكَ إفراطٌ من الأشَر
إذا استشاروكَ فانصحهم، وإن غضبوا
فإنْ كُفيتَ ولم تُسألْ فلا تُشِر
إنّ اللّياليَ تَسقي الحتفَ ساكنَها:
قَيْلاً وصُبْحاً وفي الظلماءِ والجَشر
وتُلهِمُ النّحلَ جمعَ الأريِ جاهدةً
حتى إذا جَمّ قالتْ للعديمِ: شُر
تُعطي وتأخُذُ، حتى مَبْسِماً دَرِداً
أعْطَتْ بأخذِ الذي فيهِ من الأشر(41/18)
وقد طوَتني، كأني ضَرْبُ منسَرحٍ،
فيا لَطيٍّ لِطيٍّ غيرِ منتشر
واللَّهُ ينشُرُ أرواحاً بقُدرتِهِ،
ويبعثُ الغيثَ في أرواحهِ النُّشُر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كم ينْظِمُ الدّهرُ من عِقدٍ وينَثُرُه،
كم ينْظِمُ الدّهرُ من عِقدٍ وينَثُرُه،
رقم القصيدة : 4437
-----------------------------------
كم ينْظِمُ الدّهرُ من عِقدٍ وينَثُرُه،
وليسَ عِقدُ ثُرَيّاهُ بمنتثرِ
وطالَ وقتٌ على ماضٍ، فغادرهُ،
بلا جِهازٍ ولا أُثْرٍ ولا أُثُر
نشكو نفوساً، إلينا، غيرَ مُحْسنَةٍ،
ما إن تَحِنُّ على أقدامِنا العُثُر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن كانَ لم يتّركْ قيسٌ له وطَراً،
إن كانَ لم يتّركْ قيسٌ له وطَراً،
رقم القصيدة : 4438
-----------------------------------
إن كانَ لم يتّركْ قيسٌ له وطَراً،
إلاّ قضاهُ، فما قضّيتُ من وَطرِ
وربَّ نَفسٍ أصابَتْ عيشةً رغَداً،
لوْ لم تبِتْ، من مَناياها، على خطَر
أُمورُ دُنياكَ سطْرٌ، خطَّهُ قَدَرٌ،
وحبُّها، في السّجايا، أوّلُ السَّطَر
صُمنا عن القوت، يوماً، ثمّ أعقبَهُ،
فِطرٌ، ولا صَومَ نرجوهُ من الفِطِر
شاطِرْ ضعيفَكَ ما أُوتيتَ من نشبٍ،
وعَدِّ ذكركَ أُختَ الجيرةِ الشُّطُر
عيشي بعزٍّ وموتي غيرَ خاضعَةٍ،
شَفِيتِ بالمَطرِ، بعدَ السّقيِ بالمطَر
تضوعُ دارُكِ مِسكاً، وهي خاليَةٌ
مثلَ القَسيمَةِ بعدَ الأصْهبِ العَطِر
كأنّما الرّوضُ، لمّا طُلّ، باكرَها،
من كلّ قُطْرٍ، بَمشبوبٍ من القُطُر
وما اختيالُ مغانيها بمُنقِصَةٍ،
إذ ليسَ ذلك من عُجبٍ ولا بطَر
وما أصيحُ بغِربانِ الشّبابِ: قَعِي؛
ولا أُنادي غُرابَ الرّاسِ: لا تَطِر
ويَحمِلُ، الهمَّ، قلبي، مُعفياً جسدي؛
رأسي أحمُّ، وظَهري غيرُ مُنأطِر
وما أميرُكَ، يا ابنَ المجدِ، منتسباً،
لكنّهُ ابنُ تُرابٍ، عنه، مُنفَطِر
والإسمُ لفظٌ، أتاكَ القائلونَ به،
نأى، ولم يدْنُ للمعنى، ولم يطُرِ(41/19)
أبو نعامة، بالأعدانِ، مولدُهُ،
فكيفَ أصبحَ معزوّاً إلى قَطَر؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا طائِرُ اظعَنْ من الدّنيا، ولا تَكِرِ
يا طائِرُ اظعَنْ من الدّنيا، ولا تَكِرِ
رقم القصيدة : 4439
-----------------------------------
يا طائِرُ اظعَنْ من الدّنيا، ولا تَكِرِ
للفرْخِ، واعتَشِ للأرزاقِ، وابتكِرِ
وإنْ صدِيتَ، فلا تَشرَبْ مُدامَهُمُ،
فالعَقلُ يَرهَبُ منها غائلَ السُّكُر
كأنّما الخيرُ ماءٌ كان، واردَهُ،
أهلُ العصور، فما أبقَوا سوى العكَر
وما تُريكَ مَرائي العينِ، صادِقَةً،
فاجعلْ لنَفسِكَ مرآةً من الفِكَر
مَنْ حاوَلَ الحَزمَ في إسداءِ عارفةٍ،
فليُلقِها عندَ أهلِ الحاجةِ الشُّكُر
ومن بَغى الأجرَ مَحْضاً، فلينادِ لها
بَرّاً فقيراً، وإنْ لاقاهُ بالنُّكُر
أنسى المَواعظَ في رأدِ الضّحى، أُصُلاً،
وما أتانيَ بالرّوحاتِ في البُكَر
لم تغفِلِ، القولَ، أيّامٌ تحاورني،
كم ذكّرَتْني، فألفتْ غير مُذّكِر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فعلْتَ فعلَ تِجارٍ مُخسِرينَ به،
فعلْتَ فعلَ تِجارٍ مُخسِرينَ به،
رقم القصيدة : 4440
-----------------------------------
فعلْتَ فعلَ تِجارٍ مُخسِرينَ به،
فاعُبدْ إلهكَ تُرْزَق خيرَ متّجَرِ
ما للمذاهبِ قد أمسَتْ مُغَيَّرَةً،
لها انتسابٌ إلى القَدّاحِ، أو هَجَر
قالوا: البريّةٌ فوضى، لا حساب لها،
وإنّما هي مثلُ النبتِ والشّجر
فالجاهليّةُ خيرٌ من إباحتهمْ
سجيّةَ الحارثِ الحرّابِ، أو حُجُر
فما أفادوا سوى إحلالِ نسْوَتهِم،
معرَّضاتٍ لأهلِ الباطنِ الفُجُر
وإنّ أحسَنَ منْ تَعظيمهمْ رجلاً
صِفراً من الحِكَمِ، التعظيمُ للحَجر
وهلْ ثعالبُ طيٍّ في منازلها،
إلاّ ثعالبُ وَحشٍ بِتْنَ في الوُجُر؟
ضلّ الأنامُ، وهذا منهَجٌ أَمَمٌ،
يَهدي إلى الحَقّ، فاسلكهُ ولا تجُر
خَلِّ العبادَ وما اختاروا، فملكُهُمُ،
إذا نظرتَ، كعبدٍ راح مؤتَجَر(41/20)
يَغنيكَ ظِلُّ سَيَالٍ، يُستَظَلُّ به،
عن سائل التّبرِ في البنيانِ والحُجَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إرِجعْ إلى السّنّ، فانظُرْ ما تَقادُمُها،
إرِجعْ إلى السّنّ، فانظُرْ ما تَقادُمُها،
رقم القصيدة : 4441
-----------------------------------
إرِجعْ إلى السّنّ، فانظُرْ ما تَقادُمُها،
فاحكم عليه ولا تحكم على الشَّعَرِ
فكم ثلاثينَ حَولاً شيّبَتْ، ومضتْ
ستّونَ، والشّيبُ فيها غيرُ مُستَعرِ
وليسَ ذلكَ إلاّ صِبغَةٌ جُعِلَتْ
طبعاً، وإن قيلَ: شابَ الرّأسُ للذُّعُر
تمضي الحياةُ، وما لي إثرَها أسفٌ،
ودَدْتُ أنّ مُعِيرَ العيشِ لم يُعِر
والموتُ يَسلِبُ ما في الأنفِ من شَمَمٍ
تحتَ التّرابِ، وما في الخَدّ من صَعَر
أرى فِراري، منَ المِقدار، سيّئَةً،
لو تَعلَمُ الخَيلُ علمي فيه لم تُعَر
ولا ألومُ أخا الإلحادِ، بل رَجُلاً
يخشى السّعيرَ، وما ينفكُّ في سُعُر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جُرْ يا غرابُ وأفسِد، لن ترى أحداً
جُرْ يا غرابُ وأفسِد، لن ترى أحداً
رقم القصيدة : 4442
-----------------------------------
جُرْ يا غرابُ وأفسِد، لن ترى أحداً
إلاّ مُسيئاً، وأيُّ الخَلقِ لم يَجُرِ؟
فخذ من الزّرع ما يكفيك من عُرُضٍ،
وحاوِلِ الرّزقَ، في العالي من الشّجر
وما ألومُكَ، بل أُوليكَ مَعذِرةً،
إذا خَطفتَ ذُبالَ القَومِ في الحُجَر
فآلُ حوّاءَ راعوا الأُسْدَ مُخدِرةً،
ولم يُنادوا، بسِلمٍ، رَبّةَ الوُجُر
ومن أتاهمْ بظُلمٍ، فهو عِندَهُمُ
كجالبِ التّمرِ، مُغترّاً، إلى هَجَر
همُ المعاشرُ ضاموا كلَّ مَنْ صَحِبوا
من جنسهم، وأباحوا كلَّ مُحتجِر
لو كنتَ حافظَ أثمارٍ، لهم، يَنَعَتْ،
ثمّ اقتربْتَ، لما أخْلَوك من حَجَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تَقطَعِ الحِينَ مُغتاباً لغافلةٍ
لا تَقطَعِ الحِينَ مُغتاباً لغافلةٍ
رقم القصيدة : 4443
-----------------------------------(41/21)
لا تَقطَعِ الحِينَ مُغتاباً لغافلةٍ
من النّفوسِ، ولا تجلِسْ إلى السَّمَرِ
توَخَّ نقلَ أبي زيدٍ، وكُتبَ أبي
عَمرٍو، وخلِّ كلاماً في أبي عُمَرِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أكرِمْ عجوزَك، إن كانت مَوحِّدةً
أكرِمْ عجوزَك، إن كانت مَوحِّدةً
رقم القصيدة : 4444
-----------------------------------
أكرِمْ عجوزَك، إن كانت مَوحِّدةً
على التحنّفِ، أو كانت بزُنّارِ
نادَتْ على الدّينِ، في الآفاقِ، طائفةً،
يا قَومُ! مَن يَشتري دِيناً بدينارِ؟
جنَوْا كبائرَ آثامٍ، وقد زعَموا
أنّ الصّغائرَ تُجني الخُلدَ في النّار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما بينَ موسى، ولا فرعونَ، تفرقةٌ
ما بينَ موسى، ولا فرعونَ، تفرقةٌ
رقم القصيدة : 4445
-----------------------------------
ما بينَ موسى، ولا فرعونَ، تفرقةٌ
عندَ المَنون، بإكبارٍ وإصغارِ
كأنّها ذاتُ قُرٍّ، أطعمَتْ لَهباً
ما ضَمَّهُ الحَطْبُ من سِدرٍ ومن غار
أو أُمُّ أجرٍ، جرى قتلٌ على نَفرٍ
حُرٍّ وعبدٍ، فجرّتْهُمْ إلى الغار
تَرمي بعُضوين ذي نُطق وذي خرَسٍ
إلى فَمٍ لصُنوفِ الطّعمِ فَغّار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَناقضٌ ما لنا إلاّ السكوتُ له،
تَناقضٌ ما لنا إلاّ السكوتُ له،
رقم القصيدة : 4446
-----------------------------------
تَناقضٌ ما لنا إلاّ السكوتُ له،
وأن نَعوذَ بمَولانا من النّارِ
يدٌ بخَمسِ مئين عسجَدٍ فُدِيتْ،
ما بالُها قُطعَتْ في ربعِ دينارِ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خيرٌ من الظّلمِ للوالين، لو عقلوا،
خيرٌ من الظّلمِ للوالين، لو عقلوا،
رقم القصيدة : 4447
-----------------------------------
خيرٌ من الظّلمِ للوالين، لو عقلوا،
عَزلٌ بعُنفٍ، وغزلٌ بالصّنانيرِ
ذلِلتُ حتى دَنا نيرٌ إلى كَتَدٍ،
وإنّما ذاكَ من حُبّ الدّنانيرِ
فلا يغُرّنّكَ المنسوجُ من ذهَبٍ،
فقد تُواريك أطمارٌ، بلا نير(41/22)
شُدّتْ مناطقُ نَضرٍ في هوى نَفَرٍ
من الملوكِ، ثوَوا تحتَ الزّنانير
ألهى البريّةَ إلقاءٌ إلى هُضُمٍ،
كأنّما هو حَصْبٌ في التّنانير
عاثتْ ذئابٌ، فلم يَزْجُرْ معرّتَها
مُستَضعَفون لفقدان السّنانير
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا ينزِلنّ، بأنطاكيّةٍ، ورعٌ؛
لا ينزِلنّ، بأنطاكيّةٍ، ورعٌ؛
رقم القصيدة : 4448
-----------------------------------
لا ينزِلنّ، بأنطاكيّةٍ، ورعٌ؛
كم حلّلَ، الدينَ، عقدٌ للزّنانيرِ
بها مُدامٌ كذَوْبِ التّبرِ، تمزُجُهُ،
للشّاربينَ، وُجوهٌ كالدّنانير
بِيضٌ لوابِسُ ديباجٍ، حَمدتُ لها
سودَ الإماءِ، وشَعريَّ الصّنانير
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَصرُ شتاءٍ، وعَصرُ قَيظٍ،
عَصرُ شتاءٍ، وعَصرُ قَيظٍ،
رقم القصيدة : 4449
-----------------------------------
عَصرُ شتاءٍ، وعَصرُ قَيظٍ،
وعيدُ فِطرٍ، وعيدُ نحرِ
ويومُ نُعمى، ويومُ بؤسٍ،
ونحنُ في خُدعةٍ وسِحر
كأنّنا، والزّمانُ يمضي،
رَكْبُ سَفِينٍ بلُجّ بحر
يا طفلُ حَلّتْ بكَ الرّزايا،
فأنتَ منها صَريمُ سَحرِ
بأيّ ذنبٍ أُخِذْتَ فينا،
لم تَجْنِ إلاّ كذنب صُحْر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَئِمتُ الكَونَ في مِصرٍ وكَفْرِ،
سَئِمتُ الكَونَ في مِصرٍ وكَفْرِ،
رقم القصيدة : 4450
-----------------------------------
سَئِمتُ الكَونَ في مِصرٍ وكَفْرِ،
ومَن لي أن أحُلّ جُنوبَ قَفْرِ
أُعَلَّلُ، حينَ أغرَثُ، بالخزُامى؛
وأشرَبُ، إن ظَمِئتُ، نزيعَ جفر
أرى الأيّامَ أنضاءَ البرايا،
عليها منهمُ أشباحُ سَفْر
فما يَبْرَقْنَ من زَوْلٍ عجيبٍ؛
ولا يَفْرَقْنَ من صُبْحٍ ونَفْر
يَسرْنَ بمَن حَمَلنَ الدّهرَ، حتى
يُنَخنَ بهمْ إلى أبياتِ حَفْر
فما فرعُ الفتاةِ، إذا تَوارَتْ،
بمُفْتَقِرٍ إلى سَرْحٍ وضَفْر
يُفارِقُها الفتى، والدّمعُ جارٍ،
كذاكَ جَرَتْ عَوائِدُ أُمّ دَفر
تُحِدُّ شِفارَها لِرَدى بنيها،
وما تُرْجَى كرامتُها لِشفر(41/23)
غَفَرْنا بينَ أمراضِ الدّنايا؛
وربُّكَ أهلُ إحسانٍ وغَفْر
سأتْرُكها، مُوَفَّرَةً، لقومٍ؛
وهلْ سَمَحَتْ لمُرتَحِلٍ بوَفر؟
ألا هذا اليَقينُ، فَخُذْهُ منّي،
ودَعْ لمُمَوِّهٍ ما باتَ يَفري
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حديثُ فواجرٍ، وشِرابُ خَمرِ،
حديثُ فواجرٍ، وشِرابُ خَمرِ،
رقم القصيدة : 4451
-----------------------------------
حديثُ فواجرٍ، وشِرابُ خَمرِ،
وقتلى يُطرَحونَ لأُمّ عمرِو
ومَهلِكُ دولَةٍ، وقيامُ أُخرى؛
كذاكَ الدّهرُ أمرٌ بعدَ أمر
وموتٌ لا تؤخَّرُ عَنهُ نَفسٌ،
تُهَدَّدُ، بعدَهُ، بصِلاءِ جَمر
وإنّ الغَمرَ، كانَ بهِ أُناسٌ
يُرَوّونَ العُفاةَ بكُلّ غَمر
تفَرّقْ أيّها الجِسمُ المُعَنّى!
فجَمعُكَ للحَوادِثِ باتَ يَمري
وجَدتَ بخَيْبَرَ الحمّى كثيراً،
ولم تُوسِعْكَ من رُطَبٍ وتَمر
وما عاشَرتَ، في الدّنيا، خليلاً،
يُريكَ مَودّةً، إلاّ لِقَمر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أهابُ منيّتي وأُحبُّ سِتري؛
أهابُ منيّتي وأُحبُّ سِتري؛
رقم القصيدة : 4452
-----------------------------------
أهابُ منيّتي وأُحبُّ سِتري؛
وخوفُ الشّيخِ من هَرَمٍ وهَترِ
ولو كنتُ الفَنِيقَ، ومثلَ رضوى
سَنامي، هدّتِ الأيّامُ كِتري
ألمْ ترَني صرَمتُ حبالَ عَزْمي،
كما صَرَمَ الخَليطُ حِبالَ فَترِ؟
هيَ الأيّامُ، أعيُنُها رَوانٍ،
إلى الإنسانِ، من حُولٍ وشُتْر
وما يأتيكَ ما تَهوى بضَرْبٍ
وطَعْنٍ، في صُدورِ الخَيل، نَتر
وما عَترَتْ رماحُ الدّهرِ، إلاّ
لعَتر سِوايَ، دائبَةً، وعَتري
كأني الأضبَطُ السّعديُّ، سعدي
حِمامي، يَستَجيشُ بكلّ قُتر
سألَحقُ رهطَ شدّادِ بنِ عادٍ،
وقائلَ وفدِهمْ قَيْلَ بنَ عِتر
وكيفَ أرُومُ تَقويمَ اللّيالي،
وقد بُنيَتْ على خَتْلٍ وخَتر؟
أُؤمّلُ جَنّةً رحُبَتْ وراحتْ،
وتَعجَزُ قُدرَتي عن نَيلِ فِتر
وكم وَتَرَتْ ليَ النّكباتُ قَوساً،
كأنّ الدّهرَ يَطلُبُني بوِتر(41/24)
أرى السّاعاتِ أمكَرَ ساعياتٍ،
فمن ربّاتِ أذنابٍ وبُتر
وكم من فارِسٍ عَيّتْ قَناةٌ
بمَصرَعهِ، وصادتهُ بقِتر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عبيطُ ضوائنٍ، ونحيرُ جُزْرِ،
عبيطُ ضوائنٍ، ونحيرُ جُزْرِ،
رقم القصيدة : 4453
-----------------------------------
عبيطُ ضوائنٍ، ونحيرُ جُزْرِ،
على مَنْ أيُّها الإنسانُ تَزري؟
قد احتالَتْ، على السّفَهِ، البرايا،
بما اتّخَذَتْهُ من راحٍ ومِزْرِ
أخِفْتَ، على المآثِم، ضعْفَ أيْدٍ؛
ورُمتَ بشُرْبِ ذلكَ شَدَّ أزْرِ؟
حَياةٌ مُرّةٌ، ورَدًى ذُعافٌ؛
كأنّا منهُ في مَدٍّ وجَزر
فما صُنعي، تُمِرُّ يدايَ شَزْراً؛
وتَنقُضُ مِرّةُ الأيّامِ شَزْري
هلِ الأمراءُ إلاّ في خَسارٍ؛
أوِ الوزراءُ إلاّ أهلُ وِزْرِ؟
لكلٍّ شيمَةٌ، وإلى التغاضي
أُجيءَ الكُلُّ من خُوصٍ وخُزرِ
تخَيّرَتِ، اللّباسَ، بناتُ سامٍ،
ونسوةُ حامَ لم تُسْتَرْ بإزْرِ
بودّي أن تهُبّ من المَنايا،
فتَعلَمَ أنّني لم يُشْوِ حزَري
وُلاةُ العالمينَ ذئابُ خَتْلٍ،
تكونُ منَ الشّقاءِ رعاةَ فِزْر
وما سَمَحَتْ، ليَعْرُبِها، اللّيالي،
وحيِّ نِزارِها، إلاّ بنَزرِ
فإن بَخُلَتْ علَيكَ نُجومُ صِدْقٍ،
فقدْ مَطَرَتكَ أنواءٌ بغُزْرِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُجَلُّ المَلكُ عن نَظمٍ ونَثرِ،
يُجَلُّ المَلكُ عن نَظمٍ ونَثرِ،
رقم القصيدة : 4454
-----------------------------------
يُجَلُّ المَلكُ عن نَظمٍ ونَثرِ،
وعنْ خَبرٍ تحدِّثُهُ بأثْرِ
وتضؤُلُ فيه هذي الشّمسُ، حتى
تَعودَ كأنّها دينارُ عَثرِ
وكم دَثَرَتْ مَغانٍ منْ أُناسٍ،
وقد ضاقَتْ بذي لَجَبٍ ودَثْر
إذا أثْرَيْتَ من صبرٍ جَميلٍ،
فأنْتَ، وإنْ فَقَدْتَ المالَ، مُثر
كثيرٌ، منْ تكبّرَ بالمَعالي
على ما كانَ من قُلٍّ وكُثرِ
أُحاولُ، من بني الدّنيا، صلاحاً،
وتأبَى أن تُجيبَ نفوسُ غُثر
وأُوثِرُ أن أصونَهُمُ بجُهْدي،
وكيفَ إثارَتي والمَوتُ إثري؟(41/25)
أُحاذِرُ، في الزّمان الرّغدِ، جَدْباً
وآمُلُ، في الجُدوبِ، زمان طَثر
وبَثْرٌ مائحُ الحِدْثانِ يَطمو،
إذا التَقَتِ المياهُ بكلّ بثر
ولو أني عَثَرْتُ على الثّرَيّا،
لكُنتُ مُحالِفاً زَللي وعَثري
وأهلُ حَزُونَةٍ حَزِنوا، وسهلٍ
تَسَلَّوا أن ثوَوْا بثرًى دِمَثر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رأيتُ الحَتفَ طوّفَ كلّ أُفقٍ ،
رأيتُ الحَتفَ طوّفَ كلّ أُفقٍ ،
رقم القصيدة : 4455
-----------------------------------
رأيتُ الحَتفَ طوّفَ كلّ أُفقٍ ،
وجابَ الأرضَ من مصرٍ وكَفرِ
وكيفَ يُثَمّرُ الإنسانُ وَفراً،
ولم يخرُجْ من الدّنيا بوَفْرِ؟
ولم أرَ مثلَ أيّامي سِراعاً،
خيولَ فوارِسٍ، ورِكابَ سَفر
لقَد عَجِبوا لأهلِ البَيتِ، لمّا
أتاهُمْ علمُهُم في مَسْكِ جَفر
ومرآةُ المنجِّم، وهي صُغرَى،
أرَتْهُ كلّ عامرَةٍ وقَفر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألمّا تَعْجبي، من غيرِ سُخرِ،
ألمّا تَعْجبي، من غيرِ سُخرِ،
رقم القصيدة : 4456
-----------------------------------
ألمّا تَعْجبي، من غيرِ سُخرِ،
لِقَدْحِ الدّهرِ في جَبَلٍ وصَخرِ
ومخرِ الغادِرِ الهَجَريّ أرضاً،
لهَتْكِ أوانِسٍ، كبناتِ مَخْر
وما كانَ التّجاربُ مِنْ رجالٍ،
سوى مُلكٍ يُرامُ، وحُبِّ فَخر
كَفاكَ اللُّبُّ رِحلَةَ جاهليٍّ،
تُزيرُكَ إيلَةً وبلادَ نَخر
ومَن يَذخَرْ، لطولِ العيشِ، مالاً،
فإنّ تُقايَ عندّ اللَّهِ ذُخري
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألمْ تَرَني، مع الأيّامِ، أُمسي
ألمْ تَرَني، مع الأيّامِ، أُمسي
رقم القصيدة : 4457
-----------------------------------
ألمْ تَرَني، مع الأيّامِ، أُمسي
وأُضْحي بَينَ تَفليسٍ وحَجرِ؟
توَخَّ الأجرَ في وحشٍ وإنْسٍ،
ففي كلّ النّفوسِ مَرامُ أجر
ولا تَجْنُبْنيَ الإحسانَ ضَنّاً،
إذا ما كانَ نَجرُكَ غَيرَ نجري
وإن هَجَرَ المُجاوِرُ، فاهْجُرَنْهُ،
ولا تَقذِفْ حَليلَتَهُ بهُجر(41/26)
وخَفْ شَرّ الأصاغِرِ مِن بَنيهِ؛
وقلْ ما شِئتَ في أُسْدٍ وأَجْر
ولنْ تَلقى، كفِعلِ الخَيرِ، فعلاً،
ولا مثلَ المَثوبَةِ ربحَ تَجر
توقّعْ، بعدَ هذا الغَيّ، رُشداً،
فمن بَعدِ الظّلامِ ضِيَاءُ فَجر
حَشَدْتُ، أو انفَرَدْتُ، فللّيالي
كتائبُ، سوفَ تَطرُقُني بمَجر
فويحَ النّفْسِ منْ أملٍ بَعيدٍ،
لأيّةِ غايةٍ، في الأرضِ، تجري؟
زجرْتُ لكَ الزمانَ، فلا تُضَيّع
يَقينَ عِيافتي، وصحيحَ زجري
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بحكمةِ خالِقي طيّي ونَشْري،
بحكمةِ خالِقي طيّي ونَشْري،
رقم القصيدة : 4458
-----------------------------------
بحكمةِ خالِقي طيّي ونَشْري،
وليسَ بمُعجِزِ الخلاّقِ حَشري
وقد رَفَقَ الذي أوصى أنُاساً
بعُشرٍ في الزّكاةِ، ونِصْفِ عُشرِ
إذا أشِرَتْ أكفٌّ من رجالٍ،
فَما أولى أنامِلَهُمْ بأشر
أُحبُّكِ أيّها الدّنيا كغَيري،
وأشراني قِلاكِ، ولستُ أشري
ونهوى العَيشَ فيكِ مع الرّزايا،
وما طَوّلتِ من خِمسٍ وعِشر
وهذا الدّهرُ بشّرَ بالمَنايَا،
فلِمْ فَرِحتْ ببِشْرٍ أُمُّ بِشْر؟
تخوّنَ أرْبَعي، ومَضى بخمسي،
وأعلقَ، في حبالِ الشمس، عَشري
سُطورٌ، نحنُ نكتبُها، لَيالٍ
مَداها كالمُدى غَرِيَتْ بقَشر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعَنْ عُفْرٍ تُلِمُّ بسِرْبِ عُفْرِ،
أعَنْ عُفْرٍ تُلِمُّ بسِرْبِ عُفْرِ،
رقم القصيدة : 4459
-----------------------------------
أعَنْ عُفْرٍ تُلِمُّ بسِرْبِ عُفْرِ،
وتَغفِرُ، في الشَّكاةِ، لأمّ غُفرِ؟
أما في الأرضِ منْ رجلٍ لَبيبٍ،
فيفرُقَ بينَ إيمانٍ وكُفر؟
وجدتُ أباكَ مُفترياً حديثاً،
فأنتَ على مَقصّ الشّيخ تَفري
تأمّلْ! هلْ ترى في الدّارِ شَفْراً؟
كأنّ العَينَ ما سُترتْ بِشُفْرِ
خُطوبُ الدّهرِ، من بيضٍ وسودٍ،
عصَفنَ بكلّ ذي بِيضٍ وصُفْر
إذا أُوتيتَ مِلْءَ يدٍ طَعاماً،
فأطعِمْ مَنْ عَراكَ، ولو كظُفْر(41/27)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خُذِ المرآةَ، واستَخبِرْ نجُوماً،
خُذِ المرآةَ، واستَخبِرْ نجُوماً،
رقم القصيدة : 4460
-----------------------------------
خُذِ المرآةَ، واستَخبِرْ نجُوماً،
تُمِرُّ بمطعَمِ الأرْيِ المشُورِ
تَدُلُّ على الحِمامِ، بلا ارتيابٍ،
ولكن لا تَدُلُّ على النّشُورِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدَتْ دارَ الشّرُورِ، ونحنُ فيها،
غدَتْ دارَ الشّرُورِ، ونحنُ فيها،
رقم القصيدة : 4461
-----------------------------------
غدَتْ دارَ الشّرُورِ، ونحنُ فيها،
فمَنْ يهدي إلى دارِ السّرُورِ؟
لقد بُدّلتُ حالاً، بعدَ حالٍ،
فصِرْتُ إلى الغُرورِ مِنَ الغُرورِ
فصَبراً! إنْ أمَرّ، عليكَ، عيشٌ؛
فإنّكَ في المَقامِ على المرورِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أفي الإحسانِ غَرْباً جاءَ جَذْباً،
أفي الإحسانِ غَرْباً جاءَ جَذْباً،
رقم القصيدة : 4462
-----------------------------------
أفي الإحسانِ غَرْباً جاءَ جَذْباً،
وعندَ الشرّ ماءً في حُدورِ
فَإنّكَ لا إلى شُهُبِ الثّرَيّا
بلَغتَ، ولا حُسِبتَ من البُدورِ
وتخمَصُ، من مطاعِمِها، رجالٌ،
لأنّ هُمومَها ملءُ الصّدور
ودَفنُ الغانياتِ، لهنّ أوفَى
منَ الكِلَلِ المَنيعَةِ، والخُدور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تزَوّجْ، إن أردْتَ، فتاةَ صِدْقٍ،
تزَوّجْ، إن أردْتَ، فتاةَ صِدْقٍ،
رقم القصيدة : 4463
-----------------------------------
تزَوّجْ، إن أردْتَ، فتاةَ صِدْقٍ،
كَمُضْمَرِ نِعمَ، دامَ على الضّميرِ
إذا اطّلَعَ الأوانسُ لم تَطلّعْ
إلى عُرُسٍ تَمُرُّ، ولا أميرِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرَى بَشَراً، عقولُهُم ضِعافٌ،
أرَى بَشَراً، عقولُهُم ضِعافٌ،
رقم القصيدة : 4464
-----------------------------------
أرَى بَشَراً، عقولُهُم ضِعافٌ،
أزالوها لِتُعدَمَ بالخُمورِ
أبانُوا عن قَبائحَ مُنكَراتٍ،(41/28)
فَدَعْ ما لا يُبينُ من الأُمور
وعاشوا بالخِداعِ، فكلُّ قومٍ
تُعاشِرُ من ذِئابٍ، أو نُمور
إذا ضَحِكوا لزَيدٍ أو لعمرٍو،
فإنّ السّمَ يُخبأُ في العمور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أوى ربّي إليّ، فما وُقوفي
أوى ربّي إليّ، فما وُقوفي
رقم القصيدة : 4465
-----------------------------------
أوى ربّي إليّ، فما وُقوفي
على تلكَ المَنازِلِ والأواري؟
وإنّ طَوارَ ذاكَ الرّبعِ أودى،
برَبْرَبِ أهلهِ، نُوبٌ طَواري
عَواريُّ الفتى متعقَّباتٌ،
بُطونُ بَناتِهِ منها عَواري
فنزّه ناظرَيكَ عن الغَواني،
وأكرِمْ جارتَيكَ عن الحِوار
إذا قَصُرَ الجِدارُ، فلا تَشرَّفْ
لتنظر ما تستّر في الجِوار
وَجَدتُ مُدى الحوادثِ واقعاتٍ
بلَبّاتِ المثَلَّب، والحُوار
ولا تُعجبْكَ ريّا عند ريّا،
ولا نَورٌ تَبيّنَ من نَوار
وأعرِض عن جوار الدار، أوفَت
عليه، بزينَةٍ أُصُلاً، جواري
تطلّعْ من سِوارِكَ، باختلاسٍ،
إلى خَلخالِ غيرِكَ والسِّوار
زوائرُ بالعشيّ ومِزرُ شُرْبٍ،
يُكَثِّرُ مَرزياتِكَ والزَّواري
عليكَ العقلَ، وافعَلْ ما رآهُ
جميلاً، فهوَ مُشتارُ الشِّوار
ولا تَقبَلْ من التّوراةِ حُكماً،
فإنّ الحَقّ عَنها في توار
أرى أسفارَها ليهودَ أضحَتْ
بواري، قد حُسِبنَ من البوار
إذا أخلَصتَ، للخَلاّقِ، سرّاً،
فليستْ مِن ضَوائرِكَ الضّواري
وإنْ مرّ الصُّوارُ، فلا تَلَفّتْ،
بمُطّرَدِ النّسيمِ، إلى الصُّوار
فوارٍ، من زنادِكَ، مثلُ كابٍ،
متى ما حَلّتِ الغِيَرُ الفواري
أسِرْبٌ، حولَ دُوّارٍ، نساءٌ
بمكّةَ، أو عَذارى في دُوار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجَدتُ النّاسَ كالأرَضينَ شتّى،
وجَدتُ النّاسَ كالأرَضينَ شتّى،
رقم القصيدة : 4466
-----------------------------------
وجَدتُ النّاسَ كالأرَضينَ شتّى،
فمِنْ دَمِثٍ يُرَيِّعُ، أو حِرارِ
جليسُ الخيرِ كالدّارِيّ ألقى
لكَ الرّيّا، كمُنتسَمِ العَرار(41/29)
ولكنْ ضدُّهُ، في الرَّبعِ، قَينٌ،
أطارَ إليكَ مُفترِقَ الشَّرارِ
يباكرُ ظالِمٌ جَنَفاً وعَرّاً،
كما بكَرَ الظّليمُ على العِرار
وحبُّ العيشِ أعبدَ كلَّ حرٍّ،
وعلّمَ ساغباً أكلَ المُرار
يوقِّرُهُ الكَرى، فيقَرُّ طوراً،
ويمنَعُهُ الحِذارُ من القَرار
ألاحَ فلمْ يَعُجْ، بغِرارِ نَومٍ،
لبيضاتٍ وُضِعنَ على غِرار
فما للمَينِ يُنطَقُ بالتّنادي؛
وما للحَقّ يُهمَسُ في السّرار؟
أصاحِ! كأنّ هذا الدّهرَ شَهرٌ،
خُلقنا منهُ في ليلِ السّرار
وكم عادٍ أبادَ، وكم ثمودٍ
أتاها صالحٌ، ذاتَ المِرار
فمهلاً يا مُتَمِّمُ! إنّ فِهراً
حَوَتْ، من مالكٍ، ديَةَ الفُرار
عتابُكَ خالداً لم يُجدِ شيئاً،
ولا نَصُّ المَلامِ إلى ضِرارِ
لجأتُ إلى السّكوتِ من التّلاحي،
كما لجأ الجَبانُ إلى الفِرار
ويجمَعُ منّيَ الشّفَتَينِ صَمتي،
وأبخَلُ، في المَحافلِ، بافتراري
وكانَ تأنُّسي بهِمُ، قديماً،
عِثاراً، حُمّ في شأوِ اغتراري
يئستُ من اكتِسابِ الخَيرِ لمّا
رأيتُ الخَيرَ وُفّرَ للشِّرار
ولم نحلُلْ بدُنيانا اختياراً،
ولكن جاءَ ذاكَ على اضطرار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرانا اللُّبُّ أنّا في ضَلالٍ؛
أرانا اللُّبُّ أنّا في ضَلالٍ؛
رقم القصيدة : 4467
-----------------------------------
أرانا اللُّبُّ أنّا في ضَلالٍ؛
وأنّا مُوطِنونَ بشَرّ دارِ
نُدارُ، على الذي نَهوى سِواهُ،
بحُكمِ اللَّهِ في الفَلَكِ المُدار
وما يُدْريكَ، والإنسانُ غُمرٌ،
وقد يُدرى خليلُكَ، وهو دار
لعَلّ مفاصلَ البنّاءِ تُضْحي
طِلاءً للسّقيفَةِ، والجِدار
يُرَجّي النّاسُ كُلُّهُمُ حظوظاً؛
وللأقدارِ فعلٌ باقتدار
وما رُتباتُهمْ إلاّ غُروبٌ،
دوائبُ في طلوعٍ وانحِدار
إذا كانَ الذي يأتي قَضاءً،
فمُكثي ليسَ ينقُصُ عن بِدار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تُخَيّمُ، يا بنَ آدمَ، في ارتحالٍ،
تُخَيّمُ، يا بنَ آدمَ، في ارتحالٍ،
رقم القصيدة : 4468(41/30)
-----------------------------------
تُخَيّمُ، يا بنَ آدمَ، في ارتحالٍ،
وترقُدُ في ذَراكَ، وأنتَ ساري
ويأمُلُ ساكنُ الدّنيا رَباحاً،
وليسَ الحَيُّ إلاّ في خَسار
غدا العُميانُ، في شرقٍ وغَربٍ،
يعدّونَ العصيّ من اليَسار
قُنيُّ فَوارِسٍ، ما كان منهم
فوارسُ رَحرحانَ ولا النِّسار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصابَ، الأخْفشَينِ، بصيرُ خطبٍ،
أصابَ، الأخْفشَينِ، بصيرُ خطبٍ،
رقم القصيدة : 4469
-----------------------------------
أصابَ، الأخْفشَينِ، بصيرُ خطبٍ،
أعادَ الأعْشيَينِ بلا حِوارِ
وغِيلَ المازنيُّ، من اللّيالي،
بزَنْدٍ من خطوبِ الدّهرِ واري
وللجَرْميّ ما اجتَرَمَتْ يداهُ؛
وحسبُكَ منْ فلاحٍ أوْ بَوار
فأمّا فَرْخُهُ، فبلا جَناحٍ،
يَطيرُ بحَمْلِ أقلامٍ جواري
ولم يهْمُمْ بلَقطِ الحَبّ، يوماً
فيوجَدَ رَهنَ أشراكٍ دواري
ولا يرِدُ المياهَ، إذا هَوافٍ،
مِنَ الأفراخِ، مُتنَ من الأُوار
أتمُّ، من النّسورِ، بَقاءَ عُمرٍ،
نسورِ الطّيرِ لا الشُّهبِ السّواري
وأكثرُ ما شكاهُ، من الرّزايا،
عواريٌّ، لضيعَتهِ، عَواري
فطَوْراً بالمَغارِبِ مُستَشاراً؛
وطوْراً بالمَشارقِ في غِرار
ولمْ يَخَفِ الحِمامَ، فألجأتهُ
مُطِلاّتُ الصّقورِ إلى تَواري
أجلُّ مِن الفَريدِ لخازنيهِ،
وأبقى، في الأكفّ، منَ السِّواري
وما نفعَ المبرّدَ من حَميمٍ؛
وصادَتْ ثَعلَباً نُوَبٌ ضواري
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تَطلُبِ الغَرضَ البعيدَ وتَسهَرِ،
لا تَطلُبِ الغَرضَ البعيدَ وتَسهَرِ،
رقم القصيدة : 4470
-----------------------------------
لا تَطلُبِ الغَرضَ البعيدَ وتَسهَرِ،
ما يُقضَ يأتِ، وطالبٌ لم يُبْهَرِ
جيلٌ فجيلٌ يذهَبونَ، ويَنطوي
خبَرٌ، ويُصبِحُ خامِلٌ كمُشهَّرِ
والمرءُ يَغشاهُ الأذى من حَيثُ لا
يخشاهُ، فاعجبْ من صروفِ الأدهُر
ومُحمّدٌ، وهو المُنبَّأُ، يَشتكي
لمكانِ أكلَتِهِ انقِطاعَ الأبْهر(41/31)
لا تَغبِطَنّ على الهِباتِ، فإنّها
زَهَرٌ يزولُ مع الزّمانِ الأزهر
والنّبْتُ يَظهَرُ للعيونِ، وإن مضَتْ
سَنَةٌ له، فكأنّهُ لم يَظهَر
في كلّ عامٍ تَستَهلُّ غمائمٌ
بشقائقِ النّعمانِ، أوْ بالعَبهر
ومن الرّزيّةِ عاهرٌ متوهَّمٌ
في النّاسكينَ، وناسِكٌ في العُهَّر
ومَحاسنُ الدّنيا الأنيسُ، وإنّما
أشباحُ سادَتهم أهِلّةُ أشهُر
وإذا أرَدْتُمْ للبنينَ كَرامَةً،
فالحَزمُ أجمَعُ تركُهُمْ في الأظهُر
والرّأيُ أن تَدعوا الصّوارِمَ كلّها
بقُرى المَشارِفِ، والرّماحَ بسَمهَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصحابُ لَيْكَةَ أُهلِكوا بظَهيرَةٍ
أصحابُ لَيْكَةَ أُهلِكوا بظَهيرَةٍ
رقم القصيدة : 4471
-----------------------------------
أصحابُ لَيْكَةَ أُهلِكوا بظَهيرَةٍ
حَمِيَتْ، وعادٌ بالرّياحِ الصَّرْصَرِ
هَوّنْ عليكَ أنِلتَ نصراً في الوغى،
أم قال جدُّكَ، صادقاً، لا تُنْصر
كِسرَى أصابَ الكَسرُ جابرَ مُلكه،
والقصرُ كَرّ على تَطاوُل قَيصَر
لا تَحمَدَنّ، ولا تذمّنّ امرأً
فينا، فغيرُ مقصِّرٍ كمقَصِّر
آلَيْتُ لا يَنفَكُّ جسْميَ في أذًى،
حتى يَعودَ إلى قَديمِ العُنصُر
وإذا رَجعَتُ إلَيهِ صارت أعظُمي
تُرْباً، تهافَتَ في طِوالِ الأعصُر
واللَّهُ خالقُنا اللّطيفُ مُكَوِّنٌ
ما لا يَبينُ لِسامعٍ، أو مُبصِر
أيّامَ لم تَكُ في المَواطِنِ كُوفَةٌ
لمُكَوِّفٍ، أوْ بَصرَةٌ لمُبَصِّرِ
كم أهرَمَ، الفتياتِ، وقتٌ ذاهبٌ،
والشّمسُ تطلُعُ كالفَتاةِ المُعصِر
والعقلُ يَعجَبُ للشّروعِ: تمجّسٍ
وتَحنّفٍ وتَهَوّدٍ وتَنَصّر
فاحذَرْ ولا تَدعِ الأمورَ مُضاعةً،
وانظرْ بقلبِ مُفَكّرٍ متبَصّر
فالنّفسُ، إنْ هيَ أُطِلقَتْ من سِجنها،
فكأنّها، في شَخصِها، لم تُحصَر
والطّولُ في وُسطَى البَنانِ لعِلّةٍ،
كالنّقْصِ في إبهامِها والخِنصِر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا نَفسُ! آهِ لِمَتْجَرٍ مُتَنزِّرِ،(41/32)
يا نَفسُ! آهِ لِمَتْجَرٍ مُتَنزِّرِ،
رقم القصيدة : 4472
-----------------------------------
يا نَفسُ! آهِ لِمَتْجَرٍ مُتَنزِّرِ،
جرّبتُهُ، فرَجَعْتُ عَيْنَ المُخسَرِ
أعَلى ابنِ أُدٍّ يَفترونَ، كما افترَتْ،
قِدماً، على النّمْروزِ، شأنَ الأنسُرِ؟
سرٌّ سيُعلَنُ، والحياةُ مُعارةٌ،
ولتُقضيَنّ بها دُيونُ المُعسِر
كخبيءِ نِعمَ وبئسَ، يخبأ فيهما،
ويكونُ ذاكَ على اشتراطِ مفسِّر
أنا في إسارِ الدّهرِ، لستُ بمُطلَقٍ
أبداً، فأسْرِ أخا الطلاقَةِ، أوْ سِر
والعيشُ جسرٌ نالَ من هو جاسِرٌ،
أوْ كادَ فيهِ، وخابَ من لم يجسُر
وإذا قَرَنْتَ بلامِ مِلكٍ مُضمَراً،
فُتِحَتْ به، فكأنّها لم تُكسَر
وكأنّ من بلَغَ العُلا لم ينخفضْ؛
وكأنّ من فَقدَ الغنى لمْ يُوسِر
ويَدُلُّني، أنّ المَماتَ فضيلَةٌ،
كونُ الطّريقِ إلَيهِ غيرَ مُيَسَّر
لوْلا نَفاستُهُ لسُهّلَ نهْجُهُ،
كأذى الضّعيفِ على اللئيمِ المَكسِر
آلَيتُ لوْ رُزقَ العديمُ فطانَةً،
لنَفَى الهُمومَ، وباتَ غَيرَ مُحَسَّر
ولئن يُعَدَّ حَمامَةً، خيرٌ لهُ
من أن يُضافَ إلى ذواتِ المَنْسَر
وإذا المُعَلّى عادَ أكثرَ مَغرَماً،
فاقنَعْ بفَذّكَ من قِداحِ المَيسر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> النّفسُ، عند فِراقِها جُثمانَها،
النّفسُ، عند فِراقِها جُثمانَها،
رقم القصيدة : 4473
-----------------------------------
النّفسُ، عند فِراقِها جُثمانَها،
مخزونَةٌ لدُروسِ رَبعٍ عامِرِ
كحمامةٍ صِيدتْ، فثنّتْ جيدَها
أسفاً، لتنظرَ حالَ وكرٍ دامر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سألتْ مُنَجّمَها عن الطّفلِ الذي
سألتْ مُنَجّمَها عن الطّفلِ الذي
رقم القصيدة : 4474
-----------------------------------
سألتْ مُنَجّمَها عن الطّفلِ الذي
في المهدِ: كم هو عائِشٌ من دهرِهِ؟
فأجابَها: مائةً، ليأخذَ دِرهماً،
وأتَى الحِمامُ وليدَها في شهرِه
قُلِبَ الزّمانُ، فرُبّ خَوْدٍ تَبتَغي(41/33)
زَوجاً، وتبذُلُ غالياً من مَهرِه
إنْ كانتِ امرأةُ الفتى في طُهرِها،
فلَعَلّهُ لم يَغشَها في طُهره
كَرِهَ الجهولُ بناتِه، وسليلُهُ
أجنى، لِما يَغتالُهُ، مِن صِهره
أعْدى عدوٍّ لابنِ آدَمَ، خِلتُهُ،
ولدٌ يكونُ خُرُوجُه من ظَهره
وسَفاهَةُ الإنسانِ موهِمَةٌ لَهُ
بَذَّ القَوارحِ، في الرّهانِ، بمُهرِه
وعِقابُ والدِكَ الرّؤوفِ تحدّبٌ،
ويُشَقُّ أنفُ الطِّرْفِ خَشيةَ بُهرِه
أتُسِرُّ شيبَكَ عن جليسِكَ، ضِلّةً،
والشّيبُ ليسَ بعاجِزٍ عَن جَهرِه
كم سائِلٍ وافَى، ودارَكَ سائِلٌ
نَهرَ الغنى، فيها، فعادَ بنَهرِه
والغَمرُ، إن لم تَهدِه شمسُ الضّحى،
لم يَهدِهِ جِنْحُ الظّلامِ بزُهْره
فاضربْ يَتيمَكَ طالباً تأديبَهُ،
ما عدَّ ذلك راشدٌ من قَهره
والسّعدُ يُثني المُستَضامَ كغالبٍ
سَهَكَ الجبالَ، من الأنامِ، بفِهرِه
والنّحسُ يَعتادُ البَصيرَ ولبَّهُ،
حتى يُقيمَ عِشاءَهُ في ظُهرِه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قَدِمَ الفتى، ومضى بغَيرِ تَئِيّةٍ،
قَدِمَ الفتى، ومضى بغَيرِ تَئِيّةٍ،
رقم القصيدة : 4475
-----------------------------------
قَدِمَ الفتى، ومضى بغَيرِ تَئِيّةٍ،
كهِلالِ أوّلِ لَيلَةٍ من شَهْرِه
لقد استراحَ من الحياة معجَّلٌ،
لو عاشَ كابَدَ شدّةً في دَهره
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنَوارُ تُحسَبُ من سَنا الأنوارِ؟
أنَوارُ تُحسَبُ من سَنا الأنوارِ؟
رقم القصيدة : 4476
-----------------------------------
أنَوارُ تُحسَبُ من سَنا الأنوارِ؟
ومِن البَوارِ مَهاً عرَضْنَ بواري
بِيضٌ دَوارٍ للقُلوبِ، كأنّها
عِينٌ بدَوّارٍ وعِينُ دَوارِ
هذي أَواريُّ المَنازِلِ ما دَرتْ
أنّى أُواري، في حشايَ، أُواري
أمّا فَواري المَينِ عنكَ، فصادَفَتْ
سَمعاً، وأمّا الوَجدُ منكَ فواري
وإذا الحَواريّاتُ صِدْنَكَ، فابتكِر،
مثلَ الحواريّاتِ، إثرَ حُوار
يَرْأمْنَ سَقباً في الرّواحِ، وإنّما(41/34)
تَبني على حَوَرٍ وحُسن حِوار
يَلعَبنَ بالزّوّارِ لِعْبَ قَوامِرٍ،
وإذا بلَغْنَ رِضاً، فهنّ ذواري
مثلُ الصُّوارِ، إذا شَمَمتَ صُوارَها،
فشجونُ قلبِكَ، للهمومِ، صَواري
فاجعَلْ سِوارَيْ غادَةٍ وبُراهُما،
لبُرى غوادٍ، في الرّكابِ، سَواري
يُرْقِلْنَ في خَلَقِ الشِّوارِ، وفوقَها
أخلاقُ إنسٍ، للقبيح، شَواري
لا تَشكُونّ، فَفي الشّكايَةِ ذِلّةٌ،
ولتُعْرَضنّ الخَيلُ بالمِشوار
آلَيتُ ما مَنَعَ الخُوارُ أوابِداً
في هَضبِ شابَةَ، والنّقا الخَوّار
رِيعَ اللّبيبُ من المَشيبِ، لأنّهُ
ما زالَ يُؤذَنُ بانتِقالِ جِوارِ
ما أبأس الحَيوانَ، ليسَ لنابتٍ
أسَفٌ بما يَبْدُو من النُّوّار
وكأنّ مَنْ سَكَنَ الفِناءَ متى غَدا
للقَبرِ، لم يَنزلْ لهُ بطَوار
تلكَ النّسورُ من الوُكُورِ طَوائرٌ،
ومَقادِرٌ منْ فَوْقِهنّ طواري
إنّ العَواريّ استُردّ جميعُها،
فالرّاحُ منها، والجُسومُ عَواري
أشباحُ ناسٍ في الزّمانِ، يُرى لها،
مثلَ الحَبابِ، تَظاهرٌ وتواري
يُخلَطْنَ فيه بغيرِهنّ، فما مضى
غيرُ الذي يأتي، وهُنّ جَواري
أعيَا سِوارُ الدّهرِ كلَّ مُساوِرٍ؛
ورَمَى الخليلَ بأسْهُمِ الأُسوار
فاحذَرْ، وإن بعُدَتْ غَزاتُك في العدى،
قَدَراً أغارَ على أبي المِغوار
زجَرَتْ، قواريَها، الزّواجرُ بالضّحى،
والحادِثاتُ منَ الحِمامِ قواري
لو فكّرَتْ طُلُبُ الغِنى في ذاهبِ الأ
كوارِ، ما قعَدَتْ على الأكوار
والنّدبُ في حُكمِ الهِدانِ، وذو الصِّبا
كأخي النُّهَى، والذِّمْرُ كالعُوّار
ويُقالُ إنّ مَدَى اللّيالي جاعلٌ
جَبلاً، أقامَ كزاخرٍ مَوّارِ
جَرتِ القَضايا في الأنامِ، وأُمضِيَتْ
صُدُقاً، بأسوارٍ ولا أسْوار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تأنَفَنّ من احترافِكَ طالِباً
لا تأنَفَنّ من احترافِكَ طالِباً
رقم القصيدة : 4477
-----------------------------------
لا تأنَفَنّ من احترافِكَ طالِباً
حِلاًّ، وعَدِّ مكاسبَ الفُجّارِ(41/35)
فالمَجدُ أدرَكَهُ، على عِلاّتِهِ،
قوْمٌ، بيَثرِبَ، من بني النّجّار
وإذا أمِنْتَ، على الظّعينَةِ، زَلّةً،
فاصْفَحْ، إنِ اطّلَعَتْ من الإجّار
فلهذِهِ النّفسِ الكَذوبِ تشَوّفٌ،
حتى تُكَفّ، عن الأذى، بهِجار
والقولُ يُوجِعُ، والعِتابُ ضغينةٌ،
والهُجرُ مُشتَقٌّ عن الإهجار
فاخترْ لنَفسِكَ منزِلاً تخلُو بهِ؛
كلُّ الثّعالِبِ رائحٌ لوِجارِ
رأسُ ابنِ آدَمَ، أصلُهُ وفروعُهُ،
قدَماهُ ضدُّ النّبْتِ والأشجار
وإذا قطعتَ رؤوسَ تلكَ، فَجائزٌ،
يوماً، تَراجُعُها بحُكمٍ جاري
ومتى نزعْتَ، لحِلْفِ رُوحٍ، هامةً،
فهو الرّدى، عمداً، بغير شجار
والشرّ في طَبعِ الأنامِ، فإنْ يُبِنْ
شيئاً سواهُ، فليس خِيمَ نِجار
هفَتِ الجبالُ، من الرّجالِ، بعَسجَدٍ
أوْ فضّةٍ، وهما من الأحجار
رغِبوا، فأزْهَدُ منْ ترى فوق الثرى
يَبغونَ، عندَ اللَّهِ، رِبحَ تِجار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الشّيبُ أزهارُ الشّبابِ، فما لَهُ
الشّيبُ أزهارُ الشّبابِ، فما لَهُ
رقم القصيدة : 4478
-----------------------------------
الشّيبُ أزهارُ الشّبابِ، فما لَهُ
يُخفى، وحسنُ الرّوضِ بالأزهارِ؟
وَدّ الذي هَوِيَ الحِسانَ لَوِ اشترى
ظَلماءَ لِمّتِهِ، بألفِ نَهار
والنّاسُ مثلُ النّبتِ، أيُّ بَهارةٍ
ذهبَتْ، فلم تَنفُضْ سليلَ بهار؟
ليتَ الجيادَ، غداةَ صادَفَها الرّدى،
ما أعقَبَتْ بنَتائِجِ الأمْهار
هارٍ عليهِ مَوقِفٌ من خائِفٍ،
للدّهرِ، فَتكَةَ سائفٍ أوْ هاري
لوْلا السّفاهَةُ، ما تَعَلّلَ جاهلٌ
بتَخَيّرِ الأحماءِ، والأصْهارِ
إنّا لَفي وقتِ الغُروبِ، وقد مضى
زمنُ الضَّحاءِ، وساعةُ الإظهار
ما أُمُّ دَفرٍ، في الحَياةِ، مَروعَةٌ
بطَلاقِ ذي شَرَفٍ، ولا بِظهار
ولقد تَشابَهَ، في الظّواهرِ، مَوْلِدٌ
حِلُّ النّكاحِ، ومَوْلِدٌ بِعِهار
والإنسُ في عَمّاءَ لم يتَبَيّنوا،
بالفكر، إلاّ حكْمةَ القَهّار
يَبغي، الطّهارةَ، ناسكٌ، ومحلُّهُ(41/36)
في مُومِسٍ بَرِئَتْ من الإطهار
ومن الرّزايا ما يُفيءُ لكَ العُلا،
كالمِسكِ فاحَ بموقِعِ الأفهارِ
أسنَيْتُ من مَرّ السّنينَ، ولم أُرِدْ
أسنَيتُ مِنْ ضوءِ السّنا البهّار
وجهَرتُ، من قُلُبِ الوِدادِ، ذمامَها
فذَمَمتُ في سرّي وعندَ جهاري
وشُهِرْتُ في الدّنيا، ومَنْ لي أن أُرى
كالنّيّرِ الفاني، معَ الإشْهار
وكأنّ ساهرَةَ السّماءِ تضَمّنَتْ
أنَفاً، من التّسهيدِ والإسهارِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه،
سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه،
رقم القصيدة : 4479
-----------------------------------
سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه،
شرَفُ النّجومِ وسؤدَدُ الأقمارِ؟
فكأنّ من خَلَقَ النّفوسَ رأى لها
ظُلماً، فعاجَلَها بسوءِ دَمارِ
ما سَرّني بقَناعةٍ أُوتيتُها،
في العَيشِ، مُلكا غالبٍ وذِمارِ
ومنَ المَعاشِر مَنْ يكونُ ثَراؤهُ
مَهْرَ البَغيّ، وبُسرَةَ الخمّار
والشرُّ مُشتَهَرُ المكانِ معرَّفٌ؛
والخَيرُ يُلمَحُ من وراءِ خِمار
ويُقامِرُ الإنسانُ، طولَ حَياتهِ،
قَدَراً تَمَنّعَ من رضاً بقمار
خَفْ من تَوَدُّ، كما تخافُ مُعادياً،
وتَمارَ فيمَنْ ليسَ فيهِ تماري
فالرُّزءُ يَبعَثُهُ القريبُ، وما درى
مُضَرٌ بما تجني يَدا أنمار
يَغدو الفَتى، والخَيلُ ملْكُ يَمينِه،
وكأنّهُ غادٍ بلُبّ حِمار
فإذا ملَكتَ الأرضَ، فاحمِ تُرابها
منْ غَرْسِهِ شجَراً بغيرِ ثمار
إن قَلّتِ السّمراءُ عندك، بُرهةً،
فاجزأ بمحضٍ، مرّةً، وسِمار
وقد ادّعَى مَنْ ليسَ يَثبُتُ قولُه،
عِظمَ الجسومِ، وبَسطَةَ الأعْمار
ما كابرٌ إلاّ كآخرَ غابرٍ؛
والحَقُّ يُعلَمُ وجهُهُ بأمارِ
وتغَنّتِ الدّنيا بصوتٍ واحدٍ؛
لا تُحسِنُ الرّبداءُ غير زمار
ومن المجرّبُ، والمَدى مُتَطاولٌ
عُدّتْ كواكِبُهُ من الأغمار
وشربتُ كأساً، في الشّبيبة، سادراً،
فوجَدتُ بعدَ الشّيْبِ فَرطَ خُمار
ما بالُ هذا اللّيل طالَ، وقد يُرى(41/37)
مُتَقاصراً عن جلسَةِ السُّمّار؟
أترومُ فجراً كالحُسامِ، ودونَهُ
نجمٌ أقامَ، تمكُّنَ المِسمار؟
تَلقَى الفتى كالرّيح، إنْ أوْدَعتَهُ
سِرّاً أُذيعَ، فصارَ كالمِزمار
ما زالَ مُلكُ اللَّهِ يَظهَرُ دائباً،
إذْ آدَمٌ وبَنوهُ في الإضمار
فامنَعْ ذمارَكَ، إن قدَرتَ، فإنّني
عَدَتِ الخُطوبُ، فما حميتُ ذماري
تَقفو الظّعائنُ من نُوَيرَةَ أجْمرَت
أجمالَها، سَحَراً، لرمي جِمار
وعُدِدْتَ من عُمّارِ مكّةَ، بعدما
كنتَ المَريدَ، يُعَدُّ في العُمّار
فليُغنِ عن لُبسِ الشُّفوفِ نَسائجاً
بالتّبرِ، لُبسُكَ رَثّةَ الأطمار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جاءَتْكَ لذّةُ ساعَةٍ، فأخَذتَها
جاءَتْكَ لذّةُ ساعَةٍ، فأخَذتَها
رقم القصيدة : 4480
-----------------------------------
جاءَتْكَ لذّةُ ساعَةٍ، فأخَذتَها
بالعارِ، لم تحفِلْ سوادَ العارِ
وابتَعتَ ما يَفنى بأغلى سِعرِهِ؛
هلاّ الخُلودَ بأرخَصِ الأسعار!
وعَريتَ بالكأسِ الكُمَيتِ عن التّقى،
فاعجَبْ لجِسمِكَ، وهو كاسٍ عار
وسَوائلُ الأشعارِ غيرُ لوابثٍ،
ولوِ ارتَدَينَ سوائر الأشعار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَلَفُ البصائرِ، والزّمانُ مُفَجَّعٌ،
تَلَفُ البصائرِ، والزّمانُ مُفَجَّعٌ،
رقم القصيدة : 4481
-----------------------------------
تَلَفُ البصائرِ، والزّمانُ مُفَجَّعٌ،
أدهى وأفجَعُ من توى الأبصارِ
بلغَ الفتى هَرَماً، فظَنّ زَمانَهُ
هَرِماً، وذمّ تقادُمَ الأعصار
كم عاين الفتياتِ، بعدَ شبيبَةٍ،
عُجُزاً، ودُنياهُنّ في الإعصار
ورُميتُ بالهِمَمِ الطّوالِ، وغالَها
كرُّ الخطوبِ، فعُوّضَتْ بِقصار
والوَحشُ، في الفَلواتِ، أجملُ عشرة
للمرءِ، من أهليهِ في الأمصار
وإذا حصَلتَ مُراقباً، في مَنزلٍ،
سُكّانَهُ، أُلفيتَ خِدنَ حِصار
والحلمُ أفضلُ ناصرٍ تَدعُونَهُ،
فالزَمْهُ يَكْفِكَ قِلّةَ الأنصار
وتفكُّرُ الإنسانِ يَثني غَربَهُ،(41/38)
ويرُدُّ جامحَهُ إلى الإقصار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما حُرّكَتْ قدمٌ ولا بُسِطَتْ يدٌ،
ما حُرّكَتْ قدمٌ ولا بُسِطَتْ يدٌ،
رقم القصيدة : 4482
-----------------------------------
ما حُرّكَتْ قدمٌ ولا بُسِطَتْ يدٌ،
إلاّ لها سَبَبٌ مِنَ المِقدارِ
خَطبٌ تَساوى فيهِ آلُ مُحَرِّقٍ،
ومُلوكُ ساسانٍ، ورهْطُ قُدار
يَدري الفتى كم عاشَ من أيّامه
يوماً، وما هو، كم يعيشُ، بداري
وتجوزُ مَعرفتي بمسقِطِ هامَتي
في الوِرْدِ، لا بالقبرِ في الإصدار
دارانِ، أمّا هذِهِ فمُسيئَةٌ
جدّاً، ولا خَبَرٌ لتلكَ الدّار
ما جاءَ منها وافِدٌ مُتَسرّعٌ،
فنَقولَ للنّبإ الجديدِ: بَدارِ
والمُلكُ ثُبّتَ للقَديمِ، وأُبرِزَتْ
بِلقيسُ، عاريَةً، بغيرِ صِدار
ولرُبّ أجسادٍ جديراتِ الثّرى،
بالصّونِ عادتْ في طِلاءِ جِدار
جسدٌ توى، إن تَفترق أجزاؤُهُ،
لم تَنأ عن فَلكٍ عليهِ مُدار
وإذا بدُورُ المالِ هِبْتَ مَحاقَها،
فهِلالُ مَجدِكَ غَيرُ ذي إبدار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بالغار، من هَضبَيْ عَمايةَ، نازلٌ،
بالغار، من هَضبَيْ عَمايةَ، نازلٌ،
رقم القصيدة : 4483
-----------------------------------
بالغار، من هَضبَيْ عَمايةَ، نازلٌ،
ما زالَ تُوقَدُ نارُهُ بالغارِ
وكَبائرُ الأشياءِ تُحدِثُ غيرَها،
فتُعيدُها موصوفَةً بصِغار
ومُغارُ هذا الدّهرِ تقطَعُ خيلُهُ
أسبابَ حَبلٍ، للحَياةِ، مُغار
لا تَبخَلِنّ على خليلِكِ، إنْ بَغَى
خِلاًّ سِواكِ، فتُبخَلي وتُغاري
لا يجعَلَنْ هنداً هُنَيدَةَ فُوكَ، فالتـ
ـصغيرُ مَقرونٌ إلى الإصغار
إنّ الثّرَيّا حينَ صَغّرَ، لفظَها،
أهلُ البَسيطةِ، ما دَنَتْ لصَغار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غَسَلَ المَليكُ بلادَهُ، من أهلِها،
غَسَلَ المَليكُ بلادَهُ، من أهلِها،
رقم القصيدة : 4484
-----------------------------------
غَسَلَ المَليكُ بلادَهُ، من أهلِها،(41/39)
بالماءِ، إذ جاؤوا بسوءِ شَنارِ
ويقالُ إنّ اللَّهَ، جَلّ ثَناؤهُ،
يوماً يُطَهّرُ أرضَهُ بالنّار
كم مُسلمٍ عَبدَ الهوى، فوجدْتُهُ،
فيما يُحِلُّ، كعاقِدِ الزُّنّار
كذَبوا أنِ ادّعَوُا الهُدى، فجميعُهم
يَسعَوْنَ في تِيهٍ بغَيرِ مَنار
فاهربْ بدِينِكَ من أولئكَ، إنّهمْ
حَرَبوكَ واحتربوا على الدّينار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا شُهْبُ، إنّكِ في السّماءِ قديمةٌ،
يا شُهْبُ، إنّكِ في السّماءِ قديمةٌ،
رقم القصيدة : 4485
-----------------------------------
يا شُهْبُ، إنّكِ في السّماءِ قديمةٌ،
وأشَرتِ للحكماءِ كلَّ مُشارِ
أخبرتِ عن موتٍ، يكونُ مُنَجِّماً،
أفتُخبرينَ بحادِثِ الإنشار؟
مَن للمملَّكِ تُبّعٍ، أو قَيْصرٍ،
لو كان مثلَ مليكِكِ العشّار
والدّهرُ مُفتَنُّ الغوائلِ، مُهلِكٌ
رَبَّ الحُسامِ، وحامِلَ المئشار
صمَماً حشا أُذنَ الكُمَيتِ، ودِرهميْ
كَمَهٍ أحَلَّ بناظرَيْ بشّار
والنّاسُ، في ضدّ الهُدى، متشيّعٌ
لزمَ الغُلُوّ، وناصبيٌّ شاري
بخِلَ الأنامُ، فهل تَرى من قائلٍ
أفنى، عِشاري الكُوم، حسنُ عِشار
وكأنّ تَعشيرَ الغُرابِ محدِّثٌ
أنّ الخَليطَ يَحُلُّ في تِعشار
والعُمرُ مَقسومٌ على الأكوانِ بالجُـ
ـزءِ الأقَلّ، وليسَ بالأعشار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كيفَ الرّباحُ، وقد تألّى ربُّنا
كيفَ الرّباحُ، وقد تألّى ربُّنا
رقم القصيدة : 4486
-----------------------------------
كيفَ الرّباحُ، وقد تألّى ربُّنا
بالعَصرِ، إنّ المَرءَ حِلفُ خَسارِ
وتَقاسُمُ الأيّامِ مَنْ مَرّتْ بهِ،
من أهلِها، كتَقاسُمِ الأيسار
هيَ سَبعةٌ مثلُ القداحِ، فوائزٌ
مُتَساوياتٌ في غِنًى ويَسار
متشابِهاتٌ ما اقتَضَينَ من الفتى
نَفساً، فرامَ الليَّ بالإعسار
ومن العَجائبِ أنّني عانٍ بها،
أرجو المَنيّةَ أنْ تَفُكّ إساري
والمَوتُ يأخُذُ كلّ حينٍ، باكرٌ،
أو مُظهِرٌ، أو رائحٌ، أو ساري(41/40)
ومن الجهاتِ الستّ، لا هو طارقٌ
من عن يميني، مرّةً، ويَساري
ما يَفخَرُ الأسَديُّ، بعد حِمامِه،
بنُسورِ مَعركةٍ ولا بِنِسار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا أُمّ دَفرٍ! إنّما أُكرِمتِ عَنْ
يا أُمّ دَفرٍ! إنّما أُكرِمتِ عَنْ
رقم القصيدة : 4487
-----------------------------------
يا أُمّ دَفرٍ! إنّما أُكرِمتِ عَنْ
أمَهٍ، وحَقُّكِ أن يُقالَ دَفارِ
وإذا التَثَمْتِ ظُنِنتِ ذاتَ نَضارةٍ؛
ومتى سَفَرْتِ قُبِحتِ في الإسفار
غَلَبَ السّفاهُ، فكم تَلَقّبَ مَعشَرٌ
بالمؤمنينَ، وهُمْ منَ الكفّار
ومِن البَليّةِ، أن يُسَمّى، صادقاً،
مَن وصفُهُ الأَولى كذوبٌ فار
طلَبَ اللّئيمُ مِنَ اللّئام تَحَرّماً،
والخافِرونَ أتَوهُ بالإخْفار
ورَمَيْتُ أعوامي ورائيَ، مثلَ ما
رَمَتِ المَطيُّ مَهامِهَ السُّفّار
وركِبْتُ منها أربَعينَ مَطيّةً،
لم تَخْلُ مِن عَنَتٍ وسوءِ نِفار
بَذَلَ الكريمُ عَتائراً من سارِحٍ،
فأفادَ من شُكرٍ عَتائرَ فار
حادِثْ كتابَكَ، فهوَ آمَنُ جانباً،
مِن أهلِ تَسبيدٍ، وأهلِ وِفار
وفَوائدُ الأسفارِ جمعُ السِّفر، في الد
نيا، تَفوقُ فَوائِدَ الأسفار
والعِيسُ تؤثَرُ بالنُّضارِ، وتَمتري
نَضْرَ المَعيشَةِ في فلاً وجِفار
حَسَتِ الظلامَ، فآض تعصرُه الضّحى،
من بينِ أعطافٍ، لها، وذَفار
والطِّرْفُ، أجفَرَهُ القضاءُ، فخصّه،
بالرّخصِ، ما فيهِ من الإجفار
والآلُ شخصُ الحَيّ أينَ لقيتَهُ،
فكأنّهُ، في المَينِ، آلُ قِفار
شبَحٌ يَعودُ إلى التّرابِ، فينطوي،
كهَشيمِ رُغلٍ، أو حُطامِ صُفار
أينَ الخَليطُ، لقد تأبّدَ رَبعُهُ،
والحَيُّ أجمَعُ حَلّ في أحفار
أمَلٌ تَعَلّقَ بالنّجومِ، فلا تَقُلْ،
عندَ النّعامِ، ولا مَعَ الأغفار
رُمنا المآربَ بالسّفاهِ، ولم تكنْ
لتُنال إلاّ بانتضاءِ شِفار
ألقاكَ عن عُفرٍ، وجِسمي بنيَةٌ
عَفريّةٌ، والزّنْدُ غيرُ عفار
شَذّ التّقيُّ، فما يُقاسُ على أبي(41/41)
ذَرٍّ، وشيمَتُهُ رِجالُ غِفار
أرأيْتَ أُسدَ الجِزْعِ، بعْد فريسِها،
تَعتامُ بالأظفارِ جَزْعَ ظَفار؟
والصّبحُ قد غَسَلَ الدّجى بمعينِه،
إلاّ بقيّةَ إثمدِ الأشفار
غُفرانَ ربّكَ، قلّما فعلَ الفتى
ما لَيسَ مُحوِجَهُ إلى استغفار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الدّهرُ يَصمُتُ، وهو أبلَغُ ناطقٍ،
الدّهرُ يَصمُتُ، وهو أبلَغُ ناطقٍ،
رقم القصيدة : 4488
-----------------------------------
الدّهرُ يَصمُتُ، وهو أبلَغُ ناطقٍ،
من مُوجِزٍ نَدُسٍ، ومن ثرثارِ
يَمشي على قدمَينِ، مِن ظَلمائِه
ونَهارِهِ، ما همّتا بعِثار
ضنّتْ يداهُ، وتلكَ منهُ سجيّةٌ،
أن تُجرِيا أحداً على الإيثار
والعيشُ ضدُّ القولِ، يُحمَدُ طُولُهُ،
ويُذَمُّ هادي القومِ في الإكثار
والسّيلُ، إنْ بَعثَ النّباتَ من الثّرى،
فلَهُ، بحَظْرِكَ، سيّىءُ الآثار
قتَلتكُمُ الدّنيا، فهلْ مِنْ قائمٍ،
في أُمّكم، يُرضي بمطلَبِ ثار؟
نُوَبٌ تَسورُ على ابن آدم خِلْتُها
صُيُداً، حُثِثْنَ على أغنَّ مُثار
وإذا تَقَضّتْ ساعَةٌ بلُبانَةٍ،
فكأنّ فائتَها لَبونُ دِثار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المَرءُ يأبُرُ خِسّةً في طَبعِهِ،
المَرءُ يأبُرُ خِسّةً في طَبعِهِ،
رقم القصيدة : 4489
-----------------------------------
المَرءُ يأبُرُ خِسّةً في طَبعِهِ،
ولرُبّ صاحبِ مُنصُلٍ أبّار
والحرُّ، في أوطانِهِ، متغَرّبٌ،
فتَظُنُّهُ، في مِصرِهِ، بوَبار
ضَلّتْ يهودُ، وإنّما تَوراتُها
كذبٌ من العلماءِ والأحبار
قد أسندوا عن مثلِهمْ، ثمّ اعتلَوا،
فنَمَوا بإسنادٍ إلى الجبّار
وإذا غَلَبتَ مُناضلاً، عن دينِه،
ألقَى مَقالِدَهُ إلى الأخبار
أقسامُ لفظِكَ ستّةٌ، وجَميعُها
لا مَيْنَ يَلحَقُهُ سوى الإخبار
من خوفِ بارئكَ امتَطيتَ نجيبةً،
عادتْ بسَيرِكَ مثلَ قوسِ الباري
فإذا ورَدْتَ مِنًى، فغاياتُ المُنى
مَلقَى جرائم، في الحياةِ، كِبار(41/42)
كم أينُقٍ ينضُو، الظلامَ، وجيفُها،
وإلى تَبارٍ شَفّهنّ تَباري
قد صَيّرَ الإنسانُ، في أحشائِه،
قبراً لغانيَةٍ عن الإقبار
ما جادَ، من دمِه المَصونِ، بقطرَةٍ،
وأجادَ وصفَ دِمائِها بجُبار
كم أعظم الأقوامُ خِبّاً، وانبَرَوا
يتمسّحونَ، لأرضِهِ، بجُبار
والسَّهبُ، تغشاهُ السّعودُ، فينثني
مُتَقَسّماً في السّكنِ بالأشبار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا رَبِّ لا أدعُو لميسَ كما دَعَا
يا رَبِّ لا أدعُو لميسَ كما دَعَا
رقم القصيدة : 4490
-----------------------------------
يا رَبِّ لا أدعُو لميسَ كما دَعَا
أوْسٌ، ولا دَعْوى زهيرٍ حارِ
والنّفسُ لاجِئَةٌ إلى جَسَدٍ لها،
خُلِقَتْ مُحاذِرَةً من الإصحار
وغَدَتْ مَحاراتُ الحجيجِ إلى مِنًى،
وكأنّما ينَظِمنَ دُرّ مَحار
يَخبِطْنَ، في قَيظٍ، سَرابَ هَواجرٍ،
ويُخَلْنَ فيهِ الرّوضَ بالأسْحار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُفنُوا الذّخائرَ، فالقضاءُ مُجهّزٌ
أُفنُوا الذّخائرَ، فالقضاءُ مُجهّزٌ
رقم القصيدة : 4491
-----------------------------------
أُفنُوا الذّخائرَ، فالقضاءُ مُجهّزٌ
أجنادَهُ، لخبيئَةِ المِذخارِ
لا تَسخَرَنّ، فما الزّمانُ وأهلُهُ
إلاّ سَرابُ تنوفَةٍ مِسخار
إفْخَرْهُمُ، ولوَ انّهُم ذهبٌ صَفا
ذهبوا، فكيفَ وهم من الفخّار
إنّ السّماءَ تَهَذّبَتْ أنوارُها،
وتخَلّفوا بالأرضِ شرَّ بُخار
والخَيرُ، قد يأتي أخيراً، مثلَ ما
أجناكَ يَنْعُ النّخلَةِ الميخار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الوَغدُ يَجعَلُ ما أُنيلَ غَنيمَةً،
الوَغدُ يَجعَلُ ما أُنيلَ غَنيمَةً،
رقم القصيدة : 4492
-----------------------------------
الوَغدُ يَجعَلُ ما أُنيلَ غَنيمَةً،
ويُغيرُ في الأطماعِ كلَّ مَغارِ
والحُرُّ يُجزي، بالصّنيعةِ، مسدياً،
فكأنّ فِعلَهُما نِكاحُ شِغار
ولكلّ ما أصبَحتَ تُدرِكُ حِسّهُ
ضدٌّ، وكِبْرَةُ مَن ترى كصِغار(41/43)
شِيَعٌ أجلّتْ يَومَ خُمٍّ، وانثَنَتْ
أُخرى تُعارضُها بيومِ الغار
فاصغُرْ لتَعظُمَ، كم تجَمّعَ واثِبٌ
ثمّ استُعِزّ، فعَزّ بعدَ صَغار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الدّهرُ إنْ ينصُرْكَ ينصُرْ، بعدَها،
الدّهرُ إنْ ينصُرْكَ ينصُرْ، بعدَها،
رقم القصيدة : 4493
-----------------------------------
الدّهرُ إنْ ينصُرْكَ ينصُرْ، بعدَها،
ذا إحنَةٍ، فيحُورُ كلَّ مَحارِ
وهَواجِرُ الأيّامِ يَسلُبُ حَرُّها
ما أودَعَتْهُ ذواهبُ الأسحار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صَلَّ القَبائلُ بالفخارِ، وإنّما
صَلَّ القَبائلُ بالفخارِ، وإنّما
رقم القصيدة : 4494
-----------------------------------
صَلَّ القَبائلُ بالفخارِ، وإنّما
خُلِقوا من الصّلصالِ كالفَخّارِ
وسيوجَدُ الغُدْريُّ عَظماً ناخراً،
فتَقِلُّ رَغبَتُهُ إلى النَّخّارِ
فعَلَيكَ بالتّقوى، ذخيرَةَ ظاعنٍ؛
إنّ التّقيّةَ أفضَلُ الأذخارِ
آلُ الفتى، كالآل، فوقَ تُرابِهِ،
وشَرابُهُ كَسَرابِهِ السّخّار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> النّاسُ بالأقدارِ نالوا كلّ ما
النّاسُ بالأقدارِ نالوا كلّ ما
رقم القصيدة : 4495
-----------------------------------
النّاسُ بالأقدارِ نالوا كلّ ما
رُزقوا، ولم يُعطَوا على الأقدارِ
والسّرُّ يُظهِرُهُ الفؤادُ، ودونَهُ
سِترانِ من صَدْرٍ له، وصِدار
والنّخلُ يُجنى حينَ يُرْطِبُ زَهوُه؛
والبَدرُ يُكسَفُ لَيلةَ الإبدار
كاسٍ لهُ حُلَلٌ، وعارٍ، مَن له،
لو باتَ، يَستُرُ شخصَهُ بجِدار
لا يَيأسَنّ من الثّوابِ مُراقبٌ
للَّهِ في الإيرادِ والإصدار
فترى بدائعَ، أنبأتْ مُتَحَسِّساً
إنّ الجَزاءَ بغيرِ هذي الدّار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَعرى اللّئيمُ من الثّناءِ، ويكتَسي
يَعرى اللّئيمُ من الثّناءِ، ويكتَسي
رقم القصيدة : 4496
-----------------------------------
يَعرى اللّئيمُ من الثّناءِ، ويكتَسي(41/44)
حُلَلَ النّواسجِ، فهوَ كاسٍ عارِ
والدّهرُ لم يَشعُرْ بما هوَ كائِنٌ
فيهِ، فكيفَ يُذمُّ في الأشعار؟
ما استُرجِعَتْ هبةُ الحياةِ من الفتى،
بل كانَ ما يُعطاهُ رَدَّ مُعار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عايِنْ أواخرَ كائِنٍ بأوائِلٍ؛
عايِنْ أواخرَ كائِنٍ بأوائِلٍ؛
رقم القصيدة : 4497
-----------------------------------
عايِنْ أواخرَ كائِنٍ بأوائِلٍ؛
إنّ الهلالَ يُحَقُّ بالإبدارِ
واللّيلُ يُؤذِنُ بالصّباح، فإن تَرُمْ
فيهِ سُراكَ، لحاجةٍ، فَبِدار
أرَجوتَ أن تُعطى اختيارَك، والفتى
يَغدُو على شُمْسٍ من الأقدار
وأرَى العروس تحجّبتْ، في خِدرِها،
كمُعَرَّسِ الآسادِ في الأخدار
أحسِنْ جِواراً للفتاةِ، وعُدَّها
أختَ السّماكِ على دُنوّ الدّار
كتَجاور العَينَينِ لن تَتَلاقَيا،
وحِجازُ بينِهما قصيرُ جِدار
والحيُّ دارٍ بالذي هو حادثٌ،
ولهُ من الأمَلِ المضلَّلِ دار
يسعى الحريصُ، وما القضاءُ بغافلٍ
عن ربّ إيرادٍ، ولا إصدار
كَم نِعمَةٍ للَّهِ يحسبُها امرؤٌ
بالشّحطِ، وهي قريبَةُ المُزدار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنْ نالَ، من مصرٍ، قضاءٌ نازلٌ،
إنْ نالَ، من مصرٍ، قضاءٌ نازلٌ،
رقم القصيدة : 4498
-----------------------------------
إنْ نالَ، من مصرٍ، قضاءٌ نازلٌ،
فمَصيرُ هذا الخلقِ شرُّ مصيرِ
والدّهرُ قصّ قَنا جذيمةَ، في الوغى،
وعَصاهُ تَنضو الخَيلَ تحتَ قصير
ورمى حُذيْفةَ، من شذاه، بمَروةٍ،
وسَطا على مَروانَ في بُوصير
يُدْعَى الفتى المَنصورَ، وهو مسلَّمٌ
للحَتْفِ، لا يَدعو لهُ بنَصير
يُلفَى الحَصيرُ منَ المُلوكِ مُعَفَّراً،
لم يُوقَ مِنْ وجهِ الثّرى بحَصير
قصّرتُ عن رُتَبِ الكرامِ، لأنّني
في عالَمٍ جُبلوا على التّقصير
وقدِ ادّعى، بصَرَ الغُرابِ، الخُلدُ في
ظلْماءَ، ليسَ غُرابُها ببَصير
والمرءُ فيه بَصيرَةٌ مَخبوءَةٌ،
لَيسَتْ بغانِيَةٍ عنِ التّبصير(41/45)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> استَحْيِ من شمسِ النّهارِ، ومن
استَحْيِ من شمسِ النّهارِ، ومن
رقم القصيدة : 4499
-----------------------------------
استَحْيِ من شمسِ النّهارِ، ومن
قمرِ الدّجَى، ونُجومِهِ الزُّهرِ
يجرينَ في الفَلَكِ المُدارِ، بإذْ
نِ اللَّهِ، لا يخْشَينَ من بُهْر
ولهنّ بالتّعظيمِ، في خَلَدي،
أَولى وأجدَرُ من بني فِهر
سُبحانَ خالِقِهِنّ، لستُ أقو
ل: الشُّهبُ كابيةٌ معَ الدّهر
لا بل أُفَكّرُ: هل رُزِقنَ حِجًى
نَجِساً يُمَزْنَ به من الطُّهر
أمْ هل لأنثاها الحَصانِ، بذي التـ
ـذكير، من قُرْبَى ومنْ صِهْر
أم يخطبُ، العَوّا، السّماكُ، ويُعـ
ـطيها الذي تَرضاهُ من مَهر
أمّا الهلالُ، فإنّهُ عَجَبٌ
يَنمي ويُمحَقُ في مَدى شَهر
فبرئتَ من غاوٍ، أخي سَفَهٍ،
متمرّدٍ في السّرّ والجَهر
ألغَى صلاةَ العَصرِ، مُحتَقِراً،
ورَمَى، وراءَ الظّهرِ، بالظُّهر
فامنَحْ ضعيفَكَ، إن عراك، ولو
نَزْراً، ولا تصْرفْهُ بالكهر
وارفعْ لهُ شقراءَ، ترمَحُ في
دَهماءَ، مثلَ تأرُّنِ المُهر
وانصِفْ يَتيمَكَ في التُّراثِ، ولا
تأخُذْهُ بالإعناتِ والقَهْر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما راعَتِ البُرّةُ في بَذْرِها؛
ما راعَتِ البُرّةُ في بَذْرِها؛
رقم القصيدة : 4500
-----------------------------------
ما راعَتِ البُرّةُ في بَذْرِها؛
فنَهْنِهِ الأدمُعَ أو أذرِها
زوجَةُ إبراهيمَ سارَتْ إلى
مقامِ إبراهيمَ، في نَذرِها
عَصَتهُ، في ذاك، ولم تَعْتَذِر،
وجُرْمُها أيسَرُ من عُذرِها
تهذِرُ في النُّسكِ، ولم تَعتَذِر،
وصَمتُها أبلَغُ من هَذرِها
لعَلّ خيراً منكَ، في دينِها،
آخذةُ الدّينارِ في جَذْرِها
وإنّما تُحْمَدُ ردّانَةٌ،
باتَتْ، من اللَّهِ، على خِدْرِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قُومي إلى ربّكِ مُختارةً،
قُومي إلى ربّكِ مُختارةً،
رقم القصيدة : 4501
-----------------------------------(41/46)
قُومي إلى ربّكِ مُختارةً،
بغَيرِ زُنّارٍ وزُنّارِ
شرّفَني اللَّهُ، ولا آ
مُلُ الجنّةَ، بل عِتقاً من النّار
ما قيمَتي فَلْسٌ، وفي حكمِـ
ـهِ أنيَ أُودَى ألفَ دينار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هيَ طُرْقٌ: فمِن ظُهورٍ، وأرْحا
هيَ طُرْقٌ: فمِن ظُهورٍ، وأرْحا
رقم القصيدة : 4502
-----------------------------------
هيَ طُرْقٌ: فمِن ظُهورٍ، وأرْحا
مٍ، ودُنيا أتَتْ بظُلمٍ وقَمْرِ
كنتُ طفلاً في المَهدِ، والآنَ لا أهـ
ـوى رجوعاً إليه، فاعجبْ لأمري
ولعلّي كذاكَ في داريَ الأخـ
ـرى، إذا ما ادّكرْتُ رَيّقَ عُمري
طالَ منّي تحمّلٌ، خِلتُ أني
قابضٌ، من أذاتِه، فوقَ جَمر
كم أُعاني، للدّهرِ، بِيضاً وسوداً،
بينَ خُضْرٍ، من السّنينَ، وحُمْر
كيفَ لي بالفَلاةِ تُنضي المَطايا
بضميرٍ، يكسو جَلابيبَ ضُمر
بنَوى تَمْريَ، الذي غُذّيَتْهُ،
لنَواها، التي من البُعدِ تَمري
زَمرَتْ رُبدُها، وغَنّتْ بها الوُرْ
قُ، ولا حَوبَ في غِناءٍ وزَمر
إلزَمِ الصّمتَ، إنْ أرَدتَ نجاةً،
ليسَ ضَحضاحُ منطقٍ مثلَ غَمْر
لفظَةٌ قلتُها، وإنْ هيَ هانَتْ،
جاوَزَتْ، في الأنامِ، حُسوةَ خمر
تُنفِدُ الوقتَ غَيرَ جالبِ نَفعٍ،
خائضاً في حديثِ زيدٍ وعمرِو
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما مُقامي إلاّ إقَامةُ عانٍ؛
ما مُقامي إلاّ إقَامةُ عانٍ؛
رقم القصيدة : 4503
-----------------------------------
ما مُقامي إلاّ إقَامةُ عانٍ؛
كيفَ أسري، وفي يد الدّهر أسري؟
ويَسارُ الفتى يَمينٌ، وإن كا
نَ أشلاًّ، سامَ الأمورَ بِيُسر
تَبِعَتْ تُبّعاً، وفي القصر غالتْ
قيْصراً، وانتَحتْ لكِسرَى بكَسرِ
وطَوَتْ طَيّئاً، وآدَتْ إياداً،
وأصابتْ ملوكَ قَسرٍ بقَسر
إنّ جَسراً على المنيّةِ حَزْمٌ،
والبَرايا، من عُبشةٍ، فوقَ جِسر
ولقابوسَ كانَ قَبسٌ، وفنّا
خَسْرُ أروَتْهُ من فَناءٍ وخُسر
وكذاكَ النّعمانُ زالَ نعيمٌ
عن ذَراهُ، والعَوْدُ رَهنٌ بحَسر(41/47)
سوفَ ألقَى من الزّمانِ، كما لا
قَوْا بعُنْفٍ، لا يُستقالُ، ودَسر
ولوَ اني السُّهَى، أو النّسرُ قد شا
هدْتُ عصرَينِ من يغوثَ ونَسر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إختلافٌ قد عَمّنا في اعتقادٍ،
إختلافٌ قد عَمّنا في اعتقادٍ،
رقم القصيدة : 4504
-----------------------------------
إختلافٌ قد عَمّنا في اعتقادٍ،
وصلاةٍ لربّنا، وطُهورِ
ونساءٌ مَمهورَةٌ في البرايا؛
وسَبايا سِيقَتْ بغَيرِ مُهور
ورأيتُ الحِمامَ يأتي، على العا
لَمِ، من قاهرٍ ومن مقهور
وادّعَوا للمُعَمّرينَ أُموراً،
لستُ أدري ما هنّ في المَشهور
أتُراهُمْ، فيما تَقَضّى من الأيـ
ـامِ، عَدّوا سنيّهُمْ بالشهور
كلّما لاحَ، للعيونِ، هلالٌ،
كانَ حولاً، لديهمُ، في الدّهور
هكذا يَنبغي وإلاّ، فإنّ الـ
ـعقْلَ يُثنى في حالة المَبْهور
حُمّلوا المُثقلاتِ، ثُمّتَ أضحى،
في بطونِ الأجداثِ، بالي الظّهور
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ذكّرَتْني عقوبَةٌ من إلهي،
ذكّرَتْني عقوبَةٌ من إلهي،
رقم القصيدة : 4505
-----------------------------------
ذكّرَتْني عقوبَةٌ من إلهي،
فاستُطيرَ الفُوادُ للتّذكيرِ
فَكّري أنتِ، ربّما هُديَ الإنْـ
ـسانُ، للمُشكِلاتِ، بالتفكير
ما الذي نَستَفيدُ، في هذه الدّنـ
ـيا، بطولِ الرّواحِ والتّبكير؟
شجَرُ العَيشِ مَعدِنٌ للرّزايا،
أودَتِ الطّيرُ فيهِ بالتّوكير
كلّنا غادِرٌ، يَميلُ إلى الظّلْـ،
ـمِ، وصفْوُ الأيّامِ للتّعكير
ورِجالُ الأنامِ مثلُ الغَواني،
غَيرَ فَرْقِ التّأنيثِ والتّذكير
عَرّفتني، حتى شُهِرْتُ، الليالي،
ثمّ صالَتْ عليّ بالتّنكيرِ
فاحسبيني كِفضّةٍ هُذّبَتْ، في
كلّ عَصرٍ، بمَسّ نارٍ وكِير
خلّصيني منْ ضَنْكِ ما أنا فيه؛
واطرَحيني لمنكَرٍ ونكير
واحذَري من أخيكِ والأب والأمِّ
وشُدّي الرِّتاجَ بالتّسكير
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فكّروا في الأمورِ يُكشَفْ لكم بعـ(41/48)
فكّروا في الأمورِ يُكشَفْ لكم بعـ
رقم القصيدة : 4506
-----------------------------------
فكّروا في الأمورِ يُكشَفْ لكم بعـ
ـضُ الذي تَجهَلونَ بالتّفكيرِ
لو درَى الطائرُ الموكِّرُ بالعُقبَى،
أبَى أن يَهُمّ بالتّوْكير
حرّقَ الهندُ من يموتُ، فما زا
دوهُ في رَوْحَةٍ، ولا تَبكير
واستراحوا من ضَغطة القبر، ميتاً،
وسؤالٍ لمنكَرٍ ونكير
لا ذكورٌ ولا إناثٌ من العا
لَمِ يُهْدى، للرُّشْد، بالتّذكير
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إلى مَ أجرُّ قيودَ الحياةِ،
إلى مَ أجرُّ قيودَ الحياةِ،
رقم القصيدة : 4507
-----------------------------------
إلى مَ أجرُّ قيودَ الحياةِ،
ولا بُدّ منْ فَكّ هذا الإسارْ
ودُنيايَ، إنْ وهَبَتْ، باليمينِ،
يَسارَ الفتى، أخذتْ باليَسارْ
فلا تَغبِطَنْ بعضَ خُدّامِها،
فكلُّهمُ دائِبٌ في خَسار
قدِمنا إلَيها، على رُغمِنا،
ونخرُجُ، من ضَنْكِها، باقتسار
فلا تأمَنَنْ! إنّ وفْدَ الحِمامِ
غادٍ، على مُهَجِ القَومِ، سار
فتًى يتَنادى: حناني الزّمانُ؛
وما بَعدَ ذلك إلاّ انكِسار
فطَوراً تجيشُ غِمارُ المياهِ؛
وطوراً تُصادَفُ ذاتَ انحسار
وما جَهِلَ الحَيُّ، من عامِرٍ،
سرورَ النّسورِ بقَتلى النِّسار
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَعودُ، إلى الأرضِ، أجسادُنا،
تَعودُ، إلى الأرضِ، أجسادُنا،
رقم القصيدة : 4508
-----------------------------------
تَعودُ، إلى الأرضِ، أجسادُنا،
ونَلحَقُ بالعُنصُرِ الطّاهرِ
ويقضي بنا، فرضَهُ، ناسكٌ،
يُمِرُّ اليَدَينِ على الظّاهرِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لئنْ سقَتكَ اللّيالي مَرّةً ضَرَباً،
لئنْ سقَتكَ اللّيالي مَرّةً ضَرَباً،
رقم القصيدة : 4509
-----------------------------------
لئنْ سقَتكَ اللّيالي مَرّةً ضَرَباً،
فكم سقَتكَ على مرّ الزّمانِ مَقِرْ
إنّ المشَقَّرَ لم تُخلِد ممالكَهُ،
شُقرٌ تقادُ، ولا مسحوبةٌ كشَقِرْ(41/49)
وإنّما هذه الدّنيا لَنا تلفٌ،
إذا الفَقيرُ تصدّى لليَسارِ فَقِرْ
فأذْرِ دمعَك، إنْ جُهّالُها ابتَسَموا
من جَهلِهم، وإذا خفّ الأنامُ فقِر
واهْربْ من النّاس، ما في قربهم شرَفٌ؛
إنّ الفَنيقَ إذا دانَى الأنيسَ عُقِر
والصّقُر يَلبَسُ، إن طال المدى، هرَماً،
حتى إذا مرّ بينَ الهاتِفاتِ تَفِر
لو عاشَتِ الشمسُ فينا أُلبِستْ ظُلَماً،
أو حاوَلَ البَدْرُ منّا حاجةً لحَقِر
ولدْتِ يا أُمُّ طفلاً شبّ في عنَتٍ،
فليتَ كشْحَكِ، عن ذاك الجنين، بُقِرْ
لتَستريحا، فكم عانَى أذى قَرَسٍ،
عندَ الشّتاءِ، ولاقَى وَغرَةً، فصُقِر
فلا تُقِرّ بمَجدٍ لامرىءٍ أبداً،
إنْ كنتَ، باللَّهِ ربّ النيّراتِ، تُقِرّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عِشْ مُجبَراً، أو غيرَ مُجبَرْ،
عِشْ مُجبَراً، أو غيرَ مُجبَرْ،
رقم القصيدة : 4510
-----------------------------------
عِشْ مُجبَراً، أو غيرَ مُجبَرْ،
فالخَلْقُ مرْبوبٌ مدَبَّرْ
والخَيرُ يُهْمَسُ بَينَهمْ،
ويُقامُ للسّوآتِ مِنبَرْ
فاخْشَ البَريّةَ كلَّها؛
إنّي بها أدرى وأخْبَرْ
وإذا افتَقَرْتَ فلا تَهُنْ؛
وإذا غُنيتَ فلا تَجَبّرْ
والحيُّ، إنْ يُعْطَ البَقاءَ،
فإنّهُ يَفنى ويَكْبَرْ
ويَصيرُ ما قَضّى، من الـ
ـأيّام، أحلاماً تُعَبَّرْ
واللَّهُ صَغّرَنا، فمن
يَبغِ العُلا يُصرَفْ ويُثبَرْ
مثلَ الحُمَيّا، والثّرَيّا،
واللُّجَين بلا مُكَبَّرْ
والعَوْدُ أحمَدُ في الجَميلِ،
فإنْ تَشِبْ فالعَوْدُ أصبَرْ
لو كنتُ كالبَدْرِ المنير،
أو الغَزالةِ، وهيَ أكبَرْ
لعَلِمتُ أنّي للثّرَى
أُدْعَى، وأنّي فيهِ أُقبَرْ
وإذا عَمِلْتُ لِما يَزُو
لُ، فذلكَ العَمَلُ المتَبَّرْ
مِنْ قَبْلنِا سَعتِ السُّعاةُ
لرَهطِ وثّابِ بن جَعبَرْ
جَمَعوا لهُ مِنْ كلّ أوْ
بٍ، واجتنى النّخلَ المؤبَّرْ
لَعِبَ الوَلائِدُ بالسّبا
ئِك، واطّرَحنَ بناتِ أوبَرْ
والعَنْبريّةُ لا تُبالي،
أن تَعيشَ بغَيرِ عَنْبرْ(41/50)
لا يَفخَرَنّ الهاشميُّ
على امرىءٍ مِنْ آلِ بَرْبَرْ
فالحَقُّ يَحلِفُ: ما عليٌّ
عندَهُ إلاّ كقنبَر
إنْ شاءَ مَنْ خَلَقَ السّما
كَ أعاشَني، فنهَضْتُ أغبَرْ
عَجلانَ أنفضُ لِمّتي،
لتُحَدّ أعمالي وتُسبَرْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إدفعِ الشّرّ، إذا جاءَ، بشر،
إدفعِ الشّرّ، إذا جاءَ، بشر،
رقم القصيدة : 4511
-----------------------------------
إدفعِ الشّرّ، إذا جاءَ، بشر،
وتواضعْ، إنّما أنتَ بَشَرْ
يا غُراباً هَمُّهُ في غارَةٍ،
يتَمَنّى أقِطاً فوقَ مَشَرْ
نحنُ في ليلٍ علينا دامسٍ،
كيفَ للمُدْلجِ بالصّبحِ جَشَر
هذهِ الأجسامُ تُرْبٌ هامِدٌ،
فمنَ الجَهلِ افتِخارٌ وأشَر
جَسَدٌ من أرْبَعٍ تَلحَظُها،
سَبعَةٌ راتبَةٌ في اثني عشر
وعجيبٌ فَرَحُ النّفسِ، إذا
شاعَ في الأرْضِ ثَناها وانتَشر
شَجَرٌ أفضَلُهُ مُثمِرُهُ،
ومِنَ النّاسِ نخيلٌ وعُشَر
مُستَشارٌ خائِنٌ في نُصحِهِ،
وأمِينٌ ناصحٌ لم يُستَشَر
ومتى شاءَ الذي صَوّرَنا،
أشعرَ المَيْتَ نُشوراً، فنَشَر
فافعَلِ الخَيرَ وأمّلْ غِبّهُ،
فهوَ الذُّخرُ إذا اللَّهُ حَشَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رُحتُ في النّاسِ، كرَبعٍ دارسٍ،
رُحتُ في النّاسِ، كرَبعٍ دارسٍ،
رقم القصيدة : 4512
-----------------------------------
رُحتُ في النّاسِ، كرَبعٍ دارسٍ،
أخذَتْ منهُ رياحٌ ومَطَرْ
خبأ الدَّجنُ، لأرضٍ، جَودَهُ،
وطوَى أرضي، بخيلاً، ما قَطر
مُستَطارٌ أنا من خوفِ الرّدَى،
كلُّ شيءٍ في كتابٍ مُستَطَر
غَفَرَ اللَّهُ لِعَبدٍ غافِلٍ،
هوَ في أعظَمِ جَهْلٍ وخَطَر
ترَكَ الآجِلَ لم يَحفِلْ بهِ،
ومِنَ العاجِلِ لم يَقضِ الوَطَر
حكَمَ الرّبُّ لبَدْرٍ، فاستَوى،
وهلالٍ مُستَجَدٍّ، فانأطَر
تُظهرُ الدّينَ، وتُخفي غيرَهُ؛
إنّما شأنُكَ مَكرٌ وبَطَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمرَ الخالِقُ، فاقبَلْ ما أمرْ؛
أمرَ الخالِقُ، فاقبَلْ ما أمرْ؛(41/51)
رقم القصيدة : 4513
-----------------------------------
أمرَ الخالِقُ، فاقبَلْ ما أمرْ؛
واشكُرِ اللَّهَ إنِ العَذبُ أمَرّ
أضمِرِ الخيفَةَ، واضمُرْ، قلّما
أحرَزَ الطِّرْفُ المدى حتى ضمَر
أيّها الملحدُ لا تعْصِ النُّهَى،
فلَقَدْ صحّ قياسٌ، واستَمَرّ
إن تعُد، في الجسمِ يوماً، روحُه،
فهْوَ كالرَّبعِ خلا ثمّ عَمَر
وهي الدّنيا، أذاها أبداً،
زُمَرٌ وارِدَةٌ إثْرَ زُمَر
يا أبا السِّبطينِ لا تحفِلْ بها،
أعَتيقٌ، سادَ فيها، أم عُمر
عجَباً للدّهر! صبحٌ، ودُجى،
ونجومٌ، وهلالٌ، وقَمَر
وغصونٌ أثمَرَتْ نائيَةً،
ودَوانٍ ليسَ فيهنّ ثَمَر
وغَويٌّ كَرّ في حَيرتِهِ،
بعدَما حَجّ لنُسكٍ، واعتَمَر
عامَ في الغَمرِ زَماناً، فنَجا،
وانثنى الآنَ غريقاً في الغُمَر
زُحَليٌّ واجِمٌ، يَصحَبُهُ
زُهَرِيُّ الطّبعِ، غَنّى وزمر
وهُمومٌ ألِفَتْ مقمورَها؛
وسُرُورٌ آبَهُ حينَ قَمَرْ
تلكَ أنباءٌ أرَتْنا عِبَراً
مُعجباتٍ، كأحاديثِ السَّمر
في حياةٍ كخَيالٍ طارِقٍ،
شَغَلَ الفكرَ، وخلاّك ومَرّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قَصِّرِ اليومَ بكأسٍ، كاسَ من
قَصِّرِ اليومَ بكأسٍ، كاسَ من
رقم القصيدة : 4514
-----------------------------------
قَصِّرِ اليومَ بكأسٍ، كاسَ من
صدّ عَنها، وانبرى لا يَقتَصِر
تلكَ نارُ الغَيّ، مَنْ يصطَلِها
يحترِق بالدّفء، في الوَقتِ الخَصِرْ
ولهذي الرّاحِ ريحٌ عصَفَتْ
بهَشيمِ اللُّبّ، في رِيحٍ وصِرّ
لؤمَتْ كَرْمِيّهٌ تَشرَبُها،
ونَداماكَ حَصورٌ وحَصِر
ألِوَينِ اللّيْلِ تَمري قَهوَةً،
ومُلاحيَّ الثّرَيّا تَعتَصِرْ؟
أيُصِرُّ الخَمرَ، في أخلافِها،
حالبٌ يَحتَلِبُ الغاوي المُصِر؟
عِشْ نقيَّ العِرْضِ، أن تتركَها،
وإذا متَّ، فللرّحْمَةِ صِرْ
حجَّ، من غَيرِ تُقًى، صاحِبُنا،
كأخي بُحتُرَ عامَ المُنتَصِرْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو كنتُ كالرّائش، أو ذي المنارْ،(41/52)
لو كنتُ كالرّائش، أو ذي المنارْ،
رقم القصيدة : 4515
-----------------------------------
لو كنتُ كالرّائش، أو ذي المنارْ،
لعِشتُ في الدّنيا كَثيرَ الشَّنارْ
ولَيتَها لم يَكُ، من بَعدِها،
خوْفُ حسابٍ وعقابٍ بنارْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تَعْذُلاني، فالذي أبتَغي،
لا تَعْذُلاني، فالذي أبتَغي،
رقم القصيدة : 4516
-----------------------------------
لا تَعْذُلاني، فالذي أبتَغي،
من هذِهِ الدّنيا، حَقيرٌ يَسيرْ
بتُّ أسيراً في يَدَيْ بُرْهَةٍ،
تَسيرُ بي وقتيَ، إذْ لا أسير
كطائرٍ قيلَ: ألا تَغتَدي؟
فقالَ: أنّى وجَناحي كَسير؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما لُمتُ، في أفعالِهِ، صالحاً،
ما لُمتُ، في أفعالِهِ، صالحاً،
رقم القصيدة : 4517
-----------------------------------
ما لُمتُ، في أفعالِهِ، صالحاً،
بلْ خِلتُهُ أحْسَنَ منّي ضميرْ
يا قومِ! لو كنتُ أميراً لَكُمْ
ذَمَمتمُ، في الغَيبِ، ذاك الأميرْ
وإنّما سائسُكُم دائبٌ، ير
عى المَطايا، ويَسوقُ الحَميرْ
وابنُ جَميرٍ، فَوقَكُمْ عاتمٌ،
فهَل سَمِعتمْ بأبيهِ جَمِير؟
ورَدْتمُ الآجِنَ مِن دينكم،
وما ظَفِرْتمْ بالصّريحِ النّمير
عالِمُكُمْ يَضرِبُ في غَمرَةٍ،
كالعِلجِ، بالقفر، يَلُسُّ الغَمير
فعَرِّفوني بفتًى منكُمُ،
لا يمتري النّاسَ، ولكنْ يَمير
سامَرْتُكمْ دهراً، وفارقتُكم،
عن هِجرَةٍ ما سَمَرَ ابنا سَمير
إن أقمَرَ اللّيلُ، على وَفدِكمْ،
وجدتُكُمْ من قَمِرٍ أو قمير
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لزَينَبَ يَحلُو جنيٌّ أمَرّ،
لزَينَبَ يَحلُو جنيٌّ أمَرّ،
رقم القصيدة : 4518
-----------------------------------
لزَينَبَ يَحلُو جنيٌّ أمَرّ،
وقَد عَلِقَتْ كفُّها بالقَمَرْ
فيا أُفقُ! من أينَ تلكَ النّجومُ؛
ويا غَرسُ! من أينَ ذاكَ الثّمر؟
ويا صاحِ! كيفَ لَنا بالمَماتِ،
على ما نَهَى رَبُّنا أو أمَر؟(41/53)
فهَلْ علمَ البَدرُ والطّالعاتُ،
وهناً، بأنباءِ هذا السَّمَر؟
تَبارَكَ خالِقُنا، في البِلادِ،
وما زالَ عَنّا بعلمٍ خَمَر
يَعودُ أخوكَ إلى غَيّهِ،
وإن حَجّ، من نُسكهِ، واعتَمَر
وخالفَكَ النّاسُ في مَذهَبٍ،
فقلتَ: عليٌّ، وقالوا: عُمر
وأنّى يُرَجّونَ غَمْرَ الهدى،
وقد غرِقوا في جمامِ الغُمَر؟
يُساءُ الغَبِينُ بِما نالَهُ،
ويَفْرَحُ، من جَهلِه، مَن قَمَر
أتُدعى، بغيرِ تُقاك، التّقيَّ،
وليسَ الطِّمِرُّ سوى ما طَمَر؟
فبِتْ ضامِراً لطِلابِ الثّناءِ،
فما سَبَقَ الطِّرْفُ حتى ضَمَر
ومن يَفتَكِر في صَنيعِ الأنام،
يُبصِرْ، إذا ضَلّ، إحدى الأمَر
ولو لم يكنْ، في قضاءِ المليكِ،
ما نحنُ في ضِبْنِه، ما استَمَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَساجدُكم ومواخيرُكمْ،
مَساجدُكم ومواخيرُكمْ،
رقم القصيدة : 4519
-----------------------------------
مَساجدُكم ومواخيرُكمْ،
سواءٌ، فبُعداً لكمْ من بشَرْ!
