وكأنَّما فاقَ الأنامَ بهمْ
نَسَبٌ إلى القمرينِ يَمْتَدُّ
فَيَرى وَليدُهُمُ المنامَ على
غيرِ المجرة ِ أنهُ سهدُ
ويرى الحيا في مزنهِ فيرى
أنَّ الرضاعَ لريهِ صدُّ
وكأنما ولدوا ليكتفلوا
حيثُ السنَا والسؤددُ العدُّ
فعلتْ كرائمهمْ بهمْ وعلا
فوقَ السماكِ النهدُ والجهدُ
سَتَرى الوزيرَ ومجدَهُ فَتَرى
جَبَلاً يُلاذُ به وُيُعْتَدُّ
وترى مآثرَ لا نَفَادَ لها
بالعدِّ حتى ينفدَ العدُّ
ضمنَ النوالُ بأَنْ تروحَ إِليـ
ـه العيسُ مُعْلَمَة ً كما تَغْدُوا
ولقد أَراني بالبلادِ وَآ
مالُ البلادِ ببابهِ وفدُ
وهباتهُن تصفُ الندَى بيدٍ
ماذا يَرَى علياءَه الجد
خَفَقَت بها في الطِّرْسِ بارقَة ٌ
حدقُ القنا من دونِها رمدُ
محمولة ٌ حملَ الحسامِ وإِنْ
خَفِيَ النِّجادُ هناكَ والغِمْدُ
حتَّى اليراعة ُ بينَ أنملِهِ
ياقومُ ممَّا تَطْبَعُ الهِنْدُ
وكفَى بأنْ وسمَ الندَى سمة ً
لمْ تَمْحُها الأيَّامُ مِنْ بَعْدُ
بعوارفٍ عمرَ البلادَ بها
فاخضرَّ منها الغورُ والنجدُ
والأمْرُ أشْهَرُ في فَضائِلِهِ
ما إِن يُلَبِّسُهَا لكَ البُعْدُ
هيهاتَ يذهبُ عنكَ موضعُهُ
هَطَلَ الغمامُ وَجَلْجَلَ الرَّعْدُ
أَعْرَبْتُ عنْ مكنونِ سُؤْدَدِهِ
ما تعجمُ الورقاءُ إِذْ تشدُو
سوراً من الامداحِ محكمة ً
من آيِهِنَّ الشُّكْرُ وَالحَمْدُ
ولعلَّ ما يخفَى وراءَ فمي
منْ ودِّهِ أضعافَ ما يبدو
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> أبني البلاغة ِ فيمَ حفلُ النادي
أبني البلاغة ِ فيمَ حفلُ النادي
رقم القصيدة : 23697
-----------------------------------
أبني البلاغة ِ فيمَ حفلُ النادي
هَبْهَا عُكاظَ فأينَ قسُّ إِيادِ؟
حسبُ الزمانِ عليكَ ثكلاَّ أنْ يرى
مِنْ طولِ ليلٍ في قميصِ حِدادِ
يومي بأنجمهِ لمَا قلدتهُ
منْ درِّ ألفاظٍ وبيضِ أيادِ
للهِ هُمْ فلشدَّ ما نَفَضُوا مِنَ أمـ
ـتعة ِ الحياة ِ حقائبَ الأجسادِ
بأبي وقد ساروا بنعشكَ صارمٌ(25/451)
كَثُرَتْ حَمائِلُهُ على الأكْتَاد
ذلَّتْ عواتقُ حامِلِيْكَ فإِنَّهُمْ
شاموكَ في غمدٍ بغيرِ نجاد
أَمَّا الدموعُ فهُنَّ أَضْعَفُ ناصرٍ
لكنهنَّ كثيرة ُ الأعداد
تسقيكَ ما سفحتْ عليكَ يراعة ٌ
في خدِّ قرطاسٍ دموعَ مداد
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> أيداً تفيضُ وخاطراً متوقدا
أيداً تفيضُ وخاطراً متوقدا
رقم القصيدة : 23698
-----------------------------------
أيداً تفيضُ وخاطراً متوقدا
دعها تبتْ قبساً على علمِ النَّدى
نِعْمَ اليدُ البيضاءُ آنَسَ طارقٌ
نارَ الذكاءِ على مكارمِها هُدَى
نعماءُ أعياني التماسُ مكانِهَا
لو قد وجدتُ لها ولياً مرشدا
ويقولُ قومٌ : آية ٌ قدسية ٌ
واظنُّها للقائدِ الأعْلى يَدا
رجلُ الزَّمانِ حَزَامة ً وَشَهامَة ً
وسريهُ حسباً أغرَّ ومحتدا
شهمٌ على رأسِ الدهاءِ محلقٌ
لو شاء أفردَ منْ أخيه الفرقدا
يستهدفُ المستقبلاتِ بظنِّهِ
فيكادُ يُصْمِي اليومَ ما يَرْمي غَدا
ويسابقُ الرأيَ المصيبَ بعزمِهِ
كالسَّهْمِ لا كَسِلاً ولا مُتَبَلِّدا
حزمٌ يريكَ المشرفيَّ مصمماً
في كفِّهِ والسمهريَّ مسددا
وتكادُ تحميهِ نفاسة ُ قدرهِ
واليأسُ مِنْ إِدْرَاكِهِ أنْ يُحْسَدا
وإذا ذكرتَ قبيلَهُ عَنْساً فَخُذْ
ما شئتَ من شرفٍ وعزٍّ سرمدا
مات الجدودُ الأقدمونَ وغادروا
إِرْثَ السَّناءِ على البنينَ مُؤَبَّدا
وكفاكَ منه اليومَ أَيُّ بقيَّة ٍ
كرموا لها أصلاً وطابوا مولِدا
إِنَّ الكرامَ بني سعيدٍ كلَّما
ورثوا النَّدَى والمجدَ أوْحَدَ أوْحَدا
قَسَمُوا المعاليَ بالسَّوَاءِ وَفَضَّلوا
فيها عمادهمُ الكبيرَ محمَّدا
ياواحدَ الدُّنيا وَسَوْفَ أُعيدُهَا
مثنَى وإِنْ أغنَى نداؤكَ موحَدا
أَمَّا وقد طُفْنا البلادَ فلم نَجِدْ
لك ثانياً فكنِ الكريمَ الأوحدا
مهدْ لنا فوقَ السهَى نحططْ به
رِجْلَ المخيِّم لا بَرِحْتَ مُمَهِّدا
واصْرِفْ لنا وَجْهَ القَبُولِ فإِنما
وَصَلَتْ إليكَ بنا الأماني وُفَّدا(25/452)
نبقي لقاءَك وهوَ أكرمُ حاجة ٍ
نهبتْ لها الخيلُ السُّهَى والفرقَدا
ولذاكَ خضتُ الليلَ فوقَ مكرَّمٍ
لم أَعْدُ بي وبهِ العُلا والسُّؤْدَدا
يَدرْي الأغَرُّ إذا خَفَضْتُ عنانَهُ
أني سأُبْلِغُهُ منَ الشَّرَفِ المَدى
وإلى النجومِ الزهرِ يرفعُ طرفهُ
من لم يحاولْ غيرَ دارِكَ مقصدا
عَجَبي ولكنْ من سفاهة ِ راحلٍ
رامَ الرشادَ فراحَ عنك أوِ اغتَدى
ركبَ الهجيرة َ والسرابُ أَمامهُ
ونأى العديرُ له فماتَ منَ الصَّدى
وعلى منِ اعْتَمدتْ سواكَ ظُنُونُهُ
في الناسِ كلِّهِمُ لِخنْصَرِكَ الفِدا
الناسُ أنْتَ وسرُّ ذلكَ أنَّهُ
أصبحتَ فيهمْ بالعُلا متفردا
شِيَمٌ تَفُوْقُ شَذا المديحِ وإِنْ غدا
مِسْكاً بأقْطارِ البلادِ مُبَدَّدا
وجميلُ ذِكْرٍ قَدْ تَضاعَفَ ذِكْرُهُ
مما يُعادُ به الحديثُ وَيُبْتَدا
سهلُ الولوجِ على الفؤادِ كأنَّهُ
نفسٌ يمرُّ على اللسانِ مردَّدا
فإِليكَ شكري تحفة ً من قادمٍ
مَغْناكَ زارَ وَمِنْ نَداكَ تَزَوَّدا
وعليَّ توفِية ُ الثناءِ مُخَلَّداً
إنْ كان يُقْنِعُكَ الثَّناءُ مُخلَّدا
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> عَذْيِريَ مِنْ جَذْلانَ يُبْدي كآبة ً
عَذْيِريَ مِنْ جَذْلانَ يُبْدي كآبة ً
رقم القصيدة : 23699
-----------------------------------
عَذْيِريَ مِنْ جَذْلانَ يُبْدي كآبة ً
وَأَضْلُعُهُ مما يُحاوِلُهُ صِفْرُ
أميلدُ مياسٌ إِذا قادهُ الصَّبا
إلى مُلَحِ الإدْلالِ أَيَّدَهُ السِّحْرُ
يَبُلُّ مآقي زَهْرَتَيْهِ بِريقِهِ
ويحكي البكا عمداً كما ابتسمَ الزهرُ
أَيُوهِمُ أنَّ الدَّمْعَ بلَّ جُفُونَهُ
وهلْ عصرتْ يوماص منَ النرجسِ الخمرُ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> خليليَّ ما للبيدِ قد عبقتْ نشْرا
خليليَّ ما للبيدِ قد عبقتْ نشْرا
رقم القصيدة : 23700
-----------------------------------
خليليَّ ما للبيدِ قد عبقتْ نشْرا
وما لِرُءُوسِ الرَّكْبِ قد رُنِّحَتْ سُكْرا(25/453)
هل المسكُ مَفْتوقاً بِمَدْرَجَة ِ الصَّبا
أمِ القومُ أجروْا منْ بلنسية ٍ ذكرا
خليليَّ عُوْجا بي عليها فانَّهُ
حديثٌ كَبَرْدِ الماءِ في الكبدِ الحَرَّى
قِفا غيرَ مأمورينِ ولتصديَا بها
على ثقة ٍ للغيثِ فاستقيا القطْرا
بِجِسْرِ مَعانٍ والرُّصافة إِنَّهُ
على القطرِ أنْ يسقي الرصافة َ والجسْرا
بِلادي التي رِيْشَتْ قُوَيْدِيمَتي بها
فريخاً وآوتني قرارتَها وكْرا
مبادىء لينِ العيشِ في ريِّقِ الصِّبا
أَبى اللهُ أَنْ أَنْسى لها أَبداً ذِكْراً
أكلُّ مكانٍ راحَ في الأرضِ مَسْقَطاً
لرأسِ الفَتى يهواهُ ما عاشَ مضطرَّا
ولا مثلَ مدحوٍّ من المسكِ تربة ً
تُمَلِّي الصَّبا فيها حقيبَتَها عِطْرا
نباتٌ كأنَّ الخدَّ يحملُ ذورَهُ
تخالُ لجيناً في أَعاليهِ أَوْ تِبرا
وماءٌ كترصيعِ المجرَّة ِ جَلَّلَتْ
نواحيهُ الأزهارُ فاشتبكتْ زُهرا
أَنيقٌ كريعانِ الحياة ِ التي حلَتْ
طليقٌ كريَّانِ الشبابِ الذي مرَّا
بَلَنْسِيَة ٌ تلكَ الزَّبْرَجدَة ُ التي
تسيلُ عليها كلُّ لؤلؤة ٍ نَهْرا
كأنَّ عَرُوساً أبدعَ اللهُ حُسْنَها
فصيَّر مِنْ شَرْخِ الشبابِ لها عُمرا
تؤبدُ فيها شعشعانية ُ الضُّحَى
إِذا ضاحكَ الشمسُ البحيرة َ والنهرا
تزاحمُ أَنفاسُ الرياحِ بزهرها
نُجُوماً فلا شَيْطانَ يَقرَبُها ذُعْرا
هي الدرَّة ُ البيضاءُ من حيثُ جِئْتَها
أضاءَتْ وَمَنْ للدرِّ أَنْ يُشْبِهَ البَدْرا
معاهدُ قد ولَّت إِذا ما اعتبرتَها
وجدتَ الذي يحلو مِنَ العيشِ قد مرَّا
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> سقَى العهدَ من نجدٍ معاهدَه بما
سقَى العهدَ من نجدٍ معاهدَه بما
رقم القصيدة : 23701
-----------------------------------
سقَى العهدَ من نجدٍ معاهدَه بما
يغارُ عليها الدمعُ أَنْ تَشْرَبَ القَطْرا
فيا غَيْنَة َ الجرعاءِ ما حالَ بيننا
سوى الدهرِ شيءٌ فارْجعي نَشْتَكي الدَّهرا
تقضتْ حياة ُ العيشِ إلا حشاشة ً
إِذا سألتْ لقياكِ عللتُها ذكْرا(25/454)
وكم بالنُّقا من روضة ٍ مُرْجَحِنَّة ٍ
تَضَمَّخُ أَنْفاسُ الرِّياحِ بها نَشْرا
ومن نُطفْة ٍ زرقاءَ تلعبُ بالصَّدَى
إِذا ما ثنى ظلٌّ مدارٌ بها سمرا
وبردُ نسيمٍ أنثني عند ذكرهِ
على زَفَراتٍ تَصْدَعُ الكبدَ الحرَّى
وإِن لباناتٍ تَضَمَّنها الحَشا
قليلٌ لديها أنْ نضيقَ بها صدرا
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> حباني على بعدِ المدَى بتحية ٍ
حباني على بعدِ المدَى بتحية ٍ
رقم القصيدة : 23702
-----------------------------------
حباني على بعدِ المدَى بتحية ٍ
أرَى غصني رطبَ المهزِّ بها نضرا
برائيَّة ٍ لم أدرِ عند اجتلائِها
هي الدرُّ منظوماً أَم الزَّهْرُ مُفْتَراً
وما سرُّ نوارٍ بممطورة ِ الرُّبَى
تبوحُ أصيلاناً به الريحُ أَو فجرا
بأطيبَ منها في الأُنوفِ وغيرِها
تجاذَ بها سرَّاً بنو الدهرِ أوْ جهرا
أعندكمُ أنّا نبيتُ لِبُعْدِكُمْ
وكلُّ يدٍ منَّا على كَبِدٍ حرَّى
وَمِنْ عَجَبٍ انَّا نهيمُ بِقُرْبِكُمْ
ولا زَوْرَ إلا أن نُلِمَّ بكم ذِكْرا
نؤمِّلُ لقياكُمْ وكيفَ مطارُنا
بأجنحة ٍ لا نستطيعُ لها نَشْرا
فلو آبَ ريعانُ الصِّبا ولقاؤُكُمْ
إِذاً قضتِ الأيامُ حاجتنَا الكبرَى
فانْ لم يكنْ إِلا النَّوى وَمَشيبنَا
ففي أيِّ شيءٍ بعدُ نستعطفُ الدَّهْرا
فهل مِنْ فتى ً طلقِ المحيَّا مُحَبَّبٍ
يطولُ تمني السَّفْرِ أَنْ يَصْحَبَ السَّفْرا
تحدثكُمْ عنَّا أسرة ُ وجههِ
وإنْ لم تَصِفْ إلا التهلُّلَ والبِشْرا
فلو لم تكنْ تمسي مشاربُ خاطِري
كما شاءتِ الدنيْيا معكرة َ كُدْرا
لأَصْدَرْتُها عنِّي نتائجَ مُنْجِبٍ
عِراباً، كما تَدْرِي مُحَجَّلة ً غُرَّا
على أَنَّني لا أَرتضي الشعرَ خُطَّة ً
ولو صيرتْ خضراً مسارحيَ الغبرا
كفى ضعة ً بالشعرِ أنْ لستُ جالباً
إِليَّ بهِ نفعاً ولا رافِعاً ضُرَّا
يقولُ أناسٌ : لو رفعتَ قصيدة ً
لأدركتَ حتماً في الزمانِ بها أمْرا
ومِنْ دونِ هذا غيرة ٌ جاهلية ٌ(25/455)
وإن هيَ لم تَلْزَمْ فقد تلزمُ الحُرَّا
أَلَم يأتهمْ أَنِّي وأدتُ بحكمِها
بنيَّاتِ صَدْري قَبْلَ أَنْ تَبْرَحَ الصَّدْرا
متى أرْسلتْ أيدي الملوك هباتها
ولم يُوصلوا جاهاً ولم يُجزلوا ذخراً
فقد سَرَّني أَنِّي حَرَمْتَ عُلاهُمُ
حُلَى ً مُحْكمَاتٍ تُخْجِلُ الأنجُمَ الزُّهرا
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> لو جئتَ نارَ الهُدى من جانبِ الطُّوْرِ
لو جئتَ نارَ الهُدى من جانبِ الطُّوْرِ
رقم القصيدة : 23703
-----------------------------------
لو جئتَ نارَ الهُدى من جانبِ الطُّوْرِ
قبستَ ما شئتَ منْ علمٍ ومن نورِ
من كلِّ زهراءَ لم تُرْفَعْ ذُؤَابَتُها
ليلاً لسارٍ ولم تشببْ لمقرورِ
قيضية ُ القدحِ من نورِ النبوَّة ِ أَو
نورِ الهداية ِ تَجْلُو ظُلْمَة َ الزُّورِ
ما زال يقضمها التقوى بموقدِها
صوامُ هاجرة ٍ قوامُ ديجورِ
حتى أَضَاءَتْ من الإيمانِ عَنْ قَبَسٍ
قد كان تحتَ رمادِ الكفرِ، مكفورِ
نورٌ طوَى اللهُ زندض الكونِ منه على
سقطٍ إِلى زمنِ المهديِّ مذخور
وآية ٌ كإِياة ِ الشمسِ بين يديْ
غزوٍ على المَلكِ القيسيِّ مَنْذُورِ
يا دارُ دارَ أميرِ المؤمنينَ بسفْـ
ـحِ الطودِ، طودِ الهدَى ، بورِكتِ في الدورِ
ذاتَ العمادينِ من عزٍّ ومملكة ٍ
على الأَساسين من قُدْسٍ وَتَطْهِير
ما كانَ بانيكِ بالواني الكرامة ِ عن
قَصْرٍ على مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ مَقْصُوْرِ
مواطىء من نبيٍّ طال ما وصلتْ
فيها الخطَى بين تسبيحٍ وتكبيرِ
حيثُ استقلتْ به نعلاهُ بوركتاَ
فَطَيَّبَتْ كلَّ مَوْطُوءٍ وَمَعْبُورِ
وحيثُ قامت قناة ُ الدين تَرْفُلُ في
لواءِ نصرٍ على البرينِ منشورِ
في كفِّ منشمرِ البردينِ ذي ورعٍ
على التُّقَى وَصَفاءِ النَّفْسِ مَفْطُورِ
يلقاكَ في حالِ غيبٍ من سريرتهِ
بعالمِ القدسِ مشهورٍ ومحضور
تسنمَ الفلكَ من شطِّ المجازِ وقد
نُوْدِينَ ياخَيْرَ أَفْلاكِ العُلا سِيْري
فسرنَ يحملنَ أمرَ اللهِ من ملكٍ(25/456)
بالله مُسْتَنْصِرٍ في اللهِ مَنْصُوْرِ
يومي له بسجودٍ كلُّ محركة ٍ
منها ويوليه حمداً كلُّ تصدير
لما تسابقنَ في بحرِ الزقاقِ به
تركْنَ شطَّيْهِ في شكٍّ وتجيير
أهزَّ من موجه أثناءَ مسرورِ
أم خاضَ من لجِّهِ أحشاء مذعورِ
كأنه سالكٌ منه على وَشَلٍ
في الأرْضِ مِنْ مُهَجِ الأسْيَافِ مقطورِ
من السيوفِ التي ذابتْ لِسَطْوَتِهِ
وقد رمى نارَ هَيْجَانا بِتَسْعِير
ذو المُنْشَآتِ الجَواري في أَجِرَّتِها
شَكْلُ الغدائِر في سَدْلٍ وَتَضْفيرِ
أغرَى المياهَ وأنفاسَ الرياحِ بها
ما في سجاياهُ من لينٍ وتعطير
من كلِّ عذراءَ حبلى في ترائبها
ردعانِ من عنبرٍ وردٍ وكافُور
تخالُهَا بينَ أيدٍ من مجاذفها
يَغْرَقْنَ في مِثْلِ ماءِ الوَرْدِ مِنْ جُوْرِ
وربَّما خاضَتِ التيَّارَ طائرة ً
بمثلِ أَجْنِحَة ِ الفُتْخِ الكَوَاسِيرِ
كأنما عبرتْ تختالُ عائمة ً
في زاخرٍ منْ نَدَى يُمْناهُ مَعْصُور
حتى رَمَتْ جَبَلَ الفَتْحَينِ مِنْ كَثَبِ
بساطعٍ من سَناهُ غَيْرَ مبهور
للهِ ما جبلُ الفتحينِ من جبلِ
مُعَظَّمِ القَدْرِ في الأحْبالِ مَذْكُورِ
من شامخِ الأنْفِ في سَحْنائِهِ طَلَسٌ
له من الغيمِ جيبٌ غيرُ مزورِ
مُعَبِّراً بذَرَاهُ عن ذَرَى مَلِكٍ
مُسْتَمْطَرِ الكفِّ والأكْنافِ مَمْطور
تمسي النجومُ على إكليلِ مفرقِهِ
في الجوِّ حائمة ً مثلَ الدَّنانير
وربما مسحتهُ من ذوائبِها
بكلِّ فضلٍ على فوديهِ مجرورِ
وأدردٍ من ثناياهُ بما أخذتْ
منه معاجمُ أَعْوَادِ الدَّهارير
محنكٌ حلبَ الأيامَ أشطُرهَا
وساقها سوقَ حادي العيرِ للعيرِ
مُقَيَّدُ الخَطْوِ جَوَّالُ الخواطرِ في
في عجيبِ أَمْرَيْهِ من ماضٍ ومنظور
قد واصلَ الصمتَ والإطراقَ مفتكراً
بادي السكينة ِ مُغْفَرِّ الأسارير
كأنه مكمدٌ مما تعبدهُ
خَوْفُ الوعيدينِ من دكٍّ وتسيير
أَخْلِقْ به وجبالُ الأرضِ راجفة
أنْ يطمئنَّ غداً من كلِّ محذورِ
كفاهُ فضلاً أنِ انتابتْ مواطئهُ(25/457)
نَعْلا مليكٍ كريمِ السَّعْيِ مشكور
مُسْتَنْشِئاً بهما ريحَ الشَّفاعة ِ مِنْ
ثرَى إِمامٍ بأقصَى الغربش مقبورِ
ما انفكَّ آملَ أَمرٍ منه بينَ يديْ
يومِ القيامة ِ محتومٍ وقدورِ
حتى تصدَّى منَ الدنيا على رمقٍ
يستنجزُ الوعدَ قبلَ النفخِ في الصورِ
مستقبلَ الجانبِ الغربيِّ مرتقباً
كأنَّه بائتٌ في جو أسميرِ
لبارقٍ من حُسامٍ سَلَّهُ قَدَراً
بالغربِ من أُفُقِ البيضِ المشاهيرِ
إذا تأَلَّقَ قَيْسِيَّاً أَهابَ به
إلى شَفَا من مُضاعِ الدين مَوْتُور
ملكٌ أتى عظماً فوق الزمانِ فما
يمرُّ فيه بشيءِ غيرِ محقورِ
ما عنَّ في الدين والدنيا له أربٌ
إِلا تأَتَّى له مِنْ غَيْرِ تَعْذِير
ولارَمَى من أَمانِيْهِ إلى غَرَضٍ
إِلا هَدَى سَهْمَهُ نُجْحُ المقادير
حتى كأنَّ له في كلِّ آونة ٍ
سلطانَ رقٍّ على الدُّنيا وتسخيرِ
مميزُ الجيشِ ملتفَّاً مواكبهُ
مِنْ كلِّ مثلولِ عرشِ المُلْكِ مَقْهُور
من الأُوْلى خَضَعُوا قَسْراً له وَعَنَوْا
لأمرِهِ بينَ منهيٍّ ومأْمُورِ
من بعدِ ما عاندوا أمراً فما تركوا
إِذْ أمكنَ العفوُ ميسوراً لمعسورِ
بَقِيَّة ُ الحربِ فاتوها وما بِهِمْ
في الضربِ والطعنِ سيماءٌ لتقصيرِ
لا ينكرُ القومُ مما في أكفهمُ
بيضِ مفاليلَ أو سمرٍ مكاسيرِ
إذا صَدَعْتَ بأمْرِ الله مُجْتَهِداً
ضربتَ وحدكَ أعناقَ الجماهيرِ
لا يذهلنَّ لتقليلِ أَخُو سببٍ
من الأُمورِ ولا يَرْكَنْ لِتَكْثِيرِ
فالبحرُ قد عادَ منْ ضربِ العصا يبساً
والأَرْضُ قد غَرِقَتْ من فَوْرِ تَنُّور
وإِنَّما هو سَيْفُ اللهِ قَلَّدَهُ
أَقْوَى الهُداة يَداً في دَفْعِ مَحْذُور
فان يكنْ بيدِ المهديِّ قائِمُهُ
فموضعُ الحدِّ منه جدُّ مَشْهور
والشمسُ إِنْ ذكرتْ موسى فما نسيتْ
فتاه يوشعَ قماعَ الجبابيرِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> إِذا كان الذي يَعْرُوْ مُهِمَّاً
إِذا كان الذي يَعْرُوْ مُهِمَّاً
رقم القصيدة : 23704(25/458)
-----------------------------------
إِذا كان الذي يَعْرُوْ مُهِمَّاً
فأيسرُ ما تضيقُ به الصدورُ
فيا لكِ صِحَّة ً جَلَبَتْ حياة ً
تعيشُ بها المنابرُ والثغورُ
ويا لكِ نعمة ً رمنا مداها
فما وَصَلَ اللسانُ ولا الضَّميرُ
عَجَزْنا أَنْ نَقُومَ لها بِشُكْرٍ
على أنَّ الشكورَ لها كثيرُ
وكيف به وباعُ القولِ فيها
وإِن طالتْ مسافَتُهُ قَصِيرُ
تَخَلَّصنْا بها من كلِّ همٍّ
كأنَّ الليلَ في يدهِ أسيرُ
وبتنا في ذراها كيف شئنا
فَجَفْنٌ نائمٌ وَحَشاً قَرِيرُ
رَفَعْنا نَحْوَ مَرْآكُمْ عُيُوْناً
لهنَّ دُوَيْنَكُمْ نَظَرٌ كَسير
فكادَ يَصُدُّنا عَنْ مُجْتَلاهُ
رقيبٌ منْ مهابتكمْ غيورُ
فيا صفحاتِهِ زيدي انبلاجاً
كما يَعْلُو الصَّبَاحُ المُسْتَنير
ويا قسماتهِ زيدي ابتهاجاً
كما يَتَضَاحَكُ الرَّوْضُ المطير
وجذمٌ في الخلافة ِ مستقرُّ
تَمُرُّ على أَصَالَتِهِ الدُّهُورُ
وَحُكْمٌ تحته أَمْرٌ مُطَاعٌ
يحطُّ به عن الجيشِ الأميرُ
وتدبيرٌ يبيتُ على التَّمادي
من الرأيِ المصيبِ له سميرُ
وهيجاءٌ تَخَطَّفْتُمْ ذَوِيْها
كما تتخطفُ الحجلَ الصقورُ
بخيلٍ مدركاتٍ ما أرادتْ
إذا اشتدَّتْ فليسَ لها فُتُور
مُصَرَّفَة ٌ بِحُكْمِكُمُ فَطَوْراً
تخبُّ بكمْ وآونة ً تطيرُ
وكمْ بيداءَ قد جاوزتموْها
فلاذَ بظلِّكمْ فيها الهجيرُ
فجئتمْ والغديرُ بها سَرابٌ
وَزُلْتُمْ والسَّرابُ بها غدير
رَسَمْنا الحمدَ باسْمِكَ واقْتَصَرْنا
فلمْ يطلِ النظيمُ ولا النثيرُ
إِذا لم يَنْقُصِ المعنى بيانٌ
فِسِيَّانِ البلاغة ُ والقُصُورُ
فتى ً من قيسِ عيلانٍ تلاقى
على سيمائِهِ كرمٌ ونورُ
تضيءُ به البلادُ إِذا تجلَّى
وَتَغْرَقُ في مَكارِمِهِ البحور
وَتُعْرَفُ مِنْ مَنازِلِهِ المَعالي
كما عُرِفَتْ من القَمَرِ الشُّهُور
تَشَبَّهَتِ الملوكُ به وَحاشا
وذلك منهمُ غيٌّ وزورُ
وقد يقعُ التَّفاضُلُ في السَّجايا
ويهجى الشوكُ إِنْ لمسَ الحريرُ(25/459)
فِدى ً لكَ مِنْهمُ أَعلاقُ صِدْقٍ
فإِنَّكَ أَنتَ وَاحِدُها الخطير
إلى الجوزاء فارقَ وَدَعْ أُناساً
مَراقِيْهِمْ عَريشٌ أَوْ سَرير
وبعدُ، فزار حضرتكُمْ سلامٌ
ولكنْ مثلُ ما نفحَ العبيرُ
سلامٌ تَحْتَهُ شَوْقٌ وَحُبٌّ
يَخُصُّكُمُ به عَبْدٌ شَكور
مملكُ طاعة ٍ لكمُ ونعمَى
هما في الجيد طوقٌ أَو جريرُ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وأرضُ شلبٍ وما شلبٌ وإِن ولدتْ
وأرضُ شلبٍ وما شلبٌ وإِن ولدتْ
رقم القصيدة : 23705
-----------------------------------
وأرضُ شلبٍ وما شلبٌ وإِن ولدتْ
غمارَ ناسٍ فَناسٌ غَيْرُ أَغْمارِ
عُرْفُ التَّحاوُرِ من تِلْقاءِ أَلْسُنِهِمْ
كأنما نَشَأُوا في غَيْرِ أَمْصارِ
يُلْقُوْنَ بالقَوْلِ مَوْزُوْناً وما قَصَدُوا
كأنَّ ذلك منهم عقدُ إِضمارِ
إِيهٍ وهل مَعَ إِيهٍ يا أبا عُمَرٍ
من تُحْفَة ٍ غيرِ إِعظامٍ وإِكبارِ
وغيرِ عَقْدِ صَفاءٍ قد قَسَمْتُ لكمْ
مَعِينَهُ بينَ إِعلانٍ وإِسْرَار
عجبتُ من معشرٍ تمطي مآثرهمْ
من الثناءِ عليها ظهرَ طيارِ
ما بالهمْ رقدوا في لينِ عيشهمُ
عن جارِهِمْ وهو مَحْبُوسٌ بِإِقْتار
ما كان أقدرهمْ أنْ يأخذوا لكمُ
على البديهِ من الأيامِ بالثارِ
والحرُّ أكثرُ ما يُزْري بحاجَتِهِ
تَوَسُّطٌ من خبيثِ النَّفْسِ خَوَّارِ
صونُ الفتى وجههُ أَبقى لهمتهِ
والرِّزْقُ جارٍ على حدٍّ وَمِقْدَار
قنعتُ وأمتدَّ مالي فالسماءُ يديْ
ونجمها درهمي والشمسُ ديناري
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وفي اذنكَ الجوزاءُ قرطاً معلقاً
وفي اذنكَ الجوزاءُ قرطاً معلقاً
رقم القصيدة : 23706
-----------------------------------
وفي اذنكَ الجوزاءُ قرطاً معلقاً
وللنجمِ في يُمْناك ضِغْثُ بَهَارِ
وأنت هلالٌ بل أقولُ غزالة ٌ
وحولكَ سربٌ لا أقولُ دراري
كما قلتُ ما بالي أَرَى الليلَ سَرْمداً
وإِلا فلمْ لا يَنْجَلي بِنَهار
يقولونَ طالَ الليلُ والليلُ لم يَطُلْ(25/460)
وهل فيهِ بينَ العاشِقينَ تَمَاري
إِذا جَنَّ ليلُ الحبِّ لم يَدْرِ نائمٌ
به مايُقاسي هائمٌ وَيُدَاري
وقالوا: تجلَّى بالمشيبِ عِذَارُهُ
فقلتُ : تجلَّى بالمشيبِ عِذاري
فجاشتْ لها منهمْ صدورٌ كأنَّها
غمودُ سيوفٍ والسيوفُ عواري
ولو شئتُ ثارتْ بيننا حَرْبُ عاشقٍ
يكونُ بها ثوبُ السقَامِ شعاري
ولكن عدتني يا بنة َ الخيرِ عنهمُ
عوادي خطوبٍ في الخطوبِ كبارِ
ركبتُ لها بحرَ الزقاقِ تعمداً
وَلِلْفُلْكِ بين العَدْوَتَيْنِ تَباري
بحيثُ التقَى البحرانِ والموتُ عازمٌ
يساورنَا من يمنة ٍ ويسار
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> رأَى حركاتِ قامتهِ
رأَى حركاتِ قامتهِ
رقم القصيدة : 23707
-----------------------------------
رأَى حركاتِ قامتهِ
قَضِيبُ البانِ فاعْتَبَرا
وكم جَهِدَ النسيمُ به
ليحسنها فما قدرَا
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> تَفاءَلْتُ بالسِّكِّينِ لما بَعَثْتَهُ
تَفاءَلْتُ بالسِّكِّينِ لما بَعَثْتَهُ
رقم القصيدة : 23708
-----------------------------------
تَفاءَلْتُ بالسِّكِّينِ لما بَعَثْتَهُ
لقد صدقتْ منِّي القيافة ُ والزجرُ
فكان منَ السكين سكناكَ في الحشا
وكان منَ القطعِ القطيعة ُ والهجرُ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وبنفسي منء لا أسميهِ إِلا
وبنفسي منء لا أسميهِ إِلا
رقم القصيدة : 23709
-----------------------------------
وبنفسي منء لا أسميهِ إِلا
بَعْضَ إِلمامة ٍ وَبَعْضَ إشارَهْ
هو والظبيُ في المجالِ سَوَاءٌ
ما استعارَ الغزالُ منه استعارهْ
أغيدٌ يمسكُ الحريرَ بفيهِ
مثلما يُمْسِكُ الغزالُ العَرَارَهْ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وَمُطارِحٍ مما تَجُسُّ بَنَانُهُ
وَمُطارِحٍ مما تَجُسُّ بَنَانُهُ
رقم القصيدة : 23710
-----------------------------------
وَمُطارِحٍ مما تَجُسُّ بَنَانُهُ
لحناً أَفاضَ عليه ماءَ وَقارِهِ
يثني الحمامَ فلا يروحُ لوكرِهِ(25/461)
طرباً، ورزقُ بنيهِ في منقارِهِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وَذِي حنينٍ يكادُ شَجْواً
وَذِي حنينٍ يكادُ شَجْواً
رقم القصيدة : 23711
-----------------------------------
وَذِي حنينٍ يكادُ شَجْواً
يختلسُ الأنفسَ اختلاسَا
إِذا غدا للرياضِ جاراً
قالَ لها المحلُ : لا مساسا
تَبَسَّمَ الزَّهْرُ حين يبكي
بأدمعٍ ما رأين باسا
من كلِّ جفنٍ يسلُّ سيفاً
صارَ لها غمدهُ رئاسَا
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وَمُجِدِّينَ للسُّرَى قد تَعاطَوْا
وَمُجِدِّينَ للسُّرَى قد تَعاطَوْا
رقم القصيدة : 23712
-----------------------------------
وَمُجِدِّينَ للسُّرَى قد تَعاطَوْا
غفواتِ الكرَى بغيرِ كؤوسِ
جَنَحُوا وانثَنَوْا على العِيْسِ حتَّى
خلتهمْ يلثمونَ أيديْ العيسِ
نَبَذُوا الغُمْضَ وَهْوَ حُلْوٌ إلى أنْ
وَجَدُوْهُ سُلافَة ً في الرُّؤوسِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> ما مِثْلُ مَوْضِعِكَ ابنَ رِزْقٍ مَوْضِعُ
ما مِثْلُ مَوْضِعِكَ ابنَ رِزْقٍ مَوْضِعُ
رقم القصيدة : 23713
-----------------------------------
ما مِثْلُ مَوْضِعِكَ ابنَ رِزْقٍ مَوْضِعُ
رَوْضٌ يَرِفُّ وَجَدْوَلٌ يَتَدَفَّعُ
وكأنَّما هُوَ من بنانِكَ صَفْحَة ٌ
فالحُسْنُ يَنْبُتُ في ثَرَاه وَيُبْدِعُ
وعشية ٍ لبستْ رداءَ شحوبها
والجوُّ بالغيمِ الرقيقِ مقنعُ
بَلَغَت بنا أَمَدَ السُّرُورِ تَأَلُّفاً
والليلُ نحو فِراقِنا يَتَطَلَّعُ
سَقَطَتْ ولم تَمْلِكْ يمينُكَ رَدَّها
فوددتُ يا موسى لو إنكَ يوشعُ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> طَرَقَتْ مَطْلَعَ الثُّريا وَوَلَّتْ
طَرَقَتْ مَطْلَعَ الثُّريا وَوَلَّتْ
رقم القصيدة : 23714
-----------------------------------
طَرَقَتْ مَطْلَعَ الثُّريا وَوَلَّتْ
والثريَّا تشمُّ ريحَ الوقوعِ
تَحْتَ جُنْحٍ من الدُّجَى أَوْرَثَتْهُ
عبقاً في قميصهِ المخلوعِ(25/462)
أَيُّها الليلُ هَلْ دَرَى البدرُ أَنِّي
بتُّ من أُخْتِهِ مكانَ الضَّجِيعِ
أمكنتني من العناقِ فلما
جَلَبَ الفجرُ ساعة َ التَّوْديع
عمدتْ بردَها بغصنٍ وقامتْ
تَنْفُضُ الطلَّ أَحمراً مِنْ دُمُوعِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> أُنظرْ إِلى نقشيَ البديعِ
أُنظرْ إِلى نقشيَ البديعِ
رقم القصيدة : 23715
-----------------------------------
أُنظرْ إِلى نقشيَ البديعِ
يسليكَ عن زهرة ِ الربيعِ
لو جُنِيَ البحرُ مِنْ رياضٍ
كانَ جنَى روضيَ المريعِ
سقانيَ اللهُ دمعَ عيني
ولا وَقَاني جَوَى ضُلُوْعِي
فما أُبالي شقاءَ بَعْضِي
إِذا تَشَقَّيْتُ في جميعي
كيفَ تراني - وُقِيْتَ مابي-
أَلَسْتُ مِنْ أَعْجَبِ الرُّبُوعِ؟
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> ما أنزغَ الشيخينِ بينَ الورَى
ما أنزغَ الشيخينِ بينَ الورَى
رقم القصيدة : 23716
-----------------------------------
ما أنزغَ الشيخينِ بينَ الورَى
إِبليسُ ، لا قدِّسَ ، وابنُ الخليعْ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> سَبُوقاً مَغَبَّاتِ الظلامِ إليهما
سَبُوقاً مَغَبَّاتِ الظلامِ إليهما
رقم القصيدة : 23717
-----------------------------------
سَبُوقاً مَغَبَّاتِ الظلامِ إليهما
لِيَقْرِيَ ضَيْفاً أَوْ يُجيرَ مُرَوَّعا
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> يا وردة ً جادَتْ بها يدُ متحِفي
يا وردة ً جادَتْ بها يدُ متحِفي
رقم القصيدة : 23718
-----------------------------------
يا وردة ً جادَتْ بها يدُ متحِفي
فهمَي لها دمعي وهاجَ تأسُّفِي
حمراءُ عاطرة ُ النسيمِ كأَنَّها
من خدِّ مقتبلِ الشبيبة ِ مترفِ
عرضتْ تذكرني دماً منْ صاحبٍ
شَرِبَتْ به الدُّنْيا سُلافَة َ قَرْقَفِ
فَلَثَمْتُها شغَفَاً وقلتُ لِعَبْرَتي
هيَ ما تمجُّ الأرضُ منْ دمِ يوسفِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> ذاتَ الجناحِ تَقَلَّبي
ذاتَ الجناحِ تَقَلَّبي
رقم القصيدة : 23719(25/463)
-----------------------------------
ذاتَ الجناحِ تَقَلَّبي
بجوانحِ القَلْبِ الخَفُوقْ
وَتَساقَطِي بالسَرْحَتَيْـ
ـنِ تَسَاقُطَ الدَّمْعِ الطَّليقْ
وسليهِما بأَرقَّ من
عطفيْ قضيبهما الوريقْ
هل بَعْدَنا مُتَمَتِّعٌ
في مثلِ ظلِّهما العتيقْ
وإِذا صَدَرْتِ مُبِينَة ً
لتبلِّغي النبأَ المشوقْ
أُخْتَ الهواء فعالجي
بأَخي الهوى حتى يُفيقْ
ولتعلمي إِنْ ضفْتِ يا
ورقاءُ ذا جفنٍ أَريقْ
أَنَّ القِرَى عَبَرَاتُهُ
فتعلَّمي لقطَ العقيقْ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> أيها الآمِلُ خَيْمَاتِ النَّقَا
أيها الآمِلُ خَيْمَاتِ النَّقَا
رقم القصيدة : 23720
-----------------------------------
أيها الآمِلُ خَيْمَاتِ النَّقَا
خَفْ على قَلْبَكَ تلك الحَدَقا
إِنَّ سِرْباً حُشِيَ الخَيْمُ به
ربَّما غَرَّكَ حتى تَرْمُقَا
لا تثرهَا فتنة ً من ربرَبٍ
تُرِعْدُ الأُسْدُ لديه فَرَقَا
وانْجُ عنها لحظة ً سَهْمِيَّة ً
طال ما بلتْ ردائي علقَا
وإِذا قيلَ نجا الرحبُ فقلْ
كيفما سالم تلكَ الطُّرُقَا
يا رُماة َ الحيِّ مَوْهُوبٌ لكمْ
ما سفكتمْ من دَمي يومَ النَّقَا
ما تعمدتمْ ولكنْ سببٌ
قربَ الحينَ وأمرٌ سبقَا
والتفاتاتٌ تَلَقَّتْ عَرَضاً
مَقْتَلَ الصبِّ فخلَّتْهُ لَقَى
آهِ من جَفْنٍ قريحٍ بعدكمْ
يشتكي خدايَ منهُ الغرقَا
وحشا غيرِ قريرٍ كلَّما
رمتُ أَنْ يهدأَ عنكمْ خفَقَا
وفؤادٍ لمْ أضَعْ قطُّ يدي
فوقَهُ خيفة َ أَنْ تحترقا
ما لنجمٍ عكفتْ عيني على
رعيهِ ليس يريمُ الافُقا
وَلِعَيْنٍ خَلَعَتْ فيكَ الكَرى
كيف لم تخلعْ عليك الأَرقَا
أيُّها اللُّوَّامُ ما أَهْدَأَكُمْ
عن قلوبٍ أَسْهَرَتْنا قَلقَا
ما الذي تبغونَ من تعذيبها
بعدما ذابتْ عليكمْ حرقَا
قومَنا فوزوا بسلوانكمُ
وَدَعُوْا باللهِ من تَشوَّقا
وارحموا في غسقِ الظلماءِ منْ
باتَ بالدمعِ يبلُّ الغسقَا
عَلِّلُوْنا بالمُنَى منكُمْ ولو
بخيالٍ منكمُ أنْ يطرقا(25/464)
وعدونا بلقاءِ منكمُ
فكثيرٌ منكمُ ذِكْرُ اللِّقَا
لو خشينا الجورَ من جيرتِنا
لانتصفنا قبلَ أَنْ نفترِقا
واصْطَبَحْنَا الآن مِنْ فَضْلة ِ ما
قد شربنا ذلك المغتبقَا
فسقى اللهُ عشيَّاتِ الحمى
والحمى أكرمَ هطالٍ سَقى
قد رُزِقْناها وكانتْ عيشة ً
قلَّما فازَ بها منْ رزِقا
لا وسهمٍ جاءَ منْ نحوكمُ
إِنه أَقْتَلُ سَهْمٍ فُوِّقا
وحلَى نجدٍ سنجري ذكرَها
أوسعتنا في الهوى مرتفقا
ما حلا بعدكمُ العيشُ لنا
مُذْ تَبَاعَدْتُم ولاطابَ البَقا
فَمَنِ المُنْبِي إِلينا خبراً
وعلى مُخْبِرِنا أَنْ يَصْدُقا
هل درتْ بابلُ أنَّا فئة ٌ
تَجْعَلُ السِّحْرَ مِنَ السِّحْرِ رُقَى
نَنْقْشُ الآية َ في أَضْلاعِنا
فتقينا كلَّ شيءٍ يتقَى
مِنْ بَنانِ الوَزَرِ الأعْلى الذي
يخجلُ السحرَ إِذا ما نطقا
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> غِلى شطِّ منسابٍ كأنَّكَ ماؤُهُ
غِلى شطِّ منسابٍ كأنَّكَ ماؤُهُ
رقم القصيدة : 23721
-----------------------------------
غِلى شطِّ منسابٍ كأنَّكَ ماؤُهُ
صفاءَ ضميرٍ أَو عُذُوبة َ أَخْلاقِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> ومنظومة ٍ سبعاً وعشرينَ درَّة ً
ومنظومة ٍ سبعاً وعشرينَ درَّة ً
رقم القصيدة : 23722
-----------------------------------
ومنظومة ٍ سبعاً وعشرينَ درَّة ً
تُدَارُ على الدُّنْيا كُؤُوسُ رحيقِها
عوَى نحوَها الكلبُ الأعيمَى حسادة ً
ومن ذا يعيبُ الشمسَ عند شروقها
لآلىء ُ تومٌ اشرقتهُ بريقِهِ
وزادتْ ظلاماً عَيْنَه ببريقها
لوى العيُّ صَمَّاوَيْهِ عن سرِّ رَوْضِها
فلم يدرِ ما ريحانُها مِنْ شَقيقِها
كأنِّيَ قد أَرْسَلْتُهُنَّ حجارة ً
عليه فراغتْ أُذْنُهُ عَنْ طَرِيقِها
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> في جدولِ كاللجينِ سائلْ
في جدولِ كاللجينِ سائلْ
رقم القصيدة : 23723
-----------------------------------
في جدولِ كاللجينِ سائلْ
خافي الحَشَا أَزْرَقِ الغلائلْ(25/465)
عليه شَكْلٌ صَنَوْبَرِيٌّ
يفتلُ من مائِهِ خلاخلْ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> قالوا وقد أَكْثَرُوا في حبِّهِ عَذَلي
قالوا وقد أَكْثَرُوا في حبِّهِ عَذَلي
رقم القصيدة : 23724
-----------------------------------
قالوا وقد أَكْثَرُوا في حبِّهِ عَذَلي
لو لم تهمْ بمذَالِ القدْرِ مبتذَلِ
فقلتُ لو أَنَّ أمَرِي في الصبابة ِ لي
لاخْتَرْتُ ذاكَ، ولكنْ ليسَ ذلك لي
علقتُهُ حببيَّ الثغرِ عاطرَهُ
ألمَى المقبلِ أحوى ساحرَ المقلِ
إِذا تأَمَّلْتَهُ أَعْطاكَ مُلْتَفِتاً
ما شئتَ من لحظاتِ الشادنِ الغزلِ
غُزَيِّلٌ لم تَزَلْ في الغَزْلِ جائلة ً
بنانهُ جولانَ الفكرِ في الغزَلِ
جذلانُ تلعبُ بالمحواكِ أنملُهُ
على السدى لعبَ الأيامِ بالدُّوَلِ
ما إِنْ يَني تَعِبَ الأَطرافِ مُشْتَغِلاً
أَفْدِيهِ مِنْ تَعِبِ الأطرافِ مُشْتَغِلِ
جذباً بكفيهِ أو فحصاً بأخمصِهِ
تَخَبُّطَ الظَّبْيِ في أَشْراكِ مُحْتَبِلِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وعشيٍّ رائقٍ منظرهُ
وعشيٍّ رائقٍ منظرهُ
رقم القصيدة : 23725
-----------------------------------
وعشيٍّ رائقٍ منظرهُ
قد قصرناهُ على صرفِ الشمولِ
وكأنَّ الشمسَ في أَثنائِهِ
ألصقتْ بالأرضِ خداً للنزولِ
والصَّبا ترفعُ أذيالَ الربَى
ومحيَّا الجوِّ كالسيفِ الصقِيلِ
حَبَّذا منزلُنا مُغْتَبَقاً
حيثُ لا ينظرنا غيرُ الهديلِ
طائرٌ شادٍ وغصنٌ منثنٍ
والدُّجَى يشربُ صهباءَ الأصيلِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> ولا كالرُّصَافَة ِ مِنْ مَنْزِلٍ
ولا كالرُّصَافَة ِ مِنْ مَنْزِلٍ
رقم القصيدة : 23726
-----------------------------------
ولا كالرُّصَافَة ِ مِنْ مَنْزِلٍ
سقتهُ السحائبُ صوبَ الوَلي
أَحِنُّ إِليها وَمَنْ لي بها
وأَين السَّرِيُّ من المَوْصِلِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> لو كنتَ شاهدَهُ وقد غشيَ الوغَى
لو كنتَ شاهدَهُ وقد غشيَ الوغَى
رقم القصيدة : 23727(25/466)
-----------------------------------
لو كنتَ شاهدَهُ وقد غشيَ الوغَى
يَخْتَالُ في دِرْعِ الحديدِ المُسْبَلِ
لرأيتَ منهُ والقضيبُ بكفِّهِ
بحراً يريقُ دمَ الكماة ِ بجدوَلِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> كم بين شطيكَ من ريٍّ لجانحة ٍ
كم بين شطيكَ من ريٍّ لجانحة ٍ
رقم القصيدة : 23728
-----------------------------------
كم بين شطيكَ من ريٍّ لجانحة ٍ
ذابتْ عليكَ صدى ً يا واديَ العسلِ
وما دعاها إِلى وادٍ سواك ظما
أَلا تَبُلَّنَّ فيها فَتْرَة َ الكسلِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> سبقتَ ولكنْ في الفضائلِ كلِّها
سبقتَ ولكنْ في الفضائلِ كلِّها
رقم القصيدة : 23729
-----------------------------------
سبقتَ ولكنْ في الفضائلِ كلِّها
على الطيبِ من كلِّ النفوسِ أو الرغمِ
سطورٌ ولو قد شئتُ قلتُ : لطائمٌ
هي المسكُ أو كالمسكِ في اللونِ والشمِّ
وسربُ عذارى منْ معانٍ جليَّة ٍ
لها سيمياءٌ لا تشقُّ على الفهْمِ
على أنَّها في راحتيكَ تصرفتْ
فلم تمشِ إِلا من وليٍّ إِلى وسمِي
ومستفهمٍ لي كيفَ كانَ ورودُها
فقلتُ له : وردُ الشفاءِ على السقْمِ
فقد صَدَّقَتْ رؤيايَ رُقْعَتُكَ التي
كستْ عقبيْ ما شئتَ من سؤددٍ ضخمِ
وأَسْهَرَني فَوْقَ القتادِ تَقَلُّبٌ
مِنَ الدَّهْرِ بالأَحْرارِ بالَغَ في الهضم
رجالٌ شجتني بالسماعِ على النَّوى
ويبلغُ ضرُّ القوسِ من قِبَلِ السهْمِ
تهاوَنْ بما تَخْشى وَبِتْ مُتَسَليِّاً
فقد تَطْرُقُ السَّرَّاءُ في ليلة ِ الهمِّ
مكانكَ ما تدريه من أفُقِ العُلا
فخذْ مأخذَ الأقمارِ في النقصِ والتمِّ
ولاحَطَّ مَيْلُ النَّجْمِ مِنْ شَرَفِ النَّجْمِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وأقولُ إِنْ أَنا لم أفهْ بثنائكمْ
وأقولُ إِنْ أَنا لم أفهْ بثنائكمْ
رقم القصيدة : 23730
-----------------------------------
وأقولُ إِنْ أَنا لم أفهْ بثنائكمْ
ضاعتْ لكمْ عندي يدٌ وَذِمَامُ(25/467)
أَما أنا ويدُ ابنِ منصورٍ معاً
فكما يقالُ خميلة ٌ وغمامُ
نِعَمٌ له خُضْرٌ تَرَنَّمَ فوقها
شكري كما ركبَ الغصونَ حمامُ
حسبي من الجدوى ودادُكَ وحدَهُ
فَهُوَ الغِنَى لا ما يَرَى أَقْوَامُ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> لِمَحَلِّكَ التَّرْفيعُ والتَّعْظِيمُ
لِمَحَلِّكَ التَّرْفيعُ والتَّعْظِيمُ
رقم القصيدة : 23731
-----------------------------------
لِمَحَلِّكَ التَّرْفيعُ والتَّعْظِيمُ
ولوجهِكَ التقديسُ والتكريمُ
وَلِرَاحتَيْكَ الحمدُ في أَرْزاقِنا
والرِّزْقُ أَجْمَعُ منهما مَقْسُوْمُ
يا مُنْعماً تَطْوِي البلادَ هِباتُهُ
ومنَ الهِباتِ مُسافِرٌ وَمُقِيمُ
إيهٍ ولو بَعْضَ الحديثِ عن التي
حَيَّا بها ربعي أجشُّ هَزيمُ
قد زارني فسقيتُ من وسميِّهِ
فوقَ الذي أروَى به وأشيمُ
سَرَتِ الجيادُ به إليَّ وفتية ٌ
سفروا فقلتُ : أهلة ٌ ونجومُ
نعماءُ جدتَ بها وإِنْ لم نلتقِ
فيمنْ يُدَنْدِنُ حَوْلَها وَيَحْومُ
وأَعَزُّ منْ سُقْيَا الحيا مَنْ لم يَبِتْ
في الحيِّ يرقبُ برقهُ ويشيمُ
ولقد أَضِنُّ على الحيا بِسُؤالِهِ
والجوُّ أغبرُ والمرادُ هشيم
وإِن استحبَّ القطرُ سُقْيا مَوْضِعِي
فمكانُ مِثْلي عنده مَعْلومُ
لما أَدَرْتُ إلى صنيعكَ ناظِري
فرأَيْتُ ما أَوْلَيْتَ فهو عميم
قلَّدتُ جيدَ الشكرِ من تلك الحُلَى
ما شاءَهُ المنثورُ والمنظومُ
وأَشَرْتُ قُدَّامِي كأنِّي لاثمٌ
وكأنَّ كَفَّكَ ذلكَ المَلْثُومُ
يا مُفْضِلاً سَدِكَ السَّخَاءُ بمالِهِ
حتَّام تَبْذُلُ والزمانُ لَئيمُ
تَتَلَوَّنُ الدنيا ورأيُكَ في العُلا
والحمدُ دأبُكَ والكريمُ كريمُ
ومنِ المتمِّمُ في الزمانِ صنيعة ً
إِلا كريمٌ شأنُهُ التتميمُ
مثلُ الوزيرِ الوَقَّشِيّ، وَمِثْلُهُ
دونَ امتراءٍ في الوَرى مَعْدُوم
رَجُلٌ يَدُوْسُ النَّيِّراتِ بِنَعْلِهِ
قَدَمٌ ثَبُوتٌ في العلا وَأَرُوْمُ
وَصَلَ البيانُ به المَدَى فكلامُهُ
سهلٌ يشقُّ وغامضٌ مفهومُ(25/468)
مِنْ معشرٍ والاهمُ في سِلْكِهِ
نسبٌ صريحٌ في العلاءِ صميمُ
قومٌ على كتفِ الزمانِ لبوسهُمْ
ثوبٌ بحسنِ فعالهمْ موسومُ
آثارهمء في الحادثينَ حديثة ٌ
وفخارهمْ في الأقدمينَ قديمُ
لو لم يعدُّوا منْ دعائمِ بيتهمْ
رمحَ السماكِ لخانهُ التقويمُ
ماتوا ولكنْ لم يَمُتْ بكَ فَخْرُهُمْ
فالمجدُ حيٍّ والعظامُ رميمُ
يا أحمدَ الدنيا وقد يغنَى بها
عن كنية ٍ واسمُ العظيمِ عظيمُ
أُجْري حديثَكَ ثم أَعْجَبُ أَنَّهُ
قَوْلٌ يقالُ وَعَرْفُهُ مَشْمُوْمُ
فَبِكُلِّ أَرْضٍ من ثَنائِكَ شائِعٌ
عبقٌ كما ولجَ الرياضَ نسيمُ
يَجْري فلا يَخْفى على مُسْتَنْشِقٍ
لو أَنَّهُ على أذنِهِ مكتومُ
يُطْوَى فَيَنْشُرُهُ الثَّناءُ لطيبِهِ
ذِكْرُ الكريم بِعَنْبَرٍ مَخْتُومُ
صحبتكَ خالدَة ُ الحياة ِ ، وكلُّ ما
يَحْتازُ بابُكَ جَنَّة ٌ ونعيمُ
في ظلِّ عزٍّ دائمٍ وَكَرامة ٍ
وفناء داركَ بالوفودِ زحيمُ
من كلِّ ذي تاجٍ تعلَّة ُ قصدِهِ
مَرْآكَ والإلمامُ والتَّسْليمُ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> وزنجيٍّ ألمَّ بنورِ لوزٍ
وزنجيٍّ ألمَّ بنورِ لوزٍ
رقم القصيدة : 23732
-----------------------------------
وزنجيٍّ ألمَّ بنورِ لوزٍ
وفي كاساتنا بنتُ الكرومِ
فقالَ فتى ً منَ الفتيانِ صِفْهُ
فقلتُ : الليلُ أقبلَ بالنجومِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> فتوالتِ الأمحالُ تنقصُهُ
فتوالتِ الأمحالُ تنقصُهُ
رقم القصيدة : 23733
-----------------------------------
فتوالتِ الأمحالُ تنقصُهُ
حتى غدا كذؤابة ِ النجمِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> يا صاحبيَّ على النَّوَى ولأنتُما
يا صاحبيَّ على النَّوَى ولأنتُما
رقم القصيدة : 23734
-----------------------------------
يا صاحبيَّ على النَّوَى ولأنتُما
أَخوَا هَوَايَ وَحَبَّذَا الأَخَوانِ
خوضَا إِلى الوطنِ البعيدِ جوانحي
إِنَّ القلوبَ مَوَاطِنٌ الأوْطَان
ولبثتما عِنْدِيْ طليقَيْ غُرْبَة ٍ(25/469)
وَلَفَظْتُما عُلَقَ المَشُوْقِ العاني
أمودعينِ ولم أحملْ قبلة ً
نعليكُما تهدى لجسرِ معانِ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> يا راكباً واللِّوَى شمالٌ
يا راكباً واللِّوَى شمالٌ
رقم القصيدة : 23735
-----------------------------------
يا راكباً واللِّوَى شمالٌ
عن قَصْدِهِ والغَضَا يمينُ
نجداً على أَنَّهُ طريقٌ
تَقْطَعُهُ للصِّبَا عُيُونُ
وحيِّ عنِّي إِنْ جزتَ حيَاً
أمضَى مواضيهمُ الجفونُ
وقلْ على أيكة ٍ بوادٍ
للورقِ في قضبها حنينُ
يا أيكُ لا يدَّعي حمامٌ
ما يجدُ الشيِّقُ الحزينُ
لو أَنَّ بالورقِ ما بقلبي
لاحترقتْ تحتَها الغصُونُ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> من لميرَ الشمسَ لم يحصلْ لناظرهِ
من لميرَ الشمسَ لم يحصلْ لناظرهِ
رقم القصيدة : 23736
-----------------------------------
من لميرَ الشمسَ لم يحصلْ لناظرهِ
بينَ النهارِ وبين الليلِ فرقانُ
مرأى ً عليه اجتماعٌ للنفوسِ كما
تَشَبَّثَتْ بلذيذِ العيشِ أَجْفَانُ
للعينِ والقَلْبِ في إِقْبالِهِ أَمَلٌ
كأنَّهُ للشَّبابِ الغضِّ رَيْعَانُ
سارٍ من النقعِ في ظلماءَ فاحمة ٍ
والشُّهْبُ في أُفُقِ المُرَّانِ خِرْصانُ
وَمُغْتَدٍ وَمِنَ الخطيِّ في يَدِهِ
عَصَاً تَلَقَّفَ منها الجيشَ ثُعبان
مِمَّنْ له حدُّ سَيْفٍ أَو شَبَا قَلَمٍ
شرارُهُ في الوغَى والفهمِ نيرانُ
يسلُّ مقولهُ إِنْ شامَ منصلَهُ
وللخطابِ كما للحربِ أوطانُ
قد يسكتُ السيفُ والأقلامُ ناطقة ٌ
والسيفُ في لُغَة ِ الأَقْلام لَحَّانُ
عدلاً ملأْتَ به الدنيا فأنت بها
بينَ العبادِ وبينَ الله ميزانُ
أبياتُ معلوة ٍ في كلِّها لكمُ
أُسٌّ كريمٌ على التَّقْوَى وَبُنْيَانُ
فلوْ لحقْتُمْ زمانَ الوحيِ نزلَ في
تلكَ الصفاتِ مكانَ الشِّعْرِ قُرآن
مَنْ لم يُصِخْ نَحْوها والسيفُ مُلْتَحِفٌ
فسوف يَقْرَؤُهَا والسيفُ عُرْيانُ
موتُ العدَا بالظبا دينٌ وإِن مطلتْ
به سيوفكَ فالأيَّامُ ضمَّانُ(25/470)
فكنْ من الظفرِ الأعلى على ثقة ٍ
منك الظُّبا ومن الأعناقِ إِذْ عانُ
لا زالَ كلُّ عدوٍّ في مَقَاتِلِهِ
دمٌ إِلى سَيْفِكَ الريَّانِ ظَمآنُ
العصر الأندلسي >> الرصافي البلنسي >> محلُّ ابنِ رزقٍ جرَّ فيه ذيولَهُ
محلُّ ابنِ رزقٍ جرَّ فيه ذيولَهُ
رقم القصيدة : 23737
-----------------------------------
محلُّ ابنِ رزقٍ جرَّ فيه ذيولَهُ
من المُزْنِ ساقٍ يُحسِنُ الجرَّ والسُّقْيا
ذكرتُ عشياً فيكَ لا ذمُّ عهدُهُ
وإِنْ نحن لم نُمْتَعْ ببهجته لُقْيا
ولم يَعْتَلِقْ بي منكَ عند کفتِراقِنا
سوى عَبَقٍ منْ مِسْكِ قيْنَتِكَ اللمَّيْا
وكنتُ أَراني في الكَرَى وكأَنَّني
أناوَلُ كالدينارِ من ذَهَبِ الدنيا
فلمَّا أنطَوى ذاكَ الأصيلُ وحسنُهُ
على ساعة ِ من أُنسِنا صَحَّت الرُؤْيا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> قلدتُ جيدَ المعالى ِ حلية َ الغزلِ
قلدتُ جيدَ المعالى ِ حلية َ الغزلِ
رقم القصيدة : 23738
-----------------------------------
قلدتُ جيدَ المعالى ِ حلية َ الغزلِ
يأبى لى َ الغى َّ لا يميلُ بهِ
عَنْ شِرْعَة ٍ الْمَجْدِ سِحْرُ الأَعْيُنِ النُّجُلِ
أَهِيمُ بِالْبِيضِ فِي الأَغْمَادِ بَاسِمَة ً
عنْ غرة ِ النصرِ ، لا بالبيضِ في الكللِ
وَقُلْتُ فِي الْجِدِّ مَا أَغْنَى عَنِ الْهَزَلِ
في لذة ِ الصحوِ ما يغنى عنِ الثملِ
كمْ بينَ منتدبٍ يدعو لمكرمة ٍ
وَبَيْنَ مُعْتَكِفٍ يَبْكِي عَلَى طَلَلِ
لولا التفاوتُ بينَ الخلقِ ما ظهرتْ
لَمْ يَخْطُ فِيهَا امْرُؤٌ إِلاَّ عَلَى زَلَلِ
فانهض إلى صهواتِ المجدِ معتلياً
فالبازُ لمْ يأوِ إلاَّ عاليَ القللِ
ودعْ منَ الأمرِ أدناهُ لأبعدهِ
في لجة ِ البحرِ ما يغنى عنِ الوشلِ
قدْ يظفرُ الفاتكُ الألوى بحاجتهِ
وَيَقْعُدُ الْعَجْزُ بِالْهَيَّابَة ِ الْوَكَلِ
وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ تَسْلَمْ، فَرُبَّ فَتى ً
ألقى بهِ الأمنُ بينَ اليأسِ وَ الوجلِ(25/471)
وَ لا يغرنكَ بشرٌ منْ أخى ملقٍ
فرونقُ الآلِ لا يشفى منَ الغللِ
لوْ يعلمُ ما في الناس منْ دخنٍ
لَبَاتَ مِنْ وُدِّ ذِي الْقُرْبَى عَلَى دَخَلِ
فالكحلُ أشبهُ في العينينِ بالكحلِ
وَاخْشَ النَّمِيمَة َ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَائِلَهَا
يصليكَ منْ حرهاَ ناراً بلاَ شعلِ
كمْ فرية ٍ صدعتْ أركانَ مملكة ٍ
وَمَزَّقَتْ شَمْلَ وُدٍّ غَيْرِ مُنْفَصِلِ
فاقبلْ وصاتي ، وَ لا تصرفكَ لاغية ٌ
عنى ؛ فما كلُّ رامٍ منْ بنى ثعل
إني امرؤٌ كفنى حلمي ، وأدبني
كرُّ الجديدينِ منْ ماضٍ وَ مقتبلِ
فَمَا سَرَيْتُ قِنَاعَ الْحِلْمِ عَنْ سَفَهٍ
وَلاَ مَسَحْتُ جَبِينَ الْعِزِّ مِنْ خَجَلِ
حلبتُ أشطرَ هذا الدهرِ تجربة ً
وَذُقْتُ مَافِيهِ مِن صَابٍ، وَمِنْ عَسَلِ
فَمَا وَجَدْتُ عَلَى الأَيَّامِ بَاقِيَة ً
أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنْ حُرِّيَّة ِ الْعَمَلِ
لكننا غرضٌ للشرَّ في زمنٍ
أَهْلُ الْعُقُولِ بِهِ فِي طَاعَة ِ الْخَمَلِ
قامتْ بهِ منْ رجالِ السوءِ طائفة ٌ
أدهى على النفسْ منْ بؤسٍ على ثكلِ
منْ كلَّ وغدٍ يكادُ الدستُ يدفعهُ
بُغْضاً، وَيَلْفِظُهُ الدِّيوانُ مِنْ مَلَلِ
ذَلَّتْ بِهِمْ مِصْرُ بَعْدَ الْعِزِّ، واضْطَرَبَتْ
قواعدُ الملكِ ، حتى ظلَّ في خللِ
وَأَصْبَحَتْ دَوْلَة ُ "الْفُسْطَاطِ" خَاضِعَة ً
بَعْدَ الإِباءِ، وَكَانَتْ زَهْرَة َ الدُّوَلِ
قومٌ إذا أبصروني مقبلاً وجموا
غَيْظاً، وَأَكْبَادُهُمْ تَنْقَدُّ مِنْ دَغَلِ
فَالشَّمْسُ وَهْيَ ضِيَاءٌ آفَة ُ الْمُقَلِ
نزهتُ نفسيَ عما يدنيونَ بهِ
وَ نخلة ُ الروضِ تأبى شيمة َ الجعلِ
بئسَ العشيرُ ، وبئستْ مصرُ منْ بلدٍ
أضحتْ مناخاً لأهلِ الزورِ وَ الخطلِ
أرضٌ تأثلَ فيها الظلمُ ، وانقذفتْ
صواعقُ الغدرِ بينَ السهلِ وَ الجبلِ
وَ أصبحَ الناسُ في عمياءَ مظلمة ٍ
لَمْ أَدْرِ مَا حَلَّ بِالأَبْطَالِ مِنْ خَوَرٍ
بَعْدَ الْمِراسِ، وَبِالأَسْيَافِ مِنْ فَلَلِ(25/472)
أَصَوَّحَتْ شَجَرَاتُ الْمَجْدِ، أَمْ نَضَبَتْ
غدرُ الحمية ِ حتى ليسَ منْ رجلِ ؟
لاَ يدفعونَ يداعنهمْ ، وَ لوْ بلغتْ
مسَّ العفافة ِ منْ جبنٍ ، وَ منْ خزلِ
خَافُوا الْمَنِيَّة َ، فَاحْتَالُوا، وَمَا عَلِمُوا
أنَّ المنية َ لاَ ترتدُّ بالحيلِ
فَفِيمَ يَتَّهِمُ الإِنْسَانُ خالِقَهُ
وَ كلُّ نفسٍ لها قيدٌ منَ الأجلِ ؟
هيهاتَ يلقى الفتى أمناً يلدُّ بهِ
مَا لَمْ يَخُضْ نَحْوَهُ بَحْراً مِنَ الْوَهَلِ
فَمَا لَكُمْ لاَ تَعَافُ الضَّيْمَ أَنْفُسُكُمْ
وَلاَ تَزُولُ غَوَاشِيكُمْ مِنَ الْكَسَلِ؟
وَتِلْكَ مِصْرُ الَّتِي أَفْنَى الْجِلاَدُ بِهَا
لَفِيفَ أَسْلافِكُمْ فِي الأَعْصُرِ الأُوَلِ
قومٌ أقروا عمادَ الحقَّ وامتلكوا
أَزِمَّة َ الْخَلْقِ مِنْ حَافٍ وَمُنْتَعِلِ
جَنَوْا ثِمَارَ الْعُلاَ بِالْبِيضِ، وَاقْتَطَفُوا
منْ بينِ شوكِ العوالي زهرة َ الأملِ
فَأَصْبَحَتْ مِصْرُ تَزْهُو بَعْدَ كُدْرَتِهَا
فِي يَانِعٍ مِنْ أَسَاكِيبِ النَّدَى خَضِلِ
لَمْ تَنْبُتِ الأَرْضُ إِلاَّ بَعْدَمَا اخْتَمَرَتْ
أقطارها بدمِ الأعناقِ وَ القللِ
شَنُّوا بِهَا غَارَة ً أَلْقَتْ بِرَوْعَتِهَا
أمناً يولفُ بينَ الذئبِ وَ الحملِ
حَتَّى إِذَا أَصْبَحَتْ فِي مَعْقِلٍ أَشِبٍ
يردُّ عنها يدَ العادي منَ المللِ
أخنى الزمانُ على فرسانها ، فغدتْ
منْ بعدِ منعتها مطروقة َ السبلِ
فأيَّ عارٍ جلبتمْ بالخمولِ على
ما شادهُ السيفُ منْ فخرٍ على زحلِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ بِهِ
فَإِنَّمَا هُوَ مَعْدُودٌ مِنَ الْهَمَلِ
فبادروا الأمرَ قبلَ الفوتِ ، وانتزعوا
شِكَالَة َ الرَّيْثِ، فَالدُّنْيَا مَعَ الْعَجَلِ
وَ قلدوا أمركمْ شهماً أخا ثقة ٍ
يكونُ رداءً لكمْ في الحادثِ الجللِ
ماضي البصيرة ِ ، غلابٌ ، إذا اشتبهتْ
مسالكُ الرأي صادَ البازَ بالحجلِ
إنْ قالَ برَّ ، وَ إنْ ناداهُ منتصرٌ(25/473)
لَبَّى ، وإِنْ هَمَّ لَمْ يَرْجِعْ بِلا نَفَلِ
يجلو البديهة َ باللفظِ الوجيزِ إذا
عزَّ الخطابُ ، وَ طاشتْ أسهمُ الجدلِ
وَلاَ تَلَجُّوا إِذَا مَا الرَّأْيُ لاَحَ لَكُمْ
إنَّ اللجاجة َ مدعاة ٌ إلى الفشلِ
قدْ يدركُ المرءُ بالتدبيرِ ما عجزتْ
عَنْهُ الْكُمَاة ُ، وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَى بَطَلِ
هَيْهَاتَ، مَا النَّصْرُ فِي حَدِّ الأَسِنَّة ِ، بَلْ
بقوة ِ الرأي تمضي شوكة ُ الأسلِ
وَطَالِبُوا بِحُقُوقٍ أَصْبَحَتْ غَرَضاً
لِكُلِّ مُنْتَزِعٍ سَهْماً، وَمُخْتَتِلِ
وَ لاَ تخافوا نكالاً فيهٍ منشوكمْ
فالحوتُ في اليمَّ لا يخشى منَ البللِ
عيشُ الفتى في فناءِ الذلَّ منقصة ٌ
وَ الموتُ في العز فخرُ السادة ِ النبلِ
لا تتركوا الجدَّ أوْ يبدو اليقينُ لكمْ
فالجدُّ مفتاحُ بابِ المطلبِ العضلِ
طوراً عراكاً ، وأحيانا مياسرة ً
رياضة ُ المهرِ بينَ العنفِ وَ المهلِ
حتى تعودَ سماءُ الأمنِ ضاحية ً
وَيَرْفُلَ الْعَدْلُ فِي ضَافٍ مِنَ الْحُلَلِ
هذِي نَصِيحَة ُ مَنْ لاَ يَبْتَغِي بَدَلاً
بِكُمْ، وهَلْ بَعْدَ قَوْمِ الْمَرْءِ مِنْ بَدَلِ؟
أَسْهَرْتُ جَفْنِي لَكُمْ فِي نَظْمِ قَافِيَة ٍ
مَا إِنْ لَهَا فِي قَدِيمِ الشِّعْرِ مِنْ مَثَلِ
كالبرقِ في عجلٍ ، والرعدِ في زجلٍ
وَالْغَيثِ فِي هَلَلٍ، وَالسَّيْلِ في هَمَلِ
غَرَّاءُ، تَعْلَقُهَا الأَسْمَاع مِنْ طَرَبٍ
وَتَسْتَطِيرُ بِهَا الأَلْبَابُ مِنْ جَذَلِ
حَوْلِيَّة ٌ، صَاغَهَا فكْرٌ أَقَرَّ لهُ
بِالْمُعْجِزَاتِ قَبِيلُ الإِنْسِ وَالْخَبَلِ
تلوحُ أبياتها شطرينِ في نسقٍ
كالمرفية ِ قدْ سلتْ منَ الخللِ
إِنْ أَخْلَقَتْ جِدَّة ُ الأَشْعَارِ أَثَّلَهَا
لَفْظٌ أَصِيلٌ، ومَعْنى ً غَيْرُ مُنْتَحَلِ
تفنى النفوسُ ، وَ تبقى وَ هيَ ناضرة ٌ
على الدُّهُورِ بَقَاءَ السَّبْعَة ِ الطُوَلِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> طربتْ ، وَ لولاَ الحلمُ أدركني الجهلُ(25/474)
طربتْ ، وَ لولاَ الحلمُ أدركني الجهلُ
رقم القصيدة : 23739
-----------------------------------
طربتْ ، وَ لولاَ الحلمُ أدركني الجهلُ
وَعَاوَدَنِي مَا كَانَ مِنْ شِرَّتِي قَبْلُ
فَرُحْتُ، كَأَنِّي خَامَرَتْنِي سَبِيئَة ٌ
منَ الراحِ ، منْ يعلقْ بها الدهرَ لا يسلو
سَلِيلَة ُ كَرْمٍ، شَابَ فِي المَهْدِ رَأْسُهَا
وَ دبَّ لها نسلٌ ، وَ ما مسها بعلُ
إِذَا وَلَجَتْ بَيْتَ الضَّمِيرِ، رَأَيْتَهَا
وراءَ بناتِ الصدرِ ، تسفلُ ، أو تعلو
كَأَنَّ لَهَا ضِغْناً عَلَى الْعَقْلِ كَامِناً
فَإِنْ هِيَ حَلَّتْ مَنْزِلاً رَحَلَ الْعَقْلُ
تعبرُ عنْ سرَّ الضميرِ بألسنٍ
منَ السكرِ مقرونٍ بصحتها النقلُ
مُحَبَّبَة ٌ لِلنَّفْسِ، وَهْيَ بَلاَؤُها
كَمَا حُبِّبَتْ فِي فَتْكِهَا الأَعْيُنُ النُجْلُ
يَكَادُ يَذُودُ اللَّيْثَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ
إِذَا ما تَحَسَّى كَأْسَهَا الْعَاجِزُ الْوَغْلُ
تَرَى لِخَوَابِيهَا أَزِيزاً، كَأنَّهَا
خَلاَيَا تَغَنَّتْ فِي جَوَانِبِهَا النَّحْلُ
سَوَاكِنُ آطَامٍ، زَفَتْهَا مَعَ الضُّحَى
يدا عاسلٍ يشتارُ ، أوْ خابطٍ يفلو
دنا ، ثمَّ ألقى النارَ بينَ بيوتها
فطارتْ شعاعاً ، لا يقرُّ لها رحلُ
مروعة ٌ ، هيجتْ ، فضلتْ سبيلها
فَسَارَتْ عَلَى الدُّنْيَا، كَمَا انْتَشَرَ الرِّجْلُ
فبتُّ أداري القلبَ بعضَ شجونهِ
وأَزْجُرُ نَفْسِي أَنْ يُلِمَّ بِهَا الْهَزْلُ
وَ ما كنتُ أدري - وَ الشبابُ مطية ٌ
إلى الجهلِ - أنَّ العشقَ يعقبهُ الخبلُ
رمى اللهُ هاتيكَ العيونَ بما رمتْ
وَ حاسبها حسبانَ منْ حكمهُ العدلُ
فَقَدْ تَرَكْتَنِي سَاهِي الْعَقَلِ، سَادِراً
إلى الغيَّ ، لاَ عقدٌ لديَّ ، وَ لاَ حلٌّ
أَسِيرُ، وَمَا أَدْرِي إِلى أَيْنَ يَنْتَهِي
بِيَ السَّيْرُ، لكِنِّي تَلَقَّفُنِي السُّبْلُ
فَلاَ تَسْأَلَنِّي عَنْ هَوَايَ؛ فَإِنَّنِي
وَرَبِّكَ أَدْرِي كَيْفَ زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ؟(25/475)
فَمَا هِيَ إِلاَّ أَنْ نَظَرْتُ فُجَاءَة ً
بحلوانَ حيثُ انهارَ ، وَ انعقدَ الرملُ
إِلَى نِسْوَة ٍ مِثْلِ الْجُمَانِ، تَنَاسَقَتْ
فرائدهُ حسناً ، وَ ألفهُ الشملُ
منَ الماطلاتِ المرءَ ما قدْ وعدنهُ
كذاباً ؛ فلا عهدٌ لهنَّ ، وَ لاَ إلٌّ
تكنفنَ تمثالاً منَ الحسنِ رائعاً
يُجَنُّ جُنُوناً عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْعَقْلُ
فكانَ الذي لولاهُ ما درتُ هائماً
أَرُودُ الْفَيَافِي، لاَ صَدِيقٌ، وَلاَ خِلُّ
فويلمها منْ نظرة ٍ مضرجية ٍ
رُمِيتُ بِهَا مِنْ حَيْثُ وَاجَهَنِي الأَثْلُ
رُمِيتُ بِهَا وَالْقَلْبُ خِلْوٌ مِنَ الْهَوَى
فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى اسْتَقَلَّ بِهِ شُغْلُ
لقدْ علقتْ ما ليسَ للنفس دونها
غَنَاءٌ، وَلاَ مِنْهَا لِذِي صَبْوَة ٍ وَصْلُ
فَتَاة ٌ يَحَارُ الطَّرْفُ في قَسَمَاتِهَا
لها منظرٌ منْ رائدِ العينِ لا يخلو
لَطِيفَة ُ مَجْرَى الرُّوحِ، لَوْ أَنَّهَا مَشَتْ
عَلَى سَارِبَاتِ الذَّرِّ مَا آدَهُ الْحِمْلُ
لها نظرة ٌ سكرى ، إذا أرسلتْ بها
إلى كبدٍ ؛ فالويلُ منْ ذاكَ وَ الثكلُ
تُريقُ دِمَاءً حَرَّمَ اللهُ سَفْكَهَا
وَتَخْرُجُ مِنْهَا، لاَ قِصَاصٌ، ولا عَقْلُ
لنا كلَّ يومٍ في هواها مصارعٌ
يهيجُ الردى فيها ، وَ يلتهبُ القتلُ
مصارعُ شوقٍ ، ليس يجري بها دمٌ
وَ مرمى نفوسٍ لا يطيرُ بهِ نبلُ
هنيئاً لها نفسي ، على أنَّ دونها
فوارسَ ، لا خرسُ الصفاحِ ، وَ لاَ عزلُ
مِنَ الْقَوْمِ ضَرَّابِي الْعَرَاقِيبِ وَالطُّلَى
إِذَا اسْتَنَّتِ الْغَارَاتُ، أَوْ فَغَرَ الْمَحْلُ
إِذَا نَامَتِ الأَضْغَانُ عَنْ وَتَرَاتِهَا
فَقَوْمِيَ قَوْمٌ لاَ يَنَامُ لَهُمْ ذَحْلُ
رجالٌ أولو بأسٍ شديدٍ ونجدة ٍ
فَقَوْلُهُمُ قَوْلٌ، وَفِعْلُهُمُ فِعْلُ
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا إِلَى الأُفْقِ شَمْسَهُ
وَ سالَ بدفاعِ القنا الحزنُ والسهلُ
مساعيرُ حربٍ ، لا يخافونَ ذلة ً
ألا إنَّ تهيابَ الحروبِ هوَ الذلُّ(25/476)
إذا أطرقوا أبصرتَ ، بالقومِ خيفة َ
لإطراقهمْ ، أوْ بينوا ركدَ الحفلُ
وَ إنْ زلتِ الأقدامُ في دركِ غاية ٍ
تَحَارُ بِهَا الأَلْبَابُ كَانَ لَهَا الْخَصْلُ
أولئكَ قومي ، أيَّ قومٍ وعدة ٍ
فلا ربعهمْ محلٌ ، وَ لاَ ماؤهمْ ضحلُ
يَفِيضُونَ بِالْمَعْرُوفِ فَيْضاً، فَلَيْسَ فِي
عطائهمُ وعدٌ ، وَ لاَ بعدهُ مطلُ
فزرهمْ تجدْ معروفهمْ دانيَ الجنى
عَلَيْكَ، وَبابَ الْخَيْرِ لَيْسَ لَهُ قُفْلُ
تَرَى كُلَّ مَشْبُوبِ الْحَمِيَّة ِ، لمْ يَسِرْ
إِلَى فِئَة ٍ إِلاَّ وَطَائِرُهُ يَعْلُو
بَعِيدُ الْهَوَى ، لاَ يَغْلِبُ الظَّنُّ رَأْيَهُ
وَ لاَ يتهادى بينَ تسراعهِ المهلُ
تصيحُ القنا مما يدقُّ صدورها
طِعَاناً، وَيَشْكُو فِعْلَ سَاعِدِهِ النَّصْلُ
إِذَا صَالَ رَوَّى السَّيْفُ حَرَّ غَلِيلِهِ
وَإِنْ قَالَ أَورَى زَنْدَهُ الْمَنْطِقُ الْفَصْلُ
لهُ بينَ مجرى القولِ آياتُ حكمة ٍ
يَدُورُ عَلَى آدَابِهَا الْجِدُّ وَالْهَزْلُ
تلوحُ عليهِ منْ أبيهِ وجدهِ
مَخَايِلُ سَاوَى بَيْنَهَا الْفَرْعُ وَالأَصْلُ
فَأَشْيَبُنَا فِي مُلْتَقَى الْخَيْلِ أَمْرَدٌ
وَ أمردنا في كلَّ معضلة ٍ كهلُ
لَنَا الْفَصْلُ فِيمَا قَدْ مَضَى ، وَهْوَ قَائِمٌ
لَدَيْنَا، وَفِيمَا بَعْدَ ذَاكَ لَنَا الْفَضْلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَضَى اللَّهْوُ، إِلاَّ أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
مَضَى اللَّهْوُ، إِلاَّ أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
رقم القصيدة : 23740
-----------------------------------
مَضَى اللَّهْوُ، إِلاَّ أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
وَوَلَّى الصِّبَا إِلاَّ بَوَاقٍ قَلاَئِلُ
بواقٍ تماريها أفانينُ لوعة ٍ
يورثها فكرٌ على النأي شاغلُ
فللشوقِ منى عبرة ٌ مهراقة ٌ
وَخَبْلٌ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّونَ خَابِلُ
أَلِفْتُ الضَّنَى إِلْفَ السُّهَادِ، فَلَوْ سَرَى
بِيَ الْبُرْءُ غَالَتْنِي لِذَاكَ الْغَوَائِلُ(25/477)
فللهِ هذا الشوقُ ! أيَّ جراحة ٍ
أسالَ بنا ؟ حتى كأنا نقاتلُ
رضينا بحكمِ الحبَّ فينا ، وَ إننا
للدٌّ إذا التفتْ علينا الجحافلُ
وَإِنّا رِجَالٌ تَعْلَمُ الْحَرْبُ أَنَّنَا
بنوها ، وَ يدري المجدُ ماذا نحاولُ
إذا ما ابتنى الناسُ الحصونَ ، فمالنا
سِوَى الْبِيضِ وَالسُّمْرِ اللِّدَانِ مَعَاقِلُ
فما للهوى يقوى عليَّ بحكمهِ ؟
أَلَمْ يَدْرِ أَنِّي الشَّمَّرِيُّ الْحُلاَحِلُ؟
وَ إني لثبتُ الجأشِ ، مستحصدُ القوى
إذا أخذتْ أيدي الكماة ِ الأفاكلُ
إِذَا مَا اعْتَقَلْتُ الرُّمْحُ وَالرُّمْحُ صاحِبِي
عَلَى الشَّرِّ قَالَ الْقِرْنُ: إِنِّي هَازِلُ
لَطَاعَنْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مِنْ مُطَاعِنٍ
وَنَازَلْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مَنْ يُنَازِلُ
وَشَاغَبْتُ هَذَا الدَّهْرَ مِنِّي بِعَزْمَة ٍ
أَرَتْنِي سَبِيلَ الرُّشْدِ وَالْغَيُّ حَائِلُ
إذا أنتَ أعطتكَ المقاديرُ حكمها
فأضيعُ شيءٍ ما تقولُ العواذلُ
وَمَا الْمَرْءُ إِلاَّ أَنْ يَعِيشَ مُحَسَّداً
تَنَازَعُ فِيهِ النَّاجِذَيْنِ اْلأَنَامِلُ
لَعَمْرُكَ مَا الأَخْلاَقُ إِلاَّ مَوَاهِبٌ
مقسمة ٌ بينَ الورى ، وفواضلُ
وَ ما الناسُ إلاَّ كادحانِ : فعالمٌ
يسيرُ على قصدٍ ، وَ آخرُ جاهلُ
فذو العلمِ مأخوذٌ بأسبابِ علمهِ
وَذُو الْجَهْلِ مَقْطُوعُ الْقَرِينَة ِ جَافِلُ
فلا تطلبنْ في الناس مثقالَ ذرة ٍ
مِنَ الْوُدِّ؛ أُمُّ الْوُدِّ فِي النَّاسِ هابِلُ
منَ العارِ أن يرضى الفتى غيرَ طبعهِ
وَأَنْ يَصْحَبَ الإِنْسَانُ مَنْ لاَ يُشَاكِلُ
بَلَوْتُ ضُرُوبَ النَّاسِ طُرّاً، فَلمْ يَكُنْ
سوى " المرصفى َّ " الحبرِ في الناس كاملُ
همامٌ أراني الدهرَ في طيَّ برده
وَفَقَّهَنِي حَتَّى اتَّقَتْنِي الأَمَاثِلُ
أخٌ حينَ لا يبقى أخٌ ، ومجاملٌ
إذا قلَّ عندَ النائباتِ المجاملُ
بعيدُ مجالِ الفكرِ ، لوْ خالَ خيلة ً
أَرَاكَ بِظْهَرِ الْغَيْبِ مَا الدَّهْرُ فَاعِلُ(25/478)
طَرَحْتُ بَنِي الأَيَّامِ لَمَّا عَرَفْتُهُ
وَ ما الناسُ عندَ البحثِ إلاَّ مخايلُ
فلوْ سامني ما يوردُ النفسَ حتفها
لأَوْرَدْتُهَا؛ وَالْحُبُّ لِلنَّفْسِ قَاتِلُ
فَلاَ بَرِحَتْ منِّي إِلَيْهِ تَحِيَّة ٌ
تناقلها عني الضحى والأصائلُ
وَ لا زالَ غض العمرِ ، ممتنعَ الذرا
مَرِيعَ الْفِنَا، تُطْوَى إِلَيْهِ الْمَرَاحِلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَة ِ الْجَهْلِ
عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَة ِ الْجَهْلِ
رقم القصيدة : 23741
-----------------------------------
عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَة ِ الْجَهْلِ
وَأَغْضَبْتُ فِي مَرْضَاة ِ حُبِّ الْمَهَا عَقْلِي
وَنَازَعْتُ أَرْسَانَ الْبَطَالَة َ وَالصِّبَا
إِلَى غَايَة ٍ لَمْ يَأْتِهَا أَحَدٌ قَبْلِي
فخذْ في حديثٍ غيرِ لومي ، فإنني
بجبَّ الغواني عنْ ملامكَ في شغلِ
إذا كانَ سمعُ المرءِ عرضة َ ألسنٍ
فما هوَ إلاَّ للخديعة ِ وَ الختلِ
رُوَيْدَكَ، لاَ تَعْجَلْ بِلَوْمٍ عَلَى امْرِىء ٍ
أَصَابَ هَوَى نَفْسٍ؛ فَفِي الدَّهْرِ مَا يُسْلِي
فليستْ بعارٍ صبوة ُ المرءِ ذي الحجا
إذا سلمتْ أخلاقهُ من أذى الخبلِ
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ابْنَ كَأْسٍ وَلَذَّة ٍ
لَذُو تُدْرَإٍ يَوْمَ الْكَرِيهَة ِ وَاْلأَزْلِ
وَقُورٌ، وَأَحْلاَمُ الرِّجَالِ خَفِيفَة ٌ
صبورٌ ، وَ نارُ الحربِ مرجلها يغلي
إِذَا رَاعَتِ الظَّلْمَاءُ غَيْرِي، فَإِنَّمَا
هلالُ الدجى قوسي ، وأنجمهُ نبلي
أنا ابنُ الوغى ، والخيلِ ، والليلِ ، والظبا
وَسُمْرِ الْقَنَا، وَالرَّأْيِ، وَالْعَقْدِ، والْحَلِّ
فَقُلْ لِلَّذِي ظَنَّ الْمَعَالي قَريبَة ً
رويداً ؛ فليسَ الجدُّ يدركُ بالهزلِ
فَمَا تَصْدُقُ الآمَالُ إِلاَّ لِفَاتِكٍ
إذا همَّ لمْ تعطفهُ قارعة ُ العذلِ
لَهُ بِالْفَلا شُغْلٌ عَنِ الْمُدْنِ وَالْقُرَى
و في رائداتِ الخيلِ شغلٌ عنِ الأهلِ(25/479)
إذا ارتابَ أمراً ألهبتهُ حفيظة ٌ
تميتُ الرضا بالسخطِ ، والحلمَ بالجهلِ
فَلاَ تَعْتَرِفْ بِالذُّلِّ خَوْفَ مَنِيَّة ٍ
فَإِنَّ احْتِمَالَ الذُّلِّ شَرٌّ مِنَ الْقَتْلِ
وَلاَ تَلْتَمِسْ نَيْلَ الْمُنَى مِنْ خَلِيقَة ٍ
فَتَجْنِي ثِمَارَ الْيَأْسِ مِنْ شَجَرِ الْبُخْلِ
فما الناسُ إلاَّ حاسدٌ ذو مكيدة ٍ
وَ آخرُ محنيُّ الضلوعِ على دخلِ
تِبَاعُ هَوًى ، يَمْشُونَ فِيهِ كَمَا مَشَى
و سماعُ لغوٍ ، يكتبونَ كما يملى
وَمَا أَنَا وَالأَيَّامُ شَتَّى صُرُوفُهَا
بِمُهْتَضِمٍ جَارِي، وَلاَ خَاذِلٍ خِلِّي
أَسِيرُ عَلى نَهْجِ الْوَفَاءِ سَجِيَّة ً
و كلُّ امرئً في الناسِ يجري على الأصلِ
تَرَكْتُ ضَغِينَاتِ النُّفُوسِ لأَهْلِهَا
وَأَكْبَرْتُ نَفْسِي أَنْ أَبِيتَ عَلَى ذَحْلِ
كذلكَ دأبي منذُ أبصرتُ حجتي
وليداً ؛ وَ حبُّ الخيرِ منْ سمة ِ النبلِ
وَ ربَّ صديقٍ كشفَ الخبرُ نفسهُ
فعاينتُ منهُ الجورَ في صورة ِ العدلِ
وَهَبْتُ لَهُ مَا قَدْ جَنَى مِنْ إسَاءَة ٍ
وَلَوْ شِئْتُ، كَانَ السَّيْفُ أَدْنَى إِلَى الْفَصْلِ
وَ مستخبرٍ عني ، وما كانَ جاهلاً
بشأني ، وَ لكنْ عادة ُ البغضِ للفضلِ
أَتَى سَادِراً، حَتَّى إِذا قَرَّ أَوَجَسَتْ
سويداؤهُ شراً ؛ فأغضى على ذلَّ
وَمَنْ حَدَّثَتْهُ النَّفْسُ بِالْغَيِّ بَعْدَ مَا
تَنَاهَى إِلَيْهِ الرُّشْدُ سَارَ عَلى بُطْلِ
وَإِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنَ الْمَجْدِ أَنْ أُرَى
صَرِيعَ مَرَامٍ لا يَفُوزُ بِهَا خَصْلِي
أقولُ وأتلو القولَ بالفعلِ كلما
أَرَدْتُ؛ وَبِئْسَ الْقَوْلُ كَانَ بِلا فِعْلِ
أَرَى السَّهْلَ مَقْرُوناً بِصَعْبٍ، وَلا أَرَى
بغيرِ اقتحامِ الصعبِ مدركَ السهلِ
و يومٍ كأنَّ النقعَ فيهِ غمامة ٌ
لها أثرٌ منْ سائلِ الطعنِ كالوبلِ
تَقَحَّمْتُهُ فَرْداً سِوَى النَّصْلِ وَحْدَهُ
وَحَسْبُ الْفَتَى أَنْ يَطْلُبَ النَّصْرَ بِالنَّصْلِ(25/480)
لَوَيْتُ بِهِ كَفِّي، وَأَطْلَقْتُ سَاعِدِي
وَقُلْتُ لِدَهْرِي: وَيْكَ! فَامْضِ عَلى رِسْلِ
فما يبعثُ الغاراتِ إلاَّ مهندى
وَ لا يركبُ الأخطارَ إلاَّ فتى ً مثلي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ردوا عليَّ الصبا منْ عصريَ الخالي
ردوا عليَّ الصبا منْ عصريَ الخالي
رقم القصيدة : 23742
-----------------------------------
ردوا عليَّ الصبا منْ عصريَ الخالي
وَهَلْ يَعُودُ سَوَادُ اللِّمَة ِ الْبَالِي؟
ماضٍ منَ العيش ، ما لاحتْ مخايلهُ
في صفحة ِ الفكرْ إلاَّ هاجَ بلبالي ؟
سلتْ قلوبٌ ؛ فقرتْ في مضاجعها
بَعْدَ الْحَنِينِ، وَقَلْبِي لَيْسَ بِالسَّالِي
لمْ يدرِ منْ باتَ مسروراً بلذتهِ
أني بنارِ الأسى منْ هجرهِ صالي
يا غاضبينَ علينا ! هلْ إلى عدة ٍ
بالوصلِ يومٌ أناغي فيهِ إقبالي
غِبْتُمْ؛ فَأَظْلَمَ يَوْمِي بَعْدَ فُرْقَتِكُمْ
وَ ساءَ صنعُ الليالي بعدَ إجمالِ
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُني مِنْكُمْ عَلى ثِقَة ٍ
حتى منيتُ بما لمْ يجرِ في بالي
لَمْ أَجْنِ فِي الْحُبِّ ذَنْباً أَسْتَحِقُّ بِهِ
عتباً ، ولكنها تحريفُ أقوالِ
وَ منْ أطاعَ رواة َ السوءِ - نفرهُ
عَنِ الصَّدِيقِ سَمَاعُ الْقِيلِ وَالْقَالِ
أدهى المصائبِ غدرٌ قبلهُ ثقة ٌ
وَأَقْبَحُ الظُّلْمِ صَدٌّ بَعْدَ إِقْبَالِ
لا عيبَ فيَّ سوى حرية ٍ ملكتْ
أعتني عنْ قبولِ الذلَّ بالمالِ
تبعتُ خطة َ آبائي ؛ فسرتُ بها
عَلى وَتِيرَة ِ آدَابٍ وَآسَالِ
فَمَا يَمُرُّ خَيَالُ الْغَدْرِ فِي خَلَدِي
وَلاَ تَلُوحُ سِمَاتُ الشَّرِّ فِي خَالِي
قلبي سليمٌ ، ونفسي حرة ٌ وَ يدي
مأمونة ٌ ، وَ لساني غيرُ ختالِ
لَكِنَّني فِي زَمَانٍ عِشْتُ مُغْتَرِباً
في أهلهِ حينَ قلتْ فيهِ أمثالي
بَلَوْتُ دَهْرِي؛ فَمَا أَحْمَدْتُ سِيرتَهُ
في سابقٍ من لياليهِ ، وَ لاَ تالي
حَلَبْتُ شَطْرَيْهِ: مِنْ يُسْرٍ، وَمَعْسُرَة ٍ
وَذُقْتُ طَعْمَيْهِ: مِنْ خِصْبٍ، وَإِمْحَالِ(25/481)
فَمَا أَسِفْتُ لِبُؤْسٍ بَعْدَ مَقْدُرَة ٍ
وَ لاَ فرحتُ بوفرٍ بعدَ إقلالِ
عَفَافَة ٌ نَزَّهَتْ نَفْسِي؛ فَمَا عَلِقَتْ
بلوثة ٍ منْ غبارِ الذمَّ أذيالي
فاليومَ لا رسني طوعُ القيادِ ، ولاَ
قَلْبِي إِلَى زَهْرَة ِ الدُّنْيَا بِمَيَّالِ
لَمْ يَبْقَ لِي أَرَبٌ فِي الدَّهْرِ أَطْلُبُهُ
إلاَّ صحابة ُ حرًّ صادقِ الخالِ
وَأَيْنَ أُدْرِكُ مَا أَبْغِيهِ مِنْ وَطَرٍ
وَ الصدقُ في الدهرِ أعيا كلَّ محتالِ ؟
لا في " سرنديبَ " لي إلفٌ أجاذبهُ
فضلَ الحديثِ ، وَ لاَ خلٌّ ؛ فيرعى لي
أبيتُ منفرداً في رأس شاهقة ٍ
مثلَ القطاميَّ فوقَ المربإِ العالي
إذا تلفتُّ لمْ أبصرْ سوى صورٍ
فِي الذِّهْنِ، يَرْسُمُها نَقَّاشُ آمالِي
تهفو بيَ الريحُ أحياناً ، ويلحفني
بردُ الطلالِ ببردٍ منهُ أسمالِ
فَفِي السَّمَاءِ غُيُومٌ ذَاتُ أَرْوِقَة ٍ
وَ في الفضاءِ سيولٌ ذاتُ أوْ شالِ
كَأَنَّ قَوْسَ الْغَمَامِ الْغُرِّ قَنْطَرَة ٌ
معقودة ٌ فوقَ طامي الماءِ سيالِ
إذا الشعاعُ تراءى خلفها نشرتْ
بَدَائِعاً ذَاتَ أَلْوَانٍ وَأَشْكَالِ
فَلَوْ تَرَانِي وَبُرْدِي بِالنَّدَى لَثِقٌ
لخلتني فرخَ طيرٍ بينَ أدغالِ
غَالَ الرَّدَى أَبَوَيْهِ؛ فَهْوَ مُنْقَطِعٌ
فِي جَوْفِ غَيْنَاءَ، لاَ رَاعٍ، وَلاَ وَالِي
أزيغبَ الرأس ، لمْ يبدُ الشكيرُ بهِ
وَ لمْ يصنْ نفسهُ منْ كيدِ مغتالِ
كَأَنَّهُ كُرَة ٌ مَلْسَاءُ مِنْ أَدَمٍ
خَفِيَّة ُ الدَّرْزِ، قَدْ عُلَّتْ بِجِرْيالِ
يظلُّ في نصبٍ ، حرانَ ، مرتقباً
نَقْعَ الصَّدَى بَيْنَ أَسْحَارٍ وآصَالِ
يكادُ صوتُ البزاة ِ القمرِ يقذفه
مِنْ وَكْرِهِ بَيْنَ هَابِي التُّرْبِ جَوَّالِ
لا يستطيعُ انطلاقاً منْ غيابتهِ
كأنما هوَ معقولٌ بعقالِ
فذاكَ مثلي ، وَ لمْ أظلمْ ، وربتما
فضلتهُ بجوى حزنٍ ، وإعوالِ
شَوْقٌ، وَنَأْيٌ، وَتَبْرِيحٌ، وَمَعْتَبَة ٌ
يا للحمية ِ منْ غذري وإهمالي
أصبحتُ لا أستطيعُ الثوبَ أسحبهُ(25/482)
وَقَدْ أَكُونُ وَضَافِي الدِرْعِ سِرْبَالِي
وَ لاَ تكادُ يدي شبا قلمي
وَكَانَ طَوْعَ بَنَانِي كُلُّ عَسَّالِ
فَإِنْ يَكُنْ جَفَّ عُودِي بَعْدَ نَضْرَتِهِ
فَالدَّهْرُ مَصْدَرُ إِدْبَارٍ وَإِقْبَالِ
وَإِنْ غَدَوْتُ كَرِيمَ الْعَمِّ وَالْخَالِ
بصدقِ ما كانَ منْ وسمي وَ إغفالي
راجعتُ قهرسَ آثاري ، فما لمحتْ
بصيرتي فيهِ ما يزري بأعمالي
فَكَيْفَ يُنْكِرُ قَوْمِي فَضْلَ بَادِرَتِي
وَقَدْ سَرَتْ حِكَمي فِيهِمْ، وَأَمْثَالِي؟
أنا ابن قولي ؛ وحسبي في الفخارِ بهِ
وَ إنْ غدوتُ كريمَ العممَّ وَ الخالِ
وَلِي مِنَ الشِّعْرِ آيَاتٌ مُفَصَّلَة ٌ
تلوحُ في وجنة ِ الأيامِ كالخالِ
ينسى لها الفاقدُ المحزونُ لوعتهُ
و يهتدى بسناها كلُّ قوالِ
فانظرْ لقولي تجدْ نفسي مصورة ً
فِي صَفْحَتَيْهِ؛ فَقَوْلِي خَطُّ تِمْثَالِي
وَ لاَ تغرنكَ في الدنيا مشاكلة ٌ
بينَ الأنامِ ؛ فليسَ النبعُ كالضالِ
إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَوْلاَ عَقْلُهُ شَبَحٌ
مُرَكَّبٌ مِنْ عِظَامٍ ذَاتِ أَوْصَالِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلٌ
سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلٌ
رقم القصيدة : 23743
-----------------------------------
سَمَا الْمُلْكُ مُخْتَالاً بِمَا أَنْتَ فَاعِلٌ
و عادتْ بكَ الأيامُ وهيَ أصائلُ
ربأتَ منَ العلياءِ قنة َ سوددٍ
يُقَصِّرُ عَنْهَا صَاغِراً مَنْ يُطَاوِلُ
وَ أدركتَ في عصرِ الشبيبة ِ غاية ً
منَ الفضلِ لمْ يبلإْ مداها الأفاضلُ
فَخَيْرُكَ مَأَمُولٌ، وَفَضْلُكَ وَاسِعٌ
وَظِلُّكَ مَمْدُودٌ، وعَدْلُكَ شَامِلُ
مساعٍ جلاها الرأيُ ؛ فهي كواكبٌ
لها بينَ أفلاكِ القلوبِ منازلُ
يقصرُ قابُ الفكرِ عنها ، وَ ينتهى
أخو الجدَّ عنْ إدراكها وَ هوَ ذاهلُ
وَكَيْفَ يَنَالُ الْفَهْمُ مِنْهَا نَصِيبَهُ
وَأَقْرَبُهَا لِلنَّيِّرَاتِ حَبَائِلُ؟(25/483)
إليكَ تناهى المجدُ ، حتى لوانهُ
أرادَ مزيداً لمْ يجدْ ما يحاولُ
فَمُرْ بِالَّذِي تَهْوَاهُ؛ فَالسَّعْدُ قَائِمٌ
بما تشتهي ، واللهُ بالنصرِ كافلُ
فَقَدْ تَصْدُقُ الآمَالُ وَالْحَزْمُ رائِدٌ
وَ تقتربُ الغاياتُ وَ النجدُّ عاملُ
وَأَيُّ صَنِيعٍ بَعْدَ فَضْلِكَ يُرْتَجَى
وَأَنْتَ مَلِيكٌ فِي الْبَرِيَّة ِ عَادِلُ؟
يَعُمُّ الرِّضَا مَا قَامَ بِالْحَقِّ صَادِعٌ
وَتَبْقَى الْعُلاَ مَا دَامَ لِلسَّيْفِ حَامِلُ
فيا طالباً مسعاتهُ ؛ لينالها
رويدكَ ؛ إنَّ الحرصَ للنفسِ خاذلُ
فَمَا كُلُّ مَنْ رَاضَ الْبَدِيهَة َ عَاقِلٌ
وَلاَ كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَة َ بَاسِلُ
وَ لولا اختلافُ الناسِ في درجاتهمْ
لعادلَ " قسا " في الفصاحة ِ " باقلُ "
هُوَ الْمَلِكُ الْمَكْفُولُ بِالنَّصْرِ جُنْدُهُ
إِذَا احْمَرَّ بَأْسٌ، أَوْ تَنَمَّرَ بَاطِلُ
لهُ بدهاتٌ لا تغبُّ ، وعزمة ٌ
مؤيدة ٌ ، تعنو إليها الجحافلُ
فآرأوهُ في المشكلاتِ كواكبٌ
وَهِمَّاتُهُ فِي الْمُعْضِلاَتِ مَنَاصِلُ
تَدُلُّ مَسَاعِيهِ عَلَى فَضْلِ نَفْسِهِ
و للشمسِ منْ نورٍ عليها دلائلُ
فَيَا مَلِكاً عَمَّتْ أَيَادِيهِ، وَالْتَقَتْ
بِهِ فِرَقُ الآمَالِ وَهْيَ جَوَافِلُ
بكَ اخضرتِ الآمالُ بعدَ ذبولها
وَ حقتْ وعودُ الظنَّ وَ هيَ مخايلُ
بسطتَ يدً بالخيرِ فينا كريمة ً
هيَ الغيثُ ، أوْ في الغيثِ منها شمائلُ
وَ أيقظتَ ألبابَ الرجالِ ؛ فسارعوا
إلى الجدَّ ؛ حتى ليسَ في الناسِ خاملُ
وَ ما " مصرُ " إلاّ جنة ٌ ، بكَ أصبحتْ
مُنَوِّرَة ً أَفْنَانُهَا وَالْخَمَائِلُ
طلعتَ عليها طلعة َ البدرِ ، أشرقتْ
بلألائهِ الآفاقُ وَ الليلُ لائلُ
وَأَجْرَيْتَ مَاءَ الْعَدْلِ فِيهَا؛ فَأَصْبَحَتْ
وَسَاحَاتُهَا لِلْوَارِدِينَ مَنَاهِلُ
وَ لمْ يأتِ منْ أوطانهِ " النيلُ " سائحاً
إِلَى "مِصْرَ" إِلاَّ وَهْوَ حَرَّانُ سَائِلُ
فَيَأَيُّهَا الصَّادِي إِلَى الْعَدْلَ وَالنَّدَى(25/484)
هلمَّ ؛ فذا بحرٌ لهُ البحرُ ساحلُ
مليكٌ أقرَّ الأمنَ وَ الخوفُ شاملٌ
و أحيا رميمَ العدلِ وَ الجورُ قاتلُ
فَسَلْهُ الرِّضَا، وَانْزِلْ بِسَاحَة ِ مُلْكِهِ
فثمَّ الأماني ، والعلا ، والفواضلُ
رَعَى اللَّهُ يَوْماً قَرَّبَتْنِي سُعُودُهُ
إلى سدة ٍ تأوى إليها الأماثلُ
لثمتُ بها كفا ، هيَ البحرُ في الندى
تَفِيضُ سَمَاحاً، وَالْبَنَانُ جَدَاوِلُ
نَطَقْتُ بِفَضْلٍ مِنْكَ، لَوْلاَهُ لَمْ يَدُرْ
لِسَانِي، وَلَمْ يَحْفِلْ بِقَوْلِيَ فَاضِلُ
وَ لا أدعي أني بلغتُ بمدحتي
عُلاَكَ؛ وَلَكِنْ جُهْدُ مَا أَنَا قَائِلُ
وَ كيفَ أوفى منطقَ الشكرِ حقهُ
وَدُونَ ثَنَائِي مِنْ عُلاَكَ مَرَاحِلُ؟
وَ حسبيَ عذراً أنكَ الشمسُ رفعة ً
وَكَيْفَ يَنَالُ الْكَوْكَبَ الْمُتَنَاوِلُ؟
لِتَهْنَ بِكَ الدُّنْيَا؛ فَأَنْتَ جَمَالُهَا
فلولاكَ أمسى جيدها وَ هوَ عاطلُ
وَ دمْ للعلا ما ذرَّ بالأفقِ شارقٌ
وَمَا حَنَّ مِنْ شَوْقٍ عَلَى الأَيْكِ هادِلُ
وَ لاَ زالتِ الأيامُ تتلو مدائحي
عليكَ ، ويمليها الضحى وَ الأصائلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَلاَ، حيِّ مِنْ "أَسْمَاءَ" رَسْمَ الْمَنَازِلِ
أَلاَ، حيِّ مِنْ "أَسْمَاءَ" رَسْمَ الْمَنَازِلِ
رقم القصيدة : 23744
-----------------------------------
أَلاَ، حيِّ مِنْ "أَسْمَاءَ" رَسْمَ الْمَنَازِلِ
وَإِنْ هِيَ لَمْ تَرْجِعْ بَيَاناً لِسَائِلِ
خلاءٌ تعفتها الروامسُ ، والتقتْ
عَلَيْهَا أَهَاضِيبُ الْغُيُومِ الْحَوَافِلِ
فلأياً عرفتُ الدارَ بعدَ ترسمٍ
أراني بها ما كانَ بالأمس شاغلي
غدتْ وَ هيَ مرعى ً للظباءِ ، وَ طالما
غَنَتْ وَهْيَ مَأْوًى لِلْحِسَانِ الْعَقَائِلِ
فَلِلْعَيْنِ مِنْهَا بَعْدَ تَزْيَالِ أَهْلِهَا
مَعَارِفُ أَطْلالٍ، كَوَحْيِ الرَّسَائِلِ
فَأَسْبَلَتِ الْعَيْنَانِ فِيهَا بِوَاكِفٍ
منَ الدمعِ ، يجري بعدَ سحًّ بوابلِ(25/485)
دِيارُ الَّتِي هَاجَتْ عَلَيَّ صَبَابَتِي
وأَغْرَتْ بِقَلْبِي لاَعِجَاتُ الْبَلابِلِ
منَ الهيفِ ، مقلاقُ الوشاحينِ ، غادة ٌ
سَلِيمَة ُ مَجْرَى الدَّمْعِ، رَيَّا الْخَلاَخِلِ
إذا ما دنتْ فوقَ الفراشِ لوسنة ٍ
جفا خصرها عنْ ردفها المتخاذلِ
تَعَلَّقْتُهَا فِي الْحَيِّ إِذْ هِيَ طِفْلَة ٌ
وَإِذْ أَنَا مَجْلُوبٌ إِلَيَّ وَسَائِلِي
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْحُبُّ فِي الْقَلْبِ وَانْجَلَتْ
غيابتهُ - هاجتْ عليَّ عواذلي
فَيَا لَيْتَ أَنَّ الْعَهْدَ بَاقٍ، وأَنَّنَا
دوارجُ في غفلٍ منَ العيش خاملِ
تَمُرُّ بِنَا رُعْيَانُ كُلِّ قَبِيلَة ٍ
فَمَا يَمْنَحُونَا غَيْرَ نَظْرَة ِ غَافِلِ
صَغِيرَيْنِ لَمْ يَذْهَبْ بِنَا الظَّنُّ مَذْهَباً
بَعِيداً، ولَمْ يُسْمَعْ لَنَا بِطَوَائِلِ
نَسِيرُ إِذَا مَا الْقَوْمُ سَارُوا غَدِيَّة ً
إلى كلَّ بهمٍ راتعاتٍ وَ جاملِ
وَإِنْ نَحْنُ عُدْنَا بِالْعَشِيِّ أَضَافَنَا
إليهِ سديلٌ منْ نقاً متقابلِ
فويلٌ لهذا الدهرِ ، ماذا أرادهُ
إلينا ، وقد كنا كرامَ المحاصلِ ؟
عَلَى عِفَّة ٍ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا
مبرأة ٌ منْ كلَّ غيًّ وَ باطلِ
وَ لكنها الأيامُ لمْ تأتِ صالحاً
مِنَ الأَمْرِ إِلاَّ أَعْقَبَتْ بِالتَّنَازُلِ
إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ الزَّمَانَ الَّذِي مَضَى
تَسَاقَطُ نَفْسِي إِثْرَ تِلْكَ الْقَبَائِلِ
قبائلُ أفنتها الحروبُ ، ولمْ تكنْ
لِتَفْنَى كِرَامُ النَّاسِ مَا لَمْ تُقَاتِلِ
قَضَتْ بَعدَهُمْ نَفْسِي عَزَاءً، وأَصْحَبَتْ
عَشَوْزَنَتِي، وَانْقَادَ لِلذُّلِّ كَاهِلِي
وَأَصْبَحْتُ مَغْلُولَ الْيَدَيْنِ عَنِ الَّتِي
أحاولها ، وَ الدهرُ جمُّ الغوائلِ
صَرِيعُ لُبَاناتٍ تَقَسَّمْنَ نَفْسَهُ
وَغَادَرْنَهُ نَهْبَ الأَكُفِّ الْخَوَاتِلِ
كأنيَ لمْ أعقدْ معَ الفجرِ راية ً
وَ لمْ أدرعَ باسمي للكميَّ المنازلِ
وَلَمْ أَبْعَثِ الْخَيْلَ الْمُغِيرَة َ فِي الضُّحَا(25/486)
بكلَّ ركوبٍ للكريهة ِ باسلِ
نَزَائِعُ يَعْلُكْنَ الشَّكِيمَ عَلَى الْوَجَى
إذا عريتْ أمثالها في المنازلِ
مِنَ الْقَوْمِ، بَادٍ مَجْدُهُمْ فِي شَمَالِهِمْ
وَ لاَ مجدَ إلاَّ داخلٌ في الشمائلِ
إذا ما دعوتَ المرءَ منهمْ لدعوة ٍ
على عجلٍ - لباكَ غيرَ مسائلِ
يكفكفُ أولى الخيلِ منهُ بطعنة ٍ
تمجُّ دماً ، مطعونها غيرُ وائلِ
يكونُ عشاءَ الزادِ آخرَ آكلٍ
وَ يومَ اختلاجِ الطعنِ أولَ حاملِ
قضوا ما قضوا منْ دهرهمْ ، ثمَّ فوزوا
إِلَى دَارِ خُلْدٍ ظِلُّهَا غَيْرُ زَائِلِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ردَّ الصبا بعدَ شيبِ اللمة ِ الغزلُ
ردَّ الصبا بعدَ شيبِ اللمة ِ الغزلُ
رقم القصيدة : 23745
-----------------------------------
ردَّ الصبا بعدَ شيبِ اللمة ِ الغزلُ
وَراحَ بِالْجِدِّ مَا يَأْتِي بِهِ الْهَزَلُ
وَعَادَ مَا كَانَ مِنْ صَبْرٍ إِلَى جَزَعٍ
بَعْدَ الإِباءِ؛ وَأَيَّامُ الْفَتَى دُوَلُ
فَلْيَصْرِفِ اللَّوْمَ عَنِّي مَنْ بَرِمْتُ بِهِ
فليسَ للقلبِ في غيرِ الهوى شغلُ
وَ كيفَ أملكُ نفسي بعدَ ما ذهبتْ
يومَ الفراقِ شعاعاً إثرَ منْ رحلوا ؟
تَقَسَّمَتْنِي النَّوَى مِنْ بَعْدِهِمْ، وَعَدَتْ
عنهمْ عوادٍ ؛ فلا كتبٌ ، وَ لاَ رسلُ
فالصبرُ منخذلٌ ، وَ الدمعُ منهملٌ
وَالْعَقْلُ مُخْتَبِلٌ، وَالْقَلْبُ مُشْتَغِلُ
أرتاحُ إنْ مرَّ منْ تلقائهمْ نسمٌ
تَسْرِي بِهِ فِي أَرِيجِ الْعَنْبَرِ الأُصُلُ
ساروا ، فما اتخذتْ عيني بهمْ بدلاً
إِلاَّ الْخَيَالَ، وَحَسْبِي ذَلِكَ الْبَدَلُ
فَخَلِّ عَنْكَ مَلامِي يَا عَذُولُ، فَقَدْ
سرتْ فؤادي - على ضعفٍ بهِ - العللُ
لاَ تَحْسَبَنَّ الْهَوَى سَهْلاً؛ فَأَيْسَرُهُ
خَطْبٌ لَعَمْرُكَ لَوْ مَيَّزْتَهُ جَلَلُ
يَسْتَنْزِلُ الْمَلْكَ مِنْ أَعْلَى مَنَابِرِهِ
وَيَسْتَوِي عِنْدَهُ الرِّعْدِيدُ وَالْبَطَلُ
فكيفَ أدرأُ عنْ نفسي وَ قدْ علمتْ(25/487)
أَنْ لَيْسَ لِي بِمُنَاوَاة ِ الْهَوَى قِبَلُ؟
فَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى شَيْءٍ هَمَمْتُ بِهِ
فِي الْحُبِّ، لَكِنْ قَضَاءٌ خَطَّهُ الأَزَلُ
وَ للمحبة ِ قبلي سنة ٌ سلفتْ
فِي الذَّاهِبِينَ؛ وَلِي فِيمَنْ مَضَى مَثَلُ
فإنْ تكنْ نازعتني النفسُ باطلها
وَأَطْلَعَتْنِي عَلَى أَسْرَارِهَا الْكِلَلُ
فَقَدْ أَسِيرُ أَمَامَ الْقَوْمِ ضَاحِيَة ً
وَالْجَوُّ بِالْبَاتِرَاتِ الْبِيضِ مُشْتَعِلُ
بِكُلِّ أَشْقَرَ قَدْ زَانَتْ قَوَائِمَهُ
حُجُولُهُ غَيْرَ يُمْنَى زَانَها الْعَطَلُ
كَأَنَّهُ خَاضَ نَهْرَ الصُّبْحِ، فَانْتَبَذَتْ
يمناهُ وَ انبثَّ في أعطافهِ الطفلُ
زُرْقٌ حَوَافِرُهُ، سُودٌ نَوَاظِرُهُ
خُضْرٌ جَحَافِلُهُ، فِي خَلْقِهِ مَيَلُ
كأنَّ في حلقهِ ناقوس راهبة ٍ
باتتْ تحركهُ ، أوْ راعدٌ زجلُ
يَمُرُّ بِالْوَحْشِ صَرْعَى فِي مَكَامِنِهَا
فما تبينُ لهُ شدا ؛ فتنخذلُ
يرى الإشارة في وحى ؛ فيفهمها
وَ يسمعُ الزجرَ منْ بعدٍ ؛ فيمتثلُ
لاَ يملكُ النظرة َ العجلاءَ صاحبها
حتى تمرَّ بعطفيهِ فتحتبلُ
إنْ مرَّ بالقومِ حلوا عقدَ حبوتهمْ
وَ استشرفتْ نحوهُ الألبابُ وَ المقلُ
تَقُودُهُ بِنْتُ خَمْسٍ؛ فَهْوَ يَتْبَعُهَا
وَ يستشيطُ إذا ها هي بهِ الرجلُ
أُمْضِي بِهِ الْهَوْلَ مِقْدَاماً، وَيَصْحَبُنِي
ماضي الغرارِ إذا ما استفحلَ الوهلُ
يَمُرُّ بِالْهَامِ مَرَّ الْبَرْقِ فِي عَجَلٍ
وَقْتَ الضِّرَابِ، وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ بَلَلُ
تَرَى الرِّجَالَ وُقُوفاً بَعْدَ فَتْكَتِهِ
بِهِمْ، يُظَنُّونَ أَحْيَاءً وَقَدْ قُتِلُوا
كأنهُ شعلة ٌ في الكفَّ قائمة ٌ
تهفو بها الريحُ أحياناً ، وتعتدلُ
لولاَ الدماءُ التي يسقى بها نهلاً
لكادَ منْ شدة ِ اللألاءِ يشتعلُ
يَقُلُّ مَا بَقِيَتْ فِي الْكَفِّ قَبْضَتُهُ
كُلَّ الْحَدِيدِ، وَلَمْ يَثْأَرْ بِهِ فَلَلُ
بَلْ رُبَّ سَارِيَة ٍ هَطْلاَءَ دَانِيَة ٍ(25/488)
تَنْمُو السَّوَامُ بِهَا، وَالنَّبْتُ يَكْتَهِلُ
كأنَّ آثارها في كلَّ ناحية ٍ
ريطٌ منشرة ٌ في الأرض ، أو حللُ
يَمَّمْتُهَا بِرِفَاقٍ إِنْ دَعَوْتُ بِهِمْ
لبوا سراعا ، وَ إن أنزلْ بهمْ نزلوا
قصداً إلى الصيدِ ، لا نبغي بهِ بدلاً
وَ كلُّ نفسٍ لها في شأنها عملُ
حَتَّى إِذَا أَلْمَعَ الرُّوَّادُ مِنْ بَعَدٍ
وَ جاءَ فارطهمْ يعلو ويستفلُ
تغازتِ الخيلُ ، حتى كدنَ منْ مرحٍ
يذهبنَ في الأرضِ لولاَ اللجمُ وَ الشكلُ
فما مضتْ ساعة ٌ ، أوْ بعضُ ثانية ٍ
إِلاَّ وَلِلصَّيْدِ فِي سَاحَاتِنَا نُزُلُ
فكانَ يوماً قضينا فيهِ لذتنا
كما اشتهينا ؛ فلا غشٌّ ، وَ لاَ دغلُ
هذَا هُوَ الْعَيْشُ، لاَ لَغْوُ الْحَدِيثِ، وَلاَ
مَا يَسْتَغِيرُ بِهِ ذُو الإِفْكَة ِ النَّمِلُ
إنَّ النميمة َ وَ الأفواهُ تضرمها
نَارٌ مُحَرِّقَة ٌ لَيْسَتْ لَهَا شُعَلُ
فَاتْبَعْ هَوَاكَ، وَدَعْ مَا يُسْتَرَابُ بِهِ
فأكثرُ الناسِ - إنْ جربتهمْ - هملُ
وَاحْذَرْ عَدُوَّكَ تَسْلَمْ مِنْ خَدِيعَتِهِ
إنَّ العداوة َ جرحٌ ليسَ يندملُ
وَ عالجِ السرَّ بالكتمانِ تحمدهُ
فَرُبَّمَا كَانَ فِي إِفْشَائِهِ الزَّلَلُ
وَلاَ تَكُنْ مُسْرِفاً غِرّاً، وَلاَ بَخِلاً
فبئستِ الخلة ُ : الإسرافُ ، وَ البخلُ
وَ لا يهمنكَ بعضُ الأمرِ تسأمهُ
لا يَنْتَهِي الشُّغْلُ حَتَّى يَنْتَهِي الأَجَلُ
وَاعْرِفْ مَوَاضِعَ مَا تَأْتِيهِ مِنْ عَمَلٍ
فَلَيْسَ فِي كُلِّ حِينٍ يَحْسُنُ الْعَمَلُ
فالريثُ يحمدُ في بعض الأمورِ ، كما
في بعض حالاتهِ يستحسنُ العجلُ
هَذَا هُوَ الأَدَبُ الْمَأْثُورُ، فَارْضَ بِهِ
علماً لنفسكَ ؛ فالأخلاقُ تنتقلُ
منْ كلَّ بيتٍ إذا الإنشادُ سيرهُ
فليسَ يمنعهُ سهلٌ ، وَ لا جبلُ
لمْ تبنَ قافية ٌ فيهِ على َ خللٍ
كلا ، وَ لمْ تختلفْ في رصفها الجملُ
فلاَ سنادٌ ، ولا حشوٌ ، وَ لاَ قلقٌ
وَ لا سقوطٌ ، وَ لاَ سهوٌ ، وَ لا عللُ
تغايرتْ فيهِ أسماعٌ وَ أفئدة ٌ(25/489)
فَكُلُّ نَادٍ "عُكَاظٌ" حِينَ يُرْتَجَلُ
لا تنكرُ الكاعبُ الحسناءُ منطقهُ
وَ لا يعادُ على قومٍ ، فيبتذلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عَمَّ الْحَيَا، وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ
عَمَّ الْحَيَا، وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ
رقم القصيدة : 23746
-----------------------------------
عَمَّ الْحَيَا، وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ
وَفَاضَتِ الْغُدْرَانُ وَالْمَنَاهِلُ
وَازَّيَّنَتْ بِنَوْرِهَا الْخَمَائِلُ
وَ غردتْ في أيكها البلابلُ
وَ شملَ البقاعَ خيرٌ شاملُ
فصفحة ُ الأرضِ نباتٌ خائلُ
وَجَبْهَة ُ الْجَوِّ غَمَامٌ حَافِلُ
وَ بينَ هذينِ نسيمٌ جائلُ
تندى بهِ الأسحارُ وَ الأصائلُ
كأنما النباتُ بحرٌ هائلُ
وَلَيْسَ إِلاَّ الأَكَمَاتِ سَاحِلُ
و شامخُ الدوحِ سفينٌ جافلُ
مُعْتَدِلٌ طَوْراً، وَطَوْراً مَائِلُ
تهفو بهِ الجنوبُ والشمائلُ
وَالْبَاسِقَاتُ الشُّمَّخُ الْحَوَامِلُ
مشمورة ٌ عنْ سوقها الذلاذلُ
ملوية ٌ في جيدها العثاكلُ
معقودة ٌ في رأسها الفلائلُ
للبسرِ فيها قانئٌ وَ ناصلُ
مُخَضَّبٌ، كَأَنَّهُ الأَنَامِلُ
كَأَنَّهُ مِنْ ذَهَبٍ قَنَادِلُ
منَ العراجينِ لها سلاسلُ
للمجنونِ بينها أزاملُ
تخالها محزونة ً تسائلُ
لَهَا دُمُوعٌ ذُرَّفٌ هَوَامِلُ
كأنها أمُّ بنينَ ثاكلُ
فِي جِيدِهَا مِنْ ضَفْرِهَا حَبَائِلُ
منَ القواديسِ ، لها جلاجلُ
تَدُورُ كَالشُّهْبِ لَهَا مَنَازِلُ
فَصَاعِدٌ، وَدَافِقٌ، وَنَازِلُ
وَ الماءُ ما بينَ الغياض سائلُ
تحنو على شطانهِ الغياطلُ
كَأَنَّهَا حَوَائِمُ نَوَاهِلُ
وَالطَّيْرُ فِي أَفْنَانِهَا هَوَادِلُ
تزهو بها الأسحارُ وَ الأصائلُ
فانهض إلى نيلِ المنى يا غافلُ
وَ انعمْ ، فأيامُ الصبا قلائلُ
وَ المرءُ في الدنيا خيالٌ زائلُ
وَ الدهرُ للإنسانِ يوماً آكلُ
وَ كلُّ شيءٍ في الزمانِ باطلُ(25/490)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَذِي حَدَبٍ يَلْتَجُّ بِالسُّفْنِ كُلَّمَا
وَذِي حَدَبٍ يَلْتَجُّ بِالسُّفْنِ كُلَّمَا
رقم القصيدة : 23747
-----------------------------------
وَذِي حَدَبٍ يَلْتَجُّ بِالسُّفْنِ كُلَّمَا
زَفَتْهُ نَئُوجٌ؛ فَهْوَ يَعْلُو وَيَسْفُلُ
كأنَّ اطرادَ الموجِ فوقَ سراتهِ
نعائمُ في عرض السماوة ِ جفلُ
إِذَا شَاغَبَتْهُ الرِّيحُ جَاشَ عُبَابُهُ
وَ ظلَّ أعالي موجهِ يتجفلُ
يهيجُ ؛ فيرغو ، أوْ يعجُّ ، كأنما
تَخَبَّطَهُ مِنْ أَوْلَقِ الضِّغْنِ أَزْفَلُ
تَقَسَّمَهُ خُلْقَانِ: لِينٌ، وَشِدَّة ٌ
بِعَصْفَة ِ رِيحٍ، فَهْوَ دَاهٍ؛ وَأَرْفَلُ
علونا مطاهُ وَ هوَ ساجٍ ، فما انبرتْ
لَهُ الرِّيحُ حَتَّى ظَلَّ يَهْفُو، وَيَرْفُلُ
كأنا على أرجوحة ٍ ، كلما ونتْ
أحالَ عليها قائمٌ ، ليسَ يغفلُ
فَطَوْراً لَنَا في غَمْرَة ِ اللُّجِّ مَسْبَحٌ
وَطَوْراً لَنَا بَيْنَ السِّمَاكَيْنِ مَحْفِلُ
فَلاَ هُوَ إِنْ رُعْنَاهُ بِالْجِدِّ يَرْعَوِي
وَ لاَ إنْ سألناهُ الهوادة َ يحفلُ
عرونا - فأبخلناهُ - فضلَ حبائهِ
وَ منْ عجبٍ إمساكهُ وَ هوَ نوفلُ
قَلِيلٌ عَلى عَهْدِ الإِخَاءِ ثَبَاتُهُ
فَأَسْفَلُهُ عَالٍ، وَعَالِيهِ سَافِلُ
إذا حركتهُ غضبة ٌ ماتَ حلمهُ
وَظَلَّ عَلَى أَضْيَافِهِ يَتَأَفَّلُ
شَدِيدُ الْحُمَيَّا؛ يَرْهَبُ النَّاسُ بَطْشَهُ
وَلَكِنَّهُ مِنْ نَفْخَة ِ الرِّيحِ يُجْفِلُ
كَأَنَّ أَعَالِي الْمَوْجِ عِهْنٌ مُشَعَّثٌ
بِهِ، وَانْحِدَارَ السَّيْحِ شَعْرٌ مُفَلْفَلُ
ذَكَرْنَا بِهِ مَا قَدْ مَضَى مِنْ ذُنُوبِنَا
وَفِي النَّاسِ إِنْ لَمْ يَرْحَمِ اللَّهُ غُفَّلُ
وَكَيْفَ تُرَانَا صَانِعِينَ، وَكُلُّنَا
بِقَارُورَة ٍ صَمَّاءَ، وَالْبَابُ مُقْفَلُ؟
فلا تبتئسْ إنْ فاتَ حظٌّ ، فربما
أضاءتْ مصابيحُ الدجى وَ هيَ أفل
فَقَدْ يَبْرَأُ الدَّاءُ الْعُضَالُ، وَيَنْجَلِي(25/491)
ضَبَابُ الرَّزَايَا، وَالْمُسَافِرُ يَقْفِلُ
وَكَيْفَ يَخَافُ الْمَرْءُ حَيْفاً، وَرَبُّهُ
بِأَحْسَنِ ما يَرْجُو مِنَ الرِّزْقِ يَكْفُلُ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَهِلاَلٌ بَيْنَ هَالَهْ؟
أَهِلاَلٌ بَيْنَ هَالَهْ؟
رقم القصيدة : 23748
-----------------------------------
أَهِلاَلٌ بَيْنَ هَالَهْ؟
أَمْ غَزَالٌ في غِلاَلَهْ؟
صَادَ بِالَّلحظِ فُؤَادِي
أَتَرى الْهُدْبَ حِبَالَهْ؟
غرني ، ثمَّ تولى
لَيْتَ شِعْرِي، مَا بَدَا لَهْ؟
أَنَا مِنْ شَوْقِي إِلَيْهِ
واقعٌ بينَ ضلالهْ
أيها الظالمُ ! هبْ لي
مَرَّة ً مِنْكَ الْعَدَالَهْ
وَارْعَ لِي حَقَّ وِدَادٍ
فيكَ ، لمْ أقطعْ حبالهْ
منطقٌ عذبٌ ، وَ معنى
يبسمُ السحرُ خلالهْ
كُلُّ بَيْتٍ كَنَسِيجِ الرْ
رَوْضِ حُسْناً وَطَلاَلَهْ
أنا في الشعرِ عريقٌ
لمْ أرثهُ عنْ كلالهْ
كَانَ "إِبْرَاهِيمُ" خَالِي
فيهِ مشهورَ المقالهْ
وَ سما جدي " عليٌّ "
يطلبُ النجمَ ، فنالهْ
فَهْوَ لِي إِرْثٌ كَرِيمٌ
سَوْفَ يَبْقَى في السُّلاَلَهْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَا نَاصِرَ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ!
يَا نَاصِرَ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ!
رقم القصيدة : 23749
-----------------------------------
يَا نَاصِرَ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ!
خذْ لي بحقي منْ يديْ ماصلي
جَارَ عَلَى ضَعْفِي بِسُلْطَانِهِ
وَمَا رَثَى لِلْمَدْمَعِ الْهَاطِلِ
أجرجني عما حوتهُ يدي
مِنْ كَسْبِيَ الْحُرِّ بِلا نَاطِلِ
مِنْ غَيْرِ مَا ذَنْبٍ، سِوَى مَنْطِقٍ
ذي رونقٍ ، كالصارمِ القاطلِ
أتلو بهِ الحقَّ ، وأرمي بهِ
نَحْرَ الْعِدَا فِي الرَّهَجِ السَّاطِلِ
فإنْ أكنْ جردتُ منْ ثروتي
فَفَضْلُ رَبِّي حَلْيَة ُ الْعَاطِلِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لأمرٍ ما تحيرتِ العقولُ
لأمرٍ ما تحيرتِ العقولُ
رقم القصيدة : 23750
-----------------------------------(25/492)
لأمرٍ ما تحيرتِ العقولُ
فهلْ تدري الخلائقُ ما تقولُ ؟
تغيبُ الشمسُ ، ثمَّ تعودُ فينا
وَتَذْوي، ثُمَّ تَخْضَرُّ الْبُقُولُ
طَبَائِعُ لاَ تُغِبُّ، مُرَدَّدَاتٍ
كَمَا تَعْرَى وَتَشْتَمِلُ الْحُقُولُ
فَسِيَّانِ الْجَهُولُ إِذَا تَنَاهَتْ
بهِ الأيامُ ، وَ الفطنُ العقولُ
يَزُولُ الْخَلْقُ طَوْراً بَعْدَ طَوْرٍ
وَتَخْتَلِفُ الْحَقَائِقُ وَالنُّقُولُ
فَمَا جَرَتِ الظُّنُونُ عَلَى يَقِينٍ
تفيءُ بهِ ، وَ لاَ صحَّ المقلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ما الدهرُ إلاَّ ضوءُ شمس علا
ما الدهرُ إلاَّ ضوءُ شمس علا
رقم القصيدة : 23751
-----------------------------------
ما الدهرُ إلاَّ ضوءُ شمس علا
وَ كوكبٌ غامَ ، وَ نبتٌ بقلْ
وَ راحلٌ أعقبهُ نازلٌ
مَا قِيلَ قَدْ خَيَمَ حَتَّى اسْتَقَلْ
عَمَايَة ٌ يَخْبِطُ فِيهَا النُّهَى
عَجْزاً، وَلاَ تُبْصِرُ فِيهَا الْمُقَلْ
فبادرِ النقلة َ ، وَ اعملْ لها
ما شئتَ ؛ فالدهرُ سريعُ النقلْ
وَاصْمُتْ عَنِ الشَّرِّ إِذَا لَمْ تُطِقْ
دَفْعاً، وَإِنْ صَادَفْتَ خَيْراً فَقُلْ
وَ سرْ إذا ما عرضتْ فرصة ٌ
فالبدرُ قدْ ينمو إذا ما انتقلْ
منْ طلبَ الأمرَ بأسبابهِ
ساعدهُ المقدورُ إما عقلْ
قَدْ يَجْبُنُ الأعْزَلُ وَهْوَ الْفَتَى
وَيَشْجُعُ النِّكْسُ إِذَا مَا اعْتَقَلْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ؛ فَرُبَّمَا
لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ؛ فَرُبَّمَا
رقم القصيدة : 23752
-----------------------------------
لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ؛ فَرُبَّمَا
خدعتْ مخيلتهُ الفؤادَ الغافلا
وَ اصبرْ على ما كانَ منهُ ؛ فكلما
ذهبَ الغداة َ أتى العشية َ قافلا
كفلَ الشقاءَ لمنْ أناخَ بربعهِ
وَ كفى ابنَ آدمَ بالمصائبِ كافلا
يَمْشِي الضَّرَاءَ إِلَى النُّفُوسِ، وَتَارَة ً
يسعى لها بينَ الأسنة ِ رافلا(25/493)
لاَ يَرْهَبُ الضِّرْغَامَ بَيْنَ عَرِيِنِهِ
بَأْسَاً، وَلاَ يَدَعُ الظِّبَاءَ مَطَافِلاَ
بينا ترى نجمَ السعادة ِ طالعا
فوقَ الأهلة ِ إذْ تراهُ آفلا
فَإِذَا سَأَلْتَ الدَّهْرَ مَعْرِفَة ً بِهِ
فاسألْ لتعرفهُ النعامَ الجافلا
فَالدَّهْرُ كَالدُّولاَبِ، يَخْفِضُ عَالِياً
مِنْ غَيْرِ مَا قَصْدٍ، وَيَرْفَعُ سَافِلاَ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إنْ شئتَ أنْ تحوى المعاليَ ، فادرعْ
إنْ شئتَ أنْ تحوى المعاليَ ، فادرعْ
رقم القصيدة : 23753
-----------------------------------
إنْ شئتَ أنْ تحوى المعاليَ ، فادرعْ
صبراً ؛ فإنَّ الصبرَ غنمٌ عاجلُ
احلمْ كأنكَ جاهلٌ ، وَ اذكرْ كأنـ
ـنَكَ ذَاهِلٌ، وَافْطُنْ كَأَنَّكَ غَافِلُ
فلقما بفضى إلى َ آرابهِ
فِي الدَّهْرِ إِلاَّ الْعَالِمُ الْمُتَجَاهِلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لاَ تَحْسَبِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثِقَة ٍ
لاَ تَحْسَبِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثِقَة ٍ
رقم القصيدة : 23754
-----------------------------------
لاَ تَحْسَبِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثِقَة ٍ
مِنْ أَمْرِهِمْ، بَلْ عَلَى ظَنٍّ وَتَخْيِيلِ
حُبُّ الْحَيَاة ِ، وَبُغْضُ الْمَوْتِ أَوْرَثَهُمْ
جُبْنَ الطِّبَاعِ، وَتَصْدِيقَ الأَبَاطِيلِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ألا ، إنَّ أخلاقَ الرجالِ وَ إنْ نمتْ
ألا ، إنَّ أخلاقَ الرجالِ وَ إنْ نمتْ
رقم القصيدة : 23755
-----------------------------------
ألا ، إنَّ أخلاقَ الرجالِ وَ إنْ نمتْ
فأربعة ٌ منها تفوقُ على الكلَّ :
وَقَارٌ بِلاَ كِبْرٍ، وَصَفْحٌ بِلاَ أَذى ً
وَجُودٌ بِلاَ مَنٍّ، وَحِلْمٌ بِلاَ ذُلِّ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تسابقْ في المكارمِ تعلُ قدراً
تسابقْ في المكارمِ تعلُ قدراً
رقم القصيدة : 23756
-----------------------------------(25/494)
تسابقْ في المكارمِ تعلُ قدراً
فَسَبْقُ النَّاسِ لِلْخَيْرَاتِ نَضْلُ
إذا ذهبَ الكرامُ ، فلا رجاءٌ
وً إنْ ذهبَ الرجاءُ ، فليسَ فضلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِذا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَة ٍ
إِذا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَة ٍ
رقم القصيدة : 23757
-----------------------------------
إِذا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَة ٍ
فَلاَ بُدَّ يَوْماً أَنْ يُشِيدَ بِهِ الْفَضْلُ
فإنَّ لهيبَ النارِ مهما كفأتهُ
إلى َ أسفلٍ قسراً ، فلا بدَّ أنْ يعلو
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَعَمْرُكَ مَا الإِنْسَانُ إِلاَّ ابْنُ يَوْمِهِ
لَعَمْرُكَ مَا الإِنْسَانُ إِلاَّ ابْنُ يَوْمِهِ
رقم القصيدة : 23758
-----------------------------------
لَعَمْرُكَ مَا الإِنْسَانُ إِلاَّ ابْنُ يَوْمِهِ
وَ ما العيشُ إلاَّ لبثة ٌ وَ زيالُ
وَ ما الدهرُ إلاَّ دفترٌ في خلالهِ
تصاويرُ لمْ يعهدْ لهنَّ مثالُ
ففي صفحة ٍ منهُ زمانٌ قدِ انقضى
وَ في وجهِ أخرى دولة ٌ وَ رجالُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> طهرْ لسانكَ ما استطعتَ ، وَ لا تكنْ
طهرْ لسانكَ ما استطعتَ ، وَ لا تكنْ
رقم القصيدة : 23759
-----------------------------------
طهرْ لسانكَ ما استطعتَ ، وَ لا تكنْ
خَبّاً يُقَرِّبُ لِلنُّفُوسِ ضَلاَلَهَا
إِنَّ الْوَقِيعَة َ لاَ تَعُودُ بِخِزْيَة ٍ
أوْ سبة ٍ إلاَّ على منْ قالها
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ
لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ
رقم القصيدة : 23760
-----------------------------------
لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ
بلِ الصديقُ الذي تزكو شمائلهُ
إنْ رابكَ الدهرُ لمْ تفشلْ عزائمهُ
أَوْ نَابَكَ الْهَمُّ لَمْ تَفْتُرْ وَسائِلُهُ(25/495)
يَرْعَاكَ فِي حَالَتَيْ بُعْدٍ وَمَقْرَبَة ٍ
وَ لاَ تغبكَ منْ خيرٍ فواضلهُ
لا كالذي يدعى وداً ، وباطنهُ
بحمرِ أقادهِ تغلى مراجلهُ
يذمُّ فعلَ أخيهِ مظهراً أسفاً
لِيُوهِمَ النَّاسَ أَنَّ الْحُزْنَ شَامِلُهُ
وَ ذاكَ منهُ عداءٌ في مجاملة ٍ
فَاحْذَرْهُ، وَاعْلَمْ بَأَنَّ اللَّهَ خَاذِلُهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> الْحُبُّ مَعْنى ً لاَ يُحِيطُ بِسِرِّهِ
الْحُبُّ مَعْنى ً لاَ يُحِيطُ بِسِرِّهِ
رقم القصيدة : 23761
-----------------------------------
الْحُبُّ مَعْنى ً لاَ يُحِيطُ بِسِرِّهِ
وصفٌ ، وَ لاَ يجري عليهِ مثالُ
كَالْكَهْرَباءَة ِ دَرْكُهَا مُتَعَذِّرٌ
وَ نسيمها متحدرٌ سيالُ
وَ كذلكَ الأرواحُ يظهرُ فعلها
وَ يغيبُ عنا سرها الفعالُ
حكمٌ تملكها الغموضُ فلمْ يحطْ
برموزها في العالمينَ مقالُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَيْسَ لِي غَيْرَ خَالِكَ الْحَجَرِ الأَسْـ
لَيْسَ لِي غَيْرَ خَالِكَ الْحَجَرِ الأَسْـ
رقم القصيدة : 23762
-----------------------------------
لَيْسَ لِي غَيْرَ خَالِكَ الْحَجَرِ الأَسْـ
ـودِ في كعبة ِ المحاسنِ قبلهْ
فأثبني على َ الجمالِ زكاة ً
وَزَكَاة ُ الْجَمَالِ في الْخَدِّ قُبْلَهْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا هاجري ظلماً بغيرِ خطيئة ٍ
يا هاجري ظلماً بغيرِ خطيئة ٍ
رقم القصيدة : 23763
-----------------------------------
يا هاجري ظلماً بغيرِ خطيئة ٍ
هلْ لي إلى الصفحِ الجميلِ سبيلُ ؟
ماذا يضركَ لوْ سمحتَ بنظرة ٍ
تَحْيَا بِهَا نَفْسٌ عَلَيْكَ تَسِيلُ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> منْ ظنني موضعاً يوماً لحاجتهِ
منْ ظنني موضعاً يوماً لحاجتهِ
رقم القصيدة : 23764
-----------------------------------
منْ ظنني موضعاً يوماً لحاجتهِ
كنتُ الحريَّ بأنْ أعطيهِ ما سألاَ(25/496)
لَهُ عَلَيَّ بِحُسْنِ الظَّنِّ مَأْثُرَة ٌ
لاَ يَسْتَقِلُّ بِهَا شُكْري وَإِنْ جَمُلاَ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عَاتَبْتُهُ، لاَ لأَمْرٍ فِيهِ مَعْتَبَة ٌ
عَاتَبْتُهُ، لاَ لأَمْرٍ فِيهِ مَعْتَبَة ٌ
رقم القصيدة : 23765
-----------------------------------
عَاتَبْتُهُ، لاَ لأَمْرٍ فِيهِ مَعْتَبَة ٌ
عَلَيْهِ، لَكِنْ لأَرْعَى وَرْدَة َ الْخَجَلِ
فألبستْ ياسمينَ الخدَّ خجلتهُ
وررداً جنياً ، جناهُ رائدُ المقلِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> دعِ المخافة َ ، وَ اعلمْ أنَّ صاحبها
دعِ المخافة َ ، وَ اعلمْ أنَّ صاحبها
رقم القصيدة : 23766
-----------------------------------
دعِ المخافة َ ، وَ اعلمْ أنَّ صاحبها
وَإِنْ تَحَصَّنَ لاَ يَنْجُو مِنَ الْغِيَلِ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ عِلْمٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ
عَلَى الْعَوَاقِبِ، لَمْ يَرْكَنْ إِلَى الْحِيَلِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يُعَزَّى الْفَتَى فِي كُلِّ رُزْءٍ، وَلَيْتَهُ
يُعَزَّى الْفَتَى فِي كُلِّ رُزْءٍ، وَلَيْتَهُ
رقم القصيدة : 23767
-----------------------------------
يُعَزَّى الْفَتَى فِي كُلِّ رُزْءٍ، وَلَيْتَهُ
يُعَزَّى عَلَى فَقْدِ الشَّبَابِ الْمُزَايِلِ
فَكَمْ بَيْنَ مَفْقُودٍ يُعاشُ بِغَيْرِهِ
وَآخَرَ يُزْرِي بِالْهَوَى وَالْوَسائِلِ
إذا المرءُ لمْ يبكِ الشبابَ ، فما الذي
يَعَزُّ عَلَيْهِ، وَهْوَ أَكْرَمُ رَاحِلِ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كلُّ صعبٍ سوى المذلة ِ سهلُ
كلُّ صعبٍ سوى المذلة ِ سهلُ
رقم القصيدة : 23768
-----------------------------------
كلُّ صعبٍ سوى المذلة ِ سهلُ
وَ حياة ُ الكريمِ في الضيمِ قتلُ
ليس يقوى امرؤٌ على الذلَّ ما لمْ
يكُ فيهِ منْ صبغة ِ اللؤمِ دخلُ
إنَّ مرَّ الحمامِ أعذبُ ورداً
منْ حياة ٍ فيها شقاءٌ وَ ذلُّ(25/497)
أنا راضٍ بتركِ مالي وَ أهلي
فَالْعَفَافُ الثَّرَاءُ، وَالنَّاسُ أَهْلُ
لاَ يلمني على َ الحفيظة ِ قومٌ
غرهمْ منظرُ الحياة ِ ؛ فضلوا
ألفوا الضيمَ خسية َ الموتِ ، وَ الضيـ
ـمُ - لعمري - فجٌ خسيسٌ ، وَ ثكلُ
كيفَ لاَ أنصرُ الرشادَ على الغى
ـيِ، وَعَقْلِي مَعِي، وَفِي النَّفْسِ فَضْلُ؟
إنما المرءُ باللسانِ وَ بالقلـ
ـبِ، فَإِنْ خَابَ مِنْهُمَا، فَهْوَ فَسْلُ
قَدْكِ يَا نَفْسُ، فَالتَّصَبُّرُ إِلاَّ
في لقاءِ الحروبِ غبنٌ وَ جهلُ
فابعثيها شعواءَ ، يحكمُ فيها
مُنْصُلٌ صَارِمٌ، وَرُمْحٌ مِتَلُّ
هُوَ إِمَّا الْحِمَامُ، أَوْ عِيشَة ٌ خَضْـ
ـرَاءُ فِيهَا لِمَنْ تَفَيَّأَ ظِلُّ
إِنَّ مُلْكاً فِيهِ "فُلانٌ" وَزِيراً
لَمُبَاحٌ لِلْخَائِنِينَ وَبِلُّ
أَهْوَجٌ، أَحْمَقٌ، شَتِيمٌ، لَئِيمٌ
أَغْتَمٌ، أَبْلَهٌ، زَنِيمٌ، عُتُلُّ
صَغُرَتْ رَأْسُهُ، وَأَفْرَطَ فِي الطُّولِ
شواهُ ، وَ عنقهُ ؛ فهوَ صعلُ
أبرزتْ ثدرة ُ الطبيعة ِ منهُ
شَكْلَ لُؤْمٍ، إِنْ كَانَ لِلُّؤمِ شَكْلُ
هَدَفٌ لِلْعُيُوبِ، فِي كُلِّ عُضْوٍ
مِنْهُ سَهْمٌ لِلطَّاعِنِينَ وَنَصْلُ
نسلتهُ منَ استها أمُّ سوءٍ
ما لها غيرَ طائفِ الليلِ بعلُ
كنْ كما شئتَ يا فلانُ ، وَ ما شا
ءتْ رجالٌ ؛ فأنتَ للؤمِ أهلُ
ليسَ تغنى الألقابُ عنْ كرمِ الأصـ
ـلِ ، فمجدُ الفتى عفافٌ وَ عقلُ
أَنْتَ مِنْ عُنْصُرٍ، لَو اتَّكَأَ الذَّرْ
رُ عليهِ ، لآدهُ منهُ حملُ
نازعتكَ اليهودُ ، واختلفتْ فيـ
ـكَ النَّصَارَى ، فَأَنْتَ ـ لاَ شَكَّ ـ بَغْلُ
إنَّ بيتَ الوزانِ لمْ يزنوا شيـ
ـئاً، وَلَكِنَّ فِيهِمْ عَلَى ذَاكَ ثِقْلُ
كثروا عدة ً ، وَ لوْ أحصنَ البا
بَ أبوهمْ عنِ الزناة ِ ، لقلوا
لو عزونا كلَّ امريءٍ لأبيهِ
منْ فراخِ الوزانِ ، لمْ يبقَ نسلُ
كلُّ وغدٍ أهدى إلى اللؤمِ منْ با
زٍ، وَلَكِنْ مِنَ الْحِمَارِ أَضَلُّ
قَدْ تَغَذَّى بِاللُّؤْمِ إِذْ هُوَ طِفْلٌ(25/498)
و تمادى في الغيَّ إذْ هوَ كهلُ
ليسَ فيهمْ منْ تحمدُ العينُ رؤيا
هُ ، وَ لاَ منهمُ إلى النفسِ خلُّ
أَدْرَكُوا فِي الْعُيُوبِ أَبْعَدَ خَصْلٍ
كلُّ حيًّ لهُ بما شاءَ خصلُ
كيفَ لا تشملُ الدناءة ُ قوماً
نشئوا في الصغارِ حينَ استهلوا ؟
همْ - لعمري - أذلُّ منْ قدمِ النعـ
ـلِ نفوساً ، وَ النعلُ منهمْ أجلُّ
كنتُ لا أحسنُ الهجاءَ ، وَ لكنْ
علمتني صفاتهمْ كيفَ أتلو
كلُّ شيءٍ يفنى ، وَ لكنْ هجائي
فِيكَ بَاقٍ مَا عَاقَبَ السَّيْفَ صَقْلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وِصَالُكَ لِي هَجْرٌ، وَهَجْرُكَ لِي وَصْلُ
وِصَالُكَ لِي هَجْرٌ، وَهَجْرُكَ لِي وَصْلُ
رقم القصيدة : 23769
-----------------------------------
وِصَالُكَ لِي هَجْرٌ، وَهَجْرُكَ لِي وَصْلُ
فزدني صدوداً ما استطعتَ ، وَ لاَ تألُ
إذا كان قربي منكَ بعداً عن المنى
فَلاَ حُمَّتِ اللُّقْيَا، وَلاَ اجْتَمَعَ الشَّمْلُ
وَ كيفَ أودُّ القربَ منْ متلونٍ
كَثِيرِ خَبَايَا الصَّدْرِ، شِيمَتُهُ الْخَتْلُ
فليتَ الذي بيني وَ بينكَ ينتهى
إلى حيثُ لا طلحٌ يرفُّ وَ لاَ أثلُ
خَبُثْتَ، فَلَوْ طُهِّرْتَ بِالْمَاءِ لاَكْتَسَى
بكَ الماءُ خبثاً لا يحلُّ بهِ الغسلُ
فَوَجْهُكَ مَنْحُوسٌ، وَكَعْبُكَ سَافِلٌ
وَقَلْبُكَ مَدْغُولٌ، وَعَقْلُكَ مُخْتَلُّ
بكَ اسودتِ الأيامُ بعدَ ضيائها
وَأَصْبَحَ نَادِي الْفَضْلِ لَيْسَ بِهِ أَهْلُ
فلوْ لمْ تكنْ في الدهرِ ما انقضَّ حادثٌ
بِقَوْمٍ، وَلاَ زَلَّتْ بِذِي أَمَلٍ نَعْلُ
فَمَا نَكْبَة ٌ إِلاَّ وَأَنْتَ رَسُولُهَا
وَ لاَ خيبة ٌ إلاَّ وَ أنتَ لها أصلُ
أَذُمُّ زَمَاناً أَنْتَ فيهِ، وَبَلْدَة ً
طلعتَ عليها ؛ إنهُ زمنٌ وَغلُ
ذمامكَ مخفورٌ ، وَ عهدكَ ضائعٌ
وَرَأَيُكَ مَأْفُونٌ، وَعَقْلُكَ مُخْتَلُّ
مَخَازٍ لَوَ انَّ النَّجْمَ حُمِّلَ بَعْضَهَا
لَعَاجَلَهُ مِنْ دُونِ إِشْرَاقِهِ أَفْل(25/499)
فسرْ غيرَ مأسوفٍ عليكَ ، فإنما
قُصَارَى ذَمِيمِ الْعَهْدِ أَنَّ يُقْطَعَ الْحَبْلُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِلى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي، وَجَارَة ً
إِلى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي، وَجَارَة ً
رقم القصيدة : 23770
-----------------------------------
إِلى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي، وَجَارَة ً
تَبِيتُ إِلَى وَقْتِ الصَّبَاحِ بِإِعْوَالِ
لها صبية ٌ لاَ باركَ اللهُ فيهمُ
قِبَاحُ النَّوَاصِي، لاَ يَنَمْنَ عَلَى حَالِ
صوارخُ ، لاَ يهدأنَ إلاَّ معَ الضحا
مِنَ الشَّرِّ، في بَيْتٍ مِنَ الْخَيْرِ مِمْحَالِ
تَرَى بَيْنَهُمْ ـ يَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ ـ
لَهِيبَ صِيَاحٍ يَصْعَدُ الْفَلَكَ الْعَالِي
كَأَنَّهُمُ ـ مِمَّا تَنَازَعْنَ ـ أَكْلُبٌ
طُرِقْنَ ـ عَلَى حِينِ الْمَسَاءِ ـ برِئْبَالِ
فهجنَ جميعاً هيجة ً فزعتْ لها
كِلاَبُ الْقُرَى ، مَا بَيْنَ سَهْلٍ وَأَجْبَالِ
فلمْ يبقَ منْ كلبٍ عقورٍ وَ كلبة ٍ
مِنَ الْحَيِّ إِلاَّ جَاءَ بِالْعَمِّ وَالْخَالِ
وَفزِّعَتِ الأَنْعَامُ وَالْخَيْلُ؛ فَانْبَرَتْ
تُجَاوِبُ بَعْضاً فِي رُغَاءٍ وَتَصْهَالِ
فقامتْ رجالُ الحيَّ تحسبُ أنها
أصيبتْ بجيشٍ ذي غواربَ ذيالِ
فَمِنْ حَامِلٍ رُمْحاً، وَمِنْ قَابِضٍ عَصاً
وَمِنْ فَزِعٍ يَتْلُو الْكِتَابَ بِإِهْلاَلِ
وَ منْ صبية ٍ ريعتْ لذاكَ ، وَ نسوة ٍ
قَوَائِمَ دُونَ الْبَابِ يَهْتِفْنَ بِالْوَالِي
فَيَا رَبُّ، هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ تَصَبُّراً
عَلَى مَا أُقَاسِيهِ، وَخُذْهُمْ بِزَلْزَالِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا قلبُ ، ما لكَ لاَ تفيـ
يا قلبُ ، ما لكَ لاَ تفيـ
رقم القصيدة : 23771
-----------------------------------
يا قلبُ ، ما لكَ لاَ تفيـ
ـقُ منَ الهوى ؟ يا قلبُ ، ما لكْ ؟
أوَ ما بدا لكَ أنْ تعو
دَ عَنِ الصِّبَا؟ أَوَ مَا بَدَا لَكْ؟(25/500)
أمْ خلتَ أنَّ يدَ الزما
نِ قصيرة ٌ عنْ أنْ تنالكْ
هيهاتَ ، صدَّ بكَ الهوى
عَنْ أَنْ تَرِيعَ، وَلَنْ إِخَالَكْ
سلمْ أموركَ للذي
أنشاكَ منْ عدمٍ وَ عالكْ
ودعِ التعلقَ بالمحا
لِ ؛ فإنهُ يبري محالكْ
فَعَسَاكَ تَنْزِعُ مِنْ يَدِ الْـ
أَهْوَاءِ ـ يَا قَلْبِي ـ حِبَالَكْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أيها المغرورُ ، مهلا
أيها المغرورُ ، مهلا
رقم القصيدة : 23772
-----------------------------------
أيها المغرورُ ، مهلا
لَسْتَ لِلتَّكْرِيمَ أَهْلاَ
كَيْفَ صَادَفْتَ الأَمَانِي؟
هلْ رأيتَ الصعبَ سهلا ؟
خلتها ماءً نميرا
فاشربنْ علاًّ ، وَ نهلا
أينَ أهلُ الدارِ ؟ فانظرْ
هَلْ تَرَى بِالدَّارِ أَهْلاَ؟
رُبَّ حُسْنٍ فِي ثِيَابٍ
عَادَ غِسْليناً ومُهْلاَ؟
وَعُيُونٍ كُنَّ سُوداً
صرنَ عندَ الموتِ شهلا
سَوْفَ يَلْقَى كُلُّ بَاغٍ
فِي الْوَرَى خِزْياً وَبَهْلاَ
إِنَّمَا الدُّنْيَا غُرُورٌ
لمْ تدعْ طفلاً وَ كهلا
كَمْ حَكِيمٍ ضَلَّ فِيهَا
فاكتسى بالعلمِ جهلا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بقوة ِ العلمِ تقوى شوكة ُ الأممِ
بقوة ِ العلمِ تقوى شوكة ُ الأممِ
رقم القصيدة : 23773
-----------------------------------
بقوة ِ العلمِ تقوى شوكة ُ الأممِ
فَالْحُكْمُ في الدَّهْرِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَمِ
كمْ بينَ ما تلفظُ الأسيافُ منْ علقٍ
وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ
لَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمُ
بِقَطْرَة ٍ مِنْ مِدَادٍ، لاَ بِسَفْكِ دَمِ
فاعكفْ على َ العلمِ ، تبلغْ شأوَ منزلة ٍ
في الفضلِ محفوفة ٍ بالعزَّ وَ الكرمِ
فليسَ يجنى ثمارَ الفوزِ يانعة ً
منْ جنة ِ العلمِ إلاَّ صادقُ الهممِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ
سَبْقُ الرِّجَالِ، تَسَاوَى النَّاسُ في الْقِيَمِ
وَلِلْفَتَى مُهْلَة ٌ فِي الدَّهْرِ، إِنْ ذَهَبَتْ(26/1)
أَوْقَاتُهَا عَبَثاً، لَمْ يَخْلُ مِنْ نَدَمِ
لَوْلاَ مُدَاوَلَة ُ الأَفْكَارِ مَا ظَهَرَتْ
خَزَائِنُ الأَرْضِ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْعَلَمِ
كمْ أمة ٍ درستْ أشباحها ، وَ سرتْ
أرواحها بيننا في عالمِ الكلمِ
فَانْظُرْ إِلَى الْهَرَمَيْنِ الْمَاثِلَيْنِ تَجِدْ
غَرَائِباً لاَ تَرَاهَا النَّفْسُ فِي الْحُلُمِ
صرحانِ ، ما دارتِ الأفلاكُ منذُ جرتْ
على نظيرهما في الشكلِ والعظمِ
تَضَمَّنَا حِكَماً بَادَتْ مَصَادِرُهَا
لَكِنَّهَا بَقِيَتْ نَقْشاً عَلَى رَضَمِ
قومٌ طوتهمْ يدُ الأيامِ ؛ فاتقرضوا
وَ ذكرهمُ لمْ يزلْ حياً على القدمِ
فكمْ بها صور كادتْ تخاطبنا
جهراً بغيرِ لسانٍ ناطقٍ وَ فمِ
تَتْلُو لِـ"هِرْمِسَ" آيَاتٍ تَدُلُّ عَلَى
فَضْلٍ عَمِيمٍ، وَمَجْدٍ بَاذِخِ الْقَدَمِ
آياتُ فخرٍ ، تجلى نورها ؛ فغدتْ
مَذْكُورَة ً بِلِسَانِ الْعُرْبِ وَالْعَجَمِ
وَ لاحَ بينهما " بلهيبُ " متجهاً
للشرقِ ، يلحظ مجرى النيلِ من أممِ
كَأَنَّهُ رَابِضٌ لِلْوَثْبِ، مُنْتَظِرٌ
فريسة ً ؛ فهوَ يرعاها ، وَ لمْ ينمِ
رمزٌ يدلُّ على أنَّ العلومَ إذا
عَمَّتْ بِمِصْرَ نَزَتْ مِنْ وَهْدَة ِ الْعَدَمِ
فَاسْتَيْقِظُوا يَا بَني الأَوْطَانِ، وانْتَصِبُوا
للعلمِ ؛ فهوَ مدارُ العدلِ في الأممِ
وَلاَ تَظُنُّوا نَمَاءَ الْمَالِ، وَانْتَسِبُوا
فَالْعِلْمُ أَفْضَلُ مَا يَحْوِيهِ ذُو نَسَمِ
فَرُبَّ ذِي ثَرْوَة ٍ بِالْجَهْلِ مُحْتَقَرٍ
وَ ربَّ ذي خلة ٍ بالعلمِ محترمِ
شيدوا المدارسَ ؛ فهي الغرسُ إنْ بسقتْ
أَفْنَانُهُ أَثْمَرَتْ غَضّاً مِنَ النِّعَمِ
مَغْنَى عُلُومٍ، تَرَى الأَبْنَاءَ عَاكِفَة ً
عَلَى الدُّرُوسِ بِهِ، كَالطَّيْرِ في الْحَرَمِ
مِنْ كُلِّ كَهْلِ الْحِجَا في سِنِّ عَاشِرَة ٍ
يَكَادُ مَنْطِقُهُ يَنْهَلُّ بِالْحِكَمِ
كأنها فلكٌ لاحتْ بهِ شهبٌ
تُغْنِي بِرَوْنَقِهَا عَنْ أَنَجُمِ الظُّلَمِ(26/2)
يَجْنُونَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ زَهْرَة ً عَبِقَتْ
بنفحة ٍ تبعثُ الأرواحَ في الرممِ
فَكَمْ تَرَى بَيْنَهُمْ مِنْ شَاعِرٍ لَسِنٍ
أَوْ كَاتِبٍ فَطِنٍ، أَوْ حَاسِبٍ فَهِمِ
وَ نابغٍ نالَ منْ علمِ الحقوقِ بها
مَزِيَّة ً أَلْبَسَتْهُ خِلْعَة َ الْحَكَمِ
وَلُجِّ هَنْدَسَة ٍ تَجْرِي بِحِكْمَتِهِ
جَدَاوِلُ الْمَاءِ في هَالٍ مِنَ الأَكُمِ
بَلْ، كَمْ خَطِيبٍ شَفَى نَفْساً بِمَوْعِظَة ٍ
وَ كمْ طبيبٍ شفى جسماً منَ السقمِ
مُؤَدَّبُونَ بآدَابِ الْمُلُوكِ، فَلاَ
تَلْقَى بِهِمْ غَيْرَ عَالِي الْقَدْرِ مُحْتَشِمِ
قَوْمٌ بِهِمْ تَصْلُحُ الدُّنْيَا إِذَا فَسَدَتْ
وَيَفْرُقُ الْعَدْلُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْغَنَمِ
وَ كيفَ يثبتُ ركنُ العدلِ في بلدٍ
لَمْ يَنْتَصِبْ بَيْنَهَا لِلْعِلْمِ مِنْ عَلَمِ؟
ما صورَ اللهُ للأبدانِ أفئدة ً
إِلاَّ لِيَرْفَعَ أَهْلَ الْجِدِّ وَالْفَهَمِ
وَأَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ أَفْضَى إِلَى أَمَدٍ
في الفضلِ ، وَ امتازَ بالعالي منَ الشيمِ
لَوْلاَ الْفَضِيلَة ُ لَمْ يَخْلُدْ لِذِي أَدَبٍ
ذِكْرٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَدَمِ
فلينظرِ المرءُ فيما قدمتْ يده
قَبْلَ الْمَعَادِ، فَإِنَّ الْعُمْرَ لَمْ يَدُمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لعزة ِ هذي اللاهياتِ النواعمِ
لعزة ِ هذي اللاهياتِ النواعمِ
رقم القصيدة : 23774
-----------------------------------
لعزة ِ هذي اللاهياتِ النواعمِ
تذلُّ عزيزاتُ النفوس الكرائمِ
فَمَا كُنْتُ لَوْلاَهُنَّ تَهْتَاجُنِي الصَّبَا
أصيلاً ، وَ يشجيني هديرُ الحمائمِ
وَلاَ شَاقَنِي بَرْقٌ تَأَلَّقَ مَوْهِناً
كَزَنْدٍ تُوَالِي قَدْحَهُ كَفُّ ضَارِمِ
وَبَيْضَاءَ رَيَّا الرِّدْفِ، مَهْضُومَة ِ الْحَشَا
يُقِلُّ ضُحَاهَا جُنْحَ أَسْوَدَ فَاحِمِ
منَ العينِ ، يحمى خدرها كلُّ ضيغمٍ
بعيدِ مشقَّ الجفنِ ، عبلِ المعاصمِ(26/3)
فلولا هواها ما تغنتْ حمامة ٌ
بِغُصْنٍ، وَلاَ انْهَلَّتْ شُئُونُ الْغَمَائِمِ
وَلاَ الْتَهَبَ الْبَرْقُ اللَّمُوعُ، وَلاَ غَدَتْ
تحنُّ مطايا نا حنينَ الروائمِ
أَمَا، وَهِلاَلٍ فِي دُجُنَّة ِ طُرَّة ٍ
يَلُوحُ، وَدُرٍّ فِي عَقِيقِ مَبَاسِمِ
لَقَدْ أَوْدَعَ الْبَيْنُ الْمُشِتُّ بِمُهْجَتِي
نُدُوباً، كَأُثْرِ الْوَشْمِ مِنْ كَفِّ وَاشِمِ
وَكَمْ لَيْلَة ٍ سَاوَرْتُهَا نَابِغِيَّة ٍ
سقتني بما مجتْ شفاهُ الأراقمِ
كَأَنَّ الثُّرَيَّا كَفُّ عَذْرَاءَ طَفْلَة ٍ
بهِ رعشة ٌ للبينِ ، بادي الخواتمِ
إذا اضطربتْ تحتَ الظلامِ تخالها
دُمُوعَ الْعَذَارَى فِي حِدَادِ الْمَآتِمِ
وَ برقٍ يمانيًّ أرقتُ لومضهِ
يطيرُ بهدابٍ كثيرِ الزمازمِ
كأنَّ اصطخابَ الرعدِ في جنباتهِ
هديرُ فحولٍ ، أوْ زئيرُ ضراغمِ
تَخَالَفَتِ الأَهْوَاءُ فِيهَا: فَعَاذِرٌ
هوايَ الذي أشكو ، وآخرُ لائمي
وَ نافسني ، في حبها كلُّ كاشحٍ
يلفُّ على الشحناءِ عوجَ الحيازمِ
فكمْ صاحبٍ ألقاهُ يحملُ صدرهُ
فؤادَ عدوًّ في ثيابِ مسالمِ
أُغَالِطُهُ قَوْلِي، وَأَمْحَضُهُ الْوَفَا
كأني بما في صدرهِ غيرُ عالمِ
وَ منْ لمْ يغالطْ في الزمانِ عدوهُ
وَيُبْدِي لَهُ الْحُسْنَى ، فَلَيْسَ بِحَازِمِ
فيا ربة َ الخالِ التي هدرتْ دمي
وَأَلْقَتْ إِلَى أَيْدِي الْفِرَاقِ شَكَائِمِي
إِليْكِ اسْتَثَرْتُ الْعَيْنَ مَحْلُولَة َ الْعُرَا
وَفِيكِ رَعَيْتُ النَّجْمَ رَعْيَ السَّوَائِمِ
فَلاَ تَتْرُكِي نَفْسِي تَذُوبُ، وَمُهْجَتِي
تسيلُ دماً بينَ الدموعِ السواجمِ
أقولُ لركبس مدلجينَ ، هفتْ بهمْ
رياحُ الكرى ، ميلِ الطلى وَ العمائمِ
تجدُّ بهمْ كومُ المهاري لواغباً
عَلَى مَا تَرَاهُ، دَامِيَاتِ الْمَنَاسِمِ
تصيخُ إلى رجعِ الحداءِ ، كأنها
تحنُّ إلى إلفٍ قديمٍ مصارمِ
وَ يلحقها منْ روعة ِ السوطِ جنة ٌ
فَتَمْرُقُ شُعْثاً مِنْ فِجَاجِ الْمَخَارِمِ(26/4)
لهنَّ إلى الحادي التفاتة ُ وامقٍ
فمنْ رازحٍ معى ، وآخرَ رازمِ
ألاَ أيها الركبُ الذي خامرَ السرى
بكلَّ فتى ً للبينِ أغبرَ ساهمِ
قِفَا بِي قَلِيلاً، وَانْظُرَا بِيَ؛ أَشْتَفِي
بلثمِ الحصى بينَ اللوى فالنعائمِ
فَكَمْ عَهْدِ صِدْقٍ مَرَّ فِيهِ، وَأَعْصُرٍ
تَوَلَّتْ عِجَالاً دُونَ تَهْوِيمِ نَائِمِ
أَبِيتُ لَهَا دامِي الْجُفُونِ مُسَهَّداً
طريحَ الثرى ، محمرَّ طرفِ الأباهمِ
وَمَا هَاجَنِي إِلاَّ عُصَيْفِيرُ رَوْضَة ٍ
على َ ملعبٍ منْ دوحة ِ الضالِ ناعمِ
يَصِيحُ، فَمَا أَدْرِي: لِفُرْقَة ِ صَاحِبٍ
كَرِيمِ السَّجَايَا، أَمْ يُغَنِّي لِقَادِمِ؟
كَأَنَّ الْعُصَيْفِيرَ اسْتُطِيرَ فُؤَادُهُ
سروراً بربَّ المكرماتِ الجسائمِ
أبو المجدِ ، نجلُ الجودِ ، خالُ زمانهِ
أخو الفخرِ " إسماعيلُ " خدنُ المكارمِ
قَشِيبُ الصِّبَا، كَهْلُ التَّدَابِيرِ جَامعٌ
صنوفَ العلا وَ المجدِ في صدرِ جازمِ
تجمعَ فيهِ الحلمُ ، وَ البأسُ ، وَ الندى
فَلَيْسَ لَهُ فِي مَجْدِهِ مِنْ مُزَاحِمِ
ذكاءُ " أرسطاليسَ " في حلم " أحنفٍ "
وَ همة ُ " عمرو " في سماحة ِ " حاتمِ "
لهُ تحتَ أستارِ الغيوبِ ، وَ فوقها
عيونٌ ترى الأشياءَ ، لاَ وهمُ واهمِ
فنظرتهُ وحيٌ ، وَ ساكنُ صدرهِ
فؤادُ خبيرٍ ، ناطقٍ بالعظائمِ
تكادُ لعلياهُ الملائكُ ترتمي
على كتفيهِ ، كالطيورِ الحوائمِ
أرَاهُ، فَيَمْحُونِي الْجَلاَلُ، وَأَنْتَحِي
أُغَالِطُ أَفْكَارِي، وَلَستُ بِحَالِمِ
وَ توهمني نفسي الكذابَ سفاهة ً
أَلاَ، إِنَّمَا الأَوْهَامُ طُرْقُ الْمَآثِمِ
هوَ السيفُ ، في حديهِ لينٌ وَ شدة ٌ
فتلقاهُ حلوَ البشرِ ، مرَّ المطاعمِ
تَرَاهُ لَدَى الْخَطْبِ الْمُلِمِّ مُجَمِّعاً
عُرَا الْحِلْمِ، ثَبْتَ الْجَأْشِ، مَاضِي الْعَزَائِمِ
لهُ النظرة ُ الشزراءُ ، يعقبها الرضا
لإسعافِ مظلومٍ ، وَ إرغامِ ظالمِ
فلولا ندى كفيهِ أوقدَ بأسهُ(26/5)
لَدَى الرَّوْعِ أَطْرَافَ الظُّبَا وَاللَّهَاذِمِ
وَ لولا ذكاهُ أعشبتْ بيمينهِ
قَنَا الْخَطِّ، وَاخْضَلَّتْ طُرُوسُ الْمَظَالِمِ
لهُ بيتُ مجدِ ، زفرفتْ دونَ سقفهِ
حَمَامُ الدَّرَارِي، مُشْمَخِرُّ الدَّعَائِمِ
فمنْ رامهُ ، فليتخذْ من قصائدي
سطوراً إلى مرقاهُ مثلَ السلالمِ
فيابنَ الألى سادوا الورى ، وانتهوا إلى
تَمَام الْعُلاَ مِنْ قَبْلٍ نَزْعِ التَّمَائِمِ
أُهَنِّيكَ بِالْمُلْكِ الَّذِي طَالَ جِيدُهُ
بعزكَ ، حتى حلَّ بيتَ النعائمِ
لَسَوَّدْتَهُ بِالْفَخْرِ، فَابْيَضَّ وَجْهُهُ
بِأَسْمَرَ خَطِّيٍّ، وَأَبْيَضَ صَارِمِ
تَدَارَكْتَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ كَادَ يَنْمَحِي
لِفَرْطِ تَبَارِيحِ الدُّهُورِ الْغَوَاشِمِ
بَكَى زَمَناً، وَاغْبَرَّ، حَتَّى أَتَيْتَهُ
فَعَادَ رَحِيبَ الصَّدْرِ، طَلْقَ الْمَبَاسِمِ
وَ سستَ الورى بالعدلِ حتى تشوقاً
إِلَيْكَ التَوَى جِيدُ الدُّهُورِ الْقَدَائِمِ
وَجِئْتَ مَجِيءَ الْبَدْرِ مَدَّ شُعَاعَهُ
عَلَى أُفُقٍ بِالْجَوْنِ وَحْفِ الْقَوَادِمِ
برأيٍ كخيطِ الشمس نوراً ، تخالهُ
فِرِنْداً تَمَشَّى فِي خُدُودِ الصَّوَارِمِ
فَلَوْ مِصْرُ تَدْرِي أَرْسَلَتْ لَكَ نِيلَهَا
لِيَلْقَاكَ فِي جُنْحٍ مِنَ اللَّيْلِ قَاتِمِ
وَ جاءتْ لكَ الأهرامُ تسعى تشوقاً
إِلَى دَارِ "قُسْطَنْطِينَ" سَعْيَ النَّسَائِمِ
فَبُورِكْتَ فِي مُلْكٍ وَرِثْتَ ذَمَاءَهُ
وَ خلدتهُ في نسلِ مجدٍ أكارمِ
بهمْ كلُّ غطريفٍ ، يمدُّ إلى العلا
يداً خلقتْ فينا لبذلِ المكارمِ
يجولُ مجالَ البرقِ وَ الخيلُ ترتمي
بأعطافها في المأزقِ المتلاحمِ
فما روضة ٌ غناءُ باكرها الحيا
بأوطفَ ساجٍ ، أشعلِ البرقِ ساجمِ
يضوعُ بها نشرُ العبيرِ ، فتغدي
تقاسمهُ فينا أكفُّ النواسمِ
إذا الشمسُ لاحتْ منْ خلالِ ظلالها
عَلَى الأَرْضِ، لاَحَتْ مِثْلَ دُورِ الدَّرَاهِمِ
يَقِيلُ بِهَا سِرْبُ الْمَهَا وَهْوَ آمِنٌ(26/6)
فمنْ أربدَ ساجٍ ، وَ أحورَ باغمِ
بألطفَ منْ أخلاقهمْ وَ صفاتهمْ
إِذَا الْعُودُ ضَمَّتْهُ أَكُفُّ الْعَوَاجِمِ
وَمَا الشِّعْرُ مِنْ دَأْبِي، وَلاَ أَنَا شَاعِرٌ
وَ لاَ عادتي نعتُ الصوى وَ المعالمِ
وَ لكنْ حداني جودهُ ؛ فاستثارني
لِوَصْفِ مَعَالِيهِ الْعِظَامِ الْجَسَائِمِ
وَكَيْفَ، وَجَدْوَاهُ ثَنَتْ ضَبْعَ هِمَّتِي
وَهَزَّتْ إِلَى نَظْمِ الْقَرِيضِ قَوَادِمِي
فتلكَ لآلٍ ، أمْ ربيعٌ تفتحتْ
أزاهرهُ كالزهرِ ، أمْ نظمُ ناظمِ ؟
وَمَا هُوَ إِلاَّ عِقْدُ مَدْحِ نَظَمْتُهُ
لجيدِ علاهُ في صدرِ المواسمِ
فعشْ ما تغنتْ بالأراكِ حمامة ٌ
وَمَا اتَّجَهَتْ لِلْبَرْقِ نَظْرَة ُ شَائِمِ
لَكَ السَّعْدُ خِدْنٌ، وَالْمَهَابَة ُ صَاحِبٌ
وَ شخصُ العلاَ وَ النصرِ في زيَّ خادمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أسلُ الديارَ عنِ الحبيبِ في الحشا
أسلُ الديارَ عنِ الحبيبِ في الحشا
رقم القصيدة : 23775
-----------------------------------
أسلُ الديارَ عنِ الحبيبِ في الحشا
دَارٌ لَهُ مَأْهُولَة ٌ وَمَقَامُ
وَمِنَ الْعَنَاءِ سُؤَالُ خاشِعَة ِ الصُّوَى
بِيَدِ الْفَنَاءِ، جَوَابُهَا إِرْمَامُ
ذَكَرَتْ بِهَا النَّفْسُ اللَّجُوجُ زَمَانَهَا
إِنَّ التَّذَكُّرَ لِلنُّفُوسِ غَرَامُ
إذْ للهوى ثمرٌ يرفُّ ، وللصبا
كَأْسٌ تُشَفُّ، وَلِلْمُنَى إِلْمَامُ
تَسْتَنُّ فِيهَا الْعِينُ بَيْنَ مَخَانِسٍ
فيها السلامُ تعانقٌ وَ لزامُ
فِي فِتْيَة ٍ فَاضَ النَّعِيمُ عَلَيْهِمُ
وَ نماهمُ التبجيلُ وَ الإعظامُ
ذَهَبَتْ بِهِمْ شِيَمُ الْمُلُوكِ، فَلَيْسَ فِي
تلعابهمْ هذرٌ ، وَ لاَ إبرامُ
لاَ يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ آدَابِ الْهَوَى
سُمُحُ النُّفُوسِ، عَلَى الْبَلاَءِ كِرَامُ
منْ كلَّ أبلجُ ، يستضاءُ بنورهِ
كالبدرِ ، جلى صفحتيهِ غمامُ
سهلُ الخليفة ِ ، لاَ يسوءُ جليسهُ
يَبْقَى ، وَعَاقِبَة ُ النُّفُوسِ حِمَامُ(26/7)
متواضعٌ للقومِ ، تحسبُ أنهُ
مولى لهمْ في الدارِ ، وهوَ همامُ
تتقاصرُ الأفهامُ دونَ فعالهِ
وَتَسِيرُ تَحْتَ لِوَائِهِ الأَقْوَامُ
فإذا تكلمَ فالرؤسُ خواضعٌ
وَإِذَا تَنَاهَضَ فَالصُّفُوفُ قِيَامُ
حتى انتبهنا بعدَ ما ذهبَ الصبا
إِنَّ الْخَلاَعَة َ وَالصِّبَا أَحْلاَمُ
لاَ تَحْسَبَنَّ الْعَيْشَ دَامَ لِمُتْرَفٍ
هَيْهَاتَ، لَيْسَ عَلَى الزَّمَانِ دَوَامُ
تأتي الشهورُ ، وتنتهى أيامها
لَمْعَ السَّرَابِ، وَتَنْقَضِي الأَعْوَامُ
وَالنَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَارِدٌ
أوْ صَادِرٌ، تَجْرِي بِهِ الأَيَّامُ
لاَ طائرٌ ينجو ، وَ لاَ ذو مخلبٍ
فَادْرَأْ هُمُومَ النَّفْسِ عَنْكَ إِذَا اعْتَرَتْ
بالكأسِ ؛ فهيَ على الهمومِ حسامُ
فالعيشُ ليسَ يدومُ في ألوانهِ
إِلاَّ إِذَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْجَامُ
مِنْ خَمْرَة ٍ تَذَرُ الْكَبِيرَ إِذَا انْتَشَى
بعدَ اشتعالِ الشيبِ وَ هوَ غلامُ
لعبَ الزمانُ بها ، فغادرَ جسمها
شبحاً تحارُ لدركهِ الأفهامُ
حَمْرَاءُ، دَارَ بِهَا الْحَبَابُ فَصَوَّرَتْ
فلكاً تحفُّ سماءهُ الأجرامُ
لاَ تَسْتَقِيمُ الْعَيْنُ فِي لَمَعَانِهَا
وَ تزلُّ عندَ لقائها الأقدامُ
تَعْشُو الرِّكَابُ، فَإِنْ تَبَلَّجَ كَأْسُهَا
ساروا ، وإنْ زالَ الضياءُ أقاموا
حُبِسَتْ بِأَكْلَفَ، لَمْ يَقُمْ بِفِنَائِهِ
نورٌ ، وَ لمْ يبرح~~ْ عليهِ ظلامُ
حَتَّى إِذَا رَقَدَتْ، وَقَرَّ قَرَارُهَا
سلستْ ؛ فليسَ لذوقها إيلامُ
تَسِمُ الْعُيُونَ بِنَارِهَا، لَكِنَّهَا
بردٌ على شرابها وَ سلامُ
فاصقلْ بها صدأ الهمومِ ، وَ لا تكنْ
غرًّأ تطيرُ بلبهِ الأوهامُ
وَ اعلمْ بأنَّ المرءَ ليسَ بخالدٍ
وَ الدهرُ فيهِ صحة ٌ وَ سقامُ
يهوى الفتى طولَ الحياة ِ ، وَ إنها
دَاءٌ لَهُ دُونَ الشَّغَافِ عُقَامُ
فَاطْمَحْ بِطَرْفِكَ، هَلْ تَرَى مِنْ أُمَّة ٍ
خَلَدَتْ؟ وَهَلْ لابْنِ السَّبِيلِ مُقَامُ؟
هذي المدائنُ قدْ خلتْ منْ أهلها(26/8)
بَعْدَ النَّعِيمِ، وَهَذِهِ الأَهْرَامُ
لا شيءَ يبقى ، غيرَ أنَّ خديعة ً
فِي الدَّهْرِ تَنْكُلُ دُونَهَا الأَحْلاَمُ
و لقدْ تبينتُ الأمورَ بغيرها
وَ أتى على َّ النقضُ وَ الإبرامُ
فإذا السكونُ تحركٌ ، وَ إذا الخموُ
دُ تلهبٌ ، وإذا السكوتُ كلامُ
وَ إذا الحياة ُ - وَ لاَ حياة َ - منية ٌ
تَحْيَا بِهَا الأَجْسَادُ وَهْيَ رِمَامُ
هذا يحلُّ وَ ذاكَ يرحلُ كارهاً
عنهُ : فصلحٌ تارة ً ، وخصامُ
فالنورُ - لوْ بينتَ أمرك - ظلمة ٌ
وَالْبَدءُ ـ لَوْ فَكَّرْتَ فِيهِ ـ خِتَامُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ذهبَ الصبا ، وَ تولتِ الأيامُ
ذهبَ الصبا ، وَ تولتِ الأيامُ
رقم القصيدة : 23776
-----------------------------------
ذهبَ الصبا ، وَ تولتِ الأيامُ
فعلى الصبا ، وَ على َ الزمانِ سلامُ
تَاللَّهِ أَنْسَى مَا حَيِيتُ عُهُودَهُ
ولِكُلِّ عَهْدٍ فِي الْكِرَامِ ذِمَامُ
إذْ نحنُ في عيشٍ ترفُّ ظلالهُ
وَلَنَا بِمُعْتَرَكِ الْهَوَى آثامُ
تَجْرِي عَلَيْنَا الْكَأْسُ بَيْنَ مَجَالِسٍ
فيها السلامُ تعانقُ وَ لزامُ
فِي فِتْيَة ٍ فَاضَ النَّعِيمُ عَلَيْهِمُ
وَ نماهمُ التبجيلُ وَ الإعظامُ
ذَهَبَتْ بِهِمْ شِيَمُ الْمُلُوكِ، فَلَيْسَ فِي
تلعابهمْ هذرٌ ، وَ لاَ إبرامُ
لاَ يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ آدَابِ الْهَوَى
سُمُحُ النُّفُوسِ، عَلَى الْبَلاءِ كِرَامُ
منْ كلَّ أبلجَ يستضاءُ بنورهِ
كالبدرِ حلى صفحتيهِ غمامُ
سهلُ الخليقة ِ ، لا يسوءُ جليسهُ
بَيْنَ الْمَقَامَة ِ، وَاضِحٌ، بَسَّامُ
متواضعٌ للقومِ ، تحسبُ أنهُ
مولى في الدارِ وَ هوَ همامُ
تَرْنُو الْعُيُونُ إِلَيْهِ فِي أَفْعَالِهِ
وَتَسِيرُ تَحْتَ لِوَائِهِ الأَقْوَام
فإذا تكلمَّ فالرؤسُ خواضعٌ
وَإِذَا تَنَاهَضَ فَالصُّفُوفُ قيَامُ
نلهو وَ نلعبُ بينَ خضرِ حدائقٍ
لَيْسَتْ بِغَيْرِ خُيُولِنَا تُسْتَامُ
حتى انتبهنا بعدَ ما ذهبَ الصبا(26/9)
إنَّ اللذاذة َ وَ الصبا أحلامُ
لاَ تَحْسَبَنَّ الْعَيْشَ دَامَ لِمُتْرَفٍ
هَيْهَاتَ، لَيْسَ عَلَى الزَّمَانِ دَوَامُ
تأتي الشهورُ ، وَ تنتهي ساعاتها
لَمْعَ السَّرَابِ، وَتَنْقَضِي الأَعْوَامُ
وَالنَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَارِدٌ
أَوْ صَادِرٌ، تَجْرِي بِهِ الأَيَّامُ
لاَ طائرٌ ينجو ، وَ لاَ ذو مخلبٍ
يَبْقَى ، وَعَاقِبَة ُ الْحَيَاة ِ حِمَامُ
فَادْرَأْ هُمُومَ النَّفْسِ عَنْكَ إِذَا اعْتَرَتْ
بالكأسِ ؛ فهيَ على الهمومِ حسامُ
فالعيشُ ليسَ يدومُ في ألوانهِ
إِلاَّ إِذَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْجَامُ
مِنْ خَمْرَة ٍ تَذَرُ الْكَبِيرَ إِذَا انْتَشَى
بعدَ اشتعالِ الشيبِ وَ هوَ غلامُ
لعبَ الزمانُ بها ، فغادرَ جسمها
شبحاً تهافتُ دونهُ الأوهامُ
حَمْرَاءُ، دَارَ بِهَا الْحَبَابُ؛ فَصَوَّرَتْ
فلكاً تحفُّ سماءهُ الأجرامُ
لا تَسْتَقِيمُ الْعَيْنُ فِي لَمَعَانِهَا
وَ تزولُّ عندَ لقائها الأقدامُ
تَعْشُو الرِّكَابُ، فَإِنْ تَبَلَّجَ كَأْسُهَا
سَارُوا، وَإِنْ زَالَ الضِّيَاءُ أَقَامُوا
حُبِسَتْ بِأَكْلَفَ، لَمْ يَصِلْ لِفِنَائِهِ
نورٌ ، وَ لمْ يسرحْ عليهِ ظلامُ
حتى إذا اصطفقتْ ، وَ طارَ فدامها
وَثَبَتْ، فَلَمْ تَثْبُتْ لَهَا الأَجْسَامُ
وَقَدَتْ حَمِيَّتُهَا، فَلَوْلاَ مَزْجُهَا
بالماءِ بعدَ الماءِ ، شبَّ ضرامُ
تَسِمُ الْعُيُونَ بِنُورِهَا، لَكِنَّهَا
بردٌ على شرابها وَ سلامُ
فاصقلْ بها صدأَ الهمومِ ، وَ لاَ تكنْ
غراً تطيشُ بلبهِ الالامُ
وَ اعلمْ بأنَّ المرءَ ليسَ بخالدِ
و الدهرُ فيهِ صحة ٌ وَ سقامُ
يهوى الفتى طولَ الحياة ِ ، وإنها
دَاءٌ لَهُ ـ لوْ يَسْتَبِينُ ـ عُقَامُ
فاطمحْ بطرفكَ ، هلْ ترى منْ أمة ٍ
خَلَدَتْ؟ وَهَلْ لابْنِ السَّبِيلِ مُقَامُ؟
هذي المدائنُ قد خلتْ منْ أهلها
بَعْدَ النِّظَامِ، وَهَذِهِ الأَهْرَامُ
لا شيءَ يخلدُ ، غيرَ أنَّ خديعة ً
فِي الدَّهْرِ تَنْكُلُ دُونَهَا الأَحْلاَمُ(26/10)
وَ لقدَ تبينتُ الأمورَ بغيرها
وَ أتى على َّ النقضُ والإبرامُ
فإذا السكونُ تحركٌ ، وَ إذا الخمو
دُ تلهبٌ ، وَ إذا السكوتُ كلامُ
وَ إذا الحياة ُ - وَ لاَ حياة َ - منية ٌ
تَحْيَا بِهَا الأَجْسَادُ وَهْيَ رِمَامُ
هذا يحلُّ ، وَ ذاكَ يرحلُ كارهاً
عنهُ ، فصلحٌ تارة ً ، وَ خصامُ
فالنورُ - لوْ بينتَ أمركَ - ظلمة ٌ
والْبَدْءُ ـ لَوْ فَكَّرْتَ فِيهِ ـ خِتَامُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَلاَ، حَيِّ بِالْمِقْيَاسِ رَيَّا الْمَعَالِمِ
أَلاَ، حَيِّ بِالْمِقْيَاسِ رَيَّا الْمَعَالِمِ
رقم القصيدة : 23777
-----------------------------------
أَلاَ، حَيِّ بِالْمِقْيَاسِ رَيَّا الْمَعَالِمِ
وَقَلَّ لَهَا مِنَّا تَحِيَّة ُ قَادِمِ
ملاعبُ آرامٍ ، وَ مأوى حمائمٍ
وَمَسْقَطُ أَنْدَاءٍ، وَمَسْرَى نَسَائِمِ
أحاطتْ بهِ للنيلِ منْ كلَّ جانب
جَدَاوِلُ تُسْقِيهِ سُلاَفَ الْغَمَائِمِ
تَدُورُ مَدَارَ الطَّوْقِ مِنْ حَيْثُ تَلْتَقي
مَسِيراً، وَتَنْسَلُّ انْسِلاَلَ الأَرَاقِمِ
إذا ضاحكتها الشمسُ رفتْ متونها
رَفِيفَ الثَّنَايَا خَلْفَ حُمْرِ الْمَبَاسِمِ
وَإِنْ سَلْسَلَتْها الرِّيحُ أَبْدَتْ سَبَائِكاً
مُقَدَّرَة ً، كَالْوَشْمِ فَوْقَ الْمَعَاصِمِ
تجوس خلالَ الباسقاتِ ، وتنتهى
إلى ساعدٍ في غمرة ِ النيلِ ساجمِ
تَرَى حَوْلَهَا الأَشْجَارَ وَلْهَى مُكِبَّة ً
عَلَى الْمَاءِ، فِعْلَ الصَّادِيَاتِ الْحَوَائِمِ
و منبعثاتِ في الهواءِ ، كأنها
بيارقُ لهوٍ ركزتْ في المواسمِ
منَ اللاءِ قدْ آلينَ يشربنَ ، أوْ تلى
مَنَابِتُهَا غَوْرَ الْبِحَارِ الْخَضَارِمِ
إِذَا لاَعَبَتْ أَعْرَافَهَا الرِّيحُ خِلْتَهَا
فوارسَ تعصو بالسيوفِ الصوارمِ
يَلُوحُ بِهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ، كَأَنَّهُ
فرائدُ ساوى بينها كفُّ ناظمِ
إِذَا مَا أَتَى مِيقَاتُهَا، وَتَضَرَّجَتْ
حَسِبْتَ عَقِيقاً فِي صِحَافِ الْكَمَائِمِ(26/11)
مَسَارِحُ لَهْوٍ، لَوْ رَأَى "الشِّعْبُ" حُسْنَهَا
لعضَّ على ما فاتهُ بالأباهمِ
ذَكَرْتُ بِهَا عصْراً تَوَلَّى ، وَلَذَّة ً
تقضتْ . وَ ما عهدُ الزمانِ بدائمِ
وَمَا تَحْسُنُ الأَيَّامُ إِلاَّ بِأَهْلِهَا
وَلاَ الدَّارُ إِلاَّ بِالصَّدِيقِ الْمُلاَئِمِ
فيا نعمَ ما ولتْ بهِ دولة ُ الصبا
وَ لمْ ترعهُ منْ عهدنا المتقادمِ
إِذِ الْعَيْشُ أَفْنَانٌ، وَنَحْنُ عِصَابَة ٌ
ألو ترفٍ : ما بينَ غادٍ وَ هائمِ
نَسِيرُ عَلَى دِينِ الْوَفَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ
سِوَى الْحُبِّ مِنْ قَاضٍ عَلَيْنَا وَحَاكِمِ
إِذَا قَالَ مِنَّا قَائِلٌ، قَامَ دُونَهُ
شَهِيدٌ عَلَيْهِ، صَادِقٌ، غَيْرُ آثِمِ
يحومُ عليهِ وَ المنايا مسفة ٌ
وَ يدرأُ عنهُ في صدورِ اللهاذمِ
إِذَا أَلْهَبَتْهُ غَضْبَة ٌ، وَتَرَجَّحَتْ
بهِ سورة ٌ ، أغرى الظبا بالجماجمِ
فَقَدْ مَرَّ ذَاكَ الْعَصْرُ إِلاَّ لُبَانَة ً
معلقة ً بينَ الحشا وَ الحيازمِ
إِذَا ذَكَرَتْهَا النَّفْسُ يَوْماً تَرَاجَعَتْ
عليها عقابيلُ الهمومِ القدائمِ
وَ منزلة ٍ للأنسِ كنا نحلها
وَنَرْعَى بِهَا اللَّذَّاتِ رَعْيَ السَّوَائِمِ
عفتْ ، وَ كأنْ لمْ تغنَ بالأمسِ ، وَ التقتْ
عَلَيْهَا أَعَاصِيرُ الرِّياحِ الْهَوَاجِمِ
وَمَا خَيْرُ دُنْيَا لا بَقَاءَ لِعَهْدِهَا
وَ ما طيبُ عيشٍ ربهُ غيرُ سالمِ
عَلَى هَذِهِ تَمْضِي اللَّيَالِي، وَيَنْقَضِي
حديثُ المنى فيها ، كأحلامِ نائمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَا نَاعِسَ الطَّرْفِ، إِلَى كَمْ تَنَامْ؟
يَا نَاعِسَ الطَّرْفِ، إِلَى كَمْ تَنَامْ؟
رقم القصيدة : 23778
-----------------------------------
يَا نَاعِسَ الطَّرْفِ، إِلَى كَمْ تَنَامْ؟
أسهرتني فيكَ ، وَ نامَ الأنامْ
أُوْشَكَ هَذَا اللَّيْلُ أَنْ يَنْقَضِي
وَ العينُ لاَ تعرفُ طيبَ المنامْ
وَيْلاَهُ مِنْ ظَبْيِ الْحِمَى ؛ إِنَّهُ
جرعني - بالصدَّ - مرَّ الحمامْ(26/12)
يغضبُ منْ قوليَ " آهِ " وَ هلْ
قَوْلِيَ "آهٍ" ـ يَابْنَ وُدِّي ـ حَرَامْ؟
لاَ كتبهُ تترى ، وَ لاَ رسلهُ
تأتي ، وَ لاَ الطيفُ يوافى لمامْ
اللهَ في عينٍ جفاها الكرى
فِيكُمْ، وَقَلْبٍ قَدْ بَرَاهُ الْغَرَامْ
طالَ النوى منْ بعدكمْ ، وانقضتْ
بَشَاشَة ُ الْعَيْشِ، وَسَاءَ الْمُقَامْ
أرتاحُ إنْ مرَّ نسيمُ الصبا
و البرءُ لي فيهِ معاً ، وَ السقامْ
يَا لَيْتَنِي فِي السِّلْكِ حَرْفٌ سَرَى
أوْ ريشة ٌ بينَ خوافي الحمامْ
حتى أوافى مصرَ في لحظة ِ
أقضي بها في الحبَّ حقَّ الذمامْ
موْلاَيَ!، قدْ طَالَ مرِيرُ النَّوى
فَكُلُّ يَوْمٍ مَرَّ بِي أَلْفُ عَامْ
أنظرُ حولي ، لاَ أرى صاحباً
إلاَّ جماهيرَ ، وَ خيلاً ، وَ خيلاً صيامْ
وَ ديدباناً صارخاً في الدجى
يرجعْ وراءً ؛ إنهُ لاَ أمامْ
يُقْتَبَلُ الصُّبْحُ، وَيَمْضِي الدُّجَى
وَيَنْقَضِي النُّورُ، وَيَأْتِي الظَّلاَمْ
وَ لاَ كتابٌ منْ حبيبٍ أتى
وَ لاَ أخو صدق يردُّ السلامْ
في هضبة ٍ منْ أرض " دبريجة ٍ "
ليسَ بها غيرُ بغاث وَهامْ
وراءنا البحرُ ، وتلقاءنا
سوادُ جيشٍ مكفهرًّ لهامْ
فتلكْ حالي - لاَ رمتكَ النوى -
فَكَيْفَ أَنْتُمْ بَعْدَنَا يَا هُمَامْ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> حيَّ مغنى الهوى بوادي الشآمِ
حيَّ مغنى الهوى بوادي الشآمِ
رقم القصيدة : 23779
-----------------------------------
حيَّ مغنى الهوى بوادي الشآمِ
وَادْعُ بِاسْمِي تُجِبْكَ وُرْقُ الْحَمَامِ
هنَّ يعرفنني بطولِ حنيني
بينَ تلكَ السهولِ وَ الآكامِ
فَلَقَدْ طالَمَا هَتَفْنَ بِشدْوِي
وَتَنَاقَلْنَ مَا حَلاَ مِنْ هُيَامِي
وَ لكمْ سرتُ كالنسيمِ عليلاً
أتقرى ملاعبَ الآرامِ
فِي شِعَارٍ مِنَ الضَّنَى ، نَسَجَتْهُ
بخيوطِ الدموعِ أيدي الغرامِ
كُلَّمَا شِمْتُ بارِقاً خِلْتُ ثَغْراً
باسماً منْ خلال تلكَ الخيامِ
وَالْهَوى يَجْعَلُ الْخِلاَجَ يَقِيناً(26/13)
وَيَغُرُّ الْحَلِيمَ بِالأَوْهَامِ
خَطَرَاتٌ لهَا بِمِرْآة ِ قَلْبِي
صورٌ لا تزولُ كالأحلامِ
مَا تَجَلَّتْ عَلَى الْمَخِيلَة ِ إِلاَّ
أذكرتني ما كانَ منْ أيامي
ذَاكَ عَصْرٌ خَلاَ، وَأَبْقَى حَدِيثاً
نَتَعَاطَاهُ بيْنَنَا كَالْمُدَامِ
كُلَّمَا زَحزَحَتْ بَنَانَة ُ فِكْرِي
عنهُ سترَ الخيالِ لاخ أمامي
يَا نَسِيمَ الصَّبَا ـ فَدَيْتُكَ ـ بَلِّغْ
أهلَ ذاكَ الحمى عبيرَ سلامي
وَ اقضِ عني حقَّ الزيارة ِ ، وَ اذكرْ
فرطَ وجدي بهمْ ، وَ طولَ سقامي
أنا راضٍ منهمْ بذكرة ِ ودًّ
أوْ كتابٍ إنْ لمْ أفزْ بلمامِ
همْ أباحوا الهوى حريمَ فؤادي
وَ أذلوا للعاذلينَ خطامي
أَتَمَنَّاهُمُ، وَدُونَ التَّلاَقِي
قذفاتٌ منْ لجًّ أخضرَ طامي
صَائِلُ الْمَوْجِ كَالْفُحُولِ تَرَاغَى
منْ هياجٍ ، وَ ترتمي باللغامِ
وَ ترى السفنَ كالجبالِ ، تهادى
خَافِقَاتِ الْبُنُودِ وَالأَعْلاَمِ
تَعْتَلِي تَارَة ً، وَتَهْبِطُ أُخْرَى
في فضاءٍ بينَ السها وَ الرغامِ
هِيَ كَالدُّهْمِ جَامِحَاتٌ، وَلكِنْ
لَيْسَ يُثْنَى جِمَاحُهَا بِلِجَامِ
كُلُّ أُرْجُوحَة ٍ تَرَى الْقَوْمَ فِيهَا
خشعاً بينَ ركعٍ وقيامِ
لا يُفِيقُونَ مِنْ دُوَارٍ: فَهَاوٍ
لِيَدَيْهِ، وَرَاعِفُ الأَنْفِ دَامِي
يستغيثونَ ، فالقلوبُ هوافِ
حَذَرَ الْمَوْتِ، وَالْعُيُونُ سَوَامِي
فِي وِعَاءٍ يَحْدُونَهُ بِدُعَاءٍ
لِجَلاَلِ الْمُهَيْمِنِ الْعَلاَّمِ
ذاكَ بحرٌ يليهِ برٌّ ترامى
فيهِ خوصُ المطيَّ مثلَ النعامِ
فسوادي بمصرَ ثاوٍ ، وقلبي
فِي إِسَارِ الْهَوَى بِأَرْضِ الشَّآمِ
أخدعُ النفسَ بالمنى ، وَ هي تأبى
وَخِدَاعُ الْمُنَى غِذَاءُ الأَنَامِ
فَمَتَى يَسْمَحُ الزَّمَانُ، فَأَلْقَى
بِ " شكيبٍ " ما فاتني منْ مرامِ
هُوَ خِلٌّ، لَبِسْتُ مِنْهُ خِلاَلاً
عبقاتٍ ، كالنورِ في الأكمامِ
صَادِقُ الْوُدِّ، لاَ يَخِيسُ بِعَهْدٍ
و قليلٌ في الناسِ رعى ُ الذمامِ(26/14)
جمعتنا الآدابُ قبلَ التلاقي
بِنَسِيمِ الأَرْوَاحِ، لا الأَجْسَامِ
وَبَلَغْنَا بِالْوُدِّ مَا لَمْ يَنلْهُ
بِحَيَاة ِ الْقُرْبَى ذَوُو الأَرْحَامِ
فَلَئِنْ لَمْ نَكُنْ بِأَرْضٍ، فَإِنَّا
لاِتِّصَالِ الْهَوَى بِدَارِ مُقَامِ
وَ ائتلافُ النفوسِ أصدقُ عهداً
مِنْ لِقَاءٍ لَمْ يَقْتَرِنْ بِدَوَامِ
ألمعيٌّ لهُ بديهة ُ رأيٍ
تدركُ الغيبَ منْ وراءِ لثامِ
وَ قريضٌ كما وشتْ نسماتٌ
بِضَمِيرِ الأَزْهَارِ إِثْرَ الْغَمَامِ
هَزَّني شِعْرُهُ؛ فَأَيْقَظَ مِنِّي
فِكرَة ً كَانَ حَظُّهَا فِي الْمَنَامِ
سُمْتُها الْقَوْلَ بعْدَ لأَيٍ، فَبَضَّتْ
بيسيرٍ لمْ يروِ عودَ ثمامِ
فارضَ مني بما تيسرَ منها
ربَّ ثمدِ فيهِ غنى عنْ جمامِ
وَلَوَ انِّي أَرَدْتُ شَرْحَ وِدَادِي
وَاشتِيَاقِي ـ لَضَاقَ وُسْعُ الكَلاَمِ
أنا هواكَ فطرة ً ، ليسَ فيها
مِنْ مَسَاغٍ لِلنَّقْضِ وَالإِبْرَامِ
وَ إذا الحبُّ لمْ يكنْ ذا دواعٍ
كانَ أرسى قواعداً منْ شمامِ
فَتَقَبَّلْ شُكْرِي عَلَى حُسْنِ وُدٍّ
رُحْتُ مِنْهُ مُقَلَّداً بِوِسَامِ
أتباهى بهِ إذا كانَ غيري
يتباهى َ بزينة ِ الإنعامِ
دُمْتَ فِي نِعْمَة ٍ تَرِفُّ حُلاَهَا
فوقَ فرعٍ منْ طيبِ أصلكَ نامى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أشدتَ بذكرى بادئاً ومعقباً
أشدتَ بذكرى بادئاً ومعقباً
رقم القصيدة : 23780
-----------------------------------
أشدتَ بذكرى بادئاً ومعقباً
وَأَمْسَكْتُ، لَمْ أَهْمِسْ، وَلَمْ أَتَكَلَّمِ
وَمَا ذَاكَ ضَنّاً بِالْوِدَادِ عَلَى امْرِىء ٍ
حباني بهِ ، لكنْ تهيبُ مقدمي
فَأَمَّا وَقَدْ حَق الْجَزَاءُ؛ فَلَمْ أَكُنْ
لأنطقَ إلاَّ بالثناءِ المنمنمِ
وَكَيْفَ أَذودُ الْفَضْلَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ
وَ أنكرُ ضوءَ الشمسِ بعدَ توسمِ
وَأَنْتَ الَّذِي نَوَّهْتَ بِاسْمِي، وَرِشْتَنِي
بِقَوْلٍ سَرَا عَنِّي قِنَاعَ التَّوَهُّمِ(26/15)
لَكَ السَّبْقُ دُونِي فِي الْفَضِيلَة ِ، فَاشْتَمِل
بِحُلَّتِهَا؛ فَالْفَضْلُ لِلْمُتَقَدِّمِ
وَدُونَكَهَا ـ يَا بْنَ الْكِرَامِ ـ حَبِيرَة ً
مِنَ النَّظْمِ سَدَّاهَا بِمَدْحِ الْعُلاَ فَمِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هَجَوتهُ لا بالغاً لؤمهُ
هَجَوتهُ لا بالغاً لؤمهُ
رقم القصيدة : 23781
-----------------------------------
هَجَوتهُ لا بالغاً لؤمهُ
لَكِنَّنِي كَفْكَفْتُ مِنْ غَرْبِهِ
فإن أكن قد نلت من عرضه
فإننى دنّست شِعرى بهِ
فَلاَ يَلُومَنَّ سِوَى نَفْسِهِ
مَنْ سَلَّطَ الناسَ عَلَى ثَلْبِهِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هوى كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما
هوى كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما
رقم القصيدة : 23782
-----------------------------------
هوى كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما
فلما ملكتُ السبقَ عفتُ التقدما
وَمَنْ عَرفَ الدُّنْيَا رَأَى مَا يَسُرُّه
منَ العيشِ هماً يتركُ الشهدَ علقما
وَ أيُّ نعيمٍ في حياة ٍ وراءها
مَصَائِبُ لَوْ حَلَّتْ بِنجْمٍ لأَظْلَمَا
إذا كانَ عقبى كلَّ حيًّ منية ٌ
فَسِيَّانِ مَنْ حَلَّ الْوِهَادَ، وَمَنْ سَمَا
وَ منْ عجبٍ أنا نرى الحقَّ جهرة ٌ
وَنَلْهُو، كَأَنَّا لاَ نُحَاذِرُ مَنْدَمَا
يودُّ الفتى في كلَّ يومٍ لبانة ً
فإنْ نالها أنحى لأخرى ، وصمما
طماعة ُ نفسٍ توردُ المرءَ مشرعاً
منَ البؤسِ لا يعدوهُ أوْ يتحطما
أَرَى كُلَّ حَيٍّ غَافِلاً عَنْ مَصِيرِهِ
وَلَوْ رَامَ عِرْفَانَ الْحَقِيقَة ِ لانْتَمَى
فَأَيْنَ الأُلَى شَادُوا، وَبَادُوا؟ أَلَمْ نَكُنْ
نحلُّ كما حلوا ، وَ نرحلُ مثلما ؟
مَضَوْا، وَعَفَتْ آثارُهُمْ غَيْرَ ذُكْرَة ٍ
تُشِيدُ لَنَا مِنْهُمْ حَدِيثاً مُرَجَّمَا
سلِ الأورقَ الغريدَ في عذباتهِ
أَنَاحَ عَلَى أَشْجَانِهِ، أَمْ تَرَنَّمَا؟
تَرَجَّحَ فِي مَهْدٍ مِنَ الأَيْكِ، لا يَنِي
يميلُ عليهِ مائلاً وَ مقوا(26/16)
ينوحُ على َ فقدِ الهديلِ ، وَ لمْ يكنْ
رآهْ ، فيا للهِ ! كيفَ تهكما ؟
وَشَتَّانَ مَنْ يَبْكِي عَلَى غَيْرِ عِرْفَة
جزافاً ، وَ منْ يبكي لعهدٍ تجرما
لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ
وَ كانَ بودي أنْ أموتَ وَ يسلما
وَ أيُّ حياة ٍ بعدَ أمًّ فقدتها
كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا
تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي، وَعَادَنِي
غرامٌ عليها ، شفَّ جسمي ، وأسقما
وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ ذُكْرَة ٌ تَبْعَثُ الأَسى
وَطَيْفٌ يُوَافِيني إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا
وَ كانتْ لعيني قرة ً ، وَ لمهجتي
سروراً ، فخابَ الطرفُ وَ القلبُ منهما
فَلَوْلاَ اعْتِقَادِي بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِهِ
لقطعتُ نفسي لهفة ً وَ تندما
فيا خبراً شفَّ الفؤادَ ؛ فأوشكتْ
سويدَاؤهُ أنْ تستحيلَ ، فتسجما
إِلَيْكَ؛ فَقَدْ ثَلَّمْتَ عَرْشاً مُمنَّعاً
وَ فللتَ صمصاماً ، وَ ذللتَ ضيغما
أشادَ بهِ الناعي ، وَ كنتُ محارباً
فألقيتُ منْ كفى الحسامَ المصمما
وَطَارَتْ بِقَلْبِي لَوْعَة ٌ لَوْ أَطَعْتُهَا
لأَوْشَكَ رُكْنُ الْمَجْدِ أَنْ يَتَهَدَّمَا
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، لأَنْثَنِي
عنِ الحربِ محمودَ اللقاءِ مكرما
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى
وَعَادَ كِلاَ الْجَيْشَيْنِ يَرْتَادُ مَجْثِمَا
صَرَفْتُ عِنَانِي رَاجِعاً، وَمَدَامِعِي
على َ الخدَّ يفضحنَ الضميرَ المكتما
فَيَا أُمَّتَا؛ زَالَ الْعَزَاءُ، وَأَقْبَلَتْ
مَصَائِبُ تَنْهَى الْقَلْبَ أَنْ يَتَلَوَّمَا
وَكُنْتُ أَرَى الصَّبْرَ الْجَمِيلَ مَثُوبَة ً
فَصِرْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَأْثَمَا
وَ كيفَ تلذُّ العيشَ نفسٌ تدرعتْ
منَ الحزنِ ثوباً بالدموعِ منمنما ؟
تألمتُ فقدانَ الأحبة ِ جازعاً
وَ منْ شفهُ فقدُ الحبيبِ تألما
وَ قدْ منتُ أخشى أنْ أراكِ سقيمة ً
فكيفَ وَ قدْ أصبحتِ في التربِ أعظما ؟(26/17)
بَلَغْتِ مَدَى تِسْعِينَ فِي خَيْرِ نِعْمَة ٍ
وَ منْ صحبَ الأيامَ دهراً تهدما
إِذَا زَادَ عُمْرُ الْمَرْءِ قَلَّ نَصِيبُهُ
منَ العيش وَ النقصانُ آفة ُ من نما
فيا ليتنا كنا تراباً ، وَ لمْ نكنْ
خلقنا ، وَ لمْ نقدمْ إلى الدهرِ مقدما
أَبَى طَبْعُ هَذَا الدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا
وَكَيْفَ يَدِي مَنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مُغْرَمَا؟
أَصَابَ لَدَيْنَا غِرَّة ً؛ فَأَصَابَنَا
وَأَبْصَرَ فِينَا ذِلَّة ً؛ فَتَحَكَّمَا
وَ كيفَ يصونُ الدهرُ مهجة َ عاقلٍ
وَ قدْ أهلكَ الحيينِ : عاداً ، وَ جرهما
هوَ الأزلمُ الخداعُ ، يحفرُ إنْ رعى
وَيَغْدِرُ إِنْ أَوْفَى ، وَيُصْمِي إِذَا رَمَى
فَكَمْ خَانَ عَهْداً، واسْتَبَاحَ أَمَانَة ً
وَ أخلفَ وعداً ، وَ استحلَّ محرما
فإنْ تكنِ الأيامُ أخنتْ بصرفها
عَلَيَّ، فَأَيُّ النَّاسِ يَبْقَى مُسَلَّمَا؟
وَ إني لأدري أنَّ عاقبة َ الأسى
ـ وإِنْ طَالَ ـ لاَ يُرْوِي غَلِيلاً تَضَرَّمَا
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَرَى الصَّبْرَ سُبَّة ً
عَلَيْهَا، وَتَرْضَى بِالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَا
وَكَيْفَ أَرَانِي نَاسِياً عَهْدَ خُلَّة ٍ
ألفتُ هواها : ناشئاً ، وَ محكما
وَلَوْلاَ أَلِيمُ الْخَطْبِ لَمْ أَمْرِ مُقْلَة ً
بِدَمْعٍ، وَلَمْ أَفْغَرْ بِقَافِيَة ً فَمَا
فيا ربة َ القبرِ الكريمِ بما حوى
وَقَتْكِ الرَّدَى نَفْسِي وَأَيْنَ؟ وَقَلَّمَا
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ فِدْيَة َ رَاحِلٍ
تَخَرَّمَهُ الْمِقْدَارُ فِيمَنْ تَخَرَّمَا؟
سقتكِ يدُ الرضوانِ كأسَ كرامة ٍ
منَ الكوثرِ الفياضِ معسولة َ اللمى
وَ لاَ زالَ ريحانُ التحية ِ ناضراً
عليكِ ، وَ هفافُ الرضا متنسما
لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ؛ إِنَّنِي
أرى القلبَ أوفى بالعهودِ وَ أكرما
فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ
وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا
عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة َ بَعْدَهُ(26/18)
إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَغْدٌ تَكَوَّنَ مِنْ لُؤْمٍ، ومِنْ دَنَسٍ
وَغْدٌ تَكَوَّنَ مِنْ لُؤْمٍ، ومِنْ دَنَسٍ
رقم القصيدة : 23783
-----------------------------------
وَغْدٌ تَكَوَّنَ مِنْ لُؤْمٍ، ومِنْ دَنَسٍ
فَمَا يَغارُ عَلَى عِرْضٍ، ولا حَسَبِ
يلتذ بالطعن فيه والهجاء ، كما
يلتذ بالحكِّ والتظفير ذو الجَرَبِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أيُّ فتى ً للعظيمِ نندبهُ
أيُّ فتى ً للعظيمِ نندبهُ
رقم القصيدة : 23784
-----------------------------------
أيُّ فتى ً للعظيمِ نندبهُ
شَاطَ عَلَى أَنْصُلِ الرِّمَاحِ دَمُهْ
أسلمهُ صحبهُ ، وَ ما علموا
أَنَّ سَوْفَ يَمْحُو وُجُودَهُمْ عَدَمُهْ
زالَ الألى حاذوا مصارعهمْ
وَلمْ تَزُلْ عَنْ مَكَانِهَا قَدَمُهْ
طَاحَ بِجُثْمَانِهِ الرَّدَى ، وَرَقَا
إلى سمواتِ ربهِ نسمهْ
نِعْمَ فَتَى الْحَرْبِ فِي الْهِيَاجِ إِذ
شبَّ لظى البأاءِ ، وَ اعتلى ضرمهْ
قدْ ألفتْ صحبة َ القنا يدهُ
وَاعْتَادَ "لَبَّيكَ" فِي السَّمَاحِ فَمُهْ
لَيْسَ بِهَيَّابَة ٍ، وَلاَ وَكَلٍ
بلْ صادقٌي اللقاءِ معترفهْ
إِنْ صَالَ فَلَّ الْعِدَا بِصَوْلَتِهِ
أَوْ قَالَ أَرْوَتْ مُشَاشَنَا كَلِمُهْ
يَنْكَفِتُ الْجَيْشُ حِينَ يَفْجَؤُهُ
وَ يصعقُ القرنُ حينَ يلتزمهُ
بَكَى بِدَمْعِ الْفِرِنْدِ صَارِمُهُ
وَانْشَقَّ مِنْ طُولِ حُزْنِهِ قَلَمُهْ
فَمَنْ إِلَى مَلْجَإِ الضَّعِيفِ إِذَا
أقبلَ ليلٌ ، وً أطبقتْ ظلمهْ
وَمَنْ يَقُودُ الزُّحُوفَ رَاجِفَة ً
وَ اليومُ بالحربِ ساطعٌ قتمهْ
مَاتَ، وَأَبْقَى شَجاً لِفُرْقَتِهِ
يَكَادُ يَفْرِي قُلُوبَنَا أَلَمُهُ
فاذهبْ ، عليكَ السلامُ منْ بطلٍ
مَاتَ، وَعَاشَتْ مِنْ بَعْدِهِ نِعَمُهْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كيف أَهجوكَ والدناءة سورٌ(26/19)
كيف أَهجوكَ والدناءة سورٌ
رقم القصيدة : 23785
-----------------------------------
كيف أَهجوكَ والدناءة سورٌ
مِن حديد يقيك طعنى وضربى
لَكَ عِرْضٌ أَرَقُّ نَسْجاً مِنَ الرِّيـ
يح ، وأوهى من طيلسان ابن حربِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سَلاَمَة ُ عِرْضِي فِي خِفَارَة ِ صَارِمِي
سَلاَمَة ُ عِرْضِي فِي خِفَارَة ِ صَارِمِي
رقم القصيدة : 23786
-----------------------------------
سَلاَمَة ُ عِرْضِي فِي خِفَارَة ِ صَارِمِي
وإِنْ كَانَ مَالِي نُهْبَة ً لِلْمَكَارِمِ
بَلَغْتُ عُلاً لاَ يَبْلُغُ النَّجْمُ شَأْوَهَا
إذا هوَ لمْ ينهضْ لها بقوادمِ
إذا المرءُ لمْ يطربْ إلى اللهوِ وَ الصبا
فما هوَ إلاَّ منْ عدادِ البهائمِ
فأية ُ أرض لم تجبها سوابقي
وَ غمرة ُ بأسِ لمْ تخضها صوارمي
وَمَا اللَّيْلُ إِلاَّ هَبْوَة ٌ مِنْ كَتَائِبِي
وَ لاَ الشهبُ إلاَّ لمعة ٌ منْ لهاذمي
جنانٌ تحيدُ الأسدُ عنهُ ، وعزمة ٌ
هيَ الموتُ بينَ المأزقِ المتلاحمِ
وَلَكِنَّنِي أَمْسَيْتُ لِلْحُبِّ خَاضِعاً
وَلِلْحُبِّ سُلْطَانٌ عَلَى كُلِّ حَاكِمِ
وَبِي مِنْ صَمِيمِ الْعُرْبِ حَوْرَاءُ طَفْلَة ٌ
نَحِيلَة ٌ مَجْرَى الْبَنْدِ، رَيَّا الْمَعَاصِمِ
لها نظرة ٌ لوْ خامرتْ قلبَ حازمٍ
لأَصْبَحَ مَسْلُوبَ النُّهَى ، غَيْرَ حَازِمِ
أَطَعْتُ الْهَوَى فِيهَا وَإِنْ كَانَ ظَالِماً
وَعَاصَيْتُ فِي حُبِّي لَهَا كُلَّ رَاحِمِ
وَ منْ عجبٍ أنى أدينُ لحكمها
وَأَكْبُرُ أَنْ أَنْقَادَ طَوْعَ الْخَزَائِمِ
فقلبيَ حرٌّ ، لاَ يدينُ لصولة ٍ
وَ عوديَ صلبٌ ، لاَ يلينُ لعاجمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَذى خِلالٍ كأن الله صَوَّرها
وَذى خِلالٍ كأن الله صَوَّرها
رقم القصيدة : 23787
-----------------------------------
وَذى خِلالٍ كأن الله صَوَّرها
من صبغة اللؤم ، أو من حمأة ِ الريبِ(26/20)
نَال الْعَلاَءَ، ولَكِنْ خَابَ رَائِدُهُ
عن نجعة الفضل والآداب والحسبِ
هجوتهُ رَغبة فى الصدق ، إذ نَفَرت
شَمائلى عن مقالِ المَدح فى الكذبِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> دعْ حبيبَ القلبِ يا سقمُ
دعْ حبيبَ القلبِ يا سقمُ
رقم القصيدة : 23788
-----------------------------------
دعْ حبيبَ القلبِ يا سقمُ
فبنفسي ، لا بهِ الألمُ
كَيْفَ حَلَّ السُّقْمُ فِي بَدَنٍ
خلقتْ منْ حسنهِ النعمُ ؟
يَا لَهَا مِنْ لَوْعَة ٍ شَعَبَتْ
ركنَ قلبي وَ هوَ ملتئمُ !
