متى سيبا من وبله متأوا
وَبَيْتُ وَفْرِهِمُ إيمانُ وَفْدِهِمُ
فهم مياسير من حمد الورى تكأُ
أقمار ملتئم آساد ملتحم
يروعنا مجتلى منهم ومختلأُ
وما صوارِمُهُمْ إبَلاً وقد سَرَحُوا
وليس إفْرِنْدُها عُرَى وقد هَنَأُوا
ولا عوامِلُهُمْ غِيداً وقد وَمَقُوا
ولا أَسِنَّتُها شَيْباً وقد حَنَأوا
وَمِنْ مُناهُمْ مناياهُمْ إذا حَمَلُوا
وليس بالجالِهِ الهَيّابَة ِ الخُبأ
إنْ قَوَّضوا خِلْتَ أنَّ الهُوجَ ما رَكِبُوا
أو خيموا خلت أن الشهب ما خبأوا
لا يَعْبَأَوْنَ بمَكْرٍ في مُقاوِمِهِمْ
وليس للأسد بالسيدان معتبأُ
إذا خَطُوْا وَتَرُوا في الأرْض شانِئَهُمْ
وللخطوب بها مسرى ومنسرأُ
فإن رميت بهم أقصى الندى بلغوا
وإن منيت بهم شوس العدى نكأوا
والخلق من ملكات الظلم في ظلم
وقد مَضَتْ هِنأٌ مِنْ بَعْدِها هِنَأُ
وَمُخْلِبٍ منه للأهواءِ مُخْتَلِبٌ
وَمُرْتَمٍ فيه للعَلْياءِ مُرْتَمَأُ
إذا جلا النصر من خرصانه وضح
علا الغزالة من قسطاله صدأُ
مِنْ كُلِّ أَحْوَسَ نَثْرُ النَثْرِ دَيْدَنُهُ
إذا يَرَى لُدْنَهُ مُسْتَلْئِماً يَرَأُ
يجيءُ كالهَصرِ الفَضْفاضِ مقتتلاً
أَصَمُّ كالأرقم النَضْناضِ إذْ يَجَأُ
وللمَنُونِ بِيُمْنَاهُ عُيُونٌ دِمَا
في جدول يتحامى ورده الظمأُ
فراح نحو دَمِ الأبطال تَحْسِبُهُ
راحا لها بالقنا العسال مستبأُ
في مَوْقِفٍ للمَنَايَا فيه مُرْتَكَضٌ
على الجِيادِ، وللأجنادِ مُنْهَدأ
وتلك عَنْقَاؤنا وافَتْكَ مُغْرِبَة ً
بحسنها فأستوى العقبان والجدأُ
بدع من النظم موشي الحلى عجب
تُنْسي الفحولَ وما حاكوا وما حَكَأَوا
وكل مخترع للنفس مبتدع
فمنه للرُّوحِ رَوْحٌ والحِجَى حَجَأُ
أنشأتها للعقول الزهر مصبية
كأنّها للنُّفوسِ الخُرَّدُ النَشَأُ
لم يأتِ قبلي ولن يأتيْ بها بَشَرٌ
وحق عنها أن يخبأوا عنها كما خبأوا
قبضت منها ليوث النظم مجترئا
وغير بدع من الضرغام مجترأُ
وفي القريض كما في الغيل مأسدة(21/484)
والقومُ حَوْزٌ بمرعى البَهْمِ قد جَزَأُوا
وجمع بعض قوافيها يؤودهم
ولو منوا بمبانيها إذا ودأوا
أشجى مسامعهم تيها بما سمعوا
ولا تَقَرُّ لهمْ عَيْنٌ إذا قَرأوا
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> فضائح
فضائح
رقم القصيدة : 2218
-----------------------------------
شباكها تحتي مباشرةً
وغرفة نومها مكشوفةْ
وكتابها مفتوحُ
حتى خزانتها
وشرشفها
وكل مواقع الغرفةْ
قمصانها
فستانها
مرآتها
أدوانها
حتى (.......... ) أراه
فسريرها مفضوحُ
لكنها إذ تطفئ الغرفة
ألْ...أ..أ......
أستغفر الله!
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> لَعَلَّكَ بالوادي المُقَدَّسِ شاطىء ُ
لَعَلَّكَ بالوادي المُقَدَّسِ شاطىء ُ
رقم القصيدة : 22180
-----------------------------------
لَعَلَّكَ بالوادي المُقَدَّسِ شاطىء ُ
فكما لعنبر الهندي ما أنا واطئُ
وإنِّيَ في رَيّاكَ واجِدُ رِيحِهِمْ
فَرَوْحُ الهوى بين الجوانحِ ناشىء ُ
ولِي في السُّرَى من نارِهِمْ وَمَنَارِهِمْ
هداة حداة والنجوم طوافئُ
لذلك ما حَنَّتْ رِكابِي وَحَمْحَمَتْ
عِرَابي وأَوْحَى سَيْرُها المتباطىء ُ
فهل هاجَها ما هاجَني؟ أو لعلَّها
إلى الوَخْدِ من نيران وَجْدِي لواجىء ُ
رويدا فذا وادي لبيني وإنه
لَوِرْدُ لُبَانَاتي وإنِّي لَظَامِىء
و يا حبذامن آل لبنى مواطن
ويا حبذا من أرض لبنى مواطئُ
ميادينُ تَهْيامِي وَمَسْرَحُ ناظِري
فللشوق غايات به ومبادئُ
ولا تحسبوا غيداًحمتها مقاصرُ
فتلك قلوب ضمنتها جآجئُ
وفي الكلة الزرقاء مكلوء عزة
تَحِفُّ به زُرْقُ العوالي الكَوَالىء ُ
محا ملة السلوان مبعث حسنه
فكلٌّ إلى دِين الصَّبابة ِ صابِىء ُ
تَمَنَّى مَدَى قُرْطَيْهِ عُفْرٌ توالِعٌ
وَتَهْوَى ضِيا عَيْنَيْهِ عِيْنٌ جوازىء ُ
وفي ملعب الصدغين أبيض ناصع
تخَلَّلَهُ للحُسْنِ أحمرُ قانىء ُ
أفاتكة َ الألحاظ، ناسكة َ الهوى ،
ورعت , ولكن عينك خاطئً
وآل الهوى جرحى ولكن دماؤهم(21/485)
دُمُوعٌ هوامٍ والجُرُوحُ مآقِىء
فكيف أرفي كلم طرفك في الحشا
وليس لتمزيق المهند رافئُ ؟
ومن أين أرجو بُرْءَ نَفْسِي من الجَوَى
وما كلُّ ذي سُقْمٍ من السُّقْم بارىء ُ؟
وما ليَ لا أسمو مُراداً وهمّة ً
وقد كَرُمَتْ نَفْسٌ وطابتْ ضآضىء ؟
وما أخَّرَتْني عن تَنَاهٍ مبادىء ُ
ولا قصرت بي عن تباهٍ مناشئُ
ولكنَّه الدهرُ المُناقَضُ فِعْلُهُ
فذو الفضل منحط وذو النقص نامئُ
كأنَّ زماني إذ رآني جُذَيْلَهُ
قلاني فَلِي منه عَدُوٌّ مُمالِىء
فداريْتُ إعتاباً ودارأتُ عاتباً
ولم يغنني أني مدارٍ مدارئُ
فألقيْتُ أعباءَ الزمانِ وأهلَهُ
فما أنا إلا بالحقائق عابئُ
ولازمْتُ سَمْتَ الصَّمْتِ لا عن فدامة ٍ
فلي منطقُ للسمع والقلب مالئُ
ولولا عُلَى المَلْكِ کبنِ مَعْنٍ محمَّدٍ
لما برحت أصدافهن اللآلئُ
لآلىء ُ إلاَّ أنَّ فِكْرِيَ غائصٌ
وعِلْمِيَ دأماءٌ وَنُطْقِيَ شاطىء ُ
تجاوزَ حَدَّ الوَهْمِ واللَّحْظِ والمُنَى
وأَعْشَى الحِجَى لألاؤه المتلالىء ُ
فَتَتْبَعُهُ الأنصارُ وهي خواسِرٌ
وتنقلبُ الأبصارُ وهي خواسىء ُ
ولولاه كانت كالنسيء, وخاطري
لها كفقيم ٍ للمحرم ناسئُ
هو الحُبُّ لم أُخْرِجْهُ إلاَّ لمجدِهِ
ومثلي لأعلاق النّفاسة خابئُ
كأنَّ عُلاَهُ دولة ٌ أُمَويَّة ٌ
وما نابَ من خَطْبٍ عُمَيْرٌ وضابىء ُ
وإن يمسس العاصين قرحك آنفاً
فأيدي الوغى عّما قليلٍ توالئُ
عسوا فعصوا مستنصرين بخاذل
وأخذل أخذ الحين مامنه لاجئُ
وشهب القنا كالنّقب والنّقع ساطع
هِناءً، وأيدي المُقرَباتِ هوانِىء ُ
يُعَوِّدُ تَخضيبَ النُّصُولِ وإنْ رَأَى
نصول خضابٍ فالدماء برايئُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> الناسُ مِثْلُ حَبَابٍ
الناسُ مِثْلُ حَبَابٍ
رقم القصيدة : 22181
-----------------------------------
الناسُ مِثْلُ حَبَابٍ
والدهر لجة ماءِ
فعالم في طفوٍّ
وعالم في انطفاءِ(21/486)
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> إلى الموتِ رُجْعَى بعد حِينٍ فإنْ أَمُتْ
إلى الموتِ رُجْعَى بعد حِينٍ فإنْ أَمُتْ
رقم القصيدة : 22182
-----------------------------------
إلى الموتِ رُجْعَى بعد حِينٍ فإنْ أَمُتْ
فقد خلدت خلد الزمان مناقبي
وذِكرِيَ في الآفاقِ طارَ كأنَّه
بكلِّ لسانٍ طِيبُ عذراءَ كاعِبِ
ففي أي علم لم تبرز سوابقي؟
وفي أيِّ فَنٍّ لم تُبَرِّزْ كتائبي؟
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> حقيق أن تصول بي الرماة
حقيق أن تصول بي الرماة
رقم القصيدة : 22183
-----------------------------------
حقيق أن تصول بي الرماة
وأنْ تَعْنُو لِصَوْلَتي الكُماة ُ
إذا فوقت في الأبطال سهماً
فما تغني الروع السابغاتُ
وإني كالمجرة في اعتلاءٍ
ونبلي الشهب والجن العداة ُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> قلبي في ذات الأثيلات
قلبي في ذات الأثيلات
رقم القصيدة : 22184
-----------------------------------
قلبي في ذات الأثيلات
رَهِينُ لَوْعَاتٍ وَرَوْعاتِ
فَوَجِّهَا نَحْوَهُمُ إنَّهُمْ
- وإن بغوا - قبلة بغياتي
وَعَرِّسَا مِنْ عَقَداتِ اللِّوَى
بالهَضَبَاتِ الزَهَرِيَّاتِ
وَعَرِّجا يا فَتَيَيْ عامرٍ
بالفتبات العيسويات ِ
فإنَّ بي للرُّوْمِ رُوْمِيّة ً
تكنس ما بين الكنيساتِ
أَهِيمُ فيها، والهوى ضَلّة ٌ
بَيْنَ صَوامِيعَ وَبِيْعاتِ
وفي ظِباءِ البَدْو مَنْ يَزْدرِي
بالظبيات الحضرياتِ
أفصح وحدي يوم فصح لهم
بين الأريطى والدويحاتِ
وقد أتوا منه إلى موعد
واجتمعوا فيه لميقاتِ
بموقف بين يدي أسقف
ممسك مصباح ومنساة ِ
وكل قس مظهر للتقى
بآي إنْصَاتٍ وإخْباتِ
وعينُهُ تَسْرَحُ في عِينِهِمْ
كالذئب يبغي فرس نعجاتِ
وأي مرءٍ سالم من هوى
وقد رأى تلك الظبياتِ ؟
وقد تلوا صحف أناجيلهم
بحسن ألحان وأصواتِ
يزيد في نفر يعافيرهم
عني وفي ضغط صباباتي
والشمس شمس الحسن من بينهم
تحت غَماماتِ اللِّثاماتِ
وناظري مختلس لمحها(21/487)
ولمحُهايضرم لوعاتي
وفي الحَشَا نارٌ نُوَيْريَّة ٌ
علّقتها منذ سنياتِ
لا تنطفي وقتاً وكم رُمْتُها
بل تلتظي في كل أوقاتيِ
فحي عني رشأ المنحنى
وإنْ أَبَى رَجْعَ تَحيّاتي
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> خليلي من قيس بن عيلان خليا
خليلي من قيس بن عيلان خليا
رقم القصيدة : 22185
-----------------------------------
خليلي من قيس بن عيلان خليا
رِكَابي تُعَرِّجْ نَحْوَ مُنْعَرَجاتِها
بعيشكما ذات اليمين فإننب
أَرَاحُ لِشَمِّ الرَّوْحِ مِنْ عقَداتِها
أما إنها الأعلام من هضباتها
فكيف تَكُفُّ العَيْنُ عَنْ عَبَرَاتِها؟
ذراني وإذراء الدموع لعله
يُسَكِّنُ ما قد هاجَ مِنْ ذُكُراتِها
فقد عبقت ريح النعامى كأنما
سَلاَمُ سُلَيْمَى رَاحَ في نَفَحَاتِها
وتيماء للقلب المتيم منزل
فَعُوجَا بتسليمٍ على سَلَمَاتِهَا
وإن تسعدا من الصبرقلبه
يُعَرِّسْ بَدوْحِ البَانِ مِن عَرَصَاتِهَا
فَبَانَتُها الغَيْنَاءُ مأْلَفُ بَانَة ٍ
جَنَيْتُ الغَرَامَ البَرْحَ مِن ثَمَرَاتِها
وروضتها الغنا مسرح روضة
تبختر في الموشي من حبراتها
هنالك خوط في منابت عزة
تَخَالُ القَنَا الخَطِّيَّ بَعْضَ نَبَاتِهَا
مشاعر تهيام وكعبة فتنة
فؤاديَ مِنْ حُجَّاجِها وَدُعَاتِها
فكم صافحتني في مناهد يد المنى
وكم هب عرف اللهو من عرفاتها
عهدت بها أصنام حسن عهدنني
هوى عبد عزاها وعبد مناتها
أهل بأشواقي إليها وأتقي
شرائعها في الحب حق تقاتها
غرام كإ قدام ابن معن ومغرم
كإنْعَامِهِ والأرضُ في أَزَمَاتِها
تَدِينُ يَداهُ دينَ كَعْبٍ وَحَاتِمٍ
فحتم عليها الهر وصل صلاتها
يُجَاهِدُ في ذاتِ النَّدَى بَيْتُ مالِها
ولا جيش إلا من أكف عفاتها
إذا البِدَرُ آنثالتْ عليهم تَخَالُها
بأَيْدِي مَوَالِيْهَا رؤوسَ عُداتِها
وَكَمْ قَدْ رَأَتْ رَأْيَ الخوارِجِ فِرْقَة ٌ
فكُنْتَ عَلِيّاً في حُرُوبِ شُرَاتِها
بعزم أبي لا يرد مضاؤه(21/488)
وهل تُمْلَكُ الأفْلاَكُ عَنْ حَرَكَاتِهَا؟
هو الجاعِلُ الهَيْجَا حَشاً وَسِنَانَهُ
هوى فهو لا يعدو قلوب كماتها
وكم خطبتني مصر في نيلها
ورامت بنا بغداد ورد فراتها
وَلَم أرْضَ أَرْضاً غيرَ مبدأ نَشْأتي
ولو لُحْتُ شَمْساً في سماءِ وُلاَتِها
ولِي أَمَلٌ، إنْ يُسْعِدِ السَّعْدُ نِلْتُهُ،
وَيُفْهَمُ سِرُّ النَّفْسِ في رَمَزَاتِها
وأَسْنَى المُنَى ما نِيْلَ في مَيْعَة ِ الصِّبَا
وهل تحسن الأشياء بعد فواتها؟
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> حَدِيثُكِ ما أَحْلَى ! فَزِيدي وَحَدِّثي
حَدِيثُكِ ما أَحْلَى ! فَزِيدي وَحَدِّثي
رقم القصيدة : 22186
-----------------------------------
حَدِيثُكِ ما أَحْلَى ! فَزِيدي وَحَدِّثي
عَنِ الرَّشَإ الفردِ الجَمَالِ المُثَلِّثِ
وَلاَ تَسْأَمِي ذِكَرَاهُ فالذِّكْرُ مُؤنِسِي
وإن بعث الأشواق من كل مبعثِ
وبالله فَارقِي خَبْلَ نَفْسِي بقوله
وفي عقد وجدي بالإعادة فانفثي
أَحَقّاً وقد صَرَّحْتُ ما بِيَ أنَّه
تَبَسَّمَ كاللاَّهي، بنا، المُتَعَبِّثِ
وأقسم بالإنجيل إني لمائن
وناهِيْكَ دَمْعِي من مُحِقٍّ مُحَنَّثِ
وَلاَ بُدَّ مِنْ قَصِّي على القَسِّ قِصَّتِي
عَسَاهُ مُغِيثَ المُدْنَفِ المُتَغَوِّثِ
فلم يَأْتِهِمْ عِيْسَى بِدِيْنِ قَسَاوَة ٍ
فَيَقْسُو على مُضْنى ً وَيَلْهُو بِمُكْرَثِ
وقلبي من حلي التجلد عاطل
هوى في غزال ذي نفار مرعثِ
سَيُصْبحُ سِرِّي كالصَّباحِ مُشَهَّراً
ويمسي حديثي عرضة المتحدث
وَيَغْرَى بذكرِي بين كأسٍ وروضة ٍ
وينشد شعري بين مثنى ومثلثِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> نوى أجرت الأفلك وهي النواعجُ
نوى أجرت الأفلك وهي النواعجُ
رقم القصيدة : 22187
-----------------------------------
نوى أجرت الأفلك وهي النواعجُ
وأَطْلَعَتِ الأبراجَ وَهْيَ الهَوادِجُ
طَوَاوِيسُ حُسْنٍ رَوَّعَتْنِي بِبَيْنِهَا
غرابيب حزن بالفراق شواحجُ(21/489)
مَوَائِسُ قُضْبٍ فوق كُثْبٍ كأنَّما
تَحَمَّلَ نَعْمَانٌ بِهِنَّ وَعَالِجُ
وما حَزَني ألاَّ تَعُوجَ حَدُوجُهُمْ
لَوِ الهَوْدَجُ المَزْرُورُ منهنَّ عائِجُ
مضرج برد الوجنتين كأنما
له مِنْ ظُبَاتِ المُقْلَتَيْنِ ضَوَارِجُ
وما الدهر إلا ليلة مدلهمة
وكون ابن معن صبحها المتبالج
كأنك في الأملاك نقطة دائر
وأَمْلاَكُها منها خطوطٌ خَوَارِجُ
سَمَاحٌ وإقدامٌ وحِلْمٌ وعِفَّة ٌ
مزجن فأبدى مهجة الفضل مازحُ
فَقَدْ صَاكَ مِنْ فَضْلِ العَوَالِمِ طِيبُهُ
وهل يكتم المسك الذكي نوافجُ؟
مَسَاعٍ أَحَلَّتْكَ العُلاَ فكأنَّها
مَرَاقٍ إلى حَيْثُ السُّهَا وَمَعَارِجُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> مَضَاؤكَ مَضْمُونٌ له النَّصْرُ والفَتحُ
مَضَاؤكَ مَضْمُونٌ له النَّصْرُ والفَتحُ
رقم القصيدة : 22188
-----------------------------------
مَضَاؤكَ مَضْمُونٌ له النَّصْرُ والفَتحُ
وسعيك مقرون به اليمن والنجحُ
إذا كان سعي المر لله وحده
تدانت أقاصي ما نحاه وما ينحو
بك اقتدح الإسلام زند انتصاره
وبيضك نار شبها ذلك القدحُ
وَجَلَّى ظلامَ الكُفْرِ مِنْكَ بِغُرَّة ٍ
هي الشمس والهندي يقدمها الصبحُ
فَهُمْ ذَهَلُوا عن شَرْعِهِمْ وَحدودِهِ
فقد عُطِّلَ الإنْجِيلُ وکطُّرِحَ الفِصْحُ
فلا مهجة إلا إليك نزاعها
وما زال يطوى عن سواك لها كشحُ
وليس يحيق المكر إلا بأهله
وكم مُوقِدٍ يَغْشاهُ مِنْ وَقْدِهِ لَفْحُ
وَمَنْ تَكُنِ الأَقْدارُ مُسْعِدَة ً لَهُ
يعد شبما عذبا له الآجن الملحُ
إذا خِيْفَ أنْ تَشْتَدَّ شَوْكَة ُ مارِقٍ
فلا رأي إل ما رأى السيف والرمحُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> وقفوا غداة النقر ثم تصفحوا
وقفوا غداة النقر ثم تصفحوا
رقم القصيدة : 22189
-----------------------------------
وقفوا غداة النقر ثم تصفحوا
فَرَأوا أُسَارَى الدَّمْعِ كيف تُسَرَّحُ
كَافَأْتَ مُتَّجِهِي بِوَجْهِيَ نَحْوَكُمْ(21/490)
ونواظرُ الأملاكِ نَحْوِيَ طُمَّحُ
أيام روعني الزمان بريبه
وأجد بي خطب الفرار الأفدحُ
وَلَئِنْ أَتَاني صَرْفُهُ من مأْمَني
فالدَّهْرُ يُجْمِلُ تارة ً وَيُجلِّحُ
فكأنما الإظلام أيم أرقط
وكأنما الإصباح ذئب أضبحُ
صَدَعَ الزَّمانُ جميعَ شَمْلِيَ جائراً
إن الزمان مملك لا يسجحُ
فَقَضَى بِحَطِّي عن سَمَائِيَ وکقْتَضَى
رِحَلاً تُطِيحُ رَكَائِبِي وَتُطَلِّحُ
يَمَّمْتُها سَرَقُسْطَة ً وَهْيَ المَدَى
والدَّهْرُ يَكْبَحُ وکعْتِزَامي يَجْمَحُ
حيث العلا تجلى وآثار المنى
تجنى وساعية المطاب تنجحُ
والنفس توقن أن عهدك في الندى
مُوْفٍ بما طَمَحَتْ إليه وَتَطْمَحُ
فَحَيَا المُنَى مِنْ بَحْرِ جُودِكَ يُمْتَرَى
وسنا الضحى من زند مجدك يقدحُ
والشِّعْرُ إنْ لَم أَعْتَقِدْهُ شريعة ً
أمسي إليها بالفاظ وأصبحُ
فَبِسِحْرِهِ مَهْمَا دَعَوْتُ إجابة ٌ
وَلِفِكْرِهِ مَهْمَا کجتَلَيْتُ تَوَضُّحُ
فکذْخَرْ مِنَ الكَلِمِ العَليِّ لآلِئاً
يَبْأَى بها جِيدُ العلاء ويَجْبَحُ
فكما جللتم فليجل المدحُ
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> مريم ..
مريم ..
رقم القصيدة : 2219
-----------------------------------
لم تنجح مريم ُ في التعليم
لم تتقنْ قطفَ الزيتون
أو تنظيف المنزل
أو عصر الليمون
لم تفلح في حلب البقرات
أو فن التجميل
فلم تعرف دربا للمأذون
//
لم تفلح إلا في هز الخصر
وغمز العين
وتحريك الردفين
فأتاها ألف زبونْ .
1991
العذراء
العذراء
لم تنجب صبيا
وجدته في المهد
فضمته إلى أحشائها !!!
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> ياطالب المعروف دونك فاتركن
ياطالب المعروف دونك فاتركن
رقم القصيدة : 22190
-----------------------------------
ياطالب المعروف دونك فاتركن
دار المرية وارفض ابن صمادح ِ
رَجُلٌ إذا أَعْطَاكَ حَبَّة َ خَرْدَلٍ
إلقاك في قيد الأسير الطائح ِ
لو قد مَضَى لكَ عُمْرُ نُوحٍ عِنْدَهُ
لا فرق بينك والبعيد النازح ِ(21/491)
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> بلادٌ غَدتْ يأْجُوجُ فيها فأَفْسَدَتْ
بلادٌ غَدتْ يأْجُوجُ فيها فأَفْسَدَتْ
رقم القصيدة : 22191
-----------------------------------
بلادٌ غَدتْ يأْجُوجُ فيها فأَفْسَدَتْ
فكنتَ كذي القَرْنَيْنِ والجَحْفَلُ السَّدُّ
وما زَالَ شَرْقِيُّ المَرِيَّة ِ عاطلاً
إلى أن علاها من رؤوسهم عقدُ
قد عوضوا من بائنات جسومهمْ
بمصمتة لا عظم فيها ولا جلدُ
كأنهم فيها غرابيبُ وقعُ
على باسقات لا تروح ولا تغدو
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> هام صرف الردى بهام الأعادي
هام صرف الردى بهام الأعادي
رقم القصيدة : 22192
-----------------------------------
هام صرف الردى بهام الأعادي
أنْ سَمَتْ نَحْوَهُمْ لها أجْيَادُ
وَتَرَاءَتْ بِشَرْعِهَا كَعُيُونٍ
دأبها مثل خائفيها سهادُ
ذات هدب من المجاديف حاكٍ
هُدْبَ باكٍ لِدَمْعِهِ إسْعَادُ
حُمَمٌ فوقها من البِيْضِ نارٌ
كُلُّ مَنْ أُرْسِلَتْ عليه رَمَادُ
ومن الخط في يدي كل ذمر
ألف خطها على البحر صادُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> لقد سَامَني هُوناً وَخَسْفاً هوَاكُمُ
لقد سَامَني هُوناً وَخَسْفاً هوَاكُمُ
رقم القصيدة : 22193
-----------------------------------
لقد سَامَني هُوناً وَخَسْفاً هوَاكُمُ
ولا غرو عز الصب أن يتعبدا
إذا شِئْتَ تنكيلاً وَتَنْكِيدَ عِيشَة ٍ
فحسبك أن تهوى سليمى ومهددا
وإنْ تَبْغِ إحساناً وإحمادَ مَقْصَدٍ
فحسيك أن تلقى ابن معن محمدا
حليم وقد خفت حلوم فلو سرى
بعنصر نار حلمه ما تصعدا
جواد لوان الجود بارى يمينه
لَكَانَ قرارُ الحربِ في الناسِ سَرْمَدا
ذكي لو أن الشمس تحوي ذكاءه
لما وجد الظمآن للماء موردا
ولو في الحداد حده ذهنه
لما صاغ داود الدلاص المسردا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> ما بالُ رِيقَتِهِ في سَلْمِ مَبْسِمِهِ
ما بالُ رِيقَتِهِ في سَلْمِ مَبْسِمِهِ
رقم القصيدة : 22194(21/492)
-----------------------------------
ما بالُ رِيقَتِهِ في سَلْمِ مَبْسِمِهِ
وواجب أن تذيب القهوة البردا؟
أَعْدَى جَنَانِي فَحَاكَى طَرْفُهُ مَرَضاً
وغَرَّهُ أنْ يُحَاكِي خَصْرُهُ جَلَدَا
كأن كفي في صدري يصافحهُ
فما رَفَعْتُ يَداً إلاَّ وَضَعْتُ يَدَا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> يا شَاكِيَ الرَّمَدِ الذي بِشَكَاتِهِ
يا شَاكِيَ الرَّمَدِ الذي بِشَكَاتِهِ
رقم القصيدة : 22195
-----------------------------------
يا شَاكِيَ الرَّمَدِ الذي بِشَكَاتِهِ
قد صارَ دَهْرِيَ فيه ليلة َ أَرْمَدَا
والله والإشفاق يعلم أنني
لو أستطيع فدى لكنت لك الفدا
كَمْ من دَمٍ سَفَكَتْ جُفُونُكَ لم تَزَلْ
تُخْفي وَتَكْتُمُ سَفْكَهُ حتى بَدَا
لم يَشْتَمِلْ بِدَمٍ غِرارُ مُهَنَّدٍ
إلاَّ وقد أَهْدى النُفُوسَ إلى الرَّدَى
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> إذا جاءني زائراً حُسْنُهُ
إذا جاءني زائراً حُسْنُهُ
رقم القصيدة : 22196
-----------------------------------
إذا جاءني زائراً حُسْنُهُ
أقام عليه رقيبا عتيدا
إذا ما بدا سربلته العيونُ
وَخَرَّتْ وُجُوهٌ إليه سُجُودَا
هو البدر والغصن خدا وقدا
كما أنَّهُ الظَّبْيُ لَحْظاً وَجِيدا
أتى زائراً وفؤادي خَلِيٌّ
فَمَرَّ به مُسْتَهَاماً عَمِيدا
وغادَرَنِي بَعْدَهُ في غَرَامٍ
تضرم بين ضلوعي وقودا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> سل البانة الغيناء عن ملعب الجردِ
سل البانة الغيناء عن ملعب الجردِ
رقم القصيدة : 22197
-----------------------------------
سل البانة الغيناء عن ملعب الجردِ
وروضتها الغناء عن رشإ الأسدِ
وسجسج ذاك الظل عن ملهب الحشا
وسل ذاك الماء عن مضرم الوجدِ
فَعَهْدي به في ذلك الدَّوْحِ كانِساً
وَمَنْ لي بالرُّجْعَى إلى ذلك العَهْدِ؟
وفي الجَنّة ِ الأَلْفَافِ أَحْوَرُ أَزْهَرٌ
تلاعب قضب الرند فيه قنا الهندٍِ
فأي جنان لم نهب لوعة ٍ(21/493)
وقد لاحَ من تلك الماحسنِ في جُنْدِ؟
وفي صُدْغِهِ اللَّيْلِيِّ نارُ حُبَاحِبٍ
من القرط يصلاها حباب من العقدِ
وفي زنده الريان سور تعضه
فَيَدْمَى كما ثَارَ الشَّرارُ من الزَّنْدِ
أحازر أن ينقد لينا فأنثني
بِقَلْبٍ شَفِيقٍ من تَثَنِّيهِ مُنْقَدِّ
وقد جرحت عيناي صفحة خده
على خطإٍ فأختار قتلي على عمدِ
وآمُلُ من دَمْعي إلاَنَة َ قَلْبِهِ
ولا أَثَرٌ لِلْغَيْثِ في الحَجَرِ الصَّلْدِ
وإنِّي بذاتِ الأَيْكِ أُسْعِدُ وُرْقَهُ
فهل عند ذاتِ الطَّوْقِ ما لِلْهَوَى عِنْدِي؟
ويا لك من نهر صؤول مجلجلٍ
كأنَّ الثَّرَى مُزْنٌ به دائِمُ الرَّعْدِ
إذا صَافَحَتْهُ الرِّيحُ تَصْقُلُ مَتْنَهُ
وتصنع فيه صنع داود في السردِ
كأنَّ يَدَ المَلْك کبنِ مَعْنٍ مُحَمَّدٍ
تفجر من منبع الجود والرفدِ
وَيَرْفُلُ في أزهارِهِ وکخْضِرَارِهِ
كما رَفَلَتْ نُعْمَاهُ في حُلَلِ الحَمْدِ
وقد وَرَدَتْ في غَمْرِهِ نُهَّلُ القَطا
كما کزدَحَمَتْ في كَفِّهِ قُبَلُ الوَفْدِ
مفيض الأيادي فوق أدنى وأرفعٍ
وصوب الغوادي شامل الغور والنجدِ
فمن جوده ما في الغمامة من حياً
ومن نوره ما في الغزالة من وقدِ
تَلأْلأَ كالإفْرِنْدِ في صارِمِ النُّهَى
وكرر كالإبريز في جاحم الوقدِ
وإن ولهت فيخ أذيهان معشرٍ
فلا فَضْلَ للأنوار في مُقْلَة ِ الخُلْدِ
ومنك أخذنا القول فيك جلالة ً
وما طاب ماء الورد من الوردِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> فَبَشِّرْ سَمَاءَ السَّنَا والسَّنَاءِ
فَبَشِّرْ سَمَاءَ السَّنَا والسَّنَاءِ
رقم القصيدة : 22198
-----------------------------------
فَبَشِّرْ سَمَاءَ السَّنَا والسَّنَاءِ
بنجم هدى لآخ في آل هودِ
بمقتبس من شموس النفوس ِ
وَمُقْتَدَحٍ من زِنادِ السُّعُودِ
هلال تألق من بدر سعدٍ
وَمُزْنٌ تَخَلَّقَ من بَحْرِ جُودِ
شِهَابٌ مِنَ النَّيِّرَيْنِ کستَطَارَ
لإرداء كل مريد عنيدِ
ونصل إذا تم منه انتصاءٌ(21/494)
فَوَيْحَ العِدا مِنْ مُبِيرٍ مُبِيدِ
تبين فيه كمون الذكاءِ
ويا رُبَّ نارٍ بِمُخْضَرِّ عُودِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> أَيَا شَجَرَاتِ الحَيِّ من شاطىء الوادي،
أَيَا شَجَرَاتِ الحَيِّ من شاطىء الوادي،
رقم القصيدة : 22199
-----------------------------------
أَيَا شَجَرَاتِ الحَيِّ من شاطىء الوادي،
سقاك الحيا سقياك للدنف الصادي
فكانت لنا في ظلكن عشية ٌ
نَسِيْتُ بها حُسْناً صَبِيحَة َ أَعْيَادِي
بها ساعدتني من زماني سعادة ٌ
فقابلني أنس الحبيب بإسعادي
فيا شجرات أثمرت كل لذة
جناك لذيذ لو جنيت على الغادي
فهل لِي إلى الظَّبْي الذي كان آنساً
بِظِلِّكَ من تجديد عَهْدٍ وَتَرْدَادِ؟
وقلبي على أغصان دوجك ظائرُ
ينوح ويشدو والهوى نائح شادِ
شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> بيي ( بينيامين نتينياهو )
بيي ( بينيامين نتينياهو )
رقم القصيدة : 222
-----------------------------------
يا للغُلام المُدلل
من الجميلات .. أجمل
إذا مشى يتهادى
مهفهف القدِّ .. أكحل
جفونه ناعماتٌ
والقلب كِسرةُ جَندل
بيبي !! عشقناك عشقاً
من بعضه قيس يذهل
بعد المحيط .. خليجٌ
هفا ... فهام .. فهرول
ماذا تريدُ ؟! فإنا
كما ستأمر نفعل
تريدُ سلماً وأرضاُ ؟!
هذا من العدل أعدل
تريدُ نسف بيوتٍ ؟!
أهلاً .. وسهلاً ... تفضل
خذ الصغار ضحايا
على مذابح هيكل
وإن أردت كباراً
فكل شيخٍ مبجل
أو رمت نزع سلاحٍ
من شرطةٍ ... فتوكل
وإن أردت احتلالاُ
مجدداً ... فقمْ احتلْ
هذي ( يهوذا ) وهذي
السامرا ... فتجول
بستان جدك ( ياهو )
وجد جدك ... ( حزقل )
وبنت عمك سارا
وجدها الحبر ( هرزل )
وإن تضق بك أرضٌ
فلا تضق ... وتوغل
النيل كم يتمنى
لو جئته ... تتغسلْ
وفي الفرات حنينٌ
لبشرةٍ هي مخمل
ونحن فوق أراضـ
ــيك عصبةٌ تتطفل
فإن رضيت ... بقينا
وإن غضبت ... فنرحل
وإن أشرت ... أكلنا
وإن نجع ... نتوسل
بيبي !! حناناً بشعبٍ
من لاعج الحب .. أعول(21/495)
وأنت تقسو ... وتجفو
كغادةٍ قلبها ملْ
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> عبدالقادر
عبدالقادر
رقم القصيدة : 2220
-----------------------------------
فيه النفح الطيبُ
فيه الحبُ
شهمٌ وجوادُ
يدرك أن اللهَ يحبُ الجودَ
فيعطي ما يعطي ويزيد
لا ينقصه شيء من دنياه
عزٌ ، حسبٌ ، جاهْ
لكن عبد القادرْ
عينُ الرب تراه
وترى ما تفعل يمناه
ارحمنا يا الله
من أشرار الكاس
هل عبد القادر من اشرار الناس
ام من اخيار الناس؟
في الظاهر عبد القادر ما أحلاه
لكن في الباطن
] احفظ سر الناس [
هاتوا ننهي القصة
فالغصة تخنقها الغصة
ولنا نحن الظاهر
والاسرار - لرب الكاس
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> شَقِيقُكَ غُيِّبَ في لَحْدِهِ
شَقِيقُكَ غُيِّبَ في لَحْدِهِ
رقم القصيدة : 22200
-----------------------------------
شَقِيقُكَ غُيِّبَ في لَحْدِهِ
وتشرق يا بدر من بعدهِ؟
فَهَلاَّ خَسَفْتَ وكان الخُسُوفُ
حداداً لبست على فقدهِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> وَسَاجِعَة ِ الأَطْيَارِ تَشْدو كأنَّها
وَسَاجِعَة ِ الأَطْيَارِ تَشْدو كأنَّها
رقم القصيدة : 22201
-----------------------------------
وَسَاجِعَة ِ الأَطْيَارِ تَشْدو كأنَّها
فَتَاة ٌ لها الأوراقُ حُجْبٌ وأَسْتَارُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> يا غائبا خطرات القلب محضرة ُ
يا غائبا خطرات القلب محضرة ُ
رقم القصيدة : 22202
-----------------------------------
يا غائبا خطرات القلب محضرة ُ
الصَّبْرُ بَعْدَكَ شيءٌ لَسْتُ أَقْدِرُهُ
تَرَكْتَ قَلْبِي وأشواقِي تُفَطِّرُهُ
وجمع عيني وأحداقي تحدرهِ
لو كُنْتَ تُبْصِرُ في تُدْمِيْرَ حالَتَنَا
إذن لأشفقت مما كنت تبصرهُ
فالعين دونك لا تحلى بلذتها
والدَّهْرُ بَعْدَكَ لا يَصْفُو تَكَدُّرُهُ
أخفي أشتياقي وما أطويه من أسفٍ
على المريَّة ِ والأنفاسُ تُظْهِرُهُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> كذا فلتلح قمرا زاهراً(21/496)
كذا فلتلح قمرا زاهراً
رقم القصيدة : 22203
-----------------------------------
كذا فلتلح قمرا زاهراً
وتجن الهوى ناضراً ناضرا
وسيبك صوب ندى مغدقٍ
أقام لنا هاملا هامرا
وإنَّ لِيَوْمِكَ ذا رَوْنَقاً
منيرا لنور الضحى باهرا
صَبَاحُ کصطباحٍ بإسْفارِهِ
لَحَظْنَا مُحَيَّا العُلا سافِرَا
وأَطْلَعْتَ فيه نجومَ الكُؤوسِ
وم زال كوكبها زاهرا
وأَسْمَعْتَنَا لاحِناً فاتِناً
وأحضرتنا لاعبا ساحرا
يرفرف فوق رؤوس القيانِ
فَتَنْظُرُ ما يُذْهِلُ النَّاظِرَا
وَيَخْطِفُها ذَيْلُ سِرْبَالِهِ
فتبصر طالعها غائرا
فظاهرها ينثني باطناً
وباطنها ينثني ظاهرا
وَثَنَّاهُ ثانٍ لألعابِهِ
دقائقُ تَثْنِي الحِجَى حائِرَا
وفي قَيِّمِ الرّاحِ مِنْ سِحْرِهِ
خَوَاطِرُ وَلَّهَتِ الخاطِرَا
إذا ورد اللحظ أثناها
فما الوهم عن وردها صادرا
ومِنْ بِدْعِ نُعْمَاكَ إبْداعُهُ
وسروك يجتذب الغرباتِ
ويجعلُ غائبَها حَاضِرَا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> فَيَا عَجَباً أنْ ظَلَّ قَلْبِيَ مُؤمِناًفَيَا عَجَباً أنْ ظَلَّ قَلْبِيَ مُؤمِناً
فَيَا عَجَباً أنْ ظَلَّ قَلْبِيَ مُؤمِناًفَيَا عَجَباً أنْ ظَلَّ قَلْبِيَ مُؤمِناً
رقم القصيدة : 22204
-----------------------------------
فَيَا عَجَباً أنْ ظَلَّ قَلْبِيَ مُؤمِناًفَيَا عَجَباً أنْ ظَلَّ قَلْبِيَ مُؤمِناً
بشرع غرام ظل بالوصل كافرا
أرجي لسلواني نشوراً وحسنها
يَرَى رَأْيَ ذي الإلحادِ أَنْ لَيس ناشِرَا
فأنتِ ضميرٌ ليس يُعْرَفُ كُنْهُهُ
فَلِمْ صَيَّرُوا في المَعْرِفَاتِ الضَّمَائرا؟
وليس على حُكْم الزَّمانِ تَحَكُّمٌ
على حسب الأفعال يجري مصادرا
وما زِلْتُ عن ماهِيَّة ِ الحُسْنِ أَبْحَثُ
فلم أُلْفِ مَعْنًى غيرَ حُسْنِكِ ساحِرَا
ومعرفة الأيام تجدي تجاربا
ومَنْ فَهِمَ الأشطارَ فَكَّ الدَّوائِرَا
ولولا طلاب الدهر غاية علمها
لما بسطوا منها بسيطا ووافرا(21/497)
ولولا أبو يَحْيَى کبنُ مَعْنٍ مُحَمَّدٌ
لما كانت الأيام عندي ذخائرا
فلا تنكروا مني بديعا فمجدهُ
نوادر قد اوحت إلي النوادرا
يَحُجُّ ذَرَاهُ الدَّهْرَ عافٍ وخائفٌ
جُمُوعاً كما وَافَى الحجيجُ المشاعِرَا
فزر مكة مهما اقترفت مآثما
وزُرْ أُفْقَهُ مَهْمَا شَكَوْتَ مفاقِرَا
تهيم بمرآه العصور جلالة
وَتَحْسُدُ أُولاها عليه الأَواخِرَا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> والنفس فيك ثبار الحب طالبة ٌ
والنفس فيك ثبار الحب طالبة ٌ
رقم القصيدة : 22205
-----------------------------------
والنفس فيك ثبار الحب طالبة ٌ
إنْ كانتِ العَيْنُ تَجْنِي منكَ أَنْوَارَا
أخفي هواك وأكني عنه تورية ً
وهل يلام عميد القلب إن وارى ؟
يا مشبه الملك الجعدي تسمية ً
ومخجل القمر البدري أنوارا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> يا زائراً مَلأَ النَّواظِرَ نُوراً
يا زائراً مَلأَ النَّواظِرَ نُوراً
رقم القصيدة : 22206
-----------------------------------
يا زائراً مَلأَ النَّواظِرَ نُوراً
والنفس لهوا والضلوع سرورا
لو استطيع فرشت كل مسالكي
حدقا وبيض سوالف ونحورا
فيك أكتسي جوي سنا وتلألؤا
وأرتد تربي عنبرا وعبيرا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> لَزِمْتُ قَنَاعَتي وَقَعَدْتُ عَنْهُمْ
لَزِمْتُ قَنَاعَتي وَقَعَدْتُ عَنْهُمْ
رقم القصيدة : 22207
-----------------------------------
لَزِمْتُ قَنَاعَتي وَقَعَدْتُ عَنْهُمْ
فلسْتُ أَرَى الوزيرَ ولا الأميرَا
وكنت سمير أشعاري سفاها
فَعُدْتُ لِفَلْسَفِيَّاتِي سميرا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> أيها الواصل هجري
أيها الواصل هجري
رقم القصيدة : 22208
-----------------------------------
أيها الواصل هجري
أنا في هِجْرَانِ صَبْرِي
لَيْتَ شِعْرِي أَيُّ نَفْعٍ
لك في إدمان ضري
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> أن المدامع والزفيرْ
أن المدامع والزفيرْ
رقم القصيدة : 22209(21/498)
-----------------------------------
أن المدامع والزفيرْ
قد أعلنا ما في الضميرْ
فَعَلاَمَ أُخْفِي ظَاهِراً
سَقَمِي عليَّ به ظَهِير؟
هَبْ لِي الرِّضَى من سَاخِطٍ
قلبي بساحته الأسيرْ
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> عبدالمؤمن
عبدالمؤمن
رقم القصيدة : 2221
-----------------------------------
حقاني حتى الكفر
ومريضُُ بالخير
يدعو دوما للايمانْ
ويظل يردد آيات القرآنْ
ويحث الناس على التقوى
و الإحسان
لكنْ في السر يسب النسوانْ
اللائي لا يهبطن إليه
لإخماد البركان
فهو الأقوى
والأولى بالرقةْ
والاثر في تبريد الحرقةْ .
1996
عبدالخالق
سبحان الله
والحمد له
والشكر له
والله الله على عبدالخالق
مفتون بالخمرة والنسوة والغلمان وافلام الجنس وصنع الخير لكل العالم
مخلوق للحَسَنات ومغروم بالعشرة
عبد الحَسِنات وطلاّبُ النشوة
لا يعشق الا الفقراء
ولا يعبد الا الشهوة
والافلام الزرقاء وترتيب السهرة
والسهرة تعقبها السهرة
والفكرة تخلقها السكرة
والانس الذاهب في الحسرة
والعطف على الايتام
يزيل الآثام
وباب الرحمن فسيح الارجاء
وسبحان الله على عبد الشهوات
نجي الدعوات
نظيف الفرج
عفيف الشرج
نقي الحفرة
الأصلح والانكح في الحضرة
الاتقى والانقى في الصلوات
وفي طلب السترة
ويتوب الرب على الكفرة
ويتوب الرب على عبدالخالق
/////
يا توبته
يا خيبته
يا توبتها
يا خيبتها
كانت في دار أبيها مثل الوردة
لا تطبخ
لا تكنس لا تمسح
لا تحمل غير حقيبتها
تلهو( تتفسح)
تضحك , تمرح
تتحلى بالألوان وتسرح
حتى جاء القدر الماحق
وتزوجها عبدالخالق
//
يا خيبته
يا خيبتها
صارت مثل الآلة
لا تلهو لا تتجمل
لا تفرح لا تمزح
لا تتجول
لا تحمل غير الاطفال
ولا تلبس غير البالة
والحالة صارت ترثيها الحالة
//
يا سبحان الله على عبدالخالق
لا يلبس غير الدشداش
ولا يحمل غير الرشاش
ولا يصحو الا في غرف الانعاش
ولا يؤمن الا بالخازق
يا سبحان الله على عبدالخالق(21/499)
لا يفهم الا بالجنس ولا يسعى الا للحس
ولا يفرح الا للاحق
يا سبحان الله
ويا بركات المولى يا عبدالحارق
يا فضلات الرب على هذا الكرش الدالق
والفحل الشبق الدافق
لما شاف الطفل السابع في الحضن يصيح
والطفل السادس في الركن كسيح
والزوجة
صارت عوجا
تمشي؟؟ لا تمشي
تتأرجح
تبسم؟ لا تبسم او تفرح
لاتمزح او تمرح أو تفصح
والادهى لا تسمح
فتأذى عبدالخالق
ما بات الليلة تلك الليلة
الا والزوجة طالق!!
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> عَجِبْتُ لِغَمَّازِيْنَ عِلْمِي بِجَهْلِهِمْ
عَجِبْتُ لِغَمَّازِيْنَ عِلْمِي بِجَهْلِهِمْ
رقم القصيدة : 22210
-----------------------------------
عَجِبْتُ لِغَمَّازِيْنَ عِلْمِي بِجَهْلِهِمْ
وإن قناتي لا تلين على الغمزِ
تجلت لهم آيات فهمي ومنطقي
مُبَيِّنَة َ الإعجازِ مُلْزِمَة َ العَجْزِ
ولاحتْ لهم هَمْزِيَّة ٌ أَوْحَدِيَّة ٌ
وويل بها ويل لذي الهمز واللمزِ
رَمَوْهَا بِنَقْصٍ بَيَّنَتْ فيه نَقْصَهُمْ
ومن لمس الأفعى شكا ألم النكز
وإن أنكرت أفهامهم بعض همزها
فقد عرفت أكبادهم صحة الهمزِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> إذا ما ألتمست الغنى بابن معنٍ
إذا ما ألتمست الغنى بابن معنٍ
رقم القصيدة : 22211
-----------------------------------
إذا ما ألتمست الغنى بابن معنٍ
ظفرت وأحمدت منه ألتماسا
ومن يرج شمس العلى من نجيبٍ
فليس يرى من رجاه شماسا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> مَضَاؤكَ مَهْمَا رَمَى قَرْطَسَا
مَضَاؤكَ مَهْمَا رَمَى قَرْطَسَا
رقم القصيدة : 22212
-----------------------------------
مَضَاؤكَ مَهْمَا رَمَى قَرْطَسَا
ولو يمم الأنجم الخنسا
إذا رمت أمرا غدا ممكناً
وإنْ كان مُمْتَنِعاً مُؤيَسَا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> ذهب الناس فانفرادي أنيسي
ذهب الناس فانفرادي أنيسي
رقم القصيدة : 22213
-----------------------------------
ذهب الناس فانفرادي أنيسي(21/500)
وكتابي محدثي وجليسي
صاحب قد أمنت منه ملالاً
وکختلالاً وَكلَّ خُلْقٍ بَئِيسِ
ليس في نوعه بحي ولكنْ
يَلْتَقِي الحَيُّ منه بالمَرْمُوسِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> هُمْ في ضَميرِكَ خَيَّمُوا أم قوَّضُوا
هُمْ في ضَميرِكَ خَيَّمُوا أم قوَّضُوا
رقم القصيدة : 22214
-----------------------------------
هُمْ في ضَميرِكَ خَيَّمُوا أم قوَّضُوا
ومنى جفونك أقبلوا أمأعرضوا
وهُمُ رِضَاكَ من الزَّمانِ وأَهْلِهِ
سَخِطُوا، كما زَعَمَتْ وُشَاتُكَ، أم رَضُوا
أَهْوَاهُمُ وإنِ استمرَّ قِلاَهُمُ
ومِنَ العَجائبِ أنْ يُحَبِّ المُبْغَضُ
تَنْهَى النُّهَى عَنْهُمْ ويأْمُرُنِي الهَوَى
والنفس تعرض والمنى تتعرضُ
وفويق ذاك الماء من شهب القنا
حبب ومن خضر الصوارم عرمضُ
والناس أغربة إذا قايستهمْ
وأخو المُصَافَاة ِ الغرابُ الأَبْيَضُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> أقبلن في الحبرات الخطى
أقبلن في الحبرات الخطى
رقم القصيدة : 22215
-----------------------------------
أقبلن في الحبرات الخطى
وَيُرِيْنَ في حُلَلِ الوَرَاشِينِ القَطَا
سِرْبُ الجَوَى لا الجَوِّ، عُوِّدَ حُسْنُهُ
أنْ يَرْتَعِي حَبَّ القلوبِ ويَلْقُطَا
مالَتْ مَعَاطِفُهُنَّ مِنْ سُكْرِ الصِّبَا
ميلا يخيف قدودها أن تسقطا
وبمسقط العلمين أوضح معلمٍ
لِمُهَفْهَفٍ سَكَنَ الحَشا والمَسْقِطا
ما أَخْجَلَ البَدْرَ المُنِيرَ إذا مَشَى
يَخْتَالُ، والخُوطَ النَّضيرَ إذا خَطَا!
يا وَافِدَيْ شَرْقِ البلادِ وَغَرْبِها،
أَكْرَمْتُما خَيْلَ الوِفادَة ِ فکربِطَا
ورَأَيْتُما مَلِكَ البَريَّة ِ فاهنآ
وَوَرَدْتُما أرضَ المريَّة ِ فکحطِطا
يدمي نحور الدارعين إذا أرتأى
ويذل عز العلمين إذا سطا
فأليكها تنبيك أني ربها
نَسَبُ القَطَا مُتَبَيِّنٌ مَهْمَا قَطَا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> تُطالِبُني نَفْسِي بما فيه صَوْنُها
تُطالِبُني نَفْسِي بما فيه صَوْنُها(22/1)
رقم القصيدة : 22216
-----------------------------------
تُطالِبُني نَفْسِي بما فيه صَوْنُها
فَأَعْصِي، وَيَسْطُو شَوقُهَا فأُطِيعُها
ووالله ما يخفى علي ضلالها
ولكنها تهوى فلا أستطيعها
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> أَسْتَوْدِعُ الرحمنَ مُسْتَوْدَعِي
أَسْتَوْدِعُ الرحمنَ مُسْتَوْدَعِي
رقم القصيدة : 22217
-----------------------------------
أَسْتَوْدِعُ الرحمنَ مُسْتَوْدَعِي
شَوْقاً كَمِثْلِ النَّارِ في أَضْلُعي
أترك من أهوى وأمضي كذا؟
والله ما أمضي وقلبي معي
ولا نَأَى شَخْصُكَ عن ناظِرِي
حينا ولا نطقك عن مسمعي
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> بخافقة القرطين قلبك خافقُ
بخافقة القرطين قلبك خافقُ
رقم القصيدة : 22218
-----------------------------------
بخافقة القرطين قلبك خافقُ
وعن خَرَسِ القُلْبَيْنِ دَمْعُكَ ناطِقُ
وفي مَشْرِقِ الصُّدْغَيْنِ لِلْبَدْرِ مَغْرِبٌ
وَلِلْفِكْرِ حالاَتٌ وللعَيْنِ شارِقُ
وبين خصى الياقوت ماء وسامة ٍ
محلات عنه الظباء السولبقُ
وَحَشْوُ قِباب الرَّقْم أَحْوَى مُقَرْطَقٌ
كما آسُ رَوْضٍ عِطْفُهُ والقَرَاطِقُ
غزال ربيب في المقاصر كانسٌ
وَخُوطٌ رَطِيبٌ بالغرائرِ وارِقُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> مهد جدير أن يسمى أفقْ
مهد جدير أن يسمى أفقْ
رقم القصيدة : 22219
-----------------------------------
مهد جدير أن يسمى أفقْ
فإن فيها كوكبا يأتلقْ
كأنه أنسان عين به
شاخصة الأبصار لا تنطبقْ
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> حشّاش
حشّاش
رقم القصيدة : 2222
-----------------------------------
اسمي؟؟
اسمي عكاش العربي عكاش
بيتي؟؟
بيتي في آخر منطقة الاْحراش
عنواني؟؟؟
قرب البيت الابيض
اعني البيت الأسود في حي النزهة
ضاحية الإنعاش
عملي ؟؟
عملي فراش
لكني مطرودٌ من عملي
مطرود من زوجي
من أولادي
التهمة؟؟
التهمة أني غشاش
التهمة أني حشاش
والحقَ الحقَ أقولْ(22/2)
لا يوما غشيتُ
ولا يوما حششتُ
ولا يوما قصرت عن الواجبْ
لكن أولادي عافوني
زوجي عافتني
واتهمتني
ثم رمتني
خارج بيتي
ذلك أني ؟؟
ذلك أني أفلستُ
,أفلست
فانهالَ الناس عليَّ
وانهال الأمن عليَّ
وانهال الله علي. . .
فحششتُ .
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> والنفس عادمة الكمال وإنما
والنفس عادمة الكمال وإنما
رقم القصيدة : 22220
-----------------------------------
والنفس عادمة الكمال وإنما
بالبَحْثِ عن عِلْمِ الحقائِقِ تَكْمُلُ
والمَرْءُ مِثْلُ النَّصْلِ في إصْدائِهِ
والجهل يصدي والتفهم يصقلُ
متلألئ يثني العيون نواكساً
كالشَّمْسِ تَعْكِسُ لَحْظَ مَنْ يَتَأَمَّلُ
لاَ يَتِّقِي رَمَدَ النَّوَائِبِ نَاظِرٌ
يجلي بمرود صفحتيه ويكحلُ
وكأن راحته الذراع إفاضة ً
وكأنما الأنوار منها الأنملُ
تتصور الأكوان في حوبائهِ
فكأنَّ خاطِرَهُ الصَّقِيلَ سَجَنْجَلُ
وإذا رَأَتْكَ الشُّهْبُ مُزْمِعَ غُزْوَة ٍ
ودت جميعها أنها لك جحفلُ
ولوِ الأمورُ جَرَتْ على مِقْدَارِهَا
حمل السلاح لك السماك الأعزلُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> أتَعْلَمُ أنَّ لِي نَفْساً عَلِيلَهْ
أتَعْلَمُ أنَّ لِي نَفْساً عَلِيلَهْ
رقم القصيدة : 22221
-----------------------------------
أتَعْلَمُ أنَّ لِي نَفْساً عَلِيلَهْ
وأَشْوَاقَاً مُبَرِّحَة ً دَخِيلَهْ؟
وفي طَيِّ الخَميلة ِ رِيمُ إنْسٍ
رمزت بها فلله الخميلهْ!
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> فذر العقيق مجانبا لعقوقهِ
فذر العقيق مجانبا لعقوقهِ
رقم القصيدة : 22222
-----------------------------------
فذر العقيق مجانبا لعقوقهِ
وَذَرِ العُذَيْبَ عُذَيْبَ ذاتِ الضَّالِ
أفق محلى بالقوضب والقنا
لِلأَغْيَدِ المِعْطَارِ لا المِعْطَالِ
حَجَبُوكَ إلاَّ مِنْ تَوَهُّمِ خاطري
وحموك إلامن تبوء بالي
والقارظان جميل صبري والكرى
فمتى أرجي منك طيف خيالِ؟(22/3)
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> تَكَادُ تَغْنَى إذا شاهَدْتَ مُعْتَرَكاً
تَكَادُ تَغْنَى إذا شاهَدْتَ مُعْتَرَكاً
رقم القصيدة : 22223
-----------------------------------
تَكَادُ تَغْنَى إذا شاهَدْتَ مُعْتَرَكاً
عَنْ أنْ يُسَلَّ حُسامٌ أو يُسالَ دَمُ
بلحظة منك يثنى القرن منعفراً
كأن لحظك فيه صارم خذمُ
أقدمت حيث الكماة الشوس محجمة
وجدت حيث المنايا السود تزدحمُ
وما کحْتَدى الموتُ نَفْساً من نُفُوسِهِمُ
إلا وسيفك كعب الجود أو هرمُ
وهامهم في الجذوع الشم ضاحية ٌ
كأنَّها بَقَعُ الغِرْبَانِ والرَّخَمُ
مَوَاثِلاً في سبيل الرَّكْبِ تَحْسِبُها
تسأل الركب عن أجسادها القممُ
وقد تلم بها الغربان واقعة ً
كأنها فوق محلوقاتها لممُ
صوامت نطق الهيئات قائلة ٌ
عُقْبَى عُصاة ِ کبنِ مَعْنٍ هذه النِّقَمُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> مساعيك في نحر العدو سهامُ
مساعيك في نحر العدو سهامُ
رقم القصيدة : 22224
-----------------------------------
مساعيك في نحر العدو سهامُ
وَرَأْيُكَ في هَامِ الضَّلالِ حُسامُ
ولمحك يردي القرن وهو مدججٌ
وذكرك يثني الجيش وهو لهامُ
كأنَّكَ لا تَرْضَى البسيطة َ مَنْزِلاً
إذا لم يُطَنِّبْهُ عَليكَ قَتامُ
كأنك خلت الشمس خودا فلم يزل
يُقَنِّعُها بالنَّقْعِ منكَ لِثامُ
وقد يحسبون السلم منك سلامة
ورب منام دب فيه حمامُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> حيثما كنت ظاعنا أو مقيما
حيثما كنت ظاعنا أو مقيما
رقم القصيدة : 22225
-----------------------------------
حيثما كنت ظاعنا أو مقيما
دُمْ رفيعاً وعِش منيعاً سليمَا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> وبين المسيحيات لي سامرية ٌ
وبين المسيحيات لي سامرية ٌ
رقم القصيدة : 22226
-----------------------------------
وبين المسيحيات لي سامرية ٌ
بعيد على الصب الحنيفي أن تدنو
مثلثة وقد وحد الله حسنها
فثنى في قلبي بها الوجد والحزنُ(22/4)
وطي الخمار الجون حسن كأنما
تجمع فيه البدر والليل والدجنُ
وفي معقد الزنار عقد صبابتي
فمن تحته دعص ومن فوقه غصن
وفي ذلك الوادي رشاً أضلعي له
كناس وقمري فؤادي له وكنُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> وما الناس إلا فعالهم
وما الناس إلا فعالهم
رقم القصيدة : 22227
-----------------------------------
وما الناس إلا فعالهم
فَدَعْ ما تُزَخْرِفُهُ الأَلْسُنُ
سجية أصل الفتى فعلهُ
بما عنده يقذف المعدنُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> واصِلْ أخاكَ وإنْ أَتَاكَ بِمُنْكَرٍ
واصِلْ أخاكَ وإنْ أَتَاكَ بِمُنْكَرٍ
رقم القصيدة : 22228
-----------------------------------
واصِلْ أخاكَ وإنْ أَتَاكَ بِمُنْكَرٍ
فَخُلُوصُ شيءٍ قَلَّمَا يُتَمَكَّنُ
ولكلِّ شيءٍ آفة ٌ مَوْجُودَة ٌ
إن السراج على سناه يدخنُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> دوين الكثيب الفرد قضب وكثبانُ
دوين الكثيب الفرد قضب وكثبانُ
رقم القصيدة : 22229
-----------------------------------
دوين الكثيب الفرد قضب وكثبانُ
عليها لِوُرْقِ الوَجْدِ سَجْعٌ وإرْنَانُ
وفي ظُلَلِ الأفْنانِ خُوطٌ على نَقاً
مَنِيعُ الجَنَى لَدْنُ التأَوُّدِ فَيْنانُ
وفي مكنس الرقم أحورُ
كأنَّ مصاليتَ الظُّبَى منه أَجْفَانُ
وبين دراري القلائد نير
له الحُسْنُ تَمٌّ والتَّلَثُّمُ نُقْصانُ
على صُدْغِهِ الشِّعْرَى تَلُوحُ وَتَلْتَظِي
وفي نحره الجوزاء تزهى وتزدانُ
وما بالُ طَرْفي لا يُوَافِيكَ شاكِياً
وَطَرْفُكَ في كلِّ الأحايِين وَسْنانُ؟
وفي ثغرك الوضاح ري لبانتي
فَظَلْمُكَ صَدآءٌ وقلبيَ صَدْيانُ
تَسُحُّ بأهواءِ الوَرَى منه راحَة ٌ
شآبيبها فيها لجين وعقيانُ
وما كيمينيه الفرات ودجلة ٌ
وإنْ حَكَمُوا أنَّ المَرِيَّة َ بَغْدَانُ
به کعتَدَلَتْ أزمانُها وهواؤها
فكانون أيلول وتموز نيسانُ
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> زوبا
زوبا
رقم القصيدة : 2223(22/5)
-----------------------------------
سيظل يصر الشباك
حتى تخلعه الريح
ويظل يئن الكلب
حتى يسكته الجوع
ويظل يدق القلب
حتى تأتي زوبا
زوبا الوجه الاحلى
زوبا الحب الاغلى
زوبا لا تأكل الا من صحني
لا تلعب إلا في صدري
وتبول هنا
في حضني !
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> حاشا لعدلك يابن معن أن يرى
حاشا لعدلك يابن معن أن يرى
رقم القصيدة : 22230
-----------------------------------
حاشا لعدلك يابن معن أن يرى
في سلك غيري دري المكنونُ
وإليكها تشكو أستلاب مطيها
عُجْ بالحِمَى حَيثُ الخِمَاصُ العِينُ
قأحكم لها واقطع لسانا لا يداً
فلسانُ مَنْ سَرَقَ القريضَ يَمِينُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> رويدك أيها الدمع الهتونُ
رويدك أيها الدمع الهتونُ
رقم القصيدة : 22231
-----------------------------------
رويدك أيها الدمع الهتونُ
فدون عيان من أهوى عيونُ
يظن بظاهري حلم وفهمٌ
ودخلة باطني فيه جنونُ
إلى كم ذا أُسَتِّرُ ما أُلاقي؟
وما اخفيه من شوقي يبينُ
نويرة بي نويرة لا سواها
ولا شك فقد وضح اليقينُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> عُجْ بالحِمَى حيثُ الغِيَاضُ الغِينُ
عُجْ بالحِمَى حيثُ الغِيَاضُ الغِينُ
رقم القصيدة : 22232
-----------------------------------
عُجْ بالحِمَى حيثُ الغِيَاضُ الغِينُ
فعَسَى تَعِنُّ لنا مَهَاهُ العِينُ
وکسْتَقْبِلَنْ أَرَجَ النسيمِ فَدَارُهُمْ
ندية الأرجاء لا دارينُ
وکسلُكْ على آثارِ يومِ رِهَانِهِمْ
فهناك تُغْلَقُ للقلوبِ رُهُونُ
حيثُ القِبَابُ الحُمْرُ سامِيَة ُ الذُّرَى
والأعوجيات الجياد صفونُ
والسمهرية كالنهود نواهد
والمَشْرَفِيَّة ُ في الجُفُونِ جُفُونُ
أُفُقٌ إذا ما رُمْتَ لَحْظَ شَمُوسِهِ
صدتك للنقع المثار دجونُ
يَغْشَاكَ من دُونِ الغَزَالِ ضُبَارِمٌ
فيه ومِنْ قَبْلِ الكِنَاسِ عَرِينُ
انى أراع لهم وبين جوانحي
شوق يهون خطبهم فيهونُ؟(22/6)
أَنَّى يَهَابُ ضِرَابَهُمْ وَطِعَانَهُمْ
صب بألحاظ العيون طعينُ
فكأنما بيض الصفاح جداولُ
وكأنَّما سُمْرُ الرِّماحِ غُصُونُ
ذرني أسر بين الأسنة والظبى
فالقلبُ في تلك القِبَابِ رَهِينُ
فَلَعَلَّهُ يُرْوِي صَدَايَ بِلَمْحِهِ
وَجْهٌ به ماءُ الجمالِ مَعِينُ
وَلَعِي بذاتِ القُلْبِ أَفْقَدَ أَضْلُعِي
قَلْباً عَليه ما يَرِيمُ يَرِينُ
وإذا دعا بطول بقائهِ
خَرَقَتْ له سَمْعَ السَمَا آمِينُ
ملك القلوب بسيرة عمرية ٍ
يحيا بها المفروض والمسنونُ
لا تألف الأحكام حيفا عنده
فكأنما الأفعال والتنة ينُ
لَوْ كانَ أَدْنَى بِشْرِهِ وَذَكَائِهِ
للنَّصْلِ ما شَحَذَتْ ظُبَاهُ قُيُونُ
لو كان لج البحر مثل نوالهِ
عمر الربى مسجور المشحونُ
وَبَدَا هِلالُ الأُفْقِ أَحْنَى ناسِخاً
عهد الصيام كأنه العرجونُ
فكان بين الصوم خطط نحوه
خطا خفيا بان منه النونُ
تلهو وأحزن مثلم حكم الهوى
لا يَسْتَوِي المسرورُ والمَحْزُونُ
وتذللي لم يجد غير تذللٍ
والحسن عز للحسان مكينُ
لا غَرْوَ أنْ أَصِلَ الغَرَامَ بِمُعْرِضٍ
غير المحب بما يدان يدينُ
يا ربة القرط المعير خفوقهُ
قَلْبِي، أمَا لِحِرَاكِهِ تَسْكِينُ؟
تَوْرِيدُ خَدِّكِ للصَّبَابَة ِ مَوْرِدٌ
فإذا رَمَقْتِ فَوَحْيُ حُبِّكِ مُنْزَلٌ
وإذا نطقت فإنه تلقينُ
لولاك ما أودى الجوى بتجلدي
وكفاك أنك لي منى ومنونُ
أنتِ الهَوَى ، لكنَّ سُلْوَانَ الهَوَى
قصر ابن معن والحديث شجونُ
فالحسن أجمع ما يريك عيانهُ
لا ما أرته سوالف وعيونُ
والروض ما اشتملت عليه شمولهُ
لا ما حوته أبلطح وحزونُ
قد عَطَّلَ الأزهارَ زاهِرُ حُسْنِهِ
لا الورد ماتفت ولا النسرينُ
فکجْعَلْ جُفُونَكَ تَجْنِ منه فُتُورَهُ
نَوْرُ الخُدُودِ له الأَكُفُّ جُفُونُ
فنجومه زهر ثوابت لم يرم
تعديلها زيج ولا قانونُ
والمجلسان النيران تآلفا
هذا لهذا في البهاء قرينُ
كالمقلتين أو اليدين تأيدا
والحسن يعضد أمره التحسينُ(22/7)
عُطِفَتْ حَنَايَاهُ وَضُمِّنَ بَعْضُها
بَعْضاً، وسِحْرٌ ذلك التَّضْمِينُ
كتقاطع الأفلاك إلا أنه
متباينان: تحرك وسكونُ
فلكية لو أنهل حركية ٌ
لاعتدَّ منها الرأسُ والتِّنِّيْنُ
تتعاقب الأعصار فيه وجوهُ
أبدا به آذار أو تشرينُ
وكأن هرمس بث حكمته به
وأدار فيه الفكر أفلاطونُ
وكأن راسم خطه إقليدسٌ
فَمَوَاثِلُ الأَشْكَالِ فيه فُنُونُ
من دائر ومكعب ومعينٍ
وَمُحَجَّنٍ تَقْوِيسُهُ التَّحجِينُ
شَمَخَتْ فلا تُحْنَى سَوَارِيها لها
كلا ولا ترمى بها فتبينُ
تربيع والتسديس والتثمينُ
نسب حلت نسب الغناء لبعثها
طرت النفوس وسمعها تعيينُ
وكأنَّ طَرْفِي مِسْمَعِي، وكأنَّه
صَوْتٌ وشَكْلُ خُطُوطِهِ تَلحينُ
وكأن مبيض الخدود وضاءة
صَحْنٌ له، لا المَرْمَرُ المَسْنُونُ
تغشى بمذهب لمعه فكأنما
أبدى لديه كنوزه قارونُ
هوثالث القمرين في ضوءيهما
فيه تُضِيءُ لنا اللّيالي الجُونُ
لو ابصرته الفرس قدس نورهُ
كِسْرَى وأَخْبَتْ نارَها شِيرِينُ
أبدى السجود إليه قسطنطينُ
رأس بظهر النون إلا أنه
سام فقبته بحيث النونُ
في رأسِهِ سَبَقَ النَّعامَ سماؤه
مِنْ دونه دَمْعُ الغَمَامِ هَتُونُ
قَصْرٌ تَبَيَّنَتِ القُصُورُ قُصُورَها
عنه، وَفَضْلُ الأفضلين يَبِينُ
النقل شك والعيان يقينُ
هو جَنَّة ُ الدُّنْيا تَبَوَّأَ نُزْلَها
مَلِكٌ تَمَلَّكَهُ التُّقَى والدِّينُ
فكأنما الرحمن عجلها له
لِيَرَى بما قد كان ما سيكونُ
وكأنَّ بانِيَهُ سِنِمَّارٌ، فما
يَعْدُوهُ تَحْسِينٌ ولا تَحْصِينُ
وَجَزَاؤهُ فيه نَقِيضُ جَزَائِهِ
شتان ما الإحياء والتحيينُ
عَفٌّ فلا مالٌ يُباحُ ولا دَمٌ
بل آمنانِ: ذَخيرة ٌ وَوَتِينُ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> هَيْهَاتِ ما تُغْني القَنَابِلُ والقَنَا
هَيْهَاتِ ما تُغْني القَنَابِلُ والقَنَا
رقم القصيدة : 22233
-----------------------------------
هَيْهَاتِ ما تُغْني القَنَابِلُ والقَنَا(22/8)
والمَشْرَفِيَّة ُ في مُلاَقَاة ِ المَنَى
فعلام تستاق العتاق وإن جرى
وَجَرَيْنَ جاهِدَة ً وَنَيْنَ وما وَنَى ؟
وَعَلاَمَ تُجْتَابُ الدِّلاَصُ فإنَّها
ليست موانع سمره أن تطعنا؟
إنَّ المَنِيَّة َ ليس يُدْرَكُ كُنْهُها
فَنَوَافِذُ الأفْهَامِ قد وَقَفَتْ هُنَا
في كلِّ شَيءٍ للأنَامِ مُحَذِّرٌ
وما كان حذره شعيب مدينا
وحياتنا سفر وموطننا الردى
لَكِنْ كَرِهْنا أَنْ نُحِلَّ المَوْطِنَا
والعَيْشُ أضْنَكُ إنْ تَعَذَّرَ مَطْلَبٌ
كم من ضناك في مطالبه ضنى
وَلَرُبَّما أَعْطَى الزَّمانُ مَقَادَهُ
لا تَيْأسَنَّ فَرُبَّ صَعْبٍ أَمْكَنَا
لا بُدَّ أَنْ تَتْلُو الحياة َ مَنِيَّة ٌ
مَنْ شَكَّ أَنَّ اليومَ يُزْجِي المَوْهِنَا؟
لا تَرْجُ إبقاءَ البَقَاءِ على امرىء ٍ
كُلُّ النُّفُوسِ تَحِلُّ أفنية َ الفَنَا
تجد الحياة نفيسة ونفوسنا
غُرَباءُ تَرْغَبُ عندها مُتَوَطَّنَا
لو أنها شعرت لها وسقت درت
أن الوفاة هي الحياة تيقنا
لكنَّها عَمِيَتْ ولم تَرَ رُشْدَها
ما كُلُّ مَنْ لَحَظَ الأمورَ تَبَيَّنَا
فتبصرن مصاب سيدة الورى
تبصر دناءة ذي الحياة وذي الدنى
أَعْظِمْ به مِنْ حادثٍ جَبُنُوا له
ما ظَنَّ قَبْلُ شُجَاعُهُمْ أنْ يَجْبُنَا
وتروا وما علموا بوتر ضائعٍ
مَنْ ذا يُطَالِبُ بالتِّرَاتِ الأزمُنَا؟
ذابت سيوفهم أسى فظباتها
تحكي المدامع والجفون الأجفنا
وَتَقَصَّدَتْ أَرْمَاحُهُمْ إنْ لم تَكُنْ
شجرا وشيك الموت منه يجتنى
لم يذكروا إحسانهم إلا نسوا
حسن العزاء وبعدها لن يحسنا
فكأنما أنفاسهم ومقالهم
نارٌ تُحَرِّقُ بَيْنَهُمْ عُودَ الثَّنَا
ما جَفَّ مِنْ دَمْعٍ عليها مَدْمَعٌ،
الحُزْنُ مَا وَالَى الدُّمُوعَ الهُتَّنَا
أعقيلة الأملاك والملك الذي
لَبِسَ السَّنَاءُ به جَلاَبِيبَ السَّنَا
فَسَقَاكِ مِثْلَ نَدَاكِ أَوْ كَدُمُوعِنَا
مُزْنٌ يُعِيدُ ثَرَاكِ رَوْضاً مُحْزَنَا
إن كنت مت فذا أبنك الملك الذي(22/9)
يُحْيِي البَرَايَا والعَطَايَا والمُنَى
كثرت محامده فحق بها أسمه
وأَدَامَ إحْيَاءَ المَكَارِمِ فکكتَنَى
فإذا بَنَى الأعداءُ هَدَّمَ ما بَنَوْا
والدهر لا يستطيع يهدم مابنى
يا أيها الملك الذي أوصافه
تعيي البليغ ولا تطيع الألسنا
إنْ كَانَ عُظْمُ الرُّزْءِ أَصْبَحَ كافِراً
بتجلد لا تمس إلا مؤمنا
صَبْراً وإنْ جَلَّ المُصابُ، وَسَلْوَة ً،
فأليهما حكم الحجى أن تركنا
والهر أهون أن يجيء بحادثٍ
لم يَثْنِهِ حُسْنُ التَّجَلُّدِ أَهْوَنَا
والبِرُّ يَقْضِي أنْ تكونَ مُعَظِّماً
والحِجْرُ يقضي أن تكونَ مُهَوِّنَا
فَلَئِنْ صَبَرْتَ فإنَّ فَضْلَكَ باهِرٌ
ولَئِنْ حَزِنْتَ فَحُكْمُهُ أنْ تَحْزَنَا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> هُنَّ الأمَانِي مُدْمِنَاتُ حِرَانِ
هُنَّ الأمَانِي مُدْمِنَاتُ حِرَانِ
رقم القصيدة : 22234
-----------------------------------
هُنَّ الأمَانِي مُدْمِنَاتُ حِرَانِ
فصل أتزاما لأت حين توانِ
وإذا انْقَضَى زَمَنُ الفَتَاءِ عن الفَتَى
فبقاؤه وفناؤه سيانِ
لا تُخْدَعَنَّ فما لإحْسَانِ الصِّبَا
عِوَضٌ ولا لِرُوَائِهِ الحُسَّانِ
وأخلع على ريعلنه حلل المنى
فمحاسن الشياء في الريعانِ
وزيادة ُ الأَقْمَارِ بَدْءُ شُهُورِهَا
وتعقب الأعقاب بالنقصانِ
والشمس في الحمل الذي هو أول
تسمو كما تنحط في الميزانِ
ليس الصِّبَا زَمَنَ الصِّبَا لكنَّهُ
قمع العدى ورعاية الخلانِ
حال يحول آلهم فيها يافعاً
والخمر تثني الشيب كالشبانِ
فَيَرَى تَتَيُّمَهُ وَتَقْلِبُ قَلْبَهُ
والسِّرُّ قد يُفْضِي إلى الإعْلاَنِ
فالنفس تزداد النفاسة والهوى
هُوْنٌ، وما أَرْضَى لها بِهَوَانِ
ولرب ذي أيد سعى ليضمها
فرمته بالأبهاء والأيهانِ
وَوَعِيدُ أَقْوَامٍ صَمَمْتُ لِسَمْعِهِ
سمع الأذى من آفة الآذانِ
وتغطرس من معشر قد أنبأوا
أن الوهاد تعود شم رعانِ
قلب الزمان عيانهم وعيالهم
وكذا الزمان مغير الأعيانِ(22/10)
يا سائلي عما زكنت من الورى
عند العَرُوضِ حَقَائِقُ الأَوْزَانِ
هم كالقريض وكسره من وزنهِ
ذِكْرُ الفَتَى يُبْدِي خَفِيَّ سِنَانِهِ
ومتى تَحُلْ حالاهُما عن كُنْهها
أَنْكَرْتَ منه واضِحَ العِرْفَانِ
كم من خليلٍ ساعَدَتْهُ سَعَادَة ٌ
وطوى بها كشحا على الأضغانِ
من كل ذي حسد يشانئ شانئٍ
ليست لِمَعْنٍ في بني شَيْبَانِ
هَاجُوا سُكُوني فکستَدَمْتُ هِيَاجَهُمْ
إن الحراك دلالة الحيوانِ
فکنْجَابَ عَن شَمْسِي دُجَى إجْلاَبِهِمْ
وَلَرُبَّ بُرْءٍ كان في بُحْرَانِ
لما فضلت رموا بكل عضيهة ٍ
والفَضْلُ موضعُ أَسْهُمِ البُهتَانِ
يا ما لدهري ليس يعدل حكمهُ
أَتَرَاهُ خَالَ العَدْلَ في العُدْوَانِ؟
او رد حظي في الحظوظ مصلياً؟
أنْ كان ذِهْنِي سابِقَ الأَذْهَانِ
هَلاَّ تَنَاءَتْ في التَّسَابُق حَلْبَة ٌ
حتى يبرز رب كل رهانِ؟
لو مُدَّ مَيْدَانُ التَّنَاظُرِ بيننا
علم الورى من فارس الميدانِ
والنارُ حَامِيَة ٌ بِغَيْرِ دُخَانِ
وَعَسَى إثَارَتُهُ تُرِي آثَارَهُ
ولكم تدال إدالة بطعانِ
وملام بغيتك المليك محمدٌ
يممه تحمد صرف كل زمانِ
شاد ابن معن في تجيب مكارماً
ليست لمعن في بني سيبانِ
يا مَنْ يُضِيفُ إليه حاتمُ طَيِّءٍ
مرعى ولكن ليس كالسعدانِ
أعطته أهواء القلوب سياسة ٌ
خفيت لطائفها على ساسانِ
وَبَدَتْ إلينا منه صورة ُ سِيرَة ٍ
تنبيك عما سنه العمرانِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> سمت السوام به الحمام كأنما
سمت السوام به الحمام كأنما
رقم القصيدة : 22235
-----------------------------------
سمت السوام به الحمام كأنما
أُخِذَتْ بِشَأْنٍ من ذوي الشَّنْآنِ
وَتَبِعْتَها ذاتَ الجَنَاحِ كأنَّما
فعلت جناحا قبل في الطيرانِ
حتى غدا حمل السماء وثورها
حَذِرِينَ مما حَلَّ بالحُمْلانِ
نارٌ بأَرْجَاءِ المَرِيَّة ِ، سِقْطُهَا
مزر ببيت النار في أرجانِ
فَلَوِ المَجُوسُ تَجُوسُ بين ديارِنا(22/11)
أَمَّتْ لَدَيْكَ عبادة َ النِّيْرَانِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> والسمر من قلب مواتحٌ
والسمر من قلب مواتحٌ
رقم القصيدة : 22236
-----------------------------------
والسمر من قلب مواتحٌ
وكأنها موصولة الأشطانِ
والنبل في حلق الدلاص كأنها
وبل الحيا في مائج الغدرانِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> أسالت غداة البين لؤلؤ أجفانِ
أسالت غداة البين لؤلؤ أجفانِ
رقم القصيدة : 22237
-----------------------------------
أسالت غداة البين لؤلؤ أجفانِ
وأَجْرَتْ عَقِيقَ الدَّمْعِ في صَحْنِ عِقْيَانِ
وأَلْقَتْ حُلاَهَا مِنْ أَسى ً فكأنَّما
أَطَارَتْ شَوَادِي الوُرْقِ عن فَنَنِ البانِ
وأذهلها داعي النوى عن تنقبٍ
فَحَيَّا مُحَيَّاها بِتُفَّاحِ لُبْنَانِ
وقد أطبقت فوق الأقاحي بنفسجاً
كما خمشت وردا بعناب سوسانِ
وليل بهيم سرته ونجومهُ
أزاهر روض أو سواهر أجفانِ
كأنَّ الثُّرَيَّا فيه كأسُ مُدَامَة ٍ
وقد مالت الجوزاء ميلة نشوانِ
وما الدهر إلا ليلة مدلهمة ٌ
وَشَمْسُ ضُحَاهَا أحمدُ بنُ سُلَيْمَانِ
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> الدَّهْرُ لا يَنْفَكُّ مِنْ حَدَثَانِهِ
الدَّهْرُ لا يَنْفَكُّ مِنْ حَدَثَانِهِ
رقم القصيدة : 22238
-----------------------------------
الدَّهْرُ لا يَنْفَكُّ مِنْ حَدَثَانِهِ
والمَرْءُ مُنْقَادٌ لِحُكْمِ زَمَانِهِ
فَدَعِ الزَّمَانَ فإنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ
بِجَلاَلِهِ أحداً ولا بِهَوَانِهِ
كالمزن لم يخصص بنافع صوبهِ
أُفْقاً ولم يَخْتَرْ أَذَى طُوفانِهِ
لكنْ لِبَارِيهِ بَوَاطِنُ حِكْمَة ٍ
في ظاهرِ الأضدادِ من أَكْوَانِهِ
وعلمت أن السعي بمنجحٍ
ما لا يكونُ السَّعْدُ من أَعْوَانِهِ
والجِدُّ دُونَ الجَدِّ ليس بنافعٍ
والرمح لا يمضي بغير سنانهِ
وسما إلى الملك الرضى ابن صمادحٍ
فأدالني بالسخط من رضوانهِ
وَهَوَى بَنَجْمِي من سماءِ سَنَائِهِ
وقضى بحطي من ذرى سلطانهِ(22/12)
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> وسقم فؤادي من سقام جفونهِ
وسقم فؤادي من سقام جفونهِ
رقم القصيدة : 22239
-----------------------------------
وسقم فؤادي من سقام جفونهِ
فإن نقهت عيناه فالقلب ناقهُ
مراد هوى حفت به مرد العدى
وَدُونَ جِنَانِ الخُلْدِ تُلْقَى المَكَارِهُ
وَما خُيَلاَءُ الخَيْلِ فيها سَجِيَّة ً
ولكنَّها لمَّا کمتَطَوْها تَوَائِهُ
فلا تَكْرَهَنْ إنْ خَاسَ قَوْمٌ بِعَهْدِهِمْ
عسى الخير في الشيء الذي أنت كارهُ
فنصرك أيا ما سلكت مسايرٌ
وفتحك أيا ما أتجهت مواجهُ
ففي أنفس الحساد منها هزاهزٌ
وفي أَلْسُنِ النُّقَّادِ منها زَهَازِهُ
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> يمين القصيدة
يمين القصيدة
رقم القصيدة : 2224
-----------------------------------
لا تحسدوا الشجر الطالع في الفراغ
لا تحسدوا الفراغ
لا تحسدوا الطالع
الطالعُ كلبٌ طيب
له أذنان ناعمتان
وطوقٌ مذهب
لا تحسدوا الكلبَ الطالع من يمين القصيدة
النابحَ بشكل مهذب
وصوت ودود
النائم في حضن الكلمة
الحامل عطر السيدة
والحارس عفتها
السيدة الجميلة . . لا تحسدوها
يا أشرار
أنتم لا تريدون إلا الفضيحة
لا تحبون السيدة الجميلة
بل تريدون اغتصابها
هكذا الحسد
يجفل مثل قطيع وعول أسَودْ
ويظل يلوب
مثل شجر طالع في الفراغ
لا تحسدوا الشجر الطالع في الفراغ
لا تحسدوا الكلب النائم في حضن الكلمة
لا تحسدوا القصيدة
لا تحسدوا السيدة
لا تحسدوا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> ومن جرحته مقلتاك نويرة ُ
ومن جرحته مقلتاك نويرة ُ
رقم القصيدة : 22240
-----------------------------------
ومن جرحته مقلتاك نويرة ُ
فليس يرجى من جراح الأسى أسوا
أَرَى كلَّ ذِي سَلْوَى رَآكِ، مُتَيَّماً
فما أَكْثَرَ البَلْوَى بِحُسْنِكِ والشَّكْوَى !
ونار الأ سى تخبو بقرب نويرة
ومَنْ لِي بأنْ آوِي إلى جَنَّة ِ المأْوَى ؟(22/13)
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> وفي شِرْعَة ِ التَّثْلِيثِ فَرْدُ مَحَاسِنٍ
وفي شِرْعَة ِ التَّثْلِيثِ فَرْدُ مَحَاسِنٍ
رقم القصيدة : 22241
-----------------------------------
وفي شِرْعَة ِ التَّثْلِيثِ فَرْدُ مَحَاسِنٍ
تنزل شرع الحب من طرفه وحيا
وأذهل نفسي في هوى عيسوية
بها ضَلَّتِ النَّفْسُ الحَنِيفِيَّة ُ الهَدْيَا
فَمَنْ لِجُفُوني بالتماحِ نُوَيْرَة ٍ
فَتَاة ٌ هي المَرْدَى لِنَفْسِيَ والمَحْيَا؟
سبتني على عهد من السلم بيننا
ولَوْ أنَّها حَرْبٌ لكانتْ هي السَّبْيَا
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> صنت اسم إلفي فد أبا لا أسميه
صنت اسم إلفي فد أبا لا أسميه
رقم القصيدة : 22242
-----------------------------------
صنت اسم إلفي فد أبا لا أسميه
ولا أزالُ بإلغازِي أُعَمِّيهِ
وصاحبي عددي قد رمزت به
بِذِكْرِ أعدادِ ما تَحْوِي مَبَانِيْهِ
فَجَذْرُ أَوَّلِهِ رُبْعٌ لآخِرِهِ
وجذر آخره ربع لثانيهِ
وإن ثانيه خمس لثالثهِ
فافهم فقد لاح للأفهام خافيه
العصر الأندلسي >> الحداد القيسي >> أمَّا الذي بي فإنِّي لا أُسَمِّيهِ
أمَّا الذي بي فإنِّي لا أُسَمِّيهِ
رقم القصيدة : 22243
-----------------------------------
أمَّا الذي بي فإنِّي لا أُسَمِّيهِ
لكن سألقي رمزا جمة فيهِ
إذا أَرَدْتَ من الأعدادِ نِسْبَتَهُ
فَجَذْرُ أَوَّلِهِ عُشْرٌ لِثَانِيْهِ
وإنْ أَضَفْتَ إلى ذي الجَذْرِ رابعَهُ
رأيت ثالثه زهرا معانيهِ
ونصفه أولعت أخت الرشيد به
فقد تَبَيَّنَ ماضِيْهِ وباقيْهِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتذكر أطلالاً تعفَّت وأرسما
أتذكر أطلالاً تعفَّت وأرسما
رقم القصيدة : 22244
-----------------------------------
أتذكر أطلالاً تعفَّت وأرسما
بذات الفضا في الجزع من أيمن الحمى
منازل أحباب بها نزل الهوى
فلم يبق إلا مدنف القلب مغرما
عرفنا الهوى من أين يأتي لأهله
بها والغرام العامري من الدمى(22/14)
لئن أصبحت تلك المنازل باللوى
قصارى أمانيَّ الهوى فلطالما
وقفت عليها والهوى يستفزُّني
فأرسلت فيها الدمع فذَّاً وتوأما
كأني على الجرعاء أوقفت عبرة
جرت بربوع المالكية عندما
وما أسأر البين المشتُّ بقية ً
من الدمع إلاَّ كان ممتزجاً دما
فأصبحت أستسقي السحاب لأجلها
وما بلّ وبل السحب من مثلها ظما
خليليَّ إن الحبَّ ما تعرفانه
خليليَّ لو شاهدتما لعلمتما
قفا بي على رسم لميّة دارس
لكي تعلما من لوعتي ما جهلتما
وإن لم تساعدني الجفون على البكا
بآثار ميٍّ فاسعداني أنتما
ومما شجاني في الدجنة بارق
بكيت له من لوعتي فتبسَّما
سرى موهناً والليل كالفرع فاحم
فقلت أهذا ثغر سعدى توهما
وأورى حشا الظلماء كالوجد في الحشا
وكالقلب يا ظمياء لما تضرما
وشوَّقني ثغراً ظمئت لورده
وهل أشتكي إلا إلى ورده الظما
شربت الحميّا واللمى منه مرة ً
فلم أدر ما فرق الحميَّا من اللمى
وعيشاً سلبناه بأسنمة النقا
وما كان ذاك العيش إلا منمنا
رعى الله أحباباً رعينا عهودهم
وعهداً وصلناه ولكن تصرما
وغانية من آل يعرب حكَّمت
هواها بقلبي ضلَّة ً فتحكما
أحَلَّت مهاة الأبرق الفرد في الهوى
دماً كان من قبل الغرام محرّما
وفي ذلك الوادي سوالب أنفسٍ
رمين بأحداق السوانح أسهما
وكم من فؤادٍ قد جرحن ولم نجد
لما جرحت سود النواظر مرهما
أرى البيض لا يرعين عهداً لعاشقٍ
وإن أوثق الصيبُّ العهود وأبرما
وفي الناس من إن تبتليه وَجَدته
ـ وقد كان شهداً في المذاقة ـ علقما
وإني نظرت الناس نظرة عارف
وأبصرتهم خَلقاً وخُلقاً وميسما
فما أبصرت عيني كمحمود ماجداً
ولا كشهاب الدين بالعلم معلما
من السادة الغرّ الميامين ينتمي
إلى خير خلق الله فرعاً ومنتمى
ولما تعالى بالفضائل رفعة
تخيلته يبغي العروج إلى السما
هو الصارم الماضي على كل ملحد
من الله لم يفلل ولن يتثلما
سل الفضل منه واسأل البرَّ تغتدي
بأفضل ما حدثت عن من تقدما
لقد ضاق صدر الدهر عن كتم فضله(22/15)
فأظهره إذ كان سراً مكتما
بدت معجزات الحق حين ظهوره
فأعجز فيها المبسطين وأفحما
إذا المطْعن المقدام شامَ يَراعَه
لما ظنَّه إلاّ وشيجا مقوَّما
وينشق من ظلماء ليلِ مداده
صباح هدى لا يترك الليل مظلما
له الكتب ما أبقت منلالغي باقياً
ولا تركت أمراً من الدين مبهما
وما هو إلاّ رحمة الله للورى
به ينقذ الله الأنام من العمى
فلو حققت عين الحقيقة ذاته
لقلنا هو النور الذي قد تجسما
كريم فما أعطى ليمدح بالندى
ولكنه يعطي الجزيل تكرما
مواطر أيديه المواطر دونها
تهاطل إحساناً وتمطر أنعما
وهيهات يحكيك السحاب وإن همى
نوالاً. وفيض البحر علماً وإن طمى
نراك بعين النقد أفضل من نرى
ولم نرى أندى منك كفاً وأكرما
وأقسمت لو أثريتَ أو نلت ثروة
لما تركت جدواك في الأرض معدما
علومك ملا حيزت لشخص جميعها
فهل كان ذاك العلم منك تعلما
حويت علوم الدين علماً بأسرها
وأصبحت للعلم اللَّدُنيّ ملهما
تُشيد دين الله بالعلم والتقى
ولو لم يُشيَّده غلاك تهدّما
حميت حدود الله عن متجاوزٍ
فلم نخشَ من خرقٍ وأنت لها حمى
وإن الذي أعطاك ما أنت أهله
أنالَكَ شأناً لا يزال معظما
فنل أجر هذا الصّوم واهنأ بعيده
ورم مجدعاً أنف الحسود ومرغما
وإني متى أدع لمجدك بالبقا
دعوت لنفسي أن أعزَّ وأكرما
فلا زلت فخر المسلمين وعزها
ألا فليفاخر فيك من كان مسلما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وميضُ البرق هيَّج منك وجدا
وميضُ البرق هيَّج منك وجدا
رقم القصيدة : 22245
-----------------------------------
وميضُ البرق هيَّج منك وجدا
فكدت تظنُّه من ثغر سعدى
ألمّ بنا بجنح الليل وهناً
كما جرّدت من سيف فرندا
توقَّد في حشا الظلماء حتى
وجدَنَا منه في الأحشاء وقدا
وجدّ بنا الهوى من بعد هزلٍ
وكم هزل الهوى يوماً فجدّا
خليليّ اذكرا في الجزع عهدي
فإني ذاكر بالجزع عهدا
وأياماً عهدتُ بها التصابي
وكان العيش بالأحباب رغدا
زمان كم هصرتُ به قدوداً(22/16)
لباناتِ النقا وقطعت وردا
ولذّات لأيام قصار
قَضَت أيامها أن لا تردا
بعيشك إنْ مررت بدار ميٍّ
وهاتيك الطلول فلا تعدّى
لنقضي يا هذيمُ بها حقوقاً
علينا واجبات أن تؤدى
أتذكُر يوم أقبلنا عليها
على إبلٍ تقدّ السَّير قدا
وعُجنا العيس عن نجدٍ حثيثاً
وخلّفنا وراء العيسى نجدا
فروَّينا منازلَ دراساتٍ
بها صرف النوى أزرى وأودى
بواعث لوعة ٍ ودموع عين
أمدَّ العين منها ما أمدّا
لئن خُلِقَتْ منازلنا فإني
رأيت الوجدَ فيها مستجدا
ملكتُ وقوف جانحة ٍ إليها
ولم أملكْ لهذا الدمع ردَّا
وكانت للغرامِ ديارُ ميٍ
مراحاً كل آونة ٍ ومغدى
يودّكما رفيقيَّ ارفقا بي
إذا راعَيتُما للصبّ ودّا
أعيناني على كلفي لعليّ
أرى من هذه الزفرات بدا
ولي كبدٌ إلى الأحباب حرّى
فهل تلقى لها يا سعدُ بردا
أحبَّتَنا وإني قبلَ هذا
ونوليه به شكراً وحمدا
أزيدكمُ دنواً واقتراباً
وقد زدتمْ مصارمة ً وبعدا
عِديني يا أميمَة بالتداني
وإن لم تنجزي يا ميُّ وعدا
أرى سيقي فأذكر منك لحظاً
وخطَّاري فأذكر منك قدا
أمنك الطَّيف واصلني وولى
فما بل الصَّدا مني وصدّا
ولو أهديته أخرى لعيني
لأنعمني بما أسدى وأهدى
تهدّى من زرودَ إلى جفوني
وما أدري إذاً أنى ّ تهدَّى
ولو أدَّى إليك حديث وجدي
عرفت إليك مني ما يؤدى
جفتني الغانيات فلا سبيلٌ
إلى سلمى ولا إسعاف سعدى
وخاصمتُ الزمان فخاصمتني
حوادثُ لم تزل خصماً ألدّا
فإن أظهرتُ للأيامِ مني
رضًى عنها فقد أضمرت حقدا
سأترك للنياق بكل أرضٍ
ذميلاً من توقّصِها ووخدا
كما لابن الجميل أبي جميل
نياق مطالب الراجين تحدى
فتبلغ مقصداً وتنال عزاً
كريم لم يفتني منه قصداً
فكم يولي الجميل أبو جميل
بجدوى أنبتت شيحاً ورندا
إذا يمَّمته يَمَّمتُ يمناً
وإن طالعته طالعت سعدا
لقد نال العلاءَ ومدَّ باعاً
إلى ما لا ينال وجاز حدّا
هو الجبل الأشم من الرَّواسي
تخرُّ له الجبال الشمُّ هدّا
أدامَ الله في الزوراء ظِلاً(22/17)
قوام الدين والدنيا جميعاً
وآمن أهلَها كَيدَ الرزايا
وإن لسائر الأرزاء كيدا
فوقرها وقد مارت وقور
إذا حرَّكته حرَّكت طودا
وأية أزمة ٍ لم يُدعَ فيها
ولم يمدد لها باعاً أشدّا
ومكرمة وإحسان وفضل
وما فيها سعى ولها تصدّى
جميل ابنِ الجميل لكلّ حرٍ
يؤمل منه إحساناً ورفدا
فقل للوفد غايته إليه
أوفد الأكرمين نعمت وفدا
بجود منه يترك كلَّ حر
له في ذلك اإحسان عبدا
وفيض يد يكاد البحر منها
على طول المدى أن يستمدا
مرير السخط نشهد أن ما في
يثيب عفاته ضرباً وشهدا
أبيٌّ لا يضام وربَّ ضيمٍ
سعى لينال جانبه فأكدى
شجاع ما انتضى الصمصام إلاّ
وصيرَّ مفرقَ الأعداء غمدا
وسيف الله والركنَ الأشدّا
مناقبك التي مثل الدراري
نظمت بها لِجيدِ الدهر عقدا
وجودك للوجود به حياة
ولولا أنتَ مهجته تردى
وبعض الجود منقصة ٌ وذمٌّ
وجودك لم يزل عزّاً ومجدا
وأمضى من شفير السيف حدا
يضيء ضياءَ منصلتٍ صقيلٍ
تجرّد من قرابٍ أو تبدا
وإني قد عَرَفت الناس طراً
ولم أعرفْ له في الناس نِدّا
فضلتَ العالمين بكل فضل
فلا عجب إذا أصبحتَ فردا
وَفَدَّتكَ الأماجد والأعالي
ومثلك في الأماجد من يُفدَّى
وما في الماجدين أجلُّ قدراً
ولا أورى وأثقب منك زندا
ولا أوفى وأطلُ منك باعاً
ولا أعلن إلى العلياء جدّا
فَدُمْ واسلمْ كما نهوى وتهوى
تَسرُّ مُوالياً وتغيظ ضدّا
فإنَّكَ إن سَلِمْتَ مَعَ المعالى
فلا نخشى لكل الناس فقدا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إذا نَبَتِ الدّيارُ بِحرِّ قومٍ
إذا نَبَتِ الدّيارُ بِحرِّ قومٍ
رقم القصيدة : 22246
-----------------------------------
إذا نَبَتِ الدّيارُ بِحرِّ قومٍ
فليس على المُفارقِ من جناح
ومنذُ وجَدتُ من همي رسيساً
إلى روحي وأعوزني ارتباحي
وما صَعَّرْتُ للأيام خدّي
ولم أخفضْ لنائبة ٍ جناحي
وضاقَ بيَ الخناق فلمتُ نفسي
وإن لم يلحني باللّوم لاحي
وقد أصبحت في زمنٍ ممارٍ
يريني الجدَّ من خللِ المزاح(22/18)
رَفَضْتُ إقامتي وَرَكِبتُ أمراً
حَرَيّاً أن يكونَ به صَلاحي
تسيرُ بنا بلُجِّ البحر فُلك
كمثل الطَّير خافقة الجناح
وما زلنا بها حتى حللنا
صَبَاحا في كويت آل الصبَّاح
لدى قوم أعزّ الناس جاراً
وأندى بالنوال بطون راح
أباة لا يطوف الضَّيم فيهم
ولا جار لهم بالمستباحِ
غيوث مكارممٍ وليوث حربِ
وأكفاءُ الشجاعة ِ والكفاح
نزلت بهم على سعة ٍ ورحبٍ
وأنس وابتهاجٍ وانشراح
فقومٌ سادَ عبد الله فيهم
فبالبأسِ الشديدِ وبالسَّماح
إذا نزلوا لعمرُ أبيك أرضاً
حَموهَا بالأسِنَّة والرِّماح
فكم بدأوا بمكرمة وثنَّوا
وكم تحروا العدى نحر الأضاحي
سَقَو أعداءهم حمرَ المنايا
بسمر الخطِّ والبيضِ الصفاح
وما زالت مكارمهم تنادى
لدى الآمال حيَّ على الفلاح
بأيديهم شكيمة ذي اقتدارٍ
تردَ الجامحين عن الجماح
همُ وضعوا أفاويق المعالي
كما رَضَعَ الفَصيل من اللقاح
إذا ما زرتُهم يَوماً وفى لي
ضميني للزيارة بالنجاح
بهم أطلَقتُ ألسنَة القوافي
بما تمليه من كلمٍ فصاح
لقد مُزجتْ محَبَّتهم بروحي
مزاج الراح بالماء القراح
كأنَّ مديحهُم عندي عقارٌ
به كان اغتباقي واصطباحي
ثملتُ بهم وما خامرت خمراً
ولا راحي بسطتُ لكأس راح
ألذّ من المدامة للندامى
وها أنا في هواهم غير صاح
ولو أنّي اقترحت على زماني
وأعطاني الزمان على اقتراحي
لما فارقهم يوماً ومالي
إذا وفقتُ عنهم من براح
ويأبى ذاك لي قَدَرٌ متاح
ونحن بقبضة القدر المتاح
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بلغتُ بحمد الله ما أنا طالبُ
بلغتُ بحمد الله ما أنا طالبُ
رقم القصيدة : 22247
-----------------------------------
بلغتُ بحمد الله ما أنا طالبُ
زماناً وهنَّتني لديك المطالبُ
فأصبحت لا أجرو سوى ما رجوته
مراماً وما لي في سواك مآرب
وقد كنت من غيظي على الدهر عاتباً
فما أنا في شيء على الدهر عاتب
لئن كان قبل اليوم والأمس مُذنباً
فقد جاءني من ذنبه وهو نائب
وجدتُ بك الأيام مولاي طلقة ً(22/19)
وسالمني فيك الزمان المحارب
وقد شمتُ من جدواك لي كلَّ بارق
ونوؤك مرجوٌّ وغيثُك ساكب
فلا الأملُ الأقصى البعيدُ بنازح
لديَّ ولا وجهُ المطالب شاحب
وهل تنجح الآمال وهي قصيَّة
وتبلغ إلا في نداك الرغائب
لقد حسنتْ فيك الرعية بعدما
أساءَت إليها بالخطوب النوائب
وألهمتها فيما تصدَّيتَ رشدها
ألا إنَّ هذا الرشدَ للخير جالب
كففتَ يدَ الأشرار من كلِّ وجهة ٍ
فلا ثمَّ منهوب ولا ثمَّ ناهب
ومن لوزير قلَّد الأمر ربَّه
نظيرك شيخاً حنكته التجارب
بصيرٌّ بتدبير الأمور وعارف
بمبدئها ماذا تكون العواقب
أذلَّ بك الأخطارَ وهي عزيزة
فهانت عليه في علاك المصاعب
تريه صباح الرأي والأمر مبهم
ألَنْتَ له في قسوة البأس جانباً
فأصبح لم يعرض عن الناس لطفه
ويحضر فيهم بأسه وهو غائب
وبأسك لا البيض الصوارم والقنا
وجودك لا ما تستهل السحائب
وما زلت حتى يدرك المجدُ ثأرَهُ
وتشرق في آفاقهن المناقب
بأيديك سحرُ الخط لا الخط تنثني
فتثني عليها المرهفات القواضب
تخرّ لك الأقلام في الطرس سُجَّداً
لما أنت تمليه وما أنت كاتب
إذا شئت كانت في العداة كتايباً
وهيهات منها إذ تصول الكتايب
تقرّط آذانَ الرجال بحكمة ٍ
حكتها اللئالي رونقاً أو تقارب
متى أفرغتْ في قالب الفكر زيَّنتْ
وزانت من الألباب تلك القوالب
بهنَّ غذاء للعقول وشرعة ٌ
تسوغ وتصفو عندهن المشارب
تصرفتَ في حلوَ الكلام ومرّهِ
فأنت مجدٌّ كيف شئت ولاعبُ
ذَهَبْتَ بكلٍ منهما كلَّ مذهب
ذهاباً وما ضاقت عليك المذاهب
فمن ذكر وجدٍ يسلب المرءَ لبَّه
على مثله دمع المتيَّم ذائب
ومن غزلٍ عذب كأن بيوته
مسارحُ آرام النقا وملاعب
وفي الباقيات الصالحات مثوبة
من الله ما يبدو من الشمس حاجب
دمغتَ بها من آل حربٍ عصابة ً
تناقشهم في صنعهم وتحاسب
تناقلها الركبانُ عنك فأصبحت
تجابُ بها أرض وتطوى سباسب
مغيظاً من القوم الذين تقدَّمت
لهم في المخازي الموبقات مكاسب
غضبت بها لله غير مداهنٍ(22/20)
وغيرك يخشى كاشحاً ويراقب
ومواهب من رب كريم رزقتها
وما هذه الأشياء إلا مواهب
أروح أجرّ الذيل أسحب فضله
وإني لأذيال الفخار لساحب
بمن لم يقم في الأكرمين مقامه
ولا ناب عنه في الحقيقة نائب
فقد وجدت بغداد والناس راحة ً
وقد أتعبتها قبل ذاك المتاعب
قضى عمري طال في العز عمره
أقاربه مسرورة والأجانب
وإن قلتُ ما جاء العراق ولا نرى
نظيراً له فينا فما أنا كاذب
بنادرة الدنيا وفرحة ِ أهلها
أضاءت لنا أقطارها والجوانب
أمولاي ما عندي إليك وسيلة
تقرّبني زلفى وإني لراغب
محاسنُ شعري ما إذا أنا قستها
بشعرك والإنصاف فهي مثالب
وإني مع الإطناب فيك مقصِّرٌ
وإن كان شعري فيك مما يناسب
أهنّيكَ فيه مَنصِباً أنت فوقَه
بمرتبة لو أنصفتك المراتب
فإنك شرَّفت المناصبَ كلَّها
وما أنت ممن شرَّفَتْه المناصب
وهنَّيت نفسي والعراق وأهله
وكلَّ أمرىء أهل لذاك وصاحب
وزفَّت إلأيه كل عذراء باكرٍ
كما زفت البيضُ الحسانُ الكواعب
قواف بها نشفي الصدورَ وربمَّا
تَدُّب إلى الحساد منها عُقارب
شكرتكَ شكر الروض باكره الحيا
وشكرك مفروض ومدحك واجب
وليس يفي شعري لشكرك حقَّهُ
ولو نُظمتْ للشعر فيك الكواكب
ومما حباه الله من طيِّب الثنا
مشارقها مملوءة والمغارب
وكليّ ثناء في علاك وألسن
إذا كنت ممدوحي وأنت المخاطب
وإني لأبدي حاجة ٌ قد حجبتها
إليك وما بيني وبينك حاجب
سواي يروم المال مكترثاً به
ويرغب في غير الذي أنا راغب
وإنك أدرى الناس فيما أريده
وأعلمهم فيما له أنا طالب
وكيف وهل يخفى وعلمك سابق
بمطلبي الأسنى وفكرك ثاقب
فلا زلت طلاّع الثنايا ولم تزل
تطالعني منك النجوم الغوارب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتراكَ تعرفُ عِلتي وشفَائي
أتراكَ تعرفُ عِلتي وشفَائي
رقم القصيدة : 22248
-----------------------------------
أتراكَ تعرفُ عِلتي وشفَائي
يا داءَ قلبي في الهوى ودوائي
ما رقَّ قلبك لي كأن شكايتي
كانت لمسمع صخرة ٍ صمّاء(22/21)
والشوق برّح بي وزاد شجونَه
يا شدَّ ما ألقى من البرحاء
عجباً لمن أخذ الغرامُ بقلبه
أنّى يعد به من الأحياء
هل يعلم الواشون أن صبابتي
كانت بلحظ مها وجيد ظباء
وتجرُّعي مضضَ الملام من التي
حلت عقيب الجزع في الجرعاء
لم يحسن العيش الذي شاهدته
من بعد ذات الطلعة الحسناء
فمتى أبلُّ صدى ً بمرشف شادن
نقص العهود ولا وفى لوفائي
وجفا وملّ أخا الهوى من بعد ما
كنا عقيدي ألفة ٍ وإخاء
ونأى بركب الظاعنين عشية
أشكو طعان الصعدة السمراء
وأجيبُ سائلَ مهجتي عن دائها
دائي هواك فلا بليت بدائي
لم يدر واللمس الممنع طبّه
أن الدواء بمقتضى الأدواء
عُج يا نديم على الكؤوس ميمِّماً
وأدر عليَّ سلافة الصهباء
وأعد حديثَك لي بذكر أحبة ٍ
أين الركابُ وأينَ ذاك النائي
مرت بنا أخبارهم فكأنها
أرَجُ الصبّا عن روضة غناء
وتحاكمتْ بي في الهوى أشواقُهم
فقضى عليَّ الحبُّ أيَّ قضاء
لو كنت أدري غدركم بمحبكم
ما كنتُ أمكنكمْ على أحشائي
لامَ النصيحُ فما سمعتُ ملامه
وصددتُ عنه لشقوتي وعنائي
ما كان أرشدني إلى سبل الهوى
لو أنني أصغي إلأى النصحاء
كيف المنازلُ بعد ساكنة الحمى
عهدي بها قمريَّة الأرجاء
لما وقفت على منازلها ضحى ً
حَيَّيتُها بتحيَّة ِ الكرماء
عَادتنيَ الأيّام في سُكانها
كعداوة الجُهَّال للعلماء
هل أصبح الدهر الخؤون معاندي
أم كانت الأيام من خصمائي
إني أصون الشعر لا بخلاً به
عن أن يذل بساحة اللؤماء
أن كنت تثني بالجميل على امرىء
فعلى جميلٍ أبي الثناء ثنائي
أعيى المناضلَ والمناظرَ فارتقت
علياؤه قدراً على العلياء
متوقد مثل الضرام فطانة
وبلطف ذاك الطبع لطف الماء
فتبلّجت منه شموس فضائلٍ
ظهرت على الدنيا بغير خفاء
وعلت على أفهامنا ألفاظه
فتمثَّلت بكواكب الجوزاء
تلك الرويّة والسجيّة لم تزل
أقمار أفقٍ أو نجوم سماء
كم قد أفيضت من يديه لنا يدٌ
شكراً لهاتيك اليد البيضاء
إيْ والذي جعل العلى من مجده
فرح الصديق وغمَّة الأعداء(22/22)
شمنا بوارق نائل من سيله
متتابع الإحسان بالآلاء
هيهات يحكي جوده صوب الحيا
والغيث موقوف على الأنواء
بحر إذا التمس المؤمِّلُ ورده
فاضت عليه زواخر الأنداء
إن قيل في الزوراء أصبح قاطناً
فاعلم بأنَّ المجدَ في الزوراء
نشرت علومك في البلاد جميعها
كالصبُّح إذ ملأ الفضا بضياء
ولك الذّكاءُ كأنما برهانه
يكسو سناه تبلّج ابن ذكاء
ونظرتَ في الأشياء نظرة عارف
حتى عرفت حقائق الأشياء
وكشفت من سر العلوم غوامضاً
فيهن كانت حيرة الحكماء
أجريت حكم الله بين عباده
فعلتْ بحكمك راية الإفتاء
وكأنما يوحى إليك فقد بدت
لك معجزات النظم والإنشاء
فعلت لك الأقلام في مهج العدى
ما تفعل الأبطال في الهيجاء
خرسٌ إذا أنطقتها بأنامل
أخرستَ فيها ألسن الفصحاء
أبكيتها فتضاحكت لبكائها
روضُ الفضائل لا رياض كبار
فإذا مدحت مدحت غير مراهن
فيها وغير معرض لرياء
فاهنأ بهذا العيد إنك عيده
يا فرحتي دون الورى وهنائي
وأجزْ عبيدك في رضاك فإنه
ـ وأبيك ـ غاية ُ مطلبي ورجائي
لا زلت منفرداً بما أدَّيته
من رفعة ٍ وفضيلة وعلاء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قدحت في مزجها بالماء ناراً
قدحت في مزجها بالماء ناراً
رقم القصيدة : 22249
-----------------------------------
قدحت في مزجها بالماء ناراً
فأعادت ظلمة َ اللَّيل نهاراً
شمس راحٍ في الدجى يحملها
طلعة البدر إذا البدر استنارا
عُتِّقَتْ في الدَّنِّ حتى إنها
لتعي ما كان في الماضي وصارا
فسلوها كيف كانت قبلنا
عادٌ الأولى صغاراً وكباراً
أيّ نادٍ للهوى يومئذٍ
يوم نادينا إلى اللهو البدارا
وجلوناها عروساً طالما
حبيت من حبب المزج نثارا
وكسونا بالسَّنا جسم الدجى
وخلعنا في اللذاذات العذارا
وسعى ساقٍ بها تحسبهُ
غصناً يهدي إلينا الجلَّنارا
علَّم الغصن التثني والصّبا
طرب الأنفس والظبي النفارا
وبما فضِّل من بهجته
تفضل المرو على البيض العذارى
سمحٌ ممتنعٌ قيل له
أدرِ الكأسَ علينا فأدارا(22/23)
فترى الناس سكارى في هوى
ذلك الساقي وما هم بسكارى
يا شبيه الورد والآس وما
أحسن التشبيه خداً وعزارا
بأبي أنت وإن جلّ أبي
عاطنيها مثل خديك احمرارا
واسقني من فيك عذباً سائغاً
إنَّ بي منك وما لسكر خمارا
بين ندمانٍ أراقوا دَمَها
بنتَ كرم تسلب الشيخ الوقارا
حنفاءٍ حللوا ما حرّمت
ورأوا في أخذها رأي النصارى
ركبوا لِلَّهو في مضماره
أشقراً يصدم أجراهم عثارا
وكميتاً ما جرت في حلبة
للوغى يوماً ولا شقت غبارا
فكأن الكأس فيما فعلتْ
أدركتْ عند عقول القوم ثارا
كلُّ مختال بها في عزَّة ٍ
قد مضى يسحب في الفخر الإزارا
وإذا ما عاودته نشوة ً
ألبسته تاج كسرى والسوارا
خفَّ بالراح فلو طار امرؤ
قبل هذا اليوم بالسراح لطارا
وسمرنا بالذي يطربنا
من حديث وشربناها عقارا
وتناشدنا على أقداحها
مِدَحاً تزهو نظاماً ونثارا
بأغرٍّ أبلج من هاشم
أبلجَ المحتد فرعاً ونجارا
تشرق الأقمار من غرَّته
فهو الشمسُ التي لا تتوارى
سرّ رمز المجد مبنى بيته
علم السؤدد سراً وجهارا
كالحيا المنصبِّ بل أندى يداً
والحسام العضب أو أمضى شفارا
تلك أيديه التي إحداهما
تورث اليمنَ وبالأخرى اليسارا
مستفاض الجود منهلّ الندى
يوم لا تلقى به إلاّ الأوارا
والقوافي الغرّ في أيامه
يجتنيها بأياديه ثمارا
في زمانٍ مذنبٍ لم يعتذر
بكريم لبني الفضل اعتذارا
ترك الدهر ذليلاً طائعاً
لمنيع من أعزّ الناس جارا
ولي الفخر بأني شاعر
لأناس لبسوا التقوى شعارا
هم أقاموا عَمَدَ الدين وهم
أوضحوا في الحق للخلق المنارا
كل حليْ من فخارٍ وعلى
كان حلياً من حلاهم مستعارا
في سبيل الله ما قد أنفقوا
من أيادٍ فأسالوها نضارا
أمَّة ٌ يستَنزَلُ الغيثُ بهم
وبهم تَستكشِف الناس الضرارا
فإذا استنجدهم كانوا ظبا
وإذا استمطرتهم كانوا قطارا
جبروا كل مهيض للعلى
وأنابوا الكفر ذلاً وانكسارا
أجَّجوا نيرانها يوم الوغى
بمواضيهم وإن كانوا بحارا
في مقام قَصُرَت فيه الخُطا(22/24)
بالطَّويلات وما كنَّ قصارا
فعليهم صلوات أبداً
تتولاهم غدوّاً وابتكارا
أو لستَ الآن من بعدهم
قبساً من ذلك النور أنارا
طالما سيّرتها قافية ً
غرة لم تتخذ في الأرض دارا
حاملات مثل أرواح الصبا
من شذى مدحك شيحاً وعرارا
هذه أيام أنواء الحيا
إن أنواءَكَ ما زالت غزارا
فاسقني فيهن سحّاً غدقاً
أجلب العز واستقصي الفخارا
واتخذني لك ممَّن لم يجد
عنك في معترض المدح اصطبارا
وابق للعيد وحزْ في مثله
مفخراً يسمو وصيتاً مستطارا
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> أستحق اللعنة !!
أستحق اللعنة !!
رقم القصيدة : 2225
-----------------------------------
تاكسي المكتب الذي أقلكِ يستحق اللعنة
سائق التاكسي
صاحب المكتب يستحقان اللعنة
الشارع الرصيف الذي رأته عيناكِ يستحق اللعنة
البنايات / المحلات / الساحات تستحق اللعنة
وأنا ايضا أستحق اللعنة
كان بامكاني أن أصبح سائق تاكسي ماهرا
غير أني إكتفيت بالرخصة الثالثة
سحقا للفئة الثالثة
سحقا لكل الفئات
سحقا لكل النمر البيضاء
سحقا لكل النمر الخضراء
بل سحقا لكل الآليات والسيارات التي تقلكِ
وأظل واقفا كالأبله
على قارعة الطريق .