وما أنتُمُ بالنّباتِ الحَميدِ،
ولا بالنّخيلِ ولا بالعُشَر
ولكن قَتادٌ عَديمُ الجَناةِ،
كثيرُ الأذاةِ، أبَى غَيرَ شرّ
ولَيلُكُمُ أبَداً مُظلِمٌ،
فهل تَرقُبونَ صباحاً جَشَر؟
فَيا لَيتني في الثّرى، لا أقومُ
إنِ اللَّهُ ناداكُمُ، أو حَشَر
وما سرّني أنّني في الحَياةِ،
وإنْ بانَ لي شَرَفٌ وانتَشَر
أرى أربعاً آزَرَتْ سَبعَةً،
وتلكَ نَوازِلُ في اثني عَشَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجبتُ لطَيرٍ، بلُطفِ المليكِ،
عجبتُ لطَيرٍ، بلُطفِ المليكِ،
رقم القصيدة : 4520
-----------------------------------
عجبتُ لطَيرٍ، بلُطفِ المليكِ،
مَخلُوقَةٍ لصَلاحِ الثّمَرْ
تُثَقّبُهُ، مُولَعاتٍ بهِ،
ولو لم تَزُرْهُ تهاوى، فَمَر
تَحلُّ مَحَلاًّ لها ثانياً،
وتَترُكُ منزِلها قد دمَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لَعَمْري! لقد طالَ هذا السّفَرْ
لَعَمْري! لقد طالَ هذا السّفَرْ
رقم القصيدة : 4521(41/54)
-----------------------------------
لَعَمْري! لقد طالَ هذا السّفَرْ
عليّ، وأصبَحتُ أحْدُو النّفَرْ
أأخرُجُ من تحتِ هذي السّماءِ؟
فكيفَ الإباقُ، وأينَ المَفَرّ؟
وكم عشتُ من سنةٍ، في الزّمانِ،
وجاوَزْتُ من رَجَبٍ، أو صَفَرْ
وما جُعِلَتْ، لأُسودِ العَرين،
أظافيرُ، إلاّ ابتغاءَ الظَّفَر
لَحا اللَّهُ قَوماً، إذا جِئتَهُم
بصدْقِ الأحاديثِ، قالوا: كفَر
وإنْ غُفِرَتْ مُوبِقاتُ الذُّنوبِ،
فكلُّ مصائِبِهِمْ تُغتَفَر
ورُوحُ الفتى أشبَهَتْ طائِراً
أُطيرَ، فما عادَ لمّا نَفَر
هَنيئاً لجسمي، إذا ما استَقَرّ،
وصارَ لعُنْصُرِهِ في العَفَر
ولَستُ أُبالي، إذا ما بُلِيتُ،
مَن وَطِىءَ القَبرَ، أو مَن حَفَر
تحجُّبُ دُنياكَ عن طالِبٍ،
وليسَ تحجّبُها مِن خَفَر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجَدْتُ الأنامَ عَلى خُطّةٍ،
وجَدْتُ الأنامَ عَلى خُطّةٍ،
رقم القصيدة : 4522
-----------------------------------
وجَدْتُ الأنامَ عَلى خُطّةٍ،
نَهارُهُمْ كالظّلامِ اعتَكَرْ
فلا يُزْهِدَنّكَ، في العارِفاتِ،
أنّ الذي نالَها ما شَكَر
وقد شرِبَ الدّهرُ صفْوَ الأنامِ،
فلم يَبقَ، في الأرْضِ، إلاّ العكَر
وما، عند خِلّكَ، غيرُ النّفاقِ؛
وما خِلْتُهُ ناسِياً، فادّكَر
أرَى سِنَةً، وهْوَ في حِيلَةٍ،
ولم يُغْفِ حقّاً، ولكن مكَر
تَفكّرْ، فقد حارَ هذا الدّليلُ،
وما يكشِفُ النّهجَ غيرُ الفِكَر
فَيا لَيتَني حَجَرٌ، لا يُحِسُّ،
بالخطبِ، أو طائرٌ ما احتَكَر
إذا ما أنارَ صباحٌ غَدَا؛
وإنْ جَنّ لَيلٌ علَيهِ وكَر
فذكّرْ أخاكَ بإحسانِهِ،
فقد راحَ في غفْلَةٍ، وابتَكرَ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فقَدْتُ البُحُورَ وأهلَ الوفاءِ،
فقَدْتُ البُحُورَ وأهلَ الوفاءِ،
رقم القصيدة : 4523
-----------------------------------
فقَدْتُ البُحُورَ وأهلَ الوفاءِ،
وأصبَحتُ في غُدَرٍ كالغُدُرْ
وما زالَ يَرْدُؤ ذاكَ الجوادُ،(41/55)
حتى أبَرّ عليهِ الكُدُر
تَعُودُ الجُسومُ إلى عُنْصُرٍ
به مَدَرَتْ، في الحياض، المُدُر
يَشُقُّ الحَريصُ على نَفسِهِ،
ويَطلُبُ من عَيشهِ أن يَدُر
ويأتي، الفتى، رِزقُهُ وادِعاً،
ولو كانَ في النِّيقِ عند الفُدُر
فَلا تَغْبِطَنّ ذوِي نِعمَةٍ،
فإنّ المَنايا غِضابٌ هُدُر
ولو عُوّضُوا عَنبراً عن بُرًى،
وبُدّلَ، يوماً، حَصاهُمْ بِدُرّ
جرى خُلُفٌ، وادّعى المُدّعون:
إنّا على ما أرَدْنا قُدُر
وقالتْ معاشرُ: لا نَستَطيعُ،
بل نحنُ مثلُ الرُّبَى والجُدُر
وكلٌّ يؤمّلُ صفوَ الحَياة،
وذلكَ في فَلَكٍ لم يَدُر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا عثرَ القَومُ، فاغفرْ لهمْ،
إذا عثرَ القَومُ، فاغفرْ لهمْ،
رقم القصيدة : 4524
-----------------------------------
إذا عثرَ القَومُ، فاغفرْ لهمْ،
فأقدامُ كلّ فريقٍ عُثُرْ
وإنْ دَثَرَ القَلبُ، فأسَفْ لهُ،
ولا تَبْكيَنْكَ رُبُوعٌ دُثُر
لوَ انّ القَبيحَ لَهُ جُثّةٌ،
وحُمّلهُ بازِلٌ، لم يَثُر
إذا كَثُرَ النّاسُ شاعَ الفَسا
دُ، كما فَسَدَ القولُ لمّا كَثُر
وذلكَ لو أكَلَتْهُ السّباعُ
لعادَتْ ذواتِ نُفُوسٍ خُثُر
لَهُ أثَرٌ، كجُروحِ السّيوفِ،
ولا أثْرَ يَصحَبُ منهُ الأُثُر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أغارَتْ عليهمْ خُيولُ الزّمانِ،
أغارَتْ عليهمْ خُيولُ الزّمانِ،
رقم القصيدة : 4525
-----------------------------------
أغارَتْ عليهمْ خُيولُ الزّمانِ،
كأنّ خُيُولَهُمْ لم تُغِرْ
وقد كانَ يَرْكَبُها طِفلُهُمْ،
حَليفَ الرَّضاعِ، ولم يَتّغِر
ومَنْ يَدْفعُ القَدَرَ الأوّليّ،
إذا فَمُهُ لأِكِيلٍ فُغِرْ؟
لقد غَرّني أمَلٌ في الحَياةِ،
كأني بما يَفعَلُ الدّهرُ غِرّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تحفّظْ بدِينِكَ يا ناسِكاً،
تحفّظْ بدِينِكَ يا ناسِكاً،
رقم القصيدة : 4526
-----------------------------------
تحفّظْ بدِينِكَ يا ناسِكاً،(41/56)
يرى أنّهُ رابحٌ، ما خَسِرْ
فلَستَ كغَيرِكَ، أُطلِقْتَ في
حَياتكَ، بل أنتَ عانٍ أُسِر
وللسّبكِ رُدّ كَسيرُ الزّجاجِ،
ولا يُسبَكُ الدُّرُّ إن يَنكَسِر
ورِزْقُكَ يأتي، بلا رَيبَةٍ،
فسِرْ في بِلادك، أو لا تَسِر
ولا تَيأسَنّ من المُلْكِ أن
يَعُودَ، إذا جَيشُ قَومٍ كُسِر
فقَد يَرجِعُ القَمَرُ المُستَنيرُ
مُقتَبِلاً، بَعد أن يَستَسِر
هوَ الدّهرُ يَفْنى، ونَفسي على
وناهَا، وكَوْنُ مُناها عَسِر
وكم فيكَ يا بحرُ من لؤلؤٍ،
ولكنّ لُجّكَ لا يَنحَسِر
فأكْرِهْ، على الخيرِ، مَجبولةً
على غَيرهِ، في عِلانٍ وسِر
فلم يُجعَلِ التّبرُ حَلْيَ الفَتاةِ،
حتى أُهينَ، وحتى كُسِر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى الشّهْدَ يرْجعُ مثلَ الصّبِرْ؛
أرى الشّهْدَ يرْجعُ مثلَ الصّبِرْ؛
رقم القصيدة : 4527
-----------------------------------
أرى الشّهْدَ يرْجعُ مثلَ الصّبِرْ؛
فَما لابنِ آدَمَ لا يَعْتَبرْ؟
وخَبّرَهُ صادِقٌ بالحَديثِ،
فإنْ شَكّ، في ذاكَ، فليختَبر
وجَبْرٌ وكَسْرٌ له في الزّمانِ،
ويُكسَرُ يَوماً فَلا يَنجَبِر
فلا تُبرِ في مأثَمٍ ناقَةً،
فرَبُّكَ إمّا يُعاقِبْ يُبِرْ
وكلُّ الأنامِ هجينُ الفَعالِ،
فأينَ يُصابُ الجَوادُ المُبِر؟
ونَفسَكَ عُقّ بتركِ السّـ
ـرورِ، فإنّ عُقوقَك للنّفسِ بِر
سألنا المَعاشرَ عنْ خَيرِهم،
فقالوا، بغَيرِ اكتراثٍ: قُبِر
فقلنا: وكيفَ أتاهُ الحِمامُ،
عاجَلَهُ بَغتَةً أمْ صَبِرْ؟
فقالوا: تَمادى بهِ وَقتُهُ،
وأدرَكَهُ الموتُ لمّا كَبِر
وغادَرَ، في أهلِه، ثرْوَةً،
ومالاً أُذيعَ، ونَخلاً أُبِر
فلا يُسقِطِ الدّمعَ سِقْطُ اللّوى؛
ولا تَدّكِرْ حَبرَةً في حَبِر
ولكِنّني أستَعينُ المَليكَ،
وإن يأتِني حادِثٌ أصطَبِر
ودُنيايَ ألقَى بطولِ الهوانِ،
وهَل هيَ إلاّ كجسرٍ عُبِر؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أبَيتُمْ سوى مَينٍ وخُلْفٍ وغِلظةٍ،
أبَيتُمْ سوى مَينٍ وخُلْفٍ وغِلظةٍ،(41/57)
رقم القصيدة : 4528
-----------------------------------
أبَيتُمْ سوى مَينٍ وخُلْفٍ وغِلظةٍ،
فلَيسَ لوَعْدٍ، في الجَميل، نُجُوزُ
وإنّ الذي تحْكُونَ ليسَ بجائِزٍ،
ولكنْ سِواهُ، في القياسِ، يجوزُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تُمسينّ، على من ماتَ، مُلتَهِفاً،
لا تُمسينّ، على من ماتَ، مُلتَهِفاً،
رقم القصيدة : 4529
-----------------------------------
لا تُمسينّ، على من ماتَ، مُلتَهِفاً،
فالنّاشئاتُ، إذا طالَ المدى، عُجُزُ
قَصّرْتَ أنْ تُدرِكَ العَلياء في شرَفٍ،
إنّ القَصائدَ لم يُلحَقْ بها الرّجَزُ
أمّا الحِجازُ، فما يُرْجَى المُقامُ به،
لأنّهُ بالحِرارِ الخمْسِ مُحتَجِزُ
والشّامُ، فيه وَقودُ الحَربِ مُشتَعِلٌ،
يَشبُّهُ القومُ، شُدّتْ منهمُ الحُجُز
وبالعراقِ وَمِيضٌ يَستَهِلُّ دَماً،
وراعدٌ، بلِقاءِ الشرّ، يَرتَجز
وآخِرُ الدّهرِ يُلفَى مِثلَ أوّلِهِ،
والصّدْرُ يأتي، على مقداره، العَجُز
فجهّزيني، لحاكِ اللَّهُ والدَةً،
عَلِّيَ أتبَعُ أصحابي، فأنتَجز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تجَنّبِ الوَعْدَ يَوماً أنْ تَفوهَ به،
تجَنّبِ الوَعْدَ يَوماً أنْ تَفوهَ به،
رقم القصيدة : 4530
-----------------------------------
تجَنّبِ الوَعْدَ يَوماً أنْ تَفوهَ به،
فإن وعدتَ، فلا يَذمُمكَ إنجازُ
واصمُتْ، فإنّ كلامَ المَرءِ يُهلكهُ؛
وإن نطَقْتَ، فإفصاحٌ وإيجاز
وإن عَجَزْتَ عن الخيراتِ تَفعَلُها،
فلا يكُنْ، دَونَ تَرْكِ الشرّ، إعجاز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرَدْتَ إهانَتي، فحَماكَ منّي،
أرَدْتَ إهانَتي، فحَماكَ منّي،
رقم القصيدة : 4531
-----------------------------------
أرَدْتَ إهانَتي، فحَماكَ منّي،
قضاءٌ فيّ، كانَ لهُ نجوزُ
وجَدْتَنيَ اللُّجينَ، أوِ الثّرَيّا،
وتَصغيرُ المُصَغَّرِ لا يَجوزُ
أرى الفتيانَ والفتَياتِ، جَمْعاً،
أصابَتْهُمْ بشِرّتِها العَجوزُ(41/58)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لحاكِ اللَّه، يا دُنيا، خلوباً؛
لحاكِ اللَّه، يا دُنيا، خلوباً؛
رقم القصيدة : 4532
-----------------------------------
لحاكِ اللَّه، يا دُنيا، خلوباً؛
فأنتِ الغادَةُ البِكْرُ العَجوزُ
وجَدْناكِ الطّريقَ إلى المَنايا،
وقَد طالَ المَدى فمتى نَجوزُ؟
سَئِمنا منْ أذاكِ، فنَجّزينا،
فإنّ مُروءَةَ الوَعْدِ النُّجوزُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أجازَ الشّافعيُّ فَعالَ شيءٍ،
أجازَ الشّافعيُّ فَعالَ شيءٍ،
رقم القصيدة : 4533
-----------------------------------
أجازَ الشّافعيُّ فَعالَ شيءٍ،
وقالَ أبو حَنيفَةَ لا يَجوزُ
فضَلّ الشِّيبُ والشّبّانُ منّا،
وما اهتَدتِ الفَتاةُ ولا العَجوزُ
لقد نزَلَ الفَقيهُ بدارِ قَومٍ،
فكانَ لأمرِهِ فيهِمْ نجوزُ
ولم آمَنْ على الفقَهاءِ حَبساً،
إذا ما قيلَ للأمَناءِ جوزُوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى الخيرَ، في عُمُري، حَسْرَةً،
أرى الخيرَ، في عُمُري، حَسْرَةً،
رقم القصيدة : 4534
-----------------------------------
أرى الخيرَ، في عُمُري، حَسْرَةً،
لأنيَ، عنْ فِعلِهِ، عاجزُ
إذا رُمتُهُ مَرّةً، في الزّمانِ،
رَجَعْتُ، ولي دُونَهُ حاجزُ
يُماطِلُ جَدٌّ أخَا حاجَةٍ،
لَهُ أجَلٌ بالرّدى ناجزُ
ولم أرْقَ في دَرَجاتِ الكَريمِ؛
وهلْ يَبلُغُ الشاعرَ الرّاجزُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنْ رازَ عاذلُكَ الرّازيَّ، مُختَبراً،
إنْ رازَ عاذلُكَ الرّازيَّ، مُختَبراً،
رقم القصيدة : 4535
-----------------------------------
إنْ رازَ عاذلُكَ الرّازيَّ، مُختَبراً،
أو الحجازيَّ، لم يُعجِبْهُ مارازَا
والخَلْقُ شتّى، ولكن ضَمّهُم خُلُقٌ،
للشرّ، لم يُلقِ بينَ النّاسِ إفرازا
والمُلك للَّهِ، ما الأجْرازُ مُمْرِعَةٌ،
بحَمْلِ قَومِكَ، أسيافاً وأجرازا
ما لي أرى شُرُكَ السّاعاتِ قد وُصلتْ(41/59)
وَصْلَ الأديمِ، فما يحتَجْنَ خرّازا
وخانَ، خاناً، زمانٌ ما وَفَى لفتًى،
وليسَ يغفُلُ عن قَيْلٍ بشيرازا
لا تُصغِيَنّ إلى حازٍ لتَسْمَعَهُ،
فما يُطيقُ لما أخفَيْتَ إبرازا
أرادَ إحرازَ قُوتٍ كيفَ أمكَنَهُ،
فظَلّ يكتُبُ للنّسوانِ أحرازا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> النّاسُ مُختَلِفونَ، قيلَ: المرءُ لا
النّاسُ مُختَلِفونَ، قيلَ: المرءُ لا
رقم القصيدة : 4536
-----------------------------------
النّاسُ مُختَلِفونَ، قيلَ: المرءُ لا
يُجزَى على عَمَلٍ، وقيلَ: يُجازَا
واللَّهُ حَقٌّ، مَن تَدَبّرَ أمرَهُ
عرَفَ اليَقينَ، وآنَسَ الإعجازا
رجَزَتْ، بتَسبيحِ المليكِ، حمامَةٌ
بالشّامِ، تُوطِنُ، أو تحُلُّ حِجازا
والطّيرُ مثلُ الإنسِ تعرِفُ رَبّها،
وتَرى بها الشّعَراءَ، والرُّجّازا
فيهنّ مِسهابٌ، يُعَدُّ، وناطِقٌ
ترَكَ المَقالَ، وآثَرَ الإيجازا
فاسألْ حِجاكَ، إذا أردتَ هِدايَةً،
واحبِسْ لسانَكَ أن يَقولَ مجازا
لا تَرضَ وعداً، إن قدرتَ على ندًى،
وإذا وعَدتَ، فيسّرِ الإنجازا
جاءَتْكَ أعناقُ الأمُورِ بَوادِياً،
ولقد لمحْتَ بلُبّكَ الأعجازا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا أُمّ دَفْرٍ لو رَحَلْتِ عن الوَرى
يا أُمّ دَفْرٍ لو رَحَلْتِ عن الوَرى
رقم القصيدة : 4537
-----------------------------------
يا أُمّ دَفْرٍ لو رَحَلْتِ عن الوَرى
كسَرُوا، ولو منْ آلِ ضبّة، كُوزا
إني ذمَمتُكِ، فاشهرِي، أو أشرِعي،
لا أرْهَبُ المَعمُودَ والمرْكوزا
عِشْتُ السّليمَ، وما عَنَيتُ سَلامةً،
لكن بسمّكِ مُرْهقَاً، منكوزا
موسَى بَعثتِ لكلّ حَيٍّ مُعضَباً،
فقَضَى علَيهِ مُعَجَّلاً موكوزا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غَدَا ابنُ عَجُوزٍ لها مائراً،
غَدَا ابنُ عَجُوزٍ لها مائراً،
رقم القصيدة : 4538
-----------------------------------
غَدَا ابنُ عَجُوزٍ لها مائراً،
فقد صادَفَ ابنةَ ظِلٍّ عجوزَا(41/60)
أجازَتْ علَيهِ بَناتٍ لها،
و عاقَتْ ركائِبَهُ أن تَجُوزا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَوَخَّيْ جَميلاً، وافعَليهِ لحسنِهِ،
تَوَخَّيْ جَميلاً، وافعَليهِ لحسنِهِ،
رقم القصيدة : 4539
-----------------------------------
تَوَخَّيْ جَميلاً، وافعَليهِ لحسنِهِ،
ولا تَحكُمي أنّ المَليكَ به يُجزي
فذاكَ إليهِ: إنْ أرادَ فمُلْكُهُ
عَظيمٌ، وإلاّ فالحِمامُ لَنا مُجْزِ
وكنتِ كَنارٍ، في الشّبابِ، شبيبَةٍ،
فصِرْتِ عَجوزاً تُنسَبينَ إلى العجز
فإنّ الذي تَهوَينَ، من رُتبَةِ الرّضا،
يَسيرٌ لدى ما تَتّقينَ من الرُّجْز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تُماطِلُ أمراً دونَهُ أبعَدُ النّوى،
تُماطِلُ أمراً دونَهُ أبعَدُ النّوى،
رقم القصيدة : 4540
-----------------------------------
تُماطِلُ أمراً دونَهُ أبعَدُ النّوى،
فبادِرْ، إذا رُعتَ البَعيدَ وناجزِ
أردْتَ إلى أرْضِ الحجازِ تحمّلاً،
فعاقَتْكَ عَنهُ عائقاتُ الحواجزِ
عجَزْتَ عن الكَسبِ الذي يجلبُ الغنى،
وما أنتَ عَن كَسبِ الدّنايا بعاجِز
ومَن لم يَنَلْ، في القول، رُتبَةَ شاعر،
تَقَنّعَ في نَظْمٍ برتبَةِ راجزِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كادتْ تَساوى نُفوسُ النّاسِ كلّهِمُ
كادتْ تَساوى نُفوسُ النّاسِ كلّهِمُ
رقم القصيدة : 4541
-----------------------------------
كادتْ تَساوى نُفوسُ النّاسِ كلّهِمُ
في الشّرّ، ما بَينَ مَنبوزٍ ونَبّازِ
ظُلمُ الحَمامةِ في الدّنيا، وإن حُسبتْ
في الصّالحاتِ، كظُلمِ الصّقرِ والباز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما عانَقَ الخَمسينَ حيٌّ،
إذا ما عانَقَ الخَمسينَ حيٌّ،
رقم القصيدة : 4542
-----------------------------------
إذا ما عانَقَ الخَمسينَ حيٌّ،
ثنَتْهُ السّنُّ عن عَنقٍ وجَمْزِ
وتَهزَأُ منهُ رَبّاتُ المَغاني،
كما هَزِئَتْ برُؤبَةَ أُمُّ حمز
فلا أعرِفْكَ بَينَ القَومِ تُوحي(41/61)
بطَعْنٍ، في مُحَدِّثِهم، وغمز
ولا تهمزْ جليسَكَ من قريبٍ،
تُنَبّهُهُ على سقَطٍ بهمزِ
فشرُّ النّاسِ مَعروفٌ، لديهمْ
بقوْلٍ، في مَثالِبِهِمْ، ولَمْز
لقد كذَبَ الذينَ طغَوْا، فقالوا:
أتَى من رَبّنا أمرٌ برَمْز
ألم تَرَني عرَفتُ وعيدَ رَبٍّ،
أقلّ تكلُّمي، وأطالَ ضمْزا؟
ومَن لي أنْ أفرّ، على طِمِرٍّ،
من الدّنيا الخبيثَةِ، أو دِلَمْز؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعاذلَتي ارتجَزْتُ على المَنايا،
أعاذلَتي ارتجَزْتُ على المَنايا،
رقم القصيدة : 4543
-----------------------------------
أعاذلَتي ارتجَزْتُ على المَنايا،
أؤمّلُ أن يُشجّعني ارتجازي
تَمرُّ حوادثٌ، ويَطولُ دهرٌ،
ويَفتَقرُ المُجيزُ إلى المُجازِ
وكيفَ أرُومُ منكِ جميلَ فعلٍ،
إذا أيقَنتُ أني غَيرُ جازِ؟
وليسَ على الحَقائقِ كلُّ قَولي،
ولكنْ فيهِ أصنافُ المَجاز
لَعلّ الرَافدَينِ، ونِيلَ مِصرٍ،
يَحُرْنَ، فيَنتَقلْنَ إلى الحجاز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صنعَةٌ عَزّتِ الأنامَ بلُطْفٍ،
صنعَةٌ عَزّتِ الأنامَ بلُطْفٍ،
رقم القصيدة : 4544
-----------------------------------
صنعَةٌ عَزّتِ الأنامَ بلُطْفٍ،
وعَزَتْها إلى القَديرِ العَوازِي
مَلِكٌ أنشأ السّمواتِ، فالبَدرُ
لدَيْهِ في صورَةِ الجِلوازِ
كم له كَوكَبٌ أبرّ وأزّ النّا
سَ، حتى سَطا على أبرواز
أغَوى زِيجُ ناظرٍ في مَعاني الـ
ـشُّهبِ، أم حلّ بالمنايا الغوازي؟
نصّتِ البينَ في حِواءِ زيادٍ
بارحاتٌ، كأنّهنّ الحوازي
ونَوى زَينَبٍ تهُونُ على القلب،
وفيهِ مثلُ الشَّرارِ النّوازي
لنفوسٍ جَوازِىءٍ باصطِبارٍ،
يَتَوقّعْنَ خِلْسَةً للجَواز
ليس مُعطٍ، في دولةِ اليُسرِ، منه،
مثلَ مُعْطٍ في دولَةِ الإعوازِ
ووَجدنا خَوازِنَ المالِ ضيّعنَ،
وأبقَيْنَ مَنفَساً للخَوازي
والرّزايا زوائري باختياري،
وسِواهنّ، بعد ذاكَ، الرّوازي
واللّيالي هَوازِىءٌ، راجعاتٌ
في أبي جادِها، وفي هوَّاز(41/62)
لا أواريكَ في طِلابِ المَعالي،
وهي في الغَدرِ كالظّلال الأوازي
لو ملَكْتِ الأراك، أجمعَ، والا
سْحِلَ لم تَحصَلي على مِضْواز
جوّزينا، ونحنُ سَفْرٌ بأرْضٍ
أظمأتنا، وما لَنا من جَوازِ
نَخْبِطُ اللّيلَ، والبَوازِلُ كا
لخُمَّس ريعتْ من البزاة البوازي
فوّزَ الرَّكبُ يَبتَغونَ صَلاحاً
مِن حِمامٍ، و الفَوزُ للفَوّازِ
وإذا حازَتِ الأنامِلُ مِلْكاً،
صارَ هُلْكاً في قبضَةِ الحَوّازِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أوْجَزَ الدّهرُ، في المقالِ، إلى أنْ
أوْجَزَ الدّهرُ، في المقالِ، إلى أنْ
رقم القصيدة : 4545
-----------------------------------
أوْجَزَ الدّهرُ، في المقالِ، إلى أنْ
جَعلَ الصّمتَ غايَةَ الإيجازِ
مَنطِقاً ليسَ بالنّثيرِ، ولا الشِّعـ
ـري، ولا في طَرائقِ الرُّجّازِ
وعدَتْنا الأيّامُ كلَّ عَجيبٍ،
وتَلَوْنَ الوُعودَ بالإنجاز
هيَ مثلُ الغَواني إنْ تَحْسُنِ الأوْ
جُهُ منها، فالثّقلُ في الأعْجاز
مَنْ يُرِدْ صَفوَ عِيشَةٍ يبغِ، من دُنـ
ـياهُ، أمراً مبيَّنَ الإعجاز
فافعَلِ الخيرَ إن جَزاكَ الفتى عنـ
ـه، وإلاّ فاللَّهُ، بالخَيرِ، جاز
لا تُقَيِّدْ عليّ لَفظي، فإنّي
مثلُ غَيري، تكلُّمي بالمَجاز
تُنْسَبُ الشُّهْبُ مِنْ يمانٍ وشا
ميٍّ، ويُلغى انتسابُها في الحِجازِ
إنّما عِشرَةُ الأنامِ نِفاقٌ،
وتَباهٍ في باطِلٍ، وتجاز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أوْعَزَ الدّهْرُ بالفَناءِ إلى النّا
أوْعَزَ الدّهْرُ بالفَناءِ إلى النّا
رقم القصيدة : 4546
-----------------------------------
أوْعَزَ الدّهْرُ بالفَناءِ إلى النّا
سِ، فوَاهاً لذلكَ الإيعازِ
وتَداعَوْا في آلِ زيدٍ وعمرٍو،
وعزاهمْ، لتُرْبَةِ الأرضِ، عازِ
أعْرِضوا عن مَدائحٍ وتَهانٍ،
فالمَراثي أوْلى بكمْ والتّعازي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عنصرٌ واحدٌ، وما القار في هِيـ
عنصرٌ واحدٌ، وما القار في هِيـ
رقم القصيدة : 4547(41/63)
-----------------------------------
عنصرٌ واحدٌ، وما القار في هِيـ
ـتَ لعمري، كالمِسك في خِرْخازِ
كن من الرّومِ، أو من الترك، أو
سابحٍ، أو فارسٍ، أو الإيخاز
صورَةٌ خَبّرَتْ بأنّكَ مَجبو
لٌ على الشرّ، والمُهَيمنُ خاز
واختلافٌ من مَنصِبٍ وبلادٍ؛
واتّفاقٌ على رضا بالمخازي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فارساً كان ربُّ فارس، كسْرى
فارساً كان ربُّ فارس، كسْرى
رقم القصيدة : 4548
-----------------------------------
فارساً كان ربُّ فارس، كسْرى
رَحَلَتْهُ الخُطوبُ عن شَيْدازِ
فاغْدُ كاللّؤلؤِ، الذي باسْمهِ،
أغناكَ عن نسبةٍ إلى خيداز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَلَّ زماناً يُديلُ آخِرُهُ،
عَلَّ زماناً يُديلُ آخِرُهُ،
رقم القصيدة : 4549
-----------------------------------
عَلَّ زماناً يُديلُ آخِرُهُ،
فقَد يكونُ الرّشادُ في العِجَزِ
إلى الأنينِ استَراحَ خدنُ ضنى،
كما استَعانَ السُّفاةُ بالرّجَز
والدِّينُ نُصْحُ الجُيُوبِ مُقترناً،
مَدى اللّيالي، بعفّةِ الحُجُز
يا صاحِ! إنّي لزائِفٌ عَمَلي،
فحَقَّ أني وُجِدتُ لم أجُز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بَقائي الطّويلُ، وغي البَسيطُ،
بَقائي الطّويلُ، وغي البَسيطُ،
رقم القصيدة : 4550
-----------------------------------
بَقائي الطّويلُ، وغي البَسيطُ،
وأصبَحتُ مُضطرباً كالرَّجَزْ
ولي نَفَسٌ لم يَزَلْ دائِباً،
ينجِّزُ وقتيَ، حتى نَجَز
فأثْنِ على اللَّهِ تُعطَ الثّوابَ،
وإلاّ فكَم مادحٍ لم يُجَز
وما انفَكّ سعْيُ الفتى للضّلالِ،
إلى أن ثوَى، أو إلى أن عَجَز
فهَلْ أنتَ مُحتَجِزٌ؟ إنّهُ،
ليَومِ الحِمامِ، تُشدُّ الحُجَز
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَدَاوَلَني صُبْحٌ ومِسْيٌ وحِنْدِسٌ،
تَدَاوَلَني صُبْحٌ ومِسْيٌ وحِنْدِسٌ،
رقم القصيدة : 4551
-----------------------------------
تَدَاوَلَني صُبْحٌ ومِسْيٌ وحِنْدِسٌ،(41/64)
ومَرّ عليّ اليَوْمُ والغَدُ والأمسُ
يُضيءُ نَهارٌ، ثمّ يُخدِرُ مظلمٌ،
ويَطلُعُ بَدرٌ، ثمّ تُعقِبُهُ شَمس
أسيرُ عنِ الدّنيا، وما أنا ذاكِرٌ
لها بِسَلامٍ، إنّ أحداثَها حُمس
صرورَةَ ما حالينِ، ما لكِعابها،
ولا الرّكنِ، تقبيلٌ، لديّ، ولا لمس
ولم أرِثِ النِّصفَ الفتاةَ، ولم تَرِثْ
بيَ الرّبعَ، بل رِبعٌ تَطاوَلَ أو خِمس
لعَمري، لقد جاوَزتُ خمسينَ حِجّةً،
وحَسبيَ عَشرٌ، في الشّدائد، أو خمس
وإن ذهَبَتْ كالفَيْءِ، فهي كمغنمٍ
يُحازُ، ولم يُفْرَدْ، لخالقهِ، الخُمس
فللخَبرِ المَرْوى، وللعالَمِ القِلَى،
وللجَسَدِ المَثوى، وللأثرِ الطَّمس
بَدارِ بَدارِ الخَيرَ، يا قلبِ تائباً،
ألَستَ بِدارٍ أنّ منزليَ الرَّمس؟
وأجهَرُ حيناً، ثمّ أهمسُ تارةً؛
وسيّانِ، عندَ الواحدِ، الجهرُ والهمس
وأقمُسُ في لُجّ النّوائبِ طالِباً؛
ويُغرقني من دُونِ لؤلؤهِ القَمْس
ولم أكُ نِدّاً للكلابيّ أبتَغي،
من السُّؤرِ، ما فيه لذي شَنَبٍ غَمس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما أسَنّ الشّيخُ أقصاهُ أهلُهُ،
إذا ما أسَنّ الشّيخُ أقصاهُ أهلُهُ،
رقم القصيدة : 4552
-----------------------------------
إذا ما أسَنّ الشّيخُ أقصاهُ أهلُهُ،
وجَارَ عليهِ النّجلُ والعبدُ والعِرسُ
وصارَ كبنتِ المُوم، تَسهرُ في الدّجى،
بُكاهُ لهُ طَبعٌ، ولِمّتُهُ بِرْسُ
وأكثرَ قَولاً، والصّوابُ لمثلِهِ،
على فَضلِهِ، أنْ لا يُحَسّ له جرَس
يُسَبِّحُ، كَيما يَغْفِرَ اللَّهُ ذَنْبَهُ؛
رويدَكَ في عَهدِ الصّبا مُلىءَ الطِّرْس
وقد كانَ مِن فُرْسانِ حَرْبٍ وغارةٍ،
فلم يُغن عنْه السّيفُ والرّمحُ والتّرْس
وأصبَحَ عند الغانيَاتِ مُبَغَّضاً،
كأنْ خَزُّهُ خِزْيٌ، وعَنْبرُهُ كِرس
عجِبتُ لقَبرٍ فيهِ ضيقٌ تَزاحَمَتْ،
على الكون فيه، العُربُ والرّومُ والفرس
متى يأكُلِ الجُثمانَ يَسكُنْهُ غيرُه،
يدَ الدّهر، حَرساً جاء من بعده حَرس(41/65)
وكم دَرَسَتْ هذي البسيطةُ عالَماً،
وعالَمُ جيلٍ من عَوائدِهِ الدّرْس
لقد فَرَسَتْ تلكَ الأسودُ طوائفاً:
أنيساً ووَحشاً، ثمّ أدركَها الفَرس
وما بَرِحَ الإنسانُ في البؤس مُذْ جرَتْ
به الرّوحُ، لا مُذ زالَ عن رأسه الغِرْس
فلا تعذُلينا، كلُّنا ابنُ لَئيمَةٍ؛
وهل تَعذُبُ الأثمارُ إن لؤمَ الغَرْس؟
طفَونا ونَرسو الآن، لا سُرّ أسودي
بملك البرايا، ما العراقُ وما النَّرس
فإنّي أرى الكافورَ والطّيبَ، كلَّهُ،
يَزولُ بموتٍ، جاءَ في يَدِهِ وَرس
مضى النّاسُ، إلاّ أنّنا في صُبابَةٍ،
كآخرِ ما تُبقي الحياضُ أو الخَرس
ولم يَسمَعوا قَولاً، أمِن صَمَمٍ بهم؟
ولم يُفهِموا رَجْعاً، كأنّهُمُ خُرْس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لوَ انّيَ كَلبٌ، لاعترتني حَمِيّةٌ
لوَ انّيَ كَلبٌ، لاعترتني حَمِيّةٌ
رقم القصيدة : 4553
-----------------------------------
لوَ انّيَ كَلبٌ، لاعترتني حَمِيّةٌ
لِجَرْوِيَ، أنْ يَلقى كما لَقيَ الإنسُ
أرى الحَيَّ جِنساً ظلّ يشمُلُ عالَمي
بأنواعِهِ، لا بُورِكَ النّوعُ والجِنسُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَصَحتُكِ أجسامُ البرِيّة أجناسُ،
نَصَحتُكِ أجسامُ البرِيّة أجناسُ،
رقم القصيدة : 4554
-----------------------------------
نَصَحتُكِ أجسامُ البرِيّة أجناسُ،
وخيرٌ من الأعراسِ بُرسٌ وعِرناسُ
ولا تَلِجي الحَمّامَ، قد جاءَ ناصحٌ
بتَحريمه، من قبلِ أن يَفسُدَ الناسُ
فكيفَ به لمّا اعتَدى، في طريقه،
رُجَيبٌ وحوّاشٌ وتنجٌ وأشناسُ
تمازَجَ بالعُرْبِ الأعاجمُ، والتَقى
على الغَدْرِ أنواعٌ تُذَمُّ، وأجناسُ
أناسٌ كقْومٍ ذاهبينَ وُجُوههمْ،
ولكنّهُمْ في باطنِ الأمرِ نَسناس
جزى اللَّهُ، عني مُؤنسي بصدوده،
جميلاً، ففي الإيحاشِ ما هُوَ إيناس
تخافين شيطاناً، من الجنّ، مارداً،
وعندكِ شيطانٌ، من الإنس، خَنّاس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألم ترَ للشِّعرى العَبورِ توقّدَتْ(41/66)
ألم ترَ للشِّعرى العَبورِ توقّدَتْ
رقم القصيدة : 4555
-----------------------------------
ألم ترَ للشِّعرى العَبورِ توقّدَتْ
بعالٍ رفيعٍ، لم تنلْهُ القوابسُ
تَباركَ ربُّ النّاس، ليسَ لِما أبَى
مُريدٌ، ولا دونَ الذي شاءَ حابس
سيوفٌ بها جَونانِ: جارٍ وجاسدٌ؛
وخيلٌ عليها الماءُ رطبٌ ويابِس
ويعبسُ وجهُ الدّهر، والمرءُ ضاحكٌ،
ويضحكُ هُزءاً، والوجوهُ عوابس
تَكَرَّهَ نُطْقَ النّاسِ فيما يَريبُه،
فأفحمَ، حتى ليس في القوم نابس
بُرودُ المَخازي لابنِ آدَمَ حُلّةٌ،
لعَمري، لقد أعيَتْ عليه الملابس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نُراقبُ ضوءَ الفجر، والليل دامسُ
نُراقبُ ضوءَ الفجر، والليل دامسُ
رقم القصيدة : 4556
-----------------------------------
نُراقبُ ضوءَ الفجر، والليل دامسُ
وما يَسترُ الإنسانَ إلاّ الرَّوامسُ
تنمّسَ منّا بالدّيانَةِ مَعشَرٌ،
وقد بطلتْ، عند اللّبيبِ، النّوامسُ
فكيفَ ترى المنهاجَ، واللّيلُ مُقْمِرٌ،
ولم ترَهُ، واليومُ أزهَرُ شامسُ؟
وتحمِلُنا الأيّامُ حَمْلَ عَوائمٍ
بنا في خِضَمٍّ، كلُّنا فيه قامس
فهنّ لأهلِ اليُسرِ نوقٌ أذِلّةٌ؛
وهُنَّ لأهلِ العُسرِ خَيلٌ شَوامس
فما سئِمَ السّاري، وقد بلغَ المَدى؛
ولا رَزَمتْ، في السير، تلك العَرامس
ودُنياكَ دارٌ، من يحُلُّ فِناءَها،
فقد غمستْهُ في الشّرور القوامس
وسلطانُها كالنّارِ، إنْ هيَ لُومِستْ
تُحَرّقُ ما يدنو لها، ويلامس
ويجمعُنا من صَنعَةِ الرّبّ أربَعٌ،
ومِن فَوقِها، والمُلكُ للَّهِ، خامس
وما فتِئَتْ نيرانُ فارسَ يَعتَلي
بها العزُّ، حتى أبطلَتها الأحامسُ
تكلّمَ هذا الدّهرُ بالنُّصحِ، مُعلناً،
جهاراً، بما أخفَتهُ عَنّا الهَوامس
وكيفَ نُرَجّي للثِّمادِ بقاءَها،
إذا نضَبَتْ عَنّا البُحورُ القلامس؟
يُباكِرُنا الجَوْنُ المُضيءُ فينقضي،
ويعقبُنا منه الأحمُّ الدُّلامِس
وإنّا رأينا المَلْكَ يُخلِقُ ثوبُه،(41/67)
وتُخبرنُا عنهُ الدّيارُ الطّوامس
إذا دَخلَ الهِرماسُ جِلّقَ والياً،
فما كذَبَتْ فيما تَقولُ الهرامس
لهمْ سلَفٌ، قُدّامَ سِنبسَ، أيِّدٌ،
وعزٌّ على وجهِ الزّمانِ قُدامِس
وتَبسُطُ فينا قُدرةُ اللَّهِ حادثاً،
فتُودي الثّعالي واللّيوثُ الكهامس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تُشادُ المَغاني، والقبورُ دوارسُ،
تُشادُ المَغاني، والقبورُ دوارسُ،
رقم القصيدة : 4557
-----------------------------------
تُشادُ المَغاني، والقبورُ دوارسُ،
ولايَمنَعُ المَطروقَ بابٌ وحارسُ
يَقولون: إنّ الدّين يُنسَخُ مثلَ ما
تولّتْ، بإقبالِ الحنيفَةِ، فارس
ومهما يكنْ، فاللَّهُ ليسَ بزائلٍ،
ويجني الفتى، من بعدُ، ماهو غارس
أرى مَقِراً، في آخر العيش، كائناً،
نَسيتَ له ما أطعَمَتْكَ الجوارس
أيا قَيلُ! إنّ النّارَ صالٍ بحَرّها
مُقيمُ صلاةٍ، والمُهَنّدُ وارس
وبالرّملةِ الشّعثاءِ شِيبٌ ووِلدَةٌ،
أصابهُمُ، ممّا جنَيتَ، الدَّهارس
فأبعِدْ من الصّفراءِ، واليومُ واقِدٌ؛
وأدنِ من الشّقراءِ، واللّيلُ قارس
وقد ظهرَتْ أملاكُ مِصرَ علَيهم،
فهلْ مارستْ من ظُلمِها ما تمارس؟
وأحسَنُ منكمْ، في الرّعيّةِ، سِيرَةً،
طغُجُّ بنُ جُفٍّ، حينَ قامَ، وبارس
وبالحَظّ يُدْعَى تابعُ القومِ سيّداً،
وتأكُلُ آسادَ العَرينِ الهَجارس
تُقيمُ، على الدّهرِ، الفوارسُ في الدّجى؛
وتَرْحلُ، من فوقِ الجيادِ، الفوارس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَمَنّتْ غُلاماً يافعاً، نافعاً لها،
تَمَنّتْ غُلاماً يافعاً، نافعاً لها،
رقم القصيدة : 4558
-----------------------------------
تَمَنّتْ غُلاماً يافعاً، نافعاً لها،
وذاكَ دهاءٌ دُسّ فيه الدَّهارِسُ
سُررْتِ به، إذ قيلَ أعطَيتِ فارساً،
وماهو إلاّ ضيغَمٌ لك فارس
ألم تَسمَعي الأيّامَ نادَتْ صُروفُها:
خذوا مَقِراً ممّا تَفيءُ الجوارس
وحاذَرَ، أن نَنسى الزّمانُ، فما وَنَى
يُذاكِرنُا أحداثَهُ، ويدارس(41/68)
يُخَوّفُنا أهوالَ ماهو كائنٌ؛
ويكفيهِ، منْ أهوالهِ، مانمارس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُنشَّرُ، في الدّنيا، الحديثُ ويَنطوي،
يُنشَّرُ، في الدّنيا، الحديثُ ويَنطوي،
رقم القصيدة : 4559
-----------------------------------
يُنشَّرُ، في الدّنيا، الحديثُ ويَنطوي،
وتَفرِسُ آسادُ العرينِ، وتُفرَسُ
إذا أوجدتْ، يوماً، من الوُجد أوجدتْ
من الوَجد، هذا خُلقُها، وهو أشرس
وقد يَعِظُ الإنسانَ عَيٌّ من الدّجّى،
ويُنذِرُهُ داعٍ، من الصّبحِ، أخرس
وما حِرْصُهُ في العلم يدرسُ كُتْبَهُ،
وقد شاهدَ الآثارَ تُمحى وتُدرَسُ
نَسيرُ نهاراً، ثمّ نَسري، إذا دَجَتْ
علينا اللّيالي، والخَفيرُ المُعرِّس
ألمْ تَرَ أشجاراً تُحَرَّقُ، عَهدُها
قديمٌ، وأخرى للشّبيبَةِ تُغرَس؟
وتختَلِفُ الأغراضُ: ماءٌ على الصَّلى
يُحَمُّ، وماءٌ، في الشَّمالِ، يُغَّرس
متى ماتحاولْ فارساً من فراسةٍ،
فإنّيَ من زيْدٍ وبسطامَ أفرس
إخالُ، فلا أُشوي، وتلكَ فضيلةٌ،
ولكنّني بالخيلِ لا أتَمَرَّس
ونومُك، في الصّحراء، أرْوَحُ من ذُرا
تُشادُ، وأموالٍ تُصانُ وتُحرَس
وكم عُضّ مُغبَرُّ البَنانِ، تَنَدّماً
على ما جنى، قبلُ، البنانُ المورَّس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نفوسٌ أصابتها المَنايا، فلا تكنْ
نفوسٌ أصابتها المَنايا، فلا تكنْ
رقم القصيدة : 4560
-----------------------------------
نفوسٌ أصابتها المَنايا، فلا تكنْ
يَؤوساً، لعَلّ اللَّهَ يوماً يؤوسُها
وما بَرحتْ أجسادها تطلبُ العلا
من الدّهر، حتى زايلَتها رُؤوسُها
بئَتْ بالظُّبَا أبياتَ عزٍّ، فأُودِعَتْ
بُيوتَ حفِيرٍ، أحكمَتْها فؤوسُها
وكانوا كآسادِ الشرى، ليس فيهمُ
كؤوسٌ، فدارتْ للمنَايا كؤوسُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المَشيداتُ، التي رُفعتْ،
المَشيداتُ، التي رُفعتْ،
رقم القصيدة : 4561
-----------------------------------
المَشيداتُ، التي رُفعتْ،(41/69)
أرْبُعٌ من أهلِها دُرُسُ
قامَ للأيّام، في أُذُنْي،
واعظٌ من شأنِهِ الخرَس
أخلقتْ، جسمَ الفتى، جُددٌ،
ذاتُ خُلقٍ، لينُهُ شَرَس
فشتاءٌ، بعدَهُ وَمَدٌ،
ومصيفٌ، إثرهُ قرَس
لُبتُ، حولَ الماءِ، من ظمإ،
إنّ غربي مالَهُ مرَسُ
كم أبَنّ الغابَ من أسَدٍ؛
أيُّ ليثٍ ليسَ يُفترَس
مُهجَتي ضدٌّ يُحارِبُني،
أنا مني كيفَ أحْترس؟
إنّما دُنياكَ غانَيةٌ،
لَمْ يُهنّىء زوجَها، العُرُس
أُمُّ شبلٍ، فوقَها لِبَدٌ،
ظُفْرها، من قتْلنا، وَرِس
فالقَها بالزُّهدِ، مدّرِعاً،
في يَديَكَ السّيفُ والتُّرُس
إنْ دَنا، من فارسٍ، أجلٌ،
حارَ، لايَجري به الفَرَس
كلُّ مَنْ حانَتْ مَنيتُّهُ،
لم يُدافعْ، دُونَهُ، حرَس
ليسَ يَبقَى فَرعُ نابتَةٍ،
أصلُها، في الموتِ، مُغترس
خبّرَتْنِي كلُّ ناطِقَةٍ،
ذاكَ حتى الزّيرُ والجَرَس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَنْ لي بأنّي وَحيدٌ لا يُصاحبُني
مَنْ لي بأنّي وَحيدٌ لا يُصاحبُني
رقم القصيدة : 4562
-----------------------------------
مَنْ لي بأنّي وَحيدٌ لا يُصاحبُني
حيٌّ، سوى اللَّهِ، لا جنٌّ ولا أنَسُ
أمّا الظباءُ، فقد أودى الزمّانُ بها،
فما نَراها، ولكنْ هذه الكُنُس
فكيفَ لا تخبُثُ النّفسُ التي جُعلتْ،
من جسْمِها، في وعاءٍ، كلُّه دنَس؟
رأيتُ فتيانَ قومي عانِسي حَذَرٍ،
إنّ الفُتُوّ إذا لم يَنكِحوا عنَسوا
سلَكتُ طُرقَ المَعالي، ثمّ قلتُ لهم:
سيروا ورائي، فلمّا شارَفوا خَنَسوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا جَلَستُ على أقتادِ ناجيَةٍ،
إذا جَلَستُ على أقتادِ ناجيَةٍ،
رقم القصيدة : 4563
-----------------------------------
إذا جَلَستُ على أقتادِ ناجيَةٍ،
فما أبالي أغارَ القَومُ أمْ جَلَسُوا
أنسلُ إبليسَ أم حوّاءَ، وَيْحَكُمُ،
هذا الأنامُ، ففي أفعالهمْ دَلَس
إن يُؤمَنُوا لا يؤَدّوا، أو يكن لهمُ
عزٌّ يَضيموا، وإن أعياهُمُ اختَلسوا
ذادَ المكارَمَ عن كَرْمٍ وذاتِ جنىً،(41/70)
في النّخل، شِرْبٌ أبَى إخراجَه البَلس
لا تحفظِ الشَّربَ، مثلَ الطّيرِ، واردةً
أجْناً، إذا ما أصابوا رِيَّهم قَلسوا
ياسِرْ أخاك، ولا تهجُمْ له حرَماً،
من قبلُ زُكّيَ في أكمامهِ العَلَس
قد أظلمَ الدّهرُ، والصّبحُ الجليُّ نأتْ
عنه المَطامعُ، فليُرفَع لنا الغَلَس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا الحُسامُ، فما أدناكَ من أجَلٍ،
أمّا الحُسامُ، فما أدناكَ من أجَلٍ،
رقم القصيدة : 4564
-----------------------------------
أمّا الحُسامُ، فما أدناكَ من أجَلٍ،
ولا يَرُدُّ الحِمامَ الدّرْعُ والتُّرسُ
والناسُ، من صَنعةِ الخلاقِ، كلُّهُمُ
كالخَطّ يُقرأ حيناً ثمّ يَندَرِس
قد ادّعى النُّسكَ أقوامٌ، بزَعمِهمُ،
وكيفَ نُسكُ غَويٍّ رُمحُه وَرِس
وقدْ جنَى الإثمَ، تَغشاهُ صحابتُه،
والنَّبلُ والسّيفُ والخَطّيُّ والفرَس
يا ظبيُ ما أنتَ والضّرغامُ تؤنُسُه؛
إنّ الضّراغِمَ من أخلاقِها الشَّرَس
أيعلَمُ اللّيثُ، لمّا راحَ مُفترساً،
بأنّهُ، عن قريبٍ، سوفَ يُفترَس؟
لِمَن تُواخِذُ بالجرّى التي سلَفَتْ،
وما تحرّكَ حتى حُرّكَ الجَرَس
يَستحسنُ القومُ ألفاظاً، إذا امتُحنَتْ
يوماً، فأحسنُ منها العِيُّ والخرَسَ
وآلُ إسرالَ غادَوْا، في مَدارِسِهمْ،
تلاوةً، ومُحالٌ كلُّ ما درَسوا
أرْسَلْتَ غَربَك تَبغي الماءَ، مجتَهداً،
وما على الغربِ لمّا خانَك المرَس
وبئسَ ما يأملُ الجانونَ من ثَمَرٍ،
إن قالَ عارِفُ غَرسٍ: بئسَ ما غرسوا
قد عمّرَ النّسرُ ما حَمّ المليكُ له،
وما لمنزِلهِ قُفلٌ ولا حرَس
رأى، مناحةَ أهلِ الدّار، شامِتُهُمْ،
فَما تَخَيّلَ إلاّ أنّها عُرُس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حِجْرٌ، على النّاسِ حِجرٌ، ليتَ أنّهمُ،
حِجْرٌ، على النّاسِ حِجرٌ، ليتَ أنّهمُ،
رقم القصيدة : 4565
-----------------------------------
حِجْرٌ، على النّاسِ حِجرٌ، ليتَ أنّهمُ،
مثلَ الحِجارةِ، لا ماتوا ولا نَبسُوا(41/71)
جاؤوا بدعوى، فلما حُصّلتْ وُجدتْ
مثلَ الهَباءِ، وقيلَ الأمرُ ملتبسُ
والقومُ شرٌّ، فلا يسرُرك إنْ بَسطوا
لكَ الوُجُوهَ، ولا يُحزِنكَ إن عبَسوا
أمرٌ بدا ثم أخفَى، شأنَهُ، قدَرٌ،
كالنّارِ ماتتْ، فلم يُنشَرْ لها قَبس
وخاملٌ ما نأتْ عَنهُ نَباهَتُهُ،
كأنّهُ الجَمرُ غَطّى ضَوْءَهُ اليَبَس
دُنيايَ هلْ ليَ زادٌ أستَعينُ بهِ
على الرّحيلِ، فإنّي فيكِ مُحتَبَس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هل يغسِلُ النّاسَ عن وجه الثرى مطرٌ،
هل يغسِلُ النّاسَ عن وجه الثرى مطرٌ،
رقم القصيدة : 4566
-----------------------------------
هل يغسِلُ النّاسَ عن وجه الثرى مطرٌ،
فما بقُوا لم يبارحْ، وجهَهُ، دَنَسُ
والأرضُ ليَسَ بمَرْجُوٍّ طَهارَتُها،
إلاّ إذا زالَ عن آفاقِها الأنَس
تَناسَلوا، فنَمَى شرٌّ بنَسلِهِمُ؛
وكم فُجُورٍ، إذا شبّانهم عنَسوا
أزكى من العَيْنِ، في آنافِها شَمَمٌ،
عِينٌ من الوحش، في آنافِها خَنَس
وما الظّباءُ، عليْها الحَلْيُ، مُحسنةً،
بل الظّباءُ لها، بينَ الغضا، كُنُس
إحتَجّ، في الغَيّ بالنّسيانِ، والدُهُمْ،
وقد غَوَوْا بادّكارٍ، لا أقولُ نَسوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُنياكَ دارُ شرورٍ لا سرورَ بها،
دُنياكَ دارُ شرورٍ لا سرورَ بها،
رقم القصيدة : 4567
-----------------------------------
دُنياكَ دارُ شرورٍ لا سرورَ بها،
وليسَ يَدري أخوها كيفَ يحترسُ
بَيْنا امرؤٌ يتَوَقّى الذّئبَ عن عُرُضٍ،
أتاهُ لَيثٌ، على العِلاّتِ، يَفترِس
ألا ترى هرَمَيْ مِصرٍ، وإن شمَخا،
كِلاهُما بيَقينٍ سَوْفَ يَنْدَرِس
ولَوْ أطاعَ أميرَ العقلِ صاحبُهُ،
لكانَ آثَرَ، من أن يَنطِقَ، الخَرَس
معَ الأنامِ أحاديثٌ مُوَلَّدَةٌ
للإنِسِ، تُزْرَعُ كي تَبقى وتُغتَرَس
لم تُخلَقِ الخيلُ من عُرٍّ ومُصْمَتَةٍ،
إلاّ ليُرْكَضَ، في حاجاتهِ، الفرَس
أوانُ قُرٍّ يُوافي، بعدَهُ، ومَدٌ،
من الزّمانِ، وحَرٌّ بَعدَه قرَس(41/72)
خذ يا أخا الحربِ أو ضَع لأمةً وُضِنتْ؛
فما يُوقّيكَ لا دِرْعٌ ولا ترُس
ولم يُبَلْ ربُّ مِسْحاةٍ يُقَلّبُها،
ولا حَليفُ قناةٍ، رُمحُهُ ورِس
قد يُخطىء، الموتَ، مُلقًى في تَنوفته،
ويَهلِكُ المرءُ في قَصرٍ، له حرَس
وما حمَى، عن صليلِ السّيفِ، هامتَه،
إن باتَ يَصدَحُ في أيديهِم الجرَس
مدّ النّهارُ حبالَ الشّمسِ، كافِلَةً
بأن سيُقضَبُ، من عيشِ الفتى، مرَس
ظنّ الحَياةَ عَرُوساً، خَلقُها حسنٌ؛
وإنّما هيَ غُولٌ خُلقُها شرِس
ونحنُ في غيرِ شيءٍ، والبقاءُ جرى
مجرى الرّدى، ونظيرُ المأتم العُرُس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يزورُني القومُ، هذا أرضُهُ يَمَنٌ
يزورُني القومُ، هذا أرضُهُ يَمَنٌ
رقم القصيدة : 4568
-----------------------------------
يزورُني القومُ، هذا أرضُهُ يَمَنٌ
من البلادِ، وهذا دارُه الطَّبَسُ
قالوا: سَمِعنا حديثاً عنكَ، قلتُ لهم:
لا يُبعِدُ اللَّهُ إلاّ مَعشَراً لَبَسوا
يَبغُون منيَ مَيناً لستُ أُحسِنُهُ،
فإنْ صَدَقتُ، عرَتهُمْ أوجهٌ عُبُس
أعانَنا اللَّهُ، كُلٌّ في مَعيشَتِهِ
يَلقى العناءَ، فدُرّي فوقَنا دُبَس
ماذا تريدونَ؟ لا مالٌ تيَسّرَ لي
فيستماحُ، ولا علمٌ فيُقتَبَس
أتسألونَ جَهُولاً أن يُفيدَكمُ،
وتحلُبونَ سفيّاً، ضَرعُها يَبَس؟
ما يُعجِبُ النّاسَ إلاّ قولُ مُختدعٍ،
كأنّ قوماً إذا ما شُرّيُوا أُبِسوا
قد أنفَدوا في ضَياعٍ كلّ ما عَمِروا،
فكانَ مثلَ جِلالِ البُدْنِ ما لبسوا
أنا الشقيُّ بأنّي لا أُطيقُ لَكمْ
معونَةً، وصرُوفُ الدّهرِ تَحتَبِس
مَن لليَمانينَ أن يُمْسوا، ونارُهُمُ
شَبيبَةٌ، وسُهَيْلٌ بَينَهمْ قبَس
وللبداويّ أن يُبنى الخِباءُ لهُ
في ضاحكاتٍ، بهنّ العَبْس والعَبَس
كأنّ أسرارَ أقوام، وإن كُتِمَتْ،
أنفاسُ ولهانَ، تُطفَى حينَ تُحتبَس
وحدّثَتْ، عن خبَاياهمْ، وجوهُهُمُ،
فقدْ أتوكَ بنَجواهم، وما نَبسوا
ساعاتُنا كذئابِ الخَتل، إن غَبسَتْ،(41/73)
في اللَّيلِ، فالذّئبُ في ألوانه الغبَس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الجسمُ كالصُّفر، يكسوه الثرى صدأً،
الجسمُ كالصُّفر، يكسوه الثرى صدأً،
رقم القصيدة : 4569
-----------------------------------
الجسمُ كالصُّفر، يكسوه الثرى صدأً،
والخَيرُ كالتّبرِ، لا يدنو له الدّنسُ
لو دام في الأرضِ، عمرَ الدّهر، مختزَناً
لما تَغَيّرَ عمّا يَعهَدُ الأنَس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن كان إبليسُ ذا جُندٍ يَصولُ بهمْ،
إن كان إبليسُ ذا جُندٍ يَصولُ بهمْ،
رقم القصيدة : 4570
-----------------------------------
إن كان إبليسُ ذا جُندٍ يَصولُ بهمْ،
فالنّفسُ أكبرُ مَن يَدعوه إبليسُ
لا شبّ ربُّكَ نيرانَ الشّبابِ! لهم
إلى المُدامَةِ تَهجيرٌ وتَغليس
والدّهْرُ، في الحِجر، تُرجى منه عارفةٌ،
أنّى وقد بانَ إعسارٌ وتَفليس؟
ومَوّهَ النّاسُ، حتى ظَنّ جاهلُهمْ
أنّ النّبوّة تمويهٌ وتَدليس
جاءتْ، من الفَلَكِ العُلويّ، حادثةٌ،
فيها استَوَى جُبَناءُ القومِ واللّيس
لو هبّ هُجّادُ قوم، في الثرى، دُفنوا
لضاقَتِ المُدنُ والبيدُ الأماليس
متى أُفارِقُ دُنيايَ التي غَدَرَتْ،
ويُدرِكُ اسميَ، في الأسماء، تطليس؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الظّلمُ في الطّبع، فالجاراتُ مُرهَقَةٌ
الظّلمُ في الطّبع، فالجاراتُ مُرهَقَةٌ
رقم القصيدة : 4571
-----------------------------------
الظّلمُ في الطّبع، فالجاراتُ مُرهَقَةٌ
والعُرفُ يَسترُ، والميزانُ مَبخوسُ
والطِّرْفُ يُضرَبُ، والأنعامُ مأكلَةٌ،
والعِيرُ حاملُ ثقلٍ، وهو مَنخوس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أوحَى المَليكُ إلى من في بَسيطَتهِ،
أوحَى المَليكُ إلى من في بَسيطَتهِ،
رقم القصيدة : 4572
-----------------------------------
أوحَى المَليكُ إلى من في بَسيطَتهِ،
من البريّة، جوسوا الأرض أو حوسوا
فأنتمُ قومُ سوءٍ، لا صلاحَ لكمْ،(41/74)
مسعودُكم، عند أهل الأرض، منحوس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا خَيرَ للفَمِ في بَسطِ الحَياةِ لَه،
لا خَيرَ للفَمِ في بَسطِ الحَياةِ لَه،
رقم القصيدة : 4573
-----------------------------------
لا خَيرَ للفَمِ في بَسطِ الحَياةِ لَه،
حتى تَساقَطَ أنيابٌ وأضراسُ
أظاعنٌ أنتَ أم راسٍ على مَضَضٍ،
حتى تخُونَك، من دُنياك، أمراس؟
هل تمنَعَنّكَ بِيضٌ أو مثَقَّفَةٌ،
أوْ يُنْجِيَنّكَ أجمالٌ وأفراس؟
أضعْتَ شاءً جعَلتَ الذّئبَ حارسَه،
أمَا علمتَ بأنّ الذّئبَ حَرّاس؟
وإنْ رأيتَ هِزَبْرَ الغابِ مُفترِساً،
فقَد يكونُ زماناً، وهو فَرّاس
لا تَفرَقُ النّفسُ من حتفٍ يحلُّ بها،
فالنّفسُ أُنثى، لها بالموتِ إعراس
تحالفوا، كلُّ رأسٍ مِنهُم سدِلٌ،
يجرُّ نَفعاً إليهِ ذلكَ الرّاس
أظلمتَ، فاهتَجتَ تبغي، في جميعهمُ،
نبْراسَ ليلٍ وما في القوم نِبراس
تَعَلّمَ الكُفْرَ أُولاهمْ وآخرُهمْ،
فكلُّ أرضٍ بها جمْعٌ ومِدراس
وعَن قليلٍ يَصيرُ الأمرُ مُنتَقِلاً
عنهمْ، وتخفتُ للأجراسِ أجراس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ترابٌ غُيّرَتْ منهُ سِماتٌ،
ترابٌ غُيّرَتْ منهُ سِماتٌ،
رقم القصيدة : 4574
-----------------------------------
ترابٌ غُيّرَتْ منهُ سِماتٌ،
فطيَرٌ في مَواكِنِها وناسُ
هو اللّيثُ اسمُ مأواه عرينٌ،
أوالظّبيُ اسمُ مأواه كِناس
تَجانَسَتِ البَرايا في مَعانٍ،
ولم يجلُبْ مودَتَها الجناس
إذا أنبأتَ، عن غرضٍ، بلفظٍ،
فقُلْ: خَنساءُ شطّتْ، أو خُناس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا رفَعوا كلامَهم بمدْحٍ،
إذا رفَعوا كلامَهم بمدْحٍ،
رقم القصيدة : 4575
-----------------------------------
إذا رفَعوا كلامَهم بمدْحٍ،
فلفْظي، في مَواطِنه، رسيسُ
وما حَمدي لآدمَ، أو بَنيهِ،
وأشهَدُ أن كلّهم خَسيس
وزوجك أيّها الدّنيا تَمَنَى
طلاقَكِ، قبلَ أن يقَعَ المَسيس
تُحَدّثُ هذه الأيّامُ جَهراً،(41/75)
ويُحسَبُ أنّ مانطقتْ هَسيس
تعالى اللَّه! أينَ ملوكُ لخمٍ،
لقدْ خَمَدوا فما لهم حَسيس
وأسألُ خالقي نَسْأً برِفقٍ،
إذا لم يَبقَ لي إلاّ النّسيسْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيوجَدُ، في الورى، نفرٌ طَهارى،
أيوجَدُ، في الورى، نفرٌ طَهارى،
رقم القصيدة : 4576
-----------------------------------
أيوجَدُ، في الورى، نفرٌ طَهارى،
أمِ الأقوامُ كلُّهمُ رُجُوسُ؟
بَناتُ العَمّ تأباها النّصارى،
وبالأخواتِ أعرَسَتِ المَجوس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كنتَ الفقيرَ، فخُطّئَتْ لك صُيَّب،
كنتَ الفقيرَ، فخُطّئَتْ لك صُيَّب،
رقم القصيدة : 4577
-----------------------------------
كنتَ الفقيرَ، فخُطّئَتْ لك صُيَّب،
ورُزقتَ إثراءً، فقيلَ مُقَرطِس
خَرَصوا، فقالوا إنّ عالَمَ آدَمٍ،
قد كانَ يلفظُ أنفُساً إذ يَعطِسُ
فلذاكَ صارَ الحَمدُ عند عُطاسِهمْ
خلُقاً لهم، وأخو الحِجى متنَطِّس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ثمِلَ الكبيرُ، فظَلَّ يَحسبُ أنّه
ثمِلَ الكبيرُ، فظَلَّ يَحسبُ أنّه
رقم القصيدة : 4578
-----------------------------------
ثمِلَ الكبيرُ، فظَلَّ يَحسبُ أنّه
كرَّ الشّبابُ، ولانَ عَظمٌ يابسُ
وكأنّها، لمّا دَنَتْ من شَيبِهِ،
شَقِرٌ، لِنَورِ الأقحوانِ ملابس
ويَظنُّها نارَ الخَليلِ سَليمَةً،
ويكادُ يأخذُ من سَناها القابس
ضحكتْ إليه، وهيَ هازئةٌ به،
لمّا حَساها، وهو أزوَرُ عابس
ما النّاسُ ناسٌ، إذ تغَيّرَ شكلُهمْ،
قل ما بدا لك، فالديّارُ بسابس
ما شَفني بُرْدٌ أمَحُّ سوى الصّبا،
ولقد تَمَزّقَ لي سواهُ مُلابس
حَبَسَتكَ أقدارٌ ذوَتْكَ عن المنى،
فمضى الصِّحابُ وأنتَ ثاوٍ حابس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جنتِ الغوارسُ، واستَقلّ أخو الغنى
جنتِ الغوارسُ، واستَقلّ أخو الغنى
رقم القصيدة : 4579
-----------------------------------
جنتِ الغوارسُ، واستَقلّ أخو الغنى(41/76)
وسعى المؤمِّلُ، واستراحَ اليائسُ
واللُّبُ حُرفٌ، والجَهالةُ نِعمةٌ،
والكيّسُ الفطنُ الشقيُّ الكائس
وإذا رَجَعتَ إلى الحقائقِ لم يكنْ،
في العالَمِ البَشَريّ، إلاّ بائس
والموتُ بازٍ، والنّفوسُ حَمائمٌ،
وهِزَبْرُ عِرّيسٍ، ونحنُ فَرائس
إنّ الأوانسَ، أن تَزورَ قبورَها،
خيرٌ لها من أن يُقالَ عَرائِس
كم نالَ قَبلَكَ، في طعامك، من يد
نَصَبٌ، إلى أن لاس قُوتَكَ لائس
فكوارِبٌ، وزوارعٌ، وكوافرٌ،
وحَواصِدٌ، وجوامعٌ، ودوائس
وخطوبُ دهرٍ غيرُ ذلك جمّةٌ،
دونَ اغتذائكَ، والأمورُ لَبائس
وكذاكَ ما عنّاهُمُ حتى رأوْا
شجَراً. بها ثمرُ النّدامةِ نائس
ومتى ركبتَ إلى الدّيانَةِ غالَها
فِكَرٌ، على حُسن الضّمير، دسائس
والعَقلُ يَعجَبُ، والشّرائعُ كلُّها،
خَبَرٌ يُقَلَّدُ لم يَقِسْهُ قائس
مُتَمَجِّسونَ، ومُسلمونَ، ومَعشرٌ
مُتَنصّرونَ، وهائدونَ رسائس
وبيوتُ نيرانٍ تُزار تَعَبّداً،
ومَساجدٌ مَعمورةٌ، وكنائس
والصّابئونَ يُعَظّمونَ كواكباً،
وطباعُ كلٍّ، في الشرور، حبائس
أنّى يَنالُ أخو الدّيانةِ سؤدَداً،
ومآربُ الرّجلِ الشريفِ خسائس؟
وإذا الرئاسةُ لم تُعَنْ بسياسةٍ
عقليّةٍ، خطىء الصّوابَ السّائس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا ربِّ أخرجْني إلى دارِ الرّضى،
يا ربِّ أخرجْني إلى دارِ الرّضى،
رقم القصيدة : 4580
-----------------------------------
يا ربِّ أخرجْني إلى دارِ الرّضى،
عَجَلاً، فهذا عالَمٌ منكوس
ظَلّوا كدائرةٍ تَحَوّلَ بَعضُها
منْ بَعضِها، فجميعُها معكوسُ
لا كَيسَ بينهمُ، وأفضَلُ من ترى،
في دينهِ، مثلُ العقيرِ يكوس
يَبغُونَ بالخُسرِ الرَّباحَ، وبالأذى
حُسنَ الثّوابِ، فكلُّهم موكوس
وأرى ملوكاً لا تحوطُ رعيّةً،
فعلامَ تؤخذُ جزِيةٌ ومُكوس؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا الحيُّ أُلبِسَ أكفانَه،
إذا الحيُّ أُلبِسَ أكفانَه،
رقم القصيدة : 4581
-----------------------------------(41/77)
إذا الحيُّ أُلبِسَ أكفانَه،
فقَد فَنيَ اللُّبسُ واللاّبسُ
ويَبلى المحيّا، فلا ضاحكٌ،
إذا سَرّ دَهْرٌ، ولا عابس
ويُحبَسُ في جَدثٍ ضيّقٍ،
ولَيسَ بمُطلِقهِ الحابس
فما هوَ في سَلَفٍ سائرٌ؛
ولا هو في حِندسٍ قابس
يجاورُ قوماً أجادوا العِظات،
وما فيهمُ أحدٌ نابس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> شرُّ أشجارٍ، علمتُ بها،
شرُّ أشجارٍ، علمتُ بها،
رقم القصيدة : 4582
-----------------------------------
شرُّ أشجارٍ، علمتُ بها،
شَجَراتٌ أثمَرَتْ ناسا
حمَلَتْ بيضاً وأغربَةً،
وأتَتْ بالقَومِ أجناسا
كلُّهُمْ أخفَتْ جَوانحُهُ
مارداً، في الصّدر، خنّاسا
لم تَسِقْ عَذبْاً، ولا أرِجاً،
بل أذيّاتٍ وأدْناسا
تَعَبٌ ما نحنُ فيه، وهل
يجلُبُ الإيحاشُ إيناسا؟
خُذ حساماً، سَعدُ، أو قلَماً،
وخذي يا دعدُ عِرْناسا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا روحُ، كم تحملينَ الجسمَ لاهيةً،
يا روحُ، كم تحملينَ الجسمَ لاهيةً،
رقم القصيدة : 4583
-----------------------------------
يا روحُ، كم تحملينَ الجسمَ لاهيةً،
أبْليتِهِ، فاطرَحيهِ، طالما لُبِسَا
إن كنتِ آثَرتِ سكناه، فمُخطئَةٌ،
فيما فعلتِ، وكم من ضاحكٍ عبَسا
أو لا، فجَبرٌ، وإن أشوى، فجاهلةٌ،
كالماءِ لم يَدرِ ما لاقاهُ إذْ حُبِسَا
لو لم تَحُلِّيهِ لم يَهْتَجْ لمعصيةٍ،
وكانَ كالتُّربِ ما أخنى ولا نبَسا
تركتِ مصباحَ عَقلٍ ما اهتديتِ به،
واللَّهُ أعطاكِ من نورِ الحِجَى قبَسا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الحمدُ للَّه! قد أصبَحتُ في لُجَجٍ،
الحمدُ للَّه! قد أصبَحتُ في لُجَجٍ،
رقم القصيدة : 4584
-----------------------------------
الحمدُ للَّه! قد أصبَحتُ في لُجَجٍ،
مُكابداً، من همومِ الدّهر، قاموسا
قالتْ معَاشر: لم يَبعَثْ إلهُكُمُ،
إلى البريّةِ، عيساها ولا موسى
وإنّما جَعَلوا، للقومِ، مأكلةً،
وصيّروا، لجميعِ النّاسِ، ناموسا(41/78)
ولو قَدَرْتُ لعاقبتُ الذينَ طَغَوْا،
حتى يَعودَ حَليفُ الغَيّ مَرموسا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُطهِّرُ، الجسدَ، المغرورُ، صاحبُه،
يُطهِّرُ، الجسدَ، المغرورُ، صاحبُه،
رقم القصيدة : 4585
-----------------------------------
يُطهِّرُ، الجسدَ، المغرورُ، صاحبُه،
وإنّما صِيغَ أقذاراً وأنجاسا
كم ادّعى الطُّهر ناسٌ، ثمّ كشّفهمْ
مَرُّ الزّمانِ، فكانَ القومُ أرجاسا
لا يمنَعُ، الملِكَ الجبّارَ من قدَرٍ
يُغَيِّرُ الحالَ، ما أجدى وما جاسا
ولو غدا الكوكبُ المِرّيخُ في يَدِه،
كالسّهم، واتّخذ البِرجيسَ برجاسا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَسوسونَ الأمورَ بغَيرِ عَقلٍ
يَسوسونَ الأمورَ بغَيرِ عَقلٍ
رقم القصيدة : 4586
-----------------------------------
يَسوسونَ الأمورَ بغَيرِ عَقلٍ
فينفُذُ أمرُهم، ويقالُ: ساسَهْ
فأُفَّ من الحياةِ، وأُفَّ مني،
ومن زمَنٍ رئاستُهُ خَساسَهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> القدسُ لم يُفرَضْ عليكَ مزارُهُ،
القدسُ لم يُفرَضْ عليكَ مزارُهُ،
رقم القصيدة : 4587
-----------------------------------
القدسُ لم يُفرَضْ عليكَ مزارُهُ،
فاسجدْ لربّكَ في الحياةِ مقدِّسا
أصبَحتُ في يومي أُسائلُ عن غَدي،
مُتَخَبِّراً عن حاله متندِّسا
أمّا اليَقينُ، فلا يَقينَ، وإنّما
أقصى اجتهادي أن أظُنّ وأحدِسا
لا تَرهبنّ من الظّباء كوادِسا،
ولو انتَشَقنَ مع الصّباحِ الكُندُسا
وإذا النّهارُ خشيتَ منهُ غَوائلاً،
فعليكَ من لَيلٍ يُعينُكَ حِندسا
فالجِنحُ أخضرُ كالسُّدوسِ، تَخالُه
من حَبّةٍ خضراءَ غَشّيَ سُندُسا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَنْ لي بإمليسيّةٍ، أعني بها
مَنْ لي بإمليسيّةٍ، أعني بها
رقم القصيدة : 4588
-----------------------------------
مَنْ لي بإمليسيّةٍ، أعني بها
وجناءَ، تَقطعُ في الدُّجى الإمليسا
أطَلَبتُمُ أدباً لديّ، ولم أزَلْ(41/79)
منهُ أُعاني الحَجرَ والتّفليسا؟
ما كنتُ ذا يُسرٍ، فأجمعَه، ولا
ذا صحّةٍ، فأحالفَ التّغليسا
وأردتموني أن أكونَ مُدلِّساً؛
هيهات! غيري آثرَ التّدليسا
ليسَ الأنامُ بمُنجَحٍ، فإذا دعا
داعي الضّلال، فلا يجدكم لِيسا
إن ماتَ صاحبُكم، فجدّوا بعدَه
في النُّسكِ، واتخذوا الخشوعَ جليسا
فاللَّهُ ما اختارَ البَقاءَ وطولَهُ،
إلاّ لشرّ عِبادِهِ إبليسا
وأرى الذئابَ الطُّلسَ، يعجز كيدُها
عن كيدِ شيبٍ أظهرَوا التطليسا
وتخالسوا الغرَضَ الحرامَ، وقد رأوا
شَعَراً، كمُلْويةِ الرّياض خليسا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> داءُ هذا الأنامِ لا يَقبَلُ الطّبّ،داءُ هذا الأنامِ لا يَقبَلُ الطّبّ،
داءُ هذا الأنامِ لا يَقبَلُ الطّبّ،داءُ هذا الأنامِ لا يَقبَلُ الطّبّ،
رقم القصيدة : 4589
-----------------------------------
داءُ هذا الأنامِ لا يَقبَلُ الطّبّ،داءُ هذا الأنامِ لا يَقبَلُ الطّبّ،
وقِدماً أراه داءً نجيسا
فِكَرٌ حَسّنَتْ، لقومٍ، أموراً،
فاستجازوا التّهويدَ والتّمجيسا
مَعشَرٌ صَيّروا المُدامةَ قُربا
ناً، وناسٌ ألقَوْا بها التّنجيسا
رُبّ رَبعٍ، كأنّهُ النّجمُ في العزّ،
أتاهُ رَيبُ الزّمانِ فجِيسا
والفتَى غيرُ آمنٍ من أذى الدّهْـ
ـرِ، ولو كان شخْصُهُ البِرْجيسا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما غَضوبٌ غاضَبَتْ كلَّ ريبَةٍ،
إذا ما غَضوبٌ غاضَبَتْ كلَّ ريبَةٍ،
رقم القصيدة : 4590
-----------------------------------
إذا ما غَضوبٌ غاضَبَتْ كلَّ ريبَةٍ،
وكانت لميسُ لا تقرُّ على اللّمسِ
فقَد حازَتا فضْلَ الحَياةِ، وعُدّتا
مكانَ الثرَيّا، في المكارِمِ، والشّمس
أخمْسينَ قد أفنَيتُها ليسَ نافعي،
بتأخيرِ يومٍ، أنْ أعضّ على خمسي
نُرَجّي إياباً من غَدٍ، وهو آيبٌ،
وكانَ صَواباً لو بكيْنا على أمس
وما زالَ هذا الجسمُ، مذ فارَق الثرى،
على تَعَبٍ، حتى أُعيدَ إلى الرّمس(41/80)
ألم تَرَ أيّامَ الفَتى، في عِظاتِهِ،
بهَمسٍ تُناجي، أو أدقَّ من الهمس
توخّتْ عوارِيَّ الملوكِ بردّها
جِهاراً، وآثارَ الأكارِمِ بالطّمس
ولم تتركِ العزَّ القديمَ لفارِسٍ؛
ولم تَرْعَ حقّاً من فوارِسِها الحُمْس
أرتَكَ، برغمِ الأنفِ، سيفَ ابن ظالم،
حَمائِلُهُ مَوصولَةٌ بفتى الحُمْس
وصارَ دَمُ الدّيكِ المؤذّنِ، سُحرةً،
لأهل المَغاني حُسوةً لفَمٍ النِّمْس
وما سرّني أنّي ابنُ ساسانَ أغتَدي
على الملك، في الإيوان، أُصبحُ أو أُمسي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تصَدّقْ على الطّيرِ الغَوادي بشُربةٍ
تصَدّقْ على الطّيرِ الغَوادي بشُربةٍ
رقم القصيدة : 4591
-----------------------------------
تصَدّقْ على الطّيرِ الغَوادي بشُربةٍ
من الماءِ، واعْدُدْها أحقّ من الإنسِ
فما جِنسُها جانٍ عليكَ أذيّةً،
بحالٍ، إذا ما خِفتَ من ذلك الجنس
لَقد فرّعَتْنا قُدْرَةٌ أزَليّةٌ،
فَعِشنا، وعُدنْا راجعينَ إلى القِنْس
تُذكّرُنا الأيّامُ أمراً، فَنَنْطوي
عليهِ، زماناً، ثمّ لا بُدّ أن تُنسي
فلا تتَعرّضْ، في طريقِكَ، ناظراً
نساءَ النّصارى غادياتٍ إلى الكُنْس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا ظبَيَاتِ الإنسِ لستُ منادياً
أيا ظبَيَاتِ الإنسِ لستُ منادياً
رقم القصيدة : 4592
-----------------------------------
أيا ظبَيَاتِ الإنسِ لستُ منادياً
وُحوشاً، ولكن غانياتٍ معَ الإنسِ
يُشَبَّهنَ، في بعضِ المحاسنِ، رَبرَباً،
وما هُنّ بالسُّفعِ الخدودِ، ولا الخنُس
تمسّكْنَ طِيباً أمْ تمسّكنَ حِليَةً،
فإنّي رأيتُ النّوعَ يَلحَقُ بالجنس
ولا خَيرَ في جَونِ الذوائبِ عانسٍ،
إذا لم يَبِتْ فوقَ الرِّحالَةِ والعَنس
ومنْ لا يُجِدْ حِفظَ التجارِبِ لا يزَلْ
على السّنّ، غُمراً، إنّ طول المدى يُنسي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا حضرَتْ عندي الجماعةُ أوحشَتْ،
إذا حضرَتْ عندي الجماعةُ أوحشَتْ،
رقم القصيدة : 4593(41/81)
-----------------------------------
إذا حضرَتْ عندي الجماعةُ أوحشَتْ،
فما وَحْدَتي إلاّ صحيفَةُ إيناسي
طهارةُ مثلي في التّباعُدِ عنكُمُ؛
وقُرْبُكُمُ يَجني هُمومي وأدْناسي
وألقَى إليّ اللُّبُّ عَهْداً حفِظتُهُ،
وخالَفتُهُ غَيرَ المَلولِ ولا النّاسي
وأعجَبُ مني كيفَ أخُطىءُ دائماً،
على أنّني من أعرَفِ النّاسِ بالنّاس
نصحتُكِ يا أُمّ البَناتِ، فحاذِرِي
وساوِسَ ولاّجِ الأساودِ، خنّاس
ولا تُلبِسي الحِجْلينِ بنتَكِ، والبُرى
لتَشهَدَ عُرْساً، واشغِلنْها بعِرْناس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خِصاؤكَ خيرٌ من زواجِكَ حُرّةً،
خِصاؤكَ خيرٌ من زواجِكَ حُرّةً،
رقم القصيدة : 4594
-----------------------------------
خِصاؤكَ خيرٌ من زواجِكَ حُرّةً،
فكَيفَ إذا أصبَحتَ زوجاً لمُومِسِ
وإنّ كتابَ المَهرِ، فيما التَمَستَهُ،
نظيرُ كتابِ الشاعرِ المتلمِّس
فلا تُشهِدَنْ فيهِ الشهودَ، وألقِهِ
إليهمْ، وعُدْ كالعائرِ المُتَشَمِّس
ولُبسُك ثَوبَ السّقمِ أحسنُ منظراً،
وأبهَجُ من ثوبِ الغويّ المنمِّس
وإنّكَ إن تَستَعمِلِ العَقلَ لا يزَلْ
مَبيتُكَ في لَيلٍ، بعَقلِكَ، مُشمس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا صَفَتِ النّفسُ اللّجوجُ، فإنّما
إذا صَفَتِ النّفسُ اللّجوجُ، فإنّما
رقم القصيدة : 4595
-----------------------------------
إذا صَفَتِ النّفسُ اللّجوجُ، فإنّما
تُعاني من الجُثمانِ شرَّ المحابسِ
وما لبِسَ الإنسانُ أبهَى من التّقَى،
وإنْ هوَ غالى في حِسانِ المَلابس
ويُبدي لدُنياهُ الفتى وجهَ ضاحكٍ،
وما فتِئَتْ تُبدي له وجهَ عابس
سرى مَلَكُ الأوّابِ يحملُ روحَهُ
تُنيرُ، كما تجلو الدُّجَى نارُ قابس
شبابٌ وشِيبٌ، كالنّباتِ، كثيرةٌ،
فمنْ بينِ رطبٍ يُستَباحُ ويابس
وخيرُ بلادِ اللَّهِ ما كان خالياً
من الإنس، فاسكن في القفار البسابس(41/82)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدَتْ أُمُّ دفرٍ، وهيَ غيرُ حميدَةٍ،
غدَتْ أُمُّ دفرٍ، وهيَ غيرُ حميدَةٍ،
رقم القصيدة : 4596
-----------------------------------
غدَتْ أُمُّ دفرٍ، وهيَ غيرُ حميدَةٍ،
مُغَنّيَةً، عوّادَةً في المَجالِسِ
تَعودُ على مَنْ لم يَمتْ بحِمامِهِ؛
وتُعلي فَقيراً عُدّ بعضَ المَفالس
وما نَفسُ حَسّانَ الذي شاعَ جُبْنُه،
بأسلَمَ منْ نَفسِ الكَميّ المُخالس
فَيا لَيتَ أنّي لم أكنْ في بريّةٍ،
وإلاّ فوَحشيّاً بإحدَى الأمالس
يُسَوّفُ أزهارَ الرّبيعِ تعلَّةً،
ويأمنُ في البيداءِ شرَّ المَجالس
ومن يسكنِ الأمصارَ لا يَعدَمِ الأذى
بإبليس، مَشفوعاً بمثلِ الأبالِس
يُساورُ أُسْداً من غُواةِ مُساورٍ،
وطُلسَ ذِئابٍ من رجالِ الطّيالس
متى ما تُصِبْ يوماً طعاماً لظالِمِ،
فقُمْ عَنهُ، وافغَرْ بعدَهُ فمَ قالس
وما جاوَزَتْ خَيلٌ، خَوائِلَ أُلَّساً،
إلى الرّومِ إلاّ بالشّرور الأوالس
أُدالسُ نَفسي، ثم أظلمُ صحبتي،
إذا رُمتُ خِلاًّ منهمُ لم يدالس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هيَ الدّارُ، ما حالتْ لعَمري عُهودُها،
هيَ الدّارُ، ما حالتْ لعَمري عُهودُها،
رقم القصيدة : 4597
-----------------------------------
هيَ الدّارُ، ما حالتْ لعَمري عُهودُها،
ولا افتَقَدَتْ من زِيّها غيرَ ناسِها
فكمْ حلَّها من ضيغَمٍ في عَرينِهِ؛
وكم سكَنَتْها ظبيَةٌ في كِناسِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا طَلَعَ النّسرانِ غارَتْ ظَعائنٌ،
إذا طَلَعَ النّسرانِ غارَتْ ظَعائنٌ،
رقم القصيدة : 4598
-----------------------------------
إذا طَلَعَ النّسرانِ غارَتْ ظَعائنٌ،
وكانَ مِراسُ القُرّ شرّ مِراسِ
وإنْ تَبدُ، في الصّبحِ، الثّرَيّا، فإنّها
تُيَمِّمُ بالتّسيارِ آلَ قَراس
لوَ انّ بني الدّنيا، يدَ الدّهر، مشيُهم
على الزَّفّ، لم أعْدُدْهُ غيرَ هَراس
وما ظَفِرَتْ أفراسُ قَومٍ يحثُّها(41/83)
فَوارِسُها في عُنجُدٍ وقَراس
جُسُومٌ تَنَمّتْ ثمّ عادتْ، فأصبحتْ
ضُروباً، كزَرعٍ نابتٍ وغِراس
وما تَرَكَتْ بيضُ الزّمانِ وسودُه
كراسيَّ عزٍّ، كلّهنّ كرَاس
ولم يمنَعوا، بالضّرْبِ والطّعن، حادِثاً
أتَى، دُونَ أدْراعٍ لهمْ وتِراس
تداعتْ بلفظِ العُجم أعرابُ مَذحِجٍ،
وأعربَ أهلا فارسٍ وخُراس
فإنّ ليوثَ الحَتْفِ نالَ افتراسُها
ضراغمَ، منْ لَيثٍ وحيِّ فِراس
فَيا أُمّ دَفْرٍ لا سَلِمتِ غويّةً،
عليكِ قِراعي، دائباً، وضِراسي
أتَبغينَ منّي، في المَقالِ، تَعصّباً؛
وأيُّ أذاةٍ ما عَصَبتِ براسي؟
تَسيرُ بنا هذي اللّيالي، كأنّها
سَفائنُ بَحْرٍ، ما لهنّ مَراسي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ترومون، بالنّاموس، كسباً، فسعيُكم،
ترومون، بالنّاموس، كسباً، فسعيُكم،
رقم القصيدة : 4599
-----------------------------------
ترومون، بالنّاموس، كسباً، فسعيُكم،
إذا لاحتِ الأطماعُ، سعيُ نُموسِ
وما وعَظتْكُمْ لَيلَةٌ بعدَ ليلَةٍ
ولا ضوءُ أقمارٍ، بدتْ، وشُموس
نوقِّرُ دُنيانا لناسٍ، وبَعضُنا
تَبَوّأ منها، فوقَ ظهْر شَمُوس
فوَاهاً لأشباحٍ لكمْ، غيرَ أنّها
تُبَدَّلُ، من أوطانِها، برمُوس
وأعظَمُ آثارِ الأنام، بقيّةً،
تُغَيّرُهُ أيّامُهُ بطُموس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إرْفعْ مِجنَّكَ، أو ضَعْ؛ للفتى قَدَرٌ،
إرْفعْ مِجنَّكَ، أو ضَعْ؛ للفتى قَدَرٌ،
رقم القصيدة : 4600
-----------------------------------
إرْفعْ مِجنَّكَ، أو ضَعْ؛ للفتى قَدَرٌ،
يُلِمُّ بالنّفسِ دونَ الدّرْعِ والتُّرُسِ
إنّ الرّئاسَةَ والرَّيْسَ، اللّذانِ هما
أصلُ الحُقُودِ، فلا ترْأس ولا ترِس
كم عاذِلٍ جَرْسُهُ في اللّيل فائدَتي
به، كَفائدَةِ الحُرّاسِ بالجرَس
لا تُودعِ السرَّ مِزماراً، فيُعلنه
بجهلهِ، بعد طولِ الصّمتِ والخرَس
فازَ امرُؤٌ باتَتِ الأقدارُ تحرُسُهُ،
وإنْ مَدَدْتَ إلَيهِ كفّ محترِس(41/84)
أحْسِنْ إلى النّاقةِ الوجناءِ تَبعَثُها،
فيما تَشاءُ، وأكرِمْ عِشرَةَ الفَرَس
واردُدْ عصاكَ عنِ السّوداءِ، ماهنةً،
وارفقْ بعبْدِك في المصطافِ والقرَس
والحيُّ للأرضِ، إن يَهلِكْ فطُعمتُها،
وإن يعش يُحيِ بعضَ الأربُع الدُّرس
أُمٌّ لهُ أكلتهُ، طالما بذَلَتْ
له مآكلَ من زَرْعٍ ومغترس
تمسّكَتْ، بحبالِ العُمرِ، مُهجتُه،
والوَقتُ بالمَرّ يُوهي قوّةَ المرَس
والدّهرُ أنحى على ذي مارنٍ أرِجٍ،
بطيبهِ، وعلى ذي مارِنٍ ورِس
دُنياكَ تُضحي، إذا جادتْ، مذمَّمةً،
أدالتِ الضّأنَ من ليثِ الشرى المرِس
ما زالَ يَفترِسُ الأعناقَ، معتَدياً؛
فالآنَ أصبَحَ فرّاساً كمفترَس
هيَ العَرُوسُ، أبانَتْ عن سَماجَتِها،
فلا يغُرّكَ منها ليلةُ العُرُس
واحذَرْ مَقالَ أُناسٍ كانَ مُنقَبضاً،
يَلقَى العُفاةَ بوَجهِ العابِسِ الشّرِس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعالَمِ العُلوِ فعلٌ، لا خفاءَ به،
لعالَمِ العُلوِ فعلٌ، لا خفاءَ به،
رقم القصيدة : 4601
-----------------------------------
لعالَمِ العُلوِ فعلٌ، لا خفاءَ به،
في عالمِ الأرض، من وحش ومن أنَسِ
فالخُنَّسُ الكُنَّسُ الأفرادُ، خالِقُها
مدَبِّرٌ لاحتقارِ الخُنسِ في الكُنُس
إنّا، بعلم إلهي، كلُّنا دَنَسٌ،
فكَيفَ نخلو من الأقذار والدَّنس؟
فلَيتَ وُشْحَ الثّرَيّا لم تَزِنْ أُفُقاً،
وقُرْطَها فَوقَ أُذنِ الغربِ لم يَنُس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> والخُنَّسِ الخمسِ، ما يخلو فتًى وَرِعٌ
والخُنَّسِ الخمسِ، ما يخلو فتًى وَرِعٌ
رقم القصيدة : 4602
-----------------------------------
والخُنَّسِ الخمسِ، ما يخلو فتًى وَرِعٌ
من ماردٍ، في ضَميرِ الصّدرِ، خَنّاسِ
عداوةُ الحُمقِ أعفَى من صداقتهمْ،
فابعُدْ من النّاسِ تأمَنْ شِرّةَ النّاس
قدْ آنَسوني بإيحاشي، إذا بعُدوا،
وأوْحَشونيَ، في قُرْبٍ، بإيناس
والشرُّ طَبعٌ، وقد بُثّتْ غريزَتُهُ،(41/85)
مَقسومَةً بَينَ أنواعٍ وأجناس
ذكرْتَ لَفْظاً، وأُنسيتَ المرادَ به،
من قائليهِ، فأنتَ الذاكرُ النّاسي
تخرّصَ القومُ في الأخبارِ، أو مُسخوا،
فبُدّلوا، بعدَ إنسٍ، جيلَ نَسناس
تصعّدَ الجوهرُ الصّافي، وخلّفَنا،
في الأرضِ، كَثرَةَ أوساخٍ وأدناس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سمّتكَ أُمُّكَ ديناراً وقد كذَبَتْ،
سمّتكَ أُمُّكَ ديناراً وقد كذَبَتْ،
رقم القصيدة : 4603
-----------------------------------
سمّتكَ أُمُّكَ ديناراً وقد كذَبَتْ،
لو كُنْتَهُ، لم تكنْ حمّالَ أدْناسِ
مُمزَّجاً من دنايا، خالطَتْ وسَخاً؛
مُقَسَّماً بَينَ أنواعٍ وأجناس
زُرْتَ القبورَ، فما آنَستَ من شَبَحٍ؛
هَيهاتَ أوْحَشَ خِلٌّ بعدَ إيناس
فعُذْ برَبّكَ من وَسواسِ مُشبِهَةٍ،
خَنساءَ، تَرميكَ من جنٍّ بخنّاس
يا واليَ المِصرِ والإقليم! هل حُفظتْ
صَنائعٌ لك، أم كلُّ امرىءٍ ناسي؟
أُودِعتَ ضِغناً، فلا تجحَدْهُ مُودِعَهُ؛
إنّ الأمانَةَ لمْ تُرْفعْ من النّاس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> للَّهِ لطفٌ خَفيٌّ في بَريّتِهِ،
للَّهِ لطفٌ خَفيٌّ في بَريّتِهِ،
رقم القصيدة : 4604
-----------------------------------
للَّهِ لطفٌ خَفيٌّ في بَريّتِهِ،
أعيا دواءُ المَنايا كلَّ نِطّيسِ
ما بالُ أشباحِ قوم، في الثّرى، جُعلتْ
لم تُبقِ إلاّ حَديثاً في القَراطيس؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ الجَديدَينِ قد جرّبْتُ فعلَهما
إنّ الجَديدَينِ قد جرّبْتُ فعلَهما
رقم القصيدة : 4605
-----------------------------------
إنّ الجَديدَينِ قد جرّبْتُ فعلَهما
جنسَينِ ضدّينِ من نِعمٍ ومن بِيسِ
حَوادثُ الدّهرِ ما تَنفَكُّ غاديَةً
على الأنامِ، بإلباسٍ وتَلبيس
ألوَتْ بكِسري، ولم تترُك مرازِبَهُ،
وبالمَناذِرِ أوْدَتْ، والقَوابيس
زارَتْ حُسَيناً، وحسّتْ بالرّدى حسناً،
وواجَهَتْ آلَ عبّاسٍ بتَعبيس
الطّاعنينَ، وغَيثُ الرّكبِ منسكِبٌ،(41/86)
إذا ازْدَهَى الجَرْيُ، أشباحَ الضّغابيس
فُرسانَ خَيلٍ، إذا خَلّوا أعِنّتَها،
لا يُمسكونَ حذاراً بالقرابيس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ذَهابُ عينيّ صانَ الجسمَ، آوِنَةً،
ذَهابُ عينيّ صانَ الجسمَ، آوِنَةً،
رقم القصيدة : 4606
-----------------------------------
ذَهابُ عينيّ صانَ الجسمَ، آوِنَةً،
عن التطرّحِ في البيدِ الأماليسِ
وأن أبِيتَ سَميرَ الكُدْرِ في بَلَدٍ،
تُطوَى فَلاهُ بتَهجيرٍ وتغليس
أهوى الحياةَ، وحسْبي، من معائِبها،
أنّي أعيشُ بتَمويهٍ وتَدليسِ
نُطالبُ الدّهرَ بالأحرارِ، وهو لنا
مُبينُ عُذْرَينِ: إفلاسٍ وتَفليس
فاكتُمْ حديثَكَ، لا يَشعُرْ به أحَدٌ
من رهطِ جبريلَ، أو من رهطِ إبليس
وقد علمتُ، وغيري، عن مُشاهدةٍ،
أنّ العُلا إلفُ قومٍ، في الوغى، لِيس
ويومَ جَيرانَ أُنْسي، في سَماجتهِ،
على الخيارِ، وأيّامَ الدّياليس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ الجَديدينِ ما رَثّا ولا خَلُقا،
إنّ الجَديدينِ ما رَثّا ولا خَلُقا،
رقم القصيدة : 4607
-----------------------------------
إنّ الجَديدينِ ما رَثّا ولا خَلُقا،
ولم يَدُوما على نُعمى ولا بوسِ
قد أنذَرَ، المنذرَينِ، الحتفُ، وافترَسا
الفرْسانَ، واقتَبَسا نيرانَ قابوس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَعالي قُدرَةٍ، وخُفوتُ جَرْسِ،
تَعالي قُدرَةٍ، وخُفوتُ جَرْسِ،
رقم القصيدة : 4608
-----------------------------------
تَعالي قُدرَةٍ، وخُفوتُ جَرْسِ،
أزالا عَنكَ حَرْساً بَعدَ حرْسِ
أرى خُرساً، من الأيّامِ، وافَتْ
بكُرٍّ لم يكُن من ذاتِ خَرْس
وأشهَدُ أنّني غاوٍ جهولٌ،
وإن بالَغتُ في بحثٍ ودَرس
يُجادُ ثرًى، وأجعلُ فيهِ غَرساً،
فيُفقَدُ ساعدي، ويَقومُ غَرسي
وجَدْنا ذاهبَ الفَتَيَينِ أفْنى
ملوكَ الأرضِ من عُرْبٍ وفُرْس
وما البِرّانِ مثلُهُما، ولكنْ
هما الأسدانِ يَبتَغيانِ فَرْسي
سيَلقى كلُّ مَنْ حَذِرَ، المَنايا،(41/87)
فضَعْ ثِقلَيْكَ من دِرْعٍ وتُرس
لَنا رَبٌّ، وليسَ لهُ نَظيرٌ،
يُسَيّرُ أمرُهُ جَبَلاً، ويُرْسي
تَظَلُّ الشّمسُ ماهنَةً لدَيهِ،
فما بِلقيسُ أم ما ستُّ برس!
قضاءٌ خُطّ، ما الأقلامُ فيهِ
بمُعملَةٍ، ولم يُحفَظْ بطِرس
غذا العِرسانِ، بابنِهِما، عدُوّاً،
أقَلُّ أذِيّةً منهُ ابنُ عِرْس
لقد ألقاكَ، في تَعَبٍ وهَمٍّ،
وليدٌ جاءَ بَينَ دَمٍ وغِرْس
وما الفَتَيانِ، إلاّ مثلُ نامٍ
من الفِتْيانِ، تحتَ ثرًى وكِرس
تَشابَهَتِ الخطوبُ، فَما تَناءَتْ
حريرَةُ لابِسٍ وقَميصُ بِرْس
وما غُذِيَ الأميرُ، كما رعاهُ
فنيقُ الشّولِ منْ سَلَمٍ وشِرس
كأنّ الشّدْوَ، في الأعراسِ، نَوْحٌ،
وأصواتُ النّوادِبِ لهوُ عُرْس
أنامُكِ، أيّها الدّنيا، ثمارٌ،
فَما تَبقى على وَمَدٍ وقَرس
ولو بَقِيَتْ لأدْرَكَها مُزيلٌ،
برَيبِ الدّهر، من عَجْمٍ وضَرْس
وليسَ ابنُ الزُّبَيرِ صَحيحَ رأيٍ،
إذا ما نابَ عن مَدَرٍ بوَرْسِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ثلاثُ مراتِبٍ: مَلَكٌ رَفيعٌ،
ثلاثُ مراتِبٍ: مَلَكٌ رَفيعٌ،
رقم القصيدة : 4609
-----------------------------------
ثلاثُ مراتِبٍ: مَلَكٌ رَفيعٌ،
وإنسانٌ، وجِيلٌ غَيرُ إنْسِ
فإنْ فَعَلَ الفتى خَيراً، تَعالى
إلى قِنسِ الملائِكِ، خيرِ قِنس
وإن خَفَضَتهُ هِمّتُهُ، تَهاوى
إلى جنسِ البَهائمِ، شرِّ جنس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّ منجِّمَ الأقوامِ أعمَى
كأنّ منجِّمَ الأقوامِ أعمَى
رقم القصيدة : 4610
-----------------------------------
كأنّ منجِّمَ الأقوامِ أعمَى
لدَيهِ الصّحفُ يقرؤها بلَمسِ
لقَد طالَ العَناءُ، فكَمْ يعاني
سُطوراً عادَ كاتبُها بطَمْس
دعا موسى فزالَ، وقامَ عيسى،
وجاءَ مُحمّدٌ بصَلاةِ خَمس
وقيلَ يَجيءُ دينٌ غَيرُ هذا،
وأودى النّاسُ بينَ غَدٍ وأمس
ومَنْ لي أن يَعودَ الدينُ غَضّاً،
فينقَعَ مَن تَنسّكَ، بعدَ خِمس؟
ومهما كانَ، في دُنياكَ، أمرٌ،(41/88)
فما تُخليكَ مِنْ قَمَرٍ وشَمس
وآخِرُها بأوّلها شَبيهٌ،
وتُصبحُ في عَجائبِها، وتُمسي
قُدومُ أصاغرٍ، ورحيلُ شِيبٍ،
وهِجرةُ منزلٍ، وحُلولُ رَمس
لحاها اللَّهُ داراً ما تُداري
بمثلِ المَينِ، في لُجَجٍ وقَمْس
إذا قُلتُ المُحالَ رفَعتُ صَوْتي؛
وإن قلتُ اليَقينَ أطلْتُ هَمسي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَجايا، كلُّها غدْرٌ وخُبثٌ،
سَجايا، كلُّها غدْرٌ وخُبثٌ،
رقم القصيدة : 4611
-----------------------------------
سَجايا، كلُّها غدْرٌ وخُبثٌ،
تَوارَثَها أُناسٌ عن أُناسِ
يُهاجرُ، غابَهُ، الضّرغامُ، كيما
يُنازِعَ ظبيَ رَمْلٍ في كِناس
وتَقبُحُ، بعدَ أهليها، المَغاني،
كقُبحِ غُيوبهم بعدَ الإناس
يُرادُ بكَ الجميلُ، على اقتسارٍ،
وتُذْكَرُ بالوَفاءِ وأنتَ ناسي
وحمّلتَ الذّنوبَ قَرا ضعيفٍ،
وسرتَ بهنّ في طُرقِ التّناسي
يُفارقُ، شهلةً، كهلٌ وشرخٌ،
فواسي بالتّشابهِ والجِناس
وما أرْضاكَ رأيٌ من دُرَيْدٍ،
غداةَ يرُومُ قُرْباً من خُناس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمُذْهبةَ التِّراسِ لردّ كيدٍ،
أمُذْهبةَ التِّراسِ لردّ كيدٍ،
رقم القصيدة : 4612
-----------------------------------
أمُذْهبةَ التِّراسِ لردّ كيدٍ،
صرُوفُ الدّهرِ مُذهبَةُ التِّراسِ
وكيفَ أرومُ، في أدبٍ وفهمٍ،
دِراساً، والمآلُ هُوَ اندراسي!
نَعَم، للعَضْدِ ربّتَني مليكي،
وكانَ بحكمةٍ منهُ اغتراسي
أقامَ المَلْكُ حُرّاساً عليه،
وما تُنفَى الحَوادثُ باحتراس
كأنّا، في السّفائنِ، عائِماتٍ،
وعندَ المَوتِ أُلقيَتِ المَراسي
تَخَلّفَ بعدَنا جيلٌ ونَجمٌ،
فأزهرُ شائمٌ، وأشمُّ راسي
فِرارٌ من مَهاريسِ المَنايا،
بأقدامٍ يَطَأنَ على هَراس
فكَمْ قارنّ من رأسٍ برِجلٍ؛
وكم ألحقْنَ من قَدَمٍ براس
فقُدّمَ من تأخّرَ في العَطايا،
وأُخّرَ مَن تَقَدّمَ في المِراس
فنَحنُ، وما فِراستُنا بمَينٍ،
كلَفظِ الدّارميّ أبي فِراس(41/89)
إذا أتهمْتَ في أيّامِ قَيْظٍ،
فعدِّ النّاجياتِ إلى قَراس
أذودُ عن الفَرائسِ ضارياتٍ،
وأعلَمُ أنّ غايتَها افتراسي
وقَد يَغْنى ابنُ آدمَ، وهو حُرٌّ،
بلا فَرَسٍ، يُعَدُّ، ولا فَراس
بيثرِبَ حُفرَةٌ خَرِسَتْ، ونادى
مُغَيَّبُها، فأسمَعَ ذا خُراس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رآني، في الكَرَى، رجلٌ كأنّي،
رآني، في الكَرَى، رجلٌ كأنّي،
رقم القصيدة : 4613
-----------------------------------
رآني، في الكَرَى، رجلٌ كأنّي،
منَ الذّهبِ، اتّخَذتُ غِشاءَ راسي
قَلَنْسُوَةً، خُصِصْتُ بها، نضاراً،
كهُرْمُزَ أو كَمَلْكِ أُولي خُراسِ
فقلتُ مُعَبِّراً: ذهبٌ ذَهابي،
وتلكَ نَباهَةٌ لي في اندِراسي
نَهَيتُكَ أن تَعرّضَ بنتَ قَيلٍ،
تقَيّلُ في الذّوابلِ والتِّراس
كأنّ مَغارسَ اللِّثَتَينِ فَجرٌ،
يُعَلُّ بماءِ عاليةِ الغِراس
كأنّ سَبيئَةً في الرّأسِ، منها،
ببَيتِ فَمٍ سبيئَةُ بيتِ راس
ورُوقٍ، كالهَبا وأقَلُّ، مُلقًى
على شَوكِ القَتادِ، أو الهَراس
تَنَزّلَ كاحتِلابِ الدَّرّ، ضاقَتْ
مَسالكُهُ، فأتعَبَ في المِراس
رَضِيتُ بهِ على مَضَضٍ، لعِلمي
بأنّ فَرائسي تَجني افتراسي
ومنْ لأخيكَ، لو يحدو رِكاباً،
بأفراسٍ يَطأنَ على القَراس؟
أقمتُ، وكانَ بعضُ الحَزمِ، يوماً
لرَكْبِ السُّفنِ أن تُلقي المَراسي
جعَلتُكَ حارسي، فبَغيتَ كيدي،
وهمُّكَ، حينَ أهجَعُ، في احتراسي
كراسي الهَضْبِ طَيشٌ في رجالٍ،
ألَظّوا بالأسرّةِ والكرَاسي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حُمّى ثَلاثٍ في حُمَيّا عِلّةٍ
حُمّى ثَلاثٍ في حُمَيّا عِلّةٍ
رقم القصيدة : 4614
-----------------------------------
حُمّى ثَلاثٍ في حُمَيّا عِلّةٍ
خَيرٌ لنَفسِكَ من ثَلاثةِ أكؤسِ
لا تَشرَبنّ الخَمرَ، فهيَ غَويّةٌ،
ساقَتْ بأَنعُمِها طَويلَ الأبؤس
عجَباً لنا ولمنْ مضى، أقدامُنا
يَمشينَ فوقَ جُسومهِمْ والأرؤس
ولَسَوفَ يَفعَلُهُ بنا مَنْ بَعدَنا؛(41/90)
إنّ المَنونَ سِهامُها في الأقؤس
راسَ الفتى زمناً، وراسَ حِمامُهُ،
فغَدَا الرئيسُ كأنّهُ لم يَرأس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غضِبَ الأميرُ من المَلامِ، وهل تَرى
غضِبَ الأميرُ من المَلامِ، وهل تَرى
رقم القصيدة : 4615
-----------------------------------
غضِبَ الأميرُ من المَلامِ، وهل تَرى
أحَداً يَفوزُ بعِرْضِهِ لم يَدْنَسِ؟
أنا جاهلٌ، إلاّ بأمرٍ واحدٍ،
ما عالَمي هذا بأهلِ تأنُّس
فتوقّهُمْ مِنْ أسْوَدٍ، أو أبيضٍ،
أو أسمَرٍ ما بَينَ ذَيْن مُجَنَّس
والعُنسُ، تُعتَقُ من أذاك، أسرُّ من
غُرّ العواتِقِ، والغواني العُنَّس
إنّ الكَرى في العينِ يُحمَدُ، والكرى
عندَ البُرى، كمدُ الحسانِ الأنّس
أمّا الجواري كُنَّساً، فيَفُتْنَني،
فمَتى لحاقي بالجواري الكُنَّس؟
والخُلقُ غيرُ الخُلق، كم أنِفَ اللأى
من صيدِ ضاريةٍ، بأنفٍ أخنَس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنَسيتَ حَقَّ اللَّهِ أمْ أهمَلتَهُ،
أنَسيتَ حَقَّ اللَّهِ أمْ أهمَلتَهُ،
رقم القصيدة : 4616
-----------------------------------
أنَسيتَ حَقَّ اللَّهِ أمْ أهمَلتَهُ،
شرٌّ مِنَ النّاسي هوَ المُتَناسي
نَبغي الطّهارةَ في الحَياةِ، وإنّما
أجسادُنا جُمَلٌ من الأدْناس
سبحانَ جامِعِها إلى غَبرائِها،
في حَيّزِ الأنواعِ والأجناس
إن صَحّ عقلُكَ، فالتفرّدُ نِعمةٌ،
ونوى الأوانِس غايَةُ الإيناس
أبلستُ من وَسواسِ حَلْيٍ، خِلتُهُ
إبليسَ، وسوسَ في صدورِ النّاس
ما شِمتَ من شمّاءَ قبلُ، وهل نأتْ
خَنساءُ عن شَيطانِها الخنّاسِ؟
أو لا، وألْهِ العِرْسَ، عن غَزَلٍ لها،
بالغَزْلِ، فهيَ شَقيقَةُ العِرناس
زيدَتْ بها ألفٌ ونونٌ، إنّ من
فَرْس الرّقابِ نطَقْتَ بالفِرناس
يَرمي الضَّراءَ بِسيدِه، متختّلاً،
كيما يَصيدَ لهُ رَبيبَ كِناس
نُسِخَ المَعاشرُ، فالغَضَنْفَرُ ثعلبٌ
في لُؤمِهِ، والنّاسُ كالنّسناس
وتفكّرَتْ نفسُ اللّبيبِ، وقد رأتْ،(41/91)
أشخُوصُ جِنٍّ أم شخوصُ أُناس
عُرْبٌ وعُجْمٌ دائِلونَ، وكلُّنا
في الظُّلمِ أهلُ تَشابُهٍ وجناس
فلقيتُ من زيدٍ وعمرٍو مثلَ ما
لاقَيْتَ من ذنْكٍ ومن أشناس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا ذَنبَ للدّنيا، فكيفَ نَلُومُها؟
لا ذَنبَ للدّنيا، فكيفَ نَلُومُها؟
رقم القصيدة : 4617
-----------------------------------
لا ذَنبَ للدّنيا، فكيفَ نَلُومُها؟
واللّومُ يَلحَقُني وأهلَ نِحاسي
عِنَبٌ وخمرٌ، في الإناءِ، وشاربٌ،
فَمَنِ المَلُومُ: أعاصرٌ أم حاس؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد يَرفَعُ اللَّهُ الوضيعَ بنُكتَةٍ،
قد يَرفَعُ اللَّهُ الوضيعَ بنُكتَةٍ،
رقم القصيدة : 4618
-----------------------------------
قد يَرفَعُ اللَّهُ الوضيعَ بنُكتَةٍ،
كالنَّقعِ زارَ مَعاطِساً بمَلاطِسِ
فاذهبْ لشأنِكَ في الأمورِ، ولا تَبِتْ
كالنِّكسِ يَجنحُ من حَذارِ العاطس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا ترقُدُوا فوقَ الرّحالِ، فإنّما
لا ترقُدُوا فوقَ الرّحالِ، فإنّما
رقم القصيدة : 4619
-----------------------------------
لا ترقُدُوا فوقَ الرّحالِ، فإنّما
تُرْمَى النّجومُ بغيرِ طرفِ النّاعِسِ
ولرُبّ جَدٍّ مُكثِرٍ، أبناؤهُ
يبغونَ عيشَهُمُ بجَدٍّ تاعِس
لم يَدْعُ حَظّي يا لَسَعدٍ في الوَغَى،
بلْ صاحَ في الأيّامِ يا لَمُقاعِس
للمَوتِ حدٌّ، لا يقرَّبُ حِينُهُ
بصُدُورِ بِيضٍ، أو صدورِ مَداعس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد فاضَتِ الدّنيا، بأدناسِها،
قد فاضَتِ الدّنيا، بأدناسِها،
رقم القصيدة : 4620
-----------------------------------
قد فاضَتِ الدّنيا، بأدناسِها،
على بَراياها وأجناسِها
والشرُّ في العالمِ، حتى التي
مَكسِبُها من فضلِ عِرناسِها
وكلُّ حَيٍّ فَوقَها ظالِمٌ،
وما بها أظلَمُ مِنْ ناسِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ارتاحَتِ النّفسُ بتَطهيرِها؛
ارتاحَتِ النّفسُ بتَطهيرِها؛(41/92)
رقم القصيدة : 4621
-----------------------------------
ارتاحَتِ النّفسُ بتَطهيرِها؛
وربُّها قاضٍ بتَدْنيسِها
إن كانتِ الدّنيا عرُوساً، تُرى،
فلتَنصرِفْ عَنكَ بتَعنيسِها
كالغُولِ غالَتْكَ بتَلوينِها،
بَينَ تقدّيها وتَبنيسِها
كم آنَسَتْني، بعدَ إيحاشِها،
وأوْحَشَتْني، بعدَ تأنيسِها
ضعيفُها مثلُ فرا نَيْسَبٍ،
فرّ، حِذاراً، من فرانيسِها
يكفيكَ طَعمٌ، جِنسُهُ واحدٌ،
أطعِمَةٌ ضَرّتْ بتَجنيسِها
والثوبُ في أرضِكَ من وَخشِها،
يُغنيكَ عن أثوابِ تِنّيسِها
كم من عَرا ناسٍ كَسا أهلُهُ
نِسوَتَهُم بِرسَ عَرانيسِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بنتُ نَصارى، نَزلَتْ من ذُرى
بنتُ نَصارى، نَزلَتْ من ذُرى
رقم القصيدة : 4622
-----------------------------------
بنتُ نَصارى، نَزلَتْ من ذُرى
عالٍ إلى قَبرٍ وناوُوسِ
في حُلَلٍ غُبرٍ، وكم أشبَهَتْ
ثيابُها حُلّةَ طاووسِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيّها الرَّجْلُ، إنّما أنتَ ذِئبٌ
أيّها الرَّجْلُ، إنّما أنتَ ذِئبٌ
رقم القصيدة : 4623
-----------------------------------
أيّها الرَّجْلُ، إنّما أنتَ ذِئبٌ
في ذِئابٍ مِنَ المَعاشرِ طُلْسِ
حقُّكَ الآنَ، إن قَلَستَ مُداماً،
أن تُداوى من الخُمارِ بقَلْسِ
شهدَ اللُّبُّ: أنّ ما أفسَدَ، المَعـ
ـقولَ، أمرٌ إمرٌ، بِغَوْرٍ وجَلس
تَذَرُ الحازِمَ الحَصيفَ من القَو
مِ، غويّاً، كأنّهُ حِلْفُ ألس
وإذا لم تَنَلْ يداكَ اغتصابي،
رامَتا بالخِداع كَيْدي، وخَلسي
لستُ حِلفَ المُدامِ، بل حِلس بيتٍ
مثلَ مَيتٍ قد زايلَ النِّضوَ حِلسي
كيفَ للجسمِ أن يكونَ، إذا أبْـ
ـلَسَ إلفي العقابَ، إحراقَ بُلس؟
ما لنَفسي بَينَ النّفوسِ مُعنّا
ةً، إذا لمْ تَفُزْ بطَوْقٍ وسَلس
لو يُنادى، في كلّ سوقٍ، عليها،
ما اشتراها أخو رَشادٍ بفَلس
قَدَرٌ يُسمِنُ الحَصاةَ، فتُدعَى
جَبَلاً، أو يُذيبُ رضوى بهَلس
كيفَ تهديك، للخفيّاتِ، عينٌ،(41/93)
لا ترى الآلَ، في مهامهَ مُلس؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قالَ قومٌ، ولا أدينُ بما قالوهُ:
قالَ قومٌ، ولا أدينُ بما قالوهُ:
رقم القصيدة : 4624
-----------------------------------
قالَ قومٌ، ولا أدينُ بما قالوهُ:
إنّ ابنَ آدَمٍ كابنِ عِرسِ
جهِلَ النّاسُ ما أبوهُ، على الدّهـ
ـرِ، ولكنّهُ مُسَمًّى بحَرْس
في حديثٍ رواهُ قومٌ لقَومٍ،
رَهنَ طِرسٍ مُستنسَخٍ بعدَ طِرس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُمَّ دَفرٍ جُزيتِ شَرّاً، فدَيّا
أُمَّ دَفرٍ جُزيتِ شَرّاً، فدَيّا
رقم القصيدة : 4625
-----------------------------------
أُمَّ دَفرٍ جُزيتِ شَرّاً، فدَيّا
نُكِ يَغدو كالضَّيغَمِ الهَمّاسِ
أقرضِينا في المَحلِ مُدّاً بِصاعٍ،
واترُكينا من فرطِ هذا الشَّماس
أتَضحّى بالهَمّ، أو أتَمَسّى،
وتَقَضّى من الخُطوبِ التماسي
مُفنياً، بَينَ ليلَتينِ، زماني،
لَيلَةٍ طَلقةٍ وأخرى عَماس
جهّلَتْ هُرْمُسَ الغُيومُ، وما تُنـ
ـجمُ إلاّ عن جِرْيةِ الهِرْماس
يَقدِرُ اللَّهُ أن ترى كفرَ طابٍ،
حَوْلها العاصي أو المَيّاس
زَعَموا أنّني سأرْجِعُ شَرْخاً،
كيفَ لي، كيفَ لي، وذاكَ التماسي؟
وأزورُ الجِنانَ أُحْبَرُ فيها،
بعدَ طُولِ الهُمودِ في الأرماس
وتَزولُ العيونُ عني، إذا حُمّ،
بعينِ الحَياةِ، ثَمّ، انغماسي
أيّما طارِقٍ أصابَكَ، يا طا
رقُ، حتى مَساكَ للغيّ ماسي؟
ضاعَ دينُ الدّاعي، فرُحتَ ترومُ
الدِّينَ عندَ القِسّيسِ والشمّاس
أتَهِدُّ الإنجيلَ، في يومِ كَنْسٍ،
بعدَ حفظِ الأسباعِ والأخماس؟
هاهُنا ما تريدُ، قد ظهَرَ الأمـ
ـرُ الذي كانَ، قبلُ، في الدّيماس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طاعمٌ أنتَ، وارِدٌ عَذبَ ماءٍ،
طاعمٌ أنتَ، وارِدٌ عَذبَ ماءٍ،
رقم القصيدة : 4626
-----------------------------------
طاعمٌ أنتَ، وارِدٌ عَذبَ ماءٍ،
مُعرِسٌ بالفَتاةِ، حاذٍ، كاسي
فاتّقِ اللَّهَ، لا تَؤُمّنّ ما يقْـ(41/94)
ـبُحُ من ريبَةٍ، ومن شُربِ كاسيِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ظُلمُ مُستَضعَفٍ، وأخذُ مُكوسِ،
ظُلمُ مُستَضعَفٍ، وأخذُ مُكوسِ،
رقم القصيدة : 4627
-----------------------------------
ظُلمُ مُستَضعَفٍ، وأخذُ مُكوسِ،
وحَياةٌ في عالَمٍ مَنكوسِ
جلّ ربُّ الأنامِ، زيدٌ كعَمرٍو،
وأخو البِرّ ليسَ بالمَوكوسِ
وكذا الجَمرُ، مثلُهُ الرّجْمُ، قد مِيـ
ـزَ بلَفظٍ مُغَيَّرٍ، مَعكوس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غنيتَ في شرخِكَ، أذكى من قبَسْ،
غنيتَ في شرخِكَ، أذكى من قبَسْ،
رقم القصيدة : 4628
-----------------------------------
غنيتَ في شرخِكَ، أذكى من قبَسْ،
وكنتَ بحراً ثمّ أصبَحْتَ يَبَسْ
أمَا تَراني في الزّمانِ، مُحتَبَسْ،
أعمارُنا تَعجَزُ عَمّا يُقتَبَسْ
تَضيقُ أن يُكشَفَ فيها ما التبَسْ،
وهيَ قصيراتٌ كآياتِ عَبَسْ
لو قَبِلَ النّصْحَ لساني ما نَبَسْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُفٍّ لما نحنُ فيهِ مِن عَنتٍ،
أُفٍّ لما نحنُ فيهِ مِن عَنتٍ،
رقم القصيدة : 4629
-----------------------------------
أُفٍّ لما نحنُ فيهِ مِن عَنتٍ،
فكلُّنا في تَحَيّلٍ ودَلَسْ
ما النّحوُ والشّعرُ والكلامُ، وما
مُرَقِّشٌ، والمُسيّبُ بن عَلَس
طالتْ على ساهرٍ دُجنَتُهُ،
والصّبحُ ناءٍ، فمَنْ لنا بعَلَسْ؟
مثلُ الذّئابِ المطلَّسون، وإنْ
لاقَوك بيضاً، وفي السّراحِ طلَس
يُقنِعُني بُلْسُنٌ يُمارَسُ لي،
فإنْ أتَتْني حَلاوةٌ، فبلَس
فَلُسَّ ما اخترتَ، إنّ أرْوَحَ مِن
يَسارِ قارونَ، عِفّةٌ وفَلَسْ
يَدْنو إلَيكَ الفتى لحاجَتِهِ،
حتى إذا نالَ ما أرادَ مَلس
والسَّلْسُ، في الأذنِ، غيرُ مُجتلِبٍ
زيناً، وكم زانَ في اليدينِ سَلَس
لا تَكُ ثِقلاً على جليسِكَ في الـ
ـقومِ، فكم آكِلٍ ثَنى، فقلس
إن كنتَ ذا الألْسِ، فابعدنّ، ولا
يخفى على النّاسِ من جَنى وألَس
وإنْ رُزِقتَ النُّهَى، فأنتَ على الـ(41/95)
ـأصحابِ حَلْيٌ، تَنازَعوهُ، خُلَس
واجلسْ بحيثُ انتَهيتَ مُتَّيِياً،
فما يُبالي الكَريمُ أينَ جلَس
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد نأشَ الأقوامُ، في الدّهرِ، مخلصاً،
لقد نأشَ الأقوامُ، في الدّهرِ، مخلصاً،
رقم القصيدة : 4630
-----------------------------------
لقد نأشَ الأقوامُ، في الدّهرِ، مخلصاً،
وعادوا بلا نُجْحٍ، فكيفَ تَنوشُ؟
وآدمُ ولّى، عن بَنيهِ، بحَسرَةٍ،
ووَدّعَ شِيثٌ أهلَهُ، وأنوشُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خُذي مِنْ رِزقِ ربّكِ غيرَ بَسْلٍ،
خُذي مِنْ رِزقِ ربّكِ غيرَ بَسْلٍ،
رقم القصيدة : 4631
-----------------------------------
خُذي مِنْ رِزقِ ربّكِ غيرَ بَسْلٍ،
كما أخَذَتْ من المرعَى الوُحوشُ
وحُلّي مثلَهُنّ البَرَّ، حتى
تلاقِينَ المَنونَ، وهُنّ حُوشُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى حُسنَ البَقاءِ لمنْ يُرجّي
أرى حُسنَ البَقاءِ لمنْ يُرجّي
رقم القصيدة : 4632
-----------------------------------
أرى حُسنَ البَقاءِ لمنْ يُرجّي
فَلاحاً، أو بهِ رَجُلٌ يَعيشُ
وما أمَدي، ولا أمَلي بِسامٍ
إلى نُجحٍ يكونُ، فكم أعيشُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا خيرَ من بعد خمسينَ انقضَتْ كَمَلاً
لا خيرَ من بعد خمسينَ انقضَتْ كَمَلاً
رقم القصيدة : 4633
-----------------------------------
لا خيرَ من بعد خمسينَ انقضَتْ كَمَلاً
في أن تُمارِسَ أمراضاً وأرعاشا
وقد يَعيشُ الفتى، حتى يُقالُ له:
ما ماتَ، عندَ لقاءِ الموتِ، بل عاشا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بَشاشةُ أيامٍ مَضَتْ وشَبيبَةٌ،
بَشاشةُ أيامٍ مَضَتْ وشَبيبَةٌ،
رقم القصيدة : 4634
-----------------------------------
بَشاشةُ أيامٍ مَضَتْ وشَبيبَةٌ،
بِشاشَةَ، خانَتْ أهلَها، وبشاشِ
وما زالَ هذا الدّهرُ يَثني جَوامِحاً
بلُجْمٍ، ويَثني مُقْرَماً بخِشاش
ويُرْسِلُ صَقراً، للمَنونِ، مُسلَّطاً،(41/96)
فيظفَرُ منْ أبطالِنا بخَشاش
يُصيبُ أخا النّبلِ الصِّيابِ، ويَعتَدي
لدى الطّعنِ في الهَيجا، بذاتِ رشاش
لعمري لقد نادى، وإنْ كان صامتاً:
مَكَثْتُمْ طَويلاً، فاظعَنُوا بغِشاش
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ الطّبيبَ وذا التّنجيمِ ما فَتِئا
إنّ الطّبيبَ وذا التّنجيمِ ما فَتِئا
رقم القصيدة : 4635
-----------------------------------
إنّ الطّبيبَ وذا التّنجيمِ ما فَتِئا
مشهَّرَينِ، بتَقويمٍ وكُنّاشِ
يُعَلِّلانِ، وفي التّعليلِ مأرَبَةٌ،
ويَستَميلانِ قلبَ المترَفِ النَاشِي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنَعْشٌ في السّماءِ، وذاكَ أمرٌ
أنَعْشٌ في السّماءِ، وذاكَ أمرٌ
رقم القصيدة : 4636
-----------------------------------
أنَعْشٌ في السّماءِ، وذاكَ أمرٌ
يدُلُّ على هلاكِ بناتِ نَعْشِ
ألم يتَبَيّنوا الخطْبَ المُوارى،
بجَهلٍ، أمْ قَضاءُ اللَّهِ يُعشي؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألم تَرَ طَيئاً وبني كِلابٍ،
ألم تَرَ طَيئاً وبني كِلابٍ،
رقم القصيدة : 4637
-----------------------------------
ألم تَرَ طَيئاً وبني كِلابٍ،
سَمَوا لبلادِ غَزّةَ، والعَريشِ
ولو قَدرُوا على الطَّير الغوادي،
لما نَهضَتْ إلى وكرٍ بريشِ
إذا آتاكَ هذا الدّهرُ مُلكاً،
فما لكَ مِنْ أقذّ ولا مَريش
يُجَوِّزُ كونَ راعي الضّأنِ قَيْلاً،
وأنْ تُدعى الخِلافةُ في الحَريشِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رُكوبُ النّعشِ وافَى بانتعاشِ،
رُكوبُ النّعشِ وافَى بانتعاشِ،
رقم القصيدة : 4638
-----------------------------------
رُكوبُ النّعشِ وافَى بانتعاشِ،
أراحَ من التعثّرِ رِجْلَ عاشِ
ألمْ تَعجَبْ من الشّيخِ المُعَنّى،
يَقومُ على انحناءٍ وارتِعاشِ
يكونُ عن الصّلاةِ لهُ قُعودٌ؛
ويَمشي بالمَفاوِزِ للمَعاشِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَنكّرَ صالحٌ، فضِبابُ قَيسٍ،
تَنكّرَ صالحٌ، فضِبابُ قَيسٍ،(41/97)
رقم القصيدة : 4639
-----------------------------------
تَنكّرَ صالحٌ، فضِبابُ قَيسٍ،
ضِبابٌ، يَتّقينَ من احتراشِ
فقد ظَعَنوا، وما زُجرُوا بصوتٍ،
فيَذْعَرَهُمْ، ولا طُعِنوا براش
لَضَرْبَةُ فارسٍ، في يَومِ حَرْبٍ،
تُطيرُ الرّوحَ منكَ معَ الفِراش
أخَفُّ عليكَ من سُقمٍ طَويلٍ،
وموتٍ، بعدَ ذاكَ، على الفِراش
وحَتْفٌ مثلُ حتفِ أبي ذُؤيْبٍ،
ونَكزٌ مثلُ نَكزِ أبي خِراش
أرانا في مُضَلِّلَةٍ، ويأبَى
ردى الإنسانِ رُشوَةَ كلّ راش
أُسُودُ الدّهرِ تفرِسُ كلّ حيٍّ،
ونحنُ الآنَ أجرٍ في احتراش
غَدَا الخَصمانِ يَجتَذِبانِ أمراً،
فقُلْ ما شئتَ في كَلبَيْ هِراش
كأثمارٍ، وما اقترَشَتْ ذُنُوباً،
وأرماحُ التّنازُعِ في اقتراش
فطَوراً يُنسَبونَ إلى مَعَدٍّ؛
وطَوراً يُنسَبونَ إلى إراش
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أوقَدْتَ ناراً بافتكاركَ أظهَرَتْ
أوقَدْتَ ناراً بافتكاركَ أظهَرَتْ
رقم القصيدة : 4640
-----------------------------------
أوقَدْتَ ناراً بافتكاركَ أظهَرَتْ
نَهْجاً، وأنتَ على سَناها عاشِ
متكهِّنٌ، ومنَجِّمٌ، ومعزِّمٌ،
وجَميعُ ذاكَ تحَيّلٌ لمَعاشِ
قد أُرعِشَتْ يدُ سائلٍ من كَبرَةٍ،
ولنائِلٍ بُسِطَتْ على الإرعاش
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما أنا بالواغِلِ، يَوماً، على الـ
ما أنا بالواغِلِ، يَوماً، على الـ
رقم القصيدة : 4641
-----------------------------------
ما أنا بالواغِلِ، يَوماً، على الـ
ـشَّربِ، ولا مثليَ بالوارشِ
لا أعرِشُ الجَفرَ ولا النخلَ، في الدّنـ
ـيا، وما تَبقَى يَدُ العارِش
لستُ نَسيباً لقرِيشٍ، ولا
أتبَعُ إثْرَ الرّجُلِ القارش
والنّسلُ فَرْشٌ لهمومِ الفَتى؛
والعَقلُ مَسلوبٌ من الفارشِ
لولا أبو الضّبّ وأجْدادُهُ،
لم يَرتَقِبْ كيداً منَ الحارشِ
فاجعَلْ حِذائي خَشَباً، إنّني
أُريدُ إبقاءً على الدارِش
كانَ أدِيماً لِمَجَسّ الأذى،
يلتَمِسُ الرّزقَ مع الجارِش(41/98)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خَمسونَ قد عشتُها، فلا تَعِشِ،
خَمسونَ قد عشتُها، فلا تَعِشِ،
رقم القصيدة : 4642
-----------------------------------
خَمسونَ قد عشتُها، فلا تَعِشِ،
والنّعشُ لَفظٌ من قولِكَ انتَعِشِ
والمَوتُ خَيرٌ لمنْ تأمّلَهُ
من عُمرِ جاري اللُّعابِ، مرتعِش
لا يَقرأُ السّطرَ بالنّهارِ، وقد
كانَ يُجَلّي كالصّقرِ ثمَ عَشي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لم يكُنْ لي عَرشٌ، فيُثلَمَ عَرشي،
لم يكُنْ لي عَرشٌ، فيُثلَمَ عَرشي،
رقم القصيدة : 4643
-----------------------------------
لم يكُنْ لي عَرشٌ، فيُثلَمَ عَرشي،
كم جُروحٍ جُرِحتُها ذاتِ أرشِ
مقنِعي، في الزّمانِ، سَتري ودفني،
من لباسٍ راقَ العُيونَ وفَرْش
قد شربتُ المياهَ بالخَزَفِ الوَخـ
ـشِ، غنيٌّ عن مُحْكَماتٍ بجَرْش
وتَغَنّيتُ في الأمورِ، فَنابَتْ
قَدَمي عَن رُكوبِ دُهمٍ وبُرْش
أُمَّ دَفرٍ! إنّي هَوِيتُكِ جدّاً،
أيّ ضَبٍّ تَركتِ من غَيرِ حَرش!
خَفّفي الهَمزَ، في النّوائبِ، عنّي،
واحمِلِيني على قِراءَةِ وَرْش
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما بالُ رأسِكَ لا تَبَشُّ بلَوْنِهِ
ما بالُ رأسِكَ لا تَبَشُّ بلَوْنِهِ
رقم القصيدة : 4644
-----------------------------------
ما بالُ رأسِكَ لا تَبَشُّ بلَوْنِهِ
عَينٌ، وباتَ بكُلّ ذي نَظَرٍ يَبَشّْ
يُمسي، كبعضِ الرّومِ، أبيَضَ بارداً،
ولقد يكونُ كأنّهُ بعْضُ الحَبَشْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنصَحْ، فإنّ النّصْحَ للمَرْءِ مِثـ
إنصَحْ، فإنّ النّصْحَ للمَرْءِ مِثـ
رقم القصيدة : 4645
-----------------------------------
إنصَحْ، فإنّ النّصْحَ للمَرْءِ مِثـ
ـلُ الغَيثِ، أروى بِوابِلٍ وبَغَشْ
وراقِبِ اللَّهَ أن تَغُشّ، فَقَدْ
يَفسُدُ رأيُ اللّبيبِ حينَ يُغَشْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَزَوّجتَها، وهيَ، فيما تظُنُّ(41/99)
تَزَوّجتَها، وهيَ، فيما تظُنُّ
رقم القصيدة : 4646
-----------------------------------
تَزَوّجتَها، وهيَ، فيما تظُنُّ
شَمسُ الضّحى، بأواقٍ، وَنَشّ
يَنُوشُ بها القَلبُ أوطارَهُ،
فَلَيتَ مآربَهُ لم تُنَش
عَروسُكَ أفعى، فهَبْ قُربَها،
وخَفْ من سَليلِكَ، فهو الحَنَش
تَنَشّى الفَتى بلَذيذِ المُدامِ،
فكانَ الخُمارُ عَقيبَ التّنَش
إذا لمْ يُطَيّبْكَ حُسْنُ الثّناءِ،
فلا خَيرَ في مِسكِ قومٍ يُنَشّ
لعَمري، لقَد أمِنَ العائِذونَ،
وعونشَ ذُو بِغضَةٍ، فاعتنش
فَيا قَسُّ وقّعْ برِزْقِ الخَطيـ
ـبِ، وانظرْ بمَسجدِنا يا مُنَش
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صوفيّةٌ، شَهِدَتْ، للعقل، نسبَتُهم،
صوفيّةٌ، شَهِدَتْ، للعقل، نسبَتُهم،
رقم القصيدة : 4647
-----------------------------------
صوفيّةٌ، شَهِدَتْ، للعقل، نسبَتُهم،
بأنّهُمْ ضأنُ صوفٍ، نَطحُها يَقِصُ
لا تُرْقِصَنّ مُهَيراتٍ مكرَّمَةً،
فللمَهارَى، قديماً، يُعرَفُ الرّقَص
ولا يَبينَنْ: أفي أعناقِها غَيَدٌ،
لمن تأمّل، أم أزرى بها الوَقَص
تواجدَ القومُ من نُسكٍ، بزَعمِهِمُ،
واللَّهُ يَشهَدُ ما زادوا، كما نَقصوا
لا نالَ خَيراً فتًى أمْسَتْ أنامِلُهُ
مداريَ السَّرْح، موصولاً بها العُقَص
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غنِينا في الحَياةِ ذوي اضطرارٍ،
غنِينا في الحَياةِ ذوي اضطرارٍ،
رقم القصيدة : 4648
-----------------------------------
غنِينا في الحَياةِ ذوي اضطرارٍ،
كَطَيرِ السّجنِ أعوَزَها الخَلاصُ
تُصيبُ القَومَ، من نُوَبِ اللّيالي،
سهامٌ، لا تُنهْنِهُها الدِّلاصُ
فهلْ في الأرضِ مِن فرَجٍ لحرٍّ،
تُزَجّى في مَطالبِهِ القِلاصُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أخو الحَرْبِ كالوافِرِ الدّائريّ،
أخو الحَرْبِ كالوافِرِ الدّائريّ،
رقم القصيدة : 4649
-----------------------------------
أخو الحَرْبِ كالوافِرِ الدّائريّ،(41/100)
أعضَبُ في الخطْبِ أو أعقَصُ
يُرى كامِلُ سالمِهِ كاملاً
فيُخزَلُ، بالدّهرِ، أو يوقَص
ومن لكَ بالعَيشِ في غرّةٍ،
تَظَلُّ مَطاياكَ لا تَرْقُص؟
وإنّكَ مُقتَضَبُ الشّعرِ، لا
يُزادُ بحالٍ، ولا يُنقَص
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سواءٌ على هذا الحِمامِ أضَيْغَماً
سواءٌ على هذا الحِمامِ أضَيْغَماً
رقم القصيدة : 4650
-----------------------------------
سواءٌ على هذا الحِمامِ أضَيْغَماً
أزارَ المَنايا، أم توَفّى بها دِرْصا
فإنْ تتركوا المَوتَ الطبيعيَّ يأتِكمْ،
ولم تَستَعينوا لا حُساماً ولا خِرصا
وكان لكمْ حِرْصٌ على العيش بَيّنٌ،
فما لكمُ حمتُمْ، على ضِدّه، حِرْصا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا قَصّ آثاري الغُواةُ ليَحتَذُوا
إذا قَصّ آثاري الغُواةُ ليَحتَذُوا
رقم القصيدة : 4651
-----------------------------------
إذا قَصّ آثاري الغُواةُ ليَحتَذُوا
عليها، فَوُدّي أن أكونَ قَصِيصا
من الطّيرِ، أو نَبتاً بأرضٍ مُضِلّةٍ،
وإلاّ فظَبياً، في الظّباءِ، حَصيصا
وكم ملكٍ، في الأرضِ، لاقى خَصاصةً،
وكانَ، بإكرامِ العُفاةِ، خصيصا
إلَيكَ، فإنّي قد أقامَتْ ركائبي
لأرْفَعَ سيراً، للحِمامِ، نَصيصا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غَدَا الحقُّ في دارٍ، تحرّزَ أهلُها
غَدَا الحقُّ في دارٍ، تحرّزَ أهلُها
رقم القصيدة : 4652
-----------------------------------
غَدَا الحقُّ في دارٍ، تحرّزَ أهلُها
وطُفتُ بهمْ، كالسارِقِ المُتلصِّصِ
فقالوا ألا اذهَبْ! ما لمثلِكَ عندَنا
مُقيلٌ، وحاذِرْ من يَقينٍ مُفَصِّصِ
ألم تَرَنا رُحنا معَ الطّيرِ بالهُدى،
وأنتَ طريحٌ، ذو جَناحٍ مُقَصَّص؟
إذا شُهِرَ الإنسانُ بالدِّينِ لم تكنْ
لهُ رُتبَةُ المستأنسِ، المتَخصّص
فطَبعُكَ سُلطانٌ، لعقلِكَ، غالبٌ،
تَداوَلُهُ أهواؤهُ بالتّشصّص
سُقيتَ شراباً لم تُهَنّأ ببَردِهِ،
فعُنّيتَ، من بعد الصّدى، بالتغصّص(41/101)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَضاعَفَ هَمّي أن أتَتني منيّتي،
تَضاعَفَ هَمّي أن أتَتني منيّتي،
رقم القصيدة : 4653
-----------------------------------
تَضاعَفَ هَمّي أن أتَتني منيّتي،
ولم تُقْضَ حاجي بالمَطايا الرواقِصِ
وما عالَمي، إن عِشتُ فيه، بزائدٍ،
ولا هوَ، إنْ أُلقيتُ منه، بناقصِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَكَذّبَ قومٌ يَستَعيرونَ سُؤدداً،
تَكَذّبَ قومٌ يَستَعيرونَ سُؤدداً،
رقم القصيدة : 4654
-----------------------------------
تَكَذّبَ قومٌ يَستَعيرونَ سُؤدداً،
وتلكَ سَجايا للنّفوسِ النّواقِصِ
إذا مُتُّ لم أحفِلْ بما قالَ عائبي؛
وهَلْ ضرّ تُرْباً رميُهُ بالمَشاقِص؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وقَعنا، في الحَياةِ، بلا اختيارٍ،
وقَعنا، في الحَياةِ، بلا اختيارٍ،
رقم القصيدة : 4655
-----------------------------------
وقَعنا، في الحَياةِ، بلا اختيارٍ،
وخالقُنا يُعَجِّلُ بالخَلاصِ
ركِبنا فوقَ أكتادِ اللّيالي؛
فَواهاً، ما أخبَّكِ منْ قِلاص!
ونَبْلُ الدّهرِ تنفذُ كلَّ تُرسٍ،
وتَسلُكُ بَينَ أثناءِ الدِّلاص
فهَوّنْ ما أُتيحَ منَ الرّزايا،
وما لاقَيتَ من لُصٍّ ولاص
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد حرَصوا على الدّنيا، فبادوا
لقد حرَصوا على الدّنيا، فبادوا
رقم القصيدة : 4656
-----------------------------------
لقد حرَصوا على الدّنيا، فبادوا
فلا تَكُ، في الحياةِ، من الحِراصِ
وأودِعْهمْ، على كُرْهٍ، ثَراهمْ؛
فأرضُ القومِ خاليةُ العِراص
تُصَدِّقُ من أتاكَ بغيرِ صدقٍ،
وما أَولى أمينَكَ باختراص
وليسَ أخوكَ إلاّ لَيثَ غابٍ،
يَسورُ إلى افتراسكَ بافتراص
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد عمّنا الغشُّ، وأزرى بنا
قد عمّنا الغشُّ، وأزرى بنا
رقم القصيدة : 4657
-----------------------------------
قد عمّنا الغشُّ، وأزرى بنا
في زمنٍ أعْوَزَ فيه الخُصوص(41/102)
إنْ نُصِحَ السلطانُ في أمره،
رأى ذوي النّصحِ بعينِ الشُّصوص
وكلُّ مَنْ فوقَ الثّرى خائنٌ،
حتى عُدولُ المِصرِ مثلُ اللّصوص
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يكادُ المَشيبُ يُنادي الغويَّ:
يكادُ المَشيبُ يُنادي الغويَّ:
رقم القصيدة : 4658
-----------------------------------
يكادُ المَشيبُ يُنادي الغويَّ:
وَيحَكَ أتعبتني بالمِقَصّ
وتَزعَمُ أنّكَ فيما فَعَلتَ،
على أثرٍ، منْ رشيدٍ، تقَصّ
وهلْ تلكَ من شيَمِ الرّاشدينَ؟
وما زادَ في كلّ حالٍ نَقَص
ويا ناظراً في نُصولِ الخِضابِ،
شغلَكَ عن لِمَمٍ أوْ عُقَص
إذا سترَ النّاسُ عنكَ الأمورَ،
فلا تكُ عن أمرهمْ ذا تَقَصّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ظمئتُ إلى ماءِ الشّبابِ، ولم يزَلْ
ظمئتُ إلى ماءِ الشّبابِ، ولم يزَلْ
رقم القصيدة : 4659
-----------------------------------
ظمئتُ إلى ماءِ الشّبابِ، ولم يزَلْ
يغورُ على طُولِ المَدى ويَغيضُ
تراهُ مَعَ الإخوانِ لا تَستَطيعُه؛
حبيبٌ متى يَبْعدْ، فأنتَ بغِيضُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد رُضتُ نفسيَ، حتى ذلّ جامحُها،
قد رُضتُ نفسيَ، حتى ذلّ جامحُها،
رقم القصيدة : 4660
-----------------------------------
قد رُضتُ نفسيَ، حتى ذلّ جامحُها،
فما أُصاحبُ صَعبَ النّفسِ، ما ريضا
يا ألسُناً كسُيوفِ الهندِ خِلقَتُها،
ما لي رأيتُكِ أشبهتِ المقاريضا؟
إنّ الغُمودَ إذا سُلّتْ صوارِمُها،
قُلنَ اليَقينَ، وألغَيْنَ المَعاريضا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بعضُ الرّجالِ، كقبرِ المَيتِ، تمنحُهُ
بعضُ الرّجالِ، كقبرِ المَيتِ، تمنحُهُ
رقم القصيدة : 4661
-----------------------------------
بعضُ الرّجالِ، كقبرِ المَيتِ، تمنحُهُ
أعزَّ شيءٍ، ولا يُعطيكَ تَعويضا
والسمحُ في العُدم مثلُ الصّخرِ في دِيَمٍ،
يخضرُّ شيئاً، ولا يَسطيعُ تَرويضا
قوّض خياماً على الدّنيا، فإنّ بها(41/103)
خلائقاً، أوجَبَتْ للحُرّ تَقويضا
وخذْ لنَفسِكَ، من عُمرٍ تُضيّعُهُ،
جُزءاً، ولا تُرسِلَنّ الأمرَ تَفويضا
خصّتك نخلةُ أرضٍ أطْعَمتْكَ جنًى،
فاجعلْ لها دونَ نَخلِ القومِ تحويضا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بِئسَ الشهادة، إن سألتَ، شهادةٌ،
بِئسَ الشهادة، إن سألتَ، شهادةٌ،
رقم القصيدة : 4662
-----------------------------------
بِئسَ الشهادة، إن سألتَ، شهادةٌ،
يرْجو الملاطفُ قَرْضَها وقِراضَها
ولَشرُّ أصحابِ الرّجالِ عصابةٌ
تعطيكَ دونَ ثيابِها أعراضَها
إنّ اللّيالي ما تَصَرَّمُ عنهُمُ،
إلاّ لتَبلُغَ فيهِمُ أغراضَها
أوَما رأيتَ جَنائزاً مَحمولَةً،
تَمشي الغُواةُ أمامَها وعِراضَها
تَبغي من الآمالِ ذِلّةَ مُسعفٍ،
تلكَ المَصاعبُ أتعَبَتْ مَن راضَها
بكَرَ الطّبيبُ على الدّواءِ، وللرّدى،
كأسٌ، تعمُّ صحاحَها ومِراضَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا أسألُ المرءَ قَرضاً من شهادَتِهِ،
لا أسألُ المرءَ قَرضاً من شهادَتِهِ،
رقم القصيدة : 4663
-----------------------------------
لا أسألُ المرءَ قَرضاً من شهادَتِهِ،
ولا أروحُ على شَيبي بمقراضِ
إذا غدَوْتُ ببَطنِ الأرضِ مضطجعاً،
فثَمّ أفقِدُ أوصابي وأمراضي
تيَمّموا بترابي، علّ فِعلَكُمُ،
بعدَ الهُمودِ، يوافيني بأغراضي
وإن جُعِلْتُ بحُكم اللَّهِ في خَزَفٍ،
يَقضي الطّهورَ، فإنّي شاكرٌ راض
جَواهرٌ ألّفَتها قُدرةٌ عجَبٌ،
وزايَلَتْها، فصارتْ مثلَ أعراض
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمَا واللَّهِ لوْ أنّي تَقيٌّ،
أمَا واللَّهِ لوْ أنّي تَقيٌّ،
رقم القصيدة : 4664
-----------------------------------
أمَا واللَّهِ لوْ أنّي تَقيٌّ،
لما آخَيتُ مثلَكَ، وهوَ قاضِ
ولكنْ بتُّ شرّاً منكَ فِعلاً،
فأغنَيتُ الوِدادَ عَنِ التّقاضي
فلا تَنْقُضْ حِبالَ العَهدِ مني،
فَما تخشى، لديّ، من انتقاضي(41/104)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رِياضُكِ غيرُ دائمَةٍ، فرُوضي،
رِياضُكِ غيرُ دائمَةٍ، فرُوضي،
رقم القصيدة : 4665
-----------------------------------
رِياضُكِ غيرُ دائمَةٍ، فرُوضي،
نوافِلَ بعدَ إحكام الفُرُوضِ
أُقارِضُكِ الشّهادَةَ، غيرَ بَرٍّ،
كِلانا طاحَ في تلكَ القُروض
وما يأتيكَ بالأغراضِ خِلٌّ،
ولا شَدُّ الرّواحِلِ بالغُروض
وجسمُ المَرءِ للأعراضِ رَبْعٌ،
فهلْ زكّاهُ تَزكيَةَ العُروض؟
مغانيهِ محُيلاتُ المَعاني،
كَبَيتِ الشّعرِ قُطّعَ بالعَروض
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما يَشأ ربُّكَ يَفعَلْ قادراً،
ما يَشأ ربُّكَ يَفعَلْ قادراً،
رقم القصيدة : 4666
-----------------------------------
ما يَشأ ربُّكَ يَفعَلْ قادراً،
جَلّ عن كلّ مقالٍ واعتراضِ
قد تجَمّعنا على غيرِ هُدًى،
وتَفَرّقنا على غَيرِ تَراض
وتقارَضْنا شهاداتِ التّقَى،
ثمّ صِرنْا لزَوالٍ وانقِراض
واستَعارَتْ صِحّةً أجسامُنا،
واستَعانَتْ بمَودّاتٍ مِراض
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أوْفِ دُيوني، وخَلّ أقراضي،
أوْفِ دُيوني، وخَلّ أقراضي،
رقم القصيدة : 4667
-----------------------------------
أوْفِ دُيوني، وخَلّ أقراضي،
مثلُكَ لا يَهتَدي لأغراضِي
ما لبَني آدَمٍ غَدَوا أُمَماً،
لهمْ عُرُوضٌ بغيرِ أعراض؟
كم رَجلٍ ماطَلَتْ مَنيّتُهُ،
قليلَ مالٍ كثيرَ أمراض
وهو بدُنياهُ مُولَعٌ كلفٌ،
يَقنَعُ، من صيدِها، بمِعراض
حلّتْ، نِحاسَ الناموس، فضّةُ شيـ
ـبٍ لك، حلّتْ حديدَ مِقراض
لم ترْضَ ذاكَ الفَتاةُ عنكَ، ولا
ربُّكَ، فيما فعَلْتَهُ، راض
قَصّاً وخَضباً لأعْيُنٍ لُمُحٍ،
ولم يَزِدْهنّ غيرَ إعراض
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّما المَرءُ نُطفَةٌ، ومَداهُ
إنّما المَرءُ نُطفَةٌ، ومَداهُ
رقم القصيدة : 4668
-----------------------------------
إنّما المَرءُ نُطفَةٌ، ومَداهُ
خَطفَةٌ، ليسَ عَطفَةٌ حينَ يَمضي(41/105)
وكأنّ الأنامَ سَرْحُ حُسامٍ،
يَتَسَلّى بخُلّةٍ بعدَ حَمْض
صاحِ! إن جالَ في الحوادثِ فكري،
صاحَ يا لَلأسَى يُنَفِّرُ غمْضي!