مَنَعُونِي عَنْ زِيَارَتِهِ
وَحِمَى قَلْبِي لَهُ حَرَمُ
حَكَمُوا أَنِّي بِهِ دَنِفٌ
أنا راضٍ بالذي حكموا
أولوا وجدي بهِ عبثاً
لَيْتَهُمْ قَالُوا بِمَا عَلِمُوا
أَتْهَمُونِي فِي مَوَدَّتِهِ
وَالْهَوَى مِنْ شَأْنِهِ التُّهَمُ
ربَّ ، ! قنعهمْ بفريتهمْ
وَ النتصفْ منهمْ بما زعموا
وَاشْفِ نَفْساً أَنْتَ بَارِئُهَا
فإليكَ البرءُ وَ السقمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عَدِمْتَ حَمِيَّة ً، وسَقِمْتَ وُدًّا
عَدِمْتَ حَمِيَّة ً، وسَقِمْتَ وُدًّا
رقم القصيدة : 23789
-----------------------------------
عَدِمْتَ حَمِيَّة ً، وسَقِمْتَ وُدًّا
فَلَمْ تُدْرِكْ لِمَكْرُمَة ٍ نَصِيبَا
فَمَا أَحزنت فى حربٍ عَدوَّا
وَلا أفرحتَ فى سلمِ حبيبا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مضى " حسنٌ " في حلبة ِ الشعرِ سابقاً
مضى " حسنٌ " في حلبة ِ الشعرِ سابقاً
رقم القصيدة : 23790
-----------------------------------
مضى " حسنٌ " في حلبة ِ الشعرِ سابقاً
وَأَدْرَكَ، لمْ يُسْبَقْ، ولمْ يَأْلُ "مُسْلِمُ"
وَ باراهما " الطائيُّ " ، فاعترفتْ لهُ
شهودُ المعاني بالتي هيَ أحكمُ
وَأَبْدَعَ فِي الْقَوْلِ "الْوَلِيدُ"؛ فَشِعْرُهُ
عَلَى مَا تَرَاهُ الْعَيْنُ وَشْيٌ مُنَمْنَمُ
وَأَدْرَكَ فِي الأَمْثَالِ "أَحْمَدُ" غَايَة ً(26/21)
تبذُّ الخطى ، ما بعدها متقدمُ
وَسِرْتُ عَلَى آثارِهِمْ، وَلَرُبَّمَا
سَبَقْتُ إِلَى أَشْيَاءَ واللَّهُ أَعْلَمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِلاَمَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ؟
إِلاَمَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ؟
رقم القصيدة : 23791
-----------------------------------
إِلاَمَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ؟
أبعد خمسين فى الصبا أربُ ؟
هيهات ولى الشبابُ ، واقتربتْ
سَاعَة ُ وِرْدٍ دَنَا بِها الْقَرَبُ
فليس دون الحِمامِ مبتعدٌ
ولَيْسَ نَحْوَ الْحَياة ِ مُقْتَرَبُ
كلُّ امرئٍ سائرٌ لمنزلة ٍ
لَيْسَ لَهُ عَنْ فِنائِها هَرَبُ
وساكنٌ بينَ جيرة ٍ قذَفٍ
لا نَسَبٌ بَيْنَهُمْ، ولا قُرَبُ
فِي قَفْرَة ٍ لِلصِّلالِ مُزْدَحَفٌ
فِيها، ولِلضّارِياتِ مُضْطَرَبُ
وشاهدٌ موقفاً يُدانُ بهِ
فَالوَيْلُ لِلظَّالِمِينَ والْحَرَبُ
فاربأ يفاعاً ، أو اتَّخذ سرباً
إنْ كانَ يُغْنِي الْيَفَاعُ والسَّرَبُ
لا الْبَازُ يَنْجُو مِنَ الْحِمامِ، ولاَ
يخلُصُ منهُ الحمامُ والخربُ
مسلَّطٌ فى الورى َ : فلا عجمٌ
يَبْقَى عَلَى فَتْكِهِ، وَلاَ عَرَبُ
فَكَمْ قُصُورٍ خَلَتْ، وَكَمْ أُمَمٍ
بادت ، فغصَّت بجمعها التُّربُ
فمنزلٌ عامرٌ بقاطنهِ
ومنزلٌ بعدَ أهلهِ خرِبُ
يغدو الفتى َ لاهياً بعيشتهِ
وليسَ يدرى ما الصَّابُ والضرَبُ
ويقتنى نبعة ً يصيدُ بها
ونبعُ من حاربَ الرَّدى غربُ
لا يَبْلُغُ الرِّبْحَ أَوْ يُفارِقَهُ
كماتحٍ خانَ كفَّهُ الكربُ
يا وارِداً لا يَمَلُّ مَوْرِدَهُ
حذارِ من أن يصيبكَ الشَّربُ
تَصْبُو إِلَى اللَّهْوِ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ
والَّلهوُ فيهِ البوارُ والتَّرَبُ
وتتركُ البرَّ غيرَ محتسبٍ
أجراً ، وبالبرِّ تُفتَحُ الأربُ
دَعِ الحُمَيَّا، فَلاِبْنِ حانَتِهَا
من صدمَة ِ الكأسِ لهذمٌ ذرِبُ
تَرَاهُ نُصْبَ الْعُيُونِ مُتَّكِئاً
وعقلهُ فى الضلال مغتربُ
فبئستِ الخمرُمن مخادعة ٍ
لسلمها فى ِ القلوبِ محتربُ(26/22)
إِذا تَفَشَّتْ بِمُهْجَة ٍ قَتَلَتْ
كما تفشِّى فى المبركِ الجرَبُ
فتب إلى الله قبلَ مندَمَة ٍ
تَكْثُرُ فيها الْهُمُومُ والْكُرَبُ
واعْتَدْ عَلَى الْخَيْرِ، فَالْمُوَفَّقُ مَنْ
هذَّبهُ الاعتيادُ والدَّربُ
وجد بما قَدْ حوَتْ يداكَ ، فمَا
ينفَعُ ثَمَّ اللُّجينُ والغرَبُ
فَإِنَّ لِلدَّهْرِ لَوْ فَطَنْتَ لَهُ
قَوْساً مِنَ الْمَوْتِ سَهْمُهَا غَرَبُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَعَمْرُكَ مَا يُدْعَى الفَتَى بَيْنَ قَوْمِهِ
لَعَمْرُكَ مَا يُدْعَى الفَتَى بَيْنَ قَوْمِهِ
رقم القصيدة : 23792
-----------------------------------
لَعَمْرُكَ مَا يُدْعَى الفَتَى بَيْنَ قَوْمِهِ
بذي كرمٍ حتى يكونَ كريما
وَلَنْ يَلْبَثَ الْمَرْءُ الضَّنِينُ بِمَالِهِ
إِذَا خَافَ غُرْماً أَنْ يُعَدَّ لَئِيمَا
فَلَيْسَ الْفَتَى مَنْ حَازَ مَالاً، وَإِنَّمَا
فَتَى الْقَوْمِ مَنْ أَغْنَتْ يَدَاهُ عَدِيمَا
فمزْ بينَ ما تختارُ في الفعلِ ، وَ التمسْ
لنفسكَ حظاً كيْ تكون عظيما
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أدرِ الكأسَ يا نديمُ ، وهاتِ
أدرِ الكأسَ يا نديمُ ، وهاتِ
رقم القصيدة : 23793
-----------------------------------
أدرِ الكأسَ يا نديمُ ، وهاتِ
واسْقِنِيها عَلَى جَبِينِ الْغَدَاة ِ
شاقَ سمعى الغِناءُ فى رونقِ الفجـ
ـرِ، وسَجْعُ الطُّيُورِ في الْعَذَباتِ
أَيُّ شَيْءٍ أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنْ كَأْ
سٍ مُدارٍ على بساطِ بناتِ ؟
هُوَ يَوْمٌ تَعَطَّرَتْ طَرَفاهُ
بشمالٍ مسكيَّة ِ النفحاتِ
باسمُ الزَّهرِ ، عاطرُ النَّشرِ، هامى الـ
ـقَطْرِ، وَانِي الصَّبَا، عَلِيلُ الْمَهَاة ِ
مَسْرَحٌ لِلْعُيُونِ يَمْتَدُّ فِيهِ
نفسُ الريحِ بينَ ماضٍ وآتِ
فامْتَثِلْ دَعْوَة َ الصَّبُوحِ، وبادِرْ
فُرْصَة َ الدَّهْرِ قَبْلَ وَشْكِ الْفَواتِ
وتَدَرَّجْ مَعِي إِلَى رَوْضَة ِ الْمَنْـ(26/23)
ـيَلِ ذاتِ النَّخِيلِ والثَّمَراتِ
فهى مرعى الهوى ، ومغنى التَّصابى
ومَراحُ الْمُنَى ، ومَسْرَى الْحَياة ِ
أَلفتها النفوسُ ، فهى َ إليها
مِنْ أَلِيمِ الأَشْواقِ فِي حَسَراتِ
تبعَثُ اللَّهوَ والسُّرورَ، وتمحو
مِنْ فُؤَادِ الْحَزِينِ كُلَّ شَكاة ِ
بَيْنَ نَدْمانَ كَالكَواكِبِ حُسْناً
ورعابيبَ كالدُّمى خَفِراتِ
يتساقّونَ بالكئوسِ مُداماً
هى كالشَّمسِ فى قميص إياة ِ
فى أباريقَ كالطيورِ اشرأبَّت
حَذَرَ الفَتْكِ مِنْ صِيَاحِ الْبُزَاة ِ
حانياتٍ على الكئوسِ منَ الرأ
فة ِ ، يُرضِعنَهنَّ كالأمهاتِ
لا ترى العينُ بينهُمْ غيرَ صبٍّ
بِسماعٍ ، أو هائمٍ بفتاة ِ
ومغنٍّ إذا شدَا خِلتَ أنَّ الـ
أرضَ ظلَّت تدورُ بالفلواتِ
مَلَكَ السَّمْعَ والْفُؤادَ بلَحْنٍ
يفتِنُ الغيدَ داخِلَ الحجُراتِ
يبعّثُ الصوتَ مرسلاً ، فإذا ما
غضَّ منهُ استدارَ بينَ اللَّهاة
غردٍ يبطِلُ الحديثَ ، ويُنسى
رَبَّة َ الْحُزْنِ لَوْعَة َ الذُّكُرَاتِ
تِلْكَ واللَّهِ لَذَّة ُ الْعَيْشِ، لا سَوْ
مُ الأمانى فى عالمِ الخطراتِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَهُ نَظْرَتَا جُودٍ، وَبَأْسٍ أَثَارَتَا
لَهُ نَظْرَتَا جُودٍ، وَبَأْسٍ أَثَارَتَا
رقم القصيدة : 23794
-----------------------------------
لَهُ نَظْرَتَا جُودٍ، وَبَأْسٍ أَثَارَتَا
غَمَامَيْنِ سَالاَ بِالْفَوَاضِلِ وَالدمِ
فكمْ أحيتِ الأولى لبانة َ معشرٍ
وَ كمْ أردتِ الأخرى حشاشة َ مجرمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> زمزمى الكأسَ وهاتى
زمزمى الكأسَ وهاتى
رقم القصيدة : 23795
-----------------------------------
زمزمى الكأسَ وهاتى
واسقنيها يا مهاتى
وامْزُجِيهَا بِرُضابٍ
مِنكِ معسولَ اللَّهاة ِ
إِنَّمَا الرَّاحُ مَدارُ الْـ
ـأُنْسِ فِي كُلِّ الجِهاتِ
طالما عاصيتُ فيها
أَهلَ ودِّى ونهاتى
لا أبالى فى هَواها
بِسماعِ الترَّهاتِ
كيفَ أخشى قولَ داهٍ ؟(26/24)
أنا مِنْ قومٍ دُهاة ِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عليلٌ ، أنتَ مسقمهُ
عليلٌ ، أنتَ مسقمهُ
رقم القصيدة : 23796
-----------------------------------
عليلٌ ، أنتَ مسقمهُ
فَمَا لكَ لاَ تُكلِّمُهُ؟
سرى فيهِ الضنى حتى َّ
بدتْ للعينِ أعظمهُ
فَلاَ إِنْ بَاحَ تَعْذِرُهُ
وَ لاَ إنْ ناحَ ترحمهُ
إِذَا كَانَ الْهَوَى ذَنْبِي
فقلْ لي : كيفَ أكتمهُ ؟
وَدَمْعِي أَنْتَ مُرْسِلُهُ
وَقَلْبِي أَنْتَ مُؤْلِمُهُ
وَ لاَ وَ اللهِ مالي في الـ
ـهوى ذنبٌ ، فأعلمهُ
فويلي منْ غريب الدلـ
ـلِ أبلاني تحكمهُ
تَرَدَّدَ فِي مَحَبَّتِهِ
وَ لمْ يسمحْ بها فمهُ
غزالٌ أحورُ العينيـ
ـنِ، لاَ يَسْلُو مُتَيَّمُهُ
بَهِيمُ بِحُسْنِ صُورَتِهِ
فُؤَادِي، وَهْوَ يَظْلِمُهُ
نسبتُ بهِ ، فبانَ على
جَبِينِ الشِّعْرِ مِيسَمُهُ
فما لي في الذي أمليـ
ـهِ مِنْ فضْلٍ، فَأَغْنَمُهُ
وَ لكنْ حسنهُ يبدو
إلى عيني ، فترسمهُ
وَيَنْثُرُ لَفْظَهُ دُرّاً
على سمعي ، فأنظمهُ
وَ لولاَ ذاكَ ما لاحتْ
بِأُفْقِ الشِّعْرِ أَنْجُمُهُ
فقلْ ما شئتَ في شعري
وَ خيرُ القولِ أحكمهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سمعَ الخلى ُّ تأّوُّهى فتَلفَّتا
سمعَ الخلى ُّ تأّوُّهى فتَلفَّتا
رقم القصيدة : 23797
-----------------------------------
سمعَ الخلى ُّ تأّوُّهى فتَلفَّتا
وأصابهُ عجبٌ ، فقالَ منِ الفتى ؟
فَأَجَبْتُهُ إِنِّي امْرُؤٌ لَعِبَ الأَسَى
بِفُؤادِهِ يَوْمَ النَّوَى فَتَشَتَّتَا
انظُرْ إلى َ تجِدْ خيالاً بالياً
تحتَ الثِّيابِ ، يكادُ ألاَّ ينعتا
قَدْ كانَ لِي قَلْبٌ أَصابَ سَوادَهُ
سهمٌ لطَرفٍ فاترٍ فَتفتَّتا
تبِعَ الهوى قلبى فهامَ ، وليتَهُ
قَبْلَ التَّوَغُّلِ في البَلاءِ تَثَبَّتَا
أَلْقَتْهُ فِي شَرَكِ الْمَحَبَّة ِ غَادَة ٌ
هَيْهَاتَ، لَيْسَ بِصاحِبِي إِنْ أَفْلَتَا
كالوردِ خدَاً ، والبنفسجِ طرَّة ً(26/25)
والْغُصْنِ قَدًّا، والْغَزَالَة ِ مَلْفَتَا
نَظَرَتْ بِكَحْلاوَيْنِ أَوْدَعَتَا الْهَوَى
بِالقَلْبِ حَتَّى هَامَ، ثُمَّ تَخَلَّتَا
تاللهِ لو علمَ العذولُ بما جنى
طرفى على ّ لساءه أن يشمتا
طَرْفٌ أَطَلْتُ عِنَانَهُ لِيُصِيبَ لِي
بَعْضَ الْمُنَى ، فَأَصابَنِي لَمَّا أَتَى
يا قَلْبُ حَسْبُكَ قَدْ أَفاقَ مَعَاشِرٌ
وأَراكَ تَدْأَبُ في الهَوَى ، فإِلى مَتَى ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> و فاتنة ِ الحديثِ ، لها نكاتٌ
و فاتنة ِ الحديثِ ، لها نكاتٌ
رقم القصيدة : 23798
-----------------------------------
و فاتنة ِ الحديثِ ، لها نكاتٌ
تحولُ بسحرها دونَ المرامِ
شَكوْتُ لَهَا ضَنَى جَسَدِي، فَقَالَتْ
بطرفي ما بجسمكَ منْ سقامِ
فَقُلْتُ: عِدِي بِوَصْلٍ مِنكِ صَبّاً
برَتْهُ يَدُ الصبَابَة ِ وَالْغَرامِ
فَقَالَتْ: سَوْفَ تَلْقَانِي قَرِيباً
فقلتُ : متى ؟ فقالتْ : في المنامِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لا تعاشِرْ ما عِشتَ أَحمقَ ، واعلم
لا تعاشِرْ ما عِشتَ أَحمقَ ، واعلم
رقم القصيدة : 23799
-----------------------------------
لا تعاشِرْ ما عِشتَ أَحمقَ ، واعلم
أَنَّهُ فِي الوُجُودِ حَيٌّ كَمَيْتِ
لَيسَ بَيْنَ الجُنُونِ والْحُمْقِ إِلاَّ
مثلُ ما بينَ أدْهَمٍ وكُميتِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ذَنْبِي إِلَيْكَ غَرَامِي
ذَنْبِي إِلَيْكَ غَرَامِي
رقم القصيدة : 23800
-----------------------------------
ذَنْبِي إِلَيْكَ غَرَامِي
فعلْ يحلُّ ملامي ؟
يَا ظالِمي فِي هوَاهُ
هَلاَّ رَعيْتَ ذِمَامِي
حَتَّامَ تُعْرِضُ عَنِّي
وَ لاَ تردُّ سلامي
عَطْفاً عَليَّ؛ فَإِنِّي
برى هواك عظامي
فَكَيْفَ تُنْكِرُ وَجْدِي؟
أَمَا رَأَيْتَ سَقَامِي؟
وَيْلاَهُ مِمَّا أُلاَقِي
مِنْ لَوْعَتِي وَهُيَامِي
رقَّ النسيمُ لحالي
وَ سالَ دمعُ الغمامِ
وَسَاعَدَتْنِي، فَنَاحَتْ(26/26)
عَلَيَّ وُرْقُ الْحَمامِ
فيا سميرَ فؤادي
في يقظتي وَ منامي
مَتَى يَفُوزُ بِوَصْلٍ
أَسِيرُ لَحْظِكَ "سَامِي"
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رَأَيْتُ بِصَحْرَاءِ الْقَرافَة ِ نِسْوَة ً
رَأَيْتُ بِصَحْرَاءِ الْقَرافَة ِ نِسْوَة ً
رقم القصيدة : 23801
-----------------------------------
رَأَيْتُ بِصَحْرَاءِ الْقَرافَة ِ نِسْوَة ً
نوازِعَ ، لا يأوينَ حزناً إلى بيتِ
يَنُحْنَ عَلى مَيْتٍ سَيَتْبَعْنَ إِثْرَهُ
وَمِنْ عَجَبٍ مَيْتٌ يَنُوحُ عَلى مَيْتِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> قَالَتْ أَرَاكَ عَلِيلَ الْجِسْمِ، قُلْتُ لَهَا
قَالَتْ أَرَاكَ عَلِيلَ الْجِسْمِ، قُلْتُ لَهَا
رقم القصيدة : 23802
-----------------------------------
قَالَتْ أَرَاكَ عَلِيلَ الْجِسْمِ، قُلْتُ لَهَا
مَنْ شَفَّهُ الْحُبُّ أَبْلَى جِسْمَهُ السَّقَمُ
قَالَتْ: فَهلْ مِنْ دَوَاءٍ يُسْتَطَبُّ بِهِ
قلتُ : الوصالُ ، فراحتْ وَ هيتبتسمُ
فبتُّ في حيرة ٍ ، لاَ القلبُ مصطبرٌ
وَ الوصولُ إلى ما يشتهي أممُ
وَ منْ أطاعَ هواهُ غيرَ مكترثٍ
بما يكونُ ، فعقبي أمرهِ ندمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كلُّ حى ٍّ سيموتُ
كلُّ حى ٍّ سيموتُ
رقم القصيدة : 23803
-----------------------------------
كلُّ حى ٍّ سيموتُ
لَيْسَ في الدُّنيا ثُبُوتُ
حَرَكَاتٌ سَوْفَ تَفْنَى
ثُمَّ يَتْلُوها خُفُوتُ
وكَلامٌ لَيْسَ يَحْلُو
بَعْدَهُ إِلاَّ السُّكُوتُ
أيُّها السادِرُ قُلْ لى
أَيْنَ ذاكَ الجَبَرُوتُ؟
كُنتَ مطبوعاً على النُطْ
ـقِ، فَمَا هَذَا الصُّمُوتُ؟
ليت شِعرى ، أَهُمودٌ
ما أراهُ ، أَم قنوتُ ؟
أَيْنَ أَمْلاكٌ لَهُمْ في
كُلِّ أُفْقٍ مَلَكُوتُ
زالَت التيجانُ عنهم
وخَلَتْ تلْكَ التُّخُوتُ
أَصْبَحَتْ أَوْطَانُهُمْ مِنْ
بَعْدِهِمْ وَهْيَ خُبُوتُ
لا سَمِيعٌ يَفْقَهُ الْقَوْ
لَ، ولا حَيٌّ يَصُوتُ(26/27)
عمرَت منهُم قبورٌ
وخلَت منهم بيوتٌ
لم تَذُدْ عَنْهُمْ نُحُوسَ الدَّ
هْرِ إِذْ حانَتْ بُخُوتُ
خَمَدَتْ تِلْكَ الْمَسَاعِي
وانْقَضَتْ تلكَ النُّعُوتُ
إِنَّما الدُّنْيا خَيَالٌ
باطِلٌ سَوْفَ يَفُوتُ
ليسَ للإنسانِ فيها
غيرَ تقوى اللهِ قوتُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَلاَ، لاَ تَلُمْ صبّاً علَى طُولِ سُقْمِهِ
أَلاَ، لاَ تَلُمْ صبّاً علَى طُولِ سُقْمِهِ
رقم القصيدة : 23804
-----------------------------------
أَلاَ، لاَ تَلُمْ صبّاً علَى طُولِ سُقْمِهِ
وَ دعهُ ، فليسَ الأمرُ فيهِ لحكمهِ
فَلَيْسَ الْهَوَى مِمَّا يُرَدُّ بِحِيلَة ِ
وَلَكِنَّهُ يَثْنِي الْفَتَى دُونَ عَزْمِهِ
وَ ما يستوي جانٍ أتى الإثمَ طائعاً
وَ آخرُ لمْ يقرفهُ إلاَّ برغمهِ
إذا ما أقرَّ المرءُ يوماً بذنبهِ
فماذا الذي تغنى لجاجة ُ خصمهِ ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِلَى اللَّهِ أَشْكُو أَنَّنِي بَيْنَ مَعْشَرٍ
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو أَنَّنِي بَيْنَ مَعْشَرٍ
رقم القصيدة : 23805
-----------------------------------
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو أَنَّنِي بَيْنَ مَعْشَرٍ
سواءٌ لديهم طيِّبٌ وخبيثُ
لهُم ألسنٌ إن رُمنَ أَمراً بلغنَهُ
مِنَ النَّفْسِ، مَصْنُوعٌ لَهُنَّ حَدِيثُ
تَرِثُّ عَلَى قُرْبِ الوِدادِ عُهُودُهُمْ
وكَيْفَ يَدُومُ الشَّيْءُ وهْوَ رَثِيثُ؟
فَلَيْسَ لَهُمْ في سَالِفِ الدَّهْرِ مَحْتِدٌ
قَدِيمٌ، وَلا في المَكْرُماتِ حَدِيثُ
برِمتُ بهم حتَّى سئمتُ مكانتى
وأنكرتُ طيبَ العيشِ وهو دميثُ
إذا لم يغثنى اللهُ منهم بفضلهِ
فَمَا لِيَ بَيْنَ الْعَالَمينَ مُغِيثُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> منحتكَ ألقابَ العلاَ ، فادعني باسمي
منحتكَ ألقابَ العلاَ ، فادعني باسمي
رقم القصيدة : 23806
-----------------------------------
منحتكَ ألقابَ العلاَ ، فادعني باسمي(26/28)
فما تخفضُ الألقابُ حراً ، وَ لاَ تسمى
إذا كانَ عقبانُ الجديدِ إلى بلى
فَلاَ فَرْقَ مَا بَيْنَ الْحَدِيثِ وَلاَ الرَّسْمِ
تأملْ إلى الدنيا بعينٍ بصيرة ِ
لعَلَّكَ تَرْضَى بِالْقَلِيلِ مِنَ الْقَسْمِ
فَمَا الْعَيْشُ إِلاَّ خَطْرَة ٌ عَرَضِيَّة ٌ
تَزُولُ كَمَا زَالَ الْحَثِيثُ مِنَ النَّسْمِ
وَهَلْ نَحْنُ إِلاَّ مِثْلُ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا؟
فَسَوْفَ تُعَانِي الْجَدْبَ يَا رَاعِي الْوَسْمِي
لعمري لنعمَ المرءُ منْ باتَ راضياً
بِمَا خَصَّهُ مِنْ فَيْضِهِ سَابِقُ الرَّسْمِ
تَفَلْسَفَ قَوْمٌ فِي الْمَقَالِ، وما دَرَوْا
جَرِيرَة َ مَا أَبْقَوْا عَلَى الدَّهْرِ مِنْ وَسْمِ
وَلَوْ رَاجَعُوا هَذِي النُّفُوسَ لَعَالَجُوا
بتركِ الخطايا معضلَ الداءِ بالحسمِ
فدعْ هذهِ الدنيا وَ إنْ هيَ أقبلتْ
عليكَ بإيماضِ البشاشة ِ وَ البسمِ
فلوْ جربَ الإنسانُ أخلاقَ دهرهِ
لأمسكَ باليأسِ المريحِ عنِ العسمِ
فَمَنْ لِي بِرَأْيٍ صَادِقٍ أَقْتَفِي بِهِ
مَدَارِجَ قَوْمٍ أَدْرَكُوا الأَمْرَ بِالْقَسْمِ
بَرَتْنِي تَبَارِيحُ الْحيَاة ِ، فَلَمْ تَدَعْ
لديَّ سوى روحٍ ترددَ في جسمِ
يقولونَ " محمودٌ " ، وَ يا ليتَ أنني
كَمَا زَعَمُوا، أَوْلَيْتَ لِي طَائِعاً كَاسْمِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> آهٍ من غربَة ٍ وفقد حبيبٍ
آهٍ من غربَة ٍ وفقد حبيبٍ
رقم القصيدة : 23807
-----------------------------------
آهٍ من غربَة ٍ وفقد حبيبٍ
أَوْرَثَا مُهْجَتِي عَذاباً مَكِيثَا
لا تسلنى عمَّا أقاسى ، فإنِّى
بينَ قومٍ لا يفقهونَ حديثا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> قَالُوا: أَلاَ تَصِفُ الْغَرَامَ لَنا
قَالُوا: أَلاَ تَصِفُ الْغَرَامَ لَنا
رقم القصيدة : 23808
-----------------------------------
قَالُوا: أَلاَ تَصِفُ الْغَرَامَ لَنا
حتى يحيطَ بنعتهِ الفهمُ ؟
فَأَجَبْتُهُمْ: هَيْهَاتَ أَنَعَتُ مَا(26/29)
يَعْتَلُّ دُونَ صِفاتِهِ الْوَهْمُ
الْحُبُّ يَنْفُذُ بِالْفُؤَادِ كَمَا
يمضي على غلوائهِ السهمُ
يَعْنُو لِسَوْرَتِهِ الْمَلِيكُ، وَلاَ
يَقْوَى عَلَى صَدَمَاتِهِ الشَّهْمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ألا قل لقومٍ شامتينَ تربَّصوا
ألا قل لقومٍ شامتينَ تربَّصوا
رقم القصيدة : 23809
-----------------------------------
ألا قل لقومٍ شامتينَ تربَّصوا
تَهَزُّمَ شَرٍّ بِالْمَنِيَّة ِ كارِثِ
أرى سِترَ خطبٍ قد ترفَّعَ وانبرَت
تلوحُ لهم منهُ وجوهُ الحوادثِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَدِرْهَا قَبْلَ تَغْرِيدِ الْحَمَامَهْ
أَدِرْهَا قَبْلَ تَغْرِيدِ الْحَمَامَهْ
رقم القصيدة : 23810
-----------------------------------
أَدِرْهَا قَبْلَ تَغْرِيدِ الْحَمَامَهْ
فما ينفى الهمومَ سوى المدامهْ
مُعَتَّقَة ً، إِذَا سَلَكَتْ ضمِيراً
مَحَتْ عَنْهُ الْكَلاَلَة َ والسَّآمهْ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ أَصْبَحَتِ الْغَوَادِي
لها في كلَّ ناحية ٍ علامهْ ؟
فَكَمْ في الأَرْضِ مِنْ مَجْرَى غَدِيرٍ
وَ كمْ في الجوَّ منْ مسرى غمامهْ
فبادرْ صفوة َ الأيامِ تغنمْ
لَذَاذَتَهَا، وَلاَ تَخْشَ الْمَلاَمَهْ
وَ لاَ تحزنْ على شيءٍ تولى
فإنَّ الحزنَ مقراضُ السلامهْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا صَارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالمُهَجِ
يا صَارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالمُهَجِ
رقم القصيدة : 23811
-----------------------------------
يا صَارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالمُهَجِ
حَتَّى فَتَكْتَ بها ظُلْماً بلا حَرَجِ
ما زالَ يَخْدَعُ نَفْسِي وهْيَ لاهِيَة ٌ
حَتَّى أَصابَ سَوادَ الْقَلْبِ بِالدَّعَجِ
طَرفٌ ، لو انَّ الظُّبا كانت كلحظتِهِ
يومَ الكريهة ِ ، ما أبقت على وَدَج
أوحى إلى القلبِ ، فانقادَت أزِّمتهُ
طَوْعاً إِلَيْهِ، وخَلاَّنِي وَلَمْ يَعُجِ(26/30)
فكيفَ لى بتلافيهِ ؟ وقَد علِقَتْ
بهِ حَبائلُ ذاكَ الشادنِ الغَنجِ
كادَتْ تُذِيبُ فُؤادِي نارُ لَوْعَتِهِ
لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْ مَسِيلِ الدَّمْعِ فِي لُجَجِ
لَوْلا الْفَوَاتِنُ مِنْ غِزْلانِ "كاظِمَة ٍ"
ما كانَ للحبِّ سُلطانٌ علَى المُهَجِ
فَهَل إلى صِلَة ٍ مِنْ غادِرٍ عِدَة ٌ
تَشْفِي تَبارِيحَ قَلْبٍ بِالْفِراقِ شَجِ
أَبيتُ أرعى نُجومَ اللَّيلِ فى ظُلَمٍ
يَخْشَى الضَّلاَلَة َ فيها كُلُّ مُدَّلِجِ
كَأَنَّ أَنْجُمَهُ والْجَوُّ مُعْتَكِرٌ
غِيدٌ بِأَخبِيَة ٍ يَنْظُرْنَ مِنْ فُرَجِ
لَيْلٌ غَياهِبُهُ حَيْرَى ، وأَنْجُمُهُ
حَسْرَى ، وساعاتُهُ في الطُّولِ كالْحِجَجِ
كأنَّما الصبحُ خافَ اللَّيلَ حينَ رأى
ظَلْماءَهُ ذاتَ أَسْدادٍ، فَلَمْ يَلِجِ
فَلَيْتَ مَنْ لامَنِي لانَتْ شَكِيمَتُهُ
فَكَفَّ عَنِّي فُضُولَ الْمَنْطِقِ السَّمِجِ
يظنُّ بى سفهاً أنِّى على سرفٍ
ولا يَكادُ يَرَى ما فيهِ مِنْ عِوَجِ
فاعْدِلْ عَنِ اللَّوْمِ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً
فاللَّوْمُ في الْحُبِّ مَعْدُودٌ مِنَ الْهَوَجِ
هيهاتَ يسلكُ لومَ العاذلينَ إلى
قلبٍ بحبِّ رسولِ اللهِ ممتزجِ
هُوَ النَّبِيُّ الَّذي لَوْلاَ هِدَايَتُهُ
لَكانَ أَعْلَمُ مَنْ فِي الأَرْضِ كَالهَمَجِ
أنا الَّذى بتُّ من وجدى بروضتهِ
أَحِنُّ شَوْقاً كَطَيْرِ الْبَانَة ِ الْهَزِجِ
هاجَتْ بذِكْرَاهُ نَفْسِي، فاكتَسَتْ وَلَهاً
وأى ُّ صبٍّ بذكرِ الشَّوقِ لمْ يهجِ ؟
فَمَا احْتِيَالِي؟ ونَفْسِي غَيْرُ صابِرَة ٍ
على البعادِ ، وهمِّى غيرُ منفرجِ
لا أستطيعُ براحاً إن هممتُ ، ولا
أَقْوَى عَلَى دَفْعِ ما بالنَّفْسِ مِنْ حوَجِ
لَوْ كانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ في تَنَقُّلِهِ
ما كان إلاَّ إلى مغناهُ منعرَجِى
فهل إلى صلة ِ الآمالِ من سببٍ ؟
أم هل إلى ضيقة ِ الأحزانِ من فرجِ ؟
يا ربِّ بالمصطفى هب لى -وإن عظُمَت
جَرائِمِي رحْمَة ً تُغْنِي عَنِ الحُجَجِ(26/31)
ولا تكلنى إلى نفسى فإنَّ يدى
مغلولة ٌ ، وصباحى غيرُ منبلجِ
ما لي سِواكَ، وأَنْتَ الْمُسْتعانُ إِذَا
ضَاقَ الزِّحامُ غَدَاة َ المَوْقِفِ الْحَرِجِ
لم يَبْقَ لِي أَمَلٌ إِلاَّ إِلَيْكَ، فَلاَ
تَقْطَعْ رَجائي، فَقَدْ أَشْفَقْتُ مِنْ حَرَجِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَتَى يَنْقَضِي عُمْرُ الْحَيَاة ِ؛ فَتَنْقَضِي
مَتَى يَنْقَضِي عُمْرُ الْحَيَاة ِ؛ فَتَنْقَضِي
رقم القصيدة : 23812
-----------------------------------
مَتَى يَنْقَضِي عُمْرُ الْحَيَاة ِ؛ فَتَنْقَضِي
مآربُ كانتْ علة ً للمظالمِ
تساوتْ نفوسُ الخلقِ في الشرَّ ؛ فاستعذْ
بربَّ البرايا منْ جهولِ وَ عالمِ
وَلَوْ عَرَفُوا مَا أَنْكَرُوهُ لأَيْقَنُوا
بأنَّ نعيمَ الدهرِ خدعة ُ حالمِ
تأملْ رويداً يا بنْ وديَ ، هلْ ترى
عَلى صَفْحَاتِ الأَرْضِ غَيْرَ مَعَالِمِ؟
يظنُّ عليلُ القومِ في الطبَّ برأهُ
وَ لمْ يدرِ أنَّ الطبَّ ليسَ بسالمِ
فطرْ للسها ، أوْ فاتخذْ لكَ سلماً
لِتَرْقَى إِلَى أَبْرَاجِهِ بِالسَّلاَلِمِ
وَ كيفَ تنالُ النفسُ في الدهرِ عيشة ً
تلذُّ بها ، والدهرُ غيرُ مسالمِ ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أبعدَ ستينَّ لى حاجٌ فأطلبها ؟
أبعدَ ستينَّ لى حاجٌ فأطلبها ؟
رقم القصيدة : 23813
-----------------------------------
أبعدَ ستينَّ لى حاجٌ فأطلبها ؟
هَيْهاتَ، ما لامْرِىء ٍ بَعْدَ الصِّبَا حاجُ
إِنَّ ابْنَ آدَمَ في الدُّنْيَا عَلَى خَطَرٍ
لا يَسْتَقِيمُ لَهُ قَصْدٌ ومِنْهاجُ
كأنما هوَ فى فلكٍ تحيطُ بهِ
مِنْ جانِبَيْهِ أَعاصِيرٌ وأَمْواجُ
يهوى البقاءَ ، ومكروهُ الفناءِ بهِ
ويستعِزُّ بأمنٍ فيهِ إزعاجُ
لا أَحْفِلُ الطَّيْرَ إِنْ غَنَّتْ، وإِنْ نَعَبَتْ
سِيَّانِ عِنْدِي صَفَّارٌ وشَحَّاجُ
يستعظمونَ منَ الحجَّاجِ صولّتهُ
وكلُّ قومٍ بهِم للظُلمِ حجَّاجُ(26/32)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> خليليَّ ! ، ما في الدهرِ أطولُ حسرة ً
خليليَّ ! ، ما في الدهرِ أطولُ حسرة ً
رقم القصيدة : 23814
-----------------------------------
خليليَّ ! ، ما في الدهرِ أطولُ حسرة ً
مِنَ الْمَرْءِ يَلْقَى فُرْصَة ً فَيَخِيمُ
وَإِنَّ امرأً يَلْقَى فَوَاضِلَ نِعْمَة ٍ
بأرضٍ ، وينوي غيرها لمليمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هنيئاً لريَّا ما تضمُّ الجوانحَ
هنيئاً لريَّا ما تضمُّ الجوانحَ
رقم القصيدة : 23815
-----------------------------------
هنيئاً لريَّا ما تضمُّ الجوانحَ
وإن طوَّحت بى فى هواها الطوائِحُ
فَتاة ٌ لَها فِي مَنْصِبِ الْحُسْنِ سُورَة ٌ
تقصِّرُ عنها الغِيدُ وهى رواجحُ
أحاطَ على مثلِ الكثيبِ إزارها
ودَارَتْ عَلَى مِثْلِ الْقَناة ِ الْوَشائِحُ
ففى الغصنِ منها إن تثنَّت مشابِهٌ
وفى البدرِ منها إن تجلَّت ملامحُ
مَحاسِنُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ كَثِيرَة ٌ
ولكنَّها إن وازنتها مقابحُ
كأنَّ اهتزاز القرطِ فى صفحِ جيدها
سنا كوكبٍ فى مطلعِ الفجرِ لائحُ
لها ذُكْرَة ٌ عِنْدِي وَطَيْفٌ، كِلاهُمَا
بِتِمْثَالِها غادٍ عَليَّ ورائِحُ
عَجِبْتُ لِعَيْنِي كَيْفَ تَظْمَأُ دُونَها
وإنسانها فى لجَّة ِ الماءِ سابحُ
أَحِنُّ لَها شَوْقاً، ودُونَ مَزارِهَا
مسالِكُ يأويها الرَّدى ومنادحُ
فيافٍ يضِلُّ النجمَ فى قُذُفاتها
وتَظْلَعُ فيها النَّائِجَاتُ الْبَوَارِحُ
وَلُجَّة ُ بَحْرٍ كُلَّما هَبَّ عاصِفٌ
مِنَ الرِّيحِ، دَوَّى مَوْجُهَا المُتَنَاطِحُ
فقلبى تحتَ السَّرد كالنارِ لافحٌ
ودَمْعِيَ فَوْقَ الْخَدِّ كالْمَاءِ سافِحُ
ولَوْ كُنْتُ مَطْلُوقَ الْعِنانِ لمَا ثَنَتْ
هواى َ الفيافى والبحارُالطَّوافحُ
ولَكِنَّنِي في جَحْفَلٍ لَيْسَ دُونَهُ
بَراحٌ لِذِي عُذْرٍ، وَلاَ عَنْهُ بَارِحُ
يكافحنى شوقى إذا اللَّيلُ جنَّنى
وأغدو على جمعِ العدا فأكافحُ(26/33)
خصيمانِ : هذا بالفؤادِ مخيِّمٌ
وذلكَ عَنْ مَرْمَى الْقَذِيفَة ِ نازِحُ
ومَا بيَ ما أَخْشاهُ مِنْ صَوْلَة ِ الْعِدَا
لَوَ انَّ الْهَوَى يُولِي يَداً، أَوْ يُسامِحُ
فَيَا "رَوْضَة َ الْمِقْيَاسِ" حَيَّاكِ عارِضٌ
مِنَ الْمُزْنِ خَفَّاقُ الْجَنَاحَيْنِ دَالِحُ
ضَحُوكُ ثَنايَا الْبَرْقِ، تَجْرِي عُيُونُهُ
بودقٍ بهِ تحيا الرُبى والصحاصحُ
تحوكُ بخيطِ المزنِ منهُ يدُ الصبا
لَها حُلَّة ً تَخْتَالُ فِيهَا الأَبَاطِحُ
منازلُ حلَّ الدهرُ فيها تمائمى
وصافحنى فيها القنا والصفائِحُ
وإنَّ أحقَّ الأرضِ بالشكرِ منزلٌ
يكونُ بهِ للمرءِ خلٌّ مناصِحُ
فهل ترجعُ الأيامُ فيهِ بما مضَتْ
ويَجْرِي بِوَصْلٍ مِنْ "أُمَيْمَة َ" سانِحُ؟
لعمرى لقد طالَ النَّوى ، وتقاذفَتْ
مَهامِهُ دُونَ الْمُلْتَقَى ومَطاوِحُ
وأَصْبَحْتُ في أَرْضٍ يَحَارُ بها الْقَطا
وترهَبُها الجِنَّانُ وهى سّوارِحُ
بَعِيدَة ُ أَقْطَارِ الدَّيامِيمِ، لَوْ عَدا
"سُلَيْكٌ" بها شَأْواً قَضَى وَهْوَ رازِحُ
تصيحُ بها الأصداءُ فى غسَقُ الدجى
صِياحَ الثكالى هيَّجتها النوائحُ
تَرَدَّتْ بِسَمُّورِ الْغَمَامِ جِبالُها
وماجت بتيَّارِ السيولِ البطائحُ
فأَنْجادُها لِلْكَاسِراتِ مَعَاقِلٌ
وأغوارها للعاسلاتِ مسارحُ
مهالكُ ينسى المرءُ فيها خليلهُ
وَيَنْذُرُ عَنْ سَوْمِ الْعُلا مَن يُنافِحُ
فَلاَ جَوَّ إِلاَّ سَمْهَرِيٌّ وقاضِبٌ
ولا أرضَ إلا شمرى ٌّ وسابحُ
ترانا بها كالأُسدِ نرصدُ غارة ً
يطيرُ بها فتقٌ منَ الصبحِ لامحُ
مَدافِعُنَا نُصْبُ الْعِدَا، ومُشاتُنَا
قِيَامٌ، تَلِيها الصَّافِناتُ الْقَوارِحُ
ثلاثة ُ أصنافٍ تقيهنَّ ساقة ٌ
صيالَ العدا إن صاحَ بالشَّرِّ صائحُ
فَلَسْتَ تَرَى إِلاَّ كُماة ً بَوَاسِلاً
وجُرْداً تَخْوضُ الْمَوْتَ وَهْيَ ضَوابِحُ
نُغيرُ على الأبطالِ والصبحُ باسمٌ
ونأوى ِ إلى الأدغالِ واللَّيلُ جانحُ(26/34)
بَكَى صاحِبِي لَمَّا رَأَى الْحَرْبَ أَقْبَلَتْ
بأبنائها ،واليومُ أغبرُ كالحُ
ولَمْ يَكُ مَبْكَاهُ لِخَوْفٍ، وإِنَّمَا
تَوَهَّمَ أَنِّي في الْكَرِيهَة ِ طَائِحُ
فقال اتَّئد قبلَ الصيالِ ، ولاتكن
لنَفسكَ حرباً ، إنَّنى لكَ ناصحُ
أَلَمْ تَرَ مَعْقُودَ الدُّخانِ، كَأَنَّمَا
عَلَى عَاتِقِ الْجَوْزاءِ مِنْهُ سَرائِحُ؟
وقَدْ نَشَأَتْ لِلْحَرْبِ مُزْنَة ُ قَسْطَلٍ
لَهَا مُسْتَهلٌّ بِالْمَنِيَّة ِ راشِحُ
فلا رأى إلاَّ أن تكونَ بنجوة ٍ
فإنكَ مقصودُ المكانة ِ واضحُ
فقلتُ تعلَّم أنما هى خطَّة
يَطُولُ بها مَجْدٌ، وتُخْشَى فَضَائِحُ
فَمَا كُلُّ ما تَرجُو مِنَ الأَمْرِ ناجعٌ
ولا كُلُّ مَا تَخْشَى مِنَ الْخَطْبِ فَادِحُ
فقدْ يهلكُ الرعديدُ فى عقرِ دارهِ
ويَنْجُو مِنَ الحَتْفِ الْكَمِيُّ الْمُشَايِحُ
وكلُّ امرئٍ يوماً ملاقٍ حِمامهُ
وإن عار فى أرسانهِ وهو جامحُ
فما بارحٌ إلاَّ معَ الخيرِ سانِحٌ
ولا سَانِحٌ إِلاَّ مَعَ الشَّرِّ بارِحُ
فَإِنْ عِشْتُ صافَحْتُ الثُّرَيَّا، وإِنْ أَمُتْ
فأنَّ كريماً منْ تضمُّ الصفائحُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أخو العلمِ في الدنيا لذي الجهل محوجٌ
أخو العلمِ في الدنيا لذي الجهل محوجٌ
رقم القصيدة : 23816
-----------------------------------
أخو العلمِ في الدنيا لذي الجهل محوجٌ
وَ كلٌّ لهُ عندَ القياسِ معالمُ
فلولاَ وجودُ العلمِ ما عاشَ جاهلٌ
ولَوْلاَ وُجُودُ الْجَهْلِ مَا عَاشَ عالِمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ماذَا عَلى قُرَّة ِ العَيْنَيْنِ لَوْ صَفَحَتْ
ماذَا عَلى قُرَّة ِ العَيْنَيْنِ لَوْ صَفَحَتْ
رقم القصيدة : 23817
-----------------------------------
ماذَا عَلى قُرَّة ِ العَيْنَيْنِ لَوْ صَفَحَتْ
وعَاوَدَتْ بِوِصالٍ بَعْدَ ما صَفَحَتْ
بايَعْتُها الْقَلْبَ إِيجاباً بِما وَعَدَتْ
فيالَها صفقة ً فى الحبِّ ما ربِحَت(26/35)
قد يزعمُ النَّاسَ أنَّ البخلَ مقطعة ٌ
فما لقلبى ِ يهواها وماسَمحَتْ ؟
خوطيَّة ُ القدِّ ، لو مرَّ الحمامُ بها
لم يَشْتَبِهْ أَنَّها مِنْ أَيْكِهِ انْتَزَحَتْ
خفَّت معاطفها ، لَكن روادفُها
بِمِثْلِ ما حَمَّلَتْنِي في الهَوَى رَجَحَتْ
وَيْلاهُ مِنْ لَحْظِها الْفَتَّاكِ إِنْ نَظَرَتْ
وَآهِ مِنْ قَدِّها الْعَسَّالِ إِنْ سَنَحَتْ
يَمُوتُ قَلْبِي وَيَحْيَا حَيْرَة ً وهُدى ً
في عالَمِ الْوَجْدِ إِنْ صَدَّتْ وإِنْ جَنَحَتْ
كَالْبَدْرِ إِنْ سَفَرَتْ، والظَّبْيِ إِنْ نَظَرَتْ
والْغُصْن إِنْ خَطَرَتْ، والزَّهْرِ إِنْ نَفَحَتْ
واخَجْلَة َ الْبَدْرِ إِنْ لاحَتْ أَسِرَّتُهَا
وحيرة َ الرشإِ الوسنانِ إن لمحَت
لها رَوابِطُ لا تَنْفَكُّ آخِذَة ً
بعُروة ِ القلبِ إن جدَّت ، وإن مزحَتْ
يا سَرْحَة َ الأَمَلِ الْمَمْنُوعِ جَانِبُهُ
ويا غَزَالَة َ وادِي الْحُسْنِ إِنْ سَرَحَتْ
ترفَّقى بفؤادٍ أنتِ منيَته
ومقلة ٍ لسوى مرآكِ ما طمحَتْ
حاشاكِ أن تسمعى قولَ الوشاة ِ بنا
فإِنَّها رُبَّمَا غَشَّتْ إِذَا نَصَحَتْ
أفسدتُ في حبَّكُم نفسى جوى ً وأسى ً
والنفسُ فى الحبِّ مهما أُفسِدَت صلَحَتْ
ما زِلتُ أسحرُها بالشعرِ تسمعهُ
مِن ذاتِ فهمٍ ، تُجيدُ القولَ إن شرَحتْ
حتَّى إذا علِمَت ما حلَّ بى ، ورأّت
سُقْمِي، وخَافَتْ عَلى نَفْسٍ بها افْتَضَحَتْ
حنَّت رثَت عطفَت مالَت صبَت عزَمتْ
همَّت سرَتْ وصلَتْ عادَت دنَتْ منَحَتْ
فبتُّ فى وصلِها فى نعمَة ٍ عَظُمَت
ما شِئْتُ، أَوْ جَنَّة ٍ أَبْوَابُهَا فُتِحَتْ
أنالُ من ثغرِها الدُّرِّى ِّ ما سألَتْ
نَفْسِي، وَمِنْ خَدِّهَا الْوَرْدِيِّ ما اقْتَرَحَتْ
في رَوْضَة ٍ بَسَمَتْ أَزْهارُهَا، ونَمَتْ
أَفْنَانُهَا، وَسَجَتْ أَظْلاَلُهَا، وَضَحَتْ
تَكَلَّلَتْ بِجُمَانِ الْقَطْرِ، وَاتَّزَرَتْ
بسُنْدُسِ النبتِ والريحانِ ، واتَشحَتْ
ترنحَّ الغصنُ مِن أشواقهِ طرباً(26/36)
لمَّا رأى الطَّيرَ فى أوكارِها صدَحَتْ
صَحَّ النَّسِيمُ بها وَهْوَ الْعَلِيلُ، وَقَدْ
مَالَتْ بِخَمْرِ النَّدَى أغْصَانُها، وَصَحَتْ
وَلَيْلَة ٍ سالَ في أَعْقَابِهَا شَفَقٌ
كَأَنَّهَا بِحُسَامِ الْفَجْرِ قَدْ ذُبِحَتْ
طَالَتْ، وَقَصَّرَهَا لَهْوِي بِغَانِيَة ٍ
إن أعرضَتْ قتَلَتْ ، أو أقبلَتْ فضَحَتْ
هيفاء ُ، إن نطقَت غنَّتْ ، وإن خطَرَتْ
رنَّتْ ، وإن فوَّقَت ألحاظها جرَحَتْ
دارت علينا بها الكاساتُ مُترعة ً
بخمرة ٍ لو بدَت فى ظلمة ِ قدحتْ
حَمْرَاءَ سَلْسَلَهَا الإِبْرِيقُ في قَدَحٍ
كَشُعْلَة ٍ لَفَحَتْ في ثَلْجَة ٍ نَصَحَتْ
رُوحٌ إِذَا سَلَكَتْ في هَامِدٍ نَبَضَتْ
عروقهُ ، أو دنتْ من صخرة ٍ رشحَتْ
طارتْ بألبابنا سُكراً ، ولا عجَبٌ
وهى الكُميتُ إذا فى حلبَة ٍ جمَحَتْ
حتَّى بدا الفجرُ مِن أطرافِ ظلمتِها
كغرة ٍ فى جوادٍ أدهمٍ وضحِتْ
فيا لَها ليلة ً ما كانَ أَحسنَها
لو أنها لبِثَت حَولاً وما برِحَتْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أنا في الحبَّ وفيٌّ
أنا في الحبَّ وفيٌّ
رقم القصيدة : 23818
-----------------------------------
أنا في الحبَّ وفيٌّ
لَيْسَ لِي بِالْغَدْرِ عِلْمُ
لاَ تظنوا بيَ سوءاً
إنَّ بعضَ الظنَّ إثمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> امْلإِ الْقَدَحْ
امْلإِ الْقَدَحْ
رقم القصيدة : 23819
-----------------------------------
امْلإِ الْقَدَحْ
واعْصِ مَنْ نَصَحْ
واروِ غلَّتى
بِابْنَة ِ الْفَرَحْ
فَالْفَتَى مَتَى
ذَاقَهَا انْشَرَحْ
وَهْيَ إِنْ سَرَتْ
فى العليلِ صحْ
أَوْ صَبَا بهَا
باخلٌ سمَحْ
هْجُرِ الْكَرَى
وَاغْدُ نَصْطَبِحْ
فالدُجى مضى
والسنا لمح
والحمامُ فى
أَيْكِهِ صَدَحْ
حيثما سرحْ
وَاصْطَحِبْ بِمَنْ
يبعَثُ المرَحْ
فيهِ للمنى
كلُّ مقترَحْ
واحْذَرِ الَّذِي
إِنْ وَعَى سَبَحْ
كُلَّمَا رَأَى
فُرْصَة ً قَدَحْ
ليسَ من أسا
مِثْلَ مَنْ جَرَحْ(26/37)
أينَ من رأى
فاسِداً صَلَحْ؟
كُلُّ مَنْ وَشَى
سَوْفَ يَفْتَضِحْ
فاتركِ الأذى
فَالأَذَى تَرَحْ
واسعَ للعلا
مَنْ سَعَى نَجَحْ
وَارْعَ ما حَوَتْ
هذهِ الملحْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وليلة ٍ بيضاءِ الكأسِ لامعَة ٍ
وليلة ٍ بيضاءِ الكأسِ لامعَة ٍ
رقم القصيدة : 23820
-----------------------------------
وليلة ٍ بيضاءِ الكأسِ لامعَة ٍ
أَدْرَكْتُ بِاللَّهْوِ فيها كُلَّ مُقْتَرَحِ
أَحْيَيْتُهَا بَعْدَ مَا نَامَ الْخَلِيُّ بِهَا
بغادة ٍ لو رأتها الشَّمسُ لمْ تَلُحِ
فَلَوْ تَأَمَّلْتَنِي وَالكَأْسُ دَائِرَة ٌ
لخلتَنى ملكاً يختالُ من مرحِ
وَكَيْفَ لا تَبْلُغُ الأَفْلاَكَ مَنْزِلَتِي
والبَدرُ فى مجلسى والشَّمسُ فى قدَحى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِذَا مَا كتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَة ً
إِذَا مَا كتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَة ً
رقم القصيدة : 23821
-----------------------------------
إِذَا مَا كتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَة ً
وَ إنْ بحتُ بالكتمانِ كانَ ملاما
فَكَيْفَ احْتِيَالي بَيْنَ أَمْرَينِ أَشَكَلاَ
عَلَيَّ، فَصارَا شِقْوَة ً وَغَرَامَا؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> والوعَة َ القلبِ من غزلانَ أخبية ٍ
والوعَة َ القلبِ من غزلانَ أخبية ٍ
رقم القصيدة : 23822
-----------------------------------
والوعَة َ القلبِ من غزلانَ أخبية ٍ
تَكَادُ تَسْكَرُ منْ أَحْدَاقِهَا الرَّاحُ
مِنْ كُلِّ مَائسَة ٍ كَالْغُصْنِ قَدْ جَمَعَتْ
بَدَائِعاً، كُلُّهَا لِلْحُسْنِ أَوْضَاحُ
فالعينُ نرجِسَة ٌ ، والشَّعرُ سوسنَة ٌ
والنَّهْدُ رُمَّانَة ٌ، والْخَدُّ تُفَّاحُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ما لي بودك بعدَ اليومِ إلمامُ
ما لي بودك بعدَ اليومِ إلمامُ
رقم القصيدة : 23823
-----------------------------------
ما لي بودك بعدَ اليومِ إلمامُ(26/38)
فاذهبْ ؛ فأنتَ لئيمُ العهدِ نمامُ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي أَدْرَكْتُ مَأْرُبَة ً
مِنَ الْمُنَى ، فَإِذَا ما خِلْتُ أَحْلاَمُ
هَيْهَاتَ مِنِّي الرِّضَا مِنْ بَعْدِ تَجْرِبَة ٍ
إِنَّ الْمَوَدَّة َ بَينَ النَّاسِ أَقْسَامُ
فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ غَيْرِي؛ إِنَّنِي رَجُلٌ
يأبى لي الغدرَ أخوالٌ وأعمامُ
كلُّ امرئٍ تابعٌ أعراقَ نبعتهِ
وَ الخيرُ وَ الشرُّ أنسابٌ وَ أرحامُ
فانظرْ لفعلِ الفتى تعرفْ مناسبهُ
إنَّ الفعالَ لأصلِ المرءِ إعلامُ
و لاَ يغرنكَ وجهٌ راقَ منظرهُ
فالنصلُ فيهِ المنايا وَ هوَ بسامُ
ما كلُّ ذي منسرٍ فتخاءَ كاسرة ً
كَلاَّ، ولاَ كُلُّ ذِي نَابَيْنِ ضِرْغَامُ
فَإِنْ يَكُنْ غرَّنِي حِلْمِي فَلاَ عَجَبٌ
إنَّ الحسامَ لينبو وَ هوَ صمصامُ
ظَنَنْتُ خَيْراً، وَلَمْ أُدْرِكْ عَوَاقِبهُ
فَكَان شرّاً. وَبَعْضُ الظَّنِّ آثامُ
فيا لها ضلة ً ! ما إنْ أبهتُ لها
حَتَّى تَرَدَّتْ بِها فِي الشَّرِّ أَقْدَامُ
آلَيْت أَكْذِبُ نَفْسِي بَعْدَهَا سفَهاً
إِنَّ الْمُنَى عِنْدَ صِدْقِ النَّفْسِ أَوْهَامُ
فيا بنَ تزدريهِ النفسُ منْ ضعة ٍ
فما يحسُّ لهُ وجدٌ وَ إعدامُ
دَعِ الْفَخَارَ، وَخُذْ فِيما خُلِقْتَ لَهُ
منَ الصغارِ ؛ فإنَّ الطبعَ إلزامُ
وَ اذكرْ مكانك منْ " عباسَ " حيثُ مضتْ
عليكَ في الدارِ أعوامٌ وَ أعوامُ
تَبِيتُ مُرْتَفِعاً فِي ظلِّ دَسْكَرة ٍ
لكلَّ باغٍ بها وجدٌ وَ تهيامُ
وَفَوْقَ ظَهْرِكَ لِلأَنْفَاسِ مُعْتَرَكٌ
وفِي حَشَاكَ لِنَارِ الْفِسْقِ إِضْرامُ
وَيْلُمِّهَا خَزْيَة ً طارَتْ بِشُنْعتِها
صَحَائِفٌ، وجَرَتْ بِالذَّمِّ أَقَلاَمُ
فاخسأْ ؛ فما الكلبُ أدنى منكَ منزلة ً
وَ"اخْسَأْ" لِمِثْلِكَ إِعْزَازٌ وَإِكْرَامُ
هذا الذي تكرهُ الأبصارُ طلعتهُ
فَحَظُّها مِنْهُ إِيذَاءٌ وَإِيلاَمُ
فِي وَجْهِهِ سِمَة ٌ لِلْغَدْرِ بيِّنَة ٌ
و بينَ جنبيهِ أحقادٌ وَ أوغامُ(26/39)
لهُ على الشرَّ إقدامٌ ، وَ ليسَ لهُ
إِلاّ عَن الْخَيْرِ وَالْمعْرُوفِ إِحْجامُ
كأنما أنفهُ منْ طولِ سجدتهِ
في حانة ِ اللهوِ حرفٌ فيهِ إدغامُ
كَعقْرَبِ الْمَاءِ يَمْشِي مَشْيَة ً صدَداً
فَخَلْفُهُ عِنْدَ جِدِّ الأَمْرِ إِقْدَامُ
أبدى بعاتقهِ المنديلُ سيمتهُ
وَحتَّ موْضِعهُ مِنْ كَفِّهِ الْجَامُ
وَكَيْفَ يصْلُحُ أَمْرُ النَّاسِ فِي بَلَدٍ
حُكَّامُهُ لِبناتِ اللَّهْوِ خُدَّامُ؟
قَدْ يَمَّمَتْهُ الْمَخَازِي؛ فَهْيَ نَازِلَة ٌ
منهُ بحيثُ تلاقي اللؤمُ وَ الذامُ
مَا إِنْ أَصَبْتُ لَهُ خُلْقاً، فَأَحْمَدَهُ
فَكُلُّ أَخْلاَقِهِ لِلنَّفْسِ آلاَمُ
فظٌّ ، غليظٌ ، مقيتٌ ، ساقطٌ ، وَ جمٌ
وَغْدٌ، لَئِيمٌ، ثَقِيلُ الظِّلِّ، حَجَّامُ
جاءتْ بهِ عجزٌ ليستْ بطاهرة ٍ
لها بمدرجة ِ الفحشاءِ أزلامُ
مستيقظٌ للمخازي ، غيرَ أنَّ لهُ
طَرْفاً عَنِ الْعِرْضِ وَالأَوْتَارِ نَوَّامُ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ مِنْ عَدَاوتِهِ
فَإِنَّهَا لِجَلاَلِ اللَّهِ إِعْظامُ
فاذهبْ كما ذهبَ الطاعونُ منْ بلدٍ
تَقْفُوهُ بِاللَّعْنِ أَرْوَاحٌ وَأَجْسَامُ
وَهَاكَ مَا أَنْتَ أَهْلٌ فِي الْهِجَاءِ لَهُ
فالهجوُ فيكَ لنقضِ الحقَّ إبرامُ
منْ كلَّ قافية ٍ في الأرضِ سائرة ٍ
لها بعرضكَ إنجادٌ وَ إتهامُ
شعرٌ لوجهِ المخازي منهُ سافية ٌ
يحاصبٍ ، وَ لأنفِ الجهل إرغامُ
تَبْلَى الْعِظَامُ، وَيَبْقَى ذِكْرُهُ أَبَداً
في كلَّ عصرٍ لهُ سجعٌ وَ ترنامُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَلاَ يا حَمَامَ الأَيْكِ إِلْفُكَ حَاضِرٌ
أَلاَ يا حَمَامَ الأَيْكِ إِلْفُكَ حَاضِرٌ
رقم القصيدة : 23824
-----------------------------------
أَلاَ يا حَمَامَ الأَيْكِ إِلْفُكَ حَاضِرٌ
وغصنُكَ ميَّادٌ ، ففيمَ تَنوحُ ؟
غَدَوْتَ سَلِيماً في نَعِيمٍ وَغِبْطَة ٍ
وَلَكِنَّ قَلْبِي بِالغَرَامِ جَرِيحُ
فإن كُنتَ لى عوناً على الشَّوقِ فاستعِرْ(26/40)
لِعَيْنَيْكَ دَمْعاً، فَالبُكَاءُ مُريحُ
وإلاَّ فدَعنى من هديلكَ ، وانصرِفْ
فَلَيْسَ سَواءً بَاذِلٌ وشَحِيحُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هجوتكَ غيرَ مبتدعٍ مقالاً
هجوتكَ غيرَ مبتدعٍ مقالاً
رقم القصيدة : 23825
-----------------------------------
هجوتكَ غيرَ مبتدعٍ مقالاً
سُوَى مَا فِيكَ مِنْ دَنَسٍ وَشُؤْمِ
فَإِنْ تَجْزَعْ فَمِنْ خَوَرٍ وَجُبْنٍ
وَ إنْ تصبرْ فمنْ ضعة ِ وَ لؤمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سَارِيَة ٌ خَفَّاقَة ُ الْجَنَاحِ
سَارِيَة ٌ خَفَّاقَة ُ الْجَنَاحِ
رقم القصيدة : 23826
-----------------------------------
سَارِيَة ٌ خَفَّاقَة ُ الْجَنَاحِ
تُواصِلُ الْغُدُوَّ بالرَّوَاحِ
تَبِيتُ فِي مَهْدٍ مِنَ الْبِطَاحِ
باكِيَة ً بِمَدْمَعٍ سَفَّاحِ
ضحَّاكة ً كثيرة َ النواحِ
منشورة ً فى الأُفقِ كالوِشاحِ
تَحْمِلُهَا كَوَاهِلُ الرِّياحِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ألا ، منْ معيني على صاحبٍ
ألا ، منْ معيني على صاحبٍ
رقم القصيدة : 23827
-----------------------------------
ألا ، منْ معيني على صاحبٍ
جرعتُ بصحبتهِ العلقما ؟
يَسُوءُ الْخَلِيلَ، وَيُؤْذِي الْجَلِيـ
ـسَ ، وَ يأنفُ إنْ زلَّ أنْ يندما
يلومُ على غيرِ ذنبٍ جرى
وَ يغضبُ منْ قبلِ أنْ يفهما
فَإِنْ قُلْتُ: "مَهْلاً" لَوَى شِدْقَهُ
وَإِنْ لَمْ أُجِبْ قَوْلَهُ بَرْطَمَا
لَهُ جَهَلاَتٌ تُمِيتُ الرِّضَا
وَحُمْقٌ يَكَادُ يُسِيلُ الدِّمَا
يكابرُ في الحقَّ إنْ مضهُ
وَلاَ يَدَعُ الظَّنَّ أَوْ يَأْثَمَا
فَلاَ أَنَا مِنْهُ أَرَى رَاحَة ً
وَلاَ أَنَا عَنْهُ أَرَى مَنْسِمَا
تبدلَ أنسي بهِ وحشة ً
وَعَادَ نَهَارِي بِهِ مُظْلِمَا
فلا رحمَ اللهُ يوماً جرى
عَلَيَّ بِهِ طَائِراً أَشْأَمَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا كوكبَ الصُّبحِ متى ينقضى(26/41)
يا كوكبَ الصُّبحِ متى ينقضى
رقم القصيدة : 23828
-----------------------------------
يا كوكبَ الصُّبحِ متى ينقضى
عمرُ الدُّجى ؟ يا كوكبَ الصُبح
قَدْ سَدَّ حِصْنُ اللَّيْلِ أَبْوَابَهُ
فاتلُ عليهِ سورة َ الفتحِ
إِنِّي أَرَى أَنْجُمَهُ قَدْ وَنَتْ
فَمَا لَهَا أيد على السَبحِ
وقد بَدَا ذُو ذَنّبٍ طالعا
كَأَنَّهُ سُنْبُلَة ُ الْقَمْحِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِكَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ
كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِكَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ
رقم القصيدة : 23829
-----------------------------------
كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِكَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ
وَلرُبَّ تَالٍ بَذَّ شَأْوَ مُقَدَّمِ
فِي كُلِّ عَصْرٍ عبْقَرِيٌّ، لاَ يَنِي
يفرى الفرَّ بكلَّ قولِ محكمِ
وَ كفاكَ بي رجلا إذا اعتقلَ النهى
بِالصَّمْتِ، أَوْ رَعَفَ السِّنَانُ بِعَنْدَمِ
أَحْيَيْتُ أَنْفَاسَ الْقَرِيضِ بِمنْطِقِي
وَ صرعتُ فرسان العجاجِ بلهذمي
وَ فرغتُ ناصية َ العلا بفضائلٍ
هُنَّ الْكَوَاكِبُ فِي النَّهَارِ الْمُظْلِمِ
سَلْ مِصْرَ عَنِّي إِنْ جَهِلْتَ مَكَانَتِي
تُخْبِرْكَ عَنْ شَرَفٍ وَعِزٍّ أَقْدَمِ
بَلِهٌ، نَشَأْتُ مَعَ النَّبَاتِ بِأَرْضِهَا
وَلَثَمْتُ ثَغْرَ غَدِيرِهِ الْمُتَبَسِّمِ
فنسيمها روحي ، ومعدنُ تربها
جِسْمِي، وَكَوْثَرُ نِيلِهَا مَحْيا دَمِي
فإذا نطقتُ فبالثناءِ على الذي
أَوْلَتْهُ مِنْ فَضْلٍ عَلَيَّ وَأَنْعُمِ
أَهْلِي بِها، وأَحِبَّتِي، وَكَفى بِهِمْ
إِنْ كَانَتِ الأَبْنَاءُ خُورَ الأَعْظُمِ
وَأَحَقُّ دَارٍ بِالْكَرَامَة ِ مَنْزِلٌ
للقلبِ فيهِ علاقةق لمْ تصرمِ
هِيَ جنَّة ُ الْحُسْنِ الَّتِي زَهَرَاتُهَا
حورُ المها ، وهزارُ أيكتها فمي
ما إنْ خلعتُ بها سيورَ تمائمي(26/42)
حتى لبستُ بها حمائلَ مخذمي
وَغَنِيتُ عَنْ قُلَّتِي بعَامِلِ أَسْمَرٍ
وَسَلَوْتُ عَنْ مَهْدِي بِصَهْوَة ِ أَدْهَمِ
وَ فجرتُ ينبوع البيانِ بمنطقٍ
عذبٍ ، رويتُ بهِ غليلَ الحرمِ
وَ لكمْ أثرتُ غيابة ً منْ قسطلٍ
بمهندي ، وَ حللتُ عقدة َ مبرمِ
أختالُ طوراً فوقَ ذروة ِ منبر
و أكرُّ طوراً فوقَ نهدٍ شيظمِ
حتى ربأتُ منَ المعالي هضبة ً
شماءَ تزلقُ أخمص المتسنمِ
نشأتْ بطبعي للقريضِ بدائعٌ
لَيْسَتْ بِنِحْلَة ِ شَاعِرٍ مُتَقَدِّمِ
يصبو بها " الحكميُّ " صبوة َ عاشقٍ
وَ تخفُّ منْ طربٍ عريكة ُ " مسلمِ "
قَوَّمْتُهُ بَعْدَ اعْوِجَاجِ قَنَاتِهِ
وَ الرمحُ ليسَ يروقُ غيرَ مقومِ
فقرٌ يكادُ السحرُ يبلغُ بعضَ ما
فِي طَيِّهَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ
مُتَشَابِهُ الطَّرَفَينِ، يُنبِىء ُ صَدْرُهُ
عما تلاحقَ ؛ فهوَ بادي المعلمِ
أحكمتُ منطقهُ بلهجة ِ مفلقٍ
يَقِظِ الْبَدِيهَة ِ، فِي الْقَرِيضِ مُحَكَّمِ
يبتذُّ أهبة َ كلَّ فارسِ بهمة ٍ
وَيَزُمُّ شِقْشِقَة َ الْفَتِيقِ الْمُقْرَمِ
ذللتُ منهُ غوارباً لا تمتطى
وَخَطمْتُ مِنْهُ مَوَارِناً لَمْ تُخْطَمِ
شعرٌ جمعتُ بهِ ضروبَ محاسنٍ
لَمْ تَجْتَمِعْ قبْلِي لِحَيٍّ مُلْهَمِ
فإذا نسبتُ فتنتُ كلَّ مقنعٍ
وَإِذَا نَأَمْتُ ذَعَرْتُ كُلَّ مُلَثَّمِ
كَالرَّوْضِ تَسْمعُ مِنْهُ نَغْمة َ بُلْبُلٍ
وَالْغِيلِ تَسْمَعُ مِنْهُ زَأْرَة َ ضَيْغَمِ
أَدْرَكْتُ قَاصِية َ الْمَحَامِدِ وَالْعُلاَ
وَ شأوتُ فيها كلَّ أصيدَ مسنمِ
فأنا ابنُ نفسي إنْ فخرتُ ، وَ إنْ أكنْ
لأغرَّمنْ سلفِ الأكارمِ أنتمى
وَالْفَخْرُ بِالآبَاءِ لَيْسَ بِنَافِعٍ
هَذَا، وَرُبَّتَ لَذَّة ٍ بَاشَرْتُهَا
فِي ظِلِّ أَخْضَرَ بِالْعَرَارِ مُنَمْنَمِ
طفقَ النسيمُ يحوكُ برودهِ
بأناملٍ تمرى خيوطَ المرزمِ
فَبِكُلِّ أُفْقٍ مُزْنَة ٌ فَيَّاضَة ٌ
وَبِكُلِّ أَرْضٍ جَدْوَلٌ كَالأَرْقَمِ(26/43)
هَاتِيكَ تَجْرِي فِي السَّماءِ كَأَنَّهَا
سُفُنٌ، وَهَذَا فِي الْخَمَائِلِ يَرْتَمِي
فالروضُ بينَ موشحٍ وَ مؤزرٍ
وَ الزهرُ بينَ مدنرٍ وَ مدرهمِ
طَلْقُ الْجَبِينِ، تَبَسَّمَتْ أَزْهَارُهُ
عنْ درَّ قطرٍ كالعقودِ منظمِ
عبقُ الإزارِ ، كأنما جرتِ الصبا
فِيهِ بِجُؤْنَة ِ عَنْبَرٍ لَمْ تُخْتَمِ
صبح الغمامُ غصونهُ ؛ فترنحتْ
طَرَباً لِرَجْعِ الطَّائِرِ الْمُتَرَنِّمِ
فنسيمهُ أرجٌ ، وطائرُ أيكهِ
هَزِجٌ، وَجَدْوَلُهُ بَرُودُ الْمَبْسِمِ
يَسْتَوْقِفُ الأَلْبَابَ حُسْنُ رُوَائِهِ
وَ يصيدُ عينَ الناظرِ المتوسمِ
وَ المرءُ طوعُ يدِ الزمانِ ، يقودهُ
قَوْدَ الْجَنِيبِ لِغَايَة ٍ لَمْ تُعْلَمِ
فلكٌ يدورُ ، وَ أنجمٌ لا تأتلي
تَبْدُو وَتَغْرُبُ فِي فَضَاءٍ أَقْتَمِ
صُوَرٌ إِذَا نَادَيْتها لمْ تَسْتَجبْ
أَوْ رُمْتَ مِنْهَا النُّطْقَ لَمْ تتكَلَّمِ
فدعِ الخفيَّ ، وخذْ لنفسكَ حظها
مِمَّا بَدَا لَكَ؛ فَهْوَ أَهْنَأُ مَغْنَمِ
لاَ يستطيعُ المرءُ يبلغَ ما نأى
عَنْهُ، وَلَوْ صَعِدَ السَّمَاءَ بِسُلَّمِ
بينا يشقُّ بهِ الجواءَ ترفعا
أهوى بهِ في كسرِ بيتٍ مظلمِ
إِنَّ الْحَيَاة َ شَهِيَّة ٌ مَا لَمْ تَكُنْ
غَرَضاً لإِمْرَة ِ ظَالِمٍ لَمْ يَرْحَمِ
لاَ أَرْتَضِي عَيْشَ الْجَبَانِ، وَلا أَرَى
فضلاً لذي حسبٍ إذا لمْ يقدمِ
وَلرُبَّ مَلْحَمَة ٍ سَرَيْتُ قِنَاعَهَا
عنْ وجهِ نصرٍ بالغبارِ ملثمِ
لَوْ كَانَ لِلإِنْسانِ عِلْمٌ بِالَّذِي
فِي الْغَيْبِ لَمْ يَفْرَحْ، وَلمْ يَتنَدمِ
فدعِ الأمورَ إلى مدبرِ شأنها
وَارْغَبْ عَنِ الدُّنْيَا بنفْسِكَ تَسْلَمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بَلَغْتِ مَدَاكِ مِنْ أَرَبٍ فَسِيحِي
بَلَغْتِ مَدَاكِ مِنْ أَرَبٍ فَسِيحِي
رقم القصيدة : 23830
-----------------------------------
بَلَغْتِ مَدَاكِ مِنْ أَرَبٍ فَسِيحِي
فأنتِ اليومَ فى جوٍ فسيحِ
تركتِ الجسمَ فيما كانَ منه(26/44)
وغبتِ بلجَّة ٍ لونِ المسيحِ
فعادت صورة ُ الجثمانِ عُطلاً
لفقدكِ مثلَ دينارٍ مَسيحِ
ولو يقوى لسار ، وكيف يقوى
عَلَى هَوْلِ السُّرَى قَدَمُ الْكَسِيحِ؟
سبحت بغمرة ٍ كالشمس نوراً
وعام من الخجالة في مسيح
فَلَيْتَكِ تَرْجِعِينَ لَنَا بصِدْقٍ
يُبَاغِتُ كُلَّ خَتَّالٍ مَسِيحِ
بربك هل وجدت كما وجدنا
خلافاً بين أحمدَ والمسيحِ ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ
بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ
رقم القصيدة : 23831
-----------------------------------
بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ
وَ غزلانُ " نجدٍ " ما لهنَّ حميمُ ؟
يَقُدْنَ زِمَامَ النَّفْسِ وَهْيَ أَبيَّة ُ
وَ يخدعنَ لبَّ المرءِ وَ هوَ حكيمُ
فإِيَّاكَ أَنْ تَغْشَى الدِّيارَ مُخَاطِراً
فدونَ حماها للأسودِ نئيمُ
فوارسُ لاَ يعصونَ أمرَ حمية ٍ
وَ لاَ يرهبونَ الخطبَ وَ هوَ عظيمُ
يَصُونُونَ فِي حُجْبِ الأَكِلَّة ِ ظَبْيَة ً
لها نسب بينَ الحسانِ صميمُ
منَ الهيفِ ، أما نعتُ ما في إزارها
فرابٍ ، وأما خصرها فهضيمُ
أَناة ٌ بَرَاهَا اللهُ فِي الْحُسْنِ آية ً
يدينُ إليها جاهلٌ وَ حليمُ
يميلُ بها سكرُ الشبابِ إذا مشتْ
كمَا مَالَ بِالْغُصْنِ الرَّوِيِّ نَسِيمُ
لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي، أَدُمْيَة ُ بِيعَة ٍ
تَرَدَّدُ فِيهَا الْحُسْنُ، أَمْ هِيَ رِيمُ؟
يلومونني أنْ همتُ وجداً بحسنها
وَأَيُّ امْرِىء ٍ بِالْحُسْنِ لَيْسَ يَهِيمُ؟
وَهَلْ يَغْلِبُ الْمَرْءُ الْهَوَى وَهْوَ غَالِبٌ
وَيُخْفِي شَكَاة َ الْقَلْبِ وَهُوَ كَلِيمُ؟
فإنْ أكُ محسوراً بها ، فلربما
مَلَكْتُ عِنَانَ الْقَلْبِ وَهْوَ كَظِيمُ
وَ كابدتُ فيها ما لوِ انقضَّ بعضهُ
على جبلٍ لانهالَ منهُ قويمُ
فيا ربة َ البيتِ المنيعِ جوارهُ
أَمَا مِنْ مُسامٍ عِنْدَكُمْ فَأُسِيمُ؟
بَخِلْتِ عَلَيْنَا بِالسَّلاَمِ ضَنَانَة ً
وجدكِ مطروقُ الفناءِ كريمُ(26/45)
فَكَيْفَ تَلُومِينِي عَلَى مَا أَصَابَنِي
مِنَ الْحُبِّ يا "لَيْلَى " وَأَنْتِ غَرِيمُ؟
وَ قدْ عشتُ دهراً لا أدينُ لظالمٍ
وَلَمْ يَحْتَكِمْ يَوْماً عَلَيَّ زَعِيمُ
فأنتِ التي مرهتِ عينيَ بالبكا
وَأَسْقَمْتِ هَذَا الْقَلْبَ وَهْوَ سَلِيمُ
تَنَامِينَ عَنْ لَيْلِي، وَعَيْنِي قَرِيحَة ٌ
و تشجينَ قلبي ، وَ هوَ فيكِ مليمُ
منحتكِ نفسي ، وَ هيَ نفسٌ عزيزة ٌ
عَلَيَّ، وَمَا لِي مِنْ هَوَاكِ قَسِيمُ
فإنْ يكُ جسمي عنْ فنائكِ راحلٌ
فَإِنَّ هَوَى قَلْبِي عَلَيْكِ مُقِيمُ
شَكوْتُ إِلَى مَنْ لَيْسَ يَرْحَمُ بَاكِياً
وَمَا كُلُّ مَنْ يُشْكَى إِلَيْهِ رَحِيمُ
فحتامَ ألقى في الهوى ما يسوءني
وَ أحملُ عبءَ الصبرِ وَ هوَ عظيمُ
وَ إني لحرٌّ بينَ قومي ، وَ إنما
تعبدني حلوُ الدلالِ رخيمُ
وَإِنِّي وإِنْ كُنْتُ الْمُسَالِمَ فِي الْهَوَى
لَذُو تُدْرَإٍ فِي النَّائِبَاتِ خَصِيمُ
أفلُّ شباة َ الخصمِ وَ هوَ منازلٌ
وَ أرهبُ كرَّ الطرفِ وَ هوَ سقيمُ
ألاَ ، قاتلَ اللهُ الهوى ، ما ألذهُ !
عَلَى أَنَّهُ مُرُّ الْمَذَاقِ أَلِيمُ
طويتُ لهُ نفسي على ما يسوءها
وَأَصْبَحْتُ لا يَلْوِي عَلَيَّ حَمِيمْ
فَمَنْ لِي بِقَلْبٍ غَيْرِ هَذَا؟ فَإِنَّنِي
بِهِ عِنْدَ رَوْعَاتِ الْفِرَاقِ عَلِيمُ
كَأَنِّي أُدَارِي مِنْهُ بَيْنَ جَوَانِحِي
لَظًى ، حَرُّهَا يَكْوِي الْحَشَا، وَيَضِيمُ
بَلَوْتُ لَهُ طَعْمَيْنِ: أَمَّا مَذَاقُهُ
فعذبٌ ، وأما سؤرهُ فوخيمُ
وَ جربتُ إخوانَ الصفاءِ ، فلمْ أجدْ
صَدِيقاً لَهُ فِي الطَّيِّبَاتِ قَسِيمُ
لَهُمْ نَزَوَاتٌ بَيْنَهُنَّ تَفَاوُتٌ
وَعَنٌّ ـ عَلَى طُولِ اللِّقَاءِ ـ ذَمِيمُ
بِمَنْ يَثِقُ الإِنْسَانُ وَالْغَدْرُ شِيمَة ٌ
لِكُلِّ ابْنِ أُنْثَى ، وَالْوَفَاءُ عَقِيمُ؟
فَلاَ تَعْتَمِدْ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ فِي الَّذِي
تودُّ منَ الحاجاتِ ؛ فهوَ رحيمُ
وَ لاَ تبتئس منْ محنة ٍ ساقها القضا(26/46)
إِلَيْكَ، فَكَمْ بُؤْسٍ تَلاَهُ نَعِيمُ
فقدْ تورقُ الأشجارُ بعدَ ذبولها
وَيَخْضَرُّ سَاقُ النَّبْتِ وَهْوَ هَشِيمُ
إذا ما أرادَ اللهُ إتمامَ حاجة ِ
أَتَتْكَ عَلَى وَشْكٍ وَأَنْتَ مُقِيمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هُوَ ماقلتُ فاحذرَنها صباحا
هُوَ ماقلتُ فاحذرَنها صباحا
رقم القصيدة : 23832
-----------------------------------
هُوَ ماقلتُ فاحذرَنها صباحا
غارَة ً تَمْلأُ الْفَضَاءَ رِمَاحَا
تترُكُ الماءَ لا يسوغُ لظامٍ
وتَرُدُّ الدَّمَ الْحَرَامَ مُباحَا
لا ترى بينها سِوى َ عبقرى ٍّ
يَأْلَفُ الطَّعْنَ نَجْدَة ً وَارْتِيَاحَا
لَهِجٌ بالحروبِ ، لا يألفُ الخفـ
ـضَ، ولا يَصْحَبُ الْفَتاة َ الرَّدَاحَا
مِسْعَرٌ لِلْوَغَى ، أَخُو غَدَوَاتٍ
تَجْعَلُ الأَرْضَ مَأْتَماً وصِيَاحَا
لا يُرَى عَاتِباً عَلَى شِيَمِ الدَّهْـ
رِ، ولا عابثاً ، ولا مزَّاحا
يَفْعَلُ الْفَعْلَة َ التِي تَبْهَرُ النَّا
سَ، وَتَرْنُو لَهَا الْعُيُونُ طِمَاحا
لا كَمَنْ يَسْأَلُ الْوُفُودَ عَنِ الأَنْـ
باءِ عَجزاً ، ويرقُبُ الأَشباحا
فاعتبِر أيها المجاهرُ بالقو
ل ، ولا تبعثنْ عليكَ نواحا
إِنَّ في بُرْدَتَيَّ هَاتَيْنِ لَيْثاً
يَقِصُ الْقِرْنَ، أَوْ يَفُلُّ السِّلاحَا
سدكاتٍ بالرمحِ منهُ بنانٌ
تَمْلأُ الأَرْضَ والسَّماءَ جرَاحَا
أنا من معشرٍ كرامٍ على الدهـ
ر أفادوهُ عزَّة ً وصلاحا
فرعوا بالقنا قِنانَ المعالى
وأعَدُّوا لِبَابِهَا مِفْتَاحَا
عَمَرُوا الأَرْضَ مُدَّة ً ثُمَّ زَالُوا
مثلما زالتِ القرونُ اجتياحا
وأتتْ بعدَهُمْ على َّ ليالٍ
لاأرى فى سمائها مِصباحا
فَسَقَاهُمْ مُنَزِّلُ الغَيْثِ سَجْلاً
يَجْعَلُ النَّبْتَ لِلْعَراءِ وِشَاحَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سَبَقْتَ بِالْفَضْلِ؛ فَاسْمَعْ مَا وَحَاهُ فَمِي
سَبَقْتَ بِالْفَضْلِ؛ فَاسْمَعْ مَا وَحَاهُ فَمِي
رقم القصيدة : 23833(26/47)
-----------------------------------
سَبَقْتَ بِالْفَضْلِ؛ فَاسْمَعْ مَا وَحَاهُ فَمِي
فأنتَ أولى بهذا الدرَّ منْ كلمي
يَا رَائِدَ الْوُدِّ! قَدْ صَادفْتَ مُنْتَجَعاً
بَيْنَ الْجَوانِحِ؛ فَانْزِلْهُ، وَلاَ تَرِمِ
أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ فَضْلاً قَدْ مَلَكْتَ بِهِ
قلبي ، فهاكَ يدي في الودَّ ، فاحتكمِ
إِنَّ الْمَوَدَّة َ إِنْ صَحَّتْ غَدَتْ نَسَباً
بينَ الأباعدِ تغنيهمْ عنِ الرحمِ
فثقْ بذمة ِ عهدٍ فيكَ صادقة
فَلَيْسَ كُلُّ خَلِيلٍ صَادِقَ الذِّمَمِ
وَاعْذِرْ إِذَا لَمْ أَجِدْ فِي الْقَوْلِ مُتَّسَعاً
فالمرءُ لا يبلغُ الأفلاكَ بالهممِ
لاَ زِلْتَ تَرْفُلُ فِي أَثْوَابِ عَافِيَة ٍ
موشية ِ بطرازِ الحمدِ وَ النعمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أبنى ِ الكنانة َ أبشِروا بمحمَّدٍ
أبنى ِ الكنانة َ أبشِروا بمحمَّدٍ
رقم القصيدة : 23834
-----------------------------------
أبنى ِ الكنانة َ أبشِروا بمحمَّدٍ
وثِقوا براعٍ فى المكارم أوحدِ
فَهُوَ الزَّعِيمُ لَكُمْ بِكُلِّ فَضيلة ٍ
تَبْقَى مَآثِرُهَا، وَعَيْشٍ أَرْغَدِ
مَلِكٌ نَمَتْهُ أَرُومَة ٌ عَلَوِيَّة ٌ
ملكَت بسؤدُدِها عنانَ الفرقدِ
يَقِظُ الْبَصِيرَة ِ لَوْ سَرَتْ في عَيْنِهِ
سِنَة ُ الرُّقَادِ، فَقَلْبُهُ لَمْ يَرْقُدِ
بدهاتهُ قيدُ الصوابِ ، وعَزمهُ
شرُكُ الفوارسِ فى العجاجُ الأربدِ
فإذا تنمَّرَ فهو,, زيدٌ ،، فى الوغى
وإِذَا تَكَلَّمَ فَهْوَ "قَيْسٌ" في النَّدِي
مُتَقَسَّمٌ مَا بَيْنَ حُنْكَة ِ أَشْيَبٍ
صَدَقَتْ مَخِيلَتُهُ، وَحِلْيَة ِ أَمْرَدِ
لا يستريحُ إلى الفراغِ ، ولا يرى
عيشاً يلذُّ بهِ إذا لم يجهدِ
فنهارهُ غيثُ اللَّهيفِ ، وليلهُ
في طَاعَة ِ الرَّحْمنِ لَيْلُ الْعُبَّدِ
لهجٌ بحبِّ الصالحاتِ ، فكلما
بَلَغَ النِّهَايَة َ مِنْ صَنِيعٍ يَبْتَدِي
خُلُقٌ تميَّزَ عن سواهُ بفضلهِ
والْفَضْلُ في الأَخْلاقِ إِرْثُ الْمَحْتِدِ(26/48)
إقليدٌ معضلة ٍ ، ومعقِلُ عائذٍ
وسماءُ منتجعٍ ، وقبلة ُ مهتدِ
حَسُنَتْ بِهِ الأَيَّامُ حَتَّى أَسْفَرَتْ
عن وجهِ معشوقِ الشَّمائلِ أغيَد
وَصَفَتْ مَوَارِدُ مِصْرَ حَتَّى أَصْبَحَتْ
بعدَ الكدورة ِ شرعة ً للورَّدِ
فَالْعَدْلُ يَرْعَاهَا بِرَأْفَة ِ وَالِدٍ
والبأسُ يحميها بصولة ِ أصيَدِ
بَلَغَتْ بِفَضْلِ "مُحَمَّدٍ" مَا أَمَّلَتْ
مِنْ عِيشَة ٍ رَغَدٍ وَجَدٍّ أَسْعَدِ
هُوَ ذَلِكَ الْمَلِكُ الذي أَوْصَافُهُ
فى الشعر حلية ُ راجزٍ ومقصِّدِ
فبنورهِ فى كلِّ جنحٍ نهتدى
وبِهَدْيِهِ في كُلِّ خَطْبٍ نَفْتَدِي
سنَّ المشورة َ ، وهى أكرمُ خطَّة ٍ
يجرى عليها كل راعٍ مرشدِ
هِيَ عِصْمَة ُ الدِّينِ التي أَوْحَى بهَا
رَبُّ الْعِبَادِ إِلى النَّبِيِّ "مُحَمَّدِ"
فَمَنِ اسْتَعَانَ بِهَا تَأَيَّدَ مُلْكُهُ
ومن استهانَ بأمرها لم يرشُدِ
أَمْرَانِ ما اجْتَمَعَا لِقَائِدِ أُمَّة ٍ
إلاَّ جنى بهما ثمارَ السؤددِ
جَمْعٌ يَكُونُ الأَمْرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ
شورى ، وجندٌ للعدو بمرصدِ
هيهاتَ يحيا الملكَ دونَ مشورة ٍ
ويَعِزُّ رُكْنُ الْمَجْدِ مَا لَمْ يُعْمَدِ
فالسَّيْفُ لا يَمْضِي بِدُونِ رَوِيَّة ٍ
وَالرَّأْيُ لا يَمْضِي بغَيْرِ مُهَنَّدِ
فاعكفْ على الشورى تجد فى طيِّها
من بينات الحكمِ مالم يوجدِ
لا غَرْوَ أَن أَبْصَرْتَ في صَفَحَاتِهَا
صُوَرَ الْحَوَادِثِ، فَهْيَ مِرْآة ُ الْغَدِ
فَالْعَقْلُ كَالْمِنْظَارِ يُبْصِرُ ما نَأَى
عنه قريباً ، دونَ لمسٍ باليدِ
وكفاكَ علمُكِ بالأمورِ، وليسَ من
سَلَكَ السَّبيلَ كَحَائِرٍ لَمْ يَهْتَدِ
فلأنتَ أولَ من أفادَ بعدلهِ
حُرِّيَّة َ الأَخْلاَقِ بَعْدَ تَعَبُّدِ
أَطْلَقْتَ كُلَّ مُقَيَّدٍ، وَحَلَلْتَ كُـ
ـلَّ مُعَقَّدٍ، وَجَمَعْتَ كُلَّ مُبَدَّدِ
وتمتَّعتْ بالعدلِ منكَ رعيَّة ٌ
كانت فريسة َ كلِّ باغٍ معتدِ
فاسلم لخير ولا ية ٍ عزَّت بها
نفسُ النصيحِ ، وذلَّ كلُّ مفنَّدِ(26/49)
ضَرَحَتْ قَذَاة َ الْغَيِّ عَنْ جَفْنِ الْهُدَى
وَسَرَتْ قِنَاعَ الْيَأْسِ عَنْ أَمَلٍ نَدِ
ضَمَّتْ إِلَيْكَ زِمامَ كُلِّ مُثَلِّثٍ
وَثَنَتْ إِلَيْكَ عِنَانَ كُلِّ مُوَحِّدِ
وَتَأَلَّفَتْ بَعْدَ الْعَدَاوَة ِ أَنْفُسٌ
سكنت بعدلكَ في نعيمٍ سرمدِ
فحباكَ ربُّكَ بالجميلِ كرامة ً
لِجَزِيلِ مَا أَوْلَيْتَ أُمَّة َ "أَحْمَدِ"
وَتَهَنَّ بِالْمُلْكِ الَّذِي أَلْبَسْتَهُ
شرفاً بمثلِ ردائهِ لم يرتدِ
بَزَغَتْ بِهِ شَمْسُ الْهِدَايَة ِ بَعْدَ مَا
أفلَت ، وأبصرَ كلُّ طرفٍ أرمدِ
لم يبقَ من ذى خلة ٍ إلاَّ اغتدى
بجميلِ صنعِكَ مصدراً للوفَّدِ
بَلَغَتْ بِكَ الآمَالُ أَبْعَدَ غَايَة ٍ
قَصَرَتْ عَلى الإِغْضَاءِ طَرْفَ الْحُسَّدِ
فاسعد ودم واغنم وجُدْ وانعمْ وسُد
وابْدَأْ وَعُدْ وَتَهَنَّ واسْلَمْ وازْدَدِ
لا زالَ عدلكَ فى الأنامِ مخلداً
فَالعَدْلُ في الأَيَّامِ خَيْرُ مُخَلَّدِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> خلَّ العتابَ ؛ فلوْ طلبتَ مهذباً
خلَّ العتابَ ؛ فلوْ طلبتَ مهذباً
رقم القصيدة : 23835
-----------------------------------
خلَّ العتابَ ؛ فلوْ طلبتَ مهذباً
أعياكَ مطلبهُ بهذا العالمِ
إنْ كانَ لي ذنبٌ إليكَ جرى بهِ
قَدَرٌ؛ فَإِنِّي مِنْ سُلاَلَة ِ آدَم
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رضيتُ منَ الدنيا بما لا أودُّهُ
رضيتُ منَ الدنيا بما لا أودُّهُ
رقم القصيدة : 23836
-----------------------------------
رضيتُ منَ الدنيا بما لا أودُّهُ
وَأَيُّ امْرِىء ٍ يَقْوَى عَلى الدَّهْر زَنْدُهُ؟
أُحاوِلُ وَصْلاً والصُّدُودُ خَصِيمُهُ
وَأَبْغِي وَفَاءً والطَّبِيعة ُ ضِدُّهُ
حسبتُ الهوى سهلاً ، ولم أدرِ أنهُ
أَخُو غَدَرَاتٍ يَتْبَعُ الْهَزْلَ جِدُّهُ
تخفُّ له الأحلامُ وهى رزينة ٌ
ويعنو له من كلِّ صعبٍ أشدهُ
ومن عجبٍ أنَّ الفتى وهو عاقلٌ
يطيعُ الهوى فيما ينافيه رشدَهُ(26/50)
يفرُّ منَ السلوانِ ، وهو يريحهُ
ويأوى إلى الأشجانِ ، وهى تكدُّهُ
وما الحب إلا حاكمٌ غيرُ عادلٍ
إِذا رامَ أَمْراً لم يَجِدْ مَنْ يَصُدُّهُ
لَهُ مِنْ لَفِيفِ الْغِيدِ جَيْشُ مَلاَحَة ٍ
تغيرُ على مثوى الضمائرِ جندهُ
ذوابله قاماتهُ ، وسيوفهُ
لِحَاظُ الْعَذَارَى ، والْقَلاَئِدُ سَرْدُهُ
إذا ماج بالهيفِ الحسانِ ، تأرجت
مسالكهُ ، واشتقَّ فى الجو ندُّهُ
فَأَيُّ فُؤادٍ لا تَذُوبُ حَصاتُهُ
غراماً ، وطرفٍ ليسَ يقذيهِ سهدهُ ؟
بَلَوْتُ الْهَوَى حَتَّى اعْتَرَفْتُ بِكُلِّ مَا
جَهِلْتُ، فَلا يَغْرُرْكَ فالصَّابُ شَهْدُهُ
ظَلُومٌ لَهُ في كُلِّ حَيٍّ جَرِيرَة ٌ
يضجُّ لها غورُ الفضاءِ ونجدهُ
إِذَا احْتَلَّ قَلْباً مُطْمَئِنًّا تَحَرَّكَتْ
وَسَاوِسُهُ في الصَّدْرِ، واخْتَلَّ وَكْدُهُ
فإن كنتَ ذا لبٍّ فلا تقربنَّه
فَغَيرُ بعيدٍ أَنْ يَصِيبَكَ حَدُّهُ
وقد كنتُ أولى بالنَّصيحة ِ لو صغا
فؤادى ، ولكن خالفَ الحزمَ قصدهُ
إذا لم يكنْ للمرءِ عقلٌ يقودهُ
فَيُوشِكُ أَنْ يَلْقَى حُسَاماً يَقُدُّهُ
لعمرى لقدْ ولَّى الشبابُ ، وحلَّ بى
منَ الشيبِ خطبٌ لا يطاقُ مردُّهُ
فَأَيُّ نَعِيمٍ في الزَّمانِ أَرُومُهُ؟
وأى ُّ خليلٍ للوفاءِ أعدُّهُ ؟
وكيفَ ألومُ النَاسَ فى الغدرِ بعدما
رأيتُ شبابى قدْ تغيَّرَعهده ؟
وَأَبْعَدُ مَفْقُودٍ شَبَابٌ رَمَتْ بهِ
صروفُ اللَّيالى عندَ من لا يردُّهُ
فَمَنْ لِي بِخِلٍّ صَادِقٍ أَسْتَعِينُهُ
على أملى ، أو ناصرٍ أستمدهُ ؟
صحبتُ بنى الدنيا طويلاً فلم أجد
خَليلاً، فَهَلْ مِنْ صاحِبٍ أَسْتَجِدُّهُ
فأكثرُ من لاقيتُ لم يصفُ قلبهُ
وأصدقُ من واليتُ لم يغنِ ودُّهُ
أطالبُ أيامى بما ليسَ عندَها
وَمَنْ طَلَبَ الْمَعْدُومَ أَعْيَاهُ وُجْدُهُ
فَمَا كُلُّ حَيٍّ يَنْصُرُ الْقَوْلَ فِعْلُهُ
ولا كلُّ خلٍّ يصدقُ النَّفسَ وعدهُ
وأصعبُ ما يلقى الفتى فى زمانهِ(26/51)
صَحابَة ُ مَنْ يَشْفِي مِنَ الدَّاءِ فَقْدُهُ
وَللنُّجْحِ أَسْبَابٌ إِذَا لَمْ يَفُزْ بِهَا
لَبِيبٌ مِنَ الْفِتْيَانِ لم يُورِ زَنْدُهُ
ولكن إذا لم يسعدِ المرءَ جدُّهُ
على سعيهِ لم يبلغِ السؤلَ جدُّهُ
وما أنا بالمغلوبِ دونَ مرامهِ
ولكنَّهُ قد يخذلُ المرءَ جهدهُ
وما أبتُ بالحرمانِ إلاَّ لأنَّنى
"أَوَدُّ مِنَ الأَيَّامِ ما لا تَوَدُّهُ"
فَإِنْ يَكُ فَارَقْتُ الرِّضَا فَلَبَعْدَمَا
صحبتُ زماناً يغضبُ الحرَّ عبدهُ
أبى الدَّهرُ إلاَّ أن يسودَ وضيعهُ
وَيَمْلِكَ أَعْنَاقَ الْمَطَالِبِ وَغْدُهُ
تداعت لدركِ الثَّأرِ فينا ثعالهُ
ونَامَتْ عَلى طُولِ الْوَتِيرَة ِ أُسْدُهُ
فَحَتَّامَ نَسْرِي في دَيَاجِيرِ مِحْنَة ٍ
يَضِيقُ بِهَا عَنْ صُحْبَة ِ السَّيْفِ غِمْدُهُ
إذا المرءُ لم يدفع يدَ الجور إن سطتْ
عَلَيْهِ، فَلا يَأسَفْ إِذا ضَاعَ مَجْدُهُ
وَمَنْ ذَلَّ خَوْفَ الْمَوْتِ، كانَتْ حَيَاتُهُ
أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْ حِمامٍ يَؤُدُّهُ
وَأَقْتَلُ دَاءٍ رُؤْيَة ُ الْعَيْنِ ظَالِماً
يُسِيءُ، وَيُتْلَى في المَحَافِلِ حَمْدُهُ
علامَ يعيشُ المرءُ فى الدَّهرِ خاملاً ؟
أيفرحُ فى الدُّنيا بيومٍ يعدُّهُ ؟
يَرَى الضَّيْمَ يَغْشَاهُ فَيَلْتَذُّ وَقْعَهُ
كَذِي جَرَبٍ يَلْتَذُّ بالْحَكِّ جِلْدُهُ
إذا المرءُ لاقى السيلَ ثُمَّتَ لم يعجْ
إلى وزَرٍ يحميهِ أرداهُ مدُّهُ
عفاءٌ على الدُّنيا إذا المرءُ لم يعشْ
بِها بَطَلاً يَحْمِي الْحَقِيْقَة َ شَدُّهُ
منَ العارِ أنْ يرضى الفتى بمذلَّة ٍ
وفى السَّيفِ ما يكفى لأمرٍ يعدُّهُ
وإنُّى امرؤٌ لا أستكينُ لصولة ٍ
وإن شدَّ ساقى دونَ مسعاى َ قدُّهُ
أَبَتْ ليَ حَمْلَ الضَّيْمِ نَفْسٌ أَبِيَّة ٌ
وقلبٌ إذا سيمَ الأذى شبَّ وقدهُ
نمانى إلى العلياءِ فرعٌ تأثلت
أَرُومَتُهُ فِي المَجْدِ، وافْتَرَّ سَعْدُهُ
وحَسْبُ الْفَتَى مَجْداً إِذَا طالَبَ الْعُلاَ
بما كانَ أوصاهُ أبوهُ وجدُّهُ(26/52)
إِذَا وُلِدَ الْمَوْلُودُ مِنَّا فَدَرُّهُ
دمُ الصَّيدِ ، والجردُ العناجيجُ مهدهُ
فإن عاشَ فالبيدُ الدَّياميمُ دارهُ
وإِنْ ماتَ فالطَّيْرُ الأَضَامِيمُ لَحْدُهُ
أصدُّ عنِ المرمى القريبِ ترَفعَّاً
وأَطْلُبُ أَمْراً يُعْجِزُ الطَّيْرَ بُعْدُهُ
وَلا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ تَلاعَبُ بِالْقَنَا
أُسودُ الوغى فيهِ ، وتمرحُ جردهُ
يمزِّقُ أستارَ النَّواظرِ برقهُ
وَيَقْرَعُ أَصْدَافَ الْمَسَامِعِ رَعْدُهُ
تُدَبِّرُ أَحْكَامَ الطِّعانِ كُهُولُهُ
وتملكُ تصريفَ الأعنَّة ِ مُردهُ
قُلُوبُ الرِّجالِ المُسْتَبِدَّة ِ أَكْلُهُ
وَفَيْضُ الدِّماءِ الْمُسْتَهِلَّة ِ وِرْدُهُ
أحملُ صدرَ النصلِ فيهِ سريرة ً
تعدُّ لأمرٍ لا يحاولُ ردُّهُ
فإمَّا حياة ٌ مثلَ ما تشتهى العلا
وإما ردى ً يشفى منَ الداءِ وفدهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سُكُوتِي إِذَا دَامَ الْحَدِيثُ كَلاَمُ
سُكُوتِي إِذَا دَامَ الْحَدِيثُ كَلاَمُ
رقم القصيدة : 23837
-----------------------------------
سُكُوتِي إِذَا دَامَ الْحَدِيثُ كَلاَمُ
وَ تقليبُ عيني في الوجوهِ ملامُ
وَ صبري على الأيامِ لاَ منْ مذلة ٍ
وَ لكنْ يدٌ مغلولة ٌ وَ حسامُ
أُلاَمُ عَلَى أَنِّي صَبَرْتُ، وَهَلْ فَتى ً
عَلَى الصَّبْرِ ـ إِنْ قَلَّ الْمُعِينُ ـ يُلاَمُ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ظنَّ الظنونَ فباتَ غيرَ موسَّدِ
ظنَّ الظنونَ فباتَ غيرَ موسَّدِ
رقم القصيدة : 23838
-----------------------------------
ظنَّ الظنونَ فباتَ غيرَ موسَّدِ
حَيْرَانَ يَكْلأُ مُسْتَنِيرَ الْفَرْقَدِ
تُلْوِي بِهِ الذُّكُرَاتُ حَتَّى إِنَّهُ
لَيَظَلُّ مُلْقى ً بَيْنَ أَيْدِي الْعُوَّدِ
طَوْراً يَهُمُّ بِأَن يَزِلَّ بِنَفْسِهِ
سَرَفاً، وتاراتٍ يَمِيلُ عَلَى الْيَدِ
فكأنَّما افترستْ بطائرِ حلمهِ
مشمولة ٌ ، أوساغَ سمَّ الأسودِ
قالوا غداً يومَ الرَّحيل ، ومن لهم(26/53)
خوفَ التفرُقِ أن أعيشَ إلى غدِ ؟
هى مهجة ٌ ذهبَ الهوى بشغافِها
مَعْمُودَة ٌ، إِنْ لَمْ تَمُتْ فَكَأَنْ قَدِ
يأَهلَ ذا البيتِ الرفيعِ منارهُ
أدعوكم يا قومُ دعوة َ مقصَد
إِنِّي فَقَدْتُ الْيَوْمَ بَيْنَ بُيُوتِكُمْ
عَقْلِي، فَرُدُّوهُ عَلَيَّ لأَهْتَدِي
أو فاستقيدونى ببعضِ قيانكم
حَتَّى ترُدَّ إِليَّ نَفْسِي، أَوْ تَدِي
بَلْ يا أَخَا السَّيْفِ الطَّوِيلِ نِجَادُهُ
إن أنتَ لم تحمِ النَّزيلَ فأغمدِ
هَذِي لِحَاظُ الْغِيدِ بَيْنَ شِعَابِكُمْ
فَتَكَتْ بنَا خَلْساً بِغَيْرِ مُهَنَّدِ
مِنْ كُلِّ نَاعِمَة ِ الصِّبَا بَدَوِيَّة ٍ
رَيَّا الشَّبابِ سَلِيمَة ِ الْمُتَجَرَّدِ
هيفاءَ إن خطرَتْ سبَتْ ، وإذا رنَتْ
سَلَبَتْ فُؤَادَ الْعَابِدِ الْمُتَشَدِّدِ
يخفضنَ من أبصارهنَّ تختُّلاً
لِلنَّفْسِ، فِعْلَ الْقَانتَاتِ الْعُبَّدِ
فَإِذَا أَصَبْنَ أَخَا الشَّبَابِ سَلَبْنَهُ
ورمَينَ مهجتهُ بطرفٍ أصيدِ
وإذا لمحنَ أَخا المشيبِ قلينَهُ
وسترنَ ضاحية ِ المحاسنِ باليدِ
فَلَئِنْ غَدَوْتُ دَرِيئَة ً لعُيُونِهَا
فلقد أفلُّ زعارة َ المتمرد
ولقدْ شهدتُ الحربَ فى إبَّانها
وَلَبِئْسَ رَاعِي الْحَيِّ إِنْ لَمْ أَشْهَدِ
تتقصَّفُ المرَّانَ فى حجَراتها
ويعودُ فيها السيفُ مثلَ الأَدرَد
عصَفت بها ريحُ الرَّدى ، فتدفَّقت
بِدَمِ الْفَوَارِسِ كَالأَتِيِّ الْمُزْبِدِ
ما زِلْتُ أَطْعَنُ بَيْنَها حَتَّى انْثَنَتْ
عَنْ مِثْلِ حَاشِيَة ِ الرِّدَاءِ الْمُجْسَدِ
ولقد هبطتُ الغيثَ يلمعُ نورهُ
فى كلِّ وضَّاحِ الأّسرَّة ِ أغيد
تجرى بهِ الآرامُ بينَ مناهلٍ
طَابَتْ مَوَارِدُهَا، وَظِلٍّ أَبْرَدِ
بمضمَّرٍ أرنٍ كأنَّ سراتهُ
بَعْدَ الْحَمِيمِ سَبِيكَة ٌ مِنْ عَسْجَدِ
خَلصَتْ لَهُ الْيُمْنَى ، وَعَمَّ ثلاثَة ً
منهُ البياضُ إلى وظيفٍ أجردِ
فكأنما انتزعَ الأصيلَ رداءهُ
سَلَباً، وَخَاضَ مِنَ الضُّحَى في مَوْرِدِ(26/54)
زَجِلٌ يُرَدِّدُ فِي اللَّهَاة ِ صَهِيلَهُ
رَفْعاً كَزَمْزَمَة ِ الْحَبِيِّ الْمُرْعِدِ
متلفتاً عن جانبيهِ ، يهزهُ
مرحُ الصِّبا كالشاربِ المتغرِّدِ
فإذا ثنيتَ لهُ العنانَ وجدتهُ
يَمْطُو كَسِيدِ الرَّدْهَة ِ الْمُتَوَرِّدِ
وإذا أطعتَ لهُ العنانَ رأيتهُ
يَطْوِي الْمَهَامِهَ فَدْفَداً فِي فَدْفَدِ
يكفيكَ منهُ إذا أحسَّ بنبأة ٍ
شدٌّ كمعمعة ِ الأَباءِ الموقدِ
صلبُ السنابكِ لا يمرُ بجلمدٍ
فى الشَّدِّ إلاَّ رضَّ فيهِ بجلمدِ
نِعْمَ الْعَتَادُ إِذَا الشِّفَاهُ تَقَلَّصَتْ
يومَ الكريهة ِ فى العجاجِ الأربدِ
ولقدْ شربتُ الخمرَ بينَ غطارفٍ
شُمِّ الْمَعَاطِسِ كَالْغُصُونِ الْمُيَّدِ
يَتَلاَعَبُونَ عَلَى الْكُئُوسِ إِذا جَرَتْ
لَعِباً يَرُوحُ الْجِدُّ فِيهِ وَيَغْتَدِي
لاَ يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ ما أَمَرَ الْهَوَى
فكلامهُم كالروض مصقولٌ ندى
من كلِّ وضَّاحِ الجبينِ كأنَّهُ
قَمَرٌ تَوَسَّطَ جُنْحَ لَيْلٍ أَسْوَدِ
بَلْ رُبَّ غَانِيَة ٍ طَرَقْتُ خِبَاءَهَا
والنجمُ يطرفُ عن لواحظِ أرمدِ
قَالَتْ وَقَدْ نَظَرَتْ إِلَيَّ: فَضَحْتَنِي
فَارْجِعْ لِشَأْنِكَ فَالرِّجالُ بِمَرْصَدِ
فمسحتها حتَّى اطمأنَّ فؤادها
وَنَفَيْتُ رَوْعَتَهَا بِرَأْيٍ مُحْصَدِ
وَخَرَجْتُ أَخْتَرِقُ الصُّفُوفَ مِنَ الْعِدَا
متلثِّماً والسيفُ يلمعُ فى يدى
فَلَنِعْمَ ذَاكَ الْعَيْشُ لَوْ لَمْ يَنْقَضِ
وَلَنِعْمَ هَذَا الْعَيْشُ إِنْ لَمْ يَنْفَدِ
يرجو الفتى فى الدهر طولَ حياتهِ
ونَعِيمِهِ، والْمَرْءُ غَيْرُ مُخَلَّدِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَا بَانَة ً! مَنْ لِي بِضمِّكْ؟
يَا بَانَة ً! مَنْ لِي بِضمِّكْ؟
رقم القصيدة : 23839
-----------------------------------
يَا بَانَة ً! مَنْ لِي بِضمِّكْ؟
يا زهرة ً ! منْ لي بشمكْ ؟
يا بنتَ سيدة ِ النسا
ءِ ! ترفقي بحياة ِ أمكْ
ما فيَّ منبتُ شعرة ٍ(26/55)
إِلاَّ بِهِ أَثَرٌ لِسَهْمِكْ
كلاَّ ، وَ لاَ في مهجتي
مِنْ طُولِ صَدِّكِ غَيْرُ هَمِّكْ
أصبحتُ ممتنعَ الكرى
لَمَّا جَفَانِي بَدْرُ تِمِّكْ
إنْ لمْ تجودي باللقا
ءِ المحبَّ ، وَ لاَ بلثمكْ
فتسامحي ليَ مرة ً
حتَّى أَفُوزَ بِلَثْمِ كُمِّكْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سَرَى الْبَرْقُ مِصْرِيّاً فَأَرَّقَنِي وَحْدِي
سَرَى الْبَرْقُ مِصْرِيّاً فَأَرَّقَنِي وَحْدِي
رقم القصيدة : 23840
-----------------------------------
سَرَى الْبَرْقُ مِصْرِيّاً فَأَرَّقَنِي وَحْدِي
وأَذْكَرَني ما لَسْتُ أَنْسَاهُ من عَهْدِ
فيا برقُ حدِّثنى ، وأنتَ مصدَّقٌ
عَنِ الآلِ وَالأَصْحَابِ مَا فَعَلُوا بَعْدِي
وعن روضة ِ المقياس تجرى خلالها
جَدَاولُ يُسْدِيها الْغَمَامُ بِمَا يُسْدِي
إِذا صافَحَتْها الرِّيحُ رَهْواً تَجعَّدَت
حبائكها مثلَ المقدَّرة السَّردِ
وَإِنْ ضَاحَكَتْهَا الشَّمْسُ رَفَّتْ، كَأَنَّها
مناضلُ سلَّت للضِّرابِ من الغمدِ
نعمتُ بها دهراً، وما كلُّ نعمة ٍ
حبتكَ بها الأيامُ إلاَّ إلى الردِ
فَوَا أَسَفَا إِذْ لَيْسَ يُجْدِي تَأَسُّفٌ
عَلَى مَا طَوَاهُ الدَّهْرُ مِنْ عَيْشِنَا الرَّغْدِ
إذ الدَّهرُ سمحٌ ، والَّليالى سميعة ٌ
و" لمياءُ " لم تخلف بليَّانها وعدى
فَتَاة ٌ تُرِيكَ الشَّمْسَ تَحْتَ خِمارِهَا
إِذَا سَفَرَتْ، والْغُصْنَ في مَعْقِدِ الْبَنْدِ
مِنَ الْفَاتِنَاتِ الْغِيدِ، لَوْ مَرَّ ظِلُّهَا
على قانتٍ دبَّتْ بهِ سورة ُ الوجدِ
فَتَاللَّهِ أَنْسَى عَهْدَهَا ما تَرَنَّمَتْ
بناتُ الضُّحى بين الأراكة ِ والرند
حَلَفْتُ بِمَا وَارَى الْخِمارُ مِنَ الْحَيَا
وما ضمَّتِ الأَردانُ من حسبٍ عدِّ
وبِاللُّؤْلُؤِ الْمَنْضُودِ بَيْنَ يَواقِتٍ
هِيَ الشَّهْدُ ظَنًّا، بَلْ أَلَذُّ مِنَ الشَّهْدِ
يميناً لو استسقيتَ أرضاً بهِ الحيا
لخاضَ بها الرُّعيانُ فى كلأٍ جعدِ(26/56)
لأَنْتِ وَأَيُّ النَّاسِ أَنْتِ؟ حَبيبَة ٌ
إلى َّ ولو عذبتِ قلبى بالصَّدِّ
إِلَيْكِ سَلَبْتُ الْعَيْنَ طِيبَ مَنَامِهَا
وفيكِ رَعَيْتُ النَّجْمَ فِي أُفْقِهِ وَحْدِي
وذلَّلتُ هذى النفسَ بعدِ إبائها
وَلَوْلاَكِ لَمْ تَسْمَحْ بِحَلٍّ ولا عَقْدِ
فَحَتَّامَ تَجْزِينِي بِوُدِّيَ جَفْوَة ٍ؟
أَمَا تَرْهَبِينَ اللَّه فِي حُرْمَة ِ الْمَجْدِ؟
سلى عنى الَّليلَ الطَّويلَ ، فإنَّهُ
خَبِيرٌ بما أُخْفِيهِ شَوْقاً، وَمَا أُبْدِي
هل اكتحلت عيناى إلاَّ بمدمعٍ
إِذَا ذَكَرَتْكِ النَّفْسُ سَالَ عَلَى خَدِّي؟
أُصَبِّرُ عَنْكِ النَّفْسَ وَهْيَ أَبِيَّة ٌ
وهيهاتَ صبرُ الظامئاتِ عن الوردِ
كأَنِّي أُلاَقِي مِنْ هَواكِ ابْنَ خِيسَة ٍ
أَخَا فَتَكَاتٍ، لا يُنَهْنَهُ بِالرَّدِّ
تنكَّبَ ممساهُ ، وأخطأ صيدهُ
فَأَقْعَى عَلَى غَيْظٍ مِنَ الْجُوعِ والْكَدِّ
لَهُ نَعَرَاتٌ بِالْفَلاَة ِ كَأَنَّهَا
على عدواءِ الدارِ جلجلة ُ الرَّعدِ
يمزِّقُ أستار الظَّلامِ بأعينٍ
تَطِيرُ شَراراً كَالسُّقاطِ مِنَ الزَّنْدِ
كَأَنَّهُمَا مَاوِيَّتَانِ أُدِيرَتَا
إِلَى الشَّمْسِ، فَانْبَثَّا شُعَاعاً مِنَ الْوَقْدِ
فهذا اَّلذى ألقاهُ منكِ على النوى
فَرَاخِي وَثَاقِي يَابْنَة َ الْقَوْمِ، أَوْ شُدِّي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> دعِ الهزلَ ، واحذرْ ترهاتِ المنادمه
دعِ الهزلَ ، واحذرْ ترهاتِ المنادمه
رقم القصيدة : 23841
-----------------------------------
دعِ الهزلَ ، واحذرْ ترهاتِ المنادمه
فَكَمْ مِنْ غَوِيٍّ قَدْ أَسَالَ الْمُنَى دَمَهْ
فَمَهْ، لا تَفُهْ، بِالْقَوْلِ قَبْلَ انْتِقَادِهِ
فَرُبَّ كَلاَمٍ فَضَّ مِنْ قَائِلٍ فَمَهْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هو البينُ حتَّى لاسلامٌ ولا ردُّ
هو البينُ حتَّى لاسلامٌ ولا ردُّ
رقم القصيدة : 23842
-----------------------------------(26/57)
هو البينُ حتَّى لاسلامٌ ولا ردُّ
ولا نظرة ٌ يقضى بها حقَّهُ الوجدُ
لقد نعبَ الوابور بالبينِ بينهم
فساروا ، ولازمُّوا جمالاً ، ولا شدُّوا
سَرَى بِهِمُ سَيْرَ الْغَمَامِ، كَأَنَّمَا
لهُ في تنائى كلِّ ذى خلَّة ٍ قصدِ
فلا عينَ إلاَّ وهى عينٌ منَ البكى
وَلاَ خَدَّ إِلاَّ لِلدُّمُوعِ بِهِ خَدُّ
فَيَا سَعْدُ، حَدِّثْنِي بِأَخْبَارِ مَنْ مَضَى
فَأَنْتَ خَبِيرٌ بِالأَحَادِيثِ يَا سَعْدُ
لعلَّ حديثَ الشوقِ يطفئُ لوعة ً
مِنَ الْوَجْدِ، أَوْ يَقْضِي بِصَاحِبهِ الْفَقْدُ
هُوَ النَّارُ في الأَحْشَاءِ، لَكِنْ لِوَقْعِها
على كبدى ممَّا ألذُّ بهِ بردُ
لعمرُ المغانى وهى عندِى عزيزة ٌ
بِسَاكِنِهَا مَا شَاقَنِي بَعْدَهَا عَهْدُ
لَكَانَتْ وَفِيهَا مَا تَرَى عَيْنُ نَاظِرٍ
وَأَمْسَتْ وَمَا فِيهَا لِغَيْرِ الأَسَى وَفْدُ
خلاءٌ منَ الأُلاَّفِ إلاَّعصابة ً
حداهم إلى عرفانها أملٌ فردُ
دعتهم إليها نفحة ٌ عنبريَّة ٌ
وبالنَّفحة ِ الحسناءِ قد يُعرَفُ الوردُ
وَقَفْنَا فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّتْ بِأَلْسُنٍ
صوامتَ ، إلاَّ أنَّها أَلسنٌ لُدُّ
فمن مقلة ٍ عبرى ، ومن لفحِ زفرة ٍ
لها شررٌ بينَ الحشا ما لهُ زندُ
فيا قلبُ صبراً إن ألمَّ بكَ النَّوى
فَكُلُّ فِراقٍ أَوْ تَلاقٍ لَهُ حَدُّ
فَقَدْ يُشْعَبُ الإِلْفَانِ أَدْنَاهُمَا الْهَوَى
ويَلْتَئِمُ الضِّدَّانِ أَقْصَاهُمَا الْحِقْدُ
عَلَى هَذِهِ تَجْرِي اللَّيَالِي بِحُكْمِهَا
فَآوِنَة ً قُرْبٌ، وَآوِنَة ً بُعْدُ
وما كُنْتُ لَوْلاَ الْحُبُّ أَخْضَعُ لِلَّتِي
تسئُ ، ولكنَّ الفتى للهوى عبدُ
فَعُودِيَ صُلْبٌ لاَ يَلِينُ لغَامِزٍ
وقَلْبِيَ سَيْفٌ لاَ يُفَلُّ لَهُ حَدُّ
إِباءٌ كَمَا شَاءَ الْفَخَارُ وَصَبْوَة ٌ
يذِلُّ لها فى خيسهِ الأسدُ الوردُ
وَإِنَّا أُنَاسٌ لَيْسَ فِينَا مَعَابَة ٌ
سِوَى أَنَّ وادِينَا بِحُكْمِ الْهَوَى نَجْدُ
نلينُ-وإن كنَّا أشدَّاءَ-للهوى(26/58)
وَنَغْضَبُ في شَرْوَى نَقِيرٍ فَنَشْتَدُّ
وحسبكَ منَّا شيمة ٌ عربيَّة ٌ
هِيَ الخَمْرُ مَا لَمْ يَأْتِ مِنْ دُونِها حَرْدُ
وبى ظمأٌ لم يبلغِ الماءُ رِيَّهُ
وفى النَّفسِ أمرٌ ليسَ يدركهُ الجهدُ
أَوَدُّ وما وُدُّ امْرِىء ٍ نافِعاً لَهُ
وإن كانَ ذا عقلٍ إذا لم يكن جدُّ
وَمَا بِيَ مِنْ فَقْرٍ لِدُنْيَا، وإِنَّمَا
طِلاَبُ الْعُلاَ مَجْدٌ، وإِنْ كَانَ لِي مَجْدُ
وَكَمْ مِنْ يَدٍ للَّهِ عِنْدِي ونِعْمَة ٍ
يَعَضُّ عَلَيْهَا كَفَّهُ الْحَاسِدُ الْوَغْدُ
أنا المرءُ لا يطغيهِ عزٌّ لثروة ٌ
أَصَابَ، وَلاَ يُلْوِي بِأَخْلاقِهِ الْكَدُّ
أصدُّ عنِ الموفورِ يدركهُ الخنا
وأقنعُ بالميسورِ يعقبهُ الحمدُ
وَمَنْ كَانَ ذَا نَفسٍ كَنَفْسِي تَصَدَّعَتْ
لعزَّتهِ الدنيا ، وذلَّت لهُ الأُسدُ
ومن شيمى حبُّ الوفاءِ سجيَّة ً
وما خَيْرُ قَلْبٍ لاَ يَدُومُ لَهُ عَهْدُ؟
ولكنَّ إخواناً بمصرَ ورفقة ً
نسونا ، فلا عهدٌ لديهم ، ولا وعدُ
أَحِنُّ لَهُمْ شَوْقاً، عَلَى أَنَّ دُونَنَا
مهامهَ تعيا دونَ أقربها الربدُ
فَيا ساكِنِي الْفُسْطَاطِ! ما بالُ كُتْبِنَا
ثوت عندكم شهراً وليسَ لها ردُّ ؟
أفى الحقِّ أنَّا ذاكرونَ لعهدكم
وأَنْتُمْ عَلَيْنَا لَيْسَ يَعْطِفُكُمْ وُدُّ؟
فلا ضَيْرَ، إِنَّ اللَّه يُعْقِبُ عَوْدَة ً
يَهُونُ لَهَا بَعْدَ الْمُوَاصَلَة ِ الصَّدُّ
جَزَى اللَّهُ خَيْراً مَنْ جَزانِي بِمِثْلِهِ
عَلَى شُقَّة ٍ غَزْرُ الْحَيَاة ِ بها ثَمْدُ
أَبِيْتُ لذِكْرَاكُمْ بها مُتَمَلْمِلاً
كَأَنِّي سَلِيمٌ، أَوْ مَشَتْ نَحْوَهُ الْوِرْدُ
فلا تحسبونى غافلاً عن ودادكم
رويداً ، فما فى مهجتى حجرٌ صلدُ
هُوَ الْحُبُّ لا يَثْنِيهِ نَأْيٌ، ورُبَّمَا
تَأَرَّجَ مِنْ مَسِّ الضِّرامِ لَهُ النَّدُّ
نَأَتْ بِيَ عَنْكُمْ غُرْبَة ٌ وتَجَهَّمَتْ
بِوَجْهِيَ أَيَّامٌ خَلائِقُهَا نُكْدُ
أدورُ بعينى لا أرى غيرَ أُمَّة ٍ(26/59)
مِنَ الرُّوسِ بِالْبَلْقَانِ يُخْطِئُهَا الْعَدُّ
جواثٍ على هام الجبالِ لغارة ٍ
يطير بها ضوءُ الصَّباحِ إذا يبدو
إذا نحنُ سرنا صرَّحَ الشَّرُّ باسمهِ
وَصَاحَ الْقَنَا بالْمَوْتِ، واسْتَقْتَلَ
فَأَنْتَ تَرَى بيْنَ الْفَرِيقَيْنِ كَبَّة ً
يُحَدِّثُ فيها نَفْسَهُ الْبَطَلُ الْجَعْدُ
عَلَى الأَرْضِ مِنْها بالدِّماءِ جَدَاوِلٌ
وَفَوْقَ سَرَاة ِ النَّجْمِ مِنْ نَقْعِهَا لِبْدُ
إِذَا اشْتَبَكُوا، أَوْ راجَعُوا الزَّحْفَ خِلْتَهُمْ
بُحُوراً تَوَالَى بَيْنَها الْجَزْرُ والْمَدُّ
نشلُّهمُ شلَّ العطاشِ ونت بها
مُرَاغَمَة ُ السُّقْيَا، وَمَاطَلَهَا الْوِرْدُ
فَهُمْ بَيْنَ مَقْتُولٍ طَرِيحٍ، وهَارِبٍ
طليح ٍ، ومأسورٍ يجاذبهُ القدُّ
نروحُ إلى الشُّورى إذا أقبلَ الدُّجى
ونَغْدُو عَلَيْهِمْ بالْمَنَايَا إِذَا نَغْدُو
ونقعٍ كلجِّ البحرِ خضتُ غمارهُ
ولا مَعْقِلٌ إِلاَّ الْمَنَاصِلُ والْجُرْدُ
صَبَرْتُ لَهُ والْمَوْتُ يَحْمَرُّ تَارَة ً
وَيَنْغَلُّ طَوْراً في الْعَجَاجِ فَيَسْوَدُّ
فَمَا كُنْتُ إِلاَّ اللَّيْثَ أَنْهَضَهُ الطَّوَى
ومَا كُنْتُ إِلاَّ السَّيْفَ فَارَقَهُ الْغِمْدُ
صَئُولٌ ولِلأَبْطَالِ هَمْسٌ مِنَ الْوَنَى
ضروبٌ وقلبُ القرنِ فى صدرهِ يعدو
فما مُهْجَة ٌ إِلاَّ وَرُمْحِي ضَمِيرُهَا
ولا لَبَّة ٌ إِلاَّ وسَيْفِي لَهَا عِقْدُ
وَمَا كُلُّ ساعٍ بَالِغٌ سُؤْلَ نَفْسِهِ
ولا كلُّ طلاَّبٍ يصاحبهُ الرشدُ
إِذَا الْقَلْبُ لَمْ يَنْصُرْكِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ
فَمَا السَّيْفُ إِلاَّ آلَة ٌ حَمْلُهَا إِدُّ
إذا كانَ عقبى كلِّ شئٍ وإن زكا
فناء ، فمكروهُ الفناءِ هو الخلدُ
وتخليدُ ذكرِ المرءِ بعدَ وفاتهِ
حَيَاة ٌ لَهُ، لا مَوْتَ يَلْحَقُها بَعْدُ
فَفِيمَ يَخَافُ الْمَرْءُ سَوْرَة َ يَوْمِهِ
وفى غدهِ ما ليسَ من وقعهِ بدُّ
لِيَضْنَ بِيَ الْحُسَّادُ غَيْظاً، فَإِنَّنِي
لآنافهم رغمٌ وأكبادهِم وقدُ(26/60)
أَنَا القَائِلُ الْمَحْمُودُ مِنْ غَيْرِ سُبَّة ٍ
ومن شيمة الفضلِ العداوة ُ والضدُّ
فَقَدْ يَحْسُدُ الْمَرْءُ ابْنَهُ وَهْوَ نَفْسُهُ
وربَّ سوارٍ ضاقَ عن حملهِ العضدُ
فلا زلتُ محسوداً على المجدِ والعلا
فليسَ بمحسودٍ فتى ً ولهُ ندُّ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَرَاكَ الْحِمَى ! شَوْقِي إِلَيْكَ شَدِيدُ
أَرَاكَ الْحِمَى ! شَوْقِي إِلَيْكَ شَدِيدُ
رقم القصيدة : 23843
-----------------------------------
أَرَاكَ الْحِمَى ! شَوْقِي إِلَيْكَ شَدِيدُ
وصبرى ونومى فى هواكَ شريدُ
مضى زمنٌ لم يأتنى عنكَ قادمٌ
ببشرى ، ولم يعطف على َّ بريدُ
وَحِيْدٌ مِنَ الْخُلاَّنِ في أَرْضِ غُرْبَة ٍ
أَلاَ كُلُّ مَنْ يَبْغِي الْوَفَاءَ وَحِيدُ
فهل لغريبٍ طوحتهُ يدُ النَّوى
رجوعٌ ؟ وهل للحائماتِ ورودُ ؟
وهل زمنٌ ولَّى ، وعيشٌ تقيضَت
غَضَارَتُهُ بَعْدَ الذَّهَابِ يَعُودُ؟
أُعَلِّلُ نَفْسِي بالْقَدِيمِ، وَإِنَّمَا
يَلَذُّ اقْتِبالُ الشَّيءِ وَهْوَ جَدِيدُ
وما ذكرِى َ الأيَّامَ إلاَّ لأنَّها
ذِمامٌ لعرفانِ الصِّبا وعهودُ
فليسَ بمفقودٍ فتى ً ضمَّهُ الثَرى
ولكنَّ من غالَ البِعادُ فقيدُ
ألا أيُّها اليومُ الَّذى لم أكنْ لهُ
ذكوراً ، سِوى أَن قيلَ لى هوَ عيدُ
أَتَسْأَلُنَا لُبْسَ الْجَدِيدِ سَفَاهَة ً
وأثوابنا ما قَدْ علِمْتَ حديدُ ؟
فَحَظُّ أُناسٍ مِنْهُ كَأْسٌ وقَيْنَة ٌ
وحظُّ رجالٍ ذُكرَة ٌ ونشيدُ
لِيهنَ بهِ منْ باتَ جذْلانَ ناعماً
أَخَا نَشَوَاتٍ ما عَلَيْهِ حَقُودُ
ترى أَهلَهُ مستَبشرينَ بِقربِهِ
فَهُمْ حَوْلَهُ لا يَبْرَحُونَ شُهُودُ
إذا سارَ عنهُمْ سارَ وهو مكرَّمٌ
وإن عادَ فيهِمْ عادَ وهوَ سعيدُ
يُخَاطِبُ كُلاًّ بِالَّذِي هُوَ أَهْلُهُ
فمُبدئُ شُكرٍ تارة ً ومعيدُ
فَمَنْ لِغَرِيبٍ "سَرْنَسُوفُ" مُقَامُهُ
رَمَتْ شَمْلَهُ الأَيَّامُ، فَهْوَ لَهِيدُ
بِلاَدٌ بِهَا ما بِالجَحِيمِ، وإِنَّمَا(26/61)
مكانَ اللَّظى ثلجٌ بها وجليدُ
تجمَّعتِ البُلغارُ والرُّومُ بينَها
وزَاحَمَهَا التَّاتَارُ، فَهْيَ حُشُودُ
إِذا رَاطَنُوا بَعْضاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِمْ
هَديداً تكادُ الأَرضَ منهُ تميدُ
قِباحُ النَّوَاصِي والْوُجُوهِ، كَأَنَّهُمْ
لِغَيْرِ أَبِي هَذَا الأَنَامِ جُنُودُ
سَواسِيَة ٌ، لَيْسُوا بِنَسْلِ قَبيلَة ٍ
فَتُعرفَ آباءٌ لهُم وجدودُ
لَهُم صُوَرٌ ليسَتْ وجُوهاً ، وإنَّما
تُناطُ إليها أعيُنٌ وخُدودُ
يَخُورُونَ حَوْلِي كَالعُجُولِ، وبَعْضُهُمْ
يُهَجِّنُ لحنَ القولِ حينَ يُجيدُ
أَدورُ بِعَينى لا أرى بينَهُمْ فتى ً
يَرودُ معِى فى القولِ حَيثُ أَرودُ
فَلاَ أَنَا مِنْهُمْ مُسْتَفِيدٌ غَريبَة ً
وَلاَ أَنَا فِيهمْ ما أَقَمْتُ مُفِيدُ
فَمَنْ لِي بِأَيَّامٍ مَضَتْ قَبْلَ هَذِهِ
بمِصْرَ ؟ وعيشى لو يدومُ حَميدُ
عسى اللهُ يَقضى قُربَة ً بعدَ غُربَة ٍ
فَيَفْرَحَ باللُّقْيَا أَبٌ وَوَلِيدُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> الشِّعْرُ زَيْنُ الْمَرْءِ مَا لَمْ يَكُنْالشِّعْرُ زَيْنُ الْمَرْءِ مَا لَمْ يَكُنْ
الشِّعْرُ زَيْنُ الْمَرْءِ مَا لَمْ يَكُنْالشِّعْرُ زَيْنُ الْمَرْءِ مَا لَمْ يَكُنْ
رقم القصيدة : 23844
-----------------------------------
الشِّعْرُ زَيْنُ الْمَرْءِ مَا لَمْ يَكُنْالشِّعْرُ زَيْنُ الْمَرْءِ مَا لَمْ يَكُنْ
وسيلة ً للمدحِ وَ الذامِ
قَدْ طَالمَا عَزَّ بِهِ مَعْشَرٌ
وَرُبَّمَا أَزْرَى بِأَقْوَامِ
فاجعلهُ فيما شئتَ منْ حكمة ِ
أَوْ عِظَة ٍ، أَوْ حَسَبٍ نَامِي
وَاهْتِفْ بِهِ مِنْ قَبْلِ إِطْلاَقِهِ
فَالسَّهْمُ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّامِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تولَّى الصِّبا عَنِّى ، فكيفَ أعيدهُ
تولَّى الصِّبا عَنِّى ، فكيفَ أعيدهُ
رقم القصيدة : 23845
-----------------------------------
تولَّى الصِّبا عَنِّى ، فكيفَ أعيدهُ(26/62)
وقَدْ سارَ فى وادى الفَناءِ بريدهُ ؟
أُحاولُ منهُ رجعة ً بعدَ ما مضى
وذَلِكَ رَأْيٌ غَابَ عَنِّي سَدِيدُهُ
فَمَا كُلُّ جَفْرٍ غاضَ يَرْتَدُّ نَبْعُهُ
ولا كلُّ ساقٍ جفَّ يخضَرُّ عودهُ
فإن أكُ فارقتُ الشَّبابَ فقبلهُ
بكيتُ رضاعاً بانَ عنِّى حميدهُ
وأى ُّ شبابٍ لا يزولُ نعيمهُ ؟
وسِربالِ عيشٍ ليسَ يبلى جديدهُ ؟
فلا غروَ إن شابت منَ الحزنِ لِمَّتى
فإنِّى فى دهرٍ يشيبُ وليدهُ
يهدِّمُ من أجسادنا ما يشيدهُ
وَيَنْقُصُ مِنْ أَنْفَاسِنَا مَا يَزِيدُهُ
أَرَى كُلَّ شَيْءٍ لا يَدُومُ، فَمَا الَّذِي
ينالُ امرؤٌ من حبِّ ما لا يفيدهُ ؟
وَلَكِنَّ نَفْساً رُبَّمَا اهْتَاجَ شَوْقُهَا
فَحَنَّتْ، وقَلْباً رُبَّمَا اعْتَادَ عِيدُهُ
فَوَا حَسْرَتَا! كَمْ زَفْرَة ٍ إِثْرَ لَوْعَة ٍ
إِذَا عَصَفَتْ بِالقَلْبِ كادَتْ تُبِيدُهُ
أَحِنُّ إِلَى وادِي النَّقَا، ويَسُرُّنِي
عَلَى بُعْدِهِ أَنْ تَسْتَهِلَّ سُعُودُهُ
وأصدقُهُ وِدَّى ، وإن كنتُ عالماً
بأنَّ النقا لم يَدنُ منِّى بعيدهُ
معانُ هوى ً تجرى بدمعى وِهادهُ
وتُشرقُ من نيرانِ قلبى نُجودُهُ
تَضِنُّ بِإِهْداءِ السَّلامِ ظِباؤُهُ
وتُكْرِمُ مَثْوَى الطَّارِقِينَ أُسُودُهُ
تساهمَ فيهِ البأسُ والحسنُ ، فاستوتْ
ضراغمهُ عندِ اللِّقاءِ وغِيدهُ
تلاقَت بهِ أسيافهُ ولِحاظه
ومالت بهِ أَرماحهُ وقُدودهُ
فَكَمْ مِنْ صَرِيعٍ لا تُدَاوَى جِرَاحُهُ
وكم مِن أسيرٍ لاتحلُّ قيودهُ
وفى الحى ِّ ظبى ٌ إن ترنَّمتُ باسمهِ
تَنَمَّرَ وَاشِيهِ، وهَاجَ حَسُودُهُ
تَهيمُ بهِ أستارهُ وخدورهُ
وتَعْشَقُهُ أَقْرَاطُهُ وعُقُودُهُ
تَأَنَّقَ فِيه الحُسْنُ فامْتَدَّ فَرْعُهُ
إِلَى قَدَمَيْهِ واسْتَدارَتْ نُهُودُهُ
فَلِلْمِسْكِ رَيَّاهُ، ولِلْبَانِ قَدُّهُ
ولِلْوَرْدِ خَدَّاهُ، وللظَّبْيِ جِيدُهُ
فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ يَا صَاحِ بِالْهَوَى
فإنَّ الرَّدى حِلفُ الهوى وعَقيدهُ(26/63)
ومَا أَنَا مِمَّنْ يَرْهَبُ الْمَوْتَ إِنْ سَطَا
إذا لم تكُن نُجلَ العيونِ شهودُهُ
أفُلُّ أنابيبَ القنا ، ويفلنى
قَوَامٌ تَنَدَّتْ بالْعَبِيرِ بُرُودُهُ
فإن أنا سالَمتُ الهوى َ فلَطالما
شهِدتُ الوغى َ والطَّعنُ يَذكو وَقودهُ
وتَحْتَ جَنَاحِ الدِّرْعِ مِنِّي ابْنُ فَتْكَة ٍ
مُعَودة ٌ ألاَّ تُحَطَّ لُبودهُ
إذا حرَّكتهُ هِمَّة ٌ نحوَ غاية ٍ
تَسَامَى إِلَيْهَا في رَعِيلٍ يَقُودُهُ
ومُعْتَرَكٍ لِلْخَيْلِ في جَنَبَاتِهِ
صَهِيْلٌ يَهُدُّ الرَّاسِيَاتِ وَئِيدُهُ
بعيدِ سماءِ النَّقعِ ، ينقضُّ نسرهُ
على جُثَثِ القتلى ، وينغلُّ سيده
تَرفُّ على هامِ الكماة ِ سُيوفهُ
وتَخفقُ بينَ الجحفَلينِ بنودهُ
إِذَا اشْتَجَرَتْ فِيهِ الرِّماحُ تَراجَعَتْ
سَوَافِرَ عَنْ نَصْرٍ يُضِيءُ عَمُودُهُ
تَقَحَّمْتُهُ والرُّمْحُ صَدْيَانُ يَنْتَحِي
نِطافَ الكُلى ، والموتُ يمضِى وَعيدهُ
فَمَا كُنْتُ إِلاَّ الْغَيْثَ طَارَتْ بُروقُهُ
وما كُنْتُ إِلاَّ الرَّعْدَ دَوَّى هَدِيدُهُ
أَنَا الرَّجُلُ الْمَشْفُوعُ بِالفِعْلِ قَوْلُهُ
إِذا ما عَقِيدُ الْقَوْمِ رَثَّتْ عُقُودُهُ
تعوَّدتُ صِدقَ القولِ حتَّى لو أنَّنى
تَكَلَّفْتُ قَوْلاً غَيْرَهُ لا أُجِيدُهُ
أُضاحِكُ وَجْهَ الْمَرْءِ يَغْشَاهُ بشْرُهُ
وأَعْلَمُ أَنَّ الْقَلْبَ تَغْلِي حُقُودُهُ
ومَنْ لمْ يدارِ النَّاسَ عاداهُ صحبهُ
وأَنْكرهُ منْ قومهِ مَنْ يسودُهُ
فَمَنْ لِي بِخِلٍّ أَسْتَعِينُ بِقُرْبِهِ
على أملٍ لم يبقَ إلاَّ شريدهُ
أُحاولُ وِدّاً لا يُشان بِغدرة ٍ
ودُونَ الَّذِي أَرْجُوهُ مَا لاَ أُرِيدُهُ
سَمِعْتُ قَدِيماً بِالْوَفَاءِ فَلَيْتَنِي
عَلِمْتُ عَلَى الأَيَّامِ أَيْنَ وُجُودُهُ
فإن أنا لمْ أملِكْ صَديقاً فإنَّنى
لِنفسى صديقٌ لا تخيسُ عهودهُ
وَحَسْبُ الْفَتَى مِنْ رَأْيِهِ خَيْرُ صَاحِبٍ
يُوازِرُهُ في كُلِّ خَطْبٍ يَئُودُهُ
إذا لمْ يكُن للمرءِ مِنْ بدَهاتهِ(26/64)
نَصيرٌ، فأخلَق أَنْ تَخيبَ جدودهُ
وإنِّى وإن أصبَحتُ فرداً فإنَّنى
بنَفسى ِ عشيرٌ ليسَ ينجو طريدهُ
وَلِي مِن بَدِيعِ الشِّعْرِ ما لَوْ تَلَوْتُهُ
على جبلٍ لانهالَ فى الدَوِّ رِيدهُ
إِذَا اشْتَدَّ أَوْرَى زَنْدَة َ الْحَرْبِ لَفْظُهُ
وَإِنْ رَقَّ أَزْرَى بِالْعُقُودِ فَرِيدُهُ
يقطِّعُ أنفاسَ الرِّياحِ إذا سرى
ويسبقُ شأوَ النَّيِّرينِ قَصيدهُ
إِذَا ما تَلاهُ مُنْشِدٌ في مَقَامَة ٍ
كَفَى الْقَوْمَ تَرْجِيعَ الْغِناءِ نَشِيدُهُ
سيبقى بهِ ذكرى علَى الدَّهرِ خالداً
وذِكْرُ الفَتَى بَعْدَ الْمَمَاتِ خُلُودُهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أيها الشاعرُ المجيدُ ! تدبرْ
أيها الشاعرُ المجيدُ ! تدبرْ
رقم القصيدة : 23846
-----------------------------------
أيها الشاعرُ المجيدُ ! تدبرْ
وَ اجعلِ القولَ منكَ ذا تحكيمِ
لا تذمَّ اللئيمَ ، وَ وامدحْ كريماً
إنَّ مدحَ الكريمِ ذمُّ اللئيمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كَرَمُ الطَّبْعِ شِيمَة ُ الأَمْجَادِ
كَرَمُ الطَّبْعِ شِيمَة ُ الأَمْجَادِ
رقم القصيدة : 23847
-----------------------------------
كَرَمُ الطَّبْعِ شِيمَة ُ الأَمْجَادِ
وَجَفَاءُ الأَخْلاقِ شَأْنُ الْجَمَادِ
لَنْ يَسُودَ الْفَتَى ولَوْ مَلَكَ الْحِكْـ
مة َ ما لمْ يكُنْ منَ الأجوادِ
ولعَمرى لرقَّة ِ الطَّبعِ أولى
منْ عِنادٍ يجرُّ حربَ الفسادِ
قَدْ يَنَالُ الْحَلِيمُ بِالرِّفْقِ مَا لَيْـ
ـسَ يَنالُ الْكَمِيُّ يوْمَ الْجِلادِ
فاقْرُنِ الْحِلْمَ بِالسَّماحَة ِ تَبْلُغْ
كُلَّ مَا رُمْتَ نَيْلَهُ مِنْ مُرادِ
وَضَعِ الْبِرَّ حَيْثُ يَزْكُو لِتَجْنِي
ثَمَرَ الشُّكْرِ مِنْ غِرَاسِ الأَيَادِي
وَاحْذَرِ الناسَ ما اسْتَطَعْتَ فإِنَّ النَّـ
ـاسَ أَحْلاَسُ خُدْعَة ٍ وتَعادِي
رُبَّ خلٍّ تراهُ طلقَ المحيَّا
وهو جَهُمُ الضميرِ بِالأحقادِ(26/65)
فتأمَّل مواقِعَ اللَّحظِ تعلَمْ
ما طَوَتْهُ صَحَائِفُ الأَكْبَادِ
إِنَّ في الْعَيْنِ وَهْوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ
لَدَلِيلاً عَلَى خَبَايَا الْفُؤَادِ
وأُناسٍ صَحِبْتُ مِنْهُمْ ذِئَاباً
تحتَ أَثوابِ ألفة ٍ وَوِدادِ
يتمنُّونَ لى العِثارَ، ويَلقَوْ
نى بِوجهٍ إِلى المودَّة ِ صادِى
سابقونى فقصَّروا عَنْ لَحاقِى
إِنَّمَا السَّبْقُ مِنْ خِصالِ الْجَوَادِ
أَنا ما بينَ نعمة ٍ وحسودٍ
والْمَعَالِي كَثِيرَة ُ الحُسَّادِ
فليموتوا بغيظِهِم ، فاحتمالُ الـ
ـغَيْظِ موْتٌ لَهُمْ بِلا مِيعَادِ
كيفَ تبيضُّ منْ أناسٍ وجُوهٌ
صَبَغَ اللُّؤْمُ عِرْضَهُمْ بِسَوَادِ؟
أظهروا زُخرُفَ الخِداعِ ، وأخفوا
ذَاتَ نفسٍ كالجمرِ تحتَ الرمادِ
فَتَرى الْمَرْءَ مِنْهُمُ ضَاحِكَ السِّـ
نِّ وفى ثوبهِ دِماءُ العبادِ
معشرٌ لا وليدُهُم طاهرُ المهـ
ـدِ وَلاَ كَهْلُهُمْ عَفِيفُ الْوِسادِ
تِلكَ آثارهُم تدُلُّ على ما
كانَ منهُم من جفوة ٍ وتبادِى
ليسَ من يطلبُ المعالى للفخـ
رِ كمَن يطلبُ العلا للزَّادِ
وقليلاً ما يصلُحُ المرءُ للجـ
دِّ إذا كانَ ساقِطَ الأجدادِ
فاعتَصِم بالنُهى تفز بنعيمِ الدَّ
هْرِ غَضًّا، فالْعَقْلُ خَيْرُ عَتَادِ
إِنَّ في الْحِكْمَة ِ الْبَلِيغَة ِ لِلرُّو
حِ غِذاءً كَالطِّبِّ لِلأَجْسَادِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> في قائمِ السيفِ إنْ عزَّ الرضا حكمُ
في قائمِ السيفِ إنْ عزَّ الرضا حكمُ
رقم القصيدة : 23848
-----------------------------------
في قائمِ السيفِ إنْ عزَّ الرضا حكمُ
فَالْحُكْمُ لِلسَّيْفِ إِنْ لَمْ تَصْدَعِ الْكَلِمُ
تأبى ليَ الضيمَ نفسٌ حرة ٌ وَ يدٌ
أَطَاعَها الْمُرْهَفَانِ: السَّيْفُ وَالْقَلَمُ
وَ عزمة ٌ بعثتها همة ٌ شهرتْ
بِهَا عَلَى الدَّهْرِ عَضْباً لَيْسَ يَنثَلِمُ
وَ فتية ٌ كأسودِ الغابِ ، ليسَ لهمْ
إلاَّ الرماحُ إذا احمرَّ الوغى أجمُ(26/66)
كالبرقِ إنْ عزموا ، وَ الرعدِ إنْ صدموا
وَالْغَيْثِ إِنْ رَحِمُوا، وَالسَّيْلِ إِنْ هَجَمُوا
إِنْ حَارَبُوا مَعْشَراً فِي جَحْفَلٍ غَلَبُوا
أوْ خاصموا فءة ً في محفلِ خصموا
لاَ يَرْهَبُونَ الْمَنَايَا أَنْ تُلِمَّ بِهِمْ
كأنَّ لقى المنايا عندهمْ حرمُ
مُرَفَّهُونَ، حِسَانٌ فِي مَجَالِسِهِمْ
وَفِي الْحُرُوبِ إِذَا لاقَيْتَهُمْ بُهَمُ
مِنْ كُلِّ أَزْهَرَ، كَالدِّينَارِ غُرَّتُهُ
يجلو الكريهة َ منهُ كوكبٌ ضرمُ
لاَ يَرْكَنُونَ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا
إذا همُ شعروا بالذلَّ ، أو نقموا
قدْ حببَ الموتَ كرهُ الضيمِ في نفرِ
لولاهمُ لمْ تدمْ في العالمِ النعمُ
مَاتُوا كِرَاماً، وَأَبْقَوْا لِلْعُلا أَثَراً
نَالتْ بِهِ شَرَفَ الْحُرِّيَّة ِ الأُمَمُ
فَكَيْفَ يَرْضَى الْفَتَى بِالذُّلِّ يَحْمِلُهُ
وَ الذلُّ تأنفهُ العبدانُ وَ الخدمُ ؟
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى فَضْلٌ وَمَحْمِيَة ٌ
فَإِنَّ وِجْدَانَهُ فِي أَهْلِهِ عَدَمُ
فَالْحِلْمُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قُدْرَة ٍ خَوَرٌ
وَالصَّبْرُ فِي غَيْرِ مَرْضَاة ِ الْعُلاَ نَدَمُ
فارغبْ بنفسكَ عنْ حالٍ تضتامُ بها
فَلَيْسَ بَعْدَ اطِّرَاحِ الذُّلِّ مَا يَصِمُ
وَلاَ تخَفْ وِرْدَ مَوْتٍ أَنْتَ وَارِدُهُ
منْ أخطأتهُ الرزايا غالهُ الهرمُ
إِنَّ الْعُلاَ أَثَرٌ تَحْيَا بِذُكْرَتِهِ
أسماءُ قومٍ طوى أحسابها القدمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أيدَ المنُونِ قدَحتِ أى َّ زِنادِ
أيدَ المنُونِ قدَحتِ أى َّ زِنادِ
رقم القصيدة : 23849
-----------------------------------
أيدَ المنُونِ قدَحتِ أى َّ زِنادِ
وأطرتِ أى َّ شعلة ٍ بفؤادى
أوهَنتِ عزمى وهو حَملة ُ فيلقٍ
وحَطَمتِ عودى وهو رُمحُ طِرادِ
لم أدرِ هَلْ خَطبٌ ألمَّ بِساحتى
فَأَنَاخَ، أَمْ سَهْمٌ أَصابَ سَوَادِي؟
أَقْذَى الْعُيُونَ فَأَسْبَلَتْ بِمَدَامِعٍ
تجرى على الخدَّينِ كالفِرصادِ(26/67)
ما كُنْتُ أَحْسَبُنِي أُراعُ لِحَادِثٍ
حتَّى مُنيتُ بهِ فأَوهَنَ آدى
أَبلتنى الحسراتُ حتَّى لم يكد
جِسْمِي يَلُوحُ لأَعْيُنِ الْعُوَّادِ
أَسْتَنْجِدُ الزَّفَراتِ وَهْيَ لَوافِحٌ
وَأُسَفِّهُ الْعَبَرَاتِ وَهْيَ بَوَادِي
لا لوعتى تدعُ الفؤادَ ، ولا يدى
تقوَى على ردِّ الحبيبِ الغادى
يا دَهْرُ، فِيمَ فَجَعْتَنِي بِحَلِيْلَة ٍ؟
كانَتْ خَلاصَة َ عُدَّتِي وَعَتَادِي
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْحَمْ ضَنَايَ لِبُعْدِها
أفلا رحِمتَ منَ الأسى أولادى ؟
أَفْرَدْتَهُنَّ فَلَمْ يَنَمْنَ تَوَجُّعاً
قرحَى العيونِ رواجِفَ الأكباد
أَلْقَيْنَ دُرَّ عُقُودِهِنَّ، وَصُغْنَ مِنْ
دُرِّ الدُّموعِ قلائدَ الأجيادِ
يبكينَ من ولهٍ فراقَ حَفيَّة ٍ
كانتْ لَهنَّ كثيرة َ الإسعادِ
فَخُدُودُهُنَّ مِنَ الدُّمُوعِ نَدِيَّة ٌ
وقًلوبُهنَّ منَ الهمومِ صوادى
أسليلة َ القمرينِ ! أى ُّ فجيعة ٍ
حَلَّتْ لِفَقْدِكَ بَيْنَ هَذَا النَّادِي؟
أعزز على َّ بأن أراكِ رهينة ً
في جَوْفِ أَغْبَرَ قاتِمِ الأَسْدَادِ!
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ألمْ يأنِ أنْ يرضى عنِ الدهرِ مغرمُ
ألمْ يأنِ أنْ يرضى عنِ الدهرِ مغرمُ
رقم القصيدة : 23850
-----------------------------------
ألمْ يأنِ أنْ يرضى عنِ الدهرِ مغرمُ
أَمِ الْعُمْرُ يَفْنَى وَالْمآرِبُ تُعْدَمُ؟
أُحَاوِلُ وَصْلاً مِنْ حَبِيبٍ مُمَنَّعٍ
وَبَعْضُ أَمَانِي النَّفْسِ غَيْبٌ مُرَجَّمُ
وَمَا كُلُّ مَنْ رَامَ الْعَظَائِمَ نَالَهَا
وَلاَ كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَة َ يَغْنَمُ
يَسُرُّ الْفَتَى مِنْ عِشْقِهِ مَا يَسُوؤُهُ
وَ في الراحِ لهوٌ للنفوسِ وَ مغرمُ
وَ لوْ كانَ للإنسانِ علمٌ يدلهُ
على خافياتِ الغيبِ ما كانَ يندمُ
كتمتُ الهوى خوفَ الوشاة ِ ، فلمْ يزلْ
بِيَ الدَّمْعُ حَتَّى بَانَ مَا كُنْتُ أَكْتُمُ
وَكَيْفَ أُدَارِي النَّفْسَ وَهْيَ مَشُوقَة ٌ(26/68)
وَأَحْلُمُ عَنْهَا وَالْهَوَى لَيْسَ يَحْلُمُ؟
وَتَحْتَ جَنَاحِ اللَّيْلِ مِنِّي ابْنُ لَوْعَة
يَرِقُّ إِلَيْهِ الطَّائِرُ الْمُتَرَنِّمُ
إِذَا مَدَّ مِنْ أَنْفَاسِهِ لاَحَ بَارِقٌ
وَإِنْ حَلَّ مِنْ أَجْفَانِهِ فَاضَ خِضْرِمُ
وَ إنَّ التي يشتاقها القلبُ غادة ٌ
لَهَا الرُّمْحُ قَدٌّ، وَالْمُهَنَّدُ مِعْصَمُ
يَنُمُّ بها صُبْحٌ مِنَ الْبِيضِ أَزْهَرٌ
وَيَكتُمُهَا نَقعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمُ
إِذَا رَاسَلَتْ كَانَتْ رِسَالَة ُ حُبِّهَا
بضربِ الظبا توحى ، وَ بالطعنِ تعجمُ
لَهَا مِنْ دِمَاءِ الصِّيدِ فِي حَوْمَة ِ الْوَغَى
شرابٌ ، وَ منْ هامِ الفوارسِ مطعمُ
فتلكَ التي لاَ وصلها متوقعٌ
لَدَيْنَا، وَلاَ سُلْوَانُهَا مُتَصَرَّمُ
علقتُ بها ، وَ هيَ المعالي ، وَ قلما
يَهِيمُ بِهَا إِلاَّ الشُّجَاعُ الْمُصَمِّمُ
هوى ، ليسَ فيهِ للملامة ِ مسلكٌ
وَلاَ لاِمْرِىء ٍ نَاجَى بِهِ النَّفْسَ مَأَثَمُ
تلذُّ بهِ الآلامُ وَ هيَ مبيرة ٌ
وَيَحْلُو بِهِ طَعْمُ الرَّدَى وَهْوَ عَلْقمُ
فمنْ يكُ بالبيضِ الكواعبِ مغرماً
فإنيَ بالبيضِ القواضبِ مغرمُ
أَسِيرُ وَأَنْفَاسُ الْعَوَاصِفِ رُكَّدٌ
وَأَسْرِي وَأَلْحَاظُ الْكَوَاكِبِ نُوَّمُ
وَ ما بينَ سلَّ السيفِ وَ الموتِ فرجة ٌ
لدى الحربِ إلاَّ ريثما أتكلمُ
أنا المرءُ لا يثنيهِ عما يرومهُ
نَهِيتُ الْعِدَا وَالشَّرُّ عُرْيَانُ أَشْأَمُ
أُغِيرُ عَلَى الأَبْطَالِ وَالصُّبْحُ أَشْهَبٌ
وَ آوي إلى الضيفانِ وَ الليلُ أدهمُ
وَيَصْحَبُني فِي كُلِّ رَوْعٍ ثَلاَثَة ٌ:
حُسَامٌ، وَطِرْفٌ أَعْوَجِيٌّ، وَلهْذَمُ
و ينصرني في كلَّ جمعٍ ثلاثة ٌ :
لسانٌ ، وَ برهانٌ ، وَ رأيٌ محكمُ
فما أنا بالمغمورِ إنْ عنَّ حادثٌ
و لاَ بالذي إنْ أشكلَ الأمرُ يفحمُ
لساني كنصلي في المقالِ ، وَ صارمي
كغربِ لساني حينَ لمْ يبقَ مقدمُ
إذا صلتُ فدتني " فراسٌ " بشيخها(26/69)
وَ إنْ قلتُ حياني " شبيبٌ " وَ " أكثمُ "
فَلاَ تَحْتَقِرْ فَضْلَ الْكَلاَمِ؛ فَإِنَّهُ
مِنَ الْقَوْلِ مَا يَبْنِي الْمَعَالِي، وَيَهْدِمُ
وَمَا هُوَ إِلاَّ جَوْهَرُ الْفَضْلِ وَالنُّهَى
يسردُ في سلكِ المقالِ ، وينظمُ
فَمَا كُلُّ منْ حَاكَ الْقَصَائِدَ شَاعِرٌ
وَلاَ كُلُّ مَنْ قَالَ النسِيبَ مُتَيَّمُ
فَإِنْ يَكُ عَصْرُ الْقَوْلِ وَلَّى ، فَإِنَّنِي
بِفَضْلِي ـ وَإِنْ كُنْتُ الأَخِيرَ ـ مُقَدَّمُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كيفَ طَوتكَ المنُونُ يا ولدى ؟
كيفَ طَوتكَ المنُونُ يا ولدى ؟
رقم القصيدة : 23851
-----------------------------------
كيفَ طَوتكَ المنُونُ يا ولدى ؟
وكيفَ أودعتُكَ الثَّرى بيدى ؟
وَاكَبِدِي يا "عَلِيُّ" بَعْدَكَ! لَوْ
كانَت تبلُّ الغليلَ " واكبدى "
فقدُكَ سلَّ العِظامَ مِنِّى ، ورَ
دَّ الصَّبرَ عنِّى ، وفتَّ فى عضُدى
كَم ليلة ٍ فيكَ لاصباحَ لها
سَهِرْتُهَا بَاكِياً بِلاَ مَدَدِ
دَمعٌ وسهد ، وأى ُّ ناظِرة ٍ
تَبْقَى عَلَى الْمَدْمَعَيْنِ والسَّهَدِ؟
لَهفى علَى لَمحة ِ النَّجابة ِ ! لَو
دامَت إلَى أن تَفُوزَ بالسَّددِ
مَا كُنْتُ أَدْرِي إِذْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْـ
ـكَ الْعَيْنَ أَنَّ الْحِمَامَ بِالرَّصَدِ
فَاجَأَنِي الدَّهْرُ فِيكَ مِنْ حَيْثُ لا
أَعْلَمُ خَتْلاً، والدَّهْرُ كَالأَسَدِ
لَوْلاَ اتِّقَاءُ الْحَيَاءِ لاعْتَضْتُ بِالْـ
حِلمِ هُياماً يحيقُ بالجلَدِ
لكنْ أَبَت نفسى الكريمة ُ أن
أَثْلِمَ حَدَّ الْعَزَاءِ بِالكَمَدِ
فليَبكِ قلبِى عليك ، فالعينُ لا
تَبْلُغُ بالدَّمْعِ رُتْبَة َ الْخَلَدِ
إن يكُ أخنَى الردى علَيكَ ؛ فقَد
أخنى أليمُ الضنَى على جسدِى
عَلَيْكَ مِنِّي السَّلامُ تَوْدِيعَ لا
قالٍ ، ولكن توديعَ مُضطهَدِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا لكَ منْ ذي أدبٍ ! أطلعتْ
يا لكَ منْ ذي أدبٍ ! أطلعتْ
رقم القصيدة : 23852(26/70)
-----------------------------------
يا لكَ منْ ذي أدبٍ ! أطلعتْ
فِكْرَتُهُ ثَاقِبَة َ الأَنْجُمِ
حَازَ مَدًى قَصَّرَ عَنْ شَأْوهِ
كُلُّ أَخِي سَابقَة ٍ مِرْجَمِ
فهوَ إذا قالَ علاَ ، أوْ جرى
بَرَّزَ، أَوْ نَاضَلَ لَمْ يُحْجِمِ
ذو فكرة ٍ فاضتْ بما أودعتْ
مِنْ حِكْمَة ٍ، كَالْعَارِضِ الْمُثْجِمِ
ذَاكَ فَتًى ، نَبْعَتُهُ لَمْ تَلِنْ
لِعَاجِمٍ مِنْ خَوَرِ الْمَعْجَمِ
ألفاظهُ تعزى إلى " يعرب "
وَفِكْرُهُ مُقْتَبَسٌ مِنْ "جَمِ"
لمْ ينظمِ الحوسيَّ عجباً بهِ
وَ لمْ يسمَّ الوردَ بالحوجمِ
لكنهُ رازَ الحجا ، فاكتفى
بواضحِ القولِ عنِ المعجمِ
دَانَ لَهُ بِالْفَضْلِ عَنْ خِبْرَة ٍ
كلُّ فصيحِ القولِ ، أوْ أعجمِ
دلَّ على معدنهِ فضلهُ
دلالة َ التبرِ على المنجمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لا فَارِسَ الْيَوْمَ يَحْمِي السَّرْحَ بِالوَادِي
لا فَارِسَ الْيَوْمَ يَحْمِي السَّرْحَ بِالوَادِي
رقم القصيدة : 23853
-----------------------------------
لا فَارِسَ الْيَوْمَ يَحْمِي السَّرْحَ بِالوَادِي
طَاحَ الرَّدَى بِشِهَابِ الْحَرْبِ والنَّادِي
ماتَ الَّذى تَرهبُ الأقرانَ صَولتَهُ
وَيَتَّقِي بَأْسَهُ الضِّرْغَامَة ُ الْعَادِي
هانَتْ لميتَتِهِ الدُنيا ، وزهَّدنا
فَرطُ الأسى بَعدَهُ فى الماءِ والزادِ
هَلْ لِلْمَكَارِمِ مَنْ يُحْيِي مَناسِكَهَا؟
أَمْ لِلضَّلاَلَة ِ بَعْدَ الْيَوْمِ مِنْ هَادِي؟
جَفَّ الندى ، وانقضى عُمرُ الجدا ، وسرى
حُكْمُ الرَّدَى بَيْنَ أَرْوَاحٍ وَأَجْسَادِ
فَلْتَمْرَحِ الْخَيْلُ لَهْواً في مَقَاوِدِهَا
ولتصدإ البيضُ مُلقاة ً بأغمادٍ
مَضَى ، وَخَلَّفَنِي في سِنِّ سَابِعَة ٍ
لا يَرْهَبُ الْخَصْمُ إِبْرَاقِي وإِرْعَادِي
إذا تلفَّتُ لم ألمَح أخاثِقَة ٍ
يأوى إلى َّ ولا يسعى لإنجادِى
فالعينُ ليسَ لَها من دمعها وزَرٌ
والْقَلْبُ لَيْسَ لَهُ مِنْ حُزْنِهِ فَادِي(26/71)
فإن أكُن عِشتُ فَرداً بينَ آصِرَتِى
فَهَا أَنَا الْيَوْمَ فَرْدٌ بَيْنَ أَنْدَادِي
بَلَغتُ من فَضلِ ربِّى ما غنيتُ بهِ
عَن كلِّ قارٍ مِنَ الأملاكِ أو بادِى
فما مدَدتُ يدى إلاَّ لِمَنحِ يدٍ
ولا سعَت قدمِى إلاَّ لإسعادِ
تَبِعتُ نهجَ أبى فضلاً ومحميَة ً
حَتَّى بَرَعْتُ، وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْبَادِي
أبى ، ومَن كأبى فى الحى ِّ نَعلمهُ ؟
أَوْفَى وَأَكْرَمُ في وَعْدٍ وَإِيعَادِ
مُهذَّبُ النَّفسِ ، غرَّاءٌ شمائلهُ
بعيدُ شأوِ العلا ، طلاَّعُ أنجادِ
قَدْ كَانَ لِي وَزَراً آوِي إِلَيْهِ إِذَا
غَاضَ الْمَعِينُ، وَجَفَّ الزَّرْعُ بِالْوَادِي
لا يستبِّدُ برأى ٍ قبلَ تبصِرة ٍ
ولا يَهمُّ بأمرٍ قبلِ إعدادِ
تَراهُ ذا أهبة ٍ فى كلِّ نائبة ٍ
كَاللَّيْثِ مُرْتَقِباً صَيْداً بِمِرْصَادِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَ ما مصرُ عمرَ الدهرِ إلاَّ غنيمة ٌ
وَ ما مصرُ عمرَ الدهرِ إلاَّ غنيمة ٌ
رقم القصيدة : 23854
-----------------------------------
وَ ما مصرُ عمرَ الدهرِ إلاَّ غنيمة ٌ
لِمَنْ حَلَّ مَغْنَاهَا، وَنَهْبٌ مُقَسَّمُ
تَدَاوَلَهَا الْمُلاَّكُ مِنْ كُلِّ أُمَّة ٍ
وَ نالَ بها حظاً فصيحٌ وَ أعجمُ
فَمَا أَهْلُهَا إِلاَّ عَبِيدٌ لِمَنْ سَطَا
وَلاَ رَيْعُهَا إِلاَّ لِمَنْ شَاءَ مَغْنَمُ
عدادكَ في سلكِ البرية ِ خزية ٌ
وَدَعْوَاكَ حَقَّ الْمُلْكِ أَدْهَى وَأَعْظَمُ
لَقَدْ هَانَتِ الدُّنْيَا عَلَى النَّاسِ عِنْدَمَا
رَأَوْكَ بهَا فِي مُلْكِ "يُوسُفَ" تَحْكُمُ
فَإِنْ تَكُ أَوْلَتْكَ الْمَقَادِيرُ حُكْمَهَا
فَقَدْ حَازَهَا مِنْ قَبْلُ عَبْدٌ مُزَنَّمُ
وَشَتَّانَ عَبْدٌ بِالْمَحَجَّة ِ نَاطِقٌ
وَ حرٌّ إذا ناقشتهُ القولَ أغتمُ
فهذا أذلَّ الملكَ وَ هوَ معززٌ
وَ ذاكَ أعزَّ الملكَ وَ هوَ مهضمُ
فمنْ شكَ في حكمِ القضاءِ ، فهذهِ
جلية ُ ما شاءَ القضاءُ المحتمُ(26/72)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ترحلَّ من وادى الأراكة ِ بالوجدِ
ترحلَّ من وادى الأراكة ِ بالوجدِ
رقم القصيدة : 23855
-----------------------------------
ترحلَّ من وادى الأراكة ِ بالوجدِ
فَبَاتَ سقِيماً لا يُعِيدُ، وَلاَ يُبْدِي
سقيماً تظَلُّ العائداتُ حوانياً
عليهِ بإشفاقٍ ، وإن كانَ لا يجدى
يَخَلْنَ بِهِ مَسّاً أَصَابَ فُؤادَهُ
وليسَ بهِ مسٌّ سوَى حرَقِ الوَجدِ
بِهِ عِلَّة ٌ إِنْ لَمْ تُصِبْهَا سَلاَمَة ٌ
مِنَ اللَّهِ كَادَتْ نَفْسَ حَامِلِهَا تُرْدِي
وَمِنْ عَجَبِ الأَيَّامِ أَنِّيَ مُولَعٌ
بِمَنْ لَيْسَ يَعْنِيهِ بُكَائِي وَلاَ سُهْدِي
أَبِيتُ عَلِيلاً في "سَرَنْدِيبَ" سَاهِراً
أُعَالِجُ مَا أَلْقَاهُ مِنْ لَوْعَتِي وَحْدِي
أدورُ بعينى لا أرَى وَجهَ صاحبٍ
يَرِيعُ لِصَوْتِي، أَوْ يَرِقُّ لِمَا أُبْدِي
وممَّا شجانى بارِقٌ طارَ مَوهناً
كَمَا طَارَ مُنْبَثُّ الشَّرَارِ مِنَ الزَّنْدِ
يمزِّقُ أستارَ الدُّجُنَّة ِ ضَوءُ هُ
فَيَنْسِلُهَا ما بَيْنَ غَوْرٍ إِلى نَجْدِ
أَرِقتُ لهُ ، والشُّهبُ حيرَى كليلة ٌ
مِنَ السَّيْرِ، وَالآفَاقُ حَالِكَة ُ الْبُرْدِ
فبِتُّ كأنُّى بينَ أنيابِ حَيَّة ٍ
مِنَ الرُّقْطِ، أَوْ فِي بُرْثُنَى ْ أَسَدٍ وَرْدِ
أقلِّبُ طرفى ، والنُّجومُ كأَنَّها
قَتيرٌ مِنَ الياقوتِ يلمعُ فى سَردِ
ولا صاحبٌ غيرُ الحسامِ منُوطَة ٌ
حمائلهُ منِّى على عاتقٍ صَلدِ
إذا حرَّكتهُ راحتى لِمُلمَّة ٍ
تَطَلَّعَ نَحْوِي يَشْرَئِبُّ مِنَ الْغِمْدِ
أَشَدُّ مَضَاءً مِنْ فُؤادِي عَلَى الْعِدَا
وَأَبْطَأُ فِي نَصْرِي عَلَى الشَّوْقِ مِنْ "فِنْدِ"
أَقولُ لهُ والجفنُ يَكسو نِجادهُ
دُمُوعاً كَمُرْفَضِّ الْجُمَانِ مِنَ الْعِقْدِ
لقد كنتَ لى عوناً على الدَّهرِ مَرة ً
فَمَا لِي أَرَاكَ الْيَوْمَ مُنْثَلِمَ الْحَدِّ؟
فقالَ إذا لَم تستطِع سَورَة َ الهوى(26/73)
وَأَنْتَ جَلِيدُ الْقَوْمِ، مَا أَنَا بالْجَلْدِ
وَهَلْ أَنَا إِلاَّ شِقَّة ٌ مِنْ حَدِيدَة ٍ
أَلَحَّ عَلَيْهَا الْقَيْنُ بِالطَّرْقِ وَالْحَدِّ؟
فَمَا كُنْتُ لَوْلاَ أَنَّنِي وَاهِنُ الْقُوَى
أُعلَّق فى خيطٍ ، وأحبسُ في جلدِ
فدونكَ غيرى ، فاستَعنهُ على الجوى
ودعنى منَ الشكوى ، فداءُ الهوى يعدى
خَليلَى َّ ! هذا الشوقُ لا شكَّ قاتلى
فمِيلا إلى " المقياسِ " إن خفتما فقدى
ففِى ذَلكَ الوادى الَّذى أّنبتَ الهوى
شِفَائِيَ مِنْ سُقْمِي، وَبُرْئِيَ مِنْ وَجْدِي
ملاعبُ لهوٍ ، طالما سِرتُ بينَها
على أثَرِ اللَّذاتِ فى عيشة ٍ رَغدِ
إِذَا ذَكَرَتْهَا النَّفْسُ سَالَتْ مِنَ الأَسَى
معَ الدَّمعِ ، حَتَّى لا تُنَهنَهُ بالرَدِّ
فَيَا مَنْزِلاً رَقْرَقْتُ ماءَ شَبيبَتِي
بِأَفْنَائِهِ بَيْنَ الأَرَاكَة ِ والرَّنْدِ!
سرَت سحَراً فاستَقبلتكَ يدُ الصبا
بِأَنْفَاسِهَا، وَانْشَقَّ فَجْرُكَ بِالْحَمْدِ
وزرَّ عليكَ الأُفقُ طوقَ غمامة ٍ
خضيبة ِ كفِّ البرقِ حنَّانة ِ الرعدِ
فلستُ بناسٍ ليلة ً سلفَت لَنا
بِوَادِيهِ، والدُّنْيَا تَغُرُّ بِمَا تُسْدِي
إِذَا الْعَيْشُ رَيَّانُ الأَمَالِيدِ، والْهَوَى
جَدِيدٌ، وَإِذْ "لَمْيَاءُ" صَافِيَة ُ الْوُدِّ
مُنَعَّمة ٌ ، لِلبدرِ ما فى قِناعها
وَلِلْغُصْنِ ما دَارَتْ بِهِ عُقْدَة ُ الْبَنْدِ
سَبَتنى بعينها ، وقالت لِتِربها
أَلاَ مَا لِهَذَا الْغِرِّ يَتْبَعُنِي قَصْدِي؟
وَلَمْ تَدْرِ ذَاتُ الْخَالِ وَالْحُبُّ فَاضِحٌ
بأنَّ الَذى أخفيهِ غيرَ الذى أُبدى
حَنَانَيْكِ، إِنَّ الرَّأْيَ حَارَ دَلِيلُهُ
فَضَلَّ، وعادَ الْهَزْلُ فِيكِ إِلَى الْجِدِّ
فَلاَ تَسْأَلِي مِنِّي الزِّيَادَة َ في الْهَوَى
رُويداً ، فهذا الوجدُ آخرُ ما عندِى
وَهَا أَنَا مُنْقَادٌ كَمَا حَكَمَ الْهَوَى
لأَمركِ ، فاخشى حرمة َ اللهِ والمجدِ
فَلو قلت قُم فاصعَد إلى رَأسِ شاهقٍ(26/74)
وَأَلْقِ إِذَا أَشْرَفْتَ نَفْسَكَ لِلْوَهْدِ
لألقيتها طوعاً ، لَعلَّكِ بعدها
تَقُولِيْنَ: حَيَّا اللَّهُ عَهْدَكَ مِنْ عَهْدِ
سجيَّة ُ نفسٍ لا تخونُ خليلَها
ولا تَركبُ الأهوالَ إلاَّ على عمدِ
وإنِّى لمقدامٌ على الهولِ والردى
بنَفسى ، وفى الأقدامِ بالنَفسِ ما يُردى
وإنى لقوالٌ إذا التبسَ الهُدى
وجارَت حُلومُ القومِ عن سننِ القصدِ
فإن صُلتُ فدَّانى الكمِى ُّ بنفسهِ
وإن قلتُ لبَّانى الوليدُ منَ المهدِ
وَلِي كُلُّ مَلْسَاءِ الْمُتُونِ غَرِيبَة ٍ
إِذَا أُنْشِدَتْ أَفْضَتْ لِذِكْرِ بَنِي سَعْدِ
أَخَفُّ عَلَى الأَسْمَاعِ مِنْ نَغَمِ الْحُدَا
وأَلطفُ عندَ النَّفسِ مِن زمَنِ الوَردِ
مُخَدَّرَة ٌ تَمْحُو بِأَذْيَالِ حُسْنِهَا
أساطيرَ مَن قبلى ، وتُعجِزُ من بَعدى
كذلِكَ إنِّى قائلٌ ثُمَّ فاعلٌ
فعالى ، وغيرى قَد يُنيرُ ولا يُسدى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رُدِّي الْكَرَى لأَرَاكِ فِي أَحْلاَمِهِ
رُدِّي الْكَرَى لأَرَاكِ فِي أَحْلاَمِهِ
رقم القصيدة : 23856
-----------------------------------
رُدِّي الْكَرَى لأَرَاكِ فِي أَحْلاَمِهِ
إِنْ كَانَ وَعْدُكِ لاَ يَفِي بِذِمَامِهِ
أوْ فابعثي قلبي إليَّ ؛ فإنهُ
جَارَى هَوَاكِ، فَقَادَهُ بِزِمَامِهِ
قدْ كانَ خلفني لموعدِ ساعة ٍ
منْ يومهِ ، فقضى مسيرة َ عامهِ
لمْ أدرِ : هلْ ثابتْ إليهِ أناتهُ
أَمْ لَمْ يَزَلْ فِي غَيِّهِ وَهُيَامِهِ
عَهْدِي بِهِ صَعْبَ الْقِيَادِ. فَمَا لَهُ
أَلْقَى يَداً لِلسِّلْمِ بَعْدَ غَرَامِهِ
خَدَعَتْهُ سَاحِرَة ُ الْعُيُونِ بِنَظْرَة ٍ
منها ؛ فملكها عذارَ لجامهِ
يا ، هلْ يعودُ إلى الجوانحِ بعدما
سَلَبَتْ فَتَاة ُ الْحَيِّ ثِنْيَ لِجَامِهِ؟
تاللهِ ، لوْ ملكتْ يدايَ جماحهُ
لَعَقَدْتُ قَائِمَ رَسْنِهِ بِخِدَامِهِ
يا لائمَ المشتاقِ في أطرابهِ
مَهْلاً، إِليْكَ؛ فَلَسْتَ مِنْ لُوَّامِهِ(26/75)
أظننتَ لوعتهُ فكاهة َ مازحٍ
فطفقتَ تعذلهُ على تهيامهِ ؟
إنْ كنتَ تنكرُ شجوهُ ، فانظرْ إلى
أَنْفَاسِهِ، وَدُمُوعِهِ، وَسَقَامِهِ
صبٌّ ، برتهُ يدُ الضنى ؛ حتى اختفى
عَنْ أَعْيُنِ الْعُوَّادِ غَيْرَ كَلاَمِهِ
نَطَقَتْ مَدَامِعُهُ بِسِرِّ ضَمِيرِهِ
وَذَكَتْ جَوَانِحُهُ بِنَارِ غَرَامِهِ
طَوْراً يُخَامِرُهُ الذُّهُولُ، وَتَارَة ً
يبكي بكاءَ الطفلِ عندَ فطامهِ
يصبو إلى َ بانِ العقيقِ ، وَ رندهِ
وَعَرَارِهِ، وَبَرِيرِهِ، وَبَشَامِهِ
وادٍ ، سرى في جوهِ كنسيمهِ
وَبَكَى عَلَى أَغْصَانِهِ كحَمَامِهِ
أَرِجُ النَّبَاتِ، كَأَنَّمَا غَمَرَ الثَّرَى
طيباً مرورُ " الخضرِ " بينَ إكامهِ
مَالَتْ خَمَائِلُهُ بِخُضْرِ غُصُونِهِ
وَصَفتْ مَوَارِدُهُ بِزُرْقِ جِمَامِهِ
يا صاحبي ! إنْ جئتَ ذياكَ الحمى
فَاحْذَرْ عُيُونَ الْعِينِ مِنْ آرامِهِ
وَاسْأَلْ عَنِ الْبَدْرِ الَّذِي كَسَمِيِّهِ
فِي نُورِ غُرَّتِهِ، وَبُعْدِ مَرَامِهِ
فَإِنِ اشْتَبَهْتَ، وَلَمْ تَجِدْ لَك هَادِياً
فَاسْمَعْ أَنِينَ الْقَلْبِ عِنْدَ خِيَامِهِ
فبذلكَ الوادي غزالة ُ كلة ٍ
تَرْوِي حَدِيثَ الْفَتْكِ عَنْ ضِرْغامِهِ
ضَاهَتْ بِقَامَتِها سرَاحَ قَنَاتِهِ
وَحَكَتْ بِلَحْظَتِهَا مَضَاءَ حُسَامِهِ
هيَ مثلهُ في الفتكِ ، أوْ هوَ مثلها
سِيَّانِ وَقْعُ لِحَاظِهَا وسِهَامِهِ
فَسَقَى الْحِمَى دَمْعِي ـ إِذَا ضنَّ الْحيَا
بجمانِ درتهِ سلافة َ جامهِ
مَغْنًى ، رَعَيْتُ بِهِ الشَّبِيبَة َ غَضَّة ً
وَرَوَيْتُ قَلْبِي مِنْ سُلاَفِ غَمَامِهِ
فنسيمُ روحي منْ أثيرِ هوائهِ
وَقِوَامُ جِسْمِي مِنْ مِزَاجِ رَغَامِهِ
لاَ يَنْتَهي شَوْقِي إِلَيْهِ. وَقَلَّمَا
يسلو حمامُ الأيكِ عنْ ترنامهِ
يا حبذا عصرُ الشبابِ ، وحبذا
رَوْضٌ جَنَيْتُ الْوَرْدَ مِنْ أَكْمَامِهِ
عصرٌ ، إذا رسمَ الخيالُ مثالهُ
فِي لَوْحِ فِكْرِي لاَحَ لِي بِتَمَامِهِ(26/76)
إِنِّي لأَذْكُرُهُ، وَأَعْلَمُ أنَّنِي
باقٍ على َ التبعاتِ منْ آثامهِ
مَا كَانَ أَحْسَنَ عَهْدَهُ لَوْ دَامَ لِي
مِنْهُ الْوِدَادُ. وَكَيْفَ لِي بِدَوَامِهِ؟
وَ الدهرُ مصدرُ عبرة ٍ لوْ أننا
نَتْلُو سِجِلَّ الْغَدْرِ مِنْ آثامِهِ
عَمْرِي، لَقدْ رَحَلَ الشَّبَابُ، وَعَادَنِي
شَيْبٌ تَحَيَّفَ لِمَّتِي بِثَغَامِهِ(26/77)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هَلْ لِسَلامِ الْعَلِيلِ رَدُّ؟
هَلْ لِسَلامِ الْعَلِيلِ رَدُّ؟
رقم القصيدة : 23857
-----------------------------------
هَلْ لِسَلامِ الْعَلِيلِ رَدُّ؟
أَمْ لِصَبَاحِ اللِّقَاءِ وَعْدُ؟
أبيتُ أرعَى الدُّجى بعينٍ
غِذَاؤُهَا مَدْمَعٌ وسُهْدُ
لا صاحبٌ إن شَكوتُ حالى
يَرثِى ، ولا سامِعٌ يَردُّ
بينَ قنانٍ على ثَراها
من سُتراتِ الغَمامِ بُردُ
أَظَلُّ فيها أَنُوحُ فَرْداً
وَكُلُّ نَائِي الدِّيَارِ فَرْدُ
فَمَنْ لِقَلْبِي بِظَبْيِ وَادٍ
بَيْنَ وَشِيجِ الرِّمَاحِ يَعْدُو؟
صارَ بِحكمِ الهوى مَليكِى
وَمَا لِحُكْمِ الْهَوَى مَرَدُّ
يَا سَعْدُ، قُلْ لِي، فَأَنْتَ أَدْرَى
متَى رِعانُ العقيقِ تبدو؟
أشتاقُ نجداً وساكنيهِ
وَأيْنَ مِنِّي الْغَدَاة َ نَجْدُ؟
ذابَ فؤادى بِحُبِّ ليلى
يَا لِفُؤَادٍ بَرَاهُ وَجْدُ!
فَكَيْفَ أُمْسِي بِغَيْرِ قَلْبٍ؟
يا نُورَ عَيْنِي، وَكَيْفَ أغْدُو؟
لِكُلِّ شئ وإن تمادَى
حدٌّ ، وما للغرامِ حدُّ
فَلَيْسَ قَبْلَ الْغَرَامِ قَبْلٌ
وَلَيْسَ بَعْدَ الْغَرَامِ بَعْدُ
فهَل لِنيلِ الوِصالِ يوماً
بعدَ مديدِ الصُّدُودِ عهدُ ؟
وهل أرآنى رَفيقَ حادٍ
بِمَدْحِ خَيْرِ الأَنَامِ يَحْدُو؟
عَسى إلَهى يفُكُّ أسرى
فهوَ فعولٌ لما يودُّ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أعدْ على َ السمعِ ذكرْ البانِ وَ العلمِ
أعدْ على َ السمعِ ذكرْ البانِ وَ العلمِ
رقم القصيدة : 23858
-----------------------------------
أعدْ على َ السمعِ ذكرْ البانِ وَ العلمِ
وَاعْذِرْ شَآبِيبَ دَمْعِي إِنْ جَرَتْ بِدَمِ
ملاعبٌ للصبا أقوتْ ، وَ ما برحتْ
ملاعباً للأسى وَ الأعينِ السجمُ
كانتْ لنا سكناً ، حتى إذا قويتْ
منا ، غدتْ سكناً للريحِ وَ الديمِ
لَمْ أَتَخِذْ بَعدَهَا دَاراً أُقِيمُ بِهَا
إِلاَّ تَذَكَّرْتُ أَيَّامِي بِذِي سَلَمِ(27/1)
وَ كيفَ أنسى دياراً قدْ نشأتُ بها
في منبتِ العزَّ بينَ الأهلِ وَ الحشمِ
يَا مَنْزِلاً، لَمْ يَدَعْ وَشْكُ الْفِرَاقِ بِهِ
إِلاَّ رُسُوماً كَوَحْيِ الْخَطِّ بِالْقَلَمِ
أَيْنَ الَّذِينَ بِهِمْ كَانَتْ نَوَاظِرُنَا
تَرْعَى الْمَحَاسِنَ مِنْ فَرْعٍ إِلَى قَدَمِ
وَدَّعْتُ شَطْرَ حَيَاتِي يوْمَ فُرْقَتِهِمْ
وَ صافحتني يدُ الأحزانِ وَ الهرمِ
فَيَا أَخَا الْعَذْلِ! لاَ تَعْجَلْ بِلائِمَة ٍ
عَلَيَّ؛ فَالْحُبُّ مَعْدُودٌ مِنَ الْقِسَمِ
أسرفتَ في اللومِ ، حتى لوْ أصبتَ بهِ
مَقَاطِعَ الْحَقِّ لَمْ تَسْلَمْ مِنَ التُّهَمِ
فَارْحَمْ شَبَابَ فَتًى أَلْوَتْ بِنَضْرَتِهِ
أَيْدِي الضَّنَى ، فَغَدَا لَحْماً عَلَى وَضَمِ
تاللهِ ما غدرة ُ الخلانِ منْ أربى
وَلاَ التَّلوُّنُ فِي الأَخْلاَقِ مِنْ شِيَمِي
فَكيْفَ أُنْكِرُ وُدّاً قدْ أَخَذْتُ بِهِ
عَلَى الْوَفاءِ عُهُوداً بَرَّة َ الْقَسَمِ؟
إِنْ لَمْ يكُنْ لِلْفَتَى عقْلٌ يَصُونُ بِهِ
علائقُ الودَّ ضاعتْ ذمة ُ الحرمِ
وَأَيْنَ مَنْ تَمْلِكُ الأَحْرَارَ شِيمَتُهُ
وَ الغدرُ في الناسِ داءق غيرُ منحسمِ ؟
فانفضْ يديك منَ الدنيا ؛ فلستَ ترى
خِلاًّ وَفِيّاً، وَعَهْداً غَيْرَ مُنْصَرِم
هَيْهَاتَ، لَمْ يَبْقَ فِي الدُّنْيَا أَخُو ثِقَة ٍ
يرعى المودة َ ، أوْ يلقى يدَ السلمِ
فلا يغرنكَ منْ وجهٍ بشاشتهُ
فَالنَّارُ كَامِنَة ٌ فِي نَاخِرِ السَّلَمِ
تغيرَ الناسُ عما كنتُ أسمعهُ
وَاسْتَحْكَمَ الْغَدْرُ فِي السَّادَاتِ وَالْحَشَمِ
وَ ظلَّ أعدلُ منْ تلقاهُ منْ رجلٍ
أَعْدَى عَلَى الْخَلْقِ مِنْ ذِئْبٍ عَلَى غَنَمِ
مِنْ كُلِّ أَشْوَهَ فِي عِرْنِينِهِ فطَسٌ
خالٍ منَ الفضلِ ، مملوءٍ منَ النهمِ
سودُ الخلائقِ ، دلاجونَ ، ما طبعوا
عَلَى الْمَحَارِمِ هَدَّاجُونَ فِي الظُّلَمِ
لا يحسنونَ التقاضي في الحقوقِ ، وَ لاَ
يُوفُونَ بِالْعَهْدِ إِلاَّ خِيفَة َ النِّقَمِ(27/2)
صُفْرُ الْوُجُوهِ مِنَ الأَحْقَادِ، تَحْسَبُهُمْ
وَ همْ أصحاءُ - في درعٍ منَ السقمِ
فلا ذمامة َ في قولٍ وَ لاَ عملٍ
وَ لاَ أمانة َ في عهدٍ وَ لاَ قسمِ
بَلَوْتُ مِنْهُمْ خِلاَلاً لَوْ وَسَمَتْ بِهَا
وَجْهَ الغَزَالَة ِ لَمْ تُشْرِقْ عَلَى عَلَمِ
لمْ أدرِ ، هلْ نبغتْ في الأرضِ نابغة ٌ
أمْ هذهِ شيمة ُ الدنيا منَ القدمِ ؟
لاَ يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلاَّ مَنْ إِذَا نَهَضَتْ
بِهِ الْحَمِيَّة ُ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَغَمِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ
فضلُ الرجالِ تساوى الناسِ في القيمِ
فأيُّ غامضة ٍ لمْ تجلها فطني ؟
وَأَيُّ بَاذِخَة ٍ لَمْ تَعْلُهَا قَدَمِي؟
وَكَيْفَ لاَ تَسْبِقُ الْمَاضِينَ بَادِرَتِي؟
وَ السمهرية ُ تخشى الفتكَ منْ قلمي ؟
لكلَّ عصرٍ رجالٌ يذكرونَ بهِ
وَالْفَضْلُ بِالنَّفْسِ لَيْسَ الْفَضْلُ بِالْقِدَمِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أنسيمٌ سرَى بنفحة ِ رَندِ ؟
أنسيمٌ سرَى بنفحة ِ رَندِ ؟
رقم القصيدة : 23859
-----------------------------------
أنسيمٌ سرَى بنفحة ِ رَندِ ؟
أَم رسولٌ أدَّى تَحيَّة هِند ؟
أطربتنى أنفاسُهُ ، فكَأنِّى
مِلْتُ سُكْراً مِنْ جُرْعَة ٍ مِنْ بِرَنْدِي
وَأَخُو الْوَجْدِ لا يَزَالُ طَرُوباً
يتبَعُ الشَّوقَ بينَ سهلٍ وفندِ
طَالَ شَوْقِي إِلى الدِّيَارِ، وَلَكِنْ
أينَ مِن مصرَ من أقامَ بكندى ؟
حَبَّذَا النِّيلُ حِينَ يَجْرِي فَيُبْدِي
رَوْنَقَ السَّيْفِ، وَاهْتِزَازَ الْفِرِنْدِ
تَتَثَنَّى الْغُصُونُ في حَافَتَيْهِ
كَالعَذَارَى يَسْحَبْنَ وَشْيَ الْفِرِنْدِ
قلَّدتها يدُ الغمامِ عقوداً
هِيَ أَبْهَى مِنْ كُلِّ عِقْدٍ وَبَنْدِ
كيفَ لاتهتِفُ الحَمامُ علَيهِ ؟
وهِى َ تُسقى بهِ سُلافة َ قَندِ
هوَ مرمى نَبلِى ، وملعبُ خيلى
وحِمى أسرَتى ، ومَركزُ بَندِى
كلَّما صوَّرتهُ نفسِى لِعينِى
قدحَ الشَّوقُ فى الفؤادِ بِزَندِ(27/3)
لِي بِهِ صَاحِبٌ عَلَيَّ عَزِيزٌ
مِثلُ ما عِندَهُ منَ الشَّوقِ عندى
أَتَمَنَّاهُ غَيْرَ أَنَّ فُؤَادِي
مِن إسارِ النَّوى مُحاطٌ بِجندِ
فَاهْدِ مِنِّي لَهُ تَحِيَّة َ صِدْقٍ
وَتَلَطَّفْ بِحَالَتِي يَا أَفَنْدِي !
أَنا واللهِ مُغرَمٌ بِهَواهُ
حيثُما دُرتُ بينَ هِندٍ وسندِ
إِنَّ شَوْقِي إِلَيْهِ أَسْرَعُ شَأْواً
مِنْ سُلَيْكٍ وَالْوَصْلُ في بُطْءِ فِنْدِ
أَسألُ الدَّهرَ نعمَة َ القربِ منهُ
وَهْوَ كَرٌّ بِنِعْمَة ٍ، لَيْسَ يُنْدِي
لَو سِوَى الدَّهرِ رامَ غَبنِى ؛ لأَصحَر
تُ مُشِيحاً بِالنَّصْلِ فَوْقَ سَمَنْدِ
لستُ أقوى على الزَّمانِ ؛ وإن كنـ
تُ أَفُلُّ العِدا بِقوة ِ زندِى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَنْ لِعَيْنٍ إِنْسَانُهَا لاَ يَنَامُ
مَنْ لِعَيْنٍ إِنْسَانُهَا لاَ يَنَامُ
رقم القصيدة : 23860
-----------------------------------
مَنْ لِعَيْنٍ إِنْسَانُهَا لاَ يَنَامُ
وَ فؤادٍ قضى عليهِ الغرامُ
أقطعُ الليلَ بينَ حزنٍ وَ دمعٍ
وَسُهَادٍ، وَالنَّاسُ عَنِّي نِيَامُ
لا صديقٌ يرثي لما بتُّ ألقا
هُ ، وَ لاَ مسعدٌ - فأينَ الكرامُ ؟
لمْ تدعْ لوعة ُ الصبابة ِ مني
غيرَ نفس غذاؤها الآلامُ
رَقَّ طَبْعُ النَّسِيمِ رِفْقاً بِحَالِي
وَبَكَى ـ رَحْمَة ً ـ عَلَيَّ الْحَمَامُ
وَ بنفسي - لوْ كنتُ أملكُ نفسي -
قَمَرٌ نُورُهُ عَلَيَّ ظَلاَمُ
تَسْتَطِيبُ الْقُلُوبُ فِيهِ الرَّزَايَا
وَ تلذُّ الضنى بهِ الأجسامُ
غَيَّرَتْهُ الْوُشَاة ُ؛ فَازْوَرَّ عَنِّي
وَ هوَ منى بنجوة لاَ ترامُ
زعموني أتيتُ ذنباً ، وَ ما لي -
يعلمُ اللهُ - في هواهُ أثامُ
سَوْفَ يَلْقَى كُلُّ امْرِىء ٍ مَا جَنَاهُ
وَ إلى اللهِ ترجعُ الأحكامُ
يا نديميَّ ! علالاني ، فلنْ تهـ
ـلِكَ نَفْسٌ قَدْ عَلَّلَتْهَا النِّدَامُ
ربَّ قول يردُّ لهفة َ قلب
وَ كلامٍ تجفُّ منهُ الكلامُ
وَ منَ الماسِ منْ تراهُ سليماً(27/4)
وَ هوَ داءٌ تدوى بهِ الأفهامُ
قدْ - لعمري - بلوتُ دهري ، فما أحـ
ـمَدْتُ مِنْهُ مَا تَحْمَدُ الأَقْوَامُ
صَلَفٌ لاَ يَبُلُّ غُلَّة َ صَادٍ
وَ مراعٍ هشيمها لا يشامُ
أطلبُ الصدثَ في الوداد
يصدقُ الودُّ وَ العهودُ رمامُ ؟
كلما قلتُ قدْ أصبتُ خليلاً
فَانْظُرُوا: كَيْفَ تُعْبَدُ الأَصْنَامُ؟
فَتَفَرَّدْ تَعِشْ بِنَفْسِكَ حُرّاً
ربَّ فردِ يخشاهُ جيشٌ لهامُ
وَاحْذَرِ الضَّيْمَ أَنْ يَمَسَّكَ؛ فَالضَّيْـ
ـمُ حِمَامٌ يَفِرُّ مِنْهُ الْحِمَامُ
ضلَّ قومٌ توهموا الصبرَ حاماً
وَ هوَ - إلاَّ لدى الكريهوِ - ذامُ
يَحْسَبُونَ الْحَيَاة َ في الذُّلِ عَيْشاً
وَ هوَ موتٌ يعيشٌ فيهِ اللئامُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> خَليلى َّ هَل طالَ الدُّجى ؟ أم تقيَّدَت
خَليلى َّ هَل طالَ الدُّجى ؟ أم تقيَّدَت
رقم القصيدة : 23861
-----------------------------------
خَليلى َّ هَل طالَ الدُّجى ؟ أم تقيَّدَت
كَوَاكِبُهُ، أَمْ ضَلَّ عَنْ نَهْجِهِ الْغَدُ
أَبِيتُ حَزِيناً فِي "سَرَنْدِيبَ" سَاهِراً
طَوال اللَّيالى ، والخليُّونَ هُجَّدِ
أحاولُ مالا أستطيعُ طِلابَهُ
كَذا النَّفسُ تَهوى غيرَ ما تملِكُ اليَدُ
إذا خَطرتْ من نَحوِ حُلوانَ نسمَة ٌ
نَزَتْ بَيْنَ قَلْبِي شُعْلَة ٌ تَتَوَقَّدُ
وهَيهاتَ ، ما بعدَ الشبيبة ِ مَوسمٌ
يَطيبُ ، ولا بعدَ الجزيرة ِ مَعهدُ
شبابٌ وإخوانٌ رزِئتُ وِدادهُم
وكلُّ امرئٍ فى الدهرِ يشقَى ويسعَدُ
وما كنتُ أخشى أَن أعيشَ بِغربة ٍ
يُعَلِّلُنِي فِيهَا خُوَيْدِمُ أَسْوَدُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا نديميَّ في " سرنديبَ " كفا
يا نديميَّ في " سرنديبَ " كفا
رقم القصيدة : 23862
-----------------------------------
يا نديميَّ في " سرنديبَ " كفا
عَنْ مَلاَمِي، فَلَيْسَ يُغْنِي الْمَلاَمُ
أَنَا فِي هَذِهِ الدِّيَارِ غَرِيبٌ
وغَريبُ الدِّيَارِ لَيْسَ يُلاَمُ(27/5)
وَ اذكرا لي " فسطاطَ " مصرَ ؛ فإني
بِهَوَاهَا مُتَيَّمٌ مُسْتَهَامُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَرى نَفحة ً دَلَّت على كَبِدى الوَجدا
أَرى نَفحة ً دَلَّت على كَبِدى الوَجدا
رقم القصيدة : 23863
-----------------------------------
أَرى نَفحة ً دَلَّت على كَبِدى الوَجدا
فمَن كانَ " بالمقياسِ " أقرَبكُم عَهدا ؟
مَلاعبُ آرامٍ ، ومجرَى جَداوِلٍ
ومُلتفُّ أفنانٍ تَقى الحرَّ والبردَا
إذا انبعَثتْ فيهِ النسائِمُ خِلتَها
تُنيرُ على متنِ الغديرِ بهِ بردا
كَأَنَّ الصَّبَا تُلْقِي عَلَيْهِ إِذَا جَرَتْ
مَسَائِلَ في الأَرْقَامِ، أَوْ تَلْعَبُ النَّرْدَا
أَقَامَ الرَّبِيعُ الطَّلْقُ في حَجَرَاتِهَا
وأسدى لها مِن نِعمة النيلِ ما أسدى
فللَّهِ كَم مِن صَبوة ٍ كانَ لى بِها
رَواحٌ إلى حُسَّانَة ِ الجيدِ أَو مغدَى
إذِ الدهرُ لم يُخفِر ذِماماً ، ولم يخُن
نِظاماً ، ولم يحمِل على ذى هوى ً حِقدا
تَدُورُ عَلَيْنَا بِالأَحَاظِي شُمُوسُهُ
وَتُمْسِي علَيْنَا طَيْرُ أَنْجُمِهِ سَعْدَا
وَيا رُبَّ لَيْلٍ لَفَّنَا بِرِدَائِهِ
عِنَاقاً، كَمَا لَفَّ الصَّبَا الْبَانَ والرَّنْدَا
وَلَثْمٍ تَوَالَى إِثْرَ لَثْمٍ بِثَغْرِهَا
كما شافهَ البازِى على ظمأ وردا
فَتَاة ٌ كَأَنَّ اللَّه صَوَّرَ لَحْظَهَا
لِيَهتِكَ أسرارَ القُلوبِ بهِ عَمدا
لها عبثاتٌ عندَ كُلِّ تَحِيَّة ٍ
تَسوقُ إليهَا عَن فرائسِها الأُسدا
إِذَا انْفَتَلَتْ بِالْكَأْسِ خِلْتَ بَنَانَها
تُدِيرُ عَلَيْنَا مِنْ جَنَى خَدِّهَا وَرْدَا
وما أنسهُ لا أنسَ يوماً تسابقَت
بهِ عبرتاها ، والنوى تصدَعُ الصَلدا
فلَم أَرَ لحظاً كانَ أَقتلَ باكِياً
وأمضى الظُبا فى الفتكِ ما سالَ إفرندا
حرامٌ على العينينِ إن لم تسِل دماً
عَلَى بَيْنِهَا وَالْقَلْبِ إِنْ لَمْ يَذُبْ وَقْدَا
فيا قلبُ ماأشجى إذا الدارُ باعدَت !(27/6)
وَيَا دَمْعُ مَا أَجْرَى ، وَيَا بَيْنُ مَا أَرْدَى !
ويا صاحبى المذخورَ للسرِّ ! إنَّنى
ضَلَلتُ ، فهل من وثبة ٍ تُكسبُ الحمدَا ؟
حَلَفْتُ بِمَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ نِقَابُهَا
ويا لكَ حَلفاً ! ما أرَقَّ وماأندى !
بألاَّ تَفئَ العينَ عن سُنَّة ِ البُكى
وألا تريعَ النفسُ إن لم تمُت وجدا
وكيفَ يفيقُ القلبُ من سورة ِ الهوى
وَقَدْ مَدَّهُ سِحْرُ الْعُيُونِ بِمَا مَدَّا؟
وَمَا كُنْتُ لَوْلاَ الْعَذْلُ أُبْدِي خَفِيَّة ً
ولكن تَوالى القدحِ يسترعِفُ الزندا
ومَنْ لِي بَأَنَّ الْقَلْبَ يَكْتُمُ وَجْدَهُ؟
وَكَيْفَ تُسَامُ النَارُ أَنْ تَكْتُمَ النَّدَّا؟
فلا وصلَ إلاَّ ذُكرَة ٌ تَبعَثُ الأسى
عَلَى النَّفْسِ حَتَّى لا تُطِيقَ لَهُ رَدَّا
أَبِيتُ قَرِيحَ الْجَفْنِ، لا أَعْرِفُ الْكَرَى
طَوالَ اللَّيالى ، والجوانِحُ لا تهدا
فَيَأَيُّهَا النُّوَّامُ! والشَّوْقُ عَازِرٌ
ألا أحدٌ يَشرِى بغفوتهِ السُهدا ؟
لَقَدْ ذَلَّ مَنْ يَبْغِي مِنَ النَّاسِ نَاصِراً
وقَد خابَ من يجنى منَ الأَرقَمِ الشَهدا
فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ بِشِيْمَة ِ صاحِبٍ
فَمَنْ ظَنَّ خيْراً بِالزَّمَانِ فَقَدْ أَكْدَى
فقد طالما جرَّبت خِلاًّ فما رعَى
وَحِلْفاً فَمَا أَوْفَى ، وَعَوْناً فَمَا أَجْدَى
وما النَّاسُ إلا طالبٌ غيرُ واجدٍ
لِما يَبْتَغِي، أَوْ وَاجِدٌ أَخْطَأَ الْقَصْدَا
فلا تحسبنَّ الناسَ أبناءَ شيمَة ٍ
فَمَا كُلُّ مَمْدُودِ الْخُطَا بَطَلاً جَعْدَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي
مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي
رقم القصيدة : 23864
-----------------------------------
مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي
فشبتُ وَ لمْ أقضِ اللبانة َ منْ سنى
عناءٌ ، وَ بأسٌ ، وَ اشتياقٌ ، وَ غربة ٌ(27/7)
ألاَ ، شدَّ ما ألقاهُ في الدهرِ منْ غبنِ
فإنْ أكُ فارقتُ الديارَ فلي بها
فؤادٌ أضلتهُ عيونُ المها مني
بَعَثْتُ بِهِ يَوْمَ النَّوَى إِثْرَ لَحْظَة ٍ
فَأَوْقَعُهُ الْمِقْدَارُ فِي شَرَكِ الْحُسْنِ
فَهَلْ مِنْ فَتى ً فِي الدَّهْرِ يجْمَعُ بَيْنَنَا؟
فَلَيْسَ كِلاَنَا عَنْ أَخِيهِ بِمُسْتَغْنِ
وَلَمَّا وَقَفْنَا لِلْوَدَاعِ، وأَسْبَلَتْ
مدامعنا فوقَ الترائبِ كالمزنِ
أهبتُ بصبري أنْ يعودَ ، فعزني
وَ ناديتُ حلمي أنْ يثوبَ ، فلمْ يغنِ
وَ لمْ تمضِ إلاَّ خطرة ٌ ، ثمَّ أقلعتْ
بِنَا عَنْ شُطُوطِ الْحَيِّ أَجْنِحَة ُ السُّفْنِ
فَكَمْ مُهْجَة ٍ مِنْ زَفْرَة ِ الْوَجْدِ فِي لَظى ً
وَكَمْ مُقْلَة ٍ مِنْ غَزْرَة ِ الدَّمْعِ فِي دَجْنِ
وَمَا كُنْتُ جَرَّبْتُ النَّوَى قَبْلَ هَذِهِ
فَلَمَّا دَهَتْنِي كِدْتُ أَقْضِي مِنَ الْحُزْنِ
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، وَرَدَّنِي
إِلَى الْحَزْمِ رَأْيٌ لا يَحُومُ عَلَى أَفْنِ
وَلَوْلاَ بُنَيَّاتٌ وَشِيبٌ عَوَاطِلٌ
لما قرعتْ نفسي على فائتٍ سنى
فيا قلبُ صبراً إنْ جزعتَ ؛ فربما
جرتْ سنحاً طيرُ الحوادثِ باليمنِ
فقدْ تورقُ الأغصانُ بعدَ ذبولها
وَيَبْدُو ضِيَاءُ الْبَدْرِ فِي ظُلْمَة ِ الْوَهْنِ
وَ أيُّ حسامٍ لمْ تصبهُ كهامة ٌ
وَلَهْذَمُ رُمْحٍ لاَ يُفَلُّ مِنَ الطَّعْنِ؟
وَمَنْ شَاغَبَ الأَيَّامَ لانَ مَرِيرُهُ
وَ أسلمهُ طولُ المراس إلى الوهنِ
وَمَا الْمَرْءُ فِي دُنْيَاهُ إِلاَّ كَسَالِكٍ
مناهجَ لا تخلو منَ السهلِ وَ الحزنِ
فإنْ تكنِ الدنيا تولتْ بخيرها
فَأَهْوِنْ بِدُنْيَا لاَ تَدُومُ عَلى فَنِّ!
تحملتُ خوفَ المنَّ كلَّ رزيئة ٍ
وَ حملُ رزايا الدهرِ أحلى منَ المنَّ
وَعَاشَرْتُ أَخْدَاناً، فَلَمَّا بَلَوْتُهُمْ
تَمَنَّيْتُ أَنْ أَبْقَى وَحِيداً بِلاَ خِدْنِ
إذا عرفَ المرءُ القلوبَ وَ ما انطوتْ
عليهِ منَ البغضاءِ - عاشَ على ضغنِ(27/8)
وَأَيُّ حَيَاة ٍ لاِمْرِىء ٍ بَيْنَ بَلْدَة ٍ
وَتَسْمَعُ أُذْنِي مَا تَعَافُ مِنَ اللَّحْنِ
وَكَيْفَ مُقَامِي بَيْنَ أَرْضٍ أَرَى بِهَا
منَ الظلمِ ما أخنى على الدارِ وَ السكنِ
فسمعُ أنينِ الجورِ قدْ شاكَ مسمعي
و رؤية ُ وجهِ الغدرِ حلَّ عرا جفني
وَ صعبٌ على ذي اللبَّ رئمانُ ذلة ٍ
يَظَلُّ بِهَا فِي قَوْمِهِ وَاهِيَ الْمَتْنِ
إذا المرءُ لمْ برمِ الهناة َ بمثلها
تخطى إليهِ الخوفُ منْ جانبِ الأمن
فَلاَ تَعْتَرِفْ بِالذُلِّ خِيفَة َ نِقْمَة ٍ
فَعَيْشُ الْفَتَى في الذُّلِّ أَدْهَى مِنَ السِّجْنِ
وَكُنْ رَجُلاً، إِنْ سِيمَ خَسْفاً رَمَتْ بِهِ
حَمِيَّتُهُ بَيْنَ الصَّوَارِمِ وَاللُّدْنِ
فلا خيرَ في الدنيا إذا المرءُ لمْ يعشْ
مهيباً ، تراهُ العينُ كالنارِ في دغن
وَ لا ترهبِ الأخطارَ في طلبِ العلا
فَمَنْ هَابَ شَوْكَ النَّحْلِ عَادَ، وَلَمْ يَجْنِ
وَ لولا معاناة ُ الشدائدِ ما بدتْ
مزايا الورى بينَ الشجاعة ِ وَ الجبنِ
فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي الْمُدْنِ مَا شِئْتَ مِنْ قِرى ً
فَأَصْحِرْ؛ فَإِنَّ الْبِيدَ خَيْرٌ مِنَ الْمُدْنِ
صَحَارٍ يَعِيشُ الْمَرْءُ فِيهَا بِسَيْفِهِ
شَدِيدَ الْحُمَيَّا غَيْرَ مُغْضٍ عَلَى دَمْنِ
وَ أيُّ حياة ٍ لامرئٍ بينَ بلدة ٍ
يَطَلُّ بِهَا بَيْنَ الْعَوَاثِنِ وَالدَّخْنِ؟
لعمري لكوخٌ منْ ثمامٍ
أَحَبُّ إِلَى قَلْبِي مِنَ الْبَيْتِ ذِي الْكِنِّ
و أطربُ منْ ديكٍ يصيحُ بكوة ٍ
أراكية ٌ تدعو هديلاً على غصنِ
وَ أحسنُ منْ دارٍ وَ خيمٍ هواؤها
مَبِيتُكَ مِنْ بُحْبُوحَة ِ الْقَاعِ فِي صَحْنِ
تَرَى كُلَّ شَيْءٍ نُصْبَ عَيْنَيْكَ مَاثِلاً
كأنكَ منْ دنياكَ في جنتيْ عدنِ
تدورُ جيادُ الخيلِ حولكَ شرباً
تجاذبُ أطرافَ الأعنة ِ كالجنَّ
إذا سمعتْ صوتَ الصريخِ تنصبتْ
فتدركُ ما لا تبصرُ العينُ بالأذنِ
فتلكَ - لعمري - عيشة ٌ بدورية ٌ
موطأة ُ الأكنافِ ، راسخة ُ الركن(27/9)
وَمَا قُلْتُ إِلاَّ بَعْدَ عِلْمٍ أَجَدَّ لِي
يقيناً نفى عني مراجعة َ الظنَّ
فقدْ ذقتُ طعمَ الدهرِ حتى لفظتهُ
وَعَاشَرْتُ حَتَّى قلْتُ لابْنِ أَبِي: دَعْنِي
وَلَوْلاَ أَخٌ أَحْمَدْتُ فِي الْوُدِّ عَهْدَهُ
على حدثانِ الدهرِ - ما كنتُ أستثني
وَرُبَّ بَعِيدِ الدَّارِ يُصْفِيكَ وُدَّهُ
وَمُقْتَرِبٍ يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَمْ تَجْنِ
وَ ما الودُّ في القربى وَ إنْ هيَ أوجبتْ
وَ لكنهُ في الطبعِ ، وَ الشكلِ ، وَ الوزنِ
إذا لمْ يكنْ بينَ الوديدينِ خلة ٌ
فلا أدبٌ يجدى ، وَ لاَ نسبٌ يدنى
فَذَاكَ أَخٌ لَوْلاَهُ أَنْكَرْتُ كُلَّ مَا
سَمِعْتُ بِهِ عَنْ "أَحْنَفِ" الْحِلْمِ، أَوْ "مَعْنِ"
فَإِنْ لَمْ أُصَرِّحْ بِاسْمِهِ خَوْفَ حَاسِدٍ
يَنُمُّ علَيْهِ، فَهْوَ يَعْلَمُ مَنْ أَعْنِي
على َ إنَّ ذكراهُ - وَ إنْ كانَ نائياً -
سَمِيرُ فُؤَادِي في الإِقَامَة ِ وَالظَّعْنِ
أَنُوحُ لِبُعْدِي عَنْهُ حُزْناً وَلَوْعَة ً
كمانا من شوقٍ " جميلٌ " عاى َ " بثنِ "
فَمَنْ لِي بِه خِلاً كَرِيماً نِجَارُهُ؟
فقدْ سئمتْ نفسي معاشرة َ الهجنِ
تجاذبني نفسي إليهِ ، وَ دوننا
أهاويلُ ملتجَّ الغواربِ مستنَّ
لَعَلَّ يَدَ الأَيَّامِ تَسْخُو بِلُقْيَة ٍ
أَرَاهُ بِهَا بَعْدَ الْكَزَازَة ِ وَالضَّنِّ
وَإِنِّي ـ وَإِنْ طَالَ الْمِطَالُ ـ لَوَاثِقٌ
بِرَحْمَة ِ رَبِّي؛ فَهْوَ ذُو الطَّوْلِ وَالْمَنِّ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَصَاحِبٍ رَعَيْتُ دَهْراً وُدَّهُ
وَصَاحِبٍ رَعَيْتُ دَهْراً وُدَّهُ
رقم القصيدة : 23865
-----------------------------------
وَصَاحِبٍ رَعَيْتُ دَهْراً وُدَّهُ
وَلَمْ أُبَايِنْ نَهْجَهُ وقَصْدَهُ
وَكُنْتُ أَرْعَى بِالمَغِيبِ عَهْدَهُ
بَلْ كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَعِيشَ بَعْدَهُ
وَطَالَمَا أَرْغَمْتُ فِيهِ ضِدَّهُ
وَذُدْتُ عَنْهُ مَا يَعُوقُ وَكْدَهُ
حتََى إذا ما الدَّهرُ أروى زندهُ(27/10)
صعَّرَ لى بعدَ الصفاءِ خدَّهُ
وَجَازَ في بَعْضِ الأُمُورِ حَدَّهُ
فَلَمْ أُحَاوِلْ رَدْعَهُ وَرَدَّهُ
وَلَمْ أُكَدِّرْ بَالعِتَابِ وِرْدَهُ
وَلَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَفُلَّ حَدَّهُ
لَقُلْتُ فِيْهِ مَا يَحُزُّ جِلْدَهُ
لكِنَّنى تركتهُ وحقدهُ
شَأْنُ امْرِىء ٍ في الْمَجْدِ يَرْعَى مَجْدَهُ
كلُّ امرئٍ يُنفقُ ممَّا عندهُ
والْمَرْءُ مَجْزِيٌّ بِمَا أَعَدَّهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أعائدٌ بكِ - يا ريحانة ُ - الزمنُ ؟
أعائدٌ بكِ - يا ريحانة ُ - الزمنُ ؟
رقم القصيدة : 23866
-----------------------------------
أعائدٌ بكِ - يا ريحانة ُ - الزمنُ ؟
فيلتقي الجفنُ - بعدا البينِ - وَ الوسنُ
أشتاقُ رجعة َ أيامي لكاظمة ٍ
وَمَا بِيَ الدَّارُ لَوْلاَ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ
فهلْ تردُّ الليالي بعضَ ما سلبتْ ؟
أمْ هلْ تعودُ إلى أوطانها الظعنُ ؟
أَهَنْتُ لِلْحُبِّ نفْسِي بَعْدَ عِزَّتِهَا
وَأَيُّ ذِي عِزَّة ٍ لِلْحُبِّ لاَ يَهِنُ؟
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْهَوَى سِرٌّ لَمَا ظَهَرَتْ
بِوَحْيِ قُدْرَتِهِ فِي الْعَالَمِ الْفِتَنُ
فَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَمَا عَلِقَتْ
بِيَ الصِّبَابَة ُ حَتَّى شَفَّنِي الْوَهَنُ
لولا جريرة ُ عيني ما سمحتُ بها
للدمعِ تسفحهُ الأطلالُ وَ الدمنُ
دَعَتْ إِلَى الْغَيِّ قَلْبِي؛ فَاسْتَبَدَّ بِهِ
شَوْقٌ تَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَمُّ وَالشَّجَنُ
وَ دونَ ما تبغيهِ النفسُ منْ أربٍ
بَيْدَاءُ تَصْهَلُ فِي أَرْجَائِهَا الْحُصُنُ
وَ في الأكلة ِ آرامٌ تطيفُ
أسدٌ براثنها الخطية ُ اللدنُ
منْ كلَّ حوراءَ مثلِ الظبي ، لوْ نظرتْ
لِعَابِدٍ لَشَجَاهُ اللَّهْوُ وَالدَّدَنُ
في نشوة ِ الراحِ منْ ألحاظها أثرٌ
وفِي الْجَآذِرِ مِنْ أَلْفَاظِهَا غُنَنُ
دَقَّتْ، وَجَلَّتْ، وَلاَنَتْ، وَهْيَ قَاسِيَة ٌ
كَذَاكَ حَدُّ الْمَوَاضِي لَيِّنٌ خَشِنُ
طوتْ بهنَّ النوى عني بدورَ دجى(27/11)
لا يستبينُ لعيني بعدها سننُ
أتبعتهمْ نظراتٍ كلما بلغتْ
أخرى الحمولِ ثناها مدمعٌ هتنُ
يَا رَاحِلِينَ وَفي أَحْدَاجِهِمْ قَمَرٌ
يَكَادُ يَعْبُدُهُ مِنْ حُسْنِهِ الْوَثَنُ
منوا عليَّ بوصلٍ أستعيدُ بهِ
منْ مهجتي رمقاً يحيا به البدنُ
أوْ فاسمحوا لي بوعدٍ إنْ ونتْ صلة ٌ
فَالْوَعْدُ مِنْكُمْ بِطِيبِ الْعَيْشِ مُقْتَرِنُ
لمْ ألقَ منْ بعدكمْ يوماً أسرُّ بهِ
كَأَنَّ كُلَّ سُرُورٍ بَعْدَكُمْ حَزَنُ
يَا جِيرَة َ الْحَيِّ! مَا لِي لاَ أَنَالُ بِكُمْ
معونة ً ؛ وَ بكمْ في الناس يعتونُ ؟
مَاذَا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ أَهْلُ بَادِرَة ٍ
إذا ترنمَ فيكمْ شاعرٌ فطنُ ؟
أَفِي السَّوِيَّة ِ أَنْ يَبْكِي الْحَمَامُ، وَلاَ
يبكي على إلفهِ ذو لوعة ٍ ضمنُ ؟
يا حبذا مصرُ لوْ دامتْ مودتها
وَ هلْ يدومُ لحيًّ في الورى سكنُ ؟
تاللهِ ما فارقتها النفسُ عنْ مللٍ
وَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ لَهَا إِحَنُ
فلا يسرَّ عداتي ما بليتُ بهِ
فَسَوْفَ تَفْنَى ، وَيَبْقَى ذِكْرِيَ الْحَسَنُ
ظَنُّوا ابْتِعادِيَ إِغْفَالاً لِمَنْقَبَتِي
وَذَاكَ عِز لَهَا لَوْ أَنَّهُمْ فَطَنُوا
فإنْ أكنْ سرتُ عنْ أهلي وَ عنْ وطني
فَالنَّاسُ أَهْلِي، وَكُلُّ الأَرْضِ لِي وَطَنُ
لاَ يَطْمِسُ الْجَهْلُ مَا أَثْقَبْتُ مِنْ شَرَفٍ
وَ كيفَ يحجبُ نورَ الجونة ِ الدخنُ ؟
قدْ يرفعُ العلمُ أقواماً وَ إنْ تربوا
وَيَخْفِضُ الْجَهْلُ أَقْوَاماً وَإِنْ خَزَنُوا
فَرُبَّ مَيْتٍ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ نَسَمٌ
وَ ربَّ حيًّ لهُ منْ جهلهِ كفنُ
فلا تغرنكَ أشباهٌ تمرُّ بها
هَيْهَاتَ، مَا كُلُّ طِرْفٍ سابِقٌ أَرِنُ
فلا ملامَ على ما كانَ منْ حدثٍ
فكُلُّنَا بِيَدِ الأَقْدَارِ مُرْتَهَنُ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ فِي تَصَرُّفِهِ
لعاشَ حراً ، وَ لمْ تعلقْ بهِ المحنُ
وَ أيُّ حيًّ - وَ إنْ طالتْ سلامتهُ -
يَبْقَى ؟ وَأَيُّ عَزِيزٍ لَيْسَ يُمْتَهَنُ؟(27/12)
كلُّ امريءٍ غرضٌ للدهرِ يرشقهُ
بأسهمٍ لا تقي أمثالها الجننُ
فَلْيَشْغَبِ الدَّهْرُ، أَوْ تَسْكُنْ نَوَافِرُهُ
فَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى مَا فَاتَ أَحْتَزِنُ
غنيتُ عما يهينُ النفسَ منْ عرضٍ
فما عليَّ لحيًّ في الورى مننُ
لَكِنَّنِي بَيْنَ قَوْمٍ لاَ خلاَقَ لَهُمْ
إِنْ عَاقَدُوا غَدَرُوا، أَوْ عَاشَروا دَهَنُوا
يخفونَ منْ حسدٍ ما في نفوسهمُ
وَيُظْهِرُونَ خِدَاعاً غَيْرَ مَا بَطنوا
يا للحماة ِ ! أما في الناسِ منْ رجلٍ
وارى الضميرِ ، لهُ عقلٌ بهِ يزنُ ؟
أكلَّ خلًّ أراهُ لا وفاءَ لهُ ؟
وَ كلَّ قلبٍ عليَّ اليومَ مضطغنُ ؟
تغيرَ الناسُ عما كنتُ أعهدهُ
فاليومَ لاَ أدبٌ يغنى ، وَ لاَ فطنُ
فالخيرُ منقبضٌ ، وَ الشرُّ منبسطٌ
وَ الجهلُ منتشرٌ ، وَ العلمُ مندفنُ
لَمْ تَلْقَ مِنْهُمْ سَلِيماً فِي مَوَدَّتِهِ
كَأَنَّ كُلَّ امْرِىء ٍ فِي قَلْبِهِ دَخَنُ
طَوَاهُمُ الْغِلُّ طَيَّ الْقِدِّ، وَانْتَشَرَتْ
بالغدرِ بينهمُ الأحقادُ وَ الدمنُ
فَلاَ صَدِيقَ يُرَاعِي غَيْبَ صَاحِبِهِ
وَلاَ رَفِيقَ عَلَى الأَسْرَارِ يُؤْتَمَنُ
بَلَوْتُهُمْ؛ فَسَئِمْتُ الْعَيْشَ، وَانْصَرَفَتْ
نفسي عنِ الناس حتى ليسَ لي شجنُ
فَإِنْ يَكُنْ فَاتَنِي مَا كُنْتُ أَمْلِكُهُ
فَالْبُعْدُ عَنْهُمْ لِمَا أَتْلَفْتُهُ ثَمَنُ
كَفَى بِحَرْبِ النَّوَى سَلماً نَجَوْتُ بِهِ
وَ ربَّ مخشية ٍ في طيها أمن
لعلَّ مزنة خيرٍ تستهلُّ على
رَوْضِ الأَمَانِي؛ فَيَحْيَا الأَصْلُ
وَ كلُّ شيءٍ لهُ بدءٌ وَ عاقبة ٌ
وَ كيفَ يبقى على حدثانهِ الزمنُ ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى
مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى
رقم القصيدة : 23867
-----------------------------------
مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى
وألهمَ القمرى َّ حتَّى شدا ؟
وَزَيَّنَ الأَرْضَ بِأَلْواَنِهَا
وصوَّرَ الأبيضَ والأسودا ؟(27/13)
سُبْحَانَ مَنْ أَبْدَعَ في مُلْكِهِ
حَتَّى بَدَا مِنْ صُنْعِهِ مَا بَدَا
تنَزَّهت عن صفة ٍ ذاتهُ
وقامَ فى لاهوتهِ أوحدَا
فَاسْجُدْ لَهُ، وَاقْصِدْ حِمَاهُ تَجِدْ
ربَّاً كريماً ، ومليكاً هدى
فَقُمْ بِنَا يَا صَاحِ نَرْعَ النَّدَى
ونسألِ الله عميمَ النَّدى
أما ترى كيفَ استحارَ الدُّجى ؟
وكيفَ ضَلَّ النَّجمُ حتَّى اهتَدى ؟
وَلاَحَ خَيْطُ الْفَجْرِ فِي سُحْرَة ٍ
كصارمٍ فى قسطلٍ جُرِّدا
فالجوُّ قد باحَ بِمكنونهِ
وَالأَرْضُ قَدْ أَنْجَزَتِ الْمَوْعِدَا
غَمَامَة ٌ أَلْقَتْ بِأَفْلاَذِهَا
وَجَدْوَلٌ مَدَّ إِلَيْنَا يَدَا
فانهَض ، وسِر، وانظُر، ومِل ، وابتهِجْ
وَامْرَحْ، وَطِبْ، واشْربْ لِتُرْوِي الصَّدَى
ولا تسَل عَن خبَرٍ لم يَحِن
ميقاتهُ ، وانظُر إلى المُبتدا
وَلاَ تَلُمْ خِلاًّ عَلَى هَفْوَة ٍ
فقلَّما تَلقى فتى ً أَمجدا
لو علِمَ الإنسانُ ما أضمرَت
أَحْبَابُهُ، هَانَتْ عَلَيْهِ الْعِدَا
فَدَعْ بَنِي الدُّنْيَا لأَهْوَائِهِمْ
وَلاَ تُطِعْ مَنْ لاَمَ، أَوْ فَنَّدَا
ما لِي وَلِلنَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ؟
كُلُّ امرئٍ رَهنُ حِسابٍ غَدا
هَلْ هِيَ إِلاَّ مُدَّة ٌ تَنْقَضِي؟
وكُلُّ نَفسٍ خُلِقَت للرَّدى
فاستعمِل الرِفقَ تَعش راشداً
واعْطِفْ عَلَى الأَدْنَى تَكُنْ سَيِّدَا
واسعَ لما أنتَ لَهُ ، فالفتى
إِنْ هَجَرَ الرَّاحَة َ حَازَ الْمَدَى
ما خلقَ اللهُ الورَى باطلاً
لِيَرْتَعُوا بَيْنَ الْبَوَادِي سُدَى
فَاقبَل وصاتى ، واستمِع حِكمتى
فَلَيْسَ مَنْ أَغْوَى كَمَنْ أَرْشَدَا
إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ أَخَا صَبْوَة ٍ
ومَسمَعٍ يُطربُنى من شدا
فقَدْ أزُورُ اللَّيثَ فى غابِهِ
وأهبِطُ الأرضَ عليها النَّدى
وأَصْدَعُ الْخَصْمَ، وَما خِلْتُنِي
أصدعُ إلاَّ البَطلَ الأصيدا
بِلَهْذَمٍ لَيْسَتْ لَهُ صَعْدَة ٌ
لَكِنَّهُ يَمْضِي إِذَا سُدِّدَا
أَوْ صَارِمٍ يَفْرِي نِيَاطَ الْكُلَى(27/14)
وَلَمْ يزَلْ في جَفْنِهِ مُغْمَدَا
ماضِى الغرارينِ ، ولَكِنَّهُ
لا يعرِفُ الصَّيقلَ والمبَردا
أَوْ مِشْقَصٍ إِنْ فَوَّقَتْ نَصْلَهُ
إلى امرئٍ غيرُ يدٍ أقصدا
أَو طائرٍ فى وكرهِ جاثِمٍ
يشوقُ إن هينَمَ أو غرَّدَا
لم يعدُ كِنَّاً لم يزَلْ ساكِناً
فيهِ ، وباباً دونهُ مؤصَدَا
قَدْ لاَنَ، إِلاَّ أَنَّهُ إِنْ قَسَا
يومَ نِضالٍ ؛ صَدَعَ الجَلمدَا
مُعتَقلٌ ، لكنَّه مُطلقٌ
يَجولُ فى مَسكَنهِ سَرمَدا
يَحْكُمُ بِالذَّوْقِ علَى ما يَرَى
وَيَعْرِفُ الأَصْلَحَ وَالأَفْسَدَا
لهُ صِحابٌ قد أحاطَت بهِ
تنقُلُ عَنهُ نبَراتِ الصَدَى
فَهْوَ بِهَا مُجْتَمِعٌ شَمْلُهُ
إِنْ أَصْدَرَ الْقَوْلَ بِهَا أَوْرَدَا
مُشتَبِهاتُ الرَصفِ فى جودة ٍ
تَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِي جَوَّدَا
يبيتُ مِنها وَهوَ ذو مِرَّة ٍ
في رَصَفٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ نُضِّدَا
ذَاكَ لِسَانِي، وَهْوَ حَسْبِي إِذَا
ما أبرَقَ الحاسدُ أو أرعدا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَخَذَ الْكَرَى بِمَعَاقِدِ الأَجْفَانِ
أَخَذَ الْكَرَى بِمَعَاقِدِ الأَجْفَانِ
رقم القصيدة : 23868
-----------------------------------
أَخَذَ الْكَرَى بِمَعَاقِدِ الأَجْفَانِ
وَهَفَا السُّرَى بِأَعِنَّة ِ الْفُرْسَانِ
وَاللَّيْلُ مَنْثُورُ الذَّوَائِبِ ضَارِبٌ
فَوْقَ الْمَتَالِعِ وَالرُّبَا بِجِرَانِ
لاَ تَسْتَبِينُ الْعَيْنُ فِي ظَلْمَائِهِ
إلاَّ اشتعالَ أسنة ِ المرانِ
نَسْرِي بِهِ مَا بَيْنَ لْجَّة ِ فِتْنَة ٍ
تسمو غواربها على الطوفانِ
في كلَّ مربأة ٍ ، وكلَّ ثنية ٍ
تهدارُ سامرة ٍ ، وَ عزفُ قيانِ
تسنُّ عادية ٌ ، وَ يصهلُ أجردٌ
و تصيحُ أحراسٌ ، وَ يهتفُ عانى
قومٌ أبى الشيطانُ إلاَّ نزعهمْ
فتسللوا منْ طاعة ِ السلطانِ
مَلأَوا الْفَضَاءَ؛ فَمَا يَبِينُ لِنَاظِرٍ
غَيْرُ الْتِمَاعِ الْبِيضِ وَالْخُرْصَانِ
فالبدرُ أكدرُ ، وَ السماءُ مريضة ٌ(27/15)
وَالْبَحْرُ أَشْكَلُ، وَالرِّمَاحُ دَوَانِي
وَالْخَيْلُ وَاقِفَة ٌ عَلَى أَرْسَانِهَا
لِطِرَادِ يَوْمِ كَرِيهَة ٍ، وَرِهَانِ
وضعوا السلاحَ إلى الصباحِ ، وَ أقبلوا
يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسُنِ النِّيرانِ
حتى إذا ما الصبحُ أسفرَ ، وَ ارتمتْ
عينايَ بينَ رباً ، وبين محاني
فإذا الجبالُ أسنة ٌ ، وإذا الوها
دُ أعنة ٌ ، والماءُ أحمرُ قاني
فتوجستْ فرطُ الركابِ
لِتَهَابَ؛ فَامْتَنَعَتْ عَلَى الأَرْسَانِ
فزعتْ ؛ فرجعتِ الحنينَ ، وَ إنما
تحنانهاشجنٌ منَ الأشجانِ
ذَكَرَتْ مَوَارِدَهَا بِمِصْرَ. وَأَيْنَ مِنْ
مَاءٍ بِمِصْرَ مَنَازِلُ الرُّومَانِ؟
وَ النفسُ مولعة ٌ - وَ إنْ هيَ صادفتْ
خَلَفاً ـ بِأَوَّلِ صَاحِبٍ وَمَكَانِ
فَسَقَى السَّمَاكَ مَحَلَّة ً وَمَقَامَة ً
في مصرَ كلَّ روية ٍ مرنان
حتى تعودَ الأرضُ بعدَ محولها
شَتَّى النَّمَاءِ، كَثِيرَة َ الأَلْوَانِ
بَلَدٌ خَلَعْتُ بِهَا عِذَارَ شَبِيبَتِي
وَطَرَحْتُ فِي يُمْنَى الْغَرَامِ عِنَانِي
فَصَعِيدُهَا أَحْوَى النَّبَاتِ، وَسَرْحُهَا
ألمى طوعُ تقلبِ الأزمانِ
حملَ اتلزمانُ عليَّ ما لمْ أجنهِ
إِنَّ الأَمَاثِلَ عُرْضَة ُ الْحدثَانِ
نقموا عليَّ - وَ قدْ فتكتُ - شجاعتي
إِنَّ الشَّجَاعَة َ حِلْيَة ُ الْفِتْيَانِ
فليهنإِ الدهرُ الغيورُ برحلتي
عَنْ مِصْرَ، وَلْتَهْدَأْ صُرُوفُ زَمَانِي
فَلَئِنْ رَجَعْتُ، وَسَوْفَ أَرْجِعُ وَاثِقاً
باللهِ - أعلمتُ الزمانَ مكاني
صَادَفْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ حَتَّى خَانَنِي
وَحَفِظْتُ مِنْهُ مَغِيبَهُ فَرَمَانِي
زَعَمَ النَّصِيحَة َ ـ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ بِهِ ـ
غِشًّا، وَجَازَى الْحَقَّ بِالْبُهْتَانِ
فليجر بعدُ كما أرادَ بنفسهِ
إن الشقيَّ مطية ُ الشيطانِ
وَ كذا اللئيمُ إذا أصابَ كرامة ً
عَادَى الصَّدِيقَ، وَمَالَ بِالإِخْوَانِ
كلُّ امرئٍ يجري على أعراقهِ
والطَّبْعُ لَيْسَ يَحُولُ فِي الإِنْسَانِ(27/16)
فعلامَ يلتمسُ العدوُّ مساءتي ؟
منْ بعدِ ما عرفَ الخلائقُ شاني
أَنَا لاَ أَذِلُّ، وَإِنَّمَا يَزَعُ الْفَتَى
فقدُ الرجاءِ وقلة ُ الأعوانِ
فَلْيَعْلَمَنَّ أَخُو الْجَهَالَة ِ قَصْرَهُ
عَنِّي وَإِنْ سَبَقَتْ بِهِ قَدَمَانِ
فَلَرُبَّمَا رَجَحَ الْخَسِيسُ مِنَ الْحَصَى
بِالدُّرِّ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْمِيزَانِ
شَرَفٌ خُصِصْتُ بِهِ، وَأَخْطَأَ حَاسِدٌ
مَسْعَاتَهُ، فَهَذَى بِهِ، وَقَلاَنِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ما لِقلبى من لوعة ٍ ليسَ يَهدا ؟
ما لِقلبى من لوعة ٍ ليسَ يَهدا ؟
رقم القصيدة : 23869
-----------------------------------
ما لِقلبى من لوعة ٍ ليسَ يَهدا ؟
أو لم يكفِ أنَّهُ ذابَ وَجدا ؟
وَسَمَتْنِي بِنَارِهَا الْغِيدُ حَتَّى
تَركتنى فى عالَمِ الحُبِّ فَردا
فَضُلُوعِي مِنْ قَدْحَة ِ الزَّنْدِ أَوْرَى
ودُموعى مِن صَفحَة الغَيمِ أَندى
مَا عَلَى الْبَرْقِ لَوْ تَحَمَّلَ عَنِّي
بَعضَ ما خفَّ من سلامٍ فأدَّى ؟
أيُّها الساهِرونَ حَولَ وسَادى
لَسْتُ مِنْكُمْ أَوْ تَذْكُرُوا لِيَ نَجْدَا
وَعُهُوداً لَمْ يَتْرُكِ الدَّهْرُ مِنْهَا
لأَخى صَبوة ٍ ذِماماً وَعهدا
ونسيماً إذا سَرى ضَوَّعَ الآ
فَاقَ مِسْكاً، وَعَطَّرَ الْجَوَّ نَدَّا
لا تخوضوا فى غيرهِ من حَديثٍ
فهوَ حسبى ، وأى ُّ ماءٍ كصدَّا ؟
هِيَ أُحْدُوثَة ٌ تُسَاقُ وَلَكِنْ
رُبَّمَا اسْتَوْجَبَتْ ثَنَاءً وَحَمْدَا
آهِ من لوعة ٍ أطارت بقلبى
شُعلة ً شفَّتِ الجوانِحَ وَقدَا
كُلَّما قلتُ قد تناهى غرامى
عَادَ مِنْهُ ما كَانَ أَصْمَى وَأَرْدَى
يَا رَفِيْقِي إِذَا عَرَانِي خَطْبٌ
ونصيرى إذا خَصيمٍ تَصَدَّى
أَصْبَحَتْ حَاجَتِي إِلَيْكَ، فَخُذْ لِي
بِحُقُوقِي مِنْ ظَالِمٍ قَدْ تَعَدَّى
وجدَ القلبَ خالياً فاحتواهُ
وَرَأَى النَّفْسَ طَوْعَهُ فاستَبَدَّا
وَكَذَاكَ السُّلْطَانُ إِنْ ظَنَّ بِالأُمَّـ(27/17)
ة ِ عَجزاً سَطا عليهَا وشدَّا
فَأَقِلْنِي مِنْ عَثْرَة ِ الْحُبِّ إِنْ أُو
تيتَ حُكماً ، أو قُل لقلبى يهدَا
فَمِنَ الْعَارِ غَضُّ طَرْفِكَ عَنِّي
إِنَّ خَيْرَ الصِّحَابِ أَنْفَعُ وُدَّا
وبنفسى حلوُ الشمائلِ ، مُرُّ الـ
ـهَجْرِ، يُحيِي وَصْلاً، وَيَقْتُلُ صَدَّا
ذو قوامٍ أعدى منَ الرُمحِ ليناً
وَلِحَاظٍ أَمْضَى مِنَ السَّيْفِ حَدَّا
كانَ قلبى وديعة ً عِندَ عينيـ
ـهِ، فَآلَى بِالسِّحْرِ أَلاَّ يُرَدَّا
مَا عَلَى قَوْمِهِ وَإِنْ كُنْتُ حُرًّا
أَن دعتنى لهُ المحبَّة ُ عَبدا ؟
غُصنُ بانٍ ، قَد أطلعَ الحُسنُ فيه
بِيَدِ السِّحْرِ جُلَّناراً وَوَرْدَا
مَا هِلاَلُ السَّماءِ؟ مَا الظَّبْيُ؟ ما الْوَرْ
دُ جَنِيًّا ما الغُصْنُ إِذْ يَتَهَدَّى ؟
هُوَ أَبْهَى وَجْهاً، وَأَقْتَلُ أَلْحا
ظاً، وَأَنْدَى خَدًّا، وَأَلْيَنُ قَدَّا
فَدَعِ اللَّوْمَ يَا عَذُولُ، فَإِنِّي
لَسْتُ أَبْغِي مِنَ الْعَوَاذِلِ رُشْدَا
لا تخَلنى على غراتِكَ سهلاً
أَنَا أَدْرَى بِلَوْعَتِي مِنْكَ جِدَّا
لَستُ أقوى على الصُّدودِ ، وإن كُنـ
تُ على سورة الحوادثِ جَلدا
إِنْ تَكُنْ رَحْمَة ٌ فَنَفْسِيَ أَوْلَى
أو تَكن ضَلَّة ٌ فَربِّى أهدى
العصر العباسي >> البحتري >> حبيبي حبيب يكتم الناس أنه
حبيبي حبيب يكتم الناس أنه
رقم القصيدة : 2387
-----------------------------------
حبيبي حبيب يكتم الناس أنه
لنا حين تلقاناالعيون حبيب
يباعدني في الملتقى، وفؤاده
وإن هو أبدى لي البعاد قريب
ويعرض عني والهوى منه مقبل
إذا خاف عيناً أو أشار رقيب
فتنطق منا أعين حين نلتقي
ونحرس منا ألسن وقلوب
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> صبوتٌ إلى المدامة ِ وَ الغواني
صبوتٌ إلى المدامة ِ وَ الغواني
رقم القصيدة : 23870
-----------------------------------
صبوتٌ إلى المدامة ِ وَ الغواني
وَحَكَّمْتُ الْغَوَايَة َ فِي عِنَانِي(27/18)
و قلتُ لعفتي - بعدَ امتناعِ -
إِلَيْكِ؛ فَقَدْ عَنَانِي مَا عَنَانِي
فَمَا لِي عَنْ هَوَى الْحَسْنَاءِ صَبْرٌ
يُوَقِّرُ عِنْدَ سَوْرَتِهِ جَنَانِي
وَ كيفَ يضيقُ منْ دارتْ عليهِ
كئوسُ هوى من الحدقِ الحسان؟
أعاذلُ ، خلت=ني وَ شئونَ قلبي
و خذْ ما شئتهُ في أيَّ شانِ
فَقَدْ شَبَّ الْهَوَى مَنْ رَامَ نُصْحِي
وَأَغْرَى فِي الْمَحَبَّة ِ مَنْ نَهَانِي
رضيتُ منَ الهوى بنحولِ جسمي
وَمِنْ صِلَة ِ الْبَخِيلَة ِ بِالأَمَانِي
وَ لستُ بطالبٍ في الناسِ خلاَّ
يناصحني ؛ فعقلي قدْ كفاني
بَلَوْتُ النَّاسَ، وَاسْتَخْبَرْتُ عَنْهُم
صروفَ الدهرِ آناً بعدَ آنِ
فَمَا أَبْصَرْتُ غَيْرَ أَخِي كِذَابٍ
خلوبِ الودَّ ، مصنوعِ الحنان
يُصَرِّحُ بِالْعَدَاوَة ِ وَهْوَ نَاءٍ
وَ يمذقُ في المحية ِ وَ هوَ داني
لَهُ فِي كُلِّ جَارِحَة ٍ لِسَانٌ
وَمَا شُرْبِي الْمُدَامَ هِوى ً، وَلَكِنْ
فلا تأمنْ على نجواكَ صدراً
فَرُبَّ خَدِيعَة ٍ تَحْتَ الأَمَانِ
وَ لاَ يغرركَ قولٌ دونَ فعلٍ
فإنَّ الحسنَ قبحٌ في الجبانِ
وَمَا أَنَا ـ وَالطِّبَاعُ لَهَا انْخِدَاعٌ ـ
بِذِي تَرَفٍ يُرَوَّعُ بِالشِّنَانِ
رغبتُ بشيمتي ، وَ عرفتُ نفسي
وَ لمْ أدخلْ - لعمركَ - في قرانِ
عَقَدْتُ بِحَدِّ سَوْرَتِهَا لِسَانِي
مخافة َ أنْ تهيجَ بناتِ صدري
فيظهرَ بعضُ سرى للعيانِ
وَ فيمَ - وَ قدْ بلوتُ الدهرَ - أبغي -
صَدِيقاً، أَوْ أَحِنُّ إِلَى مَكَانِ؟
وَ لستُ َى سوى صبحٍ وَ جنحٍ
إلينا بالردى يتسابقانِ
فَيَا مَنْ ظَنَّ بِالأَيَّامِ خَيْراً
رويدكَ ؛ فهي أقربُ للحرانِ
أترغبُ في السلامة ِ وَ هيَ داءٌ ؟
وَ تجمعُ للبقاءِ وأنتَ فاني ؟
دَعِ الدُّنْيَا، وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْهَا
إذا اعتكرتْ - بصافية ِ الدنانِ
فإنَّ الراحَ راحة ُ كلَّ نفسٍ
إِذَا دَارَتْ عَلَى نَغَمِ الْقِيَانِ
مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي دَرَجَتْ عَلَيْهَا
أفانينٌ منَ العصرِ الفواني(27/19)
تخالُ وَ مسضها في الكأسِ ناراً
فَتَلْمِسُهَا بِأَطْرَافِ الْبَنَانِ
فخذها غيرَ مدخرٍ نفيساً
فَلَيْسَ الْعُمْرُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ
وَخَلِّ النَّاسَ عَنْكَ؛ فَلَيْسَ فِيهِمْ
سَلِيمُ الْقَلْبِ عِندَ الإِمْتِحَانِ
تماثيلٌ تدورُ بلا عقولٍ
وَ ألفاظٌ تمرُّ بلا معاني
تشابهتِ الأسافلُ بالأعالي
فما يدرى الهجينُ منَ الهجانِ
تَرَى كُلَّ ابْنِ أُنْثَى لاَ يُبَالِي
بما جرتْ عليهِ منَ الهوانِ
يُدِلُّ بِنَفْسِهِ إِنْ غِبْتُ عَنْهُ
وَ يشرقُ بالزلالِ إذا رآني
فمنْ لي - وَ الأماني كاذباتٌ -
بِيَوْمٍ فِي الْكَرِيهَة ِ أَرْوَنَانِ
أُلاَعِبُ فِيهِ أَطْرَافَ الْعَوالِي
وَأُطْلِقُ بَيْنَ هَبْوَتِهِ حِصَانِي
تراني فيهِ أولَ كلَّ داعٍ
وَيَرْتَفِعُ الْغُبَارُ، فَلاَ تَرَانِي
إِلَى أَنْ تَنْجَلِي الْغَمَرَاتُ عَنْهُ
وَيَعْرِفَنِي بِفَتْكِي مَنْ بَلاَنِي
أنا ابنُ الليل وَ الخيلِ المذاكى
وَ بيضِ الهندِ ، وَ السمرِ اللدانِ
إذا عينٌ أجدَّ بها طماحٌ
جعلتُ مكانَ حبتها سناني
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَقَدْ طَالَ عَهْدِي بِالشَّبَابِ، وَإِنَّهُ
لَقَدْ طَالَ عَهْدِي بِالشَّبَابِ، وَإِنَّهُ
رقم القصيدة : 23871
-----------------------------------
لَقَدْ طَالَ عَهْدِي بِالشَّبَابِ، وَإِنَّهُ
لأدعى لشوقِى أن يطولَ بهِ عهدى
تَبِيتُ عُيُونٌ بِالكَرَى مُطْمَئِنَّة ً
وعيناى فى برحٍ منً الدَّمعِ والسُّهدِ
فليتَ اَّلذى حازَ الشَّبيبة َ رَدَّها
وَلَيْتَ الَّذِي أَهْدَى لَنَا الشَّيْبَ لَمْ يُهْدِ
كَأَنِّي وَقَدْ جَاوَزْتُ سِتِّينَ حِجَّة ً
مسَحتُ بها عن ناظرى سِنة َ الفَهدِ
فَسُحْقاً لِدارٍ لاَ يَدُومُ نَعِيمُهَا
وتَبًّا لِخِلٍّ لا يَدُومُ عَلَى الْعَهْدِ
وكيفَ يلذُّ المرءُ بالعيشِ بعدَ ما
رَأَى أَنَّ سُمَّ الْمَوتِ فِي ذَلِكَ الشَّهْدِ؟
إذا لم يَكن بينَ الحياة ِ وضدِّها(27/20)
سِوى مُهلة ٍ ؛ فاللَّحدُ أشبهُ بالمَهدِ
وَلِلْمَوْتِ أَسْبَابٌ يَنَالُ بِهَا الْفَتَى
فمن باتَ فى نجدٍ كمن باتَ فى وهدِ
وكلُّ امرئٍ فى النَّاسِ لاقٍ حِمامهُ
فَسِيَّانِ رَبُّ الْعَيْرِ والْفرَسِ النَّهْدِ
ولولا ارتياعُ النَّفسِ من صولة ِ الرَّدى
لَمَا عفَّ عَنْ طِيبِ النَّعِيمِ أَخُو زُهْدِ
فَدَعْ ما مَضَى ، واصْبِرْ عَلَى حِكْمَة ِ الْقَضَا
فليسَ ينالُ المرءُ ما فاتَ بالجهدِ
وَلاَ تَلْتَمِسْ مِنْ غَيْرِ موْلاَكَ هَادِياً
إِذَا اللَّهُ لَمْ يَهْدِ الْعِبَادَ، فَمَنْ يَهْدِي؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَاطُولَ شَوْقِي إِلَيْكَ يَا وَطَنُ!