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قلبٌ يذوبُ ومهجة ٌ تتقطَّع
قلبٌ يذوبُ ومهجة ٌ تتقطَّع
رقم القصيدة : 22250
-----------------------------------
قلبٌ يذوبُ ومهجة ٌ تتقطَّع
وجوى ً يهيجُ به الفؤاد المولَعُ
لي بعد مَن سكن الغضا نار الغضا
تطوى على الزفرات منها الأضلع
ما زلتُ تُصْبيني الصبّا بهبوبها
سحراً وتبكيني البروق اللُّمَّعُ
وتهيجني الورقاء ما إنْ أصْبَحَتْ
تشدوا على فنن الأراك وتسجع
تُملي عليَّ حديث فرط شجونها
في الشجو من صُحفِ الغرام فأطمع
وقضى ادّكار الظاعنين بأنَّه
لا يستقر لمستهام مضجع
أرأيت أنَّ المزمعين على النوى
عزموا على أخذ القلوب وأزمعوا
لو كنتَ يومَ البين حاضرَ لوعتي
لرأيت كيف تصوب تلك الأدمع
أشكو إليك وأنت أبصر بالهوى(22/25)
ما أودعوا يا سعد ساعة ودّعوا
هم أهرقوا دمعي المصونَ وأوقدوا
في القلب غلة َ وامقٍ لا تنقع
ولقد رعيتُ لهم هناك وما رَعوا
وحَفِظْتُ وُدَّهم القديم وضيَّعوا
وأخذت أذكرهم وبينَ جوانحي
كبدً تكاد لما بها تتصدع
حُيِّيت يا دار الأحبة في اللوى
بحياً يصوبك في العشيّ ويقلع
حتى يراقَ على ثراك فترتوي
بعد الظما تلك الطلول الخشع
كانت منازلنا تروقُ بأوجهٍ
غَرَبَت فأينَ تقول منها المطلع
يا عهدنا الماضي وليسَ براجعٍ
أفترجعنَّ بما مضيت فترجع
واهاً لعيشك يا نديم بمثلها
والكأسُ من حدق الأوانس تترع
حيث الصبا غضٌّ وأعلاق الهوى
مما تغرُّ بها الملاح وتخدع
نجد الهوى رَطْب المَجَسّ فواصلٌ
لا ينثني وملايمٌ ومُمَنَّع
ونروض باللذات كلَّ أبيَّة ٍ
منها لنا فيها القياد الأطوع
نكصتْ على أعقابها أسرابها
وخلا من الظبيات ذاك المربع
ويحَ الميتم من فراق أحبَّة ٍ
عفَتِ المنازلُ بعدهم والأربع
يتجرع المرَّ الزعاف وإنما
كأس الصدود أقلُّ ما تتجرع
ولربما احتمل السلوَّ لو أنه
يصغي إلى قول العذول ويسمع
لي في المنازل حيثُ رامة وقفة ٌ
فيها لمن عانى الصبابة مصرع
إنَّ الأحبة في زرود ولعلعٍ
سُقي الغمامَ بهم زرودُ ولَعْلَعُ
هتف النوى بهم ضحى ً فتبادروا
فيه إلى تلف المشوق وأسرعوا
يا هلْ تراهم يألفون وهل ترى
يَهَبُ الزمان لأهله ما ينزع
يشتاقهم أبداً على شحط النوى
قلبٌ به حرقٌ وعين تدمع
أنفكُّ أستشفي بطيب حديثهم
أو يشتقي هذا الفؤاد الموجع
لا تسألنّي كيف أنتَ فإنني
جلدٌ على الأيام لا أتضعضع
صفعتْ قذال المطمعات أبوَّتي
وقفا الدنية ِ بالأبوَّة يُصفع
أنا من جميل أبي جميل لم أزل
أدعى إلأى المجد الأثيل فأتبع
عنه المكارم في الوجود تنوعت
أجناسها والجنس قد يتنوع
أفْنَتْ عطاياه الحطامَ وإنَّه
لله أو لسبيله ما يجمعُ
لولاه ماعرف الجميل ولا زها
في غيره للفضل روضٌ ممرع
متهلّلٌ بجمال أبهج طلعة ٍ
ممَّن تشير إلى علاهُ الإصبع(22/26)
ترجى المنافع من لدنه وإنّما
نال المعالي من يضر وينفع
أينَ الضياغمُ من علاه إذا سطا
هو لامراء من الضياغم أشجع
في موقف ترد النفوس من الردى
والهامُ تسجدُ والصوارم تركع
والحر يطرب حيث صادية الظبا
تروى وساغبة القشاعم تشبع
ذو رأفة في العالمين وشدة ٍ
تومي لعاتية الأمور فتخضع
قطعت أراجيف الرجاء لأهلها
وكذلك العضب المهند يقطع
لله درّك لو وزنت بك الورى
لرجحت حينئذ وقدرك أرفع
يا من رأيت به المديح فريضة
ومن المدايح واجب وتطوع
أبغي رضاك وحبّذا من بغية ٍ
فيها المآرب والطلاب الأنفع
فإذا رضيت فما الشهاد المجتنى
وإذا غضبت فما السمام المنقع
شكراً لسالفة الصنايع منك لي
حيث المكارم والمكان الأرفع
بلَّغتني نعماً خطب بشكرها
فأنا البليغ- إذا خطبت- المصقع
ونشرتُ بعد الطيّ فيك قصائدي
طيب الثناء عليك فيها يسطع
لولا مدايحك الكريمة لم تكن
تصغي له أذنٌ ويطرب مسمع
أكبت حسَّادي بنعمتك التي
أمست تذّل لها الخطوب وتخضع
أتنالني أيدي الزمان بحادثٍ
يوماً وجانبك الأعز الأمنع
قسماً بمن رفع السماء فأصبحت
زهر النجوم بنظم مدحك تطمع
إن الأبوة والرياسة والعلى
من غير وجهك شمسها لا تطلع
في كل يومٍ من علاك صنيعة
أنتِ المجيد لها وأنت المبدع
والناس إلاَّ أنت في كبّارها
صمٌّ عن الفعل الجميل إذا دُعوا
تالله إنّك واحدٌ في أهلها
ولأنت أنت المشتكى والمفزع
ما ضلّ عن نيل الغنى ذو حاجة
وإلى مكارمك الطريق المهيع
ترجو نَداك وتتقي منك العدى
فالبأس بأسك والسماحة أجمع
تعطي وتمنع نائلاً وأبوَّة
لا كان من يعطي سواك ويمنع
الله يعلم والعوالم كلُّها
إنّي لغير نَداك لا أتوقع
لا زال لي من بحر جودك مورد
عذب ووبل سحابة لا تقلع
فلئن طمعتُ فلي بجودك مطمعٌ
ولئن قنعت فلي بجودك مقنع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أدار الكأس مترعة ً شرابا
أدار الكأس مترعة ً شرابا
رقم القصيدة : 22251
-----------------------------------(22/27)
أدار الكأس مترعة ً شرابا
وأهداها لنا ذهباً مذابا
وقد غارت نجوم الصبح لمّا
رأته وهو قد كشف النقابا
وقال لي الهوى فيه اصطبحها
وطبْ نفساً بها فالوقت طابا
ونحن بجنَّة ٍ لا خلد فيها
ولا واش نخاف به العقابا
ونارُ الحسن في وجنات أحوى
من الغلمان تلتهب التهابا
أدرها يا غلام عَليَّ صرفاً
وأرشفني بريقتك الرضابا
أدرها مُزَّة تحلو وَدَعني
أقبل من ثناياك العذابا
أراش سهامَ مقلته غريرُ
إذا أرمى بها قلباً أصابا
وطاف بها على الندمان يسعى
كأنَ بكفهِ منها خضابا
وشربٍ يشهدون الغيَ محصناً
إذا الشيطان أبصرهم أنابا
عكفت بهم على اللَّذات حتى
قرعت بهم من الغايات بابا
متى حجب الوقار اللّهو عنهم
رأوا أنْ يرفعوا ذاك الحجابا
وقاموا للتي لا عيبَ فيها
يرَوْنَ بتركها للعاب عابا
كأنَّ مجالس الأفراح منهم
كؤوس الراح تنظمهم حبابا
تريك مذاهباً للقوم شتّى
وتذهب في عقولهم ذهابا
تحرَّينا السرور وربَّ رأيٍ
إذا وطىء التراب بأخمصيه
وما زلنا نريق دم الحميّا
ونشربها وقد ساغت شرابا
إلى أن أقلعت ظلم الدياجي
كما طيَّرت عن وكر غرابا
وغنَّتنا على الأغصان ورقُ
يطوّقني أياديه الرغابا
وقد ضحك الأقاح الغضُّ منا
وأبصر من خلاعتنا عجابا
وظلّ البان يرقص والقمارى
تغنّيه انخفاضاً وانتصابا
وفينا كلُّ مبتهج خليعٍ
طروب شبَّ عارضه وشابا
إذا شرب المدام وأطرابته
أعاد على المشيب بها الشبابا
ألا بأبي من العشاق صبٌّ
متى ذكر الغرام له تصابى
بكُلّ مهفهفِ الأعطاف يعطو
بجيد الظبي روع فاسترابا
إذا وطئ التراب بأخمصيه
تمنّى أن يكون له ترابا
وأيم الله إنك مستهام
إذا استعذبت في الحبّ العذابا
أعدْ لي ذكر أقداح كبارٍ
ملاءً من شرابك أو قرابا
وخلّ اليوم عنك حديث سلمى
فلا سلمى أريد ولا الربابا
ومن قول الشجيّ سألت ربعاً
خلا ممن أحبّ فما أجابا
وخذ بحديث سليمان فإنّي
أحبّ به الثناء المستطابا
يهاب مع الجمال ولا يداري
ويوصف بالجميل ولا يحابى(22/28)
فلو فاكهته لجنيت شهداً
ولو عاديته لشهدت صابا
ولم تر قبله عينٌ رأته
جميلاً راح محبوباً مهابا
ينوب عن الصبّاح إذا تجلى ّ
وما ناب الصبّاح له منابا
رغبت عن الأنام به فأضحى
فكان ليَ الثناء عليه داراً
وكان له الندى والجود دابا
هم الرأس المقدَّمُ من قريش
يريك الناس أجمعها ذنابا
وهم خير خلق الله أصلاً
وفرعاً واحتساباً وانتسابا
ويرضى الله ما رضيت قريشٌ
ويغضب إنْ هم راحوا غضابا
ففيهم شيَّد الله المعالي
وفيهم أنزل الله الكتابا
أولئك آلُ بيتٍ أنزلوها
تراثاً عن أبيهم واكتسابا
شواهق من جبال المجد تسمو
مفاخرها وأبنية رحابا
وأخلاقاً مهذبة لداناً
وإيماناً من الجدوى رطابا
إليكم ننتمي وبكم نباهي
من البحر الشرايع والعبابا
وفي الدّارين ما زلنا لديكم
نجوز الأجر منكم والثوابا
وأبلغ ما يكون به التمني
دنوّاً من جنابك واقترابا
زماناً راعني بنواك شهراً
فما لي لا أريع به الركابا
فليس العيدُ ما أوفى بعيدٍ
ولم أشهد به ذاك الجنابا
وعاتبنا بفرقتك الليالي
على ما كان حزناً واكتئابا
فأما أقصر الأشراف اعاً
فأطولهم مع الدنيا عتابا
فيا قمراً عن الزوراء غابا
زماناً للتنزه ثم آبا
طلعت طلوع بدر التِّمِّ لمّا
غَرَبْتَ فلا لقيت الاغترابا
وجئت فجئتنا بالخير سيلاً
تُسيلُ به الأباطح والهضابا
فإنك كلّما استُسقيت وبلاً
سقيت وكنت يومئذ سحابا
فمن منح شرحتَ لنا صدوراً
ومن مِنَنٍ تقلدها الرقابا
ولمّا أنْ نظمتُ له القوافي
ولجت بها على الضرغام غابا
وقمتُ عليه أنشدُها وأهدي
لحضرته الدعاء المستجابا
إذا منع اللئيم ندى يديهِ
أبى إلاّ انصباباً وانسكابا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لمن السوابقُ والجياد الضمَّرُ
لمن السوابقُ والجياد الضمَّرُ
رقم القصيدة : 22252
-----------------------------------
لمن السوابقُ والجياد الضمَّرُ
تخدي ويزجرها الغرام فتعثرُ
حفَّت بها أمَمُ الرّجال كأنها
زمرٌ تساق إلأى الجنان وتحشر(22/29)
يتشرفون بحمل ثوبِ نبيّهم
فوق الرؤوس هو الطراز الأخضر
وحلاوة الإيمان حشو قلوبهم
ولسانهم عن ذكره لا يفتر
يبكون من فرحٍ به بمدامعٍ
كالدر فوق خدودهم تتحدر
كلٌّ له مما اعتراه صبابة ً
كبد تذوب ومهجة تتسعر
مترجلين كأنما مالت بهم
راحٌ يسكّر ذكرها أو تسكر
وترى السكينة والوقار عليهم
والخيل من تيه بها تتبختر
حَمَلَت ثياب نبِّينا وسعت به
سعياً على أيدي الليالي يشكر
وتفاخروا في لثمها وتبركوا
حقّاً لمثلهم بها أن يفخروا
أمّوا بها النّعمان حتى شاهدوا
إشراقَ نور ضريحه فاستبشروا
حيث الهدى حيث المكارم والتقى
حيث الفضائل منه عنه تنشر
أرضٌ مقدَّسة وترب طاهر
ومشاهد فيها الذنوب تكفر
وبكوا سروراً في معاهد أنسِهِ
غشّى عيونهم السنا فاستعبروا
لاحت لهم هذي القباب فهلّلوا
وبدا لهم هذا المقام فكبّروا
هذا إمام المسلمين ومذهب ال
حقَّ المبين وسرّه والمظهر
هذا مداد العلم هذا بابه
إنَّ العلوم بصدره تتفجر
هذا صباح الحق هذا شمسه
قد راق منظره ورق المخبر
هذا الذي في كل حال لم يزل
علماً على الأعلام لا يتنكر
هذا الذي أوفى الفضائل كلَّها
فاز المُقِرّ بها وخاب المنكِر
هذا المنى هذا الغنى هذا التقى
هذا الهدى هذا العلى والمفخر
هذا الإمام الأعظم الفرد الذي
آثاره تبقى وتفنى الأعصر
إنْ تنكر الأرفاض فضل إمامنا
عَرَفوا الحقيقة والصواب فأنكروا
لعن الرَّوافض إنّما أخبارهم
كذِبٌ على آل النبي تُزَوَّر
السادة الغر الميامين الألى
قد نزهوا مما سمته وطُهروا
كذبت عليهم شيعة مخذولة
قالوا كما قال اليهود وكفَّروا
وكذا الهشامان اللّذان تزندقا
فقضى بكفرهما الإمام وجعفر
ساؤوا رسول الله في أصحابه
ويقولهم بالإفك وهو يكفر
لعنوا بما قالوا وغُلَّت منهم ال
أيدي وذلوا بعدها واستحقروا
هتكوا الحسين بكل عامٍ مرة ً
وتمثلوا بعداوة ٍ وتصوَّروا
وَيلاهُ من تلك الفضيحة إنَّها
تطوى وفي أيدي الروافض تنشرُ
كتموا نِفاقاً دينَهم ومخافة ً(22/30)
فلو اسْتُطِيعَ ظهوره لاستظهروا
أو كان ينفذ أمره لتأثَّروا
أو كان يسمع قولهم لتحيروا
لا خير في دين ينافون الورى
عنه من الإسلام أو يتسزوا
ليس التقى هذي التقيّة إنّما
هذا النّفاق وما هواه المنكر
هم حرَّفوا كلمَ النّبي وخالفوا
هم بَدَّلوا الأحكام فيه وغيّروا
لو لم يكن سَبُّ الصحابة دينَهم
لتهوَّدوا في دينهم وتنصرَّوا
سبوا أئمَّتنا وأنجم ديننا
من نرتجي يوم المعاد ونذخر
قد جاهدوا في الله حق جهاده
وتطاولوا لكنهم ما قصَّروا
فتحوا البلاد ودوَّخوها عنوة
جمع الضلال بفتحها يتكسر
إنّ الجهاد على الروافض لازمٌ
ويثاب فاعله عليه ويؤجر
من لم يعادِهمُ فذاك مذبذبُ
أو لم يكفرهم فذاك مكفَّر
يا قدوة الإسلام يا عَلَم الهدى
إنّ الهدى من نور علمك يظهر
ولقد ورثت عن النبي علومه
فيه الفخار وفيه ما نتخير
جئناك في ثوب النبّي محمّدٍ
ومنوّرٍ بضريح أفضل مرسلٍ
يا حبذا ذاك الضريح الأنور
ومعفرٍ بتراب أشرفِ حضرة ٍ
فالمسكل بعض أريجه والعنبر
هو رحمة ٌ للعالمين ورأفة ٌ
وهو البشير لخلقه والمنذر
متوسّلين بسترِ قبرِ محمدٍ
ستر به قبر الرسول مستَّر
يا ربَّنا بمحمَّد وبآلهِ
من منهم أثر الهداية يؤثر
وبصحبه ألنّاصرين لدينه
من أوضحوا سبل الهدى إذا أظهروا
يا ربب العلماء أعلام الهدى
العاملين بما تقول وتأمر
نحن العبيد كما علمت بحالنا
والعَبْدُ يا ربّ العباد مقصّر
كل يرجّي فضل رحمة ربه
ويخاف إيعاد الذنوب ويحذر
متذلّلين مقصّرين لذنبهم
يا من يذلَ لعزّهِ المستكبر
فاسبل علينا ثوب حلمك مالنا
إلا بحلمك يا كريمُ تستُّر
واغفر يغفوك يا غفور ذنوبنا
إن الذنوب بجنب عفوك تغفر
وانصر إمام المسلمين وجيشه
نعم الإمام لما به نستنصر
يا رب سامْحنا على هفواتنا
فذنوبنا مما علمنا أكبر
هذا عليٌّ قد أتى متوسلاً
يرجو الثواب إذا الخلايق تحشر
فأجبه بالغفران واخذل ضدَّه
يا من يفوز بعفوه المستنصر
واعلِ على رغم الأعادي قدره
وانصره إنك سيّدي مَن تنصرُ(22/31)
دمِّر به أهل الضلال جميعها
ليفرقوا في سيفه ويدَّمروا
أيِّد به الدّين القويم فإنَّه
ذو غيرة بالدين لا يتغير
لا يتقي في الله لومة لائم
خصم الأعادي والعدوُّ الأكبر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عادَ المتَّيم في غرامكَ داؤهُ
عادَ المتَّيم في غرامكَ داؤهُ
رقم القصيدة : 22253
-----------------------------------
عادَ المتَّيم في غرامكَ داؤهُ
أهُوَ السليمُ تَعودُهُ آناؤهُ
فتأججت زفراته وتاهَّبتْ
جمراتهُ وتوقّدت رمضاؤه
حسبُ المتَّيم وجدهُ وغرامه
وكفاه ما فعلت به برحاؤه
بالله أيّتها الحمائم غرّدي
ولطالما أشجى المشوقَ غناؤه
نوحي تجاوبك الجوانح أنة ً
وتظلّ تندب خاطري ورقاؤه
هيهات ما صدق الغرام على امرىء
حتى تذوب من الجوى أحشاؤه
إن كان يبكي الصبّ لا من لوعة
أخذت بمهجته فممَّ بكاؤه
بترقرق العبرات وهي مذالة
سرٌّ يضرّ بحاله إفشاؤه
لا تذهبنّ بك المذاهب غرة
آرام ذياك الحمى وظباؤه
وبمهجتي من لحظ أحور فاتنٍ
مرض يعزّ على الطبيب شفاؤه
هل يهتدي هذا الطبيب لعلتي
إن الغرامَ كثيرة أدواؤه
والليل يعلم ما أجَنَّ ضميره
من لوعتي وتضمَّنَتْ أرجاؤه
ما زلت أكتحل السواد بهجركم
أرقاً ويطرف ناظري أقذاؤه
حتى يشق الصبح أردية الدجى
وتحيل صبغة ليله ظلماؤه
زعم العذول بأنّ همي همّه
ومن البلية همّهُ وعناؤه
يدعوة الفؤاد إلى السلو ودونه
للشوق داع لا يرد دعاؤه
لا يطمئن بيَ الملام فما له
منّي سوى ما خاب فيه رجاؤه
حكم الغرام على ذويه قضى
ومضى عليهم حكمه وقضاؤه
يا رحمة للمغرمين وإنْ تكنْ
قتلى هواك فإنهم شهداؤه
ما كان داء الحب إلاّ نظرة ً
هي في الصبابة داؤه ودواؤه
في الحيّ بعد الظاعنين لما به
مَيْتٌ بكته لرحمة أحياؤه
أحبابه النائين عنه أأنتم
أحبابه الأدنون أم أعداؤه
حفظ الوداد فما ضيّعتموا
ووفى بعهدكم فدام وفاؤه
وجزيتموه على الوفاء قطيعة
أكذا من الإنصاف كان جزاؤه
ما شرع دين الحب شرعة هاجر
صدق الخلوص لودّه شحناوه(22/32)
خاصمت أيامي بكم فرغمتها
والحرُّ أوغادُ الورى خصماؤه
سفهاً لرأي الدهر يحسب أنّني
ممن يراع إذا دهت دهياؤه
ألقى قطوب خطوبه متبسماً
وسواي يرهب في الخطوب لقاؤه
إني ليعجبني ترفُّعُ همَّتي
ويروق وجهي صونه وحياؤه
لا تعجبنَّ من الزمان وأهلِهِ
هذا الزمان وهذه أنباؤه
ليس المهذب من تطيش بلبّهِ
نعماؤه يوماً ولا بأساؤه
تمضي حوادثه فلا ضرَّاؤه
تبقى على أحد ولا سراؤه
لا بد من يوم يسرّ به الفتى
وتزول عن ذي غمة غماؤه
ولربما صدئ الحسام وناله
قين فعاد مضاؤه وجلاؤه
أوَ ما تراني كيف كنت وكان لي
من كان أفخر حليتي نعماؤه
عبد الغني أبو جميل وابنه
وكذا بنوه وهكذا آباؤه
نسب أضاء به الوجود وأشرقت
في مشمخر علائه أضواؤه
جعل الاله لنا نصيباً وافراً
من إسمه فتقدستْ أسماؤه
هذا القريب من العُفاة عطاؤه
هذا الرحيب بمن ألمَّ فناؤه
ضربت على قلل الفخار قبابه
وبدا لمشتطِّ الديار سناؤه
إن كان يُعرَف نائلٌ فنواله
أو كان يعلمُ باذخ فعلاؤه
شيخ إذا الملهوف أمَّ بحاجة
في بابه نشطت لها أعضاؤه
يفدي النزيل بما له وبنفسه
نفسي ونفس العالمين فداؤه
متنِّمرٌ إن سيم ضيماً أدميت
منه الرائن واستشاط إباؤه
فيه من الضرغام شدة بطشه
ومن المهنَّد بأسه ومضاؤه
يا قلب كيف علقت في أشراكهم
وأحاط بالبحر المحيط رداؤه
حدِّث ولا حرجٌ ولست ببالغ
ما تستحق لها به آلاؤه
بهر العقول جميله وجمالُه
وجلاله وكماله وبهاؤه
هذي معاليه فما نظراؤه
غير النجوم على ً ولا أكفاؤه
تالله لم تظفر يداه بثروة
إلاّ ليفتك جوده وسخاؤه
راحت ذوو الحاجات يقتسمونها
فكأنهم في ماله شركاؤه
وجدانه فقد الثراء لنفسه
ولغيره أبداً يكون ثراؤه
يمسي ويصبح بالجميل ولم يزل
يثني عليه صبحه ومساؤه
لله منبلج السَّنا عن غرَّة ٍ
لا الصبح منبلجاً ولا أضواؤه
لو تنزل الآيات في أيامه
أثنى عليه الله جل ثناؤه
لا بدلَ الله الزمانَ بغيره
حتى تُبدَّلُ أرضهُ وسماؤه
ما في الزمان وأهلِهِ مثلٌ له(22/33)
إذ لم تكن كرماءَه لؤماؤه
وَقْفٌ على الصنع الجميل جنابه
فكأنَّما هو لو نظرت غذاؤه
وطعامه وشرابه وسماعه
ومرامه ورجاؤه وصفاؤه
ولربما لمعت بوارق غيثه
فانهلّ عارضه وأهرق ماؤه
ولقد تجود بكل نَوْءٍ مُزْنُهُ
جود السحاب تتابعت أنواؤه
إني أؤمل أن أكون بفضله
ممن يؤمَّل فضله وعطاؤه
بيتُ المروءة والأبوة والندى
ومحلَّه ومكانه ووعاؤه
سبحان من خلق المكارم كلَّها
في ذلك البيت الرفيع بناؤه
أصبحت روض الحزن من سقيا الحيا
راقت محاسنه وراق هواؤه
يسري إليه نسيم أرواح الصبا
فتضوع في نفحاتها أرجاؤه
يمري عليها الريّ كل عشية
وتجودها من صيّب أنداؤه
عهد الربيع بفصله وبفضله
أبداً يمر خريفه وشتاؤه
ما زال يوليني الجميل تكرماً
مولى ً عليَّ من الفروض ولاؤه
وكأنما اصطبح المدامة شاعر
بمديحه فقريضه صهباؤه
فالله يبقي المكرمات وها هما
متلازمان بقاؤها وبقاؤه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أعادك يا سعد عيد الهوى ؟
أعادك يا سعد عيد الهوى ؟
رقم القصيدة : 22254
-----------------------------------
أعادك يا سعد عيد الهوى ؟
وأنت مُلِمٌّ بدار اللّوى
فأصبحت تنحر فيها الجفون
كما تنحر البدن يوم القرى
فمن حق طرفي هذي الدموع
ومن شأن قلبيَ هذا الجوى
فما غير قلبي يصْلى الفضا
ولا غير طرفي يفيض الدما
وكيف وقفت على أربع
عفتْ قبل هذا بأيدي البلى
أتدفع فيها بها ما ترى
فكيف تداوي الأسى بالأسى
ولِم لا اتَّبعت كلام النصوح
وكفكفت دمعك لما جرى
إلى أن تحقَّقْتَ أنّ الغرام
يعيد القويَّ ضعيف القرى
وحتى أطعت الهوى والشجيُّ
يعاصي الملام لطوع الهوى
فإن تلحني بعدها مرة
جزيتك يا سعد بئس الجزا
ولمتُكَ في عبرات تفيض
ووجد يقطع منك الحشا
وقلت تسلّ عن الظاعنين
فإن السلوّ بأمر الفتى
ألم تك من قبلها لمتني
فماذا الوقوف وماذا البكا
وقد كنتُ مثلك بين الطلول
أساجل بالدمع وَبْلَ الحيا
وأروي الديار بماء الجفون
فلم يرق دمعي وفيها ظما(22/34)
وما برحت عبراتي بها
تبل الغليل وتروي الصدى
وأذكر فيها على صبوتي
زمان التصابي وعهد الصبا
قضيتُ لديه بما أشتهي
ولكنّه قد مضى وانقضى
أغازل غِزلانَه للوصال
وأشرب للهو كأس الطلا
وأسمع من نغمات القيان
كلاماً يعشقّني بالدمى
يحضّ على ما يسر النفوس
ويدعو إلأى ما هو المشتهى
ينادمني كلّ عذب الكلام
يشابه بالحسن بدر الدجى
وألقى الزمان بهم باسماً
كوجه الكريم وزهر الرُّبا
فإن ترني بعدهم راضياً
ولو بالخيال فما عن رضا
ولكنها زفرات تهيج
فأذكر يا سعد ما قد مضى
وإن جاشتِ النفس من وجدها
فتعليلها بحديث المنى
وأخرج من ذكرهم بالقريض
بمدح عليٍّ خدينَ العلى
ففي مدحه ما يزيل الهموم
وفي شكره يستفاض الندى
فلا بعده للمنى منتهى
ولا غيره للعلى مرتقى
تواضعَ وهو عليُّ الجناب
رفيع المحل وسامي الذرا
بآثاره أبداً يقتفي
وأقوله أبداً يفتدى
ملاذ الجميع لمن قد دنا
من العالمين ومن قد نأى
أعاد مناقبَ آبائه
حياة العفاة وحتف العدى
تُشَدُّ إليها رحال المطى
فينفق أنفس ما قد غلا
فإما سألت ندى كفه
فسل ما تشاء وثق بالغنى
وأعجبُ ما فيه يعطي الجزيل
ويلحق ذاك الجدى بالجدى
ففيه مع الجود هذا الحياء
وفيه مع البأس هذا التُّقى
أليس من القوم سادوا الأنام
فهم سادة لجميع الورى
عليهم تنزَّل وحي الآله
ومنهم تبلج صبح الهدى
وكيف يفاخرهم غيرهم
إذا كان جدّهم المصطفى
وهذي ضرائح آبائهم
يلوذ بحضرتهم من يخاف
خطوب الليالي ويخشى الأذى
حماة ٌ بهم يأمن الخائفون
نوائبَ من شدّة تتَّقى
لهم عند ضيق مجال الرجال
عزائم ليست لبيض الظبا
أكارم لا نارهم في الظلام
توارى ولا جارهم في عنا
مضوا وأتى بعدهم فرعهم
ومن قد مضى مثل من قد أتى
مهابٌ إذا أنتَ أبصرته
فتحسبه من أسود الثرى
يجيب إذا ما دعاه الصريخ
همام يلبّى إذا ما دعا
صفا من يديه غير النوال
لمن يجتديه فخذ ما صفا
أؤمِّلُ منه بعيد المرام
وأرجوا به فوق ما يرتجى
وإني بنظمي مديحي له
كمن شرب الراح حتى انتشى(22/35)
ولا زال في كل عيد يعود
بأرفع مجدٍ وأعلى بنا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بوادي الغضا للمالكية أرْبُعُ
بوادي الغضا للمالكية أرْبُعُ
رقم القصيدة : 22255
-----------------------------------
بوادي الغضا للمالكية أرْبُعُ
سقتها الحيا منّا جفونٌ وأدمعُ
ومرتبع قد كان للريمِ ملعباً
على أنّه للضيغم الوردِ مصرع
يقطّع فيها مهجة الصب شوقها
وما الشوق إلاّ مهجة تتقطع
حَبَسْتُ بها صَحْباً كأن قلوبهم
من الشوق في تلك المنازل تخلعُ
على مثل معوّج الحنيّة ضمَّر
نبوع بها البيد القفار ونذرع
تحنّ إلي أعلام سلعٍ ولعلع
لقد فتكت بالحب سلع ولعلع
كأنْ فصدتْ من أخدعيها وما جرى
لها بدمٍ قان هنالك أخدع
وما هي إلاّ عبرة دموية
يجود بها في ذلك الربع مدمع
فحيّت رسوم الدار وهي دوارس
جفون بما تسقى بها الدار تترع
كانَّ مطيَّ الركب في الشعب أصبحتْ
لها عند ذاك الشعب قلب مضيّع
نريك بها من شدّة الوجد ما بنا
فكلٌّ له منّا فؤاد مُروَّع
ولما نزلنا ليلة الخيف بالنقا
وفاضت على أطلال رامة أدمع
بحيث الهوى يستنزف العين ماءها
ويستهتر الصبر الذي لا يرقّع
ذكرنا بها أيام لهو كأنها
عقيلة مال المرة بل هي أنفع
وبتنا وأسياف من الشهب في الدجى
تُسَلّ وزنجيّ الظلام يجدع
تحرّك ذات الطوق وجدي وطالما
تبيت على فينانة البان تسجع
تردد والأشجان ملءُ حديثها
قديم الهوى من أهله وترجع
وما ساءها بالبين ركبٌ مقوّضٌ
ولا راعها يوماً خليطٌ مودع
فهل أنت مثلي قد أضرّ بك الهوى
وهل لك قلب لا أبالك موجع
لئن نشرت طيّ الغرام الذي لها
فقط طُويَتْ مني على الوجد أضلع
بنفسي من الجانين بالطرف جانباً
له شافع من حسنه ومشفع
يجرّعني ما لم أذقه من النوى
ألا من حمّيا الوجد ما أتجرع
بذلت له من أدمع كنت صنتها
ذخائرها وهو الحبيب الممتع
ويا ربما أدميت طرفي بوامضٍ
من البرق في الظلماء يخفى ويلمع
وقلت لسعد حين أنكر لوعتي
عداك الهوى إني بظمياء مولع(22/36)
تولّت لنا أيام جمع وأقلعت
فلم يبق في اللذات يا سعد مطمع
وأصبح بالحيّ العراقي ناعباً
غرابٌ بصرف البين للبين أبقع
وغابت بدور الظاعنين عشية ً
بأنضاء أسفارٍ تخبّ وتوضع
أراني مقيماً بالعراق على ظما
ولا منهل للظامئين ومرتع
وكيف برود الماء والماء آجن
يبلُّ به هذا الغليل وينقع
لعلّ وما تجدي لعلَّ وربَّما
غمائم غمّ أطبقت تتقشع
يعود زمان مرَّ حلوُ مذاقه
وشمل أحبّائي كما كان يجمع
فقد كنت لا أُعطي الحوادث مقودي
وإني لريب الدهر لا أتوجع
كأنّي صفاة ٌ زادها الدهر قسوة ً
من الصم لا تبلى ولا تتصدع
فسالمت حرب النائبات فلم تزل
تقود زمامي حيث شاءت فأتبع
وكنت إذا طاشت سهام قسيّها
وقتني الردى من صنع داوود أدرع
فمن جوده إني ربيتُ بجوده
وزير له الإحسان والجود أجمع
وَرَدَّ شموسَ الفضلَ بعد غروبها
كما ردها من قبل ذلك يوشع
وقام له في كل منبر مدحة
خطيب من الأقلام بالفضل مصقع
ومستودع علم النبيين صدره
ولله سرُّ في معاليه مودع
كأنّ ضياء الشمس فوق جبينه
على وجهه النور الإلهي يسطع
وزير ومرُّ الحادثات يزيده
ثباتاً وحلماً فهو إذ ذاك أروع
إذا ضعضع الخطب الجبال فإنّه
هو الجبل الطود الذي لا يضعضع
عرانينه قد تشمخر إلأى العلى
أشمُّ إلأى الأعلام في المجد أفرع
أمدّ على قطر العراقين ظلَّه
إذا عصفت في الملك نكباء زعزع
ويقدمُ حيث الأسد تحجم رهبة
ويسطو وأطراف المنيّة شرع
يمد يداً طولى إلى ما يرومه
فتقصر أبواعٌ طوالٌ وأذرع
إذا ذَكَرَ الجبّارُ شدّة َ بأسِه
يلين لما يلقاه منه ويخضع
لقد سار من لا زال ينهل قطره
سحاب عن الزوراء بالجود مقلع
فما سال يوماً بعد جدواه أبطحٌ
بسيب ولن تسقى من الغيث أجرع
ولا مرّ فيها غير طيب ثنائه
أريج شذى ً من طيِّب المسك أضوع
ولا عمرت في غير أنواع مدحه
بيوت على أيدي الفضائل ترفع
أبا حسن هل أوبة ٌ بعد غيبة ٍ
فللبدر في الدنيا مغيب ومطلع
لئن خَلِيَتْ منك البلاد التي خلت
فلم يخل من ذكرى جميلك موضع(22/37)
ففي كل أرض من أياديك ديمة
وروض إذا ما أجدى الناس ممرع
يفيض الندى من راحتيك وإنها
حياضٌ، بنو الآمال منهن تكرع
وإني على خصب الزمان وجدبه
إليك وإن شطَّ المزار لأهرع
ولو أنني وقفتُ للخير أصبحت
نياقي بأرض الروم تخدي وتسرع
إلى مالكٍ ما عن مكارمه غنى ً
وغير ندى كفيه لا أتوقع
فألثم أقدام الوزير التي لها
إلى غابة الغابات ممشى ً ومهيع
وأثني عليه بالّذي هو أهله
وأُنْشِدُه ما قلت فيه ويسمع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ليهنكمُ زواجٌ في هناءِ
ليهنكمُ زواجٌ في هناءِ
رقم القصيدة : 22256
-----------------------------------
ليهنكمُ زواجٌ في هناءِ
به انشرحت لأقوامٍ صدورُ
ترون الخير مجلوباً إليه
وفي أطرافه الخير الكثير
ويطرب في مغانيكم محبٌّ
يبوح لكم بما كتمٍ الضمير
تقرّ العين فيكم إن تراكم
وفي أخلاقكم كرمٌ وخيرُ
إذا سُدتُم وكنتم حيث أهوى
وما فيكم بمكرمة قصور
ولا عجباً إذا ما ساد شبلٌ
أبوه ذلك الأسد الهصور
ألا يا عمَّ أبناءٍ كرام
تَعَمُّ به السعادة والحبور
ومهدي العالمين إلى رشاد
يلوح به لعلم منك نور
بذكر تطمئن به قلوب
ووعظ قد تلين له الصخور
تهنّ بذلك التزويج ممن
بها الأيام تشرق والشهور
وسرَّ به كما تبغي وأرّخ
ففي تزويج نعمان سرور
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إلى إحسان مولانا الرفاعي
إلى إحسان مولانا الرفاعي
رقم القصيدة : 22257
-----------------------------------
إلى إحسان مولانا الرفاعي
بكشكول الرَّجاء مددت باعي
هو القطب الذي لا قطب يدعى
سواه في الأنام بلا نزاع
عريض الجاه ذو قدر كريمٍ
طويل الابع بل رحب الذراع
تَوَلَّد من رسول الله شبلٌ
به دانت له كلُّ السباع
وقبّل كفَّ والده جهاراً
غدت بالنور بادية الشعاع
وشاهدها الثقات وكل فرد
رآها بانفراد واجتماع
فتلك فرّية لم يخط فيها
سواه من مطيع أو مطاع
عشقت طريق حضرته عياناً
وأما الغير يعشق بالسماع
بذكر جلاله وعلاه نمشي(22/38)
رويداً فوق أنياب الأفاعي
فماء زلاله يروي غليلي
وروضي إن تنكرت المراعي
ولم أعبأ بجعجعة وطحن
فذاك الصخر خرّ من اليفاع
مجيري إن تعاقبت الرزايا
وغوثي إن تكاثرت الدواعي
إذا ما الدهر جلَّلَنا بخطب
وأورث صدعه سوء الصداع
بهمته العلّية إن توالت
نكيل خطوبه صاعاً بصاع
أبا العلمين سيَّدنا المفدى
على وجل أتيتُ إليك ساعي
أتيتك زائراً أبغي قبولاً
ففيك توصلي ولك انقطاعي
أتيت إليك أشكو من ذنوب
تولدها بنا قبح الطباع
فما كذبت بما أرجو ظنوني
ولا خابت بنا تلك المساعي
لقد عصرتني الأيام حتى
جرى من مقلتي لبن الرضاع
لك الهمم التي شهد المعادي
بها إذ لا سبيل إلأى الدفاع
إذا خفقت رياح العزم منها
أمِنَّا في حماه من الضياع
وليس سواه في حزم وعزم
يبين لنا المضيع من المضاع
فهذا ملجأ من حلَّ فيه
يعدْ من غير خوف وارتباع
أُمَرِّغُ حُرَّ وجهي في ترابٍ
به التمريغ للجنّات داعي
وقفنا والجفون لها مسيل
بهانيك الأماكن والبقاع
فكم من مقلة للشوق أذرت
وأجرت دمعها دون امتناع
فيا بن الأكرمين جعلت مدحي
بكم خير ارتداء وادّراع
إذا ما رمت أنّ أحصي ثناكم
طلبت بذاك غير المستطاع
ألا إنَّ الذنوب لقد توالت
وجاءت وهي حاسرة القناع
فقد أصبتنيَ الدنيا إليها
وغرّتني بأنواع الخداع
فخذ بيدي بأرض الحشر يوماً
يساوي بالجبان وبالشجاع
وأدركني ومن نفسي أجرني
وأنعم في قبولك باصطناعي
فقد ناجيتها لما أتينا
رويدك وابشري أن لا تراعي
وإنّي عدتّ في نفسي وجسمي
مليئاً بالهدى والانتقاع
بلى روحي لديك لقد أقامت
تشاهدُ نقطة السر المذاع
أُوَدِّعُ حضرة ملئت جلالاً
وليس لنا سواها اليوم راعي
كريم بالسلام لدى حضوري
ولكني بخيل بالوداع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هل تركتم غير الجوى لفؤادي
هل تركتم غير الجوى لفؤادي
رقم القصيدة : 22258
-----------------------------------
هل تركتم غير الجوى لفؤادي
أو كحلتم عيني بغير السُّهاد
قد بعدتم عن أعين فهي غرقى(22/39)
بدموعي ولي فؤادٌ صادي
ثم وكّلتم السهاد عليها
يمنع العين عن لذيذ الرقاد
مَن مجيري من الأحبة يجفون
وتعدو منهم عليّ الغوادي
علموا أنني عليل ومن لي
أن أرى طيفهم من اعلواد
نزلوا وادي الغضا فكأن الـ
دمع مني سيول ذاك الوادي
تركتني أظغانهم يوم بانوا
وحدا فيهم من البين حادي
بين دمع على المنازل موقو
فٍ وشمل مشتت بالبعاد
وفؤاد يروعه كل يوم
ذكر أيامنا الحسان الجياد
يا رفيقي وأين عهدك بالجزَع
سقاه الغمام صوب عهاد
وسقت دارنا بميثاء مزن
من ذوات الإبراق واإرعاد
تتلظى كأنّما أوْقَدَتْها
زفراتي بحرّها الوقاد
فتظنّ البروق منها سيوفاً
وإذا المسلمون رامت هداها
موقراتٍ بما حملن من الماء
رواءً إلأى الديار الصوادي
ملقيات أثقالها باذلات
ما لديها على الرُّبا والوهاد
فترى الروض شاكراً من نداها
نعمة بالأزهار والأوراد
تتوالى على ملاعبَ للغز
لان فيها ومصرع الآساد
أربعٍ كلّما وقفت عليها
ومناخٍ لنا بريق منالأجفان
والقوافي تروي أحاديث عليا
فلنا فيه ما لهذي المطايا
حرقة في القلوب والأكباد
كنت أرجو برداً من الوجد لكن
ما لحر الغرام من إبراد
إنّ في الظاعنين أبناءَ ودٍّ
لم يراعوا في الود عهد ودادي
أين ميعاد من هويت هواه
ومتى نلتقي على ميعاد
وتمادى هذا الجفاء وما هذا
التجافي منه وهذا التمادي
لا أرى الدهر باسماً أو أراني
بعد رغم المنى أنوف الأعادي
منشداً في أبي الثناء ثناءً
خالد الذكر دائم الإنشاد
كم قصدنا بالقصيد وما زا
ل من الناس كعبة القصاد
ووردنا بحراً طمى وأُفيضت
من أياديه للأنام الأيادي
ووجدنا منه حلاوة لفظ
شق فيها مرائر الحساد
في لسان بحدِّهِ قد رمى
رؤوس الإلحاد بالأعضاد
فإذا سوّدت يداه كتاباً
فبياض العلى بذاك السواد
وصباح الحق المبين لعيني
ينجلي من سواد ذاك المداد
عارف بالغايات من مبتدأها
ولغايات كل شيء مبادي
وإذا المسلون رامت هداها
كان من بينها الإمام الهادي
زاجرٍ بالآيات عن منهج الغيّ(22/40)
ومهدي إلى سبيل الرشاد
وارثٌ علم جده سيد الر
سل وسر الآباء في الأولاد
سؤدد في الأماجد السادة الـ
ـغر قديماً والسادة الأمجاد
فاتك بالكلام في كل بحث
فتكات الحسام يوم جلاد
سعدت هذه البلاد بشهم
عزّ وجدان مثله في البلاد
جامع للعلوم شفع المعالي
مفرد الفضل واحد الآحاد
إن تعدد مناقباً لك قوم
عجزت عن نهاية الأعداد
يا عماد الدين القويم وما زلـ
ت عظيم البنا رفيع العماد
إنّما أنت آية الله للنا
س جميعاً ورحمة للعباد
وببغداد ما حللت مقيماً
فالمقام المحمود في بغداد
لم أزل أرتجيك في هذه الد
نيا وأرجوك بعدها في المعاد
أنا عمّا سواك أغنى البرايا
ولما يرتج من الزهاد
طوقتني النعماء منك ونعما
ؤك مثل الأطواق في الأجياد
غمرتني مكارم منك تترى
يا كريم الآباء والأجداد
نائل من علاك كل مرام
بالغ من نداك كل مراد
حزت أجر الصيام والعيد وافا
ك بما تشتهي بخير معاد
كل عيد عليك عاد جديداً
فهو عيد من أشرف الأعياد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أسيرُ وقد جازت بنا غاية السُّرى
أسيرُ وقد جازت بنا غاية السُّرى
رقم القصيدة : 22259
-----------------------------------
أسيرُ وقد جازت بنا غاية السُّرى
ولاحت خيام للحمى وقبابُ
سوابحُ في بحر السراب كانها
بغارب امواج السراب حباب
تحنّ إلأى سلعٍ ورامة ٍ
وما دونها في السالفات قراب
إذا خوطبت في ذكر أيامها الألى
ثناها إلى الوجد التليد خطاب
كأن حشاها من وراء ضلوعها
تقاطر منأجفانها وتذاب
وعاتبت الأيام فيما قضت به
وهل نافع منك الفؤاد عتاب
إلأى الشيخ عبد القادر العيس يمَّمت
فتمَّ لها أجر وحق ثواب
وما لسوى آل النبيّ محمّدٍ
تحثّ المطايا أو يناخ ركاب
كأنَّ شعاع النور من حضراتهم
تثق حشا الظلماء فهي حراب
عليها من الأنوار ما يبهر النهى
وينصل فيها للظلام خضاب
يراها بعيني رأسه كل ناظر
وما دونها للناظرين حجاب
فلله قبر ضمّ أشرف راقدٍ
لديه كما ضم الحسام قراب
جناب مريع عظم الله شأنه(22/41)
فجلّ له قدر وعز جناب
تصاغر كبَّارا الملوك جميعها
بحضرة باز الله فهي ذباب
ويستحقر الجبار إذ ذاكْ نفسه
فيرجو إذا ما راعه ويهاب
قصدناك والعافون أنت ملاذهم
وما قصدوا يوماً علاك وخابوا
تلين الرزايا في حماك وإن قست
وكم لان منها في حماك صلاب
بك اليوم أشياخ كبار تضرعوا
إلأى الله فيما نابهم وأنابوا
على فطرة الإسلام شبت وشيَّبت
مفارقهم سود الخطوب فتابوا
قد استعبرت أجفانهم منك هيبة
ومالت لهم عند الضريح رقاب
يمدون أيدي المستميح من الندى
وما غير إعطاء المرام جواب
تنال بك الآمال وهي بعيدة
وتقضى بك الآمال وهي صعاب
وأنّى لنا يا أيها الشيخ جيئة
إلأى بابك العالي وليس ذهاب
إلى أن ترينا الخطب منفصم العرى
وللأمن من بعد النزوح إياب
وحتى نرى فيما نرى قد تقشعت
غيوم واضمحل ضباب
إلام نعاني غصة ً بعد غصة ٍ
ونرمى بأسهام الأذى ونصاب
أبا صالح قد أفسد الدهر أمرنا
وضاقت علينا في الخطوب رحابُ
وتالله ما ننفكّ نستجلب الرضى
علينا من الأيام وهي غضاب
وتعدو كما تعدو الذئاب صروفها
علينا وأحداث الزمان ذئاب
وإنا لفي دهر تسافل بعدما
أقيم مقام الرأس فيه ذناب
فوا عجباً مما نراه بجيله
وأكثر أحوال الزمان عجاب
يذاد عن الماء النمير ابن حرة
وللنذل فيها مورد وشراب
وتعلو على أعلى الرجال أراذل
وتسطو على ليث العرين كلاب
فلا خير في هذي الحياة فإنها
عقاب وما لا تشتهيه عقاب
حياة لأبناء اللئام وجودها
نعيم وللحر الكريم عذاب
إلأى الله مما نابنا أيّ مشتكى
ولله ما نرمى به ونصاب
إذا ما مضى عنا مصاب أهالنا
دهانا مصاب بعده ومصاب
وأحدثُ أيام تثيبُّ ولم تشبْ
كأن لم يكن قبل المشيب شباب
تشنُّ علينا غارة بعد غارة
فنحن إذاً غنمٌ لها ونهاب
فيا آل بيت الوحي دعوة ضارع
إلأى الله يدعو ربه ويجاب
صلاح ولاة الأمر إن صلاحهم
يعود علينا والفساد خراب
بحيث إذا راموا الإساءة أقلعوا
أو اجتهدوا فيما يَسُرُّ أصابوا
مواردكم للحائمين كأنها(22/42)
موارد من قطر الغمام عذاب
وهل ينبغي الظمآن من غير فضلكم
وروداً وماء الباخلين سراب
نعفّر منا أوجهاً في صعيدكم
عليهن من صبغ المشيب نقاب
فلا دونكم للقاصدين مقاصد
ولا بعدكم للطالبين طلاب
مفاتيح للجدوى مصابيح للهدى
فأيديكم في العالمين رغاب
بكم يرزق الله العباد وفيكم
تنزَّل من رب السماء كتاب
وأنتم لنا في هذه الدار رحمة
إذا مسّنا فيها أذى ً وعذاب
ومن بعد هذا أنتم شفعاؤنا
إذ كانت الأخرى وقام حساب
لأعتابكم تزجى المطي ضوامراً
وتطوى فلاة قفرة ويباب
إذا كنتم باب الرجاء لطالب
فما سد من دون المطالب باب
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> ببغاوات
ببغاوات
رقم القصيدة : 2226
-----------------------------------
حين أموت
يجب أن تخرسوا جميعا
وأن تكفوا عن النظر في جمجمتي
وأنت أيتها الموغلة في الكفر
ينبغي أن تكفي عن الثرثرة والحوار
****
حين أموت
ينبغي أن ينتهي العالم
في نظري على الأقل
****
وبما أنكم تلعقون العفن والسكر
وتدركون ... نهايتي
وتطلبون ... سعادتكم
ينبغي أيضا
أن تجلدوني في شرب أنخابكم
وتناول افطاركم
وقراءة صحف الصباح غير الممطر دائما
****
وأنت ايتها القشرة المسكوبة من لسان ببغاء
كفي عن الهذر
وعن إستخدام المساحيق الكيماوية
لعلي حين أسقط
في قبضة يدك
لا أحس بالقرف
وعدم رغبتي
في إطلاق حرية بعض العصافير .
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا ليلة ً في آخر الشّهر
يا ليلة ً في آخر الشّهر
رقم القصيدة : 22260
-----------------------------------
يا ليلة ً في آخر الشّهر
قد جئتِ بعد الصَّوم بالفطر
كشف الصباح لنا حوادثها
وتكشّفت عن مضمر الغدر
أصبحتُ منها غير مفتقر
أبداً إلأى حرس على وكر
هجمت عليَّ بحادث جلل
وهجومها من حيث لا أدري
خطبٌ ألمَّ ويا لنازلة ٍ
طلعت عليَّ به مع الفجر
في ليلة ليلاء تحسبها
يوم الفراق وليلة القبر
ما جنّ حتى جنّ طارقه
طرق المبيت بطارق الشر
وأظن أن الشمس ماكسفت(22/43)
إلاّ لتكشف بعدها ضري
ولقد أقمت مقام ذي سفه
صعبَ المقامُ به على الحر
في منزل أخذوا مساحته
يوماً فما أوفى على شبر
يا مؤجري داراً سرقتُ بها
لا فزتَ بعد اليوم بالأجر
لولا الضرورة كنتَ مرتحلاً
عنها وكنت نزلت في قفر
دامي العيون على أُصَيبيَة ٍ
سوء الحظوظ وأوجه غر
ماعندهم صبر على أمل
يرجونه في العر لليسر
لم يفرحوا بغلائل حمر
من كل مبتهج بكسوته
طرب الشمائل باسم الثغر
ناموا وما انتبهوا لشقوتهم
إلاّ انتباه الخوف والذعر
يتلفَّتون إلى غلائلهم
فدموعهم من فقدها تجري
ضاقت بهم بغداد أجمعها
واليوم ضاق لضيقهم صدري
ونظيرة الخنساءِ مكثرة
بالنوح باكية على صخر
ولقد عجبت لها ويعجبني
أمران ما اتفقا على أمر
أبكي على حظٍّ منيت به
وهي التي تبكي على القدر
هذا وتضحكني مقالتها
كيف البقاء بنا مع الفقر
فكأنما كانت وأين لها
في نعمة موصوفة الخير
فرحوا بزينتهم ولو عقلوا
هل كنت قبل اليوم في سعة
وملابس من سندس خضر
أو ما ذكرت العمر كيف مضى
لا كان ذاك العمر من عمر
إذ تذكرين جلاجلاً سرقت
ولقد نسيت الجوع في شهر
خمص البطون حواني الظهر
صفرٌ يسؤوك ما عرفت بهم
من شؤم وقع حوادث غير
وعددت ألف قضيّة سلفت
تطوى الضلوع بها على الجمر
ما أنكرت منهنّ واحدة
فلطمتها بأنامل عشر
وعذرتها وعذلت عاذلها
والعذل بيَّنَ بَيِّنَ العذر
وقع البلاء فلم يفدْ جزع
فتعلّلاً بعواقب الصبر
بعد الرجاء بموطن خشن
يلقي الكارم بجانب وعر
بَلَدٌ كبارُ ملوكِه بَقَرٌ
صاروا ولاة النهي والأمر
فبات يرعى الفرقدين والسها
لا يفقهون حديث مكرمة
فيهزّهم نظمي ولا نثري
أصبحتُ أشقى بين أظهرهم
فكأنني أصبحت في أسر
حتى يريك النعل في الصدر
وإذا سألتهم بمسألة ٍ
بخلوا ولو بقلامة الظفر
ذهب الذين أنال نائلهم
وأعدّهم من أنفس الذخر
إنْ ساءَني زمنٌ سرِرت بهم
وكفيت فيهم صولة الدهر
ومدحتهم وشكرت نعمتهم
بغرائب الأبيات من شعري
ولئن شكرت بمثلها أحداً
فأبو الجميل أحقّ بالشكر(22/44)
لم يبق من أهل الجميل سوى
عبد الغني ونيله الوفر
إلاّ تداركني برحمته
إني إذاً وأبي لفي خسر
وترحّلت بي عن مَباركِها
ولاّجة في المهمه القفر
ومبدّد الأموال مهلكها
بالمكرمات لخالد الذكر
قسماً به وجميل مصطنع
من فضله قسماً لذي حجر
لولاه ماعلق الرجاء ولا
عرف الجميل بأهل ذا العصر
ما زال أندى من مجللّة
بالقطر تملي سائر القطر
فانشر ثناءك ما استطعت على
عبق العناصر طيب النشر
مزجت محبته بأنفسنا
مثل امتزاج الماء والخمر
لفضائل شهد العدو بها
ومناقب كالأنجم الزهر
درعٍ يقي من كل نائبة
لا ما يقي من البرد والحر
أمعللَّي بحديثه كرماً
حَدِّثْ ولا حرج عن البحر
وإذا أثابك من مكارمه
فمثوبة في الأجر والفخر
أدعو له ولمن يلوذ به
في العالمين دعاء مضطر
أنْ لا يزال كما أشاهده
كالبدر أو في رفعة البدر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم
ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم
رقم القصيدة : 22261
-----------------------------------
ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم
فهلْ من خمودٍ لهذا الضرَّمْ
وفي كلِّ جارحة ٍ لوعة ٌ
تثور وفي كل عضوٍ أَلَمْ
وأيقظ وجديَ برقٌ يلوح
وقد نام عن أعينٍ لم تنمْ
ولما سرى موهناً في الدجى
بكيت له عن جوى ً وابتسم
وباحت دموعي بسرّي المصون
وسرّ الصبابة لا ينكتم
فللّه برق أثار الغرام
ولله دمع جرى وانسجم
صامَمْتُ عن عاذلي في الهوى
وما بي ودين الهوى من صمم
فمن منصفي من غرام ظلوم
ومن منصفي من حَبيب ظَلَم
فلا سلم الصبر من مغرم
إذا ذكر الحي في ذي سَلَم
أعلل نفسي بنيل المنى
وما لي إلي نيلها مقتحم
ومن لي بعزم الجريّ الأبيّ
فلا ينثني عزمه إن عزم
وإنّي على شغفي بالخمول
أروم من الدهر ما لم يُرَم
وقد شَيَّبتني صروف الزمان
وصرف الزمان يشيب اللمم
فما لي أقمت بأرض العراق
ولولا خمولي بها لم أقم
وكنت ترحَّلْتُ عن موطنٍ
إذا كنت في غيره لم أضم
إلى قائد عسكر المسلمين
ومقدامهم في الحروب الدهم(22/45)
عليّ الرضا مشرفيّ القضا
وغيث العطاء غياث الأمم
قريب النوال مجيب السؤال
منيع المنال رفيع الهمم
جزيل الثواب مجيد الضّراب
شديد العقاب إذا ما انتقم
أذلّ الطغاة وأردى الكماة
وساق الصناديد سوق الغنم
إذا حارب الأُمَم الفاجرين
تصدَّعَ من شعبها ما التأم
سيف مبيد ورأي سديد
وعزم شديد وأنفٍ أشم
حسام الدولة عبد المجيد
مليك الملوك وسيف خذم
يقدّ به الهام ممَّن عَصاه
ويَفَلق في شفريته القمم
وإن هالت الحرب يوم النزال
تصدى ّ لأهوالها واقتحم
وحسبك أنَّ المليك اصطفاه
وولاّه دفع الأهمَّ الأهم
فكان إذا استخون الغادرين
رأى من عليّ وفيّ الذمم
ففي مثل صدق عليّ الرضا
تَبَلَّج صبُحُ الرّضا وابتسم
فقرّبه من علاهُ المليك
فكان المبجَّلَ والمحتشم
وفي عدل هذا المليك العظيم
نجاة الرعية من كلِّ غم
إذا أبْعَدَته ملوك الزمان
تُقَبّلُ منه مكان القدم
به اعتصمت من جميع الخطوب
وفي مثل دولته المعتصم
بصنعٍ أجاد وفضلٍ أعاد
وقرنٍ أباد وأنفٍ رغم
وتلك المواهب بين الملوك
وفيك البداية والمختتم
تلوذ برأفته الخائفون
فتأمن من كلِّ أمرٍ مهم
ومن كان باباً لنيل المراد
فلا شك في بابه المزدحم
مناهله شرعة الواردين
بحيث النوال وحيث الكرم
صوارمه نقمة تتَّقى
وأنظاره نعمة تغتنم
وقد خلق الله كلتيهما
لحتف دنا أو لرزقٍ قسم
أعاد إلى الملك شرخ الشباب
وعهد الشبيبة بعد الهرم
رقاها ببيض الحداد
فما برح الداء حتى انحسم
فأينع في روضها ما ذوى
وشيّد من ركنها ما انهدم
حمى حوزة الدين في صام
إذا صرم الموت فيه انصرم
فتهدي الأنام لسلطانه
بحسن الثناء وطيب الكلم
دعاء لدولته يستجاب
وعهد لخدمته يلتزم
وفيت له يا علي الرضا
وهل ينفع الغادرين الندم
وقمت لدولته قائماً
لكربٍ ألمَّ وخطبٍ هجم
ولله درُّك من صادق
إذا مُيّز الصدق والمتهم
ولاحت خفايا صدور الرجال
وأصبح أمرهم قد علم
ألا لا برحت سرور الوجود
بمن أوجد الخلق بعد العدم
وقد نظم العبد فيك القريض(22/46)
فصلْ من قبولٍ لها من نظم
يَؤُمُّ جنابَ عليّ الجناب
ومن حقّ حضرته أن تؤم
تلوح معاليه للناظرين
ولا مثلَ نارٍ بأعلى علم
فأنطقَ بالمدح حتى العُجُم
وأسمع بالصيت حتى الأصم
محبَّتُه أُغرزت في القلوب
وشكرانه ساغ في كل فم
لقد شملتنا له نعمة
وقد أوجب الله شكر النعم
فيا ليتني كنت في ظلّهِ
وكنت أكون كبعض الخدم
أفوز بباب عليّ الجناب
فأروي محاسن تلك الشيم
وأنْشِدُه الشعر عن أخرسٍ
يترجم عنه لسان القلم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> رُمينا بأدهى المعضلات النوائب
رُمينا بأدهى المعضلات النوائب
رقم القصيدة : 22262
-----------------------------------
رُمينا بأدهى المعضلات النوائب
وفقدُ الذي نرجو أجلُّ المصائب
وغائب قوم لا يرجّى إيابه
وما غائب تحت التراب بآيب
نؤمِّل في الدنيا حياة ً هنية ً
وما نحن إلاّ عرضة للمصائب
ونَغْتَرُّ في برق المنى وهو خلَّبُ
وهيهات ما في الآل ماءٌ لشارب
نصدّقُ آمالاً محالاً بلوغها
ومن أعجب الأشياء تصديق كاذب
تسالِمُنا الأيام والقصد حَرْبُنا
وما هي إلاّ خدعة من محارب
ونطمع أن تبقى ويبقى نعيمُها
فلم يبق منها غير حسرة خائب
فلا تحسبن الدهر يوفي بعهده
أبي الله أن يرعى ذماراً لصاحب
وإنّ الليالي لا تدوم بحالة
وهل تترك الأحداث كسباً لكاسب
يروقك منها ما يسوؤك أمرها
وإنَّ الردى ما راق من حد قاضب
وجود الفتى نفس الحمام لنفسه
فلولاه لم يسلك سبيل المعاطب
وتسعى به أنفاسه لحمامه
وكم أصبح المطلوب يسعى لطالب
كأنّا من الآجال وهي كواسر
من الأسد الضرغام بين المخالب
ولا يدفع السيفُ المنيَّة والقنا
وتمضي سيوف الله من غير ضارب
وكلٌّ لمطلوب الردى وهو لاعب
كأنَّ المنايا لا تجدُّ بلاعب
فمن لفؤاد راعه فقد إلْفِهِ
فأصبح من أشجان نهب ناهب
وجفن يهلُّ الدمع من عبراته
على طيّب الأعراق وابن الأطايب
على عمر الرماضان ذي الفضل والنهى
أحاطت بي الأحزان من كلِّ جانب
أذَبْتُ عليه يوم مات حشاشتي(22/47)
وأمسيت في قلبٍ من الحزن ذائب
بكيت وما يجدي الحزينَ بكاؤه
وضاقت علينا الأرض ذات المناكب
فتى ً كان فينا حاضراً كلَّ نكبة
فغاب ولكن ذكره غير غائب
تذكّرني آثاره بفعاله
فأبكي عليها بالدموع السواكب
صبور على البلوى غيور إذا انتخى
جميل السجايا الشمِّ جمّ المناقب
وما زال بالآداب والفضل مفعماً
ولكّنه إّ ذاك صفر المصائب
وقد كان مثل الشهد يحلو وتارة
لكالصلِّ نَفّاثاً سموم العقارب
وكم أخبر التجريب عن كنه حاله
ويَظْهَرُ كَنهُ المرء عند التجارب
لسان كحدّ السيف ماضٍ غرارهُ
وأمضى كلاماً من شفار القواضب
وكم صاغ من تبر القريض جمانة
وأفرغ معناها بأحسن قالب
وزانت قوافيه من الفضل ألإقه
فكانت كأمثال النجوم الثواقب
وأدرك فضلَ الأوَّلين بما أتى
فقصرّ عن إدراكه كلُّ طالب
معانٍ بنظم الشعر كان يرومها
أدقّ إذا فكرت من خصر كاعب
لوى ساعد المجد المنون من الورى
بموت أشمٍّ من لؤي بن غالب
فتى ً كان يصميني الرَّدى في حياته
ولما توفيّ كان أدهى مصائبي
فتى ً ظلت أبكي منه حيّاً وميّتاً
أصبتُ على الحالين منه بصائب
رَعَيْتُ له من صحبة كلَّ واجب
ولو ان حيّاً ما رعى بعض واجبي
سقى الله قبراً مزنة الحيا
وبُلّغَ في الجنّات أعلى المراتب
ولا زال ذاك القبر ما ذرَّ شارق
تجودَ عليه ذاريات السحائب
ألا يا شهاب الدين صبراً على الأسى
وليس يهون الصعب عند الصعائب
نعزيك بالقربى على كل حالة
وفي عزّ ربّ المجد عزّ الأقارب
فإنك أرعى من عليها مودة
وإنك أوفى ذمة ً للمصاحب
وإنكَّ ممن يهتدي بعلومه
كما يهتدي الساري بضوء الكواكب
عن البحر عن كفيك نروي عجائباً
ولا حَرَجٌ فالبحر مأوى العجائب
إذا كنتَ موجوداً فكليّ مطامع
ونيل الثريا من أقلِّ مآربي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا إمام الهدى ويا صفوة اللَّه
يا إمام الهدى ويا صفوة اللَّه
رقم القصيدة : 22263
-----------------------------------
يا إمام الهدى ويا صفوة اللَّه(22/48)
ويا من هدى هاه العباد
يا ابن بنت الرسول يا ابن عليٍّ
حيّ هذا النادي وهذا المنادى
قد أتينا بثوب جدّك نسعى
وأتيناك سيّدي وفّادا
فأتينا راجلين احتراماً
واحتشاماً وهيبة وانقياد
نتهادى به إليك جميعاً
وبه كانت المطايا تهادى
راميات سهم النوى عن قسيٍّ
قاطعات دكادكاً ووهادا
طالبات موسى بن جعفر فيه
وكذا القدوة الإمام الجواد
من نبيٍّ قد شَرَّف العرشَ لمّا
أن ترقّى باللَّه سَبعاً شدادا
شرف في ثياب قبر نبيّ
عَطَّرتْ في ورودها بغدادا
ومزايا الفخار أورثتموها
شرف الجد يورث الأولادا
أنتم علَّة ُ الوجود وفيكم
قد عرفنا التكوين والإيجادا
ما ركنتم إلى نفائس دنيا
ولقد كنتم بها أفرادا
وانتقلتم منها وأنتم أناس
ما اتخذتم إلاّ رضا الله زادا
ولقد قمتمُ الليالي قياماً
واكتحلتم من القيام السهادا
إن يكونوا كما أذاعوا فمن ذا
مهّد الأرض سطوة والبلادا
ومحا الشرك بالمواضي غزاة ً
وسطا سطوة الأسوة جهاداً
حيث إنّ الإله يرضى بهذا
بل بهذا من القديم أرادا
فجزيتم عن أجركم بنعيم
تتوالى الأرواح والأجسادا
وابتغيتم رضا الإلsه ولا ز
لتمُ بعزٍّ يصاحب الآبادا
أنتم يا بني البتول أناسٌ
قد صعدتم بالفجر سبعاً شدادا
آل بيت النبيّ والسادة الطُّـ
ـهْرِ رجال لم يبرحوا أمجادا
فَضَلوا بالفضائل الخلق طرّاً
مثلما تفضلُ الظبا الأغمادا
ليس يحصي عليهم المدح منّي
ولو أنّ البحار صارت مدادا
أنتم الذخر يوم حشر ونشر
ومعاذاً إذا رأينا المعادا
كاظم الغيظ سالم الصدر عافٍ
وما هوى قطّ صدره الأحقادا
قد وقفنا لدى علاك وألـ
ـقينا إلى بابك الرفيع القيادا
مع أنَّ الذنوب قد أوثقتنا
نرتجي الوعد نختشي الإيعادا
ومددنا إلأيك أيدي محتاج
يرجّي بفضلك الأمدادا
وبكينا من الخشوع بدمع
هو طوراً وطوراً فرادى
قد وَفَدنا آل النبيَّ عليكم
زوّدونا من رفدكم إرفادا
بسواد الذنوب جئنا لنمحو
ببياض الغفران هذا السوادا
وطلبنا عفو المهيمن عنّا
وأغظنا الأعداء والإلحادا(22/49)
موطن تنزل الملائك فيه
ومقام يَسُرُّ هذا الفؤادا
أيُّها الطاهر الزكيّ أغثنا
وأنِلْنا الإسعاف والإسعادا
و عليٌّ أباك يا ابن عليّ
كي ينال المنى بكم والمرادا
مستزيداً بفضلكم حيث كنتم
منهلاً ما استزيد إلاّ وزادا
فعليك السلام يا خبرة الخلق
سلامٌ يبقى ويأبى النفاذا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أهاجها حادي المطي فمالَها
أهاجها حادي المطي فمالَها
رقم القصيدة : 22264
-----------------------------------
أهاجها حادي المطي فمالَها
ولم يهَجْ لمّا حدا أمثالَها
فهل عرفت يا هذيمُ ما بها
وما الَّذي أورثها بلبالها
غنّى لها برامة ٍ والمنحنى
وبالديار ذاكراً أطلالها
وما درى أيَّ جوى ً أثاره
وعبرة بذكره أسالها
ذكّرها مناخها برامة
فكان ذكر رامة خيالها
ذكرها مراعياً من شيحها
ووردها من مائها زلالها
ذاقت نميراً في العُذَيب ماءَه
وقد أُذِيقَتْ بعده وبالَها
لو كان غير وجدها عقالها
بدار ميٍّ أطلقت عقالها
تسألأ عن أحبابها دوارساً
من الرسوم لم تجب سؤالها
وكلّما عاد لها عيد الهوى
هيَّج منها عيده بلبالها
تاللَّه تنفك وقد تظنّها
لما بها من الضنَّى خيالها
حريصة على لقاء أوجُهٍ
غالى بها صرف النوى واغتالها
هي الظعون قوَّضت خيامها
وأزعجت يوم النرى جمالها
وأوقدت في قلب كل مغرمٍ
نيران وجد تضرم اشتعالها
وقاطعتنا بالنوى موصلاً
لو أنصفت ما قطعت وصالها
وعن يمين الجزع شرقيّ الحمى
متى أراني ناشقاً شمالها
بيوت حيّ أحكموا ضيوفها
وحذَّروا عدوها نزالها
وللمغزال دونها ملاعب
لو اقتنصت مرة غزالها
وقد رمتني عينها نبالها
فما وقتني أدرُعي نبالها
إنّي لأهوى مجتنى معسولها
وأختشي من قدّها عسّالها
تلك ربوع كنت في رباعها
طوع هواها عاصياً عذالها
فياسَقتَ تلك الربوع ديمة ٌ
تصبُّ من صوب الحيا سجالها
ساحبة على الحمى سحابها
تجر في دياره أذيالها
قد قطبت وبشرت
من شام بالغيث العميم خالها
من مثقلات المزن ما إن جلجلت(22/50)
بالرعد إلاّ وضعت أثقالها
شاكرة آثارها منها لها
إدبارها بالريّ أو إقبالها
وربّ ليلٍ أطبقت ظلماؤه
بحيث لا يهدي امرؤ خلالها
قلقلت في الموقرات في السرى
ولست أنفكّ ولي مآرب
أرجو إذا أرفعت أن أنالها
تحملني لابن النبيّ ناقة
إنْ بلغته بلغت آمالها
فإنّ إبراهيم حيث يمَمَّتْ
كان مناها إن يكن مآلها
نفسٌ له زكيّة ٌ عارفة
بالغة بدركها كمالها
وتستمدّ العارفون فيضها
وترتجيها جاهها ومالها
لو لم في الأرض من أمثاله
زلزلت الأرض إذاً زلزالها
إذا دعا الله لكشف حادث
أهالها أمنَّها أحوالها
هو الشفاء لعضال أمَّة
واتخذته المسلون إنْ دعت
ضراعها لله وابتهالها
من النجوم المشرقات بالهدى
المدحضات بالهدى ضلالها
ما برحوا في الأرض بين خلقه
أقطابها الأنجاب أو إبدالها
إذا دعوا إلى الجميل أسرعوا
ولن ترى لغيره استعجالها
واقتحموها عقبات أزمة
إلأى على ً توقَّلوا جبالها
هم الغيوث ابتدروا نوالها
هم الليوث ابتدروا نزالها
قائلة فاعلة بقولها
سابقة أفعالها أقوالها
إن قربت من الأعادي قرَّبت
إلأى الهدى همتهم آجالها
هم الذين ذلّلوا صعابها
هم الذين دوّخوا أقيالها
وحرَّموا من ربهم حرامَها
وحَلَّلوا بأمره جلالها
بحر من العلم طمى خضمه
سل ما تشاء عن عويص مشكل
فإنَّه لموضح إشكالها
أين الأعادي من علوِّ قدره
إنّ طاولته في المعالي طالها
لو رام أعلى بُغية ٍ يرومها
ولو غدت مثل النجوم نالها
تسكرنا عذوبة من لفظه
إذا أدار لفظه جريالها
له التصانيف الّتي كأنّها
تروي بحسن صبّها جمالها
رقّت حواشيها فلو قرأتها
عَلى الغصون مرة ً آمالها
مثل السماء بالسناء والسنا
قد طلعت خلاله خلالها
كم حجة أوردها قاطعة
وحكمة في كلمات قالها
خذها إليك سيّدي مقطوعة
واجعل رضاك سيّدي إيصالها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هَل عَرَفْت الديار من آل نُعمى
هَل عَرَفْت الديار من آل نُعمى
رقم القصيدة : 22265
-----------------------------------(22/51)
هَل عَرَفْت الديار من آل نُعمى
ومحلاً عفى لبين ألمّا
تنكر العين بعد معرفة ٍ منـ
ها طلولا كأنّما كنَّ رقما
فسقى الأرسم الدوارسَ دمعٌ
لم يغادر من أرسُم الدار رسما
قد ذكرنا بها العصور الخوالي
عهد هندٍ ودار سعدى وسَلمى
ووقوفي على المنازل ممّا
خضب الطرف بالنجيع وأدمى
وأذاعت سرَّ الهوى عبراتٌ
هي لا تستطيع للحب كتما
يوم هاجت بالإدكار قلوباً
أصبحت من صوارم البين كلمى
أين أيامنا وتلك التصابي
صرمتها أيدي الحوادث صرما
يا ابن ودّي إنّ المودة عندي
أن أرمى بما أنت ترمى
أفتروى وما تبلّ غيلاً
مهج يا هذيم بالوجد تظما
سلبت صحَّتي مراض جفون
ماكستني إلاّ غراماً وسقما
حكمت بالهوى على دنف القـ
لب وأمضيت على الميتم حكما
وبنفسي عدل القوام ظلوم
مااتّقى اللهف دم طلَّ ظلما
لا تلمني على هواه فلا أسـ
ـمع عَذلاً ولا أعي منك لوما
ظغن الظاعنون فاستمطر الـ
دمع فؤادي سحّاً عليهم وسجما
أعِدُ النفس منهم بالأماني
وأعدُّ الأيام يوماً فيوما
أنصِفونا من هجركم بوصول
أنا راضٍ منكم بحتّى ولمّا
وهبوا النوم أن يمرّ بجفني
فلعلّ الخيال يطرق نوما
رب ليل قطعته بمليح
أشْهَدَ البدر من محيّاه تمّا
وإذا وسوست شياطين هم
رجمتها شهب المدامة رجما
فكأنَّ الهلالَ نصفُ سوارٍ
والثريا كانها قرط أسما
بِتَّ حتى انبلج الصبح منه
أرشف الراح من مراشف ألمى
ذاك عيش مضى ولهو تقضّى
أبدل الجهل بالتصرم حلما
ذقت طعم الحياة حلواً ومراً
وبلوت الزمان حرباً وسلما
وتحنكت بالتجارب حتى
كشفت لي عن كلِّ امرٍ معمّى
قد تقلَّبُ في البلاد طويلاً
وقتلت الخطوب عزماً وحزما
لم يطش لي سهم إذا أنا سـ
دَّدتُ إلأى غابة المطالب سهما
لي بآل النّبي كلّ قصيدٍ
أسمعت بالفخار حتى الأصمّا
حجج تفحم المجادل فيها
وتردّ الحسّاد صمّاً وبكما
وإذا عاند المعاند يوماً
أرغمت أنفَ من يعاند رغماً
سرّني في الأشراف نجل عليّ
وهو عبد الرحمن فضلاً وفهما
علويٌّ يريك وجهاً حييّاً(22/52)
وفؤاداً شهماً وأنفاً أشما
ناشئ بالتقى على صهوات الـ
ـخيل عزّاً وفي المدارس علما
طائع خاشع تقيٌّ نقيٌّ
ينقضي دهره صلاة وصوما
بأبي الناسك الأبيَّ فلا يحـ
مل وزراً ولا يُحَمَّل ضيما
كم رمى فكره دقيق المعاني
فأصاب المرمى البعيد وأصمى
لا ترى في الإنجاب أثقب زنداً
منه في صحبه وأبعد مرمى
عنصر طيب وأصل كريم
وجميل قد خصّ منهم وعمّا
سادة أشرف الأنام نجاراً
ثم أذكى أباً وأطهر أمّا
شرَّف الله ذاتهم واجتباهم
واصطفاهم على البرّية قوما
لا يزالون يرفعون بيوتاً
للمعالي لا تقبل الدهر هدما
ستخفّ الجبالَ منهم حلومٌ
طالما استنزلت من الشمّ عصما
وإذا اعتلت العلاء بداءٍ
حسموا داءها على الفور حسما
وعلى سائر البرية فضلاً
سال سيل النوال منهم فطمَّا
قسموا العمر للعبادة قسماً
منذ عاشوا وللمكارم قسما
شربوا خمرة المحبّة في الله
وفضّوا عنها من المسك ختما
وسرت من وجودهم نفحات
كنّ روح الوجود إن كان جسما
تنجلي فيهم الكروب إذا ما
لُحْنَ غُبراً أنّى يَلُحْنَ وَقُتْما
ما تجلّت وجوههم قط إلاّ
وجَلَت ليل خطبها المدلهمّا
هِمَمٌ في بني النبيّ كفتنا
من جميع الأمور ما قد أهمّا
يا ابن من لا تشير إلاّ إليه
أنمل العزّ إن أشار وأومى
يا عليّ الجناب وابن عليّ
طابق الإسم بالصفات المسمى
رضي الله عنكم من أناسٍ
شيّدوا للعلى مناراً وإسما
أوجبت مدحكم عليَّ أيادٍ
في زمان من حقّه أنْ يذمّا
أبتغي الفوز بالثناء عليكم
وأراه فيما أحاول غنما
حيث أمحو وِزراً وأثبت أجراً
فائزاً بالمنى وأمحق إثما
والقوافي لولا جزيل عطاياك
شكتنا بفقدها الأهل يتما
قد تحلّت بكم فكنتم حلاها
وحلت في الأذواق نثراً ونظما
وإليكم غرّ المناقب تعزى
وإليكم جلّ المكارم تنمى
مااستطاع الإنكار منهنّ شيئاً
حاسدٌ عن محاسن الصبح أعمى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> فخار الملوك بأعوانها
فخار الملوك بأعوانها
رقم القصيدة : 22266
-----------------------------------(22/53)
فخار الملوك بأعوانها
وخير البلاد بعمرانها
وما ثبّت الله من دولة
بغير عدالة سلطانها
ألست ترى دولة المسلمين
وما كان من آل عثمانها
وما رفع الله من قدرها
وما عظّم الله من شأها
وما بلغت فيه من قوة
تضاف لقوة إيمانها
فدان الأنامُ إلى حكمها
ولا حكم إلاّ بقرآنها
فكان الفتوح على عهدها
وسعد البلاد بأزمانها
فيا لك من دولة أسِّت
قواعد أركان بنيانها
فذلّل منها صعاب الأمور
وأبطل سائر أديانها
وما جاءنا سيّد المرسلين
وقام الدليل ببرهانها
إلى عهد أيام عبد العزيز
مجدّد أحكام إتقانها
أميرٌ عليها رؤوف بها
وأهدى السيوف لأجفانها
فنعم الرجال ونعم الكمال
بأفكارها وبأذهانها
فلم تر يوماً كآرائها
ولا للحروب كشجعانها
صناديد أبطالها في الوغى
وأبطال أقيال فرسانها
وقد صدقته بما عاهدت
عليه العلى جهد إيمانها
ومن نعمة شكرت للمليك
وقد أوجبت حق شكرانها
أحال العراق إلى نامقٍ
ليصلح ما شان من شانها
فذلّل منها الأمور
وقاد المعالي بأرسانها
إذا افتخرت دولة بالرجال
وباهت محاسن أقرانها
فمن فخر دولتنا نامق
بحسن المزايا وإحسانها
وما زال نائله مَنْهلاً
لصادي الحشاشة ظمآنها
أباد الطغاة وأفنى العصاة
ودمّرها بعد عصيانها
وألبس تاج الفخار
وقرّب أشراف قطانها
فكانت إليه أحبَّ الديار
وحبّ الديار لسكانها
ومكّنه الله مِن عِزَّة ٍ
من الأمن غاية إمكانها
فلاحت عليه سطور الهنا
قرأنا السرور بعنوانها
وكم فتنة أوقدت قبله
فكان الخمود لنيرانها
أحلّ رعيته في أمان
أقرّ الجميع بأوطانها
وكلٌّ له منه ما يستحق
بوزن الرجال ورجحانها
لدولته صارم باتر
يبت الخطوب بإيمانها
وحزب من الله في عونها
وذلك أكبر أعوانها
ومنذ تولى أمور العراق
وكفَّ يَدَيْ ظلم عدوانها
وألبَس بغداد تاج الفخار
وكان جلاءً لأحزانها
وفي البصرة الآن سعد السعود
يلوح لها من سليمانها
حريص على جلب أعيانها
محَّبته مُزِجَت بالقلوب
مزاج النفوس بجثمانها
وإنَّ البلاغة حيث انتمت(22/54)
إليه قلائد عقيانها
وتعرف من لفظه حكمة ً
تفسِّرُ حكمة لقمانها
عقول الرجال بأقلامها
وفضل العقول بعرفانها
كأنَّ ترسُّله خمرة ٌ
تطوف النوادر في حانها
ويبعث إملاؤه نشوة ً
فيهدي السرور لنشوانها
وإنَّ القوافي لدى فضله
تباع بأنفس أثمانها
فمن ثمَّ يقطف نوارها
ويجني أزاهير بستانها
وفي البصرة الفصل في حكمه
لعهد المسرة إبانها
ولما أراد بها أنْ تكون
كروح الجنان وريحانها
تسبّب في حفر أنهارها
ومنع خبائث جيرانها
وعادت هنالك ماءً طهوراً
وعذباً فراتاً لعطشانها
وكانت لعمرك فيما مضى
تشاب بأقذار أدرانها
عسى أنْ تكون لسلطانها
مليك الملوك وخاقانها
إليها برأفته لفتة
بسد المياه وطغيانها
فحينئذ لم نجد آفة ً
بدفع مضرة طوفانها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> فؤاد كطرفك أمسى عليلا
فؤاد كطرفك أمسى عليلا
رقم القصيدة : 22267
-----------------------------------
فؤاد كطرفك أمسى عليلا
وجسمٌ كخصرك يشكو النحولا
وأضناه حبُّكِ حتّى اغتدى
كما تبصرين ضعيفاً نحيلا
فريقاً به إنّه في هواك
على حالة في الهوى لن تحولا
يبيت بطرفٍ كثير السهاد
فلم يذق الغمض إلاّ قليلا
وشوّقه البرق جنح الدجى
وندب الحمامة ليلاً هديلا
فأصبح يشكو حريق الفؤاد
ويقذف من مقلتيه سيولا
وتسكرني نسمات الشمال
فأغدو كأني سُقيت الشمولا
وكم شرب الصب من عبرة
بذكر الأحبّة دهراً طويلا
فما بلَّ فيها غليل الحشا
وكيف تبلّ الدموع الغليلا
قتلتم أحبتنا المستهام
وكم راح مثل المعنّى قتيلا
ورَّوضتمو روض هذا الهوى
وربع التصبّر أمسى محيلا
ولما أخذتم بترحالكم
أخذتم فؤادي أخذاً وبيلا
غداة استقلَّت حُداة الظعون
تجوب المهامة ميلاً فميلا
فهلاّ بعثتم إلينا النسيمَ
فكان النسيمُ إلينا رسولا
بَخِلْتُم بطيف يزور المحبّ
وما كنت أعهد فيكم بخيلا
سددتم سبيل خيال الكرى
فما وجد الطيف نحوي سبيلا
قفا يا خليلي دون الغوير
ولا يتركنّ الخليل الخليلا
لنقضي حقوق ديار عفت(22/55)
ونبكي الديار فنسقي الطلولا
وكانت بروجاً لتلك البدور
فيا ليتها لم تلاق الأفولا
فيا دارنا عداك الحيا
وجرّت عليك الغوادي ذيولا
لعينيك قد ذلّ أختَ المها
فهان وكان عزيزاً جليلا
إلى كم أداري وأرضي الوشاة
وأسمعُ في الحب قالاً وقيلا
لقد لامني في هواك العذول
وألقى على السمع قولاً ثقيلا
فضلَّ العذول ضلالاً بعيداً
وحاول أمراً غدا مستحيلا
إذا المرء ضلّ سبيل الغنى
فأنوار عثمان تهدي السبيلا
إلى بذل نائله المستفاد
نؤم إلأيه قبيلاً قبيلا
متى أنكرت فضله الحاسدون
أقامت عليه المعالي دليلا
وإن حلّ نائله موطناً
ينادي الهنا بالعناء الرحيلا
سريع الإجابة سؤاله
وما زال في كل خير عجولا
نما فرعهُ إذ زكا أصله
فطاب فروعاً وطاب أصولا
وفيه نمت روضة المكرمات
ولم ير عود الأماني ذبولا
وقد رفع الفضل بعد الخمول
فلا شهد الفضل فيه الخمولا
وجدّ فنال بما قد سعى
مقاماً عليّاً ومجداً أثيلا
ولِم لا ينال العلى ماجد
يمدّ إلى المجد باعاً طويلا
ولما استظّل به الخائفون
رأوه لذلك ظلاً ظليلا
أخو البأس يمنع صرف الزمان
ويعطي المقلّ عطاءً جزيلا
يُنيل وإن لامه اللائمون
ومن يمنع الغيث أن لا ينيلا
تعشَّقْتُ علويَّ فضل العلوم
فما تبتغي بالمعالي بديلا
لقد جئت في معجزات الكمال
وها أنت تعبي بهن الفحولا
وحيّرت فيها فهوم الرجال
فأبهتَّ فيما أتيت العقولا
عزائمك الكاشفات الكروب
تكاد الجبال بها أن تزولا
ولله من هممٍ في علاك
تعيد الحزون سريعاً سهولا
فلو رمت قلع الرواسي بها
أعدت الرواسي كثيباً مهيلا
وأفنت يمينك جمع الحطام
لكي تستحق الثناء الجميلا
وأبقيت في الدهر ذكراً حميداً
تذاكره الناس جيلاً فجيلا
بخطك صيّرت طرف العلى
كحيلاً وخدّ الأماني أسيلا
أتى بقوافٍ إليك العُبَيْدُ
تجول بمدحك عرضاً وطولا
أجزني عليها الرضا بالقبول
فأقصى المنى أن أنال القبولا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> طرفٌ يراعي النَّجم وهو مؤرَّقُ(22/56)
طرفٌ يراعي النَّجم وهو مؤرَّقُ
رقم القصيدة : 22268
-----------------------------------
طرفٌ يراعي النَّجم وهو مؤرَّقُ
وجوى ً تكاد به الجوانح تُحْرَقُ
ومع الذين أودهم لي في الدجى
عتب برقّ وعبرة تترقرق
إني لأذكرهم على شحط النوى
فتظلّ عيني بالمدامع تشرق
يا سعد قد ألف السهاد متيّمُ
دامي الحشاشة مستهام شيّق
ماذا تقول وكيف ظنّك بالكرى
أيراجع الأجفان وهو مطلَّق
أمْ هل يعود لنا الزمان بما مضى
من لهوه والعود غض مورق
أيام ترفل بالشباب وعيشنا
فيما تسرّ به النفوس منمق
واهاً لعيشك بين أكناف الحمى
وأحبّة بالجزع لم يتفرقوا
في منزل نشأت به زهر الرّيا
وسقاه ريقته السحاب المغدق
والروق تطربنا بسجع لحونها
والبان يرقص تارة ويصفّق
أمّا خمائله وأيّ خمائل
فالسندسُ المخضرُّ والإستبرق
كشف الربيع لنا مخايل وجهه
فيها وطاب صبوحنا والمغبق
فرياضنا زهر النجوم وكأسنا
يسعى بها ساقٍ أغنُّ مقرطق
برزت بنوّار الشقيق فلم يزل
بدر الدجنة عندها يتشقق
فكأنَّ كأس الراح برق لامع
وكأنَّ جنح الليل غيم مطبق
ومهفهف الأعطاف تحسب أنّه
قمر بدرُيّ النجوم ممنطق
يرنو إليك بمقلة سحّارة
تهوى ملاحتها القلوب وتشفق
أرأيت ما فعلت نواظر شادن
لم يلتفت لدم يطل ويهرق
يا أيها الرشأ الذي ألحاظه
ترمي بأسهمها القلوب وترشق
قلبي أسيرٌ في هواك معذب
فأنا المقيّد في هواك المطلق
ولقد أرقْت لك الدموع بأسرها
شوقاً فما لك لا ترقّ وترفق
هلاّ رجعت إلى وصال متيّم
شبّ الغرام وشاب فيه المفرق
فامنن عليَّ بقبلة تسخو بها
كرماً كما يتصدق المتصدق
هيهات فاتت بعد فائتة الصبا
لذاتنا اللاتي لها أتشوق
ذهبت ولم تذهب عليها حسرة
في كل يوم تستجّد وتخلق
وعفت منازل للهوى ومعالم
كان الزمان بها عليه رونق
أعِدِ الحديث عن الديار وقل لنا
بأبيك ما فعل الحمى والأبرق
لا جاز أرضك يا منازل مرعد
من عارض يسقي ثراك ومبرق
واعشوشبت منك البقاع وأينعت
منك الأزاهير التي تتأنّق(22/57)
أنّى تغيّرت البلاد وأهلها
وأتى عليها الدهر وهو مفرق
وتبدلت تلك الوجوه بغيرها
غربت بدور ما هنالك تشرق
نعم الذين شقيت من أدبي بهم
فيما لقيت فما نعمت ولا شقوا
هذي هي الدنيا كما تريانها
حرم اللبيب بها وفاز الأحمق
فصبرت فيها والخطوب متاحة
لا ضاجر منها ولا أنا مشفق
حتى رأيت النائبات تقول لي
عجباً لصبرك كيف لا يتمرق
ومذ امتدحت أبا الجميل فلا يدي
صفر ولا أنا من نداه مملّق
حملت مناقبه الرواة بأسرها
فمغرّب بثنائه ومشرّق
من مبلغ الشعراء عنّي أنني
في الجدّ شاعره المجيد المفلق
وسواي في الشعراء عن ممدحه
راوٍ بمثل حديثه لا يوثق
غرّدت فيه مطوَّقاً بجميله
إنّ الحمام كما علمت مطوق
أنبأت عنه وكنت أصدق لهجة
ويسرّني أني أقول فأصدق
نبأٌ عن المجد الأثيل ومنبىء ٌ
تصغي له أُذُنُ الزمان فيطرق
لو بارز الليل البهيم أعانه
من صبح غرّته عليه فيلق
يسطو على الأرزاء سطوة ضيغم
إحدى براثنه السنان الأزرق
متصرف في البأس حيث وجدته
ما زال يفتق ما يشاء ويرتق
ويروق عند لقائه وعطائه
غيث يصوب وبارق يتألق
فكأنما العافون منه بروضة
أنهارها من كفّه تتدفق
فانظر إلى الأحرار وهي عبيده
بالبر إلاّ أنها لا تُعتَق
خلق الجميل بذاته لوجوده
خلقاً وها هو في سواه تَخَلُّقُ
كرم على عسر الزمان ويسره
لا يستقر المال حتى ينفق
ولقد كفاني الله فيه عصابة
لا أرتجيهم أبرقوا أم أرعدوا
والله يعلم أنَّ قدرك فوقهم
وعلاك في جوّ السماء محلّقُ
يا لابساً بُرْدَ الأبوّة والعلى
أرج الثناء بطيّ بردك يعبق
فلكم يضوع مكارماً ومفاخراً
يحيا بطيب أريجه المستنشق
لم تبصر العينان مثلك لاحقاً
للأولين وسابقاً لا يُلحق
أحييتَ مجداً رمّ بعد فنائه
فالمجد حيٌّ في حياتك يرزق
تفديك مما تشتكيه من الأذى
خلقٌ وددَت لو أنهم لم يخلقوا
وُفّقت للفعل الجميل وصنعه
إنّ الموفّق للجميل موفَّق
فسعى إلى جدواك كلُّ مؤمّلٍ
باب المواهب دونه لا يغلق
تملي عليك الشكر ألسِنة ٌ لها(22/58)
يحلو لها لفظ ويعذب منطق
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أهاج الجوى برقاً أغارَ وأنجدا
أهاج الجوى برقاً أغارَ وأنجدا
رقم القصيدة : 22269
-----------------------------------
أهاج الجوى برقاً أغارَ وأنجدا
أرقت عليه الدمع مثنى ً وموحدا
وبت وفي قلبي لهيبٌ كنارهِ
تضرّمَ في جنح الدجى وتوقّدا
تذود الكرى عن مقلتي عبراتها
فتشرق فيها العين والقلب في صدى
فكيف وكم لي زفرة بعد زفرة
تصيّر مني فضة الدمع عسجدا
أحاول من سلمى زيارة طيفها
وأنى يزور الطيف جفناً مسهدا
وما أطولَ الليلَ الذي لم تصل به
كأنْ جعلت ليل المتيم سرمدا
إلامَ أداري لوعتي غير صابر
وتمنعني يا وجدُ أنْ أتجلدا
أما آن للنار الّتي في جوانحي
من الوجد يوماً أن تَقَرَّ وتخمدا
ولو كان غير الوجد يقدح زنده
بأحشاي من تذكار ظمياء أصلدا
وما هو إلاّ من سنا بارق بدا
أقام له هذا الفؤاد وأقعدا
يذكرني تبسام سُعدى فلم أجد
على الوجد إلاّ مدمع العين مسعدا
وأيامنا الّلاتي مَرَرْنَ حوالياً
بعقد اجتماع الشمل حتى تبددا
وللَّه هاتيك المواقيت إنّها
مضت طرباً فالعمر من بعدها سدى
وردنا بها ماءَ المودّة صافياً
وكنّا رعينا العيش إذ ذاك ارغدا
شربنا نمير الماء عن ثغر العس
غداة اجتنينا الورد من خدّ أغيدا
وما كان عهدُ الخَيف إلاّ صباية ً
فيا جاده عهد المواطر بالجدا
وصبّت عليه الغاديات ذنوبها
وأبرق فيها حيث شاء وأرعدا
وساق إلى تلك المنازل باللوى
من المزن ما ليست تميل إلى الحدا
تجعجع مثل الفحل هاج وكلّما
أُرِيع بضرب السَّوْط أرغى وأزبدا
فحيّى رسوم الدار وهي دوارس
إلى أن تراها العين مخضلّة الندى
على الدار أنْ تستوقف الركب ساعة
بها وعلى الأحزان أن تتجددا
وليل كأنّ الشهب في أخرياته
تمزق جلباباً من الليل أسودا
أنال وأولاك الجميل وأرفدا
تذرّ به مقلة النجم إثمدا
هصرت به غضباً من البان يانعاً
وقلت لذات الخال روحي لك الفدا
يلين إلى حلو الشمائل جانبي(22/59)
على أنّني ما زلت في الخطب جلمدا
تقلد أجياد الكرام قلائدي
وتكسو لئيم القوم خزياً مؤبدا
وإنّي متى ما شئت أن أنل الغنى
وأبلغ آمالي مدحت محمدا
فتى من قيش لم تجد ما يسره
سوى أنْ تراه باسطاً للندى يدا
تودّد بالحسنى إلى كلِّ آمل
وشأن كرمِ النفس أن يتودّدا
إذا جئته مسترفداً نيل بره
أنال وأولادك الجميل وأرفدا
فلو أنّني خيرّت بالجود موردا
لما اخترت إلاّ جود كفَّيْه موردا
وما كان قطر المزن يوماً على الظما
بأمرا نميراً من نداه وأبردا
وما زال يسعى سعي آبائه الألى
مفاتيح للجدوى مصابيح للهدى
فأضحى بحمد الله لمّا اقتدى بهم
لمن شمل الدين الحنيفي مقتدى
وما كان إلاّ مثل ماصار بعدما
وما ضرَّ قدرَ العضب إنْ كان مُغْمَدا
وهب أنَّ هذا البدر يحيكه بالسنا
فمن أين يحكيه نجاراً ومحتِدا
تنقّل في أوج المعالي منازلاً
وشاهد في كلٍّ من الأمر مشهدا
فما اختار إلاّ منزل العزّ منزلاً
ولا اختار إلاّ مقعد المجد مقعدا
له الله مسعود الجناب مؤيداً
زجرت إليه طائر اليمن أسعدا
يساعدني فيما أروم بلوغه
إذا لم يكن لي ساعد الدهر مسعدا
وجرّدت منه المشرفيَّ ولم يزل
على عاتق الأيام عضباً مجرداً
فتى هاشم قد ساجد بالجود والندى
فيا سيّداً لا زال بالفضل سيّدا
لك الهمة العلياء في كلِّ مطلب
فلو كنت سيفاً كنت سيفاً مهنّدا
أبى اللَّه إلاّ أنْ تُسرَّ بك العلى
وتحظى بها حتى تغيظ بها العدى
بلغت الأماني عارفاً بحقوقها
فأرغمت آنافاً وأكبتَّ حسُدَّا
وصيّرتني بالرقّ فيما أنلتني
وقد تصبح الأحرار بالفضل أعبدا
فما راح من والاك إلاّ منعّماً
ولا عاش من عاداك إلاّ منكدا
وهذا لساني مطلق لك بالثنا
عليك وفي نعماك أمسى مقيدا
يصوغ لك المدح الذي طاب نشره
يخلّد فيك الذكر فيمن تخلّدا
فمن ثمَّ أقلامي إذا ما ذكرتها
تخرّ له في صفحة الطرس سجدا
مناقب إحسانٍ حسانٌ ضوامنٌ
لعلياك أنْ تثني عليك وتحمدا
فدتك الأعادي من كريم مهذّبٍ
غزارٍ أياديه وقلَّ لك الفدا(22/60)
نُصِرْتُ على خصمي به ولطالما
خذلت به خصمي علاءً وسؤددا
وأرغمتُ أنف الحاسدين بمجده
فلا زال في المجد العزيزَ الممجدا
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> نشوة
نشوة
رقم القصيدة : 2227
-----------------------------------
طفل رضيع يبكي
الام تغط في حلم ثقيل
الطفل يستغيث
الأم تحلم بمهرجان كبير
واحتفال رائع
كرنفال مهيب
الطفل يبكي
رجال كثيرون
يدخلون القاعة
الطفل يبكي
يبدأون خلع ملابسهم
الرغبة تتأجج
الطفل يبكي
مهرجان المضاجعة ابتدأ
يتبارى الرجال في عرض فحولتهم
الطفل يبكي
المرأة في قمة النشوة
الطفل يضحي رجلا ،
إخرس أيها الوضيع
ما أنت الا نشوة واحدة منهم .
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بارق الشام إلى الكرخ سرى
بارق الشام إلى الكرخ سرى
رقم القصيدة : 22270
-----------------------------------
بارق الشام إلى الكرخ سرى
فروى عن أهل نجد خبرا
وبنا هبّت له بارقة
أضرمت بالريّ منها شررا
وإلى الله فؤادي كلّما اسـ
ـتعرت نار الطلول استعرا
غنّ لي يا حادي العيس ولا
تهمل السير فقد طال السرى
وأعِدْ أخبار نجد إنّها
تجبر القلب إذا ماانكسرا
آه كم من ليلة طالت وقد
ذكروا نجداً وهمٍّ قصرا
كيف لا أعشق أرضاً أهلها
شملت ألطافهم كلَّ الورى
قل بهم ما شئت واذكر فضلهم
إنّ كل الصيد في جوف الفرا
كَرُموا أصلاً وطابوا مغرساً
وَعَلَوْا قدراً وجادوا عنصرا
إنْ ترَ منهم فتى ً ظنيت في
ذاته كل الكمال انحصرا
قسماً بالزُّهر من أجدادهم
من به طاب ثرى أم القرى
مدحهم ذخري وديني حبُّهم
يا ترى هل يقبلون يا ترى
يشهد الله بأني عبدهم
تحت بيع إن أرادوا وشرا
وإذا انجرت أحاديثُهُم
لا تسل عن مقلتي عما جرى
وهبوا عيني الكرى واحسرتا
ودلالاً أحرموا جفني الكرى
وتراني حينما قد نفروا
ألفت عيني البكا والسهرا
شرفوا الأرض ومن هذا نرى
منهمُ في كلِّ حيٍّ أثرا
كأبي القدر المعلى والهدى
والندى والعلم مرفوع الذُّرا
بضعة السادات من أهل العبا(22/61)
كوكب الإشراق تاج الأمرا
وارث القطب الرفاعيّ الذي
صيته أملى الملا واشتهرا
علمُ الأشياخ سلطان الحمى
غوث أهل الشرق شيخ الفقرا
يا لها والله من سلسلة
كلما طالت نداها انحدارا
عصبة من آل خير الأنبيا
عزَّ من يغدو بهم مفتخرا
سيّدي يابا الهدى يا ابن الذي
خضعت ذلاً له أُسْدُ الشرى
يا كريم الطبع يا كنز التقى
يا شرف القدر أنّى حضرا
لك وجه لمعت من وجه
شمس رشد نورها لن ينكرا
مظهر أيّده الله وكم
أرجو منه فوق هذا مظهرا
لك من مجد الرفاعي رفعة
ترجع الطرف كليلاً حسرا
ويد روحي فداها من يدٍ
تخجل الغيث إذا الغيث جرى
ولسان راح يروي قلبه
ما به بحر الفتوح انفجرا
لك طرف أحمديٌّ إنْ رمى
نبلة العزم يشق الحجرا
لك صدر طاهر من دنس
عن مياه الحقد طبعاً صدرا
بأبيك ابن الرفاعي وبالأ
وصيا نعمَ الجدودُ الكُبَرا
لا ترى من حاسد إنكاره
مثل هذا عن أبيكم ذكرا
وآسلم الدهر رفيعاً سيّداً
مرشداً لم تلق يوماً كدرا
وأقبل العبد محبّاً خالص الـ
ـقلب لا زال بكم مفتخراً
فهو عن مدح سواكم أخرسٌ
وبكم أفصحُ حزبِ الشُّعرا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هاج القرامُ وهيَّجا بلبالي
هاج القرامُ وهيَّجا بلبالي
رقم القصيدة : 22271
-----------------------------------
هاج القرامُ وهيَّجا بلبالي
برقٌ يمانيٌّ وريحُ شمال
وترنم الورقاء في أفنانها
ما زاد هذا الصب غير خبال
وأُشيمُ من برقِ الغُوير لوامعاً
فإخاله تبسام ذات الخال
زعم المفنِّد أنْ سلوت غرامها
زوراً وما خطر السلوّ ببالي
ما بالُ أحداق المها من يعرب
فتكت بغير صوارم ونصال
يرمين في المهج الهوى فتظنها
ترمي القلوب بنافذات نبال
هيف أنت عالمة بما يخفي الجوى
من كل داء يا أميم عضال
لله ما فعل الغرام بأهله
والحب في أهليه ذو أفعال
ولقد أقول لأبلج لا اهتدي
إلاّ بصبح جبينه لضلال
أبلى هواك حشاشتي وأذابها
لولاك ما أصبحت بالي البال
بالله يا مؤذي الفؤاد بلومه
جَدّ الغرام فلا تمل لجدالي(22/62)
حمّلتني ما لا أطيق وإنّما
حُمّلتُ أثقالاً على أثقالي
كيف احتيالك في سلوّ متيّم
أعْيَتْ عليه حيلة المحتال
إنّي أحنُّ إلى مراشف ألعسٍ
أحداقهنّ مصارع الأقيال
ويشوفني زمن غصبت سروره
رغماً على الأنكاد والأنكال
أيام نتّخذ المَسَّرة مغنماً
فنبيت نرفل في برود وصال
ومليكة الأفراح تبرز بيننا
قد كُلِّلَت تيجانها بلآل
يسعى بها أحوى أغنُّ مهفهفٌ
فترى الغزالة في يمين غزال
ويحضّنا داعي السرور على طلاً
زفت على الندمان بالأرطال
ألهو فيطرب مسمعي من غادة
نغم الحليّ ورنة الخلخال
وألذّ ما يلقى الخليع سويعة
خفيت عن الرقباء والعذال
أيامها مرّت ولا ندري بها
فكأنها مرّت مرور خيال
أين الأحبّة بعد أسنمة اللّوى
قد حال من بعد الأحبّة حالي
سارت ظعونهم وما أدّت لنا
حقاً على الأزماع والترحال
أقمار أفلاك الجمال تغيَّبت
بعد الطلوع على حدوج جمال
ما كنت أدري لا دريت بأنه
هول الوداع نهاية الأهوال
وجهلت يا لمياء قتل ذوي الهوى
حتى بليت بحبّكِ القتال
سكان وجرة والعذيب وبارق
تحريمكم للوصول غير حلال
أنتم أسرتم قلب كل متيم
بلحاظ أحوى مائل لملال
أو يطلقون من الأسار عصابة
غلّتهم الأشواق في أغلال
ما جرّدت فينا صوارمها النوى
إلاّ لقطع حبالهم وحبالي
أسفي على عمر تقضّى شطره
في خيبة المسعى إلى الآمال
ونبات أفكار لنا عربية
رخصت لدى الأعجام وهي غوالي
يا هذه أين الذين عهدتهم
آساد معترك وغيث نوال
عجباً لمثلي أنْ يقيم بمواطنٍ
متشابهِ الأشراف بالأنذال
تقذى نواظره بأوجه معشر
لا يعثرون بصالح الأعمال
ولعت بهم أيامهم من دوننا
ما أولعَ الأيامَ بالجهّال
لولا خبال الدهر ما نال الفنى
في الناس ذو بَلهٍ به وخبال
هم كالبحور الزاحرات وإنني
لم أنتفع من وردهم ببلال
ذهب الملوك الباذلات أكفهم
بذل لغمام بعارض هطال
حتى عفت أطلال كل فضيلة
فليبك من يبكي على الأطلال
وأرى النقيصة شأن كل مبجل
فكمال فضل المرءغير كمال
وكأنّما الأيام آلت حلفة ً(22/63)
أن لا أرى في الدهر غير نكال
وأنا الذي حلَّيتُ أجياد العلى
بعقود ألفاظي ودُرّ مقالي
إن كنت من حلل الفضائل ناسجاً
أبرادها فانسج على منوالي
ما فضل أبناء الزمان فضيلتي
كلا ولا أمثالهم أمثالي
إنّا لنسمع بالكرام فأين هم
هيهات ما هم غير لمع الآلِ
لولا وجود ابن الجميل وجوده
قلت الزمان من الأكارم خالي
قرم لراحته وشدة عزمه
جود السحاب وصولة الرئبال
يعطي_ولم يسأل_ نداه وهكذا
يعطي الكريم ولو بغير سؤال
وأحقّ خلق الله بالمدح امرؤ
كثرت عطاياه من الإقلال
خواض ملحمة الأمور بهمّة ٍ
جالت سوبقها بكل مجال
ضربت به الأمثال في عزماتها
حتى غدا مثلاً من الأمثال
لا زال يُطلِعُ في سموات العلى
أقمار مجد أو نجوم خلال
خُلُقٌ يمازجه الندى فكلاهما
كالراح مازجها غير زلال
يفتر عن وبل المكارم مثلما
يفتر عن وطفاء برق الخال
وعن المروءة وهي شيمة ذاته
ما حال عند تقلب الأحوال
يحمي النزيل بنفسه وبماله
يسخو بها كسخائه بالمال
والخوف يوم الطعن من وشك الردى
كالخوف يوم البذل من إقلال
إنّ الشجاعة والسماحة حلّتا
منه بأفضل سيّد مفصال
يرتاح للمعروف إذ هو أهله
فيهش للإنعام والإفضال
مثل الجبال الراسيات حلومه
أمنَ الأنام به من الزلزال
عوّل عليه من الشدائد كلّها
واسأل فَثَمَّ محل كل سؤال
حيث المحاسن قُسّمت أشطارها
فيه على الأقوال والأفعال
ومهذب سبق المقال بفعله
حيث الفعال نتيجة الأقوال
ولطالما وعد العفاة فبادرت
يمناه الحسنى على استعجال
ويمدّها بيضاء يهطل وبلها
ويسيل شامل برها السيال
يعطي ولامنٌّ ويجزي بالذي
هو أهله وينيل كل منال
سامٍ إذا ما قست فيه غيره
قست الهضاب بشامخات جبال
قيل تعاظم كالرواسي شأنه
وكذلك شأن السادة الأقيال
عزّت أبوَّته وجلّ فنفسه
في العز ذات أبوّة وجلال
يمّم ذرى عبد الغنيّ فإنّه
لمناخ مجد أو محط رحال
آل الجميل وأهله ومحله
سادوا البرية في جميل خصال
الصائنون من الخطوب نزيلهم
والباذلون نفايس الأموال(22/64)
فغلت نفوسهم ببذل مكارم
للوفد ترخص كل شئ غال
فترى على طول المدى أيامهم
يومين يوم ندى ويوم نزال
يا من سرت عنه سباق محامد
تجتاب بين دكادك ورمال
فسرت كما تسري نسايمها الصبا
عبقت بطيب نوافج وغوالي
عن روضة غنَّاء باكرها الحيا
فزهت بقطر الصيّب المنهال
ولقد قربت من المعالي قربك الـ
ـداني من العافين بالإيصال
فبعدت عن قرب الدنيّة في الدنى
بعد المكارم من يد الأرذال
وترفَّعت بك شيمة علوية
لم ترض إلاّ بالمحلّ العالي
سبق الكرام الأوّلين.. فقولنا
سبق الألى هذا املجلّي التالي
ممن يذل لديه صعب خطوبها
بأساً ويبطل غيلة المغتال
فكأن حدَّة عزمه صمصمامه الماضي
وفيصل عضبه الفصّال
طلاب شأو الفخر ما بين الورى
في المجد بين صوارم وعوالي
والمجد يطلب في شفير مهند
ماضي الغرار وأسمرٍ عسّال
والفخر في فضل الفتى وكماله
والعز صهوة أشقر صهال
لك منطق يشفي القلوب كأنه
برء من الأسقام والإعلال
ومناقب كست القوافي بردة
في الحسن ترفل أيما إرفال
أضحى يغرّد فيك مطرب مدحها
لا بالعقيق ولا بذات الضال
فاقبل من الداعي قصيدة شعره
لأعدها من جملة الإقبال
فعليك يا فخر الوجود معوّلي
وإليك من دون الأنام مآلي
لولا علاقتنا بمدحك سيّدي
لتعلّقت آمالنا بمحال
فاغنم إذَنْ أجر الصيام ولم تزل
تهنا بعَوْرِ العيد من شوال
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إذا المجدُ شادته القنا والصوارمُ
إذا المجدُ شادته القنا والصوارمُ
رقم القصيدة : 22272
-----------------------------------
إذا المجدُ شادته القنا والصوارمُ
وقامت به بالمكرمات دعائمُ
فثَّم المعالي والرياسة والعلى
نوالٌ وإقدامٌ ورمحٌ وصارم
وليس يسود المرءُ إلاّ بنفسه
وإن نجبت فيه أصولٌ أكارم
ولا حرَّ إلاّ والزمان كما أرى
يحاربه طوراً وطوراً يسالم
شديد على الأيام يقسو إذا قست
وإن عبست أيّامه فهو باسم
أخو الحزم يقظان البصيرة لم تنم
له أعينٌ والجاهل الغمر نائم
ذر اللوم إني بالمعالي متيّمٌ(22/65)
وإن لامني فيها على الحب لائم
تركت الهوى بعد المشيب لأهله
وراحعني حلم لسلمى يصارم
وما أنسَ لا أنسى زماناً قضيته
وعود الصبا ريّان والعيش ناعم
أشيمُ به برق الثنايا وأصطلي
سنا نار كأس والحبيب ملائم
طروقاً إلى من كنت أهوى بليلة
كأنّ دجاها عارض متراكم
بحيث المواضي والأسنة شرّعٌ
وموج المنايا حوله متلاطم
إذا زأر الليث الهزبر بحيّه
يجاوبه ريم من السرب باغم
واسمر نفاث المنون سنانه
كما نفث السمَّ الزعاف الأراقم
يسامرني إذ لا سمير اعتقلته
وجنح الدجى في مهلك البيد فاحم
وعانقني ما نمت عضب مهند
من البيض لا البيض الحسان النواعم
ولي من رياض القول كل حديقة
زها ناظم فيها وأعجب ناظم
سقتها يد من ناصر فتفتحت
بنوّار أزهار الكلام كمائم
تترجم عن إحسانه وجميله
فيا حسن ما أبدته تلك التراجم
بمتخذ زرق الأسنّة سلّما
إلى المجد والسحر العوالي سلالم
من العالم العلويّ نفساً وهمة
رفيع المباني والأنام دعائم
رزقتم النعماء أرفع سؤود
من العز ما تنحط عنها النعائم
فأرغمت آنافاً وأكبتُ حسَّداً
لأنف الأعادي حدّ سيفك راغم
أبا فالح سُدْتَ الأُمور بحكمة
وأنت خبيرٌ بالسياسة عالم
ورأي يريك الأمر قبل وقوعه
فما ريع ذو لب منالأمر حازم
أمستعصمَ الملهوف مما ينويه
لك الله من شر النوائب عاصم
وترعاك من عين الاله عناية
تصاحب من صاحبته وتسالم
فمن ناله منك الرضا هو رابحٌ
ومن فاته منك الرضا فهو نادم
رفعت منار المجد فيها وحلّقت
خوافٍ إلى جوِّ العلى وقوادم
إليك انتهى الفعل الجميل بأسره
وما تنتهي إلاّ إليك المكارم
مكارم ترتاح النفوس لذكرها
وفيها الغنى يرجى ومنها الغنائم
غياث وغوث كلما انهلّ ساجم
تتابع في آثارها منك ساجم
يميزك الإقدام والبأس والندى
وما تستوي أسدُ الثرى والبهائم
وما قَعَدت عمّا أمرتَ قبيلة ٌ
وأنت عليها بالمهند قائم
وإنَّك لو دمَّرت قوماً بذنبهم
فإنك مأمورٌ وما أنتَ آثم
لقد أعربت عنك الصوارم والقنا(22/66)
وقد أفصحت شكراً وهن أعاجم
وقد ترجمت عن طول باعك في الوغى
وشاعت وذاعت عنك تلك التراجم
فيا لك من يشقى لديه عدوه
لك السعد والإقبال عبد وخادم
وكم لك ما بين الخميسين وقفة
وقد أحجمت عنها الأسود الضراغم
وردت المنايا والسيوف مناهل
وما لك في ذاك الورود مزاحم
تركت بها القتلى تمجّ دماؤها
وللطير منها والوحوش ولائم
فللأرض من تلك الدماء مشارب
وللوحش من تلك اللحوم مطاعم
بطشت بمن يبغي عليك بكيده
وأنت رؤوفٌ بالرعية راحم
وأبقيت دار المفسدين بلاقعاً
خلا عالم منها وأقوت معالم
وأنصفتَ بين الناس بالحكم عادلاً
فلا ثمَّ مظلوم ولا ثمَّ ظالم
يُمدُّ عليها منك ظلٌّ مظلِّلٌ
إذا لفحتها بالخطوب سمايم
أعدت شباب الدهر بعد مشيبه
فعاد علينا عهده المتقادم
لئن ذكروا في الجود كعباً وحاتماً
فأنت لهذا العصر كعب وحاتم
وما برحتْ تنهلُّ جوداً ونائلاً
يمينُك لا ما تستهل الغمائم
ولله منها عارض سحّ ممطراً
دنانيرها من قطرها والدراهم
تطوّقني نعماك تترى بمثلها
بأحسن مما طوقته الحمائم
وكم لي بكم يا آل سعدون مدحة
من القول يستوفى بها الشكر ناظم
إذا أُنْشِدَتْ سرّت نفوساً وطأطأت
رؤوساً مالت من رجال عمائم
وإنّي بكم يا آل سعدون شاعر
وها أننا في وادي ثنائك هائم
بطلعتك الغراء موسم ثروتي
ولي منك في نيل الثراء مواسم
فأنت لعمري للمكارم فاتح
وأنت لعمري للأكارم خاتم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سَعِدتْ نجدٌ إذا وافيتَ نجدا
سَعِدتْ نجدٌ إذا وافيتَ نجدا
رقم القصيدة : 22273
-----------------------------------
سَعِدتْ نجدٌ إذا وافيتَ نجدا
بقدومٍ منك إقبالاً وسعدا
وإذا أصبحت في أحسائها
قبل للشر عن الأحساد بعدا
أقبل الخير عليها كلُّه
منجزاً فيك بلطف الله وعدا
وأراد الله أنْ يعصمها
من شرار كادت الأخيار كيدا
كان كالضائع ملكاً هملاً
فاسترد الملك أهلوه فَرُدّا
إذ تصديت لأمر لم نجد
قبل علياك له من تصدّى
منجداً مستنجداً أنقذته(22/67)
بفريق صالح سار مجدا
ورجالٍ أنت قد أعددتهم
يوم تلقى الأسدُ في الهيجاء أسدا
كل مقدام إلى الحرب يرى
شكر نعمائك فرضاً أن يؤدي
كاللواء المقدم الشهم الذي
كان في الهيجاء لا يألوك جهدا
وفريق نفذت أحكامه
بالذي تأمره حلاً وعقدا
والسعيد السيّد الشهم الذي
كان من أسعد خلق الله جدا
إنّما التوفيق والإسعاد ما
برحا سيفاً لعلياك وزندا
جرّبوا الأيام سخطاً ورضاً
وَبَلَوْا أهوالها شيباً ومردا
بذلوا أنفسهم في خدمة
أورثَتْهم بعدها عزّاً ومجدا
بعقول لم تزل مشرقة
وسيوف تحصد الأعمار حصدا
فعلت آراؤهم ما لو جرى
معها العضب اليماني لأكدى
عاملوا باللطف منهم أمّة ً
لم تجد من طاعة السلطان بدا
جلبت طايعهم عن رغبة
حين أقصت من أبى الطاعة طردا
صدقوا الله على ما عاهدوا
إنّهم لم ينقضوا في الله عهدا
شملتهم منك باستخدامهم
أنعمٌ تترك حرَّ القوم عبدا
ولعمري ليس بالمغبون من
يشتري منك الرضا بالروح نقدا
لمزايا خصّك الله بها
أكثرَ الناسُ لها شكراً وحمدا
يا مشيراً، بالذي يرشدنا
إنّما أنتَ بطرق الرشد أهدى
كل ما جئت به مبتكر
من عموم النفع فعلاً يتعدى
فاركب البحر وخض لُجَّتَهُ
يا شبيه البحر يوم الجود مدا
وانظر الملك الذي استنقذته
واجرِ ترتيبك فيه مستبداً
يتلقاك بأعلى همَّة ٍ
فتُحيّا بالتهاني وتُفدّى
قد أقرَّتْ واستقرت عندما
زجرت طائرك الميمون سعدا
أصبحت في عيشة راضية
وبأيامك نلقى العيش رغدا
يسّر الله لك الأمر كما
ينبغي لطفاً وإحساناً وقصدا
لا دم سال ولا دمع جرى
زكفاها ربك الخصم الألدّا
يهنك السيف الذي أهدي من
ملك أهداه انعاماً وأسدى
لستُ أدري سيّدي أيَّكما
هو أمضى إذ يكون الروع حدا
كلمّا جردته من غمده
كان برقاً في أياديك ورعدا
وإذا أغمدته كان له
هام من يعصيك في الهيجاء غمدا
دُمْتَ للدَّولة عَيناً وَيَداً
والحسام العضب والركنَ الأشدّا
دولة قد أيَّدت وکتخذت
من جنود الله أنصاراً وجدا
ويميناً إنّها إن صدمتْ(22/68)
جبلاً بالبأس منها خَرّ هدّا
أو أتَت نار عدوٍّ أوقِدَت
لأحالت حَرَّ تلك النار بردا
يا لك الله هماماً بالذي
يدحضُ الغيَّ وما جانب رشدا
مرُّ طعم السُّخط حلويّ الندى
يجتني المشتار من أيدي شهدا
ما رأت عيناي أندى راحة
منك في الجود ولا أثقب زندا
راحة الدنيا وناهيك به
مخلص لله ما أخفى وأبدى
فلو أنّي فزت في أنظاره
جعلت بيني وبين البؤس سدا
أنت كالدنيا إذا ما أقبلَتْ
لامرئٍ، والدهر إعراضاً وصدّا
أنتَ أسنى نعم الله التّي
نحن لا نحصي لها حصراً وعدا
لك في الناس على الناس يدٌ
نظمت في جيد هذا الدهر عقدا
فقدت وجدان ما نحذره
لا أراعتنا بك الأيام فقدا
فعلى الأقطار مُذْ وُلّيتَها
ظلُّك الضافي على الأقطار مدّا
فتوجَّه حيث ما شئت لكي
تملأ الساحل إحساناً ورفدا
في أبان الله محفوظاً به
تصحب النصر ذهاباً ومردّا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا هَلْ للمتيَّمِ من مُجيرِ؟
ألا هَلْ للمتيَّمِ من مُجيرِ؟
رقم القصيدة : 22274
-----------------------------------
ألا هَلْ للمتيَّمِ من مُجيرِ؟
كئيبٍ ذي فؤاد مستطير
يقلِّبُه الأسى ظهراً لبطن
ويسلمه إلى حرِّ الزفير
وكيف يقرُّ بالزفرات صبٌّ
وفي أحشائه نار السعير
يعالج بالهوى دمعاً طليقاً
يصوبُ للوعة القلب الأسير
وكم في الحيّ من ليثٍ هصور
صريع لواحظ الرشأ الغرير
وكنت على قديم الدهر أصبو
بأشواقي لربات الخدور
وكنت إذا زأرت بأسد غيل
رأيت الأسدَ تفزع من زئيري
فغادرني الزمان كما تراني
عقيراً في يد الخطب العقور
فأغدو لا إلى خلٍّ أنيسٍ
وما لي غير همّي من سمير
فآهاً يا أميمة ثم آهاً
لما لاقيت من دهرٍ مبير
محا من أسرتي الأشراف منهم
كما مُحِيت حروفٌ من سطور
لقد بعد الكرام النجب عني
فليلي بعدهم ليل الضرير
على أنّي دفعت إلى زمان
يخاطر فيه ذو المجد الخطير
تشبهت الأسافل بالأعالي
وقد تاه الصغير على الكبير
وأمست هذه الدنيا تريني
حوادثها أعاجيب الأمور(22/69)
ولا زالت تتوق لذاك نفسي
إلى يومٍ عبوسٍ فمطير
لعلّي أنْ أبُلَّ به غليلاً
ويهدأ بعض ما بي من زفير
أراني إنْ حللتُ بدار قوم
أساءَ ببعض أقوامٍ حضوري
وذي عجب أضرّ الجهل فيه
وأنفٍ مشمخّرٍ بالغرور
يرى من نفسه رب المعالي
ولا رب الخورنق والسدير
ضريت بوجهه وصددت عنه
كما صدَّ العظيم عن الحقير
وألقى المعجبين بكلِّ عُجْبٍ
وأسحبُ ذيل مختالٍ فخور
وكم رفع الزمان وضيع نفس
فنال الحظَّ بالباع القصير
وكم حطَّ القضاء إلى حضيض
وكان محلُّه فوق الأثير
أصونُ عن الأراذل عزَّ نفسي
وَصَوْنُ النفس من شِيَم الغيور
ولا أهديتُ منذ قرضت شعراً
إلى من لا يزال بلا شعور
وكم في الناس من حيٍّ ولكن
يرى في الناس من أهل القبور
أتيت البصرة الفيحاء أسعى
وحبَّكِ سعي مقدام جسور
أزور بها من العلماء شيخاً
حباه الله بالعلم الغزير
إلى علمٍ من الأعلام فردٍ
تفض علومه البحور
لأحمد نخبة الأنصار يغدو
مسيري إنْ عزمت على المسير
إذا ما عدّدت أعيان قوم
وقابلنا نظيراً بالنظير
فعين أولئك الأعيان منهم
وقلب في صدور بني الصدور
وإني مذ ركنت إلى علاه
كأنّي قد ركنت إلى ثبير
رغمتُ بودّه آناف قوم
رَمَوْني بالعتوّ وبالنفور
إذا أخذت يغاربهم يميني
أخذتُ بغارب الجد العثور
رعيت لديه روض العز غضاً
وأنهلني من العذب النمير
إلى منهاج شرعته ورودي
وعن مورود نائله صدوري
ركنت إلى المناحب الأعالي
ولم أركَنْ إلى وغدٍ شرير
أبار بنور تقوى الله وجهاً
وقد يزهو على القمر المنير
غنيٌّ عن جميع الناس عفٌّ
رؤوفٌ بالضعيف وبالفقير
ترى من وجهه ما قد تراه
على وجه الصّباح المستنير
يعدُّ من الأوائل في تقاه
وإن وافاك بالزمن الأخير
وهل يخفى على أبصار بادٍ
شموس علاه بادية الظهور
فخذ عنه العلوم فقد حباه
إله العرش بالفضل الشهير
ولم نظفره بمثل علاه يوماً
بمطلّع بصير بالأمور
فسل منه الغوامض مشكلات
فإنّك قد سقطت على الخبير
تحوم عليه أهل الفضل طراً
كما حام الظِماءُ على غدير(22/70)
ولم يبرح لأهل العلم ظلاًّ
يقي بظلاله حرَّ الهجير
ويغنيني عن الأنصار مولى ّ
نصيري حين يخذلني نصيري
له محض المودَّة من خلوصي
ومحض الود إخلاص الضمير
سأجزيه على النعماء شكراً
بما يرضيه من عبد شكور
لمطبوع على كرم السجايا
ومحبول على كرم وخير
زهت في حسن مدحتك القوافي
كما تزهو القلائد في النحور
وطاب بك الثناء وإنَّ شعري
تضمَّخَ من ثنائك بالعبير
فدم واسلم على أبد الليالي
وعش ما دمت حيّاً في سرور
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إلى العزّ خوري يا نياقي وأنجدي
إلى العزّ خوري يا نياقي وأنجدي
رقم القصيدة : 22275
-----------------------------------
إلى العزّ خوري يا نياقي وأنجدي
ويا همَّتي قومي إلى المجد واقعدي
فلا عزّ حتى أترك النوق ترتمي
بنا وجياد الخيل تكدم باليد
عليها من الفتيان كلُّ مجرَّدٍ
من الضيَّم أمضى من حسامٍ مجرَّد
يذود الكرى عن مقلة طمحت به
إلى شيم برق من فخار وسؤدد
تعوّد أنْ لا يشرب الماءَ بالقذى
ولم ترض نفس المرء ما لم تعودّ
فجرَّدَها مثلَ القسيّ حوانياً
لقطع الفياقي فدفداً بعد فدفد
يبيت الدجى ما بين نوم مشرد
لفقدان من يهوى ودمع مبدّد
يعالج همّاً بين جنبيه للعلى
ويَحْسِرُ عن باعٍ لأروع أصيد
رفضت الهوى بالكرخ واللّهو بالدمى
وأعرضت عن بيض من الغيد خرّد
وراح كعين الديك صفواً تديرها
نظيرة قدّ البانة المتأوّد
مورّدة في الكأس بعد مزاجها
كأنْ مزجت من ماء خدٍّ مورّد
تعاطيتها صرفاً ينمُّ أريجها
عليها فما استغنيتُ عن ريق أغيد
وما كان باقي الليل إلاّ كأنه
على خدق الآفاق آثارُ إثمد
ذكرتك يا ظمياءُ والنار في الحشا
ولولاك تلك النار لم تتوقد
وإني إذا مضّت بقلبي مضاضة
من الوجد داريت الأسى بالتجلّد
وما سرت عمّن سرت إلاّ لمطلب
أسُرّ به صحبي وأكبت حُسَّدي
وأصفر ذي وجهين من غير علَّة ٍ
يروح كما راح اللئيم ويغتدي
على وجهه من خالص اللؤم شاهد
متى استشهدتهُ رؤية العين تشهد(22/71)
وشيبة سوءٍ أنبت الله شعرها
على عارضي وغدٍ ومستجهلٍ ردي
أعرّفه فضلي ويعلمُ أنَّني
أنا الشمس لا تخفى على عين أرمد
فهاتيك أخباري وتلك قصائدي
لها -نشرُ طيّ الذكر في كلّ مورد-
تمزق أعراض اللئام كأنها
تصول عليها بالحسام المهنّد
يروح عليها القوم عن نفثاتها
بها السُّمُّ مدحورٌ بخزي مؤبّد
تسير بها الركبان شرقاً ومغرباً
فمن منشدٍ يشدو بها ومغرّد
تركت لكم ـ أعيان بغدادَ ـ منزلاً
تجور عليه النائبات وتعتدي
ففيم مقامي عندكم ظامىء الحشا
ولا أنا بالواني ولا بالمقيّد
وإنّي عزيز النفس لو تعرفونني
ولي بيتكم ذل الأسير المصفّد
تمنَّون إذ تعفون عن غير مذنب
فتّبت يداً مغوٍ لكم غلَّ من يد
ظلمتم عباد الله حين رفعتم
أرذال قومٍ من خبيثٍ ومن ردى
وما البصرة الفيحاء من بعد فعلكم
بها غير أطلال ببرقة ثهمد
رفعتم على السادات منها أراذلاً
لهم في حضيض الذل أسوأ مَقْعَدِ
فعلتم كما تبغون لا فعلَ منصفٍ
وقلتم ولا عن رأي هادٍ ومرشد
هَبوا أنّكم لا تتقوها مآثما
فهلاّ اتقيم من ملام المفنَّد
بذلت لكم نصحي وما تجهلونه
ولكن لما في النفس من مترصّد
فقوضت والتقويض عن مثل أرضكم
إذا لم يطب عيشي ويعذب موردي
وقلت لعيسي أخذك الجد بالنوى
وإيّاك بعد اليوم أن تتبغددي
فأوردتها نهر المجرّة والعلى
تحدثني أنْ قرّبِ السيرَ وأبعد
فما أربى من بعد فهدٍ وبندر
من البصرة الفيحاء غير محمد
نجيب ابن أنجاب الزهير الذي به
أفاخر جمعَ الأكرمين بمفرد
فتى القوم من يأوي إلى ظل بيته
يعِشْ عيشة من فضله لم تنكد
فيا أيها الظامي وتلك شريعة
من الجود فاصدر حيثما شئت أوْ رِدِ
رفيع عماد المجد مستمطر الندى
أخو المنهل الصافي وذو المنهل الندي
وما حَمَلَتْهُ غيرُ أمٍّ نجيبة ٍ
وإن كان من قوم أغرّ ممجد
لئن قلّد النعماء من كان منعماً
فما غيره: في الناس كان مقلدي
تسبّب بالإحسان للحمد والثنا
ومن يتسبب للمحامد يُحْمَد
إذا نلت منه اليوم سابغ نعمة(22/72)
ترقّبت أمثالاً لها منه في غد
على سنن الماضيين من غرّ قومه
بآبائه الغرّ الميامين يقتدي
هم القوم يروون المكارم عن أب
وجد عريق سيّداً بعد سيد
تسودهم نفس هناك أبيّة
فكانوا إذنْ ما بين نسرٍ وفرقد
وهزَّتهُمُ يوم الندى أريحيّة
كأنْ شربوا من كأس صهباء صرخد
تطرّبهم سجع الصوارم والقنا
بيوم الوغى لا ما ترى أمُّ معبد
إذا أوعدوا الطاغين بالبأس أرهبوا
وإنْ أحسنوا الحسنى فعن غير موعد
كرام إذا استمطرت وبل أكفّهم
أراقَتْه وبلاً من لجين وعسجد
يقال لمن يروي أحاديث فضلكم
أعدْ واستعد ذكر الكرام وردّد
ألذُّ من الماء النمير ادّكارهم
على الكبد الحّرى من لحائم الصدي
سقاهم وحيّاهم بصيبه الحيا
وجادهم من مبرق المزن مرعد
فكم تركوا في المادحين أخا ندى ً
قديم العلى يسعى الممجد ممجّد
إذا هم لا تثنيه عن عزماته
إلى المجد يوماً حيرة المتردد
يرى رأيه ما لا ترى عين غيره
وبالرأي قد يهدى المضلّ فيهتدي
ومن لا بسٍ بردَ الأبوة كلما
تقادم قالت نفسه ويك جدّد
بنوها ولكن بالسيوف معالياً
فكانت ولكن مثل طود موطد
وكم بذلوا من أنفسَ المال ما غلا
فلم يرغبوا إلاّ بذكر مخلّد
فهذا ابن عثمان المهذب بعدهم
يشيد على ذاك البناء المشيّد
فلا زال محفوظ الجناب ولا رمى
له غرضاً إلاّ بسهم مسدد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
رقم القصيدة : 22276
-----------------------------------
تنقلتَ مثل البدر يا طلعة البدر
فمن منزلٍ عزٍّ إلى منزلٍ فخر
بأمر وليّ الأمر سرت ولم تزل
كما أنت تهوى صاحب النهي والأمر
دعاك إليه فاستجبت كأنّما
دعاك وزير العصر دعوة مضطرِّ
ومثلك من يُدعى لكلِّ مُلِمَّة ٍ
من الدهر مقدام على نوب الدهر
تعدّك للخطب الملوك ذخيرة
وأن الرجال الشوس من أنفس الذخر
فإمّا إلى حرب وقد شبّ جمرها
لها شرر ترمي به الجميع كالقصر
وإمّا إلى بأسٍ شديدٍ وقدرة(22/73)
وإمّا إلى عالٍ رفيع من القدر
طلعت على بغداد يوماً فشاهدت
بوجهك يا مولى الورى طلعة البدر
تباشرت الأشراف حين تحقَّقت
قدومك بالإكرام والنائل الوفر
إذا قيل وافى بندر قال قائل
من البشر وافاكم إذَنْ وابل القطر
فأغمرتهم بالفضل حتى ملكتهم
ببّرك، إن الحرَّ يملكُ بالبر
قضت بك أعياد المسَرَّة والهنا
وهاتيك أعيادٌ تعدُّ من العمر
وشد وزيرٌ أزره بك فاغتدى
لعمري قويَّ الأزر منشرح الصدر
ولما نشرت العدل من بعد طيّه
وأحسنت طيَّ الجور في ذلك النشر
ذكرت لسلطان السلاطين كلّها
وقد قيل إنَّ الأذنَ تعشقُ بالذكر
فأهدى إلى علياك ما أنت أهله
فقارن بدر التّمَّ بالكواكب الدري
وأرغمت آنافاً وأكبتّ حُسَّداً
وحاق بأهل المكر عاقبة المكر
وقد جئت مسرور الفؤاد مؤيّداً
من الله بالتوفيق والفتح والنصر
تجرُّ ذيول الفخر تيهاً على العدى
ألا إنَّ خفض العيش من ذلك الجرِّ
تحفُّ بك الفرسان من كلِّ جانب
وتدعو لك الأملاك بالسرّ والجهر
ولما رأيت الماء طمَّ على القُرى
وأصبح في إفساده أبداً يجري
طغى والذي يطغى وقد مدَّ باعه
ليفسدَ أمسى مدهُّ منك في جزر
وما سال مثل اليل إلاّ رددته
وخليت منه سائل البحر في نهر
سلكت به النهج القويم لو اهتدى
لما ضلَّ هذا الماء في مهمه قفر
حشرت لسدّ الماء كلَّ قبيلة ٍ
لها وقفة ترضيك في وقفة الحشر
تسدُّ ثغوراً لا تسدُّ ولم يكن
سواك سداد في الحقيقة للثغر
فكيف إذَن بحر أضرَّ وإنَّما
فعلتَ بهذا البحر فعلك في البر
وما زلت مدعوَّ الجناب لمثلها
فتكشف ما قد حلّ بالناس من ضُرِّ
تدافع عن ملك العراق وأهله
مدافعة المغتار عن ربة الخدر
يضرب ظباً بيض تأجَّجُ بالرّدى
وطعن قناً سمرٍ أحرَّ من الجمر
وأنتم أباة الضيم ما ذلَّ جاركم
ولا نظرتكم أعين الضيم عن شزر
لكم والليالي حيث تمضي وتنقضي
على كل حال كان في العسر واليسر
بيوت على شط الفرات رفيعة
يرى نارها تبدو لمن حلّ في مصر
ولولا طروق الضيف من كل وجهة(22/74)
لما بنيت إلاّ على الأنجم الزهر
وما ضلّ ساري الليل إلاّ اهتدى بها
كنور سنا الإسلام في ظلمة الكفر
إلى الغاية القصوى إلى الجود والندى
إلى منزلٍ رحب إلى نائل وفر
فللضيف فيها مشهد الحج في منى
وللنوق فيها للقرى مشهد النحر
مكارم قد أورثْتُموها قديمة ً
وتلك مواريث لآبائك الغر
سلكت بتلك الخيم ما سلكت به
وما سلكت إلاّ بمسلكها الوعر
تسلُّ السيوف البيض كفك للورى
فكفّك للجدوى وسيفك للقهر
وعلّمتها ضرب الرقابِ فأصبحت
تقدّ رقاب الفاجرين ولا تدري
ملأت فؤاد الضدّ رعباً ورهبة
وأوّل ما ترمي أعاديك بالذعر
فهابك من خلَّ العراقَ وراءه
فكيف بمن لا يستزل عن الوكر
ولم تنج من صمصام صولتك العدى
ولو أنها طارت بأجنحة النَّسر
لك الله ما شيدت بيتاً من العلى
على غير سمر الخطّ والقضب البتر
لك المدح منّا والثناء بأسره
على أنَّ في الأخرى لك الفوز بالأجر
عن النعم اللاّتي بلغنا بها المنى
وبيض أيادٍ منك في الأزمن الغبر
تجل عن التعداد إنْ هي أحصيت
فيا ليت شعري ما أقول من الشعر
عجزت بأن أقضي لها حقّ شكرها
فليس يعني نظمي بذاك ولا نثري
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نَبَّهتِ الورقاءُ ذاتُ الجناحْ
نَبَّهتِ الورقاءُ ذاتُ الجناحْ
رقم القصيدة : 22277
-----------------------------------
نَبَّهتِ الورقاءُ ذاتُ الجناحْ
من غفلة الصحو إلى شرب راحْ
والليل قد أجفل من صبحه
فأكثر الديك عليه الصياح
مهفهف الأعطاف من قده
وطرفه الفتان شاكي السلاح
فقام يسقيها ويهدي إلى
روح الندامى بالمدام ارتياح
وما ألذَّ الراحَ من شادن
مهفهف القد وخود رداح
تستنطق العود لدى مجلس
ألسنة الأوراق فيه فصاح
والورق في الأوراق ألحانها
مطربة بين الغِنا والنواح
وربَّ يوم كان عيد المنى
نحرت فيه الذق نحر الأضاح
ورحت في الحب على سكرتي
بالغيّ لا أصغي إلى قول لاح
ومن يلمني بالهوى قوله
يمرّ بي مثل هبوب الرياح
فاصطلح القوم على أنَّه(22/75)
ما بين عذّالي وبيني اصطلاح
يا صاح ما أنت وطيب الكرى
فبادر اللذات بالاصطباح
واشرب ولا تصغِ إلى قائل
هذا حرام ولهذا مباح
ما وجد الراحة إلاّ کمرؤ
أعرض عن عاذله واستراح
تنَّفسَ الصبح فقم قائماً
نحو صراحية ماء صراح
وابتسم الورد ودمع الحيا
في وجنة الورد وثغر الأقاح
فاقطع علاقات الأسى بالطلى
وَصِلْ بكاسات الغدوّ الرواح
وانفِق نفيس العمر في قهوة
تقضي على الهمّ قضاءً مناخ
مستنشقاً منها عبير الشذا
تفوح كالمسك إذا المسك فاح
مع كلّ ندمانٍ كبدر الدجى
ما افتض بكر الدن إلاّ سفاح
حَيَّ على الراح وقم هاتها
وقل لمن لاح الفلاح الفلاح
ولتكُ من ريقك ممزوجة
لا أشرب الراح بماء قراح
يا أيها الساقي الذي أثخنتْ
أحداقه في القلب مني الجراح
يشكو إليك القلب من ضعفه
فتور عينيك المراض الصحاح
ما خطر السلوان في خاطري
بلائمٍ فيه فسادي صلاح
يجدّ بالنصح فألهو به
وأدفع الجدّ ببعض المزاح
من سرّه شيء فما سرّني
في الدهر شيء كوجوه الملاح
أو فضح الصبُّ فكم مغرم
أسلمه الحب إلى الافتضاح
وما يرى كتمان سر الهوى
من كتم الحب زماناً وباح
إذا وضعت الشعر في أهله
فلي بزند الافتخار اقتراح
إنّي أرى المنصف في أهله
يمدح عبد الله أيّ امتداح
قد أثبت الوّدُّ بقلبي له
محبة لم يمحها قط ماح
فيا رعاه الله من ماجد
طاب به المغدى وطاب المراح
قيّدني في البرّ من فضله
فليس لي عن بابه من براح
أطرب إن شاهدته مطرباً
وما على المطرب فيه جناح
ولم أزل في القرب من ودِّه
أقرع بالأفراح باب النجاح
تالله ما شمتُ له بارقاً
إلاّ ولاح الجود من حيث لاح
يلوح لي في الحال من وجهه
بشر ميامين الندى والسماح
يفعل بالأموال يوم النَّدى
ما تفعل الأبطال يوم الكفاح
أغرّ صافي القلب مستبشر
بالأنس مرهوب الظبا والصفاح
قد خصّه الله وقد زانه
برفعة ِ القدر وخفض الجناح
لا يعرف الهمَّ سميراً له
ولا يلاقيه بغير انشراح
لم يُبقِ لي في أرَبٍ بغية ً
ولا على نيل الأماني اقتراح(22/76)
من الذين افتخرت فيهم
بيض ظبا الهند وسمر الرماح
يُصانُ من لاذ بعلياهمُ
وما لهم من جودهم مستباح
لهم من العلياء إنْ سوهموا
سهم المعلّى من سهام القراح
محاسن المعروف يبدونها
وأوجُه الأيام سود قباح
كما استهلّت ديمة أمطرت
على الرّوابي قطرها والبطاح
تشقّ يوم الروع أيمانُهم
قلب الأعادي بصدور السلاح
ترعرعوا في حجر أمِّ العلى
وأرضعوا منها غريبَ اللقاح
وزاحموا الأنجم في منكب
يزيح في الأخطار ما لا يزاح
كم قدموا للحرب في موطن
فقرّبوا بين خطاها الفساح
وأعفوها من دماءٍ قناً
تُرمِدُ بالطعن عيون الجراح
أسدُ الوغى لا زال أسيافهم
تنحَرُ بالهيجاء كبش النطاح
من كل من تبعثه همة
تطمح للغايات كل الطماح
لم تنبُ في مضربها عزمة
منهم ولم تصلد لدى الاقتداح
آل زهير الأنجم الزهر في
سماءِ أفلاك العلى والسماح
إن أمسكوني فبإحسانهم
أو سرّحوني فجميل السراح
لا برحت تكسى بأمداحهم
ذات الغواني حسن ذات الوشاح
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سؤالك هذا الربعَ أين جوابه؟
سؤالك هذا الربعَ أين جوابه؟
رقم القصيدة : 22278
-----------------------------------
سؤالك هذا الربعَ أين جوابه؟
ومن لا يعي للقول كيف خطابُهُ؟
وقفتِ وما يغنيكِ في الدار وقفة
سقى الدار غيث مستهل سحابة
غناؤكِ في تلك المنازل ناظر
بدمع توالى غربُه وانسكابه
إلى طلل أقوى فلم يك بعدها
بمغنيك شيئاً قربه واجتنابه
ذكرتِ كأيام الشبيبة عهده
وهل راجع بعد المشيب شبابه
وقد كان ذاك العيش والغصن ناعم
يروق ويصفو كالرحيق شرابه
وجدت لقلبي غير ما تجدينه
أسى ً في فؤادي قد أناخ ركابه
يفض ختام الدمع يا ميَّ حسرة
ذهاب شباب لا يرجّى إيابُه
ودهرٍ أعاني كل يوم خطوبه
وذلك دأبي يا أميم ودأبه
مسوقٌ إلى ذي اللب في الناس رزؤه
ووقفٌ على الحر الكريم مصابه
وحسبك مني صبر أروع ماجد
بمستوطن ضاقت بمثلي رحابه
يبيتُ نجيَّ الهم في كل ليلة
يطول مع الأيام فيها عتابه(22/77)
قضى عجباُ منه الزمان تجلُّداً
وما ينقضي هذا الزمان عجابه
تزاد عن الماء النمير أسوده
وقد تلغ العذب الفرات كلابه
ألم يحزن الآبي رؤوس تطامنت
وفاخر رأس القوم فيها ذنابه
وأعظم بها دهياء وهي عظيمة
إذا اكتنف الضرغامَ بالذل غابه
متى ينجلي هذا الظلام الذي أرى
ويكشف عن وجه الصباح نقابه
وتلمع بعد اليأس بارقة المنى
ويصدق من وعد الرجاء كذابه
ومن لي بدهر لا يزال محاربي
تُفَلُّ مواضيه وتنبو حِرابُهُ
عقور على شِلوي يعضُ بُنابه
وتعدو علينا بالعوادي ذئابه
رمته الروامي بالسباب مذمَّة
وما ضرّ في عِرضِ اللئيم سبابُه
تصفحت إخواني فلم أر فيهمُ
قويماً على نهج الوفاء اصطحابه
ألإي الناس لا والله من في إخائه
تشدُّ على العظم المهيض عصابه
يساورني كاس الهموم كأنّما
يمجُّ بها السمَّ الزعاف لعابه
وأبعد ما حاولت حرّاً دنوُّه
دنوك مما يرتضي واقترابه
نصيبك منه شهده دون صابه
إذا كان ممزوجاً مع الشهد صابه
يريك الرضا والدهر غضبان معرض
وترجوه للأمر الذي قد تهابه
ورأيك ليست في المشارع شرعة
ولا منهل عذب يسوغ شرابه
وماالناس إلاّ مثلما أنت عارف
فلا تطلبنَّ الشيء عز طلابه
بَلَوتُ بهم حلوَ الزمان ومرَّه
فسيّان عندي عذبه وعذابه
كأنّي أرى عبد الغني بأهله
غريب من الأشراف طال اغترابه
يميّزه عنهم سجايا منوطة
بأروع من زهر النجوم سخابه
ثمين لئالي العقد حالية به
من الفضل أعناق الحجى ورقابه
إذا ناب عن صرب الغمام فإنه
إذا لم يصب صوب الغمام منابه
تألق فانهلّت عزاليه وارتوى
به حزن راجيه وسالت شعابه
أتعرف إلاّ ذلك القرم آبياً
على الدهر يقسو أو تلينُ صلابه
تسربل فضفاض الأبوة كلَّها
وزُرَّت على الليث الهصور ثيابه
ولم ينزل الأرض التي قد تطامنت
ولو أن ذاك الربع مسكاً ترابه
لقد ضربت فوق الرواسي وطنبتْ
على قُلَل المجد الأثيل قبابه
فأصبحت الشُّم العرانين دونه
وحلَّق في جوّ الفخار عُقابه
أبى الله والنفس الأبيّة أن يُرى(22/78)
بغير المعالي همُّه واكتئابه
فدانت له الأخطار بعد عتوِّها
وذلّت له من كل خطب صعابه
ولو شاء كشف الضرّ فرّق جمعه
وما فارق العضب اليماني قرابه
ومجتهدٍ في كلّ علمِ أبيَّة ٍ
فلا يتعداها لعمري صوابه
بفكرٍ يرى ما لا يرى فكر غيره
يشقّ جلابيب الظلام شهابه
مقيم على أنْ لا يزال قطاره
يصوب وهذا صوبه وانصبابه
وإمّا خلا ذاك الغمام فمقلع
وعمّا قليل يضمحل ضبابه
وناهيك بالندب الذي إنْ ندبته
كفاك مهمّات الأمور انتدابه
ذباب حسام البأس جوهر عضبه
وما الصارم الهندي لولا ذبابه؟
عليم بما يقني الثناء وعامل
وداعٍ إلى الخيرَ العظيم مجابه
إذا انتسب الفعل الجميل فإنّما
يكون إلى رب الجميل انتسابه
هل الفضل والإحسان إلاّ صنيعه
أمْ الحمد والشكران إلاّ اكتسابه؟
وإنّي مكتى أخليت من ثروة الغنى
وأغلق من دون المطامع بابه
بدا لي أن أعشو إلى ضوء ناره
وأصبو إلى ذاك المريع جنابه
فأصدرني عنه مصادر وارد
من اليمّ زخّار النوال عبابه
وأصبحُ مرموق السعادة بعدما
خلتْ ثمَّ لا زالت ملاءً وطابه
إذا ذهب المعروف في كل مذهب
إليك برغم الحادثات مآبه
فلست تراني ما حييت مؤملاً
سواك ولم يعلق بي النذل عابه
ولا مستثيباً من دنيٍّ مثوبة ً
حرام على الحرِّ الأبيّ ثوابه
وغيرك لم أرفع إلى شيم برقه
ولا غرّني في الظامئين سرابه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هنِّيتَ هنِّيتَ بالأقدام والظفر
هنِّيتَ هنِّيتَ بالأقدام والظفر
رقم القصيدة : 22279
-----------------------------------
هنِّيتَ هنِّيتَ بالأقدام والظفر
فاسلمْ ودُم سالماً بالعزِّ وافتَخِر
زلزلت بالسيف أركاناً مشيدة
تكاد تلحق بعد العين بالأثر
أنت المنيب إلى الله العزيز به
والمتّقي منه في أمنٍ وفي خطر
بطشتَ بطش شديد البأس منتقم
من بعد ما كنت قد بالغت في النذر
إنَّ الخوارج عن أمر أمرت به
جاءت إليك لعمري غير مفتقر
هم عاهدوك على أن لا تُمَدَّ لهم
يدٌ إلى شجر عدواً ولا عشر(22/79)
ولا ينالون منها غير ما ملكت
أيمانهم بعدما يودى من العُشُرِ
لو أنهم صدقوك القول يومئذٍ
قبلت بالعفو عنهم عذر معتذر
كفى بمكا كان منك اليوم تبصرة
لو يعقلون لذي سمع وذي بصر
لبَّتك أبناء نجد إذ دعوتهم
فأقبلت زمراً تأوي إلى زمر
جاءت إليك كأسْدِ الغابِ عادية
على أعاديك تحمي البيض بالسمر
تهون دونك منهم أنفسُ كَرُمَتْ
في عزّة ِ الموت أو في لُجَّة الخطر
كأنما تنتضيها من عزائمهم
صوارماً طبعوها آفة العمر
والحرب قائمة منهم على قدم
والنفع يكحل عين الشمس بالحور
وللمدافع إرعاد وزمجرة
ترمي جهنَّنمها الطاغين بالشرر
إذا قضى الحتف من أبطالها وطراً
ففي سليمان منها لذة الوطر
بغلمة كسيوف الهند مصقلة
ما شيب منها صفاء الود بالكدر
لا ينزلون على كرهٍ بمنزلة
ولا يضامون في بدو وفي حضر
وكم جمعت وشجعّت الرجال وكم
علّمتها الحرب بعد الجبن والخور
وافاك من قومه الأعجام في نفر
حرب تشب بنار من لظى سقر
علّمتهم كيف يمضي السيف شفرته
وليس يغني حذار الموت عن قدر
سرت بهم نفحات منك تبعثهم
إلأى الشجاعة بعث النادر الحذر
وأنت وحدك فيهم عسكر لجب
سود الوقائع من راياتك الحمر
وأنت بالله لا بالجيش منتصر
فيا لمستنصر بالله منتصر
قد أفلح الناس باديها وحاضرها
من آمرٍ بالذي تهوى ومؤتمر
وأنت هادٍ لها في كل مشتورٍ
وأنتَ مقدامُها في كل مشتجر
وربَّ أمرٍ مهول من عظائمه
أنْ ليس ترنو إليه عين محتقر
فعلت بالرأي والتدبير يؤمئذ
ما ليس تفعله بالصارم الذكر
وإنّك العضب راع العين منتظراً
من صنعة الله لا من صنعة البشر
ترقّ للناس ما تصفو ضمائرها
برقّة ٍ كنسيم الروض في السحر
والغلّ يكمن من تلك الخوارج في
قلوبها ككمون النار في الحجر
عادوا فَعُدت إلى ما كنت تفعله
في حالك من ظلام النقع معتكر
والخيل تفعل بالقتلى سنابكها
لعب الصوالج يوم الروع بالأكر
وقمت تخطب في حد الحسام على
منابر الهام بالآيات والسور
والسيف أصدق ما تنبيك لهجته(22/80)
بموجزم لسان الحال مختصر
دانوا لأمرك بعد الذل وامتثلوا
وكان عفوك عنهم عفو مقتدر
كم من يدٍ لهم طولى تطول على
سمر العوالي رماها الله بالقصر
ومنذ عادوا فقد عادوا لمهلكة
لما نهوا عنه من بغيٍ ومن وطر
في كل عام لهم حرب ومعترك
وموعد للمنايا غير منتظر
وهم متى شئت كانوا منك يومئذ
لدى المنيّة بين الناب والظفر
لا يبلغ الشر منهم مثل مبلغه
في عامهم ذلك الماضي ولم يثر
وربَّ أحمقَ معروفٍ لشهرته
وافاك قومه الأعجام في نفر
لا يعرفون وجوه الموت ترهقهم
ذلاً وتوسعهم طرداً إلى الغرر
أخزاهم الله في الأدبار إذ ذبحوا
قبل الخلائف ذبح الشاة والبقر
وفرّ قائدهم من خوفه هرباً
حتى تحجَّب بالحيطان والجدر
ليت المنيّة غالته بمهلكة
وقد أصيب لحاه الله من دير
إن الأباعد لم يُوثَقْ بخدمتهم
هم العدوُّ فكن منهم على حذر
أبْعِدْ عن العسكر المنصور منزلهم
فشرّهم غير مأمون من الضرر
لا يصلح الجاهل المغرور في نظر
إلاّ إذا كان مصروفاً عن النظر
المفسدون بأرض ينزلون بها
والبارزون بقبح الفعل والصور
لله درك لم تسبق بما فعلت
منك العزائم في ماض من العصر
بعث للبصرة الفيحاء تحفظها
بصارم البأس من أحداثها الغير
طهّرتها من فساد كان يكنفها
ولم تدع باغياً فيها ولم تذر
وصنتها عن شرار الناس قاطبة
صون الجنين لدى الإنفاق بالبدر
فعلتَ فعلاتك الأتي فعلتَ بها
تبقى مع الدهر في الأخبار والسير(22/81)
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> هياكل تضحك
هياكل تضحك
رقم القصيدة : 2228
-----------------------------------
أنتم أيها الجالسون هناك
تتهامسون على الطبيعة
تتآمرون على القطيعة
لماذا تضحكون؟
أَلأن هذه المرأة تضع بعض الأصباغ على وجهها
أم لأن عجيزتها نافرة بعض الشيء
لا...