إن تُراعوا، من المراعاةِ، رَبّاً
لا تراعوا، بالرّوعِ، من ذاتِ رمض
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُعبُدِ اللَّهَ، لا تَظاهَرْ لمن جا
أُعبُدِ اللَّهَ، لا تَظاهَرْ لمن جا
رقم القصيدة : 4669
-----------------------------------
أُعبُدِ اللَّهَ، لا تَظاهَرْ لمن جا
وَرْتَ، يوماً، بسُنّةٍ أو برَفْضِ
رُبّ خَفْضٍ أتاكَ من بعدِ بأسا
ءَ، وبُؤسٍ لقيتَهُ غِبَّ خَفض
قد نَفَضتُ السّهامَ أبغي المَقاييـ
ـسَ، فلم يُثبتِ الرّميّةَ نفْضي
أيّها النّاظرُونَ! هذا قَضاءٌ،
هل عَلمتم إلى مَ أصبَحَ يُفْضي؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى جوهراً حَلّ فيهِ عَرَضْ،
أرى جوهراً حَلّ فيهِ عَرَضْ،
رقم القصيدة : 4670
-----------------------------------
أرى جوهراً حَلّ فيهِ عَرَضْ،
تبارَكَ خالقُهُ ما الغَرَضْ؟
إذا راضَ، في نُسُكٍ، قلبَهُ،
غدا، وهوَ صَعبٌ، كأنْ لم يُرَض
يُداوى المريضُ، كيْما يَصِحّ،
وهلْ صِحّةُ الجسمِ إلاّ مَرَض؟
فلا تَترُكَنْ ورَعاً في الحَياةِ،
وأدّ، إلى ربّكَ، المفترض
فكمْ ملكٍ شَيّدَ المكرُماتِ،
ونالَ بها الصّيتَ، ثمّ انقَرَض
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدَوْتُ أسيراً، في الزّمانِ، كأنّني
غدَوْتُ أسيراً، في الزّمانِ، كأنّني
رقم القصيدة : 4671
-----------------------------------
غدَوْتُ أسيراً، في الزّمانِ، كأنّني
عَروضُ طويل، قبْضُها ليس يُبسطُ
وإن كنتُ، في بعض الحكومة، قاسطاً،
فغَيريَ، من هذي البرِيّةِ، أقْسطُ
وأوتادُ أبياتٍ من الشِّعرِ حُزْتُهُ،
كأوتادِ بَيتِ الشَّعرِ حينَ تَوَسّطُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدتْ، من تميمٍ، أُسرَةٌ فوقَ أرضِها،
غدتْ، من تميمٍ، أُسرَةٌ فوقَ أرضِها،
رقم القصيدة : 4672(41/106)
-----------------------------------
غدتْ، من تميمٍ، أُسرَةٌ فوقَ أرضِها،
وحاجِبُها تحتَ الثّرى، ولقيطُها
لعمري! لقد أضحَتْ فوارسُ منهمُ،
كأنْ لم يكنْ مرّوتُها ووقِيطُها
فقَد بُدّلوا أجداثَهم من سروجِهمْ،
فأنبَتَ روْضاً طلُّها وسَقيطُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أينَ امرؤ القيسِ والعذارى،
أينَ امرؤ القيسِ والعذارى،
رقم القصيدة : 4673
-----------------------------------
أينَ امرؤ القيسِ والعذارى،
إذ مالَ، من تحتِه، الغبيطُ
له كُمَيْتانِ: ذاتُ كأسٍ
تُزبِدُ، والسّابحُ الرّبيطُ
يُباكِرُ الصَّيدَ بالمَذاكي،
فيأنَسُ المُوحِشُ الهبيطُ
استَنبَطَ العُرْبُ في المَوامي،
بَعدَكَ، واستَعرَبَ النّبيطُ
كأنّ دُنياكَ ماءُ حَوضٍ
آخِرُهُ آجِنٌ خَبيطُ
والقوتُ فيها لَنا مُباحٌ
لوْ أنّهُ، من دَمٍ، عبيطُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا قَلّتْ فَوائدُنا جُفينا،
إذا قَلّتْ فَوائدُنا جُفينا،
رقم القصيدة : 4674
-----------------------------------
إذا قَلّتْ فَوائدُنا جُفينا،
بذاكَ يَزُمُّ أيْنُقَهُ الخَليطُ
ولم أُوثر لمصباحي خُمُوداً،
ولكن خان، مُوقِدَه، السّليطُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَنوطُ بنا الحَوادثُ كلَّ ثِقلٍ،
تَنوطُ بنا الحَوادثُ كلَّ ثِقلٍ،
رقم القصيدة : 4675
-----------------------------------
تَنوطُ بنا الحَوادثُ كلَّ ثِقلٍ،
وربُّ النّاسِ يصرفُ ما تَنوطُ
وليسَ بحانِطٍ رِمثي بأرضٍ،
إذا ما قارَنَ الكَفَنَ الحُنوطُ
ولم أقنَطْ لسوءِ الفِعلِ منّي،
وحُقّ لمثلِ فاعِلها القُنُوطُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا انفَرَدَ الفتى أُمِنَتْ عليهِ
إذا انفَرَدَ الفتى أُمِنَتْ عليهِ
رقم القصيدة : 4676
-----------------------------------
إذا انفَرَدَ الفتى أُمِنَتْ عليهِ
دَنايا، لَيسَ يُؤمنُها الخِلاطُ
فلا كَذِبٌ يُقالُ، ولا نميمٌ،
ولا غَلَطٌ يُخافُ، ولا غِلاطُ(41/107)
وكم نهَضَ امرُؤٌ من بينِ قومٍ،
وفي هاديهِ، من خِزيٍ، عِلاطُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجَدتُ النّاسَ عَمَّهُمُ سُقوطٌ،
وجَدتُ النّاسَ عَمَّهُمُ سُقوطٌ،
رقم القصيدة : 4677
-----------------------------------
وجَدتُ النّاسَ عَمَّهُمُ سُقوطٌ،
وكلُّ الخَيلِ يُدرِكُها سِقاطُ
غَدَتْ للِقاطِها نِسوانُ قَومٍ،
وأفراسُ الأميرِ لها لِقاطُ
أمَا يُعطي ذوي الحاجاتِ حَقّاً،
وفوقَ شواتِه السّيفُ السِّقاطُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أجاهدُ بالظَّهارةِ حينَ أشتو،
أجاهدُ بالظَّهارةِ حينَ أشتو،
رقم القصيدة : 4678
-----------------------------------
أجاهدُ بالظَّهارةِ حينَ أشتو،
وذاكَ جِهادُ مثلي والرّباطُ
مضى كانونُ ما استَعملتُ فيه
حَميمَ الماءِ، فاقدُمْ يا سُباطُ
تُشابهُ، أنفُسَ الحشراتِ، نفسي،
يكونُ لهنّ بالصّيفِ ارتِباطُ
لقد رَقَدَ المَعاشرُ في ثَراهُمْ،
فما هَبّ الجِعادُ ولا السِّباطُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ماذا يُريبُكَ من غُرابٍ طارَ عَن
ماذا يُريبُكَ من غُرابٍ طارَ عَن
رقم القصيدة : 4679
-----------------------------------
ماذا يُريبُكَ من غُرابٍ طارَ عَن
وكرٍ، يكونُ بهِ لبازٍ مَسقَطُ؟
وافَضْحَتا! لك في شِمالك، غادياً،
عُودُ المِراةِ، وفي يمينِكَ مِلقَطُ
أوَما قرأتَ سِجِلَّ دهرِكَ ناطِقاً
بالهُلكِ، يُشكَلُ بالخطوبِ ويُنقَطُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا اليَقينُ، فإنّنا سكَنُ البِلى
أمّا اليَقينُ، فإنّنا سكَنُ البِلى
رقم القصيدة : 4680
-----------------------------------
أمّا اليَقينُ، فإنّنا سكَنُ البِلى
ولنا، هُناكَ، جَماعَةٌ فُرّاطُ
ولكلّ دَهرٍ حِليَةٌ من أهلِهِ،
ما فيهِمُ جَنَفٌ، ولا إفراطُ
والغِيدُ مُختَلفٌ مَواضعُ حَليِها،
وتَناءَتِ الأحجالُ والأقراطُ
كم لاحتِ الأشراطُ في جنح الدّجى،
فمتى تَبِينُ لبعْثِنا أشراطُ؟(41/108)
وكأنّ هذا الخَلقَ أهلُ جَهَنّم،
ولهم، من الموتِ الزّؤامِ، سِراطُ
لوْ لم تكنْ مثلَ الجَماعَةِ زائِفاً،
لم يَشجُكَ الدّينارُ والقيراطُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كَلامُكَ ملتَبِسٌ لا يَبينُ
كَلامُكَ ملتَبِسٌ لا يَبينُ
رقم القصيدة : 4681
-----------------------------------
كَلامُكَ ملتَبِسٌ لا يَبينُ
كالخَطّ أغفَلَهُ النّاقطُ
نَصحتُكَ لا تعترِفْ يا أُخَيّ
بي، فأنا الرّجُلُ السّاقطُ
ولو كُنتُ مُلقًى بظهرِ الطّريقِ،
لم يَلْتَقِطْ مثليَ اللاّقطُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الحكمُ للَّهِ، فالبَثْ مُفرَداً أبداً،
الحكمُ للَّهِ، فالبَثْ مُفرَداً أبداً،
رقم القصيدة : 4682
-----------------------------------
الحكمُ للَّهِ، فالبَثْ مُفرَداً أبداً،
ولا تكنْ بصنوفِ النّاس مُختَلِطَا
ولستُ أدري سِوى أنّي أرى رَجلاً
يَرُبُّ نَسلاً لرَيبِ الدّهرِ، قد غلِطا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حملتُ ثِقلَ اللّيالي في بَني زَمَني،
حملتُ ثِقلَ اللّيالي في بَني زَمَني،
رقم القصيدة : 4683
-----------------------------------
حملتُ ثِقلَ اللّيالي في بَني زَمَني،
فقد ظَلِلنا بذاكَ الثّقلِ نُحّاطا
لو حاطَنا اللَّهُ لم نَحفِلْ بمَرْزِيَةٍ،
وكيفَ يَخشى رَزايا الدّهرِ مَن حاطا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا الإلَهُ، فأمرٌ لستُ مدرِكَهُ،
أمّا الإلَهُ، فأمرٌ لستُ مدرِكَهُ،
رقم القصيدة : 4684
-----------------------------------
أمّا الإلَهُ، فأمرٌ لستُ مدرِكَهُ،
فاحذَرْ لجيلِك، فوقَ الأرض، إسخاطا
والشيبُ قد خطّطَ الفودين عن عُرُضٍ،
وما عَدَا جِدّةَ الأيّامِ ما خاطا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا قلبِ لا أدعوكَ في أُكْرومَةٍ،
يا قلبِ لا أدعوكَ في أُكْرومَةٍ،
رقم القصيدة : 4685
-----------------------------------
يا قلبِ لا أدعوكَ في أُكْرومَةٍ،(41/109)
إلاّ تَقاعَسُ دونَها وتَباطَا
والموتُ حاسٍ ما تعيّفَ آجناً،
وتضيَّفَ الأعرابَ والأنباطا
ولقد حفَرْتُ عن اليَقينِ بخاطرٍ،
ما كادَ يبلُغُ حفرُهُ الإنباطا
ولَيُدْرِكَنّ جِعادَنا وسباطَنا،
ما أدرَكَ النّعمانَ في ساباطا
أيفُكُّني هذا الحِمامُ، تفضُّلاً،
فالعيشُ أوثقني، وشَدَّ رِباطا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هل يَفرَحُ الناعبُ الغدافُ بسُقيا الـ
هل يَفرَحُ الناعبُ الغدافُ بسُقيا الـ
رقم القصيدة : 4686
-----------------------------------
هل يَفرَحُ الناعبُ الغدافُ بسُقيا الـ
ـأَرْضِ، إن طالعُ الدّجَى سَقَطَا
يُلهَمُ أنّ التّرابَ، إن وقعَ الـ
ـغيثُ، أتَى بالحُبوبِ، فالتَقَطا
سَبّحَ للَّهِ ناعِبٌ صوتُهُ غا
قِ، وكُدْرِيّةٌ تَصيحُ قَطا
ولو جُزينا على خَلائِقنا،
أمْسَكَ عَنّا الحَيا، فما نَقطا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المرءُ يَقدَمُ دنياهُ، على خَطَرٍ،
المرءُ يَقدَمُ دنياهُ، على خَطَرٍ،
رقم القصيدة : 4687
-----------------------------------
المرءُ يَقدَمُ دنياهُ، على خَطَرٍ،
بالكرْهِ منهُ، ويَنآها على سَخَطِ
يخيطُ إثماً إلى إثمٍ، فيَلبَسُهُ،
كأنّ مَفرِقَهُ بالشّيبِ لم يُخَطِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعرِضْ عن الثورِ، مَصبوغاً أطايبُهُ
أعرِضْ عن الثورِ، مَصبوغاً أطايبُهُ
رقم القصيدة : 4688
-----------------------------------
أعرِضْ عن الثورِ، مَصبوغاً أطايبُهُ
بالزّعفرانِ، إلى ثورٍ من الأقِطِ
فالرّزقُ يهتِفُ يا إنسُ اعمَلوا وكلوا؛
يا أيّها الظبيُ رِدْ، يا طائرُ التَقِطِ
والحَتفُ مثلُ غَمامٍ جادَ وابلُهُ؛
والنّاسُ يدعونَ، لو أغنى الدّعاءُ، قطِ
وما يَسيلُ، ولكنْ يَنبري نَقَطاً،
حتى يُغَرِّقَ أهلَ الأرض بالنُّقَطِ
أُسْقُطْ بما شئتَ، أوْ طِرْ يا غُرابُ لنا،
فإنّما نحنُ، في الدّنيا، من السَّقَطِ(41/110)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الحَمدُ للَّهِ، أضحى النّاسُ في عجبٍ،
الحَمدُ للَّهِ، أضحى النّاسُ في عجبٍ،
رقم القصيدة : 4689
-----------------------------------
الحَمدُ للَّهِ، أضحى النّاسُ في عجبٍ،
مُستَهترينَ بإفراطٍ وتَفريطِ
والزَّندُ في حُبّ أُسوارٍ يُسوَّرُهُ،
كالأذنِ في حُبّ تَشنيفٍ وتَقريطِ
يَبغي الحظوظَ أُناسٌ من ظُبًى وقَناً،
وآخَرونَ بغَوْها بالمشاريطِ
فجُدْ بعُرْفٍ، ولو بالنّزْرِ، محتسباً،
إنّ القَناطيرَ تُحوى بالقراريطِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أستَغفِرُ اللَّهَ، رُبّ مُدّكِرٍ
أستَغفِرُ اللَّهَ، رُبّ مُدّكِرٍ
رقم القصيدة : 4690
-----------------------------------
أستَغفِرُ اللَّهَ، رُبّ مُدّكِرٍ
أخطأ في مُدّةٍ مضَتْ، وخَطي
خاطَ إليهِ، الخروقَ، زائرُهُ،
وجَفنُهُ بالرّقادِ لم يُخَطِ
أسخطَهُ البَينُ، ثم أرضَتهُ عُقباهُ،
فَنالَ الرّضا من السَّخَطِ
ذابَ علَيهِ لُعابُ لاعبَةٍ،
بصارِم للسّرابِ مُمتَخَطِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا رَبّةَ الصّمتِ! أنتِ آمنةٌ،
يا رَبّةَ الصّمتِ! أنتِ آمنةٌ،
رقم القصيدة : 4691
-----------------------------------
يا رَبّةَ الصّمتِ! أنتِ آمنةٌ،
إذا هَفا ناطقٌ، من السَّقَطِ
وصْلُكِ بالنّارِ والشّنارِ، فقد
عِفناهُ، إذ قَطّ شَعرَه، فقَطِ
إنّا التَقَطنا بالخَرْقِ طيفَ كرًى،
بل كانَ صَحبي لَهُ من اللُّقَط
ألطِفْ بهِ زارَ آقِطَيْ رَهَجٍ،
ما شَعَرُوا كيفَ صَنعةُ الأقط
لو سارَ ذاكَ الخيالُ في مَطرٍ،
لم يَخشَ فيهِ من بَلّةِ النُّقَط
بمَيّتٍ غادرَتْهُ أينُقُهُمْ،
من وَطئِها، مثلَ حَيّةِ الرَّقَط
يُنْبَهُ مُغفي فَلاتِهِ بِقَطاً،
بَينَ أيادي رَواحِلٍ بُقُط
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طرُقُ الغَيّ سهلةٌ، واسعاتٌ،
طرُقُ الغَيّ سهلةٌ، واسعاتٌ،
رقم القصيدة : 4692
-----------------------------------(41/111)
طرُقُ الغَيّ سهلةٌ، واسعاتٌ،
وطريقُ الهُدى كسُمّ الخِياطِ
مَطلَعٌ شَقّ، لا تُكَلَّفُهُ الضُّمّـ
ـرُ إلاّ مَضروبةً بالسّياط
كيفَ لي بالسُّهوبِ يَسلِكُها الركْـ
ـبُ، حَياتي فيها بقَطعِ النّياط
عارياتٍ من النّباتِ، ولكن
أُلبِسَتْ من سَرابِها كالرّياط
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قَطعتَ البلادَ، فمن صاعدٍ
قَطعتَ البلادَ، فمن صاعدٍ
رقم القصيدة : 4693
-----------------------------------
قَطعتَ البلادَ، فمن صاعدٍ
بغَيثِ النّوالِ، ومن هابِطِ
تَمدُّ عَصاكَ إلى النّابحاتِ،
فيُعجَبْنَ من جأشِكَ الرّابط
وتَغبِطُ كُلاًّ على ما حَواهُ،
وما لكَ في العَيشِ من غابط
وقَفتَ على كلّ بابٍ، رأيتَ،
حتى نَهاكَ أبو ضابط
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعوذ برَبّيَ من سُخْطِهِ،
أعوذ برَبّيَ من سُخْطِهِ،
رقم القصيدة : 4694
-----------------------------------
أعوذ برَبّيَ من سُخْطِهِ،
وتَفريطِ نَفسي وإفراطِها
تَدينُ الملوكُ، وإنْ عُظّمَتْ،
لما شاءَ، من خَلفِ أفراطِها
وتَجري المَقاديرُ منهُ على
عِظامِ النّجومِ، وأشراطِها
وما دفعَتْ حُكماءُ الرّجالِ
حَتفاً، بحكمةِ بُقْراطِها
ولكن يَجيءُ قَضاءٌ يُريـ
ـكَ أخا غَيّها مثلَ سُقراطِها
فلا تَبخَلَنّ يَدٌ كَزّةٌ،
على المُستَميحِ، بقِيراطِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُغني الفَتى مَلبَسٌ يُسَتّرُه،
يُغني الفَتى مَلبَسٌ يُسَتّرُه،
رقم القصيدة : 4695
-----------------------------------
يُغني الفَتى مَلبَسٌ يُسَتّرُه،
وقوتُهُ في دُجَى الظّلام فقَطْ
وحظُّهُ أن يكونَ منفَرِداً،
كَطائرٍ لا يُراعُ أينَ سَقَطْ
لا يَلقُطُ الحَبَّ من زروعِهمُ،
وإنْ رأى حِبّةَ النّباتِ لَقَطْ
فذاكَ لو طارَ في غَمامَتِهِ،
لما أصابَ الجَناحَ منهُ نُقَطْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هل تحفَظُ الأرضُ مَوتاها، وأهلُهمُ،
هل تحفَظُ الأرضُ مَوتاها، وأهلُهمُ،(41/112)
رقم القصيدة : 4696
-----------------------------------
هل تحفَظُ الأرضُ مَوتاها، وأهلُهمُ،
لمّا بدا اليأسُ، ألغَوهمْ، فما حُفِظوا
إنْ شاءَ ربُّكَ جازاهمْ بفِعلِهِمُ
واللّفظِ، حينَ تُثارُ الأقبُرُ اللُّفُظ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> منَ النّاسِ مَن لَفظُهُ لؤلؤٌ،
منَ النّاسِ مَن لَفظُهُ لؤلؤٌ،
رقم القصيدة : 4697
-----------------------------------
منَ النّاسِ مَن لَفظُهُ لؤلؤٌ،
يُبادرُهُ اللّقْطُ، إذ يُلفَظُ
وبَعضُهُمُ قَولُهُ كالحَصَى،
يُقالُ فيُلغى، ولا يُحفَظُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بِتُّمْ هُجوداً في الغِنى، ولوِ انتَهَتْ
بِتُّمْ هُجوداً في الغِنى، ولوِ انتَهَتْ
رقم القصيدة : 4698
-----------------------------------
بِتُّمْ هُجوداً في الغِنى، ولوِ انتَهَتْ
هذِي النّفوسُ، لَبِتُّمُ أيقاظَا
صافتْ سهامُكمُ، وقرْطَسَ غَيُّكم،
فَشَتا بأربُعةِ الصّدورِ وَقاظا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ابنُ خَمسينَ ضَمَّهُ عِقدُ تِسعينَ،
ابنُ خَمسينَ ضَمَّهُ عِقدُ تِسعينَ،
رقم القصيدة : 4699
-----------------------------------
ابنُ خَمسينَ ضَمَّهُ عِقدُ تِسعينَ،
يُزَجّي لَهُ، من المَوتِ، حَظّا
يَتشكّى فَظاظَةً من حَياةٍ؛
وأظُنُّ الحِمامَ منها أفَظّا
ليَخَفْ صاحبُ الدّيانَةِ والصّوْ
نِ مَقالاً من جاهلٍ، يَتَحَظّى
يَسبُكُ الصّائغُ الزّجاجَ، ولا يَسـ
ـتَطيعُ سَبكاً للدُّرّ، إن يتَشَظّى
يَتَلَظّى الفتى، وكم شَبّتِ الشّعـ
ـرى وَقوداً، في حِندسٍ يَتلَظّى
كيفَ لي أن أكونَ في رأسِ شمّا
ءَ، وأرعى في الوَحش آساً ومَظّا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كنتَ باللَّهِ المُهَيْمِنِ واثقاً،
إذا كنتَ باللَّهِ المُهَيْمِنِ واثقاً،
رقم القصيدة : 4700
-----------------------------------
إذا كنتَ باللَّهِ المُهَيْمِنِ واثقاً،
فسلّم إليه الأمرَ، في اللّفظِ واللّحظِ(41/113)
يُدَبّرْكَ خَلاّقٌ يُديُر مَقادراً،
تُخَطّيكَ إحسانَ الغمائم، أو تُحظي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رَضِيتُ مُلاوةً، فوَعَيتُ عِلماً،
رَضِيتُ مُلاوةً، فوَعَيتُ عِلماً،
رقم القصيدة : 4701
-----------------------------------
رَضِيتُ مُلاوةً، فوَعَيتُ عِلماً،
وأحفَظني الزّمانُ، فقَلّ حِفظي
إذا ما قلتُ نَثراً، أو نَظِيماً،
تَتَبّعَ سارقو الألفاظِ لَفظي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما زلتُ في الغَمَراتِ لستُ بخالصٍ
ما زلتُ في الغَمَراتِ لستُ بخالصٍ
رقم القصيدة : 4702
-----------------------------------
ما زلتُ في الغَمَراتِ لستُ بخالصٍ
منهنّ، فاشتُ، على رَجائكَ، أو قِظِ
ومن البريّةِ مَن يَعيبُ، بجَهلِهِ،
أهلَ السِّناتِ، وليسَ بالمُتَيَقِّظِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المَوتُ حَظٌّ لمنْ تَأمّلَهُ،
المَوتُ حَظٌّ لمنْ تَأمّلَهُ،
رقم القصيدة : 4703
-----------------------------------
المَوتُ حَظٌّ لمنْ تَأمّلَهُ،
وليسَ في العيشِ أن تؤمِّلَ حَظّ
لا سِيّما للّذي يُخَطُّ علَيهِ الـ
ـوزرُ إن قالَ، أوْ رَنا ولَحَظْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا أنتَ لم تحضرْ معَ القومِ مسْجِداً،
إذا أنتَ لم تحضرْ معَ القومِ مسْجِداً،
رقم القصيدة : 4704
-----------------------------------
إذا أنتَ لم تحضرْ معَ القومِ مسْجِداً،
فصَلّ إلى أن يَقضيَ الجُمعَةَ الجَمْعُ
ولا تأمَنَنْ أنْ يَحشُرَ، اليومَ، ربُّه؛
له بصرٌ، من قُدرَةٍ، ولهُ سَمْعُ
فيُخبِرَ بالتّقصيرِ عنكَ مُؤنِّباً،
وتَسكُبَ دَمعاً، حيثُ لا ينفعُ الدمعُ
هنالِكَ لا تَرجو صريخاً مزَعزِعاً
صدورَ عَوالٍ، فوقَها، للرّدى، لَمْعُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا خَطَبَ الزّهراءَ كَهلٌ وناشىءٌ،
إذا خَطَبَ الزّهراءَ كَهلٌ وناشىءٌ،
رقم القصيدة : 4705
-----------------------------------(41/114)
إذا خَطَبَ الزّهراءَ كَهلٌ وناشىءٌ،
فإنّ الصِّبا فيها شفيعٌ مُشفَّعُ
ولا يُزْهِدَنْها عُدْمُهُ، إنّ مُدّهُ
لأبرَكُ من صاعِ الكبيرِ، وأنفَعُ
وما لأخي ستّينَ قُدرَةُ سائِرٍ
إلَيها، ولكنْ عَجزُهُ ليسَ يُدفَعُ
ويُخفَضُ، في كلّ المَواطنِ، ذمُّه،
وإن كان يُدْنى، في المحلّ، ويُرفَعُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا يكشِفُ القُصّاصَ والٍ، فإنْ همُ
ألا يكشِفُ القُصّاصَ والٍ، فإنْ همُ
رقم القصيدة : 4706
-----------------------------------
ألا يكشِفُ القُصّاصَ والٍ، فإنْ همُ
أتَوْا بيَقينٍ، فليَقُصّوا ليَنفَعُوا
وإن خَرَصوا مَيناً، بغيرِ تَحَرّجٍ،
فأوجَبُ شيءٍ أن يُهانوا ويُصفَعوا
ومَن جاءَ منهمْ واثِقاً بشَفاعَةٍ،
فكَمْ شافعٍ في هَيّنٍ، لا يُشَفَّعُ
سعَوْا لفَسادِ الدّينِ في كلّ مَسجدٍ،
فما بالُهُمْ لم يُستَضاموا ويُدفَعوا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هيَ النّفسُ، عَنّاها من الدّهرِ فاجعُ
هيَ النّفسُ، عَنّاها من الدّهرِ فاجعُ
رقم القصيدة : 4707
-----------------------------------
هيَ النّفسُ، عَنّاها من الدّهرِ فاجعُ
برُزءٍ، وغَنّاها لتُطرِبَ ساجِعُ
ولم تَدْرِ منْ أنّى تُعَدُّ لنا الخُطَا،
ولا أينَ تُقضَى للجُنوبِ المَضاجعُ
وما هذهِ السّاعاتُ إلاّ أراقِمٌ،
وما شَجُعَتْ في لمسِهِنّ الأشاجعُ
أرى النّاسَ أنفاسَ التّرابِ، فظاهِرٌ
إلينا، ومَردودٌ إلى الأرضِ، راجعُ
شربتُ سنِيّ الأربَعينَ تَجَرّعاً،
فَيا مَقِراً ما شُرْبُهُ فيّ ناجعُ
جَهِلنا، فحيٌّ، في الضّلالةِ، ميّتٌ،
أخو سَكرَةٍ في غَيّهِ، لا يُراجِعُ
يَذُمُّ، إذا لاقاكَ يَقظانَ هاجِعاً،
وحَمدٌ، لذئبِ الخَرْقِ، يَقظانُ هاجعُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دوْلاتُكُمْ شَمَعاتٌ يُستَضاءُ بها،
دوْلاتُكُمْ شَمَعاتٌ يُستَضاءُ بها،
رقم القصيدة : 4708
-----------------------------------(41/115)
دوْلاتُكُمْ شَمَعاتٌ يُستَضاءُ بها،
فَبادِروها إلى أن تُطفأ الشَّمَعُ
والنّفسُ تَفنى بأنفاسٍ مكرَّرةٍ،
وساطعُ النّارِ تُخبي نورَهُ اللُّمَعُ
كَم سامعي اللّفظِ قُوّالٌ، كأنّهمُ
تحتَ البَسيطَةِ ما قالوا ولا سَمِعُوا
والعِلمُ يُدرِكُ أنّ المَرءَ مُختَلَسٌ
من الحَياةِ، ولكنْ يَغلِبُ الطّمعُ
وقد سَقَتهُمْ غَماماتٌ بكتْ زَمَناً
بلا ابتِسامٍ، فما جادوا ولا دَمعوا
لا تَجمَعوا المالَ، واحبُوه موالِيَهُ،
فالمُمسِكونَ تُراثٌ كلُّ ما جَمعوا
والوَقتُ للَّهِ، والدّنيا مُخَلَّفَةٌ
من بَعدِنا، وتَساوى الهامُ والزَّمعُ
وليسَ يَثبُتُ للأيّامِ من شَرَفٍ،
إذا تَفاخَرَتِ الآحادُ والجُمعُ
وربَّ أبيضَ، كانَ الوَشيُ مُبتَذَلاً
في صَوْنِه، أكَلَتْهُ أضبُعٌ خُمُعُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المالُ يُسكِتُ عن حَقٍّ، ويُنطِقُ في
المالُ يُسكِتُ عن حَقٍّ، ويُنطِقُ في
رقم القصيدة : 4709
-----------------------------------
المالُ يُسكِتُ عن حَقٍّ، ويُنطِقُ في
بُطلٍ، وتُجمَع إكراماً لهُ الشّيَعُ
وجِزْيَةُ القومِ صدّتْ عنهمُ، فغدتْ
مَساجِدُ القَومِ مَقروناً بها البِيَعُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نغدو على الأرض في حالات ساكنها
نغدو على الأرض في حالات ساكنها
رقم القصيدة : 4710
-----------------------------------
نغدو على الأرض في حالات ساكنها
وتحتها لهدوءِ الحسِّ نضْطجعُ
والموْتُ خيرٌ وفيه لامرىءٍ دعةٌ
أن يُضرب الترْب لايحدث له وجع
تَشابهَ القوْم في علمي إذا جبنوا
فلا ألوم ولا أثني إذا شجَعوا
قريضهمْ كقريضِ الباركاتِ وما
سجعُ الحمائم إلاَّ مثل ما سجعوا
ترى وميض حياءٍ لا حيا قلِقا
عند الثريا وهل سارٍ فمنتجعُ
بئس المعاشرُ إن ناموا فلا انتبهوا
من الرقاد وإن غابوا فلا رجعوا
كم أنفدَ الليلَ ناسٌ غفلةً وكرى
ولو أحسوا خفيَّ الأمر ما هجعوا
يَشجو الفراقُ فلولا إلفُ مفتقدٍ(41/116)
للظّاعنينَ لما أبكوْا و لا فجعوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قالتْ مَعاشرُ: كلٌّ عاجزٌ ضرِعُ،
قالتْ مَعاشرُ: كلٌّ عاجزٌ ضرِعُ،
رقم القصيدة : 4711
-----------------------------------
قالتْ مَعاشرُ: كلٌّ عاجزٌ ضرِعُ،
ما للخَلائِقِ لا بُطْءٌ ولا سُرُعُ
مُدَبَّرونَ، فلا عَتْبٌ، إذا خَطِئوا
على المُسيءِ، ولا حَمدٌ، إذا برَعوا
وقدْ وجدتُ لهذا القَولِ، في زَمَني،
شواهِداً، ونَهاني، دونَهُ، الوَرَعُ
والناسُ ضأنٌ تَساوَتْ في غَرائزِها،
يَلقون، بالأرض، كفّاً، كلّما افترعوا
والعيشُ وِرْدٌ سيُسقى الحيُّ آخرَهُ،
عند الحِمامِ، وأنفاسُ الفتى جُرَع
شاموا بروقَ المَنايا، غيرَ مانِعِهم
من الحوادِث، ما شاموا وما ادّرعوا
ويَدّعي، الرّتبَةَ العليا، أخَسُّهمُ،
فَما يُجابُ لهمْ داعٍ، إذا ضرَعوا
وأدركوا، بدعاويهمْ، مدى زُحَلٍ،
من الرّغامِ، بما قاسُوهُ أو ذَرَعوا
يَسْعَونَ في المَنهج المسلوك، قد سُبقوا
إلى الذي هو، عند الغُرّ، مُختَرَعُ
أبكارُ هذي المَعاني ثَيّباتُ حِجًى،
في كلّ عَصرٍ لها جانٍ ومفترِع
وخالَفوا الشّرعَ، لمّا جاءهم بتُقًى؛
واستَحسنوا، من قبيح الفعل، ما شرَعوا
وجدتُ ما ازْدرعوهُ، كان عن قَدَرٍ،
والحقُّ أنّ بَنيهِم شرُّ ما ازدرعوا
ولو يُكَشَّفُ عن أبصارِهمْ، لرأتْ
آمالَهمْ والمَنايا كيفَ تَصطرع
عادتْ لَياليهِمُ دُهماً، بلا وَضَحٍ،
وقد يكونُ بهنّ الغُرُّ والدُّرَع
والمرءُ، ما عاشَ، مَبسوطٌ إساءتُه،
يَشقى به القوم، إن هانوا وإن فَرَعوا
والطّيرُ والوَحشُ غاديها وصالِحها
واللّيثُ والشّبلُ والذّيّالُ والذرَعُ
لا فَضلَ يُحباهُ مَخلوقٌ على جِهَةٍ
من حالِهِ، وتَساوى النّسرُ والمُرَع
والهَذرُ يُعطيكَ، عن فَقدِ الهُدى، نبأً،
ويُكثِرُ القولَ طَيرٌ، شأنُها الضَّرَع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَن رامَ أنْ يُلزِمَ الأشياءَ واجبَها،
مَن رامَ أنْ يُلزِمَ الأشياءَ واجبَها،(41/117)
رقم القصيدة : 4712
-----------------------------------
مَن رامَ أنْ يُلزِمَ الأشياءَ واجبَها،
فإنّهُ بِبَقاءٍ ليسَ يَنتَفِعُ
أُرضي انتِباهي بما لم يَرْضَهُ حُلُمي
قِدْماً، وأدفَعُ أوقاتي، فتَندَفعُ
وخفَّ بالجَهلِ أقوامٌ، فبَلّغهمْ
مَنازلاً، بسَناءِ العِزّ تَلتَفعُ
أمَا رأيتَ جِبالَ الأرضِ لازِمةً
قَرارَها، وغبارُ الأرضِ يَرتَفعُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حَيرانُ أنتَ فأيَّ النّاسِ تَتّبِعُ؛
حَيرانُ أنتَ فأيَّ النّاسِ تَتّبِعُ؛
رقم القصيدة : 4713
-----------------------------------
حَيرانُ أنتَ فأيَّ النّاسِ تَتّبِعُ؛
تَجري الحظوظُ، وكلٌّ جاهلٌ طَبِعُ
والأمُّ بالسّدس عادتْ، وهيَ أرأفُ من
بنتٍ لها النّصفُ، أو عِرْسٍ لها الرّبع
والحَتفُ، كالثّائرِ العادي، يُصرّعُنا؛
والأرضُ تأكلُ، هلاّ تكتَفي الضّبُع؟
أمّا دعاويكَ، فهيَ الآنَ مُضحِكَةٌ،
وما لنَفسِكَ من أطماعِها شِبَع
يا فاسِقاً يَتراءى أنّهُ مَلَكٌ؛
وفارةً، عندَ قَومٍ، أنّها سَبُع
ما أشبَهَ النّاسَ بالأنعامِ، ضمَّهُمُ،
إلى البَسيطةِ، مُصطافٌ ومُرتَبع
إن لم تكنْ فحلَ إبلٍ كنتَ مُشبِهَهُ،
أعراسُك الذَّود عُدّتْ، وابنُك الرُّبع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا الزّمانُ، فأوقاتٌ مواصَلَةٌ؛
أمّا الزّمانُ، فأوقاتٌ مواصَلَةٌ؛
رقم القصيدة : 4714
-----------------------------------
أمّا الزّمانُ، فأوقاتٌ مواصَلَةٌ؛
يا سَعدُ ويحك، هل أحسستَ مَن بُلَعُ
أسرِرْ جَميلَكَ، وافعَلْ ما هممتَ به،
إنّ المَليكَ على الأسرارِ مُطّلِعُ
ولتركَبِ الجِنحَ، لا عَوداً ولا فرساً،
كأنّما الشُّهبُ فيه الأينُقُ الظُّلُع
وما الهِلالُ بظِفرِ اللّيثِ تَرْهَبُهُ،
لكنّهُ، من بَقايا آكلٍ، صَلَع
والشَّريُ، يوجَدُ في أعقابِهِ ضَرَبٌ،
خيرٌ من الأريِ، في أعقابِهِ سَلَع
وإن جَهِلتَ، هَداكَ اللَّهُ، من كِبَرٍ،
فكُلُّ طودٍ مُنيفٍ شأنُهُ الصَّلَع(41/118)
وأُمُّ دَفرٍ، إذا طَلّقتَها بَذَلَتْ
رِفداً، وكانت كعِرْسٍ حينَ تختَلِع
وسرْتُ، عُمري، إلى قَبري على مهلٍ،
وقد دَنَوْتُ، فحُقّ الخَوْفُ والهَلَعُ
ما نحنُ أمْ ما بَرايا عالَمٍ كُثُرٍ،
في قُدرَةٍ، بعضُها، الأفلاكَ، يَبتلِع
تَهَزّمَ الرّعدُ، حتى خِلتُهُ أسَداً،
أمامَهُ، من بُرُوقٍ، ألسُنٌ دُلَع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المَينُ أهلَكَ فوقَ الأرضِ ساكِنَها،
المَينُ أهلَكَ فوقَ الأرضِ ساكِنَها،
رقم القصيدة : 4715
-----------------------------------
المَينُ أهلَكَ فوقَ الأرضِ ساكِنَها،
فما تَصادَقُ، في أبنائِها، الشّيَعُ
لوْلا عداوَةُ أصلٍ في طِباعِهِمُ،
كانَتْ مَساجدَ مَقروناً بها البِيَع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> النّفسُ في العالَمِ العلْويّ مَركزُها،
النّفسُ في العالَمِ العلْويّ مَركزُها،
رقم القصيدة : 4716
-----------------------------------
النّفسُ في العالَمِ العلْويّ مَركزُها،
وليسَ في الجوّ، للأجسادِ، مُزدرَعُ
تَفرّعَ النّاسُ عن أصلٍ بهِ دَرَنٌ،
فالعالَمونَ، إذا مَيّزْتَهم، شَرَع
والجَدُّ آدمُ، والمَثوى أديمُ ثَرًى،
وإنْ تَخالَفَتِ الأهواءُ والشِّرَعُ
ما ربّةُ التّاجِ والقُرطَينِ ماريَةٌ،
إلا كَماريَةٍ، في إثرِها ذَرَع
وإنّ خَنساءَ، إذ تُزْجي قَصائدَها،
نَظيرُ خَنساءَ، يدعو ظِمئَها الكرَعُ
ما أكثرَ الوَرَعَ المَزؤودَ من جُبُنٍ،
فينا وإن قَلّ، في أشياعِنا، الوَرَع
ولابسُ المِغفَرِ الدّرْعيِّ جاءَ بهِ،
كالسِّيدِ أدرَعَ، في ليلٍ له دُرَع
والعيشُ ماءُ مُزادٍ، راحَ يَحمِلُهُ
طاوي الفَلاةِ، وأنفاسُ الفتى جُرَع
إذا دُعيتُ لأمرٍ عادَني بأذًى،
أوْ رُزْءِ دِينٍ، فإبطائي هوَ السَّرَع
غَدَتْ جُيوشُ المَنايا حَولَ واحدةٍ
من النّفوسٍ، عليها الجيشُ يَقترع
إذا أُبيدَتْ، فما عندي، إذا أُخذتْ،
فَرعٌ يَنوبُ، ولا عَذراءُ تُفترَع
وإنْ حَبانيَ، سعداً، من بهِ ثقتي،(41/119)
فليَسَ يُنقِصُ حَظّي أنّني ضرَع
تَشابَهَ الإنسُ، إلاّ أن يَشذّ حِجًى،
والطّيرُ شتّى، ومنها الفُتخُ والمُرَع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الدّهرُ كالشّاعرِ المُقوي، ونحنُ بهِ
الدّهرُ كالشّاعرِ المُقوي، ونحنُ بهِ
رقم القصيدة : 4717
-----------------------------------
الدّهرُ كالشّاعرِ المُقوي، ونحنُ بهِ
مثلُ الفواصِلِ، مَخفوضٌ ومرفوعُ
ما سرّ، يوماً، بشيءٍ منْ مَحاسنِهِ،
إلاّ وذاكَ، بسوء الفعلِ، مَشفوعُ
والمرءُ يَرْغَبُ في الدّنيا ويُعجِبُهُ
غِناهُ، وهو، إلى ما ساءَ، مدفوعُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا داعٍ دعاكَ لرُشدِ أمرٍ،
إذا داعٍ دعاكَ لرُشدِ أمرٍ،
رقم القصيدة : 4718
-----------------------------------
إذا داعٍ دعاكَ لرُشدِ أمرٍ،
فلَبِّ ولا يفُتْكَ لهُ اتّباعُ
تَغَيّرَ مُلْكُ حِميَرَ ثمّ كِسرى،
ولم تَقبَلْ، تَغيّرَها، الطّباعُ
وجدتُ النّاسَ في جبلٍ وسَهلٍ،
كأنّهُمُ الذّئابُ، أوِ السّباعُ
رجالٌ مثلُ ما اهترَشَتْ كِلابٌ؛
ونسوانٌ كما اغتَلَمَ الضّباعُ
أزالَ اللَّهُ خيراً عن أميرٍ،
لهُ ولَدٌ، على عِلمٍ يُباعُ
جَوارٍ، كالنّياقِ يُسَقنَ عَنهُ،
وفي أحشائهِنّ لَهُ رِباعُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سأخرُجُ بالكراهةِ، من زَماني
سأخرُجُ بالكراهةِ، من زَماني
رقم القصيدة : 4719
-----------------------------------
سأخرُجُ بالكراهةِ، من زَماني
وفي كَشحَيّ، من يدِه، قِطاعُ
وما زالَ البَقاءُ يُرِثُّ حَبلي،
إلى أن حانَ، للمَرَسِ، انقطاع
لَبيبُ القومِ تألَفُهُ الرّزايا،
ويأمُرُ بالرّشادِ، فلا يُطاعُ
فلا تأمَلْ، من الدّنيا، صَلاحاً،
فذاكَ هوَ الذي لا يُستَطاعُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما الأصلُ أُلفِيَ غَيرَ زاكٍ،
إذا ما الأصلُ أُلفِيَ غَيرَ زاكٍ،
رقم القصيدة : 4720
-----------------------------------
إذا ما الأصلُ أُلفِيَ غَيرَ زاكٍ،(41/120)
فما تَزكو، مدى الدّهرِ، الفروعُ
وليسَ يُوافقُ ابنُ أبٍ وأُمٍّ
أخاهُ، فكَيفَ تَتّفقُ الشُّروع؟
فإنْ أكدى المُنيلُ، فلا تَلُمْهُ،
فقدْ تَخلو، من الرِّسلِ، الضُّروع
وَذَكّرْ بالتّقَى نَفَراً غُفولاً،
فلولا السّقيُ ما نَمَتِ الزّروع
بَني حَوّاءَ كيفَ الأمنُ منكم،
ولم يُؤهَلْ، بغَيرِ الحِقْدِ، رُوع؟
إذا كانَ القَضاءُ يَجيءُ حَتماً،
فَما هذِي المَغافرُ والدّروع؟
أُذَكّرُكمْ برِحلتِكُمْ لَعَلّي
أروعُ قلوبَكُمْ، ولِمَنْ أروع!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ دَمعي نَبعٌ، وما العُودُ نَبعُ،
إنّ دَمعي نَبعٌ، وما العُودُ نَبعُ،
رقم القصيدة : 4721
-----------------------------------
إنّ دَمعي نَبعٌ، وما العُودُ نَبعُ،
وحَواني، من مَنزِلِ الهمّ، رَبعُ
خُذْ بضَبعي، إذا أطَقْتَ غِياثاً،
فَمَسيرُ الأيّامِ تَحتيَ ضَبع
نَلْ يَسيراً منّي، ولا تَسبَعَنّي،
في نوالي، فإنّ ظِمئيَ سِبع
والسّجايا شتّى، فلا يَقنِصُ اللّيـ
ـثُ هِزَبْراً، والهِرُّ للفارِ سَبع
وتَداني الأيّامِ يُحدِثُ نَقصاً
وازدِياداً، والجسمُ للنّفسِ تِبع
خمسة، في نَظيرِها خمسُ خَمساتٍ،
تنَمّتْ، والنّصفُ، في النصفِ رُبعُ
يغدُرُ الخِلُّ إن تكفّلَ، يَوماً
بوَفاءٍ، والغَدْرُ في النّاسِ طَبع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لَعَمرُكَ! ما في الأرضِ كهلٌ مجَرَّبٌ،
لَعَمرُكَ! ما في الأرضِ كهلٌ مجَرَّبٌ،
رقم القصيدة : 4782
-----------------------------------
لَعَمرُكَ! ما في الأرضِ كهلٌ مجَرَّبٌ،
ولا ناشىءٌ إلاّ لإثمٍ مُراهِقُ
إذا بضَّ بالشيءِ القَليلِ، فإنّهُ،
لسوءِ السّجايا، بالتّبَجّحِ فاهقُ
ولو كان، من هذي الشّواهقِ، سيّدٌ،
ثَنَتْهُ المَنايا، وهو بالنّفسِ شاهقُ
وكم من جَوادٍ فيهِمُ شهِدَتْ لَه
نَواهِقُهُ، والشّاحجاتُ النّواهقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> متى يَنفَعِ الأقوامَ حيٌّ يكنْ لهُ(41/121)
متى يَنفَعِ الأقوامَ حيٌّ يكنْ لهُ
رقم القصيدة : 4783
-----------------------------------
متى يَنفَعِ الأقوامَ حيٌّ يكنْ لهُ
أذاةٌ بهم، والحَينُ بالنّفسِ لاحقُ
فما تَسحق، المروَ، الأكفُّ، ولا الحصا
ولكن يُغادي، إثمِدَ العَينِ، ساحقُ
فإن بُورِكَ الخيرُ الذي أنتَ صانعٌ،
فأهلٌ، وإلاّ فالخطوبُ مَواحقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقَد جاءَ قومٌ يَدّعونَ فضيلَةً،
لقَد جاءَ قومٌ يَدّعونَ فضيلَةً،
رقم القصيدة : 4722
-----------------------------------
لقَد جاءَ قومٌ يَدّعونَ فضيلَةً،
وكلُّهُمُ يَبغي لمُهجَتِهِ نَفعَا
وما انخفضوا كيْ يَرْفعوكمْ، وإنّما
رأوا خَفضَكم، طولَ الحياةِ، لهم رفعا
وما ثَبّتوا من شاهدٍ يُهتَدى بهِ،
فإن لزموا دَعواهمُ، فالزَموا الدّفعا
ندينُ بأنّ اللَّهَ وِتْرٌ، وخوفُهُ
رَشادٌ، فصَلّوا الوتر في الدهر والشّفعا
ودُنياكُمُ الدّارُ التي ما تضَمّنَتْ
زكيّاً، فلا تبكوا أثافيَّها السُّفْعا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعمرُكَ ما آسى، إذا ما تحمّلتْ،
لعمرُكَ ما آسى، إذا ما تحمّلتْ،
رقم القصيدة : 4723
-----------------------------------
لعمرُكَ ما آسى، إذا ما تحمّلتْ،
عن الجسم، رُوحٌ كانَ يُدعى لها رَبْعا
وما أسألُ الأحياءَ، بَعدي، زيارةً
ثلاثاً، لإيناسِ الدّفينِ، ولا سَبْعا
ولا تَرِثُ الزّوجاتُ عنّيَ حِصّةً،
من المالِ، ثُمناً، في الفريضةِ، أو رُبعا
جوارُ بني الدّنيا ضَنًى لي دائِمٌ،
تمَنّيتُ، لمّا شفّني، الغِبَّ والرِّبعا
لقد فَعَلوا الخَيرَ القَليلَ، تكلّفاً،
وجاؤوا الذي جاؤوه، من شرّهم، طبعا
فأينَ يَنابيعُ النّدى وبِحارُهُ؛
وهل أبقَتِ الأيّامُ، من أسدٍ، ضَبعا؟
إذا حُرقَتْ عِيدانُهُمْ، فألُوّةٌ؛
وإن عُجِمتْ، في حادثٍ، وُجدتْ نبعا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خَيرُ النّساءِ اللّواتي لا يَلِدْنَ لكم،
خَيرُ النّساءِ اللّواتي لا يَلِدْنَ لكم،(41/122)
رقم القصيدة : 4724
-----------------------------------
خَيرُ النّساءِ اللّواتي لا يَلِدْنَ لكم،
فإنْ وَلَدْنَ، فخيرُ النّسلِ ما نَفَعا
وأكثرُ النّسلِ يَشقَى الوالدانِ بهِ،
فلَيتَهُ كانَ عن آبائِهِ دُفِعا
أضاعَ دارَيْكَ من دُنيا وآخرَةٍ،
لا الحَيَّ أغنى، ولا في هالكٍ شَفَعا
وكَمْ سَليلٍ رجاهُ للجَمالِ أبٌ،
فكانَ خَزْياً، بأعلى هَضبةٍ، رُفِعا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بردُ الصّبا، ليسَ مثلَ البُردِ تخلَعُهُ،
بردُ الصّبا، ليسَ مثلَ البُردِ تخلَعُهُ،
رقم القصيدة : 4725
-----------------------------------
بردُ الصّبا، ليسَ مثلَ البُردِ تخلَعُهُ،
وجازَ أن يَستَعيدَ اللّبسَ مَن خَلَعَهْ
فأجْدِ، واجدُدْ، وآجدْ، واجدُ من صَمد
غفرانه واخش واخشُشْ نفسك الطُّلَعه
واعرِضْ أحاديثَ من قومٍ، أتوك بها،
على قياسِكَ، تحلِفْ أنّهُمْ وَلَعَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تخبأنْ، لغدٍ، رِزقاً، وبعدَ غَدٍ،
لا تخبأنْ، لغدٍ، رِزقاً، وبعدَ غَدٍ،
رقم القصيدة : 4726
-----------------------------------
لا تخبأنْ، لغدٍ، رِزقاً، وبعدَ غَدٍ،
فكلُّ يومٍ يُوافي رِزقُهُ معَهُ
واذخَرْ جميلاً لأدنى القوتِ، تُدرِكُه،
وللقيامَةِ، تَعرِفْ ذاكَ أجمَعَهُ
فرّقْ تِلادَكَ فيما شئتَ، محتقراً،
فليسَ يَذرِفُ، خَلفَ النّعشِ، أدمُعه
وافعَلْ بغَيرِكَ ما تَهواهُ يَفعَلُهُ،
وأسْمِعِ النّاسَ ما تَختارُ مِسمَعَه
وأكثرُ الإنسِ مثلُ الذّئبِ تَصحَبُه،
إذا تَبَيّنَ منكَ الضّعفُ أطمَعَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا عَفَوتَ، عن الإنسانِ، سيّئَةً،
إذا عَفَوتَ، عن الإنسانِ، سيّئَةً،
رقم القصيدة : 4727
-----------------------------------
إذا عَفَوتَ، عن الإنسانِ، سيّئَةً،
فَلا تُرَوّعْهُ تَثريباً وتَقريعَا
وإن كُفِيتَ عَناءً، فاجتَنبْ كلَفاً؛
غانٍ عنِ النّزْعِ مُروي الإبل تَشريعا(41/123)
والمرءُ يُوجدُ من عُدْمٍ، وما نَقَلَتْ،
عنه الحوادثُ، من عاداتِهِ، رِيعا
إن يألَفِ الهضْبَ لا يَبْغِ الوُهودَ به؛
أو يألَفِ الوَهدَ لا يؤثرْ بهِ رِيعا
وفي الضّرورَةِ يُلغى ما تَعوّدَهُ،
والغَفرُ يأكلُ، في الرّملِ، الأساريعا
وكيفَ يَطلُبُ عَدلاً مَنْ غَريزَتُهُ
تُوَلِّدُ الظّلْمَ تَثميراً وتَفريعا؟
لكلّ حالٍ سَجايا، والقريضُ بنا،
لا تَقتَضيكَ، بغيرِ البدءِ، تَصريعا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما بِيعَةٌ زِيرَتْ لغَيٍّ
إذا ما بِيعَةٌ زِيرَتْ لغَيٍّ
رقم القصيدة : 4728
-----------------------------------
إذا ما بِيعَةٌ زِيرَتْ لغَيٍّ
فأعطِ، لهَجرها، أيمانَ بَيعَهْ
ولا تجْعَلكَ، للأيّامِ، كَلباً،
ظِباءٌ من ذُؤيبَةَ أو سُبيعَهْ
فإنّ الدّهرَ ينقُلُ كلّ حالٍ،
كما نَقَلَ الحكومةَ من ضُبَيْعَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أزَعَمتَ أنّكَ آخِذٌ، من لذّةٍ
أزَعَمتَ أنّكَ آخِذٌ، من لذّةٍ
رقم القصيدة : 4729
-----------------------------------
أزَعَمتَ أنّكَ آخِذٌ، من لذّةٍ
حظّاً، وأنّكَ لا تؤمّلُ مَرجِعا؟
حتى مَ تُصبحُ، للضّعيفِ، مقوّياً،
فِعلَ السّفيهِ، وللجَبانِ مُشَجِّعا؟
لو لم نُراعِ، أمامَنا، إلاّ الرّدَى
وبِلى الجسومِ، لَكانَ أمراً موجِعا
وإذا هَمَمْتَ بمَطلَبٍ لتَنالَهُ،
لاقَيتَ، من نُوَبِ الزّمانِ، مُفجِّعا
والشخصُ لا يَنفَكُّ من تَعبٍ أتَى
من نَفسِهِ، حتى يُصادِفَ مَضجَعا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا ثالثَ الثِّنْيَينِ في خَمسَةٍ،
يا ثالثَ الثِّنْيَينِ في خَمسَةٍ،
رقم القصيدة : 4730
-----------------------------------
يا ثالثَ الثِّنْيَينِ في خَمسَةٍ،
إرْبَعْ، لكيْ تَستَخبرَ الأربُعا
يَنبُعُ، من عَينَيكَ، ماءٌ لها،
إذا خَليطٌ يَمّمُوا يَنْبُعا
فهل ترى كِسراً على الأرضِ، من
كِسراكَ، أو من تُبَّعٍ، تُبَّعا؟
وكم لَقِينا ضَبُعاً، أقبَلَتْ(41/124)
تَفترِسُ الآسادَ، والأضبُعا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعَمري! لقد أوضَعتَ في الغَيّ بُرْهةً،
لعَمري! لقد أوضَعتَ في الغَيّ بُرْهةً،
رقم القصيدة : 4731
-----------------------------------
لعَمري! لقد أوضَعتَ في الغَيّ بُرْهةً،
فما لكَ في ركبِ التّقى غير مُوضِعِ
وكم هُدّ، من ثهلانَ، شامخُ طودِه،
ولكنْ تَرى ثَهلانَ لم يتَضعضَع
حلبْتَ الزّمانَ العَوْدَ أشطُرَ ثَرّةٍ،
صفيٍّ، وما تَنفَكُّ من جهلِ مُرضع
فدَعْ عَنكَ ذكرَ البارِقيّةِ، تَعتَزي
لبارقِ حَيٍّ، أو لبارِقِ موضع
إذا خضَعتْ أعناقُ رَهطٍ لكفرِهمْ،
فأعناقُ طُلاّبِ الهُدى غيرُ خُضَّع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حبَستَ كتابَ العَينِ في كلّ وجهَةٍ،
حبَستَ كتابَ العَينِ في كلّ وجهَةٍ،
رقم القصيدة : 4732
-----------------------------------
حبَستَ كتابَ العَينِ في كلّ وجهَةٍ،
فخذْ حَذراً مِن تَرجُمانِ المفجَّعِ
تَقِ اللَّه، واترُكْ أدْمُعاً إثرَ هالكٍ،
فلمْ تَلقَ إلاّ حاملاً قلبَ مُوجَع
وأيُّ انتفاعٍ للهَديلِ، الذي مضى،
على عَهدِ نوحٍ، بالهَديلِ المرجَّع
كأنّ خطيباً مُوفياً رأسَ منبرٍ،
يَبُثُّ هُذاءً، بالكَلامِ المسجَّع
إذا كانَ جسمي، في الثرى، غيرَ عالم،
فلَحديَ خَيرٌ من مَبيتي بمهجَع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عليكَ بفعلِ الخيرِ، لو لم يكنْ لهُ،
عليكَ بفعلِ الخيرِ، لو لم يكنْ لهُ،
رقم القصيدة : 4733
-----------------------------------
عليكَ بفعلِ الخيرِ، لو لم يكنْ لهُ،
من الفَضلِ، إلاّ حُسنُهُ في المَسامعِ
لعَمرُكَ! ما في عالَمِ الأرضِ زاهدٌ
يَقيناً، ولا الرّهبانُ أهلُ الصّوامع
أرى أُمراءَ النّاسِ يُمسونَ شَرَّهمْ،
إذا خَطَفوا خَطْفَ البُزاةِ اللّوامع
وفي كلّ مِصرٍ حاكمٌ، فموَفّقٌ،
وطاغٍ يُحابي في أخَسّ المَطامع
يجورُ، فينفي المُلكَ عن مُستَحقّه،
فتسكبُ أسرابُ العيونِ الدّوامع(41/125)
ومن حَوْلِهِ قومٌ كأنّ وُجوهَهمْ
صفاً، لم يُلَيّنْ بالغُيوثِ الهَوامع
عُدولٌ، لهمْ ظُلمُ الضّعيفِ سجيّةٌ،
يُسَمَّونَ أعرابَ القُرى والجوامع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَواءٌ هجودي في الدّجَى، وتهجّدي
سَواءٌ هجودي في الدّجَى، وتهجّدي
رقم القصيدة : 4734
-----------------------------------
سَواءٌ هجودي في الدّجَى، وتهجّدي
عليّ، إذا أصبَحتُ غَيرَ مُطيعِ
همُ النّاسُ ضربُ السّيفِ لم يُغنِ فيهمُ،
ويكفيكَ عَوْدَ السّوءِ ضربُ قطيع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا فَزِعنا، فإنّ الأمنَ غايَتُنا؛
إذا فَزِعنا، فإنّ الأمنَ غايَتُنا؛
رقم القصيدة : 4735
-----------------------------------
إذا فَزِعنا، فإنّ الأمنَ غايَتُنا؛
وإنْ أمِنّا، فَما نَخلو من الفَزعِ
وشيمَةُ الإنسِ مَمزُوجٌ بها مَلَلٌ،
فَما نَدُومُ على صبرٍ ولا جَزَع
وسبتُكَ الشّعَرَ الغِرْبيبَ تَطرَحُهُ،
ما رغّبَ الشّيخ في البادي من النّزَع
ونُغبَةٌ إثرَ أُخرَى أطفأتْ ظمأً؛
ورُبّ مَلبَسِ دَجنٍ خيطَ من قَزَع
وشرُّ ساكنِ هذي الأرضِ عالَمُنا،
واللَّوبُ في الجِزْعِ أغلى قيمةَ الجَزَع
لولا فوارِسُ، فوقَ الأرضِ، مشرِعةً،
ما هابت الوحش قُربَ الشُّزّب المُزَع
زَع نفسَكَ اليَومَ، واندبها إلى حَسنٍ،
فإنْ أطاعتْ، فأدّبْ غيرَها وزَع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَزَوّجَ، بعدَ واحدةٍ، ثلاثاً،
تَزَوّجَ، بعدَ واحدةٍ، ثلاثاً،
رقم القصيدة : 4736
-----------------------------------
تَزَوّجَ، بعدَ واحدةٍ، ثلاثاً،
وقالَ لعِرْسِهِ يكفيكِ رُبعي
فيُرْضيها، إذا قَنعتْ بقُوتٍ،
ويَرجُمُها، إذا مالَتْ لتِبعِ
ومن جمعَ اثنتينِ، فَما تَوخّى،
سبيلَ الحقّ في خمسٍ ورُبع
وعقلُكَ يا أخا السّبعينَ واهٍ،
كأنّكَ في مَلاعِبكَ ابنُ سبع
ظلمتَ، وكلُّنا جانٍ ظلومٌ،
وطَبعُكَ في الخيانةِ مثلُ طَبعي
يَسرُّكَ أنّ رَبْعَ سواكَ خالٍ،(41/126)
إذا مُكّنتَ من أهلٍ ورَبْع
ولولا ذاكَ ما حُمِلَتْ، لرَمْيٍ،
معابلُ صائدٍ، وقِسيُّ نَبع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سباكِ اللَّهُ يا دُنيا عرُوساً،
سباكِ اللَّهُ يا دُنيا عرُوساً،
رقم القصيدة : 4737
-----------------------------------
سباكِ اللَّهُ يا دُنيا عرُوساً،
فكم أوفدتِ لي شَمعاً بشَمعِ
وما يَنفَكُّ، في يمَنٍ وشامٍ
غرورُكِ، شائماً بخَفِيّ لَمع
وما أبهَجْتِني منذُ التَقَينا،
وإن نوّهتِ بي ورَفعتِ سِمعي
إذا ما أعظُمي كانتْ هَباءً،
فَإنّ اللَّهَ لا يُعيِيهِ جَمعي
ولم أستَغْلِ منكِ فِداءَ نَفسي
بشيءٍ، فاعجبي لرقوءِ دَمعي
بفَقْدِ غرائزي شَمّي وذَوْقي،
ولمسي تابِعاً بصري وسَمعي
أرى الدّولاتِ فيكِ وإن تمادتْ
غَمائمَ أثجَمَتْ بوَشيك هَمع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كإنائكِ الجسمُ الذي هوَ صورَةٌ
كإنائكِ الجسمُ الذي هوَ صورَةٌ
رقم القصيدة : 4738
-----------------------------------
كإنائكِ الجسمُ الذي هوَ صورَةٌ
لكِ في الحياةِ، فحاذري أن تُخدَعي
لا فَضلَ للقَدَحِ الذي استَوْدَعتَهُ
ضَرَباً، ولكنْ فضلُهُ للمودَعِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما لي رأيتُكَ لا تُلِمُّ بمسجِدٍ،
ما لي رأيتُكَ لا تُلِمُّ بمسجِدٍ،
رقم القصيدة : 4739
-----------------------------------
ما لي رأيتُكَ لا تُلِمُّ بمسجِدٍ،
حتى كأنّكَ في البلاغِ السابعِ؟
سَبّحْ بواحدَةٍ، فَفيها بُلغَةٌ
للمتّقينَ، وكلْ بخَمسِ أصابع
يا أوّلاً، في الكفرِ، لم يكُ ثانياً،
طالَ استتارُكَ بالإمامِ الرّابع
والشِّمرُ عندك، في الحسين، مُوفَّقٌ
لمّا حماهُ من الفُراتِ النّابع
ما صحّ عندي أنّ ذاتَ خلاخلٍ،
تُقفى، من الجِنّ الغُواة، بتابع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الطّيْلَسانُ اشتُقّ، في لَفظِه،
الطّيْلَسانُ اشتُقّ، في لَفظِه،
رقم القصيدة : 4740
-----------------------------------(41/127)
الطّيْلَسانُ اشتُقّ، في لَفظِه،
من طُلسَةِ المبتكرِ الجامعِ
وزِيدَ ما زِيدَ لتَوْكيدِهِ،
فالشرُّ في بارِقِهِ اللاّمِع
أما استَحَى العدلُ، وأخبارُهُ
سَيّئَةٌ في أُذُنِ السّامع؟
ما جارَ شمّاسُكَ في حُكمِهِ؛
ولا يَهودِيُّكَ بالطّامِع
فالقَسُّ خَيرٌ لك، فيما أرى،
من مُسلِمٍ يخطُبُ في الجامع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَرحَباً بالمَوتِ والعيشُ دُجًى
مَرحَباً بالمَوتِ والعيشُ دُجًى
رقم القصيدة : 4741
-----------------------------------
مَرحَباً بالمَوتِ والعيشُ دُجًى
وحِمامُ المَرءِ، كالفَجرِ سَطَعْ
أمَلٌ أُحصِدَ، لا تُرسلُهُ
كَفُّ حيٍّ، فإذا ماتَ انقَطَع
أمَرَ الحازمُ نَفساً بالتّقى،
ذاكَ أمرٌ من لَبيبٍ لم يُطَع
كم أرادَ الخُلدَ قَومٌ، فرأوا
مَسلَكاً، إن يُلتمَس لا يُستطَع
لستُ أدري، ألِقَسمِ المالِ أم
لاقتضابِ الرّأسِ، يُدعى بالنَّطَع
طَلَبَ المُشتارُ أرْياً، فإذا
جُثّةُ البائسِ في الأرضِ قِطع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَجبتُ لآمرِنا لم يُطَعْ،
عَجبتُ لآمرِنا لم يُطَعْ،
رقم القصيدة : 4742
-----------------------------------
عَجبتُ لآمرِنا لم يُطَعْ،
وللخُلدِ عَزّ، فلَم يُستَطَعْ
ونَظمُ أُناسٍ تَناهَى إليّ،
من عهدِ آدَمَ، ثمّ انقَطَعْ
وأشنَبَ إن أنظَرَتْهُ المَنونُ،
فلا بدّ من قَصَمٍ أو لَطَعْ
فلا تَيأسَنّ لليلٍ دَجَا،
ولا تَفرَحَنّ بفجرٍ سَطَع
ولا تحفِلَنّ، أللسّيبِ أمْ
معَ السّيفِ قُدّمَ ذاكَ النَّطَع
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا قُلتَ إنّ الشّيبَ للَّهِ صَبغُهُ،
إذا قُلتَ إنّ الشّيبَ للَّهِ صَبغُهُ،
رقم القصيدة : 4743
-----------------------------------
إذا قُلتَ إنّ الشّيبَ للَّهِ صَبغُهُ،
فقَد ضلّ بادي الغَيّ، للشّيبِ صابغُ
نَوابغُ فَوْدٍ لا يُبالينَ خاضِباً،
تَرَوّعَ منها جِرولٌ والنّوابغُ(41/128)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> من عَثرَةِ القومِ أن كَنّوْا وليدَهمُ
من عَثرَةِ القومِ أن كَنّوْا وليدَهمُ
رقم القصيدة : 4744
-----------------------------------
من عَثرَةِ القومِ أن كَنّوْا وليدَهمُ
أبا فُلانٍ، ولم يَنْسُلْ ولا بَلَغَا
كالسّيفِ سُمّيَ قطّاعاً، وما ضربتْ
بهِ الأكفُّ، ولا في هامةٍ وَلَغا
قد هانَ مَينٌ على أفواهِنا، فَغَدا
ذو النُّسكِ غيرَ مُبالٍ أن يكونَ لَغا
وأروَحُ الرّزقِ ما وافاك، في دَعَةٍ،
حِلاًّ، وقُسّمَ في أيّامِهِ بُلَغا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَقَى ديارَكَ غادٍ، ماؤهُ نِعَمٌ،
سَقَى ديارَكَ غادٍ، ماؤهُ نِعَمٌ،
رقم القصيدة : 4745
-----------------------------------
سَقَى ديارَكَ غادٍ، ماؤهُ نِعَمٌ،
كالقَرْمِ سُدّمَ، فهو الهادرُ الراغي
وليُفرغِ السّعدَ فيها قادرٌ صمَدٌ،
فلَستُ أقنَعُ من دَجنٍ بإفراغِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَدِّ عن شارِبِ كأسٍ أسكَرَتْ،
عَدِّ عن شارِبِ كأسٍ أسكَرَتْ،
رقم القصيدة : 4746
-----------------------------------
عَدِّ عن شارِبِ كأسٍ أسكَرَتْ،
فهو مثلُ الكلبِ، في الرّجسِ ولَغْ
والفتى ساعٍ لأقصى أمَلٍ،
لم يَزَلْ يَطلُبُهُ، حتى بلَغْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مُومِسٌ، كالإناءِ دنّسهُ الشَّرْ
مُومِسٌ، كالإناءِ دنّسهُ الشَّرْ
رقم القصيدة : 4747
-----------------------------------
مُومِسٌ، كالإناءِ دنّسهُ الشَّرْ
بُ، ووَغدٌ، كأنّه الكلبُ والغْ
وعقولٌ لَيستْ ترُدُّ فَتيلاً،
لقَضاءٍ، في عالَمِ اللَّهِ بالغ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أخو سفرٍ، قصدُهُ لحدُهُ،
أخو سفرٍ، قصدُهُ لحدُهُ،
رقم القصيدة : 4748
-----------------------------------
أخو سفرٍ، قصدُهُ لحدُهُ،
تمادى بهِ السّيُر، حتى بلَغْ
ودُنياكَ مثلُ الإناءِ الخَبيثِ،
وصاحبُها مثلُ كلبٍ ولَغ(41/129)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما كانَ في هذه الدّنيا بَنو زَمَنٍ،
ما كانَ في هذه الدّنيا بَنو زَمَنٍ،
رقم القصيدة : 4749
-----------------------------------
ما كانَ في هذه الدّنيا بَنو زَمَنٍ،
إلاّ وعنديَ من أخبارهمْ طَرَفُ
يُخَبّرُ العقلُ أنّ القَومَ ما كرُموا،
ولا أفادوا ولا طابوا ولا عرَفوا
عاشوا قليلاً، وماجوا في ضَلالتهم،
ولا يَفوزونَ إن جُوزوا بما اقترفوا
إذا شَقيتَ، فجسمٌ نالَهُ نَصَبٌ،
وإنْ تُرِفتَ، فماذا يَنفَعُ التّرَفُ؟
يا أُمّ دَفرٍ، لحاكِ اللَّهُ والدَةً،
منكِ الإضاعةُ والتّفريطُ والسَّرَفُ
لو أنّكِ العِرسُ أوقعتُ الطّلاقَ بها،
لكنّكِ الأمُّ، هلي لي عنكِ مُنصرَفُ؟
ولن يُصيبَ خُفافاً مَن يُقايضُهُ،
يوماً، بنُدْبَةَ لمّا فاتَها الشّرَفُ
قالتْ رجالٌ: عقولُ الشُّهبِ وافرَةٌ،
لوْ صَحّ ذلكَ قلنا: مَسّها خَرَفُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُنَجّمونَ، وما يَدرونَ لو سُئِلوا
يُنَجّمونَ، وما يَدرونَ لو سُئِلوا
رقم القصيدة : 4750
-----------------------------------
يُنَجّمونَ، وما يَدرونَ لو سُئِلوا
عن البَعوضةِ، أنّى منهُمُ تَقِفُ
وفرّقتهمْ، على عِلاّتِها، مِلَلٌ،
وعندَ كلّ فَريقٍ أنّهم ثَقِفُوا
دَعِ البَريّةَ للخُطبانِ تأكُلُهُ،
فإنّهُمْ كَنَعامٍ فيهِ يُنتَقفُ
ولو دَرَتْ، بمخازيهمْ، بيوتُهمُ،
هوَتْ عليهِمْ ولم تُنظِرْهمُ السُّقُفُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّا، مَعاشرَ هذا الخلقِ، في سَفَهٍ،
إنّا، مَعاشرَ هذا الخلقِ، في سَفَهٍ،
رقم القصيدة : 4751
-----------------------------------
إنّا، مَعاشرَ هذا الخلقِ، في سَفَهٍ،
حتى كأنّا، على الأخلاقِ، نختَلفُ
إنّ الرّجالَ، إذا لم يحمِها رَشَدٌ،
مثلُ النّساءِ عراها الخُلفُ والخُلُفُ
ألا تَرَى جَمعَ ما لا عَقلَ يُسنِدُهُ،
جَمْعَ المؤنّثِ فيه التاءُ والألفُ؟
ويوصَفُ القومُ، في العلياءِ، أنّهمُ(41/130)
شُمُّ الأنُوفِ، وفي آنافِهمْ ذلَف
كم من أخٍ بأخيهِ غَيرَ متّصلٍ،
كالعَينِ، ليستْ بلفظِ الخاءِ تأتلف
تَلافَ أمرَكَ من قبل التّلافِ بهِ،
فغايةُ النّاس، في دُنياهمُ، التّلَف
ولا تَقولَنْ، إذا ما جِئتَ مُخزِيةً،
قولَ الغُواةِ: على هذا مضى السّلَف
لا تَحلِفَنّ على صِدقٍ ولا كَذِبٍ،
فما يُفيدُكَ، إلاّ المأثمَ، الحَلِف
لولا حِذاريَ أنّ اللَّهَ يَسألُني
عمّا فعلتُ، لقَلّتْ عنديَ الكُلَف
كنّا فُتوّاً، فقدْ مُدّ البَقاءُ لَنا،
حتى غدونا، ومنّا الشِّيبُ والدُّلُف
يَفنى الزّمانُ، وأنفاسُ الأنامِ لَهُ
خُطًا، بِهنّ إلى الآجالِ، يَزْدلِف
وأُمُّ دَفر فَروكٌ وافقَتْ صَلَفاً
منّي، وكان جزاءَ الفاركِ الصّلَف
وكم ضحكتُ إليها، وهي عابسَةٌ،
ثمّ افتكرتُ، فزالَ الحبُّ والكَلَف
والنّاسُ من أربَعٍ شتّى، إذا ائتلفتْ
رُدّتْ إلى سَبعةٍ، في الحكم تَختلِف
إقرأ كَلامي، إذا ضَمّ الثّرى جسَدي،
فإنّهُ لَكَ ممّنْ قالَهُ خَلَف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الفِكرُ حَبلٌ، متى يُمسَكْ على طرَفٍ
الفِكرُ حَبلٌ، متى يُمسَكْ على طرَفٍ
رقم القصيدة : 4752
-----------------------------------
الفِكرُ حَبلٌ، متى يُمسَكْ على طرَفٍ
منه، يُنَطْ بالثّرَيّا ذلكَ الطّرَفُ
والعقلُ كالبحر، ما غِيضَتْ غَوارِبُهُ
شيئاً، ومنهُ بَنُو الأيّامِ تَغترِف
أبني بجهليَ داراً، لستُ مالِكَها،
أُقيمُ فيها قَليلاً، ثمّ أنصرِف
سَرِفتُ، واللَّهُ يُرْجَى أن يُسامحنا،
وفي القَديمِ خَلا، من أهلهِ، سَرِف
أأُنكِرُ اللَّهَ ذَنباً خَطَّهُ مَلَكٌ،
وبالذي خَطهّ الإنسانُ أعترِف؟
تقوى فيُهدى إليك الزادُ عن عُرُضٍ،
وتَفتري الأرضَ جَوّالاً، فتَقترف
تَرُومُ رزقاً بأن سَمّوكَ مُتّكِلاً،
وأدْيَنُ النّاسِ مَن يَسعَى ويَحترِف
يكفيكَ، أُدماً بنَحضٍ، ماءُ نابتَةٍ،
وظُلمَك النّحلَ ما يُعطيكه الضّرِف
إذا افتكَرْنا علمنا أنّ ذا ضَعَةٍ(41/131)
أعلى النّجوم، وللَّهِ انتَهَى الشّرَف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حسبُ الفتى، من ذنوبٍ، وصفُه رجلاً
حسبُ الفتى، من ذنوبٍ، وصفُه رجلاً
رقم القصيدة : 4753
-----------------------------------
حسبُ الفتى، من ذنوبٍ، وصفُه رجلاً
بالخَيرِ، وهو على ضدّ الذي يَصِفُ
وقد خبرتُ بَني الدّنيا، فَليتَهُمُ،
أو لَيتَني حَمَلَتني عَنهمُ العُصُفُ
فظالِمٌ آخِذٌ ما لا يَحِلُّ لهُ؛
ومُنصِفٌ ظلّ فيهمْ ليس يَنتَصِفُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خابَ الذي سارَ عن دُنياهُ مُرتحلاً،
خابَ الذي سارَ عن دُنياهُ مُرتحلاً،
رقم القصيدة : 4754
-----------------------------------
خابَ الذي سارَ عن دُنياهُ مُرتحلاً،
وليسَ في كفّهِ من دينِهِ طَرَفُ
لا خَيرَ للمَرءِ إلاّ خَيرُ آخِرَةٍ
يُبقي عليهِ، فذاكَ العِزُّ والشّرَفُ
نَرجو السّلامَةَ في العُقبَى وما حسُنت
أعمالُنا، فيُرَجّى الفوزُ والغُرَف
ما بانَ قَومٌ عن الأولى بما جمعوا
من الحُطامِ، ولكن بالذي اقترَفوا
سألتُ عَقلي فلم يُخبِرْ وقلتُ له:
سَلِ الرّجالَ، فما أفْتَوْا ولا عرَفوا
قالوا، فمالوا، فلمّا أن حدَوْتُهُمُ
إلى القياس، أبانُوا العَجزَ واعترفوا
جارانِ: مَلْكٌ ومُحتاجٌ أتَى زَمَنٌ
عليهما، فتَساوى البؤسُ والتّرَفُ
إنْ تركبِ الخيلَ أو تضربْ مراكبَها
من عسْجَدٍ، فإلى الغَبراءِ تَنصرِف
والفقرُ أحمدُ من مالٍ تُبَذّرُهُ،
إنّ افتقارَكَ مأمونٌ بهِ السَّرَفُ
يَعرى الفَقيرُ وبالدّينارِ كسوتُهُ،
وفي صِوانِكَ، ما إعدادُهُ خَرَفُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طالَ التبسّطُ، منّا، في حَوائجنا؛
طالَ التبسّطُ، منّا، في حَوائجنا؛
رقم القصيدة : 4755
-----------------------------------
طالَ التبسّطُ، منّا، في حَوائجنا؛
وإنّما نحنُ فَوقَ الأرضِ أضيافُ
يُريدُ خِلٌّ خَليلاً كَيْ يُوافقَهُ
في الطّبع، هيهاتَ إنّ النّاسَ أخيافُ(41/132)
لولا التّخالُفُ لم تَرْكُضْ لغارتِها
خَيلٌ، ولم تُقنَ أرماحٌ وأسيافُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> شكوتُ، من أهل هذا العصر، غدرَهمُ
شكوتُ، من أهل هذا العصر، غدرَهمُ
رقم القصيدة : 4756
-----------------------------------
شكوتُ، من أهل هذا العصر، غدرَهمُ
لا تُنكِرَنْ، فعلى هذا مضى السّلفُ
وما اعترافي بعيبِ الجنسِ مَنقصة،
والعِينُ يُعرَفُ، في آنافها، الذَّلفُ
والإلفُ هانَ لَهُ أمري، فقَصّرَني،
كما تهونُ، على ذي المَنطقِ، الألِف
أمسى النّفاقُ دروعاً يُستَجَنُّ بها
من الأذى، ويقوّي سَرْدها الحَلِف
أُفني زَماني بأنفاسٍ، كما قطعتْ،
مدًى بعيداً، مواشٍ، في السُّرى، دُلُف
إذا تخَلّفتُ، أو خُلّفتُ عن أمَلٍ،
سَلاَّ هُموميَ أني ليسَ لي خَلَف
تُرجَى الحَياةُ، إذا كانتْ، مودَّعَةً،
وقلّ خَيرُ حَياةٍ، حَشوُها كُلَف
لم يمضِ كَونٌ من الأكوانِ في زَمَنٍ
عليّ، إلاّ بهِ للحَتفِ أزدَلِفُ
فحَسِّنِ الوَعدَ بالإيجازِ تُتبِعُهُ،
إذا مَواعِدُ قومٍ شأنُها الخُلُفُ
إنّا ائتَلَفنا، لأنّ اللَّهَ ركّبَنا
من أربَعٍ، ثمّ صِرنا بَعدُ نختَلف
رأى بَنو الحَزمِ أنّ العيشَ فائدَةٌ،
حتى استَبانوا، فقالوا: حبّذا التّلَف
وقلّما تَسكُنُ الأضغانُ في خَلَدٍ،
إلاّ وفي وجهِ من يَسعى بها كَلَفُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صوفيّةٌ ما رَضُوا للصّوفِ نِسبَتَهم
صوفيّةٌ ما رَضُوا للصّوفِ نِسبَتَهم
رقم القصيدة : 4757
-----------------------------------
صوفيّةٌ ما رَضُوا للصّوفِ نِسبَتَهم
حتى ادّعَوا أنّهم من طاعةٍ صُوفُوا
تَبارَكَ اللَّهُ، دَهْرٌ حَشْوُهُ كَذِبٌ،
فالمَرءُ منّا بغَيرِ الحَقّ مَوصوفُ
إنْ أثمَرَ الغُصنُ، فامتَدّتْ إلَيهِ يَدٌ
تجنيهِ ظُلماً، فليتَ الغصنَ مَقصوفُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الأرضُ للَّهِ، ما استَحيى الحُلولُ بها
الأرضُ للَّهِ، ما استَحيى الحُلولُ بها
رقم القصيدة : 4758(41/133)
-----------------------------------
الأرضُ للَّهِ، ما استَحيى الحُلولُ بها
أن يَدّعوها، وهمْ في الدّارِ أضيافُ
تَنازَعوا في عَواريٍّ، فبَينَهُمُ
نَبْلٌ حُطامٌ، وأرماحٌ وأسيافُ
إن خالَفوكَ، ولم يَجرُرْ خِلافُهمُ
شرّاً، فلا بأسَ أنّ النّاسَ أخيافُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صدَقتُكَ، صاحبي، لا مالَ عندي،
صدَقتُكَ، صاحبي، لا مالَ عندي،
رقم القصيدة : 4759
-----------------------------------
صدَقتُكَ، صاحبي، لا مالَ عندي،
وقد كَثُرَ الضّيافنُ والضّيوفُ
أُناسٌ، في أكفّهِمُ عِصِيٌّ؛
وقومٌ، في أكفّهمُ سُيوفُ
دراهِمُهُمْ نقيّاتٌ، ولكِنْ
نُفُوسُهمُ، إذا كُشِفتْ، زُيوفُ
وما في الأرضِ من شِرْبٍ كريمٍ،
يُسَرُّ بوِرْدِهِ الصَّادي العَيوفُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألمْ ترَ أنّ جسمي فيهِ فَضلٌ،
ألمْ ترَ أنّ جسمي فيهِ فَضلٌ،
رقم القصيدة : 4760
-----------------------------------
ألمْ ترَ أنّ جسمي فيهِ فَضلٌ،
وجسْمَكَ قد أضرّ به الشسوفُ؟
تُطيَّبُ جاهداً، وتُعَلُّ دوني،
فَما أغناكَ أنّكَ فَيلَسوف
كأنّكَ، في يَدِ الأيّامِ، مالٌ،
وكلُّ المالِ، عن قَدَرٍ، يَسوفُ
وأحسبُ أنّنا إبِلٌ رَذايا،
أُجدّ، وراءَها، حادٍ عسوف
أسِفتُ لفائتٍ، وسَلَوتُ عَنهُ،
وهل مثلي على ماضٍ أسُوف؟
لقدْ عِشتُ الكثيرَ من اللّيالي،
ولم أرقُب متى يَقَعُ الكسوف
فهلْ لِطَوالعِ الأقمارِ عَقلٌ،
فتَعلَمَ حينَ يُدرِكُها الخُسوف؟
أتَسمَعُ أو تُعاينُ أو تُعاني
بلاءً، أو تَذَوّقُ أو تَسوف؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رَددتُ إلى مليكِ الحَقّ أمري،
رَددتُ إلى مليكِ الحَقّ أمري،
رقم القصيدة : 4761
-----------------------------------
رَددتُ إلى مليكِ الحَقّ أمري،
فلم أسأل متى يَقَعُ الكُسوفَ
فكمْ سَلِمَ الجَهولُ من المَنايا،
وعُوجِلَ بالحِمامِ الفَيلَسوف(41/134)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> النّاسُ مثلُ الماءِ تَضربُهُ الصَّبا،
النّاسُ مثلُ الماءِ تَضربُهُ الصَّبا،
رقم القصيدة : 4762
-----------------------------------
النّاسُ مثلُ الماءِ تَضربُهُ الصَّبا،
فيَكونُ منهُ تَفرُّقٌ وتألُّفُ
والخَيرُ يَفعَلُهُ الكَريمُ بطَبعِهِ،
وإذا اللّئيمُ سَخا، فَذاكَ تكلُّف
قد يُحسَبُ الصّمتُ الطّويلُ من الفتى
حِلماً يُوقَّر، وهو فيه تخلُّف
نَرجو من اللَّهِ الثّوابَ مُجازياً،
وله علينا، في القَديمِ، تَسَلُّف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> زَعَموا بأنّهمُ صَفَوا لمليكِهمْ،
زَعَموا بأنّهمُ صَفَوا لمليكِهمْ،
رقم القصيدة : 4763
-----------------------------------
زَعَموا بأنّهمُ صَفَوا لمليكِهمْ،
كذبوكَ ما صافَوا، ولكن صافُوا
شجَرُ الخِلافِ قلوبُهُمْ، وَيحٌ لها،
غرَضي خِلافُ الحقّ، لا الصّفصافُ
فتبارَكَ اللَّهُ، الذي هوَ قادِرٌ،
تَعيا وتَقصُرُ، دونَهُ، الأوصاف
الظلمُ أكثرُ ما يعيشُ به الفتى،
وأقلُّ شيءٍ عندَهُ الإنصافُ
مُنِعتْ، من القِسمِ، الحقوقُ، كأنها
رَجَزٌ تَهافَتَ ما له أنصاف
وعُنوا، فقالَ الشافعيُّ ومالكٌ
وأبو حنيفةَ، قبلُ، والخَصّاف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما لي رأيتُكَ مُعرِضاً،
ما لي رأيتُكَ مُعرِضاً،
رقم القصيدة : 4764
-----------------------------------
ما لي رأيتُكَ مُعرِضاً،
فاسمعْ إذا نطَقَ الحصيفُ
الدّهرُ لَيسَ بمنصِفٍ،
والعيبُ يَسترُهُ النّصيفُ
والأرْضُ أُمٌّ بَرّةٌ،
والسّهمُ عن غرَضٍ يَصِيف
إنّا شتَونا فَوقَها،
ولعلّنا فيها نَصيف
فالبَثْ وحيداً، لا وصيـ
ـفَةَ، في ذَراكَ، ولا وصيف
تأذَى الأصُولُ الثّابتا
تُ، فيُحسدُ الغصنُ القصيف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غرّكَ سودُ الشّعراتِ التي
غرّكَ سودُ الشّعراتِ التي
رقم القصيدة : 4765
-----------------------------------
غرّكَ سودُ الشّعراتِ التي(41/135)
في الوَجهِ مني، وأنا الدالفُ
كلّفتني شيمةَ عصرٍ مضى،
هيهاتَ منكَ العُصرُ السالف
وقد سَئِمنا زَمَناً مؤذِياً،
أروَحُ، من سالمِه، التالف
يحلِفُ لا أبقى على واحدٍ؛
وبرّ، في أيمانه، الحالف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فاءَ لكَ الحِلمُ، فالْهَ عن رشإٍ،
فاءَ لكَ الحِلمُ، فالْهَ عن رشإٍ،
رقم القصيدة : 4766
-----------------------------------
فاءَ لكَ الحِلمُ، فالْهَ عن رشإٍ،
خالَطَ منهُ عَرفُ المدامَةِ فا
وابك على طائرٍ، رماهُ فتًى
لاهٍ، فأوهى، بفِهرِهِ، الكَتِفا
أو صادَفَتْهُ، حِبالَةٌ نُصِبَتْ،
فظَلّ فيها كأنّما كُتفا
بَكّرَ يَبغي المَعاشَ مُجتَهِداً،
فقُصّ عندَ الشروقِ، أو نُتِفا
كأنّهُ، في الحَياةِ، ما فَرَعَ الـ
ـغصنَ، فغنّى عليهِ، أو هَتفا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عوَى، في سَوادِ اللّيلِ، عافٍ لعلّه
عوَى، في سَوادِ اللّيلِ، عافٍ لعلّه
رقم القصيدة : 4767
-----------------------------------
عوَى، في سَوادِ اللّيلِ، عافٍ لعلّه
يُجابُ، وأنّى، والدّيارُ عَوافي؟
وليسَ، إذا الحُسّادُ كانت عيونُهُمْ
شوافِنَ، للدّاءِ الدّفينِ شَوافي
صوافنُ خيلٍ، عند بابِ مُمَلَّكٍ،
جُمِعنَ، وما أوقاتُهُ بصوافي
وسِرُّكَ مثلُ العِرْس أوفتْ لواحدٍ،
وأعوَزَها، للصّاحبِينَ، توافي
وأسرارُ بعض النّاس باتَتْ، لناظرٍ،
كأسرارِ كفٍّ، غيرِهنّ، خوافي
خواتمُ أعمالِ الفتى، إن بَغى الهدى،
هدَتهُ وإلاّ، فالهمومُ ضوافي
وأعمارُنا أبياتُ شعرٍ، كأنّما
أواخرُها، للمنشدينَ، قَوافي
إذا حسُنتْ زانتْ، وإن قبُحتْ جنَتْ
أذًى وهوًى، فيما يَسوءُ، هوافي
نَوى، فيّ، باغٍ ما يضرُّ، ودونَه
خُطوبٌ، لإيجابِ الحقودِ نَوافي
وكم طالبٍ وافى، وقد شارفَ الغِنى،
سَوافيَ ريحٍ، فانثَنَى بسُواف
طَوافيَ دُرٍّ، يَمنَحُ الجَدُّ أهلَهُ
برِفقٍ، فيغني عن سُرًى وطواف
حَوى، في رَخاءٍ، وادعٌ فضلَ نِعمةٍ(41/136)
عَداها مُكِلٌّ، والرّكابُ حَوافي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا شَجَرَ العُرا! أُوسعتِ رِيّاً،
أيا شَجَرَ العُرا! أُوسعتِ رِيّاً،
رقم القصيدة : 4768
-----------------------------------
أيا شَجَرَ العُرا! أُوسعتِ رِيّاً،
فقدْ جفّ العِضاهُ، ولم تجفّي
وما يَبقى، إذا فتّشتَ، حيٌّ
تَخَيّرُهُ الحوادثُ، أو تُنَفّي
لكافورٍ غَدا الكافورُ زاداً،
وجَفّتْ أبحُرٌ من آل جُفّ
وهل فاتَ، الحتوفَ، أخو هُذَيلٍ،
كأنّ مُلاءَتَيهِ على هِجفّ
أو العادي السُّلَيكُ وصاحباهُ،
أو الأسَدِيُّ كالصَّعلِ الهِزَفّ
تَجُمُّ جيوشُها، فيضِلُّ فيها
فتًى، يجتابُ صَفّاً بعدَ صفّ
تكلّفْتَ الوَفاءَ، وحُمّ يومٌ
أراحَ من التّوافي بالتوفّي
ودَهري، بالمُغارِ، أغارَ صَبري،
وعلّمني التّعَفّفَ بالتّعَفّي
أما شُغِلَ الأنامُ، عن التّقافي،
بما وَعَدَ الزّمانُ من التقَفّي؟
وقد صدَقتْ ظنونٌ من رجالٍ،
تَخَفَّوا ما تَوارى بالتّخَفّي
رأوا متَستّراً عَنهم بسُدٍّ
ليأجوج، كمُستَترٍ بشَفّ
لقد عجبَ القَضاءُ لرَكبِ مَوجٍ،
يُقابلُهُ بمزْمارٍ ودُفّ
ولو نالتْ عقابُ اللُّوح لُبّاً،
عداها، عن تكفّوئِها، التكفّي
وقد يُغني المُسِفَّ، إلى الدّنايا،
تَعَيُّشُهُ من الخُوصِ المُسَفّ
ووَطءُ السُّفّ، يَحمي الرّجلَ منه
بكورُ يَدٍ على ذُرَةٍ بسَفّ
وكم بُسِطَ البَنانُ، فعادَ صِفراً،
وزارَ الجودُ كفّاً ذاتَ كَفّ
وما رَفُّ الكِعابِ سوى عَناءٍ،
وإنْ عُنيَتْ لمسواكٍ برَفّ
وكم زُفّتْ إلى جَدَثٍ عَروسٌ،
وقد هَمّتْ إلى عُرُسٍ بزَفّ
أرى دُنياكَ خالَطَها قَذاها،
وأعيَتْ أن يُهَذِّبَها مُصَفّي
بنوها مثلُها، فحللتَ منها،
بوَهدٍ أو بهَضبٍ أو بقُفّ
تهيجُ صغائرُ الأشياءِ خَطباً
جَليلاً، ما سَناهُ بُمستَشَفّ
وإنّ القَتلَ في أُحُدٍ وبَدرٍ،
جنى القَتْلَينِ في نَهرٍ وطَفّ
وإنْ لَذّ القَبيحَ غُواةُ قومٍ،
فإنّ الفَضلَ يُعرَفُ للأعَفّ(41/137)
وليسَ عليّ غَيرُ بلوغُ جُهدي،
وضيفي قانعٌ منّي بضفّ
إذا استَثقَلْتُ أثوابي ونَعلي،
فثِقْلي في التّجَرّدِ والتّحَفّي
لعلّ مطيّةً منّي قريبٌ،
فيحمِلُ سَيرُها قدماً بخُفّ
وما سَلُّ المُهَنّدِ للتّوَقّي،
كَسَلّ المَشرَفيّةِ للتّشَفّي
وليسَ الخَمسُ، ضاربةً بسَيفٍ،
نَظيرَ الخمسِ، ضاربةً بدُفّ
أباغي حظّهِ بقَناً وخَيلٍ،
كَباغِيهِ بمنْوالٍ وحَفّ؟
وما الجَبَلُ الوقورُ لجاذبيهِ،
على العِلاّتِ، كالجُزءِ الأخفِّ
وجسمي شَمعَةٌ والنّفسُ نارٌ،
إذا حانَ الرّدى خمدتْ بأُفّ
أعيّرتِ، النّعامَ، أُولاتُ فَرْعٍ،
خُلُوَّ الهام من ريشٍ وزِفّ؟
لعَلّ النّبعَ تَثنيهِ اللّيالي
أخا وَرَقٍ، ونَورٍ مُستكفّ
إذا ما القائلُ الكِندِيُّ ذلّتْ
له الأوزانُ، فاعترِفي بشِفّ
فإنّ عُطارِداً، في الجوّ، أوْلى
بأنْ يَزِنَ الكَلامَ وأن يُقَفّي
وأقصي عن مآرِبكَ البَرايا،
ولا يغرُرْكَ خِلٌّ بالتّحَفّي
وفَذٌّ، في مَقاصِدِهِ، بليغٌ،
أحَبُّ إليّ من إلفٍ ألَفّ
لعَمْرُ أبيكَ ما خالي بخالٍ
لشائِمِهِ، ولا شُهدي بهَفّ
فإنْ أُعْطِ القَليلَ يكنْ هنيئاً،
يَجيءُ المُستَميحَ بغَيرِ شَف
إذا ورَدَ الفَقيرُ، على احتياجي
أغَثْتُ لهيفَهُ بالمُستَدَفّ
ولو كانَ الكَثيرُ لَقَلّ عندي،
وأهْوِنْ بالطّفيفِ المُستَطَفّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غَدَوْنا مُثقَلينَ بما اكتَسَبنا
غَدَوْنا مُثقَلينَ بما اكتَسَبنا
رقم القصيدة : 4769
-----------------------------------
غَدَوْنا مُثقَلينَ بما اكتَسَبنا
وعلَّ العَفوَ منهُ سوفَ يُعفي
وفِكري سَلّ حُبَّ المالِ منّي،
ووَجدي بالحَياةِ أطالَ شعفي
وكونُ الجسمِ في جَسدي خبيّاً،
أشقُّ عليهِ من هَرَمٍ وضُعْفِ
ستضربُني الحَوادثُ في نَظيري،
فتَمحقُني، ولا أزدادُ ضِعفي
وتُنزِلُني سيولُ الدّهرِ، كُرْهاً،
إلى واديّ من جبَلي ونَعفي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بحمدِ اللَّهِ، لم تُخلَقْ كِعابٌ،(41/138)
بحمدِ اللَّهِ، لم تُخلَقْ كِعابٌ،
رقم القصيدة : 4770
-----------------------------------
بحمدِ اللَّهِ، لم تُخلَقْ كِعابٌ،
تَجَنَّبُ كلَّ مُخزِيَةٍ وعُنفِ!