وَاطُولَ شَوْقِي إِلَيْكَ يَا وَطَنُ!
رقم القصيدة : 23872
-----------------------------------
وَاطُولَ شَوْقِي إِلَيْكَ يَا وَطَنُ!
وَإِنْ عَرَتْنِي بِحُبِّكَ الْمِحَنُ
أَنْتَ الْمُنَى وَالْحَدِيثُ إِنْ أَقْبَلَ الصْـ
ـصُبْحُ، وَهَمِّي إِنْ رَنَّقَ الْوَسَنُ
فَكَيْفَ أَنْسَاكَ بِالْمَغِيبِ وَلِي
فِيكَ فُؤَادٌ بِالْحُبِّ مُرْتَهَنُ؟
لَسْتُ أُبَالِي وَقَدْ سَلِمْتَ عَلَى الدْ
دَهْرِ إِذَا مَا أَصَابَنِي الْحَزَنُ
ليتَ بريدَ الحمامِ يخبرني
عنْ أهلِ ودى ؛ فلي بهمْ شجنُ
أَهُمْ عَلَى الْوُدِّ، أَمْ أَطَافَ بِهِمْ
واشٍ أراهمُ خلافَ ما يقنوا ؟
فإنْ نسوني فذكرتي لهمُ
وَكَيْفَ يَنْسَى حَيَاتَهُ الْبَدَنُ؟
بَيْنَ أُنَاسٍ إِذَا وَزَنْتَهُمُ
بِالذَّرِّ عِنْدَ الْبَلاَءِ مَا وَزَنُوا
لا في موداتهمْ إذا صدقوا
ربحٌ ، وَ لاَ في فراقهمْ غبنُ
منْ كلَّ فظًّ يلوكُ في فمهِ
مضغة َ سوءٍ مزاجها عفنُ
يَنْضَحُ شِدْقَاهُ بِالرُّؤَالِ كَمَا
علَّ بنضحِ العتيرة ِ الوثنُ
شُعْثٌ، عُرَاة ٌ، كَأَنَّهُمْ خَرَجُوا
منْ نفقِ الأرضِ بعدَ ما دفنوا
لا يحسنونَ المقالَ إنْ نطقوا
جهلاً ، ولا يفقهونَ إنْ أذنوا
أَرَى بِهِمْ وَحْشَة ً إِذَا حَضَرُوا(27/21)
وَ طيبَ أنسٍ إذا همُ ظعنوا
وَكَيْفَ لِي بِالْمُقَامِ فِي بَلَدٍ
ما لي بها صاحبٌ ، وَ لاَ سكنُ
كلُّ خليلٍ لخلهِ وزرٌ
وَ كلُّ دارٍ لأهلها أمنُ
فهلْ إلى عودة ٍ ألمُّ بها
شملى ، وألقى " محمداً " سننُ ؟
ذاكَ الصديقُ الذي وثقتُ بهِ
فَهْوَ بِشُكْرِي وَمِدْحَتِي قَمِنُ
عَاشَرْتُهُ حِقْبَة ً، فَأَنْجَدَنِي
منهُ الحجا ، وَ البيانُ ، وَ اللسنُ
وَهْوَ إِلَى الْيَوْمِ بَعْدَ مَا عَلِقَتْ
بِيَ الرَّزَايَا مُخَيِّلٌ هُتُنُ
ينصرني حيثُ لا يكادُ حمٌ
يمنحني ودهُ ، وَ لاَ ختنُ
قدْ كانَ ظني يسيءُ بالناسِ لوْ
لاهُ ، وفردٌ يحيا به الزمنُ
فَهْوَ لَدَى الْمُعْضِلاَتِ مُسْتَنَدٌ
وَ عندَ فقدِ الرجاءِ مؤتمنُ
نَمَّتْ عَلَى فَضْلِهِ شَمَائِلُهُ
وَنَفْحَة ُ الْوَرْدِ سِرُّهَا عَلَنُ
لوْ كانَ يعلو السماءَ ذو شرفٍ
لَكَانَ بِالنَّيِّرَاتِ يَقْتَرِنُ
فليحى حراً ممتعاً بجميـ
ـلِ الذِّكْرِ فَالذِّكْرُ مَفْخَرٌ حَسَنُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أدِّى الرِسالة َ يا عصفورَة َ الوادِى
أدِّى الرِسالة َ يا عصفورَة َ الوادِى
رقم القصيدة : 23873
-----------------------------------
أدِّى الرِسالة َ يا عصفورَة َ الوادِى
وَبَاكِرِي الْحَيَّ مِنْ قَوْلِي بِإِنْشَادِ
ترقَّبى سِنة َ الحُرَّاسِ ، وانطَلقى
بَيْنَ الْخَمَائِلِ مِنْ "لُبْنَانَ" وَارْتَادِي
لعلَّ نغمة َ ودٍّ منكِ شائقة ً
تَهُزُّ عِطْفَ "شَكِيبٍ" كَوْكَبِ النَّادِي
هُو الهُمَامُ الَّذِي أَحْيَا بِمَنْطِقِهِ
آثارُ قومٍ أجادوا النُّطقَ بالضَّادِ
تَلْقَى بِهِ أَحْنَفَ الأَخْلاقِ مُنْتَدِياً
وفى الكريهة ِ عمراً ، وابنَ شدَّادِ
أَحى وداداً ، وحسبى أنَّهُ نسبٌ
خالى الصَّحيفة ِ من غِلٍّ وأحقادِ
أَفَادَنِي أَدَباً مِنْ مَنْطِقٍ شَهِدَتْ
بِفَضْلِهِ الناسُ مِنْ قَارٍ، وَمِنْ بَادِي
عذبِ الشريعة ، لو أنَّ السحابَ همَى(27/22)
بِمِثْلِهِ، لَمْ يَدَعْ في الأَرْضِ مِنْ صَادِي
سَرَتْ بِقَلْبِيَ مِنْهُ نَشْوَة ٌ مَلَكَتْ
بحسنها مسمعى عن نغمة ِ الشَّادى
يَابْنَ الْكِرَامِ! عَدَتْنِي عَنْكَ عَادِيَة ٌ
كَادَتْ تَسُدُّ عَلَى عَيْنِي بِأَسْدَادِ
فَاعْذِرْ أَخَاكَ، فَلَولاَ مَا بِهِ لَجَرَى
في حَلْبَة ِ الشُّكْرِ جَرْيَ السَّابِقِ الْعَادِي
وَهَاكَهَا تُحْفَة ً مِنِّي وَإِنْ صغُرَتْ
فالدُّرُ وهو صغيرٌ حلى ُ أجيادِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> خلعتُ في حبَّ غزلانِ الحمى رسني
خلعتُ في حبَّ غزلانِ الحمى رسني
رقم القصيدة : 23874
-----------------------------------
خلعتُ في حبَّ غزلانِ الحمى رسني
وَبِعْتُ بِالسُّهْدِ فِي لَيْلِ الْهَوَى وَسَنِي
وَ أعجبتني - على ذمَّ العذولِ لها -
صَبَابَة ٌ نَقَلَتْ سِرِّي إِلَى الْعَلَنِ
فليبلغِ العذلُ مني ما أرادَ ؛ فقدْ
أسلمتُ للشوقِ روحي وَ الضنى بدني
تِلْكَ الْحَمَائِمُ لَوْ تَدْرِي بِمَا لَقِيَتْ
أهلُ المحبة ِ لمْ تسجعْ على فننِ
يا ربة َ الخدرِ ! قومي ، فانظري عجباً
إِلَى غَرَائِبَ لَمْ تُقْدَرْ، وَلَمْ تَكُنِ
هَذِي يَدِي، جَسَّهَا الآسِي، وَخَامَرَهُ
يَأْسٌ؛ فَغَادَرَهَا صَرْعَى مِنَ الْوَهَنِ
وَقَالَ: لاَ تَكْتُمَنْ أَمْراً عَلَيَّ، فَقَدْ
عَلِمْتُ مَا بِكَ مِنْ بَادٍ وَمُكْتَمِنِ
فَلَمْ أُجِبْ، غَيْرَ أَنَّ الدَّمْعَ نَمَّ عَلَى
وَجدي ، وَ دلتهُ أنفاسي على شجني
عَطْفاً عَلَيَّ؛ فَلَمْ أَطْلُبْ إِلَيْكِ سِوَى
أنْ أمتعَ العينَ منْ تمثالكِ الحسنِ
ما للعذولِ رأى وجدي ؛ فأحفظهُ
حتى أتاكمْ بقولٍ منْ هنٍ وهنِ ؟
لاَ تَقْبَلِي الْعَذْلَ فِي مِثْلِي، فَكُلُّ فَتًى
حرَّ الشمائلِ محسودَ على الفطنِ
وَ الناسُ أعداءُ أهلِ الفضلِ مذْ خلقوا
مِنْ عَهْدِ آدَمَ، سَبَّاقُونَ فِي الإِحَنِ
فَلاَ صَدِيقَ عَلَى وُدٍّ بِمُتَّفِقٍ
وَ لاَ خليلَ على َ سرًّ بمؤتمنِ(27/23)
فَلَيْتَ لِي وَدَوَاعِي النَّفْسِ كَاذِبَة ٌ
خِلاًّ يَكُونُ سُرُورَ الْعَيْنِ وَالأُذُنِ
أصفيهِ وُدي ، وأمليهِ الهوى ، وأرى
منهُ الصوابَ ، وَ أرجوهُ على الزمنِ
هيهاتَ ؛ أطلبُ أمراً ليسَ يبلغهُ
حَيٌّ وَلَوْ سَارَ مِنْ هِنْدٍ إِلَى يَمَنِ
مَهْلاً أَخَا الجَهْلِ، لاَ يُغْوِيكَ مَا نَظَرَتْ
عَيْنَاكَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْفِتَنِ
هَذِي الْبَرِيَّة ُ، فَانْظُرْ، إِنْ وَجَدْتَ بِهَا
غَيْرَ الَّذِي قُلْتُ، فَاهْجُرْنِي، وَلاَ تَرَنِي
أَنَا الَّذِي عَرَفَ الأَيَّامَ، وَانْكَشَفَتْ
لَهُ سَرَائِرُهَا مِنْ كُلِّ مُخْتَزَنِ
طفتُ البلادَ ، وَ جربتُ العبادَ ، فلمْ
أَرْكَنْ لِخِلٍّ، وَلَمْ أَجْنَحْ إِلَى سَكَنِ
خُلِقْتُ حُرًّا؛ فَلاَ قَدْرِي بِمُتَّضِعٍ
عِنْدَ الْمُلُوكِ، وَلاَ عِرْضِي بِمُمْتَهَنِ
لا عيبَ فيَّ سوى أني عتبتُ على
دَهْرِي؛ فَقَدَّمَ مِنْ دُونِي، وَأَخَّرَنِي
وَ هذهِ شيمة ُ الدنيا ، وَ منْ عجبٍ
أَنِّي أَرَى مِحْنَتِي فِيهَا وَتُعْجِبُنِي
لَيْسَ السُّرُورُ الَّذِي يَأْتِي الزَّمَانُ بِهِ
يفي بقدرِ الذي يمضي منَ الحزنِ
فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً
وَاقْنَعْ بِعَيْشِكَ فِي سِربَالِكَ الْخَشِنِ
وَلاَ تَفُهْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ، إِنَّ بِهِ
شَرَّ الْحَيَاة ِ، وَسَعْيَ الْحَاسِدِ الأَفِنِ
وَ لاَ تسلْ أحداً عوناً على أملٍ
حَتَّى تَكُونَ أَسِيرَ الشُّكْرِ وَالْمِنَنِ
خَيْرُ الْمَعِيشَة ِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَة ً
هَوْناً، وَثَوْبُكَ مَعْصُومٌ مِنَ الدَّرَنِ
وَعَاشِرِ النَّاسَ بِالْحُسْنَى ، فَإِنْ عَرَضَتْ
إساءة ٌ فتغمدها على الظننِ
فالصفحُ عنْ بعض ما يمنى الكريمُ بهِ
فَضْلٌ يَطِيرُ بِهِ شُكْرٌ بِلاَ ثَمَنِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَلاَ "يَا نَحْلَة ً" سَرَحَتْ فَحَازَتْ
أَلاَ "يَا نَحْلَة ً" سَرَحَتْ فَحَازَتْ
رقم القصيدة : 23875(27/24)
-----------------------------------
أَلاَ "يَا نَحْلَة ً" سَرَحَتْ فَحَازَتْ
سلالة ما تولَّتهُ العهادُ
تلقتها النِجادُ بما أسرَّت
ضَمائِرُهَا، وَحيَّتْهَا الْوِهادُ
سَعَتْ جَهْداً، فَنَالَتْ مَا تَمَنَّتْ
كَذَاكَ الدَّهْرُ: سَعْيٌ وَاجْتِهادُ
فَلاَ عجَبٌ إِذَا جَاءَتْ بِخَيْرٍ
فَلَوْلاَ النَّحْلُ مَا كَانَ الشِّهَادُ
وكَيْفَ، وَرَبُّهَا شَهْمٌ ذكِيٌّ
لهُ فى كلِّ معضِلة ٍ جِهادُ ؟
تَجافى النومَ فى طلبِ المعالى
وَطَابَ لِعَيْنِهِ فِيهَا السُّهَادُ
فأصبحَ ودُّهُ فى كلِّ قلبٍ
نَزِيلاً، وَالْقُلُوبُ لَهُ مِهَادُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أحببْ بهنَّ معاهداً وَ معانا
أحببْ بهنَّ معاهداً وَ معانا
رقم القصيدة : 23876
-----------------------------------
أحببْ بهنَّ معاهداً وَ معانا
كَانَتْ مَنَازِلُنَا بِهَا أَحْيَانَا
دِمَنٌ عَفَتْ بَعْدَ الأَنِيسِ، فَأَصْبَحَتْ
للجازئاتِ منَ الظباءِ مكانا
وَ لقدْ نرى فيها ملاعبَ لمْ تزلْ
تشجى الفؤادَ ، وَ لا نرى إنسانا
عرفتْ بها الجردُ العتاقُ مجالها
فَغَدَتْ تُحَمْحِمُ رِقَّة ً وَحَنَانَا
بتنا بها متساندينَ على الثرى
نَصِفُ الْكَلاَلَ، وَنَذْكُرُ الإِخْوَانَا
أيامَ لا يردُ الجمامَ لعزها
أَحَدٌ، وَلاَ يَرْعَى الْجَمِيمَ سِوَانَا
في مَعْشَرٍ رَسَخَتْ حَصَاة ُ حُلُومِهِمْ
أدباً ، وَ خفوا للوغى فرسانا
قرنوا الشجاعة َ بالسماحة ِ ، فاغتدوا
قَيْدَ الْمَحَامِدِ شِدَّة ً وَلِيَانَا
طَلَعُوا عَلَى الزَّمَنِ الْبَهِيمِ، فَأَثْقَبُوا
نارَ الفضائلِ حجة ً وَ بيانا
منْ كلَّ مشبوبٍ تخالُ لسانهُ
عِنْدَ التَّخَاصُمِ فِي النَّدِيِّ سِنَانَا
إنْ قالَ برَّ ، وَ إنْ أتاهُ مطردٌ
آوى ، وَ إنْ سئلَ الكرامة َ لانا
أنا منهمُ ، وَ العودُ يتبعُ أصلهُ
وَابْنُ الْهَجِينَة ِ لاَ يَكُونُ هِجَانَا
فاكوِ الحسودَ بناظريهِ ، وَ قلْ لهُ :(27/25)
إنْ كنتَ تجهلنا فكيفَ ترانا ؟
إِنَّا إِذَا مَا الْحَرْبُ شَبَّ سَعِيرُهَا
نحمى النزيلَ ، وَ نمنعُ الجيرانا
وَنَرُدُّ عَادِيَة َ الْخَمِيسِ بِأَنْفُسٍ
عَلِمَتْ بِأَنَّ مِنَ الْحَيَاة ِ هَوَانَا
فَتَرَى عِتَاقَ الْخَيْلِ حَوْلَ بُيُوتِنَا
قُبَّ الْبُطُونِ، تُنَازِعُ الأَرْسَانَا
مشقَ الطرادُ لحومهنَّ ، فلمْ يدعْ
إِلاَّ خَوَاصِرَ كَالْقِسِيِّ مِتَانَا
منْ كلَّ منتصبٍ على َ أقيادهِ
متطلعٌ يتنظرُ الحدثانا
بَذَخَتْ قَوَائِمُهُ، وَأَقْبَلَ مَتْنُهُ
وَانْضَمَّ كَلْكَلُهُ، وَطَالَ عِنَانَا
فإذا علا حزناً أطارَ شرارهُ
وَإِذَا أَتَى سَهْلاً أَطَارَ دُخَانَا
وَ الخيلُ أكرمُ صاحبٍ يومَ الوغى
وَ السلمِ ، تبعثُ غارة ً وَ رهانا
فعلى بطونِ خيارها أرزاقنا
وَ على َ ظهورِ جيادها مغدانا
هَذَا الْفَخَارُ، فَدُرْ بِعَيْنِكَ حَيْثُمَا
دارَ الزمانُ ، فلنْ ترى نقصانا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَنَا مَصْدَرُ الْكَلِمِ النَّوَادِي
أَنَا مَصْدَرُ الْكَلِمِ النَّوَادِي
رقم القصيدة : 23877
-----------------------------------
أَنَا مَصْدَرُ الْكَلِمِ النَّوَادِي
بَيْنَ الْحَوَاضِرِ وَالْبَوَادِي
أنا فارسٌ ، أنا شاعرٌ
فى كلِّ ملحمَة ٍ ، ونادى
فَإِذَا رَكِبْتُ فَإِنَّنِي
زَيْدُ الْفَوارِسِ فِي الجِلادِ
وإذا نطَقتُ فإنَّنى
قُسُّ بْنُ سَاعِدَة َ الإِيَادِي
هَذَا، وذَلِكَ دَيْدَنِي
في كُلِّ مُعْضِلَة ٍ نَآدِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَا قَرِيرَ الْعَيْنِ بِالْوَسَنِ!
يَا قَرِيرَ الْعَيْنِ بِالْوَسَنِ!
رقم القصيدة : 23878
-----------------------------------
يَا قَرِيرَ الْعَيْنِ بِالْوَسَنِ!
ما الذي ألهاكَ عنْ شجني
كيفَ لاَ ترثي لمكتئبٍ
شفهُ برحٌ منَ الحزنِ ؟
هبكَ لمْ تسمعْ شكاة َ فمي
أَوَ لَمْ تُبْصِرْ ضَنَى بَدَنِي؟
يَا عِبَادَ اللَّهِ! مَنْ لِفَتًى(27/26)
بِيَدِ الأَشْوَاقِ مُرْتَهَنِ؟
رَعَتِ الأَشْوَاقُ مُهْجَتَهُ
وَبَرَاهُ الْوَجْدُ؛ فَهْوَ ضَنِي
آهِ منْ ظبيٍ خلعتُ بهِ
فِي مَيَادِينِ الْهَوَى رَسَنِي
سَاحِرُ الْعَيْنَيْنِ مَا بَرِحَتْ
لَحْظَتَاهُ مَصْدَرَ الْفِتَنِ
سلمتْ بعضُ الوشاة ِ بهِ
منْ نميمِ الغيَّ في سننِ
صرفوهُ عنْ طبيعتهِ
صرفوهُ عنْ طبيعتهِ
وَعِنَانُ الْقَلْبِ فِي الأُذُنِ
وَ قرينُ السوءِ مجلبة ٌ
لدواعي الهمَّ وَ المحنِ
فاتركِ الدنيا ؛ فلستَ ترى
صاحباً إلاَّ على دخنِ
مَنْ جَرَى فِي غَيْرِ حَلْبَتِهِ
كان موقوفاً على الظننِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ومنادمٍ غرِدِ الحديثِ ، كَانَّما
ومنادمٍ غرِدِ الحديثِ ، كَانَّما
رقم القصيدة : 23879
-----------------------------------
ومنادمٍ غرِدِ الحديثِ ، كَانَّما
ألفاظُهُ فى السَّمعِ نغمَة ُ عودِ
تُغْنِي الإِشَارَة ُ مِنْهُ عَنْ تَصْرِيحِهِ
وتدلُّ لفظَتهُ على المقصودِ
سَحرَ العقولَ بيانهُ ، فكأنَّهُ
يسقِى الجليسَ سُلافة َ العُنقودِ
العصر العباسي >> البحتري >> قد كنت أعهد أن الشهب ثاقبة
قد كنت أعهد أن الشهب ثاقبة
رقم القصيدة : 2388
-----------------------------------
قد كنت أعهد أن الشهب ثاقبة
فقد رأينا شهاباً وهو مثقوب
في كفه -الدهر- أم في ظهره قلم
فنصفه كاتب، والنصف مكتوب
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَطَعْتُ الْغَيَّ فِي حُبِّ الْغَوَانِي
أَطَعْتُ الْغَيَّ فِي حُبِّ الْغَوَانِي
رقم القصيدة : 23880
-----------------------------------
أَطَعْتُ الْغَيَّ فِي حُبِّ الْغَوَانِي
وَ لمْ أحفلْ مقالة َ منْ نهاني
وَمَا لِي لاَ أَهِيمُ وَكُلُّ شَهْمٍ
بِحُبِّ الْغِيدِ مَشْغُوفُ الْجَنَانِ؟
وَلِي فِي الأَرْبَعِينَ مَجَالُ لَهْوٍ
تنالُ يدي بهِ عقدَ الرهانِ
فكيفَ أذودُ عنْ نفسي غراماً
تضيفَ مهجتي باسمِ الحسان
أبحتُ لهُ الفؤادَ ، فعاثَ فيهِ(27/27)
وَحَقُّ الضَّيْفِ إِعْزَازُ الْمَكَانِ
فدعني منْ ملامكَ ؛ إنَّ قلبي
أبيٌّ لا يقرُّ على الهوانِ
فما بالحبَّ عارٌ أتقيهِ
وَ إنْ أخنى على الدمعِ الزمانُ
رضيتُ من الهوى بنحولِ جسمي
وَمِنْ صِلَة ِ الْبَخِيلَة ِ بِالأَمَانِي
وَ لستُ بطالبٍ في الناسِ خلاًّ
يناصحني ؛ فعقلي قدْ كفاني
فَإِنْ يَكُنِ الْهَوَى قَدْ رَاضَ نَفْسِي
فَلَسْتُ لِغَيْرِهِ سَلِسَ الْعِنَانِ
أَشَدُّ مِنَ الصُّخُورِ الصُّمِّ قَلْبِي
وَ أرهفُ منْ شبا سيفي لساني
وَلَوْ كَانَ الْغَرَامُ يَخَافُ بَأْساً
أَمَلْتُ إِلَيْهِ كَفِّي بِالسنَانِ
فكمْ بطلٍ خضبتُ الأرضَ منهُ
بأحمرَ منْ دمِ التأمورِ قاني
وَ ما أنا بالذليلِ أردتُ ختلاً
وَ لكني أزفُّ إلى الطعانِ
وَلِي فِي "سَرْنَسُوفَ" مَقَامُ صِدْقٍ
أَقَرَّ بِهِ إِلَيَّ الْخَافِقَانِ
وَ ما أبقتْ بهِ الأشواقُ مني
سوى رمقٍ تجولُ بهِ الأماني
وَ يسلبُ أنفسَ الأبطالِ سيفي
وَ تسلبُ مهجتي حدقُ الحسانِ
فَلَوْ بَرَزَ الْحِمَامُ إِلَيَّ شَخْصاً
دلفتُ إليهِ بالسيفِ اليماني
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هل فى التَّصابى على امرئٍ فنَدُ ؟
هل فى التَّصابى على امرئٍ فنَدُ ؟
رقم القصيدة : 23881
-----------------------------------
هل فى التَّصابى على امرئٍ فنَدُ ؟
أَمْ هَلْ يَعِيبُ الفَتَى الكَرِيْمَ دَدُ؟
كلُّ مَسوقٌ لما أُريدَ بهِ
فَفِيمَ هَذَا الْخِصامُ وَاللَّدَدُ؟
وَأَيُّ لَوْمٍ عَلَى امْرِىء ٍ طَلَبَ الْـ
ما شَذَّ عَنْ طَبْعِ وَالِدٍ وَلَدُ
وَلَوْ تَسَاوَى الرِّجَالُ فِي خُلُقٍ
لَزالَ هَذا الخلافُ والحرَدُ
والنَاسُ شَتَّى وإن هُمُ اجتمعوا
فى واحدٍ ليسَ قبلهُ أحدُ
فَزَائِغٌ في الضَّلاَلِ مُنْهَمِكٌ
وَنَاسِكٌ فِي الصَّلاَحِ مُجْتَهِدُ
وأى ُّ لومٍ على امرئٍ طلبَ الـ
ـلهْوَ وَأَثْوَابُ عُمْرِهِ جُدُدُ
لكلِّ عَصرٍ من كبرة ٍ وصباً
شَوطٌ لهُ بعدَ مُهلة ٍ أمَدُ(27/28)
فاسعَ لما شئتَ غيرَ متئدٍ
فَلَنْ يَحُوزَ الْكَمَالَ مُتَّئِدُ
لَوْلاَ سُرَى البَدْرِ مَا اسْتنَارَ، وَلاَ
أَدْرَكَ شَأْوَ الخِطَارِ مُنْجَرِدُ
ولا يهمَّنكَ لومُ ذى حسدٍ
فشأنُ أهلُ العداوة ِ الحسَدُ
لوْ حَذِرَ الْمَرْءُ كُلَّ لاَئِمَة ٍ
لضاعَ منهُ الصَوابُ والرَشَدُ
وَلَوْ أَصَخْنَا لِكُلِّ مُنْتَقِدٍ
فَكُلُّ شَيءٍ في الدَّهْرِ مُنْتَقَدُ
والهُ بما شئتَ قبلَ مندَمَة ٍ
يكثُرُ فيها العناءُ والكمَدُ
فَلَيْسَ بَعْدَ الشَبَابِ مُقْتَرَحٌ
ولا وراءَ المشيب مفتقدُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> نعاءِ عليهِ أيها الثقلانِ
نعاءِ عليهِ أيها الثقلانِ
رقم القصيدة : 23882
-----------------------------------
نعاءِ عليهِ أيها الثقلانِ
فَقَدْ أَقْصَدَتْهُ أَسْهُمُ الْحَدَثَانِ
مَضَى ، وَأَقَمْنَا بَعْدَهُ فِي مَآتِمٍ
عَلَى الْفَضْلِ نَبْكِيهِ بِأَحْمَرَ قَانِي
فلا عينَ إلاَّ وَ هيَ بالدمعِ ثرة ٌ
وَ لاَ قلبَ إلاَّ وَ هوَ ذو خفقانِ
حِفَاظاً وَإِشْفَاقاً عَلَى مُتَرَحِّلٍ
خَلَتْ أَرْبُعٌ مِنْ شَخْصِهِ وَمَغَانِي
فقدناهُ فقدانَ الظماءِ شرابهمْ
بِدَيْمُومَة ٍ وَالْوِرْدُ لَيْسَ بِدَانِي
فيا للعلى ! كيفَ استبيحَ ذمارها
وَلِلْفَضْلِ إِذْ يُرْمَى بِهِ الرَّجَوانِ
لعمري ، لقدْ هاجَ الأسى بعدَ فقدهِ
بِنَا لَوْعَة ً لاَ تَنْثَنِي بِعِنَانِ
ضَمَانٌ عَلَى قَلْبِي صِيَانَة ُ عَهْدِهِ
وَمَا خَيْرُ قَلْبٍ لاَ يَفِي بِضَمَانِ؟
تَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا، وَأَبْقَى مَآثِراً
يُقِرُّ لَهَا بِالْفَضْلِ كُلُّ لِسَانِ
فإنْ يكُ أودى ، فهوَ حيٌّ بفضلهِ
وَمَنْ كَانَ مَذْكُوراً فَلَيْسَ بِفَانِي
وَأَيُّ امْرِىء ٍ يَبْقَى ؟ وَدُونَ بَقَائِهِ
نهارٌ وَ ليلٌ بالردى يفدلنِ
ألاَ قاتلَ اللهُ الحياة َ ؛ فإنها
إِلَى الْمَوْتِ أَدْنَى مِنْ فَمٍ لِبَنَانِ
إِذَا مَا بَنَانَا الدَّهْرُ ظَلَّتْ صُرُوفُهُ(27/29)
تهدمنا ، والدهرُ أغدرُ باني
تخادعنا الدنيا ؛ فنلهو ، وَ لمْ نخلْ
بأنَّ الردى حتمٌ على الحيوانِ
إِذَا مَا الأَبُ الأَعْلَى مَضَى لِسَبِيلِهِ
فما لبنيهِ بالبقاءِ يدانِ
لقدْ فجعتنا أمُّ دفرٍ - وَ ما درتْ -
بأروعَ منْ نسلِ النبيَّ هجانِ
سليمُ نواحي الصدرِ ، لاَ يستفزهُ
نِزَاعٌ إِلَى الْبَغْضَاءِ وَالشَّنَآنِ
يُعَاشِرُ بِالْحُسْنَى فَإِنْ رِيبَ لَمْ يفُهْ
بِسُوءٍ، وَلَمْ تَرْمِزْ لَهُ شَفَتَانِ
لَقَدْ كَانَ خِلاًّ لاَ يُشَانُ بَغَدْرَة ٍ
وَ صاحبَ غيبٍ طاهرٍ وَ عيان
إِذَا قَالَ كَانَ الْقَوْلُ عُنْوَانَ فِعْلِهِ
وَيَا رُبَّ قَوْلٍ نَافِذٍ كَسِنَانِ
خِلالٌ يَفُوحُ الْمِسْكُ عَنْهَا مُحَدِّثاً
وَ يثنى على آثارها الملوانِ
فلا غروَ أنْ تدمى العيونُ أسافة ً
عَلَيْكَ، وَيَرْعَى الْحُزْنُ كُلَّ جَنَانِ
فأنتَ ابنُ منْ أحيا البلادَ بعلمهِ
وَ أبقى لهُ ذكراً بكلَّ مكانِ
أَفَادَ بَنِي الأَوْطَانِ فَضْلاً سَموْا بِهِ
إِلَى هَضَبَاتٍ فِي الْعُلاَ وَقِنَانِ
وَ أنتَ ابنهُ ، والفرعُ يتبعُ أصلهُ
وَمَا مِنْكُمَا إِلاَّ جَوَادُ رِهَانِ
هوَ الأولُ السباقُ في كلَّ حلبة ٍ
وَ أنتَ لهُ دونَ البرية ِ ثاني
فَيَا رَحْمَة َ اللَّهِ اسْتَهِلِّي عَلَيْهِمَا
بِسَجْلَيْنِ لِلرِّضْوَانِ يَنْهَمِلاَنِ
وَ عمى قبورَ العالمينَ كرامة ً
لقبرينِ بالبطحاءِ يلتقيانِ
عَلَيْكَ سَلاَمُ اللَّهِ مِنِّي، تَحِيَّة ٌ
يُوَافِيكَ فِي خُلْدٍ بِهَا الْمَلَكَانِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> جاوزتَ فى اللَّومِ حدَّ القصدِ ؛ فاتَّئدِ
جاوزتَ فى اللَّومِ حدَّ القصدِ ؛ فاتَّئدِ
رقم القصيدة : 23883
-----------------------------------
جاوزتَ فى اللَّومِ حدَّ القصدِ ؛ فاتَّئدِ
فلستَ أشفقَ من نفسى على كبدِى
دَعْنِي مِنَ اللَّوْمِ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً
فَاللَّوْمُ في الْحُبِّ مَعْدُودٌ مِنَ الْحَسَدِ(27/30)
إِنِّي لأَرْضَى بِمَا في الْحُبِّ مِنْ أَلَمٍ
ولستُ أرضى بما فى القول من فنَد
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يَسْتَدِلُّ بِهِ
على الحقيقة ِ لم يعتُب على أحدِ
إِنْ كُنْتَ ذَا إِمْرَة ٍ، فَانْهَ الصَّبَابَة َ عَنْ
قَلْبِي، لِتَغْنَمَ شُكْرِي آخِرَ الأَبَدِ
أَولا فدعنى ، ولا تَعنُف على َّ ؛ فما
أَمْرِي إِلَيَّ، وَلاَ حُكْمُ الْهَوَى بِيَدِي
إنَّ الفتاة َ الَّتى هامَ الفؤادُ بها
أَخْفَتْ عَلَيَّ سَبِيلَ الْحَزْمِ والسَّدَدِ
أغضبتُ فى حبِّها أهلى ، فما برحوا
إلباً على َّ ، وكانوا لى منَ العددِ
قالوا تعلَّق بِأخرى كى تَذودَ بِها
بَرْح الأَسَى عَنْ فُؤَادٍ دائِمِ الْكَمَدِ
فَقُلْتُ: هَيْهَاتَ أَنْ أَبْغِي بِهَا بَدَلاً
لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَسَدِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَيُّ شَيْءٍ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ؟
أَيُّ شَيْءٍ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ؟
رقم القصيدة : 23884
-----------------------------------
أَيُّ شَيْءٍ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ؟
وَالْمَنَايَا خَصِيمَة ُ الْحَيَوَانِ
قدْ بلونا كيدَ الزمانِ ، ولكنْ
شغلتنا عنهُ ضروبُ الأماني
فَلَكٌ، لاَ يَزَالُ يَجْرِي عَلَى النَّا
سِ بضدين : من علاً وَ هوانِ
فهوَ طوراً يكونُ كالوالدِ البرْ
رِ ، وطوراً كالناقمِ الغضبانِ
لَيْسَ يُبْقِي عَلَى وَلِيدٍ، وَلاَ كَهْـ
ـلٍ، وَلاَ سُوقَة ٍ، وَلاَ سُلْطَانِ
كَيْفَ يَرْجُو الإِنْسَانُ فِيهِ خُلُوداً
بعدَ ما قدْ مضى أبو الإنسانِ
أينَ منْ كانَ قبلنا منذ داركتْ
كُرَة ُ الأَرْضِ وَهْيَ ذَاتُ دُخَانِ؟
أممٌ أخلدتْ إلى الدهرِ حيناً
ثمَّ ضاعتْ في لجة النسيانٍ
حصدتها يدُ المونونِ ، فصارتْ
خبراً في الوج بعدَ عيانٍ
فترسمْ معالم الأرض ، واسألْ
فسعى أن يجيبكَ الهرمان
أثرٌ دلَّ صنعهُ أنَّ " هرميـ
ـسَ" بَنَاهُ مِنْ أَبْدَعِ الْبُنْيَانِ(27/31)
خَافَ ضَيْعَ الْعُلُومِ حِينَ أَتَتْهُ
بيناتٌ دلتْ على الطوفانِ
فبناهُ منَ الصخورِ اللواتي
جَلَبَتْهَا الْقُيُونُ مِنْ أُسْوَانِ
طبقاتٌ في جوفها حجراتٌ
ضمنتْ كلَّ حكمة ٍ وَ بيانِ
بقيتْ بعدَ صانعيها ؛ فكانتْ
أثراً ناطقاً بغيرِ لسانِ
سَوْفَ تَبْلَى مِنْ بَعْدِ حِينٍ، وَيُمْحَى
ذكرُ " هرميسَ " منْ سجلَّ الزمانِ
إنما هذهِ الحياة ُ غرورٌ
تنقضي بالشقاءِ وَ الحرمانِ
ليسَ فيها سوى خيالاتِ وَهمٍ
تَمْتَرِيهَا قَرَائِحُ الأَذْهَانِ
خَطَرَاتٌ قَدْ ضَمَّنُوهَا كَلاَماً
فلسفياً لمْ يقترنْ بمعاني
كلُّ حيًّ يظنُّ أمراً ، وَ لكنْ
أينَ منهُ محجة ُ البرهانِ ؟
قدْ عرفنا ما كانَ منا قريباً
وَ جهلنا ما لا ترى العينانِ
فَدَعِ الْقَوْلَ فِي التَّفَلْسُف، وَاخْضَعْ
لجلالِ المهيمنِ الديانِ
أَنَا يَا دَهْرُ عَالِمٌ بِمَصِيرِي
فيكَ ، لكنني جموحُ العنانِ
قدْ تماديتُ في الغواية ِ حتى
كَبَحَ الدَّهْرُ شِرَّتِي، وَثَنَانِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ عَلَى الْوِدَادِ
قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ عَلَى الْوِدَادِ
رقم القصيدة : 23885
-----------------------------------
قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ عَلَى الْوِدَادِ
فلا تَحفَل بِقربٍ أو بِعادِ
إِذَا كَانَ التَّغَيُّرُ في اللَّيَالِي
فَكَيْفَ يَدُومُ وُدٌّ في فُؤَادِ؟
وَمنْ لَكَ أَنْ تَرَى قَلْباً نَقِيًّا
ولمَّا يَخلُ قلبٌ مِن سوادِ ؟
فلا تَبذل هواكَ إلى خليلٍ
تَظُنُّ بِهِ الْوَفَاءَ، وَلاَ تُعَادِ
وَكُنْ مُتَوَسِّطاً في كُلِّ حَالٍ
لِتأمنَ ما تخافُ مِنَ العِنادِ
مُدَارَاة ُ الرِّجَالِ أَخَفُّ وَطْئاً
على الإنسانِ مِن حَربِ الفسادِ
يَعِيشُ الْمَرْءُ مَحْبُوباً إِذَا ما
نَحا فى سَيرهِ قَصدَ السَّدادِ
وما الدُّنيا سوى عَجزٍ وحِرصٍ
هُمَا أَصْلُ الْخَلِيقَة ِ في الْعِبَادِ
فَلَوْلاَ الْعَجْزُ مَا كَانَ التَّصَافِي(27/32)
وَلَوْلاَ الْحِرْصُ ما كَانَ التَّعَادِي
وما عقَدَ الرِّجالُ الوُدَّ إلاَّ
لِنَفعٍ ، أو لِمنعٍ مِن تعادى
وما كانَ العِداءُ يَخفُّ لولا
أذَى السُّلطانِ ، أو خوفُ المَعادَ
فيابنَ أَبى ! ولستَ بهِ ، ولكِن
كِلاَنَا زَرْعُ أَرْضٍ لِلْحَصَادِ
تَأَمَّلْ، هَلْ تَرَى أَثَراً؟ فَإِنِّي
أرى الآثارَ تَذهبُ كالرَّماد
حَيَاة ُ الْمَرْءِ في الدُّنْيَا خَيَالٌ
وَعَاقِبَة ُ الأُمُورِ إِلَى نَفَادِ
فَطُوبَى لاِْمرِىء ٍ، غَلَبَتْ هَوَاهُ
بَصيرتُهُ ؛ فباتَ على رَشادِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لاَعَبَ السُّكْرُ قَدَّهُ؛ فَتَثَنَّى
لاَعَبَ السُّكْرُ قَدَّهُ؛ فَتَثَنَّى
رقم القصيدة : 23886
-----------------------------------
لاَعَبَ السُّكْرُ قَدَّهُ؛ فَتَثَنَّى
وَدَعَاهُ فَرْطُ السُّرُورِ؛ فَغَنَّى
رشأ تعبدُ النواظرُ منهُ
واحداً في الجمالِ ، ليسَ يثنى
أَنْبَتَ الْحُسْنُ فَوْقَ خَدَّيْهِ وَرْداً
ليس إلاَّ بغمزة ِ اللحظِ يجنى
لمْ يزلْ يرضعُ السلافة َ حتى
غَابَ عَنَّا، كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَّا
فأنمناهُ فوقَ مهدٍ وثيرٍ
برهة ً كيْ يفيقَ ، ثمَّ انصرفنا
فلبثنا هنيهة ً ، ثمَّ لما
خَفَّ مِنْ سُكْرِهِ وَأَقْبَلَ قُمْنَا
وَأَدَرْنَا الْكُؤُوسَ حَتَّى تَوَلَّتْ
أنجمُ الليلِ منْ أحادَ وَ مثنى
يا لها ليلة ٌ ! أبحنا بها اللهـ
ـوَ إِلَى وَرْدَة ِ الْغَدَاة ِ، وَتُبْنَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِذَا افْتَقَرَ الْمَرْءُ اسْتَهَانَ بِفَضْلِهِ
إِذَا افْتَقَرَ الْمَرْءُ اسْتَهَانَ بِفَضْلِهِ
رقم القصيدة : 23887
-----------------------------------
إِذَا افْتَقَرَ الْمَرْءُ اسْتَهَانَ بِفَضْلِهِ
ذَوُو قُرْبِهِ، وَاسْتَهْجَنَتْهُ الأَبَاعِدُ
فإن قالَ حقَّا كَذَّبوهُ ، وإن أبَى
مُجاراتَهُم فى الغى ِّ ؛ قالوا مُعانِدُ
فحُجَّتهُ مَطلولة ٌ ؛ وهى حقَّة ٌ(27/33)
وَمَنْطِقُهُ مُسْتَكْرَهٌ، وَهْوَ قَاصِدُ
فحَافِظْ عَلَى ما نِلْتَ بِالسَّعْيِ مِنْ غِنًى
فَبِالْمَالِ لا بِالْفَضْلِ تَعْنُو الْمَقَاصِدُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> دارِ الصديقَ ، وَ لاَ تأمنْ بوادرهْ
دارِ الصديقَ ، وَ لاَ تأمنْ بوادرهْ
رقم القصيدة : 23888
-----------------------------------
دارِ الصديقَ ، وَ لاَ تأمنْ بوادرهْ
فَرُبَّمَا عَادَ بَعْدَ الصِّدْقِ خَوَّانَا
يُفْضِي بِسِرِّكَ، أَوْ يَسْعَى بِأَمْرِكَ أَوْ
يَقُولُ عَنْكَ حَدِيثَ السُّوءِ بُهْتَانَا
فإنْ تنصلتَ قالوا فيكَ معرفة ً
تَنْفِي الْمِرَاءَ مَعَ الْوُدِّ الَّذِي كَانَا
وَأَكْثَرُ الْخَلْقِ مَطْبُوعٌ عَلَى ظِنَنٍ
تقضي عليهِ بلبسِ الحقَّ أحيانا
و قلَّ في الناس منْ جربتهُ ، فرأى
بَيْنَ الْحَقِيقَة ِ وَالْبُهْتَانِ فُرْقَانَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عَوِّد فؤادكَ أَن يَكونَ مجنَّة ً
عَوِّد فؤادكَ أَن يَكونَ مجنَّة ً
رقم القصيدة : 23889
-----------------------------------
عَوِّد فؤادكَ أَن يَكونَ مجنَّة ً
للسِرِّ ، فهوَ لَدى المحافلِ حَمدهُ
السرُّ عَبدُكَ ما استطَعتَ حِفاظهُ
فَإِذَا أَفَضْتَ بِهِ فَإِنَّكَ عَبْدُهُ
العصر العباسي >> البحتري >> وفي أربع مني حلت منك أربع
وفي أربع مني حلت منك أربع
رقم القصيدة : 2389
-----------------------------------
وفي أربع مني حلت منك أربع
فما أنا أدري أيها هاج لي كربي
أوجهك في عيني أم الريق في فمي
أم النطق في سمعي، أم الحب في قلبي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لاَ تَخْشَ بُؤْساً مِنْ عَدُوٍّ ظَاهِرٍ
لاَ تَخْشَ بُؤْساً مِنْ عَدُوٍّ ظَاهِرٍ
رقم القصيدة : 23890
-----------------------------------
لاَ تَخْشَ بُؤْساً مِنْ عَدُوٍّ ظَاهِرٍ
وَاخْشَ الْمَكِيدَة َ مِنْ عَدُوٍّ بَاطِن
كمْ بينَ شرًّ ظاهرٍ مستدركٍ(27/34)
منهُ الخلاصُ وَ بينَ سرًّ باطنِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وصاحبٍ لا كانَ مِن صاحبٍ
وصاحبٍ لا كانَ مِن صاحبٍ
رقم القصيدة : 23891
-----------------------------------
وصاحبٍ لا كانَ مِن صاحبٍ
أخلاقهُ كالمعدة ِ الفاسدَه
أَقْبَحُ مَا فِي النَّاسِ مِنْ خَصْلَة ٍ
أَحْسَنُ مَا فِي نَفْسِهِ الْجَامِدَهْ
لو أنَّهُ صُوِّرَ مِن طَبعهِ
كانَ لعمرِى عقرباً راصِدَه
يَصلحُ للصَّفعِ لِكَى لا يُرَى
في عَدَدِ الناسِ بِلاَ فَائِدَهْ
يغلبهُ الضَّعفُ ، ولَكنَّهُ
يهدِمُ فى قَعدتهِ المائدَه
يُراقبُ الصَّحنَ على غفلة ٍ
مِنْ أَهْلِهِ كَالْهِرَّة ِ الصَّائِدَهْ
كأنما أظفورهُ مِنجَلٌ
وَبَيْنَ فَكَّيْهِ رَحًى راعِدَهْ
كَأنَّما البطَّة ُ فى حلقهِ
نَعامة ٌ فى سبسَبٍ شارِدَه
تَسْمَعُ لِلْبَلْعِ نَقِيقاً، كَمَا
نقَّت ضَفاى ِ ليلة ٍ راكِدَه
كأنَّما أنفاسهُ حَرجف
وبينَ جنبيهِ لظى ً واقدَه
وَيْلُمِّهِ إِذْ مَخَضَتْ، هَلْ دَرَتْ
أنَّ الرَّدى فى بَطنِها العاقِدَه ؟
تَبًّا لَهَا شَنْعَاءَ جَاءَتْ بِهِ
مِنْ لَقْحَة ٍ في فَقْحَة ٍ كاسِدَهْ
لا رَحْمَة ُ اللَّهِ عَلَى وَالِدٍ
غَمَّ بِهِ الدُّنْيَا، ولا وَالِدَهْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> قد عاقني الشكُّ في أمرٍ أضعتُ لهُ
قد عاقني الشكُّ في أمرٍ أضعتُ لهُ
رقم القصيدة : 23892
-----------------------------------
قد عاقني الشكُّ في أمرٍ أضعتُ لهُ
عَزِيمَة َ الرَّأْيِ حَتَّى ضَاقَ كِتْمَانِي
أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ وُدّاً قَبْلَ مَعْرِفَة ٍ
ثمَّ انثنيتَ بصدًّ قبلَ إعلانِ
فسرني منكَ ما قدمتَ مبتدأً
وَ ساءني منكَ ما أخرتَ في الثاني
فَإِنْ يَكُنْ سُوءُ رَأْيٍ، أَوْ مَلاَلُ هَوى ً
فَإِنَّ كِلْتَيْهِمَا فِي الْقُبْحِ سِيَّانِ
فاكشفْ لنا عنْ قناعِ الشكَّ نحى بهِ
إما وصالاً ، وَ إما محض هجرانِ(27/35)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وشامخٍ فى ذُرا شمَّاءَ باذخة ٍ
وشامخٍ فى ذُرا شمَّاءَ باذخة ٍ
رقم القصيدة : 23893
-----------------------------------
وشامخٍ فى ذُرا شمَّاءَ باذخة ٍ
لا يَعرفُ الصِّدقَ إن والى وإن عادى
يَعودُه الناسُ إن مرَّ النسيمُ بهِ
ولا يَعودُ منَ الإشفاقِ من عادا
لا يهدَاُ الدَّهرَ من ظلمٍ يحاولهُ
فإن قضَى وطراً من غدرة ٍ عادا
يَسْطُو بِهَذَا، وَيَرْمِي ذَاكَ عنْ عُرُضِ
كَطَارِدٍ يَقْتَفِي صَيْدَيْنِ إِذْ عَادَى
أَبادهُ الدَّهرُ رغماً بينَ أسرتهِ
كَمَا أَبَادَ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَادَا
فَاعْرِفْ إِلهَكَ، وَاحْذَرْ أَنْ تَبِيتَ عَلَى
وزرٍ ، ولا تتَخِذ ظُلمَ الورى عادا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَوَّلُ النَّفْسِ نُطْفَة ٌ أَخْلَصَتْهَا
أَوَّلُ النَّفْسِ نُطْفَة ٌ أَخْلَصَتْهَا
رقم القصيدة : 23894
-----------------------------------
أَوَّلُ النَّفْسِ نُطْفَة ٌ أَخْلَصَتْهَا
شهوة ٌ صاغها مزاجٌ دفينُ
قذفتها إلى البطونِ ظهورٌ
وَ حوتها بعدَ الظهورِ بطونُ
ثمَّ أرسى بها هبوطٌ يليهِ
حَرَكَاتٌ مِنَ بَعْدِهِنَّ سُكُونُ
فهيَ طوراً تكونُ في عالمِ الغيـ
ـبِ، وَطَوْراً فِي مِثْلِ ذَاكَ تَكُونُ
مبتداها وَ منتهاها سواءٌ
وَهْيَ مَا بَيْنَ ذَاكَ حَيٌّ مَهِينُ
فعلامَ البكاءُ في إصرِ دارٍ
بالرزايا فناؤها مشحونُ ؟
تتقانى الرجالُ حرصاً عليها
وَ هوَ حرصٌ أدى إليهِ الجنونُ
حَارَ فِيهَا "أَرِسْطَطَالِيسُ" قِدْماً
وَنَعَاهَا الْحَكِيمُ "أَفْلاَطُونُ"
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يأيُها الظَّالمُ فى مُلكهِ
يأيُها الظَّالمُ فى مُلكهِ
رقم القصيدة : 23895
-----------------------------------
يأيُها الظَّالمُ فى مُلكهِ
أَغَرَّكَ الْمُلْكُ الَّذِي يَنْفَدُ؟
اصْنَعْ بِنَا ما شِئْتَ مِنْ قَسْوَة ٍ
فَاللَّهُ عَدْلٌ، وَالتَّلاَقي غَدُ(27/36)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَمَلْمَسِ عِفَّة ٍ قَدْ نِلْتُ مِنْهُ
وَمَلْمَسِ عِفَّة ٍ قَدْ نِلْتُ مِنْهُ
رقم القصيدة : 23896
-----------------------------------
وَمَلْمَسِ عِفَّة ٍ قَدْ نِلْتُ مِنْهُ
بِأَيْدِي اللَّهْوِ مَا شَاءَ التَّمَنِّي
ملكتُ بهِ عنانَ الشوقِ ؛ حتى
قضيتُ لبانتي ، وأرحتُ ظني
فَلاَ تَسْأَلْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ
وَلاَ تَسْأَلْ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي
فَلَوْلاَ أَنَّ جُنْدَ الصُّبْحِ وَافَتْ
طَلاَئِعُهُ وَزَالَ اللَّيْلُ عَنِّي
لدمتُ على معاقرة ِ الأماني
وَلَكِنْ رُبَّمَا عَاوَدْتُ فَنِّي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَا مَنْ إِلَيْهِ الْوُجُوهُ خَاشِعَة ٌ
يَا مَنْ إِلَيْهِ الْوُجُوهُ خَاشِعَة ٌ
رقم القصيدة : 23897
-----------------------------------
يَا مَنْ إِلَيْهِ الْوُجُوهُ خَاشِعَة ٌ
ومن عليهِ في الكونِ معتمدى
مددتُ كفِّى إليكَ مُبتهلاً
وَأَنْتَ حَسْبِي، فَلاَ تَرُدَّ يَدِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَا رَاحِلاً! غَابَ صَبْرِي بَعْدَ فُرْقَتِهِ
يَا رَاحِلاً! غَابَ صَبْرِي بَعْدَ فُرْقَتِهِ
رقم القصيدة : 23898
-----------------------------------
يَا رَاحِلاً! غَابَ صَبْرِي بَعْدَ فُرْقَتِهِ
وَ أصبحتْ أسهمُ الأشواقِ تصميني
إِنْ كَانَ يُرْضِيكَ مَا أَلْقَاهُ مِنْ كَمَدٍ
فِي الْحُبِّ مُذْ غِبْتَ عَنِّي، فَهْوَ يُرْضِينِي
لمْ ألقَ بعدكَ يوماً أستبينُ بهِ
وَجْهَ الْمَسَرَّة ِ إِلاَّ ظَلَّ يُبْكِيني
قَدْ كُنْتُ لاَ أَكْتَفِي بِالشَّمْلِ مُجْتَمِعاً
فاليومَ نظرة ُ عينٍ منكَ تكفيني
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لاعيشَ الاَّ للنفادِ
لاعيشَ الاَّ للنفادِ
رقم القصيدة : 23899
-----------------------------------
لاعيشَ الاَّ للنفادِ
فاحبب حياتكَ ، أو فعادِ
وَابْخَلْ بِنَفْسِكَ، أَوْ فَجُدْ(27/37)
كلُّ الأمورِ إلى فسادِ
أين الألى شقوا البحو
رَ، وَشَيَّدُوا ذَاتَ الْعِمَادِ؟
مَلَكُوا التَهَائِمَ وَالنَجَا
ئدَ والحواضرَ والبوادى
بلْ أينَ أصحابُ الوفو
دِ ؟ وأينَ أربابُ الجلادِ ؟
الطاعمونَ ، الطاعنو
نَ الْقَائِلُونَ بِكُلِّ نَادِي
الْكَاشِفُونَ الضُّرَّ، وَالْـ
عافونَ عن ذنبِ العبادِ
بل أينَ صناعُ القريـ
ض الجزلِ والكلمِ الفرادِ ؟
كالشاعرِ الضليلِ ، أو
قُسِّ بْنِ سَاعِدَة َ الإِيَادِي
لعبَ الزمانُ بجمعهمْ
ورمى بهم فى كلِّ وادى
فكأنهمْ لم يلبثوا
إلاَّ بَيَاضاً في سَوادِ
شعراء العراق والشام >> عمر أبو ريشة >> لوعة
لوعة
رقم القصيدة : 239
-----------------------------------
خطُ أختي لم أكن أجهله
إن أختي دائماً تكتب لي
*
*
حدثتني أمس عن أهلي وعن
مضض الشوق وبُعد المنزل
*
*
ماعساها اليوم لي قائلة؟
أيُّ شيءٍ يا ترى لم تقلِ
*
*
وفضضت الطرس ..لم أعثر على
غير سطرٍ واحدٍ ..مختزلِ
*
*
وتهجيت بجهدٍ بعضه
إن أختي كتبت في عجل
*
*
فيه شيءٌ...عن عليٍ مبهمٌ
ربما بعد قليل ينجلي
*
*
وتوقفتُ ..ولم أتممْ..وبي
رعشاتُ الخائف المبتهل
*
*
وترآءى لي عليٌّ كاسياً
من خيوط الفجر أسنى حُلَلِ
*
*
مرِحَ اللفتةِ مزهو الخطى
سلس اللهجة حلو الخجل
*
*
تسأل البسمةُ في مرشفه
عن مواعيد انسكاب القُبَلِ
*
*
طلعةٌ استقبل الدنيا بها
ناعم البال بعيد المأمل
*
*
كم أتى يشرح لي أحلامه
وأمانيه على المستقبل
*
*
قال لي في كبرياء إنه
يعرف الدرب لعيش أفضل
*
*
إنه يكره أغلالي التي
أوهنت عزمي وأدمت أرجلي
*
*
سوف يعطي في غدٍ قريته
خبرة العلم وجهد العمل
*
*
وسيبني بيته في غايةٍ
تترامى فوق سفح الجبل
*
*
وسأعتز به في غده
وأراه مثلاً للرجل
*
*
عدت للطرس الذي ليس به
غير سطرٍ .. واحدٍ .. مختزلِ
*
*
وتجالدت .. لعلي واجد
فيه ما يبعد عني وجلي
*
*
وإذا أقفل معناه على
وهمي الضارع ..كل السبل
*
*
غرقت عيناي في أحرفه
وتهاوى مِزقاً عن أنملي
*(27/38)
*
قلبُ أختي ..لم أكن أجهله
إن أختي دائماً تحسن لي
*
*
ما لها تنحرني نحراً على
قولها ..مات ابنها.. مات علي
العصر العباسي >> البحتري >> ومجر على الأوتار صوتا يجاوبه
ومجر على الأوتار صوتا يجاوبه
رقم القصيدة : 2390
-----------------------------------
ومجر على الأوتار صوتاً يجاوبه
معقربة أصداغه وذوائبه
إذا ريحته الراح لاح بعارض
ينير إذا ما الليل غابت كواكبه
أدرها فهذا الروض يحيي نسيمه
وهذا أمين الله تغني مواهبه
وأصبحت الدنيا تنير بزهرة
كساها أمير المؤمنين وكاتبه
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إنَّ لي صاحباً ، وَ لاَ بدَّ منهُ
إنَّ لي صاحباً ، وَ لاَ بدَّ منهُ
رقم القصيدة : 23900
-----------------------------------
إنَّ لي صاحباً ، وَ لاَ بدَّ منهُ
قلَّ صبري بهِ ، وَ زادتْ شجوني
أحمقٌ ، لاَ يكادُ يفقهُ قولاً
منْ حديثٍ ، وَ الحمقُ نصفُ الجنون
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بَلينا وسِربالُ الزَّمانِ جديدُ
بَلينا وسِربالُ الزَّمانِ جديدُ
رقم القصيدة : 23901
-----------------------------------
بَلينا وسِربالُ الزَّمانِ جديدُ
وَهَلْ لاِمْرِىء ٍ في الْعَالَمِينَ خُلُودُ؟
قضى آدمٌ فى الدَّهر ، وهوَ أبو الورى
وكلُّ الَّذى من صلبهِ سيبيدُ
فلا تبكى ميتاً حانَ يومُ رحيلهِ
فَلِلْمَوْتِ مَا يَمْضِي الْفَتَى وَيَرُودُ
وَلاَ تَلْتَمِسْ أَمْراً يَزِيدُكَ يَقْظَة ً
فَلَيْسَ لإِدْرَاكِ الْيَقِينِ مَزِيدُ
دَعِ الْفَلَكَ الدَوَّارَ يَجْرِي، وَلاَ تَسَلْ
أفَوَّزَ كَهلٌ أم أهلَّ وليدُ ؟
فما هَذِهِ الدُنيا وإن جلَّ قَدرُها
سِوى مهلة ٍ نأتى لها ونعودُ
تَبوخُ بِها الأنفاسُ وهِى َ نسائمٌ
وَتَعْفُو بِهَا الأَبْدَانُ وَهْيَ صَعِيدُ
فيا ضارباً فى الأرضِ يرتادُ غاية ً
رُوَيدَكَ ، إنَّ الفوزَ مِنكَ بعيدُ(27/39)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِذَا أَتَاكَ خَلِيلٌ بَعْدَ مَنْدَمَة ٍ
إِذَا أَتَاكَ خَلِيلٌ بَعْدَ مَنْدَمَة ٍ
رقم القصيدة : 23902
-----------------------------------
إِذَا أَتَاكَ خَلِيلٌ بَعْدَ مَنْدَمَة ٍ
مِنْهُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ زَلَّة ٍ، فَهُنِ
وَإِنْ صَفَحْتَ فَلاَ تَعْرضْ بِمَعْتَبَة ٍ
فَالْعَتْبُ يُفْسِدُ مَا قَدَّمْتَ مِنْ حَسَنِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> دَعِ الذُّلَّ في الدُّنْيَا لِمَنْ خَافَ حَتْفَهُ
دَعِ الذُّلَّ في الدُّنْيَا لِمَنْ خَافَ حَتْفَهُ
رقم القصيدة : 23903
-----------------------------------
دَعِ الذُّلَّ في الدُّنْيَا لِمَنْ خَافَ حَتْفَهُ
فَلَلْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ حيَاة ٍ عَلَى أَذَى
ولا تصطحِب إلاَّ امرأً إن دَعوتَهُ
لَدَى جَمَرَاتِ الْحَرْبِ، لَبَّاكَ وَاحْتَذَى
يسرُّكَ عندَ الأمنِ فضلاً وحكمة ً
ويرضيكَ يومَ الروعِ نبلاً مُقذَّذاً
فَيَا حَبَّذَا الْخِلُّ الصَّفِيُّ! وَهَلْ أَرَى
نصيباً منَ الدنيا إذا قلتُ حبَّذا ؟
لعَمرى لقَد ناديتُ ، لو أنَّ سامِعاً
ونَوَّهْتُ بِالأَحْرَارِ، لَوْ أَنَّ مُنْقِذَا
وَطَوَّفْتُ بِالآفَاقِ، حتَّى كَأَنَّنِي
أُحاولُ من هذى البسيطة ِ منفذا
فَمَا وَقَعَتْ عَيْنِي عَلَى غَيْرِ أَحْمَقٍ
غوِّى ، يَظنُّ المَجدَ فى الرى ِّ والغِذا
إذا ما رأيتُ الشَّئَ فى غيرِ أهلهِ
ولَم أستَطع رداً ، طرفتُ على قذى
فحتَّى متى يا دهرً أكتمُ لوعة ً
تُكَلِّفُ قَلْبِي كُلْفَة َ الرِّيحِ بِالشَّذَا؟
ألم يأن للأيامِ أن تبصِرَ الهدى
فَتَخفض مأفوناً ، وترفعَ جِهبِذا ؟
إذا لم يكُن بالدهرِ خَبلٌ لما غدا
يسيرُ بِنا فى ظُلمَة ِ الجَورِ هكذا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أحببْ ، وَ أبغضْ ، وَ قلْ بحقًّ
أحببْ ، وَ أبغضْ ، وَ قلْ بحقًّ
رقم القصيدة : 23904
-----------------------------------(27/40)
أحببْ ، وَ أبغضْ ، وَ قلْ بحقًّ
وَلاَ تُسَاهِلْ، وَلاَ تُخَاشِنْ
فالحبُّ يعمى عنِ المساوى
وَالْبُغْضُ يُعْمِي عَنِ الْمَحَاسِنْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَغَنَّى الْحَمَامُ، وَنَمَّ الشَّذَا
تَغَنَّى الْحَمَامُ، وَنَمَّ الشَّذَا
رقم القصيدة : 23905
-----------------------------------
تَغَنَّى الْحَمَامُ، وَنَمَّ الشَّذَا
ولاحَ الصَّباحُ ، فيا حبَّذا !
وما زالَ يرضَعُ طفلُ النباتِ
ثُدِيَّ الْغَمَامَة ِ حَتَّى اغْتَذَى
فقُم نغتنمِ صفوَ أيامنا
وندفَعُ بالرَّاحِ عنَّا الأذى
فَمَا بَعْدَ عَصْرِ الصِّبَا لَذَّة ٌ
ولا مثلُ صفوِ الحميَّا غِذا
تَذُودُ عَنِ الْقَلْبِ أَحْزَانَهُ
وَتَنْفِي عَنِ الْعَيْنِ شَوْبَ الْقَذَى
وتجلو الظلامَ بلألائها
كأنَّ بأيدى السقاة ِ الجُذا
إِذَا مَا احْتَسَاهَا كَرِيمٌ هَدَى
وإن عبَّ فيها لئيمٌ هذى
فَدَعْ مَا تَوَلَّى ، وَخُذْ مَا أَتَى
فَلَنْ يَصْلُحَ الْعَيْشُ إِلاَّ كَذَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لا تعكفنَّ على المدامِ بعيرِ ما
لا تعكفنَّ على المدامِ بعيرِ ما
رقم القصيدة : 23906
-----------------------------------
لا تعكفنَّ على المدامِ بعيرِ ما
صَوْتٍ يَهِيجُ بِلَحْنِهِ النَّدْمَانَا
إنَّ الغناءَ سريرة ٌ في النفسِ قدْ
ضاقتْ بها ؛ فتفجرتْ ألحانا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رَمَتْ بِخُيُوطِ النُّورِ كَهْرَبَة ُ الْفَجْرِ
رَمَتْ بِخُيُوطِ النُّورِ كَهْرَبَة ُ الْفَجْرِ
رقم القصيدة : 23907
-----------------------------------
رَمَتْ بِخُيُوطِ النُّورِ كَهْرَبَة ُ الْفَجْرِ
ونمَّت بأسرار النَّدى شفة ُ الزهرِ
وسارت بأنفاسِ الخمائلِ نسمَة ٌ
بليلة ُ مهوى الذيلِ ،عاطرة ُ النشرِ
فقم نغتنِم صفوَ البكورِ، فإنَّها
غداة ُ زهرُها باسِمُ الثغرِ
تَرَى بَيْنَ سَطْحِ الأَرْضِ والْجَوِّ نِسْبَة ً(27/41)
تُشَاكِلُ مَا بَيْنَ السَّحائِب والْغُدْر
ففى الجوِّ هتَّان يسيلُ ، وفى الثرى
سيولٌ ترامى بينَ أودية ٍ غزرِ
غَمَامَانِ فَيَّاضَانِ: هَذَا بِأُفْقِهِ
يَسِيرُ، وهَذَا فِي طِبَاقِ الثَّرَى يَسْرِي
وقد ماجتِ الأغصانُ بينَ يدِ الصبا
كَمَا رَفْرَفَتْ طَيْرٌ بِأَجْنِحَة ٍ خُضْرِ
كَأَنَّ النَّدَى فَوْقَ الشَّقِيقِ مَدَامِعٌ
تَجولُ بخدٍّ ، أو جُمانٌ على تبر
إذا غازَلتها لمعَة ٌ ذهبيَّة ٌ
مِنَ الشَّمْسِ رَفَّتْ كالشَّرارِ عَلى الْجَمْرِ
ففى كلِّ مَرعى لحظة ٍ وَشى ُ ديمَة ٍ
وفى كلِّ مرمى خطوة ٍ أجرعٌ مثرى
مروجٌ جلاها الزهرُ ، حتَّى كأنَّها
سماءٌ تروقُ العينَ بالأنجمِ الزهرِ
كأنَّ صِحافَ النورِ والطلُّ جامدٌ
مَبَاسِمُ أَصْدَافٍ تَبَسَّمْنَ عَنْ دُرِّ
وقَد شاقنى والصُبحُ فى خدرِ أمِّهِ
حَنِينُ حَمَامَاتٍ تَجَاوَبْنَ فِي وَكْرِ
هَتَفْنَ فَأَطرَبْنَ الْقُلُوبَ، كَأَنَّمَا
تعلَّمنَ ألحانَ الصَّبابة ِ من شعرى
وقامَ على الجدرانِ أَعرفُ لم يزَل
يبدِّدُ أحلامَ النِّيامِ ولا يدرى
تخايلَ فى موشيَّة ٍ عبقريَّة ٍ
مُهدَّلة ِ الأردانِ سابِغة ِ الأُزرِ
لَهُ كِبْرَة ٌ تَبْدُو عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ
مليكٌ عليهِ التَّاجُ ينظرُ عن شزر
فَسَارِعْ إِلى دَاعِي الصَّبُوحِ مَعَ النَّدَى
لنجمِ بأيدى الَّلهوِ باكورة َ العمرِ
فقد نسَمَت ريحُ الشَّمالِ ، فنبَّهت
عيونَ القمارى وهى فى سنة ِ الفجرِ
وَنَادَى الْمُنَادِي للصَّلاة ِ بِسُحْرَة ٍ
فَأَحْيَا الْوَرَى مِنْ بَعْدِ طَيٍّ إلى نَشْرِ
فبادِر لميقاتِ الصَّلاة ِ ، ومِل بنا
إلى القصفِ ما بينَ الجزيرة ِ والنَّهرِ
إذا ما قضينا واجِبَ الدِّين حقَّهُ
فَلَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْخَلاَعَة ِ مِنْ وِزْرِ
ألا ربَّ يومٍ كانَ تاريخَ صبوة ٍ
مضى غيرَ إثرٍ فى المخيلة ِ أو ذكرِ
عَصَيْتُ بِهِ سُلْطَانَ حِلْمِي، وَقَادَنِي
إِلى اللَّهْوِ شَيْطَانُ الْخَلاعَة ِ والسُّكْرِ(27/42)
لَدَى رَوْضَة ٍ رَيَّا الْغُصُون، تَرَنَّحَتْ
مَعَاطِفُهَا رَقْصاً عَلى نَغْمَة ِ الْقُمْري
تَدُورُ عَلَيْنَا بِالْمُدَامَة ِ بَيْنَها
تماثيلُ ، إلاَّ أنَّها بيننا تجرى
تَرَى كُلَّ مَيْلاءِ الْخِمارِ مِنَ الصِّبَا
هَضِيمَة ِ مَجْرَى الْبَنْدِ، نَاهِدَة ِ الصَّدْرِ
إِذَا انْفَتَلَتْ فِي حَاجَة ٍ خِلْتَ جُؤْذُراً
أحسَّ بصيَّادٍ فأتلعَ من ذعرِ
لَوَى قَدَّهَا سُكْرُ الْخَلاَعَة ِ والصِّبَا
فمالت بشطرٍ ، واستقامت على شطرِ
وعلَّمها وحى ُ الدلالِ كهانة ً
فإن نطقَت جاءت بشئٍ منَ السحرِ
أحسَّت بما فى نفسِها من ملاحة ٍ
فَتَاهَتْ عَلَيْنَا، وَالْمَلاَحَة ُ قَدْ تُغْرِي
وَأَعْجَبَها وَجْدِي بِها، فَتَكَبَّرَتْ
عَليَّ دَلالاً، وَهْيَ تَصْدُرُ عَنْ أَمْرِي
فَتَاة ٌ يَجُولُ السِّحْرُ فِي لَحَظَاتِهَا
مَجَالَ الْمَنَايَا فِي الْمُهَنَّدَة ِ الْبُتْرِ
إذا نظَرَت ، أو أقبَلت ، أو تهلَّلت
فويلُ مهاة ِ الرملِ ، والغُصن ، والبَدرِ
فَمَا زِلْنَ يُغْرِينَ الطِّلاَ بِعُقُولِنا
إلى أن سقطنا لليدينِ وللنَّحرِ
فَمِنْ واقِعٍ يَهْذِي، وآخَرَ ذاهِلٍ
لَهُ جَسَدٌ ما فِيهِ رُوحٌ سِوَى الْخَمْر
صَرِيعٌ يَظُنُّ الشُّهْبَ مِنْهُ قَرِيبَة ً
فيَسْدُو بِكَفَّيْهِ إِلى مَطْلَعِ النَّسْر
إذا ما دعوتَ المرءَ دارَ بلحظهِ
إِلَيْكَ، وَغَشَّاهُ الذُّهُولُ عَنِ الْجَهْرِ
بعيدُ عنِ الداعِى وإن كانَ حاضِراً
كَأَنَّ بِهِ بَعْضَ الْهَنَاتِ مِنَ الْوَقْرِ
تحكَّمتِ الصهباءِ فيهِم ، فغيَّرت
شمائلَ ما يأتى بهِ الجدُّ بالهذرِ
فَيَا سَامَحَ اللَّهُ الشَّبَابَ وَإِنْ جَنَى
على َّ ، وحيَّا عهدَهُ سَبلُ القطرِ
ملَكتُ بهِ أمرى ، وجاريتُ صبوتى
وَأَصْبَحْتُ مَرْهُوبَ الْحَمِيَّة ِ وَالْكِبْرِ
إِذَا أَبْصَرُونِي فِي النَّدِيِّ تَحَاجَزُوا
عنِ القولِ ، واستغنوا عنِ العرفِ بالنكر
وقالوا فتى ً مالَت بهِ نشوة ُ الصبا(27/43)
وليسَ على الفتيانِ فى الَّلهوِ من حجرِ
يخافونَ منِّى أن تثورَ حميَّتى
فيبغونَ عطفى بالخديعة ِ والمكرِ
أَلا لَيْتَ هَاتِيكَ اللَّيَالِي وَقَدْ مَضَتْ
تعودُ ، وذاكَ العيشُ يأتى على قدرِ
مواسِمُ لذَّاتٍ تقضَّت ، ولم يَزَل
لها أثرٌ يطوى الفؤادَ على أثرِ
إذا اعتورتها ذُكرة ُ النَّفسِ أبصَرَت
لها صُورة ً تختالُ فى صفحة ِ الفكرِ
فذلِكَ عصرٌ قد مَضى لسبيلهِ
وخلفنى أرعى الكواكِبَ فى عصرِ
لَعَمْرُكَ مَا في الدَّهْرِ أَطْيَبُ لَذَّة ً
مِنَ اللَّهْوِ فِي ظِلِّ الشَّبِيبَة ِ والْيُسْرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> خفضْ عليكَ ، وَ لاَ تجزعْ لنائبة ٍ
خفضْ عليكَ ، وَ لاَ تجزعْ لنائبة ٍ
رقم القصيدة : 23908
-----------------------------------
خفضْ عليكَ ، وَ لاَ تجزعْ لنائبة ٍ
فَالدَّهْرُ يَعْتَرُّ بِالإِنْسَانِ أَحْيَانَا
فَكُلُّ نَاءٍ قَرِيبٌ إِنْ صَبَرْتَ لَهُ
وَ كلُّ صعبٍ إذا قاومتهْ هانا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بِناظِرِكَ الْفَتَّانِ آمَنْتُ بِالسِّحْرِ
بِناظِرِكَ الْفَتَّانِ آمَنْتُ بِالسِّحْرِ
رقم القصيدة : 23909
-----------------------------------
بِناظِرِكَ الْفَتَّانِ آمَنْتُ بِالسِّحْرِ
وَهَلْ بَعْدَ إِيمانِ الصَّبَابَة ِ مِنْ كُفْرِ؟
فَلا تَعْتَمِدْ بِالْهَجْرِ قَتْلَ مُتَيَّمٍ
فإنَّ المنايا لا تزيدُ عن الهجرِ
فلولاكَ ما حلَّ الهوى قيدَ مدمعى
وَلا شَبَّ نِيرَانَ اللَّوَاعِجِ فِي صَدْرِي
وإنِّى على ما كان منكَ لصابرٌ
لعلمى َ أنَّ الفوزَ منْ ثمرِ الصَّبرِ
فليتَ الَّذى أهدى الملامة َ فى ِ الهوى
تَوَسَّمَ خَيْراً، أَوْ تَكَلَّمَ عَنْ خُبْرِ
رَأَى كَلَفِي لا يَسْتَفِيقُ، فَظَنَّ بِي
هَناتٍ، وَسُوءُ الظَّنِّ داعِيَة ُ الْوِزْرِ
وماذا عليهِ وهوَ خالٍ منَ الجوَى
إذا هِمتُ شوقاً ، أو تَرنَّمتُ بالشعرِ؟
فإن أكُ مشغوفاً فَذو الحلمِ رُبَّما(27/44)
أَطَاعَ الْهَوَى ، وَالْحُبُّ مِنْ عُقَدِ السِّحْرِ
وَأَيُّ امْرِىء ٍ يَقْوَى عَلى رَدِّ لَوْعَة ٍ
إذا التهَبَت أَربَت علَى وَهجِ الجَمرِ؟
عَلَى أَنَّنِي لَمْ آتِ فِي الْحُبِّ زَلَّة ً
تَغضُّ بِذكرِى فى المحافلِ أو تُزرِى
وَلَكِنَّنِي طَوَّفْتُ فِي عَالَمِ الصِّبَا
وعُدتُ ولَم تَعلَق بِفاضِحة ٍ أُزرِى
سجيَّة ُ نَفسٍ آثَرَت ما يَسُرُّها
وَلِلنَّاسِ أَخْلاقٌ عَلى وَفْقِها تَجْرِي
ملَكتُ يَدى عَن كُلِّ سوءٍ ومنطقى
فَعشتُ برئَ النَّفسِ من دنسِ العُذرِ
وأَحسنتُ ظَنِّى بالصَّديقِ ، ورُبَّما
لَقِيتُ عَدُوِّي بِالطَّلاقَة ِ والْبِشْرِ
فَأَصْبَحْتُ مَأْثُورَ الْخِلالِ مُحَبَّباً
إِلى النَّاسِ، مَرْضِيَّ السَّرِيرَة ِ ف
فما أنا مَطلوبٌ بِوترٍ لمَعشرٍ
وَلا أَنَا مَلْهُوفُ الجَنَانِ عَلى وَتْرِ
رَضيتُ منَ الدُّنيا وإن كُنتُ مُثرِياً
بِعِفَّة ِ نفسٍ لا تَميلُ إلَى الوَفرِ
وأخلَصتُ للرَّحمن فيما نَوَيتُهُ
فعاملنى بِالُّلطفِ من حَيثُ لا أدرِى
إذا ما أَرادَ اللهُ خَيراً بِعَبدهِ
هَداهُ بِنُورِ اليُسرِ فى ظُلمة ِ العُسرِ
فيابنَ أبى والنَّاس أبناءُ واحدٍ
تقَلَّد وَصاتِى ، فَهى َ لؤلؤَة ُ الفِكرِ
إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيداً فَلا تَكُنْ
لَدوداً ، ولا تَدفَع يدَ اللَّينِ بِالقَسرِ
ولاتَحتَقر ذا فاقة ٍ ، فلَربَّما
لقيتَ بهِ شَهماً يُبِرُّ على المُثرِى
فَرُبَّ فَقِيرٍ يَمْلأُ الْقَلْبَ حِكْمَة ً
ورُبَّ غَنى ٍّ لا يريشُ ولا يَبرى
وكُن وسَطاً ، لا مُشرئِبّاً إلى السُّها
وَلا قَانِعاً يَبْغِي التَّزَلُّفَ بِالصُّغْرِ
فَأحْمَدُ أخْلاقِ الْفَتَى مَا تَكَافَأَتْ
بِمنزلة ٍ بينَ التَّواضعِ والكِبرِ
وَلا تَعْتَرِفْ بِالذُّلِّ فِي طَلَبِ الْغِنَى
فَإِنَّ الْغِنَى فِي الذُلِّ شَرٌّ مِنَ الْفَقْرِ
وإيَّاكَ والتَّسليمَ بالغيبِ قبلَ أن
تَرَى حُجَّة ً تَجْلُو بِها غَامِضَ الأَمْرِ(27/45)
ودارِ الَّذِي تَرْجُو وَتَخْشَى ودَادَهُ
وَكُنْ مِنْ مَوَدَّاتِ الْقُلُوبِ عَلى حِذْرِ
فَقَدْ يَغْدِرُ الْخِلُّ الْوَفِيُّ لِهَفْوَة ٍ
وَيَحْلُو الرِّضَا بَعْدَ الْعَدَاوَة ِ وَالشَرِّ
وفى النَّاسِ مَن تَلقاهُ فى زِى ِّ عابدٍ
وَلِلْغَدْرِ فِي أَحْشَائِهِ عَقْرَبٌ تَسْرِي
إذا أمكنَتهُ فُرصَة ٌ نَزَعت بِهِ
إلى الشرِّ أخلاقٌ نَبَتنَ على غمرِ
ولا تحسبَنَّ الحِلم يَمنَعُ أهلَهُ
وُقُوعَ الأَذَى ، فَالْمَاءُ وَالنَّارُ مِنَ صَخْرِ
فَهَذِي وَصَاتِي، فَاحْتَفِظْهَا تَفُزْ بِما
تَمَنَّيْتَ مِنْ نَيْلِ السَّعَادَة ِ فِي الدَّهْرِ
فإنى امرؤٌ جرَبتُ دهرى ، وزادنى
بِهِ خِبْرَة ً صَبْرِي عَلى الْحُلْوِ والْمُرِّ
بَلَغْتُ مَدَى خَمْسِينَ، وازْدَدْتُ سَبْعَة ً
جَعَلْتُ بِهَا أَمْشِي عَلى قَدَمِ الْخِضْرِ
فكيفَ ترانى اليومَ أخشى ضَلالة ً
وشيبِى مِصباحٌ على نورِهِ أسرى ؟
أَقُولُ بِطَبْعٍ لَسْتُ أَحْتَاجُ بَعْدَهُ
إلى المَنهلِ المطروقِ ، والمنهَجِ الوَعرِ
وَلِي مِنْ جَنانِي إِنْ عَزَمْتُ وَمِقْوَلِي
سِراجٌ وعَضبٌ ، ذا يضِئُ ، وذا يَفرِى
إِذَا جَاشَ طَبْعِي فَاضَ بِالدُّرِّ مَنْطِقِي
وَلا عَجَبٌ، فَالدُّرُّ يَنْشَأُ فِي الْبَحْرِ
تَدَبَّرْ مَقَالِي إِنْ جَهِلْتَ خَلِيقَتِي
لِتَعْرِفَنِي، فَالسَّيْف يُعْرَفُ بِاْلأَثْرِ
وَلا تَعْجَبَنْ مِنْ مَنْطِقِي إِنْ تَأَرَّجَتْ
بِهِ كُلُّ أَرضٍ ، فَهوَ ريحانَة ُ العَصرِ
سَيَذْكُرُنِي بِالشِّعْرِ مَنْ لَمْ يُلاقِني
وَذِكْرُ الْفَتَى بَعْدَ الْمَمَاتِ مِنَ الْعُمْرِ
العصر العباسي >> البحتري >> أحبب إلي بطيف سعدى الآتي
أحبب إلي بطيف سعدى الآتي
رقم القصيدة : 2391
-----------------------------------
أحْبِبْ إليّ بطَيْفِ سُعْدَى الآتي،
وَطُرُوقِهِ في أعْجَبِ الأوْقَاتِ
أنّى اهْتَدَيْتَ لمُحْرِمِينَ تَصَوّبوا
لسُفُوحِ مكّةَ مِنْ رُبَى عَرَفاتِ(27/46)
ذَكّرْتَنَا عَهْدَ الشّآمِ، وَعَيْشَنَا
بَينَ القِنان السود، وَالهَضَبَاتِ
إذْ أنْتَ شَكْلُ مخالف وَموافقٍ،
وَالدّهْرُ فيكَ مُمَانِعٌ وَمُؤاتِ
لَوْلا مُكَاثَرَةُ الخُطُوبِ وَنَحْتُهَا
مِنْ جانبيّ، لَكُنْتَ مِنْ حاجاتي
فيئي إليك فقد تخون أسرتي
حيف الردى وتحامل النكبات
تِلْكَ المَنازِلُ ما تُمَتِّعُ وَاقِفاً
بزَها الشّخوصِ، وَلا وَغى الأصْوَاتِ
أبَني عُبَيدٍ، شَدّ ما احترَقتْ لكُمْ
كَبِدي، وَفاضَتْ فيكُمُ عَبَرَاتي
ألْقَى مكارِمَكُمْ شَجًى لي بَعدَكم،
وَأرَى سَوَابقَ مَجدِكُمْ حَسَراتي
شَرَفٌ تَفَاقَدَ وَارِثُوهُ، فأصْبَحوا
أصْداءَ قَفْرٍ بالعَرَاءِ رفاتِ
مِنْ بَعدِ ما بُنِيَتْ على جَبَلِ العُلا
أحْسابُهُمْ، وَجرَوْا إلى الغَايَاتِ
كانُوا هُمُ ثَبَجَ الجَميعِ لِطَيِّءٍ
في أمْرِها، وَطَوَائِفَ الأشْتَاتِ
لَنْ تُحْدِثَ الأيّامُ لي بَدَلاً بهِمْ،
أيْهاتِ مِنْ بَدَلٍ بهِمْ أيْهَاتِ
ذاكي حريق اثقبت شهباته
في الجو مصعدة ومد فرات
وَمُعَيّرِي بالدّهْرِ يَعلَمُ، في غَدٍ،
أنّ الحِصَادَ وَرَاءَ كُلّ نَبَاتِ
أبُنَيّ! إنّي قَد نَضَوْتُ بَطالَتي،
فتَحَسّرَتْ، وَصَحوْتُ من سكَرَاتي
نَظَرَتْ إليّ الأرْبَعونَ، فأصرَخَتْ
شَيبي، وَهَزّتْ للحُنُوّ قَنَاتي
وَأرَى لِداتِ أبي تَتابَعَ كُثْرُهُمْ،
فمعضَوْا وَكَرّ الدّهْرُ نحوَ لِداتي
وَمِنَ الأقارِبِ مَنْ يُسَرُّ بمِيتَتي
سَفَهاً، وَعِزُّ حَيَاتِهِمْ بِحَيَاتي
إنْ أبقَ، أوْ أهْلِكْ، فقَد نِلتُ التي
مَلأتْ صُدورَ أقَارِبي، وَعُداتي
وغَنّيْتُ نَدْمانَ الخَلائِفِ نَابِهاً
ذِكْري، وَنَاعِمَةً بهِمْ نَشَواتي
وَشَفَعْتُ في الأمْرِ الجَليلِ إلَيهِمِ،
بَعْدَ الجَليلِ، فَأنجَحوا طَلِبَاتي
وَصَنَعْتُ في العَربِ الصّنائعَ عندَهُمْ،
مِنْ رِفْدِ طُلاّبٍ، وَفَكِّ عُنَاةِ
فالآنَ إذْ نَاصَيْتُ أعْنَانَ العُلا،
وَرَقِيتُ مِنْهَا أرْفَعَ الدّرَجَاتِ(27/47)
يَجرِي ليَدْخُلَ في غُبَارِ تَسَرّعي
مَنْ لَيْسَ يَعْشُرُ في الرِّهانِ أناتي
وَيَذيمُني مَنْ لَوْ ضَغَمْتُ قَبيلَهُ،
يَوْمَ الفَخَارِ لَطَارَ في لَهَوَاتي
جَدّي الذي رَفَعَ الأذانَ بِمَنْبِجٍ،
وَأقَامَ فيهَا قِبْلَةَ الصّلَوَاتِ
وَأبي أبُو حَيّانَ قَائِدُ طَيِّءٍ
للرّومِ، تَحْتَ لِوَائِهِ المُنْصَاتِ
وَوَليُّ فَتحِ الجِسرِ، إذْ أُغْرِي بهِ
عَمْرٌ، وَفَاعِلُ تِلكُمُ الفَعَلاتِ
وَخُؤولَتي، فالحَوْفَزَانُ، وَحاتِمٌ،
وَالخالِدانِ الرّافِدانِ حُمَاتي
ومن المعاشر أقدمون ومحدث
طرف النباهة ريض المسعاة
إذْ لم يكُنْ شرَفُ المَناسِبِ يُشترَى
بالمَالِ في اللأوَاءِ وَاللَّزَبَاتِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَبَى الشَّوقِ إلاَّ أَن يَحِنَّ ضَميرُ
أَبَى الشَّوقِ إلاَّ أَن يَحِنَّ ضَميرُ
رقم القصيدة : 23910
-----------------------------------
أَبَى الشَّوقِ إلاَّ أَن يَحِنَّ ضَميرُ
وكُلُّ مَشوقٍ بالحَنينِ جَديرُ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ كِتْمانَ لَوْعَة ٍ
يَنِمُّ عَلَيْهَا مَدْمَعٌ وَزَفِيرُ؟
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الْهَوَى ، وَلَطَالَمَا
أَبَيْتُ فَلَمْ يَحْكُمْ عَليَّ أَمِيرُ
أفُلُّ شباة َ اللَّيثِ وهوَ مُناجِزٌ
وأرهبُ لَحظَ الرِئمِ وَهوَ غَريرُ
وَيَجْزَعُ قَلْبي لِلصُّدُودِ، وَإِنَّنِي
لَدى البأسِ إن طاشَ الكَمِى ُّ صَبورُ
وَمَا كُلُّ مَنْ خَافَ الْعُيُونَ يَرَاعَة ٌ
وَلا كُلُّ مَنْ خَاضَ الْحُتُوفَ جَسُورُ
وَلكِن لأَحكامِ الهَوى جبَريَّة ٌ
تَبوخُ لَها الأنفاسُ وَهى تَفورُ
وإنِّى على ما كانَ مِن سَرَفِ الهَوى
لَذُو تُدْرَإٍ في النَّائِباتِ مُغِيرُ
يُرافِقُنى عِندَ الخُطوبِ إذا عَرَت
جَوادٌ ، وسَيفٌ صارِمٌ ، وجَفيرُ
وَيَصْحَبُنِي يَوْمَ الْخَلاَعَة ِ وَالصِّبَا
نَديمٌ ، وكَأسٌ رَيَّة ٌ ، ومُديرُ
فَطَوْراً لِفُرْسَانِ الصَّبَاحِ مُطَارِدٌ(27/48)
وَطَوْراً لإِخْوَانِ الصَّفَاءِ سَمِيرُ
وَيَا رُبَّ حَيٍّ قَدْ صَبَحْتُ بِغارَة ٍ
تَكادُ لَها شُمُّ الجِبالِ تَمورُ
وَلَيْلٍ جَمَعْتُ اللَّهْوَ فِيهِ بِغادَة ٍ
لَها نَظرة ٌ تُسدِى الهَوى وتُنيرُ
عَقَلْنَا بِهِ مَا نَدَّ مِنْ كُلِّ صَبْوَة ٍ
وَطِرنا مَعَ اللّذَاتِ حَيثُ تَطيرُ
وَقُلنا لِساقينا أَدِرهَا ، فإنَّما
بَقاءُ الفتى بَعدَ الشَبابِ يَسيرُ
فَطافَ بِها شَمسيَّة ً ذَهبيَّة ً
لَهَا عِنْدَ أَلْبَابِ الرِجالِ ثُئُورُ
إذا ما شرِبناها أَقمنا مكانَنا
وَظَلَّتْ بِنَا الأَرْضُ الْفَضَاءُ تَدُورُ
إِلى أَنْ أَمَاطَ اللَّيْلُ ثِنْيَ لِثَامِهِ
وكادَت أساريرُ الصَباحِ تُنيرُ
ونَبَّهَنا وَقعُ النَدى فى خَميلة ٍ
لَها مِن نُجومِ الأقحوانِ ثُغورُ
تَناغَت بِها الأطيارُ حِينَ بَدا لَها
مِنَ الْفَجْرِ خَيْطٌ كالْحُسامِ طَرِيرُ
فَهُنَّ إلى ضَوءِ الصَباحِ نَواظِرٌ
وعَن سُدفَة ِ اللَّيل المجَنَّحِ زورُ
خَوَارِجُ مِنْ أَيْكٍ، دَوَاخِلُ غَيْرِهِ
زَهاهُنَّ ظِلٌّ سابِغٌ وَغديرُ
تَوَسَّدُ هَامَاتٌ لَهُنَّ وَسَائِداً
مِن الرِّيشِ فيهِ طائِلٌ وَشَكِيرُ
كَأنَّ عَلى أعطافِها مِن حَبيكها
تمائمَ لَم تُعقَد لَهُنَّ سُيورُ
إذا ضاحَكتها الشَّمسُ رَفَت ، كَأنَّما
عَلى صَفحتيها سُندُسٌ وَحريرُ
فَلمَّا رأيتُ اللَّيلَ وَلَّى ، وأقبَلَت
طَلائِعُ مِنْ خَيْلِ الصَّبَاحِ تُغِيرُ
ذَهَبْتُ أَجُرُّ الذَّيْلَ تِيهاً، وإِنَّمَا
يَتِيهُ الْفَتَى إِنْ عَفَّ وَهْوَ قَدِيرُ
وَلِي شِيمَة ٌ تَأْبَى الدَّنَايَا، وَعَزْمَة ٌ
تَفُلُّ شَباة َ الْخَطْبِ وَهْوَ عَسِيرُ
مُعوَّدة ألاَّ تكُفَّ عِنانَها
عَنِ الجِدِّ إلاَّ أن تَتِمَّ أُمورُ
لَها مِن وَراءِ الغَيبِ أذنٌ سَميعَة ٌ
وعينٌ تَرى ما لا يراهُ بَصيرُ
وإنِّى امرؤٌ صَعبُ الشَّكيمَة ِ بالِغٌ
بِنَفسى شَأواً ليسَ فِيهِ نَكيرُ
وَفيتُ بِما ظَنَّ الكِرامُ فِراسَة ً(27/49)
بِأَمْرِي، وَمِثْلِي بِالْوَفاءِ جَدِيرُ
فما أنا عَمَّا يُكسِبُ العِزَّ ناكِبٌ
وَلا عِنْدَ وَقْعِ الْمُحْفِظَاتِ حَسِيرُ
إذا صُلتُ كَفَّ الدَّهرُ مِن غُلوائهِ
وإن قُلتُ غَصَّت بِالقلوبِ صُدورُ
مَلَكْتُ مَقَالِيدَ الْكَلامِ، وَحِكْمَة ً
لَهَا كَوْكَبٌ فَخْمُ الضِّيَاءِ مُنِيرُ
فَلَوْ كُنْتُ في عَصْرِ الْكَلامِ الَّذِي انْقَضَى
لَبَاءَ بِفَضْلِي "جَرْوَلٌ" و"جَرِيرُ"
ولَو كُنتُ أدركتُ النُّواسِى َّ لم يَقُل
أَجَارَة َ بَيْتَيْنَا أَبُوكِ غَيُورُ
وَمَا ضَرَّنِي أَنِّي تَأَخَّرْتُ عَنْهُمُ
وَفَضلِى َ بينَ العالمينَ شَهيرُ
فَيَا رُبَّمَا أَخْلَى مِنَ السَّبْقِ أَوَّلٌ
وَبَدَّ الجِيادَ السابِقاتِ أَخيرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَ ذي وجهينِ ، تلقاهُ طليقاً
وَ ذي وجهينِ ، تلقاهُ طليقاً
رقم القصيدة : 23911
-----------------------------------
وَ ذي وجهينِ ، تلقاهُ طليقاً
مُحَيَّاهُ، وَبَاطِنُهُ حَزِينُ
يُعَاطِيكَ الْمُنَى بِلَحَاظِ رِيمٍ
وَبَيْنَ ضُلُوعِهِ ضَبٌّ كَمِينُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَلاهَيْتُ إِلاَّ ما يُجِنُّ ضَمِيرُ
تَلاهَيْتُ إِلاَّ ما يُجِنُّ ضَمِيرُ
رقم القصيدة : 23912
-----------------------------------
تَلاهَيْتُ إِلاَّ ما يُجِنُّ ضَمِيرُ
وَدَارَيْتُ إِلاَّ مَا يَنِمُّ زَفِيرُ
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ كِتْمَانَ أَمْرِهِ
وفى الصَّدرِ مِنهُ بارِحٌ وسَعيرُ ؟
فيا قاتلَ اللهُ الهوى ، ما أشدَّهُ
عَلى الْمَرْءِ إِذْ يَخْلُو بهِ فَيُغِيرُ!
تَلينُ إليهِ النَّفسُ وَهى َ أبيَّة ٌ
وَيَجْزَعُ مِنْهُ الْقَلْب وَهْوَ صَبُورُ
نَبَذْتُ لَهُ رُمْحي، وَأَغْمَدْتُ صَارِمِي
وَنَهْنَهْتُ مُهْرِي، والْمُرادُ غَزِيرُ
وَأَصْبَحْتُ مَفْلُولَ الْمَخَالِبِ بَعْدَمَا
سَطوتُ وَلى فى الخافِقينِ زَئيرُ
فَيا لَسراة ِ القومِ ! دَعوة ُ عائذٍ(27/50)
أَمَا مِنْ سَمِيعٍ فِيكُمُ فَيُجِيرُ؟
لَطَالَ عَليَّ اللَّيْلُ حَتَى مَلِلْتُهُ
وعَهدِى بهِ فيما عَلِمتُ قصيرُ
أَلا، فَرَعَى اللَّهُ الصِّبَا، مَا أَبَرَّهُ!
وحيَّا شَباباً مَرَّ وَهوَ نَضيرُ
إِذِ الْعَيْشُ أَفْوَافٌ، تَرِفُّ ظِلالُهُ
عَلينا ، وسَلسالُ الوَفاءِ نَميرُ
وَإِذْ نَحْنُ فيما بَيْنَ إِخْوَانِ لَذَّة ٍ
عَلى شِيَمٍ مَا إِنْ بِهِنَّ نَكِيرُ
تَدُورُ عَلَيْنَا الْكَأْسُ بَيْنَ مَلاعِبٍ
بِها اللَّهْوُ خِدْنٌ، وَالشَّبَابُ سَمِيرُ
فَأَلْحَاظُنَا بَيْنَ النُّفُوسِ رَسَائلٌ
وريحانُنا بينَ الكئوسِ سَفيرُ
عَقدنا جناحَى ليلِنا بنهارِنا
وطِرنا معَ اللذَّات حيثُ تَطيرُ
وقُلنا لِساقينا أدِرها، فإنَّما
بَقاءُ الفتى بَعدَ الشَبابِ يَسيرُ
فَطافَ بِها شَمسيَّة ً لَهبيَّة ً
لَهَا عِنْدَ أَلْبَابِ الرِّجالِ ثُئُورُ
إذا ما شَرِبناها أقمنا مَكاننا
وَظَلَّتْ بِنَا الأَرْضُ الْفَضَاءُ تَدُورُ
وَكَمْ لَيْلَة ٍ أَفْنَيْتُ عُمْرَ ظَلاَمِها
إِلى أَنْ بَدَا للِصُّبْحِ فيهِ قَتِيرُ
شَغَلْتُ بِها قَلْبِي، وَمَتَّعْتُ نَاظِرِي
ونَعَّمتُ سَمعى والبَنانُ طَهورُ
صَنَعتُ بِها صُنعَ الكَريمِ بِأهلهِ
وجِيرتهِ ، والغادِرونَ كثيرُ
فَمَا رَاعَنَا إِلاَّ حَفِيفُ حَمَائِمٍ
لَها بينَ أطرافِ الغُصونِ هَديرُ
تُجَاوِبُ أَتْرَاباً لَهَا فِي خَمَائِلٍ
لَهُنَّ بِها بَعدَ الحَنينِ صَفيرُ
نَوَاعِمُ لا يَعْرِفْنَ بُؤْسَ مَعِيشَة ٍ
ولا دائراتِ الدَهرِ كَيفَ تَدورُ
تَوَسَّدُ هَامَاتٌ لَهُنَّ وَسَائِداً
مِنَ الرِّيشِ فِيهِ طَائِلٌ وَشَكِيرُ
كَأنَّ على أعطافِها مِن حَبيكِها
تَمائمَ لَم تُعقَد لَهُنَّ سُيورُ
خَوَارِجُ مِنْ أَيْكٍ، دَواخِلُ غَيْرِهِ
زَهاهنَّ ظِلٌّ سَابِغٌ وغَديرُ
إذا غازَلَتها الشَمسُ رفَّت ، كأنَّما
على صَفحتيها سُندسٌ وَحريرُ
فلمَّا رَأيتُ الصُبحَ قَد رفَّ جِيدهُ(27/51)
وَلَمْ يَبْقَ مِنْ نَسْجِ الظَلامِ سُتُورُ
خَرَجْتُ أَجُرُّ الذَّيْلَ تِيهاً، وَإِنَّمَا
يَتِيهُ الْفَتَى إِنْ عَفَّ وَهْوَ قَدِيرُ
وَلِي شِيمَة ٌ تَأْبَى الدَّنَايَا، وَعَزْمَة ٌ
تَرُدُّ لُهامَ الجيشِ وَهوَ يَمورُ
إِذَا سِرْتُ فَالأَرْضُ الَّتِي نَحْنُ فَوْقَهَا
مَرادٌ لِمُهرِى ، والمَعاقِلُ دُورُ
فَلا عَجبٌ إن لَم يَصُرنى مَنزِلٌ
فَليسَ لِعِقبانِ الهَواءِ وُكورُ
هَمامَة ُ نَفسٍ ليسَ يَنقى رِكابَها
رَواحٌ عَلى طُولِ المَدى وبُكورُ
مُعَوَّدة ٌ ألاَّ تَكفَّ عِنانَها
عَنِ الجِدِّ إلاَّ أن تَتِمَّ أُمورُ
لَها منْ وَراءِ الغَيبِ أُذنٌ سَميعَة ٌ
وعَينٌ تَرى ما لا يراهُ بَصيرُ
وَفيتُ بِما ظَنَّ الكِرامُ فِراسة ً
بِأَمْرِي، وَمِثْلِي بِالْوَفَاءِ جَدِيرُ
وَأَصْبَحْتُ مَحْسُودَ الْجَلالِ، كَأَنَّنِي
عَلى كُلِّ نَفسٍ فى الزَمانِ أَميرُ
إذا صُلتُ كَفَّ الدَهرُ مِن غُلَوَائهِ
وإِن قُلتُ غَصَّت بِالقلوبِ صُدورُ
مَلَكْتُ مَقَالِيدَ الْكَلاَمِ، وَحِكْمَة ً
لَهَا كَوْكَبٌ فَخْمُ الضِّيَاءِ مُنِيرُ
فَلَوْ كُنْتُ فِي عَصْرِ الْكَلامِ الَّذِي انْقَضَى
لَبَاءَ بِفَضْلِي "جَرْوَلٌ" و"جَرِيرُ"
وَلَو كُنتُ أَدرَكتُ " النُواسِى َّ " لم يَقُل
أَجَارَة َ بَيْتَيْنَا أَبُوكِ غَيُورُ
وَمَا ضَرَّنِي أَنِّي تَأَخَّرْتُ عَنْهُمُ
وفَضلِى َ بينَ العالمينَ شَهيرُ
فَيَا رُبَّما أَخْلَى مِنَ السَّبقِ أَوَّلٌ
وبَذ الجيادَ السَابِقاتِ أَخيرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> حويتَ منَ السوءاتِ ما لوْ طرحتهُ
حويتَ منَ السوءاتِ ما لوْ طرحتهُ
رقم القصيدة : 23913
-----------------------------------
حويتَ منَ السوءاتِ ما لوْ طرحتهُ
عَلَى الشَّمْسِ لَمْ تَطْلُعْ بِكُلِّ مَكَانِ
وَمَا تَرَكَ الهَاجُونَ فِيكَ بَقِيَّة ً
يَدُورُ عَلَيْهَا في الْهِجَاءِ لِسَانِي(27/52)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَضوءُ شَمسٍ فَرى سِربالَ دَيجورِ
أَضوءُ شَمسٍ فَرى سِربالَ دَيجورِ
رقم القصيدة : 23914
-----------------------------------
أَضوءُ شَمسٍ فَرى سِربالَ دَيجورِ
أَم نورُ عِيدٍ بِعقدِ التاجِ مَشهورِ؟
وَأَنْجُمٌ تِلْكَ أَمْ فُرْسَانُ عَادِيَة ٍ
تَخْتَالُ فِي مَوْكِبٍ كَالْبَحْرِ مَسْجور
مِنْ كُلِّ أَرْوَعَ يَجْلُو ظِلَّ عِثْيَرِهِ
بِصَارِمٍ كَلِسَانِ النَارِ مَسْعُورِ
لا يَرْهَبُونَ عَدُوّاً فِي مُغَاوَرَة ٍ
وَكَيْفَ يَرْهَبُ لَيْثٌ كَرَّ يَعْفُورِ؟
مُستَوفِزونَ لِوحى مِن لَدن مَلكٍ
بادِي الْوَقَارِ عَلى الأَعَدْاءِ مَنْصُورِ
في دَوْلَة ٍ بَلَغَتْ بِالْعَدْلِ مَنْزِلَة ً
عَلْيَاءَ كالشَّمْسِ فِي بُعْدٍ، وَفِي نُورِ
طَلَعتَ فيها طُلوعَ البدرِ، فازدَهَرت
أَقطارُها بِضِياءٍ مِنكَ منشورِ
فَلْيَفْخَرِ التَّاجُ إِذْ دَارَتْ مَعَاقِدُهُ
على جَبينٍ بِنورِ السَّعدِ مَغمورِ
كَأنَّما صَاغَ كَفُّ الأُفقِ أنجمَهُ
لِلبدرِ ما بينَ مَنظومٍ ومَنثورِ
فيالَها حَفلة ً لِلمَلكِ ! ما بَرِحَت
تَارِيخَ مَجْدٍ بِكَفِّ الدَّهْرِ مَسْطُورِ
ظَلَّت بها حدَقُ الأملاكِ شاخِصة ً
إلَى مَهيبٍ بِفضلِ الحِلمِ مَشكورِ
فَكم أميرٍ بِحُسنِ الحظِّ مُبتَهِجٍ
وكَم وزيرٍ بِكأسِ البِشرِ مَخمورِ
فَالأَرْضُ فِي فَرَحٍ، والدَّهْرُ فِي مَرَحٍ
والنَّاسُ مَا بَيْنَ تَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرِ
فى كُلِّ مملكة ٍ تَيَّارُ كَهرَبة ٍ
يَسرى ، وفى كلُّ نادٍ صَوتَ تَبشيرِ
يَوْمٌ بِهِ طَنَّتِ الأَسْمَاعُ مِنْ طَرَبٍ
كَأنَّ فى كُلِّ أذنٍ سِلكَ طُنبورِ
وَكَيْفَ لا تَبْلُغُ الأَفْلاَكَ دَوْلَة ُ مَنْ
أَضْحَى بِهِ الْعَدْلُ حِلاًّ غَيْرَ مَحْظُورِ؟
هُوَ الْمَلِيكُ الَّذي لَوْلا مَآثِرُهُ
ما كان في الدهر يسرٌ بعد معسورِ
فلَّ النَّوائِبَ ، فانصاحَت دَياجرُها
بِمُرهَفٍ مِن سيوفِ الرَّأى ِ مأثورِ(27/53)
وَأَصْلَحَتْ عَنَتَ الأَيَّامِ حِكْمَتُهُ
من بعدِ ما كانَ صدعاً غَيرَ مَجبورِ
مُسَدَّدُ الرَّأى ِ ، مَوقوفُ الظُّنونِ على
رَعى ِ السِياسة ِ فى ثَبتٍ وتحويرِ
لا يُغمِدُ السَّيفَ إلاَّ بَعدَ مَلحَمة ٍ
ولا يُعاقِبُ إلاَّ بَعدَ تَحذيرِ
يَأيُّها المالِكُ المَيمونُ طائرهُ
أَبْشِرْ بِفَتْحٍ عَظيمِ الْقَدْرِ مَنْظُورِ
إِنَّ الْخُطُوبَ الَّتِي ذَلَّلْتَ جَانِبَهَا
بِحُسنِ رَأيكَ لَم تُقدَر لمقدورِ
بَلَغْتَ بِالشَّرْقِ مَا أَمَّلْتَ مِنْ وَطَرٍ
وَنِلْتَ بِالْغَرْبِ حَقّاً غَيْرَ مَنْكُورِ
فَمَنْ يُبَارِيكَ فِي فَضْلٍ وَمَكْرُمَة ٍ؟
ومَن يُدانيكَ فى حَزمٍ وتَدبيرِ ؟
لَولاكَ ما دامَ ظِلُّ السلمِ ، وانحسرَتْ
ضَبَابَة ُ الْحَرْبِ إِلاَّ بَعْدَ تَغْرِيرِ
ولا سَرى الأمنُ بَعدَ الخوفِ ، واعتَصمَت
بِجانبِ الصَّبرِ همَّاتُ المغاويرِ
فاسلَم لِمُلكٍ مَنيعِ السَّرحِ تَكلَؤهُ
بِعَيْنِ ذِي لِبَدٍ، فِي الْغَابِ مَحْذُورِ
وَاقْبَلْ هَدِيَّة َ فَكْرٍ قَدْ تَكَنَّفَهَا
رَوعُ الخجالة ِ مِن عَجزٍ وتَقصيرِ
وَسَمْتُهَا بِکسْمِكَ الْعَالِي، فَأَلْبَسَهَا
جِلْبَابَ فَخْرٍ طَوِيلِ الذَّيْلِ مَجْرُور
لَوْلاَ صِفَاتُكَ وَهْيَ الدُّرُّ مَا بَهرَتْ
أبياتُها الغرُّ من حُسنٍ وتَحبيرِ
شَمائلٌ زَيَّنت قَولى بِرونقِها
كَالسِّحْرِ يَفْتِنُ بَيْنَ الأَعْيُنِ الْحُورِ
شَفَّتْ زُجَاجة ُ فِكْرِي، فَارْتَسَمْتُ بِها
عُلْيَاكَ مِنْ مَنْطِقِي في لَوْحِ تَصْوِيرِ
فَاسْعَدْ بِيَوْمٍ تَجَلَّى السَّعْدُ فِيهِ عَلَى
نَادِي عُلاَكَ بِتَعْظِيمٍ وَتَوْقِيرِ
وَدُمْ عَلَى الدَّهْرِ فِي مُلْكٍ تَعِيشُ بِهِ
مَرفَّهَ النَّفْسِ حَتَّى نَفْخَة ِ الصُّورِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِذَا مَا الْمَرْءُ أَعْقَبَ، ثُمَّ أَوْدَى
إِذَا مَا الْمَرْءُ أَعْقَبَ، ثُمَّ أَوْدَى
رقم القصيدة : 23915(27/54)
-----------------------------------
إِذَا مَا الْمَرْءُ أَعْقَبَ، ثُمَّ أَوْدَى
تَعَادَلَ فَهْوَ مَوْجُودٌ وَفَانِي
وَ ما الدنيا سوى أخذٍ وردًّ
وَهَدْمٍ نَابَ عَنْه بِنَاءُ بَانِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> طَرِبتُ ، وعَادَتنى المَخيلة ُ والسُّكرُ
طَرِبتُ ، وعَادَتنى المَخيلة ُ والسُّكرُ
رقم القصيدة : 23916
-----------------------------------
طَرِبتُ ، وعَادَتنى المَخيلة ُ والسُّكرُ
وَأَصْبَحْتُ لاَ يُلْوِي بِشِيمَتِي الزَّجْرُ
كَأَنِّيَ مَخْمُورٌ سَرَتْ بِلِسَانِهِ
مُعتَّقة ٌ مِمَّا يَضنُّ بِها التجرُ
صَرِيعُ هَوى ً، يُلْوي بِيَ الشَّوْقُ كُلَّمَا
تَلأْلأَ بَرْقٌ، أَوْ سَرَتْ دِيَمٌ غُزْرُ
إِذَا مَال ميزَانُ النَّهارِ رَأَيْتُنِي
على حَسراتٍ لا يُقاومها صَبرُ
يَقولُ أناسٌ إنَّهُ السِحرُ ضلَّة ً
وَمَا هِيَ إلاَّ نَظْرَة ٌ دُونَهَا السِّحْرُ
فَكَيْفَ يَعِيبُ النَّاسُ أَمْرِي، وَلَيْسَ لِي
وَلاَ لاِمْرِىء ٍ في الحُبِّ نَهْيٌ وَلاَ أَمْرُ؟
ولَو كانَ ممَّا يُستطاعُ دِفاعهُ
لألوَت بهِ البيضُ المباتير والسُّمرُ
وَلَكِنَّهُ الْحُبُّ الَّذِي لَوْ تَعَلَّقَتْ
شرارتهُ بِالجمرِ لاحتَرقَ الجمرُ
عَلَى أَنَّنِي كَاتَمْتُ صَدْرِيَ حُرْقَة ً
مِنَ الْوجْدِ لاَ يَقْوَى عَلَى حَمْلِها صَدْرُ
وَكَفْكَفْتُ دَمْعاً، لَوْ أَسَلْتُ شُئُونَهُ
عَلَى الأَرْضِ مَا شَكَّ امْرُؤٌ أَنَّهُ الْبَحْرُ
حياءً وكِبراً أن يقالَ ترجَّحت
بهِ صَبوة ٌ ، أو فلَّ من غَربهِ الهَجرُ
وإنِّى امرؤٌ لولا العوائقُ أذعَنت
لِسلطانهِ البدو المُغيرَة ُ والحَضرُ
مِنَ النَّفَرِ الْغُرِّ الَّذِين سُيُوفُهُمْ
لَهَا في حَوَاشِي كُلِّ دَاجِيَة ٍ فَجْرُ
إِذَا اسْتَلَّ مِنْهُمْ سَيِّدٌ غَرْبَ سَيْفِهِ
تفزَّعتِ الأفلاكُ ، والتفَتَ الدَهرُ
لَهُمْ عُمُدٌ مَرْفُوعة ٌ، وَمَعاقِلٌ
وألوِية ٌ حُمرٌ ، وأفنيَة ٌ خُضرُ(27/55)
وَنَارٌ لَهَا فِي كُلِّ شَرْقٍ ومَغْرِبٍ
لِمُدَّرِعِ الظَّلْمَاءِ أَلْسِنَة ٌ حُمْرُ
تَمُدُّ يَداً نَحْوَ السَّمَاءِ خَضِيبَة ً
تصافحها الشِعرَى ، ويلثِمُها الغَفرُ
وَخَيْلٌ يَعُمُّ الْخَافِقَيْنِ صَهِيلُهَا
نزائعُ معقودٌ بِأعرافِها النَّصرُ
مُعَوَّدة ٌ قَطعَ الفيافى ، كأنَّها
خُداريَّة ٌ فتخاءُ ، ليسَ لَها وكرُ
أقاموا زماناً ، ثمَّ بدَّدَ شملهُم
ملولٌ منَ الأيَّامِ ، شيمتُهُ الغدرُ
فلم يبقَ منهُم غيرُ آثارِ نِعمَة ٍ
تضوعُ بِريَّاها الأحاديثُ والذكرُ
وَقَدْ تَنْطِقُ الآثَارُ وَهْيَ صَوَامِتٌ
ويُثنى بريَّاهُ على الوابلِ الزَّهرُ
لَعَمْرُكَ مَا حَيٌّ وَإِنْ طَالَ سَيْرُهُ
يُعدُّ طليقاً والمنونُ لهُ أسرُ
وما هذهِ الأيامُ إلاَّ منازلٌ
يَحُلُّ بِها سَفْرٌ، وَيَتْرُكُهَا سَفْرُ
فلا تَحسبنَّ المرءَ فيها بِخالدٍ
وَلَكِنَّهُ يَسْعَى ، وَغَايَتُهُ الْعُمْرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كَتَمْتُ هَوَاكِ حَتَّى لَيْسَ يَدْرِي
كَتَمْتُ هَوَاكِ حَتَّى لَيْسَ يَدْرِي
رقم القصيدة : 23917
-----------------------------------
كَتَمْتُ هَوَاكِ حَتَّى لَيْسَ يَدْرِي
لساني ما تضمنهُ جناني
وَ لي بينَ الجوانحِ منكِ سرٌّ
خفيٌّ لا يعيهِ الكاتبانِ
وَكَيْفَ يَخُطُّهُ الْمَلَكَانِ عَنِّي
وَلَمْ يَنْطِقْ بِغَامِضِهِ لِسَانِي؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سَل الجيزة َ الفيحاءَ عنْ هرَمَى ْ مِصرِ
سَل الجيزة َ الفيحاءَ عنْ هرَمَى ْ مِصرِ
رقم القصيدة : 23918
-----------------------------------
سَل الجيزة َ الفيحاءَ عنْ هرَمَى ْ مِصرِ
لَعَلَّكَ تَدْرِي غَيْبَ مَا لَمْ تَكُنْ تَدْرِي
بِنَاءَانِ رَدَّا صَوْلَة َ الدَّهْرِ عَنْهُمَا
ومن عجبٍ أن يَغلِبا صولة َ الدَّهرِ
أَقَامَا عَلَى رَغْمِ الْخُطُوبِ لِيَشْهَدَا
لبانيهِما بينَ البريَّة ِ بالفَخرِ(27/56)
فكم أممٍ فى الدَّهرِ بادَت ، وأعصرٍ
خَلت ، وهُما أعجوبَة ُ العينِ والفكرِ
تَلوحُ لآثارِ العُقولِ عَليهِما
أساطيرُ لاتَنفكُّ تتلى إلى الحَشرِ
رُمُوزٌ لَو اسْتَطْلَعْتَ مَكْنُونَ سِرِّهَا
لأبصرتَ مجموعَ الخلائقِ فى سَطرِ
فما من بناءٍ كانَ ، أو هوَ كائنٌ
يُدَانِيهِمَا عِنْدَ التَأَمُّلِ وَالْخُبْرِ
يُقَصِّرُ حُسْناً عَنْهُمَا "صَرْحُ بَابِلٍ"
وَيَعْتَرِفُ "الإِيوَانُ" بِالْعَجْزِ وَالْبَهْرِ
فلو أنَّ "هاروتَ " انتحَى مَرصديهِما
لألقى مَقاليدَ الكَهانة ِ والسِحرِ
كَأَنَّهُمَا ثَدْيَانِ فَاضَا بِدِرَّة ٍ
منَ النيلِ تروى غُلَّة َ الأرضِ إذ تجرِى
وبينَهما " بَلْهيبُ " فى زِى ِّ رابضٍ
أَكَبَّ عَلَى الْكَفَّيْنِ مِنْهُ إِلَى الصَّدْرِ
يُقَلِّبُ نَحْوَ الشَّرْقِ نَظْرَة َ وَامِقٍ
كَأَنَّ لَهُ شَوْقاً إِلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
مَصانِعُ فيها للعلومِ غوامِضٌ
تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ آدَمَ ذُو قَدْر
رسا أصلُها ، وامتدَّ فى الجَوِّ فَرعُها
فأصبَحَ وكراً للسِماكَينِ والنَسرِ
فقُمْ نَغترِف خَمرَ النُّهى مِن دِنانِها
ونَجنى بِأيدى الجدِّ رَيحانة َ العُمرِ
فَثمَّ علومٌ لم تفَتَّق كِمامُها
وثَمَّ رموزٌ وحيُها غامِضُ السِرِّ
أقمتُ بِها شَهرا ، فأدرَكتُ كُلَّ ما
تَمَنَّيْتُهُ مِنْ نِعْمَة ِ الدَّهْرِ فِي شَهْر
نَروحُ ونَغدو كُلَّ يومٍ لنَجتنى
أزاهيرَ علمٍ لاتجفُّ معَ الزَّهرِ
إذا ما فتحنا قفلَ رمزٍ بَدت لنا
مَعَارِيضُ لمْ تُفْتَحْ بِزِيجٍ وَلاَ جَبْرِ
فَكَمْ نُكَتٍ كَالسِّحْرِ فِي حَرَكَاتِهِ
تُريكَ مدبَّ الرُّوحِ فى مُهجَة ِ الذرِّ
سَكِرْنَا بِما أَهْدَتْ لَنَا مِنْ لُبابِها
فيا لكَ مِن سكرٍ أتيحَ بلا خَمرِ!
وما ساءنى إلاَّ صَنيعُ معاشرٍ
أَلَحُّوا عَلَيْهَا بِالْخِيَانَة ِ وَالْغَدْرِ
أبادوا بِها شَملَ العُلومِ ، وشَوَّهوا
مَحَاسِنَ كَانَتْ زِينَة َ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ(27/57)
فَكم سَمَلوا عَيناً بِها تُبصَرُ العُلا
وَشَلُّوا يَداً كَانَتْ بِها رَايَة ُ النَّصْرِ
تمنَّوا لقاطَ الدُرِّ جَهلاً ، وما درَوا
بِأَنَّ حَصَاهَا لاَ يُقَوَّمُ بِالدُرِّ
وفَلُّوا لِجمعِ التِبرِ صُمَّ صُخورِها
وَأَيْسَرُ مَا فَلُّوهُ أَغْلَى مِنَ التِّبْرِ
وَلَكِنَّهُمْ خَابُوا، فَلَمْ يَصِلُوا إِلى
مُناهُم ، ولاأبقوا علَيها منَ الخَترِ
فَتبًّا لَهُم مِن مَعشرٍ نَزَعَت بِهِم
إلى الغى ِّ أخلاقٌ نَبتنَ على غِمرِ
ألا قبَّحَ اللهُ الجهالة ، إنَّها
عَدوَّة ما شادَتهُ فِينا يدُ الفِكرِ
فلَو رَدَّتِ الأيَّامُ مُهجَة َ " هُرمُسٍ "
لأعولَ من حزنٍ على نوَبِ الدَهرِ
فيا نَسَماتِ الفَجرِ! أدَّى تَحيَّتى
إِلى ذَلِكَ الْبُرْجِ الْمُطلِّ عَلى النَّهْرِ
ويا لَمعاتِ البرق ! إن جُزتِ بالحِمى
فَصُوبِي عَلَيْهَا بِالنِّثَارِ مِنَ الْقَطْرِ
عَليها سَلامٍ من فؤادٍ متيَّمٍ
بِها، لاَ بِرَبَّاتِ الْقَلائِدِ والشَّذْرِ
ولا بَرِحَت فى الدَّهرِ وَهى َ خوالِدٌ
خُلودَ الدَّرارى والأَوابدِ مِن شِعرى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَمُوتُ مَعِي سِرُّ الصَّدِيق وَلَحْدُهُ
يَمُوتُ مَعِي سِرُّ الصَّدِيق وَلَحْدُهُ
رقم القصيدة : 23919
-----------------------------------
يَمُوتُ مَعِي سِرُّ الصَّدِيق وَلَحْدُهُ
ضَمِيرٌ لَهُ الْجَنْبَانِ مَكْتَنِفَانِ
وَأُسْأَلُ يَوْمَ الْبَعْثِ عَنْ كُلِّ مَا وَعَى
سَمَاعٌ وَمَا فَاهَتْ بِهِ شَفَتَانِ
فأنكرهُ منْ بينِ ما في صحيفتي
وَ أجحدهُ إذْ يشهدُ الملكانِ
وَذَنْبِيَ فِي ذَا الْجَحْدِ أَيْسَرُ مَحْمَلاً
منَ الذنبِ في إفشائهِ بلساني
العصر العباسي >> البحتري >> تخل من الأطماع إما تخلت
تخل من الأطماع إما تخلت
رقم القصيدة : 2392
-----------------------------------
تَخَلّ منَ الأطماعِ، إمّا تَخَلّتِ،
وَوَلّ صُرُوفَ الدّهْرِ ما قدْ تَوَلّتِ(27/58)
لَقَدْ كانَ لي فيما تَطَوّلَ جعفَرٌ
بِهِ منْ أيادٍ أنهَضَتْ، فَأقَلّتِ
ذَخائِرُ تَنْهَى النفْسَ عمّا تجشّمَتْ،
وما استحسنَتْ من عذْرِها، وَاستحلّتِ
أبا حَسَنٍ، بُعْداً لكفٍ تَذَبْذَبَتْ
إليْكَ، وَرِجْلٍ في رَجائِكَ زَلّتِ
أرَى حاجَتي يدنُو إليْكَ منالُها،
فإنْ مُدّتِ الأيْدي إلَيْها تَعَلّتِ
وَلمْ أرَ مِثْلي قِيدَ بالمَطْلِ وَالمُنى،
وَلا مِثْلَ نَفْسي للدّنِيَةِ ذَلّتِ
وَقدْ كان عنْدي للصّنيعَةِ مَوْضِعٌ،
لَوَ أنّ سَماءً منْ نَداكَ استهلّتِ
يُقَلّلُها بالشكرِ، إنْ هِيَ كثّرَتْ،
وَيُكْثِرُها بالعُذْرِ، إنْ هيَ قَلّتِ
ترَكْناكَ لا يَبْكي الرّجاء الّذي انقضَى،
وَلا تنْدُبُ الآمالَ حينَ اضْمَحلّتِ
وَما فيْكَ للرّكبِ المُرَجّينَ مَرْغَبٌ،
فتُلقَى، وَلكِنّ الرّكائِبَ كَلّتِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أديرا كئوسَ الرَّاحِ ، قَد لمعَ الفَجرُ
أديرا كئوسَ الرَّاحِ ، قَد لمعَ الفَجرُ
رقم القصيدة : 23920
-----------------------------------
أديرا كئوسَ الرَّاحِ ، قَد لمعَ الفَجرُ
وصاحَت بِنا الأطيارُ أن وجبَ السُّكرُ
أما تريانِ اللَّيلَ كيفَ تسللَت
كَوَاكِبُهُ لِلْغَرْبِ، وَانْحَدَرَ النَّسْرُ
فَقُومَا انْظُرَا ما يَصْنَعُ الصُّبْحُ بِالدُّجَى
فإنِّى أرى ما ليسَ يبلُغُهُ الذِّكرُ
أرى أدهماً يتلوهُ أشهبُ طارِدٌ
كِلا الْفَرَسَيْنِ اغْتَالَ شَأْوَهُمَا الْحُضْرُ
وقَد حنَّتِ الأطيارُ فى وكُناتِها
وقَامَ يُحيِّينا على سَاقهِ الزَهرُ
وأصبَحتِ الغُدرانُ تَصقلُها الصَبا
وَيَرْقُمُ مَتْنَيْهَا بِلُؤْلُئِهِ الْقَطْرُ
تَرِفُّ كما رفَّت صحائفُ فِضَّة ٍ
عَليهِنَّ مِن لألاءِ شمسِ الضُحى تِبرُ
كَأَنَّ بَنَاتِ الْمَاءِ تَقْرَأُ مَتْنَهَا
صَبَاحاً، وَظِلُّ الغُصْنِ لاَحَ بِها سَطْرُ
عَصَائِبُ حَوْلَ الْمَاءِ يَدْرِمْنَ هُتَّفاً
بِلحنٍ له فى كُلِّ سامِعة ٍ أثرُ(27/59)
إذا صَرصَرَ البازى تلبَّدنَ بِالثرَى
مِنَ الرُعبِ حتَّى لا يَبينُ لَها صَرُّ
يُسَارِقْنَهُ حَتَّى إِذَا غَابَ ظِلُّهُ
عَنِ الْمَاءِ عَادَ اللَّحْنُ، وَانْتَشَرَ الْهَدْرُ
تَرَاهُنَّ أَسْرَاباً عَلَى الْمَاءِ حُوَّماً
يُقرِّبها ظِمءٌ ، ويُبعدُها ذعرُ
تَروحُ وتغدو بينَ أفنانِ دوحَة ٍ
سَقَاهَا مِنَ الْوَسْمِيِّ مُسْتَوْكَفٌ غَزْرُ
لَهَا فِي نَوَاحِي الأُفْقِ لَفْتَة ُ أَصْيَدٍ
يَلُوحُ عَلَى أَطْرافِ عِرْنِينِهِ الْكِبْرُ
مَلاعِبُ لَهوٍ يَقصُرُ الطَرفُ دُونَها
وَدُنْيَا نَعِيمٍ لا يُحِيطُ بِها الْفِكْرُ
فيا صاحِبى نَجواى َ ! قوما لِشُربِها
ففى مِثلِ هذا اليومِ طابَت لنا الخَمرُ
وشَأنكُما فى الراحِ ، فالعيشُ والصِبا
إِذَا الرَّاحُ لَمْ تَخْفِرْهُمَا فَسَدَ الْعُمْرُ
خَبيئَة ُ قَوْم خَلَّفُوهَا لِغَيْرهمْ
خلَت دونَها الأيَّامُ ، واختَلَفَ العَصرُ
فجاءَت كَمِصباحِ السَماءِ مُنيرة ً
إذا اتقدَت في الكأسِ سارَ بِها السَفرُ
وإن أنتما غنَّيتمانى فَلتَكُن
أَنَاشِيدَ يَهْفُو دُونَ تَسْماعِها الصَّبْرُ
أَنَاشِيدَ فِيها لِلْمَلِيحَة ِ وَالْهَوَى
مَعاذيرُ أحوالٍ يَلينُ لَها الصَّخرُ
لَعلَّ هواها أن يعودَ كما بَدا
رَخِيَّ الْحَوَاشِي قَبْلَ أَنْ يَنْشَبَ الْهَجْرُ
مِنَ الْبِيضِ، مَيْسَانُ الْعَشِيَّاتِ، غَادَة ٌ
سَلِيمَة ُ مَا تَحْوِي الْمَعَاقِدُ وَالأُزْرُ
إِذَا سَفَرَتْ وَالْبَدْرُ لَيْلَة َ تِمِّهِ
ولاحا سَواءً ، قيلَ أيُّهُما البَدرُ ؟
لها لَفتة ُ الخشفُ الأغنِّ ، ونَظرة ٌ
تُقصِّرُ عن أمثالِها الفَتكَة ُ البِكرُ
تَرُدُّ النُّفُوسَ السَّالِماتِ سَقِيمَة ً
وَتَفْعَلُ مَا لاَ تَفْعَلُ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
خَفضتُ لَها مِنِّى جناحَى مودَّة ٍ
وَدِنْتُ لِعَيْنَيْهَا كَمَا حَكَمَ الدَّهْرُ
عَلى أَنَّ مَا بَيْني وَبَيْنَ عَشِيرِهَا
قَوارِعُ سوءٍ لا ينامُ لَها وِترُ(27/60)
فيا ربَّة َ الخَلخَالِ ! رفقاً بِمُهجَتى
فَبِالْغَادَة ِ الْحَسْنَاءِ لاَ يَحْسُنُ الْغَدْرُ
وَبُقْيَا عَلى قَلْبِي، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ
سِوَى حُبِّ " عبدِ اللهِ " كانَ لَهُ عُذرُ
أخى ، وصَديقى ، وابنُ ُدِّى ، وصاحِبى
وَمَوْضِعُ سِرِّي حِينَ يَعْتَلِجُ الصَّدْرُ
هُوَ الصَّاحبُ الْمَشْكُورُ فِي الْوُدِّ سَعْيُهُ
وَمَا خَيْرُ وُدٍّ لَيْسَ يَلْحَقُهُ شُكْرُ؟
أمينٌ على غيبِ الصَّديقِ إذا ونَت
عُهودُ أُناسٍ ، أو تطرَّقها فَترُ
فَلا جَهْرُهُ سِرٌّ، وَلاَ سِرُّ صَدْرِهِ
إِذَا امْتَحَنَ الْوَاشِي ضَمائِرَهُ جَهْرُ
يَدِبُّ على المَعنى الخَفِى ِّ بِفِكرة ٍ
سواءٌ لديها السَهلُ فى ذاكَ والوَعرُ
لَهُ الْبُلْجَة ُ الْغَرَّاءُ يَسْرِي شُعَاعُهَا
إذا غامَ أفقُ الفَهمِ ، والتبسَ الأمرُ
تَزاحمُ أفواجُ الكَلامِ بِصدرهِ
فَلَوْ غَضَّ مِنْ صَوْتٍ لَكَانَ لَهَا هَدْرُ
لَهُ قَلَمٌ لَوْلاَ غَزَارة ُ فِكْرِهِ
لَجَفَّتْ لَدَيْهِ السُّحْبُ، أَوْ نَفِدَ الْبَحْرُ
إِذَا اخْتَمَرَتْ بِاللَّيْلِ قِمَّة ُ رَأْسِهِ
تفجَّرَ من أطرافِ لِمَّتِها الفَجرُ
إِلَيْكَ ابْنَ بَطْحَاءِ الْكَلامِ تَشَذَّرَتْ
بِركبِ المعانى لا يُكفكِفُها الزَجرُ
قلائصُ لا يَرعَينَ عازِبة َ الكلا
وَلاَ يَسْتَبِقْنَ الْمَاءَ إِنْ فَاتَهَا الْعِشْرُ
وَمَا هُوَ إِلاَّ الشِّعْرُ سَارَتْ عِيابُهُ
وفى طَيِّها من طيبِ ما ضُمِّنَت نَشرُ
فَأَلْقِ إِلَيْهِ السَّمْعَ يُنْبِئْكَ أَنَّهُ
هُوَ الشِعرُ ، لا ما يدَّعى الملأُ الغَمرُ
يَزيدُ على الإنشادِ حُسناً ، كأنَّنى
نَفَثْتُ بِهِ سِحْراً، وَلَيْسَ بِهِ سِحْرُ
فَدُمْ لِلْعُلا، وَالْعِلْمِ، وَالْحِلْمِ، والتُّقَى
وَنَيْلِ الْمُنَى مَا أَوْرَقَ الْغُصُنُ النَّضْرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عَرَفَ الْهَوَى في نَظْرَتِي فَنَهَانِي
عَرَفَ الْهَوَى في نَظْرَتِي فَنَهَانِي(27/61)
رقم القصيدة : 23921
-----------------------------------
عَرَفَ الْهَوَى في نَظْرَتِي فَنَهَانِي
خِلٌّ رَعَيْتُ وِدَادَهُ فَرَعَانِي
أخفيتُ عنهُ سريرتي ، فوشى بها
دَمْعٌ أَبَاحَ لَهُ حِمَى كَتْمَانِي
فبأيَّ معذرة ٍ أكذبُ لوعة ً
شَهِدَتْ بِهَا الْعَبَرَاتُ مِنْ أَجْفَانِي؟
يَا صَاحِ! لاَ أَبْصَرْتَ مَا صَنَعَ الْهَوَى
بأخيكَ يومَ تفرقِ الأظعانِ
يَوْمٌ فَقَدْتُ الْحِلْمَ فيهِ، وَشَفَّنِي
وَلَهٌ أَصَابَ جَوَانِحِي، فَرَمَانِي
فَعَلَيْكَ مِنْ قَلْبِي السَّلاَمُ؛ فَإِنَّهُ
تبعَ الهوى ، فمضى بغيرِ عنانِ
هيهاتَ يرجعُ بعدَ ما علقتْ بهِ
لَحَظَاتُ ذَاكَ الشَّادِنِ الُفَتَّانِ
وَ على الرحائلِ نسوة ٌ عربية ٌ
يخدعنَ لبَّ الحازمِ اليقظانِ
أغوينني ؛ فتبعتُ شيطانَ الهوى
إِنَّ النِّسَاءَ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ
ما كنتُ أعلمُ قبلَ بادرة ِ النوى
أَنَّ الأُسُودَ فَرَائِسُ الْغِزْلاَنِ
رحلوا ! فأية ُ عبرة ٍ مسفوحة ٍ
وَ يدٍ تضمُّ حساً منَ الخفقانِ ؟
وَلقدْ حننتُ لبارقٍ شخصتْ لهُ
منا العيونُ بأبرقِ الحنانِ
يستنُّ في عرض الغمامِ ، كأنهُ
لَهَبٌ تَرَدَّدَ فِي سَمَاءِ دُخَانِ
فانظرُ ، لعلكَ تستبينُ ركابهُ
طَوْعَ الرِّيَاحِ، يُصِيبُ أَيَّ مَكَانِ؟
فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ الشُّعُوبُ، وَتَلْتَقِي
هدبُ الخدورِ على غصونِ البانِ
فَاخْلَعَ عِذَارَكَ، وَاغْتَنِمْ زَمَنَ الصِّبَا
قَبْلَ الْمَشِيبِ فَكُلُّ شَيْءٍ فَانِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لِهَوَى الْكَواعِبِ ذِمَّة ٌ لاَ تُخْفَرُ
لِهَوَى الْكَواعِبِ ذِمَّة ٌ لاَ تُخْفَرُ
رقم القصيدة : 23922
-----------------------------------
لِهَوَى الْكَواعِبِ ذِمَّة ٌ لاَ تُخْفَرُ
وَأَخُو الْوَفَاء بعَهْدِهِ لاَ يَغْدِرُ
فعلامَ ينهانى العذُولُ عنِ الصِبا ؟
أَوَلَيْسَ أَنَّ هَوَى النُّفُوسِ مُقَدَّرُ؟
قَدْ كَانَ لِي فِي بَعْضِ مَا صَنَعَ الْهَوَى(27/62)
عُذرٌ ، ولَكِن أينَ مَنْ يَتَبصَّرُ ؟
وَمِنَ الْبَلِيَّة ِ غَافِلٌ عَمَّا جَنَتْ
يَدُهُ عَليَّ، وَلاَئِمٌ لاَ يَعْذِرُ
لم يَدرِ مَن كَحَلَ الكَرى أجفانَهُ
ماذا يُكابدُ الهوى مَن يَسهَرُ
يا غافِلاً عنِّى ! وبينَ جوانِحِى
لَهَبٌ يَكادُ لَهُ الحَشا يتَفطَّرُ
دَعْنِي أَبُثَّكَ بَعْضَ مَا أَنَا وَاجِدٌ
واحكُم بِما تهوى ، فأنتَ مُخيَّرُ
فَلَوِ اطَّلَعْتَ عَلى تَبَارِيحِ الْجَوَى
لَعلِمتَ أى ُّ دَمٍ بِحُبِّكَ يُهدَرُ
ما كنتُ أعلمُ قبلَ حُبِّكَ أنَّنى
أُغْضِي عَلى مَضَضِ الْهَوانِ وَأَصْبِرُ
أَوْرَدْتَنِي بِلِحاظِ عَيْنِكَ مَوْرِداً
لِلْحُبِّ، مَا لِلْقَلْبِ عَنْهُ مَصْدَرُ
هِى َ نَظرَة ٌ كانَت ذَريعة َ صَبوة ٍ
وَاللَّحْظُ أَضْعَفُ مَا يَكُونُ وَأَقْدَرُ
ما كنتُ أعلَمُ قبلَ وحى ِ جُفونِها
أَنَّ الْعُيُونَ الْجُؤْذُرِيَّة َ تَسْحَرُ
ظَلَموا الأسِنَّة َ خاطئينَ ، ولَيتهُم
عَلِموا بِما صنعَ السِنانُ الأحورُ
أَمُطاعِنَ الفُرسانِ فى حمَسِ الوَغى
أَقْصِرْ، فَرُمْحُكَ عَنْ غَرِيمِكَ أَقْصَرُ
أَيْنَ الرِّمَاحُ مَنَ الْقُدُودِ؟ وَأَيْنَ مِنْ
لَحْظٍ تَهِيمُ بِهِ السِّنَانُ الأَخْزَرُ؟
هَيهاتَ يَثبتُ فى الوقيعَة ِ دارِعٌ
يَسْطُو عَلَيْهِ مُخَلْخَلٌ وَمُسَوَّرُ
لِلْحُسْنِ أَسْلِحَة ٌ إِذَا مَا اسْتَجْمَعَتْ
فِي حَوْمَة ٍ لا يَتَّقِيهَا مغْفَرُ
فاللَّحظُ عَضبٌ صارِمٌ ، والهُدبُ نَبْ
ـلٌ صَائِبٌ، وَالْقَدُّ رُمْحٌ أَسْمَرُ
أَنَّى يَطِيشُ عَنِ الْقُلُوبِ لِغَمْزَة ٍ
سَهمٌ ، وَقَوسُ الحاجبينِ مُوَترُ ؟
يا لَلحميَّة ِ مِن غَزالٍ صَادَنى
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنْ يَصِيدَ الْجُؤْذَرُ
بَدْرٌ لَهُ بَيْنَ الْقُلُوب مَنَازِلٌ
يَسرِى بِها ، ولِكلِّ بَدرٍ مَظهَرُ
اُنظُر لِطرَّتهِ وغُرَّة ِ وجههِ
تَلْقَ الْهِدَايَة َ، فَهْوَ لَيْلٌ أَقْمَرُ
نادَيتُ لَمَّا لاحَ تَحتَ قِناعهِ :(27/63)
هَذَا "الْمُقَنَّعُ" فَاحْذَرُوا أَنْ تُسْحَرُوا
طَبَعتهُ فى لوحِ الفُؤادِ مَخيلَتى
بِزُجَاجَة ِ الْعَيْنَيْنِ، فَهْوَ مُصَوَّرُ
وَسَرَتْ بِجِسمى كَهرَباءة حُسنهِ
فَمِنَ الْعُرُوقِ بِهِ سُلُوكٌ تُخْبرُ
أنا مِنهُ بينَ صَبابة ٍ لا يَنقَضى
مِيقاتُها ، وَمَواعِدٍ لا تُثمِرُ
جسمٌ برَتهُ يَدُ الضَّنى ، حتَّى غدا
قَفَصاً بهِ لِلْقَلْبِ طَيْرٌ يَصْفِرُ
لَولا التنَفسُ لاعتَلَت بِى زَفرَة ٌ
فَيَخَالُني طَيَّارَة ً مَنْ يُبْصرُ
لاَ غَرْوَ أَنْ أَصْبَحْتُ تَحْتَ قِيادِهِ
فَالحُبُّ أَغلَبُ لِلنُّفوسِ وأَقهَرُ
يَعْنُو لِقُدْرَتِهِ الْمَلِيكُ الْمُتَّقَى
ويَهابُ صَولَتَهُ الكَمِى ُّ القَسوَرُ
والعِشقُ مَكرُمَة ٌ إذا عَفَّ الفَتَى
عَمَّا يَهِيمُ بِهِ الْغَوِيُّ الأَصْوَرُ
يَقْوَى بِهِ قَلْبُ الْجَبَانِ، وَيَرْعَوِي
طَمَعُ الْحَرِيصِ ويَخْضَعُ الْمُتَكَبِّرُ
فَتَحَلَّ بِالأَدَبِ النَّفِيسِ، فَإَنَّهُ
حَلْيٌ يَعِزُّ بهِ اللَّبِيبُ وَيَفْخَرُ
وإذا عَزَمتَ فَكُن بِنَفسِكَ واثِقاً
فَالمُسْتَعزُّ بِغَيرهِ لا يَظفَرُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ مِنْ بَدَهَاتِهِ
فى الخَطبِ هادٍ خانَهُ مَن يَنصُرُ
وَاحْذَرْ مُقَارَنَة َ اللَّئِيمِ وَإِنْ عَلاَ
فالمرءُ يُفسِدُهُ القَرينُ الأحقَرُ
ومِنَ الرِّجالِ مَناسِبٌ مَعروفَة ٌ
تَزكو مَوَدَّتها ، ومِنهُم مُنكَرُ
فَانْظُرْ إِلى عَقْلِ الْفَتَى لا جِسْمِهِ
فالمَرءُ يَكبرُ بِالفِعالِ ويَصغُرُ
فَلَرُبَّمَا هزَمَ الْكَتِيبَة َ وَاحِدٌ
ولَرُبَّما جَلَبَ الدنيئة َ مَعشَرُ
إنَّ الجَمالَ لَفى الفُؤاد ، وإنَّما
خَفِيَ الصَّوَابُ لأَنَّهُ لا يَظْهَرُ
فاخترْ لنَفسِكَ ما تعيشُ بِذِكرِهِ
فالمرءُ فى الدُنيا حَديثٌ يُذكَرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سلْ حمامَ الأيكِ عنيَّ
سلْ حمامَ الأيكِ عنيَّ
رقم القصيدة : 23923
-----------------------------------(27/64)
سلْ حمامَ الأيكِ عنيَّ
إِنَّهُ أَدْرَى بِحُزْنِي
نَحْنُ فِي الْحُبِّ سَوَاءٌ
كُلُّنَا يَبْكِي لِغُصْنِ
غيرَ أنَّ الوجدَ منهُ
ليسَ مثلَ الوجدِ مني
أَنَا أَبْكِي مِنْ غَرَامِي
وَهْوَ فِي الْغُصْنِ يُغَنِّي
وَهْوَ بِالدَّمْعِ بَخِيلٌ
وَ دموعي ملءُ عيني
لَسْتَ فِي الصَّبْوَة ِ مِثْلِي
فَانْصَرِفْ يَا طَيْرُ عنِّي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رفَّ النَّدَى ، وَتَنَفَّسَ النُوَّارُ
رفَّ النَّدَى ، وَتَنَفَّسَ النُوَّارُ
رقم القصيدة : 23924
-----------------------------------
رفَّ النَّدَى ، وَتَنَفَّسَ النُوَّارُ
وَتَكَلَّمَتْ بِلُغَاتِها الأَطْيَارُ
وَتَأَرَّجَتْ سُرَرُ الْبِطَاحِ، كَأَنَّمَا
فِي بَطْنِ كُلِّ قَرارَة ٍ عَطَّارُ
زَهْرٌ يَرِفُّ عَلَى الْغُصُونِ، وَطَائِرٌ
غَرِدُ الهَديرِ ، وجدولٌ زَخَّارُ
وَنَوَاسِمٌ أَنْفَاسُهُنَّ طَوِيلَة ٌ
وَهَواجِرٌ أَعْمَارُهُنَّ قِصَارُ
وَالْبَاسِقَاتُ الْحَامِلاتُ كَأَنَّهَا
عُمُدٌ مُشَعَّبَة ُ الذرا ومنارُ
عَقدت ذَلاذِلَ سُوقِها فى جِيدِها
وَسمَتْ، فَلَيْسَ تَنَالُهَا الأَبْصَارُ
فَأُصُولُهَا لِلسَّابِحَاتِ مَلاعِبٌ
وَفُرُوعُهَا لِلنَّيِّراتِ مَطَارُ
يَبدُو بِها زَهوٌ تَخالُ إهانه
فُتُلاً تَمَشَّتْ في ذُرَاهَا النَّارُ
طَوراً تَميلُ معَ الرِياحِ ، وتارَة ً
تَرْتَدُّ، فَهْيَ تَحَرُّكٌ وَقَرَارُ
فَكَأَنَّمَا لَعِبَتْ بِها سِنَة ُ الْكرَى
فَتَمَايَلَتْ، أَوْ بَيْنَهَا أَسْرَارُ
فإذا رأيتَ رأيتَ أحسنَ جَنَّة ٍ
خَضْرَاءَ تَجْرِي بَيْنَهَا الأَنْهَارُ
يَتَرنَّمُ العُصفورُ فى عَذباتِها
ويَصيحُ فِيها العَندَلُ الصَّفَّارُ
فَالتُّرْبُ مِسْكٌ، وَالْجَدَاولُ فِضَّة ٌ
وَالْقَطْرُ دُرٌّ، وَالْبَهَارُ نُضَارُ
فاشرَب على وَجهِ الرَبيعِ ، فإنَّهُ
زَمَنٌ دَمُ الآثَامِ فِيهِ جُبَارُ
واعلَم بِأنَّ المرءَ غَيرُ مُخلَّدٍ(27/65)
والناسُ بَعدَ لِغيرهِم أخبارُ
إِنِّي وَإِن لَعِبَ الزَّمَانُ بصَعْدَتِي
وابيضَّ مِنِّى مَفرِقٌ وَعِذارُ
فَلَنِعْمَ ما بَقِيَتْ لَدَيَّ مَهَابَة ٌ
تَقذى بِها عَينُ العِدا ووقارُ
وسَعى إلى َّ الحِلمُ فى أثوابهِ
طَرِباً ، وآنَ لِجَهلى َ الإقصار
أَنَا لِلصَّدِيقِ كَمَا يُحِبُّ، وَلِلْعِدَا
عِنْدَ الْكَرِيهَة ِ ضَيْغَمٌ زءَّارُ
خَيْلِي مُسَوَّمَة ٌ، وَرُمْحِي ذَابِلٌ
يَوْمَ الطِّعَانِ، وَصَارِمِي بَتَّارُ
وَبِراحَتِي قَلَمٌ، إِذَا حَرَّكْتُهُ
رَويَتْ بهِ الأمهامُ وَهى َ حرارُ
تَرتَدُّ عَنهُ قنابِلٌ وجحافِلُ
وَتَكِلُّ عَنْهُ أَسِنَّة ٌ وَشِفَارُ
غَردٌ إذا ما جالَ فوقَ صَحيفَة ٍ
سَجَدَتْ لِحُسْنِ صَرِيرِهِ الأَوْتَارُ
وإذا امتطى ظَهرَ البنانِ لِغاية ٍ
خَضَعتْ إِلَيْهِ قَوَارِحٌ وَمِهارُ
فَإِذَا رَكِبْتُ فَكُلُّ قِرْنٍ أَمْيَلٌ
وإذا نَطقتُ فَكلُّ نُطقٍ رارُ
أَلقى الكَلامُ إلى ثنى َ عِنانهِ
وتَفاخَرت بِكَلامِى َ الأشعارُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ذكرَ الصبا ؛ فبكى ، وَ لاتَ أوانِ
ذكرَ الصبا ؛ فبكى ، وَ لاتَ أوانِ
رقم القصيدة : 23925
-----------------------------------
ذكرَ الصبا ؛ فبكى ، وَ لاتَ أوانِ
مِنْ بَعْدِ مَا وَلَّى بِهِ الْمَلَوَانِ
هيهاتَ يرجعُ فائتٌ لعبتْ بهِ
عصرٌ أوائلُ أردفتْ بثواني
هَوِّنْ عَلَيْكَ فَكُلُّ شَيْءٍ ذَاهِبٌ
وَ الدهرُ مصدرُ عزة ٍ وَ هوانِ
وَاحْذَرْ مِنَ الدُّنْيَا إِذَا هِيَ أَقْبَلَتْ
بِالْبِشْرِ، فَهْيَ كَثِيرَة ُ الألْوَانِ
ودعِ التعلقَ بالمحالِ ؛ فمن يعش
فِي غِبْطَة ٍ يُرْمَى بِهِ الرَّجَوَانِ
لا تأملنَّ بكلَّ عامٍ مقبلٍ
خيراً ؛ فكلُّ الدهرِ عامُ جوانِ
وَالدَّهْرُ أَيَّامٌ تُبِيدُ صُرُوفُهَا
وَتُشِيدُ فَهْيَ هَوَادِمٌ وَبَوَانِي
أَنَّى يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ شَرَكِ الرَّدَى
وَ الموتُ مقدورٌ على الحيوانِ(27/66)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ "سَمِيرَة َ" زَائرُ
تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ "سَمِيرَة َ" زَائرُ
رقم القصيدة : 23926
-----------------------------------
تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ "سَمِيرَة َ" زَائرُ
وَمَا الطَّيْفُ إلاَّ مَا تُرِيهِ الْخَوَاطِرُ
طَوَى سُدْفَة َ الظَّلْمَاءِ، وَاللَّيْلُ ضَارِبٌ
بِأرواقهِ ، والنَجمُ بِالأفقِ حائرُ
فيا لكَ مِن طيفٍ ألمَّ ودونَهُ
مُحِيطٌ منَ الْبَحْرِ الْجَنُوبِيِّ زَاخِرُ
تَخطَّى إلى َّ الأرضَ وَجداً ، وما لهُ
سِوَى نَزواتِ الشَوقِ حادٍ وزاجرُ
ألمَّ ، ولم يلبَث ، وسارَ ، وليتَهُ
أَقَامَ وَلَوْ طَالَتْ عَلَيَّ الدَّيَاجِرُ
تَحمَّلَ أهوالَ الظلامِ مُخاطِراً
وعَهدى بِمَن جادَت بهِ لا تُخاطِرُ
خُمَاسِيَّة ٌ، لَمْ تَدْرِ مَا اللَّيْلُ والسُّرَى
ولم تَنحَسِر عَن صَفحتيها السَتائرُ
عَقِيلَة ُ أتْرَابٍ تَوَالَيْنَ حَولَهَا
كما دارَ بالبدرِ النُجومُ الزَواهِرُ
غَوَافِلُ لا يَعْرِفْنَ بُؤْسَ مَعِيشَة ٍ
وَلا هُنَّ بالْخَطْبِ الْمُلِمِّ شَوَاعِرُ
تَعوَّدنَ خَفضَ العيشِ فى ظِلِّ والدٍ
رَحِيمٍ وَبَيْتٍ شَيَّدَتْهُ الْعَنَاصِرُ
فَهُنَّ كَعُنْقُودِ الثُّرَيَّا، تَأَلَّقَتْ
كَواكِبُهُ في الأُفْقِ، فهْي سَوَافِرُ
تُمثِلُها الذكرى لعينى ،كأنَّنى
إلَيْهَا علَى بُعْدٍ مِنَ الأَرض نَاظِرُ
فَطَوْراً إخَالُ الظَّنَّ حَقّاً، وَتَارَة ً
أهِيمُ، فَتَغْشَى مُقْلَتَيَّ السَّمَادِرُ
فيا بُعدَ ما بينى وبينَ أحبَّتى !
ويا قُربَ ما التفَّت عليهِ الضَّمائر !
ولَوْلاَ أَمَانِي النَّفْسِ وَهْيَ حَياتُهَا
لما طارَ لى فوقَ البسيطة ِ طائرُ
فإن تَكُنِ الأيامُ فرَّقنَ بيننا
فَكُلُّ امْرِىء ٍ يوْماً إلَى اللَّهِ صَائرُ
هِي الدَّارُ؛ ما الأَنْفَاسُ إلاَّ نَهَائِبٌ
لديها ، وما الأجسامً إلاَّ عقائرُ
إذا أحسَنتَ يوماً أساءت ضُحى غدٍ(27/67)
فَإِحْسَانُهَا سيْفٌ عَلَى النَّاسِ جَائِرُ
تربُّ الفتى ، حتَّى إذا تمَّ أمرهُ
دَهَتْهُ، كَما رَبَّ الْبَهِيمَة َ جَازِرُ
لها تِرة ٌ فى كلِّ حى ّ ، وما لها
عَلَى طُول مَا تَجْني علَى الْخَلْق وَاتِرُ
كَثِيرة ُ أَلْوانِ الْوِدادِ، ملِيَّة ٌ
بأَنْ يَتَوَقَّاها الْقَرينُ الْمُعَاشِرُ
فَمن نَظرَ الدُنيا بِحكمَة ِ ناقدٍ
دَرَى أنَّها بينَ الأنامِ تُقامِرُ
صَبَرتُ على كُرهٍ لِما قَد أصابَنى
ومَن لم يَجد مندوحة ً فهوَ صابِرُ
وما الحِلمُ عِندَ الخطبِ والمرءُ عاجِزٌ
بِمُسْتَحْسَنٍ كَالْحِلْمِ والْمَرْءُ قَادرُ
ولكِن إذا قلَّ النصيرُ ، وأعوزَت
دواعِى المُنى فالصَبرُ فيهِ المَعاذِرُ
فَلا يَشمتِ الأعداءُ بى ، فلرُبَّما
وصلْتُ لِما أَرْجُوهُ مِمَّا أُحَاذِرُ
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ الأَمْرُ بَعْدَ اعْوِجاجِهِ
وتنهَضُ بالمرءِ الجدودُ العواثِرُ
ولى أملٌ فى اللهِ تحيا بهِ المُنى
ويُشرِقُ وَجهُ الظَنِّ والخَطبُ كاشِرُ
وَطِيدٌ، يَزِلُّ الْكَيْدُ عَنْهُ، وتَنْقَضِي
مُجَاهَدَة ُ الأَيَّامِ وَهْوَ مُثَابِرُ
إذا المرءُ لم يَركَن إلى اللهِ فى الَّذى
يُحَاذِرُهُ مِنْ دَهْرِهِ فَهْوَ خَاسِرُ
وإنْ هُوَ لَمْ يصْبِرْ على ما أصَابَهُ
فَلَيْسَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الْحَقِّ نَاصِرُ
ومَن لم يّذق حُلوَ الزمانِ وَمرهُ
فما هوَ إلاَّ طائشُ اللُّبِّ نافِرُ
وَلَوْلاَ تَكَالِيفُ السِّيادة ِ لَمْ يَخِبْ
جَبانٌ ، ولَم يَحو الفَضيلة َ ثائرُ
تقلُّ دواعِى النَفسِ وهِى َ ضعيفَة ٌ
وتَقوى همومُ القلبِ وهوَ مُغامِرُ
وكَيفَ يبينُ الفَضلُ والنَّقصُ فى الوَرى
إذا لَم تَكُن سَومَ الرِجالِ المَآثِرُ ؟
وَما حملَ السَّيْفَ الْكَمِيُّ لِزِينَة ٍ
ولكن لأمرٍ أوجبتهُ المفاخرُ
إذا لَم يكُنْ إلاَّ المعيشة َ مَطلبٌ
فكلُّ زهيدٍ يَمسكُ النَّفسَ جابِرُ
فَلَوْلاَ الْعُلاَ ما أَرْسَلَ السَّهْم نَازِعٌ
ولا شهرَ السيفَ اليمانى َّ شاهرُ(27/68)
منَ العارِ أن يرضى الدنيَّة َ ماجدٌ
ويَقبلَ مَكذوبَ المُنى وهوَ صاغرُ
إذا كُنتَ تخشى كلَّ شئٍ منَ الردى
فَكُلُّ الَّذِي فِي الْكَوْنِ لِلنَّفْسِ ضائِرُ
فمِن صِحَّة ِ الإِنْسَانِ ما فِيهِ سُقْمُهُ
ومن أمنهِ ما فاجأتهُ المَخاطِر
على َّ طِلابُ العزِّ من مُستقرِّهِ
ولا ذَنبَ لى إن عارَضتنى المقادِرُ
فَمَا كُلُّ مَحْلُولِ الْعَرِيكَة ِ خَائِبٌ
ولاَ كُلُّ مَحْبُوكِ التَّرِيكَة ِ ظَافِرُ
فماذا عَسى الأعداءُ أن يتقوَّلوا
على َّ ، وعِرضى ناصِحُ الجيبِ وافِرُ ؟
فَلي فِي مَرَادِ الْفَضْلِ خَيْرُ مَغَبَّة ٍ
إذَا شَانَ حَيّاً بالْخِيَانَة ِ ذَاكِرُ
مَلَكْتُ عُقَابَ الْمُلْكِ وَهْيَ كَسِيرَة ٌ
وغادرتُها فى وَكرِها وهى َ طائرُ
ولو رُمتُ ما رامَ امرؤٌ بِخيانة ٍ
لَصبَّحنِي قِسْطٌ مِنَ الْمال غَامِرُ
ولكِنْ أَبَتْ نَفْسِي الْكَرِيمَة ُ سَوْأَة ً
تُعابُ بِهَا، والدَّهْرُ فِيهِ الْمعَايرُ
فلا تحسبنَّ المالَ ينفعُ ربَّهُ
إِذَا هُوَ لَمْ تَحْمَدْ قِرَاهُ الْعَشَائِرُ
فَقَدْ يَسْتَجِمُّ الْمَالُ وَالْمَجْدُ غَائِبٌ
وَقَدْ لاَ يَكُونُ الْمَالُ والْمَجْدُ حاضِرُ
ولَو أنَّ أسبابَ السِيادة ِ بالغنى
لكاثرَ ربَّ الفضلِ بالمالِ تاجرُ
فلا غَروَ أن حُزتُ المكارِمَ عارِياً
فَقَدْ يَشْهَدُ السَّيْفُ الْوَغَى وَهْوَ حاسِرُ
أنا المرءُ لا يثنيهِ عن دركِ العُلا
نَعِيمٌ، ولاَ تَعْدُو عَلَيْهِ الْمفَاقِرُ
قَئُولٌ وَأَحْلاَمُ الرِّجالِ عَوَازِبٌ
صَئُولٌ وأَفْوَاهُ الْمَنَايَ فَوَاغِرُ
فَلاَ أَنا إِنْ أَدْنَانِيَ الْوَجْدُ بَاسِمٌ
وَلاَ أَنَا إِنْ أَقْصَانِيَ الْعُدْمُ بَاسِرُ
فَمَا الْفَقْر إِنْ لَمْ يَدْنَسِ الْعِرْضُ فَاضِحٌ
وَلاَ الْمَالُ إِنْ لَمْ يَشْرُفِ الْمَرْءُ ساتِرُ
إذا ما ذُبابُ السَّيفِ لم يكُ ماضِياً
فحيلتهُ وصمٌ لَدى الحربِ ظاهِرُ
فإن كنتُ قد أصبحتُ فلَّ رَزيَّة ٍ
تقاسمها فى الأهلِ بادٍ وحاضِرُ(27/69)
فكَم بطلٍ فَلَّ الزَّمانُ شباتَهُ
وكَمْ سَيِّدٍ دارتْ علَيْهِ الدَّوائِرُ
وأى ُّ حسامٍ لم تُصبهُ كلالَة ٌ ؟
وأى ُّ جوادٍ لم تَخنهُ الحوافِرُ ؟
فَسَوْفَ يَبِينُ الْحقُّ يَوْماً لِنَاظِرٍ
وتنزو بِعوراءِ الحُقودِ السَّرائرُ
وَمَا هِيَ إِلاَّ غَمْرَة ٌ، ثُمَّ تَنْجلِي
غيابتُها ، واللهُ من شاءَ ناصِرُ
فَقَدْ حَاطَني في ظُلْمة ِ الْحَبْسِ، بعْدَمَا
تَرَامَتْ بأَفْلاَذِ الْقُلُوبِ الْحَنَاجِرُ
فَمَهْلاً بَنِي الدُّنْيَا عَلَيْنَا، فَإِنَّنَا
إِلَى غَايَة ٍ تَنْفَتُّ فيهَا الْمَرائرُ
تطولُ بِها الأنفاسُ بُهراً ، وتلتوِى
على فَلكة ِ السَّاقينِ فيها المآزِرُ
هُنالِكَ يَعْلُو الْحَقُّ، وَالْحَقُّ واضِحٌ
ويَسفلُ كَعبُ الزُّورِ ، والزُّورُ عاثِرُ
وَعَمَّا قَلِيلٍ يَنْتَهِي الأَمْرُ كُلُّهُ
فَما أَوَّلٌ إِلاَّ وَيَتْلُوهُ آخِرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَا أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْلاَ أَنَّهُ فَانِي
مَا أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْلاَ أَنَّهُ فَانِي
رقم القصيدة : 23927
-----------------------------------
مَا أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْلاَ أَنَّهُ فَانِي
تَبْلَى النُّفُوسُ وَلاَ يَبْلَى الْجَدِيدَانِ
قَدْ كُنْتُ فِي غِرَّة ٍ، حَتَّى إِذَا انْقَشَعَتْ
أَبْقَتْ تَبَارِيحَ لاَ تَنْفَكُّ تَغْشَانِي
وَ شيبة ً كلسانِ الفجرِ ناطقة ً
بما طواهُ عنِ الإفشاءِ كتماني
أضحتْ قذى لعيونِ الغانياتِ ، وَ قدْ
كَانَتْ حِبَالَة َ أَبْصَارٍ وَأَذْهَانِ
كأنني لمْ أقدْ شعواءَ جافلة ً
وَلَمْ أَبِتْ بَيْنَ دَارَاتٍ وَنُدْمَانِ
وَلَمْ أَقُمْ فِي مَقَامَاتٍ وَأَنْدِيَة ٍ
شَتَّى الْهَوَى غَيْرَ رِعْدِيدٍ وَلاَ وَانِي
فَالْيَوْمَ أَصْبَحْتُ لاَ سَيْفِي بمُنْصَلِتٍ
على َ العدوَّ ، وَ لاَ قوسى بمرنانِ
لاَ أَذْكُرُ اللَّهْوَ إِلاَّ أَنْ تُذَكِّرَنِي
ورقاءَ تدعو هديلاً بينَ أغصانِ(27/70)
إِنَّ الثَّلاَثِينَ وَالْخَمْسَ الَّتِي عَرَضَتْ
ثَنَتْ قُوَايَ وَفَلَّتْ غَرْبَ أَشْجَانِي
وَ خلفتني على ما كانَ منْ طربٍ
بَادِي الأَسَافَة ِ فِي قَوْمِي وَجِيرَانِي
وَكَانَ يَحْزُنُنِي شَيْبِي فَصِرْتُ أَرَى
أنَّ الذي بعدهُ أولى يإحزاني
وَهَوَّنَ الأَمْرَ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ فَتَى
وَ إنْ تملأ منْ ماءِ الصبا فاني
يَا نَفْسُ لاَ تَذْهَبِي يَأْسَاً بِمَا كَسَبَتْ
يداكِ ؛ فاللهُ ذو منًّ وَ غفراني
يَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ حَتَّى يَسْتَوِي كَرَماً
لديهِ ذو العملِِ المبررِ وَ الجاني
هوَ الذي جعلَ الأفلاكَ دائرة ً
وَ صورَ الخلقِ منْ إنس وَ من جانِ
و قدرَ الشمسَ تجرى في منازلها
وَ النجمَ وَ القمرَ الساري بحسبان
وَأَرْسَلَ الْغَيْثَ أَرْسَالاً بِرَحْمَتِهِ
وَأَنْبَتَ الأَرْضَ مِنْ حَبٍّ وَرَيْحَانِ
شبحانهُ ، جلَّ عنْ وصفٍ يحيطُ بهِ
وَكَيْفَ يُدْرِكُ وَصْفَ الدَّائِمِ الْفَانِي؟
لقدْ تفردَ في لاهوتِ قدرتهِ
فما لها أبداً في ملكهِ ثاني
وٌنما نحنُ نظريه كما سبقت
بهٍ الإرادة منْ وصفٍ وتبيانِ
كُلٌّ يَقُولُ عَلَى مِقْدَارِ فِطْنَتِه
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْقَاصِي وَبِالدَّانِي
تَبَارَكَ اللَّهُ عَمَّا قِيلَ وابْتُدِعَتْ
في ذاتهِ منْ أضاليلٍ وَ بهتانِ
قدْ لفقوها أساطيراً محبرة ً
بِحِكْمَة ٍ ذَاتِ أَشْكَالٍ وَأَلْوَانِ
كأنهمْ قدْ أصابوا طرفة ً عجباً
أوْ جاءهمْ نبأٌ صدقٌ ببرهانِ
وَلَوْ تَكَشَّفَ هَذَا الأَمْرُ لاَرْتَدَعَت
مَعَاشِرٌ خَلَطُوا كُفْراً بِإِيمَانِ
يا ربَّ ؛ إنكَ ذو منٍّ وَ مغفرة ٍ
فَاسْتُرْ بِعَفْوِكَ زَلاَّتِي وَعِصْيَانِي
وَ لاَ تكلني إلى ما كانَ منْ عملى
فإنهُ سببٌ يفضي لحرماني
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أربَّة ُ العودِ ، أم قمريَّة ُ السَّحرِ
أربَّة ُ العودِ ، أم قمريَّة ُ السَّحرِ
رقم القصيدة : 23928
-----------------------------------(27/71)
أربَّة ُ العودِ ، أم قمريَّة ُ السَّحرِ
غَنَّتْ فَحَرَّكَتِ الأَشْجَانَ بِالْوتَرِ؟
حَوْرَاءُ لِلسِّحْرِ فِي أَلْحَاظِهَا أَثَرٌ
يُريكُ أنَّ الرُّقى ضَربٌ منَ الهذَر
لَوْ لَمْ تَكُنْ قَمراً فِي الْحُسْنِ مَا ظَهَرَتْ
لأعينِ النَّاسِ فى ليلٍ مِنَ الشَّعَر
أَمْلَتْ عَلَيَّ بِلَحْظَيْهَا حَدِيثَ هَوى ً
عرفتُ منهُ ضَميرَ العينِ بِالأثرِ
كأنَّما بينَ جفنيها إذا نظَرَت
" هاروتُ " يعبَثُ بالألبابِ والفِكرِ
لاَ غَرْوَ أَنْ هِمْتُ مِنْ وَجْدٍ بِصُورَتِهَا
فَالْحُسْنُ مَشْغَلَة ٌ لِلْعَقْلِ وَالْبَصَرِ
لا تَقنعُ العينُ منها كلَّما نظرتْ
وكيفَ يقتَنعُ المشتاقُ بالنَظرِ ؟
ناغيتُها بلسانِ الشَّوقِ ، فازدهَرت
لِلْحُسْنِ فِي وَجْنَتَيْهَا وَرْدَتَا خَفَرِ
وَازْوَرَّ حَاجبُهَا عَنْ نَظْرَة ٍ رَشَقَتْ
سَوَادَ قَلْبِي بِسَهْمٍ صِيغَ مِنْ حَوَرِ
فلم أزَل بِرُقى الأشعارِ أعطِفُها
وَرُقْيَة ُ الشِّعْرِ تُجْرِي الْماءَ فِي الْحَجَرِ
حتَّى إذا عَلِمت أنِّى بِها كَلِفٌ
وَأَنَّنِي مِنْ تَجَنِّيها علَى خَطَرِ
تَبَسَّمَتْ، فَجَلَتْ لِلْعَيْنِ مِنْ فَمهَا
يَاقُوتَة ً أُودِعَتْ سَطْرَيْنِ مِنْ دُرَرِ
فَبِتُّ مِنْ وَصْلِها، في جَنَّة ٍ يَنَعَتْ
أَفْنَانُهَا بِثِمَارِ الأُنْس والْحَبَر
أبَحتُ للعينِ فيها ما تَقَرُّ بهِ
وَذُدْتُ كَفَّ الصِّبَا عَنْ مَعْقِدِ الأُزُرِ
حتَّى اشْرَأَبَّتْ عُقَاب الْفَجْرِ، وانْطَلَقَتْ
حمائمُ الشُهبِ من أُحبولة ِ السَحَرِ
فيا لَها ليلة ً ! كانت برونَقِها
تَارِيخَ لَهْوٍ لِمَا أَحْرَزْتُ مِنْ وَطَرِ
وَسَمْتُهَا بِضِياءِ الْكَأْسِ، فَالْتَمَعتْ
وَزِينَة ُ الدُّهْمِ في الأَوْضَاحِ وَالْغُرَرِ
لو كانَ يسمحُ لى دهرى بِعودتِها
لَبِعْتُ فِيها لَذِيذَ النَّوْمِ بِالسَّهَرِ
ولَّتْ ، فلم يبقَ مِنها غيرُ فَذلَكة ٍ
تَلوحُ فى دَفترِ الأوهامِ والذُكَرِ
وأى ُّ باقٍ على الأيامِ نَطلبهُ(27/72)
وَكُلُّ وَارِدَة ٍ يَوْماً إِلَى صَدَر
فَلاَ تَثِقْ بِوَفَاءِ الدَّهْرِ، إِنَّ لَهُ
غَدراً يفوِّقُ بينَ العودِ والثمرِ
ولا تَغرَّنْكَ من وَجهٍ بشاشَتهُ
فَالسَّمُّ يُوجَدُ في نَضْرٍ مِنَ الشَّجَرِ
قد كِدتُ أُتهمُ ظنِّى فى فِراستهِ
مِنْ طُولِ مَا اشْتَبَهَتْ عَيْنَايَ فِي الصُّوَرِ
فَخُذ لِنفسكَ من دنياكَ ما سمحَتْ
بِهِ إِلَيْكَ، وَكُنْ مِنْهَا عَلَى حَذَرِ
وسالمِ الدهرَ تسلَمْ من غوائلهِ
فَصاحِبُ الشَّرِّ لاَ يَنْجُو مِنَ الْكَدر
لاَ يَبْلُغُ الْمَرْءُ مَا يَهْواهُ مِنْ أَرَبٍ
إلاَّ بِتَركِ الَّذى يخشاهُ مِن ضَرَرِ
فانعَمْ وطِب والهُ واطرَبْ واسعَ واعلُ وسُدْ
وَاشْرَبْ وغَنِّ وتِهْ وَالْعبْ وهِمْ وطِرِ
لاَ يَقْنَطُ الْمَرْءُ مِنْ غُفْرَانِ خَالِقِهِ
ما لم يَكُن كافِراً بالبعثِ والقَدَرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لاَ شَيْءَ فِي الدَّهْرِ يُغْنِي عَنْ أَخِي ثِقَة ٍ
لاَ شَيْءَ فِي الدَّهْرِ يُغْنِي عَنْ أَخِي ثِقَة ٍ
رقم القصيدة : 23929
-----------------------------------
لاَ شَيْءَ فِي الدَّهْرِ يُغْنِي عَنْ أَخِي ثِقَة ٍ
يكونُ فيهِ بلاغُ السَمعِ والبَصرِ
قضيتُ مِنْ كلِّ شئٍ رُمتهُ وَطَراً
إلاَّ مُحادثَة َ الإخوانِ فى السَّمرِ
العصر العباسي >> البحتري >> رأت وخط شيب من عذاري فصدت
رأت وخط شيب من عذاري فصدت
رقم القصيدة : 2393
-----------------------------------
رَأتْ وَخْطَ شيْبٍ من عذاري، فصَدّت،
وَلَمْ يَنْتَظِرْ بي نَوىً قد أجَدّتِ
تَصُدُّ على أنّ الوِصَالَ هُوَ الّذي
وَدِدْتُ زَماناً أن يدومَ، وَودّتِ
هل العيش إلاّ بُلْغَةٌ مِنْ دُنُوّهَا،
أُعِيرَتْ فَزَالَ العيش، حِينَ استرَدّتِ
تجنّبْتِنَا أو تسْلُكِ العِيسُ قصْدنا،
أمِ العِيسُ عَنّا، يوْمَ عُسفانَ، ندّتِ
وفي البلد الأقْصَى، الذي تسكُنينَهُ،
سُكونٌ لأحْشاءٍ ببُعْدِكِ كُدّتِ(27/73)
شَكرتُ السحابَ الوُطْفَ حتى تَصَوّبتْ
إلَيْهِ، فَأدّتْ ماءَهَا حَيْن أدّتِ
تُقارِضُنَي لَيْلى التّهاجُرَ، بعدَ ما
تَسدّيْتُ هَوْلاً في الهوَى، وَتسدّتِ
وَما كان للهِجْرَانِ بَيْني وبَيْنَها
بِدِيٌّ، سِوَى أنّي هَزَلْتُ، وَجَدّتِ
فأقْصِرْ عن الوَجد الذي عنهُ أقْصرَتْ،
وَعَدَّ عنِ الشّوْقِ الذي عنهُ عَدّتِ
ولَلمُهْتَدي بالله مَجْدٌ لَوِ ارتقتْ
إليه النجومُ، رِفعةً، ما تِهَدّتِ
مَوَارِيثُ منْ أي الكِتابِ وَقُرْبَةٌ
مِنَ المُصْطَفَى حِيزَتْ إليهِ فرُدّتِ
وَقَدْ عَلِمَ الأقْوَامُ أنّ صَريمَةً،
إذا اختلفَتْ شورَى النجِيّ استبَدّتِ
متى وُقدَتْ في مُظلِمِ الأمرِ ضَوّأتْ،
وَإنْ ضُرِبَتْ في جانبِ الخَطبِ قَدّتِ
ملي بنصر الحق والحق أوحد
إذا عصبت منا بظلم تصدت
وَتَأيِيدُهُ حُكْمَ الهُدَى بخُشونَةٍ
من الجِدّ لوْ مرّتْ على الصخْرِ خدّتِ
جَلَتْ قُبّةُ المِيدانِ أحسن حَليَةٍ
لنا، عن تَلالي غُرّةٍ قَدْ تبدّتِ
وقيدت عتاق الخيل حتى تلفّتَتْ
بأعْطافِها مخْتَالَةً، أوْ تَقَدّتِ
حَمَلْتُ عَلَيْها البالِغينَ، توَقّياً
على صِبْيَةٍ للهُلْكٍ كانت أُعدّتِ
فما استثْقَلَتْ فُرْسانَها إنْ تلاحَقَتْ،
وما اسْتَبْعَدَتْ غاياتِها حِينَ مدّتِ
وَلا عُدّ سَبْقٌ مثْلُ سبقِكَ في الذي
أتيْتَ، إذا آلاءُ غيرك عُدّتِ
وَمَا زِلْتَ بالمجْدِ الغريبِ مُظفَّراً،
إذا الأنْفُسُ المخْسوسَةُ الحظّ جَدّتِ
أسيت لأقْوَام مَلَكْتَ أمورهم،
وكانت دجت أيامهم فاسوأدت
مضوا لم يرو من حسن عدلك منظر
وَلَمْ يَلبَسوا نعماك حِينَ استجدّتِ
وَلا عَلِموا أنّ المَكارِمَ أُبْدِيَتْ
جِذاعاً، ولا أنّ المظالِمَ رُدّتِ
لئِنْ خسّ حَظُّ الغائِبينَ، لقدْ زكَتْ
حُظوظُ الشهودِ من نَداكَ وَجَدّتِ
وَإعمالَكَ الحقّ المُجَرَّدَ بيْنَنَا،
إذا عُصْبَةٌ مِنّا لِظُلْمٍ تَصَدّتِ
هنتك أمير المؤمنين بشارة
إليك على كره الأعادي تأدت(27/74)
لَقَدْ بَسَطَ الآمالَ حادِثُ وَقْعَةٍ
بِدِجْلَةَ، أجْرَتْهَا دماءً، فمدّتِ
كَتائِبُ للْمُرّاقِ سَارَتْ لِمِثْلها،
وكُلٌّ كَفَتْ أقرَانَها وَأبْدّتِ
وَلَمّا تَلاقَوا قُلتُ: مَنٌّ وَنِعْمَةٌ
مِنَ الله، أيُّ العُصْبَتَينِ ترَدّتِ
فكِلتاهما، كُفراً، أضَلّتْ وَأوْبقَتْ،
وكِلتاهما، ظُلماً، بغَتْ وَتَعَدّتِ
وَلله مَا لاقَى عُبَيْدَةُ، إذْ رَأى
فِجاجَ الوَغَى ضَاقتْ بهِ فاجَرَهدّتِ
إذا بُتِكَتْ يُمْنى يد فهي التي
مَكانُ الشّمالِ حاجَزَتْ أوْ تَحَدّتِ
وَقَد سارَ موسَى في جبالٍ لَوَ أنّها
تُرَادي الجِبالَ الرّاسِياتِ لَهُدّتِ
لَهُمْ عادَةٌ من نُصرَة الله في العِدى،
أُقِيمَ بهَا دَرْءُ الثّغورِ، فَسُدّتِ
فَأنْتَ لمن ود الرشاد مرصاداً
لساعات حزم للجليل استعدت
وَعينٌ مَتى كَلّفْتَها الحِفظَ لم تَنمْ،
وَنفسٌ متى ما سِمتَها الجِدّ جدّتِ
وكنْتُ أمرَأً لا يتْبعُ النقصُ رَائدي،
ولا تتَعدّى الأكرمِينَ مَودّتي
غَنِيتُ أُرَاعي نعمة منك أُكّدَتْ
مُقَدَّمَةُ الأسْبابِ منْها فشُدّتِ
وَصالِحَ رَأيٍ مِنكَ كنتُ ذَخَرْتُهُ،
فَصَارَ عَتادي للزّمانِ، وَعُدّتي
فإن تم إذن في الوصول فإنه
تمام وجوب الشكر آخر مدتي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كنْ كما شئتَ منْ رشادٍ وغى ًّ
كنْ كما شئتَ منْ رشادٍ وغى ًّ
رقم القصيدة : 23930
-----------------------------------
كنْ كما شئتَ منْ رشادٍ وغى ًّ
كلُّ حيًّ بما جناهُ رهينُ
كُلُّنَا لِلْفَنَاءِ، أَوْ تَصْعَقَ الأَرْ
ضُ ، وتأتي بعدَ الشئون شؤونُ
يستفزُّ الحليمَ رونفها البا
هِرُ، حَتَّى يَخِفَّ وَهْوَ رَكِينُ
ذهبا غيرَ ذكرة ٍ سوفَ تفنى
بَعْدَ ضَنٍّ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَحِينُ
فاحتقبْ سيرة َ المحامدِ ؛ فالذكـ
ـرُ حَيَاة ٌ لِمَنْ طوَتْهُ الْمَنُونُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> صُبْحٌ مَطِيرٌ، وَنَسْمَة ٌ عَطِرَهْ(27/75)
صُبْحٌ مَطِيرٌ، وَنَسْمَة ٌ عَطِرَهْ
رقم القصيدة : 23931
-----------------------------------
صُبْحٌ مَطِيرٌ، وَنَسْمَة ٌ عَطِرَهْ
وَأَنْفُسٌ لِلصَّبُوحِ مُنْتَظِرَهْ
فدُر بعينيكَ حيثُ شئتَ تَجِدْ
مُلْكاً كَبِيراً، وَجَنَّة ً خَضِرَهْ
سماؤها بالغصونِ واشِجة ٌ
وأرضُها بالنباتِ مؤتَزِره
مَنْظَرُ لَهْوٍ تُعِيدُ بَهْجَتُهُ
أَكِنَّة َ الْعيْشِ وَهْيَ مُنْحَسِرهْ
فَالْعُفْرُ تَحْتَ الظِّلاَلِ رَاتِعَة ٌ
وَالطَّيْرُ فَوْقَ الْغُصُونِ مُنْتَشِرَهْ
والطلُّ ينهلُّ مِن مساقِطِهِ
مِثْلَ عُقُودِ الْجُمَانِ مُنْتَثِرَهْ
جَدَاوِلٌ في الْفَضَاءِ جَارِيَة ٌ
ومُزْنَة ٌ فِي السَّمَاءِ مُنْهَمِرَهْ
دُنيا نعيمٍ تكادُ زهرَتُها
تَزْرِي عَلَى الشَّمْسِ وَهْيَ مُزْدَهِرَهْ
لاَ ظِلُّهَا راكِدُ النَّسِيمِ، وَلاَ
غُدرانُها بالغثاءِ مًختمره
فيابنَ وُدِّى ! هلمَّ نقتسمِ الـ
ـلَهْوَ، فَنَفْسِي إِلَى الصِّبَا حَسِرَهْ
وَخَلِّنَا مِنْ سِياسَة ٍ دَرَجَتْ
بَيْنَ أُناسِ قُلُوبُهُمْ وَغِرَهْ
يَقضونَ أيامهُم على خطرٍ
فَبِئْسَ عُقْبَى السِّيَاسَة ِ الْخَطِرَهْ
خَدِيعَة ٌ لاَ يَزَالُ صَاحِبُهَا
بَيْنَ هُمُومٍ وَعِيشَة ٍ كَدِرَهْ
مَا لِي وَلِلنَّاسِ، لاَ لَدَيَّ لَهُمْ
حَقٌ يُؤدَّى ، ولا على َّ تِره
قَدِ التقينا من غيرِ سابقة ٍ
فِي دَارِ دُنْيَا بِأَهْلِهَا غَدِرَهْ
نَلهو بها حِقبة ً ، ونتركُها
إلى مهاوٍ فى الأرضِ منحدِره
كلُّ امرئٍ ذاهبٌ لغايتهِ
وكلُّ نفسٍ بالغيبِ مؤتمِره
يا ربِّ هب لى منَ الكرامة ِ ما
يسرُّ نفسى ، فإنَّها وجرَه
ولا تكِلنى لِمن يعذِّبُنى
فإنَّ نفسى إليكَ مفتقِرَه
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا ذُكْرَة ً! أَبْصَرْتُ فِي
يا ذُكْرَة ً! أَبْصَرْتُ فِي
رقم القصيدة : 23932
-----------------------------------
يا ذُكْرَة ً! أَبْصَرْتُ فِي
مِرْآتِهَا صُورَ التَّمَنِّي
خطرتْ عليَّ ؛ فنفرتْ(27/76)
طيرَ الكرى منْ وكرِ جفني
علقتْ حبالة ُ خاطري
مِنْهَا بِمَكْحُولٍ أَغَنِّ
كَانَتْ مِثَالاً خَطَّهُ
بِمَخِيلَتِي نَقَّاشُ ذِهْنِي
هيَ لقية ٌ وهمية ٌ
سمحتْ بها خطراتُ ظني
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَمَرْيَمُ! لاَ وَاللَّهِ أَنْسَاكِ بَعْدَما
أَمَرْيَمُ! لاَ وَاللَّهِ أَنْسَاكِ بَعْدَما
رقم القصيدة : 23933
-----------------------------------
أَمَرْيَمُ! لاَ وَاللَّهِ أَنْسَاكِ بَعْدَما
صحِبتُكِ فى خَفضٍ منَ العيشِ أنضرِ
فَقَدْ كُنْتِ فِينَا بَرَّة َ الْقَوْلِ سَرَّة ً
سَلِيمَة َ قَلْبٍ فِي مَغِيبٍ وَمَحْضَرِ
فلًقِّيتِ من ذى العَرشِ خيرَ تحيَّة ٍ
توافيكِ فى روضِ منَ القدسِ أخضَرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أترى الصبا خطرتْ بوادي المنحنة ؟
أترى الصبا خطرتْ بوادي المنحنة ؟
رقم القصيدة : 23934
-----------------------------------
أترى الصبا خطرتْ بوادي المنحنة ؟
فجنتْ عبيرَ المسكِ منْ ذاكَ الجنى ؟
مَرَّتْ بِنَا طَفَلَ الَعَشِيِّ، فَمَا دَرَى
أحدٌ بسرَّ ضميرها إلاَّ أنا
و تحملتْ سرَّ الهوى ؛ فترددتْ
بِرَسَائِلِ الأَشْوَاقِ فِيمَا بَيْنَنَا
عبقتْ غلائلها بنشرِ عرارة ٍ
بَدَوِيَّة ٍ، بِسِوَى الأَنَامِلِ تُجْتَنَى
تَحْمِي مَنَابِتَهَا قَسَاوِرُ غَارَة ٍ
يَجِدُونَ صَعْبَ الْمَوْتِ خَطْباً هَيِّنَا
منْ كلَّ مشتملٍ بشعلة ِ صارمٍ
أمضى منَ الأجلِ الوحيَّ إذَ ادنا
وَ بمسقطِ العلمينِ جؤذرُ كلة ٍ
يُصْمِي بِنَظْرَتِهِ الأُسُودَ إِذَا رَنَا
صنعَ الوشاة ُ لهُ حديثاً كاذباً
فقسا عليَّ ، وَ كانَ سهلاً لينا
مَاذَا عَلَيْهِ ـ وَلاَ أُرِيدُ مَلاَمَة ً ـ
لَوْ جَادَ مَعْهَا بِالتَّحِيَّة ِ أَوْ كَنَى ؟
إني لأقنعُ منْ هواهُ بنظرة ٍ
تُرْوِي الْغَلِيلَ مِنَ الصَّدَى لَوْ أَمْكَنَا
أخنى عليَّ معَ الزمانِ ، وَ ليتهُ
لما أساءَ الدهرُ صنعاً أحسنا(27/77)
وَرَأَى الْمَشِيبَ تَلَوَّنَتْ أَلْوَانُهُ
في عارضيَّ منَ الأسى ؛ فتلونا
وَالْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا رَهِينُ حَوَادِثٍ
تودى بجدتهِ ، وَ تلبسهُ الضنى
ليتَ المشيبَ تأخرت أيامهُ
حَتَّى أَفْوزَ مِنَ الشَّبِيبَة ِ بِالْمُنَى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بكيتُ عليًّا إذ مضى لسبيلهِ
بكيتُ عليًّا إذ مضى لسبيلهِ
رقم القصيدة : 23935
-----------------------------------
بكيتُ عليًّا إذ مضى لسبيلهِ
بِعَينٍ تَكَادُ الرُّوحُ فِي دَمْعِهَا تَجْرِي
وإنِّى لأدرى أنَّ حُزنى لا يفِى
بِرُزْئِي، وَلَكِنْ لاَ سَبِيلَ إِلَى الصَّبْرِ
وَكَيْفَ أَذُودُ الْقَلْبَ عَنْ حَسَرَاتِهِ
وأهوَنُ ما ألقاهُ يَصدعُ فى الصخرِ؟
يلوموننى أنَّى تجاوزتُ فى البُكا
وهَل لامرئٍ لم يبكِ فى الحزنِ من عًذرِ؟
إذا المرءُ لم يفرَحْ ويَحزَن لنِعمة ٍ
وَبُؤْسٍ، فَلاَ يُرْجَى لِنَفْعٍ وَلاَ ضَرِّ
وَمَا كُنْتُ لَوْلاَ قِسْمَة ُ اللَّهِ فِي الْوَرَى
لأَصْبِرَ، لَكِنَّا إِلَى غَايَة ٍ نَسْرِي
لَقَدْ خَفَّفَ الْبَلْوَى وإِنْ هِيَ أَشْرَفَتْ
عَلَى النَّفْسِ ما أَرْجُوهُ مِنْ مَوْعِدِ الْحَشْر
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ما لي وَ للدارِ منْ " ليلى " أحييها
ما لي وَ للدارِ منْ " ليلى " أحييها
رقم القصيدة : 23936
-----------------------------------
ما لي وَ للدارِ منْ " ليلى " أحييها
وَقَدْ خَلَتْ مِنْ غَوَانِيهَا مَغَانِيهَا؟
دَعِ الدِّيَارَ لِقوْمٍ يكْلَفُونَ بِهَا
وَ اعكفْ على حانة ٍ كالبدرِ ساقيها
كمْ بينَ دائرة ٍ أقوتْ معالمها
وَبَيْنَ عَامِرَة ٍ تَزْهُو بِمَنْ فِيهَا؟
هَيْهَاتَ، مَا الدَّارُ تُشْجِينِي بِسَاحَتِهَا
وَإِنَّمَا الدَّارُ تُشْجِينِي بِأَهْلِيهَا
فَخَلِّ هَذَا، وَخُذْ فِي وَصْفِ غَانِيَة ٍ
سَرَتْ بِحُلْوَانَ فِي قَلْبِي سَوَارِيهَا
ريانة ُ القدَّ ، لوْ أنَّ الضجيجَ لها(27/78)
خَافَ الْعُيُونَ عَلَيْهَا كَادَ يَطْوِيهَا
في نشوة ِ الخمرِ سرٌّ منْ مراشفها
وَ في الأراكة ِ شكلٌ منْ تهاديها
يَا لَيْلَة ً بِتُّ أُسْقَى مِنْ بَنَانَتِهَا
وَ منْ لواحظها خمراً ، وَ منْ فيها
أَحْيَيْتُهَا، وَأَمَتُّ النَّوْمَ مُعْتَصِماً
بِلَذَّة ٍ لاَ يَكَادُ الدَّهْرُ يُنْسِيهَا
حَتَّى إِذَا رَفَّ خَيْطُ الْفَجْرِ، وَابْتَدَرَتْ
حمائمُ الأيكِ تشدوِ في أغانيها
قَامَتْ تَمَايَلُ سَكْرَى فِي مَآزِرِهَا
وَ الروعُ يبعثها طوراً ، ويثنيها
تَخْشَى الضِّيَاءَ وَفِي أَزْرَارِهَا قَمَرٌ
يَسْتَوقِفُ الْعَيْنَ حَيْرَى فِي مَجَارِيهَا
ثمَّ انْثَنَتْ وَيَدِي قَيْدٌ لِخَاصِرَة ٍ
كالخيزرانة ِ رياً في تثنيها
في بلجة ٍ لاَ تكادُ العينُ تنكرها
وَسُمْرة ٍ رُبَّمَا شَفَّتْ نَوَاحِيهَا
حتى تجاوزتُ أحراساً على َ شرفٍ
يكادُ يمنعُ همَّ النفسِ داعيها
وَحَرَّكَتْ حَلَقَاتِ الْبَابِ، فَانْفَتَحَتْ
عنْ ساحة ٍ سكنتْ فيها تراقيها
فَعُدْتُ وَالْعَيْنُ غَرْقَى فِي مَدَامِعِهَا
وَالْقَلْبُ فِي لَوْعَة ٍ تَنْزُو نَوَازِيهَا
فيا لها ليلة ً ! كانتْ بوصلتها
تَارِيخَ لَهْوٍ يَهِيجُ النَّفْسَ رَاوِيهَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَمْ أَصْطَبرْ بَعْدَكَ مِنْ سَلْوَة
لَمْ أَصْطَبرْ بَعْدَكَ مِنْ سَلْوَة
رقم القصيدة : 23937
-----------------------------------
لَمْ أَصْطَبرْ بَعْدَكَ مِنْ سَلْوَة
لَكِنْ تَصبَّرْتُ عَلَى جمْرِ
وشيمَة ُ العاقل فى رزئهِ
أن يَسْبِقَ السَّلوة َ بالصَّبْرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَمَسْرَحٍ لِسِوَامِ الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ
وَمَسْرَحٍ لِسِوَامِ الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ
رقم القصيدة : 23938
-----------------------------------
وَمَسْرَحٍ لِسِوَامِ الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ
في عالمِ الظنَّ تقديرٌ ، وَ لاَ شبهُ
بَاكَرْتُهُ سُحْرَة ً وَالشَّمْسُ نَاعِسَة ٌ(27/79)
فِي خِدْرِهَا، وَحَمَامُ الأيْكِ مُنْتَبِهُ
وَلِلْغَمَائِمِ بَيْنَ الأَفْقِ مُنْسَحَبٌ
وَلِلنَّسَائِمِ نَحْوَ الرَّوْضِ مُتَّجَهُ
وَالْجَوُّ فِي حُلَّة ٍ دَكْنَاءَ مَازَجَهَا
خَيْطٌ مِنَ الْفَجْرِ يَبْدُو ثُمَّ يَشْتَبِهُ
فالنورُ منقبضٌ ، وَ الظلُّ منبسطٌ
وَالطَّيْرُ مُنْشَرِحٌ، وَالْجَوُّ مُدَّلِهُ
مناظرٌ لوْ رأى " بهزادُ " صورتها
لاَعْتَادَهُ مِنْ تَمَادِي الْحَيْرَة ِ الْبَلَهُ
كأنما الدوحُ قصرٌ وَ الحمامُ بهِ
سِرْبٌ مِنَ الْغِيدِ بِالأَلْحَانِ تَبْتَدِهُ
طوراً تغنى ، وَ أحياناً تنوحُ ، فما
ذاكَ الغناءُ ، وَ هذا النوحُ وَ الولهُ ؟
كأنما الأورقُ الغريدُ حينَ شدا
في سُرْبَة ِ الإِنْسِ مِنْهَا ـ شَارِبٌ فَكِهُ
شَارَفْتُ سَاحَتَهَا فِي فِتْيَة ٍ أَلِفُوا
صِدْقَ الْوِدَادَ، فَلَمْ تَعْرِضْ لَهُمْ شُبَهُ
مُوقَّرُونَ، كِرَامٌ لاَ يَخِفُّ بِهِمْ
طيشٌ ، وَ لمْ يجرِ في أخلاقهمْ سفهُ
مِنْ كُلِّ مَاضِي الشَّبَا وَالرَّوْعُ مُحْتَدِمٌ
وَ مستنيرِ الحجا وَ الأمرُ مشتبهُ
إنْ حدثوا ملئوا الأسماعَ منْ أدبٍ
هُمْ أَهْلُهُ وإِذَا مَا أَنْصَتُوا فَقِهُوا
شرابنا صفوُ ماءٍ ، لاَ يمازجهُ
إِلاَّ حَدِيثٌ كَنُوَّارِ الرُّبَا نَزِهُ
فَإِنْ يَكُنْ فِي عَفَافِ النَّفْسِ مَحْمَدَة ٌ
لَهَا، فَفِي مِثْلِ هَذَا يَحسُنُ الشَّرَهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> صَبَرْتُ، وَما بِالصَّبْرِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى
صَبَرْتُ، وَما بِالصَّبْرِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى
رقم القصيدة : 23939
-----------------------------------
صَبَرْتُ، وَما بِالصَّبْرِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى
إذا لم يكنْ فيهِ معابٌ ولا نُكر
ولو لم يكنْ فى الصبرِ أعدلُ شاهدٍ
على كرمِ الأخلاقِ ما حُمدَ الصبرُ
العصر العباسي >> البحتري >> ترى زعيم الجبال منقينا
ترى زعيم الجبال منقينا
رقم القصيدة : 2394
-----------------------------------(27/80)
ترى زعيم الجبال منقينا
إنقاء غسل من نجو ناجيته
إذا اشتهى الكلب أن يقذرنا
لوثنا في غناء جاريته
لا تطلب القبح في سريرته
وانظر إلى القبح في علانيته
لعائن الله والرسول على
خاريه من سفلة وخاريته
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أحببتُ منْ والى " علياً " رغبة ً
أحببتُ منْ والى " علياً " رغبة ً
رقم القصيدة : 23940
-----------------------------------
أحببتُ منْ والى " علياً " رغبة ً
في فضلهِ ، وَ كرهتُ منْ عاداهُ
هُوَ ذَلِكَ الْحَبْرُ الَّذِي مَنْ أَمَّهُ
نالَ الرضا ، وَ أجيبَ منْ ناداهُ
وَ كفى بسبطيهِ إماما رحمة ٍ
نَالاَ مِنَ الرِّضْوَان مَا قَصَدَاهُ
قَدْ عَزَّ مَنْ وَالاهُ فِي الدُّنْيَا، وَفِي
يَوْمِ الْحِسَابِ، وَذَلَّ مَنْ بَادَاهُ
فَاقْصِدْ لَهُ، وَاعْرِفْهُ، وَاسْتَمْسِكْ بِهِ
تَلْقَ الْهُدَى ، وَكَفَى الْمُرِيدَ هُدَاهُ
وَ إذا عرتكَ ملموٌ ، فاهتفْ بهِ
تَسْمَعْ بِقَلْبِكَ حَيْثُ كُنْتَ صَدَاهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لو كانَ يدرى الفتى مكنونَ ما خبأتْ
لو كانَ يدرى الفتى مكنونَ ما خبأتْ
رقم القصيدة : 23941
-----------------------------------
لو كانَ يدرى الفتى مكنونَ ما خبأتْ
لهُ المقاديرُ لم يركنْ إلى الحذَرِ
وَلَوْ دَرَى أَنَّ ما يَلْقَاهُ مِنْ عَنَتٍ
مِن خيبة ِ الرأى ِ لم يعتُبْ على القدَرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سلْ مالكَ الملكِ ؛ فهوَ الآمرُ الناهي
سلْ مالكَ الملكِ ؛ فهوَ الآمرُ الناهي
رقم القصيدة : 23942
-----------------------------------
سلْ مالكَ الملكِ ؛ فهوَ الآمرُ الناهي
وَلاَ تَخَفْ عَادِياً؛ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ
هوَ الذي ينعشُ المظلومَ إنْ علقتْ
بِهِ الرَّزَايَا، وَيَجْزِي كُلَّ تَيَّاهِ
فَاسْجُدْ لَهُ، واقْتَرِبْ تَبْلِغْ بِطَاعَتِهِ
ما شئتَ في الدهرِ منْ عزًّ ، ومنْ جاهِ(27/81)
يَا رَبُّ! قَدْ طَالَ بِي شَوْقِي إِلَى وَطَنِي
فَاحْلُلْ وَثَاقِي، وأَلْحِقْنِي بِأَشْبَاهِي
وَامْنُنْ عَلَيَّ بِفَضْلٍ مِنْكَ يَعْصِمُنِي
مِنْ كُلِّ سُوءٍ، فَإِنِّي عَاجِزٌ وَاهِي
هذا دعائي ، وَ حسبي أنتَ منْ حكمٍ
يَعْنُو لَهُ كُلُّ شَاهٍ، أَوْ شَهِنْشَاهِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بَلَوْتُ إِخاءَ النَّاسِ دَهْراً، فَلَمْ أَجِدْ
بَلَوْتُ إِخاءَ النَّاسِ دَهْراً، فَلَمْ أَجِدْ
رقم القصيدة : 23943
-----------------------------------
بَلَوْتُ إِخاءَ النَّاسِ دَهْراً، فَلَمْ أَجِدْ
أخا ثِقة ٍ يرعى مَغيبى كمحضَرى
فَإِنْ أَتَغَيَّرْ عَنْ وِدَادٍ، فَإِنَّنِي
أَرَى كُلَّ شَيْءٍ عُرْضَة ً لِلتَّغَيُّرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> دِينِي الْحَنِيفُ، وَرَبِّيَ اللَّهُ
دِينِي الْحَنِيفُ، وَرَبِّيَ اللَّهُ
رقم القصيدة : 23944
-----------------------------------
دِينِي الْحَنِيفُ، وَرَبِّيَ اللَّهُ
وَ شهادتي أنْ ليسَ إلاَّ هو
لاَ جَاهَ لِي إِلاَّ بِطَاعتِهِ
وَلَنِعْمَ عُقْبَى الطَّاعَة ِ الْجَاهُ
أَنَا خَاشِعٌ لِجَلاَلِ قُدْرَتِهِ
مُتَقَلِّبُ الْجَنْبَيْنِ أَوَّاهُ
فَأَضَالِعِي لِلْوَجْدِ نَارُ غَضًى
وَ محاجري بالدمعِ أمواهُ
زهتِ القلوبُ بنورِ حكمتهِ
وَتَعَطَّرَتْ بِالذِّكْرِ أَفْوَاهُ
أَنَا أُمَّة ٌ وَحْدِي عَلَى سَرَفٍ
فِي حُبِّهِ، وَالنَّاسُ أَشْبَاهُ
إِنْ تَاهَ غَيْرِي بِالزَّمَانِ، فَلِي
قلبٌ بذكرِ اللهِ تياهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أيا مَلِكاَ همَت كفَّاهُ جوداً
أيا مَلِكاَ همَت كفَّاهُ جوداً
رقم القصيدة : 23945
-----------------------------------
أيا مَلِكاَ همَت كفَّاهُ جوداً
عَلَى الثَّقَلَيْنِ: مِنْ بَادٍ وَقَارِي
عراكَ النِيلُ من بلدٍ بعيدٍ
فألبسهُ الكرامة َ فهوَ عارى(27/82)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> جُدْ بِالنَّوَالِ؛ فَرِزْقُ اللَّهِ مُتَّصِلٌ
جُدْ بِالنَّوَالِ؛ فَرِزْقُ اللَّهِ مُتَّصِلٌ
رقم القصيدة : 23946
-----------------------------------
جُدْ بِالنَّوَالِ؛ فَرِزْقُ اللَّهِ مُتَّصِلٌ
وَ لاَ تكنْ عنْ صنيع الخيرِ باللاهي
فالبخلُ وَ الجبنُ في الإنسانِ منقصة ٌ
لمْ يجنها غيرُ سوءِ الظنَّ باللهِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يُسَائِلُنِي عَمَّا كَتَمْتُ مِنَ الْهَوَى
يُسَائِلُنِي عَمَّا كَتَمْتُ مِنَ الْهَوَى
رقم القصيدة : 23947
-----------------------------------
يُسَائِلُنِي عَمَّا كَتَمْتُ مِنَ الْهَوَى
صدِيقِي، وَفِي بَعْضِ الإِجَابَة ِ ما يُزْرِي
فَإِنْ لَمْ أَقُلْ حَقّاً كَذَبْتُ عَلَى الْهَوَى
وإن قُلتُ إنِّى عاشقُ بُحتُ بالسِرِّ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لِمُصْطَفَى صَادِقٍ فِي الشِّعْرِ مَنْزِلَة ٌ
لِمُصْطَفَى صَادِقٍ فِي الشِّعْرِ مَنْزِلَة ٌ
رقم القصيدة : 23948
-----------------------------------
لِمُصْطَفَى صَادِقٍ فِي الشِّعْرِ مَنْزِلَة ٌ
أمسى يعاديهِ فيها منْ يصافيهِ
صَاغَ الْقَرِيضَ بِإِتْقَانٍ، فَلَوْ تُلِيَتْ
صُدُورُهُ ـ عُلِمَتْ مِنْهَا قَوَافِيهِ
مهذبُ الطبعِ ، مأمونُ الضميرِ ، إذا
بَلَوْتَهُ كَانَ بَادِيهِ كَخَافِيهِ
حازَ الْكَمَالَ، فَلَمْ يَحْتَجْ لِمَنْقَبَة ٍ
فَلَسْتَ تنْعَتُهُ إِلاَّ بِمَا فِيهِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا ربَّ بيضاءَ منَ الجَوارى
يا ربَّ بيضاءَ منَ الجَوارى
رقم القصيدة : 23949
-----------------------------------
يا ربَّ بيضاءَ منَ الجَوارى
جاءت بِطفلٍ أسودٍ كالقارِ
أخرَجَهُ من لجَّة ِ الأنوارِ
من أخرَجَ الَّليلَ منَ النهارِ
سُبْحَانَهُ مِنْ فَاعِلٍ مُخْتَارِ
العصر العباسي >> البحتري >> عدلتم ب طلحة عن حقه
عدلتم ب طلحة عن حقه(27/83)
رقم القصيدة : 2395
-----------------------------------
عدلتم بـ طلحة عن حقه
ونكبتم عن موالاته
وكيف يجوز لكم جحده
وطلحتكم بعض طلحاته
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إنَّ " سرنديبَ " على حسنها
إنَّ " سرنديبَ " على حسنها
رقم القصيدة : 23950
-----------------------------------
إنَّ " سرنديبَ " على حسنها
يَسْكُنُهَا قَوْمٌ قِبَاحُ الْوُجُوهْ
منْ كلَّ فدمٍ لائكٍ مضعة ً
يمجها كالدمِ في الأرض فوهُ
تحسبهُ منْ نضحِ أشداقهِ
رَكِيَّة ً تَجْرِي دَماً، أَوْ تَمُوهْ
لاَ يُشْبِهُ الْوَالِدُ مَوْلُودَهُ
منهمْ ، وَ لاَ المولودَ منهمْ أبوهْ
يغلظُ طبعٌ منهمُ فاقدٌ
مَزِيَّة َ الْعِلْمِ، وَوَجْهٌ يَشُوهْ
منْ أينَ يدري الفضلَ معدومهُ
لا يعرفُ المعروفَ إلاَّ ذووهْ
لاَ تَلْبَثُ الحِكْمَة ُ مَا بَيْنَهُمْ
وَ لاَ يريثُ الفضلُ حتى يتوهُ
تَظُنُّ بَعْضَ الْقَوْمِ عَلاَّمَة ً
وَ هوَ إذا ينطقُ هامٌ ينوهْ
لا تعرفُ المرءَ بأخلاقهِ
في غمرة ِ العالمِ حتى يفوهْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لعَمرِى لقد أيقَظتُ من كانَ راقداً
لعَمرِى لقد أيقَظتُ من كانَ راقداً
رقم القصيدة : 23951
-----------------------------------
لعَمرِى لقد أيقَظتُ من كانَ راقداً
وأنذَرتُ ، لكِن لم تَكن تنفعً النُّذر
نَصَحتُ فكذَّبتم ، فلمَّا أتى الرَّدى
عَمدتُم لتصديقى وقَد قُضِى َ الأمرُ
فلم يبقَ فى أيديكًم غيرُ حَسرة ٍ
وَلَمْ يَبْقَ عِنْدِي غَيْرُ مَا عَافَهُ الصَّدْرُ
فَجاءَ الَّذِي كُنْتُمْ تَخَافُونَ شَرَّهُ
وزالَ الَّذى لم يبقَ من بعدهِ شِعرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> صَبرتُ على ريبِ هذا الزمانَ
صَبرتُ على ريبِ هذا الزمانَ
رقم القصيدة : 23952
-----------------------------------
صَبرتُ على ريبِ هذا الزمانَ
وَلَوْلاَ الْمَعَاذِرُ لَمْ أَصْبِرِ
فلا تَحسبنِّى جهلتُ الصوابَ(27/84)
وَلَكِنْ هَمَمْتُ فَلَمْ أَقْدِرِ
ثَنَتْ عزْمَتِي ثَوْرَة ُ الْمُفْسِدِينَ
وغَلَّتْ يَدِي فَتْرَة ُ الْعَسْكَرِ
وَكُنَّا جمِيعاً، فَلَمَّا وَقَعْتُ
صَبَرْتُ، وَغَادَرَنِي مَعْشَرِي
ولو أنَّنى رُمتُ إعناتهُم
لَقُلْتُ مَقَالَة َ مُسْتَبْصِرِ
وَلَكِنَّنِي حِينَ جَدَّ الْخِصامُ
رَجَعْتُ إِلَى كَرَمِ الْعُنْصُرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَيْلاَهُ مِنْ نَارِ الْهَوَى
وَيْلاَهُ مِنْ نَارِ الْهَوَى
رقم القصيدة : 23953
-----------------------------------
وَيْلاَهُ مِنْ نَارِ الْهَوَى
وَآهِ مِنْ طُوْلِ الْجَوَى
أرسلتُ طرفي رائدا
فما علاَ حتى هوى
وَ سارَ قلبي خلفهُ
فَلَمْ يَعْدُ حَتَّى اكْتَوَى
قَدْ طَالَمَا زَجَرْتُهُ
يا لَيْتَهُ كَانَ ارْعَوَى
لكلَّ شيءٍ آفة ٌ
وَ آفة ُ القلبِ الهوى
أما كفى هذا الجفا
حَتَّى أَعَانَتْهُ النَّوَى ؟
أينَ اللوى وَ عهدهُ ؟
أيهاتَ عهدٌ باللوى
و ظبي أنسٍ سمتهُ
إِنْجَازَ وَعْدِي، فلَوَى
طَلَبْتُ مِنْهُ قُبْلَة ً
فازورَّ عني ، وَ التوى
وَسُمْتُهُ وَعْدَ الْمُنَى
فَانْحَازَ عَنِّي، وَانْزَوَى
يا سائلي عنْ حالتي
دعني ؛ فصبري قدْ ذوى
وَ كانَ قلبي راشداً
لكنهُ اليومَ غوى
أوقعِ في أشراكهِ
لكلَّ حيًّ ما نوى
فَكَيْفَ أَمْضِي فِي الْهَوَى
وَ الجسمُ محلولُ القوى
وَأَيْنَ أَبْغِي نَاصِراً؟
هيهاتَ ، وَ الخيرُ انطوى
أصبحتُ في تيهورة ٍ
يَسْأَمُ فِيهَا مَنْ ثَوى
لاَ صاحبٌ وافى ، وَ لاَ
خلٌّ إلى حالي أوى
فيا إلهي ! راعني
وادْفَعْ عَنِ النَّفْسِ التَّوَى
وَ لاَ تكلني للتي
لَوْ صَادَفَتْ نَجْماً خَوَى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> شفَّنى وجدى ، وأبلانِى السهَر
شفَّنى وجدى ، وأبلانِى السهَر
رقم القصيدة : 23954
-----------------------------------
شفَّنى وجدى ، وأبلانِى السهَر
وَتَغَشَّتْنِي سَمَادِيرُ الْكَدَرْ
فسوادُ الَّليلِ ما إن ينقضى(27/85)
وبياضُ الصبحِ ما إن ينتظَر
لا أنيسٌ يَسمعُ الشَّكوى ، ولا
خبَرٌ يأتى ، ولا طيفٌ يَمر
بَيْنَ حِيطَانٍ وَبَابٍ مُوصَدٍ
كلَّما حرّكهُ السَّجانُ صَرْ
يتمشَّى دونَهُ ، حتَّى إذا
لحِقَتهُ نبأة ٌ منِّى استَقَر
كُلَّمَا دُرْتُ لأِقْضِي حَاجَة ً
قالَت الظُلمة ُ : مهلاً ، لا تَدُر
أتقرَّى الشَئَ أبغيهِ ، فلا
أجِدُ الشئَ ، ولا نفسى تقَر
ظُلمة ٌ ما إن بِها من كوكبٍ
غيرُ أنفاسٍ تَرامى بالشَرَرْ
فَاصْبِرِي يَا نَفْسُ حَتَّى تَظْفَرِي
إنَّ حُسنَ الصبرِ مفتاحُ الظَفَر
هِيَ أَنْفَاسٌ تَقَضَّى ، وَالْفَتَى
حيثُما كانَ أسيرٌ للقدَرْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْمِ، وَاعْتَادَنِي شَجْوِي
تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْمِ، وَاعْتَادَنِي شَجْوِي
رقم القصيدة : 23955
-----------------------------------
تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْمِ، وَاعْتَادَنِي شَجْوِي
وَأَصْبَحْتُ قَدْ بَدَّلْتُ نُسْكِيَ بِاللَّهْوِ
فقمْ عاطنيها قبلَ أنْ يحكمَ النهى
عَلَيَّ، وَيَسْتَهْوِي الزَّمَانُ عَلَى زَهْوِي
فَمَا الدَّهْرُ إِلاَّ نَابِلٌ، ذُو مكِيدَة ٍ
إذا نزعتْ كفاهُ في القوسِ لمْ يشوِ
فخذْ ما صفا منْ ودهِ قبلَ فوتهِ
فَلَيْسَ بِبَاقٍ فِي الْوِدَادِ عَلَى الصَّفْوِ
أَلاَّ إِنَّمَا الأَيَّامُ دُولاَبُ خُدْعَة ٍ
تَدُورُ، عَلَى أَنْ لَيْسَ مِنْ ظَمإٍ تُرْوِي
فَبَيْنَا تُرَى تَعْلُو عَلَى النَّجْمِ رِفْعَة ً
بِمَنْ كَانَ يَهْوَاهَا إِذِ انْقَلَبَتْ تَهْوِي
فراقبْ بجدًّ سهوة َ الدهرِ ، وَ التمسْ
مُنَاكَ، فَمَا يُعْطِيكَ إِلاَّ عَلَى السَّهْو
وَ لاَ يزعنكَ الصبرُ عنْ نيلِ لذة ٍ
فَعَمَّا قَلِيلٍ يَسْلُبُ الشَّيْبُ مَا تَحْوِي
أَلاَ رُبَّ لَيْلٍ قَصَّرَ اللَّهْوُ طُولَهُ
بهيفاءَ مثلِ الغصنِ ، بينة ِ السروِ
فَتَاة ٌ تُرِيكَ الْبَدْرَ تَحْتَ قِنَاعِهَا(27/86)
إِذَا سَفَرَتْ وَالْغُصْنَ فِي مَلْعَبِ الْحَقْوِ
إِذَا انْفَتَلَتْ بالْكَأْسِ خِلْتَ بَنَانَهَا
يُصَرِّفُ نَجْماً زَلَّ عَنْ دَارَة الْجَوِّ
وَإِنْ خَطَرَتْ بَيْنَ النَّدَامَى تَأَوَّدَتْ
كَأنْ لَيْسَ عُضْوٌ فِي الْقَوَامِ عَلَى عُضْوِ
وَ إني منَ القومِ الذينَ إذا انتووا
مهولاً منَ الأخطارِ باءوا على بأوِ
أُنَاسٌ إِذَا مَا أَجْمَعُوا الأَمْرَ أَصْبَحُوا
وَ ما همْ بنظارينَ للغيمِ وَ الصحوِ
غذا غضبوا ردوا الأمورَ لأصلها
كَمَا بَدَأَتْ وَاسْتَفْتَحُوا الأَرْضَ بِالْغَزْوِ
وَ إنْ حارتِ الأبصارُ في مدلهمة ِ
مِنَ الأَمْرِ جَاءُوا بِالإِنَارَة ِ وَالضَّحْوِ
شددتُ بهمْ أزرى ، وَ حكمتُ شرتي
فَيَا عَجَباً لِلْقَوْمِ يَبْغُونَ خُطَّتِي
وَأَصْبَحْتُ مَرْهُوبَ اللِّسانِ، كَأَنَّنِي
سعرتُ لظى بينَ الحضارة ِ وَ البدوِ
وَمَا شأْوُهُمْ شَأْوِي، وَلاَ عَدْوُهُمْ عَدْوِي
إذا ما رأوني مقبلاً أوحدوا لهمْ
شَكَاة ً، فَلاَ زَالُوا عَلَى ذَلِكَ الشَّكْوِ
يَرُومُونَ مَسْعَاتِي وَدُونَ مَنَالِهَا
مَرَاقٍ تَظَلُّ الطَّيْرُ مِنْ بُعْدِهَا تَهْوِي
وَ لاَ ، وَ أبي ما النصلُ في الفعلِ كالعصا
وَ لاَ القوسُ ملآنَ الحقيبة ِ كالخلوِ
لَقُلْتُ، وَقَالُوا فَاعْتَلَوْتُ، وَخَفَّضُوا
وَلَيْسَ أَخُو صِدْقٍ كَمَنْ جَاءَ بِاللَّغْوِ
وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّنِي بِتُّ سَاهِراً
وَنَامُوا، وَمَا عُقْبَى التَّيقُّظِ كَالْغَفْوِ
فَأَصْبَحْتُ مَشبُوبَ الزَّئِيرِ، وَأَصْبَحَتْ
لواطئَ فيما بينَ داراتها تعوى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لئن فرَّقت ما بيننا شقَّة النوى
لئن فرَّقت ما بيننا شقَّة النوى
رقم القصيدة : 23956
-----------------------------------
لئن فرَّقت ما بيننا شقَّة النوى
لعمرى ، وحالت دوننا نُوبُ الدَّهرِ
فَشَخْصُكَ في عَيْنِي، وَذِكْرُكَ فِي فَمِي
وحُبُّكَ فى قلبى ، وسِرُّكَ فى صَدرِى(27/87)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْم، وَاعْتَادَنِي زَهْوِي
تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْم، وَاعْتَادَنِي زَهْوِي
رقم القصيدة : 23957
-----------------------------------
تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْم، وَاعْتَادَنِي زَهْوِي
وَأَبْدَلْتُ مَأْثُورَ النَّزَاهَة ِ بِاللَّهْوِ
وَ ما كنتُ أخشى أنْ تعودَ غوايتي
إلى َّ ، وَ لكنْ نظرة ٌ حركتْ شجوى
عَلَى أَنَّنِي غَالَبْتُ شَوْقِي، فَعَزَّنِي
وَ ناديتُ حلمي أنْ يعودَ ، فلمْ يلوِ
وَ ماذا على منْ خامرَ الحبُّ قلبهُ
إِذَا مَالَ مَعْهُ لِلْخَلاَعَة ِ وَالصَّبْوِ؟
إذا المرءُ لمْ يعطِ الحياة َ نصيبها
مِنَ اللَّهْوِ، قَادَتْهُ الْهُمُومُ إِلَى الشَّكْو
وَهَلْ في الصِّبَا وَاللَّهْوِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى
إِذَا الْعِرْضُ لَمْ يَدْنَسْ بِإِثْمٍ، وَلاَ بَعْوِ؟
لَعَمْرُكَ مَا قَارَفْتُ في الْحُبِّ زَلَّة ً
وَلاَ قَادَنِي مَعَهَا إِلَى سَوْءَة ٍ خَطْوِي
وَلَكِنَّنِي أَهْوَى الْخَلاَعَة َ وَالصِّبَا
وَ أتبعُ آثارَ الفضيلة ِ وَ السروِ
سجية ُ نفسٍ أدركتْ ما تريدهُ
مِنَ الدَّهْرِ، فَاعْتَاضَتْ عَنِ السُّكْرِ بِالصَّحْوِ
و إني منَ القومِ الذينَ إذا انتووا
مهولاً منَ الأخطارِ باءوا على بأوِ
أناسٌ إذا ما أجمعوا الأمرَ أصبحوا
وَ ما همْ بمظارينَ للغيمِ وَ الصحوِ
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا الأُمُورَ لأَصْلِهَا
كَمَا بَدَأَتْ، واسْتَفْتَحُوا الأَرْضَ بالْغَزْوِ
وَ إنْ حارتِ الأبصارُ في مدلهمة ٍ
مِنَ الأَمْرِ، جَاءُوا بِالإِنَارَة ِ وَالضَّحْوِ
شددتُ بهمْ أزري ، وَ أحكمتُ مرَّتي
وَأَطْلَقْتُ مِنْ حَبْلِي، وَأَبْعَدْتُ فِي شَأْوِي
وَأَصْبَحْتُ مَرْهُوبَ اللِّسَانِ، كَأَنَّنِي
سعرتُ لظى بينَ الحضارة ِ والبدوِ
فَيَا عَجَبَا لِلْقَوْمِ يَبْغُونَ خُطَّتِي
وَ ما خطوهمْ خطوي ، وَ عدوهمْ عدوي
يَرُومُونَ مَسْعَاتِي، وَدُونَ مَنَالِهَا(27/88)
مَرَاقٍ تَظَلُّ الطَّيْرُ مِنْ بُعْدِهَا تَهْوِي
فَإِنْ تَكُ سِنِّي مَا تَطَاوَلَ بَاعُهَا
فَإِنِّي جَدِيرٌ بِالإِصَابَة ِ فِي الأَتْوِ
لَقُلْتُ، وَقَالُوا، فَاعْتَلَوْتُ، وَخَفَّضُوا
وَلَيْسَ أَخُو صِدْقٍ كَمَنْ جَاءَ بِاللَّغْوِ
وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّنِي بِتُّ سَاهِراً
وَنَامُوا، وَمَا عُقْبَى التَّيَقُّظِ كَالْعَفْوِ
فَأَصْبَحْتُ مَشْبُوبَ الزَّئِيرِ، وَأَصْبَحَتْ
كَأَكْلُبِ حَيٍّ بَيْنَ دَارَاتِهِ تَلْوِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> من طلبَ العزَّ بِلا آلة ٍ
من طلبَ العزَّ بِلا آلة ٍ
رقم القصيدة : 23958
-----------------------------------
من طلبَ العزَّ بِلا آلة ٍ
أَدْرَكَهُ الذُّلُّ مَكانَ الظَّفَرْ
فَاصْبِرْ عَلَى الْمَكْرُوهِ تَظْفَرْ بِما
شِئْتَ، فَقَدْ حَازَ الْمُنَى مَنْ صَبَرْ
وَقِفْ إِذَا مَا عرَضَتْ شُبْهَة ٌ
فاللَّبثُ خيرٌ مِن ركوبِ الغرَرْ
ولا تَقُولنَّ لشئٍ مضى
يَا لَيْتَهُ دَامَ، وَخُذْ مَا حَضَرْ
ولاَ تُعَامِلْ صاحِباً بِالَّتِي
تَرْجِعُ عَنْهَا تَائِباً تَعْتَذِرْ
وَغُضَّ مِنْ طَرْفِكَ إِنْ خِفْتَهُ
فَحَاجِبُ الشَّهْوَة ِ غَضُّ الْبَصَرْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كَفَى بِالضَّنَى عَنْ سَوْرَة ِ الْعَذْلِ نَاهِيَا
كَفَى بِالضَّنَى عَنْ سَوْرَة ِ الْعَذْلِ نَاهِيَا
رقم القصيدة : 23959
-----------------------------------
كَفَى بِالضَّنَى عَنْ سَوْرَة ِ الْعَذْلِ نَاهِيَا
فَأَهْوَنُ مَا أَلْقَاهُ يُرْضِي الأَعَادِيَا
بَلَوْتُ الْهَوَى حَتَّى بَلِيتُ، وَطَالَ بِي
مَريرُ النَّوَى حَتَّى نَسِيتُ التَّلاَقِيَا
وَمَا كُنْتُ ذَا غَيٍّ، وَلَكِنْ إِذَا الْهَوَى
أصابَ حليمَ القومِ أصبحَ غاويا
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو نَظْرَة ً مَا تَجَاوَزَتْ
حمى العينِ حتى أوردتني المهاويا
رَمَيْتُ بِهَا عَنْ غَيْرِ عَمْدٍ، فَلَمْ تَعُدْ(27/89)
عَلَى النَّفْسِ إِلاَّ بِالَّذِي كَانَ قَاضِيَا
هَجَرْتُ لَهَا أَهْلِي، وَفَارَقْتُ جِيرَتِي
وَغَاضَبْتُ فِي الْخُلاَّنِ مَنْ كَانَ رَاضِيَا
وَأَصْبَحْتُ مَسْلُوبَ الْجَنَانِ، كَأَنَّنِي
شَرِبْتُ بِكَأْسٍ تَتْرُكُ الْعَقْلَ سَاهِيَا
أدورُ ، وَ لاَ أدري وإنْ كنتُ حازماً
يَمِينِيَ أَدْنَى لِلْهُدَى مِنْ شِمَالِيَا
صَرِيعُ هَوى ً، لاَ أَذْكُرُ الْيَومَ بِاسْمِهِ
وَ لاَ أعرفُ الأشخاصَ إلاَّ تماديا
فَيَا عَيْنُ، لاَ زَالَتْ يَدُ السُّهْدِ تَمْتَرِي
أساكيبَ دمعٍ منكِ تروى المآقيا
فأنتِ التي أوردتِ قلبي منَ الهوى
مَوَارِدَ لَمْ تَتْرُكْ مِنَ الصَّبْرِ بَاقِيَا
أَطَعْتُكِ، فَاسْتَسْلَمْتُ بَعْدَ شَكِيمَة ٍ
أَعَضَّتْ بِأَطْرَافِ الشَّكِيمِ الْمَذَاكِيَا
فإنْ أنا سالمتُ الهوى بعدَ هذهِ
فلستُ ابنَ أمَّ المجدِ إنْ عدتُ ثانيا
يلومونَ أشواقي ، كأني ابتدعتها
وَلوْ عَلِمُوا لاَمُوا الظِّبَاءَ الْجَوَارِيَا
وَ ما لي ذنبٌ عندهمْ ، غيرَ أنني
شَدَوْتُ، فَعَلَّمْتُ الْحَمَامَ الأَغَانِيَا
وَ هلْ يكتمُ المرءُ الهوى وَ هوَ شاعرٌ
وَ يثني على َ أعقابهنَّ القوافيا ؟
فيا نسماتِ الفجرِ ، ما لكِ كلما
تَنَسَّمْتِ أَضْرَمْتِ الْهَوَى فِي فُؤَادِيَا
وَ يا سجعاتِ الأيكِ ! رفقاً بمهجة ٍ
. . . . . . . . . . . . . . .