أنتم تضحكون لأنها تبرز صدرها قليلا
أرأيتم برقا يضحك لأنَّ النهر يفيض
أو لأن الغيوم
تتجمع
والبراكين تثور
أرأيتم جدولاا يضحك لأنَّ قمة الجبل عالية
أو تراب السهل أحمر
أو مياه البحر تضطرب
أنتم أيها الاغبياء
تتوقفون عند سفح الجبل
وتضحكون لأن الأرض كروية
او تحملقون لأن الشجر اخضر
هل فكرتم قليلا في أشكالكم بعد حفنة تراب؟؟
لن يبقى منكم إلا هياكل عظمية... وجمجمات فارغة
أيكون لطيفا ساعتئذ
أن تضحك عليكم مومس تمارس الفاحشةَ فوق قبوركم
أم يكون مناسبا حينها
أن يبول الأطفال في محاجركم
وتعلق النساء ملاقط الغسيل في أقفاصكم الصدرية
أنتم أيتها الهياكل الجالسة هناك
إنكم تثيرون فزعي
بعضكم يثير الضحك
لكنني لن أضحك عليكم
أخشى أن أصبح رديئا مثلكم .
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتى ببراهين غدا كلُّ جاحدٍ
أتى ببراهين غدا كلُّ جاحدٍ
رقم القصيدة : 22280
-----------------------------------
أتى ببراهين غدا كلُّ جاحدٍ
ببرهانه بين البرية مفحما
فألزمهُ بالحقّ والحقّ قوله
فأسْلَمَ من بعد الجحود وسلّما
فطوراً تراه للأمور مسدّداً
وطوراً تراه للعلوم معلما
فلله ما صنّفت كل مصنّف
سرى منجداً في العالمين ومتهما
ومن مشكلات بالعلوم عرفتها
فأعربت عما كان فيهن معجما
وأبكيت أقلام البراعة والنهى
فأرضيت حد السيف حتى تبسما
وما نلت عما شان بالمجد خالياً
وما زلت بالعلم اللّدنيّ مفعما
تفرَّدت في علم وفهم وحكمة
فها أنت والعلياء أصبحت توأما
وإن جئتنا في آخر الدهر رحمة
إذا عدَّت الأمجاد كنت المقدما
وحسبك ما في الناس مثلك سيد(23/1)
أنال مقلاً أو تكرّم معدما
وكم نثرت نثراً بلاغتك التي
أردت بها دُرَّ المعالي منظما
وقد أخرستني من علاك فصاحة
ألبست تراني أخرس النطق أبكما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أمنْ بعد الهمام القرم وادي
أمنْ بعد الهمام القرم وادي
رقم القصيدة : 22281
-----------------------------------
أمنْ بعد الهمام القرم وادي
تصوبُ غمامة ٌ ويسيل وادي
وهل يسقي الغمامُ بني زبيدٍ
فتنقع غلة ويبلّ صادي
لتصدى بعده الورّاد طرا
وأين الماء من غلل الصوادي
شديد البأس أروع مستشيط
يرد شكيمة الكرب الشداد
فكيف يقوده صرف المنايا
وكنت عهدته صعب القياد
قريباً كان مِمَّن يَرْتَجيه
رماه الحتفُ منّا بالبعاد
وذخر الأنجبين وكلّ ذخر
ستسلِمه الخطوبُ إلى النفاد
فقدنا صبحَ غرَّته بليل
كسا الأيام أردية السواد
وروّعت النجوم الزهر حتى
برزن من الدجنّة في حداد
كأنَّ له من الأحشاء قبراً
فؤادي لو شققت على فؤادي
يعزّ على العوالي والمعالي
وسمر الخط والخيل الجياد
أسيرٌ بين أيديها المنايا
فلا يُفدى وإن كثر المفادي
يغضّ الطرف لا عن كبرياء
ولم يشغل بمكرمة ودادي
فليس القول منه بمستعاد
وليس الجود منه بمستفاد
يبيت بلا أنيس بين قومٍ
نيامٍ لا تَهُبُّ من الرقاد
ولو يفدى فدته إذّن رجال
عوادٍ بالسيوف على الأعادي
وحالت دونه بيض حداد
شفعن بزرقة السمر الصعاد
ولاجتهدت بمنعته عقول
لها في الرأي حقّ الاجتهاد
ولكن قد أصيبَ بسهم رامٍ
قضى أن لا يرد عن المراد
وليس لما قضاه الله ردٌ
وأمرٌ الله يجري في العباد
أرى الآجال تطلبنا حثيثاً
ونحن من الغواية في تهاد
وأعمار تناكصُ بانتقاص
وآمال تهافت بازدياد
وقد غلبت لشقوتنا علينا
وكاد الغيٌّ يمكر بالرشاد
ونطمع بالبقاء وما برحنا
نروَّع بالتفرّق والبعاد
نودّع نائياً بالرغم منا
إلى سفر يطول بغير زاد
ونسلو عن أحبتنا ولسنا
بملتقيين إلاّ في المعاد
لقد عظم المصاب وجل رزاءٌ
بفقد المكرمين من البلاد(23/2)
فقدنا وادياً فيها فقلنا
على الدنيا العفا من بعد وادي
وفلَّ الموت مضرب هندوانٍ
وأرزى بالحمائل والنجاد
أذوب عليك بالحزن إدّكاراً
وأشرق منك بالماء البراد
ولي نفسٌ تلهَّبُ عن زفيرٍ
كما طار الشَّرار عن الزناد
على ليث هزبر تكاد منه
ليوث الغاب تصفد في صفاد
يماط عن الثياب وكان يكسو
غداة الروع سابغة اللؤادي
قد انقشعت سحابة كلّ عافٍ
بوبل القطر في السنة الجماد
وكدرت المشارب بعد صفو
وما يجديك رفق من ثماد
هي الأيام لا تصفو لحيٍّ
ولا تبقي الموالي والمعادي
ألَمْ تنظر لما صنعت بعادٍ
وأقيالٍ مضت من بعد عاد
وما أدري على أيّ اتكال
وثقنا بالسلامة واعتماد
فكم نطأ الرماد ونحن ندري
ونعلم أنَّ جمراً في الرماد
وهبنا مثل نبت الزرع ننمو
فهل زرع يدوم بلا حصاد
وتهلِكُ أمَّة وتجيء أخرى
ويخفى ذا وهذا اليوم بادي
على هذا اطّراد الدهر قِدماً
فكيف نروم عكس الإطراد
لقد كانت بيوت بني زبيد
ولا أرمٌ بها ذات العماد
فراحت كالسوام بغير راع
وضلّت كالجمال بغير حاد
فمن للجود بعدك والعطايا
ومن للحرب يقدم والجلاد
فلا تستسقيا غيثاً مريعاً
وقرّي يا طوارم في الغماد
فقد فَقَدَ المكارم ناشدوها
فلا جود يؤمل من جواد
بربك هل سمعت لنا نداءً
وما يغني النداء ولا التنادي
أما أنتَ المجيب لكل هول
ببيض الهند والزرق الحداد
ومنتدب الكماة ومقتداها
إذا انتدب الفوارس للطرد
ووابل صوبها المنهل تندى
بنائله الروائح والغوادي
فمن يدعى وقد صمَّ المنادي
فوالهف الصريخ عن المنادي
بللتك بالنجيع نجيع دمعي
وأقلامي بمسود المداد
وقد قلت الرثاء وثَمَّ قولٌ
يثير لظى حشاً ذات اتقاد
فليتك كنت تسمع فيك قولي
وما أبديه من محض الوداد
تشق لها قلوب لا جيوب
ولو كانت أفظّ من الجماد
قوافٍ تقطر العبرات منها
وتستسقى لك الديم الغوادي
إذا ناحت عليك بكلّ نادٍ
بكينا المكرمات بكل ناد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وَقَفنا بالركائب يومَ سلعٍ(23/3)
وَقَفنا بالركائب يومَ سلعٍ
رقم القصيدة : 22282
-----------------------------------
وَقَفنا بالركائب يومَ سلعٍ
على دارٍ لنا أمست خلاءا
نردد زفرة ونجيل طرفاً
يجاذبنا على الطلل البكاءا
وقفنا والنياق لها حنين
كأن النوق أعظمنا بلاءا
هوى ً إنْ لم يكن منها وإلاّ
فمن إلْفٍ لنا عنا تناءى
وقفنا عند مرتبع قديم
فجدَّدنا بموقفنا العزاءا
وقلت لصاحبي هل من دواء
فقد هاج الهوى في الركب داءا
ودار طالما أوقفت فيها
فغادرت الظِّماء بها رواءا
لها حق على المشتاق منا
فأسرع يا هذيم لها الأداءا
أرق يا سعد دمعك إنَّ دمعي
دمٌ إنْ كان منك الدمع ماءا
وما لك لا تريق لها دموعاً
وإنّي قد أرقت لها دماءا
تكاد تميتني الأطلال يأساً
بأهليها وتحييني رجاءا
هوى ً ما سرَّها إذ سرّ يوماً
وكم سرّ الهوى من حيث ساءا
كأن العيس تشجيها المغاني
فتشجينا حنيناً أو رغاءا
وقد عاجت مطايانا سراعاً
فما رحّلتها إلاّ بِطاءا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دعاه إلى الهوى داعي التّصابي
دعاه إلى الهوى داعي التّصابي
رقم القصيدة : 22283
-----------------------------------
دعاه إلى الهوى داعي التّصابي
فراح يذكر أيّام الشباب
يذيل مدامعاً قد أرسَلَتها
لواعج فرط حزن واكتئاب
وأبصره العذول كما تراه
بما قاسى شديد الاضطراب
وفي أحشائه وجدٌ كمينٌ
يغذّبه بأنواع العذاب
فلام ولم يصب باللّوم رشداً
وكان العذر أهدى للصواب
جفته الغانيات وقد جفاها
فلا وصل من البيض الكعاب
وكان يروعه من قبل هذا
هوى سلمى وزينب والرباب
يروع إلى الدمى صابٍ إليها
ويأنس في أوانها العراب
أعيدي النَّوح يا ورقاء حتى
كأنكِ قد شكوتكِ بعض ما بي
بكيت وما بكيت لفقد إلفٍ
على أني أصبتُ ولم تُصابي
وذكّرني وميض البرق ثغراً
برود الشرب خمري الرضاب
وما أظمأك يا كبدي غليلاً
إلى رشف الثنايات العذاب
أتنسى يا هذيم غداة عُجنا
على ربع نهاب للذهاب
فَأوْقَفْنا المطيَّ على رسوم(23/4)
كآثار الكتاب من الكتاب
وأطلال لميَّة َ باليات
بكت أطلالَها مقلُ السحاب
نسائلها عن النائين عنها
فتعجز يا هذيم عن الجواب
هنالك كانت العبرات منا
خضاباً أو تنوب عن الخضاب
أمنّي النفس بعد ذهاب قومي
بما يرجو المفارق من إياب
ذريني يا أميم من الأماني
فما كانت خلا وعد كذاب
ذريني أصحبِ الفلوات إنّي
رأيتُ الجدَّ أوفقَ بالطلاب
فما لي يا أميمة في خمول
يطول به مع الدنيا عتابي
سقيم بين ظهراني أناسٍ
أروم بهم شراباً من سراب
يجنبّني نداهم صَون عرضي
وتركي للدنيّة واجتنابي
وكم لي فيهمُ من قارصات
وما نفدت سهام من جعابي
سأرسلها وإنْ كانت حثياً
عليها من أباة الضيم آبي
وإنّي مثلما علمت سعادٌ
وقورُ الجأش مِقْلاقُ الركاب
وأدَّرع القتام لكلّ هول
كما أغمدت سيفاً في قراب
وأصحبُ كلّ مُبْيض السجايا
وجنح الليل مسوّد الاهاب
ليأخذ من أحاديثي حديثاً
غنياً عن معاطاة الشراب
بمدح محمَّدٍ ربّ المعالي
ورائق صفوة الحسب اللباب
وها أنا لا أزال الدهر أثني
عليه بالثناء المستطاب
فأطرب فيه لا طرب الأغاني
وكأس الراح ترقص بالحباب
إذا دارٌ نَبَتْ بي رحَّلَتها
عزائم باسل عالي الجناب
أطرّزُ باسمه بُرْدَ القوافي
كوشي البرد طرز بالذهاب
وفيه تنزل الحاجات منا
وتنزل في منازله الرحاب
إذا آب الرجاءُ إليه لاقى
بساحة مجده حسن المآب
تواضع وهو عالي القدر سامٍ
ولا عجبٌ هو ابنُ أبي تراب
يشرفني إذا أدنيت منه
شريف من ذؤابة آل بيتٍ
وفيما بيننا والفضل قربى
من العرفان والنسب القراب
أهيم بمدحه في كل وادٍ
وأقرع في ثناه كل باب
إلى حضراته الأمداح تجبى
ومن ثم انتمى فيها لجابي
يرغّب فضله الفضلاء فيه
ويطمعهم بأيديه الرغاب
عطاء ليس يسبقه مطال
وقد يعطي الكثير بلا حساب
وينفق في سبيل الله مالاً
لأبناء السبيل وفي الرقاب
جزى الله الوزير الخير عنا
وأجزاه بأضعاف الثواب
فقد سَرَّ العراقَ ومَن عَليها
بقاضٍ لا يروغ ولا يحابي
وأبقى الله للإسلام شيخاً(23/5)
به دفع المصاب عن المصاب
بمثل قضائه فصل القضايا
ومثل خطابه فصل الخطاب
أطلّوا بالعلاء على البرايا
كما طلّ الجبال على الروابي
ليهنك أنت يا بغداد منه
بطلعة حسن مرجوٍ مهاب
أقام العدل في الزوراء حتى
وجدنا الشاء يأنس بالذئاب
وأنى لا يطاع الحق فيها
ولا تجري الأمور على الصواب
وسيف الله في يد هاشميّ
صقال المتن مشحوذ الذباب
خروجك من دمشق الشام ضاهى
خروج العضب أصلت للضراب
وجئت مجيء سيل الطمّ حتى
لقد بلغ الروابي والزوابي
بعلم منك زخّار العباب
وفضل منك ملآن الوطاب
فمن هذا ومن هذا جميعاً
أتيت الناس بالعجب العجاب
فلا أفلتْ نجومك في مغيب
ولا حُجِبَتْ شموسُك في ضباب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أكرم بطيف خيالكم من زائرِ
أكرم بطيف خيالكم من زائرِ
رقم القصيدة : 22284
-----------------------------------
أكرم بطيف خيالكم من زائرِ
ما زار إلاّ مُؤْذناً ببشائر
وافى على بُعد المزار وربما
بلَّ الغليل بغائب من حاضر
والنجم يصرف للغروب عنانه
حتى بصرت به كليل الناظر
وكأنَّ ضوءَ في أثرَ الدجى
إظهارُ حُجّة ِ مسلمٍ للكافر
لا تحسبوا أنّي سلوت غرامكم
هجراً فبعداً للمحب الهاجر
جمراك ذاك الوجد حشو جوانحي
وجمال ذاك الوجه ملء نواظري
أعِدِ ادّكارك يوم مجتمع الهوى
إنّي لأصبو عند ذكر الذاكر
أيام نرفل بالنعيم ونصطلي
نار المدامة من عصير العاصر
ولقد ذكرت العيش وهو كأنّما
برزت محاسنه بروض ناضر
ومليكه الأفراح في أقداحها
قد رصعت تيجانها بجواهر
صبغت بإكسير الحياة لجينها
فكأنها ملكت صناعة جابر
خلع العذار لها النزيف وبان في
جنح الظلام منادمي ومسامري
متجاهر يهفو إلى لذاته
أحبب إلى اللذات من متجاهر
ذهبت لذاذات الصبا وتصرّمت
أوقات أُنْسِكَ في الزمان الغابر
وإذا امرؤ فقد الشباب فما له
في اللهو بعد مشيبه من عاذر
ولقد أقول لطامع برجوعها
كيف اقتناصُك للغزال النافر؟
لله ما أورى بنا متلفت
يوم الفحيم بجيد أحوى الناظر(23/6)
والركب مرتحل بكل غريرة
تبني الكناس بغاب ليث خادر
أرأيت ما فعل الوداع بمقلة
ما قرّحت بالدمع غير محاجري
وجَرَتْ على نَسَقٍ مدامعُ عبرة
شبّهتها باللؤلؤ المتناثر
شيعت هاتيك الظغون عشية
ورجعت بعدهم بصفقة خاسر
لا كان يوم وداعهم من موقف
وقف المتيم فيه وقفة حائر
والدمع يلحق آخراً في أوّلٍ
والبين يرفق أوّلاً في آخر
مَن ناصري منكم على مضض الهوى ؟
هيهات ليس على الهوى من ناصر
لا تعذلنّ فللغرام قضية
سدَّت عليَّ مسامعي ومناظري
يا سعد حين ذكرت شرقيّ الحمى
هل كان قلبي في جناحي طائر
كشفت لديك سريرة أخفيتها
فعرفت ثمة باطني من ظاهري
وجفا الخيال ولم يزرني بعدها
أين الخيال من الكئيب الساهر
يا أهل هذا الحي كيف تصبري
عنكم ومن لي بالفؤاد الصابر
ولقد طربت لذكركم فكأنني
بغداد يوم قدوم عبد القادر
وافى من الشام العراق بطلعة
شمنا بها برق الحيا المتقاطر
فزها بطلعته العراق وأهله
والروض يزهو بالسحاب الماطر
وتقدمته قبل ذاك بشارة
ما جاءت البشرى لها بنظائر
وافى فأشرق كل فجٍّ مظلم
فيه وأحيا كل فضل داثر
وضفا السور على أفاضل بلدة
سرُّوا بمحياه البهي الباهر
نعموا بوجه للنعيم نضارة
فيه وقرّت فيه عين الناظر
بأغرَّ أبيضَ تتجلى بجنبينه
ظلمات سجف ستائر لدياجر
يبتاع بالمال الثناء وإنّما
في سوقه ربحت تجارة تاجر
صعب على صعب الخطوب وجائر
أبداً على جور الزمان الجائر
إن كان ذا البأس الشديد فرأفة
فيه أرقّ من النسيم الحاجري
حُيّيتَ ما بين الورى من قادم
ونعمت بين أكارمة وأكابر
قد زعزعت بك عن دمشق أبوَّة ً
نتجت به أمُّ الزمان العاقر
وشحذت عزمك للمجيئ غرتره
ولرب عزم كالحسام الباتر
وطلعت كالقمر المنير إذا بدا
زاه بأنوار المحاسن زاهر
واخترتَ من بغداد أشرفَ منزلٍ
ما بين خير عصابة وأخاير
فانزل على سعة الوقار ورحبه
في منزل رحب وبيت عامر
بنيت قواعده على ما ينبغي
من سؤدد سامي العلى ومفاخر
فلئن تعبت فبعد هذا راحة(23/7)
أو قيل ما قالوا فليس بضائر
ولسوف تبلغ بعد ذاك مآرباً
ما ليس يخطر بعضها بالخاطر
وكفاك ربك شر كل معاند
ركب الغرور فلا لعاً للعاثر
أبي جميلٍ إنَّني بجميلكم
ميزت بين الناس دون معاصري
إني لأفخر فيكم فيقال لي
لله شاعر مجدهم من شاعر
فلو کنني آتي بكل قصيدة
عذراء من غرر القصائد باكر
وجلوتها فكأنما هي غادة
حلّيتها من مدحكم بأساور
وإذا تناشدها الرواة حسبتها
أرواح انفاس النسيم العاطر
لم أقضِ حق الشكر من إحسانكم
لكن أطاوله بباع قاصر
عذبت لديكم في الأنام مواردي
حتّى رأيت من الغريب مصادري
هاتكم الأيدي التي لا ينقضي
مدح الجميل لها وشكر الشاكر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا نائباً غابَ عنّي الصّبر مُذْ بانا
يا نائباً غابَ عنّي الصّبر مُذْ بانا
رقم القصيدة : 22285
-----------------------------------
يا نائباً غابَ عنّي الصّبر مُذْ بانا
هلاّ سألتَ عن المشتاق ما عانى ؟
ما راق في عينه شيء يروق لها
ولا اصطفى غير من صافيت إخوانا
ورلا إذا غرَّدت ورقاء في فنن
أملَت عليَّ من الأوراق أشجانا
وصرت في حال من لا يبتغي بدلاً
بالأهل أهلاً وبالجيران جيرانا
ما زلت أخصلُ أجفاني بأدمعها
إذا تدكَّرتُ أوطاراً وأوطانا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنَّ الأكارمَ والمكارمَ
إنَّ الأكارمَ والمكارمَ
رقم القصيدة : 22286
-----------------------------------
إنَّ الأكارمَ والمكارمَ
والأفاضل والأماجدْ
فقدت محمَّده الأمين
فيا لمفقود وفاقدْ
وخَلَتْ معاهدُ للتُّقى
وتعطَّلتْ تلك المساجد
وبكت عليه مدارسٌ
من بعده وخلت مساجد
قد كان أعظمَ حجة ٍ
في الدين تُفْحِمُ كلَّ جاحد
ما في البرية كلِّها
أقوى وأعدل منه شاهد
بالله أقسمُ إنَّه
في ملّة الإسلام واحد
كانت موارد علمه
شِرَعاً شُرعن لكل وارد
قد كان للدين القويم
إذا نظرت يداً وساعد
يا واعظاً بوجوده
عِظمة ٌ تلين لها الجلامد
يا نائياً عن صحبه
هل أنت بعد النأي عائد(23/8)
فلكم سددت على امرىء ٍ
بابَ المطالب والمقاصد
وأذَبْتَ دَمعاً كان لي
من قبل هذا اليوم جامد
أينَ الفرائدُ والشرائدُ
والعرائدُ والفوائدْ
ما كنت آمل أنَّني
أنعي على الأيام واجد
وألين بعد أحبّتي
للحادثات من الشدائد
لا ساعدي فيه القويّ
ولا على زمني مساعد
ولقد سئمت من الحياة
بما أشاهد أو أكابد
لما فقدت الصالحين
علمت أنَّ الدهر فاسد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مذْ سلَّ في العشاق الناظرِ
مذْ سلَّ في العشاق الناظرِ
رقم القصيدة : 22287
-----------------------------------
مذْ سلَّ في العشاق الناظرِ
وسطا كما يسطو بماضٍ باتر
جرح الفؤاد بصارم من لحظه
رشأ يصول بلحظ فاتر
ما كنت أعلمُ أنْ أرى صرف الردى
من أعيُنٍ تحكي عيون جآذر
ويلاه من لك العيون فإنها
فتكت بنا فتك الهزبر الثائر
تبدو العيون النجل في حركاتها
في زيّ مسحور وسيما ساهر
قمرَ إذا نظر العذول جماله
أضحى عذولي بالصبابة عاذري
يجفو ويوصل في الهوى لمشوقه
والصدّ من شيمَ الغزال النافر
أمسى يعاطيني مدامو ريقه
والنجم يلحظا بطرق ساهر
ما زلت ألثِمه وأرشف ثغره
حتى بلغت به مناء الخاطر
لله أيام الوصال فإنّها
مرَّت ولكن في جناحي طائر
وإذا ذكرت لبانة قضَّيتها
ولعت مدامع أعيني بمحاجري
وليالياً بالأبرقين تصرّمت
كان الحبيب منادمي ومسامري
إنْ غاب من أهوى وعز لقاؤه
فالقلب لم يبرح بوجد حاضر
لي حسرة ممن أودُّ ولوعة
وقدت لواعج نارها بضمائري
لم يبق لي أملٌ أرجّي نيله
إلاّ نوال يمين عبد القادر
وترى الركائب حاملات في الورى
أخبار حسن حديثه المتواتر
ذو همة وعزائم بين الملا
أغنتهُ عن حمل الحسام الشاطر
أحيا حديث الفضل بعد مماته
وجمال ذياك الزمان الغابر
والتارك العافي بجنَّة فضله
ترك المعادي في لحود مقابر
ودليل شيمته صفاء جنانه
والشي يرى من ظاهر
شِيَمٌ له نتلو بحسن ثنائها
كتبت محاسنها بكل دفاتر
يعفو عن الجاني ويغفر ذنبه
والعفو أحسنُ ما أتى من قادر(23/9)
لم ألقَ بين الناس أكرمَ ماجد
لوفوده ولضده من قاهر
بالرأي آصفُ ما يحاول رأيه
يقف الدكيّ لديه وقفة حائر
هيهات أنْ يأتي الزمان بمثله
نتجت به أمُّ الزمان العاقر
يأتي من الدنيا بكل بديعة
ومن الفضائل في عجيب باكر
في وجهه آيات كل فضيلة
يلقى العفاة ترحباً ببشائر
إنّ الحياة لوفده بيمينه
وبسيفه قتل العدو الفاجر
ذو همة وشجاعة يوم الوغى
في الحرب يسطو كالعقاب الكاسر
من عصبة جمعوا الشجاعة والندى
نالوا المعالي كابراً عن كابر
وإذا أتيت لبابه في حاجة
أغناك في بذلك العطاء الوافر
بسط اليدين على الأنام تكرماً
ونوالها مثل السحاب الماطر
صَدَر المؤمّلُ عن موارد بحره
يروي أحاديث العطا عن جابر
متقمّصٌ بالمكرمات مؤزَّرٌ
من رريّه في عزّة ٍ ومفاخر
قَسَماً ببارق مرهف في كفه
حين النزال وبحره المتكاثر
لم ألق بين الناس قط مماثلاً
لجنابه العالي ولا بمناظر
غوث الصريح إذا دعى لملمَّة
في كشفه الأخطار أيّ مبادر
كم زارد نهر النضار ببابه
من فضله السامي وكم من صادر
يا أيّها المولى الذي أفضاله
في عاتقي وثناؤه في ضامري
خذها إليك قصيدة ٌ من أخرس
يثناك ينطق في لسان شاكر
هنِّيت بالعيد الجديد ولم تزل
سعد الكرام ورغم أنفِ الفاجر
لا زلت مسعود الجناب مؤيَّداً
وعِداك في ذلٍ وحالٍ بائر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> انْظُرْ إلى الأشراف كيف تسودُ
انْظُرْ إلى الأشراف كيف تسودُ
رقم القصيدة : 22288
-----------------------------------
انْظُرْ إلى الأشراف كيف تسودُ
وإلى أباة الضَّيم أين تريدُ
إذ يدّعي بالملك منهو أهله
والحزم يقضي والسيوف شهود
يوم ثوى فيه ثويني في الثرى
يوم بسالم للبرية عيد
ماللذي عبد الصخور من الذي
عبد الآله ودينه التوحيد
قل للذي ذم الإمام بشعره
قد فاتك المطلوب والمقصود
ولقد عميت عن الهدى فيمن له
نظرُ بغايات الأمور حديد
السيّد السند الرفيع مقامه
ومقامه الممدوح والمحمود
أنى تحقّر بالفهاهة سيّداً(23/10)
لما تيقّظ عزمه من غفلة ٍ
سخط الحسود بما به من سالم
رضي الالsه الواحد المعبود
من لام سالم في أبيه فلزمه
حمقٌ لعمري ما عليه مزيد
ما عَقَّ والِدَه ولا صدق الذي
نَسَبَ العقوقَ إليه وهو جحود
وافى تويني في الفراش حمامه
وأتى عليه يومه الموعود
هذا قضاء الله جلّ جلاله
لا والدٌ يبقى ولا مولود
رأي رأى فيه الإصابة سالمٌ
بالله أقسم إنَّه لسديد
فله يصحّ الاجتهاد بعلمه
في شأنه ولغيره التقليد
فيها عقول الجاهلين رقود
وأرابه أمرٌ يعمُّ وباله
وعلى عمان بما يسوء يعود
وليَ الأمور بنفسه فتصرَّمتْ
تلك الحوادث والخطوب السود
وأقرَّ هاتيك الممالك بعدما
كادت تمور بأهلها وتميد
ولقد حماها بالصوارم والقنا
فعمان غيل والرجال أُسُود
لا خير في ملك إذا لك يحمه
بأس يذوب له الحديد شديد
ماذا يفيد العذل والتفنيد
ولقد قضى نحباً أبوه وقد مضى
ما لامرئٍ في الكائنات خلود
خير من المفقود عند وفاته
هذا الإمام السالم الموجود
أبقى له الذكر الحميد فصيته
قد يخلق الأعمار وهو جديد
سفهاً لهنديّ أراد بنصحه
غِشّاً وكلّ مقاله مردود
نظم القريض ليستميل قلوبنا
عنه وذاك من المريد بعيد
خفيتْ على الغبيّ مقاصد
فيها وما عرف المرام بليد
متوعد الإسلام من أعدائه
ما ضمنه التقريع والتهديد
ليكيد فيها المسلمين بخدعة
لا يعرف الشيطان كيف يكيد
ليست عمان ولا صحار ومسقط
هنداً ولا العرب الكرام هنود
لو تقرب الأعداءُ منها لاصطلت
ناراً لها في الملحدين وقود
وإمام مسقط لا يروع جنابه
عند اللقاء بوارق ورعود
قد بايعته على عمان رجاله
أكْرِمْ بهم فهمُ الرجال الصيد
ووراءه ملك الملوك جميعها
عبد العزيز وظلُّه الممدود
ملك يقوم بنصره فتمده
أنى يشاء عساكر وجنود
ووراء ذلك أمة عربية
الدين فيها والتقى والجود
من كان عبد الله من أنصاره
آل السعود فإنه لسعيد
والله خير الناصرين ولم يكن
إلا لديه النصر والتأكيد(23/11)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنْ جئت آل سلمى أو مغانيها
إنْ جئت آل سلمى أو مغانيها
رقم القصيدة : 22289
-----------------------------------
إنْ جئت آل سلمى أو مغانيها
فاحفظ فؤادك واحْذَر من غوانيها
تلك المغاني معاني لائحة
منها لعينك فاشرح لي معانيها
معالم كلّما استسقت معاهدها
وبلاً من الدمع بات الوبل يسقيها
منازل وقف العاني بها فشكا
روّية كلما نادت بمعجزة
واحبس بها الركب أن تقضي حقوق ثرى ً
على المتيَّم حقٌ أنْ يؤديها
قف بي أصبّ بها أشيب دماً
فإنّما أنا صبّ الدار عانيها
ويلاه من كبد حرى أضرّ بها
منع الأحبة شرب الراح من فيها
لي مهجة والقدود السمر ما برحت
تميتها والصبا النجديّ يحييها
يأتي إليك هواها بالصبا سحواً
فهل عرفت الهوى من أين يأتيها
فما لهاتفة تشجي الخليّ جوى ً
وما رماها بسهم البين راميها
لله ما فعلت بي في تفنُّنها
ورقاءُ في الدوح تششجيني وأشجيها
وهيَّج البرق لما لاح وامضه
لواعجاً في هوى ميٍّ أعانيها
فعبّرت عبرات الدمع حين جرت
عن صبوة بت أخفيها وأُبديها
يا برقُ سلّم على حيٍّ بذي سلمٍ
وجُز بأحياء ميثاء وحييها
حيِّ حياة المعنّى في مواصلهم
كانوا منى النفس لو نالت أمانيها
قد طال عهدي بأحباب شغفت بها
ولا أرى طول هذا العهد ينسيها
ما للملامة تغريني ولي أذنُ
تملّها وأرى العذال تمليها
يا عاذلي كلّما أبصرت حال شجٍ
فخلّه فهو مشغوف وخلّيها
فلا تعذب أخيَّ اليوم مهجته
فإنّ ما لقيت في الحب يكفيها
لا تلحني فتزيد القلب صبوته
وربّما جرح العشاق آسيها
أقول للبرق إذ لاحت لوامعه
يحكي تبسم ذات الخال تشبيها
بالله كرّر أحاديث العُذَيب فما
بغيرها غلّة الأشواق ترويها
وارفق بمهجة مشتاق لقد رديت
وكلنفس هواها كان مرديتها
ويا نسيماً سرى من أرض كاظمة
يروي أحاديث نشر عن روابيها
احمل إلى الموصل الحدبا تحيّتنا
واقرا السلام على من قد سما فيها
وإنّما هو عبد الله عالمها
ومقتداها ومهديها وهاديها(23/12)
الفاضل الفرد فيهم في فضائله
لا يستطيع حسودٌ أن يواريها
من عصبة برئت من كل منقصة
من الورى فتعالى الله باريها
منهم تبلَّجَ صبح الفضل وابتهجت
رياضه فزها بالحق زاهيها
علاهم سقم أكباد الحسود كما
تشقى صدور المعالي في عواليها
فلتفخر الموصل الحدباء إنّ لكم
نهاية الفخر قاصيها ودانيها
وللفضائل أهلٌ في الورى أبداً
وما برحتم مدى الأيام أهليها
صحف البلاغة قد أصبحت ناشرها
من بعدما كاد هذا الدهر يطويها
جزيت عن بني فكر بعثت بها
إلى محبيك تهديها فتهديها
فلو نجازيك عن معشار قيمتها
جوزيت إذ ذاك بالدنيا وما فيها
ما روضة من رياض الحزن باكرها
غيث فأضحكها إذ بات يبكيها
يوماً تضرَّج فيها الورد وجنته
حتى تبسَّم من عُجْبٍ أقاحيها
أبهى وأبهجَ من نظم نظمت به
زُهْرَ الكواكب نظماً في قوافيها
بيوت فضل حوت من كل نادرة
أحكمت في يدك الطولى مبانيها
رقتْ إلى أنْ تخيَّلنا النسيم سرى
منها ولم يسر إلاّ من نواحيها
تُملى على السمع أحياناً فتملأه
لنالئاً ومعانيها لئاليها
كأنّما طلعة الأٌمار مطلعها
والأنجم الزهر أمست من قوافيها
كم أسكرتنا ولم نسق كؤوس طلى ً
وإنّما الخمر معنى من معانيها
مصوغة من دموع العين صافية
ما زال ظاهرها يبدو كخافيها
من مظهر السحر من بادي روّيته
بصورة الشعر تخييلاً وتمويها
كم أبْهر العينَ حُسناً من سنى كلمٍ
بدا وتورية فيها تورّيها
وكيف نأتي لها يوماً بثانية
وأنت يا واحد الآحاد منشيها
لا زلت ما طلعت شمس وما غربت
مطالعاً المجد حاويها
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> يعيش العدو
يعيش العدو
رقم القصيدة : 2229
-----------------------------------
إستحث الخطى يا رفيقْ
فالطريقْ
أبعد من خطواتنا
والعتاد أثقل من مؤخراتنا
والعدو لا يستحق كل هذا العناء
والدار التي احتلها أشبه بكوخ تافه,!!
اجلس
إجلسْ يا رفيق
بلاد الله واسعة
- لماذا لا نبني هنا خيمة؟!
****
نبني خيمة ،
نجلب الماء من نبع العين(23/13)
نربي دجاج الخوف
بقر الصبر
كلابَ الشجاعة
نحرثُ أرض الهزيمة
نزرعها زيتونا وقمحا
نقيم هنا وطنا
****
تعال يا قاطع الطريق
تعال يا صعلوك
تعالوا يا زُناة
تعالن يا مومسات
تعالوا يا لصوص ويا قتلة
تعالوا إلى نشيدنا الوطني
وسجادنا الأحمر
مزقوا أعلام الدول
واهتفوا معنا
يعيش العدو
عَمَّرَ بلادنا
وعمرنا بلاد الناس
أخذ نبع الماء
وأراحنا من العطش
****
دعوا العدو يستريح
دعوه يستريح
دعوا الذئب يطبخ الوليمة
سننضم إلى هيئة الأمم
سنحترم اليونسكو
نضرم النار في التاريخ
نبدأ من جديد
من يوم غد.....
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> متى لاح رسمُ الدار من طلل قَفْر
متى لاح رسمُ الدار من طلل قَفْر
رقم القصيدة : 22290
-----------------------------------
متى لاح رسمُ الدار من طلل قَفْر
فلي زفرة ٌ تذكو ولي عَبْرة ٌ تَجري
ذكرت الهوى يوماً بمنعرج اللوى
ولا بد للمشتاق فيه إلى الذكر
سقى الله عهداً في النعيم وحاجر
وجاد على أرجائها وابلُ القطر
وحيّى بصوب المزن في الحيّ منزلاً
لي العذر فيه من رسيس الهوى العذري
وأيامنا الّلاتي قَضَت باجتماعها
تصبَّبَ من عينيَّ ما ليس بالنزر
وإنّي لمطويّ الضلوع من الجوى
على لاعج برحٍ احرَّ من الجمر
كأنَّ التهاب البرق يُبرِزُ لوعتي
ويُبْرِزُ للأبصار ما كان في صدري
ولم أدرِ ما هاج الحمام بنوحه
فهيَّجَ أشجان الفؤاد ولا يدري
كأنّي به يشكو الفراق على النوى
ولا غاب عن أنفٍ ولا طار عن وكر
أحبَّتَنا هل تذكرون ليالياً
لنا في الحمى كانت تعدُّ من العمر
تطوف علينا الكأسُ من كفِّ أغيد
كما ذكر قرن الشمس في راحة البدر
تحدِّثنا عن نار كسرى لعهده
قديمة ُ عهدٍ بالمعاصير بالعصر
فحيّى بها أحوى من الغيد أبلجٌ
مُذاباً من الياقوت تبسم عن درّ
وقلت لساقيها وريدك بالحشا
فقد زدتني بالراح سكراً على سكر
بربِّك هلْ أبصرت منذ شربتها
ألذَّ لطيب العيش من قدح الخمر
وندمان صدقٍ تشهد الراح أنَّهم(23/14)
إذا سكروا أحلى من السكر المصري
هنالك أعطينا الخلاعة َ حقَّها
وقمنا إلى اللّذات نعثر بالسكر
إلى أنْ بدا للصبح خفقٌ بنوده
وطار غراب الليل عن بيضة الفجر
وغارت نجوم الليل من حسن معشر
خلائقهم أبهى من الأنجم الزهر
بَلَوْتُ الليالي عُسْرَة ً بعد يسرة
وكم ذقت من حلو المذاق ومن مر
فما أبلت الأيام جدَّة َ عزمتي
ولا أخَذَتْ تلك الحوادث من صبري
إذا لم تكن لي في النوائب صاحباً
فما أنتَ من خيري ولا أنتَ من شري
وليس تفي مثل الصوارم والقنا
إذا عبثت أيدي المودّات بالغدر
إذا أنا أنفيتُ الهوان بمنزلِ
تركت احتمال الضيم فيه إل غيري
وما العزُّ في الدنيا سوى ظهر سابح
يقرّب ما ينأى من المهمة القفر
سواءٌ لديه الوعرُ والسهل إنْ جرى
وَلَفَّ الرُّبا بالسَّهلِ والسَّهلُ بالوعر
تعوَّد جوبَ البيد فاعتاد قطعها
فأنْجَدَ في نجد وأغوَرَ في غور
عتيقٌ من الخيل الجياد كأنَّه
لشدته صخرٌ وما قدَّ من صخر
وناصيته ميمونة منه أعْلَنَتْ
بأنَّ لها فيه مقدمة النصر
وإنَّ جياد عندي هو الغنى
وليس الغنى بالمال والبيض والصفر
وأشْهَبَ يكسوه الصباح رداءَه
كما أشرقَ الإسلام في ملَّة الكفر
أبى أن يشقَّ اللاحقون غباره
فكالبرق إذ يهفو وكالريح إذ تسري
إذا ما امتطاه رفعتٌ وجرى به
رأت أعيني بحراً ينوف على بحر
أعدَّ له عند الشدائد عدَّة ً
وأرصده فيها إلى الكر والفر
فتى المجد من أهل الصدارة في العلى
وليس محل القلب إلاّ من الصدر
تناظرُ جدواه السحائب بالندى
وأنّى له جدوى أنامله العشر
إذا جئته مسترفداً منه رِفْدَه
فنل منه ما تهوى من النائل الغمر
وحسبُك من أيدٍ تدفَّق جَورُها
وناهيك من وجه تَهلَّل بالبشر
كما سقت المزن الرياض عشية ً
فأصبحَ زهر الروض مبتسم الثغر
بياض يدٍ تندى ومخضرّ مربع
تروق برغد العيش في الخطط الغبر
وما زال موصول الصلات ودأبه
من البرّ أنْ يسديه برّاً إلى بر
مكارمه لا تترك المال وافراً
وهل تركت تلك المكارم من وفر(23/15)
وما ادّخرت للدهر مالاً يد امرئٍ
يُعدُّ الثناءَ المحض من أنفس
كما لم يَزَلْ يُرجى لكل ملمة
ويعرف فيه الأمن في مواطن الذعر
ولا خير في عيش الفتى وحياته
إذا لم يكن للنفع يرجى وللضرّ
له المنطق العذب الذي راق لفظه
رمى كل منطق من الناس بالحصر
فلا ينطق العوراءَ سُخطاً ولا رضى ً
قريبٌ من الحسنى بعيدٌ من الهُجْر
سواء إذا أثرى وأملَقَ جودُه
جواد على الحالين في العسر واليسر
صبورٌ على الأيام كيف تقلَّبت
جليدٌ شديدُ البأس فيها على الدهر
وقد أخْلَصَتْه الحادثات بسبكها
فكان بذاك السبك منخالص التبر
إذا ما حَمِدْنا في الرجال ابن أحمد
فعن خالص في الود بالسر والجهر
يعطّر أرجاءَ القوافي ثناؤه
وربَّ ثناءٍ كان أذكى من العطر
نشرنا له الصُّحفَ التي كان طيُّها
على طيب ذات فيه طيبة النشر
ولي في أبيه قبلَه وهو أهْلُها
محاسنُ أوصاف تضيق عن الحصر
فيا أيّها المولى الذي عمَّ فضله
لك الفضل فاسمع إن تكن سامعاً شعري
خدمتُك في حُرِّ الكلام مدائحاً
فقال لسان الحال يا لك من حر
وقد راق شعري في ثنائك كلُّه
ألا إنَّ بعض الشعر ضرب من السحر
فخذها منالداعي قصيدة أخرس
عليك مدى الأيام تنطق بالشكر
تريني لدى علياك ما قد يسُّرني
وترفع قدري فيك يا رفعت القر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لِلَّهِ دَرَّ أبي داود من رجلِ
لِلَّهِ دَرَّ أبي داود من رجلِ
رقم القصيدة : 22291
-----------------------------------
لِلَّهِ دَرَّ أبي داود من رجلِ
يستنزل العصمَ من مستعصم القلل
لو رام قلع الجبال الشمِّ ما تركت
والفائزون بما يرجون من أمل
له من الله في سلمٍ ومعترك
بأسُ الحديد وجُود العارض الهطل
شيخٌ حماها بفتيان إذا زأروا
تخوّفتهم أسودُ الغيل بالغيل
حفَّتْ به من بني نجد أُغَيْلِمَة ٌ
أعدَّهم لنزول الحادث الجلل
إذا دعاهم أبو داود يومئذٍ
جاؤوا إليه بلا مهلٍ على عجل
المدْرِكونَ بعون الله ما طلبوا
والفائزون بما يرحبون منأمل(23/16)
كم فتكة ٍ لسليمان بهم فتكت
وما تقول بفتكِ الفارس البطل
لقد قضى الله بالنصر العزيز له
فيما قضاه من التقدير في الأزل
والله أعطاه في خَلْقٍ وفي خُلُق
الصدقَ بالقولِ والإخلاص بالعمل
جاءَ الصريخُ إليه يستجير به
مستنجداً منه بالخطيّة الذيل
فجهّز الجيش والظلماءُ عاكفة ٌ
والرعد والبرق ذو ومض وذو زجل
سرى إلى القوم في ليل يَضِلُّ به
سِربُ القطا وجبان القوم في الكلل
بحيث لا يهتدي الهادي بها سُبُلاً
يَهديهم الرأيُ منها أوضحَ السبل
فوارسٌ بلغت نجدٌ بهم شرفاً
يسمو وفي غير طعن الرمح لم ينل
فأدْرَكتْ من عِداكم كلَّ ما طلبَتْ
فصار يُضربُ فيها اليوم بالمثل
وصبَّحتهم ببيض الهند عادية ً
فأصْبَحتْ وهي حمرُ الحلّ والحلل
قتلٌ وأسرٌ وإطلاقٌ يمنُّ به
على العدو وإرسال بلا رسل
فكان عيدٌ من الأعياد سُرَّ به
أهلُ الحفيظة من حافٍ ومنتعل
إذ يحشر في ذاك النهار ضحى ً
والخيل قد أقْبَلَتْ بالشاء والإبل
هذا هو الفخر لا كأسٌ تدار على
شرب ولا نغمُ الأوتار بالغزل
فليهنك الظفرُ العالي الذي انقلبت
به أعاديك بعد الخزي بالفشل
وقرَّ عيناً فدتك الناس في ولد
يحيي المناقب من آبائك الأوَل
فأرَّخوه وقالوا يومَ مولده
يقرُّ عين سليمان الزهير علي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قلبٌ يذوب عليك وجدا
قلبٌ يذوب عليك وجدا
رقم القصيدة : 22292
-----------------------------------
قلبٌ يذوب عليك وجدا
وحشى ً توقَّدُ منك وقدا
وجفون صبٍّ لا تزال
بهذه العَبرات تَنْدى
من زفرة ٍ تحت الضلوع
تمدّ سيل الدمع مدّا
يا قامة الغصن الرطيب
ومقلة َ الرَّشأِ المفدى
وسيوف لحظك إنّها
قَد جاوزت في القتل حدّا
ساعات بينك لا أزال
أعدُّها للهجر عدا
وأقول هل يدنو الوصالُ
وتنجز الآمال وعدا
ما لي مراحٌ من هواك
ولا لهذا الشوق مغدى
كم عاذلٍ قد لامني
فسدَدتُ عنه السمع سدا
وعصيت عذّالي عليك
وقلت للوام بعدا
إنّي لأرعى عهدَ من
لم يرعَ لي في الحبّ عهدا(23/17)
يا ويح نفسي قد حفظتُ
وضيَّع الأحباب ودّا
ولقد شربتُ هواهم
بالرُّوح قبل اليوم نقدا
وفَقَدتُ صبري بعدهم
لا ذاق من أهواه فقدا
وأنا الفداءُ لمالكٍ
بأجلّ من ولي الأمور
كالغصن قدّاً والبنفسج
عارضاً والورد خدّا
يا ظبي كم صرعت عيـ
ـونُك قبلَنا في الدهر أُسْدا
ورَمَت فلم تُخْطِ الفؤاد
بسهم ذاك اللحظ عمدا
وسقام هاتيك الجفون
لقد عداني بل تعدّى
ولقد ذكرتك والهموم
تمرُّ بي عكساً وطردا
والليل يقدح شهبه
في فحمة الظلماء زندا
فقضت دموعي واجبا
في مثل ذكرك أنْ يؤدّى
أحيَيْتُه بك حَسْرة ً
وقَضَيتُه أرقاً وسُهدا
هزل اصطباري في جفاك
وعاد هزل الوجد جدا
وألانني الدهر المشومُ
وهدَّني بالبين هدّا
لولاك كنتُ على الزَّمان
كما يريدُ الحزمُ صلدا
أمعذّبي من غير ذنبٍ
صبوة ً وجوى ً وصدّا
أنتَ الذي أغويتني
حتّى رأيت الغيَّ رشدا
وهواك أضناني فكـ
ـنتُ من الضنى عظماً وجلدا
أطْلَقْتَ دمعي بعدما
قيَّدتني بالوجد قيدا
وصَحِبتُ وجدي في هواك
فكان لي خصماً لدا
تالله لا أجدُ المدامَ
لذيذة ً والعيش رغدا
مذ قوَّضتْ عني الظعون
وأزمعتْ للبين سعدى
فهناك أظفر بالمنى
وأفوزُ في جدواه قصدا
حلو الفكاهة لو تذاق
وَجَدْتُهَا خمرا وشهدا
وأروح أزجر طائراً
في أسعدِ الأمراء سَعْدا
ما في الرجال نظيرُه
فيهم لهذا القرم ندا
لا زال يُكْبِتُ حاسداً
في مجده ويغيظ ضدا
فجواته وثوابه
قد أعجبا أخذاً وردا
ومناقب مأثورة
نظمت بجيد الدهر عقدا
وجادها حلاٌ وعقدا
بلغت به غاياتها
العليا ولم يبلغ أشدا
حملتْ يداه كالغمامة
للنَّدى برقاً ورعداً
فاستهدهِ في كلّ خير
إنَّه في الخير أهدى
وبذلك الخلق الحميد
وسعته شكراً وحمدا
الجامعُ الفضلَ الذي
أمسى وأصبح فيه فردا
غمرَ العفاة بنائلٍ
منه إلى العافين يسدى
من راح يُسقى من نداه
فلا أظن الدهر يصدى
وإذا تصدَّى للجميل
فثقْ به فيما تصدّى
يا من يُحيل سمومَها
إنْ شاءَ بعد الحرّ بردا
كم بشّر استبشاره
بالرفد قبل النيل رفدا(23/18)
خُذها ولا الإبل الشوارد
بالثناءَ عليك تحدى
فاهنأ بعيدٍ لا يزال
كما تؤمل مستجدا
لا يحرمني منك ححظٌ
بالأبوَّة قد تردّى
ولقد أساء بما جنى
حتى امتلتُ عليه حقدا
أنّى وكيف وهل أرى
من كان حُرّ زمانه
كان الزمان عليه وغدا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لقدْ خَفَقَتْ في النّحر ألوية ُ النَّصْرِ
لقدْ خَفَقَتْ في النّحر ألوية ُ النَّصْرِ
رقم القصيدة : 22293
-----------------------------------
لقدْ خَفَقَتْ في النّحر ألوية ُ النَّصْرِ
وكانَ انمحاقُ الشَّرِّ في ذلك النّحر
وفتحٌ عظيمٌ يعلمُ الله أنَّه
ليستصغر الأخطار من نوب الدهر
عَلَتْ كلماتُ الله وهيَ عليَّة ٌ
بحدّ العوالي والمهنَّدة البيتر
تبلَّج دينُ الله بعدَ تَقَطُّبِ
ولاحت أسارير العناية والبشر
محا البغيَ صمصام الوزير كما محا
دُجى الليل في أضوائه مطلع الفجر
وكرّ البلا في كرباء فأصبحت
مواقف للبلوى ووقفاً على الضر
غداة أبادت مفسدي أهل كربلا
وكرَّت مواضيه بها أيَّما كرّ
فدانت وما دانت لمن كان قبله
من الوُزَراء السابقين إلى الفخر
وما أدركوا منها مراماً ولا مُنى ً
ولا ظفروا منها بلبٍّ ولا قشر
وحذَّرهم من قبل ذلك بطشه
وأمهلهم شهراً وزاد على الشهر
وعاملهم هذا الوزير بعدله
وحاشاه من جور
وأنذرهم بطشاً شديداً وسطوة ً
وبالغ بالرُّسلِ الكرام وبالنُّذر
ولو يصبر القوم الوزير عليهم
لقيل به عجز وما قيل عن صبر
وصال عليهم عند ذلك صولة
ولا صولة َ الضرغام بالبيض والسمر
وسار بجيش والخميس عرمرم
فكالليل إذ يسري وكالسيل إذ يجري
وقد أفسدوا شرّ الفساد بأرضهم
إلى أن أتاهم منه بالفتكة البكر
رمتهم بشهب الموت منه مدافعٌ
لها شررٌ في ظلمة كالقصر
رأوا هول يوم الحشر في موقف الردى
وهل تنكر الأهوال في موقف الحشر؟
فدمّرهم تدمير عادٍ لبَغْيهم
بصاعقة ٍ لم تُبْقِ للقوم من ذكر
ألم ترهم صرعى كأنَّ دماءهم
تسيل كما سالت متعقة الخمر
وكم فئة ٍ قد خامر البغيُ قلبَها(23/19)
على أنَّها بأحبولة الحصر
فراحت بها الأجساد وهي طريحة ٌ
تداس على ذنب جنته لدى الوزر
فإنَّ مرادَ جارٍ على الورى
ولا بدّ أنْ يجرى ولا بد أن يجري
تجول المنايا بينهم بجنودها
بحيث مجال الحرب أضيق من شبر
تلاطمَ فيها الموجُ والموجُ من دمٍ
تلاطمَ موجِ البحر في لجَّة البحر
فلاذوا بقبر ابن النبيّ محمد
فهل سُرَّ في تدميرهم صاحب القبر
فإن تركوا لا تترك السيف قتلهم
وإن ظهروا باؤوا بقاصمة الظهر
ولا برحت أيّامه الغرُّ غرَّة ً
تضيءُ ضياء الشمس في طلعة الظهر
ولا زال في عيدٍ جديد مؤرِّخاً
فقد جاءَ يوم العيد بالفتح والنصر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> متى يشفى بكَ الصُّب العَميد
متى يشفى بكَ الصُّب العَميد
رقم القصيدة : 22294
-----------------------------------
متى يشفى بكَ الصُّب العَميد
ويبلغُ من دنوّك ما يريدُ
شجٍ يُحييه وصلٌ من حَبيب
ويقلته التجنُّبُ والصُّدود
ونحن من المسرة في راضٍ
تُحاكُ من الرَّبيع لها برود
وبنتُ الكرم قد طلعت علينا
يكلّل تاجَها الدرُّ النضيد
معتَّقة ً تسرُّ النفس فيها
وقد طافت بها حسناءُ رود
وقد صَدَحَت على الأغصان وُرقٌ
فأغصان النقا إذ ذاك ميد
تُعيدُ عليَّ ما تُبدي غَرَاماً
فكم تُبدي الغرامَ وكم تُعيدُ
تجاوبها الغَواني بالأغاني
فيطربنا لها نايٌ وعود
فحينئذٍ يدارُ على الندامى
مُذابُ التبر والماء الجَمود
وَيُرجَم كلُّ شيطانٍ مريدٍ
بحيث الهمُّ شيطانٌ مريد
سقى أيامَ لهوٍ في زرود
وما ضمَّتْ معانيها زرود
نُجَدِّدُ ذكرها في كلّ يومٍ
وهل يبقى مع الذكر الجديد
فقد مَرَّتْ لنا فيها ليالٍ
كما نظمت قلائدها
ليالٍ لم نكنْ نصغي للاحٍ
أينقص بالملامة أم يزيد
فكم في الحبّ من لاح لصبٍ
يفيد بزعمه ما لا يفيد
أحِبَّتَنا لقد طال التنائي
وحالت بيننا بيدٌ فبيد
فيا زمنَ الصِّبا هَلْ من رجوع
ويا عهدَ الشباب متى تعود؟
سلامُ الله أحبابي عليكم
إلى بغداد يحملها البريد(23/20)
يهيِّجُ لوعتي وجدٌ طريفٌ
لكم ويشوقني وجد تليد
فهل أخبرتم أنّي بحالٍ
يساءُ بها من الناس الحسود
تقرُّ البصرة الفيحاء عيني
بما يولي محمدُّها السعي
فتى ً لا زالُ يُوليني نداه
ويغمرني له كرم وجود
تدفَّق مَنهلاً عذباً فراتاً
فلي من عذب منهله ورود
ولولا برُّه طِبت نَفساً
ولم يخضَّر لي في الدهر عود
أشاهدُ منه إذ يبدو هلالاً
وبدراً من مطالعه السعود
وغيثً كلّما ينهلُّ جوٌّ
وليثاً كلّما خفقتْ بنود
فدته الناس من رجلٍ كريمٍ
تنبَّه للجميل وهم رقود
وشيَّد ما بنته من المعالي
له الآباء قِدماً والجدود
فتى ً من هاشم بيض الأيادي
بحيثُ حوادثُ الأيام سُودُ
رؤوف بالملِّمِّ له رحيمٌ
صديقٌ صادقٌ بَرٌّ وَدُود
ومَن آوى إليه وحلَّ منه
بأكرام ما تحلُّ به الوفود
فقد آوى إلى ركن شديد
وليس كمثله ركن شديد
همُ آلُ النبّي وكلُّ فضل
لديهم يستفيد المستفيد
هُمُ يوم النوال بحارُ جُود
وفي يوم النزال هم الأسُود
فمن جودٍ تصوبُ به الغوادي
ومن بأسٍ يلين له الحديد
همُ الأقطاب والأنجاب فينا
إذا دارت دوائرها الوجود
وإنْ عُرِضَت كرامتهم علينا
فما للمنكرين لها جحود
وما احتاج النهار إلى دليل
وقد شهدتْ به منه شهود
فمنها ما نشاهده عياناً
إذا ما النار أضرمها الوقود
وللأكفاء يومئذٍ عَلَيْهم
هبوطٌ في الحضيض ولا صعود
رجال كالجبال إذا اشمخرَّتْ
تَبيدُ الراسياتُ ولا تبيد
يخلّدُ ذكرهم في كل عصر
وما للمرءِ في الدنيا خلود
فيا بيت القصيد إليك تهدى
من العبد الرقيق لك القصيد
فيطربك النشيد وكلَّ حرٍّ
كريم الطبع يطربه النشيد
فأنّك والثناءُ عليك منّي
وما أملَيته طوق وجيد
كما خَدَمَتْ سواليها العبيد
فمثلك في الأكارم من يسود
وما استغنيتُ بكلِّ حال
وهل يغني عن الماء الصعيد؟
ونِلْتُ بك المرادَ من الأماني
فنلتَ من المهيمنِ ما تريد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إلى شعبانَ مَولايَ المفدى
إلى شعبانَ مَولايَ المفدى
رقم القصيدة : 22295(23/21)
-----------------------------------
إلى شعبانَ مَولايَ المفدى
ربيعِ الفضلِ والروضِ النضير
إلى من لم تزل أيديه فينا
كأمثالِ القلائد في النحور
يعرّج بي الغرام وينثني بي
لأسباب تمرُّ من الخطور
وقد سأل الأميرُ الأمس عنّي
وعن سبب القعود عن المسير
ومن كرم السجايا والمزايا
إذا سأل الكبيرُ عن الصغير
وقالوا كيف لا تمضي إليه
فترجع بالسرور وبالحبور
فلم أكْشِفْ لهم عن كُنْهِ أمري
وأطْلِعْهم على ما في ضميري
وما تركي زيارته بقَصدي
ولا كان انقطاعي عن قصوري
وما استغنيتُ لا أبيك عنه
غنى الظامي عن الماء النمير
ولامن دون شرعته ورودي
ولا من غير مورده صدوري
نهاري عنده لمعانٌ برقٍ
وليلي بعده ليلُ الضرير
فظاظة حاجبٍ ورديّ حظٍ
يعوقُ العبدَ عن باب الأمير
وجَدْتُ ببابه البوابَ يعدو
أشَدَ عليَّ من كلبٍ عقور
وصار الكلبُ ينبَحُني بسبٍّ
ويُكثِرُ بالنبيح وبالهرير
وأكره أن أكونَ له مجيباً
وما أنا من مجاوبة الشرير
فهل أبصرتم كلباً يحامي
محافظة ً على الليث الهصور
لمن أشكو الحجاب ومن نصيري
وأبدي الاعتذار ومن عذيري
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> حُيِّيَت من قادم حَلَّ السُّرورُ به
حُيِّيَت من قادم حَلَّ السُّرورُ به
رقم القصيدة : 22296
-----------------------------------
حُيِّيَت من قادم حَلَّ السُّرورُ به
ومَا له عن مَقام العزِّ تأخيرُ
إنَّ الشدائدَ والأهوال قد ذَهَبَتْ
وللخطوب استحالات وتغيير
أرتك صدقَ مودّات الرجال بها
وبآن عندك صدق القولِ والزُّورُ
ولم تجدْ كسليمان لديك أخاً
عليك منه جميل الصنع مقصور
شكراً لأفعاله الحُسنى فإنَّ له
يداً عليك وذاك الفعل مشكور
لقد وفى لك واسترضى المشير فما
أبقى قصوراً ولا في الباع تقصير
إنَّ المشيرَ أعزَّ الله دولته
برّ رحيمٌ لديه الذنب مغفور
كأنني بك مغمورُ بنعْمَتِه
وأنت ملحوظ عين السعد منظور
أهدى إليك سلاماً من سعادته
لطُّف فيه إشارات وتفسير(23/22)
فسوف يغنيك من سلطانه نظرٌ
وإنَّما نظر السلطان إكسير
قد كان ما كان والأقدار جارية ٌ
ولا يفيد مع الأقدار تدبير
حسب الفتى من قضاء الله معذرة
والمرء فيما قضاه الله معذور
وابشِرْ بما سوف تحظى من عنايته
وأنتَ منه بما يرضيك مسرور
والنصر فيك له والخير أجمعه
وإنَّما أنْتَ يا منصور منصور
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نَعَمْ ما لهذا الأمر غيرك صالحُ
نَعَمْ ما لهذا الأمر غيرك صالحُ
رقم القصيدة : 22297
-----------------------------------
نَعَمْ ما لهذا الأمر غيرك صالحُ
وإنْ قيل هَلْ من صالحٍ قيل صالحُ
سَعَيْتَ إلى نيل العُلى غيرَ كادحٍ
وغيرك يسعى للعلى وهو كادح
وتاجرت للمجد الذي أنت أهله
وأنت بهاتيك التجارة رابح
فهنِّيتَ من بين الشيوخ بخلعة ٍ
شذاها بأقطار العراقين فائح
مطارُ فخار طار في الأرض صيته
فأنتَ مقيمٌ وهو في الأرض سائح
بعلياك قد شدّ الوزارة أزْرَها
وزيرٌ لأبواب الأبّوة فاتح
وإنَّ مشيراً قد أشار بما رأى
مشيرٌ لعمري في الحقيقة ناصح
رأى بابن عيسى بعد عيسى صلاحها
وفي صالح الأعمال تقضى المصالح
ورجح منك الجانب الضخم في العلى
وفي الناس مرجوح وفي الناس راجح
لعلّ بك النار التي شبّ جمرها
من القوم تُطفى وهو إذ ذاك لافح
وقد طوَّحَتْ من بعد عيسى وبندر
وفهدٍ بهاتيك الديار الطوائح
بَكَتْها وَقَد تبكي المنازل أعْيَنٌ
وناحَتْ على تلك الرسوم النوائح
وكانت أمورٌ قد أصابت فدَّمرت
وما حَسْنَتْ في العين منها المقابح
أمورٌ قضت إنْ لا يرى الأمن قاطنٌ
لديها ولم يفرح بما كان نازح
وَجَرَّت من الأرزاء كلّ جريرة
وسالت ولكن بالدماء الأباطح
وقد جرّدوها بعد آل محمد
مثقَّفة ً تدمى وبيض صفائح
وكانت حروب يعلم الله أنّها
سعيرٌ أهاجَتْه الرياح اللوافح
وما نفعت فيهم نصيحة ناصح
وهل نفعت في الجاهلين النصائح؟
فذلك مقتول وذلك قاتل
وذلك مجروح وذلك جارح
إلى أن بَلَغْتَ اليوم ما قد بلغته
وما هذه الأقسم إلاّ منائح(23/23)
ولاحت لنا منك المعالي بروقها
وبرق المعالي من محياك لائح
وما أنت عمّا تبتغيه ببارح
وغيرك عنها لا محالة بارح
وإنْ أحجمَ المقدام عن طلب العلى
فإنّك مقدامٌ إليها وجامح
وإن غضَّ طرفٌ عن مكارم ماجد
فلا طرف إلاّ نحو جدواك طامح
نعم أنتم البحر الخضمُّ لوارد
وأينَ من البحر الخضم الضحاضح
منحت الذين استمطروك مكارماً
وكل كريم بالمكارم مانح
ليأْمَنَ في أيّامك الغرّ خائفٌ
ويصدَح في روض البشارة صادح
فخذها لدى علياك أولّ مدحة
ولي فيكم من قبل هذا مدائح
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
رقم القصيدة : 22298
-----------------------------------
أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
وبقُرْبكم أجدُ الحياة َ وأفْقِدُ
إنْ تعطفوا فهو المنى أو تهجروا
فحسى ً تذوب ولوعة ٌ تتوقد
يا دمعَ عينيّ المراق له دمي
ما لي على الزفرات غيرك مسعد
ولقد وجدت الوجد غير مفارقي
وفقدت صبري وهو مما يفقد
لا تسألوا عن حالِ صبٍّ بعدكم
لا يومه يومٌ ولا غدهُ غدُ
لا دمعه يرقا ولا هذا الجوى
بفنى ولانار الجوانح تخمد
وأنا المريض بكم فهل من ممرض
غير الصبابة فلتعدني العوَّدُ
بنتم فما للمستهام على النوى
جلدٌ يقرّ بمثله المتجلد
هلاّ وقفتم يوم جدَّ رحيلكم
مقدارَ ما يتزود المُتَزَوِّد
أشكوكم ما بي وإن لم تسمعوا
وأريكُم وَجدي وإنْ لم تشهدوا
ولكم أقول لكم وقد أبعدتم
يا معبدون بحقكم لا تبعدوا
ساروا وما عطفوا عليَّ بلفتة ٍ
ولربّما انعطف القوم الأملد
أتبعتهم نظري فكان وراءهم
يقفو الأحبَّة أغوروا أو أنجدوا
يا أخت مقتنصِ الغزال لقد رمى
قلبي بناظره الغزال الأغيدُ
ومن القدود كما عليمت مثقف
ومن النواظر في الفؤاد مهند
لم أنسَ لا نسيت ليالينا التي
كان السرور بعودها يتجدد
والربع مبستم الأقاح تعجباً
منها وبانات النقا تتأوّد
لو أبصرتْ عيناك جامدَ كأسنا
لرأيت كيف يذاب فيها العسجد(23/24)
في روضة ٍ سُقِيت أفاويق الحيا
فالبانُ يرقصُ والحمام يغرّد
تُملي من الأوراق في ألحانها
كقلائد العقيان فيه محاسن
يَحكي سَقيطُ الطلِّ في أرجائها
دُرَراً على أغصانها تَتَنَضَّد
يا دارنا سَحَبَتْ عليك ذيولها
وطفاءُ تُبرقُ ما سقتك وترعد
هل أنت راجعة كا شاء الهوى
والعيش أطيبُ ما يكون وأرغد
ذَهَبَتْ بأيام الشباب وأعْرَضَتْ
عنّي بجانبها الحسان الخرد
ويلُ أمّ نازلة ِ المشيب فإنَّها
كادَت يَشيبُ لها الغراب الأسود
ذهب الشباب فما يقول معنِّفٌ
في القلب منه حرارة لا تبرد
من بعدما طال المقام فأقصروا
عنّي الملام فصوّبوا أم صعّدوا
ذهب الزمان بحلوه وبمره
ومضى المؤَّمل فيه والمستنجد
فانظر بعينك هل يروقُك منظر
بعد الذين تفرقوا وتبددوا؟
إنَّ الجميلَ وأهله ومحلَّه
وأبو الجميل ابن الجميل محمد
حَدِّث ولا حرجٌ عليك فإنّما
خيرُ الكرام إلى أعلاه يسند
وأعِدْ حديثك وکشف في ترداده
قلباً يلذُّ إليه حين يردَّد
المسبغ النعماء ليس يشوبها
مَنُّ ولا فيما يؤمل موعد
هذا أبيُّ الضّيم وابنُ أباته
والبيض تركع والجماجم تسجد
يُهنِ القويّ بقوة من بأسه
وإلى الضعيف تحنن وتودد
تفري برأيك غير ما تفري الظبا
فالرأي منصلتٌ وسيفك مغمد
يعدُ الأماني من نداه بفوزها
ويريعُ منه الأخسدين تَوَعَّد
ممَّن إذا تُلِيَتْ عليه قصيدة ٌ
صدق القصيد وفاز فيه المقصد
كم قرَّبت لي فيه آمالي به
أملاً يشقُّ على سواه ويبعد
فرأيت من معرفة ما لابرى
وَوَجَدْت من معناه ما لا يوجد
وإذا أفادك جاهه أو ماله
فهناك عِزُّ يستفاد وسؤدد
شيدت معاليه وطال علاؤه
إنَّ المعالي كالبناء تشيّدُ
كم من يدٍ بيضاء أشكرها
نعمٌ تعدُّ ولم تزل تتعدد
ولكم وَرَدْتُ البحرَ من إحسانه
لا ماؤه ملحٌ ولا هو مزبد
فوردت أعذب فهلٍ من ماجد
لي مصدرٌ عن راحتيه ومورد
مستودع فيما يثيب مثابه
بخزائن الله التي لا تنفد
أمزيلَ نحس الوافدين بسعده
شقيتْ بك الحساد فيما تسعد(23/25)
حتّى علمت ولم أكن بك جاهلاً
يا ثالثَ القمرين أنَّك مفرد
إنّي ربيبُ وأبيك وابن جميله
واللَّه يَعلم والخلائق تشهد
لي نسبة فيكم وأية نسبة
إنْ تولدوا من صلب أكرم والد
فكذلك الأخلاق قد تتولد
من محتد زاكي العناصر طيب
طابت عناصرهم وطاب المحتد
هم عوّدوا الناس الجميل وإنّهم
تجري عوائدهم على ما عوّدوا
إنّي لأعهد بعد فقد أبيهم
ما كنت منه قبل ذلك أعهد
قد كان عز المسلمين ومجدهم
وعياذهم وهو الأعزُّ الأمجد
ومخلّد الذكر الجميل إلى مدى ً
يبقى وما في العالمين مخلَّد
تُتلى مناقبه ويذكر فضله
كقلائد العقبان فيه محاسن
جيد الزمان بعقدها يتقلد
جاد الغمام على ثراه فإنَّه
لأبرُّ من صوب الغمام وأجود
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا منْ مبلغٌ سلامي
ألا منْ مبلغٌ سلامي
رقم القصيدة : 22299
-----------------------------------
ألا منْ مبلغٌ سلامي
رئيساً في العراق على النّظام
تحية مخلصٍ بالوُدّ يُبدي
صبابة َ ذي فؤاد مستهام
ويبلغه على البعد اشتياقاً
من الداعي إلى الشَّهم الهمام
لقد طلعت فائله علينا
طلوع البدر في جنح الظلام
سنشطره على ما كان منه
كشكر الروض آثاره الغمام
وما أسداه من كرم السجايا
وفاءٌ بالمودة والذمام
زهت في ناصر أبيات شعر
أتَتْ في المدح من حُرِّ الكلام
لقد أثنى الرئيسُ بها عليه
ثناءً باحترام واحتشام
تسرُّ بها لعمري أولياءٌ
وتعقد عنه السنة الخصام
وإنَّ الفضل يعرفه ذووه
به امتاز الكرام عن اللئام
رآه مدحت الدنيا حساما
وقد يغنيه عن حمل الحسام
فقدَّمه المشيرُ ليوم بُؤسٍ
يقدُّ من الخوارج كل هام
فيا لله من والٍ مشيرٍ
عظيم الشأن عالي القدر سامي
لئن باهتْ به الزوراء رأبتْ
بهمته على حلب وشام
إذ انتظم العراقُ به فأضحى
يفاخر غيره بالانتظام
ودمَّر بالصوارم مفسديها
وأوْرَدهم بها وِرْدَ الحمام
ومدَّ إلى الحَسا كفّاً فطالت
ونال بطولها صعب المرام
رمى من بالعراق عصاة َ نجدٍ
وزيرٌ ما رمى مرماه رامي(23/26)
وأدّى خدمة عظمتْ وجلَّتْ
بهمته لسلطان الأنام
شعراء الجزيرة العربية >> غازي القصيبي >> مرثية فارس سابق
مرثية فارس سابق
رقم القصيدة : 223
-----------------------------------
عجباً ! كيف اتخذناكَ صديقاً ؟
وحَسبناك أخاً بَراً شقيقا ؟
وأخذناك إلى أضلاعنا
وسَقيناك مِن الحُبِّ رحِيقا
واقتسمنا كِسْرةَ الخُبز iiمعاً
وكتبنا بالدِّما عهداً وثيقا
وزرعناكَ على أجفانِنا
ونشرنا فوقكَ الهُدْبَ الورِيقا
وزَعَمْنَاك - ولم تَبْرقْ - iiسناً
وكسوناك - ولم تلمع - برِيقا
سَيفنا كنت تأملْ iiسيفنا
كيف اهدى قلبنا الجُرح العميقا
دِرعنا كنت! وهذا دِرعنا
حَربة في ظهرنا شبت حريقا
جيشنا كنتَ ! أجبْ يا جيشنا ii
كيفَ ضَيَّعْتَ إلى القدس الطريقا ؟!
ذلك العملاق ما iiأبشعه
في الدُّجى .. يغتال عُصفوراً رقيقا
مُسِخَ الفارسُ لصاً قاتلاً
مُسِخَ الفارسُ كَذَّاباً صَفِيقا
رحمةُ الله عليهِ !.. إنهُ
مات !.. هلْ عاشَ الذي خانَ الرَّفيقا ؟!
شعراء العراق والشام >> موسى حوامدة >> For Ever
For Ever
رقم القصيدة : 2230
-----------------------------------
الدنيا قبل السُكر مدينة
للتجارِ
وبعد السُكرِ مُدانة
للخمارْ
فاشربْ قبل اليسر
وبعد العسر
وبعد السُكرِ . .