فَجدعٌ حَلّ في أُذُنَيْ غلامٍ،
أبَرُّ لدَيهِ من قُرْطٍ وشَنفِ
ولا سِيَما إذا أُعطيتَ أيداً،
لمدّ يديكَ، أو أنَفاً بأنف
أرى الأيّامَ تَجْحَدُ ثمّ تَثني
بإيجاب، وتُوجِبُ ثُمّ تَنفي
وإنْ لم يَعقُلِ الأقدامَ عَيْبٌ،
حملْنَ الثّقلَ من فَدَعٍ وحَنف
وقد يُحتالُ، في رَدّ الرّزايا،
بعُودِ مُغَرِّدٍ، وبعودِ صِنفِ
وكم غُرّتْ مَعاطسُ، من رِجالٍ،
بريح ألُوّةٍ أو ريحِ رَنف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَوافَقَتِ اليَهودُ معَ النّصارى،
تَوافَقَتِ اليَهودُ معَ النّصارى،
رقم القصيدة : 4771
-----------------------------------
تَوافَقَتِ اليَهودُ معَ النّصارى،
على قتلِ المَسيحِ، بلا اختلافِ
وما اصطلَحوا على تَرْكِ الدّنايا،
بل اصطلَحوا على شُربِ السُّلافِ
تَلافَيناهمُ بالقَولِ فيهِ،
فَجاءَهمُ التّلافي بالتّلافِ
تُخُيّرَ خَلقُنا، والشرُّ طَبعٌ،
فَما نحتاجُ فيه إلى اختلافِ
تَرَفّقْ إنّ ديني ليسَ نَبعاً،
ولكنْ بالخِلافِ من الخِلافِ
وقد دُمنا على سُوءِ السّجايا،
كما دامَتْ قرَيشُ على الإلافِ
فقد لاحَتْ مَخايلُ صادقاتٌ،
تَروقُ العَينَ باللّمعِ الوِلافِ
فمنْ لكَ بالغُرَيْريّاتِ سارتْ
بأشباهٍ، نُسبنَ إلى عِلافِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد نَفَقَ الرّديءُ، ورُبّ مُرٍّ،
لقد نَفَقَ الرّديءُ، ورُبّ مُرٍّ،
رقم القصيدة : 4772
-----------------------------------
لقد نَفَقَ الرّديءُ، ورُبّ مُرٍّ،
من الأقواتِ، يُجعلُ في الصّحافِ
وأكرَمَني، على عَيبي، رِجالٌ،
كما رُوِيَ القَريضُ على الزّحافِ
ومَنْ يَركَبْ إلى الهَيجاءِ خَيلاً،
فإنّ سِواهُ يُقدِمُ، وهو حافي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما ألحَدَتْ أُمَمٌ بجَهْلٍ،(41/139)
إذا ما ألحَدَتْ أُمَمٌ بجَهْلٍ،
رقم القصيدة : 4773
-----------------------------------
إذا ما ألحَدَتْ أُمَمٌ بجَهْلٍ،
فَقابِلْها بتَوْحيدِ السّيوفِ
كأنّا، في سَجايانا، نقودٌ،
كَثيراتُ البَهارجِ والزُّيوفِ
وهذي الأرضُ للمَلِكِ المُرَجّى،
نُلِمُّ بها، كإلمامِ الضّيوفِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَلا كتابَ اللَّهِ، منْ حِفظهِ،
تَلا كتابَ اللَّهِ، منْ حِفظهِ،
رقم القصيدة : 4774
-----------------------------------
تَلا كتابَ اللَّهِ، منْ حِفظهِ،
مَنْ هوَ بالكأسِ مليءٌ حَفي
كأنّهُ، من سوءِ أفعالِهِ،
يُبَدّدُ الخَمرَ على المُصْحَفِ
لا تَضِفِ الشّارِبَ، في سُكرِهِ،
ولا تُنَزّلْهُ، ولا تُلْحِفِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّما دُنياكَ وحشيّةٌ،
كأنّما دُنياكَ وحشيّةٌ،
رقم القصيدة : 4775
-----------------------------------
كأنّما دُنياكَ وحشيّةٌ،
نَظَرْتَ في آثارِ أظلافِها
ما بقيَ الواحدُ من ألفِها،
بلْ هوَ من ستّةِ آلافِها
تَطلُبُ أريَ النّحلِ من خِلفِها،
وذائِبُ السّمّ بأخلافِها
إنْ أخلفَتْكَ، اليومَ، مَوعودَها،
فعُرْفُها جارٍ بإخْلافِها
حلفْتُ: ما حالَفَها عاقلٌ،
وشأنُها الغَدْرُ بأحْلافِها
أتلِفْ، إذا أعطَتْكَ، أعراضَها،
فإنّها رَهنٌ بإتلافِها
تلكَ عَجوزٌ ألّفَتْ شرّها،
قَبلَ بَني فِهرٍ وإيلافِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> زعمَ الزّاعمونَ، والقولُ، من مَيْـ
زعمَ الزّاعمونَ، والقولُ، من مَيْـ
رقم القصيدة : 4776
-----------------------------------
زعمَ الزّاعمونَ، والقولُ، من مَيْـ
ـنٍ وصدقٍ، يُرْوى، فَعالي وعِيفي
إنّ شَقّاً، يَلوحُ في باطِنِ البُرّ
ةِ، قِسْمٌ بَيني وبينَ الضّعيفِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اللّيالي مُغَيِّراتُ السّجايا،
اللّيالي مُغَيِّراتُ السّجايا،
رقم القصيدة : 4777
-----------------------------------(41/140)
اللّيالي مُغَيِّراتُ السّجايا،
كم جَعلنَ الذَّيفانَ شربَ عَيوفِ
قد غدا القومُ للنّضارِ، فَنالو
هُ، وبِتنا ومنْ لَنا بالزُّيوفِ
أوَلا يُبْصِرُ الفتى الذّهَبَ الأحْـ
ـمَرَ، تُحذى به نِعالُ السّيوفِ؟
للحَديدِ العُلا على سائرِ الجوْ
هرِ، ذُلُّ العِدى وعزُّ الضّيوف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا واليَ المِصرِ لا تَظلِمَنّ،
أيا واليَ المِصرِ لا تَظلِمَنّ،
رقم القصيدة : 4778
-----------------------------------
أيا واليَ المِصرِ لا تَظلِمَنّ،
فكمْ جاءَ مثلُكَ ثمّ انصرَفْ
وقد أبرَ النّخلَ مُلاّكُهُ،
وقَيّضَ غَيرُهُمُ، فاخترَف
إنِ القَولُ حَرّفَهُ كاذِبٌ،
فإنّ القَضاءَ بهِ ما انحرَف
فلا تُرسِلَنّ حبالَ الرّجا،
وأمسِكْ بكَفّكَ منها طَرَف
تَواضَعْ، إذا ما رُزِقتَ العَلاءَ،
فذلكَ ممّا يَزيدُ الشّرَف
ودارُكَ أحسِنْ إلى جارِها،
ولا تَجعَلَنّ لها مُشترَف
وإنْ ألبَسَ اللَّهُ ثوبَ الشّفاءِ،
فلا تؤثِرَنّ عليهِ التّرَف
تَغيضُ المياهُ، وقد طالَما
تيَمّمها واردٌ، فاغترَف
ومن أمّنَتْهُ خطوبُ المَنونِ،
تَخَوّفَ من هَرَمٍ، أو خَرَف
يُقارفُ مُستكبَراتِ الذّنوبِ،
ويغفُلُ عن ذَنبِهِ المُقترَف
ولي مَنزلٌ، في الثّرى، ما يُزارُ،
ولو رامَهُ زائرٌ ما عَرَف
وقد لُمتُ أن جمَدَتْ أدمعي،
وما لُمتُ جفنيَ لمّا ذرَف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجدتُ ابنَ آدَمَ في غِرّةٍ،
وجدتُ ابنَ آدَمَ في غِرّةٍ،
رقم القصيدة : 4779
-----------------------------------
وجدتُ ابنَ آدَمَ في غِرّةٍ،
بما يَستَفيدُ وما يَطّرِفْ
تَعَلّقَ دُنياهُ قَبلَ الفِطامِ،
وما زالَ يدْأبُ حتى خَرِف
وتَسمُو لِطارِفِها عَينُهُ،
وخَيرٌ لناظِرِها لو طُرِف
يُسَرُّ بها، عَصرَ إقبالِها
كأنّ تَغَيُّرَها ما عُرِف
ويَذرِفُ، من حُبّها، دَمعَهُ،
وما يَجلُبُ الحَظَّ دَمعٌ ذُرِف
وكم مرّ، يَوماً، على قَبرِه،
حِسانُ الوُجوهِ، فلم تَشتَرِف(41/141)
أيَلتَمِسُ الماءَ من ناكِزٍ،
ويَترُكُ جمّاً لِمَنْ يَغترِف؟
ولم يَقترِفْ من رِضا ربّهِ،
ولكنْ جَرائمُه يقترف
كَعاملِ قومٍ أساءَ الصّنيعَ،
ولا ريبَ في أنّه يَنصَرِف
وقد جاءَ، غافِلَنا، رِزقُهُ،
وإن كانَ للقوتِ لم يَحترِف
أيا ظَبيَةَ القاعِ! خافي الرّماةَ،
ولا يَخدَعَنّكِ روضٌ يَرِف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> راعدٌ تحتَهُ صَلَفْ،
راعدٌ تحتَهُ صَلَفْ،
رقم القصيدة : 4780
-----------------------------------
راعدٌ تحتَهُ صَلَفْ،
ودَمٌ كلُّهُ ظَلَفْ
ويحَ شمّاءَ، للثّرى
شَمَمُ الأنفِ والذَّلَف
فُتنَ الشّيخُ بالحَيا
ةِ، وإن كانَ قد دلَف
يُفهِمُ المَرءُ صاحبَيـ
ـهِ، على أنَّهُ ألَفّ
فاتّقِ اللَّهَ وحدَهُ،
وتحَمّلْ لهُ الكُلَف
وافعَلِ الخَيرَ، فالحَديـ
ـثُ كثيرٌ قدِ اختَلَف
لا تَقومَنّ في المَسا
جِدِ، تَرجُو بها الزُّلَف
مُعمِلاً بَسطَ راحَتَيْـ
ـكَ إلى نائِلٍ يُلَفّ
ورُمِ الرّزْقَ في البلا
دِ، فإنْ رُمتَهُ ازْدَلَف
واظلِفِ النّفسَ، والطّريـ
ـدُ سريعٌ إلى الظَّلَف
وتَلافَ الذي مَضَى،
قبلَ أن يَنزِلَ التّلَف
حَلَفَ الدّهرُ جاهداً،
وهوَ بَرٌّ، إذا حَلَف
لَيَبُتّنّ كلَّ عِقْـ
ـدٍ، إذا نَظمُهُ ائتَلَف
لو تَراءى لناظِرٍ
بانَ، في وجههِ، الكَلف
سَلْ بقابوسَ أرضَهُ،
وسِجِستانَ عن خَلَف
ولُجَيماً عنِ الفَوا
رسِ، حتى أبي دُلَف
سُلّفَ القَومُ نِعمَةً،
ثمّ بادوا كمنْ سَلَف
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجوهكمُ كُلْفٌ، وأفواهُكم عدًى،
وجوهكمُ كُلْفٌ، وأفواهُكم عدًى،
رقم القصيدة : 4781
-----------------------------------
وجوهكمُ كُلْفٌ، وأفواهُكم عدًى،
وأكبادُكم سودٌ، وأعيُنُكم زُرْقُ
وما بيَ طِرْقٌ للمَسيرِ ولا السُّرى،
لأني ضريرٌ، لا تُضيءُ ليَ الطُّرقُ
أغِربانُك السُّحمُ استقلّت مع الضّحى
سوانحَ، أمْ مَرّتْ حمائمُكَ الوُرْق
رَحَلتُ، فلا دُنيا ولا دينَ نِلتُهُ،(41/142)
وما أوبَتي إلاّ السّفاهةُ والخُرقُ
متى يُخلصِ التّقوى، لمولاه، لا تَغِضْ
عطاياهُ من صلّى وقِبلتُهُ الشّرقُ
أرى حَيوانَ الأرضِ يرهَبُ حتفَهُ،
ويُفزِعُهُ رعدٌ، ويُطمِعُهُ بَرْقُ
فيا طائرُ ائمَنّي، ويا ظبيُ لا تخَفْ
شذايَ، فما بَيني وبَينكما فرْق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى النّاسَ شرّاً من زمانٍ حَواهمُ؛
أرى النّاسَ شرّاً من زمانٍ حَواهمُ؛
رقم القصيدة : 4784
-----------------------------------
أرى النّاسَ شرّاً من زمانٍ حَواهمُ؛
فهَلْ وُجِدَتْ للعالمينَ حَقائقُ؟
وقد كَذَبوا عَن ساعَةٍ ودَقيقَةٍ،
وما كذَبَتْ ساعاتُهم والدّقائِقُ
إذا لم يكنْ لي، بالشقيقةِ، منزلٌ،
فلا طُهِرَتْ عَزّاؤها والشّقائقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرانيَ، في قَيدِ الحَياةِ، مكلَّفاً
أرانيَ، في قَيدِ الحَياةِ، مكلَّفاً
رقم القصيدة : 4785
-----------------------------------
أرانيَ، في قَيدِ الحَياةِ، مكلَّفاً
ثَقائِلَ، أمشي تحتَها وأُطابقُ
إذا كنتَ في دارِ الشّقاءِ مُصَلّياً،
فإنّكَ، في دارِ السّعادَةِ، سابقُ
إذا الحُرُّ لم يَنهَضْ بفَرضِ صَلاتِه،
فذلكَ عَبدٌ، من يَدِ الدّهرِ، آبِقُ
تَقيٌّ يُعاني ظِمئَهُ، ومضلَّلٌ
له صابحٌ، من غيرِ حِلٍّ، وغابقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فؤادُك خَفّاقٌ وبَرْقُكَ خافِقُ،
فؤادُك خَفّاقٌ وبَرْقُكَ خافِقُ،
رقم القصيدة : 4786
-----------------------------------
فؤادُك خَفّاقٌ وبَرْقُكَ خافِقُ،
وأعياكَ في الدّنيا خليلٌ مُوافِقُ
تخَيّرْ، فإمّا وَحدَةٌ مثلُ مَيتَةٍ؛
وإمّا جليسٌ، في الحَياةِ، مُنافقُ
أردْتَ رَفيقاً كيْ ينَالَكَ رِفقُهُ،
فدَعْهُ، إذا لم تَأتِ منهُ المَرافقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا خطَبَ الزّهراءَ شَيخٌ له غِنًى
إذا خطَبَ الزّهراءَ شَيخٌ له غِنًى
رقم القصيدة : 4787
-----------------------------------(41/143)
إذا خطَبَ الزّهراءَ شَيخٌ له غِنًى
وناشىءُ عُدْم، آثرَتْ من تعانقُ
وقلّ غَناءً عن فَتاةٍ، وزَوجُها،
أخو هَرَمٍ، أحجالُها والمَخانقُ
وإن حاوَلَتْ، رَكبَ الظلام، نياقُهم،
فتلكَ، لعمرُ اللَّهِ، بئسَ الأيانق
وما تَستَوي الأخدانُ، قيّمُ هذه
مُسنٌّ، وللأخرى وليٌّ غُرانق
تَوَقّوا سَبيلَ الغانياتِ، فكلُّها
كليثِ الشّرى، والطّيبُ فيها فُرانِق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرِقتُ، فهل نجمُ الدُّجُنّةِ آرِقُ،
أرِقتُ، فهل نجمُ الدُّجُنّةِ آرِقُ،
رقم القصيدة : 4788
-----------------------------------
أرِقتُ، فهل نجمُ الدُّجُنّةِ آرِقُ،
وتجري الغوادي، بالرّدى، والطوارِقُ
ويُطربُني، بعدَ النُّهَى، قولُ قائلٍ:
سقَى بارقاً من جانبِ الغَورِ بارق
أبَى الدّهرُ جُوداً بالسّرُورِ، وإن دَنا
إليهِ الفتى، أو نالَهُ، فهو سارِق
هلِ اليَومُ إلاّ شارِقٌ ثمّ غاربٌ،
أوِ اللّيلُ إلاّ غارِبٌ ثمّ شارِق؟
مرازِبُ كسرى ما وقَتْ مهجةً له،
وقَيصَرُ لم يَمنَعْ، رداهُ، البطارق
ويغبرُ في الأيّامِ، من طالَ عمرُهُ،
فتَغبرُّ، من طولِ البَقاءِ، المَفارِق
محا ألِفاتِ الشّرخِ عن طِرس شَيبِه،
لتَخلُوَ من لونِ الشّبابِ المَهارِق
وما زالَ، في شربِ الأباريقِ، كارِهاً
لما بعثَتْهُ، في الرّياحِ، الأبارِق
يَعافونَ تُرْباً فيه تُطوى جسومُهم،
ومنهُ بحقٍّ فُرشُها والنّمارِق
ويُشبِهُ كعباً إذا بكَى، ومُتَمِّماً،
لدى كلّ عَقلٍ، معبَدٌ ومُخارق
نَظيرَ ابنَةِ الجُونِ، التي النوحُ شأنُها،
مُغَنّيَةٌ، عن صوتها، اللُّبُّ مارق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيَعلَمُ نَجمٌ طارِقٌ برَزِيّةٍ،
أيَعلَمُ نَجمٌ طارِقٌ برَزِيّةٍ،
رقم القصيدة : 4789
-----------------------------------
أيَعلَمُ نَجمٌ طارِقٌ برَزِيّةٍ،
من الدّهرِ، أم لا همّ للإنس طارِقُهْ؟
وهل فرقدُ الخضراءِ، في الجوّ، موقنٌ
بأنّ أخاهُ، بعدَ حينٍ، مفارِقُهْ؟(41/144)
وما أرّقَتْهُ الحادِثاتُ، وكلُّنا،
إذا نابَ خَطبٌ، ساهرُ اللّيل، آرقُه
لقد مرّ حرسٌ، بعدَ حرسٍ، جميعُه،
حَنادِسُ لم يذرُر، مع الصّبح، شارِقُه
تَغَيّرَتِ الأشياءُ، والمُلْكُ ثابتٌ؛
مغاربُهُ موفُورَةٌ ومَشارِقُه
مُرادٌ جَرَتْ أقلامُهُ، فتَبادرتْ،
بأمرٍ، وجَفّتْ بالقَضاءِ مهارِقُه
وهل أفلَتَ، الأيّامَ، كسرى، وحوله
مَرازبُهُ، أو قيصرٌ وبطارقُهْ؟
أبارِقُ هذا المَوتِ سَبّحَ رَبَّهُ؟
نعم! وأعانَتْ أُكمُهُ وأبارقُه
ودُنياكَ لَيستْ للسّرورِ مُعَدّةً،
فمَنْ نالَهُ من أهلِها، فهوَ سارِقُه
وقد عِشتُ حتى لو ترى العيش لاح لي
هباءً، كنَسج العَنكبوتِ شبارِقُه
فخَفْ دعوَةَ المَظلومِ، إنّ دعاءه
مُلِمٌّ بنُورِيّ الحِجابِ وخارِقُه
يُخادعُ مَلْكُ الأرض، حتى إذا أتتْ
مَنيّتُهُ، لم تُغنِ عَنهُ مَخارِقُه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طِباعُ الوَرى فيها النّفاقُ، فأقصِهم
طِباعُ الوَرى فيها النّفاقُ، فأقصِهم
رقم القصيدة : 4790
-----------------------------------
طِباعُ الوَرى فيها النّفاقُ، فأقصِهم
وحيداً، ولا تَصحَبْ خليلاً تنافِقُه
وما تُحسِنُ الأيّامُ أن تَرزُقَ الفتى،
وإن كان ذا حَظٍّ، صديقاً يوافقُه
يُضاحِكُ خِلٌّ خِلَّهُ، وضميرُهُ
عَبوسٌ، وضاعَ الودُّ لولا مَرافقُه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُسيءُ امرؤٌ منّا، فيُبغَضُ دائماً،
يُسيءُ امرؤٌ منّا، فيُبغَضُ دائماً،
رقم القصيدة : 4791
-----------------------------------
يُسيءُ امرؤٌ منّا، فيُبغَضُ دائماً،
ودُنياكَ ما زالتْ تُسيءُ وتومَقُ
أسرّ هَواها الشّيخُ والكَهلُ والفتى،
بجَهلٍ، فمِنْ كلّ النّواظرِ تُرْمَقُ
وما هيَ أهلٌ أن يؤهَّلَ مثلُها
لوُدٍّ، ولكنّ ابنَ آدَمَ أحمَقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خَيرٌ لآدَمَ والخَلقِ، الذي خَرَجوا
خَيرٌ لآدَمَ والخَلقِ، الذي خَرَجوا
رقم القصيدة : 4792(41/145)
-----------------------------------
خَيرٌ لآدَمَ والخَلقِ، الذي خَرَجوا
من ظَهرِه، أن يكونوا قبلُ ما خُلقوا
فهَل أحَسّ، وبالي جسمهِ رِمَمٌ،
بما رآهُ بَنوهُ من أذًى، ولَقوا؟
وما تُريدُ بدارٍ لستَ مالِكَها،
تُقيمُ فيها قَليلاً ثمّ تَنطلِق؟
فارَقتَها، غيرَ مَحمودٍ، على سَخَطٍ،
وفي ضميرِكَ، من وَجْدٍ بها، عَلق
تَبوّأ الشخصُ، من غَبراءَ مُظلمةٍ،
قرارَةً، بعدَما أزرى به القلق
تكونُ للرّوحِ ثوباً ثمّ يخلَعُهُ،
والثوبُ يَنهَجُ حتى الدّرْعُ والحَلَق
وأخلَقَتهُ اللّيالي في تَجَدّدِها،
والغَدرُ منهنّ في أخلاقِهِ خُلُق
والناسُ شتّى، فيُعطى المقتَ صادقُهم،
عن الأمورِ، ويُحبَى الكاذِبُ المَلِق
يَغْدو إلى المَينِ مَن قَلّتْ دراهِمُه،
فيَجمَعُ المالَ ما يَفري ويختَلِق
وربّما عَذَلَ الإنسانُ مُهجَتَهُ
في الصّدقِ، حينَ يرَى جدَّ الذي يَلق
ويُخلِفُ الظنُّ، في الأشياءِ، صاحبَه،
والغيمُ يَكدي، وداعي البرقِ يأتلِق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سلطانُكَ النّارُ، إن تَعدِلْ، فنافِعةٌ،
سلطانُكَ النّارُ، إن تَعدِلْ، فنافِعةٌ،
رقم القصيدة : 4793
-----------------------------------
سلطانُكَ النّارُ، إن تَعدِلْ، فنافِعةٌ،
وإنْ تَجُرْ، فلَها ضَيرٌ وإحراقُ
وقُرْبهُ اللُّجُّ، إن أعطاكَ فائدةً،
فليسَ يُؤمَنُ إهلاكٌ وإغراقُ
والمالُ رزْقٌ، فمن يُدرِكْهُ يحظَ به،
ولَيسَ يُغنيكَ إشآمٌ وإعراقُ
والحقُّ كالشّمسِ، وارَتْها حنادِسُها،
فما لها، في عيونِ النّاسِ، إشراقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُغنيكَ ما حَلّ في السّجايا،
يُغنيكَ ما حَلّ في السّجايا،
رقم القصيدة : 4794
-----------------------------------
يُغنيكَ ما حَلّ في السّجايا،
أنْ يَتَعَدّى بكَ الفُسوقُ
كيفَ يُطيقُ النّهوضَ عادٍ،
عليه، من مأثمٍ، وُسُوقُ؟
كَم غُرِسَتْ نَخلَةٌ بأرضٍ،
فلم يُقَدَّرْ لها بُسوقُ
لا يَفرَحَنْ، بالحَياةِ، غِرٌّ،(41/146)
فإنّها، مَهْلَكاً، تسوقُ
ما نَفَقَ الصّدْقُ في البرايا،
ولم تَزَلْ للمُحالِ سوقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُنافقُ في الحياةِ، كفِعلِ غَيري،
أُنافقُ في الحياةِ، كفِعلِ غَيري،
رقم القصيدة : 4795
-----------------------------------
أُنافقُ في الحياةِ، كفِعلِ غَيري،
وكلُّ النّاسِ شأنُهُمُ النّفاقُ
أُعَلّلُ مُهجتي، ويصيحُ دهري:
ألا تَغْدو، فقَدْ ذهبَ الرّفاقُ
بلى، والسّيرُ من أفعالِ غَيري،
وإن طالَ اتّكاءٌ وارتفاقُ
تَخالَفَتِ البرِيّةُ في العطايا،
ويَجمَعُها لدى الهُلْكِ اتّفاقُ
أنُصفِقُ أن تُغَيّرَنا اللّيالي،
ويُسمعُ، من مزاهرِنا، اصطفاقُ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فَرَقٌ بدا، ومن الحَوادثِ يَفْرَقُ
فَرَقٌ بدا، ومن الحَوادثِ يَفْرَقُ
رقم القصيدة : 4796
-----------------------------------
فَرَقٌ بدا، ومن الحَوادثِ يَفْرَقُ
شيخٌ يُغادى، بالخطوبِ، ويُطرَقُ
سبحانَ خالِقِنا، وطاءٌ أغبرٌ،
من تحتِنا، ولَه غِطاءٌ أزْرَقُ
والشُّهبُ، في بحرِ السّماءِ، سوابحٌ،
تَطفو لناظِرَةِ العُيونِ، وتَغرَقُ
أعرَقْتَ خَيلَكَ في محاوَلَةِ الغِنى،
وحَواهُ غَيرُكَ مُشئِمٌ، أو مُعرِقُ
وأخو الحِجَى، في أمره، مُتَحَيّرٌ،
جمعَ، التّجاربَ، عُمرُهُ المتفرّقُ
وتَعَهّدَ ابنُ العَبدِ بُرْقَةَ ثهمدٍ،
فمضى وشيكاً، واستَقَرّ الأبرقُ
عزّ الذي أعفى الجَمادَ، فما تَرى
حجراً يَغَصُّ بمأكَلٍ، أو يَشرَقُ
متَعَرّياً في صيفِهِ وشِتائِهِ،
ما ريعَ، قطُّ، لملبسٍ يتَخَرّقُ
متَجَلّداً، أو خِلتُهُ متَبَلّداً،
لا دَمعَ فيهِ، بفادحٍ، يترقرَقُ
لا حِسّ يؤلمهُ، فيُظهرُ مُجزَعاً،
إن راحَ يَضرِبُ مِلطَسٌ، أو مطرقُ
لم يَغدُ غُدوَةَ طائرٍ متَكَسِّبٍ،
وافاهُ، يلقطُ، أجدَلٌ أو زُرّقُ
أحِمامُ ما لكَ في ركوبِ حَمائمٍ
وُرقٍ، ومن شرّ الرّكابِ الأوْرَقُ؟
والصّخرُ يَلبَثُ، لا يُقارِفُ مرّةً
ذَنباً، ولا هو، من حياءٍ، مُطرِق(41/147)
والدّهرُ أخرقُ، ما اهتدى لصنيعة،
وبَنوهُ كلُّهمُ سَفيهٌ أخرَق
وتَشابهَتْ أجسامُنا، وتَخالَفَتْ
أغراضُنا، فمغرِّبٌ ومُشرِّقُ
يا هِمُّ! ويحَكَ غَيّرَتْكَ نَوائِبٌ؛
والغُصنُ يُورِقُ، في الزّمان، ويُورَق
ملأتْ صَحِيفتَكَ الذّنوبُ، وفعلُكَ
الحِبرُ الأحمُّ، وفَودُ رأسك مُهرَق
وكأنّما نُفِضَ الرّمادُ، كآبةً،
فوقَ الجَبينِ، وقلبُكَ المُتَحَرّق
لِصُّ الكَرى مَلَكَ الرّدى، في زَعمهم؛
إنّ الحَياةَ، من الأنامِ، لتُسرَق
مَن يُعطَ شيئاً يُستَلَبهُ، ومن يَنَم،
جِنحَ الظّلامِ، فإنّهُ سيؤرَّق
زُجِرَ الغُرابُ، تطيّراً، ونَقيضُهُ
ديكٌ، لأهلِ الدّارِ، أبيَضُ أفرق
هذا السّفاهُ، كأنّنا حمضِيّةٌ،
أو خَيطُ بلقعةٍ غَذاهُ العِشرق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الدّهرُ يَزْبِقُ مَن حَواهُ، كأنّهمْ
الدّهرُ يَزْبِقُ مَن حَواهُ، كأنّهمْ
رقم القصيدة : 4797
-----------------------------------
الدّهرُ يَزْبِقُ مَن حَواهُ، كأنّهمْ
شَعرٌ يُغَيَّرُ، فهوَ أحمَرُ أزبَقُ
والبَهْمُ يُرْبَقُ، والأنامُ بَهائِمٌ
أبداً تُقَيَّدُ، بالقَضاءِ، وتُرْبَقُ
فَلَكٌ يَدورُ على معاشرَ جَمّةٍ،
وكأنّهُ سِجْنٌ علَيهِمْ مُطبَق
في كلّ حينٍ يَستَهِلُّ، من الأذى،
مطرٌ، يخُصُّ أماكِناً، ويطبِّق
مُهَجٌ تَهارَشُ في الخسيس، وإن غدتْ
كالنّابحاتِ، فكلُّ طَعمٍ خِرْبق
لا تَفرَحَنّ بما بَلَغتَ من العُلا،
وإذا سَبَقتَ، فعنْ قليلٍ تُسبَق
وليَحذَر، الدّعوى، اللّبيبُ، فإنّها،
للفَضْلِ، مَهلَكَةٌ، وخَطبٌ موبق
لو قال بدْرُ التّمّ: إني دِرْهمٌ؛
قالتْ له السّفهاءُ: أنتَ مُزأبق
إيّاكَ والدّنيا، فإنّ لِباسَها
يُبلي الجسومَ، وطيبُها لا يَعبَق
ولها هُمومٌ، بالنّفوسِ لوابقٌ،
وسرورُها، بصدورنا، لا يَلبَق
واللَّهُ خالقُنا لأمرٍ شاءَهُ،
أبَقَ العَبيدُ، وعَبدُهُ لا يأبقُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الغَيبُ مَجهولٌ، يُحارُ دَليلُهُ؛(41/148)
الغَيبُ مَجهولٌ، يُحارُ دَليلُهُ؛
رقم القصيدة : 4798
-----------------------------------
الغَيبُ مَجهولٌ، يُحارُ دَليلُهُ؛
واللُّبُّ يأمُرُ أهلَهُ أن يَتّقُوا
لا تظلموا الموتَى، وإن طالَ المَدى؛
إنّي أخافُ عليكُمُ أن تَلتَقوا
هذي المَهابطُ والمَغابطُ صُوّرَتْ
للعالمينَ، ليهبطوا، أو يَرتَقوا
لا تَدّعوا عِتقاً على مَولاكُمُ،
فالرّأيُ أوجَبَ أنّكُمْ لم تُعتَقُوا
لم تَستَطيعوا أنْ تَقوا مُهجاتِكم،
فتَخَيّروا، قبلَ النّدامةِ، وانتَقوا
إنْ مَسّكمْ ظمأٌ، فقولُ نذيرِكم:
لا ذَنبَ لي، قد قلتُ للقوم: استقوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما ركِبَ الخائنُ، في فِعلِهِ،
ما ركِبَ الخائنُ، في فِعلِهِ،
رقم القصيدة : 4799
-----------------------------------
ما ركِبَ الخائنُ، في فِعلِهِ،
أقبَحَ ممّا ركِبَ السّارِقُ
شَتّانَ مأمُونٌ وذو خُلسَةٍ،
كأنّهُ، من عَجَلٍ، بارق
قد آنستْ، فعلَك، شهبُ الدّجى،
لَيلاً، وقد أبصرَكَ الشّارِق
فكَيفَ لم تُحرِقْكَ شمسُ الضّحَى؛
وكيفَ لا يَرجمُكَ الطّارِق؟
هذِي طِباعُ النّاسِ مَعروفَةٌ،
فَخالِطوا العالَمَ، أو فارِقوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا ناقَ صَبراً أنتِ في أينُقٍ،
يا ناقَ صَبراً أنتِ في أينُقٍ،
رقم القصيدة : 4800
-----------------------------------
يا ناقَ صَبراً أنتِ في أينُقٍ،
شَطّتْ مَراعيها وأيناقُها
أغراضُها حالتْ بإغراضِها،
وقد برَى الأعناقَ إعناقُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألمْ يَرَ أفعالَكَ، الشّارِقُ،
ألمْ يَرَ أفعالَكَ، الشّارِقُ،
رقم القصيدة : 4801
-----------------------------------
ألمْ يَرَ أفعالَكَ، الشّارِقُ،
وكَوْكَبُ لَيلَتِكَ الطّارِقُ؟
تَخونُ أمينَكَ دينارَهُ،
وفي رُبعِهِ يُقطَعُ السّارِق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا رَشقَتْ دُنياكَ هذي إلى الفتى،
إذا رَشقَتْ دُنياكَ هذي إلى الفتى،(41/149)
رقم القصيدة : 4802
-----------------------------------
إذا رَشقَتْ دُنياكَ هذي إلى الفتى،
رَمَتْهُ بنَبْلٍ من غوايتِها رشقا
فتُحرِجُهُ غَمّاً، وتوسِعُهُ أذًى،
وإن ذَمَّها جَهراً أسرّ لها عِشقا
وقد زَعَموا أنّ الشقيّ هوَ الذي
حَوى السّعدَ فيها، والسّعادةُ للأشقى
فإن كانَ حَقّاً ما يُقالُ، فإنّها
منامٌ يُعيدُ النِّقسَ، في حُكمه
أرى أُمَّ دَفرٍ أهلُها أُمُّ عَنبرٍ
فما صَرَفوا عَنها مَعاطِسهمْ نَشقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لِسانُ الفتى يُدعى سِناناً، وتارَةً
لِسانُ الفتى يُدعى سِناناً، وتارَةً
رقم القصيدة : 4803
-----------------------------------
لِسانُ الفتى يُدعى سِناناً، وتارَةً
حُساماً، وكم من لفظَةٍ ضرَبتْ عُنْقا
لقد ورَدَ النّاسُ الحَياةَ أمامَنا،
فَما تَركوا إلاّ الأُجونَةَ والرَّنقا
وأنقَى سَوادَ الرّأسِ دهرٌ وغاسلٌ
لباساً، فأمّا سوءُ طَبعٍ، فما أنقى
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هوَ الرّزْقُ يُجريهِ المليكُ، ولن تَرَى
هوَ الرّزْقُ يُجريهِ المليكُ، ولن تَرَى
رقم القصيدة : 4804
-----------------------------------
هوَ الرّزْقُ يُجريهِ المليكُ، ولن تَرَى
أخا عيشةٍ، بالحِرص، يُطعَمُ أو يُسقى
وكم أمَرَ العَقلُ السّليمُ بصالحٍ،
فَما فَعلوا إلاّ الخِيانةَ والفِسقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُباينُ شكلٌ غيرَه، في حَياتِه،
يُباينُ شكلٌ غيرَه، في حَياتِه،
رقم القصيدة : 4805
-----------------------------------
يُباينُ شكلٌ غيرَه، في حَياتِه،
فإنْ هَلَكا، لم تُلفِ، بينهما، فَرْقا
ومَن يَفتَقِدْ حالَ الزّمانِ وأهلَه،
يذُمُّ بهم غَرْباً، من الأرضِ، أو شرقا
يجدْ قولَهمْ مَيناً، ووِدَّهُمُ قِلًى،
وخَيرَهمُ شرّاً، وصَنعَتَهمْ خُرْقا
وبِشرَهُمُ خَدْعاً، وفَقرَهمُ غِنىً،
وعِلمَهمُ جَهلاً، وحِكمتَهم زَرقا
أحيَّ كلابٍ! كم رعَى النّبتَ قَبلكم(41/150)
فريقٌ، وشاموا، في حَنادِسهم، برْقا
وصابوا على عافٍ، وآبوا إلى رضًى،
وجابُوا إلى عَلياءَ نازحةٍ خَرْقا
وليلاً طَلَى قاراً بقارٍ، وأُكمُهُ
مراقبَةٌ، من شُهبِه، حَدَقاً زُرْقا
إذا نَشأتْ فيهِ الغَمامةُ خِلتَها،
بإيماضِها، زِنجِيّةً فصَدَتْ عِرْقا
ومَرّوا بمقصودِ الحِمامِ، فغادروا
خوالِدَ ضمّتْ فيهِ أفرُخَها الوُرْقا
رأينا شؤونَ الدّهرِ خَفضاً ورِفعَةً،
ونحنُ أُسارى، في الحوادثِ، أو غرْقى
هوى مُعتلٍ، كالغيثِ مِ المُزْنِ، واعتلى
خفيضٌ، كنقعٍ، من لدُنْ حافرٍ، يرْقى
فَلا تأمَنوا شاميّةً يَمَنيّةً
تُعادي، فلا تُبقي خِباءً ولا فِرقا
يُخَرِّقُ، دِرْعَ المَرءِ، سمرُ رِماحِها،
وإنْ كانَ مُرّاً، في مَذاقته، خَرقا
إذا طَلَبوا أقصى العُلا اتّخَذوا له،
بصُمّ العَوالي، في ترائبِكم، طُرْقا
إذا كُنتُمُ أوراقَ أثلٍ زَهَوْا لكُمْ
جَرادَ نِبالٍ، كيْ تُبيدَكمُ، وَرْقا
أطارِقَ همٍّ ضافَ، هل أنتَ عاذِرٌ،
متى لم تجدْ بي، عند مرتحلٍ، طِرقا؟
وأعوَزَني ماءٌ أُزيلُ بهِ الصّدَى،
فلا عيشَ، إنْ لم أشرَبِ الكدِرَ الطَّرْقا
همُ النّاسُ، أجبالٌ شوامخُ في الذُّرى،
وأوديَةٌ لا تَبلُغُ الأُكمَ والبُرْقا
فسكرانُ يُسترقَى، ويبذُلُ بُسلَةً،
وآخرُ صاحي اللُّبّ، يغضَبُ أن يُرْقى
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا سلَقَتْ عِرْسُ الفتى في كَلامِها،
إذا سلَقَتْ عِرْسُ الفتى في كَلامِها،
رقم القصيدة : 4806
-----------------------------------
إذا سلَقَتْ عِرْسُ الفتى في كَلامِها،
فما هيَ إلاّ سِلقَةٌ عارَضتْ سِلْقا
وأحسنُ أثوابِ الأوانسِ بُردَةٌ
من الحُسنِ، لا تُنضى لغَسلٍ ولا تُلقى
ويَفعلُ، فعلاً سَيّئاً، رَبُّ مَنظَرٍ
جَميلٍ، ويأتي الخيرَ من لم يَرُق خَلقا
وما أُمُّ غِيلانٍ مُحَرِّمةَ الصَّلى،
ولا أُمُّ ليلَى، في محابسِها، طِلْقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عليكَ بتَقوى اللَّهِ في كلّ مَشهَدٍ،(41/151)
عليكَ بتَقوى اللَّهِ في كلّ مَشهَدٍ،
رقم القصيدة : 4807
-----------------------------------
عليكَ بتَقوى اللَّهِ في كلّ مَشهَدٍ،
فللَّهِ ما أذكَى نَسيماً، وما أبقَى
إذا ما ركِبتَ الحَزمَ، مُستَبطِناً له،
سَبَقتَ به مَن لا تظنُّ له سَبقا
وحُبّيَ للدّنيا كحُبّكَ خالصٌ،
وفي عُنُقينا، من هوًى، جعلتْ رِبقا
حَذِرْنا، فصادَتنا الخُلوبُ كغيرِنا،
وأيُّ غُرابٍ ما أجادَتْ لهُ طَبقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سُقينا بفضلِ اللَّهِ، والأرضُ منزلٌ
سُقينا بفضلِ اللَّهِ، والأرضُ منزلٌ
رقم القصيدة : 4808
-----------------------------------
سُقينا بفضلِ اللَّهِ، والأرضُ منزلٌ
يحلُّ به من ليسَ أهلاً لأن يُسقى
وما طهّرَتْ بالعُشرِ خمسةَ أوسُقٍ،
نفوسٌ أقلّتْ، من مآثمها، وِسقا
وفي كلّ أرضٍ أمّةٌ جَعلوا التّقَى
هيَ الشيمةُ الشّنعاءُ، واستحسَنوا الفسقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما استَهَلّ الطّفلُ قالَ وُلاتُهُ،
إذا ما استَهَلّ الطّفلُ قالَ وُلاتُهُ،
رقم القصيدة : 4809
-----------------------------------
إذا ما استَهَلّ الطّفلُ قالَ وُلاتُهُ،
وإنْ صمتوا: عانِ الخطوبَ ورشقَها
شَقينا بدُنيانا، على طُولِ وُدّها،
فدونَكَ مارِسْها، حياتَكَ، واشقَها
ولا تُظهِرَنّ الزّهدَ فيها، فكلُّنا
شَهيدٌ بأنّ القَلبَ يُضمِرُ عِشقَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جاءَ القِرانُ، وأمرُ اللَّهِ أرسَلَهُ،
جاءَ القِرانُ، وأمرُ اللَّهِ أرسَلَهُ،
رقم القصيدة : 4810
-----------------------------------
جاءَ القِرانُ، وأمرُ اللَّهِ أرسَلَهُ،
وكانَ سِترٌ على الأديانِ، فانخرَقَا
ما أُبرِمَ المُلكُ، إلاّ عادَ مُنتَقَضاً؛
ولا تألّفَ إلاّ شَتّ وافترَقا
مذاهبٌ، جَعلوها من معايشهم،
مَن يُعمِلِ الفِكرَ فيها تُعطِهِ الأرقا
إحذَرْ سليلَكَ، فالنّارُ التي خرَجَتْ
من زندها، إن أصابَتْ عودَه احترَقا(41/152)
وكلُّنا قومُ سوءٍ، لا أخصُّ بهِ
بعضَ الأنامِ، ولكن أجمعُ الفِرَقا
لا تَرْجُوَنّ أخاً منهم، ولا ولداً،
وإنْ رأيتَ حَياءً أسبَغَ العَرَقا
والنّفسُ شَرٌّ من الأعداءِ كلِّهمُ،
وإنْ خلَتْ بكَ يوماً، فاحترزْ فَرَقا
كم سيّدٍ، بارِقُ الجَدوى بميسمِهِ،
ساوَوا به الجديَ، عند الحتفِ، والبَرَقا
إن رُمتَ من شيخِ رَهطٍ، في ديانتِهِ،
دَليلَ عَقلٍ على ما قالَهُ خَرَقا
وكيفَ أجني، ولم يُورِقْ لهم غصُني؛
والغُصنُ لم يُجنَ حتى أُلبِسَ الوَرَقا
عزّ المُهَيمِنُ! كم من راحةٍ بُتكتْ
ظُلماً، وكان سِواها يأخذُ السَّرَقا
والدُّرُّ لاقَى المَنايا في أكفّهمُ،
وكم ثَوَى البَحرَ لا يخشى بهِ غرَقا
مَينٌ يُرَدَّدُ، لم يَرْضَوْا بباطِلِهِ،
حتى أبانوا، إلى تَصديقِهِ، طُرُقا
لا رُشدَ، فاصمتْ، ولا تسألهمُ رَشداً،
فاللُّبُّ، في الإنسِ، طيفٌ زائرٌ طَرقا
وآكلُ القوتِ لم يَعدمْ له عَنَتاً؛
وشاربُ الماءِ لم يأمَنْ بهِ شرَقا
وناظِرُ العينِ والدّنيا بهِ رُئِيَتْ،
ما إنْ درى أسَواداً حلّ أم زرَقا
إذا كشَفتَ عن الرّهبانِ، حالَهمُ،
فكلُّهمْ يَتوَخّى التّبرَ والوَرِقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المرءُ كالبَدرِ بينا لاحَ، كامِلَةً
المرءُ كالبَدرِ بينا لاحَ، كامِلَةً
رقم القصيدة : 4811
-----------------------------------
المرءُ كالبَدرِ بينا لاحَ، كامِلَةً
أنوارُهُ، عادَ للنّقصانِ فامتَحَقا
والنّاسُ كالزّرعِ باقٍ في مَنابتِهِ،
حتى يَهيجَ، ومرعيٌّ وما لَحِقا
علّ البِلى سيُفيدُ الشّخصَ فائدَةً،
فالمِسكُ يَزدادُ من طيبٍ، إذا سُحقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تُلحِقَنّيَ مَيناً، إن نَطَقتُ بهِ،
لا تُلحِقَنّيَ مَيناً، إن نَطَقتُ بهِ،
رقم القصيدة : 4812
-----------------------------------
لا تُلحِقَنّيَ مَيناً، إن نَطَقتُ بهِ،
إنّ الغَريبَ، إذا ألحَقتَهُ لَحِقا
أمّا الجَمادُ، فإنّي بِتُّ أغبِطُهُ،(41/153)
إذ لَيسَ يَعلَمُ إمّا آدَ أو مُحِقا
لا يَشعُرُ العُودُ بالنّارِ الّتي أخَذَتْ
فيه، ولا الأصهَبُ الداريُّ إذ سُحقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قلْ للحَمامةِ قد أصبَحتِ شادِيَةً،
قلْ للحَمامةِ قد أصبَحتِ شادِيَةً،
رقم القصيدة : 4813
-----------------------------------
قلْ للحَمامةِ قد أصبَحتِ شادِيَةً،
فَهِجتِ للذّاكِرِ المَحزونِ تَشويقَا
كَساكِ ربُّكِ ريشاً تَدفَعينِ بهِ،
قُرَّ الشّتاءِ، وحَلّى الجِيدَ تَطويقا
فهلْ تُراعينَ من بازٍ على شرَفٍ،
يُهْدي إليكِ، عن الفرخينِ، تعويقا؟
أمَا تَرَينَ قِسيَّ الدّهرِ وَتّرَها
رامٍ مُصيبٌ، أعارَ النَّبلَ تَفويقا؟
يُغنيكِ وَكرُكِ عن بَيتٍ يزَيّنُهُ
غاوٍ، من القومِ، إذهاباً وتزويقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما راعَها من قُرى عُمٍّ وجارمِها،
ما راعَها من قُرى عُمٍّ وجارمِها،
رقم القصيدة : 4814
-----------------------------------
ما راعَها من قُرى عُمٍّ وجارمِها،
إلاّ الأباريقُ يَحمِلْنَ الأباريقا
ومومِساتٌ تُوافيها حَنادِسُها
بطارِقِينَ، يُخالُونَ البَطارِيقا
لم يكفهم ريقُ كَرْمٍ، من شَرابِهِمُ،
حتى أضافوا إليهِ، من فمٍ، رِيقا
لو عُجّلَتْ، لغَويٍّ فاجرٍ، سقرٌ،
لأُشعِروا جَمَراتِ النّارِ تَحريقا
لقد تفكّرتُ في الدّنيا وساكنِها،
فأحدَثَ الفكرُ أشجاناً وتأريقا
قد أغرَقوا في مَعاصيهم، فما لهمُ
لا يُؤنِسونَ، من الطّوفانِ، تغريقا؟
وصيّروا لأُناسٍ ، في الأذى، طرُقاً
وذَلّلُوا الإثمَ إعمالاً وتَطريقا
أعِرْقُ آدَمَ هذا لا يُمازِجُهُ
سواهُ، أمْ مسَّ، من إبليسَ، تعريقا؟
يَخشَى، ذُوِيَّ رطيبٍ حاملٍ ثَمَراً،
مُؤمِّلٌ، من غُصون اليُبسِ، توريقا
كم تَطلُبُ المالَ في سَهلٍ وفي جبلٍ،
وتَقطَعُ الأرضَ تغريباً وتَشريقا
وقد شهِدتَ مَخاريقَ الوغَى لعبتْ،
مُجيدَةً، لدروعِ القومِ، تخريقا
فَراقِبِ اللَّهَ! إنّ السّعدَ يَتبَعُهُ(41/154)
نحسٌ، وإنّ، لجمعِ الدّهر، تَفريقا
ومرَّ موسَى ولم يترُك، لأُمّتهِ،
إلاّ أحاديثَ يُودَعْنَ المَهاريقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا حاديَينا! ألا سُوقا بنا سَحَراً؛
يا حاديَينا! ألا سُوقا بنا سَحَراً؛
رقم القصيدة : 4815
-----------------------------------
يا حاديَينا! ألا سُوقا بنا سَحَراً؛
ويا وَميضَيْ هَوانا والصَّبا شُوقَا
لا يغرَضِ المرءُ ممّا يَغتَدي غَرِضاً،
يُمسي ويُضحي، بنَبلِ الدّهرِ، مرشوقا
حَناهُ دهرٌ، فضاهى القوسَ من كبرٍ،
وقد تراهُ، كَصدرِ الرّمحِ، مَمشوقا
ولّى الشّبابُ، ومن شوقٍ لرؤيَتِه،
يَظَلُّ مشبِهُهُ، في الرّوضِ، منشوقا
مَن كانَ عن آلِ هندٍ والرّبابِ سَلا،
فَما يَزالُ بَقاءُ الدّهرِ مَعشوقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَهرُ الفتاةِ، إذا غَلا، صَونٌ لها،
مَهرُ الفتاةِ، إذا غَلا، صَونٌ لها،
رقم القصيدة : 4816
-----------------------------------
مَهرُ الفتاةِ، إذا غَلا، صَونٌ لها،
من أنْ يَبُتّ عَشيرُها تَطليقَها
هوِيَ الفراقَ، وخافَ من إغرامه،
فأدامَ، في أسبابِهِ، تَعليقَها
ولَرُبّما وَرِثَتْهُ، أو سبَقَتْ بها
أقدارُ مِيتَتِها، فكانَ طليقَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما غابَ إسحاقُ البرايا عَنهُمُ،
ما غابَ إسحاقُ البرايا عَنهُمُ،
رقم القصيدة : 4817
-----------------------------------
ما غابَ إسحاقُ البرايا عَنهُمُ،
فاسألْ بني يَعقوبَ عن إسحاقا
ما في جَميعِ النّاسِ إلاّ خاسرٌ،
فإلَيهِمُ رَجَعَ القبيحُ وحَاقا
لا نَعلَمُ المَوْتَى تَهُمُّ بكَرّةٍ،
لكنّ أحياءً تَرومُ لَحاقا
لو صحّ أنّ البَدرَ ليسَ بعاقلٍ،
هَنّأتُهُ ألاّ يُحِسّ مُحاقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لدُنياكَ حُسْنٌ، على أنّني،
لدُنياكَ حُسْنٌ، على أنّني،
رقم القصيدة : 4818
-----------------------------------
لدُنياكَ حُسْنٌ، على أنّني،(41/155)
أرى حُسنَها حَسَناً، مُخلِقا
فَما طُلّقَتْ هيَ بَل طَلّقَتْ،
ولَستَ بأوّلِ مَنْ طُلّقا
فلا تأسَفَنّ على مَطلَبٍ
يَفوتُ، إذا بابُهُ أُغْلِقا
أرى حَلَباً حازَها صالِحٌ،
وَجالَ سنانٌ على جِلّقا
وحَسّانُ في سَلَفَيْ طَيّىءٍ،
يُصَرِّفُ، من عِزّه، أبلَقا
فلمّا رأتْ خَيلُهُمْ، بالغُبارِ،
ثَغاماً، على جَيشِهِمْ، عُلّقا
رَمَتْ جامعَ الرّملَةِ المستَضامَ،
فأصبَحَ، بالدّمِ، قَد خُلّقا
وما يَنفَعُ، الكاعبَ المُستَبا
ةَ، هامٌ، على عَضَبٍ، فُلّقا
وطُلّ قَتيلٌ، فلَمْ يُدّكَرْ،
وغُلّ أسيرٌ، فَما أُطلِقا
وكم تركتْ آهِلاً وحدَهُ؛
وكم غادَرَتْ مُثرياً مُملِقا
يُسائِلُ في الحَيّ عن مالِهِ،
وما القَولُ في طائرٍ حَلّقا
ولم يَكُ دَهرُهمُ شاعراً،
ولكنّهُ لم يَزَلْ مُفلِقا
إذا كانَ هَذا فَعالُ الزّمانِ،
فإنّ به، كامناً، أوْلَقا
فلَيتَ السِّماكَينِ لم يطلُعا؛
ولَيتَ المُنيرَينِ لم يُخلَقا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَقولونَ: في المِصرِ العُدولُ، وإنّما
يَقولونَ: في المِصرِ العُدولُ، وإنّما
رقم القصيدة : 4819
-----------------------------------
يَقولونَ: في المِصرِ العُدولُ، وإنّما
حَقيقةُ ما قالوا: العدولُ عن الحَقِّ
ولَستُ بمُختارٍ لقَوميَ كَونَهم
قُضاةً، ولا وَضعَ الشّهادةِ في رِقِّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد ساسَ أهلَ الأرضِ قومٌ تفَتّقتْ
لقد ساسَ أهلَ الأرضِ قومٌ تفَتّقتْ
رقم القصيدة : 4820
-----------------------------------
لقد ساسَ أهلَ الأرضِ قومٌ تفَتّقتْ
أُمورٌ، فما ألفَتْ لهم يدَ راتقِ
همُ هَتَكوا بالرّاحِ أستارَ عاذِلٍ،
ولم يَحفَظوا بالنُّسكِ حُرمةَ ناتقِ
إذا جَرَحوا دَنّاً، فلم يَرْجُ عندَهم
قِصاصاً، أجادوا قَتلَ عذراءَ عاتق
وصاغوا بما تَجني الوُلاةُ مَراكِناً،
وزادوا على أسيافهمْ والمناتقِ
ولو كانَ للدّنيا، لدى اللَّهِ، قيمةٌ،
لمّا نَظروا في آهلاتِ الرّساتِقِ(41/156)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا هل أتَى، قبرَ الفقيرةِ، طارِقٌ،
ألا هل أتَى، قبرَ الفقيرةِ، طارِقٌ،
رقم القصيدة : 4821
-----------------------------------
ألا هل أتَى، قبرَ الفقيرةِ، طارِقٌ،
يُخَبّرُها بالغيبِ عن فِعلِ طارِقِ
تَنَصّرَ من بعدِ الثّلاثينَ حِجّةً،
وكم لاحَ شيبٌ، قبلَها، في المَفارقِ
وما هبّ من نومِ الصِّبا يطلُبُ النُّهَى،
معَ الفَجرِ، إلاّ وهيَ في كفّ شارِقِ
وفارَقَ دِينَ الوالدَينِ بزائِلٍ،
ولولا ضلالٌ بالفتى لم يُفارِقِ
فوا عَجَبا من أزرقِ العَينِ، غادرٍ،
أفادَ، فَمالَتْ نَفسُهُ للأزارِقِ
فكَمْ من سِوارٍ رَدّ نَبلَ أساوِرٍ،
ومن أرِقٍ شَوقاً إلى ذاتِ يارقِ
فبُعداً لها من زَلّةٍ في مَغاربٍ،
من الأرضِ، يُثنى خزيُها، ومشارِقِ
صلاةُ الأميرِ الكاسميّ بمسجدٍ،
أبَرُّ وأزكى من صلاةِ البَطارق
مخاريقُ تَبدو في الكَنائسِ منهمُ،
بلَحْنٍ لهمْ، يحكي غِناءَ مُخارِق
وإنّ حِجازِيّ النِّمارِ ولُبسَها،
لأشرَفُ من ديباجِهمْ والنّمارق
أرى مُهرِقَ الدّمعاتِ يوجبُ سفحَهُ
جناياتُ خطبٍ، أُثبتت في المَهارِق
وما عاق، لُبَّ الفيلِ، عن ذكرِ أهلِه
ومغناهُ، إلاّ ضَرْبُهُ بالمَطارِق
عُدِدتَ زَماناً في السّيوفِ، أو القَنا،
فأصبَحتَ نِكساً في السّهامِ الموارِق
وحسبُكَ من عارٍ، يُشِبُّ وَقودَهُ،
سُجودُكَ للصّلبانِ في كلّ شارِق
رأيتَ وجوهاً كالدّنانيرِ أحكمَتْ
زنانيرَ، فانظرْ ما حديثُ المَعارق
فَدونَكَ خنزيراً تَعَرَّقُ عظمَهُ،
لتُوجَدَ كالطّائيّ تُدْعَى بعارِق
وما حَزَنَ الإسلامَ مغداكَ زارياً
عليه، ولكن رحتَ رَوحةَ فارق
وآثَرتَ حَرَّ النّارِ، تُسعرُ دائماً،
على الفَقرِ، أو غصنٍ له غيرِ وارِق
وأحلفُ ما ضرّ، الكريمَ، ظُهورُهُ
مع الرّهطِ، يمشي في القميصِ الشبارِق
تجرُّعُ موْتٍ، لا تجرُّعُ لذّةٍ
من الخَمرِ، في كاساتهمْ والأبارِق
تركتَ ضياءَ الشّمسِ يَهديكَ نورُها،(41/157)
وتَبّعتَ، في الظلماءِ، لمحةَ بارِق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سألتُ عن الأجيالِ في كلّ بُرهةٍ،
سألتُ عن الأجيالِ في كلّ بُرهةٍ،
رقم القصيدة : 4822
-----------------------------------
سألتُ عن الأجيالِ في كلّ بُرهةٍ،
فكانوا فَريقاً سارَ إثرَ فريقِ
كأنّ بُرَيْقاً، لامرىءِ القيسِ، لامعاً،
أغَصَّ جَميعَ الشّائمينَ بِرِيق
وخَرّقَ ثَوبَ العَيشِ طولُ لِباسِه،
وهَبّتْ حَريقٌ طُيّرَتْ بحَريقِ
إذا أنتَ عاتَبتَ المَقاديرَ، لم تَزَلْ
كعُتبَةَ، أو كالأخنَسِ بنِ شريق
وما زالَ يُخبي، جاهداً، نارَ قومهِ،
أبو لَهَبٍ، حتى مضَى لحَريقِ
ألم تَرَ أنّ المَرءَ، فوقَ فِراشِهِ،
يَفوقُ على ظَمْءٍ فُواقَ غريقِ؟
فإنّي أرى البطريقَ والرّاهبَ، الذي
بقُلّتِهِ، سارا مَعاً بطَريق
يُغَيِّرُ بالمُرّيقِ عَشرَ بنانِهِ،
خِضابُ حِمامٍ، للنّفوسِ، مُريق
وما يَترُكُ الضّرغامَ في أجَماتِهِ؛
ولا ذاتَ رَوْقٍ في ظلالِ وريق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لنا أرَبٌ، لم نَقضِه منك، فادّكرْ،
لنا أرَبٌ، لم نَقضِه منك، فادّكرْ،
رقم القصيدة : 4823
-----------------------------------
لنا أرَبٌ، لم نَقضِه منك، فادّكرْ،
لكَ الخيرُ، هلْ بعدَ الحِمامِ تَلاقِ؟
أرى أُمّ دَفرٍ أخلَقَتني، وجُزْتُها
إلى غَيرِها، سيراً بغَيرِ خَلاقِ
ستأخذُ إرْثي، وهيَ في غَيرِ عِدّةٍ،
ومُذْ زَمَنٍ جَهّزْتُها بطلاقِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد آنَ منّيَ تَرْحالٌ، ولم أُفِقِ،
قد آنَ منّيَ تَرْحالٌ، ولم أُفِقِ،
رقم القصيدة : 4824
-----------------------------------
قد آنَ منّيَ تَرْحالٌ، ولم أُفِقِ،
والسكرُ يَفضَحُ في الرُّكبانِ والرُّفَقِ
قُلْ ما تَشاءُ، ولا تُرْهِبْكَ عاذِلَةٌ،
إنّ النّفاقَ لمَردودٌ إلى النَّفَقِ
أخبرْتَني بأحاديثٍ مُناقَضَةٍ،
فرابَني، منكَ، قولٌ غيرُ متّفق
ما خَضْبُ رأسٍ كخَضبٍ في بَنان يدٍ،(41/158)
وحُمرَةُ الفَجرِ لَيستْ حمرةَ الشّفق
تَمضي الحوادثُ بالحَوراءِ، راتعةً،
بينَ الخَمائلِ، والجوزاءُ في الأفق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تستّروا بأمورٍ في ديانَتِهِمْ،
تستّروا بأمورٍ في ديانَتِهِمْ،
رقم القصيدة : 4825
-----------------------------------
تستّروا بأمورٍ في ديانَتِهِمْ،
وإنّما دينُهُمْ دينُ الزّناديقِ
نُكَذّبُ العقلَ في تَصديقِ كاذبهم؛
والعَقلُ أولى بإكرامٍ وتَصديقِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا تاجرَ المِصرِ! ما أنصَفتَ سائمَةً،
يا تاجرَ المِصرِ! ما أنصَفتَ سائمَةً،
رقم القصيدة : 4826
-----------------------------------
يا تاجرَ المِصرِ! ما أنصَفتَ سائمَةً،
كذَبْتَها في حديثٍ منكَ منسوق
إن تَشكُ قَطعَ طريقٍ بالفَلاةِ، فكم
قطعتَ، من قبلُ، طُرْقَ الناس في السوق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اعمل لأخراكَ شروى مَن يموتُ غداً،
اعمل لأخراكَ شروى مَن يموتُ غداً،
رقم القصيدة : 4827
-----------------------------------
اعمل لأخراكَ شروى مَن يموتُ غداً،
وادأبْ لدنياكَ، فِعلَ الغابرِ الباقي
إنّ البَهائمَ، مثلَ الإنسِ، غافلَةٌ؛
وإنّما نَحنُ بُهْمٌ ذاتُ أرباقِ
وأُمُّ شِبْليْنِ في غِيلٍ ومأسدَةٍ،
كأمّ خِشفَيْنِ في شَتٍّ وطُبّاق
والمَرءُ يسبُقُ، فيما لَيسَ يُكسِبُهُ
نَفعاً، ولَيسَ إلى خَيرٍ بسبّاق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد فَنيتَ، وهل تبقى، إذا عَمرَتْ،
لقد فَنيتَ، وهل تبقى، إذا عَمرَتْ،
رقم القصيدة : 4828
-----------------------------------
لقد فَنيتَ، وهل تبقى، إذا عَمرَتْ،
جوّالَةٌ بَينَ تَغريبٍ وإشراقِ؟
وكَم سَحابَةِ قومٍ غَرّ لامِعُها،
وإنْ دَعَتْكَ بإرْعادٍ وإبراق
إنّ السّيوفَ مخاريقٌ، إذا عُصِيَتْ
بها الفَوارِسُ أودى كلُّ مخراق
أورقتُ عصراً، فإن أورقتُ في طلَبٍ،
فإنّ إيراقَ كَفّي هاجَ إيراقي
والجَدُّ يأتيكَ بالأشياءِ ممكِنَةً،(41/159)
ولا تُنالُ بإشآم وإعراق
أغرقتُ في حبّيَ الدّنيا، على سَفَهٍ،
فقد تكَسّبتُ إحْراقاً بإغراق
أطرِقْ كرَى، ليسَ لي علمٌ بشأنِ غدٍ،
ولا لغَيري، ولا يحزنكَ إطراقي
فالحَمدُ للَّهِ ما فارقتُ سيّئَةً،
وكيفَ لي مِن ضَنَى دَيْنٍ بإفراق؟
والنُّسكُ لا نُسكَ موجودٌ فَنَبغِيَهُ،
فعَدِّ عَن فُقَهاءِ اللّفظِ، مُرّاق
وما احتياليَ في الأقدارِ، إن جعلتْ
عَصبَ التِّجارِ لشُعثِ الهامِ سُرّاق
هَذّبْ سجايَاك لا يَكثُرْ بها دنَسٌ،
من الدّنايا، ليرقَى، في العُلا، راقِ
فكلُّ مرآة قومٍ زُبْرَةٌ صُقِلَتْ،
حتى أرَتهمْ بصافي اللّونِ رَقراق
يَرقي المعزِّمُ وِلداناً ليورِثَهُمْ
نَفعاً، ولا نَفعَ إلاّ بُسلَةُ الرّاقي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقاءُ النّاسِ ألجأني، برغمي،
لقاءُ النّاسِ ألجأني، برغمي،
رقم القصيدة : 4829
-----------------------------------
لقاءُ النّاسِ ألجأني، برغمي،
إلى حُسنِ التَجمّلِ والنّفاقِ
وما ألقَى عَريباً باختِياري،
ولكنْ حُمَّ ذلك باتّفاق
وقد يَغشى الفَتى لُجَجَ المَنايا،
حِذاراً من أحاديثِ الرّفاق
وتَصطَفِقُ المزاهرُ مخبراتٍ،
زواهرَ، في المآثم، باصطفاق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كانتْ لكَ امرأةٌ حَصانٌ،
إذا كانتْ لكَ امرأةٌ حَصانٌ،
رقم القصيدة : 4830
-----------------------------------
إذا كانتْ لكَ امرأةٌ حَصانٌ،
فأنتَ مُحَسَّدٌ بَينَ الفَريقِ
فإنْ جَمعَتْ إلى الإحصانِ عَقلاً،
فبُورِك مُثمِرُ الغُصنِ الوَريق
ولا تأمَنْ، فإنّ النّفسَ أضحَتْ
إلى النّكراء، كالرّيحِ الخَريق
ولا تجعَلْ فِناءَكَ مُستَضاماً،
بمُطّلعٍ يكونُ إلى الطّريق
وما النّكَباتُ إلاّ مَوجُ بَحرٍ،
يَظَلُّ الحَيُّ فيها كالغَريق
ومَنْ لم تُشرِقِ الدّنيا بماءٍ،
فأُقسِمُ أن ستُشرِقُهُ بِريق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا الحَقيقَةُ، فَهيَ أنّي ذاهبٌ،
أمّا الحَقيقَةُ، فَهيَ أنّي ذاهبٌ،(41/160)
رقم القصيدة : 4831
-----------------------------------
أمّا الحَقيقَةُ، فَهيَ أنّي ذاهبٌ،
واللَّهُ يَعلَمُ بالذي أنا لاقِ
وأظنُّني، من بعدُ، لستُ بذاكرٍ
ما كان من يُسرٍ، ومن إملاق
لم أُلفَ كالثّقَفيّ، بل عِرْسي هي السـ
ـوْداءُ، ما جهّزتُها بطلاق
عَجَباً لبُرْدَيْها الدُّجُنّةِ والضُّحى،
وَوِشاحِها من نَجمِها المِقلاق
كم أخلقَ العصرانِ مُهجةَ مُعصرٍ،
وهُما على أمنٍ منَ الإخلاق
دُنياكَ غادرَةٌ، وإنْ صادتْ فتًى
بالخَلقِ، فهيَ ذميمةُ الأخلاق
يَستَمطِرُ الأغمارُ من لَذّاتِها،
سُحُباً تُليحُ بمُومِضٍ ألاّق
لم تُلقِ وابِلَها، ولكنْ خِلتُها
خَيلاً مُسَوَّمَةً مَعَ العُلاّق
وإذا المُنى فَتحتْ رتاجَ مَعيشةٍ،
بكَرَتْ عليهِ بمُحكمِ الإغلاق
ومتى رَضيتَ بصاحبٍ من أهلِها،
فلَقَدْ مُنيتَ بكاذِبٍ مَلاّق
شُهبٌ يُسَيّرُها القَضاءُ، وتحتَها
خِلَقٌ تُشاهِدُها، بغيرِ خَلاق
ما لي وللنّفَرِ، الذينَ عهدتُهُمْ
بالكَرْخِ من شاشٍ ومن إيلاق
حَلَقٌ مُجادَلَةٌ كشُرْبِ مُهلهِلٍ،
شربوا على رغمٍ بكأسِ حَلاق
والرّوحُ طائرُ محبَسٍ في سجنهِ،
حتى يَمُنّ رَداهُ بالإطْلاق
سَيموتُ محمودٌ ويهلِكُ آلِكٌ،
ويَدوم وجهُ الواحدِ الخَلاّق
يا مَرحَباً بالمَوتِ من مُتَنظِّرٍ،
إنْ كانَ ثَمّ تَعارفٌ وتَلاق
ساعاتُنا، تحتَ النّفوسِ، نجائبٌ
وخدَتْ بهنّ بعيدةَ الإطلاق
ألقِ الحَياةَ إلى المَماتِ، مُجَرَّداً؛
إنّ الحَياةَ كثيرَةُ الأعلاقِ
ما زلتِ تجتابينَ حُلّةَ فارِكٍ،
حتى رُميتِ بمُصلِفٍ مِطلاق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ظهورُ الرّكابِ، عندَ اللّبيبِ،
ظهورُ الرّكابِ، عندَ اللّبيبِ،
رقم القصيدة : 4832
-----------------------------------
ظهورُ الرّكابِ، عندَ اللّبيبِ،
أوْلى به من ظُهورِ الطّرُقْ
فإنْ راقَهُ مَنظَرٌ مَسّهُ
بإثمٍ، ويؤذيهِ إنْ لم يَرُقْ
إذا لم تُعِنْ، أو تُغِثْ شاكِياً،
فإنّ الجلوسَ عليها خُرُقْ(41/161)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أسأتَ بعبدِكَ في عَسفِهِ،
أسأتَ بعبدِكَ في عَسفِهِ،
رقم القصيدة : 4833
-----------------------------------
أسأتَ بعبدِكَ في عَسفِهِ،
وحَمّلْتَ عَيْرَكَ ما لم يُطِقْ
وسوفَ يُجازيكَ ربُّ السّماء،
فشمّرْ لأحكامِهِ، وانتَطِقْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هوَ الفَلَكُ الدّوّارُ، أجراهُ ربُّهُ
هوَ الفَلَكُ الدّوّارُ، أجراهُ ربُّهُ
رقم القصيدة : 4834
-----------------------------------
هوَ الفَلَكُ الدّوّارُ، أجراهُ ربُّهُ
على ما ترى، من قبلِ أن تجريَ الفُلْكُ
له العزُّ، لم يَشركهُ، في المُلكِ، غيرُه؛
فيا جَهلَ إنسانٍ يَقولُ: ليَ المُلكُ
وأيّامُهُ مَنظومةٌ في حَياتِهِ؛
ولا نَظمَ يَبقى حينَ يمتلىءُ السّلكُ
خُلِقنا لشيءٍ غيرِ بادٍ، وإنّما
نَعيشُ قليلاً، ثمّ يُدرِكنا الهُلكُ
كخَيلٍ صِيام تألَكُ، الدهرَ، لُجمَها
بغَيظٍ، فقدْ أدمى نواجِذَها الألْكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لخالِقنا الحُكمُ القديمُ، وكم فتًى
لخالِقنا الحُكمُ القديمُ، وكم فتًى
رقم القصيدة : 4835
-----------------------------------
لخالِقنا الحُكمُ القديمُ، وكم فتًى
لهُ خُلُقٌ رَحْبٌ وعيشتُهُ ضنكُ
فهوّنْ عليك الخطبَ، ما فتىءَ الرّدى
يُجيشُ على كسرى الجيوشَ، فمن زنك
إذا ألجأتْهُمْ ساعةٌ، من زَمانِهِمْ،
إلى الشرّ، لم يُغنوا فتيلاً، ولم يَنكوا
أفَنُّكَ هذا، أيّها الدّهرُ، سادراً،
وتأتي المَنايا بعدَما لُقيَ الفُنْكُ
لعنّكَ يَنجابُ الظّلامُ، فتَهتَدي،
إذا عنك، في رأد الضّحى، ذهب العِنك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَدَيّنَ غاويهمْ حِذارَ أميرِهمْ،
تَدَيّنَ غاويهمْ حِذارَ أميرِهمْ،
رقم القصيدة : 4836
-----------------------------------
تَدَيّنَ غاويهمْ حِذارَ أميرِهمْ،
فلمّا انقَضَتْ أيّامُهُ ذهبَ النُّسكُ
فأصبَحَ، من بعدِ التمسّكِ بالتّقَى،(41/162)
لأرْدانهِ من طيبِ فاجرَةٍ مَسكُ
وهل يَنفعُ التّمسيكُ والمَسكُ، تحتَهُ
خَبيثٌ نبيثٌ، والذي فوقَهُ المِسكُ؟
إذا مَسّكَ الإعدامُ، فاصبرْ ولا تكن
جَزوعاً، لكيْ يَردَى الفتى وبه مُسكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تمسّكْ بتَقوى اللَّه، لستُ بقائلٍ
تمسّكْ بتَقوى اللَّه، لستُ بقائلٍ
رقم القصيدة : 4837
-----------------------------------
تمسّكْ بتَقوى اللَّه، لستُ بقائلٍ
تمسّكْ، ومعنايَ السُّوارُ، ولا المِسكُ
ومن يَبلُ بالدّنيا وسوءِ فِعالِها،
فليسَ له إلاّ التعَبّدُ والنُّسكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ضَحِكنا، وكان الضّحكُ منّا سفاهةً،
ضَحِكنا، وكان الضّحكُ منّا سفاهةً،
رقم القصيدة : 4838
-----------------------------------
ضَحِكنا، وكان الضّحكُ منّا سفاهةً،
وحُقّ لسُكّانِ البَسيطةِ أن يَبكُوا
يُحَطّمُنا رَيْبُ الزّمانِ، كأنّنا
زُجاجٌ، ولكن لا يُعادُ له سَبْكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دع الناس واصحبْ واخش بيداء قفرةٍ،
دع الناس واصحبْ واخش بيداء قفرةٍ،
رقم القصيدة : 4839
-----------------------------------
دع الناس واصحبْ واخش بيداء قفرةٍ،
فإنّ رِضاهم غايةٌ لَيسَ تُدرَكُ
إذا ذكروا المخلوقَ عابوا وأطنَبوا؛
وإنْ ذكروا الخلاّقَ حابوا وأشركوا
كلِفْتَ بدُنياكَ، التي هيَ خُدعةٌ،
وهل خُلّةٌ منها أغرُّ وأفرَكُ؟
إذا سَمَحَتْ عادَتْ لما سمَحَتْ به،
وكم أذنَبتْ، والذنبُ، بالأرض، يُعرك
ولو لم يكن فينا هَواها غَريزَةً،
لَكانَ إذا جَرّ المَهالِكَ يُترَكُ
متى أنا تالي الرّكبِ، فَوقَ مَطيّةٍ،
على مَنهَلٍ، يُغني عن الماءِ، تَبرُكُ
إذا فاتَكَ الإثراءُ من غيرِ وجهِهِ،
فإنّ قليلَ الخَلّ أولى وأبْرَكُ
ونحنُ، بعلمِ اللَّهِ، من مُتَحَرِّكٍ
يُرى ساكِناً، أو ساكنٍ يتَحَرّكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عليكَ بتَقوى اللَّهِ في كلّ حالَةٍ،(41/163)
عليكَ بتَقوى اللَّهِ في كلّ حالَةٍ،
رقم القصيدة : 4840
-----------------------------------
عليكَ بتَقوى اللَّهِ في كلّ حالَةٍ،
فإنّ الذي نَصّ الرّكابَ سيُبرِكُ
إذا مرّتِ الأوقاتُ حُرّكَ ساكنٌ،
وسُكّنَ، في أضعافِها، المتَحرّكُ
تَباينَ في الدّينِ المقالُ، فجاحدٌ،
وصاحبُ تَوحيدٍ، وآخَرُ مُشرِكُ
وتُعجِزُ دُنياكَ القويَّ يَرومُها،
ويطلبُ، أُخراهُ، الضّعيفُ، فيُدْرِكُ
ومن للفتى، وهو الشقيُّ بأنّهُ
يدومُ على ضَنكِ الشقاءِ، ويُتْرِكُ
ولم أرَ إلاّ أُمّ دَفْرٍ ظَعينَةً،
تُحبُّ على غَدرٍ قَبيحٍ، وتَفْرِكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّ إباراً، في المَفارِقِ، خَيّطَتْ
كأنّ إباراً، في المَفارِقِ، خَيّطَتْ
رقم القصيدة : 4841
-----------------------------------
كأنّ إباراً، في المَفارِقِ، خَيّطَتْ
بُرودَ المَنايا، واللّيالي سُلوكُها
يرى الفكرُ أنّ النّورَ، في الدهرِ، محدَثٌ،
وما عُنصُرُ الأوقاتِ، إلاّ حُلوكُها
فلا ترغبوا في الملكِ تُعصونَ بالظُّبا
عليهِ، فمِن أشقى الرّجالِ ملوكُها
وإنّ غروبَ الشّمسِ، كلَّ عَشيّةٍ،
يُحَدِّثُ أهلَ اللُّبِّ عَنهُ دُلوكُها
وما فَتِئَتْ رُسلُ الحِمامِ تَزورُنا،
إذا لم تُشافِهْ، ذكّرَتنا ألوكُها
فكونوا جياداً أُضْمِرَتْ، خوفَ غارَةٍ،
صوائمَ إلاّ من شكيمٍ تلوكُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو صحّ ما قالَ رَسطاليسُ، من قِدَمٍ،
لو صحّ ما قالَ رَسطاليسُ، من قِدَمٍ،
رقم القصيدة : 4842
-----------------------------------
لو صحّ ما قالَ رَسطاليسُ، من قِدَمٍ،
وهبّ مَن ماتَ لم يجمعهُمُ الفَلَكُ
ومَذهبي، في البرايا، كونهُمْ شيَعاً،
كالثّلجِ والقارِ، منه الجَونُ والحَلَك
ما اسوَدَّ حامٌ لذَنبٍ كانَ أحدَثَهُ،
لكنْ غَريزَةُ لَوْنٍ خَطّها المَلِكُ
إن لم يكنْ، في سماءٍ فوقَنا، بشرٌ،
فليسَ في الأرضِ، أو ما تحتَها، ملَكُ(41/164)
كم حلّ، حيثُ تبنّى الحيُّ، من أُممٍ،
ثمّ انقَضوا، وسَبيلاً واحداً سَلَكوا
إن تسألِ العقلَ، لا يوجدْكَ من خبرٍ
عن الأوائلِ، إلاّ أنّهمْ هَلكوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يجوزُ أن تُطفأ الشّمسُ التي وقَدَتْ
يجوزُ أن تُطفأ الشّمسُ التي وقَدَتْ
رقم القصيدة : 4843
-----------------------------------
يجوزُ أن تُطفأ الشّمسُ التي وقَدَتْ
من عهدِ عادٍ، وأذكى نارَها الملِكُ
فإنْ خبَتْ في طَوالِ الدّهرِ حُمرَتُها،
فلا مَحالَةَ من أن يُنقَضَ الفَلَكُ
مضى الأنامُ، فلَولا عِلمُ حالِهِمُ،
لقُلتُ قولَ زُهَيرٍ: أيّةً سلَكوا
في المُلْكِ لم يخرجوا عنه، ولا انتَقَلوا
منه، فكيفَ اعتقادي أنّهم هلَكوا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تأسفنّ على شيءٍ تُفاتُ بهِ،
لا تأسفنّ على شيءٍ تُفاتُ بهِ،
رقم القصيدة : 4844
-----------------------------------
لا تأسفنّ على شيءٍ تُفاتُ بهِ،
فقد تَساوى لديكَ الجَونُ والكرِكُ
والعزُّ يُنقَلُ عن ناسٍ لغيرِهمُ،
والأُسْدُ تَعدو وفي آذانِها فرَكُ
نَفسي أُخاطبُ، والدّنيا لها غِيَرٌ،
وفي الحِمامِ، إذا طالَ المدى، دَرَكُ
وطّنتُها للذي تَلقاهُ من غَرَقٍ،
لمّا أحَسّ، بهُلكِ المركبِ، العَرَكُ
يا طائراً من سجونِ الدّهرِ في قفصٍ،
لتُذْبَحَنّ، فلا سِجْنٌ ولا شَرَكُ
ما بالُ حَظّيَ عنّي قاعداً أبداً،
إن كان من نَبتِ أرضٍ، فاسمه البُركُ
تُكسى الوُجوهُ جَمالاً، ثمّ تُسلَبُهُ،
ويُجمَعُ المالُ، حِرْصاً، ثمّ يُتّرَكُ
والعيشُ أينٌ، وفي مثوى امرىءٍ دَعةٌ،
واللَّهُ فردٌ، وشِرْبُ الموتِ مُشترَكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لانَتْ، على المَسّ بالأيدي، جسومُهمُ،
لانَتْ، على المَسّ بالأيدي، جسومُهمُ،
رقم القصيدة : 4845
-----------------------------------
لانَتْ، على المَسّ بالأيدي، جسومُهمُ،
وفي الصّدورِ، لعَمري، ينبُتُ الحَسكُ(41/165)
في الحربِ عَقلُ رجالٍ، إن همُ قتلوا؛
وفي الحِجَى عقلُ نسوانٍ لها مَسَكُ
تمسّكوا بحِبالِ النُّسكِ في زَمَنٍ،
ولاحَ نَزرٌ، فخَلَّوْا ما به امتَسكوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أزولُ، وليسَ في الخَلاّقِ شكُّ،
أزولُ، وليسَ في الخَلاّقِ شكُّ،
رقم القصيدة : 4846
-----------------------------------
أزولُ، وليسَ في الخَلاّقِ شكُّ،
فلا تَبكوا عليّ، ولا تُبَكّوا
خذوا سِيَري، فهنّ لكم صلاحٌ،
وصلّوا في حَياتِكمُ، وزكّوا
ولا تصغوا إلى أخبارِ قَومٍ،
يُصدّقُ، مَينَها، العقلُ الأركّ
أرى عَمَلاً كَلا عَمَلٍ، وأمراً
يجُرُّ، فَسادَهُ، قدَرٌ مِصَكّ
وأسطاراً تُمَثَّلُ فَوقَ طِرْسٍ،
وتُطمَسُ، بعدَ ذلك، أو تُحَكّ
ولولا أنّكُمْ ظُلُمٌ، غواةٌ،
لصَدّكمُ الذّكاءُ، فلم تَذَكّوا
كأنَكُمُ، بني حوّاءَ، وَحشٌ،
تَضَمّنَها السّماوةُ والأبك
أتَى المسرى على شُرُفاتِ كِسرى،
وأُورِثَ مُلكَهُ خانٌ وكُكّ
فهَل عاينتمُ، في الأرضِ، حيّاً،
وليسَ علَيهِ للحَدَثانِ صَكّ؟
هيَ الأيّامُ، من وَهْدٍ يُعَلّى،
بأبنيَةٍ، ومن قَصْرٍ يُدَكّ
وما نَفَعَ الأوائلَ، من قُريشٍ،
ولاةَ الحِجرِ، ما اجتذبوا ومكّوا
فلا تَشْقَوْا بنَصركمُ أميراً،
كما شَقِيَتْ به كَلْبٌ وعكّ
وما الإنسانُ، في التّطوافِ، إلاّ
أسيرٌ للزّمانِ، فهل يُفَكّ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَفكتَ دَمَ الدّنانِ، وما تَشكّتْ،
سَفكتَ دَمَ الدّنانِ، وما تَشكّتْ،
رقم القصيدة : 4847
-----------------------------------
سَفكتَ دَمَ الدّنانِ، وما تَشكّتْ،
ويُشكَى، من دمِ الأقوامِ، سَفكُ
أعَفّكَ، عَن يَسارٍ تَبتَغيهِ،
رجالٌ، من بني حَوّاءَ، عُفْكُ
لَفَكُّ الرّيحِ عن أمرٍ عَجيبٍ،
يُخَبّرُ أنّ أهلَ الأرضِ لُفْكُ
إذا أفِكوا، فلا تَقبَلْ ومَيّزْ،
فأكثرُ ما جَلَوْهُ علَيكَ إفْكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ركبَ الأنامُ، من الزّمانِ، مَطيّةً،(41/166)
ركبَ الأنامُ، من الزّمانِ، مَطيّةً،
رقم القصيدة : 4848
-----------------------------------
ركبَ الأنامُ، من الزّمانِ، مَطيّةً،
لَيسَتْ كما اعتادَ الرّكائبُ تَبرُكُ
واهاً لدُنيانا الذَميمَةِ مَنزِلاً،
لوْ أنّ هذا الشّخصَ فيها يُترَكُ
وهويتَها، فرأيتَ خُلّةَ غادرٍ،
ورضيتَ أنّكَ، في وصالكَ، تُشرَكُ
والمرءُ مثلُ الحرفِ، بينَ سُهادِهِ
وكراهُ، يسكنُ تارةً، ويُحَرَّكُ
قد يُدرِكُ السّاعي لبارِيهِ رِضاً،
فَرِضا البَرِيّةِ غايَةٌ لا تُدرَكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طَلَبَ النّساءُ شَبابَهُ، حتى إذا
طَلَبَ النّساءُ شَبابَهُ، حتى إذا
رقم القصيدة : 4849
-----------------------------------
طَلَبَ النّساءُ شَبابَهُ، حتى إذا
وَضَحَتْ مَفارِقُهُ تأهّلَ ينسُكُ
وجَزَتْهُ، في عِرْسٍ له، أيّامُهُ،
بفِعالِهِ، ولكلّ حَبلٍ مُمسِكُ
تَفِلٌ وفَى بالعَهدِ، ليسَ بذي حُلًى،
خَيرٌ من الغَدّارِ، وهو مُمَسَّك
منْ مسكِ ذي دارينَ، أو مسكٍ غَدا
يُلقى، بصنعتها، العبيرُ ويُعسكُ
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> نوارس الورق الأبيض
نوارس الورق الأبيض
رقم القصيدة : 485
-----------------------------------
حينما استحضرك
واكتب عنك،
يتحول القلم في يدي
الى وردة حمراء,,,
لم يكن بوسع مجنونة مثلي
ترتدي هدوءها بكل أناقة...
- وتغلق الأزرار اللؤلؤية لثوب اتزانها البارد
على تيه غجرية عارية القدمين-،
لم يكن بوسع حمقاء مثلي
إلا أن تحب شاعرا مبدعا متوحشا مثلك..
طفولي الأنانية، غزير الخيانات والأكاذيب مثلك..!
حينما أسطر اسمك،
تفاجئني أورقي تحت يدي
وماء البحر يسيل منها
والنوارس البيض تطير فوقها..
.. وحينما ا كتب عنك
تشب النار في ممحاتي
ويهطل المطر من طاولتي
وتنبت الأزهار الربيعية على قش سلة مهملاتي
وتطير منها الفراشات الملونة ، والعصافير
وحين أمزق ما كتبت
نصير بقايا أوراقي وفتافيتها
قطعا من المرايا الفضية،(41/167)
كقمر وقع وانكسر على طاولتي..
علمني كيف أكتب عنك
أو، كيف أنساك...!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا كِندَ! ما خلتُ السّكونَ تحرّكتْ
يا كِندَ! ما خلتُ السّكونَ تحرّكتْ
رقم القصيدة : 4850
-----------------------------------
يا كِندَ! ما خلتُ السّكونَ تحرّكتْ
بعدَ السّكونِ، ولا أخوها السكسكُ
نُوَبٌ فرَسْنَكَ لا يَروقُ عيونَها
حُلَلٌ تَلوحُ، كأنّهنّ الفِرْسَكُ
حِقدُ الزّمانِ حسِيكَةٌ في صَدْرِهِ،
فلِذاكَ أرزاقُ الكرامِ تُحَسَّكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَمَلٌ كَلا عَمَلٍ، ووقتٌ فائتٌ،
عَمَلٌ كَلا عَمَلٍ، ووقتٌ فائتٌ،
رقم القصيدة : 4851
-----------------------------------
عَمَلٌ كَلا عَمَلٍ، ووقتٌ فائتٌ،
ويَدٌ إذا ملكَتْ رمَتْ ما تَملِكُ
وشخوصُ أقوامٍ تَلوحُ، فأمّةٌ
قَدِمَتْ مجدَّدَةً، وأُخرى تَهلِكُ
أمّا الجسومُ فللتّرابِ مآلُها،
وعَييتُ بالأرواحِ أنّى تسلُكُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَسمّتْ رجالٌ بالملوكِ سَفاهَةً،
تَسمّتْ رجالٌ بالملوكِ سَفاهَةً،
رقم القصيدة : 4852
-----------------------------------
تَسمّتْ رجالٌ بالملوكِ سَفاهَةً،
ولا مُلكَ إلاّ للذي خَلَقَ المُلكَا
أرى فَلَكاً ما دارَ إلاّ لحكمَةٍ،
فلا تَنسَ من أجرى، لحاجتك، الفُلكا
ومُدّتْ حبالُ الشّمسِ، من قبل عصرنا،
على أُمَمٍ، لم تَتّرِكْ لهمُ سِلكا
وتُعجِبُنا الدّنيا الهَلوكُ، وإنّها
لأُمُّ رجالٍ كلُّهم سُقي الهُلكا
هُما حالتا سوءٍ: حياةٌ بِلَوْعَةٍ،
وموتٌ، فخيّرْ هذه النّفسَ أو تِلكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى كلّ خيرٍ، في الزّمانِ، مُفارِقاً،
أرى كلّ خيرٍ، في الزّمانِ، مُفارِقاً،
رقم القصيدة : 4853
-----------------------------------
أرى كلّ خيرٍ، في الزّمانِ، مُفارِقاً،
فَلا تأسَفَنْ فيها لقلّةِ خَيرِكا
ودُنياكَ سارَتْ بالأنامِ مُغِذّةً،(41/168)
فلا فَرقَ فيها بينَ سَيرِي وسَيرِكا
أصاحِ! أتدري كيف، بعدك، حالُها؟
أجلْ مثلَ ما شاهَدْتَهُ بعدَ غيركا
فإن كنتَ لا تَسطيعُ، للنّفع، كَثرَةً،
فلا تُعدِمَنْكَ النّفسُ قلّةَ ضيرِكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا مفرَقي! هلاّ ابيَضَضْتَ على المَدى،
أيا مفرَقي! هلاّ ابيَضَضْتَ على المَدى،
رقم القصيدة : 4854
-----------------------------------
أيا مفرَقي! هلاّ ابيَضَضْتَ على المَدى،
فما سرّني أن بِتَّ أسودَ حالكا
قبيحٌ بفَوْدِ الشّيخِ تَشبيهُ لَونِهِ
بفَوْدِ الفتى، واللَّهُ يَعلَمُ ذلكا
فبُعداً لهذا الجسمِ، يا رُوحُ، مَسْلَكاً؛
وبُعداً لهذي الرّوحِ، يا جسمُ، سالكا
تَواصَلتُما، فاستَحدثَ الوصلُ منكما
عَجائبَ، كانتْ للرّجالِ مَهالِكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سأفعلُ خيراً ما استَطَعتُ، فلا تُقَم
سأفعلُ خيراً ما استَطَعتُ، فلا تُقَم
رقم القصيدة : 4855
-----------------------------------
سأفعلُ خيراً ما استَطَعتُ، فلا تُقَم
عليّ صلاةٌ، يَومَ أُصبِحُ هالِكا
فما فيكُمُ من خَيّرٍ يُدّعى به،
يُفَرّجُ عنّي، بالمَضيقِ، المسالكا
فمنْ مُبلغٌ عنّي المآلكَ مَعشراً:
عليّاً ومحموداً وخاناً وآلِكا
فما أتَمَنّى أنّني كأجَلّكمْ،
ولكنْ أُضاهي المُقترِينَ الصّعالِكا
ويَنفرُ عَقلي مُغضَباً إنْ تركتُهُ
سُدًى، واتّبَعتُ الشافعيّ ومالِكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا قالَ فيكَ النّاسُ ما لا تُحِبُّهُ،
إذا قالَ فيكَ النّاسُ ما لا تُحِبُّهُ،
رقم القصيدة : 4856
-----------------------------------
إذا قالَ فيكَ النّاسُ ما لا تُحِبُّهُ،
فصبراً يفىءْ وُدّ العدوّ إليْكَا
وقد نَطقوا مَيناً على اللَّهِ، وافتروا،
فَما لهم لا يَفترونَ علَيْكا؟
ولو صرتُ سِلكاً ما حَماني تَضاؤلي
حِماماً، تَوَخّى عامراً وسُلَيْكا
ففارقْ، إلى اللَّهِ، الجديدَين راضياً،
ولا تَعقِدِ الأدناسَ في سَمَليكا(41/169)
مَلِلتَ مَسيراً فوقَ نِضوَيكَ، فالتمس
نزولَكَ بالصّحراءِ عن جَمَلَيْكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رأيتُ بِجنحٍ، في الزّمانِ، حُلوكا،
رأيتُ بِجنحٍ، في الزّمانِ، حُلوكا،
رقم القصيدة : 4857
-----------------------------------
رأيتُ بِجنحٍ، في الزّمانِ، حُلوكا،
وللشّمسِ فيها مَشرِقاً ودُلوكا
خَطَبْتَ إلى الدّنيا بجَهلِكَ نفسَها،
فلم تَستَطِعْ فيما أرَدْتَ سُلُوكا
وهَلْ يَنكِحُ المرءُ الموَفَّقُ أُمَّهُ،
ولو أصبَحتْ بينَ الرّجالِ هَلوكا؟
وكم حَلّ فيها مَعشَرٌ، بعد مَعشَرٍ
من النّاس، عاشوا سُوقَةً وملوكا
فَما بَلَغَتهمْ منكَ، بعدَ رحيلِهمْ،
ألوكٌ، ولا أهْدوا إلَيكَ ألوكا
وقفْتَ على أجداثِهِمْ، وسألتَهمْ،
فَما رَجّعوا قَولاً ولا سألوكا
ولا عِلمَ لي من أمرِهمْ، غيرَ أنّهمْ
لَو انتَبَهوا من رقدَةٍ عَذَلوكا
تخَلّفْتَ بَعدَ الظّاعنينَ، كأنّهم
رأوكَ أخا وَهْنٍ، فما حمَلوكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الموتُ رَبْعُ فَناءٍ، لم يَضَعْ قَدَماً
الموتُ رَبْعُ فَناءٍ، لم يَضَعْ قَدَماً
رقم القصيدة : 4858
-----------------------------------
الموتُ رَبْعُ فَناءٍ، لم يَضَعْ قَدَماً
فيهِ امرؤٌ، فثَناها نحوَ ما ترَكا
والملكُ للَّهِ، من يَظفَرْ بنَيلِ غِنًى
يَرْدُدهُ قَسراً، وتضمنْ نفسه الدّركا
لو كانَ لي أو لغَيري قدْرُ أُنْمُلَةٍ،
فوقَ الترابِ، لكانَ الأمرُ مُشترَكا
ولو صفا العَقلُ، ألقى الثّقلَ حامِلُه
عَنهُ، ولم تَرَ في الهَيجاءِ مُعتَرِكا
إنّ الأديمَ، الذي ألقاهُ صاحبُهُ،
يُرْضي القَبيلَةَ في تَقسيمِهِ شُرَكا
دعِ القَطاةَ، فإنْ تُقدَرْ لِفيكَ تَبِتْ
إلَيهِ تَسري، ولم تَنصِبْ لها شرَكا
وللمَنايا سعَى الساعونَ، مُذْ خُلِقوا،
فلا تُبالي أنَصَّ الرّكْبُ أم أركا
والحَتْفُ أيسرُ، والأرواحُ ناظرَةٌ
طَلاقَها من حَليلٍ، طالما فُرِكا
والشّخْصُ مثلُ نجيبٍ رامَ عنبرَةً(41/170)
من المَنونِ، فلمّا سافَها بَرَكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خَفْ يا كريمُ على عِرْضٍ تُعَرّضُهُ
خَفْ يا كريمُ على عِرْضٍ تُعَرّضُهُ
رقم القصيدة : 4859
-----------------------------------
خَفْ يا كريمُ على عِرْضٍ تُعَرّضُهُ
لعائبٍ، فلَئِيمٌ لا يُقاسُ بِكا
إنّ الزّجاجةَ لمّا حُطّمَتْ سُبِكَتْ،
وكم تكَسّرَ من دُرٍّ، فَما سُبكا
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> لا تذبحوا حبيبنا العراق
لا تذبحوا حبيبنا العراق
رقم القصيدة : 486
-----------------------------------
نعرف أن طينه معاق
وماءه معاق
ونخله معاق
وأن كبرياءه يداس كل لحظة
بـ"جزمة" القائد
أو سنابك الرفاق
نعرف أن الناس فيه
يطبخون إرثهم
ويشربون أكؤساً دهاقْ
نعرف أن سادن البستان لص
قاتل..
مخاتل وعاق
نعرف أن الوطن الجريح
يستحم في بحيرة من الدم
المراق
لكننا
نعشقه عشق ضريرٍ للسنا
وأننا
نرضى به هراوة.. شنقة..
جوعاً .. أسىً..
طاحونةً أو مرجل احتراق
نرضى به سوطاً على ظهورنا
أو
شوكة تنام في الأحداق
لا تذبحوا حبيبنا العراق
نصرخ باسم طينه
باسم يتاماه .. مشرديه..
جائعيه
باسم نخله
وعصرنا المثكل في مكارم
الأخلاق
باسم عروبة غدت
دون يد وساق
لا تذبحوا حبيبنا العراق
فلتتركوا مصيره
لأهله العشاق
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن يُرسِلِ النفسَ في اللذاتِ صاحبُها،
إن يُرسِلِ النفسَ في اللذاتِ صاحبُها،
رقم القصيدة : 4860
-----------------------------------
إن يُرسِلِ النفسَ في اللذاتِ صاحبُها،
فَما يُخَلّدْنَ صُعلوكاً ولا مَلِكَا
ومَن يُطَهّرْ بخَوْفِ اللَّهِ مُهجَتَهُ،
فذاكَ إنسانُ قومٍ يُشبِهُ المَلَكا
وشارِبُ الخَمرِ يُلفى، من غَوايَتهِ،
كأنّ ماردَ جَنّانٍ به سَلَكا
تُغَيّرُ العَقلَ، حتى يَستَجيزَ به
مدَّ اليَمينِ، لكَيْما تقبِضَ الفَلَكا
تَبيتُ عَنها عديمَ الزّادِ، مُخفِقَهُ،
وقد توهّمتَ أنّ الخافِقَينِ لَكا(41/171)
عُمرُ الغريزَةِ عشرونَ اقتَفَتْ مائةً؛
هَيهاتَ أيُّ لجامٍ، قلّما ألِكا
وما أُسائِلُ، عن شَخصٍ، لموْلدِهِ
عَشرٌ وتسعون، إلاّ قيلَ قد هَلِكا
تَمسّخَتْ في أُمورٍ، غَيرِ طائلَةٍ،
سُهْدٍ ونَومٍ، ووفّتْ نِصفَها حلَكا
والمرءُ يحرِصُ إمّا ضارباً فَرَساً
إلى المَنونِ، وإمّا راكباً فُلُكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَظَلُّ كَفّي لحُرْفي، إنْ لمستُ بها
تَظَلُّ كَفّي لحُرْفي، إنْ لمستُ بها
رقم القصيدة : 4861
-----------------------------------
تَظَلُّ كَفّي لحُرْفي، إنْ لمستُ بها
سهيكَ طيبٍ، كأخرى باشرَتْ سهَكا
تَغشى النّوائبُ حالي، وهيَ رازحةٌ،
كالشِّعرِ يَلقَى زِحافاً بَعدَما نُهِكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُمُّ الكتابِ، إذا قَوّمتَ مُحكَمَها،
أُمُّ الكتابِ، إذا قَوّمتَ مُحكَمَها،
رقم القصيدة : 4862
-----------------------------------
أُمُّ الكتابِ، إذا قَوّمتَ مُحكَمَها،
وَجَدتَها لأداءِ الفَرْضِ تَكفيكَا
لم يَشفِ قَلبَكَ فُرقانٌ ولا عِظَةٌ؛
وآيَةٌ، لو أطَعتَ اللَّه، تَشفيكا
ما لي علمتُكَ، إن أوضعتُ في كذِبٍ،
كأنّكَ الشِّعرُ لم تكذُبْ قَوافيكا
كالبَحرِ بالشّامِ مُرٌّ لا يُصابُ به
دُرٌّ، ومن شرّ رادِ القومِ طافيكا
ومن سَجايا المَخازي أن تُرى أشِراً،
تَرمي عَشيرَكَ بالدّاءِ الذي فيكا
تَجافَ هُجراً، فلا ألقاكَ مُعتَذِراً،
فأيُّ أيُّ حَياةٍ في تجافيكا؟
وهلْ ألُمُّ وداداً رُمّ منْ شَعَثٍ،
وقد لَمَحتُ تَلافي في تَلافيكا
ولم أُصاحِبْكَ في تَيهاءَ مُقفرَةٍ،
بها يُصافنُ ماءً مَن يُصافيكا
إيّاكَ عنّي، فأخشى أن تُحَرّقَني،
فإنّما تَقذِفُ النّيرانَ من فيكا
ما نالَ دارِيَّكَ الدّارِيُّ من أرَجٍ،
لكنْ مُنافِثُكَ الأدنَى مُنافيكا
مَن لي بأنّيَ أرضٌ، ما فعَلتَ بها
من القَبيحِ، استَقَرّتْ لا تكافيكا
عافانيَ اللَّهُ ممّا بتَّ جانيَهُ،
فلم يَزَلْ من جناياتي يُعافيكا(41/172)
ولو فرَيْتَ أديمي فرْيَ مُلتَمِسٍ
نَفعاً، لما آلَمَتْ نَفسي أشافيكا
إذا ابتَهَجتَ وأعطاكَ المَليكُ غنًى،
غَدَوْتَ كالرَّبْعِ لم تُحمَدْ عَوافيكا
يحلُّكَ الحَيُّ، بعدَ الحَيّ، عن شحَطٍ،
وما سُوافُكَ إلاّ من سوافيكا
تُلقي أثافيّ قَوْلٍ غيرِ مُتّئِبٍ،
فَما يُبوخُ سَعيرٌ من أثافيكا
وآجِنٌ حوْضُكَ الملآنُ من أسَنٍ،
وقد تَشَهّرَ بالإشراقِ صافيكا
ظلّتْ خوافيكَ، والبلوى مكشَّفَةٌ،
قَوادِماً، وبَدا للإنسِ خافيكا
كعلّةِ الجسمِ أدْنَتْهُ إلى شَجَبٍ،
يُعَدُّ أشنَعَ من غَدْرٍ توافيكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قل للَمشيبِ: يَدُ الأيّامِ دائِبَةٌ،
قل للَمشيبِ: يَدُ الأيّامِ دائِبَةٌ،
رقم القصيدة : 4863
-----------------------------------
قل للَمشيبِ: يَدُ الأيّامِ دائِبَةٌ،
تُنقيكَ، والمرءُ، من جهلٍ، يُنقّيكا
لو كنتُ كالجَبلِ الرّاسي لأوّدَني،
بالثّقلِ، أنّكَ في رأسي تَرَقّيكا
وكيفَ يَقطَعُ إنسانٌ مدى أجَلٍ
عليكَ، والمَلِكُ الدّيّانُ يُبقيكا!
فَلا الأُساةُ، أطالَتْ في تفكّرِها،
تشفي ضَناكَ، ولا الكُهّانُ ترقيكا
لمّا صَبِبتَ سُقيتَ الوَجدَ، منحنياً،
من الصّبيبِ، أو الحِنّاءِ يسقيكا
لاقاكَ بالخِطرِ مَغرورٌ على خَطَرٍ،
وكنتَ بالعِطْرِ أوْلى في تَلَقّيكا
يَقُصُّ آثارَ أقوام أُولي سَفَهٍ،
وبالمِقَصّينِ في النَّعماءِ يُشقيكا
يا صِبغةَ اللَّهِ من أعطاكَ واقيَةً،
فإنّ صِبغَ أُناسٍ لا يُوَقّيكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كنْ صاحبَ الخَيرِ تنويه وتفعلُهُ،
كنْ صاحبَ الخَيرِ تنويه وتفعلُهُ،
رقم القصيدة : 4864
-----------------------------------
كنْ صاحبَ الخَيرِ تنويه وتفعلُهُ،
معَ الأنامِ، على أن لا يَدينوكا
إذا طَلَبتَ نَداهُمْ صِرْتَ ضِدّهمُ،
وإنْ تُرِدْ منهمُ عِزّاً يُهينوكا
فعِشْ بنَفسِكَ، فالإخوانُ أكثرُهمْ
إلاّ يَشينوكَ، يَوماً، لا يَزينوكا(41/173)
وكم أعانَكَ ناسٌ ما استَعَنتَ بهم،
أو استَعَنتَ بقَومٍ لم يُعينوكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> شِفاءُ ما بكَ أعياني وأعياكا،
شِفاءُ ما بكَ أعياني وأعياكا،
رقم القصيدة : 4865
-----------------------------------
شِفاءُ ما بكَ أعياني وأعياكا،
فارْجُ الذي هو أبداني وإيّاكا
ما لي أراكَ غَبيّاً لستَ تَقدِرُ أن
تُحصي خُطاك، فهل تحصي خطاياكا؟
وكيفَ تَعجِزُ عن إدراكِ مرتحلٍ،
واللّيلُ والصّبحُ كانا من مَطاياكا
قد أرْذياكَ بسَيرٍ، إن رَكبِتَهُما،
ولم يُصَيَّرْ بحالٍ من رزاياكا
أذهبتَ يوماً، فلم تعدُدهُ مَرزيَةً،
وعُدّ ذاهِبُ مالٍ من رزاياكا
والعمرُ أنفَسُ ما الإنسانُ منفقُه،
فاجعلْهُ للَّهِ تُحمَدْ في سَجاياكا
واغفِرْ لعَبدِكَ ما يجنيهِ من زَلَلٍ،
ولا تأيَّ بسوءٍ مَنْ تَأيّاكا
يا أيّها المَلْكُ، ما آساكَ في نَفَسٍ،
مُعاشرٌ، بأبَيْتَ اللّعنَ، حيّاكا
ولا عَجوزٌ مكنّاةٌ وغانيَةٌ،
كِلتاهما في المَغاني من سَباياكا
سُقيتَ في حَدَثانِ السّلمِ أسقِيَةً،
فقَد نَسيتَ لَذيذاً من حُمَيّاكا
وأنتَ باللّيلِ، تَسمو الحادِثاتُ إلى
سُهاكَ عَمداً، ولا تُخلي ثُرَيّاكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هلْ آنَ للقَيدِ أنْ تَفُكّهْ؟
هلْ آنَ للقَيدِ أنْ تَفُكّهْ؟
رقم القصيدة : 4866
-----------------------------------
هلْ آنَ للقَيدِ أنْ تَفُكّهْ؟
إنّ قَبيحَ الفعالِ حِكّهْ
بكلّ أرضٍ أميرُ سَوءٍ،
يَضرِبُ للنّاسِ شَرَّ سِكّهْ
قد كَثُرَ الغِشُّ، واستعانتْ
بِهِ الأشِدّاءُ والأرِكّه
فَما تَرى مِسكَةً بحالٍ،
إلاّ وقد مُوزِجَتْ بسُكّه!
ولم يجدْ سائلٌ عليماً،
يُزيلُ بالموضِحاتِ شَكّه
كم فارسٍ يَغتَدي لغابٍ،
وفارسٍ يَقتَدي بشِكّه
فخَلِّهمْ والذي أرادوا،
وحُلَّ بالقُدسِ، أو بمكّه
صكَّهمُ الدّهرُ صكَّ أعمى،
تكتبُ أيدي الفَناءِ صَكّه
قد ثَرّبتْ يثرِبٌ عليهِمْ،
وبكّةُ المُسلمينَ بكّه(41/174)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عِشْ يا ابن آدمَ عِدّةَ الوزنِ الذي
عِشْ يا ابن آدمَ عِدّةَ الوزنِ الذي
رقم القصيدة : 4867
-----------------------------------
عِشْ يا ابن آدمَ عِدّةَ الوزنِ الذي
يُدعى الطّويلَ، ولا تجاوزْ ذلِكا
فإذا بلَغتَ، وأربَعينَ، ثمانياً،
فحَياةُ مثلِكَ أن يوَسَّدَ هالِكا
ما سرّني، واللهُ يَعلَمُ غايَتي،
أنّي كخانٍ في الملوكِ وآلكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أجملُ بي من أنْ أُعَدّ امرأً،
أجملُ بي من أنْ أُعَدّ امرأً،
رقم القصيدة : 4868
-----------------------------------
أجملُ بي من أنْ أُعَدّ امرأً،
أُوذيكَ في أهلِكَ، أن أهلِكا
مالكَ تَستَجهِلُني دائِماً،
وإنّما ذلكَ من جَهلِكا
وكنتَ في سَيرِكَ مُستَعجِلاً،
فالآنَ سُيّرْتَ على مَهلِكا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بطولِ سُراكَ وترْحالِكا،
بطولِ سُراكَ وترْحالِكا،
رقم القصيدة : 4869
-----------------------------------
بطولِ سُراكَ وترْحالِكا،
وتَمِّكَ من بَعدِ إنحالِكا
تكَلّمْ، فخَبِّرْ بنِي آدَمٍ
بما عَلِمَ اللَّهُ من حالِكا
أظنُّكَ غَيرَ مُبالي الضّميرِ،
بخصْبِكَ، يوماً، وإمحالِكا
ويا عالماً بصروفِ الزّمانِ،
كَما علِمَ القومُ من ذِلكا
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> أعجزت نثري
أعجزت نثري
رقم القصيدة : 487
-----------------------------------
دعيني من أماسيكِ العِذاب
فما أبقى التشردُ من شبابي
قَلبْتُ موائدي ورميتُ كأسي
وشيَّعْتُ الهوى ورَتجْتُ بابي
خبَرْتُ لذائذ الدنيا فكانت
أمرَّ عليَّ من سمٍّ وصاب
وجدْتُ حلاوة الإيمان أشهى
وأبقى من لُماكِ ومن إهابي
إذا يبُسَ الفؤادُ فليس يُجدي
ندى شفة مُطيَّبةِ الرضابِ
أنا جرحٌ يسير على دروبٍ
يتوه بها المصيبُ عن الصوابِ
سُلبْتُ مسرَّتي واسْتفردتني
بدار الغُرْبتينِ مدى ارتيابي
وحاصَرَتِ الكهولة بعد وهْنٍ
يَدُ النكباتِ جائعة الحِرابِ(41/175)
وما أبقتْ لي الأيامُ إلاّ
حُثالتها بأبريقٍ خَرابِ
ترَشَّفْتُ اللظى حين اصطباحي
وأكملتُ اغتباقي بالضبابِ
أُطلُّ على غدي بعيونِ أمسي
فما شرَفي إذا خنْتُ انتسابي؟
تُحرِّضُني على جرحي طيوفٌ
فأنْبشُهُ بسكيني ونابي
وربَّ لذاذةٍ أوْدَتْ بنفسٍ
وحرمانٍ يقودُ إلى الطلاب
أظلُّ العاشقَ البدويَّ.. أهفو
إلى شمسٍ وللأرضِ الرَغابِ
أنا البدويُّ لا يُغري نِياقي
رُخامُ رُبىً.. وناطحةُ السحابِ
أنا البدويُّ.. لا يُغوى صُداحي
سوى عزف السواني والرَّبابِ
ودلَّةُ قهوةٍ ووجاقُ جمرٍ
تَحَلَّقَ حوله ليلاً صحابي
وبيْ شوقٌ إلى خبزٍ وتمر
كما شوق البصيرِ إلى شِهابِ
وَلِلَبَنِ الخضيضِ وماءِ كوزٍ
وظلِ حصيرةٍ في حَرِّ آبِ
فُطِرْنا قانعينَ بفقرِ حالٍ
قناعةَ ثغرِ زِقٍّ بالحَبابِ
أبٌ صلَّى وصامَ وحَجَّ خمساً
وأمٌ لا تقومُ عن "الكتابِ"
ألا ياأمس أين اليوم مني
صباحاتٌ مُشَعْشعةُ القِبابِ؟
وفانوسٌ خجولُ الضوءِ تخبو
ذؤابتُهُ فَيُسْرِجُها عتابي؟
وأين شقاوتي طفلاً عنيداً
أبى إلاّ انتهالاً من سرابِ؟
أُشاكِسُ رفقتي زهْواً بريئاً
ومن خَيْشٍ و"جُنْفاصٍ" ثيابي!
ألوذُ بحضنِ أمي خوفَ ذئبٍ
عوى ليلاً وخوفاً من عُقابِ!
كبرتُ ولايزال الخوفُ طفلاً
وقد صار "الرفاقُ" إلى ذئابِ!
تطاردُ مقلتي منهم طيوفٌ
فعزَّ عليَّ ياأمي إيابي
وعزَ على يديك تَمَسُّ وجهي
لتمسحَ عنه وَحْلَ الاغترابِ!
وعزَّ .. وعَزَّ.. حتى أنَّ عِزّي
غدا ذُلاً فيالي من مُصابِ!
وعاقبني الزمان ـ وهل كنأيٍ
بعيدٍ عن بلادي من عِقابِ؟
تقاسَمَتِ المنافي بعض صحبي
وبعضٌ آثَرَتْهُ يدُ الغيابِ
ولولا خشيتي من سوءِ فهمٍ
وما سيقالُ عن فقدي صَوابي
لَقلتُ: أَحِنُّ يابغداد حتى
ولو لصدى طنينٍ من ذُبابِ!
لِوَحْلٍ في العراقِ وضُنْكِ عيشٍ
جِوارَ أبي المُدَثَّرِ بالترابِ
جوارَ أُخيَّةٍ وأخٍ وأمٍ
وأحبابٍ يُعَذِّبُهم عذابي!
أبا الحرف البليغ وهل جوابٌ
كصمتي حين أعجزني جَوابي؟(41/176)
بلى.. لم ألقَ مثل عرارِ نجدٍ
ولا كرحابِ مكةَ من رحابِ
ولا كعشيركم أهلاً وصحباً
ولا كحصونكم دِرْعاً لما بي
عشقتُ ديارَ ليلى قبل ليلى
فَمِنْ رَحمِ الصِّبا وُلِدَ التصابي
ولكن شاءتِ الأيامُ مني
وشاءَ جنونُ طيشي من لُبابي
ولستُ بِمُبْدلٍ كأساً بكوزٍ
ولا لهواً بِعِفَّةِ "ذي نِقابِ"
أنا البَدويَّ.. في قلبي عِقالٌ
و(َيَشْماغٌ)ولستُ بِمَنْ يُحابي
إذا كان العراقُ رغيفَ روحي
فإنَّ عَرارَ واديكم شرابي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجَدْتُكُمُ لم تَعرِفوا سُبُلَ الهدى،
وجَدْتُكُمُ لم تَعرِفوا سُبُلَ الهدى،
رقم القصيدة : 4870
-----------------------------------
وجَدْتُكُمُ لم تَعرِفوا سُبُلَ الهدى،
فلا تُوضِحوا للقَوم سُبْلَ المَهالِك
أخَيرٌ على مجرى قديمٍ، كلَهْذَم
يفرِّج، للخَطّيّ، ضيقَ المَسالك؟
وما الدّهرُ إلاّ حالكٌ بعدَ أبيَضٍ
يُذيعُ بنا، أو أبيَضٌ بعدَ حالك
بلوتُ أمورَ النّاسِ من عَهدِ آدَمٍ،
فلمْ أرَ إلاّ هالِكاً إثْرَ هالك
متى متُّ، لم أحفِلْ تحيّةَ واقِفٍ
عليّ، ولم أعلمْ بإحدى المآلك
إذا كان هذا التُّرْبُ يجمعُ بَينَنا،
فأهلُ الرّزايا مثلُ أهلِ المَمالك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّ عُقولَ القْومِ، واللهُ شاهدٌ،
كأنّ عُقولَ القْومِ، واللهُ شاهدٌ،
رقم القصيدة : 4871
-----------------------------------
كأنّ عُقولَ القْومِ، واللهُ شاهدٌ،
جُمِعْنَ لهم من نافراتٍ أوارِكِ
يَميلونَ للدّنيا، على سطواتِها،
وما نَشرَتْ من شرّها المتدارِك
وما هيَ إلا قِسمَةٌ بَينَ أهلِها،
لكلّهمُ فيها نَصيبُ مُشارِكِ
أقامتْ سليمانَ، الذي شاعَ مُلكُهُ،
يُراقِبُ أطهارَ النّساءِ العَوارِكِ
إذا بَعَثَتْ منها إلى الأرضِ نائِلاً،
وإنْ قَلّ، ألفتْهُ له غَيرَ تارِكِ
وكم أرسَلَتْ من طارقٍ ومُلِمّةٍ،
أبانَتْ لها الرّكبانَ فوقَ المَوارِكِ
وأركَدَ فيها تحتَ عبْءٍ، لوَ انّهُ(41/177)
على العِيسِ ما فَرّتْ بهِ في المَبارِكِ
تَباركتَ يا ربّ العُلا، أنتَ صُغتَها،
فليْتَكَ، في أرزائِها، لم تُبارِكِ
أُعانقُها عندَ الوَداعِ، تَشَبّثاً،
وأيُّ وَداعٍ بَينَ قالٍ وفارِكِ!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بطنُ التّرابِ كَفاني شرَّ ظاهرِهِ،
بطنُ التّرابِ كَفاني شرَّ ظاهرِهِ،
رقم القصيدة : 4872
-----------------------------------
بطنُ التّرابِ كَفاني شرَّ ظاهرِهِ،
وبَيّنَ العَدْلَ بَينَ العبدِ والمَلِكِ
قد عِشتُ عمراً طويلاً، ماعلمتُ به
حِسّاً يُحَسُّ لجنّيٍّ ولا مَلَكِ
والمُلْكُ للَّهِ، ما ضاعَتْ أكابرُهُ،
ولا أصاغرُ أحياءٍ، ولا هُلُكِ
إنْ ماتَ جسمٌ فهذي الأرضُ تخزِنُهُ،
وإنْ نأتْ عَنهُ رُوحٌ، فهيَ بالفَلَكِ
ولو غَدَوْتُ سُلَيكاً جاءني قَدَرٌ،
أخا السُّرى، أو صغيرَ السّلك والسُّلكِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَرَقّبْنَ الهَواءَ، بلطفِ رَبٍّ
تَرَقّبْنَ الهَواءَ، بلطفِ رَبٍّ
رقم القصيدة : 4873
-----------------------------------
تَرَقّبْنَ الهَواءَ، بلطفِ رَبٍّ
قَديرٍ، إنْ تَرَكْتِ لهُ هَواكِ
بَواكٍ يَبتَغينَ من المَنايا،
إذا قامَتْ، على جَدَثٍ، بواك
حَواكٍ عَنكِ أمراً غَيرَ زَيْنٍ،
يَشينُ، إذا التّرابُ غداً حَواك
ذوَى كالرّوضِ روضُك يومَ شبّتْ
جِمارٌ من لظَى أسَفٍ ذواك
رِواءَكِ، فاشرَبي ودَعي ثَماداً،
وأحواضاً يكونُ لها رَواك
زواكِ الله عن جنفٍ وظلمٍ،
فشكراً إنَّ أنعُمَهُ زواك
سِواكِ أحقُّ أن يَلقَى قَذوفاً
بطيبِ القوْلِ، طيّبةَ السّواك
شواكِ منعته ذهباً مصوغاً،
مخافةَ ما يَفوهُ به شِواك
نواكِ هيَ التي لا ريبَ فيها،
وللأيّامِ أقدارٌ نواك
لَواكِ اللَّهُ عَنّا، حينَ بِتْنا
قريباً من صريمك، أو لِواك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> متى تَشْرَكْ مع امرأةٍ سِواها،
متى تَشْرَكْ مع امرأةٍ سِواها،
رقم القصيدة : 4874
-----------------------------------(41/178)
متى تَشْرَكْ مع امرأةٍ سِواها،
فقدْ أخطأتَ في الرأي التريكِ
فلوْ يُرجَى، معَ الشركاءِ، خيرٌ،
لما كانَ الإلَهُ بلا شريكِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سبّحْ وصلّ وطُفْ، بمكّةَ، زائراً،
سبّحْ وصلّ وطُفْ، بمكّةَ، زائراً،
رقم القصيدة : 4875
-----------------------------------
سبّحْ وصلّ وطُفْ، بمكّةَ، زائراً،
سبعينَ، لاسبعاً، فلستَ بناسكِ
جَهِلَ الدّيانَةَ من إذا عَرَضتْ لهُ
أطماعُه، لم يُلْفَ بالمُتَماسك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتراكَ، يوماً، قائلاً، عن نِيّةٍ
أتراكَ، يوماً، قائلاً، عن نِيّةٍ
رقم القصيدة : 4876
-----------------------------------
أتراكَ، يوماً، قائلاً، عن نِيّةٍ
خَلَصَتْ، لنفسِكَ: يا لجُوجُ تَراكِ
أدراكَ دهُركَ عن تُقاكَ بجَهده،
فدَراكِ، من قبل الفواتِ، دَراك
أبْراكِ ربُّكِ، فوقَ ظَهرِ مطيّةٍ،
سارتْ لتَبلُغَ ساعةَ الإبراك
أفَراكِنٌ أنَا للزّمانِ بمُحصِدٍ،
بانَتْ علَيهِ شواهدُ الافراك؟
أشراكَ ذنبُكَ، والمهيْمِنُ غافِرٌ،
ما كانَ من خطإٍ سِوى الإشراك
ما بالُ دينِكَ ناقصاً آلاتُهُ،
والنّعلُ ما نَفَعَتْ بغيرِ شِراك
وعَراكَ رازيةُ الحقوقِ، فلم تقُمْ
للحقّ إلاّ بَعدَ طولِ عِراك
وأراكَ، يا سمعُ، الحِمامُ، فلم تَبِنْ
سَجْعَ الحَمامِ بأسجلٍ وأراك
أصبحتُ من سكَنِ الحياةِ، وواجبٌ،
يوماً، سكوني بعدَ طولِ حَراك
والطّيرُ تَلتَمسُ المَعاشَ، غوادِياً،
في الأرض، وهيَ كثيرةُ الأشراك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن كنتَ ذارعَ أرضٍ لم ألُمْكَ بها،
إن كنتَ ذارعَ أرضٍ لم ألُمْكَ بها،
رقم القصيدة : 4877
-----------------------------------
إن كنتَ ذارعَ أرضٍ لم ألُمْكَ بها،
أو كنتَ ذارعَ خَمرٍ فالمَلامةُ لكْ
كم سَلّتِ الّراحُ من يُمناكَ، خادعةً،
سيفَ الرّشادِ، وأعطتُه لمن خَتلَك
قتَلتَها بمزاجٍ، وهيَ ثائرَةٌ،
بما فعلتَ، وكم مثلٍ لها قَتَلَك(41/179)
ركبتَ منها كُمَيْتاً خَرّ فارِسُها،
ولو ركبتَ سِواها أشهبَاً حملَك
تُدعى الشَّموسَ، وما يُعني بذاكَ لها
إلاّ الشّماسُ، فجنّبْ دائماً ثَملك
إنّ الشَّمولَ رياحٌ شَمألٌ عصَفَتْ
باللُّبّ، والسّكُر غَيٌّ فادحٌ شملَك
أرحْ جِمالكَ من غَرْضٍ ومن قتبٍ،
واجعل ظلامك، في نيل العلا، جمَلك
أمّلتَها للمَغاني والغِنى، زَمَناً،
فلم تَنلْ من يَسارٍ، أو هوًى، أملك
أرسَلتَ إبْلكَ، قبلَ اليوم، هاملةً،
وكان جَدُّك يرعى، مرّةً، همَلك
أمّا الكَبيرُ، فما تَزدادُ شيمَتُهُ
إلاّ قُبوحاً، فحسّنْ بالتّقى عمَلك
وانبذ، إلى من تَشكّى قِرّةً، سَمَلاً
من الثيابِ، وأورِدْ ظامئاً سمَلكْ
لا ترمُلَنّ إلى الدّنيا، تُحاوِلُها،
واصرِفْ إلى اللَّهِ مُعطيكَ المُنى رملَك
لم تُبدِ لي عنكَ، إلاّ مُجمَلاً، خبراً،
وقد شرحتَ لغيري، موضحاً، جُملك
الأرضُ دارُ اهتضامٍ، والأنامُ بها
مثلُ الذّئابِ، فأحرزْ دونهم حَمَلك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا سِيدُ! هل لك في ظبيٍ تُغازِلُهُ،
يا سِيدُ! هل لك في ظبيٍ تُغازِلُهُ،
رقم القصيدة : 4878
-----------------------------------
يا سِيدُ! هل لك في ظبيٍ تُغازِلُهُ،
تُلقي نيوبُكَ، في تأشيره، قُبَلَكْ
هذي جِبِلّةُ سوءٍ غيرُ صالحةٍ؛
فهل سوى اللَّهِ، من أجنادهِ، جبَلك؟
وكم حبَلْتَ وحوشَ الرّملِ راتعةً،
ومن أمامِكَ يومٌ شرُّه حبَلك
ترجو قبولَ مليكٍ، لا نَظيرَ لَهُ،
وقد أتَيْتَ إلى عَبدٍ، فما قَبِلَك
بَخِلْتَ بالهَيّنِ المنزورِ، تبذلُهُ
للَّهِ خوفاً، وكم حَقٍّ لهُ قِبَلَك
خمسونَ جرّتْ عليها الذيلَ، ذاهبةً؛
تَبّاً لعقِلكَ إنْ شيءٌ مضى تبلك
نفرتَ من قولِ واشٍ، بالكلامِ رَمى،
وما غَدا بكَ ما استَوْجبتَ لو نَبلك
أسبِل، على السّائل، المعروفَ مبتدراً،
تُحمَدْ، وأسبل على باغي الندى سَبَلكْ
ولا تكنْ، لسبيلِ الشرّ، مُبتَكراً؛
واصرفْ إلى الخير من نهج الهدى سبُلك(41/180)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ربّيْتَ شبلاً، فلمّا أن غَدا أسَداً
ربّيْتَ شبلاً، فلمّا أن غَدا أسَداً
رقم القصيدة : 4879
-----------------------------------
ربّيْتَ شبلاً، فلمّا أن غَدا أسَداً
عدا عليك، فلولا ربُّهُ أكَلكْ
جنَيتَ أمراً، فودّ الشّيخُ من أسفٍ،
لمّا جنَيتَ على ذي السنّ لو ثكلَك
مرِحتَ كالفَرَسِ الذيّالِ، آونَةً،
ثمّ اعتراكَ أبو سعدٍ، فقد شكَلَك
إنِ اتّكَلتَ على من لا يضيعُ له
خلقٌ، فإنّ قَضاءِ اللَّهِ ما وَكَلك
لبِستَ ذَنباً، كريشِ النّاعباتِ، متى
يُرْحَضْ بدجلة يزدد في العيون حلك
ولو نضَحتَ، على خدّيْك، من ندمٍ،
رَشاشَ دَمعٍ بجَفنَيْ تائبٍ غَسَلك
أُشْعِرْتَ هَمّاً، فزادَ النّومَ طارقُهُ،
كأنّهُ، بسهادٍ واصِبٍ، كحَلك
فما نَشِطْتَ لإخباري بفادحَة،
أوضعتَ فيها، ولم أنشطْ لأن أسَلك
ملائكٌ تحتَها إنسٌ وسائمَةٌ؛
فالأغبياءُ سوامٌ والتّقيُّ مَلَك
فلا تُعَلّمْ صغيرَ القومِ مَعصيَةً،
فذاكَ وِزْرٌ، إلى أمثاله، عدلَك
فالسّلكُ ما اسطاعَ يوماً ثَقْبَ لؤلؤةٍ،
لكن أصابَ طَريقاً نافذاً، فسلَك
يلحاكَ، في هجركَ الإحسانَ، مضطغنٌ
عليكَ، لولا اشتعالُ الضّغن ما عذلَك
يُريكَ نصراً، ولا يسخو بنُصرَتِهِ،
إلاّ اكتساباً، وإن خفتَ العدى خذلك
من يُبدِ أمرَكَ لا يذمُمْكَ في خلَفٍ
ولا جِهارٍ، ولكن لامَ من جَهِلكْ
أرادَ وِردَكَ أقوامٌ لتُرْوِيَهمْ،
فالآن تشكو، إذا شاكي الصّدى نهلك
أُمْهِلتَ في عُنفوانِ الشرخِ، آونَةً،
حتى كَبِرْتَ وفَضّتْ برهةٌ مهلَك
رَماكَ بالقَولِ مَلْحيٌّ تُعِدُّ له
سيفاً، أحدّكَ بالنّكراءِ، أو صقَلَك
رآكَ شَوْكَ قَتادٍ ليس يمكِنُهُ،
ولو رآك غضيضَ النّبتِ لابْتقلَك
للَّهِ دارَانِ: فالأولى، وثانَيةٌ
أُخرى، متى شاءَ في سلطانِه نقلَك
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> ثلاث زهرات برية
ثلاث زهرات برية
رقم القصيدة : 488
-----------------------------------(41/181)
لم يكن يضمر لي شراً خفيّا
عندما أعلن هجراً أبديّا
لا تلمني إن تعلّقتُ به
ياعذولي.. فلقد كان وفيّا
كان يدري أنني من دونه
لا أرى في العيش ما يغري فتيّا
شاء قتلي لا جحوداً إنما
ليؤاسى بي وكي يبكي عليّا!
***
***
قال: ما حظك؟ قلت: التعب
أفيلقِى غيره المغترب؟
كلما استنبت حقلاً حصدت
غرسه قبل الأوان النوب
هو والترحال في مشتجر
ورفيقاه: الضنى والسغب
فإذا شدّ لأرض خيمة
شدّه نحو رحيل سبب(1)!
***
***
ملام من يلومك يادموعي
فما عرفوا مكابدة الفجيع
تركت الطيبين وأرض طيب
وقبلهما ـ على رغمي ـ ربوعي
وأهلاً لا يفارقهم خريف
وكانوا كل يوم في ربيع
وعشت الغربتين: فماً وعيناً
فكيف يسرُّ ذو قلب صديع؟!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألصبحُ أصبحُ، والظّلا
ألصبحُ أصبحُ، والظّلا
رقم القصيدة : 4880
-----------------------------------
ألصبحُ أصبحُ، والظّلا
مُ، كما تَراهُ، أحمُّ حالِكْ
يَتَباريانِ ويَسلُكا
نِ، إلى الوَرى، ضيقَ المسالك
أسدانِ يَفترسانِ مَن
مرّا بهِ، فأبَهْ لذلك
حمَلا الممالكَ، عن ردًى
قاضٍ، إلى خانٍ وآلك
أوْدى الملوكُ على احترا
سِهمُ، ولم تَبقَ الممالك
لا يكذِبَنّ مُؤجَّلٌ؛
ما سالمٌ إلاّ كَهالك
يا رضوَ! لا أرجو لقا
ءَكَ، بل أخافُ لقاءَ مالك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> متى أهلِكُ يا قَوْمي،
متى أهلِكُ يا قَوْمي،
رقم القصيدة : 4881
-----------------------------------
متى أهلِكُ يا قَوْمي،
فقدْ حُقّ لي المَهلَكْ
فَقيرٌ كلُّ مَن في الأرْ
ضِ، إنّ العَبدَ لا يَملك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا يا جَونُ! ما وُفّقْتَ
ألا يا جَونُ! ما وُفّقْتَ
رقم القصيدة : 4882
-----------------------------------
ألا يا جَونُ! ما وُفّقْتَ
إنْ زايَلتَ قاموسَكْ
ورأيي لك، في العالَـ
ـمِ، أن تَلزَمَ ناموسَك
وما يَبقى، على الأيّا
مِ، لا موسى، ولا موسك
ويا راهبُ! لا ألحا
كَ أن تَضرِبَ ناقوسَك(41/182)
وما أجْنأَ مَن جاءَكَ،
يَرمي بالأذى قُوسك
وما تَعْصِمُكَ الوَحد
ةُ، أن تَنزِلَ ناوُوسك
ويا رازيّ! ما للخَيـ
ـلِ لا تَمنَعُ شالوسَك؟
أخافُ الدّهرَ أن يُبدِ
لَ نَعماءَ الغنى بوسَك
أسعدُ المشتري أوْحَـ
ـشَ، من عزّكَ، مأنوسَك
ألا تَنهَضُ للحَرْبِ،
وتَدعو، للوغى، شُوسك؟
وكم تحبِسُ زِرْيابَكَ،
في السجنِ، وطاوُوسك؟
فإنّ الوحشَ، في البَيدا
ءِ، ضاهى سوسُها سوسك
ولا تأمَنُ، في الحِندِ
سِ، من وطئِكَ فاعوسك
ومن عاداتِ رَيْبِ الدّهـ
ـرِ أن يذعرَ بابوسك
فَسَلْ نُعمانَكَ الأوّ
لَ، عن ذاكَ، وقابوسك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> شرِبتُ الرّاحَ بالرّاحِ،
شرِبتُ الرّاحَ بالرّاحِ،
رقم القصيدة : 4883
-----------------------------------
شرِبتُ الرّاحَ بالرّاحِ،
وقد كنتُ لها تارِكْ
فَيا صاحِ! نَهَى الصّاحـ
ـيَ، جَهلٌ عنكَ مُدّارك
وتُسقاها لدنياك،
وتلكَ المُومسُ الفارِك
تَرجّى، عندها، وصلاً؛
رُويداً! إنّها عاركَ
تَخونُ الأوّلَ العَهدَ،
فخلِّ العرسَ، أو شارِك
متى يُلحِقُني، بالرّكْـ
ـبِ، هذا الجَملُ الآرك؟
ألا قد ذهبَ النّاسُ،
ونِضوي رازِمٌ بارِك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تجَنّبْ حانَةَ الصّهبا
تجَنّبْ حانَةَ الصّهبا
رقم القصيدة : 4884
-----------------------------------
تجَنّبْ حانَةَ الصّهبا
ءِ، واهجرْ أبداً حانَكْ
ولا تُرْسلْ على الثَّلّـ
ـةِ، في الغفلةِ، سرحانَك
ولا تَرفعْ، لغيرِ اللَّهِ،
في الحِندِسِ ألحانَك
ويا دهرُ! لحاكَ الله
ما هنّأتَ فَرحانَك
وما أخلَيْتَ من سُقْمٍ،
يفضُّ الجِسمَ قُرحانَك
فقُلْ: رَوْحَكَ مولانا،
لراجيكَ، وريحانَك
فقد أجرَيْتَ جَيْحانَـ
كَ في الأرض، وسَيْحانك
وقد أرسَلتَ شَيْبانَـ
ـكَ، بالرّزق، ومِلْحانكْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا آَكِلَ التّفّاحِ لا تَبْعدَنْ،
يا آَكِلَ التّفّاحِ لا تَبْعدَنْ،
رقم القصيدة : 4885(41/183)
-----------------------------------
يا آَكِلَ التّفّاحِ لا تَبْعدَنْ،
ولا يُقِمْ يومُ ردًى ثاكِلَكْ
قالَ النُّصَيرِيُّ، وما قُلتُهُ،
فاسمَعْ وشجّعْ، في الوَغى، ناكلَكْ
قد كنتَ، في دَهرِكَ، تُفّاحَةً،
وكانَ تُفّاحُكَ ذا آكِلَكْ
وحَرفَ هاجٍ لُحتَ، فيما مضى،
وطالما تشكُلُهُ شاكَلَكْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا خالقَ البَدْرِ وشمسِ الضّحى،
يا خالقَ البَدْرِ وشمسِ الضّحى،
رقم القصيدة : 4886
-----------------------------------
يا خالقَ البَدْرِ وشمسِ الضّحى،
مُعَوَّلي في كلّ حالٍ عليكْ
وكلُّ مَلْكٍ لَكَ عَبدٌ، وما
يبقى له مُلكٌ، فيدْعى مُلَيكْ
إنّ ابنَ يَعقوبٍ، سُلَيْكاً، غدا
كابنِ عُمَيرٍ، في المنايا، سُليْك
ومثلُ ورقاءِ زُهيرٍ مَضتْ
ورْقاءُ، تَعلو زَهَراً بينَ أيْك
قد رامَتِ النّفسُ لها موئِلاً،
فقلتُ مَهلاً! ليسَ هذا إلَيك
إنّ الذي صاغَكِ يَقضي بما
شاءَ، ويُمضي، فازجُري عاذلَيك
البحرُ، في قدرَتِهِ، نُغبَةٌ؛
والفَلَكُ الأعظمُ، فيها، فُلَيك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حديثٌ، على العالمينَ، التَبَكْ،
حديثٌ، على العالمينَ، التَبَكْ،
رقم القصيدة : 4887
-----------------------------------
حديثٌ، على العالمينَ، التَبَكْ،
فبكّ على النّاسِ، أو لا تُبَكّ
وهمْ ينتزونَ، ولا يُحجزونَ؛
كأنّهُمُ الطّيرُ تحتَ الشّبَك
وما يُخلِدُ المَلِكَ الآدَميَّ
لا ما أذابَ، ولا ما سَبَك
وهلْ يَمنَعُ، الفارسَ المستَميـ
ـتَ، ما خاطَ زَرّادُه، أو حَبَك؟
وإنّ إلهي، إلَهَ السّما
ءِ، وربُّ الوُهودِ، وربُّ النبك
سألتُ المحدِّثَ عن شأنِهِ،
فما زالَ يَضعُفُ حتى ارتَبَك
وعُلْويُّ أقدارِهِ جامعٌ
هِزَبرَ العرِينِ، وعلجَ الأبَك
لقد بَعِلَ المرءُ عمروٌ، بها،
فصُدّ، عن الكاسِ في بعلبك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إلَهَ الأنامِ وربَّ الغَمامِ،
إلَهَ الأنامِ وربَّ الغَمامِ،
رقم القصيدة : 4888(41/184)
-----------------------------------
إلَهَ الأنامِ وربَّ الغَمامِ،
لنا الفَقرُ دونك، والمُلْكُ لكْ
إذا أنا لم أغنَ في لذّةٍ،
أسِفتُ، وضاقَ عليّ الفَلَك
ولستُ كموسى أهابُ الحِمامَ،
ولكنْ أوَدُّ لِقاءَ المَلَك
حياةُ العِبادِ سبيلُ النّفادِ،
وما ابيَضّ فَوْديَ حتى حَلَك
إذا ما تَباشرَ أهلُ الغُلامِ
به، فالتباشرُ معنًى: هَلَك
ألمْ تَرَيَا أنّ سِلكَ الزّما
نِ أفنى السليك، وأفنى السُّلك؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا المرءُ صُوّرَ للنَّاظرينَ،
إذا المرءُ صُوّرَ للنَّاظرينَ،
رقم القصيدة : 4889
-----------------------------------
إذا المرءُ صُوّرَ للنَّاظرينَ،
فقد سارَ في شرّ نَهجٍ سُلِكْ
أرى العِلْجَ، في قَفرِهِ، مُعتَقاً،
ولاقَى الهَوانَ جَوادٌ مُلِك
وما حَظُّهُ في حِزامٍ يُشَدُّ،
ليُركبَ، أو في لجامٍ أُلِك
وكم أوْلَدَ المَلِكُ المُستَباةَ؛
وكم نَكَحَ العبدُ بنتَ المَلِك
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> وطني
وطني
رقم القصيدة : 489
-----------------------------------
أنا أرضى بالذي قَلَّ ودَلْ:
خيمةٌ في وطني دونَ وَجَلْ
خيمةٌ أغسلُ باللثم بها
يدَ أمي كلما الصبحُ أطَلْ
ورغيفٌ دافيءٌ تخبزُهُ
"أمُ شيماءَ".. وكوزٌ من وشَلْ
مُنْذُ جيلينِ ومازلتُ على
سَفَرٍ بين قنوطٍ وأمَلْ
لا الضحى ضاحَكَ أحداقي ولا
طمْأنَ الليلُ فؤاداً وَمُقَلْ
أمسَكَ الصبحُ عن القلبِ فما
زارني إلا وفي العينِ طَفَلْ
كَذِبَ التاريخُ.. مازال على
وطني للشِرْكِ "لاةٌ" و"هُبَلْ"
تعِبَتْ من تَعَبي أشرعةٌ
كلّما أنشُرها الساحلُ زَلْ
وَنَأتْ عن سُفني الريحُ سوى
زَفَراتٍ بَرْدُها لَفْحُ شُعَلْ
ياهلالَ العيدِ هلْ مِنْ خَبَرٍ
عن فراتينِ وسهلٍ وَجَبَلْ؟
مرَّ "عيدانِ وعشرونَ" وما
عادَني جارٌ.. ولا الهَمُّ ارْتحَلْ
وَأحَلَّتْ كبريائي غُرْبَةٌ
نَبَشَتْ روحي بأشواكِ المَلَلْ
وَسَّعَتْ صَحْني ولكنْ ضَيَّقَتْ(41/185)
بينَ حُصْني وسرايا من عِلَلْ
سيدي ياناسِكَ النخلِ ويا
خاشعَ الطين وعذريَّ القُبَلْ
أنا أدري أنَّ بيْ من شَغَفٍ
لبساتينكَ بعضاً من خَبَلْ
نَكَثَ العشقُ بقلبي فكبا
ربَّ مجنونٍ بـ"ليلاهْ" عَقلْ
قَنَعَتْ بالصاب كأسي وَجَفَتْ
بعد نهريكَ رحيقاً وَعَسَلْ
وَتطَبَّعْتُ على الحزنِ فما
طابَ لي بعد لياليكَ جَذَلْ
فَلِمَنْ أفتح أحداقي إذا
لم تكن كُحْلَ جفوني والمُقَلْ؟
إنني ياسيدي الطفلُ الذي
خَبَرَ العشقَ غريراً فاكْتَهَلْ
لم يزلْ ينبض شوقاً لغدٍ
قلبيَ الطفلُ.. و"ليلى" لم تَزَلْ
سيدي.. مولايَ.. فامْنَحْني ولو
زَبَداً منكَ وصحناً من غَلَلْ
ومن الأرضِ ذراعاً واحداً
أنا أرضى بالذي قَلَّ وَدَلْ!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألِكني إلى مَن لهُ حِكمَةٌ؛
ألِكني إلى مَن لهُ حِكمَةٌ؛
رقم القصيدة : 4890
-----------------------------------
ألِكني إلى مَن لهُ حِكمَةٌ؛
ألِكني إلَيهِ، ألِكني ألِكْ
أرى ملَكاً طانَهُ للحِمام،
فكيفَ يُوَقّى بَطينُ الملِك؟
فما لي أخافُ طريقَ الرّدى،
وذلكَ خَيرُ طريقٍ سُلِك
يُريحُكَ من عيشَةٍ مُرّةٍ،
ومالٍ أُضيعَ، ومالٍ مُلِك
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جرى النّاسُ مجرًى واحداً، في طِباعهم،
جرى النّاسُ مجرًى واحداً، في طِباعهم،
رقم القصيدة : 4891
-----------------------------------
جرى النّاسُ مجرًى واحداً، في طِباعهم،
فلم يُرْزَقِ التّهذيبَ أُنثَى ولا فحلُ
أرى الأرْيَ، تَغشاهُ الخطوبُ، فينثني
مُمِرّاً، فهل شاهدْتَ من مَقِرٍ يحلو؟
وبينَ بني حَوّاءَ، والخَلقِ كلّهِ،
شرورٌ، فَما هذي العداوةُ والذَّحلُ؟
تَقِ اللَّهَ، حتى في جنى النّحلِ شُرْتَه،
فَما جَمَعتْ إلاّ لأنفُسِها النّحل
وَإن خِفتَ من رَبٍّ، فلا تَرْجُ عارِضاً
من المُزنِ، تهوى أن يزولَ به المَحل
فهل علِمَتْ وجناءُ، والبرُّ يُبتَغى
عليها، فتُزْهى أن يُشَدّ بها الرّحل؟(41/186)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كان ما قالَ الحكيمُ، فَما خَلا
إذا كان ما قالَ الحكيمُ، فَما خَلا
رقم القصيدة : 4892
-----------------------------------
إذا كان ما قالَ الحكيمُ، فَما خَلا
زَمانيَ منّي، منذ كانَ، ولا يخلو
أفرّقُ طوراً، ثمّ أجمَعُ تارَةً؛
ومثليَ، في حالاتهِ، السّدْرُ والنّخلُ
وأبخَلُ بالطّبعِ الذي لستُ غالباً؛
ومن شرّ أخلاقِ الرّجالِ هوَ البُخل
أرادَ ابنَهُ المُثري ليأخذَ إرْثَهُ،
ولو عقلَ الآباءُ ما وُضعَ السَّخل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا شئتَ أنْ ترْقَى جدارَكَ، مَرّةً،
إذا شئتَ أنْ ترْقَى جدارَكَ، مَرّةً،
رقم القصيدة : 4893
-----------------------------------
إذا شئتَ أنْ ترْقَى جدارَكَ، مَرّةً،
لأمرٍ، فآذِنْ جارَ بيتِكَ من قبلُ
ولا تَفجأنْهُ بالطّلوعِ، فرُبّما
أصابَ الفتى، من هَتْكِ جارته، خَبل
وما زالَ يَفتنُّ امرؤٌ، في اختيالِه،
وفي مشيه، حتى مشى وله كَبل
وإنّ سبيلَ الخَيرِ، للمرءِ، واضحٌ،
إلى يوم يَقضي، ثمّ تَنقطعُ السُّبل
ويَسمَعُ أقوالَ الرّجالِ تَعيبُهُ،
وأهوَنُ منها في مواقِعها النَّبل
يحُلُّ ديارَ المُنْدِياتِ، برُغمِهِ،
ويَرْحَلُ عَنها والفؤادُ به تَبل
إذا مُسَكُ العيش انقضَتْ وتقضّبَتْ،
فما يَسألُ الضّرغامُ ما فعلَ الشِّبل
عَلِقتُ بحبلِ العُمر خمسينَ حِجّةً،
فقد رثّ، حتى كادَ ينصرِمُ الحَبل
وهل يَنفَعُ الطّلُّ، الذي هوَ نازلٌ،
بذاتِ رمالٍ، عندَما جحدَ الوبل؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ورَدتُ إلى دارِ المَصائبِ، مُجبَراً،
ورَدتُ إلى دارِ المَصائبِ، مُجبَراً،
رقم القصيدة : 4894
-----------------------------------
ورَدتُ إلى دارِ المَصائبِ، مُجبَراً،
وأصبحتُ فيها ليس يُعجبني النّقلُ
أُعاني شروراً لا قِوامَ بمثلِها،
وأدناسَ طَبعٍ لا يُهَذّبُهُ الصّقلُ
سَحائبُ للسّقيا، وسُحْبٌ من الرّدى،(41/187)
ونَبتُ أُناسٍ، مثلَ ما نَبَتَ البقل
وللحيّ رزقٌ ما أتاهُ بسَعيهِ،
وعَقلٌ، ولكن ليسَ يَنفَعُهُ العقل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمَيّتَةٌ شُهبُ الدّجَى أم مُحِسّةٌ،
أمَيّتَةٌ شُهبُ الدّجَى أم مُحِسّةٌ،
رقم القصيدة : 4895
-----------------------------------
أمَيّتَةٌ شُهبُ الدّجَى أم مُحِسّةٌ،
ولا عقلَ أم في آلِها الحِسُّ والعقلُ؟
ودانَ أُناسٌ بالجَزاءِ وكونِهِ؛
وقال رِجالٌ: إنّما أنتمُ بَقل
فأوصيكُمُ أمّا قَبيحاً فجانِبوا؛
وأمّا جَميلاً من فِعالٍ فلا تَقلوا
فإنّي وجَدتُ النّفسَ تُبدي نَدامةً
على ما جنتهُ، حينَ يحضُرُها النّقل
وإنْ صَدِئَتْ أرواحُنا، في جسومِنِا،
فيُوشِكُ يوماً أن يُعاوِدَها الصّقل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَقولونَ: إنّ الجسمَ يَنقُلُ روحَه
يَقولونَ: إنّ الجسمَ يَنقُلُ روحَه
رقم القصيدة : 4896
-----------------------------------
يَقولونَ: إنّ الجسمَ يَنقُلُ روحَه
إلى غَيرِهِ، حتى يُهَذّبَها النّقلُ
فلا تَقبَلَنْ ما يُخبرُونَكَ ضِلّةً،
إذا لم يُؤيّدْ، ما أتَوكَ به، العقل
وليسَ جسومٌ كالنّخيلِ، وإن سما
بها الفرعُ، إلاّ مثلَ ما نَبَت البقل
فعِشْ وادِعاً وارفُقْ بنفسِكَ طالباً،
فإنّ حُسامَ الهِندِ يَنهَكُهُ الصّقل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَصونُ الحِجى والبَذلُ أعراضَ معشرٍ؛
يَصونُ الحِجى والبَذلُ أعراضَ معشرٍ؛
رقم القصيدة : 4897
-----------------------------------
يَصونُ الحِجى والبَذلُ أعراضَ معشرٍ؛
وأينَ يُرى العِرْضُ الذي ليس يُبذلُ؟
وصاحبُ نُكرٍ، باتَ يُعْذَرُ بَينَنا،
وفاعلُ مَعرُوفٍ يُلامُ ويُعذَل
وقِدْماً وجَدْنا مُبطِلَ القوم يعتَدي،
فيُنصَرُ، والغادي معَ الحَقّ يُخذل
فإنْ يَكُ رَذلاً عصرُنا وأنامُهُ،
فَما بَعدَ هذا العَصرِ شَرُّ وأرْذل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيَسجُنُني ربُّ العُلا، وهو منصِفٌ،(41/188)
أيَسجُنُني ربُّ العُلا، وهو منصِفٌ،
رقم القصيدة : 4898
-----------------------------------
أيَسجُنُني ربُّ العُلا، وهو منصِفٌ،
وإنْ تُقنَ راحٌ، فهيَ لا ريبَ تُبزَلُ
فَيا عَجَبا للشّمسِ تُنشَرُ بالضّحَى،
وتُطوى الدّجى، والبَدرُ يَنمو ويهزُل
ومُعَتزِليٍّ لم أُوافقْهُ، ساعةً،
أقولُ له: في اللّفظِ دينُكَ أجزل
أُريدُ به من جُزلةِ الظّهرِ، لم أُرِدْ
من الجزَلِ في الأقوال تُلوى وتُجزَل
جهلتُ: أقاضي الرّيّ أكثرُ مأثماً،
بما نَصَّهُ، أم شاعرٌ يتَغَزّل
وأعلَمُ أنّ ابنَ المعلّمِ هازِلٌ
بأصحابِه، والباقلانيّ أهزل
وكم من فَقيهٍ خابطٍ في ضلالَةٍ،
وحُجّتُهُ فيها الكتابُ المنزَّل
وقارئكمْ يرجو بتَطريبهِ الغِنى،
فآضَ كما غنّى، ليكسِبَ، زلزل
يرى الخُلدَ عَيناً، والزَّبابةَ مَسمَعاً،
ويقزِلُ في التنميسِ، والذئبُ أقزَل
فَما لعَذابٍ فوْقَكم لا يعمُّكمْ؛
وما بالُ أرضٍ تَحتكم لا تُزَلزَل؟
فعفّوا وصلّوا واصمتوا عن تَناظُرٍ،
فكُّل أميرٍ، بالحَوادثِ، يُعزَل
وما ردّ عن آلِ السّماكِ سِلاحَهُ،
ولا كفّ عَنه الموْتُ، إن قيلَ أعزل
أسَيفُكَ سيفٌ أم حُسامُك مِشرَطٌ؛
ورُمحكَ رمُحٌ أم قَناتُكَ مِغزَل؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بني آدَمٍ! مَن نالَ مَجداً فإنّه
بني آدَمٍ! مَن نالَ مَجداً فإنّه
رقم القصيدة : 4899
-----------------------------------
بني آدَمٍ! مَن نالَ مَجداً فإنّه
سينقلُهُ، من ذلك المجدِ، ناقلُ
ومِثلانِ زيْدُ الخيل، فيكم، وغيرُهُ؛
وسيّان قسٌّ، في الكلامِ، وباقلُ
لكلّ أخي نفسٍ حِجًى وفَطانَةٌ،
وتَعرِفُ أفعالَ الحُسامِ الصَّياقل
ولو لم يَكُنْ مستنفرُ العُصم عاقِلاً،
لما باتَ في أعلى الذُّرى، وهو عاقل
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> يا منقذي من وحول العار
يا منقذي من وحول العار
رقم القصيدة : 490
-----------------------------------
مسافرٌ عَبَرَ الدنيا ولم يَجُبِ(41/189)
إلا مسافة أجفانٍ من الهُدب
صلى وسلّ يقين العزم يشحذه
جمرٌ من الثأر في ريحٍ من الغضب
تماثلا عنده في ظل نخوته
تاجٌ من الجلد أو نعلٌ من الذهب
رأى الحياة مواتاً فاستخار ردىً
حيّاً حياة رفيف الضوء في الشهب
فصاح بالأرض: شقي القبرَ وانتظري
ما سوف تحصد أضلاعي من الحطب
وصاح بالدهر: قِفْ حتى يطلَّ غدٌ
صافي المرايا كدمع العشق والوصب
مشى وفي دمه يمشي الهدى طلقاً
مشيَ اليراع يخطّ الحرف في الكتب
سلّ الضلوع رماحاً ثم فجّرها
مابين منتهك عِرضاً ومنتهب
***
***
يامنقذي من وحول العار يابطلاً
جاز الرجولة ضيفاً وهو بعدُ صبي
ويامقيلَ عثار القوم في زمن
صار الجهادُ به ضرباً من اللغب
أفدي لضعلك أبواقاً وألسنة
ما جيّشت غير أفواجٍ من الخطب
آمنت بالنار لا إثماً ومعصية
فقد خُلقتُ حنيفاً غير ذي ريب
مادام أن حديد الظلم تصهره
نار الجهاد فقد آمنت باللهب
***
***
جاز الزُبى خوفنا حتى لقد خجلتْ
سيوفنا من أيادينا بمضطرب
تشكو الفضيلة من بغيٍ وقد ثكلتْ
شهامة واستغاث الصدقُ بالكذبِ
تخشى سفائننا الحيرى ربابنةً
زاغوا بها بين ديجور ومنقلب
الثائرون ولكن في مخابئهم
والذائدون ولكن عن سنا الرُّتبِ
وزاعم بالحجى قد راح ينصحنا:
إن التوسّل دربُ الحق والأرب
تخشّبوا كـ"كراسيهم".. متى نبضت
شهامةٌ في عروق الصخر والخشب؟
تشابها في دجى هذا القنوط خناً
وعزة واستوى نكرٌ وذو حسب
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما الرُّدَينيّاتُ جارَتْ سمَتْ لها
إذا ما الرُّدَينيّاتُ جارَتْ سمَتْ لها
رقم القصيدة : 4900
-----------------------------------
إذا ما الرُّدَينيّاتُ جارَتْ سمَتْ لها
مرادِنُ، فيها كُرْسُفٌ ومغازِلُ
دعتْ ربَّها أن يُهلِكَ البِيضَ والقَنا،
وكلُّ لَه، من قدرةِ اللَّه، آزل
رِياءُ بني حوّاءَ، في الطّبعِ، ثابتٌ،
فمنهمْ مجدٌّ، في النّفاقِ، وهازل
سخوا، ليقولَ النّاس جادوا، وأقدموا،
ليُذكَرَ، في الهَيجاءِ، قِرنٌ مَنازِل(41/190)
وغزلانُ فرْتاجَ انْتَحَتْكَ خيانةً،
وآسادُ خفّانَ التي لا تُغازِل
فَيا عَجَبا للشّمسِ ليسَ لها سناً،
وللبَدْرِ لم تحملْ سُراهُ المَنازِل
فهل فرِحتْ، بالحَمدِ، خيلٌ سوابقٌ،
وبالمَدحِ، تلكَ المثقَلاتُ البَوازل؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَجِبْتُ لمَلبوسِ الحَريرِ، وإنّما
عَجِبْتُ لمَلبوسِ الحَريرِ، وإنّما
رقم القصيدة : 4901
-----------------------------------
عَجِبْتُ لمَلبوسِ الحَريرِ، وإنّما
بدتْ، كبُنَيّاتِ النّقيعِ، غوازلُهْ
وللشّهدِ يَجني أرْيَهُ مترَنّمٌ،
كذِبّانِ غيثٍ، لم تُضَيَّعْ جوازلُه
كأنّي بهذا البَدْرِ قد زالَ نُورُهُ؛
وقد دَرَسَتْ آثارُهُ ومَنازِلُه
أكانَ، بحكمٍ من إلهِكَ، ناشئاً،
يُعاطي الثّرَيّا سرَّهُ، فتغازِلُه؟
يَسيرُ بتَقديرِ المَليكِ لغايَةٍ،
فَلا هو آتيها ولا السّيرُ هازِلُه
ألا هَل رأتْ هذي الفراقدُ رميَنا
فراقدَ في وحشٍ، رعى الوَحشَ آزلُه؟
فإن كان حَسّاساً، من الشُّهبِ كوكبٌ،
فَما ريعَ من قبرٍ تَبوّأ نازِلُه
متى يتَوَلّى الأرضَ نجمٌ، فإنّهُ
يَدومُ زَماناً، ثمّ ربُّكَ عازلُه
هما فتَيا دَهرٍ يمرّانِ بالفَتى،
فلو عُدّ هَضْبٌ، غَيّرَتْهُ زَلازِلُه
كحِلْفَيْ مُغارٍ، كلَّ يومٍ ولَيلَةٍ،
على الآلِ، أو في المالِ ترغُو بوازلُه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ناديتُ، حتى بدا في المَنطقِ الصَّحَلُ،
ناديتُ، حتى بدا في المَنطقِ الصَّحَلُ،
رقم القصيدة : 4902
-----------------------------------
ناديتُ، حتى بدا في المَنطقِ الصَّحَلُ،
تَخالَفَ النّاسُ والأغراضُ والنِّحَلُ
رَجَوْا إماماً، بحَقٍّ، أن يَقومَ لَهم؛
هيهاتَ لا بلْ حُلولٌ ثمّ مرتحَل
ولنْ يَزالوا بشرٍّ في زمانهمُ،
ما دامَ فَوقَهُمُ المِرّيخُ، أو زُحَل
فاكفف بسيرِكَ ذيلَ الخطبِ، مبتدراً،
فالخلقُ أمرَهُ، أو فيه الدّجى كحل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَقضي المآربَ، والسّاعاتُ ساعيَةٌ،(41/191)
نَقضي المآربَ، والسّاعاتُ ساعيَةٌ،
رقم القصيدة : 4903
-----------------------------------
نَقضي المآربَ، والسّاعاتُ ساعيَةٌ،
كأنّهنَ صِعابٌ، تحتَنا، ذُلُلُ
وقتٌ يَمُرُّ، وأقدارٌ مُسبَّبةٌ،
منها الصّغيرُ، ومنها الفادحُ الجَلَل
واللَّهُ يَقدِرُ أن يُفني برِيّتَهُ،
من غَيرِ سُقمٍ، ولكنْ جُندُه العِلَل
وفي اللّيالي مَضاءٌ مُوجبٌ، أبَداً،
كُلولَ طرفِكَ عمّا حازَتِ الكِلَل
سُقيا الغَمائم بعضَ الإنسِ تُفسدُه،
كالطّرْسِ يَهلِكُ إمّا مَسّهُ البَلَل
ودِدْتُ أنّيَ مثلُ السّيفِ، ليسَ له
حِسٌّ، إذا فُلّ، أوْ رثّتْ له خِلل
ظَلّتْ غرائزُ منّا باعثاتِ أسًى،
إذا الضّنى حلّ، أو لم يؤهَلِ الطّلَل
في النّاس مَن فَقرُهُ عزٌّ لجارَتِهِ،
وجارُهُ وغناهُ كلُّهُ ذِلَل
ضلّ امرؤ قال: خِلّي أستَعينُ به؛
وأيُّ خِلٍّ نأى، عن وُدّهِ، خلَل
وما فتئتُ، وأيّامي تُجَدّدُ لي،
حتى مَلَلتُ، ولم يَظهَرْ بها مَلَل
إنّ الأكفّ، إذا كانتْ على سَرَقٍ
مجبولةً، فجَديرٌ ما بها الشّلَل
والحائمونَ كثيرٌ ثمّ بَعدَهمُ
قومٌ نِهالٌ، وقومٌ كظَّهمْ عَلل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الشعرُ كالنّاس، تَلقى الأرضَ جائشةً
الشعرُ كالنّاس، تَلقى الأرضَ جائشةً
رقم القصيدة : 4904
-----------------------------------
الشعرُ كالنّاس، تَلقى الأرضَ جائشةً
بالجَمعِ يُزجَى، وخَيرٌ منهمُ رجلُ
والأمرُ يُدرَكُ عن قَدْرٍ، فكم خطئتْ
نَبل المكيث، وصابَ الأخرق العَجِل
وأمنُ دنياكَ من جَهلٍ تَوَلُّدُهُ؛
وصاحبُ العَقلِ فيها خائفٌ وجِل
والدّهرُ شاعرُ آفاتٍ يَفوهُ بها
للنّاس، يُفكِرُ، تاراتٍ، ويرتجل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الشرُّ طَبعٌ، ودُنيا المَرءِ قائِدةٌ
الشرُّ طَبعٌ، ودُنيا المَرءِ قائِدةٌ
رقم القصيدة : 4905
-----------------------------------
الشرُّ طَبعٌ، ودُنيا المَرءِ قائِدةٌ
إلى دَناياهُ، والأهواءُ أهوالُ(41/192)
والمالُ يحويه جدوى من يجودُ بهِ،
إنّ المَكارمَ، للمُجدينَ، أموال
والقولُ إن يَبقَ يُحسَبْ للفتى أثراً،
فلا تشِينَنْكَ، بعدَ الموتِ، أقوال
حالٌ وحَوْلٌ على أن يذهبا خُلِقا،
فَما تَدومُ، على الأحوالِ، أحوالُ
والمَجدُ كالرّزْقِ: هذا نالَ منه غنًى،
وذاكَ منهُ، على ما فاتَ، إعوال
لا يجمعُ الفَضْلَ بل يعطى العُلا رجَبٌ
للحربِ يُجبَى، ويُعطى الفِطَر شوّال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> في الوَحدَةِ الرّاحةُ العُظمى، فآخِ بها
في الوَحدَةِ الرّاحةُ العُظمى، فآخِ بها
رقم القصيدة : 4906
-----------------------------------
في الوَحدَةِ الرّاحةُ العُظمى، فآخِ بها
قلباً، وفي الكونِ بينَ النّاسِ أثقالُ
إنّ الطّبائِعَ لمّا أُلّفَتْ جَلَبَتْ
شرّاً، توَلّدَ فيهِ القيلُ والقال
حتى إذا مالِكُ الأشياءِ فَرّقَها،
زالَ العَناءُ، ولم يُتعبكَ تَنقالُ
ونابتُ الوجهِ زينٌ في النّديّ له،
كالأرضِ حَسّنَها في العَينِ إبقال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُنياكَ مثلُ سرابٍ، إن ظَنَنتَ بها
دُنياكَ مثلُ سرابٍ، إن ظَنَنتَ بها
رقم القصيدة : 4907
-----------------------------------
دُنياكَ مثلُ سرابٍ، إن ظَنَنتَ بها
ماءً، فخدَعٌ، وإنْ عَضباً فتَهويلُ
والجسمُ للرّوحِ دارٌ طالما لَقِيتْ
هَدْماً، وحُقّ، لربّ الدارِ، تحويل
تُسَوّلُ النّفسُ آمالاً وتسألُها،
فالخَيرُ سُؤلٌ، وحُسنُ الظنّ تسويل
مُوّلتَ، والمالُ مثلُ الفيءِ منتقلٌ،
فليَغْدُ منكَ، على عافيكَ، تمويل
أخَذتَ ميثاقَ أيّامٍ غُرِرتَ بها،
وما، على ذلك الميثاقِ، تعويل
في قَبضةِ اللَّه أعمارٌ مُقَسَّمَةٌ،
لها إذا شاءَ، تَقصيرٌ وتَطويل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دينٌ وكُفرٌ، وأنباءٌ تُقَصُّ، وفُرْ
دينٌ وكُفرٌ، وأنباءٌ تُقَصُّ، وفُرْ
رقم القصيدة : 4908
-----------------------------------
دينٌ وكُفرٌ، وأنباءٌ تُقَصُّ، وفُرْ(41/193)
قانٌ يَنُصُّ، وتَوْراةٌ، وإنجيلُ
في كلّ جيلٍ أباطيلٌ يُدانُ بها،
فهلْ تَفَرّدَ يَوماً بالهدى جِيل؟
ومن أتاهُ سِجِلُّ السّعدِ، عن قدَرٍ
عالٍ، فليسَ لهُ بالخُلدِ تَسجيل
وما تَزالُ، لأهلِ الفَضلِ، مَنقَصَةٌ،
وللأصاغرِ تَعظيمٌ وتَبجيل
هل سُرّتِ الخَيل أن زانَتْ سوابقَها،
بينَ المَواكبِ، غُرّاتٌ وتحجيل؟
أم التّفاخُرُ فينا ليسَ يَعرِفُهُ
إلاّ الأنيسُ، وبعضُ القولِ تهجيل
فلتلبسَ الوحشُ نُعمى، لا حِذاءَ لها
يَقي الترابَ، ولا للهامِ تَرْجيل
ما مُبغِضيّ، لعَمري، مُحضِري أجلي
بالكَيْدِ، إن كان لي، في الغَيبِ، تأجيل
لا الحرب أفنتْ ولا سِلمُ العدوّ حمتْ،
بل، للمَقاديرِ، تأخيرٌ وتَعجيل
ومدْحُكَ المَرءَ بالأخلاقِ يعدَمها،
للحُرّ ذي اللُّبّ تَبكيتٌ وتَخجيل
فاصرِفْ لعافيكَ سَجْلَ العُرْفِ تملأهُ،
ولو أتاكَ، من الخَضراءِ، سِجّيل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لأوصِينّ بما أوْصَتْ به أُمَمٌ،
لأوصِينّ بما أوْصَتْ به أُمَمٌ،
رقم القصيدة : 4909
-----------------------------------
لأوصِينّ بما أوْصَتْ به أُمَمٌ،
في الدّهر، والقولُ مثل الشرب مَعلولُ
لا تأمَننّ أخا داءٍ ولا ضَمَنٍ،
قد يُحدثُ السّيفُ كَلْماً، وهوَ مفلول
ولا يغُرّنْكَ، ممّنْ قلبُهُ أحِنٌ،
صَمتٌ، فإنّ حُسامَ الغِمرِ مَسلول
وإنْ دُلِلْتَ على شَرٍّ لِتأتِيَهُ،
فأنتَ منهُ، على ما ساءَ، مَدْلول
مَفعولُ خيرِكَ، في الأفعال، مُفتَقَدٌ،
كما تَعَذّرَ، في الأسماءِ، فَعلول
ولا يصدّنْكَ، عن مَجدٍ ولا شرَفٍ
تِبْغيهِ، أنّكَ طَلقُ الوَجهِ بُهْلول
ولا تُجِلّنَّ ما الأحلامُ تحظُرُهُ،
فقَد علِمتَ بأنّ الرَّمسَ مَحلول
وقد يَطِلُّ دماءً، غيرَ هَيّنَةٍ،
دَمٌ من الذّارعِ الزّنجيّ مَطلول
ذاكَ الأسيرُ، كَفانا غُلُّهُ عَنَتاً،
فليتَهُ، آخِرَ الأيّامِ، مغلول
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> بغداد والخمسون
بغداد والخمسون
رقم القصيدة : 491(41/194)
-----------------------------------
ظميء.. واللهيب هَمِيْ
فما يحسو سوى ضَرَمِ
يُفتشُ في صحارى العشقِ
عن مُستعذَبٍ شَبِمِ
وفانوسٍ ينشُّ به
عثارَ طريقه العَتِمِ
يُقوِّسُ ظهرَهُ تعَبٌ
يشدُّ يداً إلى قدَمِ
ينامُ على ندى أمَلٍ
فيوقظه لظى ألَمِ
ويسْتجدي من الأيام
صفواً بعد مُحْتدَمِ
به شغفٌ.. ويُخجِلهُ
تصابي العاشقِ الهَرِم
يراودُهُ على شفتيه
ثغرٌ للرحيق سمي
رأى نبعاً.. فصاح القلبُ :
ياهذا الذبيحُ صُم
ومئذنة.. فقال لها :
متى تكبيره الهِمَم ؟
متى الإمساكُ عن جزعٍ
وعن بَطرٍ وعن سأم؟
وعن عَسَلِ الخنوع يشلُّ
همَّة أشرفِ الأمم؟
ظميء.. والنهارُ ظمي
إلى شمسٍ من القيَمِ
يَغُّذ إلى الديار السيرَ
في صحوٍ وفي حُلم
فما جازتْ ركائبُهُ
سوى سطرين من كَلِم:
إلهي جفّ طيقف العمر
لا أقوى على سَقمِ
إلهي صُنْ عراقَ الروحِ
من هوجاءِ مُضطرَمِ
تجيّشتِ الهمومُ عليه
من سفحٍ إلى قمَمِ
فمن جوع إلى وجع
ومن ضيْم إلى ظلم
ولا من حيلة فأحوْلُ
بين أسى ومغتنم
أنا الراعي، وعاطفتي
عصاي.. وأضلعي غنمي
دمي مرعايَ.. والينبوعُ
دمعي.. والوجاقُ فمي
أنادمُ في هزيع العمرِ
ما أهرقتُ من ديم
وقد مَلكَ الهوى مني
ندى روحي ودفء دمي
عشقنا.. فانتهينا
بَيْن مُتَّهِمٍ ومُتَّهَمِ!