وَ يا لمحاتِ البرقِ ! باللهِ خبري
أخلاى بالمقياسِ عني سلاميا
وَيَا عَذَبَاتِ الْبَانِ! إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا
تَمِيلُ مَعِي شَوْقاً، فَلُقِّيتَ دَاوِيَا
عوائدُ شوقٍ ألهبتْ لاعجَ الأسى
وَردتْ أمانيَّ الضميرِ هوافيا
لَعمْرُكَ، مَا فَارَقْتُ رَبْعِيَ عَنْ قِلًى
وَلاَ أَنَا وَدَّعْتُ الأَحِبَّة َ سَالِيَا
وَ لكنْ عدتني عنْ بلادي وَ جيرتي
عوادٍ أبتْ في البعدِ إلاَّ تماديا
زَمَانٌ تَوَلَّى غَيْرَ أَعْقَاب ذُكْرَة ٍ
تسوقُ إلى المرءِ الحليمِ التصابيا
فَيَا رَوْضَة َ الْمِقْيَاسِ! جَادَكِ سَلْسَلٌ(27/90)
منَ النيلِ يدعو للحنينِ السواقيا
وَ لاَ برحتْ للفخرِ نسمة ٌ
تَرُدُّ جَبِينَ النَّوْرِ أَزْهَرَ ضَاحِيَا
بِلاَدٌ صَحِبْتُ الْعَيْشَ فِيهَا مُنَعَّماً
وَأَجْرَيْتُ أَفْرَاسَ الْبَطَالَة ِ لاَهِيَا
فكمْ لذة ٍ أدركتُ فيها ، وَ نعمة ٍ
أصبتُ ، وَ آدابٍ تركتُ ورائيا
هِيَ الْوَطَنُ الْمَأْلُوفُ، وَالنَّفْسُ صَبَّة ٌ
بمنزلها الأدنى وَ إنْ نائيا
فَلاَ حَبَّذَا الدُّنْيَا إِذَا هِيَ أَدْبَرَتْ
وَإِنْ أَقْبَلَتْ يوْماً فَيَا حَبَّذَا هِيَا
نَشَدْتُ الْمُنَى عَوْداً وَقدْ كُنْتُ بَدْأَة ً
مطافِ أناسٍ ينشدونَ الأمانيا
فَإِنْ لَمْ أَنَلْ مِنْهَا نَصِيباً، فَإِنَّنِي
أَرَى الْيَأْسَ عَنْ بَعْضِ الْمَطَالِبِ كَافِيَا
وَ ماذا الذي تجدى على َّ فضائلي
إِذَا كُنَّ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ مَسَاوِيَا؟
فَلاَ اخْضَرَ سَاقُ الْبَقْلِ إِنْ بِتُّ طَاوِياً
وَ لاَ انهلَّ ماءُ المزنِ إنْ متُّ صاديا
العصر العباسي >> البحتري >> أيكم سائل زري
أيكم سائل زري
رقم القصيدة : 2396
-----------------------------------
أيكم سائل زريـ
ــقة عن حال بنتها
هي رتقاء يعجز اللفـ
ــظ عن قبح نعتها
ما لها من حر فتنـ
ــكح فيه سوى استها
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَنَبْأَة ٍ أَطْلَقَتْ عَيْنَيَّ مِنْ سِنَة ٍ
وَنَبْأَة ٍ أَطْلَقَتْ عَيْنَيَّ مِنْ سِنَة ٍ
رقم القصيدة : 23960
-----------------------------------
وَنَبْأَة ٍ أَطْلَقَتْ عَيْنَيَّ مِنْ سِنَة ٍ
كَانتْ حِبَالَة َ طَيْفٍ زَارَنِي سَحَرَا
فَقُمْتُ أَسْأَلُ عَيْنِي رَجْعَ مَا سمِعتْ
أُذْنِي، فَقَالَتْ: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْخَبَرا
ثُمَّ اشرأبَّت ، فأَلفَت طائراً حَذِراً
عَلَى قَضِيبٍ يُدِيرُ السَّمْعَ والْبَصَرَا
مُستوفِزاً يتنَزَّى فوقَ أيكَتهِ
تنَزَّى القلبَ طالَ العهدُ فادَّكرا
لاَ تَسْتَقِرُّ لَهُ سَاقٌ عَلَى قَدَمٍ
فكُلَّما هدأَت أنفاسهُ نَفرا(27/91)
يَهفو بهِ الغصنُ أحياناً ، ويرفَعهُ
دَحْوَ الصَّوَالِجِ فِي الدَّيْمُومَة ِ الأُكَرَا
ما بالهُ وهوَ فى أمنٍ وعافية ٍ
لاَ يَبْعَثُ الطَّرْفَ إِلاَّ خَائِفاً حَذِرَا؟
إِذَا عَلاَ بَاتَ فِي خَضْرَاءَ نَاعِمَة ٍ
وَإِنْ هوَى وَرَدَ الْغُدْرَانَ، أَوْ نَقَرَا
يَا طيْرُ نَفَّرْتَ عَنِّي طَيْفَ غَانِيَة ٍ
قَدْ كَانَ أَهْدَى لِيَ السَّرَّاءَ حِينَ سَرَى
حَوْراءُ كَالرِّئْمِ أَلْحَاظاً إِذَا نَظَرَتْ
وصُورة ِ البدرِ إشراقاً إذا سَفرا
زَالَتْ خَيَالَتُهَا عَنِّي، وَأَعْقَبَهَا
شَوقٌ أحالَ على َّ الهَمَّ والسَّهرا
فَهل إلى سنة ٍ إن أعوزَت صِلة ٌ
عَوْدٌ نَنَالُ بِهِ مِنْ طَيْفِهَا الْوَطَرَا؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أتاني أنَّ " عبدَ اللهِ " أصغى
أتاني أنَّ " عبدَ اللهِ " أصغى
رقم القصيدة : 23961
-----------------------------------
أتاني أنَّ " عبدَ اللهِ " أصغى
إِلَى وَاشٍ؛ فَغَيَّرَهُ عَلَيَّا
وَمَا عَهْدِي بِهِ غِرّاً، وَلَكِنْ
تَوَلَّتْ أَمْرَ فِطْنَتِهِ الْحُمَيَّا
فقلتُ لهُ : تثبتْ تلقَ رشداً
فَكَمْ مِنْ سُرْعَة ٍ وَهَبَتْكَ غَيَّا
فَإِنَّكَ لَوْ عَرْفتَ وِدَادَ قَلْبِي
إليكَ ، لجئتَ معتذراً إليا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَا أَطْوَلَ اللَّيْلَ عَلَى السَّاهِرِ!
مَا أَطْوَلَ اللَّيْلَ عَلَى السَّاهِرِ!
رقم القصيدة : 23962
-----------------------------------
مَا أَطْوَلَ اللَّيْلَ عَلَى السَّاهِرِ!
أما لِهذا اللَّيلِ مِن آخرِ ؟
يَا مُخْلِفَ الْوَعْدِ! أَلاَ زَوْرَة ٌ
أَقْضِي بِها الْحَقَّ مِنَ الزَّائِرِ؟
تَرَكتَنى من غمراتِ الهوَى
فى لًجِّ بَحرٍ بِالرَّدَى زاخِرِ
أَسْمَعُ فِي قَلْبِي دَبِيبَ الْمُنَى
وألمحُ الشُّبهة َ فى خاطِرِى
فَتَارَة ً أَهْدَأُ مِنْ رَوْعَتِي
وَتَارَة ً أَفْزَعُ كَالطَّائِرِ
وبينَ هاتينِ شبا لَوعَة ٍ(27/92)
لها بِقلبى فَتكة ُ الثَّائرِ
فهَل إلى الوُصلة ِ من شافعٍ ؟
أم هَل على الصَّبوة ِ من ناصرِ ؟
يا قلبُ لا تَجزَع ، فإنَّ المُنى
فى الصَّبرِ ؛ واللهُ معَ الصَّابرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رَجَعَ الْخِدِيو لِمِصْرِهِ
رَجَعَ الْخِدِيو لِمِصْرِهِ
رقم القصيدة : 23963
-----------------------------------
رَجَعَ الْخِدِيو لِمِصْرِهِ
وأتت طلائعُ نَصرهِ
وَتَهَلَّلَتْ بقُدُومِهِ
فرحاً أسرَّة ُ عَصرهِ
فلتَبتهِج أوطانهُ
بِحلولهِ فى قَصرهِ
وليَشتَهر تاريخهُ
رَجَعَ الْخِديو لِمِصْرِهِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بِكَ استقامَت مِصرُ حتَّى غَدَتْ
بِكَ استقامَت مِصرُ حتَّى غَدَتْ
رقم القصيدة : 23964
-----------------------------------
بِكَ استقامَت مِصرُ حتَّى غَدَتْ
يَحمَدُها الوارِدُ والصَادِرُ
وَكَيْفَ لاَ تُبْصِرُ قَصْدَ الْهُدَى
حُكُومَة ٌ أَنْتَ لَهَا ناظِرُ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أغُرَّة ٌ تحتَ طُرَّه
أغُرَّة ٌ تحتَ طُرَّه
رقم القصيدة : 23965
-----------------------------------
أغُرَّة ٌ تحتَ طُرَّه
أم نورُ فَجرٍ بِسُحرَه ؟
وَذَاكَ فَرْعٌ وَنَهْدٌ
أَمْ صَوْلَجَانٌ وَأُكْرَهْ؟
سمراءُ تَهفو بِقدٍّ
كالرُّمْحِ لِيناً وَسُمْرَهْ
مرَّت على َّ تَهادى
مِثْلَ الْمَهَاة ِ بِشَبْرَهْ
فقلتُ : يا نورَ عينِى !
مَا لِي عَلَى الصَّبْرِ قُدْرَهْ
فَنَقَّبَتْ وَجْنَتَيْهَا
يَدُ الْحَيَاءِ بِحُمْرهْ
وقالَت : اسكُت ، وإلاَّ
تَصِيرُ فِي النَّاسِ شُهْرَهْ
فَقُلْتُ هَلْ مِنْ وِصالٍ
يَكُونُ لِلْحُبِّ أُجْرَهْ؟
فاستَضحكَت ، ثُمَّ قالت
على الخَديعة ِ : بُكرَه !
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> غادة ٌ كالمَهاة ِ تَهفو بِخصرٍ
غادة ٌ كالمَهاة ِ تَهفو بِخصرٍ
رقم القصيدة : 23966
-----------------------------------
غادة ٌ كالمَهاة ِ تَهفو بِخصرٍ(27/93)
تَحْتَ بَنْدٍ كَمِعْصَمٍ فِي سِوار
تِلْكَ عَمْرِي هِيَ الْحَياة ُ، فَلا تُؤْ
ثِرْ عَلَيْهَا جَلاَئِلَ الأَوْطَارِ
فَاقْسِمِ الْعُمْرَ بَيْنَ جِدٍّ، وَهَزْلٍ
ووقارٍ طَوراً ، وخَلعِ عِذارِ
واسعَ تَيلُغ ما رُمتَهُ مِن نفيسٍ
فالمَساعى مدارِجُ الأحرارِ
قَدْ يَنَالُ الْفَتَى إِذَا كَانَ شَهْماً
مُبتَغاهُ فى ضَحوة ٍ مِن نَهارِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أُصافى خَليلى ما صَفا لى ، فإن جَفا
أُصافى خَليلى ما صَفا لى ، فإن جَفا
رقم القصيدة : 23967
-----------------------------------
أُصافى خَليلى ما صَفا لى ، فإن جَفا
عَتَبتُ عليهِ غيرَ جافٍ ، ولا وَعرِ
فإن عادَ لى بالوُدِّ عُدتُ ، وإن أبى
صبَرْتُ، لأَرْعَى ذِمَّة َ الْوُدِّ بِالصَّبْرِ
فإن زادَنى هَجراً ضَربتُ عن اسمهِ
وَأَمْسَكْتُ عَنْ سُخْطِي عَلَيْهِ وعَنْ شُكْرِي
وما تِلكَ منِّى نَبوة ٌ ، غيرَ أنَّنى
أنزِّهُ نَفسى عَن مُلابسَة ِ الغَدرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لِكلِّ حى ٍّ نَذيرٌ من طَبيعتهِ
لِكلِّ حى ٍّ نَذيرٌ من طَبيعتهِ
رقم القصيدة : 23968
-----------------------------------
لِكلِّ حى ٍّ نَذيرٌ من طَبيعتهِ
يوحِى إليهِ بِما تَعيا بهِ النُذُرُ
يَرْجُو وَيَخْشَى أُمُوراً لَوْ تَدَبَّرَها
لزالَ من قلبهِ التَّأميلُ والحذَرُ
تَراهُ يَسْعَى لِجَمْعِ الْمَالِ مُعْتَقِداً
أنَّ الْفَتَى مَنْ لَدَيْهِ السَّامُ وَالشَّذَرُ
وكيفَ تنفِى ثِيابُ المرءِ من دنَسٍ
وَقَلْبُ لاَبِسِها مِنْ غَدْرِهِ قَذِرُ؟
يَا فَارِسَ الْخَيْلِ، كَفْكِفْ عَنْ أَعِنَّتِها
فَقَدْ شَكَتْ فِعْلَكَ الأَحْلاسُ وَالْعُذُرُ
إن كنتَ تَبغى بِها ما لستَ تَبلغهُ
مِنَ الْبَقَاءِ فَبِئْسَ الْبُطْلُ وَالْهَذَرُ
إِنَّ الْحَيَاة َ وَإِنْ طَالَتْ إِلَى أَمَدٍ
والدَهرُ قُرحانُ ،لا يُبقِى ، ولا يَذَرُ
لا يأمنُ الصَّامتُ المَعصومُ صَولتهُ(27/94)
ولاَ يَدُومُ عَلَيْهِ النَّاطِقُ الْبَذِرُ
فَاضْرَعْ إِلَى اللَّهِ، وَاسْتَوْهِبْهُ مَغْفِرَة ً
تَمحو الذُّنوبَ ، فَجانى الذَّنبِ يَعتَذِرُ
وَاعْجَلْ، وَلاَ تَنْتَظِرْ تَوْباً غَدَاة َ غَدٍ
فَلَيْسَ فِي كُلِّ حِينٍ تُقْبَلُ الْعِذَرُ
هَيهاتَ ، لا يستوِى الشَّخصانِ فى عمَلٍ
هذا صَحيحٌ ، وهذا فاسِدٌ مَذِرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ألا هتفَت بالأيكِ ساجِعة ُ القُمرِ
ألا هتفَت بالأيكِ ساجِعة ُ القُمرِ
رقم القصيدة : 23969
-----------------------------------
ألا هتفَت بالأيكِ ساجِعة ُ القُمرِ
فَطُف بالحُميَّا ، فهى ريحانة ُ العُمرِ
وإن أنتَ أترَعتَ الأباريقَ فلتَكن
سُلاَفاً، وَإِيَّاكَ الْفَضِيخَ مِنَ التَّمْرِ
فقاتلة ُ العُرجونِ للفاقدِ النَّدى
وصافية ُ العُنقودِ للماجدِ الغَمرِ
مُوَرَّدَة ٌ، تَمْتَدُّ مِنْهَا أَشِعَّة ٌ
تَدورُ بِها فى ظلِّ ألوية ٍ حُمرِ
إذا شجَّها السَّاقونَ دارَ حبابُها
عَليها ، كما دارَ الشَّرارُ على الجَمرِ
ثَوتْ فى ضميرِ الدَّهرِ والجوُّ ظُلمَة ٌ
بِلا كوكب ، والأرضُ تَسبحُ فى غَمرِ
فجاءت ، ولولا عَرفُها وبريقُها
لَكَانَتْ خَفاً بَيْنَ الدَّسَاكِرِ كَالضَّمْرِ
تُزَفُّ بأَلْحَانِ الْمَثَانِي كُئُوسُهَا
كَمَا زُفَّتِ الْحَسْنَاءُ بِالطَّبْلِ وَالزَّمْرِ
كُمَيْتٌ جَرَتْ في حَلْبَة ِ الدَّهْرِ، فَانْطَوَتْ
ثَميلَتُها ، والخيلُ تُحمَدُ بالضُّمرِ
فكَم بينَ آصالٍ أدَرنا كئوسَها
وَبَيْنَ لَيَالٍ مِنْ كَوَاكِبِها نُمْرِ
إِذَا أَنْتَ قَامَرْتَ الزَّمَانَ عَلَى الْمُنَى
بِمَا دَارَ مِنْ أَقْداحِها فُزْتَ بِالْقَمْرِ
فخُذ فى أفانينِ الخلاعة ِ والصِّبا
ودَعنى مِن زَيدِ النُّحاة ِ ومِن عَمرِ
أولئكَ قَومٌ فى حُروبٍ تفاقمَتْ
ولكِن خَلَتْ مِن فَتكة ِ البيضِ والسُمرِ
فَمَا تَصْلُحُ الأَيَّامُ إِلاَّ إِذَا خَلَتْ(27/95)
قُلُوبُ الْوَرَى فِيها مِنَ الْحِقْدِ وَالْغِمْرِ
وَلاَ تَتَعَرَّضْ لامْرِىء ٍ بمَسَاءَة ٍ
ولا تحتلِبْ ضَرعَ الشِقاقِ ، ولا تَمرِ
ولا تَحتَقِر ذا فاقة ٍ بينَ طِمرهِ
فَيَا رُبَّ فَضْلٍ يَبْهَرُ الْعَقْلَ في طِمْرِ
وكيفَ يعيشُ المرءُ فى الدّهرِ آمناً
وَلِلْمَوْتِ فِينا وَثْبَة ُ اللَّيْثِ وَالنِّمْرِ؟
وَمَا أَحْسَبُ الأَيَّامَ تَصْفُو لِعاقِلٍ
ولَكِن صفاءَ العيشِ لِلجاهلِ الغًمرِ
سَعَيْتُ فَأَدْرَكْتُ الْمُنَى في طِلابِها
وكُلُّ امرئٍ فى الدَّهرِ يَسعى إلى أمرِ
العصر العباسي >> البحتري >> نصيبي منك لوم العاذلات
نصيبي منك لوم العاذلات
رقم القصيدة : 2397
-----------------------------------
نصيبي منك لوم العاذلات
وهجران بلغت به أذاتي
رأيت الغانيات يرين غنما
ردانا في صدود الغانيات
إذا لبنى ألامت في صنيع
أحالت بالملام على الوشاة
وما وعدت وشيكاً من نوال
فنطلب عندها نجح العدات
تجرعنا مرارة كل عيش
وبيء الورد معدوم العذاة
بحسبك ما تخوض لنا الليالي
من البين المبرح والشتات
سيبعد في التعقب كل ماض
ويقرب في الترقب كل آت
إذا حاولت في الدنيا خلوداً
أتاني ما أحاول أن يواتي
أرى سيري إلى أقصى سبيلي
لفرط الجد يمنعني التفاتي
لقد صدق المنقب عن حديثي
بدوي للأعادي وانصلاتي
وجدت الحكم ضيع حين أفضى
إلى سبع من الفساق عات
أيعترض المؤبن دون حقي
وتلك من الدواهي المعضلات!؟
تجاهل معشر مقدار سطوي
وقد لاحت لأعينهم سماتي
وأبقت حادثات الدهر مني
وإن خفضت يدي وحنت قناتي
سوائر من سهام الشعر تصمي
إذا جعلت تشيد بها رواتي
وعند بني الفرات عتيد نصر
إذا استنجدت نصر بني الفرات
خصوم النائبات، وكان مجداً
توليهم دفاع النائبات
مواهبهم نهايات الأماني
وأكفاء القوافي السائرات
أبا العباس لا تبرح ملياً
بتشييد العلا والمكرمات
أعدك لي صديقاً أرتضيه
لإذلال الأعزة من عداتي(27/96)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> نمَّ الصَبا ، وانتبهَ الطائرُ
نمَّ الصَبا ، وانتبهَ الطائرُ
رقم القصيدة : 23970
-----------------------------------
نمَّ الصَبا ، وانتبهَ الطائرُ
وَاسْتَحَرَ الصَّاهِلُ وَالْهَادرُ
وأَضْحَتِ الأَرْضُ لِفَيْضِ الْحَيَا
مَصقولة ً يَلهو بِها الناظِر
تَبْدُو بِها أَنْجُمُ زَهْرٍ لَهَا
مَنَازِلٌ يجْهَلُهَا الْخَابِرُ
كأنَّما ألبسها نَثرة ً
مِنَ النُّجُومِ الْفَلَكُ الدَّائِرُ
فقُمْ بِنا نَلهُ بِلَذَّاتِنا
فَإِنَّمَا الْعَيْشُ لَهُ آخِرُ
وَلاَ تَقُلْ: نَنَظُرُ مَا في غَدٍ
رُبَّ غدٍ آملهُ خاسِرُ
فَإِنَّمَا الْعَيْشُ وَلَذَّاتُهُ
في سَاعَة ٍ أَنْتَ بِهَا سَادِرُ
لا يَغنَمُ الَّلذَّة َ غَيرُ امرئٍ
لَيْسَ لَهُ عَنْ لَهْوِهِ زَاجِرُ
قَد خبرَ الدّهرُ ، فما غائبٌ
يجْهَلُهُ مِنْهُ، وَلاَ حَاضِرُ
يَا سَاقِيَيَّ، اعْتَوِرَا كَأْسَهَا
فَلِي بِها عَنْ غَيْرِهَا عَاذِرُ
حَمْرَاءُ تُلْقِي بِلَحَاظِ الْفَتَى
صِبْغاً بِهِ يَعْتَرِفُ النَّاكِرُ
تَفْعَلُ بِالشَّارِبِ أَضْعَافَ مَا
جَرَّ على عُنقودِها العاصِرُ
عَتَّقَهَا الدُّهْقانُ في دَيْرِهِ
حِيناً ، ولم يَشعر بِها شاعِرُ
شَجٍ بِها، يَكْتُمُهَا نَفْسَهُ
وهو ليرضاها غَداً صابِرُ
حتَّى إذا تمَّت مواقيتُها
وزالَ عَنها الزَّبدُ المائرُ
جاءَتْ وَقَدْ شَاكَلَهَا كَأْسُهَا
فاشتبهَ الباطِنُ والظَّاهِرُ
بِمِثْلِها تُعْجِبُنِي صَبْوَتِي
وَيَزْدَهِينِي اللَّيْلُ وَالسَّامِرُ
فَمَا لِهَذِي النَّاسِ في غَفْلَة ٍ
عمَّا إليهِ يَنتهى السَّائرُ ؟
أَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ مَضَتْ قَبْلَهُمْ
مِن أُممٍ ليسَ لها ذاكِرُ؟
إِنْ لَمْ يَكُنْ في الأَمْرِ مِنْ حِكْمَة ٍ
فَفِيمَ هذَا الشَّغَبُ الثَّائِرُ؟
كلُّ امرئٍ أسلمهُ عَقلهُ
فَمَا لَهُ مَنْ بَعْدِهِ نَاصِرُ(27/97)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ولما استقلَّ الحى ُّ فى رونقِ الضُّحى
ولما استقلَّ الحى ُّ فى رونقِ الضُّحى
رقم القصيدة : 23971
-----------------------------------
ولما استقلَّ الحى ُّ فى رونقِ الضُّحى
وَقَطَّعَ أَنْفَاسَ الْمُقِيمِ الْمُسَافِرُ
تَحوَّلَ راعِى الصَّبرِ عَنْ مُستقرِّهِ
وَبَاحَتْ بأَسْرَار الْقُلُوب النَّوَاظِرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَا بْنَ الَّذِي رَهَنَ الْخَمَّارَ سُبْحَتَهُ
يَا بْنَ الَّذِي رَهَنَ الْخَمَّارَ سُبْحَتَهُ
رقم القصيدة : 23972
-----------------------------------
يَا بْنَ الَّذِي رَهَنَ الْخَمَّارَ سُبْحَتَهُ
يومَ العروبة ِ فى عَدِّ القواريرِ
مَا زَالَ يَشْرَبُ خَمْراً غَيْرَ مُدَّكِرٍ
إثماً ، ويأكلُ سُحتاً غيرَ مَنحورِ
حَتَّى إِذَا نَالَ مِنْهُ السُّكْرُ قَامَ إِلَى
فيَّاضة ِ القَرءِ ، لم تُعهد بتَطهيرِ
فَكُنْتَ نُطفَة َ سُوءٍ قَدْ تَعَجَّلَهَا
داعى الغواية ِ من خمرٍ وخِنزيرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يأيُّها السَّرفُ المُدِلُّ بِنَفسهِ
يأيُّها السَّرفُ المُدِلُّ بِنَفسهِ
رقم القصيدة : 23973
-----------------------------------
يأيُّها السَّرفُ المُدِلُّ بِنَفسهِ
كَسَفِينَة ٍ في لُجِّ بَحْرٍ ماخِرهْ
أتَظنُّ أنَّ الفَخرَ ثَوبٌ مُعلمٌ
تَزهو بِلبستهِ ، وقِدرٌ باخِره ؟
هيهات ظَنُّكَ ، فالعُلا أمنيَّة ٌ
مِنْ دُونِ مَبْلَغِها بِحارٌ زَاخِرَهْ
أتلَفتَ دُنياكَ الَّتى أوتِيتها
وَلَسَوْفَ تَهْلِكُ حَسْرَة ً فِي الآخِرَهْ
تاللهِ لو راجعتَ نَفسكَ مرَّة ً
لَوَجَدْتَهَا مِنْ سُوءِ فِعْلِكَ سَاخِرَهْ
حَتَّامَ تَفْخَرُ بِالْجُدُودِ، وَلَمْ تَنَلْ
مَا أَحْرَزَتْ تِلْكَ الْجُدُودُ الْفَاخِرَهْ؟
فاجعَل لِنَفسكَ مِن فِعالِكَ شاهِداً
يُغْنِيكَ عَنْ ذِكْرِ الْعِظَامِ النَّاخِرَهْ(27/98)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> فَعلتُ خيراً بِقومٍ
فَعلتُ خيراً بِقومٍ
رقم القصيدة : 23974
-----------------------------------
فَعلتُ خيراً بِقومٍ
فعامَلونى بِضيرِ
فَلاَ تَلُمْنِي إِذَا مَا
أَصْبَحْتُ أَلْعَنُ خَيْرِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَلْهَتْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَهْ
أَلْهَتْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَهْ
رقم القصيدة : 23975
-----------------------------------
أَلْهَتْكُمُ الدُّنْيَا عَنِ الآخِرَهْ
وهِى َ مِنَ الجَهلِ بِكُم ساخِره
وَغَرَّكُمْ مِنْهَا وَأَنْتُمْ بِكُمْ
جُوعٌ إِلَيْهَا قِدْرُهَا الْبَاخِرَهْ
يَمْشِي الْفَتَى تِيهاً، وَفي ثَوْبِهِ
مِنْ مَعْطِفَيْهِ جِيفَة ٌ جَاخِرَهْ
كَأنَّهُ فى كِبرهِ سادِراً
سَفينَة ٌ فى لُجَّة ٍ ماخِرَه
كَم أنفسٍ عَزَّت بِسلطانِها
فِيما مَضَى وَهْي إِذَنْ داخِرَهْ
وعُصبة ٍ كانَت لأِموالِها
مَظِنَّة َ الْفَقْرِ بِها ذَاخِرَهْ
فَأَصْبحَتْ يَرْحَمُهَا مَنْ يَرَى
وَقَدْ غَنَتْ في نِعْمَة ٍ فَاخِرَهْ
فَلا جَوَادٌ صَاهِلٌ عَزَّهُمْ
يَوْماً، وَلاَ خَيْفَانَة ٌ شَاخِرَهْ
بَل عَمَّ دُنياهُم صُروفٌ،لَها
مِنَ الردَى أودِيَة ٌ زاخِره
يأيُّها النَّاسُ اتَّقوا رَبَّكم
وَاخْشَوْا عَذَابَ اللَّهِ والآخِرهْ
أنتُم قعودٌ ، والردَى قائمٌ
يُسْقِيكُمُ بِالْكُوبِ وَالصَّاخِرَهْ
فانتبِهوا مِن غَفلاتِ الهوى
وَاعْتَبِرُوا بِالأَعْظُمِ النَّاخِرَهْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لكَ الحَمدُ ، إنَّ الخيرَ مِنكَ ، وإنَّنى
لكَ الحَمدُ ، إنَّ الخيرَ مِنكَ ، وإنَّنى
رقم القصيدة : 23976
-----------------------------------
لكَ الحَمدُ ، إنَّ الخيرَ مِنكَ ، وإنَّنى
لِصُنعِكَ يا ربَّ السَمواتِ شاكِرُ
فأنتَ الَّذى أوليتنى كُلَّ نِعمَة ٍ
وَهَذَّبْتَنِي حَتَّى اصَطَفَتْنِي الْعَشَائِرُ(27/99)
فقرِّب لى الخيرَ الَّذى أنا راغِبٌ
وبَاعِدْنِيَ الشَّرَّ الَّذِي أَنَا حَاذِرُ
فليسَ لِمَن تُقصيهِ فى النَّاس نافِعٌ
ولَيْسَ لِمَنْ تُدْنِيهِ في النَّاسِ ضائِرُ
وَلاَ لاِمْرِىء ٍ أَلْهَمْتَهُ الرُّشْدَ خَاذِلٌ
وَلاَ لامْرِى ٍء أَورَدْتَهُ الْغَيَّ نَاصِرُ
فَإِنْ أَدْرَكَتْ نَفْسِي الْمَرَامَ، وَلَمْ أَقُمْ
مقامَ ضليعٍ بِالَّذى أنتَ آمرُ
فلا لاحَ لِى فى ذُروة المجدِ كَوكَبٌ
وَلاَ طَارَ لِي في قُنَّة ِ الْعِزِّ طائِرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> من خالفَ الحَزمَ خانَتهُ مَعاذِرهُ
من خالفَ الحَزمَ خانَتهُ مَعاذِرهُ
رقم القصيدة : 23977
-----------------------------------
من خالفَ الحَزمَ خانَتهُ مَعاذِرهُ
ومن أطاعَ هَواهُ قلَّ ناصِرهُ
ومَنْ تَرَبَّصَ بِالإخْوَانِ بَادِرَة ً
مِنَ الزَّمَانِ فَإِنَّ اللَّه قَاهِرُهُ
لا يَجملُ المرءُ فى ظَرفٍ وفى أدبٍ
مَا لَمْ تَكُنْ فَوْقَ مَرْآهُ سَرائِرُهُ
وَمَا الصَّدِيقُ الَّذِي يُرْضِيكَ بَاطِنُهُ
مِثْلَ الصَّدِيقِ الَّذِي يُرْضيِكَ ظَاهِرُهُ
قَدْ لاَ يَفُوهُ الْفَتَى بِالأَمْرِ يُضْمِرُهُ
وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ مَا تُخْفِي ضَمَائِرُهُ
أَسْتَوْدِعُ اللَّه عَصْراً قَدْ خَلَعْتُ بِهِ
عُذْرَ الْهَوَى وَهْوَ غَضَّاتٌ مَكَاسِرُهُ
لَمْ يَمْضِ مِنْ حُسْنِهِ مَا كُنْتُ أَعْهَدُهُ
حَتَّى أَصَابَ، سَوَادَ الْقَلْبِ نَاقِرُهُ
كيفَ الوصولُ إلى حالٍ نَعيشُ بها
وَالدَّهْرُ مأْمُونَة ٌ فِينا بَوَادِرُهُ؟
إذ لا صديقَ يسُرُّ السَمعَ غائبهُ
وَلاَ رَفِيقَ يَرُوقُ الْعَيْنَ حَاضِرُهُ
كُنَّا نَوَدُّ انْقِلاَباً نَسْتَرِيحُ بِهِ
حتَّى إذا تمَّ ساءتنا مَصايِرهُ
فَالْقَلْبُ مُضْطَرِبٌ فِيما يُحَاوِلُهُ
وَالْعَقْلُ مُخْتَبَلٌ مِمَّا يُحَاذِرُهُ
قد كانَ فى السَلفِ الماضينَ نافِعهُ
فصارَ فى الخلفِ الباقينَ ضائرهُ
ما أبعدَ الخيرَ فى الدنيا لِطالبهِ(27/100)
وأَقْرَبَ الشَّرَّ مِنْ نَفْسٍ تَحاذِرُهُ!
أَكُلَّمَا مَرَّ مِنْ دَهْرٍ أَوَائِلُهُ
كَرَّتْ بِمِثْلِ أَوَالِيهِ أَوَاخِرُهُ؟
إِنْ دَامَ هَذَا أَضَاعَ الرُّشْدَ كَافِلُهُ
فيما أرى ، وأطاعَ الغى َّ زاجِرهُ
تَنَكَّرَت مِصرُ بعدَ العُرفِ ، واضطربَت
قواعدُ المُلكِ حَتَّى ريعَ طائرهُ
فَأَهْمَلَ الأَرْضَ جَرَّا الظُّلْمِ حارِثُهَا
واسترجعَ المالَ خوفَ العُدمِ تاجِرهُ
وَاسْتَحْكَمَ الْهَوْلُ، حَتَّى ما يَبيتُ فَتى ً
في جَوْشَنِ اللَّيْلِ إِلاَّ وَهْوَ سَاهِرُهُ
وَيْلُمِّهِ سَكَناً، لَوْلاَ الدَّفِينُ بِهِ
منَ المآثرِ ما كنَّا نجاوزهُ
أَرْضَى بِهِ غَيْرَ مَغْبُوطٍ بِنِعْمَتِهِ
وفى سِواهُ المُنى لولا عَشائرهُ
يا نَفْسُ لاَ تَجْزَعِي، فَالْخَيْرُ مُنْتَظَرٌ
وَصَاحِبُ الصَّبْرِ لاَ تَبْلَى مَرائِرُهُ
لعلَّ بُلجة َ نورٍ يُستضاءُ بِها
بعدَ الظَلامِ الَّذى عَمَّت دياجرهُ
إِنِّي أَرَى أَنْفُساً ضَاقَتْ بِما حَمَلَتْ
وَسَوَفَ يَشْهَرُ حَدَّ السَّيْفِ شَاهِرُهُ
شَهرانِ أو بعضُ شَهرٍ إن هِى احتدَمت
وفى الجديدينِ ما تُغنى فواقِرهُ
فإن أصبتُ فعن رأى ٍ مَلكتُ بهِ
عِلمَ الغيوب ، ورأى ُ المرءِ ناظِرهُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أبابلُ رَأى َ العينِ أم هذهِ مِصرُ
أبابلُ رَأى َ العينِ أم هذهِ مِصرُ
رقم القصيدة : 23978
-----------------------------------
أبابلُ رَأى َ العينِ أم هذهِ مِصرُ
فإنِّى أرى فيها عيوناً هى َ السِحرُ
نَوَاعِس أَيْقَظْنَ الْهَوَى بِلَوَاحِظٍ
تَدِينُ لَهَا بِالْفَتْكَة ِ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
فليسَ لعقلٍ دونَ سُلطانِها حِمى ً
ولا لفؤادٍ دونَ غِشيانِها سِترُ
فَإِنْ يَكُ مُوسى أَبْطَلَ السِّحْرَ مَرَّة ً
فذلِكَ عصرُ المعجِزاتِ ، وذا عصرُ
فَأَيُّ فُؤادٍ لاَ يَذُوبُ صَبَابَة ً
وَمُزْنَة ٍ عَيْنٍ لاَ يَصُوبُ لَهَا قَطْرُ؟
بِنفسى وإن عَزَّت على َّ ربيبة ٌ(27/101)
مِنَ العينِ فى أجفانِ مُقلتِها فَترُ
فَتَاة ٌ يَرِفُّ الْبَدْرُ تَحْتَ قِناعِها
وَيَخْطِرُ في أَبْرَادِهَا الْغُصُنُ النَّضْرُ
تُرِيكَ جُمانَ الْقَطْرِ في أُقْحُوَانَة ٍ
مُفَلَّجَة ِ الأَطْرَافِ، قِيلَ لَهَا ثَغْرُ
تَدِينُ لِعَيْنَيْهَا سَوَاحِرُ "بَابِلٍ"
وتسكرُ من صَهباءِ ريقتها الخَمرُ
فيا ربَّة َ الخِدرِ الَّذى حالَ دونَهُ
ضَراغِمُ حربٍ ، غابَها الأَسَلُ السُمرُ
أَمَا مِنْ وِصَالٍ أَسْتَعِيدُ بِأُنْسِهِ
نَضَارَة َ عَيْشٍ كَانَ أَفْسَدَهُ الْهَجْرُ؟
رضيتُ منَ الدُّنيا بِحبِّكَ عالماً
بِأنَّ جُنُونِي في هَوَاكِ هُوَ الْفَخْرُ
فلا تَحسبى شوقى فُكاهة َ مازحٍ
فما هُوَ إلاَّ الجمرُ، أو دونهُ الجمرُ
هوى ً كضميرِ الزندِ ، لو أنَّ مَدمعى
تَأَخَّرَ عَنْ سُقْيَاهُ لاَحْتَرَقَ الصَّدْرُ
إِذَا مَا أَتَيْتُ الْحَيَّ فَارَتْ بِغَيْظِها
قُلُوبُ رِجَالٍ حَشْوُ آماقِها الْغَدْرُ
يَظُنُّونَ بِي شَرّاً، وَلَسْتُ بِأَهْلِهِ
وظَنُّ الفتى مِن غيرِ بيِّنة ٍ وِزرُ
وماذا عليهِم إن ترنَّمَ شاعِرٌ
بِقَافِيَة ٍ لاَ عَيْبَ فِيها، وَلاَ نُكْرُ؟
أفى الحقِّ أن تبكِى الحمائمُ شَجوها
ويُبلى فلا يبكِى على نَفسهِ حُرُّ ؟
وأى ُّ نَكيرٍ فى هوًى شبَّ وقدهُ
بِقَلْبِ أَخِي شَوْقٍ فَبَاحَ بِهِ الشِّعْرُ؟
فَلا يَبْتَدِرْنِي بِالْمَلاَمَة ِ عَاذِلٌ
فإنَّ الهوى فيهِ لمُعتذرٍ عُذرُ
إذا لم يَكن لِلحُبِّ فضلٌ على النُّهى
لما ذَلَّ حَى ٌّ لَلهوى ولَهُ قَدرُ
وَكَيْفَ أَسُومُ الْقَلْبَ صَبْراً عَلَى الْهوى
وَلَمْ يَبْقَ لِي فِي الْحُبِّ قلْبٌ وَلا صَبْرُ؟
لِيهنَ الهوى أنِّى خضَعتُ لِحُكمهِ
وَإِنْ كَانَ لِي فِي غَيْرِهِ النَّهْيُ والأَمْرُ
وإنِّى امرؤٌ تأبى لى الضَّيمَ صولة ٌ
مَوَاقِعُهَا فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ حُمْرُ
أَبِيٌّ عَلَى الْحِدْثَانِ، لاَ يَسْتَفِزُّنِي
عَظيمٌ ، ولا يأوى إلى ساحتى ذعرُ(27/102)
إذا صُلتُ صالَ الموتُ مِن وكراتهِ
وإن قُلتُ أرخى مِن أعنَّتهِ الشِعرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> للشعرِ فى الدَّهرِ حكمٌ لا يغيِّرهُ
للشعرِ فى الدَّهرِ حكمٌ لا يغيِّرهُ
رقم القصيدة : 23979
-----------------------------------
للشعرِ فى الدَّهرِ حكمٌ لا يغيِّرهُ
مَا بِالْحَوَادِثِ مِنْ نَقْضٍ وَتَغْيِيرِ
يَسمو بقومٍ ، ويهوى آخرونَ بهِ
كالدَّهرِ يجرى بميسورٍ ومَعسورِ
لهُ أوابدُ ، لا تنفكُّ سائرة ً
فى الأرضِ ما بينَ إدلاجٍ وتَهجيرِ
مِن كلِّ عائرة ٍ تستنُّ فى طلقٍ
يغتالُ بالبهرِ أنفاسَ المحاضيرِ
تَجرى معَ الشَّمسِ فى تيَّارِ كهربة ٍ
على إطارٍ مِنَ الأضواءِ مَسعورِ
تُطَارِدُ الْبَرْقَ إِنْ مَرَّتْ، وَتَتْرُكُهُ
في جوْشَنٍ مِنْ حَبِيكِ الْمُزْنِ مَزْرُورِ
صَحائِفٌ لَمْ تَزَلْ تُتْلَى بِأَلْسِنَة ٍ
للدَّهرِ فى كلِّ نادٍ مِنهُ معمورِ
يُزْهَى بِها كُلُّ سَامٍ في أَرُومَتِهِ
وَيَتَّقِي الْبَأْسَ مِنْهَا كُلُّ مَغْمُورِ
فكم بِها رَسَخت أركانُ مملكة ٍ
وكم بِها خَمدتْ أنفاسُ مَغرورِ
وَالشِّعْرُ دِيوانُ أَخْلاَقٍ يَلُوحُ بِهِ
مَا خَطَّهُ الْفِكْرُ مِنْ بَحْثٍ وَتَنْقِيرِ
كَمْ شَادَ مَجْداً، وَكَمْ أَوْدَى بِمَنْقَبَة ٍ
رفعاً وخفضاً بِمرجوٍّ ومَحذورِ
أبقى زُهيرٌ بهِ ما شادَهُ هَرِمٌ
مِنَ الْفَخَارِ حَدِيثاً جِدَّ مَأَثُورِ
وفلَّ جرولُ غَربَ الزبرِقانِ بهِ
فَبَاءَ مِنْهُ بِصَدْعِ غَيْرٍ مَجْبُورِ
أخزى جريرٌ بهِ حى َّ النُميرِ ، فما
عَادُوا بِغَيْرِ حدِيثٍ مِنْهُ مَشْهُورِ
لَوْلاَ أَبُ والطَّيِّبِ الْمَأْثُورُ مَنْطِقُهُ
ما سارَ فى الدَّهرِ يوماً ذِكرُ كافورِ
العصر العباسي >> البحتري >> سقيا لمجلسنا الذي آنسته
سقيا لمجلسنا الذي آنسته
رقم القصيدة : 2398
-----------------------------------
سقياً لمجلسنا الذي آنسته
واهاً لمجلسنا الذي أوحشته
صيرت مجلسنا بذكرك عامراً(27/103)
وحضرت آخر غيره فعمرته
فالذكر منك لنا نديم حاضر
والشخص منك لغيرنا صيرته
فلينعمن بطيب ذكراك يومنا
وليأنسن بك الذي جالسته
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> فُؤادى والهوى قَدَحٌ وخَمرٌ
فُؤادى والهوى قَدَحٌ وخَمرٌ
رقم القصيدة : 23980
-----------------------------------
فُؤادى والهوى قَدَحٌ وخَمرٌ
أما فى ذاكَ لى طَربٌ وسُكرُ ؟
يَلومونى على كَلفى بِليلَى
وليلى فى سماءِ الحُسنِ بَدرُ
لَهَا خَدٌّ بِهِ لِلْحُسْنِ وَرْدٌ
ولَحظٌ فيهِ للملكينِ سِحرُ
تَضنُّ علَى َّ بالتَّسليمِ تيهاً
وَهَلْ في سُنَّة ِ التَّسْلِيمِ وِزْرُ؟
يَلُوحُ جَبِينُهَا في طُرَّتَيْهَا
كَمَا أَوْفَى عَلَى الظَّلْمَاءِ فَجْرُ
وَتَبْسِمُ عَنْ جُمَانٍ في عَقِيقٍ
يُقالُ لَهُ بِحُكمِ الذوقِ : ثَغرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أبَى الضَّيمَ ، فاستلَّ الحُسامَ وأصحرا
أبَى الضَّيمَ ، فاستلَّ الحُسامَ وأصحرا
رقم القصيدة : 23981
-----------------------------------
أبَى الضَّيمَ ، فاستلَّ الحُسامَ وأصحرا
وَذُو الْحِلْمِ إِنْ سِيمَ الْهَوَانَ تَنَمَّرَا
وَطَارَتْ بِهِ في مُلْتَقَى الْخَيْلِ عَزْمَة ٌ
أَعَادَتْ خَبِينَ الصُّبْحِ بالنَّقْعِ أَكْدَرَا
فردَّ ذبابَ المشرفِى َّ مُثلَّما
وَغَادَرَ صَدْرَ السَّمْهَرِيِّ مُكَسَّرَا
جِلادُ امرئٍ آلى بِقائمِ سيفهِ
عَلَى الْمَجْدِ أَنْ يُولِيهِ نَصْراً مُؤَزَّرَا
جَدِيرٌ إِذَا مَا هَمَّ أنْ يَكْسُوَ الْقَنَا
وبيضَ الظُبا ثَوباً مِنَ الدَمِ أحمرا
وَمَا كُلُّ مَنْ سَاسَ الأَعِنَّة َ فَارِساً
وَلاَ كُلُّ مَنْ نَاشَ الأَسِنَّة َ قَسْوَرَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> حَبَّذا الراحُ فى أوانِ البَهارِ
حَبَّذا الراحُ فى أوانِ البَهارِ
رقم القصيدة : 23982
-----------------------------------
حَبَّذا الراحُ فى أوانِ البَهارِ(27/104)
وَاقْتِرانُ الْكُئُوسِ بِالنُّوَّارِ
وَرَنِينُ الأَوْتَارِ في فَلَقِ الصُّبْـ
حِ ، وسَجعُ الطُيورِ فى الأوكارِ
بَيْنَ جَوٍّ معَ الْغَمَائِمِ سَارٍ
وَفَضَاءٍ مَعَ الْجَدَاوِلِ جَاري
مَنْظَرٌ يَفْتِنُ الْعُقُولَ، وَيَجْلُو
صَفحاتِ القلوبِ والأبصارِ
إِنَّ عَصْرَ الشَّبَابِ فِينَا مُعَارٌ
وَاللَّيَالِي تَرُدُّ كُلَّ مُعَارِ
فَاسْرَحَا وَامْرَحَا، فَقَدْ آذَنَتْنَا
نَسماتُ الصبا بِخلعِ العِذارِ
واغنَما صَفوة َ الرَبيعِ بِداراً
فالأمانى مَعقودة ٌ بالبدارِ
هُوَ فصلٌ تَختالُ فيهِ غُصونُ الـ
ـرَّوْضِ في حِلْيَة ٍ مِنَ الأَزْهَارِ
مَائِساتٍ مِثْلَ الْعَذَارَى عَلَيْهِنَّ
نَّ ثِيابٌ دُرِّيَّة ُ الأزرارِ
غَمزتها يدُ الصَّبا ، فَتلوَّت
راقِصاتٍ على غِناءِ القَمارِى
رَشَفَتْ خَمْرَة َ النَّدَى مِنْ كُئُوسِ الـ
ـزَّهْرِ حَتَّى تَمَايَلَتْ مِنْ خُمَارِ
فانتبِه يا نديمُ ، واستَصبِحِ السَّا
قِى بِكأسٍ تَفيضُ بالأنوارِ
وَاسْقِيَانِي، وَغَنِّيَانِي بِلَحْنٍ
يَبعثُ النَّفسَ مِن إسارِ الوقارِ
فَلَقَدْ آذَنَ الشِّتَاءُ بِسَيْرٍ
واسْتَهَلَّتْ طَلاَئِعُ النُّوبَهارِ
وَاسْتَدَارَ النَّهَارُ حَتَّى تَساوَتْ
كِفَّتاهُ بينَ الدُّجى والنَّهارِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يلومونَنى فى الجودِ ، والجودُ مُزنَة ٌ
يلومونَنى فى الجودِ ، والجودُ مُزنَة ٌ
رقم القصيدة : 23983
-----------------------------------
يلومونَنى فى الجودِ ، والجودُ مُزنَة ٌ
إذا هملَت فى موضِعٍ نبتَ الشُّكرُ
إذا المرءُ لم ينفِقْ مِنَ المالِ وُسعَ ما
دَعتهُ المَعالِى فالثَّراءُ هُوَ الفقرُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَرَى كُلَّ شَيْءٍ عُرْضَة ً لِلتَّغَيُّرِ
أَرَى كُلَّ شَيْءٍ عُرْضَة ً لِلتَّغَيُّرِ
رقم القصيدة : 23984
-----------------------------------
أَرَى كُلَّ شَيْءٍ عُرْضَة ً لِلتَّغَيُّرِ(27/105)
فَمَا بَالُنَا بعْدَ الْحَقِيقَة ِ نَمْتَرِي؟
تَرسَّمْ فَضاءَ الأرضِ شَرقاً ومَغرِباً
عَسَاكَ تَرَى آثارَ كِسْرى وَقَيْصَرِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ألائمتِى كُفِّى الملامَ عنِ الَّذى
ألائمتِى كُفِّى الملامَ عنِ الَّذى
رقم القصيدة : 23985
-----------------------------------
ألائمتِى كُفِّى الملامَ عنِ الَّذى
أُحاوِلهُ من رحلة ٍ وسِفارِ
فلولا سُرَى البّدرِ المُنيرِ لَعاقَهُ
عنِ التِّمِّ لبثٌ فى مَغيبِ سِرارِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هيْهَاتَ، لَيْسَ لِحافِظٍ مِنْ مُشْبِهٍ
هيْهَاتَ، لَيْسَ لِحافِظٍ مِنْ مُشْبِهٍ
رقم القصيدة : 23986
-----------------------------------
هيْهَاتَ، لَيْسَ لِحافِظٍ مِنْ مُشْبِهٍ
فى القولِ غيرُ سَميِّهِ الشيرازى
جَارَاهُ في حُسْنِ الْبيَانِ، وَفَاتَهُ
فى المَنطِقِ العَربى ِّ بالإعجازِ
لَبِقٌ بِتَصْرِيفِ الْكَلاَمِ يَسُوقُهُ
ما شاءَ بينَ سُهولة ٍ وعَزازِ
فَإِذَا تَغَزَّلَ فَالنُّفُوسُ نَوَازِعٌ
وإذا تَحَمَّسَ فالقلوبُ نوازى
كَالصَّارِمِ الْبَتَّارِ في إِفْرِنْدِهِ
وصِقالهِ ، والمارنِ الهزهازِ
حَاكَ الْقَرِيضَ بِلَهْجَة ٍ عَرَبِيَّة ِ
أَغْنَتْ عَنِ الإِسْهَابِ بِالإِيجازِ
ألفاظُها نمَّت على ما تَحتها
وَصُدُورُهَا دَلَّتْ عَلَى الأَعْجَاز
فإذا تلاها قارئٌ لم يَشتَبِه
فى القولِ بينَ حقيقة ٍ ومَجازِ
عبَقت كأنفاسِ النَسيمِ تَعلَّقت
بِالرَّوضِ غِبَّ الْعَارِضِ الْمُجْتَازِ
قد كانَ جيدُ القَولِ عُطلاً قبلهُ
فَحباهُ أحسنَ حِلية ٍ وطِرازِ
مَلَكَتْ مَوَدَّتُهُ الْقُلُوبَ، فَأَصْبَحَتْ
تَلقاهُ بالتوقيرِ والإعزازِ
لاَ زَالَ يَبْلُغُ شَأْوَ كُلِّ فَضِيلَة ٍ
بِمضاءِ صَمصامٍ ، وصولة ِ بازِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هَل فى الخلاعة ِ والصِبا من باسِ
هَل فى الخلاعة ِ والصِبا من باسِ
رقم القصيدة : 23987(27/106)
-----------------------------------
هَل فى الخلاعة ِ والصِبا من باسِ
بيْنَ الْخَلِيجِ وَروْضَة ِ الْمِقْيَاسِ؟
أرضٌ كساها النيلُ مِن إبداعهِ
وَلِباسِهِ الْمَوْشِيِّ أَيَّ لِباسِ
فَكَأَنَّمَا هَوَتِ الْمَجَرَّة ُ بَيْنَهَا
فتشكلت فى جُملة ِ الأغراسِ
يَتَلَهَّبُ النُّوَّارُ في أَطْرَافِها
فَتَخَالُهُ قَبَساً مِنَ الأَقْبَاسِ
لَوْلاَ مِسَاسُ الطَّلِّ أَحْرَقَ ضَوْؤُهُ
ديلَ الخمائلِ : رَطبِها والعاسى
تَصْبُو الْعُيُونُ إِلَى سَنَاهُ، فَتَرْتَمِي
مَهوى الفراشة ِ لامِعُ النبراسِ !
نَو شامَ بَهجتها وحُسنَ رُوائها
فيما أظنُّ لحارَ عقلُ إياسِ
مَلْهَى أَخِي طَرَبٍ، وَمَلْعَبُ صَبْوَة ٍ
وَثَرَى بُلَهْنِيَة ٍ، وَدَارُ أُناسِ
مَا كُنْتُ في عُمْرِي لأَغْدُوَ نَحْوهَا
حَتى أَبِيتَ بِها صَرِيعَ الْكَاِس
يا ساقى ّ ، تنَبّها ، فَلَقَدْ بَدَا
فَلَقُ الصَّبَاحِ، وَلاَتَ حِينَ نُعَاسِ
طُوفَا عَلَيَّ بِها، فَقَدْ نَمَّ الصَّبَا
أَثْنَاءَ رَوْحَتِهِ بِسِرِّ الآسِ
مِنْ خَمْرَة ٍ أَفْنَى الزَّمَانُ شَبَابَهَا
فِى مُخْدَعٍ بِقَرَارَة الدّيمَاس
حُبِسَتْ عَنِ الأَبْصَارِ، حَتَّى إِنَّهَا
لَمْ تَدْرِ غَيْرَ الدّيْرِ والشّماس
يَنْزُو لِوَقْعِ الْمَاءِ دُرُّ حَبَابِها
نَزْوَ المَعَابِلِ طِرنَ عَنْ أَقواس
فَإِذَا تَعَاوَرَهَا الْمِزَاجُ تَوَجَّسَتْ
حَذَرَ الْمَهَانَة ِ أَيَّمَا إِيجاسِ
تشْتفُّ من تحْتِ الحبَاب ، كَأنّها
ياقُوتَة ٌ قَدْ رُصِّعَتْ بِالْمَاسِ
مَا حُل بَينَ القَوم عَقْدُ وِكائها
لِلشرْب إِلاَّ آدبت بِعُطاسِ
لاَ يَخْدَعَنَّكَ في الْمُدَامَة ِ جَاهِلٌ
إِنَّ الْمُدَامَة َ نُهْزَة ُ الأَكْيَاسِ
إِنَّ الْمُدَامَ أَسَاسُ كُلِّ طَرِيفَة ٍ
فاجْعَلْ بِناءَ اللَّهْوِ فَوْقَ أَساسِ
لاَ تجمَعُ الأَيامُ كيْفَ تَصَرَّفتْ
فى القَلب بَينَ الخَمْرِ والوَسواس
فَاسْتَوْثِقَا أَخَوَيَّ مِنْ شَأَنَيْكُمَا(27/107)
وَذَرَا الْمَطِيَّ تَمُورُ بِالإِحْلاَسِ
إِنَّ الْفَلاَة َ لَهَا رِجَالٌ غَيْرُنَا
يبغونَ نيلَ اليُسرِ بالإفلاسِ
إنَّ الغنى والفَقرَ فى هَذا الورى
لمُقَدَّرٌ ، واللهُ ذو قِسطاسِ
فَعلامَ يُبلى المرءُ جدَّة عُمرهِ
مُتَقَلِّباً بَيْنَ الرَّجَا وَالْيَاسِ؟
أَوَ لَيْسَ أَنَّ الْعَيْشَ لُبْسُ عَبَاءَة ٍ
وَسِدَادُ مَسْغَبَة ٍ، وَنَغْبَة ُ حَاسِي؟
تاللهِ لو علِمَ الرِجالُ بِمكرِها
عِلمى لباعوها بِغيرِ مِكاسِ
هِيَ سَاعَة ٌ تَمْضِي، وَتَأْتِي سَاعَة ٌ
والدَّهْرُ ذُو غِيَرٍ بِهَذَا النَّاسِ
فَخُذَا مِنَ الأَيَّامِ مَا سَمَحَتْ بِهِ
لِلنَفْسِ قَبْلَ تَعَذُّرٍ وَشِماسِ
وَإِذَا أَرَابَكُمَا الزَّمَانُ بِوَحْشَة ٍ
فاستمخِضاهُ اليُسرَ بالإيناسِ
إنَّ الروائمَ لا تدرُّ لَبونُها
إلاَّ بلينِ المسحِ والإبساسِ
فَلَرُبَّ صَعْبٍ عَادَ سَهْلاً بَعْدَمَا
قُطِعَتْ عَلَيْهِ مَرَائِرُ الأَنْفَاسِ
ما كُلُّ ما طلبَ الفتى هوَ مُدرَكٌ
إِنَّ الأُمُورَ بِحِكْمَة ٍ وَقِياسِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وذى نَخوة ٍ نازَعتهُ الكأسَ موهِناً
وذى نَخوة ٍ نازَعتهُ الكأسَ موهِناً
رقم القصيدة : 23988
-----------------------------------
وذى نَخوة ٍ نازَعتهُ الكأسَ موهِناً
على غِرَّة ِ الأحراسِ والَّليلُ دامِسُ
فَمَا زِلْتُ أَسْقِيهِ، وَأَشْرَبُ مِثْلَهُ
إلى أن هفا سُكراً وإنِّى لَجالسُ
فبِتُّ أقيهِ السُوءَ إذ كانَ صاحِبى
وَأَحْرُسُهُ، إِنِّي لَدَى الْخَوْفِ حَارِسُ
لَدى موطنٍ لا يَصحبُ المرءَ قلبهُ
حِذاراً ، ولا تسرى إليهِ الهواجسُ
عَدوٌّ ، وليلٌ مُظلِمٌ ، وصَواهِلٌ
تَجاذَبُ فى أرسانِها وتَمارسُ
فَلَمَّا اسْتَهَلَّ النُّورُ، وَانْحَسَرَ الدُّجَى
قَلِيلاً، وَحَنَّتْ لِلصَّبَاحِ النَّوَاقِسُ
دَنَوْتُ أُفَدِّيهِ، وَأَغْمِزُ كَفَّهُ
بِرِفْقٍ، وَأَدْعُو بِاسْمِهِ وَهْوَ نَاعِسُ
فجاوبنى والسُكرُ فى لَحظاتهِ(27/108)
يُسَائلُ: مَاذَا تَبْتَغِي؟ وَهْوَ عَابِسُ
فَقُلْتُ: أَفِقْ، هَذَا هُوَ الصُّبْحُ مُقْبِلٌ
عَلينا ، وهذى فى الذَهابِ الحنادِسُ
وَنَاوَلْتُهُ كَأْساً، فَمَدَّ بَنَانَهُ
إِلَيْهَا عَلَى كُرْهٍ بِهِ وَهْوَ آيِسُ
فما ذاقَها حتى تَهلَّلَ ضاحِكاً
وأقبلَ مَسروراً بِما هو آنسُ
ومِن شيمى بَذلً الودادِ لأهلِهِ
كذلك ، إنِّى فى الودادِ أنافسُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> خَلِّ الْمِرَاءَ لِفِتْيَة ِ الدَّرْسِ
خَلِّ الْمِرَاءَ لِفِتْيَة ِ الدَّرْسِ
رقم القصيدة : 23989
-----------------------------------
خَلِّ الْمِرَاءَ لِفِتْيَة ِ الدَّرْسِ
واعكُفْ على صَفراءَ كالورسِ
نورٌ توقَّدَ بينَ آنية ٍ
كَبَيَاضِ صُبْحٍ شَفَّ عَنْ شَمْسِ
هِيَ جَوْهَرٌ كَالنَّفْسِ، مَا بَرِحَتْ
تُهدى السُرورَ لكُلِّ ذى نَفسِ
قَد شاكلتها ، فَهى تألفها
والجنسُ يألفُ صُحبة َ الجنسِ
رَقَّتْ، وَدَقَّتْ فِي قُرَارَتِها
فَسَمتْ عنِ الإدراكِ بالحِسِّ
يَسْقِيكَهَا خَنِثٌ، شَمائِلُهُ
تَدعو إلى الَتقبيلِ والَّلمسِ
فاهنأ بعيشٍ ليسَ يوجَدُ فى
غيرِ الكرَى ، أو عالمِ الحدسِ
العصر العباسي >> البحتري >> عملنا في المقام كما أمرتا
عملنا في المقام كما أمرتا
رقم القصيدة : 2399
-----------------------------------
عملنا في المقام كما أمرتا
وأخرنا الرحيل كما أشرتا
عدات أعقبت ندماً طويلاً
وما المغرور إلا من غررتا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا ربَّ ليلٍ بِتُّ أسقى بهِ
يا ربَّ ليلٍ بِتُّ أسقى بهِ
رقم القصيدة : 23990
-----------------------------------
يا ربَّ ليلٍ بِتُّ أسقى بهِ
مَشمولة ً صَفراءَ كالورسِ
كأنَّها فى كأسِها شُعلَة ٌ
مَقبوسَة ٌ من كوكبِ الشَّمسِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أحِمى الجزيرَة ِ مَطلعُ الشَّمسِ
أحِمى الجزيرَة ِ مَطلعُ الشَّمسِ
رقم القصيدة : 23991(27/109)
-----------------------------------
أحِمى الجزيرَة ِ مَطلعُ الشَّمسِ
أم لاحَ ضَوءُ غزالة ِ الإنسِ ؟
خَرَجَتْ إِلَى الْبُسْتَانِ لاهِيَة ً
تَخْتَالُ بَيْنَ كَواعِبٍ خَمْسِ
فَتبعتُ مسراها على عَجلٍ
حتَّى ظَفِرتُ بنظرة ٍ خَلسِ
فَسَتَرْنَهَا عَنِّي، وَسِرْنَ بِها
في رَوْضَة ٍ فَيْنَانَة ِ الْغَرْسِ
فوقفتُ مَطويًّا على كمدٍ
وَمَضَتْ عَلَى آثارِهَا نَفْسِي
تِلْكَ الَّتِي لَوْلاَ هَوَايَ بِها
ما بِتُّ مِن أملٍ على يَأسِ
هَيْهَاتَ أَنْسَى حُسْنَ صُورَتِها
وحَوادِثُ الأيَّامِ قد تنسى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> نَزَعتُ عن الصِّبا ، وعصَيتُ نَفسى
نَزَعتُ عن الصِّبا ، وعصَيتُ نَفسى
رقم القصيدة : 23992
-----------------------------------
نَزَعتُ عن الصِّبا ، وعصَيتُ نَفسى
ودافَعتُ الغَواية َ بالتَّأسِّى
وَقُلْتُ لِصَبْوَتِي وَالْعَيْنُ غَرْقَى
بِأدمُعِها رويدكِ ،لا تَمسِّى
فَقَدْ وَلَّى الصِّبَا إِلاَّ قَلِيلاً
أُنازِعُ سؤرَهُ بِفضولِ كأسى
وَمَنْ يَكُ جَاوَزَ الْعِشْرِينَ تَتْرَى
وأَرْدَفَهَا بِأَرْبَعَة ٍ وخَمْسِ
فَقَدْ سَفَرَتْ لِعَيْنَيْهِ اللَّيَالِي
وبانَ لَهُ الهُدى من بَعدِ لبسِ
نَظَرْتُ إِلَى الْمِرَاة ِ فَكَشَّفَتْ لِي
قِناعاً لاحَ فيهِ قَتيرُ رأسى
وكُنتُ وكانَ فيناناً أثيثاً
أُنازِعُ شرَّتى ، وأذودُ بَأسى
فَعُدْتُ وَقَدْ ذَوَى مِنْ بَعْدِ لِينٍ
أُدَارِي صَبْوَتِي، وَأُسِرُّ يَأْسِي
فَمَا أَمْسِي كَيَوْمِي حِينَ أَغْدُو
على كِبر ، وما يومى كأمسِى
وَمَا الأَيَّامُ إِلاَّ صائِبَاتٌ
تَمُرُّ بِكُلِّ سَابِغَة ٍ وتُرْس
أبادَت قَبلنا إرماً وعاداً
وَطَارَتْ بَيْنَ ذُبْيَانٍ وَعَبْسِ
وألوت بالمُضللَِّ ، واستمالَتْ
عمادَ الشَّنفرى ، وهَوت بِقسِّ
فَلاَ "جمشيدُ" دَافَعَ إِذْ أَتَتْهُ
بحادثها ، ولا ربُّ الدِّرفسِ
عَلَى هذَا يَسِيرُ النَّاسُ طُرّاً(27/110)
ويبقى اللهُ خالِقُ كلِّ نفسِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أمولاى ، دُم لِلملكِ رَبًّا تسوسُهُ
أمولاى ، دُم لِلملكِ رَبًّا تسوسُهُ
رقم القصيدة : 23993
-----------------------------------
أمولاى ، دُم لِلملكِ رَبًّا تسوسُهُ
بِحِكْمَة ِ مَطْبُوعٍ عَلَى الْحِلْمِ وَالْبَاسِ
ولا زالتِ الأعيادُ تَجرى سُعودها
عَلَيْكَ، وَتَحْظَى مِنْ عُلاَكَ بِإِينَاسِ
فلولاكَ ما فازَتْ يَدُ القُطرِ بالمُنى
ولا نشأتْ روحُ العَدالة ِ فى النَّاسِ
وَهذَا لِسَانُ الشُّكْرِ يَدْعُ ومُؤَرِّخاً
حَوَى الْعِيدُ أَنْوَاعَ الْفَخَارِ بعَبَّاسِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يَقولُ أناسٌ والعجائبُ جمَّة ٌ
يَقولُ أناسٌ والعجائبُ جمَّة ٌ
رقم القصيدة : 23994
-----------------------------------
يَقولُ أناسٌ والعجائبُ جمَّة ٌ
متى أصبحَ الوزَّانُ ربَّ مجالس ِ؟
نَرى كُلَّ يَوْمٍ عُصْبَة ً في فِنائِهِ
تُجاذِبهُ أطرافَ تِلكَ الوساوسِ
فَقُلْتُ لَهُمْ: لا تَعْجَبُوا لاجْتِماعِهِمْ
لديهِ ؛ فإنَّ الحُشَّ مأوى الخنافسِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَمَلْتُ رَجَائي في غَدٍ، فَانْتَظَرْتُهُ
أَمَلْتُ رَجَائي في غَدٍ، فَانْتَظَرْتُهُ
رقم القصيدة : 23995
-----------------------------------
أَمَلْتُ رَجَائي في غَدٍ، فَانْتَظَرْتُهُ
فما جاءَ حتَّى طالَ حُزنى على أمسى
وقلَّبتُ أمرى فيكَ ، حتَّى إذا انقضَت
وَسَائِلُ مَا آتِي بَكَيْتُ عَلَى نَفْسِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَتَى تَرِدِ الْهِيمُ الْخَوَامِسُ مَنْهَلاً
مَتَى تَرِدِ الْهِيمُ الْخَوَامِسُ مَنْهَلاً
رقم القصيدة : 23996
-----------------------------------
مَتَى تَرِدِ الْهِيمُ الْخَوَامِسُ مَنْهَلاً
تَبُلُّ بِهِ الأَكْبَادَ وهْيَ عِطَاشُ؟
أرى الغيثَ عمَّ الأرضَ من كلِّ جانبٍ(27/111)
ومَوْضِعُ رَحْلِي لَمْ يُصِبْهُ رَشَاشُ
فَهَلْ نَهْلَة ٌ مِنْ جَدْوَل النِّيلِ تَرْتَوِي
بِها كَبِدٌ ظَمآنة ٌ ومُشاشُ ؟
وهلْ مِنْ مَقِيلٍ تَحْتَ أَفْنَانِ سِدْرَة ٍ
لَهَا مِنْ زَرَابِيِّ النَّبَاتِ فِراشُ؟
لَدى أيكة ٍ ريَّا الغصونِ ، كأنَّما
عَلَيْهَا مِنَ الزَّهْرِ الْجَنِيِّ رِياشُ
تَرَى الزَّهْرَ أَلْوَاناً، يَطِيرُ مَعَ الصَّبَا
كما هاجَ إبَّانَ الرَّبيعِ فراشُ
دِيَارٌ يَعِيشُ الْمَرْءُ فيهَا مُنَعَّماً
وأطيبُ أرضِ الله حيثُ يُعاشُ
فيا ربِّ ، رِشنى كى أعيشَ مُسدَّداً
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ السَّهْمُ حِينَ يُرَاشُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رَمَيْتُ فَلَمْ أُصِبْ، وَرَمَتْ فَأَصْمَتْ
رَمَيْتُ فَلَمْ أُصِبْ، وَرَمَتْ فَأَصْمَتْ
رقم القصيدة : 23997
-----------------------------------
رَمَيْتُ فَلَمْ أُصِبْ، وَرَمَتْ فَأَصْمَتْ
فَيَا عَجَبَا لِسَهْمٍ لاَ يطِيشُ!
حواجِبُهَا الْقِسِيُّ، وَلَحْظَتَاهَا
بِهَا سَهْمَانِ، والأَهْدَابُ رِيشُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ومرتبعٍ لُذنا بهِ غبَّ سُحرة
ومرتبعٍ لُذنا بهِ غبَّ سُحرة
رقم القصيدة : 23998
-----------------------------------
ومرتبعٍ لُذنا بهِ غبَّ سُحرة
وللصُّبحِ أنفاسٌ تَزيدُ وتنقُصُ
وقد مالَ للغربِ الهلالُ ، كأنَّهُ
بِمِنْقَارِهِ عَنْ حَبَّة ِ النَّجْمِ يَفْحَصُ
رَقِيقِ حَوَاشِي النَّبْتِ، أَمَّا غُصُونُهُ
فَريَّا ، وأمَّا زهرهُ فمنصَّصُ
إِذَا عَبَتْ أَفْنَانَهُ الرِّيحُ خِلْتَهَا
سَلاسِلَ تُلْوَى ، أَوْ غَدَائِرَ تُعْقَصُ
كأنَّ صِحافَ الزَّهرِ والطَّلُّ ذائبٌ
عُيُونٌ يَسِيلُ الدَّمْعُ مِنْهَا وَتَشْخَصُ
يَكَادُ نَسِيمُ الْفَجْرِ إِنْ مرَّ سُحْرَة ً
بساحَتهِ الشَّجراءِ لا يتخلَّصُ
كأنَّ شُعاعَ الشَّمسِ والرِّيحُ رَهوة ٌ
إذا رُدَّ فيهِ سارِقٌ يتربَّصُ
يَمُدُّ يَداً دُونَ الثِّمارِ، كَأَنَّمَا(27/112)
يُحاولُ مِنها غاية ً ، ثمَّ يَنكصُ
عَطفنا إليهِ الخيلَ فلَّ مسيرة ٍ
وللقومِ طَرفٌ من أذى السُهدِ أخوصُ
فَمَا أَبْصَرَتْهُ الْخَيْلُ حَتَّى تَمَطَّرَتْ
بِفُرسانِها ، واستتلَعت كيفَ تخلصُ
مَدى لحظَة ٍ حتَّى أتتهُ وماؤهُ
عَلَى زَهْرِهِ، والظِّلُّ لاَ يَتَقَلَّصُ
فَمدَّت بهِ الأعناقَ تَعطو وتختلى
نِهاباً ، وتُغلى فى النباتِ وتُرخِصُ
أقمنا بهِ شمسَ النهار ، وكُلُّنا
عَلَى مَا بهِ مِنْ شِدَّة ِ الْعُجْبِ يَحْرِصُ
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الشَّمْسَ جُنْحٌ مِنَ الدُّجَى
وأعرضَ تيهورٌ منَ الَّليلِ أعوصُ
دعونا بأسماءِ الجيادِ ، فأقبلت
لَواعبَ فى أرسانِها تترقَّصُ
وَقُمْنَا، وَكُلٌّ بَعْدَ مَا كَانَ لاَهِياً
بِأظلالهِ كُرهَ الرَّحيلِ مُنغَّصُ
يَودُّ الفتى ألاَّ يزالَ بِنِعمة ٍ
وليسَ لهُ من صولة ِ الدَهرِ مَخلَصُ
فللَّهِ عينَا من رأى مِثلَ حُسنهِ
وما أنا فيما قُلتهُ أتخرَّصُ
ظَفِرتُ بهِ فى حَقبة ٍ ، فقنصتهُ
على غِرَّة ِ الأيَّامِ ، واللَّهوُ يُقنَصُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بادرِ الفرصة َ ، واحذر فوتَها
بادرِ الفرصة َ ، واحذر فوتَها
رقم القصيدة : 23999
-----------------------------------
بادرِ الفرصة َ ، واحذر فوتَها
فَبُلُوغُ الْعِزِّ في نَيْلِ الْفُرَصْ
واغْتَنِمْ عُمْرَكَ إِبَّانَ الصِّبَا
فهو إن زادَ مع الشيبِ نقَص
إِنَّمَا الدُّنْيَا خَيَالٌ عَارِضٌ
قلَّما يبقى ، وأخبارٌ تُقصْ
تارة ً تَدجو ، وطوراً تنجلِى
عادة ُ الظِلِّ سجا ، ثمَّ قلص
فَابْتَدِرْ مَسْعَاكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ
بادرَ الصيدَ معَ الفجرِ قنصْ
لَنْ يَنَالَ الْمَرْءُ بِالْعَجْزِ الْمُنَى
إنَّما الفوزُ لمنْ هَمَّ فنَصْ
يَكدحُ العاقلُ فى مأمنهِ
فإذا ضاقَ بهِ الأمرُ شخَصْ
إِنَّ ذَا الْحَاجَة ِ مَا لَمْ يَغْتَرِبْ
عن حماهُ مثلُ طيرٍ فى قفصْ
وليكن سَعيَكَ مجداً كلُّهُ
إنَّ مرعَى الشرِّ مكروهٌ أحص(27/113)
وَاتْرُكِ الْحِرْصَ تَعِشْ في رَاحَة ٍ
قلَّما نالَ مُناهُ من حرَصْ
قد يضرُّ الشئُ ترجو نَفعهُ
رُبَّ ظَمْآنَ بِصَفْوِ الْمَاءِ غَصْ
ميِّزِ الأشياءَ تَعرفْ قدرها
لَيْسَتِ الْغُرَّة ُ مِنْ جِنْسِ الْبَرَصْ
واجتنب كُلَّ غبِّى ٍ مائقٍ
فَهْوَ كَالْعَيْرِ، إِذَا جَدَّ قَمَصْ
إِنَّمَا الْجَاهِلُ في الْعَيْنِ قَذًى
حيثُما كانَ ، وفى الصدرِ غصَصْ
واحْذَرِ النَّمَّامَ تَأْمَنْ كَيْدَهُ
فَهْوَ كَالْبُرْغُوثِ إِنْ دَبَّ قَرَصْ
يَرْقُبُ الشَّرَّ، فَإِنْ لاَحَتْ لَهُ
فُرْصَة ٌ تَصْلُحُ لِلْخَتْلِ فَرَصْ
سَاكِنُ الأَطْرَافِ، إِلاَّ أَنَّهُ
إن رأى منشبَ أُظفورٍ رقَص
وَاخْتَبِرْ مَنْ شِئْتَ تَعْرِفْهُ، فَمَا
يَعْرِفُ الأَخْلاَقَ إِلاَّ مَنْ فَحصْ
هذه حكمة ُ كهلٍ خابرٍ
فاقتنصها ، فهى َ نِعمَ المقتنصْ
شعراء العراق والشام >> عمر أبو ريشة >> طلل
طلل
رقم القصيدة : 240
-----------------------------------
قفي قدمي ! إن هذا المكان
يغيبُ به المرء عن حسه
رمالٌ وأنقاضُ صرحٍ هوت
أعاليه تبحثُ عن أُسه
أقلِّبُ طرفي به ذاهِلاً
وأسألُ يومي عن أمسِه
أكانت تسيلُ عليه الحياةُ
وتغفو الجفونُ على أنسه
وتشدو البلابلُ في سعده
وتجري المقاديرُ في نحسه
أأستنطقُ الصخرَ عن ناحِتيه
وأستنهضُ الميتَ من رمسه ؟
حوافر خيل الزمان المشت
تكاد تُحدِّثُ عن بؤسه
فما يرضع الشوكُ من صدرهِ
ولا ينعبُ البومُ في رأسه
وتلك العناكبُ مذعورةٌ
تريدُ التفلُّتَ من حبسهِ
لقد تعبتْ منه كفُّ الدمار
وباتت تخاف أذى لمسهِ
هنا ينفض الوهمُ أشباحهُ
وينتحرُ الموتُ في يأسه
العصر العباسي >> البحتري >> وذي ثقة تبدل حين أثرى
وذي ثقة تبدل حين أثرى
رقم القصيدة : 2400
-----------------------------------
وذي ثقة تبدل حين أثرى،
ومن شيمي مراقبة الثقات
فقلت له: عتبت بغير جرم
فراراً من مؤونات العدات
فعد لمودتي وعلي ألا
أبثك حاجة حتى الممات(27/114)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِذَا سُدْتَ في مَعْشَرٍ، فَاتَّبِعْ
إِذَا سُدْتَ في مَعْشَرٍ، فَاتَّبِعْ
رقم القصيدة : 24000
-----------------------------------
إِذَا سُدْتَ في مَعْشَرٍ، فَاتَّبِعْ
سَبِيلَ الرَّشَادِ، وَكُنْ مُخْلِصَا
ووالِ الكريمَ ، ودارِ السَّفيه
وصِل من أطاعَ ، وخُذْ من عصى
ونَقِّبْ لِتَعْلَمَ غَيْبَ الأُمُورِ
فإنَّ من الحَزمِ أن تفحصا
ولا تبقينَّ على فاجرٍ
فَإِنَّ اللِّئَامَ عَبِيدُ الْعَصَا
وَإِنْ خَفِيَ الْحَقُّ فَاصْبِرْ لَهُ
وَبَادِرْ إِلَيْهِ إِذَا حَصْحَصَا
وأخلِص لربِّكَ فى كلِّ ما
نويتَ ، تَجد عندهُ مخلصا
فَمَا الدَّهْرُ إِلاَّ خَيَالٌ سَرَى
وظِلٌّ إذا ما سَجا قلَّصا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَعَمْرُ أَبِيكَ مَا خَفَّتْ حَصَاتِي
لَعَمْرُ أَبِيكَ مَا خَفَّتْ حَصَاتِي
رقم القصيدة : 24001
-----------------------------------
لَعَمْرُ أَبِيكَ مَا خَفَّتْ حَصَاتِي
لِنازِلة ٍ، ولا ارْتَعَدَ الْفَرِيصُ
وَمَا قَصَّرْتُ في طَلَبِ الْمَعَالي
وَلَكِنْ رُبَّمَا خَابَ الْحَرِيصُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أينَ ليالينا بِوادى الغضَى ؟
أينَ ليالينا بِوادى الغضَى ؟
رقم القصيدة : 24002
-----------------------------------
أينَ ليالينا بِوادى الغضَى ؟
ذَلكَ عَهْدٌ لَيْتَهُ مَا انْقَضَى
كُنْتُ بِهِ مِنْ عِيشَتِي رَاضِياً
حَتَّى إِذَا وَلَّى عَدِمْتُ الرِّضَا
أَيَّامُ لَهْوٍ وَصِباً، كُلَّمَا
ذَكَرْتُهَا ضَاقَ عَلَيَّ الْفَضَا
فَآهِ مِنْ دَهْرٍ بِأَحْكَامِهِ
جَارَ عَلَيْنَا، وقضى ما قَضَى !
أَيَّ قِنَاعٍ مِنْ شَبَابٍ سَرَا؟
وأى َّ ثوبٍ من نعيمٍ نَضا ؟
قد بيَّض الأسودَ من لِمَّتى
يَا لَيْتَهُ سَوَّدَ ما بَيَّضَا
عَهْدٌ كَطَيْفٍ زَارَ، حَتَّى إِذَا
أشرقَ صبحٌ من مشيبى مضى
ما كانَ إلاَّ كنسيمٍ سرى(27/115)
وعارضٍ غامَ ، وبرقٍ أضا
وَلَّى ، وَلَمْ يُعْقِبْ سِوَى حَسْرَة ٍ
بَيْنَ الْحَشَا، كَالصَّارِمِ الْمُنْتَضَى
لَوْلا الْغَضَا ـ وَهْوَ مَطافُ الْهَوَى
مَا شَبَّ في قَلْبِيَ جَمْرُ الْغَضَى
أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ بِهِ شَادِناً
عذَّبنى بالصدِّ ، بل أرمضا
مُعْتَدِلُ الْقَامَة ِ، ذُو لَحْظَة ٍ
تَعَلَّمَ الْخَطِّيُّ مِنْهُ الْمَضَا
ظَبى ُ حِمى ً ، مذ غربتْ شمسهُ
عن ناظرى بالبينِ ما غمَّضا
قَدْ سَرَّنِي حينَ أَتَى مُقْبِلاً
وساءنى حينَ مَضى مُعرِضاً
حَمَّلَنِي مِنْ وَجْدِهِ لَوْعَة ً
لو نهضَ الدهرُ بها خفَّضا
قد أخذَ النومَ ، وما ردَّهُ
واستلبَ القلبَ ، وما عوَّضا
ما بالهُ ماطلَ فى وعدهِ ؟
أَلَمْ يَحِنْ لِلدَّيْنِ أَنْ يُقْتَضَى ؟
قَاضَيْتُهُ عِنْدَ مَلِيكِ الْهَوَى
فغلَّ حقِّى ، وأساءَ القضا
فَمَنْ لَهُ أَشْكُو وَقَدْ سَامَنِي
جَوراً ؟ وحقُّ الجورِ أن يُرفضا
تاللهِ لولا خَوفُ هِجرانهِ
مَا بَاتَ قَلْبِي عَانِياً مُحْرَضَا
فإنَّ لى من عزمتى صاحِباً
يَمنعُنى فى الروعِ أن أدحضا
ولَستُ مِمَّنْ إن دجا حادِثٌ
ألقى زِمامَ الأمرِ أو فوَّضا
لكنَّنى ألقى الردى حاسِراً
وَأَصْدَعُ الْخَصْمَ إِذَا عَرَّضَا
أَسْتَحْقِبُ الشَّهْدَ لِمَنْ وَدَّنِي
وَأَنْفُثُ السُّمَّ لِمنْ أَبْغَضَا
جَرَّدتُ نفسِى لِطِلابِ العُلا
والسَّيْفُ لاَ يُرْهَبُ أَوْ يُنْتَضَى
وَلِي مِنَ الْقَوْلِ نَصِيرٌ، إِذَا
دَعَوْتُهُ في حَاجَة ٍ أَوْفَضَا
سَلْ عَنِّيَ الْمَجْدَ، وَلاَ تَحْتَشِمْ
فالمجدُ يدرى أى َّ سيفٍ نضا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَرَوْعاءِ الْمَسَامِعِ ما تَمَطّتْ
وَرَوْعاءِ الْمَسَامِعِ ما تَمَطّتْ
رقم القصيدة : 24003
-----------------------------------
وَرَوْعاءِ الْمَسَامِعِ ما تَمَطّتْ
بِحَمْلٍ بَيْنَ سَائِمة ٍ مَخَاضِ
خَرَجْتُ بِها عَلَى الْبَيْدَاءِ وَهْناً(27/116)
خُرُوجَ اللَّيْثِ مِنْ سَدَفِ الْغِياضِ
تُقَلّبُ أَيْدياً مُتَسَابِقاتٍ
إِلى الْغَايات كَالّنْبِل الْمَواضى
مَدَدتُ زِماَمَها والصُبْحُ بَادٍ
فَمَا كَفْكَفْتُهَا وَاللَّيْلُ غَاضِي
فَمَا بَلَغَتْ مَغِيبَ الشّمس حَتّى
أَضَافَتْ آتِياً مِنْهُ بِمَاضِي
أَحَالَ السّيْرُجرّتها رَمَاداً
فَراحَتْ وَهْيَ خَاوِيَة ُ الْوِفَاضِ
وَمَا كانتْ لِتسْأَمَ ، غيْرَ أَنى
رَمَيْتُ بِها اعْتِزامِي واعْتِراضِي
هَتَكْتُ بِها سُتُورَ اللَّيْلِ حَتَّى
خَرَجْتُ مِنَ السَّوادِ إِلَى الْبَياضِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رَبَّ الْفُتُوَّة ِ، لاَ تَسْبِقْ إِلَى عَذَلٍ
رَبَّ الْفُتُوَّة ِ، لاَ تَسْبِقْ إِلَى عَذَلٍ
رقم القصيدة : 24004
-----------------------------------
رَبَّ الْفُتُوَّة ِ، لاَ تَسْبِقْ إِلَى عَذَلٍ
يَبِيتُ مِنْ مَسّهِ قَلبِى على مَضَضِ
فَإِنْ تكنْ هفوَة ٌ أَو زلّة ٌ عَرَضَتْ
فَالسَّهْمُ يَصْدِفُ أَحْيَاناً عَن الْغَرَضِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِذا أَنت أَبغَضْتَ اْمراً فَاخْشَ ضَرّهُ
إِذا أَنت أَبغَضْتَ اْمراً فَاخْشَ ضَرّهُ
رقم القصيدة : 24005
-----------------------------------
إِذا أَنت أَبغَضْتَ اْمراً فَاخْشَ ضَرّهُ
فَأَنْتَ لَدَيْهِ، مِثْلُ ذَاكَ بَغِيضُ
فَإِنَّ قُلُوبَ النَّاسِ تَمْتَازُ فِطْرَة ً
فَمنْهَا لِبَعْضٍ آلِفٌ وَنَقِيضُ
وَعَاشِرْ مِنَ الْخُلاَّنِ مَنْ كَانَ سَالِماً
فَلَيْسَ سَوَاءً سَالِمٌ وَمَرِيضُ
فَقَدْ لاَ يُفِيدُ الْقَوْلُ نُصْحاً وَحِكْمَة ً
إِذَا حَالَ مِنْ دُونِ الْقَريضِ جَرِيضُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَحَبَّبْ إِلَى الإِخْوَانِ بِالْحِلْمِ تَغْتَنِمْ
تَحَبَّبْ إِلَى الإِخْوَانِ بِالْحِلْمِ تَغْتَنِمْ
رقم القصيدة : 24006
-----------------------------------(27/117)
تَحَبَّبْ إِلَى الإِخْوَانِ بِالْحِلْمِ تَغْتَنِمْ
مَوَدَّتَهُمْ، فَالْحِلْمُ لِلشَّرِّ يَرْحَضُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَبَيْتُ الرَّدَّ للسُّؤالِ عِلْماً
أَبَيْتُ الرَّدَّ للسُّؤالِ عِلْماً
رقم القصيدة : 24007
-----------------------------------
أَبَيْتُ الرَّدَّ للسُّؤالِ عِلْماً
بِما فى ذَاكَ منْ بسطٍ وقَبْضِ
فَإِمَّا عَائِلٌ فَأَصُونُ مِنْهُ
وإِما فَاجرُ فَأَصُونُ عِرْضى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رَضِيتُ بِالْبَيْنِ إِيثَاراً عَلَى سَكَنٍ
رَضِيتُ بِالْبَيْنِ إِيثَاراً عَلَى سَكَنٍ
رقم القصيدة : 24008
-----------------------------------
رَضِيتُ بِالْبَيْنِ إِيثَاراً عَلَى سَكَنٍ
فى مَعْشرٍ ودهُمْ إِن أَخْلَصُوا مَرَضُ
فَمَا أَسِيتُ لِشَيْءٍ كُنْتُ أَمْلِكُهُ
فِي فَقْد أَوْجُهِهِمْ عَنْ ثَرْوَتِي عِوَضُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هل فى الزمانِ لنا حُكمٌ فنشترِطُ ؟
هل فى الزمانِ لنا حُكمٌ فنشترِطُ ؟
رقم القصيدة : 24009
-----------------------------------
هل فى الزمانِ لنا حُكمٌ فنشترِطُ ؟
أَمْ تِلْكَ أُمْنِيَّة ٌ فِي طَيِّهَا قَنَطٌ
نبكى على غيرِ شئ ، ثمَّ يُضحكنا
مَا لَيْسَ فِيهِ لَنَا بُقْيَا فَنَخْتَلِطُ
وَكَيْفَ نَرْجُو من الأَيَّامِ عَافِيَة ً
وَصِحَّة ُ الْمَرْءِ مَقْرُونٌ بِهَا السَّقَطُ؟
نَرْعَى مِنَ الدَّهْرِ غَيْثاً نَبْتُهُ أَسَفٌ
للرَّائدينَ، وَرَوْضاً زَهْرُهُ شَطَطُ
فلا يغرَّنكَ من دهرٍ بشاشتهُ
فَإِنَّمَا هُوَ بِشْرٌ تَحْتَهُ سخطُ
لاَ يُدْرِكُ الْغَايَة َ الْقُصْوَى سِوَى رَجُلٍ
ثَبْتِ الْعَزِيمَة ِ مَاضٍ حَيْثُ يَنْخَرِطُ
إن مسَّهُ الضَّيمُ ناجى السَّيفَ مُنتصراً
أو همَّهُ الأمرُ لم يعلق بهِ الثبطُ
فَاقْذِفْ بِنَفْسِكَ في أَقْصَى مَطَالِبِها
إِنَّ النَّجَاحَ بِسَعْيِ الْمَرْءِ مُرْتَبَطُ(27/118)
قد يظفرُ الفاتكُ الألوى بِحاجتهِ
وليسَ يُدركها الهيَّابة ُ الخَلِطُ
وَإِنْ شَأَتْكَ الْمُنَى فَاقْنَعْ بِأَقْرَبِها
فَلَيْسَ في كُلِّ حِينٍ يُدْرَكُ الْوَسَطُ
لاَ تَعْفُلَنَّ إِذَا أُمْنِيَّة ٌ عَرَضَتْ
فَإِنَّمَا الْعَيْشُ في هَذَا الْوَرَى لَقَطُ
إِنِّي وإِنْ كَانَتْ الأَيَّامُ قَدْ أَخَذَتْ
مِنِّى ، وأخنى على َّ الضَّعفُ والشَّمطُ
فقد أذوذُ السَّبنتى عن فريستهِ
وَأَفْجَأُ الْبَطَلَ الْحَامِي فَأَخْتَبِطُ
وَأَصْدَعُ الْجَيْشَ وَالْفُرْسَانُ مِنْ مَرَحٍ
تَحْتَ الْعَجاجِ بِأَطْرَافِ الْقَنَا نُخُطُ
فما بِنَصلى إن لاقى ضريبتهِ
نَكلٌ ، ولا فى جَفيرى أسهُم مُرُطُ
وَرُبَّ يَوْمٍ طَوِيلِ الْعُمْرِ قَصَّرَهُ
جَرْيُ السَّوَابِقِ والْوَخَّادَة ُ النُّشُطُ
كأنَّما الوحشُ من تلهابِ جمرتهِ
مُبدَّداً تحتَ أشجارِ الغضى خبَطُ
تَرى بِهِ الْقَوْمَ صَرْعَى لاَ حَرَاكَ بِهِمْ
كَأَنَّهُمْ مِنْ عَتِيقِ الْخَمْرِ قَدْ سَقَطُوا
وَلَيْلَة ٍ ذَاتِ تَهْتَانٍ وَأَنْدِيَة ٍ
كأنَّما البرقُ فيها صارمٌ سلطُ
لفَّ الغمامُ أقاسيها بِبُردتهِ
وَانْهَلَّ في حَجْرَتَيْهَا وَابِلٌ سَبِطُ
بَهْمَاءَ لاَ يَهْتَدِي السَّارِي بِكَوْكَبِهَا
مِنَ الْغَمَامِ، وَلاَ يَبْدُو بِها نَمَطُ
يَكَادُ يَجْهَلُ فِيها الْقَوْمُ أَمْرَهُمُ
لَوْلاَ صَهِيلُ جِيادِ الْخَيْلِ وَاللَّغَطُ
يَطْغَى بِها الْبَرْقُ أَحْيَاناً، فَيَزْجُرُهُ
مُخْرَنْطِمٌ زَجِلٌ مِنْ رَعْدِهَا خَمِطُ
كأنَّما البرقُ سَوطٌ ، والحيا نُجُبٌ
يَلُوحُ في جِسْمِها مِنْ مَسِّهِ حَبَطُ
كأنهُ صارمٌ يَرفضُّ من علقٍ
بالأفقِ يغمدُ أحياناً ويُخترطُ
مَزَّقتُ جِلبابها بالخيلِ طالعة ً
مِثلَ الحمائمِ فى أجيادِها العلطُ
وَقَدْ تَخَلَّلَ خَيْطُ النُّورِ ظُلْمَتَهَا
كَمَا تَخَلَّلَ شَعْرَ اللِّمَّة ِ الْوَخَطُ
كأنَّها وصديعُ الفجرِ يَصدعُها
من جانبٍ أدهَمٌ قد مسَّهُ نبط(27/119)
ومَربَعٍ لِنسيمِ الفَجرِ هينمة ٌ
فِيهِ، وَلِلطَّيْرِ في أَرْجَائِهِ لَغَطُ
كأنَّما القطرُ دُرٌّ فى جوانبهِ
يَكَادُ مِنْ صَدَفِ الأَزْهارِ يُلْتَقَطُ
وَلِلنَّسِيمِ خِلالَ النَّبْتِ غَلْغَلَة ٌ
كَمَا تَغَلْغَلَ وَسْطَ اللِّمَّة ِ الُمُشُطُ
وَالرِّيحُ تَمْحُو سُطُوراً، ثُمَّ تُثْبِتُهَا
فى النَهرِ ، لا صِحَّة ٌ فيها ولا غَلَطُ
وَلِلسَّماءِ خُيُوطٌ غَيْرُ وَاهِيَة ٍ
تَكَادُ تُجْمَعُ بِالأَيْدِي فَتُرْتَبَطُ
كأنَّها وَأكفُّ الريحِ تضربُها
سلوكُ عِقدٍ تواهَتْ ، فهى َ تَنخرِطُ
فالضوءُ مُحتبسٌ ، والماءُ مُنطلِقٌ
وَالْجَوُّ مُنْقَبِضٌ، وَالظِّلُّ مُنْبَسِطُ
لُذْنَا بِأَطْرافِهِ وَالطَّيْرُ عَاكِفَة ٌ
عليهِ ، والنورُ بِالظلماءِ مُختلطُ
فِي فِتْيَة ٍ رَضِعُوا ثَدْيَ الْوِفَاقِ، فَمَا
فيهِمْ إذا ما انتشوا جَورٌ ولا شططُ
تَحَالَفُوا في صَفَاءِ الْوُدِّ، وَاجْتَمَعُوا
على الوفاءِ طَوالَ الدَهرِ ، واشترطوا
كَالْغَيْثِ إِنْ وَهَبُوا، وَاللَّيْثِ إِنْ وَثَبُوا
وَالْمَاءِ إِنْ عَدَلُوا، وَالنَّار إِنْ قَسَطُوا
تكشَّفَ الدهرُ عنهم بعدَ غمتهِ
كما تكشَّف عن مكنونهِ السفطُ
مِيلٌ بِأبصارِهم نَحوى لِيستمعوا
قَوْلِي، وَكُلٌّ لأَمرِي طَائِعٌ نَشِطُ
إِنْ سِرْتُ سَارُوا، وإِنْ أَصْعَدْ إِلَى نَشَزٍ
كانوا صُعوداً ، وإن أهبِط بِهم هبطوا
يَمْشُونَ حَوْلي، كَمَا يَمْشِيِ الْقَطَا بَدَداً
فَإِنْ مَضَى بَقَطٌ مِنْهُمْ أَتَى بَقَطُ
أَنْ يَكْنُفُونيَ مِنْ حَوْلِي فَلاَ عَجَبٌ
لاَ يَسْقُطُ الطَّيْرُ إِلاَّ حَيْثُ يَلْتَقِطُ
نمشى بهِ بينَ أشجارٍ كأنَّ على
أَفْنَانِها مِنْ بُرُودِ الْيَمْنَة ِ الرِّيَطُ
مِثْلِ الطَّوَاوِيسِ فِي أَذْنَابِها عَجَبٌ
لِلنَّاظِرِينَ، وَفِي أَجْيَادِهَا عَنَطُ
كأنَّهنَّ جمالاتٌ مُوقَّرة ٌ
تَمورُ موراً على أثباجِها الغبُطُ
وَلِلْفَوَاخِتِ في أَفْنَانِها هَزَجٌ(27/120)
قد ماجَ من لَحنهنَّ السَّهلُ والفُرطُ
خُضْرُ الْجَنَاحَيْنِ وَالأَطْوَاقِ، تَحْسَبُهَا
أَطْفَالَ مَلْكٍ لَهَا مِنْ سُنْدُسٍ قُمُطُ
حَتَّى إِذَا حَلَّ ضَاحِي الْيَوْمِ حَبْوَتَهُ
وكادت الشَّمسُ بينَ الغربِ تَنهَبطُ
رُحنا نَجرُّ ذُيولَ العِزِّ ضافية ً
وَكُلُّنَا بِنَعِيمِ الْعَيْشِ مُغْتَبِطُ
يومٌ منَ الدَّهرِ أهوى لَو بذَلتُ لهُ
ما شاءَ فى مِثلهِ لو كانَ يشترِطُ
العصر العباسي >> البحتري >> أبا حسن إن حسن العزا
أبا حسن إن حسن العزا
رقم القصيدة : 2401
-----------------------------------
أبَا حَسَنٍ إنّ حُسْنَ العَزَا
ءِ عِنْدَ المُصِيبَاتِ وَالنازلاتِ
يُضَاعِفُ فِيهِ الإلهُ الثّوَا
بَ للصّابِرِينَ وَللصّابِرَاتِ
وَمنْزِلَةُ الصّبْرِ عِندَ البَلا
ءِ كمَنْزِلَةِ الشّكرِ عندَ الهِباتِ
وَمِنْ نِعَمِ الله لا شَكّ فِيهِ
بقاء البَنِينَ وَموْتُ البَناتِ
لِقَوْلِ النّبيّ عَلَيْهِ السّلا
م: دفن البَنَاتِ مِنَ المَكرُماتِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تمهَّل ، ولاتعجل إذا رُمتَ حاجة ً
تمهَّل ، ولاتعجل إذا رُمتَ حاجة ً
رقم القصيدة : 24010
-----------------------------------
تمهَّل ، ولاتعجل إذا رُمتَ حاجة ً
فَقَدْ يَلْحَقُ الْخُسْرَانُ مَنْ يَتَوَرَّطُ
فذو الحزمِ يرعى القصدَ فى كلِّ حالة ٍ
وَذُ والْجَهْلِ إِمَّا مُفْرِطٌ أَوْ مُفَرِّطُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سَكِرَتْ بِخَمْرِ حَدِيثِكِ الأَلْفَاظُ
سَكِرَتْ بِخَمْرِ حَدِيثِكِ الأَلْفَاظُ
رقم القصيدة : 24011
-----------------------------------
سَكِرَتْ بِخَمْرِ حَدِيثِكِ الأَلْفَاظُ
وَتَكَلَّمَتْ بِضَمِيرِكِ الأَلْحَاظُ
يَا دُمْيَة ً لَوْلا التَّقِيَّة ُ لاَسْتَوَتْ
في حُبِّهَا الْفُتَّاكُ والْوُعَّاظُ
مَا لِي مَنَحْتُكِ خُلَّتِي، وَجَزَيْتِني
نَاراً لَهَا بَيْنَ الضُّلُوعِ شُوَاظُ؟(27/121)
هَلاَّ مَنَنْتِ إِذ امْتَلَكْتِ! فَطَالَمَا
منَّ الكريمُ وقلبهُ مُغتاظُ
فلقد هجرتُ إليكِ جلَّ عشيرتى
فَقُلُوبُهُمْ أَبَداً عَلَيَّ غِلاَظُ
وَنَفَيْتِ عَنْ عَيْنِي الْمَنَامَ، فَمَالَهَا
غيرَ المدامعِ والسهادِ لماظُ
هدا ، وما اختضبت لِغيركِ أسهمٌ
بِدمى ، ولا احتكمت على َّ لحاظُ
فعلامَ تستمعينَ ما يأتى بهِ
عنِّى إليكِ الحاسِدُ الجوَّاظُ ؟
فَصِلِي مُحِبّاً، مَا أَصَابَ خَطِيئَة ً
فِي دِينِ حُبِّكِ، وَالْغَرَامُ حِفَاظُ
يَهْوَاكِ حَتَّى لاَ يَمِيلُ بِطَبْعِهِ
فِي حُبِّكِ الإِيذَاءُ وَالإِحْفَاظُ
نابً المضاجعِ ، لا تزورُ جفونَهُ
سِنَة ُ الْكَرَى ، وَأُولُو الْهَوَى أَيْقَاظُ
مُتحمِّلٌ ما لو تحمَّلَ بعضَهُ
أهلُ المحبَّة ِ والغرامِ لفاظُوا
فإذا استهلَّ تربَّعوا فيما جَرى
من دمعهِ، وإذا تنفَّسَ قاظوا
هَذَا هُوَ الْحُبُّ الَّذِي ضَاقَتْ بِهِ
تِلْكَ الصُّدُورُ، وَقَلَّتِ الْحُفَّاظُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> متى يَجدُ الإنسانُ خلاًّ موافِقاً
متى يَجدُ الإنسانُ خلاًّ موافِقاً
رقم القصيدة : 24012
-----------------------------------
متى يَجدُ الإنسانُ خلاًّ موافِقاً
يخففُّ عنهُ كلفة َ المتحفِّظِ ؟
فإنِّى رأيتُ النَّاسَ بينَ مُخادعٍ
لإخوانهِ ، أو حاسدٍ متغيِّظِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَنْ لِقَلْبِي بِشَادِنٍ
مَنْ لِقَلْبِي بِشَادِنٍ
رقم القصيدة : 24013
-----------------------------------
مَنْ لِقَلْبِي بِشَادِنٍ
لَمْ يُمَتَّعْ بِحَظِّهِ؟
قَدْ سَبَانِي بِطَرْفِهِ
وشجانى بِلفظِهِ
كُلُّ شَيْءٍ سَيَرْعَوِي
غَيْرَ قَلْبِي وَلَحْظَهِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَنْتَ مِنِّي مَا بَيْنَ فِكْرٍ ولَفْظِ
أَنْتَ مِنِّي مَا بَيْنَ فِكْرٍ ولَفْظِ
رقم القصيدة : 24014
-----------------------------------
أَنْتَ مِنِّي مَا بَيْنَ فِكْرٍ ولَفْظِ(27/122)
فَمَتَى يَشْتَفِي بِقُرْبِكَ لَحْظِي؟
غِبْتَ عَنِّي مَدَى ثَلاَثٍ، فَزَادَتْ
حَسَرَاتِي، وغَابَ أُنْسِي وَحَظِّي
فَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَلاَ تَنْسَ وَعْداً
لكَ بالوصلِ لا يزالُ بحفظِى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> متى أنتَ عَن أحموقة ِ الغى ِّ نازِعُ
متى أنتَ عَن أحموقة ِ الغى ِّ نازِعُ
رقم القصيدة : 24015
-----------------------------------
متى أنتَ عَن أحموقة ِ الغى ِّ نازِعُ
وفى الشَّيبِ للنَّفسِ الأبيَّة ِ وازِعُ ؟
أَلاَ إِنَّ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ حِجَّة ً
لِكُلِّ أَخِي لَهْوٍ عَنِ اللَّهْوِ رَادِعُ
فحتامُ تصبيكَ الغوانى بِدلِّها
وتَهْفُ وبِلِيتَيْكَ الْحَمَامُ السَّوَاجِعُ؟
أما لكَ فى الماضينَ قبلكَ زاجرٌ
يَكفُّكَ عن هذا ؟ بلى ، أنتَ طامِعُ
وَهَلْ يَسْتَفِيقُ الْمَرْءُ مِنْ سَكْرَة ِ الصِّبَا
إذا لم تُهذِّب جانبيهِ الوقائعُ ؟
يَرَى الْمَرْءُ عُنْوَانَ الْمَنُونِ بِرَأْسِهِ
ويذهبُ يُلهى نفسَهُ ويصانِعُ
أَلا إِنَّمَا هَذِي اللَّيَالِي عَقَارِبٌ
تَدِبُّ، وَهَذَا الدَّهْرُ ذِئْبٌ مُخَادِعُ
فلا تحسبنَّ الدَّهرَ لعبَة َ هازلٍ
فما هوَ إلاَّ صرفهُ والفجائعُ
فَيَا رُبَّمَا بَاتَ الْفَتَى وَهْوَ آمِنٌ
وأصبحَ قَد سُدَّت عليهِ المطالِعُ
ففيمَ اقتناءُ الدِّرعِ والسَّهمُ نافِذٌ ؟
وَفِيمَ ادِّخَارُ الْمَالِ وَالْعُمْرُ ضَائعُ؟
يَودُّ الفتى أن يَجمعَ الأرضَ كُلَّها
إليهِ ، ولمَّا يدرِ ما اللهُ صانِعُ
فَقَدْ يَسْتَحِيلُ الْمَالُ حَتْفاً لِرَبِّهِ
وَتَأْتِي عَلَى أَعْقَابِهِنَّ المَطَامِعُ
أَلا إِنَّمَا الأَيَّامُ تَجْرِي بِحُكْمِها
فَيُحْرَمُ ذُو كَدٍّ، وَيُرْزَقُ وَادِعُ
فلا تقعدَن للدهر تنظر غِبَّهُ
على حَسرة ٍ ، فاللهُ مُعطٍ ومانعُ
فلو أنَّ ما يُعطى الفتى قدرُ نفسهِ
لما باتَ رِئبالُ الشَّرى وهوَ جائعُ
ودَع كًلَّ ذى عقلٍ يسيرُ بعقلهِ
يُنازِعُ من أهوائهِ ما ينازعُ(27/123)
فما النَّاسُ إلاَّ كالَّذى أنا عالمٌ
قَدِيماً، وَعِلْمُ الْمَرْءِ بِالشَّيءِ نَافِعُ
ولستُ بِعلاَّمِ الغيوبِ ، وإنَّما
أَرَى بِلِحَاظِ الرَّأْيِ مَا هُوَ وَاقِعُ
وَذَرْهُمْ يَخُوضُوا، إِنَّمَا هِيَ فِتْنَة ٌ
لَهُمْ بَيْنَهَا عَمَّا قَلِيلٍ مَصَارِعُ
فَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ مَا هُوَ كَائِنٌ
لما نامَ سُمَّارٌ ، ولا هبَّ هاجِعُ
وما هذِهِ الأجسامُ إلاَّ هياكلٌ
مُصوَّرة ٌ ، فيها النُّفوسُ ودائعُ
فَأَيْنَ الْمُلُوكُ الأَقْدَمُونَ تَسَنَّمُوا
قِلاَل الْعُلاَ؟ فَالأرْضُ مِنْهُمْ بَلاقِعُ
مَضَوْا، وَأَقَامَ الدَّهْرُ، وَانْتَابَ بَعْدَهُمْ
مُلُوكٌ، وَبَادُوا، وَاسْتَهَلَّتْ طَلاَئِعُ
أَرَى كُلَّ حَيٍّ ذَاهِباً بِيَدِ الرَّدى
فهل أحدٌ ممَّن ترحَّلَ راجِعُ ؟
أنادى بِأعلى الصوتِ ، أسأل عنهمُ
فهل أنتَ يا دهرَ الأعاجيبِ سامِعُ ؟
فإن كنتَ لم تَسمع نِداءً ، ولم تُحرْ
جَوَاباً، فَأَيُّ الشَّيْءِ أَنْتَ أُنَازِعُ؟
خيالٌ لَعمرى ، ليسَ يُجدى طِلابهُ
وَمَأْسَفَة ٌ تُدْمَى عَلَيْهَا الأَصَابعُ
فَمَنْ لِي وَرَوْعَاتُ الْمُنَى طَيْفُ حَالِمٍ
بِذِي خُلَّة ٍ تَزْكُو لَديْهِ الصَّنَائعُ؟
أشاطِرهُ ودِّى ، وأُفضى لِسمعهِ
بِسرِّى ، وأُمليهِ المُنى وهو رابِعُ
لَعلِّى إذا صادفتُ فى القولِ راحة ً
نَضَحْتُ غَلِيلاً مَا رَوَتْهُ الْمَشَارِعُ
لَعَمْرُ أَبِي، وهْو الَّذِي لَوْ ذَكَرْتُهُ
لما اختالَ فخَّارٌ ، ولا احتالَ خادِعُ
لما نازَعتنى النَّفسُ فى غيرِ حَقِّها
وَلاَ ذَلَّلَتْنِي لِلرِّجَال الْمطَامِعُ
ومَا أَنَا وَالدُّنْيَا نَعِيمٌ وَلَذَّة ٌ
بِذِي تَرَفٍ تَحْنُو عَلَيْهِ الْمَضَاجِعُ
فلا السيفُ مَفلولٌ ، ولا الرَّأى ُ عازبٌ
وَلاَ الزَّنْدُ مَغْلُولٌ، وَلاَ السَّاقُ ظَالِعُ
وَلَكِنَّنِي فِي مَعْشَرٍ لَمْ يَقُمْ بِهِمْ
كَرِيمٌ، وَلَمْ يَرْكَبْ شَبَا السَّيْفِ خَالِعُ
لواعبُ بالأسماءِ يبتدِرونها(27/124)
سَفاهاً ، وبالألقابِ ، فهى بضائعُ
وهلْ فِي التَّحَلِّي بِالْكُنَى مِنْ فَضِيلَة ٍ
إذا لم تزيَّن بِالفعالِ الطبائعُ ؟
أُعاشِرُهُمْ رَغْماً، وَوُدِّي لَوَ انَّ لِي
بِهِمْ نَعَماً أَدْعُو بِهِ فَيُسَارعُ
فيا قومُ ، هبُّوا ، إنَّما العُمرُ فرصة ً
وفى الدهرِ طُرقٌ جَمَّة ٌ ومنافِعُ
أَصَبْراً عَلَى مَسِّ الْهَوَانِ وَأَنْتُمُ
عديدُ الحصى ؟ إنِّى إلى اللهِ راجِعُ
وَكَيْفَ تَرَوْنَ الذُّلَّ دَارَ إِقَامَة ٍ
وذلكَ فضلُ اللهِ فى الأرضِ واسِعُ
أرى أرؤساً قَد أينعتْ لِحصادِها
فَأَيْنَ وَلاَ أَيْنَ السُّيُوفُ الْقَوَاطِعُ؟
فكونوا حصيداً خامدينَ ، أوِ افزعوا
إِلَى الْحَرْبِ حَتَّى يَدْفَعَ الضَّيْمَ دَافِعُ
أهبتُ ، فعادَ الصَوتُ لم يَقضِ حاجة ً
إلى َّ ، ولبَّانى الصَدى وهوَ طائعُ
فَلَمْ أَدْرِ أَنَّ اللَّه صوَّرَ قَبْلَكُمْ
تماثيلَ لم يُخلَقْ لَهُنَّ مسامِعُ
فلا تَدعوا هَذى القلوبَ ، فإنَّها
قواريرُ مَحنى ٌّ عليها الأضالِعُ
وَدُونَكُمُوهَا صَعْدَة ً مَنْطِقِيَّة ً
تَفُلُّ شَبَا الأَرْمَاحِ وَهْيَ شَوَارِعُ
تَسِيرُ بهَا الرُّكْبَانُ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ
وتلتفُّ من شوقٍ إليها المجامعُ
فَمِنْهَا لِقَوْم أَوْشُحٌ وَقَلائِدٌ
ومنها لِقومٍ آخرينَ جوامعُ
ألا إنَّها تِلكَ الَّتى لو تنزَّلت
على جبلٍ أهوت بهِ ، فهو خاشِعُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معى
أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معى
رقم القصيدة : 24016
-----------------------------------
أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معى
وَنَدَى الْغَمَامَة ِ يَسْتَهِلُّ لِمَدْمَعِي؟
مَا لِلنَّسِيمِ بَلِيلَة ٍ أَذْيَالُهُ؟
أَتُرَاهُ مَرَّ عَلَى جَدَاوِلِ أَدْمُعِي؟
بل ما لِهذا البرقِ مُلتهِبَ الحشا ؟
أَسَمَتْ إِلَيْهِ شَرَارَة ٌ مِنْ أَضْلُعِي؟
لم أدرِ هل شعرَ الزمانُ بِلوعتى
فرثى لَها ، أم هاجتِ الدُنيا مَعى ؟(27/125)
فالغيثُ يَهمى رِقَّة ً لِصبابتى
وَالطَّيْرُ تَبْكِي رَحْمَة ً لِتَوَجُّعِي
خَطَرَاتُ شَوْقٍ، أَلْهَبَتْ بَجَوَانِحِي
نَاراً يَدِبُّ أَزِيزُهَا فِي مِسْمَعِي
وَجَوًى كَأَطْرَافِ الأَسِنَّة ِ، لَمْ يَدَعْ
لِلصَّبْرِ بَيْنَ مَقِيلِهِ مِنْ مَفْزَعِ
يأهلَ ذا النادى ! أليسَ بكم فتى ً
يَرثى لويلاتِ المشوقِ المولعِ ؟
أَبْكِي، فَيَرْحَمُنِي الْجَمَادُ، وَلاَ أَرَى
خِلاًّ يَرِقُّ إِلَى شَكَاتِي، أَوْ يَعِي
فإذا دَعوتَ بِصاحبٍ لم يَلتفِتْ
وإذا لجأتَ إلى أخٍ لم ينفَعِ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّنِي أَشْكُوُ الْهَوَى
والذنبُ لى فى كُلِّ ما أنا مُدَّعِى
قَدْ طَالَمَا يَا قَلْبُ قُلْتُ لَكَ احْتَرِسْ
أَرَأَيْتَ كَيْفَ يَخِيبُ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ؟
أوقعتَ نَفسكَ فى حبائلِ خُدعة ٍ
لاَ تُسْتَقَالُ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ أَوْ دَعِ
يا ظبية المقياس ! هذا مَدمعى
فرِدِى ، وهذا روضُ قلبى فارتعى
إن كانَ لا يرضيكِ إلاَّ شِقوتى
فلقد بلغتِ مُناكِ مِنها ، فاقنَعى
أنا منكِ بينَ صبابة ٍ لاتنقضِى
أيَّامها ، وغواية ٍ لم تُقلعِ
فثِقى بِما تمليهِ ألسنة َ الهوى
وَهْيَ الدُّمُوعُ، فَحَقُّهَا لَمْ يُدْفَعِ
لاتحسبى قولى خديعة َ ماكرٍ
إِنَّ الْوَفِيَّ بعَهْدِهِ لَمْ يَخْدَعِ
إِنِّي لأَقْنَعُ مِنْ هَوَاكِ بنَظْرَة ٍ
وَأَعُدُّهَا صِلَة ً إِذَا لَمْ تَمْنَعِي
هَذِي مُنَايَ، وَحَبَّذَا لَوْ نلْتُهَا
عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، فَهْيَ أَكْبَرُ مُقْنِعِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هل من فتى ً يَنشدُ قَلبى مَعى
هل من فتى ً يَنشدُ قَلبى مَعى
رقم القصيدة : 24017
-----------------------------------
هل من فتى ً يَنشدُ قَلبى مَعى
بَيْنَ خُدُورِ الْعِينِ بِالأَجْرَعِ؟
كانَ مَعِى ، ثُمَّ دعاهُ الهوى َ
فَمَرَّ بِالْحَيِّ، ولم يَرْجعِ
فهل إذا ناديتُهُ باسمهِ
يُفِيقُ مِنْ سَكْرَتِهِ أَوْ يَعِي؟
هَيهاتَ يَلقى رَشداً بعدَ ما(27/126)
أغواهُ لَحظُ الرشإ الأتلعِ
فيا دُموعَ القطرِ سِيلى دماً
وَيَا بَنَاتِ الأَيْكِ نُوحِي مَعِي
وَأَنْتِ يَا نَسْمَة َ وَادِي الْغَضَى
مُرِّي بِرَيَّاكِ عَلَى مَرْبَعِي
وَأَنْتِ يَا عُصْفُورَة َ الْمُنْحَنَى
بِاللَّهِ غَنِّي طَرَباً، وَاسْجَعِي
وَأَنْتِ يَا عَيْنُ إِذَا لَمْ تَفِي
بِذِمَّة ِ الدَّمْعِ، فَلاَ تَهْجَعِي
صَبَابَة ٌ أَغْرَتْ عَلَيَّ الأَسَى !
ودَلَّتِ السُهدَ على مَضجَعى !
ويْلاَهُ مِنْ نارِ الْهَوَى ! إِنَّهَا
لَوْلاَ دُمُوعِي أَحْرَقَتْ أَضْلُعِي
أبيتُ أرعَى النَجمَ فى سُدفة ٍ
ضلَّ بِها الصُبحُ ، فلَمْ يَطلُعِ
لاأهتدى فيها إلى حِيلة ٍ
تَقى حَياتى من يَدَى ْ مَصرَعى
طَوراً أُدارى لَوعَتى بِالمُنى
وَتَارَة ً يَغْلِبُنِي مَدْمَعِي
فهَل إلى الأشواقِ من غاية ٍ ؟
أم هل إلى الأوطانِ من مَرجع ِ؟
لا تأسَ يا قلبُ على ما مَضى
لابُدَّ لِلمحنَة ِ مِنْ مَقطَعِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> فؤادٌ بأقمارِ الأكِلَّة ِ مولَعُ
فؤادٌ بأقمارِ الأكِلَّة ِ مولَعُ
رقم القصيدة : 24018
-----------------------------------
فؤادٌ بأقمارِ الأكِلَّة ِ مولَعُ
وَعَيْنٌ عَلَى إِثْرِ التَّفَرُّقِ تَدْمَعُ
وَشَوْقٌ كَنَصْلِ السَّيْفِ، لَوْ شِمْتُ حَدَّهُ
على بطلٍ لانقدَّ مِنهُ المُقَنَّعُ
أحاولُ كِتمانَ الهوَى ، فتشى بهِ
غُروبٌ منَ العينِ القريحة ِ تهمعُ
وما الحبُّ إلاَّ نفثة ٌ بابليَّة ٌ
يكادُ الصفا مِنْ مَسِّها يَتَصدَّعُ
خَليلى َّ ! هل بعدَ الصَبابة ِ سَلوة ٌ ؟
وهل لِشبابٍ فاتَ بالأمسِ مَرجِعُ ؟
أبيتُ أُمنِّى النفسَ طَوراً فَترعوِى
وَأَتْلُو عَلَيْهَا الْيَأْسَ طَوْراً فَتَجْزَعُ
وما ذِكرُ ريعانِ الصِبا غَيرُ حَسرة ٍ
تَذِلُّ لَها نَفسُ العزيزِ وتَخضعُ
فلا رَحِمَ اللهُ المشيبَ وعَصرهُ
وإن كانَ فى أثنائهِ الحِلمُ أجمعُ
نَهارُ مشيبٍ ساءنِى وهوَ أبيضٌ(27/127)
وَلَيْلُ شَبَابٍ سَرَّنِي وَهْوَ أَسْفَعُ
إِذَا شَابَ رَأْسُ الْمَرْءِ شَابَ فُؤَادُهُ
وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ لِلْبَشَاشَة ِ مَوْضِعُ
وأى ُّ نَعيمٍ فى مَشيبٍ وراءهُ
هُمومٌ إذا مرَّتْ على القلبِ يَفزَعُ ؟
لِيَبْكِ الصِّبَا قَلْبِي وَطَرْفِي كِلاَهُمَا
وَقَلَّ لَهُ مِنِّي نَجِيعٌ وَأَدْمُعُ
زَمَانٌ تَوَلَّى غَيْرَ أَعْقَابِ ذُكْرَة ٍ
إذا خَطرتْ كادَتْ لها النَفسُ تُنزَعُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> كتمتُ الهوى خَوفَ إفشائهِ
كتمتُ الهوى خَوفَ إفشائهِ
رقم القصيدة : 24019
-----------------------------------
كتمتُ الهوى خَوفَ إفشائهِ
فألهبَ نارَ الغضَى فى ضُلوعى
فَلَمَّا خَشِيتُ عَلَى مُهْجَتِي
أذعتُ الهوى بِلِسانِ الدُموعِ
العصر العباسي >> البحتري >> أنا في إذن فأشكو
أنا في إذن فأشكو
رقم القصيدة : 2402
-----------------------------------
أنا في إذن فأشكو
فلقد طال السكوت
آمنا من شر ما يو
عدني الهجر المقيت
إن تكن أنسيت ما كا
ن فإني ما نسيت
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> ألا بأبى مَنْ حُسنهُ وحديثهُ
ألا بأبى مَنْ حُسنهُ وحديثهُ
رقم القصيدة : 24020
-----------------------------------
ألا بأبى مَنْ حُسنهُ وحديثهُ
إِذَا مَا الْتَقَيْنَا لَذَّة ُ الْعَيْنِ وَالسَّمْعِ
رَأَى مُقْلَتِي تَرْعَى رِيَاضَ جَمَالِهِ
فعاقَبها حَدَّينِ: بالسُهدِ والدمعِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أليسَ منَ العدلِ أن تسمعا ؟
أليسَ منَ العدلِ أن تسمعا ؟
رقم القصيدة : 24021
-----------------------------------
أليسَ منَ العدلِ أن تسمعا ؟
فأشكُو إليكَ نَموماً سَعَى
أَطَاعَ لَهُ الْمَاءُ حَتَّى اسْتَقَى
وَأَمْكَنَهُ الرِّعْيُ حَتَّى رَعَى
أتاكَ فأغشيتَهُ مَنزِلاً
رَحِيباً، وَأَرْعَيْتَهُ مِسْمَعَا
فأبدَعَ ما شاءَ فى فِرية ٍ
تَأَنَّقَ فِي صُنْعِهَا وَادَّعَى(27/128)
صَناعُ اللِّسانِ ، خَلوبُ البيا
نِ، يَخْلُقُ مِنْ ضِحْكِهِ أَدْمُعَا
حَرِيصٌ عَلَى الشَّرِّ، لاَ يَنْثَنِي
عنِ القصدِ ما لمْ يَجدْ مَنزَعا
يَسِيرُ مَعَ الرِّفْقِ، حَتَّى إِذَا
تَمكَّنَ مِنْ فُرصَة ٍ أَوضَعا
وَمَا كَانَ لَوْلاَ خِلاَجُ الظُّنُونِ
لِيَرْغَبَ فِي الْقَوْلِ، أَوْ يَطْمَعَا
ولا وحِفاظِكَ ، وهوَ اليميـ
نُ ما حُلتُ عَنْ عَهدِكُمْ إِصبَعا
وَلَكِنَّهَا نَزَغَاتُ الْوُشَاة ِ
أصابَتْ هوى ً ، فلوَتْ أخدعا
وَلَيْسَ مَلاَمِي عَلَى مَنْ وَشَى
ولكِنْ مَلامِى علَى مَنْ وَعى
أَيَجْمُلُ بِالْعَهْدِ أَنْ يُسْتَبَاحَ
لِواشٍ ، ولِلوُدِّ أنْ يُقطعا ؟
فَشَتَّانَ مَا بَيْنَنَا فِي الْوِدَا
دِ: خِلٌّ أَضَاعَ، وَخِلٌّ رَعَى
ومن أشرَكَ النَّاسَ فى أمرِهِ
دَعَتهُ الضَّرورَة ُ أن يُخدعا
فَخُذها إليكَ عِتابيَّة ً
تَرُدُّ عَصِيَّ الْمُنَى طَيِّعَا
ولولا مَكانُكَ من مَهجتى
لما قلتُ لابنِ عِثارٍ لَعا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِنَّ قَلْبِي وَهْوَ الأَبِيُّ دهَتْهُ
إِنَّ قَلْبِي وَهْوَ الأَبِيُّ دهَتْهُ
رقم القصيدة : 24022
-----------------------------------
إِنَّ قَلْبِي وَهْوَ الأَبِيُّ دهَتْهُ
فُرْقَة ٌ صَيَّرَتْهُ نَهْباً مُشَاعا
لاتَرى غيرَ واقفٍ يَسفَحً الدَّمْـ
ـعَ، وَسَاهٍ لاَ يَسْتَطِيعُ زَمَاعَا
وُصْلَة ٌ قَرَّبَتْ بِعَاداً، وَبَيْنٌ
مِنْ حَبِيبٍ أَجَدَّ فِيهِ اجْتِماعَا
كُنْتُ أَخْشَى الْوَدَاعَ، حَتَّى إِذَا مَا
فَارَقُونِي أَمْسَيْتُ أَرْجُو الْوَدَاعَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إن كانَ أمرُ اللهِ حَتماً مُقدَّراً
إن كانَ أمرُ اللهِ حَتماً مُقدَّراً
رقم القصيدة : 24023
-----------------------------------
إن كانَ أمرُ اللهِ حَتماً مُقدَّراً
فَمَاذَا يُفِيدُ الْحِرصُ وَالأَمْرُ وَاقِعُ؟(27/129)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِنَّ النَّصِيحَة َ لاَ تَحُضْـ
إِنَّ النَّصِيحَة َ لاَ تَحُضْـ
رقم القصيدة : 24024
-----------------------------------
إِنَّ النَّصِيحَة َ لاَ تَحُضْـ
على الأذى إنْ لَمْ تزَعْ
فَاسْمَعْ، فإِنْ خَيْراً أَصَبْـ
تَ فَخُذْ ، وإنْ شَراً فَدَعْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لكلِّ قَولٍ مَنارٌ يَستقيمُ بهِ
لكلِّ قَولٍ مَنارٌ يَستقيمُ بهِ
رقم القصيدة : 24025
-----------------------------------
لكلِّ قَولٍ مَنارٌ يَستقيمُ بهِ
عِندَ الخِطابِ : فَملفوظٌ ومَسموعُ
فَالْعَتْبُ إِنْ جَازَ حَدَّ الْعَدْلِ مَقْطَعَة ٌ
وَالنُّصْحُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي السِّرِّ تَقْرِيعُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَتَى يَشْتَفِي هَذَا الْفُؤَادُ الْمُفَجَّعُ
مَتَى يَشْتَفِي هَذَا الْفُؤَادُ الْمُفَجَّعُ
رقم القصيدة : 24026
-----------------------------------
مَتَى يَشْتَفِي هَذَا الْفُؤَادُ الْمُفَجَّعُ
وفى كلِّ يومٍ راحلٌ ليسَ يَرجِعُ ؟
نَمِيلُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى ظِلِّ مُزْنَة ٍ
لَهَا بَارِقٌ فِيهِ الْمَنِيَّة ُ تَلْمَعُ
وكيفَ يَطيبُ العيشُ والمرءُ قائمٌ
على حذَرٍ مِنْ هَولِ ما يتَوقَّعُ ؟
بِنَا كُلَّ يَوْمٍ لِلْحَوَادِثِ وَقْعَة ٌ
تَسيلُ لَها مِنَّا نُفوسٌ وأدمعُ
فَأَجْسَادُنَا فِي مَطْرَحِ الأَرْضِ هُمَّدٌ
وأرواحُنا فى مَسرحِ الجَوِّ رُتَّعُ
ومِنْ عَجَبٍ أنَّا نُساءُ ونَرتضِى
ونُدرِكُ أسبابَ الفَناءِ ونَطمَعُ
وَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ عُقْبانَ أَمْرِهِ
لَهانَ عليهِ ما يَسُرُّ ويَفجَعُ
تَسِيرُ بِنَا الأَيَّامُ، وَالْمَوْتُ مَوْعِدٌ
وَتَدْفَعُنَا الأَرْحَامُ، والأَرْضُ تَبْلَعُ
عفاءٌ على الدُّنيا ، فما لِعِداتِها
وَفَاءٌ، وَلاَ في عَيْشِهَا مُتَمَتَّعُ
أبَعدَ سميرِ الفضلِ " أحمدَ فارسٍ "
تَقِرُّ جُنُوبٌ، أَوْ يُلائِمُ مَضْجعُ؟(27/130)
كَفى حَزناً أنَّ النَوى َ صَدَعَتْ بهِ
فؤاداً مِنَ الحِدثانِ لا يَتَصدَّعُ
وَمَا كُنْتُ مِجْزَاعاً، وَلَكِنَّ ذَا الأَسَى
إِذَا لَمْ يُسَاعِدْهُ التَّصبُّرُ يَجْزَعُ
فَقدناهُ فِقدانَ الشَّرابِ على الظما
فَفى كُلِّ قَلبٍ غُلَّة ٌ ليسَ تُنقَعُ
وأى ُّ فُؤادٍ لمْ يَبِتْ لِمُصابهِ
عَلَى لَوْعَة ٍ، أَوْ مُقْلَة ٍ لَيْسَ تَدْمَعُ؟
إذا لَم يَكنْ لِلدَمعِ فى الخَدِّ مَسربٌ
رَوِيٌّ فَمَا لِلْحُزْنِ فِي الْقَلْبِ مَوْضِعُ
مَضَى ، وَوَرِثْنَاهُ عُلُوماً غَزِيرَة ً
تَظلُّ بِها هِيمُ الخَواطِرِ تَشرَعُ
إذا تُليَتْ آياتُها فى مَقامة
تَنافَسَ قَلبٌ فى هَواها ومِسمَعُ
سَقى جَدَثاً فى أرضِ " لُبنانَ " عارِضٌ
مِنَ الْمُزْنِ فَيَّاضُ الْجَدَاوِلِ مُتْرَعُ
فَإِنَّ بهِ لِلْمَكْرُمَاتِ حُشَاشَة ً
طَوَاهَا الرَّدَى ، فَالْقَلْبُ حَرَّانُ مُوجَعُ
فَإِنْ يَكُنِ "الشِّدْيَاقُ" خَلَّى مَكَانَهُ
فَإِنَّ ابْنَهُ عَنْ حَوْزَة ِ الْمَجْدِ يَدْفَعُ
وما ماتَ مَن أبقى عَلى الدَهرِ فاضِلاً
يُؤَلِّفُ أَشْتَاتَ الْمَعَالِي وَيَجْمَعُ
رَزينُ حَصاة ِ الحِلمِ ، لا يَستخِفهُ
إِلَى اللَّهْوِ طَبْعٌ، فَهْوَ بالْجِدِّ مُولَعُ
تَلوحُ عَليهِ من أبيهِ شَمائلٌ
تَدُلُّ عَلَى طِيبِ الْخِلاَلِ، وَتَنْزِعُ
فَصبراً جَميلاً " يا سليمُ " فإنَّما
يُسِيغُ الْفَتَى بِالصَّبْرِ مَا يَتَجَرَّعُ
إذا المرءُ لَمْ يَصبِر على ما أصابهُ
فماذا تُراهُ فى المُقَدَّرِ يَصنَعُ ؟
وَمِثْلُكَ مَنْ رَازَ الأُمُورَ بِعَقْلِهِ
وَأَدْرَكَ مِنْهَا مَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
فَلاَ تُعْطِيَنَّ الْحُزْنَ قَلْبَكَ، وَاسْتَعِنْ
عَليهِ بِصبرٍ ، فَهوَ فى الحُزنِ أنجَعُ
وَهَاكَ عَلَى بُعْدِ الْمَزَارِ قَرِيبَة ً
إِلَى النَّفْسِ، يَدْعُوهَا الْوَفَاءُ فَتَتْبَعُ
رَعَيْتُ بِهَا حَقَّ الْوِدَادِ عَلى النَّوَى
ولِلحَقِّ فى حُكمِ البَصيرة ِ مَقطَعُ(27/131)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رُدِّي التَّحِيَّة َ يَا مَهَاة َ الأَجْرَعِ
رُدِّي التَّحِيَّة َ يَا مَهَاة َ الأَجْرَعِ
رقم القصيدة : 24027
-----------------------------------
رُدِّي التَّحِيَّة َ يَا مَهَاة َ الأَجْرَعِ
وصِلِى بِحبلكِ حَبلَ مَنْ لَم يَقطَعِ
وتَرَفَّقى بِمُتيَّمٍ عَلِقَت بهِ
نارُ الصَبابة ِ ، فَهوَ ذا كِى الأضلُعِ
طَربِ الفؤادِ ، يَكادُ يَحمِلهُ الهَوى
شَوْقاً إِليْكِ مَعَ الْبُرُوقِ اللُّمَّعِ
لاَ يَسْتَنِيمُ إِلَى الْعَزاءِ، وَلاَ يَرَى
حَقّاً لِصَبْوَتِهِ إِذَا لَمْ يَجْزَعِ
ضَمَّتْ جَوَانِحُهُ إِلَيْكِ رِسَالَة ٍ
عُنْوَانُهَا فِي الْخَدِّ حُمْرُ الأَدْمُعِ
فَمَتَى يَبُوحُ بِمَا أَجَنَّ ضَمِيرُهُ
إِنْ كُنْتِ عنْهُ بِنَجْوَة ٍ لَمْ تَسْمَعِي؟
أَصْبَحْتُ بَعْدَكِ في دَيَاجِرِ غُرْبَة ٍ
ما للصَّباحِ بِليلِها مِنْ مَطلَعِ
لا يَهتَدى فِيها لِرَحلِى َ طارِقٌ
إِلاَّ بِأَنَّة ِ قَلْبِيَ الْمُتَوَجِّعِ
أَرْعَى الْكَوَاكِبَ فِي السَّمَاءِ، كَأَنَّ لِي
عِندَ النجومِ رَهينة ً لَم تُدفَعِ
زُهْرٌ تَأَلَّقُ بِالْفَضَاءِ، كَأَنَّهَا
حببٌ تَرَدَّدَ فى غَديرٍ مُترَعِ
وَكَأَنَّهَا حَوْلَ الْمَجَرِّ حَمَائِمٌ
بِيضٌ عَكَفْنَ عَلَى جَوَانِبِ مَشْرَعِ
وتَرى الثُريَّا فى السَماءِ كأنَّها
حَلَقاتُ قُرطٍ بالجُمانِ مُرصَّعِ
بَيضاءُ ناصِعة ٌ كبَيضِ نَعامة ٍ
فِي جَوْفِ أُدْحِيٍّ بِأَرْضٍ بَلْقَعِ
وَكَأَنَّهَا أُكَرٌ تَوَقَّدَ نُورُهَا
بِالكهرباءة ِ فى سَماوة ِ مَصنعِ
وَاللَّيْلُ مَرْهُوبُ الْحَمِيَّة ِ، قَائِمٌ
فى مَسحهِ ، كالراهبِ المُتلَفعِ
مُتَوَشِّحٌ بِالنَّيِّراتِ، كَبَاسِلٍ
مِنْ نَسلِ حام ٍ، باللُّجينِ مُدرَّعِ
حَسِبَ النُجومَ تَخلَّفتْ عن أمرهِ
فَوحى لَهُنَّ مِنَ الهِلالِ بِإصبعِ
ما زِلتُ أرقبُ فَجرَهُ حتَّى انجلَى
عَنْ مِثْلِ شَادِخَة ِ الْكُمَيْتِ الأَتْلَعِ(27/132)
وَتَرَنَّمَتْ فَوْقَ الأَرَاكِ حَمَامَة ٌ
تَصِفُ الْهَوَى بِلِسَانِ صَبٍّ مُولَعِ
تَدعو الهَديلَ ، وما رأتهُ ، وتِلكَ مِنْ
شِيمِ الحمائمِ بِدعَة ٌ لم تُسمَعِ
رَيَّا الْمَسَالِكِ، حَيْثُ أَمَّتْ صَادَفَتْ
ما تَشتَهِى مِنْ مَجثَمٍ أو مَرتعِ
فإذا عَلت سَكنت مَظَلَّة َ أيكَة ٍ
وَإِذَا هَوَتْ وَرَدَتْ قَرَارَة َ مَنْبَعِ
أَمْلَتْ عَلَيَّ قَصِيدَة ً فَجَعَلْتُهَا
"لِشَكِيبَ" تُحْفَة َ صَادِقٍ لَمْ يَدَّعِ
هِى َ مِن أهازيجِ الحمامِ ، وإنَّما
ضَمَّنْتُهَا مَدْحَ الْهُمَامِ الأَرْوَعِ
هُوَ ذَلِكَ الشَّهْمُ الَّذِي بَلَغَتْ بِهِ
مَسْعَاتُهُ أَمَدَ السِّمَاكِ الأَرْفَعِ
نِبْرَاسُ دَاجِيَة ٍ، وَعُقْلَة ُ شَارِدٍ
وخطيبُ أندية ٍ ، وفارسُ مَجمَعِ
صَدقُ البيان ، أعضَّ جَرولَ باسمهِ
وَثَنَى "جَريراً" بِالْجَرِيرِ الأَطْوَعِ
لم يتَّخِذ بَدرَ المُقنَّعِ آية ً
بَلْ جاءَ خاطِرهُ بِآية ِ يُوشَعِ
أحيا رَميمَ الشِعرِ بَعدَ هُمودِهِ
وَأَعَادَ لِلأَيَّامِ عَصْرَ "الأَصْمَعِي"
كَلِمٌ لَها فى السَمعِ أطرَبُ نَغمَة ٍ
وَبِحُجْرَة ِ الأَسْرَارِ أَحْسَنُ مَوْقِعِ
كَالزَّهْرِ خَامَرَهُ النَّدَى ، فَتَأَرَّجَتْ
أَنْفَاسُهُ بِالْعَنْبَرِ الْمُتَضَوِّعِ
يَعْنُو لَهَا الْخَصْمُ الأَلَدُّ، ويغْتَذِي
بِلِبانِها ذِهْنُ الْخَطِيبِ الْمِصْقَعِ
هِى نُجعَة ُ الأدَبِ الَّتى مَن أمَّها
أَلْقَى مَرَاسِيَهُ بِوَادِ مُمْرِعِ
مَلكَتْ هَوى نَفسى ، وأحيَت خاطِرى
وَرَوَتْ صدَى قَلْبِي، وَلَذَّتْ مِسْمَعِي
فاسلَم شكيبُ ولا برِحتَ بِنِعمة ٍ
تَحنو عليكَ بِأيكِها المًتفرِّعِ
فلأنتَ أجدَرُ بِالثناءِ لِمِنَّة ٍ
أَوْلَيْتَهَا، والْبِرُّ أَفْضَلُ مَا رُعِي
أرهفتَ حَدِّى ، فَهوَ غيرُ مُفلَّلٍ
وَرَعَيْتَ عَهْدِي، فَهْوَ غَيْرُ مُضَيَّعِ
وبثقتَ لِى مِنْ فَيضِ بَحرِكَ جَدولاً
غَمَرَ الْبِحَارَ بِسَيْلِهِ الْمُتَدَفِّعِ(27/133)
عَذُبَت مَوارِدهُ ، فَلو ألقَتْ بهِ
هِيمُ السَحابِ دِلاءها لَم تُقلعِ
وزَهَت فَرائده ُ، فَصارتْ غُرَّة ً
لِجَبِينِ كُلِّ مُتَوَّجٍ وَمُقَنَّعِ
هُوَ ذَلِكَ النَّظْمُ الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ
أَهْلُ الْبَرَاعَة ِ بِالْمَقَالِ الْمُبْدَعِ
أَبْصَرْتُ مِنْهُ أَخَا "إِيادٍ" خَاطِباً
وسَمِعتُ عنترة َ الفوارسِ يَدَّعى
وحَلَمْتُ أَنِّي فِي خَمَائِلِ جَنَّة ٍ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ حَالِمٌ لَمْ يَهْجَعِ
فَضلٌ رَفعتَ بهِ مَنارَ كرامة ٍ
صَرَفَ الْعُيُونَ عَنِ الْمَنَارِ "لِتُبَّعِ"
فَمتى أقومُ بِشُكرِ ما أوليتَنِى
والنَجمُ أقربُ غاية ً مِن مَنزِعِى
فَاعْذِرْ إِذَا قَصَرَ الثَّنَاءُ، فَإِنَّنِي
رُزتُ المَقالَ فَلَمْ أجِدْ مِن مَقنَعِ
لاَ زِلْتَ تَرْفُلُ فِي وِشَاءِ سَعَادَة ٍ
وحَبيرِ عافِية ٍ ، وعَيشٍ أمرَعِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هَلْ بالْحِمى عنْ سَريرِ الْمُلْكِ مَنْ يَزَعُ؟
هَلْ بالْحِمى عنْ سَريرِ الْمُلْكِ مَنْ يَزَعُ؟
رقم القصيدة : 24028
-----------------------------------
هَلْ بالْحِمى عنْ سَريرِ الْمُلْكِ مَنْ يَزَعُ؟
هَيهاتَ ، قَد ذَهَبَ المتبوعُ والتَبَعُ
هَذِي "الْجَزِيرَة ُ" فَانْظُرْ هَلْ تَرَى أَحَداً
يَنْأَى بِهِ الْخَوْفُ، أَوْ يَدْنُو بِهِ الطَّمَعُ؟
أضحَتْ خَلاءً ، وكانَت قَبلُ مَنزِلة ً
لِلْمُلْكِ، مِنْهَا لِوَفْدِ الْعِزِّ مُرْتَبَعُ
فلا مُجيبَ يَردُّ القَولَ عَن نَبأٍ
ولا سَميعَ إذا نادَيتَ يَستَمِعُ
كَانَتْ مَنَازِلَ أَمْلاَكٍ، إِذَا صَدَعُوا
بِالأمرِ كادَتْ قُلوبُ الناسِ تَنصَدِعُ
عَاثُوا بِهَا حِقْبَة ً، حَتَّى إِذَا نَهَضَتْ
طَيرُ الحَوادِثِ مِن أوكارِها وَقعوا
لَوْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا مِقْدَارَ مَا فَغَرَتْ
بِهِ الْحَوَادِثُ مَا شَادُوا، وَلاَ رَفَعُوا
دارَت عَليهِم رَحى الأيَّامِ ، فانشَعبوا
أيدى سَبا ، وتَخَلَّت عَنهمُ الشِيعُ(27/134)
كانت لَهُم عُصَبٌ يَستدفِعونَ بِها
كَيْدَ الْعَدُوِّ، فَمَا ضَرُّوا، وَلاَ نَفَعُوا
أينَ المَعاقِلُ ، بل أينَ الجحافلِ ، بل
أينَ المناصِلُ والخطِّيَّة ُ الشَرَعُ
لاَ شَيْءَ يَدْفَعُ كَيْدَ الدَّهْرِ إِنْ عَصَفَتْ
أحداثه ، أو يقِى مِن شرِّ ما يَقَعُ
زَالُوا، فَما بَكَتِ الدُّنْيَا لِفُرْقَتِهِمْ
ولا تعطَّلَت الأعيادُ والجُمَعُ
والدَهرُ كالبَحرِ لا ينفكُّ ذا كَدَرِ
وإنَّما صَفوهُ بينَ الورى لُمَعُ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ فِكْرٌ فِي عَوَاقِبِهِ
ما شانَ أخلاقَهُ حِرصٌ ولا طَبَعُ
وكَيْفَ يُدْرِكُ مَا فِي الْغَيْبِ مِنْ حَدَثٍ
من لَم يَزَل بِغرورِ العَيشِ يَنخَدِعُ
دَهْرٌ يَغُرُّ، وَآمَالٌ تَسُرُّ وَأَعْـ
مارٌ تَمُرُّ ، وأيَّامٌ لها خُدَعُ
يَسْعَى الْفَتَى لأُمُورٍ قَدْ تَضُرُّ بِهِ
وَلَيْسَ يَعْلَمُ مَا يَأْتِي وَمَا يَدَعُ
يأيها السَادِرُ المُزوَرُّ مِن صَلَفٍ
مَهْلاً، فَإِنَّكَ بِالأَيَّامِ مُنْخَدِعُ
دَعْ مَا يَرِيبُ، وَخُذْ فِيمَا خُلِقْتَ لَهُ
لَعَلَّ قَلبكَ بِالإيمانِ يَنتَفِعُ
إِنَّ الْحَيَاة َ لثَوْبٌ سَوْفَ تَخْلَعُهُ
وكلُّ ثوبٍ إذا ما رثَّ ينخَلِعُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَبَّيْكَ يَا دَاعِيَ الأَشْواقِ مِنْ داعِي
لَبَّيْكَ يَا دَاعِيَ الأَشْواقِ مِنْ داعِي
رقم القصيدة : 24029
-----------------------------------
لَبَّيْكَ يَا دَاعِيَ الأَشْواقِ مِنْ داعِي
أَسْمَعْتَ قَلْبِي وَإِنْ أَخْطَأْتَ أَسْمَاعِي
مُرنِى بِما شئتَ أبلُغْ كلَّ ما وَصَلتْ
يَدِي إِلَيْهِ، فَإِنِّي سَامِعٌ وَاعِي
فلا ورَبِّكَ ما أُصغِى إلى عَذَلٍ
وَلاَ أُبِيحُ حِمَى قَلْبِي لِخَدَّاعِ
إِنِّي امْرُؤٌ لاَ يَرُدُّ الْعَذْلُ بَادِرَتِي
وَلاَ تَفُلُّ شَبَاة ُ الْخَطْبِ إِزْمَاعِي
أجرِى عَلى شِيمة ٍ فى الحُبِّ صادِقة ٍ
لَيْسَتْ تَهُمُّ إِذَا رِيعَتْ بِإِقْلاَعِ(27/135)
لِلْحُبِّ مِنْ مُهْجَتِي كَهْفٌ يَلُوذُ بِهِ
مِن غَدرِ كلِّ امرئٍ بالشَرِّ وقَّاعِ
بَذَلتُ فى الحبِّ نَفسى وهى غالية ٌ
لِبَاخِلٍ بِصَفَاءِ الْوُدِّ مَنَّاعِ
أَشْكُو إِلَيْهِ، وَلاَ يُصْغِي لِمَعْذِرَتي
مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ جَنَتْهُ النَّفْسُ أَوْ دَاعِي
وَيْلاَهُ مِنْ حَاجَة ٍ فِي النَّفْسِ هَامَ بِهَا
قَلْبي، وَقَصَّرَ عَنْ إِدْرَاكِهَا بَاعِي
أسعى لَها وهى َ مِنِّى غَيرُ دانِية ٍ
وكيفَ يَبلغُ شأوَ الكوكبِ الساعِى ؟
يا حبَّذا جُرعَة ٌ مِن ماءِ مَحنية ٍ
وَضَجْعَة ٌ فَوْقَ بَرْدِ الرَّمْلِ بِالْقَاعِ!
وَنَسْمَة ٌ كَشَمِيمِ الْخُلْدِ قَدْ حَمَلَتْ
رَيَّا الأَزَاهِيرِ مِنْ مِيثٍ وَأَجْرَاعِ
يا هَل أرانِى بِذاكَ الحى ِّ مُجتَمِعاً
بأهلِ وُدِّى من قومى وأشياعِى ؟
وهَل أسوقُ جَوادِى لِلطرادِ إلى
صَيْدٍ الْجَآذِرِ فِي خَضْرَاءَ مِمْرَاعِ؟
مَنَازِلٌ كُنْتُ مِنْهَا فِي بُلَهْنِيَة ٍ
مُمَتَّعاً بَيْنَ غِلْمَانِي وَأَتْبَاعِي
إِذَا أَشَرْتُ لَهُمْ فِي حَاجَة ٍ بَدَرُوا
قَضَاءَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلْمَاعِي
يَخْشَى الْبَلِيغُ لِسَانِي قَبْلَ بَادِرَتِي
ويُرعَدُ الجيشُ باسمِى قَبلَ إيقاعِى
فَالْيَوْمَ أَصْبَحْتُ لاَ سَهْمِي بِذِي صَرَدٍ
إِذَا رَمَيْتُ، وَلاَ سَيْفِي بقَطَّاعِ
أَبِيتُ فِي قُنَّة ٍ قَنْوَاءَ قَدْ بَلَغَتْ
هامَ السِماكِ ، وفاتَتهُ بِأبواعِ
يَستقبِلُ المُزنَ ليتيها بِوابِلهِ
وتصدِم الرِيحُ جَنبيها بِزعزاعِ
يَظَلُّ شِمْرَاخُهَا يَبْساً، وَأَسْفَلُهَا
مكلَّلاً بالنَدى يَرعى بهِ الراعِى
إِذَا الْبُرُوقُ ازْمهَرَّتْ خِلْتَ ذِرْوَتَهَا
شَهماً تدرَّعَ من تبرٍ بِأدراعِ
تَكَادُ تَلْمِسُ مِنْهَا الشَّمْسَ دَانِيَة ً
وَتَحْبِسُ الْبَدْرَ عَنْ سَيْرٍ وَإقْلاَعِ
أَظَلُّ فِيهَا غَرِيبَ الدَّارِ مُبْتَئِساً
نابِى المضاجعِ من همٍّ وأوجاعِ
لا فى " سرنديبَ " خِلٌّ أستعينُ بهِ(27/136)
عَلَى الْهُمُومِ إِذَا هَاجَتْ، وَلاَ رَاعِي
يَظنُّنى من يرانِى ضاحِكاً جَذِلاً
أنِّى خَلى ُّ ، وهَمِّى بينَ أضلاعِى
ولا، ورِبِّكَ ما وَجدِى بِمُندرِسٍ
على البِعادِ ولا صَبرِى بِمِطواعِ
لَكنَّنِى مالِكٌ حَزمِى ، ومُنتَظِرٌ
أَمْراً مِنَ اللَّهِ يَشْفِي برْحَ أَوْجَاعِي
أَكُفُّ غَرْبَ دُمُوعِي وَهْيَ جَارِيَة ٌ
خَوْفَ الرَّقِيبِ وَقَلْبِي جِدُّ مُلْتَاعِ
فَإِنْ يَكُنْ سَاءَنِي دَهْرِي، وَغَادَرَنِي
رَهْنَ الأَسَى بَيْنَ جَدْبٍ بَعْدَ إِمْرَاعِ
فَإنَّ فى مِصرَ إخواناً يَسُرُّهمُ
قُرْبِي، وَيُعْجِبُهُمْ نَظْمِي وَإِبْدَاعِي
العصر العباسي >> البحتري >> في أي حين رأيت مولاتي
في أي حين رأيت مولاتي
رقم القصيدة : 2403
-----------------------------------
في أي حين رأيت مولاتي
في خير حين وخير ميقات
تقبل محفوفة محاسنها
بأعين الناس والإشارات
تلحظني، والعيون تلحظها
قد شغلت بي عن المداراة
سلبت صدر النهار لذته
ثم استباح العشي لذاتي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> قَلِيلٌ بِآدابِ الْمَوَدَّة ِ مَنْ يَفِي
قَلِيلٌ بِآدابِ الْمَوَدَّة ِ مَنْ يَفِي
رقم القصيدة : 24030
-----------------------------------
قَلِيلٌ بِآدابِ الْمَوَدَّة ِ مَنْ يَفِي
فَمَنْ لِي بِخِلِّ أَصْطَفِيهِ وَأَكْتَفِي؟
بَلَوْتُ بَني الدُّنْيَا، فَلَمْ أَرَ صَاحِباً
يَدُومُ عَلَى وُدٍّ بِغَيْرِ تَكَلُّفِ
فَهَلْ مِنْ فتى ً يَسْرُو عَنِ الْقَلْبِ هَمَّهُ
بِشِيمَة ِ مَطْبُوعٍ عَلَى الْمَجْدِ مُسْعِفِ؟
رَضِيتُ بِمَنْ لاَ تَشْتَهِي النَّفْسُ قُرْبَهُ
ومَنْ لمْ يَجِد مَندوحة ً يَتَكلَّفِ
ولو أنَّنى صادَفتُ خِلاًّ يَسرنِى
على عُدواءِ الدَارِ لَم أتَلهَّفِ
وَلَكِنَّنِي أَصْبَحْتُ فِي دَارِ غُرْبَة ٍ
مُقيماً لَدى قومٍ علَى البُدِّ عُكَّفِ
زَعَانِفُ هُدَّاجُونَ فِي عرَصَاتِهمْ
كَخيطِ نَعامٍ بينَ جَرداءَ صَفصَفِ(27/137)
حُفَاة ٌ عُرَاة ٌ غَيْرَ أَخْلاقِ صُدْرَة ٍ
تَطِيرُ كَنَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ الْمُسَدَّفِ
يَمُجُّونَ مِن أفواهِهِم رَشحَ مُضغة ٍ
كَنَضْحِ دَمٍ يَنْهَلُّ مِنْ أَنْفِ مُرْعَفِ
إِذَا رَاطَنُوا بَعْضاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِمْ
عَزِيفاً كَجِنٍّ فِي الْمَفَاوِزِ هُتَّفِ
فها أنا مِنهُم بينَ شَملٍ مُبدَّدٍ
وَمِنْ حَسَرَاتِي بَيْنَ شَمْلٍ مُؤَلَّفِ
أَحِنُّ إِلَى أَهْلِي، وَأَذْكُرُ جِيرَتِي
وأشتاقُ خُلاَّنِى ، وأصبو لِمألفِى
فلا أنا أسلو عنْ هَواى َ فأنتهِى
وَلاَ أَنَا أَلْقَى مَنْ أُحِبُّ فَأَشْتَفِي
وإنِّى على ما كانَ مِن سَرَفِ النَوى
لَبَاقٍ عَلَى وُدِّي لِمَنْ كُنْتُ أَصْطَفِي
سَجيَّة ُ نفسٍ لا تَميلُ معَ الهوى
وَذِمَّة ُ عَهْدٍ بَيْنَ سَيْفٍ وَمُصْحَفِ
وَمَا كُلُّ مَوْشِيِّ الْحَدِيثِ بِصَادِقٍ
وَلاَ كُلُّ مَنْسُوبٍ إِلَى الْوُدِّ بِالْوَفِي
تَشابَهتِ الأخلاقُ إلاَّ بَقية ً
بِهَا يُعْرَف الْمَاضِي مِنَ الْمُتَخَلِّف
وما شَرفُ الإنسانِ إلاَّ بِنَفسهِ
وإن كانَ ذا مالٍ تليدُ ومُطرفِ
ولَو كانَ نَيلُ الفَضلِ سَهلاً لَزاحَمتْ
رِجالُ الخنا أهلَ العُلا والتَّعطُّفِ
فَإِنْ أَخْلَفَتْ نَفْسٌ طَوِيَّة َ مَا وَأَتْ
فَلِي مِنْ "عَلِيٍّ" صَاحِبٌ غَيْرُ مُخْلِفِ
هُمامُ ، دعا باسمى ، فلبَّيتُ صَوتَهُ
بِيَا مَرْحَباهُ مِنْ فُؤَادِ مُكَلَّفِ
وَلَوْ صَاحَ بِي في غَارَة ٍ لَوَزَعْتُهَا
عَلى متنِ مَحبوكِ السَراة ِ بِمُرهَفِ
وَلَكِنَّنِي لَبَّيْتُ دَعْوَة َ نَظْمِهِ
بِأَسْمَرَ مَشْقُوقِ اللِّسَانِ مُحَرَّفِ
إذا حَرَكتهُ راحَتِى فَوقَ مُهرقٍ
بِذِكْرِ عُلاَهُ بذَّكُلَّ مُثَقَّفِ
هُو البَطلُ السبَّاقُ فى كلِّ غايَة ٍ
يَهَابُ رَدَاهَا الْمَرْءُ قَبْلَ التَّعَسُّفِ
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ بَيَاناً لِقَائِلٍ
وإن سارَ لم يَترُك مَجالاً لِمُقتفِى
لَهُ قَلَمٌ لَوْ كَانَ لِلسَّيْفِ حَدُّهُ(27/138)
لَفَلَّ حَبيكَ السَردِ فى كلِّ مَوقفِ
وشُعلَة ُ فِكرٍ لو بِمثلِ ضِيائها
أنارَ سِراجَ الأُفقِ ما كانَ يَنطَفى
فَسِيحُ مَجَالِ الْفِكْرِ، ثَبْتٌ يَقِينُهُ
بَعيدُ مناطِ الهمِّ ، حرُّ التصرُّفِ
أديبٌ ، لَهُ فى جنّة ِ الشِعرِ دَوحَة ٌ
أَفَاءَتْ عَلَى الدُّنْيَا بِأَجْمَلِ زُخْرُفِ
إِذَا نَوَّرَتْ أَفْنَانُهَا غِبَّ دِيمَة ٍ
مِنَ الفِكرِ جاءتْ بالبديعِ المفوَّفِ
تَرَنَّمَ فِيهَا مِنْ ثَنَائي بُلْبُلٌ
بِلَحْنٍ لَهُ فِي السَّمْعِ نَبْرَة ُ مِعْزَفِ
حَفيتُ لَهُ بالودِّ مِنِّى ، وكيفَ لا
أُسَابِقُهُ فِي وُدِّهِ وَهْوَ بي حَفِي؟
تألَّفَ نَفسِى بَعدَ ما زالَ أنسُها
وَنَوَّهَ بِاسْمِي بَعْدَ مَا كَاد يَخْتَفِي
وحَرَّكَ أَسْلاَكَ التَّرَاسُلِ بَيْنَنَا
بِسيَّالِ وُدٍّ لَفظهُ لم يُحرَّفِ
وفى الناسِ معطوفٌ على الوُدِّ قَلبهُ
وَمِنْهُمْ سَقِيمُ الْعَهْدِ بَادِي التَّحَرُّفِ
تَوَسَّمْتُ فِيهِ الْخَيْرَ قَبْلَ لِقائِهِ
وَأَحْمَدْتُ مِنْهُ الْخُبْرَ بَعْدَ التَّعَرُّفِ
وَمَا حَركَاتُ النَّفْسِ إِلاَّ دِلاَلَة ٌ
عَلَى صِدْقِ مَا قَالُوا بهِ في التَّعَيُّفِ
فقد تَكذِبُ العَينُ الفَتى وهوَ غافِلٌ
ويَصدقُ ظَنُّ العاقلِ المتشَوِّفِ
وفيتُ بِوعدى فى الثناءِ وإن يَكُن
مَقَالِي بِهَاتِيكَ الْفَضَائِلِ لاَ يَفِي
وَكَيْفَ وَإِنْ أُوتِيتُ في النَّظْمِ قُدْرَة ً
أضُمُّ شتاتَ الكونِ فى بَعضِ أحرُفِ ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ
لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ
رقم القصيدة : 24031
-----------------------------------
لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ
فَما ضَرَّهُ لَوْ عَطَفْ؟
غزالٌ لَهُ نَظرة ٌ
أَعَانَتْ عَلَيَّ الْكَلَفْ
تَبَسَّمَ عَنْ لُؤْلُؤٍ
لَهُ مِنْ عَقِيقٍ صَدَفْ
وَتَاهَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ
وشأنُ الجمالِ الصَلف
جَرى الْبَنْدُ فِي خَصْرِهِ
على حَركاتِ الهيَف(27/139)
وما ذَاكَ خَالٌ بَدَا
ولكِنْ وِسَامُ التَّرَفْ
رآنِى بهِ مولَعاً
فعاتبَنِى وانحرَفْ
ولم يدرِ أنِّى بهِ
عَلَى جمَراتِ التَّلَفْ
فَقُلْتُ لَهُ: سَيِّدِي!
ترفَّق بِصَبٍّ دَنِفْ
فقالَ : أخافُ العِدا
فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تَخَفْ
فإنِّى عَفيفُ الهوى
وَمَا كُلُّ صَبٍّ يَعِفْ
وَأَنْشَدْتُهُ قِطْعة ً
وشِعرِى إحدى الطُّرَف
فاصغِى لَها باسِماً
وبانَ عليهِ الأسَفْ
ونَمَّت بهِ خَجلة ٌ
تَدُلُّ عَلَى مَا اقْتَرَفْ
وقالَ : أهذا الضنَى
جَناهُ عليكَ الشَغَف ؟
فقُلتُ : نعم،سيِّدى !
وأبرحُ ممَّا أصِف
فَصَدَّقَ، لَكِنَّهُ
تَجَاهَلَ لَمَّا عَرَفْ
وقالَ : أطَعتَ المُنى
وَبَعْضُ الأَمَانِي سَرَفْ
وَمَا كُلُّ ذِي حَاجَة ٍ
يَفوزُ بِها إن عَكف
فأشفقتُ من قولهِ
وَلَكِنَّ رَبِّي لَطَفْ
فلمَّا رأى أدمُعى
تَوالَت ، وقَلبى رَجف
تَبَسَّمَ لِي ضَاحكاً
ومانَع ، ثمَّ انعطَف
فأغرَمتهُ قُبلة ً
عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفْ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> مَنْ لِي بِظَبْيَة ِ خِدْرٍ كُلَّمَا وَعَدَتْ
مَنْ لِي بِظَبْيَة ِ خِدْرٍ كُلَّمَا وَعَدَتْ
رقم القصيدة : 24032
-----------------------------------
مَنْ لِي بِظَبْيَة ِ خِدْرٍ كُلَّمَا وَعَدَتْ
بِزورة ٍ أعقبَتْ لِلوعدِ إخلافا
تَحكى الغزالة َ ألحاظاً إذا نَظرَت
والوردَ خَدًّا ، وغُصنَ البانِ أعطافا
تاهَتْ بِنقطة ِ خالٍ فوقَ وَجنتِها
زِيدَتْ بِهَا عَشَرَاتُ الْحُسْنِ أَضْعَافَا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> بَكرَ النَدى ، وترفعَ السدَفُ
بَكرَ النَدى ، وترفعَ السدَفُ
رقم القصيدة : 24033
-----------------------------------
بَكرَ النَدى ، وترفعَ السدَفُ
وَأَتَتْ وُفُودُ اللَّهْوِ تَخْتَلِفُ
وَدَعَتْ إِلَى شُرْبِ الصَّبُوحِ وقَدْ
رَقَّ الظَّلامُ حَمائمٌ هتفُ
فانهَض على قَدمِ الربيعِ ، فَما
فى نَيلِ أيَّامِ الصبا سَرَفُ(27/140)
وانظُر ، فَثمَّ غَمامة ٌ أنفٌ
تُولِى الجميلَ وروضة ٌ أُنفُ
زَهْرٌ يَرفُّ عَلَى كَمَائِمِهِ
وَنَدًى يَشِفُّ، وَمُزْنَة ٌ تَكِفُ
فالطَّلُ مُنتثِرٌ ، ومُنتظِمٌ
وَالْغُصْنُ مُفْتَرِقٌ، وَمُؤْتَلِفُ
والروضُ يَرفلُ فى مُعصفرة ٍ
بِالزَّهْرِ لِلأَبْصَارِ تَخْتَطِفُ
عُنِى َ الرَبيعُ بِنَسجِ بُردَتِها
إِنَّ الرَّبِيعَ لَصَانِعٌ ثَقِفُ
لاَ شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ بُلَهْنِيَة ٍ
فى العيشِ قَلَّدَ جيدَها الشَغَفُ
وعَصابة ٍ غلبَ الكمالُ على
أخلاقِهِم وغذاهمُ التَرفُ
نازعتُهُم طَرَفَ الحديثِ وقد
جَرَتِ الكؤوسُ بِنا ، فما اختلفوا
قَلْبِي بِهِمْ كَلِفٌ، وَنَاظِرَتِي
عن حُسنهم تاللهِ تَنحَرِفُ
فَمحبَّتى لَهمُ كما عَرفوا
صِدْقٌ، وَوجْدِي فَوْقَ مَا أَصِفُ
للهِ أيَّامٌ بِهِم سَلَفت
لَو أنَّها بِالوصلِ تؤتنفُ
إِذْ لِمَّتِي فَيْنَانَة ٌ، وَيَدِي
فوقَ الأَكُفِّ ، وقامَتى ألِفُ
أجرِى على إثرِ الشبابِ ، ولا
يَمْشِي إِلَى سَاحَاتِيَ الْجَنَفُ
ضَافي الْغَدِيرَة ِ، عَارِمٌ شَرِسٌ
صَعْبُ الْمَرِيرَة ِ، سَادِرٌ أَنِفُ
إِنْ سِرْتُ سَارَ النَّاسُ لِي تَبَعاً
وَإِذَا وَقَفْتُ لِحَاجَة ٍ وَقَفُوا
فَالآنَ أصْبحُ طائِرِى وَقِعٌ
بَعْدَ السُمُوِ وَصَبْوَتى أَسَفُ
وَغَدَوْتُ بَعْدَ الْكِبْرِياءِ عَلَى
كُلَّ الْوَرَى بِالْعَجْزِ أَعْتَرِفُ
وَكَذَلِكَ الأَيَّامُ ، آخِرُها
بَعْدَ الشَبَابِ الضَعْفُ وَالخَرَفُ
وَالْمَرْءُ مَهْمَا طَالَ طَائِلُهُ
يَوْماً لِصَائِبَة ِ الرَّدَى هَدَفُ
فَلَبِئْسَ مَا قَدِمَ الْمَشِيبُ بِهِ
وَلَنِعْمَ مَا وَلَّى بِهِ السَّلَفُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> وَذِى نَعَرَاتٍ يَقْطَعُ الأَرْضَ سَارياً
وَذِى نَعَرَاتٍ يَقْطَعُ الأَرْضَ سَارياً
رقم القصيدة : 24034
-----------------------------------
وَذِى نَعَرَاتٍ يَقْطَعُ الأَرْضَ سَارياً
عَلى غَيْرِ سَاقٍ وهو بِالأرضِ أَعْرَفُ(27/141)
لَهُ فَوْقَ أَعْنَاقِ للرِياحِ سَبَائِبُ
مُحَبَّرَة ٌ، مِنْهَا قَصِيرٌ وَمُسْدَفُ
كَأَنْ سُليْمَانَ بْن دَاوُدَ فَوْقَهُ
عَلَى عَرْشِهِ، وَالْجِنُّ بِالْجِنِّ تَعْزِفُ
يَجدُّ بنا فى اَمْرِهِ وهوَ لاَعِبٌ
وَ يَضْحَكُ أَحْيَاناً وعَيْنَاهُ تذْرِفُ
تلَهّبُ فِيه النَارُ والمَاءُ سَافِحٌ
فلاَ الْمَاءُ يُطفِيها ، ولاَ النَارُ تضُعفُ
إِذا سَارَ عنْ أَرض غَدَتْ وهى جَنّة ٌ
وَإِنْ حَلَّ أُخْرَى عَمَّهَا مِنْهُ زُخْرُفُ
يَكونُ حَيَاة ً لِلنفوس ، ورُبما
ضَبَتْ مِنْهُ نَارٌ، أَوْ سَطَا مِنْهُ مُرْهَفُ
لَهُ زَفْرَة ٌ تَتْرَى ، وَعَيْنٌ سَخِيَّة ٌ
وَقَلْبٌ كَزَهْرَاءِ الْمَصَابِيحِ يَرْجُفُ
يَسِيرُ عَلى مَتنِ الْهواءِ ، وتارَة ً
يُخَضْخِضُ سَجْلاً فِي الْبِحَارِ فَيَغْرِفُ
أَضَرَّ بِأَعْنَاقِ النَّعَائِمِ حَمْلُهُ
فَأَلْقَتْ بِهِ عَنْ ظَهْرِهَا، فَهْوَ يَرْسُفُ
لَهُ هَيْدَبٌ مِلءُ الفَضَاءِ ، كَأَنّهُ
مَنَاكِبُ أَطْوَادٍ عَلَى الأَرْضِ تَزْحَفُ
فَزِعنا إليهِ ، نَحسبُ الجونَ عَسكراً
يَسيرُ ، فَشِمنا بِرقَهُ وهوَ يَخطَفُ
فَقُلْنَا: سَحَابٌ، يَا سَقَى اللَّه أَرْضَنَا
بِهِ، وَرَوَانَا، فَهْوَ بِالنّاسِ أَرْأَفُ
فما تمَّ أن سارَت بهِ الرِيحُ سَيرَة ً
إلينا ، ووافى رائدُ الحَى َّ يَحلِفُ
فَقُمنا إليهِ واثِقينَ بِجودهِ
نَسِيرُ، وَيَعْرُونَا السُّرُورُ فَنَهْتِفُ
دَنا ، فتناولنا خَياشِيمَ مُزنهِ
قُعُوداً، فَظَلَّتْ وَهْيَ بِالْمَاءِ تَرْعُفُ
وطافَت بهِ الوِلدانُ يَخلِجنَ ماءَ هُ
بِأكوابِها ، والهِمُّ يَدنو فَيغرِفُ
فَلأياً بِلأى ٍ ما تولَّتْ حُداءهُ
مُزَمْجِرَة ٌ هَوْجَاءُ بِالْقَاعِ تَعْصِفُ
فَأْبْقَى لَنَا أَثْراً حَمِيداً، وَنْعْمَة ً
لَهَا مَسْحَبٌ نَضْرٌ، وَجَيْبٌ مُفَوَّفُ
كَذَلِكَ، مَا كُنَّا لِنَكْفُرَ صُنْعَهُ
على أنَّ بَعضَ الناسِ بالشرِّ أكلَفُ(27/142)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هتفَ الدِيكُ سُحرة ً
هتفَ الدِيكُ سُحرة ً
رقم القصيدة : 24035
-----------------------------------
هتفَ الدِيكُ سُحرة ً
فاصطَبَحنا لِهتفِهِ
بشَرَابٍ كَعَيْنِهِ
وكبابٍ كَعُرفهِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> حَيَاتِي فِي الْهَوَى تَلَفُ
حَيَاتِي فِي الْهَوَى تَلَفُ
رقم القصيدة : 24036
-----------------------------------
حَيَاتِي فِي الْهَوَى تَلَفُ
وَأَمْرِي فيهِ مُخْتَلِفُ
أَبِيتُ اللَّيْلَ مُكْتَئِباً
وَقَلْبِي فِي الْحَشَا يَجِفُ
فَنَوْمِي كُلُّهُ سَهَرٌ
وعَيشِك كلُّهُ أسَفُ
وَمَا أُخْفِيهِ مِنْ وَجْدِي
وحُزنِى فوقَ ما أصِفُ
فَهَلْ مِنْ صَاحِبٍ يَرْثِي
لِما ألقَى فَينعَطِفُ ؟
أيقتلُنِى الهَوى ظُلماً
وَمَا فِي النَّاسُ لِي خَلَفُ؟
وهَبنِى فارسَ الهَيجا
ءِ أغشاها فتنكَشِفُ
أَلَيْسَ الْعِشْقُ سُلْطَاناً
لَهُ الأَكْوَانُ تَرْتَجِفُ؟
إِذَا كَانَ الْهَوَى خَصْمِي
فَقُلْ لِى : كيفَ أنتصِفُ ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> قَلْبِي عَلَيْكَ يَرُفُّ
قَلْبِي عَلَيْكَ يَرُفُّ
رقم القصيدة : 24037
-----------------------------------
قَلْبِي عَلَيْكَ يَرُفُّ
وعَبرَتِى لا تجفُّ
وَأَنْتَ يَا نُورَ عَيْنِي
بِلوعَتِى تستخِفُّ
قد شَفنِى طولُ وَجدِى
والحُبُّ داءٌ يَشُفُّ
فَارْحَمْ فَدَيْتُكَ صَبّاً
إلى لُقاكَ يَخِفُّ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عَيْنِي لِبُعْدِكَ أَصْبَحَتْ
عَيْنِي لِبُعْدِكَ أَصْبَحَتْ
رقم القصيدة : 24038
-----------------------------------
عَيْنِي لِبُعْدِكَ أَصْبَحَتْ
لاَ تَسْتَقِلُّ الْجَفْنَ ضُعْفَا
إِنْسَانُهَا فِي غَمْرَة ٍ
مِنْ أَدمُعِى ، يَبدُو ويَخفَى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَغَرَّبْ إِذَا أَتْرَبْتَ، وَالْتَمِسِ الْغِنَى(27/143)
تَغَرَّبْ إِذَا أَتْرَبْتَ، وَالْتَمِسِ الْغِنَى
رقم القصيدة : 24039
-----------------------------------
تَغَرَّبْ إِذَا أَتْرَبْتَ، وَالْتَمِسِ الْغِنَى
فَمَا الْعِزُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ التَّعَسُّفِ
فَقَدْ يَعْدَمُ الإِنْسَانُ فِي عُقْرِ دَارِهِ
مُناهُ ، ويَلقَى حَظُّهُ فى التطوُّفِ
فَكلُّ مكانٍ يَضمنُ الرِزقَ لِلفتَى
إذا لَم يَكُن فِيهِ عَديمَ التَصَرُّفِ
العصر العباسي >> البحتري >> وقالوا ما الذي يرضيك منه
وقالوا ما الذي يرضيك منه
رقم القصيدة : 2404
-----------------------------------
وقالوا: ما الذي يرضيك منه
وأنت تقول لا تطل السكوتا
فقلت: رضاي في الإحسان عنه
فقالوا: ليس ترضى أو تموتا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سكنَ الفؤادُ ، وجفتِ الآماقُ
سكنَ الفؤادُ ، وجفتِ الآماقُ
رقم القصيدة : 24040
-----------------------------------
سكنَ الفؤادُ ، وجفتِ الآماقُ
وَمَضَتْ عَلَى أَعْقَابِهَا الأَشْوَاقُ
ونزعتُ عنْ نزقِِ الشبيبة ِ والصِبا
بَعْدَ الْمَشِيبِ، ولِلشَّبَابِ نِزَاقُ
لاَ الدَّارُ دَارٌ بَعْدَ مَا رَحَلَ الصِّبَا
عنّي ، ولا تلكَ الرفاقُ رفاقُ
ولقدْ جريتُ معَ الغواية ََ والصبا
جَرْيَ الْكُمَيْتِ، وَلِلْغَرَامِ سِبَاقُ
وَلَبِسْتُ هَذَا الدهْرَ مِنْ أَطْرَافِهِ
و نزعته وقميصه أخلاقُ
فإذا الشبابُ وديعة ٌ ، وإذا الفتى
هَدْيٌ لِفَاغِرَة ِ الْمَنُونِ يُسَاقُ
لله أيامٌ لنا معروفة ٌ
سبقتْ ، وليسَ لسبقهنَّ لحاقُ
حيثُ الصبا نهبٌ ، وسلسالُ الهوى
عَذْبٌ، وآنِيَة ُ السُّرُورِ دِهَاقُ
فِي جَنَّة ٍ خَضْرَاءَ، وَرْدُ خُدُودِهَا
زَاهٍ، وَغَيْثُ مُدَامِهَا غَيْدَاقُ
سَفَرتُ بِها الأقمارُ من أطواقِها
وتجمَّعَت بِفنائها العشاقُ
فالنُطقُ جهرٌ ، والتَّحية ُ قبلة ٌ
بينَ الأحبة ِ ، والسلامُ عِناقُ
لايسأمونَ اللَّهوَ بينَ مَلاعبٍ
قَدْ قَامَ فِيهَا لِلْخَلاعَة ِ سَاقُ(27/144)
يَفتَنُّ عقلُ المرءِ فى تصويرِها
وَتَحَارُ فِي تَمْثِيلِهَا الأَحْدَاقُ
فَعلى المُروجِ منَ الخمائلِ رفرفٌ
وعلى الخمائلِ للغيومِ رواق
بَعَثَ الرّبِيعُ لَهُنَّ مِنْ أَنْفَاسِهِ
فَسَمت طِباقٌ فَوقهنَّ طباقُ
دُنيا نعيمٍ لا بقاءَ لِحُسنها
وَنَعِيمُ دُنْيَا مَا لَهَا مِيثَاقُ
فلقد مَضى ذاكَ الزمانُ بِحُسنهِ
وسما إلى الهمُّ والإيراقُ
وَغَدَوْتُ حَرَّانَ الْفُؤَادِ كَأَنَّمَا
ضاقَت على َّ برحبِها الآفاقُ
نَفِسَت على َّ بنو الزمانِ شَمائلِى
فَلَهُمْ بِذَلِكَ خِفَة ٌ وَنِزَاقُ
حَسِبوا التَّحولَ فى الطِباعِ خَليقة ً
وتحوُّلُ الأخلاقِ ليسَ يُطاقُ
تَاللَّهِ أَهْدَأُ أَوْ تَقُومَ قِيَامَة ٌ
فيها الدِماء على الدِماءِ تُراقُ
ترتدُّ عينُ الشمسِ فى سَتراتِها
شَعواءُ تَلتهمُ الفضاءِ ، ويرتَقى
مِنها على حُبُكِ السماءِ نِطاقُ
أنا لا أقرُّ على القبيحِ مَهابة ً
إِنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْقَبِيحِ نِفَاقُ
قَلْبِي عَلَى ثِقَة ٍ وَنَفْسِيَ حُرَّة ٌ
تَأْبَى الدَّنِيَّ، وَصَارِمِي ذَلاَّقُ
فَعلامَ يَخشى المرءُ فرقة َ روحِه ؟
أَوَ لَيْسَ عَاقِبَة َ الْحَيَاة ِ فِرَاقُ؟
فارغَب بِنفسِكَ وهِى َ فى أثوابِها
إن لم تَكُن شامٌ فَتِلكَ عِراقُ
لاَ خَيْرَ فِي عَيْشِ الْجَبَانِ يَحُوطُهُ
مِنْ جَانِبَيْهِ الذُّلُّ وَالإِمْلاَقُ
عَابُوا عَليَّ حَمِيَّتِي ونِكَايَتِي
والنارُ ليسَ يَعيبُها الإحراقُ
فَاضْرَحْهُمُ ضَرْحَ اْلعُيُونِ قَذَاتَهَا
وحَذارِ ، لا تعلَق بِكَ العُلاَّقُ
فَالنَّاسُ أَشْبَاهٌ، وَشَتَّى بَيْنَهُمْ
تَدنو الجُسومُ ، وتَبعدُ الأخلاقُ
فَاعْرِضْهُمُ، وَاحْذَرْ تَشَابُهَ أَمْرِهِمْ
لاَ تَسْتَوِي الأَغْلاَلُ وَاْلأَطْوَاقُ
لاَ تَحْسَبَنَّ الرِّفْقَ يَنْزِعُ غِلَّهُمْ
الشَّرُّ دَاءٌ مَا لَهُ إِفْرَاقُ
شَروا الضَلالة َ بِالهُدى ، واغترَّهُم
لِينُ الْحَيَاة ِ، وَمَاؤُها الرَّقْرَاقُ(27/145)
فَتَرَى الْفَتَى مِنْهُمْ كَأَنَّ بِرَأْسِهِ
نَزغَ الجُنونِ ، فليسَ فِيهِ لَياقُ
مُتلوِّنُ الأخلاقِ بينَ عَشيرهِ
جَهلاً ، كما يَتَلوَّنُ الشِقراقُ
لَهجٌ بعارية ِ الحَياة ِ ، وما دَرى
أنَّ الحَياة َ إلى المَنونِ مَساقُ
لَو كانَ يَسلَمُ فى الزَمانِ مِنَ الردَى
حَى ٌّ لَعاشَ بِجَوِّهِ السَيذاقُ
أربَى عَلى شِمراخِ أرعَنَ باذِخٍ
سامٍ ، لَهُ فوقَ السَحائبِ طاقُ
نَهمانُ يَعتلِقُ القَطا بِمخالِبٍ
حُجْنٍ، لَهُنَّ بِوَقْعِهَا تَصْعَاقُ
لا يَستَقِرُّ بهِ الجَناحُ ، وطَرفهُ
مُتقلِّبٌ يَسمو بهِ الإرشاقُ
بَينا كَذلِكَ إذ أصابَ عِصابة ً
لِلطَيرِ أرسَلَها صَدى ً مِحراقُ
فَسَمَا، فَحَلَّقَ، فَاسْتَدَارَ، فَصَكَّهَا
بِمُذَرًّبٍ تمكُو لَهُ الأعناقُ
تسمو ، فيتبَعُها ، فَتَهوِى وهوَ فى
آثارِها مَرَّ الشِهابَ حِراقُ
مَذعورة ٌ تَبغِى الفِرارَ مِنَ الردَى
إنَّ الفِرارَ مِنَ المَنونِ وِثاقُ
حَتَّى إذا فَترَت ، وحَطَّ بِها الوَنى
سَقَطَتْ، فَلَيْسَ لِنَفْسِهَا أَرْماقُ
فَأَتَى ، فَمَزَّقَهَا كَمَا حَكَمَ الرَّدَى
وَلِكُلِّ نَفْسٍ مَرَّة ً إِزْهَاقُ
أَفَذَاكَ، أَمْ ضِرْغَامُ خِيسٍ مُدْهِسٌ
تَنْجَابُ عَنْ أَنْيَابِهِ الأَشْدَاقُ؟
مَنَع الطَّرِيقَ، فَمَا تَجُوسُ خِلاَلَهُ
فِي سَيْرهَا الطُّرَّاقُ وَالْمُرَّاقُ
غَضبانُ ، يَضربُ ذَيلهُ ، ويَلُفُّهُ
مِنْ جَانِبَيْهِ، كَأَنَّهُ مِخْرَاقُ
عَصَفَت عَليهِ النائجاتُ ، وخابَ مِنْ
هامِ الوحوشِ لَهُ حَشاً وصِفاقُ
فَسَمَا، فَأَبْصَرَ رَاعِيَيْنِ تَخَلَّفَا
بِالْعِيرِ، تَصْدَحُ بَيْنَهُنَّ نِيَاقُ
فأجمَّ قُوَّتَهُ ، وشَدَّ بِوثبَة ٍ
صُمُّ الصُخورِ لِوقعِها أفلاقُ
حَتَّى إذا اعترضَ الرِحالَ إذا بِها
يَقِظٌ تَلِينُ لِكَفِّهِ الأَرْزَاقُ
مُتَقلِّدٌ سَيفاً تَرِفُّ مُتونهُ
رَفَّ الْمَصَابِحِ شَفَّهُنَّ لِيَاقُ
فَتَصَاولا ، حَتى إِذا مَا اسْتَنْفَدا(27/146)
مَا كَانَ عِنْدَهُمَا، وَضَاقَ خِنَاقُ
هَمّا بِبَعْضِهِما ، فَمَاتَا مِيتَة ً
لَهُمَا بِهَا حَتَّى الْمَعَادِ وِفَاقُ
أَمْ أَرْقَشٌ مَرِسٌ يَسِيلُ كَأَنَّهُ
بَيْنَ الْخَمَائِلِ جَدْوَلٌ دَفَّاقُ
يَتَنَاذَرُ الرَاقُونِ سُمَّ لُعَابِهِ
رُعْباً، فَلَيْسَ لِمَسِّهِ دِرْيَاقُ
تَسِمُ الظَّلاَمَ ذُبَالَتَانِ بِرَأْسِهِ
تَقِدَانِ لَيْسَ عَلَيْهِمَا أَطْبَاقُ
يَسْرِى فِيَقْتَحِمُ السِرَارَ ، ويَرْتَمى
بِسَنَاهُما الْمُتَنَبّلُ المِرْشَاقُ
تَرَكَ الْوحُوشُ لَهُ الْفَلاَة َ ، وأَغَلَتْ
طَلَبَ النَجَاة ِ ، فَجَمْعُهَا أَحْذَاقُ
حَتى إِذا ظَنَّ الظُنُونَ بِنَفْسِهِ
تِيهاً بِهَا، وَخَلَتْ لَهُ الأَعْمَاقُ
أَنْحَى فَأَقْصَدَهُ الزَّمَانُ بِسَهْمِهِ
إِنَّ الزَمَانَ لَنَا بِلٌ مِيفَاقُ
حِكَمٌ تَحَيّرَت الْبَرِيهُ دُونَهَا
وَتَنَازَعَتْ أَسْبابَها الْحُذَّاقُ
فَاسْمَعْ، فَما كُلُّ الْكَلاَمِ بِطَيِّبٍ
وَلِكُلِّ قَوْلٍ فِي السَّمَاعِ مَذَاقُ
نَزَلَ الْكَلاَمُ إِلى مِنْ شُرُفَاتِهِ
وتَمَثَّلَتْ بِحَدِيثي الاْفَاقُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> عُودِي بِوَصْلٍ، أَوْ خُذِي مَا بَقِي
عُودِي بِوَصْلٍ، أَوْ خُذِي مَا بَقِي
رقم القصيدة : 24041
-----------------------------------
عُودِي بِوَصْلٍ، أَوْ خُذِي مَا بَقِي
فَقَدْ تَدَاعَى الْقَلْبُ مِمَّا لَقِي
أَيُّ فُؤَادٍ بِكِ لَمْ يَعْلَقِ
وأَنْتِ صِنْوُ الْقَمَرِ الْمَشِرقِ ؟
عَلَّمْتِنِي الذُّلَّ، وَكُنْتُ امْرأً
أَفْعَلُ مَا شِئْتُ، وَلاَ أَتَّقِي
فَارْحَمْ فُؤَاداً أَنْتَ أَبْلَيْتَهُ
ومُقْلَهً لَوْلاَكَ لَمْ تَأْرقِ
لَمْ أَدْرِ حَتَّامَ أُقَاسِي الْجَوَى
يا وَيْحَ قَلْبِى مِنْكَ ! مَاذَا لَقى ؟
إِذَا تَذَكَّرْتُكَ فى خَلْوَة ٍ
هَوَتْ بِدَمْعى زَفْرَة ٌ تَرْتَقى
تَاللهِ ما أَنْصَفَ مَنْ لاَمَنى(27/147)
فِيكَ ، وهَل لَوْم عَلى مُشْفِقِ ؟
وكَيْفَ لاَ أَعْشَقُ منْ حُسْنُهُ
يَدْعُو إِلى الصَبْوة ِ قَلْبَ النَقى ؟
لَكَ الْجَمَالُ التَّمُّ دُونَ الْوَرَى
ولَيْسَ لِلْبَدْرِ سِوى رَوْنَقِ
فَاعْطِفْ علَى قَلْبٍ بِهِ لَوْعَة ٌ
يَنْزُو لَهَا فِي الصَّدْرِ كَالزِّئْبَقِ
يَكَادُ يَرْفَضُّ هَوًى كُلَّمَا
لاَحَ لَهُ الْبَرْقُ مِنَ الأَبْرَقِ
حِمى بِهِ ما شِئْتِ مِنْ صَبْوَة ٍ
لَوْ كَانَ فِيهِ منْ يَفى ، أَو يَقى
حَاطَتْ بِهِ الْفُرْسانُ حُورَ الْمهَا
يَا مَنْ رَأَى الرَبْرَبَ فى الْفَيْلَقِ
مِنْ كُلِّ هَيْفَاءَ كَخُوطِ الْقَنَا
بِلَحظة ٍ كالَّلهذمِ الأزرقِ
تَخْطِرُ فِي الْفَيْنَانِ مِنْ فَرْعِهَا
فَهى ِ على التمثيلِ كالبيرقِ
أرنو إليها وهى َ فى شأنِها
كَنَظْرة ِ الْعَانِي إِلَى الْمُطْلَقِ
فَما تَرانِى صانِعاً وهِى لا
تَسْمَعُ مَا أَسْرُدُ مِنْ مَنْطِقِي؟
يا ربَّة َ القُرطَقِ ! هَل نَظرة ٌ
أحيا بِها ؟ ياربَّة َ القُرطَقِ !
إِنْ كَانَ يُرْضِيكِ ذَهَابُ الَّذِي
أبقيتِ مِنِّى ، فَخُذى ما بَقِى
لم تُبقِ مِنِّى صَدَماتُ الهوى
غَيْرَ صَدًى بَيْنَ حَشاً مُحْرَقِ
قَدْ كُنْتُ قَبْلَ الْحُبِّ ذَا تُدْرَإٍ
أقتَحِمُ الهولَ ولَم أفرَقِ
فَالْيَوْمَ أَصْبَحْتُ عَدِيمَ الْقُوَى
يَسبِقُنى الذَرُّ ولَم ألحَقِ
والحبُّ مُلكٌ نافِذٌ حُكمُهُ
مِنْ مَغْرِبِ اْلأَرْضِ إِلَى الْمَشْرِقِ
فَلْيَقُلِ الْعَاذِلُ مَا شَاءَهُ
فَالْعِشْقُ دَأْبُ الشَّاعِرِ الْمُفْلِقِ
لَوْ لَمْ أَكُنْ ذا شِيمَة حُرَّة ٍ
لَمْ أَقْرِضِ الشِّعْرَ، وَلَمْ أَعْشَقِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَيُّ قَلْبٍ عَلَى صُدُودِكَ يَبْقَى ؟
أَيُّ قَلْبٍ عَلَى صُدُودِكَ يَبْقَى ؟
رقم القصيدة : 24042
-----------------------------------
أَيُّ قَلْبٍ عَلَى صُدُودِكَ يَبْقَى ؟
أو لم يكفِ أنًّنى ذُبتُ عِشقا ؟(27/148)
لَم تَدَع مِنِّى الصَبابَة ُ إلاَّ
شَبَحاً شَفَّهُ السَقامُ فَدقَّا
ودُموعاً أسالَها الوَجدُ حَتَّى
غَلَبَتْ أَدْمُعَ الْغَمَامة ِ سَبْقَا
فَتَصدَّقْ بِنَظْرَة ٍ مِنْكَ تَشْفِي
داءَ قَلْبٍ مِنَ الْغَرَامِ مُلَقَّى
كانَ أبقى مِنهُ الغرامُ قَليلاً
فَأذَابَ الصُّدُودُ مَا قَدْ تَبَقَّى
لا تَسلنِى عَنْ بَعضِ ما أنا فيهِ
مِن غَرامٍ ، فلستُ أملِكُ نُطقا
سَلْ إِذَا شِئْتَ أَنْجُمَ اللَّيْلِ عَنِّي
فَهى َ أدرَى بِكلِّ ما بِتُّ ألقَى
نَفَسٌ لاَ يَبِينُ ضَعْفاً، وَجِسْمٌ
سارَ فيهِ الضَنى ، فأصبَحَ مُلقَى
فَتَرفَّق بِمُهجة ٍ شَفَّها الوَج
ـدُ، فَذَابَتْ، وَأَدْمُعٍ لَيْسَ تَرْقَا
إِنْ يَكُنْ دَأْبُكَ الصُّدُودَ فَقَلْبِي
عَنْكَ رَاضٍ، وَإِنْ غَدَا بِكَ يَشْقَى
فَعليكَ السلامُ مِنِّى ؛ فَإنِّى
مُتُّ شَوْقاً، وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أليلَى !ما لِقلبِكِ ليسَ يَرثِى
أليلَى !ما لِقلبِكِ ليسَ يَرثِى
رقم القصيدة : 24043
-----------------------------------
أليلَى !ما لِقلبِكِ ليسَ يَرثِى
لِما ألقاهُ مِنْ ألَمِ الفِراقِ؟
كَتَمْتُ هَوَاكِ حَتَّى نَمَّ دَمْعِي
وَذَابَتْ مُهْجَتِي مِمَّا أُلاقِي
وَرَقَّتْ لِي قُلُوبُ النَّاسِ حَتَّى
بَكى لِى كلُّ ساقٍ فَوقَ ساقِ
تَلُومِيني عَلَى عَبَراتِ عَيْنِي؟
وَلَوْلاَ الْحُبُّ لَمْ تَجْرِ الْمَآقِي
وَمِنْ عَجَبِ الْهَوَى يَا لَيْلُ أَنِّي
فَنِيتُ صَبَابَة ً وَهَوَاكِ بَاقِي
وَمَا إِنْ عِشْتُ بَعْدَ الْبَيْنِ إِلاَّ
لِما أرجوهُ مِن وشكِ التَلاقِى
ولَولا أنَّنى فى قَيدِ سُقمٍ
لَطِرْتُ إِلَيْكِ مِنْ فَرْطِ اشْتِيَاقِي
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> رَبِّ ، خُذ لِى مِنَ العُيونِ بِحَقِّى
رَبِّ ، خُذ لِى مِنَ العُيونِ بِحَقِّى
رقم القصيدة : 24044
-----------------------------------(27/149)
رَبِّ ، خُذ لِى مِنَ العُيونِ بِحَقِّى
وَأَجِرْنِي مِنْ ظَالِمٍ لَيْسَ يُبْقِي
قَد تَوقَّيتُ ما استَطعتُ مِنَ الحُبِّ
ـبِ، وَلَكِنْ ماذَا يَرُدُّ التَّوَقِّي؟
وتَرفَّقتُ بِالفؤادِ ، ولَكِن
غَلَبَتْ لَوْعَة ُ الصَّبَابَة ِ رِفْقِي
لا تَلُمنِى على الهَوى ،فَغُموضُ ال
ـحَقِّ عُذْرٌ يَرُدُّ كُلَّ مُحِقِّ
سَل دُموعِى ، فَهُنَّ يُنبِئنَ عَمَّا
في ضَمِيرِي، وَيَعْتَرِفْنَ بِصِدْقِي
كَيفَ لِى بِالنَجاة ِ مِن شَرَكِ الحبِّ
ـبِ سَلِيماً، وَالْحُبُّ مَالِكُ رِقِّي؟
قَد تَلقَّيتُ لَوعَتِى مِن عُيونٍ
عَلَّمَتْنِي دَرْسَ الْهَوَى بِالتَّلَقِّي
وَرَشَوْتُ الْهَوَى بِلُؤْلُؤِ دَمْعِي
وَالرُّشَا وُصْلَة ٌ لِنَيْلِ التَّرَقِّي
فَلَعَلِّي أَفُوزُ يَوْماً بِوَصْلٍ
أتَولَّى بهِ إمارَة َ عِشقِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> هَل مِن طبيبٍ لِداءِ الحُبِّ ، أوراقِى ؟
هَل مِن طبيبٍ لِداءِ الحُبِّ ، أوراقِى ؟
رقم القصيدة : 24045
-----------------------------------
هَل مِن طبيبٍ لِداءِ الحُبِّ ، أوراقِى ؟
يَشفِى عَليلاً أخا حُزنٍ وإيراقِ
قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقاً
حَتَّى جَرَى الْبَيْنُ، فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَاقِي
حُزنٌ بَرانِى ، وأشواقٌ رَعَت كَبِدِى
يا ويحَ نَفسِى مِن حُزنٍ وأشواقِ
أُكلِّفُ النَفسَ صَبراً وهى جازِعة ٌ
والصَّبْرُ فِي الْحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتاقِ
لافى "سَرنديبَ" لِى خِلٌّ ألوذُ بِهِ
ولا أنيسٌ سِوَى هَمِّى وإطراقِى
أبيتُ أرعَى نَجومَ الَّليلِ مُرتَفِقاً
فِي قُنَّة ٍ عَزَّ مَرْقَاهَا عَلَى الرَّاقِي
تَقَلَّدَت مِنْ جُمانِ الشُهبِ مِنطَقَة ً
مَعقودة ً بِوشاحٍ غَيرِ مِقلاقِ
كأنَّ نَجمَ الثُريَّا وهوَ مضطرِبٌ
دُونَ الْهِلاَلِ سِرَاجٌ لاَحَ فِي طَاقِ
ولا بَرِحتِ مِنَ الأوراقِ فى حُلَلٍ
مِن سُندُسٍ عَبقَرِى ِّ الوَشى ِ بَرَّاقِ(27/150)
يا حَبَّذا نَسَمٌ مِنْ جَوِّها عَبِقٌ
يَسرِى عَلى جَدولٍ بِالماءِ دَفَّاقِ
بَل حَبَّذا دَوحَة ٌ تَدعو الهَديلَ بِها
عِندَ الصَّباحِ قَمارِى ٌّ بِأطواقِ
مَرعَى جِيادِى ، ومَأوى جِيرتِى ، وَحِمى
قَوْمِي، وَمَنْبِتُ آدَابِي وَأَعْرَاقِي
أصبو إليها عَلى بُعدٍ ، ويُعجِبُنِى
أنِّى أعيشُ بِها فى ثَوبِ إملاقِ
وكيفَ أنسى دِياراً قد تَركتُ بِها
أَهْلاً كِراماً لَهُمْ وُدِّي وَإِشْفَاقِي؟
إذا تَذكَّرتُ أيَّاماً بِهِم سَلَفتْ
تَحَدَّرت بِغروبِ الدَّمعِ آماقِى
فَيا بريدَ الصَّبا بَلِّغ ذَوى رَحمِى
أنِّى مُقيمٌ على عَهدِى ومِيثاقِى
وَإِنْ مَرَرْتَ عَلى "الْمِقْيَاسِ" فَاهْدِ لَهُ
مِنِّى تَحِيَّة َ نَفسٍ ذاتِ أعلاقِ
وأنتَ يا طائراً يَبكِى على فَننٍ
نَفْسِي فَدَاؤُكَ مِنْ سَاقٍ عَلَى سَاقِ
أذكرتني ما مضى والشملُ مجتمعٌ
"بمصر" زالحربُ لم تنهضْ على ساقِ
أَيَّامَ أَسْحَبُ أَذْيَالَ الصِّبَا مَرِحاً
فِي فِتْيَة ٍ لِطَرِيقِ الْخَيْرِ سُبَّاقِ
فيا لَها ذُكرة ً ! شَبَّ الغرامُ بِها
ناراً سَرَتْ بينَ أردَانِى وأطواقِى
عَصرٌ تَولَّى ، وأبقَى فى الفؤادِ هَوًى
يَكَادُ يَشْمَلُ أَحْشَائِي بِإِحْرَاقِ
والمَرءُ طَوعُ اللَّيالِى فى تَصَرُّفِها
لاَ يَمْلِكُ الأَمْرَ مِنْ نُجْحٍ وَإِخْفَاقِ
عَلَيَّ شَيْمُ الْغَوَادِي كُلَّمَا بَرَقَتْ
وما عَلى َّ إذا ضَنَّت بِرَقراقِ
فَلا يَعِبنِى حَسودٌ أن جَرى قَدَرٌ
فَلَيْسَ لِي غَيْرُ مَا يَقْضِيهِ خَلاَّقِي
أسلَمتُ نَفسِى لِمولًى لا يخيبُ لَهُ
راجٍ عَلى الدَهرِ ، والمولى هو الواقى
وهوَّن الخطبَ عندى أنَّني رجلٌ
لاَقٍ مِنَ الدَّهْرِ مَا كُلُّ امْرِىء ٍ لاَقِي
يا قَلبُ صَبراً جَميلاً ، إنَّهُ قَدَرٌ
يَجرِى عَلى المَرءُ مِنْ أسرٍ وإطلاقِ
لا بُدَّ لِلضيقِ بَعدَ اليأسِ من فَرَجٍ
وكُلُّ داجِية ٍ يَوماً لإشراقِ(27/151)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> دَعانِى إلى غَى ِّ الصِبا بَعدَ ما مَضى
دَعانِى إلى غَى ِّ الصِبا بَعدَ ما مَضى
رقم القصيدة : 24046
-----------------------------------
دَعانِى إلى غَى ِّ الصِبا بَعدَ ما مَضى
مَكانٌ كَفِردوسِ الجِنانِ أنيقُ
فَسِيحُ مَجَالِ الْعَيْنِ، أَمَّا غَدِيرُهُ
فَطَامٍ، وَأَمَّا غُصْنُهُ فَرَشِيقُ
كَسَا أَرْضَهُ ثَوْباً مِنَ الظِّلِّ بَاسِقٌ
مِنَ الأيكِ فِينانُ السَراة ِ وريقُ
سَمَتْ صُعُداً أَفْنَانُهُ، فَكَأَنَمَا
لَهَا عِنْدَ إِحْدَى النَّيِّرَاتِ عَشِيقُ
يَمَدُّ شُعاعُ الشمسِ فى حجراتِها
سَلاَسِلَ مِنْ نُورٍ لَهُنَّ بَرِيقُ
وَيَشْدُو بِهَا الْقُمْرِيُّ حَتَّى كَأَنَّهُ
أَخُو صَبْوَة ٍ، أَوْ دَبَّ فِيهِ رَحِيقُ
تَمُرُّ طُيُورُ الْمَاءِ فِيها عَصَائِباً
كَرَكبٍ عِجالٍ ضَمَّهُنَّ طَريقُ
إِذَا أَبْصَرَتْ زُرْقَ الْمَوَارِدِ رَفْرَفَتْ
عَليها : فَطافٍ فَوقَها ، وغَريقُ
غَدَوْنَا لَهُ وَالْفَجْرُ يَنْصَاحُ ضَوْؤُهُ
فَيَنْمُو، وَأَقْطَارُ الظَّلاَمِ تَضِيقُ
وللطَّيرِ فى مَهدِ الأراكَة ِ رَنَّة ٌ
ولِلطَّلِّ فى ثَغرِ الأقاحَة ِ ريقُ
مَلاعِبُ زانَتها الرِفاقُ ، ولَم يَكُن
لِيَحسُنَ لَهوٌ يَزِنهُ رَفيقُ
ومَنزِلُ أنسٍ قَدْ عَقدنا بِجوِّهِ
رَتائمَ لَهوٍ عَقدُهُنَّ وَثيقُ
جَمعنا بهِ الأشتاتَ مِنْ كُلِّ لَذَّة ٍ
وما كلُّ يَومٍ بِالسرورِ حَقيقُ
وَغَنَّى لَنَا شَادٍ أَغَنُّ مُقَرْطَقٌ
رَفِيقٌ بِجَسِّ الْمِلْهَيَاتِ لَبِيقُ
إِذَا مَدَّ مِنْ صَوْتٍ وَرَجَّعَ أَقْبَلَتْ
عَلينا وجوهُ العَيشِ وهوَ رَقيقُ
فيا حُسنَهُ مِن مَنزِلٍ لَم يَطُف بهِ
غَوِى ٌّ ، ولَم يَحلل حِماهُ لَصيقُ
جَعَلْنَاهُ تَارِيخاً لأَيَّامِ صَبْوَة ٍ
إِذَا ذُكِرَتْ مَسَّ الْقُلُوبَ حَرِيقُ
أقمنا بهِ يوماً طَليقاً ، وليلَة ً
دُجاها بِلألاءِ المُدامِ طَليقُ(27/152)
فَلمَّا اتَّعدنا لِلرواحِ تَروَّعَتْ
قُلُوبُ النَّدَامَى ، وَالْمُحِبُّ شَفِيقُ
فَلِلَّهِ قَلبٌ بِالفِراقِ مُروَّعٌ
حَزينٌ ، وجَفنٌ بالدُموعِ شَريقُ
وقالَ لِى َ الخُلاَّنُ : صِف حُسنَ يومِنا
فَأَنْتَ بِنَجْدِيِّ الْكَلاَمِ خَلِيقُ
فَروَّيتُ شيئاً ، ثُمَّ جِئتُ بِمنطِقٍ
ذَكِى ٍّ يَفوقُ المِسكَ وهوَ فَتيقُ
وكيفَ يَغبُّ الفَولُ عَنِّى وفى فَمِى
لِسانٌ كَغَربِ المَشرَفِى ِّ ذَليقُ ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> لأَيِّ خَلِيلٍ فِي الزَّمَانِ أُرَافِقُ
لأَيِّ خَلِيلٍ فِي الزَّمَانِ أُرَافِقُ
رقم القصيدة : 24047
-----------------------------------
لأَيِّ خَلِيلٍ فِي الزَّمَانِ أُرَافِقُ
وأكثرُ من لاقيتُ خبٌّ مُنافِقٌ ؟
بَلَوْتُ بَنِي الدُّنْيَا، فَلَمْ أَرَ صَادِقاً
فَأَيْنَ لَعَمْرِي الأَكْرَمُونَ الأَصَادِقُ؟
أُحاوِلُ أمراً قَصَّرت دونَهُ النُهى
وشابَت ولَم تَبلُغُ مَداهُ المَفارِقُ
وأعظَمُ ما تَرجوهُ ما لا تَنالُهُ
وأكثرُ مَنْ تَلقاهُ مَنْ لا يوافِقُ
وَمَا كُلُّ مَنْ حَدَّ الرَّوِيَّة َ حَازِمٌ
وَلاَ كُلُّ مَنْ رَامَ السَّوِيَّة َ فَارِقُ
أَضَعْتُ زَمَانِي بَيْنَ قَوْمٍ لَوَ انَّ لِي
بِهِم غَيرَهُم ما أرهَقَتنى البَوائقُ
فإن أكُ مُلقَى الرَحلِ فيهِم فإنَّنى
لَهُمْ بِالْخِلالِ الصَّالِحاتِ مُفَارِقُ
مَعَاشِرُ سادُوا بِالنِّفَاقِ، وَمَا لَهُمْ
أُصُولٌ أَظَلَّتْهَا فُرُوعٌ بَوَاسِقُ
فَأَعْلَمُهُمْ عِنْدَ الْخُصُومَة ِ جاهِلٌ
وأَتْقَاهُمُ عِنْد الْعَفَافَة ِ فَاسِقُ
طَلاَقَة ُ وَجْهٍ تَحْتَهَا الْغَيْظُ كَاشِرٌ
وَنَغْمَة ُ وُدٍّ بيْنَهَا الْغَدْرُ نَاعِقُ
وأخلاقُ صِبيانٍ إذا ما بَلوتَهُم
عَلِمْتَ بِأَنَّ الْجَهْلَ فِي النَّاسِ نَافِقُ
تَعَلَّمتُ كَظمَ الغيظِ فيهِم ، وإنَّهُ
لَحِلمٌ ، ولَكِن لِلحَفيظة ِ ماحِقُ
دَعونِى إلى الجُلَّى ، فَقُمتُ مُبادِراً(27/153)
وإنِّى إلى أمثالِ تِلكَ لَسابِقُ
فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الْجِدُّ سَاقُوا حُمُولَهُمْ
إلى حيثُ لو يَبلُغهُ حادٍ وسائقُ
فَلا رَحِمَ اللهُ امرأً باعَ دِينَهُ
بِدُنيا سِواهُ وهوَ لِلحقِّ رامِقُ
عَلَى أَنَّنِي حَذَّرْتُهُمْ غِبَّ أَمْرِهِمْ
وأنذرتهم لو كان يفقهُ مائقُ
وَقُلْتُ لَهُمْ: كُفُّوا عَنِ الشَّرِّ تَغْنَمُوا
فَلِلشرِّ يومٌ-لامَحالة َ-ماحِقُ
فَظَنُّوا بِقولِى غَيرَ ما فى يَقينهِ
عَلَى أَنَّنِي فِي كُلِّ مَا قُلْتُ صَادِقُ
فَهَلْ عَلِمُوا أَنِّي صَدَعْتُ بِحُجَّتِي
وَقَدْ ظَهَرَتْ بَعْدَ الْخَفَاءِ الْحَقَائِقُ؟
فتبَّا لَهُم مِن مَعشَرٍ ليسَ فيهمً
رَشِيدٌ، وَلاَ مِنْهُمْ خَلِيلٌ مُصَادِقُ
ظَنَنْتُ بِهِمْ خَيْراً، فَأُبْتُ بِحَسْرَة ٍ
لَها شجنٌ بينَ الجوانِحِ لاصِقُ
فياليتنِى راجَعتُ حِلمِى ، ولم أكن
زعيماً ، وعاقَتنِى لِذَاكَ العوائقُ
وَيَا لَيْتَنِي أَصْبَحْتُ فِي رَأْسِ شَاهِقٍ
ولم أرى ما آلت إليهِ الوثائقُ
هُمُ عَرَّضُونِي لِلْقَنَا، ثُمَّ أَعْرَضُوا
سِراعاً ولم يَطرُق منِ الشرِّ طارِقُ
وَقَدْ أَقْسَمُوا أَلاَّ يَزُولُوا، فَمَا بَدَا
سنا الفجرِ إلاَّ والنِساءُ طَوالِقُ
مَضَوْا غَيْرَ مَعْذُورِينَ، لاَ النَّقْعُ سَاطِعٌ
وَلاَ الْبيضُ فِي أَيْدِي الْكُمَاة ِ دَوَالِقُ
وَلَكِنْ دَعَتْهُمْ نَبْأَة ٌ، فَتَفَرَّقُوا
كَمَا انْقَضَّ فِي سِرْبٍ مِنَ الطَّيْرِ بَاشِقُ
فَكَمْ آبِقٍ تَلْقَاهُ مِنْ غَيْرِ طَارِدٍ
وكَم واقِفٍ تَلقاهُ والعقلُ آبِقُ
إِذَا أَبْصَرُوا شَخْصاً يَقُولُونَ جَحْفَلٌ
وَجُبْنُ الْفَتَى سَيْفٌ لِعَيْنَيْهِ بَارِقُ
أُسودٌ لَدى الأبياتِ بينَ نِسائهِمْ
وَلَكِنَّهُمْ عِنْدَ الْهِيَاجِ نَقَانِقُ
إذا المرءُ لم يَنهَض بِقائمِ سَيفهِ
فيا ليتَ شِعرِى ، كيفَ تُحمَى الحقائقُ ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إِنَّ ابْنَ آدَمَ ذُو طَبَائعَ أَرْبَعٍ(27/154)
إِنَّ ابْنَ آدَمَ ذُو طَبَائعَ أَرْبَعٍ
رقم القصيدة : 24048
-----------------------------------
إِنَّ ابْنَ آدَمَ ذُو طَبَائعَ أَرْبَعٍ
مَجموعَة ِ الأجزاءِ فى أخلاقِهِ
تَبْدُو فَوَاعِلُهَا علَى حرَكَاتِهِ
فى بَطشِهِ وسُكونهِ ونِزاقِهِ
فَإِذَا تَغَلَّبَ وَاحِدٌ مِنْهَا عَلَى
أَقْرَانِهِ أَدَّى إِلى إِقْلاَقِهِ
بَيْنَا تَرَاهُ كَالزُلاَلِ لَطَافَهً
أَلْفَيْتَهُ كَالنَّارِ فِي إِحْراقِهِ
أَوْ كَالتُّرَابِ يَهِيلُ مِنْ عَقَدَاتِهِ
أَوْ كَالْهَوَاءِ يَجُولُ فِي آفاقِهِ
فَإِذَا تَعَادَلَ جَمْعُها، وَتَوَازَنَتْ
حَرَكَاتُهَا كَانَتْ دَلِيلَ وِفَاقِهِ
وَالْمَرْءُ مَهْمَا كَانَ فِي أَفْعَالِهِ
لاَ يَنْتَهِي إِلاَّ إِلَى أَعْرَاقِهِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أَضَنُّ بِصَاحِبِى ، وأَذُودُ عَنْهُ
أَضَنُّ بِصَاحِبِى ، وأَذُودُ عَنْهُ
رقم القصيدة : 24049
-----------------------------------
أَضَنُّ بِصَاحِبِى ، وأَذُودُ عَنْهُ
وأَمْنَحُهُ السَوِيَّة َ فى الْحُقوقُ
وَإِنْ غَدَرَ الزَمَانُ بِهِ فإِنَّى
أَقُومُ بِنَصْرِهِ فِعْلَ الصَّدِيقِ
إِذَا ما الْمَرْءُ لَمْ يَنْفَعْ أَخَاهُ
عَلَى الْحَالَيْنِ فِي سَعَة ٍ وَضِيقِ
فَدَعْهُ غَيْرَ مَأسوفٍ عَلَيهِ
فَخَيْرٌ مِنْهُ إِخْوَانُ الطَرِيقِ
العصر العباسي >> البحتري >> ألم ترني بليت بشر قوم
ألم ترني بليت بشر قوم
رقم القصيدة : 2405
-----------------------------------
ألم ترني بليت بشر قوم
أمل إذا لقيتهم حياتي
إذا المغتر لاح لهم بدوه
بأيمان كمثل الأمهات
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> إذا المرءُ لم يرمِ الهَناة َ بِمثلِها
إذا المرءُ لم يرمِ الهَناة َ بِمثلِها
رقم القصيدة : 24050
-----------------------------------
إذا المرءُ لم يرمِ الهَناة َ بِمثلِها
لِيَدْفَعَ ضَيْماً، فَهْوَ بِالذُّلِّ أَخْلَقُ(27/155)
ومَن شَهِدَ الهيجاءَ مِن غيرِ آلة ٍ
يَذودُ بهِا عَن نَفسهِ ، فَهوَ أحمَقُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> اُكتُم ضَميركَ مِن عَدوِّكَ جاهِداً
اُكتُم ضَميركَ مِن عَدوِّكَ جاهِداً
رقم القصيدة : 24051
-----------------------------------
اُكتُم ضَميركَ مِن عَدوِّكَ جاهِداً
وحَذارِ لا تُطلِع عَليهِ رَفيقا
فَلَرُبَّمَا انْقَلَبَ الصَّدِيقُ مُعَادِياً
ولرُبَّما رجعَ العَدُوُّ صَديقا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَرَنَّمْ بِأَشْعَارِي، وَدَعْ كُلَّ مَنْطِقِ
تَرَنَّمْ بِأَشْعَارِي، وَدَعْ كُلَّ مَنْطِقِ
رقم القصيدة : 24052
-----------------------------------
تَرَنَّمْ بِأَشْعَارِي، وَدَعْ كُلَّ مَنْطِقِ
فَمَا بَعْدَ قَوْلِي مِنْ بَلاَغٍ لِمُفْلِقِ
هُوَ الْعَسَلُ الْمَاذِيُّ طَوْراً، وَتَارَة ً
يَثورُ الشَجا مِنهُ مَكانَ المُخَنَّقِ
يُغنِّى بهِ شادٍ ، ويَحدو رِكابهُ
بهِ كلُّ حادٍ بينَ بيداءَ سَملَقِ
فَطَوْراً تَرَاهُ زَهْرَة ً بَيْنَ مجْلِسٍ
وَطَوْراً تَرَاهُ لَهْذَماً بَيْنَ فَيْلَقِ
وَمَا كَلَفِي بِالشِّعْرِ إِلاَّ لأَنَّهُ
مَنارٌ لِسارٍ ، أو نَكالٌ لأِحمَقِ
عَلِقتُ بهِ طِفلاً ، وشِبتُ ولَم يَزَلْ
شَدِيداً بِأَهْدَابِ الْكَلاَمِ تَعَلُّقِي
إِذَا قُلْتُ بَيْتاً سَارَ فِي الدَّهْرِ ذِكْرُهُ
مَسِيرَ الْحَيَا مَا بَيْنَ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ
يَهِيمُ بِهِ رَبُّ الْحُسَامِ حَمَاسَة ً
وَتَلْهُو بِهِ ذَاتُ الْوِشَاحِ الْمُنَمَّقِ
بَلَغْتُ بِشِعْرِي مَا أَرَدْتُ، فَلَمْ أَدَعْ
بَدَائعَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
فَهَذَا نَمِيرُ الشِّعْرِ، فَاقْصِدْ حِيَاضَهُ
لِتروَى ، وهَذا مُرتَقَى الفضلِ فارتَقِ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> سَلِ الفَلكَ الدوَّارَ إن كانَ يَنطِقُ
سَلِ الفَلكَ الدوَّارَ إن كانَ يَنطِقُ
رقم القصيدة : 24053(27/156)
-----------------------------------
سَلِ الفَلكَ الدوَّارَ إن كانَ يَنطِقُ
وكيفَ يُحيرُ الهوى أخرَسُ مُطرِقُ ؟
نُسائِلُهُ عَنْ شَأْنِهِ وَهْوَ صَامِتٌ
وَنَخْبُرُ مَا فِي نَفْسِهِ وهْو مُطْبَقُ
فلا سِرُّهُ يَبدو ، ولا نحنُ نَرعَوِى
وَلاَ شَأْوُهُ يَدْنُو، وَلاَ نَحْنُ نَلْحَقُ
وكَيفَ تنالُ النفسُ مِنهُ لُبانة ً
وَأَقْرَبُ مَا فِيهِ عَنِ الظَّنِ أَسْحَقُ؟
فَضاءٌ يَرُدُّ العينَ حَسرى ، ومَسرحٌ
يَقُصَّ جَنَاحَ الْفِكْرِ وَهْوَ مُحَلِّقُ
أقامَ على رَغمِ الفَناءِ ، وكلُّ ما
تَرَاهُ عَلَى وَجْهِ الْبَسِيطَة ِ يَنْفُقُ
فَكَمْ ثَلَّ عَرْشاً، وَاسْتَبَاحَ قَبِيلَة ً
وفَرَّقَ جَمعاً وهوَ لا يتفرَّقُ
تَحسَّى مراراتِ الكُبودِ ، فَلم تَزلْ
بهِ صِبغَة ٌ من لَونِها ، فهو أزرقُ
نَهارٌ وليلٌ يَدأبانِ ، وأنجمٌ
تَغيبُ إلى مِيقاتِها ، ثُمَّ تَشرقُ
تَرِفُّ كَزَهرٍ طَوَّحتهُ عواصِفٌ
بِلجَّة ِ ماءٍ ، فَهو يَطفو ويَغرقُ
سوابِحُ لا تَنفَكُّ تَجرِى لِغاية ٍ
يُقَصِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ الْمُتَعَمِّقُ
فَيَأَيُّهَا السَّارِي عَلَى غَيْرٍ هُدْيَة ٍ
رُويداً ، فإنَّ البابَ دُونَكَ مُغلَقُ
أتَحسِبُ أنَّ الظَنَّ يُدرِكُ بَعضَ ما
تُحَاوِلُهُ وَالظَّنُّ لِلْمَرْءِ مُوبِقُ؟
وَكَيْفَ يَنَالُ الْحِسُّ وَهْوَ مُحَدَّدٌ
سَرِيرَة َ غَيْبٍ دُونَهَا الْحِسُّ يَصْعَقُ؟
فَلا تَتَّبِع ريبَ الظنونِ ، فَكلُّ ما
تَصَوَّرهُ الإنسانُ وَهمٌ مُلفَّقُ
ولا تَحسبنَّ الحَدسَ يُدرِكُ ما نأى
فَمَا كُلَّ حينٍ قَائِفُ الْحَدْسِ يَصْدُقُ
وَأَيْنَ مِنَ الْمَخْلُوقِ إِدْرَاكُ حِكْمَة ٍ
بِهَا يُنْشِيءُ اللَّهُ الْقُرُونَ وَيَمْحَقُ؟
فَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ حَالَة َ نَفْسِهِ
كَفاهُ ، ولَكِنَّ ابنَ آدَمَ أخرَقُ
إذا المرءُ لم يَملك بوادرَ وَهمهِ
عنِ القولِ فيما لم يُفِد فَهوَ أحمَقُ
فَإِيَّاكَ وَالدُّنْيَا، فَإِنَّ نَعِيمَهَا(27/157)
يَزُولُ، وَمَلْبُوسُ الْجَدِيدَيْنِ يَخْلُقُ
فَإِنْ هِيَ أَعْطَتْكَ اللِّيَانَ فَإِنَّهَا
سَتَخشنُ من بَعدِ اللَّيانِ وتَخرقُ
فلا وُدُّها يَبقَى ، ولا صَفوُ عَيشِها
يَدُومُ، وَلاَ مَوْعُودُهَا يَتَحَقَّقُ
فَكم أخلَفَت وعداً ، ومَلَّت صَحابة ً
وخانت وَفِيًّا ، فَهى َ بَلهاءُ تَنزَقُ
وكيفَ يعيشُ الدَهرَ خِلواً منَ الأسى
سَقيمٌ يُغادِى بالهمومِ ويُطرَقُ ؟
لَعَمْرُ أَبِي إِنَّ الْحَيَاة َ وَإِنْ صَفَتْ
مَسافة َ يومٍ-فَهوَ صَفوٌ مُرنَّقُ
فَفِيمَ يَوَدُّ الْمَرْءُ طُولَ حَيَاتِهِ
وفى طُولِها شَملُ الهناءِ مُفرَّقُ ؟
وما الدهرِ إلاَّ مُستَعِدٌّ لِوثبَة ٍ
فَحِذْرَكَ، مِنْهُ، فَهْوَ غَضْبَانُ مُطْرِقُ
كَأَنَّ هِلاَلَ الأُفْقِ سَيْفٌ مُجَرَّدٌ
عَلَيْنَا بِهِ، وَالنَّجْمَ سَهْمٌ مُفَوَّقُ
أبادَ بنيهِ ظَالِماً غَيرَ راحمٍ
فَيَا عَجَبَا مِنْ وَالِدٍ لَيْسَ يُشْفِقُ
فَلا تبتئس بالأمرِ تَخشَى وُقوعَهُ
فَقَدْ يَأْمَنُ الإنْسَانُ مِنْ حَيْثُ يَفْرَقُ
فَمَا كُلُّ مَا تَهْوَاهُ يَأْتِيكَ بِالْمُنَى
وَلاَ كُلُّ مَا تَخْشَاهُ فِي الدَّهْرِ يَطْرُقُ
وكُن واثِقاً باللهِ فى كلِّ مِحنَة ٍ
فَلَلَّهُ أَوْلَى بِالْعِبادِ وَأَرْفَقُ
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> أسَلَّة ُ سيفٍ ، أم عَقيقة ُ بارِقِ
أسَلَّة ُ سيفٍ ، أم عَقيقة ُ بارِقِ
رقم القصيدة : 24054
-----------------------------------
أسَلَّة ُ سيفٍ ، أم عَقيقة ُ بارِقِ
أضاءت لَنا وهناً سَماوة َ بارِقِ ؟
لَوَى الرَّكْبُ أَعْنَاقاً إِلَيْهَا خَوَاضِعاً
بِزَفْرَة ِ مَحْزُونٍ، وَنَظْرَة ِ وَامِقِ
وفى حَركاتِ البَرقِ لِلشوقِ آيَة ٌ
تَدُلُّ عَلَى مَا جَنَّهُ كُلُّ عَاشِقِ
تَفُضُّ جُفوناً عَن دُموعٍ سوائلٍ
وَتَفْرِي صُدُوراً عَنْ قُلُوبِ خَوَافِقِ
وكيفَ يَعِى سِرَّ الهوى غَيرُ أهلِهِ
وَيَعْرِفُ مَعْنَى الشَّوْقِ مَنْ لَمْ يُفَارِقِ(27/158)
لَعَمرُ الهوَى إنِّى لَدُن شَفَّنِى النَوى
لَفِى وَلَهٍ من سورة ِ الوَجدِ ماحِقِ
كَفى بِمُقامِى فى "سَرنديبَ " غُربة ً
نَزَعْتُ بِهَا عَنِّي ثِيَابَ الْعَلاَئِقِ
وَمَنْ رَامَ نَيْلَ الْعِزِّ فَلْيَصْطَبِرْ عَلَى
لِقَاءِ الْمَنَايَا، وَاقْتِحَامِ الْمَضَايِقِ
فإن تَكُنِ الأيَّامُ رَنَّقنَ مَشربِى
وثَلَّمنَ حَدِّى بالخطوبِ الطوارقِ
فَمَا غَيَّرَتْنِي مِحْنَة ٌ عَنْ خَلِيقَتِي
ولا حوَّلتنِى خدعَة ٌ عَن طرائقِى
وَلَكِنَّنِي بَاقٍ علَى مَا يَسُرُّنِي
ويُغضِبُ أعدائى ، ويُرضِى أصادِقِى
فَحَسرة ُ بُعدِى عن حَبيبٍ مُصادِقٍ
كَفَرْحَة ِ بُعْدِي عَنْ عَدُوٍّ مُمَاذِقِ
فَتِلكَ بِهَذى ، والنَجاة ُ غَنيمَة ٌ
منَ الناسِ ، والدُنيا مَكيدة ُ حاذِقِ
ألا ، أيُها الزارِى عَلى َّ بِجَهلِهِ
ولَم يَدرِ أنِّى دُرَّة ٌ فى المفارِقِ
تَعزَّ عن العلياءِ باللُّؤمِ ، واعتزِلْ
فَإِنَّ الْعُلاَ لَيْسَتْ بِلَغْوِ الْمَنَاطِقِ
فَما أنا مِمَّن تَقبَلُ الضَيمَ نَفسهُ
ويَرضَى بِما يَرضَى بهِ كلُّ مائقِ
إذا المرءُ لم يَنهَض لِما فيهِ مَجدُهُ
قَضَى وَهْوَ كَلٌّ فِي خُدُورِ الْعَواتِقِ
وأى ُّ حَياة ٍ لامرئٍ إن تنكَّرَت
لَهُ الْحَالُ لَمْ يَعْقِدْ سُيُورَ الْمَنَاطِقِ؟
فَما قُذُفاتُ العِزِّ إلاَّ لِماجدٍ
إذا هَمَّ جَلَّى عَزمهُ كُلَّ غاسقِ
يَقولُ أُناسٌ ، إنِّنى ثُرتُ خالِعاً
وَتِلْكَ هَنَاتٌ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَلاَئِقِي
وَلَكِنَّنِي نَادَيْتُ بِالْعَدْلِ طَالِباً
رِضا اللهِ ، واستنهضتُ أهلَ الحقائقِ
أمرتُ بِمعروفٍ ، وأنكرتُ مُنكراً
وذلِكَ حُكْمٌ فِي رِقَابِ الْخَلاَئِقِ
فإن كانَ عِصياناً قِيامِى ، فإنَّنى
أَرَدْتُ بِعِصْيَانِي إِطَاعَة َ خَالِقي
وَهَلْ دَعْوَة ُ الشُّورَى علَيَّ غَضَاضَة ٌ
وَفِيهَا لِمَنْ يَبْغِي الْهُدَى كُلُّ فَارِقِ؟
بَلى ، إنَّها فَرضٌ منَ اللهِ واجِبٌ
عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْ مَسُوقٍ وَسَائِقِ(27/159)
وكيفَ يَكونُ المرءُ حُرًّا مُهذَّباً
ويَرضَى بِما يأتِى بهِ كلُّ فاسقِ ؟
فإن نافقَ الأقوامُ فى الدينِ غَدرة ً
فَإنِّى بِحمدِ اللهِ غيرَ منافقِ
عَلَى أَنَّنِي لَمْ آلُ نُصْحاً لِمَعْشَرٍ
أَبَى غَدْرُهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا قَوْلَ صَادِقِ
رأوا أن يسُوسوا الناسَ قَهراً ، فأسرَعوا
إِلَى نَقْضِ مَا شَادَتْهُ أَيْدِي الْوَثائِقِ
فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الظُّلْمُ قَامَتْ عِصَابَة ٌ
مِنَ الْجُنْدِ تَسْعَى تَحْتَ ظِلِّ الْخَوَافِقِ
وشايَعَهُم أهلُ البِلادِ ، فأقبَلوا
إِلَيْهِمْ سِراعاً بَيْنَ آتٍ وَلاَحِقِ
يَرُومُونَ مِنْ مَوْلَى الْبِلاَدِ نَفَاذَ مَا
تألاَّهُ من وعدٍ إلى الناسِ صادِقِ
فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ، فَلاَ تَسَلْ
سِوَايَ، فَإِنِّي عَالِمٌ بِالْحقَائِقِ
فَيَا "مِصْرُ" مَدَّ اللَّهُ ظِلَّكِ، وَارْتَوَى
ثَرَاكِ بِسَلْسَالٍ مِنَ النِّيلِ دَافِقِ
ولا بَرِحَت تَمتارُ منكِ يدُ الصَبا
أريجاً يُداوِى عَرفهُ كلَّ ناشِقِ
فَأَنْتِ حِمَى قَوْمِي، وَمَشْعَبُ أُسْرَتِي
ومَلعَبُ أترابِى ، ومَجرى سَوابِقِى
بِلاَدٌ بِهَا حَلَّ الشَّبَابُ تَمَائِمِي
وناطَ نِجادَ المشرِفى ِّ بِعاتِقِى
إِذَا صَاغَهَا بَهْزَارُ فِكْرِي تَصَوَّرَتْ
لِعَيْنِي فِي زِيٍّ مِنَ الْحُسْنِ رَائِقِ
تَرَكتُ بِها أهلاً كِراماً ، وجيرة ً
لَهُم جيرة ٌ تَعتادُنِى كُلَّ شارِقِ
هَجَرْتُ لَذِيذَ الْعَيْشِ بَعْدَ فِراقِهِمْ
وودَّعتُ ريعانَ الشبابِ الغُرانِقِ
فَهَل تَسمَح الأيَّامُ لِى بِلِقائهِم
وَيَسْعَدُ فِي الدُّنْيَا مَشُوقٌ بِشَائِقِ؟
لَعَمرِى لقد طالَ النَوى ، وتَقَطَّعَت
وسَائِلُ كَانَتْ قَبْلُ شَتَّى الْمَوَاثِقِ
فإن تَكُن الأيَّامُ ساءت صُروفُها
فَإنِّى بِفضلِ اللهِ أولُ واثقِ
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ الأَمْرُ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ
وَيَرْجِعُ لِلأَوْطَانِ كُلُّ مُفَارِقِ(27/160)
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> غَلَبَ الْوَجْدُ عَلَيْهِ، فَبَكَى
غَلَبَ الْوَجْدُ عَلَيْهِ، فَبَكَى
رقم القصيدة : 24055
-----------------------------------
غَلَبَ الْوَجْدُ عَلَيْهِ، فَبَكَى
وَتَوَلَّى الصَّبْرُ عَنْهُ، فَشَكَا
وتَمنَّى نَظرة ً يَشفِى بِها
عِلَّة َ الشوقِ ، فكانَت مَهلَكا
يَا لَهَا مِنْ نَظْرَة ٍ! مَا قَارَبَتْ
مَهْبِطَ الْحِكْمَة ِ حَتَّى انْهَتَكَا
نَظرَة ٌ ضَمَّ عَليها هُدبَهُ
ثُمَّ أَغْرَاهَا، فَكَانَتْ شَرَكَا
غَرَسَتْ فِي الْقَلْبِ مِنِّي حُبَّهُ
وسَقتهُ أدمًعِى حَتَّى زكا
آهِ مِنْ بَرْحِ الْهَوَى ! إِنَّ لَهُ
بينَ جَنبى َّ منَ النارِ ذكا
كانَ أبقَى الوجدُ مِنِّى رمقاً
فَاحْتَوَى الْبَيْنُ عَلَى مَا تَرَكَا
إنَّ طَرفِى غَرَّ قَلبِى ، فَمَضى
فِي سَبِيلِ الشَّوْقِ حَتَّى هَلَكَا
قَد تولَّى إثرَ غِزلانِ النَقا
ليتَ شِعرِى ، أى َّ وادٍ سلكا
لم يَعُد بعدُ ، وظنِّى أنَّهُ
لَجَّ فِي نَيْلِ الْمُنَى فَارْتَبَكَا
ويحَ قَلبِى من غَريمٍ ماطِلٍ
كُلَّما جدَّدَ وعداً أفَكا
ظنَّ بِى سوءاً وقد ساوَمتهُ
قُبلَة ً ، فازورَّ حَتَّى فَرِكا
فاغتفِرها زَلَّة ً من خاطِئٍ
لَمْ يَكُنْ بِاللَّهِ يَوْماً أَشْرَكَا
يا غَزالاً نصبت أهدابهُ
بِيَدِ السِّحْرِ لِضَمِّي شَبَكَا
قَد مَلكتَ القلبَ ، فاستوصِ بهِ
إِنَّهُ حَقُّ عَلَى مَنْ مَلَكَا
لاَ تُعَذِّبْهُ عَلَى طَاعَتِهِ
بعدَ ما تيَّمتَهُ ، فَهو لَكا
غَلَبَ الْيَأْسُ عَلَى حُسْنِ الْمُنَى
فِيكَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الضِّحْكِ الْبُكَا
فإلى من أشتَكِى ما شَفُّنِى
مِن غَرامٍ ، وإليكَ المشتَكَى ؟
سَلَكت نَفسِى سبيلاً فى الهَوى
لم تَدَع فيهِ لِغيرَتِى مَسلَكا
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> يا ويحَ نَفسِى مِن هَوى شادِنٍ
يا ويحَ نَفسِى مِن هَوى شادِنٍ
رقم القصيدة : 24056
-----------------------------------(27/161)
يا ويحَ نَفسِى مِن هَوى شادِنٍ
غَازَلَ قَلْبِي لَحْظُهُ فَانْهَتَكْ
ذى نَظرَة ٍ كالسِّحرِ ، لو صادفت
غَمزتُها ليثَ وغى ً ما فَتَك
فَكيفَ أحمِى مُهجَتِى بعدَ ما
خامَرَها الوَجدُ ؛ فَطارَت بِتَك ؟
فَلاَ يَلُمْنِي غَافِلٌ، فَالْهَوَى
سَيْفٌ إِذَا مَرَّ بِشَيءٍ بَتَكْ
مَاذَا عَلَى مَنْ بَخِلَتْ نَفْسُهُ
بالوَصلِ لَو قَبَّلتُ طَرفَ الأتَك ؟
شعراء مصر والسودان >> محمود سامي البارودي >> تَاللَّهِ لَسْتَ بِهَالِكٍ جُوعاً، وَلاَ
تَاللَّهِ لَسْتَ بِهَالِكٍ جُوعاً، وَلاَ
رقم القصيدة : 24057
-----------------------------------
تَاللَّهِ لَسْتَ بِهَالِكٍ جُوعاً، وَلاَ
لاقٍ وَإِنْ طَوَّفْتَ إِلاَّ رِزْقَكَا
إن كنتَ تؤمِنُ بالَّذى خَلَقَ الورَى
وَأَقَاتَهُ، فَعَلاَمَ تَقْتُلُ نَفْسَكَا؟
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> طَحَا بكَ قَلبٌ في الحِسان طروبُ
طَحَا بكَ قَلبٌ في الحِسان طروبُ
رقم القصيدة : 24058
-----------------------------------
طَحَا بكَ قَلبٌ في الحِسان طروبُ
بُعيْد الشَّبابِ عصرَ حانَ مشيبُ
تُكلِّفُني ليلَى وَقد شَطَّ ولْيُها
وعادتْ عوادٍ بينَنا وخُطُوبُ
مُنعَّمة ٌ لا يُسْتطاعُ كلامُها
على بابِها من أن تُزارَ رقيبُ
إذا غاب عنها البعْلُ لم تُفْشِ سِرَّهُ
وتُرْضي إيابَ البَعْل حينَ يَؤُوبُ
فلا تَعْدِلي بَيْني وبينَ مُغَمَّرٍ
سقَتكِ رَوايا المُزن حيث تَصوبُ
سقاكِ يمانٍ ذُو حَبيٍّ وعارِضٍ
تَروحُ به جُنْحَ العَشيِّ جُنوبُ
وما أنتَ أم ما ذِكرُها رَبَعِيَّة ً
يُخَطُّ لها من ثَرْمَداء قَليبُ
فإنْ تَسألوني بالنِّساء فإنَّني
بصيرٌ بأدواءِ النِّساء طبيبُ
إذا شاب رأسُ المَرْءِ أو قَلَّ مالهُ
فليس له من وُدِّهِنَّ نصيبُ
يُرِدْنَ ثَراءَ المالِ حيثُ عَلِمْنَهُ
وشرْخُ الشَّباب عنْدَهُنَّ عجيبُ
فَدعها وسلِّ الهمَّ عنك بِجِسرة ٍ
كَهَمِّكَ فيها بالرِّادفِ خبيبُ(27/162)
وناجِيَة ٍ أفْنَى رَكِيبَ ضُلوعِها
وحارِكَها تَهَجُّرٌ فدُؤوبُ
وتصبحُ عنِ غبِّ السُّرى وكأنها
مُوَلَّعة تخشى القَنيص شَبوبُ
تَعفَّق بالأرْطى لها وأرادها
رجالٌ فَبَذَّتْ نَبْلَهم وَكَليببُ
إلى الحارث الوهَّاب أعلمتُ ناقتي
لِكلكِلها والقُصْريْين وجيبُ
لتِبُلغني دار امرئٍ كان نائياً
فقد قرَّبتني من نداكَ قَروبُ
إلَيكَ ـ أبيت اللَّعْنَ ـ كان وجيفُها
بِمُشتبِهاتٍ هَوْلُهُنَّ مَهيبُ
تتَّبعُ أفْياءَ الظِّلالِ عَشيَّة ً
على طُرُقٍ كأنَّهُن سُبُوبُ
هداني إليك الفرقدانِ ولا حِبٌ
لهُ فوقَ أصواءِ المتانِ علوبُ
بها جيفُ الحسرى فأمَّا عِظامُها
فبيضٌ وأمَّا جِلدُها فَصليبُ
فأوردتُها ماءً كأنَّ جِمامَهُ
مِنَ الأجْنِ حنَّاءٌ معا وصبيبُ
تُراد على دِمْن الحياضِ فإنْ تَعف
فإنَّ المُندَّى رِحْلَة ٌ فرُكوبُ
وأنتَ امرؤٌ أفضَت إليك أمانتي
وقبلكَ ربَّتني فَضِعتُ رُبوبُ
فأدت بنو عَوفِ بنِ كعب رَبيبها
وغُودِرَ في بعض الجُنودِ رَبيبُ
فواللهِ لولا فارسُ الجونِ منهمُ
لاsبوا خزايا والإيابُ حَبيبُ
تُقدمُه حتَّى تغيبَ حُجُوله
وأنت لبَيض الدَّارعين ضروبُ
مُظاهرُ سِربَالي حَديد عليهِما
عَقيلا سُيوفٍ مِخذَمٌ وَرسوبُ
فَجالدتَهُم حتَّى اتّضقوك بكبشهمْ
وقد حانَ من شمسِ النَّهارِ غُروبُ
وَقاتَل من غسَّان أهْلُ حِفاظِها
وهِنبٌ وقاسٌ جالدت وشَبيبُ
تَخشخشُ أبدانُ الحديدِ عليهِمُ
كما خَشخَشت يبسَ الحصاد جنوبُ
ودُ بنفسٍ، لا يُجادُ بمثلها
وأنتَ بها يوْم اللّقاء تطيبُ
كأنَّ الرجال الأوس تحت لَبانِه
وما جَمعتْ جَلٌّ ، معاً ، وعتيبُ
رغا فَوقَهم سَقب السَّماءِ فداحصٌ
بِشكَّتِه لم يُستلَبْ وسليبُ
كأنَّهُمُ صابَتْ عليهمْ سحابة ٌ
صَواعِقُها لِطَيرهنَّ دبيبُ
فَلَمْ تنجُ إلا شطبة ٌ بِلجامِها
وإلاّ طِمِرٌّ كالقناة نَجيبُ
وإِلا كميٌّ ذوِ حِفاظٍ ، كَأنَّهُ
بما ابتَلَّ من حد الظُّبات خصيبُ
وفي كُلِّ حيٍ قد خَطَبت بنعمة(27/163)
فحُقَّ لِشأسٍ من نَداكَ ذَنوبُ
وما مِثْلُهُ في النَّاس إلا قبيلُهُ
مُساوٍ ، ولا دانٍ لَذاكَ قَريبُ
فلا تَحْرِمنِّي نائلاً عن جَنابَة ٍ
فإنِّي امرؤ وَسطَ القباب غريبُ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> هل ما علمتَ وما استُودِعتَ مكتومُ
هل ما علمتَ وما استُودِعتَ مكتومُ
رقم القصيدة : 24059
-----------------------------------
هل ما علمتَ وما استُودِعتَ مكتومُ
أم حبْلُها إذ نأتْكَ اليوم مصرومُ
أمْ هل كبيرٌ بكى لم يَقضِ عَبرتَهُ
إثرَ الأحِبَّة يوم البيْنِ مشكومُ
لم أدْرِ بالبَيْنِ حتَّى أزمَعوا ظَعنا
كلُّ الجمالِ ، قُبيْل الصُّبْحِ مَزموم
رَدَّ الإماءُ جِمالَ الحَيَّ فاحتملوا
فكلُّها بالتَّزِيدِيَّاتِ مَعْكومُ
عَقْلاً ورَقْما تَظَلُّ الطَّيرُ تَتْبعُه
كأنَّه من دَمِ الأجْوافِ مَدْمومُ
يحملَن أتْرُجَّة ً نَضْجُ العَبيرِ بها
كأنَّ تَطْيابَها في الأنف مشمومُ
كأنَّ فارة َ مِسكٍ في مَفارِقِها
لِلباسط المُتعاطي وَهوَ مزكومُ
فالعينُ منِّي كأنَّ غربٌ تحُطُّ به
دَهْماءُ حارِكُها بالقِتْبِ مَخْزومُ
قد عُرِّيَتْ حِقْبة ً حتَّى استطفَّ لها
كِترٌ كحافة كِير القَينِ مَلمومُ
كأنَّ غِسْلَة خِطمِيٍّ بمِشفَرِها
في الخدِّ منها وفي اللَّحْيينِ تلغيمُ
قد أدْبر العُرُّ عنها وَهْي شَامِلُها
من ناصع القَطِران الصِّرف تدسيمُ
تسْقي مَذانِبَ قد زالتْ عَصيفتُها
حُدورُها من أتِيِّ الماءِ مطمومُ
من ذكر سلمى ، وما ذكري الأوان لها
إلاَّ السَّفاهُ وظنُّ الغَيبِ تَرجيمُ
صفر الوشاحينِ ملءُ الدِّرع خَرعبة ٌ
كأنَّها رَشأٌ في البَيتِ مَلزومُ
هل تُلحِقَنِّي بأُولي القوم ، إذا شحطوا
جُلْذِيَّة ٌ كأتان الضَّحل عُلكومُ
تُلاحظ السَّوط شزراً وهي ضامزة ٌ
كما توجَّس طاوي الكشح موشوم
كأنَّها خاضِبٌ زُعْرٌ قوائمُه
أجْنَى له بالْلِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ
يَظلُّ في الحَنظَلِ الخُطْبان يَنقُفه
وما اسْتَطفَّ من التَّنُّوم مخذومُ(27/164)
فُوهٌ كشَقِّ العَصا لأياً تبيُّنُهُ
أسكُّ ما يسمَع الأصوات مَصْلوم
حتَّى تذكَّرَ بيْضاتٍ وهيَّجَه
يومُ رذاذٍ عليه الرِّيحُ مغْيومُ
فلا تَزَيُّدُه في مَشيهِ نَفِقٌ
ولا الزَّفيفُ دُويَن الشَّدِّ مَسؤومُ
يكادُ مَنسِمُه يَختلُّ مُقْلَتَهُ
كأنَّه حاذِرٌ لِلنَّخْسِ مَشْهومُ
يَأوي إلى خُرَّقٍ زُعْرٍ قَوادِمُها
كأنَّهُنَّ إِذا بَرَّكْنَ جُرْثومُ
وضَّاعة ٌ كعِصِيّ الشّرع جُؤجؤه
كأنَّه بِتَناهِي الرَّوض عُلْجومُ
حتَّى تلافَى وقَرنُ الشَّمسِ مُرتفعٌ
أُدحيَّ عرسين فيه البَيْض مركومُ
يُوحي إليها بإنقاضٍ ونَقْنَقَة ٍ
كما تَراطَنُ في أفْدانِها الرُّومُ
صَعلٌ كأنَّ جناحَيه وجُؤجؤَه
بَيْتٌ أطافتْ بِه خرقاءُ مهجومُ
تَحُفُّهُ هِقْلَة ٌ سَطْعاءُ خاضِعة ٌ
تُجيبُهُ بِزِمارٍ فيه تَرْنيمُ
بل كلُّ قوم ، وإِن عزُّوا وإن كثُروا
عَريفُهم بِأثافي الشَّرِّ مَرْجومُ
والجودُ نافِيَة ٌ لِلمالِ مُهْلِكَة ٌ
والبُخلُ مبقٍ لأهليه ومذمومُ
والمالُ صوفُ قرارٍ يَلعبونَ بهِ
على نِقادَتهِ وافٍ ومَجلومُ
والحَمدُ لا يُشتَرى إلاَّ لهُ ثَمَنٌ
مِمَّا تَضِنُّ بهِ النُّفوسُ مَعلومُ
والجَهلُ ذو عَرَضٍ لا يُستَرادُ لهُ
والحِلمُ آونَة ً في النَّاسِ مَعدومُ
ومُطعَمُ الغُنمِ يَومَ الغُنم مُطعَمُه
أنَّى تَوَجَّهَ وَالمحَرومُ محرومُ
ومَن تَعرَّض لِلغربانِ يَزجُرُها
على سَلامَتهِ لابُدَّ مَشؤومُ
وكلُّ بَيتٍ وإن طالَت إقامَتُه
على دَعائِمِه لا بُدَّ مَهدُومُ
قد أشهَدُ الشَّربَ فيهم مِزهرٌ رَنِمٌ
والقومُ تَصرَعُهم صَهباءُ خُرطومُ
كأسُ عَزيزٍ منَ الأعنابِ عَتَّقها
لِبعضِ أَربابِها حانِيَّة ٌ ، حُومُ
تَشفي الصُّداعَ ولا يؤذيكَ صالِبُها
ولا يُخالِطُها في الرأسِ تَدويمُ
عانِيَّة ٌ قُرقُفٌ لم تُطُّلَع سنة ً
يُجِنُّها مُدمَجٌ بالطِّينِ ، مختومُ
ظلَّت تُرقرِقُ في النَّاجودِ يَصفقها
وليدُ أعْجَمَ بالكَتَّان مَفدومُ(27/165)
كأنَّ إبريقَهُم ظَبيٌ على شَرفٍ
مُفدَّمٌ بِسبَا الكَتانِ ملثومُ
أبيضُ أبرَزَهُ للضِّحِّ راقِبُه
مُقلَّدٌ قُضُبَ الرِّيحانِ مَفغومُ
وقد غَدَوتُ على قِرني يُشَيِّعُني
ماضٍ أخو ثِقَة ٍ بالخَير مَوسومُ
وقد عَلَوتُ قُتُودَ الرَّحلِ يَسعَفُني
يَوم تَجيءُ به الجوزاءُ مسمومُ
حامٍ ، كأنَّ أُوارَ النَّارِ شامِلُهُ
دونَ الثِّيابِ ورأسُ المرءِ مَعمومُ
وقد أقودُ أمامَ الحيِّ سَلْهَبَة ً
يَهدي بها نَسبٌ في الحيِّ معلومُ
لا في شَظاها ولا أرساغِها عَنَتٌ
ولا السَّنابِكُ أفناهُنَّ تَقليمُ
سُلاَّءَة ٌ كعصا النَّهدِيِّ غُلَّ بها
ذو فَيئة ٍ من نَوى قُرَّانَ معجومُ
تَتبعُ جُونا إذا ما هُيِّجت زَجِلتْ
كأنَّ دفاً على عَلياءَ مَهزومُ
يَهدي بها أكْلفُ الخدَّين مُختبِرٌ
من الجِمال كثيرُ اللَّحمِ ، عَيثومُ
إذا تَزَغَّمَ من حافاتِها رُبَعٌ
حنَّت شغاميمُ في حافاتها كُومُ
وقد أصاحِبُ فِتيانا طَعامُهُمُ
خُضرُ المَزادِ ولَحمٌ فيه تنشيمُ
وقد يَسَرت إذا الجوعُ كُلّفه
معقب من قِداح النَّبعِ مقرومُ
لَو يَيسِرونَ بِخيلٍ قد يَسَرتُ بها
وكلُّ ما يَسرَ الأقوامُ مغرومُ
العصر العباسي >> البحتري >> سأرحل عنك معتصما بيأس
سأرحل عنك معتصما بيأس
رقم القصيدة : 2406
-----------------------------------
سأرحل عنك معتصماً بيأس
وأقنع بالذي لي فيه قوت
وآمل دولة الأيام حتى
تجيء بما أؤمل أو أموت
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> ذهبتَ من الهِجران في غير مذهب
ذهبتَ من الهِجران في غير مذهب
رقم القصيدة : 24060
-----------------------------------
ذهبتَ من الهِجران في غير مذهب
ولم يَكُ حقّاً كلُّ هذا التجنُّبِ
لَيالِيَ لا تَبْلى نصيحَة ُ بَينِنا
لَيالِي حَلُّوا بالسِّتار فَغُرَّبِ
مُبَتّلة كأنَّ أنضاءَ حَليِها
على شادِنٍ من صاحَة ٍ مترببِ
مَحالٌ كأجوازِ الجَرادِ ولؤلؤٌ
من القَلَقِيِّ والكَبيسِ المُلَوَّبِ(27/166)
إِذا ألحَمَ الواشونَ لِلشَّرِّ بَينَنا
تَبلَّغَ رَسُّ الحُب غيرُ المُكَذَّبِ
ومَا أنت أم ما ذِكرُها رَبَعِيَّة ً
تَحُلُّ بإِيرٍ أو بأكنافِ شُربُبِ
أطَعتَ الوُشاة َ والمُشاة َ بِصُرمِها
فقد أنهَجَت حِبالُها للتّقَضُّبِ
وقد وَعَدَتكَ موعِدا لو وَفَت به
كمَوعودِ عُرقُوبٍ أخاه بِيَثرِبِ
وقالتْ : وإِن يُبخَلْ عليكَ ويُعتَللْ
تَشَكَّ وإن يكشف غرانك تدربِ
فقلتَ لها: فِيئِي فما تَستَفِزُّني
ذواتُ العُيونِ والبَنانِ المخضبِ
ففاءت كما فاءت من الأدم مُغزِلٌ
بِبِيشَة َ تَرعى في أراكٍ وحُلَّبِ
فَعِشنا بِها من الشَّبابِ مُلاوَة ً
فأنجَحَ آياتُ الرَّسولِ المُخَبَّبِ
فإِنَّكَ لم تَقطَعْ لُبَانَة َ عاشقٍ
بمثل بُكورٍ أو رَواحٍ مُؤَوِّبِ
بِمُجفَرة ِ الجَنبَينِ حَرفٍ شِملَّة ٍ
كَهمَّكَ مِرقالٍ على الأينِ ذِعِلبِ
إذا ما ضَربتُ الدَّفَّ أوصُلتُ صَوْلَة ً
تَرقَّبُ مني، غير أدنى ترَقُّبِ
بعَينٍ كمِرآة ِ الصَّناعِ تُديرُها
لِمَحجَرِها منَ النَّصيف المنقَّب
كأنَّ بِحاذَيها إذا ما تَشذَّرت
عَثاكيل عِذقٍ من سُمَيحة َ مُرطِبِ
تَذُبُّ به طَوراً وطوراً تُمِرُّة ُ
كذَبِّ البَشير بالرِّداءِ المُهدَّبِ
وقد أغتَدي والطَّيرُ في وُكُناتِها
وماءُ النَّدى يجري على كلِّ مِذنَبِ
بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأوابِدِ لاحَهُ
طِرادُ الهَوادي كلَّ شأوٍ مُغرِّبِ
بغَوجٍ لَبانُهُ يُتَمُّ بَريمُهُ
على نَفْثِ راقٍ خَشيَة َ العينِ مُجلِبِ
كُمَيتٍ كلَونِ الأُرجُوان نشرتَه
لِبَيع الرِّداءِ في الصُّوان المُكعَّبِ
مُمَرٍّ كَعَقدِ الأندَريّ يَزينُهُ
مع العتقِ خَلقٌ مُفعَمٌ غَيرُ جَأنَبِ
لهُ حُرَّتانِ تَعرِفُ العِتقَ فيهما
كَسامِعَتيْ مَذعورة ٍ وَسطَ رَبربِ
وجَوفٌ هَواء تحت مَتْنٍ كأنَّه
من الهضبة ِ الخَلقاءِ زُحلوقُ مَلعبِ
قطاة ٌ ككُردوسِ المحالة أشرفت
إلى سَندٍ مِثلِ الغَبيطِ المُذَاَّبِ
وغُلبٌ كأعناق الضِّباع مَضيغُها(27/167)
سِلامُ الشَّظى يَغشى بها كل مركب
وسُمْرٌ يُفَلِّقن الظِّراب كأنَّها
حِجارة ُ غَيلٍ وارِساتٌ بطُحلُبِ
إذا ما اقتَضَينا لم نُخاتِلْ بِجُنَّة ٍ
ولكنْ نُنادي من بعيدٍ: ألا اركبِ!