((وخل السلاح صاحي. . ))
يا صاحِ
إن شئت الاستمرار
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً
ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً
رقم القصيدة : 22300
-----------------------------------
ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً
فإنّي لأدري ما الضلال وما الهدى
فمن مبلغُ السلوان عنّي بأنني
فَنْيتُ وشَوقي لا يزال مُخَلَّدا
عذولي انتصاح منك لا أستفيده
ومن عَدَّه عدلاً فقد جار واعتدى
وما كان أدرى بالذي قد دَرَيْتُه
واخطأ ذاك العذل لما تعمّدا
أعلِّل نفسي بالعذيب وكلَّما
أرَدْتُ به إطفاءَ وَجدي تَوَقّدا
خليليَّ ضاع القلبُ هل تعرفانه(23/27)
مشوق فؤادي عندما رحلوا فدى
وما أسفي إلا على عمر مغرم
قضاه ولكنْ في تبعدكم سُدى
ولم تدر أجفاني بكم سنة الكرى
وما زال طرفي في هواكم مسهدا
وآهٍ على يوم قضى الأنسُ نحبه
توسَّد عرفان الهوى إذ توسدا
ليالي فيها العيش كان اخضراره
رقيق الحواشي بالمطالب أوردا
أخلاّي كم جاد الزمان بنيلها
وهل كان طرف الدهر عنهنّ أرمدا
وأوْرَدَنا صفوَ المنى فكأنّه
على وجنة الأيام كان تورَّدا
قسا قلبكم عني ولا غرو حيث لي
حظوظٌ تعيد الماءَ إذ ذاك جلمدا
وما كنتُ لولا الحظّ أحظى لأنّني
قدحتُ زناد الجدّ فيكم فأصلدا
تمادى مداكم استمرَّ على الجفا
وقد كادَ أن يقضي مداكم على المدى
ومَن لعليل أنحفَ السقمُ جسمه
تردّى ولكن من ضنى وجده ردا
وإنَّ اصطباري بعد طول بعادكم
دعا جلداً منه يبين التجلدا
أعيدا لها ذكر الديار لعلها
تبلّغني تلك المعاهد مقصدا
ولما أتَتْ تلك الطلول ورسمها
غدت تشتكي شكوى الفراق كما غدا
أنادي الحمى بالنوح عن ساكن الحمى
فيا حبّذا لو أنَّه يسمع الندا
تكرُّ به الأشواق من كلّ جانب
إذا كرر الذكرى لديه ورددا
وما مر بالجرعاء إذ عاد ذكره
أعاد عليه وَجْدَه فتجددا
بياض محيّا ذلك العيش بعدكم
فما زال ذاك الوجه أغبر أسودا
رأى البين مجموعاً على القرب شملنا
فبدَّده منّا النوى فتبَّددا
شذا ورد ذاك الوصلم روض قربكم
هار اشتياقي كلما هب غردا
ونشواتكم ما قد أفاق ولا ارعوى
غدا مثل ما أمى اوأمسى كما غدا
وقد جاب وعر الشوق في بيد هجركم
ومن زاد تقواه عن العزل زوّدا
أضلُّ فإهدى في هواكم وينثني
إليَّ هوى ً يهدي عياناً ويهتدى
رشاد عبيد الله للحقّ إنّه
سنا نورِ رشدٍ فيه يستأنس الهدى
درى كل علم في الوجود وجوده
ولم تدر يمناه سوى السيف والندى
يحل عقود المشكلات برأيه
إذا أشكل المعنى الدقيق وعقدا
وأحيا دورس العلم درسه
بدت فيه آثار الفضائل مذ بدا
لعمرك فليفخر على السؤدد امرؤٍ
يرى السؤدد العلياء مجداً وسؤؤدا(23/28)
وأفصحَ من نهج البلاغة منطقاً
تخرّ له الأقلام في الطرس سجّدا
به استسهلوا حزن العلوم ووعرها
وأيسرُ شيء عنده ما تشدّدا
إذ أضرمتْ أعداؤاه نارَ باطلٍ
أثار عليها الحقَّ يوماً فأخمدا
فلو رام أسباب السماء لنالها
وسار بمضمار المرام وما كدا
وما مال إلاّ للعبادة والتقى
كأنْ عنه شيطان الوساوس صُفِّدا
وماهو إلاّ قطب دائرة العلى
إمامٌ لأرباب الطريقة مقتدى
تنيل نوال اليمن يمناه بسطها
وما مدَّ إلا نحو خالقه يدا
ولم تبلغ الآمال في غير ماله
وفي غير ذاك العذب لا ينقع الصدى
ألا يا سحاباً أغرق الوفدَ غيثه
لظامي الندى كانت أياديه موردا
فلو حاول المجد الأثيل مقامه
لحاول ذاك المجد بالمجد أمجدا
مكارم طبع في علاه ظهورها
وكان لهاتيك المكارم موعدا
وأنْبتَّ بالتقوى بأحسن منبتٍ
وقد طاب أصلاً مثلما طاب محتدا
يقضي لعمر الله صوماً نهاره
ويحيي لياليه دعاً وتعبُّدا
ولما أدَّعى ما إنْ أتى الدهر مثله
فأتبع فيما يدّعيه وقلدا
وأشرع للشرع الحنيف مناهجاً
قواعد دين الله أضحى ممهدا
تصرّفه في باطن الحال باطن
إلى الرشد أصحاب الحقيقة أرشدا
ومتّبع شرعاً لما هو ذاهبٌ
ومَذْهَبُه ينحو طريقة أحمدا
وما كان إلاّ حين يسأل رده
بأسرع من حاك يجاوبه الصدى
وأدرك ممن فضله يملأ الفضا
تعد أياديه بألسنة العدى
ولله فيما قد أنالك حكمة
فأعدم فيك الجهل والعلمَ أوجدا
سَعَيْتَ ويجدي السعد بالسعي ربه
وأصبَحتَ في صدر السعادة أسعدا
فيا زهر روض أنتم زهر كمِّهِ
لقد ماس غصن الفخر فيكم تأوّدا
ظهرتم ولا يخفى ممن الشمس نورها
وحادي انتشار الذكر في ذكركم حدا
إذا ما مضى منكم عن المجد سيّدٌ
أقام لكم في موقف الفخر سيّدا
وذكرك حتى يقضي الله أمره
على طول ما طال الزمان تأبَّدا
أبَّرتْ على ما تدعيه يمينها
مَتى تقسم الأيام إنَّك مفردا
ولما دعاك الأصلُ يوماً لفرعه
وردتَ فما أبقيت للناس موردا
رواة المعالي عن جنابك أخبروا
حديثاً عنالعلياء صحّ وأسندا(23/29)
ويورد عنك المدح والحمد كلّه
كمالك يروينا كما لك أوردا
غياث وغوث لا يجارى جواده
وملجأ من آويت كنت ومنجدا
ونلت بتوفيق العناية رتبة
عدوَّك يلقى دونها مورد الردى
وحسب الذي عاداك فيما يرومه
جعلت عليه ليل هجرك سرمدا
على رغم من عاداك قلت مؤرِّخاً
بفتوى عبيد الله لا زال يقتدى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ليهنك ما بلغتَ من الأماني
ليهنك ما بلغتَ من الأماني
رقم القصيدة : 22301
-----------------------------------
ليهنك ما بلغتَ من الأماني
فلمْ تبرح بأيام التَّهاني
تسرُّ وقد تسرُّ الناس طرّاً
ببيضِ فعالك الغرّ الحسان
وفيما قَدْ فَعَلْتَ جُزيتَ خيراً
وهل تجزى سوى خلد الجنان
وَأولَمْتَ الوَلائم فاستَلَذَّتْ
لها الفقراءُ من قاصٍ ودانِ
وأكثَرْتَ الطعام بهنّ حتّى
لقدْ ضاق الطعام عن الجفان
وجاء الناس أفواجاً إليها
فلمْ يعرف فلان من فلان
شرابهم شررابٌ سكَّريٌّ
وممّا يشتهون لحوم ضان
لقد قيل الطعام فلم تدان
وقد قيل السماع فلم تدان
بذكر الله إنَّك قبل هذا
قد استغنيتَ عن كلّ الأغاني
وماتلهو عن السِّبع المثاني
بأصواتِ المثالثِ والمثاني
ختنتَ بنيك في أيام سعدٍ
بمعتَدِل الفصولِ من الزمان
وأربعمائة خُتِنَتْ وكانت
يتامى لم تسنَّنْ بالختان
كسوتهم الملابس فاخراتٍ
فراحوا مثلَ روض الأقحوان
فمن خضرٍ ومن صُفرٍ وحُمرٍ
كأمثال الشقيق الأرجواني
كازهار الرَّبيع لها ابتهاجٌ
وقد سُقيَت حيا المزن الهتان
أتيت بها من الصدقات بكراً
وما كانت لعمرك بالعوان
أرَدْتَ بذاكَ وجْهَ الله لا ما
يقالُ ويستفاض من اللسان
أُحبُّكَ لا لمالٍ أقْتَنيه
ولا طمعٌ بجود وامتنان
ولا أثني عليكَ الخيرَ إلاّ اعتـ
قاداً باللّسان وبالجنان
وكيفَ وأنْتَ للإسلام ركنٌ
تشاد به القواعد والمباني
أعزَّ الله فيك الدين عزّاً
ولم يَكُ قبلَ ذلكَ بالمُهان
فكنت الرَّوح والمعنى المعالي
فقلْ عن روح المعاني
تقول الحقَّ لا تخشى ملاماً(23/30)
ولست عن المقالة بالجبان
ولا أدريتَ أو ما ريتَ قوماً
برفعة منصبٍ وعلوِ شان
ولم تحكمْ على أمرِ بشيءٍ
إلى أنْ يستبينَ إلى العيان
فتدرك ما تحاول بالتأني
وإنْ رمتَ الجميل فلا توان
محمّد الأمين أمِنْتَ مما
تحاذِرُه وإنَّك في أمان
كفاك الله ألسِنَة ً حداداً
لها وخزٌ ولا وخزُ السنان
ولم أسمع مقالاً فيك إلاّ
مقالَ الخير آناً بعد آن
بقيت لنا وللدنيا جميعاً
وكلٌّ غيرُ وجهِ الله فانِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ
بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ
رقم القصيدة : 22302
-----------------------------------
بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ
وعِقدُ النَّجم محلول النظامِ
فحيَّا بالرُّضاب وبالحميّا
فأحيا بالرّضاب وبالمدامِ
إذا ما الشيخ في الكأس احتساها
غدا في الحال أنشط من غلام
لئنْ علَّلتني يا صاح يوماً
بأحبابي فَعَلَّلْني بجام
دعا عنّي الملامة في التصابي
فقد روَّعتماني بالملام
ألا صاحبيَّ وبي غرام
أعيناني على داءِ الغرام
ويا ريح الصَّبا النجديّ بلِّغْ
سليمى يا صبا نجد سلامي
ومن لي بالكرى يوماً لعلي
أرى طيفَ المليحة بالمنام
وما أنسى لها في الركب قولي
وقد نظرت لأجفان دوامي
نحولي ما بخصرك من نحولٍ
وسقمي ما بطرفك من سقام
سقى الأثلاث في سلع سيولاً
فقد جَلَبَتْ حمائِمها حمامي
بكيتُ وما بكت في الدَّوح وُرْقٌ
تظنّ هيامها أبداً هيامي
ولو كان الهوى من غير دمع
قضينا بالغرام على الحمام
أداوي مهجة ً يا سعد جرحى
رماها من رماة الحسن رام
رمين قلوبنا غزلانُ سلع
فما أخطأت هاتيك المرامي
فبتّ جريح ألفاظ مراضٍ
ورحتُ طعين ذياك القوام
قدود البيض لا سمر العوالي
ولحظ السرب لاحد الحسام
كتمتُ الحبَّ متّهماً عليه
وما لي طاقة بالإكتتام
وكيفَ أطيقُ والعبرات منّي
تعبرّعن فؤاد مستهام
وما نقص اشتياق الصَّبِّ شيئاً
على وجه حكى بدر التمام
يدبُّ هواك يا سلمى بروحي(23/31)
دبيبَ الصَّرخدية في العظام
وفيتُ بعهد من نقضت عهودي
وما لوفاء ميّ من دوام
فليتَ المالكّية حين صدَّت
رَعَيْتُ ذمامها وَرَعَتْ ذمامي
صبرتُ على الحوادث صبرَ حرٍ
يَرى بالصَّبرِ إبلاغ المرامي
وقلتُ معلِّلاً نفسي ولكنْ
مقالي كان أصدق من حذام
سأحْمد عند محمود السجايا
عواقبَ أمرِ أخطار عظام
واستغني به عَمّا سواه
كما يغني الركام عن الجهام
وأرجو أن تظفِّرني سريعاً
عنايَتُه بغايات المرام
لقد دَرَّتْ سحائبه إلى أنْ
زهتْ فيهنّ أزهار الكلام
فَحَدِّثْ عن مكارمه فإنّي
لتعْجِبُني أحاديثُ الكرام
إذا ما جئتني بحديث جودٍ
لقرم جوده كالغيث هامي
فما حَدَّثتُ إلاّ عن أشم
ولا أخبرت إلاّ عن همام
ذكاءٌ فيه أورى من زنادٍ
وكفٌّ منه أندى من غمام
وآراءٌ إذا نَفَذَتْ لأمرٍ
فهنّ اليوم أنفَذُ من سهام
يرى فعل الجميل عليه فرضاً
كمفترض الصَّلاة مع الصّيام
وقامَ له على الأعناق شكر
فلا يُقضى إلى يوم القيام
سريع الجود إنْ يُدْعَ لحسنى
وها هو ذا بطيء الانتقام
أياديه حَطَمْنَ المال جُودا
فما أبقتْ يداه من حطام
على أبوابه الآمال منّا
قَدْ ازدحمت لنا أيَّ ازدحام
تخيّرْ ما تشاء وسله تعطى
من ابن المصطفى خير الأنام
تيقَّنْ أن أمرك سوف يقضى
إذا ما شمت منه سنا ابتسام
أخو الهمم التي تحكي المواضي
وتفيك فتك خواض القتام
تسامى مجده فعلاً محلاً
وإنَّ مَحَلَّ أهلِ المجد سامي
جميلك قاطن في كلّ أرضٍ
وذكرك سار جوّان الموامي
طميتَ وأنْتَ يوم الجود بحر
وبحرك لا يزال الدهر طامي
ومن جدواك كم قد سال سيلٌ
فروّى سيلاُ جودك كل ظامي
لقد أوليتني نِعَماً جساماً
فما أهداك للنعم الجسام
دَعاك لأمره المولى عليٌّ
فكنْتَ وأنتَ في أعلى مقام
وعدتَ لديه يا عين المعالي
برأيك ناظراً أمر النظام
فتمّ لجيشه المنصور أمر
وإنَّ الأمر يحسن بالتمام
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عدِّ عنْ منْ لجَّ في قالٍ وقيلِ
عدِّ عنْ منْ لجَّ في قالٍ وقيلِ(23/32)
رقم القصيدة : 22303
-----------------------------------
عدِّ عنْ منْ لجَّ في قالٍ وقيلِ
أنا لا أصغي إلى قول العذول
وأعِدْ لي ذكر مَن صَحَّ الهوى
منه بالطَّرق وبالجسم العليل
فقدْ الصّبر مع الوجد فما
لاذ بالصبر عن الوجه الجميل
من قدودٍ طعنتْ طعن القنا
ولحاظٍ فتكتَ فتك النصول
دنفٌ لولا تباريحُ الجوى
ما قضى الوجد عليه بالنحول
كلّما شام سنا بارقه
جَدّ جدّ الوجد بالدمع الهمول
إنَّ ما أضرمَ في أحشائه
لا أرى المحنة كالحبّ ولا
وإذا هبَّت به ريحُ صبا
راح يستسفي عليلٌ بعليل
كبدٌ حرّى ودمعٌ واكفٌ
فهو ما بين حريق وسيول
لو تراه إذ نأتْ أحبابه
تَطَأ الأرض بوخد وذميل
لا تسل عن ما جرى كيف جرى
سائل الدمع على الخدّ الأسيل
أيّ يومٍ يوم سارت عيسُهم
ودعا داعي نواهم بالرحيل
وتراني بعدهم أشكو الأسى
يفلق الهام بريَّاً من فلول
وبرسم الدار من أطلالهم
ما بجسمي من سقام ونحول
بخلوا بالوصل لما أعرضوا
ومن البلوى نوال من بخيل
ليت شعري ولكَمَ أشكو إلى
باردِ الرِّيقة من حر الغليل
لا أرى المحبة كالحبّولا
كالهوى للصبّ من داء قتول
بأبي من أخَذَت أحداقه
مهجة الوامق بالأخذ الوبيل
وشفائي قُربُ من أسْقَمَني
بسقام الطرف والخصر النحيل
هل علمتم أنّ أحداق المهَا
خلقت حينئذٍ سحرَ العقول
يا دياراً لأحباءٍ نأت
ألناءٍ عنك يوماً من وصول؟
كان روض العيش فيها يانعاً
قبل أن آذن عودتي بالذيول
بمدامٍ أشرقَتْ أقداحها
بزغت كالشمس في ثوب الأصيل
وشَدَت وَرقاء في أفنانها
أوتيت علماً بموسقى الهديل
حبذا اللّهو وأيام الصّبا
وشمال وكؤوس من شمول
وندامى نظمتهم ساعة ٌ
وقعتْ منا بأحضان القبول
علِّلاني بعدها من عودها
بمرام غير مرجو الحصول
إذ مضت وهي قصيرات المدى
فلها طال بكائي وعويلي
جهل اللائم ما بي ورأى
أنْ يفيد العلم نصحاً من جهول
لا ينال الحمد في مدحي له
من يعد الفضل من نوع الفضول
وأراني والحجى من أربي
في عريض الجاه ذي الباع الطويل(23/33)
كلّما أنظمها قافية
تنظم الإحسان في قول مقول
وعلى خِفَّتها في وزنها
تطأ الحساد بالقول الثقيل
بالغ في كلّ يوم مرَّ بي
من أبي عيسى نوالاً من منَيل
لا يريني العيش إلاّ رغداً
في نعيم من جميل ابن الجميل
ينظر النجم إلى عليائه
نظر المعجب بالطرف الكليل
يرتقيها درجات في العلى
فترى الحاسد منها في نزول
قصرت عن شأوه حساده
وانثنى عنهم بباع مستطيل
نُسِبَ الجود إلى راحته
نسبة السحر إلى الطرف الكحيل
وروى نائله عن سيبه
ما روى الريَّ عن الغيث الهطول
كاد أنْ تمزجه رقّته
بنسيم من صَبا نجدٍ بليلِ
أيُّها الآخذ عن آبائه
سنن المعروف بالفعل الجميل
عَجَزَتْ عنها فحول من فحول
هذه الناس التي في عصرنا
ما رأينا لك فيهم من مثيل
شرفٌ أوضَحُ من شمس الضحى
ليس يحتاج سناها لدليل
إنْ هززناك هززنا صارماً
أسأل الله لك العزَّ الذي
كان من أشرف آمالي وسولي
دائِمَ النعمة منهلَّ الحيا
مورد الظامي بعذب سلسبيل
فلنعمائِك عندي أثرٌ
أثرَ الوابل في الروض المحيل
لو شكرت الدهر ما خَوَّلتني
لا أفي حقَّ كثير من قليل
إنَّما أنتم غيوثٌ في الندى
وإذا كانت وغى ً آساد غيل
نجباءٌ من كرام نجُبٍ
وكسوني كلَّ فضفاض الذيول
وأرَوني العزَّ خفضاً عيشه
والردى أهونُ من عيش الذليل
زيِّنوا شعري بذكرى مجدهم
في أعاريضِ فعيل وفعول
إنَّهم فضلٌ وبأسٌ وندى
زينة الافرند للسيف الصقيل
وزكَتْ أعراقُهُم منذ نَمَت
بفروع زاكيات وأصول
في سبيل الله ما قد أنْفَقوا
لليتامى ولأبناء السبيل
أنفقوا أموالهم وادَّخروا
حسنات الذكر في المجد الأثيل
تخلق الدهر وتكسو جدّة
وتعيد الذكر جيلاً بعد جيل
يا نجوماً أشرقتْ في أفقنا
لا رماك الله يوماً بالأفول
أنتمُ الكنز الذي أدخره
للملمّات من الخطب الجليل
وإليكم ينتهي لي أمَلٌ
كاد أنْ يطمعني بالمستحيل
كم وكم لي فيكم من مِدَحٍ
رفعت ذكري بكم بعد الخمول
فمتى أغدو إلى إحسانكم
إنّما أغدوا إلى ظلٍّ ظليل
لم أزل أحظى لديكم بالغنى(23/34)
والعطاء الجمِّ والمال الجزيل
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ضحك البرق فأبكاني دماً
ضحك البرق فأبكاني دماً
رقم القصيدة : 22304
-----------------------------------
ضحك البرق فأبكاني دماً
وجرى دمعي له وانسجَمَا
وأهاخَ الوجد في إيماضه
كبداً حرّى وقلباً مغرما
من سناً لاح ومن برق أضا
ما بكى الوامق إلاّ ابتسما
فكأنَّ البرق في جنح الدجى
ألبسَ الظلماء برداً معلما
باح في الحبّ بأسرار الهوى
وأبى سرُّ الهوى أنْ يكتما
يا أخلاّئي وهلْ من وقفة ٍ
بعدكم بالجزع من ذاك الحمى
أنشدُ الدار التي كنتم بها
ناشداً أطلالها والأرسما
يا دياراً بالغضا أعهدها
مَرْبَضَ الأسْدِ ومحراب الدمى
سوَّلتْ للدمع أن يجري بها
وقضت للوجد أنْ يضطرما
كان عهدي بظباء المنحنى
تصرعُ الظبية ُ فيه الضيغما
وبنفسي بين أسراب المها
ظالمٌ لم يَعْفُ عمَّن ظلما
إنَّ في أحداق هاتيك الظبا
صحة ً تورث جسمي سقما
ومليح بابليٍّ طرفه
ساحرِ المقلة معسول اللمى
حرّم الله دمي وهو يرى
أنَّه حلَّ له ما حرما
أشتهي عذبَ ثناياه التي
جرعتني في هواه العلقما
وصلت أيامه وانقرَضَت
أفكانت ليت شعري حلما
علِّلاني بعسى أو ربّما
فعسى تغني عسى أو ربّما
حار حكم الحب في الحبّ فما
أنصَفَ المظلومَ ممن ظلما
ليتَه يعدل في الحكم بنا
عدل داود إذا ما حكما
أيَّد الله به الدين امرؤ
كان للدين به مُستَعْصَما
بلغ الرشد كمالاً وحجى
قبل أنْ يبلغ فيها الحملا
ومباني المجد في أفعاله
قد بناهنّ البناءَ المحكما
ناشئ في طاعة الله فتى ً
لم يزل برَّاً رؤوفاً منعما
قد علا بالفضل فيمن قد علا
وسما بالعلم فيمن قد سما
كم وكم فيمن تولّى أمْرَه
أعين قرَّتْ وأنف أرغما
رجل لو ملك الدنيا لما
تركت أيديه شخصاً معدما
فإذا جاد فما وبل الحيا
وإذا جادل خصماً أفحما
بسطتْ أيديه بالجود فما
تركت مما اقتناه درهما
أظهر الحقَّ بياناً وجلا
من ظلام الشك ليلاً مظلما
سيّد من هاشم إذ ينتمي(23/35)
لرسول الله أعلى منتمى
واعظٌ إنْ وعظ الناس اهتدت
لسبيل الرشد من بعد العمى
كلّما ألقى إلينا كلِماً
لفظت من فيه كانت حِكما
تكشف الران عن القلب وما
قوله الفصل وفي أحكامه
ما يريك الحكم أمراً مبرما
إنْ قضى بالدين أمراً ومضى
أذعنَ لأبي به واستسلما
يحسم الداء من الجهل وكم
حسم الجهل به فانحما
نجم العلم به إذ نجما
ونمى الفضل به منذ نمى
وبدين الله في أقرابه
لم أجدُ أثْبَتَ منه قدما
يدفع الباطل بالحق الذي
يُفلقُ الهامَ ويبري القمما
ووواكتفى بالسمر عن بيض الظبا
أغْمدَ السيف وأجرى القلما
وجدَ الفضل به مفتتحاً
لا أرى في فقده مختتما
علماء الدّين أعلام الهدى
كلُّ فرد كان منهم
إنّما انت لعمري واحد
ما رأينا لك فينا توأما
أنتَ أندى الناس إنْ تثرى ندى
يا غماماً سَحَّ يا بحراً طمى
إنَّ أيامَك أعيادُ المنى
حيث كانت للأماني موسما
سيّدي أنتَ وها أنت لنا الـ
ـعروة الوثقى التي لن تفصما
كلُّ فرد كان منهم علما
فتَقَّبلْ فيك ما قد نظما
ذاكراً من أنعم الله لكم
بنعماً تسدي إلينا النعما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دعاك أميرُ المؤمنين وإنّما
دعاك أميرُ المؤمنين وإنّما
رقم القصيدة : 22305
-----------------------------------
دعاك أميرُ المؤمنين وإنّما
دعا مسرعاً فيما يروم مسابقاً
فلبيته لمّا دعاك ولم نجد
عن السَّير في تلك الإجابة عائقا
وقدمت للترحال عزمتك التي
تحثّ إلى المجد الجياد السوابقا
على ثقة منه بما أنتَ أهله
وما كان إلاّ في جنابك واثقا
فكان إذا ما اعتلَّ أمرٌ بملكه
رآك طبيباً للممالك حاذقا
برأي إذا هزَّ الأسنة واخز
وعزم إذا استل الظبا كان فالقا
نظرت بنور الله في كل غامض
بعيد المدى حتى عرفت الحقائقا
وفيك مع الإقدام واليأس في الوغى
خلائق ما زالت تَسُرُّ الخلائقا
صلابة دين ترغم الشرك أنفه
وتخذل أعلاجاً له وبطارقا
يسرّ بها من كان بالله مؤمناً
ويكبت فيها ملحداً ومنافقا(23/36)
ولا غرو من كان الفتوح بوجهه
إذا استتتفتح الإسلام فيه المغالقا
إذا التقع وأمسى عارضاً متركماً
وأرسلتِ الشهبُ المنايا صواعقا
تحبل نهار الحرب أسود حالكاً
وسوسن أوراق الحديد شقائقا
فكم ناطق بالكفر أصبح أخرسا
وكم أخرسٍ بالشعر أصبح ناطقاً
جزيت جزاء الخير عن أهل بلدة ٍ
ببأسك تكفيها الخطوب الطوارقا
غَرَسْت من الإحسان فينا أيادياً
فأنْبَتْنَ بالذكر الجميل حدائقا
أجدتَ نظام الملك حتّى كأنَّه
من الحسن أضحى لؤلؤاً متناسقاً
وفارقتنا بالكرة منا ولم تزل
حميد السجايا مقبلاً ومفارقاً
فحقَّ لبغداد البكاء وكيف لا
وقد فارقت فخر الوزارة نامقا
وكنت بنا بَرّاً رؤوفاً ووالياً
عطوفاً وبحراً بالمكارم دافقاً
وعوّدنا منك الجميل عوايداً
إذا عدتْ العادات كن خوارقا
فدبَّرت منا رقعة ما تدبرت
وكم فرزنت أيديك فينا بيادقا
وفيما أراك الله إصلاح شأنها
سددتَ على أهل الفساد الطرائقا
تروق وتصفو إنْ كدرت سريرة
فلو كنت ماءً كنت إذ ذاك رائقا
فسرْ في أمانِ الله من كلّ طارق
مهمٍ فلا تخشى مع الأمن طارقا
إلى ملك تخطى لديه بحظوة
بنيت بها فوق النجوم سرادقا
تكون بمرآى من علاه ومسمع
فتتخذ البشرى رفيقاً موافقا
إذا كنت كنت من سلطاننا بمكانة
فقد أمِنَ السلطان فيك البوائقا
عليك ولا ريب بذاك اعتماده
كما اعتمد المرءُ الجبال الشواهقا
عزمت إليه بالرحيل وطالما
قطعت إلى الأمر المهم العوائقا
شة قك منه حضرة ملكية
وما كنتما إلاّ مشوقاً وشائقا
ستُرزق من ثمَّ السعادة كلَّها
فَتَحْمَد رزاقاً وتشكر خالقا
وفيك مع الإقدام والبأس سطوة
تعيدُ فؤادَ الدهر بالرعب خافقا
فما وجدا السلطان مثلك ناصحاً
ولا وجد السلطان مثلك صادقا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دَنِفٌ ذو مِهجة ٍ في الحبّ تَصْدا
دَنِفٌ ذو مِهجة ٍ في الحبّ تَصْدا
رقم القصيدة : 22306
-----------------------------------
دَنِفٌ ذو مِهجة ٍ في الحبّ تَصْدا(23/37)
كُلّما زِيدَ ملاماً زاد وَحْدا
أمطرت أدمعه وبلَ الحيا
وهو يشكو من لظى الأشواق وقدا
مغرمٌ أخفى الهوى عن عاذل
في الهوى العذري ما أخفى وأبدى
فتكتْ أعْيُنُها الغيد به
وَرَمَتْه أسهُم الألحاظ عَمْدا
كيف يسطيعُ اصطباراً وهوَ لا
يجدُ اليوم من الأشواق بدا
لا تلمني فصابات الهوى
جعلت بيني وبين اللوم سَدّا
عَبرة أهرقتها من أعين
ألِفَتْ في هجرها الغمض سهدا
وبما قاسيتُ من حرِّ الجوى
في غرام مدّ سيل الدمع مدا
أنْحَلَ الحبُّ ذويه فاغتدتْ
من معاناة الضنى عظماً وجلدا
كُلَّما يقرب منّي عاذلٌ
فَتقبَّلْ ما إليك العبد أهدى
ربَّ ليلٍ أطبقت ظلماؤه
تحسب الشهب عيوناً فيه رمدا
وأواري عَبرتي أنْ تتبدى
أذكر الأغصان من بان النقا
كلّما أذكر من هيفاء قدا
ومع السرب الذي مرَّ بنا
رشأٌ يصرع بالألحاظ أسدا
مَن معيدٌ لي أياماً مضت
كان فيها الغيُّ لو انصفت رشدا
أهْصِرُ الغصن إذا ما كان قدّاً
وأشمُّ الوردَ إذا ما كان خدّا
كم أهاج الشوق من وجد بها
كلما جدَّده الذكر استجدا
وجرى دمعي من الوجد فما
يملك الطرف لجاري الدمع ردا
خبّراني بعد عرفاتي بها
كيف أقوت دار سعدى بعد سعدى
أينَ قِطانُك في عهد الصبا
يا مراحاً كان للهو مغدى
يوم سارت عنك للركب بهم
مشمعلاّت تقدّ السير قدّا
قد ذكرنا عهدكم من بعدكم
هل ذكرتم بعدنا للودّ عهدا
ولو أنَّ الوصل مما يشترى
وقصارى مُنية الصبِّ بكم
مطلبٌ جدَّ به الوجدُ فأكدى
فسقاكم وسقى أربُعَكم
من قطار حامل برقاً ورعدا
وإذا مرّت بكم ريحُ صباً
حملت ريح الصبا شيحاً ورندا
زارني الطيف فما أشكوى جوى ً
من حشا الصادي ولا نوّل رفدا
ما عليه لو ترشَّفْتُ لمى ً
مزجت ريقته خراً وشهدا
نسب التشبيب في الحب إلى
ذلك الحسن فكان الهزل جداً
وإلى عبد الحميد انتسَبَتْ،
غرر الشعر له شكراً وحمدا
عالم البصرة قاضيها الذي
لا ترى فيها له في الناس ندا
قوله الفصل وفي أحكامه
يجحض الباطل والخصم الأدا
إذ يريك الحقَّ يبدو ظاهراً(23/38)
لازماً في حكمه لا يتعدى
أوجب الشكر علينا فضله
فمن الواجد عندي أن يؤدى
سيّدٌ إحسانه في برّه
لم يزل منه العافين يسدى
وبأمر الله قاضٍ إنْ قضى
كان أمضى من شفير السيف حدا
ثابت الجأش شديد ركته
إذ تخر الراسيات الشمّ هدّا
سيّدٌ من سيّدٍ إذ ينتمي
أكرم الناس أباً فيهم وحدا
آل بيت لبسوا ثوب التقى
تلبس الفخر نزاراً ومعداً
هم أغاظوا بالذي يرضونه
زمناً تشقى به الأحرار وغدا
ذلّلووا الصَّعب وقادوا للعلى
حيث ما انقادت لهم قوداً وجردا
هل ترى أبعد منه منظراً
أو ترى يومئذٍ أثقب زندا
باسطٌ أيديه لما خلقت
ديماً ما برحت بالجود تندى
عدّدا لي نعمة الله به
أنا لا أُحصي له النّعماء عدا
تركت بالبر حرّ القوم عبدا
حبذا البصرة في أيامه
لا أراها الله من علياه فقدا
وجميل الذكر من أخلاقه
سار في أقطارها غوراً ونجدا
توأم المجد فريد في الحجى
جامع الفضل براه الله فردا
بيمين الحقّ سيف صارم
يجعل الباطل في غريبه غمدا
طالما ألقت إليه كَلِماً
أورثت ما لم يرثه لنثر خلدا
فترنَّمت بها قافية ً
وكفاني صولة الهمّ امرؤ
جاعل بيني وبين الهم سدا
رغد العيش لمن في ظلِّه
عاش طول الدهر بالأفراح رغدا
كلّما يلحظني ناظره
عكس الأمر فكان النحس سعدا
بأبي أفديه من قاضٍ به
صرت في رأفته ممن يفدّى
إنَّ من أخلص فيكم وُدَّه
مخلص في حبّه الأمجاد ودا
ناظمٌ فيكم على طول المدى
مدحاً ترفع لي بالفخر مجدا
فهو مهديها إليكم عبدكم
فتقبَّل ما إليك البعد أهدى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً
اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً
رقم القصيدة : 22307
-----------------------------------
اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً
وهوَّنَ الله أمراً كان قد عظما
أمست عمان وأنت الشهم سيدها
لا يُستباح لها في الحادثات حمى
مدت إليها يد الجاني فما ظفرت
إلاَّ بما أعقب الخسران والندما
من بعد ما هاج شراً من مكانته
وكاد يوقد في أطرافها ضرما(23/39)
تمسكاً بجبال الشمس من طمع
ومورداً من سراب لا يبلّ ظما
فلم يوفَّقْ إلى نجح يؤمِّله
والمرء إنْ فقد التوفيق أو عدما
لم يهده الرأي إلاّ للضلال ولا
يزيده عدم التوفيق غير عمى
أضلَّ مسعاه تركي في غوايته
كأنه اختار عن وجدانه العدما
نصحته وبذلتَ النصح تنذره
مستعملاً بالنذير السيف والقلما
فما ارعوى لك عن وهم توهمه
كأنَّ في أذنه عن ناصح صمما
أراد في زعمه أنْ يستطيل على
عمان قهراً فلم يظفر بما زعما
وكان غايته الحرمان يومئذٍ
ولو أطاعك واسترضاك ما حرما
خيَّرته قبل هذا اليوم في نعم
ولم يكن ثمَّ ممن يشكر النعما
وجاء يطلب مُلكاً منك ليس له
فقيل خصمان في إرث العلى اختصما
حتى ذا كان لا يصغي إلى حكم
حكمتما الصارم الهندي بينكما
قضى لك السيف فيما قد قضى ومضى
فيا له حكمٌ عدلٌ إذا حكما
وما تجاوزت الإنصاف شفرته
وما أضلَّ بمظلوم وإن ظلما
وقالت الناس باديها وحاضرها
ما جار سالم قفي حكم ولا ظلما
أنزلته من منيعات الحصون ولو
تركت تركي رهين الحصن مات ظما
أراد مستعصماً فيه ومعتصماً
وما رأى في منيع الحصن معتصما
ولم يجد سلَّما يرقى السماء به
ولو رمى نفسه في البحر لالتقما
وإنَّه قبلَ إعطاء الأمان له
ما استشعر الموت حتى استشعر الندما
وغرَّه مَن دعاه في خيانته
فجاءها عقبات الموت واقتحما
أذقته العفو حلواً عن جنايته
وكان عفوك عمَّن قد جنى كراما
عفَوْت عنه ولكن عفوَ مقتدرٍ
والعفو أقرب للتقوى كما علما
وما هتكت وأيم الله حرمته
وكان عندك حتى زال محترما
وربما لامك اللّوام عن سفهٍ
وقد يلومك بين الناس من لؤما
أما وربِّك لو أربى طغى وبغى
وما عفا مثلما تعفو بل انتقما
رحمته ولو استولى عليك لما
أبقى عليك ولم يلحق بمن رحما
أراد ربُّك أنْ تعفو بقدرته
ليظهر الفضل والتمييز بينكما
والله يَعْلَمُ والدنيا بأجمعها
لو نال من سالمٍ تركي لما سلما
لا زال يولي جميلاً من صنائعه
وهكذا كرم الشهم الذي كرما
من سيّدٍ بالغٍ رشد الشيوخ نهى ً(23/40)
رضيع ثدي المعالي قبل أن فطما
تبارك الله ما أبهى سناه فتى ً
كالنجم يهدي سبيل الرشد مذ نجما
الثابت الجأش في سِلْم ومعترك
في موطن الفخر قد أرسى له قدما
الباسم الثغر والهيجاء عابسة
والسيف يقطر من هام الكماة دما
فمن صدور العوالي ما يرى وصباً،
ومن نفوس المعالي ما شفى سقما
تساهما هو والجد السعيد بما
حازاه من كرم الأخلاق واقتسما
ويا له ولد أعنيه من ولدٍ
أحيى له ذكره الماضي وإنْ قدما
تحفُّه من عمان سادة ٌ نجبٌ
تسمو لهم في سماوات العلاء سما
يحمون سيّدهم من كلّ نازلة
بفيصل يغلق الهامات والقمما
ولم يكن غيره الحامي لحوزتها
إذا أدلهمّ من الأخطار ما دهما
تبيت لا كملوك الهند تكلأها
ندعو من الله فيها فاغرين فما
لولا وجودك هذا الداء ما حسما
وذلك الصدع لولا أنت ما التأما
لطف من الله فيك أظهره
من بعد ما كان سر اللطف مكتتما
وافت إلينا فوافت بالسرور كما
سرّت بها البصرة الفيحاء وابتهجت
منها النفوس وأنف الصند قد رغما
بشارة عمَّت الدنيا مسّرتها
واهتز منها العلى والمجد وابتسما
قد يسَّرَ الله أمراً أنت فعله
وإن لله في تقديره حِكَما
لا زلت بالجود والإحسان مبتدراً
كالغيث حيث همى والبحر حيث طمى
فمن مزاياك ما تكسو النجوم سناً
ومن عطاياك ما قد يخجل الديما
ولم أزل كلماتي فيك أنظمها
كما تتابع قطر المزن وانسجما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ
ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ
رقم القصيدة : 22308
-----------------------------------
ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ
فتكت به حَدَقُ الظباء العينِ
وجنتْ عليه بما جنته لواحظ
تركته منها في العذاب الهون
ماذا يقيك من الموائس بالقنا
إنْ طاعتك قدودها بغصون
وسطت عليك جفونها بصوارمٍ
ما أغمدت أمثالها بجفون
إنَّ العيون البابليَّة طالما
جاءت بسحر للعقول مبين
لانت معاطف من تحب وإن قسا
قلباً فلم يكُ وَصْلُه بمدين
لا زال تشكو قسوة من لين(23/41)
ويلي من اللحظات ما لقتيلها
قَودٌ وليس أمينها بأمين
والمسعدون من الغرام بمعزل
عني فهل من مسعدٍ ومعين
ظعن الذين أحبّهم فتناهبت
مهج القلوب حواجب بعيون
وتركْنَ أرباب الرجال كأنما
شربت زعاف السم بالزرجون
ما إنْ أطلْتُ إلى الديار تلفّتي
إلاّ أطلْتُ تلفّتي وحنيني
ولقد وقفت على المنازل وقفة
فقضيت للأطلال فرض ديون
وجرت بذياك الوقوف مدامعي
ومرت لهاتيك الديار شؤوني
فسقى مصاب المزن كلّ عشية
عهداً يصوب عليه كل هتون
يا سعد قد نفرت أوانس ربرب
بنوى ً يشطّ به المزار شطوني
فاسعد أخاك على مساعدة الجوى
إنْ كان دينك في الصبابة ديني
كانت منازلنا منازل صبوة
وديار وح علاقة وفتون
تتلاعب الآرام في عرصاتها
فيجدّ بي تلفي وفرط شجوني
جمعت فكانت ثمَّ مجتمع الهوى
ظبي الكتس بها وليث عرين
أيام كنت أديرها يا قوتة
حمراء بين الورد والنسرين
والروض متفق المحاسن زهره
بعد اختلاف الشكل والتلوين
وتَفَنُّنُ الورقاء في أفنانها
ينبيك أنَّ الورق ذات فنون
والكأس تبسم في أكُفِّ سقاتها
عن در مبتسم الحباب ثمين
ضمنت لشاربها السرور فحبذا
ذاك الضمان لذلك المضمون
ومهفهفٍ ينشقّ في غسق الدجى
من ليل طرته صباح جبين
وأنا الطعين بسمهريّ قوامه
يا للرجال لصبّه المطعون
قد بعته روحي ولا عوضٌ لها
ورجعت عنه بصفقة المغبون
علم الضنين بوصله في صدّه
أنّي ببذل الروح غير ضنين
قارعت أيامي لعمرك جاهداً
حتى انتضيت لها حسام الدين
جرّدته عضباً يلوح يمانياً
جادت بصيقله يمين القين
فإذا ركنت إلى نجيب لم يكن
إلاّ إلى ذاك الجناب ركوني
أعلى مقامي في عليّ مقامه
فرأيت منزلة الكواكب دوني
وظفرت منه بما به كان الغنى
عن غيره في العزّ والتّمكين
وصددتُ عن قوم كأنَّ نوالهم
مال اليتيم وثروة ُ المسكين
فتكاثرت نعم عليَّ بفضله
من فضله وأقلّها يكفيني
السيّد السند الذي صدقت به
فيما تحدّث عن علاه ظنوني
يمحو ظلام الشك صبحُ يقينه
والشكُّ ينفيه ثبوت يقين(23/42)
متيقظ الأفكار يدرك رأيه
ما لم يكن بالظنّ والتخمين
من أسرة ٍ رغموا الأنوف وأصحبوا نزيلهم
ونوالهم بالبر غير مصون
اللابسون من الفخار ملابساً
ومن الوقار سكينة بسكون
إنّ الذي تجبت به أمُّ العلى
ظفرت به في الأكرمين يميني
ما زلت في ودّيب له متمسّكاً
أبداً بحبل من علاه متين
أنفكُّ أقسم ما حييت أليَّة ً
بالله بل بالتين والزيتون
لولاه ما فارقت من فارقته
وهجرت ثمة صاحبي وخديني
ووجدت من شغفي إليه زيارتي
ضرباً من المفروض والمسنون
وحثثت يومئذٍ ركائبي التي
لفّت سهول فدافد بحزون
كم من يد بيضاء أنهلني بها
ما أنهلّ من وبل السحاب الجون
ورأيت من أخلاقه بوجوده
ما أبدع الخلاق بالتكوين
ولكم تجلّى بالمسّرة فانجلى
صدأ الهموم لقلبي المحزون
حيث السعادة والرئاسة والعلى
تبدو بطلعة وجهه الميمون
يا من جعلت لما يقول مسامعي
أصداف ذاك اللؤلؤ المكنون
إنّي أهشُّ إذا ذُكِرتُ فأجتلي
راحاً تسرُّ فؤاد كل حزين
وإذا صحوت ففي حديثك نشوتي
وإذا مَرِضتُ فأنت من يشفيني
بفكاهة تشفي الصدور وبهجة
قرَّت بها في الأنجبين عيوني
أطلقتُ ألسنة الثناء عليك في
ما أبدعته بأحسن التنظيم
إنْ دوَّنوا فيك المديح فإنّما
مدح الكرام أحقُّ بالتدوين
فاسلم ودم أبداً بأرغد عيشة
تبقى المدى في الحين بعد الحين
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سطا بحسام مقلته وصالا
سطا بحسام مقلته وصالا
رقم القصيدة : 22309
-----------------------------------
سطا بحسام مقلته وصالا
كأنّي جئت أسأله الوصالا
وجار على المتيَّم في جفاه
وأجرى أدْمُعَ الصبّ انهمالا
ومهما ازددت بين يديه ذلاً
يَزد عزّاً ويتبعه دلالا
حكى البدرَ التمام له مُحَيَّاً
وشابه قدُّه الغصن اعتدالا
وأذَّن حسنه للوجد فيه
فشاهدنا بوجنته بلالا
بقلبي نار خدٍّ قد تلظَّتْ
فتورث في جوانحي اشتعالا
وفي جسمي سقام عيون خشف
عدت منها لي الداء العضالا
وما أنسى بذات الرمث عهداً
مضى لكن حسبناه خيالا(23/43)
زماناً لم نحاذر فيه واشٍ
ولم نسمع لعذال مقالا
وكم قد زارني رشأ غرير
فأرشفني على ظمأٍ زلالا
وعهدي ليله أبداً قصير
فلما سار من أهواه طالا
وأنى يرتجي اللاحي سلُوّي
وقد ذابت حشاشتي انسلالا
أيهدي عن الشواق لاحٍ
وما قد زادني إلاّ ضلالا
فلا تسألْ وقيت الشرَّ دمعاً
إذا ما لاح برق الحيف سالا
أحَلَّتْ سربُ ذاك الربع قتلي
ولا يحوي ـ لبذل المال ـ مالا
ولو أبصَرتَ إذ رحلوا فؤادي
رأيت الصبر يتبّع الجمالا
ألا لله ما فعلت بقلبي
جفون لم تخل إلاّ نصالا
وربٍّ قد كسا الأحباب حسناً
كساني من صبابتها انتحالا
وإنّي في الغرام وفي التصابي
كمثل محمَّدٍ حزت الكمالا
فتى ً في العلم والإكرام بحرٌ
وكان وروده عذباً زلالا
له عزم حكى الشم الرواسي
وخُلقٌ قد حكى الريح الشمالا
ومرتاح إلى الإكرام طبعاً
أحبّ الناس في الدنيا لديه
فتى ً أبدى لنائله السؤالا
ويهوى المكرمات بكل آنٍ
ولن نلقى به عنها ملالا
وكان نداه للعافين وصلاً
وكان على أعاديه وبالا
كساه الله تاجاً من فخار
وألبسه المهابة والجلالا
فلو زالت جبال الله عنها
لكان وقاره فيها جبالا
نديّ الكفّ راحته غمام
فلو لمس الحصى فيها لسالا
وما بخلت له أبداً يمينٌ
بباعٍ من عزائمه لنالا
ويؤذن بشره بسحاب جود
وكانّ تبسم الكرماء خالا
لقد نلنا به صعب الأماني
فلم نعرف بساحته المحالا
وحبر العلم بل بحر غزير
أجلّ الناس في الدنيا نوالا
بدا منه محيّا ثم نور
فأمسى في ذوي الآمال فالا
ومدّ يمينه في البسط يوماً
فأغمرنا عطاءاً واتصالا
حباه الله في حسن السجايا
وتلك عطية الباري تعالى
خلال كالصوارم مرهفات
أجادتها محاسنه الصقالا
فإن قلتا لدى الدنيا جميل
عنينا حسن خلقك والخصالا
أتحصي المادحون له كمالاً
ومن ذا عدّ في الأرض الرمالا
وما غالت بك المُدّاح حَمْداً
إذا ما فيك أطنبَ ثمّ غالى
أعود ببأسه من كل خطب
فقد أضحى على الدنيا عقالا
وعزم يقهر الأعداء قهراً
وإنْ لم تلتق منه قتالا(23/44)
فلو طاولَنه السمر العوالي
على نيل المرام إذن لطالا
وقد كمل العلوم وكل فخر
وقد زان المفاخر والكمالا
وما هو غير بدر في المعالي
فلا عجب إذا نال الكمالا
فلو شاهدت في التقرير منه
بياناً خلته السحر الحلالا
يهدي الله فيه الخلق رشداً
وفيه يكشف الله الضلالا
ولم يترك لأهل الفخر فخراً
ولم يترك لذي قول مقالا
فما خابت ظنون أخي مرام
أصارك في مطالبه مآلا
فخذها سيّدي منها قصيداً
وصيّر لي رضاك بها نوالا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ريدَ لوماً فزاد في الحبّ وجدا
ريدَ لوماً فزاد في الحبّ وجدا
رقم القصيدة : 22310
-----------------------------------
ريدَ لوماً فزاد في الحبّ وجدا
مستهامٌ تخيّل الغيَّ رشدا
مازج الحبَّ مرة فأراه
أنَّ هزل الغرام يصبح جدا
ورمى قلبه بجذوة نار
أوقدته بلاعج الشوق وقدا
من غرام رمى به كل مرمى
يتلظى فلم يجد عنه بدا
لوصغى للعذول ما كان أمسى
دنفاً في شؤونه يتردى
يسأل الركب عن منازل نجد
ناشداً منه خلّفتَ نجدا
يتشافى من عهدها بالأحاديـ
لازمٌ في أهليه لا يتعدى
فهو يقضي لها حقوقاً عليه
ويؤدي ما ينبغي أن يؤدى
يا ابن ودّي وأكثر الناس حقاً
في التصابي عليك أكثر ودّا
كفكف الدمع ما استطعت فإنّي
لست أستطيع للمدامع ردا
وإذا ما دعوت للصَّبر قلبي
كان لي يا هذيم خصماً ألدا
زارني طارق الخيال ووافى
من سليمى يجوب غوراً ووهدا
كيف زار الخيال في غسق اللـ
ـيل إلى أعيني وأني تسدى
وتوالى حر الحشا وتولّى
إذ تصدّى لمغرم ما تصدى
وشجتني والصبّ بالبنين يشجي
أنيق في ظعون ظيماء تحدى
ورسوم من آل ميٍ بوالٍ
أصبحت فيه أعين الركب تندى
بعدما كان للنياق مناخاً
ولعهد الهوى مراحاً ومغدى
زجر العيس صاحبي يوم أقبلـ
ـن عليها فقلت مهلاً رويدا
خَلَّنا والمطيّ نستفرغ الدمـ
ع لأطلالها ونذكر عهدا
ونعاني أسى ً لأرسم دار
شقيت من بعاد سلمى وسعدى
يا سقتها الماء وبل غوادٍ
حاملاتٍ للريّ برقاً ورعدا(23/45)
كلَّما قطَّبتْ من الجوّ وجهاً
عاد فيها بياضه مسودّا
من نياق ضوامر جاوز الوجد
بأحشائها من الحبّ حدّا
أنت أعلى يداً وأطول باعاً
ذي الصفات العلى ذميلاً ووخدا
كلّما أصدرت أياديه وفداً
أوردت من غير جدواه وفدا
باذل من نفيس ما يقتنيه
من نوال ما يخجل الغيث رفدا
أريحيٌّ تهدى إليه القوافي
والقوافي لمثل علياه تهدى
ميرينا السحاب يمطر وبلاً
ونريه الرياض تنبت وردا
ينظم المجد من مناقب علياه
بجيد الأنام عقداً فعقدا
ولآبائه الكرام الأعالي
زادهم ربهم نعيماً وخلدا
حضرات تطوى إليها الفيافي
وتقّد البيداء بالسير قدا
إنْ سرت من ثنائهم نفحات
عاد فيها حر الهواجر بردا
فكأن السرّ الإلهي منهم
لازمٌ في أهليه لا يستعدى
يا عليّ الجناب وابن عليّ
أكرم الناس أحسن الناس جدا
أنت أعلى يداً باعاً
في المعالي وأنت أثقب زندا
هل تدانى برفعة وعلاء
أو تضاهى فلم نجد لك ندّا
مثلت لي أيديك وهي تهادي
مثل وبل الغمام بل هي أندى
لا أرى الورد بعد ظلك عذباً
لا ولا العيش بعد جودك رغدا
كلّما قلت أورد العدم نقصي
مدّني بالنوال جودك مدّا
يرتجي غيري الثراء وأرجو
منك بعد الثراء عزاً ومجدا
فإذا زدتُ من جنابك قرباً
زدت عن خطة النوائب بعدا
كل يوم أنال منك مراماً
من بلوغ المنى وأبلغ قصدا
فإذا كنت راضياً أنت عني
لا أبالي أنْ يضمر الدهر حقدا
إنَّ نعماك كلّما صيرتني
لك عبداً أرى لي الدهر عبدا
لست أقضي شكرانها ولو أنّي
أملأ الخافقين شكراً وحمدا
فاهنأ يا سيّدي بأشراف عيد
كل عام عليك يرزق عودا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
رقم القصيدة : 22311
-----------------------------------
مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
فليجّرد له الحسامَ الصقيلا
جعل السيف ضامناً وكفيلاً
لبني المجد فاتخذه مقيلا
وإذا ما سلكت ثم سبيلاً
فاجعل السيف هادياً ودليلا
عرّفتكم حوادث الدهر أمراً(23/46)
كان من قبل هذه مجهولا
كشفت عن ضمائر تضمر الغدر
وتبدي وفاءها المستحيلا
وإذا لم تجد خليلاً دفياً
فاعلم أنَّ الحسام أوفى خليلا
طالما عرّف الزمان بقوم
بدّلتهم خطوبه تبديلا
لا تبلّ الغليل ما عشت منهم
أو يبلّ الصمصام فيهم غليلا
وإذا لم يكن لحلمك أهل
فمن الحلم أنْ تكون جهولا
لا أرى فعلك الجميل بمن لم
يرع عهداً من الجميل جميلا
رضي الله عنك أغضبت قوماً
ما أرادوا غير الفساد حصولا
فلبئس القوم الذين أرادوا
بك من سائر الأنام بديلا
وسعوا في خرابها فاستفادوا
أملاً خائباً وعوناً خذولا
ويميناً لو يملكوها علينا
تركوها معالماً وطلولا
إنّما حاولوا أمانيَّ نفس
حملتهم إذ ذاك عبئاً ثقيلا
ربما غرّت المطامع قوماً
غادرت منهم العزيز ذليلا
أمَّلوا والمحال ما أمّلوه
سؤدداً عنك فيهم لن يحولا
لم ينالوا ما نلت من رفعة القدر
ولو جيء بالجيوش قبيلا
أجمَعوا أمْرَهُم ولله أمرٌ
كان من فوق أمرهم مفعولا
ثم لما جاؤوا إليكم سراعاً
نزلوا عن مرابض الأسد ميلا
فعبرتم نهر المجرة مخلين
مكاناً لهم عريضاً طويلا
نزلوا منزل الشيوخ وتأبى
شفرة السيف أن يكونوا نزولا
ثم لم يلبثوا خلافك في الدار
كما يشتهون إلاّ قليلا
رحلتها عنهم سيوف حداد
ورجال تعبي الرجال الفحولا
إنْ تصادم بها قواعد رضوى
أوشكت في صدامهم أن تزولا
بذلت نفسها لديك ورامت
منك في بذلها الرضا والقبولا
كلّما استلت المهندة البيض
أسالت من الدماء سيولا
فتركت الأعداء ترتقب الموت
منالرعب بكرة وأصيلا
وملأت الأقطار بالخيل والرَّجل
صليلاً مريعة وصهيلا
إنّ يوماً عبرت فيه عليهم
فتنادت عنك الرحيل الرحيلا
هربوا قبل أن يروا صولة الليـ
يث وإن يشهروا دماً مطولا
يوم كان الفرار أهونَ من أنْ
تستبيح السيوف منها قتيلا
ذلّ من لا يرى المنيّة عزّاً
في سبيل العلى وعاش ذليلا
لو أقاموا فيها ولو بعض يوم
لأخذت الأعداء أخذاً وبيلا
ولأكثرت فيهم القتل والسَّبـ
ـي ومثّلتهم بها تمثيلا(23/47)
وتركت النساء ثكلى أيامى
تكثر النوح بعدهم والعويلا
إنَّ لله حكمة ً حيّرت فيك
بلغتك الأقدار ما كنت تبغيه
وكفّت عدوّك المخذولا
وشفيت الصدور منا فقلنا
صحّ جسم العلى وكان عليلا
أيّد الله فارس بن عجيل
مثل ما أيّد الإله عجيلا
وبما رحمةة منالله حلّت
بلغ اليوم آمل مأمولا
أمِنَ الخائفون في ظلِّ قوم
منع الخطب بأسه أنْ يصولا
عاد للملك حافظاً ومن
على الناس ستره المسبولا
كلما كرّ كرّة ً بعد أخرى
بعث الرعب في القلوب رسولا
ما ثناه عن المكالام ثانٍ
وأبى أن يرى الكريم بخيلا
يقتفي إثْرَ جَدِّه وأبيهِ
وكذا تتبع الفروع الأصولا
فهنيئاً لكم معارج للمجد
شباباً تسمونها وكهولا
رفعة في العلاء أورثتموها
من قديم الزمان جيلاً فجيلا
والمعالي لا ترتضي حيث شاءت
غير أكفائها الكرام بعولا
إنَّ أسلافكم إذا خطبوها
جعلوا مهرها قناً ونصولا
قد بذلتم من النضار سيولا
وجررتم من الفخار ذيولا
لا تنال العداة منكم مراماً
افيرجون للنجوم وصولا
كيف تدنو منكم وأنتمْ أسودٌ
ما اتخذتم غير الأسنة غيلا
فإذا ما ادَّعيتم الفخر يوماً
فكفى بالقنا شهوداً عدولا
قد خلقتم صبابة في المعالي
صبوة الصب ما أطاع العذولا
فانتشيتم وللهوى نشوات
فكأني بكم سقيتم شمولا
لابرحتم مناهلاً ترد العا
فون من عذب وردها سلسبيلا
وبقيتم مدى الزمان وأبقيتم
حديثاً عن بأسكم منقولا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبة
قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبة
رقم القصيدة : 22312
-----------------------------------
قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبة
كما غاب بدرٌ ثم أشرقَ ونجلى
وأقبلت إقبال السعادة كلها
علينا فحيّا الله وجهك مقبلا
فكنت كصوب المزن صادف ممحلاً
وكنا بك الظمآن صادف منهلا
وشمنا سنا برق المنى غير خلّبٍ
تهلَّلَ يمري العارض المهتللا
تنقَّلت من دارٍ لدارٍ تنقّلاً
ومن عادة الأقمار أنْ تنقلا
وجئت إلى بغداد تكشف ما بها(23/48)
من الضرّ حتّى ترجع الحال أولا
فأهلاً وسهلاً ما أقمتَ ومرحباً
عزيزاً بأكناف المعالي مجلا
بأصدق من وافى من الروم لهجة
ومن بعث السلطان عيناً وأرسلا
أمينٌ على العمّال تخذل ظالماً
وتنصر مظلوماً وتننقذ مبتلى
فقلنا غداة استبشر الناس كلهُّم
عسى هذه الأحوال أنْ تتبدلا
وفي ضمن لحن القول لولا موانع
دقائق لا تخفى على من تأمّلا
وكم فرج لله من بعد شدة
تعللنا فيه الأماني تعلُّلا
فنحن وإن لم يحسن الكشف حالنا
ولا شتتا خرقاء واهية الكلا
ومن نظر الأشياء نظرة عارف
رآها لديه مجملاً ومفصّلا
وحسب الفتى ذي اللب متن إشارة
يرى شرحها لو كان شرحاً مطوّلا
وما اختصك السلطان إلاّ لعلمه
بأنَّك لن ترشى ولن تتبرطلا
فمن فضله والله يجزي بفضله
علينا أميرَ المؤمنين تفضلا
لتذهب عنّا البغي جيئة راشد
ونحمد فيه آملاً ومؤملا
وننتظر العقبى فإنَّ وراءها
من اللطف ما يحظى به سائر الملا
فلا زال ظلّ الله يأتي بعدله
وما لي الأحكام إلاّ ليعدلا
ومن عدله أنْ يصطفيك لقربه
ويدينك من نيل الرياسة والعلى
ولم أر مثل الفضل يرفع أهله
ولا حلية كالصدق في القول من حلى
فقل ما تشا والقول في ما تقوله
جليٌّ ويأبى الله أن تتقوّلا
ودم وابق واسلم ترتقي كل منصب
إلأى قلة العلياء تعلو وتوقلا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقلِّبُ طرفي لا أرى غير منظرِ
أقلِّبُ طرفي لا أرى غير منظرِ
رقم القصيدة : 22313
-----------------------------------
أقلِّبُ طرفي لا أرى غير منظرِ
متى تختبره كان أَلأمَ مَخْبَرِ
فلم أدرِ والأيامُ ذاتُ تغيُّر
أيذهبُ عمري هكذا بين معشر
مجالسهم عاقَ الكريمَ حُلُولُها
أسفتُ على من ليس يرجى العودة
وكان يرى عوناً على كلّ شدة
قضى الله أنْ يقضي بأقرب مدة
وأبقى وحيداً لا أرى ذا مودة
من الناس لا عاش الومان ملولها
إذا الحُّر في بغداد أصبحَ مبتلى
وعاش عزيزُ القوم فيها مذللا
فلا عجبٌ إنْ رمتُ عنها تحوُّلا
وكيف أرى بغداد للحرُّ منزلا(23/49)
إذا كانَ مفرَّ الأديم نزيلها
إلامَ المعالي يملك الرذل رقّها
لقد كنت لم أحفل بأيام عرسها
ولم يتبدل شههمها بأخسّها
فكيف بها إنْ سادها غيرُ جنسها
ويسطو على آسادها ابنُ عرسها
ويرقى على هام السماك ضئيلها
عجبتُ لندبٍ ثابت الجأش مفضل
يرى بدلاً من أرضه بمبدّل
ولم يك عن دار الهوان بمعزل
فما منزل فيه الهوان بمنزل
وفي الأرض للحرِّ الكريم بديلها
سأركلها يا سعد كلّ معدّة
أجوبُ عليها شدة بعد شدة
وإن مت ألفي البيد موتة وحدة
فلَلموتُ خيرٌ أن أقيمَ ببلدة
يفوق بها الصيدَ الكرام ذليلها
فكم قرصتني من عدى ً بقوارص
هوابط من أرض المساوي شواخص
ولاقيت صعب المرتقى غير ناكص
وأصعب ما ألقى رئاسة ناقص
مستويه إن عدّت كثيرٌ قليلها
أنَبِّهُ طرف الحظّ والحظّ راقد
وأنهض للعلياء والجدّ قاعد
وأنى أسودُ اليوم ولادهر فاسد
وما ساد في أرض العراقين ماجد
من الناس إلاّ فدمها ورذيلها
بلاد بقوم قد سَعَوا في خرابها
فليس شرابٌ يرتجى من سرابها
ولا لكريمٍ منزل في رحابها
فسر عن بلاد طوَّحت لا ترى بها
مقيل كريم للعثار مقيلها
فليس عليها بعد هذا مُعَوَّلُ
ولا عندها للآملين مؤمَّل
فيالك دار قد نبت بيَ منزل
بها الجود مذمومٌ بها الحرّ مهمل
بها الشحّ محمودٌ فهل لي بديلها
وربَّ أخ للمجد في المجد آلفُ
له في ربوع الألأمين مواقفُ
أقولُ له والقول كالسُّمِّ زاعف
ألا يا شقيق النفس عندي صحائف
لقومٍ لئامٍ هل لديك قبولها
صحائف ذي غيظ على الدهر واجد
عليها طوى قسراً جوانح حاقد
وأن لما يبدي لساني وساعدي
سأنشرها والهندوانيّ شاهدي
وأذكرها والسمهريّ وكيلها
فمن مبلغ عني كلاماً ملخَّصا
أهان به عرض اللئيم وأرخصا
أناساً يعيش الحرُّ فيهم منغَّصا
ولي كلمات فيهم تصدع الحصا
وإني على وهني لما قد أمضّني
فكم مهمة ٍ قفرٍ طَوَيْتُ مشافها
بها كل هول لم يزل متشابها
وواجهني ما لم يكن لي مواجهاً
عفا الله عني كم أجوب مهامها
من الأرض يستفّ التراب دليلها(23/50)
طويت قيافيها ذهاباً وجية ُ
أكان عناءً طيّها أم بليّة ً
كمن يبتغيها منية ً أو منيَّة ٍ
لعلي ألاقي عصبة ً عبشمية ً
فروع مناجيبٍ كرام أصولها
إذا نطقوا بالقول فالقول مُفْلِقُ
وإنْ حاولوا مجداً فعزم محلّق
لهم أرج لم يكتتم فهم معبق
ينم بهم مجد رفيع ومنطق
وينبي عن الخيل العتاق صهيلها
لقد طالما قد بِتُّ أطوي وأنطَوي
على مضضٍ أمست على الضّيم تحتوي
فيا سعد قل لي إنْ نصحتَ فأرعوي
متى يلثم اللبات رمحي وترتوي
سيوف بأعناق اللئام صليلها
أحِنُّ إلى يوم عبوسٍ عصبصبِ
يبل غليلي منجب وابن منجب
فيا ليت شعري هل أرني بموكب
وحولي رجال من معدٍّ ويعرب
مصاليت للحرب العوان قبيلها
شفاء لنفسي يا أميمة حشرجت
أو الساعة الخشنا إلى الأمر أحوجت
فهل مثل آساد الشرى حين هيّجت
إذا أوقدوا للحرب ناراً تأججت
مجامرها والبيض تدمى نصولها
كهولٌ وشبابٌ بآيّهم
ظفرنا رأينا كهلهم كفتيهّم
حماة ٌ بماضيهم وفي سمريّهم
وبالسمر تحمي البيض شبان حيّهم
وبالبيض تحمي السّمر قسراً كهولها
من القوم ما زالت تطبّق سحبهم
وفي عدم الجدوى تفارط صوبهم
كرام بيوم الجدب يعرفُ خصبهم
يهشون للعافي إذا ضاق رحبهم
وجوهاً كأسياف يضيء صقيلها
نماهم أبٌ عالي الجناب سميذع
وعن أصل زاكي العنصرين تفرعوا
فإنّ يدّعوا العلياء كان كما ادَّعَوا
إلى خندقٍ ينمى علاهم إذا دُعوا
ومن خير أقيالٍ إذا عُدَّ قيلها
فمن لي بأبيات يروقك وصفها
يُهان معاديها ويُكرَمُ ضيفها
بحيث العلى والعزُّ مما يحضّها
وما العزّ إلاّ في بيوتٍ تلفّها
عذارى وأبكارُ المطيّ حمولها
تلمّ بها إنْ داهمتها ملّمة
رجال مساعيها إلى المجد جمّة ٌ
وإن هي زمّتها على السير أزمة
تحف بها من آل وائل غِلْمَة ً
لهم صولة في الحرب عال تليلها
وإنّي لأشكو عصبة ً ما تطأطأت
لرشد وغنْ تدعَ إلى الرشد أبطأت
لها الويل قد خَطّت ضلالاً وأخطأت
إلى الله أشكو عصبة قد تواطأت
إلامَ المعالي الرذل رقّها
ويمنعها من ظلمه مستحقَّها(23/51)
ألا دعوة ٌ للمجد نَوْفُ صدقها
ألا غيرة ٌ تقضي المنازل حقّها
وتوقظ وسنان التراب خيولها
عوادي بميدان الوغى لمفاخر
بكل نزاريّ على الموت صابر
إذا أقْبَلَتْ من كلّ عوجاء ضامر
عليها رجال من نزارٍ وعامر
مطاعين في الهيجا كريم قتلها
إذا نحن لم نحمد بحال ذهابنا
إلى شرِّ جيلٍ شرّهم قد أنابنا
فَلِمْ لا نعاني حزننا واكتئابنا
كفى حزناً أنَّا نعنى ّ ركابنا
تركت ديار اللّهو والعقل تابعي
وبدَّلْتُ سكناها بسكنى المرابع
وما غرّني في الكون برق المطامع
إذا كانت العلياء حشو مسامعي
يريني المعالي سفحها وطلوعها
لقد خاب مسعاها إليهم وبئس ما
تقحّمتْ الأمرَ الخطير تقحَّما
تروح رواءً ترتمي أيَّ مرتمى
فترجع حَسْرى ظلّعاً شفّها الظما
فيا ليتها ضلتْ وساءَ سبيلها
لئن كان صحبي كلُّ أروع يجتري
على كل ليث في الكريهة قَسوَر
ترفَّعت عن رذل الصفات مصعّر
فلا ألوي للأنذال جيدي ومعشري
بهاليل مستن المنايا نزولها
إذا لم يكن ظلٌّ خليَّاً من الأذى
تلذذتُ في حرّ الهجير تلذُّذا
وبدّلت هذا بعد أن عفته بذا
رعى الله نفسي لم ترد مورد القذى
وتصدى وفي ظلّ الهجير ظليلها
يرى المجدَ مجداً من أغار وأنجدا
ولم يُبْق في جَوْب الفدافد فدفدا
إلى أنْ شكته البيد راح أو اغتدى
ومن رام مجداً دونه جرع الردى
شكته الفيافي وعرها وسهولها
رجال المعاني بالمعاني منالها
مناها إذا ما حان يوماً نزالها
هي المجد أو ما يعجب المجد حالها
وما المجد إلاّ دولة ورجالها
أسودُ الوغى والسمهرية غيلها
ديار بها نيطت عليَّ تمائمي
وكان العلى إذ ذاك عبدي وخادمي
فكيف أرى في اللهو لمعة شائم
إذا أبّرَقَتْ في السفح صوب الغنائم
وشاق لعين الناظرين همولها
وعاوَدَني ذكرى دمشق وأهلِها
يروقك مرآه إذا كنت رائدا
فكن لي على صوب الدموع مساعا
متى سمعت أذناك منّي رواعدا
تصوب عزاليها وتهمي سيولها
ذكرتُ زماناً قد مضى في رحابها
سقته عيون المزن حين انسكابها
لقد شاقني ظبيُ الكناس الذي بها(23/52)
فكم مرة في بعدها واقترابها
تشافت من الأرض الجراز محولها
فأنبتَتِ الخضراءُ محمرَّ وَرْدها
وفاخرت البيداء في وشي بردها
ولما طغت في جزرها بعد مدِّها
سقى كلَّ أرضٍ صوبها فوق حدِّها
فيا ليت شعري هل أرى بعد دارها
من الغبر الورديّ موقد نارها
وهل ناشقٌ من رندها وعرارها
على أنّها مع قربها من مزارها
تلوح لعيني في البعاد تلولها
قضيت بها عيشاً على الرغم ناعما
أرى صادحاً في صفحتيه وباغما
فيوقظ من قد كان في الطيف حالما
ولم يستمع فيها عذولاً ولائما
إذا كانت الورقاء فيه عذولها
فكم راكب فوق الكميتِ وسابقِِ
بحَلبَة مجراه غدا غيرَ لاحق
إذا لمعت في الليل لمعة بارق
يذر عليه بالسنا ضوء شارق
فكن مسعدي يا سعد حين انقضائها
متى نفرت جيرانها من فنائها
وأقَفَرَ ذاك المنحنى من ظبائها
وحلّ سوادٌ في مكان ضيائها
وما أعْطِيَتْ عند التوسل سولها
فما العيش إلا مُنْيَة ٌ أو مَنِيَّة
به النفس ترضى وهي حريّة
فهذي برود نسجها سندسية
وما النفس إلاّ فطرة جوهرية
يروق لديها بالفعال جميلها
ففيها يكون المرء شهماً معظما
لدى كل من لاقا يغدو مكرَّما
فهذا تراه بالفخار معمّما
إذا المرء لم يجعل حلاها تحلّما
فقد خاب مسعاها وضلَّ مقيلها
فألطف آثار الحبيب طلولها
وأنفسُ أطرار السيوف نصولها
فهذي المزايا قلّ من قد يقولها
وأحسن أخلاق الرجال عقولها
وأحسن أنواع النياق فحولها
كمال الفتى يحلو بحسن صفاته
فيزهو لدى الأبصار لطف سماته
يفوق الفتى أقرانه في هباته
هل يقبل الإنسان نقصاً لذاته
إذا كان أنوار الرجال عقولها
فلا العرض من هذا الفتى بمدنس
إذا حلّ في ناد بخير مؤسّسِ
وهذا الذي قد فاز في كل أنفس
فكم أثمَرَتْ بالمجد أغصانُ أنفسِ
يُؤرِقُني في ذكرهم حين يعرض
نسيمُ الصَّبا يسري أو البرق يومضُ
أحبة قلبي حين صدّوا وأعرضوا
ويوحشني من بالرُّصافة قوّضوا
ولي عبرات في الديار أجيلها
أرى جاهلاً قد نال في جهله المنى
كذا عالماً عانى على علمه العنا(23/53)
وذلك من جور الزمان وما جنى
ومن نكد الأيام أنْ يحرم الغنى
كريمٌ، ويحظى بالثراء بخيلها
أراني وأنياقي لإلفٍ وصاحبي
إلى أصبو وتصبو لجانب
فما بالنا لم نتفق في المذاهب
تحنُّ إلى أرض العراق ركائبي
وصحبي بأرض الشام طاب مقيلها
فهل تسمح الأيام لي برجوعها
فأحظى بأحبابٍ كرامٍ جميعها
لقد عاقني عنها نوى ً بنزوعها
وأخّرني عن جلّق وربوعها
علائق قد أعيا البخاتي حمولها
لقد عادت الأيام تزهو بوصلها
وإشراق محياها وأبيض فعلها
لأنتظر العقبى وربّي كفيلها
وعاندني ذكرى دمشق وأهلها
بكاء حمامات شجاني هديلها
شجتني وما قلب الشجيّ كقلبها
ولم تحكِ من عينيّ منهلّ صوبها
فما برحت من شجوها أو لجّها
تردد ألحاناً كأن الذي بها
من الوجد ما بي والدموع أُذيلها
منازل أشواقي ومنشا علاقتي
وسكر صباباتي بها وإفاقتي
حَلَفْتُ يميناً صادقاً جهد طاقتي
لئن بلّغتني رمل يبرين ناقتي
عليّ حرام ظهرها ومشيلها
ولم أنسَ لا أنستُ في كلِّ ضامر
وقوفي على ربع الظمياء داثر
بحسرة ملهوفٍ وصفقة خاسر
وكم لي على جيرون وقفة حائر
له عبرات أغرقتهُ سيولها
ألَمْ تنظرِ الأرزاء كيف تعدَّدَتْ
وساعدت النحسَ الشقيَّ وأسعدت
قعدنا وقامت أرذلونا فسُوِّدَتْ
وكم باسقاتٍ بالرُّصافة أقعدت
على عجزها حيث استطال فسيلها
لقد نالها دنياً دنيُّ تجبّرا
فتاه على أشرافها وتكبّرا
وكان أذلَّ العالمين وأحقرا
لحا الله دنياً نالها أحقرُ الورى
وتاه على القوم الكرام فسولها
لعلّ خطوباً قد أساءت تسرّني
عواقبها حتى أراها بأعيُني
سأحمل أعباء الخطوب وإنّني
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بكت بدمٍ من بعد عيسى وبندر
بكت بدمٍ من بعد عيسى وبندر
رقم القصيدة : 22314
-----------------------------------
بكت بدمٍ من بعد عيسى وبندر
عيونُ ذوي الحاجات من كلّ معشر
أهرقت الدمع الغرير عليهما
لواعج حزن في الجوانح مضمر
فلم تبق منه زفرة ما تأججت
ولا عبرة من مقلة لم تحدّر(23/54)
أقول لركب راح يرتاد منزلاً
لربع على نهر المجرّة مقفر
سرى ضارباً في الأرض ما بين منجد
يخدّ أخاديد الفلاة ومغور
أقيموا عل قبر ثوى بندر
صدور المطايا ما ثوى قبر بندر
ولا تسأموا من واكف الدمع وافرجوا
من الحزن مبيض الدموع بأحمر
ولا تندبوا غير المكارم والعلى
لعالٍ كما صدر القناة مشهر
بكيت فأكثرت البكاء وحقّ لي
بكائي على وفد من العز مكثر
وإنّي لمعذور إذا ما بكيته
بأكثر من قطر الغمام وأغزر
ولي عبرة لم ترقت عند ادّكاره
كما لي فيه عبرة المتفكر
وهيهات أنْ أسلوه يوماً وإنّني
خلا منه يوماً خاطري وتذكري
حسامٌ صقيل المتن أُغمِدَ في الثرى
ووارى ترابُ الأرض طلعة نيّر
وقد كان لم يحجب سناه بحاجب
ولم تستتر أضواؤه بمستّر
فوا أسفي إنْ كان يغني تأسُّفي
وما حَذَري إنْ كان يجدي تحذري
وكنت أراني في النوائب صابراً
فأعدمني صبري فأنى تصبّري
وإنّي لمقبول المعاذير في الأسى
ومن يعتذر مثلي إلى الصبر يُعذر
لقد ضقت ذرعاً بعد فقدان باسل
من الصيد مفتول الذراع غضنفر
وما سرّ نفسي بعده ما يسرّها
ولا راق ما قد راق شيء لمنظري
فيا عبراتي كلّ آن تحدّري
ويا نار أحشائي عليه تسعّري
فقد غاض بحر كلَّما مدّ راحة
إلى الوفد فاضت منه خمسة أبحر
فتسخر من ويل السحاب أكفُّه
بأبرعَ من وبل السحاب المسخّر
إلى الله خطب كل يوم يعاد لي
برزءٍ من الأرزاء يقطع إبهري
مصابٌ أُصيبَتْ فيه آل محمد
برغم العوالي من وشيج وسمهري
أصيبت بقوم ما أصيبت ولم تصب
به مضرُ الحمرا ولا آل حمير
أرتنا المنايا كيف تُصمي سهامها
وكيف تصول النائبات وتجتري
ولو أنَّه يُفدى فَدَتْهُ أماجدٌ
ترى الموت إلاّ فيه أربحَ متجر
ولو أنه يدعو الكماة لنصره
عليها أجابته بنصرٍ مؤزر
ولكنه اغتالته إذ ذاك غيلة ً
ولم تمنع عنه بجند وعسكر
خذي من تشائي بعد أخذك بندراً
من الناس من قد شئته وتخيّري
فما كان مفقود تشق جيوبها
عليه المعالي يوم مجد ومفخر
سقاك الحيا المنهلُّ يا قبر بندر(23/55)
وحيّاك مهراقُ الغمام الممّطر
سألتك والأجفان يرفضّ ماؤها
عن الضيغم العادي فهل أنت مخبري
تدلّى عقيراً فيك والحتف صارم
لعمري متى يعقر به الليث يعقر
محاسنُ ذاك الوجه كيف تغيّرت
وكان على الأيام لم تتغيَّر
وكان يلاقي ضيفه متهلّلاً
بوجه صباحٍ بالمحاسن مسفر
وقد نُكّرت من بعد علمي بأنها
معارف للمعروف لم تتنكر
مضى لا مضى إلاّ إلى عفو ربه
ومسرح جنات ومورد كوثر
فهل وَدَّعَتْه المشرفيّة والقنا
وناحت عليه البيض في كل محضر
لمن ترك الخيل الجياد كأنها
عرائس ما زُفَّت لغير مظفر
صواهل يعشقن الطراد بموقف
تبيع الردى فيه الكماة وتشتري
دعونا للجدوى مراراً فلم يجب
دعاءً لنا عن عزّة وتكبّر
وكان من الداعي بمرآى ومسمعٍ
وفي منظر ما يروق ومخبر
قريب من الحسنى مجيب لمن دعا
زعيم بأخذ الفارس المتجبر
تراه سلانا بعد هذا بغيرنا
بأرغد عيشٍ أم بأكرم معشر
ألم يَدْر أنَّ المُلك أُهمل بعده
ليس سوى فهد له من مدبر
وأنَّ بني العلياء ضاقت صدورها
لفقدان ذاك السيّد المتصدر
ومن نَظَرَ الأيام معتبراً بها
رآها بعين الذاهل المتجر
تحذّرنا صرف المنون نزولها
وتنذرنا في كلّ يوم بمنذر
شراب ولا منها ورود لمصدر
ونبكي على الدنيا على غير طائل
وما أحدٌ من أهلها بمعمَّر
نؤمّل فيها أنْ يدوم لنا بها
حياة وما دامت لكسرى وقيصر
ونطمع منها بالمحال ولم تكن
أمانيُّنا إلاّ أحاديث مفتري
وهذي هي الآجال قد قدّرت لنا
ولم يَنَل الإنسان ما لم يُقدَّر
ولا بد أن يُمشى بنا فوق أرْبَعٍ
إلى حفرة لا مشية المتبختر
ولو أننا كنّا بقصرٍ مشيّدٍ
وحصن حصين بالحديد مسوّر
وإنَّ المنايا كائناتٌ لوقتها
إذا قدّمت للمرء لم تتأخر
ولا وزرٌ مما قضى الله عاصم
ولا يتّقى منه بدرع ومغفر
على أنها الدنيا إذا ما صفا لنا
بها العيش شابت صفوَه بمكدّر
ومن ترك الدنيا رآها بعينه
قصاصة ثوب أو قلامة أظفر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أترى في الوجود مثلَكَ عالِمْ(23/56)
أترى في الوجود مثلَكَ عالِمْ
رقم القصيدة : 22315
-----------------------------------
أترى في الوجود مثلَكَ عالِمْ
يردُ الناسُ بحرَه المتلاطمْ
أنت من أشرف العوالم ذاتاً
إنما هذه الرجال عوالم
أظهر الله فيك للناس سرّاً
ما لذاك السرّ الربوبيّ كاتم
ولك الله ما برحت صراطاً
مستقيما وعارضاً متراكم
وكل ظامٍ على مناهل ما أو
تيت من فضل ربك حايم
تتلقى الأفهام منك وما تنـ
ـطق إلاّ بالحق والحقّ ناجم
كلمات كأنهن سيوف
أين من فضلك السيوف الصوارم
يا قوام الدين الحنيفيّ والـ
ـدين لعمري بمثل ذاتك قائم
إنّما أنتَ رحمة في الأر
ض على أمَّة ِ لها الله راحم
أنتَ للحق واليقين صباح
راح يجلو ليلاً من الشك فاحم
شهد الله أنَّها معجزات
لم تسلم بالحق من لا يسالم
حجج تفحم المجادل بالباطل
والجاحد الألّد المخاصم
وضعت للورى موازين بالقـ
ـسط وفيها لا زال دفع المظالم
طاوَلَتْ هذه السماء بأيدٍ
قصّرت دونها يدا كل ظالم
لا تبالي إذا حكمْتَ بأمر اللـ
ـدي جادت يمينه بالكرائم
آمرٌ بالمعروف ناهٍ عن المنكر
آتٍ بالحقّ ماضي العزائم
وإذا ما أمرتَ لله أمراً
لست تخشى في الله لومة لائم
لك جدُّ الكلام والكلم الطيّـ
ـب يؤني امرئٍ ما يلائم
نَبَّهتْ من أرَدْتَ من سِنة الغـ
ـفلة فاستيقظ الذي كان نائم
رجع المجرم الذي اقترف الذنـ
ـب منيباً فيها وأصبحَ نادم
أعرَبتْ عن بلاغة ٍ لك أقلا
م فِصاحُ الإعراب وهي أعاجم
غرّدت ما جرت بأيديك في
الطرس شبيهاً تغريدها بالحمائم
نافثات وهي الجدوال للفضل
بقلب العدى سموم الأراقم
اتَّبعنا بالحق ملّة إبراهيم حنيـ
ـفاً والحقُّ بالحقِّ قائم
واتَّخذناه قبلة ً وإماماً
ومشيد البيت الرفيع الدعائم
ـب يؤتي كل امرىء ٍ ما يلائم
سلكوا في الندى سبيل المكارم
نشروا ذكر ما طوته الليالي
قبل هذا من عهد كعب وحاتم
كتبولا فوق جبهة الدهر أنّ
الدهر عبدٌ لهم رقيق وخادم
دَرَّ دَرُّ الندى أعاد أكُفّاً
منأناسٍ أعداؤهن الدراهم(23/57)
بأبي سادة الأنام جميعاً
من ليوث ضراغم وغيوث
وبحور سواهم وخضارم
قال منهم للمكرمات قؤول
هكذا هكذا تكون المكارم
يتعدى جميل فعلهم الناس
وإنْ كان ذلك الفعل لازم
طهّر الله ذاتهم واصطفاهم
قبل ما ينتجون من صلب آدم
دائم الفخر خالد الذكر ما غير
فخارٍ لكم مدى الدهر دائم
واردٌ شرعة العلوم التي ليس
عليها إذا وَرَدْتِّ مزاحم
لم ينلها سواك نعمة مولى
أنت فيها تحلّ طرق النعايم
طالما حثحث النياق حثيثاً
راغبٌ في بديع فضلك هائم
قد وفدنا على كريم إذا استُجـ
ووقفنا بموقف العلم والتد
ريس والفضل والندى والمكارم
وشهدنا معالم المجد فيها
قد تعالت فيا لها من معالم
ثم شِمْنا برق المكارم قد لا
ح سناه من بين تلك المباسم
ولثمنا يدي عظيم قريب
من عظيم تعدَّه للعظائم
كشفتْ غمَّة َ النوائب عنا
ثم نابت لنا مناب الغمائم
لم تزل تتبع الجميل جميلاً
فهي إذ ذاك ساجم إثر ساجم
هذه سيّدي عريضة داعيك
كانت عن الوداد تراجم
كلّما أثبتت مديحك فيها
كان إثباتها لمحو المآثم
أطلب العفو في مديحك والغفـ
ـران والصفح عن جميع الجرائم
فتقبّل مني وما زال قدماً
ناثراً في مديحك العبد ناظم
بقوافٍ على عداك عوادٍ
يا فدتك العدى ووجهك سالم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا ابن المخيزيم وافَتنا رسائلكم
يا ابن المخيزيم وافَتنا رسائلكم
رقم القصيدة : 22316
-----------------------------------
يا ابن المخيزيم وافَتنا رسائلكم
مشحونة ً بضروب الفضل والأدَبِ
جاءَت بأعذب ألفاظٍ منظمة
حتى لقد خلتها ضرباً من الضرب
زهتْ بأوصاف من تعنيه وابتهجت
كما زهت كأسها الصهباءُ بالحَبب
عَلَّلْتمونا بكتْبٍ منكُم وَرَدَتْ
وربَّما نفع التعليل بالكتب
فيها من الشوق أضعاف مضاعفة ٌ
تطوي جوانح مشتاقٍ على لهب
وربَّما عَرَضَتْ باللّطفِ واعترضت
دعابة هي بين الجدّ واللعب
قضيتُ من حسن ما أبدعته عجباً
وأنْتَ تقضي على الإحسان بالعجب
فنحن ممّا انتشينا من عذوبتها(23/58)
ببنتِ فكرك نلهو لا ابنة ِ العنب
فأطربتنا وهزَّتنا فصاحتها
فلا بَرِحْت مدى الأيام في طرب
أمَّا النقيبان أعلى الله قدرهما
في الخافقين ونالا أرفع الرتب
الطاهران النجيبان اللّذان هما
من خير أمٍّ كنت أعراقها وأب
دامَ السَّعيد لديكم في سعادته
وسالم سالماً من حادث النوب
إنَّ الكويت حماها الله قد بلغت
باليوسفين السَّبعة الشُّهب
تالله ما سمعت أذني ولا بصرت
عَيْني بعزِّهما في سائرِ العربِ
فيوسُف بن صَبيح طيب عنصره
أذكى من المسك إن يعبق وإن يطب
ويوسُف البَدر في سعدٍ وفي شرف
بدر الأماجد لم يغرب ولم يغب
فخر الأكارم والأمجاد قاطبة
وآفة الفضّة البيضاء والذهب
من كلِّ من بسطت في الجود راحته
صوب المكارم من أيديه في وصب
لولا أمورٌ أعاقتنا عوائقها
جئنا إليكم ولو حبواً على الرّكب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا
تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا
رقم القصيدة : 22317
-----------------------------------
تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا
فزاد به وجودُ الذكر وَجْدا
وأضناه الهوى بغرام نجد
فأَصبحَ بالضّنى عظماً وجلدا
وشامت منه أعينه فأورى
وميض البرق في الأحشاء زندا
فمن لجوانح مُلِئَت غراماً
كما ملئت عيون الصَّبّ سهدا
وفي تلك المنازل كا قلبي
فمذ فقد الأحبة راح فقدا
سقى أطلال رامة في غوادٍ
تخدد ثم وجه الأرض خدا
وحيّاها حَياً يحكي دموعي
بها يسقي ها علماً ووهدا
وكيف سلوّ أهل الخفيف ودّي
ولم أسلُ لهم في البين ودّا
تصدّى ظبيُ لعل في تلافي
وأسلبني التصبّر حين صدّا
وظلم منه حرّم رشفِ ظلمٍ
سواه لا يريني الوجد بردا
أعينا مغرم العينين صبّاً
تَعدّته السّهام وما تعدّى
لعمرك ما الهوى إلاّ هوانٌ
ومَن رام الملاح وما تردّى ؟
وكم مولى ً تعرّض للتصابي
فصيّره الهوى بالرغم عبدا
خليليَّ اسلكا فينا حديثاً
لنجفو عنده سلمى وسعدى
وهاتا لي بمحمود مديحاً
وقولاً فيه مدحاً ما تودّا(23/59)
به الرحمن أودع كلَّ فضلٍ
وفي برد الفضائل قد تردّى
إذا عدّوا أكابر كلّ قومٍ
ولم يعطف على دَنِفٍ كئيب
لقد زرع الجميل بكل قلب
فكلٌّ فاه في علياه حمدا
وحلّ له على الإسلام شكراً
فصار عليهم فرضاً يؤدّى
وَعَمَّ ثناؤه شرقاً وغرباً
وسَيَّر ذكره غوراً ونجدا
ويبسط راحة ً تنهلّ جوداً
أحبّ مكارم الكرماء وفدا
ونوردُ من يديه إذا ظمئنا
فيسقينا بذاك الكفّ شهدا
وندفع في عنايته خطوباً
إذا أضحت لنا خصماً ألدا
متى يممته تجدو نداه
أفادك من كلا البحرين رفدا
فهذا أعلم العلماء طراً
وأكرمُ من أفاد ندى ً وأجدى
وكم من حاسدٍ لعلاه يوماً
فمات بغيظه حسداً وحقدا
وأمَّل مجده فغدا كليلاً
ورام بلوغ همّته فأكدى
أردنا أنْ نعدّ له صفاتٍ
فما اسطعنا لذاك الفضل عدا
وحاولنا نروم له نظيراً
فان بعصرنا في الناس فردا
تقلّد منه هذا الدين شيفاً
وزيّن فيه هذا العصر عقدا
وقلنا كالحسام العضب عزماً
نفاق غراره قطعاً وحدا
وقسنا كفّه بالمزن جوداً
فكان يمينه من ذاك أندى
ويمزج لطفه آنا وقاراً
يذوب فكاهة ويشد وجدا
وصال بمحكم الآيات يوماً
وهدّ عقيدة الأغيار هدا
أبان لأهل إيران بياناً
فحيَّرهم بما أخفى وأبدى
دلائل ما استطاعوا ينكروها
وكيف الحقُ ينكر إذ تبدّى
وبحر ما له جزر ولكن
يكون له مدى الأيام مدا
يجرّد من سيوف الله بيضاً
ويركب من خيول العزم جردا
كفى أهل العراق به افتخاراً
فقد نالوا به عزاً ومجدا
فما ضلّت لعمر أبيك قوم
تروم بعلمه للحق رشدا
وما أرضى بها إلاّك يفدى
طلبت العلم لا طلباً لمال
فنلت بذاك توفيقاً وسعدا
ولو يعطي الرجال على حجاها
إليك من القليل الأرض تهدى
ولم لا منك تغتاظ الأعادي
وهم جيفٌ وشمّوا منك ندا
فظنوا قاربوك بكلّ شيءٍ
وهيهات التقارب صار بعدا
عليك أبا الثناء يبثّ عبد
مدى أيامه شكراً وحمدا
نعيد باسمك السامي قصيداً
ولا نبغي سوى المرضاة قصدا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب(23/60)
خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب
رقم القصيدة : 22318
-----------------------------------
خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب
وزوِّج ابن سماءٍ بابنة ِ العنب
واشرب على نغم الأوتار صافية
مذابة في لجين الكأس من ذهب
ولا تضع فرصة ً جاد الزمان بها
ساعات أنسك بين المجد واللعب
أما ترى الروض قد حاكت مطارفه
أيدي الربيع وجادتها يد السحب
والورد قد ظهرت بالحف شوكته
وخضبت وجنتاه من دم كذب
وزان ما راق دمع الطل حين بدا
تبسّم الأقحوان الغض عن شنب
والراح منعشة الأرواح إن مزجت
صاغ المزاج لها تاجاً من الحبب
وإن بدت وظلام الليل معتكر
رمت شياطين هم المرء بالشهب
داو بها كلَّ ما تشكوه من وصب
ففي المدامة ما يشفي من الوصب
ودُر بحيث ترى الأقداح دائرة
فإنها لمدار الأنس كالقطب
يعود ما فات من عهد الشباب بها
يشبّ فيها معاطيها ولم يشب
يمجُّ منها فمّ الإبريق رائقة
تخالها إنها صيغت من اللهب
في جنة راق للأبصار رونقها
وأدمع المزن ما تنفك في صببو
الورق تملي من الأوراق ماخطبت
على منابر غصن الدوح من خطب
وما برحت لأيام مضت طرباً
داعي المسرة والأفراح يهتف بي
حتى إذا العيد وافانا بغرَّته
أقَرَّ شوال عيني في أبي رجب
بالسيد العلويّ الهاشميّ لنا
فوز يؤمَّل من قَصْدٍ ومن أرب
أحيت مكارمه ما كنت أعْرِفُها
من الأوائل في الماضي من الحقب
الله ألهمه فهماً ومعرفة
وحسن خلقٍ وحلماً غير مكتسب
إني أباهي به الأشراف أجمعها
بذلك النسب العالي الذي حسب
فداؤه كل ممقوت بشانئه
فلا إلى حسب يعزى ولا نسب
هو السعيد الذي يشقى العدو به
من ذا يعاديه في الدنيا ولم يخب
لما دعاه وليّ الأمر منتدباً
أجابه وأراه خير منتدب
دعاه مستنصراً في عسكر لجب
وقد ينوب مناب العسكر اللجب
فسار مستصحب التوفيق يومئذٍ
فسار أكرمَ مصحوبٍ ومصطحب
وصار تدبيره يغني عساكره
عن الكتائب بالأقلام والمتب
كم كربة نفّست للجيش همته
فحقّه أنْ يسمى كاشف الكرب
دعا إلى طاعة السلطان فاجتمعت(23/61)
له القبائل من بعد ومن قرب
لقد أجابته وانقادت لطاعته
ولو دعاها سوى علياه لم تجب
أراعه ما أرهم من مكارمه
وجاء من بره المعروف بالعجب
تلك المزايا لأجدادٍ له سلفت
فأعقب الله ما للمجد من عقب
من سادة شرّف الله الوجود بهم
قد أورثوها علاءً من أبٍ فأب
فلم تجد من لسان غير منطلق
ولا فؤاداً إليهم غير منجذب
فلا تقسهم بقوم دونهم شرفاً
يوماً وكيف يقاس الرأس بالذنب
لقد كفى العسكر المنصور نائبة
تجثو لها نوب الدنيا على الركب
وقوّمت كل معوَجٍّ صوارمه
وسكنت منذ وافى كلّ مضطرب
وأسعد الله مولانا الفريق به
فكان ثابت سعد غير منقلب
وكان أعظم أسباب الفتوح له
فيا له سبب تاهيك من سبب
أما وربك لولاه لما خمدت
نار لها غير فعل النار بالحطب
دهياء تفغر فاهاً لا سبيل إلى
لا يسأمون من الإقدام في الطلب
وكان خيراً لهم لو أنهم رجعوا
عن غيّهم بعد ذاك الجهد والنصب
بَغوا لما نزغ الشيطان بينهم
والبغي يسلم أهليه إلى العطب
حتى إذا دبّروا للحرب أمرهم
وهم عن الرأي والتدبير في حجب
فأقبلت برجال لا عداد لها
وحيّر الترك ما لقت من العرب
لله درك ماذا أنت فاعله
بذلت نفسك فوق المال والنشب
والحرب قائمة والنار مُوْقدة
يقول منها جبانُ القوم واحربي
يساقط الموت من أبطالها جثثاً
كما يساقط جذع النخل بالرطب
برزت فيهم بروز السيف منصلتاً
من غمده وأخذت القوم بالرعب
كففت أيديهم عن ما تمد له
فما استفادوا سوى الخذلان في الغلب
وشتت الله ممن قد طغى وبغى
جمع الخوارج بين القتل والهرب
ودمّر الله في أقدامهم فئة
فكان أعدى إلى أخرى من الجرب
تعبتم فأحتم بعدها أمماً
كم راحة يجتنيها المرء من تعب
وعم فضلك ذاك القطر أجمعه
يا حسن ما أصبحت في مربع خصب
رأس الأكابر والأشراف من مضر
صدر الرئاسة فخر السادة النجب
ليهنك النصر والفتح المبين وما
بلغت من جانب السلطان من أرب
لئن حباك بنيشان تُسرُّ به
بطالع لقران السعد لم يغب
هذا المشير أعزّ الله دولته(23/62)
أبان فضلك إعلاناً لكلّ غبي
وخذ إليك بقيت الدهر قافية
تلوح منك عليها بهجة الأدب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ليهنك يا نحير أهلِ زمانه
ليهنك يا نحير أهلِ زمانه
رقم القصيدة : 22319
-----------------------------------
ليهنك يا نحير أهلِ زمانه
ويا كاملاً عنه غدا الطرف قاصرا
ويا منبعاً للجود والفضل والندى
ومن لم يزل بحراً من العلم زاخرا
ويا من يحلّ المشكلات بذهنه
وأفكاره رأياً تحير البصائرا
بطفل زكيّ قد أتاك وإنّما
يضاهيك بالأخلاق سرّاً وظاهرا
وبشرتني فيه فقلت مؤرخاً
بمولد عبد الله نلت البشايرا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> الدين أصْبَح منصوراً بتأييد
الدين أصْبَح منصوراً بتأييد
رقم القصيدة : 22320
-----------------------------------
الدين أصْبَح منصوراً بتأييد
ـ الحمد لله ـ في أيام محمود
إذ سلّ من مرهفات الله بيض ظبا
فشيّد الدين فيها أيّ تشييد
واستملك الملك عن رأي يسدده
بحدّ سيف وفضل غير محدود
سدّ الثغور وتمهيد الأُمور به
فالملك ما بين تسديد وتمهيد
أيّام دولته الفراء تحسبها
خالاً على وجنات الخرد الغيد
الدهر يرهب من ماضي عزائمه
والبحر يطلب منه ساحة الجود
روت معاليه عن سعد وما عدلت
بالعدل إذ ذاك عن حكم ابن مسعود
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وَلَدٌ قد أشرَقَ الكونُ به
وَلَدٌ قد أشرَقَ الكونُ به
رقم القصيدة : 22321
-----------------------------------
وَلَدٌ قد أشرَقَ الكونُ به
من على سلطاننا عبد المجيد
بشِّرَ الإسلام في مولده
فأسرَّ الناس من هذا السعيد
فزهت بغداد حتى إنّها
قابلت أيّام هارون الرشيد
وغدت تشرق من أنواره
مثلما قد أشرق البدر بعيد
زادنا بشراً فزدنا طرباً
ما عليه قبل هذا من مزيد
قد حبانا الله في مولده
كلّ ما نهواه من عزٍّ مديد
فترانا دائماً في فرج
كل يوم نحن في عيد جديد
وإذا الكون أضا أرَّخته
فضياء الكون من عبد الحميد(23/63)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> حَثْثتُ على عنيف السَّير نُوقي
حَثْثتُ على عنيف السَّير نُوقي
رقم القصيدة : 22322
-----------------------------------
حَثْثتُ على عنيف السَّير نُوقي
وقدَّمت الطَّريق على الرفيق
وقد فتق الزمان على فؤادي
هموماً فهي بارزة الفتوق
خرجت إلى جميل أبي جميل
إلى الرحب الفضاء من المضيق
ولولا تمره والبرّ منه
بقينا صابرين على السويق
فلو جاد النقيب لنا بسمنٍ
حَمِدْنا التمر يعجن بالدقيق
رأت عيناي في سفر عجيب
أعزّ لديّ من بيض الأنوق
أخا رشد يغض من المعاصي
وزنديق يتوب من الفسوق
وقالوا إنّ قدّوري تردّى
رواء الناس كالبر الصدق
فآونة يصلّي في فريقٍ
وآونة يسبّح في فريق
وأخبرني ثقاتُ الناس عنه
بأن لا زال في كرب وضيق
فكاد الشوق يحملني إليه
فيستشفي مشوقٌ من مشوق
ولكنّي كتبت له كتاباً
كما كتب الشفيق إلى الشفيق
أعزِّره على ترك الحميّا
وأهديه إلى بئس الطرق
أقول له وبعض النصح غشٌّ
بما بيني وبينك من حقوق
وثوقك بالعذاب عنها
وعفو الله أولى بالوثوق
وكم لله من فرجٍ قريب
وكم للعبد من سعة وضيق
أتنسى لا اقترفت الإثم إلاَّ
كبيراً بين مزمار وبوق
ليالينا الّتي انصرمت وولت
حَلَتْ إلاّ بكأس من رحيق
وكان مكاننا أنّى سكرنا
مكان الكلب قارعة الطريق
يمرّ بنا الشقيّ فنبتليه
ونزهد بالتقيّ المستفيق
وقولك للتي سكرت ونامت
فعلت بك المقابح أو تفيقي
سددت مسامع الحسناء قهرأ
بمثل الجذع من نخل سحوق
تخبّرني ضيوفك أين جاءت
بأنك قد بعدت عن اللحوق
تنادي بالطعام بلا شراب
كما نهق الحمار على العليق
وما هذا الذي عوّضت عنها
وهل يُغني الحديث عن العتيق
ألم تك بالفساد كما تراني
يشقّ عليّ أن أعصي شقيقي
فلا طابت أُوَيقات لصاحٍ
رمى أمَّ الخبائث بالعقوق
لقد كدَّرت يومئذ صفائي
وقد أيبست بالتأنيب ريقي
وأصبح عنك راضي غير راضٍ
فلا تركْن إلى سخط الصديق
وقد رزق لسعادة بالمعاصي
بسلطنة ابن سلطان رزوقي(23/64)
وكم خمرٍ معتقة ٍ رأها
ففضلها على الخلّ العتيق
وكان الدنّ لا يروي مناها
فأصبح يشمئز من النشوق
وكم من تائب من قبل هذا
مروع من كبائره فروق
وحدّ التائبين اليوم عندي
اختياراً رميهم بالمنجنيق
فيا لك توبة عادت عليه
بأن يهوي سحيقاً من سحيق
رأيناهُ يصلّي الخَمْسَ باقٍ
بمحراب الصلاة على الشهيق
فسلّطنا شياطين القوافي
عليه بالصَّبوح وبالغبوق
وأغوينا في سحرٍ مبينٍ
من التبيان بالشعر الرقيق
إلى أن عاد أفسق من عليها
وأسرع بالإجابة من سلوقي
فما يدنو من الشيطان إلاّ
تمسَّكَ منه بالحبل الوثيق
وكان بنعمة لو كان يرعى
لها حقاً ويوفي بالحقوق
وها هو بعدما في كلّ حال
تغيّر بالمجاز عن الحقيقي
قضى في خدمة النقباء عمراً
وتلك نضارة العيش الأنيق
غريقك يا أبا سلمان فيها
وكم في بحر جودك من غريق
يقول رجاء من آوي إليه
لقد حنَّتْ ألى الخيرات نوقي
يؤمّل من مكارمك الأماني
ويرقب منك صادقة البروق
فلا غابت شموس بني عليّ
وقد أذِنَتْ علينا بالشروق
تلوح لنا بهم صور المعالي
فتهدينا إلى المعنى الدقيق
لبابك سيّد النقباء وافت
منبئة ً علاك عن العلوق
وتكشف عندك الأستار كشفاً
بحرّ القول عن حال الرقيق
تحثّ السير مسرعة تهادى
إلى علياك من فجٍّ عميق
تقوم على الرؤوس لهم أناس
تساويهم على قدمٍ وسوق
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر
رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر
رقم القصيدة : 22323
-----------------------------------
رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر
بما بعينيه من غنج ومن حور
مؤنث الطرف ما زالت لواحظه
تسطو وتفتك فتك الصارم الذكر
مهفهفُ القد معسول اللمى غنج
أقضي ولم أقض منه في الهوى وطري
ما لي بمقلة أحوى الطرف من قبل
مؤيّد بجنود الحسن منتصر
يعطو إليّ بجيد الظبي ملتفتاً
تلَفُّتَ الظبي من خوف ومن حذر
وكلَّما ماسَ قلت الغصن حركة
ريح الصبا وهو في أوراقه الخضر
عجبت ممن قسا والعهد كان به(23/65)
ارَقَّ من نسمات الروض في السحر
أشكو إليه صباباتٍ أكابدها
كأنَّما رحت أشكوها إلى حجر
نيران خدّيك ها قد أحرقت كبدي
يا جنّة أنا منها اليوم في سقر
إنْ لم تكن بوصالٍ منك تسعفني
فلا أقلّ من الإسعاف بالنظر
جد لي بطيفك واسمح إن بخلت به
إني لأقنع بعد العين بالأثر
واذكر ليالينا الأولى ظفرت بها
والدهر يعجب والأيام من ظفري
تلذّ لي أنت في سمعي وفي بصري
حيث المسرّة أفلاكٌ تدور بنا
والشمس تشرق ليلاً في يد القمر
في روضة فَوَّفَتْ أيدي الربيع لها
ما أبدع القطر من شيءٍ ومن حبر
والطلّ في وجنات الزهر يومئذٍ
ما بين منتظم منه ومنتثر
ومن أحبُّ كما أهواه معتنقي
ومرشفي السكّر المصريَّ في السكر
إذا تبسَّمَ أبصرنا بمبسَّمَه
ما أودع الله في الياقوت من درر
خاف العيون صباح الغرق تنظره
حتى تعوَّذَ بالأصداغ والطرر
أطل حديثك في قدٍّ فتنت به
وإنْ ذكرتَ حديث الخصرْ فاختصر
يقول لي في تثنّيه مفاخرة ً
ألبانُ من شجري والورد من ثمري
يا قاتل الله غزلان الصّريم فما
أبْقَتْ ـ وقد نفرت ـ صبراً لمصطبر
وما لأعينهن النّجلَ حين رنت
أصَبْنَ قلبي وما الجاني سوى نظري
وقفت منهن والأشجان تلعب بي
في موقف الربع بين الخوف والخطر
وبي من النافر النائي بجانبه
صبابة تعلق الأجفان بالسهر
عهدي بها ورداء الوصل يجمعنا
والوصل يذهب طول الليل بالقصر
لم يرقب الواشي يخشى من تطلعه
ما أوْلَعَ الدهرَ بالتبديل والغير
تركتني ولكم مثلي تركت لقى ً
فريسة بين ناب الخطب والظفر
هيجت أشجان قلبي فانتدبت لها
بكّل منتدب للشجو مبتدر
إنَّ السلامة في سلمان من كدر
يجني عليَّ ومن همّي ومن فكري
يسرُّ نفسي ويقضي لي مآربها
بنائلٍ من ندى كفَّيه منهمر
تالله ما أبصرت عيناي طلعته
إلاّ وأيقَنْتُ أنّي بالنوال حري
توقّع الرَّوض ما تسديه غادية
أناخ كلكلها ليلاً بذي بقر
إذا استقلت تراءى من مخايلها
مبشّرُ الوارد الظمآن بالغدر
أصبحت من يده البيضاء في دعة ٍ(23/66)
وحسن أنظاره في منظر نضر
كأنَّما أنا من لألاء غرّته
في روضة باكرتها المزن بالمطر
تهُبُّ منه رياح اللطف عاطرة
من طيّبٍ عطرٍ عن طيّب عطر
أمْعِنْ بدقّة معنى ذاته نظراً
وانظر بعينيك واستعن عن الخبر
وسلْ إذا شئت عن أجداده فلقد
ضاقت بذاك صدور الكتب والسير
أغَظْتُ في مدحه قوماً بقافية ٍ
عن المقيم تجوب الأرض في سفر
وحاسداً قصرت أيدي المنال به
كمفلس الحيِّ رام اللعب بالبدر
تسرُّ قوماً وأقواماً تغيظهم
والشهب ترمي ظلام الليل بالشرر
كالراح تسري إلى الأرواح نشوتها
فالروح في خفة والجسم في خدر
هم الذين أراشوني بنائلهم
لولاهم الآن لم أنهض ولم أطر
المطلقون لساني على
تلك الشمائل بعد العيّ والحصر
بيض تضيء بنور الله أوجهُهُم
في حندس من ظلام الخطب معتكر
النافعون إذا عاد الزمان على
بنيه في الساعة الخشناء بالضرر
تقوى على أزمات الكون أنفسهم
وليس تقوى عليها أنفسُ البشر
فيا لك الله سادات إذا افتخرت
كانت هي المفخر الأسنى لمفتخر
لا تذكر الناس في شيء إذا ذكروا
كاليمّ يقذف بالألواح والدسر
يا أيها الدهر يأتينا بهم نسقاً
هل جئت منهم بمعنى غير مبتكر
ويا معاني المعالي من شمائلهم
لقد برزت لنا في أحسن الصور
دع ما تقول البرايا في مناقبهم
فكيف قولك بالآيات والسور
سرٌّ منالله إلاّ أنَّ نورهم
ف الخافقين وما صبحٌ بمستتر
عَلَوا على الناس إعلاناً فقلت لهم
بالله أقسم لا بالركن والحجر
أنتم لنا وَزَرٌ من كل نائبة
بوركنم نفر السادات من نفر
ونِعْمَ مدَّخرٌ أنتم لمدّخر
مولاي أصبحت واليام مقبلة
وأنت في عنفوان العز والعمر
أنّي لأرقب وعداً منك منتظراً
ووعد غيرك عندي غير منتظر
فاسلم ودم في سرور لا فناء له
باقٍ على أبدِ الأزمان والعصر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بارقٌ لاح فأبكاني ابتساما
بارقٌ لاح فأبكاني ابتساما
رقم القصيدة : 22324
-----------------------------------
بارقٌ لاح فأبكاني ابتساما(23/67)
نبَّة َ الشَّوقُ من الصبّ وناما
ولمن أشكو على برح الهوى
كبداً حرّى وقلباً مستهاما
ويح قلب لعبَ الوجد به
ورمته أعين الغيد سهاما
دنف لولا تباريح الجوى
ما شكا من صحة الوجد سقاما
ما بكى إلاّ جرت أدمُعُه
فوق خديه سفوحاً وانسجاماً
وبما يسفح من عبرته
بلَّ كميّه وما بلَّ أواما
ففؤادي والجوى في صبوتي
لا يملاّن جدالاً وخصاما
ليت من قد حرموا طيب الكرى
أذنوا يوماً لعيني أنْ تناما
مَنَعونا أن نراهم يقظة
ما عليهم لو رأيناهم مناما
قَسَماً بالحبّ واللوم وإنْ
كنت لا أسمع في الحبّ ملاما
والعيون البابليّات التي
ما أحلّت من دمي إلاّ حراما
وفؤاد كلما قلت استفق
يا فؤادي مرَّة ً زاد هياما
إنَّ لي فيكم ومنكم لوعة ً
أنْحَلَتْ بل أوْهَنَت مني العظاما
وعليكم عبرتي مهراقة
كلّما ناوحت في الأيك حماما
ومتى يذكركم لي ذاكر
قعد القلب لذكراكم وقاما
يا خليليّ ومن لي أنْ أرى
بعد ذاك الصدع للشمل التئاما
أحسب العام لديكم ساعة ً
وأرى بعدكم الساعة عاما
لم يدم عيشٌ لنا في ظلكم
وإذا ما أشرق النادي به
حيث سالمنا على القرب النوى
وأخذنا العهد منها والذماما
ورضعنا من أفاويق الطلا
وكرهنا بعد حولين الفطاما
أترى أنّ الهوى ذاك الهوى
والندامى بعدنا تلك الندامى
كلّما هبّت صبا قلت لها
بلغيهم يا صبا نجد السلاما
وبنفسي ظالم لا يتقي
حوبة المضنى ولا يخشى أثاما
ما قضى حقاً لمفتون به
ربما يقضي وما يقضي مراما
لو ترشَّفتُ لماه لم أجد
في الحشا ناراً ولو هبّت ضراما
ولأطفأت لظى نار الجوى
ولعفت الماء عذباً والمدما
شدّ ما مرّ جفاً مستعذب
من عذابي فيه ما كان غراما
لا سقيتن الحيا من إبلٍ
تقطع البيد بطاحاً وأكاما
قذفتها بالنوى أيدي السرى
في مواميها عراقاً وشآما
ورمتها أسهم البين فمن
مُهَجٍ تُرمى وعيسٍ تترامى
قد بلونا الناس في أحوالها
وعرفناهم كراماً ولئاما
وشربناهم نميراً سائغاً
وزعافاً وأكلناهم طعاما
فمحال أنْ ترى عينٌ رأت(23/68)
كحسام الدين للدين حساما
إنْ تجرِّده على الدهر يد
فَلَقتْ من خطبه هاماً فهاما
من سيوف أودعه الله به
لم يكن يقبل في الناس انقاسما
نظرت عيناي منه أروعاً
طيب العنصر والقرم الهماما
من كرامٍ سادة ٍ لم يُخلَقوا
بين أشراف الورى إلاّ كراما
رقّ حتى خِلْتَه من رقّة
أرج الشّيح وأنفاس الخزامى
أم كما هبّت صبا في روضة
تنبت الرند صباحاً والثماما
ثابت الفكرة في آرائه
يظهر الصبح كما يخفي الظلاما
وإذا ما قوّم المعوجّ في
رأيه العالي من الأمر استقاما
ثابت في موقف من موطن
يجمع الأعداء والموت الزؤاما
يوم تعرى البيض من أغمادها
وبه يكسي الفريقين القتاما
في نهار مثل مسوّد الدجى
تلبس الشمس من النقع لثاما
لم يضمه من زمان طارق
عزّ جاراً وجواراً أنْ يضاما
قد وجدنا عهده في وده العروة
الوثقى فقلنا لا انفصاما
شمل الناس فأغنى برُّه
وكذا البحر إذا البحر تطامى
بأبي أنت وأمي ماجد
في سماوات المعالي يتسامى
شيّد الفضل وأعلى قدره
بعد أن أصبح أطلالاً رماما
وكفت يمناه بالويل ندى ً
فكفتنا الغيث سقياً والغماما
حاكم بالعدل علويّ الثنا
عن عليٍّ قام بالحكم مقاما
إنما البصرة في أيامه
أعجبت من سار عنها أو أقاما
أفصحت عن أخرسٍ فيك له
من قريض النثر نثراً ونظاما
عربيات القوافي غررٌ
نصبت في قلة المجد خياما
شاعر يهوى معاليك وفي
كل واد من مديح فيك هاما
يا حسام الدين يا هذا الذي
أشكر اليوم أياديه الجساما
فتفضل وتقبّل كل ما
جمعت فيك من الحق كلاما
وثناء طيّباً طاب بكم
ينعش الروح افتتاحاً وختاما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بشرى لنا في ولدٍ بوجهه
بشرى لنا في ولدٍ بوجهه
رقم القصيدة : 22325
-----------------------------------
بشرى لنا في ولدٍ بوجهه
أبدى مبادي كرم الأخلاق
ولا عجيب لذكي مُنجَبٍ
من أطيب الآصال والأعراق
أبوه من فاق الورى بعلمه
وفاق بالفضل على الآفاق
بلحر يفيض جوهراً ونائلاً
وباسط الكفين للإنفاق(23/69)
لدى الأنام جوده وفضله
أضحى على الأفهام والأعناق
تلك أياديه التي يبذلها
كانت على الأعناق كالأطواق
بشارة إذ جاء قد أرختها
فجاءت البشرى بعيد الباقي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سُرَيْنا لنمحو الإثم أو نغنم الأجرا
سُرَيْنا لنمحو الإثم أو نغنم الأجرا
رقم القصيدة : 22326
-----------------------------------
سُرَيْنا لنمحو الإثم أو نغنم الأجرا
لزورة من تمحو زيارته الوِزْرا
وسارت وقد أرخى علينا الدجى سترا
بنا من بنات الماء للكوفة الغرا
سبوحٌ سرت ليلاً فسبحان من أسرى
تخيّرتها السفائن مركبا
وأعْددْتُها للسير شرقاً ومغربا
فكانت كمثل الطير إنْ رمت مطلبا
تمد جناحاً من قوادمه الصبا
تروم بأكناف الغري لها وكرا
وكانت تحلّى قبل هذا تجمّلا
وقد غذيت فيما أمرّ وما حلا
أظن على فقد الشهيد بكربلا
كساها الأسى ثوب الحداد ومن حلى
تجمّلها بالصبر لاعجها أرعى
إلى موقف سرنا بغير توقف
يزيد بكائي عنده وتلهُّفي
ولما تجارينا بفلك ومدنف
جرت وجرى كلُّ إلى خير موقف
يقول لعينيه قفا نبك من ذكرى
ترامت بنا فلك فيا نعم مرتمى
إلى دُرّة الفخر التي لن تقوّما
فخضنا إليه والبحر قد طمى
وكم غمرة خضنا إليه وإنما
يخوض عباب البحر من يطلب الدرا
إلى مرقد يعلو السماكين منزلا
وقد نال ما نال الصراح من اعلى
نسير ولا نلوي عن السير معدلا
نؤم ضريحاً ما الضراح وإنْ علا
بأرفع منه لا وساكنه قدرا
فزوج ابنة المختار كان غضنفرا
علا وارتضته الطهر من سائر الورى
أتعرف من هذا الذي طال مفخرا
هو المرتضى سيف القضا أسدُ الشرى
عليّ الذرى بل زوج فاطمة الزهرا
عيون الورى إنْ لاحظت منه كنهه
ترد عن التشبيه حسرى فينتهوا
وإنّ مقاماً لا ترى العين شبهه
مقام عليٍّ كرم الله وجهه
مقام عليّ ردّ عين العلى حسرى
لقد صير الغبراء خضراء قبره
وأشرق فيها في الحيقة بدره
وقد وافق الإعجاز لله دره
أثيرٌ مع الأفلاك خالف دوره
فمن فوقه الغبرا ومن تحته الخضرا(23/70)
أحاط بنا علماً فليت سليقة
تفيد علوماً عن عُلاه دقيقة
مجازاً وقد جرنا إليه طريقة
أحطنا به وهو المحيط حقيقة
بنا فتعالى أن نحيط به خُبرا
فطف في مقام حلّ فيه ولبّهِ
ترى العالم الأعلى حفيفاً بتربه
فكالمسجد الأقصى وأي تشبه
تطوف منا الأملاك طائفة به
فتسجد في محراب جامعه شكرا
فأثنى عليه من علا مثل دنا
وكلُّ بما أثنى أجاد وأحسنا
فخرب من الدانين إذ ذاك أعلنا
وحزب من العالين يهتف بالثنا
عليه بوجيٍ كدتُ أسمعه جهرا
حججنا إلى بيت علا بجنابه
عشية آوينا إلى باب غابه
ومن قد سمت أركان كعبتنا به
جدير بأن يأوي الحجيج لبابه
ويلمس من أركان كعبته الجدرا
فيوض علوم الله من قدم حوى
فقسّم منها ما أفاد وما احتوى
ومن قبل ما يثوي ومن بعد ما ثوى
حريٌّ بتقسيم الفيوض وما سوى
أبي الحسنين الأحسنين به أحرى
ظللنا وكم جان لديه ومذنب
وذي حاجة منا وصاحب مطلب
يقبّل والأجفان تهمي بصيّب
ثرى ً منه في الدنيا الثراء لمترب
وللمذنب الجاني الشفاعة في الأخرى
خدمنا أمير المؤمنين بموطن
نعفّر فيه الوجه قَصْدَ تيمُّنِ
ويخدم قبر المرتضى كلُّ مؤمن
بأهداب أجفانٍ وأحداقِ أعين
وحرّ وجوه عفّرتها يد الغبرا
أزلنا غباراً كان في قبر حيدر
فلاح كغمد المشرفيِّ المشهرّ
ولا غرو في ذاك المكان المطهرّ
أمطنا القذى عن جفن سيف مذكر
أجلّ سيوف الله أشهرها ذكرا
تبدى سنا أنواره وتبيَّنا
غداة جلونا قبره فتزيَّنا
فحيّر أفهاماً وأبهر أعينا
فوالله ما ندري وقد سطع السنا
جلينا قراباً أمْ جلونا له قبرا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هو البرق ممّا راعها وشجاها
هو البرق ممّا راعها وشجاها
رقم القصيدة : 22327
-----------------------------------
هو البرق ممّا راعها وشجاها
فهيج منها داءَها وأساها
ومما جوى ً تطوي عليه ضلوعها
بكت بدمٍ قان فطال بكاها
حكت بلسان الحال حتى وددتني
أقبّل من تلك المطيّة فاها
جوى ً مثل ما بى أو يزيد بزعمها
وهيهات مني مجدها وعناها(23/71)
فقلت لها لا فاتك الورد صافياً
ولا حبست عنك السماء حياها
وروّضت من أكناف نجد رياضها
وحقّ لنفس الحرّ عنك رضاها
سقاها من النجب الكرائم ناقة ً
وأكرم منها أمَّها وأباها
تعاف النمير العذب يمزج بالقذى
وتختار في ريّ الهوان صداها
تجافت عن الدار التي تنبت الأذى
وها قد نأت عن مثلها لسواها
لقد سرَّها أن لا تساء فأرقلت
إلى حيث مثوى الأكرمين حماها
فجاوزت البيداء غير مروعة
كأن المنايا قصدها ومناها
تباعد ما بين الخطا فكأنَّما
تبوعُ الفلا أخفاقها بخطاها
تهيم بأعلام المحصّب من منى ً
وآفة نفس المستهام هواها
عليها من الفتيان من لا تروعه
مكابدة الأهوال حين يراها
رماه إباء الضيم في كل مهمة
يروع العفونى أن يجسَّ ثراها
من الصيد لا يستصعب الحتف إنْ دنا
ولا بات يشكو للخطوب أذاها
ويأنف أنْ يلقي القياد لنكبة
يرى فرج الله القريب وراها
إذا همَّ لا تنبو مضارب عزمه
ولا فل أحداث الزمان شباها
تَصَفَّحَ يرتاد المنازل في اللوى
ويطلب فيها مرتعاً ومياها
ولم ينأ عن دار القلى باختياره
ولكن جفتهُ أهلها فجفاها
قليل ائتلاف الجفن من سنة الكرى
فلو راودته مرَّة ً لعصاها
ولا بكثير الالتفات إلى التي
نأى ماضياً عنها فعزَّ عزاها
لقد شام برقاً بالحمى غير ممطر
فأعرض عن أنوائها بنواها
وحثحثها والليل يبدي ظلامه
إلى عين هادي من يضلّ عماها
وسار بها إذ ذاك في كل مهمه
وليس إلى غير العلاء سراها
وماراح إلاّ وهو فيها سميرها
شكته تباريح الجوى وشكاها
يذكّرها بالرقمتين منازلاً
مراتعها أعلامها ورباها
رعت من خزاماها وفازت بمائها
سقاها شآبيب الحيا ورعاها
هلُمّي بنا يا ناق نذكر ما مضى
ونبكي شؤوناً لا يفيد بكاها
وأيامنا في الربع والربع آهل
فواهاً لتلك الماضيات وآها
مضى وانقضى عهد الأحبة في النقا
وقد نفرت أسرابها ومهاها
فكيف إذَنْ يا ناق ترجع جيرة
يقر لعيني أنْ يلوح سناها
بعيشك هل تدرين من أنا طالبُ
ولم تدر في ماذا يكون حداها(23/72)
أرومُ ربوعاً يهتدي لبيوتها
بنور محيّاها ونار قراها
وما افتقرت في الناس من أحدٍ يدٌ
إذا كان من عبد الغني غناها
له الخير مجبول على الخير كله
وخير الورى من لم يزل لرجاها
فلم يبق من اكرومة ما أجادها
ومنقبة ٍ ما حازها وحواها
مباني الكرام الأولين تهدَّمت
فأعلى مبانيها وشاد بناها
عزيز عزيز النفس إن ضيمَ جاره
فداها إذَنْ في نفسه ووقاها
له الفتكات البكرُ تشهدُ أنَّه
عصاميُّها المعروف وابنُ جلاها
تقلّد عزماً مثل إفرندِ عضبه
إذا اعترضته النائبات براها
هو الغيث يوم الجود والليث في الوغى
فغيث نداها كفَّ ليث وغاها
إذا كان مجد كان منه عماده
وإن كان حربٌ كان قطب رحاها
متى شاء أوراها وأثقب زندها
وشبَّت بفرسان الرجال لظاها
أحلي بذكراه القوافي أصوغها
ألاَ إنّما ذكر الكرام حُلاها
تأرج في النادي بذكر جميله
وإن كان ندي النسيم شذاها
وإنّي لأهديها إلى خير ماجد
نعم إنَّه مصباحها وهداها
إلى الغابة القصوى وأية غاية
علا مستطيلاً شأوها وذراها
سما غير ممنوع إلى كلِّ سؤدد
فلو رام أنْ يرقى السماء رقاها
إلى أين تبغي بالأبوّة والعلى
بنفس جميع الناس دون علاها
تعاليت حتى انحط من دونك الورى
فكنت ثرياها وشمس ضحاها
فداؤك عبدٌ أنتَ مكالكُ رقِّهِ
بأيدي كريم يستفاض نداها
فشكراً لما أولت من نعمة بها
توليتُ مالاً من نداك وجاها
وجدتُ على دنياً أضاعت عوارفي
وما انتاش أبناء الزمان لقاها
ووجدي على هذا الزمان سفاهة ً
وعتبي على القوم اللئام سفاها
ولو كانت الأيام تعقل ما أتت
إذن لنهاها عقلها ونهاها
لها الحظّ من مثلي وجودي بمثلها
وحظّي منها هجرها وقلاها
إليك أبا محمود أشكو حوادثاً
كثيراً على الحرِّ الكريم أذاها
أمنّي بها النفس الأمانيَّ ضلّة ً
وتمنعني من عودها وجناها
وتلسعني فيها أفاع قوارعٌ
وما عرف الراقون كيف رقاها
أرى هذه الدنيا لمن ذلّ أصحتْ
ذلولاً ولو كان الأبيّ أباها
تسنّمها من كان من دون خفّها
وكنا نراه تحتها فعلاها(23/73)
وما بحت بالشكوى وفيَّ بقية
من الصَّبر إلاّ وانتهت وتناهى
وعلمك بي يخبرك عنّي فما الذي
أقول بأحوالي وأنْتَ تراها
وما هيَ إلاّ مهجة شفها الصدى
إذا هي تستسقي نداك سقاها
وإلاّ تلافاني بلطفك لم تكد
بوادر حظي أن تروح تجاها
جزتك جوازي الخير من متفضِّلٍ
دعته الأماني فاستجاب دعاها
فأنت بعصر لا خلت منك أهله
خليق السجايا بالجميل خلاها
نَشَرْتَ به صُحْفَ المكارم والندى
ومن بعد ما قد لفّها وطواها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّها القبر لا بَرِحْتَ مَصُوباً
أيُّها القبر لا بَرِحْتَ مَصُوباً
رقم القصيدة : 22328
-----------------------------------
أيُّها القبر لا بَرِحْتَ مَصُوباً
من غزير الحيا بصيّب مزن
دفنوا في ثراك أكرم ميتٍ
خال ما بينه المنون وبيني
من أب كان بي رؤوفاً رحيماً
جزي الخيرَ والمثوبة عني
سوف أبكيه ما حييت وإن كا
ن بكائي عليه ليس بمغن
نال من ربَّه مقامأً كريماً
يتمنّى مكانه المتمنّي
قلت لما مضى وأرخته قد
نِلتَ عبد الوهاب جنّاتِ عدن
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا إماماٍ في الدين والمذْهب الحـ
يا إماماٍ في الدين والمذْهب الحـ
رقم القصيدة : 22329
-----------------------------------
يا إماماٍ في الدين والمذْهب الحـ
ـق على علمك الأنام عيالُ
رضي الله عنك أوْضَحتَ للنا
س منار الهدى فباد الضلال
قد ملأت الدنيا بعلمك حتى
نلت بالعلم غاية ً لا تنال
كلّما قالت الأئمَّة قولاً
فإلى ماتقول أنتَ المآل
إنّما أنت قدوة الكلّ بالكلّ
وعنك التفصيل والإجمال
رحمة الله لم تزل تتوالى
ما توالى الغدوُّ والآصال
شملت حضرة ً مقدسة فيك
وقبراً عليك منك جلال
فبأبوابها تناخُ المطايا
وبأفنانها تُحَطّ الرِّحال
فاز من زارها ومنحلّ فيها
وعليه الخضوع والإذلال
يا مفيضاً من روحه نفخات
منك يستوهب الكمال كمال
سار بالشوق قاصداً من فروقٍ
وإليك المسير والانتقال
زورة تمحق الذنوب وفيها(23/74)
للمنيبين منحة نوال
عن خلوص وعن ثبات اعتقاد
أوقفته ببابك الآمال
ودعاه إليك وهو بعيد
سفر عن بلاده وارتحال
لم تُعقْه فدافد وحزون
وقفار مهولة وجبال
فطوى في مسيرة الأرض طيّاً
حين وافى ومااعتراه ملال
إنْ يصادفْ منك القبول فقد
فاز وثمَّ الإسعاد والإقبال
لم يخبْ آملٌ بما يرتجيه
وله فيك عزَّة ٌ واتصال
أنت قطب في عالم العلم منه
تستمدّ الأقطاب والأبدال
بك في العالمين يرحمنا اللَّ
ـه وعنا تخفَّفُ الأثقال
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّ جمع هذا وأيُّ اتّفاق
أيُّ جمع هذا وأيُّ اتّفاق
رقم القصيدة : 22330
-----------------------------------
أيُّ جمع هذا وأيُّ اتّفاق
وصحاب أماجدِ ورفاقِ
خالفوا داعي الشقاق وشقّوا
بالتئام منهم عصيَّ الشقاق
كل فرد منهم من الفضل كنز
ليس يخشى الإملاق في الإنفاق
أيّ ناد نادي الأجلّ شها
ب الدين بحر العلوم مفتي العراق
لو أفيضت علومه في البرايا
شمل العالمين بالأغراق
محرقٌ حجة الغياد ولا بدعَ
فإنَّ الشهاب للإحراق
كاشف الغمِّ إنْ توالت غموم
فارج الهمِّ عند ضيق الخناق
فإلى فضله تهادى المطايا
وإلى ربعه حنين النياق
فهو إذا ذاك ملجأ الناس طراً
وأجلّ الورى على الإطلاق
فتأمل فيما حوى اليوم ناديـ
ـه ففيه مكارم الأخلاق
جمعوا بين شدة البأس في
الجدّ وفي الهزل رقة العشاق
إنّما الساعة التي جمعتهم
جمعت لي محاسن الآفاق
فغدت مثل روضة باكرتها
غاديات بالوابل المهراق
فكأنَّ الحديث فيه مدام
حملتها إليَّ كفُّ الساقي
مجلس ما انطوى على غير أنسٍ
وخلا من تحاسد ونفاق
يا له مجلس بأحمد قد أشر
في الحسن غاية الإشراق
دَبَّ فيه السرور من كلِّ وجه
بأديب الزمان عبد الباقي
وتعالى إلى المعالي عليُّ
بالعوالي وبالسيوف الرقاق
وعلا قدره بقدر عليٍّ
وتسامى فكان في الفخر راقي
قلّد الناس أيدياً من نداه
فهي مثل الأطواق في الأعناق
كم شكرنا غداة يقتسم الوفد
نداه مقسّم الأزرق
أسْعد الله السعيد لديهم(23/75)
كل عذب الكلام حلو المذاق
فأراعوا هذا الزمان بجمع
لا أريعوا من بعدها بالفراق
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ
جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ
رقم القصيدة : 22331
-----------------------------------
جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ
واسقنيها في لجين الكأس عسجد
وخذ اليوم بها لذّتنا
وأعدِها يا نديمي لي في غد
لو رآه تائبٌ من ذنبه
كلُّ فرد منهم بالفضل مفرد
نظمت شملهم كأسُ الطلا
فهو كالعقد وكالدر المنضد
برز الروض بأبهى هيبة
فتهيا للسرور اليوم واعتد
ولقد جرّد من عمد الدجى
صارم الفجر عياناً فتجدد
وبقايا غلس أبصرتها
ما تبقّى من دخان العود والغد
نبّه الورقاء حتى نبّهت
للحيَّما أعيناً للشرب هجد
أطربتنا الورق في ألحانها
يا فدتها في الغواني أمُّ معبد
في رياض نضرات أنبتت
ورق الياقوت من قضب الزبرجد
ولكم عدنا إلى أمثالها
بعد حين فوجدنا العود أحمد
وشهدنا مشهد الأنس بها
وقعدنا للهوى كل مقعد
وقضينا عجباً من روضة
شرب الغصن فما للطير عربد
ومدير الكاس في أرجائها
قمر يبدو وغصن يتأود
إنَّ أشهى الراح ما تأخذه
من يدي ساق الخدّ أمرد
خلت ما في يده في خدّه
فسواءٌ بين ما في اليد والخد
بابليّ الطرف حلويّ اللمى
ليّن الجانب قاسي القلب جلمد
ألعسٌ مذ بردت ريقته
أورثتنا نار شوق تتوقد
فشربنا خدّه من يده
واقتطفنا منه غصن الآس والورد
واتخذناه وإن يأبَ التقى
صنماً لكنه للحسن يعبد
يبعث الوجد إلى كلّ حشا
لخليٍّ من هواه حيث لا وجد
قد تبدّى وهو مثل البدر لا رتد
جحدت أعينه سفك دمي
وعليه حدُّه في الوجه يشهد
لست أدري أيّما أمضى شباً
في فؤادي ذلك الطرف أم القد
إنَّ هاروت وماروت لقد
أخذا عنه حديث السحر مسند
ليّن الأعطاف حتّى إنّه
كاد من شدة ذاك اللين يعقد
يا له من مطرب يعجبني
غزلي فيه ومدحي لمحمد
ذي يدٍ طولى فشكراً ليد
من عريق في المعالي الغر ذي يد
ضمَّ برداه تقيّاً ماجداً
وجد التقوى مزاداً فتزود(23/76)
قد نظرنا جِدَّه أو جَدَّه
فنظرنا بالعلى ما يصنع الجد
يقتفي آثار آباءٍ له
أثر المجد اقتفى عنهم وقلّد
وعلى ما عوَّدت آباؤه
عوَّدته من قديم فتعوَّد
ولكم حلَّ بهم من مشكل
وهم إذا ذاك أهل الحل والعقد
رفعت آثاره أعلامهم
فبنى بي معاليهم وشيّد
ماجدٌ يعلو على أقرانه
وقد احتلّ رعان العز والمجد
ليس يخفى فهمه أو علمه
قصدتْ وفّاده إحسانه
قلَّ من يرجى لإحسان ويقصد
غير بدع إن تحرَّينا له
مكرمات من كريم الأب والجد
علماءٌ عملوا في عِلْمهم
مهَّدوا الدين من المهد إلى اللحد
لاح للعالم مثل العلم الفرد
فإذا أفسد حالاً زمنٌ
أصلحت ما أقصد الدهر وأفسد
وأمدَّتني يداه بالندى
وكذاك البحر يوم الجزر والمد
إذ حللنا نادياً حلّ به
لم نحل إلا بغاب الأسَد الورد
وإلى ناديه في يوم الندى
أدبٌ يجبى ومال يتبدد
عارض من فضله ممطرنا
لا كما العارض إنْ أبرقَ أرعد
لا أزال الله عن أبصارنا
طالعاً منه يزيل النحس بالسعد
فلك الأيدي على طول المدى
أبداً بيضٌ بجنح الخطب أسود
فتولَّ من ثنائي مدحة ً
أيُّها المولى فقد لاذ بك العبد
قد مضى صياماً وتقى ً
فابقَ واسلم دائم العزّ مخلد
وکهنا بالعيد فقد عاد بما
تشهيه أنت من عزٍّ وسؤدد
لستُ أدري أؤهَنيكَ به
أمْ أُهني بك في إكرامك الوفد
وجزاك الله عني خير ما
جُوزيَ المنعِمُ بالشكران والحمد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> في رحمة الله مضى وانقضى
في رحمة الله مضى وانقضى
رقم القصيدة : 22332
-----------------------------------
في رحمة الله مضى وانقضى
قَرْمٌ له بين الورى شانُ
قد كان طود المجد حتّى هوت
له برغم المجد أركان
مات شهيداً فإلى روحه
من ربه عفوٌ وغفران
وكم مضت قومٌ لهم صَولة ٌ
حتى كأنَّ القومَ ما كانوا
مات ابن غنّام فأرخته
في الخلد قد راح سليمان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أعد اللَّهو فإنَّ اللّهوَ أحْمَدْ
أعد اللَّهو فإنَّ اللّهوَ أحْمَدْ
رقم القصيدة : 22333(23/77)
-----------------------------------
أعد اللَّهو فإنَّ اللّهوَ أحْمَدْ
وأدِرْها في لُجَين الكأس عَسْجَد
واسقنيها قهوة عاديّة ً
أخبرت عمّا مضى في ذلك العهد
لو رأى كسرى سنا أنوارها
ظنّها النار التي في الفرس تعبد
لبست من حبب المزج لها
تاج إسكندر ذي القرنين والسد
فاسقني اليوم أفاويق الطلا
وأعدها يا نديمي لي في غد
قَدُمت لكننا في شربها
كل يوم سرور يتجدد
في رياض لعبت فيها الصبا
وأذاعت سرّ نشر الشيح والرند
أخذت زخرفها من بعد ما
حاكت المزن لها أثواب خرّد
نثر الطلّ عليها لؤلؤاً
أدمُعاً سالت من العين على الخد
فانثنت أغصانها مائسة ً
طرب النشوان راحت تتأوّد
فعلام الطير في الأفنان عربد
زمن الورد وما يُعجبنُي
زمنٌ لِلَّهو إلاّ زمنُ الورد
تنقضي أيامه محمودة ً
في أمان الله من حرٍّ ومن برد
فاغتنمها فرصة ما أمكنت
قبل أن تذهب يا صاح وتفقد
بين شاد تطرب النفس به
يتغنى ومليح يتأوّد
ما ألذّ الراح يسقاها امرؤ
من يديْ ساقٍ نقيّ الخد أمرد
بخجلُ الأقمار حسناً وجهه
وغصون البان ليناً ذلك القد
فالعوالي والغوالي إنّما انتسـ
ـبَتْ منه انتساب القدّ والند
أرأيت السّحر فيما زعموا
إنَّه راح إلى عينيه يسند
أنزلت للحسن آيات به
آمن العاشق فيهن وما ارتد
ما رمى قلبي إلاّ عامداً
قاتلٌ لي ولقتلي يتعمّد
يأخذ الأرواحَ من أربابها
لعباً منه فما قولك إن جد
سمح المهجة لا ممتنع
عن محبٍ خضل الطرف مسهَّد
لا يشوب الوصل بالصدّ ويا
ربَّ إلفٍ لا يشوب الوصل بالصد
بأبي الأغيد لا بمزجها
من لماء بسوى العذب المبرد
وبأحشائي من الوجد إلى
بارد الريقة نار تتوقد
حبذا العيش بمن قد تصطفي
لا النوى بادٍ ولا الشمل مبدّد
تحت ظِلَّي مالِكَي رقّي وما
غير محمود ولا غير محمد
النجيبين اللَّذين انتدبا
بجميل الصنع والذكر المخلد
والمجيدين وكلَّ منهما
طيب العنصر زاكي الأصل والجد
والكريمين وما صوبُ الحيا
إن يكنْ أبرقَ بالجود وأرعد
والرفيقين كأنّي بهما(23/78)
بلغا الغاية من مجد وسؤدد
إنْ أفاخر بهما غيرهما
فلقد أفخرُ بالحرِّ على الوغد
خلقاً للفضل وارتاحا له
لا كمن عُوِّد قسْراً فتعوّد
إنّ هذين هما ما برحا
للمعالي بمحل الكف والزند
فتأمّلْ بهما أيّهما الذا
بل الخطيُّ والسيف المنهد
إنْ يكونا قلّداني نعمة ً
أنا فيها فنعمّا أتقلّد
وصلا حبلي وشادا مفخري
ولمثلي فيهما الفخر المشيّد
هكذا فلتكُ أبناء العلى
تقتفي الأبناءُ إثر الأب والجد
إنّما الشبل من الليث وما
يلدُ الأصيدُ يوماً غير أصيد
من أبٍ يفتخر المجد به
إنْ رمى أصمى وإن ساعد أسعد
هو بحرٌ ما له من ساحل
وحسامٌ لم نقف منه على حد
وهزبر باسل برثنه الأسمرُ
العسّال والعَضْبُ المجرّد
هو مولاَي إذا استعطفْتُه
عطف المولى من البر على العبد
مالكٌ حكّمني في ماله
فلي الأخذ خياراً ولي الرد
وحباني نعماً أشكرها
فله الشكر عليها وله الحمد
لا أبالي إنْ لي جنَّة ً
بزمان كان لي الخصم الألندد
طاول الأيدي فطالت يده
ما على أيدي للعالم من يد
حفظَ الحافظُ نجليه ولا
برحا في أطيب العيش وأرغد
لم يلد مثل أبيهم والدٌ
لم يلد قبل ولا من بعد يولد
نصروا المجد وكانوا حزبه
فهم الأنصار والحزب المؤيّد
فلقد طابوا وطابت خيمهم
طيّبو الأعراق من قبل ومن بعد
نبتوا فيها نباتاً حسناً
وغذاهم بلبان العز والمجد
وإذا امعنتَ فيهم نظراً
لم تجد إلاّ شهاباً ثاقب الزند
كلّما زاد وقاراً زدته
مِدَحاً تُتلى مدى الدهر وتنشد
وعذارٍ مذ بدا أرخته
لاح كالمسك عذار لمحمد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أرى في لفظِ هذا الشَّهم معنى ً
أرى في لفظِ هذا الشَّهم معنى ً
رقم القصيدة : 22334
-----------------------------------
أرى في لفظِ هذا الشَّهم معنى ً
ينبّىء عَن مدى عِلْمٍ عظيم
ومهما زدته نظراً بفكري
رأيت نهاه قسطاس العلوم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّ نار بها الجوانحُ تصلى
أيُّ نار بها الجوانحُ تصلى
رقم القصيدة : 22335(23/79)
-----------------------------------
أيُّ نار بها الجوانحُ تصلى
وجفونٍ تصوب بالدَّمع وبلا
كلّما لاح بارق هاج وجد
وجرى مدمعٌ له واستهلاّ
مغرم لا يعي الملامة في الحـ
بّ ولا يرعوي فيقبل عذلا
ما يف يد المشوق يا سعدُ أمسى
مُكثِراً من بكائه أو مقلاً
صرعته العيون نجلاً وهل تصـ
ـرع إلاّ عيونها الغيد نجلا
وسقته كأس الغرام وما كا
ن ليشفي الغرام علاً ونهلا
ما يعاني من الصبابة صَبُّ
كان قبل الهوى عزيزاً فذلاّ
قد أذلّ الغرامُ كلَّ عزيز
والهوى يترك الأعزَّ الأذلا
وبنفسي مهفهف العطف أحوى
حرّم الله من دمي ما استحلا
قل لأحبابنا وهل يجمع الدهـ
ـر على بعدهم من الدار شملا
ما تسلّيت في سواكم ومن لي
بفؤاد في غيركم يتسلّى
فرّق الدهر بيننا بالتنائي
وقضى بالنوى وما كان عدلا
عَلِّلونا منكم ولو بخيالٍ
يهتدي طيفه فيطرق ليلاّ
فعسى المهجة التي أظمَأتْها
زفرة ُ الوجد بعدكم أن تُبَلا
إنّ وُرْقاً ناحت على الغصن شجواً
أنا منها بذلك النّوح أولى
وشجتنا بنوحها حين ناحت
فكأنّ الوَرقاء إذ ذاك ثكلى
ذكّرتني وربما هيَّجَ الذِكرُ
زماناً مضى وعصراً تولّى
وهو مربع لظلمياءَ أقوى
تسحب المزن في مغانيه ذيلا
فسقى ملعبَ الغزال وميضٌ
من هطول يسقي رذاذاً وهطلا
أفأشفي الجوى بآرام رَبْعٍ
صحَّ فيه نسيمه واعتلاّ
رُبَّ طيف من آل ميٍ طروق
زار همأ فقلت أهلاً وسهلا
نوَّلتني الأحلامُ منه الأماني
وانقضى عهده وما نلت نيلا
إذ تصدى لمغرم مات صدّاً
وتولى حرّ الغرام وولّى
زائراً كالسراب لاح لصادٍ
قبل أن يذهب الظماء اضمحلا
والليالي تريك كل عجيب
وتزيد الخطوب بالشهم عقلا
وإذا ما محت أعاجيب شكل
أثْبَتَت من عجائب الدهر شكلا
قد أكلت الزمان حلواً ومرّاً
وشربت الأيام خمراً وخلاّ
وأبَتْ لي أبوَّتي أنْ أداري
معشراً عن مدارك الفضل غفلا
لا أداري ولا أماري ولا أشـ
ـهدُ زوراً ولا أبدّلُ نقلا
قد كفاني ربي استماحة قوم
أشربوا في الصدور غِلاً وبخلا(23/80)
بأبي القاسم الذي في النا
س نجاراً وطابَ فرعاً وأصلا
وإذا عدَّدتْ بنيها المعالي
كان أعلى بني المعالي محلاّ
فخر آل الزهير والجبل الباذخ
أضحى على الجبال مُطلا
ظلَّ من يستظّل منه بظلٍّ
لا عدمناه في الأماجد ظِلاً
أيّ ناد ولم يكن لك فيه
يجتدي سائل ويبلغ سؤلا
بأبي وافر العطايا إذا ما
أكثرَ النَّيل بالعطاء استقلا
وعيال ذوو العقول عليه
في أمور تدقّ فهماً وعقلا
عصمة للأفكار من خطأ الرأ
ي وهادٍ للفكر من أن يضلاّ
نوَّر الله منك قلباً ذكيّاً
ظلم الشكّ فيه لا شك تجلى
غادر المح لفي أياديه خصباً
في زمان يغادر الخصب محلا
كم أيادٍ تلك الأيادي أفاضت
وأسالت من وابل الجود سيلا
سابق من يجيء بالفضل بعداً
لاحقٌ بالجميل من كان قبلا
شهد الله والأنام جميعاً
أنَّه الصارم الذي لن يُفلاّ
إنْ تُجرِّده كاشفاً لِمُلِمٍّ
فكما جردت يمينك نصلا
وعلى ما يلوح لي منه مرآى ً
قَرَأ المجدُ سَطْرَه واستملاّ
يا حُساماً هززته مشرفياً
صَقَلَتْه قَيْنَ المروءة صقلا
من جليلٍ أعزّك الله في العا
لم قدراً سما فعزّ وجلاّ
أيّ ناد ولم يكن فيه
آية ٌ من جميل ذكرك تتلى
قد حكيت الشمّ الرواسي وقاراً
وثباتاً في الحادثات ونبلا
لبس الشعر من مديحك حِلْياً
ولا أراه بغيره يتحلّى
وبنات الأفكار لم ترض إلاّ
كفؤها من أكارم الناس بعلا
أيّها المنعم المؤمَّل للفضل
حباك الإلsه ما دمت فضلا
ألبستني نعمالك من قبل هذا
من مفاخر ليس تبلى
كل يوم تراك عيناي عيدٌ
عند مثلي ولا أرى لك مثلا
فإذا قلتُ في ثنائك قولاً
قيل لي أنت أصدق الناس قولا
فبما نعمة ٍ عليَّ وفضلٍ
أثقَلَتني أيديك بالشكر حملا
لا يزال العيد الذي أنت فيه
عائداً بالسرور حَوْلاً فَحَولا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أعلمتَ أيَّ معالمٍ ومعاهدِ
أعلمتَ أيَّ معالمٍ ومعاهدِ
رقم القصيدة : 22336
-----------------------------------
أعلمتَ أيَّ معالمٍ ومعاهدِ
تذري عليها الدَّمع عبرة واجد(23/81)
وقَفَ المشوق بها فشقَّ فؤاده
وأهاج ناراً ما لها من خامد
ولذلك الرّكب المناخ بها جوى ً
لا يستقر بها فؤاد الفاقد
من ناشد لي في المنازل مهجة
لو كان يجديها نشيد الناشد
وتردُّدُ الزفرات بين جوانحي
مما يصُوب بمدمعي المتصاعد
أضناني الشوق المبّرح في الحشا
حتَّى خفيت من الضنى عن عابدي
ظعن الألى فتسابقت أظعانهم
تجتاب بين دكادكٍ وفدافد
قل للطعنين من الهوى بقوامهم
ماذا لقيت من القوام المائد
إنّي لأذكرهم على حَرِّ الظما
قد كدتُ أشرقُ بالزلازل البارد
منعوا طروق الطيف في سنة الكرى
هيهات يطرق ساهراً من راقد
بانوا فشيَّعهم فؤادٌ وامقٌ
وَرَجَعْتُ عنهم باصطبار بائد
جاهدت فيهم لوم كلّ مفند
لو أنّ لي في الحبّ أجرَ مجاهد
مه يا عذول فقد أطلت مقصراً
في واجد تلحوه لا متواجد
يا دار حياك الغمام بصيّب
ينهلُّ بين بوارق ورواعد
وسقى زمان اللهو فيك فإنَّه
زمنٌ مضى طرباً وليس بعائد
زمن لهوت به بكل خريدة
لعِبَتْ محاسنها بلبّ العابد
دارت عليَّ الكأس في غسق الدجى
فشربتها ذهباً بماء جامد
وجرَيْت طلقاً في ميادين الهوى
لمصارع من غنية ومصائد
ولقد صحوت من الشباب وسكره
ونظرت للدنيا بعَيْنَيْ زاهد
من راح تغريه مطالع نفسه
فيما يشان به فليس براشد
إنْ كادني الطمع المبيد بكيده
فلينظرنّ مخادعي ومكايدي
وإذا قسا الخطب الملمُّ فلا تلم
حاربْ زمانك ما استطعت وجالد
أعرضتُ عن بغداد إعراض امرىء ٍ
يرتاد ما يرضي مراد الرائد
من بعد ما غال الحمام أحبَّتي
ولوى يدي بالنائبات وساعدي
حتى رأيت الخير يخصب ربعه
بأبي الخصيب ووجه عبد الواحد
بأجّل من أفرادته بفرائدي
وأجلّ من قلَّدته بقلائدي
وجهٌ عليه من الجمال أسرَّة ٌ
تبدو فتنبي عن جميل عوائد
في صبح ذاك الوجه سعد المشتري
وشهاب ذاك الوجه حدس عطارد
ابن المبارك لاسمه وسماته
ومبارك في الناس أكرم والد
سوق الأفاضل للفضائل كلها
في سوقه إنفاق شعر الكاسد
تفني أياديه الحطام تكرُّماً(23/82)
فيفوز يومئذٍ بذكر خالد
تنهلُّ راحته بصيّبِ جُودِه
عذب المراد منهلٌ للوارد
لم تبق راحته وجود يمينه
من طارقٍ للمكرمات وتالد
لا زال في نعمائه وولائه
فرح الودود ورغم أنف الحاسد
لا تنكر الحسّاد من معروفه
شيءاً وليس لفضله من جاحد
وأغرَّ قد خفض الجناح لآمل
بَرٍّ رفعتُ إليه غُرَّ قصائدي
ومن السعادة أن أجيء بسابق
من برّه أسعى إليه وقائد
فأفوز منه بطلعة تجلو الدجى
وتضيء بالحسب الصميم الماجد
ولكم زردت موارداً من سيله
فحمدت فيه مصادري ومواردي
فإذا اعترفت من الكرام بفضله
جاءَت مكارمه بألفي شاهد
شهد الرجال بفضله وبرأيه
بموطن شتّى مضت ومشاهد
يمضي معاديه ويخطو هابطاً
وترى مواليه بفخر صاعد
يا مَن يُغَرّ لجهله في حلمه
إيّاك من وثباتِ ليثٍ لابد
نقد الرجال رفيعهم ووضيعهم
والزيف يظهر عند نقد الناقد
بعدت عن الفحشاء خلائق
بعد الصلاح من الزمان الفاسد
يوم النوال تراه أوَّلِ منعمٍ
ولدى الصلاة تره أولَ ساجد
لو لامست صمَّ الجلامد كفُّه
لتفجَّرَت بالماء صمُّ جلامد
أطلقتُ ألسِنَة الثناءِ عليه في
شعر يقيِّدُ في علاه شواردي
قامت بخدمته السعادة عن رضى ً
كم قائمٍ يسعى بخدمة قاعد
وفدت عليك مع الخلوص قصيدة
ولأنت أوَّل مكرم للوافد
لا غَرْوَ إنْ قَصَدَتْكَ ترغَب بالغِنى
أرأيت غيرك مقصداً للقاصد
فاقبل من الداعي إليك ما قدّمته
لا زلت ترفع بالفخار قواعدي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> من أبي الهدى لاح فينا مظهرْ
من أبي الهدى لاح فينا مظهرْ
رقم القصيدة : 22337
-----------------------------------
من أبي الهدى لاح فينا مظهرْ
فَتَجلّى لنا بنورٍ أزهرْ
هو كالبحر إنْ تَرِدْه تراه
معدن الدرّ بل مقرّ الجوهر
عدم الفضل من تباعد عنه
ذاك في الغيّ قد أبى واستكبر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> زَواجُ ابن ياسين زواجٌ مبارَكٌ
زَواجُ ابن ياسين زواجٌ مبارَكٌ
رقم القصيدة : 22338
-----------------------------------(23/83)
زَواجُ ابن ياسين زواجٌ مبارَكٌ
يقرُّ به عيناً ويهنا ويسعد
بِهِ الخير مجلوب إليه جميعه
وفيه التهاني كلّها تتولد
تسرُّ به من آل ياسين عصبة ٌ
لهم شرف في الأكرمين وسؤدد
من القوم لم يصنع سواهم صنيعهم
بل البر بل سادوا به وتفرّدوا
وقد ورثوها عن أبيهم مكارماً
وها هي في أبنائهم تتجدَّد
ولم يبرحوا أبناء ياسين في الندى
مناهل جود كالمناهل تورد
هما ما هما في المكرمات كلاهما
محمد في النجب الكرام وأحمد
تعدُّ كرامٌ الناس في بلديهما
فعدّا ولم تعقد وراءهما يد
بقيت بقاء النيرين محمد
بناعم خفض العيش لا تتنكد
وفي البشر والأرواح قولي مؤرخَاً
تزوجت فابقى في الهنا يا محمد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا
طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا
رقم القصيدة : 22339
-----------------------------------
طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا
ودُم على نَهبِكَ اللَّذاتِ مَسرورا
بادر إلى أخذ صفو العيش مبتهجاً
فما أوَدُّ لوقت الأنس تأخيرا
فالوقت راق وقد راقت مَسَرَّتُه
واليومَ أصبَحَ طيَّ الزهر منشورا
أما ترى الوُرْقَ بالأوراق صادحة
كأنّها ضربتت بالروح صنطيرا
والبرق مثل انقضاض الصقر وامضه
تخاله من غراب الليل مذعورا
يبدو فتحسبه في جنح داجية ٍ
بكف حام حساماً لاح مشهورا
وربَّ ليلة ِ أنسٍ بتُّ أسهَرَها
مستَّراً بظلام الليل تستبرا
غصبت فيها الهنا من كأس غانية
فطاعني الدهر مغصوباً ومجبوراً
مزجت بالريق صرفاً من معتقة
وبتُّ ملتثماً وجنات ذي حور
وبات يلثم ليث الغيل يعفورا
فالواشي يعذلني والوجد يعذرني
والصَّبُّ غزال معذولاً ومعذورا
وعنبَر الليل ما ولَّت عساكره
حتى رأى من جيوش الصبح كافورا
لله أحوى إذا صالت لواحظه
أمسى بصارمها المشتاق منذورا
إذا تجلّى بأنوار الجبن على
عشّاقه دك من أحشائهم طورا
كأنَّ صورته للعين إذ جُلِيَتْ
من فضة ِ قُدِّرت بالحسن تقديرا
قد خطَّ في خده لامُ العذار به(23/84)
مِسكاً فأصبَحَ تخطيطاً وتحريرا
يا أيها الرشأ المغري بناظره
قد عاد هاروت من جفنيك مسحورا
لقد نصرت على كسر القلوب به
مالي أرى طرفك المنصور مكسورا
عهدي وعهدك لا زال اختلافهما
كانا كحظّي منسياً ومذكورا
صفا لي العيش مخضراً جوانبه
فما وَجدْتُ بحمد الله تكديرا
لم لا أسرُ بأيام الهنا وأنا
إنْ سرَّ محمود يوماً كنت مسرورا
هو المشار إذا أمَّت حوادثها
فهماً وعلماً وأخلاقاً وتدبيرا
بالسعي لا بالمنى والعجز أدركها
هذا الإمام شهاب الدين ثاقبه
أزال في نور صبح الحق ديجورا
كم ملحدٍ هو بالبرهان أفحمه
من ينصر الله يوماً كان منصورا
إنَّ الشريعة باهت منه في بطل
حامي حماها وباني حولها سورا
لو لامست حجر الصمّاء راحته
تفجَّرت بزلال الماء تفجيرا
سعى إلى المجد في سيفٍ وفي قلم
وعانق البيض حتى عانق الحورا
لو صُوِّر المجد تصويراً على رجل
ما كان إلاّك أوصافاً وتصويرا
وكم نَثْرَت على الأسماع درّ فمٍ
فكان ذيالك المنثور منثورا
فأنْتَ أدْرَكُ من فيها غوامضها
وأنْتَ أفصَحُ أهل العلم تقريرا
حجَّت لبيتك أهلُ العلم أجمعُهُم
فكان حجّهمُ إذ ذاك مبرورا
لقد زهت بك دار العلم حيث غدت
غمرتنا بأياديك التي سلفت
لا زالت في نعماء الله مغمورا
أرى اجنماع الغنى لي والكمال إذا
رأيتني منك ملحوظاً ومنظورا
وإنْ أنخت لدى علياك راحلتي
كنت الأمير وكان الدهر مأمورا
ليهنك اليوم أبناءٌ لهم نسب
أضحى على جبهة الأيام مسطورا
إنّ الرواة التي تروي مناقبهم
عنهم روتْ خبراً بالمجد مأثورا
اليوم إنْ كنتَ مولانا مطهِّرهم
فالله طهَّرهم من قبلُ تطهيرا
شعراء الجزيرة العربية >> نايف الجهني >> أغانٍ خضراء
أغانٍ خضراء
رقم القصيدة : 2234
-----------------------------------
(1)
هل تترك الصحراء
ماء حدودها يروي جباه التائهين,
أم إنها
إن ذاب ذاك الغصن في أكوابها
جاءت تردد أغنيات المتعبين
لا لن تحينْ
في الرمل أغنية البكاءِ...(23/85)
وصمتها... ينثال في إغفاءة المطرِ...
المسافر كل حينْ
يا أرضنا الأولى
ويا نبضاتها اللائي توارثْن القصائد
في الصدى.. أين الوجوه?
تصاعدت فيها حكايات السنين
وتجعّدت أحلامها فينا كليل باغتوا
فيه اشتعالات الموائد
واختفى فيهم يردد أغنيات المتعبين!
(2)
هل أنت حين يلامس
النخل ارتعاشات النهار
هل أنت.. حين يهب في الأحداق
فجر للغبار
تستوطن الوجع المعبأ في بنادقنا
وتنهض للحصار?