كلانا نادمٌ.. والعشقُ
قد يُفضي إلى ندَمِ!
***
***
ويابغداد و"الخمسون"
بدءُ صبا يدي نِعَم
ونافذة ـ لذي ألم
ولا أملٌ ـ على رِمَم
نُحشِّمُ مَنْ وكلّ فيه
جرحٌ غيرُ ملتئم؟
فلا من حزم "هارونٍ"
ولا من عزم "معتصم"
لمن نشكو و"قاضي العصر"
ما أبقى على قيم؟
أضاع بصيرة وغفا
على ريشٍ من الصَمَمِ
***
***
ظميء.. والشراع ظمي
إلى نهريك والنَسَمِ
إلى نخل السماوة زُفَّ
بعد الصبرِ للدِّيَمِ
وفاختةٍ إذا هَدَلتْ
أثار هديلها نغمي
وحَفَّزت المِداد يصبُّ
كأسَ الحبِ من قلمي
سلاماً يانميرَ الروحِ
من قلبٍ إليكَ ظمي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قُلتمْ: لَنا خالقٌ حكيمٌ،(41/195)
قُلتمْ: لَنا خالقٌ حكيمٌ،
رقم القصيدة : 4910
-----------------------------------
قُلتمْ: لَنا خالقٌ حكيمٌ،
قلنا: صدَقتمْ كذا نَقولُ
زَعَمتُموهُ بِلا مَكانٍ
ولا زَمانٍ، ألا فَقولوا:
هَذا كلامٌ لَهُ خَبيءٌ،
مَعناهُ لَيستْ لَنا عُقُول
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما أطيَبَ العيشَ عند قَومٍ،
ما أطيَبَ العيشَ عند قَومٍ،
رقم القصيدة : 4911
-----------------------------------
ما أطيَبَ العيشَ عند قَومٍ،
لو أنّهُ كانَ لا يَزُولُ
والدّهرُ عَوْدٌ، بلا فناءٍ،
أو جَذَعٌ ما له بُزول
ما أمِنَتْ هذه الثّرَيّا
أنْ يَترامَى بها النّزول
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَعالى اللَّهُ فَهوَ بنا خَبيرُ،
تَعالى اللَّهُ فَهوَ بنا خَبيرُ،
رقم القصيدة : 4912
-----------------------------------
تَعالى اللَّهُ فَهوَ بنا خَبيرُ،
قدِ اضطُرّتْ إلى الكَذِبِ العقولُ
نَقولُ على المَجازِ، وقد علِمنا
بأنّ الأمرَ ليسَ كما نقول
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَمِعتُكَ مخُبراً، فنظرتُ فيما
سَمِعتُكَ مخُبراً، فنظرتُ فيما
رقم القصيدة : 4913
-----------------------------------
سَمِعتُكَ مخُبراً، فنظرتُ فيما
تَقولُ، فكانَ أمراً يَستَحيلُ
متى أسألْكَ، في يومي، دليلاً،
أجِدْكَ به، على غَدِهِ، تُحيل
نعم لاحَ الهِلالُ، فصارَ بَدراً،
وعادَ لنَقصِهِ، فَهو النّحيل
كَذاكَ الدّهرُ: إقبالٌ ونَحسٌ،
وإبرامٌ يُعاقِبُهُ سَحيل
وركبٌ وارِدٌ ليُقيمَ عَصراً؛
وآخَرُ قد أجَدّ بهِ الرّحيل
فلا تُنكِرْ، إذا دَنَتِ الأقاصي،
ولا تَعجبْ، إذا مَرِهَ الكَحيل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَزلْتَ عن الكُمَيْتِ إلى كُمَيْتٍ؛
نَزلْتَ عن الكُمَيْتِ إلى كُمَيْتٍ؛
رقم القصيدة : 4914
-----------------------------------
نَزلْتَ عن الكُمَيْتِ إلى كُمَيْتٍ؛
ألا بِئسَ الخَليفَةُ والبديلُ
ظلَمْتَ بها حِجاكَ، بغيرِ ذَنْبٍ،(41/196)
فخَفْ إنَّ العقولَ لها سديل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَولّى سيبويهِ، وجاشَ سَيبٌ
تَولّى سيبويهِ، وجاشَ سَيبٌ
رقم القصيدة : 4915
-----------------------------------
تَولّى سيبويهِ، وجاشَ سَيبٌ
من الأيّامِ، فاختلَّ الخَليلُ
ويونُسُ أوحَشَتْ منهُ المَغاني،
وغيرُ مُصابهِ النّبأُ الجَليل
أتَتْ عِلَلُ المَنونِ، فما بكاهمْ،
من اللّفظِ، الصّحيحُ ولا العَليل
ولو أنّ الكَلامَ يُحسِ شَيئاً
لكانَ له، وراءهمُ، أليل
ودَلّتْهُمْ، إلى حُفَرٍ، أيادٍ،
لنا بُورودِها وَضُحَ الدّليل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إلهٌ قادِرٌ، وعَبيدُ سوءٍ،
إلهٌ قادِرٌ، وعَبيدُ سوءٍ،
رقم القصيدة : 4916
-----------------------------------
إلهٌ قادِرٌ، وعَبيدُ سوءٍ،
وجَبرٌ في المَذاهبِ واعتزالُ
وبالكذبِ انسرى وضحٌ ولَيلٌ،
ولم تَزَلِ الخُطوبُ ولا تَزال
ولولا حاجةٌ، في الذئبِ، تَدعو،
لصَيدِ الوَحشِ، ما اقتُنِصَ الغَزال
وما لذؤالَةَ المِسكينِ صبرٌ،
فيَصرِفَهُ عَن الحَمَلِ الهُزال
ويَسعى، في المَعاشِ، الخلقُ حتى
من الشِّبثانِ نَسجٌ واغتزال
ولو أمِنَتْ شِمالُكَ، وهيَ أُختٌ،
يمينَكَ، ظُنّ خَوْنٌ واختزال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن كانَ مَن فَعلَ الكبائرَ مُجْبَراً،
إن كانَ مَن فَعلَ الكبائرَ مُجْبَراً،
رقم القصيدة : 4917
-----------------------------------
إن كانَ مَن فَعلَ الكبائرَ مُجْبَراً،
فعِقابُهُ ظُلمٌ على ما يَفعَلُ
واللَّهُ، إذْ خَلَقَ المَعادِنَ، عالمٌ
أنّ الحِدادَ البِيضَ منها تُجعَل
سفَكَ الدّماءَ بها رِجالٌ أعْصَموا
بالخَيلِ تُلجَمُ بالحَديد، وتُنْعَلْ
لا تُمسِ في نارِ الضّميرِ فَراشَةً،
فضغائنُ الصّدرِ الحَريقُ المُشعَل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أجمِلْ فَعالَكَ، إن وليتَ، ولا تجُرْ
أجمِلْ فَعالَكَ، إن وليتَ، ولا تجُرْ
رقم القصيدة : 4918(41/197)
-----------------------------------
أجمِلْ فَعالَكَ، إن وليتَ، ولا تجُرْ
سُبلَ الهدى، فلكلّ والٍ عازِلُ
للعالَمِ العُلويّ، فيما خَبّروا،
شِيَمٌ بها قَدْرُ الكَواكبِ نازل
أتَرى الهِلالَ، وليسَ فيه مظنّةٌ،
يَصبو إلى جَوْزائِهِ ويُغازل
ويَنالُهُ نَصَبٌ يُطيلُ عَناءَهُ،
فلَهُ، كَساري المُدْلجينَ، مَنازل
ويُقيمُ في الدّار المُنيفَةِ ليلَةً،
وإذا تَرَحّلَ لم يَعُقْهُ الآزل
والبدرُ أنضَتْهُ الغياهبُ والسرى،
فليَرْضَ إن يُنضَ الفنيقُ البازل
علّ السّماكَ، إذا استَقَلّ برُمحهِ،
بَطَلٌ يُمارِسُ قِرْنَهُ ويُنازل
أيقَنْتَ، من قبلِ النُّهى، أنّ السُّهَى
ساهٍ، يُضاحِكُ جارَهُ ويُهازل
والشّمسُ غازِلَةٌ تَمُدُّ خُيوطَها،
فَلِذَاكَ نِسوانُ الأنامِ غَوازل
أمّا النّجومُ، فإنّهنّ ركائِبٌ
تحتَ الزّمانِ، فهل لهنّ هوازل؟
يا حَبّذا العيشُ الأنيقُ، ولم تَرُمْ
هَدْمَ السّرورِ، من الخطوبِ، زَلازل
أيّامَ سُنبُلةُ البروجِ غضيضَةٌ،
واللّيثُ شِبلٌ، والنّسورُ جَوازل
وهَمَمْتَ أن تَحظى، ولكن طالما
خَزَلتْكَ، عن نَيل المرادِ، خَوازل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنسِلْ أوِ اعقُمْ، فالتّوَحّدُ راحةٌ؛
أنسِلْ أوِ اعقُمْ، فالتّوَحّدُ راحةٌ؛
رقم القصيدة : 4919
-----------------------------------
أنسِلْ أوِ اعقُمْ، فالتّوَحّدُ راحةٌ؛
سيّانِ نجلُكَ، والخَبيتُ الناسلُ
والشرُّ أغلبُ، عُصبَةٌ جمعتْ لنا
أقذاءَ دنيانا، وفَذٌّ غاسل
عسَلَتْ قَناً، وخَوامعٌ، وثَعالبٌ
أعقَتْ جَناً، وأطابَ نَحلٌ عاسل
والنّفعُ لم يَكمُلْ به، لكنْ لَه
ضيرٌ، وكم أردى الغريقَ سُلاسل
أنتَ الجبانُ، إذا المَنيَّةُ أعرَضَتْ،
وعلى ثَنيّتِكَ الشّجاعُ الباسل
نَهْجُ العُلا يُنضي الرّكابَ، وكلُّنا
كسلانُ، دونَ المَجدِ، أو متكاسل
والنّفسُ في جسمٍ تَعَلّلُ بالمُنى،
ومَنًى يُلاحظُ يَومَها ويُراسِل
لم يمنَعِ ابنَ المَلْكِ، من آفاتِهِ،(41/198)
عُوَذٌ تُناطُ بكَشحِهِ، ومَراسل
سَقياً لطيبِ العصرِ، لو أنّ الفتى،
بالمُرْغِباتِ إلى بقاءٍ، واسل
فالرّوضُ مجنونٌ، وما حمَلَ الثّرى
غِلاًّ، ولكنْ للوَميضِ سَلاسل
أجأٌ أُجيءَ، إلى الحُتوفِ، قطينُهُ،
فمضى وواسلَ بالمَنونِ مواسل
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> فضح الهوى سري
فضح الهوى سري
رقم القصيدة : 492
-----------------------------------
لا تسألي من كان قد وهبا
في الحب تبر طفولة وصبا
مازال رغم حريقه مطراً
يستنبت الرّيحان والعنبا
وُشِمت جوارحه بمن سكنت
قلباً أناب لنبضه الأدبا
أسرى به والعشق هودجه
ماضٍ يطلّ على غد حدبا
أولست ناعوراً لجدوله
ولسمطه الياقوت والذهبا؟
في أقحوانك من مدامعه
دفء ونفح غالب الحجبا
أفتسألين سواه؟ أين هوى
ينسي العيون الجفن والهدبا؟
تنأى به الأحلام فهو على
وجد يؤمّل منك مقتربا
يقفو دجاك بشمس مقلته
لو أن قنديل المساء خبا
ويرش رملك من ندى دمه
ثمل وغير هواك ما شربا
صدقتْ ثمالته وقد كذبت
كاساته، ورحيقه كذبا
أيقظت في الطفل الألوف منى
هرمت ونبعاً كان قد نضبا
ياويحه ـ الطفل الألوف ـ أما
خبر الهوى وهماً ومنقلباً؟
نكثت به الأحلام فانتبذت
جفنيه لمّا أدمن الوصبا
ويحي عليك.. عليّ.. أيّ هوى
هذا الذي صرنا له حطبا؟
فضح الهوى سرّي ووطّنني
كهفاً مع البلوى ومغتربا
وأذلّ قيثاري فما عرفت
أوتاره في غربة طربا
ويحي عليّ.. نزفت أزمنتي
مستسهلاً في الحب ما صعبا
عجباً عليّ! أكلّما وهنت
روحي أزيد صبابة؟ عجباً!
جحد الحبيب فقلت: ذا زعلٌ
وقسا فقلت: مسامح عتبا
ندمى فنسترضي يداً غرستْ
نصل الجفاء وأوهنت عصبا
ولقد نرى لنزيفنا سبباً
وجحود من خذل المنى سبباً
مولاي ياقلبي.. أمن حجر
ترجو لعشب ظامئ سُحُبا؟
خمسون ـ أو كادت ـ وما برحتْ
سفني تصارع مزبداً لجبا
خمسون ـ أو كادت ـ ولا مطر
عذب يضاحك متعباً تربا
خمسون ـ أو كادت ـ لفرط ضنى
أمسيت أحسب يومها حقبا
خمسون! يوهن عزمها وجع(41/199)
في الروح أنّ الحتم قد قربا
خمسون ـ أو كادت ـ ولا أمل
لي بالرجوع لمعشر وربى
لـ"سماوة" شغف الفؤاد بها
فاختارها لرفيفه نسبا
فأردّ عن أمي وقد عميت
ليلاً عصيّ الصبح مضطربا
ولنخلة "البرحيّ" تطعمنا
ظلاً بصحن "الحوش" والرّطبا
كنّا ـ لفرط الود ـ نحسبها
حرزاً وناطوراً ونبع صبا
حتى كأن عذوقها نفر
منا.. ونحسب خوصها طنبا
مازلت أذكر عش فاختة
فيها وفرخاً آمن اللعبا
ما حالها بعدي؟ وهل عبثت
أيدٍ بعش يحضن الزغبا؟
للطين ـ وهو دمى طفولتنا
ليت "السماوة" تتقن الهربا
بيني وبين ضحى شواطئها
شبر ـ زماناً ـ ليته احتجبا
فيحاء لولا أنّ طاغية
ألقى على بستانها الجربا
فتوسّدت صخراً وما التحفت
إلاّ صديد القيح والسّغبا
رغَّبت نفسي عن "سماوتها
لكنما القلب العنيد أبى
جفّ النداء على فمي ومشى
تعب بعكاز المنى فكبا
تلهو الرياح بجفن أشرعتي
وتغلّ دون الطالب الطّلبا
الذكريات؟ تزيدني وجعاً
ولقد تؤجج زفرة لهبا!
أشياء لا أغلى! تذكّرني
بغد قتيل أو رماد صبا
نبشت سويعات مجنّحة
عمري فألفت صرحه خربا
ماذا سيبقى من حدائقه
إن كان زهر شبابه احتطبا؟
سكب النوى عمري فلا عبقا
أبقى بكأس القلب أو حببا
كتب الهوى أن يستباح غدي
باسم المنى.. يانِعم ما كتبا!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَتحارَبُ الطّبعُ الذي مُزجَتْ بهِ
يَتحارَبُ الطّبعُ الذي مُزجَتْ بهِ
رقم القصيدة : 4920
-----------------------------------
يَتحارَبُ الطّبعُ الذي مُزجَتْ بهِ
مُهَجُ الأنامِ، وعَقلُهم، فِيفلُّهُ
ويَظَلُّ يَنظرُ، ما سَناهُ بنافعٍ،
كالشّمسِ يَسترُها الغَمامُ وظِلّه
حتى إذا حَضَرَ الحِمامُ، تَبَيّنوا
أنّ الذي فَعَلوهُ جَهلٌ كلّه
والعقلُ في مَعنى العِقالِ ولَفظِهِ
فالخَيرُ يَعقلُ، والسّفاهُ يحلّه
وتَغرّبُ الشرّيرِ يُوجبُ حَتفَهُ،
مثلُ الوِجارِ، إذا تَسَحّبَ صِلّه
ولزومُهُ الأوطانَ أبقَى للرّدَى،
كالسِّيد يُسترُ، في الضّراءِ، أزلّه(41/200)
والنّفسُ آِلفَةُ الحَياةِ، فدَمعُها
يجري، لذكرِ فِراقِها، مُنْهَلّه
ما خُلّةٌ بأغرّ منها، والفتى
يَبكي، إذا ركبَ الصّريمةَ خِلّه
لا تُحجَزُ الأقدارُ، وهيَ كثيرةٌ،
كالغَيثِ وابِلُهُ يَصُوبُ وطَلّه
ومن الجنودِ، على الكميّ، جَوادُهُ،
وحُسامُهُ، وسِنانُهُ، ومِتَلّه
ميّزْ، إذا انكَلّ الغَمامُ، وميضَه،
فالبرقُ يُخبرُ أينَ يَسْقُطُ كلّه
ولقدْ علمتُ، فما أسفتُ لفائتٍ،
أنّ البَقيّةَ من مدايَ أقَلّه
والبَرُّ يلتَمسُ الحَلالَ، ولم أجِدْ
هذا الورى، إلاّ فقيداً حِلّه
يُمسي، وقد ملّ البَقاءَ، ويَغتَدي،
وله رَجاءٌ فيهِ ليسَ يَمَلّه
فاحفظْ أخاكَ، وإنْ تَبَيّنَ أنّهُ
بالي الوَدادِ، ضَعيفُهُ مُختَلّه
فالغِمدُ يذعَرُ، في اللّقاءِ، كَهامُه؛
والسيف لم يُبدِ الخَبيئَةَ سَلّه
والبُرْدُ يكفيكَ العيونَ دريسُه
والعُضوُ يَنفَعُ، في الخطوبِ، أشلّه
والعمرُ لا يَدري الحَكيمُ: أكُثْرهُ
خيرٌ له متغبَّراً، أم قُلّه
لا تَهزأنْ بالشّيخ، كم من ليلَةٍ
جازَتْ به كالبَدرِ، يحسنُ دَلّه
أيّامَ يُهتَكُ، في البطالةِ، سترُه،
كالطِّرْفِ مُزّقَ، في التمرّحِ، جُلّه
شرُّ الزّمانِ زمانُ أشيَبَ دالفٍ،
وصِباهُ أنفَسُ وقتهِ وأجَلّه
ما لي! أيَفهمُ سامعيّ نَصيحتي،
فأبِيت أنهَلُ مُصغِياً، وأعُلّه؟
يجري بفارِسِهِ الطِّمِرُّ مُؤجَّلاً،
وإذا انقضى أجلٌ، فليس يُقِلّه
والفَقرُ بَكرٌ تَرْتقيهِ شَذاتُهُ؛
واليُسرُ عَوْدٌ ما تَسَوّرَ عَلّه
أجتابُ شَهراً أوّلاً؛ فأُبيدُهُ،
ويجيءُ ثانٍ، بعدَهُ، فأُهِلّه
يُمسي، على حدّ المُهَنّدِ، أخمَصي،
فترى اليَسيرَ من، من الأمورِ، يُزلّه
والنّاس جائرُ مسلكٍ مُسترشدٌ،
وأخٌ، على غيرِ الطّريقِ، يدلّه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَفسُ الفَتى وليَتْ لهُ جسداً؛
نَفسُ الفَتى وليَتْ لهُ جسداً؛
رقم القصيدة : 4921
-----------------------------------
نَفسُ الفَتى وليَتْ لهُ جسداً؛(41/201)
إنّ الولايةَ بعدَها عَزلُ
لا تخزِلُ الأوقاتُ مُهجَتَهُ،
قد تَفضَحُ السّرقاتُ والخزل
مَقِرٌ يدافُ ليُستَصَحّ بهِ،
ودَمٌ يُراقُ ليذهبَ الأزْل
كالدّنّ ضاقَ بما تَضَمّنَهُ،
حتى يكونَ لراحِهِ بَزل
وسَناً يُضيءُ، وبعدَه غَسَق،
فانظرْ أجِدٌّ ذاكَ أم هزل
واللُّبُّ يحمِلُ، من هَواجِسهِ،
ما لَيسَ ناهضةً به البُزل
قَضِّ الزّمانَ بعفّةٍ وتُقًى
فلكُلّ مَطعَمِ آكلٍ نُزْل
ولتَغدُ هَوْناتُ المَناكبِ أمثا
لَ العَناكبِ، شأنُها الغَزل
لا خَيرَ في جَزلِ العَطاءِ، أتَى
رجلاً بأنّ كَلامَه جَزل
يرْجو، فيَمدَحُ غَيرَ مُرتقبٍ
ربّاً، وكلُّ مقالهِ إزل
خيرٌ لَعمري، من جمائلهِ الـ
ـكومِ الجلادِ، جمائلٌ جُزل
شهَرَتْ، سيوفَ القولِ، طائفةٌ
كُذبٌ، وأفضلُ منهمُ العُزل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كم تَنصَحُ الدُّنيا ولا نَقبَلُ،
كم تَنصَحُ الدُّنيا ولا نَقبَلُ،
رقم القصيدة : 4922
-----------------------------------
كم تَنصَحُ الدُّنيا ولا نَقبَلُ،
وفائزٌ مَنْ جَدُّهُ مُقبِلُ
إنّ أذاها مثلُ أفعالِنا،
ماضٍ، وفي الحالِ، ومُستَقبَل
أجبلتِ الأبحرُ في عصرِنا
هذا، كما أبحرتِ الأجبُل
فاترُكْ لأهلِ المُلكِ لَذّاتِهِمْ،
فحَسبُنا الكمأةُ والأحبَل
ونَشرَبُ الماءَ براحاتِنا،
إن لم يكنْ، ما بَينَنا، جُنبُل
تسوّقَ النّاسُ بفُرْقانِهِمْ،
وانتَبَلوا جَهلاً، فلم يَنبُلوا
وليس ما يُنقلُ عن عاصمٍ
كما روى عن شَيخِهِ قُنبُل
لا تأمنُ الأغفارُ، في النِّيقِ، أنْ
تُصبِحَ موصولاً بها الأحبُل
يُغنيكَ قَطرٌ بلّ منكَ الصّدى،
في العيَش، أن تزدادَ قُطربُّل
والفذُّ يكفيكَ، إذا فاتَكَ الرّ
قيبُ، والنّافسُ، والمسبِل
لو نَطَقَ الدّهرُ هَجا أهلَه،
كأنّهُ الرّوميُّ، أو دِعبِل
وهو، لَعَمري، شاعرٌ مُغرِزٌ
بالفعلِ، لكنْ لفظُهُ مُجبل
إن كُفّ، ما بينَهمُ، حازمٌ،
فلبُّهُ المطلَقُ لا يُكبَل
وفاعِلاتُنْ ومَفاعِيلُها(41/202)
تُكَفُّ، في الوَزنِ، ولا تُخبَل
لا تَغبِطِ الأقوامَ، يوماً، على
ما أكلوا خَضْماً، وما سُرْبلوا
يَذبُلُ غُصنُ العيشِ حقّاً، ولو
أضحَى، ومن أوراقِه، يذبُلْ
فَليتَ حوّاءَ عَقيمُ غدَتْ،
لا تَلِدُ النّاسَ ولا تَحبلَ
وليتَ شِيثاً، وأبانا الذي
جاءَ بنا، أهبَلَهُ المُهبِل
وليتنا تُتركُ أجسادُنا،
كما يَزولُ السَّمُرُ المُحبِل
تفَكّروا باللَّهِ، واستَيقظوا،
فإنّها داهيَةٌ ضِئبل
في سُنبُلٍ يُخلَقُ من حَبّةٍ،
ثُمّتَ منها يُخلَقُ السُّنبل
أرادَ مَن يَجْهَلُ تَقويمنا،
ونحنُ أخيافٌ كما نُحبلَ
يكرَه، عَوْلَ الشّيخِ، أبناؤه؛
وهلْ تَعولُ الأُسُدَ الأشبُل؟
نَنزِلُ من دارٍ لنا رَحبَةٍ،
تُطَلُّ بالآفاتِ، أو تُوبَل
وكلُّ مَن حَلّ بها يكرَهُ الـ
ـرّحلَةَ عَنها، وهيَ تُستَوبَل
إنّ أديماً لي أنا وقتُهُ،
فأينَ منّي الشجَرُ المعبِل؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كلٌّ، على مكروهه، مُبسَلُ،
كلٌّ، على مكروهه، مُبسَلُ،
رقم القصيدة : 4923
-----------------------------------
كلٌّ، على مكروهه، مُبسَلُ،
وحازِمُ الأقوامِ لا يُنسِلُ
فَسْلٌ أبو عالَمِنا آدَمٌ،
ونحنُ من والدِنا أفسَلْ
لو تَعلَمُ النّحلُ بمشتارِها،
لم تَرَها في جَبَلٍ تَعسِل
والخيرُ مَحبوبٌ، ولكنّهُ
يعْجِزُ عَنهُ الحيُّ، أو يكسَل
والأرضُ للطّوفانِ مُشتاقَةٌ،
لَعَلّها من دَرَنٍ تُغسَل
قد كَثُرَ الشرُّ على ظَهرِها،
واتُّهِمَ المُرْسِلُ والمُرْسَل
وأمْقَرَتْ أفعالُ سُكّانِها،
فهمْ ذِئابٌ في الفَضا عُسَّل
ومَن يكنْ يومَ الوغى باسِلاً،
فالموتُ، في حَملَتهِ، أبْسَل
وجَرْعَةُ الذّيفانِ مَشروبَةٌ،
وغَيرُها المُستَعذَبُ السّلسَل
فأتِ جَميلاً، لم يَقَعْ بأسُنا
بأنّهُ، يوماً، به يُوسَل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَن يعرِفِ الدّنيا يَهُنْ، عندَهُ،
مَن يعرِفِ الدّنيا يَهُنْ، عندَهُ،
رقم القصيدة : 4924
-----------------------------------(41/203)
مَن يعرِفِ الدّنيا يَهُنْ، عندَهُ،
إمْراعُها، الدّهرَ، وإمحالُها
لَذّاتُها تُعجِبُ أمْلاكَها،
لو لم تُغَيَّرْ بهِمُ حالُها
دارٌ، حَلَلناها، على رغمِنا،
وإنّما يُنظَرُ تَرْحالُها
والخَوْدُ، كالنّخلَةِ، مجنيّةٌ،
وزوْجُها البائِس فُحّالُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ عَجوزاً حُبِسَتْ بُرْهَةً،
إنّ عَجوزاً حُبِسَتْ بُرْهَةً،
رقم القصيدة : 4925
-----------------------------------
إنّ عَجوزاً حُبِسَتْ بُرْهَةً،
ثمّ غَدا من حكمِها القَتْلُ
خاتَلَ إبليسُ بها رَهْطَهُ،
فتمّ في القومِ بها الخَتْل
كم قارىءٍ هشّ إلى نارِها،
فأطفأتْ نورَ الذي يَتلو
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هذا زمانٌ، ليسَ في أهلِه،
هذا زمانٌ، ليسَ في أهلِه،
رقم القصيدة : 4926
-----------------------------------
هذا زمانٌ، ليسَ في أهلِه،
إلاّ لأنْ تهْجرَهُ، أهلُ
جَميعُنا يخبِطُ في حِنْدِس،
قدِ اسَتوى النّاشىءُ والكَهل
حانَ رحيلُ النّفسِ عن عالَمٍ،
ما هوَ إلاّ الغَدْرُ والجَهل
قد فنيَ الوَقتُ فَما حيلَتي،
إذا انقضَى الإمهالُ والمَهْل؟
إنْ ختمَ اللَّهُ بغُفرانِهِ،
فكلُّ ما لاقَيتُهُ سَهل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بالقَضاءِ البَليغِ كُنّا، فعِشنا،
بالقَضاءِ البَليغِ كُنّا، فعِشنا،
رقم القصيدة : 4927
-----------------------------------
بالقَضاءِ البَليغِ كُنّا، فعِشنا،
ثمّ زُلنا، وكلُّ خَلقٍ يَزولُ
نحنُ، في هذهِ البَسيطَةِ، أضيا
فٌ، لنا في ذَرا المليكِ نُزول
والمليكانِ ذاهبانِ مُوَلّى،
مُستَجدٌ، وراحلٌ معزول
بَلِيَ الحَبْلُ، والغزالةُ فوقَ الأ
رضِ، لم يَبْلَ خَيْطُها المغزول
وأنا العَوْدُ، قلبُه أضمَرَ الشّوْ
قَ، ولكنّ ظهرَهُ مَجزول
ومن الرّشْدِ، للفَصيلِ انفِصالٌ
بالرّدى، قبلَ أن يحينَ بُزول
باتَ ينعى الأبدانَ بَدرٌ بَدِينٌ
وهِلالٌ، في أُفقِهِ، مَهزول
كمْ أبادَا من عالَمٍ، وأعادا(41/204)
سابحاً، وهوَ في الثّرى مأزول
سلَبَ الدّنَّ مِبزَلاً حِلفُ راحٍ،
بفَتاةٍ نَجيعُهُ مَبزول
طَلَلاهُ دارٌ وجسْمٌ، فشخـ
ـصُ المرءِ خاوٍ، ورَبعُهُ منزول
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وَفْرُ هذا الفتى مديدٌ، بَسيطٌ،
وَفْرُ هذا الفتى مديدٌ، بَسيطٌ،
رقم القصيدة : 4928
-----------------------------------
وَفْرُ هذا الفتى مديدٌ، بَسيطٌ،
وافرٌ، كاملٌ، خفيفٌ، طويلُ
ستّةٌ فيهِ من نُعوتِ القَوافي،
ما لها، غيرَ شُحّهِ، تأويل
سَوّلتْ لي نَفسي أُموراً، وهيـ
ـهاتَ، لقد خابَ ذلكَ التّسويل
واتّهامي بالمالِ، كلّفَ أن يُطلَـ
ـبَ مني ما يَقتَضي التّمويل
ويَقولُ الغُواةُ: خوّلَكَ اللَّه؛
كذَبتمْ، لغَيريَ التّخويل
عِيشَةٌ ضاهتِ الهَواذيرَ مافيـ
ـها مٌفيدٌ، وكلُّها تَطويل
إنْ حَباكَ القَديرُ كالنّيلِ تبْراً،
فليُغِضْهُ العَطاءُ والتّنويل
لا تُعَوّلْ على اختزانٍ، فَما للـ
ـبِدَر الصُّفرِ، إثرَ مَيّتٍ، عَويل
وإذا هَوّلَتْ عليّ المَنايا،
راقَني، من وعيدِها، التّهويل
حوّليني عن ظاهرِ الأرضِ، فالقلـ
ـبُ يسلّي، همومَه، التّحويل
ليسَ فعلُ الدّنيا بفعلِ عروسٍ،
بل هيَ الغولُ، شأنُها التّغويل
لو ملَكتُ الرّحيلَ جَوّلتُ في الـ
آفاقِ، حتى يَملّني التّجويل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إتّقِ الواحِدَ المُهَيْـ
إتّقِ الواحِدَ المُهَيْـ
رقم القصيدة : 4929
-----------------------------------
إتّقِ الواحِدَ المُهَيْـ
ـمِنَ، فاللَّهُ أوّلُ
إنّ قَوماً، لِما يكو
نُ حَراماً، تأوّلوا
رَغّبوا النّاسَ في المُحا
لِ، وراعوا وهوّلوا
ورأى اللَّهُ أنّهُ
كَذبٌ ما تَقَوّلوا
ضربوا، في البلادِ، عصـ
ـراً، فطافوا وجوّلوا
خُوّلوا نِعمَةً، فلمْ
يشكروا ما تَخوّلوا
واستَطالَتْ على الوَرى
عُصَبٌ ما تَطوّلوا
طَلَبوا النّاقدَ القليـ
ـلَ، فمانوا وسوّلوا
نَظَروا في نجومِهم،
وعلى النّجمِ عَوّلوا
ظلموا البائس الفَقيـ(41/205)
ـرَ، وأعطَوا ونوّلوا
واستَمالوا قلوبَ قَو
مٍ إلى أن تَمَوّلوا
فانظرُوا الآنَ فيهِمُ،
أيَّ غُولٍ تَغَوّلوا
لو أقاموا القَليلَ فا
زوا، ولكن تحَوّلوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غَدا كلُّ طِفلٍ، على عُمرِه،
غَدا كلُّ طِفلٍ، على عُمرِه،
رقم القصيدة : 4930
-----------------------------------
غَدا كلُّ طِفلٍ، على عُمرِه،
طُفَيْلاً، يخُبُّ بهِ قُرزُلُ
يَوَدُّ ثَباتاً على ظَهرِهِ،
وتَدعو الخطوبُ: ألا تَنزِل!
رعى اللَّهُ قَوماً مضى دَهرُهمْ،
وما فيهِمُ أحَدٌ يَهزِل
تُضاهي العَناكِبَ نسوانُهمْ،
فتنسجُ للنّفعِ، أو تغزِل
وما عزَفتْ مِزهراً في الحَيا
ةِ، ولا الدّنُّ يُفتَحُ، أو يُبزَل
جَهلْنَ الغِناءَ، وصوْتاً يقا
لُ: غَنّاهُ دَحمانُ أو زُلزُل
ونَفسُ الفتى وَليَتْ جسمَهُ،
إذا جاءَ ميقاتُها تُعزَل
وإنّ السّماكين لا يخْلدانِ،
ويَهلِكُ ذو الرّمحِ والأعزَل
أعيّرْتَ غيرَكَ داءً عَراهُ،
وخالقُكَ الواهبُ المجزل
وقد عاشَ ما شاءَ هذا الغرابُ،
فَما قالتِ الطّيرُ: يا أقزل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أدُنياكَ تخطُبُها أيِّماً،
أدُنياكَ تخطُبُها أيِّماً،
رقم القصيدة : 4931
-----------------------------------
أدُنياكَ تخطُبُها أيِّماً،
ويعضلُها دونَكَ العاضِلُ
قد انتَضَلَ النّاسُ في أمرِها،
فهل يُوجَدُ الرّجلُ النّاضِل
وخِلُّكَ أفضلُ من غَيرِهِ،
وما في الورى كلّهم فاضل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تُخالفُنا الدّنيا على السّخطِ والرّضى،
تُخالفُنا الدّنيا على السّخطِ والرّضى،
رقم القصيدة : 4932
-----------------------------------
تُخالفُنا الدّنيا على السّخطِ والرّضى،
فإنْ أوْشكَ الإنسانُ قالتْ له: مهلا!
هيَ الماءُ، لو أنّي، بعلمي، وَرَدْتُه،
لقُلتُ لنَفسي: كانَ مَوْرِدُه جَهلا
فما رَئِمتْ طِفلاً، ولا أكرمتْ فتًى،
ولا رَحِمتْ شيخاً، ولا وَقّرَتْ كهلا(41/206)
قطَعنا إلى السّهلِ الحُزونةَ، نَبتغي
يَساراً، فلم نُلفِ اليَسيرَ، ولا السّهلا
فلا تأمُلِ الأيّامَ للخَيرِ مرّةً،
فليَستْ لخيرٍ، أن يُظَنّ بها، أهلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دعِ الرّاحَ، في راحِ الغُواة، مُدارةً،
دعِ الرّاحَ، في راحِ الغُواة، مُدارةً،
رقم القصيدة : 4933
-----------------------------------
دعِ الرّاحَ، في راحِ الغُواة، مُدارةً،
يظنّونَ فيها حَنوَةً وقَرَنفُلا
كأنّ شَذاها العِسْجَديَّ، بطَبعِهِ،
تَضَوّعَ هنديّاً، وأُودِعَ فُلفُلا
تَريعُ لها أجنادُ إبليسَ، رَغبَةً،
وتَنفُرُ، جرّاها، المَلائكُ جُفَّلا
يَضِنّ بها لمّا تطعّمَ شُربَها،
فليسَ بساخٍ أن يمجّ، ويتفُلا
غفَلتُ، ومن غزوي قفلتُ بخيبَةٍ
ولم يَعدُني ريبُ الحوادثِ مُغْفِلا
ولم أقضِ فرْضاً في مِنًى وبِلادِها؛
وكم عاجزٍ قد زارَها متنَفِّلا
ووسّعتُ دُنياكم على مَن سَعى لها،
فَما أنا آتٍ، للمَعاشرِ، مَحفِلا
سوى أنّ خطّاً في البَسيطَةٍ، ضَيّقاً،
يكونُ على شخصي، يدَ الدّهرِ، مُقفَلا
وأصمتُ صَمتاً لا تكلُّمَ بَعدَهُ،
ولا قَولَ داعٍ: يا فُلانُ ويا فُلا
فَما دِرْهَمي إنْ مَرّ بي مُتَلَبّثاً،
ولا طَفلَ لي حتى تَرى الشّمس مُطفِلا
ويرْزقني اللَّهُ، الذي قام حكْمُهُ،
بأرزاقِنا في أرضِه، متكفِّلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَنْ عَيّرَ الخبْلَ إنساناً، فقد خَبِلا؛
مَنْ عَيّرَ الخبْلَ إنساناً، فقد خَبِلا؛
رقم القصيدة : 4934
-----------------------------------
مَنْ عَيّرَ الخبْلَ إنساناً، فقد خَبِلا؛
هل تحمِلُ الأمُّ إلاّ الثُّكلَ والهبَلا؟
يَعومُ، في اللُّجّ، ركبٌ، يمتطي سُفُناً،
ويَجنُبُ الخيلَ سارٍ، يَركبُ الإبلا
وإنّما هوَ حَظٌّ لا تُجاوِزُهُ،
والسّعدُ غيمٌ، إذا طلّ الفتى، وبَلا
تَبغي الثراءَ، فتُعطاهُ وتُحرَمهُ؛
وكلُّ قَلبٍ على حبّ الغِنى جُبِلا
لو أنّ عِشقَكَ، للدّنيا، له شبَحٌ(41/207)
أبدَيتَهُ، لملأتَ السّهلَ والجَبَلا
أتَقبَلُ النّصْحَ منّي أم تُضيّعُهُ؛
وربّ مثلِكَ ألغاهُ، فَما قَبِلا
من اهتدى بسوى المَعقولِ أوْرَدهُ،
مَن باتَ يَهديهِ، ماءً طالَما تَبَلا
حِبالَةٌ لا يُرَجّى الظبيُ مَخْلَصَهُ
منها، وأنّى، إذا ليثُ الشرى حُبِلا؟
لا تَرْبَلَنّ، وكنْ رِئبالَ مأسَدَةٍ؛
إنّ الرّشادَ يُنافي البادِنَ الرَّبِلا
خيرٌ لعَمري، وأهدى من إمامِهمُ،
عكّازُ أعمى هدَتْهُ، إذ غدا، السُّبلا
قد أعبَلَتْ شجراتٌ غيرَ عاذبَةٍ،
وسوفَ يُبكِرُ جانٍ يطلُبُ العبلا
تكهّلٌ بَعدَهُ سِنٌّ يُشاكِلُهُ؛
ما أيبَسَ الغُصنُ إلاّ بَعدمَا ذَبلا
إنّ المُسنّ، وقد لاقَى أذًى وشذىً،
يَوَدُّ لوْ رُدّ غضَّ العيشِ مقتَبَلا
يُوصي كبيرُ أعاديهِ أصاغرَهمْ
بقَصدِهِ، فليُعِدّ النَّبلَ والنَّبَلا
تَعَلّل النّاسُ حتى بالمُنى، وسَما
ذو الغَورِ يُهدي، إلى النّجديّةِ، القُبلا
أرى الطّريقينِ: من مَيْتٍ ومن ولدٍ،
لا يَخلوانِ، كلا نَهجَيهِما سُبلا
فلا تُبِنّ لمجرى السّيلِ أخْبِيَةً،
فالحَزْمُ يُنزِلُكَ الأخيافَ والقُبلا
بِلًى لجسمٍ وبلوى حِلفُ مُصطحبٍ،
إن قلتَ: لا، عند أمرٍ عنّ، قال: بلى
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سُقيا لِشَوْهاءَ ما هَمّتْ بفاحشَةٍ،
سُقيا لِشَوْهاءَ ما هَمّتْ بفاحشَةٍ،
رقم القصيدة : 4935
-----------------------------------
سُقيا لِشَوْهاءَ ما هَمّتْ بفاحشَةٍ،
غدتْ على الغزلِ، ليستْ تعرِفُ الغزَلا
وتجهَلُ العُودَ، إلاّ عُودَ مِغزَلِها،
ولا تَراحُ، إذا ما عاتِقٌ بُزِلا
كلُّ البريّةِ شاكٍ، لو سَما زُحَلٌ
إلى السّماكِ رآهُ يَشتَكي العَزَلا
إنّ الغُرابَ، ولم يوجَدْ أخو قَدَمٍ
أصحَّ منهُ، تُعاني رِجلُهُ قَزلا
فجنّبِ الزّهوَ في الدّنيا، فلو زُهيتْ
غُرُّ الغَمامِ لذُمّ القَطرُ، إذ نَزَلا
لوْ تاهَ بَيتُ قريضٍ، وهو مُنتَسِبٌ
في كامل الشّعر، وافى الوَقصَ أو خُزلا(41/208)
فاعجَبْ لعُودِ الغواني لم يَخَفْ هرَماً،
ولا يَراهُ زمانٌ، في السُّرى، هُزِلا
في هَيئةِ البَكرِ، ما حالتْ سَجيّتُهُ،
فقيلَ: أسدسَ، في حوْلٍ، وما بُزِلا
تلاوَمَ النّاسُ، وافتَنّتْ ظنونُهُمُ،
وأرْجأ النّاشىءُ الباغي، أو اعتزلا
وقيلَ لا بعثَ يُرْجى للثّوابِ، وما
سمِعتَ، في ذاكَ، دعوى مبطلٍ هَزلا
وكيفَ للجسمِ أن يُدْعى إلى رَغدٍ،
من بعدِ ما رَمّ، في الغبراءِ، أو أزِلا؟
وهل يَقومُ لحملِ العبءِ، من جدَثٍ،
ظَهرٌ، وأيسرُ ما لاقاهُ أن جُزِلا؟
ما أحسبُ الكَوكبَ المِرّيخَ أو زُحلاً،
إلاّ أميرينِ، إنْ طالَ المَدى عُزِلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الرّمحُ أبلَغُ من قُسٍّ تُخاطِبُهُ
الرّمحُ أبلَغُ من قُسٍّ تُخاطِبُهُ
رقم القصيدة : 4936
-----------------------------------
الرّمحُ أبلَغُ من قُسٍّ تُخاطِبُهُ
خرْساءُ، يوجِدُ فيها المَسمَعُ الخَطِلا
وقُدْرَةُ اللَّهِ نَجّتْ راجلاً ورَعاً،
يومَ الهياجِ، وأرْدتْ فارساً بَطَلا
إن ماطَلَتْكَ اللّيالي بالذي وَعَدَتْ،
فالجودُ يُشعَرُ تَنغيصاً، إذا مُطِلا
والخَيرُ يُعدي، كَغادي مُزنةٍ هطلتْ
أرْضاً، فلمّا رآها رائحٌ هَطَلا
يُذكي التّقاربُ مابينَ الورى حسداً،
حتى إذا ما تَناءى شكلُهمْ بَطَلا
وهيّ المَقاديرُ لا يَغبِطْ، بحليَتِهِ،
جِيدَ الحَمامَةِ، جِيدٌ غَيرُهُ عَطِلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما لي رأيتُ صنوفَ الباطلِ اشتَبَهتْ،
ما لي رأيتُ صنوفَ الباطلِ اشتَبَهتْ،
رقم القصيدة : 4937
-----------------------------------
ما لي رأيتُ صنوفَ الباطلِ اشتَبَهتْ،
فلم تَزُلْ بقِرانِ المشتري زُحلا؟
عَبدانٍ، للَّهِ، سَيّارانِ، ما سَئِما
طولَ المَسيرِ، إذا مَلّ الفتى الرَّحَلا
وما استَفَزّهما الإمهالُ، فادّعَيا،
بالجَهلِ، ما قالَهُ المَغرورُ، وانتحَلا
إنْ يَنْظُرا أعيُناً رُمْداً، فَما رَمِدا،
ولا بغَيرِ سَوادِ الحِندِسِ اكتَحَلا(41/209)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَتلونَ أسفارَهمْ، والحَقُّ يُخبرُني
يَتلونَ أسفارَهمْ، والحَقُّ يُخبرُني
رقم القصيدة : 4938
-----------------------------------
يَتلونَ أسفارَهمْ، والحَقُّ يُخبرُني
بأنّ آخِرَها مَينٌ، وأوّلَها
صدَقتَ يا عَقلُ، فليبعَدْ أخو سَفَهٍ،
صاغَ الأحاديثَ إفكاً، أو تأوّلَها
وليسَ حِبرٌ ببِدْعٍ في صحابَتهِ،
إنْ سامَ نَفعاً بأخبارٍ تَقَوّلَها
وإنّما رامَ نسواناً، تَزَوّجَها،
بما افتراهُ، وأموالاً تَمَوّلَها
طالَ العَناءُ بكونِ الشخصِ في أُمَمٍ،
تَعُدُّ فِرْيَةَ غاويها مُعَوَّلَها
وسوفَ يرْقُدُ، في الغبراءِ، مضطربٌ،
قد سارَ آفاقَ دُنياهُ، وجوّلَها
لأهجُرَنّكَ لا عن بِغضَةٍ سَلَفَتْ،
بل شيمَةٌ حَمَّها قدرٌ وسوّلَها
وصاحبُ الشرعِ كان القُدسُ قِبلتَهُ،
صلّى إلَيها زَماناً ثمّ حَوّلَها
لا يَخدَعَنّكَ داعٍ قامَ، في مَلإٍ،
بخطبَةٍ، زانَ مَعناها وطوّلَها
فَما العِظاتُ، وإن راعتْ، سوى حيَلٍ
من ذي مَقالٍ، على ناسٍ، تَحَوّلَها
والدّهرُ يُنسي كميَّ الحربِ صارِمَهُ،
ودِرعَهُ، وفتاةَ الحيّ مِجوَلَها
ويَستردُّ من النّفسِ، التي شرُفتْ،
ما كانَ في سالفِ الأيّامِ خَوّلَها
وجِروَلٌ صارَ تُرْباً، بَعدَ مَنطِقِهِ،
ولم يُشابهْ، من الصّحراءِ، جَرْولَها
قَضِّ الزّمانَ بإجمالٍ وتَمشِيَةٍ
للأمرِ، إنّ وراءَ الرّوحِ مِغوَلَها
والوِرْدُ، يكفيكَ، منه شَرْبةٌ حُملتْ
في الرّكبِ، إن منعتكَ الأرضُ جدوَلَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دَعْ آدَماً، لا شَفاهُ اللَّهُ من هَبَلٍ،
دَعْ آدَماً، لا شَفاهُ اللَّهُ من هَبَلٍ،
رقم القصيدة : 4939
-----------------------------------
دَعْ آدَماً، لا شَفاهُ اللَّهُ من هَبَلٍ،
يَبكي على نَجلِهِ المَقتولِ هابيلا
فَفي عِقابِ الذي أبداهُ، من خطإٍ،
ظلْنا نُمارِسُ من سُقمٍ عقابيلا
ونحنُ من حَدَثانٍ نَمتري عَجَباً؛(41/210)
ومَعشَرٌ يَقِفونَ الغَيَّ تَسبيلا
همُ الغَرابيبُ من إثمٍ، وإنْ أُمِنوا
على سِرارِكَ لم تُعَدمْ غَرابيلا
دَهرٌ يكُرُّ، ويَومٌ ما يَمُرُّ بِنا
إلاّ يزيدُ بهِ المَعقولُ تَخبيلا
مِن أنكَرِ النُّكرِ سودانٌ شَرامحةٌ،
تكونُ أبناؤها بِيضاً تَنابيلا
تنَسّكَ الأسَدُ الضّرْغامُ، وابتكَرَتْ
جآذِرُ العِينِ آساداً رآبيلا
إنّ القِيانَ وشُرْبَ الرّاحِ مَفسَدَةٌ،
من قبلِ لَمْكٍ وقَيْنانٍ وقابيلا
أمّا سَرابيلُ دنياكُمْ فضافِيَةٌ،
وما كُسيتمْ من التّقوى سرابيلا
فقابَلَ التُّرْبُ سِمْطَيْ لؤلؤٍ بفَمٍ،
يرومُ للمُومِسِ الغيداءِ تَقبيلا
وما وجَدْتُ مَنايا القَومِ مُغفِلَةً
شِبلاً بغابٍ، ولا غَفراً بإشبيلا
أرى التطوّلَ، في الأقوامِ، طال بكم
إلى النّجومِ، وإن كنتمْ حَنابيلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بهاءُ لَيْلٍ، وإنْ جَنّتْ حَنادِسُهُ،
بهاءُ لَيْلٍ، وإنْ جَنّتْ حَنادِسُهُ،
رقم القصيدة : 4940
-----------------------------------
بهاءُ لَيْلٍ، وإنْ جَنّتْ حَنادِسُهُ،
فدعْ نَهارَكَ، وِدُّ من بَهاليلا
وما شِمالي لخِلٍّ بل أُجَنِّبُهُ
إلى الجَنوبِ، وإن سُقتُ الشماليلا
إذا طَما ليَ، أوْ لم يَطْمُ، بحرُ غِنًى،
فقَد وجَدتُ بَني الدّنيا طَماليلا
هل تَجعَلونَ على أيدٍ أساوِرَها،
أو تَعقِدونَ على هامٍ أكاليلا
مَهلاً تَعالى لتَحظى من تجارِبنا؛
إنّ الحَياةَ علمناها تَعاليلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا البَليغُ، فإنّي لا أُجادِلُهُ،
أمّا البَليغُ، فإنّي لا أُجادِلُهُ،
رقم القصيدة : 4941
-----------------------------------
أمّا البَليغُ، فإنّي لا أُجادِلُهُ،
ولا العَيِيُّ بغَى للحَقّ إبطالا
فنَحنُ في لَيلِ غيٍّ، ليسَ منكَشفاً،
لم يَفْتَقِدْ عارضاً، بالجَهلِ، هَطّالا
والنّفسُ كالسّبَبِ المَدودِ تجمَعُه،
فيَستكِفُّ، وإن أرسَلتَهُ طالا
كذاتِ شَنفٍ، أرادَتْ بَعدَهُ خدَماً(41/211)
ونظم دُرٍّ وكانتْ قبلُ مِعْطالا
وقد شرِبتَ نَميراً، فاجتزأتَ بهِ،
فلِمْ حمَلْتَ، من الصّهباءِ، أرْطالا؟
لا خَيلَ مثلُ قوافي الشّعرِ جائلَةً،
أبقَى على الدّهرِ أعناقاً وآطالا
إنْ يَنقُل الحتْفُ، عن عاداتِهِ، بطلاً،
فَما تَزالُ مَعانيهنّ أبطالا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جسمُ الفتى مثلُ قامَ، فِعلٌ،
جسمُ الفتى مثلُ قامَ، فِعلٌ،
رقم القصيدة : 4942
-----------------------------------
جسمُ الفتى مثلُ قامَ، فِعلٌ،
مُذ كانَ ما فارَقَ اعتلالا
والخِلُّ، في لَفظِهِ، دَليلٌ
بأنّ، في وِدّهِ، اختِلالا
مَلِلْتُ من حِندِسٍ وصُبْحٍ،
ولم أُبِنْ فيهما مَلالا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أزِلْ همومَ الفُؤادِ واصبِرْ،
أزِلْ همومَ الفُؤادِ واصبِرْ،
رقم القصيدة : 4943
-----------------------------------
أزِلْ همومَ الفُؤادِ واصبِرْ،
فإنّما قصُركَ الإزالَهْ
وليسَ فيمنْ تَراهُ خَيرٌ،
فعَدّهِ، واطلُبِ اعتِزالَهْ
والغَزْلُ والرَّدْنُ للغَواني،
شَيئانِ عُدّا من الجزالَهْ
والشّمسُ غَزّالَةٌ، ولكن
خُفّفَتِ الزّايُ في الغَزَالَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيَسمَعُ خالقي منّي دُعاءً،
أيَسمَعُ خالقي منّي دُعاءً،
رقم القصيدة : 4944
-----------------------------------
أيَسمَعُ خالقي منّي دُعاءً،
فأصبِحَ، في كِياني، مُستَقيلا
كأنّ العالمينَ صُلُوا هَجيراً،
فَما يُلفي بهِ أحَدٌ مَقيلا
لقَد جرّبتُ حتى لم أُصَدّقْ
حَديثاً، عن قريبِ مدّى نَقيلا
إذا صَلَّوْا فصلّ، وعِفَّ وابذُلْ
زكاتَكَ، واجتَنِبْ قالاً وقيلا
ولا تُرْهِفْ مُدًى لعبيطِ نَحضٍ،
ولا تَشْهَرْ على قِرْنٍ صقيلا
إذا جالَستَهُمْ، فأقَلُّ شيءٍ
تَجرُّ بذاكَ أن تُدْعى ثَقيلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ليَذْمُم والداً ولَدٌ، ويَعتُبْ
ليَذْمُم والداً ولَدٌ، ويَعتُبْ
رقم القصيدة : 4945
-----------------------------------(41/212)
ليَذْمُم والداً ولَدٌ، ويَعتُبْ
عليهِ، فبئسَ عَمري ماسعى لَهْ
أتَدري، والحَياةُ لها صُروفٌ،
بما يَلقاهُ جرْوُكِ يا ثُعالَهْ؟
فمِنْ ضارٍ يُمَزِّقُ منه شِلواً،
ويعطي فَضلَ أكرُعِهِ جُعالَهْ
ومن صَقرٍ يَقولُ له: رويداً؛
ومن شرَكٍ يَصيحُ به: تَعالَهْ
وما في الأرضِ من أحدٍ غنيٍّ،
ولكنْ كلُّنا فقراءُ عالَهْ
أرى نارَ الصّبا لبسَتْ خُموداً،
وأذكى الشّيبُ في الرّأسِ اشتِعالَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> متى ما شِئتَ مَوعِظَةً، فعَرّجْ
متى ما شِئتَ مَوعِظَةً، فعَرّجْ
رقم القصيدة : 4946
-----------------------------------
متى ما شِئتَ مَوعِظَةً، فعَرّجْ
بيَثرِبَ سائلاً عن آلِ قَيْلَهْ
وقِفْ بالحيرَةِ البَيضاءِ، فانظُرْ
مَنازِلَ مُنذِرٍ، وبني بُقَيلَهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَسودُ النّاسَ زيدٌ، بعدَ عَمرٍو،
يَسودُ النّاسَ زيدٌ، بعدَ عَمرٍو،
رقم القصيدة : 4947
-----------------------------------
يَسودُ النّاسَ زيدٌ، بعدَ عَمرٍو،
كَذاكَ تَقَلُّبُ الدّولاتِ دُولَهْ
ورُبّ شَهادَةٍ وَرَدتْ بِزُورٍ،
أقامَ لنَصّها القاضي عُدولَهْ
ومن شرّ البرِيّةِ ربُّ مُلكٍ،
يُريدُ رعيّةً أن يسجدُوا لَهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنْ هَلّلَتْ أفواهُكُمْ، فقلوبُكُمْ
إنْ هَلّلَتْ أفواهُكُمْ، فقلوبُكُمْ
رقم القصيدة : 4948
-----------------------------------
إنْ هَلّلَتْ أفواهُكُمْ، فقلوبُكُمْ
ونفوسُكمْ، دونَ الحقوقِ، مُهلَّلَهْ
آلَيتُ، ما تَوْراتُكُمْ بمنيرَةٍ،
إنْ أُلفِيَتْ فيها الكُمَيتُ محَلَّلَه
لا تأمَنوا بَرْقَ الغَمامِ، فإنّما
تلكَ السّيوفُ، من القَضاءِ، مسلَّلَه
قال افتكارٌ، في الحَوادثِ، صادقٌ
جعلَ الصّعابَ من الحذارِ مذلَّلَه
هفَت الحَنيفةُ، والنّصارى ما اهتدتْ،
ويهودُ حارت، والمَجوسُ مُضلَّلَه
اثنانِ أهلُ الأرضِ، ذو عَقلٍ بلا
دِينٍ، وآخرُ دَيّنٌ لا عَقلَ لَه(41/213)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الدّهرُ، لا تَبقى عليهِ نَعامةٌ،
الدّهرُ، لا تَبقى عليهِ نَعامةٌ،
رقم القصيدة : 4949
-----------------------------------
الدّهرُ، لا تَبقى عليهِ نَعامةٌ،
سَهلاً تحُلُّ، وتَتّقي أجْرالَها
وورى لها بَرْقٌ، فهاجَ زَفيفَها،
أُدحيَّها تَبعي بذاكَ رالَها
تُلفي بها رَيبَ الزّمانِ مُوَكَّلاً،
إنْ لم يَزُرْها بالنّهارِ سرَى لها
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> بهمومنا لا بالخمور
بهمومنا لا بالخمور
رقم القصيدة : 495
-----------------------------------
بهمومنا لا بالخمور سكارى
وليأسنا لا للعداة أُسارى
نمتار سُهداً حين يقربنا الدجى
ونفرّ من ضوء الشموس نهارا
نلقي على الينبوع زلّة نارنا
أن ليس يطفىء لو غفونا نارا
ونقيم بين قلوبنا ويقينا
للشك سدّاً مانعاً وجداراً!
نعدو وراء السافحين دماءنا
أن يمنحوا بستاننا أمطارا
كم مبدلٍ بالمكرمات خطيئة
واختار في وضح النهار عِثارا
يمضي نميراً للمبيح نجيعه
ويدكّ فوق الأقربين ديارا
زمن! رأينا فيه كلّ رزيئة
ضِعنا به فوق الدروب نِثارا
فكأننا لسنا عشير المصطفى
هذا الذي رفع الجهاد شعارا
وكأنما "الصديق" لم يغرس لنا
شجراً أفاء بظله الأمصارا
وكأنما "الفاروق" ما صلّى بنا
في "القدس" لمّا فرّق الأشرارا
وكأنما "عثمان" لم يسرح لنا
من مقلتيه على دجى أنوارا
وكأن "خيبر" لم يقوّض بابها
يوماً "عليٌّ" حين كرّ وثارا
وكأننا.. وكأننا.. وكأننا
صرنا على دين اليهود غيارى!
مدّ القريب يداً لغاصب أرضه
أمّا البعيد فقد حباه مزارا!
زمن! ينيب به الكبار صغارا
كي يُرجعوا شرفاً لنا وذمارا!
أمّا الأسنة والسيوف وخيلنا
فلقد أنابت في الوغى أحجارا!
زمن! يصير الجبن فيه بطولة
والعار مجداً والكرامة عارا!
زمن! تبيع به السياسة أمّة
والقيد يصبح في الخنوع سوارا
تخشى من الموت الجميل شهادة
ونكاد نحسب شوك ذلّ غارا!
نعدو لنرتشف السراب ونستقي(41/214)
ضرع الهجير ونأنف الأنهارا!
فعلام هاتيك الجموع استشهدت
إن كان قائدها أقام حوارا؟
سقط القناع عن القناع فلم تعدْ
تلك البيارق تلفتُ الأنظارا
ربّاه قد شلّ اليسار يميننا
ويميننا ربّاه شلّ يسارا!
عَطُلَتْ سواعدنا وأوهن عزمنا
خدرٌ وأدمنت الخيول خوارا
ولقد نمجّد في السياسة فاجراً
باسم النضال ونشتم الأبرارا!
حتّام نلقي اللوم في أعدائنا
إن كان صرح جهادنا منهارا؟
ياقدس قد رخص النضال وأرخصت
شهب المناصب باسمك الأسعارا!
ياقدس قد باعوك سرّاً فاسألي
طابا" عساها تكشف الأسرارا!
ياقدس ما خان الجهاد.. وإنما
خان الذي باسم الجهاد تبارى!
أسرى به "الكرسيّ" نحو "كنيست
سرّاً وبايع باسمنا الأحبارا!
لا تأملي باللائمين عدوّنا
نصراً، ولا بعدونا إيثارا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَدري الحَمامةُ، حينَ تهتِفُ بالضّحى،
تَدري الحَمامةُ، حينَ تهتِفُ بالضّحى،
رقم القصيدة : 4950
-----------------------------------
تَدري الحَمامةُ، حينَ تهتِفُ بالضّحى،
أنّ الأجادِلَ لا تُطيلُ جِدالَها
وهَدَى لها قَدْرٌ، أُتيحَ بسُدْفَةٍ،
صَقراً، ففَجّعَ بالهَديلِ هِدالَها
ومَهى الصّوانِ، أدالَها مُتَخَتِّلٌ،
ورأى المَليكُ عدوَّها، فأدالَها
وخَدى، لأرضٍ، بالفَقيرِ نجيُّهُ،
فأصابَ ثَروتَها، وحازَ خِدالَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طَلبَ الخَسائس، وارتقى في مِنبرٍ،
طَلبَ الخَسائس، وارتقى في مِنبرٍ،
رقم القصيدة : 4951
-----------------------------------
طَلبَ الخَسائس، وارتقى في مِنبرٍ،
يَصِفُ الحِسابَ لأمّةٍ ليَهولَها
ويكونُ غَيرَ مُصَدِّقٍ بقيامَةٍ،
أمسى يمثِّلُ، في النّفوسِ، ذُهولَها
ووَجَدْتُ ليلَ الغَيّ، ألبسَ مُردَها
وشيوخَها وشَبابَها وكُهولَها
لو قامَ أمواتُ العَواصِمِ، وحدَها،
ملأوا البلادَ حزونَها وسهولَها
فَخُذِ الذي قالَ اللّبيبُ، وعِشْ به،
ودَعِ الغُواةَ كَذوبَها وجَهولَها(41/215)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> افهَمْ عن الأيّامِ، فَهيَ نواطِقٌ،
افهَمْ عن الأيّامِ، فَهيَ نواطِقٌ،
رقم القصيدة : 4952
-----------------------------------
افهَمْ عن الأيّامِ، فَهيَ نواطِقٌ،
ما زالَ يضرِبُ صَرْفُها الأمثالا
لم يَمضِ، في دنياكَ، أمرٌ مُعجِبٌ،
إلاّ أرَتْكَ لِما مضَى تِمثالا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حَديثٌ جاءَ عَن هابيـ
حَديثٌ جاءَ عَن هابيـ
رقم القصيدة : 4953
-----------------------------------
حَديثٌ جاءَ عَن هابيـ
ـلَ، في الدّهرِ، وقابيلا
وطَيرٌ عكَفَتْ، يوماً،
على الجيشِ، أبابيلا
متى تزحَلُ عن دُنيا،
تَزيدُ الأهلَ تخبيلا؟
سواهمْ نَخَلَ النّصحَ،
ولاقوكَ غَرابيلا
لَبِسنا من مدى الأيّا
مِ، للغيّ، سرابيلا
وقَضّيتُ زمانَ الشّرْ
خِ تَقيداً، وتَكبيلا
وزارَ الطّيفُ، في النّوم،
فلَم تَسألهُ تَقبيلا
فَفَرّقْ مالَكَ الجَمّ،
وخَلِّ الأرضَ تَسبيلا
ولا تَستَزْرِ بالقَوْمِ،
إذا كانوا تَنابيلا
فما كنتَ من الرّهطِ
يُعدونَ مَقابيلا
ولا يَبقى، على السّاعا
تِ، أغفارٌ بإشبيلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا شيعَةَ إسماعيـ
أيا شيعَةَ إسماعيـ
رقم القصيدة : 4954
-----------------------------------
أيا شيعَةَ إسماعيـ
ـلَ! إنّ الصّبرَ قد عيلا
كذاكَ الدّهرُ، والأيّا
مُ يَفعَلْنَ الأفاعيلا
أرى الأمصارَ لا تَملِـ
ـكُ، للحافرِ، تَنعيلا
وقَد غَيّرَ، مَعناها،
أذًى يأتي أراعيلا
كَما جُزّىءَ بَيتُ الشّعْـ
ـرِ، تَقطيعاً وتَفعيلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كيفَ لي، يا عَيشُ، لو
كيفَ لي، يا عَيشُ، لو
رقم القصيدة : 4955
-----------------------------------
كيفَ لي، يا عَيشُ، لو
أصبَحَ مولاكَ مُقيلا؟
قَدْ حَمَلْنا، من رزايا
دَهرِنا، عِبئاً ثَقيلا
ومَلِلْنا منهُ مَغدًى،
ومَبيتاً، ومَقيلا
وأطَلْنا، في بَني أيّـ
ـامنا، قالاً وقِيلا
صَدِىءَ العَقلُ بهِ، مِن(41/216)
بَعدِ ما كانَ صَقيلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصبَحتُ مَنحوساً، كأنّي ابنُ مسـ
أصبَحتُ مَنحوساً، كأنّي ابنُ مسـ
رقم القصيدة : 4956
-----------------------------------
أصبَحتُ مَنحوساً، كأنّي ابنُ مسـ
ـعودٍ، وما أطغى بأن أهزِلا
لي أمَلٌ، فُرْقانُهُ مُحكَمٌ،
أقرؤهُ غَضّاً، كما أُنزِلا
شَيخاً أراني، كطُفَيْلٍ غَدا
يركضُ، في غارتِهِ، قَرْزُلا
لا يكذِبِ النّاسُ على رَبّهمْ،
ما حُرّكَ العرشُ، ولا زُلزِلا
فلَيتَ مَن يَفري أحاديثَهُ،
ماتَ فَصيلاً، قبلَ أن يَبْزُلا
يا جَدَثي! حَسبُكَ، من رُتبَةٍ،
أنّكَ مِن أجداثِهمْ مَعزِلا
أمَلّني الدّهرُ بأحداثِهِ،
فاشتَقْتُ، في بطنِ الثرى، منزلا
إنْ نَشأتْ بنتُكَ في نعمةٍ،
فألزِمَنْها البَيتَ والمِغزَلا
ذلكَ خَيرٌ من شِوارٍ لها،
ومن عَطايا والدٍ أجزَلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قَد بَدّلَ العالَمُ عاداتِهِمْ،
قَد بَدّلَ العالَمُ عاداتِهِمْ،
رقم القصيدة : 4957
-----------------------------------
قَد بَدّلَ العالَمُ عاداتِهِمْ،
بل قَدَرٌ، من فَوقِهمْ، بَدّلا
توَقّعوا من دَهرِهمْ عَدلَهُ،
والدّهرُ لا يُحسِنُ أن يَعْدِلا
هل يأمَنُ الضّائنُ سِيدَ الغَضا،
أو الحَمامُ المغتَدي أجدَلا؟
أخافُ كونَ الرَّنْدِ ضالاً، ولا
آمَنُ كونَ الضالة المَندلا
والشرُّ فينا غالبٌ، طالبٌ،
يُلحِقُ بالدّوّيّةِ المَجدَلا
في كلّ دَهرٍ جَنَفٌ كامنٌ،
والنّحسُ في المَولِدِ، والسّعدُ لا
يا مَعدِنَ العَسجَدِ! أصبَحتَ ما
تُخرجُ إلاّ التُّربَ والجَندَلا
والعُجبُ داءٌ قاتلٌ أهلَهُ،
يُمانِعُ الأستارَ أن تُسدَلا
عَيرٌ على سَفواءَ يُزهى؛ مَنِ الـ
ـقائمُ لمّا ركِبَ الدُّلدُلا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> العَدلُ صَعبٌ، وكلّما عدَلَ الـ
العَدلُ صَعبٌ، وكلّما عدَلَ الـ
رقم القصيدة : 4958
-----------------------------------
العَدلُ صَعبٌ، وكلّما عدَلَ الـ(41/217)
ـإنسانُ عن عَدْله، امترى ثِقَلَهْ
والظّلمُ يَشقى بهِ الظّلومُ، ويَرْ
عاهُ، كرعي الظّباءِ مُبتَقَلهْ
والمَجدُ كالقُلّةِ المُنيفَةِ، والـ
ـمَرْءُ لِقالٍ، من الزّمانِ، قُلَهْ
إنْ يُهلِكِ التّابِعُ التّبيعَ، فقدْ
يمقُلُهُ، في الغِنى، إذا مَقَلَهْ
أو يَعتَقِلْهُ، فالرّمحُ أحوَجُ ما
كانَ إلَيهِ الفتى، إذا اعتَقَلَهْ
والسّيفُ لا يفرُجُ المضايقَ، أو
يُوقِعهُ، في المَضيقِ، مَن صَقلَهْ
والحَيُّ لا بُدّ راكبٌ سَفَراً،
وتاركٌ، من ورائِهِ، ثِقلَهْ
لا يَسلَمُ القادرُ المخدَّمُ، في الـ
ـنِّيقِ، ولا أُمُّ غُفرَةَ الوقُلَهْ
تُصغي إلى ناقِلِ الحَديثِ، وهل
تَصدُقُ، فيما تُحدِّثُ، النَّقَلَهْ؟
والمالُ لا يجذِبُ الجَمالَ إلى الـ
ـإنسانِ، إلاّ إذا نَضا عُقُلَهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جسميَ أوْدى مَرُّ السّنينَ به،
جسميَ أوْدى مَرُّ السّنينَ به،
رقم القصيدة : 4959
-----------------------------------
جسميَ أوْدى مَرُّ السّنينَ به،
فلْتَطلُبِ النّفسُ مَنزِلاً بَدَلَهْ
ما كرهتْ مأثماً، ولا فَعَلَتْ
خَيراً، وعادتْ مُسيئَةً جَدِلَهْ
والنّاسُ لا يَصلُحونَ ما طَلَعتْ
شمسٌ، وما أرسلَ الدُّجى سُدُلَهْ
ما عَدِمَ الجائرُونَ، عندَهمُ،
تألّياً أنّهمْ من العَدَلَهْ
والعلوِيُّ البِصريُّ كانَ، بهمْ،
أعرَفَ منهمْ، واللُّبُّ يشهدُ لَهْ
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> أنا ذلك البدوي ( يشقيك يا ليلاي ما يشقيني )
أنا ذلك البدوي ( يشقيك يا ليلاي ما يشقيني )
رقم القصيدة : 496
-----------------------------------
يشقيك ياليلاي ما يشقيني
منفاي دونك.. والصّبابة دوني
بتنا وقد غرّبت مذبوح الخطى
مسكينة تصبو إلى مسكين
مترقبين بشارة النخل الذي
أضحى سقيم السّعف والعرجون
نخفي إذا اصطخب الضحى آهاتنا
فتنزّ جمراً في ظلام سكون
جف الضياء بمقلتي واستوحشت
أهدابها في الغربتين جفوني
من أين أبتدىء الطريق إذا الضحى(41/218)
داجٍ وقد سمل الهجير عيوني
ما للضفاف تزمّ دوني جفنها
والريح تأبى أن تريح سفيني
طوت الكهولة والتغرّب خيمتي
ومشت خيول الدهر فوق جبيني
مرّت عجافاً لا تزين صباحها
شمس تضاحك مقلتيّ سنيني
تخشى مؤانستي طيوف أحبّتي
وتغلّ آهاتي صداح لحوني
شيّعت صحني حين شيّع حقلكم
قحط فما عرف الوجاق طحيني
ورغبت عن شمسي لأن نهاركم
مدمىً فما عاد السّنا يغريني
ليلاي ما شرف القطاف إذا استحى
من طين جذر وانكسار غصون
لو كان لي أمر المطاع على المنى
أو كانت الأحلام طوع يقيني
أبدلت بالأضلاع سعف نُخيلة
وبعشب أحداقي حثالة طين
وبرنة القيثار نوح يمامة
وحصير أحبابي بكأس لجين
ما كنت مجنون الشراع.. ولا الهوى
لمّا عبرت السور بالمجنون
أغوى الحداء ربابتي فاستنفرت
أوتارها.. حسب الحداء خديني
أنا ذلك البدوّي.. تحت عباءتي
بستان أشواق ونهر حنين
أنا ذلك البدوّي.. عرضي أمّة
ومكارم الأخلاق وشمُ جبيني
غنيت والنيران تعصف في دمي
عصف اليقين بداجيات ظنون
لكنها الأيام إلا فسحة
منها بحقل كالجنان أمين
ألِفتْ بها روحي الحبور وصاهرت
بيني وبين الدفء والنسرين
ليلاي لو تدرين حالي بعدها
يكفيك أني أشتهي تكفيني
زعم الخيال أن المسرّة من يدي
كقلائد الياقوت من قارون
وَيْحي! متى مدّ السرابُ ضروعه
لمباسم الرّيحان والزيتون
أنا نبت حقل "الضاد" ما لغة الهوى
إن كان عشق الضاد لا يغويني
لم تبقِ لي "الخمسون" غير هنيهة
أتكون ياليلاي دون أنين
إن كان يكفي العاشقين هنيهة
فالدّهر كل الدهر لا يكفيني
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد أشرَعَتْ سنبسٌ ذوابلَها،
قد أشرَعَتْ سنبسٌ ذوابلَها،
رقم القصيدة : 4960
-----------------------------------
قد أشرَعَتْ سنبسٌ ذوابلَها،
وأرهَفَتْ بُحتُرٌ مَعابلَها
لفِتنَةٍ، لا تزالُ باعثةً
رامِحَها، في الوَغَى، ونابلَها
حسّانُ، في المُلكِ، لا يَحَسُّ لها،
تُزْجي، إلى مَوتِها، قَنابلَها
خَلِّ ودُنياكَ، أهلَ عِزّتِها،(41/219)
فكمْ شَكَتْ مُهجَةٌ بَلابِلَها
وجاوَزَتني سَحائبٌ سُكُبٌ،
تحرمُني طَلَّها ووابلَها
عِنديَ، فاعلمْ، نصيحةٌ عجبٌ،
وما إخالُ السّفيهَ قابِلَها
أُسكُتْ، فإنّ السّكوتَ منقبَةٌ،
تأمَنْ بهِ إنسَها وخابلَها
ترْضى بحكمِ القَضاءِ في سَخطٍ،
وهل تُحِبُّ الظّباءُ حابلَها
جِبِلّةٌ، بالفَسادِ، واشجَةٌ،
إنْ لامَها المَرءُ لامَ جابلَها
فاجزأ، وإن كنتَ في ذميمِ صَدًى،
فَما تذمُّ الوحوشُ آبلَها
أينّ لبيدٌ، وأينَ أُسرَتُهُ،
تزْخَرُ، عند الضّحى، مَسابلَها
يَحُلُّ أجسامَها المُدامُ، إذا
ما فارقَتْ قَنصَها، وبابلَها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عِشْ بخيلاً، كأهلِ عصرِكَ هذا،
عِشْ بخيلاً، كأهلِ عصرِكَ هذا،
رقم القصيدة : 4961
-----------------------------------
عِشْ بخيلاً، كأهلِ عصرِكَ هذا،
وتبالَهْ، فإنّ دَهرَكَ أبْلَهْ
قومُ سوءٍ، فالشّبلُ منهم يغول الليـ
ـثَ فَرْساً، واللّيثُ يأكلُ شِبلَهْ
إنْ تُرِدْ أن تخصّ حُرّاً، من النّا
سِ، بخيرٍ، فخُصّ نفسَكَ قبلَهْ
بَعِدَ الشَّرْبُ، قرَّبوا أُمّ لَيلى
لتَعيرَ اللّسانَ، في اللّفظِ، خبلَه
أوْرَدوكَ الأذى، لتَغرَقَ فيه،
وأروكَ الخنى، لتَعرِفَ سُبلَه
وجَدُوا مِشمِشاً ثَقيلاً، يُريدو
نَ بهِ: مَن يَنَمْ يُنَبَّهْ بقُبلَه
وأراني مرمَى لصرْفِ اللّيالي،
يَحتَذيني، فلَستُ أعدَمُ نَبْلَه
هل تَرى ناعِباً، كعَنترَةَ العَبْـ
ـسيّ، يَبكي على مَنازِلِ عَبْلَه
أو خُفافٍ يَرْثي رجالَ سُلَيمٍ،
أو سُحَيمٍ يحدُو مع الرّكبِ إبلَه
لا تَهَبْهُ، ولا سواهُ من الطّيْـ
ـرِ، فما يتّقي أخو اللُّبّ تَبْلَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تَكوني روّادَةً هزّالَهْ،
لا تَكوني روّادَةً هزّالَهْ،
رقم القصيدة : 4962
-----------------------------------
لا تَكوني روّادَةً هزّالَهْ،
واحذَري من نَوائِبٍ جَزّالَهْ
إغْزِلي في الحَياةِ، فالشّمسُ قِدماً(41/220)
غَزَلَتْ خَيطَها، فقِيلَ غَزالَهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كَبِرْتَ، فأصبَحتَ، للرّاشدين،
كَبِرْتَ، فأصبَحتَ، للرّاشدين،
رقم القصيدة : 4963
-----------------------------------
كَبِرْتَ، فأصبَحتَ، للرّاشدين،
كَبُرْتٍ يُعَدُّ لهَدْيٍ دَليلا
كَبُرْتَ، فما زالَ هذا الزّمانُ،
كبَرتٍ، يَجُذُّ قَليلاً قَليلا
وسَيفُ المنيّةِ أمضى السّيوفِ،
وما سَمِعَتْ منهُ أُذْنٌ صليلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا عُدْتَ، في مَرَضٍ، مُكثِراً،
إذا عُدْتَ، في مَرَضٍ، مُكثِراً،
رقم القصيدة : 4964
-----------------------------------
إذا عُدْتَ، في مَرَضٍ، مُكثِراً،
فخَفّفْ وخَفْ أنْ تُمِلّ العَليلا
وإن كانَ ذا فاقَةٍ مُقتِراً،
فأسعِفْ، وإنْ كانَ نَيلاً قليلا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَلاسلُ بَرْقٍ، تُقِلُّ البلادَ
سَلاسلُ بَرْقٍ، تُقِلُّ البلادَ
رقم القصيدة : 4965
-----------------------------------
سَلاسلُ بَرْقٍ، تُقِلُّ البلادَ
من المَحلِ، جادَتْ بني سلسِلَهْ
سقَتْ وطَناً، وتخَطّتْ سِواهُ،
مُوقَرَةً، بالحَيا، مُرسلَهْ
أتغسِلُ جسميَ ممّا بهِ،
وقلبيَ أحوَجُ أن تغسِلَه؟
ولا أشرب، الدهرَ، بسلَ الشرابِ
ونَفسي، بأعمالِها، مُبسَلَهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا قيلَ: إنّ الفتى ناسِكٌ،
إذا قيلَ: إنّ الفتى ناسِكٌ،
رقم القصيدة : 4966
-----------------------------------
إذا قيلَ: إنّ الفتى ناسِكٌ،
ورامَ الجَمالَ، فلا نُسْكَ لَهْ
يُصَلّي، وهمّتُهُ أن يُقا
لَ: سابقُ خيلٍ رَضا فِسْكِلَهْ
وأفضَلُ منهُ امرؤٌ خاملٌ،
يَقوتُ، بمكسِبِه، حِسكلَهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجَدْتُكَ في رَقدَةٍ، فانتَبه،
وجَدْتُكَ في رَقدَةٍ، فانتَبه،
رقم القصيدة : 4967
-----------------------------------
وجَدْتُكَ في رَقدَةٍ، فانتَبه،
أُحَذّرْكَ من هذهِ الخاتِلَهْ(41/221)
أتاها بَنُوها، على غِرّةٍ،
وما علموا أنّها قاتِلَهْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما ابنُ ستّينَ ضمّ الكِعابَ
إذا ما ابنُ ستّينَ ضمّ الكِعابَ
رقم القصيدة : 4968
-----------------------------------
إذا ما ابنُ ستّينَ ضمّ الكِعابَ
إلَيهِ، فقَدْ حلّتِ البَهلَهْ
هوَ الشّيخُ، لم يَرْضَهُ أهلُهُ،
ولم يُرْضِ، في فِعلِهِ، أهلَهْ
فَلا يَتَزَوّجْ أخو الأرْبَعيـ
ـنَ، إلاّ مجرَّبةً كَهلَه
رأى الشيبَ، في عارِضِه، المُسنُّ،
فنعمَ القرينُ لَهُ الشَّهلَه
وَجَدْنا الفتى صَعُبَتْ عيشَةٌ
عليهِ، وإنْ ظَنّها سَهلَه
أرى الشرّ يأتي سَبيلَ الحَياةِ،
ولم تُلفَ، بينَهما، مُهلَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بني الأرضِ! ما تحتَ الترابِ مُوفَّقٌ
بني الأرضِ! ما تحتَ الترابِ مُوفَّقٌ
رقم القصيدة : 4969
-----------------------------------
بني الأرضِ! ما تحتَ الترابِ مُوفَّقٌ
لرُشدٍ، ولا فوقَ الترابِ سوى فَسل
أكانَ أبوكُمْ آدَمٌ، في الذي أتَى،
نجيباً، فترجونَ النّجابَةَ للنّسل؟
أسَكْنَ الثّرى، لا يَبعَثونَ رسالَةً
إلينا، ولستمْ سامعي كَلِمِ الرُّسل
ولا تَسْلُ نَفسي عنكُمُ باختيارها،
ولكنّ طولَ الدّهرِ يُنهِلُ أو يُسلي
تفَرّعتِ الأشياءُ، والأصلُ واحدٌ،
ومن حلَبِ الغيثِ الذي درّ من رِسل
وما برَدَتْ أعضاءُ مَيْتٍ مكَرَّمٍ،
وإن عَزّ، حتى أُغليَ الماءُ للغَسْل
وكمْ برّ، مثلَ البَبْرِ، نجلٌ أباً له،
وكانَ لَهُ كالضّبّ يغدُرُ بالحِسل
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> إمرأة البحر
إمرأة البحر
رقم القصيدة : 497
-----------------------------------
رسم لي بالطبشور دائرة على الجدار
وقال لي : قفي داخلها ...
فانطلقت هاربة
إلى شوارع البحر.
* * *
غاضباً لحق بي
غاضباً زقزق في وجهي ، وقرّعني
وقال ان القضية جادة
وان "البث مباشر"
ويجب أن أعود معه إلى (الاستديو)
لأقف وسط دائرة الطباشير
وتحت دائرة الضوء(41/222)
* * *
مسكينة ومبتلة
كمتسول شتائي
حاولت أن أقول له
انني انا أيضاً جادة ! ..
ولكنني (أبداً أبداً)
لن أتركه يسجنني
داخل دائرة مرسومة بالطباشير
على جدار ما .. أرض ما .. مسرح ما ..
لن أتركه يسجنني ،
لا باسمه ، ولا باسم الحب ، ولا باسم الشهرة ،
ولا باسم أحد .
* * *
آه خذ قلبي ، واقضمه كتفاحة
ولكن لا تسجنني داخل دائرة مغلقة ! ...
* * *
ها أنا ألحظ للمرة الاولى ، وبرعب
ان الحرف الأول من اسمك
هو جزء من دائرة
فلا تتابع رسمها حولي !
* * *
الساعة مستديرة
لكن رمل الزمن
صحارى من الأسرار
تسخر من الاشكال الهندسية .
وأنا أكره الدائرة ،
واكره المربع والمثلث
وسأخرج في مظاهرة ضد المستطيل ومتوازي الأضلاع
وكل ما هو مغلق كالسجن ! ...
وحدها النقطة المتحركة أحبها
اما الخطان المتوازيات
فيثيران حزني لركضهما إلى الأبد دونما لقاء
ودون أن يتبدل شيء ... بينهما ... وفيهما ...
* * *
إلى شاطئ البحر أهرب منك
وأقف وحيدة
وبطبشورة الحرية
ارسم دائرة غير مغلقة ،
مفتوحة من طرفيها باتجاه البحر والافق
وأقفز داخلها ،
وأركض منها إلى البحر ..
البحر .. البحر ... البحر ...
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يخونُكَ مَن أدّى إليكَ أمانَةً،
يخونُكَ مَن أدّى إليكَ أمانَةً،
رقم القصيدة : 4970
-----------------------------------
يخونُكَ مَن أدّى إليكَ أمانَةً،
فلم تَرْعَهُ يَوماً بقَولٍ ولا فعلِ
فأَحسن إلى من شئتَ في الأرض أو أسىء،
فإنّكَ تُجزَى حذوَكَ النّعلَ بالنَّعل
يَرُومونَ بالسّعيِ المَراتبَ والعُلا،
ورَبُّكَ يُهوي طالبَ المَجدِ أو يُعلي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لبَكرٍ، لَعمري، بكّرَ الدّهرُ بالرّدى،
لبَكرٍ، لَعمري، بكّرَ الدّهرُ بالرّدى،
رقم القصيدة : 4971
-----------------------------------
لبَكرٍ، لَعمري، بكّرَ الدّهرُ بالرّدى،
وقد عَجّلَتْ أحداثُهُ لبَني عِجلِ
وتَغلِبُ، من أحياءِ تَغلِبَ، سادةً،(41/223)
وقد غلَبَتْهُمْ قبلَ مختلِفِ الرَّجل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كنتَ في نخلٍ، جَناهُ ميسَّرٌ
إذا كنتَ في نخلٍ، جَناهُ ميسَّرٌ
رقم القصيدة : 4972
-----------------------------------
إذا كنتَ في نخلٍ، جَناهُ ميسَّرٌ
لكفّكَ، فاهتِفْ بالضّعيفِ إلى النّخلِ
فإنْ لم يَعُدْ، فابعَثْ له سَهمَ طارِقٍ
لتؤجرَ، أو تُدْعى البَريءَ من البُخل
أبَى اللَّهُ أخذي دَرَّ ضأنٍ وماعزٍ،
وإدخاليَ الأمرَ المضرَّ على السَّخل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد صَدِئَتْ أفهامُ قَومٍ، فهَلْ لها
لقد صَدِئَتْ أفهامُ قَومٍ، فهَلْ لها
رقم القصيدة : 4973
-----------------------------------
لقد صَدِئَتْ أفهامُ قَومٍ، فهَلْ لها
صِقالٌ، ويحتاجُ الحُسامُ إلى الصّقلِ؟
وكم غرّتِ الدّنيا بنيها، وساءَني،
مع النّاس، مَينٌ في الأحاديثِ والنّقل
سأتبَعُ مَن يَدعو إلى الخَيرِ، جاهداً،
وأرحَلُ عنَها، ما إمامي سوى عَقلي
إذا جَهّزَتني غائِباً غَيرَ آيبٍ،
تركتُ لها ما حمّلَتني من الثّقل
مُغَيَّرَةُ الحالاتِ، ناقضَةُ القُوى،
مُوَثَّقَةُ الأغلالِ، مُحكَمَةُ العُقل
تواصَتْ بها الأرواحُ، في القيظِ، بعدَما
تَناصتْ بها الأرماحُ في زمن البقل
ومن كان، في الأشياءِ، يحكمُ بالحجى،
تَساوى لدَيهِ من يُحبُّ ومن يَقلي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كنتَ تُهدي لي، وأجزيكَ مثلَه،
إذا كنتَ تُهدي لي، وأجزيكَ مثلَه،
رقم القصيدة : 4974
-----------------------------------
إذا كنتَ تُهدي لي، وأجزيكَ مثلَه،
فإنّ الهَدايا، بينَنا، تَعَبُ الرُّسلِ
فلا أنا مَغبونٌ، ولا أنتَ، في الذي
بعثنا كلانا، غيرُ ملتمِسِ الرِّسل
فدونَكَ شُغلاً، ليسَ هذا، لعلّهُ
يَعودُ بنفَعٍ، لا كشُغلِكَ بالنّسل
أبوكَ جَنى شرّاً عليكَ، وإنّما
هو الضبُّ، إذا يسدي العقوقَ إلى الحِسل
يَقولُ كلاماً فُوكَ يوجَدُ بعدَهُ،
كذي نَجَسٍ يحتاجُ منه إلى الغسل(41/224)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أخِلتَ عمودَ الدّينِ في الأرض ثابتاً،
أخِلتَ عمودَ الدّينِ في الأرض ثابتاً،
رقم القصيدة : 4975
-----------------------------------
أخِلتَ عمودَ الدّينِ في الأرض ثابتاً،
وفي كلّ يومٍ يَضمَحِلُّ على مَهلِ؟
سُهَيْلٌ، وإن كانَ اليَمانيَّ، مُنكِرٌ
لأمرٍ، بضِبنِ الشّامِ، ما هوَ بالسّهل
بَرِئتُ إلى الخَلاّقِ من أهل مذهَبٍ،
يرَوْنَ، من الحَقّ، الإباحَةَ للأهل
فهَلاّ خَشيبٌ كَيْ يُقَنّأ، تحتَهُ،
مَشيبٌ من الشيخِ المسنّ، أو الكهل
وأينَ حُسامُ الهندِ، عنكَ، وجهلُهُ؛
جهادُكَ أولى من جهادِ أبي جَهل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا كنتَ ذا ثنتينِ، فاعدِل، أو اتّحِدْ
إذا كنتَ ذا ثنتينِ، فاعدِل، أو اتّحِدْ
رقم القصيدة : 4976
-----------------------------------
إذا كنتَ ذا ثنتينِ، فاعدِل، أو اتّحِدْ
بنَفسِكَ، فالتّوحيدُ أولى من العَدلِ
شِفاهُ المَها تُفني يَساراً، تفيئُهُ
عليكَ المهاري من مشافرِها الهُدْلِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> متى نشأتْ ريحٌ لقِدركِ، فابعثي،
متى نشأتْ ريحٌ لقِدركِ، فابعثي،
رقم القصيدة : 4977
-----------------------------------
متى نشأتْ ريحٌ لقِدركِ، فابعثي،
لجارتِكِ الدّنيا، قليلاً، ولا تُملي
فإنّ يَسيرَ الطُّعمِ يَقضي مَذَمّةً،
ولا سِيّما للطّفلِ، أو رَبّةِ الحَمل
وإن حَلّ، أبدى، فاقةً منكِ، فاضمني
قِراهُ، ولو جمّعتِهِ من قرى النّمل
وأعلَمُ أنّ الأوّلَ الفَرْدَ قادرٌ
على أن يُميرَ المؤمنينَ من الرّملِ
عَفا اللَّهُ عني، رُبّ ريحٍ تهُبُّ لي،
فتَذري تُرابي من جَنوبٍ ومن شَمل
وشغلُ فمٍ، يَستَغفِرُ اللَّهَ ذنبَهُ،
أحَقُّ به من ذكرِ زينَبَ أو جُمْل
وإهمالُكَ النّفسَ اللّجوجَ، مُلاوةً،
تَقاضتْ دُموعاً من جُفونكَ بالهَمل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> علمتُ بأنّ النّاسَ لا خَيرَ عندَهمْ،(41/225)
علمتُ بأنّ النّاسَ لا خَيرَ عندَهمْ،
رقم القصيدة : 4978
-----------------------------------
علمتُ بأنّ النّاسَ لا خَيرَ عندَهمْ،
فجانَبتُهمْ من جائدينَ وبُخّالِ
إذا قُلتَ: جَدّي، قلتُ: هَبْني دفنتُه
كجَدّي، وخالي هامدٌ في ثرى خال
تحَلَّ بتَقوى، أو تحَلَّ بِعفّةٍ،
فذلكَ خَيرٌ من سِوارٍ وخَلخال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا طَرَقَ المسكينُ دارَكَ فاحْبُهُ
إذا طَرَقَ المسكينُ دارَكَ فاحْبُهُ
رقم القصيدة : 4979
-----------------------------------
إذا طَرَقَ المسكينُ دارَكَ فاحْبُهُ
قليلاً، ولو مِقدارَ حَبّةِ خَرْدَلِ
ولا تحتَقِرْ شَيئاً تُساعِفُهُ بِهِ،
فكم من حَصاةٍ أيّدتْ ظهرَ مِجْدَل
وما كَبِدُ العُصفورِ، وهيَ ضَئيلَةٌ،
بعاجزَةٍ عن ضَبطِها نفْسَ أجدلَ
لَطالَ عليّ الوَقتُ، والنّفسُ عمرُها
كأقصرِ ظِلٍّ، في الزّمانِ الشمرْدل
مدَى حَيَوانٍ، في هَواءٍ ولُجّةٍ،
وأرضٍ وتُربٍ، مستَكنٍّ وجَندل
فبيّنْ، إذا حاوَلتَ إفهامَ سامِعٍ،
فإنّ بَياناً من قَضاءٍ مُعَدَّل
تقولُ: حُمَيدٌ قال، والمرءُ ما دَرَى
حُمَيدَ بنَ ثورٍ أم حُمَيدَ بنَ بَحدلِ
إذا ما دَعيُّ القومِ ضاهى صريحَهمْ،
فلا تنكرَنْ، واعدُدهُ آخرَ عبدل
أليسَ، كباقي أحرفِ الوزنِ، لامُه،
وما فُصِلَتْ من لامِ سَهلٍ وأهدَلِ
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> ياطارد
ياطارد
رقم القصيدة : 498
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا طارد اللي راح خله وملوه
ما يستقيم الظل لا عوج عوده
ولا ينفع الندمان قولة حولاه
جحر لدغ يمناك لا لا تعوده
مد النظر في خلق ربي تمعناه
إلى انتقص من حال حال يزوده
الله جعل للمبتلي داه ودواه
وكل على عزمات قلبه حدوده
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مُنى صِلّ حَرْبٍ نالَها بالمَناصِلِ،
مُنى صِلّ حَرْبٍ نالَها بالمَناصِلِ،
رقم القصيدة : 4980
-----------------------------------(41/226)
مُنى صِلّ حَرْبٍ نالَها بالمَناصِلِ،
فواصلْ، وقاطعْ بالرِّقاقِ الفواصِلِ
سَقينَكَ من ماءِ المَفاصلِ مُرْوِياً،
وزايَلنَ، في الهيجاءِ، بينَ المَفاصِل
مَنَنْتَ على أبنائِكَ النّزْرَ، آسِفاً،
فأنتَ علَيهمْ كالألدِّ المُفاصِل
ولم تَسعَ فيهمْ ليلةً سعيَ مُتعبٍ،
إلى أنْ يُبينَ الصّبحُ شيْبةَ ناصِل
ألمْ تَرَ زُغباً أدْلجَتْ أُمّهاتُها،
فألقَتْ لها ما حصّلَتْ في الحَواصِل؟
غدتْ شَجراتٌ، في السّماء، سوامقاً،
عَناصرُها، في الضَّعفِ، مثلُ العناصِل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دَعاكمْ، إلى خَيرِ الأمورِ، محمّدٌ،
دَعاكمْ، إلى خَيرِ الأمورِ، محمّدٌ،
رقم القصيدة : 4981
-----------------------------------
دَعاكمْ، إلى خَيرِ الأمورِ، محمّدٌ،
وليسَ العَوالي، في القَنا، كالسّوافلِ
حداكمْ على تَعظيمِ مَن خلقَ الضّحى
وشُهبَ الدُّجَى من طالعاتٍ وآفِل
وألزمكمْ ما ليسَ يُعجِزُ حَملُهُ
أخا الضّعْفِ من فَرْضٍ له ونوافل
وحَثّ على تَطهيرِ جسمٍ ومَلبَسٍ،
وعاقَبَ في قَذفِ النّساءِ الفَواضل
وحرّمَ خمراً، خِلتُ ألبابَ شَربِها،
من الطّيشِ، ألبابَ النّعامِ الجوافل
يجروّنَ ثَوبَ المُلكِ جرّ أوانسٍ،
لدى البَدْوِ، أذيالَ الغَواني الرّوافل
فصلّى عليهِ اللَّهُ، ما ذرّ شارِقٌ،
وما فَتّ، مِسكاً، ذكرُهُ في المَحافل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اتقِ اللَّهَ، واحذَرْ أن يغرّكَ ناسكٌ،
اتقِ اللَّهَ، واحذَرْ أن يغرّكَ ناسكٌ،
رقم القصيدة : 4982
-----------------------------------
اتقِ اللَّهَ، واحذَرْ أن يغرّكَ ناسكٌ،
بما هو فيهِ من تَغيّرِ حالِهِ
فَما أنفُسُ الأقوامِ إلاّ تَوابعٌ،
لقائِلِ زُورٍ، مُفرِطٍ في مُحالِه
فهَذا الذي في صَومِهِ وصَلاتِهِ،
كذاكَ الذي في حِلّهِ وارتحالِه
فكذّبْ زَعيماً قال: إنّيَ دَيّنٌ،
فَما دينُهُ إلاّ ضعيفُ انتِحالِه
يُماحِلُ في الدّنيا الخَؤونِ، وإنّما(41/227)
يُؤمّلُ نَزراً فانياً بمُحالِه
ومَنْ يكتَحِلْ بالسّهدِ في طلبِ العُلا
يَجُزْ أن يَرى منهاجَها باكتِحالِه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما عَدَدتُ السّنّ عُدْتُ بترحَةٍ،
إذا ما عَدَدتُ السّنّ عُدْتُ بترحَةٍ،
رقم القصيدة : 4983
-----------------------------------
إذا ما عَدَدتُ السّنّ عُدْتُ بترحَةٍ،
وأمّلتُ رَبّي أن يحُلّ عِقالي
أُسَرُّ لدُنيايَ، التي قد طَوَيتُها،
وآسِي لجُرْمَيْ خاطرٍ ومقالِ
فَيا أُمّ دَفرٍ! كنتِ لي مَيَّ وامقٍ،
فصارَ تَعادٍ بَينَنا وتقالي
جعلْتِ ثقيلَ التُّرْبِ فوقي، وطالما
وطِئْتُ بأوزارٍ، عليك، ثقال
وقد صدِئتْ نَفسي بجسمي ولُبْسِهِ،
فهَلْ تَصطَفيها مِيتَتي بصِقال؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عمَى العَينِ يتلوهُ عمى الدّينِ والهُدى
عمَى العَينِ يتلوهُ عمى الدّينِ والهُدى
رقم القصيدة : 4984
-----------------------------------
عمَى العَينِ يتلوهُ عمى الدّينِ والهُدى
فليْلَتيَ القُصوى ثلاثُ لَيالي
وما أزَمَتْ نَفسي البَنانَ على التي،
إذا أزمَتْ، عضّتْ بشوكِ سيال
ولا قَصّرَتْ لي أُمُّ لَيلى بُشربِها
حَنادسَ أوقاتٍ، عليّ طِيال
إذا ما اجتَمَعنا هاجتِ الحُزنَ أُلفَةٌ
مُحَدِّثَةٌ، عن جَمعِنا، بزيال
لحا اللَّهُ غاراتِ السّنينَ، فإنّها
مُبَدِّلَةٌ ظِلمانَها بريال
وما سرّني ربُّ الخَيالِ بشَخصِهِ،
فيَطلُبَ منّي النّومُ طيفَ خيال
وهوّنَ أرزاءَ الحَوادِثِ أنّني
وَحيدٌ، أُعانيها بغَيرِ عِيال
فدَعني وأهوالاً أُمارِسُ ضَنْكَها؛
وإيّاكَ عنّي لا تَقِف بحيالي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بفيّ الحصى، هل تملأُ الخَلَدَ التي
بفيّ الحصى، هل تملأُ الخَلَدَ التي
رقم القصيدة : 4985
-----------------------------------
بفيّ الحصى، هل تملأُ الخَلَدَ التي
بفِيها، لرائي العين، سِمطُ لآلي؟
إذا ما رأيتَ الآلَ منّيَ قائِماً،
تقاكَ هَجيرٌ، في العِيانِ، بآل(41/228)
فلا تغبطَنّي أن رُزِقتُ نَضارَةً،
من الدّهرِ، وانظرْ مَرجَعي ومآلي
وآليَ، أعني الأقرباءَ، جُنودُهُ،
على ما سَقاني من أذًى ووأى لي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أواليَ هذا المِصرِ، في زيّ واحدٍ،
أواليَ هذا المِصرِ، في زيّ واحدٍ،
رقم القصيدة : 4986
-----------------------------------
أواليَ هذا المِصرِ، في زيّ واحدٍ،
أواخرُ، من أيّامِنا، وأوالِ
إذا ما حِبالُ النّاسِ عادَتْ بوالياً،
فإنّ حِبالَ الشّمسِ غَيرُ بَوال
تواليَ بعضِ القومِ ليسَ بنافعٍ،
وتَمضي هَوادٍ للرّدى وتَوال
جواليَ أحداثِ الزّمانِ، سفاهةً،
وأنفسُنا عَمّا يَحُلُّ جوال
تَظَلُّ حَوالي قُرَّحٍ وبوازِلٍ،
حواليَ، قد أعيَيْتُها بحِوالِ
خوَى ليَ نجمٌ في قديمٍ وحادثٍ،
وتُذكَرُ أوقاتٌ مَضَينَ خَوال
دواليكَ، يا ريبَ الخطوبِ، فهذه
ثِقالُ غُروبٍ، ما لهنّ دوال
إذا ما الإماءُ الثّاكِلاتُ رأيتَها
سواليَ للأحياءِ، فهيَ سَوَال
وإنّ طَوالَ الدّهرِ صيّرَ أينُقي
رَذايا، وجَرْبَى ما لهنّ طَوال
عَوَى ليَ ذئبُ، فانتَبَهتُ لزَجرِه؛
رُوَيدَكَ إنّ النّيّراتِ عَوال
متى ما تَبِتْ خُوصُ المَطايا مَوالياً
بنا، في ابتغاءِ العزّ، فهيَ موال
وما النّاسُ إلاّ كالقنيصِ، إزاءَه
كوالىءُ من أخطارِهِ، وكوال
غَوى لَيلُ مُثرٍ، فاستَقَلّ بفتنَةٍ،
وقد رخُصتْ، للسّائمينَ، غَوال
وكيفَ احتيالي في الصّديق، وقد نوَى
ليَ الشرَّ، مُحتاجٌ أصابَ نوالي؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَضيقُ اللّيالي عن مَحلّةِ ماجِدٍ،
تَضيقُ اللّيالي عن مَحلّةِ ماجِدٍ،
رقم القصيدة : 4987
-----------------------------------
تَضيقُ اللّيالي عن مَحلّةِ ماجِدٍ،
فَما ضمِنَتْ إلاّ ذَميمَ فَعالِ
وأيّامُنا مثلُ الأُيومِ، وإنّما
سعَى ليَ، من ساعاتهنّ، سعال
فلا تَسألِ المرْءَ الغنيَّ عطاءَهُ،
ورَجِّ الغِنى من ربّكَ المتَعالي
ومَهلاً بني الوَرْهاء، ما كان فيكمُ(41/229)
رَشيدٌ، ولا أنتمْ بأهلِ مَعالي
عسى جَدُّ خيلٍ، قرّبتكمْ من العلا،
يجودُ لها من عَسجَدٍ بنعال
هَبوا واجعلوا للجودِ فيكمْ بقيّةً،
سوى جُودِ همّامٍ على ابنِ جعال
إذا اليومُ ولّى أعجَزَ القومَ ردُّه،
ولو تَبِعوا آثارَهُ برِعال
يمدّونَ، للطَّعنِ، الثعالبَ في الوغى
وآسادُهمْ عندَ اللّقاءِ ثعال
وإنّ أخا نُسكٍ، دعاَ لكَ بالذي
ملكتَ، بضِدٍّ، من غناكَ، دعا لي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا صقلَتْ دُنياكَ مِرآةَ عقلِها،
إذا صقلَتْ دُنياكَ مِرآةَ عقلِها،
رقم القصيدة : 4988
-----------------------------------
إذا صقلَتْ دُنياكَ مِرآةَ عقلِها،
أرَتْكَ جزيلَ الأمرِ غيرَ جزيلِ
فبُعداً، لحاكَ اللَّهُ، ياشرّ منزلٍ،
ثواهُ، من الإنسانِ، شرُّ نزيل
وقد زالَ عنهُ ساكنٌ، بعدَ ساكنٍ؛
فهل هو ماضٍ مرّةً بمزيلِ؟
عجبتُ لثوبٍ، من ظَلامٍ، مُمزَّقٍ،
وخيطِ صَباحٍ، من ذُكاءَ، غزيل
وما تترُكُ الأيّامُ، وهيَ كثيرةُ،
ولايَةَ والٍ وانصرافَ عزيل
يضَلِّلنَ، حتى الركبَ، يبعثُ بزلَه
لأزهرَ، من صفوِ المدامِ، بزيل
وما يفرِقُ التُّربُ، الذي هوَ آكلٌ
لنا، بينَ جِسْمَيْ بادنٍ وهزيل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بَكِّ على النّاسِ بالمزمومِ والرّمَلِ،
بَكِّ على النّاسِ بالمزمومِ والرّمَلِ،
رقم القصيدة : 4989
-----------------------------------
بَكِّ على النّاسِ بالمزمومِ والرّمَلِ،
فإنّ أعمالَ دُنياهم كلا عَمَلِ
والحكمُ، من عالَمٍ عالٍ، تَنزُّلُهُ؛
فَما لسكّانِ هذي الأرضِ كالهمَل؟
عاشوا بها، واستجاشوا، ثمّ ما حصَلوا
إلاّ على الموتِ، في التّفصيلِ والجُمل
لا أحمِلُ الهَمَّ، لي يَومٌ يغيّبُني،
ولو حَلَلْتُ معَ الجَوزاءِ والحَمَل
ويبَ الحَوادثِ! كم أخرَجن من ملِك
عن الدّيارِ؛ وكم قَصّرْنَ من أمل
يَسعى الفتى لابتغاءِ الرّزقِ، مجتَهداً،
بالسّيفِ والرّمح فوق الطِّرْفِ والجَمل
ولو أقامَ لوافاهُ الذي سمَحَتْ(41/230)
بهِ المَقاديرُ، من نقصٍ ومن كَمل
جمعاً لمحبوبِ قُرْبَى، أو بغيض عدًا،
كأنّهُ عن ذَراهُ غيرُ مُحتمِل
إذا ملكتَ، فأسجحْ، غيرَ مهتضَمٍ؛
وإن حكَمتَ على قومٍ، فلا تَمِل
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> كل ما نسنس
كل ما نسنس
رقم القصيدة : 499
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
كلما نسنس من الغربي هبوب
حمل النسمة سلام
وان لمحت سهيل في عرض الجنوب
عانق رموز الغرام
لك حبيب ما نسا
كلمته دايم عسى
اطلب الله وارتجيه
صبح يومي والمسا
كل زين اشاهده وانتم بعيد
منوتي ليتك معي
وان سهرت الليل اهوجس بك واعيد
هل لاجلك مدمعي
وانت هاجس خاطري
وانت فرحة ناظري
يا قريب ويا بعيد
فيك امس وحاضري
نشوتك تلعب مع قطر المطر
وانتشى قطره معك
والسحاب يطاردك بين الشجر
خالق الزين ابدعك
الندى في وجنتك
صار عطر بلمستك
والهوى غنى طرب
تستثيره بسمتك
كلما ضمت عيوني منك طيف
يا بعد كل الطيوف
قلت ما مثلك على الدنيا وصيف
لا حشا مالك وصوف
لا سحاب ولا مطر
لا نسيم ولا زهر
لا طيور ولا زهر
ولا مع باقي البشر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جالِسْ عدوَّكَ تَعرِفْ مَن تُكاتمُهُ،
جالِسْ عدوَّكَ تَعرِفْ مَن تُكاتمُهُ،
رقم القصيدة : 4990
-----------------------------------
جالِسْ عدوَّكَ تَعرِفْ مَن تُكاتمُهُ،
يَبدُو القِلى في حديثِ القوم والمُقَلِ
والشرُّ، في حيوانِ الأرضِ، مفترقٌ،
والإنسِ، كالوَحشِ من ضارٍ ومبتقِل
يجري القضاءُ، فيُهدي العيسَ، كارهةً،
إلى الضّراغمِ في الأقيادِ والعُقُل
فخالفِ النّاسَ ترشُدْ، كلّما نطقوا
فاصمتْ حميداً، وإن هم أنصتوا، فقُل
واطلُبْ رضاك من الخِلّين: ذي شُطَبٍ
ومُطلَقٍ الحدّ، في الأبطالِ، مُعتقَل
أما تَرى الشُّهبَ، في أفلاكِها، انتقلتْ
بقُدرَةٍ من مليكٍ غيرِ مُنتَقل؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما أوصلَ السّيفَ، قطّاعاً، لحاملِهِ؛(41/231)
ما أوصلَ السّيفَ، قطّاعاً، لحاملِهِ؛
رقم القصيدة : 4991
-----------------------------------
ما أوصلَ السّيفَ، قطّاعاً، لحاملِهِ؛
وأبلَغَ الذابلَ الموصوفَ بالخَطلِ
قد وافَياكَ بتاجِ المُلكِ، عن عُرُضٍ؛
وأثْرَياكَ بحَلْيِ الكاعِبِ العُطُل
وأحرزاكَ بمقدارٍ إلى أمَدٍ؛
وأنجَزا لكَ وعدَ الكُذَّبِ المُطُل
والسّيفُ، إن قال أبدى نبْأةً عَجَباً،
في وَزنِ حَرْفينِ لم يُكثِرْ ولم يُطِل
سَلمانُ، تُفهَمُ عَنهُ فارسيّتُهُ،
فدعْ سليمانَ، والمَعنى: ردَى البطل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعجِلْ بتَسبيحِ رَبٍّ لا كِفاءَ لَهُ،
أعجِلْ بتَسبيحِ رَبٍّ لا كِفاءَ لَهُ،
رقم القصيدة : 4992
-----------------------------------
أعجِلْ بتَسبيحِ رَبٍّ لا كِفاءَ لَهُ،
أو رَتّلَنْهُ، ولا تجنَحْ إلى رَتِلِ
ولا تكنْ عادِياً كالذِّئبِ، شيمَتُهُ
خَتْلٌ، فلا خَيرَ مصروفٌ إلى الخُتل
ما أنتَ؟ والطّعنَةُ النّجلاءُ يحفِزُها،
مثلَ القليبِ، أصمُّ الذّادَةِ القُتُل
غارتْ، وفارَتْ، وألقى من يُمارِسُها،
فيها، العمائمَ أبدالاً من الفُتَل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا خاطِري! لا تَوَجَّهْ وجهَ سيّئَةٍ،
يا خاطِري! لا تَوَجَّهْ وجهَ سيّئَةٍ،
رقم القصيدة : 4993
-----------------------------------
يا خاطِري! لا تَوَجَّهْ وجهَ سيّئَةٍ،
فأفكِرِ، الآنَ، أقصى الفكرِ وارتجلِ
ويا بَنانيَ! لا تُبْسَطْ لعارِفةٍ؛
ويا لساني، بغيرِ الصّدقِ، لا تَجُل
أوجالُ نفسيَ، في الأولى، مُضاعَفةٌ،
ولا أزالُ، من الأخرى، على وجَل
والشرُّ في الخَلقِ طَبعُ لا يُزايلُهُ،
فقِسْ على خزَرٍ، في العَينِ، أو نَجَل
لو وُفّقَ المرءُ لم يَبهَشْ إلى امرأةٍ؛
أو الغريرةُ لم تُزفَفْ إلى رجُل
أو عُمّرَ الشّيخُ عُمرَ النّسر من شُهُبٍ،
لا من ذَواتِ جَناحٍ، لم يقُلْ: بَجل
قد يسأمُ الحيُّ، والأسرارُ ما خَلصتْ
في حُبّها الموتَ، من سبَطٍ ومن رَجِل(41/232)
أَولى البريّةِ أن يَحظَى بعاقِبَةٍ،
مَن لم يَرُحْ، من قبيحٍ، باديَ الخجَل
والصمتُ أحجَى، وأحرارُ الكلام لها
فضلٌ، وفيهِ نَظيرُ النّسوةِ الهُجُل
إنّ اللّطيفينِ: من دَهرٍ وأمكِنَةٍ،
لا يَفتآنِ بلا حسٍّ ولا زَجَل
إن كانَ نَقلي، عن الدّنيا، يكونُ إلى
خَيرٍ وأرحبَ، فانقلني على عَجَل
وإن علِمتَ مآلي، عندَ آخرَتي،
شرّاً وأضيَقَ، فانسأ، ربِّ، في الأجل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد طال، في العيشِ، تَقييدي وإرسالي،
قد طال، في العيشِ، تَقييدي وإرسالي،
رقم القصيدة : 4994
-----------------------------------
قد طال، في العيشِ، تَقييدي وإرسالي،
مَنِ اتّقَى اللَّهَ، فهوَ السّالمُ السّالي
يا صاحبَ الضأنِ! سلّمْ حقَّ مُعدِمِها
ولا تَقُلْ: ضلّ إنساني بإبسالي
وارقُبْ إلهَكَ في عُسرٍ وفي يُسُرٍ؛
واتُركْ جِدالكَ في بعْثٍ وإرسال
كم غالَ طاهيكَ من عَفراءَ مُرْضعةٍ،
وذاتِ لَونَينِ صارتْ قُوتَ مكسال
وقد ضنَنْتَ بشاةٍ، وهيَ فاردَةٌ،
على أزلّ فقيدِ القوتِ، عسّال
بَخلتَ أن يتَغَذّى طِفلُهُ دَمَها،
وأنتَ شاربُ لَذِّ الطّعمٍ، سَلْسال
واسألْ به الحَيَّ، من عَدنانَ أو سبإٍ،
تجدْهُ لَيسَ، إذا أقوى، بَوسّال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَعْشَى عن الأمرِ، حتى يعلُوَ ابنُ ردًى
نَعْشَى عن الأمرِ، حتى يعلُوَ ابنُ ردًى
رقم القصيدة : 4995
-----------------------------------
نَعْشَى عن الأمرِ، حتى يعلُوَ ابنُ ردًى
نَعشاً، تَبارَكَ رَبُّ العالَمِ العالي!
لا يُدْرِكُ الخُلدَ أوعالٌ مُخَلَّدَةٌ،
فاسألْ بصحّةِ هذا أُمَّ أوعال
ظَنَنتُ أنّيَ وحدي مُخطىءٌ، فإذا
أفعالُ كلّ بني الدّنيا كأفعالي
ما بالُ مَكّةَ فيها مَع مَعشَرٌ سُدُنٌ،
مَن يَطرُقِ البيتَ يُؤثرْهمْ بأجعال
فلا تُكَلِّفْ جواداً سيرَ نائيَةٍ،
فيها الحزونَةُ، إلاّ بَعدَ إنعال(41/233)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُكسَى الوَليدُ جديدَ العُمرِ يَلبَسُه،
يُكسَى الوَليدُ جديدَ العُمرِ يَلبَسُه،
رقم القصيدة : 4996
-----------------------------------
يُكسَى الوَليدُ جديدَ العُمرِ يَلبَسُه،
وكلَّ يَومٍ يَرِثُّ المَلبَسُ الغالي
يَظَلُّ في المَهدِ، لا يَسطيعُ جَلسَتَهُ؛
وسيرُهُ، للمَنايا، رهنُ إبغال
يَضيقُ صَدرُ الفتى ما لم يُوافِ لَهُ،
شُغلاً، فَيحتالُ للدّنيا بأشغال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صاحَ الزّمانُ، فعادَ الجَمعُ مُفترِقاً،
صاحَ الزّمانُ، فعادَ الجَمعُ مُفترِقاً،
رقم القصيدة : 4997
-----------------------------------
صاحَ الزّمانُ، فعادَ الجَمعُ مُفترِقاً،
كالضّأنِ لمّا أحَسّتْ صوتَ رِئبالِ
إنّ الفَوارسَ ما انفَكّتْ عَقائِلُها
مَطلولَةً، بَينَ آسادٍ وأشبال
تَسَرْبلَ الوَشيَ راجٍ أن يُجَمِّلَه،
والحَمدُ في كلّ عَصرٍ خيرُ سِرْبال
وكيفَ يُعدَلُ مَوصولٌ بمُنقَطِعٍ،
يَبلى النّسيجُ، وهذا ليسَ بالبالي
النّاسُ يَسعَونَ في أشياءَ مُعجزَةٍ،
وسَعيُهمْ ليسَ من نُجحٍ على بال
هَل مِيزَ يوماً هَواءٌ في لطافَتِهِ
بمُنخُلٍ، أو صفا ماءٌ بغِرْبال؟
والنَّبْلُ يبلُغُ ما أعيا القنا، مَثَلاً
أُجريهِ للنُّبلِ يُلفى عندَ تِنبال
قد أحبَلَتْ سَمُراتُ الجزعِ سامعةً
أمرَ القَضاءِ، وما هَمّتْ بإحبال
ما زلتُ آملُ حَظّاً أن يُساعدَني،
حتى أُتيحَ لَحَفري طولُ إجبال
إذا أنافَ على الخَمسين بالغُها،
فليُضمِرِ اليأسَ من سَعدٍ وإقبال
والعمرُ إصعادُ إنسانٍ ومَهبِطُهُ،
كالأرضِ أودِيَةٍ منها وأجيال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لم يَسقِكمْ ربُّكم عن حسن فعلِكُمُ؛
لم يَسقِكمْ ربُّكم عن حسن فعلِكُمُ؛
رقم القصيدة : 4998
-----------------------------------
لم يَسقِكمْ ربُّكم عن حسن فعلِكُمُ؛
ولا حَماكم غَماماً سوءُ أعمالِ
وإنّما هيَ أقدارٌ مُرَتَّبَةٌ،(41/234)
ما عُلّقَتْ بإساءاتٍ وإجمال
دليلُ ذلكَ أنّ الحُرّ أعوزهُ
قُوتٌ، وأنّ سواهُ فازَ بالمال
كم جُدّ بالرّزقِ ثاوٍ في مَنازلِهِ،
وحُدّ سارٍ بأفراسٍ وأجمال
فأمِّلوا اللَّهَ وأرجوا منهُ عاقبَةً،
فلَيسَ دُنياكُمُ أهلاً لآمال
دِنتُمْ بأنْ سيُجازيكُمْ إلهُكُمُ،
فَما لأفعالِكمْ أفعالُ إهمال؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا نَفسُ! جسمُكِ سِرْبالٌ له خَطَرٌ،
يا نَفسُ! جسمُكِ سِرْبالٌ له خَطَرٌ،
رقم القصيدة : 4999
-----------------------------------
يا نَفسُ! جسمُكِ سِرْبالٌ له خَطَرٌ،
وما يُبَدَّلُ في حالٍ بسرْبالِ
قد أخلَقَتْهُ اللّيالي، فاتركيهِ لَقًى،
فَما يَزينُكِ لُبسُ المُخلَقِ البالي
فإنْ خرَجتِ إلى بؤسى فوا حرجي؛
وإنْ نُقِلتِ إلى نُعمَى فطوبَى لي
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> سريت
سريت
رقم القصيدة : 500
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سريت ليل الهوى لين انبلج نوره
امشي على الجدي وتسامرني القمرا
طعس وغدير وقمر ونجوم منثوره
انفاس نجد بها جرح الدهر يبرا
يا نجد الاحباب لك حدر القمر صوره
طفلة هلال وبنت اربع عشر بدرا
حبيبتي نجد عيني فيك معذوره
معشوقة القلب فيها للنظر سحرا
فضة شعاع القمر في نجد مسحوره
منشاف لمع قمر في خدة سمرا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مضَى الزّمانُ، ونَفسُ الحَيّ مُولَعَةٌ
مضَى الزّمانُ، ونَفسُ الحَيّ مُولَعَةٌ
رقم القصيدة : 5000
-----------------------------------
مضَى الزّمانُ، ونَفسُ الحَيّ مُولَعَةٌ
بالشرّ، من قبلِ هابيلٍ وقابيلِ
لو غُربلَ الناسُ، كيما يُعدموا سَقَطاً،
لَمّا تحَصّلَ شيءٌ في الغَرابيل
أو قيل للنّارِ: خُصّي مَن جنى، أكلتْ
أجسادَهم، وأبتْ أكلَ السرابيلِ
هل يَنظرونَ سوى الطوفانِ يهلِكهمْ،
كمَا يُقالُ، أوِ الطّيرِ الأبابيل؟
فلا أجِدْكَ رديئاً في ذَوي أَمَمٍ،
وكنْ نَبيلاً معَ القَومِ التّنابيل(41/235)
سبحانَ مَنْ ألهَمَ الأجناسَ كلَّهمُ
أمراً، يَقودُ إلى خَبلٍ وتخبيل
لحظَ العيونِ، وأهواءَ النّفوسِ، وإهـ
ـواءَ الشّفاهِ إلى لثمٍ وتَقبيل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا أُذْنُ سوفَ يظلُّ السمعُ مُفتَقَداً،
يا أُذْنُ سوفَ يظلُّ السمعُ مُفتَقَداً،
رقم القصيدة : 5001
-----------------------------------
يا أُذْنُ سوفَ يظلُّ السمعُ مُفتَقَداً،
وتَستريحينَ من قالٍ ومن قيلِ
ويُصبحُ الجسمُ، بعدَ الرّوح، منتَبِذاً
صِفراً، كنبذِك مكسورَ البَواقيل
وفي المَعاشرِ من لو حازَ منْ ذهبٍ
طَوْداً، لضَنّ بإعطاءِ المَثاقيل
فاجعلْ يمينَكَ بالإحسانِ مطلَقَةً؛
وخَفّفِ الوَطْءَ، لا تهمُمْ بتَثقيل
إن شاءَ ربُّكَ رقّاكَ العُلا دَرَجاً،
فَما مَراقيكَ بالعِيسِ المراقيل
يَقولُ مَلْكٌ: عسى قَيلٌ يدومُ لنا؛
وإنّما المُلكُ لهوٌ، كالعساقيل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيّتُها النّفسُ لا تُهالي!