أخا ثِقة ٍ لا يلعَنُ الحيُّ شخصَهُ
صَبوراً على العِلاَّتِ غَيرِ مُسبَّبِ
إِذا أنفَدُوا زادا فإنَّ عِنانَهُ
وأكرُعَهُ مستعمَلاً خَيرُ مكسبِ
رأينا شِياها يَرتَعِينَ خَميلَة ً
كَمَشْيِ العذارى في المُلاءِ المُهدَّبِ
فَبينا تَمارِينا وعَقدُ عِذاره
خَرجنَ عَلينا كالجُمانِ المُثقَّبِ
فَأتبعَ آثار الشِّياهِ بصادِقٍ
حثيثٍ كَغيثِ الرائحِ المُتَحلِّبِ
ترى الفأر عن مسترغب القدرِ لائحاً
على جَددِ الصَّحراءِ من شدٍّ مُلهبِ
خَفى الفأرَ مِن أنفاقهِ فكأنَّما
تَخلَّله شُؤبوبُ غيثٍ مُنقِّبِ
فظلَّ لثيرانِ الصَّريمِ غَماغِمٌ
يُداعِسُهُنَّ بالنَّضِيِّ المُعلَّبِ
فَهاوٍ على حُرِّ الجَبينِ ومُتَّقِ
بِمِدراتِه كأنَّها ذَلْقُ مِشعَبِ
وعادى عِداءً بين ثَورٍ ونَعجة ٍ
وتَيسٍ شَبوبٍ كالهَشيمة قرهَبِ
فقُلنا: ألا قد كان صيدٌ لِقانصٍ
فَخَبُّوا علينا فضلَ بُردٍ مُطنَّبِ
فظلَّ الكفُّ يختَلِفن بحانذٍ
إلى جؤجُؤٍ مِثلِ المَداك المُخَضَّبِ
كأنَّ عُيوب الوحش حولِ خبائنا
وأرحُلِنا الجَزعُ الَّذي لَم يُثقَّبِ
ورُحنا كأنَّا جُواثى عَشِيَّة ً
نُعالي النِّعاج بَينَ عِدلٍ ومُحقَبِ
وراحَ كشاة ِ الرَّبل ينفُض رأسَه
أذاة ً بهِ من صائكٍ مُتَحلِّبِ
وراحَ يُباري في الجِنابِ قَلُوصَنا
عزيزاً علينا كالحُبابِ المُسيَّبِ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> دافعتُ عَنهُ بِشِعريَ إذْ
دافعتُ عَنهُ بِشِعريَ إذْ
رقم القصيدة : 24061
-----------------------------------
دافعتُ عَنهُ بِشِعريَ إذْ
كان لِقَومي في الفِداءِ جَحَدْ
فكان فيهِ ما أتاكَ وفي
تِسعينَ أسرَى مُقْرَنينَ صَفدْ
دافعَ قَومي في الكَتيبَة ِ إذْ
طارَ لأطرافِ الظُّباتِ وَقَدْ(27/168)
فأصبَحوا عندَ ابنِ جَفنة َ في الـ
أغلال مِنهمْ والحَديدِ عُقَدْ
إذ مُخنَبٌ في المُخنَبينَ وفي النَّـ
ـهكَة ِ غَيٌّ بادِئٌ ورَشَدْ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> تراءَت وأستارٌ منَ البَيْتِ دونَها
تراءَت وأستارٌ منَ البَيْتِ دونَها
رقم القصيدة : 24062
-----------------------------------
تراءَت وأستارٌ منَ البَيْتِ دونَها
إلَينا وحانَت غَفَلة ُ المُتَفقِّدِ
بِعَينَي مَهاة ٍ يَحدُرُ الدَّمعُ منهُما
بَريمَينِ شَتَّى من دُموعٍ وإِثمِدِ
وَجيدِ غزالٍ شادِنٍ فَردَت لهُ
من الحَلي سمطَي لُؤلُؤٍ وزَبرجَدِ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> وَدَّ نُفَيْرٌ لِلمَكاوِرِ أنَّهُمْ
وَدَّ نُفَيْرٌ لِلمَكاوِرِ أنَّهُمْ
رقم القصيدة : 24063
-----------------------------------
وَدَّ نُفَيْرٌ لِلمَكاوِرِ أنَّهُمْ
بِنَجرانَ في شاءِ الحِجازِ المُوقَّرِ
أسَعياً إلى نَجرانَ في شَهرِ ناجِرٍ
حُفاة ً وأعيا كلُّ أعيَس مِسفَرِ
وَقَرَّت لهمْ عَيني بيَومِ حُذُنَّة ٍ
كأنَّهُمُ تَذبيحُ شاءٍ مُعتَّرِ
عَمَدتُم إلى شِلوٍ تُنوذِرَ قَبلَكمْ
كَثيرِ عظام الرَّأس ضخم المُذمَّر
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> وَأخي مُحافَظَة ٍ طَليقٍ وَجهُهُ
وَأخي مُحافَظَة ٍ طَليقٍ وَجهُهُ
رقم القصيدة : 24064
-----------------------------------
وَأخي مُحافَظَة ٍ طَليقٍ وَجهُهُ
هَشٍ جَرَرتُ له الشِّواءَ بمِسعَرِ
مِن بازِلٍ ضُرِبَت بِأبيضَ بَاتِرٍ
بِيَدَي أغرَّ يَجُرُّ فضلَ المِئزَرِ
ثم راحوا عَبقُ المِسكِ بِهمْ
يُلحِفون الأرض هُدَّابَ الأزُرْ
ورفَعتُ راحِلَة ً كأنَّ ضُلوعَها
من نَصِّ راكِبِها سقائفُ عَرعرِ
حرَجا إِذا هاج السَّرابُ على الصُّوى
واستَنَّ في أُفُقِ السَّماءِ الأغبَرِ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> ومَولى ً كمَولى الزِّبرِقان دَمَلتُه
ومَولى ً كمَولى الزِّبرِقان دَمَلتُه
رقم القصيدة : 24065(27/169)
-----------------------------------
ومَولى ً كمَولى الزِّبرِقان دَمَلتُه
كما دُمِلَتْ ساقٌ تُهاضُ بها وَقْرُ
إِذا ما أحالَت والجَبائرُ فوقَها
أتى الحَولُ لا بُرءٌ جبَيرٌ ولا كَسْرُ
تَراهُ كأنَّ اللهَ يَجدَعُ أنفَه
وعَينَيهِ إِنْ مولاهُ ثابَ له وَفْرُ
تَرى الشَّرَّ قد أفنى دَوائرَ وَجهِه
كضبِّ الكُدى أفنَى أنامِلَه الحَفر
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> وشامِتٍ بيَ لا تَخفَى عداوَتُهُ
وشامِتٍ بيَ لا تَخفَى عداوَتُهُ
رقم القصيدة : 24066
-----------------------------------
وشامِتٍ بيَ لا تَخفَى عداوَتُهُ
إِذا حِمامِيَ ساقَتهُ المَقاديرُ
إِذا تَضمَّنَني بَيتٌ بِرابِيَة ٍ
آبُوا سِراعا وأمسى َ وهْو مهجورُ
فلا يغُرَّنْكَ جريِّ الثَّوبَ مُعتَجِراً
إنِّي فِيَّ عند الجِدِّ تَشْمِيرُ
كأنِّي لمْ أقُل يَوماً لِعادِيَة ٍ:
شُدُّوا ولا فتيَة ٍ في موكبٍ سيروا
ساروا جميعاً وقد طالَ الوَجيفُ بهمْ
حتَّى بَدا واضِحُ الأقراب مشهورُ
ولم أصَبِّحْ جِمامَ الماءِ طاوِيَة ً
بِالقَوم وِردُهمُ لِلخمسِ تبكير
أورَدتُها وصُدورُ العيسِ مُسنَفة ٌ
والصُّبحُ بالكوكب الدُّري مَنحور
تَباشَروا بعدما طال الوَجيفُ بِهم
بالصُّبح لمَّا بَدَت منهُ تَباشيرُ
بَدَت سوابِقُ من أُولاهُ نُعرِفُها
وكِبْرُهُ في سوادِ اللَّيلِ مستورُ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> وفي الحَيِّ بَيضاءُ العَوارِضِ ثَوبُها
وفي الحَيِّ بَيضاءُ العَوارِضِ ثَوبُها
رقم القصيدة : 24067
-----------------------------------
وفي الحَيِّ بَيضاءُ العَوارِضِ ثَوبُها
إِذا ما اسبَكرَّت لِلشَّبابِ قَشيبُ
وَعِيسٍ بَرَيناها كأنَّ عُيونَها
قَواريرُ في أذهانِهِنَّ نُضوبُ
ولستَ لإنسيٍّ ولكنْ لِمَلأَكٍ
تَنزَّلَ من جَوِّ السَّماءِ يَصوبُ
وأنتَ أزلتَ الخُنزُوانَة َ عنهمُ
بِضَربٍ له فوقَ الشُّؤونِ وجيبُ
وأنتَ الّذي آثارُهُ في عَدُوِّهِ(27/170)
منَ البُؤسِ والنُّعمَى لهُنَّ نُدوبُ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> قُدَيديمة َ التَّجريبِ والحِلمِ أنَّنِي
قُدَيديمة َ التَّجريبِ والحِلمِ أنَّنِي
رقم القصيدة : 24068
-----------------------------------
قُدَيديمة َ التَّجريبِ والحِلمِ أنَّنِي
أرى غَفَلاتِ العيشِ قبل التَّجارِبِ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> ودَوّيَّة ٍ لا يُهتَدى لِفَلاتِها
ودَوّيَّة ٍ لا يُهتَدى لِفَلاتِها
رقم القصيدة : 24069
-----------------------------------
ودَوّيَّة ٍ لا يُهتَدى لِفَلاتِها
بِعِرفانِ أعلامٍ ولا ضوءِ كوكبِ
العصر العباسي >> البحتري >> إذا كنت قوت النفس ثم هجرتها
إذا كنت قوت النفس ثم هجرتها
رقم القصيدة : 2407
-----------------------------------
إذا كنت قوت النفس ثم هجرتها
فكم تلبث النفس التي أنت قوتها
أغرك أني قد تصبرت جاهداً
وفي النفس مني منك ما سيميتها
سأصبر صبر الضب في الماء أو كما
يعيش بديموم الصريمة حوتها
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> وَيْلُمِّ لذَّاتِ الشَّبابِ مَعيشة ً
وَيْلُمِّ لذَّاتِ الشَّبابِ مَعيشة ً
رقم القصيدة : 24070
-----------------------------------
وَيْلُمِّ لذَّاتِ الشَّبابِ مَعيشة ً
معَ الكُثْرِ يُعطاهُ الفتى المُتلِفُ النَّدِي
وقد يَعقِلُ القُلُّ الفتى دونَ همُّه
وقد كان لولا القُلُّ طَلاَّعَ أنجُدِ
وقد أقطعُ الخَرْق المخوفَ به الرَّدى
بعَنْس كجَفنِ الفارسيِّ المُسرَّدِ
كأنَّ ذِراعَيْها على الخَلِّ بَعدَ ما
وَنِينَ ذِراعا ماتِحٍ مُتَجرِّدِ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> للماءِ والنَّارِ في قَلبي وفي كَبِدي
للماءِ والنَّارِ في قَلبي وفي كَبِدي
رقم القصيدة : 24071
-----------------------------------
للماءِ والنَّارِ في قَلبي وفي كَبِدي
من قِسمة الشَّوق ساعورٌ وناعورُ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> ونحنُ جَلبنا من ضَريَّة َ خَلَينا(27/171)
ونحنُ جَلبنا من ضَريَّة َ خَلَينا
رقم القصيدة : 24072
-----------------------------------
ونحنُ جَلبنا من ضَريَّة َ خَلَينا
نُكَلِّفُها حدَّ الإكامِ قطائطا
سِراعاً يَزِلُّ الماءُ عن حَجَباتِها
نُكَلِّفُها غَولاً بطيناً وغائطا
يُحَتُّ يَبيسُ الماءِ عن حَجَبَاتِها
ويشكُونَ آثارَ السِّياطِ خَوابِطا
فأدركَهُمْ دونَ الهُيَيْمَاءِ مُقصِرا
وقد كانَ شَأوا بالِغَ الجَهدِ باسِطا
أصَبنَ الطَّريفَ والطَّريفَ بنَ مالِكٍ
وكانَ شِفاءً لو أصبَنَ المَلاقِطا
إذاً عَرَفُوا ما قدَّمُوا لِنُفوسِهِمْ
من الشَّرِّ إِنَّ الشَّرّ مُردٍ أراهِطا
فلَم أر َيوماً كان أكثرَ باكياً
وأكثرَ مَغبوطاً يُجَلِّ وغابطا
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> وقال في خِلْفِ بني نهشل وبني يربوع أمسَى بَنُو نَهْشَلٍ نَيَّانُ دُونَهمُ
وقال في خِلْفِ بني نهشل وبني يربوع أمسَى بَنُو نَهْشَلٍ نَيَّانُ دُونَهمُ
رقم القصيدة : 24073
-----------------------------------
وقال في خِلْفِ بني نهشل وبني يربوع أمسَى بَنُو نَهْشَلٍ نَيَّانُ دُونَهمُ
المُطعِمونَ ابنَ جارِهمْ إذا جاعا
كأنَّ زَيدَ مَناة َ بَعدَهمْ غَنَمٌ
صاحَ الرِّعاءُ بها أنْ تَهبِطَ القاعا
أبِلغْ بَني نَهشَلٍ عنِّي مُغَلْغَلَة ٌ
أنَّ الحِمَى بعدَهُم والثَّغرَ قَد ضاعا
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> كأنَّ ابنة َ الزَّيدِيِّ يومَ لَقيتُها
كأنَّ ابنة َ الزَّيدِيِّ يومَ لَقيتُها
رقم القصيدة : 24074
-----------------------------------
كأنَّ ابنة َ الزَّيدِيِّ يومَ لَقيتُها
هُنَيدَة َ مَكحولُ المَدامعِ مُرشِقُ
تُراعي خَذولاً ينفُض المُرْد شادِناً
تَنوشُ من الضَّال القِذافَ وتَعلَقُ
وقلتُ لها يوماً بوادي مُبايِضٍ:
ألا كلُّ عانٍ غَيرَ عَانيكِ يُعتَقُ
يُصادِفُ يوما منْ مليكٍ سَماحة ً
فيأخُذُ عَرْضَ المالِ أو يتَصدَّقُ
وذَكَّرِنيها بعدما قد نَسيتُها
ديارٌ علاها وابِل مُتَبِعِّقُ(27/172)
بأكنافِ شَمَّاتٍ كأنَّ رُسومَها
قَضيمُ صَناعٍ في أديمٍ مُنمَّقُ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> ويروى له يصف حمار الوحش: يُطَرِّدُ عاناتٍ بِرهبَى فبَطنُه
ويروى له يصف حمار الوحش: يُطَرِّدُ عاناتٍ بِرهبَى فبَطنُه
رقم القصيدة : 24075
-----------------------------------
ويروى له يصف حمار الوحش: يُطَرِّدُ عاناتٍ بِرهبَى فبَطنُه
خَميصٌ كطَيِّ الرّازِقيَّة ِ مُحنِقُ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> وهل أسوَى بَراقشُ حين أسوي
وهل أسوَى بَراقشُ حين أسوي
رقم القصيدة : 24076
-----------------------------------
وهل أسوَى بَراقشُ حين أسوي
ببَلقَعة ٍ ومُنبَسِطٍ أنيقِ
وحَلُّو من مَعِينٍ يومَ حَلَّوا
لِعِزِّهِمُ لَدَى الفَجِّ العَميقِ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> لَحَى اللهُ دهرّا ذَعذَع المالَ كلَّهُ
لَحَى اللهُ دهرّا ذَعذَع المالَ كلَّهُ
رقم القصيدة : 24077
-----------------------------------
لَحَى اللهُ دهرّا ذَعذَع المالَ كلَّهُ
وسوَّدَ أشباهَ الإِماءَ العَوارِكِ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> يَطْفُو إذا مَا تَلَقَّتْهُ العَقاقيلُ
يَطْفُو إذا مَا تَلَقَّتْهُ العَقاقيلُ
رقم القصيدة : 24078
-----------------------------------
يَطْفُو إذا مَا تَلَقَّتْهُ العَقاقيلُ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> وَفي ذِكْرِهَا عِنْدَ الأنيسِ خُمُولُ
وَفي ذِكْرِهَا عِنْدَ الأنيسِ خُمُولُ
رقم القصيدة : 24079
-----------------------------------
وَفي ذِكْرِهَا عِنْدَ الأنيسِ خُمُولُ
العصر العباسي >> البحتري >> عاديت مرآتي فآذنتها
عاديت مرآتي فآذنتها
رقم القصيدة : 2408
-----------------------------------
عاديت مرآتي فآذنتها
بالهجر، ما كانت وما كنت
كانت تريني العمر مستقبلاً
وهي تريني الفوت مذ شبت
واعمرا! نوحاً لفقدانه
سيان عندي شبت أم مت
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> كَأنَّ أعْيُنَها فِيها الحَوَاجِيلُ(27/173)
كَأنَّ أعْيُنَها فِيها الحَوَاجِيلُ
رقم القصيدة : 24080
-----------------------------------
كَأنَّ أعْيُنَها فِيها الحَوَاجِيلُ
وقال في يوم الكُلاب الثاني: مَ
العصر الجاهلي >> علقمة الفحل >> مَنْ رَجلٌ أحبُوهُ رَحلي وناقَتي
مَنْ رَجلٌ أحبُوهُ رَحلي وناقَتي
رقم القصيدة : 24081
-----------------------------------
مَنْ رَجلٌ أحبُوهُ رَحلي وناقَتي
يُبَلِّغُ عني الشِّعرَ إذ ماتَ قَائلُه
نَذيراً وما يُغني النَّذيرُ بِشَبوَة ٍ
لِمن شاؤهُ حَولَ البَديِّ وجامِلُه
فقُل لِتميمٍ تَجعَلِ الرَّملَ دونَها
وغيرُ تَميم في الهزاهز جاهِلُه
فإنَّ أبا قابوسَ بَيني وبَينها
بِأرعَنَ يَنفي الطَّيرَ حُمرٍ مَناقِلهْ
إذا ارتَحلُوا أصَمَّ كلَّ مُؤَيِّة ٍ
وكلَّ مُهيبٍ نَقرُه وَصَواهِلُهْ
فلا أعرِفَنْ سَبْياً تُمًدُّ ثُدِيُّهُ
إلى مُعرِضٍ عن صِهرِه لا يُواصِلُهُ
العصر الجاهلي >> السليك بن عمرو >> لحى اللَّهُ صُعلوكاً، إذا جَنّ ليلُهُ
لحى اللَّهُ صُعلوكاً، إذا جَنّ ليلُهُ
رقم القصيدة : 24082
-----------------------------------
لحى اللَّهُ صُعلوكاً، إذا جَنّ ليلُهُ
مصافي المشاشِ، آلفاً كلَّ مجزرِ
يَعُدّ الغِنى من نفسه، كلّ ليلة
أصابَ قِراها من صَديقٍ ميسَّر
ينامُ عِشاءً ثم يصبحُ ناعساً
تَحُثّ الحَصى عن جنبِهِ المتعفِّر
يُعينُ نِساء الحيّ، ما يَستعِنّه
ويمسي طليحاً كالبعيرِ المحسرِ
العصر الجاهلي >> السليك بن عمرو >> ولكنَّ صعلوكاً، صفيحة ُ وجههِ
ولكنَّ صعلوكاً، صفيحة ُ وجههِ
رقم القصيدة : 24083
-----------------------------------
ولكنَّ صعلوكاً، صفيحة ُ وجههِ
كضَوءِ شِهابِ القابس المتنوِّر
مطلاً على أعدائهِ يزجرونه
بساحتهم، زجرَ المنيحِ المشهرِ
فذلك إن يلقَ المنيّة يَلْقَها
حميداً، وإن يَستَغنِ يوماً، فأجدِر
العصر الجاهلي >> السليك بن عمرو >> ترود الأراوي الصحم حولي كأنها
ترود الأراوي الصحم حولي كأنها(27/174)
رقم القصيدة : 24085
-----------------------------------
ترود الأراوي الصحم حولي كأنها
فسرْ في بلادِ الله والتمسِ الغنى
جَزوعاً، وهل، عن ذاك، من متأخر؟
العصر الجاهلي >> السليك بن عمرو >> إذا هو أمسَى كالعريشِ المجوَّر
إذا هو أمسَى كالعريشِ المجوَّر
رقم القصيدة : 24086
-----------------------------------
إذا هو أمسَى كالعريشِ المجوَّر
إذا الليلُ أدجى واكفهرتْ نجومهُ
وصاحَ، من الأفراطِ هامٌ جوائمُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وصفُوا بياضَ يدِ الكليمِ لمعجزٍ
وصفُوا بياضَ يدِ الكليمِ لمعجزٍ
رقم القصيدة : 24087
-----------------------------------
.............
شُكري وقصرَ عنكَ جهدُ ثنائي
وصفُوا بياضَ يدِ الكليمِ لمعجزٍ
فِيهِ وكم لك مِنْ يدٍ بيضاء
واستطرفوا إحياء عيسى ميتاً
فرداً وجودُكَ باعثُ الفقراء
وَرَأَوْا وقد طلع السَّماء مُحَمَّدٌ
عجباً وقدرُكَ فوقَ كلِّ سماء
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> زُفَّتْ إلَيْكَ وَلَسْتَ مِنْ أَكْفَائها
زُفَّتْ إلَيْكَ وَلَسْتَ مِنْ أَكْفَائها
رقم القصيدة : 24088
-----------------------------------
زُفَّتْ إلَيْكَ وَلَسْتَ مِنْ أَكْفَائها
كالشَّمْسِ طَالِعَة ً عَلَى حِرْبَائهَا
بَيْضَاء أَشْرَقَ وَجْهُهَا في فَرْعِهَا
حتى عرفتَ صباحهَا بمسائهَا
لوْ كانَ صرفُ الدهرِ عندكَ حاضراً
نَثَرَ الخُطُوبَ عَلَيْكَ وَقْتَ جَلاَئهَا
رفعتْ سُتوركَ للهناء بأخذهَا
والحسنُ قبلكَ جالسٌ لعزائِها
ما جادتِ الدنيَا عليكَ بمثلِهَا
إلاَّ لِيَحْمَدَ بُخْلَهَا بِسَخاَئهَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وَمُعَذَّلٍ جَارٍ عَلَى غُلَوَائهِ
وَمُعَذَّلٍ جَارٍ عَلَى غُلَوَائهِ
رقم القصيدة : 24089
-----------------------------------
وَمُعَذَّلٍ جَارٍ عَلَى غُلَوَائهِ
يُروى حديثُ نداهُ عنْ أعدائهِ
لدنٍ كعالية ِ القناة ِ يخفُّ في(27/175)
عَزَمَاتِهِ وَيَميدُ في أَهوَائهِ
ثَمِلُ الشَّمَائلِ مَالَ في أَعْطَافِهِ
وَوِدَادِهِ وَنَعِيمِهِ وَشَقَائهِ
عجلتْ عليهِ يدُ الحِمامِ وعودهُ
ريانُ منْ خمرِ الشبابِ ومائهِ
وتتابعتْ هفواتهُ ولربمَا
فلَّ الخطوبَ بخطرَة ٍ من رائهِ
عَجَباً لِحَدِّ السَّيْفِ كَيْفَ أَصَاَبهُ
وَمَضَاؤهُ في الرَّوْع دُونَ مَضَائهِ
وَلِمَصْعَبٍ مَلأَ الزَّمَانَ هَدِيرُهُ
قادوهُ بعدَ شماسهِ وإبائهِ
إنْ يرفعوهُ فقدْ غنُوا بعلائهِ
أو يشهروهُ فقدْ كفوا بثنائهِ
أَوْ تُبْدِع الأَعْدَاء فيه فَسُنَّة ٌ
للدَّهرِ جارية ٌ على نُظرائهِ
لا يَفْرَحُونَ بِهَا فَكَمْ مِنْ شَامِتٍ
بحمامهِ ولعلهُ في دائهِ
يَا صَاحِبَ الجَدَثِ الغَرِيبِ وَدُونَهُ
خطرٌ يُعَدُّ مسافة ً في نائهِ
ذَكَرَ الغَمَامُ عَلَى ثَرَاكَ عَلاَقة ً
تَجْري بِهَا العَبَرَاتُ مِنْ أَنْوَائهِ
وَتَنَفَّسَتْ فِيهِ الرِّيَاحُ مَرِيضَة ً
من حرِّ نارِ الحُزنِ أو برحائهِ
فلقدْ جفوتُكَ رهبة ً ولربمَا
هجرَ الصديقُ وأنتَ في أحشائهِ
العصر العباسي >> البحتري >> أليس طبعا في بني آدم
أليس طبعا في بني آدم
رقم القصيدة : 2409
-----------------------------------
أليس طبعاً في بني آدم
أن يخجل الضارط من ضرطته
قد نال وهب عندها رفعة
وزلفة، فازداد في سطوته
أرفق قليلا إنها ضرطة
لم تأت بالفتح على هيئته
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَوْ كَانَ مُقْتَصِراً فَخِدْمَة ُ مِثْلِهِ يَا مَالِكَ الثَّغْرِ الَّذي بِسُيوفِهِ
أَوْ كَانَ مُقْتَصِراً فَخِدْمَة ُ مِثْلِهِ يَا مَالِكَ الثَّغْرِ الَّذي بِسُيوفِهِ
رقم القصيدة : 24090
-----------------------------------
أَوْ كَانَ مُقْتَصِراً فَخِدْمَة ُ مِثْلِهِ يَا مَالِكَ الثَّغْرِ الَّذي بِسُيوفِهِ
عَزَّتْ مَطَالِبُهُ عَلَى أَعْدَائهِ
أشرقت فيهِ فليلهُ كنهارهِ
ورفعتَ منهُ فأرضهُ كسمائهِ
لاموكَ في بذلِ النوالِ وإنمَا(27/176)
شرفُ الغَمام بما جرى من مائهِ
وَوَجَدْتَ عَاقِبَة َ السَّمَاحِ حَمِيدَة
فَحَذَارِ مِنْ نُصْحِ البَخيلِ وَرَائهِ
لا تشفقنَّ على الثراءِ فما ذوَى
روض تكون ظُباك مِنْ أَنْدَائهِ
ضمنتْ لكَ الخلفَ السريعَ شفارهَا
من بعدِ ما عرفتْ مكانَ وفائهِ
ما رامَ عبدكَ أنْ يشيرَ وإنمَا
نَظْمُ القَرِيضِ جَرَى على غَلْوَائهِ
إنْ صدهُ عنتُ الزمانِ وصرفهُ
فلهُ قديمُ ذمامهِ وولائهِ
أَوْ كَانَ مُقْتَصِراً فَخِدْمَة ُ مِثْلِهِ
معروفة ٌ بثنائهِ ودعائهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إذا ما متُّ فادفني بِوعْسَاء سَهلة ٍ
إذا ما متُّ فادفني بِوعْسَاء سَهلة ٍ
رقم القصيدة : 24091
-----------------------------------
إذا ما متُّ فادفني بِوعْسَاء سَهلة ٍ
بها السربُ يعطو والجآذرُ تلعبُ
وفاحَ سحيريُّ الصبا منْ خلائقي
بِمَا هُوَ أذكى مِنهُ عُرفاً وأطيبُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> سَقَى بَانة َ الجَرْعَاء مِنْ بَطنِ تُوضح
سَقَى بَانة َ الجَرْعَاء مِنْ بَطنِ تُوضح
رقم القصيدة : 24092
-----------------------------------
سَقَى بَانة َ الجَرْعَاء مِنْ بَطنِ تُوضح
وللنَّاسِ في سُقيَا الدَّيَارِ مَذاهبُ
نَسيمُ كأنفاسِ الخُزَامَى صَقيلة ٌ
بريحِ النعامَى قبلتْها السحائبُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لاحَ وَعَقْدُ اللَّيْلِ مَسْلُوبُ
لاحَ وَعَقْدُ اللَّيْلِ مَسْلُوبُ
رقم القصيدة : 24093
-----------------------------------
لاحَ وَعَقْدُ اللَّيْلِ مَسْلُوبُ
بَرْق بِنَارِ الشَّوْقِ مَشْبُوبُ
طَوَى الفَلا يَسْأَلُ عَنْ حَاجِرٍ
وَهوَ إلَى رَامَة َ مَجْلُوبُ
ضلالة ً للبانِ في طيِّها
سُكْرٌ وَلِلْقِمْرِيِّ تَطْرِيبُ
وعارض يجمعُ ندادهُ
زجرٌ منَ الرعدِ وترهيبُ
عَقَدْتُ أَجْفَاني بهدَّابِهِ
فَهُوَ بِمَاء الدَّمْع مَقْطُوبُ
أَسْأَلَهُ عَنْكُمْ وَفِي بَرْقِهِ
سطرٌ منَ الأخبارِ مكتوبُ
فليتهُ أظهرَ من جوشنٍ(27/177)
ما كتمتْ تلكَ الأهاضيبُ
أَوْ لَيْتَني أَذْهَلُ عَنْ ذِكْرِكُمْ
فإنَّهُ هَمٌّ وَتَعْذِيبُ
وَلاَئم يُظْهِرُ إِشْفَاقَهُ
عِنْدِي وَبَعْضُ النُّصْح تَثْرِيبُ
ظنَّ غرامي بكمْ صبوة
وهوَ منَ الآدابِ محسوبُ
مَالَكَ لا حَدَّثْتَ عَنْ مِثْلهَا
إلاَّ وتعليلكَ تأنيبُ
يَا صاحبيْ رحلِي أعيدَا أمَا
نِيَّ ففي الغيبِ أعاجيبُ
وَخَبِّرَاني أَيْنَ شَمْسُ الضُّحَى
فإنَّ لونَ الصبحِ غربيبُ
وا أسفي منْ غربة ٍ طوحتْ
فيها إلى الرومِ الأعاريبُ
قادَني الدهرُ إليها ومنْ
يُحارِبُ الأَقْدَارَ مَغْلُوبُ
فهلْ تشيمانِ على راهطٍ
نَاراً لَهَا في الجَوِّ أَلْهُوبُ
دُونَ سَنَاهَا كُلُّ مَجْهُولَة ٍ
تَعْرِفُهَا الجُرْدُ السَّرَاحِيبُ
لعلها نارُ بني ملهَم
تعقرُ في أرجائها النيبُ
إنْ خلتْ في المحلِ أخلافُها
دَرَّت على الضَّيْفِ العَراقيبُ
قومٌ ذكرناهمْ ومنْ دونهمْ
لِلرِّيح إِسآدٌ وَتَأوِيبُ
فَرَنَّحَتْنَا لَهُمْ نَشْوَة
يَطْرَبُ مِنْها الرَّاحُ وَالكُوبُ
ذوائبُ منْ عامرٍ ضمها
بيتٌ على الجوزاءِ مضروبُ
لهمْ إذا أمهمْ سائلٌ
فنٌّ منَ الجُودِ وأسلوبُ
طَلاقَة ٌ تُشْرِقُ قَبْلَ النَّدَى
وَالبِشْرُ مِثْلُ الحُسْنِ مَحْبوبُ
تَعْجَبُ مِنْ إِسْعَارِ أَيْدِيهمُ
نَارُ الوَغى وَهْيَ شَآبِيبُ
لاَنُوا وَفِيهمْ لِلعِدي قَسْوَة
وَالغَيْثُ مَرْجُوٌ وَمَرْهُوبُ
تَنَاسَوا قَبْلَ إلى مَالِكِ
وبانَ سرٌّ فيهِ محجوبُ
فهوَ سنان طالَ عنْ رمحهِ
وَاعْتَدَلَتْ بَعْدُ الأَنَابِيبُ
أبلجُ تُبدي الغيبَ أفكارهُ
وَكُلُّ رَأي النَّاس تَجْريبُ
أَزِمَّة ُ الأَيام في كَفِّهِ
وَجَامِحُ الأَقْدارِ مَجْنُوبُ
كَمَالُهُ يُغْنِيكَ عَنْ عَدِّ مَا
فِيهِ وكُلُّ النصح تَجْنِيبُ
لهُ محلٌّ دونَ إدراكهِ
للشُّهبِ تصعيدٌ وتصويبُ
أَوْفَى عَلَيْها فَلَهَا بَعْدَهُ
فِي الأُفْقِ تَشْرِيقٌ وَتَغْرِيبُ
تشرفُ إنْ قابلَها مثلمَا
تشرفُ بالبيتِ المحاريبُ(27/178)
يا ابنَ عليّ كيفَ صارَ الندى
عَلَيْكَ فَرْضاً وَهُوَ مَنْدُوبُ
قبلكَ ضلَّ الناسُ عنْ نهجهِ
وَعَزَّ شَأوٌ فِيهِ مَطْلوُبُ
فما هدَى بعدكَ قُصادهُ
إلاّ منارٌ لكَ منصوبُ
ما ضرَّ أهلَ الشام أنْ يُخلِفَ
الغَيْثُ وَإحْسَانُكَ مَسْكُوبُ
كَمْ لَكَ فِي وَادِيهمُ رَوْضَة ً
نمَّ إلى رائدِها الطيبُ
ما أنتِ يا مزنة ُ خطارة
فيها ولا ذيلُكِ مسحوبُ
وإنمَا روضها عارضٌ
إِلَى نَصِيرِ المُلْكِ مَنْسُوبُ
جادتْ يداهُ حينَ ضنَّ الحيا
والخيرُ ممنوعٌ وموهوبُ
يا خيرَ منْ نصتْ إلى نارهِ
ضوامرُ البزلِ المصاعيبُ
رَعَيْتُ إِحْسَانَكَ عِنْدي وَقَد
خَانَ مع البُعْدِ الأَصَاحِيبُ
فَلي غَرَامٌ بِكَ مَا أَضْرَمَتْ
زِنادَهُ البِيضُ الرَّعَابِيبُ
وَصَبْوَة نَحْوَكَ عُذْرِيَّة ٌ
فكلُّ مدحي فيكَ تشبيبُ
أبْعَدَني مِنْكَ زَمَان لَهُ
في طلبي وخدٌ وتقريبُ
وألفُ دارٍ برقُها لامعُ
الآلِ وراعي سرحِها الذيبُ
مَا هِيَ مِنْ بَعدِيَ إلاَّ كما
أقفرَ في الأطلالِ ملحوبُ
فهل أمانيّ إذا راضَها
في الفكرِ تقديرٌ وترتيبُ
تصدُقني فيكَ إذا ما
المنى خداعٌ وأكاذيبُ
فَقَدْ شَفَى الغُلَّة َّ مِنْ يُوسُفٍ
بَعْدَ طَويلِ الحُزْنِ يَعْقُوبُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إِذَا مَا الغَمَامُ الجَوْنُ أَنْجَدَ صَوْبُهُ
إِذَا مَا الغَمَامُ الجَوْنُ أَنْجَدَ صَوْبُهُ
رقم القصيدة : 24094
-----------------------------------
إِذَا مَا الغَمَامُ الجَوْنُ أَنْجَدَ صَوْبُهُ
وَأَسْفَرَ بالإِيمَاضِ وَهْوَ قطُوبُ
فَلَيْتَ نَسيماً بالغُوَيْرِ يَقُودُهُ
ويمسكُ عنهُ شمألٌ وجنوبُ
لعلَّ بهِ مِنْ نشرِ سلمى بقية ً
يضوعُ بها ذاكَ الحَيا ويطيبُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وَقَتْكَ صُرُوفُ الدَّهْرِ يَا ابْنَ مُقَلَّدٍ
وَقَتْكَ صُرُوفُ الدَّهْرِ يَا ابْنَ مُقَلَّدٍ
رقم القصيدة : 24095
-----------------------------------(27/179)
وَقَتْكَ صُرُوفُ الدَّهْرِ يَا ابْنَ مُقَلَّدٍ
ولا زلتَ تدعو سعدَها فتجيبُ
وراحتْ رزاياهَا عليكَ شفيقة ً
كأنَّ الخطوبَ الطارقاتِ قلوبُ
وَلا صَحِبَتْ كَفَّاكَ غَيْرَ صَوَارِم
لها في صدورِ الدارعينَ وجيبُ
تُنفرَ عنكَ الحادثاتِ كأنهَا
غوان وبيضُ المرهفاتِ مشيبُ
فقدْ زالَ داء كنتَ فيمَا أماطَهُ
كمَا ثُقِّفَ الخطيُّ وهوَ صليبُ
وَقَدْ يُصْقَلُ الهِنْدِيُّ َوَهْوَ مُذَرَّب
ويسمحُ عطفُ المرءِ وهوَ أديبُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> رَمَتْ بالحِمى أبصارَها مطمئنة ً
رَمَتْ بالحِمى أبصارَها مطمئنة ً
رقم القصيدة : 24096
-----------------------------------
رَمَتْ بالحِمى أبصارَها مطمئنة ً
فلمَّا بدتْ نجدٌ وهبَّتْ جنوبُها
بَخِلْنا عَليها بالبُرى فتقطعتْ
وقلَّ لِنجد لوْ تقرَّت قلوبُها
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> تروحُ بنجدِ تغصبُ الذئبَ زادَه
تروحُ بنجدِ تغصبُ الذئبَ زادَه
رقم القصيدة : 24097
-----------------------------------
تروحُ بنجدِ تغصبُ الذئبَ زادَه
وقومُكَ بِالرَّؤخاء في المنزل الرَّحبِ
وما ذاكَ إلاَّ نَفحة ٌ حَاجِرية ٌ
هَوَبتَ لَها عَيشَ الأغاريبِ والجَدْبِ
تبيتُ خَميصَ البَطنِ إلا مِنَ الجوى
وتَغدُو رَخِيِّ البالِ إلاَّ مِن الحُبَ
وهيجكَ البرقُ اليمانيُّ موهناً
صلاَ لكَ ما للبرقِ ويبكَ والقلبِ
وأشعثَ حيينَا بهِ غرة َ الدجَى
وقد نَشِطَ التَّهويمُ عَنْ مُقلِ الرَّكبِ
إذا مَا تَغَنتْ بَيْنَ أبرادِهِ الصِّبَا
ترنحَ مرُّ الريحِ بالغصنِ الرطبِ
قَربت وأنواء الغَمامِ بَخيلة ٌ
بعيد بأيام الغضارة ِ والخِصُبِ
أبى اتخاذَ الزادِ ما لا ينالهُ
مِنَ الغَضبِ أو يأسُو بِهِ سَغَبَ الصَّحْبِ
دَعَا آل حزنٍ والرَّماحُ تَنوشُهُ
فيا قربَ ما لبيتَ بالطعنِ والضربِ
ولو أنني أدعوهُ كانَ جوابهُ
بأسرعَ مِنْ سَلِّي لحادثة ٍ عَضبي
وجدتكَ أحلى في جفوني منَ الكرى(27/180)
وأعذبَ في نفسي منَ الباردِ العذبِ
فَقلْ لِجنَاب بالغويرِ تَضوعتْ
عليكَ الخزامَى وهيَ تلعبُ باللبِّ
سقاكَ رسيلُ الدمعِ تحسبُ جودهُ
أكفُّ الخفاجِيين فاضحة السحبِ
إذا خِلْته إيمانهُمْ فَبروقُهُ
سيوف وهلْ إيمانُ قومي بلا قضبِ
وما كنتُ أهوى أن يحلَّ فناءهْ
سِوَى الدَّمْع إلاَّ أنَّها عَادة العُرْبِ
يعزُّ مديحي دونَ إعراض معشرٍ
يَهمُّونَ بِي حَتَّى يَغُرُّهُمُ سبيِّ
وما كنتُ أرضى بالدنية ِ منهمُ
سُبَابي فَهَّلا حَاكَمُوني إلى الحَربِ
و واعَدني مِنهمْ رِجَالٌ بِغَارَة ٍ
تشنُّ فأمنَا يا لقاحَ بني كعبِ
وقدْ علمُوا أني جعلتُ صدورهمْ
مقري فخالوني خلقتُ من الرعبِ
أضَاعُوا المَعَالي كالضُّيوفِ وَجارُهمْ
بَعيدُ القِرى غَيرُ الرَّبيلة ِ والعُشْبِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إِذَا هَجَوْتُكُمُ لَمْ أَخْشَ سَطْوَتَكُمْ
إِذَا هَجَوْتُكُمُ لَمْ أَخْشَ سَطْوَتَكُمْ
رقم القصيدة : 24098
-----------------------------------
إِذَا هَجَوْتُكُمُ لَمْ أَخْشَ سَطْوَتَكُمْ
وَإِنْ مَدَحْتُ فَمَا حَظَي سِوى التَّعَبِ
فحينَ لَمْ ألفِ لا خوفاً ولا أملاً
رغبتُ في الهجوِ إشفاقاً منَ الكذبِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> قَدْ أَلفَ القَلْبُ خِلافَ الَّذي
قَدْ أَلفَ القَلْبُ خِلافَ الَّذي
رقم القصيدة : 24099
-----------------------------------
قَدْ أَلفَ القَلْبُ خِلافَ الَّذي
كرومهُ منْ سلوة ِ القلبِ
فَعُدْ إلى إِسْعَادِهِ في الهَوَى
لعلهُ يزهدُ في الحبِّ
شعراء العراق والشام >> عمر أبو ريشة >> سر السراب
سر السراب
رقم القصيدة : 241
-----------------------------------
كم جئت أحمل من جراحات الهوى
نجوى ، يرددها الضمير ترنُّما
سالتْ مع الأمل الشهي لترتمي
في مسمعيكِ , فما غمزتِ لها فما
فخنقتها في خاطري ! فتساقطتْ
في أدمعي ، فشربتها متلعثما
ورجعتُ أدراجي أصيدُ من المنى
حلماً ، أنام بأفقه متوهما(27/181)
أختاهُ ! قد أزف النوى فتنعمي
بعدي فإن الحب لن يتكلما
لا تحسبيني سالياً ، إن تلمحي
في ناظري ، هذا الذهول المبهما
إن تهتكي سر السرابِ وجدتِهِ
حلم الرمالِ الهاجعاتِ على الظما!!
العصر العباسي >> البحتري >> ليت تلهفت عليه وما
ليت تلهفت عليه وما
رقم القصيدة : 2410
-----------------------------------
ليت! تلهفت عليه وما
يغني علي اليوم من ليت؟
إن أبا الفضل على سروه
لم يزعموه طيب البيت
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> هَلْ تَسْمَعُونَ شِكَايَة ً مِنْ عَاتِبِ
هَلْ تَسْمَعُونَ شِكَايَة ً مِنْ عَاتِبِ
رقم القصيدة : 24100
-----------------------------------
هَلْ تَسْمَعُونَ شِكَايَة ً مِنْ عَاتِبِ
أوْ تقبلونَ إنابة ً منْ تائبِ
أَمْ كلمَا ما يتلُو الصديقُ عليكمُ
في جَانِبٍ وَقُلوبُكُمْ في جَانِبِ
أمَّا الوشاة ُ فقدْ أصابوا عندكُمْ
سُوقاً يُنَفِّقُ كُلَّ قَوْلٍ كَاذِبِ
فمللتمُ منْ صابرٍ ورقدتمُ
عنْ ساهرٍ وزهدتمُ في راغبِ
وأقلُّ ما حكم الملالُ عليكمُ
سُوء القِلَى وَسَمَاعَ قَوْلِ العَائِبِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَنَاخَ عَلَيَّ الهَمُّ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
أَنَاخَ عَلَيَّ الهَمُّ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
رقم القصيدة : 24101
-----------------------------------
أَنَاخَ عَلَيَّ الهَمُّ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
بَيَاضُ عَذَارى في سَوَادِ المَطالِبِ
وَكُنْتُ أَظُنُّ الأَرْبَعِينَ تَصُدُّهُ
فما قبلتْ فيها شهادة ُ حاسبِ
طلبتُ الصبا منْ بعدِها فكأنمَا
علقتُ بأعجازِ النجومِ الغواربِ
وما ساءني فقدُ الشبابِ وإنمَا
بكيتُ على شطرٍ من العمرِ ذاهبِ
ولاَ راعني شيبُ الذوائبِ بعدهُ
وعندي همومٌ قبلَ خلقِ الذوائبِ
وَلَكِنَّهُ وَافى وَمَا أَطْلَقَ الصِّبَا
عناني ولا قضَّى الشبابُ مآربي
وَمَا كُنْتُ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرَ أَنَّهُ
وفَى ليَ لمَّا خانني كلُّ صاحبِ(27/182)
بَكَى النَّاسُ أَطْلالَ الدِّيَارِ وَلَيْتَني
وجدتُ دياراً للدموعِ السواكبِ
وَقَالوا زِيَادٌ رَاحَ عَازِبَ هِمَّة ٍ
وَمَنْ لِفُؤادي بالهمُوم العَوَازِبِ
أَأَحْبَابَنَا هَلْ تَسْمَعُونَ عَلَى النَّوَى
تَحِيَّة َ عاَن أَوْ شَكِيَّة َ عَاتِبِ
ولوْ حملتْ ريحُ الشمالِ إليكمُ
سَلاماً طَلَبْنَا مِثْلَهُ في الجَنَائبِ
ذكرتكمُ منْ بعدِ عشرينَ حجة ً
لَقَدْ دَرَسَتْ أَسْرَارُكُمْ في التُّرَائبِ
وَمَا أَدَّعي أَنِّي أحِنُّ إِلَيْكُمُ
وَيَمْنَعُني الأَعْدَاء مِنْ كُلِّ جَانِبِ
وَلا أَنا بِالمُشْتَاقِ إِنْ قُلْتُ بَيْنَنَا
طوالُ العوالي أوْ طوالُ السباسبِ
فما لقلوبِ العاشقينَ مزية ٌ
إذَا نظرتْ أفكارُهَا في العواقبِ
ولا الشوقُ إلاَّ في صدورٍ تعودتْ
لِقَاء الأَعادي في لِقَاءِ الحَبَائِبِ
جَزَى الله عَنَّا العِيسَ خَيْراً فَطَالَمَا
فَرَقْتُ بِهَا بَيْني وَبَيْنَ النَّوَائِبِ
كَفَتْنَا ثَقِيلَ الهَمِّ حَتَّى كَأَنَّمَا
رَمَيْنَا بِهِ فَوْقَ الذُّرَى وَالغَوَارِبِ
وإنْ صدقتْ في ناصرِ الدولة ِ المنَى
فَمَا هِي إِلاَّ مِنْ أَيَادي الرَّكَائبِ
فتى ً حارتِ الأقدارُ منْ عزماتهِ
على أنهَا معروفة ٌ بالعجائبِ
وأدركَ أعقابَ الأمورِ بفكرهِ
كأَنَّ لَهَا عيناً عَلَى كُلِّ غَائبِ
لَهُ نَسَبٌ كَالشَّمْسِ أَشْرَقَ نُورُهُ
عَلَى طُولِ أياَّم السِّنينِ الذَّوَاهِبِ
إذا دجتِ الأحسابُ لاحتْ نجومهُ
ثواقبَ منْ قبلِ النجومِ الثواقبِ
جيادكَ يومَ النيلِ ذكرنَ أهلهُ
بِمَا صَنَعَتْ أَمَّلتُها في قُبَاقِبِ
سَقَتْ تِلْكَ أَكْنافَ المَشَارِقِ وَابِلَ
الدماءِ وجادتْ هذهِ في المغاربِ
تَرَكْنَ دِيَاراً لا تَبين لِعَارِفِ
وَخُضْنَ بِحَاراً لا تَحِلُّ لِشَارِبِ
وَقَدْ سَمِعُوا أَخْبَارَهَا في سِوَاهُمُ
فما قنِعُوا إلاَّ ببعضِ التجاربِ
إذا كانَ عقلُ المرءِ أدنى خلالهِ
فمَا هوَ إلاَّ ثغرة للمصائبِ(27/183)
وَكَمْ حَبَسَ القُمْرِيَّ حُسْنُ غِنَائِه
وقيدتِ البازيَّ حجنُ المخالبِ
طلعتَ عليهمْ والسيوفُ كأنهَا
ضرائبُ ممَّا كسرتَ في الضرائبِ
بَقِيَّة آثارِ اللِّقَانِ وآلِسٌ
وفضلة ُ أيام الحمَى والذنائبِ
تحدثُ عنْ تلكَ المنايا فلولهَا
وقد كتبتْ أخبارهَا في الكتائبِ
قواضبُ إلاَّ أنهَا في أناملٍ
تَكَادُ تَقُدُّ الهَامَ قَبْلَ القَوَاضِبِ
حميتَ بهَا سربَ الخلافة ِ بعدَ ما
تَرَامَتْ بِهِ أَيْدي العَبيدِ اللَّوَاعِبِ
وَأَبْعَدْتَ عَنْ تَدْبِيرِهَا كَلَّ مَائقٍ
حديثُ المُنى فيها حديثُ المناسبِ
وكنتَ إذا أشرعتَ رأيكَ في العدَى
طَعَنْتَ بِهِ قَبْلَ الرِّمَاح السَّوالِبِ
وَقَدْ يُبْصِرُ الرَّأَيَ الفَتَى وَهُوَ عَاجِزٌ
وَرُبَّ حُسَام سَلَّهُ غَيْرُ ضَارِبِ
كأنَّ المدَى في كُلِّ شيءٍ طلبتهُ
دنَا لكَ حتَّى نلتهُ غيرَ طالبِ
يظنُّ العدَى أنِّي مدحتكَ للغنَى
وَمَا الشِّعْرُ عِنْدي مِنْ كَريم المكَاسِبِ
وَمَا شِئتُ إلا أَنْ تَتِمَّ صِفَاتُهُ
وللدرِّ معنى ً في نحورِ الكواعبِ
كَأَنِّي إِذَا أَنْشَدْتُ فِيْكَ قَصِيْدَة
نثرتُ عليهمْ طالعاتِ الكواكبِ
وَلَكِنَّهَا مَنْسِيَّة ُ الذِّكْرِ فِيكُمُ
تسائلُ عنْ أحسابكمْ كلَّ راكبِ
وَوَالله مَا صِدْقُ الثَّناء بَضَائع
عَلَيْكَ وَلا حُسْنُ الرَّجَّاءِ بِخَائِبِ
وفيكمْ روى الناسُ المديحَ ومنكمُ
تعلمَ فيهِ القومُ بذلَ الرغائبِ
أَعِنِّي عَلَى نَيْلِ الكَوَاكِبِ في العُلا
فأنتَ الذي صيرتَها في مطالبي
ودَعْني وصدقُ القولِ فيكَ لعلهُ
يُكَفِّر عَنْ تِلْكِ القَوافي الكَواذِبِ
غَرَائبُ مَيْنٍ في سِوَاكَ كَثِيرة
ولكنني منهنَّ أولُ تائبِ
وَمَا كُنْتُ لمَاَّ أَعْرَض البَحْرُ زَاخِراً
أقلبُ طرفي في جهامِ السحائبِ
طويتُ إليكَ الباخلينَ كأنمَا
سريتُ إلى شمسِ الضحَى في الغياهبِ
وَكَانَ سَبِيلُ الجُود في الأَرْضِ وَاحِداً
فمَا عرفَ الناسُ اختلافَ المذاهبِ(27/184)
وَشَرَّفَني قَصْدي إلَيْكَ وَإِنَّمَا
يُبَينُ بِقَصْدِ البَيْتِ فَضْلُ المُحَارِبِ
فمنْ كانَ يبغي في المديحِ مواهباً
فَإنَّ مَديحي فيكَ بَعْضُ المَواهِبِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَضَى الصِّبا وَأُناَس في الصِّبا عُرِفُوا
مَضَى الصِّبا وَأُناَس في الصِّبا عُرِفُوا
رقم القصيدة : 24102
-----------------------------------
مَضَى الصِّبا وَأُناَس في الصِّبا عُرِفُوا
استودعُ الله أطرابي وأترابي
وَلَوْ عَقِلَتْ لَمَا عَنِيَتْ بَعْدَهُمْ
نفسي وأتعبتُ آرابي بآرابي
وكنتُ في جانبِ الغبراءِ معتزلاً
عِزِّي قُنُوعي وَحِصني ظِلُّ مِحرابِي
لا أَطْلُبُ الرِّزْقَ مِنْ سَيْفٍ وَلا قَلَمِ
ولا أفكرُ في رومٍ وأعرابِ
أقولْ حقاً ولكني أخالفهُ
وِلَو عَقِلْتُ لَكَانَ الصَّمْتُ أَحْرَى بي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يا إخوتي منْ مالكِ بنِ كنانة ٍ
يا إخوتي منْ مالكِ بنِ كنانة ٍ
رقم القصيدة : 24103
-----------------------------------
يا إخوتي منْ مالكِ بنِ كنانة ٍ
حيثُ السيوفُ تطولُ بالأحسابِ
لا تسألوا عني الخيالَ فإنهُ
مَا زَارَني مِنْكُمْ فَيَعْلَمُ مَا بي
وَاسْتَخْبِرُوا لَيْلاً رَعَيْتُ نُجًومَهُ
فنضا ولمْ ينصلْ دجاهُ شبابي
سَهِرَتْ كَواكِبُهُ مَعي وَبَعُدْتُمُ
أنتمْ كواكبهُ وهنَّ صحابي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> قلْ للنسيمِ إذَا حملتَ تحية ً
قلْ للنسيمِ إذَا حملتَ تحية ً
رقم القصيدة : 24104
-----------------------------------
قلْ للنسيمِ إذَا حملتَ تحية ً
فَاهْدِ السَّلاَم لجَوْشَنٍ وَهِضَابِهِ
وَاسْأَلْهُ هَلْ سحب الرَّبيعُ رِدَاءهُ
أَوْ جَرَّ ذَيْلَ الفَضْلِ مِنْ هُدَّابِهِ
وتبسمتْ عنهُ الرياضُ وأفصحتْ
بِثَنَاء بَارِقَهِ وَمَدِّ سَحَابهِ
فلقدْ حننتُ وعادني منْ نحوهِ
شجنٌ بخلتُ بهِ على خطابهِ
وَصَبَابَة ٍ عَلِقَتْ بِقَلب مُتَيَّم(27/185)
وَصَلَ الغَرَامُ إِليه قَبْلَ حِجَابِهِ
وَإِذَا الغَرِيبُ صَبَا إِلَى أَوْطَانِهِ
شَوْقاً فَمَعْنَاهُ إلى أَحْبَابِه
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لَوْ أَنَّ قَلْبِي مَعِي سَلَوْتُ بِهِ
لَوْ أَنَّ قَلْبِي مَعِي سَلَوْتُ بِهِ
رقم القصيدة : 24105
-----------------------------------
لَوْ أَنَّ قَلْبِي مَعِي سَلَوْتُ بِهِ
أوْ كنتُ أنفيهِ عنْ ترائبهِ
لكنهُ بانَ عنْ يديَّ فمَا
أحكمُ فيهِ منْ بعدِ صاحبهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> فؤادٌ ما يقرُّ منَ الوجيبِ
فؤادٌ ما يقرُّ منَ الوجيبِ
رقم القصيدة : 24106
-----------------------------------
فؤادٌ ما يقرُّ منَ الوجيبِ
ودهرٌ لا يجودُ على لبيبِ
وَجَفْنٌ تُحْسَبُ العَبَراتُ فِيهِ
سحائبَ يختصمنَ على قليبِ
وهلْ علمتْ بنو حزنِ بنِ عمروٍ
إبَايَ عَلَى مُشَاوَرَة ِ الخُطُوبِ
وإنَّ الدهرَ أبقى منْ قراعي
كَمَا أَبْقَى الضَّرَابُ مِنَ العَروبِ
وأنزلَ أسرتي بمقرِّ بؤس
تَوارى عَنْهُ لاعِبَة َ الجُنُوبِ
أجابوا فيهِ داعية َ المنايا
لقدْ صعبَ النداءُ على المجيبِ
إِذَا كان المَشِيبُ نَوى الغَوَاني
فإنِّ وصالهمْ نبذُ المشيبِ
يُناديني بزفرتهِ عديٌّ
وَيَعْرضُ إِنْ بَكَيْتُ عَلَى الكَثِيبِ
ولوْ أعدتهُ ثمَّ جفونُ عيني
لجادَ عليهِ بالدمعِ الغريبِ
أآلفهُ النوى سكنتْ قلوبٌ
تُعَلِّلُ فِيك بالأَمَلِ الكَذُوبِ
بعهدكَ كيفَ دنستِ الليالي
بُرُوداً مَا تُلاثُ عَلى مُعِيبِ
وكيفَ أماطَ عنكَ التربُ حسناً
وَمِنْهُ نَضَارَة ُ الغُصْنِ الرَّطِيبِ
سكنتِ القلبَ ثمَّ حباكِ عذراً
فساوى بينَ حبكَ والوجيبِ
وخانتكِ الجفونُ فقدْ أقامتْ
ألوفاً بعد شخصكَ للنحيبِ
ليالينَا بذي سلم أقامتْ
عَلَيْكَ ولا تُرَوَّع بالرقيب
فَلَسْتُ أَرُومُ أَعْبَقَ مِنْ صِبَاهَا
لقد أكثرتِ منْ حسنٍ وطيبِ
إِذَا مَا الحزْنُ ضَوَّعَهُ الخُزَامى
وصدَّ الناعجاتِ عنِ اللغوبِ(27/186)
وخلتُ نسيمهُ إمَّا نشقنَا
ينازعنَا علَى ملكِ القلوبِ
فَهَبَّ عَلَى ثَرَاكِ وَلَمْ يُنَفِّرْ
أَنِيسَ تُرابِهِ عِنْدَ الهبُوبِ
وصافحَ مستهلَّ الرملِ منهُ
عَلَى رِفْقٍ مُصَافَحَة َ الحَبيبِ
وَأَكْبَرَ أَنْ يُفَاجِئهُ بِمَسٍّ
فَعَارَضَ زَوْرَة َ الرَّجُلِ المُريبِ
أأنسيتَ المواقفَ في مغانٍ
وَمَا سَكَّنَّ مِنْ حُرَقِ الكُروبِ
سلبنا بالسُّجُودِ صَعيدَ نَجْدٍ
ففاحَ على الدلادلِ والجيوبِ
وكنَّا والزمانُ لهُ أيادٍ
يوكلُ فيضهنَّ إلى شعوبِ
نُرَاسِلُ بالتَّذَكُر مِنْ بَعيدٍ
ونعتب باللواحظِ منْ قريبِ
حننتُ إلى الأراكِ فقالَ سعدٌ
طربتَ وأيُّ عذرٍ للطروبِ
عَهِدْتُكَ لا تَحِنُّ لِغَيْرِ مَجْدِ
أَخِلْتَ غُصُونَهُ لَعِبَ الكُعُوبِ
فليتَ تنسمِي أرجَ الخزامَى
عَلَى هِمَمِي مِنَ الدُّنْيَا نَصِيبي
وَيَا بَرْقَ الغُوَيْرِ دَنَوْتَ حَتَّى
يَغَارُ عَليَّ مِنْكَ شَبَا قَضِيبي
صحبتكِ يا ذكاءُ فكنتِ أسري
وَأَصْبِرُ في المَهَامِهِ والسُّهُوبِ
وسرْبلناكِ بردَ النقعِ حتَّى
أَخَذْتِ الثَّأرَ مِنَا بالشُّحُوبِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> خِفْ من أَمِنْتَ ولا تركِنْ إلى أحدٍ
خِفْ من أَمِنْتَ ولا تركِنْ إلى أحدٍ
رقم القصيدة : 24107
-----------------------------------
خِفْ من أَمِنْتَ ولا تركِنْ إلى أحدٍ
فَمَا نصحتُك إلاَّ بعد تَجريبِ
إن كانت التركُ فيهم غيرَ وَافية ٍ
فما تزيد على غدرِ الأعاريبِ
تمسَّكوا بوصايا اللؤم بينهمُ
وكادَ أن يدرسوها في المحاريبِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> هَذَا كِتَابي عَنْ كَمَالِ سَلامِة ِ
هَذَا كِتَابي عَنْ كَمَالِ سَلامِة ِ
رقم القصيدة : 24108
-----------------------------------
هَذَا كِتَابي عَنْ كَمَالِ سَلامِة ِ
عِنْدِي وَحَالِ شَرْحِهَا في الجُمْلَة ِ
همٌّ وإقتارٌ وعمرٌ ذاهبٌ
وَفِرَاقُ أَوْطَانٍ وَفَقْدُ أَحِبَّة ِ
يا إخوتي وإذا صدقتُ فأنتمُ(27/187)
منْ إخوة ِ الأيَّامِ لا مِنْ إخوتي
بُعْداً لآمالي التي عَلَّقْتُها
بكُمُ فجارَت في السبيلِ وضلتِ
أَأَغِيبُ عَنْ حَلَبٍ ثَلاثَة َ أَشْهُرٍ
لمْ تكتبُوا فيها إليَّ بلفظة ِ
حتَّى كأنِّي قدْ جنيتُ عليكمُ
ما أستحقُّ بهِ عظيمَ الجفوة ِ
لا حرمة َ الآدابِ راعيتمْ ولاَ
حَقَّ الإخَاء وَلا ذِمَامَ الصُّحْبَة ِ
وَكَأَنَّني بِكُمُ إِذَا لَفَّقْتُمُ
عُذْراً كَمِثْلِ الحَاجَة ِ المَعْرُوفَة ِ
قُلْتُمْ شُغِلْنَا بالحِصَارِ وَصَدَّنَا
ما كانَ بعدَكَ منْ معزِّ الدولة ِ
وَصَدَقْتُمُ فَبِأَيِّ حُكْم صُدِّرَتْ
كُتُبُ التّجَارِ خِلالَ تِلكَ التَّوْبَة ِ
أعجزتمُ عنْ مثلِ ما همُّوا بهِ؟
بُعداً لِمَنْ هُوَ دُونَهُمْ في الهِمَّة ِ
طابَ التنصرُ منكمُ فتوقعُوا
بعدَ الصيامِ حديثَ معموديتي
لوْ شئتُ أهربُ مرة ً منْ عندكمْ
ما كنتُ أقصدُ غيرَ قسطنطينية ِ
ولأكتبنَّ إذا نشطتُ إليكمُ
منْ ديرِ أرمانوسَ بالرومية ِ
يا ابنَ المقلدِ والكلامُ جميعهُ
عطفٌ عليكَ وأنتَ رأسُ الزمرة ِ
أجلبتَها وبرئتَ منْ تبعاتهَا
هذي فعالُ الشيخِ والدَ مرة ِ
بالله خَبِّرني لأَيَّة ِ عِلَّة ٍ
أَعْرَضْتَ عَنْ عَهْدِي لكُمْ وَوَصِيَتي
ألوصلِ مؤنسكَ الذي أحضرتهُ
وجعلتَ خدمتهُ برسمِ الخلوة ِ؟
مَا هَكَذَا يَتَنَاصَفُ الخِلاَّنُ في
حكمِ المودة ِ بينهمْ والخُلة ِ
كنْ كيفَ شئتَ فإنَّ قربكَ بعدَهَا
حدُّ الرجاءِ وغاية ُ الأمنية ِ
أَمَا أَخُوكَ أَبُو العَلاء فَإِنَّني
مَا زِلْتُ أَعْرِفُ مِنْهُ لُؤمَ العِشْرَة ِ
قدْ كنتُ أعدَمُ في الحضورِ سؤالَهُ
عَنِّي فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَ الغَيْبَة ِ
ومتى يحنُّ ومَا يزالُ مرنحاً
في نشوة ٍ ومطوحاً في سكرة ِ
ولخلكَ الخمريِّ عذرٌ واضحٌ
عندِي فلستُ ألومهُ في الجفوة ِ
والذنبُ لي فيما جناهُ فإنَّني
رمتُ المروءة َ منْ تجارِ الكوفة ِ
وَمِنَ العَجَائِبِ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ
وهوَ القديمُ العهدِ بالقدموسة ِ(27/188)
ينسَى هوايَ فمَا أمرُّ ببالهِ
شُغْلاً بِتِلكَ العُصْبَة ِ السُّوقيَّة
يَا صَاحِبَ الخُفَّين قَدْ ذَهَبَا إلى
عِنْدَ المُبَارِزِ والشَّبابِ المُصْمَتِ
وَعَلَيْكَ أَجْرُ الحِمْلِ فَأنْقُدُه فَمَا
فيهِ خلافٌ عندَ أهلِ القبلة ِ
وَبِحَقِ دِينَاٍر عَلَيْكَ فَإنَّهُ
إِنْ كُنْتَ تَهْوَاهُ أَجَلَّ إِليَّة ِ
أبلغْ أبَا الحسنِ السلامَ وقلْ لهُ
هَذَا الجَفَاء عَدَاوَة ٌ للشِّيعة
فلأطرقنَّ بمَا صنعتَ مكابراً
وأبُثُّ ما لاقيْتُ مِنْكَ لنُكتة ِ
وَلأَجلسنَّكَ لِلْقَضِيَّة ِ بَيْنَنَا
في يومِ عاشوراءَ بالشرقية ِ
حتَّى أثيرَ عليكَ منهَا فتنة ً
تُنْسِيكَ يَوْمَ خَزَانَة ِ الصُّوفِيَّة ِ
دعْ ذَا وقلْ لي أنتَ يا ابنَ محسنٍ
وَجَفَاء مِثلِكَ مِنْ تَمَام المِحْنَة ِ
كَانَتْ وزارتُكَ الَّتي دَبَّرْتَني
فيها كمثلِ الخدمة ِ الرحبية ِ
صاحَ الغرابُ بهَا ففرقَ شملَنا
قَدَرٌ رَمَتْ فِيهِ الخُطوُبُ فَاصْمَتِ
مَا كنَ حَقُّكَ أَنْ تَمَلَّ وإنَّما
تَارِيخُ وَصْلِكَ من حصارِ القَلْعَة ِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكَ في عقابِ هِرَقْلَة ٍ
وَجِبَال نِيقِيَّة ٍ وَثَلْجِ الحِمَّة ِ
وَصَدِيقُكَ الخبَّازُ مَشْغُولٌ عَلَى
أدبارهِ بالقصة ِ المكتومة ِ
حَيْرَانُ يَطْلُبُ مَوْضِعاً يَخْلُو بِهِ
فيهِ وذلكَ منْ تمامِ المحنة ِ
واقرَ السلامَ على الفقيهِ وقلْ لهُ
وهو العتادُ لدفعِ كلِّ ملمة ِ
حاشاكَ أن تصفَ الودادَ وأهلهُ
ويكونَ حبكَ كلهُ بالقوة ِ
مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ بَعَثْتَ تَحِيَّة ً
وكتبتَ خمسة َ أسطرٍ في رقعة ِ
أَبِمِثْلِ هَذَا يَخْصِبُ البُسْتَانُ أَوْ
يَزْدَادُ حُسْنَ الدَّارِ في السَّهْلِيَّة ِ؟
واعلمْ أبا الحسنِ الوكيلَ صديقهُ
حَمْدِي لِتلْكَ القِصَّة ِ المشْكُورَة ِ
وَوَقَفْتَ مِنهُ عَلَى كِتَاب وَاحدٍ
تَاريخُهُ للنِّصْفِ مِنْ ذي القِعْدَة ِ
فَوَجَدْتُهُ مُتَضَمِّناً ذِكْري بِلا
خبرٍ أسكنُ منهُ بعضَ اللوعة ِ(27/189)
عملاً كبيراً أيْ بأنِّي سالك
طرقَ التجارة ِ لازمٌ لمعيشتي
ما كنتُ أطلبُ منهُ إلاَّ ذكرَ أخبارِ
الجماعة ِ دونَ حالِ البلدة ِ
يَا قَوْمُ مَا بَالي ثَقِلْتُ عَلَيْكُمُ
منْ بعدِ تلكَ النية ِ المحروسة ِ
وَأَظُنُّ شَوْقَكُمُ إِليَّ كَأَنَّهُ
شَوْقُ اليَهُودِ إِلى زَمَانِ الفِتْنَة ِ
شَاهَدْتُ بَعْدَكُمُ عَجَائب جَمّة
ورأيتُ كلَّ طريفة ٍ وغريبة ِ
ولقيتُ قوماً ما أبو الفضلِ بنِ
الأنباريِّ إلاَّ دونهمْ في الخسة ِ
لَو جَامِعٌ رُسُلَ المسيحِ إليهم
الإنجيلُ ما ذادُوهُمُ عنْ فرية ِ
أتلُو الحديثَ عليهِمُ فكأنَّني
قَدْ صِرْتُ مِنْهُمْ في خِطَابِ القُوَّة ِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أحلني الدهر لدى معشر
أحلني الدهر لدى معشر
رقم القصيدة : 24109
-----------------------------------
أحلني الدهر لدى معشر
باب النَّدى عِندَهُم مُرتَجُ
دارهم الدنيا لأنَّا بها
نَدْخُلُ صِفْراً وَكَذَا نَخْرُجُ
العصر العباسي >> البحتري >> طال في هذه السوادات لبثي
طال في هذه السوادات لبثي
رقم القصيدة : 2411
-----------------------------------
طال في هذه السوادات لبثي
واشتكائي فيها غرامي وبثي
معمل الفكر يقتل الجرجرائـ
ــي أخلاي بالعراق وإرثي
علق الله فوق خصيتيك ما كا
ن يخاليك من حلاق وخبث
قد تشكى الإخوان سرعة أخذ
منك أحدثتها، وقلة لبث
أكرهت العتاب من مستزيد
أم كرهت العتاب من مستحث
وحديث عن أوليك يقهي
عن سماع الحديث يثني ويغثي
يغفر الله، وهو للغفر أهل
حلفي أنكم بنوه، وحنثي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَتَذْكُرُ فَخْرَا في قَبَائِلِ يَعْرُبٍ
أَتَذْكُرُ فَخْرَا في قَبَائِلِ يَعْرُبٍ
رقم القصيدة : 24110
-----------------------------------
أَتَذْكُرُ فَخْرَا في قَبَائِلِ يَعْرُبٍ
وتنكرُ قاراً وهوَ أبلجُ واضحُ
وَيَوْمَ اللِّقا غَادَرْتُمُوها ذَمِيمَة ً
يسيرُ بها حاد منَ العارِ صادحُ(27/190)
وفي روضة ِ السلانِ ثلتْ عروشكمْ
ذوابلُ في إيماننَا وصفائحُ
رَعَيْتُمْ هَشِيمَ الوَادِيَيْنَ وَبِالرُّبَا
مراتعُ يهفُو نبتُها المتفاوحُ
إذا شنتِ الغاراتُ حطتْ بيوتكمْ
حذاراً ولمْ يسرحْ منَ البركِ سارحُ
رغتْ كلماتِي رغوة َ السقبِ فيكمُ
وَجَاشَتْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ القَرَائِحُ
وسالتْ بأبكارِ القوافي شعابهَا
عَلَيْكُمْ وَهُنَّ المُخْزِيَاتُ الفَوَاضِحُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إذا أعجمتْ أطلالُ هندٍ على البلَى
إذا أعجمتْ أطلالُ هندٍ على البلَى
رقم القصيدة : 24111
-----------------------------------
إذا أعجمتْ أطلالُ هندٍ على البلَى
فَدَمْعُكَ في بَثِّ الغَرَام فَصيحُ
زِيَادٌ أَرَاَحَ اللَّيْلَ عَازِبَ هَمِّهِ
وهمكَ لمْ يعذبْ فكيفَ يروحُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أعرفتَ منْ عبقِ النسيمِ الفائحِ
أعرفتَ منْ عبقِ النسيمِ الفائحِ
رقم القصيدة : 24112
-----------------------------------
أعرفتَ منْ عبقِ النسيمِ الفائحِ
خبرَ العذيبِ وبانهُ المتناوحِ
وَاقتَادَ طَرْفَكَ بَارق مَلَكَتْ بِهِ
ريحُ الجَنُوبِ عَنَانَ أَشْقَرَ رَامحِ
هَبَّ اخْتِلاساً في الدُّجا وَنُجُومُهُ
يَكْرَعْنَ مِنْ حَوْضِ الصَّباحِ الطَّافِحِ
وَالنِّسْرُ في أُفُقِ المَغَارِبِ رَايَة ٌ
تهفو بعالية ِ السماكِ الرامحِ
فَطَوَى حَوَاشِيهِ وَجَادَ بِوَمْضَهِ
مِثْلَ الشَّرَارَة ِ مِنْ زِنَادِ القَادِحِ
دَقَّت عَلَى لَمْحِ العُيُونِ وَمَا خَبَتْ
حتى تضرمَ في حشا وجوانحِ
بَعَثَ الغَرَامُ المُدْلِجينَ تَوَسَّدُوا
أَكْوَارَ عُوجٍ كَالْقِسِيِّ طَلائِحِ
فترنحُوا فوقَ الرحالِ كأنَّما
هَزَّتْ قُدُودَهُمُ سُلافَة ُ صَابِحِ
دَبَّ الكَرَى فِيْهِمْ فَمَوَّهَ زَوْرَة
خفيتْ على نظرِ الرقيبِ الكاشحِ
طَيْفٌ تَضُوعُ بِهِ الرِّياضُ ويدَّعي
خَطرَاتِهِ لمْعُ الصَّبَاحِ اللاَّئِحِ
كيفَ اهتديتَ ودوننا مجهولة ٌ(27/191)
بَهْمَاءَ تَهْزَأ مِنْ جَنَاحِ السَّارِحِ
وَالحَرَتَانِ وَجَمْرَة مَضْرُوبة
مشبوبة ٌ بذوابلٍ وصفائحِ
ومثار قسطلة ٍ وبيضُ صوارمٍ
ودلاصُ سابغة ِ وجردُ سوابحِ
مِنْ كُلِّ شَارِدَة ٍ كَأَنَّ عِنَانَها
يعطيكَ سالفة َ الغزالِ السانحِ
ينفرنَ عنْ عذبِ النميرِ ولو جرَى
بِدَمِ الطِّعَان وَرَدْنَ غَيْرَ قَوَامِحِ
مَا كُنْتَ تَبْذِلُ لِلْغَرِيبِ تَحِيَّة ً
بُخْلاً فَكَيْفَ سَرَيْتَ نَحْوَ النَّازِحِ
ولعلَّ عطفكَ أنْ يعودَ بمثلها
بعدَ الرقادِ فربَّ يومٍ صالحِ
قدْ أصحبُ الدهرَ الأبيَّ قيادهُ
قَسْراً وَفَرَّجَ كُلَّ خَطْبٍ فَادِحِ
وَهَمَى بَنَانُ أَبي المُتَوَّجِ بَعْدَما
نَسَخَ السَّمَاحَ وَعَزَّ صِدْقَ المَادِحِ
يُوفِي عَلَى طَلَبِ العُفَاة ِ نَوَالُهُ
كَالْبَحْرِ يَغْرَقُ فِيهِ قَعْبَ المانِحِ
لَوْ رَاض نَافِرَة َ القُلُوبِ بِرَأيهِ
سكنَ البغاثُ إلى هويِّ الجارحِ
ما جارَ عنْ سننِ العفاة ِ نوالهُ
حتَّى يدلَّ عليهِ صوتُ النابحِ
مَغْنى ً إِذَا وَرَدَ الضِّيوفُ فَنَاءَهُ
وَجَدُوا قِرَى الثَّاوي وَزَادَ الرَائِحِ
حلبَ العشارَ منَ النحورِ وزادَ عنْ
ألبانِها درَّ النجيعِ السافحِ
مُتَوَقِّدُ العَزَمَاتِ فَيَّاضُ النَّدَى
جذلانُ يبسمُ في الزمانِ الكالحِ
فرعتْ بهِ عوفُ بنُ مرة َ هضبة ً
في المَجْدِ تَحْسِرُ كُلَّ طَرَفٍ طاَمِحِ
قومٌ إذا رفعَ الصريخُ لغارة ٍ
سَبَقَتْ إِجَابَتُهُمْ نِدَاءَ الصَّائِحِ
وَإِذَا رَبيعُ العَامِ صَوَّحَ نَبْتُهُ
وَجَرَتْ رِيَاحُ القَرِّ غَيْرَ لَوَاقِحِ
وَخَبَتْ بَوَارِقُهُ وَحَرَّمَ جَدْبُهُ
بَذَلَ القِرى َ وَأَبَاحَ عَقْرَ النَّاصِحِ
نصبُوا العماقَ الراسياتِ وأعجلُوا
نِيرَانَهَا بِعَقَائِرٍ وَذَبَائِحِ
كَرَّمٌ تَوَارَثَهُ الأكُفَّ وَحَلَبَة ٌ
في الفضلِ يقرنُ مهرهَا بالقارحِ
يهفُو بأعطافِ الوليد مراحهُ
فإذا احتبَى فالهضبُ ليسَ براجحِ(27/192)
سَبَقَ الكِرَامَ مُقَلَّدٌ في غَايَة ٍ
جهدُ الجوادِ بها كعفوِ الرازحِ
وَجَرَى فَقَصَّرَ طَالِبُوهُ وَإِنَّمَا
ضَلُّوا عَلَى أَثَرِ الطَّرِيْقِ الوَاضِحِ
يا جامعَ الآمالِ وهيَ بدائدٌ
شَتَى وَرَائِضُ كُلَّ صَعْبٍ جَامِحِ
شَرَّفْتَ مِنْ أَيْدِي عُلاكَ وَإِنَّمَا
عبقُ اللطيمة ِ منْ بنانِ الفاتحِ
وحبوتَ ألقابَ الإمام نباهة ً
وسواكَ طوقهَا بعارٍ فاضحِ
لَوْ مَاثَلُوا اللَّفْظَيْنِ كُنْتَ بِرَغْمِهِ
سَعْدَ السُّعُودِ وَكَانَ سَعْدُ الذَّابِحِ
مَا طَالَ قَدْرُكَ عَنْ مَدَاهُ وَإِنَّمَا
هزُّوا قناتَكَ باللواءِ الطائحِ
فاسلمْ لملكٍ أنتَ غربُ حسامهِ
الماضي وعبقة ُ روضهِ المتفاوحِ
وفداكَ مغتصبُ الثراءِ جديدهُ
أَخَذَ الرِّيَاسَة َ فَلْتَة ً مِنْ مَازِحِ
نسبٌ كما جنَّ الظلامُ فلمْ يلحْ
لِلْمُدْلَجِينَ بِهِ ضِيَاءَ مَصَابِحِ
نَبَذَتْهُ دَوْلَتُهُ وَكَانْتَ رَوْضَة ً
يَخْلُو الذُّبَابُ بِهَا وَلَيِسَ بِبَارِحِ
وتملّ مَا أهدَى إليكَ فإنَّها
نَظْمُ الشَّقِيقِ وَنَبْتُ فِكْرِ النّاصح
وسميرة ُ النادي ومطلقة ُ الجبا
وزميلة ُ الساري وأنسُ الصادحِ
وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَرُبَّمَا
كانتْ بواقي القولِ غيرَ صوالحِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لِي رَاحَة ٌ يَفْرُقُ مِنْهَا الغنى
لِي رَاحَة ٌ يَفْرُقُ مِنْهَا الغنى
رقم القصيدة : 24113
-----------------------------------
لِي رَاحَة ٌ يَفْرُقُ مِنْهَا الغنى
لأنَّ مَا ينزلها يُسْتَمَاحْ
لا بُدَّ أَنْ أعمرَها بالغنى
فَطَالَما أفقرتها بالسَّمَاحْ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَبَى الله إلاَّ أَنْ يَكُونَ لَكَ السَّعْدُ
أَبَى الله إلاَّ أَنْ يَكُونَ لَكَ السَّعْدُ
رقم القصيدة : 24114
-----------------------------------
أَبَى الله إلاَّ أَنْ يَكُونَ لَكَ السَّعْدُ
فليسَ لِمَا تبغيهِ منعٌ ولا ردُّ(27/193)
إِذَا أَبَتْ الأَقْدَارُ أَمْرَ قِسْرَتِهَا
عَلَيْهِ فَعَادَتْ وَهِيَ في نَيْلِهِ جُنْدُ
قَضَتْ حَلَبٌ مِيْعَادَهَا بَعْدَ مَطْلِة ِ
وأطيبُ وصلٍ ما مضى قبلهُ صدُّ
ومَا كانتِ الورهاءُ أولَ غادة ٍ
إذَا رضيتْ لمْ يبقَ في قلبَها حقدُ
وَعَهْدِي بِهَا بَيْضَاء حَتَّى وَرَدْتَها
وتربكَ محمرّ وجوكَ مسودُّ
تَهُزُّ لِواء الحَمْدِ حَوْلَكَ عُصْبَة ٌ
إذا طلبُوا نالُوا وإنْ عقدُوا شدُّوا
وخطية ٌ سمرٌ وبيضٌ صوارمٌ
وَضَافِيَة َ زَعْفُ وَصَافِنَة ُ جُرْدُ
فَحَارَتْ عُيُونُ النَّاظِرِينَ وَأَظْلَمَتْ
وجُوهُ رِجَالٍ مِثْلُ إِعْرَاضَهَا رُبْدُ
رَأوكَ فَخَافُوا مِنْ ضِبَاكَ وَمِثْلُهُمْ
يعز عليهَا أنْ يذلَّ بهَا خدُّ
وَقَدْ آمَنُوا بِالمُعْجِزَاتِ الَّتِي طَرَتْ
عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا فَتَحَ السَّدُ
لَحَا الله قَوْمَاً أَسْلَمُوا بَيْتَ جَارِهِمْ
وَقَدْ عَلِقَتْهُ في مَخَالِبهَا الأَسَدُ
رَمُوا حَلَبَاً مِنْ بَعْدِ مَا عَزَّ أَهَلُهَا
عهودُ أكفٍّ مَا لهَا بالنَّدى عهدُ
لِئَامُ السَّجَايَا لا وَفَاءَ ولا قِرى
فلا غدرهمْ يخفى ولا نارهمْ تبدُو
مَضُوا يَحْمِدُونَ البُعْدُ في الذَّبِّ عَنْهُم
ومَا الذلُّ إلاَّ حيثُ يحميهمُ البعدُ
وَقَدْ ثَبَتُوا حَتَى طَلَعَتْ عَلَيهِم
كمَا قابلتْ شمسَ الضحى الأعينُ الرمدُ
فَإنْ تَفْعَل المَعْرُوفَ فِيهِم فَقَدْ مَضَتْ
مَوَاهِبُ لا أَجْرٌ عَلَيْهَا وَلا حَمْدُ
وَإنْ عُوتِبُوا بِالمُرْهَفَاتِ فَطَالَمَا
أَصَاخَ لَهَا الغَاوِي وَبَانَ بِهَا الرُّشْدُ
ولمَّا استقلتْ بالفرارِ حمولهمْ
ولمْ يبقَ هزلٌ للطعانِ ولا جدُّ
أتوكَ يعدونَ القديمَ ولوْ وفُوا
بعهدهِمُ فيهِ لكانوا كما عدُّوا
وَلَكِنَّهُم رَامُوا عَلَى المَكْرِ غَايَة ً
أَبَى الله إلاَّ أَنْ يُقَصِّرَها عَبْدُ
فَمَا سَلَّمُوا بالمَسْلَمِيَّة َ عِنْدَهُم
ولاَ وافقَ السعديُّ عندهمُ سعدُ(27/194)
أَفَادَتْكَ في سَفْحِ المَضِيقِ فَوَارِسٌ
طوالُ الموالي لا لئامٌ ولا نكدُ
ولا ظفروا من عند قيس بنصرة
وَالأم خطبان يكون لها عندُ
أبَا حَازِمَ مَا أَسْلَمتْكَ ربيعة
وبينكم عهد يراعى ولا وُدُّ
وكيفَ يفوتُ الذلُّ منَّا ومنهمُ
وَسُمْرُهُم لُدْن وَالسُنُنَا لُدُّ
ومَا كانَ يومُ المرجِ منكَ غريبهُ
ولا لكَ منْ فعلِ تلامُ بهِ بدُّ
وَقَوْمٌ رَمُوا عِرْضِيَ وَلَوْ شِئْتَ كَانَ لِيَ
مِنْ الذًّمِّ حَادِ في جمائلِهِم يَحْدُو
وما العارُ إلاَّ أنْ بين بيوتهمْ
أَحَاديِثُ ما فِيهَا نِزَاعٌ وَلا جَحْدُ
مَحَا السَّيْفَ مَا قَالوا وَرُبَّ نَسِيبَة ٍ
مِنَ القَوْلِ وَفَّاهَا طِعَانَكُمُ النَّقْدُ
وَعِنْدِي إِذَا عَزَّ الكَلامَ غَرَائِبٌ
هيَ الغلُّ عندَ السامعينَ أو العقدُ
وكيدُ على الأعداءِ يرمي زنادهُ
لواذعَ ما فيها سلامٌ ولا بردُ
أبَا سابقٍ ما أنزلَ الله نصرهُ
عَلَى فِئَة ٍ إلاَّ وَأَنْتَ لَهَا رَدُّ
هنيئاً لكَ الملكُ الذي نلتَ حقهُ
بسمرِ العوالي لا تراثٌ ولا رفدُ
لكَ النسبُ السامي على كلِّ منصبٍ
وَقَدْرُكَ أَعْلَى مِنْ نِزَارِ وَمِنْ أَدُّ
وَقَدْ وَفَّقَ الله الأَنَامَ لِفِكْرَة ٍ
تيقنَ فيهَا أنكَ السيفُ والعضدُّ
دعا التركَ أقوامٌ فكانَ عليهمُ
نِكَالاً ألا لله مَا صَنَعَ الجَدُّ
ولوْ وفقُوا كنتمْ جميعاً على العدَى
ودافعَ دونَ الغيلِ ذَا الأسدُ الوردُ
ولكنهمْ أصغُوا إلى قولِ كاشحٍ
يَرُوحُ عَلَيْهِم بِالنَّمِيْمَة ِ أَوْ يَغْدُوا
فإنْ ظهرتْ فيهمْ عواقبُ رأيهِ
فَقَدْ يُؤَخَذُ المَوْلَى بِمَا صَنَعَ العَبْدُ
وإنْ جنحوا للسلمِ راعيتَ فيهمُ
أواصرَ يأبَى أنْ يضيعَها المجدُ
وَمَا السِّلمُ إِلاَّ فُرْصُة ً لِمُحَارِبٍ
لهُ كلُّ يومٍ شلة منكَ أو طردُ
بقيتَ فلي منْ حسنِ رأيكَ نعمة ٌ
هيَ العزة ُ القعساءُ والعيشة ُ الرغدُ
وَدُوْنَكَ مِنْ نَصْرٍ حُسَامُ بَلْوَتهُ
فَبَانَ شِبَاهُ حِيْنَ فَارَقَهُ الغِمْدُ(27/195)
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَا لي أراكَ على قلاكَ تناكرتْ
مَا لي أراكَ على قلاكَ تناكرتْ
رقم القصيدة : 24115
-----------------------------------
مَا لي أراكَ على قلاكَ تناكرتْ
أحقادُها وتسالمتْ أضدادُها
وَتَجَاذَبَتْهَا إِمْرَة ً لولا التُّقَى
عَزَّتْ وَقَصَّرَ دونَها قُصَّادُهَا
إِنْ يَحْسِدُوكَ عَلَى عُلوِّكَ عَنْهُمْ
فَدَلِيْلُ كُلِّ فَضِيْلَة ٍ حُسَّادُهَا
يَا أَمَّة ً كَفَرَتْ وَفِي أَفْوَاهِهَا القُرآنُ
فِيْهِ ضَلالُهَا ورشادُها
أَعْلَى المَنَابِرَ تَلعَنُونَ نَسِيْبَهُ
وَبِسَيْفِهِ نُصِبَتْ لَكُمْ أَعَوَادُهَا
تِلْكَ الضَّغَائِنُ لَمْ تَزَلْ بَدريَّة ً
قتلَ الحسينُ وما خبتْ أحقادُها
وَالله لولا تَيْمُهَا وَعَدِيُّهَا
فرق الخِلافَ يَزيدُها وَزِيَادُهَا
ضربتكمُ في كربلاء صوارمٌ
يَومَ السَّقِيْفَة مُزِّقَتْ أَغْمَادُهَا
طلبتْ ذحولُ الشركِ فيكمْ بعدَها
خُبَّتْ غَوَارِبُهَا وَثُّلَّ عِمَادُهَا
وَبَدَتْ عَلَى زُرْقِ الأَّسِنَّة ِ هَامُكُمْ
مَشْهُورَة أَفَلا تَمِيدُ صِعَادُها
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا دِمْنَة ً في الطُّلُولِ دَارِسَة ً
يَا دِمْنَة ً في الطُّلُولِ دَارِسَة ً
رقم القصيدة : 24116
-----------------------------------
يَا دِمْنَة ً في الطُّلُولِ دَارِسَة ً
أضيعُ ما كنتُ حينَ أنشدهَا
وَيْلاه كَمْ زَفْرَة ٍ أُرَدِّدُهَا
فِيْكِ وَكَمْ عَبْرَة ٍ أُبَدِّدُهَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَمَّا الشُّرَيْفُ مِنْ الغَضَا فَبَعِيْدُ
أَمَّا الشُّرَيْفُ مِنْ الغَضَا فَبَعِيْدُ
رقم القصيدة : 24117
-----------------------------------
أَمَّا الشُّرَيْفُ مِنْ الغَضَا فَبَعِيْدُ
لَوْلا الرَّكَائِبُ وَالدُّجَا وَالبيدُ
وَضَوَامِرٌ غَلَبَتْ عَلَى صَهَوَاتِهَا
شُعثٌ تَطُولُ مَع القَنَا وَتَمِيْدُ
يا سائقَ الأظعانِ أيُّ لبانة ٍ(27/196)
بِالنَّعْفِ تَنْشُدُهَا المَهَارِيَ القُودُ
عزتْ على سومِ الغرامِ فما درَى
ولعُ النسيمِ بها ولا التغريدُ
وعلَى الثنية ِ منْ تبالة َ موعدٌ
عَقَمَتْ بِهِ الآمَالُ وَهِيَ وَلُودُ
ومهونٍ للوجدِ يحسبُ أنَّها
يومَ العذيبِ مدامعٌ وخدودُ
سَلْ بَانَة الوَادِي فَلَيْسَ يَفْوتُهَا
خبرٌ يطولُ بهِ الجوى ويزيدُ
وانشدْ معي ضوء الصباحِ وقلْ لهُ
كَمْ تَسْتَطِيل بِهِ اللَّيَالي السُّودُ
وإذا هبطتَ الواديينِ وفيهمَا
دمنٌ حبسنَ على البلى وعهودُ
وَاخْدَعْ فُؤَادِي في الخَليطِ لَعَلَّهٌ
يهفو على آثارهمْ ويعودُ
أصبابة ٌ بالجزعِ بعدَ سويقة ٍ
شغلٌ لعمركَ يا أميمُ جديدُ
ومطوح ركبَ الخطيَّ بعزمة ٍ
هبتْ وسارية ُ النجومِ هجودُ
ذعروا الدجى فتناثرتْ منْ جيدهِ
نحوَ الصباحِ قلائدٌ وعقودُ
عَرِّجْ عَلَى الحَّي الذَّمِيمِ فَدُونَهُ
بخلٌ يصدُّ عنِ القِرى ويذودُ
إنَّ الَّذِينَ يَعِزُّ طَالِبُ رَفْدِهِمْ
بَشَرٌ يُضَيَّعُ لَمْعُهُ وَرُعُودُ
لي في بيوتهمُ القصارُ أوابدٌ
معقولة ٌ باللؤمِ وهيَ شرودُ
وَمُطْلَّحَاتٍ يَنْتَجِعْنَ مَوَارِداً
آلُ الظهيرة ِ قبلهَا مورودُ
حَوَّلن في طَلبِ العُلا فَتَقَاعَسَتْ
عَنْهُنَّ أَيْدٍ بِالنَّوَالِ جُمُودُ
وأصابهَا السلميُّ نشدة َ باخلِ
شَنْعَاءَ طَائِرُ ذِكْرِهَا غِرِّيدُ
يا ابنَ اللئيمة ِ لستَ منْ أكفائها
فَارْجِع فَإِنَّكَ بِالثَرَاءِ عَمِيْدُ
النَّارُ مَطْلُولٌ لَدَيْكَ مَعَ النَّدَى
سَيَّانَ وَعْدٌ كَاذِبٌ وَوَعِيْدُ
أتركتَ سرحكَ بالجزيرة ِ مهملاً
وعجبتَ حينَ عدَا عليهِ السيدُ
لَوْ أَنَّ قَوْمَكَ مِن كِنَانَة َ أَشْرَعَتْ
أَيْدٍ يَطُولُ بِهَا القَنَا وَالجُودُ
قومٌ يلوحُ لهمْ على عليائهمْ
قَبْلَ اللِّقَاءِ دَلائِلٌ وَشُهُودُ
فاللامعاتُ أسنة ٌ وأسرة
والمائساتُ ذوابلٌ وقدودُ
هبُّوا إلى المجدِ الرفيعِ فأحرزُوا
قصباتهِ وبنُو الزمانِ رقودُ
وبنتْ لهمْ أحسابهُمْ وسيوفهُمْ(27/197)
بيتاً عمودُ الصبحِ فيهِ عمودُ
جادُوا وأندية ُ الغمامِ بخيلة ُ
وجروا وشاردة ُ الرياحِ ركودُ
منْ دينهمْ أنَّ السماحَ عليهمُ
فَرْضُ وَإِنَّ الرَافِدَ المَرْفُودُ
حيٌّ تَنَاسَبَ في العُلا فَأُصُولهُ
أغصانهُ والوالدُ المولودُ
إِنْ قَصَّرُوا عَنْ غَايَة ِ ابن مُقَلَّدٍ
فَمِنَ الأَرَاكَة ِ غُصْنُهَا الأَمْلُودُ
شَأَوِ يَفُوتُ طُلاَّبُهُم غَلْوَاؤهُ
إنَّ البعيدَ عليهمُ لبعيدُ
لولاهُ ما عرفَ النوالُ ولمْ تكنْ
تدري الغمامُ الغرُّ كيفَ تجودُ
وعفَا الثناء منَ الزمانِ وأهلهِ
فتشابهَ المذمومُ والمحمودُ
شرفاً بني الأجدادِ يعدمُ أمسكَ الـ
ـماضي فيخلفُ يومكَ الموجودُ
وعلاً أبا حسنٍ فرهطكَ رمحُهَا
ـحُهَا العَالِي وَأَنتَ لِوَاؤُهُ المَعْقُودُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ نِسْبَة ً
قَرُبَتْ فَإنِّي مِنَكُمْ مَعْدُودُ
لِي فِيْكَ مِنْ فَقْرِ الكَلامِ غَرَائِبٌ
يُثني عليها الدهرُ وهوَ حسودُ
لولا هواك لطالَ عنْ تثقيفهَا
قدري ولوْ أنَّ النجومَ قصيدُ
ولعزَّ عنْ طوعِ القيادِ زمامُهَا
لَو أَنَّ غَيْرَكَ كُفْؤها المَقْصُودُ
أَعْرَضَتْ عَنْ ذُلِّ الطُّلابِ وَرُبَمَا
وجدَ المريحُ وأخفقَ المكدودُ
وَسَكَنْتَ في ظِلِّ النَزَاهَة َ فَلْيُصَنْ
مالَ البخيلِ رتاجهُ المسدودُ
وَإِذَا وَجَدْتَ العَيْشَ يَعْقِبُ صَفْوُهُ
كَدراً فَإنَّ شَقِيَّهُ لَسَعِيدُ
العمرُ حلمٌ والليالي قلبٌ
وَالبُخْلُ فَقْرٌ وَالثَّنَاءَ خُلُودُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَرَأَيْتَ مِنْ دَاء الصَّبَابَة ِ عَائِدَاً
أَرَأَيْتَ مِنْ دَاء الصَّبَابَة ِ عَائِدَاً
رقم القصيدة : 24118
-----------------------------------
أَرَأَيْتَ مِنْ دَاء الصَّبَابَة ِ عَائِدَاً
وَوَجَدتَ في شَكْوَى الغَرَامِ مُسَاعِدَا
أمْ كنتَ تذكرُ بالوفاءِ عصابة ً
حَتَّى بَلَوْتَهُمُ فَلَم تَرَ وَاحِدَا
تَركُوكَ واللَّيل ُالطَّويلَ وَعِنْدَهُمْ(27/198)
سحرٌ يردُّ لكَ الرقادَ الشاردَا
وَكأَنَّما كانَتْ عُهُودُكَ فِيهِمُ
دمناً حبسنَ على البلى ومعاهدَا
يا صاحبي ومتى نشدتُ محافظاً
في الوُدِّ لَمْ أَزلِ المُعنَّى النَّاشِدَا
أعددتُ بعدكَ للملامة ِ وقرة
وذخرتُ بعدكَ للصبابة ِ شاهدَا
وَرَجَوْتُ فِيْكَ عَلَى النَّوائِبِ نُصَرة ً
فلقيتُ منكَ نوائباً وشدائدَا
أمَّا الخيالُ فمَا نكرتُ صدودهُ
عنِّي وهلْ يصلُ الخيالُ الساهدَا
سارٍ تيممَ جوشناً منْ حاجرٍ
مَرْمَى كمَا حَكَمَ النَّوَى مُتَبَاعِدَا
كيفَ اهتديتَ لهُ ودونَ منالهِ
خرق تجوز بهِ الرياحُ قواصدَا
ما قصرتْ بكَ في الزيارة ِ نية ٌ
لَوْ كنتَ تَطْرُقُ فِيْهِ جَفْنَاً رَاقِدَا
عجبتْ لإخفاقِ الرجاءِ وما درت
أني ضربتُ بهِ حديداً باردَا
مَا كَانَ يُمْطِرُهُ الجَهَامُ سَحَائبِاً
تروي ولا يجدُ السرابَ مواردَا
وَإِذَا بَعَثْتُ إِلى السَّبَاخِ بِرَائدٍ
تَبْغَي الرِّيَاضَ فَقَدْ ظَلَمتَ الرَّائِدَا
منْ مبلغُ اللؤماءِ أنَّ مطامعي
صارتْ حديثاً فيهمُ وقصائدَا
رَكَدَتْ عَلَى أَعْرَاضِهِم وَهِي التي
تطوي البلادَ شوارداً ورواكدَا
مَالي أجَاذِبُ كُلَّ وَقتٍ مُعْرِضَاً
مِنْهُمْ وَأُصْلِحُ كُلَّ يَومٍ فَاسِدَا
وَأُقِيْمَ سُوقَ المَجْدِ في نَادِيِهم
حتى أنفقَ فيهِ فضلاً كاسدَا
خطلٌ منَ الطبعِ الذميمِ وضلة ٌ
في الرأيِ ما وجدتْ دليلاً راشدَا
أرأيتَ أضيعَ منْ كريمٍ راغبٍ
يدعُو لخلتهِ لئيماً زاهدَا
ومعرسٍ بركابهِ في منزلٍ
يَلْقَى الصَّدِيقَ بِهِ عَدُواً حَاسِداً
عكسَ الأنامُ فإنْ سمعتَ بناقصٍ
فاعلمْ بأنَّ لديهِ حظاً زائدَا
وَتَفَاوُتُ الأَرْزَاقِ أَوْجَبَ فِيهمُ
أنْ يجعلوهُ مصالحاً ومفاسدَا
وَمُعَدِّد في الفَخْرِ طَارِفَ مَالِهِ
حتَّى تلوتَ عليهِ مجداً تالدَا
طوقتهُ بأوابدِي ولطالَما
أَهْدَيْتُ أَغْلاَلاً بِهَا وَقلائدا
مهْلاً فَإِنَّكَ مَا تَعُدُّ مُبَارَكاً
خَالاً وَلا تَدْعُو سِنَانَا وَالِدَا(27/199)
أَهْلُ الشُّعورِ إِذَا تُلِمُّ مُلِمَّة ٌ
بَسَطُوا رِمَاحاً دُونَها وَسَواعِدا
وَأُولُوا التُّقَى فَإذَا مَرَرْتَ عَلَيْهِمُ
لَمْ تَلْقَ إِلاَّ مُكرِماً وَمُجَاهِداً
إْن حَارَبُوا مَلأوا البِّلادَ مَصَارِعاً
أوْ سالموا عمرُوا الديارَ مساجدَا
هَيْهَاتَ مَا تَرِدُ المَطَالِبُ نَائِماً
عنها ولا تصلُ الكواكبُ قاعدَا
وَلَرُبَّ مَلْكٍ ثَقَّفُوا مِنْ مَيْلِهِ
حَتَّى أَقَامُوا فِيْهِ قَدَّاً عَائِداً
مَا كانَ جارهمُ كجالكَ مسلمَا
يوماً وزندهمُ كزندكَ خامدَا
بيتُ لهُ النسبُ الجليُّ وغيرهُ
دعوى تريدُ أدلة ً وشواهدَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَبَا حَسَنٍ كَمْ أَلوُمُ الفِرَاقَ
أَبَا حَسَنٍ كَمْ أَلوُمُ الفِرَاقَ
رقم القصيدة : 24119
-----------------------------------
أَبَا حَسَنٍ كَمْ أَلوُمُ الفِرَاقَ
وَحَظِّيَ يُوجِبُ أَنْ يَبْعُدَا
وكمْ أمطلُ النومَ حتَّى أراكَ
وأمنعَ عينيَ أنْ ترقدَا
فَقَدْ صَارَ لِي فَيْهِمَا عَادَة ً
تعلمُ نوميَ أنْ يشردَا
عَذِيرِي مِنَ الرُّوم جَارَ الفِرَاقُ
عليَّ بحكمٍ لهُ واعتدَى
دَعَوْتُكَ مِنْ أَرْضِهِمْ عَانِيَا
فَنَاهَلَتْنِي ذَلِكَ المَوْرِدَا
وَأَوْثَقْتَ نَفْسَكَ خرْصَاً عَليَّ
عليَّ حتَّى عدمتُ بأنْ أوجدَا
فَلا كَانَ وَعْدُهُم مَا أَغَثَّ
فِيهِ المِطَالُ وَمَا أبْرَدَا
لعلَّ مقامكَ هذا الطويلَ
يكونُ لحينهمُ موعدَا
فيخرجُ بطريكهمُ مسلماً
وَيَجْعَلُ قُسْاً بِهِمْ مَسْجِدَا
فيعلمُ حازمهمُ أنهمْ
أَثَارُوا بِكَ الأسَدَ المُلْبَدَا
وإنكَ قد جئتهمْ مصلحاً
فكنتَ بجهلهمُ مفسدَا
فإنْ طلبُوا منكَ عودَ البلادِ
فَقَدْ لَحِقَ الأقْرَبُ الأبْعَدَا
وإنْ حاولُوا بكَ سيرَ الجراحِ
فَقْدَ شَرَعَتْ فِي العِظَامِ المَدَى
وَخُبَّرْتَ قَوْمَكَ ظنُّوا ثَوَاكَ
عندهمُ أبداً سرمدَا
فَأَسْرَفَ إِذْلاَلُهُم فِي الجَفَا
وَجَاءَ يَفُوقُ الذِي عَوَّدا(27/200)
وإنْ لمْ تكنْ صافحاً عنهمُ
فَمِنْ أَيْنَ صِرْتَ لَهُمْ سَيِّدا
أبوكَ أبوهمْ ولولا الضيَا
ء ما فضلَ القمرُ الفرقدَا
لَكَ الخَيْرَ عِنْدِي دَاءَ مَرِضْتُ
فكنتُ أكاتمهُ العودَا
وفنٌّ منَ الوجدِ ما أستعينُ
بغيركَ منْ جودهِ مسعدَا
أُرِيْدُ لأَكْتَم وَالوَاسِطيُّ
يفضحهُ كلمَا غردَا
نَدِمْتُ كَمَا نَدِمَ البُحْتُريُّ
وَزِدْتُ عَلَيْهِ بِبُعْدِ المَدَى
فَدُونَ هَوَايَ فَلاً لو سَرَى
نَسِيْمُ الرِّيَاحِ بِهِ مَا اهْتَدَى
فَهَل عِنْدَ رَأْيِكَ مِنْ حِيْلَة ٍ
تُعِيْن بِهَا هَائِماً مُفْرَدَا
فقدْ طالمَا أنقذتني يداكَ
وَقَدْ عَلِقَتْني حِبَالُ الرَّدَى
وحملتَ مالكَ ما لا يطاقُ
فَكُنْتَ عَلَى عُسْرِهِ أَحْمَدا
وواللهِ لا شمتُ غيثاً سواكَ
فَإمَّا نَدَاكَ وَإمَّا الصَّدَى
العصر العباسي >> البحتري >> لم يبق في تلك الرسوم بمنعج
لم يبق في تلك الرسوم بمنعج
رقم القصيدة : 2412
-----------------------------------
لمْ يَبقَ، في تلكَ الرّسُومِ بمَنْعِجِ،
إمّا سَألْتَ، مُعَرَّجٌ لِمُعَرِّجِ
آثَارُ نُؤيٍ، بالفِنَاءِ، مُثَلَّمٍ،
وَرِمَامُ أشعَثَ بالعَرَاءِ مُشَجَّجِ
دِمَنٌ، كمِثلِ طَرَائقِ الوَشيِ انجَلَتْ
لمَعَاتُهُنّ مِنَ الرّداءِ المُنْهَجِ
يَضْعُفْنَ عَنْ إذكارِنا عَهدَ الصّبَا
أوْ أنْ يَهِجْنَ صَبَابَةً لَمْ تَهْتَجِ
وَلَرُبّ عَيشٍ قَدْ تَبَسّمَ ضَاحِكاً
عَنْ طُرّتَيْ زَمَنٍ، بِهِنّ مُدَبَّجِ
مِنْ قَبْلِ داعِيَةِ الفِرَاقِ، وَرِحلةٍ
مَنَعَتْ مُغَازَلَةَ الغَزَالِ الأدْعَجِ
رَفَعُوا الهَوَادِجَ مُعْتِمِينَ، فما ترَى
إلاّ تلالؤ كَوْكَبٍ في هَوْدَجِ
أمْثَالُ بَيْضَاتِ النّعَامِ، يَهُزُّها
للبُعْدِ أمْثَالُ النّعَامِ الهُدّجِ
لأُكَلّفَنّ العِيسَ أبْعَدَ غَايَةٍ،
يَجرِي إلَيْهَا خائِفٌ، أوْ مُرْتَجِ
وَإلى سَرَاةِ بَني حُمَيْدٍ، إنّهمْ
أمسَوْا كَواكبَ مَذحِجِ ابنةِ مَذحِجِ(27/201)
آسَادُ حَرْبٍ، فالعَدُوُّ بِهِمْ رَدٍ،
وَبُنَاةُ مَجدٍ، فالحَسودُ بهمْ شَجي
لا يَحْسَبُونَ قُبورَهمْ في غُرْبَةٍ،
وَلَوَ انّهَا مَضْرُوحَةٌ بالزّأبَجِ
ضَرَبُوا بقَارِعَةِ الثّنَاءِ قِبَابَهُمْ،
فغَدَتْ علَيهِمْ وَهيَ أسْبَلُ مَنهَجِ
سَادوا، وَسَادَهُمُ الأغَرُّ مُحَمّدٌ،
بِخلالِ أبْلَخَ في الهَزَاهِزِ، أبْلَجِ
بَكَرُوا وَأدْلَجَ طالبي مَجْدٍ، وَهلْ
يَتَعَلّقُ الغَادي بشَأوِ المُدْلِجِ
فَسَمَا لأعْلَى رُتْبَةٍ، فاحْتَلّهَا
سَبْقاً، وَبُرْجُ الشّمسِ أعلى الأبرُجِ
جِئْنَاهُ، إذْ لا التُّرْبُ في أفْنَائِهِ
يَبْسٌ، وَلا بابُ العَطَاءِ بمُرْتَجِ
وَالبَيْتُ، لَوْلا أنّ فيهِ فَضِيلَةً،
يَعْلُو البُيُوتَ بفَضْلِها، لم يُحجَجِ
بَطَلٌ يَخوضُ الخَيلَ وَهيَ سَوَائل
خَلفَ الأسِنّةِ، وَهوَ غَيرُ مُدَجَّجِ
وَإذا احتُبي في أسْوَدانَ لسُؤدَدٍ،
أعْطَاكَ حَبْوَةَ حاتِمٍ في الحَشرَجِ
مُتَخَلّقٌ مِنْ حُسْنِ كُلّ خَليقَةٍ،
كَعُطَارِدٍ في طَبْعِهِ المُتَمَزِّجِ
تالله أيّتمَا يَدٌ لَكَ مَنْ يَرُمْ
ضَحضَاحَ نائلِها الجَزِيلِ يُلَجلِجِ
أزِفَ الفِرَاقُ فنَحنُ سَفْرٌ في غَدٍ،
بالهَجرِ من دعوَى التّرَحّلِ نَنْتَجي
وَهْوَ المَسيرُ إلى الخليج لينة
لَوْلا ابنُ يوسُفَ لمْ نَشُطَّ فنَخلَجِ
مُتَكَلّفاً أجْيَالَ صَاغِرَةٍ بِنَا،
عَجِلاً، يُكَلّفُنا طِعانَ الأعْلُجِ
فأعِنْ عَلى غَزْوِ العَدُوّ بِمُنْطَوٍ
أحْشاؤهُ، طَيَّ للكِتابِ المُدْرَجِ
إمّا بأشْقَرَ ساطِعٍ، أغشَى الوَغَى
مِنْهُ بمِثْلِ الكَوْكَبِ المُتَأجِّجِ
مُتَسَرْبِلٍ شِيَةً طَلَتْ أعْطافَهُ
بدَمٍ فَما تَلْقَاهُ غَيرَ مُضَرَّجِ
أوْ أدْهَمٍ صَافي السّوَادِ، كَأنّهُ
تَحتَ الكَميّ مُظَهَّرٌ بِيَرَنْدَجِ
ضَرَمٌ، يَهيجُ السّوْطُ، من شُؤبُوبِه،
هَيجَ الجَنائبِ من حَرِيقِ العَرْفَجِ
خَفّتْ مَوَاقِعُ وَطْئِهِ، فَلَوَ انّهُ(27/202)
يَجْرُي برَمْلَةِ عَالِجٍ لمْ يُرْهِجِ
أوْ أشْهَبٍ يَقَقٍ، يُضِيءُ وَرَاءَهُ
مَتْنٌ كمَتْنِ اللّجّةِ المُتَرَجْرِجِ
تَخفى الحُجولُ، وَلوْ بَلَغنَ لَبانَهُ،
في أبْيَضٍ مُتَألّقٍ كالدُّمْلُجِ
أوْفَى بعُرْفٍ أسْوَدٍ، مُتَغَرْبِبٍ،
فيما يَليهِ، وَحَافِرٍ فَيْرُوزَجي
أوْ أبْلَقٍ يَلْقَى العُيُونَ، إذا بَدا،
مِنْ كلّ لَوْنٍ مُعجِبٍ بِنمُوذَجِ
جَذْلانُ، تحسُدُه الجيادُ إذا مَشَى
عَنقاً بأحْسَنِ حُلّةٍ لَمْ تُنْسَجِ
أرْمي بهِ شَوْكَ القَنَا، وَأرُدُّهُ
كالسّمعِ أثّرَ فيهِ شَوْكُ العَوْسَجِ
وَأقَبُّ، نَهْدٌ، للصّوَاهِلِ شَطْرُهُ،
يَوْمَ الفَخارِ، وَشَطْرُهُ للشُّحَجِ
خِرْقٌ، يَتيهُ عَلى أبيهِ، وَيَدّعي
عَصَبِيّةً لبَني الضَّبيبِ، وَأعْوَجِ
مِثْلُ المُذَرَّعِ جَاءَ بَينَ عُمُومَةٍ
في غافِقٍ، وَخؤُولَةٍ في الخَزْرَجِ
لا دَيْزَجٌ يَصِفُ الرّمادَ، ولَمْ أجِدْ
حَالاً تُحَسِّنُ مِنْ رُوَاءِ الدّيزَجِ
وَعَرِيضِ أعْلَى المَتْنِ لَوْ عَلّيْتَه
بالزّئْبَقِ المُنْهَالِ لَمْ يَتَرَجْرَجِ
خَاضَتْ قَوَائِمُهُ، الوَثيقُ بِناؤها،
أمْوَاجَ تَحْنيبٍ بهِنّ مُدَرَّجِ
وَلأنْتَ أبْعَدُ في السماحة، هِمّةً،
مِنْ أنْ تَضَنّ بمُوكَفٍ أوْ مُسرَجِ
لا أنْسَيَنْ زَمَناً لَدَيْكَ مُهُدَّباً،
وَظِلالَ عَيشٍ كان عندكَ سَجسَجِ
في نِعْمَةٍ أُوطِنْتُهَا وَأقَمتُ في
أفْيَائِهَا، فكأنّني في مَنْبِجِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> هَلْ تَعْرِفُونَ لنَا فِي قُرْبِكُمْ رَشَداً
هَلْ تَعْرِفُونَ لنَا فِي قُرْبِكُمْ رَشَداً
رقم القصيدة : 24120
-----------------------------------
هَلْ تَعْرِفُونَ لنَا فِي قُرْبِكُمْ رَشَداً
أَوْ تَعْلَمُونَ بِمَا أَوْلَيْتُم حَسَدَا
لا أَرْفَأ الله دَمْعَاً فَاضَ بَعْدَكُمُ
وَلا أَعَادَ رُقَاداً فِيْكُمْ فُقِدَا
ما يكفرُ العيشَ نعماهَا يبعدكمُ
عنَّا فإنَّ لهَا عندَ الكرامِ يدَا(27/203)
وردتُ منْ بردي ماء ما نقعتُ بهِ
منَ الصبابة ِ قلباً عنكمُ بُردَا
وصارَ كلُّ قبيحٍ فيكمُ حسناً
لمَّا أفادَ على هجرانكُمْ جلَدا
لوْ كنتُ مثلكُم جازيتُ فعلكمُ
فَمَا أَطَلْتُ لِسَاناً دُوْنَكُمْ وَيَدا
وكانَ أيسرُ ما عندِي لغدركمُ
أنْ لا أعودَ إلى ناديكمُ أبدَا
فَإنْ وَجَدْتُمْ كَمَا أَوْجَدْتُمْ بَدلاً
فليرضَ كلُّ امرىء ٍ منَّا بمَا وجَدَا
وَمَا أَلُومَكُم أَنْ تَبْلُغُوا حَلَباً
بأننَا قدْ رضينَا جلقاً بلدَا
وقدْ تعلمتُ سوءَ الظنِّ عندكمُ
فَمَا أؤمِّلُ يَوماً بَعْدَكُمْ أَحَدا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> بِحَيَاة ِ زَيْنَبَ يَا ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ
بِحَيَاة ِ زَيْنَبَ يَا ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ
رقم القصيدة : 24121
-----------------------------------
بِحَيَاة ِ زَيْنَبَ يَا ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ
وَبِحَقِ كُلِّ بُنَيَّة ٍ فِي نَاهِدِ
مَا صَارَ عِنْدَكَ رَوْشَنُ ابن مُحَسِّنِ
فيما يقولُ الناسُ أعدلَ شاهدِ
نَسَخَ التَعَاقُلَ مِنْهُ خَلْطَ عَمَارَة ٍ
وافاهُ في هذا الزمانِ الباردِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> غَرُبَتْ خَلائِقُكَ الحِسَانُ غَرِيْبَة ً
غَرُبَتْ خَلائِقُكَ الحِسَانُ غَرِيْبَة ً
رقم القصيدة : 24122
-----------------------------------
غَرُبَتْ خَلائِقُكَ الحِسَانُ غَرِيْبَة ً
ورمى الزمانُ دنوهَا ببعادِ
ذَهَبَتْ كَمَا ذَهَبَ الرَّبِيْعُ وَخَلَّفَتْ
قيظَ المقيلِ حرارة ُ الأكبادِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وبعيدة ٍ سمحَ الخيالُ بقربهَا
وبعيدة ٍ سمحَ الخيالُ بقربهَا
رقم القصيدة : 24123
-----------------------------------
وبعيدة ٍ سمحَ الخيالُ بقربهَا
حَتَى دَنَتْ فَبِحَمْدِهِ لا حَمْدِهَا
مَالَتْ مَعَ الوَاشِي وَمَاسَ قَوَامُهَا
فَرَأَيْتُ لي عُهُودِهَا فِي قَدِّهَا(27/204)
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> قافية الراء شَرُفَتْ بِنَظْمِ مَدِيحِكَ الفِكَرُ
قافية الراء شَرُفَتْ بِنَظْمِ مَدِيحِكَ الفِكَرُ
رقم القصيدة : 24124
-----------------------------------
قافية الراء شَرُفَتْ بِنَظْمِ مَدِيحِكَ الفِكَرُ
وتجملتْ بحديثكَ السيرُ
آثارُ جودكَ غيرُ خافية ٍ
لا البَحْرُ يُنْكِرُهَا وَلا المَطَرُ
ولسعدِ جدكَ في الوغى عبرٌ
إنْ كَانَتِ الأَلْبَابُ تَعْتَبِرُ
أَيْنَ الذِيْنَ بِبُعْدِهِمْ أَمِنُوا
وَلَرُبَّ أَمنٍ كُلُّهُ حَذَرُ
أضمرتَ عزماً في طلابهمُ
فمضى يسابقُ سَيْفَكَ القَدَرُ
فكأنمَا خافتْ نوائبهُ
منْ جيشٍ عفوكَ حينَ تقتدرُ
فَأَتَتْهُمْ هَوْجَاءَ خَابِطَة ٌ
كالموتِ لا تبقي ولا تذرُ
تفري وبيضُ ظباكَ مغمدة
كُلٌّ لَعَمْرَكَ صَارِمٌ ذَكَرُ
مَا يَصْنَعُونَ وفي ذَوَابِلِها
طُولٌ وَفِي أَعْمَارِهِم قِصَرُ
سلْ جلقاً عنهمْ وما صنعتْ
بِهِمْ وَعِنْدَ جُهَيْنَة َ الخَبَرُ
ومطوحٌ عنهَا يراقُ لهُ
فِي كُلِّ نَاحِيَة ٍ دَمٌ هَدَرُ
ترمي البلادُ بهِ معودة
أنْ لا يقصُّ وراءها أثرُ
أنزلتهَا جاراً وتتركهَا
هَرَباً لِبَئس الوَرْدُ والصَّدَرُ
وَمِنَ الشَّقَاءِ نَأَيْتَ عَنْ نَفَرٍ
أَرْدَاكَ جَدُّهُمْ وَمَا شَعَرُوا
ولقدْ سألتهمُ فمَا بخلُوا
وَعَاقَلْتَ عَهْدَهُمُ فَمَا غَدَرُوا
وبنُوا لبيتكَ إنْ فخرتَ بهِ
عَلْيَاءَ يَحْسُرُ دُونَهَا البَصَرُ
غَلَبَ المُلوكُ عَلَى مَعَاقِلِهَا
أسدٌ إمام طلابهِ الظفرُ
ألقى علَى الشهباءِ كلكلهُ
وَلَهُ بِكُلِّ ثَنِيَّة ٍ ظَفَرُ
وعلا النجومَ فظنَّ حاسدهُ
أَنْ السَّمَاءَ إِلَيْهِ تَنْحَدِرُ
خَلَصَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَا عُرِفَتْ
إلا وَفِيْهَا النَّفْعُ وَالضَّرَرُ
وجلتْ قذى الأيامِ دولتهُ
وَلِكُّلِ صَفْوٍ دُونَها كَدَرُ
شَهِدَت رِيَاضَتَهُ حَوَادِثَهَا
إنَّ الزمانَ إليهِ مفتقرُ
فَكَأَنَّمَا آلتْ مَوَاهِبُهُ
أنْ لا يفوتَ مؤملاً وطرُ(27/205)
عَجَباً لِمَغْرُورٍ وَقَدْ ظَهَرَتْ
لسيوفكَ الآياتُ والنذرُ
ومعرضٍ لقناكَ ثغرتهُ
منْ بعدِمَا شقيتْ بهِ الثغرُ
لعبَ الرجاءُ بفضلِ عزتهِ
وَلَهَتْ بِعَازِبِ لُبِّهِ الفِكَرُ
ومنَ المدى ما دونهُ أمدٌ
لا يَسْتَقِلُّ بِمِثْلِهِ العُمُرُ
وإذا تدبرتِ النجومُ فلا
سهمٌ ولا قوسٌ ولا وترٌ
غُرَّتْ عَقِيلاً هَفْوَة عَرَضَتْ
يصحُو الزمانُ لهَا ويعتذرُ
خَافَ الكَمَال عَلى عُلاكَ بِهَا
ومنَ الكمالِ يحاذرُ القمرُ
لا تَغْفَلُوا عَنْهَا فَإنَّهُمُ
يَدْرُونَ أيَّ فَوَارِسٍ وَتَرُوا
يا ابنَ الأُلى فخرتْ بجودهمُ
مضرٌ وما أدراكَ ما مضرُ
يكفيكَ نصراً منهمُ نسباً
مَعْنى عَلَى المُدَّاحَ مُخْتَصَرُ
أهونْ بشعري بعدَ ما سبقتْ
مدحِي إليكَ ذرائعٌ أخرُ
ودعِ القوافي السائراتِ ولوْ
كَانَتْ نُجُوماً قِيْلَ تَسْتَتِرُ
فلطالمَا فاضتْ يداكَ علَى
قَوْمٍ وَمَا نَظَمُوا ولا نَثَرُوا
مَا أَخَّرَتْنِي عَنْهُمْ قَدَمٌ
لوْ كانَ فيَّ وفيهمُ نظرُ
لكنهُ قدرٌ رضيتُ بهِ
قَسْراً وَكَيْفَ يُغَالَبُ القَدَرُ
بيني وبينَ الحظِّ داجية ٌ
عمياء لا نجمٌ ولا سحرُ
لا يهتدي فيهَا ولوْ طلعتْ
مِنْ أُفْقِهَا أَخْلاقُكَ الغُرَرُ
وَأَرَى وَحَاشَاكَ الكِرَامُ وَمَا
لي عندهمْ ظلٌّ ولا ثمرُ
لوْ أنني نبهتُ في وطرٍ
عمراً لماتَ منَ الكرَى عمرُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> نَصَحْتُكَ فَافْعَل كُلَّ خَيْرٍ لَحُسْنِهِ
نَصَحْتُكَ فَافْعَل كُلَّ خَيْرٍ لَحُسْنِهِ
رقم القصيدة : 24125
-----------------------------------
نَصَحْتُكَ فَافْعَل كُلَّ خَيْرٍ لَحُسْنِهِ
وإنْ لمْ يكنْ فيهِ ثناءٌ ولا أجرُ
تكنْ لبني حواءَ حرباً فإنَّما
وَفَاؤُهُمْ غَدْرٌ وَوَصْلُهُم هَجْرُ
فَقَدْ وُعِظُوا لَوْ يَنْفَعُ الوَعْظُ فِيْهمْ
وهيهاتَ ما صمَّ الجنادلُ والزجرُ
رضيتُ على علمي بجهلٍ حكيتهُ
وربَّ ظلامٍ لا يحبَّ لهُ فجرُ
وَإِنْ دَبَّرَ الأيَامَ مِنْ عَدِمَ النُّهى(27/206)
فَإنَّ عَلَى حكَّامِهِمْ يجبُ الحَجْرُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> السَّيْفَ منتقِمٌ وَالجَدّ مُعْتَذِرُ
السَّيْفَ منتقِمٌ وَالجَدّ مُعْتَذِرُ
رقم القصيدة : 24126
-----------------------------------
السَّيْفَ منتقِمٌ وَالجَدّ مُعْتَذِرُ
وَمَا عَلَيْكَ إِذَا لَمْ يُسْعِدِ القَدَرُ
وإنْ دجت ليلة ً في الدهرِ واحدة
فَطَالَمَا أَشْرَقَتْ ايَّامُهُ الأُخَرُ
وما شكونا ظلاماً منْ غياهبها
حتى تطلعَ في أثنائهِ القمرُ
ولا ينالُ كسوفُ الشمسِ طلعتَها
وَإنَّمَا هُو فِيْمَا يَزْعُمُ البَصَرُ
وَهَلْ عَلَى البَطَلِ الحَامِي حَقِيْقَتَهُ عَارٌ
إذا جبنَ الأعداءَ أو غدروا
أَمَّا الكِرَامُ فَقَدْ أَبْلَى وَفَاؤهُمُ
علَى البحيرة ِ ما لمْ يبلهِ الظفرُ
مَا ضَرَّهُم وَالعَوَالي في نُحُورِهِمُ
تعفُوا الكلومُ وتبقى هذهِ السيرُ
لاذُوا بِسَيْفِكَ حَتَّى خَالَ دُونَهُمُ
مُجَرَّبٌ فِي دِفَاعِ الخَطْبِ مُخْتَبَرُ
مِنْ السِّيُوفِ التِي لَوْلا مَضَارِبُهَا
ما كانَ للدينِ لا عينٌ ولا أثرُ
هِنْدِّيَة ٌ وبَنُو حَمْدَانَ رُفْقَتُهَا
لقدْ تخيرتِ الأحسابُ والزبرُ
وَمُكَبِرين صَغِيْراً مِنْ عُقُولِهِم
لَمْ يَرْكَبُوا الخَيْلَ إلا بَعْدَمَا كَبِروا
أخفُوا بكيدهمُ غدراً فما عبأتْ
سمرُ الرماحِ بمَا همتْ بهِ الإبرُ
لا تَعْجَلوا فَعَلَى أَطْرافِهَا خَلَفٌ
ترجى عواقبهُ فيكمْ وتنتظرُ
أثرتمُ أسداً تدمى أظافرهُ
طَيَّانَ لا عَصَرٌ مِنْهُ ولا وَزْرُ
حَذَارِ أَنْ تَسْتَزِنَّ الحُلمَ غَضْبَتُهُ
إِنْ كَانَ يَنْفَعُ عِنْدَ الخَائِنِ الحَذَرُ
جَرَّبْتُمُوهُ فَأفْنَتْكُمْ صَوَارِمُهُ
وَلَو عَقِلْتُم كَفَاكُم دُوْنَهُ الخَبَرُ
وَقَدْ عَلا فَوْقَ أَفْلاكِ النُّجُومِ بِهَا
فَكَيْفَ يَلْحَقُ مَنْ فِي بَاعِهِ قِصَرُ
حَدِّث بِبَأسِ بَنِي حَمْدَانَ فِي أُمَمٍ
تأتي فقدْ ظهرتْ في هذهِ النذرُ
واذكرْ لهمْ سيرأً في المجدِ معجزة(27/207)
لَوْلا الشَّريْعَة ِ قُلْنَا إِنَّهَا سُوَرُ
قومٌ إذا طلبَ الأعداءُ عيبهمُ
فَمَا يَقُولونَ إلاَّ أَنَّهُمْ بَشَرُ
السابقونَ إلى الدنيا بملكهمُ
مَا أَوْرَدَ النَّاسُ إلا بَعْدَمَا صَدَرُوا
كأنَّ أيديهمُ للرزقِ ضامنة ٌ
فاللندَى قائمٌ منهمْ ومنتظرُ
تَسْمُو البِّلادَ إِذَا عُدَّتْ وَقَائِعُهُم
فيها وتبتسمُ الدنيَا إذا ذُكروا
مَاتُوا وَأَحْيَا ابْنَ ذِي المَجْدَيْنِ ذِكْرَهُمُ
فَمَا يَظُّنُون إِلاَّ انَهُم نُشِرُوا
يثْنى عليهمْ بمَا تعطِي أناملهُ
والروضُ يحمدُ في إحسانهِ المطرُ
وَسَابِقٍ طَلِقِ الألحْاَظِ في أَمَدٍ
لا يَنْفَعُ العَيْنَ في إِدْرَاكِهِ النَّظَرُ
إِذاَ تَأَمَّلْتَهُ في نَيْلِ غَايَتِهِ
رأيتَ كيفَ تصادُ الأنجمُ الزهرُ
كَأَنَّمَا رَأَيَهُ فِي كُلِّ مُشْكِلَة ٍ
عينٌ على كلِّ ما يخفَى ويستترُ
يَا ناَصِرَ الدَّوْلَة ِ المَشْهُورِ مَوْقِفُهُ
في نصرهَا وضرامُ الحربِ تستعرُ
أنتمْ صوارمهَا والبيضُ نابية ٌ
وشهبهُا وظلامُ الخطبِ معتكرُ
وحاملوا الراية ِ البيضاءِ ما برحتْ
عَلَى رِمَاحِكُم تَعْلُو وَتَنْتَشِرُ
كنتمْ بصفينَ أنصارَ الوصيِّ وقدْ
دعَا سواكمْ فما لبوا ولا نصرُوا
فَهِيَ الخِلافَة َ مَا زَالَتْ مَنَابِرُهَا
إِلى سُيُوفِكُمُ في الرَّوعِ تُفْتَقَرُ
هَلِ تَشْكُرُ العَرَبُ النُّعْمَى التي طَرَقَتْ
أمْ ليسَ ينفعُ فيها كلَّما شكرُوا
قومٌ أعدتَ إلى الدنيَا نفوسهمُ
فَكُلُّ عَارِفَة ٍ مِنْ بَعْدِهَا هَدَرُ
تِلْكَ الصَّنِيْعَة ُ إِنْ خَصَّتْ بَنِي أَدَدٍ
فليسَ تنكر مَا في طيِّها مضرُ
أمَّا ابنُ نصرٍ فقدْ أخفتْ ضمائرهُ
مَوَّدَة ً لَكَ مَا فِي صفوِها كَدَرُ
فرعُ أبانَ جناهُ طيبَ عنصرهِ
ما يحمدُ العودُ حتَّى يعرفُ الثمرُ
سالمت منهُ علَى الأعداءِ مرهفة ً
لمثلهم كنت تقناها وتدخرُ
يَقْظَانُ مَا عَلِقَتْ بِالنَّوْمِ مُقْلَتهُ
فلا يُنَبَّه في حَرْبِ العِدَى عُمَرُ(27/208)
يَا وَاهِبَاً وَعَوَادِي المُزْنِ بَاخِلَة ٌ
وصاعداً وعوالي الشهبِ تنحدرُ
أَمَّا القَوَافي فَقَدْ جَاءَتَك سَابِقَة ً
كَمَا تَضَوَّعَ قَبْلَ الدِّيْمَة الزَّهْرُ
منظومة ً فإذا فاهَ الدواة ُ بهِا
ظننتَ أنَّ نجومَ الليلِ تنتثرُ
منْ معجزاتي التي لولا بدائعهَا
فِي الشِّعْرِ شِبَّهَ قَوْم بعض وَمَا سحرُوا
تُثني عليكُمْ وتُبْدي عيبَ غيرِكُمُ
فقدْ هجوتُ بها قوماً وما شعرُوا
أتاكَ رائدَ قوم ليسَ عندهمُ
علَى الحقيقة ِ لا ماءٌ ولا شجرُ
تلوحُ ذكركَ في داجي همومهمُ
كَمَا يَلُوحُ لِعَيْنِ السَّاهِرِ السِّحَرُ
فَاسْتَجلْهَا دُرَّة َ الغَوَّاصِ أَخْرَجَهَا
منْ بعدِ ما غمرتهُ دونهَا الفكرُ
ما تشتكي غربة ُ المثوى ورفقتهَا
أَفْعَالُكَ الشُّهُبُ أَو أَخْلاقُكَ الغُرَرُ
وَاسْمَعْ أَبُثُّكَ أَخْبَارِي فَإنَّ لَهَا
شَرْحَا وَإنْ كُنْتُ أَرْوِيهِ وَأَخْتَصِرُ
جَادَتْ لِقَومِي سَحَابٌ مِنْكَ هَاطِلَة ٌ
ما غيبت منة ٌ منها وقدْ حضرُوا
شكرتُ عنهمْ وإنْ أحسنت عندهمُ
فَإنني نَاظِمٌ بَعْضَ الذي نثَرُوا
وغادرتني صروفُ الدهرِ بعدهمُ
كالصلِّ أطرقَ لا نابٌ ولا ظفرُ
في بلدة ٍ تحتوي الأحرارَ ساحتُها
فَمَا لَهُمْ وَطَنٌ فِيْهَا وَلا وَطَرُ
أشتاقكمْ ويحولُ العجزُ دونكمُ
فَأدَّعي بُعْدَكُمْ عَنِي وَأَعْتَذِرُ
وأشتكي خطراً بيني وبينكمُ
وآية ُ الشوقِ أنْ يستصغرَ الخطرُ
فهلْ لرأيكَ أنْ ينتاشَ مطرحاً
لهُ منَ الفضلِ ذنبٌ ليسَ يغتفرُ
فعندكَ الجودُ لا منٌّ ولا كدرُ
وَعِنْدَهُ الحَمْدُ لا عَيٌّ وَلا حَصَرُ
وإِنْ ضَرَبْتَ بِهِ في وَجْهَ نَائِبِة ٍ
فَفِي يَمِيْنِكَ مِنْهُ صَارِمٌ ذَكَرُ
محاسنٌ هيَ عندَ السامعينَ بهَا
دعوَى ومثلكَ يتلُوها ويعتبرُ
فما أخافُ مطالَ الحظِّ تحرمُني
نداكَ إنْ طالَ في أيامكَ العمرُ
ولا يفوتُ غنى أنت الكفيلُ بهِ
وإنَّما غفلاتُ الدهرِ تبتدرُ(27/209)
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وظبيٌّ منَ الأتراكِ رنحهُ الصبَا
وظبيٌّ منَ الأتراكِ رنحهُ الصبَا
رقم القصيدة : 24127
-----------------------------------
وظبيٌّ منَ الأتراكِ رنحهُ الصبَا
فَمَالَ وَمِنْ أَعْطَافِهِ تُقْبَسُ الخَمْرُ
إذَا أخذَ المرآة َ ينظرُ وجههُ
ظَنَنْتَهُمَا شَمْسَينِ بَيْنَهُمَا بَدْرُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> منْ كانَ يحمدُ ليلاً في تقاصرهِ
منْ كانَ يحمدُ ليلاً في تقاصرهِ
رقم القصيدة : 24128
-----------------------------------
منْ كانَ يحمدُ ليلاً في تقاصرهِ
فإنَّ ليليَ لا يرجى لهُ سحرُ
لا تسألوني إلاَّ عنْ أوائلهِ
فآخرِ الليلِ ما عندي لهُ خبرُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لا تغبطِ القبرَ على جدة ٍ
لا تغبطِ القبرَ على جدة ٍ
رقم القصيدة : 24129
-----------------------------------
لا تغبطِ القبرَ على جدة ٍ
وجسمُ منْ حلَّ بهِ دائرُ
يَسْتَأنِسُ الطَّرْفُ إلى قُرْبه
كأنمَا باطنهُ ظاهرُ
العصر العباسي >> البحتري >> أخ لي من سراة الفرس قضت
أخ لي من سراة الفرس قضت
رقم القصيدة : 2413
-----------------------------------
أخٌ لي منْ سَرَاةِ الفُرْسِ قضّتْ
يَداهُ عَظْمَ مأرَبَتي وَحاجي
كَفاني بحْرُهُ العذْبُ، المُصَفّى،
وُرُودَ شرَائِعِ الطَّرقِ الأُجَاجِ
وَمَا الصَّدْقِيُّ. فِيما يبْتغِيهِ،
بِصَعْبِ المُرْتَقَى، مَرِسِ العِلاجِ
حَلَبْتُ لَهُ الثّنَاءَ، فجاءَ عَفْواً،
جَليَّ الرِّسْلِ، معْسولَ المِزَاجِ
قَوَافي كالسِّلامِ، تفوقُ حُسْناً
نُجُومَ اللّيْلِ، توقِدُها الدّياجي
وَأعْظَمُ خِطّةٍ ومُبِينِ غبنٍ،
سُمُوطُ الدُّرّ تُهْدَى بالزّجاجِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَا عَلَى العُدَّالِ لَوْ نَظَرُوا
مَا عَلَى العُدَّالِ لَوْ نَظَرُوا
رقم القصيدة : 24130
-----------------------------------
مَا عَلَى العُدَّالِ لَوْ نَظَرُوا(27/210)
ثمَّ لامُوا فيكَ واعتذرُوا
قَمَرٌ ضَلَّ الأنَامُ بِهِ
مَا بِهَذَا يُعْرَفُ القَمَرُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> عَسَى لَيْلَة ُ الدَّهْنَاءِ تَسْرِي بُدُورُهَا
عَسَى لَيْلَة ُ الدَّهْنَاءِ تَسْرِي بُدُورُهَا
رقم القصيدة : 24131
-----------------------------------
عَسَى لَيْلَة ُ الدَّهْنَاءِ تَسْرِي بُدُورُهَا
فَقَدْ غَابَ وَاشِيْهَا وَنَامَ سَمِيْرُها
طَلَبْنَا الكَرَى مِنْهَا فَدَلَّتْ عَلَيكُمُ
فَهَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ فَضْلَة ٍ نَسْتَعِيرُهَا
وَبَدَّدَ حَرُّ الشَّوْقِ شَمْلَ نَسِيْمِهَا
عُذِيرِيَ مِنْ وَجْدِي بِكُمْ وَعَذيرُهَا
وجذوة ِ نارٍ دونَذ كرِ مكانهِا
سَرِيْرَة ُ حُبٍّ لا يُخَافُ ظُهُورُهَا
تَنَاهَيْتُ في كِتْمَانِهِ فَنَسِيتُهُ
فللهِ نفسٌ غابَ عنهَا ضميرُها
رَفَعْتُمْ سَنَاهَا لِلقِرَى وَبَخِلْتُمُ
فمَا شبَّ إلاَّ في القلوبِ سعيرهَا
أَقُولُ لِمَغْرُورٍ سَرَى في طِلابِهَا
وما قتلَ البيداءَ إلاَّ خبيرُهَا
حذارِ عيوناً عندهَا بدوية ً
يُطِيْلُ فُتُوراً فِي العِظَامِ فُتُورُها
وغيرانَ لو هبتْ لهُ الريحُ ظنَّها
رِسَالَة َ مَشْغُوفٍ بِهَا يَسْتَزِيْرُهَا
وَلَمَّا وَقَفْنَا فِي الدِّيَارِ وَعِنْدَنَا
مدامعُ نسديهَا لكمْ وتثيرُهَا
شَكَوْنَا إلَيْهَا مَا لَقِيْنَا مِنْ الضَّنَا
فَعَرَفَنَا كَيْفَ السَقَام دُثُورُهَا
وَقَدْ دَرَسَتْ إلاَّ إِمَارَة ُ ذَاكِرٍ
تلوحُ لهُ بعدَ التمادي سطورهَا
ونؤيٌ كسرِّ الكفِّ عاف تعاقبتْ
عَلَى طَيِّهِ رِيْحُ الصَبَا وَدُبُورُهَا
وَأَوْرَقَ فِي سُحْم عَوَارٍ كَأَنَّهَا
بِهِ لَمَمٌ قَدْ لاحَ فِيْهَا قَتِيْرُهَا
خليلليَّ قدْ عمَّ الأسى وتقاسمتْ
فُنُونَ البِلَى عُشَّاقُ لَيلى َ وَدُورُهَا
فلا دارَ إلاَّ دمنة ٌ ورسومهَا
ولا نفسَ إلاَّ لوعة ٌ وزفيرهَا
لعمرُ الليالي ما حمدتُ قديمهَا
فيوحشُني ذهابُها ومرورهَا
وقالوا عطاء الدهرِ يبلَى جديدهُ(27/211)
وَمَنْ لِي بِدُنْيَا لا يَدُومُ سُرُورُهَا
وعاذلة ٍ غابتْ عليَّ قناعتي
كَأَنِّي إِذَا رُمْتُ الغِّنَى أَسْتَثيُرهَا
ولوْ أنَّني خبرتُها كيفَ عزمتي
عَلَى بُعْدِهَا حَنَّتْ مِنَ الشَّوقِ عِيْرُهَا
رويدكَ حتَّى يسحبَ الروضُ ذيلهُ
وتنشرُ أعلامُ الفيافي وقورهَا
فلي همة ٌ لوْ ابعدَ اللهُ دارهَا
عَنْ الشَّامِ لَمْ يُعْرَفْ لِمِثْلِي نَظِيْرُها
فإنْ أعرضتْ منْ دونِنا هضباتهُ
وودعنَا لبنانُها وسنيرهَا
ولاحتْ ذرى اطوادِ مصرَ وفرجتْ
سجوفَ الدجَا أهرامُهَا وقصورُهَا
فَقُولي لِوَادِي المحْلِ أَيْنَ نَزِيْلُهُ
وَلِلسَّنَة ِ الشَّهْبَاءَ كَيْفَ فَقِيْرُهَا
وَقُومِي اسْألي عَنْ مِنَّة ٍ تَغْلِبيَّة ٍ
سَرَى بِشْرُهَا قَبْلَ النَّدَى وَبَشِيرُها
إِذَا بَلَغَتْ مِنْ نَاصِرِ الدَّوْلَة ِ المُنَى
فمَا عذرهَا ألاَّ توفَّى نذورهَا
وأبلجَ منْ آلِ المثنَّى تألفتْ
لِنَاسِبِهِ شُهْبُ العُلى وَبُدُورُهَا
تناخُ عتاقُ العيسِ حولَ قبابهِ
وقدْ أمنتْ شدَّ الرحالِ ظهورهَا
مِنْ القَوْمِ سَنُّو للملوكِ شَريعَة ً
مِنَ المَجْدِ كَانَتْ أغْفَلَتْهَا دُهُورُهَا
فإنْ يمنح الألقابَ قومٌ سواهمُ
فأَوَّلُهَا مِنْ عِنْدِهِم وَأخِيْرُهَا
لهمْ سيفهَا وسعدُهَا وسعيدهَا
وَنَاصِرُهَا وَفخَرُهَا وَمُنِيْرُهَا
كأنكمُ والأرضُ أبناءُ ليلة ٍ
فمَا عرفتْ إلاَّ ومنكمْ أميرهَا
إذَا أظلمتْ فيهَا الليالي جلوتُمُ
عَلَيْهَا وَجُوهاً يُخْجِلُ الشَّمْسَ نُورُهَا
وَمَا عَدِمَتْ مِنْكُمْ يَدًا رَبْعِيَّة ً
إِذَا أَمحَلَتْ عَاذَتْ بِهَا تَسْتَجِيْرُهَا
ولا زالتِ الأمصارُ تزهَى بذكركمْ
مَنَابِرُهَا حَتَّى يَطُولَ قَصِيْرُهَا
سبقتمْ إلى الأيامِ قبلَ صروفهَا
فمَا ثبتتْ إلاَّ عليكمْ أمورهَا
وَصَاحَبْتُمُوهَا وَهِي بَعْدُ غَرِيرَة ً
فصحتْ لكمْ ثمَّ استمرَّ مريرهَا
وأغذيتمُ الدنيَا بفيضِ نوالكمْ
فَمِنْ عِنْدِكُمْ أَمْطَارُهَا وَبُحُورُهَا(27/212)
ولمَّا شكتْ فقدَ الكرامِ إليكمُ
وكانَ عليكمْ بعثهَا ونشورهَا
أَعَدْتُمْ عَلَى طَيِّ حُمَيْداً وَحَازِمًا
فَأمْرَعَ وَادِيْهَا وَفَاضَ غَدِيْرُهَا
وَقَدْ طَمِعَتْ فِي حَاتِم فَلَعَلَّهُ
بِسَعْدِكُمُ يَشْتَاقُهَا فَيْزُورُها
صَنَائِعُ إِنْ فَادَتْ إِلَيْكُمْ صِعَابَهَا
فإنَّ طليقَ العارفاتِ أسيرهَا
لكمْ ذخرتهَا العلاقاتُ وأجمعتْ
علَى مطلهَا أعوامهَا وشهورهَا
ومَا ذهبتْ عن قادرٍ قطُّ نعمة ٌ
يمنُّ بها إلاَّ إليكمْ مصيرها
شَهِدْتَ لَقَدْ جَادَتْ عَلَى الارْضِ مُزْنَة ٌ
أكفكَ أحيَا كلَّ أرضٍ مطيرهَا
وأنكَ لوْ ناديتَ ساكنة َ الثرَى
أجابَ صداهَا أوْ أصاختْ قبورهَا
وَإِنَّ امرَأ يَسْعَى إِلَيْكَ بِكَيْدِهِ
كَبَاحِثَة ٍ عَنْ مُدْيَة ٍ تَسْتَثِيْرُهَا
يمدُّ إلى نيلِ السماءِ بنانهُ
وتلكَ أحاديثُ المنَى وغرورهَا
فَلَوْ أَضْمَرَتْ فِيْكَ الكَوَاكِبُ غَدْرَة َ
تَحَيَّرَ هَادِيْهَا وَضَلَّ بَصِيْرُهَا
ولوْ خالفتْ أفلاكهَا ما تريدهُ
لأنزلهَا قسراً إليكَ مديرهَا
وَلَو عَدِمَتْ مِنْكَ الخِلافَة ُ نَظْرَة ً
وَهِيَ تَاجُهَا العَالِي وَمَادَ سَدِيْرُهَا
ولوْ كتمتْ عنكَ القلوبُ سريرة ً
تربيكَ ما ضمتْ عليهَا صدورهَا
وَقَدْ ظَهَرَتْ آيَاتُ سَيْفِكَ لِلْعِدَى
وَقَامَ بِأَمْرِ الله فِيْهِم نَذِيْرُهَا
فَإِنْ أَبَتِ الحُسَادُ إلاَّ عِنَادَهَا
فقدْ عرفتْ سمرَ العوالي نحورهَا
وكمْ طالبٍ أمراً وفيهِ حمامهُ
وَسَارِيَة ٍ تَسْعَى إِلى مَا يُضِيْرُهَا
لَكَ الخَيْرُ مَا جُهْدُ القَوَافِي بِبَالِغٍ
مَدَاكَ وَإِنْ بَذَّ الرِّيَاحَ حَسِيْرُهَا
وَلوْ نُظِمتْ فيكَ النُجُومُ مدائِحاً
لقصرَ عنْ حدِّ الثناءِ مسيرهَا
وَلِي فِيْكَ آمَالٌ طِوَالٌ وَمَا سَمَتْ
إلى غَايَة ٍ إِلاَّ وَأَنْتَ جَدِيْرُهَا
ومَا فاتنِي خيرٌ نداكَ كفيلهُ
وَلا غِبْتُ عَنْ نُعْمَى وَقَوْمِي حُضُورُهَا(27/213)
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> طَلَبُ الأَمْنِ في الزَّمَانِ عَسِيْرُ
طَلَبُ الأَمْنِ في الزَّمَانِ عَسِيْرُ
رقم القصيدة : 24132
-----------------------------------
طَلَبُ الأَمْنِ في الزَّمَانِ عَسِيْرُ
وَحَدِيْثُ المُنَى خِدَاعٌ وَزُورُ
تَبْدَهُ الحَازِمَ الخُطُوبُ فَإنْ
قَدَّرَ أَبْدَتْ مَا أَغْفَلَ التَّقْدِيرُ
وَإِذَا قتَّرَ البَخِيْلُ فَلِلأَ
يَامِ في طَيِّ عُمْرِهِ تَبْذِيْرُ
لا تظنَّ الفقيدَ أفردهُ البينُ
ـنُ فَقَدْ أَعْجَلَ المُقِيْمَ المُسِيْرُ
سَلْ بِغَمْدَانَ أَيْنَ قَاطِنُهُ سَيْـ
ـفٌ وَقُلْ لِلْنُعْمَانِ كَيْفَ السَّدِيرُ
عدلَ الدهرُ فيهمُ قسمة َ الجورِ
ر فَلا عَامِرٌ وَلا مَعْمُورُ
يا سوادَ الهموموِ صرتَ على الأيامِ
لمَّا ضاقتْ عليكَ الصدورُ
إنَّ في جانبِ المقطمِ مهجوراً
راً وَمِنْ أَجْلِهِ تُزَارُ القُبُورُ
ومقيماً على المعرة ِ تطويهِ
اللَّيَالِي وَذِكْرُهُ مَنْشُورُ
وَضَرِيْحَيْنِ بِالعَواصِمِ مَبْذُولِيْنَ
وَالصَّبْرُ عَنْهُمَا مَحْظُورُ
وَغَرِيْباَ بِالدَّيْرِ بَانَ لَهُ العَيْشُ
وَغَاضَ النَّدَى وَمَاتَ السُّرُورُ
صارمٌ فلتِ النوائبُ حديهِ
وغصنٌ تحتَ الثرى مهصورُ
عُصْبَة ٌ كنُتُ أَدَّعِي فِيْهِم
وصبري لؤمٌ عليهمْ كثيرُ
وحياتي غدرٌ فهل لوقائي
أجلٌ عاجلٌ وعمرٌ قصيرُ
أيها الظاعنونَ لا زالَ للغيثِ
رواحٌ عليكمُ وبكورُ
لَسْتُ أَرْضَى بِالدَّمْعِ فِيْكُمْ فَهَلْ
يَمْلِكُ رَيَّ البُحُورِ إِلاَّ البُحُورُ
قَدْ رَأَيْناَ دِيَارَكُمْ وَعَرَفْنَا
أثراً منْ عفاتكمْ مهجورُ
وسألنَا أطلالهَا فأجابتْ
وَمِنَ الصَّمْتِ وَاعِظٌ وَنَذِيْرُ
أَيُّهَا الظَّاعِنُونَ لا زَالَ
فَارَقَتْهَا عِنْدَ الكَمَالِ البُدُورُ
تفهمُ الغافلينَ كيفَ يحولُ
الدَّهْرُ عَنْ عَهْدِهِ وَكَيْفَ يَجُورُ
يَا نُجُومَ العُلَى غُرْبتُمْ وَمَا
أسى ً ما القلوبُ إلاَّ صخورُ(27/214)
يَا ديارَ الأحبابِ غيركِ الدهرُ
فكانتْ بعدَ الأمورِ أمورُ
أينَ أيامنَا بظلكِ والشملُ
جميعٌ والعيشُ غضٌّ نضيرُ
نَشْوَة ٌ أَعْقَبَتْ خُمَاراً مِنَ الهَّمِ
وَلَكِنْ قَدْ يفرقُ المَخْمُورُ
وَزَمَانٌ مَضَى فَمَا عُرِفَ
إلاَّ بمَا جناهُ الأخيرُ
يا نجومَ العلَى غرتُم ومَا
فِي اللَّيْلِ مِنْ بَعْدِكُمْ نُجُومٌ تَفُورُ
طَالَ عَمَّا عَهِدْتُمُوهُ وَلَمْ
يَجْرِ عَلَى رَسْمِهِ الصَّبَاحُ المُنِيْرُ
وعفَا الجودُ فالكريمُ بخيلٌ
في الملماتِ والغنيُّ فقيرُ
وَتَسَاوَى الوَرَى فَلَمْ يَبْقَ مَشْكُورٌ
رٌ علَى منة ٍ ولا معذورُ
لا يُجَاوِرُكُمُ الصَّعِيْدُ بِسُوءٍ
للنازلينَ بئسَ المجيرُ
وَسَقَاكُمْ مِنَ السَّحَابِ صَنَاعُ
الكفِّ يسدِي في روضكمْ وينيرُ
كُلَّ غَنَّاء يُقْطِعُ الغَيْثُ عَنْهَا
وَلَهَا أَعْيُنٌ مِنَ النُّورِحُورُ
عارض مغضبٌ علَى المحلِ
لا يَخْطُرُ إلاَّ وَسَيْفُهُ مَشْهُورُ
أشرقتْ فيهِ للشقيقِ خدودٌ
وَأَضَاءتْ مِنَ الأَقَاحِي ثُغُورُ
يثقلُ الماء خطوهُ فترجيهِ
النعامَى كما يرجّي الحسيرُ
عمَّ معروفهُ ففِي كلِّ وادٍ
مِنْ أَيَادِيهِ رَوْضَة ٌ وَغَدِيْرُ
وعلَى العزمِ أنْ يجودَ عليكُمْ
واهبٌ بالنوالِ منكمْ جديرُ
ما أرى الشعرَ كافياً في مراثيكمْ
وَلَكِنْ قَدْ يَنْفُثُ المَصْدُورُ
وَإِذَا مَا أَطَلْتُ فِيْهِ وَلَمْ يُشْفِ
غَلِيْلاً فَكُلُهُ تَقْصِيْرُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> خليليَّ منْ عوف ابنِ عذرة َ إنني
خليليَّ منْ عوف ابنِ عذرة َ إنني
رقم القصيدة : 24133
-----------------------------------
خليليَّ منْ عوف ابنِ عذرة َ إنني
بكلِّ غرام فيكمَا لجديرُ
كفى حزناً أني أبيتُ وبينَنا
وَسِيْعُ الملا وَالسَّامِرُون كثيرُ
وأصبحُ مغلوباً علَى حكم رأيهِ
وقدْ عشتُ دهراً ما عليَّ أميرُ
أسيمُ ركابي في بلادٍ غريبة ٍ
منَ العيسِ لمْ يسرحْ بهنَّ بعيرُ
فَقَدْ جَهَلَتْ حَتَّى أَرَادَ خَبِيُرهَا(27/215)
بِوَادِي القُطَيْنِ أَنْ يَلُوحَ سَنِيْرُ
وكمْ طلبتْ ماء الأحصِّ بآمدٍ
وَذَلِكَ ظُلْمٌ لِلرَّجَاءِ كَبِيْرُ
عدوها قويقاً واطلبُوا لحنينها
بجانبِ حسمَى أنْ تهبَّ دبورُ
فواللهِ ما ريحُ الصبا بحبيبة ٍ
إليهَا ولا ماء الأحصِّ ثميرُ
سَقَى الهَضْبَة َ الأدمَاءَ مِنْ رُكْنِ جَوْشَنٍ
سحائبُ تسدي روضة ً وتنيرُ
وَحَلَّ عُقُودَ المُزْنِ فِي حُجُرَاتِهِ
نَسِيمٌ بِأَدْوَاء القُلُوبِ خَبِيْرُ
فَمَا ذَكَرَتْهُ النَّفْسُ إلا تَبَادَرَتْ
مدامعُ لا يخفى بهنَّ ضميرُ
نظرتُ وأعلامُ الجزيرة ِ بيننا
وأطوادُ حسمَى إنني لصبورُ
بمطروفة ِ الأجفانِ عائرة ِ القذَى
تَقُودُ زِمامَ النَّجْم وَهوَ حَسِيرُ
ذرعتُ بهَا الظلماءِ وهيَ فسيحة ٌ
وباشرتُ فيها النومَ وهوَ عسيرُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَتُرى طَيْفُكُم لَمَّا سَرَى
أَتُرى طَيْفُكُم لَمَّا سَرَى
رقم القصيدة : 24134
-----------------------------------
أَتُرى طَيْفُكُم لَمَّا سَرَى
أَخَذَ النَّومَ وَأَعْطَى السَّهَرَا
أَمْ ذَهَلْنَا وَتَمَادَى لَيْلُنَا
فَتَوَهَّمْنَا العِشَاء السَّحَرَا
ما نلومُ الليلَ بلْ نعذرهُ
إنمَأ طولهُ منْ قصرَا
إنْ لبسناهُ ظلاماً داجياً
فِيْمَا كَانَ صباحاً مُسْفِرَا
يَا عَيُوناً بِالغَضَى رَاقِدَة ً
حَرَّمَ الله عَلَيْكُنَّ الكَرى
لوْ عدلتنَّ تساهمنَا جوى ً
مثلمَا كنَّا اشتركنَا نظرَا
سَلْ فُروعَ البَانِ عَنْ قَلْبي فَقَدْ
وهِمَ البَارِقُ فِيْمَا ذَكَرَا
قَالَ فِي الرَّبْعِ وَمَا أَحْسَبَهُ
فارقَ الأظعانَ حتَّى انفطرَا
مَا عَلَى الغَيْرانِ مِنْ سُقْيَا الحِمَى
أَحَرَامٌ عِنْدَهُ أَنْ يُمْطَرَا
وإذَا أغضبهُ ريكمُ
فَسَقَى الله الفَضَا وَالسُّمُرَا
حَبَّذَا فِيكَ حَدِيث طَاهِرٌ
فطنَ الدمعُ بهِ فانتشرَا
خبرَ الواشي وفينَا ريبة ٌ
تُوجِبُ التُّهْمَة ُ فِيْمَا خَبَّرَا
نظرٌ موهَ دمعاً لمْ يزلْ
يفصحُ الوجدُ بهِ حتَّى جرَى(27/216)
يا بني العوام هلْ ذلكمُ
يمنعُ الموتورَ أنْ ينتصرَا
دونَ نيلِ الضيمِ نفسٌ حرة
وَالمَطَايَا وَالفَيَافِي وَالسُّرَى
لستُ منْ يقبعُ في حبوتهِ
يتمنَّى في الأعادي الظفرَا
أَمِنَ العَجْزِ مِهَاداً أَرَى
طلبَ العزِّ يثيرُ الخطرَا
وهوَ مغلوبٌ على صارمهِ
يتبعُ الدهرَ إذَا مَا أمرَا
أَيُّهَا الرَّاقِدُ عَنْ نُهزَتِهِ
مَا يَرُوعُ السَّيْفُ حَتَى يُشْهَرَا
إِنَّمَا قَومُكَ إِنْ رُمْتَهُمُ
فَقْعَة ٌ تَسْكُنْ وَعْثاً قَرْقَرَا
شُنَّهَا فَهْيَ عَلَى عِلاَّتِهَا
تُلْبِسُ الجَوَّ عُجَاجاً أَكْدَرَا
عَلَّهَا تُسْفِرُ عَنْ حَادِثَة ٍ
يسبقُ الأبيضُ فيهَا الأسمرَا
فَالهُوَيْنَا مَرْكَبٌ مَا خِلْتُهُ
يُشْرِكُ البَادُونَ فِيْهِ الحَضَرَا
ثُلَّة ٌ هَوَّمَ رَاعِيهَا فَمَا
يَعْتَفي سِرْحَانُهَا أَنْ يَعْقَرَا
قَدْ رَجَوْنَاكَ فَشَمِّرْ جَاهِداً
إنمَا يدركهَا منْ شمرَا
وابي المجدُ لقدْ فازَ بهِ
سَالِكٌ فِيْهِ السَّبِيْلُ الأَوْعَرَا
مِنْ بَنِي الأَحْرَارِ لَوْلا كَفُّه
سبقتْ في الجودِ قيسٌ حميرَا
معسرٌ مالاً ومثرٍ كرماً
إنمَا اتربَ لمَّا أقترَا
مُنْتَدَى قَدْ غُرِسَ الظَّنُّ بِهِ
ثمَّ ما أورقَ حتَّى أثمرَا
مِنْ كِرَام رَتَقَتْ بَيْضُهُمُ
فرجَ المجدِ وكانتْ ثُغرَا
ألفوا ظلَّ العوالي فبنُوا
برماحِ المجدِ أبياتَ القِرَى
نَجْدَة سَرْبَلَتِ الأَرْضَ وَماً
وحثتْ فوقَ السماءِ العفرَا
ونأى الغيثُ فجادُوا ديماً
ودجا الخطبُ فلاحُوا غررَا
ونوالٌ منْ أكفِّ أوجبتْ
طَاعَة َ الجُودِ فَصَارَتْ أَبْحُرَا
سَلْ بِهِ يُوشِكُ إِذْ أَرْسَلَهَا
كقنا الخطِّ خفافاً ضمرَا
قادهَا هميَا فلمَّا وردتْ
حظرَ الطعنُ عليهَا الصدرَا
وقعة ٌ إنْ نطقَ الفخرُ بهَا
فضلتْ قحطانُ فيهَا مضرَا
وَعَلَى المَرْجِ أَعَادَتْ بِيْضُهُم
كُلَّ جَوْن في مَعَدٍّ أَشْقَرَا
أَشْرَعُوا فِيْهَا أَكُفَاً سَبْطَة ٌ
علمتْ وخزَ العوالي زفرَا(27/217)
وَجِيَاداً ظَنَّهَا وَاثِبَة ً
مُطْرِقُ القَيْنِ أَثَارَ الشَّرَرَا
رَهْطُ سَوَّارِ بنِ زَيْدِ أَلِفُوا
كرماً دثراً وماء ثرثرَا
واستطالتْ بعليٍّ لهمُ
دَوْحَة ً لَمْ تَكُ تَشْكُ القِصَرَا
فشآهمْ وهوَ منْ يخبرهمْ
يجمعُ الأفقَ السهَا والقمرَا
يَا أبَا نصرٍ دعاء أمنَ الـ
مَنْ كَانَ بِهِ مُنْتَصِرَا
أنَا عندَ الذبِّ عنْ أحسابكمْ
لَجِبٌ عَبٌّ وَقَرْمٌ هَدَرَا
لِي فِيْكُمُ عَنْ وِدَادٍ أَمِنَتْ
صفوة ُ الإخلاصِ فيهِ الكدرَا
كُلُّ غرَّاء شَرُودٍ حَسَدَتْ
أولُ الدهرِ عليهَا الأخرَا
يجدُ الركبُ إذَا أنشدتُها
عبقة َ الريحِ تنوشُ الزهرَا
يحبسُ العجلانُ عنْ حاجتهِ
ويصمُّ السمعُ فيهِ البصرَا
فابسطِ العذرَ فمَا زلنَا إلى
بَحْرِكَ الزَّاخِرِ نُهْدِي الدُّرَرَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أرأيتَ طيفَ خيالِها لمَا سرَى
أرأيتَ طيفَ خيالِها لمَا سرَى
رقم القصيدة : 24135
-----------------------------------
أرأيتَ طيفَ خيالِها لمَا سرَى
تَرَكَ الدُّجَا إلاَّ صَبَاحاً مُسْفِرَا
وافَى وقدْ علقَ الرقادُ بهائمٍ
حكمتْ عليهِ همومهُ أنْ يسهرَا
لا تحسدوهُ علَى زيارتهِ فمَا
مَنَحَ الوِصَالَ وَإِنَّمَا مَنَعَ الكَرَى
حظ عرفتَ بهِ فلستُ أذمهُ
وَلَقَدْ يَطُولُ الشَّيء حَتَى يَقْصُرَا
وسجية ٍ في الغدرِ كنتُ أعيبهَا
حتَّى عرفتُ بهَا الصديقَ الأكبرَا
يا صاحبيَّ ومَا وثقتُ بصاحبٍ
إلاَّ تغيرَ وده وتنكرَا
أَرَأَيْتُمَا مِثْلِي يُرَامُ قِيَادُهُ
منْ بعدِ ما نشطَ العقالُ وجرجرَا
ويسامُ أنْ يرضَى الخمولَ وقدْ أبى
إِيْمَاضَ وَجْهِ الصُّبْحِ أَنْ يَتَسَتْرَا
مَا تَنْقِمُ الأَعْدَاء إلاَّ أَنَّني
أندَى يداً منهمْ وأطيبُ عنصرَا
وَمِنَ البَلِيَّة ِ في الزَّمَانِ مُعَانِدٌ
يخزيكَ أنْ يعزَى إليكَ ويذكرَا
ما أهونَ الدنيَا إذا نظرَ امرء
فيها وآنَ لحازمٍ أنْ ينظرَا
وأقلُّ ما يجدُ الحريصُ مرادهُ(27/218)
وَإِذَا أَراحَ فَمَا يَفُوتُ مُقَدَّرَا
منْ مبلغ اللؤماءَ إنَّ ركائبي
وَجَدَتْ مَرَاحاً للإبَاءِ وَمَصْدَرَا
تَرَكَتْ مُقَارَبَة َ الدَنِى ِّ وَفَارَقَتْ
مَاءً بِلَوْمِ الوَارِدِيْنَ مُكَدَّرَا
ورأتْ عمادَ الملكِ أكرمَ شيمة ٍ
مِنْ أَنْ يُكَّلِفَهَا المَنَاخَ الأَوْعَرَا
مَلِكَ يِذُّمُ مِن الزَّمَانِ فَخَارَة ُ
جذلانَ يهزأُ بالقضاءِ إذا جرَى
ومتوج يلقَى العفاة َ بوجههِ
بشراً كما لمعَ السحابُ وأمطرَا
كَالصَّارِمَ الهِنْدِيِّ إِلاَّ أَنَّهُ
أَمْضَى شَباً مِنْهُ وَأَكْرَمُ جوهرا
والليثِ لولا أنهُ يندَى يداً
وَيَلينُ أَخْلاقاً وَيَحْسُنُ مَنْظَرَا
ملأتْ وقائعهُ الطروسُ فلمْ تدعْ
في الأَرْضِ إلاَّ سَائِلاً أَوْ مُخْبِرَا
وَدَعَتْ مَواهِبُهُ العُفَاة َ فَلَمْ تَذَرْ
في النَّاسِ إلاَّ طَالِباً أَوْ مُوْسِرَا
دَامي الأَسِنَّة ِ وَالظُبَى فَكَأَنَّمَا
طبعُوا لهُ وردَ الخدودِ الأحمرَا
سَمُّوهُ ذَا الحَسَبَيْنِ لَمَّا قَابَلُوا
في المَجْدِ مِرْدَاساً عَلَيْهِ وَجَعْبَرَا
ولوِ اهتدوْا لرأوهمَا نالا بهِ
شرفاً علَى الشرفِ التليدِ ومفخرَا
قدْ قلتُ للأعداءِ غيرَ مجاملٍ
لهمُ وأعذرَ فيهمْ منْ أنذرَا
أما الثغورُ فإنَّ دونَ مرامهَا
لَيْثاً أَشَمَّ السَّاعِدَيْنِ غَضَنْفَرَا
ألقَى ذراعيهِ وأطرقَ ملبداً
منْ بعدِ ما هجرَ العرينَ وأصحرَا
لا تحملوهُ علَى العقوقِ فتوقظُوا
طَبَّاً بِأدْوَاءَ العُقُوقِ مُكَدَّرَا
جَرَّبْتُمُوهُ مُحَارِبَاً وَمُسَالِمَا
وعرفتموهُ مصمماً ومعذرَا
وَبَلَوْتُمُوهُ فَمَا وَجَدْتُمْ عِنْدَهُ
إلاَّ الصوارمَ والوشيجَ الأسمرَا
وَبَدَتْ لَكُمْ في النَّقْعِ بِيضُ سُيُوفِهِ
فرأيتمُ فيها الحمامَ مصورَا
تلكَ الوقائعُ فيكمُ مشهورة ٌ
وَالسَّيْفُ لَيْسَ يَرُوعُ حَتَى يُشْهَرَا
لا تَعْدِ مَنَّكَ أسْرة َ مُضَرِيَّة ٌ
نزلتْ بساحتكَ الجنابَ الأخضرَا
كمْ أدركتْ بنداكَ منْ أوطارهَا(27/219)
خَطَراً وَكَمْ قَرَعَتْ بِسَيْفِكَ مِنْبَرَا
أسعرتَ جمرة َ عامرٍ وهيَ التي
لا تنكرُ الأعداءَ أنْ تتسعَّرا
وَحَمَتْ مَخَافَتُكَ الجَزِيْرَة َ هَيْبَة ً
فَكَأَنَّمَا قَادَتْ إِلَيْهَا عَسْكَرَا
وتحيَّر الغزيُّ في ظلمائها
حَتَّى أَضَاء لَهُ النَّهَارُ فَأبْصَرَا
إياكَ أنْ تردَ الفراتَ فإنهُ
مَاءٌ يَعُودُ الجَوْنُ مِنْهُ أَشْقَرَا
فَمَضَى وَمَا وَجَدَ الفِرَارَ دَنِيَّة ً
منْ خافَ حدَّ ظباكَ أنْ يتدبرَا
أَوَ لَيْسَ مَحْمُودُ بِنُ نَصْرٍ دُوْنَهُ
فَحَذَارِ إِنْ نَفَعَ امرَأ أَنْ يَحْذَرَا
يا جامعَ الحسناتِ دعوة َ عائذٍ
بنداكَ أدلجَ في رضاكَ وهجرَا
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ جُودَكَ يُقْتَضَى
حتَّى أقول منبهاً ومذكرَا
وَأَخَافُ فِيْكَ مِنْ الوُشَاة ِ وَلَمْ تَكُنْ
ممنْ يخافُ عليهِ أنْ يتغيرَا
حاشَا لعدلكَ أنْ ينالَ مطالبِي
قومٌ سبقتهمُ إليكَ تخيرَا
فيكونُ سهمي في الغناء مقدماً
عنهمْ وحظي في العطاءِ مؤخرَا
طلعتْ عليهمْ منْ نداكَ سحابة ٌ
تروي البلادَ وما تبلُّ ليَ الثرَى
وسريتُ قبلهمُ إلى إدراكهَا
وبدَا الصباحُ فمَا حمدتُ بهِ السرَى
ولقدْ صبرتُ وكلُّ صبرٍ نعمة ٌ
إِلاَّ إِذَا سَرَّ العِدَى أَنْ أَصْبُرَا
وأصبتُ بشركَ دونَ وفركَ إنهُ
ثَمَنٌ يُبَاعُ بِهِ الكِّرَامُ وَيُشْتَرَى
هذَا عتابكَ غيرَ أنَّ وراءهُ
قَلباً أَرَقَ عَلَيْكَ مِنْ أَنْ يَهْجُرَا
فَارْجِعْ إلى الرَّأي الَّذي جَرَّبْتَهُ
فَوَجَدْتَ مَيْمُونَ النَّقِيْبَة ِ مُثْمِرَا
وامننْ عليَّ فقدْ قدرتَ وإنمَا
أمسكتُ عنْ نعماكَ حتَّى تقدرَا
واعلمْ بأنِّي ما ذخرتُ نصيحة ً
عندي فمالَكَ في الندَى أن تذخُرَا
وَتَهَنَّ باِلعِيْدِ الذي شَرَّفْتَهُ
لمَّا برزتَ مصلياً ومكبِّرَا
وَاسْلَمْ لَهُ وَلِكُلِّ يَومٍ مِثْلِهِ
حَتَى تَقُودَ عِدَاكَ فِيْهِ وَتَنْحَرَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وَأَهْيَفَ مِنآدَ القُوَى يَبْذُلُ القِرَى(27/220)
وَأَهْيَفَ مِنآدَ القُوَى يَبْذُلُ القِرَى
رقم القصيدة : 24136
-----------------------------------
وَأَهْيَفَ مِنآدَ القُوَى يَبْذُلُ القِرَى
لِطَارِقِهِ جَهْراً وَيَمْنَعُهُ سِرَّا
لهُ بزة ُ النساكِ لولاَ صناعة ٌ
يعاني بها الأطماعُ أشعثَ مغبرّا
يَهَابُ عَلَى أَنَّ الخُمُولَ طِبَاعَهُ
وَفِي أَيِّ أَرْض حَلَّ كَانَتْ لَهُ سِتْرَا
إِذَا صَحِبَ النُسَّاكَ اكسبهم قَرى
وإنْ صحبَ الحجاجَ أكسبهمْ وزرَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أيهَا النوامُ ويحكمُ
أيهَا النوامُ ويحكمُ
رقم القصيدة : 24137
-----------------------------------
أيهَا النوامُ ويحكمُ
قَدْ حَمَلْنَا عَنْكُمْ السَّهَرَا
نَحْنُ فِي ظَلْمَاءَ دَاجِيَة ٍ
ما لهَا صبحٌ فينتظرَا
فجرهَا والصبرُ بعدهمُ
مَا سَمِعْنَا عَنْهُمَا خَبَرَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أرقتُ لبرقٍ كمتنِ الحسا
أرقتُ لبرقٍ كمتنِ الحسا
رقم القصيدة : 24138
-----------------------------------
أرقتُ لبرقٍ كمتنِ الحسا
م يَبْدُو مِرَاراً وَيَخْفَى مِرَارَا
كَأَنَّ الصَّبَاحَ أتَى زَائِرَا
إِلَى اللَّيْلِ ثُمَّ تَوَلَّى فِرَارَا
تقولُ المطايا وقدْ عزهَا
لركبٍ تهادُوا عليهِ حيارَى
هَلُمُّوا إِلى الجُودِ قَدْ أَوقَدَتْ
بنُو عامرٍ في دُجا الليلِ نارَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَا أَذَاعَتْ رِيْحُ الصَبَا لَكَ سِرّاً
مَا أَذَاعَتْ رِيْحُ الصَبَا لَكَ سِرّاً
رقم القصيدة : 24139
-----------------------------------
مَا أَذَاعَتْ رِيْحُ الصَبَا لَكَ سِرّاً
إِنَّمَا عَرَّضَتْ بِهِ وَهِي سَكْرَى
وَعَلَى أَنَّهَا تَنِمُّ فَقَدْ أَهْـ
ـدَتْ نسيماً منَ العذيبِ وعطرَا
وأتى البارقُ الذي بتَّ ترعَا
هُ فنوناً منَ الخيانة ِ أخرى
بَاتَ يَطْوِي ذَيْلَ الدُّجَى وَيُضِىء ال
ـبيدَ حتَّى يظنهُ الطيفُ فجرَا
فَمَتَى يَعْرِفُ الوَفَاءَ وَمَا يَذْ(27/221)
كر إِلاَّ لَوْمَا عَلَيْكَ وَعُذْرَا
وإذَا كنتَ مَا وجدتَ لأشجَا
نك حُرَّا فَمُتْ بِدَائِكَ حُرَّا
يَا خَلِيْلَيَّ قَدْ سَئِمْتُ أَمَانِيَّ
وَأَنْفَقْتُ فِي القَنَاعَة ِ عُمْرَا
فاطْلِقَا مِنْ أَزْمَّة ِ العَيْسِ مَا شا
ءتْ فإنَّا في ربقة ِ الهمِّ أسرَى
زادَ عرضُ الفَلا عليهَا كمَا طال
الدجَى فهيَ والكواكبُ حسرَى
تَتَرَامى بِهَا البِلادُ وَمَا تَشُدُ
إِلاَّ رَسْمَا مِنَ الجُودِ قَفْرَا
فَاعْذُرَاهَا إِنْ أَخْفَقَتْ فَلَقَدْ رَا
متْ عسيراً منَ المطالبِ وعرَا
نقصَ الدهرُ حظهَا منْ بنيهِ
فَهِي تَبْغِي حَظاًّ وَنَاسَاً وَدَهْرَا
وَلَعَمَرِي لَقَدْ
كَفَاهَا نَصِيْرُ ال
رتعتْ منْ جنابهِ في رياض
ضَوَّعَتْهَا فِيْهِ ثَنَاء وَذِكْرَا
وسرَى جودهُ إليها علَى البعدِ كمَا
تحملُ النسائمُ عطرَا
وردتْ مشرعَ المكارمِ ملآ
ن وَحَيَّتْ وَجْهَ الزَّمَانِ أَغَرَّا
طلعة ٌ كالصباحِ يلمعُ فيها
بارقٌ للسماحِ سموهُ بشرَا
وَبَنَانَ إذا تَجَهَّمَتِ الأنْوَاء
أحرَى بهِ سحائبَ عشرَا
يسبقُ السمهريُّ طولاً وطوْلاً
ويفوتُ الهنديَّ أثراً وأثرَا
شَرَفاً يَا بَنِي فَزَارَة َ قَدْ أَحْيَا
نداهُ عليكَ حصناً وبدرَا
وَغِنًى عَنْ مَوَاهِبِ المُزْنِ بِالغُوْرِ
رِ فقدْ صارتِ البحيرة ُ بحرَا
حَلَّ فِيْكَ ابْنَ مُلْهَمٍ وَخَصِيْبُ
الرَّوْضِ مَا كَانَ عَيْشُهُ مُسْتَقِرَّا
عارض يستهلُّ جوداً وفيهِ
بارق ربما توقدَ جمرَا
فجرَى ماؤهُ مواهبَ بيضاً
وَوَرَتْ نَارُهُ قَوَاضِبَ حُمْرَا
قدْ عرفنَا ضرامهُ كيفَ يصلَى
وعلمنَا غمامهُ كيفَ يُمرَا
فَوَجَدْنَا جَنَاهُ فِي السِّلْمِ حُلْواً
وَرَأَيْنَا لَظَاهُ في الحَرْبِ مُرَّا
خَطَرَاتُ الزَّمَانِ بُؤسَى وَنُعْمَى
وفنونُ الأقدارِ نفعاً وضرّا
علمَ الناسُ كيفَ يسعَى إلى
المَجْدِ وَلَكِنْ بَاتُوا نِيَامَاً وَأَسْرَى
وَأَرَاهُمْ مِنْ جُودِهِ كُلَّ عَذْرَاءَ(27/222)
عَلَى أَنَّهَا مَواهِبُ تَتْرَى
وإذا عدَّ حامداً وعلياً
وسليمَ الندَى وكعباً وبكرَا
منة ٌ لمْ يجدْ بها غيرُ كفيهِ
فأعجبْ بهَا عواناً وبكرَا
سَبَقَ النَّاسَ أَوَّلا وَأَخِيْرَا
وَحَوَى المَكْرُمَاتَ بَدْوَا وَحَضْرَا
طرقَ الشامَ منْ فراقكَ خطبٌ
لا يُرَى بَعْدَهُ مِنَ العُسْرِ يُسْرَا
علمَ الرومُ أنَّ سيفكَ حاميهِ
فَقَدْ حَاوَلُوا لِبُعْدِكَ أَمْرَا
وأجابَ المحاربونَ إلى السلمِ
فَرَارَاً مِنَ الطِّعَانِ وَكُفْرَا
وإذَا ما خلا العرينُ منَ الليثِ
أغارَ السرحانُ فيهِ وكرَّا
عودتهمْ ظباكَ جامحة َ الفرِّ
الفَرِّ وَسَنَّتْ فِيْهِمْ جِيَادُكَ ذُعْرَا
وَتَحَامَتْكُمْ المَعَاقِلُ لَمَّا
ملَكَتْهَا لَكَ الصَّوَارِمُ قَسْرَا
طَلَعَتْ نَحْوَهُمْ مِنَ الجُوْنِ
جَون وَجَدُوهَا باللاَّذِقِيَة ِ شُقَرَا
مُقَرَبَات مِثْلُ السَّرَاحينِ إِلاَّ
أنَّها تقنصُ الفرائسَ جهرَا
وخميسٌ ألقَى علَى طرفِ السا
حلِ شطراً وفي العواصمِ شطرَا
قادهُ مرهفُ العزيمة ِ والرأ
ي إذَا قدمُ المحاربِ غيرَّا
هذبتْ فكرهُ التجاربُ حتَّى
هَتَكَتْ دُوْنَهُ مِنَ الغَيْبِ سِتْرَا
رفعَ اللهُ منْ لوائكَ لمَّا
كَانَ عِزَاً لِلْمُسْلِمِيْنَ وَنَصْرَا
طُلْتَ قَدْرَاً عَن المَدِيْحِ فَمَا أَذْهَبُ
هبُ فيهِ إلاَّ وفاء وشكرَا
زَفَرَات أَثَرْتُهُنَّ مِنَ الشَّوْقِ
وَإِنْ كُنَّ فِي المَسَامِعَ شِعْرَا
وَثَنَاء كَأَنَّمَا أَطْلَعَ الصُّبْحَ
ضِيَاء وَأَرَّجَ الرَّوْضَ نَشْرَا
يُخْبِرُ النَّاسَ إِنَّ فِي ذِكْرِ إِحْسَانِكَ
دَيْنَاً وَفِي ثَنَائِي سِحْرَا
العصر العباسي >> البحتري >> أبا جعفر كل أكرومة
أبا جعفر كل أكرومة
رقم القصيدة : 2414
-----------------------------------
أبا جَعْفَرٍ كُلُّ أكْرُومَةٍ،
بأخّلاقِكَ البيض مَنْسُوجَهْ
وَنَفْسُكَ نَفسٌ، إذا ما النّفو
سُ تَوَقّدْنَ للشّحّ مَثْلُوجَهْ
فَكَمْ ثَلْمَةٍ بِكَ مَسْدُودَةٍ،(27/223)
وكَمْ شدة بكَ مَفرُوجَهْ
وَعِنْدِي عُصَيْبَةٌ مُمْحِلُونَ
مِنَ الرّاحِ صِرْفاً وَمَمْزُوجَهْ
وَأحسَنُ مِنْ بَهجَةِ الخِلعَتَينِ
عِندَهمْ، سَقْيُ دَسْتيجَهْ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> خليليَّ بثَّا ما أملتْ عليكمَا
خليليَّ بثَّا ما أملتْ عليكمَا
رقم القصيدة : 24140
-----------------------------------
خليليَّ بثَّا ما أملتْ عليكمَا
دُمُوعِي فَإنِّي مَا أُرِيْدُ الهَوَى سِرَّا
أَصَابَكُمَا بَرْحُ الغَرَام لَعَلَّهُ
يمهدُ لي ما بينَ قلبيكُمَا عذرَا
سَقَى الله أَيَّامَاً مِنَ الدَّهْرِ لَمْ تَشِبْ
بهمْ كأنَّا ما عرفنا بهِا الدهرَا
وَمَائِلَة ِ الأعْطَافِ مِنْ نَشْوَة ِ الصِّبَا
سقتني الهوَى صرفاً ورنحهَا سكرَ
رَمَتْ عَيْنُهَا عَيْنِي وَرَاحَتْ سَليِمَة ً
فَمَنْ حاَكِمَ بَيْنَ الكَحِيْلَة ِ وَالعَبْرَى
فيا طرفُ قدْ حذرتكَ النظرة َ التي
خَلَسْتَ فَمَا رَاقَبْتَ نَهْيَاً وَلا أَمْرَا
ويا قلبُ قدْ أرداكَ منْ قبلُ مرة
فَوَيْحَكَ لَوْ طَاوَعْتَهُ مَرَّة أُخْرَى
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا لغَنيٍّ مَا لِنَادِيكُمُ
يَا لغَنيٍّ مَا لِنَادِيكُمُ
رقم القصيدة : 24141
-----------------------------------
يَا لغَنيٍّ مَا لِنَادِيكُمُ
قَدْ فَقَدَ الطَّارِقَ وَالسَّامِرَا
وأهمِلَ السرح بأرجائهِ
لا ذائداً فيهِ ولا عاقِرَا
لعلَّ عضباً للردَى بائراً
أصابَ عضبَ الدولة ِ الباترَا
مَا وَجَدَ الوَارِثُ مِنْ بَعْدِهِ
إِلاَّ حَدِيْثَا فِي العُلا سَائِرَا
راحَ بنجلاء كلابية ً
تَسْفَحُ جُوداً فِي الثَّرَى قَاطِرَا
فَمَا لَهَذَا البَيِتِ مِنْ عَامِرٍ
لمْ يُبقِ بيتاً للندى عامِرَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> حبتكَ السماء بأمطارها
حبتكَ السماء بأمطارها
رقم القصيدة : 24142
-----------------------------------
حبتكَ السماء بأمطارها
وَكَيْفَ تَضِنُّ عَلَى جَارِهَا(27/224)
ولاَ برحتْ في ثراكَ الرياضُ
تفضُّ لطائمَ نوارِها
وقدْ نابَ عنهَا جميلُ الثنَا
فَذِكْرُكَ أَعْبَقَ أَزْهَارِهَا
أطلتَ لياليَّ حتَّى ظننْتَ
أَنَّكَ نُبْتَ بِأَسْحَارِهَا
وغادرتُ دمعي رقيبَ الجفونِ
فباعدتُ ما بينَ أشفارِها
وَبِي لَوْعَة ٌ مِنْكَ مَا تَطْمَئِنُّ
فأشكو إليكَ بمقدارِها
فلَهفي عليكَ لشعثِ العُفَا
ة ِ ترمي إليكَ بامطارِها
تَجُوبُ المَهَامِة َ حَتَّى تُنِيخَ
بِقَارِي العَشِيْرَة ِ عَفَّارِهَا
وَسَاغِبَة ٍ عَلَّلَتْ فِي الظَّلامِ
بنيهَا بقربكَ من دارهَا
فكنتَ إلى بذلِ ما أملتهُ
أسرعُ منْ وهم أفكارهَا
وَبَهْمَاءَ تَلْمَحُ فِيْهَا النُّجُومَ
مصيفة ً بينَ أقطارهَا
تعسفتَها سارياً والقطَا
جَوَائِرَ عَنْ نَهْجِ أَوْكَارِهَا
وعانَ دعاكَ وصحبُ الهمومِ
تروحُ عليهِ بسمارهَا
فأنفذتهُ منْ يدِ الحادثاتِ
وَقَدْ عَلِقَتْهُ بِأَظْفَارِهَا
ونجلاء تهزأ أرجاؤها
بِأَيدي الأَسَاة ِ وَمِسْمَارِهَا
فضلتْ بها خطراتُ الظنو
نِ بينَ القلوبِ وأغمارهَا
ولهفي عليكَ وهوجُ الريا
تَسْحَبُ أَذْيَالَ أَعْصَارِهَا
بغبراءَ تعرقُ كومَ المطيِّ
حتَّى تنوءُ بأوبارهَا
جَلَوْتَ غَيَاهِبَهَا وَالكِرَامُ
تُقْرِي الضُّيُوفَ بِأَعْذَارِهَا
وجدلَ سيفكَ شول اللقاح
وَقَدْ كَسَّعُوها بِأَغْبَارِهَا
تَقَسَّمَها وَرَبَابُ القِدَاح
مُعَطَّلَة ٌ عِنْدَ أَيْسَارِهَا
ولهفي لأخوانِ صدق أطلتَ
عَلَيْهَا بَقِيَّة َ أَعْمَارِهَا
مَلَكْتَ ضَمَائِرَهَا وَأسْتَرقَّ
جودكَ ربقة َ أحرارهَا
فإنْ نزحُوا فيكَ ماء الجفونِ
فَإِنَّكَ إِنْسَانُ أَبْصَارِهَا
وَإِنْ عَقَرُوا لَكَ حَبَّ القُلُوبُ
فَقَدْ كُنْتَ مَوْضِعَ أَسْرَارِهَا
برغمي نزلتُ بدارٍ تقيمُ
رَهْنَ ثَرَاهَا وَأَحْجَارِهَا
تدارُ وليسَ بهَا منْ قرَا
إِلاَّ الغَرَامَ لِزُوَّارِهَا
وَكُنْتَ بِعَلْيَاءَ مَطْرُوقَة ٍ
يضيءُ النجومَ سنَا نارهَا
إذَا عرستْ في ذُرَاها الركابُ(27/225)
فقدْ آمنتْ شدَّ أكوارهَا
وَلَوْ نَزَلَتْ بِكَ فِيْهَا العُصَاة ُ
حَمَلَتْ صَحَائِفَ أَوْزَارِهَا
أَبَا حَسَنٍ هِيَ دُنْيَا تُنَالُ
أَقْدَارُهَا فَوْقَ أَقْدَارِهَا
جرتْ في أبيكَ على عادة ٍ
تموتُ الكرامُ بأوتارهَا
وَقَدْ صَفَحَتْ عَنْكَ مِنْ بَعْدِهِ
فَإِظْلامُهَا مِثْلُ إِسْفَارِهَا
جَرَيْتَ عَلَى نَهْجِهِ فِي العُلا
فَكَانَ خَبِيْراً بَأَوْعَارِهَا
وجادَ لنَا بكَ بعدَ الكرام
فَصَدَّقَ كَاذِبُ أَخْبَارِهَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> آمُبِيحَهَا فَضْلَ الأَزِمَّة ِ قُصَّرِ
آمُبِيحَهَا فَضْلَ الأَزِمَّة ِ قُصَّرِ
رقم القصيدة : 24143
-----------------------------------
آمُبِيحَهَا فَضْلَ الأَزِمَّة ِ قُصَّرِ
فَمَعَ الصَّبَاح تَحِيَّة ٌ مِنْ عَرْعَر
هبتْ تهادَاها البروقُ وبينَها
نشبَ الخداع وهزهُ المتذكرِ
والليلُ قدْ أخذَ السرَى منْ شبههِ
وأعارهُ ذُللَ القلاصِ الضمرِ
يَا بَانَتِي إِضَم وَمَنْ دينُ الهَوَى
بَثَّ السؤالَ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يُخْبِرِ
أَعَلِمْتُمَا قَلْبِي أَقَامَ مَكَانَهُ
أَمْ سَارَ فِي طَلَبِ الصَّبَاحِ المُسْفِر
أبلغْ أبا حسانَ أنَّ قلاصهُ
تجتابُ أردية َ العجاجِ الأغبرِ
مَطْرُودَة َ وَعَلَى الشَّرِيْفِ فَوَارِس
يَتَرَنَّحُونَ مَعْ الوَشِيْجِ الأَسْمَرِ
أَخَذُوا مَنَاسِمَهَا الرِّيَاحُ عَشِيَّة ً
ونجُوا وقومكَ فقعة ً بالقرقرِ
وزعمتَ أنَّ البخلَ حامي سرحَها
أفهلْ أمنتَ الشك أم لم تعقرِ
كنْ في الطرادِ لبان طرفك مقدماً
وَإِذَا دُعيتَ إِلَى الطِّرَادِ فَشَمِّرِ
وَاهْجُرْ نُضَارَكَ مِثْل هَجْرِكَ لِلقِرَى
إنَّ المكارمَ في السبيلِ الأوعرِ
أَفَمَا تَرَى ابْنَ العَامِرِيَّة َ سُبَّة ً
شَنْعَاءَ مِثْلَ حَدِيْثِهَا لَمْ يُؤثَرِ
تَرَكَ الفَخَارَ لِعُصْبَة ٍ يَمَنِيَّة ٍ
غَلَبَتْ عَلَى الحَسَبِ الَّذي لَمْ يُغْمَرِ
أفلاَ يُحاذرُ أنْ يقولَ مخبرُ(27/226)
في الحيِّ قصرَ عامرٌ عنْ حميرِ
سبقتِ كنانة َ فليثقْ منْ رامهَا
بالعجزِ عنْ شأوِ الصباحِ الأشقرِ
قومٌ أضاؤا والخطوبُ بهيمة ٌ
كالبيضِ تلمعُ في خلالِ العثيرِ
يتغايرونَ علَى الندَى فكأنمَا
يجدُ الغنيُّ عداوة ً للمعسرِ
ويسارعونَ إلى الوغَى وسيوفهُمْ
مغلولة ٌ وكلومهمْ لمْ تسبرِ
أَلِفَتْ رِمَاحَهُمُ الطُّيُورَ كَأَنَّهُمْ
رَتَقُوا بِهَا خَلَلَ العَجَاج الأَكْدَرِ
لا يَرْقِدُونَ سِوَى مُعَرِّسِ سَاعَة ٍ
يَتَفَّيْئُونَ بِهَا ظِلالَ الضُمَّرِ
مِنْ كُلِّ وَرَّادِ الوَغَى بِحُسَامِهِ
وَالحَتْفُ مُعْتَرض طَرِيْقَ المَصْدَرِ
حرم الأباء على الاسنة ظهره
فالمَوْتُ مُفْزِعُه إِذَا لَمْ يَظْفَرِ
لانُوا وَفِيْهِمْ لِلْعَدُوِّ قَسَاوَة
كالماءِ يُغرفُ وهوَ غيرُ مكدرِ
في مُنْقِذٍ شَرَف فَإِنْ وَصَلَتْ بِهِ
عجلٌ فليسَ وراءهُ منْ مفخرِ
سَبَقَ الكِرَامَ وَأَخَّر ابْنَ مُقلَّدٍ
عنهمْ فكانَ السبقُ للمتأخرِ
شهرتْ مناقبهُمْ وزادَ فعالهُ
عَنْ شَأَوِهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تُشْهَرِ
إِنَّ الأصُولَ وَإِنْ زَكَتْ أَغْرَاسُهَا
لَوْلا الغُصُونُ فُرُوعُهَا لَمْ تُثمَرِ
إِنْ جَاوَدُوهُ فَحَاتِمٌ فِي طَيِّهِ
أَوْ نَازَلُوهُ فَعَامِرٌ فِي جَعْفَرِ
يُبْدِي عَلَى عَيْبِ الزَّمَانِ وَكُلَّمَا
صُقِلَ الحُسَامُ أَفَاضَ مَاءَ الجَوْهَرِ
شَرِفَتْ أَسِرَّة ُ وَجْهِهِ بِحَيَائِهِ
شرق الصوارمِ بالنجيعِ الأحمرِ
وأرادَ إخفاءَ الندَى فأذاعهُ
لا يَظْهَرُ المَعْرُوفُ مَا لَمْ يَسْتُرِ
بيني وبينكَ حرمة ٌ ما غالَهَا
ولعُ الخطوبِ وذمة ٌ لمْ تخفرِ
وَمَوَدَّة مُزِجَتْ بِأَيَّامِ الصِّبَا
ورأت تغيرهُ فلمْ تتغيرِ
يُفْدِيْكَ كُلُّ جَدِيْدَة ٍ نَعْمَاؤه
وَعِرِ السَّبِيْلِ إِلَى العَلاءِ مُؤخَرِ
تتعجبُ الأيامُ كيفَ أطاعهُ
قدرٌ وفازَ منيحهُ في الميسرِ
وعَدَّ كَمَا خَدَعَ الجَهَامُ وَبَرْقُهُ
كذب وعارضُ مزنهِ لمْ يمطرِ(27/227)
عدَّ الزمانُ لئامهُ فاستوقفتْ
تِلْكَ الخِلالُ عَلَيْهِ عِقْدُ الخِنْصَرِ
أهونْ بهِ ما كنتَ يا ابنَ مقلدٍ
عوني عليهِ وكانَ قومكَ معشرِي
أثني عليهِ بمَا علمتُ وبعضهُ
يُعِيي البَلِيْغَ وَإِنْ خَبِرْتَ فَخَبِّرِ
وإذَا أطلتَ وكانَ يُقصرُ عاجزاً
شكرِي فأعجبْ بالمطيلِ المكثرِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> رَمَى الدَّهْرُ دُوني وَهْوَ جَمٌ صُرُوفُهُ
رَمَى الدَّهْرُ دُوني وَهْوَ جَمٌ صُرُوفُهُ
رقم القصيدة : 24144
-----------------------------------
رَمَى الدَّهْرُ دُوني وَهْوَ جَمٌ صُرُوفُهُ
وكلفني ما لا يقومُ بهِ شكري
فَإِنْ شُغِلَتْ نَفْسِي بِغَيْرِ مَدِيحِهِ
فَعَدْتُ إلى مَا كُنْتُ فِيهِ مَعَ الدَّهْرِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يُحَارِبُني فِي كُلِّ نَائِبَة ٍ دَهْرِي
يُحَارِبُني فِي كُلِّ نَائِبَة ٍ دَهْرِي
رقم القصيدة : 24145
-----------------------------------
يُحَارِبُني فِي كُلِّ نَائِبَة ٍ دَهْرِي
كأنَّ الرزايا تدركُ الفخرَ في قسري
أَضُمُّ لِسَعْدٍ شَارِدَ المَجْدِ وَالعُلَى
وسعدٌ يراني بالتشاوسِ والشزرِ
يحاولُ أنْ أرضَى الدنية َ طائعاً
وأغدو بلا نابٍ يروعُ ولا ظفرِ
وَمِنْ دُون ذُلِّي عُصْبَة ٌ عَامِرِيَّة َ
يلوونَ أعطافَ المثقفة ِ السمرِ
إذا فوقَ الوسميُّ إبرادَ حاجرٍ
واثرت شِعَابُ الوَادِيَيْنِ مِنْ القَطْرِ
فلاَ تأمنُوا أنْ تسمعُوهَا مرنة ً
بقرعِ العوالي والمهندة ِ البترِ
يقولُ أبو حزنِ طلبنَا لكَ الغِنى
فَلِمَ أَخَذَتْ كَفَّاكَ فِي طَلَبِ الفَقْرِ
فَقُلْتُ رَأَيْتُ المَالَ يَبْلَى حُطَامُهُ
وَتَبْقَى أَحَادِيْثُ الرِّجَالِ مَعَ الدَّهْرِ
وشيبانُ لباني فلمَّا بلوتهُ
تقاعسَ عنِّي والأسنة ُ في نحري
تحملَ عارَ الذلِّ واطرحَ الردَى
وطوقَها شنعاءَ أبقى منَ الذكرِ
وَقَارَعَني ذُلاَّنِ عَيْش عَلَى النَّدَى
كَمَا قَارَعَ الغَيْرانُ عَنْ بَيْضَة ِ الخِدْرِ(27/228)
أغادرتموهَا في الشريفِ خوامساً
طَلائِحَ لَمْ تَعْسِف بِسوقٍ وَلا زَجْرِ
فهلْ فيكمُ أنْ تمنعُوا نزواتِها
بميسم عارٍ فيكمُ ثابتَ الذكرِ
أَرُمْتُمْ مَدِيحي وَاطَّرَحْتُم ثَوَابَهُ
وَهَلْ تُمْلِكُ الحَسْنَاء إِلاَّ عَلَى مَهْرِ
فَمَا لِي أَرْضَى مِنْكُمْ بِدَنِيَّة ٍ
تَحُضُّ الرِّجَالَ الأَبْعَدِيْنَ عَلَى نَصْرِي
وفي الحيِّ محمودُ بنُ نصرِ بنِ صالحٍ
أخو الغارة ِ الشعواء والكرم الدثرِ
أقلها من الحي اللئيم ونادها
مراحكَ هذَا آخرُ العهدِ بالضرِّ
فإن هي حنَّت في بيوت بن صالح
فلا عقلتْ إلاَّ قيوداً منَ العقرِ
مِنَ القَوْم صَالَ الدَّهْرُ إِلاَّ عَلَيْهِمُ
وَصَالُوا بِبِيْضِ الهِنْدِ حَتَّى عَلَى الدَّهْرِ
لَهُمْ فِي قِرَاعِ المَحْلِ أَيْدٍ كَأَنَّمَا
يعدونَهَا وقفاً علَى الحججِ الغبرِ
إذا سئلُوا خلتَ الندَى في أكفهمْ
تشربَ ماء في وجوههمُ الغرِّ
وإنْ أخصبُوا بالطعنِ عادُوا منَ الندَى
سراعاً إلى داعي الخصاصة ِ والعُسرِ
تَمِيْسُ بِهِمْ فِي طَاعَة ِ الجُودِ هَزَّة
كَمَا طَرِبَ النَّشْوَانُ مِنْ نَشْوَة ِ الخَمْرِ
وَمَا كاَثرَتْ جُنْحِ الظَّلاَمِ سُوَامُهُمْ
فَرَوَّحَهَا الرِّعْيَانُ إِلاَّ عَلَى النَّحْرِ
إذا انتسبُوا خلتَ السماءَ تهافتتْ
عَلَيْهِمْ وَبَانَتْ مِنْ كَوَاكِبِهَا الزُهْرِ
هُمُ البيضُ إِلاَّ أَنَّهُمْ وَاصَلُوا القِرَى
وقدُّو الطلَى والبيضُ تفري ولا تقري
وُجُوهٌ كايماضِ الصَّوَارِم أشْرَقَتْ
منَ الحسبِ الوضاحِ والنائلِ الغمرِ
وَخَيْلٌ تَبَارَى بالرِّمَاح كَأَنَّمَا
أغارَت علَى ما في الرماحِ منَ الضمرِ
وبيضٌ بهَا ماء الفرندِ كأنهُ
دُمُوعُ الغَوَادِي جُلْنَ فِي حَدَقِ الزَّهْرِ
حَبِيْبٌ إِلَيْهِمْ أَنْ تِلمَّ مُلِمَّة ٌ
وتطرفهمْ فيما أصابُوا منَ الوفرِ
هُمْ ظَفَرُوا بِالعِزِّ عَنْ سَيْفِ صَالِحٍ
وغرِّ المعالي عنْ ثمالٍ وعنْ نصرِ(27/229)
وَنَالُوا بِعزِّ الدَّوْلَة ِ المَجْدَ شَائِداً
لَمَّا أَثَّلُوهُ مِنْ عَلاء وَمِنْ فَخْرِ
فتى ً ذللَ الأيامَ حتَّى تثقفتْ
عَلَى الهوْنِ وَانْقَادَ الزَّمَانُ عَلَى القِسْرِ
إذَا شردَ المعروفُ أوْ جمعَ العُلى
رَأَيْتَ الفِعَالَ السَّهْلِ فِي المَطْلَبِ الوَعْرِ
أشدَّ احتقاراً للردَى منْ حسامهِ
وأدنى إلى شرِّ الأعادي منَ الذعرِ
لهُ خلقٌ في المحلِ غيثٌ وفي الصبا
نسيمٌ وفي جنحِ الدجا غرة ُ الفجرِ
حدوتُ إليهِ المدحَ حراً وطالمَا
بَخِلْتُ بِهِ حَتَى تَقَاعَسَ فِي فِكْرِي
وَأَكْبَرْتُ قَدْرِي أَنْ يَجُودَ بِهِ فَمِي
ونزهتُ نفسي أنْ يجيشَ بهِ صدري
فَجَادَ عَلَى إِحْجَامِهِ بِشَوَارِد
جَوَائِلَ فِي الآفَاقِ مِصْراً إِلَى مِصْرِ
إِذَا غَرَّدَ الحَادِي بِهَا خَفَرْتَ بِهِ
حَنِيْنَاً وَأَضْحَى وَهُوَ حَاسِدُهَا يَطْرِي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وَلَيْلَة َ وَصْلٍ غَابَ عَنَّا رَقِيْبُهَا
وَلَيْلَة َ وَصْلٍ غَابَ عَنَّا رَقِيْبُهَا
رقم القصيدة : 24146
-----------------------------------
وَلَيْلَة َ وَصْلٍ غَابَ عَنَّا رَقِيْبُهَا
معَ الدهرِ لا عادَ إلى آخرِ الدهرِ
نَهَيْنَا بِهَا جُنْحِ الظَّلامِ فَمَا بَدَتْ
أَوَائِلُهُ حَتَّى خَلَطْنَاهُ بِالفَجْرِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أسرفتَ في أنسِ الغريبِ وبرهِ
أسرفتَ في أنسِ الغريبِ وبرهِ
رقم القصيدة : 24147
-----------------------------------
أسرفتَ في أنسِ الغريبِ وبرهِ
ورفعتَ منْ قدرِ البعيدِ بذكرهِ
وَبَعَثْتَ فِي رِيْحِ الشَّمَالِ تَحِيَّة ً
عادتْ إليكَ بعبقة ٍ منْ شكرهِ
لا تَعْجَبَنَّ لِحَرِّهَا مِنْ بَعْدِ مَا
بردتْ فقدْ مرت بلوعة ِ صدرهِ
وسألتُ عنهُ ومَا يذمَّ زمانهُ
لوْ كانَ يعرفُ ليلهُ منْ فجرهِ
مُتَقَسِّمُ العَزَمَاتِ يُنْفِقُ عُمْرَهُ
سَرَفاً عَلَى نَهْي الزَّمَانِ وَأَمْرِهِ
غدرتْ بهِ أيامهُ في عفة ٍ(27/230)
منْ مالهِ وصيانة ٍ منْ شعرهِ
فَإِذَا أَرَادَ مَدِيْحَ مِثْلِكَ أَظْلَمَتْ
سدفُ الهمومِ علَى مطالعِ فكرهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لحَا الله مَغْلُوبَاً عَلَى نَصْلِ سَيْفِهِ
لحَا الله مَغْلُوبَاً عَلَى نَصْلِ سَيْفِهِ
رقم القصيدة : 24148
-----------------------------------
لحَا الله مَغْلُوبَاً عَلَى نَصْلِ سَيْفِهِ
مقيماً علَى نهيِ الزمانِ وأمرهِ
أَنَاخَ بِدَارِ الهُوْنِ حَتَى كَأَنَّمَا
يرَى الرزقَ مقصوراً علَى مستقرهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إنْ كانَ ليلي طويلاً بعدَ بينكمُ
إنْ كانَ ليلي طويلاً بعدَ بينكمُ
رقم القصيدة : 24149
-----------------------------------
إنْ كانَ ليلي طويلاً بعدَ بينكمُ
فقدْ نعمتُ بكمْ والليلُ كالسمرِ
مَا أَظْلَمَ الدَّهْرُ لَيْلِي فِي فِرَاقِكُمُ
بليلِ وصلكمُ فالطولُ بالقصرِ
العصر العباسي >> البحتري >> مخبرتي برقة أحواج
مخبرتي برقة أحواج
رقم القصيدة : 2415
-----------------------------------
مخبرتي برقة أحواج
عن ظعن سارت وأحداج
طوع رواح وجهوا للنوى
عيرهم أم طوع إدلاج
أسقى السحاب الغر أطلالهم
ريا ولو من دم أوداجي
أنج من الحب فإن الذي
لم يرده الحب هو الناجي
ضمنت أن يشغل سيفيه ذو الـ
ــسيفين إسحاق بن كنداج
وأن يضيء التاج في غرة
قديمة الإشراق في التاج
مردد في الملك، جار على
طريقة منه ومنهاج
غدا الوشاحان على مرهف
كالسيف ضرب غير هلباج
ليس بمختال لدى نعمة
ولا عظيم الكبر فجفاج
بحر ترى الآمال تطفو على
غوارب منه وأثباج
لا تبرح الدهر لنا معقلاً
يأمن في أكنافه اللاجي
وجوه حسادك مسودة
أم صبغت بعدي بالزاج
ما منهم إلا مريض الحشا
بغيظه مختنق شاج
مرتبة في النجم تعلو على
مراتب منهم وأفواج
لو فعلوا فعلك لاستوجبوا
أكثر ما يأمله الراجي
لولاك خاض الناس في فتنة
ترمي بدفاع وأمواج
أرتجت لما فتحوا بابها
بالسيف صلتا أي إرتاج
وفى علي بمواعيده(27/231)
ولم ينقصها بإخداج
مبارك الصحبة يرضيك في
رأي لضيق الأمر فراج
سيفك يستضوى بتدبيره
في ظلمات الحادث الداجي
يفديك من مولى، وتفديه من
عبد لما تأمر منعاج
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> ومفوقٍ ألحاظهُ وسهامهُ
ومفوقٍ ألحاظهُ وسهامهُ
رقم القصيدة : 24150
-----------------------------------
ومفوقٍ ألحاظهُ وسهامهُ
وَكَأَنَّ مَا فِي جَفْنِهِ فِي خَصْرِهِ
مَلَكَ الزَّمَانَ بِأَسْرِهِ فَنَهَارُهُ
في وجههِ وظلامهُ في شعرهِ
وَسَطا عَلى الصَّهْباء حَتَّى لَوْنُها
مِنْ خَدِّه وَحُبَابُهَا مِنْ ثَغْرِهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> فأجابه:عَلَى أَيِّ حَالٍ فِيْكَ أَعْجَبُ لِلْغَدْرِ
فأجابه:عَلَى أَيِّ حَالٍ فِيْكَ أَعْجَبُ لِلْغَدْرِ
رقم القصيدة : 24151
-----------------------------------
فأجابه:عَلَى أَيِّ حَالٍ فِيْكَ أَعْجَبُ لِلْغَدْرِ
وَمَا أَنْتَ إِلاَّ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي الدَّهْرِ
سجية ُ حظِّ عازبٍ ما نكرتهَا
وَخُطَّة ُ جَوْرٍ قَدْ أَلِفْتُ بِهَا صَدْرِي
فَكُنْ كَيْفَ مَا شَاءَ الزَّمَانُ فَإنَّهُ
لَدَيْكَ مُطَاعُ القَوْلِ مُمْتَثَلُ الأَمْرِ
وَذَرْنِي فَمَا أَعْدَدْتُ بَعْدَكَ سَاعِدَي
مُعِيني وَلا صَدْري أَمِينا عَلَى سِرِّي
ولكنْ شجاني أنَّ ودكَ ضاعَ مِنْ
يدِي وقدْ أنفقتُ في كسبهِ عمرِي
فَلَو عَلِقَتْ نَفْسِي بِغَيْرِكَ لَمْ تَكُنْ
تُؤمِّلُهُ إِلاَّ لِيَشْفَعَ فِي الحَشْرِ
شَبَابٌ تَقَضَّى فِي هَوَاكَ وَشُرَّدٌ
مطوحة ُ الأبناءِ جائلة ُ الذكرِ
أَغَارُ عَلَيْهَا أَنْ تُعَانَ بِشَافِعٍ
إِلَيْكَ وَتَسْعَى فِي رِضَاكَ عَلَى قَسْرِ
وَيَكْتُمُهَا الرَّاوي حَيَاء وَعَرَفُهَا
يَنِمُّ كَمَا نَمَّ النَّسِيْمُ عَلَى الزَّهْرِ
علقتُ بهَا عطفَ الخيالِ الذي يسرِي
عَهِدْتُكَ مِطْوَافٌ الهَوَى كُلَّ لَيْلَة ٍ
تَرُوحُ إِلَى وَصْلٍ وَتَغْدُو عَلَى هَجْرِ
إذَا أحكمتْ فيكَ العهودُ زمامَها(27/232)
فَذَلِكَ أَدْنَى مَا تَكُونُ إِلَى الغَدْرِ
رضاكَ علَى سخطٍ وصفوكَ في قذَى
وحبكَ في بغضٍ وحلمكَ عنْ غمرِ
خَلائِقُ تَفْويفُ الرِّيَاضِ كَأَنَّمَا
سَقَاهَا سَحَابٌ مِنْ أَنَامِلِكَ العَشْرِ
وَوَجْهٌ يَخَالُ البَشَرَ فِيْهِ عَنْ الرِّضَى
وَمَا كُلُّ ضَوءٍ لاحَ مِنْ وَضَحِ الفَجْرِ
فَمَالَكَ تَرْمِيْنِي بِعَتَبٍ جَهِلْتُهُ
فلمْ أرَ فيهِ وجهَ ذنبي ولا عذرِي
وَكَيْفَ أَضَلتني الهُمُومُ وَطَوَّحَتْ
بلبيَ حتَّى صرتُ أجني ولاَ أدرِي
طويتُ على غلٍّ ضميركَ بعدَ مَا
تَوَهَمْتُ أَنَّ السِرَّ عِنْدَكَ كَالهَجْرِ
فَمَا أَعْرَبَتْ عَنْكَ الجُفُونُ بِنَظْرَة ٍ
إِذَا بثَّتِ الأحْقَادَ بِالنَّظَرِ الشَّزِرِ
تغلُّ علَى العتبِ بينَ دلائلِ الصفاء
وتجلُو الحقدَ في رونقِ البشرِ
فَمَا كُنْتُ إِلاَّ السَّيْفُ يَسْعُرُ حَدُّهُ
ضرامُ الوغَى والماء في متنهِ يجري
فأيُّ خليلٍ بالتجنّي حملتهُ
على الخطة ِ الشنعاءِ والمركبِ الوعرِ
وأيُّ حسامٍ فلَّ رأيكَ حدهُ
وقدْ كانَ يفري والقواضبُ لا تفرِي
فلوْ لمْ أرَ البقيَا أطعتُ حفيظتَي
عليكَ ولكنْ ليسَ قلبكَ في صدرِي
وكنتُ جديراً أنْ أبيتَ وبيننَا
مهامهُ تسري الشهبُ فيها علَى ذعرِ
يضلُّ بهَا عنِّي خيالكَ قصدهُ
ولوْ ركبَ الجوزاء أوْ صهوة َ البدرِ
وهيهاتَ لوْ ناديتنَي ساكنَ الثرى
أجبتُ فصيحاً لا صدَى جانبَ القبرِ
وَإِنِّي وَإِنْ كَانَتْ سَمَاؤكَ أَمْطَرَتْ
سحائبَ عرفٍ ناءَ في حملهِ ظهرِي
لأعلمَ أنِّي بانتسابِي إليكمُ
على الكرمِ الوضاحِ والمنصبِ الجَرِ
جَرَيتُ بأَوفَى مَا تَطُولُ بِهِ يَدِي
وَجُدْتُ بِأَعلَى مَا يَضِنُّ بِهِ شُكْرِي
غضبتُ علَى جدواكَ نفساً أبية ً
فصارَ غنائِي عنكَ أوضحَ منْ فقرِي
وعلمتني بذلَ النوالِ توكلاً
عليكَ كمَا جادَ السحابُ منَ البحرِ
فَإِنْ كَانَ إِدْلائِي عَلَيْكَ جِنَايَة ً فَإِنَّكَ
أهل للتعمدِ والغفر
ولستُ بعيداً من رضاكَ وبيننَا(27/233)
مَوَاثقُ تُلغى فِي وَسَائِلَها وزْرِي