قل للأيادي إنها
في (الجيب) لن تبقى ولن
يجتثها لحماسنا.. صوت انفجار
(3)
إن هيأوا للأرض باب
وتنفسوا تحت التراب
حملوا السيوف على مواجعهم
وعادوا بالغياب
سيحاصرون بصمتهم
ويحمّلون إلى الذهاب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لآلِ المصطفى عِلْمُ وجودٌ
لآلِ المصطفى عِلْمُ وجودٌ
رقم القصيدة : 22340
-----------------------------------
لآلِ المصطفى عِلْمُ وجودٌ
يحوزهما مجيدٌ أو نجيبٌ
وفي هذا الزمان من البرايا
لمحمودَين ساقَهما النصيب
تورَّث علمهم قمرُ الفتاوى
وشمسٌ ما لها أبداً مغيب
وحازَ فخارهم وكذا علاهم
وجودهم تورَّثه النقيب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذه يا صاحِ أوقاتُ الهنا
هذه يا صاحِ أوقاتُ الهنا
رقم القصيدة : 22341
-----------------------------------
هذه يا صاحِ أوقاتُ الهنا
وبلوغ النفس أقصى الأمَلِ
جمعتْ من كلِّ شيءٍ أحسنا
لذة ً في غيرها لم تكملِ
فخذا من عيشنا صَفْوَتَهُ
بكؤوسِ الراح والساقي مليح
بين روضٍ آخذٍ زينَته
ولسانِ البَمِّ والزير فصيحْ
ضَرَّجَ الوَردُ بها وجنَتَه
والشقيقُ الغض إذ ذاك جرِيحْ
تحسبُ النرجسَ فيها أعينا
شاخصات نحونا بالمقلِ
مال غصنُ البان تيهاً وانثى
في هواها ميلان الثملِ
مربعٌ للَّهو منذُ انتظما
أطربَ الأنفسَ في روح وراح
ما بكاه القطر إلاّ ابتسما
لبكاهُ بثغور من أقاحْ
وَشَدَتْ في الدَّوح وَرقاء الحمى
ما على الوَرقاء في الشدو جَناحْ
مغرومٌ ليس له عنه غنى
حبين يملي رجزاً في زجل(23/86)
وَلَقد أصغى إليها أذناً
فشَجَتْ قلبَ الخلي دُونَ المَلي
زادَنا لحن الأغاني طَرَباً
خبراً يطربنا عنْ وترِ
والأماني بَلغَتْنا أرَباً
فَقَضَيْناها إذَنْ بالوطرِ
ونَظَرنا فقَضَيْنا عجباً
تطلع الشمس بكف القمرِ
في ليالٍ أظْفَرتنا بالمنى
وكؤوسِ الراح فيها تنجلي
تُذْهِب الهمَّ وتنفي الحزنا
بنشاطٍ مُطْلَقٍ من كَسَلِ
بحياة الطاس والكاس عليكْ
نزِّه المجلس من كلِّ ثقيلْ
وتحكّم إنَّما الأمرُ إليك
ولك الحكمُ ومن هذا القبيل
كيف لا والكأس تسقى من يديك
ما على المحسن فيها من سبيلْ
ولك الله حفيظاً ولنا
حيثما كنت وما شئتَ افعلِ
وکجرِ حكمَ الحبّ فينا وبنا
أنت مرضيٌّ وإنْ لم تعدل
حبذا مجلِسُنا من مجلسِ
جامعٌ كلَّ غريبٍ وعجيب
نغمُ العودِ وشعرُ الأخرس
ومحبٌ مستهام وحبيب
يتعاطون حياة َ الأنفسِ
في بديع اللفظ والمعنى الغريبْ
بابليّ السحر معسول الجنى
أين هذا مشتيارِ العسلِ
وإذا مرَّ نسيمٌ بيننا
قلتُ هذا ويحكم من غَزَلي
آهُ ممَّن ساءَني في نُسْكِهِ
ويراني حاملاً عبءَ الذُّنوبْ
قد عرفنا زيفه في سكبه
فإذا كلُّ مزاياه عيوبْ
قال لي تبتُ وذا إفكه
أنا لا والله لا أرضي أتوب
عن مليحٍ صَرَّحَتْ عنه الكنى
توبة في حبْه لم تُقْبَلِ
وإذا ساءَ غيورٌ أحسنا
بحميّا رشفاتِ القبل
أتركِ المغبقَ والمصطحبا
زَمَنَ الوردِ وأيَّامَ الرَّبيعْ
بعد أنْ أغدو بها منشرحاً
فلقد جئت لعمري بشنيعْ
فأدِرْها وانتَهب لي زمناً
بحلولِ الشمسِ برج الحمل
وأرخني إنّما ألقى العنا
من خليلٍ مغرم بالعذلِ
أجتلي الكاسات تهوي أنجما
ولها فينا طلوعٌ ومغيبْ
وأرى أوقاتها مغتنماً
وإليها رحتُ ألهو وأطيبْ
لم أُضِعْها فرصة ً لاسيما
في ختانِ الغُرِّ أبناءِ النقيبْ
علويّ الأصل علويّ الثنا
سيّد السادات مولانا علي
الرفيعُ القدرِ والعالي البنا
مستهلّ الوبل عذب المنهلِ
ابنُ بازِ الله عبد القادر
علم الشرق وسلطان الرّجالْ
لم يزالوا طاهراً من طاهرِ(23/87)
فهمُ الطهرُ على أحسن حال
وهمُ في كلّ وقت حاضرِ
في جمالٍ مستفاضٍ وجلال
يلْحظونَ السَّعد يَغْشُون السَّنا
يلبسون الفخر أسنى الحلل
لهم التشبيهُ في هذي الدُّنا
ملَّة ُ الإسلام بينَ المللِ
لأُويقاتِ زمانٍ الاعتدالْ
قَدْ تَحَرَّيْتُم وما أحراكُمُ
لختان النُّجبِ البيضِ الفعال
الميامين وما أدراكمُ
فَلَقَد أرَّخه العَبدُ فقال
آل بيت المصطفى بشراكم
بختانٍ في سرورٍ وهنا
دائمٍ بالوصلِ لَمْ يَنْفَصل
وبحمدِ الله قَد نلنا المنى
وظفرنا منكم بالأملِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> متى أرى هذه الأيام مسعفة ً
متى أرى هذه الأيام مسعفة ً
رقم القصيدة : 22342
-----------------------------------
متى أرى هذه الأيام مسعفة ً
والدَّهْرُ يُنجزُ وَعداً غَيرَ مَوعُودِ
والنفس تقضي بمطلوبٍ لها وطراً
ينوب عن كل مفقودٍ بموجود
ألقى خطوب الليالي وهي عابسة ٌ
كما تَصادَمَ جلمودٌ بجلمود
فما أطعتُ الهوى فيما يرادُ به
ولا تطرَّيتُ بين الناي والعود
ولا ركنتُ إلى صهباءَ صافية ً
قديمة ِ العصرِ من عصرِ العناقيد
إنّي لأنزعُ مشتاقاً إلى وطني
والنوق تنزع بي شوقاً إلى البيد
وطالما قَذَفَتْ بي في مفاوزها
أخْفافُ تلك المطايا الضُمَّر القود
لئِنْ ظفرْتُ بمحمودٍ وإخوته
ظفرت من هذه الدنيا بمقصودي
بِيضُ الوُجوه كأمثال البدور سَناً
يطلعن في أفقِ تعظيمٍ وتمجيد
تروي شمائلهم ما كانَ والدهم
يرويه من كرمِ الأخلاق والجود
فياله والدٌ عزَّ النظير له
وجاءَ منه لعمري خير مولود
من طيّب طاب في الأنجاب محتده
كما يطيبُ عبيرُ الند والعود
إذا ذكرتُ أياديه التي سَلَفَتْ
جاذبتُ بالمدح أطراف الأناشيد
قلَّدتُ جيد القوافي في مدايحه
ما لا يُقَلَّدُ جيدُ الخرَّدِ الغيد
يغرِّد الطرب النشوان حينئذٍ
فيها بأحسن تغريد وترديد
أبو الخصيب خصيب في مكارمه
ومنزل السعد لا يشقى بمعود
لا تصدر الناس إلاّ عنه في جدة
ونائل من ندى كفيه موردود(23/88)
يزيدني شكره فضلاً ومكرمة
كأنَّني قلتُ يا نعماءَه زيدي
يرجو المؤمّل فيه ما يؤمّله
ليس الدُّعاءُ له يوماً بمردود
تجري محبَّته في قلبِ عارفه
لفضله مثل مجرى الماء في العود
فكلّما سرت مشتاقاً لزورته
وجدْتُ مسرايَ محموداً لمحمود
وإن أتَتْه القوافي الغُرّ أتْحفَهَا
بشاهدٍ من معاليه ومشهود
تلك المكارم تروى عن أبٍ فأبٍ
من الأكارم عن آبائه الصيد
لله درّك ما أنداك من رجل
بيضٌ أياديك في أيامنا السود
ليهنك العيدُ إذا وافاك مبتهجاً
بطلعة ً منك زانَتْ بهجة العيد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَدِمْتَ بالبشْرِ وبالبَشائِر
قَدِمْتَ بالبشْرِ وبالبَشائِر
رقم القصيدة : 22343
-----------------------------------
قَدِمْتَ بالبشْرِ وبالبَشائِر
وزرتنا فحبَّذا من زائرِ
وجئت بالخير علينا مقبلاً
لكلّ باد ولكل حاضر
فكنتَ كالمزن همت بماطر
وكنتَ كالروض زها لناظر
لو نظرَ الناظرُ ما صنعته
نمَّقه بدفتر المفاخر
أنضيتَ للعمران فُلْكَ همّة ٍ
فَعَمَّرتْ كلَّ مكان داثر
وهذه العمارة ُ اليوم لكم
معمورة ٌ الأكتاف بالعشائر
نَظَّمت بالتدبير منك شملها
بناظمٍ للعدل غير ناثر
وإنما دانت لحكم عادلٍ
ولم يدن ممتنع لجائر
أمَّنتها من شر ما ينوبها
بالناس في أمن وخير وافر
ولم تَخُنْ عهدَ امرىء ٍ عاهدته
حوشيتَ من عهد الخؤون الغادر
جبرتَ بالإنصاف كسراً ماله
غيرك فيما بينهم من جابر
عَفَوْتَ عن كبارهم تكرُّماً
وهذه من شيمَ الأكابر
وقمت في الحكم مقام نامقٍ
وأنت أهدى لذوي البصائر
فتارة ً تزجر في مواعظٍ
وتارة ً تطعن بالزواجر
إذا هَزَزْتَ بالبنان قلماً
أغناك عن هزِّ الحسام الباتر
هذا وأنتَ واحدٌ منفردٌ
تغني عن الألفِ من العساكر
يريك رأيّ بشهاب فطنة
بواطن الأشياء كالظواهر
ملكت باللُّطفِ رقاب عصبة ٍ
أمْنَع من لَيثٍ هصُور خادر
فكم لكم حينئذ من حامد
وكم لكم يومئذٍ من شاكر
عمَّرتموها فغدت عمارة ً
كما أردتم لمراد الخاطر(23/89)
فقلْ لمن يسأل عن تاريخها
قد عمِّرت أيامَ عبد القادر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نقيبُ السادة الأشرافِ زانت
نقيبُ السادة الأشرافِ زانت
رقم القصيدة : 22344
-----------------------------------
نقيبُ السادة الأشرافِ زانت
بطَلْعَتِه المنازلُ والقصورُ
بنى مقصورة ً شَرُفَتْ بناءً
أُعِدَّتْ بالسُّرور لمن يزورُ
فقلتٌ لسيّد النُّقباء أرِّخ
مبانيها يشرِّفُها المشيرُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نهني العراق بحكمٍ جديدْ
نهني العراق بحكمٍ جديدْ
رقم القصيدة : 22345
-----------------------------------
نهني العراق بحكمٍ جديدْ
وسرِّ الحجازُ برأيٍ سديدْ
بحكمِ الرشيدِ مشيرِ العراق
ملاذِ الطريد مجير الرشيدْ
مشيرٌ إذا استمطر البارقات
أغاث الأنام بودق الحديد
حميدٌ مجيدٌ لقد خَصَّه
بأهل العراق الحميدُ المجيدْ
فنامَتْ به فِتَنٌ بأسُها
يُبيدُ الطريفَ ويُفني التليدْ
وقد أقبلَ السَّعْدُ إذ أرَّخوا
أمامَ المشير محمّدْ رشيدْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وظبي دعتني للحروب لحاظه
وظبي دعتني للحروب لحاظه
رقم القصيدة : 22346
-----------------------------------
وظبي دعتني للحروب لحاظه
وهيهات من تلكَ اللّحاظ خلاصُ
تصدّى لحرب المستهام وما له
سوى اللحظ سهمٌ والنقاب دلاصُ
فلّما أجلتُ الطّرف أدميتُ خدَّه
وأدمى فؤادي والجروحُ قصاصُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري
يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري
رقم القصيدة : 22347
-----------------------------------
يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري
ومَن أنزلَ الآيات في مُحكَمِ الذكرِ
لقَد أشرقت بغدادُ مُنذ أتيتُها
كم تُشْرِقُ الظلماء من طلعة البدر
فراحَت كما راحَت خميلة ُ روضة ٍ
سقتها الغوادي المستهلّ من القطر
وما سرَّها شيءٌ كمقدمك الذي
يبدل منها صورة اليسرِ بالعسر
وكم فرح من بعد حزن وراحة(23/90)
من النصب الجاني على العدل بالجور
فلا ذنبَ للأيام من بعد هذه
فقدْ جائت الأيام للناس بالعذر
تناءيتَ عنها لا ملالاً ولا قلى
ولكن رأيتَ الوصل من ثمر الهجر
وما غِبتَ عنها حين غِبتَ حقيقة
وكيف ولم تخرج هنيهة من فكر
رأيت مقاماً لا يرى الفرق عنده
من العالم النحير والجاهل الغمر
ولا بد للأشياء من نقدِ عارفٍ
يُمَيِّزُ بينَ الصِّفر والذَهَب التّبر
غضبتَ ولا يرضيكَ إلاّ نهوضه
إذا رَبَضَ اللَّيثُ الهَصورُ على الضُرِّ
يجرُّ عليها فيك أردية الفخر
تَتَبَّعُ آثار الخطوب وتستقري
وأقْلَعْتُ عن دارٍ جديرِ بأنَّها
تشينُ أباة الضيَّمْ فيها وإنْ تزري
وما زلت تطوي كلَّ بيداء نفنف
وتركبُ منها ظهر شاهقة وعر
وسرتَ إلى مجدٍ وسؤدد
فمن منزلٍ عزٍ إلى منزلٍ فخر
إلى الغاية القصوى التي ما وراءها
إذا عدَّتِ الغايات مأوى ً لذي حجر
نشرتَ بأرض الرّوم عِلماً طويته
بجنبيك حتى ارتاع في ذلك النشر
وسرَّ أميرُ المؤمنين بما رأى
ولاحَ وايم الله منشرح الصدر
أشارَ إليك الّدين أنَّك ركنه
وقال له الإسلامُ أشددْ به أزري
وما ظنَّت الرُّوم العراق بأنَّه
يجرُّ عليهما فيك أردية الفخر
وما شاد قسطنطين ما شدتَ من عُلى ً
مؤيَّدة تبقى على أبدِ الدهر
فدتك الأعادي من رفيع محلق
كأنَّ يبتغي وصلاً من الأنجم الزهر
كفى الروم فخراً لو دَرَتْ مثلما تدري
وهيهات أن تدري وهيهات أن تدري
بما قد حباك الله منه بفضله
من الهيبة العظمى ومن شرف النجر
وآيتك الآياتُ جئتَ بما انطوَتْ
عليها من الأسرار في السر والجهر
كشفت معمّها وخضت غمارها
وأنفَقْتَ في تفسيرها أنفس العمر
وأوضَحْتَ أسرار الكتاب بفطنة ٍ
تزيلُ ظلامَ الليل عن غرَّة الفجر
وقفت على إيضاح كلّ عويصة ٍ
مواقف لم تُعْرَف لزيد ولا عمرو
وأغنيتُ بالأسفار وهي كوامل
ثمانية ً عن ما حوت مائتا سفر
ومَن حاز ما قد حُزْتَ عِلماً فإنَّه
غنى ٌّ عن الدنيا مليٌّ من الوفر
إذا احتاجك السلطان تعلم أنَّه(23/91)
بذلك يمتاز المقلُّ من المثري
أرى دولة ً أصبحت من علمائها
مؤيدة الأحزاب بالفتح والنصر
أرعْتَ أولي الألباب منها بحكمة
بروح أرسطاليس منها على ذعر
قضَتْ عجباً منها العقول بما رأت
وما بصرتْ يوماً بمثلك في عصر
برزتَ مع البرهان في كلّ موطن
من البحث لا يبقي اللباب مع القشر
فَأفْسَدْتَ للإلحاد أمراً دَحَضْتَه
فليسَ له فيها وليٌّ من الأمر
عذوبة ُ لفظ في فصاحة منطقٍ
وعينيك لولا حرمة الخمر كالخمر
ورُبَّ بيانٍ في كلامٍ تصوغُه
إذا لم يكن سحراً فضربٌ من السحر
وما زالت بالحسّاد حتى تركتها
وقد طُوِيَتْ منها الضلوعُ على الجمر
فتكتَ بها فتك الكميّ بسيفه
كما يفتك الإيمانُ في مِلّة الكفر
وكنتُ أُمَنِّي النفسَ فيك بأنْ أرى
صَديقَك في خير وخصمَك في شر
وما زال قولي قبل هذا وهذه
لعلّي أرى الأيامَ باسمة َ الثغر
فللّه عندي نعمة ٌ لا يفي بها
بما قد بلغت اليوم حمدي ولا شكري
وما نلتَ مقدار الذي أنت أهلُهُ
على عظم ما نَوَّلْت من رفعة القدر
كأنّي بقوم فارقوك فأصبحو
ولَوْعتُهم تذكو وعبْرَتُهم تجري
تحنُّ إلى مرآك في كلّ ساعة ٍ
فتأسفُ إنْ سافرت عنهم مع السفر
وإنْ سَمَحَتْ منهم بمثلك أنفسٌ
فما هي إلاّ أسْمَحُ الناس بالبرّ
وما صبرت عنك النفوس وإنّما
يصبّرها تعليلُ عاقبة الصبر
تَغَرَبْتَ عاماً طال كالشهر يومه
ويا ربَّ يوم كان أطول من شهر
تكلّفْتَ أمرً للحلاوة بعده
ولا تخطب الحسناء إلاّ على مهر
وإنّي بتذكاريك آناً فمثله
صريع مدام لا يفيق من السكر
مللتُ الثوى حتى طربت إلى النوى
وحتى رأيت الأرض أضيق من شبر
ولو أنّني أسطيعُ عنه تتزحزحاً
قذفتُ إليك العيسَ في المهمة القفر
وليس لنفسي عنك في أحدٍ غنى ً
وكيف يُرى الظامي غنياً عن البحر
بعثت إلينا بالحياة لأنفسٍ
على رَمَقٍ يدعو إلى البعث والنشر
فَضَمَّ إلينا من يعيد حياتنا
كما ضُمَّ شطرُ الشيء يوماً إلى شطر
فيا كثرَ ما قد نوَّلتنا يد المنى
وعادَتُها الإمساك بالنائل النزر(23/92)
لتصفو لنا الدنيا فقد طاب عيشنا
وضاء محياها بأيامك الغر
أعادَتْ علينا العرف من بعد فقده
فلا قابَلَتْنا بعد ذلك بالنكر
نشيرُ إلى هذا الجناب كأنَّنا
نشيرُ إلى رؤيا الهلال من الفطر
وما كان يوم العيد بمثله
إذا كان في فطر وإنْ كان في نحر
وذلك يومٌ يعلمُ الله أنَّه
ليذهَبَ تعبيسُ الحوادث بالبشْرِ
لك الفضل والحسنى قريباً ونائياً
وأيدٍ لأيد من أناملها العشرِ
ولو حصدت أيديك فينا حصرتها
ولكنها ممّا يجلُّ عن الحَصْر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتنْكِرُ مِنكَ ما تطوي الضُّلُوعُ
أتنْكِرُ مِنكَ ما تطوي الضُّلُوعُ
رقم القصيدة : 22348
-----------------------------------
أتنْكِرُ مِنكَ ما تطوي الضُّلُوعُ
وقد شهدتْ عليكَ بهِ الدُّموعُ
ولولا أنَّ قَلْبَكَ مستهامٌ
لما أودى بك البرق اللموع
ولا هاجَتْ شجونك هاتفات
تُكَتَّم ما تكابد أو تذيع
تُشَوِّقُكَ الرّبوع وكلُّ صَبٍّ
تُشوِّقُه المنازلُ والرُّبوع
ليالٍ بالتواصل ما ضيات
بحيث الشمل جميعُ
وأقمارٌ غربنَ فليتَ شعري
ألا بعد الغروب لها طلوع
أمرتُ القلبَ أنْ يسلو هواها
على مضضٍ ولكن لا يطيع
وما أشكو الهوى لو أنَّ قلبي
تحمَّلَ بالهوى ما يستطيع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنيخاها فقدْ بلغتْ مناها
أنيخاها فقدْ بلغتْ مناها
رقم القصيدة : 22349
-----------------------------------
أنيخاها فقدْ بلغتْ مناها
وغادرها المسيرُ كما تَراها
سلكتُ بها فجاج الأرض حتى
أضرَّ بها وأوهنها قواها
فَسَلْني كيفَ جابتها قِفاراً
وكيف فدافدها خطاها
وما أنسى الوقوف على رسومٍ
عناني في الصبابة ماعناها
قضى بوقوفه المشتاقُ فيها
وجُوهاً يا أمَيْمَة لا أراها
وقفتُ أناشِدُ الأطلال منها
ديوناً للمنازل ما قضاها
واذكر ما هنالك طيبَ عيشٍ
به تجري النفوس على مداها
جرَينا في ميادين التصابي
إلى اللّذات نستحلي جناها
فواهاً لِلّذائذ كيف ولّت
وآها من تصرمّها وآها(23/93)
تدار من المدام على الندامى
كؤوسُ الراح تشرق في سناها
وألحان المثالثِ والمثاني
يُغنّيها فتطربُ في غناها
وينظما اجتماع في رياضٍ
نثار الطل يلبسها حلاها
وقد أملتْ حمائمها علينا
من الأوراقِ شيئاً من أساها
كأنَّ الوُرْقَ حين بكتْ وأبكتْ
رماها بالقطيعة من رماها
تُكَتِّمُ أدمعاً وتبوحُ وجداً
وتعرب ما هنالك عن جواها
وربَّ مديرة ٍ كأس الحميّا
أخذتُ بكفِّها ورشفتُ فاها
ومسودِّ الإهاب من الدياجي
كشَفْتُ بشهبُ أكؤسنا دجاها
وعانقت القوام اللَّدنَ منها
و عينُ الواشي يحجبها عماها
فآونة ً ترشِّفني طلاها
وآونة ترشِّفني لماها
ومن عجبٍ أذلُّ لذاتِ دلٍّ
وتسبيني المحاسن في هواها
ولي نفس متى دعيتْ لذلٍّ
نهاها عن إجابته نهاها
أبَتْ نفسي مداناة الدّنايا
وأغنتها القناعة عن غناها
وهل تستعبد الأطماع حراً
إذا عرضت له الدنيا ازدراها
ولست ألينُ والأيام تقسو
بشدَّتها ولمْ أطلبْ رخاها
وأرض يَفْرَقُ الخرّيت فيها
ويفزعُ من مهالك ما يراها
سلكتُ فجاجها ومَرَقْتَ منها
مروقَ النَّبل يبعدُ مرتماها
سليني كيف جرَّبت الليالي
وكيف عرفتها وعرفتُ داها
بلوت الناس قَرناً بعد قرنٍ
وكنتُ بها أحقَّ من ابتلاها
فلم أزدد بها إلاّ اختباراً
ولم أزدد بها إلاّ انتباها
وفي عبد الحميد بديع شعري
مناقبُ عن معاليه رواها
نعمتُ بفضله وشكرت منه
يداً لا زال يغمرني نداها
فما استعذبتُ غير ندى يديه
وما استعذبته مما عداها
فلو أني وردتُ البحر عذباً
أنِفْتُ من الموارد ما خلاها
وإنَّ الله أودع فيه معنى ً
لتسمية المكارم مذ براها
من السادات من أعلى قريشٍ
سلالة ِ خير خلق الله طه
شديد البأس ألطفَ من نسيم
تعطِّره الأزاهر من شذاها
يخوض غمارها الهيجاء خوضاً
وماء الموت يرشحُ من ظباها
ويرفع راية المنصور فيها
ويخفض من أعاديه الجباها
إليه العزُّ يتَّجهُ اتّجاها
تريه بوطنَ الآراء تبدو
فلمْ تحجبْ لعمرك ما زراها
أرَته زينة َ الأمجاد تزهو(23/94)
بأردية ِ المحاسن فارتداها
تولَّى والولاية فيه أضحتْ
وأحيا بالعمارة كلَّ أرضٍ
وأجرى في ضواحيها المياها
وأمَّنَ بالصيانة ساكنيها
وأصبحَ فيه محميّاً حماها
حماها حيث كانت من لدنه
بعينِ عناية ٍ ممَّن رعاها
ودبَّرها بلطفٍ لا بعنفٍ
فأرشَدَها وألهَمَها هداها
فما مدَّتْ إلى أحدٍ يداها
فَهَل من مبلغٍ عَنّي ثناءً
تقيَّ الدين يشكره شفاها
ربما أسْدى من الحُسنى إلَينا
وماعرف الأماجدَ فاجتباها
تَفرَّسَ بالرجال فزاد عِلماً
فولاّها الأمور بمقتضاها
وسيَّرْنا فالساحته الأماني
إليك ركبتها في البحر تجري
من الفلك السوابق في سراها
تنَّفسُ بالدخان وفي حشاها
لظى نارٍ مُسَعَّرة ٍ لظاها
ويخفِقُ وهي مثل الطير سبحاً
جناحاها إذا دارت رحاها
جَرَت مجرى الرياح بلا توانٍ
فما احتاجت إلى ريحٍ سواها
وما زلنا بها حتى بَلَغنا
من الامال أقصى مبتغاها
بقيتَ لنا مدى الأيام ذخراً
نراها فيك أحسَنَ ما نراها
فمثلك في المكارم لا يجارى
ومثلك في الأكارم لا يضاهى
شعراء الجزيرة العربية >> نايف الجهني >> وطني المزين بالبروق
وطني المزين بالبروق
رقم القصيدة : 2235
-----------------------------------
قريء البهاء..
وتقافز الأطفال من أكواب صبحك
وارتموا..
فوق الغناء..
وتهافتوا مدناً تسيل على
حدائقك البعيدة..
فوقها..
يحتد صوت الاحتفاء!
الشمس تمنحهم يديك مساحة أولى
وخبزا من رمال الأرض من ماء السماء!
في الركض.. يا وطني ذكرتك..
خطوة أقدامها
عشبٌ وإبريق من الطين المكون
ذات ماء..
في ظلك الفجري
تغسلنا الملامح في مرايا الضوء
يغرينا الضياءْ..
وسكنت أنتْ
في ماء ذاكرتي رحيقاً يستشف الورد
من شجر الأنامل.. والمحافل
من تجاعيد الإناء!!
وسكنت أنت..
كان النخيل يمر في أسيافهم
من بين شارعك المعبَّد بالمطر
وصهيل خيل الكبرياء..
وطني المزين بالبروق وحنطة الغيم الملون في بياض
العشق.. في دفء الهواء!!
وسكنت أنت
والأرض تخرج من جباه السمر..(23/95)
أطرافاً.. تحاصر فيك (مد الانطفاء)
وأضأتنا.. زمناً وكنت
وسكنت أنت..
في صوتنا شجر يهز حناجرَ..
الزمن المهاجرِ..
في سلال الأصدقاء
(حلوى).. وصبح يحتفي
بقدوم أطفال المدارس
من دفاترك
المحاطة بالكتابة والشموع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> في الأربعاء لخمسٍ كنَّ من صقرٍ
في الأربعاء لخمسٍ كنَّ من صقرٍ
رقم القصيدة : 22350
-----------------------------------
في الأربعاء لخمسٍ كنَّ من صقرٍ
بَدْرُ المَسَرَّة ِ شاهَدْنا مطالِعَهُ
أرَّختُ طالع داودٍ بمولده
كانت الشمسُ بالجوزاء طالعهُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هنِّيتَ بالفرمان والنيشان
هنِّيتَ بالفرمان والنيشان
رقم القصيدة : 22351
-----------------------------------
هنِّيتَ بالفرمان والنيشان
من جانب الملك العظيم الشانِ
ملكٌ إذا عُدَّ الملوك وَجَدْتَها
من دونه بالعزِّ والسلطانِ
متفردٌ في العالمين وواحدٌ
بين الأنام فما له من ثان
وتقول إنْ أبصرته في موكبٍ
فحلالهُ وجمالهُ سيّان
نعمت بدولته البلاد وأشرقتْ
إشراق دين الله في الأديان
وأمدَّها من سيرة ٍ نبويَّة
في حكمة ٍ بالأمن والإيمان
ولقد تلافى الله فيه عبادَه
فالناس منه بحوزة ٍ وأمان
فالله يعلم والبرية كلُّها
أنَّ المليك خليفة ُ الرحمن
كالشمس في كبد السماء وضوؤها
يغشى بكلِّ النفع كلَّ مكان
قد كان سرُّ اللطيف فيه مكَّتمتا
حتى استبان وضاق بالكتمان
ولقد أراد الله في تأييده
أنْ يرجعَ الطاغين بالخذلان
وإذا نظرت إلى طوّية ذاته
نظراً إلى المعروف والإحسان
أيقنتَ أن وجوده لوجودنا
كالماء ينقعُ غلَّة َ الظمآن
ملك إذا زخرَتْ بحارُ نواله
يُخشى على الدنيا من الطوفان
فاقت بنو عثمان في سطانها
بالدّين والدنيا بني ساسان
فَتحوا البلادَ ودَوَّخوها عَنْوَة ً
وجَرَت مدائِحهم بكلَّ لسان
فهم العباد الصالحون وذكرهم
قد جاءَ بعد الذكر في لاقرآن
هذا أمير المؤمنين وهذه
آثاره من حازمٍ يقظان(23/96)
جعل العراق بنامق في جنة
محفوفة ً بالرَّوح والرَّيحان
فردٌ من الأفراد بين رجاله
لم يختصم بكماله إثنان
تعم المشيرُ عليه في آرائه
الصادق العرفات في الثوران
ما حلّ في بلدٍ وآب لمنزلٍ
إلاّ وآمنَها من الحدثان
لا تعجبنَّ لنامق في فتكه
ليثُ الحروب وفارس الفرسان
تروي صوارمه الفخار عن الوغى
لا عن فلانِ حديثها
يفتضُّها بالمشرفيّة والقنا
بكراً من الهيجاء غير عوان
ولربّما أغنته شدّة بأسه
عن كلّ هنديٍّ وكل يماني
أعيانُ من رفعَ الوزارة شأنها
ألفته عينَ أؤلئك العيان
يا أيها الركن الأشد لدولة
بنيت قواعدها على أركان
دارتْ بشانيها رحى تدميرها
فكأنها الأفلاك بالدوران
أحكمتها بالصَّدقِ منك مبانياً
في غاية الإحكام والإتقان
فحظيت من ملك الزمان بما به
فخرٌ على الأمثال والأقران
ولقد بلغت من العناية مبلغاً
يسمو برتبتها على كيوان
سستَ العراق سياسة ملكية
ما ساسها ذو التاج نوشروان
وسَّعْتَ كل الضيق من أحوالها
حتى من الطرقات والبنيان
قرَّبتَ أرباب الصلاح بأسرهم
ومحوتَ أهلَ البغي والعصيان
وكذا الهماوند الذين تنمَّروا
وتمرَّدوا بالظلم والعدوان
دَمَّرَتهم لمّا عَلِمْتَ فسادَهم
وضرارهم بالأهل والأوطان
خَلَعوا من السلطان طاعتَه التي
في غيرها نزعٌ من الشيطان
لله درُّك من حكيم عارف
إنَّ الحسام دواء داء الجاني
جرَّدتَ من هممِ الرئيس مهنّدا
ما أغمدته القين في الأجفان
وعلمت ما في بأسه من شدّة ٍ
معْ أنّه في لطفه روحاني
لبّاك حينَ دعوتَه لقتالهم
لا بالبطيء لها ولا المتواني
فمضى بأعناق العصاة غرارهُ
والسَّيف لم يقطعْ بكفِّ جبان
فكسا به منطيب ذاتك نفخة
عطريّة الأنفاس والأردان
هنيت بالولد الجميل ونيلهِ
رتبَ العلى من حضرة السلطان
أضحى أميرَ لوائه في عسكر
لا زال منصوراً مدى الأزمان
وبما حباك الله في تأييده
والفخرُ في نيشانك العثماني
لاحت أشعَّته عليك لجوهر
كالنجم بل كالشمس في اللمعان
هذا محلُّ الافتخار فدم به(23/97)
بالعزِّ والتمكين والإمكان
فرن المؤيد جوهراً في جوهرٍ
فرأت به بغداد سعْدَ قران
فرحٌ على فرحٍ يدوم سروره
تجلو القلوب به من الأحزان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذه الدارُ ما عسى أنْ تكونا
هذه الدارُ ما عسى أنْ تكونا
رقم القصيدة : 22352
-----------------------------------
هذه الدارُ ما عسى أنْ تكونا
فاقضِ فيها لها عَليك دُيونا
كان عهدي بها ومن كان فيها
أشرقت أوجهاً ولانت غصونا
يا دياراً عهدتها قبل هذا
جنَّة ً أزلفت وحوراً وعينا
كنتِ للشادن الأغن كناساً
مثلما كنتِ للهزير عرينا
قَد وقفنا على بقايا رسومٍ
دراساتٍ كأسطرِ قد محينا
فبذلنا لها ذخائر دمعٍ
كانَ لولا الوقوف فيها مصونا
ذكَّرتْنا الهوى وعهدَ التصابي
فذكرنا من عهدها ما نسينا
هلْ عَجِبْتُم والحبُّ أمرٌ عجيبٌ
كيفَ يَستعذبُ العذابَ المهينا
أو سألتم بعد النوى عن فؤادي
فسَلوا الظاعنين والنازحينا
وبنفسي أحبَّة يومَ بانوا
حرَّموا النومَ أنْ يمسَّ الجفونا
عَرِّضوا حين أعرضوا ثم قالوا
قَدْ فتنّاك في الغرام فتونا
إنْ أطلنا الحنينَ شوقاً إليكم
فعلى الصّبِّ أنْ يطيل الحنينا
ربَّ ورقاءَ غرَّدتْ فشجتني
وكذاك الحزين يشجي الحزينا
ردَّدَت نَوحَها فردَّدت مني
جنَّة ً أزْلِفَتْ وحوراً وعِينا
ردّدي مااستطعت أيتَّها الورقُ
شجوناً منالأسى ولحونا
وأعيدي شكوى الغرام عَلَينا
أشرَقَتْ أوجهاً ولانتْ غصونا
لو شكوناك ما بنا لشرحنا
أنْ يطيعَ المتيَّمُ اللاّئمينا
ما أطعنا اللّوامَ والحبُّ يأبى
أنْ يطيعَ المتيَّمُ اللاّئمينا
لهفَ نفسي على مراشف ألمى
أوْدَعَ الثغرَ منه دراً ثمينا
أنَ عطفاً مهفهفُ القدّ قاسٍ
كلّما زاد قسوة ً زدْتُ لينا
يا شفائي من علّة ٍ برَّحت بي
إنَّ في القلبِ منك داءً دفينا
يا ترى تجمع المقادير ما كان
وأنى لنا بها أن تكونا
في ليالٍ أمضيتُها بعناق
لا يظنُّ المريب فينا الظنونا
فرَّقتنا أيدي النوى فافترقنا
ورمينا ببينها وابتلينا(23/98)
بينَ شرقٍ ومغربٍ نَنْتَحيه
فشمالاً طوراً وطوراً يمينا
أسعدَ الله فِرقَة َ العزِّ لمّا
فبذلنا لها ذخائر دمعٍ
قدَّمتْه الولاة واتَّخَذَتْه
في الملمّات صاحباً ومعينا
واستمدَّت من رأيه فلقَ الصُّبحِ
بَياناً منه وعلماً رصينا
جذبَ الناسَ بالجميل إليه
وحباهم بفضله أجمعينا
فرأتْ ما يَسُرُّها من كريم
من سُراة الأشراف والأنجبينا
شِيمٌ عن إبائه في المعالي
أسلكته طريقها المسنونا
تَستَحيل الحزونُ فيه سهُولا
بعدَ ما كانت السهول حزونا
ويهون الأمر العظيمُ لديه
وحَرِيٌّ بمثلِه أنْ يهونا
زان ما شان في حوادث شتى
ومحا ما يشين في ما يزينا
فإذا قسته بأبناء عصري
كان أعلى كعباً وأندى يمينا
قد وجدناك والرّجال ضروبٌ
والتجاريبُ تظهرُ المكنونا
عروة ٌ من عرا السّعادة وثقى
قد وثقنا بها وحبلاً متينا
هذه الناس منذ جثت إليها
زجرت منك طائراً ميمونا
كلّ أرض تحلُّها كان أهلو
ها بما ترتجيه مستبشرينا
وإذا روّعتْ ومثلك فيها
أصبحوا في ديارهم آمنينا
يا شريفَ الأخلاق وابن شريفٍ
أشرفَ الناس أثبتَ الناس دينا
أحمدُ الله أن رأتكَ عيوني
فرأتْ ما يَقُرُّ فيك العيونا
وشممنا من عرف ذاتك طيباً
فكأنّي إذ ذاك في دارينا
وَوَرَدْنا نداك عذباً فراتاً
إنّما أنتَ منهلُ الواردينا
لك في الصالحات ما سوف يبقى
ذكرها في الجميل حيناً فحينا
حزتَ فهماً وفطنة ً وذكاءً
وتَفَنَّنْتَ في الأمور فنونا
وتوّليتَ في الحقيقة أمراً
كان من لطفه المهيمن فينا
سيرة ترتضى جبلتَ عليها
ومزايا ترضي بها العالمينا
فاهنا بالصَّوم والمثوبة فيه
وجزيل الصيّام في الصائمينا
وبعيدٍ يعودُ في كلِّ عامِ
لكَ بالخيرِ كافلاً وضمينا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ لصاحبي ورضيعِ كأسي
أقولُ لصاحبي ورضيعِ كأسي
رقم القصيدة : 22353
-----------------------------------
أقولُ لصاحبي ورضيعِ كأسي
رَفيقي بالفُسوق وبالفجورِ
علامَ صددتَ عن كأس الحميّا(23/99)
لقَد ضيَّعتَ أوقاتَ السرور
أبعدَ الشيب ويحك تبتَ عنها
وما لك في متابك من عذير
وكيف عدّلتَ عن حالات سوءٍ
تَصيرُ بها إلى بئسَ المصير
لبستُ بها وإيّاك المخازي
فأسْحَبُ ذيلَ مختالٍ فخور
أتنسى كيف قضَّينا زماناً
به الأيام باسمة الثغور
وكنّا كلّما بتنا سكارى
ورحنا بالمدام بلا شعور
وقُمنا بعد ذلك واصطبحنا
فما نَدري المساءَ من البكور
وأنتَ مع العَواهر والزواني
تطاعِنُهن بالرُّمحِ القصير
وكنتَ تقولُ لي إشرَب هنياً
وخذها بالكبير وبالصغير
وكنتَ إذا نظرت ولو عجوزاً
سللتَ سلول غرمولِ الحمير
فإنَّ الله يعفو عن كثير
وميَّزتَ الإناث على الذكور
تركتَ طريقتي وفررتَ عني
فِرارَ الكلب من أسَدٍ هصور
وتوبتك التي كانتْ نفاقاً
غرورٌ وانغماسك في الغرور
كصبغ الشيب ينصلُ بعد يومٍ
ولمَ يَبْعُدْ مداه عن الظهور
وماكتبتْ لتخطر لي ببال
ولا اختلجت وشيبك في الضمير
لئِنْ أخذوا عليك بها عهوداً
بما كتَبَتْ يداك من السطور
فعد عنها إلى ما كنت فيه
كمن شمَّ الفسا بعد العبير
وأكثرْ مااستطعت من المعاصي
فإنَّ يعفو عن كثير
وننعمُ بالملاح بخفض عيش
مدى الأوقات من بمٍّ وزير
فإن حضر الفساد وغبتَ عنه
ولم تكُ من يُعَدّ من الحضور
لسَوَّدْتُ الصحائفَ فيك هجواً
وإتّي اليوم أهجى من جرير
تطيعُ مشورَتي وترى برأيي
وحَقَّ المستشير على المشير
لنقضي العمر في طربٍ ولهوٍ
فمرجعنا إلى ربٍّ غفور
وأنفِق ما ملكتَ ولا تبالِ
فناصرنا ثراءٌ للفقير
فنحن بفضله وندى يديه
كمَن آوى إلى روض نضير
ولا زلنا بشرعته وروداً
ورودَ الهيم من عذبٍ نمير
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا ناجياً نحوَ كلِّ مَكْرُمَة ٍ
يا ناجياً نحوَ كلِّ مَكْرُمَة ٍ
رقم القصيدة : 22354
-----------------------------------
يا ناجياً نحوَ كلِّ مَكْرُمَة ٍ
يَبْلُغُ فيها أعاليَ الرُّتَبِ
وطالباً بالكمال ما عَجَزَتْ
فحولُ قومٍ عن ذلك الطلبِ
ومِن سهام الآراءِ فكرتُه(23/100)
إنْ يرمِ فيها أغراضه يصبِ
إنَّ الكتاب الذي نظرتَ به
أبلَغُ ما ألَّفوه في الكتب
فلو تأمَّلَت في دقائقه
لقلْتَ هذا من أعجب العجب
إنْ أطلقوا لفظة الكتاب فما
يشارُ إلاّ إليه في الكتب
وغيره لا يفيدني أرباً
وأينَ كتبُ النحاة من أربي
لأن هذا الإمام أعلمُ خلـ
ـق الله في نحو منطقِ العرب
ولم يزل وهو مرجعهم
لدائرات العلوم كالقطب
قد ناظرتْه الحسّاد من حَسَدٍ
فغالبته بالزُّور والكذب
وراح يطوي الأحشاء من أسف
لكتمهم فضله على لهب
وأدركتْه فمات مغترباً
بأرض شيراز حرفة ُ الأدب
فإن تكن أنتَ عاشقه
لما حوى طيُّه من النخب
نقلته إن أردت نسخته
ولا أبالي بشدَّة التعب
وليس نقلي له على طمعٍ
ولا لمال يُرجى ولا نشب
إنّ أياديك منك سابقة ً
عَليَّ قدماً في سالف الحقب
هذا لساني يعُوقُه ثِقلٌ
وذاك عندي من أعظم النوب
فلو تسبَّبْتَ في معالجتي
لنلتَ أجراً بذلك السبب
وليسَ لي حرفة ٌ سوى أدبٍ
جمٍّ ونظم القريض والخطب
من بعد داوود لا حرمتُ منى ً
فَقَدْ مَضَتْ دولة ُ الأدب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نؤمِّل أنْ يطول بنا الثَّواء
نؤمِّل أنْ يطول بنا الثَّواء
رقم القصيدة : 22355
-----------------------------------
نؤمِّل أنْ يطول بنا الثَّواء
ونَطْمعُ بالبقاء ولا بقاء
وتُغرينا المطامعُ بالأماني
وما يجري القضاءُ كما نشاء
تحدِّثنا بآمالٍ طوالٍ
وليسَ حديثها إلاّ افتراء
وإنّ حياتنا الدنيا غرورٌ
وسعيٌ بالتكلّف واعتناء
نُسَرُّ بما نُساءُ به ونشقى
ومن عَجَبِ نُسَرُّ بما نساء
ونضحك آمنين ولو عقلنا
لحقَّ لنا التغابن والبكاء
إلامَ يَصُّدنا لَعِبٌ ولهو
عن العظة التي فيها ارعواء
وتنذرنا المنون ونحن صمٌّ
إذا ما أسمع الصمَّ الندراء
وأيَّة لذَّة في دار دنيا
تلذُّ لنا وما فيها عناء
ستدركنا المنيَّة ُ حيث كنا
وهلْ ينجي من القدر النجاء
ظهرنا للوجود وكلُّ شيء
له بدءٌ لعمرك وانتهاء
لئنْ ذهبت أوائلنا ذهاباً(23/101)
فأوَّلُنا وآخرنا سواء
نودّع كلَّ آونة حبيباً
يعزُ على مفارقه العزاء
فما يأتي الزمان له بثانٍ
إلى حيث السعادة والشقاء
ولو يفدى فديناه ولكنْ
أسيرُ الموت ليس له فداء
مَضَتْ أحبابنا عنّا سراعاً
إلى الأخرى وما نحن البطاء
وما قلنا وقد ساروا خفافاً
إلى أينَ السُرى ومتى اللقاء
بمن فيه المدائحُ والرثاء
لما استوفى حقوقَهُم البكاء
متى تَصفو لنا الدنيا فنَصفو
ونحنُ -كما ترى - طين وماء
فهذا السقم ليس له طبيبٌ
وهذا الداء ليس له دواء
فقدنا لا أباً لك من فقدنا
فحلَّ الرُّزءُ إذ عظمَ البلاء
وبعد محمَّد إذ بان عنا
على الدنيا وأهليها العفاء
لقد كانت به الأيام تزهو
عليها رونق ولها بهاء
وكان الكوكب الهادي لرشد
يضلُّ الفهم عنه والذكاء
وكان العروة الوثقى وفاءً
لمن فيه المودة والإخاء
فيأوي من يضام إلى علاه
ويعصِمُه من الضَّيم الإباء
علا أقرانه شرفاً ومجداً
كما تعلو على الأرض السماء
عصاميُّ الأبوَّة والمعالي
له المجدُ المؤثَّل والسناء
وما عقدت يدٌ إلاّ عليه
إذا عُدَّ الكرامُ الأتقياء
سقاك الوابل الهطّال قبراً
ثوت فيه المروءة والسخاء
وحيّاك الغمام بمستهلٍ
يصوب فترتوي الهيم الظِماء
قد کستُودِعْتَ أكرَم من عليها
فأنتَ لكلّ مكرمة وِعاء
وقد واريت من لو كان حيّاً
لضاقَ بفضله الواقي الفضاء
وقد أُفْعِمتَ من كرم السجايا
وطيّبها كما فُعِمَ الإناء
فأصبحَ منك في جنات عدن
بدار الخلد لو كشفَ الغطاء
مضى فيمن مضى وكذاك نمضي
وغايتنا -وما نبقى - الفناء
فما يأتي الزمان به بثانٍ
إلى الدنيا ولا تَلِدُ النساء
فقدناك ابنَ عثمانٍ فَقُلنا
فَقَدْنا الجودَ وانقطع الرجاء
ستبكيكَ الأيامى واليتامى
وترثيك المكارم والعلاء
وكنتَ علمتَ أنَّك سوف تمضي
ويبقى الحمدُ بعدك والثناء
فما قصَّرتَ عن تقديم خير
تنالُ به المثوبة ُ والجزاء
تفوزُ ببرك الآمال منا
ويرفع بالأكفِّ لك الدُّعاء
إذا وافَت إلى مغناك فازت
ذوو الحاجات واتصل الحباء(23/102)
رزقتَ سعادة الدارين فيها
وإنْ رغِمَت عداك الأشقياء
لوجه الله ما أنْفَقْتَ لا ما
يراد به افتخارٌ واقتناء
قضيتَ وما انقضى كمدي وحزني
عليك وما أظنُّ له انقضاء
يذكرنيكَ ما وافى صباحٌ
وما أنساك ما وافى مساء
وما قَصُرَتْ رجال بني زهير
وفيك لها اقتفاء واقتداء
بنيتَ لهم على العَيُّوق نجماً
وشيِّد بالعلى ذاك البناء
بدور مجالسٍ وأسودُ غيلٍ
إذا الهيجاءُ حان بها اصطلاء
شفاءٌ للصدور بكلّ أمرٍ
إذا مرضت وأعياها الشفاء
وخيرُ خليفة الماضين عنا
سليمانٌ وفيه الاكتفاء
وقاسم من زكا أصلاً وفرعاً
وما في طيب عنصره مِراء
إذا زكتِ الأصول زكتْ فروع
فطاب العود منها واللّحاء
هو الشمسُ التي بزغتْ ضياءً
فلا غربت ولا غرب الضياء
أعزِّيه وإنْ عَزَّيْتُ نفسي
عليه رحمة وسجالُ عفوٍ
من الرحمن ما طلعت ذكاء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لله منزلُ جابرٍ من منزلٍ
لله منزلُ جابرٍ من منزلٍ
رقم القصيدة : 22356
-----------------------------------
لله منزلُ جابرٍ من منزلٍ
فيهِ الكرامة ُ للمحبَّ الزائرِ
رفعتْ قواعده وشيد بناؤه
لمكارمٍ وأكارمٍ وأكابر
ملأتْ قلوبَ الزائرين مسرَّة ً
فَغَدَتْ تقرّ بها عيون الناظر
من كلّ ما جمعت بخدمة جابرٍ
من شادنٍ أحوى وليثٍ خادر
حاز الشجاعة والسَماحة فارتقى
رتب العلى من سؤدد ومفاخر
تَرِدُ العفاء مناهلاً من جوده
الوافي وتصدُرُ بالعَطاء الوافر
شَهِدَتْ مبانيه بحسن صنيعه
وبما يجدّد من بديع مآثر
حلَّ الأميرُ أبو المكارم جابرٌ
فيها فزالت بالبهاء الباهر
ولقدْ نزلتُ بها فقلتُ مؤرِّخاً
دارُ الإمارة قد بنيتِ بجابر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد
ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد
رقم القصيدة : 22357
-----------------------------------
ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد
وخَوافي الجَوى عليَّ بَوادي
ورَواحي مع الهوى وغدوّي
لا عَداها يوماً مصبُّ الغوادي(23/103)
وبياض المشيب سوَّدَ حظي
عندَ بيض المها سوادَ المداد
يا ابن ودّي وللموَّدة حقُّ
فاقضِ إنْ شئتَ لي حقوق الوداد
وأعِد لي ما كان من برحاء
كنتُ منها في طاعة وانقياد
يومَ حانَ الوداع من آل ميّ
فأرانا تفتُّتَ الأكباد
تركوا عَبرتي تصوب ووجدي
في هياجٍ ومهجتي في اتّقاد
هلْ علمْتُمْ في بينكم أنَّ عيني
لم تذق بعدكم لذيذ الرقاد
لا أذوق الكرى ولا أطعمُ الغمـ
ـض ولا تَنثني لطيفٍ وسادي
واللّيالي التي تَمَرُّ وتمضي
ألَّفَتْ بين مُقلتي والسُّهاد
كلّ يوم أرى اصطباري عنكم
في انتقاص ولوعتي في ازدياد
قد أخذتم مني الفؤاد فردّوا
في تَدانيكم عَليَّ فؤادي
وأعيدوا ما كان منّا ومنكم
وليكنْ ما جرى على المعتاد
أينَ عهدي بهم فقد طال عهدي
فسقي عهدهم بصوب عهاد
فمرضي في هواك زدني سقاماً
فَلَعلّي أراك في عوّادي
فدموعي على هواك غزلرٌ
وفؤادي إلى رضابك صادي
يا عذولاً يظُّنُّ أنَّ صلاحي
في سلوِّي وذاك عينُ فسادي
أنا فيما أراه عنكَ بوادٍ
في هيامي وأنت عنّي بواد
إنّما أعينُ الظّباء وما يجـ
ـهل منها مصارع الآساد
ما أراني من القوام المفدّى
ما أراني من القنا الميّاد
ولحاظٍ كأنَّهنَّ بقلبي
مرهفات سلَّت ممن الأغماد
أيُّ قلب عذَّبته بصدودٍ
ودُنُوٍّ نَغَّصَته ببعاد
لم يفدني تطلُّبي من ثمادٍ
أبتغيه ورقة ٍ من جَماد
ما لحظي من اغترابي وما لي
مُولعٌ بالإتهام والإنجاد
ويد البين طالما قذفتني
غُرَّة ً في دكادك ووهاد
وتَقَلَّبْتُ في البلاد وماذا
أبتَغي من تَقَلُّبي في البلاد
ليتَ شعري وليتني كنتُ أدري
ما مرامي من النوى ومرادي؟
وببغدادَ من أحاولُ فيها
أشْرَفُ الحاضرين في بغداد
وهو عبد الرحمن نجلُ عليٍّ
علويُّ الآباء والأجداد
ألتّقي النقّي قولاً وفعلاً
والكريمُ الجواد وابنُ الجواد
رفعَ الله ذكره في المعالي
من عليِّ العلى رفبع العماد
شَرفٌ باذخ ورفعة ُ ذكر
رغمت عندها أنوفُ الأعادي
هكذا هكذا المكارم تروى
والمزايا من طارف وتلاد(23/104)
ساد بالعلم والتفى سيّد النا
س فخاراً للسّادة الأمجاد
يَقتَني المال للنّوال وإنْ كا
ن لَعَمري فيه من الزهاد
شرح الله صدره فأرانا
في سواد الخطوب بيض الأيادي
كم روتنا الرُّواة عنه حديثاً
صَحَّ عندي بصحَّة الإسناد
وأعَدْتُ الحديثَ عنه فقالوا
ما أحيلى هذا الحديث المعاد
فَيُريني حلاوة الجود جوداً
وأريه حَلاوة َ الإنشاد
علم الله أنَّه في حجاهُ
مفردُ العصر واحدُ الآحاد
صَيْرَفيّ الكلام لفظاً ومعنى ً
من بصير بذوقهِ نقَّاد
يعرف الفضل أهْلَه وذَووه
وامتياز الأضداد بالأضداد
إن تغابت عنه أناسٌ لأمر
أو عَمَتْ عنه أعينُ الحسّاد
فكذاك البياض وهو نقيٌّ
مبتلى في نقائه بالسواد
يابني الغوث والرجوع إليكم
حينَ تعدو من الخطوب العوادي
يكشف الله فيكم الضُرَّ عنا
وبكمْ نَقْتَفي سَبيلَ الرشاد
كيف لا نستمد من روح قوم
شُفَعَاءٍ لنا بيوم المعاد
ورضي الله عنهم ورضوا عنه
خيار العباد بين العباد
فولائي لهم وخالص حبّي
هو ديني ومذهبي واعتقادي
فعلى ذلك الجناب اعتمادي
وإلى ذلك الجناب استنادي
فضلكم يشمل العفاة جميعاً
ونداكم للصّادر الوارّد
إن الله فيكم كنز علمٍ
ما له ما بقيتم من نفاد
إنْ حدا هذه القصائد حادٍ
فلها من جميل فعلك حادي
وعليكم تملي القوافي ثناءً
عطراتِ الأنفاس في كلّ ناد
وإذا ما أردْتُ مدحَ سواكم
فكأني اخترطت شوك القتاد
ربحت فيكم تجارة شعري
لارماها في غيركم بالكاد
أنا في شكركم أروح وأغدو
فأنا الرائحُ الشكورُ الغادي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَتى يَشتَفي هذا الفؤاد المتَيَّمُ
مَتى يَشتَفي هذا الفؤاد المتَيَّمُ
رقم القصيدة : 22358
-----------------------------------
مَتى يَشتَفي هذا الفؤاد المتَيَّمُ
ويقضي لباناتِ الهوى فيك مُغْرَمُ
أبيتُ أداري الوجد فيك صبابة ُ
وأسهرَ ليلي والخليّون نوَّمُ
أجيب دواعي الشوق حيث دعونني
وإن أكثرتْ لومي على الحبّ لوَّمُ
وأهرقُ من عينيَّ ماء مدامِع(23/105)
وفي القلب منّي لوعة تتضرّم
وأشكو إليك الشوق لو كنتَ سامعاً
ومن لي بمشكوٍّ يرقُّ ويرحم
إلام أذيعُ الوجد عندك أمره
وأظهر ما أخفي عليك وأكتمُ
أعلِّلُ نفسي في تدانيك ضلّة
وما هو إلاّ من ذؤابة هاشم
ولي حسرة ما تنقضي وتلهُّفُ
ومن مرسلاتِ الدّمع فذٌ وتوأم
وللصَّب آياتٌ تدلُّ على الهوى
تصرِّح أحياناً به وتجمجم
وليلٍ أقاسيه كأنَّ نجومه
غرانيقُ في مَوج من اليَمِّ عُوَّمُ
بمعترك بين الأضالع والحشا
ينازلني للهمَّ جيش عرمرمُ
كأنّ بصدري من تباريح ما رأى
صدورَ العوالي، والقنا المتحطم
أمَضَّ بأحشائي غرامٌ مبرِّحٌ
وأعضلَني داءٌ من الوجد مؤلم
عَدَتْك العوادي إنّما هي زفرة
تطيش بأحناء الضلوع وتحلم
لقد بَرَّحَت بي وهي في بُرَحائها
سواجع في أفنانها تترنم
تعيد علينا ما مضى من صبابة
وتملي أحاديث الغرام فنفهم
ولم أنسَ لا أنسى الديار التي عفتْ
طلول لها تشجي المشوق وأرسمُ
وقوفاً عليها الركب يقضُون حقّها
كأنَّهم طيرٌ على الماء حوّم
تذكّرنا ما كانَ في زمن الصّبا
إن طال فيها عهدها المتقدّم
وعيشاً قضيناه نعيماً ولذَّة
هو العيش إلاّ أنَّه يتصرّم
خليليَّ ما لي كلّما عن ذكرهم
وجئ بأخبارِ الأناشيد عنهمُ
أكفكفُ من عيني بوادرَ عبرة
وأبكي لبرقٍ شمته يتبسَّم
رعى الله جيراناً مُنيتُ بحبّهم
أحَلُّوا دمي في الحبّ وهو محرّم
رَعَيْتُ بهم رَوض المحبّة يانعاً
وحكّمْتُهم في مُهجتي فتحكّموا
ألا في مجيري يالقومي ومسعدي
على ظالمٍ في حكمه يتظلّم
هم أعوَزُوني الصَّبرَ بعد فراقهم
وسار فؤادي حيث ساروا ويمموا
بنفسي الظعون السائرات كأنها
بدور تداعت للمغيب وأنجم
إذا زُحزحت عنها اللئام عشية ُ
أضاء بها جنح من الليل مظلم
أيزعم واشي الحب أني سلوتهم
ألا ساء واشي الحب ما يتوهم
خلا عصرنا هذا من الناس فارتقب
أناسا سواهم تحسن الظن فيهم
وما بعد سليمان النقيب من امرئ
ببغداد من يُعزى إليه التكرُّم
بذي طلعة تنبيك سيماؤها العلى(23/106)
ويصدق فيها القايف المتوسم
عليه وقارٌ ظاهرٌ وسكينة ٌ
يُمثّلُ رضوى دونَها ويَلَمْلَم
من السادة الغرِّ الميامين سيّد
أعزُّ بني الدنيا وأندى وأكرمُ
وما هو إلاّ من ذؤابة
هو الرأس فيهم والرئيس المقدم
تناخُ لديه للمطامع أنيقٌ
إذا حثحثَ لاركبُ المطيَّ ويمَّموا
فما دون هذا الشهم للوفد مقنع
ولا عبده في البّر للناس مغنم
لنا من أياديه وشاملُ فضله
مواهبُ تَتْرى من لدنه وأنْعُم
تَصَدَّر في دَسْتِ النقابة سيّداً
وما لسواه في الصدور التقدم
نَهُزُّ معاليه لكلِّ مُلمَّة ٍ
كما هُزَّ للطَّعنِ الوشيجُ المقَوَّم
وما زال كالسّيف المهنَّد يُنتضى
عرا كلِّ خطبٍ في غراريه تفصم
تمسَّكتُ بالحيل الذي منه لم يرمْ
بحادثة ِ الدنيا ولا يتصرم
وفي كل يوم من أياديه نعمة
مكارمُ تُسْتَوفى ورزقٌ يقسَّم
فلِلفضلِ في أيّامه البيض موسمٌ
وللجُودِ منه والمكارم موسم
بطلعتِه نستطلع الشمسَ في الضحى
ويَنجابُ من ليل الخطوب التجهُّم
وذي همة ٍ أمضى من لاسّيف حدُّها
لأظفار أحداثِ الزمان تقلّم
تطير بذكراه القوافي شوارداً
فتنجدُ في أقصى البلاد وتُتْهم
أبا مصطفى لم أرو مدحَك لامرىء
من الناس ألاّ قال هذا مسلَّم
لتهنا قريشٌ حيث كنتَ زعيمَها
تبجَّل في أشرافها وتعظَّم
ومن كان عبد القادر الشيخ جدّه
فماذا يقول المفصِحُ المتكلم
وكم نعمة ٍ أوليتني فشكرتها
ولو لم يَفُه منّي لسانَ ولا فم
فما ساغ لي إلاّ بفضلك مشربٌ
ولا لذّ لي إلاّ بظلِّك مطعم
لكلّ امرىء ٍ حظٌّ لديك من الندى
فلا أحدٌ من نيل جدواك يحرم
إليكَ ولا منٌّ عليك قوافياً
بأوصافك الحسنى تصاغُ وتنظمُ
إذا أفصَحَتْ عن كنه ذاتك غادرت
حسودك في إعرابها وهو أبكم
ومنك ثرائي حيث كنتُ وثروتي
وما زال يثرى في نوالك معدم
رأيتُ بك الدنيا كما شئت طلقة
وعيشي لولا شهدُ جودك علقم
خَدَمْتُك بالمدح الذي أنت أَهْلُه
ومثلك يا مولايَ بالمدح يُخدَم
أرى الشعر إلاّ فيك ينقص قدره
وديناره في غير مدحك درهم(23/107)
ونثني عليك الخير في كل ساعة ٍ
ونبتدئ الذكرَ الجميلَ ونختم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذه ادارُ وهاتيك المغاني
هذه ادارُ وهاتيك المغاني
رقم القصيدة : 22359
-----------------------------------
هذه ادارُ وهاتيك المغاني
فَسَقاها بِدَمٍ أحْمَر قاني
دَنِفٌ عَبْرَته مُهراقة ٌ
مثلما أهرقت الماءَ الأواني
في رسومٍ دارسات لقيتْ
ما يلاقي الحرُّ في هذا الزمان
كان عهد اللهو فيها والهوى
خَضِلَ المنبَتِ حلويَّ المجاني
تزدهي بالغيد حتى خَلْتُها
روضة ً تنبتُ بالبيض الحسان
تتهادى مثل بانات النقا
بقدودٍ خطرت من خوطِ بان
أثمرَتْ بالحسن إلاّ أنّها
لم تكنْ مدَّتْ إليها كفُّ جاني
فاتكاتٍ بعيون من ظباً
طاعناتٍ بقوامٍ من سنان
مَنْ مُجيري من هواهنَّ وما
حِيلتي بين ضِرابٍ وطعان
أهوَنُ الأشياء فيهنّ دمي
والهوى أكبر داعٍ للهوان
قد رماني شادنٌ من يَعرُبٍ
لا رمى الله بسوءٍ من رماني
مستبيحاً دَم صبٍّ طَلَّهُ
سهمُ عينيه حراماً غير واني
حسرة ً أورثتُها من نَظرة ٍ
ما لها في ملتقى الصَّبر يدان
يا لها من نظرة ٍ يشقى بها
دون أعضائي طرفي وجناني
نفرتْ أسرابُ هاتيك المها
وذوى من بعدها غصنُ الأماني
وتناثرنَ عقودا طالما
نظمتْ في جمعنا نظم الجمان
ما قضى ديني عنّي ماطل
كلّما استقضيته الدين لواني
يا أحبائي على شطح النوى
كم أعاني في هواكم ما أعاني
مستلذّاً في أحاديثكم
لذَّة َ الشارب من خمر الدّنان
ما صحا فيكم لعمري ثملٌ
لمْ يذقْ راحاً ولا طاف بحان
أترى الورقاءَ في أفنانها
قد شجاها في هواكم ما شجاني
فكأنْ قد أخَذَتْ من قَبلها
عَن قماري الدَّوح أقمارُ القيان
رابَ سلمى ما رأت من همة
نهضت مني وحظٍّ متوان
لم تكن تدري ومن أينَ لها
مَبْلَغُ العلم وما تعرفُ شاني
واثقاً بالله ربي والغنى
من ندى عبد الغنيِّ في ضمان
قرن الإحسان بالحسنى َ معاً
فأراني فيهما سعدَ القران
لم يَرُعني حادثٌ أرهَبُه
أنا ما عشتُ لديه في أمان(23/108)
هو ركنُ المجدَ مَبنى فخره
لا وهتْ أركان هاتيك المباني
جعلَ الله به لي عصمة ً
فإذا استكفيته الأمرَ كفاني
ففداه من لديه ما له
بمكان الرّوح من نفس الجبان
ثاني اثنين مع الدُّرِّ سنى ً
واحدٌ ليس له في الناس ثان
عجبٌ منه ومن أخلاقه
لو تَتَبَّعْتَ أعاجيب الزمان
كَرمٌ محضٌ وبأسٌ وندى
في نجيبٍ قلّما يجتمعان
وأذلَّ المالَ معطاءٌ يرى
عزَّة َ الأنفس بالمال المهان
خضلَ الراحة منهلّ البنان
بسطت أنمله العشرُ فما
زلتُ منها حشوَ جنات ثمان
وله مبتكرات في العلى
ترفع الذكر إلى أعلى مكان
قائلٌ في مثلها قائلها
هكذا تُفْتَضُّ أبكارُ المعاني
رجلٌ في مَوقِفِ الليث له
فتكة ُ البِكرِ من الحَرب العوان
تَحتَ ظلِّ النَّقْع في حَرَّ القنا
فَوقَ رَحِبِ الصَّدْرِ موّار العنان
والمواضي البيض ما إنّ أشرقت
شرقتْ ثمَّ بلونٍ أرجواني
ولك الله فقد أمَّنتني
كلّما عشتُ صروف الحدثان
وإنّما قيَّدتني في نعمة
أطلَقَتْ في شكرها اليومَ لساني
دونك الناس جميعاً والربا
أبَداً تَنْحَطُّ عن شُمّ الرّعان
يا أبا محمود يا هذا الذي
عَمَّ بالفضل الأقاصي والأداني
منزلي قَفْرٌ ودهري جائر
فأجرني سيّدي من رمَضان
وزمانٍ منه حَظّي مثلما
كان حظّ الشّيب من ودِّ الغواني
لستُ أدري والذي في مثله
أنزلَ القرآن والسبعَ المثاني
أفأيّامُ صِيام أقبَلَت
هي أمْ أيامُ بؤسٍ وامتحان
ساءني منه لعمري شَرَفٌ
لي من تلك الحروف الثلثان
لو أدري لي سفراً قطّعته
إرباً بالأنيقُ النجب الهجان
نائياً عن وَطَنٍ قاطنه
يحسُد اللاّطمُ وجهَ الصحصحان
يا غماماً لم يَزل صَيِّبُه
وأكفَ الدِّيمَة آناً بعدَ آن
صُمْ كما شِئت بخيرٍ واغتَنم
أجرَ شهرِ لاصَّوم بالخير المدان
ما جزاءُ الصَّوم في أمثاله
غير ما نوعدُ فيه بالجنان
وتهنّا بعدَه في عِيده
إنَّ أعيادك أيامُ التهاني
لا خلاك الله من دنيا بها
كلّ شيء ما خلا مجدك فان
في زمانٍ أصبحَ الجودُ به
والمعالي أثَرَاً بعدَ عيان(23/109)
شعراء مصر والسودان >> جابر قميحة >> ملحمة النسر واليمامة
ملحمة النسر واليمامة
رقم القصيدة : 2236
-----------------------------------
لك الوكرُ والمجدُ والراسيات
لك السحب والأنجم الباذخهْ
وعند انقضاضك عصف عتيٌّ
تروّع منه الذرا الشامخه
وإما زعقتَ فصوت المصير
يزلزل أطوادها الراسخه
لك السهل والنجد - غير الفضاء
مديد الرحاب رحيب المدى
ومن يتقحم عليك الجواء
فليس له منك غير الردى
ويغدو هباء شريد الدماء
ويصبح درساً لمن هدّدا
وتحصد رزقك أنى تشاء
ولكن من القمم العاليه
مليكا قويامهيب الجناح
تهون عليك القوى العاتيه
فعرشك حيث يكون العلاء
وغيرك للسفح والهاويه
وعشت عيوفاً كريم المقام
رفيع المرام... أبيَّ الشَّمم
لذلك صرت (شعار) الجيوش
يرفرف فوق نواصي الأمم
ورمز الكفاح السعير المرير
إذا دِيسَ منها بأرض حَرَم
****
****
كذلك كنت, فكيف هويت
مغيراً .. تجور على عشها
وتزحف كاللص في ليلها
لتستل بالغدر من قشها
نُخَاعَ صغار ضعاف رقاق
تَمتّعن بالدفء في ريشها
وكانت تعانق شوق الحياة
ويهزج في جانبيها الزَّغَب
فلما هبطت كحلم كئيب
يسد عليها دروب الهرب
تَهرَّبَ من شفتيها الهديل
وأخرسها منك سيف الرَّهَب
فيا ويلها إذ دهاها الغشوم
ومخلبه القاتل.. الأعقف
نهوم بزرع الأسى والجراح
خسيس بغيُّ الهوى مجحف
فأمتع ما يشتهيه الدماء
إذا ما الجراح بها تنزف
****
****
ويطلع فجر مريض الضياء
على (صوصوات) الأسى والألم
وبعض من الريش فوق الغصون
وبعض من القشّ يعلوه دم
وفي السفح تشهد أيكا كئيباً
ضرير الفؤاد.. حطاماً أصم
ونسرًا تخلى عن الناطحات
ليهبط منها .. على قاعها
ويزحف زحف الأفاعي اللئام
كأني به صيغ من طبعها
وينزل ضيفاً عزيزاً عليها
فتكرم مثواه في ربعها
ألم تره باحثاً في التراب
عن الدود أو عن بقايا الرِّمَم
أسير الهبوط الذميم الحقير
ذليل الجناح كسيح الهمم
فما عاد يدعى (مليك الطيور)
ولكن.. عدوَّ العلا والقمم(23/110)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عادَ الفؤاد من الجوى ما عادا
عادَ الفؤاد من الجوى ما عادا
رقم القصيدة : 22360
-----------------------------------
عادَ الفؤاد من الجوى ما عادا
أضحى يُذيلُ له الدُّموعَ ورادا
بل أنتِ قاتلة ُ النفوس فربّما
يأبى قتيلك أن يكون مفادى
قولي لطيفك يا سعادُ يزورني
إنْ سمتِ صبَّكِ جفوة وبعادا
هيهات أن يَصِلَ الخيال لمقلة
جفتِ الرقاد فما تملُّ سهادا
ولكمْ أروحُ بلوعة ٍ أغدو بها
ما راوحَ القلبَ النسيم وغادى
خذ يا هذيم إليك قلبي إنّه
ملأ الجوانح كلّها إيقادا
واسلُك بصحبك غير ما أنا سالك
فيه ومُلْقٍ للنياق قيادا
حذراً عليك من الصّريم فربّما
قنصتْ لحاظ ظبائه الآسادا
تلك الأحبة في الغميم ديارها
جاد الغِمام ديارها وأجادا
من مثقلات المُزن ألقى رحلَه
فيها وشقّ على الطلول مزادا
يستلّ منه البرقُ بيض سيوفه
منها وما كانت لها أغمادا
ما قادتِ الرّيح الجنوب زمامه
إلا وطاوع أمرها وانقادا
وسقاك دفّاع الحيا من أربُع
لم أخشَ فيها للدّموع نفادا
وقفت بنا فيها المطيُّ فخلتها
فقدتْ لها بالرّقمتين فؤادا
وأبَتْ براحاً عن طوامِس أرْسُمٍ
أضحت لها ولصحبها أقيادا
هل أنتِ ذاكرة ٌ، وهاج بك الجوى ،
مرعى ً وماءً عندها مبرادا
واهاً لعيشك بالغوير لقد مضى
ورأيتُ بعد نعميه أنكادا
ولقد رأيتُ الدار تُدمي أعيناً
غرقى ويحرق دمعها الأكبادا
فنحرتُ هذا الطرف في عرصاتها
فمدامعي مثنى ً لها وفرادى
وسقيتُها بالدمع حتّى لو سقى
وبلُ الغمام رسومها ما زادا
يا وُرْقُ!أين غرام قلبِك من شجٍ
جعل النُّواح لشجوه معتادا؟
أو تشبهين الصَّبّ عند نُواحه
ولقد بخلت بمدمعيك وجادا
بلغ البكاء من الشجيّ مراده
منه وما بلغَ الشجيُّ مرادا
فمتى خمودُ النار بين جوانحي،
والنّارُ آونة ً تكون رمادا؟
ومسالمات الحادثات وأن أرى
زمني لأمري طائعاً منقادا
أنّى يسالمني الزمان وقد رأى
هِمَمي على حرب الزمان شدادا(23/111)
وعداوة الأيام ليست تنقضي
والحرُّ في هذا الزمانُ معادى
لولا جميل أبي الثناء وإنّه
يولي الجميل ويكرم الوفّادا
قَلْقَلْتُ عن أرضِ العراق ركائبي
وسَكَنْتُ غيرك يا بلاد بلادا
هو مُورِدي ما لم أرِدْهُ من النّدى
لولاه لم أكُ صادراً ورّادا
ومطوّقٌ جيدي بنائله الذي
ملك الرقاب وطوَّق الأجيادا
متفرّد بالفضل يعرف قدره
من يعرِف الأفراد والآحادا
إن قلت: ما بالخافقين نظيره،
أوْرَدْتُ فيا قلته أشهادا
هذي البلاد وهذه علماؤها
هل فاخرت بنظره بغداد؟
إن الشريعة أُلبست بجَنابه
تاجاً وألبسه التقى أبرادا
أجداده بنتِ العلاءَ وشيَّدتْ
فبنى على ذاك البناء وشادا
وكأنّما أقلامُ أنماه غدتْ
زرقاً على أهل العناد حدادا
وكأنّما جُعِلَ الصَّباحُ لُخَطِّه
معنى ً ومسودُّ الظلام مدادا
نهدي إلى عين القلوب سطوره
نوراً يخال على البياض سوادا
لله فضلك في الوجود فإنّه
تَرَك البريَّة كلّها حسادا
عزّ النظيرُ لمثل فضلك بينهم
فليطلبوا لك في السما أندادا
لو أنصفوا شكروا مواهب ربّهم
إذ كنتَ للدين القويم عمادا
أحْيَيْتَ عِلْمَ الأنبياء وقد أرى
بوجود ذاتك رجعة ً ومعادا
ولأنتَ أجرى السابقين إلى مدى ً
ولأنت أورى القادحين زنادا
لحقتْ مداك اللاحقون فقصَّرتْ
ولو أنها ركبت إليك جيادا
ولقد جريت على مذاكي همّة
لا تَسأم الإتهام والإنجادا
ها أنتَ في الإسلام أكبرُ آية ً
لله تمحو الغيَّ والإلحادا
فإذا نطقت فحجَّة مقبولة
أو قلتَ قلتَ من الكلام سدادا
ما أمَّ فضلَك مستفيدٌ في الورى
إلا استفاد فضيلة ً وأفادا
لولا ورودُ بحار علمك إذ طمت
لم تعرف الإصدار والإيرادا
ولكم زرعتَ من الجميل مكارماً
لا ترتجي مما زرعت حصادا
ولك الجميل إذا قبلت مدائحاً
أنشدتها لكَ معلناَ إنشادا
فليهنك العيدُ الجديد ولم تَزَلْ
أيّام دهرِك كلَّها أعيادا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تنفَّسَ عن وَجْدٍ تَوقَّدَ جمرُهُ
تنفَّسَ عن وَجْدٍ تَوقَّدَ جمرُهُ(23/112)
رقم القصيدة : 22361
-----------------------------------
تنفَّسَ عن وَجْدٍ تَوقَّدَ جمرُهُ
فأجرى مَسيلَ الدَّمع يَنهلُّ قَطرُهُ
وبات يعاني الهَمَّ ليس ببارحٍ
على قلبه إقدامه ومكرُّه
تمنّى وما يغني التمنّي مطالباً
حَرِيٌّ به لولا الدَّنيَّة ُ دهره
ودون أمانيه عوائق جمّة
يضيق لها في المنزل الرحب صدره
تحمَّل أعباءُ المتاعب والتقى
على غرّة صرف الزمان وغدره
وأشقى بني هذا الزمان أريبه
وأتعبُ من فيه من الناس حرُّه
وربَّ خميص البطن مما يشينه
ينوءُ بأثقال الأبوَّة ظهره
له كلّ يوم وقفة بعد وقفة
يهيجُ جوى أحشائه وتقرّه
يطول مع الأيام فيها عتابه
ويسهر ليلاً ما تبلّجَ فجره
يشيم سنا برق المطامع وامضاً
تألَّقَ إلاّ إنّه لا يغرّه
فأمسى يغضّ الطرف عنه ودونه
وقوف الفتى يفضي إلى الضّيم أمره
وحالَف مختاراً على العزّ نفسه
إباءً ولم يُؤخَذْ على الذُلِّ إصره
بنفسي امرؤ يقسو على الدهر ما قسا
ولم يتصدَّع في الحوادث صخره
إذا ما رأى المرعى الدنيّ تنوشه
يَدُ الرذل يُستحلى مع الهون مرُّه
تَناول أفنان الخُصاصة وارتدى
بفاضل ذيل الفخر يُسْحَبُ طمره
جليد على عسر الزمان ويسره
وما ضَرَّه عُسُر الزمان ويسره
فلا البؤسُ والإقلال مما يسوؤه
وليس ثراءُ المال مما يسره
لئن تخلص الإبريزَ نارُ التجارب سكبه
إلى ٌ أنْ صفا من شائب الزِّيف تبره
قريبُ مجاني الجود من مستميحه
بعيدٌ على من سامهُ الخسفَ غوره
فلا يأمنَّن الدهرَ مكري فإنّني
من القوم لم يؤمن بمن ساء مكره
وما أنا بالمدفوع إن ضيم شرّه
ولا أنا بالممنوع إن سيمَ خيره
منحتُ الصّبا عذب الموارد في الهوى
بمبتسم باللؤلؤ الرطب ثغره
قضيتُ به عهد الشباب وعصره
فهل راجعٌ عهدُ الشباب وعصره؟
تفتَّحَ نوّار المشيب بلمَّتي
وأينعَ في روض الشبيبة زهره
وما فاتني هذا الوقار الذي أرى
إذا فاتني وصل المليح وهجره
صحا والهوى العذريُّ باقٍ خماره
بنشوانَ من خمر الصبابة سكره(23/113)
معذّبتي من غير جُرم يلومها
وأعذبُ شيءٍ في هواكِ أمرَّه
أرابك منّي أنْ أقمتُ بموطن
تجوعُ ضواريه وتشبع حمره
وكيف أخاف الفقر أو أُحرم الغنى
هذا ندى عبد الغنيّ ووفره
فلا زال موصولاً من الله لطفه
إليَّ ومسبولاً من الله ستره
بأبلج وضاح الجبين أغرّه
فللّه وضّاح الجبين أغرّه
كما لم يزل منّي عليه ولم يَزَلْ
ثنائي على طول الزمان، وبرّه
كفاني مهمّات الأمور جميعها
فما سرَّني أن ساءني الدهر غيره
وما بات إلاّ وهو في الخطب كالئي
بطرف يريع الدهر إذ ذاك شزره
وما لامرئٍ عندي جميلاً أعدُّه
وكيف وقد غطّى على البحر نهره
وإنَّ الجميل المحضَ معنى ً وصورة ً
خلائقه بين الأنام وذكره
حياة جميل الصنع فيها حياته
وعمر المعالي والأبوّة عمره
حياض العطاء المستفاض أكفُّه
ومن فيضها جزل العطاء وغمره
يمينٌ كصوب المزن يهرق جودها
ووجه كروض الحزن قد راق بشره
دعاه إلى المعروف من نفسه لها
وتلك سجاياه وذلك طوره
أدَرَّتْ له أخْلاف كُلِّ حَلُوبَة ٍ
من المجد حتّى قيل لله دَرُّه
تتصّل هذا الدهر من ذنبه به
فلا تعتبنّ الليل والصبح عذره
فما ذنبه من بعد ذلك ذنبه
ولا وزره من بعد ذلك وزره
ولي منه ما أهدي لديه وأبتغي
ومنّي له المدح الذي طاب نشره
فيا قمراً في أفق كلّ أبية ٍ
سريع إلى المعروف والبرّ سيره
فداؤك نفسي والمناجيب كلّها
ومن سرَّه في الناس أنَّك فخره
أفي الناس إلاّ أنتَ من عَمَّ خيرُه
بيوم على الدنيا تطايَرَ شرّه
وما غيرك المدعوُّ إن شبَّ جمرها
وأنشبَ نابُ الخطب فينا وظفره
قواضٍ على صرف الحوادث بيضه
مواضٍ لعمري في الكريهة سمره
إذا ما غزا معروفه النكر مرَّة ً
فللّه مغزاه وبالله نصره
تدفَّق في حوض المكارم جوده
وحَلَّق في جَوٍّ من الفخر صقره
فهل يعلمنَّ المجدُ أنّك فخره
وهل يَعْلَمنَّ الجود أنَّك بحره
ومستعصم بالعزِّ منك وثوقه
إليك إذا هاب الدنايا مفره
وما خفيت حال عليك ظهروها
وكيف وسرُّ العَبد عندك جهره(23/114)
فلا تحسبّني من ثراك مملّقاً
وربَّ غنيٍّ ليس يبرح فقره
وليس فقيراً من رآك له غنى ً
ولا آيساً من أنتَ ما عاش ذخره
فشكراً لأيديك التي قد تتابعت
إليَّ بما يستوجب الحمد شكره
ولو نظم الجوزاء فيك لما وفى
بها نظمه المثني عليك ونثره
وما يملأ الأقطار إلاّ ثناؤه
ويعذب إلاّ في مديحك شعره
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ليالينا على الجرعاء عودي
ليالينا على الجرعاء عودي
رقم القصيدة : 22362
-----------------------------------
ليالينا على الجرعاء عودي
بماضي العيش للصَّيبِّ العميدِ
بحيث منازلُ الأحباب تزهو
ونظمُ الشمل كالدر النضيد
وفي تلك المنازل لا عداها
حَياً ينهلّ من ذات الرعود
مسارح للمها يسخن فيها
وإنْ كانتْ مرابضَ للأسود
تعلَّقها هوى قيس لليلى
سوانح ربرب وقطيع غيد
هنالك تفتك اللحظات منها
وتنتسب الرماح إلى القدود
وكم فيا لحيّ من كبدٍ تلظّى
وتصلى حرَّ نيران الخدود
ولما أنْ وقفت بدار ميٍّ
سقتك بمستهلّ المزن قطرٌ
وشاك الحيا وشي البرود
فأينَ ملاعب الغزلان فيها
وصفو العيش في الزمن الرغيد
وفي تلك الشفاه اللُّعس ريٌّ
فواظمأ الفؤاد إلى الورود
وما أنسى الإقامة في ظلالٍ
على ماء من الوادي برود
تُغَنّينا من الأوراق وُرْقٌ
وتشدونا على الغصن الميود
وتنشدنا الهوى طرباً فنلهو
وتطربنا بذياك النشيد
لقد كانت ليالينا بجَمْعٍ
مكان الخال من وجنات خود
أبيتُ ومن أحبُّ وكأس راحٍ
كذوب التبر في الماءِ الجَمود
وقد غَنَّت فأعربَتِ الأغاني
عن اللذات من نايٍ وعود
فما مالت إلى الفحشاء نفس
ولا ركنت إلى حسناء رود
وما زالت بي الألحاظُ حتى
ألانتْ هذه الأيام عودي
ولم تملك يمين الحرص نفسي
ولا ألوتْ إلى الأطناع جيدي
وليلٍ قد لبست به دجاه
بأردية من الظلماء سُود
لبيدٍ يَفْرَقُ الخريتُ فيها
ولم أصْحَبْ سوى حَنَشٍ وسيد
يجاوبني لديها الحتف نفسٌ
فيلمَسُ ملمَس الصعد الشديد
وتمنع جانبي بيضٌ شدادٌ
ولي بأسٌ أشدُّ من الحديد(23/115)
وكم يوم ركبنا الفلك تطفو
بسيط الماء في البحر المديد
إذا عصفت بها ريحٌ هوت بي
كما يهوي المُصلّي للسجود
فآونة ً تكون إلى هبوط
وآونة ً تكون إلى صعود
ولولا اليوسُفان لما رمت بي
مراميها إلى خطر مبيد
وقد أهوى الكويتَ وأنتحيها
إلى مَغنى محمدها السعيد
إذا طالعت بهجته أرَتْني
مطالعها مطالع للسعود
أنامِلُه جداول للعطايا
وبهجته رياضٌ للوفود
وأكرَمُ من غَدَتْ تُثني عليه
بنو الدنيا بقافية شرود
مفيدٌ كلّ ذي أمل وحاجٍ
يمدُّ إليه راحة مستفيد
وَمُنْتَجَعُ العُفاة ينالُ فيه
مكانة ُ رفعة ومنالُ جود
تَحُطُّ رحالَها فيه الأماني
وتعنيه المدائح من بعيد
وتأوي كلّما آوت إليه
ومأواها إلى ركن شديد
فتى ً من عقدِ ساداتٍ كرام
يتيمة ُ ذلك العقد الفريد
نعمتَ فتى ً من الأشراف خلاًّ
فيا لله من خِلٍّ ودود
ولولا جودُه والفضلُ منه
كما منَّ الوجودُ على وجودي
مناقبُ في المعالي أورثوها
عن الآباء منهمْ والجدود
أسودُ مواطن الهيجاء قومٌ
لهم شرفُ العقول على الأسود
هو الشرف الذي يبدو سناه
فيخضع كلُّ جبار عنيد
ويخمد نورهم ناراً تلظى
وكان الظنّ آبية الخمود
وما اعترف الجحود بها وفاقاً
ولكنْ لا سبيل إلى الجحود
رفاعيٌّ رفيعٌ القدرِ سام
أبيٌّ راغمٌ أنفَ الحسود
ومُبدي كلِّ مكرمة ٍ، معيدٌ
فيا لله من مبدٍ معيد
مكارمُ منعم ونوالُ بَرٍّ
غنيٌّ بالنجاز عن الوعود
وما مَلَكَتْ يداه من طريف
فلم تضع الجميل ومن تليد
عمودُ المجد من بيت المعالي
وهل بينُ يقوم بلا عمود
مَدَحْتُ سواه من نُقباء عصر
فكنتُ كمن تَيَمَمَّ بالصعيد
ولُذْتُ به فَلُذْتُ إذَن بظلٍّ
يمدُّ ظلال جنات الخلود
ولستُ ببارحٍ عن باب قرم
أقيّدُ من نداه في قيود
إذا جرَّدته عضباً صقيلاً
وقفتَ من الحديد على حديد
وإن ذكروا له خلقاً
فقلْ ما شئت بالخلق الحميد
إليك بعثتها أبيات شعر
يسير بها الرسول مع البريد
كقطر المزن يسجم من نمير
وروض المزن يبسم عن ورود
لئنْ كانت بنو الدنيا قصيداً(23/116)
فإنّك بينهم بيتُ القصيد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ
شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ
رقم القصيدة : 22363
-----------------------------------
شَرَّفَ البَصرة َ مولانا المشيرُ
وتوالى البشرُ منه والسرورُ
قَرَّتِ الأعينُ في طلعته
مُذ بدا وانشرَحَتْ منا الصدور
أشرقت في أفقنا وانتهجت
وكذا تطلعُ في الأفق البدور
يرفع الجورَ ويبدي عدله
منصفٌ بالحكم عدلٌ لا يجور
أوتيَ الحكمة َ والحكم وما
هُوَ إلاّ العالم البحر الغزير
فَوَّض الأمر إليه مَلِكٌ
ما جرتْ إلاّ بما شاء الأمور
من وزير أصْبَحت آراؤه
يسعد السلطان فيها والوزير
كان سر اللّطف مكنوماً وقد
آنَ للرحمة واللطف الظهور
من أمير المؤمنين انبعثتْ
حبّذا المأمورُ فيها والأمير
دولة ٌ أيَّدها الله به
فَلَقَدْ طالتْ وما فيها قصور
وبشيرٌ لمليكٍ همُّهُ
أنْ يرى الناس وما فيهم فقير
أنتَ سيفٌ صارِمٌ في يده
وسحابٌ من أياديه مطير
أنتَ ظلٌّ مدَّه الله على
أهل هذا القطر أن حان الهجير
جئتَ بالبأس وبالجود معاً
إنّما أنتَ بشيرٌ ونذير
تمحقُ الباغين عن آخرهم
مثلما يحمو الدجى الصبحُ المنير
أصلحتْ بيضك ما قد أفسدوا
وكبا بالمفسد الجدُّ العثور
في حُروب تدرك الوتر بها
حاضَتِ البِيضُ بها وهي ذكور
عُدْتَّ منصوراً بجيشٍ ظافرٍ
وجَنابُ الحقِّ مولانا النَّصيرُ
بذلوها أنفساً عن طاعة
ضمنها الفوزُ وعقابها الحبور
تخطفُ الأرواح من أعدائها
مثلما تختطفُ الطيرَ الصقور
إنّما قرّبَتهم عن نَظَرٍ
ما له في هذه الناس نظير
عارفاً إخلاص من قرَّبته
ولأنتَ الناقدُ الشهمُ البصير
فتحتْ باباً لراجيك يدٌ
سدِّدتْ في حدّ ماضيها الثغور
وحمى أطرافها ذو غيرة
من مواضيك صليلٌ وزئير
مهلكٌ أعداءك الرعبُ كما
أهلكتْ عاداً من الريح الدبروُ
يا لك الله مشيراً بالذي
يُرتضى منه وبالخير مُشير
فإذا حادَ فغيثٌ ممطرٌ
وإذا حاربَ فالليث الهصور
وإذا حلّ بدارٍ قد بغتْ(23/117)
حلَّ فيها الوبل منه والثبور
إنْ تسلْ عمَّن بغى في حكمه
فقتيلٌ من ظباه وأسير
أوقدوا النار التي أوروا بها
وسعى في هلكهم ذاك السعير
إذ يسير النصر في موكبه
معلناً تأييده حيث يسير
كيف لا يرجى ويخشى سطوة ً
لا الندى نزر ولا الباع قصير
وإذا طاشت رجال لم يطشْ
أينَ رضوى من علاه وثبير
ذو انتقام شقي الجاني به
ولمن تاب عفوٌ وغفور
أبْغَضَ الشر فلا يَصْحَبُه
وانطوى منه على الخير الضمير
أنقذَ الأخبار من أشرارها
وشرار الشرّ فيهم مستطير
فالعراق الآن في خفضٍ وفي
مجدك الباذخِ مختال فخور
أنْتَ للناس جميعاً مَوْرِدٌ
ولها منكَ وُرودٌ وصُدورُ
أنتَ للناس لعمري منهلٌ
ونداك السائغُ العذب النمير
هذه البصرة ُ منذ استبشرت
بِكَ وافاها من السعد بشير
حَدَثَت بالقرب من عمرانها
بعدما أخربها الدهرُ المبير
كبقايا أسْطرٍ من زُبُرٍ
بليتْ وابليت تلك السطور
فلعلّ الله أن يعمرها
بك والله بما شاء قدير
تتلافاها وإنْ أشْفَتْ على
جرفٍ هارٍ وأيلتها العصور
لك بالخير مساعٍ جمَّة ٌ
وبما تعزم مقدام جسور
وإذا باشرت أمراً معضلاً
هان فيك الأمر والأمر عسير
قد شَهِدنا فوق ما نسمعه
عنك والقول قليل وكثير
فشهِدنا صحَّة القول وإنْ
قَصَّرَ الرّاوي وما في القول زور
ونشرت الفضل حتى خلته
قام منك البعث حشر ونشور
طلعت من أنجم الشعر بكم
وَبَدَتْ من أُفقه الشّعرى العبور
كلّ يومٍ لك سعدٌ مقبلٌ
وعلى الباغي عَبوسٌ قمطرير
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هاتها حمراءَ تحكي العندما
هاتها حمراءَ تحكي العندما
رقم القصيدة : 22364
-----------------------------------
هاتها حمراءَ تحكي العندما
واسقنيها من يديْ عذبِ اللّمى
وانتهزها فرصة ً قد أمكنتْ
فاغتنمها واتخذها مغنما
وانتهبها لذة ً إنْ تنقضِ
يا نديمي أعقبتك الندما
وأعِدْ لي من شبابي ما مضى
بعجوز لم تلاق الهرما
حبّذا أختُ عروس زوّجتْ
وهي بكرُ الدَّن من ماءِ السما
أخبرت عن نار كسرى ما روت(23/118)
من أعاصير الأُلى ما قدما
لطفتْ حتى كأن لم نرها
فتخيَّلنا الوجود العدما
في رياض أخَذَتْ زُخْرُفها
وبكى الغيث لها وابتسما
يوم أنسٍ نشر السحب به
في نواحي الجوّ بُرداً معلما
حجب الشمس فأبرزنا لنا
شمسَ راح والحباب الأنجما
معْ مليح قد قضى الحسن له
أنْ يرى الظلم إذا ما حكما
لو رآه عاذل يعذلني
في هواه عاد فيه مغرما
أشتكي الظلمَ وهذا ظالمي
يا لقومي من حبيبٍ ظلما
ورماني عامداً من لحظه
أيَّ سهم ذلك اللحظ رمى
ما اتقى الله بأحشائي ولا
راقبَ المأثم فيما أثما
حرَّمَ الوَصْلَ على مغرمه
ليتَه حَلَّلَ ما قد حرّما
يا مليحاً أنا في طاعته
وأعاصي في هواه الَّلوَّما
منك أشكو ما أقاسيه ومن
سُقم أجفانك أشكو السقما
وسواء فيك مسلوب الحشا
باح أسرار الهوى أو كتما
يا لقومي من مشيرٍ بدمي
من دم طلّ بألحاظ الدُّمى
كم وكم في الحبّ لا في معرك
صرع الظبيُ الأغنُّ الضيغما
وفنون لشجون أطلقتْ
عَبرة الصّبّ من الوجد دما
لست أنسى ليلة باتت بها
أعينُ الواشين عنا نوّما
وسهرناها كما شاء الهوى
نتعاطى الكأس من خمر اللمى
تلك أعراسُ زمان سلفتْ
فأقِم يوماً عليها مأتما
لم أزل من بعدها أرجو لها
عودة تبري بقلبي الألما
مقرناً قولي عسى في ربما
وعسى تُغني عسى أو ربّما
ينعم الدهر علينا مَرَّة
فنرى شمل المنى منتظما
ما رأتَ عَيني امرأً حيث رأت
مثل إبراهيم بَرّاً منعما
علويٌ قد علا أعلى العلى
وعلى أسمى السّماكين سما
مذ رأيناه رأينا ماجداً
وعرفناه وعرفنا الكرما
فهو كالغيث إذا الغيث همى
وهو كالبحر إذا البحر طمى
باسطٌ للجود منه راحة ً
ساجلتْ يومَ العطاءِ الدِّيما
أشرف العالم أُمّاً وأباً
ثُمَّ أوفاهم وأندى كرما
سيّد إنْ يعتزِ أو ينتمِ
فإلى خير النبيّين انتمى
لو دعيٌّ لم تدع آراؤه
من أمور الرأي أمراً مبهما
قسماً بالفخر في عليائه
أوَتبغي فوق هذا قسما؟
إنّه للفردُ في أقرانه
كان والمجد تليد التوأما
سالكٌ ما سلكت آباؤه(23/119)
بمعاليه السبيلَ الأقوما
نشَرَتْ أيمانه ما ملكت
لنظام الحمد حتى نظما
أنا في مدحي له خادمه
إنَّ مَن يخدم علاه خدما
وقليلٌ ولو أني ناظم
لعلاه في القريض الأنجما
شِيَمٌ ممدوحة في ذاته
فتأمَّل فيه تلك الثيما
فتراه للندى حينئذٍ
مُسْبَغاً في كلّ يوم نعما
هو ترياق من الهر الذي
كان في اللأواء صِلاًّ صَيْلما
فإذا ما حارَبَتْ أيامه
حادث الأيام ألقى السلما
نتَّقي ما نتَّقي من بأسه
وإذ أقدمَ خطبٌ حجما
لا بلغتُ إرباً إنْ لم أكنْ
ناقلاً إلاّ إليه قدما
إنّما البَصرة في أيامه
ابْصَرَتْ أعْيُنُها بعدَ العَمى
جعل الله لها في ظلِّه
خيرَ ظلٍّ منه بل خير حمى
مكرماً من أمَّهُ مسترفداً
راحماً من جاءه مسترحما
فجزاه الله عنها خير ما
جُوزي المنعم عما أنعما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مضى سيّدٌ من غرِّ أبناء هاشمٍ
مضى سيّدٌ من غرِّ أبناء هاشمٍ
رقم القصيدة : 22365
-----------------------------------
مضى سيّدٌ من غرِّ أبناء هاشمٍ
فَظَلَّ عليه يندب المجدَ سيّدُ
إلى جنَّة المأوى إلى العفو والرضا
إلى رحمة الله التي تتجدد
ولما فقدناه بكينا لفقده
وقد زَّ من يبكى عليه ويفقد
بكى العلم والمعروف أرِّخ كليهما
لقبر ثوى فيه الأمين محمد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أسرَّكَ من بادٍ لعَينَيْك حاضرِ
أسرَّكَ من بادٍ لعَينَيْك حاضرِ
رقم القصيدة : 22366
-----------------------------------
أسرَّكَ من بادٍ لعَينَيْك حاضرِ
طروقُ خيال من أميمة زائر
سرى ليبلّ المستهام غليله
ويشهدُ ما بين الحشا والضمائر
وإنْ كان لم يغن الخيال ولم يكنْ
ليشفي جوى ً في الحبّ من وصل هاجر
سلا من سلا قبلي وما كنت سالياً
وعيشك ما مرَّ السُّلوُّ بخاطري
وهيهات أنْ أسلو عن المجد بالهوى
وأصبو إلى غير العلى والمفاخر
وأقتحم الأمر المهول وما العلى
بغير العوالي والسيوف البواتر
ألا ثكلت أمُّ الجبان وليدها
ولا قررت منه بعين وناظر(23/120)
إذا كشفت عن ساقها الحرب في الوغى
ودارت على أبطالها بالدوائر
فنلْ ما تمنّى عند مشتجر القنا
فَنَيْلُ الأماني بالقنا المتشاجر
وخاطرْ بنفسٍ لا أبا لك حرة ٍ
فما يبلغ الآمال غيرُ المخاطر
كما بلغا في المجد أبناءُ راشدٍ
مكان الدراري والنجوم الزواهر
فمن يطلبُ العلياء فليطلينِّها
برأفة ِ منصورٍ وسطوة ناصرٍ
هما ما هما ما في الرجال سواهما
إذا عدَّتِ الأشراف بين العشائر
رجالُ المنايا إذ يشبُّ ضرامها
بداهية ٍ دهياء ترمي بثائر
وهم موردوها والسُّيوف مناهل
مواردَ حتف ما لها من مصادر
وإنَّ بني السعدون بالجودُ والنّدى
لأشبهُ شيءٍ بالبحور الزواخر
فما وَلَدَت أمُّ المعالي لهم أخاً
وقد خاب من يرجو نتاج العواقر
أرى الناس إلاّ آل سعيدون أُمة ً
تعدُّ من الأحياء موتى المقابر
أباحوا نداهم للعفاة وحرَّموا
على جارهم للدهر سطوة جائر
لقد أُشْرِبَتْ حُب المعالي صدورهم
هنّياً مرّياً غير داءٍ مخامر
وإنّي متى عرَّضت يوماً بمدحهم
وأوردتُ ما أوردته من خواطري
إذا قلت قولاً كنتُ أصدق قائل
وإنْ قلتُ شعراً كنتُ أشعر شاعر
ولو علم السلطان إقدامَ ناصر
لما استنصر السلطان إلاّ بناصر
همام أباد المفسدين ودمَّرتْ
صوارمه من كلّ باغ وفاجر
وقلَّم أظفار الخطوب فلم تَصُلْ
بأنياب أحداث ولا بأظافر
فليس ببدعٍ أن تراه لدى الوغى
بأشجع من ليث بخفّان خادر
يسافر عنه الصّيت شرقاً ومغرباً
مقيمٌ على الإحسان غير مسافر
يحدّثُ راويه عن البأس والندى
ويأتيك من أخباره بالنوادر
وما نام عن قوم تكفَّل حفظها يمانياً
كساه نجيعاً من نجع الخناجر
وإنْ كَتَبتْ أيديه في الجود حُرِّرَتْ
بياض العطايا من سواد المحابر
نظمتَ أمور الناس علماً وحكمة
فمن ناظم فيك الثناء وناثر
ودَّبرْتَ إكسير الرياسة والعلى
بما لا يفي يوماً به علم جابر
وقُمتَ مقاماً يخطبُ الناس منذراً
ويعلنُ من إرشاده بالبشائر
لؤئنْ خطبتْ أسيافك البيض خطبة ً
فهامُ الأعادي عندها كالمنابر(23/121)
ويا رُبَّ قوم طاولتك فقصَّرَتْ
وما كان منك الباع عنهم بقاصر
وجاءتك بالمكر الذي شَقِيَتْ به
فما رَجَعَتْ إلاّ بصفقة خاسر
وأرغمت آناف الطغاة فأصْبَحَت
تصعِّر مما أبْصَرتْ خدّ صاغر
ثَبَتَّ ثباتَ الراسيات لحربهم
وحَلَّقْتَ يومَ الفخر تحليق طائر
أذقتهم البأس عقوبة
ويا طالما أنذرتهم بالزواجر
وما خُلِقَ الإحسان إلاّ لصالح
ولا خُلق الصّمصام إلاّ لفاجر
عليك بِوُدّ الأقربين وإنْ أتَتْ
بغير الذي تهوي فليس بضائر
وأحسِنْ إليهم ما استطعت فإنّما
تشاهدُ بالإحسان صفو الضمائر
لعمرك إن ألفت بين قلوبهم
ظفرت من الدنيا بأسنى الذخائر
فما أفْلَحَتْ بين الأنام قبيلة ٌ
إذا ابتليت يوماً بداء الضرائر
وإنك تعفو عن كثير وهكذا
وعيشك قد كانت صفات الأكابر
فما أنتَ إلاّ كابرٌ وابن كابرٍ
وما أنْتَ إلاّ طاهر وابن طاهر
يميناً بربّ البيت والركن والصفا
ومن حلَّ في أكتاف تلك المشاعر
لأنتم بنو السعدون في كلّ موطن
أكارم مذ كنتم كرام العناصر
عليكم ثنائي حيث كنت وطالماً
ملأت بأشعاري بطون الدفاتر
أزيد لكم شكراً وأداد نعمة
وما ازدادت النعماء إلاّ لشاكر
أقلِّدكم منّي الثناء وإنّه
قليلٌ ولو قلَّدتكُمْ بالجواهر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَدَحْتُ ابنَ الفَدّاغ نظمي
مَدَحْتُ ابنَ الفَدّاغ نظمي
رقم القصيدة : 22367
-----------------------------------
مَدَحْتُ ابنَ الفَدّاغ نظمي
فخاب في مدحه النظامُ
وجئتهُ والنهار ولّى
وكادَ إنْ يهجمَ الظلام
فساءَه عندها مجيئيٌ
كأنّما جاءه الحِمام
أقمتُ في داره طويلاً
فلا كلام ولا سلام
وصار عمداً يصُدُّ عني
أهكذا تفعلُ الكرام
لمّا رأيناه وهُوَ مُغضٍ
وما بدا منه لي ابتسام
مزَّقتً إذ قمتُ صحف شعري
وسرَّني منهمُ القيام
ومن يكنْ وجههُ عبوساً
عليَّ إكرامه حرام
ولا أرجّي ندى بخيلٍ
لو کنَّ في كفِّه الغمام
فكانَ كالبحر وهو ملحٌ
لم يُرْوَ من مائه أوام
رأى لساني إذنْ كليلاً(23/122)
وما دَرى أنَّه حسام
ولا أدري ولا أماري
وليسَ في ذمَّتي الأثام
فلا تلمني على فعالي
عليك في ذلك الملام
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لاعيبَ بالبصرة مستهجنٌ
لاعيبَ بالبصرة مستهجنٌ
رقم القصيدة : 22368
-----------------------------------
لاعيبَ بالبصرة مستهجنٌ
إلاّ وجودُ الشَّيخ مفتيها
تظنّه النْجدي بأفعاله
لأنَّه أحيَلُ مَنْ فيها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أفي الطَلل الحديث أو القديم
أفي الطَلل الحديث أو القديم
رقم القصيدة : 22369
-----------------------------------
أفي الطَلل الحديث أو القديم
بلوغُ مرامِ صبٍّ من مرومِ؟
وقفتُ على رسوم دارسات
وما يغني الوقوف على الرسوم
ألا سقيتْ منازلُ آل سلمى
بذي سلمَ ورامة والغميم
وحيّ حيَّ أحباب تناءت
بقلب سار عن جسد مقيم
خذي يا ريح أنفاسي إليهم
وإنْ كانت أحرّ من السموم
أكفكفُ بعدهم دمعاً كريماً
جرى من لوعة الوجد اللئيم
رعى الله الأحبة كيف مرّت
لياليهم بمنعرج الصريم
قضيتُ نعيم عيشٍ مرَّ فيها
فسَلني إنْ جهلتَ عن النعيم
وكم غصنٍ هصرتُ بها رطيباً
جنيّ الزهر مخضرّ الأديم
بحيث نزوج ابنَ المزن لما
عقدت حبابه بنتَ الكرومِ
إلى بعد الغميم وعهد سلعٍ
نجاة من هموم أو غموم
سقتها هذه العبرات صوباً
تنوف به على الغيث العميم
كأنّي حين أسقيها دموعي
سقاني البين كأساً من حميم
تلوم لجهلها لمياءُ وجدي
وأين اللائمون من الملوم
سألتكِ إنْ رأيتِ اللوم يجدي
حليفَ الوجد حينئذٍ فلومي
أما وحشاشة في القلب تزكو
غراماً يا أميمة كالغريم
لقد عدمَ التصبّر فيك قلبي
ومن يبغي الثراءَ من العديم
وها أنا بعْدَ مَن أهوى عليلٌ
شفائي منه معتلّ النسيم
وكم دنفٍ بكاظمة سقيمٍ
ولكنْ من هوى طرف سقيم
وليثٍ دون ذاك الحي يرمي
فيصرعُ في سهام لحاظ ريم
وأحباب أقاسي ما أقاسي
عَذاباً من عذابهم الأليم
هُمُ نقضوا العهود وهم أصَرّوا
بصدّهم على الحنث العظيم
وذكري بعدهم جنات عيش(23/123)
رماني في لظى نار الجحيم
وفي دار السلام تركت قومي
وما أنا من هواهم بالسليم
ولي في البصرة الفيحاء قوم
أصولُ بهم على الخطب الجسيم
جرى من صدر إبراهيم فيها
على الدنيا ينابيع العلوم
من الأشراف من أعلى قريش
بهم شرفٌ لزمزم والحطيم
إذا عدّت قرومُ بني معدٍّ
فأوَّلُ ما يُعَدُّ من القُروم
عماد الدين قام اليوم فينا
بأمرِ الله والدين القويم
وفرعٍ من رسول الله دلَّتْ
أطايبهُ على طيب الأروم
ونجمٍ في سماء المجد يهدي
إلى نهج الصراط المستقيم
شهاب ثاقب لا زال يذكو
فيقذف كل شيطان رجيم
يعيد ظلام ليل الشكّ صبحاً
إذا ما كان كالليل البهيم
يزيد عقولنا بدقيق فهمٍ
غذاءً للعقول وللفهوم
ونرجع في الكلام إلى خبيرٍ
بكشف دقائق المعنى عليم
تكاد حلاوة الألفاظ منه
تعيد الروح في الجسم الرميم
وروض من رياض الفضل ضاهى
بزهر كلامه زهر النجوم
يقصّرُ بالبلاغة باعَ قُسٍّ
ويقصُرُ عنه قيس بن الخطيم
وإنّك إنْ نظرتَ إلى علاه
نظرتَ إلى جبال من حلوم
إذا ذكرتْ مناقبه انتشينا
وكانت كالمدامة للنديم
لقد كرمتْ له خيمٌ وجلًّتْ
وخيمُ الأكرمين أجلّ خيم
وهل في السادة الأنجاب إلاّ
كريمٌ قد تفرّع من كريم
يفوقُ الدَّرَ في نثرٍ ونظمٍ
إذا ما قيس في الدُّرِّ النظم
وأينَ المسكُ من نفحات شيخٍ
يفوق نوافج المسك الشيم
ولم يبرح يقابِلُ سائليه
بحسن الخلق والطبع الحليم
تنال بفضله علماً وحكماً
وتعلم لقمان الحكيم
فحاز مكارم الأخلاق طراً
وحاشاه من الخلق الذميم
زفَفتُ إلى علاك بناتِ فكري
فكانت منية الكفو الكريم
أغارُ من اللئام على القوافي
فلا يَحظى بها حظّ اللئيم
أمانعُ عن قوافيَّ الأداني
ممانعة َ الغيور على الحريم
شعراء مصر والسودان >> جابر قميحة >> بكائية بين يدي بشار بن برد
بكائية بين يدي بشار بن برد
رقم القصيدة : 2237
-----------------------------------
يا لأفقي الجريحِ فاض ظلاماً
كالحَ الوجه حالكَ الدَّيْجورِ
ملَّ من وجهه الكئيب سهيل(23/124)
والثريا, وكل نجم زهير
وضفافي الخضراء ماجت بشوك
قاتل الوخز عابس قمطرير
وطريقي عليه سود الأفاعي
بين أنيابها اغتيال المصير
كلما شبَّت العزائم مني
أخرستها رؤى الفحيح الهصور
فتهاوت خطاي صرعى, فأنَّى
في ضفاف الأنياب يمضي مسيري?
كيف أمضي والزيف دين وطبع
والنفاق الخسيس جسر العبور?
واختلال المعيار أضحى صوابا
والصواب المنير شر الشرور?
إيه (بشارُ) جُدْ بياناً وشعرا
من ضياء وحكمة وعطور
لا تقل (كيف يمنح النور أعمى?)