أيّتُها النّفسُ لا تُهالي!
رقم القصيدة : 5002
-----------------------------------
أيّتُها النّفسُ لا تُهالي!
شرْخيَ قَد مَرّ واكتهالي
لم يَبقَ إلا شَفاً يَسيرٌ،
قرّبَ من مَوْرِدي نِهالي
وابتَهَلَ الدَّهرُ في أذاتي،
وكانَ في الباطلِ ابْتهالي
وأُمُّ دَفرٍ فتاةُ سُوءٍ،
تخُبؤني في ثرًى مُهال
مُرْسِلَةً غارَةً بخَيْلٍ،
قد غنيَتْ عن هَبٍ وهال
وجَدْتُ حُبّي لها قَديماً،
وقَد تَبَيّنتُ مَقتَها لي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أذِهْنيَ! طالَ عهدُكَ بالصِّقالِ؛
أذِهْنيَ! طالَ عهدُكَ بالصِّقالِ؛
رقم القصيدة : 5003
-----------------------------------
أذِهْنيَ! طالَ عهدُكَ بالصِّقالِ؛
وماجَ النّاسُ في قِيلٍ وقالِ
ستُطلِقُني المَنيّةُ عن قَريبٍ،
فإنّي في إسارٍ واعتِقال
كأنّ ذوي تجاربِنا سَوامٌ،
تَأنّقُ في مَرادٍ وابتقال
إذا انَتَقَلتْ عن الأوصالِ نَفسي،
فَما للجِسمِ عِلْمٌ بانِتقال(41/236)
أسيرُ، فلا أعودُ، وما رُجوعي!
وقد كانَ الرّحيلُ رحيلَ قال
أمورٌ يَلتَبِسنَ على البرايا،
كأنّ العَقْلَ منها في عِقال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وبالي فيكِ، يا دُنيا، وبالي؛
وبالي فيكِ، يا دُنيا، وبالي؛
رقم القصيدة : 5004
-----------------------------------
وبالي فيكِ، يا دُنيا، وبالي؛
وأفنَيتِ الخَليلَ ولم تُبالي
أغَرْتِ لَنا حِبالاتِ المَنايا،
بما غزَلَتْ ذُكاءُ من الحِبال
وأربَعةٍ أنِسْنَ بكلّ حيٍّ،
رَمَتهنّ الحَوادثُ بالنّبال
حُشاشةُ عائشٍ، ونجيعُ نَحضٍ،
وهيكلُ مَيّتٍ، وعروق بالي
كجُذوةِ مُوقِدٍ، وسراجِ ليلٍ،
وماءِ حَبيّةٍ، وشفَا ذُبال
إذا كانَ الحِمامُ بكلّ أرضٍ،
فبُعداً للوُهودِ وللجِبالِ!
وإنْ إقبالُ قَومٍ زالَ عَنهمْ،
فَما يُغنى المَعاشرُ من قِبال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَعالى اللَّهُ، وهوَ أجَلُّ قَدرْاً
تَعالى اللَّهُ، وهوَ أجَلُّ قَدرْاً
رقم القصيدة : 5005
-----------------------------------
تَعالى اللَّهُ، وهوَ أجَلُّ قَدرْاً
من الإخبارِ عَنُه بالتَّعالي
سَعى لي والديَ بغَيرِ لُبٍّ؛
وسيّانِ العرائس والسَّعالي
وكونُ الرّوحِ في الأجسامِ ألقَى
نفاراً، في الخُدودِ، من النّعال
أتيتَ وعُدتَ، بالتّسليمِ، كُرْهاً،
لأقْدارٍ أتَيْنَكَ من مُعال
ولولا أنّ شَيبَ المَرءِ نارٌ،
لَما وَصَفَ المَفارِقَ باشتِعال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنِفتُ، وقد أنِفتُ على عُقودٍ
أنِفتُ، وقد أنِفتُ على عُقودٍ
رقم القصيدة : 5006
-----------------------------------
أنِفتُ، وقد أنِفتُ على عُقودٍ
سِواراً، كيْ يَقولَ النّاسُ حالِ
وكيفَ أشيدُ في يَومي بِناءً،
وأعلَمُ أنّ في غَدِيَ ارتحالي؟
مِحالُكَ زَلّةٌ، والدّهرُ خَبٌّ،
يَسيرُ بأهلِهِ قَلِقَ المَحال
أقَمنا في الرّحالِ، ونحنُ سَفْرٌ،
كأنّا قاعِدونَ على الرّحال
أراكَ الجَهلُ أنّكَ في نَعيمٍ؛(41/237)
وأنتَ، إذا افتكَرْتَ، بسوء حال
إذا ما كانَ إثمِدُنا تُراباً،
فأيُّ النّاسِ يرغَبُ في اكتحال؟
وما سَمَحتْ لَنا الدّنيا بشيءٍ،
سِوى تَعليلِ نَفسٍ المُحال
وأعوَزتِ الفَضيلةُ كلَّ حيٍّ،
فَما هوَ غَيرُ دعوى وانتحال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُلامُ المُمسِكُ الإعطاءَ، حتى
يُلامُ المُمسِكُ الإعطاءَ، حتى
رقم القصيدة : 5007
-----------------------------------
يُلامُ المُمسِكُ الإعطاءَ، حتى
جُفونٌ ما تُساعِدُ بانهِمالِ
أسيئي في فِعالٍ، أو كلام،
فقَد جرّبتِ صَبري واحتمالي
إذا الحَيوانُ فُضّ العقلُ منهُ،
فَما فَضل الأنيسِ على النِّمال؟
أرى زَمَناً تقادمَ غيرَ فانٍ؛
فسبحانَ المهَيمِنِ ذي الكمال
قدِ اكتحلتْ عيونٌ للثّرَيّا،
بما يُرْبي على كُثُبِ الرّمال
غَدَوْنا سائِرينَ على وِفازٍ،
صُحاةً، مثلَ شُرّابٍ ثِمال
على الفَرَسَينِ، لا فَرسَيْ رهانٍ،
أوِ الجَمَلينِ، لَيسا كالجِمال
فلا يُعجَبْ، بصورته، جميلٌ
فإنّ القُبحَ يُطوى، كالجَمال
وما غَضبي، إذا جَرَتِ القَضايا
بتَفضيلِ اليَمين على الشِّمال؟
كذاكَ الدّهرُ إظلامٌ وصُبْحٌ،
وريحٌ من جَنوبٍ أو شمال
بلا مالٍ، عن الدّنيا، رحيلي،
وصُعلوكاً خَرجتُ بِغَيرِ مال
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أبَى طُولَ البَقاءِ وحُبَّ سَلمى
أبَى طُولَ البَقاءِ وحُبَّ سَلمى
رقم القصيدة : 5008
-----------------------------------
أبَى طُولَ البَقاءِ وحُبَّ سَلمى
هلالٌ، حينَ يَطلُعُ لا يُبالي
يَمُرّ على الجبِالِ، وهنّ صُمٌّ،
فيُعطي الوَهْنَ راسيَة الجبال
فهلْ قَيْنٌ، يُباشرُ نسجَ دِرْعٍ
لما يَرْمي الزّمانُ من النّبال
أغارَ حبالَ قومٍ، فاستَمَرّتْ؛
وكرَّ، فجدّ في نقضِ الحِبال
عجبتُ له، فتبّاً لي وتبّاً
لغَيري، إنْ جُمِعْنا للتِّبال
وكم سرَحَ الخَليطُ لهم سَواماً،
فَما نَفعَ القَبائلَ منْ قِبال
أصالحُ! هل أُصالحُ، أو أُعادي،
وبالي مُوقِنٌ بعظامِ بالي؟(41/238)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أماليُّ الزّمانِ، على بَنيهِ،
أماليُّ الزّمانِ، على بَنيهِ،
رقم القصيدة : 5009
-----------------------------------
أماليُّ الزّمانِ، على بَنيهِ،
حَوادثُ أصبَحتْ شرّ الأمالي
أصابَ الرّملَةَ الحَدَثانُ يوماً،
فخَصّ، وما يَزالُ أخا اشتمال
وهلْ عُصِمتْ جِبالٌ أو بحارٌ،
فتَنجوَ ساكناتٌ بالرّمالِ؟
وما لمُجاوِرِ الأيّامِ عَقلٌ،
يُكَشّفُ لَيلَهُ، فيقولُ: مالي
فَلا تَبني خيامَكَ في مَحلٍّ،
فإنّ القاطنينَ على احتمال
وأجنحةُ النّسورِ، إذا أتَتْها
مَناياها، كأجنحةِ النّمال
إذا كانَ الجَمالُ إلى انتِساخٍ،
فحُزْناً جَرَّ مَوهوبُ الجَمال
وما طَيرُ اليَمينِ بمبْهجاتي،
فأخشى الهَمّ من طيرِ الشّمال
مضى روضٌ، وجاءَ ولم يُخَبِّرْ،
فنَسألَهُ عن الشَّرْبِ الثِّمال
فَيا دارَ الخسارِ! ألا خَلاصٌ،
فأذهَبَ في الجَنوبِ أو الشّمال
وظلمٌ أنْ أُحاوِلَ فيكِ رِبحاً،
ولم أخرُجْ إليكِ برأسِ مال
وهل دونَ السّلامةِ بُعْدُ أرضٍ
فيُطوَى بالأيانِقِ والجِمال؟
نَموتُ لأنّنا حُلَفاءُ نَقْصٍ،
ويَبقى مَن تَفرّدَ بالكَمال
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> بنات الريح
بنات الريح
رقم القصيدة : 501
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
من بنات الريح لي صفرا جفول
كنها ظبي الفلا بجفالها
منوة الخيال عساف الخيول
زينها في دقها وجلالها
زينها ما شفت وصفه بالمثول
الله اللي بالجمال اصخى لها
تستذير كحيلتى من كل زول
ما يصخرها سوى خيالها
اذكر الله كل ما قامت تجول
و احمد الله خصنى بحبالها
كنها تمشي على قرع الطبول
فتنى اللي خافقه يبرى لها
ظافي القصه على الطرف الخجول
تنكسر شمس العصر بظلالها
وصفها وصف السحاب اللي يحول
كل عين تستخيل خيالها
او كما طاري على الخاطر عجول
صاحبه حقيقته ما طالها
كل رجل في حياته له ميول
والهوايه تمتلك رجالها(41/239)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تحمّلْ ثِقْلَ نَفسِكَ، واحفظنْها،
تحمّلْ ثِقْلَ نَفسِكَ، واحفظنْها،
رقم القصيدة : 5010
-----------------------------------
تحمّلْ ثِقْلَ نَفسِكَ، واحفظنْها،
فقَدْ حطّ المُهَيمِنُ عَنكَ ثِقلي
ألم تَرَ عالَماً يَمضي، ويأتي
سِواهُ، كأنّهُ مَرْعيُّ بَقل؟
هيَ الأفهامُ، قد صَدئِتْ وكَلّتْ،
ولم يَظفَرْ لها أحَدٌ بصَقل
أتَعقُلُ ساعَةً، فترُومَ عَقلاً
لعَنسِكَ، أم خُلِقتَ بغيرِ عَقل؟
وكيفَ أُجيدُ، في دارٍ، بناءً
ورَبُّ الدّارِ يُؤذنني بنَقل؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جهلتُكَ بل عرَفتُكَ، ما خُشوعي
جهلتُكَ بل عرَفتُكَ، ما خُشوعي
رقم القصيدة : 5011
-----------------------------------
جهلتُكَ بل عرَفتُكَ، ما خُشوعي
لغيرِكَ، بينَ عِرْفاني وجَهلي
سألتُكَ أن تَمُنّ عليّ شيخاً،
وفيكَ حملتُ رُعبَ فتًى وكهل
ولم تَعجَلْ، بمُهلِكيَ، المَنايا،
ولكنْ طالَ إمهالي ومَهلي
أعِذْني، محسِناً، من شرّ نَفسي،
وأتْبِع ذاكَ لي بشرورِ أهلي
فهَبني كنتُ في مَدحي رزيناً،
يَرومُ فواصلَ الحَسنِ بنِ سهل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غدَتْ هذي الحوافلُ راتعاتٍ،
غدَتْ هذي الحوافلُ راتعاتٍ،
رقم القصيدة : 5012
-----------------------------------
غدَتْ هذي الحوافلُ راتعاتٍ،
وما جادَتْ لَنا بقَليلِ رِسْلِ
لقد دَرِنتْ بيَ الدّنيا، زَماناً،
وسوفَ يُجيدُ عَنها الموتُ غَسلي
وكم شاهدتُ من عجَبٍ وخطبٍ؛
ومَرُّ الدّهرِ بالإنسانِ يُسلي
تغيُّرُ دولَةٍ، وظهورُ أُخرى،
ونَسخُ شرائعٍ، وقيامُ رُسْل
وضَبُّ ما رأى، في العيش، خيراً،
وما يَنفَكُّ من تربيتِ حِسل
لو انّ بَنيّ أفضلُ أهلِ عَصري
لمَا آثَرْتُ أن أحظَى بنَسل
فكَيفَ، وقد علمتُ بأنّ مثلي
خَسيسٌ لا يجيءُ بغيرِ فَسْل!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى السّرِقاتِ في كَفرٍ ومِصرٍ،
أرى السّرِقاتِ في كَفرٍ ومِصرٍ،(41/240)
رقم القصيدة : 5013
-----------------------------------
أرى السّرِقاتِ في كَفرٍ ومِصرٍ،
أتَتْكَ بحَلْيِ أُسوارٍ وحِجْلِ
ولَيسا من نُضارٍ، بل حَديدٌ،
وقد حكَمَا بقَطعِ يَدٍ ورِجل
جرَرْتَ الذّيلَ في سفَهِ المَخازي،
فلَيتَكَ نافرٌ ذيّالَ إجل
يَشِبُّ الحربَ مُشتاقٌ إلَيها،
يحُثُّ على الهياجِ وعنه تُجلي
وما تَثني المقادرُ عن مُرادٍ،
بما جمّعتَ من خيْلٍ ورَجْل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هيَ الدّنيا، إذا طُلِبَتْ أهانَتْ،
هيَ الدّنيا، إذا طُلِبَتْ أهانَتْ،
رقم القصيدة : 5014
-----------------------------------
هيَ الدّنيا، إذا طُلِبَتْ أهانَتْ،
وعالَتْ، والفَريضَةُ ذاتُ عَوْلِ
فَما أنا ساعياً فيها لغَيري؛
ولا أحْمَدْتُ أقواماً سعَوْا لي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يمرُّ الحوْلُ، بعدَ الحولِ، عنّي،
يمرُّ الحوْلُ، بعدَ الحولِ، عنّي،
رقم القصيدة : 5015
-----------------------------------
يمرُّ الحوْلُ، بعدَ الحولِ، عنّي،
وتلكَ مصارعُ الأقوامِ حوْلي
كأنّي بالأُلى حَفَرُوا لجاري،
وقد أخذوا المَحافرَ وانتَحَوْا لي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رأيتُ المَرءَ يهوي في هُبوطٍ،
رأيتُ المَرءَ يهوي في هُبوطٍ،
رقم القصيدة : 5016
-----------------------------------
رأيتُ المَرءَ يهوي في هُبوطٍ،
إذا هوَ فَوْقَ أيدي القَومِ عُولي
وما أدري بما سيكونُ منّي،
ولكنْ في البَسيطةِ أوْسِعوا لي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رأى الأقوامُ دُنياهمْ عَروساً،
رأى الأقوامُ دُنياهمْ عَروساً،
رقم القصيدة : 5017
-----------------------------------
رأى الأقوامُ دُنياهمْ عَروساً،
وما لقِيَتْهُمُ إلاّ بغَولِ
متى أنا راحلٌ عَنها لشأني،
فإنّي قد قضَيتُ بها شُغولي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عرَفْتُكِ جَيّداً، يا أُمّ دَفْرٍ،
عرَفْتُكِ جَيّداً، يا أُمّ دَفْرٍ،
رقم القصيدة : 5018(41/241)
-----------------------------------
عرَفْتُكِ جَيّداً، يا أُمّ دَفْرٍ،
وما إنْ زِلتِ ظالمةً فزولي
دُعيتُ أبا العَلاءِ، وذاكَ مَيْنٌ،
ولكنّ الصّحيحَ أبو النُّزول
أغيَّ الطّفلِ من بعدِ التّناهي،
وضُعفَ السَّقْبِ في حالِ البزول؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما جُدّ كلبٌ، وهوَ أعمى،
إذا ما جُدّ كلبٌ، وهوَ أعمى،
رقم القصيدة : 5019
-----------------------------------
إذا ما جُدّ كلبٌ، وهوَ أعمى،
تَصَيّدَ ربّةَ الطَّرْفِ الكحيل
متى تَقِفِ الركابَ عليّ جَهلاً،
فأنتَ كواقِفِ الرَّبعِ المُحيل
تَعودُ عليّ كرّاتُ اللّيالي،
وما أبرَمتُهُ مثلَ السّحيل
تحَفّوْا بالكَلامِ، وأكرَموني
على ما كانَ من جَسَدٍ نحيل
دَعُوا هذا المَقالَ، وجَهّزوني،
فإنّي قد عَزَمتُ على الرَّحيل
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> سمرت
سمرت
رقم القصيدة : 502
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
سمرت بصحبة حروف القوافي
احملها تناهيت خوافي
اشكل بالحروف الوان صوره
احركها من المعنى بصافي
اشيل الحرف من معنى لمعنى
واجاري ما زهر واظهر بخافي
والى منى عطيت الحرف ونه
بها حرفي على النجمات طافي
يقوم كل نجم من منامه
أنا ما نيب اسامر نجم غافي
يجيني كل نجم منه معنى
ولا قد قلت للنجمات كافي
تصور لي دموع وابتسامه
من عيون تقصوت ما تشاف
ألا يا نجم يا عالي تبصر
شف بعين المحبه عين وافي
وخبرني عن علومه وحاله
عسى قلبه مع الأشواق دافي
ولو ممشاي في جمر يفيده
مشيت بجمرها كنه عوافي
ولكن وش يفيده لو ذبحني
ومن يوصف جماله عقب قافي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لِمْ لا أُؤمّلُ رحمةً من قادرٍ،
لِمْ لا أُؤمّلُ رحمةً من قادرٍ،
رقم القصيدة : 5020
-----------------------------------
لِمْ لا أُؤمّلُ رحمةً من قادرٍ،
والسُّولُ يُطلَبُ في السحابِ الأسوَل
والدّهرُ أكوانٌ، تَمُرُّ سريعَةً،(41/242)
ويكونُ آخرُها نَظيرَ الأوّل
ويؤلّفُ الوقتَ المديرُ قِصارَها،
حتى يُعَدّ من الزّمانِ الأطوَل
والعقلُ يُزْجَرُ، والطّباعُ معَ النُّهَى،
كالفيلِ يُضرَبُ رأسُهُ بالمِغوَل
دُنياكَ أُمُّ قد أجابَ مَليكُها،
فيها من الأبناءِ، دِعوَةَ جِروَل
وتَجولُ فوقَ السّاكِنينَ، كأنّها
ورْهاءُ هاجرَةٌ، غَدَتْ في مِجوَل
والفَقرُ أروَحُ، في الحياةِ، من الغِنى؛
والموتُ يَجعَلُ خائلاً كمخوَّل
إنّ اللّقاحَ، وإنْ أتاكَ بثَروةٍ،
فأقَلُّ منهُ أذَى حِيالُ الحُوَّل
والمرءُ يَعقِدُ، بالبَعيدِ، رجاءَهُ،
كالرِّسلِ رُجّيَ في النّياقِ الشُّوّل
كم أحرَزَ، المالَ، المقيمُ، بجَدّه،
وسعى الحريصُ، فعادَ غيرَ مُمَوَّل
ورأيتُ شرّ الجارِ يَشمَلُ جارَهُ،
كرَحى الفَمِ انتزِعتْ بذنبِ المقوَل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> شَعرٌ، كَساهُ الدّهرُ صِبغَةَ حاذِقِ،
شَعرٌ، كَساهُ الدّهرُ صِبغَةَ حاذِقِ،
رقم القصيدة : 5021
-----------------------------------
شَعرٌ، كَساهُ الدّهرُ صِبغَةَ حاذِقِ،
لوناً، أقامَ بحالِهِ لم يَنصُلِ
شَبَحي، وإنْ نِلتُ الثّرَيّا، للثّرى
طُعْمٌ، وعُنصُرُ خَيرِنا كالعُنصُل
والنّاسُ كلُّهُمُ بَغَى ما فاتَهُ،
وغَدا يُحاوِلُ مَطلَباً لم يَحصُل
مُتَنَصِّلٌ من غيرِ ذَنبٍ فيهِمُ،
وأخو ذُنوبٍ ليسَ بالمُتَنَصِّل
لو خُيّروا بَينَ الحَياةِ وغيرِها،
ما كانتِ الدّنيا اختيارَ مُحَصِّل
وأرى الفَتى بلَغَ المَكارِمَ والعُلا
بالحَظّ، لا بسِنانِهِ والمُنصُل
جِسمٌ يذُمُّ النّفسَ، وهيَ تَذمُّهُ،
في مُجمَلٍ، من أمرِها، ومُفَصَّل
يَتَقاطَعونَ، وفي القَطيعةِ راحةٌ،
من بؤسِ عيشٍ، بالأذاةِ، مُوَصَّل
تَلقى النّفوسُ حُتوفَها من مُظلِمٍ،
أو مُصبحٍ، أو مُظهِرٍ، أو مؤصِل
فكأنّ رُوحَكَ لم يَحُلّ بشَخصِهِ،
والرّاح ما دَبّتْ لهُ في مَفْصِل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> آلَيتُ، أرغَبُ في قَميصِ مموِّهٍ،(41/243)
آلَيتُ، أرغَبُ في قَميصِ مموِّهٍ،
رقم القصيدة : 5022
-----------------------------------
آلَيتُ، أرغَبُ في قَميصِ مموِّهٍ،
فأكونَ شاربَ حَنظَلٍ من حَنضَل
نجّى المَعاشرَ، من بَراثنِ صالحٍ،
رَبٌّ يُفَرّجُ كلَّ أمرٍ مُعضِل
ما كانَ لي فيها جَناحُ بَعوضةٍ،
واللَّهُ ألبَسَهُمْ جَناحَ تَفضُّل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هيَ غُرْبَتانِ: فغُربَةٌ من عاقلٍ،
هيَ غُرْبَتانِ: فغُربَةٌ من عاقلٍ،
رقم القصيدة : 5023
-----------------------------------
هيَ غُرْبَتانِ: فغُربَةٌ من عاقلٍ،
ثمّ اغترابٌ من مُحَكِّمِ عَقلِهِ
والطّبعُ يَثبُتُ كالهِضاب، ومن يَرُم
نَقلاً لَهُ يَعجَزْ ويعْيَ بنَقلِهِ
والحَقُّ يُثقِلُ كلَّ غاوٍ ظالم،
وأخو الدّيانَةِ ما يُحِسُّ بثقلِهِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> للخَيرِ مَنزِلَتانِ عندَ مَعاشرٍ،
للخَيرِ مَنزِلَتانِ عندَ مَعاشرٍ،
رقم القصيدة : 5024
-----------------------------------
للخَيرِ مَنزِلَتانِ عندَ مَعاشرٍ،
ولهُ على رأيٍ ثلاثُ مَنازلِ
واللَّهُ يَغفِرُ، في الحِسابِ، لنسوةٍ،
جاهَدْنَ، إذ فُقِدَ الحيا، بمغازل
فكسَبْنَ منها ما يقومُ بأنفُسٍ،
والصّبرُ يَبْدُنُ في الزّمانِ الهازِل
أتصدّقتْ بالخيطِ، ثمّ هوَتْ إلى الـ
ـحمْراءِ، فاعتَصَمتْ بخَيطِ الغازِل
وأنالَتِ المسكينَ أُكلَةَ جائعٍ،
فغدتْ كرضوى في المقامِ الآزل
إنّ البعوضةَ، من تُقًى، مَوزونةٌ
بالفيل، عندَ مليكِها، والبازِل
وتَصونُ حبّةُ خردَلٍ قَدَمَ الفتى
عن زَلّةٍ، واليَومُ حِلْفُ زلازِل
خَفْ دعوَةَ المظلومِ، فهيَ سريعةٌ
طلعَتْ، فجاءَتْ بالعذابِ النّازل
عزِلَ الأميرُ عن البلاد، وما لَه
إلاّ دُعاءُ ضعيفِها من عازل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَزّ الذي بالمَوتِ ردّ غنيَّنا
عَزّ الذي بالمَوتِ ردّ غنيَّنا
رقم القصيدة : 5025
-----------------------------------(41/244)
عَزّ الذي بالمَوتِ ردّ غنيَّنا
كفَقيرِنا، ومُقيمَنا كالرّاحلِ
ما أسرَعَ التغييرَ، إن مَرِهَ الفَلا
بسرابهِ، فاللّيلُ إثمِدُ كاحِل
أعيى الخَلاصُ من السّقامِ، وصورةُ الـ
ـقَمرِ المنيرِ إلى هلالٍ ناحِل
أعَجِبتَ للطّفلِ الوليدِ بمَهدِه،
لم يَخطُ، كيفَ سَرى بغيرِ رواحل
قد عاشَ يَوْمَيْهِ وعُمّرَ ثالثاً،
ثمّ استراحَ من المَدى المتماحل
كمْ سارَ من سَنَةٍ أبوهُ، فيا له،
قطعَ المَسافةَ في ثلاثِ مَراحل
رُفِعَتْ له لُجَجُ البحارِ، فعامَها،
ونجا وأصبَحَ سالماً بالسّاحل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا يَغبِطَنْ ماشٍ فَوارِسَ شُزَّبٍ،
لا يَغبِطَنْ ماشٍ فَوارِسَ شُزَّبٍ،
رقم القصيدة : 5026
-----------------------------------
لا يَغبِطَنْ ماشٍ فَوارِسَ شُزَّبٍ،
ما فارِسٌ إلاّ كآخَرَ راجِلِ
ويَدايَ في دُنيايَ، وهيّ حبيبةٌ،
كيَدَيْ أبي لَهبٍ غداً في الآجل
وإذا افتكرْتُ، فما يهيجُ تفكّري،
فيما أُكابِدُ، غيرَ لومِ النّاجل
وأرحتُ أولادي، فَهُمْ في نعمةِ الـ
ـعدمِ، التي فضَلَتْ نَعيمَ العاجل
ولو أنّهمْ ظَهَروا لَعانوا شدّةً،
ترميهِمُ في مُتلِفاتِ هواجل
أسْوِىءْ بحالِ الظبيِ، وهو مربَّبٌ
في الإنس، يمرَحُ في حُلًى وجَلاجل
أُطْلُبْ لنَفسِك، يا أغنُّ، محلّةً
في حَيثُ لا تُدميكَ زجلةُ زاجل
لوْلا نوافرُ، في القديمِ، تَناسلَتْ،
ما أنضجَ الظّبياتِ غليُ مَراجل
وسَوالفُ القُمْرِ السّواكنُ بالفَلا،
غُذّينَ أيدِيَ أيِّدٍ بمناجل
لا تأسفنّ حواجلُ الغربانِ، والـ
ـفِتيانُ كلُّهمُ بقَيدٍ حاجل
وسِجِلُّ موتٍ، راحَ يكتُبُهُ الرّدى
لمُساجلٍ، منّا، وغَيرِ مُساجل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غَلَتِ الشّرورُ، ولوْ عقَلنا صُيّرِتْ
غَلَتِ الشّرورُ، ولوْ عقَلنا صُيّرِتْ
رقم القصيدة : 5027
-----------------------------------
غَلَتِ الشّرورُ، ولوْ عقَلنا صُيّرِتْ
دِيَةُ القَتيلِ كرامَةً للقاتِلِ(41/245)
هذي حبالُ الشّمسِ، وهيَ ضَعيفةٌ،
دامتْ، وكم أبلتْ حِبالةَ خاتِل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أسُرِرْتَ، إذ مرّ السّنيحُ، تَفاؤلاً،
أسُرِرْتَ، إذ مرّ السّنيحُ، تَفاؤلاً،
رقم القصيدة : 5028
-----------------------------------
أسُرِرْتَ، إذ مرّ السّنيحُ، تَفاؤلاً،
والفالُ من رأيٍ، لعَمرُكَ، فائلِ
أرأيتَ فعلَ الدّهرِ في أُمَمٍ مَضَتْ،
قَبلاً، ومَرْجَ قَبائِلٍ بقَبائل؟
أسرِجْ كُمَيتَكَ، في الكتائبِ، جائلاً،
ودَعِ الكُميتَ أخا الحَبابِ الجائل
خسِرَ الذي باعَ الخلودَ، وعيشَهُ،
بنَعيمِ أيّامٍ، تُعَدُّ، قلائل
وتَخَيّرَ المَغرُورُ طولَ بَقائِهِ،
سفَهاً، وما طولُ البقاءِ بطائل
وتَفاوتُ الأجسامِ، ثمّ جَميعُها
مَتقارِباتٌ في نُهىً وخَصائل
حُرٌّ يضيقُ، عن الوليدةِ، طَوْلُه،
وسِواهُ لم يَقنَعْ بتِسعِ حَلائل
جَمَدَ النُّضارُ له، فَما هوَ سائلٌ،
من جُودِ راحتِهِ، براحَةِ سائِل
ما المرءُ نائلُ رُتبَةٍ من سؤدُدٍ،
حتى يُصَيَّرَ مالُهُ في النّائل
لو عُدتُ من أسَدِ النّجومِ بجَبهَةٍ،
أو بتُّ في ذَنَبٍ لشَبوةِ شائل
أو كنتُ رأسَ الغُولِ، وهوَ موَقَّرٌ،
في الشُّهبِ، لم آمَنْ تهجُّمَ غائل
كانَ الشّباب ظَلامَ جِنحٍ، فانجلى،
والشّيبُ يذهبُ في النّهارِ الزّائل
والغِرُّ يُرْسِلُ قَولَهُ بمواعِدٍ
وُلُدٍ، فتَنتِجُ عن يمينٍ حائل
وأقلُّ أهلِ الأرضِ حظّاً، في العُلا،
مَن يَكتَفي منها بخطبَةِ قائل
والحَيُّ شاهدُ رُزءِ خَطبٍ هائلٍ،
من كونِ مَيتٍ تحتَ أُنمُلِ هائل
قد خِلْتَ أنّكَ مُحسِنٌ فيما مضَى،
والخالُ يَكذِبُ فيهِ ظنُّ الخائل
لا تَفرَحَنّ بدَوْلَةٍ أُوتيتَها،
إنّ المُدالَ عليهِ مثلُ الدّائل
ومتى حَظيتَ بنِعمَةٍ من مُنعمٍ،
فتَوَقّ واحذَرْ صولَةً من صائل
وعَقائِلُ الألبابِ غَيرُ أوامِرٍ
بأذاةِ أيتامٍ، وهَتكِ عَقائل
وإذالَةُ الإنسانِ، ليسَ بمانِعٍ
منها تحرّزُهُ بدرْعٍ ذائِل(41/246)
وحَبائلُ الدّنيا تَزيدُ على الحَصَى؛
وأقَلُّ أنفاسي أدَقُّ حَبائلي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حِكَمٌ تَدُلُّ على حكيمٍ قادِرٍ،
حِكَمٌ تَدُلُّ على حكيمٍ قادِرٍ،
رقم القصيدة : 5029
-----------------------------------
حِكَمٌ تَدُلُّ على حكيمٍ قادِرٍ،
متَفَرّدٍ، في عزّه، بكمالِ
والمالُ خِدْنُ النّفسِ، غيرَ مُدافَعٍ؛
والفَقْرُ مَوتٌ جاءَ بالإهْمال
أوَما تَرى حكمَ النّجومِ مصوِّراً
بَيتَ الحَياةِ، يَليهِ بَيتُ المال؟
ومن الجهاتِ الستّ ربّي حائطي،
لا عَن يَميني، مَرّةً، وشِمالي
أرواحُنا أُلفينَ كالأرواحِ، في
خَيرٍ وشرٍّ، مِنْ صَباً وشَمال
والمرءُ كانَ ، ومثلَ كانَ، وجدتُه،
حالَيْهِ في الإلغاءِ والإعمال
ثَمِلَ الأنامُ من الضّلالَة، وانتَشَوْا
بالخَمرِ، فاعْجَبْ من ثِمالِ ثُمال
قومٌ تَغَنّوْا مُرملينَ من الهُدى،
فتَضاعَفَ الإرْمالُ بالأرْمال
وهمُ البِهامُ، قَصيرَةٌ أعمارُهمْ،
ويؤمّلونَ أطاوِلَ الآمال
لم تَلقَ إلاّ جاهلاً مَتعاقِلاً،
مُتَجَمّلاً منهمْ بغَيرِ جَمال
مثلَ البَهائمِ أُبهِمَتْ عن رُشدِها،
إلاّ احتمالَ ثَقائلِ الأحمال
دُنياكَ أرْزاقٌ تُذَكِّرُ، بعدَها،
أُخرى، تُنالُ بصالحِ الأعمال
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> ساعة العيد
ساعة العيد
رقم القصيدة : 503
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا ساعة الفرحه تشوقت للعيد
عيد العيون وعيد قلب الصبابه
رد الجمال لشوفتي يا اتلع الجيد
واسحب على حرفي لحون الربابه
حرفي بصوتك يا اجمل الصوت تغريد
يا رمز حبي هاك رمز الكتابه
يا صبح عمر فيك للعمر تجديد
وحبك يجدد كل يوم شبابه
للعين والقمرا وحسنك مواعيد
وليل الهوى شرع للأحباب بابه
ياما زعجت الصوت باسمك تراديد
وياما نسيم الوجد يمك سرابه
وياما تمنيتك على باقي الغيد
واقول مثلك يا غلا الروح ما به
ابيك تهوى مثل ما اهواك وتزيد
يا من خفوق القلب حسنك غدا به(41/247)
يا قطرة الغيمه على يابس البيد
رد الحياة لخافقي يا ذهابه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا صاحِ! ما أهوى وما أقلي؛
يا صاحِ! ما أهوى وما أقلي؛
رقم القصيدة : 5030
-----------------------------------
يا صاحِ! ما أهوى وما أقلي؛
ثِقلي عليّ، فلا تَزِدْ ثقلي
إنّ العُقولَ تَقولُ مُوليَةً:
ليسَ الأنامُ كنابتِ البقل
صَدِئَتْ خواطِرُنا، فما صُقِلَتْ،
والمَكثُ أحَوجَها إلى الصّقل
دُنياكَ دارٌ، كلُّ ساكِنِها
مُتَوَقِّعٌ سبَبَاً من النّقل
والنّسلُ أفضلُ ما فَعلتَ بها،
وإذا سَعَيْتَ لَهُ فعَنْ عَقل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عشتُ من أيسرِ حلِّ،
عشتُ من أيسرِ حلِّ،
رقم القصيدة : 5031
-----------------------------------
عشتُ من أيسرِ حلِّ،
وتَشَبّهتُ بظِلِّ
لَستُ بالخِلّ أُصا
فيكَ، وما أنتَ بخِلّ
رُبّما يَعتَمِدُ المَرْ
ءُ على العُضوِ الأشَلّ
أيّها الدّنيا! لحاكِ اللَّهُ
من ربّةِ دَلّ
ما تَسَلّى خَلَدي عَنْـ
ـكِ، وإنْ ظَنّ التّسَلّي
إنّما أبقَيْتِ منّي،
للأخِلاّءِ، أقَلّي
أمسِ أوْدَيْتِ ببَعضي،
وغَداً يَذهَبُ كُلّي
لَكِ أوقاتي، فخَلّيـ
ـني، إذا قُمتُ أُصَلّي
ودَعيني، ساعَةً فيـ
ـكِ، لمَولايَ الأجَلّ
والصِّبا مُلكٌ، وقَد يُبـ
ـكَى على المُلكِ المُوَلّي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُنياكَ والحَمّامُ في رُتبَةٍ،
دُنياكَ والحَمّامُ في رُتبَةٍ،
رقم القصيدة : 5032
-----------------------------------
دُنياكَ والحَمّامُ في رُتبَةٍ،
من خارجٍ غمٌّ، ومن داخلِ
ما طَهّرَتْ، بل دَنّستْ، وارْتمتْ
بالسّيّدِ الوَهّابِ والباخل
لو نُخِلَ العيشُ لَمَا حصّلَتْ
شيئاً، سوى الموتِ، يدُ النّاخل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كن وشيكاً في حاجةٍ، أو مكيثاً،
كن وشيكاً في حاجةٍ، أو مكيثاً،
رقم القصيدة : 5033
-----------------------------------
كن وشيكاً في حاجةٍ، أو مكيثاً،(41/248)
لَيسَ مَرُّ الأيّامِ فينا بمَهْلِ
حَبّذا العَيشُ، والزّمانُ غَريرٌ،
والفتى ما استَجَدّ حُلّةَ كَهْل
وخُمولي يَذودُ عَنّي الرّزايا؛
نامَ عنّي الأذى، فلم يَنتَبهْ لي
قبلَ أن يَنطِقَ الزّمانُ بتَصغيـ
ـرِ كبارٍ، من فَرْطِ عَيٍّ وجَهل
إذْ ثُرَيّا النّجومِ تُسمَى بثروى،
وسُهَيلُ السماءِ يُدْعَى بسَهل
ولُجَينٌ لجْنٌ، كبيرَة لَفظٍ،
ولُجَيمٌ، كذاكَ أخلاقُ سهل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَلْ سَبيلَ الحَياةِ عن سَلْسبيلِ،
سَلْ سَبيلَ الحَياةِ عن سَلْسبيلِ،
رقم القصيدة : 5034
-----------------------------------
سَلْ سَبيلَ الحَياةِ عن سَلْسبيلِ،
لا تُخَبَّرْ عن غيرِ وِرْدٍ وَبيلٍ
والمَنايا لقينَ، بالجَندلِ الفَـ
ـظّ، ثَنايا لُقِينَ بالتّقبيل
هلْ تَرى سَيّدَ القَرابةِ أضحَى
مُفرَدَ الشّخص، ما لَهُ من قبيل
قوّضَتهُ، وطالما قوّضَتْهُ،
مُخبِلاتٌ أعقَبْنَ بالتّخبيل
لم تَحِدْ نَبْلُ دَهِرنا برِماحٍ،
أو سيوفٍ، عن ساقِطٍ أو نبيل
وبني الأشعَثِ استَباحَتْ رزايا
ها، وألقَتْ كَلاًّ على رِتْبيل
يا طبيبَ المِصرِ! اجتَهدْتَ، وما الجُـ
ـلاّبُ جَلاّبَ راحَةٍ لنَبيل
وإذا وُقّرَتْ جِبالُ الرّدى جَلّـ
ـتْ، فلم تَندَفعْ بجُلّ جَبيل
أيّها الجامعُ الكنوزَ! أذَرٌّ
أمْ زبالٌ من نَملَةٍ في زَبيل؟
صَدَقاتٌ من المَليكِ، على الحَتْـ
ـفِ، جُسومٌ عُرِفنَ بالتّسبيلِ
لا تُؤبِّلُ أخاكَ، يوماً، إذا ما
تَ، فَما كانَ مَوضعَ التّأبيل
وارتَقِبْ، من مؤذّنِ القومِ، فتكاً،
فالنّصارى يَشكونَ فعلَ الأبيل
ولحَبرِ اليَهودِ، في دَرْسِهِ التّوْ
راةَ فنٌّ، والهَمُّ في التّدْبيل
رَبّلَتْهُ أسفارُها، وحَمَتْهُ،
طولَ اسفارِهُ، من التّربيل
حَسّنَ القَولَ، يَبتَغي نضرَةَ العيـ
ـشِ بغِشّ الإذواءِ، والتّذبيل
فاقدرُوا، من بناتِ ضأنٍ، عَبوراً
سَرّهُ أن تكونَ كالزَّندَبيل
واصنَعوا من حَلاوةٍ ذاتِ طيبٍ،(41/249)
لا بِرِطْلَيْ بَغدادَ، بل أرْدبيل
واحذَروا أن تُواكِلوهُ، فما يأ
مَنُ دَيّانُكُمْ يَدَ الجرْدبيل
إن تَحُلّوا شاماً، فخَمرُ جِبالٍ،
أو عِراقاً، فالشرْبُ من نهرِ بيل
وهيَ رُوميّةٌ لزنجيّةِ الأعْـ
ـنابِ، فيها طَعمٌ من الزّنجبيل
ذاتُ خَرْسٍ، تُرَدّدُ النّطقَ أخْـ
ـرَسَ، يَشكو على اللّسانِ الخَبيل
قد أراكم تَلَطّفاً، وهوَ في الغِلـ
ـظَةِ من جُرْهمٍ، وآلِ عبيل
مُوعِدٌ بالإجرامِ يُوعِدُ أُمَّ النّـ
ـسْلِ فيهِ، بالثُّكلِ والتّهبيل
فليَحِدْهُ على قُرًى حَرَّبتْهُ:
كفْرُ توتا منها وكفرُ تبيل
يُطلقُ الخمسَ في الحرامِ، وأمّا اللـ
ـفظُ منهُ، فدائمُ التّكبيل
كِذبٌ لا يزالُ يُطعِمُ خبزاً،
نُصَّ عن آدَمٍ وعن قابيل
يَمتريهِ جَذْلانُ مُهتَبلُ الغِرّ
ةِ، يُبدي حُزْناً على هابيل
لا تُعَرّي اللّيثَ المَنونُ، ولا الشبـ
ـلَ، ولا المُغفِراتِ في إشبيل
أنا بِئسَ الإنسانُ، والنّاسُ مثلي،
فاعتبيني إنْ شئتِ، أوْ فاعتبي لي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الفتى قد رأى اليَقينَ، ولكنْ
الفتى قد رأى اليَقينَ، ولكنْ
رقم القصيدة : 5035
-----------------------------------
الفتى قد رأى اليَقينَ، ولكنْ
يُؤثِرُ العيشَ، فهو كالمخَتولِ
خِيرَ فيما أراهُ لامرأةِ الجُنْـ
ـدِيّ، من زوجِها المَقتول
إذْ أغارَتْ حبلَ القناعةِ، تبغي الرّ
زقَ من عندِ خَيطِها المَفتول
خَلَصَتْ من بَناتِها وبَنيها،
فهْيَ، بينَ النّساءِ، مثلُ البَتول
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد عَلِمَ اللَّهُ، رَبُّ الكَمالِ،
لقد عَلِمَ اللَّهُ، رَبُّ الكَمالِ،
رقم القصيدة : 5036
-----------------------------------
لقد عَلِمَ اللَّهُ، رَبُّ الكَمالِ،
بقِلّةِ عِلمي وديني ومالي
وأنّ التَّجَمّلَ قد ضاقَ بي،
فكَيفَ أُنافِسُ أهلَ الجَمالِ؟
أُريدُ الإناخَةَ في مَنزِلٍ،
وقد حُدِيَتْ لِسواهُ جِمالي
لقد خابَ مَن يَبتَغي نُصرَتي،(41/250)
وعاجِزَةٌ عن يَميني شِمالي
فمَنْ مُخبري: أغَريقَ البحا
رِ ألقَى الرّدى، أم دَفينَ الوِصال؟
هوِيتُ انفراديَ، كَيما يَخِفّ،
عَمّنْ أُعاشرُ، ثِقلُ احْتمالي
فَماذا أقولُ، وبينَ الأنا
مِ خُلفٌ على جَهلِهمْ، أو تَمالي؟
أما ليَ، فيما أرى، راحَةٌ،
مَدى الدّهرِ، من هذَيانِ الأمال؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجبتُ، وكم عجبٌ في الزّمانِ،
عجبتُ، وكم عجبٌ في الزّمانِ،
رقم القصيدة : 5037
-----------------------------------
عجبتُ، وكم عجبٌ في الزّمانِ،
لرأيِ بَني دَهرِكَ الفائلِ
فمَقتاً لما أُورِثوا من غِنًى،
وما وُهِبوهُ من النّائل
فَلا تَحْمِلَنّ لهمْ مِنّةً،
ولو بِتَّ في صورةِ العائل
يَغولُ الفتى أرضَهُ بالوَجيفِ،
ولا بُدّ من حادثٍ غائل
ويطلُبُ قوتاً، ورِزقُ المَليـ
ـكِ يَسألُ بالطّالبِ السّائل
ألمْ تَرَني، وجَميعَ الأنا
مِ، في دَوْلَةِ الكذِبِ الذّائل؟
مضَى قَيْلُ مِصرَ إلى ربّهِ،
وخَلّى السّياسَةَ للخائِل
وقالوا: يَعودُ، فقُلنا: يَجوزُ
بقُدْرَةِ خالِقِنا الآئِل
إذا هَبّ زيدٌ إلى طَيّىءٍ،
وقامَ كُلَيْبٌ إلى وائِل
أخو الحرْبِ يَعدُو على سابحٍ،
لِيَسبَحَ في الزّاخِرِ السّائل
سيُقصَرُ من طُولِ تلكَ القَناةِ،
ويُرْفَعُ من درْعِه الذّائل
وتُصغي، إلى المَينِ، أسماعُنا،
ونَصبو إلى زُخرُفِ القائل
وكيفَ اعتدالي، وهذا النّهارُ
يَرُوحُ بميزانِهِ المائل؟
وإنّ ثَبيراً لَهُ خِفّةٌ،
تَبينُ على كِفّةِ الشّائلِ
تَصولُ علينا بَناتُ الزّمانِ؛
فَهَلاّ يُصالُ على الصّائِل!
وقد عَزّ رمْلٌ على حاسبٍ،
كما عَزّ بحرٌ على كائل
يُهالُ الترابُ على من ثَوى؛
فآهِ مِنَ النّبإ الهائل
وكم قَيّدَ الدّهرُ من دالِفٍ،
وقد كانَ كالسّابقِ الجائل
جميعُ الذي نحنُ فيهِ النّفاقُ،
ونَلحَقُ بالذّاهبِ الزّائل
ولو لم يكنْ حولكَ العاذلونَ،
بكيْتَ على المَنزِلِ الحائل
ويُغنيكَ، عن طَرْحِ فالٍ، تَعو(41/251)
دُ باليمنِ، طعنُكَ في الفائل
نُسَرُّ، إذا نَثْرَةٌ أرْعَفَتْ،
ونَفرَحُ بالأسَدِ البائل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتاني بإسنادِهِ مُخبِرٌ،
أتاني بإسنادِهِ مُخبِرٌ،
رقم القصيدة : 5038
-----------------------------------
أتاني بإسنادِهِ مُخبِرٌ،
وقد بانَ لي كذبُ النّاقلِ
أذُو العِصمةِ العاقلُ الآدَميُّ،
إلاّ كَذي العُصمةِ العاقل؟
ولا فَضلَ فينا، ولكنّها
حظُوظٌ من الفَلَكِ الصاقل
فهَذا كسَحبانَ لمّا احتَبَى،
وذلكَ في سَمَلَيْ باقل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا عِشتَ مُفتكِراً في الأنامِ،
إذا عِشتَ مُفتكِراً في الأنامِ،
رقم القصيدة : 5039
-----------------------------------
إذا عِشتَ مُفتكِراً في الأنامِ،
غدَوْتَ على المَدْرَجِ السّابلِ
فتلكَ الثُّرَيّا، وهذا الثّرى،
شَبيهانِ في قبضةِ الجابلِ
حبَوْتَ بنُصحِكَ مُستَكبراً،
وما هوَ للنّصحِ بالقابل
وسُخطُ الظّباءِ بما نالَها،
تَولّدَ منهُ رضى الحابل
هو الموتُ، من ينجُ من رامحٍ،
فلا بُدّ من أسهُمِ النّابل
لنا أُسْوَةٌ في رِجالٍ مَضَوْا؛
وهلْ أنا إلاّ أخو الآبل؟
متى لُمتُماني على زَلّةٍ،
رَجَعتُ على أُمّيَ الهابل
وهاروتُ، كيفَ عصَى ربَّهُ
بتَعليمِهِ السّحرَ في بابِل؟
إذا العامُ جادَ بأدنَى اليَسا
رِ، أمّلْتُ أسناهُ في القابل
فإنّ القَليلَ يؤمُّ الكَثيـ
ـرَ، كالطّلّ بشّرَ بالوابل
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> حدر القمر
حدر القمر
رقم القصيدة : 504
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
حدر القمر صوّت لخله وناداه
ثلاث مرات وبالرابعة ون
حدر القمر يا ما همس له وناجاه
وعيونهم ياما بنوره تلاقن
والبارحه عدا على الذيب بعواه
واقفت ظنونه بالليال يتعادن
مرٍ حوالينه ومرٍ تعداه
ومر تضاحك له ومر يتباكن
هذي سواة اللي عن النوم قزاه
طيف الحبيب اللي على خاطره عن
ان شافت عيونه جمال تمناه(41/252)
وان صوت القمري لصوت الهوى حن
الجارحه تجرح وتسري وتنساه
وجروح مجروح الليالي تساقن
والخافيه طعنة زمانه تمثناه
والبينه عنها عيونه يبوحن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قرَنْتَ الجيادَ بأجمالِها،
قرَنْتَ الجيادَ بأجمالِها،
رقم القصيدة : 5040
-----------------------------------
قرَنْتَ الجيادَ بأجمالِها،
لتُسعِفَ نَفساً بآمالِها
ولا بُدّ من سَيرِها مَرّةً،
بَعدَ التِفاتٍ إلى مالِها
وأفضَلُ ما اكتَسَبتْ أُمّةٌ،
وإنْ شَقِيَتْ، حسنُ أعمالِها
ولا خَيرَ في أن تُمَدّ الحياةُ،
ونُقصانُها مثلُ إكمالِها
فويهاً، وواهاً لسيل المَنو
نِ، كم جَرّ عِيراً بأحمالِها
أُمورٌ تُوافي جنودَ الرّدَى،
بتَفصيلِها، بعدَ إجمالِها
وقد أعمَلَ النّاسُ أفكارَهم،
فلم يُغنِهِمْ طولُ إعمالِها
فهلْ يُرمِلُ الدّهرُ أُمَّ الأنامِ
فتَفقِدُ نَسلاً بإرْمالِها؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> استَعْدَتِ الخمرُ من أفعالِ شاربها
استَعْدَتِ الخمرُ من أفعالِ شاربها
رقم القصيدة : 5041
-----------------------------------
استَعْدَتِ الخمرُ من أفعالِ شاربها
إلى المَليكِ، فقالتْ: شجّ ثمّ قَتَلْ
وجارحُ الدّنّ، ما كانتْ جِراحَتُه
قِصاصَ عَمدٍ، ولكن للمُدامِ خَتَل
يَوَدُّ أنّ دُجاهُ فارُ خابيَةٍ؛
وأنّ كلّ غَمامٍ بالعُقارِ هَتَل
ماذا تُريدِينَ منهُ قد ظَفِرْتِ به،
ألمْ ترَيهِ صريعاً في التراب يُتلّ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غُضّ الجُفونَ، إذا جَلَسْـ
غُضّ الجُفونَ، إذا جَلَسْـ
رقم القصيدة : 5042
-----------------------------------
غُضّ الجُفونَ، إذا جَلَسْـ
ـتَ على الصّعيدِ، ولا تأمّلْ
والبيتُ أوْلى بالكَريـ
ـمِ من الطّريقِ، وإن تَجَمّل
والذِّكرُ يترُكُهُ الفتى
للقاطنينَ، إذا تحَمّل
والمَرْءُ تُعجِبُهُ الحَيا
ةُ، وعيشُهُ سمٌّ يُثمَّل
مَن ذا الذي سمَحَ الزّما
نُ لهُ بإدراكِ المؤمَّلْ؟
فيهِ تَوافَى المُرملو(41/253)
نَ، وقلّ أصحابُ المرمَّل
حِيَلٌ تُمَنُّ على الأنا
مِ، فأدمُعُ العُقَلاءِ هُمَّل
كَمْ غَرّ، صاحبَةَ الجَما
لِ، منجَمٌ بحسابِ جُمَّل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اللَّهُ إنْ أعطاكَ يُجزِلْ،
اللَّهُ إنْ أعطاكَ يُجزِلْ،
رقم القصيدة : 5043
-----------------------------------
اللَّهُ إنْ أعطاكَ يُجزِلْ،
وكأنّ هذا الدّهرَ يَهزِلْ
كِسرَى بنى إيوانَهُ،
والعَنكبوتُ تَظَلُّ تَغزِل
هَلْ يَشعرَنّ المَيْتُ إنْ
ظَهْرُ الثرى، بالحيّ، زُلزِل؟
أَرْجوا، أو اعتزلوا، فإنّـ
ـي عن مَقامِكم بمَعزِل
قد طالَ سَيري في الحَيا
ةِ، ولي ببطنِ الأرضِ منزِل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أشهدُ أنّي رجلٌ ناقِصٌ،
أشهدُ أنّي رجلٌ ناقِصٌ،
رقم القصيدة : 5044
-----------------------------------
أشهدُ أنّي رجلٌ ناقِصٌ،
لا أدّعي الفضلَ، ولا أنتَحلْ
جئتُ، كما شاءَ الذي صاغَني،
ومَن يَصِفني بجميلٍ يُحَل
تَزَوّجَ الشيخُ، فألفَيتُهُ،
كأنّهُ مثقَلُ إبلٍ وحِل
وعِرْسُهُ في تَعبٍ دائمٍ،
لا تخضُبُ الكَفَّ ولا تكتحِل
مَلّتْ، وإنْ أحسنَ أيّامَهُ،
تقولُ في النّفسِ: متى يَرْتحِل؟
لو ماتَ لاستَبْدَلْتُ منهُ فتًى،
إنّي أراهُ مُحرِماً لا يَحِلّ
ويثبُتُ اللَّهُ وسلطانُهُ،
وكلُّ أمرٍ، غيرَه، يَضمحِلّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد بَكَرَتْ لا يَعُوقُها سَبَل،
قد بَكَرَتْ لا يَعُوقُها سَبَل،
رقم القصيدة : 5045
-----------------------------------
قد بَكَرَتْ لا يَعُوقُها سَبَل،
كمُهْرَةِ الرّوض، من بناتِ سَبَلْ
إلى طَبيبٍ على الطّريقِ، لكيْ
تأخذَ من عندِهِ دواءَ حَبَل
كم قُذِفَتْ عِرْسُ بائسٍ بحصًى،
كلُّ حَصاةٍ منها نَظيرُ جَبَل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَبّحَ اللَّهَ طالعٌ مُستَنيرٌ،
سَبّحَ اللَّهَ طالعٌ مُستَنيرٌ،
رقم القصيدة : 5046
-----------------------------------(41/254)
سَبّحَ اللَّهَ طالعٌ مُستَنيرٌ،
وهلالٌ مثلُ القُلامةِ ناحِلْ
وبدَتْ، من بناتِ نعشٍ، غوانٍ،
لم يُصِبها من إثمدِ اللّيلِ كاحِل
كالسّوامِ الأنامُ، هل فازَ مَن سا
فَر منهمْ إلى بطيء المَراحل؟
يَمَنيٌّ وفارسيٌّ وشاميٌّ،
وغادٍ، من أهلِ غَرْبةَ، راحل
ساحليّونَ، لم أُرِدْ ساحلَ البَحـ
ـرِ، ولكنْ نَسْباً لأقمرَ ساحل
خَفّ مَلْكٌ على السّريرِ، فهل يو
جدُ في العالمينَ قَرمٌ حُلاحل؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَجَباً للقَطا، من الكُدرِ والجُو
عَجَباً للقَطا، من الكُدرِ والجُو
رقم القصيدة : 5047
-----------------------------------
عَجَباً للقَطا، من الكُدرِ والجُو
نِ، غَدَتْ في عَنائِها المتواصِلْ
لَقَطَتْ حَبّةً، وجاءتْ بها الأفـ
ـراخَ، ثمّ استَقَتْ لها في الحواصل
من بلادٍ بَعيدَةٍ، لسَرابِ الـ
ـهَجْرِ، فيها، لوامعٌ كالمَناصل
فأغاثَتْ، بوِرْدِها، مُودَعاتٍ
في هُجولٍ، تقُلُّ فيها الصّلاصل
هائفاتٍ، قد مَزّقَ الحَرُّ عَنها
الأهْبَ، أو همّ أن يَميزَ المَفاصل
راعَها أجدَلٌ من الطّيرِ، أوْ با
زٍ، فمُودٍ، قبلَ الوصول، وواصل
صالياتٍ، وما لها من صلاةٍ،
صائماتٍ لغَيرِ نُسكٍ تُواصل
ثمّ بادَ المَصيدُ، من بعدُ، والصّا
ئدُ، لا شيءَ غَيرَ ذلك حاصل
فاتّقِ اللَّهَ وافعَلِ الخَيرَ، فالمَوْ
تُ حسامٌ يفري البريّةَ قاصل
لا تُغَيّرْ هذا البياضَ، فإنّ تأ
بَ فلا تجزَعنَّ إنْ قيل: ناصل
إنّ أعمارَنا كآيٍ أُبينَتْ،
والمَنايا لهنّ مثلُ الفَواصل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فِرَّ من هذِهِ البريّةِ في الأرْ
فِرَّ من هذِهِ البريّةِ في الأرْ
رقم القصيدة : 5048
-----------------------------------
فِرَّ من هذِهِ البريّةِ في الأرْ
ضِ، فَما غَيرُ شرّها لكَ حاصلْ
فشِعاري: قاطِعْ؛ وكان شِعاراً
لتنُوخٍ، في سالِف الدّهر، واصل
واطلُبِ الرّزْقَ بالمرورِ من الشّجـ
ـراءِ، لا من أسِنّةٍ ومَناصل(41/255)
وتَشَبّهْ بالطّيرِ تَغدو خِماصاً،
وتَعُدُّ اليَسارُ ملءَ الحَواصل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رامَ دُنياهُ ناسِكٌ،
رامَ دُنياهُ ناسِكٌ،
رقم القصيدة : 5049
-----------------------------------
رامَ دُنياهُ ناسِكٌ،
فادّعَى النُّسكَ وانتَحَلْ
أصبَحَ المُفتري على اللَّهِ،
قَدْ ذَلّ واضمَحَلّ
بَينَما يَعمُرُ المَنا
زلَ، قالوا: قد ارتَحل
عزّ ربُّ النّجومِ تَسْـ
ـري، ولا تَسأمُ الرّحَل
أيَنامُ السّماكُ أم
هو، بالغُمضِ، ما اكتحَل
جَهِلَ المُشتري، وإن
كانَ في الخَيرِ ذا مَحل
أيُّ ذَنْبٍ أصابَهُ،
فسَمَا فَوقَهُ زُحَل؟
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> مجموعة انسان
مجموعة انسان
رقم القصيدة : 505
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قالت من انت ؟ وقلت مجموعة انسان
من كل ضد و ضد تلقين فيني
فيني نهار وليل وافراح و احزان
اضحك ودمعي حاير وسط عيني
وفيني بدابة وقت و نها ية ازمان
اشتاق باكر واعطي امسي حنيني
واسقي قلوب الناس عشقٍ وظميان
واهدي حيارى الدرب واحتار ويني
واحاوم صقور الهوا حوم نشوان
واسيل الوديان دمع حزينِ
في عيني اليمنى من الورد بستان
وفي عيني اليسرا عجاج السنينِ
تهزمني النجلا وانا ند فرسان
واخفي طعوني والمحبه تبين
ِاما عرفتيني فلا ني بزعلان
حتى انا تراني احترت فيني
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى حَبَلاً، حادِثاً في النّسا
أرى حَبَلاً، حادِثاً في النّسا
رقم القصيدة : 5050
-----------------------------------
أرى حَبَلاً، حادِثاً في النّسا
ءِ، حَبْلَ أذاةٍ بهنّ اتّصَلْ
أتَى وَلَدٌ بسجِلّ العَناءِ،
فيا لَيتَ وارِدَهُ ما وَصَل
وإنْ أنظَرَتْهُ خُطوبُ الزّما
نِ، عُضّ بنابٍ شديدِ العَصَل
ورِيعَ، من الغِيَرِ الطّارقا
تِ، بالرّمحِ صَرّ وبالسيفِ صَلّ
وقال له،: صَلِّ، داعي الهُدى،
وقال لهُ مُلحِدٌ: لا تُصَلّ
وشبّ وشابَ وأفنى الشبابَ؛(41/256)
وسَقياً له من خِضابٍ نَصل
ومن بَعدِ ذاكَ يَجيءُ الحِما
مِ، فانظُرْ على أيّ شيءٍ حصل
فَيا راحةَ النّفسِ عندَ المَما
تِ، إن كان هذا الحسابُ انفصَل
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتَتْكَ بحَبْلٍ فَتاةٌ غَدَتْ
أتَتْكَ بحَبْلٍ فَتاةٌ غَدَتْ
رقم القصيدة : 5051
-----------------------------------
أتَتْكَ بحَبْلٍ فَتاةٌ غَدَتْ
مسائِلَةً عن دواءِ الحَبَلْ
وقد حُسِبَتْ من بناتِ السّهولِ،
فجاءتْ بإحدَى بناتِ الجَبَلْ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمَلَّ حَبيبٌ أدَلّ،
أمَلَّ حَبيبٌ أدَلّ،
رقم القصيدة : 5052
-----------------------------------
أمَلَّ حَبيبٌ أدَلّ،
وسترُ الضّلالِ انسَدَلْ؟
على مَ تَناظَرْتُمُ،
فقَدْ طالَ هذا الجَدَل
تَعَلّيكُمُ في الأُمو
رِ، ما هوَ إلاّ تَدَلّ
وكُلُّكُمُ ظالِمٌ،
فهَلْ من تَقيٍّ عَدَل؟
وتَهلِكُ ذاتُ الكَرا،
وتَهلِكُ ذاتُ الخدَل
تَقادَمَ شَخصٌ مضَى،
فأُحدِثَ منهُ البَدَل
وما صحّ إلاّ امرُؤٌ،
تَصرّفَ ثمّ انجَدَل
عَلا كاذِبٌ صادِقاً؛
فلَيْتَ المِزاجَ اعتَدَل
إذا هَدَرَ الفَحلُ قيـ
ـلَ: صوتُ حَمامٍ هَدَل
تَحَيّرَ مُستَرْشِدٌ،
فوُفّقَ لمّا استَدَلّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سيَسألُ ناسٌ: ما قُريشٌ ومكّةٌ،
سيَسألُ ناسٌ: ما قُريشٌ ومكّةٌ،
رقم القصيدة : 5053
-----------------------------------
سيَسألُ ناسٌ: ما قُريشٌ ومكّةٌ،
كما قال ناسٌ: ما جَديسٌ وما طَسْمُ؟
أرى الوَقتَ يُفني أنفُساً بفَنائِهِ،
ويَمحو، فما يبقى الحديثُ ولا الرّسمُ
لقد جَدّ أهلُ الملعَبينِ، فأثّلوا
بناءً، ولم يَثبُتْ لرافِعِهِ وسْم
وفي العالَمِ الغاوي بخيلٌ مُمَوَّلٌ،
وسَمْحٌ فقيرٌ، شدّ ما اختلفَ القَسم
وكونُ الفتى في رَهطِهِ نَيْلُ عِزّةٍ،
على أنّ داءَ الدّهرِ ليسَ له حَسمُ
ويُرْزَأُ جسمُ المَرءِ، حتى إذا أوى
إلى العُنصرِ التُّرْبيّ لم يُرْزإ الجسمُ(41/257)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما تَقَضّى الأربَعوَن فلا تُرِدْ
إذا ما تَقَضّى الأربَعوَن فلا تُرِدْ
رقم القصيدة : 5054
-----------------------------------
إذا ما تَقَضّى الأربَعوَن فلا تُرِدْ
سِوى امرأةٍ، في الأربعينَ، لها قِسمُ
فإنّ الذي وَفّى الثّلاثينَ وارْتَقَى
عليهنّ عشراً، للفَناءِ به وَسْم
زَمانُ الغَواني، عَصرَ جسمكَ، زائدٌ،
وهنّ عَناءٌ بَعدَ أن يَقِفَ الجِسم
سألتَ بني الأيّامِ عن ذاهبِ الصِّبا،
كأنّكَ قلتَ الآنَ ما فعَلتْ طَسْم
تُريدُ من الدّنيا خلافاً لما مضَى،
وأعياكَ تَدبيرٌ بهِ سبَقَ الرّسْم
هوَ الدّاءُ لا يَنفَكُّ يُشكَى ويُشتكى،
ولو شاءَ ربُّ النّاسِ أدركَهُ الحَسْم
مضَى الشّخصُ ثمّ الذكرُ، فانقرَضا معاً،
وما ماتَ كلَّ الموتِ من عاش منه اسْم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مكانٌ ودَهرٌ أحرزا كلَّ مُدْرِكٍ،
مكانٌ ودَهرٌ أحرزا كلَّ مُدْرِكٍ،
رقم القصيدة : 5055
-----------------------------------
مكانٌ ودَهرٌ أحرزا كلَّ مُدْرِكٍ،
وما لهما لونٌ يُحَسُّ، ولا حَجْمُ
وليسَ لَنا عِلْمٌ بسرّ إلهنا
فهل علمتْهُ الشمسُ، أو شَعرَ النّجم؟
ونحنُ غُواةٌ يَرجُمُ الظّنَّ بَعضُنا،
ليَعرِفَ ما نورُ الكواكبِ والرُّجْم
وتَطرُدُنا ساعاتُنا، وكأنّنا
وسائقُ خيلٍ، ما تُكفكفُها اللُّجم
قَضى اللَّهُ في وَقتٍ مضى أنّ عامَكمْ
يَقِلُّ حَياهُ، أو يزيدُ به السَّجم
فقولُكمُ: ربِّ اسقِنا، غيرُ مُمْطرٍ،
ولكنْ بهذا دانتِ العُرْبُ والعُجْم
على كلّ شيءٍ تَهجُمونَ بجهلِكُم،
وأعياكُمُ يوماً، على رَشَدٍ، هَجم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كِبارُ أُناسٍ مثلُ جِلّةِ سائمٍ،
كِبارُ أُناسٍ مثلُ جِلّةِ سائمٍ،
رقم القصيدة : 5056
-----------------------------------
كِبارُ أُناسٍ مثلُ جِلّةِ سائمٍ،
يُرَبّونَ أطفالاً كما ارتَضَعَ البُهْمُ
تَوَهّمَ بَعضُ النّاسِ أمراً، فأصّلوا(41/258)
يَقيِنَ أمورٍ، باتَ يَتبَعُها الوَهم
جَهِلنا ولكنْ للخَلائقِ صانعٌ،
أقرّ به فَسلٌ من القَومِ، أو شَهم
ويَعلَمُ كلٌّ أنّ للخَيرِ موضِعاً
وفضلاً، على إثباتِهِ أجمَعَ الدُّهم
وأينَ أُناسٌ كالسّحائبِ إن يُرَوْا
يرُوقوا، وإن يُستمطَروا للغِنى يَهموا؟
فإنْ شئتَ أن تحظَى بمالِكَ، فاحْبُه
ذوي الحاج، أو أنفِقْه تَبسم لك الجُهم
فَما هُوَ إلاّ السّهمُ، لا كَفَّ عادِياً،
ولا نالَ صَيداً، في كنانتهِ، السّهم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا حرّقَ الهِنديُّ، بالنّارِ، نفسَهُ،
إذا حرّقَ الهِنديُّ، بالنّارِ، نفسَهُ،
رقم القصيدة : 5057
-----------------------------------
إذا حرّقَ الهِنديُّ، بالنّارِ، نفسَهُ،
فلم يَبقَ نَحضٌ للتّرابِ ولا عَظمُ
فهل هو خاشٍ من نكيرٍ ومُنكَرٍ،
وضَغطَةِ قَبرٍ لا يَقومُ لها نَظم؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> خِلافُكَ بعضَ النّاسِ يُرجى به المُنى،
خِلافُكَ بعضَ النّاسِ يُرجى به المُنى،
رقم القصيدة : 5058
-----------------------------------
خِلافُكَ بعضَ النّاسِ يُرجى به المُنى،
وفي الدّهرِ أقوامٌ خِلافُهُمُ حَزْمُ
فأفطِر، إذا صاموا، وصُم عند فِطرِهم
على خبرَةٍ، إنّ الدّواءَ هو الأزم
ولو لم يَسِرْ وقتُ الفتى، وهو مُوشكٌ،
لَمَا صَحّ في هَجرِ الحياةِ له عزم
ألا ذَلّلوا هَذي النّفوسَ، فإنّها،
ركائبُ سوءٍ، ليسَ يَضبطُها الحزم
ولم يأتِ، في الدّنيا القديمةِ، مُنصِفٌ،
ولا هوَ آتٍ، بل تَظالُمنا جَزم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نصَحتُكَ لا تَنكِحْ، فإنْ خفتَ مأثماً،
نصَحتُكَ لا تَنكِحْ، فإنْ خفتَ مأثماً،
رقم القصيدة : 5059
-----------------------------------
نصَحتُكَ لا تَنكِحْ، فإنْ خفتَ مأثماً،
فأَعرِس، ولا تُنسِل، فذلك أحزَمُ
أظنُّكَ، من ضُعفٍ بلُبّكَ، غادِياً،
يحلُّكَ، من عَقدِ الزّواجِ، المعزِّم
إلى اللَّهِ نَصّتْ رَغبَةً أوّليّةً(41/259)
نصارى تُنادي، أو مجوسٌ تُزَمزم
هو الحَظُّ، عَيرُ البِيدِ، سافَ بأنْفِه
خُزامى، وأنفُ العَودِ بالذّلّ يُخزَم
وما بَيضُ أنثى يهزمُ القَيضَ فَرخُه،
كبَيضِ ذكورٍ بالحَديدِ يُهَزَّم
تَباركْتَ، أنهارُ البِلادِ سِوائحٌ
بعذْبٍ، وخُصّتْ بالمُلوحةِ زَمزَم
تَعالَيتَ ربَّ النّاسِ عن كلّ ريبَةٍ،
كأنّا، بإتيانِ المآثم، نُلزَم
وتُرفَعُ أجسادٌ، وتُنصَبُ مَرّةً،
وتُخفَضُ، في هذا الترابِ، وتُجزَم
غَرائزُ أعطاها ربيعَةَ جَدُّهُ
وشِنشنَةٌ أغرى بها النّجلَ أخزَم
وحادِثَةٌ، أمّا الثّرَيّا بعبئِها
وأينُقِها، والمِرزَمانِ، فرُزَّم
حَياةٌ، لو أنّي باختياري ورَدْتُها،
لما فَتِئَتْ منّي الأناملُ تؤزَم
شعراء الجزيرة العربية >> خالد الفيصل >> حنا العرب
حنا العرب
رقم القصيدة : 506
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
حنا العرب يا مدعين العروبة
و حنا هل التوحيد وانتم له اجناب
و حنا شروق المجد وانتم غروبه
وحنا هل التاريخ و أنتم به أغراب
يوم الفقر شلتوا علينا عيوبه
واليوم عقب النفط جيتوا لنا أنساب
ويوم الفقر فينا البداوة سبوبة
واليوم صرتوا مثلنا بدو واعراب
لو الهوى منكم منعتم هبوبه
لا شك رزاق الملا رب الأرباب
و لو المطرمنكم منعتم صبوبه
لا شك رزق الخلق من عند وهاب
جيش الحسد سقتوا علينا حروبه
كل يبي يزرع على جسمنا ناب
حرب على المحسن تراها عقوبة
بالله عساكم ما تفيدون حراب
ياما عطينا ما ندور مثوبه
الا من اللى من ترجاه ما خاب
و ياما نصرنا صاحب ضيقوا به
عاداتنا نقدم الى ما لردى هاب
و ياما نصانا من تعثر دروبه
يدخل حمانا من تعذرها الأصحاب
حنا بنينا دارنا من طيوبه
و انتم سلبتوا داركم كل ما طاب
الله سقانا من بحرنا عذوبه
و انهاركم مثل البحر هدر تنساب
حنا زرعنا الحب بارض خصوبه
و أنتم زرعتوا كره الأجيال بتراب
وحنا دعينا السلم نوبه ونوبه
وانتم حمام السلم بعتوه بغراب
يا من دعا للحرب ما ادراك خطوبه(41/260)
لا تحسب أن الحرب تهديد وخطاب
من شب نار الحرب يصلى شبوبه
ومن ثور الفتنة تعرض للأسباب
ما يستر الرجال ملبوس ثوبه
الدين وافعال الكرامة له ثياب
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أراكَ حسِبتَ النّجمَ ليسَ بواعظٍ
أراكَ حسِبتَ النّجمَ ليسَ بواعظٍ
رقم القصيدة : 5060
-----------------------------------
أراكَ حسِبتَ النّجمَ ليسَ بواعظٍ
لبيباً، وخِلْتَ البَدرَ لا يتكَلّمُ
بلى، قد أتانا أنّ ما كانَ زائِلٌ،
ولكِنّنا في عالَمٍ ليسَ يَعلَم
وإنّ أخا دُنياكَ أعمَى يرَى السُّهَى،
عَليلٌ مُعافًى، ظالِمٌ يتَظَلّم
فهَل تألَمُ الشّمسُ الحوادثَ مثلَنا،
أم اتّسَقَتْ كالهَضْبِ لا يتألّم؟
وهل فيكمُ من باخلٍ يُظهِرُ النّدى
رِياءً بهِ، أو جاهلٍ يتَحَلّم؟
وما سالَمَ الحيَّ القَضاءُ، وإنّما
إلى الحَتفِ يَرْقَى، والسّلامةُ سُلّم
فَيا مُطلَقاً للنّفعِ، يَفصِدُ كفَّهُ،
أبِالْكَلْمِ يَستَشفي الأسيرُ المُكلَّمُ؟
لعَمري لقد أعيا المَقاييسَ أمرُنا،
فحِندِسُنا، عند الظّهيرَةِ، مُظلِم
فمن مُحرِمٍ، لا يَحرِمُ العلَقَ الظُّبَا،
ومن مُحرِمٍ، أظفارُهُ لا تُقَلَّم
ضَعُفنا عن الأشياءِ، إلاّ عنِ الأذى،
وقد يَسِمُ الوَجهَ الكَهامُ المثَلَّم
وإنّ ظَليمَ القَفرِ يُرضيهِ زِقُّهُ،
ويفهمُ عن أخدانِهِ، وهو أصلم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> توَهّمتُ خَيراً في الزّمانِ وأهلِهِ،
توَهّمتُ خَيراً في الزّمانِ وأهلِهِ،
رقم القصيدة : 5061
-----------------------------------
توَهّمتُ خَيراً في الزّمانِ وأهلِهِ،
وكانَ خيالاً، لا يَصِحُّ، التوهّمُ
فما النّورُ نوّارٌ، ولا الفجرُ جَدوَلٌ،
ولا الشّمسُ دينارٌ، ولا البدرُ دِرهم
رأيتُكَ لم تحمَدْ من التُّركِ مَعشراً،
لهم عارضٌ بالتَّركِ يَهمي ويُرْهِمُ
ولا الكاسِك المُرْجَينَ في كلِّ مظلمٍ،
رَجا كاسَكَ الحَمراء، والخيلُ تَدهم
وقد يأمرُ اللَّهُ الكهامَ، إذا نَبا،(41/261)
فيفري، وقد يَنهَى الحُسامَ، فيكهم
وإنّكَ لا باكٍ عليكَ مُهَنّدٌ،
ولا مُظهِرٌ حزناً جوادٌ مُطَهَّم
يُساوي مليكَ الحيِّ صعلوكُ قومِهِ،
وتُسحَا له الأرضُ الزرودُ، فتلهَم
وما يَشعُرُ المدفونُ، يسري حديثُهُ،
فيُنجِدُ في أقصى البلادِ، ويُتهِم
جَرَتْ عندَ شقراءِ الكُمَيتِ بكفّهِ،
إلى فيه، حتى صارَ في الرِّجل أدهم
أتَذكُرُ، يا طِرْفُ، الوغى ورُكومَها،
وقد صِرْتَ من نَبلٍ، كأنّكَ شيهم
إذا أُشرِعَتْ فيكَ الأسنّةُ ردّها،
لصونك، تجفافٌ عن الطّعنِ مُبهَم
لشَهباءَ يُخفي القِرنُ فيها كَلامَه،
ويُفهِمُ، إلاّ أنّهُ ليسَ يَفهَمُ
إذا ما تَدانوا، فالضّرابُ صِفاحُهمْ؛
وإن يَتَناءَوْا، فالرّسائلُ أسهُم
لهم حِيَلٌ، في حربهمْ، ما اهتدتْ لها
جديسٌ، ولا ساستْ بها المُلكَ جُرهم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مُريدي بَقائي، طالَما لقيَ الفتى
مُريدي بَقائي، طالَما لقيَ الفتى
رقم القصيدة : 5062
-----------------------------------
مُريدي بَقائي، طالَما لقيَ الفتى
عَناءً بطولِ العَيشِ، واللَّهُ يَعلَمُ
إذا كانَ بَسطُ العُمرِ ليسَ بكاسبٍ
سوى شِقوةٍ، فالمَوتُ خيرٌ وأسلَم
أفادَ غَويٌّ غَيَّهُ عن شُيوخِهِ،
فهُمْ دَرَجاتٌ للضّلالِ وسُلّم
وأهلكهُ جَهلانِ: بادٍ مُرَكَّبٌ
قَديماً، وتالٍ، بَعدَهُ، يُتَعَلّم
تَفكّرْتُ واستَثبَتُّ أنّ سكوتَهُ،
هُدًى وتُقًى، فليغدُ لا يتكلّم
أرى النّبتَ أوْلى أن يُحِسّ بحَطمِهِ،
إذا زعَموا أنّ الصَخورَ تألَّم
و أشهَدُ أنّ الدّهرَ كالحُلمِ زائلٌ؛
وأنّ أديمَ البَدرِ يَبلى ويَحلَم
وجدْتُ يدَ الوَهّابِ تُطوى، وعينَه
تُكَفُّ، وأظفارَ اللّيوثِ تُقَلَّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سأرحَلُ عن وشكٍ، ولستُ بعالمٍ
سأرحَلُ عن وشكٍ، ولستُ بعالمٍ
رقم القصيدة : 5063
-----------------------------------
سأرحَلُ عن وشكٍ، ولستُ بعالمٍ
على أيّ أمرٍ، لا أبا لكَ، أقدُمُ(41/262)
وهَوّنَ إعدامي عليّ تَحَقُّقي
بأنّي، وإن طالَ التمكّثُ، أُعدَم
فإنْ لم تكُنْ إلاّ الحَياةُ وبينُها،
فلَستُ، على أيّامِها، أتَنَدّم
ودنياكَ يَهواها، على الهَرَمِ، الفتى،
ويخدُمُها، فيما يَنوبُ، المخدَّم
أرى الشّخصَ يُطوى والممالكَ تحتوى،
ومَن صحّ يَذوى، والمجادلُ تُهدَم
منَعتَ الهوى منّي، وسُمْتنيَ الهَوَى،
وقد يَبلُغُ الحاجَ الفنيقُ المسدَّم
إذا رُؤساءُ النّاسِ أمّوا تَنازَعوا
كؤوسَ الأذى، هل في الزّجاجة عندم
ولم يُرْضِهمْ شُرْبُ المُدامةِ أذهَبَتْ
حجى النّفسِ، إلاّ أن يُمازِجَها الدّم
فنَحنُ كأيمِ الضّال أوْلى مِراسَهُ،
بما كانَ يَغوي الآخرَ، المتَقَدِّم
وحوّاءُ أعطَتْ بنتها البؤسَ، وابنَها
لآدَمَ، يُغذَى بالشّقاءِ ويُؤدَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيا ديكُ! عُدّتْ من أياديكَ، صيحةٌ
أيا ديكُ! عُدّتْ من أياديكَ، صيحةٌ
رقم القصيدة : 5064
-----------------------------------
أيا ديكُ! عُدّتْ من أياديكَ، صيحةٌ
بعَثتَ بها مَيتَ الكرى، وهو نائِمُ
هتَفتَ، فقال الناسُ: أوسُ بنُ مُعيِرٍ،
أو ابنُ رَباحٍ، بالمَحَلّةِ قائم
لعَلّ بِلالاً هَبّ من طولِ رقدَةٍ،
وقد بَلِيَتْ، في الأرض، تلك الرّمائم
ونِعمَ أذِينُ المَعشَرِ ابنُ حَمامَةٍ،
إذا سَجَعتْ، للذّاكرينَ، الحَمائم
وفيك، إذا ما ضيّعَ النِّكسُ، غَيرَةٌ
تُصانُ بها المُستَصحَباتُ الكَرائم
وجُودٌ بموجودِ النّوالِ على التي
حَمَيْتَ، وإنْ لم تَستَهِلّ الغَمائم
يُزانُ لديكَ الطّعنُ في حومةِ الوغى،
إذا زُيّنَتْ، للعاجزينَ، الهَزائم
فلَو كنتَ بالدُّرّ الثّمينِ مُعوَّضاً
من البُرّ، ما لامَتْ عليه اللّوائم
وتُلقى، لديك، المنقِضاتُ نواصِعاً،
يقالُ: غريباتُ البحارِ التّوائم
رآها كباراً مَن بَراها، كأنّها
تَريكُ نَعامٍ، أودَعَتْهُ الصّرائم
وتُؤثِرُ، بالقُوتِ، الحَليلةَ، شيمةً
كريميّةً، ما استَعمَلتها الألائم(41/263)
كأنَكَ فحلُ الشَّولِ، حولَكَ أينُقٌ
عليها بُرىً، من طاعةٍ، وخَزائِمُ
فتُلمَحُ، تاراتٍ، وتُغضي، كأنّها
ضَرائرُ، سفّتْها، لديكَ، الخصائم
فحُمرٌ وسودٌ حالِكاتٌ، كأنّها
سَوامُ بني السِّيدِ، ازدهَتْه القوائم
عليكَ ثيابٌ خاطَها اللَّهُ قادِراً،
بها رَئِمَتْكَ العاطِفاتُ الرّوائم
وتاجُكَ مَعقُودٌ، كأنّك هُرْمزٌ،
يُباهي بهِ أملاكَهُ، ويُوائم
وعَينُكَ سِقطٌ، ما خَبا عندَ قِرّةٍ،
كلَمعةِ بَرْقٍ، ما لها، الدّهرَ، شائم
وما افتَقَرَتْ يوماً إلى مُوقِدٍ لها
إذا قُرّبَتْ، للمُوقِدين، الهَشائم
وَرِثتَ هُدَى التذكارِ من قبل جُرهمٍ
أوانَ تَرَقّتْ، في السّماءِ، النّعائم
وما زِلتَ، للدّينِ القديمِ، دِعامةً،
إذا قَلِقَتْ، من حامليهِ، الدّعائم
ولو كنتَ لي، ما أُرْهِفَتْ لك مُدْيةٌ،
ولا رامَ إفطاراً، بأكلِكَ، صائم
ولم يُغْلَ ماءٌ كيْ تُمَزّقَ حُلّةٌ،
حَبَتْكَ، بأسناها، العُصورُ القدائم
ولا عُمتَ في الخمر، التي حالَ طَعمُها
كأنّكَ في غَمرٍ، من السّيلِ، عائم
ولاقَيتَ عندي الخيرَ، تحسَبُ عَيّلاً
يُنافيكَ قَولٌ سيّىء، وشَتائم
فإن كتَبَ اللَّهُ الجرائمَ، ساخِطاً،
على الخَلقِ، لم تُكتَبْ عليك الجرائم
فهلْ ترِدَنْ حوضَ الحياةِ، مبادراً،
إذا حُلّئَتْ عَنهُ النّفوسُ الحوائِمُ
وتَرْتَعُ ما بينَ النّبيئَينِ، ناعِماً
بعيشَةِ خُلْدٍ، لم تَنَلْها السّمائم
وأقوالُ سُكانِ البلادِ ثَلاثَةٌ،
تَوالى علَيها عانِدٌ ومُلائم
فقَوْلٌ جزاءٌ ما، وقولٌ تهاوُنٌ،
وآخَرُ يُجزَى إنسُهُ لا البَهائم
يَضارِعُنا مَن بَعدَنا في أُمورِنا،
ونَمضي على العِلاّتِ، والفعلُ دائم
وكلٌّ يوصّي النّفسَ، عندَ خُلّوهِ،
بزُهدٍ، ولكنْ لا تَصِحُّ العزائم
وأينَ فِراري من زماني وأهلِهِ،
وقد غَصّ، شرّاً، نجدهُ والتّهائم؟
وفي كلّ شهرٍ تصرَعُ الدّهرَ جِنّةٌ،
فتُعقَدُ فيهِ بالهِلالِ التّمائم
لهُ عُوَذٌ في كلّ شرقٍ ومغربٍ،(41/264)
رَعاها اليَماني الدّارِ والمُتَشائم
أبَى القَلبُ إلاّ أُمّ دَفْرٍ، كما أبَى
سوى أُمّ عمرٍو، موجَعُ القلبِ هائم
هيّ المنتهَى والمَشتَهَى، ومعَ السُّهى
أمانيُّ منها، دونهنّ العظائم
ولم تَلقَنا، إلاّ وفينا تحاسدٌ
عليها، وإلاَّ في الصّدورِ سخائم
نزَتْ في الحشا ثمّ استَقلّتْ، فغادَرتْ
جَماجمَ تَنزو، فوقهنّ، الغمائم
وأيّامُنا عِيسٌ، وليسَ أزمّةٌ
عليها، وخَيلٌ أغفَلَتها الشكائم
وقد نسَيتْ حُسْنَ العهودِ، ومالها
بَنانُ يَدٍ، فيه تُشدّ الرّتائم
فإنْ سَكِرَتْ، فالرّاحُ فيها كثيرةٌ،
ذوارِعُها والمُخرَزاتُ الحَتائم
قسيماتُ ألوانٍ، سميحاتُ شيمةٍ،
لها ضائعٌ ما طَيّبتْهُ القَسائم
وما خِلَقُ البيضِ الحِسانِ حَميدَةً،
إذا اشتَهَرَتْ أخلاقُهنّ الذّمائم
وتَمضي بنا السّاعاتُ، مُضمِرَةً لَنا
قَبيحاً، على أنّ الوُجوهَ وسائم
نمَمْنَ بما يخفيهِ حيٌّ وميّتٌ،
ومن شرّ أفعالِ الرّجالِ النّمائم
يَعيشُ الفتى، في عُدمِه، عيشَ راغبٍ،
ويُثري مُسِنٌّ، للمَعيشةِ، سائم
وأنوارُ أعوامٍ مَضَينَ شَواهدٌ
بما ضَمِنَتْهُ، بعدَهنّ، الكَمائم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما تَبَيّنّا الأمورَ تكَشّفَتْ
إذا ما تَبَيّنّا الأمورَ تكَشّفَتْ
رقم القصيدة : 5065
-----------------------------------
إذا ما تَبَيّنّا الأمورَ تكَشّفَتْ
لنا، وأميرُ القَومِ للقَومِ خادِمُ
أقلُّ بني الدّنيا، هُموماً وحَسرَةً،
فقيدُ غنًى، للمالِ والرّشدِ عادم
وما هيَ إلاّ مَنزِلٌ غَيرُ طائلٍ،
فمُرتَحِلٌ عَنهُ، وآخَرُ قادِم
تُبَكّي على المَيتِ الجديدِ لأنّه
حديثٌ، ويُنسى مَيْتُكَ المتَقادم
ولو أنّني وافَيتُها بتَخَيّرٍ،
لأدَمى البَنانَ العَشْرَ بالأزْمِ نادم
سيُسليكَ أنّ القابضَ الرّزْقَ باسطٌ؛
وأنّ الذي شادَ البَنيّةَ هادم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا قيلَ غالَ الدّهرُ شيئاً، فإنّما
إذا قيلَ غالَ الدّهرُ شيئاً، فإنّما(41/265)
رقم القصيدة : 5066
-----------------------------------
إذا قيلَ غالَ الدّهرُ شيئاً، فإنّما
يُرادُ إلَهُ الدّهرِ، والدّهرُ خادمُ
ومَوْلِدُ هذي الشّمسِ أعياكَ حدُّهُ،
وخَبّرَ لبٌّ أنّهُ مُتَقادِم
وأيسَرُ كونٍ تحتَهُ كلُّ عالَمٍ،
ولا تُدرِكُ الأكوانَ جُرْدٌ صَلادِم
إذا هيَ مَرّتْ لم تَعُدْ، ووراءَها
نَظائرُ، والأوقاتُ ماضٍ وقادم
فما آبَ منها، بعدَما غابَ، غائِبٌ،
ولا يَعْدَمُ الحِينَ المجدَّدَ عادم
كأنّك أودَعتَ التماثيلَ أنفُساً،
وأنتَ على التّفريطِ، في ذاكَ، نادم
وما آدَمٌ في مَذهَبِ العقلِ واحداً،
ولكنّهُ عندَ القياسِ أوادم
تخالَفَتِ الأغراضُ: ناسٍ وذاكِرٌ،
وسالٍ ومُشتاقٌ، وبانٍ وهادم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تكلّمَ بالقَولِ الذي ليسَ فَوقَهُ
تكلّمَ بالقَولِ الذي ليسَ فَوقَهُ
رقم القصيدة : 5067
-----------------------------------
تكلّمَ بالقَولِ الذي ليسَ فَوقَهُ
سِوى كسبِ ذنبٍ، وهوَ بالرّغمِ صائم
لوَ أنّكَ في أهلِ التنسّكِ والتّقَى،
لمَا كثرَتْ فيما لدَيكَ الخَصائمُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا شِئتَ، يوماً، وصلةً بقرينَةٍ،
إذا شِئتَ، يوماً، وصلةً بقرينَةٍ،
رقم القصيدة : 5068
-----------------------------------
إذا شِئتَ، يوماً، وصلةً بقرينَةٍ،
فخَيرُ نِساءِ العالمينَ عَقيمُها
لنا طُرُقٌ، في كلّ شرْقٍ ومَغرِبٍ،
إلى المَوتِ، أعيا راكباً مستَقيمُها
هيَ الدّارُ، يأتيها من النّاسِ قادمٌ،
يحُثُّ على أنْ يَستَقِلّ مُقيمُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَسومُ، على وجهِ البَسيطةِ، مُرّةً،
نَسومُ، على وجهِ البَسيطةِ، مُرّةً،
رقم القصيدة : 5069
-----------------------------------
نَسومُ، على وجهِ البَسيطةِ، مُرّةً،
فأيُّ مُرادٍ، في الحَياةِ، نَسومُ؟
يفرِّقُ، بينَ الشخصِ والرّوح، حادثٌ،
ألاَ إنّ أيّامَ الفِراقِ حُسوم(41/266)
إلى العالَمِ العلويّ تُزمِعُ، رِحلةً،
نفوسٌ، وتَبقى في الترابِ جُسوم
وما ظَعَنَتْ، إلاّ وللدّهرِ صولَةٌ،
تَبينُ على أوطانِها، ووُسوم
ستُوحشُ أطلالٌ: ديارٌ ومَعشَرٌ؛
وتدرسُ، من هذي وتلكَ، رُسوم
شعراء الجزيرة العربية >> علي أحمد باكثير >> صوت المتنبي
صوت المتنبي
رقم القصيدة : 507
-----------------------------------
من الملأ العلوي من عالم الخلدِ
أهل عليكم بالتحيات والحمد
تقحمتُ حُجب الغيب حتى أتيتكم
لأجزيكم عن بعض إحسانكم عندي
قطعتُ حدود (الأين) في متطاولٍ
من اللوح يفنى البعد فيه من البعد
كأن الفضاء اللانهائي سائرٌ
على كرةٍ لا حد فيها سوى حدي
إذا ما ركضت السير في فلواته
تشابه ما قبلي عليّ وما بعدي
إلى أن تجاوزت النجوم جواذباً
إليهن عطفي غير أن لسن من قصدي
يناشدني - والنور ثمّ - لسانها
لأنشدها شعري وأصفيها ودي
ولو لم تكن (مصرٌ) و(جلّق) الهوى
و(بغداد) لم أبخل عليها بما عندي
معانٍ قضى فيها الشباب مآربي
وسلّت بها كبرى العزائم إفرندي
وأمليتُ فيها الدهر غرّ قصائدي
فغنى بها الأجيال في السهل والنجد
******
******
قطعتُ حدود (الأين) حتى أتيتكم
فمن (لمتى) ما بيننا قام كالسد
أجل، ألف عامٍ حال بيني وبينكم
فلولا سبقتم أو تأخر بي عهدي
سعدتُ بلقياكم وفزتم برؤيتي
لو أن يد المقدار ألغته في العدّ
ألا فتزحزح يا زمان لشاعرٍ
يريد فلا تقوى الجبال على صدي
أغرّك أنّ الأرض قد شربت دمي؟
وأنّ عيون الشهب قد شهدت لحدي؟
رويدك قد خلدتُ في الشعر محضه
ولم يبق منه للتراب سوى الدُردي
فها هو في الأجيال ينساب صافياً
إلى ابنٍ .. إلى ابنٍ .. من أبيه .. من الجد
يزيد على الأيام كالخمر سورةً
لو أن حُميا الخمر تهدي كما يهدي
أنا الخالد الساري بأعصاب شعبه
وما شعبه بالنزر أو ضرِع الخدّ
******
******
بني مصر أنفاس الخلود عليكم
ونشر الخزامى والرياحين والورد
سبقتم إلى تكريم ذكراي غيركم
وقدماً سبقتم للمكارم والمجد(41/267)
رأيت (بلاد الضاد) عقداً منظماً
ولكن (مصراً) فيه واسطة العقد
قضيت لمصر بالإمامة بينها
وهل لقضاء شئته أنا من ردّ؟
ومن غيركم أهدى إلى (الضاد) شاعراً
كشوقي ومنطيقاً كجباركم سعدِ؟
أحبهما لا بل أقدس فيهما
مشابه من عزمي وأصداء من وجدي
أعدتم إلى (الفصحى) الحياة فزحزحت
بأيديكم كابوس تُبّت والصُغدِ
هي الضاد لن يذوي على الدهر عودها
وقد خصها (الذكر) المقدسُ بالخلدِ
ستبدأ من حيث انتهت سائر اللغى
خطاها إلى حدّ يجل عن الحدّ
ولا تعتبوها فهي بعد صغيرةٌ
ولم يتنفس صدرها بعد عن نهدِ
علىأنها بالرغم من صغر سنها
لناعسة الجفنين مياسة القدِ
يكاد يصيح الحب بين شفاهها
"أنا الحب ما أخفيه فوق الذي أبدي"
******
******
تمنٍ يلذ المستهام بمثله"
" وإن كان لا يغني فتيلاً ولا يجدي
وغيظٌ على الأيام كالنار في الحشا"
" ولكنه غيظ الأسير على القِدّ
فلو عشتُ في هذا الزمان وأهله
لغيرت من نهجي وضاعفتُ من جهدي
وكنتُ تنكبتُ الملوك ومدحها
فليسوا بأكفائي وإن نالهم حمدي
وأتعس خلق الله من زاد همه"
" وقصّر عما تشتهي النفس في الوُجدِ
******
******
يقول أناسٌ إنني قد هجوتكم
فإما أرادوا الشرّ أو جهلوا قصدي
ولم أهجُ إلا حالةً غاظني بها
وقوف بني الأحرار بين يدي عبدِ
ولستُ أبالي مادحاً لي وهاجياً
فقد رويت نفسي من الصيت والمجدِ
ولي منهما ما لم ينله مملكٌ
ولا شاعرٌ قبلي ولا شاعرٌ بعدي
ولكنني أصبحتُ رمزاً لمجدكم
يضمكم روضي ويجمعكم وِردي
فمن نالني بالسوء نالكم به
لذاك، ويعوي ضدكم من عوى ضدي
أبى الله إلا أن مجدي مجدكم
وإن رغم الشاني ومجدكم مجدي
(أبوكم أبي يوم التنفاخر (يعربٌ
وجدكم (فرعون) اضحى بكم جدي
تألّه و(التاريخ) طفلٌ وملكه
تبسّمُ ذاك الطفل نوغي في المهد
تكلل بالريحان هامات ضيفه
وتنضح أبهاء الندام بما وردِ
وقد أعلنت فيها المجامر وجدها
فصعّدن أنفاساً من العود والندّ
تقوم عليهم في شفوفٍ رقيقةٍ
جوارٍ كمثل اللولوء النثر والنضدِ(41/268)
يطفن عليهم بابنة الكرم حرّةٍ
وبالنُقلِ بعد اللحم والزُبد والشهدِ
فلا غرو في دعوى النبّوةِ مثلُه
وليس له فوق البسيطة من ندّ
ويعجبني الجبار إذ هو قوةٌ
يهيم بها قلبي وأعبدها جُهدي
كذا فلتكن فتيان يعرب إن ترد
حياةً لها ما بين أعدائها اللُدّ
حرام عليكم أن يقوموا وتقعدوا
وأن تهزلوا والقوم ماضون في الجدّ
كثيرٌ عليهم بعدُ أن تقفوهم
بني اللؤمِ منكم موقف الندّ للندّ
فكيف بأن يعلوا عليكم ويضربوا
على العُرب دون العزّ سداً على سدّ
******
*******
رفعتم شباب النيل أمس لواءها
فنفستمُ كربي وبرّدتمُ وجدي
وثرتم على الحامي العتيد وصحتمُ
"نعيش كراماً أو نُغيّب في اللحدِ"
بنفسي دماءٌ أهرقت في جهادكم
( تحن إلى أسلافها قبل في (أحد
جريرتها أن كلفت حمل قيدها
وما خلقت إلا قضاء على القيدِ
أضاء سناها (بالشآم) فروّعت
عِداها وردتها إلى خطةٍ قصدِ
أرى الحق في الدنيا يُردّ لقاهرٍ
ولم أره يوماً يُردّ لمستجدِ
فإن لم تُنلكم نَصف قومٍ مودةً"
"أنال القنا والخوف خيرٌ من الودّ
ولن تبلغ الأعداءُ من مصر مطمعاً
وقد زأرت فيها اللبوءُ مع الأسدِ
******
******
تناهت سلالاتٌ الجبابرة الألى
بنو هيكل الدنيا إلى هيكل الفردِ
تقوم عليه أمةٌ عربيةٌ
رسالتها هدي الشعوب إلى الرشدِ
على كاهل الدنيا استقلت بموطنٍ
من (المغرب الأقصى) إلى (الشطّ) ممتدِ
إذا هتفت (مصر) بلحن جهادها
(تعالى صداه في (العراق) وفي (نجد
وخفّ له في (حضرموتَ) مهللٌ
وجلجل في آفاق (تونس) كالرّعدِ
رأيتُ (بلاد الضادِ) عقداً منظماً
ولكنّ (مصراً) فيه واسطة العقدِ
قضيتُ (لمصر) بالإمامة بينها
و ما لقضاءٍ شئتُه أنا من ردّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مضَى النَّاسُ أفواجاً، ونحنُ وراءَهم،
مضَى النَّاسُ أفواجاً، ونحنُ وراءَهم،
رقم القصيدة : 5070
-----------------------------------
مضَى النَّاسُ أفواجاً، ونحنُ وراءَهم،
وكانوا وكنّا، في الضّلالِ، نَعومُ(41/269)
فَيا أُذني! هلْ في الذي تَسمَعينَهُ،
من القَوْلِ، إلاّ فِرْيَةٌ وزُعوم؟
وكم يتَجَنّى، المَينَ، أحمرُ ناطِقٌ،
تُمازُ به، عندَ المَذاقِ، طعوم
وراحِلَتي نَفْسٌ خَؤونٌ، كأنّها،
من الضّعفِ، شاةٌ، في السّوام، رَغوم
لَجونٌ، إذا بانَ الهَدى لا تَؤمُّهُ؛
وإنْ لاحَ نَهجُ الغّي، فهيَ سَعُوم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّ نُفُوسَ النّاسِ، واللَّهُ شاهدٌ،
كأنّ نُفُوسَ النّاسِ، واللَّهُ شاهدٌ،
رقم القصيدة : 5071
-----------------------------------
كأنّ نُفُوسَ النّاسِ، واللَّهُ شاهدٌ،
نُفوسُ فَراشٍ، ما لهنّ حُلومُ
وقالوا: فَقيهٌ، والفَقيهُ مُمَوِّهٌ،
وحِلْفُ جِدالٍ، والكلامُ كُلوم
أتَوْكَ بأصنافِ المحالِ، وإنّما
لهمْ غَرَضٌ في أنْ يُقالَ عَلوم
وجَدْتُ الفتى يَرمي سواهُ بدائِهِ،
ويَشكو إلَيكَ الظّلمَ، وهو ظلوم
فإنْ كانَ شَيطانٌ له يَستَفِزُّهُ،
فأيُّهُما، عندَ القياسِ، تلوم؟
تجرّأ، ولا تجعَلْ، لحتفِكَ، عِلّةً،
بإكثارِ طُعمٍ، إنّ ذلك لُوم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رأيتُكَ، في لُجٍّ من البَحرِ، سابحاً،
رأيتُكَ، في لُجٍّ من البَحرِ، سابحاً،
رقم القصيدة : 5072
-----------------------------------
رأيتُكَ، في لُجٍّ من البَحرِ، سابحاً،
تلومُ بني الدّنيا، وأنتَ مَليمُ
يقول الحِجى: هل لي إذا متُّ راحةٌ،
فإنّ عَذابي، في الحَياةِ، أليم
وأجسامُنا مثلُ الدّيار لأنفُسٍ
جَوائرَ، منها جاهلٌ وحليم
فإمّا انهِدامٌ قَبلَ رحلةِ ظاعنٍ؛
وإمّا رحيلٌ، والمحلُّ سليم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المَوتُ نَومٌ طَويلٌ، لا هُبوبَ لَهُ،
المَوتُ نَومٌ طَويلٌ، لا هُبوبَ لَهُ،
رقم القصيدة : 5073
-----------------------------------
المَوتُ نَومٌ طَويلٌ، لا هُبوبَ لَهُ،
والنّومُ موتٌ قَصيرٌ، بَعثُهُ أَمَمُ
وفي الخُمولِ حِمامٌ، والفتى قَبَلٌ،
وفي النّباهةِ عَيشٌ، والفتى رِمَم(41/270)
تخالَفَ الشّكلُ: عُصمٌ في جَماجمها
أرْواقُها، ونَعامٌ ما لها لِمَمُ
وحَيّةٌ تَسمَعُ الأصواتَ، ظالمةٌ
مِن وصفِها، وظَليمٌ شأنُهُ الصّمم
لا يَخدَعَنّكَ، أُخْرانا كأوّلِنا،
في نحوِ ما نحنُ فيه، كانتِ الأُمم
مُقَلَّدينَ بذَمٍّ لا يُضَيّعُهُ
منهم عريبٌ، ولكنْ ضاعت الذّمم
أجِيدَ قلبُكَ لمّا جادَهمْ مَطَرٌ،
أمْ فاضَ همُّكَ، لمّا غاضتِ الهِمَم؟
لا تشمَخِ الأُنُفُ الشمُّ، التي رُزقَتْ
ما لا يَدومُ، فما يَبقى لها الشّمَم
لولا بدائعُ دَلّتْ أنّ خالِقَنا
أدرى وأحكمُ، قلنا: خَلقُنا لَمم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تُسدِينّ قَبيحاً، إنْ هَمَمْتَ به،
لا تُسدِينّ قَبيحاً، إنْ هَمَمْتَ به،
رقم القصيدة : 5074
-----------------------------------
لا تُسدِينّ قَبيحاً، إنْ هَمَمْتَ به،
وافعَلْ جَميلاً، فإنّ الخيرَ يُغتَنَمُ
إنْ فارَقَتني حَياتي خِلتُني صَنَماً،
ولا يُراعُ لكَسْرِ الهامةِ الصّنَم
فاجعلْ عِظامي قِرَى غَبراءَ مُظلمةٍ،
أو قوتَ حَمراءِ نارٍ، ضوءُها سَنِم
سوًى على الجسمِ خُضرٌ، حوتها جَشِعٌ
بعد المَماتِ، وخَضرٌ زُرْقُها تَنِم
قَطعُ البَنانِ الذي شَبّهتُهُ عَنَماً،
إنْ ماتَ، كالقَطعِ في قُضْبٍ هي العنم
والغانياتُ، وفي آذانِها دُرَرٌ،
كالضّأنِ تَرْعى، وفي آذانها زنم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يكفيكَ، أُدْماً، سليطٌ ما أُريقَ له
يكفيكَ، أُدْماً، سليطٌ ما أُريقَ له
رقم القصيدة : 5075
-----------------------------------
يكفيكَ، أُدْماً، سليطٌ ما أُريقَ له
دمٌ، ولا مَسّ روحاً، إذ جَرى ألمُ
له فَضائلُ منها فَقْدُ كُلفَتِه،
وأنّهُ بسَناهُ تَنجلي الظُّلَم
قالوا: تُقُسّمَ مَقتولٌ على حَنَقٍ؛
فقلتُ: سِيّانِ كَلْمُ الميتِ والكَلِم
إنْ ودّعوهُ، فما يَدري بما صَنعوا؛
أو قَطّعوهُ، فما يَنتابُهُ ألَم
ورُبّ أزهَرَ يُلقى هامُهُ هَدَراً،
كما يُقَطُّ، لأدنَى عِلّةٍ، قَلَم(41/271)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ اليَهوديّ خلّى جَهلُهُ امرأةً،
إنّ اليَهوديّ خلّى جَهلُهُ امرأةً،
رقم القصيدة : 5076
-----------------------------------
إنّ اليَهوديّ خلّى جَهلُهُ امرأةً،
كانت عَقيماً، وخيرُ النّسوةِ العُقُمُ
ماذا أرادَ، لحاهُ اللَّهُ، مِن ولَدٍ،
يلقَى، من الدّهرِ، ما يُرْدي وما يَقِم؟
أمَا تحاولُ، إنْ طالَتْ تجارِبُها،
بُرءاً من السّقمِ، هذي الأنفسُ السقُم
مثلُ البَهائمِ، غَرّتها سَلامَتُها؛
واللَّهُ يُمْهِلُ حِيناً ثمّ يَنْتَقِمُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الجُلُّ مُودٍ، ولا جُلمودَ يتركُهُ
الجُلُّ مُودٍ، ولا جُلمودَ يتركُهُ
رقم القصيدة : 5077
-----------------------------------
الجُلُّ مُودٍ، ولا جُلمودَ يتركُهُ
ريبُ الزّمانِ، فأنّى يخلُدُ القَزَمُ؟
شدّتْ عليهمْ مَناياهمْ تُوَسّطُهمْ،
كالخَيلِ شُدّتْ على أوْساطِها الحُزُم
لا تسألوا النّاسَ، واغدوا آكلي مَقِرٍ؛
إنّ النّفوسَ، على إمساكِها، عُزُم
لعلّ أربابَ أيدٍ، للنّدى، بُسطَتْ،
يَومَ الحِسابِ، على أيديهمُ أُزُم
لا وِرْدَ لي ، والمطايا في خزائمِها،
وكلُّ صاحبِ سنٍّ، حبلُهُ خَزَم
ما لي أرى حُزَماءَ النّاسِ في شَرَقٍ،
كأنّما الحزمُ، في أحشائهمْ، حَزَم؟
يا نسوةَ الحيّ! إن كنتنّ أظْبيَةً،
فكلَّكنّ يصيدُ الخادرُ الرّزم
كُثَيّرٌ أنا في حَرْفي، أهَبْتُ لَهُ
في التّاءِ، يلزمُ حرفاً ليس يلتزِم
والمَرءُ يَرفَعُ أفعالاً، فتَخفِضُهُ،
حتى إذا ماتَ أضحَى، وهو منجَزم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هل ألهمَتْ يَثرِبٌ، يوماً مثرّبَها
هل ألهمَتْ يَثرِبٌ، يوماً مثرّبَها
رقم القصيدة : 5078
-----------------------------------
هل ألهمَتْ يَثرِبٌ، يوماً مثرّبَها
أنْ ليسَ يخلدُ، مِن آطامِها، أُطُمُ؟
كانت تَضُمُّ رجالاً، تحتَ أعينُهمْ
معاطسٌ، لم تذلّلْ عزّها الخُطُمُ
أيْدٍ، إذا بَسطوها للعُلا وصَلوا؛(41/272)
وأوْجُهٌ لا تُغادي مثلَها اللُّطَمُ
وأرْضَعَ المَجدُ أطفالاً، وأمّلَهمْ
دهرٌ، فماتوا أولي شَيْبٍ، وما فُطموا
ضراغِمٌ كالقُطاميّاتِ، ليسَ لها،
إلى أكيلٍ، سوى أعدائها، قطِم
والنّاسُ مثلُ سوامٍ، لا حُلومَ لهمْ،
يَسوقُهُ للمَنايا سائِقٌ حُطَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> المرءُ كالنّارِ تَبدو عندَ مَسقَطِها
المرءُ كالنّارِ تَبدو عندَ مَسقَطِها
رقم القصيدة : 5079
-----------------------------------
المرءُ كالنّارِ تَبدو عندَ مَسقَطِها
صغيرةً، ثمّ تَخبو حينَ تَحتَدِمُ
والنّاسُ بالنّاسِ من حَضْرٍ وبادِيَةٍ،
بعضٌ لبعضٍ، وإن لم يَشعُروا، خدَم
وكلُّ عُضوٍ لأمرٍ ما يُمارِسُهُ،
لا مشيَ للكفّ بل تمشي بكَ القَدمَ
وعالَمٌ ظَلّ فيهِ القولُ مُختَلِفاً،
ومُحدَثٌ هوَ منْ ربٍّ لهُ القِدَمُ
فاذخَرْ لنَفسِكَ خَيراً كيْ تُسَرّ بهِ،
فإنْ فعلتَ، وإلاّ عادَكَ النّدَم
شعراء الجزيرة العربية >> علي أحمد باكثير >> أمس واليوم
أمس واليوم
رقم القصيدة : 508
-----------------------------------
ياحبيبي برد العقد ولم يبرد على الرشف صداي
وانقضى أو أوشك الليل ولمَّا أقضِ من فيك مُناي
***
أه ما أحلاكَ في قلبي وعيني وذراعي ولساني
ليتني أفنى بعينيك فأحيا في نعيمٍ غير فانِ
***
لو عبرنا الدهر ضماً واعتناقاً لا أرى يُشفى غليلي
يا حياتي ساعةٌ تعدل منك الدهر ليست بالقليلِ
***
أنت دنياي وديني ومعادي وهداي
ليت شعري عنك يا روحي أنفسي أنت أم أنت سواي؟
***
يا حياة الروح هل صاغك ربي من فؤادي وهواه
أم براني الجسدَ الهامدَ مَن أودع لي فيك الحياه؟
***
ذاك أو هذا فإنّا مهجةٌ في جسدين
فإذا نحنُ اعتنقنا فمُصلٍّ ضم لله اليدين
***
واليوم
وانطوى العهدُ وأُفردتُ لأشقى عائشاً في نصفِ روحِ
ليته نصفٌ سليمٌ غير ممنيٍّ بأشتاتِ الجروحِ
***
فلأمتْ بعدكَ كي ألقاكَ أو فلأحيَ بالذكرى لحين
وعزائي في يقين أنني ألقاكَ في دار اليقينْ(41/273)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو يُترَكونَ وهذا اللُّبَّ ما قبلوا
لو يُترَكونَ وهذا اللُّبَّ ما قبلوا
رقم القصيدة : 5080
-----------------------------------
لو يُترَكونَ وهذا اللُّبَّ ما قبلوا
مَيناً يُقالُ، ولكنْ شالَتِ الجِذَمُ
أتَوْهمُ بأحاديثٍ، وقيلَ لهمْ:
قولوا صدَقْنا، وإلاّ أُروِيَ الخذِم
وأرْهبَتْهمْ جفونٌ، ملؤها نُوَبٌ؛
وأرْغَبَتهُمْ جِفانٌ، للنّدى، رُذُم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> النّاسُ، إنْ لم تُنَبّهْهُمْ قيامَتُهمْ،
النّاسُ، إنْ لم تُنَبّهْهُمْ قيامَتُهمْ،
رقم القصيدة : 5081
-----------------------------------
النّاسُ، إنْ لم تُنَبّهْهُمْ قيامَتُهمْ،
أوْ نُبّهوا، فترابٌ ما لهم قِيَمُ
يؤمّلُ القومُ، عندي، شيمةً حسُنَتْ،
وشيمةُ الدّهرِ أن لا تَحسُنَ الشيَم
ما زالَ يَبخَلُ، حتى ما يَصوبُ حياً،
فهلْ تَعَلّمَ بُخلَ العالَمِ الدِّيَم؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُقالُ: أنْ سوفَ يأتي، بعدنا، عصرٌ
يُقالُ: أنْ سوفَ يأتي، بعدنا، عصرٌ
رقم القصيدة : 5082
-----------------------------------
يُقالُ: أنْ سوفَ يأتي، بعدنا، عصرٌ
يُرضى، فتضبِطُ أُسْدَ الغابةِ الخُطمُ
هيهاتَ هيهاتَ، هذا مَنطِقٌ كذِبٌ،
في كلّ صقرِ زمانٍ كائِنٌ قَطِم
ما دامَ، في الفَلَك، المِرّيخُ، أو زُحلٌ،
فَلا يَزالُ عُبابُ الشرّ يَلتَطِم
وإنْ تَغَيّرَتِ الأفلاكُ، وانعَكَستْ
بالسّعد، فالوَهدُ يُبنى فوْقَهُ الأُطُم
هبِ الفَتى نالَ أقصى ما يؤمّلُه،
ألَيسَ راعي المَنايا، خلفَه، حُطَم؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هل تُمسِكُ، الماءَ لي، مزادي،
هل تُمسِكُ، الماءَ لي، مزادي،
رقم القصيدة : 5083
-----------------------------------
هل تُمسِكُ، الماءَ لي، مزادي،
من بعدِ ما فُرّيَ الأديمُ؟
تَمادَتِ الكأسُ بالنّدامَى،
وحُقّ أن يَندَمَ النّديم
ما في بَني آدَمٍ غَنيٌّ،(41/274)
بل كلُّهم مُقترٌ عديم
يَغنى الذي ما لَهُ فَناءٌ،
وذلكَ الواحدُ القَديم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَصائبُ هذهِ الدّنيا كثيرٌ،
مَصائبُ هذهِ الدّنيا كثيرٌ،
رقم القصيدة : 5084
-----------------------------------
مَصائبُ هذهِ الدّنيا كثيرٌ،
وأيسرُها على الفَطِنِ الحِمامُ
مُصابٌ، لا تُنَزَّهُ عَنهُ نَفسٌ،
ولا يُقضَى، بمدْفعِهِ، الذّمام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجدتُ الشرَّ يَنفَعُ كلَّ حينٍ،
وجدتُ الشرَّ يَنفَعُ كلَّ حينٍ،
رقم القصيدة : 5085
-----------------------------------
وجدتُ الشرَّ يَنفَعُ كلَّ حينٍ،
ومن نَفعٍ بهِ حُمِلَ الحُسامُ
وليسَ الخَيرُ في وسعِ اللّيالي،
فكَيفَ نَسومُها ما لا يُسام؟
وفي الحَيوانِ شِرْكٌ بينَ أرْضٍ
وجَوٍّ، سوفَ يُدرِكُهُ انقسام
فراقُ الرّوحِ هذا الجسمَ، فيهِ،
على نَوْعَيْهِما، نِعَمٌ جِسام
وما نأت القَرابَةُ من رِجالٍ،
أبوهمْ يافثٌ، وأبوكَ سام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا لؤُمَ الفتى لم يَخشَ ممّا
إذا لؤُمَ الفتى لم يَخشَ ممّا
رقم القصيدة : 5086
-----------------------------------
إذا لؤُمَ الفتى لم يَخشَ ممّا
يُقالُ، وإنْ تَرادَفهُ المَلامُ
وما كانتْ كِلامُ السّيفِ، يوماً،
لتَبلُغَ مثلَ ما بلَغَ الكَلام
تَحارَبُ أنفُسٌ وتُسَرُّ، حتى
يُظَنّ الصّلحُ فيها والسَّلام
وبَينَ جَوانحِ الأقوامِ نارٌ،
يُورّي، عن تَلَهّبِها، السّلام
وبعدَ الخَيرِ ناقضُهُ، وأعيا
نَهارٌ لَيسَ يَعقِبُهُ ظَلام
أنوءُ مَعَ الخُطوبِ إلى أمورٍ،
لشخصي، دونَ موقعها، اصطلام
ويجري سابحي، وله عيوبٌ؛
ويَقطَعُ صارمٌ، وبه انثلام
ويصبحُ، في الحجى، التشريقُ رُزءاً،
وأنّى يُبهجُ الرُّكنَ استلام؟
وبَعضُ حَواصلِ الأسماءِ دلّتْ،
على تَعريفِهِ، ألِفٌ ولام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فَوارِسُ خَيلِكُم تُعطى مُناها،
فَوارِسُ خَيلِكُم تُعطى مُناها،(41/275)
رقم القصيدة : 5087
-----------------------------------
فَوارِسُ خَيلِكُم تُعطى مُناها،
إذا دَمّى نَواجذَها الشّكيمُ
وفي بِيضِ السّيوفِ بَياضُ عَيشٍ،
بذلكَ، فاعَلموا، نَطَقَ الحَكيمُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لوْ كانَ لي أمرٌ يُطاوَعُ لم يَشِنْ
لوْ كانَ لي أمرٌ يُطاوَعُ لم يَشِنْ
رقم القصيدة : 5088
-----------------------------------
لوْ كانَ لي أمرٌ يُطاوَعُ لم يَشِنْ
ظهرَ الطّريق، يَدَ الحَياةِ، مُنَجّمُ
أعمَى بخيلٌ، أو بَصيرٌ فاجِرٌ،
نوءُ الضّلالِ به مرِبٌّ مَثجَم
يَغدو بزَخرَفَةٍ يُحاوِلُ مكسَباً،
فيُديرُ أَسْطَرْلابَهُ ويُرَجِّم
وقَفَتْ به الوَرْهاء، وهيَ كأنّها،
عنَ الوُقوفِ، على عَرينٍ تَهجُم
سألَتْهُ عن زوجٍ لها متَغَيّبٍ،
فاهتاجَ يكتبُ بالرِّقانِ ويُعْجِم
ويقول: ما اسمُكِ واسمُ أمُكِ؟ إنّني
بالظنّ، عمّا في الغيوبِ، مُترجِمُ
يُولي بأنّ الجنّ تَطرُقُ بَيتَهُ،
ولَهُ يَدِينُ فَصيحُها والأعجَم
والمَرءُ يكدَحُ في البِلادِ، وعرِسُهُ
في المَصرِ تأكلُ من طَعامٍ يُوجَم
أفَما يَكُرُّ على مَعيشَتِهِ الفتى،
إلاّ بما نَبَذَت إلَيهِ الأنجُمُ؟
رَجْمُ التّنائِفِ بالرّكابِ أعَزُّ منْ
كسْبٍ يحقُّ لربّهِ لو يُرجَم
آهٍ لأسرارِ الفُؤادِ غَوالياً،
في الصّدرِ أسترُ دونَها، وأُجَمجِم
عَجباً لكاذِبِ مَعشَرٍ لا يَنثَني،
غبَّ العقوبةِ، وهوَ أخرسُ أضجم
كيفَ التخَلُّص، والبَسيطةُ لُجّةٌ،
والجوُّ غَيمٌ، بالنّوائبِ، يَسجُم؟
فَسَدَ الزّمانُ، فلا رَشادٌ ناجمٌ
بَينَ الأنامِ، ولا ضَلالٌ مُنجِم
أسرِجْ وألجِمْ للفِرارِ، فكلُّهمْ،
فيما يَسوءُكَ، مُسرِجٌ أو مُلجِم
والخَيرُ أزهرُ، ما إلَيهِ مُسارِعٌ،
والشرُّ أكدَرُ، ليسَ عَنهُ مُحجِم
ضَحِكوا إليك، وقد أتَيتَ بباطِلٍ،
ومتى صدَقتَ، فهمْ غِضابٌ رُجَّم
يحميك منهمْ أن تَمرّ عليهِمُ،
فإذا حلَوتَ، عدَتْ عليك العُجَّم(41/276)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> العالَمُ العالي، برَأيِ مَعاشِرٍ،
العالَمُ العالي، برَأيِ مَعاشِرٍ،
رقم القصيدة : 5089
-----------------------------------
العالَمُ العالي، برَأيِ مَعاشِرٍ،
كالعالَمِ الهاوي، يُحِسُّ ويَعلمُ
زعَمَتْ رجالٌ: أنّ سَيّاراتِه
تَسِقُ العُقولَ، وأنّها تتكلّم
فهَلِ الكواكبُ مثلُنا في دينِها،
لا يَتّفِقْنَ، فهائِدٌ أو مُسلِم؟
ولعلّ مكّةَ في السّماءِ كمَكّةٍ،
وبها نضادِ ويذبُلٌ ويلَملم
والنّورُ، في حكمِ الخواطرِ، محدَثٌ،
والأوّليُّ هوَ الزّمانُ المُظلِم
والخَيرُ، بينَ النّاسِ، رَسمٌ داثِرٌ،
والشرُّ نَهجٌ، والبريّةُ مَعلَم
طَبعٌ خُلِقتَ علَيهِ ليسَ بزائلٍ،
طولَ الحياةِ، وآخرٌ متعلَّم
إنْ جارَتِ الأُمَراءُ جاءَ مؤمَّرٌ
أعْتى وأجورُ، يستَضيمُ ويكلِم
كحمائمٍ ظَلمتْ، فنادى أجدلٌ:
إن كنتِ ظالمَةً، فإنّي أظلَم
أرأيتَ أظفارَ الضّراغمِ عُوّدَتْ
فِرَةً، وأظفارَ الأنيسِ تُقَلَّم؟
وكذاكَ حكمُ الدّهرِ في سكّانِهِ،
عَيرٌ له أُذُنٌ، وهيقٌ أصلم
إن شئت أن تُكفى الحِمام فلا تعشْ
هذي الحياةُ إلى المَنيّةِ سُلّم
ماذا أفَدْتَ بأنّ دهرَكَ خافِضٌ،
وغناكَ مُنبَسطٌ، وعِرْسك غَيلم؟
أحسنْ بدنيا القومِ، لو كانَ الفتى
لا يُقتضَى، وأديمُهُ لا يحلَم
وكأنّما الأخرى تَيَقُّظُ نائمٍ؛
وكأنّما الأولى مَنامٌ يُحلَم
يتَشَبّهُ الطّاغي بطاغٍ مثلِهِ،
وأخو السّعادَةِ بينهمْ مَن يَسلَم
في النّاسِ ذو حِلمٍ يُسَفّهُ نَفسَهُ
كَيما يُهابَ، وجاهلٌ يَتحَلّم
وكِلاهُما تَعِبٌ، يحاربُ شيمَةً
غلَبَتْ، فآضَ، بحرْبِها، يتألّم
فالزَم ذَراك، وإن تشعّثَ جُدْرُه،
فالعِسُّ قد يُرويكَ، وهوَ مثلَّم
شعراء الجزيرة العربية >> علي أحمد باكثير >> ربيع
ربيع
رقم القصيدة : 509
-----------------------------------
يا من تفتَّح كالربيع لناظري
فلمحتُ فيه شقائقاً وبهارا
والفُلَّ يشرقُ بالضياءِ وبالشَّذا(41/277)
والنرجسَ النعسان والنُّوَّارا
والوردَ مخموراً يتمتم : ويحكم
هيا اغنموا مُتع الحياةِ قصارا
متباين الألوانِ ألَّفَ بينها
ذوق يبلبلُ سرُّه الأفكارا
تلك المفاتنُ ينتهين لغايةٍ
ولقد يريبك أنها تتبارى
أمثولةُ الحسنِ البديعِ مرامُها
تطوى لها المضمارَ فالمضمارا
فكأنَّها أحزابُ شعبٍ راشدٍ
كلٌّ يجمِّع حوله الأنصارا
يتنافسون، وإنَّما مرماهم
تحقيق آمال البلادِ كبارا
ما للجمالِ وللسياسة؟ إنَّه
أهدى إلى قصد السبيلِ منارا
هو عالم ننساب في أطيافه
ونعانق الأنداء والأنوارا
من ضلَّ في ساحاته كمن اهتدى
وكمن صحا من لا يفيق خُمارا
*****
*****
يا من تفتَّح كالرَّبيع لناظري
أضرمتَ ما بين الجوانح نارا
أسكرتَ روحي بالسَّنا فذهلتُ عن
نفسي، وخلتُ العالمين سكارى
وسهوتُ عن زمني فلستُ بمثبتٍ
أسكرتُ ليلاً أم سكرتُ نهارا
رمتُ الكلامَ، فحار في شفتي كما
تاه الجمالُ بناظريك وحارا
ماذا أقول وكلُّ لفظٍ شاردٌ
عيناك أعظم أن تطيق حوارا
عيناك أقوى بالحياة وفيضِها
زخراً وأعمق في الحياةِ قرارا
*****
*****
لبصرتُ بالتُّفّاح يلعن نفسَه
لما أبيتَ مساسه استكبارا
كم ودَّ لو يلقى الشهادةَ في فمٍ
يهبُ الخلودَ وينهبُ الأعمارا
ما كان ضرَّك لو مسحتَ جبينَهُ
فأحاله لهبُ الحياةِ نُضارا
أو لو قبلتَ فداءَه فجعلتَهُ
معنى يحيطُ به الجمال إطارا
أم غِرتَ منه؟ فيا لقلبك قاسياً
ماذا تركت لحسنه فتغارا؟
يكفيه في زيناتِه أن يكتسي
شفقاً له من وجنتيك مُعارا
ما كان إلا خادماً لك طائعاً
يقفو خُطاك يُقبِّلُ الآثارا
راجع فؤادك في أحقِّ مورَّدٍ
برضىً وأكرمِ مُشبهيك نِجارا
تغفو وتصحو وهو في صلواته
لخدودك الآصالَ والأسحارا
أما نثارُ الوردِ إذ بدَّدته
فلو استطاع من السرور لطارا
ألأنَّه يحكي القلوب بشكله
عبثت يداك بشمله استهتارا؟
إهنأ بظُلمك، فالقلوب تودُّ لو
تُلقى لديك على البساط نثارا
ويح القلوب غلوتَ في بغضائها
فمقتَّ من جرَّائِها الأشعارا(41/278)
أتلوم أرضاً -يا غمامُ- بخيرها
حفلت، وأنت فجرتها أنهارا
أهبطتَ شاكسبير من عليائِه
وأزحت عن كرسيِّه مهيارا
ووقفت في وجه الخلودِ، فهل تُرى
تطوي الخلودَ وقد طوى الأدهارا؟
لن تستطيع، فمن جمالك دونه
سدٌّ يقيه سطوك الجبَّارا
*****
*****
رفقاً بحبَّاتِ القلوبِ تسومُها
سوءَ العذابِ وما جنت أوزارا
ألأنَّها تهفو لحسنك كلَّما
لمحته أو هجست به تذكارا
يا لائمَ الأوتار في إرنانها
مهلاً، بنانُك تضربُ الأوتارا
يا طاوي الأقدار تحت جفونه
حتَّى لنخشاهُنَّ لا الأقدارا
لمَّا أبيتَ على مشاعرنا الهوى
هلاَّ مسختَ قلوبَنا أحجارا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دَهرٌ يَمُرُّ كما ترى، فأهلّةٌ
دَهرٌ يَمُرُّ كما ترى، فأهلّةٌ
رقم القصيدة : 5090
-----------------------------------
دَهرٌ يَمُرُّ كما ترى، فأهلّةٌ
تَنْمي لتكمُلَ، أو بدورٌ تسقَمُ
وتُحِبُّ أن يُثنى عليكَ بأنّكَ الـ
ـبَرُّ التقيُّ، وأنتَ صِلٌّ أرقَم
وشَهادَةٌ لكَ أنّ خُلقَكَ يُجتنى
ليُصابَ شَهداً، وهو صابٌ عَلقم
تَجني، فتنقمُ ما كرِهْتَ، وكلُّ ما
تجنيهِ تحْسبُ أنّهُ لا ينقَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كلٌّ تَسيرُ بهِ الحَياةُ، وما لَهُ
كلٌّ تَسيرُ بهِ الحَياةُ، وما لَهُ
رقم القصيدة : 5091
-----------------------------------
كلٌّ تَسيرُ بهِ الحَياةُ، وما لَهُ
علمٌ على أيّ المَنازِلِ يَقدُمُ
ومنَ العَجائبِ أنّنا بجَهالَةٍ
نَبني، وكلُّ بِناءِ قَومٍ يُهدمَ
والمرءُ يَسخَطُ، ثمّ يرضَى بالذي
يُقضى، ويوجدُه الزّمانُ ويُعدِم
ويَلَذُّ أطعمَةَ البَقاءِ، وخَيرُها،
كالسّمّ، يُخلَطُ بالحِمامِ ويُؤدَم
والدّهرُ يَقدُمُ عن تَرادفِ أعصُرٍ،
فيغيبُ أعصُرُ في الخطوبِ ويقدُم
ذكرَ القريضُ ربيعةَ بنَ مُكَدَّمٍ،
وليُنسَينّ ربيعةٌ ومُكَدَّم
ونَرومُ دُنيانا، وما كَلِفٌ بها
إلاّ الفَنيقُ يَظَلُّ، وهوَ مسدَّم