وكمْ لكَ عندي منة ٌ ما وفى بهَا
ثنائي فلا شكري رضيتُ ولاَ كفرِي
وقبلكَ ما عرضتُ نفسي لنائلٍ
يعدُّ ولا رمتُ الرواءَ منَ القطرِ
وَلا كُنْتُ إلاَّ رَاضِياً بِقَنَاعَة ٍ
أعيشُ بهَا بينَ الخصاصة ِ واليسرِ
ولكنَّ حظِّي منْ سحابكَ شيمة ٌ
تَكْثُر حُسَّادِي وَتَرْفَعُ مِنْ قَدْرِي
فِدَاكَ كَرِيْمٌ جَادَ مِنْ فَضْلِ مَالِهِ
فَإنَّكَ مَا أَعْطَيتَ إِلاَّ عَلَى عُسْرِ
فَكَيْفَ عَمِيْدٌ بِالثَرَاءِ قِلاصُهُ
قِلاصُ الثُّرَيَّا لا تَخَافُ مِنْ النَّحِرِ
ولا زلتَ أحلَى في الجفونِ منَ الكرَى
وحبكَ أحلَى في القلوبِ منَ الذكرِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وَاخَجَلَتَا للِطَّيْفِ لَمَا سَرَى
وَاخَجَلَتَا للِطَّيْفِ لَمَا سَرَى
رقم القصيدة : 24152
-----------------------------------
وَاخَجَلَتَا للِطَّيْفِ لَمَا سَرَى
في خطرِ الليلِ إلى ساهرِ
زِيَارَة ضَاعَتْ وَلَكِنَّهَا
جناية ٌ الشوقِ على الزائرِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> ألا أَرِقْتُ لِلَمْعِ بَرْقٍ سَارَ
ألا أَرِقْتُ لِلَمْعِ بَرْقٍ سَارَ
رقم القصيدة : 24153
-----------------------------------
ألا أَرِقْتُ لِلَمْعِ بَرْقٍ سَارَ
باتتْ تجردهُ يدُ الأمطارِ
يَبْدو وَيُخْفِيهِ الحَيَا فَكَأَنَّهُ
عزمٌ تجاذبهُ منَ الأفكارِ
وافَى علَى شعثٍ أضاعَ كراهمُ
خِصْبُ اللِّئَامِ وَضَيْعَة ُ الأَحْرَارِ
عمدُوا إلى أسيافهِمْ فكأنَّهَا
آلتْ لِتُنْجِدَهُم عَلَى الأَقْدَارِ
يحدُو بعزهمُ كريمُ قبيلة ٍ
ذلُّ العدوِ بهَا وعزُّ الجارِ
يَرْتَاحُ لِلْبَرقِ المُضِيء وَلَو رَمَى
فِي كُلِّ جَارِحَة ٍ بِحَذْوَة ِ نَارِ
أخيالَ عذبة َ ما هداكِ لعصبة ٍ
صحبُوا الدجَا نشوَى بغيرِ عقارِ
ما زالَ عضبُ البينِ يفري شملهمْ
حَتَّى طَرَقتْهُمُ عَلَى الأكْوَارِ
يا دارُ سقياً للكثيبِ وصحبُنَا
آرامُه وَاللَّيْلُ لَونُ عِذَارِ(27/234)
أيامَ فيكَ إذا تشاءُ يدُ الهوى
جَادَتْ بِبَدرِ دُجَا وَشَمْسِ نهَارِ
قَصُرْتَ لَيَالِيْهِنَّ إِلاَّ أَنْهَّا
تذرُ النفوسَ طويلة َ التذكارِ
هزيجٌ ينظمُ فوقَ أجيادِ الربَا
سمطيْ عرارٍ فائحٍ وبهارِ
زَهْرٌ كَزُهْرِ الشُّهْبِ إلاَّ أَنَّهُ
مُتَبَسِّمٌ مِنْ دَمْعِهِنَّ الجَارِي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَمَا الزَّمَانُ فَمُوجِزٌ فِي وَعْظِهِ
أَمَا الزَّمَانُ فَمُوجِزٌ فِي وَعْظِهِ
رقم القصيدة : 24154
-----------------------------------
أَمَا الزَّمَانُ فَمُوجِزٌ فِي وَعْظِهِ
وظفرتُ بالإشهابِ في إيجازهِ
لا تُخْدَعَنَّ فَمَا حَقِيْقَة ُ أَمْرِهْ
عندَ النهَى إلاَّ كمثلِ مجازهِ
سبَقَ اللِّئَامُ بِهِ الكِرَامَ كَأَنَّمَا
قَيَّدَتْ هَوَادِيْهِ إِلى إِعْجَازِهِ
كَمْ مَوْعِدٍ مِنْهُ تَعَلَّقَ طَامِعٌ
سَفَها فَحَالَ المَوْتُ دُونَ نَجَازِهِ
منْ كانَ مقتنعاً فقدْ وجدَ الغنَى
فِي شَامِهِ وَعِرَاقِهِ وَحِجَازِهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَا ذَكَرَ الرَّوْضُ وَقَدْ تَنَفَّسَا
مَا ذَكَرَ الرَّوْضُ وَقَدْ تَنَفَّسَا
رقم القصيدة : 24155
-----------------------------------
مَا ذَكَرَ الرَّوْضُ وَقَدْ تَنَفَّسَا
غَيْرَ حَدِيْثِ الرَّكْبِ حِيْنَ عَرَّسَا
رَكِبُ هَوَى تَجَاذَبُوا حَدِيْثَهُ
فَأَترَعُوا مِنَ الغَرَامِ أَكْؤسَا
وَأَسْبلُوا مِنَ الجُفُونِ أَدْمُعَا
ظَنَنْتهُا مَاء وَكَانَتْ أَنْفُسَا
يا صاحبيْ رحليْ بجرعاءَ الحمَى
مَا يُعْذِلُ الخَائِفُ إنْ تَجَسَّسَا
لَقَدْ سَمِعْتُ فِي الرِّحَالِ أَنَّة ً
أظنُّها نشطة َ وجدٍ حبسَا
ويا خليليَّ املكَا طرفيكمَا
لا تَنْظُرَانِ الحَي حِيْنَ غَلَّسَا
فإنَّ قلبي يومَ سفحِ حاجرٍ
يَغُرُّهُ دَاعِي الهَوَى فَاخْتَلَسَا
وَمَا عَلَى قَوْمِكَ يَا ذَاتَ اللَّمَى
إنْ نحنُ حيينَا محلاً درسَا
ومَا علَى زواركمْ لوْ لثمُوا(27/235)
عنَّا فروعَ شيحكمْ والمغرسَا
فَرُبَّ لَيْلٍ فِي هِضَابِ عَاقِلٍ
رقَّ نسيماً حينَ طابَ ملبسَا
يظننِي الغيرانُ قدْ شهدتهُ
وإنمَا ظننتهُ تفرسَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> استغفرِ الله القديمَ وعذبهِ
استغفرِ الله القديمَ وعذبهِ
رقم القصيدة : 24156
-----------------------------------
استغفرِ الله القديمَ وعذبهِ
مِنْ شَرِّ عَافٍ فِي الحُطَامِ مُنَافِسِ
وَاصْنَعْ جَمِيلاً لا يَضِيْعُ صَنِيْعُهُ
وَاسْمَحْ بِقُوَّتِكَ لِلضَّعِيفِ البَائِسِ
وَاقْنَعْ فَفِي عَيْشِ القَنَاعَة ِ نِعْمَة ٌ
لا تتقي كفَّ الزمانِ الخالسِ
لا تَرْكِنَنَّ إِلَى المراءِ فَإِنَّهُ
سببٌ لكلِّ تنافرِ وتشاوسِ
ضلت بنُو غطفانَ لمّا قتلت
سَادَاتُهَا غَضَبَا لِلَطْمَة ِ دَاحسِ
والحارثُ البكريُّ قامَ إلى الوغَى
منْ بعدِ ما أمضَى عزيمة َ جالسِ
ألِفَ البَخِيْلُ مَكَاسَهُ فِي مَالِهِ
وَالعُمرُ أَنْفِقَ مِنْهُ غَيْرُ مُمَاكِسِ
وثوَى فأرمسَ ثمَّ صارَ تراثهُ
قسماً يفيضُ بهِ دموعُ الرامسِ
عاذتْ بنُو حواءَ منْ إبليسَ في الـ
ـدنيَا وكمْ فيهمْ فنونُ أبالسِ
درسُوا العلومَ ليملكُوا بجدالهمْ
فِيْهَا صُدُورَ مَرَاتِبٍ وَمَجَالِسِ
وتزهدُوا حتَّى أصابُوا فرصة ً
فِي أَخْذِ مَالِ مَسَاجِدٍ وَكَنَائِسِ
إِيْوَانُ كِسْرَى صَارَ مَرْتَعَ ثُلَّة ٍ
وديارهُ باتت مناخَ عرائسِ
والحيرة ُ البيضاءُ بدلَ أنسهَا
قَدرٌ أطَاعَتْهُ مَدَائِنُ فاَرِسِ
يا عقلُ ما لكَ في اللطائفِ منهجٌ
فَلإِنْ عَثَرتَ فَلا لَعا لِلْنَاعِسِ
أما النجومُ فقد تضمنَ شأنها
جهلُ اللبيبِ وبعدُ نيلِ اللامسِ
عَمْرِي لَقَدْ ذَهَبَ الذَّيِنَ تَفَكَّرُوا
فِيْهَا وَمَا ظَفِرُوا بِغَيْرِ وَسَاوِسِ
مَا قَوْلُ بَطْلِيْمُوسُ فِيْهَا حُجَّة ً
عِنْدِي وَلا المَروِيَّ عَنْ رُسْطَالِسِ
حارَ الأنامُ فلاَ دلالة ُ ناظرٍ
تَشْفِي العُقُولَ وَلا إِمَارَة ُ قَابِسِ(27/236)
لا تحفلنَّ بمَا حوتهُ صحائفٌ
لهمُ وإنْ وجدتْ بخطِّ دارسِ
فالمَيْنُ رُكِّبَ فِي طَبَائِعَ أَرْبَع
والصدقُ عدَّ من القبيلِ الخامسِ
عجباً لهمامٍ ينازعُ خصمهُ
في آلِ يربوعٍ وأسرة ِ حابسِ
هَيْهَاتَ مَا شَرَفُ الأصُولِ بِنَافِعٍ
حَتَى يَكُونَ ذَوَائِبٌ لِمَغَارِسِ
لا تَفْعَلَنَّ وَان فَعَلْتَ فَبِالتُقَى
نَاضِلْ وَفِي بَذْلِ المَكَارِمِ نَافِسِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> ألمْ أقلْ لكَ لا تخلسْ محاسنهُ
ألمْ أقلْ لكَ لا تخلسْ محاسنهُ
رقم القصيدة : 24157
-----------------------------------
ألمْ أقلْ لكَ لا تخلسْ محاسنهُ
فإنَّ طرفكَ موتورٌ منَ الخلسِ
ظبيٌ رميتُ لهُ عينيَّ خائلة ً
ومَا علمتُ بأنَّ الليثَ في الكنسِ
عَلاقَة ٌ بِتُ عَنْهَا غَيْرَ مُعْتَذِرٍ
وَهَفْوَة ٌ كُنْتُ مِنْهَا غَيْرَ مُحْتَرِسِ
جَرَيْتُ فِيْهَا عَلَى حُكْمِ الصِّبَا وَلَعاً
فإنْ ضللتُ فإنِّي بعدُ في الغلسِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> عَدَتْنِي عَوَادٍ عَنْكَ يَا ابْنَ مُحَمَّدٍ
عَدَتْنِي عَوَادٍ عَنْكَ يَا ابْنَ مُحَمَّدٍ
رقم القصيدة : 24158
-----------------------------------
عَدَتْنِي عَوَادٍ عَنْكَ يَا ابْنَ مُحَمَّدٍ
تَأَوّبَنِي مِنْ لَذْعِهَا ناَزِحُ النَّكْسِ
ولمْ ألقَ في يومي سروراً يجبرُني
من الهمِّ إلاَّ بثَّ ما كانَ في أمسِ
فإنْ عاقَ دهرٌ عنكَ مثرٍ منَ الذي
تُبَاعُ لَهُ الأَوْطَانُ بِالثَّمَنِ البَخْسِ
وَخَادَعَ بِالقَوْمِ الَّذِيْنَ دُنُوُّهُمْ
بِبُعْدِكَ عَنْ عَيْني بَغِيْضٌ إِلَى نَفْسِي
فَلَمْ أَقْتَنِ الإِبْدَالَ مِنْكَ وَإنَّمَا
فزعتُ إلى الملحِ الأجاجِ منَ الخمسِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَبَا حَسَنٍ لَو قُلْتُ فِي ذِكْرِ وَحْشَتِي
أَبَا حَسَنٍ لَو قُلْتُ فِي ذِكْرِ وَحْشَتِي
رقم القصيدة : 24159
-----------------------------------(27/237)
أَبَا حَسَنٍ لَو قُلْتُ فِي ذِكْرِ وَحْشَتِي
لِبُعْدِكَ شِعْراً كَانَ يُعْرِبُ عَنْ أُنْسِي
أَبَى ذَاكَ إِنِّي مُذْ رَحَلْتُ بِخَاطِرٍ
كَلِيلٍ وَقَلبٍ بِالجَّوَى عَازِبِ الحِسِّ
أطالتْ عليَّ الليلَ سودُ همومهِ
كأنِّي خلفتُ السرورَ معَ الشمسِ
فهلْ أنتَ ممنْ يدَّعي ما ادعيتهُ
وَقَدْ صِرْتُ بَعْدَ البَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ قُسِّ
وجاءَ كلامٌ منكَ دلَّ صقالهُ
وَصِدْقُ مَعَانِيْهِ عَلَى جَذَلِ النَّفْسِ
فَأَيْنَ غَرَامٌ يَعْقِلُ الفِكْرَ بَعْضُهُ
ووجدٌ يعيدُ المسهبينَ منَ الخرسِ
وهيهاتَ لوْ كانتْ جفونكَ أطلقتْ
مدامعهَها ألفيتَ ذهنكَ في حبسِ
وأجبلتَ حتَّى صرتَ مثلْي فإنَّني
بِبُعْدِكَ قَدْ لاقَيْتُ ضربَاً مِنَ المَسِّ
فلمْ تجتمعْ لي أحرُف في صحيفة ٌ
كأنَّ الدجَا نفسي وشمسُ الضحى طرْسي
العصر العباسي >> البحتري >> كنت إلى وصل سعدى جد محتاج
كنت إلى وصل سعدى جد محتاج
رقم القصيدة : 2416
-----------------------------------
كُنتُ إلى وَصْلِ سُعدى جِدَّ محْتَاجِ،
لَو أنّهُ كَثَبٌ للآمِلِ الرّاجي
تُدامِجُ الوَعدَ لا نُجحٌ ولا خُلُفٌ،
مَجْدُولَةٌ بَينَ إرْهَافٍ، وإدْمَاجِ
شمسٌ أضَاءَتْ أمامَ الشّمسِ إذ بَرَزَتْ
تَسيرُ في طَعَنٍ منهُمْ، وأحْدَاجِ
مِنْ لابِساتٍ حصَى الياقُوتِ أوْشِحَةً،
وَلَمْ يَذِلْنَ بلُبْسِ الذَّبْلِ والعَاجِ
أسقَى دِيَارَكِ، والسّقْيَا تَقِلُّ لَهَا،
إغْزَارُ كُلّ مُلِثّ الوَدْقِ ثَجّاجِ
يُلقي على الأرْضِ من حَليٍ، ومن حُللٍ،
ما يُمتعُ العَينَ مِنْ حُسنٍ وإبْهَاجِ
فَصَاغَ ما صَاغَ مِنْ تِبْرٍ، وَمن وَرَقٍ
وَحَاكَ ما حَاكَ من وَشيءٍ وَديبَاجِ
إلى عَليِّ بَني الفَيّاضِ بَلّغَني
سُرَايَ من حيثُ لا يُسرَى، وإدْلاجي
إلى فَتًى، يُتبِعُ النُّعْمَى نَظائِرَهَا،
كالبَحْرِ يُتبِعُ أمْوَاجاً بأمْوَاجِ
نَعُودُ مِنْ رأيِهِ، في كُلِّ مُشْكِلَةٍ،
إلى سِرَاجٍ، يُرِينَا الغَيْبَ، وَهّاجِ(27/238)
لمْ أرَ يَوْماً كَيَوْمٍ قِيضَ فيهِ لإسْـ
حَاقَ بنِ أيّوبَ إسحاقُ بنُ كِنداجِ
أجلَى لِهَامٍ عَلَيْهَا بَيْضُها، وَطُلًى
منهُ، وأفرَى لأوْرادٍ وأوْداجِ
لمّا تَضَايَقَ بالزّحْفَينِ قُطْرُهُمَا،
فضَارِبٌ بِغِرَارِ السّيفِ، أوْ وَاجِِ
قالَتْ لهُ النّفسُ، لا تألوهُ ما نصَحت،
والخَيلُ تَخلِطُ مِنْ نَقْعٍ، بإرِهَاجِ
إنّ المُقيمَ قَتيلٌ لا رُجُوعَ له
إلى الحَيَاةِ، وإنّ الهَارِبَ النّاجِي
فَمَرّ يَهْوِي هُوِيَّ الرّيحِ يُسعِدُهُ
خرق بَسيطٌ، وَلَيْلٌ مُظلِمٌ داجِ
إلاّ تَنَلْهُ العوَالي، وَهْوَ مُنجَذِبٌ،
فقَدْ كَوَتْ صَلَوَيْهِ كَيَّ إنْضَاجِ
إنّ الخِلاَفَةَ لا تُلْقَى كَتَائِبُهَا،
كَمَا لُقِيتَ، بعَوّادٍ وَصَنّاجِ
تَرَكْتَ عُود كَنِيزٍ في العَجَاجِ فَلَمْ
تَرْبَعْ عَلى رَمَلٍ فيهِ، وأهْزَاجِ
تَصِيحُ أوْتَارُهُ، والخَيْلُ تَخْبِطُهُ،
يَطَأنَ حِضْنَيْهِ، فَوْجاً بَعدَ أفوَاجِ
فإنْ رَجَعْتَ ألى حَرْبٍ، فأبْقِ عَلى
خَلْيَاقَ يَنشَو وَبَمٍّ فيهِ لَجْلاجِ
إذا تَخَطّفَهُ المِضْرَابُ حَرّكَ في
سرّ القُلُوبِ سُرُوراً، جِدَّ مُهْتَاجِ
كانَتْ نَصِيِيونُ خِيساً ما يُرَامُ، فَقَدْ
ذَلّتْ لِلَيْثٍ، على الأعْدَاءِ، وَلاّجِ
أبْقَى، وَلَوْلا التّلافي مِنْ بَقِيّتِهِ،
قاظَتْ لهمْ نِسوَةٌ من غيرِ أزْوَاجِ
وَوَقْعَةُ اللَّحْفِ، والهَيْجَاءُ ساعرَةٌ
لَهيبَ حر، على الأبْطَالِ، أجّاجِ
أزَالَ خَمْسينَ ألْفاً، فانْثَنَوْا عُصَباً،
والطّعْنُ يُزْعِجُ مِنهُمْ أيَّ إزْعَاجِ
إقْدامُ أبْيَضَ تُسْتَعْلي مَنَاسِبُهُ
بهِ إلى مَلِكِ البَيْضَاءِ، ذي التّاجِ
تُجلَى الشّكوكُ إذا اسوَدّتْ غَيَابَتُهَا
عَن كوْكبٍ، لسَوَادِ الشّكّ، فَرّاجِ
إنْ أنا شَبّهْتُهُ بالغَيْثِ في مِدَحي،
غَضَضْتُ منهُ فكُنتُ المادحَ الهاجي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا ناق إنْ أثرَى العذيبُ وروضَا
يَا ناق إنْ أثرَى العذيبُ وروضَا(27/239)
رقم القصيدة : 24160
-----------------------------------
يَا ناق إنْ أثرَى العذيبُ وروضَا
فلنَا ديون بالأسنة ِ تقتضَى
قدْ ماطلَ القدرُ الجموحُ بوعدهِ
فيهَا وآنَ لمغمدٍ أنْ ينتضَى
بيني وبينَ الذلِّ عزُّ قناعة ٍ
نَبَذَ الجَمَامَ ابَاؤهَا وَتَبَرَّضَا
وَسِنَانُ مُطَّرِدِ الكُعُوبِ مُثَقَّفٌ
كالصلِّ صرحَ بالوعيدِ ونضنضَا
حُبُّ الغِنَى عَقَلَ اللِّئَامَ وَفَاتَهُ
طَيَّانُ أَتْرَبَ بِالثَّنَاءِ وَأَنْفَضَا
غصبَ السراحَ علَى بقية ِ زادهَا
وقرَى فأمحضَ للضيوفِ وأنحضَا
عرضْ ثراءكَ للخطوبِ وشلهُ
شلَّ الطريدة ِ قبلَ أنْ يتعرضَا
وَأَنْبُذْ غِنَاكَ فَمَا رُزِيْتَ بِذَاهِبٍ
لمْ يبدُ عندكَ نفعهُ حتَّى مضَى
إنْ راعَني وضحُ المشيبِ فإنهُ
بَرْقٌ تَأَلَّقَ بِالخُطُوبِ وَأَوْمَضَا
وَلَقَدْ أَضَاءَ وَأَظْلَمَتْ أَيَّامَهُ
حتَّى عرفتُ بهِ السوادَ الأبيضَا
وبجانبِ العلمينِ شاكٍ سرهُ
إنِّي رعيتُ لهُ النجومَ وغمضَا
ومرنحٍ فطنَ النسيمُ بوجدهِ
فروَى لهُ خبرَ العذيبِ معرضَا
نَمْ وَاحْمَدِ اللَّيْلَ القَصِيْرَ فَلَيْلُهُ
بَادِي الهُمُومَ فَلا انْقَضَيْنَ وَلا انْقَضَى
وسلِ الصباحَ وقدْ أقامَ بحاجرٍ
إنْ كانَ أضمرَ أنْ يمرَّ علَى الفضَا
ذمَّ الزمانَ فمَا وجدتُ صروفهُ
إِلاَّ ذَلُولاً في القِيَادِ وَرَيِّضَا
صفحتْ نوائبهُ عنِ ابنِ مقلدٍ
كرماً فكيفَ ألومهُ فيمَا مضى
ولقدْ ألمَّ بهِ فأظهرَ فضلهُ
والنارُ لا تشتبُّ حتَّى تحتضَى
راضَ الزمانَ فأصبحتْ أخلاقهُ
وَأَعَادَ صَبْغَ شَبَابِهِ لَمَّا نَضَا
منْ معشرٍ بذلُوا النفوسَ سماحة ً
وحمُوا بيوتَ المجدِ أنْ تتقوضَا
عادتْ بهمْ ظلمُ الخطوبِ مضيئة ً
وَالجَدْبُ مُوشِيُّ البُرود مُرَوَضَا
لَولا مُخَالَطَة ُ الصَّوَارِمِ وَالقَنَا
مَنَعَ السَّمَاحُ أَكُفَّهُمْ أَنْ تُقْبَضَا
قومٌ إذا استنجدتهمْ لملمة ٍ
ملأتْ عليكَ جيادهمْ رحبَ الفضَا(27/240)
السُّمْرُ تَشرَعُ وَالدُّرُوعُ تَصُونُهَا
سُحْبِ السِّهَامِ كَأَنَّهَا رُسُلُ القَضَا
وَالنَّقْعُ يُسْفِرُ بِالظُّبَا فَكَأَنَّهُ
غضبٌ تبسمَ بينهُ لمعُ الرضَا
أَسْيَافُهُم في رَاهِطٍ مَعْرُوفَة ٌ
مَنَعَتْ دَعَائِمَ عِزَّهِمْ أَنْ يُدْحَضَا
وَتَقَلَّدَ العُمَرِي مِنْ إِيْمَانِهِمْ
عاراً يطولُ عليهِ حتى يرحضَا
يَا مَنْ إِذَا مَا ذَادَ عَنْ أَحْسَابِهِمْ
يَوْمَ النِّضَالِ أَصَابَ لَمَّا أَنْبَضَا
خفضْ عليكَ فكمْ ظفرتَ بغاية ٍ
وكبَا وراءكَ جاهدٌ ما خفضَا
بيني وبينكَ ذمة ٌ مرعية ٌ
حاشَا مرائرُ عهدِها أنْ تنقضَا
عَيْنُ الحَوَادِثِ دُونَهَا مَطْرُوفَة ٌ
نظرَ المحبّ سلا وعاودَ مبغضَا
فَأَصِخِ إِلَيَّ وَللِحَدِيْثِ شُجُونُهُ
حَتَّى أَبُثَّكَ مَا أمَضَّ وَأَرْمَضَا
مَا أَخَّرَتْنِي عَنْ جَنَابِكَ هِمَّة ٌ
وَجَدَتْ مِنَ الأَهْوَاءِ عَنْكَ مُعَوَّضَا
لكنهُ قدرٌ أناخَ ركائبي
قَسْراً وَقَيَّدَ هِمَّتِي أَنْ تَنْهَضَا
وعلمتَ أنكَ كالنسيمِ مخلدٌ
أبداً وليسَ يصحُّ حتى يقبضَا
فَاغْفِرْ لِخِلٍّ لَو أَبِيْعَ هَوَاكُمُ
بِحَيَاتِهِ هَجَرَ الحَيَاة َ وَأَعْرَضَا
وفداكَ صبٌّ بالثراءِ محرمٌ
بسطَ البنانَ عليهِ حتى يقبضَا
نَبَذَ الإبَاءَ فَإنْ تَنَكَّرَ حَادِثٍ
أَلْقَى مَقَالِدُهُ إِلَيْهِ وَفَوَّضَا
واسمعْ شواردَ لا تملُّ غريبهَا
حتى تملَّ منَ البقاءِ وتغرضَا
قدْ كانَ يسهلُ خاطِري فكأنهُ
سَئِمَتْ رَكاَئِبُهُ الرِّيَاضَ فَأَحْمَضَا
فِكْرٌ أَقُودُ بِهِ الجُمُوحَ كَأَنَّمَا
طبعُ الرضيِّ لهُ وعلمُ المرتضَى
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا مَنْ رُمَيْتُ بِعَتْبِهِ حَاشَاكَ مِنْ
يَا مَنْ رُمَيْتُ بِعَتْبِهِ حَاشَاكَ مِنْ
رقم القصيدة : 24161
-----------------------------------
يَا مَنْ رُمَيْتُ بِعَتْبِهِ حَاشَاكَ مِنْ
عَتْبٍ يَعُزُّ عَليَّ أَوْ إِعْرَاضِ(27/241)
لِي أُسْوَة ٌ فِيْمَا فَعَلْتُ وَلَسْتُ مَنْ
تخفَى عليهِ إشارة ُ الأغراضِ
لولا هواكَ وجدتُني وخلائقي
شَمْسٌ وَسَيْفِي بِالقَطِيْعَة ِ مَاضِي
فَاعْطِفْ عَلَيَّ وَلا تَكُنْ مُتَسَرِّعَا
فيما أحاذرهُ وخصمي راضِي
وَمِنَ العَجَائِبِ أَنْ تَكُونَ قَضِيَّة ٌ
يَرْضَى الخُصُومُ بِهَا وَيَأْبَى القَاضِي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> ومَا زلتُ أغضِي عنكَ بالليلُ كلمَا
ومَا زلتُ أغضِي عنكَ بالليلُ كلمَا
رقم القصيدة : 24162
-----------------------------------
ومَا زلتُ أغضِي عنكَ بالليلُ كلمَا
بدوتَ ولولا خوفُ قومكِ لمْ أغضِ
وَأَرْقُبُ زُوراً مِنْ خَيَالِكِ طَارِقَا
وهيهاتَ منْ شرطِ الهوَى عدمُ الغمضِ
هَجَرْتُكِ خَوْفَا مِنْ بُعَادٍ يُثِيْرُهُ
دُنُوِّي وَبَعْضُ الشرِّ أَهْوَن مِنْ بَعْضِ
فَيَا حَاكِمَ الأَيَّامِ إِنْ كُنْتَ قَاضِيَا
بوصلٍ فبادرْ قبلَ نقضي ولا تقضِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> قُبْحَا لِيَومِكَ فَالنَّوَائِبُ بَعْدَهُ
قُبْحَا لِيَومِكَ فَالنَّوَائِبُ بَعْدَهُ
رقم القصيدة : 24163
-----------------------------------
قُبْحَا لِيَومِكَ فَالنَّوَائِبُ بَعْدَهُ
وأقولُ لوْ أنَّ النوائبَ تسمعُ
وَأُخَادِعُ الأَيَّامَ وَهِي مَلِيَّة ٌ
بنتاجِ كلِّ ملمة ٍ لا تخدعُ
لا تغبطنَّ علَى البقاءِ مرزأ
إنَّ المُوَدِعَ إِلفَهُ لِمُوَدِّعُ
مَاطِلْ بِطَرْفِكَ يَا زَمَانُ فَإنَّهُ
لَمْ يَبْقَ عِنْدِي للصَّبَابَة ِ مَوْضِعُ
أوْ فارمنِي بسهامِ خطبكَ جاهداً
إنْ كانَ في قوسِ الحوادثِ منزعُ
لا سالمتْني النائباتُ فإنَّني
ثلِجُ الفُؤادِ إِذَاً تَقُودُ فَأتَبعُ
وَعَدِمْتُ أَوْطَانِي فآنسُ أَرْضِهَا
وَحْشٌ وَأَضْيَقُهَا عَلَيَّ الأوسَعُ
أوضحتَ لي سبلَ الهمومِ كأنمَا
صَبْرِي تَخِبُّ بِهِ الرِكَابُ وَتُوْضِعُ
وَأَضَقْتَ ذَرْعِي بِالعَزَاءِ وَطَالَمَا(27/242)
أَمْسَى رَحِيْبَا إِذْ تَضِيْقُ الأَذْرُعُ
وحجبتَ عنْ عيني الضياء كأنَّما
الآفاقُ غربٌ ليسَ فيهِ مطلعُ
فلتفخرِ الأيامُ أنَّ ملمة ً
مِنْهَا أَهَالُ بِوَقْعِهَا وَأرَوعُ
قُبْحَا لِيَومِكَ فَالنَّوَائِبُ بَعْدَهُ
جَلَلٌ وَكُلُّ رَزِيَّة ٍ لا تَفْجَعُ
أشكُو فراقكِ ثمَّ أعلمُ عندهُ
أَنَّ السَّبِيْلَ إِلَى لِقَائِكِ مَهْيَعُ
وَرَجَوْتُ قُرْبَكِ وَالدِّيَارُ بَعِيْدَة ً
فَاليَوْمَ أَخْفَقَ في اللِّقَاءِ المَطْمَعُ
لوْ كانَ ينفعُني السلوُّ نبذتهُ
أسفاً عليكِ فكيفَ إذْ لا ينفعُ
هيهاتَ يجمعُ شملَ صبرٍ نافر
قلبٌ بأيدي الحادثاتِ موزعُ
أَحْنُو الضُّلُوعَ عَلَى بَوَاعِثِ غُلَة ٍ
ضمنَ أذكاركَ أنَّها لا تنقعُ
وألومُ طولَ الليلِ أرقبُ فجرهُ
أَوْ مَا ابْيِضَاضُ الصُّبْحِ بَعْدَكِ أَسْفَعُ
قَرَعَتْ إِلَيْكِ ثَنِيَّة ٌ مَطْرُوقَة ٌ
قَضَتِ المَنِيَّة ُ أَنَّهَا لا تَمْنَعُ
ما كانَ أوعرَ نهجهَا لوْ أنهُ
خرقَ بأطرافِ الأسنة ِ يرقعُ
لا تَبْعُدَنَّ مَصَارِعٌ مَطْلُولَة ٌ
ما حطمتْ فيها الرماحُ الشرعُ
ومسندونَ تعاقرُوا كأسَ الردَى
ودعَا بسهمهِم الحمامُ فأسرعُوا
بركَ الزمانُ عليهمُ بجرانهِ
وَهَفَتْ بِهِمْ رِيْحُ الخُطُوبِ الزَعْزَعُ
خرسٌ إذَا ناديتَ إلاَّ أنهمْ
وعظُوا بما يزعُ الليبَ فأسمعُوا
وَفَوارِسٌ عَهِدُوا السُّيُوفَ ذَوَائِداً
عنْ سربهمْ لوْ صادفتْ ما تقطعُ
نَبَذُوا الأَنامَ فَمَا أَضَاءَ بِنَقْعِهِمْ
عضبٌ يشامُ ولاَ سنان يلمعُ
البيضُ تزهرُ والدروعُ مفاضة ٌ
وَالخَيْلُ تَمْرَحُ وَالقَنَا يَتَزَعْزَعُ
وَالدَّهْرُ يَفْتِكُ بِالنُّفُوسِ حِمَامَهُ
فَلِمَنْ يُعَدُ كَرِيْمُهُ أَوْ يَجْمَعُ
عجباً لمنْ يبقي ذخائرَ مالهِ
وَيَظَلُّ يَحْفَظُهُنَّ وَهُوَ مُضَيَعُ
وَلِغَافِلٍ وَلَهُ بِكُلِّ ثَنِيَّة ٍ
ملقَى لهُ بطنَ الصفائحِ مضجعُ
أَتُرَاهُ يَحْسَبُ أَنَّهُمْ مَا أَسَأَرُوا(27/243)
مِنْ كَأسِهِمْ أَضْعَافَ مَا يُتَجَرَّعُ
لوْ كانَ يمنعكَ القراعُ ملأتَها
جَرْداً يَغُصُّ بِهَا الفَضَاءُ البَلْقَعُ
وَأَثَرْتَ فِي حَلْقِ الدُّرُوْعِ عِصَابَة ً
كالدهرِ تخفضُ ما يشاءُ ويرفعُ
لَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَ أَمَامَهَا
مَا يُسْتَجَنُّ بهِ وَلا يُسْتَدْفَعُ
يَا قَبْرُ فِيْكَ الصَّالِحَاتُ دَفِيْنَة ٌ
أَفَمَا تَضِيْقُ بِهِنَّ أَوْ تَتَصَدَّعُ
لَو كُنْتَ تُبْلَغُ مَا أَقُوْلُ أَطَلْتُ مَا
أَشْكُو إِلَيْكَ مِنَ الهُمُومِ وَأَضْرَعُ
حياكَ فجريُّ النسيمِ كأنهُ
أبداً بطيبِ ثنائهَا يتضوعُ
وَسَقَتْكَ أَجْفَانِي فَأَنْتَ بِمَعْزَلٍ
عَنْ أنْ يُتَاحَ لَكَ السَّحَابُ الهُمَّعُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ عَقْرٌ عَلَيْكَ فَإْنَّهَا
كبدٌ محرقة ٌ وقلبٌ موجعُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وَهَبَّتْ لَهُ رِيْحُ الصِّبَا فَأَرَيْتَهُ لِمَنْ دِمَنٌ بَيْنَ الغُوَيْرِ وَأَرْبُعُ
وَهَبَّتْ لَهُ رِيْحُ الصِّبَا فَأَرَيْتَهُ لِمَنْ دِمَنٌ بَيْنَ الغُوَيْرِ وَأَرْبُعُ
رقم القصيدة : 24164
-----------------------------------
وَهَبَّتْ لَهُ رِيْحُ الصِّبَا فَأَرَيْتَهُ لِمَنْ دِمَنٌ بَيْنَ الغُوَيْرِ وَأَرْبُعُ
تَوَّهُمَهَا جِفْنُ مِنَ الدَّمْعِ مُتْرَعُ
محاها صبوحُ الغين بعدَ غبوقهِ
وَهَبَّتْ بِهَا رِيْحُ الصِّبَا وَهِيَ زَعْزَعُ
يَقُولُ صِحَابِي هَلْ نَسِيْمُ حَدِيْقَة ٍ
تنفسَ أمْ ذكرُ الهوى يتضوعُ
فأقسمتُ ما أدري أركبٌ تناشدُوا
عَلَى الدَّارِ أَمْ لَحْنُ الحَمَائِمِ تَسْجَعُ
ونارٌ على الجرعاءِ يدعو بها الدجَا
إِلَى الطَرْفِ أَمْ بِيْضُ القَوَاضبِ تَلْمَعُ
وَقُلْتُ لِسَعْدٍ والنُّعامى تَنُوشُهُ
وقدْ أثملَ الركبَ الحنينُ المرجعُ
تصاممْ عنِ الأنضاءِ أو فالتمسْ لهَا
فؤاداً يعاطيها الغرامَ ويجزعُ
ودعْ عنكَ إيماضَ البروقِ فإنَّها
صوارمُ في سرِّ الجوائحِ تقطعُ(27/244)
فَلَمَّا أَبَى إِلاَّ نِزَاعاً فُؤادُهُ
شَجَانِي جَوَاهُ فَالعَزُولُ المُفْجَعُ
وَهَبَّتْ لَهُ رِيْحُ الصِّبَا فَأَرَيْتَهُ
فؤادَ الحزينِ كيفَ يمضِي ويرجعُ
خليليَّ إنْ لمْ تعرفَا زفرة َ النوَى
وَلَمْ تُسْعِدَانِي فَانْظُرا كَيْفَ أَصْنَعُ
تَجَاهَلْتُ حَتَى أَنْكَرَتْنِي خَفَاجَة ٌ
وقالتْ بمَا ضلَّ الأعزُّ المشيعُ
وأصبحتُ أرجُو أنْ تعودَ أنايتي
وَلَيْسَ لِمَنْ تَطْوِي المَنِيَّة ُ مَرجَعُ
توقد أسى ما ذلكَ العهدُ عائدٌ
عَلَيْكَ وَلا فِي قُرْبِ غَيْدَاءَ مَطْمَعُ
بَنِي عَامِرٍ يَلقُونَ بِي جَمْرَة َ العِدَى
وأنصركُمْ واليومَ بالنقعِ أشفعُ
ويسهرُني منْ شفَّ جسمي فراقهُ
فَأنْظُرُ طَرْفَا في العَشِيْرَة ِ يَهْجَعُ
تَحَامَوْا ورُودَ الصَّبْرِ أَو فَاتْبَعُوا فَتَى
يقومُ بما قامَ الكريمُ السميدعُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ أَبْغِي الحِلْمَ آوِنَة ً
إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ أَبْغِي الحِلْمَ آوِنَة ً
رقم القصيدة : 24165
-----------------------------------
إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ أَبْغِي الحِلْمَ آوِنَة ً
أوْ أمتطيهِ لمَا آتي وما أدعُ
فمَا أحملُ صبري فوقَ طاقتهِ
ولاَ أكلفُ قلبي فوقَ ما يسعُ
إِذَا صَدِيْقٌ نَبَتْ عَنِّي جَوَانِبُهُ
وَغَرَّهُ الحِلمُ حَتَى غَالَهُ الطَّمَعُ
نزعتُ عنهُ وفي قلبي نوازعهُ
خيرٌ منَ الضيمِ أنْ ينتابكَ الجزعُ
فاذهبْ طليقاً ففِي الغبراءِ مطرحٌ
وإنْ ذهبتَ ففِي الإخوانِ متسعُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَتَانِي وَعَرْضُ الرَّمْلِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
أَتَانِي وَعَرْضُ الرَّمْلِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
رقم القصيدة : 24166
-----------------------------------
أَتَانِي وَعَرْضُ الرَّمْلِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
حَدِيْثُ لأَسْرَارِ الدُّمُوعِ مُذِيْعُ
تصاممتُ عن راويهِ حتّى أربتهُ
وَإِنِّي عَلَى مَا غَالَنِي لَسَمِيْعُ(27/245)
وَقَالَ رَبِيْعٌ مَاتَ فِيْهِ مُسَلَّمُ
فقلتُ لهُ بلْ ماتَ فيهِ ربيعُ
أبَا طاهرٍ مَا كانَ ألأمَ ليلة ٍ
أرقتُ بهَا والساهرونَ هجوعُ
فلهفي علَى الآمالِ فيكَ فإنهَا
نوائبُ لمْ يقدرْ لهنَّ شروعُ
وَعَزَّ عَلَى سَارِي الدُّجَا أَنْ يَجُوبَهُ
ومالكَ منْ دونِ النجومِ طلوعُ
ألومُ عليكَ الوجدَ وهوَ مبرحُ
وأعتبُ فيكَ الدمعَ وهوَ نجيعُ
وَأَعْلَمُ أَنِّي مَا مَنَحْتُكَ طَائِلاً
وهلْ هيَ إلاَّ زفرة ودموعُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> دعوهَا تناضلُ بالأذرعِ
دعوهَا تناضلُ بالأذرعِ
رقم القصيدة : 24167
-----------------------------------
دعوهَا تناضلُ بالأذرعِ
فَأَيْنَ العَوَاصِمُ مِنْ لَعْلَع
وَقَوَّدُوا أَزْمَتَهَا بِالحَنِيْنِ
فَلولا الصَّبَابَة َ لَمْ تَتَّبَع
ويَا سعدُ هلْ لكَ في وقفة ٍ
عَلَى الدَّارِ تَجْهَلُ فِيْهَا مَعِي
فماليَ قلبٌ يبثُّ الغرامَ
علَى رسم دمنتهَا البلقع
ولكنهُ كانَ لمَّا مضَى
مَعَ الظَّعْنِ وَصَّى إلى أَدْمُعِي
فهنَّ إذَا ما عدمنَ الخليطَ
رَعَيْنَ الأَمَانَة َ فِي الأرْبُعِ
عَذِيرِيَ مِنْ عَاذِلٍ فِي هَوَاكَ
يعزُّ على سومهِ مسمعي
كتمتُ الغرامَ ولكنْ أتيتَ
بِحُكْمِ الصَّبَابَة ِ مِنْ مَدْمَعِي
وأودعتُ سركَ سفحَ الغويرِ
فضلَّ الوفاءُ علَى المودع
وَصَارَتْ صَبَاهُ تَبُثُّ الحَدِيْثَ
وَتَسْنِدُ عَنْ بَانَهَ الأَجْرُعُ
وَتُقْسِمُ أَنِّي أَهْوَاكُمُ
وليسَ اليمينُ علَى المدعي
وبرق أضاء فلولا السهَا
دُ دلَّ الخيالَ علَى مضجعي
سرَى وهوَ في الأعينِ الساهرَا
أَحْلَى مِنَ النَّومِ فِي الهُجَّعِ
فطارحنا بحديثِ العذيبِ
ولكنْ جزعنَا ولمْ يجزَع
خليليَّ هلْ ضلَّ حادي الصبَا
أَمْ الأُفُقَان بِلا مَطْلَعِ
همومٌ تعينُ علينا الظلامَ
فَلَو صَدَعَ اللِّيْلُ لَمْ تَصْدَعِ
ودهرٌ تفاخرُ أيامهُ
فَرَوعُ الكَواكِبِ بِاليَرْمُعِ
يحاولُ ضيمي ومِنْ دونهِ
طوالُ الذوابلِ والأذرعِ(27/246)
وَيَحْسِبُنِي طَالِبَاً جُودَهُ
متَى خدعتْ منة ٌ مطمَعي
أَبِيْتُ فَإنْ أَسْلَمَتْنِي المُنَى
إِلَيْكَ فَمَاطِلْ بِهَا أَوْ دَعِ
وقلَّ لبينك قلَّ السماح
وحزناً على الخلق الأشنعِ
وبخلاً فللهِ درُّ الطوَى
إذا كانَ عندهمْ مرتعي
بَلَى لِبَنِي مُنْقِذٍ مَنْهَلٍ
مِنَ الجُودِ لَوْلاهُ لَمْ أَشْرَعِ
همُ جنبونيَ بعدَ الإباءِ
إِلَى خِصْبِ وَادِيْهِمُ المُمْرِعِ
نَقَعْتُ بِهِمْ غِلَّتِي بَعْدَ مَا
غَرَفْتُ عَنْ السُّحْبُ الهُمَّعِ
وأبلجَ منهمْ بغُوا شأوهُ
وقدْ فاتَ شاردة َ الأربع
فمَا أدركوهُ ولاَ ماطلُوا
مطالَ البطيءِ عنِ السرعِ
ولكنْ جرى سابقاً في الرهانِ
وضلُّوا علَى الأثرِ المهيع
ترنحهُ هزة للسماحِ
عَزَتْهُ إِلَى الأسَلِ الزَّعْزَعِ
وَيَنْسِبَهُ البَأْسُ فِي البِيْضِ وَهُو
بينَ الصوارمِ والشرعِ
تطولُ بهِ الأرضُ حتَّى يظنَّ
أختَ المجرة ِ في الموضِع
فجاءَ كما أملَ المجدُ فيهِ
ملياً بغاربة ِ الأتلع
غذاهُ أبوهُ بحبِّ النوالِ
فلمْ يسلُ عنهُ ولمْ ينزَع
وعرقَ فيهِ ندَى خالهِ
إِذَا لُؤمَتْ دَرَّة ُ المُرْضِعِ
أَبَا حَسَنٍ لِي فِي مَدْحِكُمْ
شَوَارِدٌ لَوْلاكَ لَمْ تُجْمَعِ
نَهَيْتُ عَدُوَّكَ عَنْ غَيِّهِ
بِوَخْزِ العِتَابَ فَلَم يَسْمَعِ
وَقُلْتَ لَهُ مَنْ يَرُوم النُّجَومَ
بِبَاعٍ كَبَاعِكَ فَليَرْبَعِ
ألَسْتَ تَرَى شِيَمَ الأَكْرَمِيْنَ
تَهْزَأ مِنْ أَنْفِكَ الأَجْدَعِ
حذارِ بني منقذٍ أنْ يغيضَ
بَحْرَكَ فِي بَحْرِهَا المُتْرَعِ
فَإنَّهُمْ فَرَعُوا غَايَة ً
بغيرِ الصوارمِ لمْ تفرَع
وَأَنْتَ كَمَا حَكَمَ اللؤْمُ فِيْكَ
تلوبُ على ذلكَ المشرَع
وَقَدْ غَمَرُوكَ بِبَذْلِ النَّوَالِ
فَطِر بِمَواعِيْدِهِمْ أَوْقَع
مِنَ الوَاخِزَاتِ التِي لا
إِلَى لُؤمِ أَصْلِكَ لَم تُقْطَعِ
وآخرَ نازعني فيكمُ
وَلَو تُرَكَ الصَّلُ لَمْ يَلْسَعِ
فراحَ بغراء وضاحة ٍ
تَبْلَّجُ فِي عَرْضِهِ الأَسْفَعِ(27/247)
منَ الواخزاتِ التي لا تصدُّ
سَابِغَة ُ الأذْرُعِ
نَوافِر تُعْجِزُ طُلاَّبُهَا
مَتَى أَبْغِ شَارِدُهَا تُسْرِع
إذَا ما دعوتُ جموحَ الكلا
مِ جاءَ بممتنعٍ طيِّع
بغرِّ إذَا ما غشينَ الظلا
مَ كسفنَ سنَا شهبهِ المطلع
لَكُمْ أُرِيْهَا وَلأعْدَائِكُمْ
مَوَارِدُ مِنْ سُمِّهَا المُنِقعِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَيَنْفَعُنِي فَضْلُ الحَنِيْنِ المُرَجَّعِ
أَيَنْفَعُنِي فَضْلُ الحَنِيْنِ المُرَجَّعِ
رقم القصيدة : 24168
-----------------------------------
أَيَنْفَعُنِي فَضْلُ الحَنِيْنِ المُرَجَّعِ
وهيهاتَ ما وجدي عليكَ بمنجع
وكيفَ يفوزُ الغيثُ فيكَ بمنة ٍ
إِذَا كُنْتُ لا أَرْضَى سَحَائِبَ أَدْمُعِي
أرى زفراتِ الحزنِ بعدكَ سلوة
يَدُلُّ عَلَى وجْدَانِ قَلْبٍ وأَضْلُعِ
وَلَيْسَ بُكَاءُ العَيْنِ إِلاَّ خِيَانَة ً
وَلا اللؤم إِلاَّ أَنَّهَا بَقِيَتْ مَعِي
وَكُلُّ أَسَى لا تَذْهَبِ النَّفْسُ عِنْدَهُ
فمَا هوَ إلاَّ منْ قبيلِ التصنُّع
ووالله ما وفّيْتُ وُدَّك حَقّهُ
وهلْ هيَ إلاَّ لوعتي وتفجعي
وَأين وَفَائِي لا مَدَى الدَّمْعِ بَالِغٌ
رضايَ ولا جهدُ الصبابة ِ مقنعِي
رَضِيْتُ بِحُكْمِ الدَّهْرِ فِيْكَ ضَرورَة ً
وكيفَ إبائي دونه وتمنُّعي
وطاوعتهُ حتَّى جعلتكَ عندهُ
وديعة مغرَى بالخيانة ِ مولعِ
أمثلُ في عيني خيالكَ حاضراً
وأنتَ بعيدٌ عنْ مقامي وموضِعي
فلوْ أنني حدثتُ نفسي بسلوة ٍ
لَكُنْتَ بِمَرأَى مِنْ حَدِيْثِي وَمَسْمَعِي
لَحَى الله دَهْراً نَازَعَتْكَ صُرُوفُهُ
صَبَابَة ُ قَلْبٍ بِالفِرَاقِ مُرَوِّعِ
وَشُلَّتْ يَدٌ هَالَتْ عَلَى وَجْهِكَ الثَّرَى
لقدْ كسفتْ نورَ الصباحِ الملمَّع
تصاممتُ عنْ ناعيكَ حتَّى أريبَه
ودافعتُ فيكَ الخطبَ من كلِّ مدمع
فَلَمَّا أَبَى إِلاَّ يَقِيْنَا حَدِيْثُهُ
فزعتُ إلى جفنٍ منَ الدمعِ مترَع
يَزِيْدُ أَوَامِي وِردُهُ وَهو طَافِحٌ(27/248)
وقدْ كانَ منْ يشربْ من العدِّ ينقَع
فقدتُكَ فقدَ الماءِ بعدَ ظمائة ٍ
مِنَ الغُلِّ فِي قَفْرٍ مِنَ البِيْدِ بَلْقَعِ
وَكَانَ رَجَائِي فِيْكَ ذُخْراً جَعَلْتُهُ
ملاذيَ في دفْعِ الهمومِ ومفزَعي
فَيَا مَاءَ عَيْنِي كَيْفَ خَلَّفَتْ نُورَهَا
مَجَالاً لِغَربِ الدَّمْعَة ِ المُتَسَرِّعِ
ومَا كنتُ أخشى منْ يديكَ خيانة ً
تضرمُ ناراً في مقيلي ومضجَعي
أصاعدُ قدْ بلغتُ لوْ بلغَ الثرَى
نداءَ حزينٍ أوْ شكاية َ موجَع
ذكرتُ لكَ العهدَ القديمَ وقدْ مضتْ
عليهِ ليالٍ ما تهمُّ بمرجِع
وخالسَني فيكَ الزمانُ بقية ً
منَ الصبرِ في أعشارِ قلبٍ موزَّع
فأيُّ حسامٍ حالتِ الأرضُ دونهُ
وكانَ متى يضربْ بهِ الخطبُ يقطَع
وَمُقْتَسِمُ النُّعْمَى أَنَاخَتْ عُفَاتُهُ
عَلَى المحل فِي رَوْضٍ مِنَ الجُودِ مُمْرِعِ
لَهُ نَشْوَة ٌ عِنْدَ السُّؤالِ كَأَنَّمَا
تَنَازِعُهُ كَأسُ السُّلافِ المُشَعْشَعِ
إذَا أعملَ الأقلام نالتْ غروبُها
مطارحَ أطرافِ القنَا المتزعزِع
وَمَا الطَّعْنَة ُ النَّجْلاءُ فِي كُلِّ مَعْرَكٍ
سِوَى الخُطْبَة ِ الغَرَّاءَ فِي كُلِّ مَجْمَعِ
أقرَّ لهُ بالفضلِ كلُّ منازعٍ
ويأسرُّه في الفكرِ كلُّ ممنَّعِ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ الحَاسِدُونَ ضَرُورَة ً
بِأَحْسَنِ مَا يَغْلُو الصَّدِيْقُ وَيَدَّعِي
لعمرِي لقدْ منيتُ نفسي بقربهِ
سفاهاً ومنْ يطلبْ منَ الدهرِ يمنَعِ
فجالَ الردَى دونَ اللقاءِ ولمْ تدعْ
صروفُ الردى منْ حيلة ٍ في التجمعِ
سقاكَ وقدْ أغنَى عنِ الغيثِ مزنة ٌ
منَ الدمعِ تهمي في مصيفٍ ومربَعِ
سَحَابٌ تُرْجِّيْهِ الصِّبَا وَكَأَنَّمَا
يمدُّ بطودٍ منْ عماية َ أتلعِ
يفوفُ أبرادَ الرياضِ وبرقهُ
يشقُّ جلابيبَ الظلامِ الموشعِ
كَأَنَّ حَنِيْنَ الرَّعْدِ فِي حُجُرَاتِهِ
حدآء مهيبٍ بالركابِ مزعزَعِ
لَهُ زَجَلٌ يَرْوِي النَّسِيْمُ وَرَاءَهُ
أَحَادِيْثَ نَشْرِ الرَّوْضَة ِ المُتَضَوِّعِ(27/249)
وقدْ جلَّ قدرُ الماءِ إنْ كانَ حافظاً
مَوَدَّة َ ثاو فِي التُّرَابِ مُضَيَّعِ
ومَا أنَا إلا لاحق بكَ فانتظرْ
لِقَائِي وَمَنْ يَسْلِكُ سَبِيْلُكَ يَتْبَعِ
عوائدُ منْ ذكراكَ عندِي حبيبة ٌ
وَمَالِي مِنْهَا غَيْرَ مبكى وَمَجْزَعِ
وأيُّ جفونٍ مَا أفاضتْ دموعَهَا
عَلَيْكَ وَقَلْبٍ فِيْكَ لَمْ يَتَصَدَّعِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> سَلُوا أَعَادِيَّ إِذَا كُنْتُمْ
سَلُوا أَعَادِيَّ إِذَا كُنْتُمْ
رقم القصيدة : 24169
-----------------------------------
سَلُوا أَعَادِيَّ إِذَا كُنْتُمْ
لمْ تقبلُوا أقوالَ أشياعي
هلْ رفعتْ في كرم راية ٌ
قَصَّرَ عَنْ إِدْرَاكِهَا بَاعِي
العصر العباسي >> البحتري >> بعينيك ضوء الأقحوان المفلج
بعينيك ضوء الأقحوان المفلج
رقم القصيدة : 2417
-----------------------------------
بعَيْنَيْكَ ضَوْءُ الأُقْحُوَانِ المُفَلَّجِ،
وَألحاظُ عَيْنيْ ساحر اللّحظِ، أدْعَجِ
شَجًى من هوى زَادَ الغَليلَ تَوَقّداً،
وَكانَ الهَوَى إلْباً على المُغرَمِ الشجي
يُهَيِّجُ لي طَيْفُ الخَيَالِ صَبَابَةً،
فَلِلّهِ! ما طَيفُ الخَيالِ المُهَيِّجِ
تأمّلْتُ أشخاصَ الخُطوبِ، فلم أُرَعْ
بأفظَعَ مِنْ فَقْدِ الأليف، وَأسمَجِ
وَما حَسَنٌ، وَهْوَ القَرِيبُ مَحَلّةً،
بِأقْرَبَ مِنْ وَفْرٍ مَنَالاً، وَزِبرِجِ
أيَظلِمُني المُسْتَضْعِفُونَ، وَقد رَأوْا
تجَهّمَ ظَلاْمٍ، متى يَكوِ يُنضِجِ
أرُومُ انتِصَاراً ثُمّ يَثْني عَزِيمَتي
تُقَايَ الذي يَعْتَاقُني، وَتَحَرُّجي
هُما حَجَزَا شَغْبي، وَكَفّا شكيمتي،
فلَمْ أتَوَعّرْ في وشيعةِ مَنهَجي
وَلمْ أسرِ في أعرَاضِ قَوْمٍ أعِزّةٍ،
سُرَى النّارِ شُبّتْ في ألاءٍ وَعَرْفَجِ
وَقد يُتّقَى فَتْكُ الحَليمِ، إذا رَأى
ضَرِيرَةَ مَدلولٍ على الفَتكِ، مُحرَجِ
تَهَضّمَني مَنْ لَوْ أشَاءُ اهْتِضَامَهُ،
لأدْرَكَهُ، تحتَ الخُمولِ، تَوَلُّجي،(27/250)
وَمن عادَتي، وَالعَجزُ من غيرِ عادَتي،
متى لا أرُحْ عن حضرَةِ الذّلّ أُدلجِ
فلَوْلا الأميرُ ابنُ الأميرِ وَوَعْدُهُ،
لَقَلّ، عَلى أهْلِ العِرَاقِ، مُعَرَّجي
أخُو العَزْمِ لمْ تَصْدُرْ صريمةُ رَأيِهِ
بمُقتَضَبٍ مِن عاثرِ الرّأيِ، مُخدَجِ
وَعِندَ الأميرِ نَصرَةٌ، إنْ أُهِبْ بها،
أُضَلِّلْ أساطيرَ الخَؤونِ المُبَهرِجِ
عَتادي الذي آوِي إلَيْهِ، وَعُدّتي،
لِمَا أختَشِي من صَرْفِ دهرِي وَأرْتجي
سيُثلِجُ صَدرِي اليَأسُ، وَاليأسُ مَنهلٌ
متى تَغتَرِفْ منهُ الجَوَانحُ تَثْلَجِ
قَنِعْتُ عَلى كُرْهٍ، وَطأطأتُ ناظرِي
إلى رَنْقِ مَطرُوقٍ من العيشِ حَشرَجِ
وَلجلَجْتُ في قَوْلي، وَكنتُ متى أقُلْ
بمَسْمَعَةٍ في مَجْمَعٍ لا أُلَجلِجِ
يَظُنُّ العِدَى أنّي فَنِيتُ، وَإنّمَا
هيَ السّنُّ في بُرْدٍ منَ الشّيبِ مُنهَجِ
نَضَوْتُ الصّبَا نَضْوَ الرّداءِ، وَساءَني
مُضِيُّ أخي أُنْسٍ متى يَمضِ لايجي
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنّي الثَّمَاليَّ أنّهُ
مَكَانُ اشتِكَائي خَالِياً وَتَفَرُّجي
متى يأتِهِ الرُّكْبانُ يُوصِلْ زَعيمُهُمْ
رِسالَةَ مَطرُودٍ عَنِ اللّهوِ، مُزْعَجِ
أرَانَا وَقيذَيْ كَبْرَةٍ وَتَكَاوُسٍ،
على مُلتقى من مَطلَبِ الحاجِ أعوَجِ
بَعيدَينِ لا نُدْنَى لأُنْسٍ، فنَجتَبي
عَلَيهِ، وَلا نُدعَى لخَطبٍ، فنَنتجي
مضَى جَعفَرٌ وَالفَتْحُ بَينَ مُرَمَّلٍ،
وَبَينَ صَبيغٍ في الدّمَاءِ، مُضرَّجِ
أأطْلُبُ أنصَاراً على الدّهرِ، بَعدَما
ثَوَى منهُما في التُّرْبِ أوْسِي وَخزْرَجي
أُولَئِكَ ساداتي الذينَ بفضلهِمْ
حَلَبْتُ أفَاوِيقَ الرّبيعِ المُثَجَّجِ
مَضَوا أمَماً قَصْداً، وَخُلّفتُ بعدَهمْ
أُخاطِبُ بالتّأميرِ وَاليَ مَنْبِجِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا رَاكِبَ العِرْمِسَ الوَجْنَاءَ مُعْتَرِضَا
يَا رَاكِبَ العِرْمِسَ الوَجْنَاءَ مُعْتَرِضَا
رقم القصيدة : 24170
-----------------------------------(27/251)
يَا رَاكِبَ العِرْمِسَ الوَجْنَاءَ مُعْتَرِضَا
دُونَ العُذَيْبِ عَلَى مَيْثٍ وَأَجَرَاعِ
بلغْ خفاجة َ عنِّي إنْ مررتَ بهَا
وَنَادِهَا لا أَجَابَتْ دَعْوَة َ الدَّاعِي
يا خيبَ اللهُ منْ يرجُو نوالكمُ
كَمْ تَمْنَعُونِي آمَالِي وَأَطْمَاعِي
وتلبسونَ الهوينَا وابنُ عمكمُ
في ساحة ِ الذلِّ مقذوفاً بجعجاعِ
ظَنَنْتُمُ المَجْدَ أَذْوَاداً مُهَمَّلَة ً
وثلة ً صاحَ في أرجائها الرَّاعي
فَرَوَّعَ الله جَارِي إِنْ جَزَيْتُكُمُ
إِلاَّ بِمُنْصَلتٍ كَالنَّجْمِ قَطَّاعِ
أنَا ابنُ منْ لمْ يدعْ ذخراً لوارثهِ
إِلاَّ الجِيَادُ وَسُمْراً ذَاتَ زَعْزَاعِ
داني القِرَى لا يذمُّ الذئبُ صحبتهُ
ولا يَقِرُّ عَلَى هَمٍّ وَأَذْمَاعِ
ذَنْبِي إِلَى القَوْمِ أَنِّي مَا حَمَلْتُ لَهُمْ
قَلْبَا ذَلِيْلاً وَكفّا غَيْرَ مِضْيَاعِ
وأنكرُوا بي أسقاماً مؤرقة ً
ولوعة ً تتوارَى بينَ أضلاعي
وَمَا عَلَيْهِمْ إِذَا مَا قُلْتُ مِنْ طَرَبٍ
يا ديمة َ الغيثِ حيِّي سرحة َ القاعِ
نعمْ أحبُّ سُليمَى فاهجروا عذَلي
فَالقَلْبُ قَلْبِيَ وَالأَوْجَاعُ أَوْجَاعِي
وإنْ دعاني الهوَى لبيتُ دعوتهُ
والحبُّ أكرمُ ما لبيتُ منْ داعي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لعلَّ دنوَّ الحيِّ بعدَ شسوعهِ
لعلَّ دنوَّ الحيِّ بعدَ شسوعهِ
رقم القصيدة : 24171
-----------------------------------
لعلَّ دنوَّ الحيِّ بعدَ شسوعهِ
يُعَلِّلُ قَلْبَاً هَائِمَا بِجَمِيْعِهِ
أَأَحْبَابَنَا بَيْنَ الأَحَصِّ وَجَوْشَنٍ
دُعَاءَ مَعْنَى بِالفُرَاقِ صَرِيْعِة ِ
مقيمٌ علَى الحبِّ الذي تعرفونهُ
وإنْ جهدتْ أفعالكمْ في نزوعهِ
يحبُّ سنَا البرقِ الذي لاحَ منكمُ
وَمَا هُوَ إِلاَّ جَمْرَة ً فِي ضُلُوعِهِ
وَمُنْتَصِرٍ بِالدَّمْعِ فِي رَسْمِ مَنْزِلٍ
تذكرَ أيامَ الصبا في ربوعهِ
فَلَو أَعْشَبَتْ أَطْلالُهَا مِنْ بُكَائِهِ
لَمَا رَضِيَتْ أَجْفَانُهُ عَنْ دُمُوعِهِ(27/252)
إِذَا كَانَ خَوفُ الضَّيْمِ أَبْعَدَ دَارِهُ
فَلا تَطْمَعُوا فِي قُرْبِهِ وَرُجُوعِهِ
فَمَا هِيَ إِلاَّ نَخْوَة ٌ عَامِرِيَّة َ
تَعَلَّقَهَا مِنْ حَربِهِ وَرَبِيْعِهِ
وربَّ هنات منكمُ صارَ ذكرهَا
يمنُّ علَى أجفانهِ بهجوعهِ
لَحَى الله مَنْ يَرضَى الدَّنِيَّة َ وَاصِلاً
لهاجرة ٍ أوْ حافظاً لمضيعهِ
يُقِيْمُ عَلَى أَوْطَانِهِ فِي مُلِمَّة ٍ
مِنَ الدَّهْرِ يَلْقَى عِزَّهَا بِخُضُوعِهِ
وأينَ ذميلُ الأرحبية ِ في الدجَا
وَاخِذُ السُّرَى مِنْ بَيْنِهَا وَهَزِيْعِهِ
وَنُصْرَة ُ مَحْمُودٍ بِنْ نَصْرٍ فَلَمْ تَكُنْ
بعازبة ٍ عنْ عبدهِ ورضيعهِ
نَزَلَتْ عَلَى رَحْبِ الفَنَاءِ مُرِيْعِة ِ
وَلُذَّتُ بِعَادِي البِّنَاءَ رَفِيْعِهِ
صَفَحْنَا لَهُ عَمَّا مَضَى مِنْ صَنِيْعِهِ
أخي الغارة ِ الشعواء في كلِّ جانب
منَ الأرضِ يروي باغياً منْ نجيعهِ
وَذِي الحَرْبِ مَا أَلْقَى تَمَائِمَ مَهْدِهِ
عنِ الجيدِ حتَّى اجتابَ زغفَ دروعهِ
فإنْ تنجزِ الأيامُ ممطولَ وعدهِ
فقدْ بانَ ضوءُ الصبحِ قبلَ طلوعهِ
ومنْ عادة ِ اللهِ الحميدة عندهُ
منيَّة ُ عَاصِيهِ بسَيفِ مطيعِهِ
أقولُ لِمغرُورٍ يُخادعُ سِلْمَهُ
حذارِ وثوبَ الليثِ بعدَ قبوعهِ
فإنَّ التي أبصرتُ في يومِ مالكٍ
مكانكِ منها فرقة ٌ منْ جموعهِ
تَضُمُّ كِلاُبٌ كُلَّ يَوْمٍ أُمُورَهَا
إلى ناشرِ المعروفِ فيها مذعهِ
إِذَا نَابَهَا خَطْبٌ مِنَ الدَّهْرِ عَوَّلَتْ
علَى رأيهِ أوْ سيفهِ أوْ قطيعهِ
كَفِيْلٌ بِرَدِّ الأمْرِ بَعْدَ ذَهَابِهِ
عَلَيْهَا وَدَفْعُ الخَطْبِ قَبْلَ وُقُوعِهِ
لعمرِي لقدْ قادَ ابنُ خانٍ غليلهُ
إلَآ منهلٍ يلقَى الردَى في شروعهِ
تَعَرَّضَ لِلْسُمْرِ الطِّوَالِ بِنَحْرِهِ
وَفِيْهَا شِفَاءُ مِنْ صَدَاهُ وَجُوعِهِ
ومنْ يكنِ العشارُ رائدَ سرعهِ
فَلا تَتَعَجَّبْ مِنْ وَخِيْمِ رُتُوعِهِ
وَمَا يترك الأصْلَ الذَّمِيْمَ دَنَاءَة ً(27/253)
من اللؤمِ إلاَّ ردَّهَا في فروعهِ
جَزَى الله خَيْراً عُصْبَة ٍ أَنْزَلَتْ بِهِ
عَلَى حُكْم مَصْقُولِ الغِرَارِ صَنِيْعِهِ
أجابتْ ضريحَ المرتضَى في غرية ٍ
وسَرَّتْ ضَرِيْحَ المُصْطَفَى فِي بَقِيْعِهِ
هوَ السيفُ إلاَّ نبوة منْ هلوعهِ
أبا سابقٍ للهِ فيكَ سريرة
قَضَتْ بِقَريِبِ النَّصْرِ مِنْهُ سَرِيْعِهِ
إذَا أظلمتْ سودُ الخطوبَ جلوتهَا
بِرأي يُعِيْرُ الصُّبْحَ ضَوْءُ صَدِيْعِهِ
بِقَلْبٍ جَمِيلِ الظَنِّ فِيْكَ وَسِيْعِهِ
وَمَنْ كَانَ يَبْغِي شَافِعَا فِي لُبَانِهِ
فوجهكَ يغني سائلاً عنْ شفيعهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَسْتَغْفِرُ الله لا فَخْرٌ ولا شَرَفٌ
أَسْتَغْفِرُ الله لا فَخْرٌ ولا شَرَفٌ
رقم القصيدة : 24172
-----------------------------------
أَسْتَغْفِرُ الله لا فَخْرٌ ولا شَرَفٌ
ولا وَفَاءٌ ولا دَيْنٌ ولا أَنُفُ
كأنمَأ نحنُ في ظلماءَ داجية ٍ
فليسَ ترفعُ عنْ أبصارِنَا السجفُ
تَزِيْدُ بِالبَحْثِ جَهْلاً إنْ طَلَبْتَ هُدَى
وهلْ تضيء لعينِ المدلجِ السدفُ
وفي الفلاسفة ِ الماضينَ معتبرٌ
فَطَالَمَا قَصَدُوا فِيْهَا وَمَا عَسَفُوا
وقدْ أتوكَ بمينٍ منْ حديثهمُ
يَكَادُ يضْحَكُ مِنْهُ الحِبْرُ وَالصُّحُفُ
ظنٌّ بعيدٌ وأقوالٌ ملفقة ٌ
تخفَى علَى الغمرِ أحياناً وتنكشفُ
الأمرُ أكبرُ منْ فكرٍ يحيطُ بهِ
وَالعُمْرُ أَقْصَرُ أَنْ يُلْقَى لَهُ طَرَفُ
فاَعَظِمْ بِدَائِكَ إِنْ حَاوَلْتَ وَاضِحَة ً
ومتْ بهِ فعلَى هذَا مضَى السلفُ
جَاءَتْ أحَادِيْثٌ عَنْ قَوْمٍ أَظُنُّهُم
عَاشُوا طَوِيْلاً وَقَالُوا بَعْدَ مَا خَرَفُوا
سخيفة ٌ ويزيدٌ المخبرون بها
فقد تجمَّع سوء الكيلِ الحشف
يَا حَاكِمَ المِصْرِ لا تَحْفَلْ بِذَمِّهِمُ
فَإنَّ كُلَّ قَضَاءٍ عِنْدَهُمْ جَنَفُ
ولا يغركَ منْ دعواهمُ قسمٌ
فالقومُ أكذب ما كانوا إذا حلفوا
يِدِيْنُ قَوْمٌ بِأَنَّ الشُّهْبَ خَالِدَة ً(27/254)
وعندَ قوم لهَا وقتٌ وتنصرفُ
وَمَا رَضِيْتُ بِعَقْلِي فِي جِدَالِهِمُ
وَلا تَوَهَّمْتُ إلا غَيْرَ مَا وَصَفُوا
يا أمَّ ذفرٍ جزاكِ الله صالحة ً
وَإِنْ أَضَافَ إِلَيْكِ القَوْمُ مَا اقْتَرَفُوا
قَالُوا يَغِرُّ بِهِمْ جَهْلاً وَعِنْدَهُمُ
مِنَ المَوَاعِظِ فِيْكَ المَوْتُ وَالخَرَفُ
وَمَا تَرَكتِ قَبِيْحَا تُعْرَفِيْنَ بِهِ
لَوْ كَانَ يَأْنَفُ مِنْكِ الهَائِمُ الدَّنِفُ
وَرُبَّ قَوْمٍ أَضَاعُونِي وَقَد فَهِمُوا
قدري فمَا أنكرُوا فضلي ولا عرفُوا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لَوْلا سَنِيُّ الدَّوْلَة ِ بِنْ مُحَمَّدٍ
لَوْلا سَنِيُّ الدَّوْلَة ِ بِنْ مُحَمَّدٍ
رقم القصيدة : 24173
-----------------------------------
لَوْلا سَنِيُّ الدَّوْلَة ِ بِنْ مُحَمَّدٍ
مَا كانَ للمعروفِ ذكرٌ يعرفُ
كَيْفَ السَّبِيْلُ إِلَى مَدِيْحِكَ بَعْدَمَا
وصفُوا علاكَ بأنَّها لا توصفُ
أَمَّا دِمَشْقُ فِإنَّهَا بِكَ رَوْضَة ٌ
مَا تَحْتَوي وَسَحَابَة ٌ مَا تُخْلِفُ
بَلَدٌ أَقَمْتُ بِهِ وَذِكْرَكَ سَائِرٌ
فِي كُلِّ نَاحِيَة ٍ يَخُبُّ وَيُوجِفُ
لا يَسْألُ العَافُونَ فِيْهِ لأنَّهُمْ
لَمَّا رَأُوا شَرَفَ الكُفَاة ِ بِهِ كُفُوا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أملالة ً ضيعتَ ودي بعدَ مَا
أملالة ً ضيعتَ ودي بعدَ مَا
رقم القصيدة : 24174
-----------------------------------
أملالة ً ضيعتَ ودي بعدَ مَا
وَجَبَتْ عَلَيْكَ حُقُوقَهُ الأَسْلافُ
أَمْ شِئْتَ تَعْلَمُ أَنَّ جُودَكَ لَمْ يَدَعْ
شَيْئَا وَأَنَّ طِبَاعَكَ الإتِلافُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> سَلا ظَبْيَة َ الوَعْسَاءِ هَلْ فَقَدْتِ خِشْفَا
سَلا ظَبْيَة َ الوَعْسَاءِ هَلْ فَقَدْتِ خِشْفَا
رقم القصيدة : 24175
-----------------------------------
سَلا ظَبْيَة َ الوَعْسَاءِ هَلْ فَقَدْتِ خِشْفَا
فَإنَّا لمَحَنَا فِي مَراتِعِهَا طَرْفَا(27/255)
وقولا لخوطِ البانِ فليمسكِ الصبَا
عَلَيْنَا فَإنَّا قَدْ عَرَفْنَا بِهَا عَرْفَا
سرتْ منْ هضباِ الشامِ وهيَ مريضة ٌ
فَمَا ظَهَرَتْ إِلاَّ وَقَدْ كاَدَ أَنْ يَخْفَى
عليلة ُ أنفاسٍ يداوَى بها الجوَى
وَضَعْفَا وَلَكّنَا نُرَجِّي بِهَا ضُعْفَا
وهاتفة ٍ في البانِ تُملي غرامهَا
علينَا وتتلُو منْ صبابتها صحفَا
عجبتُ لهَا تشكو الفراقَ جهالة ً
وَقَدْ جَاوَبَتْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَة ٍ إِلْفَا
وَيُشْجِي قُلوبَ العَاشِقِيْنَ غِنَاؤُهَا
وَمَا فَهِمُوا مِمَّا تَغَنَّتْ بِهِ حَرْفَا
ولوْ صدقتْ فيمَا تقولُ منَ الأسى
لَمَا لَبِسَتْ طَوْقَاً وَلا خَضَبَتْ كَفَّا
أَجَارَتْنَا أَذَكَرْتِ مَنْ كَانَ نَاسِياً
وأضرمتِ ناراً للصبابة ِ ما تطفَى
وَفِي جَانِبِ المَاءِ الَّذِي تَردينَهُ
مواعيدُ ما ينكرنَ لياً ولا خُلفَا
وَمَهْزُوزَة ٍ لِلْبَانِ فِيْهَا شَمَائِلٌ
جَعَلْنَ لَهُ فِي كُلِّ قَافِيَة ٍ وَصْفَا
لبسنَا عليهَا بالثنية ِ ليلة ً
منَ السودِ لمْ يطوِ الصباحُ لهَا سجفَا
لعمري لئنْ طالتْ علينَا فإننَا
بِحُكْمِ الثُّرَيَّا قَدْ قَطَعْنَا لَهَا كَفَّا
رَمَيْنَا بِهَا فِي الغَرْبِ وَهِي ذَمِيْمَة ٌ
ولمْ تبقِ للجوزاءِ عقداً ولا شنفَا
كأنَّ الدجَى لمَّا تولتْ نجومهُ
مدبرُ حربٍ قدْ هزمنَا لهُ صفَّا
كَأَنَّ عَلَيْهِ لِلْمَجَرَّة ِ رَوْضَة ً
مفتحة َ الأنوارِ أوْ نثرة زعفَا
كأنّا وقدْ ألقي إلينَا هلالهُ
سَلَبْنَاهُ تَاجَا أَوْ فَصَمْنَا لَهُ وَقْفَا
كَأَنَّ السُّهَا إِنْسَانُ عَيْنٍ غَرِيْقَة ٍ
منَ الدمعِ تبدُو كلمَا ذرفتْ ذرفَا
كأنَّ سهيلاً فارسٌ عاينَ الوغَى
فَفَرَّ وَلَمْ يَشْهَدْ طِرَادَا وَلا زَحْفَا
كأنَّ سنَا المريخِ شعلة ُ قابسٍ
تخطفَها عجلانُ يقذفهَا قذفَا
كَأَنَّ أفُولَ النَّسْرِ طَرف تَعَلَّقَتْ
بهِ سنة ٌ ما هبَّ منهَا ولاَ أغفَى
كأنَّ نصيرَ الملكِ سلَّ حسامهُ
علَى الليلِ فانصاعتْ كواكبهُ كسفَا(27/256)
رَعَى الله غَيْمَا طَبَقَ الأرْضَ جُودُهُ
فَلَمْ يُخْلِ سَهْلاً مِنْ نَدَاهُ وَلا نَعْفَا
وحيَّا علَى رغمِ الليالي خلائقاً
لَو انْتَحَلَتْهَا مَا ذَمَمْنَا لَهَا صَرْفَا
وأبلجَ أحيَا دارسَ العدلِ بعدَما
ثَوَى وَشَقَى المَعْرُوفَ مِنْ بَعْدِمَا أَشْفَى
لَهُ نَشْوَة ٌ فِي الجُودِ حَتَى كَأَنَّمَا
يُدِيْرُ لَهُ العَافِي مُعَتَّقَة ً صِرْفَا
خفيَّ مرامِ الكيدِ تفري شباتهُ
وما مالَ عنْ نهجِ الوقارِ ولا خفَّا
تَفَرَّدَ عَنْ أَهْلِ الزَّمَانِ بِمَذْهَبٍ
يَزِيْدُ بِهِ مَسْتُورٌ لُؤمِهِمُ كَشْفَا
إِذَا أفْقَرُوا أَغْنَى وإِنْ هَدَمُوا بَنَى
وإنْ بخلُوا أعطَى وإنْ غدرُوا أوفَى
جَرَى سَابِقَا فِي حَلْبَة ِ الجُودِ وَحْدَهُ
وَقَالَ العِدَى كَانَ السَّحَابُ لَهُ رِدْفَا
جمعتَ علَى المعروفِ شملَ فزارة ٍ
وثقفتَ بالإحسانِ خيلهمُ الخُنفَا
وَقُدَّتْ إِلَيْهِمْ جُلَّة َ يَمَنِيَّة ً
فَقَدْ حَمَدُوا تِلْكَ المَوَدَّة َ والحِلْفَا
وَلَو كُنْتَ فِي يَومِ الهِبَاءَة ِ شَاهِداً
لَطَالَ عَلَى نَفْسِ الجَذَيْمِيِّ أَنْ يَشْفَى
وقدْ أسندتْ كلبٌ إليكَ أمورهَا
فَمَا فَقَدَتْ نَصْراً وَلا عَدِمَتْ عُرْفَا
وكمْ لكَ فيهمْ منْ يدٍ ملهمية ٍ
إذَا انتجعتْ أرختْ سحائبهَا الوطفَا
أصابَ سنانَ درَّها وهوَ حافلٌ
وخلفَ للهرماسِ منْ بعدهِ خِلفَا
مَواهِبُ فِي قَيْسٍ وَقَحْطَانَ لَمْ تَدَعْ
لهَا حافراً يطوي البلادَ ولا خُفّا
أَقَامَتْ عَلَى الأوْطَانِ تَشْرَبُ مَاءَهَا
نَمَيْراً وَتَرْعَى رَوْضَهَا خَضِلاً وَحْفَّا
وقدْ بدرتْ في بحترٍ لك غضبة ٌ
منحتهمُ فيها القساوة َ والعنفَا
فَدانُوا لأطْرَافِ الأَسِنَّة ِ عُنْوَة ً
وَكَانُوا لِقَاحَا مَارَضوا خُطة ً خَسْفَا
إذَا نظرُوا خصبَ السوادِ ودونهُ
سيوفكَ حارُوا لا أماماً ولا خلفَا
وَمَا حَلَبُ الوَرْهَاءَ إلاَّ خَرِيْدَة ً
عطفتَ عليهَا ثمَّ طلقتَها ألفَا(27/257)
فإنْ ظهرتْ فيها عيوبٌ كثيرة ٌ
فمَا عدمتْ وجداً عليكَ ولاَ لهفَا
وإنْ كفرتْ آياتُ جودكَ ضلة ً
فَمَا طَلَبْتَ إلاَّ الصَّوَاعِقَ وَالخَسْفَا
وقدْ عرستْ فيها الخطوبُ مقيمة ً
فلا عدمتْ منْ بعدكَ الجورَ والعسفَا
لَكَ الخَيْرُ قَدْ وَفَّيْتَ جُودَكَ فَرْضَهُ
وَمَنْ بَذَلَ المَجْهُودَ فِي شُكْرِهِ وَفَّي
وَلِي فِيْكَ مِنْ غُرِّ القَوَافِي فَضَائِلٌ
تقبلُ أفواهُ الرواة ِ لهَا رشفَا
يَنِمُّ بِهَا طِيْبُ النَّسِيْمِ إِذَا هَفَا
وينشرُها نورُ الرياضِ إذَا رفّا
وَمَا أَدعِي دُرَّ الكَلامِ لأنَهُ
صِفَاتُكَ إِلاَّ أَنَّنِي أحْسِنُ الرَّصْفَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> ومرتحِ الأعطافِ في أجفانهِ
ومرتحِ الأعطافِ في أجفانهِ
رقم القصيدة : 24176
-----------------------------------
ومرتحِ الأعطافِ في أجفانهِ
سَقَمٌ يَزِيْدُ بِهِ سِقَامَ المُدْنَفِ
عنفتَني في حبهِ ولربَّما
أبصرتهُ فأتيتَ غيرَ معنفِ
وأمرتني بجحودهِ وبذكرهِ
عنونتُ ذكرَ صحيفتي في الموقفِ
وحياتهِ ما حازَ مثلَ كمالهِ
أَحَدٌ وَلا تَجِلبْ عَلَيَّ بِيُوسُفِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَبَا حَسَنٍ مَا هَفْوَتِي بِغَرِيْبَة ٍ
أَبَا حَسَنٍ مَا هَفْوَتِي بِغَرِيْبَة ٍ
رقم القصيدة : 24177
-----------------------------------
أَبَا حَسَنٍ مَا هَفْوَتِي بِغَرِيْبَة ٍ
إِلَيْكَ وَلا غُفْرَانُهَا بِطَرِيْفِ
فَإِنْ تَقْبَلَ العُذْرَ الضَّعِيْفَ تَطَوُّلاً
فإنَّ رجائي فيكَ غيرُ ضعيفِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> في كلِّ يومٍ نشطة ٌ ووثاقُ
في كلِّ يومٍ نشطة ٌ ووثاقُ
رقم القصيدة : 24178
-----------------------------------
في كلِّ يومٍ نشطة ٌ ووثاقُ
فَمَتَى يَكُونُ لِدَائِهَا إِفْرَاقُ
إنْ كانَ أعطاهَا جذابُ نسوعِها
سَفَها فَقَدْ لَغِبَتْ بِهَا الأَعْنَاقُ
تشكُو صداهَا والدموعُ مناهلٌ(27/258)
وَوَجَى المَنَاسِمُ وَالخُدُودُ طِرَاقُ
فَاسْتَبِقِ فَضلَتَها إِذَا دَبَّ الوَنَا
فيهَا فمَا كلُّ السرى أعناقُ
وَدَعِ النَّسِيْمَ بُعِيدُ مِنْ أَخْبَارِهِ
فلهُ حواشٍ للحديثِ دقاقُ
مَا ثَمَّ مَنْ عُلِقَ العُذَيبِ بغَائِبٍ
إِلاَّ وَقَدْ شَهِدَتْ بِهِ الآمَاقُ
وعلَى العضَا إنْ كنتَ منْ جيرانهِ
نَارٌ تَقَاسَمَ حَرَّهَا العُشَّاقُ
وَمُحَلؤنَ عَنِ المَنَاهِلِ بَعْدَ مَا
شرقتْ بحمة ِ مائهَا الطراقُ
ومشتتِ العزماتِ ينفقُ عمرهُ
حَيْرَانَ لا ظَفَرٌ وَلا إِخْفَاقُ
أملٌ يلوحُ اليأسُ في أثنائهِ
وَغِنَى يَشِفُّ وَرَاءَهُ الإمْلاقُ
يمري غفافة َ ثروة ٍ لو أنَّها
نَوْمٌ لَمَا شَعَرَتْ بِهِ الأحْدَاقُ
وتروقهُ خدعُ المنَى فكأنَّها
حقٌّ وكاذبُ وعدِها ميثاقُ
أثرَى اللئامُ وجدُّهُ بنسيئة ٍ
عَذْرَاءَ مَا فَطِنَتْ بِهَا الأرزَاقُ
لَولا نَصِيْرُ المُلكِ طَالَ ثَواؤهُ
فِيْهَا وَلَيْسَ لأسْرِهِ إطْلاقُ
القائدُ الزلِ الصعابِ كأنَّها
ممَّا يجوبُ بهِ الفلاة َ حقاقُ
وَمُؤلِّفُ الأهوَاءِ بَعْدَ شَتَاتِهَا
طَوْعاً فَمَا بَيْنَ القُلُوبِ شِقَاقُ
يَسْطُو وَقَدْ بَرَقَتْ أَسِرَّة ُ وَجْهِهِ
بِشْراً فَيَمْزِجُ أمْنَهُ الإشْفَاقُ
كالسيفِ يسعرُ حدهُ نارَ الوغَى
والماءُ في صفحاتهِ رقراقُ
مَا هَزَّهُ طَرَبُ العُقَارِ وَإنَّمَا
أعطتهُ نشوة َ كأسهَا الأخلاقُ
هِي فِي الهَوَى وَعْدُ الوصَالِ وَفي الكَرَى
طيفُ الخيالِ وفي الوداعِ عناقُ
يَنْمَى إِلَى حَسَبٍ تقَدَّمَ مُلْهَمٍ
فِيْهِ وَعَزَّ عَلَى النُّجُومِ لَحَاقُ
بيتٌ لهُ الشرفُ القديمُ وغيرهُ
كالشَّيْبِ جِدَّة ُ مِثْلِهِ إِخْلاقُ
البركُ دثرٌ والقبابُ فسيحة ٌ
وَالجُودُ غَمْرٌ والجِفَانُ عِمَاقُ
أحيَا الندَى جذلانَ ثمَّ بحلمهِ
بِشْرٌ يُهَابُ كَأَنَّهُ إطْرَاقُ
وحمَى العواصمِ بعدَ ما عاثَ العدَى
فيها وحاولَ سرحها المراقُ
مَا ضَرَّهَا جَدَبٌ وَأَنْتَ رَبْيعُهَا(27/259)
الحَالِي وَكَفُّكَ غَيْثُهَا الغَيْدَاقُ
ظنَّ ابنُ باديسٍ بعادكَ جنة ً
فأبتْ نواحلُ كالقسيِّ دقاقُ
أَلْهَاهُ عَنْ نَظَرِ العَوَاقِبِ سَامِرٌ
غردٌ وكأسٌ بالعقارِ دهاقُ
وَأَقَامَ يَسْجِعُ بالظُّنُونَ سَفَاهَة ً
وَمِنَ الظُّنُونِ خَدِيْعَة ٌ وَنِفَاقُ
حتَّى إذَا طالعتْ ثغرة َ كيدهِ
وَهَفَا عَلَيْهِ لِوَاؤكَ الخَفَّاقُ
ونزتْ جيادُكَ للطرادِ كأنهَا
سِرْبُ المَهَا ورِمَاحُكَ الأورَاقُ
وَلَّى يَذُمُ لَهُ قَوَائِمُ سَابِحٍ
جمحتْ بهِ الخيلاء وهيَ إباقُ
ورمى بصيرة في مخالبِ ضيغمٍ
طَيَّانَ تُفْتَحُ بَاسْمِهِ الأَغْلاقُ
ما دبَّ للصهباءِ في أعطافهِ
فَرَحٌ وَلا عَبَثتْ بِهِ الأعْلاقُ
دَامِي الأسِنَّة ِ مَا تَقِرُّ جِيَادُهُ
حتَّى تضيء بعدلهِ الآفاقُ
بالقيروانِ لهَا عمامة ُ عثيرٍ
وَطفَاءَ وَابِلُهَا الدَّمُ المُهْرَاقُ
وَعَلَى خَلِيْجِ الرُّومِ بَرْقُ صَفَائِحٍ
تفري ذيولَ النقعِ وهيَ صفاقُ
فتنازعَ الكفارُ فضلة َ كأسهَا
منْ بعدِ ما ثملتْ بهِ الفساقُ
عادتْ سهامهمُ الحدادُ كليلة ً
حتَّى كأنَّ نصالَها أفواقُ
صحبتهمْ باللاذقية ِ فالتقَى
بحرانِ ماء راكدٌ وعتاقُ
فَاتَ الظَّلامُ بِهَا فَعَفّتْ وُرُودَهَا
تبعاً وأنتَ بمثلِهَا سباقُ
حَتَّى إِذَا سَفَرَ الضُّحَى وَتَمَارَتِ
أبْصَارُ ايَّكُمَا لَهُ الإشْرَاقُ
غادرتهَا دمناً علَى أطلالِها
يبكي الخليطُ وتذكرُ الأشواقُ
وَشَرعَتْ دِيْنَ قَرَاكَ فِي عَرَصَاتِهَا
فَالنَّارُ تُضْرَمُ وَالدِّمَاء تُراقُ
فأطاعَ جامحهَا وكانتْ زبرة
عوجاء ثقفَ ميلهَا الإحراقُ
شرفاً بني كعبٍ فمَا عذبَ الجنَى
إِلاَّ بِمَا سَبَقَتْ بِهِ الأغَرَاقُ
شادَتْ سيوفُ أبي عليٍّ فيكمُ
مجداً لهُ فوقَ السماءِ طباقُ
وسعَى المهذبُ سعيهُ فتوافقَا
إنْ كانَ بينَ الفرقدينِ وفاقُ
يا جامعَ الحسناتِ إنَّ غرائبي
تُهدَى وليسَ سوَى الودادِ صداقُ
لوْ أنصفتْ زفَّتْ إلى خطابهَا(27/260)
وَالبَدْرُ تَاجٌ وَالنُّجُومُ نِطَاقُ
لَمْ تَعْتَرِضْهَا بالحِجَابِ نَقِيْصَة ٌ
ما كلُّ ما سترَ البدورَ محاقُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وقالُوا قدْ تغيرتِ الليالي
وقالُوا قدْ تغيرتِ الليالي
رقم القصيدة : 24179
-----------------------------------
وقالُوا قدْ تغيرتِ الليالي
وضيعتِ المنازلُ والحقوقُ
وأقسمُ ما استجدَّ الدهرُ خلقاً
وَمَا عُدْوَانُهُ إِلاَّ عَتِيْقُ
أليسَ يردُّ عنْ فدكٍ عليٌّ
وَيَملِل أكْثَرَ الدُّنْياَ عَتيقُ
العصر العباسي >> البحتري >> تظن شجوني لم تعتلج
تظن شجوني لم تعتلج
رقم القصيدة : 2418
-----------------------------------
تَظُنُّ شُجُونيَ لَمْ تَعْتَلِجْ،
وَقد خَلَجَ البَينُ مَن قد خَلَجْ
أشَارَتْ بعَيْنَينِ مَكْحُولَتَينِ
مِنَ السحر، إذْ وَدّعتْ، وَالدَّعَجْ
عِنَاقَ وَداعٍ، أجَالَ اعْتِرَا
ضَ دَمعي في دَمِعها، فامتَزَجْ
فَهَلْ وَصْلُ ساعَتِنا مُنشِيءٌ
صُدودَ شُهُورٍ خَلَتْ، أوْ حِجَجْ
وَمَا كانَ صَدُّكَ إلاّ الدّلا
لَ، وَإلاّ المَلالَ، وَإلاّ الغُنُجْ
فإنْ تَكُ قَد دَخَلَتْ بَيْنَنَا
مَهَامِهُ لِلآلِ فيهَا لُجَجْ
فَكَمْ رَوْضَةٍ بِفِنَاءِ الرّبيعِ
يضُاحكها البرْقُ مِنْ كلّ فَجْ
تَأيّا قُوَيْقٌ لتَدْوِيرِها،
فَنَكّبَ عَنْ قَصْدِها وَانعَرَجْ
إذا هَزّتِ الرّيحُ أغصانها،
تَعَانَقَ نُوّارُها وَازْدَوَجْ
لَقينَاك فِيها، فَخَايَلْتَها
بلِينِ التّكَفّي، وَطيبِ الأرَجْ
سَقَى حَلَباً حَلَبٌ مُسْبَلٌ،
مِنَ الغَيْثِ يَهمي بها، أوْ يثُجّ
وَإنْ حالَ مِنْ دونِ حَقْي فلَمْ
يُسَلّمْهُ يَعقُوبُها ابنُ الفَرَجْ
أيُتْلِفُ يَعْقُوبُ مَالي لَدَيْـ
ـهِ، وَيَعقُوبُ مُتَئِدٌ لمْ يَهِجْ
وَإنّي مَليءٌ بِأنْ لا يُسَرّ
بِمَا نَالَ مِنّي وَلا يَبْتَهِجْ
إذا شَدّ عُرْوَةَ زُنّارِهِ
على سَلْحَةٍ ضَخمةٍ وَانتَفَجْ
تَوَهّمَ أنّي لا أسْتَطيعُ
مَسَاءَةَ أغْثَرَ بَادي الهَوَجْ(27/261)
وَمِنْ أينَ يَكثُرُ أنْصَارُهُ،
فَيَأتي الأحَجُّ لَهُ، فَالأحَجّ
فأَلاّ تَوَرّعَ عَمّا جَنَى
عَليّ الخَبيثُ، وَألاّ حَرَجْ
أبَا يُوسُفٍ سَمِجٌ ما أتَيْتَ،
وَلمْ يَكُ مِثْلُكَ يأتي السّمِجْ
وَشَرُّ المُسيئِينَ ذو نَبْوَةٍ،
إذا ليمَ فيها تَمَادَى، وَلَجّ
هَلُمّ إلى الصدقّ نَسْرِي إلَيْهِ
بِحُجّتِنا فيهِ، أوْ نَدّلِجْ
وَنَعْتَمِدُ الحْقَ حتّى يُضِيءَ
لَنَا مُظْلِمُ الأمْرِ، أوْ يَنْبَلِجْ
وَفي مَوْقِفٍ مَا لَنا بَعْدَهُ
تَنَازُعُ نَجْوَى، وَلا مُعْتَلَجْ
فَمَنْ أبْرَأ الحُكْمَ فيهِ نَجَا،
وَمَنْ ألحَجَ الحُكْمَ فيهِ لَحَجْ
وإذ لم يكن شاهد يرتضى
ورائك في الجحد مود مضج
وأنت فلا حالف بالعتا
ق، ولا حانث في طلاق الحرج
فهل تتقبل جرم القسو
س، وتقطع من إلهم ما وشج
وتضرط في لحية الجاثليـ
ــيق إذا خار في سفر شعيا وعج
وتزعم أن الذين ابتدوا
علوم النصارى رعاع همج
بأنك لم تتو مالي، ولم تطلب علي عويص الحجج
فإن كنت أدهنت أو خنت أو
لهجت بظلمي فيمن لهج
فخالفت مريم في دينها،
وفارقت ناموسها المنتهج
وخرقت غفورها كافراً
بمن غزل الثوب أو من نسج
وأعظمت ما أعظمته اليهو
د تصلي لقبلتهم أو تحج
ونـ...ـت عجوزك حتى ترد
في رحمها داخلاً ما خرج
وهدمت بيعة ماسرجس
وأطفأت نيرانها والسرج
وأوقدت ناقوسها والصليـ
ــب تحت عشائك حتى يضج
وبكرت تخرأ في المذبح والصليـ
ـكبير، وتلطخ تلك الدرج
وزلت من الله في لعنة
تقيم عليك ولا تنزعج
وأير طماس إذا ما أشظ
في صدع إمراتك المنفرج
يمين متى ما استحل امرؤ
تجشمها عند قاض فلج
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> بقيتُ وقدْ شطتْ بكمْ غربة ُ النوَى
بقيتُ وقدْ شطتْ بكمْ غربة ُ النوَى
رقم القصيدة : 24180
-----------------------------------
بقيتُ وقدْ شطتْ بكمْ غربة ُ النوَى
ومَا كنتُ أخشَى أنَّني بعدكمْ أبقى
وعلمتموني كيفَ أصبرُ عنكمُ
وَأَطْلُبُ مِنْ رِقِّ الغَرَامِ بِكُمْ عِتْقَا(27/262)
فمَا قلتُ يوماً للبكاءِ عليكمُ
رويداً ولا للشوقِ نحوكم رفقَا
فمَا الحبُّ إلاَّ أنْ أعدَّ قبيحكمْ
إليَّ جميلاً والقِلَى منكمُ عشقَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> كَتَبْتَ فَهَجنْتَ الذِيْنَ تَقَدَّمُوا
كَتَبْتَ فَهَجنْتَ الذِيْنَ تَقَدَّمُوا
رقم القصيدة : 24181
-----------------------------------
كَتَبْتَ فَهَجنْتَ الذِيْنَ تَقَدَّمُوا
وأعلمتنَا أنَّ التأخرَ في السبقِ
وَأَغْضَيْتَ عَنْ نَظْمِ القَرِيْضِ سَمَاحَة ً
بِهِ فَظَنَنَّا أنَّ ذَلكَ عَنْ حَقِّ
فإنْ عدتَ تهدي منهُ كلَّ عجيبة ٍ
إلينَا فكمْ منْ معجزٍ لكَ في السبقِ
وَمَنْ لِي بأنْ ألْقَى بِعَيْنِيَ كُلَّمَا
شَكَوتُ ومَا يَرْتَابُ مِثُلَكَ فِي صِدْقِي
وواللهِ لوْ شاطرتكَ العمرَ ما وفتْ
حَيَاتِي بِأَدْنَى مِنَّة ً لَكَ فِي عُنُقِي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إذَا سَكَنْتُمْ فَقَلبِي دَائِمُ القَلَقِ
إذَا سَكَنْتُمْ فَقَلبِي دَائِمُ القَلَقِ
رقم القصيدة : 24182
-----------------------------------
إذَا سَكَنْتُمْ فَقَلبِي دَائِمُ القَلَقِ
وإنْ رَقَدْتُمْ فَطَرْفِي دَائِمُ الأرَقِ
سَرَقْتُ بالنومِ وَصْلاً مِنْ خيَالَكُمُ
فَصَارَ نَومِي مَقْطُوعَا عَلَى السَّرْقِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أنفقتُ بعدَ أبي العلاءِ مدامعاً
أنفقتُ بعدَ أبي العلاءِ مدامعاً
رقم القصيدة : 24183
-----------------------------------
أنفقتُ بعدَ أبي العلاءِ مدامعاً
حُبسَتْ ذَخِيرتُهَا عَلَى الإنْفَاقِ
وبكيتهُ وجفونُها موجودة
مثلَ الحمامِ تنوحُ بالأطواقِ
لا تدعي حسنَ الوفاءِ بعهدهِ
منْ بعدِ ما فنيتْ وطرفي باقي
ولقدْ حذرتُ عليهِ لو دفعَ الردَى
حَذَري وَرَدَّ مَنِيَّة ُ إشْفَاقِي
وَظَنَنْتُ في فَيْضِ الدُّمُوعِ مِنَ الجَوَى
فرجاً فصارَ بمائِها إحراقي
لَهْفِي عَلَيْكَ وَكَيْفَ يَنْفَعُ ذَاهِبَا(27/263)
لَهْفَ الحَزِيْنِ وَلَوْعَة َ المُشْتَاقِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا نَسِيْمَ الصَّبَا تَحَمَّلْ ومَازلـ
يَا نَسِيْمَ الصَّبَا تَحَمَّلْ ومَازلـ
رقم القصيدة : 24184
-----------------------------------
يَا نَسِيْمَ الصَّبَا تَحَمَّلْ ومَازلـ
زلتَ معنَّى في خدمة ِ العشاقِ
حاجة ٌ خفَّ حملُهَا ولهَا مِنْ
ثقيلٍ يبقى علَى الأعناقِ
وتعرضْ بمنزلٍ في كفر طا
ب كثير الزُّوَّارِ والطُّراقِ
كيفَ يُسْتَطْلِقُ المُنَى مِنْ يَدِ الدهـ
ـرِ وَتَبغِي نَشَائِدُ الأرْزَاقِ
فَاقِر مِنِّي لَهُ السَّلامَ فَقَدْ قِيْـ
قيلَ بلاغُ السلامِ بعضُ التلاقي
ثُمَّ قُلْ يَا بَنِي كِنَانَة َ مَا أَسْـ
ما حلتمُ عنِ الميثاقِ
أوْ بحكمِ المودعينَ إذا
لَهُ أن يَسير نَحْوَ العِرَاقِ
كلفٌ يخجلُ القلوبَ بدعوَا
هُ وشوق عادٍ عن الأشواقِ
واحتراقٌ في العقلِ قدْ كادَ أنْ
يمزجَ عندي أخلاقهُم بالنفاقِ
ثُمَّ يَا صَاحِبَ الجِنَايَة ِ مِنْهُمْ
قدْ لقينَا في البعدِ ما لمْ تلاقِ
كَيْفَ تَرْضَى بِمُقْلَة ٍ تَألَفُ النَّو
م وَدَمْعٌ يُصَانُ فِي الآمَاقِ
وَزَمَانُ الصِّبَا يَمُرُّ وَقَدْ أنـ
أنفقَ أيامَه زمانُ الفراقِ
وَاللَّيَالِي تَمْضِي سِرَاعا وَمَا يقـ
يقبلُ منَها إحالة ً في البواقي
فَاجِر فِي حَلْبَة ِ الخَلاعَة ِ مَا دُمْـ
ـتَ بِحُكْمِ الشَّبَابِ شَرُط السِّبَاقِ
واعتمدْ مذهبَ الشريفِ فقدْ قَا
لَ النَّصَابي رِيَاضَة ُ الأخْلاقِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> ياَ حَبِيْبَا وُدُّهُ لِلنَّـ
ياَ حَبِيْبَا وُدُّهُ لِلنَّـ
رقم القصيدة : 24185
-----------------------------------
ياَ حَبِيْبَا وُدُّهُ لِلنَّـ
ـاسِ تمثالُ النفاقِ
أَنْتَ بَدْرُ التَمِّ لَكِنْ
لكَ عهدٌ في المحاقِ
قدْ بلوناكَ علَى حَا
لِ التَّنائي وَالتَّلاقِي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> كيفَ أشكُو منكَ الجفاء ومَا(27/264)
كيفَ أشكُو منكَ الجفاء ومَا
رقم القصيدة : 24186
-----------------------------------
كيفَ أشكُو منكَ الجفاء ومَا
للمجدِ فرعٌ إلاَّ علَى أعوادكْ
أوْ أناجيكَ بالقطيعة ِ والعلياء
ـياء مِمَّنْ تُعَدُّ في حُسَّادِكْ
غَيْرَ أَنِي أَذُمُّ دَهْراً رَمَانِي
فِيْكَ حَتَّى أَخْلَلْتَ فِي إبْعَادِكْ
وَتَصَامَمْتُ عَنْ نِدَاي بِلا وقـ
ـرٍ فَيَا لَيْتَ أَنَّني لَمْ أُنَادِكْ
أحمدُ اللهَ إنَّ أمراً مِنَ الحاجِ
يسيراً أضاءَ مَا في فؤادكْ
لَم يَكِلْنِي إلَيْكَ في حَادِثٍ لا
يَتَخَطَّى إِلاَّ عَلَى إسْعَادِكْ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لَسْتُ أَخْشَى تَغَيُّراً فِي اعْتِقَادِكْ
لَسْتُ أَخْشَى تَغَيُّراً فِي اعْتِقَادِكْ
رقم القصيدة : 24187
-----------------------------------
لَسْتُ أَخْشَى تَغَيُّراً فِي اعْتِقَادِكْ
بَعْدَ عِلْمي بِمَوْضِعِي مِنْ فُؤَادِكْ
أحجبُ الواردينَ عنهُ ولا آ
ذنُ إلاَّ لِصَافِي وِدَادِكْ
وأَرَى كُلَّمَا تَجِن فَلا أتْـ
ـرك شيئاً يخافُ مِنْ أَحْقَادِكْ
ويعدّ العتاب منكَ وإنْ أسرفَ
ـرفَ غمر الثقافِ مِنْ إِرْشَادِكْ
فَالْتَمِسْ مَنْ يَرُوعُهُ ظَاهِرُ القَوْ
لِ وَيَخْفَى عَلَيْهِ سِرُّ مُرَادِكْ
لا مُطِلاّ عَلَى ضَمِيْركَ قَدْ ذَلَّ
في هواكَ صعبُ قيادكْ
يأمنُ الحاسدينَ فيكَ إذا
فكرَ في صفوِ ودهِ وسدادكْ
منة ٌ منْ فنونِ بركَ ما تُو
جبُ إلاَّ المزيدَ منْ إحمادكْ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَنَعُوا خَيَالَكِ أَنْ يُلِمَّ بِنَا
مَنَعُوا خَيَالَكِ أَنْ يُلِمَّ بِنَا
رقم القصيدة : 24188
-----------------------------------
مَنَعُوا خَيَالَكِ أَنْ يُلِمَّ بِنَا
وَعَلَى وِصَالَكَ يَحْسُنُ البُخْلُ
مَا عندهمْ إنَّ الرقادَ إذَا
مَا بِنْتَ عَنْ عَيْنِيَّ يَرْتَحِلُ
ردُّوا عليَّ النومَ ويحكمُ
وَدَعُوا الخَيَالَ يَصُدُّ أَو يَصِلُ(27/265)
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> فإنْ كفرُوا نعماكَ فيهمْ فإنهَا
فإنْ كفرُوا نعماكَ فيهمْ فإنهَا
رقم القصيدة : 24189
-----------------------------------
فإنْ كفرُوا نعماكَ فيهمْ فإنهَا
دُيُون تَقَاضَتْهَا الرِّمَاحُ الذَّوَابِلُ
وَإِنْ قَابَلُوهَا بِالجُحُودِ سَفَاهَة ً
فقدْ عرفتهَا سمرهمْ والمناصلُ
أتوكَ فحانت ساهريها مضاربٌ
حياء وعاصتْ مشرعيها عواملُ
العصر العباسي >> البحتري >> ودعنا نائل بدلجته
ودعنا نائل بدلجته
رقم القصيدة : 2419
-----------------------------------
ودعنا نائل بدلجته
ولم يكن قبلها أخا دلج
يأباه إخواننا ويقبله
أبو علي أخو أبي الفرج
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا حَادِيَ الأَظْعَانِ أَيْنَ تَمِيْلُ
يَا حَادِيَ الأَظْعَانِ أَيْنَ تَمِيْلُ
رقم القصيدة : 24190
-----------------------------------
يَا حَادِيَ الأَظْعَانِ أَيْنَ تَمِيْلُ
هيَ وجرة وسؤالُها تعليلُ
ما هذهِ في الربعِ أولُ وقفة ٍ
وَقَفْتَ فينشُدُ قَاتِلاً مَقْتُولُ
عُجْنَا بِنَاحِلِ رَسْمِهِ فَتَحَيَّرَتْ
فيهِ دموعٌ ما لهنَّ مسيلُ
وتحملتْ ليد السحابِ طلولهُ
منَّا ونحنُ سحائبٌ وطلولُ
وعلَى العذيبِ ولا أغشكَ بانة ٌ
مَا ظِلُّها لَولا السِّقَام ظَلِيلُ
ومرنح في الكورِ تحسبهُ الصبَا
غصناً يميدُ بمرهَا ويميلُ
حَمَلَتْ إلَيْهِ تَحِيَّة ً وَنَسِيمُهَا
أَبَداً عَلَى دينِ الغَرَامِ رَسُولُ
مَا كُنْتُ تُخْبِرُ قَبْلَهَا عَنْ حَاجِرٍ
إلاَّ وطيبكَ شاهدٌ مقبولُ
وتبثُّ ما كتمَ الأقاحُ ولوْ درَى
مَا كَانَ مِنْكَ لِثَغْرِهِ تَقْبِيْلُ
وَفَوارِس أَلِفُوا القَنَا فَكَأنَّهُ
قَبْلُ الطِّعَانِ بِبَوعِهِم مَوْصُولُ
ذعروا الظلامَ فما يمرُّ عليهمُ
إلاَّ وعقدُ نجومهِ محلولُ
طَمَحَتْ بِهِمْ آمَالُهُمْ وَلِواؤهُمْ
قدرٌ بما وعدَ الكرامُ مطولُ
ومطوحٍ ركبَ الخداعَ مطية ً
مَا ظَهْرُها يَومَ اللِّقَاء ذَلُولُ(27/266)
كيفَ اهتديتَ لعامرٍ ورعالُها
سدف وسترُ مجالِها مسدولُ
جمحتْ بكَ الخيلاءُ حتَّى هجتهَا
شَنْعَاء ثَارَ صَرِيعُهَا مَطْلُولُ
وَبَدَتْ مَخَائِلُهَا لَدَيْكَ مُضِيئة ً
لوْ كانَ عندكَ للصباحِ دليلُ
وَظَنَنْتَ عَوْفاً بِالطِّعَانِ بِجِيْلَة ً
ظنٌّ لعمركَ بالحمامِ جميلُ
أوَ ما بسنجارٍ لقومكَ مصرعٌ
شَهِدَت بِهِ فِي المُرَهِفَات فُلُولُ
طَلَبُوا النَّجَاءَ فَكَانَ فِي أعْمَارِهِمْ
قصرٌ وفي سمرِ الذوابلِ طولُ
فذرِ العراقَ طريدة ً مبذولة ً
سبقَ الأسنة ُ سرحهَا المشلولُ
وامنعْ حليفكَ بالعراقِ وقلْ لهُ
هَيْهَات ذَادَ عَنْ الفُرَاتِ النَّيْلُ
وحذارِ منْ كلأ الجزيرة ِ إنهُ
مرعَى بأطرافِ الرماحِ وبيلُ
صحتْ فليسَ سوَى الجفونِ مريضة ً
فيهَا ولا غيرُ النسيمِ عليلُ
وَثَنَى زَعِيْمُ الدِّيْنِ فَضْلَ جِمَاحِهَا
فَاللَّيْلُ فَجرٌ وَالرِّيَاحُ قبُولُ
إنْ كَانَ حَلَّ بِهَا وَفَارَقَ دَارَهُ
فَاللَّيْثُ يُفْرَقُ بَأسَهُ لا الفِيْلُ
نَشْوَانَ يَخْطِرُ لِلْنَّدَى في هزَّة ٍ
علموا بها أنَّ السماحَ شمولُ
يغتالُ بادرة َ الخطوبِ بريثة ٍ
وينالُ أقصى الحزمِ وهوَ عجولُ
عَطِرَ الثَّنَاءَ تَضَوَّعَتْ أَوْصَافُهُ
طِيباً فَكُلُّ فَمٍ بِهِ مَعْلُولُ
مَا كَانَ يُعْلَمُ قَبْلَ فَيْضِ نَوَالِهِ
أنَّ الغَمَامَ إذَا اسْتَهَلَّ بَخِيْلُ
فرقتْ عزائمهُ فشابَ لهَا الدجَا
خَوْفَا وَأَثَّرَ في الهِلالِ نُحُولُ
لَو أَنَّ للأَّيَامِ نَارَ ذَكَائِهِ
مَا كانَ فيها بكرة وأصيلُ
شَرَف بَنُو عَبْدِ الرَّحِيم عِمَادُهُ
ولربمَا تضعِ الفروعَ أصولُ
أبقَى بهِ عبقَ الثناءِ لرهطهِ
والحمدُ حظٌ للكرامِ جزيلُ
قَوْمٌ إِذَا نَضبَ الكَلامُ وَأَظْلَمَتْ
للنَّاطِقِيْنَ خَوَاطِرٌ وَعُقُولُ
شامُوا مضاربَ ألسنٍ عربية ٍ
تفري وماضي المرهفاتِ كليلُ
إنْ فاَتَهُمْ بَرْدٌ يُلاثُ وَمِنْبَرٌ
فَلَهُمْ سَرِيْرُ المُلْكِ وَالإكْلِيْلُ(27/267)
نسبٌ هدى زهرَ النجوم منارهُ
وسواهُ فقعُ قرارهِ مجهولُ
يا جامعَ الآمالِ وهيَ بدائدٌ
ومروضَ الأيامِ وهيَ محولُ
أعْني كَمَالَكَ أنْ تُعَدَّ فَضِيلَة ٌ
كالصُّبْحِ لا رَثْمٌ وَلا تَحْجِيْلُ
لولاكَ ما ارتجتْ الأكفُّ فلمْ يكنْ
فِي الدَّهْرِ لا أَمَلٌ وَلا مَأمُولُ
مَا ضَرَّ نَاشِرَة وَرَأيُكَ فِيْهِمُ
أنْ لا يفارقَ غمدهُ مصقولُ
قلْ للأميرِ أبي الأغرِّ ودونهُ
للطَّالِبِيْنَ سَبَاسِبٌ وَهُجُولُ
عاداتُ جدكَ في العدَا منصورة ٌ
أبداً وسيفكَ ضامنٌ وكفيلُ
أسلفتَ جوثة َ منة ً مشهورة
فَوَفَتْ بِحَمْدِكَ وَالوَفَاءُ قَلِيْلُ
وثوى ابنُ عمكَ بالعراقِ وقومهُ
كالذودِ حنَّ وفحلهُ معقولُ
ما صدهمْ عنكَ الجفاءُ وإنمَا
مَالُوا مَعَ الأيَّامِ حَيْثُ تَمِيْلُ
وَغَرِيْبَة ٍ دَارَتْ وَمَا نَبْغِي بِهَا
إِلاَّ الوِدَادَ فَهَلْ إليْهِ سَبِيْلُ
إن شُفِّعَتْ آمَالُهَا فِي نَيْلِهِ
فلتسمعِ الفصحاءُ كيفَ أقولُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أفي نجدٍ تحاوركَ القبولُ
أفي نجدٍ تحاوركَ القبولُ
رقم القصيدة : 24191
-----------------------------------
أفي نجدٍ تحاوركَ القبولُ
أَظُنُّ الرِّيْحَ تَفْهُم ما تَقُولُ
تَغَنَّتْ فِي رِحَالِ الركْب حَتى
تشابهتِ الذوائبُ والذبولُ
صحبنَا في دياركمُ صباها
تَنَاوَبَها التَّنَفُسُ وَالنُّحُولُ
وأمطرنَا سحابَ الدمعِ حتَّى
حَسِبْنَا أنَّهُ مُهَجٌ تَسِيلُ
وَعُجْنَا ذَاهِليْنَ فَمَا عَلِمْنَا
أَنَحنُ السَّائِلونَ أمْ الطُلّولُ
وأعدينَا بذكركمُ الخزامَى
فمالَ معَ النسيمِ كمَا يميلُ
وفي الأظعانِ لينة ُ الثنيِّ
عَصِيُّ الرِّدْفِ مَانِعَة ٌ بَذُولُ
سَأَلنَاهَا تُحَيِّينَا فَضَنَّتْ
وذلكَ لوْ تجودُ بهِ جزيلُ
سَقَتْ أَرْضَ السَّويَّة ِ والغَوَادِي
تَهَادَاهَا الأباطِحُ وَالسُّهُولُ
يَمَانِيَّة ٌ تُصَفِّقُهَا النَّعَامَى
إذَا خطرتْ وتلحقُها القبولُ
كأنَّ يدَ المعزِّ حنتْ عليهَا(27/268)
مخافة َ أنْ تضرَّ بهَا السيولُ
شفَى مرضَ العواصمِ عامريٌّ
تَنِمُّ عَلَى خَلائِقِهَ الشُّمُولُ
جلاَ صدأَ القذَى عنهَا وصحتْ
فَلَيْسَ سِوى النَّسِيْمِ بِهَا عَلِيْلُ
وَآمَنَ سِرْبَهَا مِنْ كُلِّ خَطْبٍ
فأمُّ النائباتِ بها ثكولُ
كَرِيمٌ يَسْتُرُ المَعْرُوَف حَتَّى
كأنَّ كثيرَ ما يعطي قليلُ
تغيرُ علَى سوابقهِ الفيافي
وَتَضْرِبُ فِي صَوَارِمِهِ الفُلُولُ
تَزُورُ جِيَادُهُ أرْضُ الأعَادِي
وَأطْرَافُ الرِّمَاحِ لَهَا دَلِيْلُ
طَلَعْنَ مِنَ الجَزِيْرَة ِ فِي هَنَاتٍ
تقاضاهَا الطوائلُ والدخولُ
وَجُبْنَ مَعَاقِلَ الأعْدَاء حَتَّى
تَنَاذَرَتِ الرَّكَائِبُ والخُيُولُ
إذَا خدعتهمُ بالنقعِ قالُوا
نعامُ الدوِّ أفزعهَا الرعيلُ
وإنْ صدقتهمُ الخرصانُ عنهَا
وَلاحَتْ فِي عَجَاجَتِها النُّصُولُ
أجَارَهُمُ الفِرارُ مِنَ العَوَالي
وقدْ ينجُو منَ القدرِ الذليلُ
وحلوا بالسماوة ِ في شعابٍ
يذمُّ لهَا منَ الطلبِ الخمولُ
رعُوا فيها الهشيمَ وقدْ تباهتْ
بزينتِها المخازمُ والهجولُ
إذَا سَرَحَتْ قِلاصُ الحَيِّ أمْنَاً
وسارتْ عنْ منازلِها الحمولُ
ثَوَوْا أسْرَى الخِدَارِ وَقَدْ أرِيحَتْ
مَطِيُّهُمُ وَسَالَمهَا الذَّمِيْلُ
طِلابٌ لا يُرَوِّعُهُ عِثَارٌ
وعزمٌ لا ينفرهُ نكولُ
وَمُلكٌ شَادَه ظَعْنُ الهَوَادِي
تَزوُلُ الرَّاسِيَاتُ ولا يَزُولُ
حماهُ منْ مخاتلة ِ الليالي
فتى ً مثلُ المرادِ بهِ جليلُ
تُحَاذِرُ بأسَهُ سُمْرُ العَوالِي
فَفِيْهَا مِنْ مَهَابَتِهِ ذُبُولُ
ويطلعُ في ظلامِ النقعِ منهَا
نُجُومَا فِي النُّحُورِ لَهَا أُفُولُ
مِنَ القَومِ الَّذِيْنَ لَهُمْ أَكُفٌّ
يُبَادِرُهَا فَتَنْجَابُ المُحُولُ
كهولهمُ إذَا غضبُوا شبابٌ
وَمُرْدُهُمْ إذَا حَلِمُوا كُهُولُ
إذَا رَاعَتْ سُيُوفُهُم المَطَايَا
تمنتْ أنَّ مالكهَا بخيلُ
غَدَتْ غُرَراً عَلَى هَامِ الأعَادِي
وَهُزَّ عَلَى مَنَاسِمِهَا حُجُولُ(27/269)
وَقَفْرٌ قُيَدَتْ فِيْهِ الدَّيَاجي
فمَا لخضابهَا عنهُ نضولُ
تَسْتِرَّ فِيْهِ ضَوْء الصُّبْحِ خَوْفَاً
فنمَّ بسيرهِ السيفُ الصقيلُ
تُمُرُّ بِهِ السَّحَائِبُ خَائِفَاتٍ
فليسَ لهَا بساحتهِ همولُ
أقامُوا في غياهبهِ العوالي
مناراً ما يضلُّ بهِ سبيلُ
حذارِ فإنَّ في حلبٍ ليوثاً
وآجامُ الرِّمَاحِ لَهُنَّ غِيلُ
وَمِنْ بَطْنِ الشَآمِ إِلَى دُجَيْلٍ
مراتعُ نبتُها الأسلُ الطويلُ
يشيدُ دونهَا لبني كلابٍ
بُيُوت مَا يُضَامُ لَهَا نَزَيْلُ
تسيلُ شعابُها بندَى ثمالٍ
فليسَ لهَا إلى كلأ رحيلُ
تَغَمَّدَ جُرْمَهَا إنْ طَاحَ حِلمٌ
وضلتْ عنْ هدايتهَا عقولُ
وَصُنْهَا فَهِي فِي يُمْنَاكَ عَضَبٌ
يزينكَ حملهُ وبهِ تصولُ
فدونكَ عاجلتْ وخزَ العوالي
كأنَّ الرمحَ يطعنهُ التليلُ
وَتَحْتَ لِوَائِكُمْ صَعْبٌ أَبَاء
فلمْ يركبْ لهَا ظهرٌ ذلولُ
أرَى إبلي شوارعَ من قنوعي
مَوَارِدَ مَا يُبْلُّ بِهَا غَلِيْلُ
ولمْ تعرفْ لمصعبِها قيودٌ
ولمْ يملكْ لشاردهَا جديلُ
وَآمَالِي مُطَّرحَة ٌ بِطَاء
ينازعُ دونهَا قدرٌ مطولُ
أعِيْذُ نَمِيرَ وُدِّكَ مِنْ أوَامي
وقدْ أودَى بجمتهِ النهولُ
فهلْ يرضَى لكَ الكرمُ اطراحِي
ولوْ أنِّي لجودكمُ عذولُ
فَمَا يَسْمُو الزَّمَانُ إلى قِرَاعي
وَظِلُّ جَنَابِكُمْ أبدَا ظَلِيلُ
وَلا تَسْطُو عَليَّ يدُ اللَّيَالي
وَظَنّي فِي رَجَائِكُمُ جَميلُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أما تريانِ البرقَ في غلسِ الدجَى
أما تريانِ البرقَ في غلسِ الدجَى
رقم القصيدة : 24192
-----------------------------------
أما تريانِ البرقَ في غلسِ الدجَى
تَمِيْلُ بِهِ رِيحُ الصَّبَا فَيَمِيْلُ
خليليَّ هبَّا واسعدَاني بنظرة ٍ
إليهِ فطرفي بالبكاءِ كليلُ
وفي تلعاتِ، السفحِ لوْ تلمحانهَا
غزالٌ أحمُّ المقلتينِ كحيلُ
رَحَلْنَا قُبَيْلِ الصُّبْحِ نَنْشُدُ أَهْلَنَا
ونحنُ بأعلَى الرقمتينِ نزولُ(27/270)
فَألْثَمَنِي وَاللَّيْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
غروبُ أقاحٍ ظلمهنَّ شمولُ
أعَارِضُهُ فِي غَفْلَة ٍ الرَّكْبِ لاثِمَا
كما خصلت غصنَ الأراكِ قبولُ
أبُثُّ سِرَارِي إنَّ حُبَّ عُذَيْبَة ٍ
أَقَامَ وَوَيْبَ النَّاسِ كَيْفَ يَزُولُ
فليتَ الليالي في الغويرِ قصيرة
فِدَاهُنَّ لَيْلٌ بالحِيَارِ طَويِلُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أظنُّ نسيمَ الريحِ منْ حيثُ أرسَلا
أظنُّ نسيمَ الريحِ منْ حيثُ أرسَلا
رقم القصيدة : 24193
-----------------------------------
أظنُّ نسيمَ الريحِ منْ حيثُ أرسَلا
أَعَادَ عَلَى بَرقِ اللِّوَا مَا تَحَمَّلا
ومَا لاحَ مختالاً علينَا بعلمهِ
وَعَرَّضَ بالدَّهْنَاء إِلاَّ لِيُسْألا
رَوَى مُجْمَلاً وَالبَانُ يَتْلو حَدِيْثَهُ
فَفَسَّرَ مَا قَالَ النَّسِيْمُ وَفَصَّلا
وخيَّر بالمحلِ الركائبَ بعدَ ما
ضمنَّا لها خصبَ العذيبِ تعلُّلا
فمَا كانَ إلاَّ صادقاً غيرَ أنهُ
حَدِيثٌ هَوَيْنَا فِيْهِ أنْ يَتَأوَّلا
وهلْ علمَ البرقُ اليمانيُّ أننَا
طرفنَا بهِ طرفاً منَ الليلِ أكحَلا
وَمَا بَالَهُ خَصَّ الغَضَا بِابْتِسامَة ٍ
وَسَلَّ عَلَى رَمْلِ الشَّقِيقَة ِ مَنْصَلا
وفي الركبِ طاوٍ لوْ أتى الذئبَ ضافهُ
علَى الزادِ إمَّا غادة أو تفضَّلا
إذا خطرَتْ في جانبِ البشرِ نفحة ٌ
ترنحَ في أعطافهِ وتملمَلا
يَعُدُّ أناتي لِلعدوِّ قَساوة
وطوعَ قِيَادِي للصديقِ تَدَلُلا
يلومُ علَى عيشٍ تبرضتُ عفوهُ
وأيُّ حسامٍ لمْ يصادِف مفصَلا
إلَيْكَ فإنِّي قَدْ عَقَلْتُ رَكَائِبِي
فلمْ أرَ عاراً مثلَ أنْ أترحَّلا
رَمَى البُخْلَ طُلاَّبَ الغِنَى في سُؤالِهِ
وكنتُ علَى وجهي أضنُّ وأبخَلا
وَأَثْقَلُ رِفْدٍ مَا امْتَطَى المَنُّ ظَهْرَهُ
وشرُّ ثراءٍ ما أتاكَ تطوُّلا
لأخلفَ غيثٌ بالسؤالِ انتجاعهُ
وَأَجْذِبَ روضٌ بِالمَذَلَّة ِ يُجْتَلَى
عَذِيري مِنَ الأيَّامِ تُلْقَى بثابتٍ(27/271)
من البِشرِ رَوْضَا أوْ مِنَ الجُودِ جَدْوَلا
كَرِيْمٌ إِذَا ضَنَّ الغَمَامُ فَكَفُّهُ
كَفِيْلٌ بِطَردِ العَام أغيَرَ مُمْحِلا
يغيرُ علَى جنحِ الظلامِ بغرة ٍ
تعلمُ وجهَ البدرِ أنْ يتهلَّلا
دعتهُ إلى بذلِ الندَى أريحية ٌ
تعودَ منهَا أنْ يقولَ ويفعَلا
نوالٌ يعمُّ الأرضَ حتَّى كأنهُ
تَضَمَّنَ أرْزَاقَ الوَرَى وَتَكَفَّلا
إذَا استحدثَ المجدَ الطريفَ أبتْ لهُ
مناصبهُ إلاَّ القديمَ المؤثَّلا
عُلاً وجدتْ والدهرُ في حجرِ أمهِ
وخيرُ خليليكَ الذي كانتَ أوَّلا
مِنَ القَومِ حَلُّوا فِي السَّمَاءِ فَمِنْهُمُ
السحائبُ تمري والأهلة ُ تجتلَى
أقمتَ عزيزَ الدولة ِ الجودَ واصفاً
لَمَّا غَابَ مِنْ أفْعَالِهِمْ ومُمَثِّلا
خلقتَ ودينُ البخلِ عالٍ منارهُ
فَكُنْتَ نَبِيْهاً بِالسَّمَاحَة ِ مُرْسَلا
وَلامُوكَ فِي إتلافِ مَالِكَ بِالنَّدَى
وحاشاكَ أنْ تغنَى وأنْ تتموَّلا
عمرتَ منَ الإحسانِ مَا كانَ دارساً
وَأَوْضَحْتَ فِي المَعْرُوفِ مَا كَانَ مُشَكِلا
فإنْ كنتَ فذَّاً في الزمانِ فإنَّما
سَلَكْتَ سَبِيْلا كَانَ قَبْلَكَ مُهْمَلا
فداؤكَ مثرٍ ما أعدَّ سوامهُ
وَنِيرَانُهُ إلاَّ لِتُرْعَى وتُصْطَلى
أَذُمُّ لَهَا مِنْ نَحْرِهَا بُخْلَ كَفِّهِ
فهلْ أمنتْ منْ ذلة ٍ أنْ تذلَّلا
أَبُوكَ الَّذِي عَمَّ الأنَامَ نَوَالُهُ
فلمْ يبقَ جيداً منْ نداهُ معطَّلا
وَكَمْ قَصَدَ الدَّهْرَ الكِرَامُ بِجُورِهِ
فَمَا وَجَدُوا إلاَّ عَلَيْهِ المُعَوَّلا
وَمَنْ لِبُدُورِ الأُفْقِ وَالمُزْنِ أنْ تَرَى
بنانكَ مبسوطاً ووجهكَ مقبلا
وَمَا جَاءَكَ التَّشْرِيْفُ إلاَّ دَلالَة ً
عَلَيْكَ وَرَأياً فِيْكَ أنْ يَتَبَدَّلا
بأبْيِضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ تَضَمَّنَتْ
يَمِيْنُكَ عَنْهُ أنْ يَعُودَ مُفَلَّلا
وَأَجْرَدَ نَهْدِ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ ظِلِّهِ
رسيلاً ولمْ يملكْ منَ الأرضِ منزلا
يفوتُ مجالَ الطرفِ حتَّى تخالهُ(27/272)
منَ البرقِ لولا أنهُ كانَ أعجلا
وهيفاء طوعُ الريحِ قدْ خلعَ الدجَا
عَلَيْهَا هِلالاً بِالنُّجُومِ مُكَلَّلا
لَهَا مِنْ خِلالِ المَشْرِفِيِّ صِقَالَهُ
ومنْ شيمِ الخطيِّ أنْ يتميَّلا
وصافية ٍ مثلِ الرياضِ تزورها الـ
الجَنَائِبُ نَشْوَى وَالسَّحَائِبُ حُفَّلا
لأحسنَ منهَا ما تزف غرائبي
إِلَيْكَ وَتَكْسُوكَ الثَّنَاءَ المُبَجَّلا
شَوَارِدُ كَانَتْ فِي القِيَادِ أَبِيَّة ً
فمَا قرعتْ باباً منَ القومِ مقفَلا
أَغَارَ عَلَيْهَا أَنْ يُرَاضَ جُمُوحُهَا
لِغَيْرَكَ أَوْ تَرْجُو سِوَاكَ مُؤمَّلا
وَلَو رَامَهَا دَاعِي النَّوَالِ تَقَاصَرَتْ
خطاهَا وأكدَى الفكرُ فيها وأجبَلا
وَلَكِنَّهُ وُدٌّ صَرِيْحٌ وَذِمَّة ٌ
بعيدٌ علَى أمراسهَا أنْ تحلَّلا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> تَأَمَّلْ مَنْ يَلُومُكَ في
تَأَمَّلْ مَنْ يَلُومُكَ في
رقم القصيدة : 24194
-----------------------------------
تَأَمَّلْ مَنْ يَلُومُكَ في
هواكَ ويكرهُ العذْلا
فإنْ ألفيتهُ صبَّا
فَهَلاَّ نَفْسَهُ عَذَلا
وَإنْ نَكَرَ الهَوَى جَهْلاً
فذاكَ عدوُّ ما جهَلا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> ثَوَّرَها ناشِطَة ً عِقالَها
ثَوَّرَها ناشِطَة ً عِقالَها
رقم القصيدة : 24195
-----------------------------------
ثَوَّرَها ناشِطَة ً عِقالَها
قدْ ملأتْ منْ بدنِها جلالهَا
فَلَمْ تَزَل أشْوَاقُهُ تَسُوقُهَا
حَتَّى رَمَتْ مِنَ الوَجَى رِحَالَهَا
مَاذَا عَلَى النَّاقَة ِ مِنْ غَرَامِهِ
لوْ أنهُ أنصفَ أوْ رثَى لهَا
أَرَادَ لَهَا أنْ تَشْرَبَ مَاءَ حَاجِرٍ
أرِيَّهَا يَطْلُبُ أمْ كَلالَهَا
إنَّ لهَا علَى القلوبِ ذمة ً
لأنَّهَا قَدْ عَرَفَتْ بِلْبَالِهَا
كانتْ لهَا معَ الصبَا تحية ً
أعْجَلَهَا السَّائِقُ أَنْ تَنَالَهَا
كَمْ تَسْأَلُ البَارِقَ عَنْ سُوَيِقَة ٍ
ولا يجيبُ عامداً سؤالهَا
خوفاً علَى قلوبِها إنْ علمتْ(27/273)
إنَّ الغوادِي درستْ أطلالهَا
مَسَارِحٌ رَعَتْ بِهَا مَنِيْعَة ٌ
فَمَا رَأَى طَارِدُهَا انْشِلالَهَا
وَحَيْثُ مَدَّت فِي الجَمِيْمِ بَوْعَهَا
وقامصتْ منْ مرحِ إفالَها
وَسَرَّحَتْ لاعِبَة ً كَأَنَّمَا
تحسبُها منْ سفهٍ فصالَها
قَدْ نَاكَرَتْ مِنَ الوَجَى أَخْفَافَها
وَنَاحَلَتْ مِنْ ضُمُرٍ ظِلالَها
وَامْتَدَّتِ الفَلاة ُ دُونَ خَطْوِهَا
كَأَنَّهَا قَدْ كَرِهَتْ زَوَالَهَا
فَعَلِّلُوهَا بِحَدِيْثِ حَاجِرٍ
ولتصنعِ الفلاة ُ ما بدَا لهَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> قدْ زجرَ الشعرُ لكمْ فآلهْ
قدْ زجرَ الشعرُ لكمْ فآلهْ
رقم القصيدة : 24196
-----------------------------------
قدْ زجرَ الشعرُ لكمْ فآلهْ
وَطَالَمَا جَرَّبْتُ أَقْوالَه
فلمْ يزلْ يخبرُ فيما مضَى
عنكَ كأنَّ الله أوحَى لهْ
وقدْ رأَى جيشكَ والنصرُ في
لوائهِ يسحبُ أذيالهْ
والرحبة َ الخضراءَ جذلانة ً
بِمُلْكِكَ المُقْبِلِ مَختَالَه
وَمُسْلِمٌ مِنْ دُونِهَا مُسْلِمٌ
لا يَمْنَعُ الشَّيء إذَا نَالَهْ
إذا هوتْ خيلكَ عنْ بالسٍ
حدَا إلى الموصلِ أجمالهْ
فاعْرِف لَهُ البُشْرَى وَكُنْ ضَامِنا
ظُنُونَه فِيكَ وَآمَالَهْ
إنكَ إنْ أنطقتهُ بالغِنى
فتحتَ دونَ الغيبِ أقفالهْ
ولمْ تردْ منْ بعدهِ كاهناً
يجمجمُ القولَ إذا قالهْ
يا طالباً قومي وعندي لهمْ
رسائلٌ بالنصحِ حمالهْ
قُلْ لَهُمْ عَنِّي وَمَا يَكْذِبُ
الرائدُ في أخبارهِ آلهْ
إياكمُ منْ أسدٍ باسلٍ
قَدْ مَرَّ للوَثْبَة ِ أشْبَالَه
أروَعَ لا يَعْرِفُ جِيْرَانُهُ
حوادثَ الدهرِ وأوحالهْ
كأنهُ متنُ ردينية ٍ
ذَابِلَة ٍ فِي الكَفِّ عَسَّاله
ما زوحمتْ في المجدِ أعمامهُ
إلاَّ إِذَا عَدَّدَ أخْوَالَه
أما سَمِعْتُهم بِأحَادِيْثِهِ
شَاردة فِي الأرْضِ جِوَّاله
في كلِّ أفقٍ منْ دجَى نقعهِ
غَمَامَة ٌ بِالدَّمِّ هَطَّالَه
وَقَائِعُ فِي الأرْضِ مَشْهُورَة
زلزلَ منها الشامُ زلزالهْ(27/274)
يَا نَاصِرَ المُلكِ وَقَدْ غَالَهُ
منْ هفواتِ الملكِ ما غالهْ
كمْ ضيعوهُ فتداركتهُ
والليثُ لا يسلمُ أغيالهْ
في كلِّ يومٍ منهمُ راحلٌ
ينتجعُ الذلَّ ويسعَى لهْ
وَنَازِحٌ عَنْ عِزِّ أَوطَانِهِ
ينفقُ في الغربة ِ أموالهْ
جَارَ ولَو احْسَن تَدْبِيْرَه
مَا خَرَجَ البَدْرُ عَنِ الهَالَة
وأنتَ منْ دونهمْ لابدٌ
تُجَاهِدُ الدَّهْرَ وَأَهْوَالَهْ
فِي مَعْرَكٍ تُقْتُلُ أبْطَالَهُ
أوْ مغرم تحملُ أثقالهْ
ما عرفتْ فيهمْ نميرية ٌ
مِنْ بَعْدِ وثَّابَ وَأَمْثَالهْ
وَلا لَهُم بَيْنُكَ فِي ظَالِمٍ
يُنَادِمُ الجَوْزَاءَ إِنْزَالهْ
لوْ طلبُوا سلمكَ كانتْ لهمْ
قُرْبَى عَلَى وُدِّكَ محُتَالة ْ
لَكِنَّهُمْ غَرَّهُمْ خُلَّبٌ
شامُوا على غلهِم آلهْ
مَا أَظْهَر الرَّأيَ لَدَى فِكْرَة ٍ
فِيْهِ وَمَا أَكْثَرَ جُهَالَة ْ
خُذْهَا بِعَفْوِ الفِكْرِ مَا فَارَقَتْ
سُلافَة ُ الطَبْعِ وَسِلْسَالَهْ
إنْ لحقتْ سامعهَا نشوة ٌ
فَإنَّهَا صَهْبَاءَ جِريَالهْ
خالصة ً فيكَ فمَا تدعي
صَبَابَة َ الحُبِّ وَبِلْبَالَه
وَلا مَضَى الثَّاقِبُ مِنْ فِكْرِهَا
في منزلٍ ينعتُ أطلالهْ
يُشْغِلُها مَدْحُكَ عَنْ غَيْرِهِ
وَلَمْ تَكُنْ تَصْلُحُ إلاَّ لَهْ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يقصرُ مالي في الحوادثِ عنْ بذلي
يقصرُ مالي في الحوادثِ عنْ بذلي
رقم القصيدة : 24197
-----------------------------------
يقصرُ مالي في الحوادثِ عنْ بذلي
فمَا عذرُ دهرٍ لا يجودُ علَى مثلي
رَمَتْنِي رِجَالٌ بِالوَعِيْدِ كَأنَّمَا
تَرُومُ مَرَامِي أوْ تُنَازِعُنِي فَضْلِي
وقدْ أمنُوا أنْ يمنعَ السبَّ منْ فمِي
فهلْ أمنُوا أنْ يمنعَ الضربَ منْ نصلي
وَيَحْسَبُني دَهْرِي أَرُومُ عَطَاءَهُ
فَيُوسِعُني قَبْلَ السَّؤالِ مِنَ البُخْلِ
وَهَلْ كُنْتُ أرضَى أنْ أنَالَ حُطَامَهُ
وأعلمُ أنَّ الحظَّ فيهِ معَ الجهلِ
أنِفْتُ مِنَ الدُّنْيَا فَمَا طلَبَتْ يَدِي(27/275)
ولاَ طمعتْ نفسِي ولاَ وخدتْ إبلي
وَمَنْ كَانَ فِي بَرْدِ القَنَاعَة ِ رَافِلاً
أصابَ الغنى في الفقرِ والخصبَ في المحلِ
أُلامُ إذَا مَا نَاوَشَ الدَّهْرُ جَانِبي
وأيُّ حسامٍ لا يحادثُ بالصقلِ
وَمَا هُو فِي مَا بَيْنَنَا مِنْ ضَغِيْنَة ٍ
بمطرحِ قولي ولاَ جاهل فعلي
وَكُنْتُ أُمَنِّي النَّفْسَ بَنْدا مِنَ الغِنَى
يُحَسِنُ مُعْرُوفِي وَيُوسِعُ فِي فَ
أَمَّا وَقَدْ فَارَقْتُ آل عُذَيْبَة ٍ
فلاَ خيرَ في حزنٍ منَ العيشِ أو سهلِ
ألا إنَّمَا وَارَيْتِ يَا أُمَّ عَامِرٍ
عهودَ الصبا بينَ الصفائحِ والرملِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أيهَا النفسُ أقلّي
أيهَا النفسُ أقلّي
رقم القصيدة : 24198
-----------------------------------
أيهَا النفسُ أقلّي
فلقدْ أكثرتِ ثقلي
إنمَا أصلحُ منْ أمركَ
ما يفسدُ عقلي
لَسْتُ أَرْضَى لَكَ بِالعِزِّ
الذي يوجبُ ذلِّي
وَهَوى الأكْثَرُ وَالعَيْـ
ـش يُرَجَّى بِالأقَلِّ
قَدْ تَعَلَّقْتُ مِنَ الدُّنْيَا
بأَمْرٍ مُضْمَحِلِّ
وَتَمَسَّكْتُ مِنَ النَّاسِ
بعقدٍ مثلِ حلِّ
فإذَا حاولتَ تحقيقاً
فجهلاً فوقَ جهلِ
يا حلالَ التربِ مَا
أبلاكمُ إلاَّ ويبْلي
نَحْنُ نَتْلُوكُم وَمَا
السابقُ إلاَّ كالمصلِّي
قَدْ بَذَلْنَا لَكُمُ مِنْ
دمعنَا جهدَ المقلِّ
ولحقنَاكمْ منَ الدهرِ
بجادٍ مشمعلِّ
كمْ أطيلُ الخوضَ في ليلٍ
منَ الفكرِ مضلِّ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أرَانِي مِنْكَ ياَ كَعْبَ بن عَمْرو
أرَانِي مِنْكَ ياَ كَعْبَ بن عَمْرو
رقم القصيدة : 24199
-----------------------------------
أرَانِي مِنْكَ ياَ كَعْبَ بن عَمْرو
علَى قربِ المودة ِ في تقالِ
عليكَ إذا حسدتَ طلابَ فضلِي
وليسَ عليَّ أنْ أذرَ المعالِي
حويتَ فضائلاً ما نلتَ منهَا
سوَى بثِّ العداوة ِ في الرجالِ
ومَا ذنبي إلى الأقوامِ إلاَّ
مُكَاثَرَتِي لأطْرَافِ العَوَالِي
وإنِّي لا أعدُّ الرفدَ جوداً(27/276)
لِمَنْ حَمَّلتُهُ ذُلَّ السُّؤالِ
ولا أبغي طريفَ المالِ إلاَّ
لتروى راحتايَ منَ النوالِ
عَرَفْتُ الدَّهْرَ مَعْرِفَتِي بَنِيْه
فلستُ أفرُّ منْ نوبِ الليالي
شعراء العراق والشام >> عمر أبو ريشة >> غادة من الأندلس
غادة من الأندلس
رقم القصيدة : 242
-----------------------------------
وثبتْ تَستقربُ النجم مجالا
وتهادتْ تسحبُ الذيلَ اختيالا
وحِيالي غادةٌ تلعب في
شعرها المائجِ غُنجًا ودلالا
طلعةٌ ريّا وشيءٌ باهرٌ
أجمالٌ ؟ جَلَّ أن يسمى جمالا
فتبسمتُ لها فابتسمتْ
وأجالتْ فيَّ ألحاظًا كُسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما
انخفضت حِسًا ولا سَفَّتْ خيالا
كلُّ حرفٍ زلّ عن مَرْشَفِها
نثر الطِّيبَ يميناً وشمالا
قلتُ يا حسناءُ مَن أنتِ ومِن
أيّ دوحٍ أفرع الغصن وطالا ؟
فَرَنت شامخةً أحسبها
فوق أنساب البرايا تتعالى
وأجابتْ : أنا من أندلسٍ
جنةِ الدنيا سهولاً وجبالا
وجدودي ، ألمح الدهرُ على
ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ
بالمروءات رِياحاً ورمالا
حملوا الشرقَ سناءً وسنى
وتخطوا ملعب الغرب نِضالا
فنما المجدُ على آثارهم
وتحدى ، بعد ما زالوا الزوالا
هؤلاء الصِّيد قومي فانتسبْ
إن تجد أكرمَ من قومي رجالا
أطرق القلبُ ، وغامتْ أعيني
برؤاها ، وتجاهلتُ السؤالا
العصر العباسي >> البحتري >> ما قام لكي لعجل حين زاحفها
ما قام لكي لعجل حين زاحفها
رقم القصيدة : 2420
-----------------------------------
ما قام لكي لعجل حين زاحفها
ولم تقم ما درايا بعد للكرج
لو أنكم كنتم للشلمغان إذن
ثبتم في مضيق المأزق اللحج
لما غدا بكر بكر في قساطله
غدا بنو حسن فيها بني سمج
هيهات غالكم لؤم انتسابكم
عن أن تروا صبراً في ذلك الرهج
وقد توهم أو أخطا منجمكم
بين الدقائق لما اجتاز والدرج
والخزي في شهوات منكم ارتفعت
عن كشج كل لطيف كشحه غنج
ليس الرجال بأحباب الرجال فلا
تغالطوا الناس في وحش ولا فرج(27/277)
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أَسْتَغْفِرُ الله مِنْ تَرْكِي وَإخْلالِي
أَسْتَغْفِرُ الله مِنْ تَرْكِي وَإخْلالِي
رقم القصيدة : 24200
-----------------------------------
أَسْتَغْفِرُ الله مِنْ تَرْكِي وَإخْلالِي
وَهَفْوَة ٍ خَطَرَتْ مِنِّي عَلَى بَالِي
قضيتُ عمري بدرسٍ ما حظيتُ بهِ
وَكَيْفَ يَنْفَعُ عِلْمٌ بَيْنَ جُهَّالِ
وَزَادَ زُهْدِيَ فِي أَنِّي عَرَفْتَهُمْ
فَمَا أَسَيْتُ عَلَى جَاهٍ وَلا مَالِ
قَيَّدْتُ بِاليَأسِ عَزْمِي عَنْ مُطَالَبَهٍ
فلتحمدِ الله أفراسي وأجمالي
أَعُدُّ أَصْدَقَ آمالِي مُخَادَعَة ً
إذَا تَعَلَّقَ أقْوَامٌ بِآمَالِي
وللقناعة ِ عندي منة ٌ شكرتْ
وَالشُّكْرُ أَحْسَنُ إِعْظَامٍ وَإِجْلالِ
قرنتُها بثراءٍ غيرِ مكتسبٍ
وَعِفَّة ٍ بَيْنَ إِكْثَارٍ وَإقْلالِ
ميراثُ قومٍ كفاني بعدَ عهدهمُ
فَتْوَى الظُّنُونِ بإحْرَامٍ وَإحْلالِ
سقَى الربيعَ ربيعٌ جادَ هاطلهُ
بِكُلِّ أسْحَمَ صَافِي الذَّيْلِ هَطَّالِ
وخصَّ رمسَ سنانٍ منْ مواهبهِ
بِبَارِدٍ كَسُلافِ الخَمْرِ سِلْسَالِ
فَقَدْ أعَانَا عَلَى زُهْدٍ بَمَيْسَرة ٍ
وأغنيانِي ع،ْ شدٍّ وترحالِ
أرحتُ جسمي فلمْ تنصبُ جوارحهُ
وقدْ أضرَّ بهَا في الحرصِ أمثالِي
ومَا جعلتُ اغترابي للغنَى سبباً
إذَا تَفْرَغَ أقْوَامٌ لأشْغَالِ
قالُوا جميلاً ولكنْ قلمَا فعلُوا
مِنْهُ وَصَدَقْتَ أَقْوَالِي بِأفْعَالِي
وقدْ أجدَّ ابنُ عمِّي في مخالفتِي
رَأياً فَصَادَفَ عِنْدِي غَيْرَ إجْفَالِي
كنْ كيفَ شئتَ جفاءً أوْ مواصلة ً
فقدْ خلقتَ بلا عمٍّ ولا خالِ
وخلِّ عنكَ جدالِي أو معاتبتِي
فإنَّ ذلكَ فضلَ القيلِ والقالِ
وعصبة ٍ ألفَ الأحرارُ جمعهمُ
عَلَى تَقَلُّبِ أوْقَاتٍ وَأَحْوَالِ
منْ كلِّ معترفٍ بالشرِّ مضطغنٍ
وقاصدٍ بلئيمِ الطبعِ مختالِ
بيتُ المكائدِ إلاَّ أنهُ طالٌ
وَمَوضِعُ السُّوءِ إلاَّ أَنَّهُ خَالِي
عووْا عليَّ وهرتني كلابهمُ(27/278)
فَمَا عَبِئْتُ بِرَسْمٍ الدِمْنَة ِ البَالِي
الحقُّ أبلجُ فاعرفْ منْ تنازعهُ
وَدَعْ وَسَاوِسَ أفْكَارٍ وَأَقْوَالِ
وَلِلعَدَاوَة ِ أسْبَابٌ وَأظْهَرُهَا
فِيْهَا تَبَايُنُ أغْرَاضٍ وَأشْكَالِ
والناسُ شتَّى وإنْ عمتهمُ صورٌ
هيَ التناسبُ بينَ الماءِ والآلِ
تَبَارَكَ الله هَلْ للخَيْرِ مِنْ أَثَرٍ
يقفَى فيتبعُ فيهِ سابقاً تالِي
وهلْ تبينَ سيفٌ أنَّ منزلهُ
فِي رَأسِ غَمَدَانَ دَارٌ غَيْرُ مِحْلالِ
أَمْ هَلْ لِسَابُورَ عِلْمٌ مِنْ مَدَائِنِهِ
فَيَسْتَهِلُ لآثارٍ وَأَطْلالِ
يَا شَائِدَاً رَفَعَ الإيْوَانَ مُجْتَهِداً
خفضْ عليكَ فإنَّ الحادرَ العالِي
وقدْ عجبتُ منَ الرهبانِ إذْ صدقوا
للنُّسْكِ عَنْ ذَبْحِ خِلاَّنٍ وَأَطْفَالِ
يكفيكَ قوتكَ مما أنت تذخره
وما يصونك من بيتٍ وسربالِ
لم يولمُوا حيوانَ البرِّ واقتصرُوا
علَى كوامنَ في الأفواهِ اغفالِ
فَحَرَّمُوا الصَيْدَ جُهْداً وَهُوَ أيْسَرُ فِي
العُقُولِ لَو عَلِمُوا مِنْ صَيْدِ مُغْتَالِ
ومدية ُ الذبحِ أوحَى منْ عذابهمُ
للسانحاتِ على رفقٍ وإمهالِ
أَمْ عِنْدَهُمْ أنَّ حَيّا لا يُحِسُّ إذَا
هَيْهَاتَ مَا ذَاكَ إلاَّ خَبْطُ جُهَّالِ
ما أكثرَ الجهلَ في فسقٍ وفي نسكٍ
وَالمُضْحِكِيْنَ بِأقْوَالٍ وَأعْمَالِ
انَخْتُ عَنْسِي وَسَارَتْ فِي الوَرَى حِكمي
فجالَ فكري وشخصي غيرُ جوالِ
ولستُ منْ ودِّ إخواني علَى ثقة ٍ
فكيفَ آمنُ حسادي وأقيالِي
فاسْمَعْ كَلامِيَ وَافْهَمْ مَا أُرِيْدُ بِهِ
وَاسْتَوصِ خَيْراً بَأغْرَاضٍ وَأمْثَالِ
وَاجْعَلْ عِظَاتِيَ نُوراً تَسْتَضِيء بِهِ
فَهْيَ المَصَابِيْحُ مَا شُبَّتْ لِقُفَّالِ
وَخَلِّ مَدْحِي إِذَا مَا ضَمَّنِي جَدَثِي
فلا انتفاعٌ لتربٍ فيهِ منهالِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> كَانَ شَمْلِي بِهِمْ جَمِيْعَا وَلكِنْ قَدْ قَنِعْنَا مِنْ وَصْلِكُمْ بِالخَيَالِ(27/279)
كَانَ شَمْلِي بِهِمْ جَمِيْعَا وَلكِنْ قَدْ قَنِعْنَا مِنْ وَصْلِكُمْ بِالخَيَالِ
رقم القصيدة : 24201
-----------------------------------
كَانَ شَمْلِي بِهِمْ جَمِيْعَا وَلكِنْ قَدْ قَنِعْنَا مِنْ وَصْلِكُمْ بِالخَيَالِ
ورضينا منْ وعدكمْ بالمطالِ
وصبرنَا علَى ملالكُمُ الزَّا
ئدِ عنْ كلِّ مذهبٍ في الملالِ
ورَأيْنَا دِيَارَكُمْ فَعَرَفْنَا
كلَّ رسمٍ بالٍ بجسمِ بالِي
دَارِسَاتٌ وَنَاحِلِيْنَ فَبِمَا يُفـ
رَقُ بينَ العشاقِ والأطلالِ
أَيُّهَا اللائِمُونَ كُفُّوا فَمَا أَغْفَلَ
مَنْ نَامَ عَنْ طُولِ اللَّيَالِي
خبرونَا عنِ الكرَى واسمعُوا
مِنَّا حَدِيْثَ الغَرَامِ وَالبِلْبَالِ
مَا لأيامنَا تمرُّ قصارَى
ـد وَحاَلُوا فِي سَائِرِ الأحْوَالِ
أكذَا تصنعُ الصبابة ُ أمْ عَا
د علينا الصيام في شوال
أم رمانا ببعده ناصر الملك
ببيضِ الظبَا وسمرِ العوالي
فَفِرَاقُ الكِرَامِ يَفْعَلُ فِي الأجـ
ـسام مَا تفعلونَ في الأموالِ
حفظَ اللهُ معشراً ضيعُوا العهْـ
ـد وَحاَلُوا فِي سَائِرِ الأحْوَالِ
كانَ شملي بهمْ جميعاً ولكنْ
فرقتْ بيننَا صروفُ الليالي
قِيْلَ لِي لِمْ بَعُدْتَ عَنْهُمْ وَهَلْ يُصْـ
ـلحُ أنْ تتركَ العبيدُ الموالي
قُلْتُ لا تَعْجَلُوا عَلَيَّ فَلَو سِرْ
تُ لكانتْ نهاية ُ الإخلالِ
أيُّ شيءٍ إليَّ منْ أمرهمْ حتَّى
يَكُونَ إرْتِحَالُهُمْ بِارْتِحَالِي
فَرَّقَتْ بَيْنَنَا صُرُوفُ اللَّيَالِي
ـسَامِ مَا تَفْعَلُونَ فِي الأمْوَالِ
حَاشَ لله لَيْسَ فَشْتَكَة ُ الأتْبَـ
ـسَامِ مَا تَفْعَلُونَ فِي الأمْوَالِ
رأسُ مالي تركُ الفضولِ ومَا أتْـ
ـركُ منْ أجلِ حبكم رأسَ مالي
ومنَ السخفِ والرقاعة ِ تطفيـ
ـلي عليهمْ يومَ الوغَا في القتالِ
ومسيري أذبُّ في ظهرِ عجفَا
ءَ تبارِي أعضاءهَا بالهزالِ
عاطلاً منْ جميعِ مَا يصحبُ
سُ وَيَا رُبَّ عَاطِلٍ وَهُوَ حَالِي
لَيْسَ غَيْرَ المُقَامِ أسْتُرُ بِالجُدْ(27/280)
رانِ مَا يَعْلَمُونَ مِنْ سُوءِ حَالِي
وَلِعَمْرِي لَو أنْصَفُونِي لَمَا قَصَّرْتُ
ـرتُ عنْ نفعهمْ علَى كلِّ حالِ
دَارِسَاتٌ وَنَاحِلِيْنَ فَبِمَا يُفـ
ـت عَلَيْهِمْ بِالسَّعْدِ وَالأقْبَالِ
كانَ حدِّي مثلَ اسم جدِّي قالا
تَرَكُونِي بِرَسْمِ زَجْرِ الفَالِ
أحمدُ اللهَ ما كسادي سوَى الرخْـ
ـص فَإنَّ النِّفَاقَ فِي كُلِّ غَالِ
يَا خَلِيْلَيَّ عَرِّضَا بِي فَمَا أعْـ
ـلمُ أنِّي خطرتُ منهمْ ببالِ
وَانْشُدَا دَارِسَ الرُّسُومِ كَمَا يَنْـ
ـشدُ ربعٌ منَ الرسومِ الخوالِي
أَيُّهَا اللائِمُونَ كُفُّوا فَمَا أَغْفَلَ
نستُما منهُ سامعاً لمقالِي
يا أجلَّ الملوكِ عماً وخالاً
عندَ ذكرِ الأعمامِ والأخوالِ
ومثيرَ الحربِ العوانِ منَ المهْـ
إِلَى يَومِ وَقْعَة ِ الدَّجَّالِ
وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ تَجُودُ يَدَيْهِ
مُزْنَة ً تَسْتَهِلُّ قَبْلَ السُّؤالِ
لَيْتَ شِعْرِي بِأَيِّ فَيء أدَارِيْكَ
ـكَ فقدْ قلَّ في رضاكَ احتيالي
ليسَ يغنى جدِّي ولا ينفعُ الهزْ
ـد وَحاَلُوا فِي سَائِرِ الأحْوَالِ
بِلَيَالٍ سُودِ الدَّيَاجِي طِوَالِ
ـتُ بجهدِي عليكَ منْ أثقالِي
وَأرَانِي فِي كُلِّ يَومٍ إلَى خَلْفٍ
كَأنِّي خَرَجْتُ فِي الحِبَالِ
مَا لِمِخِلاتِي الصَّغِيْرَة ِ لا
تَدْخُلُ مَعَكُمْ فِي جُمْلَة ِ الأعْدَالِ
أتُرَانِي أرْضَي بَهَذا وَفِي الدُّنْيَا
ظهورُ الفلا وأيدي الحبالِ
لاَ ونعماكَ ما مقامي على التقْـ
إلاَّ مِنْ حَدِيْثِ المِحَالِ
افتحُوا دوني الطريقَ وردُّوا
لِي إِلَى عَسْقَلانَ بَدْرَ الجِمَالِ
وَدَعُونِي أَصِيْحُ عِنْدَ ابن حَمْدَانَ
نَ صياحاً يشقُّ حلوَ السلالِ
ما اتفقنَا إلاَّ علَى صحبة ِ
الدَّهْرِ وَلَكِنْ بَدَا لَكُمْ فبدَا لِي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> جَهِلْتُمْ فَمَا وَجْهُ النَّهَارِ بِوَاضِحٍ
جَهِلْتُمْ فَمَا وَجْهُ النَّهَارِ بِوَاضِحٍ
رقم القصيدة : 24202(27/281)
-----------------------------------
جَهِلْتُمْ فَمَا وَجْهُ النَّهَارِ بِوَاضِحٍ
لَدَيْكُم وَلا طَرَفُ الدُّجَى بِكَحِيلِ
وَغَرَّكُمُ طُولُ المُقَامِ سَفَاهَة ً
كَأَنَّكُمُ لَمْ تَسْمَعُوا بِرَحِيْلِ
إذَا وَقَفَ العَانِي عَلَيْكُمْ فَإنَّمَا
يَمُرُّ بِرَسْمٍ فِي الدِّيَارِ مَحِيْلِ
فإنْ نلتمُ خصبَ الجسوم نضارة ً
فَرُبَّ كَلامٍ كَالهِلالِ نَحِيْلِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَرَّتْ تَثَنَّى وَبِهَا هِزَّة
مَرَّتْ تَثَنَّى وَبِهَا هِزَّة
رقم القصيدة : 24203
-----------------------------------
مَرَّتْ تَثَنَّى وَبِهَا هِزَّة
يخدعُ عطفِي غصنُها المائلْ
كلمعة ِ البارقِ مجتازَة
بمائِها في البلدِ الماحلْ
تَرْنُو إِلَى الرَّائِعِ مِنْ شَيْبِهِ
تَلَفَّت الظَّبي إلَى الحَابِلْ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> قدْ غادرَ الشعراءُ منْ يتردمُ
قدْ غادرَ الشعراءُ منْ يتردمُ
رقم القصيدة : 24204
-----------------------------------
قدْ غادرَ الشعراءُ منْ يتردمُ
إنْ كَانَ يُسْمَعُ مَا أقُولُ وَيُفْهَمُ
لِي كُلُّ يَومٍ آيَة ٌ مَشْهُورَة ٌ
فِيْهِ إذَا نُثِرتْ عَلَيْهِ الأنْجُمُ
وكواكبٌ قدْ بانَ كيفَ تنالهُا
الأيدي ولكنْ أينَ منْ يتعلمُ
فَنَدَى فَحَسْبُكَ إنَّ مِثْلِي شَاكِرٌ
وَغِنًى فَحَسْبِي إنَّ مِثْلَكَ مُنْعِمُ
لا تحفلنَّ إذَا بقيتَ بناطقٍ
غَيْرِي فلَيْسَ مَعَ الفُرَاتِ تَيَمُّمُ
ودعِ الكلامَ لمنْ يسيرُ ثناؤهُ
وَالرِّيْحُ حَسْرَى وَالكَوَاكِبُ نُوَّمُ
قَدْ كَانَ قَبْلَكَ وَاهِبُونَ وَفَاتَهُمْ
مدحي وماتُوا والمواهب معهمُ
لمْ يبقَ بعدهمُ حديث سائرٌ
فِيْهَا وَلا حَادٍ بِهَا يَتَرَنَّمُ
لا يَدَّعِي الفُصَحَاءَ فِيْكَ عَرِيْبَة ً
والبيضُ تنثرُ والأسنة ُ تنظمُ
نَطَقَتْ بِمَدْحِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا
تَجْرِي جِيَادُكَ فِي البِلادِ وَمَالَهَا
شَأوٌ يُرَامُ ولا مَدَى يُتَوَهَّمُ(27/282)
وَيَرُدُ جَدُّكَ كُلَّ خَطْبٍ نَازِلٍ
حتَّى يحلَّ بهِ القضاءُ المبرمُ
عجباً لوجهكَ كيفَ بارقُ بشرهِ
تهمَى سحائبهُ ولا يتغيمُ
وَلِحَاسِدِيْكَ وَهَلْ تَأخَّرَ مِنْهُمُ
مَنْ كَانَ يُمْكِنُ أنَّهُ يَتَقَدَّمُ
مَا تَنْزِلُ الأفْلاَكَ غَيْرُ نُجُومِهَا
أبداً ولاَ الغيلِ إلاَّ الضيغمُ
ومعرضينَ نحورهمْ لذوابلٍ
ما زالَ يمطرُ منْ أسنتها الدمُ
حاربتهمْ فتنصرُوا ولو انهمْ
نظرُوا الصوابَ لسالموكَ وأسلمُوا
مَا لَيْسَ تَطْلُبُهُ سُيُوفُكَ مِنْهُمْ
يمضي صليبُ الأرمنيِّ عليهمُ
وأبوكَ ذلَّ لهُ الصليبُ الأعظمُ
مَا يَصْنَعُ الحَسَبُ الكَرِيْمُ بِعَاجِزٍ
يُبْنَى لَهُ الشَّرَفُ الرَّفِيْعُ وَيَهْدِمُ
لا يذكرُوا حلباً وبيضكَ دونَها
مَشْهُورَة ً فَهِي الظُبَا وَهُمُ هُمُ
وَلَرُبَّمَا قَالَ الجَبَانُ بِقَلْبِهِ
مَا لا يَقُومُ بِهِ اللِّسَانُ وَلا الفَمُ
صعبت ففازَ بهَا الذي لا يمتطَى
وَأَبَت فَمَارنَها الذَّي لا يُحَطَّمُ
وَالنَّقْعُ لَيْلٌ والأسِنَّة ُ أَنْجُمُ
فِي حَيْثُ يَرْتَابُ الحُسَامُ بِحَدِّة ٍ
ويخونُ صدرُ السمهريِّ اللهذمُ
شرفاً بني العباسِ إنَّ حسامكمْ
ماضٍ يطبقُ في العدَى ويصممُ
حملتْ لواءكمُ السحابَ أناملٌ
أندَى عليهِ منَ السحابِ وأكرمُ
فكأنمَا حكمتْ على عذباتهِ
أنْ لا يفارقهَا النسورُ الحومُ
ركنُ الحطيمِ ولاَ سقاكمْ زمزمُ
وَنَظَرْتُمُ تِلْكَ المَعَالِمَ حُجْرَة ً
عنكمْ كمَا نظرَ الثراءَ المعدمُ
لكنْ أعادَ لكمْ تراثَ محمدٍ
طَعْنٌ تُرَدُّ بِهِ الحُقُوقُ وَتُغْرَمُ
ومتوجٌ لمعتْ أسرة ُ وجههِ
حَتَى أضَاءَ بِهَا الزَّماَنُ المُظْلِمُ
غضبانُ يطلبُ حقكمْ بعزائم
كالدهرِ يعطي ما يشاءُ ويحرمُ
وَمِنَ العَجَائِبِ أَنَّ بِيْضَ سُيُوفِهِ
تبكي دماً وكأنهَا تتبسمُ
فَالآنَ سُلِّمتِ القُلُوبُ إليْكُمْ
وتيقنت أنَّ الخلافة َ فيكمُ
مَا كَانَ حَمْلُكُمُ القَضِيْبَ بِنَافِعٍ(27/283)
حَتَّى يُضَافَ إلَيْهِ هَذا المِخْذَمُ
والخوفُ أدعَى للقلوبِ وإنمَا
خُلِقَتْ عَلَى حُكْمِ الطِّبَاعِ جَهَنَّمُ
شرفاً وأفصحَ بي الزمانُ الأعجمُ
عرضتُ قبلكَ بالمديحِ فأعرضُوا
وَجَلْوتُ أبْكَارَ القَرَيضِ وَقَدْ عَمُوا
وفطنتَ بي فلبستُ مَا لمْ يلبسُوا
مِنْ وَشْيهِ وغَنِمْتُ مَا لَمْ يَغْنَمُوا
وهيَ القوافي ما يفرطُ عندهَا
في العارفاتِ ولا تضيعُ الأنعمُ
تَبْقَى مُخَلَّدَة ً وَكُلُّ غَرِيْبَة ٍ
حاشَا علاكَ فإنهَا تتصرمُ
وأبيهمُ مَا كنتُ أتبعُ خلباً
خَمَدَتْ بَوَارِقُهُ وَبَحْرُكَ مُفْعَمُ
إنْ أعرضوا عنهَا فإنَّ عقودهَا
درٌّ لمثلِ نحورهمْ لا ينظمُ
فاضَ الفراتُ بزعمهمْ فوردتهُ
وَتَرَكْتُ كُلَّ غَمَامَة ٍ تَتَجَهَّمُ
تربتْ يدٌ سألتْ سواكَ وأجدبتْ
أرض بغيرِ سحابِ كفكَ توسمُ
فَالعِزُّ إلاَّ فِي جِنَابِكَ ذِلَّة ٌ
والمالُ إلاَّ منْ نداكَ محرمُ
وَغَرِيْبَة ٍ سَبَقَ الوُشَاة ُ بأوَّلٍ
مِنْهَا وَحُسْنُ الشِّعْرِ حِيْنَ يُتَمَّمُ
غَنَّتْ كَمَا سَجَعَ الحَمَامُ وَرُبَمَا
زأرتْ كمَا هدرَ الفنيقُ المقرمُ
كالكاعبِ الحسناء إلاَّ أنهَا
مِنْ فَقْدِهَا الأكفاء قَبْلَكَ آيِمُ
أظهرتَ فيها المعجزاتِ لأمة ٍ
ذلَّ البليغُ بهَا وعزَّ المفحمُ
لوْ كانَ في نظمِ القريضِ نبوة
صَلَّى عَلَيَّ السَّامِعُونَ وَسَلَّمُوا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> فَإنْ دَعُوا بِكَ تَحْمِيْهَا فَمَا ظَلَمُوا
فَإنْ دَعُوا بِكَ تَحْمِيْهَا فَمَا ظَلَمُوا
رقم القصيدة : 24205
-----------------------------------
فَإنْ دَعُوا بِكَ تَحْمِيْهَا فَمَا ظَلَمُوا
فمَا تخالفهَا عربٌ ولا عجمُ
يجري القضاءُ بمَا تهوَى فإنْ جمحتْ
عنهَا القلوبُ أطاعتْ أمرهَا القممُ
تروي وتحيي نفوسَ العائذينَ بهَا
فعندهَا نعمٌ في طيهَا نقمُ
كأنمَا هيَ للأعمارِ مالكة ٌ
فمنْ مضاربهَا تعطِي وتخترمُ
نَادَتْ نُمَيْرٌ فَلَبَّتْهَا وَقَدْ لَؤمَتْ(27/284)
فيهَا الكرامُ وماتتْ دونهَا الهممُ
فضاربَ الخوفُ عنهَا وهيَ مغمدة
وليسَ كلُّ ضراب أنْ يراقَ دمُ
أغنَى كتابكَ عنْ جيشٍ تجهزهُ
ووقرَ السيفَ لمَّا أقنعَ القلمُ
يا همة ً حملَ الإسلامُ منتهَا
ونعمة ً صغرتْ في جنبهَا النعمُ
هَلْ عِنْدَ قَبْرِ شَبِيْبٍ مِنْكَ مَعْرِفَة ٌ
فَرُبَّمَا صَنَعَتْ مَا تَصْنَعُ الدِّيَمُ
دعتكَ رمتهُ والتربُ بينكمَا
وَمِنْ فُرُوضِ العُلَى أنْ تَسْمَعَ الرِّحَمُ
فَلَمْ يَكُنْ بِكَ فِيْمَا قَالَهُ حَصَرٌ
ولاَ بسمعكَ عمَّا قالهُ صممُ
عَلَيْكَ إذَا أبْصَرْتَها وَعَمُوا
فَإنْ دَعُوا بِكَ تَحْمِيْهَا فَمَا ظَلَمُوا
مَاتُوا وَلَكِنَّهُمْ أحْيَا بِذِكْرِهِم
إنَّ الثَنَاءَ وجُودٌ مَا لَهُ عَدَمُ
أَحْيَتْ سُيُوفُكَ مَيْتُ العِزِّ فِي مُضَرٍ
وَأسْفَرَتْ بِسَنَاهَا عَنْهُمُ الظُّلَمُ
كانتْ لهم آية ً في الفخرِ واحدة
حَتَّى خُلِقْتَ فَصَارَ الدِّيْنُ والكَرَمُ
قَالَتْ عِدَاتُكَ طُرْقُ المَجْدِ خَافِيَة ٌ وَمَا
عَلَيْكَ إذَا أبْصَرْتَها وَعَمُوا
كمْ خلة ٍ لكَ رامُوا سترَ شارفها
حتَّى رأوهُ صباحاً ليسَ ينكتمُ
أطلعتَ منهَا شموساً غيرَ آفلة ٍ
وعاندوكَ فقالُوا إنهَا شيمُ
مَا أيْقَنُوا لِغَرِيْبٍ مِنْ بَدَائِعِهَا
إلاَّ وَقَدْ جَهِلُوا فَوقَ الذِّي عَلِمُوا
وَلا أطَاعُوكَ إلاَّ بَعْدَ مَعْرِفَة ٍ
بأنَّ مثلكَ لا يعصيهِ مثلهمُ
شَفَتْ سُيُوفُكَ دَاءً مِنْ عُقُوقِهِمُ
لَهَا وَرُبَّ شِفَاءٍ كُلُّهُ سَقَمُ
يا ابنَ الأُلى رضعُوا خلفَ الندَى فرُبوا
بِدَرِهِ ثُمَّ مَاتُوا قَبْلَ مَا فُطِمُوا
لا تأسفنَّ لموتاهمْ إذَا ذهبُوا
فمَا مضَى أحدٌ منهم وأنتَ همُ
ما يخبرُ الناسُ عنْ قومٍ بقيتهمْ
أبُو سلامة َ إلاَّ أنهمْ سلمُوا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أمَّا فؤادي فقدْ رقتْ جوانحهُ
أمَّا فؤادي فقدْ رقتْ جوانحهُ
رقم القصيدة : 24206
-----------------------------------(27/285)
أمَّا فؤادي فقدْ رقتْ جوانحهُ
عنِ الغرامِ وخانتني عزائمهُ
ولَسْتُ أنْكِرُ مَا فِيْهِ لِبُعْدِكُمُ
وكيفَ أنكرهُ والله عالمهُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَا عَلَى الوَاشِيْنَ مِنْ حَرَجٍ
مَا عَلَى الوَاشِيْنَ مِنْ حَرَجٍ
رقم القصيدة : 24207
-----------------------------------
مَا عَلَى الوَاشِيْنَ مِنْ حَرَجٍ
مثلُ مَا بِي ليسَ ينكتمُ
زعمُوا أنِّي أحبكمُ
وغرامي فوقَ ما زعمُوا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إذَا عزتْ صفاتكَ أنْ ترامَا
إذَا عزتْ صفاتكَ أنْ ترامَا
رقم القصيدة : 24208
-----------------------------------
إذَا عزتْ صفاتكَ أنْ ترامَا
قضينَا في الحديثِ بهَا ذمامَا
وَمَا قَصُّرَتْ يَدٌ دُونَ الثُّرَيَّا
فخافتْ عندَ عارفهَا ملامَا
لكَ النسبُ الذي منْ سارَ فيهِ
فمَا يخشَى الضلالَ ولا الظلامَا
إذَا طلعتْ بدورِ بني حميدٍ
فَحَقٌ لِلْكُواكِبِ أنْ تُضَامَا
أما وَقُبُورُهُمْ فَلَقَدْ أجَنَتْ
عِظَاما فِي ضَرائِحِهَا عِظَامَا
لقدْ أبقيتَ مجدهمُ وماتُوا
فكانُوا لا حياة َ ولا حمامَا
وربَّ منازعٍ لكَ في المعالي
سَهِرْت عَلَى الطَّلاب لَهَا وَنَامَا
يُحَدِّثُ عَنْ لِقَائِكَ بِالأمَانِي
فَقَالَ العَارِفُونَ بِهَا سَلامَا
ومجتازٍ بأرضكَ حذرتهُ
سيوفكَ إنْ يريدُ بهَا مقامَا
أدلَّ بجدِّه فكفاكَ جدٌّ
يَفُلُّ سُعُودُهُ الجَيْشَ اللُّهَامَا
ضربناهُ بذكركَ وهوَ لفظ
فكانَ القلبَ واليدَ والحسامَا
عَجِبْتُ لِقَصْدِهِ المولى بِعَزْمٍ
يُقْصّر أنْ يَنَالَ بِهِ الغُلامَا
حَلَفْتُ بِهَا خِمَاصاً كَالحَنَايَا
وَإنْ كَانَتْ لِسُرْعَتِهَا سِهَامَا
تخبُّ بمحرمينَ تسنموهَا
وأموا فوقهَا البلدَ الحرامَا
لِيَومٍ فِيْهِ دَوْلَتُكَ اطْمَأنَّتْ
قواعدهَا حقيقٌ أنْ يضامَا
أبَيْت اللَّعْنَ إنْ كَثُرَتْ شُجُونِي
فإنِّي قدْ وجدتُ لهَا مسامَا
فإن بَلَغَتْ إلَيْكَ بِيَ اللَّيَالِي(27/286)
فقدْ زجيتهَا عاماً فعامَا
وَرَوَتْنِي سَحَابُكَ فِي بِلادٍ
كَثِيْرا مَا شَكَوْتُ بِهَا الأوَامَا
وأغنانِي عطاؤكَ عنْ أناسٍ
حَسِبْتُهُمُ وَلا بَلَغُوا كِرَامَا
بَعَثْتُ إلَى نَوالِهمُ رَجَاء
تعلمَ كيَ ينتجعُ الجهامَا
فإنْ أكدَى لئيمُ الظنِّ فيهمْ
فإنِّي قدْ عرفتُ بهِ اللئامَا
ومَا لِي والبخيلُ وقدْ كفتني
مَوَاهِبُكَ الَّتي كَفَتِ الأنَامَا
إذَا ضَنَّ السَّرَابُ عَلَى نَدَاهُ
فقدْ نالتْ يدُ الصادي الغمامَا
وَمَا غَبَّتْ مَكَارِمَكَ القَوَافِي
وَإنْ كَانَتْ زِيَارَتُهَا لِمَامَا
وكيفَ يضيعُ جودكَ في كريمٍ
أعدَّ لشكرهِ هذا الكلامَا
قَصَائِدُ إنْ تَرَنَّحَ سَامِعُوهَا
فإني قدْ أبحتُ بها المدامَا
تَزُورُ صَبَابَة وَأحِنُّ شَوقَا
كِلانَا يَدَّعِي فِيْكَ الغَرَامَا
إذا زفتْ إليكَ علمتُ أنِّي
مَلَكْتُ لِكُلِّ جَامِحَة ٍ زِمَامَا
ولولا أنهَا وجدتكَ كفؤاً
لَكَانَتْ فِي الصُّدُورِ مِنَ الأيَامِي
ولوْ قصدتْ سواكَ لقلتُ فيها
أراني الله نقبكِ في السلامَى
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إذا اتقَى القومُ قبلَ الصيدِ في حرم
إذا اتقَى القومُ قبلَ الصيدِ في حرم
رقم القصيدة : 24209
-----------------------------------
إذا اتقَى القومُ قبلَ الصيدِ في حرم
جَعَلْتُ كُلَّ مَكَانٍ حَلَّهُ حَرَمَا
لا تحمدِ الدهرَ في فعلٍ يجودُ بهِ
فليسَ يقصدُ لا بخلاً ولا كرمَا
قَالُوا أتَيْنَاهُ لَمَّا نَالَهُ هَرَمٌ
ومَا أصابُوا ولكنْ لم يزلْ هرمَا
ماَ سَرَّ كِسْرَي وَلَمْ تَذْهَبْ مَدَائِنُهُ
ولا سناناً وقد أنفَى له الهرمَا
تأتي لياليهِ إسعافاً وكلهمُ
أصْغَى إلَى البَيْنِ مُغْتَراً فَلا جَرَمَا
العصر العباسي >> البحتري >> دع الشيء لا تطلبه من نحو وجهه
دع الشيء لا تطلبه من نحو وجهه
رقم القصيدة : 2421
-----------------------------------
دَعِ الشيء لا تَطلُبْهُ من نحوِ وَجْهِهِ(27/287)
بظَنّك وَارْجُ الشيء من حيثُ لا يُرْجَى
إذا المرءُ لمْ يَرْدُدْ عَلَيكَ اعتِلاقُهُ
مَزِيّةَ نَفْعٍ، كانَ تِرْكانُهُ أحجَى
إذا انهت الأقدار أعقاب حاجة
شأتك ولو أحرقت ابداءها نضجاً
وَيَكْدي مِنَ الحاجاتِ أقْرَبُهَا مدًى
على ظَنّ باغيها، وَأوْضَحُها نَهْجَا
ومَا جَهِلَ ابنُ الجَرْجِرَائيّ وَاجبي
عَلَيْهِ، وَلكنْ كانَ ألأمَهُم عِلجَا
وَأثْقَلُ مَنْ أهْجُو عَليّ مُغَمَّرٌ،
أظَلُّ بإسْفافي إلى هَجوِهِ أُهْجَى
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَقُولُونَ شُهُبُ اللَّيْلِ تَحَكُّمُ فِيْهِمُ
يَقُولُونَ شُهُبُ اللَّيْلِ تَحَكُّمُ فِيْهِمُ
رقم القصيدة : 24210
-----------------------------------
يَقُولُونَ شُهُبُ اللَّيْلِ تَحَكُّمُ فِيْهِمُ
وأقسمُ ما سارتْ بعدلٍ ولا ظلمِ
إذا فكرَ الإنسانُ في الدهرِ لم يجدْ
بَيَانَاً وَألفَى جَهْلَهُ غَايَة َ العِلْمِ
فعش فيهمُ أعمَى وإنْ كنتَ مبصراً
سفيهاً وإنْ نزهتَ نفسكَ بالحلمِ
فَمَا العَيْشُ إلاَّ مَا غَنِمْتُ نَهَابَهُ
ولا العمرُ إلاّ طارق زارَ في حلمِ
لعمري لقدْ أنحَى الزمانُ بحربهِ
عَلَيَّ وَلَكنْ مَا جَنَحْتُ إلى السِّلْمِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إلَيْكَ عَنِّي فَلَيْسَ الخَوْفُ مِنْ شِيَمِي
إلَيْكَ عَنِّي فَلَيْسَ الخَوْفُ مِنْ شِيَمِي
رقم القصيدة : 24211
-----------------------------------
إلَيْكَ عَنِّي فَلَيْسَ الخَوْفُ مِنْ شِيَمِي
سَيَطْرُدُ الهَمَّ مَا يَسْمُو مِنَ الهِمَمِ
إذَا سُرِرْتُ فَمَا ثَغْرِي بِمُبْتَسِم
وَإنْ جَزِعْتُ فَمَا دَمْعِي بِمُنْسَجِمِ
يَا نَاشِدَ العِزِّ مَطْوِيَّا عَلَى ضَمَدٍ
ما يدركُ المجدُ بينَ الشاءِ والنعمِ
أمَامَكَ القَاعُ فَاقْذِفْهَا مُضْمَرَة ً
كأنمَا وضحتْ أخفافهَا بدمِ
حتَّى تراهَا وقدْ أودَى الكلالُ بهَا
وفي مناسمهَا عقلٌ منَ الخدمِ
وصاحبٍ كغرارِ العضبِ مفترشٍ(27/288)
نمارقَ الرملِ طلاع علَى الظلمِ
يخالسُ الصبح والظلماء تحجبهُ
تَسَتُّرَ البَرْقِ بَيْنَ الوَابِلِ الرَّدِمِ
يهبُّ يعثرُ في أذيالهِ وسناً
كأنمَا النومُ بينَ الساقِ والقدمِ
هلمَّ نرسلهَا هوجاء سامية ً
لا يَمْنَعُ السَّيْفُ فِيْهَا خُدْعَة َ القَلَمِ
إنَّا إذَا الحَيُّ لا تَرْعَى سَوَائِمُهُ
إلاَّ تَذَكُّرَ رِيْحِ الضَالِ وَالسِّلَمِ
وَأخْمَدَ البَرْقَ حَتَّى فِي بُيُوتِهِمُ
مَا يُظْهِرُ الزَنْدُ مَا فِيْهِ مِنَ الضَّرَّمِ
وَرَاحَتْ النِّيْبُ فِي الأنْسَاعِ سَاغِبَة ً
تنافسُ الخيلَ إنْ عللنَ باللجمِ
نبنَا عنِ الغيثِ أحياناً فحلتنَا
لا يَعْدَمُ الغَيْثُ فِيْهَا هَاطِلَ الدِّيَمِ
هلمَّ طيفَ سليمَى قدْ جلوتَ لنَا
غياهبَ الصدِّ لولا خدعة ُ الحلمِ
نَشَدْتُكَ الله هَلْ أنْسِيتَ لَيْلَتَنَا
عَلَى الثَّنِيَّة ِ دُونَ السَّفْحِ مِنْ إضَمِ
وليلة الحي إذْ أغرَى الرقيبُ بنَا
فَمَا اتَّقَيْنَا بِغَيْرِ الخُمْرِ وَاللثمِ
فَكَيْفَ تَقْذِفُ وُدَّاً كُنْتَ تَحْفَظُهُ
لَقَدْ خَصَمْتُكَ لَو صِرْنَا إلَى حَكَمِ
لَولا عَقَابِيْلُ وَجْدِي قُلْتُ حُبُّهُم
كخلبِ البرقِ لمْ يمطرْ ولمْ يدمِ
وبانة ُ السفحِ تغريني بذكرهمُ
وجداً فيا ليتهَا باتتْ كعهدهمِ
هل الأجيرعُ يشفي منْ يمرُّ بهِ
بالعرفِ أمْ ذاكَ معْ أيامنَا القدمِ
وَنَشْقَة خَطَرَتْ وَالرَّكْبُ مُشْتَمِلٌ
ذُؤابَهَ اللَّيْلِ بَيْنَ الأيْنُقِ الرُّسُمِ
شاقتْ طلى حانها وافى رحالهم
سُكْراً مِنَ السَّيْرِ أوْ ضُعْفَاً مِنَ السَّقْمِ
آهاً لِقَلْبِكَ مِنْ نَجْدٍ وَسَاكِنهِ
لقدْ علقتَ بشعبٍ غيرِ ملتئمِ
ما هبتِ الريحُ إلاَّ منْ جوانبهِ
ولاَ علا الشيحُ إلاَّ ذروة َ العلمِ
للهِ ليلكَ كمْ أفنيتَ منْ جلدٍ
حَتَّى الصَّبَاح وَكَمْ أبْقَيْتُ مِنْ ألَمِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> وصاحبٍ كلمَا هممتُ بهِ
وصاحبٍ كلمَا هممتُ بهِ
رقم القصيدة : 24212(27/289)
-----------------------------------
وصاحبٍ كلمَا هممتُ بهِ
وَهَبْتُ لُؤمَ العُقُوقِ لِلْكَرَمِ
حاولَ نيلَ الكرامِ مقتصراً
عَلَى الَّذِي شَادَ مِنْ عُيُوبِهِمْ
يُمَر متَّعُ فِي ذِمَّة ِ الخُمُولِ فَمَا
تغضُّ منْ لواذعِ الكلمِ
لوْ ضربتْ بالسيوفِ راحتهُ
لمَا تندتْ منْ بخلهِ بدمِ
فِدًى لِمَنْ لا يَزَالُ نَائِلُهُ
يخلفُ جوداً سحائبَ الديمِ
يمنحُ حتَّى تدومَ نعمتهُ
إنَّ العَطَايَا تَمَائمُ النِّعَمِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أيا ملكَ الرومِ شتماً لهمْ
أيا ملكَ الرومِ شتماً لهمْ
رقم القصيدة : 24213
-----------------------------------
أيا ملكَ الرومِ شتماً لهمْ
وَفِي ظَاهِرِ القَوْلِ لَمْ أشْتُمِ
تَجَاوَزْتَ فِي البُّخْلِ حَدَّ الكِلاب
فَفِي أَيِّ طَائِفَة ِ تَنْتَمِي
وأَظْهَرْتَ فِي البَطْرَمِ المُعْجِزَات
وَكُنْتَ بِفِعْلِكَ فِي بَطْرَمِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يا غائباً ببعادهِ وحمامهِ
يا غائباً ببعادهِ وحمامهِ
رقم القصيدة : 24214
-----------------------------------
يا غائباً ببعادهِ وحمامهِ
جارَ الزمانُ عليكَ في أحكامهِ
لِتَطِل لَيَالِي الدَّهْرِ بَعْدَكَ إنَّهُ
سَيَّانْ بَيْن صَبَاحِهِ وَظَلامِهِ
سودتهُ في ناظري كأنمَا
خلعتْ لياليهِ علَى أيامهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أمَا حياكمُ عبقُ النسيمِ
أمَا حياكمُ عبقُ النسيمِ
رقم القصيدة : 24215
-----------------------------------
أمَا حياكمُ عبقُ النسيمِ
فَيُخْبِرُ عَنْ ثَرَى تَلْكَ الرُّسُومِ
وتُنْجِدُهُ الذَّوَافِرُ حِيْنَ تُرخَى
عليهِ ذوائبُ الليلِ البهيمِ
أمَّا ذَا البَرقُ بِيْضُ بَنِي عَدِيٍّ
فَكَيْفَ رَمَى فُؤادَكَ بِالهُمُومِ
هنيئاً للمدامعِ بثُّ وجدي
لَقَدْ خَبَّرنَ عَنْ خُلُقٍ كَرِيْمِ
أمَنْكَ الطَّيْفُ هَبَّ مَعْ الخُزَامى
يُخَادِعُ عِطْفُهُ وَلَعَ النَّسِيمِ(27/290)
رَأى قُرْبَ الحُسَامِ وَغَارَ مِنْهُ
فَحَاكَمْنَا إلَى العَهدِ القَدِيْمِ
أحِنُّ إذَا أصَابَ الغَيْثُ نَجْداً
وقعقعَ بالرعودِ علَى الغيومِ
وَلَمَّا كُنْتُ أطْرَبُ لِلغَوَادِي
ظَنَنْتُ خَلائِقِي زَهْرَ الغَمِيْمِ
أفي مجدي طمعتَ أخَا الهوينَا
وَمَا بَالُ البُوَيْزل وَالقُرُومِ
تناكركَ القبائلُ منْ نزارٍ
كأنكَ فيهمُ خلقُ اللئيمِ
وَعَزْمِي يَسْتَقِلُّ الأفُقَ دَاراً
ويأنفَ منْ مصاحبة ِ النجومِ
وتربٍ يدعيهِ المسكُ طيباً
إذَا وسمتهُ أندية ُ الحميمِ
يعزُّ بهِ إذا سفِه النعامَى
وَيُعْرِضُ عَنْ مُنُازَعَة ِ الحَلِيْمِ
وروض ملَّ حرَّ الشمسِ حتَّى
تفيأَ بالسحائبِ والغيومِ
إذَّا عَبَثَتْ بِهِ رِيْحُ الصِّبَا النُعَامَى
تَمَايَلَ طَرَبَهَ الرَّجُلِ السَّقِيْمِ
صحبتُ إليهِ أكوارَ المطايَا
فَجَادَتْ بِالغَوَارِبِ وَالرَّسِيْمِ
وقبلَ نورهُ أفواهَ خيلي
فغازلهنَّ منْ نصبِ الشكيمِ
فَبِتْنَ كَأَنَّهُنَّ بألِ حُزْنٍ
وَذَاكَ الربْد تَلْعَبُ بِالحُلُومِ
لهنَّ إذا سرحنَ بهِ مراحٌ
مراحُ الحمدِ في الحسبِ الصميمِ
وحيٍّ منْ خفاجة َ رحتُ فيهِ
علَى جرداء حالية ِ الأديمِ
أبيحُ الخمرَ فيهِ حمى همومي
فَأطْرِبْهَا وتفتِكُ بالنَّدِيمِ
وَكَحْلاء الجُفُونِ قَرْعتُ مِنْهَا
نِجَادَ السَّيْفِ بِالعِقْدِ النَّظِيْمِ
وأحياء حبائلهمْ كراهمْ
طَرَقَتْهُمُ بِقَاطِعَة ِ النَّمِيْمِ
أفِي فَضْلِي يُبَارِيْنِي غَوِيٌ
وأينَ الوجهُ يبذلُ للسهومِ
فلا لكَ ما نسبتَ إلى سنانٍ
ولا عزيتْ خؤولكَ في تميمِ
نُجُومُ اللَّيْلِ يُسَهِرُهَا حذَاري
وَسُمْرُ الخَطِّ يُرْعِدُهَا عَزِيْمِي
ودمعي في جفونِ الركبِ يبدو
كَدَمْعِ الغَيْثِ فِي حَدَقِ النَّجِيْمِ
وقدْ خبرتَ عنْ نشبٍ قليلٍ
فهلْ خبرتَ عنْ خلقٍ ذميمِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> تحاذرُ أنْ أسبكَ يا ابنَ سلمَى
تحاذرُ أنْ أسبكَ يا ابنَ سلمَى
رقم القصيدة : 24216(27/291)
-----------------------------------
تحاذرُ أنْ أسبكَ يا ابنَ سلمَى
كأنَّ أباكَ في حسبٍ كريمِ
وبالشهباءِ منْ حزنِ ابنِ عمروٍ
بُيُوت مَا رُفِعْنَ عَلَى لَئِيْم
إذَا ما شئتَ هبَّ إليَّ منهَا
مذربة ُ الأسنة ِ كالنجومِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لَسْتُ مِنْ عَدْنَانَ إنْ لَمْ تَرَهَا لَسْتُ مِنْ عَدْنَانَ إنْ لَمْ تَرَهَا
لَسْتُ مِنْ عَدْنَانَ إنْ لَمْ تَرَهَا لَسْتُ مِنْ عَدْنَانَ إنْ لَمْ تَرَهَا
رقم القصيدة : 24217
-----------------------------------
لَسْتُ مِنْ عَدْنَانَ إنْ لَمْ تَرَهَا لَسْتُ مِنْ عَدْنَانَ إنْ لَمْ تَرَهَا
كَذِئَابِ القَاعِ يَرْعَيْنَ اللُّجْمِ
كُلُّ نَشْوَانَ يبَادِي عِطْفَهُ
غصنُ البانة ِ والرمحُ الأصمْ
قدْ أغارُوا فحوُوا مَا بالفنَا
مِنْ تَمَام وَقَوَام وهَضْم
يا بني قيلة َ لا تخدعكمْ
هَجْمَة ُ اللَّيْثِ إذَا اللَّيْثُ هَجَمْ
إنَّ أسْيَافَ نِزَارٍ طَبُعَتْ
لطلاكمْ وعراقيبِ النعمْ
ربَّ خلٍّ طمحَ الغيُّ بهِ
فَوَهَبَنَا اللُّؤمَ فِيْهِ للكَرَمِ
وابْنِ عَمٍّ قَدْ بَلَونَا سِرَّهُ
فلبسناهُ علَى ما قدْ كتمْ
وَنَدِيْمُ عَبَّهَا فِي لَيْلَة ٍ
غَطَّ فِيْهَا الكأسَ جِلْبَابَ الظُّلَمْ
كلمَا حاربنَا ضوءُ الضحَى
حالفَ الصبحُ علينَا وابتسمْ
إنْ تريني بمضلاتِ الغنَى
أحملُ الجودَ علَى ظهرِ العدمْ
فأبيُّ النفسِ عنْ ذلِّ المنَى
وَخَفِيْفُ الظَّهْرِ عَنْ حَمْلِ النِّعَمِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> صَرَفْتَ بِعَدْلِكَ صَرْفَ الزَّمَانِ
صَرَفْتَ بِعَدْلِكَ صَرْفَ الزَّمَانِ
رقم القصيدة : 24218
-----------------------------------
صَرَفْتَ بِعَدْلِكَ صَرْفَ الزَّمَانِ
وَأحْيَتْ عَطَايَاكَ مَيْتَ الكَرَمِ
فَلا زَالَ بِشرُكَ قَبْلَ النَّوَالِ
كَمَا ابْتَسَمَ الغَيْثُ ثُمَّ انْسَجِم
وَسَيْفُكَ يَسْبِقُ شَأو السَّحَابِ
بِ ذاكَ بماء وهذَا بدمْ(27/292)
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> استغفرُ اللهَ سرِِّي في الهوَى علنُ
استغفرُ اللهَ سرِِّي في الهوَى علنُ
رقم القصيدة : 24219
-----------------------------------
استغفرُ اللهَ سرِِّي في الهوَى علنُ
وقدْ قنعتُ فقلتْ عنديَ المننُ
عرفتُ دهري فلمْ أحفلْ بحادثة ٍ
فِيْهِ فَلا فَرَحٌ عِنْدِي وَلا حَزْنُ
فنٌّ منَ العيشِ لا تُخشى عواقبهُ
وَلا تُثَارُ بِهِ الأحْقَادُ والاحَنُ
ضلَّ الذينَ رأوْا في النسلِ فائدة
وَلَو أَصَابُوا لمَاَ رَبُّوا وَلا حَضَنُوا
وقدْ تصافى رجالٌ لوْ كشفتَ لهمْ
سجية َ الناسِ خافُوا كلَّ منْ أمنُوا
يجري القضاء بمَا تعيَا العقولُ بهِ
وينصرُ الجهلُ حتَّى يعبدَ الوثنُ
والظلمُ طبعٌ ولولا الشرُّ ما حمدتْ
فِي صَنْعة ِ البِيْضِ لا هِنْدٌ ولا يَمَنُ
ذَمَمْتَ دَهْرَكَ إذْ نَابَتْكَ نَائِبَة ٌ
بِمِثْلِ مَا تَشْتَكِيْهِ يَعْرِفُ الزَّمَنُ
خفضْ عليكَ فإنَّ العمرَ مخترمٌ
والموتُ منتظرٌ والحرُّ ممتحنُ
ولا يغركَ خلقٌ راقَ ظاهرهُ
فليسَ تصندق لا عينٌ ولا أذنُ
صحبتُ قوماً يعدُّ الشرُّ عندهمُ
حزماً تشيرُ بهِ الآراءُ والفطنُ
عمُوا عنِ الرشدِ واعتادتْ نفوسهمُ
فِعْلُ القَبِيْحِ فَظَنُّوا أنَّهُ حَسَنُ
وَقَدْ تَوَالَتْ عَلَى قَصْدِي سِهَامُهُم
وَلِي مِنَ الزُّهْدِ فِي أوطَانِهِم جَنَنُ
رضيتُ عيشي فلا حرص ولا طمعٌ
وَصُنْتُ عَرْضِي فَلا عَارٌ وَلا دَرَنُ
إذَا سَغِبتُ فَجِسْمٌ لا حَيَاة َ بِهِ
وإنْ ظمئتُ فماء مَا لهُ ثمنُ
خيرُ المَشارِبِ مَا تَبقَى الحَيَاة ُ بهِ
في فطرة ِ الخلقِ لا ماء ولا لبنُ
وأفضلُ القوتِ ما جادتْ لطالبهِ
يَدُ الثَّرَى وَقَرَاهُ العَارِضُ الهَتْنُ
لا أطْلُبُ الرِّزْقَ مِنْ سَيْفٍ وَلا قَلَمٍ
وَلا يُمَارِسُ فِي مَا أكْسِبُ المِهَنُ
ورثتُ مالَ أناس طالَ عهدهمُ
غَنيتُ مِنْهُم ومَا خَبِرْتُ كَيْفَ غَنُوا
وَأفْسَدُوا بِجِوَارِ الرُّومِ عِيْشَهُم(27/293)
إنْ حَارَبُوا أسَرُوا أو سَالَمُوا دَهَنُوا
فمَا تخلفَ عنهمْ غيرُ حادثة ٍ
تلُوكُهَا هَذِهِ الأحْدَاثُ وَالفِتَنُ
هيَ العواصمُ مرمَى كلِّ فاقرة ِ
فليسَ تسكنُ لولا أنهَا وطنُ
وقدْ تقدمَ فيهَا معشرٌ دفنوا
حتَّى يحورُوا وعندي أنهمْ دفنُوا
أهونْ عليَّ بدنياهمْ وإنْ كثرتْ
عَلَى مَحَبَّتِهَا الأظْعَانُ وَالإحَنُ
يَا دِمْنَة َ الشَرِّ لا جَادَتْكِ سَارِيَة ٌ
فَطَالَمَا دَرَست مِنْ جُودِكَ الدِّمْنُ
يمضي الزمانُ وتعفُو كلُّ حادثة ٍ
فِيْهِ وَقَدْ ثَبَتَتْ مِنْ ظِلْمِكَ السُّنَنُ
ألِفتُ شَرَّكِ حَتَّى مَا أرَاعَ بِهِ
وَكَيِفَ تَفُرقُ سَيْفَكَ البَارِقُ المُزْنُ
وأضحكتني حقودٌ منكَ بادية ٌ
وَهَلْ يَضِيْقُ بِرَسْمِ دَارِسٍ عَطِنُ
تَبَارَكَ الله مَا في الخَلْقِ مُشْكِلَة ٌ
وَلَيْسَ يَطْمَعُ فِي إدْرَاكِهِ المنَنُ
ولا تهبُّ منَ الأحلامِ راقدة
إلاَّ ويغبرُ في أجفانهَا الوسنُ
يا عالمَ المصرِ هل أضمرتَ خافية ً
عَن البَصَائِر فِي ايْضَاحِهَا شَجَنُ
أمْ ليسَ عندكَ إلاَّ حيلة ً لفتى ً
تصيبهُ وحديث كلهُ طننُ
رَمَيْتَ خَصْمَكَ بِالتَقْلِيْدِ مُتْبَعا
فيهِ وأنتَ بمَا أنكرتهُ قمنُ
وَكَيْفَ تَصْدُقُ فِي الأخْبَارُ مُرْسَلَة ٌ
ومَا أراكَ معَ الإسنادِ مؤتمنُ
وكمْ تضمنَ قومٌ في جدالهمُ
أنْ يفهموكَ فمَا أوفُوا بمَا ضمنُوا
خَفْ مِنْ جَلِيْسِكَ وَاصْمِتْ إنْ بُلِيْتَ بِهِ
فالعيُّ أفضلُ ممَّا يجلبُ اللسنُ
ولا يغركَ قولٌ سارَ في مثلٍ
فَمَا ابْنُ سِيْرِيْنَ مَأمُونٌ وَلا الحَسَنُ
كلَّ الأنامِ لأم غيرِ منجبة ٍ
فما زكى فيهمُ عرق ولا غصنُ
وَلا تَقَدَّمَ مِنْهُمْ مَعْشَرٌ خَمِدُوا
فلا تغركَ أخبارُ الذينَ فنُوا
العصر العباسي >> البحتري >> سفاها تمادى لومها ولجاجها
سفاها تمادى لومها ولجاجها
رقم القصيدة : 2422
-----------------------------------
سَفَاهَاً تَمَادَى لَوْمُهَا وَلَجاجُها،(27/294)
وإكْثَارُها فيمّا رأتْ، وَضِجَاجُها
وَنَبْوَتُها، إنْ عَادَ كَفّيَ عِيدُها،
وإنْ هَاجَ نَفسِي للسّماحِ هَياجُها
هَلِ الدّهرُ إلاّ كربَةٌ وانجِلاؤها،
وَشيكاً، وإلاّ ضِيقَةٌ وانفِرَاجُهَا
تَقَضّى الهُمُومُ لمْ يُلَبِّثْ طُرُوقُها
زَماعي، ولمْ يُغلَقْ عَليّ رِتَاجُها
وإنّي لأُمْضي العَزْمَ، حتّى أرُدَّهُ
إلى حَيثُ لا يَلوي الشّكُوكَ خِلاجُها
إلى لَيْلَةٍ، إمّا سُرَاهَا مُبَلِّغي
أجاوِدَ إخْوَاني، وإمّا ادّلاجُها
وَمعا زَالَتِ العِيسُ المَرَاسِيلُ تَنبري،
فتُقْضَى لَدَى آلِ المُدَبِّرِ حَاجُهَا
أُنَاسٌ، قَديمُ المَكرُمَاتِ وَحَدْثُها
لَهُمْ، وَسَرِيرُ العُجْمِ فيهمْ وَتَاجُها
إذا خَيّمُوا في الدّارِ ضَاقَتْ رِبَاعُها،
وإنْ رَكبوا في الأرْضِ ثارَ عَجاجُها
مَلِيُّونَ أنْ تُسْقَى البِلادُ غِيَاثَهَا
بأوْجُهِهِمْ حتّى تَسيلَ فِجَاجُهَا
كأنّ، على بَغدادَ، ظِلَّ غَمَامَةٍ
بجُودِ أبي إسحاقَ يَهمي انْثِجاجُها
تَرَبّعْتَهَا، فازْدادَ ظاهرُ حُسْنِها،
وأُضْعِفَ في لحظِ العُيُونِ ابتِهَاجُها
فَلا أمَلٌ إلاّ عَلَيْكَ طَرِيقُهُ،
وَلاَ رُفْقَةٌ إلاّ إلَيْكَ مَعاجُها
يَدٌ لكَ عِنْدِي قَد أبَرَّ ضِيَاؤُها
عَلى الشّمسِ حتّى كادَ يَخبُو سرَاجُها
هيَ الرّاحُ تَمّتْ في صَفَاءٍ وَرِقّةٍ،
فلَمْ يَبقَ للمَصْبُوحِ إلاّ مِزَاجُهَا
فإنْ تُلحِقِ النُّعْمَى بنُعْمَى، فإنّهُ
يَزِينُ اللآلي، في النّظامِ، ازْدِوَاجُها
وَكنتُ إذا مارَسْتُ عندَكَ حاجَةً،
على نَكَدِ الأيّامِ، هَانَ عِلاَجُها
وَلِمْ لا أُغَالي بالضِّيَاعِ، وَقَدْ دَنَا
عَليّ مَداها، واستَقَامَ اعوِجاجُها
إذا كانَ لي تَرْييعُها واغْتِلاَلُها،
وَكَانَ عَلَيْكَ كلَّ عامٍ خَرَاجُها
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> تَوقَّ كَلامِي يَا ابْنَ عَمْرو فَإنَّهُ
تَوقَّ كَلامِي يَا ابْنَ عَمْرو فَإنَّهُ
رقم القصيدة : 24220(27/295)
-----------------------------------
تَوقَّ كَلامِي يَا ابْنَ عَمْرو فَإنَّهُ
أسِنَّة ُ عَارٍ لا يَبِلُّ طَعِيْنُهَا
فَقَدْ نَازَعَتْنِي العزَ فِيْكَ قَبَائِلٌ
ملأتَ عليهَا دهرهَا ما يهينُها
وَفَارَقْتُهَا مُسْتَبْدِلاً دَارُ غُرْبَة ٍ
ألا إنَّ أوطانَ الغنَا مَا يصونُها
توقدُ منْ غيظٍ عليَّ صدورهَا
وتزورُّ منْ خوف إليَّ عيونهَا
غَدَتْ فِقَرٌ مِنِّي تُثِيْرُ مَخَازِيا
بأعراضِهَا لوْ كانَ لؤمٌ يشينُهَا
خَلائِقُ نَدْبٍ أطْمعتكُمْ سُهُولُهَا
ستفزعكمْ عمَّا قليلٍ حزونهَا
وَكَيْفَ يُرَامُ الذُّلُ مِنْي وَعَامِرٌ
تقضَّى بأطرافِ العوالي ديونهَا
وَمَا نَكَرَتْ بِيْضَ السُّيُوفِ صُدُورُهَا
ولاَ جهلتْ سمرَ الرماحِ متونهَا
نَبَذَتُكَ نَبْذَ العَارِ مِنِّي فَلَو صَبَتْ
إلَيْكَ شِمَالِي فَارَقَتْهَا يَمِيْنُهَا
ولوْ كنتُ برقاً بالغويرِ بدتْ بهِ
منازلُ سلمَى سهلهَا ووجينُهَا
لأعرضتُ عنهُ والجوَى في مقرهِ
وَنَازَعْتُ نَفْسَاً جُنَّ مِنْهَا جُنُونُهَا
متَى أنَأ غادٍ بالغميمِ وصحبتي
تُجَاوِدُ هَطالَ الغَوَادِي شُؤنُهَا
علَى ضمرٍ باريتهمْ بحنينهَا
غراماً وبارهَا سقاماً حنينُهَا
تجدْ إذَا هبتْ رياحٌ مريضة ٌ
ضلالكَ منهَا إن توعكَ لينهَا
إَذَا خِلْنَ غُدْرَانَ الغُوَيِرِ صَوَارِمَا
تُمَنَّيْنَ لَو أجْفَانَهُنَ جُفُونُهَا
فَإنَّ بِقَلْبِي مِنْ فِرَاقٍ عُذَيْبَة ٍ
طماعة ُ شك لا عراني يقينَها
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا نَاصِرَ الأمْرِ الَّذِي بِسُيُوفِهِ يَا نَاصِرَ الأمْرِ الَّذِي بِسُيُوفِهِ
يَا نَاصِرَ الأمْرِ الَّذِي بِسُيُوفِهِ يَا نَاصِرَ الأمْرِ الَّذِي بِسُيُوفِهِ
رقم القصيدة : 24221
-----------------------------------
يَا نَاصِرَ الأمْرِ الَّذِي بِسُيُوفِهِ يَا نَاصِرَ الأمْرِ الَّذِي بِسُيُوفِهِ
ذُلَّتْ أَعَادِيْهِ وَعَزَّ الدِّيْنُ
أرهفتَ في ظلمِ الخطوبِ عزائماً(27/296)
تُثْني بِهَا الأقْدَارُ وَهِي سُكُونُ
أكْثَرْتُ حَاجَاتِي إليك مُثْقَّلاً
ورجاء مثلكَ كالحديثِ شجونُ
إنْ كنتَ واهبهَا فجودكَ غامرٌ
أو شَافِعَا فِيْهَا فَأنْتَ مَكِيْنُ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> مَا عَلى أحْسَنَكُم لَو أحْسَنَا
مَا عَلى أحْسَنَكُم لَو أحْسَنَا
رقم القصيدة : 24222
-----------------------------------
مَا عَلى أحْسَنَكُم لَو أحْسَنَا
إنَّمَا نَسْألُ شَيْئَا هَيِّنَا
قدْ شجانَا اليأسُ منْ بعدكمُ
فغدونَا بأحاديثِ المنَى
وَعَدُوا بِالوَصْلِ مِنْ طَيْفِكُمُ
مقلة ٌ لمْ تدرِ فيكمْ وسنَا
لا وسحرٌ بينَ أجفانكمُ
فتنَ الحبُّ بهِ منْ فتنَا
وحديثٍ منْ مواعيدكمُ
تحسدُ العينُ عليهِ الأُذنَا
ما رحلتُ العيسَ عنْ أرضكمُ
فَرَأتْ عَيْنَاي شَيْئَا حَسَنَا
يا بني عذرة َ إنْ ضفناكمُ
فَدَمُ الهِرْمَاسِ مِنْكُمْ عِنْدَنَا
أخذتْ سمركمُ الثأرَ بهِ
لستُ أعنِي لكمُ سمرَ القنَا
وَسَلَلْتُمْ فِيْهِ أَلْحَاظَكُمُ
فَعَرَفْنَا بِالسُيُوفِ اليَمَنَا
هلْ لنَا نحوكمُ منْ عودة ٍ
وَمِنَ التَعْلِيْلِ قَولي هَلْ لنَا
كمْ أسلِّي النفسَ عنْ حبكمُ
وَهْيَ لا تَزْدَادُ إلاَّ حَزْنَا
وَلَعَمْرِي لَو وَجَدْنَا رَاحَة ً
منْ هواكمْ لطلبنَا شجنَا
يَا نديميَّ علَى ذكرهمُ
وَحَدِيْثُ الشَوقِ قَدْ أسْكَرَنَا
بينَ بصرَى وضميرٌ عرَب
يأمنُ الخائفُ فيهمْ مَا جنَى
كُلَّمَا شُنَّتْ عَلَيْهِمْ غَارَة ً
أغْمَدُوا البِيْضَ وَسَلَّوا الأعْيُنَا
طَلَعَتْ لِلحُسْنِ فِيْهِمْ مُزْنة ٌ
أَنْبَتَتْ فِي كُلِّ حِقْفٍ غُصُنَا
مَا لقلبي ليسَ يشفَى داؤهُ
كُلَّمَا زَالَ ضَنَى ً عَادَ ضَنَا
كلُّ يوم صبوة عذرية ٌ
منْ هواكمْ تتلاقى الدمنَا
لوْ سلمنَا منْ تباريحِ الهوَى
لَذكَرْنَا جُملة ً مِنْ أَمْرِنَا
وشكرنَا لابنِ نصرٍ منة ً
أنْطَقَتْ بالمَدْح فِيْهِ الألْسُنَا
مغرمٌ بالجودِ مَا يحملهُ
نصبُ الفقرِ علَى حبِّ الغنَى(27/297)
كلمَا عرضَ بالحمدِ لهُ
أكْثَرَ السُّومَ وَأَغْلَى الثَّمَنَا
مَا تَرَاهُ كَيْفَ مَا مَالَتْ بِهِ
عِقَبُ الأيَّام إلاَّ مُحْسِنَا
وقريبٌ بعدتْ همتهُ
ربَّ أمرٍ مَا نأى حتَّى دنَا
وَإذَا مَا أقْبَلَتْ غَائِرَة ً
كقنَا الخطِّ خفافاً لدنَا
صاحَ محمودٌ علَى فراطِها
لا فَتَى يَعْطِفُهَا إلاَّ أنَا
خُلِقَتْ لِلْجُودِ مِنْهُ رَاحَة ٌ
عَلَّمْتَنَا أنْ نَذُمَّ المُزْنَا
يَا عِمَادَ الحَزْمِ نَعْتاً صَادِقَا
وَمِنَ الألْقَابِ مَيْنٌ وَالكُنَى
لا أرَى عتبكَ إلاَّ ظاهراً
خَيْرُ شَكْوَى عَاشِقٍ مَا أعْلَنَا
كُنْتَ تَرْمِي زَمَنِي دُونِي فَقَدْ
صرتُ أخشَى أنْ يكونَ الزمنَا
مَا تعاملنَا بحمدِ اللهِ في
سببٍ يوجبُ خلفاً بينَا
غَيْرَ شِعْرٍ رُبَّمَا أهْدَيْتُهُ
لكَ إذ صادفَ وقتاً ممكنَا
لَيْسَ فِي الأعْدَاءِ مَنْ يَفْهَمُهُ
فيقولُوا إنهُ مَا أحسنَا
ولعمري إن في حبهمُ
مَا يُرَى سَحْبَانُ إلاَّ ألكَنَا
كُلَّ يَومٍ لِيَ مِنْهُمْ نَوْبَة ٌ
تذرُ الحرَّ بهمْ ممتحنَا
وعلَى العلاتِ لا زلتُ بمَا
أكْرَهُ التَّصْرِيْحَ فِيْهِ فَطِنَا
أَنْكَرُوا حِرْصِي عَلَى السِّلْمِ وَمَا
أدعي أنِّي أحبُّ الفتنَا
كيفَ يهوَى الحربُ منْ إنْ فزتمُ
لَمْ يَكُنْ بِالخَيْرِ مِنْكُمْ قَمِنَا
وَإذَا ضَاقَتْ عَلَيْكُمْ خُطة ٌ
عدمَ المال بهَا والوطنَا
لَيْسَ فِي المَعْقُولِ أنْ يُؤثِرَهَا
غيرَ مَنْ إنْ خفتُ فيها أمنَا
فتنبهْ لمخاريقهمُ
ما عهدنَا منكَ هذَا الوسنَا
واحملِ الناسَ علَى حبهمُ
ليسَ منْ دينِ العلَى أنْ تغبنَا
إنَّ مَنْ أَحْرَزَ عَنْكُمْ مَذْهَبَا
غيرَ منْ أنتمْ لهُ كلُّ الدنَا
ليسَ منْ يعبدُ رباً واحداً
مِثْلُ مَنْ يُشْرِكُ فِيْهِ الوَثَنَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> خليليَّ خلينَا الصبَا وتعاقلنَا
خليليَّ خلينَا الصبَا وتعاقلنَا
رقم القصيدة : 24223
-----------------------------------(27/298)
خليليَّ خلينَا الصبَا وتعاقلنَا
فيا ليتَ شعري هلْ يعودُ كمَا كنَّا
وهيهاتَ حالَ الهمُّ دونَ مراحِنا
وَفَارَقَنَا شَرْخُ الشَّبَابِ وَفَرَّقْنَا
سَقَى الله أَيَّامَ السِّبَاحَة ِ رِيَّهَا
مداماً فإنَّ اللهَ قدْ أرخصَ المزنَا
وحيَّا زمانَ الأصمعيِّ ونظرة
إلى الدَّيْلَمِي غَادَرَتْ بَيْنَنَا ضِغْنَا
وَلَيْلَتَنَا بِالبُرْجِ مِنْ حِصْنِ صَمَّع
رَعَى الله ذَاكَ اللَّيْلَ وَالبُرْجَ وَالحِصْنَا
وحربَ أبي عمروٍ ودارَ ابنِ ثعلبٍ
فَكَمْ قَدْ عَلِمْنَا فِي الجُنُونِ بِهَا فَنَّا
وليلاً قصرنَا بالقريطيِّ طولهُ
إذَا شددَ الميمات في شدوهِ صحنَا
وقولَ عليٍّ للنيامِ تعرفا
عَلَى الجَسَدِ المَقْرُورِ وَالمُقْلَة ِ الوَسْنَا
معاهد أتراب الصبا وملاعب
أجَدَّ لَنَا ذَكْرُ السُّرُورِ بِهَا حُزْنَا
لَيَالِيَ لا نَخْشَى مِنَ التُرْكِ غَارَة ً
وَلا نَبْتَغِي فِي وَصْلِ أَحْبَابِنَا إذْنَا
نبيتُ نشاوَى مَا شربنَا مدامة ً
وَنَغْدُو إلَى خَلْعِ العِذَارِ كَمَا كُنَّا
وَكَمْ مُلِحٍّ وَافَى اليْنَا يَرُدُّنَا
فَلَمَّا أبَيْنَا أنْ نَرُوحَ مَضَى عَنَّا
أحَادِيْثُ أمَّا لَفْظُهَا فَهُوَ وَاضِحٌ
جليٌّ ولكنْ قلَّ منْ يفهمُ المعنَى
ومستخبرٍ عنَّا أجبنَا سؤالهُ
بعجماء لا علماً أفادتْ ولا ظنَّا
أتانا فسمينَا لهُ الأمرَ ناسقاً
فَأنْبَسَ فِي إبْهَامِهِ وَتَلَذَّذْنَا
يفسرهَا للقومِ كلُّ ملذذٍ
تَوَاحَشَتِ الأيَّامُ فِي بُعْدِهِ عَنَّا
ذَكَرْنَا بِهَا أحْبَابَنَا فَتَنَاثَرَتْ
مدامعُ لا يتركنَ عيناً ولا جفنَا
مَضُوا وَبَقِيْنَا لِلْشَقَاوَة ِ بَعْدَهُمْ
نزورُ دياراً مَا نحبُّ لهَا مغنَى
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا نديمي علَى الهمومِ ويَا حَا
يَا نديمي علَى الهمومِ ويَا حَا
رقم القصيدة : 24224
-----------------------------------
يَا نديمي علَى الهمومِ ويَا حَا
ملَ عنِّي في الدهرِ خوفاً وأمنَا(27/299)
كمْ رعينَا الخطوبَ حلواً ومراً
وقطعنَا الزمانَ سهلاً وحزنَا
وَرَمَتْنَا صُرُوفُهُ بِهَنَّاتٍ
هُنَّ أَمْضَى مِنَ الأسِنَّة ِ طَعْنَا
وعبوس فإنْ تبسمَ كأنَ اللؤمَ
منْ ذلكَ التبسمِ يجنَى
ربَّ عينٍ إلى الدنية ِ شزراً
ء وأخرَى عنِ المكارمِ وسنا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لَكَ كُلَّ يَومٍ غَضْبَة ٌ مُضَرِيَّة
لَكَ كُلَّ يَومٍ غَضْبَة ٌ مُضَرِيَّة
رقم القصيدة : 24225
-----------------------------------
.................