ليس أعمى من كان حي الشعور
إنما العُمي من طواهم ظلام
في القلوب التي استوت في الصدور
فانظر العالم المسيخ بقلب
نابضٍ بالسنا الشفيف البصير
لن ترى بلبلاً على السرح يشدو
بل خفافيش في رياش الصقور
والبُغاث المضعوف عاث فسادا
بمغانيه في غياب النسور
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا
عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا
رقم القصيدة : 22370
-----------------------------------
عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا
فاحبس بها هذي المطيَّ قليلا
وأرِق دموعك إنّما هي لوعة ٌ
بعثَتْ إليك من الدموع سيولا
وابكِ المعالم ما استطعت فربّما
بلَّ البكاء من الفؤاد غليلا
واستجدِ ما سمح لاسحاب بمائه
إنْ كان طرفك يا هذيم بخيلا
يا ناق مالكِ كلّما ذكرَ الغضا
جاذبتِ أنفاس النسيم عليلا
إنّ الذين عهدت في أجزاعها
أمست ظعوناً للنوى وحمولا
جُمَلٌ من العبرات يوم وداعهم
فصَّلتها لفراقهم تفصيلا
وكأنَّ دمعَ الصبّ صوبُ غمامة
يسقي رسوماً نُحَّلاً وطلولا
يا منزلَ الأحباب أين أحبّة ٌ
سارت بهم قبّ البطون ذميلا؟
راحوا وراح رداء كل مفارق
تلك الوجوه بدمعه مبلولا
ومضت ركائبهم تُقِلُّ جآذراً
يألَفْنَ من بيضِ الصوارم غيلا
عرضت لنا والدمع يسبق بعضه
بعضاً كما شاء الغرام مسيلا
ويلاه من فتكات أحداق المها
ملأت قلوبَ العاشقين نصولا
لولا العيون النجل لم تلق آمرأً
يشكو الجراح ولا دماً مطلولا
يا أخت أمِّ الخشف كيف تركته(23/125)
يوم الغميم متيماً متبولا
أورَدْتَه ماءَ العيون أصبابة ً
ومنعتَ خمرَ رضابكَ المعسولا
هلاّ بعثتَ له الخيالَ لعلّه
يرتاح في سِنَة الكرى تخييلا
وكّلت بالدّنف الضنى لك شاهدا
وكفى بذلك شاهداً ووكيلا
ولقد علمت ولا إخالُك جاهلاً
أنّ العذولَ بهنّ كان جهولا
ما لاح ذيّاك الجمال لعاذل
إلاّ وكان العاذل المعذولا
ضلَّ العذولُ وما هدى فيما هذى
بلْ زادني بدعائه تضليلا
كيف السبيل إلى التصابي بعدما
قد قاربَ الغصنُ الرطيبُ ذبولا
أسفاً على أيام عمر تنقضي
كَدَراً وتذهب بالمنى تأميلا
وبناتِ أفكارٍ لنا عربية ٍ
لا يرتضين سوى الكرام بعولا
وإذا نهضتُ إلى التي أنا طالب
في الدّهر أقعدني الزمان خمولا
سأروع بالبين المطيّ ولم أبلْ
أذهبنَ كدّاً أمْ فقدنَ قفولا
وأغادر النجب الكرائم في السرى
تغري حزوناً أقفَرَتْ وسهولا
لا تعذليني يا أميم على النوى
ألفيتَ ثمَّة َ نائلاً ومنيلا
وتقاصرت همم الرجال وأصبحتْ
فيهم رياض الآملين محولا
تأبى المروءة أن تراني واقفاً
في موقف يَدَعُ العزيز ذليلا
أو أنني أرضى الهوان وأبتغي
بالعزْ -لا عاش الذليل- بديلا
صبراً على هذا الزمان فإنّه
زمَن يُعَدُّ الفضل فيه فضولا
لولا جميل أبي جميل ما رأت
عيناي وجه الصبر فيه جميلا
أهدي إليه قلائداً بمديحه
كشفت قناع جمالها المسبولا
فأخال ما يطربنه بنشيدها
كانت صليلاً في الوغى وصهيلا
ويميل من كرم الطباع كأنّما
شربتْ شمائله المدام شمولا
ذو همة بَعُدَتْ فكان كأنّه
يبغي بها فوق السماء حلولا
لو مل يكنْ في الأرض من أعلامها
كادَتْ تميلِ بأهلها لتزولا
الصادق العزمات إنْ ريعت به
الأخطار قطعَ حبلها الموصولا
لا آمنَ الحدثان إلاّ أنْ أرى
بجوار ذيّاك الجناب نزولا
إنّي اختبرت جنابه فوجدته
ظِلاً بهاجرة الخطوب ظليلا
وإذا تغيَّرتِ الحوادث بامرئ
لا يقبل التغييرَ والتبديلا
قصرت بنو العلياء عن عليائه
ولو کنها تحكي الشوامخ طولا
كم شاهد الجبّار من سطواته(23/126)
يوماً يروع به الزمان مهولا
في موطن لم يتخذْ غير القنا
والمشرفّية صاحباً وخليلا
إن شيَم شِيمَ الغيث أومضَ برقه
أو ريع كان الصارم المسلولا
وإذا أتيتَ إلى مناهل فضله
لتنال من إحسانه ما نيلا
تلقى قؤولاً ما هنالك فاعلاً
يا قلَّ ما كان القؤول فعولا
وإذا قضى كرماً على أمواله
كان القضاء بأمره مفعولا
ما زال بَرّاً بالعُفاة ومسعفاً
بلْ مسرعاً بالمكرمات عجولا
وإذا سألتُ مكارماً من ماجد
ما كان غير نوالك المسؤولا
ولقد هززتك للجميل فخلتني
أنّي أهزُّ مهَنَّداً مصقولا
تالله ما عرف السبيل إلى الغنى
حتى وجَدْتُ إلى علاك سبيلا
وإذا سألت سواك كنت كأنّني
أبغي لذاتك في الأنام مثيلا
قسماً بمجدك وهو أعظم مقسم
يستخدم التعظيم والتبجيلا
لو كنتَ في الأمم المواضي لم تكن
إلاّ نبياً فيهم ورسولا
إنّ الذي أعطاك بين عباده
قدراً يجلُ عن النظير جليلا
أعطاك من كرم الشمائل ما به
جُعِلَتْ ذكاء على النهار دليلا
أطلعتَ من تلك المكارم أنجماً
لم تَرْضَ ما أفل النجوم أفولا
علقت بك الآمال من دون الورى
يوماً فأدرك آملٌ مأمولا
ورجوتُ ما ترجى لكلّ ملمَّة ٍ
فوجَدْتُ جودك بالعطاء كفيلا
ولك اليد البيضاء حيث بسطتها
تهب العطاء الوفر منك جزيلا
ولو أنّني استسقيت وابل ديمة ٍ
لم تُغنني عن راحتيك فتيلا
هي موردٌ للآملين ومنهلٌ
دعني أفوز بلثمها تقبيلا
فلأنشرنَّ عليك غرَّ قصائدي
ولأشكرنّك بكرة ً وأصيلا
ومن الثناء عليك في أمثالها
لم يَبقَ قولٌ فيك إلاّ قيلا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وما زلتُ مذ فارقتُ بغداد أبتغي
وما زلتُ مذ فارقتُ بغداد أبتغي
رقم القصيدة : 22371
-----------------------------------
وما زلتُ مذ فارقتُ بغداد أبتغي
نزوحاً إلى ما يقضيه نزوحي
وإنّي مشتاق إلى كلّ ماجد
يَصوبُ بقطرٍ أو يَهُبّ بريح
تطالبني نفسي بطِيبٍ وطيِّبٍ
فقلت ابشري بالمسك وابن صبيح(23/127)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتنسى صالحاً يوماً عبوساً
أتنسى صالحاً يوماً عبوساً
رقم القصيدة : 22372
-----------------------------------
أتنسى صالحاً يوماً عبوساً
غداة َ هُجَيت في شِعر السُّويدي
ويوماً قد ضُرِبَتَ بكل نعلٍ
ثقيلٍ فوق رأسك بالجنيد
لقد أصبحتَ للشعراء مَرمى
فكلٌّ قال هذا كلبُ صَيْدِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا بلّغ جناب الشَّيخ عَنّي
ألا بلّغ جناب الشَّيخ عَنّي
رقم القصيدة : 22373
-----------------------------------
ألا بلّغ جناب الشَّيخ عَنّي
رسالَة مُتقِنٍ بالأمرِ خُبرا
وسَل منه غداة يَهُزُ رأساً
بحلقة ذكره ويدير نحرا
أقال الله صفّق لي وغنِّ
وقلْ كفراً وسمّ الكفر ذكرا
وأيُّ ولا ية حَصَلَتْ بجهلٍ
ومن ذا نال بالكفران أجرا
فإن قلتَ اجتهدت بكلّ علمٍ
فأعربْ لي إذنْ لاقيت عمرا
وما يكفيك هذا الفعل حتى
كذبتَ على النّبي وجئت نكرا
متى صارت هيازع من قريش
فعدِّدها لنا بطناً وظهراً
فإنْ تكن السّيادة باخضرار
لكان السلقُ أشرفَ منك قدرا
تقول العيدروسي كان يحيى
من الأنفاس من قد مات دهرا
أكان شَقَقْتَ للباري شريكاً
فيملكُ دونه نفعاً وذرّا
فويلك قد كفرت ولستَ تدري
ولم تبرح على هذا مصرّا
وويحك ما العبادة ضربُ دفٍ
ولا في طول هذا الذقن فخراً
برؤيتك الأنام تظن خيراً
ولو عقلتَ لظنَّت فيك شراً
أجب عما سألتك واشفِ صدري
وإنْ أكُ قد عرفتك قبلُ ثورا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جلا في الكأس جالية الهموم
جلا في الكأس جالية الهموم
رقم القصيدة : 22374
-----------------------------------
جلا في الكأس جالية الهموم
وقامَ يميسُ بالقدِّ القويمِ
يحضُّ على مسرات الندامى
ويأمرُ في مصافاة النديم
وقد فرش الربيعُ لنا بساطاً
من الأزهار مختلف الرقوم
بحيث الأُفق مغبرّ الحواشي
ووجه الأرض مخضر الأديم
هنالك تطلع الأقمار فيها
شموس الراح في الليل البهيم(23/128)
كأنَّ حبابها نظمت نجوماً
رَجَمْتُ بها شياطين الهموم
وأرشفني لماه العذب ألمى
مراشفه شفاء للسقيم
وأعذب ما أرى فيه عذابي
فما أشكو الظلامة من ظلوم
وأحبابٌ كما أهوى كرامٌ
تنادمني على بنت الكروم
ويسعدنا على اللذات عُودٌ
يكرِّرُ نغمة الصوت الرخيم
يخصّ بما يعمّ أخا التصابي
فيشجي بالخصوص وبالعموم
فيالك لوعة في الحبّ باحت
بما في مضمر القلب الكتوم
وما أهرقت من دمع كريم
جرى من لوعة الوجد اللئيم
ألام على هواك وليت شعري
فما للاّئمين من الملوم
وما سالت دموعُ العين إلاّ
لما في القلب من حرّ السموم
وهل ينجو من الزفرات صبٌّ
رَمَتْه بالغرام لحاظُ ريم
وقد حان الوداع وحان فيه
رَحيلُ الصَّبْر عن وجدٍ مقيم
إلا لله من زَمَنٍ قَضَيْنا
به اللذات في العصر القديم
وقد كانت تدارُ عليَّ راحٌ
تُعيدُ الرُّوح في الجَسَدِ الرَّميم
أخَذْتُ بكأسها وطربت فيها
فَسَلْني كيف شئت عن النعيم
بحيث الشمس طالعة ، مدامي
وبَدْرُ التَّمِّ يومئذٍ نديمي
تصرمتِ لاصّبابة والتصابي
وصارمني الهوى ظبيُ الصريم
ومفرية الفدافد والفيافي
لها في البيد إجفالُ الظليم
سريت بها أقدُّ السَّير قدّاً
بضرب الوخد منها والرسيم
إذا مرَّتْ على أرض فَرَتْها
مرور العاصفات على هشيم
وقفتُ على رسوم دارسات
وما يغني الوقوف على الرسوم
أكفكفُ عبرة الملهوف فيها
وتحت أضالعي نار الجحيم
أطَوِّفُ في البلاد وأنتحيها
وإنْ شطت إلى حرٍّ كريم
لئن سَعِدَت به الكوماء يوماً
خسمت نحوس أيام حسوم
انيخت في رحاب بني عليٍّ
نياقي لا بمنعرج الغميم
وأغناني عن الدنيا جميعاً
ندى سلمان ذي القلب السليم
وما زالت مطايانا سراعاً
إلى نادي الكريم ابن الكريم
رعيت به الندى غضّاً نضيراً
فما أدنو إلى المرعى الوخيم
أقبلُ منه راحة أريحيٍّ
تصوبُ بصيب الغيثِ العميم
وإنّي والهموم إذا کعترتني
وجدت به النجاة من الغموم
ويحمي المنتمي إلى علاه
محاماة الغيور عن الحريم
إذا ذُكرت مناقبُه بنادٍ(23/129)
تضوَّعَ عن شذا مسكٍ شميم
يروق نضارة ً ويروقُ ظرفاً
أرقَّ -إذا نظرتَ- من النّسيم
وما يُبديه من شَرَفٍ ومجدٍ
بدلّ به على شرف الأروم
وما برحت مكارمه ترينا
وُجُوه السَّعد بالزمن المشوم
وتطلع من معاليه فتزهو
مناقبُ أشبهت زهرَ النجوم
ولِمَ لا يرتقي دَرَج المعالي
بما يعطاه من شيمٍ وخيم
بوار فينا وإنْ رغمت أنواف
يدا موسى بن عمران الكليم
أنوءُ بشكرها وأفُوزُ منها
بما يوفي الثراءَ إلى العديم
وذو الحظ العظيم فتى ً بَرَتْه
يدُ الباري على خلق عظيم
وفيه منعة لا زال فيها
کمتناع الحادثات من الهجوم
ويدرك فكره من كلّ معنى
يدق على المكالم والفهوم
هو القرم الذي افتخرت وباهت
به الأشرافُ أشراف القروم
تحوم على مناهله العطاشى
وثمَّة َ منهلٌ عذبٌ لهيم
وتصدرُ عن موارد راحتيه
وقد بلغ المرام من المروم
لعبد القادر الجيلي يُنمى
وقطب الغوث والنبأ العظيم
إلى من تفرج الكربات فيه
وينجي المستغيث من الهموم
إلى بيت النبوة منتماهم
رفيع دعائم الحسب الصميم
هذاة ُ العالمين ومقتداهم
إلى نهج الصراط المستقيم
رياض محاسن وحياض فضل
تَدفَّقُ بالمكارم والعلوم
وما أدري إذا طاشت رجال
رجالٌ أمْ جبالم حلوم؟
نظمتُ بمدحهم غُرَر القوافي
فما امتازت عن الدر النظيم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَدَارَ على النّدمان كأَسَ عقارِهِ
أَدَارَ على النّدمان كأَسَ عقارِهِ
رقم القصيدة : 22375
-----------------------------------
أَدَارَ على النّدمان كأَسَ عقارِهِ
وحيى بوردِ الخدِّ من جلِّناره
وفي طرفه للسكر ما في يمينه
فكلتاهما من خمرهِ واختماره
وماس فمال البان إذ ذاك غيرة ً
عليه وأزرى فيه عند ازوراره
على أَنَّه من روضة الحسن جَنَّة ٌ
ولكَّنه ما حفَّها بالمكاره
وقد نسجت أيدي الربيع ملابساً
مفوَّفة ً من ورده وبهاره
وسال لجين الماء فوق زمرد
يحلّيه من نّواره بنضاره
وأصبح مخضراً من النَّبت شارب
يروق ويزهو بهجة بکصفراره(23/130)
وقد رَقَصَتْ تلك الغصون تطرباً
لبُلْبُلِه الشادي وصوت هزاره
تألَّفَ ذاك الشكل بين اختلافه
وأبْدَعَ في إحسانه وابتكاره
فهذا يَسُرُّ الناظرين کصفرارُه
وهذا زها مخضره باحمراره
وكم راح يغني عن الزهر أغيدٌ
بنرجس عينيه وآس عذاره
عَصَيْتُ عذولي في هواه ولائمي
وما زلت في طوع الهوى واختياره
أطال بطول القدّ في الحبّ حسرتي
وحيرَّني في خصره واختصاره
ولله مخضر العذار عشقته
وحمر المنايا السود عند اخضراره
أُجادل عذَّالي على السخط والرضا
وإنّي لراض بالهوى غير كاره
يقول الهوى العذريّ في مثل حبِّه
إذا لم تطقْ هجر الحبيب فداره
وليلٍ كيومِ النَّقع أسودَ فاحمٍ
تخوص بكاسات الظّلا في غماره
أَغَرْنا على اللّذات ما ذكرت لنا
وأَبْعَدَ كَلٌّ عندها في مغاره
وقد زار من أهوى على غير موعدٍ
فيا قربَ منآه وبعد مزاره
فآنسني في وَصْله بعد هجره
وقد آلفَ المشتاق بعد نفاره
وما زال حتى صوَّب النجم وانطوى
رداءُ ظلام الليل بعد انتشاره
ولاحت أسارير الصباح وبشَّرتْ
بأنَّ الدجى قد حان حين بواره
ولم يبق من أبناء حام بقية
فما شقً عن حامٍ ولا عن غباره
يدير علينا كأسَ راح رويّة
تجرِّدُ من يروى بها من وقاره
تخبرنا عن نار كسرى لعهده
وقد برزتْ في طوقه وسواره
فما نزلت والهمّ يوماً بمنزلٍ
وما أَقْبَلَتْ إلاّ لأجل فراره
وقلنا له هاتِ الصَّبوح فكلُّنا
يُريدُ شفاءً بالطلا من خماره
ونحن بروض رقَّ فيه نسيمه
وجرَّ على الأنفاس فضل إزاره
وأهدت إلى الأرواح أرواحها الصبا
أريج خزاماه وطيب عراره
وأنعمُ عيشٍ ما حظيتُ برغده
وكنتُ لعبد الله ضيفاً بداره
أمنتُ طروق الهم من كل وجهة
إذا كنتُ يوماً نازلاً في جواره
أقرُّ به عيناً وأشرح خاطراً
وأشرك شكر الروض وبل قطاره
فمن فضله أنّي أبوء بفضله
وأفخر ما بين الورى بافتخاره
ولا خير فيمن لا يؤمَّل نفعه
ولا يتّقى من بأسه وضراره
ومنذُ رأيتُ اليُمن طوعَ يَمينه
وَجَدْتُ يَساري حاصلاً في يساره(23/131)
وقيَّدني منه رقيقُ جميله
فَلَسْتَ تراني مطلقاً من إساره
أبرَّتْ به في الأنجبين ذخيرة
وحسبُك ما كان الغنى بادخاره
أنزّه طرفي في محاسن وجهه
وإنْ غاب عَنِّي لم أزل بانتظاره
وإنّي لأهواه على القرب والنوى
وأطربُ في أخباره وادِّكاره
جَنَيْتُ به غرس المودَّة يانعاً
وكل جميل يجتنى من ثماره
سريع إلى الفعل الجميل مبادر
إلى الخير في إقباله وبداره
رعى الله من يرعى من الخلّ عهده
وأدّى له ما ينبغي لذماره
إذا دار في زهر العلى فلك العلى
فآل زهير الصّيد قطب مداره
صناديدُ يشتارون من ضربِ العلى
وشوك القنا الخطيّ دون اشتياره
لقد عرف المعروف من قبلها بهم
وشيد بفضل الله عالي مناره
وهل تجحد الحساد آية مجدهم
وَقَد طلَعت في الكون شمس نهاره
بهم كلّ مقدام على الرّوع فاتك
بسطوته في جنده وکقتداره
ويفترّ في وجه المطالب ضاحكاً
ولا الأقحوان الغض عند افتراره
إذا استنصر الصمصام أيّد حزبه
وقام اليماني قائماً بانتصاره
إذا قيل رمح حدّ سنانه
وإنْ قيل عضبٌ كان حدَّ غراره
وإنْ عدَّ كبّار الأنام فإنّما
أصاغرهم معدودٌ من كباره
همُ خيرُ من لا يبرح الخيرُ فيهم
وما كلُّ من ألْفَيْتَه من خياره
تضوّعَ مسكيّ الشذا من ردائه
بعنصره الزاكي وطيب نجاره
فهم أبحرُ الجدوى تفيض ولم تغضْ
فكم وارد عذب الندى من بحاره
يهون عليه المال إنْ عزّ أو غلا
وينظر أسناه بعينت احتقاره
صفا مثل صفو الراح لذَّتْ لشارب
ودارت كما شاء الهوى في دياره
فلا زالت الأفراح حشوَ ردائه
ولا برحتْ عن برده وشعاره
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
رقم القصيدة : 22376
-----------------------------------
دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
وظلَّ يخالُ الغيَّ في وجده رشدا
وما أنا من سلمى وسعدى بمأرب
فلا سلمتْ سلمى ولا سعدت سعدى
أقمتُ بأرضٍ غير أرضي وموطني
وما لي في أفنائها أنيقٌ تحدى(23/132)
وأنفقتُ أيامي على غير طائل
فلا منهلاً عذباً ولا عيشة رغدا
وما اخترطت غير القتاد يدي بها
وغيري جنت من شوكها يده الوردا
تؤخرني الأيّام عّما أريده
فلم تكتسب شكراً ولم تكتسب حمدا
وقد قذفتني في البلاد يد النوى
فلم أُبْقِ غوراً ما وطئت ولا نجدا
نوى ً جمعتني بعد حين بأحمد
سأوسعها شكراً وأحمدها حمدا
من المكرمين الوفد طبعاً وقلّما
رأيتُ بهذا العصر من يكرم الوفدا
قريب من الحسنى سريع إلى الندى
وما برحت إذ ذاك أيدٍ له تندى
ومستجمع للجود إمّا دعوته
دعوت مجيباً قد تهيّأ وکعتدا
إذا مُدّت الأيدي إليه أمدَّها
بجدوى يمين تورثُ الأبحرَ المدّا
كما أنّ جدوى كفِّه يورث الغنى
وقد يورث العلياء والعزَّ والمجدا
يلين لعافيه وإنْ كان قد قسا
زمانٌ على عافيه بالعسر وکشتدا
له هممٌ في المعضلات تخالها
كسمر القنا طعناً وبيض الظبا حدا
يجرّدها في كلّ أمرٍ حلاحلٍ
يقدّ بهنّ الخطب يومئذ قدا
يحل بها عقد الشدائد كلّها
فهل مثله من وُلّي الحلَّ والعقدا
يرى غاية الغايات وهي خفية ٌ
كما قد يرى خيط الصباح إذا امتدا
يضيىء لنا منه شهاب إذا دجا
دُجى ً من خطوب في الحوادث وکسودّا
فنحن أناس لا يشقّ غبارهم
وأحمرة لا تلحق الضمّر الجردا
وهيهات ما بين الثريا إلى الثرى
ألا إنّ فيما بين جمعهما بعدا
ترى نفثات السّحر في كلماته
وتجني بأيدي السمع من لفظه شهدا
سانٌ كحدّ السيف أو كجنابه
به مفحم للخصم ألسنة ً لدا
وهاهو في حدّ الكلام وهزله
يصوغ من الألفاظ ما يشبه العقدا
أماناً من الأيام أمسى ولاؤه
يلاحظ وقد الكلّ من يده الرفدا
وها أنا منه حيث طاشت سهامها
لبست به عن كلّ نائبة سردا
وأشكر منه أيدياً تخجل الحي
ويترك حرَّ القوم إحسانُه عبدا
عليَّ له فضل قديم وأنعمٌ
إذا عدِّدتْ لا أستطيع لها عدا
وأسدى من المعروف ما هو أهله
إليَّ وكم من نعمة منه قد أسدى
سأقضي ولن أقضي له حق شكره
وإنْ أعجزَ العبَد القضاءُ فما أدّى
وأُهدي ثنائي ما استطعت لمجده(23/133)
وما غيره عندي لعلياه ما يهدى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا من مبلغٌ عنّي ابنَ شبلي
ألا من مبلغٌ عنّي ابنَ شبلي
رقم القصيدة : 22377
-----------------------------------
ألا من مبلغٌ عنّي ابنَ شبلي
رسائلَ ضمنها خزيٌ وعارُ
قصيميٌّ عَدِمْتَ العقل يوماً
ويوماً شمّريٌّ مستعار
وجنيٌّ إذا ما جُنَّ ليلٌ
وإنسيٌّ إذا ضاء النهار
ذهبت مولياً خدعاً ولؤماً
فلم يلحق بمذهبك الغبار
كما ذهب الحمار بأمّ عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> على مثله تجري الدُّموعُ السواجمُ
على مثله تجري الدُّموعُ السواجمُ
رقم القصيدة : 22378
-----------------------------------
على مثله تجري الدُّموعُ السواجمُ
وتبكي ديارٌ أُخْلَيتْ وَمَعَالمُ
ومن بعده لم يبق في الناس مطمع
لأنسٍ ولا في هذه الناس عالم
لتقضِ المنايا شاءت فقد وهت
قوى الصبر وانحلت لديها العزائم
وشُقَّت قلوبٌ لا جيوبٌ وأُدْمِيَتْ
جوانح قد شُدَّت عليها الحيازم
تيقَّظ فيها للنوائب نائم
ووافى إلى حرب الزمان مسالم
وكنّا بما نلهو على حين غفلة
أمنّا هجوم الموت والموت هاجم
وما ذرفت عيناي إلاّ لحادث
ألمَّ بنا فاستعظمته العظائم
وفلَّ قضاء الله شفرة صارم
أقارع أعدائي به وأُصارم
وسكن فعلاً ماضياً من غراره
وما دخلت يوماً عليه الجوازم
وأصْبَحْتُ لا درعٌ يقيني سهامها
ولا في يميني مرهف الحد صارم
غداة رأت عيني الأمين محمداً
صريعَ المنايا والمنايا هواجم
وقد ميطَ عن ذاك الجناب الذي أرى
مآزرُ لمْ تعلق بهنّ المآثم
وقد خَلَعَتْ منه المعالي فؤادها
وإنسانُ عين المجد بالدمع عائم
وعهدي به ما لان قط لشدة ٍ
ولا أَخَذَتْ منه الأمورُ العظائم
على هذه الدنيا العَفا بعد سيّد
به العيش -حتى فارق العيش- ناعم
تكدِّر ذاك المنهل العذب صفوه
فلا حام ظمآناً على الماء حائم
لتبك عليه اليوم أنباءُ هاشم
إذا ما بكَتْ أبناءَها الغرَّ هاشم(23/134)
تَفَرعَ عنها مُنْجِبٌ وابنُ منجبٍ
غذته لبانَ العزِّ منها الفواطمُ
فقام بأمر الله غير مداهن
لأمر ولمْ يعقد عن الحقّ قائم
ولا يتّقي في الله لومة لائم
ولم يثنه عن طاعة الله لائم
ويقدم للأمر الذي يعد الرّدى
وقد أحجمتْ عنه الأسودُ الضراغم
ويرضيه ما يرضى به الله وحده
وإنْ غضبَ القوم الطغاة وخاصموا
فرُحنا نواري في الثرى قَمر الدجى
فلا فجَّ إلاّ وهو أسْوَدُ فاحم
ونحثو على الضرغام أكرمَ تربة ٍ
ثوى في ثراها الأنجبون الأكارم
وطافت به أملاكها وتنزلتْ
من الملأ الأعلى عليه عوالم
وقلنا لقد غاض الوفاء وأقعلتْ
بوابل منهلّ القطار الغمائم
وهل تبلغ الآمال ما منيتْ به
وقد فجعتْ بالأكرمين المكارم
هنالك لم تُحبَس لعَينيَّ عبرة ٌ
عليه ولم تثبت لصبر قوائم
ومن عجب نبكيه وهو منعم
ونعبس مما قد دهى وهو باسم
سقاك الحيا المنهلُّ عشية ٍ
وحيّاك منه العارض المتراكم
نأيتَ فودَّعنا الفضائل كلّها
فيا نائباً بالله هلْ أنتَ قادم؟
ويا صخرة الوادي التي قد تصدَّعتْ
وكان لعمري يتّقيها المزاحم
لئن كان أنسي فيك أنساً مرزما
فحُزني عليك اليوم حزن ملازم
بمن أَتَسلَّى عنك والناس كلُّها
وحاشاك إلاّ من عرفت بهائم
بمن أتّقي حَرَّ الزمان وبرْدَه
ويعصمني ممّا سوى الله عاصم
وفيمن تراني أستظلّ بظلّهِ
إذا نفحتْ تشوي الوجوهَ سمائم
وإنّي على ما فاتني منك نادم
أشَنّفُ سَمعي منك باللؤلؤ الذي
يَروقُ ولم ينظِمْه في السِّلْكِ ناظِمُ
برغميَ فارقتُ لاذين أحبّهم
ولي فيهمُ قلبٌ من الوجد هائم
وقاطعني لا عن تقالٍ مقاطعٌ
وصارمني لا عن جفاءٍ مصارم
وضاقت عليَّ الأرض حتّى كأنّها
لقد كسفتْ تلك الشموس وأغمدتْ
ببطن الثرى تلك السيوف الصوارم
أسامرُ ذكراه بها وأنادم
وأذكر عهِد الودّ بيني وبينه
وهيهات ينسى عهده المتقادم
وقد كنت أهوى أنْ أكونَ له الفدا
فألقى الرّدى من دونه وهو سالم
ولكنْ أراد الله إنفاذَ أمرِه
ليحكم فينا بالجهالة حاكم(23/135)
ويرغم أنف الفضل للنقض راغم
تبيت القوافي بالرثاء وغيره
تنوح كما ناحت عليه الحمائم
تقلّص ذاك الظلّ عنا ولم يدم
علينا وما شيء سوى الله دائم
فيا مُرَّ ما لاقيتُ منه بفقده
على أنَّه الحلوُ اللذيذُ الملائم
ويا واعظاً حيّاً وميتاً وكلُّه
مواعظ تشفي أنفساً ومكارم
خرجتَ من الدنيا إلى الله لائذاً
برحمته والله للعبد راحم
وأعرضتَ عن دنياك حزماً وعفّة ً
وما کغتر في الدنيا الدنيّة حازم
وما عرفَ القومُ الذين نبذتهم
وراءك ما مقدار ما أنتَ عالم
على عربيٍّ ضيَّعته الأعاجم
وقد أعوزَتْني بعده بلّة الصدى
فمن لي ببحرٍ موجُهُ متلاطم
ونكّسْتُ رأسي للزمان وخطبه
فلا وضعت فوق الرؤوس العمائم
وما زال قولي غير راضٍ وإنّما
لشدّة ما تعدو الخطوب الداهم
لكلّ اجتماع لا أباً لك فرقة
وكلُّ بناءٍ سَوْفَ يلقاه هادم
يعيد عليَّ العيدُ حزناً مجدّداً
وما هذه الأعياد إلاّ مآتم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عليكَ دُموعُ العَين لا زال تَنْهَلُّ
عليكَ دُموعُ العَين لا زال تَنْهَلُّ
رقم القصيدة : 22379
-----------------------------------
عليكَ دُموعُ العَين لا زال تَنْهَلُّ
ووجدي بكم وجدُ المفارقِ لا يسلو
وها أنا من فقدانكم ما دجا ليل
أبيتُ ولي وَجْدٌ حرارته تعلو
ودمع له في عا
رضي عارض هطلُ
شُغِلْتُ بهذا الوجد قلباً مجّذذاً
ولم أَر لي من شاغل الدمع منقذا
إلامَ أعاني ما اعانيه من أذى
وأطوي على جمرٍ وأغضي على قذى
وأشغلُ أعضائي وقلبي له شغلُ
أقضي نهاري في عسى ولربّما
وأبكي عليكم كلّ آونة ٍ دما
وإنّي وعيشٍ فيكم قد تصرَّما
إذا الليل وافى ضقتُ ذرعاً إلى الحمى
وفاضت شؤون ليس يعقِلُها عَقْلُ
شَجاني حَديثٌ بالبَوار مُصَرِّح
وأوضحَ لي حالَ الرُّصافة ِ موضح
فمن ثمَّ إنْ يفصحْ وللشوقِ مفصح
حداني إلى الزوراء شوق مبرِّح
فماذا الذي حدَّتثْ عن حالها سهل
وقالوا نبتْ لكنْ بأرباب فضلها
وجارتْ على أشرافها بعد عدلها(23/136)
فقلتُ ولا مأوى ً إلى غير ظلها
إذا ما نيت دارُ السلام بأهلها
فلا جبلٌ يؤوي الكرامَ ولا سهل
على ما أُصيبَت من عظيم مصابها
وما آذنتْ أحداثها بخرابها
فلا ظِلَّ إلاَّ في فسيح رحابها
وإنْ قلصَ الظلّ الذي في جنابها
فأين من الرمضاء في غيرها ظلّ
أيُعرفَ خفضُ العيش إلاّ بخفضها
وفيض النمير العذب إلاّ بفيضها
لئن أجدَبَتْ يوماً فهل مثل روضها
وإنْ نَضِبَ الماء النمير بأرضها
فأيّ شراب في سواها لنا يحلو
رعى الله ماضي عَهديَ المتقادمِ
ببغدادَ في رغدٍ منَ العَيْش ناعمِ
وفي الكرخِ جاد الكرخَ صوبُ الغمائمِ
ديارٌ بها نيطَتْ عليَّ تمائمي
قديماً ولي فيها نما الفرع والأصلُ
يكلِّفُني عنها النّوى فوقَ طاقتي
فسكري بتذكاري بها وإفاقتي
منازلُ أحبابي ومنشا علاقتي
بها سَكني في رَبعها الخصب ناقتي
بها جملي يرغو بها قيمتي تغلو
تذكَّرتُ أحباباً لأيامِ جمعها
ولم يصدعِ البينُ المشتُّ بصدعها
فآهاً على وصلي لها بعد قطعها
ألا ليت شعري هل أراني بربعها
مقيماً وبالأحباب يجتمع الشمل
عفا ربعها من رَسْمِه وطلوله
وأضحى هشيماً روضها بمحموله
فيا هلْ يروّيها الحيا بهموله
وهل روضها يخضرُّ بعد ذبوله
ويهمي على أوراقه الوبل والطل
لقد شاقني منها كرامٌ أماجدُ
مشاهدهم للعالمين مقاصدُ
فهلْ أنا في تلك المقاعد قاعد
وهل أنا في يوم العروبة قاصد
لحضرة بازٍ شأنها الفصلُ والوصلُ
وهل أنا يوماً ظافرٌ بمقاصِدي
فمكرمُ أحبابي ومكبتُ حاسدي
وأجري مع الإخوان مجرى عوائدي
وهلْ كلّ يوم لاثم كفَّ والدي
أبي مصطفى ذي همة أبداً تعلو
وهلْ علماءٌ طبَّقَ الأرض علمهم
وحيَّر أفهامَ البريّة ِ فهمهمْ
تَقَرّ بهم عَيني وينجاب غمّهم
وهل أدباء الجانبين يضمّهم
وايّاي طاقٌ نقله الأدب الجزل
فأغدو ولا كانَ التفرُّق لاقيا
وجوها عليها قد بللتُ المآقيا
بطاقٍ رقى فيمن حواه المراقيا
وذلك طاقُ الشهم لا زال باقيا
له العَقُد في أرجائه وله الحلّ
وهلْ يُريني مُصبحاً كلّ منجب(23/137)
وخوّاض أغمارِ الخطوب مجرّب
وكلّ فتى ً عذب الكلام مهذّب
وهل يريّني ذاهباً بعد مغرب
لتكية شيخِ العصرِ من جوره العدل
بناها لأشياخٍ قرارة عزِّهم
وصدَّرهم فيها ولاذَ بحوزهم
وإنْ كان لم يفقه إشارة رمزهم
ففيها صدورٌ لازموه لعجزهم
وما ظعنوا بالسير عنه وقد كلّوا
بلونا سراها بعد إصرام حبلها
فكان من البلوى تعذُّرُ مثلها
ديارٌ عَرَفنا بعدها كنه فضلها
سلام على تلك الديار وأهلها
فهم في فؤادي دائماً أينما حلّوا
يروقُ لعيني أنْ تكونَ جلاءها
وتشتاقُ نفسي أرضها وسماءها
ومَن قال أسلو ماءَها وهواءَها
فوالله لا أسلو هواها وماءها
إذا كان قلبي عندها فمتى أسلو
أحبَّتَنا مِنّي السلامُ عليكمُ
إذا نُشِرَتْ صحفُ الغرام لديكمُ
أحبَّتنا والدهرُ أبعد عنكمُ
أحِبَّتنا هلْ من وُصولٍ إليكمُ
فقد تعبت بيني وبينكم الرسل
تناءيت عنكم والهوى فيكم معي
كأنْ لم أكنْ منكم بمرأى ً ومسمع
وقد طالَ بعدي عن دياري وأربعي
ألا هِمَّة ٌ تُرجى ووصلٌ مُرجعي
لديكم إذا شئتم به اتصل الحبل
أحبَّتنا أصبوا إلى حسن قولكم
وإنْ ذقتُ فيه المرَّ من حلو عذلكم
أحِنُّ لمغناكم وسامي محلكم
وإنّي بناديكم على سُوء فعلكم
أرى أبداً عندي مرارته تحلو
سألتُ إلهاً لم أخبْ بسؤاله
بلوغَ المنى من فضله ونواله
وأدعو دعاءَ العيد عند کبتهاله
وأسأل ربي بالنبيّ وآله
يسهّل عَودي نحوكم وله الفضل
شعراء مصر والسودان >> أحمد عبدالمعطي حجازي >> كائنات مملكة الليل
كائنات مملكة الليل
رقم القصيدة : 2238
-----------------------------------
أنا إلهُ الجنسِ والخوفِ..
وآخرُ الذكور
(أظنها التقوى وليس الخوفَ
أو أني أرد الخوف بالذكرى
فأستحضر في الظلمة آبائي
وأستعرض في المرآة أعضائي
وألقي رأسيَ المخمور في
شقشقة الماء الطهور).
تركت مخبئي لألقي نظرة على بلادي
ليس هذا عطشاً للجنس,
إنني أؤدي واجباً مقدساً
وأنتِ لستِ غيرَ رمزي فاتبعيني.
لم يعد من مجد هذه البلاد غير حانةٍ(23/138)
ولم يبق من الدولة إلا رجل الشرطة
يستعرض في الضوء الأخير
ظله الطويل تارة
وظله القصير!
****
أنسج ظلي حفرة
أنسج ظلي شبكه
أقبع في بؤرتها المُحْلَوْلكه
بعد قليل ينطفي الضوء,
وتمتد خيوط الشبكه
تمسك رِجلَ الملكه!
في الليل كان الصيف نائماً.
لماذا لم نعد نشهد في حديقة الأرملة الشابة زواراً?
لماذا لم تعد تهبُّ في أجسادنا رائحة الفل,
ويمشي عطرها الفاتر في مسامِّنا?!
في الليل
كان الصيف, في حديقةٍ ما, نائماً عريان
كان رائعاً بمعزلٍ عنا
بعيداً كصبي صار في غيبتنا شاباً جميلا
يعبر الآن بنا ولا يرانا
آه !
كان الصيف يملأ الشهور
من غير أن يلمسنا!
تلك عناقيد الندى
ترشح في أرنبة الأنف
وفي تُويْجة النهد الصغير
والجسدُ الورديُّ يستلقي على عشب السرير
والفراشاتُ على الأغصان زهرٌ عالقٌ
وعتمة البستان لون نائم
فأمكنيني منكِ يا مليكتي
إنّ أكُفَّ شجر الصبار برعمت
وكاد الليل ينتهي
وما زلنا نطير!
أنسج ظلي برعما
وكائنات شبقه
أبحث عن مليكتي
في غيمة أو صاعقهْ
أطبع قبلتي على..
خدودها المحترقهْ
منتظراً نهايتي
منتظراً قيامتي
فراشة, أو يرقهْ!
****
آهٍ من الفل الذي يعبق في واجهة الدار
من الضوء الذي يشع كالماسات في مفارق النخل
من الظل الذي يلعق في الماء تجاويف الصخور!
من اليمامات التي تهدل في الذكرى
وتستوحي جمالنا المحجّب الأسير!
من قطرة الماء التي ترشح في آنية الماء
كوجهٍ من نقاءٍ خالصٍ
يطلع في الصمت, وفي الظل القرير
يعشق في المرآة ذاته سويعات الهجير!
آهٍ من الموت الذي يظهر في رابعة النهار لصاً فاتناً
فتخرج النساء ينظرن إليه والهاتٍ..
****
ويعرّين له في وهج الشمس الصدور والنحور!
الليل أنثى في انتظاري.
هذه مدينة عطشى إلى الحب
أشم عطرها كأنه مُواء قطة
أرى رقدتها في اللؤلؤ المنثور
في حدائق الديجور
آهٍ !
كيف صار كل هذا الحسن مهجوراً
وملقى في الطريق العام
يستبيحه الشرطي والزاني!(23/139)
كأني صرت عِنِّيناً فلم أجب نداءها الحميم المستجير
تلك هي الريح العقور
أحسها تقوم سداً بين كل ذكر وأنثى
إنها السم الذي يسقط بين الأرض والغيم
وبين الدم والوردة
بين الشِّعر والسيف
وبين الله والأمة
بين شهوة الموت
وشهوة الحضور!
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا
سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا
رقم القصيدة : 22380
-----------------------------------
سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا
وقضى من حقِّها ما وجبا
أربعٌ لولا تباريحُ الهوى
ما جَرى دَمعُك فيها صَببَا
وجدت فيها السوافي ملعباً
للنّوى فاتَخَذَتْها ملعبا
مال قينا بوقوف الركب في
ساحة النعمان إلاّ نصبا
ذكر البُّ وهل ينسى بها
زمنَ اللهو وأيّام الصّبا
يا رعى الله بها لي قمراً
مُشْرِقَ الطلعة لكنْ غربا
أمنى ً في أهل منى ً
وقباب الحيّ في وادي قبا
فلقد كنتُ وكانتْ فتية ٌ
أنجمَ الأفق وأزهار الربا
ذهب الدهر بهم فامتزجت
فضة الأدمع فيهم ذهبا
يا خَليلَيَّ وهلاّ شِمْتُما
بارقاً لاح لعيني وخبا
فتوارى كفؤادي لهباً
ثم أورى زنده والتهبا
لعبَ الشوق بأحشائي وما
جَدَّ جِدُّ الوَجْد حتى لعبا
فانشدنْ لي في الحمى قلباً فقد
ضاع مني في الحمى أو غُصبا
نظرت عيناي أسرابَ المها
نظرة ً كانت لحَيْني سببا
يومَ أصبتنا إلى دين الهوى
فتعلَّلنا بأرواح الصَّبا
وعدونا زورة الطّيف أما
آنَ ميعادهمُ واقتربا
أربُ النفس وحاجات إمرئٍ
ما قضى منهم لعمري أربا
قَضَتِ الأيام فيما بيننا
إنّنا لم نلقَ يوماً طربا
وهبَ الدهر لنا لذّته
واسترد الدهر ما قد وهبا
ومنعنا من أفاويق الطلا
منهلاً كان لنا مستعذبا
فحدا الحادي لسقيا عهدكم
عارضاً إنْ ساقه البرق كبا
مقلة ُ الوالع يذري دمعها
وبكى القطر لها وانتحبا
أمر القلب بصبرٍ فقضى
ودعا الصَّبرَ إليها فأبى
قلَّما يدعى فيقضي حاجة ً
وإذا ما انتدبوه انتدبا
والليالي فَلَكٌ يظهر في
كلِّ يوم عجباً مستغرباً(23/140)
وكآفاق العلى ما أطْلَعَتْ
كشهاب الدين فينا كوكبا
فتأمَّل في معاني ذاته
وتفكّر فَتَحدَّثْ عجبا
هيبة لله في مطلعه
ملأتْ قلب الأعادي رعبا
يُرتجى جوداً ويُخشى سطوة
رغباً يرجى ويخشى رهبا
عالم الدنيا وناهيك به
لا يشوبُ العلم إلاّ أدبا
معربٌ عن فكره الثاقب إنْ
زفَّ أبكار المعاني عربا
كم تجلَّت فجلتْ أفكاره
عن سنا كلّ عويص غيهبا
فأرتنا الحقّ يبدو واضحاً
بعد أنْ قاربَ أنْ يحتجبا
بلسانٍ يفصلُ الأمر به
كَشَبا الصّمصام أو أمضى شبا
فخُذِ اللْؤلُؤَ من ألفاظِهِ
واجتنِ إنْ شئتَ منها ضربا
وفكاهاتٍ إذا أوْرَدها
نُظمَتْ فوق الحمّيا حببا
وكمالات له معجزة
وأحاديثاً رواها نخبا
أينَ من أقلامه سمر القنا
أينَ من همته بيض الظبا
وكلامُ راق في السمع كما
قد يروقُ العينَ فيما كتبا
علويٌّ من أعالي هاشم
هاشم الجود ويكفي نسبا
صاغه الله لقومٍ أرباً
ولقوم حسدوه عطبا
لا يزال الدهرَ يَعلو جَدّه
مرتقيها في المعالي رتبا
فإذا بُوحثَ بالجدّ علا
وإذا غولبَ فيه غَلَبا
أبلجٌ تحسبه بدرَ الدجى
أو بأضواءِ الصّباح آنتقبا
ديمة ٌ منهلَّة ِ ما شمتُ في
بارق الآمال منها خلّبا
ولئنْ أصبَحَ روضي ممحلا
فكم أخضرَّ به وأعشوشبا
يهنِكَ العيدُ فخذ من لائذٍ
بكم ماكنتُ له مستوجبا
شاكراً منك العيد يداً
لم أُفاخر بسواها السُّحبا
فتفضَّلْ يا کبن بنتِ المصطفى
أشرفَ العالمِ أمّاً وأبا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
رقم القصيدة : 22381
-----------------------------------
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
أشفقتَ من زفراتهِ وسهاده
قد كان يرجو أنْ يلمَّ ببرئه
لو أنَّ طيفك كان من عوّأده
عذَّبتَ طرفي بالسُّهاد ولم تبتْ
إلاّ وطرفك في لذيذ رقاده
مالي أعذبُ في هواك حشاشتي
وأذودُ حرَّ القلب عن إبراده
وإذا أخَذْتَ بما يبوح به الجوى
أَخَذَ الجوى َ إذ ذاك في إيقاده
هذا الغرامُ وما مرادك بعده(23/141)
مما يحول جفاك دون مراده
من كنتُ أستصفي الحياة لقربه
أصْبَحْتُ أرتقب الردى لبعاده
أطلقتُ بعدكم الدموع وإنْ أكنْ
فيكم أسير الحب في أقياده
ولقد سددتُ عن العذول مسامعي
ورأيتُ أنّ الرأي غير سداده
يا من يلوم الهوى أهل الهوى
كيف أقتناءُ الصبر بعد نفاذه؟
هل أنتَ يوم البين من شهدائه
أمْ يومَ الجزع من أشهاده
من ذا يجيرك من لواحظ سربه
ويفكّ قلبك من يدي صيّاده
يا ربع بلّ لك الأوام متيمٌ
إنْ جفَّ ناظره بماء فؤاده
حكمتْ بما حكم الغرامُ بأهله
آرامُه فقَضَتْ على آساده
وكأنَّما كانتْ لذائذنا بها
ونفاسة الصمصام في إفرنده
لم أنس عهدكِ يا أميمة باللوى
فسقى الغمام العهد صوب عهاده
أيام أصطبحُ المراشف عذبة
ويفوزُ رائد لذّة ٍ بمراده
حيث الشبابُ قشيبة ٌ أبراده
إذ كنتُ أرفلُ منه في أبراده
ومضرَّج الوَجَنات من دم عاشقٍ
يسطو بذابل أسْمَرٍ ميّادِهِ
عاطيته ممّا يمجُّ لعابهُ
صَهْباء تكشِفُ عن صَميم فؤاده
يصفو بها عيشُ النديم كأنّما
أخذتْ عليه العهد من أنكاده
حتّى إذ ألقى الظلام رداءه
واستلّ سيف الصبح من أغماده
قلتُ اسمحنْ لي ما بخلت بزورة
وهل المحب بها على ميعاده
لا ذاق ريقك بعد ذلك إنْ صحا
أو كان يعثر غيُّه برشاده
فَسَدتْ معاملة الحسان لِمَفْرِقٍ
نزلَ البياضُ به مكان سواده
وثنى المشيب من الشباب عنانه
عن ودِّ زينته وعشق سعاده
ونفاشة الصمصام في إفرنده
لا في نفاسة غمده ونجاده
سالمت أيامي فقال لي العلى
إنْ كان عاداك الزمان فعاده
ولقد يعزّ على المعالي أنْ ترى
مثلي بهذا الدهر طوع قياده
صافيتُ أخلاقي الأبية دونه
فلينطو أبداً على احقاده
وأنا القويّ على شدائد بطشه
عاندته فرغكتُ أنفَ عناده
وأراه يمكر بي ويحسَبُ أنَّه
يضطرني يوماً إلى أوغاده
هيهات قد تربت بذاك فدون ما
قد رام هذا الدهر خرط قتاده
ولمن أراد من الأكارم بغية
ألفى أبا سلمان فوق مراده
بأسٌ يذوب له الحديد ونائلٌ
كالعارض المنهلّ في إرفاده(23/142)
الناس مغتنمون في إبراقه
طوراً ومحترزون من إرعاده
مستنزل الإحسان صادق وعده
ومزلزل الأركان في إيعاده
حسدت مناقبه الكواكب في العلى
حتى رأيت البدر من حساده
أمّا العيال عليه فهي أماجد
والمجد لا ينفك عن أمجاده
يتطفَّلون على موائد فضله
يتبركون بمائه وبزاده
طرب الشمائل كلّما کستجديته
طرب الشجاع لحربه وجلاده
ولربّما أجرى اليراعَ فلاحَ لي
بيض الأيادي من سواد مداده
لله أبلجُ من ذؤابة هاشمٍ
لا زال حزبُ الله منْ أجتاده
عقل الحوادث أقلعتْ لهياجها
فكانّها مصفودة بصفاده
لمَ لا يؤمَّل للإغاثة كلّها
من كان قطب الغوث من أجداده
لحق الكرام الأولين ولم يزل
في حلبة النجباء سبق جواده
فكأنّما انتقب الصَّباح إذا بدا
إقباله منه على وفاده
لا تعجبوا لجمال آل محمد
نورُ النبيّ سرى إلى أولاده
بيتٌ قواعده قواعدٌ يذبلٍ
يتعثّرُ الحدثان في أوتاده
أطواد مجد في العلى لم ينزلوا
إلاّ على الشُرُفات من أطواده
من كلّ بحر يستفاض نواله
يا فوزَ من قد راح من ورّاده
قد تستمدّ العارفون وإنّما
استمدادها بالفيض من إمداده
يا أهل ذا البيت الرفيع عماده
وکنحطت الملوان دون عماده
أروي لكم خبر الثناء وطالما
أوقفت راويه على إسناده
مستعبد الحرّ الكريم بفضله
لا حرَّ في الدنيا مع استعباده
شاركت أبناء الرجال بما حَوَتْ
يمناك بين طريفه وتلاده
وإذا تفرَّدَ في الزّمان مهذّب
ألفيتك المعدودم إفراده
روضي ذوى ولوى الرجاء بعوده
فليجر منك الماء في أعواده
يفديك من ملكت يمينكُ رقَّه
ورآك ملجأ قصده ومراده
منع الوصول إلى ذراك بعيده
لا زلت أنْتَ العيد في أعياده
والحظّ يصلد في يديَّ زناده
إنّي أعيذك من صلود زناده
يا من نعمت به وأية نعمة
وسعدتُ بين الناس في إسعاده
تاجرت في شعري إليك وإنّما
نَفَقَ القريض لديك بعد كساده
ومن الكلام إذا نظرت جواهرٌ
يجبى إلى من كان من نقّاده
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا(23/143)
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
رقم القصيدة : 22382
-----------------------------------
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
أثارَ من الصَّبابة ما أثارا
وهاج لي الغرام وهيّجت بي
فؤاداً يا أميمة مستطارا
فبرقاً شمته والليل داج
كما أَوْقَدْتَ في الظلماء نارا
كأنَّ وميضَه لمعانُ عَضبٍ
يشقّ من الدّجى نقهاً مثار
ذكرتُ به کبتسامك يا سُليمى
فأبكاني کشتياقاً وادّكارا
فما مرَّ الخيال إذنْ بطرفي
ولمْ أذقِ الكرى إلاّ غرارا
وذكرى ما مضى من طيب عيشٍ
سحبت من الشباب به إزارا
وعهد هوى ً لأيام التصابي
وإنْ كانَتْ لياليه قصارا
أخَذْتُ بجانب اللّذات منها
على طربي وعاقرتُ العقارا
وكم من لذّة ٍ بكُمَيْت راحٍ
أَغَرْناها فأَبْعَدْنا المغارا
منظمة الحباب كأنّ كسرى
أماطَ الطَّوق فيها والسّوارا
فلو طار السرور بمجتليها
على الندمان يومئذٍ لطارا
وقد كان الشباب لنا لبوساً
يَلَذُّ بُخَلْعِنا فيه العذارا
فواهاً للشبيبة كيف ولّتْ
وما استرجعتُ حليا مستعارا
تنافرتِ الظباء وبان سربٌ
ولم أنكرْ من الظبي النفارا
وشطّ مزارُ من أهواه عنّي
ومن لي أن أزورَ وَأَنْ أُزارا
إلام أسائل الرُّكبان عنهمْ
وأستقري المنازل والديارا
وقوفاً بالمطيِّ على رسومٍ
أُعاني ما تُعانيه البوارا
أرقرقُ عبرة وأذوبُ شوقاً
ويعدمني بها الشَّوقُ القرارا
وحنَّتْ أنيقي وبكَتْ رفاقي
وأَرسَلَتِ الدموع لها غزارا
أشوّقك العرارُ لأرض نجدٍ
ولا شيحاً شممتَ ولا عرارا
أضرَّ بك الهوى لا باختيار
وما كانَ الهوى إلاّ اضطرارا
سقتها المزنُ سّحاً من نياقٍ
وصبَّ على معالمها القطارا
وصَلْتُ بها المهامه والفيافي
وَجُبْتُ بها الفادفدَ والقفارا
معلَّلتي بممرضتي حديثاً
لقَد داويتِ بالخمرِ الخمارا
بمن لا زلت تحييني التفاتاً
وتقتلني صدوداً وازوارا
هي الحدق المراض فتكْنَ فينا
وألطف من ظبا البيض احورارا
فلولا فتكها ما بتُّ أشكو
بأحشائي لها جرحاً جُبارًا
كأنَّ جفونها بالسِّحر منها(23/144)
سكارى والنفوس بها سكارى
بَلَوْتُ بني الزمان وعرفَتْني
تجاريبي سرائرهم جهارا
وإنَّك إنْ بلوت الناس مثلي
وَجَدْتَ الناس أكثرهم شرارا
وإنْ قِسْتَ الرجال وهم كبار
بمجد محمد كانت صغاراً
بأهداهم إلى المعروف برّاً
وأسرعهم إلى الحسنى بدارا
وكم لحقته في ميدان فضل
فما شقَّتْ له فيه غبارا
بروحي من إذا ما جار خطبٌ
فَرَرْتُ إليه يومئذٍ فرارا
يرى في ظلّه العافون عيشاً
يروقُ العينَ بهجته اخضرارا
ويُنفِقُ في سبيل الله مالاً
بهِ أدَّخر الثوابَ له ادخارا
ويرعى في صنائعهِ ذماراً
بجيلٍ قلَّ منْ يرعى الذّمارا
تبصَّر في الأمور وحنكته
التجاريب اختباراً واعتبارا
وحلَّته فضائله بحليٍ
لعمرك لن يباعَ ولنْ يعارا
وأبدْعَ بالمكارم والأيادي
فما يأتي بها إلاّ ابتكارا
وما زالت كرام بني زهير
خياراً تنتجُ القوم الخيارا
نجارُ أبوَّة ٍ ونتاج فخرٍ
فحيّا الله ذياك النجارا
هم الجبل المنيع من المعالي
يُجيرُ من الخطوب من کستجارا
وإنَّ محمداً أندى يميناً
وأوفرُ نائلاً وأعزُّ جارا
أبا عبد الحميد رفعتَ قدراً
وقد أوتيتَ حلماً واقتدارا
سَبَقْتَ الأوّلين فلا تُجارى
إلى أمدٍ العلاء ولا تبارى
فسبحان الذي أعطاك حلماً
فوازَنْتَ الجبالَ به وقارا
وألهمكَ الصوابَ بكلّ رأيٍ
يريك ظلامَ حندسهِ نهارا
عليك الناس ما برحتْ عيالاً
ولم تبرح لدائرها مدارا
تُشَيّدُ من عُلاك لهم مقاماً
وتوصحُ من سناك لهم منارا
لك النظر الدّقيق يلوح منهم
هُدى قومٍ به كانتْ حيارى
وفيك فطانة وثقوب ذهنٍ
يراكَ به المشيرُ المستشارا
لقد سارَتْ مناقبك السواري
فما کتخذت لها في الأرض دارا
تقلَّدتَ القوافي الغرَّ منها
بأحسن ما تقلَّدتِ العذارى
وما استقصتْ مدائحك القوافي
نظاماً في علاك ولا نثارا
لئن قصَّرتُ فيما جئتُ منها
فقد تتلى کقتصاراً واختصارا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقاكِ الحيا من أربعٍ وطلولِ
سقاكِ الحيا من أربعٍ وطلولِ
رقم القصيدة : 22383(23/145)
-----------------------------------
سقاكِ الحيا من أربعٍ وطلولِ
وحيّاك منهُ عارضٌ بهطولِ
وجادَ عليكِ الغيثُ كل عشية ِ
تسيل الرُّبا من صوبه بسيول
عفا رسمُ دارٍ غيَّرَ النأْيُ عهدها
فطالَ بكائي عندها وعويلي
وقفتُ بها العينَ ماءها
بمنسكب من مدمعي وهمول
وأشكو غليلَ الوجد في عَرَصَاتها
وما لي فيها ما يبلُّ غليلي
إلامَ أدراري مهجة ً شفَّها الهوى
بريّا صباً من حاجرٍ وقبول
وأكتُمُ وجَدي عن وشاتي وعُذَّلي
وأخف الجوى عن صاحبي وخليلي
وقد عَلِمَ الواشون بالحبِّ أنّني
أطْعْتُ غرامي إذْ عَصَيْتَ عذولي
أَلا مَن لقلبٍ لا يقرُّ من الجوى
وجَفْنٍ لتسكابِ الدموع مذيل
وما هاجَني إلاّ وميضٌ أشِيمه
كما لاح من ماضي الغرار صقيل
هبوبَ شمالٍ في مدار شمول
فواهاً لأيام قَضَيْتُ ومربعٍ
سَحَبْت عليه بالسَّرور ذيولي
وصهباءَ يسقيها مليحٌ تَلَذُّ لي
بأحوى غضيض الناظرين كحيل
وقد نظِمَتْ فيها الحبابُ كواكباً
وزرتْ عليها الشمس ثوبَ أصيل
فهل يرجع الماضي من العيش في الحمى
ويخرُّ عود اللّهو بعد ذبول؟
أحِنَّ إلى عهد الشباب وطيبه
وأَوضَحَ في نَهْجِ العلاء سبيلي
مصارع عشاقٍ ومغتى صبابة
وكمف يالحمى من مصرع لقتيل
أحِبَّتَنا هلْ من رسولٍ إليكم
وهل مبلغ عني الغرام رسولي؟
جَفَوتم فأكثرتم جفاكم على النوى
ألا فکسمحوا من نيلكم بقليل
فعندي من الأشواق ما لو أبثُّه
عرفتم بأشراكِ الفتون حصولي
ذهلتُ بكم عن غيركم بغرامكم
وفيكم لعمري حيرتي وذهولي
سأَطلبُ أسباب العلى ولو کنّها
بأَنياب آسادٍ ربضنَ بغيل
ولستُ بناءٍ عن منى ً وركائبي
ضوامنُ في غزعاجها بوصول
أُسَيّرها ما بينَ شرقٍ ومغربٍ
وما بين وخدٍ مزعجٍ وذميل
وإنّي وإنْ لم آمن الدهر خطبه
وما أَمنَ الأيَّام غير جهول
وأنهضُ أحياناً إلى ما يريبني
وإن غرَّ بعضَ الجاهلين خمولي
حمول لأعباء الخطوب بأسرها
ولكنني للضيم غير حمول
وما ذلَّ في الدنيا عزيزٌ بنفسه
ولا عاشَ حرُّ القوم عيش ذليل(23/146)
ترفَّعتُ عن قوم زهدت بوّدهم
وما همْ بأمثالي ولا يشكولي
وحاولتُ عزَّ النفس بالصدِّ عنهم
وما كنتُ إلاّ في أعزّ قبيل
وما سرَّني إلاّ جميلُ محمد
وليسَ جميلٌ بعد آل جميل
تظلَّلتُ من بين الأنام بظلّهِ
فأصبحتُ في ظلٍّ لديه ظليلِ
ظفرتُ بهم غرَّ الوجوه أماجداً
بكلّ جليل القدر وابن جليل
يخبّر سيماهم بغُرِّ وجوههم
إذا بزغتْ عن مجدهم بأثيل
ويشرقُ من لألاء صبح جبينهم
شموسُ معالٍ لم ترعْ بأفوال
لئنْ أنتِ الدنيا بأمثال غيرهم
فَهَيْهات أَنْ تأتي لهم بمثيل
فمن برِّهم نيلي مكارم برّهم
فأكرامْ بهِ من نائل ومنيل
مناجيبُ لم يدنس من اللؤم عرضهم
ولا علقتْ أمٌّ لهم ببخيل
فروعٌ تسامت للمعالي وأفْرَعَتْ
بطيبِ فروع قد زكتْ بأصول
يصيخون للّداعي إلى كشف ضِرّهِ
لدى كلّ خطبٍ في الخطوب مهول
فمنْ كلِّ سمّأعٍ مجيبٍ إلى النّدى
سريعٍ إلى الفعل الجميل عَجولِ
وكم نازلٍ مثلي بساحة حيّهم
أقامَ ولم يُؤْذَنْ له برحيل
أراشوا -بني عبد الغنيّ- جناحه
فأثرى بمالٍ ما هناك جزيل
وأصْبَحَ ذا جاهٍ عزيزٍ بجاههم
عريضٍ على عرض الزمان طويل
شكرتهمُ شكر الرياض يد ألحيا
بأصدقِ قالٍ بالثناءِ وقيل
وأَثْنَتْ عليهمْ بالجميل عوالمٌ
فمنْ مقصرٍ في مدحهمْ ومطيل
وما زال لي من جود كفّ محمد
رواءُ غليل أو شفاءُ عليل
فتى ً شغل الدنيا بحسن ثنائه
وقام له بالفضل ألفُ دليل
من القوم يهديهم إلى ما يسرّهم
مَداركُ أفكار لهم وعقول
سليل المعالي وابنها ونجارها
فبُورك من زاكٍ زكا وسليل
ظفرت به دون الأنام بماجدٍ
قؤولٍ بما قال الكرام فعول
ألا بأبي من قد هداني لبره
وفي ظِلِّهِ عند الهجير مقيلي
أرى جُمَل الإحسان والخير كلَّه
مفصّلة في ذاتكم بفصول
رفَعْتُم برغم الحاسدين مكانتي
فمنزلتي فوق السها ونزولي
إذا غبتُ عنكم أبتُ من بعد غيبتي
وكان إليكم أوبتي وقفولي
سمرتم بحمد الله أبناء عصركم
وكنتُمْ بهذا الجيل أكرمَ جيل
رعى الله من يرعى الوداد وأَهْلَهُ(23/147)
وليسَ له فيه تلوُّنُ غولِ
إليكم بني عبد اغني قصيدة ً
من الشعر تحكي دقّتي ونحولي
أبشّر بالإقبال نفسي وبالمنى
إذا وَقَعَتْ من لطفكم بقبول
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَن مُجيري من فؤادٍ كلّما
مَن مُجيري من فؤادٍ كلّما
رقم القصيدة : 22384
-----------------------------------
مَن مُجيري من فؤادٍ كلّما
أتقد البرقُ اليماني اتقدا
كادَ لولا أدمعي، تحرِقُه
زفرة ُ الوَجدِ بما قد وجدا
عَرَف القلب يد العين بها
إن للعَينِ على القلب يدا
لا أبيتُ الليلَ إلاّ راعياً
أنجماً سارت على غير حدا
طال ليل الصبّ حتى خِلْتُه
جُعِلَ الليلُ عليه سرمدا
وتحرّوا رشداً عذّاله
ولعَمري ما تحرّوا رشداً
بي حبيبٌ أنا ألقى في االهوى
منه ما ألقاه من كيد العدى
تطلُبُ السُّلْوان إلاّ إنّ لي
لوعة ً قامت وصبراً قعدا
ما رمى الرامي فؤادي خطأً
منه في الحبّ ولكنْ قصدا
يا عرى عهد الهوى إنّ الهوى
جارَ بالحكم عليه واعتدى
خشية الواشين صبٌّ لم يزل
يُظهِرُ الدمع ويخفي الكمدا
أترى أحبابنا يومَ التقى
وَجَدوا من لوعة ٍ ما وجدا
قد وَقَقْنا بعدهم في ربْعِهِم
فبكيْنا الدَّمع حتى نفدا
ثم لما نفدَ الدّمع على
طَلَل الرَّبع بكَيْنا الجَلَدا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
رقم القصيدة : 22385
-----------------------------------
ذكرتُ على النّوى عهد التّصابي
فأشجاني وهيَّجَ بعضَ ما بي
وشوَّقني معالم كنتُ فيها
بأنعم طيبِ عيشٍ مستطاب
فبتُّ أحنُّ من شوق إليها
كما حنَّ المشيبُ إلى الشباب
سقى تلك الديار وساكنها
مُلِثُّ القَطر منهلّ الرباب
فكم ظبيٍ هنالك في كناسٍ
ينوب بفتكه عن ليث غاب
بنفسي من أفدّيه بنفسي
ويعذب في تجنّبه عذابي
ولي قلبٌ تَوَقَّدَ في التهابٍ
ولي دمع توالى بکنسكاب
وليلٍ طال بالزفرات منّي
ولم يقصر لحزني واكتئابي
وكم همٍ أساءَ إلى فؤادي(23/148)
وطال مع الزمان به عتابي
وأزعجني عن الأحباب بينٌ
وبالبينِ أنزعاجي واظطرابي
تعلِّلُني بموعدها الأماني
وما التعليل بالوعد الكذاب
وتطمعني بما لا أرتجيه
وهل أرجو شراباً من سراب
وما فَعَلَتْ بأصحابي المنايا
فأَبْقَتْني وقد أَخَذَتْ صحابي
وما لي من أُنيب إليه يوماً
إذا ما عضّني يوماً بناب
وما كتبتْ يداي له كتابا
ولكن كان في أمِّ الكتاب
أَذاقَنِي النّوى حلواً ومرّاً
وجرعني الهوى شهداً بصاب
أطوِّف في البلاد وأنتحيها
فما أغنى کجتهادي في الطّلاب
وأيَّة ُ قفرة لم أَرْمِ فيها
ولم أزعجْ بمهمهها ركابي
لبستُ غبارها وخرجت منها
كما آستُلَّ الحُسام من القراب
ولم ألغْ مقام العزِ إلاّ
بعد القادر العالي الجناب
وما نلنا المنى في السّعي حتّى
نَزَلْنَا في منازله الرِّحاب
كريم طيب الخلاق برٍّ
بيوم الجود أندى من سحاب
فما سُئِل النّدى والجودَ إلاّ
وأسرعَ بالثواب وبالجواب
إذا ما أُبْت بالنَّعماء عنه
حَمِدْتُ بفضله حُسنَ المآب
أو کنتَسَبَ کنجذابٌ من قلوب
فما لسواه ينتسبُ انجدابي
فيا بدرَ الجمال ولا أماري
سَأشكرُ فضلَك الضّافي وأدعو
لمجدك بالدعاء المستجاب
على نعمِ بجودك قد أفيضتْ
ولا ترجو بها غير الثواب
وممّا سرَّني وأزالَ همّي
دُنُوِّي من جنابك وکقترابي
ولم أَبْرحْ أهيمُ بكلّ وادٍ
وأقْرَعُ في ثنائك كل باب
وأرغَبُ عن سواك بكل حالٍ
وأطْمَعُ في أياديك الرغاب
ولم تبرح مدى الأيام تدعى
لكشف الضر أو دفع المصاب
أصاب بما حباك به مشيرٌ
مشيرٌ بالحقيقة والصواب
وولاّك العمارة إذ تولى
أمورَ الحكم بالبأس المهاب
فقمت مقامه بالعدل فيها
وقد عمرتها بعد الخراب
وذلَّلتَ الصّعاب وأنتَ أحرى
وموصوف بتذليل الصعاب
فلا يحزنك أقوال الأعادي
فما جَزِعَتْ أسُودٌ من كلاب
لقد حلَّقتَ في جوّ المعالي
فكنتَ اليومَ أمنعَ من عقاب
عَلَوْتَ بقَدْرِك العالي عليهم
كما تعلو الجبال على الرّوابي
وما ضاهاك من قاصٍ ودانٍ
بعدل الحكم أو فصل الخطاب(23/149)
وحزتَ مكارم الأخلاق طرّاً
ومنها جئت بالعجب العجاب
ألا يا سيّدي طال اغترابي
فرخِّصْ لي فَدَيْتُك بالذهاب
فأرجعُ عنك مُنَقَلِباً بخير
وأحمدُ من مكارمك انقلابي
وأنظم فيك طول العمر شكراً
كما انتظم الحباب على الشراب
وليس يهمُّني في الدهر همٌّ
وفيك تَعَلُّقي ولك کنتسابي
فمن شوقٍ إلى وطنٍ وأهلٍ
غوتُ اليومَ ذا قلب مذاب
ومن مرضٍ اقاسيه ووجدٍ
رضيتُ من الغنيمة بالإياب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أمرَّ بها مع الأرواح رندُ
أمرَّ بها مع الأرواح رندُ
رقم القصيدة : 22386
-----------------------------------
أمرَّ بها مع الأرواح رندُ
فَشَوَّقها إلى الأَطلال وَجْدُ
أمْ کدَّكَرَتْ أحبَّتُها بسلع
فهيَّيجها بذات الأثلِ عهد
أراها لا تُفيقُ جوى ً ووجداً
وشبَّ بقلبها للشوق وقد
حدا فيها الهوى لديار ميٍّ
فثمَّ مسيرها في البيد وخد
وتيَّمها صبا نجدٍ غراماً
فما فَعَلَتْ بها سَلْعٌ ونجد
ولي كدموعها عبراتُ جفنٍ
لها في وجنتي عكس وطرد
بُودِّي أنْ تعيدا لي حديثاً
بأحبابٍ لهم في القلب ودّ
لهم منّي غرامٌ مستزادٌ
ولي منهم منافرة ٌ وصدّ
ضللتُ عن التصبُّر في هواهم
وعندي أنَّهُ هديٌ ورشد
فأخلقَ حبُّهم ثوبَ اصطباري
وثوبُ الوجد فيهم يستجدُّ
صبوتُ إليهمُ فاستعبدوني
وإنَّ الصَّبَّ للمعشوق عبد
ولي في حيّهم رَشَأ غرير
تخاف لحاظهُ بالفتك أسدُ
إذا ما ماس أَزرى بالعوالي
وكم طعنَ الجوانحَ منه قدُّ
وليلٍ بالأبيرقِ بتُّ أسقى
ثناياه ونَقْلي منه خد
يميل بنا التصابي حيث ملنا
يفوزُ بوَفْرها عافٍ ووفد
رَكِبْنا من ملاهينا جمُوحاً
فنحنُّ عن المسرَّة لا نودًّ
ليالي أورثتنا حين ولَّتْ
تَصَعُّدَ زفرة ٍ فينا تجدّ
فهل يا سعد تُسْعِدُني فإني
فَقَدْتُ الصَّبر لا لاقاك فقد
وما كلٌّ يرجّى عندَ خطبٍ
إذا ما خاصَمَ الدهرُ الألدّ
سوى محمود محمود السجايا
فلي من عطفه الركن الأشدّ
إذا عدَّتْ خصالُ كريمِ قومٍ
فأوَّلُ ما خصائله تعدّ(23/150)
سروري في الهموم إذا کعترتني
وعيشي الرغد حيث العيش كدّ
بفضل يمينه وظبا يَدَيْه
يفوز مصاحبٌ ويخيب ضد
وفيض علومه للناس جهراً
يدلّ بأَنَّه بَحرٌ مُمدّ
وقد عذبتْ موارده فأمسى
لكِلِّ الناس من صافيه وِرْد
طمى علماً ومكرمة وجوداً
خضَمٌّ ليس يستقصيه حدّ
فجود لسانه درٌّ ثمينٌ
وجود بنانه كرم ورفد
تقلَّدَ صارمُ التقوى همام
يلوا منه الغوامض في علوم
فما في الكشف أسْرَعَ من يردّ
علومٌ نصبَ عينيه أحارتْ
عقولَ طلابها أَنَّى تجدّ
ذكيٌّ ثاقب الأفكار ذهناً
فلم يصلد له بالفكر زند
تسائله فبيدي الدرّ سيلاً
وينبي عن حسام العضب قدُّ
وكم قد أعجز الأغياد ردّاً
بأجوبة لعمرك لا ترد
إذا كشف الحقائق في كلام
كأنّ نظامه في النثر عقد
وجاوبَ عالمُ الزَّورا بما لا
تُجاوِبُ فيه إيرانٌ وهند
وأَمْسَتْ عندَه الأغيار خرُساً
وبان ضلالهم وأبينَ رشد
لقد آتاه ربُّك أيَّ فضل
وذلك من إله العرش وعد
أقامَ شريعة َ الغّراء فيه
وشُدَّ به لدين الله عضد
إمامٌ قدوة العلماء قرمٌ
لقد جَمَعَ الفضائل وهو فرد
ففي بَحْرين: إفضالٍ وعلمٍ
يفوزُ بوفرها عافٍ ورفد
إليك أبا الثناء أبيتُ أُثني
وإنْ أَثنى لساني عنك جهد
ومن جُمَل الفروض عليك تتلى
الشكر صنيعك الإحسان حمد
ليهنك سيّدي عيدٌ سعيدٌ
عليك له مدى الأعوام عود
وهاك من الفقير قصيد شعر
رضاك له بها كرم ورفد
أَجِزْ لي في مديحك لي بلثمي
يمينَك فهو لي أملٌ وقصد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
رقم القصيدة : 22387
-----------------------------------
جاءَ الرَّبيعُ بوردِهِ وبهارِهِ
فَلْيَسعَ ساقينا بكأس عقاره
يا أيها الندماء دونكم التي
تشفي نجيَّ الهمِّ بعد بواره
صفراء صافية تزيل بصفوها
ما كابد الإنسان من أكداره
يسعى بها أحوى أعنُّ كأنَّه
ريمُ الفلاة بجيده ونفاره
في مجلس بزغتْ شموسُ مرامه
وجلى لنا فيه سنا أقماره(23/151)
لله ما فعلَ السرور بموطن
تجري كُمَيْتُ الراح في مضماره
أمبادرَ اللّذات أيَّة آية
أجرى بسعي منادمٍ وبداره
خذها إذا اكتَسَتِ الكؤوس بصبغها
خلع الوقورُ بها ثياب وقاره
ومورد الوَجَنات إنْ حيَّيْتَه
حيّى بوجنته وآس عذاره
ظبيٌ أسودُ الغاب من قتلائه
وصوارم الألحاظ من أنصاره
قمرٌ إذا ما لاح ضوء جبينه
أصلى فؤاد الصبِّ جذوة ناره
ويقول ثائر من أبيدّ بلحظه
من آخذٌ يا للرجال بشاره
إنّي لأعلمُ أنَّه في ريقه
ما راح يسقي الراح في مسطاره
وليشربن الراح ناشد لذة
خضرٍ تَفُوحُ برنده وعراره
وتَنَزَّهوا في كلّ روض معشبٍ
فلهْ اليدُ البيضاءُ في آثاره
روضٌ محاسنُ أَرضِهِ كسمائه
وشروقُ بهجة ليله كنهاره
فاشرب على النغمات من اطياره
فكأنَّها النغماتُ من أوتاره
تتراقَصُ الأَغصان من طرب به
ما بين شدو حمامه وهزاره
لا تنكروا ميلَ الغصون فإنَّما
هذي الغصونُ شَرِبْنَ من أنهاره
وإذا أَتى فصلُ الرَّبيع فبادروا
لتناهب اللّذات في آذاره
فكأنَّه وجه الخرائد مسفراً
كلّ الجمال يلوح في إسفاره
وتنزَّهزا في كلّ روض معشبٍ
لاسيما بالغضّ ممن نوّاره
ولقد أَسَرَّ لي النسيم أَريجَه
خبراً رواه العطر عن عطّاره
فإذا تنفَّستِ الصّبا باحت بما
كتمته بالأنفاس من أسراره
يا حبذا زمنٌ يزيدك بهجة ً
يحكي عليَّ القدر باستيثاره
متهلّل للوافدين كأنَّه
روضٌ سقاه الغيث من مدراره
فتعطرتْ أنفاسه وتبرّجت
أزهاره في وبلهِ وقطاره
نشرت محاسن طيّه من بعدما
سَحَبَ السحاب عليه فضلَ إزاره
ذاك النّقيب له مناقبُ جمة ً
عَدَدَ النجوم يَلُحْنَ من آثاره
بأبي الشريف الهاشميّ فإنَّه
سادَ الأَنام بمجدهِ وفخاره
زاكي العناصر طيِّب من طيِّبٍ
فرعٌ، رسول الله أصلُ نجاره
نورُ النبوَّة ساطع من وجهه
أو ما ترى ما لاح من أنواره
عذب النوال لسائليه وإنه
كالشهد تجنيه يدا مشتاره
تيّار ذاك البحر يعذبُ ماؤه
فأغرف نميرَ الماء من تياره
كرِّرْ حديثك لي يمدح ممجَّدٍ(23/152)
يحلو إلى الأسماع في تكراره
إنْ أمتدحه بألف ألف قصيدة
لم أبلغ المعشار من عشاره
جرِّدته لو آنَّ الدهر حاز أمانه
ما جار معتدياً على أحراره
هو رحمة ٌ نزلت على أخياره
وهو الخيار المصطفى لخياره
فلقدْ تعالى في علوِّ مقامه
حتى رأيت البدر من أنظاره
أمِنَ المخوفَ من الزّمان كأنّما
أخَذَ العهودَ عليه من أخطاره
اليمنُ كوّن واليسارُ كلاهما
في الدّهر طوع يمينه ويساره
أميسّر الأمر العسير أعِدْ إلى
عبدٍ يراك اليسر في إعساره
نظراً تريه به السعادة كلّها
يا من يراه السعد في أنظاره
مستحضر فيك المديح وحاضرٌ
منك الغنى أبداً مع استحضاره
يا سيّداً لا زال في إحسانه
من فضله بلجينه ونضاره
أوليته منك المكارم فاجتنى
ثمرات غرسِ يديك من أفكاره
فكلم غرست من الجميل مغارساً
كان الثناء عليك من أثماره
وکقبَلْ من الدّاعي لمجدك عُمْرَه
ما يستقلّ لديك من أشعاره
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> في رحمة الله وغفرانه
في رحمة الله وغفرانه
رقم القصيدة : 22388
-----------------------------------
في رحمة الله وغفرانه
وفي المحلِّ الأشرفِ الأمكنِ
من كان في الدنيا بها محسناً
فعاد في الأخرى إلى محسن
أصابَهُ الرامي على عمده
من حيث لم يشعر ولم يفطن
ومات في ساعته صائماً
في شهر صَوْم المسلم المؤْمِن
في رمية مات شهيداً بها
جرت عليه أدمع الأعين
دمٌ لعمري لم يمت ثاره
على مدى العمر ولم يدفن
أوى إلى الله فيا حبَّذا
مأوى جميل الظنّ مستيقن
في جنّة الخلد التي أزلفت
أرخته مكان عبد الغني
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما
أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما
رقم القصيدة : 22389
-----------------------------------
أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما
وإنَّك لم تبرح عزيزاً مكرّما
تذلّ لك الأبطال وهي عزيزة ٌ
إذا اتخدمت يمناك للبأس مخذما
ويا ربّ يوم مثل وجهك مشرقاً(23/153)
لبست به ثوباً من النقع مظلما
وأبزغت من بيض السيوف أهلَّة ْ
وأطْلَعْتَ من زُرقِ الأسنّة أنجما
وقد ركِبَتْ أُسْد الشرى في عراصِه
من الخيل عقباناً على الموت حوّما
ولما رأَيتُ الموتَ قطَّب وجهه
وألفاك منه ضاحكاً مبتسّما
سَلَبْتَ به الأرواح قهراً وطالما
كسوتَ بقاع الأرض ثوباً معندما
أرى البصرة الفيحاء لولاك أصْبَحتْ
طلولاً عفتْ بالمفسدين وأرسما
وقالوا وما في القول لسامع
وإنْ جَدَعَ الصّدقُ الأُنوفَ وأرغما
حماها سليمان الزهير بسيفه
منيع الحمى لا يستباح له حمى
تحفّ به من أهلِ نجدٍ عصابة
يرون المنايا لا أباً لك مغنما
رماهم بعين العزِّ شيخٌ مقدَّمٌ
عليهمْ وما کختاروه إلاّ مقدّما
بصيرٌ بتدبير الأمور وعارف
عليمٌ فما يحتاج أنْ يتَعَلّما
أأبناءُ نجدٍ أَنْتُم جمرة الوغى
إذا اضطرمت نار الحروب تضرُّما
وفي العام ما شيدَّتُموها مبانياً
من المجد يأبى الله أنْ تَتَهدَّما
وما هي إلاَّ وقعة ٌ طار صيتها
وأَنْجَدَ في شرق البلاد وأَتْهما
رَفَعْتُم بها شأن المنيب وخضتُمُ
مع النقع بحراً بالصناديد قد طمى
غداة َ دعاكم أمرهُ فأجبتمُ
على الفور منكم طاعة ً وتكرّما
وجرَّدكم فيها لعمري صوارماً
إذا وصلتْ جمع العدو تصرّما
ومن لم يجردّ سيوفاًعلى العدى
نبا سيفه في كفّه وتثلّما
وإنَّ الذي يختار للحرب غيركم
وقد ظنَّ أنْ يُغنيه عنكم توهما
كمن راح يختار الضلال على الهدى
وعوِّض عن عين البصيرة بالعمى
ومن قال تعليلاً لعلّ وربّما
فماذا عسى تغني لعلّ وربما
عليكم إذا طاش الرجال سكينة
تزلزلُ رضوى أو تبيد يلملما
ولما لَقِيتُم من أَرعدْتُم لقاءَه
رَمَيْتُم به الأَهوال أبْعَدَ مُرتمى
صبرتم لها صبر الكرام ضراغماً
وأقتحمتموها المرهفات تقحمّا
وأوردتموها شرعة َ الموت منهلاً
تذيقُهمُ طعْم المنيّة علقما
وما خاب راجيكم ليومٍ عصبصبٍ
يريه الردى يوماً من الروع أيوما
وجرّدَكم لِلضَّرب سيفاً مهنّداً
وهزّكم للطعنِ رمحاً مقوّما(23/154)
ومن ظنَّ أنَّ العزَّ في غير بأسكم
وهى عزُّه في زعمه وتندّما
وما العزّ إلاّ فيكم وعليكم
وما ينتمي إلاّ إليكم إذا انتمى
إذا ما قعدتم في الأمور وقمتمْ
عليها حُمِدْتُم قاعدين وقوّما
وما سُمِعت منكم قديماً وحادثاً
رواية من يروي الحديث تَوَهُّما
وإنْ قلتم قولاً وما انثنى
بكم عزمكم إنْ رام شيئاً وصمّما
ولما أتاكم بالأمان عدوّكم
وعاهدتموه أنْ يَعُودَ ويَسْلَما
وفيتم له بالعهد لم تعبأوا بمن
أشارَ إلى الغدر الكمين مجمجما
ولو مدّ من نأيته عنكم يداً
لعاد بحد السيف أجْدَعَ أجْذما
وفيما مضى يا قوم أكبر عبرة
ومن حقِّه إذ ذاك أنْ يترسَّما
أَيَحْسَبُ أنَّ الحال تُكْتَمُ دُونكم
وهيهات أَنَّ الأَمْرَ قد كان مبهما
فأَظْهَرَ مستوراً وأَبْرَزَ خافياً
وأَغَرَب عمّا في الضمير وتَرْجَما
أَمُتَّخِذَ البيض الصوارم للعلى
طريقاً وسمر الخطّ للمجد سلّما
نصرت بها هذا المنيب تَفَضّلاً
وأَجْريْتَ ما أَجْرَيْتَ منك تكرما
على غلمة في الناس لله درُّه
تصرّف فيها همّة وتقدّما
تأثَّل في أبطاله ورجاله
فلم يُغنِ سِحْرٌ غاب عنه مكتما
وقلَّبها ظهراً لبطن فلم يجد
نظيرك من قاد الخميس العرموما
هنالك وَلى الأَمْر من كان أهْلَه
فبخل في كل النفوس وعظما
وطال على تلك البغاة ببأْسِه
وحكّم فيهم سيفه فتحكما
وقد يدركُ الباغي النجاة إذا مضى
ولكن رأى التسليم للأَمْر أسْلَما
وما سبق الوالي المنيب بمثلها
وفاق ولاة الأمر ممن تقدَّما
سليمان ما أبقيت في القوس منزعاً
ولا تركت يمناك للبذل درهما
كشفت دجاها بالصوارم والقنا
وقد كان يلفى حالك اللون أسحما
فأصبحت في تاج الفخار متوَّجاً
وفي عمَّة المجد الأئيل معمّما
إليك أبا داود نزجي ركائباً
ضوامرَ قد غودرن جلداً وأعظما
رمتنا فكنّا بالسرى عن قسيها
وقد بريت من شدة السير أسهما
فأكرمتَ مثوانا ولم تر أعينٌ
من الناس أندى منك كفاً وأكرما
لأحظى إذا شاهدت وجهك بالمنى
وأشكر من نعماك الله أنعما(23/155)
وأُهدي إلى علياك ما أستَقِلُّه
ولو أنَّني أهديتُ درّاً منظما
فحبُّك في قلبي وذكرك في فمي
ألذُّ منالماء الزلال على الظَّما
شعراء مصر والسودان >> فاروق شوشة >> الليل
الليل
رقم القصيدة : 2239
-----------------------------------
ألقى النيل عباءته فوق البر الشرقي, ونامْ
هذا الشيخ المحنيُّ الظهر,
احدودب..
ثم تقوّس عبر الأيام
العمر امتد,
وليل القهر اشتد
وصاغ الوراقون فنون الكِذبة في إحكامْ!
لكن الرحلة ماضية...
والدرب سدود
والألغام !
حمل العُكَّازَ,
وسار يحدق في الشطآن, وفي البلدانْ
قيل : القاهرةُ ـ توقفَ..
جاء يدق الباب ـ ويحلمُ
هل سيصلي الجمعة في أزهرها?
يمشي في (الموسكي) و(العتبة)
يعبر نحو القلعةِ..
أو يتخايل عُجْباً في ظل الأهرام
وقف الشيخ النيل يحدق
لم يلق وجوهاً يعرفها
وبيوتاً كان يطل عليها
وسماء كانت تعكس زرقته..
وهو يمد الخطو,
ويسبق عزف الريح,
ويفرد أشرعة الأحلام
وقف الشيخ النيل .. يسائل نفسه:
هل تتغير سِحَن الناس..
كما يتغير لون الزيّ?
وهل تتراجع لغة العين..
كمايتراجع مد البحر?
وهل ينطفيء شعاع القلب
فتسقط جوهرة الإنسانِ
ويركلها زحف الأقدامْ?
دق الشيخ النيل البابَ
فما اختلجت عين خلف الأبراجِ
ولا ارتدَّ صدى في المرسى الآسنِ
أو طار يمامْ!
من يدري أن النيل أتى?
أو أن له ميعاداً تصدح فيه الموسيقى
ويؤذّن فيه الفجر
فتختلج الأفئدة..
ويكسو العينين غمامْ?
وتنحنح مزدرداً غصته
عاود دق الباب .. الناس نيام!
ألقى النيل عباءته فوق البر الغربي..
ونام!
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هنيئاً لكم هذا الهناءُ المجدَّدُ
هنيئاً لكم هذا الهناءُ المجدَّدُ
رقم القصيدة : 22390
-----------------------------------
هنيئاً لكم هذا الهناءُ المجدَّدُ
ودام لكم هذا السرور المؤيد
ونِلْتُم به في كلّ يوم مسرّة ً
يجيء بها في مثل يومكمُ غد
سرورٌ وأفراح وأنسٌ ولذة ٌ
وأعيادُ أعمارٍ بكم تتعدَّد(23/156)
معاشر قوم ما بهم غير ماجد
ولا فيهم إلاّ النبيل الممجّد
إذا وُلدَ المولود منهم لوالدٍ
فللمجد مولودٌ وللمجد يولد
وإنْ زوّجوه من صلبه الذي
تَقَرُّ به عين العلاء وتسعد
تَزوَّجَ من كان الجميل شعاره
جميل له منه نجار ومحتد
وذلك جمع لا تفرُّقَ بعده
وشمل مدى الأيام لا يتبدد
وعيش صفا رغداً كما تشتهونه
فلا شابه في الدهر عيش منكد
بأعراسِ أيام الزمان وطيبه
إذا الزهر يسقى والحمام يغرد
تبسّم ثغر الأقحوان لحسنه
وأينعَ للنوّار حدٌّ مورّد
وصفَّقتِ الأوراق من طربٍ به
وراح لها بانُ النّقا يتأوَّد
وقد لَبِسَتْ فيه الرياض ملابساً
مُدَنَّرة منها لجين وعسجد
تعطّر من هذا الربيع نسائماً
عليهنَّ أنفاسُ المصيف توقَّدُ
سقاها الحيا المنهلّ حتى كأنّه
لئالىء في أسلاكها تتنضد
بمثقلة بالودق خلَّت بروقها
لوامع نيران تشب وتخمد
يريني ندى عبد الغني قطارها
على الكبد الحرّى ألذّ وأبرد
من القوم في مضمار كُلِّ أَبِيَّة
أغاروا الفخار المشمخرّ فأَبعدوا
إذا ما هززناه هززنا مهنَّداً
وهيهات منه المشرفيُّ المهند
وإذ أبعد التشبيه منه فأنَّه
على نائبات الدهر سيف مجرد
ترى جيّد الناس الرديّ بجنبه
وفي الناس ما دامت رديٌّ وجيّد
فلا قَدْر يدنو قَدْرَه وعلاءه
ولم تعلُ في الدنيا على يده يد
له السؤْدد الأَعلى على كلٍّ سؤدد
وما بعد ذاك الفخر فخر وسؤدد
لقد جمع الله المحاسن كلَّها
به فهو من بين العوالم مفرد
تفرد من بين الورى بجميله
فما شكّ في توحيده اليوم ملحد
وما تجحد الحسّاد منه فضيلة
وهل تجحد الحساد ما ليس يجحد
تلوذ به بغداد مما يَسُوؤها
فمنه لها نعم الدّلاصُ المسرّد
يقيها سهام النائبات فلم تبل
إذا طاش سهم للخطوب مسدد
حماها ولا حامٍ سواه ولا له
سوى الله في كلّ الأُمور مؤيد
وقام أبو محمودفي كل موقف
عليه لواء الحمد يلوى ويعقد
وكم وقعة شبّت وشبّ ضرامها
وشباب لها نصل الظُّبا وهو أمرد
وقد أنهضته همّة بلغت به(23/157)
من المجد ترقى ما تشاء وتصعد
وقد يطأ الأَهوال بالهمّة التي
لها موطئٌ هام السماك ومقعد
فأبدى وقد أخفى أخو الجبن نفسه
ونال شجاع القوم ما كان يقصد
أسارير ذاك الوجه والوجه عابس
وأبيض ذاك الفعل واليوم أسود
وأكرومة تحكي وأكرومة عَلَت
يقوم بها هذا الزمان ويقعد
تسير بها الركبان شرقاً ومغرباً
فذا متهمٌ فيها وآخر منجد
تناقلها عنك الثقاتُ رواية ً
عن المجد عن علياك تُروى وتُسنَد
أرى مطلق الأمداح من حيث أطلقت
بغيرك يا مولاي لا تتقيد
إذا تليت آثار ذكرك بيننا
نميل كما مالت بنشوان صرخد
يذوق بها التالي حلاوة ذاكرٍ
من الحمد تتلى كلَّ آنٍ وتنشد
فيا باسطاً للناس من فضله يداً
لها جملة الأحرار إذ ذاك أعبد
فللناس من تلك المناهل منهلٌ
وللنّاس من تلك الموراد مورد
لك الجود والإحسان والفضل كله
هو الفضل والمعروف والله يشهد
ولست أقول الغيث والغيث مرعد
ولست أقول البحر والبحر مزبد
وما عاق دون الجود وعدك نيله
وما لهباتٍ من عطاياك موعد
كأنّي بمدحي في علاك منجّم
يبيت لأجرام السموات يرصد
وهل أكره الإملاقَ أو أطلب الغنى
ولي منك كنزٌ ولا وربك ينفد
فلا زلت مسرور الفؤاد بقرّة ٍ
لعينيك ما دام الثناء المخلَّد
هما قمرا مجد وإنْ قلت فرقدا
سماءٍ فكلٌّ منهما هو فرقد
تزوّج زاكي العنصرين بكفوه
وتمَّ بحمد الله ما كنت تقصد
أقولُ له لما تزوّج بالهنا
تزوّجت فلتهنا هناءً، مؤوَّخاً
وقد سَرَّنا هذا الزواج محمُّد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَدِمْتَ قدومَ الغاديات السَّواجمِ
قَدِمْتَ قدومَ الغاديات السَّواجمِ
رقم القصيدة : 22391
-----------------------------------
قَدِمْتَ قدومَ الغاديات السَّواجمِ
فُبُوركتَ من دانٍ إلينا وقادم
طلعتَ طلوعَ البدر في غاسق الدجى
على حالك من غيهب الليل فاحم
وأقبلتَ إقبال السَّعادة ِ كلِّها
بأبلجَ وضّاح الأَسارير باسم
تَحُفُّ بك الأَمْلاك من كلّ جانب
ويحجُبُك الفرسان من كلّ صارم(23/158)
فلم تبقِ ريقاً ماحلاً ما سقيته
فأخطبَ في خفضٍ من العيش ناعم
متى شئتَ غادرت البلاد كأنّما
سقتها الغوادي ساجماً بعد ساجم
وإنْ قلت لم تترك مقالاً لقائل
ولا تختشي في الله لومة لائم
أتيتَ أتيَّ الغيثِ دونه
إذا کنهلَّ في أعلامها والمعالم
وجئت بأبطال الرّجال تقودُها
أمائيلَ سيل العارض المتراكم
إذا ائتمرتْ يوماً بأمركَ بادرتْ
إلى أمراك العالي بدار الضراغم
تشكُّ صدور الدار عين رماحها
فهلْ كانت الخطيَّ سلكاً لناظم
أعاريبُ ما دانَتْ لسكنى مدينة ٍ
ولا دَنَّسَتْ أَخلاقَها بالأَعاجم
مطاعين في الهيجا مغاويرُ في الوغى
وقائِعهُمْ معلومة ٌ في الملاحم
ولم يغنموا غير الفخار غنيمة ً
وما الفخر إلاّ من أجلِّ المقاسم
لقد زرتَ منْ لو شكَّ أنْ لا تزوره
رآى عزَّه الموجود أضغاث حالم
تشرَّفَ قومٌ أكرموكَ برغمهم
ومُيِّزتَ فيما بينهم بالعلائم
لئنْ عدَّدوا توفيقك القومَ نعمة ً
فأنت بحمد الله فوق النعائم
لهم بك فخرٌ ما بقيتَ لهم به
ولا فخر إلاّ منك يوماً بدائم
وقمتَ بأَمرٍ لا يقوم بمثله
سواك وما كلٌّ عليه بقائم
وقد نبتَ فينا بعد عيسى وبندر
منابَ الغوادي والليوث الضياغم
وما هدم الله البناءَ الذي بهم
وأنتَ لهمْ بيتٌ رفيع الدعائم
وما أخْلَفَتْ تلك النجومُ بصيّبٍ
من المُزْنِ مرجوٍّ بتلك المواسم
فقد صُلْتَ حتى خافك الحتف نفسُهُ
وما استعصمَ المفراق منك بعاصم
وبارزتَ حتى لم تجد من مبارزٍ
وصادَمْتَ حتى لم تجد من مصادم
وأَرغَمْتَ آنافَ الخطوب فأدْبَرَتْ
بذلّة ِ مرغوم لعزّة ِ راغم
فلم نَرَ من صرف الزمان محارباً
تنازله الأرزاء غير مسالم
إذا كنتَ للمظلوم في الدهر ناصراً
فما صال الدهر صولة ظالم
بسطتمْ يداً في بطنها نيل نائل
وفي ظهرها طول المدى لثم لاثم
نشرتم بها أخبار كعب وحاتم
وقد طُويَتْ أخبارُ كعب وحاتم
نزلتم على الشمّ الرعاف منازلاً
غواربَ أعلام العلى والمناسم
رقيتم بأطرافِ العوالي معالياً(23/159)
من المجد ما لا تُرتقى بالسلالم
مَغانيكُمُ للوافدين مغانمٌ
فأكرمْ بهاتيك المغاني المغانم
أرى الناس أفواجاً إلى ضَوْءِ نارِكُمْ
جثاثَ المطايا عاليات العزائم
فمنْ معتفٍ يرجو سماحة سيّدٍ
ومن ضارع يرجو تعطُّفَ راحم
نَعَمْ هذه للطارقين بيوتكم
بيوت المعالي والندى والمكارم
غياثٌ لملهوفٍ وأمنٌ لخائفٍ
ومأوى ً لمأمونٍ ووِرْدٌ لحائم
منازل لم ينزل بها غير ماجد
كريم السجايا من قروم أكارم
وقد سُدْتُم السادات بأساً ونائلاً
بفضلٍ وإحسانٍ ورمحٍ وصارم
فلا تحفلوا منبعد هذا بقاعدٍ
كما لم تبالوا إن قَعَدْتُم بقائم
فلا يَحْسَبَنْ من لم ترعه سيوفكم
إطاعتكم عن ريبة ٍ حكمَ حاكم
فلم تكُ إلاّ طاعة ً وتفضُّلاً
على من لكم من مثله ألف خادم
فكان رضاه ما رضيتم لحزمه
وليس الذي يأبى رضاكم بحازم
فلو قارعتكم منه يوماً قوارعٌ
لأَصْبَح منكم قارعاً سنَّ نادم
رَأَتْ عينُه من بأسكم بعض رؤية
فكانت له إذ ذاك إيقاظ نائم
إذ کستعظمت ما قد رأت وأراعها
جلال عظيم في الأمور العظائم
وما قد رآى الراؤون آل محمد
نظيراً لكم في عصرها المتقادم
وُجوهٌ كما لاح الصّباح مضيئة
وأيدٍ ولكن فوق أيدي الغمائم
وبيضٌ حدادٌ جرِّدتْ بأكفِّكم
فأغمدتموها في الحشا والجماجم
تنوح على القتلى غداة صليلها
نواحَ حمامٍ لا نواح الحمائم
إذا ابتسمتْ والقرمُ تدمى كلومه
بَكَتْ بدمٍ قانٍ بتلك المباسم
حميتَ بها أرضَ العراق وأهلهُ
وسوَّرْتُموها بالقنا والصوارم
فدتك ملوكٌ لا يرجى نوالها
وما لاح منها برق جود لشايم
قد کجتنبت هذي الملوك التي ترى
مطامع راجيها اجتنابَ المحارم
أما والذي أعطاكَ ما أنتَ أهلهُ
وولاّك في الدنيا رقاب العوالم
لو کنّي بك کستغْنَيْتُ عن سائر الورى
فَوِرْدي إذَنْ من بحريَ المتلاطم
فما قلتُ بيتاً في سواك ولا جرى
به قلمي يوماً بمدح ابن آدم
فعش سالماً واسلمْ لنا ولغيرنا
فما المجد إلاّ ما سَلِمتَ بسالم(23/160)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
رقم القصيدة : 22392
-----------------------------------
طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
مرحباً بالغصنِ والبدر التَّمامِ
وتحرَّتْ فرصة ً تمكنها
حذر الواشي فزارت في المقام
بتُّ منها والهوى يَجْمَعُنا
بکعتناق وکلتثام وکلتزام
مستفيداً رشفاتٍ من فمٍ
لم تكن توجد إلاّ في المنام
حبّذا طيفُ حبيبٍ زارني
والضيا يعثر في ذيل الظلام
بات حتى كَشَفَ الفجرُ الدّجى
وبدا الصُّبحُ لنا بادي اللثام
ونَظَرْنا فرأَيْنا كَرَّة ً
لبني سامٍ على أبناء حام
يصرَعُ الزقَّ ويُدمي نَحْرَه
ويروِّيني بجام بعد جام
بات يهدي بارد الريق إلى
كبدٍ حرّى وقلب مستهام
بابليّ اللحظ معسول اللمى
ليَّن الأعطاف ممشوق القوام
وترشفت سذى ً من مرشف
عنبريّ الطيب مسكيّ الختام
أنا بالسَّفح وما ادراك ما
كان بالسفح وفي تلك الخيام
زَمَنٌ مَرَّ لنا في ظلِّه
يَرْقُصُ البان لتغريد الحمام
والندامى مثل أزهار الرُّبا
يجتنى من لفظها زهرُ الكلام
والظِّباء العُفْرُ من آرامها
ما بعينها بجسمي من سقام
سنحتْ أسرابها قانصة ً
ورماني من ظباء الغيد رام
طاعنات بقدود من قَناً
راميات من لحاظٍ بسهام
حَدَّثَ الرّكبُ وَهَلْ يخفى الهوى
عن ولوعي بالتصابي وغرامي
حين ألفاني وألفى مهجتي
في ضِرامٍ ودموعي بکنسجام
يا خليليّ کكُففا لَوْمَكُما
وکذهبا عنّي ومّرا بسلام
فلقد أعطيتُ من دونكما
طاعة َ الحب وعصيانَ الملام
أينَ حيٌّ بالفضا نعهده
صدعوا بعد التئام والتيام
لا جزى الله بخير أينقاً
قذفتها بالنوى أيدي المرامي
كلَّما أَسْمَعَهَا الحادي الحدا
أَجْفَلَتْ بالسَّير إجفال النعام
ذهبت يا سعد أيامُ الصبا
ومَضَتْ بعدَ وِصال بکنصرام
وصحا من سَكرة ٍ ذو نشوة
لا يسوغ الماءَ إلاّ بالمدام
لا أَذُمُّ الشَّيْبَ ينهاني به
ورَعي حين بدا عن كلّ ذام
وبمدحي واليَ البصرة قد(23/161)
راق بالصِّدق نثاري ونظامي
وثناءً طيّباً ننشره
بالمنيب العادل القرم الهمام
ألبسَ الناس وقاراً حكمهُ
فهي في أبهى وقار واحتشام
ما رآى البصرة َ من إنصافه
إذ أتاها غيرَ أطلال رمام
فسعى بالجهد في تعميرها
سَعْيَ من يَبْلُغُ غايات المرام
لا تشيمُ البرقَ منه خلباً
لا ولا تسأل وبلاً من جهام
فعسى أنْ يُنجِزَ الله به
عدة َ اللُّطف لخاص ولعام
فرع سادات المعالي في العلى
علويُّ الأصل علويُّ المقام
كَرُمَتْ أعراقُه في ذاتها
وكرامُ الناس أبناءُ الكرام
من أناسٍ خلقوا مذْ خلقوا
سادة َ الدنيا وأشراف الأنام
تنقضي أيّامه موصولة ً
بصِلاتٍ وصَلاة ٍ وصيام
وإذا ما کضطرمت نارُ وغى ً
يصطفي منها أشدَّ الاضطرام
وإذا کستلَّ ظُباً أغْمدها
ثمَّ في قمّة مقدام وهام
وعلى مِنْبرِ هامات العدى
خطبت بالحتف والموت الزؤام
بطل يفتك في آرائه
غيرما يفتك في حدّ الحسام
كم وكم أَدْمَتْ بقومٍ مهجة ً
هذه أقلامه السمر الدوامي
ما جرت إلاّ بمجرى قدر
بحياة ٍ لأناسٍ وحِمام
كم له من كلماتٍ في النهى
نبّهت للرشد أبصار النيام
قرّت البصرة عيناً بالذي
حلّ بالبصرة بالشهر الحرام
كلّ دارٍ حلّ فيها ابتهجت
وحلتْ حينئذٍ دار السلام
فسقاها من نداهُ عارضٌ
مستطيرُ البرق منهلُّ الركام
وحماها بمواضيه ولا
خيرَ بالملك يُرى من غير حام
أصبحتْ آثر أيديه بها
مثلما تصبحُ آثار الغمام
حَسُنَتْ أحوالها وانتظمَتْ
لو تراها بعد هذا الانتظام
رَدَّ بالسيف بغاة ٍ جَمَحَتْ
ردَّك المهرَ جموحاً باللجام
وقضى بالعدل فيما بينها
فمضت في غيّها لدُّ الخصام
واليد الطولى له من قبلها
أخذتْ من كلّ آب بزمام
عِمْ صباحاً أيُّها المولى ودُمْ
وابق واسلم والياً في كل عام
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَيُنْكِرُ مَعروفَنا المُنكِرُ
أَيُنْكِرُ مَعروفَنا المُنكِرُ
رقم القصيدة : 22393
-----------------------------------
أَيُنْكِرُ مَعروفَنا المُنكِرُ
ويكفرهُ وهو لا يكفرُ(23/162)
ونحن بنو هاشم في الأنام
كما کتّضَحَ الواضحُ النيّر
تطيب عناصرنا والذوات
وقد طابت الذات والعنصر
إذا ما ذكرنا فغير الجميل
وغير المحامد لا تذكر
بنا تفخر الأمم السابقون
ونحن بأنفسنا نفخر
ومنّا النبيُّ ومنّا الوصيُّ
ومنّا المبشّر والمنذر
رَمَيْتُ عدواً بنا ساءَه
وقوسي لأمثاله يوتر
وذلَّلته بعد عزٍّ بها
وحقَّرته وهو يستكبر
وربَّ قوافٍ لشعري تنير
على عرضه وهو لا يشعر
لها طعناتٌ كوخزِ السِّنان
ولا مثلها الذابلُ الأسمر
فواعجباً لإلَدِّ الخِصام
وقد حاقَ بالخصم ما يمكر
أَيُعْجِبُه أنْ يرى ساعة ً
يَرى دَمَه عَنْدَماً يقطر
بسهمٍ إذا أنا فَوَّقْتُه
أصيبَ به الجيدُ والمنحر
أرى العفو عن لممِ الأرذلين
لداعٍ إلى ما هو الأكبر
فلا عثرة ُ النذل مما تقال
ولا ذنب مذنبها يغفر
وإنّي لأَعْرِفُ كُنْهَ الرّجال
ويكشف مخبرها المنظرُ
صبرتُ على بعض مكروهه
وقلتُ إذنْ عورة ٌ تستر
وإنّي صبورٌ على النائبات
وإنّي على الضَّيم لا أصبر
فأقبلتُ يوماً على حتفه
فولّى به حَظُّه المدبرُ
ليعلمَ أنّي فتى ً، أمرهُ
مطاعٌ، وسطوته تقهرُ
يدين العلاءُ إلى طوعه
ويمثل المجدُ ما يأمر
يزينُ كلامي وجوهَ الكلام
ومن كلمِ المرءِ ما يبهر
كما زُينَتْ بالنقيب الشريف
وحسن مناقبه الأعصُر
إذا جاد سال الندى للعُفاة
وأَيْسَرُ من سيبه الأَنْهُر
نرى الوافدين إلى بابه
لها موردٌ ولها مصدر
فتى ً يقتفي إثْرَ آبائه
وآثارُ آبائه تؤثر
من القوم لا نارهم في الظلام
تُوارى ولا مالُهم يذخر
وما نزلوا غير شم الرعان
يُهدّى لها المنجد المغور
إذا وعدوا بالندى أنجزوا
وإنْ أَوعدوا بالردّى أذعروا
وإن طويتْ صحفُ الأكرمين
فإنّي أراها بهم تنشر
أَبيْتَ النبوّة ِ لا زِلتُمُ
نجوماً بنور الهدى تزهر
مكارمُكُمْ لم تزل تُرتَجى
وسطوتكم أبداً تُحذَر
وبارقُ عارضكم وامضٌ
وعارضٌ إحسانكم ممطر
وأبواعكم في منال العُلى
تطولُ إلها ولا تقصرُ
وكيف يطاولكم في بناءِ(23/163)
معاليكم الأشعثُ الأغبر
لئنْ أصْبَحَتْ أمَّكم فَاطِمٌ
وإن أباكم إذَنْ حيدر
فما بعد عليائكم من عُلًى
ولا بَعْدَ مفخركم مفخر
ومنم تبلَّجَ صبحُ الهدى
وأَسْفَرَ وهو بكم مسفر
وأجدادكم شفعاء العصاة
بيوم به نارِهِ تسعر
ويخضر من بيض أيديهِمُ
وجدواهم الزَّمَنُ الأَغْبر
سراة ٌ، نَداهُم كفيض البحار
نعم هكذا فيضها الأبحر
فكرنوا غمائمَ مبراقها
يُشام سناه ويستمطر
تحرَّوا بني عمِّنا في الأمور
وراعْوا عواقبها وکنظروا
وكونوا بني رجلٍ واحدٍ
إذا أنكروا مُنكراً غيَّروا
فحينئذٍ بأسكم يتّقى
ويخشاكم العَدَدُ الأكثر
وإنّي لَمِنْ بعض أنصاركم
وناصرُكم في الورى ينصر
وإني بأيديكم صارمٌ
يُقَدُّ به الدِّرع والمغْفَر
أُدافعُ عنكم إذا غِبْتُمُ
وأثني عليكم ولم تحضروا
وإنّي لأَشكركم، والجميلُ
على كل أحواله يشكر
فخذها إليك تغيظ الحسود
يراها المحبُّ فيستبشر
تسرُّ لديك الوليَّ الحميمَ
ويُبتَرُ شانِئُك الأبتر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها
وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها
رقم القصيدة : 22394
-----------------------------------
وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها
مَن كان صاحبَها ومن أخدانِها
جليتْ فكان من الحباب نثارها
وقلائد العقيان نظم جمانها
والصُّبْحُ قَد سَفَرتْ محاسِنَهُ لنا
وشجون ورقِ الدَّوح من أشجانها
تُملي على فَننِ الغصون فنونَها
ورقاءُ قد صَدَحَتْ على أفنانها
وتجيد أوتار القيان لحونها
فکشرب على النغمات من ألحانها
وکنظر إلى الأزهار كيف يروقها
إشراقُ بهجتها وطيبُ زمانها
وعلى کتّفاق الحُسْنَ من أشكالها
وقعَ الخلافُ فكان من ألوانها
يهبُ النَّسيمُ عبيرها من روضة ٍ
لا زال طفل الطلّ في أحضانها
يا حبّذا زمنٌ على عهد الصبا
ومواسم اللّذات في إبّانها
حيث الهوى وطرٌ وأبيات الحمى
أقمارُ مطلعها وجوهُ حسانها
ويُديرُ بَدرُ التِّمِّ في غَسَق الدجى
كأساً حصى الياقوت من تيجانها(23/164)
لله أوقاتُ السُّرور وساعة
تجري كميتُ الراح في ميدانها
ضمنتْ لنا الأفراح كأسُ مدامة
وفت المسرّة برهة بضمانها
ويروقها ذاك الحَبابُ فَعَقْدُهُ
من نظم لؤلؤها ومن مرجانها
مسكيَّة ُ النفحات يسطع طيبها
ما کفتضَّ ربَّ الحان ختم دنانها
في مجلسٍ دارت به أقداحها
فكأنَّها الأفلاكُ في دورانها
يا طالب اللّذّاتِ حسبك لذة
ما سال في الأقداح من ذوبانها
باكِرْ صَبُوحَك ما کستَطَعْتَ وعُجْ إلى
كأسِ الطلا واحرص على ندمانها
وإذا سرحتَ إلى الرايض فنلْ إذنْ
من روحها أرجاً ومن ريحانها
ومُوَرَّدِ الوَجَنات جَنَّة ُ وَجْهِهِ
تَصلى بأحشائي لظى نيرانها
ومهفهفٍ ذي طلعة ٍ قَمَريّة ٍ
أجني ثمارَ الحسن من بستانها
ما زال تفعلُ بالعقول لحاظه
ما تفعل الصَّهباءُ في نشوانها
يَسقي فَأَشْربُ من لُمَاه، وكأسُه
ما ينعشُ الأرواح في جثمانها
يشفي مريض القلب من ألم الجوى
ولذا تقرُّ النفسُ من هيمانها
ويبلُّ غلَّة وامقٍ مستغرم
بالريّ من صادي الحشا ظمآنها
تَسْتَحْسِن الأبصار ما بُليت به
وبَلِيَّة ُ العشّاق بکستحسانها
إنَّ النقيب القادري لعوذتي
من حادث الدنيا ومن عدوانها
شهمٌ تذلّ المال عزة ُ نفسه
ومنزّل الأموال دار هوانها
السيّد السَّنَدُ الرفيعُ مكانه
حيث النجوم وحيث سعد قرانها
الطاهر البرّ الرؤوفُ بأمَّة ٍ
الله وفَّقها إلى إيمانها
كم حُجَّة ٍ قد أنبأتك بفضله
قام الدليل بها على برهانها
الباسطُ الأيدي لكلّ مؤمِّل
وجداو الإحسان فيض بنانها
تزنُ الرّجالَ عوارفٌ ومعارفٌ
يتميز الرجحان في ميزانها
قل للمفاخرِ سادة ً قرشية ً
ما أنتَ يوم الفخر منفرسانها
فهمُ الجبال الراسيات وإنَّهم
بين الجبال الشمّ شم رعانها
بَنَت المباني في العلى آباؤه
من قبله فبنى على بنيانها
ما زلت أبصر منك كل أبيَّة ٍ
ما كان غيرك آخذاً بعنانها
حتى إذا بلغتْ سماوات اللعلى
رفقتكَ حينئذٍ على كيوانها
نفسٌ لعمرك في النفوس زكية ٌ
الله فضَّلها على أقرانها(23/165)
ما فوق أيديه لذي شرفٍ يدٌ
لا في سماحتها ولا إحسانها
كم من يدٍ لكَ في الجميل ونعمة ٍ
تَسْتَغرِقُ العافين في طوفانها
فالسَّعدُ والإقبالُ من خدّامها
والعالم العلويُّ من أعوانها
ذاتٌ مطهّرة ومجدٌ باذخٌ
في سرّها لطف وفي إعلانها
لله فيه سريرة ٌ نبوية ٌ
عرفتْ جميع الخلق رفعة شانها
نشرت صحائف فضله بين الورى
فقرأت سطر المجد من عنوانها
إنّي لأشكرُ من جميلك نعمة ً
وأعوذُ بالرحمن من كفرانها
ألبستها منك الجميل صنايعاً
سطعت بطيب الشكر من أردانها
ها أَنْتَ في الأشرافِ واحد عصرها
ونجيبُ عنصرها رضيعٌ لبانها
إلاّ تنلْ قومٌ علاك فإنَّهم
طالوا وما بلغوا رفيع مكانها
أَوْ عُدَّت الأَعيان من نُقبائها
ما كنتَ إلاّ العينَ من أعيانها
إنَّ القوافي في مديحك لم تزل
تُثني عليك بلفظها ولسانها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا
وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا
رقم القصيدة : 22395
-----------------------------------
وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا
وانجازُكُنَّ الوَعْد كان مطالا
وإنّي لأرضى بالأماني تَعِلَّة ً
وأقنعُ ما كان الوصال خيالا
فبتُّ أذيلُ الدمع ينهلُّ صوبه
وما زال دمع المستهام مذالا
وفي القلب من نار الجوى ما يذيبه
كأنَّ به مما أَجِنُّ ذبالا
ولي كَبِدٌ حرّى تَوَدُّ لو کنَّها
تصادف من ري الحبيب بلالا
وأنتِ شفائي يا أميمُ وإنّني
أعالجُ داءً في هواكِ عضالا
فليتك يومَ الجزع كنتِ عليمة ً
بما قلت للاّحي عليكِ وقالا
ويومٍ كحرِّ القلبِ من ألم النوى
تفيَّأتُ من سمر الرماح ظلالا
ببيداء لا تهدى القطا في فجاجها
ولا وطئت فيها السماءُ رمالا
فانسني فيها ادِّكاركَ، والأسى
يحضّ عليك الدَّمعَ أنْ يتوالى
ولم أنسَ إدلاج الرفاق بليلة ٍ
يضلُّ بها النجمِ السبيلَ ضلالا
وقد سام فيها النوق سلوانها الغضا
أَلا لا تَسُمْهُنَّ السلوَّ ألا لا
نهضنَ بنا في المنجبات خفائفاً(23/166)
تَحمَّلْنَ أعباءَ الهموم ثقالا
فظلَّتْ ترامى بالرجال توقُّصاً
وتنحطُّ من تحت الرجال كلالا
ولم تدرِ من فتيان عدنان أنَّها
حَمَلْنَ رجالاً أمْ حَمَلْنَ جبالا
إذا ذَكَرَتْ في الأبرقين مُنَاخَها
كما هِجْتَ في البيد القفار رئالا
أَما وفناءِ البيت يسمو ومن سعى
إليه وقد حثَّ المطيَّ عجالا
لئن بلَّغتني ما أحاولُ ناقتي
وردتُ بها ماءَ العذيب زلالا
وَنَشَّقْتُها رنْدَ الحمى وعَرارَهُ
يَضوعان ما مرَّ النسيمُ شمالا
ودار أناخ الركب فيها مطيَّهم
فكانت لهم تلك الرسوم عقالا
فظلَّ بها سعدٌ يكرُّ بطرفه
إليها ويسقيها الدموع سجالا
تسائلُ رسمَ الدار عن أمِّ سالمٍ
فهلاّ أفادتك الديار سؤالا
ألا بأبي سرباً تتنافرُ عينه
يميناً على رغم الهوى وشمالا
فما لمحت عيناي بعدُ غزالة ً
ولا اقتنص الليث الهصور غزالا
وما بالكنَّ اليوم إذ شاب مفرقي
وأصبحَ حَظي عندكنّ وبالا
هجرتنّني هجر الشبيبة بعدما
أظلَّ بها ظلُّ الشباب وزالا
وقد كان منكن الصدود على الهوى
دلالاً فأمسى صدُّكنَّ ملالا
مضى زمنٌ يا قلب ليس براجعٍ
نعمتُ به قبلَ المشيب وصالا
فلا تطلبنَّ الماضيات تصرَّمتْ
فليس بحالٍ أَنْ تَسُرَّك حالا
وإنَّك إنْ حاوَلْتَ حرّاً تصيبه
تطلَّبْتَ من هذا الزمان محالا
أقم في ذرا عبد الغنيّ وإنْ تشأ
فسرِّحْ إليه أنيقاً وجمالا
فما لبني الحاجات عن فضله غنى ً
وحسبُ الأماني موئلاً ومآلا
متى تقصر الأيدي عن الجود والندى
وَجَدْتَ أياديه الطوال طوالا
إباءٌ يضيم الضيمَ وهْوَ ممنّع
ويصفعُ من ريب الزمان قذالا
فلو أنصفته الأنجم الزهر قبلت
وحقّك أقداماً له ونعالا
عليك به طوداً من المجد باذخاً
وكم طاول المجد الأثيل فطالا
بأَصدق من ألقى المقالة لهجة
إليك وأعلى من رأيت فعالا
رحيب فناء العزّ ما ضاق ذرعه
إذا ضاق ذرعاً غيره ومجالا
وما ولدت أمُّ الليالي بمثله
وإنَّ الليالي لو نَظَرْتَ حبالى
من القوم كانوا والحوادث جمة
سيوفاً حداداً أرهفتْ ونصالا(23/167)
يكفُّون للرزء المبرِّحِ أيدياً
إذا جال يوماً بالخطوب وصالا
تبارك من أعطاه بالناس رأفة ً
يرقّ بها، سبحانه وتعالى
فيا طالباً يمَّمته فبلغته
لأبلغ جاهاً من لدنه ومالا
فأقبلَ إقبال السحاب بجوده
عليّ فأمرى ماءه وأسالا
وإنّي إذا قلت القريضَ بمدحه
لأصدقُ من قال القريض مقالا
مغيثي إذا قلَّ المغيثُ وناصري
وإنْ عثر الجدّث العثور أقالا
لسانك والعضب اليمانيّ واحدٌ
إذا أقصرت عنه الفحول أطالا
وما لك ندٌ فيهم غير أنّني
رأيت لك البدرَ المنيرَ مثالا
وتلك سجاياك التي أنتَ نِلتَها
لقد أبعدتْ عن حاسديك منالا
تغيَّرتِ الدنيا وقد حال حالها
وما غيَّرتْ منك الحوادث حالا
ومن ذا الذي يرجى سواك ويتقى
نزالاً لعمري تارة ونوالا
لديك أبا محمود نلتمس الغنى
جميعاً ولم نبرح عليك عيالا
وما نحن إلاّ من نوالك سيّدي
كما أمطر الربعُ المحيلُ فسالا
ومنك ولم تبخل وإنَّك قادرُ
تَمنّى الدراري أنْ تكون خصالا
إذا هتف الداعي باسمِكَ فلتكن
لملتمسٍ يبغي جميلك فالا
ملأتَ قلوب العارفين بأسرها
حلالاً وعين الناظرين جمالا
إليكَ ولا منٌّ عليك قوافياً
إذا أمليتْ للبان طال ومالا
ولي فيك من حُرّ الكلام وصفْوهِ
قصائدُ تروي عن علاك خلالا
فكانت على جيد الزمان قلائداً
تلوح وفي بعض القلوب نبالا
تريك مراء القول فيما تقوله
حراماً وسحرَ البابليّ حلالا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شَجَتْني وقد تُشجي الطلولُ الهوامدُ
شَجَتْني وقد تُشجي الطلولُ الهوامدُ
رقم القصيدة : 22396
-----------------------------------
شَجَتْني وقد تُشجي الطلولُ الهوامدُ
معالمُ أَقْوَتْ بالفضا ومعاهدُ
وأَيْسَرُ وجدي أنّني في عراصها
أُذيبُ عليها القلبَ والقلبُ جامد
وقفتُ بها أستمطرُ العين ماءها
وأسألُ عن سكّانها وأناشد
وما کنهلَّ وبل الدمع حتى تأجَّجت
من الوجد نيرانُ الفؤاد الخوامد
فلا ماء هاتيك المدامع ناضب
ولا حرّ هاتيك الأضالع خامد(23/168)
خليليّ ما لي كلّما لاح بارق
تنبَّه وجدي والعيون هواجد
وأوقدَ هذا الشوقُ تحت أضالعي
فهل يوقد الشوق المبرّح واقد
فليتَ خيالَ المالكيّة ِ زائري
فأشكو إليه في الهوى ما أكابد
وعهدي بربع المالكيّة ِ مَصْرَعٌ
إذا خطرتْ فيه الحسان الخرائد
أحبَّتنا أمّا الغرام وحرُّه
فباقٍ وأمّا الاصطبار فنافد
فقدتكمُ فقدَ الزلال على الظما
فلم يرو مفقودٌ ولم يروَ فاقد
خليليَّ إنّي للكرام لفاقدٌ
وإنّي على ريب الزمان لواجد
وإنّي لفي عصر أضَرَّ بأهْلِهِ
وأَغْرَبُ شيء فيه خِلٌّ مساعد
وما ضرّني فقدي به ثروة الغنى
فلا الفضل منحطٌّ ولا النقص صاعد
ترفَّعتُ عن أشياءَ تزوي بأهلها
وما أنا ممن دنَّسَتْه المفاسد
وإنّي لِمَنْ يبغي ودادي لطامعٌ
وبالمُعرضِ المُزْوَرِّ عنّي لزاهد
جَرَيْتُ بميدان التجارب برهة ً
وقد عرفتني بالرجال الشدائد
وما الناس إلاّ ما عرفتُ بكشفها
صديقٌ مداجٍ أو عدوٌّ معاند
إذا خانك الأدنى الذي أنتَ واثقٌ
به فحريٌّ أَنْ تَخُونَ الأباعدُ
أعد نظراً في الناس إنْ كنت ناقداً
فقد يتلافى صحة النقد ناقد
مضى الناس والدنيا وقد آل أمرها
وتعمر فيه للصّلاة مساجد
وأصبَحْتُ في جيل الفساد ولم يكن
لِيَصْلُحَ هذا الجيل والدهر فاسد
فإنْ عدَّت الآحاد في الجود والتقى
لقومٍ فعبد الواحد اليوم واحد
يعدُّ لإيصال الصِّلات محلُّه
وتعمر فيه الصلاة مساجد
ملابس تقوى الله في البأس دونها
صدور العوالي والسيوف البوادر
جناب مريع يستمد بمدّه
وتلقى إلى ذاك الجناب القلائد
يلوح إذا ما لاح بارق جوده
كما لاح برق في الغمائم راعد
لقد زرع المعروف في كل موطنٍ
وزارعه للحمد والشكر حاصد
يكاد يقول الشعر لولا جميله
لما طال لي باعٌ ولا اشتدّ ساعد
إذا اقترنا، شعري وكوكب سعده
وشوهد منا المشتري وعطارد
تفتَّحُ أزهارُ الكلام وأشرقتْ
بآفاق أقطار الفخار فراقد
أُشاهِدُ في النادي أساريرَ وجهه
فأنظر أبهى ما أرى وأشاهد
إذا ما انتمى يوماً لأكرام والدٍ(23/169)
فبورك مولودٌ وبورك والد
بنفسي رفيع القدر عالٍ محله
تنال الثُّريّا كفُّه وهو قاعد
له حيث حلّ الأكرمون من العلى
مقامٌ كريمٌ في العلى ومقاعد
كريم يُنيلُ المستنيلين نَيْلَه
ومن كرم الأخلاق ما هو رافد
فما خاب في تلك المكارم آملٌ
ولا سرَّ في نعمائه قطُّ حاسد
مناهله للظامئين مواردٌ
فلا نَضِبَتْ في الجود تلك الموارد
تشادُ بيوتُ المجد في مكرماته
وترفعُ منها علاه قواعد
حَثَثْنا إلى ذاك الجناب قلائصاً
لها سائق منها إليه وقائد
وقد صَدَقَتْنا بالذي هو أهْلُه
ظُنونٌ بما نرجو به وعقائد
من القوم موصول الجميل بمثله
لنا صِلَة ٌ من راحتيه وعائد
وما البرّ والإحسان إلاّ خلائق
وما الخير في الإنسان إلاّ عوائد
تدلّ عليه بالثناء أدِلَّة ٌ
عليها من الفِعل الجميل شواهد
وأبقى له في الصالحات بواقياً
وإنْ فَنيَ المعروف فالذكر خالد
تروح إليه الآملون وتغتدي
فذا صادر عنه وذيآك وارد
ألا بأبي ذاك الهمام الذي له
من الله عونٌ في الأُمور وحاشد
تناخُ مطيا المعتفين ببابه
ويَنْفُقَ سوقُ الفضل والفضل كاسد
إذا أنا أنشدتُ القريض بمدحه
وعتْ أذنُ العلياء ما أنا ناشد
وكم جابتِ الأرضَ البسيطة باسمِهِ
قوافٍ سوارٍ في الثناء شوارد
تقلِّدُ جيدَ الدهر منها قلائدأً
ويا ربَّ جيدٍ زيَّنَتْه القلائد
وكم نظمت فيه عقود مدائح
مزاياه في تلك العقود فرائد
رعَيْتَ رعاك الله حقَّ رعايتي
فأَفعالُك الغرُّ الجياد محامد
فَدَعْ غير ما تهوى فإنَّك مفلحٌ
وخذْ بالذي تهوى فإنَّك راشد
وإنك معروف بكلِّ فضيلة ٍ
وهلْ يجحد الشمس المضيئة جاحد
فيا لك في الأَمجاد من متفضلٍ
له طارف في الأمجدين وتالد
بلغنا بك الآمال وهي بعيدة
وتمّت لنا فيما نروم المقاصد
فكلُّك يا فخر الكرام مكارمٌ
وكلُّك يا مال العفاة فوائد
شكرتك شكر الروض باكره الحيا
يد المزن تمريها البروق الرواعد
وهاأنا حتى ينقضي العمر شاكر
لنعماك ما بين البرية حامد
فلا زلت مقصوداً لكلَّ مؤمِّل(23/170)
ولا برحتْ تتلى عليك القصائد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما
كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما
رقم القصيدة : 22397
-----------------------------------
كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما
صفراءَ قبلَ المزج تحكي العَنْدَما
شمسٌ إذا جليتْ بكفٍّ أطلعتْ
منها الحباب على الندامى أنجما
هذي أُوَيْقات السرور فلا تَدَعْ
فُرَصَ السرور من الزمان فربّما
أو ما ترى فصل الربيع وطيبه
والزهر في الأكمام كيف تبسَّما
وکمزج معتقة َ الدنان فإنّني
أهوى المزاج بريق معسول اللمى
ومهفهف الأعطاف يرنو لحظُه
فإخاله يَسْتَلُّ سيفاً مخذما
لولا محاسن جَنَّة ٍ في وجهه
ما شاهد المشتاقُ فيه جهنّما
أو كان يمنحني زلال رضابه
ما بتُّ أشكو من صبابته الظما
ويلاه من شرع الغرام من الذي
جعلَ الوصالَ من الحبيب محرَّما
ولرب ليل زارني في جنحه
وعصى الوشاة به وخالف لوّما
قصّيت أهنأ عيشة من وصلهِ
حتى أنارَ صباحهُ وتصرَّما
إنَّ العيون النُّجل أَوْرَثْنَ الرَّدى
قَلْبي وأرشَقْنَ الخواطر أسْهُما
وتوقُّد النيران في وجناته
أوقدنَ في الأحشاء شوقاً مضرما
أمعنِّفَ المشتاق في أشجانه
إيّاك تعذل بالهوى مستغرما
قد كان لي قلبٌ يطيعك بالهوى
لكنّما سلبوه غزلان الحمى
وبمهجتي الظبي الغرير فإنّني
حكّمته في مهجتي فتحكّما
أهوى التشبب بالملاح ولم يزل
قلبي بمحمود الفعال متيَّما
العالمُ المبدي العجاب بعلمه
والمبهر الأفهام حيث تكلّما
تلقى الأنام عيال بيت علومه
فترى قعوداً ترتجيه وقوّما
هذا تراه مؤمِّلا يرجو الندى
من راحتيه وذا أتى متعلّما
فيرد هذا فائزاً من فضله
فيما يروم وذاك عنه معلما
لم ألقَ أغزرَ نائلاً من كفِّهِ
وأُرَقَّ قلباً بالضعيف وأرحما
إنْ جئته بمسائلٍ ووسائلٍ
أضحى لقصدك مكرماً أو مفهما
جمع المفاخر والمحامد كلها
وأباد بالكرم المشرفَ المعلما
ولكم أتيتُ لبابه في جاحة
فوجَدْتُ ساحته الغنى والمغنما(23/171)
فقصدت أفودَ من قصدتُ من الورى
وأتيتُ أبركَ من أتيت ميمما
وأتيتُه فوجَدْت حصناً مانعاً
ووردته فرأيت بحراً قد طمى
كم قد أنال مُؤَمِّلاً من رِفْدِه
وأغاثَ ملهوفاً، وأغنى معدما
وشهدْت قرماً بالكمال متَوَّجاً
ورأيت ليثاً بالفخار معمّما
بطلٌ أعزَّ الجارَ في إكرامه
وأهان في كرمِ اليمين الدرهما
بأبي فتى ً مذ كان طفلاً راضعاً
فاضت أناملُ راحتيه تكرُّما
شادت فضائله مقاماً في العلى
سامٍ على طول المدى لن يهدما
متبسمٌ للوافدين لبابه
والغيث إنْ قَصَدَ الهُطَولَ تَبَسَّما
ما فاض نائله وفاض بعلمه
إلاّ التقطْتَ الدُّرَّ منه توأما
كم مشكلات أُوضِحَتْ بذكائه
وأبانَ في تقريره ما أبهما
ما زال مذ شم النسيم حلاحلاً
أمسى بحب الفضل صباً مغرما
يعزى إلى بيت الرسول محمد
وإ لى النبيّ الهاشميّ إذا انتمى
يوم النوال يكون بحراً زاخراً
ولدى العلوم تراه حبراً مفعما
قسراً على كيد المعاند قد علا
وبرغم أنفِ الحاسدين لقد سما
الله أَوْدَعَ في سريرة ذاته
من قبل هذا جوهراً لن يقسما
قل للذي يبغي وصول كماله
هيهات إنَّكَ لست من يصل السما
أحلى من العسل الجنيّ فكاهة
وتراه يوم الجد مرّاً علقما
مثل الأُسود الضاريات إذا سطا
والمرسلات الذاريات إذا همى
كم راح زنديق يروم نزاله
فرآى سيوف الحق عنه فأحجما
وأتى عليه بكلّ برهان بدا
لو كان في جنح الدجى ما أظلما
فهو الذي نهدى به في ديننا
ونرى طريق الرشد فيه من العمى
يا سيّداً حاز العلوم بأسرها
حتى غدا علمَ الأنام وأعلما
فليهنك المجدُ الذي بُلِّغْتَه
لو أنصفوك لكنتَ فيه مقدّما
فلقد بلغت اليوم أرفع منصب
أضحى على أعداك فيه مأتما
ما نلت إلاّ ما جنابك أهلهُ
فابق على أبدِ الزمان مكرَّما
وکسأل ودادَك من جوانح أخرس
لو كان يستطيع الكلام تكلَّما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا
أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا
رقم القصيدة : 22398(23/172)
-----------------------------------
أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا
وأصبو إليكم كلَما هبّتِ الصَّبا
وأطوي على حرِّ الغرام جوانحاً
تلهَّبُ في نيران وجدي تلهُّبا
يؤنّبني اللاّحون فيك ولم أكن
لأسمعَ في الحبّ العذولَ المؤنِّبا
وأرّقني يا سعد برقٌ أشيمه
يزرّ على الأكناف برقاً مذهبا
شجاني فأبكاني وأطربَ مَسْمَعي
حمامٌ بذات البان غنّى فأطربا
وذكَّرني والدار منها قصيّة
على النأي سعدى والرباب وزينبا
بحيث الهوى غضٌّ وبرد شبابنا
قشيب وعهد اللهو في زمن الصبا
يدارُ علينا من دم الكرم قهوة
فنشرب ترياق الهموم المجرّبا
وتُهدي إلينا في الكؤوس نوافجاً
من المسك أو أذكى أريجاً وأطيبا
إذا زفّها الساقي لشربٍ تبسَّمتْ
به طرباً حتى يروح مقطّبا
ويا رُبَّ ليلٍ رُحتُ فيه مع المها
بقصّة أشواق يكون لها نبا
تلاعبُ أنفاس النسيم إذا سرى
على جلّنار الخدّ صدغاً معقربا
أَلَمْ تنظر الأَيام كيف تبدَّلَتْ
بنا ورخاء العيش كيف تقلَّبا
فلم أستطبْ يا سعد مرعى ً أروُدُه
مريعاً ولم أستعذِب اليوم مشربا
بربّكما عوجا على الربع ساعة ً
وإنْ كان قد أقوى دروساً وأجدبا
لئن لَعِبت فيه السوافي وبرّحت
فقد كان قبل اليوم للسِّرب ملعبا
ويا طالما وافى على حين غفلة
وواهاً على الحيِّ الذي قد تجنَّبا
وإنَّ وقوفي في المنازل بعدهم
لأَقضي لحقّ الوجد ما كان أَوْجَبا
أثيرُ له الأشجان من وكناتها
وأُجري دموعاً صَوبُها قد تصبَّبا
أَطعتُ الهوى ما إنْ دعاني له الهوى
ولما دعوتُ الصَّبر يومئذٍ أبى
وما زالُ يوري زندًه لاعجَ الحشا
فما باله أَورى الفؤاد وما خبا
أُعلِّلُ نفسي بالتلاقي وبيننا
حزونٌ إذا يجري بها خاطري كبا
ولو أنَّ طيفَ المالكيّة زارني
لقُلْتُ له أهلاً وسهلاً ومرحبا
وإنْ نَقَل الواشي لظمياءَ سلوة ً
فما صدقَ الواشي بذاك وكذّبا
تؤاخذني الأيامُ والذنب ذنبها
على غير ما جُرمٍ وما كنت مذنبا
فيا وَيحَ نفسي ضاع عمري ولم أَفُزْ(23/173)
بِحُرٍّ ولا أَبْصَرْتُ خِلاًّ مهذبا
ويقعدني حظّي عن النيل إنْ أرمْ
مراماً وإنْ أطلب من الدهر مطلبا
ولم يُجْدِني إرهافيَ العزمَ في المنى
وما حيلتي بالصارم العضب إنْ نبا
وما برحتْ تملى على الدهر قصَّتي
فتملأُ أفهام الرجال تعجُّبا
وتزهو بأمداح النّقيب قصائدي
بأَحْسَنَ ما تزهو بأزهارها الرّبا
بأبلجَ وَضّاح الجبين كإنَّه
إذا لاح في ضوء النهار تنقّبا
كريمٌ براه الله أكرمَ من برا
لَقَدْ طابَ عرقاً في الكرام ومنبتاً
لتسمُ ينو السادات من آل هاشم
بأنجبهم أمّاً واشرفهم أبا
وأحلاهمُ في وابل الجود صيّبا
وأعلاهمُ في قُلَّة المجد منصبا
أتانا بأبكارِ المناقب سيدٌ
فأبدعَ فيما جاء فيه وأغربا
وأَغْضَبَ أقواماً وأرضى بما أَتى
وخيِّر ما بين المذاهب في العلى
فما کختار إلاّ مذهب الفضل مذهبا
تَحبَّبَ بالحسنى إلى الناس كُلِّهم
ومن جُملة الإحسان أَنْ يتحبَّبا
لك الله من طار الفخارُ بصيته
فَشَرَّقَ في أقصى البلاد وغرّبا
ومن راح يستهديك للجود والندى
رآك إلى الخيرات أهدى وأصوبا
تقلَّبَ في نعمائك الدهر كلّه
وما زلتُ في نعمائك المتقلبا
وجدّك لم أبصرْ سواك مؤمَّلاً
ولا من إذا ما استوهب المال أوهبا
إذا لم أجد لي للثراء مسبّباً
وجدتك في نيل الثراء المسبّبا
وقد شمت برقاً من سجابك ممطراً
وما شمت برقاً من سحابك خلّبا
وإنّي لأستسقي نوالك ظامئاً
فلم أَرَ أَمْرى منه شيئاً وأعذبا
ولي قلمٌ يملي عليك إذا جرى
وترجمَ عمّا في الضّمير وأعربا
فيا قمراً في طالع السعد نيّراً
ويا فلكاً بالمكرمات مكوكبا
لقد جاءني شهرُ الصيام بموكب
وشوَّشَني لما بدا بقدومِهِ
فلو أنَّ شهرَ الصَّوم طاف بمنزلي
تبسَّمَ مما راعه وتعجّبا
وأَبْصرَ داراً لو ثوى الخير ساعة
بها لنأى عن أهلها وتغرَّبا
ويا طالما وافى ععلى حين غفلة
فأَصْبَحْتُ منه خائفاً مترقبا
وجرّبته في كل عام بغصّة
مثلي من ساس الأمور وجرّبا
ولمّا رأيتُ الهمَّ جاز لي المدى(23/174)
إلى أنْ رأيتُ السيل قد بلغ الزبى
وقد أتعبتني ما هنالك فاقة ٌ
ومن كان مثلي أَتْعَبَتْه وأتعبا
وقد حملتني حاجة لو كفيتها
غدوت له عن ثروة متأهبا
ركبتُ بها الآمال وهي خطيرة ٌ
ولو لم يكن غيرُ الأسنّة مركبا
وما خاب ظنّي في جميلك قبلها
وما كنتَ للظنِّ الجميل مخيّبا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَلا من لأجفانٍ أَرَقْنَ رواء
أَلا من لأجفانٍ أَرَقْنَ رواء
رقم القصيدة : 22399
-----------------------------------
أَلا من لأجفانٍ أَرَقْنَ رواء
وحَرِّ قلوبٍ يا هذيم ظماءِ
صوادٍ إلى يردِ الثغور التي بها
إذا كان دائي كان ثم دوائي
وصحْبٍ أحالوا الوصل هجراً وأعقبوا
تدانيهمُ في صدّهم بجفاء
نأوا فحنيني لا يزال إليهم
ويا ويحَ دانٍ يحنُّ لنائي
أجبراننا لما جفوتم وبنتمُ
ولم تمنحونا مرة ً بلقاء
عرفت بعهد الود في الحب غدركم
وأَنْتُم عَرَفْتُم في الغرام وفائي
وجدتّث بروحي ذمة ً وبخلتمُ
كذلك إشفاقي وحسن بلائي
وفيكم ومنكم قبلها وعليكم
نبذت كلام العاذلين ورائي
حلالاً لكم منّي دمٌ طلَّه الهوى
ولا صانه قومي إذنْ بفداء
أعيدوا علينا ساعة الوصل إنّها
لأَقصى مرامي منكم ومنائي
سقام بكم لا في سواكم وجدته
فجودوا على مضناكم بشفاء
فإنْ لم تعودوني ولو بخيالكم
فلا تطعموا من بعدها ببقائي
أَحِبَّتَنا لم تُنْصِفونا بحبّكم
وما هكذا لو تتصفون جزائي
ذكرناكمُ والدَّمع ماءً نريقه
فشبناه في ذكراكمُ بدماء
فمن لوعة تصلى بنيرانها الحشا
ومهجة قلب آذَنَتْ بفناء
توالى عليها حرقة الوجد والأسى
فلم يبقِ منها الحبُّ غير ذماء
ويا سعدُ لا تلح أخاك وقد مضى
به سهمُ راميه أشَّد مضاء
صريع العيون النجل ما إنْ رَمَيْنَه
صريع الهوى والوجد والبرحاء
قتيل الهوى العذريِّ قد فتكتبه
قدودُ غصونٍ أو لحاظُ ظباء
كأنّي به يستيقظ الحتفُ راقداً
إذا شام برقاً لاح بعد خفاء
ولم يتبسَّمْ ذلك البرق منهم
لعمرك إلاّ جالباً لبكائي(23/175)
فما لك تلحوني على ما أصابَني
من الداء جهلاً، لا بليتَ بدائي
دعوتك تستمري الدموع لما أرى
فَلَمْ تَسْتَجِبْ يومَ الغميم دعائي
وهذا هذيم كلّما كرّ طِرفُه
إلى مربعٍ بالرقميتن خلاء
تذكر أياماً بهنَّ قصيرة
يطول عليها شقوتي وعنائي
فأَرسَلَها مهراقة ً وهي عبرة
ترقرق يرقيها بفضل رداء
خليليَّ إنْ تسعداني على الهوى
فأَينَ ودادي منكما وإخائي
ويا سعد إنّي قد منيتُ وراعني
نوى ً جدَّ البين من خلطائي
فما للمطايا بين جدٍّ ولوعة ٍ
وبين حنينٍ مزعجٍ ورغاء
بربِّكَ حثحثها وخذْ بزمانها
وسِرْ سيرَ لا وانٍ ولا ببطاء
إلى منزل لا يعرفُ الضِّيمَ اهلهُ
ولا خاب من وافاهم برجاء
يحلُّ به عبد الغنيّ فلا الغنى
إذا ما دنا الإملاق منك بناءِ
ربيع الندى لا يبرح الفضل فضله
يطيبُ مصيفي عنده وشتائي
ألا لا سقتْني غيرَ راحته الحيا
فتورثُ صوبَ المزن فرط حياء
صفا العيش لي منها وطاب ولم يزل
يروقُ ولم يكدرْ عَلَيَّ صفائي
ولم يَرْوِ إلاّ عنه دام علاؤه
رواية مجد باذخٍ وعلاء
مناقب تزهو بالمكارم كلُّها
وتشرقُ من أنواره بوضاء
ولا كرياض الجزع وهي أنيقة
وتفضلها في بهجة وبهاء
تأرَّجُ أنفاس النسيم بطيبها
كما نسمت ريح الصبا بكباء
أخو العرفات الماضيات فما دجا
دجى الخطب إلاّ جاء بابن ذكاء
طربنا وأطربنا الأنام بمدحه
فهلْ ديرت الصهباء للندماء
ورحنا نجرّ الذيل بالفخر كلما
ذكرناه في الأَشراف والعلماء
غذاءٌ لروحي مَدْحُهُ وثناؤه
وإنَّ أحاديثَ الكرام غذائي
له الله موقي من يلوذ بعزّه
به من صُروف النائبات وقائي
فمن شدَّة ٍ فيه ومن لينِ جانبٍ
ومن كرم في طبعه وسخاء
وما خفيتْ تلك المزايا وإنّما
تلوحُ كما لاح الصّباح لرائي
مواهب أعطى الله ذاتك ذاتها
وحسبك من معطٍ لها وعطاء
بها رحت أجني العزَّ من ثمراته
ويخفق بين الأَنجبين لوائي
عليك إذا أثنيت بالخير كلّه
تقبَّل أبا محمود حسنَ ثنائي
رأيتُ القوافي فيك تزداد رونقاً
ولو أنّها كانت نجوم سماء(23/176)
ولم أرَ مثل الشعر أصدقَ لهجة ً
إذا قال فيك القولَ غير مرائي
غنيٌّ عن الدنيا جميعاً وأهلها
سواك وفيه ثروتي وغنائي
فقيرٌ إلى جدواك في كل حالة
وانّك تدري عفَّتي وإبائي
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> رثاء أب
رثاء أب
رقم القصيدة : 224
-----------------------------------
هزي جذوعك يا غصون اللوز
في وطني الحبيب
فلربما صار البعيد لنا قريب
ولربما غنت عصافير الصفاء
وغرد القمري
وابتسم الكئيب
هزي غصونك
وانثري في الأرض لوزك يا جذوع
ودعي النسيم يثير أشجان الفروع
ودعي شموخك يا جذوع اللوز
يهزأُ بالخضوع
هزي غصونك
ربما سمع الزمان صدى الحفيف
ولربما وصل الفقير إلى رغيف
ولربما لثم الربيع فم الخريف
هزي غصونك
ربما بعث الصفاء إلى مشاعرنا
بريدَهْ
ولربما تتفيأ الكلمات في درب المنى
ظل القصيدة
أنا يا جذوع اللوزِ
أغنيةٌ على ثغر اليقين
أنا طفلة نظرت إلى الأفاق
رافعة الجبين
أنا من ربا المرزوق
تعرفني ربوع بني كبير
أملي يغرد يا جذوع اللوز
في قلبي الصغير
وأبي الحبيب يكادُ بي
من فرط لهفته يطير
أنا ياجذوع اللوز من صنعت لها المأساة
مركبةً صغيرة
أنا مَنْ قدحْتُ على مدى الأحلام
ذاكرة البصيرة
لأرى خيال أبي وكان رعيتي
وأنا الأميرة
كم كنت أمشط رأسهُ
وأجر أطراف العمامةْ
وأريه من فرحي رُباً خضراً
ومن أملي غمامةْ
كم كنت أصنع من تجهمه
إذا غضب، ابتسامهْ
أنا ياجذوع اللوز
بنت فقيد واجبه مساعد
أنا مَنْ تدانى الحزن من قلبي
وصبري عن حمى قلبي
تباعدْ
أنا طفلة تُدعى عهود
أنا صرخةٌ للجرح
تلطم وجه من خان العهودْ
أنا بسمةٌ في ثغر هذا الكونِ
خالطها الألمْ
صوتي يردد في شمم
عفواً أبي الغالي ، إذا أسرجت
خيل الذكرياتْ
فهي التي تُدني إلى الأحياء
صورة من نأى عنهم
وماتْ
عفواً
إذا بلغت بي الكلماتُ حدَّ اليأس
واحترق الأملْ
فأنا أرى في وجه أحلامي خجلْ
وأنا أرددُ في وجلْ
يا ويل عباد الإمامة والإمامْ
أو ما يصونون الذِّمامْ(23/177)
كم روعوا من طفلةٍ مثلي
وكم قتلوا غلامْ
ولكم جنوا باسم السلامِ
على قوانين السلامْ
ياويل عُبَّاد القبورْ
هُمْ في فؤاد الأمة الغراء آلامٌ
وفي وجه الكرامة كالبثور
هُمْ - يا أبي الغالي - قذىً في عين أمتنا
وضيقٌ في الصدور
يا ويل أرباب الفتنْ
كم أوقدوا ناراً وكم نسجوا كفنْ
كم أنبتوا شوكاً على طرقات أمتنا
وكم قطعوا فَنَنْ
كنا نظن بأنهم يدعون للإسلام حقاً يا أبي
فإذا بهم
يدعون للبغضاءِ فينا والإِحنْ
عفوا أبي الغالي
أراك تُشيح عني ناظريكْ
وأنا التي نثرتْ خُطاها في دروب الشوق
ساعيةً إليك
ألبستنا ثوب الوقار
ورفعتَ فوق رؤوسنا تاج افتخارْ
إني لأطرب حين أسمع من يقول
هذا شهيد أمانته
بذل الحياة صيانةً لكرامته
أواهُ لو أبصرتَ
زهوَ الدَّمع في أجفان غامدْ
ورأيت - يا أبتاه - كيف يكون
إحساس الأماجدْ
أواه لو أبصرت ما فعل الأسى
ببني كبير
كل القلوب بكتْ عليك
وأنت يا أبتي جدير
أنا يا أبي الغالي عهود
أنسيتَ يا أبتي عهود
أنا طفلةٌُ عزفتْ على أوتار بسمتها
ترانيم الفرح
رسمتْ جدائلُها لعين الشمس
خارطة المرَحْ
كم ليلةٍ أسرجتَ لي فيها قناديل ابتسامتك الحبيبهْ
فصفا فؤادي وانشرحْ
أختايَ يا أبتي وأمي الغاليهْ
يسألنَ عنك رحاب قريتنا
وصوت الساقيهْ
أرحلت يا أبتي الحبيب؟؟
كلُّ النجوم تسابقت نحوي
تزفُّ لي العزاءْ
والبدر مدَّ إليَّ كفاً من ضياءْ
والليل هزَّ ثيابه
فانهلَّ من أطرافها حزنُ المساء
تتساءل المرزوق يا أبتي الحبيب
ما بال عينِ الشمس ترمقنا
بأجفان الغروبْ
وإلى متى تمتدُّ رحلتك الطويلةُ يا أبي
ومتى تؤوب؟؟
وإلى متى تجتثُّ فرحتنا
أعاصير الخطوب
هذا لسان الطَّلِّ يُنشِدُ للربا
لحن البكاءْ
هذي سواقي الماء في وديان قريتنا
على جنباتها انتحر الغُثاءْ
هذا المساءْ
يُفضي إلى آفاق قريتنا
بأسرار الشَّقاء
يتساءل الرمان يا أبتي
ودالية العنب
والخوخ والتفاح يسألُ
والرطبْ
وزهور وادينا تشارك في السؤالْ
ويضجُّ وادينا بأسئلةٍ(23/178)
تنمُّ عن انفعالْ
ماذا أصاب حبيبنا الغالي مساعد
كيف غابْ؟
ومتى تحركت الذئابْ؟
ومتى اختفى صوتُ البلابلِ
وانتشى صوتُ الغراب؟
يا ويح قلبي من سؤالٍ
لا أطيق له جوابْ
ما زلتُ - يا أبتي - أصارع حسرتي
وأسد ساقية الدموعْ
أهوى رجوعك يا أبي الغالي
ولكنْ
لا رجوعْ
إن مُتَّ يا أبتي
وفارقت الوجودْ
فالموتُ فاتحة الخلودْ
ما مُتَّ في درب الخيانة والخنى
بل مت صوناً للعهود
يا حزنُ
لا تثبتْ على قدمٍ
ولا تهجر فؤادْ
فأنا أراك لفرحتي الكبرى امتدادْ
إن ماتَ - يا حزني - أبي
فالله حيٌّ لايموتْ
الله حيٌّ لايموتْ
شعراء مصر والسودان >> فاروق شوشة >> القصيدة والرعد
القصيدة والرعد
رقم القصيدة : 2240
-----------------------------------
كان بين القصيدة والرعد ثأر قديم
كلما نزفت بوحها
لاحقتها سنابكه بالغبار الرجيم
فتهاوت على درَج الأرجوانِ
مضمخة بالأسى العبقري,
ودافنة همَّها في انعقاد الغيوم
القصيدة, باكية, تستجير
وللرعد مطرقة وزئيرٌ
ودمدمةٌ,
وفضاء حميم
وانتشاء يخامر كل الذين يطلّون من شاهق
الكون,
يمتلكون المدى والتخوم
القصيدة ها.. تتناثر كالذرِّ
سابحة في هَيُولَى السديم
تتفتق ذائبة في عروق الحجارةِ
في غرْين النهر,
في جذع صبارةٍ..