هُوِيَتْ، وقد خدَمتْ، ولم ترَ خدمة،(41/279)
وتَعرّضَتْ لكَ، إذ أُهينتْ، تخدُم
وأَضيعُ أوقاتي بغَيرِ نَدامَةٍ،
ويَفوتُني الشيءُ اليَسيرُ فأندَم
منعَ الفتى هَيناً، فجرّ عَظائِماً،
وحمَى نميرَ الماءِ، فانبَعثَ الدّم
وجديدُ عيشتِنا الشبابُ، فإن مضَى،
فقميصُنا خَلقُ اللّباسِ مَردَّم
والجسمُ ظرْفُ نوائبٍ، وكأنّهُ
ظرفٌ يؤخَّرُ، تارةً، ويُقدَّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُنياكَ أشبَهَتِ المُدامَةَ: ظاهرٌ
دُنياكَ أشبَهَتِ المُدامَةَ: ظاهرٌ
رقم القصيدة : 5092
-----------------------------------
دُنياكَ أشبَهَتِ المُدامَةَ: ظاهرٌ
حسَنٌ، وباطنُ أمرِها ما تَعلَمُ
والدّهرُ يصمُتُ غَيرَ أنّ خطوبَةُ
تُرجِمنَ، حتى خِلتُهُ يتكَلّم
أنفِقْ لتُرْزَقَ، فالثّراءُ الظِّفرُ إنْ
يُترَكْ يَشِنْ، ويَعودُ حينَ يُقَلَّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> آناءُ ليلِكَ والنّهارِ، كلاهُما،
آناءُ ليلِكَ والنّهارِ، كلاهُما،
رقم القصيدة : 5093
-----------------------------------
آناءُ ليلِكَ والنّهارِ، كلاهُما،
مثلُ الإناء، منَ الحوادثِ، مُفعَمُ
وإذا الفَتى كَرِهَ الغَواني واتّقَى
مَرَضاً يَعودُ وضَرَّهُ ما يُطْعَم
فقد انطوَتْ عنهُ الحياةُ، وكاذبٌ
من قالَ عنهُ: يبيتُ، وهوَ منعَّم
ركبَ الزّمانَ إلى الحِمامِ بُرغمِه،
ورأى المَنيّةَ ليسَ فيها مَرغَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وعَظَ الزّمانُ، فما فهمتَ عظاتِه،
وعَظَ الزّمانُ، فما فهمتَ عظاتِه،
رقم القصيدة : 5094
-----------------------------------
وعَظَ الزّمانُ، فما فهمتَ عظاتِه،
وكأنّهُ، في صَمتِهِ، يَتَكَلّمُ
لو حاوَرَتكَ الضّأنُ قال حَصيفُها:
الذّئبُ يظلِمُ، وابنُ آدمَ أظلَم
أطرَدتَ عنّا فارِساً ذا رُجلَةٍ،
ساقتْهُ حاجتُهُ وليْلٌ مُظلِم
ويَزيدُهُ عُذْراً، لدينا، أنّهُ
سدرَانُ، ليسَ بعالِمٍ ما تَعلَم
تهوَى سلامَتَنا وترعَى سَرْحَنا
وحرَابُ ضارٍ من حرابِكَ أسلَم(41/280)
أظفارُكَ اسْتَعلتْ إلى أظفارِهِ
بأساً، وتلكَ وقَتْ وهذي تُقْلَم
لو كان غُصناً، في المَنابتِ، ناضراً،
لألَمّ يذبُلُ يذبُلٌ ويَلملَم
صَبراً على دُنياكَ يَنقضِ حِينُها،
فكأنّها حُلمٌ بنَومٍ يُحْلَم
ولرُبّما قضَتِ الأناةُ مآرِباً
من نازِحٍ، ولكلّ عالٍ سُلّم
والنّاسُ شتّى من حُلومٍ: مُظهراً
جَهلاً يَعُرُّ، وجاهلٌ يَتَحَلّم
فارَقتَ فاستَعْلَتْ همومُك والمدى
يأسو، بطولِ مرورِهِ، ما يُكلَم
وإذا يَدٌ قُطِعَتْ، فإنّ عشيرَها،
لو حُرِّقَتْ بالنّارِ، لا يتَألّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لفَعالِكَ المذموم ريحُ حوابِسٍ،
لفَعالِكَ المذموم ريحُ حوابِسٍ،
رقم القصيدة : 5095
-----------------------------------
لفَعالِكَ المذموم ريحُ حوابِسٍ،
ولفِعلِكَ المَحمودِ ريّا تَفغَمُ
والطبعُ أحكمَه المليكُ، فلن تَرَى
حجراً يقول، ولا هِزَبْراً يَبغُمُ
وإذا غَدوتَ على القَضاءِ مُغالِباً،
فأذاكَ تَستَمري، وأنفكَ تَرغَم
أيكونُ رفعٌ للشّرورِ، فيَنتَهي
غاوٍ، ويقنَعُ، بالنباتِ، الضَّيغم؟
والمَوتُ أصدَقُ حادِثٍ وأصَحُّه،
وكأنّهُ كَذِبٌ يُسَرُّ فينغُم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> العَقلُ يُخبرُ أنّني في لُجّةٍ
العَقلُ يُخبرُ أنّني في لُجّةٍ
رقم القصيدة : 5096
-----------------------------------
العَقلُ يُخبرُ أنّني في لُجّةٍ
من باطلٍ، وكذاكَ هذا العالَمُ
مثل الحجارةِ، في العِظاتِ، قلوبُنا،
أو كالحديدِ، فلَيتَنا لا نألَمُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لم تَلقَ في الأيّامِ إلاّ صاحِباً
لم تَلقَ في الأيّامِ إلاّ صاحِباً
رقم القصيدة : 5097
-----------------------------------
لم تَلقَ في الأيّامِ إلاّ صاحِباً
تأذى بهِ، طولَ الحَياةِ، وتألمُ
ويَعُدُّ كونَكَ، في الزّمانِ، بليّةً،
فاصبرْ لها، فكذاكَ هذا العالَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الشُّهبُ، عظّمَها المليكُ ونَصّها(41/281)
الشُّهبُ، عظّمَها المليكُ ونَصّها
رقم القصيدة : 5098
-----------------------------------
الشُّهبُ، عظّمَها المليكُ ونَصّها
للعالمينَ، فَواجبٌ إعْظامُها
وأرى الحياةَ، وإن لهجتَ بحبّها،
كالسّلكِ، طوّقكَ الأذاةَ نَظامُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عميانُكم قرأتْ على أجداثِكم،
عميانُكم قرأتْ على أجداثِكم،
رقم القصيدة : 5099
-----------------------------------
عميانُكم قرأتْ على أجداثِكم،
وأتَوْا لكمْ بالبِرّ مَن آتاكمُ
أحياؤكم بخلَتْ عليهم بالنّدى،
فبَغوهُ بالفُرقانِ من موْتاكم
كم توعَظونَ فلا تَلينُ قلوبُكم،
فتَبارَكَ الخَلاّقُ ما أعتاكم
لا تأذَنون إلى النُّهاةِ، مَصيفَكم،
وتجانبونَ البِرّ في مشتاكم
إنّ الضّلالَةَ كالغريزةِ فيكمُ،
يأوي إليها كهلُكم وفتاكم
شعراء الجزيرة العربية >> علي أحمد باكثير >> ما هو الكون ؟
ما هو الكون ؟
رقم القصيدة : 510
-----------------------------------
خلق الله للجمال قلوباً
اجتباها من صفوة الشعراءِ
سكب النور في قلوبهم السو
دِ فعادت تموج بالأضواءِ
واستحالت مرائياً يعكس الكو
نُ عليها ما عنده من مراءِ
واقفاً ناظراً محياه فيها
في غرورٍ كوقفة الحسناءِ
*****
*****
ما هو الكون غير ذاك الضعيف الـ
ـحول يسطو به على الأقوياءِ؟
ما هو الكون غير ذاك الي يشـ
ـفى به الداء وهو عين الداءِ ؟
غير ذاك الذي عليه تلاقى
ضربات السراء والضراءِ
غير ذاك الذي به تعثر الدنـ
ـيا على مرطها من الخيلاءِ
غير ذاك الذي به الحب والبغـ
ـضاءُ بين الأحباب والأعداءِ
غير ذاك الذي به امتحن اللـ
ـه قلوب العصاةِ والأتقياءِ
غير ذاك الذي به يلوذ النسـ
ـلُ ويغرَى الآباءُ بالأبناءِ
غير ذاك الذي به يصير الكو
نُ نسيماً على بساطِ اللقاءِ
غير ذاك الذي تجمع فيه
ما وعى حسنه من الأسماءِ
غير ذاك الذي إليه و منه
كل ما في الوجود من أشياءِ
ما هو الكون غير فتنة حوا
ءَ وما في حواءَ من إغراءِ ؟(41/282)
ليت شعري أكان للكون معنى
لو أتى آدمٌ بلا حواءِ ؟
*****
*****
*****
*****
عظمت دولة الجمال وعزت
وتعالى ما فيه من أسماءِ
بعض أسمائه يضيع به الدهـ
ـرُ فناء وما له من فناءِ
نفذت من أعماقه حكمة البا
ري وضاعت وساوس الحكماءِ
والسعيد السعيد من شم منه
أرجاً من حديقةٍ غناءِ
والسعيد السعيد من شهد اللـ
ـه على لوحِ نوره الوضاءِ
*****
*****
رب غاوٍ يلومني في نشيدي
وهو لا ينتهي عن الفحشاءِ
خاشع الطرف مطرق الرأسِ يمشي
بين خلين سمعةٍ ورياءِ
يظهر الفكر وهو في السر يغشى
ما تندى له جبينُ الحياءِ
وأنا الطاهر السراويل والبُر
دِ نقيُّ القميصِ عفُّ الرداءِ
ليس منى الفسوقُ تأباه في جسـ
ـمي دماءُ الأجدادِ والآباءِ
ينهل الحسن من غرامي ولكن
هو صديانُ يلتظي من إبائي
كل حبي طهرٌ وقدسٌ وتسبيـ
ـحٌ لربي وصيغةٌ من دعاءِ
أنا عبد الجمال حررتُ في معـ
ـبدهِ مهجتي بلا استثناءِ
مهرقاً في محرابه ذوب قلبي
ما تراه مضرجاً من دمائي؟
أعبد اللهَ فيه: أقرأُ فيه
آية الاقتدارِ والإنشاءِ
إن يكن في الحدود جسمي فروحي
تتهادى في العالم اللانهائي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أسرارُ نَفسِكَ في البلادِ، كأنّها
أسرارُ نَفسِكَ في البلادِ، كأنّها
رقم القصيدة : 5100
-----------------------------------
أسرارُ نَفسِكَ في البلادِ، كأنّها
أسرارُ وجهِكَ ما عليهِ لثامُ
وظهورُ تلكَ أباحَهُ لكَ ربُّها؛
وظهورُ هذي هَتكةٌ وأثام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دمعٌ، على ما يَفوتُ، منسكبٌ؛
دمعٌ، على ما يَفوتُ، منسكبٌ؛
رقم القصيدة : 5101
-----------------------------------
دمعٌ، على ما يَفوتُ، منسكبٌ؛
ما الكأسُ من همتي ولا الجامُ
نحنُ ذئابٌ ضَرّاؤنا مَدَدٌ،
لا أُسُدٌ، والثيابُ آجَام
والنّاسُ شتّى، جَرى بهمْ قدَرٌ،
إذا طَغَى لم يعُقْهُ إلجام
وعالمي في سَفاهَةٍ وخَنًا
عالِمُهُ، بالظّنونِ، رجّام
قد كتبَ اللَّهُ للرّدى صُحُفاً،(41/283)
وبانَ نَقْطٌ لها وإعْجام
فيا سَحابَ المَنونِ! سِلتِ بِنا،
هل لكِ، أُخرى الزمانِ، إنجام؟
تواصلتْ منكِ، بينَنا، دِيَمٌ،
وزيدَ فيها سَحٌّ وإثجام
كم أَسوَدٍ من أمامِهِ حُجُبٌ،
عليهِ ضيفُ الأذاةِ هجّام
وأحجَمَ القِرنُ عن فَوارِسهِ،
وما لَريبِ المَنونِ إحجام
تلكَ بلادُ النّباتِ ما سُقِيَتْ،
والغَيمُ فوقَ الرّمالِ سجّام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> توَقّ النِّساءَ على عِفّةٍ،
توَقّ النِّساءَ على عِفّةٍ،
رقم القصيدة : 5102
-----------------------------------
توَقّ النِّساءَ على عِفّةٍ،
ليَجْزيَكَ الواحِدُ القَيّمُ
فأبكارُهنّ ابتِكارُ البَلا،
وأيّمُهُنّ هيَ الأيّمُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعاذِلَ! إن ظلَمَتنا الملوكُ،
أعاذِلَ! إن ظلَمَتنا الملوكُ،
رقم القصيدة : 5103
-----------------------------------
أعاذِلَ! إن ظلَمَتنا الملوكُ،
فنَحنُ، على ضُعفِنا، أظلَمُ
توَسّطْ بنا سائراتِ الرّفاقِ،
لَعَلّ ركائبَنا تَسلَمُ
ألمْ تَرَ للشّعرِ، وهوَ الكَلا
مُ، يَبقى على الدّهرِ لا يُكلَم
آخِرُ أوتادِهِ مُوبَقٌ
بقَطعٍ، وأوّلُها يُثلَم
فلا تُسْرِعَنّ، فإنّ السّريـ
ـعَ يوقَفُ حقّاً، كما تَعلَم
فإنْ قلتَ: ثانيهِ لا وَقْفَ فيـ
ـهِ؛ قلنا: وثالثُهُ أصلَم
فلا تغبطنّ ذوي نعمَةٍ،
فخَلفَهمُ وقعَةٌ صَيلَم
تَسامَتْ قريشٌ إلى ما عَلمْـ
ـتَ، واستأثَرَ التُّرْكُ والدَّيلَم
وهلْ ينكرُ العَقل أنْ يَستَبـ
ـدَّ، بالملكِ، غانَيةٌ غَيْلَم؟
وما ظَفَرُ المَلكِ في جَيشِهِ،
سِوى ظَفَرٍ بالرّدى يُقلَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أنا الجائِرُ الظّالِمُ،
أنا الجائِرُ الظّالِمُ،
رقم القصيدة : 5104
-----------------------------------
أنا الجائِرُ الظّالِمُ،
ومولايَ بيْ عالِمُ
فَيا لكِ من يَقظَةٍ،
كأنّي بها حالِمُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَوارَ بِجنْحِ الظّلا
تَوارَ بِجنْحِ الظّلا(41/284)
رقم القصيدة : 5105
-----------------------------------
تَوارَ بِجنْحِ الظّلا
مِ، قد ظَلَمَ العالَمُ
أولاكَ قرونُ الصّلا
لِ، إن يؤذِنوا آلموا
هلالٌ، إذا حارَبوا،
ونَقْدٌ، إذا سالموا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تصَدّقْ على الأعَمى بأخذِ يمينِهِ،
تصَدّقْ على الأعَمى بأخذِ يمينِهِ،
رقم القصيدة : 5106
-----------------------------------
تصَدّقْ على الأعَمى بأخذِ يمينِهِ،
لتَهدِيَهُ، وامنُنْ بإفهامِكَ الصُّمَّا
وإنشادُكَ العَوْدَ، الذي ضَلّ، نعيُه
عليكَ، فما بالُ امرىءٍ حيثما أمّا؟
وأعطِ أباكَ النَّصْفَ حَيّاً ومَيّتاً،
وفَضّلْ عليهِ من كَرامَتها الأُمّا
أقلَّكَ خِفّاً، إذ أقَلّتْكَ مُثْقِلاً،
وأرضَعتِ الحوْلينِ، واحتَملَتْ تِمّا
وألقَتكَ عن جَهدٍ، وألقاكَ لذّةً،
وضمّتْ وشمّتْ مثلما ضمّ أو شمّا
وأحمدُ سمّاني كبيري، وقلّما
فعلتُ سوى ما أستَحِقُّ به الذّمّا
تُلِمُّ اللّيالي شأنَ قومٍ، وإنْ عفَوْا
زَماناً، فإنّ الأرض تأكلهمْ لمّا
يموتون بالحُمّى، وغَرْقَى، وفي الوَغى،
وشتى منايا، صادفت قدراً حُمّا
وسهل على نفسي، التي رُمتُ حزنها،
مَبيتُ سهيلٍ للركائبِ مؤتَمّا
وما أنا بالمَحزونِ للدّارِ أوحَشَتْ؛
ولا آسِفٌ إثَر المطيّ إذا زُمّا
فإنْ شئتمُ، فارموا سهوباً رحيبَةً؛
وإن شئتمُ، فاعلُوا مناكَبها الشَّمّا
وزاكٍ تردّى بالطّيالسِ وادّعى،
كذِمرٍ تَردّى بالصّوارِمِ واعتَمّا
ولم يكفِ هذا الدّهرَ ما حَمَلَ الفتى
منَ الثّقلِ، حتى ردّهُ يحمِلُ الهَمّا
ولو كان عقلُ النفس، في الجسم، كاملاً،
لما أضمَرَتْ، فيما يُلمُّ بها، غمّا
ولي أملٌ قد شبتُ، وهو مصاحبي،
وساوَدَني قبلَ السّوادِ، وما همّا
متى يُوِلكَ المرءُ الغَريبُ نَصيحَةً،
فلا تُقصِه، واحبُ الرّفيقَ، وإن ذمّا
ولا تَكُ ممّنْ قرّبَ العَبدَ شارِخاً،
وضَيّعَهُ إذا صارَ، من كبرٍ، هِمّا
فنعمَ الدّفينَ اللّيلُ، إن باتَ كاتماً(41/285)
هواكَ، وبُعداً للصّباح، إذا نَمّا
نهيتُكَ عن سهم الأذى ريشَ بالخنى،
ونصّلَهُ غيظٌ، فأُرْهِفَ أو سُمّا
فأرسلتهُ يَستَنهضُ الماءَ سائِحاً،
وقد غاضَ، أو يستنضِبُ البحرُ إذ طمّا
يُغادِرُ ظِمأً في الحَشا غَيرَ نافعٍ،
ولو غاضَ عَذباً، في جوانحهِ، اليمّا
وقد يَشبِهُ الإنسانُ جاءَ لرُشدِهِ
بَعيداً، ويَعدو شِبهُهُ الخالَ والعمّا
ولستُ أرى في مَوْلدٍ حُكمَ قائفٍ،
وكم من نَواةٍ أنبَتتْ سُحُقاً عُمّا
رَمَيتُ بنَزْرٍ من مَعائبَ، صادِقاً،
جَزاكَ بها أربابُها كَذِباً جَمّا
ضَمِنْتُ فؤادي للمَعاشرِ كلِّهمْ،
وأمسكتُ لمّا عظَموا الغارَ، أو خمّا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غَرائزُ لمّا أُلّفَتْ جَمَعتْ رَدًى،
غَرائزُ لمّا أُلّفَتْ جَمَعتْ رَدًى،
رقم القصيدة : 5107
-----------------------------------
غَرائزُ لمّا أُلّفَتْ جَمَعتْ رَدًى،
وهل يجدُ الخِلمُ الذي يحفظُ الخلما؟
فليتَ الفتى كالتُّربِ، لا يألَمُ الأذى،
وكالماءِ في الهيجاء، لا يأنفُ الكلما
ولولا حياةٌ في يَدي خلتُ أنملي
كأقلامِ بارٍ، غيرِ مُنكِرَةٍ قَلما
وما سَفَتِ الرّيحُ الرَّغامَ جَهالَةً،
ولا رَكَدَتْ قُدْسٌ وأترابُها حِلما
رأيتُ سَجايا النّاسِ فيها تَظالمٌ،
ولا ريبَ في عدْلِ الذي خلق الظّلما
إذا عِلميَ الأشياءَ جَرّ مَضَرّةً
إليّ، فإنّ الجَهلَ أن أطلبَ العِلما
وما رَضيتْ رضوى من الدّهر حُكمَه،
وإن كان سَلمى غيرَ مرزوقةٍ سِلما
عَفا اللَّهُ عن صافي الحِجَى متنَبِّهٍ،
يَرى خفضَهُ بؤسى ويَقظتَهُ حُلما
فَما روضُهُ مرْعىً، ولا يُسرُه غنًى،
ولا صَبحُهُ أضحَى، ولا ليلُهُ ألمى
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا سخِطتْ رُوحُ الفتى، فليقلْ لها:
إذا سخِطتْ رُوحُ الفتى، فليقلْ لها:
رقم القصيدة : 5108
-----------------------------------
إذا سخِطتْ رُوحُ الفتى، فليقلْ لها:
لعَمرُكِ ما وُفّقتِ أن تسكني الجسما(41/286)
فإنْ هيَ قالتْ: ما علمتُ، فربُّها،
منَ المَوتِ، يُعطيها لأدوائِها حَسْما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا مرّ أعمى، فارْحموهُ وأيقِنوا،
إذا مرّ أعمى، فارْحموهُ وأيقِنوا،
رقم القصيدة : 5109
-----------------------------------
إذا مرّ أعمى، فارْحموهُ وأيقِنوا،
وإنْ لم تُكَفّوا، أنّ كلّكمُ أعمَى
وما زالَ نعمَ الرأيُ لي أنّ منزلي،
كأنّيَ فيهِ مضمرٌ كَنّ في نِعما
غَدَوْتُ ابنَ وَقتي، ما تقضّى نسيتُهُ،
وما هوَ آتٍ لا أُحِسُّ له طَعما
وقالَ أُناسٌ: ما لأمرٍ حَقيقَةٌ؛
فهَل أثبَتوا أنْ لا شَقاءَ ولا نُعمى؟
وشكَّكَ في الإيجابِ والنّفيِ مَعشَرٌ
حيارى، جرَتْ خيلُ الضّلال بهم سَعما
فنَحنُ وهمْ في مَزْعَمٍ وتَشاجرٍ،
ويَعلَمُ ربُّ النّاسِ أكذَبَنا زَعْما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا أُلِفَ الشيءُ استَهانَ بهِ الفتى،
إذا أُلِفَ الشيءُ استَهانَ بهِ الفتى،
رقم القصيدة : 5110
-----------------------------------
إذا أُلِفَ الشيءُ استَهانَ بهِ الفتى،
فلم يرَهُ بؤسى، يُعَدُّ، ولا نُعمَى
كإنفاقِهِ من عُمرِهِ ومَساغِهِ
من الرّيقِ عَذباً لا يُحِسُّ له طعما
وما ارْتابَ في لُقْيا الرّدى، وكأنّهُ
حديثٌ أتَى من كاذبٍ يُبطلُ الزّعما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يحاوِلُ طِيناً أرمنيّاً، لَعَلّهُ
يحاوِلُ طِيناً أرمنيّاً، لَعَلّهُ
رقم القصيدة : 5111
-----------------------------------
يحاوِلُ طِيناً أرمنيّاً، لَعَلّهُ
يُدافعُ عَن حَوْبائِهِ قَدَراً حُمّا
لهُ أجلٌ، إن حانَ لم تَثنِهِ الرُّقَى؛
وإن لم يَحِنْ لم يخشَ من شربهِ السُّمَّا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هُياماً يَصيرُ الجسمُ في هامد الثّرى،
هُياماً يَصيرُ الجسمُ في هامد الثّرى،
رقم القصيدة : 5112
-----------------------------------
هُياماً يَصيرُ الجسمُ في هامد الثّرى،
فَما بالُكمْ بالآلِ يخدعُ هُيّامَا؟(41/287)
أرُوّامَ أمرٍ لا يصِحُّ جهِلتُمُ،
كأنّكُمُ لستمْ عنِ الأرض رُيّاما
وكم شيمَ، في غِمدٍ من التُّربِ، صارمٌ
وكان لبَرْقِ الغَيثِ والغِمدِ شيّاما
وهَتّكَتِ الأقدارُ، بعدَ صيانَةٍ،
أيامَى نساءٍ ما تخوّفنَ أيّاما
وعامَ أُناسٌ في بحارٍ من الرّدى،
وأمسوا إلى نَزرٍ من الرِّسل عُيّاما
بنَيتُمْ على الأمرِ القَبيحِ خِيامَكمْ،
وأُلفيتُمُ عن صالحِ الفعلِ خُيّاما
فيا ما أضلّ الناسَ عن سبُل الهدى،
وللدّهرِ لم يتركْ إيَاماً ولا ياما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أراكَ زنيماً، إنْ تَعَرّضتَ لَيلَةً
أراكَ زنيماً، إنْ تَعَرّضتَ لَيلَةً
رقم القصيدة : 5113
-----------------------------------
أراكَ زنيماً، إنْ تَعَرّضتَ لَيلَةً
لأُدمِ رماحٍ، أوْ لغزلانِ أزنما
غَنائمُ قَومٍ سوفَ يَنهَبُها الرّدى،
فلا تَدْنُ منها، واجعل النُّسك مغنما
يُزنِّمْنَ، بالدُّرّ الثّمينِ، مَسامعاً،
ويزجُرْنَ، للبينِ، السّوامَ المُزَنَّما
ولمّا تَناءَتْ بَلدَةٌ عَنَمِيّةٌ،
من الغَوْرِ، أبدَينَ البَنانَ المُعَنَّما
يُرِينَ، على ما ليسَ يمكن قدرَةً،
ويَعمَلنَ، في كيدِ الفوارِسِ، هِنّما
لدى سَمُراتِ الحيّ غادرنَ سامراً،
وخيّمنَ، للنّومِ، الرّفيعَ المنمنما
جِنانٌ ورضوانُ الذي هو مالِكٌ
لها عَنكَ يَنفي مالِكاً وجَهَنّما
حلُمنَ، وجُنّ الحَليُ من فرْطِ لهجةٍ،
فوَسوَسَ، من تحتِ الثيابِ، وهينما
وقد صمتتْ أحجالُها عن تَرَنّمٍ،
وأعيى غَريقاً، كُظّ، أن يترَنّما
فلا تَبكِ جُملاً، إنْ رأيتَ جِمالَها
تَسنّمنَ، من رملِ الغضا، ما تُسُنّما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعِكرِمَ! إنْ غَنّيتِ ألفَيتِ نادِباً،
أعِكرِمَ! إنْ غَنّيتِ ألفَيتِ نادِباً،
رقم القصيدة : 5114
-----------------------------------
أعِكرِمَ! إنْ غَنّيتِ ألفَيتِ نادِباً،
فلا تَتَغَنّيْ، في الأصائلِ، عِكرما
بنَظمٍ شَجا، في الجاهليّةِ، أهلَها،(41/288)
وراقَ، معَ البعثِ، الحنيفَ المخضرما
وقد هاجَ، في الإسلامِ، كلَّ مُوَلَّدٍ،
وأطرَبَ ذا نُسكٍ وآخرَ مُجرما
لكِ النّصحُ مني، لا أُغاديكِ خاتلاً
بمكرٍ، ولكني أُغاديكِ مُكرِما
إذا ما حذِرْتِ الصّقرَ يوماً فحاذري
أخا الإنسِ أيّاماً، وإن كان مُحرِما
يَصوغُ لكِ الغاوي، قلادَةَ هالكٍ
من الدّمِ، تُخبي وجدَكِ المتضرّما
وكم سحَقتْ كفّاهُ مثلَكِ في ضُحا
شَبيبَتِها، إذْ لم تَرَ الدّهرَ مُهرما
وراعَ، بقَهرٍ، من جناحكِ آمناً،
فظلّ، على الرّيشِ، النهوضُ مُحرَّما
وقد يُبرِمُ الحَينَ القَضاءُ بناشىءٍ،
يراوِحُ خيطاً، شدّهُ بكِ، مُبرَما
كما قَيّدَ السّلطانُ حِلفَ جنايَةٍ
ليَقتَصّ منهُ، أو ليُغرِمَ مَغرما
فزوري وبارَ القفرِ من كلّ وابرٍ،
وإلاّ فرومي خَلفَ ذلكَ مَخرما
بحيثُ توافينَ الصّحابيَّ مُعوزاً
من النّاس، والماءَ السّحابيَّ خِضْرِما
وحِلّي بقافٍ، إنْ أطَقْتِ بلوغَهُ،
فأفني لَدَيهِ عُمرَكِ المُتَصَرّما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد بكَرَتْ في خفّها وإزارِها،
لقد بكَرَتْ في خفّها وإزارِها،
رقم القصيدة : 5115
-----------------------------------
لقد بكَرَتْ في خفّها وإزارِها،
لتَسألَ بالأمرِ الضّريرَ المنَجِّما
وما عندَهُ عِلمٌ، فيُخبرَها بهِ؛
ولا هوَ من أهلِ الحِجا فيُرَجِّما
يَقولُ غداً، أو بعدهُ، وَقعُ دِيمةٍ،
يكونُ غِياثاً أن تَجوَد وتَسجُما
ويُوهِمُ جُهّالَ المَحلَّةِ أنّهُ
يظَلُّ، لأسرارِ الغيوبِ، مُترجِما
ولوْ سألوهُ بالذي فوقَ صَدرِهِ
لجاءَ بمَينٍ، أو أرَمّ وجَمجَما
كأنّ سَحاباً عَمَّهمْ بضَلالَةٍ،
فليسَ إلى يومِ القِيامةِ مُنجِما
إذا قالَ أهلُ اللبّ حان انسفارُهُ،
تَداركَهُ غيمٌ سواه، فأنجَما
فإن كنتَ قد وُفّقتَ فانجُ بوحدةٍ،
وخَلِّ البرايا من فَصيحٍ وأعجما
ولا تكُ فيما يكرَهُ القومُ ساعياً،
ولا مُسرِجاً في نصرِ غيرِك، مُلجِما(41/289)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو كانَ يدري أُوَيسُ ما جَنتْ يدُه
لو كانَ يدري أُوَيسُ ما جَنتْ يدُه
رقم القصيدة : 5116
-----------------------------------
لو كانَ يدري أُوَيسُ ما جَنتْ يدُه
لاختارَ، دونَ مُغار الثَّلّةِ، العَدَما
فإنّ من أقبَحِ الأشياِء يَفعَلُهُ
شاكي المَجاعةِ، يوماً، أن يُرِيقَ دَما
يا أوْسُ! هيهاتَ كم قابلت هاجرَةً،
أذكتْ عليكَ وقودَ الحَرّ، فاحتدَما
وكم طرَقتَ عَتوداً بينُ أعنزةٍ،
يوماً، ففرّيتَ من أحشائِهِ الأدَما
مُطَرَّداً بِتَّ لم تَبنِ الخِيامَ ضُحًى،
ولا تُراعُ، إذا ما بيتُكَ انهَدَما
وما كسوتَ، إذا قرٌّ أتَى، جسداً؛
ولا حذوتَ، حِذاراً للوَجَى، قدَما
جمَعتَ في كلّ ريٍّ سَلّةً وردَى
نفسٍ، فهلاّ سرقتَ القُرصَ والحدمَا
قدْ يَقصرُ النّفسَ، إعظاماً لبارِئِهِ،
على القَفارِ، منيبٌ طالما ائتَدما
ولا تَصومُ لوَجهِ اللَّهِ مُحتَسباً،
أم غيرَ صومِكَ أمسَى الهمَّ والسَّدَما
أتُضمِرُ التوْبَ من ضأنٍ تُرَوّعُها،
أم كانَ ذلكَ داءً فيكمُ قُدُما؟
ولو ظفرتَ، على حالٍ، بحاليَةٍ،
جزّأتَها ونَبذتَ السُّورَ والخَدَما
وهل نَدِمْتَ على طِفْلٍ فَجعتَ بهِ
أُمّاً، ومثلُكَ لا يَستَشعِرُ النّدمَا
ولا يُوارَى، إذا حَلّتْ مَنيّتُهُ،
ولا إذا ماتَ في غارٍ لهُ رُدِما
وكم ثوى لكَ جَدٌّ ما درى فطِنٌ،
منكم على أيّ أمرٍ، إذ مضَى، قدِما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَدعُو الغرابَ أناسٌ حاتماً سفهاً
يَدعُو الغرابَ أناسٌ حاتماً سفهاً
رقم القصيدة : 5117
-----------------------------------
يَدعُو الغرابَ أناسٌ حاتماً سفهاً
لأنّهُ بفِراقٍ عندَهمْ حَتَما
هذا التكذّبُ ، ما للجَوْنِ مَعرِفةٌ،
ولا يُبالي أنالَ المَدحَ أمْ شُتما
السّيّدُ البَرُّ مَن لا يستَجيزُ أذى
ولا يَبوحُ بسرٍّ، عندَهُ، كُتِما
الغامِرُ، الطّارِقُ المُحتاجَ نائِلُهُ،
أو ابنَ مِريَةَ من أُمّاتِهِ يَتِما(41/290)
لا يرفعُ الصّوت بالقولِ الهَراءِ ضُحًى
ولا يَدِبُّ إلى جاراتِهِ عَتَما
والعمرُ كالذّابلِ الخَطّيّ، قد بُسطتْ
له كعوبٌ، ولكنْ بالرّدَى خُتِما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جارانِ: شاكٍ ومَسرورٌ بحالَتِه،
جارانِ: شاكٍ ومَسرورٌ بحالَتِه،
رقم القصيدة : 5118
-----------------------------------
جارانِ: شاكٍ ومَسرورٌ بحالَتِه،
كالغَيثِ يَبكي، وفيهِ بارِقٌ بسَما
مالُ الدّفينِ أتَى الوُرّاثَ، فاقتَسموا،
ولم يُراعُوهُ في ثُلثٍ لهُ قسَما
لا أطعَموا منهُ مسكيناً، ولا بذَلوا
عُرْفاً، ولا كَفّروا، في حِنثهِ، قسَما
أوصَى فلم يَقبَلوا منهُ، وعاهَدَهم،
فقابَلوا بخلافٍ كلَّ ما رَسَما
والعيشُ داءٌ، وموتُ المَرءِ عافيَةٌ،
إنْ داؤهُ، بتَواري شخصه، حُسِما
أنفاسُهُ كخُطاهُ، والبَقاءُ لهُ
مَسافةٌ، فهوَ يَفنى كلّما انتَسما
مَنازِلُ الأنفُسِ الأجسادُ، يُظعِنُها
وَفدُ الحِمام، فكمْ من منزلٍ طَسَما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لمْ يكفِها نورُ خَديّها ونورُ نَقاً
لمْ يكفِها نورُ خَديّها ونورُ نَقاً
رقم القصيدة : 5119
-----------------------------------
لمْ يكفِها نورُ خَديّها ونورُ نَقاً
في ثَغرِها، فأصارَتْ عَشرَها عَنَما
كانتْ أضرَّ لأهلِ النُّسكِ من صَنَمٍ،
فليُبْعِدِ اللَّهُ تلكَ الخَوْدَ والصّنَما
لم يَغنَمِ القَيلُ، عُدَّتْ في الإماءِ لهُ،
بل مُظهِرُ الزّهدِ في أمثالِها غَنِما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الجِسمُ والرّوحُ من قبل اجتماعهما،
الجِسمُ والرّوحُ من قبل اجتماعهما،
رقم القصيدة : 5120
-----------------------------------
الجِسمُ والرّوحُ من قبل اجتماعهما،
كانا وَديعَينِ لا هَمّاً ولا سَقَما
تَفَرُّدُ الشيءِ خَيرٌ من تألّفِهِ
بغَيرِهِ، وتجُرُّ الأُلفَةُ النِّقَما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَفَضْتُ عَنّي تُراباً، وهوَ لي نسبٌ،(41/291)
نَفَضْتُ عَنّي تُراباً، وهوَ لي نسبٌ،
رقم القصيدة : 5121
-----------------------------------
نَفَضْتُ عَنّي تُراباً، وهوَ لي نسبٌ،
وذاكَ يُحسَبُ من قطعِ الفتى الرّحِما
يا هُونَ ما أوعدَ اللَّهُ العبادَ بهِ،
إن صارَ جسميَ في تحريقهِ فَحما
وإنّما هوَ تخليدٌ بلا أمَدٍ،
تَمضي الدّهورُ وَصالي النّارِ ما رُحِما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إسمَعْ مَقالَةَ ذي لُبٍّ وتَجربَةٍ،
إسمَعْ مَقالَةَ ذي لُبٍّ وتَجربَةٍ،
رقم القصيدة : 5122
-----------------------------------
إسمَعْ مَقالَةَ ذي لُبٍّ وتَجربَةٍ،
يُفدِك، في اليوم ما في دهره عَلِما
إذا أصابَ الفتى خَطبٌ يضِرُّ بهِ،
فلا يظنَّ جَهولٌ أنّهُ ظُلِما
قد طالَ عمريَ طولَ الظُّفر، فاتصَلتْ
بهِ الأذاةُ، وكان الحظُّ لو قُلِما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمّا حيَاتي، فما لي عندَها فرَجٌ،
أمّا حيَاتي، فما لي عندَها فرَجٌ،
رقم القصيدة : 5123
-----------------------------------
أمّا حيَاتي، فما لي عندَها فرَجٌ،
فلَيتَ شِعرِيَ عن مَوتي إذا قَدِما
صحبْتُ عيشاً أُعانيهِ ويغلِبُني،
مثلَ الوَليدِ يَقودُ المُصعَبَ السَّدِما
وقد مَللْتُ زَماناً، شرُّهُ لَهَبٌ،
إذا دَنا لخُبُوٍّ عادَ فاحتَدَما
مَن باعَني بحَياتي ميتَةً سُرُحاً،
بايَعْتُهُ، وأهانَ اللَّهُ من نَدِما
إذا أظَلّتْ من الأهواءِ مَهلَكَةٌ،
فَلا تَهابَنْ رداها، وامضِيَنْ قُدُما
والنفسُ تسمو، فإنْ تسغَبْ، فبغيتُها
قوتٌ، متى أُعطِيَتْهُ حاولتْ أُدُما
في طَبعِها حبُّها الدّنيا، وقد علمتْ
أنّ المَنيّةَ فينا حادِثٌ قدُما
والخَيرُ أجْمَعُ في غَبراءَ تأدمُ بي
هذا الترابَ، ويفري الجسمَ والأدما
فالآنَ شارفتُ جيشَ الحَتف، واقتربتْ
دارٌ أكادُ إليَها أرفَعُ القَدَما
حُمّ القَضاءُ، فَما يرثي لباكَيةٍ،
ولو أفاضتْ، على إثرِ الدّموع، دما
مَنْ يَغنَ يخدُمْهُ أقوامٌ على طَمَعٍ،(41/292)
ولا يرَوْنَ لمن أخطا الغِنى خدَما
واللَّهُ صَوّرَ أشباحاً لها خَبَرٌ،
والشّخصُ بعدَ وجودٍ يَقتضي عدَما
وشادَ إيوانَ كِسرَى مَعشَرٌ طَلَبوا
ثَباتَهُ، وتمادى الوقتُ، فانهدَما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنْ شئتِ أن تحفَظي من أنتِ صاحبةٌ
إنْ شئتِ أن تحفَظي من أنتِ صاحبةٌ
رقم القصيدة : 5124
-----------------------------------
إنْ شئتِ أن تحفَظي من أنتِ صاحبةٌ
لهُ، فلا تَدْخُلي، في المصرِ، حمّاما
وإنْ بَدَوْتِ، فلا يُؤنِسْكِ مُرشقة
ضُحًى، تُناجينَ سَوّاراً وزمّاما
فكمْ عَصَيتُنّ من ناهٍ وناهيَةٍ؛
وكمْ فَضَحتُنّ أخوالاً وأعماما
ما صانكنّ سوى الأزواجِ من أحدٍ؛
وأوّلَ الدّهرِ أعيَيْتُنَّ همّاما
وما بكيتُ رميماً، وهيَ نائيَةٌ،
وإنْ عَلِمتُ حبالَ الوَصلِ أرماما
إذا تَوَلّتْ على هَجرٍ ومَقليةٍ،
فلا تَعَرّضْ لها، في النّوم، إلماما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُموعي لا تُجيبُ على الرّزايا،
دُموعي لا تُجيبُ على الرّزايا،
رقم القصيدة : 5125
-----------------------------------
دُموعي لا تُجيبُ على الرّزايا،
ولولا ذاكَ ما فتئَتْ سُجوما
رِضاً بقَضاءِ ربّكَ، فهوَ حتمٌ،
ولا تُظهِرْ، لحادِثَةٍ، وُجوما
ولُمْ زُحَلاً، أو المِرّيخَ فيها،
ولا تَلُمِ الذي خَلَقَ النّجوما
ولستُ أقولُ: إنّ الشُّهبَ، يوماً،
لبَعثِ مُحَمّدٍ جُعِلَتْ رُجوما
فأمسِكْ غَربَ فيكَ، ولا تَعوَّدْ،
على القَولِ، الجَراءةَ والهجوما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وجَدْتُ المَوتَ للحَيوانِ داءً،
وجَدْتُ المَوتَ للحَيوانِ داءً،
رقم القصيدة : 5126
-----------------------------------
وجَدْتُ المَوتَ للحَيوانِ داءً،
وكيفَ أُعالِجُ الدّاءَ القَديما!
وما دُنياكَ إلاّ دارُ سَوْءٍ،
ولستَ على إساءتها مُقيما
أرى وَلَدَ الفتى عِبْئاً عليهِ،
لقدْ سَعِدَ الذي أمسى عقيما
أما شاهَدْتَ كلَّ أبي وليدٍ،(41/293)
يَؤُمُّ طَريقَ حَتْفٍ مُستَقيما؟
فإمّا أن يُرَبِّيَهُ عَدُوّاً؛
وإمّا أنْ يُخَلّفَهُ يَتيما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أجِسْماً فيهِ هذي الرّوحُ، هلاّ
أجِسْماً فيهِ هذي الرّوحُ، هلاّ
رقم القصيدة : 5127
-----------------------------------
أجِسْماً فيهِ هذي الرّوحُ، هلاّ
غبطتَ، لفَقدِها الألَم، السِّلاما
أجدَّكَ لنْ تَرَى الإنسانَ إلاّ
قليلَ الرّشدِ، مُحتَمِلاً مَلاما
وتَحمِلُهُ الغريزةُ، وهوَ شَيخٌ،
على ما كانَ يَفعَلُهُ غُلاما
وأيسرُ من رُكوبِ الظُّلمِ، جَهلاً،
رُكُوبُكَ، في مآرِبكَ، الظّلاما
وقد يَبغي السّلامَةَ مُستَجيرٌ،
فيَترُكُ، من مَخافتهِ، السَّلاما
وكم حَلَم الأديمُ من ابن دهرٍ
حديثِ السّنّ، ما بلَغَ احْتلاما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قالَ المَنجّمُ والطّبيبُ كِلاهما:
قالَ المَنجّمُ والطّبيبُ كِلاهما:
رقم القصيدة : 5128
-----------------------------------
قالَ المَنجّمُ والطّبيبُ كِلاهما:
لا تُحشَرُ الأجسادُ؛ قلتُ: إليكما
إن صَحّ قولُكما، فلستُ بخاسرٍ،
أو صَحّ قولي، فالخَسارُ عليكما
طَهّرْتُ ثَوْبي للصّلاةِ، وقبلَهُ
طُهرٌ، فأينَ الطّهرُ من جسديكما؟
وذكرتُ رَبّي، في الضّمائرِ، مؤنساً
خَلَدي بذاكَ، فأوحِشا خَلَديكما
وبكرْتُ في البَردينِ أبغي رَحمَةً
منهُ، ولا تُرَعانِ في بُرْديكما
إنْ لم تَعُدْ بيَدي مَنافعُ بالذي
آتي، فهلْ من عائدٍ بيَدَيكما؟
بُرْدُ التّقيّ، وإن تَهَلّلَ نَسجُه،
خيرٌ بعلمِ اللَّهِ من بُرديكما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد يَرفَعُ الأقوامُ، إنْ سُئِلوا:
قد يَرفَعُ الأقوامُ، إنْ سُئِلوا:
رقم القصيدة : 5129
-----------------------------------
قد يَرفَعُ الأقوامُ، إنْ سُئِلوا:
هل تَخفضونَ، وقولُهم رُبَما
يُسقَونَ، في القَيظِ، الحميمَ، وفي
حين الصّنَابر، بارداً شَبِما
النّاصبين، لماء شُرْبِهمُ،
قاماتِهمْ، والنّاصبينَ بما(41/294)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قالَ زمانُ النّاسِ في صفوهِ،
قالَ زمانُ النّاسِ في صفوهِ،
رقم القصيدة : 5130
-----------------------------------
قالَ زمانُ النّاسِ في صفوهِ،
وربُّهُ سلاّكَ، أو هيّما
كم غادَةٍ لي، أيَّما غادَةٍ،
غادَرْتُها من بَعلِها أيِّما
كانتْ نَظيرَ الشّمسِ، في خِدرِها،
وغُيّبَتْ عَنهُ، فقَدْ غَيّما
لا تَحمِلُ المرأةُ علماً بأنّ الحُسـ
ـنَ، في مرآتِها، دَيَّما
إنْ خَيّمَتْ، أو ظعنتْ للسُّرى،
فهوَ، على أسرارِها، خيّما
ترائبٌ نَعّمَها قَيّمٌ،
فَصَيّرَ التُّرْبَ لها قَيّما
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألمِمْ بدارِ النُّسكِ إلمامَهْ،
ألمِمْ بدارِ النُّسكِ إلمامَهْ،
رقم القصيدة : 5131
-----------------------------------
ألمِمْ بدارِ النُّسكِ إلمامَهْ،
فالنّفسُ بالباطِلِ هَمّامَهْ
وإنْ رأيتَ الخَودَ مُختالَةً،
يَصلُحُ أن تُجعلَ شمّامه
تَطرَحُ في المُومِ الفتى، واسمُها
أسماءُ، أو زينَبُ، أو مامه
فعَدِّ عَنها، وتَعوّضْ بها
سوداءَ، للأينُقِ، زمّامه
غَمّازَةٌ، في الجنحِ، ضحّاكةٌ
لأسفياتِ الحيّ رمّامه
قد حدّثَتْ سرَّكَ طلاّبهُ
عينٌ، بما في الصّدرِ، نمّامه
وشرُّ ما أُعطيَهُ مُكثرٌ
يدٌ، لما تملكُ ضَمّامه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أجَمَّ رحيلي ما أجَمّتْ مَوارِدي،
أجَمَّ رحيلي ما أجَمّتْ مَوارِدي،
رقم القصيدة : 5132
-----------------------------------
أجَمَّ رحيلي ما أجَمّتْ مَوارِدي،
وكانَ دخولي في ذَوي العدد الجَمِّ
أشمسَ نهاري! كم خلَتْ لك حجّةٌ؛
فهل لك من خالٍ، فيُعرَفَ، أو عمّ؟
لعمري! لقدماً صاغكِ اللَّهُ قادراً
بغيرِ أبٍ عند القياسِ ولا أمّ
رَحِمتُكِ يا مَخلوقَةَ الإنسِ إنّما
حياتُكِ موتٌ، والمَطاعمُ كالسّمّ
فإنْ تُحرَمي عَقلاً سَعِدْتِ لغبطةٍ؛
وإنْ تُرْزَقيهِ، فهوَ مُبتَعَثُ الهَمّ
ولنْ يُجمِعَ النّاسُ، الذينَ رأيتُهم،(41/295)
على الحمدِ، لكن يُجمِعون على الذّمّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعَمري! لقد أغنَتكَ صورةُ واحدٍ
لعَمري! لقد أغنَتكَ صورةُ واحدٍ
رقم القصيدة : 5133
-----------------------------------
لعَمري! لقد أغنَتكَ صورةُ واحدٍ
من الإنس، في الأقوام، عن كُنية واسمِ
ولكنْ بَيانٌ زيدَ فيكَ، وإنّما
جرَينا من الأمرِ القديمِ على رسمِ
وما كان فينا من سَجِيّةِ مُخطىءٍ،
فقد وُجِدتْ في حيّ عادٍ وفي طَسمِ
إذا ما تَفرّقنا خَلَصْنا من الأذى،
ولم يُحوَجِ الرّاعي المسيمُ إلى الوَسمِ
تحمّلْ عن الأرضِ المريضةِ غادِياً،
ولا ترضَ للدّاءِ العَياءِ سوى الحَسْمِ
وما فَتِئتْ روحُ الفتى في نوائبٍ
تُمارِسُها، حتى استَقَلّتْ عن الجسمِ
صَبَرنا لحكمِ اللَّهِ، والنّفسُ حرّةٌ،
وقد علمتْ فضلَ التّفاوُتِ في القِسمِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رُويدَكَ! لو كشّفتَ ما أنا مُضمِرٌ
رُويدَكَ! لو كشّفتَ ما أنا مُضمِرٌ
رقم القصيدة : 5134
-----------------------------------
رُويدَكَ! لو كشّفتَ ما أنا مُضمِرٌ
من الأمرِ، ما سَمَّيتَني أبداً باسمي
أُطَهِّرُ جِسمي، شاتياً ومُقَيِّظاً،
وقلبيَ أولى بالطّهارةِ من جسمي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَمَنّيتُ أنّي من هِضابِ يَلَملَمِ،
تَمَنّيتُ أنّي من هِضابِ يَلَملَمِ،
رقم القصيدة : 5135
-----------------------------------
تَمَنّيتُ أنّي من هِضابِ يَلَملَمِ،
إذا ما أتاني الرُّزْءُ لم أتَلَمْلَمِ
فَمي أخَذَتْ منهُ اللّيالي، وإنّني
لأشرَبُ منْهُ في إناءٍ مثلَّم
وأودى بظَلمِ الثّغرِ صبحٌ وحِندِسٌ،
متى يَنظُرا في نَيّرِ العَينِ يُظلِم
فذاهِبُنا كالتُّرْبِ ليسَ بناطِقٍ،
وغابرُنا مثلُ الأسيرِ المكلَّم
يُحَبّبُ دُنيانا إلَينا قطينُها،
فمَنْ يَنأ عَنهُمْ يَسلُ عَنها ويَسْلَم
متى تَنفَرِدْ لا تغبِطِ المالَ مُثرِياً،
وتَستَغنِ، لا تجهَلْ، ولا تَتَحلّم(41/296)
ومن شأنِ هذا الخلقِ غِشٌّ وظِنّةٌ،
ومَنْ يَتَقَرّبْ منهُمُ يتَظَلّم
فإنْ يَسألِ الباقي الثرى عن مَعاشرٍ
ألمّتْ بهِ، يُخبَرْ ولا يتَكَلّم
وكان حلول الرّوح، في الجسم، نكبةً
على خَيرِ مَعيا، أو على شرّ مَعْلَم
فهل كفّ وقتٌ لم يكنْ لعُطارِدٍ
شَبا ظُفُرٍ، في الأربِعاءِ، مُقلَّم؟
هيَ الدّارُ يَثويها الفَتى ثمّ يَغتَدي،
ويترُكُها للوارِثِ المتَسَلِّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أشَدُّ عقاباً من صلاةٍ أضَعتَها،
أشَدُّ عقاباً من صلاةٍ أضَعتَها،
رقم القصيدة : 5136
-----------------------------------
أشَدُّ عقاباً من صلاةٍ أضَعتَها،
وصومٍ ليومٍ واجبٍ، ظُلمُ درهمِ
إذا لم يكنْ يوماً لديني تَعَلّقٌ
بغَيرِيَ، رجّيتُ السّعادةَ، فافهمَ
وعِشتُ صُنوفَ العيش، كهلاً وشارِخاً؛
فَيا لحَياةٍ كاليَماني المسهَّم
وأعجَبُ للهَرّازِ سُمّيَ ضيغماً؛
وللعَيرِ يُدْعَى بالجوادِ المطهَّم
وما جَدَلُ الأقوامِ إلاّ تَعلّةٌ،
مُصَوَّرَةٌ من باطلٍ مُتَوَهَّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا لم يكنْ للمَيتِ أهلٌ، فقَلّما
إذا لم يكنْ للمَيتِ أهلٌ، فقَلّما
رقم القصيدة : 5137
-----------------------------------
إذا لم يكنْ للمَيتِ أهلٌ، فقَلّما
يَزُورُ أناسٌ قَبرَهُ للتّذَمّمِ
وإنْ مَسّتِ الأرزاءُ نَفسَكَ لم يكنْ
لها ناصرٌ، إلاّ بحُسْنِ التّغَمّم
وهَلْ رَدّ حَيّاً مالكَ بنَ نُوَيْرَةٍ
نكيرُ علِيٍّ، أو بُكاءُ متَمّم؟
زَمَمتُ المَطايا للوَجيفِ، ولم تكن
تُنالُ المَعالي بالمَطي المزَمَّم
ولكنْ بأطرافِ القَنا وكعُوبِهِ،
وضَرْبِ الهَوادي بالحَديدِ المُسَمَّم
وجَذبِ رداءٍ، يَدرجُ النّملُ فوقَهُ،
لتَعميمِ رأسِ الهِبرَزيّ المعَمَّم
رويدَكَ! لم تَبلُغْ، من الدّهرِ، لذّةً،
إذا لم تَعِشْ عيشَ الغبيّ المذَمَّم
وتَسمَعَ فيهِ ما يُصِمُّ ذوي النُّهَى،
فَلا رَوْحَ إلاّ بالحِمامِ المصَمَّم(41/297)
وحَظُّكَ فيهِ نُبذَةُ الفيل، إنْ دَنا
إلَيها نأتْ عن أنفِهِ بالتّشَمّم
وأخلَقَني مَرُّ الزّمانِ وكَدُّهُ،
فصارَ أديمي كالسّقاءِ المرمَّم
فعُدْ، جسدي، للعُنصرِ الطّهرِ تسترحْ
إذا صِرْتَ تَقضي الفرْضَ عند التيمّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرى جُزءَ شُهْدٍ بينَ أجزاءِ علقمِ،
أرى جُزءَ شُهْدٍ بينَ أجزاءِ علقمِ،
رقم القصيدة : 5138
-----------------------------------
أرى جُزءَ شُهْدٍ بينَ أجزاءِ علقمِ،
ولُبّاً يُنادي باللّبيبِ: لتَعقُمِ
وأسقامَ دِينٍ، إنْ يُرَجِّ شِفاءَها
صحيحٌ، يَطُلْ مِنهُ العَناءُ ويَسقُم
وصبحاً وإظلاماً، كأنّ مَداهُما
من السّرّ، في لَوْنيهما، بُرْدُ أرْقَم
وحُكماً لهذا الدّهرِ، صاحَ بقائمٍ
من العالَم: اجلس، أو دعا جالساً: قم
كأنّ سرورَ النّفسِ من خطإ الفتى،
متى ما يكُنْ يُنكَرْ عليه ويُنقَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَناطِقُ غِلمانٍ، وأحجالُ أُنّسِ،
مَناطِقُ غِلمانٍ، وأحجالُ أُنّسِ،
رقم القصيدة : 5139
-----------------------------------
مَناطِقُ غِلمانٍ، وأحجالُ أُنّسِ،
تَغُرُّ، وأعمالُ الفتى بالخَواتمِ
وكمْ زَلّةٍ مُدّتْ أيادٍ لدَفْعِها،
وقد عُلّقَتْ من أهلِها بالعراتم
فإنّ عَديّاً فَرّ من خوفِ نكبَةٍ،
وآضتْ سَبيّاً أُختُهُ بنتُ حاتم
وما زالتِ الحمرُ الرّواهنُ للقِرَى،
تُكشِّفُ غمّاتِ الوُجوهِ القَواتم
فقاربْ وباعدْ واحبُ واعلُ ولا تقل،
وقولَن، وجاهرْ بالمُرادِ، وكاتم
لكلّ زمانٍ أُسرَةٌ، ليسَ أنجُمٌ،
بدَتْ مَغرِباً، مثلَ النّجومِ العَواتم
أنعمانُ! ما سرّ ابنَ حنْتَمَةَ الذي
سُررْتَ به، من شُربِ ما في الحَناتم
وأحسَنُ من مدحِ امرىء الصّدق كاذباً
بما ليسَ فيهِ، رميُهُ بالمَشاتم
تَشابَهَ أهلُ الأرضِ: عَبدٌ وسيّدٌ،
وما قيلَ في أعراسِهمْ والمآتم
همُ أسِفوا للخَطْبِ موجبِ فرحَةٍ،
وهَشّوا لأمرٍ، وهوَ إحدى السّلاتم(41/298)
وقد هتمَ النُّعمَى هُمَيمُ بنُ غالبٍ،
لما سارَ من أقوالهِ في الأهاتم
وأجمَلُ من سَوقِ المئين سكوتُهُ
عن الفَخرِ، والأفواهُ رهنُ الرّواتم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وأيُّ امرىءٍ في النّاسِ أُلفيَ قاضياً،
وأيُّ امرىءٍ في النّاسِ أُلفيَ قاضياً،
رقم القصيدة : 5140
-----------------------------------
وأيُّ امرىءٍ في النّاسِ أُلفيَ قاضياً،
فلَمْ يُمضِ أحكاماً لحكم سدومِ
أبَتْ فاقداتُ الحِسّ حملَ رزيّةٍ،
وهل رابَ صخراً نحتُهُ بقَدُومِ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أخفّتْ حلومُ الناس أم كان من مضَى،
أخفّتْ حلومُ الناس أم كان من مضَى،
رقم القصيدة : 5141
-----------------------------------
أخفّتْ حلومُ الناس أم كان من مضَى،
من القَومِ، جُهّالاً خِفافَ حُلومِ؟
فلا تأسَفَنّ الشّاةُ إنْ أُدْنيَ ابنُها
لشَفرَةِ عاتٍ، للرّجالِ، ظلومِ
فلَو حَمَلواُ الخَضراءِ أصبَحَ بينَهم
لآض ذَبيحاً، أو نجَا بكُلوم
أُناسٌ متى تَهرُبْ إلى القَبرِ منهمُ،
فأنْتَ، بعِلْمِ اللَّهِ، غَيرُ مَلوم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> متى ما تُشاهِدْ نِعمَةً، كنعامةٍ
متى ما تُشاهِدْ نِعمَةً، كنعامةٍ
رقم القصيدة : 5142
-----------------------------------
متى ما تُشاهِدْ نِعمَةً، كنعامةٍ
مُطَرَّدَةٍ، تَرْتَعْ بألفِ ظَليمِ
ونخشَى عَذاباً في المَماتِ، وإنّنا
لأهلُ عذابٍ، في الحَياةِ، أليم
وما كذَبَتني لامَتي، إنّ لامتي،
إذا ادّرَعَ الأقوامُ، ثوبُ مَلِيم
فَيا لَيتَ يَومي يومُ أشعثَ عاملٍ،
وليلي، من الإشفاقِ، ليلُ سَليم
وما كنتُ في الرُّزءِ الجَليلِ بصابرٍ؛
ولا عندَ خَطبٍ، هزّني، بحليم
وأشعُرُ أنّ العَقلَ يَصحَبُ تارةً،
ويَنفُرُ أُخرى، وهو غيرُ عليم
وقالَ أُناسٌ: ليسَ عيسى مُقرَّباً؛
فقيلَ: ولا مُوساكُمُ بكَليم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَصَحتُكَ لا تُقدِم على فِعلِ سَوْءَةٍ؛(41/299)
نَصَحتُكَ لا تُقدِم على فِعلِ سَوْءَةٍ؛
رقم القصيدة : 5143
-----------------------------------
نَصَحتُكَ لا تُقدِم على فِعلِ سَوْءَةٍ؛
وخَفْ من إلَهٍ، للزّمانِ، قديمِ
بَنو آدَمٍ! لم أدرِ ما غَرَضُ الذي
نماهم، وهلْ فيهم صحيحُ أديم؟
ولَستَ تَرى إلاّ عَليماً كَجاهلٍ،
على علمِهِ، أو مُثرِياً كعَديم
وما عندَهمْ من خِيرَةٍ لمَعاشرٍ؛
وكم من مُدامٍ بَرّحتْ بمُديم
فلا تَشرَبَنْها ما حييتَ، وإنْ تَمِل
إلى الغَيّ، فاشرَبها بغَيرِ نَديم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا لم تكُنْ دُنياكَ دارَ إقامَةٍ،
إذا لم تكُنْ دُنياكَ دارَ إقامَةٍ،
رقم القصيدة : 5144
-----------------------------------
إذا لم تكُنْ دُنياكَ دارَ إقامَةٍ،
فَما لكَ تَبْنيها بناءَ مُقيمِ؟
أرى النّسلَ ذَنباً للفتى لا يُقالُهُ،
فلا تَنكِحَنّ، الدّهرَ، غيرَ عقيم
فحالُ وحيدٍ لم يُخَلِّفْ مُناسِباً،
تُشابِهُ حالَيْ عامِرٍ وتَميم
وأعجَبُ من جَهلِ الذينَ تكاثَروا
بمجدٍ لهم، من حادِثٍ وقَديم
وأحلفُ، ما الدّنيا بدارِ كرامةٍ،
ولا عَمَرَتْ، من أهلِها، بكريم
سأرْحَلُ عَنها، لا أُؤمّلُ أوبَةً،
ذميماً تولّى عن جِوارِ ذميم
وما صَحّ ودُّ الخِلّ فيها، وإنّما
تَغُرُّ بودٍّ، في الحَياةِ، سقيم
فَلا تَتَعَلّلْ بالمُدامِ، وإنْ تَجُزْ
إلَيها الدّنايا، فاخشَ كلَّ نديم
وجدْتَ بني الدّنيا، لدى كلّ موْطنٍ،
يعدُّونَ فيها شِفَوةً كنَعيم
يَزيدكُ فقراً، كلّما ازدَدتَ ثروةً،
فتَلقَى غَنيّاً في ثيابِ عَديم
فَسادٌ وكونٌ حادِثانِ كلاهما
شَهيدٌ بأنّ الخَلقَ صنعُ حَكيم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا بلَغَ الإنسانُ خمسينَ حجّةً،
إذا بلَغَ الإنسانُ خمسينَ حجّةً،
رقم القصيدة : 5145
-----------------------------------
إذا بلَغَ الإنسانُ خمسينَ حجّةً،
فلا يَمتَهِنْ دِيناً بردّ سَلامِ
ليشغَلْ بذِكرِ اللَّهِ عن كلّ شاغل؛(41/300)
فذلكَ عندَ اللُّبّ خَيرُ كَلام
ومن شيمِ الأيّامِ، وهيَ كثيرَةٌ،
فناءُ كبيرٍ واقتبالُ غلام
مَلامٌ لنَفسي، حُقّ عندي لمثلِها،
وكنتُ حقيقاً عندَها بمَلام
وإظلامُ عينٍ، بعدَهُ ظُلمةُ الثرى؛
فقلْ في ظَلامٍ زيدَ فوقَ ظَلام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بدَا شيبُهُ مثلَ النّهار، ولم يكنْ
بدَا شيبُهُ مثلَ النّهار، ولم يكنْ
رقم القصيدة : 5146
-----------------------------------
بدَا شيبُهُ مثلَ النّهار، ولم يكنْ
يُشابهُ فَجراً، أو نجومَ ظلامِ
يُحَدّثها ما لا تُريدُ استماعَه،
ولم يَبقَ، عندَ الشّيخِ، غيرُ كلام
تقولُ له في النّفس، غيرَ مبينةِ
خذِ المَهرَ منّي، وانصرِفْ بسَلام
تَوَدُّ لوَ انّ اللَّهَ أعطاه حَتفَهُ،
وكيفَ لها، من بعدِهِ، بغلام؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أرَى البَحرَ مِلحاً لا يجودُ لوارِدٍ
أرَى البَحرَ مِلحاً لا يجودُ لوارِدٍ
رقم القصيدة : 5147
-----------------------------------
أرَى البَحرَ مِلحاً لا يجودُ لوارِدٍ
بوِردٍ، فعُومي في السّرابِ، وعامي
تَميلينَ عَن نَهجِ اليَقينِ، كأنّما
سَرى بك أعمى، أو عراكِ تَعامي
سِمامُ أفاعٍ في اهتِضامِ خَوادِرٍ،
وخَتْلُ ذِئابٍ في حُلومِ نَعام
وكمْ مَرّ عامٌ لم أكنْ بعضَ أهلِهِ؛
وكمْ نُبِذَتْ، خَلفي، أهلّة عام
فَبُعداً لِنَفسٍ لا تَزالُ ذليلَةً
لحبّ شَرابٍ، أو لحبّ طَعام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> متى أنا للدّارِ المُريحَةِ ظاعِنٌ،
متى أنا للدّارِ المُريحَةِ ظاعِنٌ،
رقم القصيدة : 5148
-----------------------------------
متى أنا للدّارِ المُريحَةِ ظاعِنٌ،
فقَد طالَ، في دارِ العَناءِ، مُقامي
وقد ذُقتُها ما بينَ شَهْدٍ وعَلقَمٍ؛
وجَرَّبتُها منْ صِحّةٍ وسَقام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نحسُ الحياةِ، على الأحياءِ، مشتمِلٌ؛
نحسُ الحياةِ، على الأحياءِ، مشتمِلٌ؛
رقم القصيدة : 5149(41/301)
-----------------------------------
نحسُ الحياةِ، على الأحياءِ، مشتمِلٌ؛
وساكنو الأرضِ من لُؤمٍ بلا كَرَمِ
فالبُعدُ للعَيشِ أدّاني إلى تَلَفٍ؛
وللشّبيبَةِ قادَتْني إلى الهَرَم
لا يُعجِبَنّكَ إقبالٌ يريكَ سَناً،
إنّ الخُمودَ، لعَمري، غايةُ الضَّرَم
وهيَ السّعادةُ، للحِجرَينِ، مائزَةٌ:
مَغنى ثمودٍ وحِجرُ البيتِ والحرم
لا فَرْقَ بينَ بني فِهْرٍ وغَيرهِمِ،
في دَوْلَةٍ، وشهورُ الحِلِّ كالحَرَم
قد أُبرِمَتْ هذِه الأجزاعُ، لا سأماً
بالزّائرينَ، ولكنْ طِبنَ عن برَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كلُّ البلادِ ذَميمٌ لا مُقامَ بهِ،
كلُّ البلادِ ذَميمٌ لا مُقامَ بهِ،
رقم القصيدة : 5150
-----------------------------------
كلُّ البلادِ ذَميمٌ لا مُقامَ بهِ،
وإنْ حَلَلتَ ديارَ الوَبلِ والرَّهَمِ
إنّ الحِجازَ عنِ الخيراتِ مُحتجَزٌ،
وما تِهامَةُ إلاّ مَعدِنُ التُّهَم
والشأمُ شؤمٌ، وليسَ اليُمنُ في يمنٍ،
ويَثرِبُ الآنَ تَثريبٌ على الفَهِم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تُحدِثِ القَطعَ في كَفٍّ ولا قدَمٍ؛
لا تُحدِثِ القَطعَ في كَفٍّ ولا قدَمٍ؛
رقم القصيدة : 5151
-----------------------------------
لا تُحدِثِ القَطعَ في كَفٍّ ولا قدَمٍ؛
ولا تُعَرّضْ مِدى الدّنيا لسفكِ دَمِ
وخَلِّ مَنْ صَوّرَ الأشباحَ، مقتَدراً،
يَحلُّها، فهوَ ربُّ الدّهرِ والقِدَم
وتُصبِحُ الذّرّةُ الصّغرى له أمَةً؛
والشمسُ والبَدرُ مَعدودَينِ في الخدم
وقد أسِفتُ لخَيرٍ، إذْ علِمتُ بهِ،
وما أسِفْتُ علَيهِ كيفَ لم يَدُم
وما انتِفاعي بنَدمْانٍ أُسَرُّ بهِ،
إذا الفراقُ رَماني منهُ بالنّدَم
وإنّ حَسرَةَ نَفسٍ، غَيرَ هَيّنَةٍ،
مَصيرُها، بعدَ إيجادٍ، إلى عدم
لوْ شكّ بالطّعنِ مَيتٌ لم يَجِدْ ألماً،
فالرّمحُ فيهِ كإشفَى الخَرْزِ في الأدَم
سِيّانِ إلباسُهُ ما لانَ من كَفَنٍ،
وطَرْحُهُ في لَظًى للنّارِ مُحتدم(41/302)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> النّفسُ، إنْ لم تَذُقْ موتاً، مشارفةٌ،
النّفسُ، إنْ لم تَذُقْ موتاً، مشارفةٌ،
رقم القصيدة : 5152
-----------------------------------
النّفسُ، إنْ لم تَذُقْ موتاً، مشارفةٌ،
إنْ لم يَحُمّ، بقدرٍ، يوْمُها يَحُم
إن تَطفإ النّارُ عنْ جَزْلٍ، فإنَّ لها
يُعفَى ويُخبأ ما أبقَتْ منَ الفَحَم
وبعضُ جسمِكَ يَرمي بعضَه بأذًى،
وأكثرُ الشرّ يأتي من ذوي الرّحِم
ويَشتَهي النّاسُ ما لا يُسعَفونَ به،
وشركة الخلقِ دونَ الحملِ في الوَحَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما أقبَحَ المينَ! قلتُمْ لم يشِبْ أحدٌ،
ما أقبَحَ المينَ! قلتُمْ لم يشِبْ أحدٌ،
رقم القصيدة : 5153
-----------------------------------
ما أقبَحَ المينَ! قلتُمْ لم يشِبْ أحدٌ،
حتى أتَى الشّيبُ إبراهيمَ عن أَممِ
كذَبتُمُ، ونجومُ اللّيلِ شاهدَةٌ،
إنّ المَشيبَ قَديماً حَلّ في اللِّمَم
هذا البَياضُ رسولُ الموتِ، يَبعثُهُ،
في كلّ عصرٍ، إلى الأجيال والأُمم
وما أسيتُ على الدّنيا، مُزايلَةً،
ولا تأسّتْ على البالي من الرِّمَم
شقّتْ وعقّتْ، ولم أحمد، ولا حمدتْ
ثمّ انصرَفنا كِلانا سيّىءُ الهِمَم
ورغَبتي في بَنيها غَيرُ كائنَةٍ؛
وكيفَ يرْغبُ خِدْنُ العقل في اللَّمَم
لا خيرَ فيهم، وإن همْ عظّموا رجَباً،
دونَ الشّهورِ، فقد شانوهُ بالصّمَم
لم تُعْطِ قطُّ أُنوفاً، جُدّعتْ، شمماً؛
فلَيتَ كفّكَ لم تجدَعْ أخا الشّمَم
لا تُحكمِ العَقدَ في حِلفٍ ولا عِدَةٍ،
فإنّ طَبعَكَ يُدْعَى ناقضَ الذّمَم
وللزّمانِ مَغارٌ في نُفُوسهمُ؛
يكفيكَ أن تضَعَ الهنديَّ بالقِمَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عرَفتُ من أُمّ دَفْرٍ شيمَةً عَجَباً،
عرَفتُ من أُمّ دَفْرٍ شيمَةً عَجَباً،
رقم القصيدة : 5154
-----------------------------------
عرَفتُ من أُمّ دَفْرٍ شيمَةً عَجَباً،
دلّتْ على اللؤم، وهيَ العُنفُ بالخدَمِ(41/303)
ومن يُهِنْها تَصُنْهُ عن مَكارِهِها،
بعضَ الصّيانةِ، فارْفضْها بلا نَدَم
وما لنَفسي خَلاصٌ من نَوائِبِها،
ولا لغَيرِيَ إلاّ الكَونُ في العَدَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> فضيلَةُ النّطقِ، في الإنسانِ، تمزُجُها
فضيلَةُ النّطقِ، في الإنسانِ، تمزُجُها
رقم القصيدة : 5155
-----------------------------------
فضيلَةُ النّطقِ، في الإنسانِ، تمزُجُها
نَقيضَةُ الكَذِبِ المَعدودِ في النِّقَمِ
أُصدُقْ إلى أن تظنّ الصدقَ مَهلكةً،
وعندَ ذلكَ فاقعُدْ كاذباً وقُم
فالمينُ ميتَةُ مضطَرٍّ ألَمّ بها؛
والحَقُّ كالماءِ يُجفى خيفَةَ السّقم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد أسِفتُ، وماذا ردّ لي أسفي،
لقد أسِفتُ، وماذا ردّ لي أسفي،
رقم القصيدة : 5156
-----------------------------------
لقد أسِفتُ، وماذا ردّ لي أسفي،
لمّا تفكّرْتُ في الأيّامِ والقِدَم؟
في العُدْمِ كنّا، وحُكمُ اللَّهِ أوجدنا،
ثمّ اتّفَقنا على ثانٍ من العَدَم
سِيّانِ عامٌ ويومٌ في ذهابهما،
كأنّ ما دامَ، ثمّ انبتّ، لم يدُم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> اعْدِدْ لكلّ زمانٍ ما يُشاكِلُهُ؛
اعْدِدْ لكلّ زمانٍ ما يُشاكِلُهُ؛
رقم القصيدة : 5157
-----------------------------------
اعْدِدْ لكلّ زمانٍ ما يُشاكِلُهُ؛
إنّ البراقعَ يُستَثبَتنَ بالشِّبَمِ
فإنْ ضرَبتَ بسَيفِ الهندِ في وَمَدٍ،
فسَيفُ إفرِنجَةَ المَخبوءُ للشَّبم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> العَيشُ أدّى إلى ضُرٍّ ومَهلكةٍ،
العَيشُ أدّى إلى ضُرٍّ ومَهلكةٍ،
رقم القصيدة : 5158
-----------------------------------
العَيشُ أدّى إلى ضُرٍّ ومَهلكةٍ،
لولا الحَياةُ لكانَ الجسمُ كالصّنَم
مَن يَفقِدِ الحِسَّ لا يُعرَفْ بمخزِيَةٍ؛
إنّ الذّبابَ متى يَعلُ الجَنى ينَم
هذا الأنامُ لَهُ شأنٌ يُرادُ بهِ،
وأنتَ غيري، وليسَ الأرْيُ كالهنَم
مَعنًى خبيءٌ على ما بانَ منهُ، كما(41/304)
تُبنى الزّوائدُ من: يا أوسُ لا تنَم
وحاجةُ النّفسِ تُرضيها بما سخطَتْ،
وكم تَجرّأ ربُّ الإبلِ بالغَنَم
دعِ الكَعابَ التي لم يُدْنِ مأكلُها،
منْ لؤلؤِ الثّغرِ، إلاّ قانىء العنَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن طابَ خِيمُكَ في الدّنيا، فلا تَخِمِ؛
إن طابَ خِيمُكَ في الدّنيا، فلا تَخِمِ؛
رقم القصيدة : 5159
-----------------------------------
إن طابَ خِيمُكَ في الدّنيا، فلا تَخِمِ؛
ولا تَضَنّ بمقتولٍ على الرَّخَمِ
فالجسمُ، إن زايلتهُ الرّوحُ، صارَ لَقًى
كَلاًّ على القوم، ما فيه من الضَّخَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصْمَتْ سُويداءَ قلبٍ، من تلهّبها،
أصْمَتْ سُويداءَ قلبٍ، من تلهّبها،
رقم القصيدة : 5160
-----------------------------------
أصْمَتْ سُويداءَ قلبٍ، من تلهّبها،
حمراءُ، والنّارُ تَنضو حُلّةَ الفَحَمِ
كأنّما اللّيثُ ألقَى لونَ مُقلَتِهِ،
ليلاً عليها، فقد مَلّتْ من السَّحَمِ
والتُّرْبُ نقليهِ ظلماً، وهوَ والدُنا،
وكم لنا فيهِ منْ قُرْبَى ومنْ رَحِمِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُنياكَ هذي مَنامٌ، إن جَرَى حُلُمٌ
دُنياكَ هذي مَنامٌ، إن جَرَى حُلُمٌ
رقم القصيدة : 5161
-----------------------------------
دُنياكَ هذي مَنامٌ، إن جَرَى حُلُمٌ
فيها بِشَرٍّ، فأمّلْ غِبطَةَ الحُلُمِ
فقدْ يرى، أنّهُ باكٍ، حليفُ كرًى،
فيَستَجدُّ سروراً، فاقدَ الألَم
فاضرِبْ وليدَكَ، وادلُلْهُ على رَشَدٍ،
ولا تَقُلْ: هو طفلٌ غيرُ مُحتَلِم
ورُبّ شَقٍّ برأسٍ جرّ مَنفَعَةً،
وقِسْ على نَفعِ شقّ الرأسِ في القلم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كم بادَ في حَدَثانِ الدّهرِ من ملإٍ؛
كم بادَ في حَدَثانِ الدّهرِ من ملإٍ؛
رقم القصيدة : 5162
-----------------------------------
كم بادَ في حَدَثانِ الدّهرِ من ملإٍ؛
وسادَ في دُوَلِ الأيّامِ من قُزُمِ(41/305)
والسعدُ فوق سروجِ الخيلِ، يُمسكُها
لأهلِها، وهيَ لم تُشْدَدْ إلى الحُزُم
واللّيثُ، إنْ ولجَ الحرْمانُ منهُ، فما
ألقَى الفَريسَةَ من أنيابِهِ الأُزُم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أطرِقْ، كأنّكَ في الدّنيا بلا نَظَرٍ،
أطرِقْ، كأنّكَ في الدّنيا بلا نَظَرٍ،
رقم القصيدة : 5163
-----------------------------------
أطرِقْ، كأنّكَ في الدّنيا بلا نَظَرٍ،
واصمُتْ، كأنّك مخلوقٌ بغيرِ فمِ
وإنْ هَمَمتَ بمينٍ، فاتّخِذْ لُفَماً
مُضاعفاتٍ، لتَثني اللّفظَ باللُّفَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كلّمْ بسيفِكَ قوماً، إن دَعوتهمُ،
كلّمْ بسيفِكَ قوماً، إن دَعوتهمُ،
رقم القصيدة : 5164
-----------------------------------
كلّمْ بسيفِكَ قوماً، إن دَعوتهمُ،
من الكلومِ، فما يُصغونَ للكلِمِ
ذو النونِ، إن كان سيفَ الهندِ، أبلغُ من
ذي النون في الوعظِ، بل من نونَ والقلم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا أمِنتَ على مالٍ أخا ثِقَةٍ،
إذا أمِنتَ على مالٍ أخا ثِقَةٍ،
رقم القصيدة : 5165
-----------------------------------
إذا أمِنتَ على مالٍ أخا ثِقَةٍ،
فاحذَرْ أخاكَ، ولا تأمَن على الحُرَمِ
فالطّبعُ في كلّ جيلٍ طبعُ مَلأمَةٍ،
وليسَ، في الطبعِ، مجبولٌ على الكرَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هل يأمنُ الفَتيانِ الخطبَ آونَةً،
هل يأمنُ الفَتيانِ الخطبَ آونَةً،
رقم القصيدة : 5166
-----------------------------------
هل يأمنُ الفَتيانِ الخطبَ آونَةً،
وللمَقاديرِ إعلامٌ بإعلامِ
أوْلاهما أن يغادى، في مدًى بردًى،
هذا النّهارُ، فكونوا أهلَ أحلام
هوَ الجديدُ، فيطويهِ الزّمانُ بِلًى،
ويُرجعُ الدّهرُ إظلاماً بإظلام
دنياكَ، فيما تُوالي، غيرُ مُحسنةٍ،
فلم تَزَلْ ذاتَ أولادٍ وأخلام
حسبُ الحياةِ قَذاةً أن تُعَدّ أذًى؛
وأنْ تُقَضّى بأوصابٍ وآلام
وليسَ يَقذفني فَقري إلى نُوَبي،(41/306)
ولا يُسلّمني منهنّ إسلامي
والنّاسُ في غَمراتٍ أعملوا فِكَراً،
كالسّرْبِ يَرتَعُ في رُغلٍ وقَلاّم
وما يُعَرّونَ، من مَكرٍ ولا حيَلٍ،
أطرافَ سُمرٍ ولا أطرافَ أقلام
أعياكَ خِلٌّ، ولولا قدرةٌ سلَفتْ،
لم يُمكنِ الجمعُ بينَ الخاءِ واللام
فلا تغرّنْكَ، في الأيّامِ، خادعَةٌ
من الحسان، بوَحيٍ أو بكِلاّم
ينأى الغُلامُ، ولوْ لم يرضَ والدهُ،
عن احتياجٍ إلى حَليٍ وعُلاّم
فاردُدْ أمورَكَ، فيما أنتَ فاعلُه،
إلى نَقيٍّ من الأدناسِ، علاّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عَيشٌ وموتٌ، وأحداثٌ تَبَدُّلها
عَيشٌ وموتٌ، وأحداثٌ تَبَدُّلها
رقم القصيدة : 5167
-----------------------------------
عَيشٌ وموتٌ، وأحداثٌ تَبَدُّلها
يَنوبُنا، ومُهودٌ بَينَ أرحامِ
أمرٌ، حمى النومَ، بعد الفكر، صاحبَه،
ومثلُهُ لرُقادٍ واردٍ حامِ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إلهَنا الحقَّ! خفّفْ واشفِ من وصَبٍ،
إلهَنا الحقَّ! خفّفْ واشفِ من وصَبٍ،
رقم القصيدة : 5168
-----------------------------------
إلهَنا الحقَّ! خفّفْ واشفِ من وصَبٍ،
فإنّها دارُ أثقالٍ وآلامِ
يَسّرْ علينا رحيلاً، لا يُلَبّثُنا،
إلى الحَفائرِ من أهلٍ وأخلام
وجازِنا عَن خَطايانا بمغفِرَةٍ؛
فكم حَلُمْتَ، ولَسنا أهلَ أحلام
قد أسلَمَ الرّجلُ النّصرانُ، مُرتغباً
وليسَ ذلكَ من حبٍّ لإسلام
وإنّما رامَ عِزّاً في مَعيشَتِهِ،
أو خافَ ضربَةَ ماضي الحَدّ قَلاّم
أو شاءَ تزويجَ مثلِ الظبي، مُعلمةٍ،
للنّاظرينَ بأسوارٍ وعُلاّم
قد حاوَلَ النّاسُ رزقَ اللَّهِ، فابتكروا
مُجاهدين بأرماحٍ وأقلام
نَرجو من اللَّهِ رَحباً إثرَ ضيّقَةٍ
من الأمورِ، ونُوراً بَعدَ إظلام
لَهُ المَمالِكُ قد بانَتْ دَلائِلُها،
للمُفكرينَ، بِراياتٍ وأعلام
والحظُّ، من غيرِ سعْي، من مواهبِهِ،
كأنَها ضَرْبُ أيسارٍ بأزلام
وَيحٌ لجيليَ والأجيالِ، إنْ بُعِثُوا
إلى حِسابِ قَديمِ اللّطفِ عَلاّم(41/307)
مُحصي الجرائمِ، فَعّالِ العَظائم، نصّـ
ـارِ الهضائِم، جازٍ، غيرِ ظلاّم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عقَقتَ دنياكَ، إن حاوَلتَ خِدمَتَها؛
عقَقتَ دنياكَ، إن حاوَلتَ خِدمَتَها؛
رقم القصيدة : 5169
-----------------------------------
عقَقتَ دنياكَ، إن حاوَلتَ خِدمَتَها؛
إيّاكَ والأُمَّ، لا تُدعَى مِن الآمِ
وتحتَ رجلِكَ منها مفرِقٌ تَرِبٌ،
أنّى اتّجَهتَ بإعراقٍ وإشآم
أسِمْتِني أُمَّ دفرٍ غير مُرْعيَةٍ،
وزادَ أهلُكِ إعناتي وإسآمي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تَزْدَرُنّ صِغاراً في ملاعبِهمْ،
لا تَزْدَرُنّ صِغاراً في ملاعبِهمْ،
رقم القصيدة : 5170
-----------------------------------
لا تَزْدَرُنّ صِغاراً في ملاعبِهمْ،
فجائزٌ أنْ يُرَوْا ساداتِ أقوامِ
وأكرِموا الطّفلَ عن نُكرٍ يُقالُ له،
فإنْ يَعِشْ يُدْعَ كَهلاً بعد أعوام
ولا تَناموا عن الدّنيا وغِرّتها،
فإنْ أبَيْتُمْ، فكونوا خيرَ نُوّام
لا تَظلِموا من بنيها واحداً أبداً،
حتى تَعُدّوا ذوي فِطْرٍ كصَوّام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> بعضُ الأقارِب مكروهٌ تجاوُرُهم،
بعضُ الأقارِب مكروهٌ تجاوُرُهم،
رقم القصيدة : 5171
-----------------------------------
بعضُ الأقارِب مكروهٌ تجاوُرُهم،
وإنْ أتوكَ ذوي قُرْبَى وأرحام
كالعينِ والحاءِ تأبَى أن تُقارنَها
في لَفظِها، فحَماها قُربَها حامي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سألتُكم: لا تكنّوني لتكرِمةٍ،
سألتُكم: لا تكنّوني لتكرِمةٍ،
رقم القصيدة : 5172
-----------------------------------
سألتُكم: لا تكنّوني لتكرِمةٍ،
وصَغِّرونيَ تَصغيراً بترخيمِ
فالمَرءُ يُخلَقُ مِن أشياءَ أربَعَةٍ،
وكلُّها راجعٌ للأصلِ والخِيم
وما ألومُكَ في خَفضي ومَنقَصتي،
لكن ألومُكَ في رَفعي وتَفخيمي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ليسَ اغتِنامُ الصّديقِ شأني؛
ليسَ اغتِنامُ الصّديقِ شأني؛(41/308)
رقم القصيدة : 5173
-----------------------------------
ليسَ اغتِنامُ الصّديقِ شأني؛
فلا تكنْ، شأنُكَ اغتِنامي
في الأرضِ حيٌّ وغيرُ حيٍّ،
فَجامدٌ بَينَنا ونَام
غُيّبَ مَيْتٌ، فَما رأتهُ
عَينٌ سِوى رُؤيَةِ المَنام
فَلا يُبالِ اللّبيبُ مَنّا
في مَنسمٍ حَلّ، أو سَنام
نأيُ زُنامٍ، أوانَ يُدْهَى،
حَدّثَ بالنّايِ عن زُنام
والغَدْرُ، في الآدَميّ، طبعٌ،
فاحتَرزي قَبلَ أنْ تَنامي
مَن ادّعَى أنّهُ وَفيٌّ،
فليَنتَسِبْ في سِوى الأنام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أدُنيايَ! اذهبي، وسواي أُمّي،
أدُنيايَ! اذهبي، وسواي أُمّي،
رقم القصيدة : 5174
-----------------------------------
أدُنيايَ! اذهبي، وسواي أُمّي،
فقَدْ ألَممْتِ، ليتَكِ لم تُلِمّي
وكانَ الدّهرُ ظَرْفاً، لا لَحمدٍ
تُؤهّلُهُ العُقُولُ، ولا لذَمّ
وأحسبُ سانِحَ الإزميمِ نادى
ببَينِ الحيّ، في صحراءِ زمّ
إذا بكرٌ جَنَى فتَوَقّ عمراً،
فإنّ كِلَيهِما لأبٍ وأُمّ
وخَفْ حيوان هذي الأرض، واحذَر
مجيءَ النّطحِ من رُوقٍ وجُمّ
وفي كلّ الطّباع طباعُ نُكرٍ،
وليسَ جَميعُهُنّ ذواتِ سُمّ
وما ذنبُ الضراغمِ حينَ صيغتْ،
وصُيّرَ قُوتُها ممّا تُدمّي؟
فقد جُبِلَتْ على فَرْسٍ وضَرْسٍ،
كما جُبِلَ الوَقودُ على التَنمّي
ضِياءٌ لم يَبِنْ لعيونِ كُمْهٍ؛
وقَولٌ ضاعَ في آذانِ صُمّ
لعَمرُكَ، ما أُسَرُّ بَيومِ فِطرٍ،
ولا أضحَى، ولا بغَديرِ خمّ
وكَم أبدَى تشَيُّعَهُ غويٌّ،
لأجلِ تَنَسّبٍ ببلادِ قُمّ
وما زالَ الزّمانُ، بلا ارتيابٍ،
يُعِدُّ الجَدعَ للأنْفِ الأشمّ
أحاضنَةَ الغُلامِ! ذَممتِ منهُ
أذاكِ، فأرضعي حنَشاً، وضُمّي
فلَوْ وُفّقتِ لم تَسقي جَنيناً،
ولم تَضَعي الوَليدَ؛ ولم تُهَمّي
لهَانَ، على أقارِبك الأداني،
قيامُكِ عن خَديجٍ غيرِ تمّ
سألتِ عن الحَقائقِ، وهيَ سرٌّ،
ويَخشاكِ المُخبِّرُ أن تَنمّي
وكيفَ يَبينُ، للأفهامِ، معنًى،
لَهُ من ربّهِ قَدَرٌ مُعَمّي؟(41/309)
وعندي، لو أمِنتُك، علمُ أمرٍ
من الجهّالِ، غيّبه، مُكِمّ
وسُمّيَ، إنّ أراقَ الماءَ، جِبسٌ،
يُراقبُ جَنّةً أن لا يسمّي
رأيتُ الحَقّ لؤلؤةً تَوارَتْ
بلَجٍّ، من ضلالِ النّاسِ، جَمّ
أحثُّ الخَلقَ: من ذَكَرٍ وأُنثى،
على حُسنِ التعَبّدِ والتأمّي
وقد يُلفَى الغريبُ، على نَواه،
أعزَّ علَيكَ من خالٍ وعَمّ
متى يتَبَلّجِ المُبيَضُّ يَرْعَى،
لقَومٍ، تحتَ أخضَرَ مدلهمّ
ونحنُ ميمّمونَ مَدىً بَعيداً،
كأنّا عائمُونَ غِمارَ يَمّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد كَرُمتْ عليكَ فتاةُ قومٍ،
لقد كَرُمتْ عليكَ فتاةُ قومٍ،
رقم القصيدة : 5175
-----------------------------------
لقد كَرُمتْ عليكَ فتاةُ قومٍ،
شَرِبتَ، بفضلِها، فضَلاتِ كَرْمِ
وسُقتَ إليكَ سوءَ الجُرمِ عَمداً،
وأنتَ مُعَلَّلٌ بسويقِ جَرْم
أرى هَرِماً يُعيدُ نَباتَ نَبعٍ،
وإن كانَ الصّليبُ كنَبتِ هَرْم
لقَد خابَ الذي حلَبَتْ يَداهُ
سَفاهَةَ عَقلِهِ، بأذًى وغَرْم
سيُخفِتُ، كلَّ صوتٍ، زأرُ ليثٍ،
ونبأةُ باغمٍ، وهديرُ قَرْم
رَماني مَن لَهُ وتَري وقَوسي،
وكَفّي والسّهامُ، فكيفَ أرمي؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُقضّي الدّهرَ من فِطرٍ وصومِ،
أُقضّي الدّهرَ من فِطرٍ وصومِ،
رقم القصيدة : 5176
-----------------------------------
أُقضّي الدّهرَ من فِطرٍ وصومِ،
وآخُذُ بُلغَةً يوماً بيَومِ
وأعلَمُ أنّ غايَتيَ المَنايا؛
فصَبراً! تلكَ غايةُ كلّ قَوم
وسامَتني إهانتَها اللّيالي؛
ومَن لي أن تُخَلّيني وسَوْمي؟
فإنْ تقفِ الحوادثُ دونَ نَفسي،
فَما يَترُكنَ إشمامي ورَوْمي
أعومُ اللُّجَّ، والحيتانُ حَوْلي،
وما أنا محسِنٌ، في ذاكَ، عَومي
وأيّامُ الحَياةِ ظِلالُ عِترٍ؛
ومن لي أن يكونَ ظِلالَ دَوم؟
لعَلّ العيشَ تَسهيدٌ ونَصبٌ،
وراحتيَ الحِمامُ، أتَى بنَوْم
وما كان المُهَيْمِنُ، وهو عَدلٌ،
ليُقْصِرَ حيلتي، ويُطيلَ لَوْمي(41/310)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقَدْ هَجَمَ الزّمانُ على تميمٍ
لقَدْ هَجَمَ الزّمانُ على تميمٍ
رقم القصيدة : 5177
-----------------------------------
لقَدْ هَجَمَ الزّمانُ على تميمٍ
بأجمعهمْ، فمَن آلُ الهُجَيمِ؟
فما حمتِ السّروجُ ظُبَى سُرَيجٍ
ولا لُجُمُ الجِيادِ بني لُجَيم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أمَا لأميرِ هذا المصرِ عَقلٌ
أمَا لأميرِ هذا المصرِ عَقلٌ
رقم القصيدة : 5178
-----------------------------------
أمَا لأميرِ هذا المصرِ عَقلٌ
يُقيم، عن الطريق، ذوي النّجومِ؟
فكم قطَعوا السّبيلَ على ضَعيفٍ،
ولم يُعفُوا النّساءَ منَ الهُجوم
همُ ناسٌ، ولو رُجِموا استحقّوا
بأنّهمُ شَياطينُ الرّجوم
إذا افتكَرَ اللّبيبُ رأى أُموراً،
تردُّ الضّاحكاتِ إلى الوُجوم
إلى اللّيثينِ تُرسِلُ، باقتدارٍ،
نَوائبَها، يدُ القَدَرِ الهَجُوم
فمِن أسدٍ يُعَدُّ من الضّواري؛
ومن أسَدٍ يُعَدُّ من النّجوم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَقولُ النّاسُ: إنّ الخَمرَ تُودي
يَقولُ النّاسُ: إنّ الخَمرَ تُودي
رقم القصيدة : 5179
-----------------------------------
يَقولُ النّاسُ: إنّ الخَمرَ تُودي
بما في الصّدرِ من هَمٍّ قديمٍ
ولَوْلا أنّها باللُّبّ تُودي،
لَكُنتُ أخا المُدامَةِ والنّديم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أبِالقَدَرِ المُتاحِ تَدِينُ جِنٌّ
أبِالقَدَرِ المُتاحِ تَدِينُ جِنٌّ
رقم القصيدة : 5180
-----------------------------------
أبِالقَدَرِ المُتاحِ تَدِينُ جِنٌّ
تَسمّعُ، غيرَ هائبَةِ الرُّجومِ
وتَعلَمُ أنّ ما لم يُنضَ صعبٌ،
فَما تخشَى المَنيّةَ في الهُجوم
بإذْنِ اللَّهِ ينفذُ كلُّ أمْرٍ؛
فنَهْنِهْ فَيضَ أدمعِكَ السُّجوم
يجوزُ بحُكمِهِ موتُ الثّرَيّا،
وأنْ تَبقَى السّماءُ بلا نجوم
وكم وجمَ الفتى من بعد ضحكٍ،
وأُضحِكَ بعدَ إفراطِ الوُجوم(41/311)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما جاءني رجُلٌ حُذامٌ،
إذا ما جاءني رجُلٌ حُذامٌ،
رقم القصيدة : 5181
-----------------------------------
إذا ما جاءني رجُلٌ حُذامٌ،
فإنّ القولَ ما قالتْ حَذامِ
أرى سَيفَ بن ذي يَزنٍ، فَرَتْه
صُروفُ الدّهرِ بالسّيفِ الهُذام
وأذوَتْ غاضراً، ورمَتْ حِبالاً
سليلَ أخي طليحةَ بانجذام
وما زيدُ بنُ حارثةٍ حَبيباً
إلى الحيّ المصبَّح من جُذام
ألمْ تَرَ لامرىءِ القيسِ بن حِجرٍ
بكى، متَشَبّهاً بفَتى حِذام؟
كذاكَ تَناسخُ الدّنيا، فمن َلّي
مَزادَكَ قبلَ تَقضيبِ الوِذام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قطَعَ الطّريقَ بمَهمَهٍ، ونظيرَه،
قطَعَ الطّريقَ بمَهمَهٍ، ونظيرَه،
رقم القصيدة : 5182
-----------------------------------
قطَعَ الطّريقَ بمَهمَهٍ، ونظيرَه،
في المَصرِ، فعلَ منجِّمٍ ومعزِّمِ
تتَوافَقُ الأسماءُ منّا، والكِنى
متَبايناتٌ، فانْهَ جَهلاً، واحزَم
هيهاتَ! ما الجوزاءُ، ترزُمُ عندها
وجناءُ، كالجوزاءِ ذاتِ المِرزَم
وتَشابُهُ الأخلاقِ من متَباعدي
نَجرٍ، وليسَ خزيمةٌ من أخزم
وبعينِ سُلوانَ، التي في قُدْسِها
طعمٌ يوهّم أنّها من زَمزم
والمرءُ يَسخَطُ ما أتاهُ، وكم فتًى
كالشّنّ يَنفَعُ أهلَهُ بمهَزَّم
غَضِبَ المُمَلَّكُ أنّ خرجاً لم يَفِرْ،
والعَبْدُ أنّ سقاءَهُ لم يُخزَم
والخيرُ أفضلُ ما اعتقدتَ، فلا تكُن
هَمَلاً، وصلّ بِقبلةٍ، أو زَمزِم
ووجدتُ نفسَ الحُرّ تجعَلُ كفّهُ
صِفراً، وتُلزِمُهُ بما لم يلزَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> علمي بأنّي جاهلٌ متَمكّنٌ
علمي بأنّي جاهلٌ متَمكّنٌ
رقم القصيدة : 5183
-----------------------------------
علمي بأنّي جاهلٌ متَمكّنٌ
عندي، وإن ضيّعتُ حقَّ العالِمِ
والظلمُ يمهِلُ بعضَ من يَسعى له،
ومحلُّ نَقمتِهِ بنَفسِ الظّالم
ما بالُ من طَلبَ الهُدَى بمفاوزٍ
قفرٍ، وطالبُ غيرِهِ بمعالم؟(41/312)
والمرءُ في حالِ التّيَقّظِ هاجِعٌ،
يَرنو إلى الدّنيا بمقلَةِ حالم
وأخو الحِجَى أبداً يُجاهد طبعَه،
فتراهُ، وهوَ مُحاربٌ، كمُسالم
سألَ الطّبيبَ عن الشكايةِ مُدْنَفٌ
يَرْجو سلامَتَهُ، وليسَ بسالم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُسكتْ وخَلّ مُضِلَّهم وشؤونَهُ،
أُسكتْ وخَلّ مُضِلَّهم وشؤونَهُ،
رقم القصيدة : 5184
-----------------------------------
أُسكتْ وخَلّ مُضِلَّهم وشؤونَهُ،
ليسوقَهمْ بعَصاهُ، أو بحُسامِهِ
نُصحوا فما قَبِلوا وباعُوا كِثكِثاً،
من شرّ معدِنه، بقيمَةِ سامه
فكأنّهمْ غنمٌ تَرُودُ، أسامَها
مَن لا يُبالي كيفَ حالُ مَسامه
دُفِنَ السّرورُ، فما يبينُ لعاقلٍ
رُزْءٌ، يكونُ الموتُ في أقسامه
كذَبّ امرُؤٌ نَسَبَ القَبيحَ إلى الذي
خلَقَ الأنامَ، وخَطّ في بِرْسامه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هَذي الحياةُ مَسافةٌ، فاصْبِرْ لها،
هَذي الحياةُ مَسافةٌ، فاصْبِرْ لها،
رقم القصيدة : 5185
-----------------------------------
هَذي الحياةُ مَسافةٌ، فاصْبِرْ لها،
كيما تَبينَ، وأنتَ غَيرُ مَلومٍ
مَن لي بناجيَةٍ سَفيهَةِ مُدْلِجٍ،
فالعيسُ لم تَحْمَدْ ذواتِ حُلوم
روحُ الظَّلومِ إذا هَوتْ، فإذا ارتقَتْ،
فكأنّما هيَ دَعوَةُ المَظلوم
أمّا ركابُ الجُودِ، فهيَ عواطبٌ،
وسَرى الأنامُ على رِكابِ اللُّوم
في عالَمٍ، أخَذَ الإلَهُ عُقولَهمْ،
فغَدَوا جَميعُهُمُ بلا مَعلوم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> شرٌّ على المرأةِ من حَمّامِها،
شرٌّ على المرأةِ من حَمّامِها،
رقم القصيدة : 5186
-----------------------------------
شرٌّ على المرأةِ من حَمّامِها،
إرسالُكَ الفاضِلَ من زِمامِها
ومشيُها تضرِبُ في أكمامِها،
يَفوحُ رَيّاً الطّيبِ من أمامِها
زائرَةَ المَسجِدِ في إلمامِها،
تأتمُّ، والخَيبَةُ في ائتمامها
بأحدَلٍ، ما عفّ عن كِمامِها،
أعاذَها الخالقُ من إمامِها(41/313)
وريقُها الشَّروبُ، في صِمامها،
سِمامُ أفعى بانَ من سِمامِها
إنْ نزَلَتْ عَصماءُ من شِمامِها،
فلا سَقاها الطّلُّ من غَمامها
إذا احتَوى الرّيمُ على رِمامِها،
لُزومُها البَيتَ مع اهتمامِها
حتى يَجيها الوَفدُ من حِمامِها،
وحَملُها المِغزَلَ في إتمامِها
أوفَى بما تعقدُ من ذِمامِها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إجتَنِبِ النّاسَ وعِشْ واحداً،
إجتَنِبِ النّاسَ وعِشْ واحداً،
رقم القصيدة : 5187
-----------------------------------
إجتَنِبِ النّاسَ وعِشْ واحداً،
لا تَظلِمِ القَومَ، ولا تُظلَمِ
وجدتُ دُنياكَ، وإنْ ساعَفتْ،
لا بدّ من وَقعَتِها الصَّيلَم
لو بُعِثَ المَنصورُ نادى: أيَا
مدينَةَ التّسليمِ! لا تَسلَمي
قد سكنَ القَفرَ بَنُو هاشمٍ،
وانتَقَلَ المُلكُ إلى الدّيلَم
لو كنتُ أدري أنّ عُقباهُمُ
لذاكَ، لم أقتُلْ أبا مسلم
قَد خَدَمَ الدُّولَةَ مُستَنصِحاً،
فألبَستَهُ شِيَةَ العِظلمِ
ما دامَ غَيرُ اللَّهِ مِنْ دائمٍ،
فاغضَبْ على الأقدارِ، أو سلّم
طوّفتَ في الآفاقِ عصراً، فما
أسفَرْتَ من حِندِسِكَ المُظلم
سألتَ أقواماً، فلم تُلْفِ مَن
يَهديكَ من رُشدٍ إلى مَعلَم
فاحلَمْ عن الجاهلِ مُستَكبراً،
فالعَينُ إنْ تَلقَ الكَرى تحلَم
إنّ وفاةَ النِّكسِ، في جُبنِهِ،
مثلُ وفاةِ الفارِسِ المُعلَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُضحي الفتى المرؤوسُ بالسَّيِّدِ الـ
يُضحي الفتى المرؤوسُ بالسَّيِّدِ الـ
رقم القصيدة : 5188
-----------------------------------
يُضحي الفتى المرؤوسُ بالسَّيِّدِ الـ
ـماجِدِ، كالمَرؤوسِ بالصّارِمِ
غريزَةٌ، في النّاسِ، مَعروفَةٌ،
تُنقَلُ للمَكرُومِ بالكارِم
والدّهرُ لا يَنكِرُ تَسويدَهُ
بَني كُلَيبٍ لبَني دارِم
ويخمَصُ الإنسانُ من نَخوَةٍ،
ساكِنَةٍ في أنفِهِ الوارِم
بَيتُ العُلى بيتُ قريضٍ، ولا
بُدّ من الكاسرِ والخارِم
إن يُحرَمِ السّائلُ عندي جَداً،(41/314)
فلَستُ، عندَ اللَّهِ، بالحارِم
لو كنتُ أسطيعُ لهُ راحَةً،
راحَ بها في عامِهِ العارِم
صدّ زكاةَ المالِ من زادَ، في الـ
ـحالِ، عن المسكينِ والغارِم
والحَقُّ أن تُطلَبَ، ما بَينَنا،
جنايَةُ الجُرْمِ من الجارِم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> نَطّقتُ حَيّاً نَيّراً، فاعذِري
نَطّقتُ حَيّاً نَيّراً، فاعذِري
رقم القصيدة : 5189
-----------------------------------
نَطّقتُ حَيّاً نَيّراً، فاعذِري
مَن نَطّقَ النّيّرَ، أوْ لومي
سَلي عن الخيرِ، فعَهدي بهِ،
معَ التّقَصّي، غَيرُ مَعلوم
أنصَفَ مَولانا، وكلُّ امرىءٍ
يَظلِمُ، والظّلمُ مَنَ اللُّوم
قد يُقتَلُ الحُرُّ، وما دِينُهُ،
في طاعَةِ اللَّهِ، بمَكلوم
لا شيءَ، في الجوّ وآفاقِهِ،
أصعدُ من دَعَوةِ مَظلوم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ سرورَ المُدامِ لمْ يَدُمِ،
إنّ سرورَ المُدامِ لمْ يَدُمِ،
رقم القصيدة : 5190
-----------------------------------
إنّ سرورَ المُدامِ لمْ يَدُمِ،
بل أعقَبتْ بالهمومِ والسَّدمِ
والكأسُ مِن كاسَ في التعثّرِ، والـ
ـنَّدمانُ لفظٌ أتَى من النَّدَم
ما زالَ مُستَهتراً بها لَهِجاً،
حتى انثنى مُوسراً من العَدَم
كيفَ لهُ أن يكونَ شارِبَها
بالأهلِ، بعدَ السّوامِ والخَدَم
أقبَلَ يُهوي بها إلى فَمِهِ،
حتى ترقّى يفري منَ الأدَم
يُوَسّعُ الجِلدَ والعِظامَ لها،
أطبِقَةً مازَجَتْ دَماً بدَم
مَقتولَةٌ، في الحَديثِ، ضاحكةٌ،
موطوءَةٌ، في القَديمِ، بالقَدَم
قد ظَهَرَ السرُّ، بعدَ خُفيَتِهِ،
من قائلٍ بالزّمانِ والقِدَم
لم تُخلِدِ الرّاحُ والمَزاهرُ والـ
ـقَيناتُ حيّيْ عادٍ، ولا قُدُم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما أكرَمَ اللَّهَ، عزّ من مَلِكٍ،
ما أكرَمَ اللَّهَ، عزّ من مَلِكٍ،
رقم القصيدة : 5191
-----------------------------------
ما أكرَمَ اللَّهَ، عزّ من مَلِكٍ،
ورِزْقُنا من دَلائلِ الكَرَمِ(41/315)
كم عالَ من كافرٍ وكافرَةٍ،
من ابتداءِ الصِّبا إلى الهَرَم
ثمّ استَقَلاّ إلى قبورِهما،
والقَبرُ، للنّازلينَ، كالحَرَم
إذا عِظامُ الفتى بهِ أرَمّتْ،
حسبتَهُ من ثمودَ، أو إرَم
قد وَطىء الأخمصانِ، وَيْحَهما،
على جُسُومِ الرّجالِ والحُرُم
يا جَسَدَ المَيتِ! كم أُضيفَ إلى
تُربِكَ من ياسِرٍ ومن بَرَم
وأوقدَ النّاسُ، فوقَ أرضِهِمُ،
أمثالَها من مُجمَّعِ الضَّرَم
لو أنصَفُوا نَزّهوا سوامَهمُ
عن غَلَيانِ الكُسورِ في البُرَم
قَرْمٌ هَوى مُقرِمٌ بصارِمِهِ،
يدْعو به: لا شفيتَ من قَرَم
حرَمْتَني الكونَ في الرّياض، وأن
أنشَقَ رَيّا العَرارِ والبَرَم
أو أرِدَ الماءَ، بعدَ خامسةٍ،
في هَجَماتِ الحِلالِ والصِّرَم
قَضّيتَ بي حَقَّ رِفقَةٍ وفدَتْ؛
حَسبُكَ من مأثَمٍ ومُجتَرَم
رُبَّ مَهاةٍ نَفَتْ بمِرْوَدِها الـ
ـأعداءَ من طِفلِها، فلَم يَرِم
حُمَّ لها نابِلٌ، فغادَرَها
مَخضوبةً بالنّجيعِ، وهيَ رَمي
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لوْ زَعمَتْ نَفسيَ الرّشادَ لها
لوْ زَعمَتْ نَفسيَ الرّشادَ لها
رقم القصيدة : 5192
-----------------------------------
لوْ زَعمَتْ نَفسيَ الرّشادَ لها
حِلفاً لكذّبتُها بمزعَمِها
دارٌ، إذا سمّحتْ بلذّتِها،
فإنّ بُؤساً وراءَ أنعُمِها
إن غَفَرَ اللَّهُ لي، فلا أسفٌ
على الذي فاتَ من تَنَعّمِها
أكلتُها جَمرَةً، حَرارَتُها
صدّتْ أخا الحرص عن تطعّمها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رَبّ اكفِني حسرةَ النّدامةِ في الـ
رَبّ اكفِني حسرةَ النّدامةِ في الـ
رقم القصيدة : 5193
-----------------------------------
رَبّ اكفِني حسرةَ النّدامةِ في الـ
ـعُقبَى، فإنّي مُحالِفُ النّدَمِ
والظّلمُ في وقدَةٍ، فلو عرَضتْ
شربَةُ ماءٍ لما غَلَتْ بدَمي
ولم يَكُنْ، في غَمامِنا، وشَلٌ،
ولا قلِيبٍ لَنا ولا أدَم
عفوَكَ للرّوحِ، وهيَ قادرَةٌ،
وجِسمُها، كالهَباءِ، للقِدَم(41/316)
لا تَفرُقُ العَينُ، حينَ تُبصِرُه،
ما بَينَ كَفٍّ تَبينُ من قَدَم
والمَلْكُ فينا هو الفَقيرُ، لِما
يَلزَمُهُ من مَعونَةِ الخَدَم
يكفيكَ عَبدٌ، وليسَ يقنِعُهُ
ألفٌ، وكم دُمتَ، وهو لم يَدُم
وكيفَ تُرجَى السّعُودُ في زَمَنٍ،
يَسارُهُ راجعٌ إلى العَدَم؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وَدِدْتُ وفاتيَ في مَهمَهٍ،
وَدِدْتُ وفاتيَ في مَهمَهٍ،
رقم القصيدة : 5194
-----------------------------------
وَدِدْتُ وفاتيَ في مَهمَهٍ،
بهِ لامعٌ، لَيسَ بالمَعلَمِ
أموتُ به واحداً مُفرداً،
وأُدفنُ في الأرضِ لم تُظلَم
وأبعُدُ عن قائِلٍ: لا سَلِمتَ؛
وآخرَ قالَ: ألا يا سلمي
أُحاذِرُ أن تَجعَلُوا مَضجَعي
إلى كافرٍ، خانَ، أو مُسلِم
إذا قالَ: ضايَقتَني في المحلّ!
قلتُ: أساؤا، ولم أعلَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَلي اللَّهَ ربَّكِ إحسانَهُ،
سَلي اللَّهَ ربَّكِ إحسانَهُ،
رقم القصيدة : 5195
-----------------------------------
سَلي اللَّهَ ربَّكِ إحسانَهُ،
فإنّكِ إن تَنظُري تألَمِي
وليسَ اعتقادي خُلودَ النّجومِ،
ولا مَذْهَبي قِدَمُ العالَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قفي وقفَةً تَعلَمي،
قفي وقفَةً تَعلَمي،
رقم القصيدة : 5196
-----------------------------------
قفي وقفَةً تَعلَمي،
وإنْ سَلِموا، فاسلَمي
فَما قلتُ من لَوعةٍ:
ألمّي بِنا يا لَمِ
وكيفَ صعودي إلى
الثّرَيّا بلا سُلّم؟
أيَخلُصُ هذا الوَرَى
من الحِندسِ المُظلِم؟
أيُّهُمُ لم يَكُنْ
ظَلوماً، ولم يُظلَم؟
ولا بُدّ للحادِثَا
تِ من وَقعَةِ صَيلَم
تُبيدُ أعادِيَهُمْ
مَعَ التُّرْكِ والدّيلَم
وتَثنيكَ في راحَةٍ،
كأنّكَ لَمْ تُؤلَمِ
ولم يُبقِ صرفُ الرّدَى
عَلى بَطَلٍ مُعلَم
يُخَضّبُ هامَ العِدَى
بنحوٍ مِنَ العِظلِم
وكم بَذّ من قُرَحٍ
مَدَى الجذَعِ الأزلم
ولستَ من الرّكبِ، إذْ
يَعوجونَ في المَعلَم
إذا طَمِعوا فاقتَنِعْ؛(41/317)
وإنْ جهلوا فاحلَمِ
ولا يَدْنونّ الفَتى
لعِرْسٍ، ولا يولم
فإنْ ظَهَرَتْ زَلّتي،
فقلْ لرفيقي: لُم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما للأنامِ؟ وجَدتُهمْ، من جَهلِهمْ
ما للأنامِ؟ وجَدتُهمْ، من جَهلِهمْ
رقم القصيدة : 5197
-----------------------------------
ما للأنامِ؟ وجَدتُهمْ، من جَهلِهمْ
بالدّينِ، أشباهَ النَّعامِ، أو النَّعَمْ
فمُجادِلٌ وصَلَ الجِدالَ، وقد درَى
أنّ الحَقيقَةَ فيهِ ليسَ كما زَعَمْ
علِمَ الفَتى النَّظّارُ أنّ بَصائِراً
عمِيتْ، فكم يخفى اليقينُ، وكم يُعَمّ
لو قالَ سِيدُ غضاً: بُعِثْتُ بمِلّةٍ
من عندِ ربّي؛ قال بعضهمُ: نعمْ!
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا رُوحُ! شخصي مَنزِلٌ أُوطنتهُ،
يا رُوحُ! شخصي مَنزِلٌ أُوطنتهُ،
رقم القصيدة : 5198
-----------------------------------
يا رُوحُ! شخصي مَنزِلٌ أُوطنتهُ،
ورحلتِ عنه، فهل أسِفتِ، وقد هُدِمْ
عِيدَ المَريضُ، وعاوَنَتْهُ خَوادمٌ،
ثمّ انتَقَلْتِ، فما أُعينَ ولا خُدمِ
لقد استراحَ مُعَلَّلُ ومُساهِرٌ
منهُ، وإنْ غَدَتِ النّوائحُ تلتَدِم
حَمَلوهُ، بعدَ مَجادِلٍ وأسرّةٍ،
حمْلَ الغَريبِ، فحُطّ في بيتٍ رُدِم
ما زالَ في تَعَبٍ وهَمٍّ دائمٍ،
فلَعَلّهُ عَدِمَ الأذاةَ بأنْ عُدِم
لو كانَ يَنطِقُ مَيّتٌ لسألتُهُ:
ماذا أحَسّ، وما رأى لمّا قَدِم؟
إنْ تَثْوِ في دارِ الجِنانِ، فإنّما
فارَقْتَ من دُنياكَ ناراً تَحتَدمِ
مَن ذا يَلومُكَ في هَواكَ مسيئَةً؛
كلُّ الأنامِ بحُبّها كَلِفٌ سَدِم
فاعذِرْ خليلَك إن جَفاكَ ولا تَجِدْ؛
وإذا الزّيارَةُ ساعَفَتْكَ، فلا تُدِم
بئِسَ العَشيرُ أنا، الغداةَ، وصاحبي
مثلي، فإنّي ما ندمتُ ولا نَدِم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> دُنيايَ، ويحكِ! ما طَرَقْتُكِ مُخْـ
دُنيايَ، ويحكِ! ما طَرَقْتُكِ مُخْـ
رقم القصيدة : 5199
-----------------------------------(41/318)
دُنيايَ، ويحكِ! ما طَرَقْتُكِ مُخْـ
ـتاراً، ولكنّ القَضاءَ حَكَمْ
قضّيْتُ أيّامَ الشّبابِ على
مضَضٍ، وقد طالَ البقاءُ، فكم؟
يكفيكِ أنّ المَدحَ فيكِ يُرى
كذباً وذَمّاً، في العقول، حكَم
وبَنوكِ مثلُكِ فيهِمُ جَبَلٌ
عالٍ، ووادٍ غائرٌ، وأكم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> الحرصُ في كلّ الأفانين يَصِمْ؛
الحرصُ في كلّ الأفانين يَصِمْ؛
رقم القصيدة : 5200
-----------------------------------
الحرصُ في كلّ الأفانين يَصِمْ؛
أما رأيت كلَّ ظَهرٍ يَنقَصمْ؟
وعُرْوَةً من كلّ حيٍّ تَنقَصِمْ؛
أما سَمِعتَ الحادثاتِ تَختَصِم؟
أمْ حبُّكَ الأشياءَ يُعمي ويُصِمّ؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صاحبُ الشّرْطةِ إن أنصَفَني،
صاحبُ الشّرْطةِ إن أنصَفَني،
رقم القصيدة : 5201
-----------------------------------
صاحبُ الشّرْطةِ إن أنصَفَني،
فهوَ خيرٌ ليَ من عَدْلٍ ظَلَمْ
مَن أرادَ الخَيرَ فليَعمَلْ لهُ،
فعلَيهِ لذَوي اللُّبّ عَلَم
حكَمَ النّاسَ، غُواةٌ، مثلَ ما
حكمَتْ، قبلُ، حصاةٌ وزلَم
لا تُهاوِنْ بصغيرٍ من عدًى،
فقَديماً كسرَ الرّمحَ القَلَم
وترَقّبْ، من سَليلٍ، صُنعَهُ،
فمن البيعِ قِياضٌ وسلَم
يجمَعُ الجِنسُ شَريفاً ولَقًى،
كحَديدٍ، منهُ سَيفٌ وجَلَم
خالدٌ غاوٍ، ونصرٌ صالحٌ،
ومنَ الأشجارِ نَخلٌ وسلَم
فازجرِ النّفسَ، إذا ما أسرَفتْ؛
فمتى لم يُقصَصِ الظُّفُر كَلَم
رُبَّ شَيخٍ ظلّ يَهديه، إلى
سُبُلِ الحَقّ، غلامٌ ما احتَلَم
وكأنّ الشرّ أصلٌ فيهِمُ،
وكذا النّورُ حديثٌ في الظُّلَم
أعجَبَ الغَضْبُ لِمَا هَذّ، فقد
كلَّ، أو صادَفَ بؤساً، فانثلمْ
ومعَ الضّيرِ بُلُوغٌ للمُنى؛
ومعَ النّفعِ شَكاةٌ وألَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ربّ! متى أرحَلُ عن هذهِ الـ
ربّ! متى أرحَلُ عن هذهِ الـ
رقم القصيدة : 5202
-----------------------------------
ربّ! متى أرحَلُ عن هذهِ الـ(41/319)
ـدّنيا، فإنّي قد أطَلتُ المُقامْ
لم أدرِ ما نجمي، ولكنّهُ
في النّحس، مذ كان، جرَى واستقام
فلا صديقٌ يَتَرَجّى يَدي؛
ولا عَدُوٌّ يتَخَشّى انتِقام
والعَيشُ سُقمٌ، للفتى، مُنصِبٌ؛
والمَوتُ يأتي بشِفاءِ السّقام
والتُّرْبُ مَثوايَ ومَثواهُمُ؛
وما رأينا أحَداً منهُ قام
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> والدُنا الدّهْرُ بهِ طَيشةٌ،
والدُنا الدّهْرُ بهِ طَيشةٌ،
رقم القصيدة : 5203
-----------------------------------
والدُنا الدّهْرُ بهِ طَيشةٌ،
فليسَ فيهِ من بَنيهِ حليمْ
ما ركبَ المَرءُ سوى ظالِمٍ،
يَعدُو إلى الفِتنَةِ عَدوَ الظّليم
دُنياهُمُ نارٌ بلا جَنّةٍ،
فالقَومُ منها في عَذابٍ أليم
مُستلمينَ الرُّكنَ، مستلئميـ
ـنَ السّرْدَ، كلٌّ منهُمُ مُستليم
رَبّ! متى أرحلُ عن عالَمي؟
فأنتَ بالناس خَبيرٌ عَليم
فالمالِكُ المَملوكُ، والموسرُ الـ
ـمعْسرُ، والسّالمُ مثلُ السّليم
ما نالَ فرعون بها نعمَةً؛
ولا صفا عَيشٌ لموسى الكَليم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> روحيَ كالنّارِ أذابَتْ دَمي
روحيَ كالنّارِ أذابَتْ دَمي
رقم القصيدة : 5204
-----------------------------------
روحيَ كالنّارِ أذابَتْ دَمي
غَلياً، فلمّا بردتْ غاضَ دَمْ
لا تُقدمِ، الدّهرَ، على مأثمٍ؛
واستَغفِرِ الواحدَ ربَّ القِدَم
شربتُ بالعَسجَدِ، عن عزّةٍ،
ومَشرَبي من خَزَفٍ أو أدَمْ
أعوذُ بالخالقِ من مَعشَرٍ،
إذا غَلَتْ قِدْرُهمْ لم تَدُم
هذي نجومٌ شاهدتْ تُبّعاً،
ومن مضى من حِمْيرٍ، أو قُدُم
بُرُوجُها كالبرجِ في الأرضِ، إن
طالَ مَداهُ في العُصورِ انهدَم
فاندَمْ على الذّنبِ، إذا جئتَهُ،
فمن شروطِ التّائبينَ النّدَم
والخَدَمُ الأحجالُ في اللّفظِ والـ
ـمقصَدِ، كالقومِ دُعوا بالخَدَم
ماهنَةُ الجسمِ هيَ الرِّجلُ، والـ
ـخَلخالُ، في المنزِلِ، عند القدَم
والمالُ كالتّابع، أهِوْن بهِ،
وربّ يُسرٍ في قوامِ العَدَم(41/320)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ربُّ دِرَفْسٍ، خلفَهُ ذائبٌ،
ربُّ دِرَفْسٍ، خلفَهُ ذائبٌ،
رقم القصيدة : 5205
-----------------------------------
ربُّ دِرَفْسٍ، خلفَهُ ذائبٌ،
أروَحُ من ربّ الدِّرفس العَلَمْ
لَيسَ الفتى من رأسِهِ مُبدِلاً
رأساً، كما يَفعَلُ باري القَلَم
وهذهِ الدّنيا، على أنّها
محبوبَةٌ، لم تُخْلِنا من ألَم
يُلامُ ذُو اليسرِ، وأيُّ امرىءٍ،
أدرَكَ منها طرفاً، لم يُلَم؟
قد يوجَدُ الكَهلُ حليفَ النُّهَى
كأنّهُ من جَهلِهِ ما احتَلَم
كان تَقيّاً، قبلَ إمكانِهِ،
حتى إذا مُكّنَ منها ظَلَم
يحسِبُ أنّ الصّبحَ بادٍ لهُ،
وهو، نهاراً، خابطٌ في الظُّلَم
ومن بديعِ الجَورِ، ما بَينَنا،
حَرْبُكَ من ألقى إليك السّلَم
إنّ إناءَ الخَيرِ من عَسجَدٍ،
لوخرّ هضبٌ، فوقَهُ، ما انثَلَم
إن زَجَرَ اللَّهُ حَديداً نَبا،
أو أمَرَ اللَّهُ حريراً كلَم
أروَحُ من عيشٍ، جنى لي أذًى،
موتٌ أتاني راحةً، واصطلَم
طَيفُ حِمامٍ زارَني في الكَرى؛
فمَرْحَباً بالطّيفِ لمّا ألَمّ
أيُنكِر التّقليدَ مُستَبصِرٌ،
قَبّلَ رُكنَ البَيتِ، ثمّ استلم؟
والجَذَعُ الأزلمُ لم يُبقِ ذا
رمحٍ، من النّاس، ولا ذا زلَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا أمّةً، في التّرابِ، هامدَةً،
يا أمّةً، في التّرابِ، هامدَةً،
رقم القصيدة : 5206
-----------------------------------
يا أمّةً، في التّرابِ، هامدَةً،
تَجاوَزَ اللَّهُ عن سَرائرِكمْ
يا لَيتَكم لم تَطُوا إماءَكمُ،
ولا دَنَوتُمْ إلى حَرائِركم
إنِ استرَحتم ممّا نُكابدُهُ،
فنَحنُ، من بَعدُ، في جرائركم
قد خطَبَ الخاطبونَ نُسوَتَكم،
وأسكتَ الحِسَّ من ضرائِركم
ذرّ البِلى، فوقَكم، رَمادَتَهَ،
ولم تَعودوا إلى ذرائرِكم
لو شاءَ ربّي أمرّ، مُقتَدراً،
ما نَقَضَ الموتُ من مرائركم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن أكلتُمْ فضلاً، وأنفَقتمُ فضْـ
إن أكلتُمْ فضلاً، وأنفَقتمُ فضْـ(41/321)
رقم القصيدة : 5207
-----------------------------------
إن أكلتُمْ فضلاً، وأنفَقتمُ فضْـ
ـلاً، فلا يَدخُلنّ والٍ عليكُمْ
لا توَلّوا أُمورَكم أيدي النّا
س، إذا رُدّتِ الأمورُ إليكم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قد نَدِمنا على القَبيحِ، فأمسَيـ
قد نَدِمنا على القَبيحِ، فأمسَيـ
رقم القصيدة : 5208
-----------------------------------
قد نَدِمنا على القَبيحِ، فأمسَيـ
ـنا، على غَيرِ قَهوةٍ نَتَنادَمْ
خالقٌ، لا يُشَكُّ فيه، قديمٌ،
وزمانٌ، على الأنام، تَقادَم
جائزٌ أن يكونَ آدَمُ، هذا،
قَبلَهُ آدَمٌ على إثرِ آدَم
خَدَمَ اللَّهَ غَيرُنا، وأُرانا
أهلَ غَيٍّ لرَبّنا نتَخادَم
لَستُ أنفي عن قُدرَةِ اللهِ أشبا
حَ ضِياءٍ، بغَيرِ لحمٍ ولا دَم
وبَصيرُ الأقوامِ مثليَ، أعمَى،
فهَلُمّوا في حِندِسٍ نتَصادَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أعوَزَ الشثُّ والسَّلَمْ،
أعوَزَ الشثُّ والسَّلَمْ،
رقم القصيدة : 5209
-----------------------------------
أعوَزَ الشثُّ والسَّلَمْ،
وأديمي بهِ حَلَمْ
فهَنيئاً لمنْ مضَى،
قَبلَ أن يَجريَ القَلَم
لم تُصِبْ جسمَهُ الكُلو
مُ، ولا دينُهُ كُلِم
إنّما صاحبُ التّقَى
تاجرٌ، يَدفَعُ السّلَم
عجِبَ النّاسُ للجَنينِ،
إذا مَسّهُ الألَم
عَلِمَ اللَّهُ أنّهُ
إنْ يُطِلْ عمرَهُ ظلم
أصبَحَ الشّيخُ مارداً،
بَعدَما حَجّ واستَلَم
خُطّ أمرٌ لِفاعِلٍ،
إنْ يَجىء غَيرَهُ يُلَم
منْ فتًى يَعرِفُ الهِلا
لَ غُلاماً قد احتَلَم
وسهيلاً معَ المَعا
شِرِ في كَفّهِ زَلَم
خَبَطَ القومُ في الضّلا
ل، فهل تُكشَفُ الظُّلم؟
في بِلادٍ مُضِلّةٍ،
ليسَ، في أرضِها، علَم
دونَها يقصرُ الخَيا
لُ، إذا طَيفُهُ ألَمّ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ألا فانعَموا واحذَروا، في الحياةِ،
ألا فانعَموا واحذَروا، في الحياةِ،
رقم القصيدة : 5210
-----------------------------------(41/322)
ألا فانعَموا واحذَروا، في الحياةِ،
مُلمّاً، يُسمّى مُزيلَ النِّعَمْ
أرى قَدَراً بَثّ أحداثَهُ،
فخَصّ بهنّ أُناساً، وعمّ
وإنّ القَنا حَمَلَتها الأكفُّ
لطَعنِ الكماةِ، وشَلّ النَّعَم
فلا تأمَنوا الشّرَّ من صاحِبٍ،
وإن كانَ خالاً لكم، وابنَ عم
أتَوْكُم بإقبالهمْ والحُسامِ،
فشَدّ بهِ زاعِمٌ ما زَعَم
تَلَوْا باطِلاً، وجلَوْا صارِماً،
وقالوا: صدَقنا! فقلتم: نعَم!