فَمَتَى تَجُودُ بِهَا عَلَى أجْفَانِهَا
لَكَ كُلَّ يَومٍ غَضْبَة ٌ مُضَرِيَّة ٌ
تدنِي بهَا الآجالَ قبلَ أوانهَا
تَجْرِي بِطَاعَتِكَ الخُطُوبُ فَإنْ عَصَتْ
يوماً فقدْ عرفتْ مدَى عصيانهَا
ما ينكرُ الإسلامُ أنَّ ثغروهُ
عَزَّتْ وَسُمْرُ قَنَاكَ مِنْ أرْكَانِهَا
أَدَّبْتَ صَرفَ الدَّهْرِ فِيْهَا بَعْدَمَا
جمحتْ حوادثهُ علَى سكانهَا
وصددتهُ عنْ نهجهَا فكأنمَا
وَقَفَتْ لَكَ الأفْلاكُ عَنْ دَوَرَانِهَا
إنْ أظهرتْ لعلاكَ أنطاكية ٌ
حزناً فقدْ ضحكتْ علَى قطانهَا
بَعَثَ البَرِيْدُ مُخَبِراً عَنْ وَثْبَة ٍ
مَا كاَنَ أحْوَجَهُ إلى كِتْمَانِهَا
لمَّا أظلَّ لهُ لواؤكَ خافقاً
عرفتْ وجوهُ الذلِّ في صلبانِها
إنْ عَادَ نَحْوَكَ جَانِبٌ مِنْ كَيْدِهِ
قَامَتْ لَكَ الخُطَبَاءُ فِي قُسَّانِهَا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> أتظنَّ الورقَ في الأيكِ تغنِّي
أتظنَّ الورقَ في الأيكِ تغنِّي
رقم القصيدة : 24226
-----------------------------------
أتظنَّ الورقَ في الأيكِ تغنِّي
إنمَا تضمرُ حزناً مثلَ حزني
لا أَرَاكَ الله نَجْداً بَعْدَهَا
أَيُّهَا الحَادِي بِنَا إنْ لَمْ تُجِبْنِي
هلْ تباريني إلى بثِّ الجوَى
في ديارِ الحيّ نشوَى ذاتُ غصنِ
هَبْ لنَا السَّبْقَ وَلَكِنْ زَادَنَا
أننَا نبكي عليهَا وتغنّي
يَا زَمَانَ الخَيْفِ هَلْ مِنْ عَوْدَة ٍ
يسمحُ الدهرُ بهَا منْ بعدِ ضنِّ(27/300)
أَرَضِيْنَا بِثَنِيَّاتِ اللِوَى
عنْ زورد يَا لهَا صفقة َ غبنِ
سَلْ أرَاكَ الجَزْعِ هَلْ جَادَتْ بِهِ
وَأحَادِيْثُ الغَضَا هَلْ عَلِمَتْ
أنهَا تملكُ قلبي قبلَ أذني
لَسْتُ أرْتَاعُ لِخَطْبٍ نَازِلٍ
إنَّمَا الخَوفُ لِقَلْبٍ مُطْمَئِنِّ
وَكَرِيْمُ القَوم لا أسْأَلُهُ
فَلِمَاذَا يُعْرِضُ البَاخِلُ عَنِّي
قَدَ رَضِيْنَا بإبَاءٍ عَنْ غِنًى
وَيَعِزِ اليَأسَ عَنْ ذُلِ التَّمَنِّي
صاحبِ الدهرَ قليلاً تعترفْ
فِيْهِ بِالسَجْلَّيْنِ مِنْ سَهْلٍ وَحَزْنِ
يُخْبِرُ الصَّاحِبُ عَنْ إخْوَانِهِ
فاسألِ الصارمَ ما يعرفُ منِّي
وذللٍ موعدٍ لي بالردَى
إنمَا يطمعُ أنْ يحسبَ قرنِي
نمْ علَى ضلعكَ مَا رعتَ بهَا
إنَّمَا قَعْقَعْتُ للطَوْدِ بِشَنِّ
لَسْتُ أرْضَاكَ لِحَرْبِي فَاحْتَرِزْ
بزمامِ الهونِ منْ ضربي وطعْني
ميسمٌ يشهرُ قدراً خاملاً
أَنْتَ مِنْ لَذْعَتِهِ فِي شَرِّ أَمْنِ
كنْ معَ الأيامِ ألباً إنمَا
صلتُ في الدهرِ بكفٍّ لمْ تنلْني
بعزيزِ الدولة ِ امتدتْ يدي
فعلَى فرعِ السهَا أسحبُ ردني
سلْ صروفَ الدهرِ عني عندهُ
أيُّ آباء وَفي أيِّ مُجْنِ
قادنِي بعدَ شماس بشرهُ
لوْ بغاني بسواهُ لمْ يقدنِي
سَبَقَ النَّاسُ إلَيْهَا صَفْقَة ً
لمْ يعدْ رائدُهَا عنِّي بغبنِ
قَصَّرَتْ آمَالُنَا عَنْ جُودِهِ
فَعَلَيْهِ لا عَلَى الآمَالِ نُثْنِي
لا تلوموهُ علَى إقتارهِ
يهدمُ المتربُ والمنفضُ يبْني
فكأنَّ المالَ آلى حلفة ً
لأَهِيْنَنَّ بَخِيْلاً لَمْ يُهِنِّي
مِنْ كِرَامِ أَدَبَ الدَّهْرُ بِهِمْ
بعدَ ما كانَ علَى الأحرارِ يجني
نقلُوا سمرَ القنَا يومَ الوغَى
بسياط مثلها في الطعنِ لدنِ
كُلُّ مَيَاسٍ جَرَتْ أَعْطَافُهُ
وَعَوَالِيْهِ عَلَى الحُكْمِ التَّثَنِّي
هزة للجودِ صارتْ نشوة
لَمْ يُكدِرْ عِنْدَهَا العُرْفُ بِمَنِّ
طَلَبُوا الشَأوَ فَوَافَى سَابِقَاً
جذعٌ غبرَ في وجهِ المسنِّ
صيغَ للفضلِ مثالاً شخصهُ(27/301)
إنَّمَا مَادِحُهُ لِلفَضْلِ يَعْنِي
ريحكَ النكباؤ يا دهرُ برُكنِي
يا ابنَ فخرِ الملكِ فخراً إنهُ
نسبٌ يقنعُ في المجدِ ويُغني
قدتَ مدحي بعدَ مَا كانتْ به
عزة ُ السرينِ منْ صدري وجفنِي
وأبَى دونَ لئامٍ تبعُوا
سُنَّة َ الأيَّامِ فِي بُخْلٍ وَجُبْنِ
لَمْعَة ُ الخُلْبِ فِي المَحَلِ المُبِنِ
يتبعُ الجودَ إذا مَا غلطتْ
كَفُّهُ بِالجُودِ يَومَاً قَرْعَ سِنِّ
مِنْ بَنِي الدَّهْرِ لَهُمْ مِنْ لُؤمِهِ
نَسَبٌ ألحِقَ فِيْهِ الأبُ بِابْنِ
بذلكَ المعروفَ معَ بخلهمُ
مَنْظَرٌ مَا شِئْتُ مِنْ قُبْحٍ وَحُسْنِ
صَرَفَتْ عَنْكَ اللَّيَالِي نَاظِراً
لمْ يزلْ يرنو إلى الفضلِ بضغنِ
وَسَمَتْ بِي أنْ يُرَامَى جَانِبِي
برعاديدٍ منَ الأقوامِ لُكْنِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> لا تَعْذُلِ القَلْبَ عَلَى وجْدهِ
لا تَعْذُلِ القَلْبَ عَلَى وجْدهِ
رقم القصيدة : 24227
-----------------------------------
لا تَعْذُلِ القَلْبَ عَلَى وجْدهِ
قدْ ضلَّ عنْ منهجِ سلوانهِ
لمْ أرَ ربعاً مثلهُ وافياً
فَارَقتُهُ فِي إثْرِ سُكَانِهِ
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا نَازِحَا حَكَمَتْ عَلَـ
يَا نَازِحَا حَكَمَتْ عَلَـ
رقم القصيدة : 24228
-----------------------------------
يَا نَازِحَا حَكَمَتْ عَلَـ
ـيَّ بِبُعْدِهِ نُوَبُ الزَّمَانِ
منْ لي بقربِ الدارِ
ـكَ وَلا أرَاكَ وَلا تَرَانِي
مَا كُنْتُ أحْسَبُ أنَّنِي
أرْضَى بِهَجْرِكَ فِي الأمَانِي
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> ودوحٍ مالتِ الأغصانُ منهُ
ودوحٍ مالتِ الأغصانُ منهُ
رقم القصيدة : 24229
-----------------------------------
ودوحٍ مالتِ الأغصانُ منهُ
فخلتُ مميلهَا وسنَ العيونِ
كَأنِّي إذَا نَبَذْتُ النَّومَ فِيْهِ
تَعَلَّقَ بِالذَّوَائِبِ وَالغُصُونِ
العصر العباسي >> البحتري >> ناولني من كفه بنفسجا
ناولني من كفه بنفسجا
رقم القصيدة : 2423(27/302)
-----------------------------------
ناولني من كفه بنفسجا
لكل ما أضمره مهيجا
فقد شجاني،، ولا عدمت من شجا
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> فَؤادٌ يَهِيْمُ بِذِكْرِ الوَطَنْ
فَؤادٌ يَهِيْمُ بِذِكْرِ الوَطَنْ
رقم القصيدة : 24230
-----------------------------------
فَؤادٌ يَهِيْمُ بِذِكْرِ الوَطَنْ
ودمعٌ يعيدُ رسومَ الدمنْ
وليلٌ كمَا علمَ الساهرونَ
أسِيْرُ الصَّبَاحِ عَصِيُّ الوَسَنْ
وحيٌّ نزلتُ بهِ في الصبَا
ومَا كنتُ أعرفُ بعدُ الوطنْ
أعقُّ خليليَّ فيهِ القديمُ
وأغدرُ إخوانيَ المؤتمنْ
وَفَقْدَ أنَاسٌ أَعُدُّ الحَيَاة َ
ة َ بعدهمُ منْ تمامِ المحنْ
ففي أيِّ نهجٍ أرومُ السرورَ
وَمِنْ أيِّ وَجْهٍ أَصُدُّ الحَزَنْ
ولي نظرة تستمدُّ الغرامَ
وَقَلْبٌ لَهُ كُلُّ يَوْمٍ شَجَنْ
وَبَرْحٌ مِنَ الحُبِّ أخفيتُهُ
فَقَدْ أكْثَر النَّاسُ فِيْهِ الظَّنَنْ
وَقَالَ الوُشَاة ُ سَمِعْنَا بِهِ
فَقُلْتُ صَدَقْتُمْ وَلَكِنْ بِمَنْ
وَهَلْ عِنْدَكُمْ غَيْرَ أنِّي أهِيْمُ
بشكوَى الصبابة ِ في كلِّ فنْ
وَأذْكُرُ بَيْضَاءَ مِنْ عَامِرٍ
وكمْ منْ بني عامرٍ في اليمنْ
خَلِيْلَيَّ قَدْ عَادَ قَلْبِي إِلَيَّ
وَقَرَّتْ بَلابِلُهُ وَأطْمَأنْ
وما زلتُ أزهدُ في منْ عرفتُ
حَتَّى سَكَنْتُ لِفَقْدِ السَّكَنْ
فَلله حُرٌّ أبِيُّ القِيَادِ
عَلَى القَّادِرِيْنَ خَلِيْعُ الرَّسَنْ
ونفسٌ تعافُ جزيلَ الغنَى
إذَا كانَ فيهِ قليلُ المننْ
وَكَيْفَ أُضَامُ وَلِي نَاصِرَانِ
نِ ذُو الحسبينِ وهذَا اللسنْ
حُسَامَانِ مَا لَهُمَا نَبْوَة
ولا يتقَى منهمَأ بالجنَنْ
رَعَى الله مَنْ تَيَّمَتْهُ العُلَى
فَهَامَ إلى وَصْلِهَا وَافْتَتَنْ
ومَا نالَ عفواً جميلَ الثناء
ولكنْ شراهُ بأغلَى الثمنْ
يَدُلُّ عَلَى جُودِهِ بِشْرُهُ
وَمَا لَمَعَ الغَيْثُ إلاَّ هتنْ
مَنَيْعُ الجِوَارِ رَفِيْعُ المَنَارِ
مُرِيْعُ الدِّيَارِ وَسِيْعُ العَطنْ(27/303)
تلوحُ لهُ خافياتُ الغيوبِ
فَسِرُّ القَضَاءُ لَدَيْهِ عَلنْ
إذَأ أخصبتْ بنداهُ البلادُ
فمَا شاءتِ السحبُ فلتفعلنْ
وَسَيْفُكَ فِي هَضَبَاتِ العُيُونِ
بَدَائِدٌ مَا حُسِبَتْ أنْ تُشَنْ
نِ علمَ قومكَ ضربَ القننْ
وقدْ علمتْ حلبٌ أنهُ
بصيرٌ بأدوائها في الفتنْ
وَلَوْلاكَ كَانَتْ عَلَى عَادِهَا
مروعة ً كلَّ يومٍ بفنْ
وَكَمْ حَاسِدٍ رَامَهَا بِالْمُنَى
وماذَا عليهَا ولهوَ الثمنْ
أتَاهَا يَشِيْمُ بُرُوقَ الجَّهَامِ
مِ في عارضٍ مخلفٍ كلَّ ظنْ
فلمَّا طلعتَ بملمومة ٍ
يلمُّ بها وهجْ كالدخنْ
تبرأَ منْ كاذباتِ الظنونِ
وَحَمَّلَ أَجْمَالَهُ للِظَّعَنْ
تخيرْ أبا رافعٍ للجوا
رِ إمَّا عقيلاً وإمَّا قطنْ
ونمْ في بيوتهم وادعاً
فما لكَ إلاَّ عناء معنْ
ومَا عزَّ حلمُ ابنُ نصرٍ عليكَ
وَلا غَاضَ عَنْكَ نَدَاهُ وَضَنْ
ولكنْ سننتَ عقوقَ الكرام
فَقَدْ تَبِعُوا فِيْكَ تِلْكَ السُّنَنْ
بقيتَ فكمْ لكَ عندِي يداً
ومناً بعثتَ بهِ بعدَ منْ
توالَى إليَّ بلا شافعٍ
وأغنَى الفراتَ يداً عنْ شطنْ
مَوَاهِبٌ إنْ كُنْتُ أخْفَيْتُهُنَّ
فَإنِّي بِهِنَّ كَثِيْرُ التَفَنْ
وَإنْ كَانَ مَدْحِي بِهَا سَائِراً
فرقي بهَا علقٌ مرتهنْ
قنعتُ زماناً ولكنَّني
فطنتُ لجودكَ فيمنْ فطنْ
وَأهْدَيْتُ مِنْ زَفَرَاتِ الحَنِيْنِ
إليْكَ وَمَا كُلُّ مَنْ حَنَّ حَنْ
شَوَارِدٌ فِي كُلِّ صَدْرٍ لَهَا
مُنَاخٌ وَفِي كُلِّ سَمْعٍ سَنَنْ
لَزِمْتُ بِهَا الفَتْحَ قَبْلَ الرَّوِيِّ
ومَا أوجبَ النظمُ أنْ يلزمنْ
أَتَتْكَ تُجَدِّدُ عَهْدَ الثَّنَاءِ
وَتُظْهِرُ عَنْ هَائِم مَا أجَنْ
وَمَا كُلُّ مَنْ حَسُنَتْ عِنْدَهُ
أيَادِيْكَ جَاءَ بِشُكْرٍ حَسَنْ
وَمَنْ كَانَ فِيْكَ حَدِيْثَ الهَوَى
فإني غذيتُ بهِ في اللبنْ
وَلَسْتُ أُرِيْدُ سِوَى أنْ أرَاكَ
وهلْ تسمعُ المدحَ إنْ لمْ ترنْ
وَمِثْلُكَ مَنْ جَمَعَتْ لِي يَدَاهُ
هُ بينَ الثراءِ وبينَ الوطنْ(27/304)
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> إذَا حدتِ الريحُ عيسَ الحيَا
إذَا حدتِ الريحُ عيسَ الحيَا
رقم القصيدة : 24231
-----------------------------------
إذَا حدتِ الريحُ عيسَ الحيَا
وهتكَ بالبرقِ سترَ الدجَا
وظلَّ يفوقُ جوَّ الرياضِ
ويصقلهَا بنسيمِ الصبَا
فَمَنْطَقَ مِنْهَا خُصُورَ الوهِادِ
وتوجَ منهَا رؤسَ الربَا
وقبلَ فيهَا ثغورَ الأقاح
مُدَاعَبَة ً لِخُدُودِ المَهَا
فجلَّى الغويرَ بأوضاحهِ
وَنَجَدَهُ بَرقُهُ المُنْتَضَى
وزارَ عذيبة َ زورَ الخيَا
يُعِثُر بَيْنَ فُرُوجِ الكَرَى
فَرَاحَ عَلَى تُرْبِهَا بَاكِيَا
بِجَفْنِ الرِّيَاضِ وَدَمْعَ النَّدَى
وأصبحَ رائدنَا بعدهُ
يقبلُ أجراعهَا والثرَى
كأنَّ ابنَ نصرٍ همَى كفهُ
عليهَا فأخجلَ صوبَ الحيَا
فتًى جادَ بالمالِ قبلَ السؤالِ
وعاجلَ بالبشرِ قبلَ المنَى
وَقَادَتْ مَوَاهِبُهُ الطَالِبِيْنَ
فَأَنْضَى المَطِيِّ وَسَدَّ الفَلا
كَأَنَ لَهُ غَفَلاتُ الزَّمَانِ
يَجُودُ بِهِنَّ وَعَصْرُ الصِّبَا
إذَا ما ذكرناهُ خلنَا المطيَّ
عَرَفْنَ مَكَارِمَهُ وَالعُلا
فَهُنَّ صَوَادٍ إلى قُرْبِهِ
تسابقُ انساعَها والبُرَى
مِنَ القَومِ إنْ خَطَرُوا لِلنَوالِ
رأيتَ الردَى في نحورِ الثرَى
تَدُلُّ صَوَارِمُهُمْ فِي الصَّبَاحِ
علَى نارِ ليلهمُ للقرَى
لهمْ كلُّ أجردَ ملء العنانِ
رَحِيْبُ اللَّبَانِ سَلِيْمُ الشَّظَا
تَمِيْلُ بِأعْطَافِهِ هِزَّة ٌ
تُعَرِضُ بِالبَرْقِ لَمَّا جَرَى
وَنَازَعَهُ اللَّيْلُ أوضَاحَهُ
فَقَبَّلَهُ الصُّبْحُ لَمَّا نَجَا
ويأنفُ منْ عزهِ أنْ يذلَّ
بِغَيْرِ وجُوهِهِمُ فِي السُرَى
فَيَا عِزَّ دَولَتِهِمْ قُدْهُمُ
فَإنَّ الأبَاطِحَ دُونَ الذُّرَى
يَشْكُو إلى رَاحَتَيْكَ الصَّدَى
وثلمَ بالضربِ بيضَ الظبَا
وَنِلْ بِالمُعِزِّ عَلَيِّ الأمُورَ
كمَا تبعَ البدوَ شمسَ الضحَى
فَلَوْ هَرَبَ البَدْرُ مِنْ خَوْفِهِ(27/305)
وَمَالَ عَلَى صَوْبِهِ مَا اهْتَدَى
ألَيْسَ أبُوكَ أبَا كَامِلٍ
فهلْ فوقهُ للعُلاَ منتهَى
فتًى وجدَ العزَّ حيثُ الحمامُ
وَمِنْ دَوْحَة ِ المَجْدِ يَجْنِي الرَّدَى
وجاودهُ الغيثُ جهلاً بهِ
فلمَّا رأى جودهُ ما همَى
سَقَاهُ نَدَاكَ إذَا مَا العُفَاة ُ
ملأنَ إليكَ فروجَ الملاَ
فَكَمْ مَوْقِفٍ مِثْلِ حَدِّ الحُسَامِ
يغضُّ بهِ الجوُّ سمرَ القنَا
تَلقَى السِّنَانُ بِهِ خَاسِراً
كَأنَّ عَلَيْهِ قُلُوبُ العِدَى
وَقَدْ غَنَّتِ البِيْضُ في نَقْعَة ُ
فمَا شربَ الرمحُ حتَّى انتشَى
مَدَحْتُكَ أخْطُبُ مِنْكَ الوِدَادَ
إذَا حَاوَلَ القَوْمُ مِنْكَ الغِنَى
وَلِي فِي فَخَارِكُمُ شُعْبَة
وفي الأفقِ بدرُ الدجَا والسهَا
إذَا عَامِرٌ فَرَعَتْ فِي العُلا
ولمْ يبقَ منْ فوقهَا مرتقَى
علقتَ بأطرافِ ذاكَ النجارِ
وحلتْ بعادي ذاكَ الينَا
وقُورٌ إذَا طَرَقَتْنِي الخُطُوبُ
وحلَّ منَ الخوفِ عقدَ النهَى
بِعِشْرِيْنَ أَنْفَقتُهَا فِي الصُّدُودِ
وجدتُ بهَا في زمانِ النوَى
وَإنِّي عَلَى شَغَفِي بِالقَرِيْضِ
لأذخُرُهُ عَنْ جَمِيْعِ الوَرَى
ولكنَّ حبكَ نادَى بهِ
وَلَمْ يَزَلِ المَرْءُ طَوْعَ الهَوَى
وقدْ جلَّ قدركَ عنْ نظمهِ
ولكنهَا سنة تقتفَى
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> سَرَيْنَا إلى المَلِكِ الدُوفِنِييِّ
سَرَيْنَا إلى المَلِكِ الدُوفِنِييِّ
رقم القصيدة : 24232
-----------------------------------
سَرَيْنَا إلى المَلِكِ الدُوفِنِييِّ
ولكننَا ما حمدْنا السرَى
فَأَنْزَلَنَا الدَّهْرُ فِي مَنْزِلٍ
كَثِيرِ الهُمُومِ قَلِيْلِ الكَرَى
نظلُّ معَ الرومِ فيهِ فمَا
نعاشرُ إلاَّ كلابَ الورَى
طوالَ القرونِ قصار النفو
فَوْقَ الثُّرَيَّا وَتَحْتَ الثَّرَى
مَجَاهِيْلُ مَا فَطِنُوا بِالسَّمَاحِ
ولا سمعُوا بحديثِ القرى
بَلَى عِنْدَ ضَيْفِهِمُ مَا يُرِيْدُ
ولكنْ لعمري إذا مَا اشترَى
وإنْ كانَ عندهمُ ثاوياً(27/306)
فمَا تتعددُ دورُ الكرى
العصر العباسي >> عبد الله الخفاجي >> يَا مُنْفِذَا مَاءَ الجُّفُونِ
يَا مُنْفِذَا مَاءَ الجُّفُونِ
رقم القصيدة : 24233
-----------------------------------
يَا مُنْفِذَا مَاءَ الجُّفُونِ
وَكُنْتُ أُنْفِقُهُ عَلَيْهِ
إنْ لمْ تكنْ عيني فأنتَ
ـت أعَزُّ مَنْ نَظَرَتْ إلَيْهِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> أَودَى الشَّبابُ ، حَميدا ، ذو التَّعاجِيبِ
أَودَى الشَّبابُ ، حَميدا ، ذو التَّعاجِيبِ
رقم القصيدة : 24234
-----------------------------------
أَودَى الشَّبابُ ، حَميدا ، ذو التَّعاجِيبِ
أودى ، وذلك شأوٌ غيرُ مطلوبِ
وَلَّى حَثيثا ، وهذا الشَّيبُ يَطلبُهُ
لو كَانَ يُدرِكُه رَكَضُ اليَعاقِيبِ
أودَى الشّبابُ الّذِي مَجْدٌ عَواقبُهُ
فيه نلذ، ولا لذات للشيب
يومان : يوم مقامات وأتدية
ويوم سير إلى الأعداء، تأويب
وكرنا خيلتا أدراجها رجعا
كس السنابك، من بدء وتعقيب
والعاداتُ، أسابيُّ الدماءِ بها
كأنَّ أعناقَها أَنصابُ تَرجِيبِ
من كلّ حتٍّ إذا ما ابتلَّ ملبدهُ
ضافي السَّبِيبِ ، أسِيلِ الخَدِّ يَعبوبِ
ليس بأقنى ، ولا أسفى ، ولا سغلٍ
يسقى دواءَ قفيِّ السَّكنِ مربوبِ
في كلِّ قائمة ٍ منه، إذا اندفعتْ
مِنهُ ، أساوٍ كفَرغِ الدَّلوِ ، أُثعوبِ
كأنَّهُ يرفئيٌّ نام عن غنمٍ
مُستنفَرٌ فِي سَوادِ اللَّيلِ مَذؤوبِ
تمَّ الدسيعُ إلى هادٍ له بتعٍ
في جُؤجُؤٍ ، كَمَداكِ الطِّيبِ مَخضُوبِ
تَظَاهَرَ النَّيُّ فيهِ ، فهُوَ مُحتَفِلٌ
يعطي أساهيَّ من جريٍ وتقريبِ
يحاضرُ الجونَ مخضرّاً جحافلها
ويسبقُ الألفَ عفواً، غيرَ مضروبِ
كمِ من فقيرٍ، باذن الله، قد جيرتْ
وذِي غِنًى بَوَّأَتْهُ دَارَ مَحروبِ
مِمّا يُقدِّمُ في الهَيجا ، إِذا كُرِهَتْ
عند الطعان، وينجي كلَّ مكروبِ
همَّتْ معدٌّ بناهمّاً، فنهنهها
عنّا طعانٌ، وضربٌ غيرُ تذبيبِ
بالمَشرَفيِّ ، ومَصقولٍ أسِنَّتُها(27/307)
صمّ العواملِ، صدقاتِ الأنابيبِ
يجلو أسنَّتها فتيانُ عادية ٍ
لا مُقرِفينَ ، ولا سُودٍ ، جَعابِيبِ
سوَّى النّقافُ قناها،فهيَ محكمة ٌ
قَليلة ٌ الزَّيغِ ، مِنْ سَنٍّ وتَركيبِ
كأنَّها ، بأكُفّ القومِ إِذ لَحِقُوا،
مَواتحُ البِئرِ ، أو أشطانُ مَطلوبِ
كِلا الفَرِيقَينِ: أعلاهُم وأسفَلُهْم
شَجٍ بأرماحِنا غَيرَ التَّكاذِيبِ
إِنِّي وَجَدتُ بني سعدٍ ، يُفضِّلُهُمْ
كُلُّ شِهابٍ على الأعداءِ مَصبوبِ
إِلى تَميمٍ ، حُماة ِ الثَّغرِ ، نِسبتُهُمْ
وكلٍّ ذِي حَسَبٍ في النّاسِ ، مَنسوبِ
قومٌ، إذا صرَّحتْ كحلٌ، بيوتهمُ
عزُّ الذليل، ومأوى كلِّ قرضوبِ
ينجيهمِ من دواهي الشرّ. إنْ أزمتْ
صَبرٌ عَلَيها ، وقِبْضٌ غَيرُ مَحسوبِ
كنّا نَحُلُّ ، إذا هَبَّتْ شآمِيَة ً
بكلّ وادٍ، حطيبِ البطنِ، مجدوبِ
شِيبِ المَباركِ ، مَدْروسٍ مَدافعُهُ
هابي المراغِ. قليلِ الودقِ. موظوبِ
كنّا، إذا ما أتانا صارخٌ فزعٌ
كان الصُّراخُ له قرعَ الظنابيبِ
وَشَدَّ كُورٍ ، على وَجناءَ ناجِية ٍ
وشَدَّ لِبْدٍ ، على جَرداءَ سُرحُوبِ
يقالُ: محبسها أدنى لموتعها
ولو تَعادَى بِبَكْءٍ كُلُّ مَحلوبِ
حتّى تُرِكْنا ، وما تُثْنَى ظَعائِنُنا
يأخُذْنَ بَيْنَ سَوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> هاجَ المَنازِلُ رِحلة َ المُشتاقِ
هاجَ المَنازِلُ رِحلة َ المُشتاقِ
رقم القصيدة : 24235
-----------------------------------
هاجَ المَنازِلُ رِحلة َ المُشتاقِ
دِمَنٌ وآياتٌ لَبِثْنَ بَواقي
لَبِسَ الروامسُ والجديدُ بِلاهما
فتركنَ مثلَ المهرقِ الأخلاقِ
للحارثيَّة ِ ، قَبلَ أن تَنأى النَّوى
بِهِمِ ، وإِذ هيَ لا تُريدُ فِراقي
ومَجَرُّ سارِية ٍ تَجُرُّ ذُيولَها
نوسَ النعامِ، تناطُ بالأعناقِ
مِصرِيَّة ٍ ، نَكباءَ أعرَضَ شَيمُها
بأشابة ٍ، فزرودَ، فالأفلاقِ
هَتكَتْ على عُوذِ النِّعَاجِ بُيوتَها
فيقمعنَ للركباتِ، والأوراقِ(27/308)
فتَرَى مَذانِبَ كُلِّ مَدفَعِ تَلْعة ٍ
عجلتْ سواقها من الإتآقِ
فكأَنَّ مَدفَعَ سَيل كُلِّ دَميثة ٍ
يعطى بذي هدبٍ، من الأعلاقِ
منْ نسجِ بصرى والمدائن. نشرتْ
للبيع يوم تحضُّرِ الأسواقِ
فوقفتُ فيها ناقتي، فتحنَّنتْ
لِهَوَى الرَّواحِ ، تَتُوقُ كُلَّ مَتاقِ
حتّى إِذا هيَ لم تُبِنْ لِمُسائلٍ
أَرسَلتُ هَوجاءَ النَّجاءِ ، كأنَّها
إذْ همَّ أسفلُ حشوها بنفاقِ
متخرّفٌ، سلبَ الربيعُ رداءهُ
صخبُ الظلامِ، يجيبُ كلَّ نهاقِ
منْ أخدِ ريَّاتِ الدَّنا، التفعتْ لهُ
بُهْمَى النِّقاعِ ، وَلَجَّ في إِحناقِ
صخبُ الشواربِ والوتينِ، كأنَّه
مما يُغَرِّدُ مَوهِنا بِخِناقِ
في عانة ٍ شُسُبٍ ، أَشَدَّ جِحاشَها ،
شُزُبٍ ، كأَقواسِ السَّراءِ ، دِقاقِ
وكأنَّ ريقتها، إذا نبَّتها،
كأسٌ ، يُصَفِّقُها لِشُربٍ ساقي
صِرْفٌ ، تَرَى قَعرَ الإِناءِ وَرَاءَهَا
تودي بعقلِ المرءِ قبلَ فواقِ
ينسى للذَّتها أصالة َ حلمهِ
فيَظَلُّ بَينَ النَّومِ والإِطراقِ
فتَرَى النِّعاجَ بِها ، تَمشَّى خِلْفة ً
مشي العباديّينَ في الأمواقِ
يسمرنَ وحفاً، فوقه ماءُ النَّدى ،
والنَّبتَ، كلَّ علاقة ٍ ونطاقِ
ولقد هبطتُ الغيثَ، حلَّ به النَّدى
يرففنَ فاضلهُ على الأشداقِ
أَهدِي بهِ سَلَفا ، يَكونُ حَدِيثُهُمْ
خَطَرا ، وذِكرَ تَقَامِرٍ وسِباقِ
حتى إذا جاءَ المثوبُ، قدْ رأى
أسداً، وطالَ نواجذُ المفراقِ
لَبِسوا ، مِنَ الماذِيِّ ، كُلَّ مُفاضة ٍ
كالنّهِي ، يَومَ رياحِهِ ، الرَّقراقِ
منْ نسجِ دوادٍ، وآلِ محرقٍ
غالٍ غَرائبُهُنَّ في الاsفاقِ
ومنَحتُهُم نَفسي ، وآمِنة َ الشَّظَى
جَرداءَ ، ذاتَ كَرِيهة ٍ ونِزاقِ
كالصَّعدة ِ الجرداءِ، آمنَ خوفها
لطفُ الدَّواءِ، وأكرمُ الأعراقِ
تشأى الجيادَ، فيعترينَ لشأوها
وإِذا شأَوا لحِقَتْ بحُسنِ لَحاقِ
وأَصَمَّ صَدقا ، مِن رِماحِ رُدَينة ٍ
بيدي غلامِ كريهة ٍ، مخراقِ
شاكٍ، يشدُّ على المضافِ، ويدَّعي(27/309)
إذْ لاتوافقُ شعبتا الإيفاقِ
إني امرؤ، من عصبة ٍ سعديَّة ٍ
ذر بى الأسنَّة ِ كلَّ يومِ تلاقي
لا يَنظُرونَ إِذا الكَتِيبة ُ أَحجَمَتْ
نظرَ الجمالِ، كربنَ بالأوساقِ
يكفونَ غاسبهمْ، ويقضى أمرهمْ
في غيرِ نقصٍ منهمُ، وشقاقِ
والخَيلُ تَعلمُ مَن يَبُلُّ نُحورَها
بدَمٍ ، كماءِ العَنْدَمِ المُهرَاقِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> لِمَن طَلَلٌ ، مِثلُ الكِتابِ المُنمَّقِ
لِمَن طَلَلٌ ، مِثلُ الكِتابِ المُنمَّقِ
رقم القصيدة : 24236
-----------------------------------
لِمَن طَلَلٌ ، مِثلُ الكِتابِ المُنمَّقِ
خلا عهدهُ بين الصُّليبِ فمطرقِ
أَكَبَّ علَيهِ كاتِبٌ بدَواتِهِ
وحادِثُهُ في العَينِ ، جِدَّة ُ مُهرَقِ
لأسماءَ، إذ تهوى وصالكَ، إنَّها
كَذِي جُدَّة ٍ ، مِن وَحشِ صاحة َ ، مُرشِقِ
له بقرانِ الصُّلبِ يقلٌ يلسُّهُ
وإِنْ يَتَقَدَّمْ بالدَّكادِكِ يأنَقِ
وقفتُ بها، ما إنْ تبينُ لسائلٍ
وهلْ تفقهُ الصُّمُّ الخوالدُ منطقي
فبتُّ، كأنَّ الكأسَ كالَ اعتيادها
عليَّ، بصافٍ منْ رحيقٍ، مروَّقِ
كرِيحِ ذكيِّ المِسكِ باللّيلِ رِيحُهُ
يصفَّقُ في إبريقِ جعدٍ منطَّقِ
وماذا تبكّيِ منْ رسومٍ محيلة ٍ
خلاءٍ كسحقِ اليمينة ِ المتمزّقِ
ألاَ، هل أتتْ أنباؤها أهلَ مأربٍ
كما قَد أَتَتْ أَهلَ الدَّنا والخَوَرنَقِ
بأنَّا منعنا بالفروقِ نساءنا
ونحن قتلنا منْ أتانا بملزقِ
تُبَلِّغُهُمْ عِيسُ الرِّكابِ ، وشُومُها
فَريقَي مَعَدٍّ: مِن تَهامِ ومُعرِقِ
وموقفنا في غيرِ دارِ تئيَّة ٍ
وملحقنا بالعارض المتألّقِ
إِذا ما عَلَونا ظَهرَ نشْزٍ ، كأَنَّما
عَلَى الهامِ مِنَّا قَيضُ بَيضٍ مُفَلَّقِ
من الحُمْسِ ، إِذ جاؤوا إِلينا بِجَمعهِمْ
غَداة َ لَقِيناهمْ ، بجأواءَ فَيلَقِ
كأَنَّ النَّعامَ باضَ فَوقَ رُؤوسِهِمْ
بنهيِ القذافِ أو بنهي مخفّقِ
ضممنا عليهمْ حافتيهمْ بصادقٍ
مِنَ الطَّعنِ، حتّى أزمَعُوا بتَفَرُّقِ(27/310)
كَأَنَّ مُناخا مِن قُيونٍ ، ومَنزِلاً
بحيثُ التقينا منْ أكفٍّ، وأسؤقِ
كأنَّهمُ، كانوا ظباءً بصفصفٍ
أَفاءَتْ عَليهِم غَبية ٌ ، ذاتُ مَصدَقِ
كأنَّ اختلاءَ المشرفيِّ رؤوسهمْ
هَوِيُّ جَنُوبٍ ، في يَبِيسٍ مُحَرَّقِ
لدنْ غدوة ً، حتَّى أنى الليلُ دونهمْ
ولم ينجُ إلاَّ كلُّ جرداءَ خيفقِ
ومُستَوعِبٍ في الجَريِ فَضلَ عِنانِهِ
كَمَرِّ الغَزالِ الشّادِنِ المُتَطلِّقِ
فأَلقَوا لَنا أَرسانَ كُلِّ نَجِيبة ٍ
وسابِغة ٍ ، كأَنَّها مَتنُ خِرنِقِ
مُداخَلة ٍ ، من نَسجِ داودَ ، سَكُّها
كحبِّ الجنى ، منْ أبلمٍ متفلقِ
فمنْ يكُ ذا ثوبٍ تنلهُ رماحنا
ومنْ يكُ عرياناً يوائلْ، فيسبقِ
ومنْ يدعوا فينا يعاشُ ببيئسة ٍ
ومَن لا يُغالُوا بالرَّغائبِ نُعْتِقِ
وأمُّ بحيرٍ في تمارسِ بيننا
متى تأتها الأنباءُ تخمشْ، وتحلقِ
تركنا بحيراً، حيثُ أزحفَ جدُّهُ
وفينا فراسٌ عانياً، غيرَ مطلقِ
ولولا سوادُ الليلِ، ما آبَ عامرٌ
إِلى جَعفَرٍ سِربالُهُ لم يُخَرِّقِ
بضربٍ، تظلُّ الطير فيهِ جوانحاً
وطعنٍ كأفواهِ المزادِ المفتَّقِ
فعِزَّتُنا لَيْسَتْ بشِعبٍ بحَرَّة ٍ
ولكنَّها بحرٌ بصحراءَ فيهقِ
يُقَمِّصُ بالبُوصِيِّ فيهِ غَوارِبٌ
متى ما يخضها ماهرُ اللُّجِّ يغرقِ
ومَجدُ مَعَدٍّ كانَ فَوقَ عَلاية ٍ
سبقنا به إذ يرتقونَ، ونرتقي
إِذا الهُندُوانيَّات كُنَّ عُصِيَّنا
بها نتآيا كلَّ شأنٍ ومفرقِ
نجلّي مصاعاً بالسيوفِ وجوهنا
إذا اعتفرتْ أقدامنا عند مأزقِ
فَخَرتُم علَينا أَنْ قَتلتُم فَوارسا
وقولُ فراسٍ هاجَ فعلي ومنطقي
عجلتمْ علينا حجَّتينِ عليكم
وما يشاءِ الرحمنُ يعقدْ ويطلقِ
هو الكاسرُ العظمَ الأمينَ، وما يشأ
منَ الأَمرِ ، يَجمَعْ بَينَهُ ، ويُفَرّقِ
هو المدخلُ النُّعمانَ بيتاً، سماؤهُ
نحورُ الفيولِ، بعدَ بيتٍ مسدقِ
وبعدَ مصابِ المزنِ، كانَ يسوسهُ
ومالَ مَعَدٍّ ، بَعدَ مالِ مُحَرِّقِ
لَهُ فَخمة ٌ ذَفْراءُ ، تَنفي عَدُوَّهُ(27/311)
كمنكبِ ضاحٍ، منْ عماية َ مشرقِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> لو كُنتُ أَبكي لِلحُمول لشاقَني
لو كُنتُ أَبكي لِلحُمول لشاقَني
رقم القصيدة : 24237
-----------------------------------
لو كُنتُ أَبكي لِلحُمول لشاقَني
لليلى ، بأعلى الوادِ الواديينِ، حمولُ
يطالعنا منْ كلِّ حدجٍ مخدَّرٍ
أوانسُ بِيضٌ ، مِثلُهنَّ قَليلُ
يشبّهها الرائي مهاً بصريمة ٍ
عَلَيهِنَّ فَينانُ الغُصونِ ظَلِيلُ
عقيلهنَّ الهيجمانة ُ، عندها
لنا- لو نحيَّا- نعمة ٌ ومقبلُ
وفِتيانِ صِدقٍ ، قَد بَنَيتُ عَلَيهمُ
خِباءً بِمَوماة ِ الفَلاة ِ ، يَجُولُ
كما جَالَ مُهرٌ في الرِّباطِ ، يَشُوقُهُ
على الشَّرفِ الأقصَى المَحَلِّ ، خُيولُ
تلاقتْ بنو كعبٍ وأفناءُ مالكٍ
بأمرٍ ، كصَدرِ السَّيفِ ، وهْوَ جَلِيلُ
تَرَى كلَّ مَشبوحِ الذِّراعَينِ ضَيغَمٍ
يَخُبُّ به عارٍ شَواهُ ، عَسُولُ
أَغَرَّ ، مِنَ الفِتيانِ ، يَهتَزُّ للنَّدَى
كما اهتَزَّ عَضبٌ باليَمينِ ، صَقِيلُ
كأنَّ المذاكيْ، حينَ جدَّ جميعنا،
رَعيلُ وُعُولٍ ، خَلفَهُنَّ وُعولُ
عَلَيهِنَّ أولادُ المُقاعِسِ قُرَّحاً
عناجيجُ، في حوٍّ لهنَّ صهيلُ
كأنَّ على فرسانها تضخَ عندمٍ
نجيعٌ، ومسكٌ بالنحورِ يسيلُ
إذا خرجتْ من غمرة ِ الموتِ ردَّها
إلى المَوتِ ، صَعبُ الحافَتينِ ، ظَلِيلُ
فما تَركُوا في عامرٍ مِن مُنَوِّهٍ
ولا نسوة ٍ، إلاَّ لهنْ عويلُ
تَركْنَ بَحِيرا والذُّهابَ ، عَلَيهما
من الطير غاباتٌ، لهنَّ حجولُ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> أمَّا الخلى والمسحُ، إنْ كانَ منَّة ً
أمَّا الخلى والمسحُ، إنْ كانَ منَّة ً
رقم القصيدة : 24238
-----------------------------------
أمَّا الخلى والمسحُ، إنْ كانَ منَّة ً
عليَّ ، فإِنّي غَيرُ خالٍ وماسِحِ
وأَمَّا مَعاذِيرُ الصَّدِيقِ فإِنَّني
سأَبلُغُها ، إِنْ كنتَ لَستَ بفاصِحِ
وذِي مِئرة ٍ مِنَ الصَّديقِ اجتنَبتُهُ(27/312)
وآخرَ، قد جاملتهُ وهوَ كاشحُ
تحمَّلتهْ عمداً، لأفضلَ، بعدما
بَدَتْ اُبَنٌ في ساقِهِ وقَوادِحُ
ومُهتَزعٍ حالاً ولُؤمَ خَلِيقة ٍ
صَقَعتُ ، بِشَرِّ ، والأَكفُّ لواقِحُ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> تقولُ ابنتي: إنَّ انطلاقكَ واحداً
تقولُ ابنتي: إنَّ انطلاقكَ واحداً
رقم القصيدة : 24239
-----------------------------------
تقولُ ابنتي: إنَّ انطلاقكَ واحداً
إلى الرَّوعِ، يوماً تاركي لا أباليا
دَعِينا مِنَ الإِشفاقِ ، أو قَدِّمي لَنا
منَ الحدثانِ والمنيَّة ِ راقيا
ستتلفُ نفسي، أو سأجمعُ هجمة ً
ترى ساقييها بالمانِ التَّراقيا
العصر العباسي >> البحتري >> قد كان يعلم من طرفي بها طرفا
قد كان يعلم من طرفي بها طرفا
رقم القصيدة : 2424
-----------------------------------
قد كان يعلم من طرفي بها طرفاً
إذ ليس يخفى عليه منه تزويج
فقلبه من حذاري واجف وله
دوني على بيتها ستر وتحريج
ما أنس لا أنس ما عمرت قولتها
والنقض بالرحل والأنساع محدوج
عرج علينا جزاك الله مغفرة
فقد ترى وقليل منك تعريج
فالعيش يسمج فينا حين تهجرنا
وحين تزدارنا ما فيه تسميج
فقلت: حبيك صرف لا مزاج له
عندي وسائر حب الناس ممزوج
ودون سرك أقفال مقفلة
وحاجز من رتاج المال مرتوج
أما فؤادي فعند اله حسبته فقد
تقسمه الغر المباهيج
ألغانيات اللواتي قد رزقن عنى
عنا ونحن إليهن المحاويج
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> سأَجزِيكَ بالقِدِّ الذي قَد فَككتَهُ
سأَجزِيكَ بالقِدِّ الذي قَد فَككتَهُ
رقم القصيدة : 24240
-----------------------------------
سأَجزِيكَ بالقِدِّ الذي قَد فَككتَهُ
سأَجزِيكَ ما أبلَيتَنا العامَ ، صَعصَعا
فإِنْ يكُ مَحمودٌ أَباكَ فإِنَّنَا
وَجَدْناكَ مَنسوبا إلى الخَيرِ ، أَروَعا
سأهدي، وإنْ كنُّا بتثليثَ، مدخة ً
إِليكَ ، وإِنْ حَلَّتْ بُيوتُكَ لَعلَعا
فإِن شِئتَ أَهدَينا ثَناءً ومِدحة ً
وإِن شِئتَ عَدَّينا لكم مئة ً مَعا(27/313)
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> منْ مبلغٌ عنَّا كلاباً وكعبها
منْ مبلغٌ عنَّا كلاباً وكعبها
رقم القصيدة : 24241
-----------------------------------
منْ مبلغٌ عنَّا كلاباً وكعبها
وحيَّ نميرٍ، باليقينِ رسولُ
فإِنّي ، بيومٍ مِثلِ يَومٍ بِمُلزَقٍ
لكمْ، ولقاءٍ- إنْ حييتُ- كفيلُ
غداة َ تركنا منْ ربيعة ِ عامرٍ
دماءً بأعلى الواديينِ تسيلُ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> ومَن كانَ لا تُعتَدُّ أيّامُهُ لهُ
ومَن كانَ لا تُعتَدُّ أيّامُهُ لهُ
رقم القصيدة : 24242
-----------------------------------
ومَن كانَ لا تُعتَدُّ أيّامُهُ لهُ
فأيّامُنَا عَنَّا تُجَلِّي ، وتُعرِبُ
جَعلَنا لَهمْ ما بَينَ كُتلة َ رَوحة ً
إلى حيثُ أوفى صوَّتيهِ مثقَّبُ
غداة َ تركنا في الغبار ابن جحدرٍ
صَرِيعا ، وأطرافُ العَوالي تَصَبَّبُ
وأفلتَ منا الحوفزانُ، كأنَّهُ
برهوة َ قرنٌ، أفلتَ الخيلَ، أعضبُ
غداة َ رغامِ، حين ينجو بطعنة ٍ
سؤوقِ المنايا، قد تزلُّ وتعطبُ
لَقُوا مِثلَ ما لاقَى اللُّجَيمِيُّ قَبلَهُ
قتادة ُ، لمَّا جاءنا وهو يطلبُ
فآبَ إل حجرٍ، وقد فضَّ جمعهُ،
بأخبثِ ما يأتي به متأوّبُ
وقد نالَ حدُّ السيفِ منْ حرّ وجههِ
إلى حيثُ ساوى أنفهُ المتنقَّبُ
وجشَّامة ُ الذُّهليُّ، قد وسجتْ به
إِلى أهلِنا مَخزومة ٌ ، وهْوَ مُحقَبُ
تَعَرَّفُهُ وسْطَ البُيوتِ مُكَبَّلاً
ربائبُ، من أحسابِ شيبانَ تثقبُ
وهوذة َ نجَّى ، بعدَ ما مالَ رأسهُ،
يَمانٍ ، إذا ما خالَطَ العَظمَ ، مِخدَبُ
فأَمسَكَهُ ، مِن بَعدِ ما مال رأسُهُ
حِزامٌ على ظَهرِ الأغَرِّ ، وقَيقَبُ
غداة َ كأنَّ ابني لجيمِ ويشكراً
نعامٌ، بصحراءِ الكديدينِ، هرَّبُ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> يا دارَ أسماءَ، بالعلياءِ من إضمٍ
يا دارَ أسماءَ، بالعلياءِ من إضمٍ
رقم القصيدة : 24243
-----------------------------------
يا دارَ أسماءَ، بالعلياءِ من إضمٍ(27/314)
بينَ الدَّكادِكِ مِن قَوٍّ ، فمَعصُوبِ
كانتْ لنا مرَّة ً داراً، فغيَّرها
مرُّ الرياحِ بساقي التُّربَ، مجلوبِ
هل في سؤالكَ عن أسماءَ منْ حوبِ
وفي سلامِ، وإهداءِ المناسيبِ؟
ليستْ من الزُّلِّ أردافاً لاإذا انصرفتْ
ولا القصارِ، ولا السُّودِ العناكيبِ
إني رأيتُ ابنة َ السعديِّ حينَ رأتْ
شَيبي ، وما خَلَّ من جِسمِي وتَحنيبي
تقولُ حينَ رأتْ رأسي ولمَّتهُ
شَمطاءُ ، بَعدَ بَهيمِ اللَّونِ ، غِربيبِ
وللشبابِ، إذا دامتْ بشاشتهُ
ودُّ القلوبِ، منَ البيضِ الرَّعابيب
إِنّا ، إِذا غَرَبَتْ شَمسٌ أوِ ارتَفَعَتْ
وفي مَبارِكِها بُزْلُ المَصاعِيبِ
قد يسعدُ الجارُ، والضيفُ الغريبُ بنا
والسائلونَ، ونغلي ميسرَ النّيبِ
وعندنا قينة ٌ بيضاءُ ناعمة ٌ
مِثلُ المهاة ِ، منَ الحُورِ الخراعيبِ
تجري السّواكَ على غرٍّ مفلَّجة ٍ
لم يَغذُها دَنسُ تحتَ الجلابيبِ
ودعْ ذا، وقل لبني سعدٍ، بفضلهمِ
مَدحاً يَسيرُ بهِ غادِي الأراكيبِ
سقينا ربيعة َ نحوَ الشامِ كارهة ٍ
سَوق البكارِ على رَغمٍ وتأنيبِ
إذا أرادوا نزولاً حَثَّ سَيرهُمُ
دُونَ النُّزولِ، جِلادٌ غَيرُ تَذبيبِ
والحيُّ قحطانُ، قدماً ما يزال لها
منا وقائعُ، من قتلٍ، وتعذيبِ
لمَّا التَقى مَشهدُ مِنَّا ومَشهَدهُمُ
يومَ العذيبِ، وفي أيام تحريبِ
لمّا رأَوا أَنّها نارٌ ، يُضَرِّمُها
من آلِ سعدٍ،بنو البيضِ المناجيبِ
ولَّى أبو كربٍ منا بمهجتهِ
وصاحِباهُ ، على قُودٍ سَراحيبِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> قد أوعدتنا معدٌّ، وهي كاذبة ٌ
قد أوعدتنا معدٌّ، وهي كاذبة ٌ
رقم القصيدة : 24244
-----------------------------------
قد أوعدتنا معدٌّ، وهي كاذبة ٌ
نَصرا ، فكانَ لَها مِيعادُ عُرقُوبِ
وقَد نُقَدِّمُ في الهَيجاءِ إِذ لَقِحَتْ
يَومَ الحِفاظ ، ونَحمي كلَّ مَكرُوبِ
يهوي، إذا الخيلُ جازته وثارَ لها
هَوِيَّ سَجلٍ ، مِنَ العَلياءِ مَصبوبِ
زرقاً أسنَّتها، حمراً، مثقَّفة ً(27/315)
أطرافهنَّ مقيلٌ لليعاسيبِ
حامِي الحَقِيقة ِ ، لا تُخشَى كَهامتُهُ
يَسقي الأَعادِيَ مَوتا غَيرَ تَقشيبِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> لنا خباءٌ، وراووقٌ، ومسمعة ٌ
لنا خباءٌ، وراووقٌ، ومسمعة ٌ
رقم القصيدة : 24245
-----------------------------------
لنا خباءٌ، وراووقٌ، ومسمعة ٌ
لدَى حِضاجٍ بِجَونِ القارِ مَربُوبِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> حتى استغثنَ بأهلِ الملحِ ضاحية ً
حتى استغثنَ بأهلِ الملحِ ضاحية ً
رقم القصيدة : 24246
-----------------------------------
حتى استغثنَ بأهلِ الملحِ ضاحية ً
يَركُضْنَ، قَد قَلِقَتْ عَقدُ الأطانيبِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> مستحقباتٍ رواياها جحافلها
مستحقباتٍ رواياها جحافلها
رقم القصيدة : 24247
-----------------------------------
مستحقباتٍ رواياها جحافلها
يأخُذْنَ بَينَ سَوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> فاقنيْ، لعلَّكِ أنْ تحظي وتحتلبي
فاقنيْ، لعلَّكِ أنْ تحظي وتحتلبي
رقم القصيدة : 24248
-----------------------------------
فاقنيْ، لعلَّكِ أنْ تحظي وتحتلبي
في سَحْبَلٍ من مُسُوكِ الضّأنِ مَنجُوبِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> نَحنُ رَدَدْنا لِيَربُوعٍ مَواليَها
نَحنُ رَدَدْنا لِيَربُوعٍ مَواليَها
رقم القصيدة : 24249
-----------------------------------
نَحنُ رَدَدْنا لِيَربُوعٍ مَواليَها
بِرِجلة ِ التَّيسِ ذاتِ الحَمضِ والشِّيحِ
العصر العباسي >> البحتري >> كم ليلة ذات أجراس وأروقة
كم ليلة ذات أجراس وأروقة
رقم القصيدة : 2425
-----------------------------------
كم ليلة ذات أجراس وأروقة
كاليم يقذف أمواجاً بأمواج
فالزو والجوسق الميمون قابله
غنج الصبيح الذي يدعى بصناج
بسر مرا سرى همي وسامرني
لهو نفي الهم عن قلبي بإخراج
سامرتها برشا كالغصن يجذبه
حقفان من هائل بالرمل رجراج
كأنما وجه والشعر يلبسه(27/316)
بدر تنفس في ذي ظلمة داج
وسنان يفتر عن سمطين من برد
صاف وفي الصدر تفاح من العاج
يسعى بمثل فتيت المسك صافية
كأن مستنها من شخب أوداج
ما زلت في حسنات الليل في مهل
حتى اساءت عيون الصبح إزعاجي
أردت غرته والسكر يوهمه
أن قد نجا وهو مني غير ما تاج
فظل يسقي بماء المزن من أسف
ورداً ويلطم ديباجاً بديباج
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> ألا، إنَّ خيرَ الناسِ كلّهمُ فهدُ
ألا، إنَّ خيرَ الناسِ كلّهمُ فهدُ
رقم القصيدة : 24250
-----------------------------------
ألا، إنَّ خيرَ الناسِ كلّهمُ فهدُ
وعَبدُ كُلالٍ خَيرُ سائرِهم بَعدُ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> أبى القلبُ أن يأتيْ السَّديرَ وأهلهُ
أبى القلبُ أن يأتيْ السَّديرَ وأهلهُ
رقم القصيدة : 24251
-----------------------------------
أبى القلبُ أن يأتيْ السَّديرَ وأهلهُ
وإِنْ قِيلَ: عَيشٌ بالسَّدِيرِ غَريرُ
بِهِ البَقُّ ، والحُمَّى ، وأُسْدُ خَفِيَّة ٍ
وعمرو بنُ هندٍ يعتدي، ويجورُ
فلا أُنذِرُ الحَيَّ الأُولَى نَزلُوا بهِ
وإِنّي لِمَنْ لم يأتِهِ لَنَذيرُ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> يا حُرَّ، أَمسَى سَوادُ الرّأسِ خَالَطَهُ
يا حُرَّ، أَمسَى سَوادُ الرّأسِ خَالَطَهُ
رقم القصيدة : 24252
-----------------------------------
يا حُرَّ، أَمسَى سَوادُ الرّأسِ خَالَطَهُ
شَيبُ القَذالِ اختلاطَ الصَّفوِ بالكَدَرِ
يا حُرَّ ، أمسَتْ لُباناتُ الصِّبا ذَهبَتْ
فلَستُ مِنها على عَينٍ ، ولا أَثَرِ
كان الشبابُ لحاجاتٍ، وكنَّ له
فقَد فَرَغتُ إلى حاجاتيَ الأُخَرِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> كأَنَّ النّعامَ باضَ فَوقَ رُؤوسِهِم
كأَنَّ النّعامَ باضَ فَوقَ رُؤوسِهِم
رقم القصيدة : 24253
-----------------------------------
كأَنَّ النّعامَ باضَ فَوقَ رُؤوسِهِم
إلى الموتِ بَرقٌ ، مِن تِهامة َ ، لامعُ(27/317)
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> بِكُلِّ مُجنَّبٍ كالسِّيدِ نَهدٍ
بِكُلِّ مُجنَّبٍ كالسِّيدِ نَهدٍ
رقم القصيدة : 24254
-----------------------------------
بِكُلِّ مُجنَّبٍ كالسِّيدِ نَهدٍ
وكلِّ طوالة ٍ، عتدٍ، نزاقِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> وزَيدُ الخَيلِ قد لاقَى صِفادا
وزَيدُ الخَيلِ قد لاقَى صِفادا
رقم القصيدة : 24255
-----------------------------------
وزَيدُ الخَيلِ قد لاقَى صِفادا
يَعَضُّ بساعدٍ ، وبعَظمِ ساقِ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> رأيتُك ذا شَرٍّ ، وفي الشَّرِّ مُنقَعا
رأيتُك ذا شَرٍّ ، وفي الشَّرِّ مُنقَعا
رقم القصيدة : 24256
-----------------------------------
رأيتُك ذا شَرٍّ ، وفي الشَّرِّ مُنقَعا
إذا كنتَ في أرضٍ، بها الشرُّ شاملُ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> وإِنَّا كالحَصَى عَدَدا ، وإِنَّا
وإِنَّا كالحَصَى عَدَدا ، وإِنَّا
رقم القصيدة : 24257
-----------------------------------
وإِنَّا كالحَصَى عَدَدا ، وإِنَّا
بنو الحربِ، التي فيها عرامُ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> فسائلْ بسَعدَيَّ في خِندفٍ
فسائلْ بسَعدَيَّ في خِندفٍ
رقم القصيدة : 24258
-----------------------------------
فسائلْ بسَعدَيَّ في خِندفٍ
وقيسٍ، وعندكَ تبيانها
وإنْ تسألِ الحيَّ من وائلٍ
تنبئكَ عجلٌ، وشيبانها
بوادِي جَدُودَ ، وقَد غُودِرَتْ
بصيقِ السَّنابكِ أعطانها
بأرعنَ، كالطودِ، من وائئلٍ
يَؤُمُّ الثُّغورَ ، يَعْتانُها
تكادُ له الأرضُ، منْ رزهِ
إذا سار، ترجفُ أركانها
قداميسُ، يقدمها الحوافزانُ
وأَبجَرُ ، تَخفِقُ عِقبانُها
وجَثّام ، إِذ سارَ في قَومهِ
سَفاها إِلَينا ، وحُمرانُها
وتغلبُ، إذ حربها لاقحٌ
تُشَبُّ ، وتُسعَرُ نِيرانُها
غداة َ أتانا صريخُ الرّبابِ
ولم يكُ يصلحُ خذلانها
صَرِيخٌ لضَبَّة َ ، يَومَ الهُذَيلِ
وضَبَّة ُ تُردَفُ نِسوانُها(27/318)
تداركهمْ، والضُّحى غدوة ٌ،
خناذيذُ تشعلُ أعطانها
بأُسدٍ منَ الفِرزِ ، غُلْبِ الرِّقابِ
مصاليتَ، لم يخشَ إدهانها
فحَطَّ الرَّبِيعَ فَتًى شَرمَحٌ
أَخوذُ الرَّغائبِ ، مَصنانُها
فقاظُ، وفي الجيدِ مشهورة ٌ
يُغَنِّيهِ في الغُلِّ إِرنانُها
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> سائلْ بنا يومَ وردِ الكلا
سائلْ بنا يومَ وردِ الكلا
رقم القصيدة : 24259
-----------------------------------
سائلْ بنا يومَ وردِ الكلا
بِ تخبركَ دوسٌ وهمدانها
العصر العباسي >> البحتري >> بات نديما لي حتى الصباح
بات نديما لي حتى الصباح
رقم القصيدة : 2426
-----------------------------------
باتَ نَديماً لي، حتى الصّبَاحْ،
أغْيَدُ مَجدولُ مَكانِ الوِشاحْ
كَأنّمَا يَضْحَكُ عَنْ لؤلُؤٍ
مُنَظَّمٍ، أوْ بَرَدٍ أوْ أَقَاحْ
تَحْسِبُهُ نَشْوَانَ، إمّا رَنَا،
للفَتْرِ مِنْ أجْفَانِهِ، وَهوَ صَاحْ
بِتُّ أفْديهِ، وَلا أرْعَوِي
لنَهْيِ نَاهٍ عَنْهُ، أوْ لحيِ لاحْ
أمْزُجُ كأسِي بجَنَا رِيقِهِ،
وَإنّمَا أمْزُجُ رَاحاً بِرَاحْ
يُسَاقِطُ الوَرْدَ عَلَيْنَا، وَقَدْ
تَبَلّجَ الصّبْحُ، نَسيمُ الرّيَاحْ
أغْضَيْتُ عَنْ بَعضِ الذي يَتّقى
مِنْ حَرَجٍ في حُبّهِ،، أوْ جُنَاحْ
سِحرُ العُيُونِ النُّجلِ مُستَهْلِكٌ
لُبّي، وَتَوْرِيدُ الخُدودِ المِلاحْ
قُلْ لأبي نُوحٍ، شَقيقِ النّدَى،
وَمَعدِنِ الجُودِ، وَحِلفِ السّماحْ
أعُوذُ بالرّأيِ الجَميلِ الذِي
عُوّدْتُهُ، وَالنّائِلِ المُسْتَمَاحْ
مِنْ أنْ تَصُدّ الطّرْفَ عَنّي، وَأن
أخيبَ في جَدْوَاكَ بَعدَ النّجاحْ
إنْ كانَ لي ذَنْبٌ، فعَفواً، وَإنْ
لمْ يَكُ لي ذَنْبٌ، فَفيمَ اطّرَاحْ
أبَعْدَ أسبَابٍ مِتَانِ القُوَى
مِنْ فَرْطِ شكرٍ سائِرٍ، وَامتِداحْ
يُخْبِرْنَ عَنْ قَلْبٍ قَديمِ الهوَى
فيكَ، وَعَنْ صَدْرٍ أمينِ النَّوَاحْ
أشْمَتَّ أعدائي، وَأخرَجْتَني
مِنْ سَيْبِكَ المُغدَى عَليّ المُرَاحْ(27/319)
فهَلْ لأُنْسٍ بَانَ مِنْ رَجْعَةٍ،
أمْ هَلْ لحالٍ فَسَدَتْ من صَلاحْ
إنّيَ مِنْ صَدّكَ في لَوْعَةٍ،
تَغَوّلَتْ لُبّي، وَهاضَتْ جَناحْ
لَستُ على سُخطِكَ جَلْدَ القُوَى،
وَلا على هَجرِكَ شاكي السّلاحْ
العصر الجاهلي >> سلامة بن جندل >> هو المدخلُ النعمانَ في أرضِ فارسٍ
هو المدخلُ النعمانَ في أرضِ فارسٍ
رقم القصيدة : 24260
-----------------------------------
هو المدخلُ النعمانَ في أرضِ فارسٍ
وجاعِلهُ، في قَولِهم ، في المَدائنِ
وأَلقاهُ أيضا،بَعدَ ذا،تَحتَ أَفُيلٍ
وفي العَرَبِ العَربا بَقايا ضَغائنِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أراعكَ ما راعني من ردى ؟
أراعكَ ما راعني من ردى ؟
رقم القصيدة : 24261
-----------------------------------
أراعكَ ما راعني من ردى ؟
وجُدتُ له مثلَ حزِّ المُدى
وهل في حسابِك أنِّي كَرَعْتُ
برُزءِ الإمامِ كؤوسَ الشَّجا؟
كأنّي وقدْ قيلَ لي إنّهُ
أتاهُ الرَّدى في يَمينِ الرَّدى
فقلْ للأكارم من هاشمٍ
ومن حلّ من غالبٍ في الثّرى
رِدوها المريرة َ طولَ الحياة ِ
وكمْ واردٍ كَدِراً ما انروى
وشقّوا القلوبَ مكانَ الجيوبِ
وجُزّوا مكانَ الشّعورِ الطُّلى
وحلّوا الحَبا فعلى رُزْئِهِ
كِرامُ الملائِكِ حلّوا الحُبا
ولِمْ لا؟ وما كتبوا زلّة ً
عليهِ وأى ُّ امرىء ٍ ما هفا؟
فيا ليتَ باكيَهُ مابكاهُ
وياليتَ ناعيَهُ مانَعى
به تقتدي عن إمامِ الورى
ويا ليتني كنتُ عنه الفِدا
هو الموتُ يستلبُ الصالحينَ
ويأخذُ مِن بيننا مَن يشا
فكم دافعوه ففاتَ الدفاعُ
وكم قد رَقَوْهُ فأَعيا الرُّقى ؟
مضى وهو صِفْرٌ منَ الموبقاتِ
نقيَّ الإزارِ خفيفَ الرِّدا
إذا رابهُ الأمرُ لم يأتِهِ
وإنْ خَبُثَ الزَّادُ والَى الطَّوَى
تعزَّ إمامَ الورى والذي
به نقتدي عن إمامِ الورى
وخلِّ الأَسَى فالمحلُّ الذي
جَثَمَتَ بهِ ليسَ فيهِ أسى
فإمّا مضى جبلٌ وانقضَى
فمنك لنا جبلٌ قد رسا
وإمّا فُجعنا ببدرِ التمامِ(27/320)
فقد بَقيتْ منك شمسُ الضُّحى
وإنْ فاتنا منهُ ليثُ العرين
فقد حاطنا منك ليثُ الشَّرى
وأعجبُ ما نالنا أنّنا
حُرمنا المُنى وبلغنا المنى
لنا حَزَنٌ في محلّل السرورِ
وكم ضَحِكٍ في خلالِ "البُكا"
فَجَفْنٌ لنا سالمٌ من قذى ً
وآخرُ ممتلئٌ من قذى
فيا صارماً أغمدته يدٌ
لنا بعدكَ الصّارم المُنتضى
ويا رُكناً ذَعْذَعتهُ الخطوبُ
لنا بعد فقدكَ ركنٌ ثوى
ويا خالداً في جنانِ النعيمِ
لنا خالدٌ في جنانِ الدُّنا
فقوموا انظروا أيُّ ماضٍ مضَى
وقوموا انظروا أيُّ آتٍ أتى
فإنْ كانَ قادرُنا قد مضى
فقائمنا بعدَه ما مضَى
ولمّا دُوينا بفقدِ الإمامِ
عَجِلتَ إلينا فكنتَ الدَّوا
رضيناكَ مالكَنا فأرضنا
فما نبتغي مِنْكَ غيرَ الرِّضا
ولمّا حضرناكَ "عند" البياعِ
عرفنا بهديكَ طُرقَ الهدى
فقابَلْتَنا بوَقارِ المشيبِ
كمالاً وسنُّكَ سنُّ الفتى
وجئناكَ تَتْلو علينا العزاءَ
فعزَّيتَنا بجميل العزا
وذادتْ مواعظُكَ البالغاتُ
أخامِصَنا عن طريق الهَوى
وعلمّتنا كيف نرضى إذا
رضَى اللهُ أمراً بذاك القضا
فشمِّرْ لنا أيُّهذا الإمامُ
وكنْ للورى بعدَ فقرٍ غِنَى
ونحِّ عن الخلقِ بغيَ البُغاة ِ
وعُطَّ عن الدينِ ثوبَ الدُّجى
فقدْ هزَّكَ القوم قبلَ الضِّرابِ
فما صادفوكَ كليلَ الشّبا
وأعلَمَهم طولُ تجريبهم
بأنَّك أَوْلاَهُمُ بالعُلى
وأنَّكَ أضربُهم بالسّيوفِ
وأنَّك أَطعنُهم بالقَنا
وأنَّك أضربُهم في الرِّجا
لِ عِرْقاً وأطولُ منهم بنا
وأنكَ والحربُ تُغلى لها الـ
مراجلُ أوسعُ منهم خُطا
وأنَّك أجودُهم بالنُّضارِ
وأنَّكَ أبذلُهم للنَّدَى
سَقى اللهُ قبراً دفنَّا بهِ
جميعَ العفافِ وكلَّ التُّقَى
وجادَ عليه قُطارُ الصَّلاة ِ
فأغناهُ عن قَطَراتِ الحَيا
ومَيْتٌ له جُدُدٌ مابَلينَ
مآثرُهُ لا يَمَسُّ البِلى
وإنْ غابَ من بعدِ طولِ المَدى
فإنَّك أطولُ منه بَقا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ألا ماذا يَريبُكَ مِن همومي(27/321)
ألا ماذا يَريبُكَ مِن همومي
رقم القصيدة : 24262
-----------------------------------
ألا ماذا يَريبُكَ مِن همومي
ومن نَبَواتِ جنبي عن فراشي
ولي في كلِّ شارقة ٍ خليلٌ
أفارقُهُ بلا نَزَواتِ واشِ
وأنزع وصله بالرغم منِّي
كما نزعت يدي عني رياشى
إلى كم ذا التَّتابعُ والتّمادي
وكم هذا التصامم والتغاشى ؟
وكمشنفٍ ينكدُ لا يحابى
وصُمٍّ كالأراقم لا تُحاشي
يكون بها انحطاطي وارتفاعي
ومن يدها انتكاسي وارتعاشى
وماهذا العكوف على حقير
يساق إلى التحلل والتّلاشى ؟
فضربٌ بالرُّؤُوس بلا نَجيعٍ
وطعنٌ في النحور بلارشاشِ
وكم أنجى فتى ً خاضَ المنايا
إذا ما شكن بمنعن انتعاشى
ويفدي واهناً فيه بِنَدْبٍ
ويسبق راكباً مما يماشى
وأَرْداهُ على ثَبَجِ الفراشِ
فيا مَتنظِّراً منِّي احتراشاً
متى يأتي على يدك احتراشي؟
فجعت بمشبع السغبات جوداً
وناقع غلة ِ الهيمِ العطاشِ
ووهاب اللها في يوم سلمٍ
وضرابِ الكلى يوم الهراش
تغلغل حبه في أم رأسي
وخاض ودادُه منِّي مُشاشي
وأفرشني القَتادَ أسى ً عليهِ
فليتَ لغيرهِ كان افتراشي
وكنت على الرزايا ذا إباءٍ
فقد قادت رزيته خشاشى
وقلت لمن لحا سفهاً عليه
وراجٍ في الملامة ِ مثلُ خاشِ
تُعنِّفُني وبالُكَ غيرُ بالي
وتعذلني وجأشك غير جاشى
ولستُ سواهُ متَّخذاً خليلاً
ولايغشى هواي سواه غاشِ
فإنيّ إن فزعت إلى بديلٍ
فزعت إلى الأجاج من العطاش
فمالي بعدَ فقدِكَ طيبُ نفسٍ
ولاجَذَلٌ بشيءٍ من معاشِي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لقد ضلَّ مَن يسترقُّ الهوَى
لقد ضلَّ مَن يسترقُّ الهوَى
رقم القصيدة : 24263
-----------------------------------
لقد ضلَّ مَن يسترقُّ الهوَى
وعبدُ الغرام طويلُ الشَّقا
وكيف أحِلُّ بدار الصَّغارِ
ولي همّة تزدري بالذُّرا؟!
وتُظْلِمُ دونِيَ طُرُقُ الصَّوابِ
ومنّى استعار النَّهار السَّنا؟!
رُوَيْدَكِ يا خُدُعاتِ الزّمانِ
كفاني فعالُكِ فيمن مضى
جذبتِ عنانَ شديد الجُموحِ(27/322)
وراودتِ مستهزئاً بالرُّقى
يَعُدُّ الغِنَى منكِ غُرمَ العقولِ
وأنَّ ثراءكِ مثلُ الثَّرى
ومَنْ ملأت سمعَه الذابلاتُ
وقرعُ الظبا لم يَرُعْه الصَّدى
رَمى الدهْرُ بي في فم النائباتِ
كأنِّيَ في مقلتيهِ قَذَى
ولم يدرِ أني حتفُ الحُتوفِ
وأرديتُ بالسَّيفِ عُمْرَ الرَّدى
وأني لَبِستُ ثيابَ العَراءِ
ولا مؤْنسٌ ليَ غيرُ المها
وقلبٌ نَبا عنه كيدُ الزَّمانِ
فما للمُنى في رُباهُ خُطا
إذا نازَعَتني خطوبُ الزَّمان
ملأتُ بهِ فُرُجاتِ المَلا
أُلوّحُ بالنَّقع وجهَ النهارِ
وأحسِرُ بالبيضِ وجهَ الدُّجَى
على سابحٍ في بحارِ المنونِ
كفيلٍ بِوَطْءِ الشَّوَى بالشَّوَى
أنالُ بهِ فائتاتِ الوحوشِ
وألمسُ من صفحتيه السُّها
إذا ما نظرتَ إلى لونهِ
رأيتَ الدُّجى قد تردّى الضُّحى
عذيرِيَ من مُدَّعٍ للعُلى
ولم يَحنِ بالسَّيرِ ظهرَ السُّرى
ولا حملتهُ ظهورُ الجيادِ
ولا رَوِيتْ في يديه الظُّبا
وما كلُّ ذي عَضُدٍ باطشٌ
ولا كلُّ طرفٍ سليمٍ يرى
وبعضُ الأنام الذي ترتضيهِ
وبعضُ الرؤوس مَغاني الحِجا
فكم من طريرٍ يسوءُ الخبيرَ
وكم فرسٍ لا يجاري العفا
دعِ الفكرَ فيمن أعلَّ الزَّمانُ
وإلاّ فقمْ باعتدالِ الشِّفا
فما غيَّرتْ كفُّ ذي صنعة ٍ
بأخفى التحّلي مكان الحُلى
ولَلطبعُ أقهر من طابعٍ
وألحَظْتَ أعيُنَهم غَرَّة ً
سَقى اللهُ منزلَنا بالكثيبِ
بكفّ السحائب غَمْرُ الحيا
محلّ الغيوث ومأوى الليوث
وبحرُ النَّدى ومكانُ الغِنَى
فكم قد نعمتُ به ما اشتهيْـ
ـتُ مُشْتملاً بإزارِ الصِّبا
تُعانقُني منه أيدي الشِّمالِ
ويلثُمُ خدِّي نسيمُ الصَّبا
وكم وردته ركابُ العُفاة ِ
فأَصْدَرْتُها ببلوغِ المُنَى
إذا ما طَمَتْ بيَ أشواقُه
دعوتُ الحسينَ فغاضَ الأسَى
فتى ً لا تُعثِّرُ آراءَه
بطرق المكارم صمُّ الصّفا
يجودُ بما عزَّ من مالِهِ
فإنْ سِيلَ أدنَى عُلاهُ أبَى
ويوماهُ في الفخر مُسْتيقنانِ؛
فيومُ العطاءِ ويومُ الوغَى
يُفيضُ بهذا جزيلُ الحِباءِ(27/323)
وَقري بهذا القنا في القَرا
تعرَّفَ في الخلق بالمَكرُماتِ
فأغنته عن رائقات الكُنى
وأخرس بالمجدِ قولَ العُداة ِ
وأنطق خُرسَ اللَّها باللُّها
أيا مَن كَبا فيه طِرفُ الحسودِ
فأمّا جوادُ مديحٍ فلا
تمنّى أعاديكَ ما فارقوه
ومِن دونِ ما أمَّلوهُ العُلى
وعِرضٌ يمزّق مِرْطَ العيوبِ
ويهتِكُ عنه برودَ الخَنا
ولولا علوُّكَ عن قدرِهمْ
لحكّمت فيهم طِوالَ القنا
وألَظتْ أعيُنهم غُرّة ً
تفارقُ منها الجسومُ الطُّلى
لقد عَصَمْتُهُم سفاهاتُهُم
وكهفُ السَّفاهة بئسَ الحِمى
أبَى اللهُ والمجدُ والمشرفيُّ
وسُمرُ الرِّماح مُرادَ العِدا
تهنَّأْ بشهرٍ تهنَّأَ منكَ
بصدقِ اليقينِ وصدقِ التقى
فهذا به تستضىء السّنون
وأنت بمجدكَ فخر الورى
ولو فطن الناس كنت السّوا
دَ من كلِّ طرفٍ مكانَ المُقا
فعش عيشة َ الدّهر ياطرفَه
عميمَ المكارمِ ماضي الشَّبا
ولايصبِرنَّكَ هذا الزَّمانُ
وأنتَ المَطا، والأنامُ الصَّلا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> خليلي ألا عجبتما بالقلائص
خليلي ألا عجبتما بالقلائص
رقم القصيدة : 24264
-----------------------------------
خليلي ألا عجبتما بالقلائص
على حائرٍ في عَرْصَة ِ الدَّار شاخِصِ
يخال ورسم الحي يخرس نطقه
أخا مِيتَة ٍ لولا ارتعادُ الفرائصِ
ولما تولوا يحملون قلوبنا
على ارتكاب بالحدوج رواقص
ظَلِلْنا بذي الأَرْطَى كأنَّ عيونَنا
مزاد أضلتهن راحة عافص
نُقاسِمُهم شطرَ العيون فماتَرى
منَ القوم إلاّ ناظراً بتَخاوُصِ
ونلثمُ في رَبْعِ الّذينَ تحمَّلوا
من التراب آثار الخطا والأخامص
بنفسي وإنْ لم أرضَ نفسي أوانِسٌ
يفتلن في جنحٍ عقود العقائصِ
عفائف يكتمن المحاسن كلها
وينظرن وهناً من عيون الوصاوص
فراق لنا لم يدعه نعق ناعق
ومنصدع لم يجنه قبص قابصِ
ومن ذا الذي تبقى على الهجر والنوى
مودَّتُهُ غيرُ المحبِّ المخالصِ
وزار على مجدي ولم أرزارياً
على الفضلِ إلاّ مُثْقَلاً بالمناقِصِ(27/324)
ألا لا تُفاحِصْنِي فتعلمَ أيُّناً
يروح ويغدو خازياً بالمفاحص
وكيفَ تُساميني وظلُّك قالصٌ
وظلي على سوحِ العلا غير قالصِ؟
وأنتَ حريصٌ أن يقالَ مؤمِّلٌ
وإنِّي على كسب العُلا غيرُ حارِصِ
وأبْني أهاضيبَ المكارمِ والنَّدى
وأنتَ مُعَنَّى بابتناءِ القَرامِصِ
بَني عَمِّنا كم نَكْظَمُ الغيظَ منكُمُ
على لاذعات بيننا وقوارصِ؟
وددتم بان المجد أصبح شاردا
وليسَ لنا فيهِ اقتناصٌ لقانِصِ
وماذا عليكم من علا رتباتكم
ولم تبتنوها في أجلٍّ المراهص
وتطوون منا ماقضى الله نشره
وماضرّ ضوءَ الصُّبحِ إنكارُ غامِصِ
تعالوا نعد النجر والسنخ واحدٌ
فماذا وقد تناكم بالخصائص
تعالوا نعدُّ الفخر منا ومنكم
لننظر أولانا برجع النقائصِ
فما لكُمُ مجدٌ سِوى مالِ باخلٍ
ولافيكُمُ مدحٌ سوى قولِ خارِصِ
وما أنتُمُ بخلُ البطونِ لزادِكمْ
ولكن لأزاودِ البطون الخمائص
بَني عمّنا كم تُسرحون بِهامَكمْ
بعَقْوَة ِ مفتولِ الذِّراعِ قُصاقِصِ
وكم تحملونا كل يوم وليلة
على ظهرِ جمَّاحٍ منَ الشَّرِّ قامِصِ
يُعَنُّ فيجري مِلْءَ كلِّ فروجِهِ
ويتلى غداة الجري منه بناكص
أفي الحق أن نمشي الضراء وأنتم
تدِبُّون مِن خَلْفي دَبيبَ الدَّعامِصِ
ونَرضَى بدون النَّصْفِ منكمْ وأنتُمُ
تلطون إلطاط الغريم الملاوصِ
ولم تعطسوا لولاى إلا بأجدع
ولم تنظروا إلا بعميٍ بخائص
ولم تركبوا إلا قرا كلِّ ظالعٍ
أجبَّ سنام الظهر بالرحل شامص
صلوا الحسب الماضي بما لا يشينه
فكم ذي نجار خالصٍ غير خالصِ
ولاتحصلوا من جانب الفخر كلهِ
على أوَّلِ زاكٍ وأصلٍ مُصامِصِ
وكونوا ابتداء الفخر لاغابة له
وثَبْتِينَ في مرأى ً وفي فحصِ فاحِصِ
كأني بها تختال بين صفائحٍ
رقاقٍ وأرماحٍ طوالٍ عوارصِِ
تسدّ فجاج العذر منا ومنكمُ
فليس إلى عُذرٍ مَحيصٌ لحائِصِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> نادِ امرءاً غُيِّبَ خلفَ النَّقا
نادِ امرءاً غُيِّبَ خلفَ النَّقا
رقم القصيدة : 24265(27/325)
-----------------------------------
نادِ امرءاً غُيِّبَ خلفَ النَّقا
فكم فتى ً ناديتَه ما وعَى
وقُلْ لمن ليس يرى قائلاً:
بأيِّ عهدٍ دبّ فيك البلى ؟
وكيف دُلّيتَ إلى حفرة ٍ
يمحوك محو الطِّرس فيها الثرى
كذي ضَنى ً مُلقى ً، وليتَ الذي
سِيطَ به جسمُك كانَ الضَّنَى
أرَّقَني فقدُك من راحلٍ
واستلّ من عينيَّ طعمَ الكرى
وبِنتَ لا عن مللٍ من يدي
وغبتَ عن عينيَّ لا عن قِلى
فكيفَ ولَّيتَ وخلَّفتني
أكرع من بعدكَ كأسَ الأسى
كأنَّني سارٍ عل قفرة ٍ
مسلوبة ٍ أعلامُها والصّوى
أو منخفضٍ من كلّ أزواده
يحرقه القيظ بنار الصَّدى
وصاحبٍ لي صبَّا به
ودورُهُم في النائبات الحِمَى
تمَّ ولما لم يجد منتهى
غافصني فيه طروقَ الرَّدى
خُولسْتُه مُحتظِراً رابعاً
كالنَّجم ولَّى أو كغصنٍ ذَوى
بأساً وعزاً في محلِّ السُّها
وفي فؤادي منه نارُ القِرى
وإنْ تقلَّبتُ على مَضْجعي
كان لجنبي فيه جمرُ الغَضا
وكان في العينين لي قرّة ً
فصار مَيْتاً لجفوني قَذَى
قد قلتُ للمُسلين عن حزنِه
ما أنا طَوعاً لعذولٍ سَلا
فإنْ رقا دمعي فلم يَبكِهِ
. . . فلن أُصبح فيمن بكى
وكيفَ أسلاهُ وبي صبوة ٌ!
أم كيف أنساهُ وفيهِ الهُدى ؟
كان كنارٍ أُضرمت وانطفت
أو بارقٍ مالاح حتى انجلى
أو كوكبٍ ما لحظتْ نورَهُ
في أُفقهِ العينانِ حتّى خوى
عليك إنْ شئتَ دموعُ الحَيا
مُعرَّساً في عَرَصاتِ الخَنا
وإنْ تَنُطْ سِوّاً إلى حفظِهِ
فهو على طولِ المدى ما فشا
كم أخذَ الدّهر لنا صاحباً
وكم طوى في تربه ما طوى
وكم أمالت كفُّهُ صَعْدة ً
عالية شاهقة َ المُرتَقَى
إنْ شئت أنْ تعجب فانظر إلى
مُرتَبَعٍ بادَ ورَبْعٍ خَلا
ونعمة ٍ سابغة ٍ قَلّصت ْ
ومنزِلٍ بعد كمالٍ غفا
ومعشرٍ حلّوا ولم يرتضوا
من دونِ ما أرغمَ آنافَهم
ضربُ الوريدينِ وطعنُ الكُلَى
أكفّهم للمجتدين الغنى
ودورُهُ في النائباتِ الحِمى
وكم لخم من مُعجزٍ باهرٍ
أظهره للناسِ يومَ الوغى(27/326)
سِيقوا إلى الموتِ كما سُوِّقتْ
للعَقْرِ بالكُرهِ بِهامُ الفلا
وطُوِّحوا في برزخٍ واسعٍ
بينَ هُوَى مظلمة ٍ أو كُدَى
كأنَّهم ماقَسَّمتْ بُرهة ً
أيديهُمُ الأرزاقَ بينَ الوَرى
ولا أقاموا العزَّ ما بينهم
بالبيضِ مَعموداً وسُمرِ القَنا
هو الرّدى ليس له مَدفعٌ
والموتُ لا يقبلُ بذلَ الرُّشا
وكم مضَى قبلك أغلوطة ً
بالسيّف من غفلته من فتى
إن ساءَني الموتُ فقد سرَّني
أنَّك فارقتَ شَهيرَ الظُّبا
تمضي إلى القوم الأُلى لم تزلْ
تجعلهم في الظلمات الهُدى
فإنْ تَبوَّأتَ لهم مَنزلاً
فهْوَ لَدى الرَّحمان أعلى الرُّبى
ولم يزلْ قبْرُك تُبلى بهِ
عليكَ إنْ شئت دوعُ الحَيا
فلم يَضِرْ ، وهو ندٍ ، تُربَه
من رحمة ٍ أن لم يصبه الندى
وإنْ تكنْ مظلمة ً حولَهُ
قبورُ أقوامٍ ففيهِ السَّنا
وإنْ يبتْ في غيرِ ما ربوة ٍ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أؤملُ أن أعيش ودون عيشي
أؤملُ أن أعيش ودون عيشي
رقم القصيدة : 24266
-----------------------------------
أؤملُ أن أعيش ودون عيشي
كما أهوَى مقاديرٌ عِراضُ
وهل لي من نجاءٍ في الليّالي
وحولي للرَّدى أُسْدٌ رِباضُ
وقد أُقْرِضْتَ في الدُّنيا سروراً
فلا تجزَعْ إذا رُدَّ القِراضُ
وكنْ مثلَ الأُلى دَرَجوا وأبقوا
حديثاً مالزهرته الرياضُ
هم قذعوا نفوسهم ولووا
أعِنَّتَها إلى التَّقوى وراضوا
فأما نبلهم فلهم نفوسٌ
صحيحاتٌ وأجسامٌ مِراضُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> سلامٌ وهل يغني السّلام على الذي
سلامٌ وهل يغني السّلام على الذي
رقم القصيدة : 24267
-----------------------------------
سلامٌ وهل يغني السّلام على الذي
مضَى هالكاً عنِّي كما اقترحَ الرَّدى ؟
سددتُ به بطنَ الصِّعيد وإنّه
لَيْؤلمُ قلبي أنْ سددتُ به الثَّرى
وعن غيرِ إيثارٍ عَمَرتُ به اللِّوَى
وحَكَّمتُ في أوصالهِ شِقَّة َ الرَّدا
فخذْ سرَّ قلبي مِلءَ كفَّيكَ من شجى ً
وخذ جَفْنَ عيني ملءَ كفيّك من قذى(27/327)
فبنْ غير مملولٍ فكم بان بائنٌ
مُغافضة ً لا عن ملالٍ ولا قِلَى
أقولُ، وقد عزَّ اصطباريَ: هكذا
أراد مليكُ الأرضِ أو هكذا قضى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ألاّ أرِقْتَ لضوءِ برقٍ أَوْمضا
ألاّ أرِقْتَ لضوءِ برقٍ أَوْمضا
رقم القصيدة : 24268
-----------------------------------
ألاّ أرِقْتَ لضوءِ برقٍ أَوْمضا
مازارَ طرفي ومْضُهُ حتّى مضَى
أمسى يشوقني إلى أهل الغضا
شوقاً يُقلِّبني على جمرِ الغضا
ومنَ البليَّة ِ أنَّ قلبَكَ عاشقٌ
من لم تنل وهو الرضا منه الرضا
ما ضَرَّ مَن أَضحى يصرِّحُ صدُّهُ
بملالة ٍ لو كان يوماً عَرَّضَا
ألِفَ الصُّدُودَ فما يُرى إلاّ امرءاً
مُتَجَنِّياً أو عاتباً أو مُعرِضا
للَّهِ موقفُنا بخَيْفِ مَتالِعٍ
نشكو التفرق ما أمض وأرمضا
ووراءَهمْ قلبٌ مُعَنَّى بالهوى
ماضحّ من سقمِ الغرام فيمرضا
ومحرِّضٍ بعثَ النَّوى فكأنَّه
يوم أعتقنا للنوى ماحرضا
ولقد أتانى الشيب في عصر الصبا
حتى لبست به شباباً أبيضا
لم ينتقصْ منِّي أوانَ نزولِهِ
بأْساً أطالَ على العُداة ِ "وعرَّضا"
فكأنَّما كنتُ امرءاً متبدِّلاً
أثوابه كرهَ السوادَ فبيضا
ياصاحبيّ تعزّيا عن فاعلي ال
معروف فالمعروف فينا قد قضى
وتعلّما أن ليس يحظى بالغنى
إلاّ امرؤٌ سِيمَ الهوانَ فأَغمضا
والعيشُ دَينٌ لا يُخافُ غريمُهُ
مطلا به وقضاؤه أن يقتضى
قد قلت للمنضين فيه ركابهم:
يكفيكم من زاده ما أنهضا
مالي أراكم واللبُّانة فيكمُ
تَرْضون في الدُّنيا بمالا يُرتَضَى
إنْ كان رَوْضُ الحَزْنِ غَرَّكُمُ فقدْ
أضحى يصوح منه ماقد روضا
أو مابنته يد الزمان لأهله
فهْوَ الذي هدمَ البناءَ فقوَّضا
لاتغبنوا آراءكم بثميلة ٍ
نَكْداءَ تأخذُها الشِّفاهُ تَبَرُّضا
فمعوَّضٌ عن نَزْرِ ماءِ حيائِهِ
بكثيرِ مابلغَ الغِنَى ماعُوِّضا
كم ذا التعلّل بالمنى وإزاؤنا
رام إذا قصد الفريصة أغرضا
يرمي ولا يدري الرمى ّ وليته
لمّا أرادَ الرَّمْيَ يوماً أنبضا(27/328)
والنفس تنكر ثم تعرف رشدها
فاطلبْ شفاءَك من يَدَيْ مَن أمرضا
أينَ الذين تَبَوَّءوا خِططَ العُلا
وقضى على الآفاق منهم من قضى ؟
وجروا إلى غاي المكارم والعلا
ركْضَ الجواد سَعَى فأدركَ مركضا
تندى على غلل العفاة أكفهم
فيعود منهم مثريا من أنفضا
وإذا أهبت بهم ليوم عظيمة ٍ
حمَّلتَ أعباءَ العظيمة ِ نُهَّضا
من كل قرم لا يريد ضجيعه
إلا سناناً أو حساماً منتضى
وتراهُ أنَّى شئتَ من أحوالهِ
لايرتضى إلا الفعال المرتضى
دَرَجوا فلا عينٌ ولا أثرٌ لهمْ
فكأنهم حلمٌ تراءى وأنقضى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أَأُسْقَى نَميرَ الماءِ ثمَّ يَلَذُّ لي
أَأُسْقَى نَميرَ الماءِ ثمَّ يَلَذُّ لي
رقم القصيدة : 24269
-----------------------------------
أَأُسْقَى نَميرَ الماءِ ثمَّ يَلَذُّ لي
ودورُكُمُ آلَ الرّسولِ خَلاءُ؟
أنتم كما شاءَ الشَّتاتُ ولستمُ
كما شِئْتُمْ في عيشة ٍ وأشاءُ
تُذاودون عن ماء الفُراتِ وكارعٌ
به إبلٌ للغادرينَ وشاءُ
تَنَشَّرُ منْكُمْ في القَواءِ مَعاشرٌ
كأنّهُمُ للمبصرين مُلاءُ
ألا إنّ يومَ الطفّ أدمى محاجراً
وأدوى قلوباً ما لهنَّ دواءُ
وإنّ مصيباتِ الزّمان كثيرة ٌ
وربّ مصابٍ ليس فيه عزاءُ
أرى طَخْية ً فينا فأين صباحُها
وداءً على داءٍ فأين شفاءُ؟
وبين تراقينا قلوبٌ صديئة ٌ
يُرادُ لها لو أُعطِيَتْهُ جَلاءُ
فيا لائماً في دمعتي أو مُفّنِّدًا
على لوعتي واللَّومُ منه عَناءُ!
فما لكَ منِّي اليومَ إلا تَلهُّفٌ
وما لكَ إلاّ زَفرة ٌ وبُكاءُ
وهل لي سُلوانٌ وآلُ محمدٍ
شريدُهُمُ ما حانَ منه ثَواءُ
تُصَدُّ عنِ الرَّوْحاتِ أيدي مطيِّهمْ
ويُزوى عَطاءٌ دونهم وحِباءُ
كأنَّهُمُ نسلٌ لغيرِ محمدٍ
ومن شَعبهِ أو حزبهِ بُعداءُ
فيا أنجمًا يُهْدَى إلى اللهِ نورُها
وإن حالَ عنها بالغبيِّ غباءُ
فإنْ يكُ قومٌ وُصلة ً لجهنَّمٍ
فأنتمْ إلى خُلدِ الجنانِ رِشاءُ
دعوا قلبِيَ المحزنَ فيكم يَهيجُهُ(27/329)
صَباحٌ على أُخراكُم ومساءُ
فليس دموعي من جفوني وإنَّما
تقاطَرْنَ من قلبي فيهنَّ دماءُ
إذا لم تكونوا فالحياة منَيَّة ٌ
ولا خير فيها والبقاءُ فَناءُ
وإمّا شَقيتمْ في الزّمان فإنّما
نَعيمي إذا لم تلبسوهُ شَقاءُ
لَحا اللهُ قومًا لم يجازوا جميلَكُم
لأنَّكُمُ أحسنتُمُ وأساؤا
ولا انْتاشَهُمْ عندَ المكارهِ مُنهِضٌ
ولا مَسَّهُمْ يومَ البلاءِ جَزاءُ
سَقى اللهُ أجداثاً طُوِينَ عليكُمُ
ولا زال مُنْهلاًّ بهنَّ رِواءُ
يسيرُ إليهنَّ الغمام وخلفه
زماجِرُ مِن قَعقاعِه وحُداءُ
كأنَّ بوادِيهِ العِشارُ تَروَّحَتْ
لهنّ حنين دائمٌ ورُغاءُ
ومَن كان يُسقى في الجنانِ كرامة ً
فلا مسّه من ذي السحائب ماءُ
العصر العباسي >> البحتري >> لك الخلائق فينا السهلة السمح
لك الخلائق فينا السهلة السمح
رقم القصيدة : 2427
-----------------------------------
لكَ الخَلائِقُ فِينا السّهلَةُ السُّمُحُ،
وَالنَّيلُ يَسلُسُ للرّاجي، ويَنسرِحُ
وَالمَكْرُماتُ التي باعَتْ مَعالِمُها،
مَشهُورَةٌ، كَنجومِ اللّيلِ تَتّضِحُ
أمّا العُفَاةُ، فقَد حَطّوا رحالهم
بحَيثُ تَتّسعُ الدّنْيا وتَنْفَسِحُ
فِداكَ مَنْ لا نَداهُ صَوْبُ غَاديَةٍ
تَهْمي، وَلا صَدرُهُ للجودِ مُنشرِحُ
أمُطْلِقي من يَد السَّيبيّ أنتَ، فقَد
كَلّتْ لَدَيْهِ رِكابُ الطّالبِ الطُّلُحُ
أرى على بابِهِ صَرْعى أقامَ بِهِمْ
طولُ المِطال، فَلا أجْدى، وَلا نَجَحُوا
لَنَا مَوَاقِفُ في أفنَاءِ عَرْصَتِهِ،
تُهَانُ أخْطَارُنا فيها وَتُطّرَحُ
نَغْشَاهُ لا نحنُ مُشتَاقُونَ منهُ إلى
أُنْسٍ، وَلا هوَ مَسرُورٌ بِنا فَرِحُ
إذا طَلَبْنَا بِلِينِ القَوْلِ عزّتَهُ،
ظِلْنا نُعالِجُ قُفْلاً ليسَ يَنفَتِحُ
أعْيَا عَليّ، فَلا هَيّابَةٌ فَرِقٌ
من الهِجاءَ، وَلا هَشٌّ، فيُمتَدحُ
يُرِيغُ كَاتِبُهُ صُلْحي ليَنقُصَني،
وَلمْ يكُنْ بَينَنا شرٌّ، فنَصْطَلِحُ
وَكَمْ أُنَاسٍ ألامُوا في مُتاجَرَتي،(27/330)
وَحاوَلُوا الرّبْحَ في نَقصِي، فما دَبحوا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> هل مجير من غصة ٍ ماتقضى
هل مجير من غصة ٍ ماتقضى
رقم القصيدة : 24270
-----------------------------------
هل مجير من غصة ٍ ماتقضى
أو شَفيعٌ في حاجة ٍ ليس تُقضَى
ياخليلي أَنِخْ بشرقيِّ سابا
طَ مُناخاً على الرَّكائبِ دَحضاً
وتَلَفَّتْ فيما بنَى آلُ ساسا
عفاه الزمان ثلماً ونقضا
عَرَصاتٌ أصبَحْنَ وهْيَ سماءٌ
ثمَّ أمسَيْنَ بالحوادثِ أرضا
وثرًى يُنبتُ النَّعيمَ إذا أنْـ
ـبتَ تُرْبُ البلاد عُشباً وحَمْضا
قد رأينا الإيوانَ إيوانَ كسرى
فرأينا كالطود طولا وعرضا
أو جَلالَ جَلَنْف
َعٍ صَحِبَ الأيْـ
أثر الرَّحل في قراه ندوباً
نِلْنَ منه بعضاً وأعفَيْنَ بعضا
فهو يلقاك بادئاً ما أب
ـك فأَرجا في العالمينَ وأمضَى
عَرَقَ الدَّهرُ حُسنَهُ وهْو باقٍ
كالمدى تعرق التربية نحضا
فترى العينُ فيه أُبَّهَة َ المُلْـ
ك وعيشاً لأهله كان خفضا
فهْيَ تَغشاهُ بالتَّنكُّرِ وحْشاً
خلقاً ثمّ بالتذكر غضا
ومشينا في عرصة ٍ لم تزل في
ـها أُمورُ الملوكِ تُمضَى وتُقْضَى
كل قرم كالليث إن هجهجوه
عن صريعٍ له أزمَّ وأَغضَى
لبس لذلك يافعاً ووليداً
وارتقاه شدّاً إليه وركضا
وعرانينُ لا يطورُ بها الرُّغْـ
ـمُ وأيدٍ يَطَلْنَ بَسطاً وقَبْضا
ورءوس بين الأنام رءوسٌ
وجسومٌ غذين بالعزِّ محضا
ولقد مضنى هجومي على الدا
ر بلا آذان على الدار مضا
مرحاً أسحب الإزار على أج
ـردَ يَنْزو طَوْراً ويقبضُ قبضا
وجَثا ناشئاً على خشبِ الملْـ
واب ينفضن بالمخافة نفضا
ورباعٌ كانت غُيوضَ أُسودٍ
أصبحت للضباع مأوى مغضى
ومناخ للجود يحظى ويرضى
فيه مَن لم يكنْ على الدَّهر يرضَى
عقروا عنده المطى َّ وألقوا
وقد استوطنوا نجاداً وغَرْضا
بين قوم يزيدهم عذل اللوّام في المكرمات حثاوحضا
ـوامِ في المكرُماتِ حثّاً وحَضّا
سكنوا جانب المدائنِ في أب
ـيَضَ كالشَّمس يوسعُ العينَ ومْضا(27/331)
يأخذون الأموالَ بالسَّيفِ حتَّى
يهبوها الرّجال نفلاً وفرضا
كلَّما أَتلفوا أخلفوا كوَفِيِّ الـ
قوم أمَّ الغنى ليقضي قرضا
ومهيبون يحسبُ الأمنُ من مو
لاهم الخوفَ والمحبة بغضا
وجليدُ الرّجالِ إنْ واجهوهُ
غَبِنَ اللّحْظَ مِن حِذارٍ وغضّا
كيف أرضى عن الزمان وما أر
ضَى كريماً قبلي الزَّمانُ فأرضَى !
نقتريه جدباً وبيئاً ونمر
به ضبيعاً ونرتعى منه برضا
ليس يُبقي إِلاَّ ويُفني ولا يُعْـ
ـلي قليلاً حتّى يطأطىء خَفْضا
سُنَّة ُ اللَّيثِ كلَّما همَّ أنْ يُبْـ
ـعدَ وَثْباً زاد انحطاطاً ورَبْضا
ولفكرى فيمن يساق إلى المو
ت مدا الدهر كيف يطعم غمضا؟
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ومن السعادة أن تموت وقد مضى
ومن السعادة أن تموت وقد مضى
رقم القصيدة : 24271
-----------------------------------
ومن السعادة أن تموت وقد مضى
مِن قبلِكَ الحُسّادُ والأعداءُ
فبقاءُ من حُرِمَ المرادَ فناؤُه
وفناءُ من بلغَ المرادَ بقاءُ
والنّاسُ مختلفون في أَحوالهم
وهُمُ إذا جاءَ الرّدى أكفاءُ
وطِلابُ ما تَفْنى وتتركُهُ على
مَن ليس يشكرُ ما صنعتَ عَناءُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ياخليلي ومُعِيني
ياخليلي ومُعِيني
رقم القصيدة : 24272
-----------------------------------
ياخليلي ومُعِيني
كلَّما رمتُ النُّهوضا
داو دائي أو فعدني
مَعَ عُوَّادي مريضا
فقبيح بك أن تر
فضَ مَن ليس رَفوضا
قد أتى من يوم عاشو
راءَ ماكانَ بَغيضا
دَعْ نَشيجي فيهِ يَعلو
ودموعي أن تفيضا
وبنَاني قد خُضِبْنَ الدْ
ـدَمَ من سِنِّي عَضيضا
وكن الناهض للحر
ب متى كنت نهوضا
واجعل الحبيب لدمعٍ
من مآقيكَ مَفيضا
إنَّه يومٌ سُقينا
مِن نواحيهِ مضيضا
هَزَل الدِّينُ ومَن فيـ
ـهِ وقد كان نَحيضا
هِكُمُ اليومَ حميضا
كان في البطنِ جهيضا
ودع الأطراب واسمع
مِن مراثيهِ القريضا
لاتُرِدْ فيهِ وقد أدْ
نسنا ثوباً رخيصا
قل لقومٍ لم يزالوا
ـلُ فتى ً يُلفَى جَريضا(27/332)
غرّهم أنهم سا
دوا وما شادوا بعوضا
في غدٍ بالرُّغم منكمْ
سترُدُّون القُروضا
سوفَ تَلْقَون بناءً
لكم طال نقيضا
وقباباً أنتم في
ـها وِهاداً وحضيضا
وأراها عن قريبٍ
كالدبى سوداً وبيضا
وترى للبِيض، والبَيـ
ض عليهن وميضا
فبِهِمْ يطمَعُ طَرْفٌ
كانَ بالأمسِ غضيضا
وبهمْ يبرأُ مَن كا
ن وقد ضِيموا المريضا
وبهمْ يرقدُ طَرْفٌ
لم يكن وجداً غموضا
لاباة دمهم سا
ل على الأرض غريضا
رفع الرأس على عا
لي القنا يحكى الوميضا
وانثنى الجسمُ لجُرْدِ الـ
ـخيلِ بالعَدْوِ رضيضا
حاشَ لي أنْ أتخلَّى
منهم أو أستعيضا
فسقَى اللَّهُ قبوراً
لهمُ العذْبَ الغَضيضا
وأبَتْ إلاَّ ثرى الأَخْـ
ـضرِ والرَّوضَ الأريضا
وإليهن يشدُّ ال
قوم هاتيك الغروضا
مانحَوْهُنَّ لنَدْبٍ
إِنَّما قضُّوا فُروضا
وحبوهنَّ استلاماً
يتركُ الأفواهُ فَوضَى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أتُرَى يؤوبُ زمانُنا
أتُرَى يؤوبُ زمانُنا
رقم القصيدة : 24273
-----------------------------------
أتُرَى يؤوبُ زمانُنا
غضّاً بأودية الغَضا
ويعود فينا مقبلاً
مَن كانَ عنّا مُعرِضا
قمرُ بصفحة خدِّهِ
عَضْبُ المحاسنِ مُنَتضَى
مَلَّكْتُهُ قلبي وكمْ
رَجَعَ الذي قد أقرضا
ولقد اقول وكم أرى
عجباً قضاهُ مَن قضَى
أنت الصحيح فكم تكو
نُ لمن يحبُّك مُمْرِضا
وإذا عُشقت فلا تزا
لُ لأهلِ عِشقِك مُبغضا
بدلت رأسي أسوداً
لمّا هجرت بابيضا
ماضر راي مهجتي
لو أنّه ليَ أنبضا
ومجّدد الإعراض لو
قبلَ التَّلاقي أَعرضا
من مبلغٌ عنِّي الرئي
س مصرحاً ومعرضّا
أنت الذي لمّا ظفر
ت بودِّه نلتُ الرّضا
وغفرتُ من جُرمِ الزَّما
ن لأجله ماقد مضى
أبناء ماسرجيس ما
زالوا الكُفاة َ النُّهَّضا
السابقين إلى الفضا
ئل كلَّ سارٍ ركضا
أسدٌ تراهم للفرا
ئس في الفضائل ربضا
وإذا رمى منهم فتى ً
يوماً أصاب فأغرضا
وإذا استغاثَ بهمْ جريـ
ح في وغى سدّوا الفضا
بصواهلٍ وذوابلٍ
وصوارمٍ مثل الإضا
حوشيت أن أسلاكم(27/333)
وأملُّكُمْ أو أُعرِضا
أو أن أرى بسواكم
مبتدلا متعوضا
لاحال ودٌّ بيننا
عمر الزمان ولا انقضى
وخباءُ ما أضحى وأم
سى بيننا ماقوضا
وإذا أقمت فلا أبا
لي من يرحله القضا
خُذْها يسوقُ بها الوِدا
د إليك سوقاً مجهضا
لو رامَها منِّي سوا
ك لبات منها منفضا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> يا مليكَ الورى ومن عقد اللـ
يا مليكَ الورى ومن عقد اللـ
رقم القصيدة : 24274
-----------------------------------
يا مليكَ الورى ومن عقد اللـ
أنتَ أوْلى بهم "بناصية " الفضـ
ـل وأحرى ولم يكونوا بِطاءا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> صدّ عنّي وأعرضا
صدّ عنّي وأعرضا
رقم القصيدة : 24275
-----------------------------------
صدّ عنّي وأعرضا
إذْ رأَى الرَّأسَ أبيضا
واستردّ الزمانُ منِّي ماكان أقرضا
ـي ما كانَ أَقرضا
ورماني بشيب رأ
كان إلاّ معرِّضَا
واستحالَ الطبيبُ لي
مِنْ سَقامي فأَمرضا
ومحبّ عهدته
صار بالشيب مبغضا
كانَ يرضَى ولم يَدَعْ
شيبُ رأسي له رِضا
أينَ شَرْخُ الشّباب قُلْـ
ت: خباء تقوضّا؟
أو منامٌ أتى الصّبا
حُ إلينا وقد مضَى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لوت وجهها عن شيب رأسي وإنها
لوت وجهها عن شيب رأسي وإنها
رقم القصيدة : 24276
-----------------------------------
لوت وجهها عن شيب رأسي وإنها
لوت عن بياضٍ أبيضاً لونهُ غضّا
ولو أنصفتْ ما أعرضتْ عن شبيهها
ولا أبدلته من محبته بغضا
وأغضيتُ عنها والبلابلُ في الحشا
ومَن كان مثلي حاملاً للهوَى أغضَى
وماكنت أرضى بالرضا قبل حبّها
فصيَّرني، بالشيءِ لم أرضَه، أرضَى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لوَ انَّكَ عرَّجتَ في منزلٍ
لوَ انَّكَ عرَّجتَ في منزلٍ
رقم القصيدة : 24277
-----------------------------------
لوَ انَّكَ عرَّجتَ في منزلٍ
يهونُ العزيزُ بأَرجائِهِ
وبيءِ المواردِ لا يستفيقُ
به القلبُ والجسم من دائِهِ
جفاه النعيم فما إنْ بِهِ(27/334)
لقاطنِهِ غيرُ بَأْسائِهِ
فيا قربَ ما بينَ إضحاكِهِ
لسنٍّ وما بينَ إِبْكائِهِ
كأنّيَ فيهِ أخو قَفْرة ٍ
يُزجِّي كَليلاتِ أَنضائِهِ
وسارٍ على سَغَبٍ في القواءِ
بلا زادِهِ وبلا مائِهِ
وذو سَقَمٍ ملَّهُ عائدو
هُ وفات علاجُ أطبّائِهِ
فقلْ للّذي ظنَّ أنِّي حَفَلْـ
ـت بضوضائِهِ يومَ ضوضائِهِ
ومنْ لا أبالي احتقاراً له
بإِصباحِهِ وبإمسائِهِ
نجوتَ، ولكنْ بنقصٍ كما
أجوّ الغديرُ لأَقذائِهِ
وذمُّ الفتى مثلُ مدحِ الفتى
لأشكالهِ ولأكفائِهِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ياناقصاً لعهود من لم ينقضِ
ياناقصاً لعهود من لم ينقضِ
رقم القصيدة : 24278
-----------------------------------
ياناقصاً لعهود من لم ينقضِ
كم مُقبلٍ نالَ المُنَى من مُعرِضِ
مطرتْ علينا من سمائك جفوة ٌ
هَطَلتْ ولامعُ برقِها لم يومِضِ
ماذا ينال محكمٌ متجرمٌ
في كلّ يوم من محبّ مغمضِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ولمّا استقلّتْ بابنِ حَمْدٍ رِكابُهُ
ولمّا استقلّتْ بابنِ حَمْدٍ رِكابُهُ
رقم القصيدة : 24279
-----------------------------------
ولمّا استقلّتْ بابنِ حَمْدٍ رِكابُهُ
وأشعرتُ نفسي من نواه "بنأيها"
"ذَهَلتُ" فما أدري ونفسي دريّة ٌ
أفي أرضها ودّعتُهُ أم سمائِها
وقلتُ لحاديهِ: هُبِلتَ! فإنَّما
رميتَ صَحيحاتِ القلوبِ بدائِها
كأنّي وقد فارقتهُ ابنُ "رَكِيّة ٍ"
رَجاها فزَلَّتْ كفُّه عن رِشائِها
حرامٌ على عيني الكرى بعد بُعدِكم
وحلَّ لعيني أنْ تجودَ بمائِها
وكمْ عبرة ٍ كفكَفْتُ منهُ تجمُّلاً
فلمّا أَبَتْ مرَّتْ على غُلَوائِها
وعاذلة ٍ "هبّتْ" تهوّن بينَكم
وهيهات من سمعي قبول ندائِها
العصر العباسي >> البحتري >> أطاع عاذله في الحب إذ نصحا
أطاع عاذله في الحب إذ نصحا
رقم القصيدة : 2428
-----------------------------------
أطَاعَ عَاذِلَهُ، في الحُبّ، إذْ نَصَحَا،
وَكَانَ نَشْوَانَ من سُكرِ الهَوَى فَصَحَا(27/335)
فَمَا يُهَيّجُهُ نَوْحُ الحَمَامِ، إذا
ناحَ الحَمامُ على الأغصَانِ أوْ صَدَحَا
وَلا يقِيضُ على الأظْعَانِ عَبرَتُهُ،
إذا نأيْنَ، وَلَوْ جَاوَزْنَ مُطّلَحَا
وَرُبّمَا اسْتَدْعَتِ الأطْلالُ عَبرَتَهُ،
وَشَاقَهُ البرْقُ من نَجدٍ، إذا لَمِحَا
ما كانَ شَوْقِي بِبِدْعٍ يوْمَ ذاكَ وَلاَ
دَمْعي بأوّلِ دَمْعٍ في الهَوَى سَفَحَا
وَلِمّةٍ كُنْتُ مَشْغُوفاً بِجِدّتِها،
فَمَا عَفَا الشّيبُ لي عَنها ولا صَفَحَا
إذا نَسيتُ هَوَى لَيْلَى أشَادَ بهِ
طَيفٌ سَرَى في سَوَادِ اللّيلِ إذْ جَنَحَا
دَنَا إليَّ عَلى بُعْدٍ، فأرَّقَنِي،
حَتَّى تَبَلَّجَ ضوء الصُّبْحِ فاتَّضَحَا
عَجبتُ منهُ تَخَطّى القاعَ مِن إضَمٍ،
وَجَاوَزَ الرّملَ منْ خَبْتٍ وَمَا بَرِحَا
ها إنّ سَعْيَ ذَوِي الآمالِ قد نَجَحَا،
وإنّ بَابَ النّدَى بالفَتْحِ قدْ فُتِحَا
أغَرُّ يَحْسُنُ مِنْهُ الفِعْلُ مُبْتَدِئاً
نُعْمَى، وَيَحْسُنُ فيه القوْلُ مُمْتَدَحا
رَدَّ المَكَارِمَ فِينَا، بَعدَ ما فُقِدَتْ،
وَقَرّبَ الجُودَ مِنّا، بَعدَ ما نَزَحَا
لا يَكْفَهِرُّ، إذا انحازَ الوَقارُ بهِ،
وَلا تَطِيشُ نَوَاحِيهِ إذا مَزَحَا
خَفّتْ إلى السّؤدَدِ المَجْفُوّ نَهْضَتُهُ،
وَلَوْ يُوَازِنُ رَضْوَى حِلْمُهُ رَجَحَا
وَلَجّ في كَرَمٍ، لا يَبْتَغِي بَدَلاً
مِنهُ، وإنْ لاَمَ فيهِ عَاذِلٌ وَلَحَى
يا أيّها المَلِكُ المُوفي بِغُرّتِهِ،
تَلألؤَ الشّمسِ لاحَتْ للعُيُونِ ضُحَى
هَنَاكَ أنّ أعَزّ النّاسِ كُلّهِمِ
عَليكَ غادي الغَداةِ الرّاحَ مُصْطَبِحَا
يَسُرُّهُ شُرْبُهَا طَوْراً، وَيُحْزِنُهُ
ألاّ تُنَازِعَهُ في شُرْبِهَا القَدَحَا
قَدِ اعتَلَلْتُ، أوَانَ اعتَلّ، من شَفَقٍ
علَيهِ، فاصْلُحْ لَنَا بُرْءاً، كَما صَلُحَا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> قلْ لمن كلّما سبقتُ إلى العلـ
قلْ لمن كلّما سبقتُ إلى العلـ
رقم القصيدة : 24280(27/336)
-----------------------------------
قلْ لمن كلّما سبقتُ إلى العلـ
ـياء يَغْتابني ويَطْعَمُ نَحْضي
أنت تجني في كل يوم عر
ضِكَ عمداً فكيفَ يسلمُ عرضي
لعن الله مدة كنت فيها
كل همي وأنت مني كبعض
ليس أدعو عليك بالقتل علماً
أنَّك اليومَ قاتلٌ لكَ بُغضي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ما نحنُ إلاّ للفَناءِ
ما نحنُ إلاّ للفَناءِ
رقم القصيدة : 24281
-----------------------------------
ما نحنُ إلاّ للفَناءِ
وإن طمعنا في البقاءِ
نُعطَى ويسلبُنا الذي
أعطى التمتّعَ بالعطاءِ
والموتُ داءٌ ماله
عندَ المداوي مِن دَواءِ
والناسُ فينا كلُّهم
ما بين يأسٍ أو رجاءِ
أين الَّذين سَقَتْهُمُ الـ
ـأيامُ كاساتِ الرخاءِ
وتملّكوا رِبَقَ الورى
وعَلَوْا على قُممِ العَلاءِ؟
وتَرى بعَقْوة ِ دارِهم
مَجثى الحميّة ِ والإباءِ
والساحبونَ على قِنا
نِ الملكِ هُدَّابَ المُلاءِ
والمُرْتَوون مِنَ النعيمِ،
كما تَمَنّوا والثّراءِ
والسائِرون وحولهم
أسدُ الشّرى تحت اللواءِ
والهاجِمونَ على الرَّدى
واليومُ يَجري بالدّماءِ
لم يقنعوا في مَغْرَمٍ
سِيقوا إليهِ باللّقاءِ
من كلِّ مملوءِ الأسـ
ـرَّة ِ والجبينِ من الحياءِ
تَجري يداهُ بكلِّ ما
يهوى المؤمّلُ من سخاءِ
وتراه كالصقّرِ الذي
لمحَ القَنيصة َ مِن عَلاءِ
ما ضلّ قطُّ وإنْ همُ
غدروا بهِ طُرقَ الوفاءِ
ورُمُوا إلى ظُلَمِ الصَّفا
ئحِ في صباحٍ أو مساءِ
دخلوا ولكنْ في الذي
لا يرتضون من الخلاءِ
ومتى دَعَوْتَهُمُ فهُمْ
صُمّ المسامع من دعاءِ
وَبَغوا نجاءً حينَ سُـ
ـدَّتْ دونهم طُرُقُ النَّجاءِ
ونأوْا كما اقترح الحِما
مُ عنِ التَّنَعُّم والشَّقاءِ
وتُراهمُ في ضَيِّقِ الـ
ـأقطارِ من ذاكَ الفضاءِ
وتَطايروا بيدِ البِلى
خلفَ الجنادِل كالهَباءِ
والقيظُ عندَهُمُ وقد
سُلبوا المشاعرَ كالشِّتاءِ
ما في الرَّدى ، ما في سوا
هُ منَ التَّنازع والمِراءِ
وإذا نظرت إلى الحِما
مِ فما لعينك من غِطاءِ(27/337)
خلِّ التعجّبَ من قذى ً
وخذ التعجّبَ من صفاءِ
يا قُربَ ما بينَ الهَنا
ءِ بما يسرّك والعزاء
خفّض عليك ودع تتبّـ
ـبُعَ ما مضَى بيدِ القَضاءِ
وإذا بقيتَ فلا تَلُمْ
أيعيشُ مَيْتٌ بالبكاءِ؟
والخوف صِرْفٌ-ريبَ غـ
ـرُكَ إنَّما هوَ للنساءِ
وأخوكَ أفناهُ الَّذي
كان السبيلَ إلى الإخاءِ
أَعْراكَ مَنْ قِدْمًا كَسا
وحباكَ مُرتجع الحِباءِ
ليسَ التهالكُ في المصيـ
ـبة بالحميم من الوفاءِ
وسوى الجلّدِ في الشديـ
ـدة ِ إنْ أتتك من العناءِ
وعلى التجاربِ بانَ نبـ
ولإذا بقيتَ فلا تلمْ
مَن خَصَّ غيرَكَ بالفناءِ
وسقى الذي وارى أخا
كَ منَ الثَّرى سَحُّ الرِّواءِ
صَخْبُ الترنّمِ حالِكُ الـ
ـقُطرين مملوءُ الوِعاءِ
ولَرَحْمَة ٌ مَصبوبة ٌ
خيرٌ له من فيضِ ماءِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أظنك من جدوى الأحبة قانطا
أظنك من جدوى الأحبة قانطا
رقم القصيدة : 24282
-----------------------------------
أظنك من جدوى الأحبة قانطا
وقد جزعوا بطن الغوير فواسطا
أصاخوا إلى داعي النَّوى فتحمّلوا
فلم أرَ إلا قاطناً عادَ شاحطا
كأنَّ قطينَ الحيِّ عِقْدٌ مُنَظَّمٌ
أطاعَ على رَغْمي أكفّاً خَوارطا
وقفنا فمن جأشٍ يخفُّ صَبابة ً
وجأش امرئ قضّى فخلناه رابطا
ودمع تَهاوَى لا يُرى الجَفنُ مُترَعاً
بواكفة ٍ حتى يرى منه هابطا
نجودُ بما نحوي لمن ظلَّ باخلاً
ونعطي الرضا عفواً لمن بات ساخطا
ومن شغف وليت يوم مخجر
غَشوماً وأَعطيتَ الحكومة َ قاسطا
أراكَ خَفوفاً في الهوى ثمّ إنَّه اسْـ
ـتحالَ فقد تَمَّ الهوى مُتَثابطا
وغرّ الثنايارقتهن بلمتي
فواعَدْنَها زَوْراً منَ الشَّيب واخطا
سوادٌ يُبرِّيني وإنْ كنتُ مذنباً
ويبسطُ من عُذري وإنْ كنتُ غالطا
ويسكنني حبَّ القلوب وطالما
ألفَّ على ضمّي أكفاًّ سبائطا
وإني من القوم الذين إذا انتموا
أسالوا من السادات بحراً غطامطا
يحلّون من أرض المعالي يفاعها
ويابون أهضاماً بها ومهابطا(27/338)
وإن زرتهم أفضيت من شجراتهم
بأموالهمْ فمعاطناً ومَرابطا
وإن يعلطوا بالمرهفات رقابها
إذا كان رب البدن بالنار عالطا
إذا سالموا زانوا المحافل بهجة
وإن حاربوا في الروع حشوا المآقطا
وإن بسطوا لم تلق في الخلق ربقة الهدى
وكم أنقذوا من رِبقَة ِ الكفر وارطا
وكم أقحطوا أرضَ العدوِّ بأذرُعِ
يَفِضْنَ فيُخصِبْنَ البلادَ القواحطا
وكم ولدوا من لابسٍ مِيسَمَ العُلا
يَبُذُّ وليداً في الجهاتِ الأشامطا
إِذا ماكريمُ القومِ جارَى فخارَه
أتى طَرَفاً فيه ووافاك واسِطا
ألا هل أراها ثائرات كأنما
تَعلَّقْنَ في أوراكهنَّ الأراقطا
بأَيدٍ يَغُلْنَ البعدَ من كلِّ نَفْنَفٍ
ويطوين طى َّ الأتحمى ِّ البسائطا
بكل غلام من نزار مخففٍ
كسيد الغضا تلقاه أغبر مارطا
يجوبُ المهاوِي واحداً عن بسالة ٍ
وإنْ كان يدعو معشراً وأراهطا
تراه إذا خيف التتبع سابقاً
وإنْ رُهِبَ الإقدامُ للقوم فارطا
إن آنسوا نار الوغى حَدفوا به
جراثيمَها إنْ سالماً أو مُشائطا
ويغضى فإن عنت لعينيه ريبة ٌ
نَضا الحلمَ عنه آنفاً مُتخامِطا
وقطع أقرانَ الورَى دونَ همِّهِ
ولن تقطع الأقدار ماكان نائطا
كأنَّ على عودى سراة حصانه
أخا لِبَدٍ ضمَّ الفريسة َ ضاغطا
إذا هَجْهَجْوهُ عن ضَمانِ يمينِهِ
أزمَّ وقوراً لا يبالي اللواغطا
مُلبُّون إنْ يُعرَوْا وقد هتفَ النَّدى
وهيهات ختلي بعدما كنت ناشطا
ويرجونَ أنْ يَرْقَوْا إلى مثل ذِرْوَتي
وما بَلغوا من دونِ تلك وسائطا
ألموا بأطراف العلا واحتويتها
فمن كان منهم ذائقاً كنت سارطا
وماغَبَطَ الحسَّادُ إلاَّ فضيلة ً
وحسْبُكَ مَجداً أنْ تَرى لك غابطا
مآثر يثقلن الحسود فخامة
ويُعْيِينَ من إِشرافهنَّ الغَوامطا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> زرتُ هنداً ومن ظلامٍ قميصي
زرتُ هنداً ومن ظلامٍ قميصي
رقم القصيدة : 24283
-----------------------------------
زرتُ هنداً ومن ظلامٍ قميصي
لا بوعدٍ ومن نِجادٍ ردائي(27/339)
واعتنقنا وبيننا جَفنُ ماضٍ
في فَراشِ الرؤوس أيُّ مَضاءِ
وتجافَتْ عنه وليسَ لها إِنْ
أنصفَتْ عن جِوارهِ من إِباءِ
إنَّه حارسٌ لنا غيرَ أنْ ليْـ
ـسَ علينا من جُملة ِ الرُّقباءِ
لكِ في النّحرِ من عيونِ تميمٍ
فاحسبيهِ تميمة َ الأَعداءِ
هو ساهٍ عن الذي نحن فيه
من حديثٍ وقيلة ٍ واشتكاءِ
وَدَعيني طِوالَ هذا التَّداني
ناعماً لا أخافُ غير التنآئي
فلئنْ مسَّ فيهِ بعضَ عَناءٍ
فعناهُ مُستَثمرٌ من عنائي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> كأنَّ مُعَقِّري مُهَجٍ كرامٍ
كأنَّ مُعَقِّري مُهَجٍ كرامٍ
رقم القصيدة : 24284
-----------------------------------
كأنَّ مُعَقِّري مُهَجٍ كرامٍ
هنالك يعقِرون بها العِباطا
فقل لبني زياد وآل حربٍ
ومن خلطوا بغدرهم خلاطا:
دماؤكم لكم ولهم دماءٌ
ترويها سيوفكم البلاطا
كُلوها بعدَ غصبكُمُ عليها انْـ
تهاباً وازدراداً واستراطا
فما قدمتم إلا سفاهاً
ولا أمرتم إلا غلاطا
ولاكانَت منَ الزَّمن المُلَحَّى
مراتبكم به إلا سفاطاً
أنحوَ بني رسولِ الله فيكُمْ
تقودون المسوَّمَة َ السِّلاطا
تثار كما أثرت إلى معينٍ
لتكرع من جوانبه الغطاطا
وما أبقت بها الرَّوحاتُ إلا
ظهرراً أو ضلوعاً أو ملاطا
وفوقَ ظهورِها عُصَبٌ غِضابٌ
إذا أرضَيْتَهمْ زادوا اختلاطا
وكلُّ مرفَّعٍ في الجّو طاطٍ
ترى أبداً على كتفيه طاطا
إذا شهد الكريهة لا يبالي
أشاط على الصوارم أم أشاطا
ومامدّ القنا إلا وخيلت
على آذان خيلهم قراطا
وكم نعم لجدهم عليكم
لقينَ بكمْ جُحوداً أو غِماطا
هم أتكوا مرافقكم وأعطوا
جنوبكم النمارق والنماطا
وهمْ نَشَطوكُمُ من كلِّ ذُلٍّ
حَلَلْتُمْ وسْطَ عَقْوتِهِ انتشاطا
وهمْ سدُّوا مخارِمَكمْ ومدُّوا
على شجرات دوحكم اللياطا
ولولا أنّهم حدبوا عليكم
لما طلتم ولاحزتم ضغاطا
فما جازيتم لهم جميلاً
ولا أمضيتم اهم اشتراطا
وكيف جحدتم لهم حقوقاً
تبين على رقابكم اختطاطا؟
وبينَ ضُلوعِكُمْ منهمْ تِراتٌ(27/340)
كمَرْخِ القيظِ أُضرِمَ فاستشاطا
ووِتْرٌ كلّما عَمَدَتْ يمينٌ
لرقع خروقه زدن انعطاطا
فلا نَسبٌ لكمْ أبَداً إليهمْ
وهل قُربى لمن قطعَ المناطا
فكم أجرى لنا عاشور دمعاً
وقطع من جوانحنا النياطا
وكم بِتْنا به واللّيلُ داجٍ
نُميط من الجَوى مالن يُماطا
يُسقِّينا تذكُّرُهُ سِماماً
ويولجنا توجعه الوراطا
فلا حُدِيَتْ بكمْ أبداً ركابٌ
ولارُفعتْ لكمْ أبداً سِياطا
ولارفعَ الزَّمانُ لكم أديماً
ولاازددتمْ به إِلاّ انحطاطا
ولاعرفت رءوسكم ارتفاعاً
ولاألفت قلوبكم اغتباطا
ولاغفر الإله لكم ذنوباً
ولاجُزتمْ هنالِكمْ الصِّراطا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ولمّا التقينا والرّقيبُ بنَجوة ٍ
ولمّا التقينا والرّقيبُ بنَجوة ٍ
رقم القصيدة : 24285
-----------------------------------
ولمّا التقينا والرّقيبُ بنَجوة ٍ
وقد حانَ من شمسِ النّهار مَغيبُ
أَبَحْنا الهوى ما شاءَ منّا ورُوِّيتْ
عيونٌ ظِماءٌ في الهوى وقلوبُ
فلم تك إلاّ ساعة ً ثُمَّ زعزع الـ
ـتَلاقي شِمالٌ للنَّوى وجنوبُ
ولولا النَّوى ما كانَ للدهرِ زلّة ٌ
ولا لِلّيالي الماضياتِ عيوبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لعلّ زماناً بالثوية راجع
لعلّ زماناً بالثوية راجع
رقم القصيدة : 24286
-----------------------------------
لعلّ زماناً بالثوية راجع
مضَى وهْوَ في قلبي مدى الدَّهر رابعُ
تذكَّرْتُ نجداً ذُكْرَة ً فكأنما
تحمل رأسي مائل الرأس ظالعُ
تعرَّقَتِ الرَّوحاتُ منه فَصيلَهُ
فماهو إلا أعظمٌ وأضالعُ
وكيف بنجدٍ بعد أن مطينا
تسادَكُ بالغَوْرين منه الأكارعُ
يطأن الرُّبا وطء النزيف فكلّما
هبطن الرُّبا سالت بهن الأجارعُ
خليليّ هل رمى البلاد إليكما
برَحْليَ ممَّا شَفَّني اليومَ نافعُ
وهل لي إلى من كنت أهواه منكما
وقد حرَّم الواشون جَدْواهُ شافعُ
عشيَّة َ أغْرَوْا بي العيونَ وَسطَّروا
منَ الوَجْدِ ما تُمليهِ عنّي المدامعُ(27/341)
لقد ضلَّ قلبٌ باتَ في كلِّ ليلة ٍ
يُصادي بُنيَّاتِ الهوى ويصانعُ
يصدُّ ويدنو بينَ يأسٍ ومَطمعٍ
فلا هو وصَّالٌ ولا هو قاطعُ
فقل لأسيلات الخدود أتيننا
يخادعْنَ منِّي صاحباً لا يُخادَعُ
أرَدْتُنَّ قلبي للهَوى وهْوَ مُتعَبٌ
فما فيه إِلاّ ما تجرُّ المطامعُ
وقولٌ أتاني معرباً عن مودة ٍ
فجاء كما كانت تشاء المسامعُ
وَلوجٌ إلى قلبي عَلوقٌ بخاطري
كما علقت بالراحتين الأصابعُ
مديحٌتولّى الفكرُ تنميق نسجه
وليس كوشيٍ نمقته الصوانعُ
كأنِّي لما أن مشت في مفاصلي
حمياه في نهي من الخمر كارع
فيا عَلَمَ العلم الذي يُهتدَى بهِ
كما في السُّرى تهدى النجومُ الطوالعُ
وألقيت منّا في مديحٍ نظمتهُ
على كاهلٍ لاتمتطيهِ الصَّنائعُ
ومثلُك من قد كنتُ قبل وصالهِ
أحِنُّ اشتياقاً نحوَهُ وأنازعُ
ولمّا رآني الدّهر لا أرتضي له
صنيعاً كدت منه عني الذرائعُ
سقاني بك العَذْبَ الزُّلالَ وإنَّما
أطلتُ الظّما حتّى حلت لي المشارع
وقد كنت لا أرضى نصيباً أصبتهُ
فإنّي وقلبي اليومَ منكنَّ وادعُ
إذا ما رعاك اللهُ لي بحفاظِهِ
فلستُ أُبالي أنَّ غيرَكَ ضائعُ
وما ضرَّ مَن فارقتُ من كلِّ نازحٍ
وقد لفّ لي شملاً بشملك جامعُ
فدونك قولاً جاء عفوَ بديهة ٍ
وإن مقالاً لو تعمدت واسعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> يقولون لي لِمْ أنتَ بالذُّلِّ راكدٌ
يقولون لي لِمْ أنتَ بالذُّلِّ راكدٌ
رقم القصيدة : 24287
-----------------------------------
يقولون لي لِمْ أنتَ بالذُّلِّ راكدٌ
فقلتُ لأنّي في الخياة ِ رَغوبُ
نَضَا العزَّ مِن أكنافِهِ مَنْ تروقُهُ
حياة ٌ وتَحْلَوْلى له وتَطيبُ
وعيشيَ بين الأغبياءِ غضاضة ً
ولي من عيوبِ الأقربينَ عيوبُ
وبينَ ضلوعي غيرَ أنْ لم أبُحْ بهِ
أُوارٌ على فوتِ المنى ولهيبُ
وللدَّهر عندي كلَّ يومٍ وليلة ٍ
وإن لم يكُنْ منِّي العتابُ ذنوبُ
ولي كلُّ داءٍ ثُمَّ ليسَ لي
من الداءِ كلِّ الرجالِ طبيبُ(27/342)
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لغيرِ الغواني ماتُجِنُّ الأضالعُ
لغيرِ الغواني ماتُجِنُّ الأضالعُ
رقم القصيدة : 24288
-----------------------------------
لغيرِ الغواني ماتُجِنُّ الأضالعُ
وغير التّصابي ما أرتهُ المدامعُ
وياقلب ما أزمعت عوداً إلى الصبا
فتطمعَ في أنْ تَزْدَهِيكَ المطامعُ
تضيقُ لأِنْ أرسَى بساحتِك الهوَى
وأنت على ما أحرج الدهر واسعُ
ويوم اختلسنا من يد الحذرِ لحظة ً
وقد آذَنَتْنا بالفراقِ الأصابعُ
عذرت امرءاً أبدى الأسى وهو حازمٌ
وصمَّ على عُذّالهِ وهْو سامعُ
خليليَّ إن الدهر جمٌ عديده
ولكنَّه ممَّنْ أُحِبُّ بَلاقعُ
وخُبِّرْتُما أنَّ الوفاءَ تَقارضٌ
فمالي أُعاطي صفوَهُ مَن يُمانعُ؟
ألا في بشاشات الرّجال ودونها
جوانحُ في أثنائها الغيظُ ناقعُ
ومازالت الأيامُ مثنى وموحداً
يراوِدْن مِنِّي شِيمة ً لا تُطاوعُ
رضِيتُ بميسورِ الحظوظ قناعة ً
إذا امتدّ في غيِّ الطماعة ِ قانعُ
وعوراءَ يستدعي النفوسَ اقترافها
تنكبها ناءٍ عن السوء نازعُ
تحيَّزْتُ عنها لا أهمُّ بوَصْلها
كما أنحاز عن ضمن العذارين خالعُ
وشُمٍّ من الفتيان حصنت سرهم
وسر الفتى مابين جنبيه ذائعُ
سروا يسألون الدهر مافي غيوبه
وليس لهم غير التجاربِ شافعُ
إذا صُدَّ عن نُجحِ المطالبِ جاهدٌ
تخلَّفَ عن كسبِ المحامدِ وادِعُ
إِليكَ ذعرتُ الهِيمَ عن كلِّ بُغيّة ٍ
أسفُّ إلى أمثالها وأُسارعُ
وسومتها يسترجف الأرض مرّها
وتحيي سواد الليل والفجر طالعُ
ولولاكَ لمَ تَنْفُضْ حَشاي مَسرَّة ٌ
ولو كثرت منها إلى الذرائعُ
وأنتَ الذي لو لم أفِضْ في ثنائِهِ
تحمل عني القول ماهو صانعُ
شديدُ ثباتِ الرّأي بينَ مواطنٍ
رياحُ الخطوبِ بينهنَّ زعازعُ
وَقورٌ فإنْ لاذتْ به أرْيحيَّة ٌ
فلا الحِلمُ مَغْبونٌ ولا الجَدُّ خاشعُ
ويقظان ماضامَ التفرد حزمه
ولا قبضت من يسطتيه المجامعُ
تقصَّتْ نهاياتِ المعالي أُصولُه
وساعَفَها فرعٌ على النَّجمٍ فارعُ(27/343)
كريمٌ إذا هزَّ الرّجاءُ عطاءَهُ
تقاصر باع الغيث والغيث هامعُ
رمى وله الحسادِ قرمٌ مصممٌ
بيأس تحرته النفوس النوازعُ
إذا بادَروهُ المأثُراتِ شآهُمُ
ودونَ المَدى منهمْ طليحٌ وظالعُ
ودون بلوغِ الطّالبين مكانَه
طريقٌ على ربِّ الحفيظة شاسِعُ
وكم بحثوهُ عن خَفايا عيوبهِ
فشاعت معانٍ تصطفيها المسامعُ
وما الناس إلا واحد غيرَ أنهم
تفاوَتْ منهمْ في الفِعال الطّبائعُ
فداؤك من يتلو الندى بندامة ٍ
وقد مَرَقَتْ من راحتيهِ الصَّنائعُ
بعيدٌ عن الآمال لا يستخفه
سؤال ولا يرجو عطاياه طامعُ
وهزُّوك مسنونَ الغِرارين أُخلصتْ
نواحيه واجتاحت قذاه الوقائعُ
ولمّا نَبَتْ آراؤهمْ وأَظَلَّهم
منَ الأمرِ مسوَدُّ المخايلِ رائعُ
تداركْتَهمْ والشَّملُ قد رثَّ حبلُهُ
وأضرب عن مستشرى الخرق راقعُ
بعزم به مستسلف النصرِ كافلٌ
حزمٌ به مستأنف النجحِ تابعُ
كفيتَهمُ الدَّاني وشَيَّعْتَ مامضَى
برأي توخاه الذي هو واقعُ
يجرُّ أباطيلَ الحديثِ إذا ارتقَى
إلى فَهمِهِ ذكرٌ لمجدِك شائعُ
إذا أبْهَتَتْه من مَساعيك خَلَّة ٌ
تمنَّى لها أنَّ العيونَ هواجعُ
ندبت له حلماً يداوي شروره
وبعضُ الحِجافي مُلتَوي الجهلِ ضائعُ
تراخ وخفّض من همومك فالذي
تطالبُهُ الآمالُ ما أنتَ جامعُ
وقد راجعت تلك الأمور وأقبلت
إليك بما تهوى سنون رواجعُ
وخلفُ الذي ارخى به الدّهر كفّه
حقوقٌ لها هذي الوفود طلائعُ
نضوت زمان الصّوم عنك كما نضا
رداء الحياسبط من الروض يانعُ
وماالعيد إلا ما صبحت طلوعه
وبلَّجهُ فجرٌ بوجهك ساطعُ
وهنيته عمر الزمان مسلماً
يفوت الردى أو تختطيك الفجائعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> إذا كنتِ أزمعتِ الرّحيل فإننا
إذا كنتِ أزمعتِ الرّحيل فإننا
رقم القصيدة : 24289
-----------------------------------
إذا كنتِ أزمعتِ الرّحيل فإننا
سترحلُ منّا أَنفسٌ وقلوبُ
وإنْ تَبعدي عنّا فللعينِ أدمعٌ
تصوب وللقلب المشوق وجيبُ(27/344)
وما لحياة ٍ بعدَ فقدِكِ لذة ٌ
وليس لعيشٍ بعد بينِكِ طيبٌ
ومَن قال: إنَّ البينَ يُسلي عنِ الهوى
جَهولٌ بأسبابِ الغرامِ كَذوبُ
العصر العباسي >> البحتري >> ألمع برق سرى أم ضوء مصباح
ألمع برق سرى أم ضوء مصباح
رقم القصيدة : 2429
-----------------------------------
ألَمْعُ بَرْقٍ سَرَى أمْ ضَوْءُ مِصْبَاحِ،
أمِ ابْتِسَامَتُهَا بالمَنْظَرِ الضّاحِي
يا بُؤسَ نَفْسٍ عَلَيْهَا جِدُّ آسِفَةٍ،
وَشَجْوَ قَلْبٍ إلَيها جِدُّ مُرْتَاحِ
وَيَرْجْعُ اللّيلُ مُبيَضّاً إذا ابَتَسَمَتْ
عَنْ أبْيَضٍ خضلِ السِّمْطَينِ لَمّاحِ
تَهْتَزُّ مِثلَ اهْتِزَازِ الغُصْنِ أتْعَبَهُ
مُرُورُ غَيْثٍ منَ الوَسميّ سَحّاحِ
وَجَدْتِ نَفسَكِ مِنْ نَفسي بمَنزِلَةٍ،
هي المُصَافَاةُ، بَينَ المَاءِ والرّاحِ
أُثني عَلَيكِ فأنّي لمْ أخفف أحَداً
يَلْحي عَلَيكِ، وَمَاذا يَزْعُمُ اللاحِي
وَلَيلَةَ القَصْرِ، والصّهباءُ قاصرَةٌ
للّهوِ، بَينَ أبارِيقٍ وأقْدَاحِ
أرْسَلْتِ شُغْلَيْنِ مِنْ لَفْظٍ مَحَاسِنُهُ،
تُدوِي الصّحيحَ، وَلَفْظٍ يُسكرُ الصّاحي
حيّيتُ خَدّيكِ بل حيّيتُ من طَربٍ
وَرْداً بوَرْدٍ، وَتُفّاحاً بتُفّاحِ
كم نَظرَةٍ لي خلال الشّامِ لوْ وَصَلَتْ
رَوَتْ غَليلَ فؤَادٍ منكِ مُلتَاحِ
والعِيسُ تَرْمي بأيديها على عَجَلٍ،
في مَهَمَهٍ مثلِ ظَهرِ التُّرسِ رَحرَاحِ
تهدي إلى الفَتحِ، والنُّعمى بذاكَ لَهُ،
مَدْحاً يُقَصّرُ عَنْهُ كُلُّ مَدّاحِ
تَكَشّفَ اللّيلَ مِن لألاءِ غُرّتِهِ،
عَن بَدرِ داجِيَةٍ، أوْ شمس إصْبَاحِ
مُهَذَّبٌ، تُشرِقُ الدّنيا لطلعتِهِ،
عن أبْيَضٍ مِثلِ نَصْلِ السّيفِ وَضّاحِ
غَمْرُ النّوَالِ، إذا الآمالُ أكذَبَهَا
ثِمَادُ نَيْلٍ منَ الأقْوَامِ ضَحضَاحِ
مَوَاهبٌ ضَرَبَتْ في كلّ ذي عَدَمٍ،
بثَرْوَةٍ، وأماحَتْ كُلَّ مُمْتَاحِ
كأنّما باتَ يَهمي، في جَوَانِبِهَا،
رُكامُ مُنتَثِرِ الحِضْنَينِ، دَلاّحِ(27/345)
قَدْ فَتّحَ الفَتْحُ أغلاقَ الزّمانِ لَنَا،
عَمّا نُحاوِلُ مِنْ بَذْلٍ، وإسْمَاحِ
يَسمُو بكَفٍّ، على العافينَ، حانيَةٍ،
تَهمي، وَطَرْفٍ إلى العَلياءِ طَمّاحِ
إنّ الذينَ جَرَوْا كَي يَلحَقُوهُ ثَنَوْا
عَنهُ إعِنّةَ ظَلاّعٍ وَطَلاّحِ
طالَ المَدَى دونَهُ، حتّى لوَى بِهِمُ
عَنْ غُرّةٍ سَبَقَتْ منهُ، وأوْضَاحِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أَبالبارقِ النَّجديِّ طرفُك مُولَعُ
أَبالبارقِ النَّجديِّ طرفُك مُولَعُ
رقم القصيدة : 24290
-----------------------------------
أَبالبارقِ النَّجديِّ طرفُك مُولَعُ
يُخُبُّ على الآفاقِ طَوراً ويُوضِعُ؟
ولمّا أرادَ الحيُّ أنْ يَتَحمَّلوا
ولم يبقَ لي في لُبْثَة ِ الحيِّ مَطمعُ
جَرتْ لي حياتي من جفوني صَبابة ً
وظن الغبي أنما هي أدمعُ
فليت المطايا إذ حملن لنا الهوى
حُدِينَ عَشيّاً وهْيَ حَسْرَى وظُلَّعُ
فإن لم يكونوا أنذروا بفراقهم
وفاجأنا منه الرواء المروعُ
فقد صاحَ قبلَ البينِ لي بفراقِهمْ
غرابٌ على فرعِ الأراكة أبقعُ
سلامٌ على ملكِ الملوك يقودُه
وليٌّ يناجي بالتَّحايا فيُسمِعُ
مقيمٌ على دار الحفاظ وطالما
تَناسى رجالٌ للحِفاظ فضيَّعوا
وأنتَ الذي فُتَّ الملوكَ فكلُّهمْ
خلالَكَ يَنْحو أو طريقَك يتبعُ
فمالك إلا في السماء معرسٌ
وما لك إلاّ مَضجَعَ الشَّمسِ مَضجعُ
فإنْ يك قومٌ لم يَضُرُّوا ويَنْفعوا
فإنَّك فينا قد تضرُّ وتنفعُ
وإنَّك من قومٍ كأنَّ وجوهَهمْ
كواكبُ في ليلِ المعارك تطلُعُ
تُساعي لهمْ نحو العليّاتِ أرجُلٌ
وتبسط منهم في الملمات أذرعُ
وما امتقعت ألوانهم في شديدة ٍ
تهاب ولون اليوم لونٌ مولّعُ
شفاهُهُمُ من كلِّ عَوْراءَ قفرَة ٌ
ودارُهُمُ من كلِّ شَنعاءَ بَلقَعُ
وأيديهم تجري إذا جمد الحيا
على المُعتفين بالعطايا وتَهمعُ
سراع إلى داعي الصريخ شجاعة
وفي كلّ كفّ منهم البيض تلمعُ
فإن طعنوا يوم الكريهة أوسعوا
وإنْ أَطعموا عند المجاعة ِ أشبعوا(27/346)
وإنْ وُزِنوا كانوا الجبالَ رزانة ً
وكم طائش منهم إلى الموت مسرعُ
فما فيهم إلا همامٌ مرفعٌ
بحيث الثريا أو غلامٌ مشيعُ
وكم لك في يوم شهدتَ به الوغى
وما لكَ إلاّ الضّربَ والطّعنَ أدرُعُ
وفي كفِّكَ العَضبُ اليمانيُّ قاطعاً
وما كلُّ سيفٍ كان في الكفِّ يقطعُ
وأنت على رخو العنان كأنه
منَ الضُّمْرِ طاوٍ ليس يروي ويَشبعُ
وليسترى إلا الأسنة رعفاً
وبيض الظّبا ماء الترائب تكرعُ
وقد علموا لمّا سرى البغي فيهمُ
وطارتْ بهمْ نكباءُ للغدرِ زَعْزَعُ
ولم تر إلا شمل عقد مفرقاً
وإلا عهوداً منهم تتقطعُ
وقد حالَ منهمْ كلُّ شيءٍ عهدتَه
فأحفظُ منهمْ للذِّمامِ المضيِّعُ
بأنَّكَ رُضتَ الحِلْمَ حتّى لبِستَهُ
شعاراً ولكن ليس ينضى ويخلعُ
وعاد الذي قد كان بالأمس شامساً
عليك مطيعاً وهو عودٌ موقعُ
فلا انتيشَ من غمائِها المتروِّعُ
وراموا الذي لا يرتضى وتولعوا
أطرتهم تحت السنابك في الثرى
كما طارَ بالبيداءِ زِقٌّ مُزَعْزَعُ
فلم يلق منهم بعد ذلك سامعٌ
ولم يبق منهم بعد ذلك مسمعُ
قنعت بحظى منك ذخراً أعدهّ
ولست بشئ يقنع الناس أقنعُ
فماليَ إلاّ تحتَ ظِلِّكَ مَوئلٌ
ولا ليَ إلاّ في رياضك مَرْتَع
ولا كان لي إلاّ عليك إقامة ٌ
ولاكان لي إلا بربعك مربعُ
ولا قيَّضَ اللهُ التفرُّقَ عنكمُ
ولا عَنَّ نأيٌ بَيْنَنا وتَصدُّعُ
فلو أنني ودعتكم يومَ فرقة ٍ
لما كدتُ إلاّ للحياة ِ أودِّعُ
وإما تكونوا لي وفي طيّ قبضتي
فلست بشئٍ غيركم أتطلعُ
وإن كنتم لي ناصرين على العدا
فما إنْ أُبالي فرِّقوا أو تجمَّعوا
وودي لكم لا يستفيق ضمانة ً
وما كنتُ إلاّ بالذي زانَ أولعُ
يُعنِّفُني قومٌ بأنِّي أُطيعُكمْ
ولم يرضِكمْ إلاّ الذي هُو أطوعُ
ولم يلحني في نصحكم غير كاشحٍ
وإِلاَّ امرؤٌ في الغِشّ بالغيبِ مولَعُ
ولو أنصفوا لم يعذِلونيَ في هوى ً
لقلبي لا يلوى ولاهو ينزع
وقد زعزعوا لكن لمن ليس ينثنى
وقد هددوا لكن لمن ليس يفزعُ(27/347)
وكم رَمْيَة ٍ لم تُصْمِ ممَّن رَمى بها
وكم قَولة ٍ من قائلٍ ليس تُسمَعُ
فإنَّ خِطاراً أنْ تُهيجوا مُفوَّهاً
له كلم تفري البلاد وتقطع
وما ضرَّني أنّي قُذفتُ بباطلٍ
وما زلتُ عُمْرَ الدهرِ بالحقِّ أصدَعُ
وما راعني ذاك الذي روعوا به
فلا انتيش من غمائمها المتروعُ
وإمّا نبا بي أجْرَعٌ فاجتويتُهُ
فلي دونه منا من الله أجرعُ
فدونَكما فيها مَعانٍ سترتُها
وأنت عليها دون غيرك أوقعُ
ولم يكنِ التَّعويضُ مِنِّيَ خِيفة ً
ولكنني ما اسطعت للشر أدفعُ
وكم ليَ في مدحي لكُمْ من قصائدٍ
لهنَّ على الآفاقِ في الأرض مَطْلَعُ
وهنيت هذا العيد وابق لمثله
وأنف الذي يبغي لك السوء أجدعُ
تروح وتغدو في الزمان محكماً
على النّاس تعطى من تشاء وتمنعُ
وغصنك لا يذوي مدا الدهر كلّه
وركنك لا يبلى ولا يتضعضعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> مَرَرْنا على سِرْبِ الظّباءِ عشيَّة ً
مَرَرْنا على سِرْبِ الظّباءِ عشيَّة ً
رقم القصيدة : 24291
-----------------------------------
مَرَرْنا على سِرْبِ الظّباءِ عشيَّة ً
فلم يَعدُنا حتّى تَقَنَّصَنا السِّربُ
وكنّا نظنّ القربُ سَقامنا
فلم يكُ إلاّ كلُّ أدوائنا القُربُ
وقالوا: ألَمّا تَنْهَ قلبَكَ عن هوًى ؟
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> كم ذا نخيبُ وتكذبُ الأطماعُ
كم ذا نخيبُ وتكذبُ الأطماعُ
رقم القصيدة : 24292
-----------------------------------
كم ذا نخيبُ وتكذبُ الأطماعُ
والنَّاسُ في دار الغرورِ رِتاعُ؟
فحوائمٌ لا تَرْتَوي وعَواطلٌ
لا تَحْتَلي وزخارفٌ وخداعُ
في كل يومٍ للحوادث بطشة
فينا وأمر للمنون مطاعُ
وإذا الردى قنص لفتى فكأنه
ماكان إبقاء ولاإمتاعُ
والموت أملك بالورى وتعلة ٌ
هذا السقام وهذه الأوجاعُ
وإذا تيقَّنّا الفراقَ لكلِّ مَن
نَهوى هواهُ فالسَّلام وداعُ
ليسَ الرَّدى يا مَن يرومُ دفاعَه
ممَّا تُحاكُ لدفعهِ الأدراعُ
وإذا الردى طلب النفوس فإنما(27/348)
شد النجاء به وضاع قراعُ
وصوارم الأسياف غير صوارم
والسمهريات الطوال يراعُ
مالي أعلل كل يوم بالمنى
عيشاً وأشرى بالهوى وأباعُ
كرع الحمام مبذر ومقدر
وخطا إليه مُجْبنٌ وشُجاعُ
ثم استوى في حسو خمر كؤوسه الأملاك والسادات والأتباعُ
ـأملاكُ والسَّاداتُ والأتباعُ
والناكصون المقدمون إذا دعا
أجلٌ بهم والمبطئون سراعُ
والدَّهرُ يطعنُ بالرَّدى لا بالقنا
قَعْصاً ولا عَلَقٌ هناك يُباعُ
يُبقي ويُفني ثم يسلبُ ماكساً
بالرغم فهو الملبسُ النَّزَّاعُ
فذّ العطاء فإن يكن مثنى له
غلطاً فإنَّ الارتجاع رباعُ
خير من المثرى فقيرٌ قانعٌ
ومن الشباع من الطعام جياعُ
أو ماعلمت بأنّ ماأحرزتهُ
شلوٌ بأيدي الحادثات مضاعُ؟
وظننتَ ما أودعتَ في بطنِ الثَّرى
سِرّاً وسِرٌّ لا يُذاعُ مُذاعُ
تبّاً لدارٍ أشعرتْ سُكَّانَها
أنْ ليس في طولِ المقامِ طَماعُ
باع الجميعُ نعيمَهُمْ بشقائِها
بيع الغبين ولو دروا ماباعوا
وإذا همُ اعتذروا إلى من لامهم
في الحرص قالوا: ماتراه طباعُ
فانظرْ إلى مَن قصدُهُ ترفيهُهُ
في العيش كيفَ تكُدُّه الأطماعُ!
أينَ الذين على القِنانِ قِبابُهمْ
ولهم تلاعُ المأثرات تلاعُ؟
من كلِّ مُعتَصِبِ المفارقِ لم يُطِعْ
بشراً وفي كلّ الأمور يطاعُ
دَرَجوا وأضحَوْا بعد عزٍّ أقعَسٍ
ما إنْ لهمْ إلاّ الثَّرى والقاعُ
وأزالهمْ عمَّا ابتنَوْهُ منَ البِنا
هذا الخَتولُ الباذلُ المنّاعُ
ولقد فجعتُ وكلُّ من لم يصمهِ
سهمُ المنّية ِ زاره الإفجاعُ
وارتعت للخطب الملّم بساحتي
ولقد عَمِرْتُ وغيريَ المرتاعُ
وقرينة ٍ لمّا ألفتُ وصالها
انحى عليها الباترُ القطَّاعُ
فَلَئِنْ هَوَتْ فَلَكَمْ هوَى في هذه الـ
ـخضراءِ عنّا كوكبٌ لمّاعُ
ليتَ الذي عزمَ التَّرحُّلَ غفلة ً
ما كانَ منه على الفراقِ زَماعُ
ولقد سبقت صيانة ً وديانة ً
ووراءكِ الطُّلاَّحُ والظلاّعُ
رحبت بك الأجداث أجداثُ الثرى
وأعتاد قبرك هاطلٌ لمّاعُ(27/349)
وقضيتُ حقَّكِ إذا جعلتُك في حِمَى
قوم لهم دون النعّيم رباعُ
صُقْعٌ لآلِ اللهِ آلِ نبيِّهِ
سَجدتْ له الأقطارُ والأصقاعُ
فَرَقَ الزَّمانُ وما درَى ما بَيْنَنا
والدَّهرُ مِفراقٌ لنا مِجْماعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ضنَّتْ عليك بوصْلها لكَ زينبُ
ضنَّتْ عليك بوصْلها لكَ زينبُ
رقم القصيدة : 24293
-----------------------------------
ضنَّتْ عليك بوصْلها لكَ زينبُ
وطلبتَ لمّا عزَّ منها المطلبُ
وأَرَتْكَ برقاً لامعاً من وعدها
لكنّه برقٌ لَعَمْرُكَ خُلَّبُ
وتقول لي - جهلاً باسباب الهوى
كيف الهوى والرأس منك الأشيبُ؟
والحبُ داءٌ للرّجال تباعدوا
عن شِيبة ٍ وشَبيبة ٍ وتقرَّبوا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أبا بكر تعرضتِ المنايا
أبا بكر تعرضتِ المنايا
رقم القصيدة : 24294
-----------------------------------
أبا بكر تعرضتِ المنايا
لحتفك حين لا أحدٌ منوعُ
وأوجَعني فراقُك من قريبٍ
وداءٌ لادواء له وجيعُ
بكى قلبي عليك مكان دمعي
وكم باكٍ وليسَ له دموعُ
كأنّك ماحللتَ بدارِ قومٍ
وأنت لودهم مرعى ً مربعُ
وسَفْرٌ لا يحينُ لهمْ إيابٌ
ولايُرجَى لغاربِهمْ طُلوعُ
وسادهمُ وإن كرموا رغامٌ
وأجداثُ القبور لهم ربوعُ
نُصابُ بكلِّ مُقتَبِلٍ وهِمٍّ
فلا هذا ولاهذا يَروعُ
وتَخدعُنا ظنونٌ كاذباتٌ
فيا الله مابلغ الخدوعُ
وسبلُ اليأسِ واضحة ٌ لدنيا
ولكنْ ربَّما طمعَ الطَّموعُ
فإنْ تَبْعَدْ فقد نَأَتِ الثُّريّا
وإن تذهب فقد ذهب الربيعُ
وإنْ تَفْقِدْك حائرة ً عيونٌ
فلم تفقدكَ حانية ً ضلوعُ
وإن يحرج مكانك من ترابٍ
فإنك ذلك الرحب الوسيعُ
ومايبقَى بطيءٌ أخَّرَتْهُ
منيَّتُهُ فيُجزِعَنا السَّريعُ
وما أبقى الزمان لنا أصولاً
فنطمع أن تدوم به الفروعُ
وما الأيّامُ إلاّ حاصداتٌ
لما زَرعوا ونحنُ لها زُروعُ
ولولا أنه أجلٌ متاحٌ
لقلتُ أسئَ منك بنا الصنيعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لا تلمني فإنني لهوى النّفـ(27/350)
لا تلمني فإنني لهوى النّفـ
رقم القصيدة : 24295
-----------------------------------
لا تلمني فإنني لهوى النّفـ
ـسِ مطيعٌ في حبّ من لا يُحبُّ
قد جرتْ عادتي بأن أعشقَ البيـ
ـضَ، وتبديلُ ما تُعُوِّدُ صَعبُ
إنما تعذل الذي يلج العَذْ
لُ إلى قلبهِ وماليَ قلبُ
وإذا لم يكنْ من الذْنبِ إلاّ
أن قلبي يهوى فماليَ ذنبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> صبرتَ ومثلُك لا يجزعُ
صبرتَ ومثلُك لا يجزعُ
رقم القصيدة : 24296
-----------------------------------
صبرتَ ومثلُك لا يجزعُ
وناءَ بها صدرك الأوسعُ
وعزَّيتَ نفسَك لمّا علمْـ
ـتَ أنَّ العزاءَ لها أنفعُ
وداويتَ داءَك لمّا رأيتَ
دواءَ طبيبك لا ينجعُ
ولمّا بخست بضيمِ الزمانِ
قنعتَ وإن كنت لاتقنعُ
وقلت لعينيك لاتدمعي
فلا العين تهمى ولاتدمعُ
ولم تشكُ ما دفنتْهُ الضُّلوعُ
وفي حشوِها المؤلمُ المُوجعُ
فإنْ تكُ شنعاءَ جاء الزَّمانُ
بها فالتشكي لها أشنعُ
وما إنْ يفيدُ سِوى الشّامتيـ
ـنَ أنْ يشكوَ الرَّجُلُ الموجَعُ
ولمّا نهضتَ بدفعِ الخطوبِ
رضيتَ بما لم يكنْ يُدفَعُ
وقدماً عهدناك ثبت المقام
وإن هبت العاصف الزغزعُ
ولِمْ لا وأنتَ امرؤٌ في الصِّعابِ
إلى رأيه أبداً نرجعُ
وقد علمت سورة الحادثاتِ
إن صفاتك لاتصدعُ
وأنَّ جَميمَكَ لا يُخْتَلى
وأنَّ قِلالَكَ لا تُفرَعُ
وإنْ فَنِيَتْ في الرِّجالِ الحلو
مُ كان إلى حلمك المَفْزَعُ
هوَ الدَّهرُ ينقضُ ما يَبْتنيهِ
جهاراً ويحصدُ ما يَزرعُ
وأخطأَ مَن قال: إنَّ النِّسا
وإن يعطنا فبما يمنعُ
ونحن بنو الأرض تغتالنا
وتأكلنا ثمَّ لا تشبَعُ
فدارٌ تغصُّ بسكانها
ءَ أهلون للفَقْد أو مَوضعُ
وآتٍ يجيىء ولم ندعُهُ
وماض يمر ولا يرجعُ
وإنى منك مهما يصبكَ
يصبني وفي مروتي يقرعُ
وكيف يميز ما بيننا
ويجمعُنا الحسَبُ الأجمعُ؟
ويرفَعُنا فوقَ هامِ الرِّجالِ
عَرينٌ لنا دونَهُمْ مُسبِعُ
وإِنّا التَفَفْنا بسِنْخِ الرَّسولِ(27/351)
فتطلُعُ منه كما أطلُعُ
فكم ذا لنا خاطبٌ مصقعٌ
وكم ذا لنا عالمٌ مقنعُ
ولمّا كرَعتُك دونَ الأنامِ
رويتُ وطاب لي المكرعُ
وفقدُ النِّساءِ كفقدِ الرِّجال
يحزُّ إذا حزَّ أو يقطعُ
فلا زالَ ما بَيْننا كالرِّيا
جادت له سحبٌ همعُ
ولا ساءَني فيك مَرَّ الزّمان
مرأى ولا رابني مسمعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> زَعازعٌ ثمّ نُكْبُ!
زَعازعٌ ثمّ نُكْبُ!
رقم القصيدة : 24297
-----------------------------------
زَعازعٌ ثمّ نُكْبُ!
خَطْبٌ لَعَمْرُكَ صَعْبُ
قولوا لمن هوَ مُغرًى
بذي الرِّياسة ِ صَبُّ:
أما تَراها خَبوطًا
تزلُّ طوراً وتكبو؟
لها عُيوبٌ عليها
يحبّها من يُحبُّ
تبرّجتْ ليس عنها
يوماً لعينيكَ حَجْبُ
تدنو وتنأى وتبدو
طوراً هناك وتخبو
وللدموعِ عليها
سَحٌّ وقَطْرٌ وسَكْبُ
كأنَّها جِذْلُ راعٍ
ومن حواليهِ جُربُ
رَوْحٌ لَعَمْرُكَ فيها
لكنَّ عُقباهُ كَرْبُ
وكيفَ يُلْتَذُ سِلمٌ
يَتْلو أُخَيراهُ حربُ؟
من أينَ خِلٌّ وفيٌّ
حُلْوُ المذاقة ِ عذبُ
لا عُجبَ فيهِ ولكنْ
فيه لقلبي عُجُبُ
كالسيّفِ ليس بنابٍ
والسَّيفُ بالضربِ يَنْبو
والطِّرف ليس بكابٍ
والطِّرف بالرّكضِ يكبو
إيّاك إن كنت يوماً
تحبّ مالاً يُحبّ
والضَّرعَ لا دَرَّ فيهِ
فليس يَنفعُ حَلْبُ
والرِّزقَ يأتي شَعوبًا
وإنْ خلا منهُ شَعبُ
ما اجتُرَّ رزقٌ بحرصٍ
سِيّانِ: مَشْيٌ وَوَثْبُ
كم طائِرٍ صُدَّ عنه
ونالهُ مَن يدُبُّ
ونال رَجلٌ بطاءٌ
منه وأخفق رَكْبُ
لو أنصفتنا الليالي
وكانَ للدّاءِ طِبُّ
ما كان بغيٌ وغصْبٌ
ولا ابتزازٌ وسَلْبُ
أقسمتُ بالبيتِ طافتْ
به جحاجحُ غُلْبُ
سَرَتْ وأدنتْ إليه
بهم جيادٌ ونُجبُ
شُعثٌ سِغابٌ ومِنْ تحْـ
ـتِهمْ ظِماءٌ وسُغبُ
ما ضرَّهُ وهْوَ يُطوَى
إليه سَهْبٌ فسهبُ
وللملائكِ مِنْ حَوْ
لِهِ حَفيفٌ وقُربُ
أن لا يكون عليه
للعين وَشْيٌ وعَصْبُ
وبالّذي هَرَقوهُ
من الدّماءِ وصبّوا
والبائتين بِجَمْعٍ
لهم أوارٌ وشبُّ(27/352)
جَبُّوا العلائقَ عنهم
وإنَّما الإِثمَ جَبُّوا
لا ابتعْتُ ذُلاًّ بعزٍّ
وفي يَمينيَ عَضْبُ
ولا أقضّ عل ما
صنعتُه ليَ جَنبُ
ولا تركتُ لساناً
يقول لي لك ذَنبُ
أذلَّ ربّيَ قومًا
لهم من الذلِّ شربُ
رأوا قذى ً لم يبالوا
به فأَغْضَوْا وعَبُّوا
قِيدوا ببارقِ نفعٍ
كما يُقادُ الأَجَبُّ
كم ذا التمادي وعُمرٌ
يجري بنا ويخُبُّ؟
فإن عتبتُ على الدّهـ
ـرِ ضاعَ منّي عَتْبُ
أرعى الأمانيَ عُمري
مرعى ً لعمركَ جَدبُ
وليس بالرُّمحِ طَعنٌ
وليسَ بالسَّيفِ ضَرْبُ
أبغي وما العودُ رَطْبًا
ما كانَ والعودُ رَطْبُ
وكانَ رأسيَ ليلاً
ما فيهِ للعينِ شُهْبُ
فالآنَ ليليَ صُبْحٌ
يَزْوَرُّ عنهُ المحبُّ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> تعالوا إلى ما بيننا من تجرُّمٍ
تعالوا إلى ما بيننا من تجرُّمٍ
رقم القصيدة : 24298
-----------------------------------
تعالوا إلى ما بيننا من تجرُّمٍ
ومن ذاك ماتحنى عليه الأضالعُ
نقل فيه لاتثريب يوما عليكمُ
كما قال مَن أثْنَتْ عليه القوارعُ
فعُمْرُ التَّلاحي في الهوى غيرُ عامرٍ
وعيشٌ به هجرُ الأحبَّة ِ ضائعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> سائلْ بيثربَ هل ثوى الرَّكبُ
سائلْ بيثربَ هل ثوى الرَّكبُ
رقم القصيدة : 24299
-----------------------------------
سائلْ بيثربَ هل ثوى الرَّكبُ
أم دونَ مَثْواهُمُ به السَّهْبُ؟
ولقد كتمتهُمُ هوايَ بهمْ
والحبّ داءٌ كظمه صَعْبُ
ياصاحبيَّ ومنْ سعادة من
حملَ الصبابة َ أنْ له "صَحْبُ"
لا تأخذا بدمي، متى أخذت
نفسي، سوايَ فما له ذنبُ
مِن عند طرفي يومَ زرتُكُمُ
نفذَ الغرامُ وزارني الحِبُّ
وإذا رأيتُ الحسنَ عندَكُمُ
دونَ الخلائِقِ كيف لا أصبو؟
يَجْني عليَّ ولا أُعاتبُه
مَن ليس ينفعُ عندَه العَتْبُ
ويصدُّ عنّي غيرَ محتشمٍ
مُتيقِّنٌ أنِّي بهِ صَبُّ
ووشى إليهِ "بسلوتي" مَذِقٌ
نَغِلُ المودّة ِ صِدقُهُ كِذْبُ
وشجاهمُ أنّي فضَلتُهُمُ(27/353)
وعلى الفضائلِ يحسُدُ النَّدْبُ
أَتَرَوْنَ أني منكُمُ كثِبٌ
هَيهاتَ ما إِنْ بَيْنَنَا قُربُ
الغابُ يضمرني مكامِنُهُ
ما ليس يُضمرُ مثلَه الزِّرْبُ
كلاّ ولا الأعضاءُ واحدة ٌ
والرأسُ ليس يُعَدُّ والعَجْبُ
وإلى فخارِ الملك أُصدِرُها
كَلِماً تسير بذكرها الكُتْبُ
وبها على أكوارِ ناجية ٍ
نَصَّ المنازلَ عنّيَ الرّكبُ
والكأسُ لولا أنها جَذبتْ
سُمّارَها ما ذاقَها الشَّرْبُ
شَبّوا سَناها مُفسدينَ لها
فكأنَّ مِسْكَ لطيمة ٍ شبَّوا
ملك إذا بصر الرّجال به
عَنَتِ الوجوهُ وقُبِّلَ التُّربُ
وإذا احْتَبى في رجعِ مَظْلَمَة ٍ
فوقارُه لم يُعطَه الهَضْبُ
من ذا الذي نال السماء كما
نالتْ يداكَ ففاتَهُ العُجْبُ؟
ومن الذي ما حلّ موضعَه
عُجمٌ "بذي" الدنيا ولا عُربُ؟
ومن الذي لمّا علا قِمَمَ التّـ
ـدبير دان الشّرقُ والغربُ؟
يا من تُعزّ بهزّ راحتِهِ
سُمْرُ الرّماح وتفخر الحربُ
ويُضيءُ في إظلامِ داجية ٍ
مالا تضيءُ لنا به الشُّهبُ
وإذا ذكرناهُ فلا وَجَلٌ
يُخشَى ولا همٌّ ولا نَصبُ
وتُذاد أدواء الزّمان به
عنّا ويُطرد باسمه الجَدْبُ
ولقد بلوكَ خلالَ مُعضلة ٍ
دَهَمَتْ يُقضُّ بملها الجَنْبُ
حيثُ استرثّتْ كلُّ مُكَمة ٍ
مَن عَقدُه وتزايَل الشَّعْبُ
ففرَجْتَها وعلى يديكَ بلا
بَشَرٍ يُعينك نُفِّس الكربُ
قد كان قبلك مَن لهُ سِيَرٌ
عوجُ المتونِ ظُهورها حُدْبُ
دَرَستْ فلا خبرٌ ولا أثرٌ
مثلَ الهشيم هَفَتْ به النُّكْبُ
فالآنَ قد ساسَ الأمورَ فتًى
بمراسها وعلاجها طَبُّ
ولغيرِها التَّخويفُ والرُّعبُ
ونَأَتْ فقرَّبَها على عَجَلٍ
من راحتيكَ: الطَّعنُ والضَّربُ
قد عبّ فيها الشاربون على
ظَمإٍ ولولا أنتَ ما عبُّوا
وتلاعبوا " فيما أبّرْتَ" لهم
والجِدُّ يوجدُ بعدَه اللِّعْبُ
وتراهُمُ يتمعّكون بها
أَشَرًا كما يتمعَّكُ الجُرْبُ
وأتيتَ مُعتذرًا إلى زمنٍ
فكأنَّما لكَ عندَهُ الذَّنبُ
ما أنسَ لا أنسَ اهتتزازَك لي(27/354)
واليومُ تُرفعُ دونه الحُجْبُ
في مجلسٍ لي فيه دونهُمُ
سَعَة ُ المحلَّة منكَ والرُّحْبُ
وعلى الأسرَّة منك بدْرُ دُجًى
لي منه عند وساده القُربُ
فاسْعَدْ بهذا المِهْرَجانِ ودُمْ
أبدًا تنيرُ لنا ولا تَخْبو
وتَهَنَّأِ الأيامَ آنفة ً
فاليومَ فيكَ لأمّه القربُ
واطالَ عُمرَ "الأشرفينَ" لنا
وكَفاهُما ووقاهُما الرَّبُّ
حتى تَرى لهما الذي نظرتْ
عيناك منكَ فإنَّه حَسْبُ
شعراء العراق والشام >> عمر أبو ريشة >> عودي
عودي
رقم القصيدة : 243
-----------------------------------
قالتْ مللتُكَ . إذهبْ . لستُ نادِمةً
على فِراقِكَ .. إن الحبَّ ليس لنا
سقيتُكَ المرَّ من كأسي . شفيتُ بها
حقدي عليك .. ومالي عن شقاكَ غنى !
لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنيةً
لقد حملتُ إليها النعش والكفنا ...
قالتْ .. وقالتْ .. ولم أهمسْ بمسمعها
ما ثار من غُصصي الحرى وما سَكنا
تركْتُ حجرتها .. والدفءَ منسرحاً
والعطرَ منسكباً .. والعمر مُرتهنا
وسرتُ في وحشتي .. والليل ملتحفٌ
بالزمهرير . وما في الأفق ومضُ سنا
ولم أكد أجتلي دربي على حدسِ
وأستلينُ عليه المركبَ الخشِنا ..
حتى .. سمعتُ .. ورائي رجعَ زفرتها
حتى لمستُ حيالي قدَّها اللدنا
نسيتُ مابي ... هزتني فجاءتُها
وفجَّرَتْ من حناني كلَّ ما كَمُنا
وصِحتُ .. يا فتنتي ! ما تفعلين هنا ؟؟
البردُ يؤذيك عودي ... لن أعود أنا !
العصر العباسي >> البحتري >> هل الفتح إلا البدر في الأفق المضحي
هل الفتح إلا البدر في الأفق المضحي
رقم القصيدة : 2430
-----------------------------------
هلِ الفتحُ إلاّ البدرُ في الأُفُقِ المُضْحي
تجَلّى، فأجلى اللّيلَ جُنحاً على جُنحِ
أوِ الضَّيغَمُ الضّرْغَامُ يَحمي عَرِينَهُ،
أوِ الوَابِلُ الدّاني، منَ الدّيمةِ السَّحّ
مضَى مِثْل ما يَمضِي السّنانُ، وأشرَفَتْ
بهِ بَسطَةٌ، زَادَتْ على بَسطةِ الرّمحِ
وأشرَقَ عن بِشرٍ، هوَ النّورُ في الضّحى،(27/355)
وَصَافَى بأخلاقٍ، هيَ الطّلُّ في الصّبحِ
فَتًى يَنطَوي الحُسّادُ مِن مَكرُماتِهِ،
وَمن مَجدِهِ الأوْفَى على كَمَدٍ بَرْحِ
يَجُدُّ فَتَنقادُ الأُمُورُ لجِدّهِ،
وإنْ رَاحَ طَلْقاً في الفُكاهةِ والمَزْحِ
وَما أُقفِلَتْ عَنّا جَوَانبُ مَطلَبٍ
نُحاوِلُهُ،إلاّ افتَتَحناهُ بالفَتحِ
فِدَاؤكَ أقْوَامٌ سَبَقْتَ سَرَاتَهُمْ
إلى القِمّةِ العَلياءِ، والخُلُقِ السّمحِ
وَعَدْتَ، فأوْشِكْ نُجْحَ وَعدِكَ، إنّهُ
منَ المَجْدِ إعجالُ المَوَاعِيدِ بالنُّجحِ
وأنتَ تَرَى نُصْحَ الإمامِ فَرِيضَةً،
وإخْبَارُهُ عَنّي سَبيلٌ منَ النُّصْحِ
لَهُ مَكرُماتٌ يَقصُرُ الوَصْفُ دونَهَا،
وأبْلَغُ مَدْحٍ يُستَعَارُ لَهَا مَدْحي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أمِنْ أجلِ أن أعفاك دهرُكَ تطمَعُ
أمِنْ أجلِ أن أعفاك دهرُكَ تطمَعُ
رقم القصيدة : 24300
-----------------------------------
أمِنْ أجلِ أن أعفاك دهرُكَ تطمَعُ
وتأمن في الدنيا وأنتَ المروعُ؟
فإنْ كنتَ مغروراً بمن سمحتْ بهِ
صروف الليالي فهي تعطى وتمنعُ
شفاءٌ وأَسقامٌ وفقرٌ وثَرْوَة ٌ
وبَعْدَ ائتلافٍ نَبْوَة ٌ وتصدُّعُ
تأمل خليلي هل ترى غير هالكٍ
وإلاّ مُبَقّى ً هُلْكُهُ مُتَوقَّعُ؟
فما بالُنا نَبْغي الحياة َ وإنَّما
حياة ُ الفتَى نَهجٌ إِلى الموتِ مَهْيَعُ؟
لنا كل يومٍ صاحبٌ في يد الردى
وماضٍ إلى دارِ البِلى ليس يرجعُ
ومغنى جميعٍ فرّق الدّهر بينهم
ودارُ أنيسٍ أوْحَشَتْ فَهْيَ بَلْقَعُ
وقيدَ إلى الأجداث عادٌ وتبعُ
وآل نزار زعزعت من عروشهم
بأيدي الرَّزايا السُّود هوجاءُ زَعْزعُ
ولم يبق من ابناء ساسان مخبرٌ
ولم يبدُ من أولادِ قيصَرَ مُسمِعُ
ولم ينجهم منه عديدٌ مجمعُ
ولم ينجهم منه عديدٌ مجمعُ
ولم يثنهم عنه مشيدٌ مرفعُ
فلا معصم فيه سوارٌ معطنٌ
ولامَفْرَقٌ يَعلوهُ تاجٌ مُرَصَّعُ
كأنهمُ بعد اعتلاءِ وصولة ٍ
أديمٌ مفرى أو هشيمٌ مذعذعُ
وليس لهم إلا بناءٌ مهدمٌ(27/356)
وركنٌ بمرِّ الحادثات مضعضعُ
وقطَّعَ عنِّي معشري وأصادِقي
وشملُ امرئ فات الردى متقطعُ
وكانوا وعزَّاتُ الزَّمانِ ذليلة ٌ
لديهم وأجفان المنياتِ هجعُ
متى أعجموا كانوا الصّخور وإن هم
دُعُوا يومَ مكروهٍ أجابوا فأسرعوا
وإن شهدوا الهيجاء والسّمر شرَّعٌ
فذاك عرينٌ لا أبا لك مسبعُ
تفانَوْا فماضٍ بانَ غيرَ مُودَّعٍ
تعاجَلَهُ صرفُ الرَّدى أو مودَّعُ
ألا قل لنا عى جعفر بن محمد
واسمعني ياليت لم أكُ أسمعُ
فما لكَ منِّي اليومَ إلاّ تَلَهُّفٌ
وإلا زفيرٌ أو حنينٌ مرجعُ
وإلا عضاض للأباهمِ من جوى
وهل نافعٌ أنْ أُدْمِيَتْ ليَ إصبعُ
ولو كانتِ الأقدارُ تُوقَى وَقَتْك من
نيوب الردى أيد طوال وأذرعُ
كرامٌ إذا ضنَّ الغمامُ تدفقوا
وإنْ أقحطَ العامُ الشّماليُّ أمْرَعوا
وإن طلبوا صعباً من الأمر أرهقوا
معاقلهم مافيهم من بسالة ٍ
وليس لهم إلا القنا السُّمر أدرعُ
وبيضاً تراهن العيون وعهدها
بَعيدٌ بأَيمانِ الصَّياقلِ تلمعُ
ومافيهم والحربُ تقتنص الطّلى
بأيدي الظُّبا إِلاّ الغلامُ المُشَيَّعُ
صحبت به عصر الشبابِ وطيبه
وكنت إلى نجواه في الهمِّ أفزعُ
وللسِّرِّ منّي بينَ جنبيهِ مَسكَنٌ
حميٌّ أبيٌّ شاحِطٌ مُتمنِّعُ
وكم رامه مني الرجال وإنما
يرومون نَجماً غارباً ليس يطلعُ
ولم أسلهُ لكن تجلدت كي يرى
شموتٌ بحزني أنّ صدريَ أوسعُ
وقالوا: عهدنا منك صبراً وحسبة ً
وفي الرُّزءِ لا يجري لعينيك مدمعُ
فقلت مصيبات الزمان كثيرة ٌ
وبعضُ الرّزايا فيه ادهَى وأوجعُ
ذكرتك والعينان لاغرب فيهما
فلم تبق لي لمّا ذكرتك أدمع
ومازُلتَ عن قلبي وإنْ زُلتَ عن يدي
وقد تنزعُ الأقدارُ ماليس يُنزعُ
فإن ترق عيني من بكاءِ تجملاً
فمن دونها قلبٌ بفقدك مُوجَعُ
ومابعد يومٍ أمطرتك مدامعي
لعيني مبكى أو لقلبي مجزعُ
وكم قلَّبتْ كفّايَ من ذي مودَّة ٍ
فلم يلقني إلا الملوم المقرعُ
عرفتك لمّا أن وفيت وماوفوا
وحين حفظتَ العهدَ منِّى وضيعوا(27/357)
فنعمَ مُشيراً أنتَ والرَّأيُ ضيِّقٌ
ونعم ظهيراً أنت والخطب أشنعُ
وإنّ غناء بعد هللكك أصلمٌ
وإن وفاء بعد فقدك أجدعُ
وليس لإخوان الزمان وقد سقوا
فراقك صرفاً من يضر وينفعُ
عهدتُك لاتعْنو لباسٍ ولم تَبِتْ
وخدك من شكوى الشدائد أضرعُ
وعزَّ على قلبي بأنَّك مُفردٌ
أُناجيك لَهْفاً نائماً ليس تسمَعُ
وأنَّك مِن بعدِ امتناعِ وعزَّة ٍ
تُحَطُّ على أيدي الرِّجالِ وتُرفعُ
فمالك مهجوراً وأنتَ مُحبَّبٌ
ومالك مبذولاً وأنت الممنعُ؟
وقد كنت صعباً شامس الظهر آبياً
وأنت لرحل الموت عودٌ موقعُ
وما ذاك عن عجزٍ ولا ضَعْفِ قوّة ٍ
ولكنَّه الأمرُ الذي ليس يُدفعُ
وماسرني أني نبذتك طائحاً
بغبراء لاتدنو ولاتتجمعُ
وأودعت بطن الأرض منك نفيسة ً
وهلْ مُودَعٌ في التُّربِ إلاّ المُضَيَّعُ؟
سقى قبرك الثاوى بملساء قفرة ٍ
غزائرُ من نسجِ العشيَّاتِ هُمَّعُ
كأنَّ السَّحابَ الجَوْنَ يَنطِفُ فوقَهُ
ركائبُ يحملْنَ الهوادجَ ضُلَّعُ
ولازال مطلولَ التراب وحوله
منَ الرَّوض مُخضرُّ السَّباسبِ مُمْرعُ
وجيد بريحانٍ وروحٍ ورحمة ٍ
وناء بمافيه الشفيعُ المشفعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> نصيبيَ منكَ اليومَ هجرٌ وبِغْضَة ٌ
نصيبيَ منكَ اليومَ هجرٌ وبِغْضَة ٌ
رقم القصيدة : 24301
-----------------------------------
نصيبيَ منكَ اليومَ هجرٌ وبِغْضَة ٌ
ومالكِ إلاّ في الوداد نصيبُ
وقلبُكِ من حُبّي صحيحٌ مسلَّمٌ
وقلبيَ فيه من هواكِ ندوبُ
ورابكِ منِّي . قبل أنْ تَتَبيَّني
بأنْ ليس لي أمرٌ عليهِ - مشيبُ
وعاقبني ظُلماً وكم من مُعاقَبٍ
وليس له عند الحسانِ ذنوبُ
وليس عجيباً شيبُ رأسي وإنما
صدودُك عن ذاك المشيب عجيبُ
هَبيهِ نهارًا بعدَ ليلٍ وروضة ً
تَضاحكَ فيها النَّوْرُ وهي قَطوبُ
لا تطلبي شرخ الشباب وقد مضى
فذلك شيءٌ ما أراه يثوبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لاهطلَ الغيثُ بدارِ الأُلى
لاهطلَ الغيثُ بدارِ الأُلى(27/358)
رقم القصيدة : 24302
-----------------------------------
لاهطلَ الغيثُ بدارِ الأُلى
ليسَ بهمْ راضٍ ولاقانعُ
الشَّرُّ في أبياتهمْ لابثٌ
والخير فيما بينهم ضائعُ
مَن يشتري منِّي جِواري لهمْ
فإنَّني اليومَ له بائعُ؟
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> على مثل هذا اليوم تُحنى الرَّواجبُ
على مثل هذا اليوم تُحنى الرَّواجبُ
رقم القصيدة : 24303
-----------------------------------
على مثل هذا اليوم تُحنى الرَّواجبُ
وتُطوى بضلٍ حيز فيه الحقائب
حُبينا وأمّرنا به فبيوتُنا
لدُنْ قيل ما قد قيل فيه الأهاضبُ
وطارتْ بما نلناهُ أجنحة ُ الورى
وسارت به في الخافقين الرّكابُ
وقال أناسٌ ما رأوا لنا :
ألا هكذا تأتي الرّجال المواهبُ!
ظفرتمْ بما لم نَحظَ منه بِنَهْلَة ٍ
ولذَّتْ لكم دونَ الأنامِ المشاربُ
وبوّاكُمُ الشَّعبَ الذي هو ساكنٌ
رسول له أمرٌ على الخلق واجبُ
فلما مضى مَن كان أمّرنا لَكمْ
أَتَتْنا كما شاءَ العقوقُ العجائبُ
فقل لأناسٍ فاخرونا ضلالة ً
وهُمْ غرباءٌ من فخارٍ أجانبُ:
متى كنتُمُ أمثالنا؟ ومتى استوتْ
بنا وبكم في يومِ فخرٍ مراتبُ؟
فلا تذكروا قُربى الرّسولِ لتدفعوا
مُنازعكم يوماً فنحنُ الأقاربُ
ومن بعد يوم "الطّف" لا رحكٌ لنا
تَئِطُّ ولا شَعبٌ يرجِّيهِ شاعبُ
وكنّا جميعًا فافترقْنا بما جَرى
وكم من لصيقٍ باعدَتْه المذاهبُ
ونحنُ الرؤوسُ والشوى أنتمُ لنا
ومن دوننا أتباعُنا والأصحابُ
لنا دونكم "عبّاسنا" و" عليّنا"
ومن هو نجم في الدُجُنَّة ِ ثاقبُ
ولو أننا لم نُنه عنكم أتَتكمُ
سِراعاً بنا مقانبٌ وكتائِبُ
وقومٌ يخوضون الرَّدى وأكفُّهم
تُناط ببيضٍ لم تخنها المضاربُ
إذا طُلبوا لو يرهبوا من بسالة ٍ
ومَن طَلبوا ضاقتْ عليه المذاهبُ
فما بيننا سِلمٌ ومن كان دهرَه
يكتّم ضغنا في حشاه محاربُ
وقيلَ لنا: للحقِّ وقتٌ معيَّنٌ
يقوز به باغٍ وينجحُ طالبُ
فلا تطلبوا مالم يَحتْ بعدُ حينُهُ(27/359)
فطالبُ ما لم يقضِهِ اللهُ خائبُ
فإنْ دُولٌ منكم مشين تبختراً
زمانًا فقد تمشَّى الطِّلاَحُ اللواغِبُ
وإن تركبوا أثباج كلِّ منيفة ٍ
فكم حُطَّ من فوقِ العَليَّة ِ راكبُ
فلا تأمنوا من نامَ عنكم ضرورة ً
فمُقْعٍ إلى أن يُمكنَ الوثبَ واثبُ
كأنّي بهنّ كالدَّبا هبَّتْ الصَّبا
به في الفلا طوراً وأخرى الجنائبُ
يحكّونَ أطرافَ القَنا بِنُحورهم
كما حكَّتِ الجِذلَ القِلاصُ الأجاربُ
أَبِيُّونَ ما حَلّوا الوهادَ عنِ الرُّبا
وما لهم فيهمُ في حومة الجدب واهبٌ
وكم منهمُ في غَمرة ِ الحربِ سالبٌ
وكم فيهمُ في حومة ِ الجدبِ الصّوائبُ
وإني لأرجو أن أعيشَ إلى الَّتي
تحدّثنا عنها الظّنونُ الصّوائبُ
فُتقضى ديونٌ قد مُطِلْنَ وتنجلي
دياجِرُ عن أبصارنا وغَياهبُ
وتَجري مياهٌ كنَّ بالأمسِ نُضَّبًا
وتَهْمي كما شِئنا علينا السَّحائبُ
وتُدرَكُ ثاراتٌ وتُقضى لُبانة ٌ
وتُنجَحُ آمالٌ وتؤتَى مآربُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> هل ليالي بالمنقى رجوعُ
هل ليالي بالمنقى رجوعُ
رقم القصيدة : 24304
-----------------------------------
هل ليالي بالمنقى رجوعُ
مثلما كنّ لي ونحن جميعُ؟
زَمنٌ راعني تذكُّرُهُ الثّا
وي وإنْ كانَ ماضياً لا يَريعُ
كم إليهِ لذاكريهِ حنينٌ
وعليه لناظريه دموعُ
ونزاعٌ ما إن يخاف وإن أك
ـثَرَ عُذّالَه إليهِ النُّزوعُ
حبَّذا ظلُّه ونحنُ ومَن نَهْـ
ـوَى فريقانِ: حافظٌ ومُضيعُ
إذْ قناتي ممتدَّة ٌ وشَفيعي
مِن شبابي إلى الحسانِ شَفيعُ
ساحباً بالبقيع من نشواتي
فضل ثوبي إذ البقيعُ بقيعُ
وطنٌ طاب جوّه وثراه
فكأنّ المصيف فيه ربيعُ
لا أريد الصّديق في مشهديعي
ني كليلٌ وفي المغيب قطوعُ
حسنٌ منه مابدا وقبيحٌ
وكلُّ شئٍ تجنُّ منه الضلوعُ
وإِذا ما نَكِرْتُ أرضاً فإنِّي
لارتحالٍ عن أهلها مُستطيعُ
بخليل جفا على َّ خليلٌ
وربوعٍ نَبَتْ برَحْلي ربوعُ
وقرا كلِّ جسرة ٍ تحمل اله
م فتنجو وماعلاها القطيعُ(27/360)
تصلُ الوَخْدَ بالوجيفِ وسِيّا
نِ هجيرٌ في سيرِها وهَزيعُ
يَحسَبُ الجاهلُ المضلَّلُ أنِّي
إن غلابي البعاد سوف أضيعُ
بعد أن سارت الرّكاب بذكر
من فخارى يذيعه من يذيعُ
أرَجٌ لا يضيعُ بينَ رجالٍ
حاولوا طيهُ ولكن يضوعُ
واللّيالي يعلمْنَ أنَّ صنيعي
ساطعٌ في سوادِهنَّ صَديعُ
ولقد أعضَلَ امرءاً جحدَ البَدْ
رَ أَوِ الشّمسَ مُشرقٌ وطُلوعُ
سائلِ العاجزَ الجبانَ إِذا ما
أيقظتك الأوتار كيف الهجوعُ؟
ولماذا أسمو بنفسي إذا ما
راعَها في زمانِنا مايروعُ؟
لو نجا خائفٌ بفرط توقّيه لما فارق الحياة الهلوعُ
ـهِ لما فارقَ الحياة َ الهَلوعُ
ضلَّ مَن يبتغي الحياة َ بذلٍّ
فلشرٌّ من الممات الخشوعُ
وقديماً حبُّ الحياة لعوبٌ
ـفِقُ من ريبة ِ الحوادثِ رُوعُ
إنما الفخر أن تولج أمراً
كلُّ قوم عن بابه مدفوعُ
وتجوبَ الدُّجَى لفُرصة ِ أمرٍ
وطيورُ الرَّجاءِ عنها وقوعُ
وبنفسي فتى ً وقلت له نفسي خروج من الخطوب طلوعُ
ـسي خَروجٌ منَ الخطوبِ طَلوعُ
يشهد الحرب حاسراً ثم يأتي
وعليه منَ النَّجيعِ دُروعُ
وتراهُ القَصِيَّ إنْ سِيمَ ضَيماً
وهْوَ في كلِّ ما أَرَغْتَ مطيعُ
وبطئٌ عن القبيحِ ثقيلٌ
وخفيفٌ إلى الجميلِ سريعُ
وإذا شِيمَ بارقٌ من نداهُ
فغمامٌ دانى الرّباب هموعُ
نحنُ قومٌ تَحلو لنا جُرَعُ المَوْ
تِ إذا كانَ في الدُّعاءِ الخضوعُ
والذي نَبتنيهِ في عَرَصاتٍ
ـه لعينيكَ فالسَّرابُ اللَّموعُ
ولنا يعلم الأنامُ قناة ٌ
ليس فيها لعاجميها صدوعُ
وصَفاة ٌ يزِلُّ أيَّ زَليلٍ
عن علوق بها المقالُ الشنيعُ
ونثاً لم يخُنْهُ فينا عَيانٌ
وأُصولٌ ما كذَّبتْها فُروعُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أتنَسيْنَ يا لمياءُ شَملكِ جامعًا
أتنَسيْنَ يا لمياءُ شَملكِ جامعًا
رقم القصيدة : 24305
-----------------------------------
أتنَسيْنَ يا لمياءُ شَملكِ جامعًا
وإذْ أنا في صبغ الدُّجَى منك أقربُ؟
وقد لفّنا ضيق العناقِ وبيننا(27/361)
عتابٌ كعَرفِ المِسكِ أو هو أطيبُ
وإذ علّني من ريقهِ ثم علّني
على ظمإٍ مُستعذَبُ الرِّيق أشنبُ
كأنَّ عليهِ آخرَ اللّيلِ قهوة ً
معتقة ً "ناجدوها" يتصوّب
أُحبّكِ يا لمياءُ مِن غيرِ رِيبة ٍ
ولا خير فيما جاءه المتريِّبُ
ويُطربُني إنْ عنَّ ذكرُك مرّة ً
ولستُ لشيءٍ غيرَ ذكراك أَطربُ
وفي المعشرِ الغادين بدرُ دُجُنّة ٍ
عَلوقٌ بألبابِ الرّجال محبّبُ
يَدِلُّ فلا تَأبى القلوبُ دلالَهُ
ويُلقي باسبابِ الرِّضا حينَ يغضَبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> كم ذا تذلّ بهذا الأمر أرءسنا
كم ذا تذلّ بهذا الأمر أرءسنا
رقم القصيدة : 24306
-----------------------------------
كم ذا تذلّ بهذا الأمر أرءسنا
وما لنا فيه إلاّ الرَّيُّ والشِّبَعُ
لم يبعد المرءُ فتراً من مذلتهِ
بين الرجالِ وفي حيزومه الطمعُ
لا تطلبِ النَّفْعَ في الدنيا فكم طلب الْرِ
جالُ نفعاً منَ الدنيا فما انتفعوا
إنْ لم يكن في طِلابِ الوَفْرِ مُنْتَجعٌ
ففي طلاب جميل الذكر منتجعُ
وانظر إلى الناس، قاضي لا يطيق لما
عراه دفعاً وماضٍ ليس يرتجعُ
كأنهم بعد أن شطّ الفراقُ بهم
لم يلبثوا بيننا يوماً ولاا جتمعوا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> مَنْ لداعٍ لا يجابُ
مَنْ لداعٍ لا يجابُ
رقم القصيدة : 24307
-----------------------------------
مَنْ لداعٍ لا يجابُ
ة شفاءٍ لا يُصابُ
ومُعَنَّى مالهُ عِنْـ
ـدَكمُ إلاّ العذابُ
في الحَشا منه ندوبٌ
وزفيرٌ والتِهَابُ
ولقد قلتُ وللمشـ
ـغوفِ في الأمر ارتيابُ
زالت الأرواح أم زا
لتْ حُدوجٌ وقِبابُ؟
يا حليف الهجر هلْ للْـ
ـحبلِ موضولاً إيابُ؟
كنتَ لي أرْياً عِنْـ
ـديَ مذ فارقتَ صابُ
كيف أُروى والبعيدا
تُ ثناياك العِذابُ
إنَّ في الأظعانِ قومًا
أحضروا الشَّوقَ وغابوا
وإذا عاتبتَ منهم
ـضَتْ منَ الجوِّ عُقابُ
كلّ يومٍ لك بينٌ
لم يَصِحْ فيه غُرابُ
وبِعادٌ من حبيبٍ
لم يحن منه اقترابُ
وملال من "خليٍّ"(27/362)
ونُبوٌّ واجْتِنابُ
حبّذا أيامُ سَلْعٍ
وسَقاهُنَّ السَّحابُ
كيفَ شَكوايَ زمانًا
كانَ لي فيهِ الشّبابُ؟
وكرامٌ لهمُ منْ
ورق العزّ ثيابُ
وثنايا في ذُرا المجـ
ـد على الرَّاقي صِعابُ
لا يريبونَ وإمّا
رابَهُمْ يومَ أرابوا
كلَّما مرَّ زمانٌ
عَذُبوا فيهِ وطابوا
وإذا لم يكُنِ الرِّسْـ
مُ عنِ الأمرِ وهابوا
وطما المدُّ الذي فيـ
ـهِ منَ الموتِ عُبابُ
هَجموهُ مثلما انقَضْـ
تْ من الجوّ عُقابُ
ثم سالتْ منهمُ بالطَـ
ـطعن والضّرب شِعابُ
قل لحسّادي " أفيقوا
فاتكم عندي الطِلابُ
للذي عابَ مَعابُ
وله عِرْضٌ نَقيٌّ
زالقٌ عنه السِّبابُ
عامر الرّبع وفي الأعـ
ـراضِ ما شئتم خرابُ
مَن لكم مثلي إذا عَنْـ
ـنَّ طِعانٌ أو ضِرابُ
ودفاعٌ ونِزالٌ
وسؤالٌ وجوابُ
وغِلابٌ لأعاديـ
ـكُمْ وما يُرجَى الغِلابُ؟
وجِذابٌ للذي يهـ
ـوَوْن إنْ قلّ الجِذابُ
والذي يَهدي إلى القَصْـ
ـدِ وقدْ ضَلَّ الصَّوابُ
في مُقامٍ ليس إلاّ
أُسُدٌ فيه وغابُ
وجريحٌ وقتيلٌ
لا يواريه الترابُ
لكُمُ منِّيَ ظُفْرٌ
في المُلِمّاتِ ونابُ
وصباحٌ كلّما أظ
لَم خطبٌ وشهابُ
لستُمُ السيفَ فلِمْ أَنـ
ـتُمْ بلا سيفٍ قِرابُ؟
ما استوى في عَطَن القو
ـومِ صِحاحٌ وجِرابُ
لا ولا عادَلَتِ النِّيـ
ـبَ المسنّاتِ السِّقابُ
يا خليلي إنَّما الدَّهْـ
ـرُ مجيءٌ وذهابُ
وعَطاءٌ خلفَه مِنْـ
ـه ابتزازٌ واستلابُ
وسليمٌ ولَديغٌ
ومُوقّى ً ومصابُ
احذرِ الدهر فللدّهـ
ـر ازورارٌ وانقلابُ
ودعِ الحرصَ لقومٍ
حُرموا الرّشدَ وخابوا
ما إلى الذُّلِّ سِوى الحِرْ
صِ على الأموالِ بابُ
كل شيئٍ أنشأتْهُ
تربة ُ الأرضِ تُرابُ
وإذا فُزنا بصدقٍ
من غنى ً فهو كِذابُ
واطلب العزَّ فما دو
ن المدى العزّ حجابُ
بأُناسٍ كلما نو
دوا لمعروفٍ أجابوا
ليسَ تُنسيهم عن الهـ
ـمِ حروبٌ وحِرابُ
وكنِ المُقدمَ فالمغـ
ـبونُ فينا من يهابُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ليتَ أنّا لمّا فَقَدْنا الهُجوعا(27/363)
ليتَ أنّا لمّا فَقَدْنا الهُجوعا
رقم القصيدة : 24308
-----------------------------------
ليتَ أنّا لمّا فَقَدْنا الهُجوعا
وهو إلفٌ لنا فقدنا الدموعا
حاشَ للهِ أنْ أكونَ وقد فا
رقت أهلَ الخيام يوماً قنوعا
من يغيب عنه ساكن الدار لا يس
أل إلا طلولها والربوعا
لو علمنا أنَّ الفراقَ طويلٌ
لأَطَلْنا يومَ النَّوى التَّوْديعا
لارعى الله للوشاة ِ ولا نا
دَوْا مُجيباً في النَّائباتِ سَميعا
قد أضاع الذين كانوا على العه
د عهودي ومارأوني مضيعا
وبَلَوْنا منَ الغرام بما لَوْ
كان من غيرهم لكان وجيعا
قل لطيف الخيال ليلة هوم
نا بنجدٍ إلا طرقت هزيعا؟
والمطايا منَ الكلالِ على رَمْـ
ـلٍ زَرودٍ قدِ افترشنَ الضُّلوعا
ماعَلى من يَحُلُّ بالغَوْرِ لو با
ت لنا طيفه بنجد ضجيعا؟!
خادعونا بالزور منك عن الحقِّ
فما زال ذو الهوى مخدوعا
وكِلونا إلى النُّزُوعِ عن الحبْ
بِ وهيهاتَ أنْ نريدَ النُّزوعا
واطلبوا إنْ وجدتُمْ كاتماً للْـ
ـسِرِّ فيكُم فقد وجَدْنا المُذيعا
أيّها النّاخل الرّجال يرجّى
رجلاً واحداً لخلٍّ مُطيعا
كن أخا نفسك التي أنت منها آمنٌ
آمنٌ واحذرِ الأنامَ جميعا
لاتُصخْ نحوَهُمْ بسمعٍ فكم لا
موا وقوراً منهم وأعفوا خليعا
ومتى يضمك ريبٌ فلا تب
ـدِ خضوعاً ولاتُطأطىء خُشوعا
مايضرُّ الفتَى إِذا صحَّ عِرْضاً
أنْ يَرى النَّاسُ ثوبَهُ مَرقوعا
إن فخْرَ الملوكِ أودعَ عندي
نعماً أخفتِ النهار طلوعا
كل يومٍ أُثنى بفعلٍ كريمٍ
جاءني منه أو أعدُّ صنيعا
مأثراتٌ ما نلتها بوسيلٍ
لي منه ولادعوتُ شفيعا
وإذا ما مضَتْ عليها اللّيالي
زدتُ فيها نَضارة ً ونُصوعا
ورجالٌ راموا مداهُ وقد فا
تَ، فراموا ما يُعجزُ المستطيعا
قد رأَوْهُ بالأمسِ يحمي عنِ المُلْـ
وك عداه فما رأوه جزوعا
ورأوْا في يديهِ بِيضَ المواضي
في ذرا الهام سجداً وركوعا
وإذا صِينَ بالدُّروعِ جُسومٌ
جعل الطّعنَ للجسوم دروعا
قد ركبتمْ فما ركبتمْ عظيماً(27/364)
وبنيتُم فما بنيتُمْ رفيعا
وجهدتم أن تدركوا سورة العزِّ فكانت منكم سراباً لموعا
زِ فكانت منكمْ سَراباً لَموعا
وسئلتم فما بذلتم وماسا
وى بذولٌ في المكرمات منوعا
لايمل الإرمام إن وادعوه
وأخو طَيْشة ٍ إِذا هوَ رِيعا
يا إله الورى الذي ملأ الأر
ضَ بهِ رأفة ً وأمْناً وَسِيعا
كن له جانباً حريزاً من الخو
ف وحصناً من الخطوبِ منيعا
وأقله صرع الزمان فكم أن
قذ من نبوة ِ الزمان صريعا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> حرامٌ على قلبي السلوّ وقد بدا
حرامٌ على قلبي السلوّ وقد بدا
رقم القصيدة : 24309
-----------------------------------
حرامٌ على قلبي السلوّ وقد بدا
لعينيَ عندَ الرَّقْمتينِ قضيبُ
قضيبٌ قضى اللهُ المقدِّرُ أنَّه
إلى كلّ ألبابِ الرّجال حبيبُ
وما كانَ عندي أنَّ قَلبي يقودُهُ
إليه ويُدعى نحوه فيجيبُ
العصر العباسي >> البحتري >> أفي مستهلات الدموع السوافح
أفي مستهلات الدموع السوافح
رقم القصيدة : 2431
-----------------------------------
أفي مُسْتَهِلاّتِ الدّموعِ السّوَافحِ،
إذا جُدْنَ، بُرْءٌ من جوًى في الجَوَانحِ
لَعَمْرِي، لَقَدْ بقَى وَصِيفٌ بهُلكه
عَقابيلَ سُقمٍ للقلوب الصّحَائحِ
أسًى مُبرِحٌ، بَزّ العُيُونَ دُمُوعَها،
لمَثْوَى مُقيمٍ في الثّرَى غيرِ بَارِحِ
فَيالكَ مِنْ حَزْمٍ وَعَزْمٍ طَوَاهُما
جَديدُ الرّدى، تحتَ الثرى وَالصّفائحِ
إذا جَدّ نَاعيهِ، تَوَهّمْتُ أنّهُ
يُكَرّرُ، مِنْ أخبارِهِ، قَوْلَ مازِحِ
وَما كنتُ أخشَى أنْ يُرَامَ مَكانُهُ
بشيءٍ سوَى لحظِ العُيونِ الطّوَامحِ
وَلَوْ أنّهُ خَافَ الظُّلامَةَ لاعْتَزَى
إلى عُصَبٍ غُلْبِ الرّقابِ، جحاجحِ
فَيَا لَضَلالِ الرّأيِ كَيفَ أرَادَهُ
أحِبّاؤهُ بالمُعْضِلاتِ الجَوَائحِ
تَغَيّبَ أهلُ النصرِ عَنهُ وَأُحضِرَتْ
سَفاهَةُ مَضْعُوفٍ، وَتَكثيرُ كاشحِ
فألاّ نَهاهُمْ، عَنْ تَوَرّدِ نَفْسِهِ،
تَقَلُّبُ غَادٍ في رِضَاهُمْ، وَرَائحِ(27/365)
وَألاّ أعَدّوا بَأسَهُ وَانْتِقَامَهُ،
لكَبْشِ العَدُوّ المُستَميتِ المُناطحِ
قَتيلٌ يَعُمُّ المُسْلِمِينَ مُصَابُهُ،
وَإنْ خَصّ من قُرْبٍ قُرَيشَ الأباطحِ
تَوَلّى بعَزْمٍ للخِلافَةِ نَاصِرٍ،
كَلُوءٍ، وَصَدْرٍ للخَليفَةِ ناصِحِ
وَكَانَ لتَقوِيمِ الأُمُورِ، إذا التَوَتْ
عَلَيه وَتَدبيرِ الحُرُوبِ اللّوَاقحِ
إذا ما جَرَوْا في حَلبَةِ الرّأيِ بَرّزَتْ
تَجاريِبُ مَعرُوفٍ لَهُ السّبقُ قارِحِ
سقى عَهدَهُ، في كلّ ممسى وَمَصْبَحٍ،
دِرَاكُ الغُيومِ الغاديات الروائح
تَعَزّ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، فإنّهَا
مُلِمّاتُ أحداثِ الزّمانِ الفَوَادِحِ
لَئِنْ عَلِقَتْ مَوْلاكَ صُبحاً فبَعدَما
أقامَتْ على الأقوَامِ حسرَى النّوَائحِ
مَضَى غَيرَ مَذمُومٍ، وَأصْبَحَ ذِكرُهُ
حُليَّ القَوَافي، بَينَ رَاثٍ وَمادِحِ
فلَمْ أرَ مَفقُوداً لَهُ مِثْلُ رُزْئِهِ،
وَلا خَلَفاً مِنْ مِثْلِهِ مِثلَ صَالحِ
وَقُورٌ تُعَانيهِ الأُمُورُ، فتَنْجَلي
غَيَابَتُهَا عَنْ وَازِنِ الحِلمِ، رَاجحِ
رَمَيتَ بهِ أُفْقَ الشّآمِ، وَإنّمَا
رَمَيْتَ بنَجْمٍ في الدُّجُنّةِ لائِحِ
إذا اختَلَفَتْ سُبلُ الرّجالِ وَجَدْتَهُ
مُقيماً عَلى نَهجٍ من القول، وَاضِحِ
سَيُرْضِيكَ هَدْياً في الأُمورِ وَسيرَةً،
وَيكفيكَ شَعبَ الأبلَخِ المُتَجانِحِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> صبراً على مضضِ الخطو
صبراً على مضضِ الخطو
رقم القصيدة : 24310
-----------------------------------
صبراً على مضضِ الخطو
بِ وإِنْ أسَأْنَ بِنا صَنيعا
يعطى الزمانُ وليته
أعطى ولم يَنْوِ الرُّجوعا
من عاذرى من مطمعٍ
أَغدو له دهري مُطيعا
أَفنَى الأصولَ، وليتَه
أبقى فلم يفنِ الفروعا
أينَ الذينَ تبوَّءُوا
نشزاً من الدنيا رفيعا؟
خلفوا البدور إذا محت
ولَطالما خَلَفوا الرَّبيعا
وإذا الجسوم تدرعت
جَعلوا عزائمهمْ دُروعا(27/366)
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> وفي النَّفَر الغادينَ وجهٌ أُحبُّهُ
وفي النَّفَر الغادينَ وجهٌ أُحبُّهُ
رقم القصيدة : 24311
-----------------------------------
وفي النَّفَر الغادينَ وجهٌ أُحبُّهُ
وما كل وجهٍ في الرِّفاقِ حبيبُ
ينوب منابَ البدرِ ليلة َ تمّهِ
ويُغني غَناءَ الشّمسِ حين تغيبُ
ولمّا دعاني للغرامِ أحببيهُ
وما كانَ قلبي للغرامِ يُجيبُ
وما كنتُ إلا فيه للحبِّ طائعًا
وما لسواهُ في الفؤادِ نَصيبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ما أساء الزمان فيك الصنّيعا
ما أساء الزمان فيك الصنّيعا
رقم القصيدة : 24312
-----------------------------------
ما أساء الزمان فيك الصنّيعا
فاشكرِ اللهَ سامعاً ومطيعا
أخذَ اللهُ واحداً ثمَّ أبقَى
مالنا مَجْزَعٌ ولو أنّه كا
فهبِ الحزنَ للسُّرورِ ولا تَذْ
ر على ما مضى وفات دموعا
مالنا نجزعٌ ولو أنه كا
ن لحوشيتَ أن تكون جَزوعا
قد شَكرنا يداً تجافَتْ عنش الأصْـ
ـلِ وإنْ جثَّتِ الغصونُ فروعا
ونَجا سالماً منَ الهَوْلِ مَن دا
وَى نجاءً منه الفؤادَ الوجيعا
ولو أنّا حقّا نفكّر فيما يفعل
يفعلُ الدَّهرُ مُعطياً ومَنُوعا
لعَددنا منه العطاءَ ابْتزازاً
وحسبنا الغروب منه الطلوعا
وثلومُ الزمان في قاطع الأس
ياف يعهدن لا يصبن القطيعا
وإذا هبت الرياح فما زعزعن فينا غلا البناء الرفيعا
البناءَ الرَّفيعا
ولحمل الأثقال لا يطلبُ الحا
مل منّا إلا الجلال الضليعا
والمصيباتُ لا يُصِبْنَ سِوى الأخْـ
وإذا هبَّتِ الرِّياحُ فما زَعْـ
وإذا لم يكن سوى الموت فالما
ضي بطيئاً كمنْ يموتُ سريعا
أنا منكم خفضاً وبؤساً وأمناً
وحذراً وعزة ً وخشوعا
ولوَ أنِّي استطعتُ ما مسَّك السُّو
ء وتبقى على أن أستطيعا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> شعرٌ ناصِعٌ ووجهٌ كئيبُ
شعرٌ ناصِعٌ ووجهٌ كئيبُ
رقم القصيدة : 24313
-----------------------------------
شعرٌ ناصِعٌ ووجهٌ كئيبُ(27/367)
إنّ هذا من الزّمانِ عجيبُ
يا بياضَ المشيبِ لونُك إنْ أنْـ
ـصفَ رائيكَ حالِكٌ غِرْبيبُ
صدّ من غير أن يُمَلّ وما أنْـ
ـكر شيئاً سواك عنّي الحبيبُ
يا مضيئاً في العين تسودّ منه
كلَّ يومٍ جوانحٌ وقلوبُ
ليس لي مُذْ حللتَ يا شيبُ في رأ
سِيَ كَرهًا، عندَ الغواني نصيبُ
وَلَخيرٌ من لونك اليقَقِ المُشْر
ـرقِ عندي وعندهُنَّ الشُّحوبُ
رحنَ يدعونني "معيباً" وينبذ
ن عهودي وأنت تلك العيوبُ
كيف أخشى الرّقيبَ والشّيب في وجـ
ـهي على الغانياتِ منّي رقيبُ؟
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ويومَ وقفنا للوداعِ وكلُّنا
ويومَ وقفنا للوداعِ وكلُّنا
رقم القصيدة : 24314
-----------------------------------
ويومَ وقفنا للوداعِ وكلُّنا
يُطَفِّحُ يومَ البينِ عينيهِ أَدمعا
رأينا حُلوماً عارياتٍ ولم نَجدْ
من الصبّر إلاّ واهياً متقطعا
ولم تسمعِ الآذانَ إِلاّ تَشاهقاً
وإلا حنيناً يوم ذاك مرجعِّا
فيالك يوماً فاضحاً لمتيمٍ
ويالك مبكى للعيون ومجزعا
كأنا وقد سلَّ الفراقُ عقولنا
سلكنا جنوناً أو كرعنا المشعشعا
كأنَّ عيوناً يُمطرُ الدَّمعَ هَدْبُها
غُصونٌ مَطيراتُ الذَّوائبِ هُمَّعا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> حلّ ذاك الكِناسَ ظبيٌ ربيبُ
حلّ ذاك الكِناسَ ظبيٌ ربيبُ
رقم القصيدة : 24315
-----------------------------------
حلّ ذاك الكِناسَ ظبيٌ ربيبُ
عاصتِ الصَّبْرَ في هواهُ القلوبُ
غاضَ فيه حلمُ الوَقور وأكْدَتْ
قُلُبُ الرَّأي واستُزلّ اللّبيبُ
يا محلاًّ أبْلَتْه هُوجُ اللّيالي
وغرامي بساكنيه قشيبُ
واطمأنَّتْ بكَ المحاسنُ حتَّى
شرَّدَتْها عنّي وعنكَ الخُطوبُ
طالما روّضتْ رُباكَ الغواني
وتنوّرت والزمان جديبُ
وتمشَّتْ بك السَّحائبُ يجرُرْ
نَ بُروداً تخيّرتها الجَنوبُ
جادَ جفني ثراك وهو جَهامٌ
وألَنْتَ الفؤادَ وهو صليبُ
ساءَ عهدي لقاطنيكَ متى أذْ
ريتُ دمعًا من مُقلتي لا يَصوبُ
لستَ فَردًا فيما دَهَتْه الليالي(27/368)
كل شيئ في كَرِّهنّ سليبُ
أيها القادمُ الذي أَقْدَمَ الثَّأْ
رَ لقلبٍ جَنى عليهِ المغيبُ
إنْ يكنْ شخصُك استمرّ به النأ
يُ " ......" في الفؤاد قريبُ
لو بِعَنْسٍ رحَّلتُها ما بقلبي
عاقها عن مدى القِلاصِ اللّغوبُ
لا تقِلني إنْ بعتُ غيرَك ودّاً
وَقَفَتْه عليك نفسٌ عَروبُ
خُلُقٌ مرهفٌ الحواشي وعِرْضٌ
شامخٌ ما "دنت" إليهِ العيوبُ
"روّقته" الأيامُ والخُلُقُ الأخْـ
ـلَقُ فينا مُمَنَّعٌ محجوبُ
مدّ ضَبْعي إليكَ مجدٌ وَساعٌ
وثَرًى طيِّبٌ وسِنْخٌ نَجيبُ
ومعالٍ "تكنَّفتْ" حومة َ العـ
طويلُ الكِرام عنها رعيبُ
إنَّ وَجْدي كما عهدتَ صَريحٌ
ما بخَلْقٍ سواكَ فيهِ نصيبُ
ثَقَفتْه الدُّهورُ وهْوَ رطيبٌ
وجلاه الزّمان وهو قشيبُ
جادَ تلك العهودَ صَوبُ عهادٍ
من ودادي هامي الجفون سَكوبُ
نُلنيَ القربَ قد أَمَلَّنيَ البُعْـ
ـدُ وصِلْ ذا الطُّلوعَ طالَ الغُروبُ
إِنْ تجدني سَمْحَ القِيادِ ففي قلْـ
ـبِ زماني من حرِّ ناري وحبيبُ
كيف أعطي الزمانَ صَبْوة قلبي
واعتزامي على هواي رقيبُ؟
هانَ في مقلتي الذي راق فيه
فكأنّ الشبابَ فيه مشيبُ
سَدَلَتْ خبرتي سُجوفَ ابتسامي
قلّما يُعجبُ العجيبَ عجيبُ
وكَفَتْني تجاربي نائباتٍ
ما أبالي في أيّ حينٍ تنوبُ
وبلوتُ الزَّمانَ حتى لوِ ارتَبْ
تُ لكثَّفتُ ما تُجنُّ الغيوبُ
ليسَ يدري الورى بماذا غرامي
ما تَمارَوا فيه إليَّ حبيبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> بأبي وجهك الذي
بأبي وجهك الذي
رقم القصيدة : 24316
-----------------------------------
بأبي وجهك الذي
جمعَ الحسنَ أَجمعا
وثناياكَ إنَّهنْ
نَ فَضَحن المُشَعْشَعا
لست أنساك مسعفاً
بعناقٍ مودعا
فجفوني على فرا
قك يقطران أدمعا
لارعى الله معشراً
صدعوا ماتصدعا
تَركوا دارَ ودِّنا
منهم اليوم بلقعا
أسهروا ليلنا وب
توا مدى اللّيل هُجَّعا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ليسَ للقلبِ في السُّلوِّ نصيبُ
ليسَ للقلبِ في السُّلوِّ نصيبُ(27/369)
رقم القصيدة : 24317
-----------------------------------
ليسَ للقلبِ في السُّلوِّ نصيبُ
يوم رحنا والبين منّا رقيبُ
ودَّعتني وزادُها طَربُ اللهْـ
ـوِ وزادي تلهُّفٌ ونحيبُ
ورأتني أُذري الدموع فقالت :
أبكاءٌ أراه أم شُؤْبوبُ؟
إنّما البينُ للبدورِ المُنيرا
تِ كسوفٌ وللشُّموس غروبُ
والنُّوى كالرَّدى ، وفقدٌ كفقدٍ
غير أنْ غائبُ الرّدى لا يؤوبُ
ولقد قلتُ للمليحة ِ والرَّأ
ـرّأسُ بصبغ المشيب ظلماً خضيبُ
لا تَرَيْهِ مجانباً للتصابي
ليس بِدْعاً صبابة ٌ ومشيبُ
قلْ لمن حلَّ في الفؤاد وهل يسْ
كنُ حَبَّ الفؤاد إلاّ الحبيبُ؟:
أين أيّامنا اللّواتي تقضّـ
ـنَ وفي القلبِ بعدَهُنَّ نُدوبُ
واجتماعٌ نمحو به أثرَ الهـ
ـمّ ويحلو مذاقُه ويطيبُ
تشمئزّ الأحزانُ منه وتَـ
ـزْوَرُّ إذا قاربته عنه الكُروبُ
قمْ بنا نشكر الزّمان فلم يبـ
ـقَ لنا في الزّمان إلاّ العجيبُ
ظُلماتٌ مُسْودَّة ٌ، وأُمورٌ
مشكلاتٌ يَحارُ فيها اللّبيبُ
وشؤونٌ تبيضّ منها شؤونٌ
وانقلابٌ تَسْودُّ منه قلوبُ
وأراها بالظّنِّ كالجمرة ِ الحمـ
ـراء أَذكى لها الأُوارَ مُذيبُ
ووشيكاً يكون ذاك فما بَعْـ
ـدَ شَرارِ الزِّناد إلاّ اللهيبُ
وكأنِّي بها مُعرَّقة َ الأوْ
صال قد شَفَّها السُّرى والدُّؤوبُ
وعليهنَّ كلُّ أرْوَعَ لا يَرْ
ويه إلاّ التخّييمُ والتّطنيبُ
إنْ عَنَتْ أزمة ٌ فكفٌ وَهوبٌ
أو عَرَتْ خَشية ٌ فنصْلٌ ضَروبُ
ورجالٌ شُمُّ العَرانينِ وثَا
بونَ نحوَ الرَّدى شبابٌ وشِيبُ
أينما ضاربوا ، فهامٌ فَليقٌ
ونجيعٌ من الكُماة صبيبُ
ليس منهم إلاّ الغَلوب وما فيهـ
ـهمْ مدَى الدَّهرِ كلِّه مَغلوبُ
أنتَ عزُّ لنا فإنْ قيلَ في غيـ
ـرك هذا فالقول قولٌ كَذوبُ
وإذا مُيّزت سجايا أناسٍ
بان عودٌ رِخْوٌ وعودٌ صَليبُ
ولبَيتٌ حَلَلْتَ لم يُرَ فيهِ
قطٌّ إلا نجابة ٌ ونجيبُ
ووَلوعٌ بطيِّبِ الذِّكرِ لا يُرْ
إِنّ آلَ الأجلّ آلي وشعبي
منهمُ اليومَ تستبين الشّعوبُ(27/370)
وهمُ أسرتي ومن سِرِّ "موسى "
بالمودّاتِ والصديقُ نسيبُ
وإذا حُصّل الودادُ تدانى
ذُو بعادٍ وبانَ عنكَ القريبُ
قارَعوا عَنِّيَ الخطوبَ وقدْ هَمْـ
ـمَتْ وكادتْ تَجني عليَّ الخطوبُ
وتلافَوْا جرائرَ الدّهرِ حتّى
ما لدهرٍ بهم إليَّ ذنوبُ
كم لهم دون نُصرتي نَهَضاتٌ
ومقامٌ ضَنْكٌ ويومٌ عَصيبٌ
وعَصوفٌ يُكِنُّني وركودٌ
ومَجيءٌ يجيئني وذُهوبُ
ودفاعٌ عنّي العِدا ونزاعٌ
أرتضيهِ وهدنة ٌ وحروبُ
لستُ أنسى حقوقَكم عندِيَ البيـ
ـضَ إذا كان في الزّمان الشّحُوبُ
واعتصامي بكم وأنتم لرَحْلي
حَرَمٌ آمِنٌ وودادٍ خصيبُ
كم فَرجتم من ضَيْقَة ٍ وكشفتُمْ
كُرَبًا يُطيقُها المَكْروبُ
وتخلّصتُمُ ثراءَ رجالٍ
من يد الفقر والبلاء يصوبُ
لا مشَتْ في دياركُمْ نُوَبُ الدَّهْـ
ـرِ ولا ارتبتُمُ بشيءٍ يُريبُ
وإذا خِيفت الغيوبُ فلا خِيـ
ـفتْ عليكم مدى الزّمان الغيوبُ
وفداكم من الأَذاة رجالٌ
دَنِساتٌ ذيولُهم والجيوبُ
كلَّما أخفتِ السُّعودُ عيوبًا
منهُمُ استيقظتْ ولاحت عيوبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> قل لعيني لاتملأ الدموعا
قل لعيني لاتملأ الدموعا
رقم القصيدة : 24318
-----------------------------------
قل لعيني لاتملأ الدموعا
تارة أدمعاً وأخرى نجيعا
ودعا الفكر في الهجوع فيأبى
لكما الرَّزءُ أنْ تَذوقا الهُجوعا
إن هذا الخطبَ الفظيعَ وماشا
هدتُما مِن سواهُ خطباً فظيعا
أيُّها الآملُ الحياة َ وما يخـ
شى غروباً كما يرجى طلوعا
والَّذي يرفعُ القصورَ كأنَّ الْد
هرَ أعفَى بناءَه المرفوعا
قد رأينا كما رأيتَ عليّاً
في الثُّريا حلّ التراب صريعا
ـيامِ هذا التّخويفَ والتَّرْويعا
وإذا ماعلوت إلا الوقوعا
وإلى كم تكونُ في هذه الدُّنـ
ـيا أسيراً معلَّلاً مَخْدوعا
هل ترى إن رايت إلا خداعاً
وسراباً في كلِّ قاعٍ لموعا؟
ولِباساً متى تشاءُ الليالي
كان عنّا محوَّلا مَنْزوعا
لم تدع حادثات هذي الليالي
عندنا تابعاً ولا مَتْبوعا(27/371)
ولو أني أنصفتُ نفسي لصّير
ت سلامي على الورى توديعا
وإذا لم تدع صروف الليالي
لي أُصولاً فكيفَ أرجو فروعا
أينَ قومٌ كانوا على الليل صُبحاً
لايوارى وفي الجدوب ربيعا؟
اين من كان للردى طارداً بال
ـبأسِ عنّا وبالنَّدى يُنْبوعا
فتراهُمْ من بعدِ عزٍّ عزيزٍ
في بطون الثرى جثوماً خشوعا
ليت دهراً أعطى وعاد إلينا
مسترداً لذاك كان منوعا
وإذا لم يكن سوى الموت فالما
ضي بطيئاً كمن يموتُ سريعا
قُل لناعي أبي عليٍّ: ألا ليـ
ـتَ الذي قلتَ لم يكُنْ مَسْموعا
إن روعاً ألقيت في الرُّعِ منِّي
يوم خبّرت لم يدع لي روعا
سَلِّ غيري فليسَ كلُّ جَزوعٍ
عضه الرّزء كان مثلي جزوعا
لم أكنْ قانعاً بشيءٍ منَ الدَّهـ
ر وعلقته فصرت قنوعا
كانَ تِرْبي وصاحبي وإِذا ما
خفتُ حصناً من الخطوب منيعا
وله الذكر خالداً كلما أخ
ـلِقَ ذكرٌ سِواهُ عادَ نَصوعا
وحياتي مثل الممات إذا فا
رَقْتُ من كانَ لي جَناباً مَريعا
أنت أوسعتهم وقد أعضل الخط
ـبُ مقالاً كفاهُمُ وصنيعا
كم أصاخوا غليك والرأي شورى
وأجابوا نداءك المسموعا
ما أبالي إذا حفظت عهوداً
لصديقي من كان غيري مضيعا
قد عمرنا كما نشاء اشتراكاً
واشتباكاً وصبوة ً ونزوعا
وامتَزَجْنا حتَّى جعلتُكَ لمّا
غِبتَ عن مقلتي لجَدِّي ضَجيعا
ـهِ إِليهِ ع
شيَّة ً وهزيعا
وإذا مادعوتَ ربك فيه
وسألت العظيم كان سميعا
وجِوارٍ لمن إذا كنتَ مَوْقُو
ذاً منَ السَّيِّئاتِ كانَ شفيعا
فهنيئاً بأن سكنتَ رباعاً
كنّ للغرّىل موسى ربوعا
وإذا لم يكن لهم يومَ حشرٍ
روعة ٌ تتقى فلست مروعا
وإذا ماشفاههم كرعت ثمَّ زلالاً فيه كروعا
مْ كرِعَتْ ثَمْ
وسقى الله تربة ً أنت فيها
مَ زُلالاً أصبحتَ فيه كَروعا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أيا حاديَ الأظعانِ لمْ لا نعرسُ
أيا حاديَ الأظعانِ لمْ لا نعرسُ
رقم القصيدة : 24770
-----------------------------------
أيا حاديَ الأظعانِ لمْ لا نعرسُ
لعلَّك أنْ تَحْظَى بقربك أنفُسُ(27/372)
أنِخْ وانْضُ أَحْلاساً أكلْنَ جلودَها
فصرن جلوداً طالما أنت " محلسُ "
و إنْ كنتَ قد جاوزتَ بطنَ مثقبٍ
و ما فيه من ظلٍّ يقيءُ " فيلبسُ "
ففي الحَزْنِ مُخْضَرٌّ منَ الرَّوض يانِعٌ
و عذبُ زلالٍ بات يصفو ويسلسُ
تُدَرِّجُهُ أيدي الشَّمال كأنَّه
إذا أبصرَتْهُ العينُ نَصْلٌ مُضرَّسُ
وإنْ لم تُرِدْ إلاّ اللِّوَى فعلى اللِّوَى
سلامٌ ففيه موقفٌ ومعرسُ
وقومٌ لهمْ في كلِّ علياءَ منزلٌ
وعزٌّ على كلِّ القبائل أقعسُ
كرامٌ تضيءُ المشكلاتُ وجوههمْ
كما شفّ في تمٍّ عن البدر طرمسُ
و ما فيهمُ للهونِ مرعى ومجثمٌ
و لا منهمُ للذلَّ خدٌّ ومعطسُ
خليليَّ قُولا ما أَسَرَّ إليكما
وقد لَحَظَتْني عَينُهُ المتفرِّسُ
على حينِ زايلنا الأحبَّة َ بَغْتة ً
و كلُّ جليدٍ يومَ ذلك مبلسُ
صَموتٌ عن النَّجوى فإنْ سِيلَ مابِهِ
فلا قولَ إلاّ زَفرَة ٌ وتنفُّسُ
تُزعزعُهُ أيدي النَّوَى وهْو لابثٌ
و تنطقهُ شكوى الهوى وهو أخرسُ
و مما شجاني أنني يومَ بينهمْ
رجعت ورأسي من أذى البين " مخلسُ "
و قد كنتُ أخفيتُ الصبابة َ منهمُ
فنمّ عليها دمعيَ المتبجسُ
عشيَّة أُخفي في الرِّداءِ مسيلَهُ
ليسحبَ صحبي أنني متعطسُ
و ليلة َ بتنا بالثنية ِ سهدا
وما حَشْوُها إلاّ ظلامٌ وحِنْدِسُ
و قد زارنا بعد الهدوَّ توصلاً
إلى الزاد غرثانُ العشياتِ أطلسُ
شديدُ الطَّوَى عاري الجناجِنِ مابهِ
أتانيَ مُغبرَّ السَّراة ِ كأنَّه
من الأرض لولا أنه يتلمسُ
تضاءَل في قُطْرَيهِ يكتمُ شخصَهُ
و أطرقَ حتى قلتُ ما يتنفسُ
و ضمَّ إليه حسهُ متوجساً
وما عنده في الكيد إلاّ التوجُّسُ
يخادِعُني من كَيْسِهِ عن مَطيَّتِي
و لم يدرِ أني منه أدهى وأكيسُ
وأقْعى إزاءَ الرَّحْلِ يطلبُ غِرَّة ً
و يلقى إليه الحرصُ أنْ سوف أنعسُ
فقلتُ له لمَّا توالى خداعُهُ:
" تعزَّ " فما عندي لنابك منهسُ
و ما كنتُ أحميك القرى لو " أردتهُ "
برفقٍ ولكنْ دارَ منك التَّغَطْرُسُ
فلما رأى صبري عليه وأنني(27/373)
أضنُّ على باغي خداعي وأنفسُ
" عوى " ثمّ ولى يستجير " بشدة ٍ "
و يطلبُ بهماً نام عنها المحبسُ
و كم خطة ٍ جاوزتها متمهلاً
و عرضيَ من لومِ العشيرة أملسُ
ومَكْرُمة ٍ أعطيتها متطلِّقاً
و قد ضنّ بالبذل " الخسيس " المعبسُ
و طرق إلى كسب المكارم والعلا
وبذلِ اللُّها أنهجتُها وهي دُرَّسُ
و مولى ً يداجيني وفي لحظاتهِ
شراراتُ أحقادٍ لمن يتقبسُ
يرمِّسُ ضِغْناً في سُوَيداءِ قلبِهِ
ليُخفِيَهُ لو كان للضِّغْنِ مَرْمَسُ
و يعجبُ أني في الفضائل فتهُ
ولمْ لا يفوتُ المصبحين المُغَلِّسُ
كأنّ وإياهُ معنى بمدنفٍ
يَبلُّ قليلاً ثم يأْبَى فينكُسُ
ومُشكلة ٌ أخلاقُهُ وخصالُهُ
كما شئتَ لماعاً يضيءُ ويبلسُ
فلا أنا عمَّا يُثمرُ الوصلُ أنتهي
ولا هوَ عن شأوِ القطيعة يحبسُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ما في السُّلوّ لنا نصيبٌ يُطلبُ
ما في السُّلوّ لنا نصيبٌ يُطلبُ
رقم القصيدة : 24319
-----------------------------------
ما في السُّلوّ لنا نصيبٌ يُطلبُ
الحزنُ أقهرُ والمصيبة ُ أغلبُ
لكِ يا رزيّة ُ في فؤادِيَ زفرة ٌ
لا تُستطاعُ ومن جفونيَ صَيِّبُ
قد كان عيباً أن جرى ليَ مدمعٌ
فاليوم إن لم يجرِ دمعٌ اعيبُ
ولطالما كان الحزينُ مُؤَنِّبًا
فالآن مُدرِّعُ العَزاءِ مؤنَّبُ
طرقتْ أميرَ المؤمنين رزيَّة ٌ
والرُّزْءُ فينا طارقٌ لا يُحْجَبُ
لم ينجُ منها شامخٌ مترفِّعٌ
أو مَدخلٌ مُتَمَنَّعٌ مُتَصَعَّبُ
لو كان يُدفع مثلُها ببسالة ٍ
لحمى عواليها الكماة ُ الغُلَّبُ
الضّاربون الهامَ في رَهَج الوغى
والسُّمْرُ تُلطخ بالنّجيع وتُخضَبُ
والهاجمون على المنيّة دارَها
وقلوبُهم كالصَّخر لا تتهيَّبُ
قومٌ إذا حملوها القنا وتنمّروا
ركبوا منَ العَزّاء ما لا يُركبُ
أو أقدموا في معركٍ لم ينكُصوا
أو غالبوا في مَبْرَكٍ لم يُغلبوا
رُزءٌ بمُفتَقَدٍ أرانا فقدُه
أنَّ العُلا والمجدَ قَفْرٌ سَبْسَبُ
والأرضُ بعدَ نضارة ٍ ما إنْ لها(27/374)
إلاّ الأديمُ المقشعرُّ المُجدِبُ
والنّاس إمّا واجمٌ متخشِّعٌ
أو ذاهلٌ خلع الحِجى مُتَسَلَّبُ
إن يمض مقتبلَ الشّباب فإنّهُ
نالَ الفضائلَ لم ينلْها الأَشيبُ
ورَعٌ نَبا عنه الرِّجالُ وعفّة ٌ
لم يَستطعها النّاسك المتجنِّبُ
قلنا وقد عالوه فوق سريرهِ
يَطفو على قُلل الرِّجال ويرسُبُ
ووراءَه الشُّمُّ الكرامُ فناشِجٌ
يُذري مدامعَهُ وآخَرُ يندُبُ
من ذا لوى هذا الهمامُ إلى الرّدى
فأطاعه، أم كيف قيد المُصْعَبُ
صبرًا أميرَ المؤمنين، فلم نزلْ
بالصَّبر مِن آدابِكم نَتأدَّبُ
أنتمْ أمرتُم بالسُّلوّ عنِ الرَّدى
وأَريتُم في الخطبِ أينَ المذهبُ
وركبتمُ أَثباجَ كلِّ عظيمة ٍ
إذ قلّ ركّابٌ وعزّ المركبُ
ووردتُمُ الغَمراتِ في ظلِّ القَنا
والطّعن في حافاتها يتلهّبُ
حوشيتمُ أن تُنقصوا أنوارَكم
أو تُبخِسوا من حظِّكم أو تُنْكَبوا
وإذا بقيتُمْ سالمين منَ الأذى
فدعوا الأذى في غيركم يتَقّلَّبُ
شاطرتَ دهرك واحدًا عن واحدٍ
فغلبته والدّهرُ غيرَك يغلبُ
ما ضرَّنا وسيوفُنا مَشْحوذة ٌ
مصقولة ٌ إن فُلّ منها المِضربُ
والشمس أنتَ مقيمة ً في أفقها
وهُدًى لنا من كلِّ شمسٍ كوكبُ
وإذا البحور بقين فينا منكُمُ
مملوءة ً فدعِ المذانبَ تنضُبُ
ولئن وهى بالرُّزءِ منا منكبٌ
فلقد نجا من ذاك فينا منكِبُ
نجمانِ هذا طالعُ أيماضه
ملأَ العيونَ، وذاك عنّا يغرُبُ
أو نعمتان؛ فهذه متروكة ٌ
مذخورة ٌ أبدًا وأُخرى تُسلبُ
أصلٌ له غصنانِ هذا ذابلٌ
ذاوٍ وهذا ناضرٌ متشعّبُ
أو صَعْدة ٌ فُجِعَتْ ببعضِ كعوبها
ولها كعوبٌ بعد ذاك وأكعُبُ
أو أجدَلٌ ماسُلَّ منه مِخْلَبٌ
فاجتُثّ إلاّ نابَ عنه مِخلَبُ
ماذا التنافسُ في البقاء وإنما
هو عارضٌ ماضٍ وبرقٌ خُلَّبُ
ذاقَ الحِمامَ مبذّرٌ ومُقتّرٌ
وأتى إليهِ مبغَضٌ ومُحبَّبُ
فمعجِّلٌ لحمامه ومؤجَّلٌ
ومشرِّقٌ بطلوعه ومغرِّبُ
ونُعاتب الأيّامَ في فُرُطاتِها
لكن نُعاتب سادراً لا يُعتبُ
لا نافعٌ إلاّ ومنه ضائرٌ(27/375)
أو مرغَبٌ إلاّ وفيه مُرهِبُ
ومتى صَفا خللَ الحوادثِ مَشْربٌ
عذبٌ تكدّر عن قليلٍ مشربُ
فخراً بني عمّ الرّسول فأنتمُ
أَزكى المغارِس في الأنام وأطيبُ
إرثُ النبيِّ لكُمْ ودارُ مُقامِهِ
والوحْيُ يُتلى بينكُم أو يُكْتبُ
والبُرْدُ فيكم والقضيب وأنتم الـ
ـأَدنَوْن من أغصانه والأقربُ
وأبوكمُ سقّى الأنامَ بسَجْلِهِ
وأحلَّه والعامُ عامٌ مُجدبُ
خُتمتْ خلافتُه بكمْ وعليكُمُ
إشرافُها أبدَ الزَّمان مُطنَّبُ
هي هَضْبة ٌ لولاكم لا تُرتَقى
أو صعبة ٌ بسواكمُ لا تُركبُ
حكمَ الإلهُ بأنَّها خِلَعٌ لكمْ
لا تُنْتضَى وبَنيَّة لا تُخربُ
كم طامعٍ من غيركمْ في نيلها
فَرَقتْ مفارِقَه السّيوف الوثَّبُ
ومؤمِّلين وُلوجَ بعضِ شِعابِها
لم يبلغوا ذاكَ الرّجاءَ وخُيبوا
جئناكَ نمتاح العزاء فهب لنا
منك العزاءَ فمثلُ ذلك يوهبُ
وارفقْ بقلبٍ حاملٍ ثِقْلَ الورَى
والكَلْمُ يؤْسى والمضايقُ تَرحبُ
واسلكْ بنا سُبُلَ السُّلُوّ؛ فإِنَّنا
بك نَقْتدي وإلى طريقك نذهبُ
العصر العباسي >> البحتري >> لها منزل بين الدخول فتوضح
لها منزل بين الدخول فتوضح
رقم القصيدة : 2432
-----------------------------------
لهَا مَنْزِلٌ بَينَ الدَّخولِ فَتُوضَحِ،
مَتى تَرَهُ عَينُ المُتَيَّمِ تَسفَحِ
عَفَا، غَيرَ نُؤيٍ دارِسٍ، في فِنائِهِ
ثَلاثُ أثَافٍ، كالحَمائمِ، جُنّحِ
وَعَهْدي بها، وَالعَيشُ جَمٌّ سُرُورُهُ،
متى شِئْتُ لاقَاني هُناكَ بمُفْرِحِ
لَيالي لُبَيْنى بَدْرُ لَيْلي، إذا دَجَا،
وَشَمْسُ نَهارِي المُسفِرِ المُتَوَضِّحِ
وَما الوَرْدُ يَجلوهُ الضّحَى في غُصُونه،
بأحْسَنَ مِنْ خَدَّيْ لُبَينى وَأمْلَحِ
وَإنّي لَتَثْنيني الصّبَابَةُ وَالأسَى
إلى كَمَدٍ مُضْنٍ، وَشَوْقٍ مُبَرِّحِ
هَنَتْكَ، أميرَ المُؤمنينَ، بِشارةٌ
منَ الشّرْقِ جاءَتْ بالبَيانِ المُصرَّحِ
تُخَبِّرُ عَنْ نصر المَوَالي وَعزهِمْ،
وَخِذْلانِ عَبدوسٍ، وَإفلاحِ مُفلحِ(27/376)
لَقَدْ زُلزِلَتْ أرْضُ الجِبالِ بوَقْعَةٍ،
أسَالَتْ دَماً في كلّ نَشزٍ وَأبْطَحِ
كأنّ النّسورَ الوَاقِعاتِ، عَشِيّةً،
على نَقَدٍ، حَوْلَ الجِمارِ، مُذَبَّحِ
وَلَوْ وَقَفَ المَغرُورُ لالتَبَسَتْ بهِ
زَنابيرُ سَرْعانِ الخَميسِ المُجَنَّحِ
إذاً لاحتَسَى كأساً دِهاقاً منَ الرّدى،
متى يَشْرَبِ البَاقي بهَا يَتَرَنّحِ
لَقَدْ شَرّدَتْهُ الخَيلُ كُلَّ مُشرَّدٍ،
وَطَرّحْنَهُ يَوْمَ الوَغَى كلَّ مَطْرَحِ
تَنَدّمَ لَمّا أخْلَفَتْهُ ظُنُونُهُ،
وَبَانَتْ خَزَايا مُفسِدٍ غيرِ مُصْلِحِ
وأدْبَرَ مَنْكُوباً برأيٍ مُضَعَّفٍ،
إلى الكَرَجِ القُصْا وَوَجهٍ مُقَبَّحِ
فِراراً، وَعِظْمُ الجيشِ لمْ يُمْسِ مِنهمُ
قريباً، وَتِلْكَ الحَرْبُ لمْ تَتَلَقَّحِ
ولم يأت موسى في الموال عليهم
سرابيل من نسج الحديد الموشح
كَأنّي بطُلاّبِ الأمَانِ قَدِ التَقَوا
بسُدّةِ مَوْصُوفِ الخِلالِ، مُمَدَّحِ
إمامُ هُدًى تأوِي بِهِ مَكْرُمَاتُهُ
إلى مَرْبَعٍ، من بَطنِ مكّةَ، أفيَحِ
لهُ شَرَفُ البَيْتِ الحَرَامِ، وَفَخرُهُ،
وَزَمزَمَ، وَالرّكْنِ العَتيقِ المُمَسَّحِ
متى توعِدوهُ الحَرْبَ يَشغبْ فيَنتَقِمْ،
وَإنْ تَسألوهُ العّفوَ يَعفُ، وَيَصْفحِ
فَعِشْ، يا أمِيرَ المُؤمِنينَ، مُمَتَّعاً
بنَصْرٍ جَدِيدٍ كُلَّ مُمْسًى وَمُصْبَحِ
أعَنْتَ عَلى عَبْدِ العَزِيزِ وَرَهْطِهِ،
وَشيعَتِهِ مِنْ أعْجَمِيٍّ، وَمُفصِحِ
رَدَدْتَ عَلَيْهِ البَغْيَ، حتى صَرعتَه
بتَدبيرِ مَنْصُورِ العَزِيمَةِ، مُنجِحِ
وَلَمّا بَغَى المَخذولُ أيقَنْتُ أنّهُ
فَرِيسَةُ مَشبُوحِ الذّرَاعَينِ، أصْبَحِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> يا بأبي مَن في الدُّجَى
يا بأبي مَن في الدُّجَى
رقم القصيدة : 24320
-----------------------------------
يا بأبي مَن في الدُّجَى
من بعد ماقد كان ممنوعا
بات يُعاطيني أحاديثَه
وحبَّذا ذلك مَكْروعا
حتى إذا الصّبحُ بدا نورهُ(27/377)
وقطَّعَ الظَّلماءَ تَقْطيعا
ولَّى كأنَّ اللّيلَ في وصلِهِ
كسا قميصاً عادَ مَنزوعا
لافقدته مقلتي لا ولا
بتُّ بشيءٍ منه مَفْجوعا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أذمُّ إليكِ كَلْمًا ليس يُؤسَى
أذمُّ إليكِ كَلْمًا ليس يُؤسَى
رقم القصيدة : 24321
-----------------------------------
أذمُّ إليكِ كَلْمًا ليس يُؤسَى
وداءً ليس يعرفه الطبيبُ
ودهراً لا يُصيخُ إلى نصيحٍ
وعَيشًا لا يَلَذُّ ولا يطيبُ
وكم لي من أخٍ أُوليهِ نُصْحي
ومالي في نَصيحتهِ نَصيبُ
له منِّي البشاشة ُ في التَّلاقي
ولي منه البَسارة ُ والقُطوبُ
يَعيبُ تَجَنيّاَ والعيبُ فيه
وقد نادت فأسمعتِ العيوبُ
ألا هرباً من الإخوانِ جمعاً
فمالكَ منهُمُ إِلاّ النُّدُوبُ
ولولاهمْ لما قَذيتْ جفوني
ولا سِيقتْ إِلى قلبي الكُروبُ
ولا طويتْ على أوْدٍ قناتي
وغَلَّس في مفارِقيَ المشيبُ
ولا خَرقتْ منَ الأيّام جِلدي
أظافرُ لا تقلَّمُ أو نيوبُ
ولا عرفتْ مساكنيَ الرّزايا
ولا اجتازتْ على رَبْعي الخُطوبُ
ولمّا أنْ أبى حُكمي وألْوَى
وشَبَّتْ بَيْنَنا منه الحروبُ
وأخرسني عن الشّكوى ومنه
لسانٌ لا يفارقه كذوبُ
غفرتُ ذنوبه حتّى كأنّي
عَلِقتُ به وليس له ذنوبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ضَمِنَتْ مجدَك العُلا والمساعي
ضَمِنَتْ مجدَك العُلا والمساعي
رقم القصيدة : 24322
-----------------------------------
ضَمِنَتْ مجدَك العُلا والمساعي
وضمان العلاء حرب الضياع
آن أن قتضى حقوق تراخت
آذنَتْ بعد فُرقة ٍ باجتماعِ
زاولوها وأنت ترغب عنها
والأحاظى نتائج الإمتناع
ظعنت لن تراعها باشتياقٍ
وأنابتْ لم تدعُها بزَماعِ
رَبَعَتْ مُذْ نقضتَ كفَّكَ منها
بينَ حقٍّ ثاوٍ وحقٍّ مُضاعِ
كيف لاتجتوى محلَّ الدّنايا
وهي قد فارقت عزيز البقاع؟
وعلا الذمُّ من ألظّ بغور الأرض من بعد نجدها واليفاع
أَلَظَّ بغَوْرِ الـ
قَصُرتْ دونَها الأكفُّ فألقتْ
أوقها عند مستطيل الذراع(27/378)
مضربٍ عن تصفح الذنب لاهٍ
عن حسودٍ لما عناه مراع
كِلفِ الرَّأي في المحامدِ سارٍ
في أقاصي الآمالِ والأطماع
وإذا نكبت وجوه أناس
عن سبيلي رعاية ٍ ودفاع
جاش وادي حفاظه فتعدت
زَخْرَة ُ المَدِّ مُشرفاتِ التِّلاعِ
مرهقٍ فائت الأمور بجدٍّ
في أبى ِّ الخطوب جدّ مطاع
ثاقب الزند منجحِ الوعد صافي ال
رِفْدِ ماضي الشَّبا فسيحِ الرِّباعِ
ـامِ يَسْخو ل
مُفْرحٍ بنزاعِ
وإذا سربل الخداُ نفوساً
حسَرَتْ نفسُه قِناعَ الخداعِ
مأثرات شققن حتّى لقد قم
ن بعذرِ المقصر المرتاع
قد تعاطَوْا مداهُ فانصرفَ الفَوْ
ت به عن معاشرٍ طلاع
كلُّ غِلٍّ لم يَشفِهِ يومُ حِلْمٍ
برءه في دواء يوم المصاع
ما اصطفاهُ فيك الخليفة ُ جلَّى
عن نفوسٍ بين الشكوك رتاعِ
قد رأَوْهُ مُسْتديناً لك حتَّى
أعوزته مواطن الإرتفاعِ
وبأَسماعِهمْ جَرى فَرْطُ تَقْريـ
ـظكَ والفَهمُ شافعٌ للسَّماعِ
حيثُ تسترجفُ القلوبُ وتَعْنو
لجلالِ المقامِ نفسُ الشجاعِ
قَرَّبَتْكَ الحقوقُ منه وأدّا
ك إلى حمده كريمُ الطِّباعِ
غمرَ النجح غمر آمالنا فيك
فلم تبق حجة ٌ في اصطناعِ
ولِّها وجْهَنا الغَداة َ وخُذْ ما
شئتَ من نهضة ٍ وفضلِ اضطلاعِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> وليَ صاحبٌ لا يصحب الضّيمَ ربُّهُ
وليَ صاحبٌ لا يصحب الضّيمَ ربُّهُ
رقم القصيدة : 24323
-----------------------------------
وليَ صاحبٌ لا يصحب الضّيمَ ربُّهُ
له في دماءِ الدّارعين قِرابُ
وأسمرُ عسّالُ الكعوبِ سنانهُ
رسولُ المنايا في يديه كتابُ
إذا ما وَجا أَوداجَ قَرْنٍ مُصّمَّمٍ
أعادَ مشيبَ الوجهِ وهْوَ شبابُ
ملانيَ فخراً أنّكَ اليومَ والدي
وأنّكَ طّوْدى والأنام شِعابُ
ألستَ منَ القوم الذين إذا دَنْوا
لحربٍ تدانتْ أرْؤُسٌ ورقابُ؟
سيوفُهُمُ ألحاظُهم وقناتُهم
سواعدُهمْ مهمااستحَرَّ ضِرابُ/شع/
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لادرَّ درُّ الحرصِ والطمعِ
لادرَّ درُّ الحرصِ والطمعِ(27/379)
رقم القصيدة : 24324
-----------------------------------
لادرَّ درُّ الحرصِ والطمعِ
ومذلَّة ٍ تأتيكَ مِن نُجَعِ
وإذا انتفعتَ بما ذَلَلْتَ بهِ
فلأنت حقّاً غير منتفعِ
ومصارعُ الأحياءِ كلهمُ
في الدَّهرِ بينَ الرِّيِّ والشَّبَعِ
وإذا علمتُ بفرقتي جدتي
فعلام فيما فاتني جزعي؟
مَن لا تراهُ معي وقد قعدتْ
عنّي الرّجال معاً فليس معي
وإذا ثويتُ بدارِ مَخصبة ٍ
وشَرِكتُ فيها فالورَى شِيَعي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> عجبتُ من الأيام كيف تروعني
عجبتُ من الأيام كيف تروعني
رقم القصيدة : 24325
-----------------------------------
عجبتُ من الأيام كيف تروعني
ومن عَزَماتي تستمدُّ النَّوائبُ؟
وكيف ارتجتْ عندي بلوغَ إرادة ٍ
وما مال منّي في الغواية جانبُ
لقد هذَّبت صَرفُ اللّيالي بصيرتي
وآنسُ شيءٍ بالفؤادِ المصائبُ
إذا كنت أستعلي بنفسٍ عزيزة ٍ
فلا قامَ أنصارٌ ولا هبَّ صاحبُ
ورُبَّ حسودٍ يَزْدريني بقلبهِ
إذا رامَ نُطقًا أخرسَتْهُ المناقبُ
تسربل سربال الليالي وما درى
بأن مكاني ما مشى فيه عائبُ
وفارقتُ أخلاقَ الزَّمانِ وأهلهِ
فقد عجبتْ أنْ لم تَنَلني المعايبُ
ومارسْتُ مِن أحوالهمْ ما بطرفِه
أشاهِدُ ما تُفْضي إليه العواقبُ
إذا لم يكن بالسيف سعيُك للعُلا
فلا دان مطلوب ولا ثار طالبُ
وكنتُ إذا حاولت قوماً تسفّهتْ
حلومُهُمُ حتّى حَفَتْني السَّحائبُ
كأنّ الردى ما حُمّ إلا لِصَلْوتي
ولا خُلقتْ إلاّ لأجلي العجائبُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> من أين زرت خيالَ ذاتِ البرقعِ
من أين زرت خيالَ ذاتِ البرقعِ
رقم القصيدة : 24326
-----------------------------------
من أين زرت خيالَ ذاتِ البرقعِ
والرّكبُ سارٍ في جوانبِ بَلْقَعِ؟
كيف اهتديت ولاصوى ً لولا الهوى
أغراك في جنحِ الظلامِ توضعي؟
ومنَ العجيبة أنْ يُلمَّ مُصحَّحٌ
مادبّ فيه سقامه بالموجعِ
في معشرٍ لهُمُ الثَّرى فُرُشٌ، ولمْ(27/380)
يَتَوسَّدوا غيرَ الطُّلَى والأذرُعِ
سكنوا قليلاً بعد أن كانوا على
طول الدجى من موجفٍ أو موضعِ
وأصارهم طولُ السُّرى من غير أن
عَرفوا الكلالَ إلى قوائمَ ظُلَّعِ
خوص كأمثال القسى ّ ومالها
يومَ الرِّماية ِ لامرىء من مِنْزَعِ
لم تترك الرّوحات فوق ضلوعها
وقد التَوَيْنَ بهنَّ غيرَ الأضلُعِ
فكأنهن من البلى أشطانها
أو أنسعٌ تمشي إليك بأنسعِ
عجلان قد ولت عسا كره وقد
همَّ الصَّباحُ ورأسُه لم يطلُعِ
رقت غلائله لنا فكأنه
للمبصرين إليه هامة ُ أنزعِ
حيثُ النَّدى ثاوٍ بهِ لم يُفتَقَدْ
والمجدُ مُعتنقٌ به لم يُنزَعِ
والسؤوددُ الضّخمُ الخصمُّ وكلّما
يرويك من بحرا لفخار المترعِ
ولقد فخرتَ على الملوك جميعهم
والطّعنُ يتركُ كلَّ بُرْدِ في الوغى
ومحاسن لم يقطنوا بشعابها
كلا ولا اجتازوا لهن باجرعِ
وبلوتهمْ فسبَقَتَهمْ وفَرَعْتهمْ
فضلاً وأيُّهم عُلا لم يفرعِ
فإذا هُمُ قبِسوا إليك فمثلُ مَنْ
قاسَ الذِّراعَ طويلة ً بالأذرُعِ
للهِ دَرُّك في مقامٍ ضَيِّقٍ
أبدلتَهُ بتفسُّحٍ وتوسُّعِ!