شوكها من حروف الشقاء النظيم
ثم ترتاح من وحشة في العراء
ومن شجن في الدماء,
فتأوي إلى الليل,
ساكبة دمعها
في عيون النجوم!
القصيدة, شاخصة تتساءلُ
وهي تطل على الكون
أيَّ بلاء عظيم!
ترصّدني الرعد
حتى انطفأت
وأوشكت أذبلُ
أوشكت أرحلُ
رعد يباغتني
قلت : خيرٌ سيأتي
ودنيا ستمطر..
لكنه انجاب .. رعد عقيم!
هل أجاريه قعقعةً?
الوجود ضجيج..
له لغة من رماد المداخن
والأفق كابٍ دميم
فجأة,
مثل ومض الشهاب
ووقع النبوءة في القلب,
ها,
يتكشَّف لي بارق.. لا يريمْ!
لا تخافي من الرعد,
وانطلقي بالغناء,
الغناء الذي يتخلَّل هذا السديم
لا تخافي من الرعد , لا
إنه زمن عابر
والقصيدة فاتحةٌ..
وزمان مقيمْ!(23/179)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إسأَلِ الأَرْسُمَ لو ردَّتْ جوابا
إسأَلِ الأَرْسُمَ لو ردَّتْ جوابا
رقم القصيدة : 22400
-----------------------------------
إسأَلِ الأَرْسُمَ لو ردَّتْ جوابا
وَوَعَتْ للمْغرَم العاني خطابا
عَرصاتٌ يَقِفُ الصبّ بها
ينفدُ الدَّمع ذهاباً وإيابا
عاتب الدهر على إقوائها
إنَّ للحرّ مع الدهر عتابا
ما رعت فيها الليالي ذمّة ً
وكستها من دياجيها نقابا
فسقتها عبرة مهراقة
كالسحاب الجون سحاً وانسكابا
كلَّما أسبلها مُسبِلُها
روت الأغواز منها والهضابا
لا قضت عيناي فيها واجباً
إنْ تكن عيناي تستجدي السحابا
وقف الركب على أفنائها
وقفة الأميّ يستقري الكتابا
منكراً من أرسُمٍ معرفة
لبست للبين حزناً واكتئابا
لأريننَّكُما وَجدي بها
ما أرتني الدار إلاّ ما أرابا
ليت شعري هذه أطلالهم
أيّ رامٍ قد رماها فأصابا
وبكيتها البدن لكن بدم
فحسبنا أدمع البدن خضابا
وردت منهلها مستعذباً
وأراها بُدِّلَتْ منه عذابا
أينَ منها أوجهٌ مشرقة
ملكت من كامل الحسن نصابا
ولكم كان لنا من قمر
في مغاني ذلك الربع فغابا
وأويقات سرور جمعت
لذة الكأس وسلمى والربابا
زمن ما إنْ ذكرناه لِمَنْ
فاته عهد الصّبا إلاّ تصابى
ظنَّ أنْ أسلوكم الّلاحي بكم
كذب الظنّ من اللاّحي وخابا
وتَصامَمْتُ عن العاذل إذ
قال لي صبراً وما قال صوابا
ما عليكم لو دَنَوْتُم من شجٍ
في هواكم دنفٍ شبّ وشابا
أنا أغنى الناس إلاّ عنكمُ
فامنحوا النأي دنوّاً واقترابا
ما رجائي أملاً من فئة
زجر الحظ بهم منهم غرابا
كيف أستمطرُ جدوى سحبٍ
عقدوها بالمواعيد ضبابا
أوَيغريني وميضٌ خُلَّبٌ
وشراب لم يكن إلاّ سرابا
ما عرفت الناس إلاّ بعدما
ذقت من أعوادهم شهداً وصابا
إنْ تعالتْ في المعالي سادة
فعليُّ القدر أعلاها جنابا
سيّد يطلع كالبدر ومن
فكره يوقد بالرأي شهابا
أريحيٌّ لم يزل متْخِذاً
دأبَ المعروف والإحسان دابا
ويثيب الناس جوداً وندى ً(23/180)
وهو لا يرجو من الناس ثوابا
فإذا استسقي وافى غيثه
ومتى يدعى إلى الحسنى أجابا
فإذا ما سمع الذكر اتقى
وإذا ما ذكر الله أنابا
من عرانين على ً قد نزلوا
من بيوت المجد أفناءً رحابا
ما بهم عيب خلا أنَّهم
يَجِدُون البخل والإمساك عابا
غرست أيديهم غرس الندى
فکجتنت من ثمر الشكر لبابا
سحبت ذيل کفتخار أمة ٌ
لبسوا التقوى بروداً وثيابا
وأعِدُّوا للعلى سمر القنا
والرقاق البيض والخيل العرابا
ينزل الوحيُ على أبياتهم
فاسأل الآيات عنهم والكتابا
عروة الوثقى ومنهاجِ الهدى
كثفوا عن أوجه الحقّ حجابا
إنَّ هذا فرعهم من أصلهم
طاب ذاك العنصر الزاكي فطابا
هاشميٌّ علويٌّ ضاربٌ
في أعالي قُلَل الفخر قبابا
ضاحكُ الثَّغر إذا ما خطبٌ
كثَّرتْ عن مدلهمِّ الخطب نابا
قد تأمَّلناك من بين الورى
فرأينا عجباً منك عجابا
يا مهاب البأس مرجوّ الندى
لا تزال الدهر مرجوّاً مهابا
طوَّقتني منك أيديك وما
طوَّقتْ إلاّ أياديك الرقابا
وأرتني كيف ينثال الغنى
والغنى أعيا على الناس طلابا
كلّما أغلق بابي دونه
فتحت لي يدك البيضاء بابا
أرخصتْ لي كلَّ غالٍ فكأنْ
وجدتْ في جودها التبر ترابا
فاهن بالعيد وفز في آجر ما
صُمْتَه لله أجراً وثوابا
فجزاك الله عنّا خيره
وجزَيْناك الدعاءَ المستجابا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تَوَلَّتْ من الظَّلماء تِلْكَ الدياجرُ
تَوَلَّتْ من الظَّلماء تِلْكَ الدياجرُ
رقم القصيدة : 22401
-----------------------------------
تَوَلَّتْ من الظَّلماء تِلْكَ الدياجرُ
وشاقكَ طيفٌ من أميمة َ زائرُ
سرى حيث لا واشٍ هناك يصدّه
ولا لَمَحَتْه نم رقيب نواظر
ووافى على بعد المزار فليته
أقام وقد آوته تلك المحاجر
يبلُّ غليل الشَّوق من ذي صبابة
يذكّره المنسيَّ في الحبّ ذاكر
تذكّرت فيما بعد ذلك نائياً
فلا هو بالداني ولا أنا صابر
فيا ليت شعري هل يعود لي الصبا
وتألف هاتيك الظباء النوافر
فأغدو إلى ما كنت أغدو وللهوى(23/181)
على برحاء الوجد عين وناظر
فللّه عهدٌ بالصبابة مرّ بي
وما فتكت أحداقهن الجآذر
أعاذلتي والعتب بيني وبينها
رويدك فالإنصاف لو كان عاذر
لبست الضنى حتى أبادني الضنى
وخامرني في الحبّ داءٌ مخامر
وحسبُك أَنّي فيكِ يا ميٌّ وامقٌ
وأنّي کمرؤٌ مما يريبك طاهر
وهل تعلقُ الفحشاء من ذي صبابة
وقد كَرُمَتْ نفسٌ وعفَّت مآزر
زكوتُ فما ألممُ يوماً بربية
ويزكو الفتى من حيث تزكو العناصر
تطالبني نفسي بما تستحقُّه
وإنْ أَجْحفت فيها الجدود العواثر
تحاول مجداً في المعالي ورفعة
فيرجى لها نيل وتخشى بوادر
فأكرمتها أنْ صنتها عن دنيّة
وأنّي بها في الأنجبين أفاخر
أنوء بأعباء المروءة حاملاً
من الهمّ ما لا يستطيع الاباعر
وأزداد طيباً في الخطوب كانّني
أنا المندليّ الرطب وهي مجاحر
فما ساءني فقرٌ ولا سرّني غِنى ً
وعرضي لم يكلمْ إذا هو وافر
سواءٌ لديَّ الدهر أحسنَ أسا
وما ضائري من حادث الدهر ضائر
فمن عزماتي للهموم معاذر
ومن كلماتي للنجوم ضرائر
ولي في بلاد الله شرقاً ومغرباً
نوادر من حرِّ الكلام سوائر
شواردها حلي الملوك وصوغها
من اللفظ إلاَّ أنَّهنَّ جواهر
تحضّ على الذكر الحميد بفعله
وفيها لأرباب العقول بصائر
إذا کختَبَرَتْ كُنْهَ الرجال بعلمها
أفادَتْك عِلماً والرجال مخابر
سقى الله حيّاً فيه أبناءُ راشد
سمامُ الاعادي والسيوف البواتر
ونزلة بين الفرات ودجلة
إذا لم يكن فيها المشير فناصر
إذا نزلوا الأرض المحيلة أخْصَبَت
وجادت عليها المرسلات المواطر
صوارمهم نارٌ وأمّا أكفُّهم
فأبحرُ جودٍ بالنوال زواخر
يروقك في داجي الحوادث منهمُ
وجوهٌ عن البدر المنير سوافر
فهذا غمام بالمكارم ماطر
وهذا حسام للمعاند قاهر
يقي من سموم الحادثات بنفسه
إذا لَفَحَتْها بالسموم الهواجر
وأرضاً حماها ناصر بحسامه
حمى ً لم يطأه للنوائب حافر
رحى الحرب إنْ رحاها فإنَّه
هو القطب ما دارت عليه الدوائر
ومتخذٍ بيض الأسنّة والظبا(23/182)
موارد تستحلى لديها المرائر
وحسبك يوم الرَّوع من متقدم
إذا أحجمت فيه الأسود القساور
يُريعُ ولا يرتاع يوماً لحادث
ومن ذا يريعُ الليثَ والليث خادر
فيا موردَ الفرسان في حومة الوغى
مواردَ حتفٍ ما لهنّ مصادر
تطلّبتها حتى ظفرت بنيلها
ولا مطلبٌ إلاّ العلى والمفاخر
وراثة آباءٍ كرامٍ تقدَّموا
أوائلُهمْ أربابها والأواخر
تطاولت حتى نلت أعلى مقامها
بطول يدٍ طولى وماأنت قاصر
ومن ذا الذي يدنو إليك مبارزاً
وأنتَ على أنْ تصرع الليث قادر
بوجهك يا سَعْدَ البلاد تطلَّعَتْ
مطالعُ فيها للبعاد بشائر
وما شقيت من آل بيتك عصبة ٌ
وأنتَ بهم في العدل ناهٍ وآمر
يُؤَمِّلهم من جود كفِّك نائل
ويزجرهم من حد سيفك زاجر
تهابك في أقصى البلاد وإن نأتْ
قبائل شتى ً لم ترع وعشائر
تنام عن الدنيا وما أنت نائم
وحزمك يقظانٌ وسعدك ساهر
تخافك أعداءٌ كأنَّكَ بينهم
وما غِبْتَ عن قوم وبأسك حاضر
إذا قيل في الهيجاء هلم مبارز
فما عقدتْ إلاّ عليك الخناصر
فإنَّ بني أهليك في كل موطن
بدور المعالي والنجوم الزواهر
وإنّ بني أهليك لله درّهم
أكابرُ أقوام نهتهم أكابر
فلا غروَ أن أرتاحَ يوماً بمدحكم
ويسمحَ لي في نظمي الشعر خاطر
فإنّي بكم أبناء راشد شاعر
وإنّي لكم ما دُمْتُ حيّاً لشاكر
فلا راعت الأيام قوماً ولا خلتْ
ديارٌ بها من آلِ بيتك عامر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا
سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا
رقم القصيدة : 22402
-----------------------------------
سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا
وشَوَّقَها حادي الظعائن إذ حَدا
فظلَّتْ ترامى بين رامة والحمى
وتطوي فيافيها حزوناً وفدفدا
وتشقّها ريحُ الصبا رندَ حاجر
فكادت لفرط الوجد أنْ تتقدا
ولما بَدَتْ أعلامُ دار بذي الفضا
أعاد لها الشوق القديم كما بدا
فلا تأمن الأشجان يجذبن قلبها
متى أَتْهَمَ البرقُ اليماني وأنجدا(23/183)
ويا سعد خذ بالجزع من أيمنِ اللوى
لعلّي أرى فيها على الحبّ مُسعِدا
وذرها تروّي بالدموع غليلها
وأنّى يبل الدّمع من مغرم صدى
تعالج بالتعليل قلباً معذباً
وتدمي بوبل الدمع طرفاً مسهّداً
وتنصبُّ مثل السيل في كلّ مهمهٍ
فتحسبه من شدة العزم جلمدا
وبي من هوى ميٍّ وإنْ شَطَّ دارها
هوى ً يمنع العشاق أنْ تتجلدا
ولمياء لم تنجز بوعدٍ لمغرم
وهل أنْجَزَتْ ذات الوشاحين موعدا
إذام ادنت ظمياءُ من سربِ لعلع
أرَتْنا الردى من مقلة الريم أسودا
أَلَذُّ بها وصلاً وأشقى بهجرها
ومن عاش بالهجران عاش منكدا
وأبلجُ لولا شعره وجبينه
لما كانت أدري ما الضلال وما الهدى
تدين قلوب العاشقين بالحكمه
على أنَّه قد جار بالحكم واعتدى
فيا عصر ذاك اللّهو هل أنْتَ عائد
ويا ريم ذاك الربع روحي لك الفدا
تركتَ بقلبيم هواك لواعجاً
عَصَيْتُ بها ذاك العذولَ المُفَنِّدا
لحا الله من يلحو محبّاً على الهوى
ولا راح إلاّ بالملام ولا اغتدى
يلوم ويفري بالهوى من يلومه
وكم جاهل رام الصلاح فأفسدا
أخذتْ نصيبي من نعيمٍ ولذة ٍ
وصادَمْتُ آساداً ولاعبت خرّدا
فَطَوْراً أراني في المشارق متهماً
وطوراً أراني في المغارب منجدا
ولا بتُّ أشكو والخطوب تنوشني
زماناً لأهل الفضل من جملة العدى
ولولا شهاب الدين ما اعتزَّ فاضل
ولا نال إلاّ فيه عِزّاً وسؤدداً
فتى المجد يغني بالمكارم ما لَه
ويبقي له الذكر الجميلَ مخلَّدا
إذا فاض منه صدرهُ ويمينه
فخذ من كلا البحرين درّاً منضّدا
وما زال يسمو رفعة ً وتفضُّلاً
ويَجْمَعُ شمل الفضل حتى تفرّدا
رأيت محيّاه البهيَّ ومجده
فشاهدت أبهى ما رأيت وأمجدا
فمن ذا يهنّي الوافدين لبابه
بأكرمَ من أعطى وأرشدَ من هدى
وما کفترَّ عن دُرّ الثنايا تبسُّماً
من البِشر حتى أمطر الكف عسجدا
ومن يكُ أزكى صفوة الله جدّه
فلا غرو أنْ يزكو نجاراً ومحتدا
فيا بحر فضلٍ ما رأيناك مزيداً
ويا مزن جود ما رأيناك مرعدا
أيُطلَبُ إلاّ من مفاخرك العلى(23/184)
ويسأل إلاّ من أناملك النَّدى
لقد جئت هذا العصر للناس رحمة
فأَصْبَحَ ركنُ الدين فيك مشيّدا
وأَحْيَيْتَ من أرض العراق علومَه
ولولاك كانَ الأمر يا سيّدي سدى
أرى كلّ من يروي ثناءً ومدحة ً
ففيك روى حسن السجايا وأسندا
لك العزّ حار الواصفون بوصفه
وجَلَّتْ معاني ذاته أنْ تُحَدَّدا
إذ ما تَجَلَّتْ منك أدنى بلاغة
تخرُّ الأقلام في الطَّرس سجَّدا
وفيك الندى والفضل قرّت عيونه
ولم يكتحل إلاّ بخطّك إثمدا
تَفَقَّدْتَ أربابَ الكمال جميعَهم
ومن عادة السادات أن تتفقَّدا
وكم نعمة ٍ أسديتها فبذلتها
وصيَّرْتَ أحرار البريّة أعبدا
ولولاك لم أَظْفَر بعزٍّ ولا منى ً
ولا نلت إلاّ من معاليك مقصدا
أسود إذا ما كنتَ مولاي في الورى
ومن كنتَ مولاه فلا زال سيّدا
وما زلتَ كهفاً يُستَظَلُّ بظلِّه
كما لم تزل أيديك للناس موردا
ولا زلت ماكَّر الجديدان سالماً
بجدواك يستغني وفتواك يقتدى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عسى نظرة ٌ من ناصر والتفاتَة ٌ
عسى نظرة ٌ من ناصر والتفاتَة ٌ
رقم القصيدة : 22403
-----------------------------------
عسى نظرة ٌ من ناصر والتفاتَة ٌ
تخفِّفُ من هميّ وتكشفُ من ضرِّي
فَعَهْدي به بَرٌّ رؤوفٌ وراحمٌ
تَعَاهَدَني مِنْ قَبَلُ بالعُسْرِ واليُسْرِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقى الطللَ الغمامُ وجادَ رسما
سقى الطللَ الغمامُ وجادَ رسما
رقم القصيدة : 22404
-----------------------------------
سقى الطللَ الغمامُ وجادَ رسما
عَفا من عالج لديار سلمى
وسحَّ على منازلنا بنجدٍ
مُلِثُّ القَطر تسكاباً وسَجْما
وعهد في الصَّريمِ مضى وصدَّتْ
أوانسُ غيدهِ هَجراً وصَرْما
بحيث الكأس تترعُ بالحميّا
وعقد الشّمل مثل العقد نظما
وممّا صبوة ٍ وصباً أصابا
مراماً باجتماعهما ومرمى
تساعدني على اللّذّات سعدى
وتنعم لي بطيب الوصل نعمى
وتعقرنا العقار وكم عقرنا
بها من هذه الأحشاء همّا(23/185)
وليلٍ ما برحتُ أديرُ فيه
معتَّقة ً تلذُّ لديَّ طعما
أزوّجها بابن المزن بكراً
وأَمْزِجُ صِرْفها برُضاب ألمى
وأغتنمُ المسَّرة َ بالندامى
وكانتْ لَذَّة النُّدماء غنما
رعى الله الشباب وإنْ تولّى
وذكّرْ عهده يوماً فيوما
صحا سكرانُ من خمر التصابي
وبدَّل بعد ذاك الجهل حلما
وصاخ إلى العذول وكان صبّاً
يى لوم العذول أشدَّ لوما
فمن لاحٍ يعنّفه لدمعٍ
يكفكفه مخافة أنْ ينمّا
أَرَتْني من حوادثها اللّيالي
أعاجيباً لها العبرات تدمى
ومن لي أنْ تسالمني الرزايا
فما زالت لي الأرزاء خصما
أُؤَمِّلُ نفس حرٍّ لم تعدني
أمانيها إلى أجلٍ مسمى
ضلالاً ما أعلّل فيه نفسي
وقولي ربّما وعسى ولمّا
فما لي والخمول وكلّ يوم
تفوِّقُ لي خطوبُ الدَّهر سهما
أراني إنْ عزمتُ على مهمٍّ
ثَنَتْ عَنِّي يد الأَقدار عزما
وإنّي سوف أركبها لآمرٍ
أحاول شأوه إمّا وإمّا
وإنَّ ليالياً أَعْرَقْن عظمي
أضاعَتْني وما ضَيَّعْتُ عَزما
فتبّاً للزمان لقد تعدّى
حدوداً ما تعدّاهنَّ قدما
أيسمو الجاهلون بغير علمٍ
ويروى من هزوتُ به وأظما
تحوَّلْ يا زمان إلى الأعالي
وخُذْ بكمالها فالنقص تمّا
لقد جهل الزمان بعلم مثلي
وإنَّ الجهلَ بين بنيه عمّأ
وكَيْفَ أَسُودُ في زمنٍ جهولٍ
ولو انّي كإبراهيم علما
قريب من رسول الله يدعى
بأزكى العالمين أباً وأمّأ
نَمَتْهِ الأنجبون وكلّ قرم
إلى خير الورى يُعزى ويُنمى
تَخَلَّقَ من سنا نورٍ مبين
فكان الجوهرَ النبويَّ جسما
بني الشرف الذي يعلو ويسمو
فما أعلى مبانيه وأسمى
وشيّده وإنْ رغمت أنوفٌ
ولم يَبْرَحْ لأنفِ الخَصم رغما
بناءٌ قصَّرَتْ عنه السَّواري
وما استطاعت له الحساد هدما
تأَمَّلْ في عظيم من قريش
تجدْ أسد الشرى والبدر تمّا
عليه من رسول الله نورٌ
به يمحو الظلام المدلهمّا
إذا الأَمر المهمّ دهى ، كفانا
بدعوته لنا ما قد أهمّا
شفاءٌ للصُّدور وكم مريض
يكون له کشتيار الشهد سمّا
بروحي منك أروعَ هاشمياً(23/186)
حديدَ القلب واري الزند شهما
لك الكِلمُ التي جَمَعت فأَوْعت
تروحُ الملحدون بهنَّ كَلْمى
وكم من حجة ٍ نطقتْ فظلَّتْ
لها فصحاء غير الحق عجما
وجئت بما يحير الفكر فيه
بيانا منك إلهاماً وفهما
وقد أَحْيَيْتَ هذا الدين علماً
بحيث الدّين قارب أنْ يرّما
وقَوَّمْتَ الشريعة فيه حكماً
ولم تر غير حكم الله حكما
وكم أغضبتَ يا ملايَ قوماً
بما فيهم وكم أرضيتَ قوما
أتكتم فضلك الحساد جهلاً
وما اسطاع الدجى للنور كتما
مناقبك النجومُ وليس بدعاً
إذا ما أنكرتها عينُ أعمى
وجدتك سيّدي للمدح أهلاً
فخذ مدحي إذنْ نثراً ونظما
وحسبي منك جائزتي دعاءً
به من سائر الأسواء أُحمى
أنال به الثواب بغير شك
وأمحو بالثناء عليك إثما
وليس يفي بفضلك كنه مدحي
وكان المدح إلاّ فيك ظلما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كاد أنْ يقضي سقاماً ونحولا
كاد أنْ يقضي سقاماً ونحولا
رقم القصيدة : 22405
-----------------------------------
كاد أنْ يقضي سقاماً ونحولا
إذ عصى في طاعة الحبّ العذولا
دنفٌ لولا هواكم ما شكا
كبداً حرّى ولا جسماً نحيلا
علم العاذل ما لاقى بكم
يوم أزمعتم وإنْ كان جهولا
من صباباتٍ أذابته أسى ً
وغرام أهرقَ الدمع همولا
وصبابات الهوى قد سَوَّلَتْ
لدموعي في جفاكم أنْ تسيلا
لا أرى الصَّبر جميلاً عنكم
ومحال أن أرى الصبر جميلا
قد ذكرناكم على شحط النوى
فانشنينا عند ذاك الذكر ميلا
يا لها ذكرى ً أهاجت لوعة
أخذتْ منّي الحشا أخذاً وبيلا
هبَّتِ الإرواح من أحيائكم
فانتشقناها شمالاً وقبولا
فكأنّا بالصّبا حينئذٍ
قد شربناها من الراحٍ شمولا
يا رفيقيّ وهل من مُسْعدٍ
لعليل يشتكي طرفاً عليلا
بلّ كُميّهِ من الدمع وما
بلّ من أحشائه الدمع غليلا
لامني العاذل جهلاً بالهوى
وغدا الناصر في الحبّ خذولا
أنا لولا شغفي فيكم لما
وجدَ الّلاحي إلى العذل سبيلا
ما على اللائم من مستغرم
يعشق السالف والخدَّ الأسيلا
راح يلقي -لقيَ السُّوءَ- على(23/187)
مسمعي في عذله قولاً ثقيلا
ليتني قبل الهوى لم أتّخذْ
ساحر الطرف من السرب خليلا
لست أدري إذ رَنَتْ ألحاظهم
ألِحاظاً أَرْهَفُوها أم نصولا
ظعن الحيُّ وأضحى حبُّهم
يسأل الأرْسُمَ عنهم والطلولا
ليت شعري أين سارت عِيسُهم
تقطعُ البيداء وَخْداً وذميلا
ويعاني ما يعاني بعدَهُم
زفرة َ الأشواق والحزنَ الطويلا
ساهرُ المقلة في الوجد فما
يطعم الغمض به إلاّ قليلا
أَمَروا بالصبر عنهم ولكم
لذتُ بالصَّبر فما أغنى فتيلا
صاحبي أنت خبيرٌ بالهوى
أترى مثل الهوى داءً قتولا
عارضٌ منن عبرة أهرقتها
روَّضَتْ رَوْضَ جوى ً كان محيلا
إن أردْتُم راحة الروح بكم
فابعثوا الريح إلى روحي سبيلا
وأَعِدْها مرَّة ً ثانية ً
يا نسيماً هيّج الوجد بليلا
علمَ الله بأنّي شاعر
لم أقل زوراً ولم أَمْدَحْ بخيلا
قد كفاني الله في ألطافه
بأبي عيسى نوالاً ومنيلا
بالزكيِّ الطاهرِ الشَّهْمِ الذي
طابَ في الناس فروعاً وأُصولا
من يُنيل النَّيْل من إحسانه
والعطاء الجمَّ والمال الجزيلا
وإذا ما لفحت هاجرة ٌ
كان من رمضائها ظلاًّ ظليلا
واضح الفخر ومن هذا الذي
يبتغي يوماً على الشمس دليلا
من فتى ً فيه وفي آبائه
كلّ ما قد قيل في الأنجاب قيلا
أنجبُ العالم أمّاً وأباً
وأعزُّ الناس في الناس قبيلا
إنّما آل جميل غرَّة ٌ
ألهموا المعروف والفعلَ الجميلا
ورثوها عن أبيهم شيماً
تبلُغ العلياءَ والمجد الأثيلا
قد أحلَّتهم نفوسٌ شرفتْ
بمكان الأنجم الزهر حلولا
قل لمن يزعم أن يُشْبِهَهُمْ
لم تنلْ بالزعم شيئاً مسحيلا
وبروحي من يهين المال في
جوده الوافي ومن يحمي النزيلا
وإذا ما هزّه مستنجدٌ
بعُلاهُ هزَّه عضباً صقيلاً
طاول الشمّ الرواسي في العلى
وجديرٌ في علاه أنْ يطولا
وإذا ما سئل الفضل اغتدى
مُبلِغاً من كلّ ما يُسأَلُ سولا
لم أزل حتى أوارى في الثرى
مقصراً فيهم ثنائي ومطيلا
أورِنُوها كابراً عن كابر
مكرُماتٍ لم تزل جيلاً فجيلا
نجموا بعد أبيهم أنجماً(23/188)
لا أراهم بعد إشراقٍ أُفولا
خلفٌ عن سالفٍ أخلفهم
للندى بحراً وللوفد مقيلا
كلُّ فردٍ يلبس الدهر به
غرراً تشرقُ فيه وحجولا
مظهرٌ من صنعه منقبة
حيَّر الأَفكار فيها والعقولا
أبدعوا في مكرماتٍ منهم
فعلت آياتها فيهم فصولا
سَلْهم الفضل فهم أهل له
وسواهم يحسب الفضل فضولا
وارتقب أنواءهم ممطرة ً
لا ندى ً نزراً ولا وعداً مطولا
ضمنتْ آمالنا إحسانهم
وتضمَّنْ ولا ريب الحصولا
يا بني عبد الغنيّ العزّ لي
في معاليكم وما كنتُ ذليلا
كُلَّما أَلْبَسْتُ شعري مدحكم
سحبَ الشعر من الفخر ذيولا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بحيث انعطف البانُ
بحيث انعطف البانُ
رقم القصيدة : 22406
-----------------------------------
بحيث انعطف البانُ
قويمُ القدِّ فتَّانُ
وللقامات أغصان
وفي الأرداف كثبان
رويداً أيها السّاقي
فإنّي بك سكران
وهذا قدّك النشوا
ن من عينيك نشوان
في من روضك الزاهي
بروض الحسن بستان
فمن وجنتك الوَرْدُ
ومن قامتك البان
ومن عارضك المخضرّ
لي رَوْحٌ وريحان
وفي فيك لنا خمرٌ
وأنت الخمر والحان
وإنّي لجنى ريقتك
العذبة ظمآن
جنود منك في الحب
على قتليَ أعوان
فمن جفنيك صمصام
ومن قدّاك مرّان
نعم في طرفك الموقظ
وجدي وهو وسنان
وما أَنْتَ كمن يُسلى
وما لي عنك سلوان
وجنّات دخلناها
فقلنا أين رضوان
وفيها من فنون الحُسْن
في الدَّوحة أفنان
وفيها اختلفت للزهر
للزهر أشكال وألوان
فللنرجس أحداقٌ
كما للآس آذان
وهذا الأقحوان الغضُّ
تبدو منه أسنان
وقد حضّ على شرب
المدام الصّرف ندمان
وطافت بكؤوس الراح
والراحات غلمان
وطاسات من الفضة
فيها ذاب عقيان
فما وسوَسَ للهمِّ
بصدر الشَّرب شيطان
وقال کشرب على حبّي
فإنَّ الحبَّ سلطان
وهذا القدح الفارغ
أضحى وهو ملآن
رعى الله لنا في الحيّ
أحباباً وإن خانوا
ذكرناهم على النأي
وإن شطوا وإنْ بانوا
وفي الذكرى تباريحٌ
وأشجان وأحزان
كأنَّا في رياض الحزن
لا كُنّا ولا كانوا
سقى عهدهم الماضي(23/189)
مُلِثُّ القَطر هتّان
فما تغمض من بعدهم
للصبِّ أَجْفان
وأظمى كبدي الحرّى
بَرودُ الثغر ريّان
بذلنا أنفساً تغلو
لها في الحب أثمان
أَلا لا سَلِمَ المال
وفي الأنجاب سلمان
قرين الشرف الباذخ
والأشراف أقران
على طلعته الغرّاء
للإقبال عنوان
همُ القومُ إذا عُدّوا
بهم تفخر عدنان
أباة ُ الضَّيم أشراف
لغير الله ما دانوا
وها هم في سبيل الله
ما جاروا وما مانوا
هم الصُّمُّ إذا يَقْسُون
والماءُ إذا لانوا
وإمّا حلَّقوا في جوِّ
علياءٍ فعُقْبان
شيوخ لم تزل تسمو
إلى المجد وفتيان
أَذلّوا عزّة المال
فما ذلّوا وما هانوا
وصانوا المجد في البذل
فما أحسنَ ما صانوا
فهمْ للدّين أطوادٌ
وهم للدّين أركانُ
رجال كوشفت بالحقّ
لا يحجبها الرّان
فيا عين العلى أَنْتَ
لعين العزّ إنسان
وفي آثارك الغرّ
من السادات أعيان
إذا ما وُزِنَ القومُ
ففي وزنك رجحان
وفي مدحك للأقلام
تغريدٌ وألحان
وفي شكري لنعمائك
إعلامٌ وإعلان
أرادَ الله في شأنك
إن يرفعَ لي شان
ومما زاد في حسنك
عند الناس إحسان
فمدحٌ لم يكن فيك
فتزويرٌ وبهتان
وربحٌ لم يكن منك
فذاك الربح خسران
وعن فضلك والصبح
وما يخفيه كتمان
وسارت بثنائي لك
في الأقطار ركبان
فلا زِلْتَ بعلياءٍ
لها ينحطُّ كيوان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ
قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ
رقم القصيدة : 22407
-----------------------------------
قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ
خمرة ً ما کجتمعت مَعَ کلهَمْ
فهي تِبْرٌ في لجين ذائب
أو كنارٍ في فؤاد الماء تضرم
نظم المزج عليها حَبَباً
رصَّعَ الياقوتَ بالدرّ المنظّم
عجباً للشَّرب أَنّى قطّبت
أَوجهاً من شرب راحٍ تتبسّم
وإذا أبهم أمرٌ في العلى
مثلها قد يُحَمد الدهر المذمّم
من رآى يا قوم منكم قبلها
قبل هذا أنَّ نوراً يتجسم
فهي سرٌّ الضيا
في ضمير الليل من أن يتكتم
قَدُمت في عصرها حتى لقد
أَوْشَكَتْ تخبرنا عمّا تقدّم(23/190)
ما ألذَّ الراح يسقاها آمرؤٌ
من أيادي مُنْيَة القلب المتيّم
كقضيب البان أنَّى ينثني
ذو قوام يشبه الرمح المقوم
أشرق البدر علينا وجهه
فَعَرَفْنا منه أَنَّ البدر قد تم
بابليُّ اللّحظ حلويّ اللمى
غير أَنّي في هواه أتألَّم
مالكٌ ما رقَّ للصبّ ومن
عادة المالك أن يرثو ويرحم
ظالمي في الحبّ عدلٌ فکعجبوا
يا لقومي من ظَلُوم يتظلّم
عاطنيها يا نديمي قهوة ً
تَخْضِبُ الأَقداح بالصَّبغ المُعَنْدم
وانتهبها فرصة ً ممكنة
قبل أنْ تمضي سدى ً أو تتندّم
في رياضٍ قرن البشر بها
فَغَدَتْ تقرن ديناراً بدرهم
وکعصِ من لامَكَ فيها طائعاً
لذَّة النفس فأنسُ النفس ألزم
أترى مستعظم الوزْر بها
ليسَ يدري أنَّ عفو الله أعظم
أنعمُ العيشة ما قضّيتها
مَعْ مليحٍ جاد بالوصل وأَنْعَم
فتعاطاها إلى أنْ ينجلي
من أسارير الدجى ما كان أظلم
فترى للصبح في إثر الدجى
صارماً من شفق يلطخ بالدم
أو فكانا كجوادي حلبة ٍ
راح يتلو أشقرٌ آثار أدهم
رفع الفجر لنا رايته
وتولّى الليل بالجيش العرمرم
يا لها من ليلة في جنحها
حلَّل اللَّهو بها كلَّ محرّم
رقص البان لها من طربٍ
وتثنّى لحمام يترنّم
نطق العود بأسرار الهوى
فسكتنا والأغاني تتكلّم
فحسبناها لما قد أطربت
أفصحت في مدح عبد القادر القرم
لم تزل منّا إلى حضرته
مِدَحٌ تجبي ومال يتقسّم
حكّم العافين في أمواله
وهي فيما تشتهيه تتحكّم
هكذا كان وما زال كذا
إنّها شِنْشِنَة من عهد أخزم
لو نظرنا رقّة ً في طبعه
لحسبناه نسيمأً يتنسّم
فهو مثل الروض وافاه الحيا
رائق المنظر زاهٍ عطر الشم
لم ترق عيني سوى طلعته
أنا فيها لم أزل أنجو من الغم
بيّضت وجه المنى أقلامه
إنْ يكن وجه المنى أسْوَدَ أَسْحم
وَسَطَتْ في الخصم حتّى أنها
فتكت فتك القنا في مهجة الخصم
ملهمٌ يعلم ما يأتي من الأ
مر إنْ شاء وبعض الناس ملهم
ذاك واري الزند مغوار النهى
إنْ رمى أصمى وإنْ جادل أقحم
كشفت آراؤه عن كلّ مبهم(23/191)
طار في الأفق لك الصِّيتُ الذي
كلَّما أَنْجَدَ في الأقطار أَتْهم
أنت والغيث جوادا حلبة
مثلما أنت مع العلياء تؤأم
كم وَرَدْنا منك عَذباً سائغاً
كالحيا المنهلّ بل أمرى وأسجم
وبلغنا من أياديك المنى
فيميناً إنَّ يمناك لكاليم
بأبي أنت وأميّ ماجداً
وملاذاً في معاليه لمن أم
إنْ ذكرنا فضل أرباب الندى
كنتَ رأسَ الكلّ والرأس مقدّم
أنت والله لأندى من حياً
مستهلّ القطر بالجود وأكرم
أرغم الله أعاديك بما
يجدع الأنف به جدعاً ويرغم
وفداك القوم أما كفُّهم
فجمادٌ ونداهم فمحرّم
وكفاك الله أسواء امرئٍ
ضاحك يكشرُ عن أنياب أرقم
وإليك اليوم مني مِدَحاً
أيها المولى وحوشيتَ من الذم
فلسان الحال منّي مفصحٌ
إنْ يكن مني لسان القال أبكم
أنا في مدحك ما بين الورى
أفصح الناس وإنْ لم أتكلم
خدم العبد علاكم شعره
أنت في أمثاله ما زلت تخدم
شاكراً مولاي إحسانك بي
إنَّ إحسانك يا مولاي قد عم
إنْ تفضَّلْتَ على الداعي لكم
بقبولٍ فتفضّلْ وتكرّم
أسأل الله لعلياك البقا
فابق في العزّ مدى الأيام واسلم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ
مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ
رقم القصيدة : 22408
-----------------------------------
مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ
فلا تضنِ محبَّك في دلالك
كئيبٌ من جفونك في سقام
فعالجه وإلاّ فهو هالك
يرومُ وصالكَ الدَّنفُ المعنى
ولو أَنَّ المنيَّة في وصالك
تَحرِّمُ وَصْل من يهواك ظُلماً
وتبخلُ فيه حتى في خيالك
وما ينسى لك المشتاق ذكراً
أيخطر ذكرها يومأً ببالك
لقد ضاقت مذاهبه عليه
وسُدَّتْ دون وِجْهَتِه المسالك
مللتُ وما مللتَ عن التجافي
فَلِمْ لا مِلتَ يوماً عن ملالك
فيا ظبي الصريم وأنت ريمٌ
لكَمْ قُنِصَتْ أُسُودٌ في حبالك
وإنَّك إنْ حَكَيْت الصَّبَحَ فَرقاً
حكى حظّي الشقيّ سواد خالك
أقولُ لعاذل بهواك يلحو
أَصَمَّ الله سمعي عن مقالك
وبين الوجد والسوان بعد(23/192)
كما بين اتصالك وانفصالك
تحلُّ دَماً من العاني حراماً
فَهَلاّ كان وَصلُك من حلالك
وهبنا من زكاة الحسن وصلاً
أما تجب الزكاة على جمالك
وإنّا في هواك كما ترانا
عطاشى لا تُؤَمِّلنا ببالك
يُؤَمِّلنا المنى فيك المنايا
ويوقعنا غرامك في المهالك
وما طمع النفوس سوى تلاقٍ
وقد أطعمتُ نفسي في نوالك
منعتَ ورودَ ذاك الثّغر عني
فواظمأ الفؤاد إلى زلالك
أربعَ المالكة ّ بعد ليلى
ضلالاً إنْ صَبَوْتُ لغير ضالك
سُقِيتَ الريَّ من ديمَ الغوادي
تجر ذيولهن على رمالك
أُقاسي من ظبائك ما أقاسي
وأعظمُ ماأكابد من غزالك
ويا قلباً يذوب عليك وجداً
أرى هذا الغرام على وبالك
يحمّلك الهوى حملاً ثقيلاً
وما کحتملت قلوب كاحتمالك
ألا فکنشد بذات الضال قلبي
فعهدي أنَّه أضحى هنالك
ولا تسلك بنا سبل اللواحي
فإنّي في سبيلك غير سالك
لقد أرشَدْتَ بل أضْلَلْت فيه
فلم أعرف رشادك من ضلالك
شجيتُ وأنتَ من وجدي خليٌّ
وها حالي ثكلتك غير حالك
فلا تَحْتَلْ على صَبري بشيءٍ
من العجز اتكَّلت على احتيالك
ولا تعذل أخا دنفٍ عليه
متى يصغي لقيلك أو لقالك
يزين صباح ذاك الفرق منه
باسودَ من سواد الليل حالك
وما لك بالغرام وأنْتَ عدل
تجورُ على المحبِّ مع کعتدالك
أَيَمْلِكُ بالهوى رقّي وإنّي
شهاب الدين لي بالفضل مالك
أمحمود الفضائل والسجايا
حَمِدْتُ من الأنام على فعالك
لقد أُوتيتَ غاية كل فضل
بخوضك في العلوم وباشتغالك
إذا افتخرت بنو آلٍ بآلٍ
ففخر الدين أنت وفخر آلك
وأعجبُ ما نشاهد في أحاجي
بديهتك العجيبة وکرتجالك
وكم أخرستَ منطقيا بلفظ
فأفصحَ عن عُلاك لسانُ حالك
وفي مرآك للأبصار وحيٌ
ينّبئُنا فديتُك عن جلالك
وتصقع بالبلاغة والمعالي
أَشدّ على عدوّك من نبالك
فيا فرع النبوّة طِبْتَ أصلاً
ثمار الفضل تُجْنى من كمالك
ظفرنا من نداك بما نرجّي
على أَنْ ما ظَفِرنا في مثالك
وحسُبُك أَنْتَ أَشرفْ مَن عَليها
تشَّرفتِ البسيطة ُ في نعالك
وكم لله من سيف صقيلٍ(23/193)
بجوهره العناية في صقالك
لنا من اسمك المحمود فألٌ
يخبِّرُ سائليك بسعد فالك
وما أنا قائلٌ بنداك وبلٌ
لأنَّ الوَبْلَ نوعٌ من بلالك
إذا الأَيام يوماً اظمأَتْنا
وردنا من يمينك أو شمالك
وإنْ بارزت بالبرهان قوماً
تحامى من يرومك في نزالك
وكلٌّ منهمُ وله مجالٌ
فما جالت جميعاً فقي مجالك
تجيبُ إذا سئلتَ بكلِّ فنٍّ
وتعجزهم جواباً عن سؤالك
وإنَّك أكثر العلماء علماً
ولستَ أقلَّهم إلاّ بمالك
نعم هم في معاليهم رجال
ولكن لم يكونوا من رجالك
كمالُكَ لا يرام إليه نَقصٌ
وأينَ البَدْر تمّاً من كمالك
وما تحكي البدورُ التِمُّ إلاّ
بوجهك وکرتفاعك وکنتقالك
سجاياك الجميلة خبَّرتنا
بأنَّ الحسن معنى من خصالك
خلالٌ كلُّها كرمٌ وجودٌ
تجمَّعتِ المكارم في خلالك
وما في الناس من تَلْقاه إلاّ
ويسألُ من علومكَ أو نوالك
وتولي في جميلك كلَّ شخصٍ
كأنَّ الخلقَ صارت من عيالك
لقد أمنتني خوفَ الليالي
وإنّي إنْ بقيت ففي خلالك
تعالى قدْرُك العالي مَحلاًّ
وعندي أنَّ قَدْرَك فوق ذلك
وصَفْتُك بالفضائل والمعالي
ولم تَكُ سيّدي إلاّ كذلك
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ
هلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ
رقم القصيدة : 22409
-----------------------------------
هلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ
وسألته مستكشفاً عن حالهِ
أودى بمهجته هواك ولم يدعْ
منه الضَّنى إلاّ رسوم خياله
الله في كبد تذوب ومدمع
أهرقتَ صوبَ مصونه ومذاله
وحشاشة تورى عليك وناظر
ممن دعا لوبالها ووباله
أتظنُّه يسلو هواك على النوى
تالله ما خطر السُّلوُّ بباله
عذراً إليك فلو بدا لك ما به
ما كنتَ إلاّ أنتَ من عذّاله
وَيْلي من الحيّ المراق له دمي
في غاب ضيغمه كناس غزاله
هذا يصول بطرفه وبقدِّه
صولات ذاك برمحه ونصاله
من كلّ معتقل قناة قوامه
والطَّعن كلُّ الطَّعنِ من عسّاله
رامٍ يسدّد سَهْمَه ويريشه
أَحشايَ من أغراض وقع نباله(23/194)
مرّت ممّكسه الصّبا فتنفّست
عن ورد وجنته ومسكة خاله
ولكم جرى بيني وبين رضابه
ما كان عند السكر من جرياله
لا تعذلنّ على الهوى أهل الهوى
ودع المشوق كما علمت بحاله
أمّا رحيل تصبّري وتجلّدي
فغداة جدّ الركب في ترحاله
إنْ تنشدا قلبي وعهدكما به
صاع العزيز فإنَّه برحاله
يا أيها الحادي أما بك رأفة
بالركب منحطّ القوى لكلاله
عجت المطيّ لمنزلٍ مستوبلٍ
حتَّى وَقَفْتُ به على أطلاله
ولقد سألت فما أجابك ربعه
فعلامَ تكثرُ بعدها بسؤاله
سحب النسيمُ على ثراك إذا سرى
أَرَجاً يفوح المسك من أذياله
يا دارَنا وسقاك من صوب الحيا
ما إنْ يصوب الريَّ صبّ سجاله
سقياً لعهدك بالغميم وإنْ مضى
وتصرَّمتْ أوقاته بظلاله
قد كنتُ أعلمُ أنَّ عيشك لم يدم
وبصرتُ قبل دوامه بزواله
قستُ الأُمور بمثلها فَعَرَفْتُها
ولقد يقاس الشيء في أمثاله
وتَقَلُّبي في النائبات أباحني
نظراً إلى غاياته ومآله
أنّى تفوزُ بما تحاول همّتي
والدهر ملتفتٌ إلى أنذاله
وأرى المهذَّبَ في الزمان معذّباً
في الناس في أقواله وفعاله
لا كان هذا الدهر من متمرِّدٍ
ماذا يلاقي الحرّ من أهواله
سَعِدَ الشقيُّ بعيشه في جهله
وأخو الكمال معذَّبٌ بكماله
وأنا الذي قهر الزمان بصبره
جلداً على الأرزاء من أنكاله
ما زلت ندب الأكرمين وإنْ يكن
قَلَّ الكريمُ النَّدبُ في أجياله
لله دَرُّ أبي جميل إنَّه
قَصُرَتْ يد الآمال دون مناله
لا تعدلنّ به الأَنام بأَسْرِها
شتّان بين تلوله وجباله
فَلَكٌ تَدورُ به شموسُ مناقبٍ
يُشْرِقْنَ بين جماله وجلاله
فسلِ النُّجومَ الزهرَ وهي طوالع
هلْ كُنَّ غير خلاله وخصاله
متوقّلٌ جبل الأُبَّوة لم يزل
في القُلَّة القعساء وطء نعاله
فمضتْ عزائمه على آماله
وقضتْ مكارمه على أمواله
طود توقّره الحلومُ وباذخ
لا يطمع الحدثان في زلزاله
حسب المكارم أنَّه من أهلها
من بعد أصحاب النبيّ وآله
أصْبَحْتُ أعذر من يتيه بمدحه
عذر المليح بتيهه ودلاله(23/195)
فكأنَّما اغتبق القريضُ بذكره
كأسَ الشمول ترقرقتْ بشماله
يرتاح للجدوى فيطرب أَنْ يُرى
وهابَ غرّ المال قبل سؤاله
وإذا کنتقدت بني الزمان وجَدْتَه
رَجُلَ الزمان وواحداً برجاله
هو شرعة الظّامي إذا الظّما
أَظما ولم أفْقِدْ نَميرَ زلاله
وأنا الغريقُ من الجميل بزاخر
يكفي القلي النزر من أوشاله
في كل ليلٍ حالكٍ من حادث
إنّي لمرتقبٌ طلوع هلاله
لا غرو أَنْ أُكفى به عن غيره
هَلْ كنتُ إلاّ من أقلَّ عياله
فكأَنَّه للناس أجْمَعِها أبٌ
يحنو لرأفته على أطفاله
ولقد أقول لمن أراد نضاله
ما أنتَ يومَ الرَّوع من أبطاله
في كلّ معترك لمشتجرٍ القنا
ضاقت فسيحاتُ الخطا بمجاله
كالعارضِ المنهلّ يومَ نواله
والصارم المنسلّ يوم نزاله
بأبي الفؤول الفاعل القرم الذي
تجنى ثمار الصدق من أقواله
إنّي نعمتُ بجاهه وبماله
تعسَ البخيل بجاهه وبماله
شملتني الألطاف منه بساعة
قبَّلت ظهرَ يمينه وشماله
لا زال يُقْبِلُ بالعطاء عَليَّ من
أفضاله أبداً ومن إقباله
متتابع النعماء جلّ مآربي
فيه ومعظم ثروتي من ماله
ومحمّلي بالفضل شكراً سرَّني
أَنّي أكونُ اليوم من حمّاله
عقل القريض لسانه ذووه وإنَّما
عَرَفَ الفتى من كان من أشكاله
نسجت يداه من الثناء ملابساً
لا تنسج الدنيا على منواله
شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> نفثة
نفثة
رقم القصيدة : 2241
-----------------------------------
قد حملتُ الأسى وفاضَ إهابي
بعد أن ذاب في الشجون شبابي
وأنا لم أزلْ أُلملم أطرا
في، وأمشي مكبَّلاً بالصعاب
فطويتُ الأعوامَ أزحف في التّيـ
ـهِ، وزادي ومركبي أوصابي
تتوارى عن المسالك آرا
بي ،ويحتثُّ من خطايَ غِلابي
وشراعي الرفّاف صبري، ومِجدا
في ثباتي، وفي الحنايا رِغابي
كلما أَوغلَ الزمانُ بشوطي
نهشتْني سودُ الليالي بناب
مُثْخناً بالجراح يهصرني الدا
ءُ، ويسطو على الفؤاد المُذَاب
وتغرّبتْ في الحياة بآلا
مي، وصاحبتُ شِقْوتي في اغترابي(23/196)
وشربتُ القذى على نخب إخفا
قي، بكأسٍ سخيَّةٍ بالشراب
عاقرتْني مع اليفاعة أَحْدا
ثٌ، أراها لما تزلْ في ركابي
فإذا بالصِّبا بكفّي هباءٌ
وإذا العمرُ حفنةٌ من تراب
بعثرتْها على الخطوب ليالٍ
تتعاوى مسعورةً كالذئاب
وأنا بينها أُناغم آما
لي، بألحانِ مِزْهري المِطراب
أتغنّى فيستجيب ليَ الحُسْـ
ـنُ، ويشدو بصبوتي أترابي
ويروقُ الجمالُ حلوَ أغاريـ
ـدي، فيهفو إلى الصدى الجذّاب
وأصوغ النشيدَ من ذوب نفسٍ
تترامى بلاهب صخّاب
فإذا الداءُ في حواشيَّ إعصا
رٌ، ترامتْ أطرافُه في إهابي
عِلَّتي ناشتِ الحنايا فلم أَفْـ
ـزَعْ، فجدَّت صروفُها في طلابي
فِلذتي، زهرةُ الحياة وأغلى
ما بكفّي من الأماني العِذاب
وفؤادي الذي وقفتُ عليهِ الْـ
ـعُمْرَ، أرويه بالدم المنساب
في ربيع الحياة ألقتْه للدا
ءِ عليلاً، فضاع مني صوابي
وتململتُ في مكاني من الأَيْـ
ـنِ، وجالدتُ باصطباري مُصابي
ما شكوتُ الأسى وما ضقتُ بالدا
ءِ، وإنْ أَثلَم القضاءُ حِرابي
وعزائي الصبرُ الجميل الذي أَنْـ
ـسُجُ من لطفه نقيَّ الثياب
غيرَ أني لما يُعاني فؤادي
جئتُ أرجو من الإله ثوابي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لفقدانِ عبد الواحد الدمع قد جرى
لفقدانِ عبد الواحد الدمع قد جرى
رقم القصيدة : 22410
-----------------------------------
لفقدانِ عبد الواحد الدمع قد جرى
وأَجرى نجيعاً للمدامع أحمرا
تذكرته من بعد حول فأذْرَفَتْ
عليه جفوني حسرة ً وتذكّرا
فكفكفْتُ من عيني بوادر عبرة
وما خِلْتُها لولاه أنْ تَتَحدَّرا
أقام عليَّ العيدُ في النحر مأتما
وأظهرَ ما قد كان في القلب مضمرا
لئن غيّبوه في التراب وأظلمتْ
معالم كانت تفضح الصبح مسفرا
فما أَغمدُوا في الترب إلاّ مُهَنَّدا
ولا حملوا في النعش إلاّ غضنفرا
أُصِبْنَا وأيم الله كلّ مصيبة
بأروع أبكى الأجنبين ولا مرا
فيا لك من رزءٍ أصاب وحادث
ألمّ وخطبٍ في الجلاميد أثّرا
تَفَقَّدْتُ منه وابل القطر ممطراً(23/197)
وفارقتُ منه طلعة البدر نيّرا
وما كان أبهى منه في الناس منظراً
ولا كان أزكى منه في الناس مخبرا
أفي كلّ يوم للمنايا رزيّة
تكاد لها الأكباد أنْ تتفطّرا
تهيّجُ أحزاناً وتبعثُ زفرة ً
وتُرسِلُ في فَقد الأحبّة ِ منذرا
تكدّر أخوان الصفا في کنبعاثها
وأَيُّ صفاء لامرىء ٍ ما تكدَّرا
أجلُّ مصاب الدهر فقدكَ ماجداً
ودفنك أجداث الأكارم في الثرى
وقولك مات الأكرمون فلم نجدْ
زعيماً إذا ما أورد الأمر أصدر
وما حيلة الإنسان فيما ينوبه
إذا كان أمر الله فيه مُقَدَّرا
وهبك کتَّقَيت الرزء حيث أريته
فكيف بمن يأتيك من حيث لا ترى
ونحن مع المقدور نجري إلى مدى
وليس لنا في الأمر أنْ نتخيّرا
إذا لم تمتعْ بالبقاء حياتنا
فلا خيرَ في هذي الحياة التي نرى
على ذاهب منا برغم أُنوفنا
نعالجُ حزناً أو نموت فتعذر
وما أنا بالناسي صنعائه التي
تذكّرنيه كلّ آنٍ تذكُّرا
فأثني عليه الخير حيّاً وميّتاً
وأشكره ما دمت حيّاً مذكرا
وإنّي متى صوَّعتُ طيب ثنائه
فتقتُ به مسكاً وأشممتُ عنبرا
تبارك من أنشاك يا ابن مبارك
جميلاً من المعروف لن يتنكرا
وما زلتَ حتى کختارك الله طاهراً
فكنت كماء المزن عذباً مطهرا
إلى رحمة الرحمن والفوز بالرضا
سبقت وما أسبقت فينا التصبّرا
وما كان بالصبر الجميل تمسكي
ألا إنَّ ذاك الصبر منفصم العرى
كفى المرءَ في الأيام موعظة ً بها
وتبصرة ً فيها لمن قد تبصّرا
ولا بد أنْ تلقى المنون نفوسنا
ولو أنّنا عشنا زماناً وأعصرا
وإنَّ الليالي لم تزل بمرورها
تسلّ علينا بالأهلّة خنجرا
أتطمعنا آمالنا ببقائنا
بكلِّ حديثٍ ما هنالك مفترى
وإنَّ المنايا لا أبا لك لم تَدَعْ
من الناس سرباً ما أربعَ وأذعرا
أغارت على الأقيال من آل حميرٍ
وجاءت على كسرى الملوك وقصيرا
فما منعت عنها حصون منيعة ً
ولا كشفت من فادح الخطب ما عرا
لئن غاب عن أبصارنا بوفاته
فما زالك في الأفكار منّا مصوّرا
فقدناك فقدان الزلال على الظما
فلا منهل إلاّ ومورده جرى(23/198)
ألا في سبيل الله ما كنت صانعاً
من البرّ والمعروف في سائر الورى
وكنت لوجه الله تشبع جائعاً
وتطعم مسكيناً وتكسو لمن عرى
وإني لأستسقي لك الله وابلاً
متى استمطر الصادي عزاليه أمطرا
يَصُوب على قبر يضمُّك لَحْدُه
ويَسْطعُ مسكاً من أريجك أذفرا
سقاك الحيا المنهلّ كل عشيّة
وروّاك من قطر الغمام مبكرا
فقد كنت للظمآن أعذب منهل
وقد كنت غيثاً بالمكارم ممطرا
وقد كان فيك الشعر يَنْفُقُ سوقُه
لديك ويبتاع الثناء ويشترى
وقد ساءني أنْ أصبحَ الفضل كاسداً
وأصبحَ مغنى الجود بعدك مقفرا
وقد خَمدت نار القرى دون طارق
فلا جود لجدوى ولا نار للقرى
وغودر ساري الحمد في كلّ مهمه
من الأرض مصروف العنان عن السرى
فلا أخصبتْ أرض الخصيب ولا زهى
بها الربع مأنوساً ولا الروض مزهرا
لقد كان صُبحي من جبينك واضحاً
وقد كان ليلي من محيّاك مقمرا
فيا ليت شعري والحوادث جمّة
ويا ليتني أدري ومن ذا الذي درى
محاسن ذاك العصر كيف تبدَّلَتْ
ورونق ذاك الحسن كيف تغيّرا
وكانت لك الأيدي طوالاً إلى العلى
تناول مجداً في المعالي ومفخرا
فكم راغب فيها وكم طامع بها
أَمَدَّ لها الباعَ الطويل فقصّرا
ومن مكرمات تملكُ الحرَّ رقّة ً
تطوّق من أيديك يداً ومنحراً
ومن حسنات تخلق الدهر جدّة ً
كتبت بها في جبهته المجد أسطرا
وكم معسر بدّلْت بالعُسْر يُسْرَه
وما زلت للفعل الجميل ميسّرا
ولو كانت الأَنصار تُنجي من الردى
نصرناك إذا وافاك نصراً مؤزّرا
فكم مقلة ٍ أذرتْ عليك دموعها
ومهجة صادٍ أوشكت أنْ تسعّرا
وكم كبدٍ حرّى يحرّقها الأسى
تكادُ على ذاكراك أن تتفطّرا
وليلة تذكيني بذكرك زفرة
حرام على عيني بها سنة الكرى
عليك سلام الله ما حَجَّ محرمٌ
وهلَّل في تلك البقاع وكبّرا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ
مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ
رقم القصيدة : 22411
-----------------------------------
مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ(23/199)
دَنِفٍ نهبَ وُلُوعٍ وغَرامِ
فعلى خديّ ما تسقي الحيا
وعلى جسميَ ثوب من سقام
فسقاكم غدقاً من أدمعي
مستهلّ القطر منهل الغمام
عبراتٍ لم أزَل أهرقها
أو بيلّ الدمع شيئاً من أوامي
زفرة رَدَّدْتها فکضْطَرَمَتْ
في حشا الصبّ أشدَّ الاضطرام
هل عَلِمْتم بعدما قوَّضتمُ
أنَّ لي من بعدكم نوح الحمام
فارقت عيناي منكم أوجهاً
أسفرت عن طلعة البدر التمام
في عذاب الوجد ما أبقيْتُمُ
من فؤادي في غرام وهيام
مهجة ذاهبة فيكم وما
ذهبت يوم نواكم بسلام
عرضت واعترض الوجد لها
ورماها من رماة السرب رامِ
قل لمن سدّد نحوي سهمه
من أَحَلَّ الصَّيْدَ في الشهر الحرامَ
طالما مرّ بنا ذكركمُ
فتثنّى كلُّ ممشوق القوام
وبما أتحفَ منأخباركم
ربّما کستغنيت عن كل مدام
أو كانت عنكم ريح الصبا
نسمت بين خزامى وثمام
أين ذاك العهد في ذاك الحمى
والوجوه الغر في تلك الخيام
إنَّ أيّامي في وادي الغضا
لم تكن غير خيالٍ في منام
من مُعيرٌ ليَ منها زمناً
يرجع الشيخ إلى سنِّ الغلام
وأَحبّاء كأنْ لم يَأْخذوا
من أبيّاتِ المعالي بخطام
فرَّقتْ شملهم صرفُ النوى
وَرَمَتْهُم بعواديها المرامي
ولقد طالت عليهم حَسْرتي
فکقصرا إن تُنْصفاني من ملام
لستُ أنسى العيش صفواً والهوى
رائقاً والكأسُ ناراً في ضرام
بينَ ندمان كأَنْ قد أصْبَحوا
من خطوب الدّهر طرّاً في ذمام
ينثر اللؤلؤ من ألفاظهم
فترى من نثرهم حسن النظام
تفعل الراح بهم ما فعلت
هذه الدنيا بأبناء الكرام
إنّما كانت علاقات هوى
أصْبَحَتْ بعد کتّصالٍ بکنصرام
وکنقضى العهد وأيّام الصبا
أدفلتْ من بعدُ إجفال النعام
أسفاً للشعر لا حظّ له
في زمان الجهل والقوم اللئام
فلقوم حلية ٌ يزهو بها
ولأقوام سمامٌ كالسهام
والقوافي إنْ تصادفْ أهلها
کنسجمت في مدحهم أَيَّ کنسجام
وقوافيَّ التي أنزلتها
من عليِّ القدرِ في أعلى مقام
أبلج من هاشم لأوضحَ من
وضح الصبح بدا بادي اللثام
إنْ يَجُدْ كان سحاباً ممطراً(23/200)
أو سطا كان عزيزاً ذا انتقام
يعلم الوارد من تيّاره
أيَّ بحرٍ ذا من الأبحار طامي
يا لقوم أرهبوا أو أرغبوا
من كرامٍ بحسامٍ أو حطام
فهمُ الأشراف أشرف الورى
وهمُ السادات سادات الأنام
هم ملاذ الخلق في الدنيا وهم
شفعاء الخلق في يوم القيام
نشأوا في طاعة الله فمن
قائمٍ بالقسط أو حبرٍ همام
رضعوا دَرَّ أفاويق العلى
وغذوا بالفضل من بعد انفطام
وإذا ما أرهفوا بيض الظبا
أغمدوها في الوغى في كلّ هام
بأكفٍّ من أياديهم هوامي
وسيوفٍ من أعاديهم دوامي
ظَلْتُ أروي خَبَراً عن بأسهم
عن سنان الرّمح عن حد الحسام
وإذا كانتْ سماوات العلى
فهمُ منها سواريها السوامي
يا ربيع الفضل فضلاً وندى ً
وحياة الجود في الموت الزؤام
أنتَ للرائد روضٌ أنُفٌ
وزلال المنهل العذب لظامي
فإذا رمت بَلالاً لصدى ً
ما تعدّاك إلى الماء مرامي
يا شبيه الشمس في رأد الضحى
ونظير البدر في جنح الظلام
لم يزدني الشكر إلاّ نعمة
قرنت منك علينا بالدوام
نبَّهت لي أعين الحظ الّتي
لم تكن يومئذ غير نيام
بسطت أيديك لي واقتطفتْ
بيد الإحسان أزهار الكلام
قد تجهَّمْنا سحاباً لم تكن
منك والخيبة ، ترجى بالجهام
فثناء بالذي نعرفه
وکمتداح بکفتتاح وکختتام
عادك العيد ولا زلت به
بعدما قد فزتَ في أجر الصيام
فابقَ واسلم للعلى ما بقيت
سيّدي أنت ودُم في كل عام
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
رقم القصيدة : 22412
-----------------------------------
أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
ولعتَ بها والصبّ لا زال مولعا
تعاورها صرف الزمان فأصبحت
معالمها بعد الأوانس بلقعا
تخال قلوب العاشقين بأرضها
طيوراً على نهلٍ من الماء وقّعا
معالم تستقي السحاب رسومها
فتسقى حيا وبلين قطراً وأدمعا
منازلنا من دار سلع ولعلع
سقى الله صوب المزن سلعاً ولعلعا
لئن كنت قد أصبحت مبكى ً ومجزعاً(23/201)
فقد كنت باللذات مرأى ومسمعا
تذكّرت أيامي بمنعرج اللوى
وقولي هات الكأس يا سعد مترعا
تدور الغواني بيننا بمدامة
تخيّلتها في الكأس نوراً مشعشعا
لقد أقلعت أيّامنا بعد رامة
كما أجفل الغيث المُلِثُّ وأقلعا
وما أَخْلَفَتْ إلا فؤاداً ولوعة
هما أسقما هذا الفؤاد وأوجعا
وذا عبرة ٍ نوصولة ٍ وحشاشة ٍ
تكاد من الأشواق أنْ تتقطَّعا
رعى الله من لم يرع عهداً لمغرم
رعيت له الودّ القديم كما رعى
تناءى فشيعت اصطباراً ومهجة
ولولا النوى تنأى به ما تشيَّعا
ولم تر من صبٍّ فؤاداً مودّعاً
إلى أنْ ترى يوماً حبيباً مودّعا
خليليّ إنْ لم تسعداني فهاتيا
ملامكما لي في الصبابة أو دعا
بعثتم إلى جسمي الضّنى يوم بنتم
وزدتم إلى قلبي حنيناً مرجّعا
وفَتَّشْتُ قلبي في هواكم فلم أجد
لغير هواكم في الحشاشة موضعا
رأيت به سرّ النبوّة مودَعا
ولكّنني لم أبقِ في القوس منزعا
متى تنظر العينان من بعد فقدها
بذات الغضا ذاك الغزال المقنعا
فيا ليتَ شعري في الأبيرق بارقٌ
فأغدو به العيش صفواً ممتِّعا
ويا ليت من أهواه في الحبّ حافظ
من العهد ما قد كان بالأمس ضيّعا
إلى كم أُعاني دمع جفنٍ مقرحٍ
وقلباً بأعباء الهموم مروّعا
وأصبر في اللأواء حتى كأَنَّني
وَجَدْتُ کصطباري في الحوادث أنفعا
رُميت بأرزاء من الدهر تسوؤني
مخافة يا لمياءُ أنْ يتوجَّعا
ومن مضض الأيام مدحي عصابة
بذلت يداً فيهم وما نلت إصبعا
كأنّي إذا أدعوهمُ لملمة
أخاطب موتى راقدين وهجّعا
وهل تسمع الصمُّ الدعاءَ وترتجى
موارد لا تَفنى من الآل لُمَّعا
وحسبي شهاب الدين وهو أبو الثنا
ملاذاً إذا ناب الزمان ومرجعا
متى ما دعا الداعي معاليه للندى
أجابض إلى الحسنى بداراً وأسرعا
وابلجَ وضاحِ الجبين تخاله
تَبَلُّجَ صبحٍ أو بصبحٍ تبرقعا
ولما بدا نور النبيّ بوجهه
رأيت به سرّ النبوّة نودعا
له الكلمات الجامعات تخالها
نجوماً بآفاق البلاغة طُلَّعا
وإنْ كَتَبَتْ أقلامه فحمائم(23/202)
ثبت إلى السمع الكلام المسجّعا
وكتبٌ لدين االله أضحتْ مطالعاً
كما كانت الأفلاك للشمس مطلعا
إذا ضَلَّتِ الأفهام عن فهم مشكل
هدى وعليه في الحقيقة أطلعا
وإنْ قال قولاً فهو لا شك فاعل
قؤولٌ من الأمجاد إنْ قال أبدعا
كلام ترى الأقلام في الطّرس سجّداً
له وترى أهل الفصاحة ركّعا
يحيّر ألباب الرّجال كأَنَّما
أتانا بإعجاز من القول مصقعا
سعى طالباً بالعلم أبعد مطلب
وفي الله مسعاه ولله ما سعى
دعا فأتى ولو أنَّ غيره
دَعاه إليه مرّة ً لتمنَّعا
وأدرعَ لم يتفذ به سهم قادح
كأَنَّ عليه سابغاتٍ وأدْرُعا
إذا باحث الخصم الأَلَدَّ أعاده
بعرنين مخذول من الذل أجدعا
وذي همم تفري الخطوب كأنَّما
يجرّدُها بيضاً على الخطب قُطَّعا
حريص على أن يقتنيها محامداً
أحاديثها تبقى حساناً لمن وعى
سبقت جميع الطالبين إلى التي
غدت دونها الآمال حسرى وظلّعا
لقد ملأَ الأقطار فضلُك كلَّها
ونادى إليه المادحين فأسمعا
ومهما کدَعى ذو النقد أنَّك واحدٌ
فما أنتَ إلاّ في الأنام كما ادعى
وإن مُدَّتِ الأَبواع في طلب العلى
مددتَ إلى العلياء بوعاً وأذرعا
فإنّك في هذا الطريق الذي به
سلكَت طريقاً أعجز الناس مسبعا
أرى مدحك العالي عَلَيّ فريضة ً
وغيرك لم أمدحه إلاّ تطوّعا
عليَّ لك الفضل الذي هو شاملي
وإنك قد حزتَ الفضائل أجمعا
وما ظفِرت كفُّ الليالي من الورى
بأرغبَ منّي في نداك وأطمعا
وإنّي إذا ضاق الخناق لحادث
ترفَّعتُ إلاّ عن نداك ترفعا
ولم أر أندى منك في الناس راحة ً
وأمرى نوالاً من يديك وأمرعا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وفظٍّ غليظِ القلب أيقنت أنَّه
وفظٍّ غليظِ القلب أيقنت أنَّه
رقم القصيدة : 22413
-----------------------------------
وفظٍّ غليظِ القلب أيقنت أنَّه
على النَّفس ما شيءٌ أشدَّ من الغَضِّ
تُعرّفني في حاله الناس كلُّها
وإنّي لأدرى الناس في لؤمه المحض
وقالوا لقد دسَّ الخبيثُ بلفظه
غداة عرضت الشعر من عرض العرض(23/203)
دسائس لا تدري اليهود بعُشرها
دعته طباعٌ السَّوء للنهش والعض
يهوّن لدغ العقربان بلدغه
ولا شك بعض الشرّ أهون من بعض
إذا ما رأته العين أيقنت أنَّه
تَخَلَّق من حقد وصوّر من بغض
وقالوا قضى في مدحك الحمد والغنى
فقلت لبئس الحكم يقضي ولم تقضي
أمن كل بيت يبتغي المال راجياً
ويحسب أن الجود بالطول والعرض
وينسبه للبخل وهو أبو الثَّنا
وأكرمُ من يمشي يميناً على الأَرض
وهب أنَّني أرجو فيوضات ماله
أعارٌ على من يطلب البحر للفيض
أمثل شهاب الدين لا يرتجى لها
وما کنْقَبَضَتْ منه اليدان على القبض
وما كان مدحي لا وربّي لنَيْله
ولكنْ رأيتُ الشكر من جملة الفرض
لقد كدتُ من بغضي له ولاسمه
أزيغ عن الدين الحنيفيّ للرفض
يعيب ابن رمضان المديح لأهله
يحطّ قذاة العين في وسط الروض
إذا كان نظم الشعر مني فضيلة
فتبّاً لفضل يورث النقص في عرضي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أحمدُ الله بك الحال التي
أحمدُ الله بك الحال التي
رقم القصيدة : 22414
-----------------------------------
أحمدُ الله بك الحال التي
أسْعَدُ التوفيق فيها ليس يُبخَس
مات من قد كنتُ أرجو موته
فهو ميتُ هالكُ لا يتنفس
وأحقُّ الناس في ميراثه
أخرسٌ يطمع في ميراث أخرس
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بَخِلْتَ وما طرفي عليك بخيلُ
بَخِلْتَ وما طرفي عليك بخيلُ
رقم القصيدة : 22415
-----------------------------------
بَخِلْتَ وما طرفي عليك بخيلُ
وربَّ نوالٍ لا يراه منيلُ
وحرّمتَ أَنْ يروى بريقك ظامىء
فليس إلى ماء العُذَيب سبيل
وأظلمُ من يجني على الصبّ في الهوى
مليٌّ لوى دين الغرام مطول
ويا كثر ما نوّلت بالوعد نائلاً
وإنّ كثير الغانيات قليل
أَعيدي إلى عينيَّ يا ميُّ نظرة
يبلّ بها من عاشقيك غليل
وجودي بطيف منك قد حال بينه
وبيني حزون للنوى وسهول
فعندي إلى ذاك الخيال الذي سرى
هوى ً يستميل الشوق حيث يميل
وليلٍ كحظيّ في هواك سهرته(23/204)
فطال وليل العاشقين طويل
يؤرّقني فيه تَأَلُّقُ بارقٍ
كما استلَّ ماضي الشفرتين صقيل
بداجٍ كثير الشهب تحسب أنَّها
تقطّع زنجيَّ الظلام نصول
يذكّرني تَبْسامُك البرقَ موهناً
فللدمع منه سائل ومسيل
أراني علامات الورود وميضه
ومالي إليه يا أميم وصول
وما ينفع الظامي صداه بنظرة
إلى الماء ما منه لديه حصول
خليليّ هل يودى دمٌ قد أطلَّه
بمقلته أحوى أغنُّ كحيل
رماني بعينيه غزال له الحشى
على النأي لا ظلّ الأراك مقيل
عشية أودى بي الهوى وأرابني
من الركب إذ حثَّ المطيَّ رحيل
برغمي فارقت الذين أحبُّهم
فلي أنّة ٌ من بعدهم وعويل
وما تركوا إلاّ بقية عبرة
يرقرقها وجدي بهم فتسيل
تُذيلُ دموعاً في الديار أُريقُها
نجومٌ لها في الغاربين أُفولُ
غداة وقفنا والنياق كأَنَّها
مرزّأة مما تحنُّ ثكول
فأنكرت أطلالاً لميٍّ غرفتها
وإنّي على علمي بها لجهول
نسيم الصَّبا ذكَّرْتَني نشوة َ الصبا
فهلْ أنت من ليلى الغداة رسول
تَنَسَّمتَ معتّلاً فلم أدر أيّنا
بظلّ نُسيمات الغُوَير عليل
متى أترك النوقَ الهجان كأنَّها
لها كلّما ضلَّ الدليل دليل
واتخذ البيد القفار أخلّة ً
ولكن روضي بالعراق محيل
ولو كنت ممن يشربِ الماء بالقذى
رويت وفي ري الذليل غليل
عن الناس في عبد الغني لي الغنى
وكل صنيع ابن الجميل جميل
كريمٌ فأمّا العيش في مثل ظلّه
فرغدٌ وأمّا ظِلُّه فظليل
قريبٌ إلى الحسنى فلم يُرَ مثلُه
سريع إلى الفعل الجميل عجول
من الصيد سبّاق المقال بفعله
وقلَّ قؤولٌ في الأنام فعول
سأنزلُ آمالي بساحة باسلٍ
وما ضيمَ يوماً في حماه نزيل
به افتخرت بغداد وانسحبت لها
من الفخر في قطر العراق ذيول
علاقته بالمجد مذ كان يافعاً
علاقة صبٍّ ما ثناه عذول
غذته به أمُّ المعالي لبانها
وطابت فروعٌ قد زكت وأصول
فما اقتحم الأهوال إلاّ خطيرة ً
تجلُّ، وما يلقى الجليلَ جليل
ولا راعه روعٌ فلانت قناته
فلا مسَّ هاتيك القناة ذيول
أرى كلَّ ضرّاء شكوناه ضرَّها(23/205)
يزايلها في بأسه فتزول
على ما به من شدة البأس لم يزل
يذوب علينا رقة ً ويسيل
ترقُّ لنا تلك الشمائل مثلما
ترقّ شمال أو تروق شمول
يحنُّ إلى يوم يثير غباره
صليل كما تهوى العلى وصهيل
يدير رحاها حيث دارت مثارة
شروبٌ لأبطال الرجال أكول
إذا صعبتْ دهياءُ في الأمر قادها
بأَمْرِ مطاعِ الأَمر وهي ذَلول
يقينا صروفَ النائبات كانَّه
لنا جبلٌ والعالمين تلول
ولولاه لم يخمد من الشرّ ناره
ولا سال للباغي النوال سيول
لك الله أمَّا أنتَ فالخير كلُّه
وأنتَ به لي ضامنٌ وكفيل
أنلتَ بما نوَّلت كلَّ مؤمّلٍ
فَعَلَّمْتَ صَوْبَ المزن كيف يُنيل
وإنّا على يأس الندى ورجائه
لنا منك رجّافُ العشّي هطول
وما فيك ما تعطي مَلالاً ولا قلى ً
وغيرك إنْ سيمَ العطاء ملول
ولم تتحَّولْ عن خلائقك التي
جُبِلْتَ عليها والزمان يُحيل
فيا ليت شعري والخطوب ملمَّة ٌ
وما بك عنّي في الخطوب غفول
إلامَ أحثُّ الجدَّ والجدُّ عاثر
وأرهفُ حدَّ العزمِ وهو كليل
وأطلبُ في زعمي من الدهر حاجة ً
زماني بها حاشا علاك بخيل
وكيف يريني الدهر ما استحقُّه
وفضلي لدى هذا الزمان فضول
إذا نهضتْ بي همَّة ٌ قعدتْ بها
على مضض فيما أراه خمول
وعندي قوافٍ لا يدنّسُ عرضها
لئيمٌ ولا يشقى بهنَّ نبيل
ظوامئ يطلبنَ الرَّواء بمهمهٍ
تطوف على أكفائها وتجول
تجنَّبتِ لاقوم اللئامَ فلم تبل
أَعانَ معين أمْ أراب خذول
متى اعترضهم بالأمانّي ضلّة ً
ثناها وجيف عنهم وذميل
فما أَوْلَعَ الأَيامَ في جهلائها
وفي الناس أشباه لها وشكول
ولو أنَّها تصغي لعتبي أذقْتُها
وبال حديث في العتاب يطول
وما تنفع العُتبى وما ثمَّ منصف
أقول له ما أشتهي ويقول
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما قضى إلاّ على الصبّ العميد
ما قضى إلاّ على الصبّ العميد
رقم القصيدة : 22416
-----------------------------------
ما قضى إلاّ على الصبّ العميد
وغدا يعثر في ذيل الصُّدود
رشأٌ يقتنص الأسدَ ومنْ(23/206)
علَّم الظبي اقتناصاً للأسود؟
بأبي الشادن يرنو طرفه
بلحاظ الرّيم سود
ما ألاقي من سيوفٍ وقناً
ما ألاقي من عيون وقدود
ويحَ قلبٍ لعبَ الشوقُ به
من عيون بابليّات وجيد
ربَّ طيفٍ من زَرودٍ زارني
فسقى صوبُ الحيا عهدَ زرود
فتذكَّرتُ زماناً مرَّ بي
طرب النشوة مرعيَّ العهود
وبعيد الدار في ذاك الحمى
من فؤادي في الهوى غير بعيد
يا دموعي روّضي الخدَّ ويا
حرَّ نيرانِ الجوى هل من مزيد؟
أين أيّامُ الهوى من رامة
يا لياليها رعاك الله عودي
وبكاء المزن في أرجائها
إنَّما تغرف من بحر مديد
قذفتْ أنجمها -كأسَ الطلا
كلَّ شيطانِ من الهمِّ مريد
فأَدِرْها قهوة ً عادية ً
عصرت في عهد عادٍ وثمود
أيها السّاقي وهبْ لي قبلة ً
هبة ً منكِ باحسان وجود
أنا لا أَشْرَبُها إلاّ على
أقحوانِ الثَّغر أو ورد الخدود
وبفيك المورد العذب الذي
أرتوي منه ومن لي بالورود
وبقلبي نار خَدَّيْك التي
لم تزل في مهجتي ذات الوقود
من معيد لي زماناً قد مضى
بمذاب التبر في الماء الجمود
دارتِ الأقداح فيها طرباً
من يدي أحوى ومن حسناءَ وردِ
وكأنَّ الكأسَ في توريدها
قطفتْ واعتصرتْ من خدّ خود
في رياض غرَّدت ورقاؤها
بفنون السجع منها والنشيد
وغصون البان في ريح الصبا
تنثني بين ركوع وسجود
فسقى تلك المغاني عارضٌ
مستطيرُ البَرقِ مِهدارُ الرعود
كانت الجنّة إلاّ أنَّها
لم تكن حينئذٍ دار الخلود
في ليالٍ أَشْبَهَتْ ظلماؤها
بدخانٍ كان من ندٍّ وعود
وكأنَّ الأنجمَ الزهر بها
أعينٌ من وجدها غير رقود
وكأنَّ البدرَ فيها ملكٌ
حُفَّ بالموكب منها والجنود
وكأنَّ الصُّبحَ في إثر الدجى
طائرٌ يركض في إثر طريد
رقّ فيه الجوُّ حتى خِلتَه
رقَّة َ القاضي بنا عبد الحميد
لطفتْ أخلاقه وابتهجتْ
كابتهاج الرَّوض يزهو بالورود
إنَّ من يأوي إلى أحكامه
إنَّما يأوي إلى ركن شديد
عادلٌ في الحكم يمضي حكمه
بقضاء الربّ ما بين العبيد
كلَّما كرَّرْتُ فيه نَظَراً
رمقتني منه ألحاظُ الورود(23/207)
حجّتي فيه الأيادي والندى
وجميل الصنع بالخلق الحميد
وشهودي من مزاياه ولا
تثبت الحّجة إلاّ بالشهود
قمرٌ في المجد يكسوه السنا
شرف الآباء منه والجدود
أنا لولا صيِّبٌ من سَيْبِه
من منيل ومراد لمريد
عالم فيه لنا فائدة
فجزى الله مفيد المستفيد
ألمعيٌّ ناظرٌ في بصر
في خوافي غامضِ الأمر حديد
وبما في ذاته من هممٍ
كلُّما ترهفُ أزرتْ بالحدبد
شَرَحَتْ معنى معاليه لنا
فهي لا تخفى على غير البليد
وأرتنا منه في أقرانه
مفرداً يغني عن الجمع العديد
شرعة ُ الدين ومنهاج الهدى
قائمٌ بالقسط مجريُّ الحدود
حاملٌ للحقّ سيفاً خاضعٌ
لمضاه كلُّ جبار عنيد
يُرتجى أو يُختشى في حدِّه
مُؤنِسُ الوعد وإيحاش الوعيد
وعدتني منه آمالي به
فَوَفَتْ لي بعد حَوْلٍ بالوعود
فحمدتُ الله لما أنْ بدا
طالعاً كالبدر في برج السعود
عاد للمنصب قاضٍ لم يزل
وبفضل الله يعلو مجده
فتعالى الله ذو العرش المجيد
يا عماد المجد في المجد ويا
دُرَّة التاج ويا بيت القصيد
دمتَ في العالم عطريَّ الشذا
دائمَ النعمة مكبوتَ الحسود
يا لك الله فتى ً من مبدئٍ
بالندى والفضل فينا ومعيد
وقوافيّ الّتي أُنْشِدُها
نُظِمَتْ في مدحه نظم العقود
أَطلَقَتْ فيه لساني أنعُمٌ
قيَّدَتْني من عُلاه بقيود
أما لولا صيِّبٌ من سيبه
ما ارتوى غصني ولا أورقَ عودي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لك بالمعالي رتبة ٌ تختارها
لك بالمعالي رتبة ٌ تختارها
رقم القصيدة : 22417
-----------------------------------
لك بالمعالي رتبة ٌ تختارها
فکفخر فأَنْت فخارُنا وفخارُها
يا ساعد الدّين القويم وباعه
لَحَظَتْك من عين العلى أنظارها
لله أيَّة رفعة ٍ بلّغتها
قَرَّتْ وليس يغيرك استقرارها
في ذروة الشَّرف الرفيع مقامها
وعلى أهاضيب العلى أوكارها
فلتَهْنَ فيك شريعة قد أصْبَحت
وعليك ما بين الأنام مدارها
ولقد ملأتَ الكون في نور الهدى
كالشمس قد ملأ الفضا أنوارها
وكشفتَ من سرّ العلوم غوامضاً(23/208)
لولاك ما انكشفت لنا أسرارها
يا دوحة الفضل الذي لا يجتنى
إلاّ بنائل جوده أثمارها
الله أكبر أنت أكبر قدوة
لم تعرف الثقلات ما مقدارها
ولتسمُ فيك المسلون كما سمت
في جدّه عدنانها ونزارها
من حيث إنَّ لسانه صمصامها الـ
ماضي وإنَّ يراعهُ خطّارها
فردٌ بمثل كماله ونواله
لم تسمح الدنيا ولا أعصارها
دنياً بها کنقرض الكرام فأَذنبت
فكأنّما بوجوده استغفارها
وكأنّما اعتذرت إلى أبنائها
فيه وقد قُبِلَت به أعذارها
أَمُؤمّلاً نَيْلَ الغنى بأكُفِّهِ
يُغنيك من تلك الأكُفِّ نضارها
بسطتْ مكارمه أناملَ راحة ٍ
تجري على وُفَّادِه أنهارها
أحرارنا فيما تنيل عبيدُها
وعبيده من سيبه أحرارها
هاتيك شِنْشِنَة وقد عُرِفَتْ به
لم تقض إلاّ بالندى أوطارها
كم روضة بالفضل باكرها الحيا
فزهت بوابل جوده أزهارها
هو دِيمة ُ لم تنقَطِعْ أنواؤها
وسحابة ٌ لم تنقشع امطارها
أحيا ربوعَ العلم بعد دروسها
علماً وقد رجعتْ لها أعمارها
وكذا القوافي الغرّ بعد كسادها
ربحتْ بسوق عكاظه تجارها
حَمَلَتْ جميل ثنائه ركبانها
وتحدَّثت بصنيعه سمّرها
ورَوَتْ عن المجد الأثيل رواتها
وتواتَرَتْ عن صحة أخبارها
فضل يسير بكلّ أرضٍ ذكرُه
وكذا النجوم أجلُّها سيّارها
وله التصانيف الحسان وإنَّها
قد أسْفَرتْ عن فضله أسفارها
هي كالرياض تفتّحت أزهارها
أو كالحِسان تفكَّكت أزرارها
تبدي من الخفّي ما يعيي الورى
وتحير عند بروزها أفكارها
لا زال خائضُ ليلها في ثاقب
من فكرة حتى کستبان نهارها
مصبوبة من لفظة بعبارة
يحلو لسامع لفظها تكرارها
من مالك الارضون أو أقطارها
قرَّتْ عيونُ الدين فيك وإنّما
حسّأد فضلك لا يقر قرارها
راموا الوصول إلى سعاد سعودها
فنأتْ بها عنهم وشطّ مزارها
تختار لذّات الكمال على الهوى
تلك المشقَّة قلَّ من يختارها
فإذا نثرتَ فأنت أبلغُ ناثرٍ
نظّام لؤلؤ حكمة ٍ نثّارها
وإذا نظمت فلا أبو تمّامها
تحكيكَ رقَّته ولا مهيارها
ورسائلُ أين الصّبا من لفظها(23/209)
الشافي وأين أريجُها وعَرارُها
خطٌّ كليلاتِ السعود تراوحتْ
فيها بطيب نسيمها أسحارها
هل تدري أيّ رويّة لك في الحجى
ومن العجيب فديتك کستحضارها
تأتي كسيل المزن حيث دعوتها
وكجُودِ كفّك وافرٌ مدرارها
فلكم جلوت دُجُنَّة ً من مُشْكِلٍ
يتجابُ فيك ظلامها وأوارها
وَجَلَيْتَ فيه من العلوم عرائساً
فأتاك من ملك الزمان نثارها
قد زدت فيها رفعة ً وتواضعاً
وأرى الرّجال يَشينُها کستكبارها
إنَّ الرَّزانة في النفوس ولم تطش
نفسٌ وقار الراسيات وقارها
إنْ كنتَ مفتخراً بلبس علامة ٍ
فعُلاك ياشرف الوجود فخارها
صيغتْ لعزّك سيّدي من جوهر
حيث الجواهر أنتَ أنتَ بحارها
فكأنّما من صَدرِك کستخراجها
أو من جمالك أشرقت أنوارها
لا زال يأخذ بالنواظر نورها
لكنْ بأحشاء الحواسد نارها
إنَّ العناية أَقْبَلَتْ بجميع ما
تهوى عليك وهذه آثارها
قتلت عداك بلوغُها وكأنَّها
قتلى العيون فليس يدركُ ثارها
وكفاك إقرار العداة بما به
قرَّ الولاة ولم يفد إنكارها
ولقد خَلَقْتَ سماء كل فضيلة
طلعتْ على آفاقها أقمارها
هل في العراق ومنعليه ومن له
منها وليس لألفهم معشارها
ولقد سترتَ على عوادي بلدة
لولاك لم يستر وحقّك عارها
يا قطبَ دائرة الرئاسة والعلى
أضحى يدور لأمره دوارها
لحقت سوابقك الألى فسبقتهم
بسوابقٍ ما شقّ قط غبارها
خذها تغيظ الحاسدين قصيدة ً
ما ملّ فيك أبا الثنا إكثارها
لا زالت الأيام توليك المنى
وجرت على ما تشتهي أقدارها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عِيدي بيوم شفائِكم لسَقامي
عِيدي بيوم شفائِكم لسَقامي
رقم القصيدة : 22418
-----------------------------------
عِيدي بيوم شفائِكم لسَقامي
إنْ تعطفوا يوماً فذاك مرامي
يا خلَّة ً أرعى ذِمام ودادهم
ولو کنهم نقضوا عهود ذمامي
رعياً لأيام خَلَوْنَ بقُربهم
لم أسلها بتعاقب الأيام
يا أيها الريّان من ماءٍ بها
هل موردٌ لغليل قلبي الظامي
فلقد طوَيْتُ على هواك جوانحي(23/210)
وعَصيْتُ فيك ملامة اللوام
فکستبق من دنف الفؤاد بقية ً
لولاك ما ملك الزمان زماني
فأخَذْتُ شعري أهبة الإحرام
مقرونة ً بالرحب والإكرام
حيّ الربوع النازلين بذي الغضا
وسقيت ذاك الحيّ صوب غمام
ظعنوا فما أبقوا لمسلوب الحشى
إلاّ توقُّدَ لوعة وغرام
من كلّ أحوى ما تلفَّتَ طرْفُه
إلاّ ادّكرتُ تلفُّتَ الآرام
يا حادي الأظعان يزعجها النوى
فتخدّ خدّ فدافد ومرامي
بالله إنْ يمَّمت ذيّاك الحمى
بلّغ أميمَ تحيّتي وسلامي
مذ غاب عن عينيَّ نورُ شموسهم
ما ذاقت الأجفان طيب منام
ما للحَمام أهاج لي برح الأسى
هذا الحمَام يروم جلب حمامي
يتلو صبابات الهُيام بوجده
أترى هيام الورق مثل هَيامي
قم يا نديم وعاطنيها قرقفاً
فالعيش بين منادم ومدام
راح إذا لمعتْ بكأسٍ خلتها
برقاً تألَّقَ من خلال غمام
تتراقَصُ الكاساتُ في إقبالها
كتراقصُ الأرواح بالأجسام
جمحتْ بنا خيلُ المسرّة برهة
والعيشُ كالغصن الرطيب النامي
أيّام مرجعُها علينا مُنيتي
إنَّ المنى كوساوس الأحلام
أمُواعد الأَجفان منه بزورة ٍ
ما كان ذاك المزن غير جهام
فکشفع زيارتك التي قد زرتني
والليل قد أرخى سدول ظلام
لما ألمَّ يميط لي سجفَ الدجى
وفَقَدْتُ في وجدانه آلامي
ولَكمْ يصدُّ كأنَّه ريمُ الفلا
ويصولُ صولة َ باسلٍ مقدام
ورَمَتْ لواحِظُه نِصالَ صَبابة ٍ
ها قد أصاب القلبَ ذاك الرامي
غرو إنْ هام الفؤاد به جوى ً
إنَّ الغرام مُوكلٌ بهيامي
أنّى تصيَّدني الغزالُ فريسة ً
عَهدي الغزال فريسة الضرغام
أهوى على حبّ الجمال تغزُّلي
وعلى مديح أبي الثناء نظامي
مفتي العراقين الذي بعلومه
قد فاخرت بغدادُ أرضَ الشام
أين السحائب من مكارم أَنْمُلٍ
في المكرمات ينابع الإكرام
إنْ شحَّ هَطّالُ السحاب بغيثه
فسحابه في كل وقت هامي
لا زال من لين العريكة باسماً
كتبسُّم الأزهار بالأكمام
يفترّ في وجه المؤمّلِ ثغره
وكذا افترار البارق البسّام
ما بين منطقه العجيب وقلبه
صدر يفيض ببحر علمٍ طامي(23/211)
أحيا به الله الشريعة والهدى
وأقام فيه شعائر الإسلام
يجدي العباد بنانُه وبيانُه
دُرَّين دُرَّ ندى ً ودرَّ كلام
حِكَمٌ على أهل العقول يبثّها
متقونة الأوضاع والأحكام
ميريك في ألفاظه وكلامه
سحرَ العقول وحيرة َ الأفهام
كم أعربتْ ألفاظه عن حاله
يوماً فأعجمَ منطقَ الأعجام
ولقد ادارا على الورى جام الحجى
فالناس صرعى راحَ ذاك الجام
من كلّ مكرمة وكلّ فضيلة
قد حلَّ منها في محلٍّ سامي
تمّت به حسن المعالي والعلى
ومحاسن الأشياء بالإنمام
من ذا يهنّي الوافدين بسيّدٍ
جُبِلَتْ سجيّتُه على الإكرام
ويقول نائله لطالب فضله
حُيّيت بين أكارم وكرام
ولربَّ رأي بالأمور مجرّبٍ
تغني مضاربه عن الصمصام
قدَّ الحوادث غاربٌ من حدّه
فكأنَّه في الخطب حدُّ حسام
والله ما فتك الكميُّ برمحه
يوماً كفتك يديه بالأقلام
وطوئف لم يفحموا في مبحث
ذاقت لديه مرارة َ الإفحام
ببلاغة ٍ وبراعة ٍ قُسِّيَّة ٍ
وقعت على الأغبار وقع سهام
إنْ يحسُدوك الجاهلون على النهى
لا تحسدُ الكرماءَ غير لئام
ولقد تفاخر فيك سادات الورى
أنْتَ کفتخار السادة الأعلام
يا كعبة ً قد جئتْ أبغي حجَّها
عام به للعيد وجهك عيده
فليفتخر فيها على الأعوام
لم أرضَ منك وإنْ بذلتَ جوائزاً
لكنْ رضاؤك مطلبي ومرامي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ
بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ
رقم القصيدة : 22419
-----------------------------------
بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ
بلوغُ المعالي واقتناء المفاخر
وإنّ الفتى من لا يزال بنفسه
يخوض غمار الموت غير محاذر
يشيد له ما عاش مجداً مؤثلاً
ويبقي له في الفخر ذكراً لذاكر
إذا كنتَ مِمَّنْ عظّم الله شأنه
فثمِّر ألى الأمر العظيم وبادر
وإنّي امرؤ يأبى الهوان فلم يَدِن
إلى حكم دهر يا أميمة جائر
مضت مثل ماضي الشفرتين عزيمتي
وحلَّق في جوّ الأُبوّة طائري
لئن أنكر الغمر الحسود فضائلي(23/212)
وأصبحَ بالمعروف أوَّلَ كافر
فتلك برغم الحاسدين شواردي
يسير بها الساري وتلك نوادري
فما عرفتْ منّي مدى الدهر ريبة ٌ
ولا مَرَّ ما راب الرجال بخاطري
وما زلت مذ شَدَّتْ يدي عَقْد مئزري
بعيدَ مناط الهمّ عفَّ المآزر
صفوتُ فلم أكدر على من يودّني
ولا يتقي من قد صحبتُ بوادري
وكم مشمخر أنفُه بغروره
يرى نفسه في الجهل جمَّ المآثر
جدعتُ بحول الله مارنَ أنفهِ
وأوطأتُ نعلي منه هامة صاغر
ألا ثكلت أمُّ الجبان وليدها
وفازت بما حازته أمُّ المُخاطر
أحِنُّ إلى يوم عبوسٍ عصبصب
تتوق له نفسي حنين الأباعر
إلى موقفٍ بين الأسنّة والظبا
ومنزلة ٍ بين القنا المتشاجر
يكثّر فيه الموت عن حدّ نابه
وتغدو المنايا داميات الأظافر
ترفعت عن قوم إذا ما خبرتهم
وجدتُ كباراً في صفات الأصاغر
أخو الحزم من لم يملك الحرصُ رقَّه
ولا ينتج الآمال من رحم عاقر
شديدٌ على حرب الزمان وسلْمِه
جريءٌ على الأخطار غير محاذر
خُلِقْتُ صبوراً في الأُمور ولم أكنْ
على الضَّيم في دار الهوان بصابر
إذا ما رأيت الحيَّ بالذلّ عيشه
فأولى بذاك الحيّ أهل المقابر
ألا إنَّ عُمر المرءِ ما عاش طوله
كطيف خيال أو كزورة زائر
تمرّ الليالي يا سعاد وتنقضي
وتمضي بباقٍ حيث كان وبائر
فكيف يعاني الحرُّ ما لا يسرُّه
ويأمنُ من ريب الزمان بغادر
ومن يأمنِ الدنيا يكنْ مثل واقف
على غرّة ٍ بالموسيات الصواهر
أزيد على رزء الحوادث قسوة
وإنَّ معاناتي بها غير ضائر
كما فاح بالطيب الأريج وضوّعت
شذا المندليَّ الرطبَ نارُ المجامر
أرانا سليمان الزهيرُ وقومه
رجال المنايا فتك أروع ظافر
يريك بيوم الجود نعمة منعمٍ
ويوم الوغى واليأس قدرة قادر
يسير مواليه بعزٍّ وسؤدد
ويرجع شاتيه بصفقة خاسر
لقد ظفِرت آل الزهير بشيخها
بأشجع من ليث بخفّان خادر
يشقّ إلى نيل المعالي غبارها
ومن دونها إذ ذاك شقّ المرائر
فذا سيفه الماضي فهل من مبارز
وذا فخره العالي فهل من مفاخر(23/213)
ففي الحرب إنْ دارتْ رحاها وأصبحَتْ
تدور على فرسانها بالدوائر
تحفّ به من آل نجد عصابة
شبيهة ما تأتي به بالقساور
وكم برز الأعداء في حومة الوغى
وثغر الردى يفتر عن ناب كاشر
فأوردها بالمشرفيّة والقنا
وارد حتف ما لها من مصادر
وكم أنهلَ الوّاردَ منهلَ جودِهِ
فَمِنْ واردٍ تلك الأكُفِّ وصادر
ألا إنَّ أبناء الزهير بأسرهم
أوائلهم متلُوَّة ٌ بالأواخر
سلِ الحرب عنهم والصوارم والقنا
وما كان منهم في العصور الغوابر
فهم شيدوها في صدورهم عليَّ
وهم أورثوها كابراً بعد كابر
أكابرُ يعطون الرئاسة حقّها
ومعروفهم يسدى لبرٍّ وفاخر
وما برحت في كل مكرمة لهم
مناقب تورى بين بادٍ وحاضر
قد کستودعت أخبارُ ما فتكت لهم
صدور المعالي في بطون الدفاتر
يميناً بربّ البيت والركن والصفا
ومن فاز في تعظيم تلك المشاعر
بأنَّ سليمان الزهير محلُّه
محلٌّ سما فوق النجوم الزواهر
يقرّ لعيني أن ترى منه طلعة ً
ترى العين فيها قرة ً للنواظر
فأسمعُ منه ما يشنّف مسمعي
وأنظر فيه ما يروق لناظري
كريم أكاسير الغنى بالتفاته
فهل كان إلاّ وارثاً علم جابر
يصحّ مزاج المجد في رأي حاذق
طيب بأدواء الرئاسة قاهر
يمرّ بنادي الأكرمين ثناؤه
كما مرّ نجديُّ النسيم بعاطر
وقد نطقت في مدحه ألسُنُ الورى
فمن ناظمٍ فيه الثناء وناثر
أحامي الحمى بالبأس ما ينوبه
وصنديدها المعروف بين العشائر
إليك من الداعي لك الله مدحة
مقدَّمة ً من حامد لك شاكر
فلا زلت في رزق الأسنة تحتمي
وتحمي بحدّ البيض سود الغدائر
شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> الموعد المنتظر
الموعد المنتظر
رقم القصيدة : 2242
-----------------------------------
حديث عينيكِ قد أفضى به الخَفَرُ
لما تأوَّد في أعطافك الخَفَرُ
يا منية النفس قد طاف المراح بنا
فراح ينشر من أفراحنا السمر
فبادليني الهوى فالبحر موجته
عنا تُحدِّث لا ما ينقل الخبر
وفي الشواطئ للأصداء هينمةٌ
يضمها في شُفوفِ الفتنة السَّحَر(23/214)
والليل أغفى فأرخى من غدائره
سودًا تهادى على أطرافها العمر
والصمت يسكب في سمع الدجى نغمًا
الحب صدَّاحه والخافق الوتر
وإن أحلامنا في الشط غافية
وفي الحنايا لهيب الشوق يستعر
والذكريات رؤاها كلما هتفتْ
بنا استراحت إلى آمالنا الصور
فيا طيوف المنى.. فاض الحنين بنا
وزادنا شجنًا أن النوى قدر
ولا نزال على الأثباج من لهب
يسري بنا شوقنا والوعد ينتظر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تباركَ من يراكَ ابنَ المباركْ
تباركَ من يراكَ ابنَ المباركْ
رقم القصيدة : 22420
-----------------------------------
تباركَ من يراكَ ابنَ المباركْ
وَزادَك من مواهبه وبارَكْ
مكانة َ رفعة ٍ وعلوَّ قدرٍ
يزيد به علاءك واقتدارك
وأبقاك الإلsه غمام جودٍ
لمن يظما فيستسقي قطارك
رأيتك مورد الآمال طرّاً
فها أنا لم أردْ إلاّ بحارك
تُهينُ نفائسَ الأموال بذلاً
ولم تعبأ بها وتعزُّ جارك
حماك هو الحمى ممّا يحاشى
تجير من الخطوب من استجارك
وإنّك صفوة النجباء فينا
وإنك خيرة لمن استخارك
نشأت بطاعة المولى منيباً
وتقوى الله ما برحت شعارك
تجنّبك التي تأبى تقاة
عقدتَ على العفاف بها إزارك
تعير البدرَ من محياك حُسناً
كأنَّ البدر طلعتَه استعارك
أَخَذْتَ بصالح الأَعمال تقضي
بأمر الله ليلَك أو نهارك
مجيباً من دعاكَ ولا أناة
أثارك للمكارم مَن أثارك
ولا لحقتك يوم سبقت نجبٌ
بمكرمة ولا شقَّتْ غبارك
أغرتَ على الثناء من البرايا
وقد أبعدتَ يومئذٍ منارك
لقد طابت بفضلك وکستقرت
بك الأرض التي كانت قرارك
وحقَّ لها إذا فخرت وباهت
ديارٌ رُحْتَ توليها کفتخارك
سماحك لا يزال لمستميح
من العافين جاهك واعتبارك
وإنَّك دوحة بسقت وطالت
جنى الجانون يانعة ثمارك
يُشارَكُ كل ذي مجد بمجد
ومجدك في الحقيقة لا يُشارَك
ودهر قد جنى ذنباً عظيماً
فلما قيل هل تلقي اعتذارك
تدارك ذنبَه بعلاك حتى
غفرنا ذنبه فيما تدارك
وإنَّ أبا الخصيب يروق عندي
لأنك فيه قد شيَّدتْ دارك(23/215)
أزورك سيّدي في كل عام
فلا أنأى عن الداعي مزارك
وإني قد ترقبت الغوادي
ووابلها ترقّبت أزديارك
شَهِدْتُ مشاهد النعماء فيها
فلا شاهدت في الدنيا بوارك
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هلمَّ بنا نزورُ أبا الخصيبِ
هلمَّ بنا نزورُ أبا الخصيبِ
رقم القصيدة : 22421
-----------------------------------
هلمَّ بنا نزورُ أبا الخصيبِ
ونرَعى جانِبَ العيش الخصيبِ
نعاشر أهله ونقيمُ فيه
بخفض العيش من حسن وطيب
كرام قد نزلت بهم غريباً
فكانوا سلوة الرجل الغريب
وعبد الواحد الموصوف فيهم
بطول الباع والصدر الرحيب
هو الشهم الذي لا عيب فيه
سوى العرض النقيّ من العيوب
لقد تقنا إلى ذاك المحيّا
ولا تَوْقَ المحبّ إلى الحبيب
فحيّ ابن المبارك من كريم
أحبَّ إلى القلوب من القلوب
يرى فعل الجميل عليه فرضاً
وصنع المكرمات من الوجوب
نصيبُ بفضله الأغراض منه
ونرجع عنه في أوفى نصيب
حكى إحسانه صوب الغوادي
فقلنا ديمة القطر الصبيب
إذا المستصرخون دعوه يوماً
فقد أمنت بكشّاف الكروب
وإنْ أَبْصَرْتَ منه البِشْرَ يبدو
فأبشرْ منه بالفرج القريب
يلذّ لدى سؤال ندى يديه
فيثني عطف مرتاح طروب
ومبتسم بوجه الضيف زاه
ووجه الدهر مشتد القطوب
أجلّ عصابة كرمت وجادت
على العافين في اليوم العصيب
كريمٌ قد تفرّع من كريم
نجيبٌ ينتمي لأبٍ نجيب
رأيت الأكرمين على ضروب
وهذا خير هاتيك الضروب
وقَدْرٍ ما کستخفّته الرزايا
ولا راعته قارعة الخطوب
ولا استهوته نفسٌ في هوانٍ
ولم يدنُ إلى أدنى معيب
منار يستمدُّ الرأي منه
وعنه رمية السَّهمِ المصيب
فأشهدُ أنَّه فردُ المعالي
وما أنا منه في شكٍ مريب
عليه ذوو العقول إذنْ عيالٌ
وها هو إربة ُ الفطن الأريب
فتعرض رأيها أبداً عليه
كما عرض المريض على الطبيب
فداك الباخلون وهم كثيرٌ
فداءَ النحر من بدنٍ ونيب
بيوم عنده الإنفاق فيه
أشدّ على الجبان من الحروب
ولا أفلتْ كواكبك الزواهي
ولا أذنتْ شموسك للغروب(23/216)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ
بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ
رقم القصيدة : 22422
-----------------------------------
بَلَغْتُم كمالَ الرُّشد أبناءَ راشدِ
فبورِكْتُمُ أَولاد أكرمِ والدِ
إذا ما دعيتم دَعوة المجد كلّها
أقمتم على دعواكم ألفَ شاهد
وقُمْتم إليها رتبة ً تَبْتَغُونها
فما قائم يبغي العلاءَ كقاعد
على أنّها فيكم لديكم وراثة ٌ
وما هي في زيد وبكر وخالد
كَنَزْتُمْ من الفِعل الجميل صنائعاً
وقد تنفدُ الدنيا وليس بنافد
وما زالت الدُّنيا بحسن صنيعكم
مقلّدة أعناقها بالقلائد
أَرَدْتُم صلاح الناس بعد فسادها
وبالصارم الهندي إصلاح فاسد
فأجَّجتُم ناراً تسعَّر جمرُها
ولكنْ بحدِّ المرهفات البوارد
تسلُّونها في الخطب في كل شدّة ٍ
ألا إنّها معروفة ُ بالشدائد
وما فات قصدٌ من جسور الرَّعيَّة بينهم
وقد أوسع الطغيان خرق المفاسد
وقلّمتَ أظفارَ الطغاة وسُسْتَهم
بأَبيضَ حاد الزيغ عن كل حاسد
ولولاك ظلَّت في المجرَّة أهلُها
تُناشُ بأيدي اللوى قلبُ الأوابد
أَعدْتَ لنا أيامَ فهدٍ وبندرٍ
ومن قلبها أيّام عيسى وماجد
وأضحكتَ سنَّ المجد بعد بكائه
طويلاً على أجداث تلك الأماجد
ومنْ بعدِ ما كانت أمورٌ وأقلعتْ
تَذوبُ لها إذ ذاك صمُّ الجلامد
إذا ذَكَرَتْ ثار الغرام وهيَّجَتْ
كوامَن نيرانِ القلوبِ الخوامد
وهلْ يُفْلحُ القومُ الذين تسُوسُهم
بنو الجهل في عار من الحلم فاقد
وما كلّ مَن ساس الرعيَّة ساسَها
ولا كلّ من قاد الجيوش بقائد
تولَّيتها والطعنُ بالطعن يلتقي
وأخذ المنايا واحداً بعد واحد
فما بين مقتول وما بين قاتل
وما بين مطرودٍ وما بين طارد
وقد نزغَ الشَّيطان إذ ذاك بينهم
إذ الناس فوضى لا تدين لواحد
فأَرْشَدْتَهم للخير حتّى تركتَهم
يقولون إنَّ الرُّشْدٍ فعل کبن راشد
عَفَوْتَ بها عمّا جنى ذو قرابة
رماك بسهم القطع رمي الأباعد
ورحت وما في صدرك الحقد كامن(23/217)
على حاقد جهلاً عليك وواجد
وقلت لمن يطوي على المكر كشحه
دع الزيف لا تنفقه في سوق ناقد
وما ساد في قوم حقودٍ عليهم
ولا حيزت النعماءُ يوماً لحاسد
فأسهرتَ عين الخط والخط ساهر
وما أَنْتَ عن ثار العدوّ براقد
أخو الحزم من يخشى شماتة كاشحٍ
ولا زال مشحوذاً غرار الحدائد
ولا يطأ الأَرضَ الفسيحة بقعة ً
إذا اتصلت فيها حبال المكائد
لك الله منصورٌ لك الله ناصرٌ
وحسبك من حزب معين مساعد
وَثَبْتَ وثوبَ اللّيث تستفرس المنى
وما كنت عنها مُنْذُ كنتَ بلابد
وساعَدَك المقدورُ فيها وربّما
سعى قبل ما تسعى لنيل المقاصد
ومن لم تساعده العناية لم يكن
له ساعد يشتدُّ عن لين ساعد
لقد صلتَ حتى كان أوّلُ قائم
لسيفك يوم الرَّوع أوّلَ ساجد
وَجدْتَ وأعْطَيْتَ المكارم حقّها
برغمٍ على أنف الحسود المعاند
فأرغمتَ آنافاً وأكبتَّ حسَّداً
فأكرمْ وصلْ واقطع وقرِّب وباعد
وما فيكم إلاّ طموح إلى العلى
جموحٌ إلى مجد طريف وتالد
عقائدنا فيكم كما تشتهونها
وكلُّ بكم منا صحيح العقائد
فلم نَرَ في إحسانكم غير شاكر
مليٍّ بما يملي لسان المحامد
عرفناكم فيمن سواكم وهكذا
يكون امتياز الشيء عند التضادد
ومن جرّب الأيام والناس غيركم
رنا نحوهم لكن بناظر زاهد
وإنَّك ممَّن يشْفَع البأس بالندى
ويقبل با لبشرى على كلّ وافد
وقد كان تأسيس الوائل فيكم
فشَيدوا على تأسيس تلك القواعد
لئِن كنتَ أفْنَيْتَ الحُطام فإنما
حظيت على بيت من الذكر خالد
وعدتُ بك الجدوى إذا زرت والغنى
ولم يخلفِ الميعادَ نوءُ العوائد
فزرتَ فحيّى الله طلعة زائر
تعود على وفّادها بالفوائد
وأقبلتَ إقبال الغمام ببارق
تولَّيْتَ إصلاح الرَّعيَّة بينهم
فما کحتَجْتُ بعد السيل شرعة وارد
ولا احتجتُ بعد الروض ندى لرائد
بَلَغْتُ بك الآمال حتى كفيتَني
ركوبَ المطايا واجتناب الفدافد
ويا ربَّ يومٍ مثل وجهك ضاحكٍ
عَرَضْنا على علياك غُرَّ القصائد
وأمّا نداك العذب ما إنْ وردته(23/218)
على كبدي الحرّى فأعذب بارد
مَلَكْتُم على أمري فؤادي ومِقْوَلي
وأصبح فيكم غائبي مثل شاهدي
رَفَعْتُم مناري بعد خفضٍ ورشْتمُ
جناحي وامْلأْتُمْ فمي بالغرائد
وأطْلَقْتُموني من وثاقٍ خصاصة
فلا غروَ إنْ قيّدتُ فيكم شواردي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> غَيّر وجهُ الجوّ في حُمْرَة ِ
غَيّر وجهُ الجوّ في حُمْرَة ِ
رقم القصيدة : 22423
-----------------------------------
غَيّر وجهُ الجوّ في حُمْرَة ِ
كأنَّما توقدُ بالجوّ نارْ
وأَعْقَبَتْها ظُلمَة ٌ أَيْقَنَتْ
أَنْفُسُنا من أجلها بالبوار
حتّى عن الشمس وأضوائها
بذلك التاريخ حال الغبار
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقانيها معتَّقَة ً عقاراً
سقانيها معتَّقَة ً عقاراً
رقم القصيدة : 22424
-----------------------------------
سقانيها معتَّقَة ً عقاراً
وقد ألْقَتْ يد الفجر الإزارا
ودار بها مشعشعة علينا
فدار الأنسُ فينا حيث دارا
إذا ما زفَّها الساقي بَليْلٍ
أعاد الليل حينئذ نهارا
تشق حشاشة الظلماء كأسٌ
كما أوقدتَ في الظلماء نارا
جلاها في الكؤوس لنا عروساً
وقد جعل الجمان لها نثارا
يتوّجها الحباب بتاج كسرى
إذا مزجت ويلبسها سوارا
فقبل المزج تحسبها عقيقاً
وبعد المزج تحسبها نضارا
جلاها فانجلت عنّا هموم
وفرت كلّما جُلِبَتْ فرارا
فأدركت الندامى بالحمّيا
من الهمّ الذي في القلب ثارا
وكم من لذة ٍ بكميتِ راح
أغرناها فأبعدنا المفارا
ويعذرني الشباب على التصابي
بصبوة مغرم خلع العذارا
وما أهنا المدام بكف ساق
كمثل البدر أشرق وکستنارا
بروحي ذلك الرشأ المفدّى
وإنْ ألفَ التجنّب والنفارا
وأين الضبي من لفتات أحوى
يضاهيه التفاتاً واحورارا
رنا فأصابَ بالألحاظ منا
فؤاداً بالصبابة مستطارا
مليحٌ ما تصبّر في هواه
محبٌّ لم يجد عنه اصطبارا
وما أنسى غداة الشَّرب أمست
بناظره وريقته سكارى
أَلا يا ممرضي بسقام طرف
أصاب من الحشا جرحاً جبارا(23/219)
فؤادى مثل طرفك بانكسارٍ
فكلٌّ يشتكي منك کنكسارا
غرامي في هواك بلا کختياري
وما كان الهوى إلاّ اضطرارا
مضى وتصرَّمَتْ تلك التّصابي
فإنّ عاد الصبا عاد ادّكارا
فوا لهفي على أوقات لهو
قضيناها وإنْ كانت قصارا
تركت الشعر لما ألبستني
من الأكدار أيامي شعارا
ولولا مدح مولانا عليّ
لما جُدْتُ النظام ولا النثارا
أجلّ السادة الأشراف قدراً
وأرفعهم وأطيبهم نجارا
وأرأفهم على الملهوف قلباً
وأسرعهم إلى الحسنى بدارا
جواد في الأكارم لا يبارى
وبحر في المكارم لا يجارى
إذا نظر الكبار إلى علاه
رأت في المجد أنفسها صغارا
وقد سَبق الأعالي في المعالي
فما لحقت له فيها غبارا
وساجله السحاب فكان أندى
يداً منها وأعظمها قطارا
وكم عام منعنا القطر فيه
فأمطرنا لجيناً أو نضارا
وكم شاهدت في الأيام عسراً
ولذت به فشاهدت اليسارا
لنا في فضله غرس الأماني
جَنَيْناها بدولته ثمارا
وكم أكرومة ٍ عذراءَ بكرٍ
يجيىء ُ بها إلى الناس ابتكارا
يُهينُ أَعزَّ ما ملكت يداه
بوافر نيله ويعزّ جارا
أَلَسْتُم في الحقيقة آل بيت
عَلَوْا جُوداً وفضلاً واقتدارا
عليكم تنزل الآيات قدماً
فحسبكمُ بذالكمُ افتخارا
أقمتم ركن هذا الدين فيها
وأوضحتم لطالبه المنارا
جزيتم عن جميع الناس حيراً
وما زلتم من الناس الخيارا
بنفسي منك قرماً هاشمياً
يجير من الخطوب من کستجارا
تَقُدّ حوادث الأيام قَدّاً
فأنت السيف بل أمضى شفارا
بسرّ نداك قام الشعر فينا
فأثنينا عليك به جهارا
نقلّدُ من مناقبك القوافي
بأحسن ما تَقَلَّدَتِ العذارى
لبست من الثناء عليك حلياً
لعمرك لن يباع ولن يعارا
يضوع شميمه في كل نادٍ
كما نشرت صبا نجدٍ عرارا
فلا زالت لك الأيام عيداً
ولا شاهدت في الدنيا بوارا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ ليوسفٍ والمطل ظلمٌ
أقولُ ليوسفٍ والمطل ظلمٌ
رقم القصيدة : 22425
-----------------------------------
أقولُ ليوسفٍ والمطل ظلمٌ(23/220)
أما لي حصة ٌ في ماء وردكْ
وإنَّك قدْ وعدت به قفلْ لي
متى يا سيّدي إنجازُ وعدكْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
رقم القصيدة : 22426
-----------------------------------
رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
وقد ساءت لها ياسعد حال
فذكّرها شميمَ عَرارِ نَجْدٍ
ولا سيما إذا هبَّتْ شمال
فحرّكها وأَيْنَ لها بنجد
لهيبُ الشوق والدمع المذالُ
وقد كانت كأنَّ بها عقالاً
فأَطْلَقها وليس بها عقالُ
ولولا النّازلون هضاب نجدٍ
تحاماها الضّنى والاختلال
تخال الدَّمع سابقها عَلَيْهم
فكيفَ تسابق المزنَ الرؤال
يحملها الهوى عِبئاً ثقيلاً
وللأشجان أعباءٌ ثقال
ويقذفها النّوى في كلّ فجٍّ
لها فيه انسياب وانثيال
تمدُّ به فيقصرُ في خطاها
من البَيْداء أبواعٌ طوال
تشيم البرق يومئذٍ سناه
كعَضْب القين أرْهَقَه الصقال
وما أدري أهاج النّوق منه
غرام حين أومضَ أمْ خيال
شديدُ وجدها والوصلُ دانٍ
فكيف بها وقد منعَ الوصال
ذكرنا عَهْدَ رَبعك يا سُلَيْمى
وعقد الدمع يوهيه کنحلال
منازل للهوى ما لي أَراها
كطرفي لا يلمّ بها خيال
مباديها المسَرَّة والتهاني
وغايتها التغابن والوبال
وكانتْ بهجة َ الأبصار حتى
أحالتها من الحدثان حال
سألتك أين عيشك بالأوالي
وما يغني التفحّص والسؤال
غداة الشِّيحُ نبتُك والخزامى
حمتها البيض والأسل الطوال
وتسنحُ في عِراصِك قبلَ هذا
من السّربِ الغزالة والغزال
وتطلع ُ من خيامك مشرقات
بدورٌ من أسِرَّتها الكمالُ
وكلُّ مهفهفٍ تُثني عليه
معاطفه ويَثْنيه دلال
رماة من حواجبها قِسِيٌّ
تراشُ لها من الحدق النبال
ومن لي أنْ تَرى عيني سناها
فتنعم أعينُ ويُراح بال
تنافرتِ المها فوجدتُ قلبي
يجدُّ به للحيّ ارتحال
وهاتيك الركايب أرقلتها
ظباءٌ قدْ أقلتها الجمال
وكم صانت أكلَّتها وجوهاً
عَليها مهجتي أبداً تذال
فمالوا بالأباعر لا إلَينا
ومال بنا الهوى من حيث مالوا(23/221)
أعيذك من حشاً تذكو لظاها
وهمٍّ داؤه الداء العضال
أحبتك الذذين شقيتَ فيهم
أسالوا من دموعك ما أسالوا
لنيران الجوى يا ناقُ عندي
على البعد اتقادٌ واشتعال
أُعَلِلّ بالأماني، والأماني
أمورٌ من زخارفها المحال
سرابٌ لا يُبَلُّ به غليل
ولا فيه لوارده بلال
وحَسْبُك إنْ وَرَدْتَّ أبا جميل
جميلٌ ما يروقك أو جمال
ردي من سَيْبه عَذباً زلالاً
فثمَّ الموردُ العذب الزلال
تناخ ببابه الامال طرّاً