أفيقُوا، فإنّ أحاديثَهم
ضِعافُ القَواعِدِ والمُدّعَم
زَخارِفُ ما ثَبَتَتْ في العُقو
لِ، عمّى عليكمْ بهنّ المُعَم
يدولُ الزّمانُ لغَيرِ الكِرامِ،
وتُضْحي ممالِكُ قومٍ طُعَم
وما تَشعُرُ الإبْلُ أنّ الرّكابَ
أعُمّتْ إلى الرّملِ، أمْ لم تُعَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا مَدَحوا آدَميّاً مَدَحْـ
إذا مَدَحوا آدَميّاً مَدَحْـ
رقم القصيدة : 5211
-----------------------------------
إذا مَدَحوا آدَميّاً مَدَحْـ
ـتُ مولى الموالي، وربَّ الأُممْ
وذاكَ الغنيُّ عن المادِحينَ،
ولكنْ لنَفسي عقدْتُ الذِّمَم
له سَجَدَ الشامخُ المُشمَخِرُّ،
على ما بعِرْنينِهِ مِنْ شَمَم
ومَغفِرةُ الَّلهِ مَرْجُوّةٌ،
إذا حُبِسَتْ أعظُمي في الرِّمَم
مُجاوِرَ قَومٍ تَمَشّى الفَنا
ءُ ما بَينَ أقدامهِمْ، والقِمَم
فَيا لَيتَني هامدٌ، لا أقومُ،
إذا نَهَضُوا يَنفُضونَ اللِّمَم
ونادى المُنادي على غَفلَةٍ،
فلَم يَبقَ في أُذُنٍ مِن صَمَم
وجاءَتْ صَحائِفُ، قد ضُمّنتْ
كَبائرَ آثامِهمْ واللَّمَم
فلَيتَ العُقوبَةَ تَحريقَةٌ،
فصاروا رَماداً بها، أو حُمَم
رأيتُ بَني الدّهرِ في غَفلَةٍ،
ولَيستْ جَهالتُهمْ بالأَمَم
فنُسكُ أُناسٍ لضعفِ العُقولِ؛
ونُسْكُ أُناسٍ لبُعدِ الهِمَم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا دارَتِ الكأسُ في دارِهمْ،
إذا دارَتِ الكأسُ في دارِهمْ،
رقم القصيدة : 5212
-----------------------------------
إذا دارَتِ الكأسُ في دارِهمْ،(41/323)
فقَدْ رَحَلَ الدّينُ عن دارِهمْ
فَما وُفّقوا عندَ إيرادِهمْ؛
ولا وُفّقوا عند إصدارِهم
وفي رفعِ أصواتِهم، بالغِناء،
دَليلٌ على حَطّ أقدارِهم
فإنْ كنتَ خِدناً لهمْ، فاحْبُهم
جَفاءً، على قُربِ مُزدارِهم
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أدينُ برَبٍّ واحدٍ وتَجَنُّبٍ
أدينُ برَبٍّ واحدٍ وتَجَنُّبٍ
رقم القصيدة : 5213
-----------------------------------
أدينُ برَبٍّ واحدٍ وتَجَنُّبٍ
قَبيحَ المَساعي، حينَ يُظلَمُ دائنُ
لعَمري، لقد خادعتُ نفسيَ بُرْهةً،
وصدّقتُ في أشياءَ من هوَ مائن
وخانَتنيَ الدّنيا مراراً، وإنّما
يُجَهَّزُ بالذّمّ الغَواني الخَوائن
أُعَلِّلُ بالآمالِ قَلباً مُضَلَّلاً،
كأنّيَ لم أشعُرْ بأنّيَ حائن
يُحَدّثُنا عَمّا يكونُ مُنَجّمٌ،
ولم يَدرِ، إلاّ اللَّهُ، ما هوَ كائن
ويذكرُ من شأنِ القرانِ شَدائداً،
وفي أيّ دَهرٍ لم تُبَتّ القرائن
أرى الحيرَةَ البَيضاءَ حارتْ قصورُها
خلاءً، ولم يَثبتْ لكِسرى المَدائن
وهجّنَ، لذّاتِ الملوكِ، زوالُها،
كما غَدَرَتْ بالمُنذِرَينِ الهَجائن
رَكِبنا على الأعمارِ، والدّهرُ لُجّةٌ،
فَما صَبرَتْ، للموجِ، تلك السّفائن
لقَد حَمِدَ الأبناءَ قومٌ، وطالَما
أتَتْكَ من الأهلِ الشّرورُ الدّفائن
كنائنُ صدقٍ كثّرَت عدَد الفتى،
فهنّ بحَقٍّ، للسّهامِ، كنائن
تَجيءُ الرزايا بالمَنايا، كأنّما
نُفوسُ البَرايا، للحِمامِ، رهائن
تَنَطّسَ، في كَتبِ الوَثائقِ، خائِفٌ
مَنيّتَهُ، والمَرءُ لا بدّ بائن
يضَنُّ عليها، بالثّمينِ، حليلُها،
وتودعُ، في الأرض، الشّخوص الثمائن
يخافُ، إذا حلّ الثّرى، أنْ يَقينَها
لآخرَ من بعضِ الرّجال، القوائن
يَصونُ الكَريمُ العِرْضَ بالمال جاهداً،
وذو اللؤمِ، للأموال، بالعرض صائن
متى ما تجدْ مسترفِدَ الجُودِ شاتِماً،
فَفي البُخل، للوَجهِ الذي ذِين، ذائن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعَمرُكَ، ما الدّنيا بدارِ إقامَةٍ؛(41/324)
لعَمرُكَ، ما الدّنيا بدارِ إقامَةٍ؛
رقم القصيدة : 5214
-----------------------------------
لعَمرُكَ، ما الدّنيا بدارِ إقامَةٍ؛
ولا الحيُّ، في حالِ السّلامةِ، آمنُ
وإنّ وليداً حلّها لمعذَّبٌ،
جَرَتْ لسواهُ، بالسعودِ، الأيامن
ونالَ بَنوها ما حَبَتهمْ جدُودُهم،
على أنّ جَدّ المَرءِ في الجَدّ كامن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> عجبتُ لكهلٍ قاعِدٍ بَينَ نُسوةٍ،
عجبتُ لكهلٍ قاعِدٍ بَينَ نُسوةٍ،
رقم القصيدة : 5215
-----------------------------------
عجبتُ لكهلٍ قاعِدٍ بَينَ نُسوةٍ،
يُقاتُ بما رَدّتْ عليهِ الرّوادنُ
يُعالُ على ذَمٍّ، ويُزْجَرُ عن قِلىً،
كما زُجِرَتْ، بينَ الجياد، الكَوادن
يكادُ الوَرَى لا يَعرِفُ الخَيرَ بَعضُهُ،
على أنّهُ كالتُّربِ، فيهِ مَعادِن
تُحارِبُنا أيّامُنا، ولَنا رِضاً
بذلِكَ، لوْ أنّ المَنايا تُهادن
إذا كان جِسمي، للرّغام، أكيلَةً،
فكيفَ يَسرُّ النّفسَ أنّيَ بادن؟
ومن شرّ أخدانِ الفتى أُمُّ زَنبَقٍ،
وتلكَ عَجوزٌ أهلَكتْ من تخادن
تُخَبّرُ عن أسرارِهِ قُرَناءَهُ،
ومِن دونِها قِفْلٌ مَنيعٌ وسادن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا عُدّتِ الأوطانُ في كلّ بَلدَةٍ،
إذا عُدّتِ الأوطانُ في كلّ بَلدَةٍ،
رقم القصيدة : 5216
-----------------------------------
إذا عُدّتِ الأوطانُ في كلّ بَلدَةٍ،
لقَومٍ، سجوناً، فالقبورُ حُصونُ
وما كانَ هذا العَيشُ إلاّ إذالَةً؛
فعَلّ تُراباً بالحِمامِ يَصونُ
فكنْ بَعضَ أشجارٍ تقَضّتْ أُصُولُها،
ولم يَبقَ، في الدّنيا، لهنّ غصونُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> وَجَدْتُ سوادَ الرأسِ تقلُبُ لونَهُ،
وَجَدْتُ سوادَ الرأسِ تقلُبُ لونَهُ،
رقم القصيدة : 5217
-----------------------------------
وَجَدْتُ سوادَ الرأسِ تقلُبُ لونَهُ،
من الدّهرِ، بيضٌ، يختَلِفنَ، وجُونُ
فلا يَغترِرْ، بالمُلكِ، صاحبُ دولَةٍ،(41/325)
فكم من ضياءٍ غَيّبَتْهُ دُجُونُ
وإنّي أرى أنصارَ إبليسَ جمّةً،
ولا مثلَ ما أوفَى له الزّرَجون
فإن كانتِ الأرواحُ، بعدَ فِراقِها،
تَنالُ رَخاءً، فالجُسومُ سُجون
وماءُ الصِّبا إن طال في الشخصِ مكثُه،
أضَرّ بهِ بَعدَ الصّفاءِ أُجُون
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كأنّ نجومَ اللّيلِ زُرْقُ أسِنّةٍ،
كأنّ نجومَ اللّيلِ زُرْقُ أسِنّةٍ،
رقم القصيدة : 5218
-----------------------------------
كأنّ نجومَ اللّيلِ زُرْقُ أسِنّةٍ،
بها كلُّ مَن فوقَ الترابِ طعينُ
ولولا عُيونٌ حاسِراتٌ متى رأتْ
مقيماً، بوَجهِ الأرضِ، قيلَ مَعينُ
ولائحُ هذا الفَجرِ سَيفٌ مُجَرَّدٌ،
أعانَ بهِ صَرْفَ الزّمانِ مُعينُ
كأنْ قد حَوَتْهم لَعنَةٌ من مليكِهم،
ومن لم يُطِعْ مَولاهُ فَهوَ لَعيِنُ
وأرْوَحُ من عَينٍ، يَظَلُّ انتِسابُها
إلى الإنسِ، وَحشٌ بالمَهامِه عِينُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد لَجَنَتْ بالمالِ خَوْصاءُ ضامرٌ،
لقد لَجَنَتْ بالمالِ خَوْصاءُ ضامرٌ،
رقم القصيدة : 5219
-----------------------------------
لقد لَجَنَتْ بالمالِ خَوْصاءُ ضامرٌ،
وكيفَ لها أنّ اللُّجَينَ لَجِينُ؟
ونحنُ بَنو هذا التّرابِ، فلا تَبِتْ
مُسِرَّ غَرامٍ أنْ يُقالَ هَجِينُ
حَياتيَ تَعذيبٌ، ومَوْتيَ راحَةٌ،
وكلُّ ابنِ أُنثى، في الترابِ، سَجينُ
أقَبري بوَهدٍ أم وَجين أحلُّهُ،
فإنّ أدِيمَ الآدَميّ وَجينُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَوَهّمتَ، يا مَغرُورُ، أنّكَ دَيّنٌ،
تَوَهّمتَ، يا مَغرُورُ، أنّكَ دَيّنٌ،
رقم القصيدة : 5220
-----------------------------------
تَوَهّمتَ، يا مَغرُورُ، أنّكَ دَيّنٌ،
عليَّ يَمينُ اللَّهِ، ما لكَ دِينُ
تَسيرُ إلى البيتِ الحَرامِ تَنَسّكاً،
ويَشكوكَ جارٌ بائسٌ وخَدِينُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أودَى السّرورُ بدارٍ، كلُّها حَزَنُ،
أودَى السّرورُ بدارٍ، كلُّها حَزَنُ،(41/326)
رقم القصيدة : 5221
-----------------------------------
أودَى السّرورُ بدارٍ، كلُّها حَزَنُ،
فلا تُبالِ على ما صابَتِ المُزُنُ
قد غُلّبَ المينُ، حتى الصّدْقُ مُستترٌ؛
وغُيّبَ الرّشدُ، حتى خفتِ الرُّزُن
مَن لم يكن خازناً للمالِ من بُخُلٍ،
فَلا يُخافُ، على نَحضٍ له، خَزَن
أكذّبَ القومُ بالميزانِ أنْ سَمِعوا
أنّ القِيامةَ، فيها عادِلٌ يَزِن؟
وقد وجَدْنا مَقالَ النّاسِ ذا زِنَةٍ،
فكيفَ يُنكَرُ أنّ الفعلَ يَتّزِن؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إنّ الإرانَ، أمامَ الحيّ، مُحتَمَلٌ،
إنّ الإرانَ، أمامَ الحيّ، مُحتَمَلٌ،
رقم القصيدة : 5222
-----------------------------------
إنّ الإرانَ، أمامَ الحيّ، مُحتَمَلٌ،
فكيفَ يُدْرِكُ، أشباحاً لنا، أرَنُ؟
لعلّ مَوْتاً يُريحُ الجِسمَ من نَصَبٍ،
إنّ العَناءَ، بهذا العَيشِ، مُقترِن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما كانَ في الأرضِ من خَيرٍ ولا كَرَم
ما كانَ في الأرضِ من خَيرٍ ولا كَرَم
رقم القصيدة : 5223
-----------------------------------
ما كانَ في الأرضِ من خَيرٍ ولا كَرَم
فضَلّ مَن قالَ: إنّ الأكرَمينَ فَنُوا
وإنّما نحنُ في سوداءَ طامِيَةٍ،
وهل تُخَلَّصُ، من أمثالِها، السّفُن
والشِّيبُ أولى من الشبّانِ لو عُبِطوا،
لأنّهُ مُكثَبٌ، من حتفِهِ، اليَفَن
أعفَى المَنازِلِ قَبرٌ يُستراحُ بِهِ،
وأفضلُ اللُّبسِ، فيما أعلمُ، الكفن
إنّ الذينَ، على وَجهِ الثّرى، وُطِئوا
يُشابهونَ أُناساً، تحتَهُ، دُفِنوا
الضاحكينَ، إذا ما خِيضَ في سَفَهٍ؛
وإنْ أُريدوا على أُكرومَةٍ شفَنوا
وما أصابَهمُ أفْنٌ، فغَيّرَهمْ،
لكنْ أُراهمْ، على طول المدى، أفِنوا
ولا تُنَجّي دُروعٌ، أهلَها، سُبُغٌ؛
ولا جِيادٌ، على أبوابِهمْ، صُفُن
إنّا لَرَكْبُ لَيالٍ غيرِ وانِيَةٍ،
فقُوتِلَتْ من رِكابٍ، ما لها ثَفَن(41/327)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما أقدَرَ اللَّهَ، أن يُدعَى بريّتُه
ما أقدَرَ اللَّهَ، أن يُدعَى بريّتُه
رقم القصيدة : 5224
-----------------------------------
ما أقدَرَ اللَّهَ، أن يُدعَى بريّتُه
من تُربهم، فيعودوا كالذي كانوا
وتودعُ، الناسَ في بطن الثّرَى، نُوَبٌ:
خَفضٌ ورَفعٌ وتحريكٌ وإسكانُ
إنْ كانَ رَضوى وقُدْسٌ غيرَ دائمةٍ،
فهل تَدومُ لهذا الشّخصِ أركان؟
ما أحسنَ الأرضَ لو كانتْ بغيرِ أذىً،
ونحنُ فيها، لذِكرِ اللَّهِ، سُكّان
قد يُمكِنُ البَعثُ إن نادى المليكُ به،
وليسَ منّا، لدَفعِ الشّرّ، إمكان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يُخَبّرونَكَ عن رَبّ العُلى كذِباً،
يُخَبّرونَكَ عن رَبّ العُلى كذِباً،
رقم القصيدة : 5225
-----------------------------------
يُخَبّرونَكَ عن رَبّ العُلى كذِباً،
وما دَرى بشؤونِ اللَّهِ إنسانُ
وبالقضاءِ، لآسادِ الشّرى، لجُمٌ،
وللوُحُوش، بإذنِ اللَّهِ، أرسان
فألسِنُوني أُبَيّنْ مُشكِلاتِكُمُ،
أمْ ليسَ فيكمْ، لأهل الحقّ، إلسان؟
هَل تَسمَعُونَ، فإنّي فارِسٌ، أرَبي
من الفِراسَةِ، إذ للحربِ فُرسان
ما كانَ، في هذه الدّنيا، أخو رَشَدٍ
ولا يكونُ، ولا في الدّهرِ، إحسان
وإنّما يتَقَضّى المُلكُ عن غِيَرٍ،
كما تَقَضّتْ بَنو نَصرٍ وغَسّان
حسّتهُمُ حادثاتٌ لم تبنْ أسَفاً،
كأنْ تأسّفَ إثرَ القومِ حسّان
بَنُو أُمَيّةَ، بالشّامَينِ، دِينَ لهم،
والهاشميّونَ والَتْهُمْ خُراسان
ولَستُ آمَنُ أن يُدْعى إمامُكُمُ،
من عالةِ الزّنجِ، أو رَبَّتهُ مَيسان
والرّأيُ أن تَبعَثُ الأنضاءُ واحدةً
إلى دِمشقَ، فبئسَ الدّارُ بِيسان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يكفيكَ حُزناً، ذَهابُ الصّالحينَ معاً،
يكفيكَ حُزناً، ذَهابُ الصّالحينَ معاً،
رقم القصيدة : 5226
-----------------------------------
يكفيكَ حُزناً، ذَهابُ الصّالحينَ معاً،(41/328)
ونحنُ بعدَهمُ، في الأرضِ، قُطّانُ
إنّ العراقَ وإنّ الشّامَ، مذْ زَمَنٍ،
صِفرانِ، ما بهما للمُلكِ سلطان
ساسَ الأنامَ شَياطِينٌ مُسَلَّطَةٌ،
في كلّ مِصرٍ، من الوالينَ، شَيطان
من ليسَ يَحفِلُ خَمصَ الناس كلِّهمُ،
إن باتَ يَشرَبُ خَمراً، وهو مِبطان
تَشابَه النّجرُ: فالرّوميُّ مَنطِقُهُ
كمَنطِقِ العُرْبِ، والطائيُّ مِرْطان
أمّا كِلابٌ، فأغنى من ثَعالِبهمْ،
كأنّ أرماحَهم، في الحربِ، أشطان
متى يَقومُ إمامٌ يَستَقيدُ لَنا،
فتعرِفُ العَدْلَ أجبالٌ وغِيطان؟
صلّوا بحيثُ أردتُمْ، فالبلادُ أذًى،
كأنّما كلُّها، للإبلِ، أعطان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لا تَعرِفُ الوزن كفّي، بل غدَتْ أُذني
لا تَعرِفُ الوزن كفّي، بل غدَتْ أُذني
رقم القصيدة : 5227
-----------------------------------
لا تَعرِفُ الوزن كفّي، بل غدَتْ أُذني
وزّانَةً، ولبعضِ القولِ ميزانُ
والأرضُ رُقعَةُ لعّابٍ، مقسَّمَةٌ،
منها سُهولٌ وأجبالٌ وحِزّان
تَغَيّرَ النّاسُ والدّنيا بأجمَعِها،
حتى الفَرائسُ، بعدَ الإبلِ، خِزّان
والسّرُّ ليسَ بمخزُونٍ على أحَدٍ،
لكنْ تَكاثَرَ، للأموالِ، خُزّان
إنْ لم تُحَوَّلْ فرازِيناً بَياذِقُهُمْ،
فالشّاةُ فيلٌ، وذاكَ الفيلُ فِرزان
ولا مُغَنّي، بلْ مُبْدٍ لهُ أسَفاً،
كما يَقولُ: بَنو سَرّاكَ حُزّان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تمَنّتْ شيعةُ الهَجَريّ نَصراً،
تمَنّتْ شيعةُ الهَجَريّ نَصراً،
رقم القصيدة : 5228
-----------------------------------
تمَنّتْ شيعةُ الهَجَريّ نَصراً،
لعلّ الدّهرَ يسهُلُ فيهِ حَزْنُ
وقد أضحَتْ جَماعتُهمْ شريداً
فلا يَفنى لهمْ أسَفٌ وحُزن
وقالوا: إنّها ستَعودُ يَوماً،
فينبُتُ، ما سقَى الآفاقَ مُزن
وبيتُ الشّعرِ قُطّعَ لا لعَيبٍ،
ولكنْ عَنّ تَصحيحٌ وَوَزن
إذا أوتيتَ مالاً، فابذلنْهُ،
فَما يُبقيهِ تَوفيرٌ وخَزن(41/329)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سكوناً خِلتُ أقدَمَ من حَراكٍ،
سكوناً خِلتُ أقدَمَ من حَراكٍ،
رقم القصيدة : 5229
-----------------------------------
سكوناً خِلتُ أقدَمَ من حَراكٍ،
فيكفَ بقَولنا حدَثَ السّكونُ؟
وما في النّاسِ أجهَلُ من غَبيٍّ،
يَدومُ لهُ، إلى الدّنيا، رُكُون
مَنازِلُنا، إذا ما الطّيرُ صِيدَتْ،
فَما تَبكي، من الأسفِ، الوُكون
وما كانتْ نَوىً، فنَذُمَّ بيناً؛
ولكنْ، بَعدَ أيّامٍ، تكون
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد طالَ الزّمانُ عليّ حتى
لقد طالَ الزّمانُ عليّ حتى
رقم القصيدة : 5230
-----------------------------------
لقد طالَ الزّمانُ عليّ حتى
غدوتُ ولي، إلى الدّنيا، ركُونُ
فلا أُغرَرْ، إذا أجَلي خطاني،
سيأتي الموتُ، أغفَلَ ما أكون
ويلحقُ بالثّرى جَسَدٌ هَباءٌ،
على حَركاتِهِ ورَدَ السّكون
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أتحمِلُكَ الحَصانُ، وأنتَ خالٍ،
أتحمِلُكَ الحَصانُ، وأنتَ خالٍ،
رقم القصيدة : 5231
-----------------------------------
أتحمِلُكَ الحَصانُ، وأنتَ خالٍ،
وفي الهَيجاءِ يَحمِلُكَ الحِصانُ؟
تَصونُ الخَيلَ تحتَكَ مِن وَجاها،
وإنْ جاءَ الحِمامُ، فَما تُصانُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما أمسِ بالشّبَحِ الذي، إنْ مرّ بي،
ما أمسِ بالشّبَحِ الذي، إنْ مرّ بي،
رقم القصيدة : 5232
-----------------------------------
ما أمسِ بالشّبَحِ الذي، إنْ مرّ بي،
فرُجوعُهُ، من بعدِ ذلك، ممكِنُ
والنّاسُ، بينَ حَياتِهمْ ومَماتِهمْ،
مثلُ الحُرُوفِ مُحَرَّكٌ ومُسكَّنُ
للَّهِ طاعةُ رَبّنا من خَلّةٍ،
فيها استوى فُصحاؤنا والألكنُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لِباسيَ البُرْسُ، فلا أخضَرٌ،
لِباسيَ البُرْسُ، فلا أخضَرٌ،
رقم القصيدة : 5233
-----------------------------------
لِباسيَ البُرْسُ، فلا أخضَرٌ،
ولا خَلوقيٌّ، ولا أدْكَنُ(41/330)
وقوتيَ الشيءُ، أبَى مثلَهُ
فصيحُ هذا الخلقِ، والألكنُ
وأسألُ الخالِقَ، من عزّهِ،
ما لم يكنْ، إلاّ له، يُمكِن
سَيراً إلى المَوتِ، وعَفواً، إذا
مِتُّ فَفي الآخرَةِ المَوْكِن
والرّفقُ بالنّفسِ، لدَى بينِها
عن جَسَدٍ ظَلّتْ بهِ تَسكُن
وكُنْتُ والنّاسَ إلى هِذهِ الـ
ـدّنيا، فخانتْ عهدَ مَن يَركنُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هذِي القَضايا، فمَن يَطاوِلُها،
هذِي القَضايا، فمَن يَطاوِلُها،
رقم القصيدة : 5234
-----------------------------------
هذِي القَضايا، فمَن يَطاوِلُها،
وهيَ المَنايا، فمنْ يُخاشِنُها؟
لم يَثْنِ، عن فارِسٍ وحِمْيَرِها،
دُروعُها المَوتَ، أو جَواشنُها
ولا قُصورٌ لها مُشَيَّدَةٌ،
قد مُوّهَتْ عَسجَداً رَواشِنُها
وبادَ للرّومِ أُسرَةٌ عَجَبٌ،
تُعرَفُ في وُلدِها شَناشِنُها
وكانَ، في طَيّىءٍ وإخوَتِها،
مَطاعِمٌ، لا يُرَدُّ راشِنُها
وآلُ قابوسَ أهلُ مملَكَةٍ،
حاملَةٍ، وَفْدَها، رعاشِنُها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أينَ عمرٌو لمّا دَعا أُمَّ عمرٍو،
أينَ عمرٌو لمّا دَعا أُمَّ عمرٍو،
رقم القصيدة : 5235
-----------------------------------
أينَ عمرٌو لمّا دَعا أُمَّ عمرٍو،
ولدَيها، من المُدامَةِ، صَحْنُ؟
بئْسَتِ الأُمُّ، للأنامِ، هي الـ
ـدّنيا، وبئسَ البَنونَ للأُمّ، نحنُ
كلُّنا لا يَبُرُّها بمَقالٍ،
فاعذروها، إذْ ليسَ بالفعلِ تَحنُو
فَسَدَ الأمرُ كلُّهُ، فاتركوا الإعْـ
ـرابَ، إنّ الفَصاحَة، اليومَ، لَحنُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> كلُّ ذِكْرٍ من بَعدِهِ نِسيانُ،
كلُّ ذِكْرٍ من بَعدِهِ نِسيانُ،
رقم القصيدة : 5236
-----------------------------------
كلُّ ذِكْرٍ من بَعدِهِ نِسيانُ،
وتَغيبُ الآثارُ والأعيانُ
إنّما هذِهِ الحَياةُ عَناءٌ،
فليُخَبّرْكَ، عن أذاها، العِيان
ما يُحسُّ التّرابُ ثِقلاً، إذا ديـ
ـسَ، ولا الماءَ، يُتعِبُ الجَريان(41/331)
نفَسٌ، بعدَ مِثلِهِ، يتَقَضّى،
فتمرُّ الدّهورُ والأحيان
قدْ ترامتْ، إلى الفَسادِ، البرايا،
واستَوَتْ، في الضّلالةِ، الأديان
أنتَ في السّهلِ أعوَزتْك الخُزامى،
أو على النِّيقِ ما به الطُّيان
طالَ صَبري، فقيلَ: أكثمُ شَبعا
نُ، وإنّي لَمُنْطَوٍ طَيّان
أنا أعمَى، فكيفَ أُهدى إلى المَنْـ
ـهَجِ، والنّاسُ كلُّهمْ عُميان؟
والعَصا، للضّريرِ، خيرٌ من القا
ئِدِ، فيهِ الفُجورُ والعِصيان
وادّعى الهديَ، في الأنامِ، رِجالٌ،
صَحّ لي أنّ هَدْيَهُمْ طُغيان
فَلَكٌ دائرٌ، أبَى فتَياهُ
وَنْيَةً، أوْ يُفَرَّقَ الفِتْيان
ونُفُوسٌ تَرومُ إرْثاً، وما الوا
رثُ إلاّ المُهَيمِنُ الدّيّان
ونَباتُ البلادِ، فيهِ الجَبائيُّ،
ومِنهُ الوَشيجُ والشِّرْيان
إنْ تُمَلِّىءْ بالهَمّ كاسيَ دُنيا
يَ، فكاسي نَعيمُها عُرْيان
يَبتَني راغبٌ، فَما تَكمُلُ الرّغـ
ـبةُ، حتى يُهَدَّمَ البُنيان
وخيولٌ، من الحَوادثِ، تَردى،
والرّدى شأنُهنّ، لا الرّدَيان
ناعباتٌ، كما غدتْ ناعياتٌ،
وحَمامٌ، كما تَغَنّى القِيان
ليسَ، في هذِهِ المَجَرّةِ، ماءٌ،
فيُرَجّي وُرودَهُ الصَّدْيان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أصاحِ! إذا ما أتاكَ القَضاءُ،
أصاحِ! إذا ما أتاكَ القَضاءُ،
رقم القصيدة : 5237
-----------------------------------
أصاحِ! إذا ما أتاكَ القَضاءُ،
لم يَقِكَ الدّرْعُ والجَوشنُ
فَلا يَشكُوَنّكَ جارُ الفناءِ،
يَقولُ: تَعَدّى لهُ رَوْشنُ
فإنّ الذينَ أحَبّوا الخلو
دَ، لانوا، من الخوفِ، واخشوشنوا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لَبيبٌ إلى الدّهرِ لا يَرْكُنُ،
لَبيبٌ إلى الدّهرِ لا يَرْكُنُ،
رقم القصيدة : 5238
-----------------------------------
لَبيبٌ إلى الدّهرِ لا يَرْكُنُ،
وإنقاذيَ النّفْسَ لا يُمْكِنُ
فحَسبي، من المالِ، قوتي بهِ؛
وحَسبي، من البَلدِ، المسكَنُ
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أقمتُ برَغمي، وما طائري(41/332)
أقمتُ برَغمي، وما طائري
رقم القصيدة : 5239
-----------------------------------
أقمتُ برَغمي، وما طائري
براضٍ، إذا ألِفَتْهُ الوكونُ
ولي أمَلٌ كأتَمّ القَنَا،
وحالٌ كأقصرِ سَهمٍ يكونُ
فَيا ألِفَ اللّفظِ لا تأمُلي
حَراكاً، فَما لكِ إلاّ السّكون
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> العادة جرت
العادة جرت
رقم القصيدة : 524
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
العادة جرت
كل طالب مجتهد دمه ثقيل
العادة جرت
كل مخلص في الهوى حظه قليل
العادة جرت
العطوف اللي كريمٍ في الجرايد
في الأزقة والحواري له عوايد .. يصبح القاسي البخيل
العادة جرت
جُل من يصبح ثري .. يكتب شعر
والقصائد تحتري اغلى سعر
الشعر اصبح مجلة .. جلها غث وهزيل
العادة جرت
لمّا نسافر كلنا في الصيف .. نمشي مخشبين
كلنا نحكي بفخامة .. نمشي بفخامة .. والابتسامة لما نسّلم
نبتسم كأن فيه مصورين
ورغم اننا نسافر لجل نلقى بعض .. ونعرف بعض
الا اننا لما انتقابل نلتفت متجهمين
ماهو جنون .. ولا عبط
تظهر أغاني من نمط .. أربع سنين انتطالع بالعيون
وفي المواعيد اللي ماادري منهو كان العبقري اللي عطاها
نجلس في نفس الاماكن .. ننتظر نفس الوجيه
تظهر بكامل بهاها
ويبتدي ذاك الحوار السرمدي :
- شف هذاك شلون لابس .. ماهو صاحي
- شف هذاك موجود في كل النواحي
- شف هذيك شلون تضحك .. ياخزياه ياعيباه يالله
- شف هذيك شلون تمشي .. شف هذاك شلون جالس
- شف رفيقك .. ليش عابس ؟؟ خل نروح ونسأله
- لا انتظر هذا ماشي مع هله
وينتهي هذا الحوار السرمدي
فينا نقول : وش هالصخب .. هالديرة مليانه عرب !!
كأننا متفاجئين
ولما نرجع بالسلامة .. العادة جرت .. انا نكون متنكدين
ومافي سبب غير اننا ما كنا حنا
غير اننا لما نسافر .. دايم نكون ممثلين
ولجل نطلع من تقمص دورنا .. لما نرجع
نحتاج نقعد ناطرين أسابيع وأيام .. ونظهر من الانفصام
العادة جرت(41/333)
انّا نجل الأجنبي .. ونقصي القريب
العادة جرت
انها الايام تمضي ومسجد الاقصى سليب
العادة جرت
كل ما جو الخليج صفي وراق
يبتدي العم سام .. عزف موال العراق
العادة جرت
كل ما اكت قصيدة .. اوصف الواقع بها
القى جاهل ما اريده .. يعتقد انه لها
العادة جرت
كل ما اكتب يقيني أو ظنوني ..
يكاد المريب أن يقول خذوني
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا أعمَلَ الفِكرَ الفتى جَعَلَ الغِنى،
إذا أعمَلَ الفِكرَ الفتى جَعَلَ الغِنى،
رقم القصيدة : 5240
-----------------------------------
إذا أعمَلَ الفِكرَ الفتى جَعَلَ الغِنى،
من المالِ، فقراً، والسرورَ بهِ حُزْنَا
يَكونُ وَكيلاً للبرِيّةِ باذِلاً،
وللوارثيهِ، إنْ أرادَ لَهُ خَزْنا
ويُصبحُ مَنثورُ البِلَى كنظيمَةٍ،
بَناها عبيدٌ، لا يُقيمُ لها وَزْنا
وفي الأرضِ من يَستَمطرُ السيفُ رزقه
إذا كانَ بعضُ القومِ يَستَمطِرُ المُزْنا
عَرَفْنا بهِ خَيرَ الزّمانِ وشَرَّهُ،
أجلْ، ووَطِئنا فوقَها السّهلَ والحَزْنا
ويَطمَعُ، في وِرْدِ السّرابِ، معاشرٌ،
وسوفَ يَروزونَ الخطوبَ كما رُزْنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ستُرْعى، إذا أُلفيتَ، للّفظِ، خازِناً،
ستُرْعى، إذا أُلفيتَ، للّفظِ، خازِناً،
رقم القصيدة : 5241
-----------------------------------
ستُرْعى، إذا أُلفيتَ، للّفظِ، خازِناً،
وتُدهى، إذا حسّنت، للذهب، الخَزْنا
فأنِفقْ، بميزانٍ، مَقالَكَ، وابتعثْ
يديك، بما أُوتيتَ وَزْناً ولا وَزنا
وكم نسوَةٍ رَبّينَ، كالنّخلِ، فِتيَةً،
فحُزْنَ بما أمكَنّ من وَلَدٍ حُزنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لعَمري! لقد نامَ الفتى عنْ حِمامِه،
لعَمري! لقد نامَ الفتى عنْ حِمامِه،
رقم القصيدة : 5242
-----------------------------------
لعَمري! لقد نامَ الفتى عنْ حِمامِه،
إلى أنْ أتاهُ حَتفُهُ مُتَوَسِّنا
إذا ما فعلتَ الخيرَ، فاجعَلْهُ خالصاً(41/334)
لربّكَ، وازجُرْ عن مَديحِكَ ألسُنا
فكونُكَ، في هذي الحَياةِ، مُصيبَةٌ،
يُعَزّيكَ عَنها أنْ تَبُرّ وتُحسِنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> حَرامٌ على النّفسِ الخَبيثَةِ بَينُها
حَرامٌ على النّفسِ الخَبيثَةِ بَينُها
رقم القصيدة : 5243
-----------------------------------
حَرامٌ على النّفسِ الخَبيثَةِ بَينُها
عن الجِسمِ، حتى تَجزيَ السّوءَ محسِنا
فلا تُسدِ للنّفسِ الجَميلَ، وأسدِهِ،
لربّكَ، وانفُضْ عن عيونٍ توَسُّنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> غَنِينا عُصوراً في عَوالَم جَمّةٍ،
غَنِينا عُصوراً في عَوالَم جَمّةٍ،
رقم القصيدة : 5244
-----------------------------------
غَنِينا عُصوراً في عَوالَم جَمّةٍ،
فلَمْ نَلقَ إلاّ عالَماً مُتَلاعِنَا
إذا فاتَهمْ طعنُ الرّماحِ، فمَحفِلٌ
تَرى فيهِ مَطعوناً عليهِ وطاعِنا
هَنيئاً لطفلٍ أزمَعَ السّيرَ عَنهُمُ،
فوَدّعَ، من قبلِ التعارُفِ، ظاعِنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> روحٌ تعدّنَ، قضّي اليَومَ وانتظري
روحٌ تعدّنَ، قضّي اليَومَ وانتظري
رقم القصيدة : 5245
-----------------------------------
روحٌ تعدّنَ، قضّي اليَومَ وانتظري
غَداً، لعَلّيَ فيهِ أُدرِكُ العَدَنا
وديدنُ الجَدّ مملوكٌ، تُنافرُهُ
كلُّ النّفوسِ، وتَهوَى اللّهوَ والدَّدنا
فدًى لنَفسِك نَفسي، آوني جَدَثاً
منَ الخَفيّاتِ، لا قَصراً ولا فَدَنا
وابدأ بُبدْنِكَ، فاهضُمْ منهُ طائفَةً،
من قبلِ سَوِقكَ، في أصحابك، البَدنا
فإنّ جَنّةَ عَدْنٍ لا يُجادُ بها
إلاّ لصاحب دينٍ، في أذًى عُدِنا
لَيثٌ كفادِر فِزرٍ، لبسُهُ شَعَرٌ،
وكالرُّدينيّ آلى يَلبَسُ الرَّدَنا
والعيشُ، يُلقى بصَخرٍ من يُمارِسُهُ،
ولنْ يَدومَ على حالٍ، إذا لَدُنا
تَحَسّمَتْ منهُ أيّامٌ مُنَغِّصَةٌ،
من بعدِ ما ودّ في ودّانَ، أو ودَنا
والغَيُّ ثَوبٌ، إذا لم يَستَلِبْ رجلاً،(41/335)
بالرّغمِ، لمْ تَحسُرِ التّقوى له رَدَنا
كالدُّرّ يُمنَعُ منهُ الطّفلُ، مقتَسراً،
ولم يُجانِبْهُ منْ زهدٍ، وقد شدَنا
أمّا الشّرور، فلنْ تُلفى بمُقفِرَةٍ،
إلاّ قَليلاً، ولكنْ تألَفُ المُدُنا
إنّي لعَمرُكَ، ما أرجو، لعالَمِنا،
هدًى يُثبِّتُ، في أفنائنا، الهُدَنا
والحَظُّ أغلَبُ، كم بَيتٍ لمكرُمَةٍ،
سدًى، يظلُّ، وبيتٌ للخَنى سُدِنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن تابَ إبليسُ، يوماً، تابَ عابدُكم
إن تابَ إبليسُ، يوماً، تابَ عابدُكم
رقم القصيدة : 5246
-----------------------------------
إن تابَ إبليسُ، يوماً، تابَ عابدُكم
من الضّلالِ، ولنْ تُلقوا فتًى فُتِنا
وعَمَّنا الغَيُّ، حتى خِلْتَنا دَمِثاً
مُقابِلاً، من سَفاهٍ، عارِضاً هَتِنا
غنيُّنا، من عَفافِ النّفس، أفقرُنا؛
وقَيلُنا علجُ وحشٍ يألَفُ الأُتُنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يَنسَى الحَوادثَ أفتانا وأكبرُنا،
يَنسَى الحَوادثَ أفتانا وأكبرُنا،
رقم القصيدة : 5247
-----------------------------------
يَنسَى الحَوادثَ أفتانا وأكبرُنا،
ولنْ تُصِيبَ فؤاداً حامِلاً حَزَنا
لا يَفرَحَنّ، بهذا المالِ، جامعُهُ،
ليُحزِنَنّكَ صافي التّبرِ إنْ خُزِنا
يُعَدُّ بَيتُ نُضارٍ بيتَ قافَيةٍ،
لو زالَ منهُ القَليلُ النّزرُ ما اتّزَنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لنا طِباعٌ، وجَدْنا العَقلَ يأمُرُها،
لنا طِباعٌ، وجَدْنا العَقلَ يأمُرُها،
رقم القصيدة : 5248
-----------------------------------
لنا طِباعٌ، وجَدْنا العَقلَ يأمُرُها،
فلا تُريدُ، من الأخلاقِ، ما حَسُنا
أخوكَ، إنْ عزّ، عِلجٌ في أوابدِهِ؛
وإنْ يَذِلّ، فعَيرٌ آهلٌ رُسِنا
نحنُ المياهُ، أقامَتْ في مَواطِنِها،
وطالَ وقتٌ، فأمسَى كلُّها أسِنا
إنّ اللّياليَ قالت، وهيَ صامتَةٌ:
ما أبلَغَ الدّهرَ، لا مَنْ يَدّعي اللَّسَنا
سبحانَ خالقِ هذي الشُّهبِ، دائبَةً،(41/336)
سارتْ وأسرَتْ فلا أيْناً ولا وسَنا
والشمسُ تَغمرُ أهلَ الأرضِ مصلحةً،
رَبّتْ جُسوماً، وفيها للعيونِ سَنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو كانتِ الخمرُ حِلاًّ ما سمَحتُ بها
لو كانتِ الخمرُ حِلاًّ ما سمَحتُ بها
رقم القصيدة : 5249
-----------------------------------
لو كانتِ الخمرُ حِلاًّ ما سمَحتُ بها
لنَفسيَ، الدّهرَ، لا سِرّاً ولا عَلَنا
فليَغفِرِ اللَّهُ، كم تَطغَى مآرِبُنا،
وربُّنا قد أحَلّ الطيّباتِ لَنا
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> المسّمى
المسّمى
رقم القصيدة : 525
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
حسبي اللي انزل التوبة وعما
كيف نحمل كلنا نفس المسمى
سيف قاطع في الوغى يغشى المنايا
مثل سيف ظل في غمدة ولما
حل وقت الغنم خذ مما يريده
وسيفنا القاطع بقا له ما يرمى
حسبي الله كيف كنا كيف صرنا
الاعادي تفوقنا كيفٍ وكمى
وش يضر اللي كرهنا لو كرهنا
وش يفيد اللي نحبه حب جما
هو بقابه ضي واهي نهتديبه
هو بقابه خطب داهي ما المى
يا مدور خير والشر متزاحم
عزتيلك ابرة هو وسط يمى
لا تنادي وش تنادي من تنادي ؟
كيف يوحي الصوت منهو كان اصمى
يرحم الله وقت كان الخير شامل
ما ترك من ورث يؤكل اكل لما
مير من يرجي من الانذال حاجة
يستحق الخزي ويسام ويذمى
ومن سعى بمعروف مع سقط الاراذل
خاب في المسعى وزاد الغم غمى
ايه ياوقت الرزايا والبلايا
وقت شح الجود والبخل استعمى
من يقيسك بالدقايق والثواني
العقارب ؟! وافق الاسم المسمى
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> باهَى رجالٌ، وفي جَهلٍ يباهونا،
باهَى رجالٌ، وفي جَهلٍ يباهونا،
رقم القصيدة : 5250
-----------------------------------
باهَى رجالٌ، وفي جَهلٍ يباهونا،
لاهونَ في النّسكِ، إن ألغاهُ لاهُونا
ناهُوكَ عن حسنِ فعلٍ آمِروكَ به،
والآمرونَ بسُوءِ الفعلِ ناهونا
خِلتُ النّجومَ تنادي: أنجمُوا فِرَقاً،(41/337)
أو السُّهَى قال: أهلُ الأرضِ ساهونا
طهَتْ لك الشّمسُ ما يُغني أخا دَعَةٍ
عن أن يكونَ له، في الأرضِ، طاهونا
ذُرّيّةَ الإنسِ! لا تَزْهوا، فإنّكُمُ
ذَرّاً تُعَدّونَ، أو نَمْلاً تَضاهونا
تأبَى الحَوادثُ نَقصَ الدّهرِ توْمنةً،
وأهْوَنُ الخَطبِ أنّ القومَ واهونا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أكرِمْ نَزيلَكَ واحْذَرْ من غوائله،
أكرِمْ نَزيلَكَ واحْذَرْ من غوائله،
رقم القصيدة : 5251
-----------------------------------
أكرِمْ نَزيلَكَ واحْذَرْ من غوائله،
فلَيسَ خِلُّكَ، عندَ الشرّ، مأمونا
وغالِبُ الحالِ في الجيرانِ أنّهمُ
نُكدٌ، يلومونَ جاراً، أو يُلامونا
تَنامُ أعينُ قومٍ عن ذخائرِهم،
والطّالبونَ أذاهم ما يَنامونا
أحْلِلْ بمن شئتَ لا يعدِمْك نائبَةً؛
خانَ اليَمانونَ طُرّاً، والشآمونا
حيٌّ تَنَوّعَ من نامٍ ومن جَمَدٍ،
فالنّبتُ والوَحشُ والإنسيُّ نامونا
هل تشعُرُ الأرضُ ديسَتْ والترابُ، إذا
أُهيلَ، مثلَ أُناسٍ يُستَضامونا؟
أمْ ذلكَ العالمُ الحَسّاسُ خالصةً،
فيَستَحقّونَ حَمداً، أو يذامونا؟
بِتُّمْ تسامُونَ من نَيلِ العُلى رُتَباً،
فهَلْ علِمتُمْ يَقيناً ما تسامونا؟
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> يا قوتُ! ما أنتَ ياقوتٌ ولا ذهَبٌ،
يا قوتُ! ما أنتَ ياقوتٌ ولا ذهَبٌ،
رقم القصيدة : 5252
-----------------------------------
يا قوتُ! ما أنتَ ياقوتٌ ولا ذهَبٌ،
فكيفَ تُعجِزُ أقواماً مَساكينا؟
وأحسبُ الناسَ، لو أعطَوا زكاتَهمُ،
لَمَا رأيتُ بَني الإعدامِ شاكينا
فإنْ تَعِش تُبصِرِ الباكينَ قد ضَحكوا،
والضّاحكينَ، لفَرْطِ الجَهْلِ، باكينا
فجانِب القومَ، إن زَكّوا نفوسَهمُ،
فليسَ حُلاَّلُ دُنيانا بزاكينا
يسقونَكَ الغَيَّ صِرْفاً، إن أطَعتَهمُ،
وقد علمتَهمُ، للمَينِ، حاكينا
لا يترُكنّ قليلَ الخَيرِ، يَفعلُهُ
من نال، في الأرضِ، تأييداً وتمكينا
فالطّبعُ يَكسِرُ بيتاً، أو يقوّمُه،(41/338)
بأهوَنِ السّعيِ تحريكاً وتسكينا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ربُّ الجَوادِ فرَى عِيناً لمأكَلِهِ،
ربُّ الجَوادِ فرَى عِيناً لمأكَلِهِ،
رقم القصيدة : 5253
-----------------------------------
ربُّ الجَوادِ فرَى عِيناً لمأكَلِهِ،
فعُدّ من رهطِ أقوامٍ فراعينا
قلْ للمَطاعيمِ، تَعصِيهمْ ضُيوفُهمُ:
إنّ المَطاعينَ، يمسونَ المُطاعينا
ويُحمَدُ المرءُ، في الساعينَ، مبتكِراً،
وليسَ يُحمَدُ يوماً في المُساعينا
وما تزالُ تُلاقي، في دُجًى وضُحًى،
مبشِّرينَ، بلا بُشرى، وناعينا
وما وجَدتُ صروفَ الدّهرِ ناكبةً
عن قانِتينَ، لوجهِ اللَّهِ، داعينا
شرُّ النّساءِ مُشاعاتٌ غدونَ سُدًى،
كالأرضِ يَحمِلْنَ أولاداً مُشاعينا
والأمرُ للَّهِ، كم أودى فتًى ومضَى،
عَيناً، وخلّفَ أطفالاً مُضاعينا
والعيشُ أوفاهُ يَمضي مثلَ أقصَرِه،
سبعٌ كسبعِينَ، أو تسعٌ كتسعينا
ولو تُراعين مَولى النّاسِ كلِّهمُ،
ما كنتِ من نُوَبِ الدّنيا تُراعينا
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> لك الله بالنصر العزيز كفيل
لك الله بالنصر العزيز كفيل
رقم القصيدة : 52538
-----------------------------------
لك الله بالنصر العزيز كفيل
أجد مقام أم أجد رحيل
هو الفتح أما يومه فمعجل
إليك وأما صنعه فجزيل
وآيات نصر ما تزال ولم تزل
بهن عمايات الضلال تزول
سيوف تنير الحق أنى انتضيتها
وخيل يجول النصر حيث تجول
ألا في سبيل الله غزوك من غوى
وضل به في الناكثين سبيل
لئن صدئت ألباب قوم بمكرهم
فسيف الهدى في راحتيك صقيل
فإن يحيى فيهم بغي جالوت جدهم
فأحجار داود لديك مثول
هدى وتقى يودي الظلام لديهما
وحق بدفع المبطلين كفيل
مجمع له من قائد النصر عاجل
إليه ومن حق اليقين دليل
تحمل منه البحر بحرا من القنا
يروع بها أمواجه ويهول
بكل معالاة الشراع كأنها
وقد حملت أسد الحقائق غيل
إذا سابقت شأو الرياح تخيلت
خيولا مدى فرسانهن خيول
سحائب تزجيها الرياح فإن وفت(41/339)
أنافت بأجياد النعام فيول
ظباء سمام ما لهن مفاحص
وزرق حمام ما لهن هديل
سواكن في أوطانهن كأن سما
بها الموج حيث الراسيات تزول
كما رفع الآل الهوادج بالضحى
غداة استقلت بالخليط حمول
أراقم تقري ناقع السم ما لها
بما حملت دون الغواة مقيل
إذا نفثت في زور زيري حماتها
فويل له من نكزها وأليل
هنالك يبلوا مرتع المكر أنه
وخيم على نفس الكفور وبيل
كتائب تعتام النفاق كأنها
شآبيب في أوطانه وسيول
بكل فتى عاري الأشاجع ماله
سوى الموت في حمي الوطيس مثيل
خفيف على ظهر الجواد إذا عدا
ولكن على صدر الكمي ثقيل
لها من خوافي لقوة الجو أربع
وكشحان من ظبي الفلا وتليل
وبيض تركن الشرك في كل منتأى
فلولا وما أزرى بهن فلول
تمور دماء الكفر في شفراتها
ويرجع عنها الطرف وهو كليل
وأسمر ظمآن الكعوب كأنما
بهن إلى شرب الدماء غليل
إذا ما هوى للطعن أيقنت أنه
لصرف الردى نحو النفوس رسول
وحنانة الأوتار في كل مهجة
لعاصيك أوتار لها وذحول
إذا نبعها عنها أرن فإنما
صاده نجيب في العدى وعويل
كتائب عز النضر في جنباتها
فكل عزيز يممته ذليل
يسيرها في البر والبحر قائد
يسير عليه الخطب وهو جليل
جواد له من بهجة العز غرة
ومن شيم الفضل المبين حجول
به أمن الإسلام شرقا ومغربا
وغالت غوايات الضلالة غول
يصول بسيف الله عنا وإنما
به السيف في ضنك المقام يصول
حسام لداء المكر والغدر حاسم
وظل على الدين الحنيف ظليل
إذا انشق ليل الحرب عن صبح وجهه
فقد آن من يوم الضلال أصيل
كريم التأني في عقاب جناته
ولكن إلى صوت الصريخ عجول
ليزه به بحر كأن مدوده
نوافل من معروفه وفصول
ويا رب نجم في الدجى ود أنه
من المركب الحاوي سناه بديل
تهادت به أنفاس روح من الصبا
وخد من البحر الخضم أسيل
وقد أومت الأعلام نحو حلوله
وحن من الغر الجياد صهيل
فجلى سناه العدوتين وبشرت
خوافق رايات له وطبول
وأيقن باغي حتفه أن أمه
وقد أمه الليث الهصور هبول
فواتح عز ما لها دون زمزم(41/340)
ولا دون سعي المروتين قفول
وهل عائق عنها وكل سنية
إليك تسامى أو إليك تئول
سيوف على الجرد العتاق عزيزة
وأرض إلى البيت العتيق ذلول
فقد أذنت تلك الفجاج ودمثت
حزون لمهوى مرها وسهول
وقام بها عند المقام مبشر
وشام سناها شامة وطفيل
فيهنيك يا منصور مبدأ أنعم
عوائده صنع لديك جميل
وفرعان من دوح الثناء نمتهما
من المجد في الترب الزكي أصول
عقيبان بين الحرب والملك دولة
وعز مدال منهما ومديل
مليكان عم السالم الحرب منهما
غنى وغناء مبرم وسحيل
ويهنيك شهر عند ذي العرش شاهد
بأنك بر بالصيام وصول
فوفيت أجر الصابرين ولا عدا
مساعيك فوز عاجل وقبول
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> هل أنت مدرك آمالي فمحييها
هل أنت مدرك آمالي فمحييها
رقم القصيدة : 52539
-----------------------------------
هل أنت مدرك آمالي فمحييها
ومبد لي في الورى من ذلتي تيها
بلحظة تقتضي مني مكارمها
هدية لك حاز السبق مهديها
جواهرا من بحور العلم ليس لها
إلا استماعكها قدر يساويها
حتى ترى الطرف في كرات فارسه
والكاعب الرود في أثواب جاليها
عسى الذين نأوا عني أخبرهم
بأن نفسي مبلوغ أمانيها
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لقد أتَوْا بحَديثٍ لا يُثَبّتُهُ
لقد أتَوْا بحَديثٍ لا يُثَبّتُهُ
رقم القصيدة : 5254
-----------------------------------
لقد أتَوْا بحَديثٍ لا يُثَبّتُهُ
عقل، فقلنا: عن أيّ النّاس تحكُونَهْ؟
فأخبَرُوا بأسانيدٍ لهم كُذُبٍ،
لم تَخلُ من كَرّ شَيخٍ لا يزَكّونَه
عجبتُ للأمّ، لمّا فاتَ واحدُها،
بكَتْ، وساعدَها ناسٌ يبكّونه
وكلَّ يومٍ تَداعَى منهُمُ نَفَرٌ،
لبالغِ السّنّ، أو طفلٍ يذكّونَه
ويَنصِبونَ لوَحشيٍّ حَبائلَهمْ،
أو بالسّهامِ، على عَمدٍ، يشكّونَه
هُمُ أسارى مناياهُمْ، فَما لهمُ،
إذا أتاهمْ أسيرٌ، لا يفكّونَه؟
فلو تكلّمَ دهرٌ كانَ شاكيَهمْ،
كما تَراهمْ، على الإحسانِ، يشكونَه
أما تَرَوْنَ ديارَ القَومِ خاليَةً،(41/341)
بعدَ الجماعات، والأجداثَ مسكُونه
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> أضاء لها فجر النهى فنهاها
أضاء لها فجر النهى فنهاها
رقم القصيدة : 52540
-----------------------------------
أضاء لها فجر النهى فنهاها
عن الدنف المضنى بحر هواها
وظللها صبح جلا ليلة الدجى
وقد كان يهديها إلي دجاها
ويشفع لي منها إلى الوصل مفرق
يهل إليه حليها وحلاها
فيا للشباب الغض أنهج برده
ويا لرياض اللهو جف سفاها
وما هي إلا الشمس حلت بمفرقي
فأعشى عيون الغانيات سناها
وعين الصبا عار المشيب سوادها
فعن أي عين بعد تلك أراها
ويا لديار اللهو أقوت رسومها
ومحت مغانيها وصم صداها
وخبر عنها سحق أثلم خاشع
كهالة بدر بشرت بحياها
فيا حبذا تلك الرسوم وحبذا
نوافح تهديها إلي صباها
تهادي المها الوحشي في عرصاتها
يذكرنيه آنسات مهاها
ومبتسم الأحباب في جنباتها
أقاح كساهن الربيع رباها
دعوت لها سقيا الحيا ودعا الهوى
وبرح الهوى دمعي لها فسقاها
وقد أستقيد الحور فيها بلمة
تبارى نفوس العين نحو فداها
وأصبحها الشرب الكرام سلافة
أهانت لها أموالها ونهاها
كميتا كأن النجم حين تشجها
تقحم كأس كأسها فعلاها
بأيدي سقاة مثل قضبان فضة
جلت أحمر الياقوت فهو جناها
ونزهى بسحر من أحاديث بيننا
كأن أسيري بابل نفثاها
وقد عجمت مني الخطوب ابن حرة
أبيا محزاتي لوقع مداها
جديرا إذا أكدى الزمان برحلة
يحقر بعد الأرض عرض فلاها
رحلت لها أدماء وجناء حرة
وشيكا بأوبات السرور سراها
أقامت بمرعى خصب أرض مريعة
أطاع لها تنومها وألاها
بما أفرغ الفرغان ثمت أتبعت
بنوء الثريا فالتقى ثرياها
أشج بها والليل مرخ سدوله
سباريت أرض لا يراع قطاها
أسائل عن مجهولها أنجم الهدى
بعين كأن الفرقدين قذاها
وأحيي نفوس الركب من ميتة الكرى
وقد عطف الليل التمام طلاها
بذكر أيادي العامري التي طمت
على نأي آفاق البلاد مناها
وموحشة الأقطار طام جمامها
مريش بأسراب القطا رجواها
أهل إليها بعد خمس دليلنا(41/342)
فعجنا صدور العيس نحو جباها
تغيث بقايا من نفوس كأنها
بقايا نجوم القذف غار سناها
وقمنا إلى أنقاض سفر كأنها
وقد رحلت شطرا شطور براها
وقلت لنضو في الزمام رذية
تشكى إلى الأرض الفضاء وجاها
عسى راحة المنصور تعقب راحة
وحتم لآمال العفاة عساها
فلله منه قائد الحمد قادها
ومني محدو الخطوب حداها
ولله عزمي يوم ودعت نحوه
نفوسا شجاني بينها وشجاها
وربة خدر كالجمان دموعها
عزيز على قلبي شطوط نواها
وبنت ثمان ما يزال يروعني
على النأي تذكاري خفوق حشاها
وموقفها والبين قد جد جده
منوطا بحبلي عاتقي يداها
تشكى جفاء الأقربين إذا النوى
ترامت برحلي في البلاد فتاها
وأقسم جود العامري ليرجعن
حفيا بها من كان قبل جفاها
ورامت ثواء من أب وثواؤه
على الضيم برح من شمات عداها
وأنى لها مثوى أبيها وقد دعت
بوارق كف العامري أباها
بني إليك اليوم عني فإنها
عزائم كف العامري مداها
فحطت بمغنى الجود والمجد رحلها
وألقت بربع المكرمات عصاها
لدى ملك إحدى لواحظ طرفه
بعين الرضا حسب المنى وكفاها
هو الحاجب المنصور والملك الذي
سعى فتعالى جده فتناهى
سليل الملوك الصيد من سرو حمير
توسط في الأحساب سمك ذراها
لباب معاليها وإنسان عينها
وبدر دياجيها وشمس ضحاها
معظمها منصورها وجوادها
وفارسها يوم الوغى وفتاها
ووارث ملك أثلته ملوكها
وجامع شملي مجدها وعلاها
نماه لقود الخيل تبع فخرها
وأورثه سبي الملوك سباها
ذوو الملك والتيجان والغرر التي
جدير بها التيجان أن تتباهى
شموس اعتلاء توجت بأهلة
وسربلت الآجال فهو كساها
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> أنضيت خيلي في الهوى وركابي
أنضيت خيلي في الهوى وركابي
رقم القصيدة : 52541
-----------------------------------
أنضيت خيلي في الهوى وركابي
وعمرت كأس صبا بكأس نصاب
وعنيت مغرى بالغواني والصبا
واللهو واللذات قد تغرى بي
في غمرة لا تنقضي نشواتها
من صرف كأس أو جفون كعاب
أيام لا نرتاع من صرف النوى(41/343)
أمنا ولا نصغي لنعب غراب
أيام وجه الدهر نحوي مشرق
ومحاسن الدنيا بغير نقاب
ولقد أضاء الشيب لي سنن الهدى
فثنى سني ددني على الأعقاب
ورأيت أردية النهى منشورة
تسعى بجدتها إلى أترابي
ورأيت دار اللهو أقوى ربعها
وخلت معاهدها من الأحباب
وخلت بي النكبات ترمي ناظري
وخواطري بنوافذ النشاب
ولكم أصابتني الخطوب بشكة
تعيي التجلد واحتسبت مصابي
حفظا لعلم حاز صدري حفظه
ألا أخيس بحرمة الآداب
حتى تركت الدهر وهو لما به
صبرا وغادرني السقام لما بي
وصرفت عن صرف الزمان ملامتي
وكففت عن سعي الحسود عتابي
علما بأن الحرص ليس بزائد
حظا وأن الدهر غير محاب
همم الفتى نكب تبرح بالمنى
أبدا إذا عم القضاء الآبي
فقطعت يا منصور نحوك نازعا
خدع المنى وعلائق الأسباب
فرضاك تأميلي وقربك همتي
ونداك محيائي وحمدك دابي
وقد احتللت لديك أمنع معقل
وحططت رحلي في أعز جناب
في ذمة الملك الذي آمالنا
من راحتيه تحت صوب سحاب
قمر توسط من مناسب يعرب
قمم السناء وذروة الأنساب
صدقت به في الله عزمة مخلص
تركت ذماء الشرك رهن ذهاب
بكتائب عزت بها سبل الهدى
ومحت رسوم الكفر محو كتاب
غادرن أرضهم كأن فضاءها
أغوال قفر أو سهوب يباب
تحتث سالكها بغير هداية
وتجيب سائلها بغير جواب
يأيها الملك الذي عزماته
في الدين أعظم أنعم الوهاب
وصل الإله لديك عمرا يقتضي
أمد السنين ومدة الأحقاب
ولك السرور مضاعفا أيامه
ولك النعيم مجدد الأثواب
وليهنك الأضحى الذي أضحى به
صنع الإله مفتح الأبواب
واسلم لسبطيك اللذين تملكا
رق السناء تملك الأرباب
السابقين إلى مقامات العلا
ذا في الحروب وذاك في المحراب
الحاجب الأعلى الذي زهيت به
رتب العلا ومفاخر الأحساب
فلكم تدانى في مكر للوغى
كالشمس في كسف العجاج الهابي
رأي عيني منه يوم قلنية
منه شهاب خاطف شهاب
سيف الإله وحزبه المفني به
شيع الظلال وفرقة الأحزاب
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> منن بأيسر شكرها أعييتني
منن بأيسر شكرها أعييتني(41/344)
رقم القصيدة : 52542
-----------------------------------
منن بأيسر شكرها أعييتني
فمتى أقوم بشكر ما أوليتني
أعطيتني ذخر الزمان وإنما
شرف الحياة وعزها أعطيتني
لبيك شاكر نعمة أنت الذي
لما دعوت غياثها لبيتني
فقتلت هما ذقت حد سيوفه
بسيوف إنعام بها استحييتني
وخططت بالكف الكريمة ملحقي
والفخر فخري منك إذ سميتني
حسبي فحين ذكرتني كرمتني
وكفى فحين نطقت بي أعييتني
ذكراك أعظم نعمة ألبستني
ورضاك أعلى خطة وليتني
فداؤك الأملاك يوم سمعتني
لهفان في أسر الأسى ففديتني
وسقيت غيث النصر حين بصرت بي
ظمآن ملتهب الحشا فسقيتني
آواك ظل الله في سلطانه
ونعيمه بجزاء ما آويتني
ورعى لك الرحمن ما استرعاكه
من دينه أجرا بما راعيتني
وشفى سيوفك من عداك وقد سطاهم
أموت بدائه فشفيتني
وكفيت ما استكفيت يوم ألم بي
هم أناخ بكلكلي فكفيتني
فكأنما استيقنت مالك في الحشا
من طاعة ونصيحة فجزيتني
وعلمت أني في وفائك سابق
فسبقت بالنعم التي وفيتني
فلو أن آمالي بقربك أسعفت
ما قلت ما بعد بلوغها يا ليتني
حتى أقبل كلما قابلتها
كفا بجود عطائها أحييتني
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> محلك بالدنيا وبالدين آهل
محلك بالدنيا وبالدين آهل
رقم القصيدة : 52543
-----------------------------------
محلك بالدنيا وبالدين آهل
فعيد وأعياد وعام وقابل
وسعد وإقبال ويمن وغبطة
ونصر وفتح عاجل ثم آجل
وصوم كريم بالمبرة راحل
وفطر عزيز بالمسرة نازل
ورفع لواء شدد الله عقده
ليعلو حق أو ليسفل باطل
ألا في سبيل الله عزمتك التي
على الدين والإسلام منها دلائل
فقد نطقت بالنصر فيها شواهد
وقد وضحت للفتح منها مخائل
فأبشر فنجم الدين بالسعد طالع
وأيقن فنجم الشرك بالخزي آفل
وقد أصحب التسديد ما أنت قائل
وأيد بالتوفيق ما أنت فاعل
وساعد صنع الله ما أنت طالب
وأسعد جود الله ما أنت سائل
فما تصل الأيام من أنت قاطع
ولا تقطع الأيام من أنت واصل
وهل خيبت يمناك من جاء آمالا(41/345)
فيكذب رب العرش ما أنت آمل
وقد أفطر الإسلام والسيف صائم
وعلت ظماء والرماح نواهل
فأورد صواديها فقد طاب مشرع
وقد حان مأكول وقد حن آكل
فما أنت إلا الشمس تطلع للعدى
فظلهم حتما بنورك زائل
كرمت فما يعيا بحمدك مفحم
وسدت فما يغبى بقدرك جاهل
وجودك في سلم وبأسك في وغى
بحور طوام ما لهن سواحل
فلا خذل الرحمن من أنت ناصر
ولا نصر الرحمن من أنت خاذل
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> لئن سرت الدنيا فأنت سرورها
لئن سرت الدنيا فأنت سرورها
رقم القصيدة : 52544
-----------------------------------
لئن سرت الدنيا فأنت سرورها
وإن سطعت نورا فوجهك نورا
سلام على الأيام ما شمت للعلا
أهلتها واستقبلتك بدورها
وبوركت الأزمان ما أشرقت لنا
بوجهك هيجاواتها وقصورها
فلا أوحشت من عز ذكرك دولة
إليك انتهى مأمورها وأميرها
فما راق إلا في جبينك تاجها
ولا قر إلا إذ حواك سريرها
فلا راعها خطب وسيفك أنسها
ولا رامها ضيم وأنت مجيرها
ومن ذا يناويها وأنت أميرها
ومن نسلك الزاكي الكريم وزيرها
فتى طالعته بالسعود نجومها
وطارت له باليمن فينا طيورها
أذل له عبد المليك ملوكها
وأنجبه المنصور فهو نصيرها
بحار أمرت للأعادي طعومها
كما طاب فينا شربها وطهورها
وأرباب ملك في رياسة أمة
لهم في المعالي عيرها ونفيرها
وما يتساوى موتها وحياتها
ولا يتكافى ظلها وحرورها
وأنت الذي أوردت لونة قاهرا
خيولا سماء الأرض فيها نخورها
وقد لاح بالنصر العزيز لواؤها
وأعلن بالفتح المبين بشيرها
وحلت حلول الليل في كل بلدة
سواء بها إدلاجها وبكورها
وقد قنأت سمر القنا بدمائها
وغالت صدور الدارعين صدورها
صليت وقد أذكى الطعان وقودها
وفار بنيران السيوف سعيرها
وخضت وقد أعيت نجاة غريقها
وهالت بأمواج المنايا بحورها
وقد ضربت خدرا على الشمس وانجلت
بها عن شموس الغانيات خدورها
عقائل أبكارا غدون نواكحا
وما أصبحت إلا السيوف مهورها
فلا محيت أفخاذها من سماتكم(41/346)
ولا عريت من ناصريكم ظهورها
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> فديناك سيفا لم تخنه مضاربه
فديناك سيفا لم تخنه مضاربه
رقم القصيدة : 52545
-----------------------------------
فديناك سيفا لم تخنه مضاربه
وبحر عطاء ما تغيض مواهبه
وبدرا تجلى في سماء رياسة
كواكبها آثاره ومناقبه
تقلد سيف الله والتحف الندى
فسدد راجيه وأعذر هائبه
فها هو ذا في كل قلب ممثل
وهاتيك عند الفرقدين مراتبه
فما عرجت عنه سبيل لطالب
ولا رحبت أرض بمن هو طالبه
خلائق من ماء الحياة وطالما
يغص به يوم الكريهة شاربه
أملبسنا النعمى الأرب ملبس
سني وتاج للعلا أنت سالبه
وليل كريعان الشباب قذفته
بهول السرى حتى أشيبت ذوائبه
وصلت به يوما أغر صحبته
غلاما إلى أن طر بالليل شاربه
بكل مذل كرمته جدوده
وكل كمي أحكمته تجاربه
وعضب يمان قد تعرفت يمنه
وإن ينتسب تعطف عليك مناسبه
وسمر لدان كالكواكب سقتها
ليوم من الأعداء باد كوكبه
صليت ونار الحرب يذكو سعيرها
وخضت وموج الموت تطفو غواربه
ولا مثل يوم نحو لونة سرته
وقد قنعت شمس النهار غياهبه
رفعت لها في عارض النقع بارقا
تسح شآبيب المنايا سحائبه
وعذراء لم يأت الزمان بكفئها
ولا رامها بعل وإن عز جانبه
معوذة لم يسر خطب بأرضها
ولا عرفت بالدهر كيف نوائبه
ثوت بين أحشاء الضلال وأشرعت
أسنته من دونها وقواضبه
وأصبحت يا عبد المليك مليكها
وأنجح ساع جاء والسيف خاطبه
وسقت لها صدق اللقاء معجلا
صداقا إذا ما هلهل الضرب كاذبه
وجيش أضاء الخافقين رماحه
وفاضت على رحب البلاد كتائبه
وقد ضمها في نفنف الجو معقل
عسير على عصم الوعول مراقبه
بعثت عليها منك دعوة واثق
صفا شاهد الإخلاص منه وغائبه
فسرعان ما أقوى الشرى من أسوده
وأبرز من حر الحجال كواعبه
ثلاثة آلاف حسابا ومثلها
وقد غل عازبه وأسأر حاسبه
فيا ليت قوطا حين شاد بناءه
رآه وقد خرت إليك جوانبه
ويا ليت إذ سماه بدرا معظما
رآه وفي كسف العجاج مغاربه(41/347)
فيعلم أن الحق دافع كيده
وأنك حزب الله لا شك غالبه
فلا خذل الدين الذي أنت سيفه
ولا أوحش الملك الذي أنت حاجبه
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> زمان جديد وصنع جديد
زمان جديد وصنع جديد
رقم القصيدة : 52546
-----------------------------------
زمان جديد وصنع جديد
ودنيا تروق ونعمى تزيد
وغيث يصوب وعيش يطيب
وعز يدوم وعيد يعود
وملك ينير بعبد المليك
كشمس الضحى ساعدتها السعود
ونصر كما تتمنى الأماني
ومولى كما يتمنى العبيد
حياء وحلم وفضل وعدل
وعطف وعفو وبأس وجود
إذا سيل كاد يذوب ارتياحا
وإن صال كاد يذوب الحديد
فيا خير من ولدته الملوك
وأكرم من نصرته الجنود
وأشجع من حملته الخيول
وأهيب من رهبته الأسود
وأصمد من جربته السيوف
وأجمل من ظللته البنود
ومن هو للملك سور منيع
ومن هو للدين ركن مشيد
نقبل هدية عبد حداها
لسان شكور وقلب ودود
جواهر من نظم حر الثناء
تبيد الليالي وما إن تبيد
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> كل الكواكب ما طلعت سعود
كل الكواكب ما طلعت سعود
رقم القصيدة : 52547
-----------------------------------
كل الكواكب ما طلعت سعود
وإذا سلمت فكل يوم عيد
وافاك يوم المهرجان وبعده
للفطر يوم بالسرور جديد
فصل يعاود كل عام والندى
في كل حين من يديك يعود
إن أقلعت ديم السحاب فلم تجد
فسحاب كفك ما يزال يجود
ولئن طوى عنا الربيع ثيابه
فربيع جودك شاهد مشهود
لا زالت الدنيا وأنت لألها
مولى ونحن لراحتيك عبيد
فنظمت في صدر الوزارة عقدها
وعقدت في رأس الرياسة تاجها
والخيل جانحة إليه كلما
رفع اللواء وأوجست إسراجها
وكأنني بجبينه في لجة
للحرب يخرق بالقنا أمواجها
حتى يغيب في النجوم دماءها
دفنا ويرفع في السماء عجاجها
ويئوب بالفتح المبين وقد كسا
نفل العداة شعابها وفجاجها
يا قبلة للآملين وكعبة
تدعو بحي على الندى حجاجها
ومبارز الأسد الغضاب وقد غلت
حرب توكل بالحتوف هياجها
أنت الذي فرجت عني كربة(41/348)
للدهر قد سدت علي رتاجها
وجلوت لي فلق المنى من ليلة
طاولت في ظلم الأسى إدلاجها
وسقيتني من جود كفك منعما
كأسا وجدت من الحياة مزاجها
فلألبسن الدهر فيك ملابسا
للحمد أحكم منطقي ديباجها
جددا على طول الزمان أبى له
حر التيقظ والنهى إنهاجها
ما عاقب الليل النهار ورجعت
ورق الحمائم بالضحى أهزاجها
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> سلام على البدر الذي خلف الشمسا
سلام على البدر الذي خلف الشمسا
رقم القصيدة : 52548
-----------------------------------
سلام على البدر الذي خلف الشمسا
وكان لنا في يوم وحشته أنسا
سراجان للدنيا وللدين أشرقا
فشمس لمن أضحى وبدر لمن أمسى
رمى في سبيل الله غاية مقدم
جدير بأن يستعبد الجن والإنسا
فسابق حتى لم يجد للعلا مدى
وجاهد حتى لم يجد للعدى حسا
وسار وروح الملك في نور وجهه
وخلاك يا نجل الملوك له نفسا
لتعتصب التاج السني الذي اكتسى
وترتقي الطود الرفيع الذي أرسى
وتجلو لنا منه شمائل لم تغب
وتذكرنا منه شمائل لا تنسى
وتكسو ثياب العرف والجود والندى
أماني لا زالت بأنعمه تكنى
فلا أوحشت هذي المنازل منكما
ولا فارقت أبراجها البدر والشمسا
العصر الأندلسي >> ابن دارج القسطلي >> بشير يوم بملك دهر
بشير يوم بملك دهر
رقم القصيدة : 52549
-----------------------------------
بشير يوم بملك دهر
وصدق فأل بطول عمر
ودولة بالسرور تبأى
وأنجم بالسعود تجري
وغرة بشرت بفتح
وافاك واستبشرت بنصر
شاهد صنع وغيث فتح
تواعدا طهرة لقدر
فأقبلا سابق وتال
طلوع شمس بإثر فجر
فآن يا نفس أن تسري
بكل ما شئت أن تقري
وحان يا عين أن تقري
بكل ما شئت أن تقري
غيث سحاب وغيب جود
وطيب عرف وطيب ذكر
وراحة غيمت علينا
تغدق ساحاتنا بتبر
الأرض قد حليت رياضا
كلل تيجانها بزهر
كأنما أنبتت رباها
زمردا أثمرت بدر
وخير شمس لعبد شمس
أحله السعد خير قصر
خليفة الله راح ضيفا
لسيفه الحاجب الأغر
زار لتطهير من كساه
وزارتي مفخر وخطر(41/349)
فأي ضيف وأي سيف
وأي ملك وأي فخر
وأي شبل لأي ليث
وأي نهر لأي بحر
متوج قبل يوم ملك
مطهر قبل حين طهر
أدنى إليه الطبيب عطفا
في مرتقى للخطوب وعر
فسددت كفه بصنع
وأدهشت نفسه بذعر
فيا له رام غمر ليث
ومد كفا للمس بدر
أغمد عنه حسام بأس
فقد تكمى بدرع صبر
لسنة للإله أعطى
قياد راض بها مقر
يا لوعة للحديد فازت
طلاب أعدائها بوتر
وقطرة من دم ستمري
دم العدى وابلا بقطر
وجند أنصارها شهود
لم يذعنوا قبلها لقسر
وأبرزوا كل شبل غاب
بكل ذي لبدة هزبر
كل يواسي بنفس عبد
يقضي عليها بصبر حر
فحف بدر السماء منه
بانجم للسعود زهر
وأصبح الدهر من كساه
في حمر إستبرق وخضر
وأشرق المسك والغوالي
في أوجه من نداه غر
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> العيشُ ثِقلٌ، وقاضي الأرضِ ممتحَنٌ،
العيشُ ثِقلٌ، وقاضي الأرضِ ممتحَنٌ،
رقم القصيدة : 5255
-----------------------------------
العيشُ ثِقلٌ، وقاضي الأرضِ ممتحَنٌ،
يُضحي ونصفُ خصومِ المِصرِ يشكونَه
زكّوْهُ دَهراً، فلمّا صارَ قاضيَهمْ،
واستَعملَ الحقَّ، عادوا لا يزكّونَه
يصومُ ناسٌ عن الزادِ المباحِ لهمْ،
ويَغتَذونَ بلَحمٍ لا يذكّونَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إن خَرِفَ الدّهرُ، فهوَ شَيخٌ،
إن خَرِفَ الدّهرُ، فهوَ شَيخٌ،
رقم القصيدة : 5256
-----------------------------------
إن خَرِفَ الدّهرُ، فهوَ شَيخٌ،
يُحَقُّ بالهَترِ والزّمانَهْ
أضحى سَليماً بغَيرِ داءٍ،
لم تبدُ، في شخصِهِ، ضَمانَه
إن قالتِ الشُّهبُ: نحنُ رَهطٌ
أقدَمُ منهُ، فهنّ مانَهْ
أعجَمُ قد بَيّنَ الرّزايا،
أو جَعَلَ الشرَّ تَرجُمانَه
فأودِعَنْ فاتكاً حَصاةً،
وأودِعَنْ ناسِكاً جُمانَه
كِلاهُما ليسَ بالمُؤدّي
إليك، في المودَعِ، الأمانَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> جَمجَمَ هذا الزّمانُ قولاً،
جَمجَمَ هذا الزّمانُ قولاً،
رقم القصيدة : 5257
-----------------------------------(41/350)
جَمجَمَ هذا الزّمانُ قولاً،
وكلُّنا يرتجي بَيانَهْ
وحَدّثَتنا الشّيوخُ أمراً،
وما ادّعَى مُخبرٌ عِيانَه
فكائنٌ فاسِدٌ لأمْرٍ،
وربُّهُ مُفسدٌ كيانه
ما بالُنا في شَقاءِ عَيشٍ،
وإنّما نَبتَغي لِيانَه
دُنياكَ دارٌ قد اصطَلَحنا،
فيها، على قِلّةِ الدّيانَه
كأنّها قَينَةٌ خَلوبٌ
ما عُرِفَتْ، قطُّ، بالصّيانَه
مَنْ لم يَنَلْها أراكَ زُهداً،
ومَن لعَيرٍ بصِلّيانَه؟
ما خانَ ذاكَ الفتى، ولكنْ
حَثَّ سِواهُ على الخِيانَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لأمواهُ الشّبيبَةِ كيفَ غِضنَهْ،
لأمواهُ الشّبيبَةِ كيفَ غِضنَهْ،
رقم القصيدة : 5258
-----------------------------------
لأمواهُ الشّبيبَةِ كيفَ غِضنَهْ،
وروضاتُ الصِّبا كاليَبسِ إضنَهْ
وآمالُ النّفوسِ مُعَلِّلاتٌ،
ولكنّ الحوادثَ يَعترِضنَه
فَلا الأيّامُ تَغرَضُ من أذاةٍ؛
ولا المُهَجاتُ، من عيشٍ، غرضنه
وأسبابُ المُنى أسبابُ شِعْرٍ،
كُفِفْنَ بعلمِ ربّكَ، أو قُبضنه
وما الظّبياتُ مني خائفاتٍ،
وردنَ على الأصائلِ، أو ربَضنَه
فلا تأخُذ ودائعَ ذاتِ ريشٍ،
فَما لكَ أيّها الإنسان بِضنَه
فراعِ اللَّهَ والْهَ عنِ الغَواني،
يَرُحنَ ليَمتَشطنَ ويَرتحضنَه
وطِئنَ السّابريَّ وخُضنَ بحرَ النّـ
ـعيمِ، وهُنّ، في ذهبٍ، يَخُضنه
وللسَّمُراتِ، في الأشجارِ، عيبٌ
إذا ما قالَ مُخبرُهنّ: حِضنَه
نجائبُ لامرىءِ القيسِ بنِ حُجرٍ،
وَقصْنَ أخا البَطالَةِ، إذْ يَرُضْنَه
وخَيلُ اللّهوِ جامِحَةٌ علَينا،
يُساقِطْنَ الفوارِسَ، إن رُكِضنه
فَيا غَضّاً من الفتيانِ، خَيرٌ
من اللّحَظاتِ أبصارٌ غُضِضنَه
فَفُضّ زكاةَ مالِكَ غَيرَ آبٍ،
فكلُّ جُموعِ مالِكَ يَنفَضِضْنَه
وأعجَزُ أهلِ هذي الأرضِ غاوٍ،
أبانَ العَجزَ عن خمسٍ فُرِضنَه
وصُمْ رمضانَ مُختاراً مُطيعاً،
إذِ الأقدامُ من قَيظٍ رَمِضنَه
عُيونُ العالمينَ إلى اغتِماضٍ،
وما خِلتُ الكواكبَ يَغتَمِضْنَه
وقدْ سرّ المَعاشرَ باقِياتٌ(41/351)
من الأنباءِ، سِرْنَ ليَستِفضنَه
أرى الأزمانَ أوعيَةً لذكْرٍ،
إذا بُسْطُ الأوانِ لَهُ نُفِضْنَه
قد انقَرَضتْ ممالكُ آلِ كِسرى،
سِوى سِيَرٍ لهنّ سيَنقَرِضنَه
فطِرْ إن كنتَ يوماً ذا جَناحٍ،
فإنّ قَوادِمَ البازي يُهَضنَه
وكم طَيرٍ قُصِصنَ لغَيرِ ذَنبٍ،
وأُلزِمْنَ السّجونَ، فما نهَضْنَه
متى عَرَضَ الحِجَى للَّهِ ضاقَتْ
مذاهبُهُ عليهِ، وإنْ عَرُضْنَه
وقد كذَبَ الذي يَغدو بعَقْلٍ
لتَصحيحِ الشّروع، إذا مَرِضْنَه
هيّ الأشباحُ كالأسماءِ، يجري الـ
ـقَضاءُ، فيرتَفِعنَ ويَنخَفِضْنَه
وتلكَ غَمائمُ الدّنيا اللّواتي
يُسفّهنَ الحَليمَ، إذا ومَضْنَه
غدَتْ حُججُ الكلامِ حَجا غديرٍ،
وشيكاً يَنعَقِدْنَ ويَنتَقِضْنَه
لعَلّ الظّاعناتِ عن البرايا،
من الأرواحِ، فُزنَ بما استَعَضْنه
وللأشياءِ عِلاّتٌ، ولولا
خطوبٌ للجُسومِ لمَا رُفِضْنَه
وغارتْ، لانصرامِ حَياً، مياهٌ،
وكُنّ، على تَرادُفِهِ، يَفِضْنَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تَهاوَنْ بالظّنونِ وما حدَسْنَهْ،
تَهاوَنْ بالظّنونِ وما حدَسْنَهْ،
رقم القصيدة : 5259
-----------------------------------
تَهاوَنْ بالظّنونِ وما حدَسْنَهْ،
ولا تخشَ الظّباءَ متى كنسنَهْ
وأوقاتُ الصِّبا، في كلّ عصْرٍ،
أراقمُ، والمَنيّةُ ما قلسنَه
يُجِدْنَ بهَيّنٍ ويَعِدْنَ فيهِ،
أليسَ، بعلم ربّكَ، قد ألَسْنَه؟
يَلُسنَ شخوصَ أهلِ الأرض، حتى
يُسِخنَ، وراء ذلك، ما يَلُسنه
وما أنا والظّعائنُ سائراتٍ،
أغُرْنَ، معَ الغوائرِ، أو جلَسنَه
ضَرَبتَ لجاهلٍ مَثَلَ الغَواني،
قَلَبنَ، وما رأبنَ، غداةَ رُسْنَه
هيَ النّيرانُ، تُحسِنُ من بَعيدٍ،
وتُحرِقْنَ الأكفَّ، إذا لمَسنَه
أخذنَ اللُّبَّ أجمعَ، ظاعناتٍ،
فعُدْنَ وما رَبَعْنَ وما خمَسنَه
إذا مَدّتْ روامِقَها إلَيها
قوابسَ، لم يَعُجْنَ بما قبَسنَه
ولولا أنّهنّ أذًى وكيدٌ،
لَمَا أصبَحنَ في كِلَلٍ حُبِسنَه(41/352)
ثُغُورُ مُحارِبٍ مَنعَتْ هُجوعاً،
ثُغوراً، في مَضاحكِها، غُرِسنَه
تَشابَهَتِ الخَلائِقُ والبَرايا،
وإن مازَتهمُ صوَرٌ رُكِسنَه
وجُرمٌ، في الحقيقةِ، مثلُ جَمرٍ،
ولكنّ الحروفَ بهِ عُكِسنَه
غِنى زيدٍ يكونُ لفَقرِ عمرٍو،
وأحكامُ الحوادِثِ لا يُقَسْنَه
كأنّكَ، إنْ بَقيتَ على اللّيالي،
بأعلامِ الوُلاةِ، وقد نُكِسنَه
وخَيرُ الرّزقِ ما وافاكَ عَفواً،
فخلِّ فُضولَ أموالٍ مُكِسنَه
ولْيتَ نُفوسَنا، والحَقُّ آتٍ،
ذهبْنَ كما أتَينَ وما أحَسْنَه
قَدِمنا، والقَوابلُ ضاحِكاتٌ؛
وسِرْنا، والمَدامعُ يَنبَجِسنَه
عَناصِرُنا طَواهرُ غَيرَ شَكٍّ؛
فَيا أسَفا لأجسام نَجِسنَه!
ويَرجو أن يُزيلَ الغُلَّ صادٍ،
إذا سَمِعَ الرّواعِدَ يَرتَجِسْنَه
وقد زَعَمَ الزّواعمُ، وافتكَرْنا؛
فوَيْحٌ للخَواطِرِ ما هَجَسنَه
ومن يتأمّلِ الأيّامَ تَسهُلْ
عليهِ النّائباتُ، وإنْ بَخسنَه
ولو صُرِفَ الهُدَى بجَميلِ فعلٍ
إلى مُهَجٍ نَفِسنَ، لما نَفِسنَه
ومَن يَحْمَدْ، لعيشتِهِ، لِياناً،
يَذُمَّ الغِبَّ أخلاقاً شَرِسْنَه
وما الأحراسُ إلاّ أُمّهاتٌ،
أكَسنَ النّاجياتِ، وما أكَسنَه
تَحاسَدتِ العُيونُ على مَنامٍ،
عَرَفنَ كِذابَهُ، وأردنَ حُسنَه
فصَبراً، إنْ سَمعتَ لسانَ سُوءٍ
من ابن مَودّةٍ، وتَوَقّ لِسنَه
فإنّ الوِرْدَ من مِلْحٍ أُجاجٍ،
أجِئتَ لشُربهِ، وعَرفتَ أسنَه
ولولا ضعفُ أرواحٍ أُعِرنْا
سَفاهاً، ما ابتَهَجنَ ولا ابتأسنَه
وإنّ ملوكَ غَسّانٍ تَقَضَّوا،
ولم يُترَكْ لهمْ، في الملكِ، غُسنَه
وفارسُ عزَّ منها، كلَّ راعٍ،
أُسُودٌ للمَقادِرِ يَفترِسنَه
وهَدّ جِبالَها أقيالُ فِهرٍ،
فتلكَ رُبُوعُها آياً طُمِسنَه
يُذيبونَ النُّضارَ بكلّ مشتى،
إذا الأمواهُ من قَرٍّ جَمَسنَه
وقد حَرَسَ المَمالكَ حيُّ لخمٍ،
فغالَتهمْ نوائبُ يَحترِسْنَه
شكا الرّكبُ السُّهادَ، فلمْ يُعيجوا
بأشباحٍ، على قلَقٍ، ينُسنَه
وكم قطعتْ سواري الشُّهبِ، ليلاً،(41/353)
سواهدَ ما هجَعنَ، ولا نَعَسنَه
هَواكَ مُشابهٌ فَرَساً جَموحاً،
وما ألجَمتَهُ، فعلَيكَ رَسْنَه
ولا يُعْجِبْكَ روضٌ، باكرَتْه
غَمائمُهُ، وأغصانٌ يَمِسنَه
ولا الأفواهُ تضحَكُ عن غريضٍ،
فَرائدُ في مُدامتِها غُمِسنَه
تنَعّمَتِ الخَوافضُ في مَقامٍ،
فكَيفَ النّاعماتُ، إذا رُمِسنَه؟
فأينَ القائلاتُ بلا اقتصادٍ،
أألغَينَ التكلّمَ أم خَرِسْنَه؟
ملأنَ مواضيَ الأزمانِ قولاً،
وأُلزِمنَ السّكوتَ، فَما نبَسنَه
ألمْ تَرَني حَمَيتُ بناتِ صَدري،
فَما زوّجتُهنّ، وقد عنَسنَه
ولا أبرزتُهنّ إلى أنيسٍ،
إذا نُورُ الوحوشِ به أنِسنَه
وقالَ الفارسونَ: حليفُ زُهدٍ،
وأخطأتِ الظّنونُ بما فرَسنَه
ورُضتُ صِعابَ آمالي، فكانتْ
خُيولاً، في مَراتِعِها، شَمَسنَه
ولم أُعْرِضْ عن اللّذّاتِ، إلاّ
لأنّ خِيارَها عَنّي خَنَسنَه
ولم أرَ، في جِلاسِ النّاسِ، خيراً،
فمَن ليَ بالنّوافرِ، إن كنَسنَه؟
وقد غابتْ نجومُ الهَدي عَنّا،
فَماجَ النّاسُ في ظُلَمٍ دَمَسنَه
وقد تَغشَى السّعادَةُ غَيرَ نَدْبٍ،
فيُشرِقُ بالسّعودِ، إذا ودَسنَه
وتُقسَمُ حُظوَةٌ، حتى صخورٌ
يُزَرنَ، فيُستَلمنَ ويُلتَمَسنَه
كذاتِ القُدسِ، أو رُكنَيْ قريشٍ،
وأسرَتُهنّ أحجارٌ لُطِسنَه
يحُجُّ مَقامَ إبراهيمَ وفدٌ،
وكم أمثالِ مَوقِفِهِ وطَسنَه
تَشاءَمَ بالعَواطسِ أهلُ جهلٍ،
وأهوِنْ إن خَفَتنَ، وإنْ عطَسنه
وأعمارُ الذينَ مضَوا صِغاراً،
كأثوابٍ بَلِينَ وما لُبِسنَه
وهانَ، على الفَراقدِ والثّرَيّا،
شخوصٌ، في مَضاجعِها، دُرِسنَه
وما حفَلَتْ حَضارِ ولا سُهَيلٌ
بأبشارٍ يَمانيَةٍ، يُدَسنَه
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> الشاعر الأول
الشاعر الأول
رقم القصيدة : 526
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
قرّر التاجر يكون الشاعر الأول
افرحوا يا اهل القصيد وجهزّوا الساحة
سهلّوا الأوزان لجل المبدع الأفضل
بعد إرهاق العمل يحتاج له راحة(41/354)
فاضي هو يوزن ؟ .. كلامه كامل مكمّل
يكفي انّه لجلنا يكتب عن جراحه
الكسر فاسماعكم وإدراككم يجهل
عبقرية فرحته والفن في نواحه
جدّدي له يا صحافة عهدك الأمثل
وارسمي الأشعار صحرا وشعره الواحة
واكتبي عنه العظيم الشامل الأشمل
كان يحتاج الشعر جهده واصلاحه
واسألي كيف ومتى وهل كان أو يعقل
عمرنا من غير فكره تكمل افراحه ؟
وين " نوبل " عن قلم من أشرق واشعل
ظلمةٍ كنّا بها أفناها مصباحه
من يقول ان الشعر في وقتنا مبهذل
سعرنا عقب الخساير زادت ارباحه
لحّنوا الشعر البديع الأصعب الأسهل
واعرضوه بكل شاشة ليل واصباحه
وادفعوا للي شدا للشاعر الأجزل
مبلغ وقدره " كذا " يستاهل صياحه
ابشروا يا مطربين الدفتر الأجمل
يكفي عن مُرّ السؤال وذل إلحاحه
دفترٍ فيه القصايد تشتري الأخطل
وعنتر يضحّي بعبله ويرمي سلاحه
دفترٍ فيه المعاني في اليمين اسفل
أقوى أبياته : فقط لا غيري في الساحه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> إذا ما شئتمُ دَعَةً وخَفْضاً،
إذا ما شئتمُ دَعَةً وخَفْضاً،
رقم القصيدة : 5260
-----------------------------------
إذا ما شئتمُ دَعَةً وخَفْضاً،
فعيشوا في البريّةِ خاملينا
ولا يُعقَدْ لكمْ أمَلٌ بخَلقٍ،
وبيتوا للمُهَيمِنِ آملينا
ورِفقاً بالأصاغِرِ كَيْ يَقولوا:
غَدَونا بالجَميلِ مُعامَلينا
فأطفالُ الأكابرِ إنْ يُوَقَّوْا
يُرَوْا، يوماً، رجالاً كاملينا
ونُودوا في إمارَتِهمْ، فجفّوا
وعادوا للثّقائلِ حاملينا
ولا تُبدوا عَداوَتَكمْ لقَومٍ
أتَوكم، في الحَياةِ، مُجاملينا
ولا تَرْضَوْا بأنْ تُدعَوْا وُشاةً،
وتَسعَوا بالأقارِبِ ناملينا
وقد جارَ القُضاةُ، إذا أشاروا
بأيسَرِ نَظرَةٍ، متَحاملينا
لعلّ معاشراً، في الأرض، جُوزوا
بما كانوا، قديماً، عاملينا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> هَوّنْ عليكَ، ولا تُبالِ بحادِثٍ
هَوّنْ عليكَ، ولا تُبالِ بحادِثٍ
رقم القصيدة : 5261
-----------------------------------(41/355)
هَوّنْ عليكَ، ولا تُبالِ بحادِثٍ
يُشجيكَ، فالأيّامُ سائرَةٌ بِنَا
أعدَى عدوٍّ لابنِ آدَمَ نَفسُهُ،
ثمّ ابنُهُ وافاهُ يَهدِمُ ما بَنَى
هاتيك تأمرُهُ بكلّ قَبيحةٍ،
ودَعاهُ ذاكَ لأنْ يَضَنّ ويَجبُنا
والغَبنُ كَوني في الحَياةِ مصوَّراً،
فمنَ الغَباوَة خِيفَتي أن أُغبَنا
وأقَلُّ عِبئاً من جلوسِ ممدَّحٍ،
للوَفْدِ يقصدُ، أن يروحَ مُؤبِّنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أركانُ دُنيانا غَرائزُ أربَعٌ،
أركانُ دُنيانا غَرائزُ أربَعٌ،
رقم القصيدة : 5262
-----------------------------------
أركانُ دُنيانا غَرائزُ أربَعٌ،
جُعِلَتْ لمنْ هوَ فَوقَنا أركانَا
واللَّهُ صيّرَ للبِلادِ وأهلِها
ظَرْفَينِ: وَقتاً ذاهِباً، ومكانا
والدّهرُ لا يَدري بمن هوَ كائنٌ
فيهِ، فكَيفَ يُلامُ فيما كانا؟
والمرءُ ليسَ بزاهدٍ في غادَةٍ،
لكنّهُ يَتَرَقّبُ الإمكانا
والحيُّ تُخلِقُ جسمَهُ حرَكاتُه،
فيكِلُّ وهوَ يُحاذِرُ الإسكانا
نبكي ونضحكُ، والقضاءُ مُسلَّطٌ،
ما الدّهرُ أضحَكَنا ولا أبكانا
نَشكو الزّمانَ وما أتَى بجنايةٍ،
ولَوِ استَطاعَ تكلّماً لشَكانا
متَوافقينَ على المَظالم، رُكّبَتْ
فينا، وقارَبَ شرَّنا أزكانا
يمضي بنا الفَتَيانِ، ما أخَذا لنا
نَفْساً، على حالٍ، ولا تركانا
وأرى الجدودَ حبتْ قُرَيشاً مُلكَها
وذوتْهُ، عَمداً، عنْ بني مِلْكانا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لو لم تكُنْ دُنياكَ مَذمومَةً،
لو لم تكُنْ دُنياكَ مَذمومَةً،
رقم القصيدة : 5263
-----------------------------------
لو لم تكُنْ دُنياكَ مَذمومَةً،
ما أوْلَعَ اللَّهُ بها الألسُنَا
ما أحمَدُ الخِيرِيَّ، فألاً بهِ،
ولا أذُمُّ الوَرْدَ والسّوسَنا
أجهَلُ منّي رجُلٌ يَبتَغي،
عنديَ، ما لَستُ لهُ مُحسِنا
حُقَّ، وإنْ كانَ أخا صورَةٍ
في الإنس، أن يُلجَم، أو يُرْسَنا
وأنْ تُسَمّى رِجلُهُ حافراً،
في واجبِ التّشبيهِ، أوْ فِرْسِنا(41/356)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ما وَقَعَ التّقصيرُ في لَفظِنا،
ما وَقَعَ التّقصيرُ في لَفظِنا،
رقم القصيدة : 5264
-----------------------------------
ما وَقَعَ التّقصيرُ في لَفظِنا،
لوْ صَدَقَتْ أفعالُنا الألسنَهْ
كم حسنُتْ في الأرض من صورةٍ،
ولم تكنْ في عمَلٍ مُحسِنَهْ
وما عُيونُ النّاس، فيما أرى،
مُنتَبِهاتٍ من طَويلِ السِّنَه
إنّ أمامي أسَداً فارِساً،
لا بازِلاً يُوطئُني فِرْسِنَه
إنْ تَتَطَيّرْ، أو تَفاءَلْ، فَما
تَمِلكُ ريبَ الدّهرِ، أن تَرْسِنَه
خِيرِيّةٌ في لَفظِها خِيرَةٌ،
جاءتكَ بالسوءِ منَ السّوسنَه
والأمَلُ المَبسوطُ قِرْنٌ إزا
ءَ اللّيثِ، لا يترُكُ أنْ يَلسُنَه
لو قيلَ لم يَبقَ سوى ساعَةٍ،
أمّلْتَ ما تَعجِزُ عَنهُ سنَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> طَودانِ قالا: زلّ غُفرانا،
طَودانِ قالا: زلّ غُفرانا،
رقم القصيدة : 5265
-----------------------------------
طَودانِ قالا: زلّ غُفرانا،
فنَسألُ الخالقَ غُفرانَا
أبرأنا الواحِدُ من سُقمِنا،
ورمَّنا المَلْكُ، وأبرانا
اللَّهُ أدرانا بأمْرٍ، فَما
نغسِلُ بالتّوبَةِ أدْرانا
أجرأنا الجَهلُ على إثمِنا
وهوَ على الإحسانِ أجرانا
والبَغيُ أشرانا، فألفَيتَنا،
وكُلُّنا يوجَدُ أشرانا
إنّي حَيٌّ، رانَ ذنبي على
قلبي، فَما أنفَكُّ حَيرانا
نَجرانَ من قيظٍ وهمٍّ، فمَن
يَغدو على مَسجدِ نَجرانا؟
إنْ يفنَ بَدرانا، فنرجو الذي
أغنى، ولا نَسألُ بَدْرانا
إثرانِ مِنْ خَيرٍ وشرٍّ لَنا،
ويَلحَقُ التّثريبُ أثرانا
عُمرانِ مَرّا لكَبيرٍ، ولا
يترُكُ للدّامِرِ عُمرانا
فرَحمَةُ اللَّهِ على أُمّةٍ،
عَهِدتُها، في الأرض، جيرانا
أقرأنا منها السّلامَ الكَرى،
وكم أبادَ الحَتفُ أقرانا
غيرانِ من حَمْدٍ ومن عفّةٍ،
خيرٌ لمنْ أُلفيَ غَيرانا
نُهمِلُ أسرانا بأيدي الرّدى،
ويُدلِجُ اللّيلَةَ أسرانا
نِيرانِ لاحَا في ظَلامٍ لَنا،
وقد لَمَحْنا فيهِ نِيرانا(41/357)
لو عقَلَ الإنسانُ رامَ الهدى،
ولم يَبِتْ، في النّومِ، سَدرانا
مُرّانِ: عيشٌ وحِمامٌ، فَما
أغناهُ أن يَحمِلَ مُرّانا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> صُنوفُ هذي الحَياةِ يَجمَعُها
صُنوفُ هذي الحَياةِ يَجمَعُها
رقم القصيدة : 5266
-----------------------------------
صُنوفُ هذي الحَياةِ يَجمَعُها
طولُ انتِباهٍ، ورَقدَةٍ، وسِنَهْ
دُنياكَ، لو حاوَرَتْكَ ناطِقَةً،
خاطبْتَ منها بليغَةً لَسِنَه
ليَفعَلِ الدّهرُ ما يَهُمُّ بهِ،
إنّ ظُنوني بخالقي حسَنَه
لا تَيأسُ النّفسُ من تَفَضّلِهِ،
ولو أقامَتْ، في النّار، ألفَ سنَه
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أشَمِمْنا لُبنَى، فقلنا: لُبَينَى،
أشَمِمْنا لُبنَى، فقلنا: لُبَينَى،
رقم القصيدة : 5267
-----------------------------------
أشَمِمْنا لُبنَى، فقلنا: لُبَينَى،
بعدَما أزمَعتْ صدوداً وبَينا
عارضَتْنا بوُدّها، فكَرِهنا
هُ، وآبَتْ لزَوْرَةٍ، فأبَينا
قد تركنا لأهلِها أُمَّ دَفْرٍ،
وقعَدْنا عن شُغلِها فاحتَبَينا
وصروفُ الأيّامِ فَرّقنَ ما يجْـ
ـبي الفتى في حياضهِ، وجبَينا
نسألُ اللَّهَ أن يُخَلّصَ منهنّ،
وكم شُقْنَ زاهداً واطّبَينا
لم نكنْ من ذوي الخمورِ سَبَأنا
ها، ولا من ذوي الأمورِ سَبينا
لا تَعِشْ مُجبِراً ولا قَدَرِيّاً،
واجتَهِدْ في تَوَسّطٍ بينَ بَيْنا
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> متى أنا، في هذا الترابِ، مُغَيَّبٌ،
متى أنا، في هذا الترابِ، مُغَيَّبٌ،
رقم القصيدة : 5268
-----------------------------------
متى أنا، في هذا الترابِ، مُغَيَّبٌ،
فأصبِحَ لا يُجنى عليّ، ولا أجني؟
أسيرُ عن الدّنيا، ولَستُ بعائِدٍ
إليها، وهل يرتدُّ قُطنٌ إلى دَجْن؟
وَجَدتُ بها أحرارَها، كعَبيدِها،
قِباحَ السّجايا، والصرائحَ كالهُجن
ويومَ حُصولي في قَراريَ نعمَةً
عليّ، كيَومي لو خرَجتُ من السّجن
وإنّ زَماناً فَجرُهُ مثلُ سَيفِهِ،(41/358)
هلالٌ، دُجاه من مَخالبِهِ الحُجن
فما سُقِيَتْ دارٌ، فقلتُ لها: انعمي؛
ولا هَبّ إيماضٌ، فقلتُ له: هِجني
إذا ما وَرَدْنا للمَنايا شريعَةً،
فهانَ علَينا ما شرِبنا من الأجْن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أفدْتُ، بهِجرانِ المَطاعمِ، صِحةً،
أفدْتُ، بهِجرانِ المَطاعمِ، صِحةً،
رقم القصيدة : 5269
-----------------------------------
أفدْتُ، بهِجرانِ المَطاعمِ، صِحةً،
فَما بيَ من داءٍ يُخافُ، ولا حِبنِ
وإنْ ألقَ شَكوِي ألقَهُ تحتَ خِفيَةٍ،
كجُزْءٍ بَسيطٍ أولٍ مُسّ بالخَبنِ
وأصبَحتُ، في الدّنيا، غَبيناً مُرَزَّأً،
فأعقَيتُ نَسلي من أذاةٍ ومن غَبنِ
فلَستَ تَراني حافراً مثلَ ضَبّها،
ولا لفِراخي، مثلَ طائِرها، أبني
فإنْ تَحكُمي بالجَوْرِ فيّ وفي أبي،
فلن تَحْكُميهِ في بَناتي، ولا في ابني
وأوقدتِ لي نارَ الظّلامِ، فلم أجِدْ
سناكِ بطَرْفي، بل سِنانَكِ في ضِبني
وما قامَ لَبنُ الضّيفِ إذْ جاءَ طارِقاً،
بما هوَ راجٍ، في الصّباحِ، من اللَّبْنِ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> إسأل الأعمى ..!
إسأل الأعمى ..!
رقم القصيدة : 527
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
اسأل الأعمي .. ان كان في نومه يشوف
ليه يصحى ؟!
واسأل اللي ما درت عنه الهموم
اللي درى ان العمر محدود
وان الفرح مهما اختفي .. موجود
اسأله ليه ينوم ؟
وان جاوبوك اسألني ليه حنا افترقنا
يا صاحبي مابه سبب لفراقنا
غير اننا جينا بزمن ماهو زمنا
ياصاحبي مابه سبب لفراقنا
غير اننا في حبنا عشنا الصدق
وفي وقتنا وشهو الصدق
في وقتنا لجل اللقاء تكذب
ولجل تاصل ماتبي تكذب
ياصاحبي خذها من جرحي نصيحه
كانك تبي تاصل ؟ اكذب .. اكذب .. اكذب
الصدق في وقتنا اصبح فضيحه
في وقتنا دايم تهيم في شي ماتعرف مداه
دايم تهيم فلي بعد عن سكتك
واللي زهد في محبتك
واللي فـ يدك ومتحمل جروحك معك
ما يهمك تنساه(41/359)
ولو تقتله ما يألمك وبقدامك تاطاء على دماه
يا صاحبي وقتنا في اوله ضيعنا أولى القبلتين
وفي آخرة الله اعلم وش بيبقي
في وقتنا صار الغدر شيٍ عظيم
والوفاء ماظنتي ان كان بتدور بتلقى
يا صاحبي في وقتنا أطول مسافة ممكنه
تمشيها بين النقطتين
الخط المستقيم
يا صاحبي في وقتنا وقت الألم
من يسمعك مهما حكيت
من ينصفك مهما شكيت
منهو اللي ما يضحك إذا ذلتك دنياك وبكيت
يا صاحبي في وقتنا
ما للمشاعر ناس
يا صاحبي في وقتنا لبعض القلوب إحساس
يا صاحبي في وقتنا وقت الكلام
وقل الفعل لامات احد وانتقل لعلى رفيق
من طيبنا نحزن عليه
نصلي عليه
ناصل معه للمقبرة
وفي المقبرة غير الدعاء وقولت الله يرحمه
مابه كلام وندفنه .. ولا دفناه نبكي
بدون دموع أو بدموع
المهم بعد ما نبكي نتركه ونروح
وتلقانا نقول مسكين يا فلان مسكين
من دنيتك وش اللي خذيت ؟
وبعد باب المقبرة بشبرين
واقل من الدقيقة لامن دخل فينا الزحام
من طيبنا نضحك ونسمع أغنية
لجل نتسلى في الطريق بين المقبرة والبيت
يا ربي سبحانك ياللي تجير من العذاب
قلوبنا وش صابها ؟
في وقت غدا بين الحياة والموت
وبين البكاء والضحك
شبرين ودقيقه وباب
ويدننا اللي قد حثت في وجه ميتنا التراب
هي نفسها اللى بعد شبرين واقل من الدقيقة
اختارت شريط وحطته لجل تقتل طول المسافة
بين المقبرة والبيت
يا صاحبي في وقتنا احسن كثير
من بعضنا
في المقبره على الاقل ميت وندري
المشكلة متنا وإلىالحين ماندري
يا صاحبي في وقتنا ضاع احترام الموت
في وقتنا حكينا ما أكثره
وللأسف كل الحكي من غير صوت
وان كان به فمٍ صدق
واسمحوا يحكي بصوت ما نسمعه
ياصاحبي قدامنا كان اختيارين
يا نجاري وقتنا ونكذب ونخدع نفسنا
يا نفترق لان الفراق في وقتنا
هو الصدق
افترقنا
يا صاحبي كانك تشك في أسباب الفراق
دور لك اعمي وإذا صحى اسأله
ان كان في نومه يشوف ليه صحي
وليه افترقنا ؟؟؟؟؟(41/360)
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> مَطِيّتيَ الوَقتُ، الذي ما امتَطَيتُهُ
مَطِيّتيَ الوَقتُ، الذي ما امتَطَيتُهُ
رقم القصيدة : 5270
-----------------------------------
مَطِيّتيَ الوَقتُ، الذي ما امتَطَيتُهُ
بوِدّي، ولكنّ المُهَيمِنَ أمطاني
وما أحَدٌ مُعطِيَّ، واللَّهُ حارِمي،
ولا حارِمي شَيئاً، إذا هوَ أعطاني
هما الفَتيانِ استَوْلَيا بتَعاقبٍ،
وما لهما لُبٌّ، فكيفَ يَشطّانِ؟
إذا مَضَيا لم يَرجِعا، وتَلاهما
نَظيرانِ، بالمُستَودِعاتِ، يُلِطّان
وكلَّ غنيٍّ يسلبانِ من الغِنى،
وكلَّ كميٍّ، عن جَوادٍ، يحطّان
وكم نَزَلا في مَهمَه، وتحَمّلا،
بغيرِ حَسيسٍ، عن جِبالٍ وغِيطان
وما حَمَلا رَحلَينِ، طوراً، فيؤنِسا،
إذا حفزَ الوَشكُ الرّحالَ يَئِطّان
ويَبترِيانِ العَظمَ والنَّحضَ، ذائباً
ليَنتَقياهُ، والأديمَ يَعِطّان
وقد خطرا فحلينِ، لو زالَ عنهما
غِطاءٌ، لكانا بالوَعيدِ يَغِطّان
وما برِحا، والصّمتُ من شيمَتَيهِما،
يقُصّانِ فينا عِبرَةً، أو يَخُطّان
وقد شهَرا سَيفَينِ في كلّ مَعشرٍ،
يُقدّانِ ما همّا به، أو يقُطّان
لَغيرُكَ بالقُرطانِ أوْلى منَ ان يَرى،
وشنفانِ في الأُذنينِ منه، وقُرطان
تريدُ مَقاماً دائماً، ومَسرّةً
بدارِ همومٍ، لم تكن دارَ قُطّان
وما زالَ شَرْطٌ، يُفسِدُ البيعَ، واحدٌ،
فَما بالُهُ لمّا تَظاهَرَ شَرطانِ؟
لقد خدَعَتني أُمُّ دَفْرٍ، وأصبَحَتْ
مؤيَّدَةً، من أُمّ ليلى، بسُلطان
إذا أخذَتْ قِسطاً من العَقلِ هذهِ،
فتلكَ لها في ضِلّةِ المرءِ قِسطان
دعاوى أُناسٍ توجِبُ الشكَّ فيهِمُ،
وأخطأني غَيثُ الحِجى، وتخَطّاني
ألمْ تَرَ أعشَى هُوذَةَ اهتاجَ، يدّعي
معونتَهُ، عندَ المَقالِ، بشَيْطان؟
يُرادُ بنا المَجدُ الرّفيعُ بزَعمِنا،
ونَختارُ لَبثاً في وبيلةِ أوطان
كأنّا غروبٌ مكْرَهاتٌ على العُلى،
تُمَدّ إلى أعلى الرّكيّ بأشْطان
وما العَيشُ إلاّ لُجّةٌ ذاتُ غمرَةٍ،(41/361)
لها مَولِدُ الإنسانِ والموتُ شطّان
فأحسِنْ بدنياكَ المسيئةِ، إذْ بدَتْ،
عليها وِشاحٌ من نجومٍ وسِمطان
وكم واسعِ الأعطانِ تجزَعُ نفسُه،
ورحبِ فؤادٍ آلفٍ ضِيقَ أعطان
ومَن لي بجُونٍ عندَ كُدْرٍ بقَفرَةٍ،
كأنّهما من آلِ يَعقُوبَ سِبطان
يُجَرُّ بها المِرْطانِ من يمنيّةٍ،
على كلّ غبراءِ الأفاحيصِ مِرطان
تخالُ بها مَسعًى من الصِّلّ مُسقَطاً
من السوط، والعينان في الجنح سِقطان
إذا ما انجَلى خَيطُ الصّباحِ تَبيّنَتْ
حبالُ رمالٍ، ذاتُ عُفْرٍ وخِيطان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أيأتي نبيٌّ يَجعَلُ الخَمرَ طِلقَةً،
أيأتي نبيٌّ يَجعَلُ الخَمرَ طِلقَةً،
رقم القصيدة : 5271
-----------------------------------
أيأتي نبيٌّ يَجعَلُ الخَمرَ طِلقَةً،
فتَحمِلَ ثُقْلاً من هُمومي وأحزاني
وهيهاتَ، لو حَلّتْ لما كنتُ شارباً
مُخَفِّفَةً، في الحِلمِ، كِفّةَ ميزاني
إذا خزَنوني في الثّرى، فمَقالدي
مُضيَّعَةٌ، لا يُحسِنُ الحفظَ خُزّاني
كأنّيَ نَبتٌ مَرّ يَومٌ وليلَةٌ
عليّ، وكانا منفَضينِ، فجَزّاني
هما بَدَوِيّانِ، الطّريقَ تَعرّضا،
وبُرديّ، من نَسجِ الشبيبَةِ، بزّاني
قَوِيّانِ عَزّاني علَيهِ، وأوقَعا
بغَيرِيَ ما بي أوقَعاهُ، فعَزّاني
وما ضَيّقَا أرضي، ولكنْ أراهُما
إلى الضّنكِ، من وجهِ البسيطةِ، لزّاني
وما أكَلا زادي، ولكنْ أكَلتُهُ،
وقد نَبّهاني للسُّرى واستَفَزّاني
ولم يَرْضَيا إلاّ بنَفسي من القِرى،
ولو صُنتُهُ، عن طارقيّ، لأحزاني
وما هاجَ ذكري بارقٌ نحوَ بارقٍ؛
ولا هَزّني شَوقٌ لجارةِ هَزّان
بَلِ الفَتَيانِ، اعتادَ قَلبي أذاهُما،
يشيمانِ أسيافَ الرّدى، ويهُزّان
عزيزانِ باللَّهِ، الذي ليسَ مثلُهُ،
يُذِلاّنِ في مِقدارَهِ، ويُعِزّان
وكم فَتكا، والحِسُّ قد بانَ عَنهما،
بأهلِ وُهودٍ، أو جبالٍ وحِزّانِ
وما تَرَكا تُركَ القِبابِ، وغادَرا
برُمحينِ، أو جُرزَينِ، أُسرَةَ جُرزان(41/362)
سلا غابَ تَرْجٍ والأُنَيعمَ كم ثَوَى،
بذاكَ وهذا، من أُسودٍ وخُزّان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> أُريدُ لِيانَ العَيشِ في دارِ شِقوَةٍ،
أُريدُ لِيانَ العَيشِ في دارِ شِقوَةٍ،
رقم القصيدة : 5272
-----------------------------------
أُريدُ لِيانَ العَيشِ في دارِ شِقوَةٍ،
وتأبَى اللّيالي غَيرَ بُخلٍ ولَيّانِ
ويُعجِبُني شيئانِ: خَفضٌ وصحّةٌ؛
ولكنّ ريبَ الدّهرِ غَيّرَ شَيّاني
وما جَبَلُ الرّيّانِ، عندي، بطائلٍ؛
ولا أنا من خُودِ الحِسانِ برَيّان
وأحيانَي اللَّهُ القَديرُ مَلاوَةً،
فَهلاّ بخَوفِ اللَّهِ أقطَعُ أحياني؟
وإنّ بني الدّيّانِ، أخمَلَ عزَّهمْ
قيامُ عَميدٍ من خُزَيمةَ ديّانِ
وما اقتَتَلَ الحَيّانِ إلاّ سَفاهَةً،
ولو صَحّ ودّي للمُحارِبِ حَيّاني
وتهلِكُ أعيانُ الرّجالِ، وإنّما
مَصارعُ أعيارٍ كمَصرَعِ أعيان
ولم يُشوِ حَتفٌ أُمَّ عُفرٍ بوهدَةٍ،
ولا أُمَّ غُفرٍ بَينَ آسٍ وظيّان
أُريدُ عَليّاتِ المَراتبِ ضِلّةً،
وخَرْطُ قَتادِ اللّيلِ دونَ عُليّان
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> تمزّنَ، من مُزنِ السّحابِ، مَعاشرٌ،
تمزّنَ، من مُزنِ السّحابِ، مَعاشرٌ،
رقم القصيدة : 5273
-----------------------------------
تمزّنَ، من مُزنِ السّحابِ، مَعاشرٌ،
ومن مازنٍ، بَيضِ النّمالِ تَمَزُّني
عزَزْتَ، وربُّ النّاسِ أعطاكَ عِزّةً،
وأصبَحتُ هَيناً، كلُّ شيءٍ يعُزُّني
كنَبتٍ ضعيفٍ لم يوازِرْهُ غَيرُهُ،
فأيُّ نَسيمٍ هَبّ، فَهوَ يَهزُّني
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> لهانَ علينا أنْ تَمُرّ، كأنّها
لهانَ علينا أنْ تَمُرّ، كأنّها
رقم القصيدة : 5274
-----------------------------------
لهانَ علينا أنْ تَمُرّ، كأنّها
هَوازنُ طَيرٍ، نسوةٌ من هَوازنِ
وأُمُّ طويلِ الرّمحِ سَمّتهُ مازناً،
لدى العَقلِ يحكي نَملَةً، أمَّ مازن
رضيتُ بما جاءَ القَضاءُ مُسَلِّماً،
وضاعَ سؤالي في حوازٍ حوازن(41/363)
إذا أنتَ أُعطيتَ الغِنى، فادّخِرْ به
نَثاً، وأرِحْهُ من خوازٍ خوازن
وما أنا إن وُليّتُ أمراً بعادِلٍ؛
ولا في قَريضِ الشّعرِ بالمتوازن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> ثُعالَةُ! حاذِرْ من أميرٍ وسوقَةٍ،
ثُعالَةُ! حاذِرْ من أميرٍ وسوقَةٍ،
رقم القصيدة : 5275
-----------------------------------
ثُعالَةُ! حاذِرْ من أميرٍ وسوقَةٍ،
فمن لَفظِ صيدٍ جاءَ لفظُ الصّيادنِ
ولا تَتّخِذْ من آلِ حوّاءَ صاحباً،
وغيرَهمُ، إن شئتَ، فاصحبْ وخادن
فإنْ كانَ في دُنياكَ للشرّ مَعدِنٌ،
فإنّهمُ في ذاكَ أزكى المَعادِنِ
ولا تقرَبِ الناظورَ في الأرض، خِلتَه
هِداناً، فتَلقى فاتِكاً لم يُهادِن
وعاصِ مُشيماً قالَ: بادِرْهُ غادِهِ،
فلَستُ بحادٍ كيدَ أشمَطَ بادن
فرُبّ مُسِنٍّ ردّ مثلَكَ، بالضّحَى،
لَقًى لرَوادٍ في النّساءِ الرّوادِن
وكم أيّموا من ضيغَمٍ أمِّ أشبُلٍ،
وكم أثكَلوا من أمّ شادٍ وشادن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قَرَنّ بحَجٍّ عُمرَةً وقَرَينَنا
قَرَنّ بحَجٍّ عُمرَةً وقَرَينَنا
رقم القصيدة : 5276
-----------------------------------
قَرَنّ بحَجٍّ عُمرَةً وقَرَينَنا
غَراماً، فآهٍ منْ قوارٍ قوارِنِ
عَقائِلُ مُرْدٍ فوقَ جُرْدٍ عَوابسٍ،
ذواتِ أوارٍ، بالفَناءِ أوارن
مَرى لهمُ المرّانُ رِسلَ حَياتِهم،
فأعجِبْ برِسلٍ من موارٍ موارن
إذا لم يَزمّ النّفسَ لُبٌّ ولا تُقًى،
فرُبّ عوارٍ، للأنوفِ عوارِن
وكم من حُسامٍ قد أُميطَ بهِ الأذَى،
ومارِنِ سُمْرٍ فيهِ رَغمٌ لمارن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> رأيتُكَ مَفقودَ المَحاسنِ، غابراً،
رأيتُكَ مَفقودَ المَحاسنِ، غابراً،
رقم القصيدة : 5277
-----------------------------------
رأيتُكَ مَفقودَ المَحاسنِ، غابراً،
معَ النّاسِ، في دهرٍ فَقيدِ المَحاسِنِ
أتَرجو المَطايا خَفضَ عَيشٍ ولذّةٍ،
يُريحُ بُراها من مِراسِ المَراسن؟(41/364)
فقد سَئِمَتْ خوضَ الرّمالِ خِفافُها،
ونَضْحَ صَداها بالمياهِ الأواسن
فيومُ نوًى قصّرنَ فيه عن النّوى،
ويومُ فِراسٍ دُسنَهُ بالفَراسن
فإنْ لا يكنْ وسنانَ حظّي وحَظّها،
فإنّ علَيهِ فَترَةَ المُتَواسن
إذا أنتَ لم تُصبِحْ من النّاسِ مفرَداً،
أذِنْتَ إلى لاصٍ يَعيبُ ولاسن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> سَكَنْتُ إلى الدّنيا، فلَمّا عرَفتُها
سَكَنْتُ إلى الدّنيا، فلَمّا عرَفتُها
رقم القصيدة : 5278
-----------------------------------
سَكَنْتُ إلى الدّنيا، فلَمّا عرَفتُها
تمَنّيتُ أنّي لَستُ فيها بساكِنِ
وما فَتِئَتْ تَرمي الفتى، عن قُسِيّها
بكلّ الرزايا من جَميعِ الأماكن
وما سَمَحَتْ للزّائراتِ بأمنِها؛
ولا للمَواكي في أقاصي المَواكن
رَكَنّا إلَيها، إذْ رَكَونا أُمورَها،
فقلْ في سَفاهٍ للرّواكي الرواكن
فأينَ الشّموسُ اليَعرُبيّاتُ قَبلَنا،
بها كنّ، فاسألْ عن مآلِ البَهاكن
زَكَنّ المَنايا أنْ زكَونَ، فنعمَةٌ
من اللَّهِ دامَتْ للزّواكي الزّواكن
جُمِعنا بقَدْرٍ، وافترَقنا بمِثلِهِ،
وتلكَ قبورٌ بُدّلَتْ من مَساكن
نَفَتْنا قُوًى لا مُضرَباتٌ لسالِمٍ،
بلا بَل، ولا مُستَدْرَكاتٌ بلكن
العصر العباسي >> أبوالعلاء المعري >> قَبيحٌ مَقالُ النّاسِ: جئناهُ مَرّةً،
قَبيحٌ مَقالُ النّاسِ: جئناهُ مَرّةً،
رقم القصيدة : 5279
-----------------------------------
قَبيحٌ مَقالُ النّاسِ: جئناهُ مَرّةً،
فكانَ قَليلاً خَيرُهُ لم يعاونِ
إذا أنتَ لم تُعطِ الفَقيرَ، فلا يَبِنْ
لهُ منكَ وجهُ المُعرِضِ المتهاون
ولا تأمَنَنّ الحادِثاتِ، فإنّها
ترُدُّ ليوثَ الغابِ مثلَ الضّياون
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن بن مساعد >> المباديء
المباديء
رقم القصيدة : 528
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
بدء ذي بادىء ..
هذا تعريف المبادىء ..
كل وقت .. وله أذان ..
الزمان .. غير الزمان ..(41/365)
ياكلام الليل .. يمحيك النهار ..
باختصار ..
المبادىء .. شىء تحكمه الظروف ..
مثل طفل .. ترتبك في الحروف ..
ما اجمل أغلاطة ..
المبادىء .. للأسف ..
كلمة مطاطة ..
بدء ذي بادىء ..
يا بايع إحساسك ..
وش احساسك ..
وأفكارك لغيرك ..
ياشاري إحساسك ..
وش احساسك ..
واحساسك لغيرك ..
ليتك توصف متعتك ..
لاخذت من غيرك مشاعر ..
تدري لو تقدر ترى ..
ماهو بعيد تصير شاعر ..
كيف الخلاص .. من ناس تغتال الشعر ..
و حد القصاص في كل سرقة ..البتر
الا الفكر ..
بدىء ذي بادىء ..
هذا تعريف المبادىء ..
يا بايع أموالك .. لفقرك ..
وللعذاب اللي في بيتك .. ودمعة عيالك ..
ليت توصف متعتك ..
ليت أوصف ضيقتك ..
لو جرى لك ..
في القمار .. اللي جرالك ..
ليت نعرف ..
متعتك أو ضيقتك ..
أيهم اللي بقالك ؟
يا بايع أعصابك .. لخمرك ..
ياكثر ماحرت بامرك ..
يابايع الصحة .. لخمرك ..أو سمومك ..
وش يفيد أني ألومك ..
كيف تلقى متعتك .. لا ضاع عقلك !
وبان بين الناس ذلك
وكيف تسعد في شعورك ..
وانت خارج عن شعورك ..
يا بايع اعصابك و وعيك ..
ياللي تهرب في عذابك ..
من عذابك ..
لو بغيت في يوم ..
تهرب من هروبك ..
وش هو احساسك ؟
بدء ذي بادىء ..
هذا تعريف المبادىء ..
يابايع بلادك .. بكم كان الثمن ؟!
يا بايع بلادك ..
انسى المباني .. والبيوت .. والحب الأول
انسى غبار المدرسة .. و وجوه اصحابك ..
انسى فؤادك .. وميلادك ..
وارمي ورا ظهرك ..
كل العبارات الكبيرة ..
عن الوفا .. والتضحية ..
وعن حب الوطن ..
يا بايع بلادك ..
لو كبروا أولادك ..
وكان السؤال في عيونهم ..
سجنك وجلادك .. !
" احنا يابوي من وين ؟! "
وش هو احساسك ؟!
يابايع آخرتك .. يالعاصي القاسي ..
اسمع نصايح صاحبك " ابليس " :
" لا تترك التدليس ..
اظلم ولا تفكر في باكر ..
هيم في العصيان جاهر ..
واختار من بين الذنوب ..
مايسعدك ..
ولاسار عمرك للغروب ..
لاتتوب ..
لا تحسب للعمر ..
ولا تفكر بالقبر ..(41/366)