بالضَّربِ في هامٍ هناك وأذرُعِ
والطّعن في ثغر هناك وأضلعِ
والخيلُ عادية ٌ بكلِّ مُخفَّفٍ
عار من الجبن اللئيم مشيعِ
ما ريعَ قطُّ ولم يكن في خُطَّة ٍ
نكراءِ إلا كان عزَّ الاروعِ
في غلمة ٍ نبذوا الفرار وهاجروا
في مطمع العلياء كلِّ تودعِ
متهجمين ولاتَ حين تهجمٍ
متسرِّعينَ ولاتَ حينَ تسرُّعِ
لامطعمٌ إلاّ الجميلُ ومالهمْ في
حيث لا يرد الفتى من مكرعِ
حتى رددت الموت عنا مخيباً
مانالَ منْيَتَهُ بأنفٍ أجدَعِ
وأنا الذي لمّا اشتكيت موكلٌ
بي كلُّ أدوءِ الورى لم تقلعِ
ومزعزعٌ تشكو حشاهُ خِيفة ً
ومروعٌ تجري حذاراً أدمعي
ومذ اشتكيتَ فبالحضيضِ مُعَرَّسي
وعلى القَضيض تقلُّبي في مضجعي
ولو أن أمرى نافذٌ في صحتي
لبذلت منها كلّ مالي أو معي
لامتعة ٌ لي بالذي لم تلفه
وبأنْ كُفِيتَ -وإن دُهيتُ تمتُّعي
ويهونُ عندي أنْ تكونَ مُصَحَّحاً(27/381)
ومنَ الضَّنى حِيكَتْ لجسمي أدرُعي
وإذا صَحَحْتَ فكلُّ شيءٍ نافعي
وإذا اعْتلَلْتَ فليس شيءٌ مُقنِعي
حتى أتاح اللهُ الذي لم يشجنا
إلا اجتياز لمام خطب مسرعِ
مازارنا إلاّ كما زارَ الكرَى
بالليل جفن الخائف المتروع
ولقد رمَى الرّحمانُ في أوصالهِ
لمّا أتَى بتبدُّدٍ وتَذَعْذُعِ
وتقطُّعٍ لولا سعادُتك التي
ملأت حريمك كان غير مقطعِ
ولقد نفعت بأن ضررت وكم لنا
نفعٌ يزورُ رباعَنا لم يَنفعِ
ولو ألمعت على ضمير فيك لي
أبصرتَ منهُ تقسُّمي وتروُّعي
وبلابلاً شوهدن لولا أنني
غطَّيتُها بتجمُّلي وتَصنُّعي
فبأيِّ سِرٍّ ما رأيتَ كآبة ً
أم أيُّ قلبٍ فيكَ لم يتطلَّعِ
فاشكرْ جميلاً نلتَه ومُنِحْتَه
فالشّكرُ رَبْطُ تفضُّلٍ وتبرُّعِ
ولو أنني أعطي الخيارَ لكان في
رَبْعٍ حَلَلْتَ تقلُّبي وتربُّعي
واعتضت عندك من شبابٍ فاتني
بمصايرٍ وأواصر لم تجمعِ
وأخذتُ ثاراتي منَ الزَّمنِ الذي
فإذا نطقتُ أبَى عليَّ تكلُّمي
فأحقُّ بابٍ بابُك المعمورُ بي
وعليه طولُ توقفي وتضرعي
فهُوَ العَتادُ لآمنٍ أو خائفٍ
إنْ زارَهُ وهُو المُرادُ لمُزمِعِ
فمتى ألفتُ فمن فِنائك مألفي
وإذا رتعتُ ففي رياضك مَرْتَعي
ولوَ انَّ شملي باتَ مُلتفّاً بهِ
ما كانَ شَمْلي قطُّ بالمتصدِّعِ
وحللتُ عندكَ رُتْبة ً لاتُرتَقَى
في خيرِ منزلة ٍ وأشرفِ موضعِ
ولو استطعت نفضت كل إقامة في
إلاّ على الكَنَفِ الرَّحيبِ الأوسَعِ
في حيثُ لاتَسري الأذاة ُ بمضجعي
طول الحياة ولا القذاة بمدمعي
ولئنْ بَعُدتُ محلَّة ً فتقرُّبي
بتوددي وتشوقي وتطلّعي
ولقد دُعيتُ فما سمعتُ ولم يكنْ
إلاّ نِداؤك وحدَه في مَسمعي
فإذا نطقت أبى على ّ تكلمني
وإذا جرعتُ أبَى عليَّ تجرُّعي
يارافعَ الآدابِ رفِّعني إلى
حيث اقتضاه تصعدي وترفعي
لاتمزجنِّي بالذّين تراهمُ
فالنبع ممزوجٌ بغير الخروع
كم بين قولٍ فيالصدور وقولة ٍ
هبت بها نكباء ريحٍ زعزعِ
وإذا رضيت مقالتي فلهينٌ(27/382)
مَن صمَّ عنها مُعرِضاً لم يَسمعِ
وإذا رضيت فضيلة لي لم أبل
من نام عنها من عيون الهجَّع
خُذها كما وَضَحَ النّهارُ لمبصرٍ
وافترِّ روض غبَّ غيثٍ مقلعِ
غرّاءَ تحسَبُها نجاحَ لُبانة ٍ
هبت عليك من النواجي النسّعِ
ومتى أرادَ رُواتُها طيّاً لها
نمَّتْ على إحسانِها بتضَوُّعِ
كم لي عليها من حسود شاعرٍ
شَغَفاً بها أو من خطيبٍ مِصْقَعِ
والشِّعرُ ماقُضِيَتْ حقوقٌ جَمَّة ٌ
فيه لسامي الكبرياءِ سَمَيْدَعِ
والخيرُ فيه إذا انزوى عن منكبٍ
والشّرُّ فيه متى يقل في مطمعِ
ولأنت أولى بالقريض من الورى
وبطوقه وبتاجه المترصعِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> عَشِقتُ العُلا لا أبتغي بَدَلاً لها
عَشِقتُ العُلا لا أبتغي بَدَلاً لها
رقم القصيدة : 24327
-----------------------------------
عَشِقتُ العُلا لا أبتغي بَدَلاً لها
ولا عِوضًا والعاشقون ضُروبُ
فمالي بغيرِ المأثُراتِ صبابة ٌ
ومالي إلاّ المأثراتُ حبيبُ
وأخطأتُ لمّا أن جعلتُكَ صاحبي
وذو الحزمِ يُخطي مرة ً ويصيبُ
وأنتَ بعيدٌ من مكانِ مودتي
وإنَّ مزارًا بيننا لقريبُ
وما هيَ إلاّ زلّة ٌ أنا بعدَها
أعوجُ عليها نادمًا فأتوبُ
فيا منْ لعيني كلَّ يَومٍ وليلة ٍ
قذاة ٌ بها أو للفؤادِ كروبُ
ولولاهُ ما كانت لدهري جناية ٌ
عليَّ ولا منهُ إليَّ ذنوبُ
ولا مَزَّقتْ جِلدي الغداة َ أظافرٌ
أجبْتُك لمّا أن دعوتَ اغترارة ً
وهيهاتَ أُدعى بعدَها فأُجيبُ/شع/
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ولو شئتِ لمّا أزمعَ الحيُّ رَوْحَة ً
ولو شئتِ لمّا أزمعَ الحيُّ رَوْحَة ً
رقم القصيدة : 24328
-----------------------------------
ولو شئتِ لمّا أزمعَ الحيُّ رَوْحَة ً
أشرتِ إلينا بالبنانِ المُقَمَّعِ
فما بانَ ماضٍ بانَ وهْوَ مودَّعٌ
وقد بانَ كلَّ البينِ غيرَ مودَّعِ
وصَدَّكِ قومٌ عن زيارة ِ مُقْلتي
فلِمْ لمْ تزوري القلبَ ساعة َ مَضْجعي؟
وحاذَرْتِ وصلاً يعرفُ النّاسُ حالَه(27/383)
فما ضَرَّ من وَصْلٍ ولا أحدٌ معي؟
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> تُطالبُني نفسي بما غَيرُهُ الرِّضا
تُطالبُني نفسي بما غَيرُهُ الرِّضا
رقم القصيدة : 24329
-----------------------------------
تُطالبُني نفسي بما غَيرُهُ الرِّضا
وأيُّ الرجال نفسُهُ لا تطالبُهْ؟
وما زلتُ مغلوبَ الهوى ، وسفاهة ٌ
على عاقلٍ أنّ الهوى منه غالبُهْ
ولم تكُ إلاّ في جميلٍ مآربي
ومن ذا الذي لا تسُستزَلُّ مآربُهْ
واعلم أنّ المرء يطويه لَحْدُهُ
ومنشورة ٌ سقْطاتُه ومعايبُهْ
وليس بمَيْتٍ من مضى لسبيله
ولمّا تَمُتْ آثارُهُ ومناقبُهْ
ومن لم تهذبْه تجاريب دهره
فما ضرَّه ألاّ تكونَ تجاربُهْ
"وأقنع" من خِليّ "بظاهر" ودّه
وليس بحَلْيٍ ما تضُمُّ ترائبُهْ
وإني ممّنْ إنْ نبا عنه منزلٌ
نبا ونجتْ عنه عجالاً ركائبُهْ
ولستُ بمستبقٍ صديقاً تجهّمتْ
نواحي مُحيّاهُ أو أزورَّ جانبُهْ
ولا عاتبٌ يوماً عليه فإنما
صديقُك مَنْ صاحبتَهُ لا تُعاتِبُهْ
ولا خيرَ في مولى ً يعاطيك بِشْرِه
وفي صدرهِ غِلٌّ تَدِبُّ عقاربُهْ
ولا صاحبٌ لي إنْ كشفتُ ضميرَه
ودِدْتُ وِداداً أنني لا أصاحبُهْ
وفضلُ الفتى ما كانَ منه وفَضلة ٌ
على مجدهِ، آباؤه ومَناسبُهْ
خَلصتُ خلوصَ التِّبرِ ضُوعفَ سبكُهُ
وطاحتْ به أقذاؤُه وشوائبُهْ
ليَ الشاهقاتُ الباسقاتُ من الذُرا
في مَحتِدي هاماتُه غَواربُهْ
وكم طالبٍ ليَ فُتُّه وسبقتُهُ
ولم ينجُ منّي هاربٌ أنا طالبُهْ
وراقَبني كلُّ الرِّجالِ بسالة ً
وما فيهمُ منْ بتُّ يوماً أراقبُهْ
وقد عَلم الأقوامُ لمّا عراهُمُ
منَ الدَّهر خَطبٌ لا تُرَدُّ مخالبُهْ
وضلّتْ وجوه الرّأي عنه فلم تَبِنْ
لراكبهِ بالرُّغم أينَ مذاهِبُهْ
بأنِّيَ فيهِ الرُّمحُ بل كسنانِهِ
أو السَّيفُ لا تَنْبو عليهِ مضاربُهْ
وكم موقفٍ في نصرِهم قمتُ وسْطَهُ
وما زالَ مسْدودًا عليَّ مهاربُهْ
وسيلٍ من الموتِ الزُّؤام حميتُهمْ
شذاه وقد سالتْ عليهم مذانبُهْ(27/384)
العصر العباسي >> البحتري >> وما خفت جدي في الصديق يسوءه
وما خفت جدي في الصديق يسوءه
رقم القصيدة : 2433
-----------------------------------
وما خِفْتُ جِدّي في الصّديقِ يسوءُهُ،
وَلكِنْ كَثيراً ما يُخافُ مُزَاحي
وَرُبّ مُبَارٍ للرّيَاحِ بجُودِهِ،
منَ الأجْودِينَ الغُرّ، آلِ رِياحِ
متى بِعْتُ مُختاراً رِضَاهُ بسُخطِهِ،
تبدّلْتُ خُسْري، كلّهُ، بِفَلاحي
وكمْ عَاتِبٍ بِالرِّيّ يَثْلِمُ عَتْبُهُ
مَضَارِبَ سَيْفي، أوْ يَهِيضُ جَناحي
وَقَفْتُ لهُ نَفسي على ذُلّ مُذْنِبٍ،
يُكَثِّرُ مِنْ زَارٍ عَلَيْهِ، وَلاحِ
كأنّ الرّياحِيّينَ، حَيْثُ لقِيتُهُمْ،
وَإن لَؤمُوا أصْلاً، قُرَيشُ بِطاحِ
وَلَمْ أرَ قَوْماً لمْ يكونوا لِرِشْدَةٍ،
أحَقَّ بِسَرْوٍ منِهُمُ، وَسَماحِ
مَضَى حَسَنٌ لا عَهْدُهُ بِمُذَمَّمٍ
لَدَيْنَا، ولا أفْعَالُهُ بِقِباحِ
وَدارَكَ منْ نَجْوِ النّغِيلِ احتِشاؤهُ،
فَبَاتَ حُبارَى هَيْضَةٍ وَسُلاحِ
فإلا يقلنا الله عثرةٌ دبره
نبت نصب حزن للنفوس متاح
وَمِن أبْرَحِ الأشْجانِ إبرَاحُ وَجْدِنا
على مِعَدٍ مَأفونَةٍ، وَفِقَاحِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> قصدت بيأسي منك إقذاءَ ناظري
قصدت بيأسي منك إقذاءَ ناظري
رقم القصيدة : 24330
-----------------------------------
قصدت بيأسي منك إقذاءَ ناظري
فأعفيتَني من أنْ أذِلَّ لمطمعِ
فلم تكُ إلا نافعاً غيرَ ضائرٍ
وكم ذا أخذنا النفع من غير منفعِ
فحسبك لاتزدد قبيحاً مجدداً
فإنّ الذي قد بان لي منك مقنعي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> شُدَّ "غُروضَ" المطيّ مُغترباً
شُدَّ "غُروضَ" المطيّ مُغترباً
رقم القصيدة : 24331
-----------------------------------
شُدَّ "غُروضَ" المطيّ مُغترباً
فلم يَفُزْ طالبٌ وما دَأَبا
لا دَرَّ في الناس دَرُّ مقتصدٍ
يأخُذُ من رزقهِ الذي اقْتَربا
يتركُ أن يحمِيَ الذَّمارَ إذا
ضِيمَ ويحمِي اللُّجِيْنَ والذَّهبا(27/385)
للهِ دَرُّ الإباءِ أعوَزَهُ
في جانبِ الذُّلِّ عزَّه فَنبا
وما مُقامُ الكريمِ في بلدٍ
يُنفق فيه الحياءَ والأَدبا
مالي أرى المَكرُماتِ عاطلة ً
والفضلَ خِلْوَ الفِناءِ مُجتَنَبا؟
تفرّقٌ دائمٌ فإنْ عرضتْ
دَنيّة ٌ طير نحوها عُصَبا
هل لِيَ في الدّهر من أخي ثقة ٍ
يحتقرُ الحادثاتِ والنُّوَبا؟
مُمْتَعضِ الأنفِ إنْ أهَبْتَ بهِ
شَنَنْتَ في صحنِ وجهِهِ الغَضَبا
ربّ مقامٍ دَحْضٍ ثبتُّ به
ولو خَطاه غيرُ الجواد كَبا
وساعة ٍ للعيوبِ كاسية ٍ
نَفَضْتُ فيها من بُرْديَ الرِّيبَا
تُمسحُ أخلافُها ولا حَلَبا
أطلعتُ فيه كواكباً شُهُبا
وأزمة ٍ للّحوم عارقة ٍ
عقرتُ في عُقرِ دارها السَّغَبا
ومُقْتِرٍ برَّحَ الزّمانُ بهِ
سبقتُ فيه إلى اللُّها الطّلَبا
وصاحبٍ يمترِي النَّوافلَ في
ودِّي ولم يَقْتِضنِي الّذي وَجَبا
يَرْضى بسُخطي على الزَّمانِ، فإنْ
رضيتُ يوماً عن صرفه غَضِبا
كأنّما الضِّغنُ بين أضلُعِهِ
يُضرمُ نارًا إذا أقولُ: خَبا
لاَ يَنْتُهُ كي يَرى الجميلَ ولَمْ
أَنْحَتْ بكفِّي من عُودِه النَّجَبا
وكنتُ إمَّا مثقِّفاً خَطَلاً
منه وإمّا مداوياً جَرَبا
وكم سقاني الطَّرْقَ الأُجاجَ فجا
زيتُ زُلالاً تخالُه ضَرَبا
لا تعطنِي بالزّمان معرفة ً
قد ضاق بي مرَّة ً وقد رَحُبا
أيُّ خطوبٍ لم تَشْفِنِي عِظَة ً
وأيُّ دهرً لم أفنِهِ عَجَبا؟!
ساعاتُ لهوٍ تمرُّ مُسرعة ً
عنّا وتُبقي العناءَ والتَّعَبا
لا تطمعُ النّفسُ أنْ تمتَّعَ بالـ
ـآتي ولا تستردَّ ما ذهبا
وكلّ حيٍّ منّا يجاذب حَبْـ
ـلَ العمرِ أيّامَه لوِ انْجَذبا
وكيفَ يَرجو الحياة َ مُقْتنصٌ
يُغرمُ منها ضِعفَ الذي كسبا؟
إنِّي من معشرٍ إذا نُسبوا
طابوا فُروعًا وأَنجبوا حَسَبا
لا يجد الذّمّ في حريمهُم
مَسْعًى ولا العائبون مُضطَرَبا
إذا رضوا أوسعوا الورى نعماً
أو سَخِطوا أوْسعوهُمُ نُوَبا
أو رَكِبوا الهولَ قالَ قائلُهم:
أكرمُنا مَن حياتَهُ وَهَبا(27/386)
كُلُّ جريءِ الجَنانِ إنْ هَتَفتْ
يومًا بهِ حَومة ُ الوغَى وَثَبا
ومدّ فيها ذراعَ قَسْوَرَة ٍ
تردُّ صدرَ القناة مُختَضَبا
إلى متى أحمل الهموم ولا
أُلفى مدَى الدّهر بالغاً أربا
تَزْوَرُّ عنِّي الحقوقُ مُعرضَة ً
متى أرُمْهُنَّ فُتْنَني هَرَبا
نَهْضًا إليها؛ إمّا عَلوتُ لها
دَفَّيْ ركوبٍ أو مركبا حَدِبا
إنْ لم أثِرْها مثلَ القَطا الكُدْريِّ لا
تعرفُ إلاّ الرَّسيمَ والخَبَبا
تَنْصاعُ مثلَ النَّعام جافلة ً
تترك أقصى مُرادها كَثِبا
فلا دعوت "الحسين" يُرز لي
حُرَّ المعالي يومَ الفخار أبا
قَرْمٌ إذا حَفَّتِ الخطوبُ بهِ
نَزَعْن عن آخذٍ لها أُهبا
مجتمع الرأي بينهنّ وكمْ
شَعَبْنَ آراءَ غيرهِ شُعَبا
يأبى وتأبى له حفيظتُهُ
يَركبَ أَمرًا إلاّ إذا صَعُبا
أو يبتغي في في نجاح حاجته
إلاّ ظُبا البيض والقنا سَبَبا
وكم له من غريب مأثُرَة ٍ
تُعجبُ مَن ليس يألفُ العجبا
يكون قولُ الذي تأملها :
ليس المعالي ونيلُها لَعِبا
مكارمٌ لا تزالُ غالبة ً
على محلِّ الفَخارِ مَن غَلَبا
لا يرهبُ الواصفَ البليغَ وإنْ
أفرط فيها عيباً ولا كَذِبا
وأنتَ في كلِّ يومٍ معركة ٍ
تُمطِر من سُحب نقعها العَطَبا
إِمّا جَبينًا بالتُّربِ مُتْعَفِّرًا
أوْ وَدَجاً بالنَّجيع مُنسكبا
أوْ لِمَّة ً نشَّرَتْ غَدائرُها
على نواحي قُنّاتِها عَذَبا
لولاك كانت جِدّاءَ حائلة ً
تُمسحُ أخلاقُها ولا حَلَبا
ومن عجيبِ الزّمان أنْ يَدَّعي
شَأْوَكَ فَشلٌ لم يَعْدُ أنْ كَذَبا
لم يدرِ والجهلُ من سجيّتِهِ
أنك أحرزَتَ قبلهِ القَصَبا
وأنّه لا يكون رأساً على الأ
أَقوامِ مَن كانَ فيهمُ ذَنَبا
ووصمة ٌ في الرّجالِ أنْ يطؤوا
عَقْبَ امرىء ٍ كانَ بينهُمْ عَقِبا
أو يتبعوا ساعة ً من الدهر من
كانَ لمنْ شِئتَ تابعًا حَقِبا
وإنْ جرَوْا كنتَ أنتَ غُرَّتَهُمْ
سَبْقًا وكانَ الحِزامَ واللَّبَبَا
وقد دَرَى كلُّ مَن له بصَرٌ
أنَّكَ سُدْتَ العُجَيْمَ والعَرَبا(27/387)
وقُدْتَهمْ ناشئًا ومُنْتَهيًا
وَنُبْتَ عنهم تكهّلاً وصِبا
وإنْ دَجوا كنت فيهمُ قبساً
أو خمدوا كنتَ فيهمُ لَهَبا
وإنْ عَلا بينَهُم تَشاجُرُهُمْ
سللت للقولِ مِقْولاً ذَربِا
يأتي بفصلٍ من الخطابِ لهمْ
يَقْطعُ ذاك اللّجاجَ واللَّجَبا
كَلَهْذَمِ الرمّح عند طعنته
والسّهمِ أصْمى والسّيف إن ضربا
وكنت فيهم ممن "يحاولهم"
حِصناً حصيناً ومَعْقِلاً أشِبا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> فلو أنني أنصفتُ نفسي لصنتها
فلو أنني أنصفتُ نفسي لصنتها
رقم القصيدة : 24332
-----------------------------------
فلو أنني أنصفتُ نفسي لصنتها
ونزهتها عن أن تذل لمطمعِ
ومالي وأبواب الملوكِ وموضعي
من الفضل والتجريب والفضل موضعي؟
ومالهم مالي من العلم والتقى
ولامَعَهُمْ يوماً منِ الحلمِ ما معي
وهل أنا إلاّ طالبُ النَّقْصِ عندهمْ
وإلاّ ففضلي يعلمُ اللهُ مُقنِعي
وهل لصحيح الجلدِ من متمعكٍ
لذي العرِّ المفرى بمضجعِ؟
وما أنا بالرّاجي لِما في أكفِّهِمْ
فلِمْ نَحْوَهُمْ ياويحَ نفسي تطلُّعي
ولم أنا مرتاعٌ لما يجلبونهُ
وما زلتُ في الأقوامِ غيرَ مُروَّعٍ!
وقد عشت دهراً ناعمَ البال راكباً
من الخَفْضِ في أقتادِ عَوْدٍ مُوَقعِ
أبيًّا فلاظفر الظُّلامة ِ جارحي
هناك ولاداعي الملامة مسمعي
ومازالَ هذا الدَّهرُ يُخسِرُ صَفْقتي
ويُبدِلُ نَبْعي كلَّ يومٍ بخِرْوَعِ
إلى أن أراني حيث شئت سفاهة
لكلِّ مُلَوّى عن جميلٍ مُدَفَّعِ
فعد مقر الضيم إن كنت آنفاً
ودع جانباً تُخزى بساحته دعِ
فمصرعُ من ولى من الذلِّ هارباً
ببيض الوغا أو سُموها غيرُ مصرعِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أُحبُّ ثَرى نَجدٍ ونجدٌ بعيدة ٌ
أُحبُّ ثَرى نَجدٍ ونجدٌ بعيدة ٌ
رقم القصيدة : 24333
-----------------------------------
أُحبُّ ثَرى نَجدٍ ونجدٌ بعيدة ٌ
ألا حبّذا نجدٌ وإن لم "تُفِدْ" قُربا
يقولون نجدٌ لستَ من شعب أهلها
وقد صَدقوا لكنَّني منهُمِ حُبَّا(27/388)
كأني وقد فارقتُ نجداً شقاوة ً
فتى ً ضلَّ عنه قلبه "يبتغي قلبا"
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> تقاسم اللّيل والإصباح بينهما
تقاسم اللّيل والإصباح بينهما
رقم القصيدة : 24334
-----------------------------------
تقاسم اللّيل والإصباح بينهما
عُمري فمن حاصدٍ طَوراً ومن زَرِعِ
أعطَى نهاري ليلي جُلَّ صُنعِهِما
فنسج ايدي الدُّجى ثم الضحى خلعي
للّيل سودي وللصبح المنير إذا
جلاه شيبي فلومي فيه أو فدعي
فَنَوبة ُ اللَّيلِ قد ولَّتْ كما نزلتْ
ونوبة الصبحِ من هذا المشيبِ معي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أما آنَ للسَّلوانِ أنْ يردَعَ الصَّبّا
أما آنَ للسَّلوانِ أنْ يردَعَ الصَّبّا
رقم القصيدة : 24335
-----------------------------------
أما آنَ للسَّلوانِ أنْ يردَعَ الصَّبّا
ولا لدنوّ الهجر أن يُبعد الحبّا
لقد أنكر الدهر العَثور صبابتي
وقد كان ألقى مهجتي للهوى خرْبا
ولمّا وَقَفْنا للوداع انْتَضتْ لنا
يدُ البَيْنِ بَدرًا مزَّقَتْ دونَهُ السُّحْبا
فأبصرتُ عرساً بين بُرديه مأتمٌ
وأوليتُ بِرًّا عادَ عندَ النَّوى ذَنْبا
وقد كنت أخشى وثبة الدّهر بيننا
ونحن من الإشفاق نستوعر العَتْبا
فكيف وقد خاض الوشاة حديثنا
وأضحَوا لنا من دون "أترابنا" صَحبا
سقى اللهُ أكنافَ اللوى مُرْجَحِنَّة ً
سحاباً يظلّ "الهضبُ من جوده خَضبا"
وأطلقَ أنفاسَ النَّسيم بجوِّهِ
فكم كَبِدٍ حرّى تَهَشُّ إذا هبّا
فعهدي بهِ لا يَهتدي البينُ طُرْقَه
ولا تَطْرقُ الأحزانُ مِن أهلهِ قَلبا
حَمَتْهُ اللّيالي عن مطالبة الرّدى
ولم أدرِ أنّ الدّهر يجعله نَهْبا
ومن ذا الذي لا يفتق الدّهر رَتْقَه
ولا تُنزل الدنيا بساحته خَطْبا؟!
بربِّك يامزجي المطّية هل رعتْ
رِكابُك في سَفحِ الحِمَى ذلك الرَّطْبا؟
وهل كَرِعتْ من ذلك الحيِّ كَرْعَة ً
فقد طالما شرّدتَ عني به كَرْبا
وهل لعبت أيدي السيول بحَزْنه
وهل "سَفَت الأرواح" من سهله التُّربا؟(27/389)
غرامي بأهلِ الْجَزْعِ منكَ بِنَجْوة ٍ
ولو جُزته أعيا الرّكائب والرّكْبا
شربتُ خليطَ الودِّ منهم ومَحْضهِ
فلستُ أُبالي إنْ سَقَوا غيريَ الضَّرْبا
وفيهنَّ بيضاءُ العوارض لم تلُثْ
خِمارًا ولم تعرفْ مناكبُها العَصْبا
أبحتُ هواها من سَرارة ِ مهجتي
حمى ً لو حَمَتْه همتّي لم أكن صبّا
فإن تكن الأيام "أمْحَلْنَ" وصْلَنا
فإنَّ بقلبي مِن تذكُّرها خِصْبا
عذيريَ مِن مُسْتَعْذِب صابَ بِغْضَتي
وقد وردتْ خَيلُ الصَّرى منهلاً عذْبا
"تحكّمَ" منه الضِّغنُ لمّا رعيته
رياضَ حلومٍ لم يكن نبتها عُشبا
كأنّ اللّيالي كافلاتٌ بعمرهِ
فإن قلت قد شابت ذوائبهُ شبّا
إلى كم أغضُّ الطَّرفَ منه على القَذَى
وأهلنا من حلمي قلائصَه الجَرْبي
وهَبْتُ له صَبري على هَفَوَاتِهِ
ولولا عطائي ما تملَّكَها كَسْبا
وأقسم أنِّي لو مددتُ له يدي
لطالَ على حَوْباءة ٍ تسكُنُ الجَنبا
أيا حاسدي كسب العُلا اكتسب العُلا
فإنّ المعالي ليس تأخذها عصبا
ركبتُ له والخيلُ "منك" بريئة ٌ
وأَخْصَبَ في رَبْعي وكنتَ له جَدْبا
وقلّبتُ أطراف القنا في طِرادِه
وقلبُك في شُغلٍ بتقليبهِ القُلْبا
إذا المرء لم تستصحب الحزمَ نفسُهُ
أقامت سَجاياهُ على نفسهِ إلْبا
وليسَ ينالُ المجدَ إلاّ ابنُ همَّة ٍ
أبَتْ أنْ يكون الصّعبُ في نفسه صعبا
وكم لائمٍ في المجد لا نصحَ عنده
جعلتُ جوابي عن ملامتهِ تبَّا
يلوم علي أنّي أحِنّ إلى النّدى
وليس عابَ النّدى عندي العُتبى
وما مال إلاّ ما سبقت به ردى ً
فأعطيتُه أو ما شفيتُ به صَبّا
وعندي لمن رام ابتلائيَ همة ٌ
تَرى بُعْدَ طُرْقِ المَكْرُماتِ هوَ القُربا
"مُهذِّمَة ٌ" لا يخطب الهزلَ جِدُّها
ولا تملأ الرَّوعاتُ ساحتَها رُعبا
لها شفرة لا يَكْهَمُ الدّهرُ غربَها
ولن تتركَ الأيامُ في شفرة ٍ غَرْبا
وليلٍ كأنّ البدرَ في جَنَباتِهِ
أخو خَفَرٍ يُدْني إلى وجهه سِبّا
خرقتُ حواشيه بخرقاءَ جَسْرة ٍ(27/390)
ترى الصِّدقَ في عينيكَ ما وجدتْ كِذْبا
مسهَّدَة ٌ لا يطعمُ النومَ جَفنُها
ولا تبلغُ الغايات من صبرها العُقبى
إذا ما استمرَّتْ في الشّكيم تلوكُه
كسا مشفراها عاريات الرُّبا عُطبا
أقولُ إذا أَقنى الدُّؤوبُ تَجَلُّدي:
ألا ربَّ تَصديع ملكتُ به الشِّعبا
ولا بدَّ لي من نهضة ٍ في لُبانهٍ
أُميتُ القَنا فيها وأُحْيِي بهِ النَّحْبا
فإنْ أبلغِ القُصوى فشيمة ُ ماجدٍ
وإن تنبُ أسيافي فلن أدع الضّربا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> حُيِّيتَ يارَبْعَ اللِّوَى من مَرْبَعِ
حُيِّيتَ يارَبْعَ اللِّوَى من مَرْبَعِ
رقم القصيدة : 24336
-----------------------------------
حُيِّيتَ يارَبْعَ اللِّوَى من مَرْبَعِ
وسُقيتَ أنديَة َ الغُيوثِ الهُمَّعِ
فلقد عهدتُكَ والزَّمانُ مُسالمٌ
فيكَ المُنى وشفاءُ داءِ المَوجَعِ
أيّامَ إنْ يدعُ الهوَى بي أتَّبعْ
وإذا دُعيتُ إلى النُّهَى لم أَتبعِ
إذ قامتي ممتدة وذوائبي
مُسْودَّة ٌ ومسائحي لم تَصْلَعِ
وإذ النضارة ُ في اديمي جمة ٌ
والشيب في فودي لمّا يطلعِ
سَقْياً له زَمَناً نَعِمتُ بظلِّهِ
لكنّه لمّا مضى لم يرجعِ
شعرٌ شفيعي في الحسانِ سواده
حتى إذا ما اُبيض بي لم يشفعِ
عُوِّضتُ قَسْراً من غُدافِ مفارِقي
وهي الغبينة ُ بالغرابِ الأبقعِ
لونٌ تراهُ ناصعاً حتى إذا
خَلَفَ الشَّبابُ فليس بالمُسْتَنْصِعِ
أحبب إليّ وقد تغشى ناظري
وسن الكرى بالطّيف يطرق مضجعي
مازالَ يخدعُني بأسبابِ الكَرى
حتّى حسبتُ بأنه حقّاً معي
ولقد عجبتُ على المسافة ِ بيننا
كيف اهتدى من غير هادٍ موضعي؟
أفضَى إلى شُعْثٍ لَقُوا هاماتِهِمْ
لماسقوا خمر الكرى بالأذرعِ
هَجعوا قليلاً ثمّ ذَعْذَعَ نَومَهمْ
غبَّ السُّرى داعي الصباح المسمع
من بعد أن علقَ الرُّقاد جفونهم
هَجروا الكَرى في أيِّ ساعة ِ مضجعِ
فتبادروا بطنَ السَّفينِ وأسرعوا
زمراً كجافلة ِ القطا المتروعِ
من كلِّ سوداءِ الأديمِ كأنَّها(27/391)
شغواء تنجو في الرّياح الأربعِ
هزَّتْ جناحَيْها على سَغَبٍ بها
وقد اهتدَتْ بعدَ الضَّلالِ المُطمِعِ
لاتشتكي مع طول إدمان السُّرى
مسَّ اللغوب ولاكلال الظلّعِ
رَكبوا عَميقاً قعرُهُ، متلاطماً
أمواجُهُ ذا غاربٍ مُسْتَتْلِعِ
ينجون كلَّ قرارة ٍ لاتهتدى
أو يطلعون ثنيّة ً لم تطلعِ
في حيثُ لا تُنجي الرِّجالَ جَلادة ٌ
ولَربَّما نجَّتْك دعوة ُ إصبعِ
وقد عجبتُ لخابِطٍ ورقَ الغِنى
من كل ذي جشعٍ وخدٍ أضرعِ
وكأنهم لم يعلموا أنّ الذّي
جَمعوا بمرأى للخطوبِ ومسمعِ
والعامر الكفين من هذا الورى
لايُنْثني إلاّ بكفٍّ بَلْقَعِ
جَمعوا لينتفعوا فلمّا أنْ دعَوْا
أموالَهُمْ حينَ الرَّدى لم تنفعِ
واستدفعوا بالمال كلَّ مَضرَّة ٍ
حتّى أتى الأمر العزيزُ المدفعِ
هيهاتَ أين الأوّلون وأينَ ما
شادوهُ من مَغْنى ً ومن مُتَرَبَّعِ؟
والراخصوت العارَ عن أثوابهم
والرافعوان النارَ للمستلمعِ
والموسعو مُعتامِهمْ أموالَهمْ
والنازلون على الطريقِ المهيعِ
من كل معتصب المفارق إن مشى
نَمَّتْ عليه ثيابُه بتضوُّعِ
تَعْنو الرِّجالُ لذي التَّمائمِ منهمُ
ويسودُ طفلُهمُ ولم يَتَرَعْرَعِ
لايجمعون المال إلا للندى
أو لاصطناع صنيعة لم تصنعِ
وإذا وفدتَ إليهمُ عن أزْمَة ٍ
فإلى أعزِّ ندى ً وأخصبِ مَرْتَعِ
وإلى الجفان الغرِّ في يوم القِرى
والطعن في اللبات يوم المفزعِ
وإلى الحديث تطيب في يوم الثنّا
نَفَحاتُهُ ويضيءُ يومَ المجمعِ
وكأنَّما فتَّحتَ منه لمبصرٍ
أنوارَ روضٍ غِبَّ غيثٍ مُقلِعِ
سكنوا الخورنق والسّدير وحلّقوا
في رأس غُمدانَ البناءِ الأرفعِ
وتقسَّموا من مَأْرِبٍ عَرصاتِهِ
والأبلقِ الفردِ العرين المسبع
أخذوا إتاواتِ الملوك غُلُبَّة ً
مابين بصرى والفراتِ وينبعِ
وأطاعَهمْ وانقاد في أيديهمُ الْـ
دانّي القريب إلى البعيد المنزعِ
هتف الحمامُ بكل حيٍ منهمُ
فأجابَهُ مُستكرهاً كالطَّيِّعِ
واراهُمُ في مَضجعٍ وأتاهُمُ
من مطلعٍ وسقاهمُ من مكرعِ(27/392)
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> يا سقى الله "ليلتي" ليلة السّبْـ
يا سقى الله "ليلتي" ليلة السّبْـ
رقم القصيدة : 24337
-----------------------------------
يا سقى الله "ليلتي" ليلة السّبْـ
ـتِ ُزلزالاً لا بل سقاها شرابا
ليلة ٌ قرَّبتْ بعيدًا وأعطتْ
مُتَمَنًّى وأقدمَتْ غُيّابا
وارْتَجعنا زَمانَنا وكأنّا
بعدَ شَيبٍ منّا ارْتَجعنا الشَّبابا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> إنيّ الشجاع وقد جزعتُ كما ترى
إنيّ الشجاع وقد جزعتُ كما ترى
رقم القصيدة : 24338
-----------------------------------
إنيّ الشجاع وقد جزعتُ كما ترى
منّي الغداة َ بمصرع ابن شجاعِ
ساقت مصيبته إليَّ بلابلي
سَوْقاً وأَلقتني إلى أوجاعِ
فالماءُ من عينَيَّ يقرح ناظري
طَوَعَ النَّوى والنّارُ في أضلاعي
ووددت لو تغنى الودادة في الردى
أنّ التكذبَ مايقول النّاعي
ومنَ العجائب أنني ضَنّاً بهِ
رملتهُ ورميته في قاعِ
ويسوءني أني أراهُ في الثرى
يَبْلى وأمريَ فيهِ غيرُ مُطاعِ
بيفاعِ مشرفة ٍ وهل يغني الفتى
سلبَ الحياة مقيلهُ بيفاعِ؟
في ممرعٍ خضلٍ وما أغنى أمرأً
في اللحد عن خصبٍ وعن إمراعِ
أعزِزْ عليَّ بأنْ توفّاكَ الرَّدى
وأصمَّ سمعَكَ عن مقالِ النَّاعي
وأردتُ حِفظَك في الضَّريح وإنَّما
صَيَّرتُ شِلْوَكَ في يَدَيْ مِضياعِ
خرقاء تأكل لالجوعٍ كلَّ من
يُهدَى إليها الموتُ أكْلَ جِياعِ
مَن لي تُرَى مِن بعدِ فقدِك صاحبٌ
أُلقي إليه متى أردتُ بَعاعي
ومن المطيلُ تمتعي بغرائبٍ
مِنْ بَثِّهِ ومَن المقصِّرُ باعي
وإذا دنا الأجلُ المقدَّرُ للفتى
لم أنجه منه وضاع دفاعي
وقواطعي وهي الحداد كليلة ٌ
عنه وَنَبْعي فيه مثلُ يَراعي
وأنا الطويلُ يداً فإن مدّ الردى
نحوي يداً منهُ تَقاصَرَ باعي
كم ذا تغالِطُنا الحياة ُ ونَنْثني
منها بخدعة مائن خداعِ؟
أينَ الذين عَلَوْا على هامِ العُلا
وتبوءوا بالمجد خيرّ رباع؟
الباذلين لما حَوَتْهُ خِيامُهمْ(27/393)
والواهبينَ لِما يسوقُ الرَّاعي
فَسَقَتْ ترابَك يا حُسينُ بواكِرٌ
تَرمي الدِّيارَ بعارِضٍ هَمّاعِ
وكأنَّ لَمْعَ بُروقِهِ هِنْدِيَّة ٌ
مسلولة ٌ جنح الدجى لقراعِ
وكأن زمجرة الرعود خلالهُ
دَوْحٌ تقصَّفَ أو زئيرُ سِباعِ
ودفاعُ ربِّك عنك شرَّ عقابهِ
ن سيءٍ خيرٌ من الدفاعِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> إياباً أيها المولى إيابا
إياباً أيها المولى إيابا
رقم القصيدة : 24339
-----------------------------------
إياباً أيها المولى إيابا
فعبدٌ إنْ أساءَ فقد أنابا
أطاعَكَ والشَّبابُ له رِداءٌ
فكيف تراه إذ خلع الشّبابا؟
وكان على الهُدى حَدَثاً فَأنّى
تظنُّ به الضَّلالة َ حينَ شابا؟
أبَعْدَ نصيحة ٍ في الغيبِ غِشٌّ؟
أحَوْراً بعد كَوْرٍ وانقلابا؟
ألا قلْ للأُلى زمّوا المطايا
وعالوها الهوادجَ والقِبابا
وقادوا الخيلَ عارية َ الهوادي
وما أوْكَوْا من العَجَلِ العِيابا:
خذوا منّا التحيّة واقرءوها
وإنْ لم تَسمعوا عنها جَوابا
على ملكٍ تتزّه أن يحابِي
وأغنَتْهالمحامد أن يُحابى
ولمّا أن تحجَّبَ بالمعالي
على أعدائهِ رفعَ الحجابا
وقولوا للّذين رضُوا زَمانًا
فردّهم الوشاة ُ بنا غضابا
عدَتْنا عن ديارِكُمُ العوادي
ورابَ منَ الزِّيارة ما أَرابا
فلا جوٌّ نَشيمُ بهِ بُروقًا
ولا أرضٌ نشمّ لها ترابا
وما كنّا نخافُ وإن جنينا
بأنَّ الهجرَ كان لنا عقابا
أقيلونا الذّنوبَ؛ فإنَّ فيكُمْ
وعندكُمُ لمجرمكُمْ مَتابا
ولا تَستبدعوا خطأ الموالي
فإنَّ العبدَ يُبدعُ إنْ أصابا
بعُدْنا عنكُمُ ولنا أعادٍ
يزيدهُمُ تباعدنا اقترابا
فَرَوْنا بالشّفارِ فما أكلّوا
لهم في فَرْيِنا ظُفْرًا ونابا
وكنّا إذ أمنّاهُمْ علينا
رُعاة َ البَهْمِ إِذْ أمِنوا الذّئابا
أيا ملك الملوك أصخْ لقولٍ
أُجِلُّكَ أن يكون لكمْ عتابا
"تُسَكِّنُنِي" المهابة ُ عنه طوراً
ويؤمنني وفاؤكَ أنْ أَهابا
ولولا أنّ حلمَك عِدلُ رَضْوى
فَرَقْتُكَ أن أُراجعك الخطابا(27/394)
خدمتُكَ حينَ أَسْلمك الأَداني
وخلّي الجارُ نُصرتنا وهابا
وكنتُ أخوضُ فيما تَرتَضيهِ
على الأعداءِ أيّامًا صِعابا
أخاف الموت قدّاماً وخلفاً
وأرقبُهُ مَجيئًا أو ذَهابا
وأكرع من عدوِّك كلَّ يومٍ
وما استسقيتُه صَبراً وصابا
وكم جذبَ السُّعاة ُ عليك ضَبْعي
فما أوسعتُهم إِلاّ جِذابا
ألا لا تَغْبننَّ الحِلمَ رأيًا
صواباً في امرئٍ غَبِنَ الصّوابا
وقلْ للمُجْلبين عليَّ: مهْلاً
فقد أدرَكْتُمُ فيه الطِّلابا
أسُخطاً بعد سُخطٍ وازوراراً
ونأياً بعد نأيٍ واجتنابا؟!
وأنتَ أَرَيْتَنا في كلِّ باغٍ
غفرتَ ذنوبه العَجَبَ العُجابا
فم لي لا تُسوّيني بقومٍ
رَقَوْا في كيد دولتك الهضابا؟!
ودَرَّوا بعدَ ما رشحوا فأضحَوا
وقد ملؤوا منَ الشرَّ الجِرابا
هنيئاً يا ملوكَ بني بويهٍ
بأنّ بهاءَكُمْ ملك الرّقابا
وحاز المُلكَ لا إرثاً ولكن
بحدِّ السيف قسْراً واغتصابا
ولمّا أنْ عَوى بالسيفِ كَلبٌ
وجرَّ غلى ضلالته كلابا
وظنّك لا هياً عنه ويُرمى
قَديمًا بالغَباوة ِ مَن تَغابى
رأى لِينًا عليه فظنَّ خَيرًا
ويلقى اللّينَ من لمس الحُبابا
دَلَفتَ إليه في عُصَب المنايا
إذا "أمّوا" طعاناً أو ضرابا
وجوهاً في ندى ً تُلقى رقاقاً
وعند ردى ً تلاقيها صِلابا
وأبصرَها على الأهوازِ شُعثًا
تخالُ بهنَّ من كَلَبٍ ذَآبا
عليها كلّ أروعَ شمريٍّ
يهابُ منَ الحميَّة أنْ يَهابا
فولَّى في رُهيطٍ كان دَهرًا
يمنّيهم فأوردهم شرابا
وتَحْسَبُهم وقد زَحفوا لُيوثًا
فلما "أجفلوا" حسبوا ذئابا
أعدّهمُ له صحباً فكانوا
هنالك في منيّته صِحابا
فأصبحَ لا يَرى إلاّ ابتسامًا
وأمسى لا يرى إلاّ انتحابا
وباتَ مُعلَّقًا في رأسِ جِذعٍ
إهابا لو تركتَ له إهابا
وحلَّقَ شاحبَ الأَوصالِ حتّى
عُقابُ "الجوّ" تحسِبَهُ عُقابا
تعافُ الطيرُ جيفتَه وتأبى
عراقَتَه وإن كانت " سِغابا
وما تركَ انتقامُكَ فيه لمّا
سطوتَ به طعاماً أو شرابا
فدُم ياتاج ملك بني بُيهٍ(27/395)
تَخطَّاكَ المقادِرُ أنْ تُصابا
ولا ملك الأنام سواك مولى ً
ولا قصدوا سوى نعماك بابا
"وضلّتْ" نائبات الدّهر جَمْعاً
شِعابَك أن تلمّ بها شِعابا
وطابتْ لي حياتُكَ ثمَّ طالتْ؛
فَخيرُ العيش ما إنْ طال طابا
العصر العباسي >> البحتري >> ليكتنفك السرور والفرح
ليكتنفك السرور والفرح
رقم القصيدة : 2434
-----------------------------------
لِيَكْتَنِفْكَ السّرُورُ والفَرَحُ،
وَلاَ يَفُتُكَ الإبْرِيقُ والقَدَحُ
فَتْحٌ وَفِصْحٌ قد وَافَيَاكَ مَعَاً،
فالفَتْحُ يُقرَا، والفِصْحُ يُفتَتَحُ
واليَوْمَ دَجْنٌ، والدّارُ قُطرُبَّلٌ
فيها عَنِ الشّاغِلِينَ مُنْتَزَحُ
فانعَمْ سَليمَ الأقطارِ تغتَبقُ الصّهـ
ـباءَ مِنْ دَنِّها، وَتَصْطَبِحُ
وإنْ أرَدْتَ اجْتِرَاحَ سَيّئَةٍ،
فَهَهُنَا السّيّئَاتُ تُجْتَرَحُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أيُّ ناع نعاهُ لي أيُّ ناعِ
أيُّ ناع نعاهُ لي أيُّ ناعِ
رقم القصيدة : 24340
-----------------------------------
أيُّ ناع نعاهُ لي أيُّ ناعِ
لارمى اللهُ شعبه بانصداعِ
لم يَرُعْني وطالما أتْرَعَ النّا
عون فينا قلوبنا بارتياعِ
لا ولا موجِعاً لقلبي بما قا
ل ولكنْ داوَى به أوجاعي
ولقد قلتُ إذْ سمعتُ الذي كنـ
ـتُ أُرَجِّي: للَّهِ دَرُّ النَّاعي!
خبرٌ مبهجٌ لقلبى وقد كا
نَ كئيباً، مؤرِّج لرِباعي
لم أزل مبغضاً لكلِّ نذيرٍ
للمنايا حتّى نعاه النّاعى !
أمْتَعَ القلبَ بالبشارة لازا
ل مُحَيّاً بالسُّؤْلِ والإمتاعِ
ولو أنّي استطعتُ شاطرتُ عمري
ثمَّ ذخرى ومتعتى ومتاعى
فلَهُ والحقوقُ تُلفَى وتُرعَى
كلُّ حقٍّ عليَّ غيرُ مُضاعِ
وبوُدِّي أنْ لم يكن ليَ تعريـ
لَمِ داءً لَسَيِّدُ الأوجاعِ
قد مضى معدنُ النّفاقِ وأصلُ الـ
ـمَيْنِ عنّا ورأسُ كلِّ خِداعِ
والّذى كنتُ فى قناعٍ فلمّا
ضلَّ هُلْكاً ألقيتُ عنِّي قِناعي
ـخيرُ في ضِيقة ٍ ولا في اتّساعِ
وثويتَ الثّرى فطوّلتَ باعى(27/396)
وَرَمَتْني السِّهامُ منكَ ولكنْ
لم تَضِرْني واللَّهُ مِن أدراعي
كلُّ شكري لأنَّني نلتُ ما كد
ـتُ أُرَجِّي باللَّهِ لا باصطناعي
وكُفِيتُ المكروهَ منك وَشيكاً
بدفاعِ الإله لا بدفاعى
وامتلا رَبْعيَ الجديبُ منَ الخِصْـ
ـب كما أشتهيه لا بانتجاعى
وقراعُ الإلهِ عنّى َ أغنى
يا خليلي كما تَرى عن قِراعي
ورمى الله فى ظلامك لمّا
غَشِيَ النّاسَ كلَّهمْ بانقشاعِ
ولَئِنْ بِنْتَ واغتربتَ فما عنـ
ـدك شوقي ولا إليك نِزاعي
ومتى ما سئلتُ عنك فقولى :
لارعاهُ في طَرْفِهِ مَنْ يُراعي
وقلوبٌ حشين فى الموت بالّلو
عاتِ ما خُرْنَ فيك بالإلتِياعِ
لك نزرٌ من كلّ خيرٍ فإنّى
كِلْتُ للشّرِّ وحدَه بالصَّاعِ
إنّ غدراً ثوى فلم تخلُ أضلا
عكَ منه ما اجتاز فى أضلاعى
وغروري بك الغداة َ كما غَرْ
رَ سرابٌ بوَمْضِهِ اللمَّاعِ
وإذا ما علقتهُ فعلوقى
بجنابٍ هاعٍ لعمرك لاعِ
لم يكنْ بينَ ماكرهتُ وما أحْـ
ـبَبْتُ إلاّ وقتٌ قصيرُ السَّاعِ
وكفاني الإلهُ شَرَّ امرىء ٍ ليـ
س يراعى من التّقى ما أراعى
إن علواً لا يستحقّ كسفلٍ
وارتفاعاً لا ينبغى كاتّضاعِ
ليت ما كان بيننا لم يكن كا
ن قديماً من إلفة ٍ واجتماعِ
بعتنى بالرّخيص من غير أن أنـ
ـكثَ عهداً أو أنْ يحين بياعى
وسيدرى من باعنى بحقيرٍ
أيُّ غَبْنٍ عليه مِن مُبْتاعي
وإذا ماجهلتَ فخري وجُودي
بين كفّيك طاب فيه ضياعى
ضاعَ ودِّي مَن لم يكنْ أهلَ ودِّي
وشقى ٌّ غادٍ بودٍّ مضاعِ
كان مثلَ الضّياحِ فى القاعِ طوراً
وحَكى تارَة ً ثُغاءَ الرَّاعي
وعلى ذا مضى الزّمانُ فحى ٌّ
غيرُ ساهٍ وميِّتٌ غيرُ داعِ
كيف قدّرتَ أنّنى من أناسٍ
قدتهمْ نحو حينهمْ باختداعِ ؟
حاشَ للَّهِ أنْ أكونَ سريعاً
ومجيباً من الورى كلَّ داعِ
وغَبينٌ مَن هاجَ منِّي لساناً
مثلَ حدِّ الحسامِ يومَ المصاعِ
ورجا والرّجاءُ نحسٌ وسعدٌ
لَيَّ رُمْحٍ يومَ الوغَى بِيرَاعِ
وتَعاطَى جهالة ً منه تَرويـ
ـعَ جَنانٍ ما كانَ بالمرتاعِ(27/397)
ولوادٍ حللتَ فيه جديبٌ
بكَ نائي الإخصابِ والإمراعِ
ليس فيه إلّا الجنابُ لراجٍ
يرتجيهِ أو الهشيمُ لراعِ
وصدى ً لم يَطُفْ به قطُّ إرْوا
ءٌ وجوعٌ لم يروِ بالإشباعِ
بين وهدٍ غبرِ المتون وهيها
تَ وِهادٌ مغبرَّة ٌ من قِلاعِ
ليس يرميه آملٌ برجاءٍ
لا ولا يَنْتحيهِ سعيٌ لساعِ
وإذا ما أُلفِيتَ فيه فما يلـ
ـقاك إلّا بباخلٍ منّاعِ
مجثمُ اليأسِ والقنوط فما فيـ
ـهِ مَزارٌ لجاثلِ الأطماعِ
وبودّى أنْ لم يكن لى َ تعريجٌ إليه ولا عليه اطّلاعى
عليه اطِّلاعي
وإذا ما بقيتَ فاجتنبِ الغا
بَ محلَّ الرّدى ومطوى السّباعِ
ودعِ الإغترارِ بالسّلمِ فالسّلـ
ـمُ طريقٌ إلى ركوبِ القِراعِ
أنّنى وحدى َ الّذى لو تأمّلـ
ـتَ ملأتُ الوادي بغُرِّ المساعي
واتّباعى ما كان قطُّ لخلقٍ
وأولو الفضلِ كلُّهمْ أتباعي
وغبينٌ مَن ليس يعلمُ شيئاً
بعيانٍ يرى ولا بسماعِ
أيُّ فضلٍ في العقل غيرُ مُطاعٍ
وانتفاعٌ بالقلب ليس بواعِ ؟
وإذا ما مررْتُ يوماً على قبـ
ـرِك؛ شرِّ القبورِ في شرِّ قاعِ
قاتُ لا مسّكَ النّسيمُ ولا اعتا
دك نوءٌ من واكفٍ همّاعِ
وعَداك السّلامُ والرَّوحُ والرَّحْـ
مة ُ من فائضِ الجدا النّفّاعِ
وسُقِيتَ العَذابَ لا العَذْبَ والزَّلْـ
ـزالَ تأتى به يدُ الزّعزاعِ
وإذا جوزى َ الأنامُ فلا جو
زيتَ إِلاّ بالمؤلمِ اللّذّاعِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> إذا لم تَستطعْ للرُّزْءِ دَفْعاً
إذا لم تَستطعْ للرُّزْءِ دَفْعاً
رقم القصيدة : 24341
-----------------------------------
إذا لم تَستطعْ للرُّزْءِ دَفْعاً
فصبراً للرزيّة واحتسابا
فما نالَ المُنى في العيشِ إلاّ
غَبيُّ القومِ أو فَطِنٌ تَغابَى
هِيَ الدُّنيا نُغَزُّ بها خَدوعًا
ونورَدُها على ظمأٍ سرابا
وهذا الدهر يُصبح ثم يُمسي
يقود إلى الرّدى منّا صِعابا
وهل أحياؤنا إلاّ ترابٌ
بظهرِ الأرضِ ينتظرُ التُّرابا؟
صدعتَ بما كتبتَ قلبي
على عجلٍ فلم أُطِقِ الجوابا(27/398)
فلو أني استطعت حملت وحدي
ولم أهب الأذى عنك المصابا
وغيرُكَ مَن نعلِّمُه التَّعزِّي
ونُذْكِرُه وقد ذَهَل الثَّوابا
فلو حابى الزّمان سواك خَلقاً
لكانَ سَبيلُ مثلك أن يُحابى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> دعوا اليومَ ما عوّدتمُ من تصبّرٍ
دعوا اليومَ ما عوّدتمُ من تصبّرٍ
رقم القصيدة : 24342
-----------------------------------
دعوا اليومَ ما عوّدتمُ من تصبّرٍ
فإنّ نزاعى غالبٌ لنزوعى
فما القلبُ منّي فارغاً من تذكُّرٍ
ولا العينُ منّى غيرَ ذات دموعِ
ولو كنتُ مُسْطِيعاً جعلتُ صَبابة ً
مكان دموعى فى البكاءِ نجيعى
ففيما تركتُ لا يخافُ تردّدى
وفيما وهبتُ لا يُخافُ رُجوعي
وكيف بقائى لا أموت وإنّما
ربوعُ الأنامِ الهالكين ربوعى ؟
وما أنا إلاّ منهمُ وعليهمُ
إذا ما انقضى عمرى يكون طلوعى
ألمْ ترَ هذا الدّهر كيف أظلّنا
على غفلة ٍ منّا بكلِّ فظيعِ ؟
وكيف انتقى عظمى وشرّد صرفهُ
رُقادي وأَوْدى عَنْوَة ً بهُجوعي
وجرّ على شوك القتادِ أخامصى
وأضرم ناراً في يبيسِ ضلوعى
وأكرعنى حزناً طويلاً ولم أكنْ
لغيرِ الذي أختارُه بكَروعِ
رماني بخطبٍ لا يكفكفُ وقعهُ
سوابقُ أفراسى ونسجُ دروعى
وما عاصِمي منه حُسامي وذابِلي
ولاناصري رَهْطي به وجميعي
أتاني ضحًى لا درَّ درُّ مجيئه
فعادَ وماهابَ النَّهارَ هَزيعي
وضاعفَ من شجوى ورادف حزنه
خضوعى عليه راغماً وخشوعى
وصيَّر في وادي المصائبِ مَسكني
وفى جانب الحزنِ الطّويل ربوعى
وقالوا بركنِ الدين ولَّتْ يدُ الرَّدى
فخرَّ صَريعاً وهو خَيرُ صريعِ
فشبّوا لهيبَ النّارِ بين جوانحى
وجَثُّوا أُصولي بالجَوَى وفُروعي
ومرّوا وقد أبقوا بقلبي حسرة ً
وذَرُّوا طويلَ اليّأس منه بِرُوعي
فلو كنتُ أسطيعُ الفداءَ فديتهُ
وأعيا بداءِ الموتِ كلُّ جَميعي
وشاطرتُهُ عُمري الّذي كان طالعاً
عليه بما أهواه خيرَ طلوعِ
وقالوا: اصطبرْ، والصَّبرُ كالصَّبر طعُمهُ
إذا كان عن خرقٍ بغير رقوعِ(27/399)
وعن رجلٍ لا كالرّجالِ فضيلة ً
وعن جبلٍ عالي البناءِ رفيعِ
وعزّاك مَن سقَّاك كلَّ مرارة ٍ
وحيّاك من لقّاك كلَّ وجيعِ
ولو كنتُ أرجو عوده لاحتسبتهُ
ولكنَّه ماضٍ بغيرِ رُجوعِ
كأنِّيَ ملسوعٌ وقد قيل لي: مضَى
وما كنتُ من ذي شَوكة ٍ بلَسيعِ
فأيُّ انتفاعٍ بالرَّبيع وإنَّه
زمانى وقد ولّى الرّدى بربيعى ؟
وبالعيشِ من بعد امرئٍ كان طيبه
ويُبْدلُ منه ضَيِّقاً بِوَسيعِ
وبالمالِ من بعدِ الّذي كان مُخْلِفاً
لكلِّ الذي أفْنَتْهُ كفُّ مُضِيعِ
وبالعرضِ من دون الذى كان رمحهُ
يقارعُ عنه الدَّهرَ كلَّ قريعِ
ذَمَمْتُ سواكَ المالكين لأنَّهمْ
تولّوا وما أولوا جميلَ صنيعِ
ولم تكُ منهمْ مِنَّة ٌ بعدَ مِنَّة ٍ
ولا نزعوا أثوابهمْ لنزيعِ
فكم بينَ مُعطٍ للأماني وسالبٍ
وبين مُجيعٍ لي وقاتلِ جُوعي
ولمّا رأيتُ الفضلَ فيه أطعتُه
وما زلتُ للأملاكِ غيرَ مطيعِ
ألمْ تَرَني لمّا بلغتُ فِناءَه
عقرتُ بعيرى أو قطعتُ نسوعى ؟
وقد علمَ الأقوامُ
أنَّك فيهم النْـ
وأنَّك تُؤوي الخائفين منَ الورَى
ذُرا كلِّ مَرهوبِ الشَّذاة ِ رَفيعِ
وأنّك لمّا صرّح الخوفُ فى الوغى
بيومٍ صقيل الغُرَّتَينِ لَموعِ
وللخيلِ من نسج الغبارِ براقعٌ
وأجلالها من صوبِ كلِّ نجيعِ
ولو لمْ تبضَّعْ بالطِّعانِ لحومُها
لآبَتْ وما سالتْ لنا بَبُضوعِ
أخذتَ لواءَ النّصرِ حتّى ركزته
بيمناك من أرضِ اليقينِ بقيعِ
ولم تهبِ البيضَ الصّوارمَ والقنا
يردن إذا أوردنَ ماءَ ضلوعِ
ولمّا ذكرتُ الموتَ يوماً وهولهُ
تقاصر خطوى واقشعرّ جميعى
وما أنا إلاَّ فى انتظارٍ لزائرٍ
قَدومٍ على رغمِ الألُوفِ طَلوعِ
يمزّق أثوابَ الذى كنتُ أكتسى
ـنَفوعُ إذا لم يعثُروا بنفوعِ
ويهدم ما شيّدتهُ وبنيتهُ
ويحصدُ من هذى الحياة ِ زروعى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> على شجر الُراكِ بكيتُ لمّا
على شجر الُراكِ بكيتُ لمّا
رقم القصيدة : 24343
-----------------------------------(27/400)
على شجر الُراكِ بكيتُ لمّا
مررتُ به فجاوَدْتُ السَّحابا
وكم ناديتُ فيهِ من حبيبٍ
عَهدتُ به فلم أسمعْ جَوابا
فَواهًا للأراكِ مَقيلَ صبٍّ
فقدتُ به الأحبَّة والشَّبابا
وأكنافاً لغانية ٍ رحاباً
وأفناناً لناعمة ٍ رطابا
وسَقيًا للأراكِ مَساءَ يومٍ
نزلتُ به فطبتُ له وطابا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> من ذا الطبيبُ لأدوائى وأوجاعى
من ذا الطبيبُ لأدوائى وأوجاعى
رقم القصيدة : 24344
-----------------------------------
من ذا الطبيبُ لأدوائى وأوجاعى
أو الرّفيق على همّى وأزماعى ؟
قد كنتُ جلداً ولكنْ ربَّ أقضية ٍ
خَلَطْن جَلْداً على البلوَى بمُلتاعِ
ياصاحبي يومَ رامَ الدَّهرُ مَنْقصتي
وراعَ منِّي جَناناً غيرَ مُرتاعِ
قم سلِّ قلبى َ عمّا فى بلابلهِ
ففيهِ ما شئتَ من سُقْمٍ وأوجاعِ
ليس اللّسانُ وإن أوفتْ براعتهُ
مترجماً عن جوًى ما بين أضلاعى
إذا سَقَى اللَّهُ أجزاعاً على ظمإٍ
فلا سقى اللهُ هذا العامَ أجزاعى
ولا رَمَيْنَ على جَدْبٍ بأَنْدِية ٍ
ولا صببنَ على محلٍ بإمراعِ
إنِّي مُقيمٌ على كُرهٍ بناحية ٍ
غرثى المسالك من طيبٍ وإمتاعِ
فى معشرٍ ما لجانٍ منهمُ أدبٌ
كهمجة ٍ مالها فى القاعِ من راعِ
كم حَمَّلونيَ ثِقْلاً لا نُهوضَ بهِ
وكلّفونى َ فعلاً غيرَ مسطاعِ
بدّلْ بلادك إمّا كنتَ كارهها
داراً بدارٍ وأجراعاً بأجراعِ
كم ذا المقامُ على هونٍ ومهضمة ٍ
وقارصٍ من يدِ الأقوامِ لذّاعِ
وأسهُم من مقالٍ ما يحصِّنُ مِن
خُدوشِهنَّ بجلدي نسجُ أدراعي
أأحملُ الضّيمَ والبيداءُ معرضة ٌ
وفى قرا النّابِ أقتادى وأنساعى ؟
ومِلْءُ كفِّي طويلُ الباع معتدلٌ
أو مقبضٌ لرقيقِ الحدّ قطّاعِ
إنْ لم أثِرْهُنَّ عن وادي الخَنا عَجِلاً
فلا دعانى إلى يوم الوغى داعِ
لِمَنْ خَبَأْتُ إذا لم أنجُ عن سَعَة ٍ
مافي النَّجائبِ من حثٍّ وإيضاعِ
إنْ لم يُنَجِّك سعيٌ عن مقرِّ أذى ً
فيالحا اللهُ مايَسعى له السّاعي(27/401)
قالوا: قنعتَ بدون النَّصْفِ قلتُ لهمْ:
هيهاتَ ما باختياري كان إقناعي
ما زال صرفُ اللّيالى بى يطاولنى
حتّى رخصتُ على عمدٍ لمبتاعِ
خيرٌ من الذّلِّ فى قصرٍ نمارقهُ
مبثوثة ٌ منزلٌ للعزّ فى قاعِ
إنْ كنتَ حرّاً فلا تَدنَسْ بذي طمعٍ
ولا تبتْ بين آمالٍ وأطماعِ
ولا تَعُجْ بيسارٍ دونَهُ مِنَنٌ
تَجنيهِ من كفِّ إخضاعٍ وإضراعِ
لا أشبعَ الله مَن أُلْهُوا وما علموا
عن المعالي بإرواءٍ وإشباعِ
غرّوا بحبل من السّرّاءِ منتكثٍ
وبارقٍ من غنى الأيّامِ لمّاعِ
وكلّما طمِعوا في النَّيلِ أو حذروا
تطارحوا بينَ ضرّارِ ونفّاعِ
حلفتُ بالبيت طافتْ حوله زمرٌ
جاءوه أنضاءَ إعجالٍ وإسراعِ
وبالمُحَصَّبِ حطَّ المُحْرِمون بهِ
والبدنُ ما بين إلقاءِ وإضجاعِ
ومَن بجَمْعٍ وقد ألقَى الكَلالُ بهمْ
هناكَ أجسادَ طُلاَّعٍ وضُلاَّعِ
والقومُ في عرفاتٍ يُرسلون إلى
محو الجرائرِ منهم دعوة َ الدّاعى
لأمطرنَّ على الآفاقِ عن كثبٍ
من عارضٍ بدمِ الأجوافِ لمّاعِ
بكلِّ ندبٍ عن العوراءِ منقبضٍ
نزاهة ً وعلى الأهوالِ طَلاّعِ
يهوى إلى الذّكرِ ولاّجاً مخارمه
هُوِيَّ نجمٍ منَ الخضراءِ مُنْصاعِ
قلْ للعدا قد مضى رفقى بهمْ زمناً
فحاذروا الآنَ غِبَّ الحكم إيقاعي
لمْ تشكروا من نسيمى ما هببتُ به
وليس بعدَ نسيمي غيرُ زَعزاعِ
أبعدَ حى ٍّ على الجرعاءِ كنتُ به
مَلآنَ من دافعٍ سوءاً ومنّاعِ
عمى ٌ عن الفحش صمٌّ عن مقالتهمْ
على ثواقب أبصارٍ وأسماعِ
طاروا فطالت بهمْ كفّى إلى وطرى
ونالَ مالم ينَلْه قبلَه باعي
أمنى بمن ليس من عدّى ولا ثمدى
ولا يكيلُ بمُدٍّي لا ولا صاعي
لولا احتقاريَ فيهِ أن أُعاقبَهُ
أطرتهُ بين تيّارى ودفّاعى
حتّى متى أنتَ يا دهرى تسابقنى
بعاثِرٍ، وتُساميني بدَعْدَاعِ
من كلِّ عارٍ من المعروفِ منكبهُ
هاعٍ إذا غرتَ فى تفتيشه لاعِ
أستودعُ اللهَ مَنْ شَطَّ الفراقُ بهِ
عنّى ولم يقضِ تسليمى وتوداعى
لولا المصيبة ُ فيه ما اهتدَتْ أبداً(27/402)
هذي الخطوبُ لإحزاني وإجزاعي
تقولُ مِن بعدِه عيني وقد أرِقَتْ:
يا قومُ أينَ مضَى غُمضي وتَهجاعي؟
يانفسُ إمّا مَقِيلٌ رأسَ شاهقة ٍ
أو قعصة ٌ بالعوالى فوق جعجاعِ
خافي ملاماً بلا عذرٍ لصاحبهِ
ولا تخافى الذى ينعى به النّاعى
فإنَّما المرءُ في الأيّامِ مُحتَبَسٌ
على الرّدى بين أطباقٍ وأنساعِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> إذا ساءَلْتَني فخذ الجوابا
إذا ساءَلْتَني فخذ الجوابا
رقم القصيدة : 24345
-----------------------------------
إذا ساءَلْتَني فخذ الجوابا
فكم فتحَ الكلامُ عليَّ بابا!
عتبتَ، وما اجْتَرمتُ إليكَ جُرمًا
فأحملَ فيه منك ليَ العِتابا
وما كنتُ اسْتَربْتُ وإنْ أرَتْني
صروف الدّهر عندك ما أرابا
فُجعتُ، وقد تَخِذْتُكَ لي خليلاً،
بجرمي أو حُرِمتُ بكَ الصَّوابا
ولو أنّي قطعتك لم أُعنَّفْ
ولم أقرعْ لقربي منكَ نابا
ولمّا أنْ ظمئتُ إليكَ يومًا
وردْتُ ولم أرِدْ إلاّ سَرابا
فإنْ تشحط فما أهوى اقتراباً
وإنْ ترحل فما أرجو "إيابا"
ولستَ بمُبصرٍ منّي رسولاً
ولستَ بقارئٍ عني كتابا
ألا قَبح الإلهُ وجوه قومٍ
أذلُّوا في طِلابِهمُ الرِّقابا
أراقوا مِن وُجوهِهِمْ حَياءً
وما أَخذوا به إلاّ تُرابا
وهمْ من لؤمهم في قعر وهدٍ
وإنْ رَفعوا بدُورِهمُ القِبابا
ومن يك عارياً من كلّ خيرٍ
فما يُغنيهِ أنْ لبسَ الثِّيابا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> عمدتَ إلى َّ فآيستنى
عمدتَ إلى َّ فآيستنى
رقم القصيدة : 24346
-----------------------------------
عمدتَ إلى َّ فآيستنى
فأخرجْتَني من إِسارِ الطَّمَعْ
فكنتُ كسَيْفٍ جَلَنْدِيَة ٍ
فزالَ ولم يَدْرِ عنه الطَّبَعْ
وسيّان ذلك من شيمتى
أَأَعطَى جوادٌ لها أمْ مَنَعْ
ولم أدرِ أنّك ممّا يضرّ
إذا لم تكنْ لى َ ممّن نفعْ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> في كلّ يومٍ أرى عجيباً
في كلّ يومٍ أرى عجيباً
رقم القصيدة : 24347
-----------------------------------(27/403)
في كلّ يومٍ أرى عجيباً
جَرَّ على مَفْرِقي المَشِيبا
ومن خطوبٍ يزرن قلبي
شبتُ وما آن أن أشيبا
أُرى بَغيضًا إذا تمنَّتْ
عينايَ أن تُبصر الحبيبا
ماليَ يا قومُ واللّيالي
يغمُزْن لي عوديَ الصّليبا
يُرْحِلنَني عن قَرا أَمونٍ
أردتُ وحدي لها الرُّكوبا
ولم أعَفْ سلْمَها فَلِمْ ذي
تُشِبُّ ما بيننا الحروبا؟
وكلَّما تُبْنَ من ذُنوبٍ
إليَّ جدّدنها ذنوبا
كأنني مخطئٌ بشيءٍ
ما كنتُ إلاّ به مصيبا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أقول لها لمّا التقينا على منًى
أقول لها لمّا التقينا على منًى
رقم القصيدة : 24348
-----------------------------------
أقول لها لمّا التقينا على منًى
وأبرزها ذلك الحمارُ المصبّغُ
وأبدَتْ صُدوداً لم يكنْ عادة ً لها
وقد يتجنّى فى الهوى المتمرّغُ
لقد خان من أدّى المحالَ إليكمُ
ومانَ علينا في المقال المبلِّغُ
شغلنا وأنتم فارغون ولم يعجْ
على ذي اشتغالٍ دَهرَه المتفرِّغُ
كأنِّيَ أَشكو الحبَّ شَكوى مُجَمْجِمٍ
فتًى ضلَّ عن وادى البلاغة ألثغُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> من عذيري من سَقامٍ
من عذيري من سَقامٍ
رقم القصيدة : 24349
-----------------------------------
من عذيري من سَقامٍ
لم أجدْ منهُ طبيبا؟
وهُمومٍ كأُوارٍ النْـ
بقلوبٍ ليسَ يعرفْـ
وكروبٍ ليتهنّ الـ
ـيومَ أشبهْنَ الكروبا
وخطوبٍ مُعضلاتٍ
بِتْنَ يُنسين الخُطوبا
شَيَّبتْ منِّيَ فَوْدَيْ
يَّ ولم آتِ المشيبا
ودَعونا فرأَوا منْـ
ـسَ وقد كان رطيبا
بانَ عنّي وتَناءى
كلُّ مَن كان قَريبا
وتعرَّيْتُ مِنَ الأَحْـ
ـبابِ في الدُّنيا عُزوبا
وسَقاني الدَّهرُ مِن فُر
قة ِ مَن أهوى ذَنوبا
إنْ يومَ الطفّ يومٌ
كان للدِّين عَصيبا
لم يدعْ في القلب منّي
للمسَرّاتِ نَصيبا
ـني حَديثًا ونُيوبَا
فالتزمْ فيهِ النَّحيبا
عُطَّ تامورَكَ واتْرُكْ
معشراً عطّوا الجيوبا
واهْجُرِ الطِّيبَ فلم يَتْـ
ـرك لنا عاشور طيبا
لعن الله رجالاً(27/404)
أترعوا الدّنيا غُصوبا
سالموا عجزاً فلمّا
قدروا شنّوا الحروبا
في المعرّات يهبّـ
كلّما لِيموا على عَيـ
ـبِهمُ ازْدادوا عُيوبا
رَكِبوا أعوادَنا ظُلـ
ـماً وما زلنا رُكوبا
ـنا على البُعدِ مُجيبا
يقطعُ الحَزْنَ ويَطْوي
في الدَّياجيرِ السُّهوبا
بمطيٍ لا يبالـ
ـنَ على الأَيْنِ الدُّؤُوبا
لا ولا ذُقنَ على البُعْـ
ـدِ كَلالاً ولُغوبا
وخيولٍ كرِئال الـ
ـدوّ يهززن السّبيبا
فأَتَوْنا بجموعٍ
خالها الراؤن رُوبا
بوجوهٍ بعدَ إسْفا
رٍ تبرقعنَ العُطوبا
فَنَشِبْنا فيهم كُرْ
هاً وما نَهْوَى النُّشوبا
ولقد كانَ طويلُ الـ
ـباعِ طَعّانًا ضَروبا
بالظُّبا ثم القنا يَفْـ
ـري وَريدًا وتَريبا
لا يُرى والحربُ تُغلى
قِدْرُها منها هَيوبا
فجرى منّا ومنهم
عَنْدمُ الطعن صَبيبا
وصَلينا من حريق الطـ
ـطَعنِ والضَّرب لهيبا
كان مرعانا خصيباً
فبِهمْ عادَ جَديبا
لم نكن نألف لولا
جورُهم فينا خُطوبا
لا ولا تُبصِرُ عينٌ
في ضواحينا نُدوبا
طَلبوا أوْتارَ بَدْرٍ
عندَنا ظُلمًا وحُوبا
ورأَوا في ساحة ِ الطَّفْـ
ـفِ وقد فاتَ القَليبا
قد رأيتمْ فأَرونا
منكمُ فرداً نجيبا
أو تقيَّاً لا يُرائي
بِتقاهُ أو لبيبا
كُلَّما كنّا رُؤُوسًا
للورى كنتم عُجوبا
ما رأَينا منكُمُ بالـ
ـحقّ إلاّ مُستريبا
وصَدوقًا فإذا فتْـ
ـشته كان كَذوبا
وخليعاً خالياً عنْ
مَطمعِ الخير عَزوبا
وبعيداً بمخازيـ
ـهِ وإنْ كانَ نَسيبا
ليتَ عُودًا مِن غَشومٍ
حقَّنا كان صليبا
وبودّي أنّ منْ يأْ
صَلُنا كانَ ضَريبا
في غَدٍ ينضُبُ تيّا
رٌ لكُم فينا نُضُوبا
ويقيءُ الباردَ السَّلْ
ـسالَ من كان عَبوبا
ويعودُ الخَلقُ الرثُّ
والّذي أَضحى وأمسى
ناكباً يُضحي نكيبا
آلَ ياسينَ ومَنْ فَضْـ
ـلُهُمْ أعيا اللّبيبا
أنتُمُ أمْني لدَى الحشـ
ـر إذا كنتُ نخيبا
أنتمُ كشّفتُمُ ليَ
بالتباشير الغُيوبا
وبكُم أنجو إذا عُو
جِلتُ مَوتًا أنْ أنوبا
وإليكُمْ جَمَحاني
ما حَدا الحادون نِيبا(27/405)
وعليكم صلَواتي
مَشْهدًا لي ومَغيبا
يا سقى اللهُ قبوراً
لكم زنَّ الكثيبا
حُزْنَ خيرَ الناس جَدّاً
وأَباً ضَخْماً حسيبا
وهْوَ في الفِرْدَوس لمّا
قيل قد حلَّ الجُبوبا
العصر العباسي >> البحتري >> هين ما يقول فيك اللاحي
هين ما يقول فيك اللاحي
رقم القصيدة : 2435
-----------------------------------
هَيّنٌ ما يَقُولُ فيكَ اللاّحي
بَعْدَ إطْفَاءِ غُلّتي والتِيَاحي
كنتُ أشكو شكوَى المُصرِّحِ، فالآ
نَ أُلاقي النّوَى بدَمْعٍ صُرَاحِ
هَلْ إلى ذي تَجَنّبٍ مِنْ سَبيلٍ،
أمْ عَلى ذي صَبَابةٍ مِنْ جُنَاحِ
فَسَقَى جانِبَ المَنَاظِرِ، فالقَصْـ
ـرِ هَزِيمُ المُجَلْجِلِ السّحّاحِ
حينَ جاءَتْ فَوْتَ الرواحِ، فقُلْنا
أيُّ شَمْسٍ تَجِيءُ فَوْتَ الرواحِ
هَزّ منها شَرْخُ الشّبابِ، فجالَتْ
فَوْقَ خَصْرٍ كَثيرِ جَوْلِ الوِشاحِ
وأرَتْنَا خَدّاً يُرَاحُ لَهُ الوَرْ
دُ، وَيَشْتَمُّهُ جَنَى التّفّاحِ
وَشَتيتاً يَغُضُّ مِنْ لُؤلؤ النّظْـ
ـمِ وَيُزْرِي على شَتِيتِ الأقاحي
فأضَاءَتْ تَحْتَ الدُّجُنّةِ للشَّرْ
بِ وَكَادَتْ تُضِيءُ للمِصْبَاحِ
وأشَارَتْ إلى الغِنَاءِ بألْحَا
ظٍ مِرَاضٍ مِنَ التّصَابي، صِحَاحِ
فَطَرِبْنَا لَهُنّ قَبْلَ المَثَاني،
وَسَكِرْنا مِنْهُنّ قَبلَ الرّاحِ
قد تُديرُ الجُفُونُ مِنْ عَدَمِ الألْبا
بِ مالا يَدُورُ في الأقْداحِ
يا أبا مُسْلِمٍ! تَلَفّتْ إلى الشّرْ
قِ، وأشرِفْ للبَارِقِ اللّمّاحِ
مُسْتَطِيراً، يَقُومُ في جانِبِ اللّيْـ
ـلِ عَلى عَرْضِهِ مَقَامَ الصّبَاحِ
وَمُنِيفاً، يُريكَ مَنْبِجَ نَصّاً،
وَهيَ زهرَاءُ من جَمِيعِ النّوَاحي
وَرِياضاً، بَينَ العُبَيْديّ، فالقَصْـ
ـرِ، فأعلى سِمْعَانَ، فالمُسْتَرَاحِ
عَرَصَات، قد أبرَحَتْ حُرَقُ الشّوْ
قِ إلَيْهِنّ، أيَّما إبْرَاحِ
فإذا شِئْتَ، فادفَعِ العِيسَ يُنْحَتْـ
ـنَ بحَرّ الوَجيفِ، نَحتَ القِداحِ
لِتُعينَ السّحابَ، ثَمّ، على إسْـ(27/406)
ـقَاءِ أرْضٍ غرْبَ الفُراتِ بَرَاحِ
لا تَتِمُّ السّقْيَا بساحَةِ قَوْمٍ،
لمْ يَبِيتُوا في نَائِلٍ وَسَماحِ
وَلَعَمْرِي لَئنْ دَعَوْتُكَ للجُو
دِ، لَقِدماً لَبّيْتَني بالنّجَاحِ
خُلُقٌ كالغَمَامِ، لَيْسَ لَهُ بَرْ
قٌ سِوَى بِشْرِ وَجهِكَ الوَضّاحِ
إرْتِيَاحَاً للطّالبينَ، وَبَذْلاً
والمعَالي، للبَاذِلِ المُرْتَاحِ
أيُّ جَدّيْكَ لم يَفُتْ، وَهوَ ثانٍ
مِنْ مَسَاعيهِ، ألْسُنَ المُدّاحِ
وَكِلاَ جَانِبَيْكَ سَبْطُ الخَوَافي،
حينَ تَسمُو، أثيثَ رِيشِ الجَناحِ
شَرفٌ بَينَ مُسلِمٍ، مُسلِمِ المجـ
دِ، وعَبدِ العَزِيزِ، والصّبّاحِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> فؤادى مشغولٌ بك العمرَ كلّه
فؤادى مشغولٌ بك العمرَ كلّه
رقم القصيدة : 24350
-----------------------------------
فؤادى مشغولٌ بك العمرَ كلّه
وأنتَ كما يَهوى الخَلِيُّون فارغُ
وإنْ أكُ فى دار الهوى وسطَ عقرها
فإنّك عن دار الصّبابة ِ رائغُ
تباعدتَ عنِّي بعدَ أنْ قد مَلَكْتَني
فألاّ ولم تبلغْ بقلبى المبالغُ ؟
خُلِقتَ بقلبٍ لم تُجزْ فيهِ صَبوَة ٌ
وقد صاغَ قلبي للصَّبابة صائغُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ليس المشيبُ بذنبٍ
ليس المشيبُ بذنبٍ
رقم القصيدة : 24351
-----------------------------------
ليس المشيبُ بذنبٍ
فلا تعُدِّيهِ ذَنْبا
غُصبتُ شرخَ شبابي
بالليل والصُّبحِ غَصبا
فشبَّ شيبُ عِذاري
كما اشتهى الدّهر شبّا
إنْ كنتُ بُدِّلت لوناً
فما تبدّلت حبّا
أو كنتُ بوعدتُ جِسمًا
فما تباعدتُ قلبا
فكلمّا شاب رأسي
نما غرامي وشبّا
يا مُرَّة َ الظُّلم طَمْعاً
وحُلْوَة َ الظَّلْمِ شرْبا
رضيَ مُحبُّكِ قَسْراَ
بأنْ تزوريه غِبّا
وما يبالي - وسِلْمٌ
واديكِ مَنْ كانَ حَربا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لا رعى اللهُ من إلى
لا رعى اللهُ من إلى
رقم القصيدة : 24352
-----------------------------------
لا رعى اللهُ من إلى
قولِ واشٍ لنا صَغَى(27/407)
كلَّ يومٍ يَطغى ويظـ
ـلِمُ مَن لم يكنْ طَغَى
وإذا أقلقَ الجوا
نِحَ شُغلٌ تفرَّغا
قد أطعتمْ وما أطعـ
ـتُ نَموماً مُبلِّغا
أنا منكمْ من بعد سلـ
ـمٍ عهدناهُ فى وغى
حاشا لله أنْ أكا
فئَ بالبغْي مَن بغَى
لنْ ترانى وإنْ لدغـ
ـتُ بسوءٍ مُلَدِّغا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أسْخَطْتَني فرضِيتُ مِن كَلَفٍ
أسْخَطْتَني فرضِيتُ مِن كَلَفٍ
رقم القصيدة : 24353
-----------------------------------
أسْخَطْتَني فرضِيتُ مِن كَلَفٍ
ولربما رضيَ الذي غَضِبا
وبَسَمْتَ يومَ البَينِ من عَجَبٍ
فأريتَ من بَرْدِ اللّمى شَنَبا
وظلمتَ في هجري بلا سببٍ
ولقد طلبتَ فلم تجِدْ سَببا
ولقد وهبتُ فما رجعتُ لكُمْ
قلبي وكم رجعَ الذي وَهَبا
وبلغتُمُ عِندي مآربَكُم
عَفوا ولم أبلغْ بكُمْ أَرَبا
وأعَنْتُمُ عمداً وعن خطأٍ
غِيَرَ الزّمان عليَّ والنُّوَبا
ووَصِبْتُ منكُم ثمَّ مِن يَدكُمْ
طولَ الزّمان ولم أكن وَصِبا
وإذا التفتّ إليّ سملئِكمُ
تَهْمي عليّ وتُمطِرُ العَجبا
ألفيتُ صفوي كلَّه كَدِراً
ووجَدْتُ جِدِّي كلَّه لَعِبا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لعَمْرُك ما أوْرَى الذي بي وإنَّما
لعَمْرُك ما أوْرَى الذي بي وإنَّما
رقم القصيدة : 24354
-----------------------------------
لعَمْرُك ما أوْرَى الذي بي وإنَّما
بلينا على شغلِ القلوب بفارغِ
ويبلغ " منّى " ما يشاء من الهوى
وما أنا شيئاً من هواى ببالغِ
يُراوغني عن وصلِهِ طولَ عمرهِ
وأين انتفاعٌ بالخدوعِ المراوغِ ؟
ويقلبُ جنبى َّ الهوى كلَّ ليلة ٍ
على جَمَراتٍ أو حُماتٍ لوادِغِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> صدّ عنّي كارهاً قُر
صدّ عنّي كارهاً قُر
رقم القصيدة : 24355
-----------------------------------
صدّ عنّي كارهاً قُر
بي وإن كان حبيبا
ورأى في الفاحم الجَعْـ
ـدِ من الرّأسِ مشيبا
كشهابٍ غابتِ الشُّهـ
ـبُ ويأبى أن يغيبا
أو كنارٍ تخمُد النّا
رُ ويزدادُ لهيبا(27/408)
كنتُ عُريانًا بلا عَيـ
ـبٍ فأهدى لي عُيوبا
قلتُ: ما أذْنَبتُ بالشَّيـ
ـبِ إليكُمْ فأَتوبا!
هوَ داءٌ حلَّ جِسمي
لم أجِدْ منه طبيبا
لم تجدْ ذَنْبًا ولكنْ
أنتَ لفَّقتَ ذُنوبا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> عجبتُ لقلبي كيفَ يَصْبو ويَكلَفُ
عجبتُ لقلبي كيفَ يَصْبو ويَكلَفُ
رقم القصيدة : 24356
-----------------------------------
عجبتُ لقلبي كيفَ يَصْبو ويَكلَفُ
وبردُ شبابى بالمشيب مفوّفُ ؟
أحِنُّ إلى مَن لا يَحنُّ وليتَه
" لمنْ كان محنوناً محبّيهِ " يعرفُ
يباعدُني عن كلِّ ماكنتُ أرتجي
ويُوسِعُني من كلِّ ما أتخوَّفُ
ويُمطلُني بالوعدِ منهُ وإنَّما
يماطلُ بالميعادِ مَن ليس يُخلِفُ
ويُصبحُ منِّي ساكنَ القلب والحَشا
وفى كلّ يومٍ منه قلبى َ يرجفُ
وقد كنتُ أغريتُ الهوى يوم " غرّبوا "
فعاد به " داعٍ " على الغصنِ يهتفُ
ينوح وقلبى للهوى دون قلبه
وعينيَ دمعاً دون عينيهِ تذرِفُ
ألا قاتل اللهُ الهوى فطلابهُ
متاعٌ من الدّنيا قليلٌ وزخرفُ
يرومُ الرِّضا مَن لا يدومُ على الرِّضا
ويطلب فيه النّصفَ من ليس ينصفُ
أقولُ لمرتاحٍ إلى الفضلِ والعُلا
يخُبُّ على ظهرِ المطيِّ ويوجِفُ
أنِخْ في ذُرا الشيخ الرئيسِ فإِنَّما
إلى مثله فى المجد كنتَ تشوّ فُ
إلى الغمرِ معروفاً وعلماً وسؤدداً
وبأساً إذا هاب الرّجالُ ووقّفوا
خلفتُ بما لفَّ الحَطيمُ وزَمْزَمٌ
وما ضمّهُ خيفا منًى والمعرّفُ
وشعثٍ أتوا عارين من كلّ " لبسة ٍ "
فعاذوا بأركان الإلهِ وطوَّفوا
لَهَنُّكَ أوْلانا بكلِّ فضيلة ٍ
وأعشقُ للمعروفِ فينا وأشعفُ
وأنّكَ لمّا أنْ جرى النّاسُ فى مدًى
" تلقّيتَ " فيه سابقاً وتخلّفوا
فيا أيّها القرمُ الرّئيسُ ومن له
على قِمَّة ِ النَّسْرَيْنِ في العزِّ موقفُ
ليهنكَ أنّ اللهَ " فوّقك " العدا
وقد طالعوا فيك الرّجاء وأشرفوا
وعاد إليهمْ " ناكياً فى جلودهمْ
من الكيد ماحدّوا ظباه وأرهفوا
ولم يغنهمْ - واللهُ حصنك منهمُ -(27/409)
منَ القولِ زُورٌ لفَّقوهُ وحرَّفوا
وودّوا وقد طاشتْ إليك سهامهمْ
بأنَّهُمُ لم يفعلوا ما تَكلَّفوا
أَلا فاغفرِ الأجرامَ رِفقاً بأهلها
فللعفوا أولى بالكرامِ وأشرفُ
وحتّى يقولَ النّاسُ أسرف مفضلاً
عليهمْ كما قالوا أساءوا فأسرفوا
فللهِ ما تغضى وأصبح آمناً
غداً من تراه يومه يتخوّفُ
فلم يُعطَ مكنونَ الضَّمائرِ بيننا
من النّاس إلاّ المنعمُ المتألّفُ
وأمّا أبو سفيان فاشدد به يداً
ففى الكفّ منه إن تأمّلتَ مرهفُ
أليس الّذي واساك ودّاً بنفسهِ
ولم يثنهِ عنك العدوُّ المخوّفُ
ولمّا تعسَّفْتَ الطَّريقَ وجدْتَهُ
وراءك " منقدّاً " من النّاس يعسفُ
ومثلُكَ مَن يولي الحقوقَ رِعاية ً
وغيرُكَ لا يَرعَى ولا يتعطَّفُ
وإنّى ممّنْ لا يواليك رغبة ً
وأينَ منَ الرغباتِ مَن ليس يُنْطَفُ
وقد كنت لولا أنّ فضلك باهرٌ
أصدُّ إذا ماسيمَ مدحى وأصدفُ
فدونَكَ نَظْماً ما تكلَّفَ ناظمٌ
معانيهُ والحقُّ لا يتكلّفُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> عادت إليّ بغيضة ٌ فتودّدت
عادت إليّ بغيضة ٌ فتودّدت
رقم القصيدة : 24357
-----------------------------------
عادت إليّ بغيضة ٌ فتودّدت
هَيهاتَ مَن جعلَ البغيضَ حبيبا!
عادتْ إليّ فخلت أن شبيبتي
خُلِسَتْ وأبدَلها الزَّمانُ مَشيبا
فكأنني أبصرتُ منها بغتة ً
يومَ الوصالِ منَ الحبيبِ رَقيبا
وودت أنّ طلوعها مقليّة ً
مَثْنية ً في الناسِ كان غُروبا
قد كنتِ لي داءً ولكنْ لم أجِدْ
من داء سُقمِك في الرجال طبيبا
ولحبّذا زمنٌ مضى ما كان لي
قربٌ إليكِ وكنتُ منكِ سليبا
ياليت من قَدَرَ التّلاقي بيننا
جعل الفراقَ من اللّقاء قريبا
زمنٌ إذا قاطعتِنا، مُتَبَسِّمٌ
ضافٍ وإنْ واصلتِ كان قَطوبا
وكأنَّ قلبي وهْوَ غيرُ مُقَلْقَلٍ
مُلئتْ بقُربِك حافَتاهُ وَجيبا
لو لم تكوني في الزّمان عجيبة ً
ما أبصرتْ عينايَ فيه عجيبا
وخلوتُ عُمري كلَّه مِن ذنبهِ
فجعلتُ منكِ له إليَّ ذنوبا(27/410)
وخَلَفْتِ في جِلدي ولم يكُ دهرَه
إلاّ السّليمَ جرائحاً ونُدوبا
ولقيتُ فيكِ من العناء غرائباً
وأخذتُ من أدهى البلاءِ ضروبا
وتركتِ قلبي لا يفيق كآبة ً
وجفونَ عيني لا تملّ نحيبا
وكأنَّني لمّا أخذتُكِ كارهًا
قَسْمي حُرمتُ وما أخذتُ نَصيبا
لو كنتِ عيباً واحداً صبرتْ له
نفسي ولكن كنتِ أنتِ عُيوبا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أبى الزّمانُ سوى ما يكره الشّرفُ
أبى الزّمانُ سوى ما يكره الشّرفُ
رقم القصيدة : 24358
-----------------------------------
أبى الزّمانُ سوى ما يكره الشّرفُ
والدَّهرُ صَبٌّ بإسخاطِ العُلا كَلِفُ
لو كان شخصٌ تفوت الحزنَ مهجتهُ
لكنتَ ذاك، ولكنْ ليس تُنْتَصَفُ
إذا بَقِيتَ فمن يَعْدوك مُحتَسَبٌ
فى الشّمسِ ما أشرقت عن كوكبٍ خلفُ
إذا تيقّنتِ الأرواحُ بعثتها
إلى الحِمامِ فماذا ينفعُ الأسفُ
وكيف تُخْطي سهامُ الموتِ مُفْلِتَة ً
مَنْ نَحرُهُمْ لحِنيَّاتِ الرَّدى هدفُ؟
يَسعى الفتَى وخيولُ الموتِ تطلبُهُ
وإنْ نَوى وقفة ً فالموتُ ما يقفُ
نَلقى منَ الدَّهرِ ما يُدمي محاجرَنا
وما لنا عن هوَى رؤياهُ مُنْصَرَفُ
أفعالُنا للرَّزايا فيه مُنكِرة ٌ
ونطقُنا بارتحالٍ عنه مُعترِفُ
" إنْ لم توفِّ " لياليه مكارهها
فقد تقدّم فى أرزائها سلفُ
كلُّ المواطنِ من كفِّ الرَّدَى كَثَبٌ
وكلُّ أرضٍ على هولِ الرَّدى شَرَفُ
لا درَّ درُّ اللّيالى أخذها فرصٌ
ومنعها غصصٌ بل جودها سرفُ
إذا حزنتَ فقلبُ المجد مكتئبٌ
وإنْ قُذِيتَ ففي وجهِ الضُّحَى سَدَفُ
ولو علمتَ ببسطِ الدَّهرِ قبضتَهُ
إلى فِنائِك ما طالتْ له كَتِفُ
لكنّه سارقٌ يخفى زيارته
وليس من سطوة ِ السُّرّاقِ مُنتَصَفُ
إنْ كان أطلق فيك الدّهرُ منطقه
فقد دعاك لسانٌ حشوهُ كففُ
أو كان ألْهَبَ في مَغناك سابقَهُ
فقد ثناه برجلٍ ملؤها حنفُ
يهدى العزاءَ إلى المفقودِ مفتقدٌ
مؤزَّرٌ بثيابِ الموتِ مُلتحفُ
ويصرف الهمَّ عن قلبٍ أطاف به(27/411)
مَن قلبُهُ لِنَواصي الهمِّ مُكتنفُ
إنَّ الّتي أَضْرمتْ أحشاءَنا جَزَعاً
تلقاك منها غداً في الجنَّة ِ الزُّلَفُ
ولن يُذكِّرَك المُسْلونَ مَوعظة ً
وأنتَ تعلمُ منها فوقَ ما وَصَفوا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لا تَسَلْني عمّا أراه فإنّي
لا تَسَلْني عمّا أراه فإنّي
رقم القصيدة : 24359
-----------------------------------
لا تَسَلْني عمّا أراه فإنّي
كلّ يومٍ أرى بعيني عجيبا
كلّ داءٍ في القلب منّي وفي الجـ
م على أنَّني عَدمتُ الطَّبيبا
أتمنَّى لو باتَ منّي بعيدًا
كلُّ مَن كانَ في جِواري قريبا
يا خليلي على الرُّخاءِ وفي البؤْ
سِ أصِخْ لي أشكو إليكَ الخُطوبا
وسِهامًا أَصَبْنَ جِسمي فلمّا
لم تضِرْني أصَبْنَ منّا القلوبا
لا أرى إذْ رأيت إلاّ مَعيباً
وهوَ معْ ذاكَ طالبٌ لي عيوبا
ومِلاءٌ منَ الذُّنوب سَجاياهُ
ويَنْعَى بُطْلاً عليَّ الذُّنوبا
العصر العباسي >> البحتري >> ما انجحت غطفان في أكرومة
ما انجحت غطفان في أكرومة
رقم القصيدة : 2436
-----------------------------------
ما انجحت غطفان في أكرومة
إنجاحها بالصيد آل نجاح
ورثوا الكتابة والفروسة والحجى
عن كل أبيض منهم وضاح
بصدور أقلام ترد إليهم
أمر الخلافة أو صدور رماح
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لنا من ثناياكِ الغَرِيضُ المُرَشَّفُ
لنا من ثناياكِ الغَرِيضُ المُرَشَّفُ
رقم القصيدة : 24360
-----------------------------------
لنا من ثناياكِ الغَرِيضُ المُرَشَّفُ
وفى الدّرع غضُّ البانة ِ المتعطّفُ
وأنتِ وإنْلم نلق عندك راحة ً
أحَبُّ إلينا من سواكِ وأَشغفُ
وسَوَّفْتِنا بالوصلِ منك وربَّما
قضى دون وصلٍ لم ينله المسوّفُ
وما الحبُّ إلاَّ ذلّة ٌ وطماعة ٌ
جناها عليه فائلُ الرّأى مسرفُ
ولولا الهوى ما ذلَّ ذو خُنْزُوانَة ٍ
ولا كان من لا يعرف الضّعفَ يضعفُ
ولمّا لَحقنا بالحُمولِ عشيَّة ً
وفيهنّ مودودُ الشّمائلِ أهيفُ(27/412)
مشَى في حَيازيمي الغرامُ كأنَّما
مشَتْ فيَّ حمراءُ الغلائلِ قَرْقَفُ
وما كانَ عندي أنَّ قلبي يصيدُهُ
بمُقلتهِ ذاكَ الغزالُ المُشَنَّفُ
ضَعيفٌ ولكنَّ الذي في فؤادهِ
بلابلُ من وجدٍ به منه أضعفُ
فيا دارهمْ سقّاك من شعفٍ بهمْ
سِجالاً منَ النَّوْءِ السِّماكينِ أَوْطَفْ
إذا لاحَ منه أسحمٌ متهدِّلٌ
تقول المطايا بالحدوج ترجّفُ
ولا زال منه بارقٌ متلهّبٌ
عليك وإلاّ راعدٌ مُتقصِّفُ
إلى أنْ يؤوب الرّوضُ فيك كأنّه
نجومُ سماءٍ أو رداءٌ مُفَوَّفُ
وأذكَرَني نجداً على شَحْطِ نَأْيِها
ونحن بأرض الغورِ نكباءُ حرجفُ
تهُبُّ برَيّا مَن أودُّ لقاءَه
ومن دونه سهبٌ عريضٌ ونفنفُ
أيفخرُ قومٌ ما لهمْ مثلُ مفخرى
وأينَ منَ النَّهْجِ القويمِ التَعَسُّفُ
ولي فوقَ أسماكِ المجرَّة ِ منزلٌ
وفى موقف الزّهرِ الكواكبِ موقفُ
وقومي الأُلى لمَّا توقَّفَ مَعْشرٌ
عن الذّروة ِ العلياءِ لم يتوقّفوا
كرامٌ متَى سِيموا الدَّنِيَّة َ يَعزِفوا
وإنْ شهدوا نجوى العضيهة ِ يصدفوا
وإنْ ركبوا ظَهراً منَ الفخرِ أردفوا
وإنْ طلبوا شيئاً من الذّكر ألحفوا
وما فيهمُ إلاّ الذى يشهد الوغى
فيُحيي بها من ذا يشاء ويُتْلِفُ
وإنْ أنهبَ الأموالَ جودُ أكفّهمْ
أفاؤوا بأطرافِ الرِّماح وأخلفوا
فلا عيبَ إلاّ ما ادّعاه عدوّهمْ
وما قال فيهمْ حاسدٌ متشنّفُ
إِذا سَحبوا البُرْدَ اليمانيَّ وارتدوا
وأرخَوْا مُلاءً للقناعِ وأغدَفوا
وفاحوا فأخزوا نشرَ كلِّ نطيمة ٍ
ذكاء وعرفُ الفاطيّين يعرفُ
رأيتَ رجالاً كالّيوثِ وفتية ً
كما سامَ ذاك الزّاجرُ المُتَعَيِّفُ
بهاليلَ وهّابين كلَّ نفيسة ٍ
إذا ضنَّ بالنَّيْلِ البخيلُ المُطَفَّفُ
تراهُمْ على قَصْدٍ فإنْ هتفَ النَّدَى
بأموالهمْ أعطَوْا كثيراً وأسرفوا
لنا فى قريشٍ كلّما لنبّيهمْ
ومن بينهمْ ذاك السّتارُ المسجّفُ
فإنْ مَسحوا أركانَهُ فبذكرِنا
ويَدْعو بِنا إِنْ طوَّفَ المتطوِّفُ
ونحنُ نصرناهُ بأُحْدٍ وخَيْبَرٍ(27/413)
وقد فرّ عنه ناصروه فأرجفوا
ونحن فَديْناهُ الرَّدَى في فراشهِ
وللموتِ إرْقالٌ إليهِ وعَجْرَفُ
وآثَرَنا دونَ الأنامِ بصِهْرِهِ
وقد ذيدَ عنه الطّالبُ المتشوّفُ
وأسكننا يومَ العباءة ِ وسطها
وألبابُ من لم يعطَ ذاك ترجّفُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> قرنُتك بي والله يعلم أننّي
قرنُتك بي والله يعلم أننّي
رقم القصيدة : 24361
-----------------------------------
قرنُتك بي والله يعلم أننّي
أرَدْتُ بكَ الحُسنى فعدتُ المُخيَّبا
وما كنتُ فيما جئتُ أوّلَ صادقٍ
أساؤوا به ظَنًّا فكانَ المكذَّبا
فلا تطعموا من ذي حجيً بنظيرها
فكلُّ امرىء ٍ يُدعى إلى مثلها أبى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> رمانى َ بالدّاء الذى فيه وانثنى
رمانى َ بالدّاء الذى فيه وانثنى
رقم القصيدة : 24362
-----------------------------------
رمانى َ بالدّاء الذى فيه وانثنى
يَعَجَّبُ ممّا جرَّه وهو قارفُ
وهيّجنى بغياً لنحتِ " صفاتهِ "
وكم سَقَمٍ بَرْح تَهيجُ القوارفُ
وهبَّتْ له ريحٌ فظنَّ بقاءَها
وهيهاتَ أَنْ تَبْقى صَباً ورفارفُ!
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> قولوا لمن غلطَ الزَّمانُ به
قولوا لمن غلطَ الزَّمانُ به
رقم القصيدة : 24363
-----------------------------------
قولوا لمن غلطَ الزَّمانُ به
فأنالَهُ ما لم يكُنْ حَسِبَهْ:
لا تفرحَنَّ بما أتاك بهِ
فالدَّهرُ يسلُبُ كلَّ مَا وَهَبَهْ
إنّ الزّمان أراد طُرفَتَنا
فأرى بما أعطاكَهُ عجَبَهْ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> نأينا فمن دون الّلقاءِ تنائفُ
نأينا فمن دون الّلقاءِ تنائفُ
رقم القصيدة : 24364
-----------------------------------
نأينا فمن دون الّلقاءِ تنائفُ
وسَهْبٌ عنيفٌ بالمطايا ونَفْنَفُ
فلا وصلَ إلاّ ما تقرّبُ بيننا
أكاذيبُ من أحلامنا وتؤلّفُ
فللّه فى جنحِ الدّجنّة ِ عائجٌ
تصيَّدني بالحبِّ فيما يطوِّفُ
بخيلٌ علينا والنّهارُ شعارنا(27/414)
وفى الّليلِ منهلُّ العطيّة ِ مسرفُ
وأغنى وما أغناك إلاّ تعلّة ً
وِصالٌ مُحالٌ أو لقاءٌ مُزَخْرَفُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> بِأَبي زائراً أتانيَ لَيْلاً
بِأَبي زائراً أتانيَ لَيْلاً
رقم القصيدة : 24365
-----------------------------------
بِأَبي زائراً أتانيَ لَيْلاً
سارقاً نفسَه من البوّابِ
ما ثَناه عنِّي تَقَضّي شبابي
وهْوَ في وجْنتيهِ ماءُ الشّبابِ
باتَ بيني وبينه خَشيَة ُ اللّـ
ـهِ وخوفُ العذابِ يومَ العذابِ
لم أزِدْهُ شيئاً وبين ضلوعي
كلُّ شوقٍ على مليحِ العِتابِ
ثمَّ ولَّى كما أتى أَرِجَ الأخْـ
ـارِ في الناسِ طيّبَ الأثوابِ
عالمًا أنَّني كنتُ أهوا
هُ فغيرُ الحَرامِ منه طِلابي
ولقد جاءني وما كانَ في نفْـ
ـسيَ إسعافُهُ ولا في حِسابي
غيرَ أنِّي عَفَفْتُ حتى كأنِّي
لا أباليهِ أو بغَيري مابي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> خذوا من جفونى ماءها فهى ذرّفُ
خذوا من جفونى ماءها فهى ذرّفُ
رقم القصيدة : 24366
-----------------------------------
خذوا من جفونى ماءها فهى ذرّفُ
فما لكُمُ إلاّ الجَوَى والتَّلَهُّفُ
وإنْ أنتما استوقفتما عن مسيلها
غروبَ مآقينا فما هنّ وقّفُ
كأنَّ عيوناً كُنَّ زَوْراً عنِ البكا
غصونٌ مَطيراتٌ الذُّرا فهْيَ وُكَّفُ
دعا العذلَ والتّعنيفَ فى الحزنوالأسى
فما هجر الحزانَ إلاّ المعنّفُ
تقولون لي: صبراً جميلاً، وليس لي
على الصَّبرِ إلاّ حسرة ٌ وتَلَهُّفُ
وكيفَ أُطيقُ الصَّبرَ والحزنُ كلّما
عنفتُ به يقوى على َّ وأضعفُ
ذكرتُ بيومِ الطّفِّ أوتاد أرضهِ
تهُبُّ بهمْ للموت نكباءُ حَرْجَفُ
كرامٌ سقوا ماءَ الخديعة ِ وارتووا
وسِيقوا إلى الموتِ الزُّؤام فأَوْجَفوا
فكم مرهفٍ فيهمْ ألمَّ بحدّه
هنالك مسنونُ الغِرارين مُرْهَفُ
ومُعتدلٍ مثلِ القناة ِ مُثقَّفٍ
لواه إلى الموتِ الطويلُ المثقّفُ
قَضَوْا بعدَ أن قضُّوا مُنى ً من عدوِّهمْ(27/415)
ولم ينكلوا يومَ الطِّعانِ ويَضْعُفوا
وراحوا كما شاءتْ لهمْ أريحيّة ٌ
ودوحة ُ عزٍّ فرعها متعطّفُ
فإنْ ترهمْ فى القاع نثراً فشملهمْ
بجنّاتِ عدنٍ جامعٌ متألّفُ
إذا ما ثنوا تلك الوسائد ميّلاً
أديرتْ عليهمْ فى الزّجاجة ِ قرقفُ
وأحواضهم مورودة ٌ فعدّوهم
يُحَلاَّ وأصحابُ الولاية ِ تَرْشُفُ
فلو أنّنى شاهدتهمْ أو شهدتهمْ
هناك وأنيابُ المنيّة ِ تصرفُ
لدافعتُ عنهمْ واهباً دونَهمْ دمي
ومن وهب النّفسَ الكريمة َ منصفُ
ولم يكُ يخلو من ضرابى وطعنتى
حُسامٌ ثليمٌ أو سِنانٌ مُقَصَّفُ
فيا حاسِديهمْ فضلَهمْ وهْو باهرٌ
وكم حسدَ الأقوامَ فضلاً وأسرفوا!
دعوا حلباتِ السّبقِ تمرح خيلها
وتَغْدوا على مضمارها تَتَغَطْرَفُ
ولا تزحفوا زَحْفَ الكسير إلى العُلا
فلن تلحقوا وللصِّلالِ التَّزَحُّفُ
وخلّوا التكاليفَ التي لا تُفيدُكمْ
فما يستوي طَبعٌ نَبا وتَكلُّفُ
فقد دام إلطاطٌ بهمْ فى حقوقهمْ
وأعْوَزَ إنصافٌ وطالَ تحيُّفُ
تناسيتُمُ ما قالَ فيهمْ نبيُّكُمْ
كأنَّ مقالاً قالَ فيهمْ مُحَرَّفُ
فكم لرسول اللهِ فى الطّفِّ من دمٍ
يراق ومن نفسٍ تماتُ وتتلفُ
ومن ولدٍ كالعينِ منه كرامة ً
يُقادُ بأيدي النّاكثينَ ويُعْسَفُ
عزيزٌ عليه أنْ تُباعَ نساؤُهُ
كما بيع قطعٌ فى عكاظَ وقرطفُ
يذدنَ عن الماءِ الرّواءِ وترتوى
من الماءِ أجمالٌ لهمْ لا تكفكفُ
فيا لعيونٍ جائراتٍ عنِ الهدى
ويالقلوبٍ ضغنها متضعّفُ
لكمْ أم لهمْ بيتٌ بناهُ على التُّقى
وبيتٌ له ذاك السّتارُ المُسَجَّفُ
به كلَّ يومٍ من قرشٍ وغيرها
جهيرٌ مُلَبٍّ أو سَريعٌ مُطوِّفُ
إذا زارَهُ يوماً دَلوحٌ بذنبِهِ
مضَى وهو عُريانُ الفِرا متكشِّفُ
وزَمْزَمُ والرَّكبُ الذي يمسحونَهُ
وأيمانهمْ من رحمة الله تنطفُ
ووادي مِنى ً تُهدَى إليهِ نحائرٌ
تكبُّ على الأذقانِ قسراً فتحتفُ
وجمعٌ وما جمعٌ لمن ساف تربهُ
ومن قبلهِ يومُ الوقوفِ المعرّفُ
وأنتمْ نصرتمْ أم همُ يومَ خبيرٍ(27/416)
نبيّكمُ حيث الأسنّة ُ ترعفُ ؟
فررْتُمْ وما فرُّوا وحِدْتُمْ عنِ الرَّدى
وما عنهُ منهم حائدٌ مُتَحَرِّفُ
فحصنٌ مَشيدٌ بالسُّيوفِ مهدَّمٌ
وبابٌ منيعٌ بالأنامل يقذفُ
توقَّفتُمُ خوفَ الرَّدى عن مواقفٍ
وما فيهمُ من خيفة ٍ يتوقّفُ
لهم دونكمْ فى يوم بدرٍ وبعدها
بيوم حُنَيْنٍ كلّما لا يُزَحْلَفُ
فقل لبنى حربِ وإنْ كان بيننا
من النَّسَبِ الدّاني مَرائِرُ تُحْصَفُ
أفى الحقّ أنّا مخرجوكم إلى الهدى
وأنتمْ بلا نَهجٍ إِلى الحقِّ يُعْرَفُ
وأنّا شَبَبْنا في عِراصِ ديارِكُمْ
ضياءً وليلُ الكفر فيهنَّ مُسْدَفُ
وأنّا رفعناكمْ فأشرفَ منكُمُ
بنا فوقَ هاماتِ الأعزَّة ِ مُشرِفُ
وها أنتمُ ترموننا بجنادلٍ
لها سحبٌ ظلماؤها لا تكشّفُ
لنا منكُمُ في كلِّ يومٍ وليلة ٍ
قتيلٌ صريعٌ أو شريدٌ مخوَّفُ
فخرتُمْ بما مُلِّكتُمُوه وإِنَّكمْ
سمانٌ من الأموال إذْ نحن شسّفُ
وما الفخر - يا منْ يجهل الفخر للفتى -
قميصٌ مُوَشَّى أو رداءٌ مُفَوَّفُ
وما فخرنا إلاّ الذى هبطتْ به الـ
ـملائكُ أو ما قد حَوى منه مُصْحَفُ
يقرُّ به من لا يطيق دفاعه
ويعرفُه في القوم مَن لا يَتَعرَّفُ
ولمّا ركبنا ما رَكبنا منَ الذُّرا
وليس لكمْ فى موضع الرّدفِ مردفُ
تيقّنتمُ أنّ بما قد حويتمُ
أحقُّ وأولى فى الأنامِ وأعرفُ
ولكنّ أمراً حاد عنه محصّلٌ
وأهوى إليه خابطٌ متعسّفُ
وكم من عتيقٍ قد نبا بيمينهِ
حُسامٌ وكم قطَّ الضَّريبة َ مُقرَفُ
فلا تركبوا أعوادَنا؛ فركوبُهَا
لمن يركبُ اليومَ العبوسَ فيوجفُ
ولا تسكنوا أوطاننا فعراصنا
تميلُ بكمْ شَوقاً إلينا وترجِفُ
ولا تكشفوا ما بيننا من حقائدٍ
طواها الرجال الحازمون ولفقواو
وكونوا لنا إمّا عدوّاً مجاملاً
وإمّا صديقاً دهره يتلطّفُ
فللخيرِ إنْ آثرتمُ الخيرَ موضعٌ
وللشّرِّ إنْ أحببتمُ الشّرَّ موقفُ
عكفنا على ما تعلمون من التّقى
وأنتمْ على ما يعلمْ اللّهُ عُكَّفُ
لكمْ كلُّ موقوذٍ بِكظَّة ِ بَطنِهِ(27/417)
وليس لنا إلاّ الهضيمُ المخفَّفُ
إلى كمْ أداري مَن أُداري منَ العِدا
وأهدُن قوماً بالجميل وألطُفُ
تلاعبُ بى أيدى الرّجالِ وليس لى
منَ الجورِ مُنجٍ لا ولا الظّلمِ مُنصفُ
وحشْوُ ضلوعي كلُّ نَجلاءَ ثَرَّة ٍ
متى ألّفوها أقسمتْ لا تألّفُ
فظاهرها بادى السّريرة ِ فاغرٌ
وباطنها خاوى الدّخيلة ِ أجوفُ
إذا قلتُ يوماً: قد تلاءمَ جُرحُها
تحكّكُ بالأيدى على َّ وتقرفُ
فكم ذا ألاقى منهمُ كلَّ رابحٍ
وما أنا إلاّ أعزلُ الكفِّ أكشفُ
وكم أنا فيهمْ خاضعٌ ذو استكانة ٍ
كأنِّيَ مابين الأصحَّاءِ مُدْنَفُ
أقادُ كأنّى بالزّمامِ مجلّبٌ
بطيءُ الخُطا عاري الأضالعِ أعجفُ
وأَرسُفُ في قيدٍ منَ الحزمِ عُنوة ً
ومَن ذِيدَ عن بسطِ الخُطا فهو يَرسُفُ
ويلصقُ بى من ليس يدرى كلالة ً
وأُحْسَبُ مضعوفاً وغيري المضعَّفُ
وعُدنا بما مِنّا عيونٌ كثيرة ٌ
شُخوصٌ إلى إدراكه ليس تَطرِفُ
وقيل لنا: حان المَدى فتوكَّفوا
فيا حُججاً للَّهِ طال التَّوَكُّفُ
فَحاشا لنا من رِيبة ٍ بمقالكمْ
وحاشا لكمْ من أن تقولوا فتخلفوا
ولم أخشَ إلاّ من معالجة ِ الرّدى
فأُصرَفُ عن ذاك الزَّمان وأُصدَفُ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لو أنصف القلبُ لما ودّكمْ
لو أنصف القلبُ لما ودّكمْ
رقم القصيدة : 24367
-----------------------------------
لو أنصف القلبُ لما ودّكمْ
لكنّه الطّائشُ لا ينصفُ
يهمُّ بالوردِ الذى لم يزلْ
يُصرفُ عنه الدَّهرَ أو يُصدَفُ
ويَعشقُ الّلاهي على أنَّه
ممرضه حيًّا أو المتلفُ
يلومنى والجورُ منْ عنده
كيف يلوم الوافى َ المخلفُ ؟
ويجحدُ المرَّ الذى ذقته
في حُبِّه وهو به أعرفُ؟
ويدَّعي فيَّ ادِّعاءَ الهوَى
وشاهداى َ الجسدُ المدنفُ
ليتَ أُناساً أخلفوا وعدنا
لم يعدوا أو ليت لم يخلفوا
ليس إلى القصدِ سبيلٌ لهمْ
إمّا ضنينُ الكفِّ أو مُسرِفُ
وكلّما استنجدتُ في عَطفهمْ
بدمعِيَ الواكفِ لم يَعْطفوا(27/418)
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ألا يا لَقومي لاعْتنانِ النَّوائبِ
ألا يا لَقومي لاعْتنانِ النَّوائبِ
رقم القصيدة : 24368
-----------------------------------
ألا يا لَقومي لاعْتنانِ النَّوائبِ
وللغُصنِ يُرمى كلَّ يومٍ بشاذِبِ
ولَلنّاسُ إمَّا ظاعنٌ حانَ يومُهُ
وإمَّا مقيمٌ لاجْتراعِ المصائبِ
وزَوْرُ المنايا إنْ حَميناهُ جانبًا
أتانا كأنْ لمْ يُحْمَ من كلّ جانبِ
يَعُطُّ علينا كلَّ سَرْدٍ مضاعفٍ
ويَخطو إلينا كلَّ بابٍ وحاجِبِ
وكم هاربٍ منْ أنْ يلاقِيَهُ الرّدى
مُغِذِّ، ولكنْ لا نَجاءَ لهاربِ
نُقِلُّ اعتبارًا في الزَّمانِ تَغابيًا
وأبصارنا مملوءَة ٌ بالعجائِبِ
ونَصبو إلى وِرْدِ الحياة ِ، وصرفُها
يذودُ بنا عنها "ذيادَ" الغرائبِ
بُلينا من الدّنيا بِخِلْفٍ مُجَدَّدٍ
وإنْ درّ أحياناً بأيدي الحوالبِ
ونَظْما إلى ما لا يزالُ يُذيقُنا
لُعابَ الأفاعي أو شِيالَ العقاربِ
وخلٍ تولّى الموتُ عني بشخصِهِ
تَوَلِّيَ مُمتدِّ النَّوى غيرِ آيبِ
كأنّي لمّا صكّ سمعي نَعِيُّهُ
صُكِكْتُ بمسنونِ الغِرارينِ قاضِبِ
وفارقني مِن غيرِ شيءٍ أَرابَه
وصدُّ "المقاصي" غيرُ صدِّ المعاتبِ
طَواهُ الرَّدى طيَّ الرِّداءِ وعُطِّلتْ
مغاني الحِجا منه وغُرُّ المناقبِ
خليليَّ قُوما فانْدُبا مَنْ بقربهِ
لَهَوْتُ زماناً عن سماعِ النوادبِ
ويا لَهْفَتي منهُ على ذي مَوَدَّة ٍ
بريءِ الأديمِ من قروفِ المعايبِ
نسيبيَ بالوِدّ الصحيحِ وأقْربي
وصاحبيَ الأذى إذا ازوَرَّ صاحبي
ومنْ كنتُ لا "أفضي" له بخليقة ٍ
ولا أشتكي منه اعْوجاجَ المذاهبِ
ولمّا بَلَوْتُ الأصدقاءَ ووُدَّهُمْ
خلَصْتُ إليه من خلالِ التَّجاربِ
فأعْلَقْتُ قلبي منه مِلْءَ جَوانِحي
وأغلقتُ كفِّي منه مِلءَ رواجبي
شققنا له في الترابِ بيتا كأنما
شققناهُ منْ وجدٍ به في الترابِ
وهِلْنا عليهِ من جوانبِ قبرِه
ثرى ً طابَ لمّا مسَّ طيبَ الضّرائبِ
أيا ذاهبًا بُقِّيتُ للحزنِ بعدَه(27/419)
ألا إننّي حزناً عليكَ كذاهبِ
تُوُفّيتَ دوني غير أنّك هالكاً
توفيتَ آمالي وغُلْتَ مطالبي
فأصبحتُ فرْدَ الشّخص لولا تلّفٌ
يزورُ بسارٍ من همومٍ وسارِبِ
ولَوْ أنَّ غيرَ الدّهرِ رابَكَ بالرَّدى
عَجلنا إليه بالقنا والقواضبِ
ودافع عنك الضّيمَ حتى "يزيغه"
رِجالٌ من لوى ّ بن غالبِ
إذا ما دُعوا طاروا إالى حومة ِ الوغى
على كلّ "معروقَ الجناجِنِ" شازِبِ
جريئون ركّابون إمّا تنمّروا
رِقابَ المنايا أو ظهورَ المعاطِبِ
وكم لهُمُ في بابِ كلّ عظيمة ٍ
قراعُ أكفٍّ أو زِحامُ مناكبِ!
سقَى الله قبرًا كنتَ حَشْوَ ضَريحهِ
غزيرَ الحَوايا مُستهلَّ الهيادِبِ
تَقَعْقعُ في جوِّ السّماءِ رُعودُه
ويوقِد فيه البرقُ نارَ الحُباحبِ
وإنْ مزَّقَتْ عنه الشَّمالُ بُرودَه
على عَجَلٍ حاكتءه أيدي الجنائبِ
وماليَ أستسقي الغمامَ لقبرِهِ
وقد نُبْتُ عنه بالدّموعِ السّواكبِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> بنفسى من لقيتُ غداة َ " جمعٍ "
بنفسى من لقيتُ غداة َ " جمعٍ "
رقم القصيدة : 24369
-----------------------------------
بنفسى من لقيتُ غداة َ " جمعٍ "
على عجلٍ يسجّين الشّفوفا
مَرَرْناهنَّ نَعتَسِفُ المطايا
نريد منًى فما رمنا وقوفا
وفى الأظعان بدرُ دجًى سبانى
بطلعته وما ألقَى النَّصيفا
ولمّا أنْ تمثَّل لي هواهُ
عدانى بالثنيّة ِ أن أطوفا
وزلَّتْ عن تُقى ً قَدمي كأنِّي
هنالك لم أكُنْ رجلاً عفيفا
العصر العباسي >> البحتري >> ألا يا هبوب الريح بلغ رسالتي
ألا يا هبوب الريح بلغ رسالتي
رقم القصيدة : 2437
-----------------------------------
ألا يا هبوب الريح بلغ رسالتي
سليمى وعرض بي كأنك مازح
وعني اقرئها السم وقل لها:
زعمت بألا يكتم السر بائح
فإن سألت عني سليمى فقل لها:
به غبر من دائه وهو صالح
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> عتابٌ لدهرٍ لا يَمَلُّ عتابي
عتابٌ لدهرٍ لا يَمَلُّ عتابي
رقم القصيدة : 24370(27/420)
-----------------------------------
عتابٌ لدهرٍ لا يَمَلُّ عتابي
وشكوى إلى مَنْ لا يردّ جوابي
وأطلبُ ما أعيا الرّجالَ طِلابُهُ
فيا للحِجى كم ذا يكون طِلابي؟!
وبي ما أذودُ النّاسَ عن بابِ علمِهِ
وكلُّ أُساتي جاهلون بما بي
فلِي كَبِدٌ تَصلى بغير خريدة ٍ
ولي جسدٌ يبلى بغير كَعابٍ
إذا لم أُرَغْ عندَ الغواني تغزُّلاً
فمثلُ مشيبي بينهنّ شبابي
ولو كنتُ يومًا بالخِضابِ مُوكَّلاً
خضبتُ لمن يخفى عليهِ خضابي
فإن تعطِنِي أولى الخضاب شبيية ً
فإنّي أُخيراهُ بغيرِ شبابِ
لُغامُ نياقٍ أو نضيحُ حِبابِ
وما هي إلاّ زفرة ٌ لغِلابِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> منْ مبلغٌ عنّى بنى مالكٍ
منْ مبلغٌ عنّى بنى مالكٍ
رقم القصيدة : 24371
-----------------------------------
منْ مبلغٌ عنّى بنى مالكٍ
أنّ الّذى داويتمُ أقرفا
دمنا على العهد لمن لم يدمْ
وقد وَفَينا للذي ما وفَى
وليس في العدلِ ولاغيرهِ
أنْ يظلم الظّالمُ من أنصفا
لا تسمعوا القولَ بلا حجّة ٍ
فطالما بُدِّلَ أو حُرِّفا
ولا تزيدونا أباطيلكمْ
فإنّما أمرضتمُ مدنفا
كم فيكمُ من ماطلٍ وعده
فإنْ يَجُدْ يوماً به أخلفا
ومن مصرٍّ زاد إصراره
إنْ ليمَ فى السّيّئِ أو عنّفا
وكم عَطفنا منكمُ مُعرِضاً
فلم نجدْ من مُعرضٍ مَعْطَفا
وما رأينا منكمُ فى الهوى
إلاّ بخيل الكفّ أو مسرفا
عودوا إلى السِّلمِ كما كنتُمُ
فقد مضَى من حَربكمْ ما كفَى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أعلى العهدِ منزلٌ بالجنابِ
أعلى العهدِ منزلٌ بالجنابِ
رقم القصيدة : 24372
-----------------------------------
أعلى العهدِ منزلٌ بالجنابِ
كان فيه متى أردتُ طِلابي؟
المغاني تلك المغاني فهل فيـ
هنَّ ما قد عهدتُ من أطرابي؟
ليستِ الدّارُ بعد أن تُوحِشَ الدّا
ر ترى "غير" جندلٍ وترابِ
وإذا لم يعدْ نحيبي على الرّبعِ
ـعِ حبيبًا فليس يُغني انتحابي
حرُّ قلبٍ إذا تمكّن من قلبِ(27/421)
ـبِ المُعَنَّى حماهُ بَرْدُ الشّبابِ
والمعافَى مَنْ لم يَقُدْه إلى اللّو
عة ِ يوماً تفرّقُ الأحبابِ
والمطايا يومَ السَّقيفة ِ ما رُحْـ
إلاَّ تعمّداً لعذابي
إنّ نُعْماً وكان قلبِيَ فيما
ألِفَتْهُ موكَّلاً بالتّصابي
سألتني عنِ الهوى في ليالٍ
ضاعَ فيهنَّ من يديَّ شَبابي
فمتى ما أجبتُها بسوى ذكـ
مشيبي فذاك غيرُ جوابي
صارَ مني مثلَ الثَّغامة ما كان
كانَ زماناً مُحْلَوْلِكاً كالغُرابِ
ليس يَبقى شَيبي على شأنه الأوْ
الأولِ في كَرّ هذِهِ الأحقابِ
مَنْ عذيري من المشيب وقد صا
رَ بُعَيْدَ الشّباب من أثوابي
وشَفاني في غيرِ ما دافَه الساقي
وراءَ المشيبِ من أوصابي
ولأَنتَ الّذي أعاجيبُه في الدْ
ءَ مثلِ العَلاة ِ كالحرفِ نابِ
ليس يدنو منها الكلالُ ولا تَنْفكّ
ـفَكُّ عن عَجْرَفيَّة ٍ وهِبابِ
لا تُعنِّ الرِّكابَ تطلُبُ ما
ـناهُ عفوًا صَفْوًا بغيرِ رِكابِ
أَنَا في حوزة ِ الهُمامِ فخارِ
ـمُلكِ كالنَّجم في أعزِّ جَنابِ
بالغًا ما أردتُهُ من زيادا
تٍ عليهِ ما كنَّ في حسابِ
شَغلَ اللَّحظَ بي ولم يُصغِ إلاّ
لِندائي من بينهمْ وخطابي
قد سمعناهُ قائلاً فسمعنا
نطقَه واردًا بفصلِ الخطابِ
ورأينا نوالَه فرأينا
سَبَلاً ليس مثلُه للسّحابِ
وبلوناهُ في الوغى فأَصبنا
هُ ضروبَ اليدينِ يومَ الضِّرابِ
في مقامٍ ضنْكٍ تجولُ به الخيـ
ـلُ على أرْؤُسٍ هَوَتْ ورِقابِ
طلبوا شأوَهُ وأينَ منَ الأوشا
لِ سيلٌ يجيءُ مِلْءَ الشِّعابِ؟
وتمنّوْا مكانَه لا بأَسبا
بٍ وأنّى دَرٌّ بغيرِ عِصابِ؟
وإذا عنّتِ الضّرائب للأسيا
فِ بانتْ قواطعٌ من نوابِ
ما أُبالِي إذا رضيتَ عن الطّا
عة ِ منّي بالمُحْفَظِينَ الغِضابِ
وإذا ما رأيتَ منّي صواباً
فحقيرٌ عَماهُمُ عن صَوابي
ـنِ ونيلِ الأَوطار والآرابِ
ـفِلُ ظَلْماءَهمْ وأنتَ شِهابي
وإذا كنتَ لي شراباً فما تُخدَعُ
لي مُقلة ٌ بلمْعِ سرابِ
لا أبانَ الزَّمانُ فيك انثلاماً(27/422)
لا ولا همَّ ما تَرى بانقلابِ
وأتاك النّيروزُ بالسّعد واليُمنِ
وإذا ما مضَى يعودُ ولا أخْـ
من جَيْئة ٍ له وذهابِ
في زمانٍ يُنسِي زمانَ التّصابي
ونعيمٍ يُسلي نعيمَ الشَّبابِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> بنفسى من رأيتُ بجنحِ ليلٍ
بنفسى من رأيتُ بجنحِ ليلٍ
رقم القصيدة : 24373
-----------------------------------
بنفسى من رأيتُ بجنحِ ليلٍ
فضاء بنور طلعته الطّرافا
حكى لي ريقُهُ عَذْباً نَميراً
وسَقَّى مِن صَبابتهِ ذُعافا
وكنتُ أضِنُّ في كَلَفي بقلبي
فها أنا ذا أجود به جزافا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> فيا طيفَها ألاّ طرقتَ رحالنا
فيا طيفَها ألاّ طرقتَ رحالنا
رقم القصيدة : 24374
-----------------------------------
فيا طيفَها ألاّ طرقتَ رحالنا
ونحنُ على الأذقان في جانبِ الشِّعْبِ؟
نشاوى كأنّا سَاوَرَتنا زجاجة ٌ
مضرَّجَة ُ النَّاجود دامية ُ السَّكْبِ
بنا مِن هوى لُقياكِ كرْبٌ نُحبُّهُ
فلو زرتِنا نفّستِ من ذلكَ الكَربِ
وما ضرَّ مَنْ يَأبى زيارة َ مُقْلتي
مجاهرة ً لو زارَ مُستخفيًا قلبي؟
ومَن ضَنَّ في لقيايَ بالصِّدقِ مُسْرفًا
على مُرتَجِيهِ كيفَ يبخلُ بالكِذْبِ؟
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> قُلْ لمن بالجمالِ والْـ
قُلْ لمن بالجمالِ والْـ
رقم القصيدة : 24375
-----------------------------------
قُلْ لمن بالجمالِ والْـ
ـحُسنِ فينا تَعرَّفا
سلَّ جسمى بحبّهِ
وهو فى ذاك ما اشتفى
لستُ أرجوك مُحسناً
فكن اليومَ منصفا
ما على مالكٍ لنا
لو علينا تعطَّفا؟
فسقى فاه ضامئاً
وشَفى فيه مُدْنَفا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أدِرْ أيّها السّاقي الكؤوسَ على صَحْبِي
أدِرْ أيّها السّاقي الكؤوسَ على صَحْبِي
رقم القصيدة : 24376
-----------------------------------
أدِرْ أيّها السّاقي الكؤوسَ على صَحْبِي
وَدَعْنِيَ ظمآناً ففي غيرها نَحْبِي
وإنْ كنتَ تَبغي بالمُدامة ِ نشوة ً(27/423)
"فعندِيَ" ما يُوفِي على نشوة ِ الضَّربِ
أَبْيَتُ الهوَى دهرًا، ولمَّا عرفتُه
عرفتُ مطاعَ الأمرِ مُغتَفَر الذّنبِ
وهيَّمَ إطرابَ الفؤادِ أوانِسٌ
خَلَصْنَ إلى ذاك الممنَّعِ من حُبِّي
عَلَوْنَ النَّقا يوماً بأوفى من النّقا
ولُثْنَ على أبهَى منَ العَصْبِ بالعَصْبِ
ونادَمْنَنا وهْنًا بمنعَرَجِ اللِّوى
فضوَّأْنَ للسّارينَ داجِنَة َ السَّهْبِ
وعانقْنَ قُضباناً من الرَّندِ مرّة ً
بأيدٍ سِباطٍ هنَّ أندى منَ القَضْبِ
وناعمة ِ الأطرافِ حلّ ودادُها
مكانَ شَغافِ القلبِ من حبّة ِ القلبِ
دعاني قبولٌ خَلَّفَتْهُ إلى الصّبا
وما كلُّ مَن تَمَّتْ محاسنُهُ يُصْبي
خُلِقتُ كما شاءَ الصَّديقُ مُحكِّمًا
عليَّ خليلي نازلاً في هوى صَحْبي
وذمَّ رجالٌ أنَّني غيرُ مُعْجَبٍ
فيا عَجَبًا ماذا يفيدهُمُ عُجْبي؟
"ولو" أنّني أزهى بشيءٍ مُنِحْتُه
زهيتُ بفخرِ الملكِ في العُجْم والعُرْبِ
حياتيَ منه بالمحلّ الذي به
يُحَسِّدُني قَومي ويِغبطُني شَعْبي
وأَرْكَبني أثباجَ كلّ فضيلة ٍ
مُمَنَّعَة ِ الأرجاءِ محميَّة ِ الغَرْبِ
ففي خُلقِهِ ذاك المُفَسَّحِ مَرتعي
ومِنْ لفظهِ ذاك المشرِّفُ لي عُشبي
وكم جهدَ الأعداءُ فيما يسوؤني
فما خوّفوا أََمْني ولا ذَعْذَعوا سِرْبي
رضينا عن الدُّنيا وأنتَ تركتَنا
بلا سَخَطٍ في ذا الزَّمانِ ولا عَتْبِ
وجُدْتَ ولم تُسْألْ بكلِّ نفيسة ٍ
وقبلك قومٌ لا يدرّون بالعَصْبِ
شربنا أُجاجاً مِنْهُمُ وتنازحوا
عنِ الموردِ المورودِ والمنهلِ
وما نِلْتَهُ إلاّ بحقٍّ أتيتَهُ
وكم نيلَتْ العظمى من الأمر بالغصْبِ
حلفتُ بمن ضحَّتْ مِنًى يومَ نحرِهمْ
وما عرقوا من أُمِّ سَقْبٍ ومن سَقْبِ
وبالنّفرِ الثّانين عُقْلَ رِكابِهِمْ
على عَرَفاتٍ يَبتغون رِضا الرَّبِّ
لقد نالَ فخرُ الملك ما شاءَ من عُلاً
حَلَلْنَ على أعلى محلِّ منَ السُّحْبِ
فتى ً لم يزلْ يغدو بِعرْضٍ مُمَنَّعٍ
ومالٍ مُذال لا يُفيقُ منَ النَّهْبِ(27/424)
ولم يرضَ سهلَ الأمرِ يرطبُ مسُّه
ولم تلْقَهُ إلاّ على مركبٍ صَعْبِ
ورام مداه المُترفون وإنّما
يَرومون ما رامَ الوِهادُ منَ الهَضْبِ
فللّهِ أيّامٌ مَضَين قطعتَها
بلا سَأَمٍ منها على ضُمَّرٍ قُبِّ
ولا ظِلَّ إلاَّ ما تُفيءُ لك القَنا
ولا زادَ إلاَّ نُجعة ُ الطَّعنِ والضَّربِ
تصول بعضْبٍ في يديك وخلفَه
من الرأْي ما أمضى وأقضى من العَضْبِ
فصفْوُكَ لا يُبلى بشيءٍ من القذى
وخِصْبُكَ لا يُمنى بشيءٍ من الجَدْبِ
وطاولتَ أعماراً طِوالاً فطُلتَها
وأربيتَ حتى نِلتَ ما لم ينلْ مُربِ
ولا زال هذا العيد يتلوه مثلُهُ
تعاقُبَ أنواءِ السّحابِ على التُّربِ
ألا مَنْ معيني مِن خليلٍ أَعدُّهُ
على شكرِ نعماءٍ أَتَتْني بلا كسْبِ؟
تجشَّم خيرُ الناس طُرًّا عِيادتي
فجاءَ بما حَسْبي به شَرفًا حَسبي
ولم يَعرفوا شُكرًا لها ولربِّها
فلم يُعْلمونا كيف نشكرُ في الكُتْبِ؟
فإنْ أَعْيَ عن شكرٍ لها من صنيعة ٍ
فذلك من ذنبِ البلاغة ِ لا ذَنبي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أيا صاحِبي إنْ لم تكنْ في شديدتي
أيا صاحِبي إنْ لم تكنْ في شديدتي
رقم القصيدة : 24377
-----------------------------------
أيا صاحِبي إنْ لم تكنْ في شديدتي
كفيلاً بها دوني فلستَ بصاحبي
ولو لم تكُنْ خيرَ الأُلى عَجَمَتْهُمُ
بَنانِيَ لم أَضمُمْ عليك رواجبي
ذَخَرتُكَ لي في النَّائباتِ، ومنْ يكنْ
صديقًا صَدوقًا فهْوَ ذُخرُ النَّوائبِ
وما ضرَّ والقربُ المؤلِّفُ بينَنَا
ودادٌ لنا أنْ لم تكنْ من أقاربِي
أجِرْنِيَ إمّا بالقواضبِ والقنا
أوِ الرّأْي إنْ خَطْبٌ أناخ بجانبي
وكُنْ قَبَسي إنْ كانَ قومٌ دياجِري
وكنْ صادقي إنْ كانَ دهريَ كاذِبي
وقُمْ واكفِني إنْ كنتَ تستطيعُ هذِهِ
حُلوليَ مغلوبًا بوادي العجائبِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> من كلفى أنّنى مررتُ به
من كلفى أنّنى مررتُ به
رقم القصيدة : 24378
-----------------------------------(27/425)
من كلفى أنّنى مررتُ به
فلم يَعِرْني مِن طَرْفِهِ طَرَفا
وكدتُ لَمّا رأيتُ غِلظَتَهُ
أنجعُ جسمى بمهجتى أسفا
قد قادني حُسنُه إليهِ كما
قاد اليمانون جلّة ً شرفا
فقلتُ: رِفقاً فلستَ أولَ مَن
لاذَ مُسِيءٌ بعفوهِ فعفا
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أَلا هل لِما فاتَ مِن مَطلبِ
أَلا هل لِما فاتَ مِن مَطلبِ
رقم القصيدة : 24379
-----------------------------------
أَلا هل لِما فاتَ مِن مَطلبِ
وهل عن رِدَى المرءِ من مَهرَبِ؟
وهل لامرىء ٍ يبتغيهِ القضا
ءُ من مُستجارٍ ومن مذهبِ؟
عذيرِيَ مِن حادثاتِ الزَّمانِ
أجِدُّ لهنَّ ويلعبْنَ بي
يُثْلّمْنَ من حَنَقٍ مَرْوَتي
ويرعَيْنَ من نَهَمٍ خُلّبي
وإمّا بَرِ؛ْنَ ففي طيّهنَّ
ما شئتَ من تعبٍ مُتعِبِ
وإنْ هُنَّ صَفَّينَ لي مَشربًا
رجَعْنَ فرنّقْنَ لي مَشْربي
فكم ذا أُعلّلُ "بالمُبْرِضاتِ"
وأُخدَعُ بالبارقِ الخُلَّبِ
وأُعدى بأدواء هذا الزّمانِ
عَدْوَى المُصحِّ من المُجرَبِ
ولو كنتُ أعجبُ من حادثٍ
عجبتُ من الحادث الأقربِ
أتانيَ على عُدَواءِ الدّيارِ
لواذعُ من نبإٍ مُنصِبِ
فإنّ نجيع فخار الملو
كِ سِيطَ هنالك بالأثْلَبِ
وإنّ أُسامة َ ذا اللِّبدَتيْـ
ـنِ صُرِّعَ عن خُدَعِ الأذْؤُبِ
غُلبتمْ بنقضِكُمُ عهدَهُ
ومن غلّبَ الغَدْرَ لم يغلِبِ
بأيِّ يدٍ قُدتمُ غِرَّة ً
ولا تَرقبوا غيرَ وَدْقِ الحِمامِ
وكيفَ ظفِرتُمْ وبُعدُ المنا
لِ بينكُمُ بسنا الكَوكبِ؟
وكيف عَلِقْتُمْ على ما بكمْ
من العَجْزِ بالحُوَّلِ القُلَّبِ
وأينَ يمينكُمُ والعُهو
دُ تطايحن في نَفْنفٍ سَبْسَبِ
وأصبح ملكُكُمُ بعدَه
بغير ذراعٍ ولا مَنكِبِ
وما كنتُ أخشى على الأُفْعوا
مدى الدَّهر من حُمَة ِ العقربِ
أمنْ بعد أن قادها نحوَكم
نَفوراً مُحَرَّمَة َ المركبِ
وأولجها بين أبياتكمْ
وليس لها ثَمَّ مِن مرغَبِ؟
ودافع عنها لغير القويّ
يِ كلَّ شديدِ القُوى مُحرِبِ
تُجازونَهُ بجزاءِ العدوِّ(27/426)
وتَجْزونَه أُسْوَة َ المُذنِبِ؟
شآكُمْ ولكنَّ لم يَرْتَبِ
خذوها تَلذُّ لكمْ عاجلاً
وآجَلُها غيرُ مُسْتَعذَبِ
ولا ترقبوا غير ودْقِ الحِما
مِ وشيكاً من العارِضِ الصَّيِّبِ
ففي الغيبِ من ثارهِ فيكُمُ
شفاءٌ لأفئدة ٍ وُجَّبِ
ألا غَنِّياني بقرعِ السُّيوفِ
ف فما غيرُها أبداً مُطربي
وحُثّا عليَّ كؤوسَ النَّجيعِ
سَواءً شربتُ ولم أشربِ
ولا تَمْطُلا ثارَهُ إنّه
فتى ً حرّم المَطْلَ في مَطلبِ
كأنّي بها كجبالِ الحجا
زِ يُقبلنَ أو قِطَعِ الغَيْهَبِ
عليهنَّ كلُّ شُجاعِ الجَنانِ
إذا رُهبَ الهولُ لم يَرهَبِ
لأسيافهم في رءوس الكُما
مُصمَّمة ُ القُضُب اللُّهَّبِ
ولمّا مرَرْنا على رَبْعِهِ
خرابِ الأنيسِ ولم يَخرِبِ
تبدّل بعد عجيج الوفو
بحاجاتِهم صَرَّة َ الجُندُبِ
ومن سابغاتٍ ملأن الفِناءَ
من القَزّ أردية العنكبِ
بكينا على غَفَلاتٍ بِهِ
سُرِقْنَ وعيشٍ مضَى طيِّبِ
وقلنا لما كان صعبَ المَذالِ
من سَبَلِ العين لا تَصْعبِ
أيا دارُ كيف لبستِ العَفاءَ
وماءُ النَّضارة ِ لم ينضُبِ؟
وكيف نَسيتِ الذي كان فيكِ
منَ العزِّ والكرمِ الأرحبِ؟
وكيف خلوتِ من القاطنين
وغربانُ بينك لم يَنعَبِ؟
وأينَ مكامنُ ذاك الشجاعِ
ومريضة ُ الأسدِ الأغلبِ؟
وأينَ مواقفُ وِلْدانِهِ
ومُزدَحَمِ الجُندِ في الموكبِ؟
ومَجرى سوابَقِهِ كالصُّقورِ
جلبنَ صباحًا على مَرْقَبِ
أيمضي وأسيافُهُ ما فَتِئـ
ـنَ بالضَّرب والسُّمْرُ لم تُخضَبِ؟
ولم تُعجل الخيلُ مذعورة ً
إلى مَرغبٍ وإلى مَرْهبِ؟
ولم يُستلبْ بالرّماح الطّوا
لِ في الرّوع واسطة ُ المِقْنَبِ
ولو علم السيف لمّا علا
كَ حالَ كليلاً بلا مَضرِبِ
وبُدّل من ساعدٍ هزّه
لحتفك بالسّاعد الأعضبِ
تَعامَه قومٌ سَقَوك الحِمامَ
فما فيهُمُ عنك مِن مُعرِب
فلو عَن رَداكَ سألناهُمُ
أحالَ الحضور على الغُيَّبِ
ألِفْتَ التكَرُّمَ حتَّى غفلـ
ـتَ عن جانبِ الحاسدِ المُجلِب
ولم تَعتد المنعَ للطّالبين(27/427)
فجدْتَ بنفسك للطُّلَّبِ
فإن تكُ يا واحداً في الزّمانِ
ذهبتَ ففضلُك لم يَذهبِ
وإنْ حجّبوك بنسْجِ الصّفيحِ
فغرُّ مساعيك لم يُحجَبِ
سلامٌ عليك وإن كنتَ ما
سلمتَ من الزّمن الأخيبِ
وواهًا لأيّامك المَاضياتِ
مُضِيَّ السَّحابة ِ عن مُجدبِ
فما بِنْتَ إلاّ كبين الحياة ِ
وشرخِ الشّبابِ عن الأشيبِ
ولا خير بعدك في الطيّباتِ
فما العيشُ بعدك بالطيِّبِ
حرامٌ عليّ اكتسابُ الإخاءِ
فمثلَ إخائك لم أكسِبِ
ولستَ ترانيَ فيمنّ ترا
هُ إلاّ على نجوَة ِ الأجْنَبِ
ولستُ بهِ طالبًا غيرَهُ
فقِدْمًا وجدتُ ولم أطلُبِ
العصر العباسي >> البحتري >> يا سعد إنك قد حجبت ثلاثة
يا سعد إنك قد حجبت ثلاثة
رقم القصيدة : 2438
-----------------------------------
يا سعد إنك قد حجبت ثلاثة
كل عليه منك وشم لائح
وأراك تخدم رابعاً لتبيده
فارفق به، فالشيخ شيخ صالح
يا حاجب الوزراء إنك عندهم
سعد، ولكن أنت سعد الذابح
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> رأيتُكُمُ تَجْنون ما قد غَرستُمُ
رأيتُكُمُ تَجْنون ما قد غَرستُمُ
رقم القصيدة : 24380
-----------------------------------
رأيتُكُمُ تَجْنون ما قد غَرستُمُ
فلا تنكروه أنْ يكون ذعافا
وعافوا القذَى أو فاكرعوهُ ضرورة ً
ومن لم يردْ إلاّ الأجاجة َ عافا
ولا تحسبوا ما نحن نرأبُ كسرهُ
وفاقاً فعن قربٍ يعود خلافا
ولا تأمنوا الأضغان وهى دفينة ٌ
فذو الحزمِ من هاب الغيوب وخافا
فما نحنُ للأقدارِ إلاّ رَمِيَّة ٌ
يصبن صميماً أو يصبن شغافا
وسيّانِ في تَضْييعيَ الحزمَ أنَّني
رهبتُ أماناً أو أمنتُ مخافا
فما ليَ أُسقَى فيَّ أو في أصادِقي
كؤوساً دِهاقاً لم يكنَّ سُلافا؟
إذا صاحبي أضحَى سَقيماً منَ الأذى
فما سرَّني أنِّي أبِيتُ مُعافَى
ولم أنجُ من سوءٍ أصابَ معاشرى
وعاج بخلٍّ أرتضيه وطافا
دعونى َ منكمْ لا تردّون طالباً
ولم تلبسوا إِلاّ الغرورَ عِطافا
وكم ذا أريدتْ بالهوانِ بيوتكمْ(27/428)
فلمْ تجعلوا من دونهنَّ سجافا
ولو كنتُمُ لمّا غمزتُمْ قناتَكُمْ
على أَوَدٍ أَوسَعْتُمُوهُ ثِقافا
وداويتُمُ الأدواءَ وهْيَ ضعيفة ٌ
فكم من قويّاتٍ نَشَأْنَ ضِعافا
لقيتم كما شئتم وسئناه فيكم
ولكنّ أمراً جلَّ أن يتلافى
كأنَّكُمُ رَكْبٌ على دوِّ قَفْرَة ٍ
يُزَجِّي مطايا للنَّجاءِ عِجافا
بمَهْلَكَة ٍ خِرِّيتُها هالكٌ بها
وكم مرَّة ٍ شمَّ التّرابَ وسافا
إذا هَيْقُها مدَّ الجناحَ فإنَّما
إماءُ بنى لخمٍ مددنَ طرافا
سَقى اللهُ أقواماً مضَوا لسبيلهمْ
وقد ملؤوا سُبْلِّ الطِّماعِ عَفافا
لهم في ندى ً سِيلوهُ أو بدؤوا بهِ
أكفٌّ يناولن النّوالَ جزافا
أجابوا أنوفَ الموتِ رغمَ أنوفنا
فماذا جنى ذاك الهتافُ هتافا ؟
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أَلا بكِّها أُمَّ الأسَى والمصائبِ
أَلا بكِّها أُمَّ الأسَى والمصائبِ
رقم القصيدة : 24381
-----------------------------------
أَلا بكِّها أُمَّ الأسَى والمصائبِ
بدمعك سَحًّا بينَ سارٍ وساربِ
وعاصِ الّذي لم يُهمِ ماءَ جُفونِهِ
على فقدِ ماضٍ أو على إِثْرِ ذاهبِ
ولا تُغرِنِي بالصَّبْرِ والصَّبرُ مالَه
طريقٌ إلى ما في الحشا والتّرائبِ
تلومُ على ما بي وأنتَ مُسَلَّمٌ
وقد جبَّ هذا الرُّزءُ دونك غاربي
وإنّيَ مَبْلُوٌّ بما لم تُبَلْ بِهِ
فلا تُبلِني فيه بلومِ المعاتبِ
وما مسّني فيما مضى مُشبهٌ بهِ
ولا مرَّ شاجٍ لي شجاهُ بجانِبي
مصابٌ هوى بالشُّمِّ مِن آل هاشمٍ
وضَعْضعَ رُكنًا من لُؤَيِّ بنِ غالبِ
ولم يمض إلاّ بالشَّواة عن الشّوى
ولم يرضَ إلاّ بالطُّلى والذَّوائبِ
وناعٍ نعى نفسي ولم يدرِ أنّه
نَعاها فأغراها بلَدْمِ تَرائبي
ولم أشفِ ما بي من جوًى ومَضاضة ٍ
بقرع جبيني أو عضيض رواجبي
تمنَّيتُ لمّا أنْ أتى وهْوَ صادِقي
على الرّغم منّي أنه كان كاذبي
نسيبيَ بالودّ الصّحيح "وفضلة ٌ"
على ودّنا ما بيننا من مَناسِبِ
وما ضرَّ مَن كانَ القريبُ مودَّة ً(27/429)
مُقَرَّبة ً أنْ لم يكُنْ من أقاربي؟
عططتُ اصطباري عنه لمّا فقدتُهُ
عليه ولم أقنع بعطّ جلاببي
ولمّا تُوُفِّي "الزينبيُّ محمّدٌ"
وسارت بما لاقاه أيدي الرَّكائبِ
نفضتُ منَ الخُلاّنِ كَفِّيَ بعدَهُ
ولوّيتُ عن دار الأخوّة جانبي
وغاضتْ دموعي في الشّؤونِ فلَمْ تسِلْ
فلا مُطمِعٌ من سائر النّاس مُطمِعِي
ولا رائبٌ من بَنْوة ِ الدّهر رائبي
وإنَّ ودادي بعده لمَّ نَفسَه
وحاصَ امتراقاً من أكفِّ الخواطِبِ
فلا تُدنِنِي يوماً ديارَ مَسرّة ٍ
ولا تغشَ بي إلاّ بيوت المنادِبِ
فمن ذا الذي يرجو البقاءَ ونحنُ في
يمين الرّدى طوعاً وأيدي المعاطِب
نُساقُ إلى المكروهِ من كلِّ وُجهِة ٍ
ونُلوَى عنِ المحبوب لَيَّ الغرائبِ
ونُطوى كما تُطوى البُرودُ بحفرة ٍ
مُطمّمة ٍ أعيتْ على كلّ هارب
فثاوٍ بها طولَ المدى غيرُ راحلٍ
وماضٍ إليها بالرَّدى غيرُ آئبِ
ونُعدى بداء الموتِ ممَّنْ أَصابه
وعدوى المنايا غيرُ عدوى الأجارب
ولم يَعْرَ جِلدِي كلما ذَرَّ شارقٌ
لرامي المنايا من سهامٍ صوائِبِ
فيثلمُني مَن لا أراهُ بناظري
ويجرحني من ليس لي بمحارِبِ
وما غرّني منها سلامة ُ سالمٍ
فكمْ سالمٍ من حولِهِ أَلفُ عاطِبِ
فإنْ تُبقِني الأيّامُ بعدكَ للأسَى
عليك وحزني فائضٌ غيرُ ناضِبِ
فإنّيَ قوسٌ ما لها منك أسهُمٌ
ونصلُ قراعٍ ما لَهُ من مَضارِبِ
ونارٌ بلا صالٍ وضيفٌ بلا قِرى
وليلٌ بهيمٌ ما له من كواكِبِ
فإنْ لم يكن شوك القَتادِ من الأسى
غليكَ فراشًا لي فشَوْلُ العقاربِ
أبادَ الرَّدى أهلي وأَفنى معاشِري
وفرّق ما بيني وبين عصائبي
وعاث زماني في قبيلي وتارة ً
يذعذع ما بيني وبين أصحابي
وأسمعني في كلِّ يومٍ وليلة ٍ
نشيج البواكي أو حنينَ النَّوادبِ
وأَعرَى يميني من إخاءٍ شريتُهُ
وأعَددْتُهُ ذُخرًا بسَوْمِ التجارِبِ
كأنِّيَ عَوْدٌ في يديهِ مُذَلَّلٌ
تجذِّبُهُ للعَقْرِ أيدي الجواذِبِ
له مَنسِمٌ من كلِّ فِهْرٍ مُشجَّجٌ(27/430)
"ويُبلى " قَراه كلَّ يومٍ براكبِ
ومن عَجَبٍ أَنّي طرحتُك في الثرى
بملْعَبَة ٍ بينَ الرِّياحِ الجنائبِ
ووسّدْتُكَ البَوْغاءَ من بعد بُرْهة ٍ
توسَّدتَ فيها طالعاتِ الكواكب
فإنْ تخفَ عنّا في التراب فإنَّما
خفيتَ وقد أطلعت غُرَّ المناقبِ
وإن تُبْلَ في قعر الضَّريح بِغَيْهبٍ
فقد طالما بيّضتَ سود الغياهبِ
وإن تُضحِ محبوساً عن النُّطق بالرّدى
فما زلتَ في الأقوام أوَّلَ خاطِبِ
وما أنصف الأقوامُ خلَّوْك في الثرى
وراحوا إلى أوطارهمْ والملاعِبِ
وما جانَبوك عن قِلاهُمْ وإنَّما
تناءَوْا جميعاً عن بعيدٍ مجانِبِ
هُمُ أَودعوك التُّربَ عَمدًا وَوَدَّعوا
على رَغْمهم خيرَ اللِّحى والحواجِبِ
فإنْ حملوا صَعْبًا عليكَ فطالما
تحمّلْتَ عنهم مُضْلِعاتِ الصّعائبِ
وإنْ أسعفوك بالنّحيب توجّعاً
فمن بعدِ أن أسعفتَهمْ بالحرائبِ
فقدْتُك فقدي مِقْوَلِي يومَ حاجتي
إلى القولِ أوْ سيفي غداة َ التضَّاربِ
ولم يُعْيني إلاَّ الَّذي يطرقُ الفتى
وإلاَّ فإنّي غالبٌ كلَّ غالبِ
وكم سَلَبٍ أَجرى الدِّماءَ جفونَنا
ولم تجنِهِ فينا يمينٌ لغاضِبِ
فلا أرَبٌ في الدّهر إلاَّ محوتَه
فبِنْ بالمُنى عنّا وكلِّ المآرِبِ
أيا ذاهبًا ولَّى وخلَّفَ بعدَهُ
عليَّ منَ الأحزانِ مِلْءَ جوانبي
وأخطَرَني من بعدِ أنْ كانَ لي حِمًى
وأفردَني من بعد أنْ كانَ صاحبي
وُهبتَ لنا ثُمَّ ارتُجعتَ إلى الرَّدى
فما لي انتفاعٌ بعدَها بالمواهبِ
فإنْ لم أكنْ مَيْتًا كما أنتَ ميِّتٌ
فما لِيَ في عيشي نصيبٌ لراغِبِ
وإنْ حجّبوك عن لقائِيَ بالثّرى
فما حَجَبوا حُزني عليك بحاجِبِ
وإن تمضِ صِفْرَ الكفّ من كلّ ثروة ٍ
فقد بِنتَ صِفْرًا من جميع المعايِبِ
بقلبِيَ نارٌ من فراقك ليتها
ولا بدَّ منها اليومَ نارُ الحُباحبِ
ومن أينَ لي من بعدِه بَدَلٌ بهِ
وأين بديلٌ عن زُلالٍ لشاربِ؟
فتًى أقفَرتْ منه ديارُ مَودَّتي
وخُولستُ أحبابي بها وحبائبي
وفارقني لا عن مَلالِ وِصالِهِ(27/431)
وكم مللٍ لي من لصيقٍ مصاقِبِ
وقال خليلي: حزنُك اليومَ مُسرفٌ
كأنّ عليكَ الحزنَ ضربة ُ لازبِ
لَعَمْرُ اللّواحي إنّها لمصيبة ٌ
ولكنّها ليست كباقي المصائِبِ
وقد نابكمْ ما نابكمْ فتأمّلوا
أمرَّ لكُمْ مِثلٌ لها في النَّوائبِ؟
أعِنِّي على ما بي وإلاّ فخلِّني
فلستَ وما ثِقْلي عليك بصاحبي
ولا تُسلِنِي عمّا مضى بالّذي تَرى
فقد حِيزَ عنِّي خيرُ ما في حقائبي
ولو أنَّ غيرَ الموت ضامك وحدَه
دفعناه بالبيض الرّقاق المضارِبِ
ومُدَّتْ إليه من رجالٍ أعزَّة ٍ
طوالِ الخُطا أيدي القنا والقواضبِ
إذا ركبوا لم يرجعوا عن عزيمة ٍ
وإن غضبوا لم يحفِلوا بالعواقِبِ
هُمُ أَطعموا سُغبَ الصَّوارمِ والقَنا
طِعانًا وضَربًا من لحومِ الكتائِبِ
وما عُظِّموا في النّاسِ إلاّ بحقِّهمْ
وما قُدِّموا في القومِ إلاّ بواجبِ
وهمْ أخجلوا بالجدْب كلَّ مجاودٍ
وهمْ غلبوا في الحرب كلَّ مُحاربِ
عليكَ سلامٌ لا انقطاعَ لِوَبْلِهِ
يجودُ وإنْ ضنَّتْ غِزارُ السَّحائِبِ
ولا زِلتَ مطلولَ الثَّرى أرِجَ النَّدى
تضوع ذَكاءً من جميعِ الجوانِبِ
وإنْ مسَّتِ الأرواحُ تربَك مسَّة ً
فمُرُّ نسيمِ المُعيباتِ اللّواعبِ
وأولَجَكَ اللهُ النّعيمَ ولا تكنْ
بجنّاتِهِ إلاّ عَلَّى المراتبِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أضنّاً بالتّواصلِ والتّصافى
أضنّاً بالتّواصلِ والتّصافى
رقم القصيدة : 24382
-----------------------------------
أضنّاً بالتّواصلِ والتّصافى
وبذلاً للتَّقاطُعِ والتَّجافي
ونبذاً للمودّة ِ عن ملالٍ
كما نبذتْ حصيّاتُ القذافِ ؟
وسيراً فى الجفاءِ على طريقٍ
شديدِ تَنَكُّرِ الأَعلامِ خافِ
إذا الأقدامُ خاطئة ٌ خَطَتْهُ
فمن كابٍ لجبهته وهافِ
أيا مَنْ بعتُهُ وَصْلي جُزافاً
فقابلنى بهجرانٍ جزافِ
أيحسنُ أنْ " ترنّقَ " منك شربى
قضاءً بعد إسلافى سلافى ؟
وتَثْني عِطْفَك المُزْوَرَّ عنِّي
وما لسواكَ حظٌّ في انعطافي
ومن عَجَبٍ خلافُك لي، وقِدْماً(27/432)
أمنتُ على اقتراحك من خلافى
وخلفك موعدى وعليك فرداً
مقامى بالمودّة واختلافى
وأنك واردٌ " جمّاتِ " ودّى
وتمنعنى صباباتِ النّطاف
وكنتُ متى أنلْ شططَ الأمانى
سَخِطْتُ فصرتُ أرضَى بالكَفافِ
وقد علمَ المبلِّغُ عنك أنِّي
حَطَطْتُ عليه ثالثة َ الأثافي
وكنتُ عليه لمّا اهتشَّ قومٌ
إلى نجواهُ كالسُّمِ الذُّعافِ
أتنسَى إذْ لديك شُجونُ نفسي
وإذ معك ارتباعى واصطيافى ؟
وإذْ سِرِّي بمرأَى منك بادٍ
ومادونى لسرّك من سجافِ
تُنازعُني المسائلَ والمعاني
وتاراتٍ تناشدنى القوافى
وكم معنى ً أقامَ المَيْلَ منهُ
-وقد أعيا- ثِقافُك أو ثِقافي
وآخرَ ضلّ عنه رائدوهُ
ففاز به اختطافك واختطافى
مجالسُ لم يكنْ فيها طريقٌ
لِشَهْواتِ النفوس على العِفافِ
ألا يا ليتَ شعري عن صديقٍ
تكدَّر لي، لِمَنْ بعدي يُصافي
وكيَف تُفيدُهُ الأيّامُ مثلي
وما يكفى مكانى اليومَ كافِ ؟
ولمّا أن جريتُ إلى المعالي
تبيّنت البطاءُ من الخفافِ
فما عيف اضطلاعى واصطناعى
ولا حِيفَ انصرافي وانحرافي
سلامٌ من " دوى " الأحشاء مضنًى
على زمنٍ مضَى وافي الخوافي
أشمّرُ فيه أذيالى مجوناً
وأحياناً أجرُّ به عطافى
طَوَتْ آثارَه نُوَبُ اللّيالي
وقُوِّضَ مِثلَ تقويضِ الطِّرافِ
فما لي بعدَه إلاّ التفاتٌ
إلى طللٍ من الإخوان عافِ
تبدّل بعد ساكنه بناءٍ
وبعد وصالِ واصله بجافِ
فياراضى الجفاءِ متى التّلاقى ؟
ويا جانى الذّنوب متى التّلافى ؟
وإنْ كنتُ اقترفتُ إليك جُرماً
فقد ذهب اعترافى باقترافى
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أيُّ فتى ً وورِي في التُّربِ
أيُّ فتى ً وورِي في التُّربِ
رقم القصيدة : 24383
-----------------------------------
أيُّ فتى ً وورِي في التُّربِ
قضى ولم أقضِ به نَحْبي؟
زوّدني بعد فراقي له
ما شاءت الأحزانُ من كربِ
قلتُ لرَكْبٍ قال لي إِنه
ذاق الرّدى أُرجلتَ من رَكْب
ولا رَعَتْ عيسُكَ في منزلٍ
نزلتَه شيئًا منَ العُشبِ(27/433)
ولا يزلْ فوك وقد قال ليْ
ما قالَ مملوءًا منَ التربِ
قد ضرّني الصّدقُ فمنْ ذا الّذي
ينفعني يا قومُ بالكذبِ؟
نعيتَ ـ لا بُوعدتَ من سيِّىء ٍ ـ
أفضلَ من قلبي إلى قلبي
رمحي الّذي يفرِي نحورَ العدى
وفي جِلادي هُوَ لي عَضْبي
فكمْ له دونِيَ من موقفٍ
آمنني فيه من الرُّعبِ
ولم يكن لي وهْوَ في قبضتي
على المُنى شيءٌ منَ العَتْبِ
ما قنعتْ إلاّ به هِمَّتي
ولم أقُلْ إلاّ بهِ حَسْبي
وعاضَني مِن حَرِجٍ ضَيِّقٍ
عليَّ بالإفساجِ والرُّحْبِ
هو الرّدى يأخذ من بيننا
إذْ همّ مَنْ شاء بلا ذنْبِ
وليس يُسطاع دفاعٌ له
بالطّعنِ بالرُّمْح ولا الضّرب
إنْ يبغِ مَحجوبًا فما إنْ له
مِن دونهِ شيءٌ منَ الحُجْبِ
أو شاءَ أن يأخذَ ذا هَضْبة ٍ
عالية ٍ فهْوَ بلا هضْبِ
بزَّ اليمانيِّينَ تيجانَهمْ
من دونها أردية ُ العَصْبِ
واستلَّ من كسرى بإيوانِهِ
أطواقَه الحُمرَ مع القُلبِ
ولم تزلْ تدخُلُ رُوَّادُهُ
من مُضَرٍ شِعْباً إلى شِعْبِ
وشرَّدتْ أصحابَه بطشَة ٌ
منه بِهمْ فهْو بلا صَحْبِ
ولفّهُم لفّاً بأيدي القنا
لفَّ الصِّبا للغُصُنِ الرَّطْبِ
كأنّهمْ تزهر أجداثُهُمْ
ذوائبٌ خرّتْ من الشهب
وكم سَطا فيهمْ بأُسْدِ الشَّرى
ومُطعمِي الأضيافِ في الجَدْبِ
قلْ لامرىء ٍ يطمعُ في خُلدِهِ
فهْوَ غَفولٌ آمنُ السِّربِ
ليس كما قدّرتَه إنّما
خُلقتَ للتُّربِ منَ التُّربِ
لا ترجُ أنْ تَنْجُوَ مَشيًا وقد
بغاك باغٍ واسعُ الوثْبِ
تنال كفّاه إذا مُدَّتا
مَن كان في بُعدٍ وفي قُرْبِ
يا نائيًا عنِّي ومن مُنْيتي
أنْ بِعْتُ بُعدي منه بالقُربِ
كم لكَ عندي من إيادٍ مضَتْ
بيضًا وإنْ كنتَ منَ الشُّحْبِ
واللّيلُ كالصُّبحِ لنفعِ الورَى
والسُّمرُ كالبيضِ لدَى الحربِ
وما جرى في النّاس شيءٌ لهمْ
مَجرَى سوادِ العين والقلبِ
والقزُّ في الصُّفرة ِ مخلوقة ً
خيرٌ لباغيهِ من العُطبِ
فافخرْ على القومِ الأُلى سُوِّدوا
في الشَّرق إِنْ شئتَ وفي الغربِ(27/434)
فليسَ فيهمْ كلَّهمْ واحدٌ
سادَ جميعَ العُجْمِ والعُرْبِ
لم تألفِ السُّوءَ ولا بتَّ في
ناحية ِ القذفِ ولا الثَّلْبِ
ولم تعُجْ باللّهوِ في خلوَة ٍ
ولا مزجتَ الجِدَّ باللِّعبِ
وكلّما نِلْتَ بها رُتبة ً
حَمَيْتَ فيها جانِبَ الجُنْبِ
كم كنتَ للأملاكِ كهفاً وكمْ
حَمَيْتَهُمْ بالمُلك من خَطْبِ
وكم تلافيتَ بتفكيرة ٍ
صافية ٍ شَعْباً من الشَّعْبِ
كانوا ومن رأيك "آراؤُهُمْ"
مثلَ رَحى دارتْ على قُطْبِ
قد دَرَّتِ الدُّنيا لهمْ مرّة ً
وأيُّ درٍ ليس بالحَلْبِ؟
كم ذا تداركتَ اعوجاجاً لهمْ
على ظهورِ الضُّمَّرِ القُبِّ
يطوين يحملن الرّدى للعدى
سَهْبًا منَ الأرضِ إلى سَهْبِ
وكلّما زاحَمْنَ في غَمرة ٍ
شوكَ القنا السّمر على إرْبِ
كُسِينَ أَجلالاً بنسج القنا
منَ النَّجيع الأحمر العَصْبِ
سقى الذي أصبحتَ رهناً به
من الثَّرى أندية ُ السُّحْبِ
ولا سمعنا لخريقٍ به
صَوتًا ولا زَعْزَعَة َ النُّكْبِ
ولا يزلْ تُنضَحُ حافاتُهُ
منَ الحَيا بالباردِ العَذْبِ
حتّى يُرى من بينِ أجداثِهمْ
رَيّانَ ملآنَ من الخِصْبِ
فليس مُلْقًى في الثَّرى مَيّتًا
مُوسَّدَ الكفِّ على الجنْبِ
مَنْ طار في الآفاق ذكرٌ لهُ
وسار بالأقلامِ في الكتبِ
فالحقْ بمن سَمَّى لنا نفسَهُ
بأنَّه يعفو عنِ الذَّنبِ
فما أتتْ كفّاكَ من سيّءٍ
يضيقُ عنهُ كرمُ الرّبِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ريعتْ " لتنعابِ " الغراب الهاتفِ
ريعتْ " لتنعابِ " الغراب الهاتفِ
رقم القصيدة : 24384
-----------------------------------
ريعتْ " لتنعابِ " الغراب الهاتفِ
وتأوّلتها فرقة ً من آلفِ
فاستبطنتْ من رِقْبَة ٍ لعُداتها
حرقاً نضحنَ بدمع جفنٍ ذارفِ
ورأتْ بياضاً فى نواحى لمّة ٍ
ما كان فيها فى الزّمان السّالفِ
مثلَ الثَّغامِ تلاحقتْ أنوارُه
عمداً لتأخذَه بَنانُ القاطِفِ
ولقد تقول ومِن أساها قولُها:
ما كانَ هذا في حسابِ العائفِ
أينَ الشّبابُ وأينَ ما تمشي بهِ(27/435)
فى البيض بين مساعدٍ ومساعفِ ؟
ما فيك يا شمطَ العذارِ لرامقٍ
عبقَ الجوانح بالهوى من شاعفِ
فليخلُ قلبك من أحاديث الهوى
وليخلُ غمضك من مطيف الطائفِ
ولقد سريتُ بفتية ٍ مضريّة ٍ
ليلَ التّمامِ إلى الصّباحِ الكاشفِ
في ظهرِ مُلْتَبِسِ الصُّوَى مُتنكِّرٍ
لا يهتدى فيه بسوفِ السّائفِ
ظامي الموارد ليس في غُدرانِهِ
لمسوّفٍ بالوردِ غرفة ُ غارفِ
وكأنَّما حزُقُ النَّعامِ بدوِّهِ
" ريحٌ تلون طوائفاً " بطوائفِ
وإذا تَقَرَّاهُ فلا أثراً تَرى
" بترابه " إلاّ لريحٍ عاصفِ
من كلّ أبّاءِ لكلِّ دنيّة ٍ
ذى مارنٍ للذّلِّ ليس بعارفِ
وتراه ينتعل الظّهائرَ كلّما
" جحرَ " الهجيرُ بناعمٍ متتارفِ
قومٌ يخوضون الغِمارَ إلى الرَّدَى
خوضَ الجبانِ الأمنَ غبَّ مخاوفِ
لا يأخذون المال إلاّ بالظّبا
تندى دماً أو من سنانٍ راعفِ
وإذا رأيتَ على الرَّدى مِقدامَهمْ
فكأنَّ قلباً منه ليس بخائفِ
وتراهمُ فى كلّ يومِ عظيمة ٍ
مُتَنصِّتِين إلى صَريخِ الخائفِ
سحبوا مُروطَ العزِّ يومَ لَزَزْتَهمْ
بالفخر سحبَ غلائلٍ ومطارفِ
وتَلَوْا على كَلبِ الزَّمانِ وضِيقهِ
للمملقين عوارفاً بعوارفِ
أيدٍ تفجّرُ بالعطاءِ سماحة ً
فتوالدٌ فى بذلها كطوارفِ
وندى ً يفيضُ تعَجْرُفاً وتَغَشْمُراً
وعجارفُ المعروف غيرُ عجارفِ
وأرى شجاعَ الجود يوم تواهبٍ
شَرْوَى شجاعِ الحربِ يومَ تسايُفِ
ومحذِّري شرَّ الزَّمان كأنَّه
لم يدرِ أنِّي ناقدٌ للزّائفِ
قد كنت ألحى فيه كلَّ مفارقٍ
فالآن ألحى فيه كلَّ مقارفِ
وإذا الشّكوكُ تقاربتْ وتلاءمتْ
فعن الزَّمانِ وماحواه تجانُفي
وإذا التفتّ إلى اختلاف خطوبه
فإلى اختلافِ عجائبٍ وطرائفِ
يسترجعُ الموهوبَ رَجْعَ مُناقشٍ
من بعد أن أعطى عطاءَ مجازفِ
يا منهلاً للسّوءِ ما ألقى له
في كلِّ أخيافِ الوَرى من عائِفِ
لم يَخْلُ برقُك خُلَّباً من شائِمٍ
وسرابُ أرضك مطمعاً من عاكفِ
وحطامُ رزقك وهو جدُّ مصرّدٌ
فى كلِّ يومٍ من محبٍّ كالفِ(27/436)
كم فى صروفك للنّدوبِ تلاحمتْ
بعدَ المِطالِ ببُرْئها من قارفِ
ويدٍ تمدُّ ذراعها ببليّة ٍ
فتنال شلوَ النّازحِ المتقاذفِ
لا يعصمُ البانين منها ما ابتنوا
واسْتَفرشوا من نُمْرُقٍ ورفارفِ
وأنا الغبين لأنْ منحتك طائعاً
قلبي وفيكَ كما علمتُ مَتالِفي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> إذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ
إذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ
رقم القصيدة : 24385
-----------------------------------
إذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ
ورُحنا بالهوادجِ والقِبابِ
دعى ما لا يردّ عليكِ شيئاً
وقومي فانظري مِنّي إيابي
فإنْ فُجِعتْ يمينُكِ بي ارتحالاً
فقد فُجعتْ يَميني بالشَّباب
فما يُجدي زفيري إذْ "توالى "
ولا يُغني بكائي وانتحابي
ذعَرْتُ به المَها واَرَقْتُ لمّا
لبستُ قميصَه ماءَ التَّصابي
ونكّب عاذلي عن دارِ عَذْلِي
فتارَكني وأقصرَ عن عتابي
فلستُ أحنُّ والبيضاءُ عندي
إلى البيضاء والرُّودِ الكَعابِ
ولا تَقْتادني بُرَحاءُ وجْدي
إلى ذاتِ القلائدِ والسِّخابِ
فقلْ لصقيلة ِ الخدَّين حُسْناً:
دَعيني من ثناياكِ العِذابِ
فما لي فوق جِيدِكِ من عِناقٍ
وما لي من رُضابِكِ من شرابِ
ولا لي منكِ والشَّعراتُ بيضٌ
بُعَيْدَ سوادِها غير اجتنابِ
نِقابَكِ والبعادَ اليومَ منّي
فقد صارَ المشيبُ بها نِقابي
ضَللتُ عن الهُدى زمناً بسودِي
فأرشدني المشيبُ إلى الصَّوابِ
ألمْ ترني مقيماً في سِراعٍ
إلى خطإٍ بِطاءً عن صَوابِ
طعامي فيهُمُ وعدٌ خَليٌّ
عن الجدوى وشربي من سَرابِ
لهمْ غدرٌ بجارِهُمُ ومَكْرٌ
به خافٍ ولا مكرُ الذِّئابِ
وقد مَزجوا دَهاءً بالتَّداهي
كما خلطوا الغباوة بالتّغابي
وحبُّهُمُ الذي لا أرتضيهِ
فأنفقُ فيه من جِدّي لِعابي
فقلْ لمعاشرٍ رجموا حِمامي:
أَروني مَن ينوبُ لكم منابي؟
ومن يشفيكُمُ كَلِماً وكلْماً
لدى غَمَراتِ خطبٍ أو خطابِ؟
وقد طردَ الرَّدى عنكمْ قِراعي
كما طرحَ النَّدى فيكمْ سَحابي(27/437)
فأينَ حَضيضُكمْ من رأسِ نيقي
ومِن أوشالكمْ أبداً عُبابي؟
وما للعار في طَرَفِي مجالٌ
وأنتمْ في يَدَيْ عارٍ وعابِ
فلا تستوطنوا إلاّ وِهاداً
فإنَّ لغيركمْ قُلَلَ الرَّوابي
وممّا ضرّمَ الأعداءَ ناراً
حلولي من قريشٍ في اللُّبابِ
وأنَّ إلى نَبيٍّ أو وصيٍّ
نُسِبْتُ فمن له مثلُ انتسابي؟
وفي بيتي النبُوّة ُ ما عَدَتْنِي
وقانونُ الإمامة ِ في نِصابي
أجلْ عينيك في مجدي تجدْني
وَلَجْتُ إلى العُلا من كلِّ بابِ
فما طُوِيتْ على لَعِبٍ ثيابي
ولا حُدِيَتْ إلى طَرَبٍ رِكابي
هو الزّمنُ الّذي يُدْني ويُنئِي
ويُقعِي حين يُقعِي للوِثابِ
جمعتمْ يا بني الدّنيا حطاماً
يُرى من بعدكمْ بيدِ النِّهابِ
وقد أذللتُ ما أعززْتُموهُ
فدأبَكُمُ بني الدّنيا ودابي
لقد طلبَ العِدى منِّي مَعابًا
فما وجدوا -وقد جَهدوا- مَعَابي
ولا رجّوا ولا حذروا جميعاً
سِوى عُقبى ثَوابي أو عِقابي
ومن ذا كان للخلفاءِ مثلِي
وقد مسَّتْ أسِرَّتَهم ثيابي؟
وقد عَتبوا عليَّ وليس يخلو الـ
ـعَدُوُّ ولا الوليُّ من العتابِ
فما طَرحوا لِذي أرَبٍ سُؤالي
ولا تركوا "جوابي" عن خطابي
وما لي بينهمْ إلاّ ليالٍ
عذُبْنَ وغير أيّامٍ طِيابِ
وكمْ يومٍ نصرتُهُمُ وفَرْشي
قَرا الجُرْدِ المطهَّمة ِ العِرابِ
كأني "شامخٌ" في رأس طَوْدٍ
وفي الإسراعِ فوقَ قطاة ِ جابِ
وفي كفِّي صَقيلٌ لا بصقلٍ
له عهدٌ طويل بالقِرابِ
إذا حَمَلَتْهُ كفِّي في هِياجٍ
فويلٌ للجماجمِ والرّقابِ!
وقد جمجمتُ عمّا في ضميري
فإنْ بُقِّيتُ قلتُ ولم أحابِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> يا حادِيَ الأظعانِ عرْ
يا حادِيَ الأظعانِ عرْ
رقم القصيدة : 24386
-----------------------------------
يا حادِيَ الأظعانِ عرْ
بى هديتَ إلى الطّفوفِ
عرّجْ إلى ذاك المحل الـ
ـعِ وراحَ عنِّي في المصيفِ
حيث الثّرى ملقًى هنا
أو أعزَلٌ نبذَ الزَّما
حيث القِرَى عفوُ الإلـ
نُ بهِ إلى الشَّقِّ المخوفِ(27/438)
ما ذا يريبك - ريب غيـ
ـرك - من " عكوفى " أو وقوفى
فلقلّما نفسِ الرّفيقُ
على َّ بالنّزرِ الطّفيفِ
ومتَى رأيتَ مَدامِعي
تنهلُّ بالدَّمعِ الوكيفِ
فعلى الّتى ولّتْ بها
عن ساحتى أيدى الحتوفِ
وسَقَينَني بفراقِها
كأساً من السّمِّ المدوفِ
ـتُ نَعيَّها مثلُ النَّزيفِ
أو معجلٌ دامى القرا
والصّدرِ منفصمُ الوظيفِ
أو أعزلٌ نبذ الزّمانُ
يا موتُ كم لك فى فؤا
ادي من نُدوبٍ أو قروفٍ!
ألاّ أخذتَ بمن أخذ
تليدَ مالى أو طريفى ؟
وعدلتَ عن كهفي ودو
نكَ ما أردتَ من الكهوفِ
كم ذا أصابتْ مصميا
تكَ من خليلٍ أو أليفِ
أضحى معى زمنَ الرّبيع
وراح عنّى فى المصيفِ
ومات بالخطبِ الضّعيفِ
يا قانصاً نفسَ الشجاع
شعَة َ الرؤوسِ منَ الغَريفِ
من السّتائرِ والسّجوفِ
ومعرّى َ الأجسادِ منْ
سَرَقِ السَّبائبِ والشُّفوفِ
يا فاعلاً ما يشتهي
قَهراً على رغم الأُنوفِ
كيف الفرارُ من الرّدى
وعلى مسالكِهِ وجِيفي
أم كيف أنجو من يدى ْ
أدنَى إليَّ منَ الرَّديفِ
وإذا سعيتُ أفوتُهُ
لم تدرِ بطئى من خفوفى
لا تتّقى منه البليّـ
ـة ُ بالرّماحِ أو السّيوفِ
" ذلٌّ " لنا وشعارنا
حبٌّ لنافرة ٍ صدوفِ
مثلُ البَغِيِّ تبطَّنَتْ
عطلاً ولاحتْ بالشّنوفِ
تعرى التقى َّ من التّقى
وتزلُّ بالرّجلِ العفيفِ
ولكمْ بها من مخبرٍ
صدئٍ ومن مرأى ً مشوفِ
ولقد ألفتُ وصالها
فرجعتُ مستلفَ الأليفِ
صِفْرَ اليدين منَ القنا
عة ِ والنّزاهة ِ والعزوفِ
والعزُّ كلُّ العزِّ فى الـ
ـدّنيا لطيّانٍ خفيفِ
" ترك " المنى وأقام ير
قُبُ هَتْفَة َ الأجلِ الهتوفِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> أتمضي كذا أيدي الرّدى بالمصاعبِ
أتمضي كذا أيدي الرّدى بالمصاعبِ
رقم القصيدة : 24387
-----------------------------------
أتمضي كذا أيدي الرّدى بالمصاعبِ
وتذهب عنّا بالذُّرى والغواربِ
وتُستلَبُ الآسادُ وهْيَ مُلِظَّة ٌ
بأخياسِهِنَّ من أعزّ المسالبِ
وتُؤخذ منّا من وراء سُجوفنا(27/439)
بلا رأيِ بوّابٍ ولا إذْنِ حاجِبِ
وتُقنص فينا روحُ كلِّ محاربٍ
أبيٍ جرئٍ وهو غير محاربِ
أيا صاحبي إنْ كنتَ في إثرِ من مضى
على مثل حلاتي فإنّك صاحبي
دعِ الفكرَ إلاّ في الحِمامِ ولا تُقِمْ
مع الحرصِ في دار الظّنونِ الكواذبِ
وإنْ كنتَ يوماً بالحديثِ مُعلِّلاً
لسمعي فَحَدِّثْني حديثَ النّوائِبِ
فلي شُغُلٌ عمَّنْ أقامَ بمنْ مَضَى
وعن مُعجباتٍ رُقْنَنا بالعجائبِ
وناعٍ لسيف الدّين أضرم قولُه
ولم يدنْ ما بين الحشا والتّرائبِ
وجاءَ بصدقٍ غيرَ أنّي إخالُهُ
خِداعاً لنفسي، إنّه قولُ كاذبِ
فأثْكَلني طيبَ الحياة ِ وضمّني
إلى جانبِ الأحزانِ من كلِّ جانِبِ
فيالك من رُزءِ أزارَني الأسى
وعرّف ما بيني وبين المصائبِ
ولولاه لم أغضِ الجفونَ على قذى ً
ولا لانَ للوجدِ المبرِّحِ جانبي
أساقُ إلى الأحزانِ من كلِّ وِجْهة ٍ
كأنّي ذلولٌ في أكفّ الجواذبِ
فلا مَطعمٌ فينا يطيب لطاعمٍ:
ولا مشربٌ منّا يَلَذُّ لشاربِ
وقلْ لطِوال الخَطِّ يُركَزْن فالذي:
سَقَتْكُنَّ يمناهُ مضى غيرَ آئبِ
وقلْ لجيادِ القُودِ لستنّ بعد ما
تولّى جديراتٍ بركبة ِ راكبِ
وقُل للمغيرين الذينَ تعوَّدوا
زِحامَ العوالي في صدورِ الكتائبِ:
دعوا ما ألِفْتُمْ من قراعٍ فقد مضى
بحكمِ الرَّدى منكم قريعُ المقانِبِ
وقل للسَّراة النازعين إلى الغِنى
فهمْ أبداً ما بين سارٍ وساربِ
أقيموا فلا نارٌ تَوَقَّدُ للقِرى
ولا راحة ٌ مفجورة ٌ بالمواهبِ
فتًى أوحشَتْ منه المكارمُ والعُلا
وإن أقاموا لم ينظروا في العواقبِ
وكم لك من يومٍ لدغت كُماتَه
بشوك العوالي لا بشوك العقاربِ
وحيٍّ خبطتَ الليلَ حتى ملكتَهُ
على آلفاتٍ للصّعابِ شَوازبِ
تراهُنّ يقضُمنَ الشّكيمَ كأنّما
لَبِسنَ بنسجِ الطَّعنِ حُمْرَ الجلابِبِ
وحولك طلاّعون كلَّ ثنيّة ٍ
إلى المجد حلاّلون شُمَّ المراقِبِ
إذا عزموا لم يرجعوا من عزيمة ِ
وفقدُ الصَّديقِ المحض صَعْبٌ فكيف بي
وفَقدي صديقًا من أجلِّ أقاربي؟(27/440)
ويؤلمني أنّي تركتكَ مفرداً
بمَدْرَجة ٍ بينَ الصَّبا والجنائبِ
يطاع بها أمرُ البِلى في معاشرٍ
أبَوْا أن يطيعوا غالبًا بعدَ غالبِ
وما منهُمُ إلاّ الّذي نال رتبة ً
سَمتْ وعلتْ عن كلِّ هذي المراتِبِ
فإنْ يُكسَفوا في غَيْهَبٍ من قبورهمْ
فقد ضوّؤا دهراً ظلام الغياهِبِ
وإنْ قُبضتْ منهمْ أكفٌّ عنِ النّدى
فقد بُسطتْ دهرًا لهمْ بالرَّغائبِ
وإنْ جَثَموا بالتُّربِ طوعَ حِمامِهمْ
فكم جرَّروا فينا ذيولَ المواكِبِ
ألا سقّياني دوعَ عيني بعدَه
ولا تُسمعاني غيرَ صوتِ النّوادبِ
سَقى اللهُ ما أَصبحتَ فيه منَ الثَّرى
زُلالَ التَّحايا عن زلالَ السّحائبِ
ولا زال منضوحاً بعفوٍ ورحمة ٍ
ورَوْحِ الجنانِ مِن جميع الجوانِبِ
فقد طُويَتْ منه الصفائِحُ
على سامقِ الأعراقِ ضخمِ الضَّرائبِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> يا إبلى روحى على الأضيافِ
يا إبلى روحى على الأضيافِ
رقم القصيدة : 24388
-----------------------------------
يا إبلى روحى على الأضيافِ
إنْ لم يكن فيكِ غَبوقٌ كافِ
فأبشرى بالقدرِ والأثافى
وغارِفٍ ومِغْرَفٍ جَرَّافِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> كلُّ يومٍ غريبة ٌ للخطوبِ
كلُّ يومٍ غريبة ٌ للخطوبِ
رقم القصيدة : 24389
-----------------------------------
كلُّ يومٍ غريبة ٌ للخطوبِ
وعجيبٌ يُنسيكَ كلَّ عجيبِ
حَيرة ٌ كالضلال في غَسَقِ اللَّيـ
ـل بلا صاحبٍ ولا مصْحوبِ
وازورارٌ عنِ الهدى ؛ فحليمٌ
كسفيهٍ ومُخطىء ٌ كمصيبِ
وعيونٌ مملوءة ٌ من دموعٍ
وقلوبٌ محشوّة ٌ من وجيبِ
وذنوبٌ مِنَ الزَّمانِ فقد عشـ
ـتُ طويلاً وماله من ذنوبِ
ورَمَتْني أحداثُ هذي اللّيالي
إِذْ رَمَتني بمُصِمياتِ القلوبِ
في مليكٍ أسطو به وحميمٍ
أو خليلٍ أو صاحبٍ أو نسيبِ
عُجْ على هذه الدّيارِ التي ليـ
ـس لداعٍ من مُجيبِ
دخلتْ هذه الرَّزايا اقتسارًا
بين قلبي وبين كلِّ حبيبِ
واستبدتْ دوني بكلِّ نفيسٍ
وتناءتْ عنّي بكلّ قريبِ(27/441)
وإذا ما شكوتُ ما بي فشكـ
ـواي إلى كلِّ مُقَلٍ مكروبِ
عَرَضٌ بالزَّمانِ يَكْلُمُ بالأظـ
ـفارِ منه وتارة ً بالنُّيوبِ
يتهنّى بالعيشِ وهْو على ما
ليس يهوى منها لقاء شَعوبِ
العصر العباسي >> البحتري >> دواعي الحين سقن إلى نجاح
دواعي الحين سقن إلى نجاح
رقم القصيدة : 2439
-----------------------------------
دواعي الحين سقن إلى نجاح
ركوب البغي للأجل المتاح
ولو نصحا أراد لكان فيه
عبيد الله أسبق من نجاح
فحاق برأسه ما كان ينوي
وحل بأهله سوء الصباح
مدل بالسعاية والتبدي
بها قتل الإمام بلا جناح
وأكذب من مسيلمة بن صعب
وأفضح في العشيرة من سجاح
بدت خليفة الرحمن منه
مزاين خائن نظف وقاح
فكان يريد نصحاً وهو مضب
على غش كالأطراف الرماح
فأبسل بالذي كسبت يداه
وعم الناس ذلك بالإصلاح
فلا عدم الإمام صواب رأي
نفى الجرباء عن عطن الصحاح
وأبقاه الإله بقاء نوح
لتشييد المكارم والسماح
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> يا إبلى كونى قرى الأضيافِ
يا إبلى كونى قرى الأضيافِ
رقم القصيدة : 24390
-----------------------------------
يا إبلى كونى قرى الأضيافِ
فليس عندَ الجود بالإنصافِ
أَئنَّ لي نعلاً وجاري حافِ
وإنَّني مُثرٍ وجاري عافِ
يُؤمِنُني اللُّوّامُ أنْ تخافي
وأن تبيتى نهزة َ الطّوّافِ
إذا دنا ضيفٌ إلى طرافى
فالويلُ للكوماءِ من أسيافي
فى ليلة ٍ حالكة ِ الأسدافِ
كأنّما تشكُّ فى الأطرافِ
مِن خَضَرٍ فهنَّ بالأثافي
يا بعدَ بين ممسكٍ طفّافِ
جَعْدِ اليدين ضيِّقِ العِطافِ
يُرْتِعُكُنَّ أبْرَقَ العَزّافِ
فيما تَمَنَّيْتُنَّ من إزيافِ
في حَرَمٍ مُمَنَّعِ الأكنافِ
خافٍ منَ اللَّومِ عن القوافي
أعيا على الرّوّادِ والسّوّافِ
وبين سمحٍ واهبٍ متلافِ
تراه إمّا همَّ بالإسعافِ
لا يَفْتدي السِّمانَ بالعِجافِ
يا صاحبي ولستَ لي بالوافي
ولا لدائى عندكمْ من شافِ
نكصتَ عنّى ليلة الإيجافِ
وخفتَ مرعوباً بلا مخافِ(27/442)
وطِرتَ كالزِّفَّة ِ بالسَّوافي
ماذا عليكَ يا أبا الجَحّافِ
من راسبٍ فيك وطَوْراً طافِ
ما أنتَ من " عدّى ولا نطافى "
ولا لتَقْتيري ولا إسرافي
لا تنكرنْ صدّى ولا انحرافى
وأنت طلاّعٌ إلى " خلافى "
وكادرٌ لى ولغيرى صافِ
وواصلٌ لكلِّ مَن لي جافِ
ما عادَ سَبْري لكَ واستشفافي
وعادَ تقويميَ أو ثِقافي
ودلجى نحوك واعتسافى
إلاّ بخلٍّ منك غيرِ كافِ
ملآنَ مِن مَطْلٍ ومن إخلافِ
سيراً ذوي الأحسابِ والآنافِ
عن موطنِ اللّؤمِ الدّريسِ العافى
ليس بمشتًى لا ولا مصطافِ
ولا رمادَ فيه للأثافي
حيثُ تُهانُ نخوة ُ الأشرافِ
وتستوى الأخفافُ بالأظلافِ
بين الألى جاءوا من الأقرافِ
لس عتابٌ منهُمُ لجافِ
ولا لعاً عندهمُ لهافِ
فإنَّما الدِّيارُ بالأُلاّفِ
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> لم يبقَ لي بعدَ المشيبِ تَصابي
لم يبقَ لي بعدَ المشيبِ تَصابي
رقم القصيدة : 24391
-----------------------------------
لم يبقَ لي بعدَ المشيبِ تَصابي
ذهب الشّباب وبعده أطرابي
فالآنَ ما أرجو وصالَ خريدة ٍ
يومًا ولا أَخشى صُدودَ كَعابِ
ياصاحبي قد عاد عذلك ظاهراً
فالشيبُ أعذلُ منك في أحبابي
قد نابت الخمسون والسّبع التي
لي بعدَها في العَذْلِ عن أصحابي
فلَربَّما حابى العَذولُ فلم يَلُمْ
والشّيبُ في الفَوْدينِ ليس يحابي
لا تخشَ منِّي أنْ أنقِّبَ عن هَوى ال
ـبيض الأوانس والمشيبُ نِقابي
بلغَ المشيبُ مآربًا ومآربًا
منّي ولم أبلغ به آرابي
ورجوتُ منه شِفاءَ داءٍ كامنٍ
فازددته وَصَباً إلى أوصابي
قد كان شافعيَ الشّباب إلى الدُّمى
والشيبُ بعد فراقِه أغرى بي
فرباعهنّ سوى رباعي في الهوى
وجَنابُهنَّ هناك غيرُ جَنابي
ولقد عَمَرتُ مُراسلاً من قبلهِ
فأعاد لي رُسُلي بغير جوابِ
لا ذنبَ عندي منه إلاّ أنَّهُ
كان السّفير لفراقهِ الأحبابِ
ولقد عتبتُ على الّتي صَرَمَتْ وقد
وصَلَ المشيبُ وما أفاد عتابي
يا جملُ كيف نزعتِ حبلَكِ من يدي(27/443)
لمّا نزعتُ من الصِّبا أثوابي؟
فقطعتِ وصلكِ لا لجرمٍ كانَ لي
وإلى وصالكِ جِيئتي وذَهابي
ساق الذي بعث النّوى قَلبي كما
ساق الحُدَاة ُ ضحى ً "بِطاء" رِكابِ
فمتى سألتَ عن الفؤادِ فإنَّهُ
قد سارَ بينَ هوادجٍ وقِبابِ
يا طالباً يجتابُ كلَّ تنوفة ٍ
تُدمي ظهورَ العيس خيرَ جنابِ
والشمسُ في الجوزاء رامية ٌ إلى
تلك المرامي كلِّها بُلعابِ
عجْ بالوزير أبي المعالي أيْنُقي
واجعلْ إليهِ غيبتي وإيابي
واقطعْ به - كي لا أسافرَ - أنسعي
واعقِرْ له - كي لا أريمَ - رِكابي
فهوَ الّذي قد كنتُ عُمري أبتغي
وأرومُ مُقترحًا على أنصابي
وإذا بلغْنَ بيَ المُنى مَوفورة ً
فشعابُ غيرِ المُدلِجين شعابي
ليَ من ودادك واصطفائك رتبة ٌ
حُبٌّ أتيهُ به على أحبابي
وإذا ملأتَ منَ الثَّناءِ مَسامعي
فكأَنْ ملأْتَ منَ الثّراءِ عِيابي
وإذا رضيتَ فقد حظيتُ فإنني
أرضى بأن ترضى وذاك طِلابي
لي كلَّ يومٍ من جميلك مِنَّة ٌ
غرّاء تأتيني وتقرعُ بابي
وكرامة ٌ لمْ يدنُ منها مُكْرِمٌ
عبقتْ بها دون الأنام ثيابي
كَرَّمتني فملكتَ منِّي رِبْقَة ً
تأبى انعتاقاً يومَ عِتْقِ رِقابِ
وتَركتني وقْفًا عليكَ إِقامتي
وإلى ديارِك مَوئِلي ومآبي
كم لي إليك شفاعة ٌ مقبولة ٌ
ونداءُ مسموعِ النّداءِ مُجابِ
فمتى أردتُ جعلتُ قولي رائداً
في نَيلِ موهبة ٍ وصرفِ عِقابِ
فلقد كفيتُ وفي يديك معونتي
ولقد غَلبتُ وأنت من أحزاني
ومتى ضَحيتُ ففي ذُراك أظِلَّتي
وإذا ظمئِتُ فمن نَداك شرابي
وأنا الذي لك بالولاءِ مواصلٌ
فاغفرْ لذاك زيارة َ الإِغْبابِ
سَلْ عن بسالتِهِ خفاجَة َ والظُّبا
في راحتيهِ تَعُطُّ كلَّ إهابِ
والطّعنُ يَثني كلَّ من شابتْ له
تلك المفارق من دمٍ بِخِضاب
وتوهّموا جهلاً بأنّكَ كالأُلى
شُلُّوا بأرماحٍ لهمْ وحِرابِ
حتّى رأوْكَ مصمّماً فتساهموا
طُرقَ الفِرارِ بقفرة ٍ كذئابِ
شرَّدْتَهمْ؛ فخيامُهم منبوذة ٌ
مِن غيرِ إعمادٍ ولا إطنابِ(27/444)
وسلبتَ أنفسَهم ولم تحفِلْ بما
أبقتْ مَصارعُهمْ منَ الأَسلابِ
للهِ دَرُّ شجاعة ٍ بكَ أمكنتْ
نَصْلَ الأعاجم من طُلى الأعرابِ
ولقد لَقَفْتَهُمُ بهمْ، فكأنَّما
حَضَّضْتَ بينَ ضراغمٍ في غابِ
واليومَ لا يُنجيكَ من أهوالهِ
إلاّ الطّعانُ وصدقُ كلِّ ضِارابِ
فالضَّربُ في هاماتهمْ منثورة ٌ
فوق الثّرى والطّعن في الأقرابِ
هَدرتْ زمانًا بالفراتِ فُحولُهمْ
فاليومَ ما فيهمْ طَنينُ ذُبابِ
أمَّا بنو عبد الرّحيمِ فإنهم
حدُّ الرّجاءِ وغاية ُ الطُّلابِ
لم يَسْكنوا إلاّ القِلالَ ولم يُرَوْا
والنَّجمَ إلاّ في رؤوسِ هِضابِ
ما فيهُمُ إلاّ النَّحيبُ لأنّه الـ
ـبيتُ الملئُ بكثرة ِ الأنجابِ
القائلين الفصْلَ يومَ تخاصمٍ
والواهبينَ الجَزْلَ يومَ رِغابِ
ومزاحمين لهم على راياتهم
رجعوا وقد نكصوا على الأعقابِ
لن يصلحوا قُرُبًا لصَون سُيوفهمْ
وهُمُ السُّيوفُ لنا بغيرِ قِرابِ
لا خيرَ في أسْلٍ بغير عواملٍ
فينا ولا سيفٍ بغيرِ ذُبابِ
ليس الرِّياسة بالمُنى أو بالهوى
لكنَّها بركوبِ كلِّ صِعابِ
لا تقربوا بذئابكمْ طَلَعاً عن النَّـ
ـسلانِ والعَسَلانِ ليثَ الغابِ
وإذا الجياد جرينَ لم تحفَلْ وقد
عنَّ التسابقُ بالهجينِ الكابي
وصوارمُ الأسيافِ عند ضريبة ٍ
ما كنَّ يومًا كالكليل النّابي
خُذها فإنْ بُقِّيتُ شيئًا آنفًا
تَسمعْ لها ما شئْتَ من أَترابِ
واسمعْ كلاماً لم يُحَكْ شِبْهٌ له
ملآنَ بالإحسانِ والإطرابِ
روضًا ولكنْ ليس يجني زَهرَهُ
إلاّ يمنيك ملكَ الآدابِ
وإذا المسامعُ أنصفتْ لم تقتنصْ
إلاّ كلامي وحدَه وخطابي
العصر العباسي >> الشريف المرتضى >> ماذا جَنَتْه ليلة ُ التَّعريفِ
ماذا جَنَتْه ليلة ُ التَّعريفِ
رقم القصيدة : 24392
-----------------------------------
ماذا جَنَتْه ليلة ُ التَّعريفِ
شَغفتْ فؤاداً ليس بالمشغوفِ
ولوَ أنَّني أدري بما حُمِّلتُهُ
عند الوقوفِ حذرتُ يومَ وقوفى
ما زال حتّى حلّ حبَّ قلوبنا(27/445)
بجمالهِ سِرْبُ الظِّباءِ الهِيْفِ
وأرتكَ مكتتمَ المحاسن بعد ما
ألقى تقى الإحرامِ كلَّ نصيفِ
وقنعت منها بالسّلامِ لو انّه
أروَى صَدى أو بلّ لَهْفَ الهيفِ
والحبُّ يُرضي بالطَّفيفِ معاشراً
لم يرتضوا من قلبه بطفيفِ
ويُخِفُّ مَن كان البطيءَ عن الهوى
فكأنّه ما كان غير خفيفِ
يا حبَّها رفقاً بقلبٍ طالما
عرّفته ما ليس بالمعروفِ
قد كان يرضى أن يكون محكّماً
فى لبّهِ لو كنتَ غيرَ عنيفِ
أطْرَحْتِ يا ظمياءُ ثِقْلَكِ كلَّه
يومَ الوَداعِ على فقارِ ضعيفِ
يقتادُه للحبِّ كلُّ مُحَبَّبٍ
ويروعُه بالبينِ كلُّ ألِيفِ
وكأنَّني لمّا رجعتُ إلى النَّوى
أبكي رجعتُ بناظرٍ مطروفِ
وبزفرة ٍ شهدَ العذولُ بأنَّها
من حاملٍ ثِقْلَ الهوَى مَلهوفِ
ومتى جَحَدْتُهُمُ الغرامَ تصنُّعاً
ظهورا عليه بدمعى َ المذروفِ
وعلى مِنى ً غُرَرٌ رمينَ نفوسَنا
قَبْلَ الجِمارِ منَ الهوَى بحُتُوفِ
يسحَبْنَ أذيالَ الشُّفوفِ غَوانياً
بالحْسنِ عن حَسَنٍ بكلِّ شُفوفِ
وعدلْنَ عن لبس الشُّنوفِ وإنَّما
هنّ الشّنوفُ محاسناً لشنوفِ
وتعجبتْ للشّيب وهى جناية ٌ
لدلالِ غانية ٍ وصدِّ صَدوفِ
وأناطتِ الحسناءُ بي تَبِعاتِهِ
فكأنما تفويفهُ تفويفى
هو منزلٌ بُدِّلتُهُ من غيرهِ
وهو الغنى فى المنزلِ المألوفِ
لاتنكريه فهو أبعدُ لبسة ً
من قذفِ قاذفة ٍ وقرفِ قروفِ
وبعيدة الأقطارِ طامسة " الصّوى "
من طولِ تطوافِ الرّياحِ الهوفِ
لا صوتَ فيها للأنيسِ وإنّما
لعصائبِ الجنّانِ جرسُ عزيفِ
وكأنَّما حُزُقُ النَّعامِ بدوِّها
ذَوْدٌ شردْنَ لزاجرٍ هِنِّيفِ
قطعتْ ركابى وهى غيرُ طلائحٍ
مع طولِ إيضاعي ونطِّ وَجِيفي
أبغي الذي كلُّ الورَى عن بَغْيهِ
من بين مصدودٍ ومن مصدوفِ
والعزُّ فى كلّ الرّجال ولم ينلْ
عزٌّ بلا نصبٍ ولا تكليفِ
والجَدْبُ مغنى ً للأعزَّة ِ دارِه
والذّلُّ بيتٌ فى مكانِ الرّيفِ
ولقد تعرَّقَتِ النَّوائبُ صَعْدَتي
وأجاد صرفُ الدّهرِ من تشفيفى(27/446)
وحللتُ مِن ذُلِّ الأنامِ بنَجْوة ٍ
لا لومتى فيها ولا تعنيفى
فبدار أندية ِ الفخار إقامتى
وعلى الفضائل مَربَعي ومَصيفي
وسرى سرى النّجمِ المحلّق فى العلا
نَظْمي وما ألَّفتُ من تَصنيفي
ورأيتُ من غَدْرِ الزَّمانِ بأهلِهِ
من بعد أن أمنوهُ كلّ طريفِ
وعجبتُ من حَيْدِ القويِّ عن الغِنَى
طولَ الزّمانِ وخطوة ِ المضعوفِ
وعمى الرّجال عن الصّواب كأنّهمْ
يَعْمون عمّا ليس بالمكشوفِ
وفديتُ عِرْضي من لئامِ عشيرتي
بنزاهتى عن سيّئى وعزوفى
فبقدر ما أحميتهمْ ماساءهمْ
أعطيتُهمْ من تالِدي وطريفي
كم روّع الأعداءُ قبل لقائهمْ
ببروقِ إيعادى ورعدِ صريفى
وكأنّهمْ شردٌ سوامهمُ وقد
سمعوا على جوّ السّماء حفيفى
قومي الذين تملَّكوا رِبَقَ الورَى
بطعانِ أرماحٍ وضربِ سيوفِ
ومواقفٍ فى كلِّ يومِ عظيمة ٍ
ما كان فيها غيرهمْ بوقوفِ
ومشاهدٍ ملأتْ شعوبَ عداتهمْ
بقذًى لأجفانٍ ورغمِ أنوفِ
همْ خوّلوا النّعيمَ الجسامَ وأمطروا
فى المملقين غنائمَ المعروفِ
وكأنَّهمْ يومَ الوغَى خَلَلَ القَنا
حيّاتُ رَمْلٍ أو أُسودُ عَزيفِ
كم راكبٍ منهم لغاربٍ سَدْفَة ٍ
طرباً لجودٍ أو مهينِ سَديفِ
ومتيّمٍ بالمكرماتِ وطالما
ألِفَ النّدى مَن كان غيرَ أَلوفِ
وحللتُ أندية َ الملوكِ مُجيبة ً
صوتي ومصغية ً إلى تَوقيفي
وحميتُهمْ بالحزمِ كلَّ عَضيهة ٍ
وكفيتُهمْ بالعزمِ كلَّ مَخوفِ
وتراهمُ يتدارسون فضائلى
ويصنّفون من الفخار صنوفى
ويردِّدون على الرُّواة ِ مآثري
ويعدّدون من العلاءِ ألوفى
ويسيِّرون إلى ديارِ عدوِّهمْ
من جندِ رأى العالمين زحوفى
وإذا هُمُ نَكِروا غَريباً فاجئاً
فزعوا بنكرهمُ إلى تعريفى
دفعوا بى َ الخطبَ العظيمَ عليهمُ
واستعصموا حَذَرَ العدَى بكنُوفي
وصحبتُ منهمْ كلَّ ذي جَبْرِيَّة ٍ
سامٍ على قلل البريّة ِ موفِ
ترنو إليهِ وقد وقفتَ إزاءَه
بين الألوف بناظرى ْ غطريفِ
فالآنَ قلْ للحاسدين: تَنازحوا
عن شمس أُفقٍ غيرِ ذاتِ كُسوفِ(27/447)