وتُمْلأ من مواهبه الرحال
تعظّمه الخطوبُ ويزدريها
وليس له بمعظمها کحتفال
وينهض من أُبْوَّته بعبء
قليل ما تنوءُ به الرجال
من الشمِّ الشوامخ في المعالي
بطولُ الراسيات ولا يطال
ويوقره إذا طاشتْ رجال
حلومُ لا تضاهيها الجبال
صقيلُ مضارب العزمات ماضٍ
فلا فُلّت مضاربُه الصقال
قوام الدينْ والدنيا جميعاً
شفاؤهما إذا كان کعتلال
أَظَلَّتْنا غَمامَتُه بظلٍّ
إذا لفح الهجير به ظلال
ويومٍ مشمس فيه مضيءٍ
فشمسٌ ما لمطلعها زوالُ
وليلٍ فيه أقمرٌ مستنيراً
على وجنات هذا الدهر خال
ينفّس كلَّ كاربة بكرٍّ
لدى يومٍ يضيق به المجال
سماءٌ من سماوات المعالي
كواكبها المناقب والخصال
فعال تسبق الأقوال منه
وأقوال تقدّمها الفعال
يريك مداده في يوم جود
لأَحداق النوال به اكتحال
ومن كلماته ما قيل فيها
هي السلسال والسِّحر الحلال
لساني في مدائحه صدوق
بصدّق فيه منّي ما يقال
إذا أسدى إليَّ المال أَمْسَتْ
تمالُ لي القلوب وتستمال
فلي من ماله شرف وجاه
ولي من جاهِه عِزٌّ ومال
قريبُ النِّيل ممتنع المعالي
ومدني النيل ما بعد المنال
تحطّك رأفة ٌ شملَتْ ورقّتْ
وترفعك الأبوَّة والجلال
عزيز النفس عزَّ على البرايا
نظيرك في الأماجد والمثال
كأنَّك بين أقامٍ سراة ٍ
هدى ً ما بعده إلاّ الضلال
وإنّي قد رأيت علاك منهم
مرامٌ قد يرامُ ولا ينال
وليس لهم وإنْ دفعوا
مناقبك الشريفة والخلال
خليقتك المروءة ُ حيث كانت
وشيمتك السماحة والنوال
وهل أخشى من الحظّ انفصالاً(23/222)
ولي من قرب حضرتك اتّصال
تلذُّ لك المكارم والعطايا
وتطربك الشجاعة والنزال
ولست من الكرام كبعض قوم
يجود بماله حتى يقالُ
فيا جبلاً أَطَلَّ من المعالي
علينا لا تزول ولا تزال
هباتٌ منك للعافين تترى
ولا وعدٌ لَدَيْكَ ولا مطال
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
رقم القصيدة : 22427
-----------------------------------
شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
وأَضْناها لِشقْوَتها السّقامُ
وما کنفروت بصَبْوتها ولكنْ
كذلكم المحبُّ المستهام
تشاكَيْنا الهوى زمناً طويلاً
فأَدْمُعَنا وأَدْمُعُها سِجام
قريبة ما تذوب على طلول
عفت حتى معاليها رمام
سقى الله الديارَ حياً كدمعي
لها فيها انسكاب وانسجام
وبات الغيث منهلاًّ عليها
تسيل به الأباطح والأكام
حسبتُ بها المطيَّ فقال صحبي
أضرّ بهذه النوقِ المقامُ
وبرّح بالنياق نوى ً شطونٌ
وأشجان تراشُ لها سهام
فلا رنداً تشمّ ولا تماماً
وأين الرّند منها والثّمام
مفارقة أَحبَّتُها بنجد
عليك الصَّبر يومئذٍ حرام
تقرُّ لأَعْيُني تلك المغاني
وهاتيك المنازل والخيام
إذا ذُكِرَتْ لنا فاضَتْ عيون
وأضرمَ مهجة الصبّ الضرام
لعمرك يا أميمة إنَّ طرفي
على العبرات أوقفه الغرام
أشيمُ البرق يبكيني ابتساماً
وقد يُبكي الشجيَّ الابتسام
تَبَسَّم ضاحكاً فكأنَّ سُعدى
فليس بغيره کفتخر الأنام
يلوحُ فينْجَلي طَوْراً ويخفى
كما جُلِيَتْ مضاربه الحسام
أما وهواك يمنحني سقامي
ومنك البرءُ أجْمَعُ والسقام
لقد بلغ الهوى منّي مناه
ولم يبلغْ مآربه الملام
على الأحداق لا بيضٌ حدادٌ
يشقُّ بها حشى ً ويقدُّ هام
سلي السُّمر المثقَّفة َ العوالي
أتفتكُ مثل ما فتك القوام
أبيتُ أرعى النجمَ فيه
بطرفٍ لا يلمُّ به منام
يذكّرني حَمامُ الأَيْكِ إلْفاً
ألا لا فارقَ الإلْفَ الحَمامُ
وهاتفة ٍ إذا هتفت بشجوي
أقول لها ومثلك لا يلام
فنوحي ما بدا لكِ أنْ تنوحي(23/223)
فلا عيبٌ عليك ولا منام
بذلتُ لباخل في الحبّ نفسي
ولَذَّ لي الصبابة ُ والهيام
منعتُ رضابه حرصاً عليه
ففاض الريُّ واتَّقد الأوام
وفي طيِّ الجوانح لو نَشَرْنا
بها المطويَّ طال لنا كلام
أرى الأيام أوّلُها عناءٌ
وعقباها إذا کنقرضَتْ أثام
عناءٌ إنْ تأمَّلها لبيبٌ
وما يشقى بها إلا الكرام
لذاك الأكرمون تُزادُ عَنها
فتمنها ويعطاها اللئام
نَزَلْنا من جميل أبي جميل
بحيث القصد يبلغُ والمرام
فثمَّ العروة ُ الوثقى وإنّا
لنا بالعروة الوثقى کعتصام
إذا نزلَ المروع لديه أمسى
يضيم به الخطوب ولا يضام
جوادٌ لا يجود به زمانٌ
ولا يستنتج الدهر العقام
أشيمُ بروقه في كلّ يوممٍ
وما كلُّ بوارقه تشام
إذا افتخر الأنامِ على النسق الأعالي
فذاك البدء فيه والختام
تيقَّظَ للمكارم والعطايا
وأعينُ غيره عنها نيام
مكانكَ من عرانين المعالي
مكانٌ لا ينال ولا يرام
وما جودُ الروائح والغوادي
فإنَّ الجودَ جودك والسلام
بنفسي من لدى حربٍ وسِلْمٍ
هو الضرغام والقرم الهمام
تُراعُ به ألوفٌ وهُوَ فَردٌ
وليسَ يروعه العددُ اللَّهام
ومن عَظُمتْ له في المجد نفسٌ
أهِينَتْ عنده الخِطَطُ العظام
صُدوعٌ ما هنالك والتئام
وما ضلَّتْ وأنتَ لها إمام
كأنَّك في بني الدنيا أبوها
وَراعٍ أنْتَ والدنيا سَوام
إذا کفتخَر الأنامِ وكان فيهم
محلّ الأمن والبلد الحرام
لكلٍّ في جماك له طوافٌ
وتقبيلٌ لكفِّك واستلام
تعودُ بوجهك الظلماءُ صبحاً
ويستسقى بطلعتك الغمام
ويشرقُ من جمالك كلُّ فجٍ
كما قَد أَشْرَقَ البَدر التّمام
فداؤك من عرفتَ وأنت تدري
فخيرٌ من حياتهم الحمام
أناسٌ حاوَلوا ما أَنتَ فيه
وما سَلكُوا طريقك واستقاموا
لقد تخلوا وجدتَّ وأنتَ فينا
كما کنهلَّت عزاليه الرّكام
وما كلٌّ بمندورٍ ببخلٍ
ولا كلٌّ على بخلٍ يلام
تميل بنا بمدحتك القوافي
كما مالت بشاربها المدام
ولولا أنتُ تنفقها لكانتْ
بوائِرَ لا تُباع ولا تُسام
نزورك سيدي في كلِّ عامٍ(23/224)
إذا مَا مرَّ عامٌ جاءَ عام
تُخَبِرُّ أنَّنا ولأنت أدرى
صيامٌ منذ وافانا الصيام
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لهذي النُّوقِ تنحطُّ كلالا
لهذي النُّوقِ تنحطُّ كلالا
رقم القصيدة : 22428
-----------------------------------
لهذي النُّوقِ تنحطُّ كلالا
وَتَجُوبُ البيد حِلاً وکرتحالا
نَحِلَتْ حتى کنبرت أعْظُمُها
والهوى يُنْقِبُ أهليه نكالا
كلَّما شامت سناً من بارق
قذفت لوعتها دمعاً مذالا
أصبحَتْ تَفْرِي فَيافيها سُرى ً
وتحاكي بکقتحام کلآل رالا
فترفَّقْ أيُّها الحادي بها
فلقدْ أورثها الوجدُ خبالا
لستُ أنسى وقفة ً في رامة
لم يدع منها النوى إلاّ خيالا
ووشتْ عن كلِّ صبٍّ عبرة ٌ
فكفتْ عبرته الواشي المقالا
وأساة لحشى ً مكلومة ٍ
جَرَحَتْها حَذَقُ الغيد نصالا
يا مهاة َ الجزع أنتنَّ له
سالباتٌ قَلْبَه المضنى جمالا
يا أخلاّئي تناءى زمن
مَرَّ لي فيكم وصالاً وانفصالا
وليالٍ ما احتلى أنسها
أصبحتْ في وجنة الأيام خسالا
نقل الواشي إليكم خبراً
لم يكن يقبل ما قال احتمالا
يتمنّى سلوتي لكنَّه
يتمنّى وأبي أرماً محالا
لا تلمني لائمي في صبوتي
فالهوى ما زال للعقل عقالا
فاتركاني والهوى إنّي فتى ً
غالني دونكمُ الوجد اغتيالا
من ظباءِ الرَّمل ظبيٌ إنْ رنا
سَلَّ من جَفْنَيه صمصاماً وصالا
ظبية ُ الخدر الّتي لما جفت
أدلالاً كان منها أمْ ملالا
هل وَفَتْ مديونها مستغرماً
يشتكي منها وإنْ أوفتْ مطالا
لو أباحَتْني جنى مرشفها
لشفتْ من ريقها الداء العضالا
يا رعى الله نُزولاً بالحمى
عثرة َ المغرمِ فيهم لنْ تقالا
حَلّلوا ظُلماً حراماً مثلما
حرّموا في شرعهم شيئاً حلالا
فاصطبر يا قلبُ يوماً ربّما
أصبحَ الخلَّبُ بعد اليأس خالا
كم يُريني الدَّهر جدّاً هازلاً
فأريه من ظبا عزمي جدالا
إنْ يكُنْ في الناس محمودٌ فلا
غير محمود مقالاً وفعالا
فتفاءل بکسمه في سَيْبه
فکسْمه كان لمن يرجوه فالا
إنْ تحاولْ شَخْصَه تَلْقَ على ً(23/225)
صَحِبَ العِزَّ يميناً وشمالا
لا يرجّى غيره في شدَّة ٍ
أو ترجو بوجود البحر کلا
ليثُ غابٍ وسحابٌ صيّبٌ
حيث تلقاه نوالاً ونزالا
كرمٌ يخجاُ هتّان الحيا
وعُلى ً تُورثُ أعداه الوبالا
ويدٌ ما کنقبضت عن سائل
بل كَفَتْ في سَيبها العافي السؤالا
صارمُ الله الذي لم يخشَ من
حادث الدهر انثلاماً وانفلالا
ولكمْ أجدى فأسدى كرماً
مِنناً طوَّقَ فيهنَّ الرّجالا
صنعته المعروف مغروزٌ به
لا يجود الجود حتّى أنْ يقالا
كم وَرَدْنا فَضْلَه من مَوْردٍ
فَوَجَدْناه نميراً وزلالا
منَحَ الله به يا حبذا
مِنَحٌ من جانب الله تعالى
قل لحسّاد معاليه اقصروا
لم تَزَل أَيديه في المجد طوالا
يتمنَّون مع العجز العلى
وإذا قاموا لها قاموا كسالى
ليس من يذخرْ جميلاً في الورى
كالذي يذخر للأخطار مالا
لا ولا من صَلُبَتْ راحته
كالذي يقطرُ جوداً ونوالا
آل بيت الوحي ما زلنا على
فضلكم يا سادة الدنيا عيالا
ما برحتم مُذ خُلِقتُم سادة ً
تكشفون الغيَّ عنّا والضلالا
لا يغالي فيكم المادح إنْ
أطنب المادح في المدح وغالى
أيّها البَدرُ الذي زاد سَناً
زادك الله سَناءً وكمالا
هاك من عَبْدك نَظماً إنَّه
ينظمُ الشّعر بعلياك کرتجالا
كلّما ضقتُ به ذرعاً أرى
يوسع الفضلَ على الفكر مجالا
وآهنا باالعيد الذي عوَّدْتَنا
لثمَ كفَّيك التي تكفي نوالا
ملكٌ أنتَ بنا أمْ ملكٌ
ما وَجَدْنا لك في الناس مثالا
كيفَ أقضي شكر أيديك التي
حمَّلتني منك أحمالاً ثقالا
لا عَدِمنا فيك يا بحر الندى
أيدياً تولي وفضلاً يتوالى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وغادة لو بروحي بعثُ رؤيتها
وغادة لو بروحي بعثُ رؤيتها
رقم القصيدة : 22429
-----------------------------------
وغادة لو بروحي بعثُ رؤيتها
لكنتُ والله غيرَ مغبونِ
ما البَدرَ والغصن أحلى من شمائلها
كأنَّها من بناتِ الحور والعينِ
شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> في الأصيل
في الأصيل
رقم القصيدة : 2243(23/226)
-----------------------------------
أقبلَتْ في الأصيل والبسمْةُ العذراءُ في ثَغْرِهَا تُنيرُ صباحَا
وعلى قدِّها من الهَيف الراقص حسانةٌ تجيد المزاحا
غادةٌ .. زانها التورُّدُ في الخدِّ وناغت بالعطر منه الإقاحا
أتلَعتْ جيدَها وفيها من الإغراء ما يكسر العيون الصحاحا
وأماطت لثامها عن جمالٍ زاده الظُّرف رِقّةً ومَراحا
وتغنت بطرفها واستدارت بعد أن رف هدبُها صدَّاحا
جاذبَتْني الهوى بهمسة أجفان تجيد الإعراب والإفصاحا
عن فتون الدلال، عن سطوة الحسن، وعن خافق سَبَتْه فناحا
وانبرت ترسل الحديث أغاريدًا، أذابت في رجْعها الأرواحا
قيدتني ولم أكن أعرف القيد ولكن حملْتُه مرتاحا
****
أقبلتْ في الأصيل، والخصلة الرعناء تلتف بالمحيَّا وشاحا
فإذا بالصباح يضحك بالإسفار، والليل قد غفا واستراحا
عند مجرى السنا ليرتشف العطر وقد مدَّ بالظلال جناحا
في فتونٍ يعابث النور بالسحر بلحظٍ قد أشهرتْه سلاحا
والتعابير باللحاظ سهام فتحت في الضلوع منا جراحا
والفؤاد المجروح من حرقة اللوعة عانى وما تشكَّى وباحا
واللقاءُ المقدور كان على الدرب قطعناه غُدوةً ورواحا
لحظة واختفت وراء المسافات وما زال شوقنا مِلْحاحا
وعلى جسرِ وجْدِنا في دروب الحب نرجو لوَصْلِنا أن يُتاحا
فنذوق الهوى ، وننعم بالنجوى وبالصفو نُترعُ الأقداحا
****
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عفا الله عن ذاك الحبيب وإنْ جنى
عفا الله عن ذاك الحبيب وإنْ جنى
رقم القصيدة : 22430
-----------------------------------
عفا الله عن ذاك الحبيب وإنْ جنى
دعاني به المشتاقُ في صدِّه العنا
قَسا قَلْبُه في قول واشٍ وحاسدٍ
وعهدي به رطب المحبّة ليّنا
من الغيد فتّاك بقدٍّ ومقلة
إذا لاح وسنانُ النواظر بالسنا
ففي لحظه استكفى عن الضرب بالظبا
وفي قدّه استغنى عن الطعن بالقنا
فأَينَ غصونُ البان منه إذا انثنى
وأينَ الظباء العُفر منه إذا رنا
فيا سالبي صَبري على البعد والنوى(23/227)
ويا مُلبسي ثوباً من السُّقم والضنى
لقد فتنتني منك عينٌ كحيلة ٌ
وما خُلِقت عيناك إلاّ لتفتنا
وليلٍ بإرغام الرقيب سهرته
كأنَّ علينا للكواكب أعينا
نَعْمنا به من لذّة العيش ليلة
وقد طافت الأقداح من طرب بنا
فمنْ كأس راح للمسرات تحتسي
ومن ورد خدٍّ ما هنالك يجتنى
إلى أنْ ذوى روض الدجى بصباحه
وبدَّلَ من وردِ البنفسج سوسنا
أعدْ ذكر هاتيك الليالي وإنْ مضت
ولم تَكُ بعد اليوم راجعة لنا
إذا ما جرت تلك الأحاديث بيننا
أَمالَ عليها غصنَه البانُ وکنحنى
وإنْ عرض اللاّحي ولام على الهوى
فصرّح بمن تهوى ودَعْني من الكنى
إلى الله أشكو من تجنّيه شادناً
أَحِلُّ مكاناً في الحشى فتمكّنا
أشيرُ إلى بدرِ الدجنّة طالعاً
وإيّاه يعني بالإشارة من عنى
ويا ويحَ قلبي كيفَ يرمين أعينٌ
تعلَّمنَ مرمى الصيد ثم رميننا
خليليَّ هلْ أحظى بها سنة َ الكرى
لعلَّ خيالاً يطرقُ العينَ موهنا
فما أنا لولا النازحون بمهرقٍ
فُرادى دموع ينحدرنَ ولا ثُنا
رعَيْتُ لهم عهداً وإن شطّت النوى
بهم وکستبين الودُّ بالصدق معلنا
وإنّي لأرعى للمودَّة حقّها
ولا يهدمنَّ الودَّ عندي من بنى
ولا خير في ودّ امرئٍ إنْ تلوّنت
بيَ الحال من ريْب الزمان تلوُّنا
حبيبٌ إليَّ الدهرَ من لا يريبني
ويرعى مودّات الأخلاّءِ بيننا
وكلّ جواد يقتني المال للندى
وينفق يوم الجود أنفس ما اقتنى
لئن كنت أغنى الناس عن سائر الورى
فما لي عن سلمان في حالة غنى
إذا هَتَفَ الداعي مجيباً بکسمه
زجرتُ به طيراً من السعد أيمنا
تأمَّلتُ بالأشراف حسناً ومنظراً
فلم أرَ أبهى من سناه وأحسنا
بأكرمهم كفّاً وأوفرهم ندى ً
وأرفعِهم قَدَراً وأمنعِهم بِنا
وكم حدَّثوا يوم الندى بحديثه
فقلتُ أحاديث الكلام إلى هنا
وما زال يروي الشعر عن مكرماته
حديث المعالي عن علاه معنعنا
بكلّ قصيدٍ يحسُد العقد نظمها
تفنَّنَ فيها المادحون تفنّنا
بروحي من لا زال منذُ عَرَفْتُه
إذا ما أساءَ الدهرُ بالحرّ أحسنا(23/228)
نبا لا نبا عنّي بجانب ودّه
ومن لي به لو كان بالوَرْدِ قد دنا
وبي فيه من حُرِّ الكلام وجَزله
مقالٌ من العتبى وعتبٌ تضمَّنا
إذا برزت لي حجة في عتابه
أعادت فصيح النطق بالصدق ألكنا
أبا مصطفى إني وانْ كنتأخرساً
فما زال كلّي في ثنائك أسنا
أبا مصطفى أمّا رضاك فمُنْيَتي
ومن عَجَبٍ فيك المنيَّة والمنى
إذا كان عزّي من لدنك ورفعتي
فلا ترتضِ لي موطن الذل موطنا
ألستُ امرأً أنزلتُ فيك مقاصدي
بمنزلة تستوجب الحمد والثنا
وشكرانُ ما أوليتنيه من النّدى
لمتخذِ المعروف في البرّ ديدنا
وما كان ظنّي فيك تصغي لكاذب
وتقبل قول الزور من ولد الزنا
فتبدلني بعد المودَّة ِ بالقلى
وتغضب ظلماً قبلَ أنْ تتبينا
وأنْتَ الذي جَرَّبتني وَبَلْوتَني
وأَنْتَ الذي في الناس تعرف من أنا
أبيٌّ أشمُّ الأنف غيرُ مداهن
قريب من الحسنى بعيدٌ عن الخنا
صددت وأيم الله لا عن جناية
وما كان لا والله صدّك هيّنا
أبنْ واستبن أمراً تحيط بعلمه
لعلك أنْ تَستكشِفَ العذر بيننا
وهبني مسيئاً ما يزعمونني
بلائقة ٍ منهم فكن أنتَ محسناً
وسرَّ إذنْ نفسي ودع عنك مامضى
فلا زلتَ مسروراً ولا زلتَ في هَنا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نزلوا بحيثُ السَّفحُ من نعمانِ
نزلوا بحيثُ السَّفحُ من نعمانِ
رقم القصيدة : 22431
-----------------------------------
نزلوا بحيثُ السَّفحُ من نعمانِ
حَيْثُ الهوى وملاعبُ الغِزلانِ
هامَ الفؤاد بهم وزادَ صبابة ً
يا شدَّ ما يلقى من الهيمان
يا ليتَهم علموا على بُعدِ النوى
ماذا ألاقي بعدهم وأعاين
كيفَ السلوُّ ولي فؤادٌ مغرمٌ
في مَعزِلٍ مني عن السُّلوان
أصبوا إلى وادي العقيق وأدفعي
لشبيهة ٌ وأبيك بالعقيان
وبمهجتي نارٌ تشبُّ من الجوى
إنّ الجوى لمهيّجُ النيران
لا تكثرا عذلي فإنَّ مسامعي
صُمَّت عن اللاّحي إذا يلحاني
يا صاحبيّ ترفّقا إنّي أرى
فيما أعاني غيرَ ما تريان
هذا الفؤادُ وهذه أُعلاقُه
ضاق الغرام به عن الكتمان(23/229)
فَعَلَ کدِّكاري بي لأيام مَضَتْ
ما تفعل الصهباءُ بالنشوان
أيامَ كنتُ لهوتُ في زمن الصبا
وطرِبْتُ بين مَثالِثٍ ومثاني
أَيامَ نادَمْتُ البدور طوالعاً
والشمسُ تشرق من بروج دنان
راحٌ إذا علَّ النديمُ بكاسها
ما للهموم عليه من سلطان
بَرَزَتْ لنا منها السُّقاة بقَرقَفٍ
قد كُلِّلت بالدُّرِ والمرجان
ويُديرها أحوى أغنَّ إذا رنا
سحرَ العقول بناظر وسنان
ومُهَفْهَفِ الأعطافِ خِلْتُ قِوامَه
من خَوْط بانٍ يا له من بان
في روضة ٍ تزهو بمنهلِّ الحيا
بتنوُّع الأشكال والألوان
وتأَرَّجَتْ فيها بأنفاس الصِّبا
زهر الرُّبا بالرَّوْح والرَّيحان
تترنَّم الأوتار في نغماتها
من غيرِ ألفاظٍ أَتَتْ لمعاني
فكأنَّما تلك القيانُ حمائمُ
تُملي عليك غرائب الألحان
زمنَ الشبيبة مُذْ فَقَدْتُك لم أجِدْ
لِلّهو عندي والهوى بمكان
فارقتُ مذ فارقتُ عَصْرَكَ أوجهاً
طلعتْ علينا كالبدور حسانِ
تسطو على العشّاق من لحظاتها
بصوارمٍ مشحوذة وسِنان
وصحوتُ من شكر الشباب وغيهِ
وأرحتُ من قد لامني ولحاني
وعرفتُ إذ حلَّ المشيبُ بعارضي
أنَّ الهوى سببٌ لكلّ هوان
كانَ النسيبُ شقيقَ روحي والهوى
في مهجتي وقراره بجناني
فهجرته هجرَ الخليلِ خليله
من بعدِ ما قد حلَّني وجفائي
وأَخَذْتُ أُنْشِدُ في الثناء قصائدي
بالسيّد السَنَد العظِيم الشان
قَلَّدْتُه غُرَرَ الثناء قلائداً
ما لم تكَنْ لقلائد العقيان
أشفي الصُّدورَ بمدحه، ومديحه
كالماء ينقعُ غلَّة الظمآن
إنَّ المناقبَ والمعاليَ كلَّها
بِعَليّ هذا العالم الإنساني
وإذا تعرَّضنا لجود يمينه
عرضتْ لنا بالعارض الهتّان
شملتْ مكارمه العفاة فلم تجد
غلاّ غريقاً منه بالإحسان
مُتَفَرِّدٌ بالمجدِ واحدُ عصرِهِ
ما في الرجالِ لمجدِهِ من ثان
إنْ عُدَّتِ الأعيان من ساداتها
أبْصَرتْ عينَ أولئك الأعيان
هذا النقيب الهاشميُّ ويا لَه
إنسانُ عين العِزّ من إنسان
هذا عليُّ القَدْرِ وکبنُ علائِه(23/230)
المنتمي شَرَفاً إلى عدنان
كم شنَّفَتْ أذناً مناقبُه التي
تُلِيَتْ محاسِنُها بكلّ لسان
وإذا شَهِدْتَ جمالَه وجلالَه
أَبْصَرْتَ ما لا تسمع الأُذُنان
لو يدَّعي فيه الفخارُ مُفاخِرٌ
ما احتاج يومئذٍ إلى برهان
حازوا الرئاسة والسيادة والعلى
أبناء عبد القادر الكيلاني
شيخُ الطريقة والحقيقة مقتدى
أهل التقى والدين والعرفان
مَن أوتيَ الحِكَمَ التي قد أَعْجَزَتْ
لقمانَ عمّا جاء عن لقمان
كشفتِ له الأسرار وهي غوامضٌ
دَقَّتْ على الأفكار والأذهان
غوثُ الصَّريخ المستجير ببابه
لا مُعرَضٌ عنهُ ولا متواني
مذْ فاز حيّاً في كرامة ربّه
ومن الكرامة فاز بالرضوان
ومن المواهب لا يزالُ مريده
يعطي مزيد الأمن والايمان
من زارَ مرقَده الشريفَ أَمدَّه
بالرّوح من إمداده الروحاني
لا يستطيع الملحدون بزعمهم
إنكارَ ما شهدتْ به الثقلان
وإذا الفتى شَمِلَتْه منه عناية
أَغْنَتْ عن الأنصار والأعوان
هو قطب دائرة يدور مدارها
أبد الزمان ومنتهى الدَوَران
بعوارفٍ ومعارفٍ ولطائفٍ
تُجلى القلوب بها من الأدران
مولاي أنتَ وأنتَ غاية ُ مطلبي
وإليك منتَجعي وعنك بياني
قد حُزْتَ من شهر الصيام ثوابَه
وغنمت فيه الأجر من رمضان
فَليَهْنَكَ العيدُ السَّعيدُ بعوْدِهِ
وکسلم ودُم فينا أبا سلمان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كم دمٍ فيك أيُّها الرّيمُ طلاّ
كم دمٍ فيك أيُّها الرّيمُ طلاّ
رقم القصيدة : 22432
-----------------------------------
كم دمٍ فيك أيُّها الرّيمُ طلاّ
وفؤادٍ بجمرة ِ الوجد يصلى
فأناسٌ بخمرِ عَينيك صَرعى
وأناسٌ بسَيْف جفنيكَ قتلى
قلْ لعينيك إنَّها قتلتنا
أَحسِني بالمتيّمِ الصبِّ قتلا
ولك الله من حبيبٍ ملولٍ
غير أنَّ الهوى به لن يملاّ
يا عزيزاً أذلُّ طوعاً لديه
والهوى يترك الأعزَّ الأذلا
إنْ تعجلْ بالهجر منك عذابي
أو تُؤاخِذْ متيْمّيك فمهلا
وإذا ما کسْتَحْلَيْتَ أنتَ تلافي
كان عندي وريقِك العذب أحلى(23/231)
لايملَّ العذابَ فيك معنّى
وسواك الذي يملُّ ويقلى
يتراءى لعاذلي أنَّني أسْمَعُ
نصحاً له وأقبلُ عذلا
يأمرُ القلبَ بالسلوّ ومنْ لي
بفؤادٍ يُرضيه أنْ يتسلّى
خَلِّني والهوى بآرام سَلْعٍ
يا خَليلي ولا عدمتُك خلاً
ربَّ طيفٍ من آل ميٍّ طروقٍ
زارَ وهناً فقلت أهلاً وسهلا
إنَّ من أَرسَلَتْك من بعد منعٍ
قد أساءتْ قطعاً وأحْسَنْتَ وصلا
بعثَتْ طيفَها ولم تَتَناءى
عن مزاري إلاّ دلالاً وبخلا
فَلَقْد كاد أنْ يَبُلَّ غليلي
ذلك الطيف في الكرى أو بلاً
نَظَرَتْ أعْيُني منازلَ في الجزع
فأَرْسَلْتُ دمعَها المستهلاّ
لم أُكْفِكْفْ دَمعي بفضلِ ردائي
بادّكار الأحباب حتى کبتلا
فسقيتِ الغمام يا دار ظيماء
موقراتٌ نسيمُها المعتلاّ
طالما كنتُ فيك والعيش غضٌ
وعروسٌ من المدامة تجلى
أشْرَبُ الرَّاح من مراشف ألمى
جاعلاً لي تفاحَ خدَّيه نقلا
فکبكِ عَنّي عَهْدَ الصّبا أو تباكَ
لبكائي والصبُّ بالدمع أولى
أينَ ذاك الهوى وكيف تقضّى
كان خمراً فما له صار خلاّ
صاحبي هذه المطيُّ الّتي
سارت عشاءً تجوبُ وعراً وسهلا
زادَها الوجْدُ غُلَّة ً والنوى وَجْـ
وجداً وفرقة ُ الشَّملِ غلاّ
تَتَلَظّى كأنَّها في حَشاها
جمراتٌ تذوبُ منها وتصلى
وغدتْ بعدَ طيّها الأرض طياً
آكلاتٍ أخفافها البيدُ أكلا
أرتاها تبغي النَّدى من عليٍّ
فَنَداه لم يُبْقِ في النفس سؤلا
ساد أقرانه وكان غلاما
ثم سادَ الجميعَ إذ صار كهلا
وانتضته يدُ العلى مشرفيّاً
صَقَلَتْه قَينُ السِيادة صقلا
فأراعَ الزمانَ منه جمالٌ
وجلا كلَّ غيهب إذ تجلّى
غمرَ الناس بالجميل فقلنا
هكذا هكذا الكرامُ وإلاّ
بأيادٍ تكون في المحْل خِصباً
في زمان يصيرّ الخطب محلا
باذلاً كلَّ ما يروق ويحلو
لا مُملاً ولا ملولاً بذلا
والفتى الهاشميّ إنْ جاد أغنا
ك وإنْ أجزلَ العطاءَ استقلا
ربَّما خلْتَه لفرطِ نَداه
مُكثِراً وهو عند ذاك مُقِلاّ
وسواءٌ لديه في حالتيه
كَثُرَ المالُ عِنده أو قلاّ(23/232)
آلُ بيتً إنْ كنتَ لم تدرِ ماهم
فکسأَلِ البيتَ عنهمُ والمصلّى
بأبي أنتَ من سلالة ِ طه
أشْرَفُ الكائنات عقلا ونقلا
سَيِّدٌ لا يمينه تَقْبَلُ القَبض
ولا طبعهُ يلائم بخلا
وبما قد سبقتَ من جاء بعداً
سيّدي قَدْ أدْرَكْتَ من كان قبلا
ما تعالتْ قومٌ إلى المجد إلاّ
كنتَ أعلى منهم وأنتَ الأعلى
طيّب الفرع طيّب الذات تخشى
سطوات الظبا وترجى نيلا
وإذا كنتَ أطيب الناس فرعاً
كنتَ لاشك أطيبَ الناس أصلا
يا عليَّ الجناب وابنَ عليٍّ
والمعالي لم ترض غيرك بَعلا
قد بلوناك يومَ لا الغيثُ ينهلُّ
فَشِمناك عارضاً منهلا
ووجدناك للجميع ملاذاً
يَرتجيك الجميعُ جُوداً وفضلا
والأماني تُلقي ببابك رحلاً
كلَّ يوم تمضي وتملأُ رحلا
وتلاقي حلاحلاً جعل الله
علاه على البريّة ظلاّ
ربّما كان في الأوائل مثلاً
لك واليوم لم نجد لك مثلا
أنتَ ذاتٌ لدى كلّ يوم
ترتقي منصباً وتعلو محلاّ
أنتَ في كلّ موضعٍ ومكانٍ
آية ٌ من جميل ذكرك تتلى
فإذا قُلتُ في مديحك شيئاً
قيلَ لي أنتَ أصدقُ الناس قولا
فتقبَّلْ مولاي فيك ثنائي
وليَ الفخرُ إنْ تكنْ لي مولى
وتكرَّمْ بأَخْذِه ولَكَ الفَضلُ
وما زِلْتَ للفضائل أهلا
لا تزال الأيام في كلّ حولٍ
لكَ عيداً ودمتَ حولاً فحولا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شامَ برقاً راعهُ مبتسما
شامَ برقاً راعهُ مبتسما
رقم القصيدة : 22433
-----------------------------------
شامَ برقاً راعهُ مبتسما
عَن يَمين الجَزْع شرقيّ الحمى
فبكى ممّا به من لَوْعة ٍ
لا بكتْ أَعْيُنُهُ إلاّ دما
دَنِفٌ قد لَعِبَ الوجد به
ورماه البين فيمن قد رمى
وقضى الحبُّ عليه أنَّه
لا يزال الدهر صبّاً مغرما
رحمة ً للصبّ لو يشكو الجوى
في الهوى يوماً إلى من رحما
عبرة يا سعد قد أهرقتها
ليتها بلَّت من القلب ظما
وإلى الله فؤاد كلّما
کضطرم البرق اليماني کضطرما
يا خليليَّ کسعداني إنَّني
لم أَجدْ لي مسعداً غيرَكما
إنَّ للدار سقى الدارَ الحيا(23/233)
أَرْسُماً لم تُبق مني أرْسُما
أينَ أقمارَك غابت فَقَضَت
أَن تُرينا كلّ فج مظلما
ولياليَّ بسلعٍ أجتلي
كلَّ عذب اللفظ حلويّ اللمى
كنتُ ذقتُ الصَّبر شهداً فيهم
ثم ذقتُ الشهد فيهم علقما
كان حبلي بهمُ متّصلاً
فَرُمي بالقَطع حتى کنصرما
لا تسلْ عن دمع حال طالما
سال في آثارهم وکنسجما
زعم الناقل سلواني لكم
كَذِبَ الناقل فيما زعما
عجباً من عاذلٍ يعذلني
في هواكم أبعينيهِ عمى
انقضى العهد فما لي بعده
آكلٌ كفّى عليه ندما
أتشافى في عسى لا في عسى
يشتفي القلب ولا في ربّما
يَعْلَمُ الجاهل وَجدي فيكم
كيف لا يعلم أمراً علما
لا رعى الله زماني إنَّه
كان لا يرعى لحرٍّ ذمما
كلَّ يوم أنا من أرزائه
شاهدٌ رُزْءاً يشيبُ الِلّمَما
يبتليني صابراً لم يلفني
فاغراً فيه من الشكوى فما
أتّقي أسهمه من حيثُ لا
تتّقي الأدرعُ تلك الأسْهُما
وإذا مارسني، مارسني
حجراً صمّاء صلاً صَيْلما
وسواءٌ بعد أن جَرَّبني
أقدمَ الدهرُ إذنْ أمْ أحجما
فليجئني الدهرُ فيما يشتهي
أنا لا أشكو لداءٍ ألما
وحريٌّ أنْ تراني بالغاً
بعليّ القدر أسباب السما
أرتقي فيه العلى لم أتخذ
مدحه للمجد إلاّ سلّما
فقوافيّ إليه ترتمي
بالأماني فلنعمَ المرتمى
علويّ الجدّ علويّ السَّنا
دوحة ٌ طالت وفرعٌ نجما
سيّدٌ من هاشمٍ راحته
تُخْجِلُ الغيثَ إذا الغيث همى
من رسول الله من جوهره
ذلك النور الذي قد جُسّما
أو تُجادِلْه تُجادِلْ ضَيْغَما
يا له من نعمة ٍ في نقمة ٍ
إنْ رمى أصمى وإنْ فاض طمى
كلّما داويت آلامي به
حسمَ الداءُ به فانحسما
قَسَماً بالغُرّ من أجداده
أترى أعظمَ منهم مقسما
أنا أستشفي ولكنْ مِنْهُمُ
بشِفاءٍ لم يغادرْ سقما
رضيَ اللَّه تعالى عنهُمُ
وإذا صلّى عليهم سَلّما
أنفقوا الأعمار في طاعته
وفضوها صوّماً أو قوَّما
إنَّما يرحمنا الله بهمْ
رحمة ً تدفعُ عنّا النقما
ثِقَتي فيهم وفيهم عِصْمَتي
فازَ من يغدو بهم معتصما
وهُمُ ذخريَ في آخِرَتي(23/234)
يومَ لا أملكُ فيه دِرهما
يا سماءً للعلى أنظمُ في
مدحهِ غرَّ لاقوافي أنجما
أنتَ أنت اليوم فيها سيّدٌ
يُتّقى بأساً ويُرجى كرما
لا أرى وجدان من لا يرتجى
للندى والبأس إلاّ عدما
أنتَ فذُّ المجد في الناس وإنْ
كنتَ والبدرَ المنيرَ تؤما
اتقضى الصَّومُ جميلاً ومضى
قادمٌ كلُّ على ما قدّما
أقبلَ العيدُ نهنّيك به
يا أبا سلمان هُنّيت بما
كان فيه من ثوابٍ دائمٍ
عَظُم الأجر به إذْ عظما
حُزتَ أجر الصوم فکسلم وکبق لي
أبداً تولي الغنى والمغنما
منعاً في البرّ في أعيادها
لا تزال الدهرِ برّاً منعما
مسبغاً فيها عَلَيْنا نِعَماً
أَسْبَغَ الله عليك النِعما
أيُّها الممدوح فينا ولنا
بُدىء المدح به واختُتِما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تبيَّنَ حقٌ للعباد وباطلُ
تبيَّنَ حقٌ للعباد وباطلُ
رقم القصيدة : 22434
-----------------------------------
تبيَّنَ حقٌ للعباد وباطلُ
ونِلْتَ بحمد الله أَنْتَ نائلُ
وما حاق مكر السَّوء بأهلهِ
وبعد فما يدريك ما الله فاعل
لقد نقلوا عنك الذي هو لم يكن
فأدحضَ منقولٌ وكذّب ناقل
وجاؤوا بما لم يَقْبَل العقلُ مثلَه
ولا يرتضيه في الحقيقة عاقل
شهودٌ كأسنان الحمار فبعضهم
لبعض وإنْ يأْبَ الغبيُّ أماثل
أراذلُ قومٍ ساءَ ما شهدوا به
وما ضَرَّتِ الأشرافَ تلك الأراذل
أتوكَ بتزوير على حين غفلة
وأنتَ عن التزوير إذ ذاك غافل
وقُلْتَ وقال الخصم ما قال وادّعى
وهل يستوي يا قوم قسُّ وباقل
أقام على بطلانه بدليله
دليلاً وللحقّ الصريح دلائل
ولو كان يستجديك فوق آدعائه
لَجُدْتّ به فضلاً وما أنْتَ باخل
ولو أنَّه يبغي إليك وسيلة ً
لما خيَّبته في الرجال الوسائل
ولكن بسُوءِ الحظّ يثني عنانه
إلى حيث يشقى عنده من يحاول
وإلاّ لما أمسى يعضّ بنانه
يعنّفه لاحٍ ويخزيه عاذل
ولا راح محروماً مناهلَ فضلكم
وكيف وأنْتُم في النوال مناهل
لقد نزع الأشهاد من كل فرقة
ولا بأس فالقرن المنازع باسل(23/235)
وقد زيَّنَ الشيطانُ أعماله له
على أنَّه لم يدرِ ما الله عامل
وأعملتِ الأهواء فيه كما اشتهت
فلا دخلته بعد هذا العوامل
ومن جهله ألقى إلى الزور نفسه
وجاءَ بما لم يأته اليوم جاهل
وأنّى له بالشاهد العدل يرتضى
ويقدم في إشهاده ويجادل
أيشهدُ ديّوثٌ ويقبلُ قوله
وهل قال في هذا من الناس قائل
وإقرارُ حربيٍّ على غير نفسه
فلا هو مقبول ولا أنت قابل
لدى حَكَمِ عدلٍ بدين محمد
وإنْ لم يكنْ عدلٌ فربُّك عادل
ومن ذا قضى بالظنّ يوماً على امرئٍ
وحسَبُك حكمُ الله قاضٍ وفاصل
وعارٍ من التدبير والعقل والحجى
وإنْ كان قد زرَّت عليه الغلائل
رأى الرأيَ بعد المال قتلاً لنفسه
على المال حرصاً فهو لا شك قاتل
كما كان ما قد كان منه وغرَّهُ
نصيحٌ مداجٍ، أو عدوٌ مناضل
ووافق رأياً فاسداً فأماله
وكلٌّ عن الإقبال بالصلْح مائل
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى
فكلُّ معينٍ ما عدا الله خاذل
ضلالاًلقوم يكنِزُون كنوزَهم
لأبنائهم والله بالرّزق كافل
لقد شقيتْ منهم على سوءِ ظنهم
أواخرهم فيما جَنَتْه الأوائل
ولم يدر مالٌ أودعَ الأرض طالعٌ
لعمرك أمْ حتفٌ من الله نازل
ستهلِكُ قومٌ حسرة ً وتأسُّفاً
عليه وأطماع النفوس قواتل
تعجّل في الدنيا عقوبة َ طامع
ومن نكبات المرء ما هو آجل
إذا شام برقاً خلباً ظنَّ أنَّه
مخايل لا بل كذّبته المخايل
وما كلُّ برقٍ لاحٍ في الجو ممطرٌ
ولا كلُّ قطر لو تأمَّلت وابل
وكم غرَّ ظمآناً سرابٌ بِقيعَة ٍ
وأغناه طيفٌ في الكرى وهو زائل
تَنَاوَلَ بالآمال منك مرامَه
وأنّى له منك المُنى والتناوُل
وقد شنَّ غارات الدَّعاوى جميعها
إليكَ ولم تُشْغِلْه عنك الشواغل
ولو حكموا من قبلها في جنونه
وعاقَتْه عما كان منه السلاسل
لما ذهبت أمواله وتقلبتْ
به الحال فيما يبتغي ويحاول
ولا دَنَّسَ العرضَ النقيَّ بشاهدٍ
من العار لم يغسله من بعد غاسل
لقد خاب مسعاه وطال وقوفه
على مطلب ما تحته اليوم طائل
وما حصل المعتوهُ ظنّاً يظنُّه(23/236)
فلا العرض موفور ولا المال حاصل
فيا شدَّ ما لاقيت من سوءِ ظنه
ومن فعله فيها وما هو فاعل
وتكذيب دعواه وتخجيله بها
ألا ثكلت أمَّ الكذوب الثوالك
تحمَّلتَ أعباءَ المشقّة للسُّرى
وكلُّ نجيب للمشقّة حامل
وأقبلتَ إقبالَ السَّعادة كلّها
علينا كما وافى من الغيث هاطل
يشيرون بالأيدي إليك وإنما
تشير إلى هذا الجناب الأنامل
ليهنك حكم الله يمضي غراره
مضاء حسام ارْهَفْته الصياقل
تبَّرأتَ مما ثيل فيك براءة ً
من الله إشهادٌ عليه الأفاضل
تبَّرأتَ من تلك الرذائل نائباً
وحاشاك أنْ يدنو إليك الرذائل
وما تسلك الأوهام فيها حقيقة
ولا حملت يوماً عليها المحامل
نعمنا بك الأيام وهي قليلة
لديك وأيام السرور قلائل
وأَمْسَتْ دمشق الشام تشتاق طلعة ً
لوجهك مثل البدر والبدر كامل
وإنَّك منها بالسرور لقادم
وإنك عنّا بالفخار لراحل
لأمر يريد الله كشف عمائه
تجابُ له بيدٌ وتطوى مراحل
فمن مبلغٌ عنّي دمشقَ وأهلها
بشارة ما قد ضَمنَّتها الرسائل
عَدَتْ منكم فينا عوادٍ عوادلٌ
وسارت لنا فيكم قوافٍ قوافل
وأصبحَ من ناواكمُ بعدَ صيته
كئيباً وأمّا ذكرهُ فهو خامل
تناهى إلى عَيٍّ فقصرَّ دُونه
وعند النتاهي يقصر المتطاول
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما ودّع الصبُّ المشوقُ وما قلى
ما ودّع الصبُّ المشوقُ وما قلى
رقم القصيدة : 22435
-----------------------------------
ما ودّع الصبُّ المشوقُ وما قلى
رشأً أغنَّ من السوائح أكحلا
يرنو فيُرْسِلُ من سهامِ لِحاظِه
سهماً يصادف من مشوقٍ مقتلا
خذ ما تراه عن المتيَّمِ في الهوى
خبرُ الصبابة مجملاً ومفصّلا
ما آمن الواشي آية ِ صبوتي
حتى رأى دمعي بحبّك مرسلا
لا زال يكثر بالملامة عاذلي
إنَّ المتيَّمَ بالملامَة مُبتلى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> زماني على رغم الحسود مسالمي
زماني على رغم الحسود مسالمي
رقم القصيدة : 22436
-----------------------------------(23/237)
زماني على رغم الحسود مسالمي
وإنْ كان يُخَشى سطوة ً فعزائمي
ولي همّة فوق السماء وعفَّة ٌ
تريني الغنى ، والعزّ عبدي وخادمي
ونحن أناسٌ من قريش أكابرٌ
لبسنا المعالي قبل خلع التمائم
وربة ُ قَفر قد سلكت فجاجها
فأمسيت أطوي بيدها بالمناسم
وصَحْبي من البيض الحِداد مُهِنَّدٌ
تعوَّد يومَ الحرب حزَّ الغلاصم
عذلتُ على حبّيكِ يا ابنة يعربٍ
ولم يخلُ صبٌّ من عذول ولائم
جَرَحْتِ بلحظيك الفوادَ صبابة ً
وجرح الهوى لم يلتئم بالمراهم
فهل من صَباً تصبو النفوس لريّها
فتحمل تسليمي إلى أمّ سالم
تذكَّرْتُ عهدي بالحمى ليلة النقا
وما أنا من عهدي به غير حالم
تقدَّمَ لي فيها عهودٌ قديمة ٌ
فواصبوتي من عهدها المتقادم
أروم بأنفاس النسيم خمودها
وهل تحمد النيران مرُّ النسائم
ومن لي بهاتيك الديار عشية
أروّي ثراها بالدموع السواجم
إذا جئْتُما تلك المعالم فکقرآ
سلامي على تلك الرُّبا والمعالم
معاهدُ آرام ومغنى صبابة
تصادُ بها الآساد في لحطة باغم
يُؤَرِقني فيه الحَمامُ ونَوْحُه
وما كان وَجدي مثلَ وَجْد الحمائم
رعى الله سكّان الغَضا فلَطالما
أَذابوا بنار الوَجْد مهجة َ هائم
همُ أثموا في قتلي وتجنَّبوا
وقد حمَّلوني بعدها وزر آثم
فيا ليت قاضي الحبّ يعدل بيننا
فينتصف المظلوم من كل ظالم
وقائلة ٍ ما لي أراك بأرضنا
حَلَلْت مَحلّ السرّ من صدر كاتم
تلوم ووجه الليل إذ ذاك عابسٌ
وللبرق في أطرافه ثغر باسم
ذَريني فما وجدي ثكلتك نافع
وما الضرّ والسرّاء يوماً بدائم
لئن نام حظّي يا أميمُ عن العلى
فعزمي كما تدرينَهُ غير نائم
إذا كنتُ واليت الشهاب أبا الثنا
فلستُ أَبالي بالزمان المخاصم
من السادة الغرّ الكرام مهذب
مكرٌّ على أمواله بالمكارم
موارد فضل للأنام وحكمة
على وردها للناس ألف مزاحم
فتى ً صاغ أيديه المهيمنُ للورى
نقيعاً لظمآن وورداً لحائم
يخبّر عن إحسانه بِشْرُ وجهه
ووبل العطايا بعد برق المباسم
وما الجود والمعروف إلاّ سجيّة(23/238)
يزين بها الباري سجايا الأكارم
يمدّ إليه كفّه وفد راغب
ويقرع عنه خصمه سنّ نادم
فإن جحد الحساد فضلك والنهى
إذنْ مزجت بالشهد سمّ الأراقم
فهل لك في فرسانهم من مبارز
وهل لك في أبطالهم من مصادم
وكم من جهول رام بحثك صائلاً
فهابَ وما للكلب بأس الضراغم
وأعظمُ جهلٍ جهلهم قدرك الذي
يُعدُّ ويرجى للأمور العظائم
نَشَرْتَ الهدى والعلم من بعد طيّه
وکحْيَيْتَ عِلْمَ الدين بين العوالم
وشيدتَ ما أعيا حسودك هدمهُ
وما كان باني المكرمات كهادم
خَطَبْتَ وخاطَبْتَ العُفاة بسُؤْلهم
فَأَنْسَيْتَنا أَخبار قُسٍّ وحاتم
فصاحة نطق يسبق الماء جريه
وها هو أمضى من شفير الصوارم
سأتلو على عَلياك غرَّ قصائدي
وكم ناثر مثلي لديك وناظم
يهزّ صناديد الرجال نشيدها
فتغدو على ذكراك مِيلَ العمائم
وحسبي فدتكْ النفسُ جوداً ونائلاً
إذا لحظتني منك عين المراحم
وكم منّة ٍ أسديتَ لي فملكتني
سلِ الرَّوض ما جادت هتان الغمائم
وأَوْلَيْتَني باللُّطف أعظمَ نعمة ٍ
فأصبحتُ في نعماك فوق النعائم
أَمَتُّ بك الأعداء قهراً بغيظها
وطعنُ لساني مثل طعن لهازمي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّها الدارُ لقد نلتِ الحبورا
أيُّها الدارُ لقد نلتِ الحبورا
رقم القصيدة : 22437
-----------------------------------
أيُّها الدارُ لقد نلتِ الحبورا
وبلغتِ اليوم مقداراً كبيرا
يا عرين المجد يا ركن العلى
قد حوى غابك ضرغاماً هصورا
تستفيد الوفد من أفضاله
جوهر الإفضال والجود الغزيرا
إن يكنْ للدهر جدوى كفِّهِ
ما رأت عينٌ على الأرض فقيرا
فسقاك الله يا ساحاتها
من ندى راحته غيثاً مطيرا
فهو الفرد وأمّا فَضْلُهُ
كان للمعروف والحسنى كثيرا
لم يزل يغمرنا نائلهُ
ومحيّاه لنا يشرق نورا
مشكلات العلم فيه اتضَّحتْ
بخفايا العلم تلقاه خبيرا
أيّ دارٍ حلَّها أرَّختها
حازت الدار بمحمود السرورا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مالها تطوي فيافي الأرض سيرا(23/239)
مالها تطوي فيافي الأرض سيرا
رقم القصيدة : 22438
-----------------------------------
مالها تطوي فيافي الأرض سيرا
وتخدُّ البِيدَ قَفْرأ ثم قَفْرا
أتراها ذَكَرَت أحبابها
فطوى فيها المغارَ الشوقُ قَسرا
فلهذا لعبَ الوجدُ بها
فترى أعينها بالدَّمع عبرى
كلّما علَّلها الحادي بمن
سكنوا سلعاً أحبَّت منه ذكرا
وعلامات الهوى بيّنَة ٌ
ليس يخفي الشوقُ من ذي العشق سترا
ذكرتْ من خيَّموا بالمنحنى
فجرَت أَدْمُعُها شفعاً ووترا
كلُّ غصنٍ ما بدا إلاّ أرى
حاملاً من صَنْعَة الخلاّق بدرا
وإذا يرنو إلى مشتاقِهِ
سلَّ سيفَ اللّحظ عنواناً وكرّا
شربتْ من ريقه قامته
فانثنَتْ من ذلك السلسال سكرى
وبقلبي ذلك القدّ الذي
بقناه طعنَ القلب وأفرى
وعلى عارضه من حطّهِ
كَتَبَ الرَّيحانُ فوق الخد سطرا
أيها الممزجُ دمعي بدمي
إنّني لم أستطِع بالهجر صبرا
إنْ تكنْ عيناك أنكرنَ دمي
فبه خدّاك عمداً قد أقرّا
عسليُّ اللّون حلويُّ اللمى
لم جرَّعتَ أخا الأشجان مرّا
وأمينأ كنْ إذا ما لامني
إنَّ في أُذْني عن الّلوام وقرا
ما يفيد الّلوم في مستغرم
عدَّما يأسره العذّال كفرا
كيفَ أنسيت ليالينا التي
قد تقضّت فَرَحاً منّا وبشرى
إذ أمنّا ساحة َ الواشي بنا
حيثُ لمْ نشربْ سوى ريقك خمرا
وزمانٍ قَدْ نَهَبْنا شَطْرَه
ما حسبنا غيره في الدّهر عمرا
لا أبالي بزمانٍ جائرٍ
كان عسراً كلُّه أمْ كان يسرا
إنَّ محمود السجايا قد غدا
في صروف الدهر لي عوناً وذخرا
لو أُفِيضَت أَبْحرٌ من علمِه
ونداه صار هذا البر بحرا
إنّه لوْ لم يكن بحراً لما
قذفتْ ألفاظه للناس درا
لو تفكَّرتَ به قلتَ له
في علاك الله قد أودعَ سرّا
أيُّ معنى غامضٍ تَسأَلُه
وهو لم يكشف عن المضمون سترا
وعويصاتِ علومٍ أشكلن
زَحْزَحَتْ عنها له الآراء خدرا
هبة الله الذي أَوْهَبَه
من علومٍ جاوزت حداً وحصرا
ما سمعنا خبراً عمّن مضى
لم يحطْ فيه على الترتيب خبرا
ركنُ هذا الدّين فيه قائم(23/240)
ولكسر العلم قد أصبح جبرا
يَرِدُ العافون من تيّارِهِ
شرحَ الله له بالدين صدرا
يُوضِحُ المبهم في آرائه
ويرى الأشياء قبل العين فكرا
بذكاء كحسامٍ باترٍ
أوْ كزند حيثما يقدح أورى
رزنٌ لو لم يكن إحلاله
فوقَ هذي الأرض فينا ما استقرا
ولطيف لو معاني خلقه
عصرت كانت لنا شهداً وخمرا
وإذا تصغي إلى ما عنده
من بيان خلته للذهن سحرا
وهَدى الله به الناس إلى
طرق الحقّ وأبدي فيه أمرا
وإذا ما ذكر الله لنا
وجلَ القلبُ به لو كان صخرا
بلسانٍ كان بقراط النهى
عِلَلَ النَّفْسِ بذاك الوعظ أبرا
وكريمٍ من مَعالي ذاتِهِ
وإذا يمَّمْتَه في حاجة
زاد في ملقاك إكراماً وبشرا
أيّها النحرير في هذا الورى
والذي فاق بني ذا العصر طرا
منذُ شاهَدْتُك شاهَدْتُ المنى
وأياديك مدى الأيام تترى
وبإحسانِكَ رِقي مالكٌ
قبلَ عرفاتك لي قد كنت حرّا
هاكَ منّي بنتَ فكر أُبْرِزَتْ
ليس تبغي غير مرضاتك مهرا
هاكَها عَذراء في أوصافكم
سيّدي وکقبل من المسكين عذرا
وکعذُرِ العبدَ على تقصيره
ـ إنها في مَدْحكم ـ حمداً وشكرا
وکرغم الحاسد في نيل العلى
وَلْيَمُتْ خَصْمُك إرغاماً وقهرا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي
كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي
رقم القصيدة : 22439
-----------------------------------
كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي
الداءُ دائى والسقام سقامي
جسدٌ تعوَّدهَ الضنى وحشاشة
مُلِئَت بلاعج صبوة وغرام
حتى إذا حار الطبيب بعلَّتي
وقف القياس بها على الإيهام
لم يدر ما مرض الفؤاد وما الذي
أخفيته عنه من الآلام
قد أنحلتْ جسمي بتذكار الغضا
نارُ الغضا وتشبَّثتْ بعظامي
من لي بأيام الغوير وحبّذا
أيام ذاك الربع من أيّام
أيام لم أقطع بها صلة الهوى
فكأنما هو من ذوي الأرحام
في روضة رضعت أفاويق الحيا
وهمى عليها المستهلّ الهامي
غنّاء إنْ غنَّتْ حمائم دوحها
رَقَصَتْ لها الأغصان بالأكمام
أصغي إلى نَغَم القيان وأرتوي(23/241)
منْ ريق ممتزج بريق الجام
وإذا أُخَذْتُ الكأس قلت لصاحبي
العيش في دنياك كأس مدام
أيّام كنتُ أمنتُ طارقة النوى
وظنِنْتُ أنّ الدهر من خدامي
مرَّتْ كما مرَّ الخيال من الكرى
ما أشبهَ الأيام بالأحلام
لله أَرْبعنا التي في رامة
كانت أجلّ مطالبي ومرامي
يا مسرح الآرام من وادي الحمى
هل عودة يا مسرح الآرام
لي فيك مُنيَة عاشق ذي صبوة
معلومة وتهتّكٍ وهيام
لما رأَتْ نُوق التَرَحُّلِ قد دَنَتْ
ورأت على صرف النوى أقدامي
نثرت عليَّ من المدامع لؤلؤاً
أبهى وأبهجَ من بديع نظامي
إنْ لامني فيك العذول جهالة
فالصبّ في شغلٍ عن اللّوّام
كم ليلة ٍ قد بتُّ بعدكَ في جوى ً
أرعى نجوم الليل رعي سوام
أرجو الصباح ولا صباح كأنه
كرمٌ يرجّى من أكفِّ لئام
ما كان أطيبَ من مواصلة الكرى
لو يسمحُ النائي بطيف منام
هَطَلَتْ لأرْبُعك الدوارس عبرتي
فكأنها يا ميُّ صَوْبَ غمام
وبَلَلْتُ من تلك الرسوم أُوامها
هذا وما بلَّ البكاء أوامي
تلك المواقف لم يكنْ تذكارها
في القلب يا ظمياءُ غيرَ ضرام
وأكادُ أَقطعُ حَسرة ً وتلهُّفاً
منّي على أيّامها إبهامي
بالله يا نسماتِ نجدٍ بلّغي
دارَ السلام تحيّتي وسلامي
وأخلّة ً حلفَ الزمانُ بأنَّهم
وَجْهُ الزّمان وغُرَّة الأيام
أقسمتُ إنَّ القلب لا يسلوهم
وبرزتُ بالأيمان والأقسام
قومُ رميتُ بسهمٍ بين منهم
فأصابَ هذا القلبَ ذاك الرامي
هل ترجعنَّ الدارُ ثمَّة بعدهم
والربعُ ربعي والخيام خيامي
وأرى سناءَ أبي الثناء كأنَّه
صبحٌ تبلَّجَ من خلال ظلام
قَرمٌ له في الفضل أوفرُ قسمة
والفضل كالأرزاق في الأقسام
فَخَرَتْ شريعَتُنا بمفْخَرِ سيّدٍ
فخر الشرائع فيه والأحكام
إنَّ الذي آوى إليه من الورى
آوى إلى علم من الأعلام
جبلٌ أظلّ على الأنام ولم يكنْ
قُلَلُ الجبالِ الشُّمِّ كالآكام
وله وإنْ رغمتْ أنوفٌ شمخٌ
مجدٌ إذا عدَّ الأماجد سامي
من قاسه بسواه من أقرانه
قاسَ النُّضار لجهله برغام(23/242)
إنْ أبصرتْ عيناك حين يجادل الخصمَ
الخصمَ الألدَّ وحان حينُ خصام
فهناك تُبْصِرُ هيبة ً نبوّية ً
تصنع الرؤوس مواضع الأقدام
ببلاغة ٍ مقرونة ٍ بفصاحة ٍ
ترمي فصيح القوم بالإعجام
تَقِفُ العقول حواسراً من دُونها
ما بين إقدامٍ إلى إجحام
من كلّ مشكلة يحيّر فهمها
دقَّت على الأفكار والأفهام
عذراء ما كشفت لغير جنابه
من قبل عن مُرط لها ولثام
ولقد رأيتُ لسانه مع أَنَّه
كالشهد أمضى من شفير حسام
ولقد رأيت جنانه كلسانه
وكلاهما إذ ذاك كالصمصام
حُجَجٌ يروع بهنّ من أفكاره
بَرَزَتْ بروز الأسْدِ من آجام
حازَ النّهاية في الفضائل كلّها
حتى من الإحسان والإكرام
لو لامس الصخرَ الأصمَّ تفجَّرت
من كفّه بسوابغ الإنعام
ردْ ذلك البحر الخضمَّ فإنّه
وأبيك بحرٌ بالمكارم طامي
سلْ ما تشاء تنلْ مرامك كلَّه
عن كشف إبهام ونيل حطام
وکبشِرْ بمترعة الغدير بمائها
إنْ شِمْتَ بارق ثغره البسّام
أقلامه افتخرتْ على سمر القنا
فرأيت كلّ الفخر للأقلام
خطٌّ يَسُرُّ الناظرين ولم يزلْ
في العين أحسن من عذار غلام
وكأنّما نظم النجوم قلائداً
في الكتب مشرقة مدى الأيام
فيها لمن طلب الحقيقة موردٌ
يشفي الصدور بها ويروي الظامي
ما أظْهَرَ الباري حقيقة َ فضله
إلاّ ليظهر قوَّة َ الإسلام
الله أكبر أنت أكبر آية ٍ
ظهرتْ بأكبر آية لأنام
أرضتَ أقوام الهدى وبعثتَ في
ذاك الرضى غيظاً إلى أقوام
بمباحثٍ للحق في ميدانها
إحجامُ كلّ سميدع مقدام
ولكم عددتُ لك الجميل ولذَّ لي
خطّي غداة عَدَدْتها وكلامي
أنّى أعدُّ وإن رقمت محاسناً
كنهاية الأعداد والأرقام
لكن رأيت لك المديحَ مثوبة ً
فمحوتُ في إثباتها آثامي
لك في قلوب المؤمنين محبَّة ٌ
مزجتْ مع الأرواح في الأجسام
شكراً لأنْعُمك السَّوالف إنَّها
رفعتْ برغم الحاسدين مقامي
إنّي عَقَدْتُ بذيل فضلك ذِمَّة ً
إنْ حلَّت الأيام عقدَ ذمامي
إنْ تسألنْ عنّي فإنّي لم أزل
بمشقَّة الإنجاد والإتْهام(23/243)
أصبحتُ كالجمل الذَّلول تقودني
هذي النوى قسراً بغير زمام
شعراء الجزيرة العربية >> طاهر زمخشري >> على باب الهوى
على باب الهوى
رقم القصيدة : 2244
-----------------------------------
على باب الهوى وقف الجمالُ
وفي كبدي بفتنته اشتعالُ
مددتُ يدي إليه أسِرُّ شيئًا
فأجبرني على البوح انفعال
فقلت له بطرفٍ لا يداري
وفي إغضائه ارتسم السؤال
أريدكَ كالسنا يعطي حياةً
بصمت لا يضارعه المقال
أريدك كالنسيم متى تأنَّى
وأسرى طاب بالعطر النوال
أريدك جدولاً ينساب عذبًا
وترقص من ترقرقه الظلال
أريدك في شغاف النفس وقدًا
ولكنَّ الزنادَ له ذبال
يُمِدُّ بصيصه عقلي وحسي
بريٍّ ما لدافقه مثال
فهل يرضيك أن يخبو ذبالي
ويطويني بقبضته الزوال؟
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا ليلة ً في الليالي
يا ليلة ً في الليالي
رقم القصيدة : 22440
-----------------------------------
يا ليلة ً في الليالي
حميدة ً بالوصال
مرَّتْ بمن أنا أهوى
مرورَ طيف الخيال
لما رأى سوء حالي
وَرَق لي ورثى لي
بَكَيْتُ منه عَلَيْه
يا سَعْدُ حتى بكى لي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي
لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي
رقم القصيدة : 22441
-----------------------------------
لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي
تغورُ في غور وتنجدُ في نجد
حَوَانٍ كأمثال القسيّ سهامها
أعاريب ترمي بالسرى غرض القصد
لهم فتكاتُ البيض والبيض شُرَّعٌ
بأغبر من وقع الحوادث مسودّ
صوادٍ إلى ورد المنون ومالهم
من العِزّ إلاّ كلّ صافية الوِرْد
جحاجحة ٌ شمُّ العرانين هتَّفٌ
بكلّ بعيد الغور ملتهب الزند
على مثل معوجّ الحنايا ضوامر
طَوَيْنَ الفيافي كيف ما شئن بالأيدي
أقول لحاديها رويدك إنّها
بقايا عظام قد تعقّفن بالجلد
زجرت المطايا غير وانٍ فسر بها
على ضعفها لا بالذميل ولا الوخد
أَلَسْتَ تراها في رسومٍ دوارسٍ(23/244)
لها وقفة المأسور قُيّد في قيد
وما ذاك إلاّ من غرامٍ تُجِنُّه
وما كان أنْ يَخْفى عليك بما تبدي
وإلاّ فما بال المطِيّ يروعُها
ريسُ جوى ً يعدو وداءُ هوى ً يُعدي
وشامتْ وميض البرق ليلاً فراعها
سنا البارق النجيّ وقداً على وقد
وعاودها ذكر الغَميم فأصبَحتْ
تلوذُ بماء الدّمع من حرقة الوجد
فسيقَ إليها الشوقُ من كلّ وجهة
وليس لها في ذلك الشوق من بُدِّ
وقد فارقت من بعد لمياء أوجهاً
يسيل لها دمع العيون على الخد
وساءَ زمانٌ بعد أن سرّها بهم
فماذا يلاقي الحرُّ في الزمن الوغد
ويوشك أنْ تقضِي أسى ً وتلهّفاً
على فائت لا يستمالُ إلى الردّ
سقى الله من عينيّ أكنافَ حاجر
إذا هي تستجدي السحاب فما تجدي
وَرَعياً لأيام مضت في عِراصِها
تؤلفُ بين الظبي والأسدِ الورد
قضينا بها اللّذات حتى تصرَّمتْ
وكنّا ولا نظم الجمان من العقد
سلام على تلك الديار وإنْ عَفَت
منازلُ أحبابي وعهدُ بني ودّي
فمن مبلغٌ عنّي الأحبَّة َ أنّني
حليف الهوى فيهم على القرب والبعد
ذكرتُهُم والوجُد في القلب كامن
عليهم كمونَ النار في الحجر الصلد
فهل ذكروا عهد الهوى يوم قَوَّضوا
وهل عَلموا أَنّي مقيمٌ على العهد
وما اكتحلت عيناي بالغمض بعدهم
كما اكتحلت بالغمض أعينهم بعدي
وما رُحْتُ أشكو لو حَظِيْتُ بقربهم
زماناً رماني بالقطيعة والصدّ
أما وعليّ القَدْر وهي أليَّة ٌ
رفعتُ بها قدري وشدتُّ بها مجدي
لقد سدّ ما بيني وبين خطوبه
فهل كان ذو القرنين في ذلك السدّ
أراني أسارير الزمان إذا بدا
ومنه متى حانت إليَّ التفاتَة ٌ
فلا نحسَ للأيام في نظر السعد
كريمٌ إذا کستعطفت نائِلَ بّرِة ِ
وقد تعطف المولى الكريم على العبد
إذا شاء في الدنيا أراني بفضله
مشافهة ما قيل في جنّة الخلد
وأمَّنني والحادثات تريبني
فأَصْبحَتُ أشكو في لظى ً شدة البرد
وقامَ إلى جَدواه يهدي عفاته
ولا ينكر المعروف بالقائم المهدي
يلوحُ عليه نور آل محمد
كما لاح إفرندٌ من لاصارم الهندي(23/245)
يكاد يدلّ الناسَ ضوءُ جبينه
على النَسَب المرفوع والحسب المعدي
نتيجة آباءٍ كرامٍ أَئِمَّة ٍ
هداة ٍ بأمر الله تهدي إلى الرشد
ربوا في جحور المجد حتى ترعرعوا
وفوق جياد الخيل والضُمَّرِ الجُرْد
فلي فيهم عقد الولاء وكيف لا
ولم يخلقوا إلاَّ أولي الحلّ والعقد
إذا ما أتى في هل أتى بعض وصفهم
قَرَأْتُ على أجداثهم سورة الحمد
على أنَّني فيهم ربيبٌ وإنَّني
أعيش بجدواهم من المهد للحد
وما أنا في بغداد لولا جميلهم
لدى منهلِ عذب ولا عيشة رغد
فبورك من لا زال يُورثني الغنى
وذكَّرني أيَّام داود ذي الأيدي
وهب أنه البحرُ الخصمُّ لآملٍ
فهل وَقَفَتْ منه العقول على حد
له بارق الغيث المُلِثِّ وما له
لعمرُ أبيك الخير جلجلة الرعد
وما أشبهتك المرسلات بوبلها
بما لكَ من جَدوى ً وما لكَ من رفد
أَغَظْتُ بك الحسّادَ حتّى وجَدْتَني
ملأتُ بها صدرَ الزمان من الحقد
سلمتَ أبا سلمان للناس كلّها
ولا رُوّعَتْ منْك البرية في فقد
ولا حُرِم الرّاجون فيما تُنِيلُه
مكارم تُسْتَحلى مذاقتُها عندي
فداؤك نفسي والأنام بأسرها
وما أنا من يفديك من بينهم وحدي
لتعلوا على الأَشراف أبناءُ هاشم
وتقضي على علاّتها إرَب المجد
وما زالت مرَّ السَّخط مستعذبَ الندى
فآونة ً تُجدي وآونة تردي
كأنَّك شمسٌ في السماء وإنّما
بضُرُّ ضياءُ الشمس بالحَدَقِ الرُّمد
شهدتُ بأنَّ لا ربّ غيره
وأنَّ ندى كفَّيْك أحلى من الشهد
لقد عادك العيد المبارك بالهنا
فبشَّرْته من بعد ذلك بالعود
إلَيك فمُهديها إليكَ قوافياً
محاسن تروى لا عن القد والنهد
ربيب أياديك الّتي يستميحها
وشاعرك المعروف بالهزل والجد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا
ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا
رقم القصيدة : 22442
-----------------------------------
ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا
إلاّ وأشْرَقَ بَدْرٌ كان محتجبا
لا ينزع الله مجداً كان مُعطيَه(23/246)
آلَ النبيّ ولا فضلاً ولا أدبا
الكاشفون ظلام الخطب ما برحوا
بيضَ الوجوه وإنْ صالوا فبيض ظبا
من كلّ أبلجَ يزهو بهجة وسناً
تخاله بضياء الصبح منتقبا
قد أنفقوا في سبيل الله ما ملكوا
واستسهلوا في طلاب العزِّ ما صعبا
هم الجبال کشمخرَّت رفعة ً وعُلى ً
هُم الجبال وأما غيرهم فرُبا
أَبناءُ جدٍّ فما تدنو نفوسهُم
من الدنيّة لا جدّاً ولا لعبا
عارونَ من كلِّ ما يزري ملابسه
يكسوهم الحسنُ أبراداً لهم قُشُبا
ومُنْيَة ً قد حثَثْناها فتحسبها
نجائباً لا وجى ً تشكو ولا لغبا
إلى عليٍّ عليِّ القدر مرجعها
نقيبُ أشراف غرّ السادة النجبا
الواهب المال جمّاً غير مكتوث
والمستقلّ مع الإكثار ما وهبا
يريك وفر العطايا من مكارمه
يوم النوال، وإنْ عاديتَه العطبا
قد شرّف الله فرعاً للنبيّ سما
إلى السماء إلى أنْ طاول الشهبا
لِمْ لَمْ يشرَّفْ على الدنيا بأجمعها
من كان أشرفَ هذي الكائنات إبا
هذا هو المجد مجدٌ غير مكتسب
وإنّما هو ميراثٌ، أباً فأبا
من راح يَحكيهم بين الورى نشباً
فليس يحكيهم بين الورى نسباً
أنتم رؤوس بني الدنيا وسادتها
إنْ عُدَّ رأسُ سواكم لاغتدى ذنبا
لكم خوارق عادات متى ظهرت
على العوالم كادت تخرق الحجبا
رقّت شمائلك اللاّتي ترقّ لنا
حتّى كأنَّك مخلوقٌ نسيم صبا
وفيك والدّهر يخشى من حوادثه
ويُرتجى رَهَباً إذ ذاك أَو رغَبَا
صلابة َ قطُّ ما لانت لحادثة
وقد تلين خطوب الدهر ما صلبا
وعزمة ٍ مثل وري الزند لمستْ
موجاً من اليمّ أضحى موجه لهبا
تجنّب البخل بالطبع الكريم كما
تجنّب الهجر والفحشاء واجتنبا
فنال ما نال آباءٌ له سلفت
ندبٌ إلى الشرف الأعلى قد انتدبا
إنْ كان آباؤه بالجود قد ذهبوا
فقد أَعاد بهذا الجود ما ذهبا
فکنظر لأيديه إنْ جادت أنامله
بالصِيبِ الهامل الهامي ترى عجبا
أينَ الكواكب من تلك الماقب إذْ
تزهو كما قد زهتْ بالقطر زهر ربا
تلك المزايا كنظم العقد لو تليتْ
على الرّواسي لهزَّتْ عطفها طربا(23/247)
يرضى العلاء متى يرضى على أَحَدٍ
ويغضب الدهر أحياناً إذا غضبا
قد بلّغت نعم العافين أنعمه
فلم تدع لهمُ في غيره إربا
يقول نائله الوافي لوافده
قد فار جالب آمالي بما جلبا
أكرمْ بسيّد قومٍ لا يزال له
مكارمٌ تركت ما حاز منتهبا
نَوْءُ السحائب منهلٌ على يَده
فلا فقدنا به الأنواء والسحبا
الكاسب الحمد في جود وبذل ندى ً
يرى لكلّ امرئٍ في الدهر ما كسبا
نهزُّ غُصناً رطيباً كلّ آونة
يساقط الذهب الإبريز لا الرطبا
فما وجَدْتُ إلى أيامة سبباً
إلاّ وجدتُ إلى نيل الغنى سببا
وحبذا القرم في أيام دولته
حَلَبْتُ ضرع مرام قط ما حُلبا
بمثله كانت الأيام توعدنا
فحان ميعاد ذاك الوعد واقتربا
حتى أجابته إذ نادى مآربه
بمنصب لو دعاه غيره لأبى
موقفٌ للمعالي ما ابتغى طلباً
إلاّ وأدرك بالتوفيق ما طلبا
سبّاقُ غاياتِ قَوم لا لحاق له
وكم جرى إثْرَه من سابقٍ فكبا
مُذ كنتَ أَنتَ نقيباً سيِّداً سنداً
أوضحتَ آثار تلك السادة النقبا
أضحكتَ بعدّ بكاء المجد طلعته
وقد تبسّمَ مجدٌ بعدما انتحبا
أحييتَ ما مات من فضلٍ ومن أدبٍ
فلتفتخر في معاني مدحك الأدبا
يا آلَ بيتِ رسول الله إنَّ لكم
عليَّ فضلاً حباني الجاه والنشبا
وأيدياً أوجبت شكري لأنعمها
فاليوم أقضي لكم بالمدح ما وجبا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنعمْ عليَّ بشيءٍ أستعين به
أنعمْ عليَّ بشيءٍ أستعين به
رقم القصيدة : 22443
-----------------------------------
أنعمْ عليَّ بشيءٍ أستعين به
على المسير لعلَّ الله يَشفيني
أقضي بنعماك أوقاتاً أعيش بها
وإن أمتْ فهي تكفيني لتكفيني
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> من لصبٍّ متَيِّمٍ مستهامِ
من لصبٍّ متَيِّمٍ مستهامِ
رقم القصيدة : 22444
-----------------------------------
من لصبٍّ متَيِّمٍ مستهامِ
دَنِفٍ من صبابة ِ وغَرامِ
لامَه اللائمون في الحّب جهلاً
وهو في معزل عن اللوّام
لا تلوما على الهوى دنفَ القلب(23/248)
فما للهوى وما للملام
كيف يصحو من سُكرة الوجد صبٌّ
تاه في سكره بغير مدام
ورَمَته فغادرته صريعاً
يا لقومي لواحظُ الآرام
جرَّدت أَعين الظباء سيوفاً
وَرَمَتْنا ألحاظها بسهام
لستُ أنسى منازل اللهو كانت
مشرقات بكلّ بدر تمام
تنجلي أكؤسَ من الراح فيها
يضحك الروض من بكاء الغمام
بين آسٍ ونرجسٍ وبهارٍ
وهزارٍ وبلبلٍ ويمام
ومليحٍ مهفهف القدّ ساجي الطَّرف
عذب الرضاب لدن القوام
وبورحي ذاك الغرير المفدّى
فيه وجدي وصبوتي وهيامي
شَهِدَتْ واوُ صَدغه مذ تبّدى
أنَّ الامَ العذار أحسن لام
يمزج الراح من لماه
لشفاني من علَّتي وسقامي
ربَّ ليلٍ أطعتُ فيه التصابي
باختلاسي مسرَّة َ الأيام
بَرَزَتْ في الظلام شمس الحمّيا
فَمَحَتْ بالضياء جُنْحَ الظلام
فکنتشقنا نوافج المسك لما
من مُعيدٌ عليَّ أيّام لهوٍ
أعقبتنا عن وصلها بانصرام
وزمان مضى وعيشٍ تقضّى
ما أرى عوده ولو في المنام
مرَّ والدهرُ فيه طلق المحيّا
كمرور الخيال في الحلام
لو تبلُّ الدموع غُلَّة صبٍّ
بلّ دمعي يوم الغميم أوامي
يوم حان النوى فسالت دموع
لم أَخَلْها إلاّ کنسجام ركام
وتلظَّت حشاشة اوْقَدوها
آل ميٍّ من بينهم بضرام
كلّما نسّمت رياح صباها
قلت يا ريح بلِّغيها سرمي
سقيت دارهم أحبَّة َ قلبي
من دموعي بمثل صوب الغمام
إنَّ أيامنا على القرب منهم
صدعتْ بالفراق بعد التئام
ذمّة ٌ قد وفيتُ فيها لديهم
وعلى الحرِّ أنْ يفي بالذمام
لو تراني من بعدهم وادّكاري
ماضيات العصور والعوام
أتلهّى تعلُّلاً بالأماني
بنثار أقول أو بنظام
فإذا قلتُ في الكرام قصيداً
ذقتُ فيها حلاوة الإنسجام
زان شعري وزان نظمي ونثري
صِدقُ مدحي للسادة الأعلام
وإذا رمت في الرجال كريماً
إنّما أعرف المكارم منه
من كريم الأخلاق نجل الكرام
قسم الفضل في الرجال فأضحى
حظُّه منه وافر الأقسام
لو تغّنى الحمام بالمداح فيه
أرقص البانَ في غناء الحمام
طاهر لا يشوبه دنس الآثـ
ـام فما لاث قطّ بالآثام(23/249)
لو تأملتَ في علوم حراها
قلتَ هاتيك منحة الإلهام
أوتي الفضل والكمال غلاماً
يا له الله سيّداً من غلام
ثابت الجأش لا يُراع لأمرٍ
ثابت عند زلَّة ِ الأٌدام
إنَّ فيه والحمد لله ما يرفع
قدر العلوم بين النام
فطنة تدرك الغوامض علماً
حجبت عن مدارك الأفهام
أدبٌ رائعٌ وعلمٌ غزيرٌ
أينَ منه الأزهار في الأكمام
فإذا ما سمعت منه كلاماً
كان ذاك الكلام حرّ الكلام
يا شفاء الصدور من عللِ
الجهلِ ويا برءها من الآلام
يا رفيع العماد يا کبن عليٍّ
ياابن عالي الذرا عليَّ المقام
أنتَ غيثٌ على العفاة هطول
أنت بحر من المكارم طامي
آل بيت النبيّ لا زال فيكم
ثقتي في ولائكم واعتصامي
قد سرت منكم بنا نفخاتٌ
سريان الأرواح في الأجسام
قد أعدوا لكلّ أمر عظيم
وکستعدوا للنقض والإبرام
دامَ مجدٌ لهم وللناس مجد
ما سواهم وما له من دوام
شيّدوها مبانياً للمعالي
ما بناها مشيّد الأهرام
طهّر الله ذاتكم واصطفاكم
حجة للإسلام في الإسلام
علقتْ فيكم المطالب منّا
منذ كنتم وما علقتم بذام
كلُّ فرد منكم إمامٌ لعصر
أرضعته أمُّ العلى بلبان
قد عهدناه قبل عهد الفطام
فلئِنْ سار فيكم ذكر شعري
اخذاً بالإنسجام والإتهام
فبكم عِصْمتي وفيكم فخاري
وبلوغ المنى ونيل الحطام
إنْ كتمت الثناء حيناً عليكم
ضاق صدري به عن الاكتتام
فابق في نعمة ٍ علينا من الله
مفيضاً سوابغ الإنعام
واهنا يا سيدي بعيد سعيد
عائد بالسرور في كل عام
أترجّى الفتوح في المدح فيكم
بأفتتاحي بمدحكم واختتامي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لمن الرّكبُ حنيفاً وذميلا
لمن الرّكبُ حنيفاً وذميلا
رقم القصيدة : 22445
-----------------------------------
لمن الرّكبُ حنيفاً وذميلا
يَقْطَعُ البيدَ حُزوناً وسُهولا
يتساقون أفاويق الكرى
ويعَانون السُّرى ميلاً فميلا
فوق أنضاءٍ فرت أخفافها
شقق البيد صعوداً ونزولا
كلّما مرَّتْ برَسْمٍ دارسٍ
هملت أدمعُ عينيها همولا
وإذا ما کنتَشَقَتْها شمالا(23/250)
فكما قد شربت راحاً شمولا
أتراها ذكرت في ذي الغضا
زمناً مرَّ بمن تهوى عجولا
بدَّلت بالوصول هجراً وبما
نعمتْ بؤساً وبالريّ غليلا
قَصُرَت أيّامنا في رامة
ورباها فذكرناها طويلا
قد رَعَيْناها رياضاً أزهَرَتْ
وبكيناها رسومأً وطلولا
أينَ يا سَعْدُ ديارٌ دَرَسَتْ
وأحباءٌ بها كانوا نزولا
بدورٌ أشرفتْ أرجاؤها
لقيتْ بعد تلاقينا أفولا
أرسلُ الطرفَ فما لي لا أرى
ناظراً أحوى ولا خدّاً أسيلا
قد ذكرنا عهدَكم من بعدكم
فتحرَّقنا بكاءً وعويلا
شدَّ ما لاقيتُ من هِجرانكم
يوم أزمعتم عن الحيِّ رحيلا
واعتقلتم من قدود سمراً
واتخذتم حدقَ الغيد نصولا
أَيُّ ذكرى قد ذكرناكم بها
وكذا فليذكرِ الخلُّ الخليلا
تورثُ القلب التهاباً والحشا
حرقاً والدمع مجرى ً ومسيلا
فسقى أطلالَكُم من عَبْرَة ٍ
لم نكن نبعثها إلاّ سيولا
مغرمٌ في قبضة ِ الوجد شجٍ
لا يرى يوماً إلى الصَّبر سبيلا
وَثَنَتْه عَن مَلامٍ فيكم
طاعة ُ الحبِّ التي تعصي العذولا
قد تركْتُم في عذابٍ جَسَداً
فأَخّذْتُم قلبه أخذاً وبيلا
عَلِلّونا بنسيمٍ منكم
عَلَّ يشفينا وإنْ كان عليلا
وانصفونا من خيالٍ طارقٍ
زارنا ليلاً فما أغنى فتيلا
فأعيدوه لنا ثانية ً
وليكنْ منكم وما كان رسولا
إيّ ودينِ الحبِّ لولا سربكم
ما استباحت أعين الغيد قتيلا
ما أخو الحزم سوى من يتّقي
الشاذنَ الألْعَسَ والطرف الكحيلا
ذَلَّ عبدُ الحبّ من مُسْتَعبَدٍ
كم عزيز ترك الحبُّ ذليلا
لا رعى الله زماناً أملي
فيه يحكيني سقاماً ونحولا
إنْ يسؤني الدهر في أحداثه
سرَّني عبدالغني الدهر طولا
عارضٌ ممطرنا من سيبه
كلّ يوم وابل المزن هطولا
فتأمل في البرايا هل تجدْ
من يضاهيه جمالاً وجميلا
عارفٌ بالفضل معطٍ حقَّه
بين قومٍ تحسب الفضل فضولا
طالما استسقيته من ظمأٍ
فسَقاني من نَداه سلسبيلا
أليْسَ الدهرَ بأفعالٍ له
غرراً أشرقَ فيها وحجولا
خير ما يطرب فيه موقف
يَملأُ الأرض صهيلاً وصليلا
يوم لا تُشْرِق إلاّ بدمٍ(23/251)
مرهفاتٌ تتشكّاه فلولا
وبحرِّ الطعن أطراف القنا
والمواضي البيض كادت أن تسيلا
يا إماماً في العلى فليقتدِ
بعد ذاك الجبل في الآتين جيلا
لا مثيل لك في الناس وإنْ
كنتَ للبدر نظيراً ومثيلا
ما سواك اليوم في ساداتها
من يجير الجار أو يحمي النزيلا
ولئنْ كان قؤولٌ فيهمُ
لم تكنْ بينهم إلاّ فعولا
وإذا ما زكّيتْ أنسابها
كنتَ أزكاها فروعاً وأصولا
لم تكنْ بالغة ً منك على ً
طاوَلَتْ أعلى الجبال الشمّ طولا
ولقد أنزلتَ أعلى منزلٍ
في مقام يُرْجِعُ الطرفَ كليلا
وأبى مجدك إلاّ أن ترى
أيُّها القرمُ مُغيثاً ومُنيلا
أَفأَنْتَ الغيثُ ينْهَلُّ فما
تركت أنواؤه روضاً محيلا
إنَّ للإحسان والحسنى معاً
فيك يا مولاي حالاً لن تحولا
ينقضي جيلٌ ويستودِعُها
بعد ذاك الجبل في الآتين جبلا
أَيَّ نعمائك أقضي حقَّها
فلقد حملتني حملاً ثقيلا
نبَّهتْ حظّيَ من رقدَتِهِ
بعد أنْ أرقدة الدهر خمولا
كلُّ يوم بالغٌ منك منى ً
وعطاءً من عطاياك جزيلا
وإذا ما هجرت هاجرة
كنتَ ظلاً يُتّقى فيه ظليلا
ولقدْ ملَّتْ يدي من أخذها
منك ما تولى وماكنتَ ملولا
فكأنّي روضة ٌ باكرها
صيّبٌ أو صادَفتْ منك قبولا
وحَرِيٌّ بعدَها أنْ أنثني
ساحباً فيك من الفخر ذيولا
فابق للأعياد عيداً والنّدى
منهلاً عذباً وللوفد مقيلا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا أيُّها القمر المنيـ
يا أيُّها القمر المنيـ
رقم القصيدة : 22446
-----------------------------------
يا أيُّها القمر المنيـ
ـرُ وأيُّها الغصنُ الرطيبُ
إنّي لأعجب من هواك
وإنَّه أمرٌ عجيب
تدمى بعبرتها العيون
به وتحترق القلوب
ما لي دَعَوتُك أَنْ تصيخَ
فلا تصيخ ولا تجيب
إنْ كان ذنبي أَنَّني
أهوى هواك فلا أتوب
يا بدرُ ما نال الأفولُ
مناه منك ولا الغروب
زُرني إذا غفل الرقيب
وربَّما غفل الرقيبُ
وکعطِفْ على مضنى ً يُراعُ
إذا جفوتَ ويستريب
صبٍّ بمهجته أصيبَ
فدمْعُه أبداً صبيب
هل تدري ما تحت الضلوع(23/252)
فإنّها كبدٌ تذوب
ويلاه كيفَ أصابني
من ليس لي منه نصيب
عجز الطبيب وأيُّ داءٍ
في الفؤاد له وجيب
كيفَ الدواء من الهوى
في الحبّ إنْ عجز الطبيب
من كان عِلَّتَه الحبيبُ
فما له إلاّ الحبيب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ لعبد المحسن اليومَ منشدا
أقولُ لعبد المحسن اليومَ منشدا
رقم القصيدة : 22447
-----------------------------------
أقولُ لعبد المحسن اليومَ منشدا
له ما أَراه في الحقيقة مُرْشِدا
سَعَيْتَ فلمْ تَحْصَل على طائل به
تسرُّ صديقاً أو تسيء به العدى
وقال لك التوفيق لو كنت سامعاً
وراءك ما تبغي من الفضل والندى
وقد خاب ساعٍ أبصرَ البحر خلفه
إلى جرعة يروي بنهلتها الصدى
وأَنْفَقْتَ مالاً لو قنعت ببعضه
إذنْ لكفاك العمر مرعى ً وموردا
فما نلتَ ماحاولتَ إذ ذاك مغوراً
ولا حُزتَ ما امَّلْتَ إذ ذاك منجدا
وكم أملٍ يشقى به من يرومه
وأمنيَّة ٍ يلقى الفتى دونها الردى
فأهلاً وسهلاً بعد غيبتك التي
قضيت بها الأيام لكنّها سدى
ولُذْ بالأشمّ القَيْل إمّا مقيله
فظلٌّ وأمّا ما حواه فللندى
بعذب الندى مُرّ العداوة قادر
عَفُوٌّ عن الجاني وإنْ جار وکعتدى
أخ طالما تفدى بأنفس ماله
وأقسم لو أنصفت كنت له الفدا
ولو كنتَ ممن شدَّ عضداً بأزره
بَلَغْتَ لعمرُ الله عزّاً وسؤدداً
ولو كنتَ ذا باعٍ طويل جَعَلْتَه
بيمناك سيفاً لا يزال مجرّدا
وإنّك ما تختار غير رضائه
كمن راح يختار الضلال على الهدى
على أنَّه إن لم لك مسعدا
فهيهات أنْ تلقى من الناس مسعدا
يقيك اتّقاء السابغات سهامها
متى تَرَمْكَ الأرزاء سهماً مسدّدا
وإنَّك إن تُولِ القطيعة َ مثلَه
قطعتَ لعمري من يديك بها يدا
ولا تسلم الأطماع من بعد هذه
إلى مستحيلات الأماني مِقْوَدا
ومن سفهٍ بغيُ کمرىء ٍ وارتكابه
من البغي ما إنْ أصْلَحَ الدهر أفسدا
وعش مثل ماتهوى بظلّ جنابه
ترى العيش أهنا ما رأيتَ وأرغدا(23/253)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيُّها السَّيدُ صبراً
أيُّها السَّيدُ صبراً
رقم القصيدة : 22448
-----------------------------------
أيُّها السَّيدُ صبراً
في المصيبات الملمَّة
قد مضت زوجك للأخرى
وأمضى الله حكمه
وكذاك الناس تمضي
أمّة ً من بعد أمَّه
أيُّ شخص لم ترعه
الحادثاتُ المدلهمّه
وزعيم القوم ما ريـ
ـع وغالى الموت حمّه
كم أصابَ الحتفُ منّا
كلّما سدّد سهمه
رحمة ُ الله عليها
رحمة ً تنزل جمّة
جاوَرَتْ ربّاً كريماً
لنعيم ولِنعْمَه
قل لها وکدْعُ وأرّخَ
أنتِ في الجنّات رحمه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لا تلمْ مغرماً رآك فهاما
لا تلمْ مغرماً رآك فهاما
رقم القصيدة : 22449
-----------------------------------
لا تلمْ مغرماً رآك فهاما
كلُّ صبٍّ تركتهُ مستهاما
لو رآك العذول يوماً بعيني
تَرَكَ العذل في الهوى والملاما
يا غلاماً نهاية الحسن فيه
ما رأت مثله العيون غلاما
تاركٌ في الأحشاء ناراً وفي الأجفان
دَمْعاً وفي القلوب غراما
أتراني أبلُّ فيك غليلاً
أَمْ تراني أنال منك مراما
كلّما قلت أنتَ برؤٌ لقلبي
بَعَثَتْ لي منك العيون سقاما
وبوحيٍ من سحر عينيك يوحي
لفؤادي صبابة وغراما
عمرك الله هذه كبدي الحرّى
تشكّت إلى لماك الأواما
فاسقني من رحيق ريقك صرفاً
لا يريني كأس المدام مداما
حام خالٌ على زلالٍ برودٍ
هو في فيك فکصطلاها ضراما
أطمَعَتْه في فيك أطماعُنا فيك
فما نال بردَها والسلاما
أوَلَمْ تخشَ يا مليحُ من الله
بقتلي من غير ذنب أثاما
فالأمانَ من سحر عينيك
فقد جَرَّدَتْ علينا حساما
لستُ أدري وقد تَثَنَّيْتُ تيهاً
أقضيباً هَزَزْتَه أمْ قواما
ما هَصَرنا إلاّ قوامك غصناً
ونظرنا إلاكّ بدراً تماما
لم تَدُمْ لذة ٌ لعَيْني بمرآك
فما للهوى بصبّك داما
فإذا مرَّ بي ادكّارك يوماً
قَعَدَ الوَجْدُ بالفؤاد وقاما
فأجرني من مثل هجرك إنّي
لا أرى العيش جفوة ً وانصرما(23/254)
بل أعدُّ اليوم الذي أنتَ تجفو
فيه دهراً ويوم هجرك عالما
أينَ منك الآرام في مسرح السرب
إذا قلتُ تشبه الآراما
يا غزالاً يرعى سويدا فؤادي
لا الخزامى بحاجر والثماما
صرعتْ مقلتاك بالسحر أقوا
ماً وداوَتْ من دائها أقواما
كم سَهِرتُ الدجى بأعين صبٍّ
أمطرت مزنها فكان ركاما
والتمستُ الكرى لطرفي بطرفي
فرأيتُ الكرى عليَّ حراما
يا خليليَّ خَلِّياني من اللوم
فإنّي لا أسمع اللوَّاما
واتحفاني بطبيب أخبار نجدٍ
وصِفا لي ربوعها والخياما
واذكرا لي من اعلراق شهاب
الدين نثراً في مدحه ونظاما
فبذكر الكرام تنتعش الرو
ح انتعاشاً فتطربُ الأجساما
سادَ ساداتِ عَصْرِه ولأمرٍ
فاخر التبرُ والنضارُ الرغاما
لم يزلْ للعلاء والمجد أقسا
ماً وللعلم والنهى أقساما
فَعَلا في سماء كلّ فخارٍ
فتعالى علاؤه وتسامى
خارق فكره من العلم ما لم
يقبل الخرق قبلُ والالتئاما
فأرى الناس ما سواه وهاداً
مذْ أرينا علومه الأعلاما
يا إماماً للمسلمين هُماماً
بأبي ذلك الإمام الهماما
إنّما أنتَ رحمة ٌ رحمَ الله
بها المسلمين والإسلاما
يكشف الله فيك عن مشكلات
العلم سرّاً ويرفع الإيهاما
بكلام يشفي الصدور من الجهل
شفاءً ويبرىء الأسقاما
فكأنَّ العلومَ توحى إلى قلبك
في السرّ يقظة ً ومناما
جلّ مجدٌ حَوَيْتَه أنْ يضاهى
وكمال رُزِقْتَه أنْ يُراما
قَصُرَتْ دون ما بَلَغْتَ الأعالي
عُلوماً أُلهِمتَها إلهاما
لم ينالوا أخفافها وتسنّمتَ
برغم الأنوف منها السناما
قد رأيناك يوم جدٍّ وهزلٍ
قد بهرت الأفكار والأفهاما
فاقتطفنا من الرياض ورداً
وسمعنا من الداري كلاما
وانتشقنا نشيم رقّة ِ لفظ
كنسيم الصَّبا ونشر الخزامى
حججٌ منك توضح الحقّ حتى
أفحمتْ كلَّ ملحدٍ إفحاما
نبَّهَتْ بعد رقّة الجهل قوماً
لم يكونوا من قبل إلا نياما
محقتْ ظلمة الضلالة والغيّ
كما بمحق الضياءُ الظلاما
يمنه البيض خطّ أقلامك السمر
بلاغاً أنْ تسبق الأقلاما
أنتَ مقدامها إذا أصبح(23/255)
ـدام فيها لا يحسن الإقداما
أنتَ أعلى من أنْ يقالَ كريمٌ
فالأمانَ الأمانَ من سحر عينيك
تغمرُ الناس بالجميل وصَوْبُ
المزن يسقي البطاح والآكاما
فإذا عدَّتِ الأماجد يوماً
كنتَ بدءاً لها وكنتَ الختاما
العصر العباسي >> البحتري >> زعم الغراب منبىء الأنباء
زعم الغراب منبىء الأنباء
رقم القصيدة : 2245
-----------------------------------
زَعَمَ الغُرَابُ مُنَبّىءُ الأنْبَاءِ،
أنّ الأحِبّةَ آذَنُوا بِتَنَاءِ
فاثلِجْ بِبَرْدِ الدّمعِ صَدراً وَاغراً،
وَجوَانِحاً مَسْجُورَةَ الرّمْضَاءِ
لا تَأمُرَنّي بالعَزَاءِ، وَقَدْ ترَى
أثَرَ الخَلِيطِ، ولاتَ حِينَ عَزَاءِ
قَصَرَ الفِرَاقُ عن السّلُوّ عَزِيمَتي،
وَأطالَ في تِلْكَ الرّسومِ بُكائي
زِدْني اشْتِياقاً بالمُدامِ، وَغَنّني،
أعْزِزْ عَليّ بِفُرْقَةِ القُرَنَاءِ
فَلَعَلّني ألْقى الرّدى، فَيُريحَني،
عَمّا قَلِيلٍ، منْ جَوى البُرَحاءِ
أخَذَتْ ظُهُورُ الصّالِحِيّةِ زِينَةً
عَجَباً مِنَ الصّفْرَاءِ والحَمْرَاء
نَسَجَ الرّبيعُ لِرَبْعِها دِيبَاجَةً،
مِنْ جَوْهَرِ الأنْوَارِ بالأنْوَاءِ
بَكَتِ السّماءُ بِها رَذَاذَ دُموعِها،
فَغَدَتْ تَبَسَّمُ عن نُجُومِ سَمَاءِ
في حُلّةٍ خَضْرَاءَ نَمْنَمَ وَشيَها
حَوْكُ الرّبِيعِ، وَحِلَةٍ صَفْرَاءِ
فاشْرَبْ على زَهرِ الرّياضِ يَشوبُهُ
زَهْرُ الخُدودِ، وَزَهرَةُ الصّهباءِ
مِنْ قَهْوَةٍ تُنْسي الهُومَ وَتبعَثُ الـ
ـشّوْقَ الّذي قدْ ضَلّ في الأحْشَاءِ
يُخْفي الزّجاجَةَ لَوْنُها، فَكَأنّهَا
في الكَفِّ قائِمَةٌ بغَيرِ إناءِ
وَلهَا نَسيمٌ كالرّياضِ، تنَفّسَتْ
في أوْجُهِ الأرْوَاحِ، وَالأنْداءِ
وَفَوَاقِعٌ مِثلُ الدّموعِ، ترَدّدَتْ
في صَحْنِ خَدّ الكاعِبِ الحسْناءَ
يَسْقِيكَها رَشَأٌ يَكادُ يرُدّهَا
سَكرَى بِفَتْرَةِ مُقْلَةٍ حَوْرَاءِ
يَسْعَى بها، وَبِمثِلِها مِنْ طَرْفِهِ،
عَوْداً وَأبْداءً على النُّدَماءِ(23/256)
مَا للجَزِيرَةِ وَالشّآمِ تَبَدّلا،
بَعْدَ يابنِ يوسَفُ، ظُلْمةً بيضَاءِ
نضب الفُرَاتُ، وكان بحْراً زاخِراً،
وَاسْوَدّ وَجْهُ الرَّقّةِ البَيْضَاءِ
وَلَقَدْ تَرَى بأبي سَعِيدٍ مَرّةً
مَلْقَى الرّحالِ، وَمَوْسِمَ الشّعَرَاءِ
إذْ قَيْظُها مِثْلُ الرّبِيعِ، وَلَيْلُها
مِثْلُ النّهارِ، يُخالُ رَأدَ ضُحاءِ
رَحَل الأميرُ مُحمّدٌ، فَتَرَحّلَتْ
عَنهّا غَضَارَةُ هَذِهِ النّعْمَاءِ
وَالدّهْرُ ذُو دُولٍ، تَنَقَّلُ في الوَرَى
أيّامُهُنّ تَنَقُّلَ الأفْيَاءِ
إنّ الأمِيرَ مُحَمّداً لمُهَذَّبُ الْـ
ـإفْعَالِ في السّرَاءِ والضّرّاءِ
مَلِكٌ، إذا غشِيَ السّيوفَ بوَجْهِهِ،
غَشِيَ الحِمامُ بِأنْفُسِ الأعْدَاءِ
قُسِمَتْ يَداهُ بِبَأسِهِ وَسَمَاحِهِ
في نّاسِ، قِسْمَيْ شِدّةٍ وَرَخاءِ
مُلِئَتْ قُلوبُ العَالَمِينَ بفِعْلِهِ الْـ
ـمَحْمودِ مِنْ خَوْفٍ لَهُ وَرَجاءِ
أغْنى جماعَةَ طَيّءٍ عمّا ابْتَنَتْ
آباؤهَا القُدَمَاءُ لِلأبْنَاءِ
فَإذا هُمُ افْتَخَرُوا بِهِ لمْ يبَجحوا
بِقَديمِ مَا ودِثُوا منَ العَلْياءِ
صَعِدُوا جِبالاً مِنْ عُلاكَ، كأنّها
هَضَباتُ قُدْسَ، وَيذْبُلٍ، وَحرَاءِ
واستمطروُا في المحْلِ منكَ خَلائِقاً،
أصْفَى وَأعْذَبَ منْ زُلالِ الماءِ
وَضَمِنْتَ ثأرَ مُحَمّدٍ لهُمُ عَلى
كَلَب العدَى، وَتَخاذُل الأحْيَاءِ
ما انْفَكّ سَيْفُكَ غادِياً، أوْ رَائِحاً
في حَصْدِ هامَاتٍ، وَسفْكِ دماءِ
حَتّى كفيتَهُمُ الذي استكْفَوْكَ مِنْ
أمْرِ العِدَى، وَوَفَيْتَ أيّ وَفاءِ
ما زلْتَ تَقْرَعُ بابَ بابَكَ بالقَنَا،
وَتَزُورُهُ في غَارَةٍ شَعْوَاءِ
حَتى أخذْتَ بنصْلِ سيْفكَ عَنوَةً،
مِنْهُ الّذي أعْيا عَلى الحلفاء
أخْلَيْتَ مِنْهُ البَذّ، وَهيَ قَرَارُهُ،
وَنَصَبْتَهُ عَلَماً بِسامِرَاءِ
لمْ يُبْقِ منهُ خَوْفُ بَأسِكَ مَطَعماً
للطّيْرِ في عَوْدٍ، وَلا إبْدَاءِ
فَتَرَاهُ مُطَّرِداً عَلى أعوَادِهِ،(23/257)
مِثْلَ اطّرَادِ كَواكبِ الجَوْزَاءِ
مُسْتَشْرِفاً للشمسِ، مُنْتصِباً لهَا،
في أُخْرَياتِ الجِذْعِ كالحِرْباءِ
وَوَصَلْتَ أرْضَ الرّومِ وَصْلَ كُثَيّرٍ
أطْلالَ عَزّةَ، في لِوَى تَيْماءِ
في كُلّ يَوْمٍ قَدْ نَتَجْتَ مَنِيّةً
لِحُماتِها، مِنْ حَرْبِكَ العُشَرَاءِ
سَهّلْتَ مِنها وَعْرَ كُلّ حُزُونَةٍ،
وَمَلأتَ مِنْها عَرْضَ كلّ فضَاءِ
بالخَيل تحمِلُ كلَّ أشعثَ دارِعٍ،
وَتُوَاصِلُ الإدْلاجَ بالإسْرَاءِ
وَعَصَائِبٍ يَتَهافتُونَ، إذا ارْتَمَى
بهِمِ الوَغَى في غَمْرَةِ الهَيْجاءِ
مِثْلَ اليَرَاعِ بَدَتْ لهُ
لَفّتْهُ ظُلْمَةُ لَيْلَةٍ لَيْلاءِ
يَمْشُونَ في زَغَفٍ، كأنّ مُتونَها،
في كُلّ مَعْرَكَةٍ، مُتونُ نِهاءِ
بِيضٌ تَسيلُ، على الكُماةِ، فُضُولُها
سَيْلَ السّرَابِ بِقَفْرَةٍ بيْداءِ
فإذا الأسِنّةُ خَالَطَتْها خِلْتَها
فِيهَا خَيَالُ كَوَاكبٍ في ماءِ
أبْنَاءُ مَوْتٍ يَطْرَقونَ نُفوسَهُمْ
تحْتَ المَنَايًّا، كُلَّ يوْمِ لِقَاءِ
في عارِضِ يَدِقُ الرّدَى ألهَبْتَهُ
بِصَوَاعِقِ العَزَمَاتِ وَالآرَاءِ
أشلى على منوِيلَ أطرَافَ القنا،
فنجا عتيقَ عتيقَةٍ جَرْداءِ
وَلَوَ أنّهُ أبْطَأ لَهُنّ، هُنيهّةً،
لَصَدَرْنَ عنْهُ، وَهُنّ غَيرُ ظِماءِ
فَلَئِنْ تَبقَاهُ القَضَاءُ لوَقْتِهِ
فَلَقَدْ عَمَمْتَ جُنودَهُ بِفَناءِ
أثْكَلْتَهُ أشْياعَهُ، وَتَرَكْتَهُ
لِلْموْتِ مُرْتَقِباً صَباحَ مَسَاءِ
حَتّى لَوِ ارْتَشَفَ الحديدَ، أذابَهُ
بالْوَقْدِ مِنْ أنْفاسِهِ الصُّعَدَاءِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذا محلٌّ العلم والإفتاءِ
هذا محلٌّ العلم والإفتاءِ
رقم القصيدة : 22450
-----------------------------------
هذا محلٌّ العلم والإفتاءِ
تأوي إليه أكابر العلماء
دارٌ حوت من كلّ شهمٍ حائزٍ
بأسَ الحديد ورقَّة َ الصهباء
فيها العوارف والمعارف والتقى
وفكاهة الظرفاء والأدباء
أينَ النجوم الزهر من ألفاظهم(23/258)
ووجوههم كالروضة الغنّاء
لله دار ما خلت من فاضلٍ
أبداً ولا من سادة نجباء
ولقد يحلُّ أبو الثناء بصَدْرِها
يحكي حلول الشمس في الجوزاء
مفتي العراقين الذي بعلومه
يرقى لأعلى رتبة قعساء
لو أسمع الحجر الأصمَّ بوعظه
لتفجّرت صماؤه بالماء
للعلم والآداب شيّد داره
ولكل ذي فضل من الفضلاء
تسري بمرآها الهموم فأرخوا
دار تسرّ بها عيون الرائي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يشقُّ عليَّ أنْ تشقى بحبسِ
يشقُّ عليَّ أنْ تشقى بحبسِ
رقم القصيدة : 22451
-----------------------------------
يشقُّ عليَّ أنْ تشقى بحبسِ
وأنْ تبقى لرشٍّ أو لكنسِ
تكبَّلُ بالحديد وكنتُ أخشى
محاذَرَة ً عليك من الدمقس
وعزَّ عليَّ أنْ تبقى بدار
وما يُلفى بها غيرُ الأخسّ
أَتَخْدِمُ كلَّ مبتذَل حقير
إذا ما بِيعَ لا يُشرى بفلس
وكنتُ أغار إنْ رمقتك عينٌ
تلوّثُ عرض صاحبها برجس
تطوف بك الوجوه الغبر منهم
كما طافت شياطين بإنسي
ولو مكِّنتُ مما أشتهيه
خَدَمْتُك دون أصحابي بنفسي
تقول سلوتني ونقضتَ عهدي
وخنتَ مودَّتي ونسيتَ أنسي
معاذ الله أنْ أسلوك يوماً
ويومي في غرامك فوق أمس
تحدّثُ عن هواك دموعُ عيني
بألسنة ٍ من العبرات خرس
يجول عليك طول الليل فكري
وأصبح فيك محزوناً وأمسي
وأذكرُ ما مضى من طيب عيش
فآكل راحتي وأعضُّ خمسي
فمن غزلٍ يروق لديك مني
ومن نغم يَلَذُّ وشربِ كأس
فآها ثم آهاً ثم آهاً
على قمرٍ يدير شعاع شمس
فما أغلى ليالينا وأحلى
لقد بيعت لشقوتنا ببخس
ليلي كانت اللّذات فيها
وأيّام لنا أيّام عرس
مَضَتْ تلك السنون وفرّقتنا
حوادث من خطوب الدهر بؤس
رماها من قضاء الله رامٍ
فأنفذَ سهمه من غير قوس
ومن لي أنْ أزورك كلَّ يوم
وأنْ أسعى على عيني ورأسي
عسى لطفٌ من الرحمن يأتي
ويسعدني بسعدٍ بعد نحس
كما سعدَ العراقُ به ولاذت
برأفته أفاضل كلّ جنس
أرى ما يطمع الراجين فيه
فأطمعُ في نجاتك بعد يأس
سأُفْرِغُ للثناء عليه فكري(23/259)
وإملاء القريض عليك طرسي
ومنه إليك قد حان التفاتٌ
فأبشرْ في إزالة كل نكس
فبادر بالدعاء له وأخلص
وأنذرْ نتفَ لحية ِ كلّ وكس
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لقدْ عجبَ الحسانُ الغيدُ لمّا
لقدْ عجبَ الحسانُ الغيدُ لمّا
رقم القصيدة : 22452
-----------------------------------
لقدْ عجبَ الحسانُ الغيدُ لمّا
رأَتْ عنها سُلُوّي وکصطباري
وأنّي لا أميل إلى نديم
يروّيني بكاسات العقار
وإنّي قد مَدَدْتُ اليوم باعاً
أنال بها الذي فوق الدراري
فلا يوم صَبَوْتُ إلى الغواني
ولا يوم خَلَعْتُ به عذاري
ثكلتك ليس لي في اللهو عذر
وقد لاح المشيب على عذاري
ولست براكب من بعد هذا
جواداً غير مأمون العثار
فنم يا عاذلي بالأمن منّي
فلم تَرَ بعد عذْلك واعتذاري
وقل للغيد شأنك والتجافي
وللغزلان أخْذَكِ بالنفار
صبوتُ إلى الدمى زمناً طويلاً
وقد أَعْرَضْتُ عنها بکختياري
وكانت صَبْوتي قد خامرتني
وها أنا قد صحوتُ من الخمار
وقد هدرت زماناً فاستقرت
وكانت لا تصيخ إلى قرار
لئن ضيّعتُ أيام التصابي
فإنّي قد حظيتُ على الوقار
وكيف يجدُّ في طلب الغواني
فتى ً قد جدّ في طلب الفخار
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قلْ مثلما قد قال عبدُ الباقي
قلْ مثلما قد قال عبدُ الباقي
رقم القصيدة : 22453
-----------------------------------
قلْ مثلما قد قال عبدُ الباقي
في نعمتِ عترة ِ صفوة ِ الخلاّق
أو فاسترحْ وأرحْ لسانك واتخذ
للنطق من صمت أجلّ نطاق
إنَّ اللسان لمضغة ٌ ما لم تفه
بالطيّبات تلاك بالأشداق
أو ما تراه قد أتى بأوابدٍ
تفنى بنو الدنيا وهنّ بواقي
لله دَرُّك حكمة الإشراق
تشجي وتطربُ أنفساً وجواراحاً
فكأنَّهن صوارمُ الأحداق
ولقد أدار على العقول سلافة ً
ما لا تدور بها أكفُّ الساقي
عن بهجة المعشوق يسفر حسنها
ولواعج المشتاق في العشّاق
قد عانقت أشرافَ آل محمد
فكأنّها الأطواق في العناق
فكأنّها هبّت صَباً في روضة(23/260)
فتأرجت بنسيمها الخفّاق
رقّت فكادت أنْ تسيل بلطفها
حتى من الأقلام والأوراق
وبما غدتْ تملي ثناءً طيّباً
عن طيّبٍ في الأصل والأعراق
لُدِغَتْ أميَّة ُ منه أفعى تنفثّ
السمّ الزعاف وما لها من راقِ
كَلِمٌ ولا وخزات أطراف القنا
يلمعنَ عن صوب الدم المهراق
من كلّ قافية بثاقب فكره
يفتضُّهاعذرا بغير صداق
طوبى له في النشأتين لقد حوى
نعمَ الذخيرة ُ والثناء الباقي
فالله يَجزيه بها خير الجَزا
ويَقيه شرّاً ما له من واق
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أمَا والهوى بالوُجُوه الملاحِ
أمَا والهوى بالوُجُوه الملاحِ
رقم القصيدة : 22454
-----------------------------------
أمَا والهوى بالوُجُوه الملاحِ
لَقَد لَذَّ لي في الغرام کفتضاحي
ومن ثمَّ رحتُ وقول العذول
يمرُّ بسمعي مرور الرياح
حرامٌ عليَّ بدين الغرام
ركوني إلى ما تقول اللواحي
ويا ربّما زادني صبوة
إذا ما لحاني على الحبّ لاحي
ويوماً على غفلات الرقيب
نَحَرْتُ به الزقّ نحر الأضاحي
وما العيشُ إن كان عيشاً يسرّ
سوى كأس راحٍ وخودٍ رداح
بروضٍ تصِفّقُ أوراقه
وقبَّلَ بالقطر ثغر الأقاح
أسّرحُ طرفي بتلك الرياض
بحيث کغتباقي وحيث کصطباحي
وأسكرني طرف ذاك الغرير
بغير المدام فهل أنت صاح
بروحي ذاك المليح الذي
يحيّي الندامى برَوح وراح
تراءَتْ بوجه الحييّ الحليم
وتفعَلُ فِعْلَ السفيه الوقاح
جنحنا إلى حلبات الكُمَيْت
وليس على مطرب من جناح
فكدْتُ أطير سروراً به
ومن ذا يطير بغير الجناح
ومستملح نامم سكره
على أَنَّ فيه بقيّات صاح
فوسّدْتُه ساعدي والكرى
يخوض بعينيه حتّى الصباح
فعانقتُ منه مكانَ العقودِ
وألبستُ منه مكان الوشاح
فللّه من نشوات الصّبا
ولله من هفوات الملاح
ومن رشفاتٍ ترشّفتها
تبلّ غليلي وتأسو جراحي
أقولُ له هل تطيق النهوض
ولو مدَّ راحٍ إلى أخذِ راح
فقد نبَّهتكَ ديوك الصباح
وأكثرنَ من غلبات الصياح
فأومى إليَّ بهات الصبوح
وصرَّحَ في لفظ راح صراح(23/261)
فناولته الكأس مملوءَة ً
وغنَّيْتُه بالقوافي الصحاح
فكان له غَزَلي كلُّه
وكان لسلمان جلُّ امتداحي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنَّ الممالك في صدارة أحمد
إنَّ الممالك في صدارة أحمد
رقم القصيدة : 22455
-----------------------------------
إنَّ الممالك في صدارة أحمد
أضحتْ بطبيبِ مسرَّة ٍ وهناء
ضحكت به دار السعادة بعدما
أبكَتْ عليه أَعْيُنَ الزوراء
للدولة العلياء في سلطانها
أرّخ تصدّر مدحت العلياء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تَذَكَّرَ عَهداً بالحمى قَد تَقَدَّما
تَذَكَّرَ عَهداً بالحمى قَد تَقَدَّما
رقم القصيدة : 22456
-----------------------------------
تَذَكَّرَ عَهداً بالحمى قَد تَقَدَّما
فأجرى عليه الدَّمعَ فرداً وتوأما
ولاسيما إذ شاهد الربع لم يدع
له أهله إلاّ تلالاً وأرسما
وآثار ما أبقى الخليط بعهده
ونؤياً كمعوجِ السّوار مهدَّما
منازل كانت للبدور منازلاً
وإنْ شئتَ قل كانت محاريب للدمى
لهونا بها والعيش إذ ذاك ناعم
فلّله عيشٌ ما ألذَّ وأنعما
زمان مضى في طاعة الحب وانقضى
وصلنا به الّلذات حتّى تصرَّما
خَليليَّ عُوجا بي على الدار إنّني
أشدُّ بلاءاً بالمنازل منكما
خليليَّ هذا الحبّ ما تعرفانه
خَليليَّ لو شاهدْتُما لعرفتما
خَليليَّ رِفقاً بي فقد ضرّني الهوى
ألمْ موجعَ القلب مؤلما
ونمَّتْ على وجدي دموعٌ أرقتها
ولم يبق هذا الدمع سرّاً مكتما
فلا تمنعاني وقفة ً أنَا سائل
بها الدارَ عن حيّ نأى أين يممَّا
وَقَفْنا عليها يا هذيم وكلّنا
حريصٌ على الأطلال أنْ تتكلما
نعالج فيها لوعة ً بحشاشة ٍ
على الرسم منّا نمزج الدمع بالدما
فلم نرتحل يوماً لنسقي معاهداً
من الدار في سلع وفي الدار من ظما
بعبرة مشتاق إذا لم تجد لها
من الدمع ما يروي اتلديار بكت دما
أحِبّاءَنا شَطَّتْ بهم شطط النوى
فأتبعتهم منّي فؤاداً متّيما
هبوا لعيوني أنْ يحلَّ بها الكرى
وإنْ كان نومُ العاشقين محرّما(23/262)
أَلا رُبَّ طَيْف زَارَ ممَن احِبُّه
وما زار إلاّ من سليمى وسلَّما
سرى من زرود منعماً بوصاله
وما كان إلاّ في الحقيقة منعما
فأرَّقني والليلُ يسحبُ ذيله
وفارق صبّاً لا يزال متيما
وبرقٍ كنار الشوق توقد بالحشا
تلهَّبَ في جنح الدجى وتضرّما
بليلٍ كحظّي منه قطَّبَ وجهه
فما زلتُ أبكي فيه حتى تبسّما
أساهرُ فيه كل نجم يمرُّ بي
إلى أعين باتت عن الصبّ نوَّما
سقى الله أيّاماً خَلوْنَ حوالياً
على الجزع بالجرعاء من أَيْمَنِ الحمى
ولا بِدْعَ أنْ يسمو وها قد سما
رواء إذا ما ساقها الرعد أرزما
كراحة عبد القادر القرم لم تزل
تهامي على العافين فضلا وأنعما
يصبّ الحيا في صَوْبه مثل سَيْبهِ
كأنْ علمَ الغيثَ الندى فتعلّما
إذا جئتُه مسترفداً رِفْدَ فضله
غَدَوْتُ إذَنْ في ماله متحكما
وَرَدْتُ نداه ظامئاً غير أنَّني
وردتُ إليه البحر والبرح قد طمى
ولولا جميل الصنع منه لما رأَتْ
عيوني وجه العيش إلاّ مذمما
من القوم يولون الجميل تَفَضُّلاً
ولم يحسنوا الإحسان إلاّ تكرّما
أطرتُ لديه طائرَ اليمن أسعداً
وكنّا أطرنا طائر النحس أشأما
ودَّخرِ الذكر الحميد بفضله
ولم يدَّخرْ يوماً من المال درهما
رأيتُ يَساري كلَّما كان موسراً
ولم يرض إعدامي إذا كان معدما
فما يجمع الأموال إلاّ لبذلها
ولا يطلب النعماء إلاّ لينعما
برغم الأعادي نال همَّة نائل
فجدَّعَ آناف العداة وأَرْغما
ولو رام أنْ يرقى إلى النجم لأرتقى
ويوشك ربّ الفضل أنْ يبلغ السما
فلا غروَ أنْ يعلو وها هو قد علا
عزائِمُهُ كالمَشْرِفيَّة ِ والظُّبا
وآراؤه ما زِلْنَ بالخَطب أَنْجُما
يُصيبُ بها الأغراض ممّا يرومه
ولا يخطىء ُ المرمى البعيدَ إذا رمى
وكم من خميسٍ قد رماه عرمرم
فقرَّقَ بالرأي الخميسَ العرمرما
فلو أَبْرَزَتْ آراؤه غَسَقَ الدجى
لحثّ الدجى عن أشقر الصبح أدهما
وأَثْقَلَ بالأيدي لساني وعاتقي
أَلَمْ تَرَني لا أستطيع التكلما
وإنّي وإنْ لم أقضِ للشكر واجباً(23/263)
بمستغرم أصبحت في المجد مغرما
سكتُّ وأنطقت اليراع لشكره
فأعربَ عما في ضميري وترجما
جرى وكذا لا زال يجري بمدحه
فغرَّدَفي مدحي له وترنّما
وأوْلى الورى بالشكر من كان محسناً
وأوْلى الورى بالحمد من كان منعما
لك الله مطبوع على الجود والندى
فلو رام إقداماً على البخل أحجما
شكرتك شكر الروض باكره الحيا
سحاباً عليه آنهلَّ بالجود أو همى
لك القلم العالي على البيض والقنا
جرى فجرى رزقُ العباد مقسّما
ففي القلم الحادي وصاحبه النهى
عَلَوْتَ به حتى ظننّاه سُلّما
وسيَّرتَ ذكرَ الحمد في كلّ منزلٍ
فأَنْجَدَ في شرق البلاد وأَتْهَما
أضاءَ بكَ الأيامَ لي وتبلَّجتْ
وأشْرَق فجرٌ بعدما كان مظلما
رفعتَ مقامي مرغماً أَنْفَ حاسدي
فأَصْبحتُ إذ ذاك العزيزَ المكرّما
صفا لي منك الجود عذبٌ غديره
فجَّرعْتُ أعدائي من الغيظ علقما
أطلتَ يدي في كلّ أمرٍ طلبته
وغادرتَ شاني عبدِ نعماكِ أجذما
وبلَّغتني أقصى الرجاء فلم أَقُلْ
عسى أبلغُ القصدَ القصيٍّ وربّما
وعظَّمتني في نفس كلِّ معاند
فلا زِلْتَ في نفس المعالي مُعَظَّما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا أيّها الركب قفوا بي ساعة
يا أيّها الركب قفوا بي ساعة
رقم القصيدة : 22457
-----------------------------------
يا أيّها الركب قفوا بي ساعة
أَقْضِ لرَبْعٍ في الحمى دُيونا
ولم أَشِمْ وامضَ برقٍ لامعاً
إلاّ ذكرت الثغر والجبينا
وحين لاح الشيب في مفارقي
وكان ما لم أرضَ أنْ يكونا
وما خَلَفْتُ للغرام طاعة
وما نكَثْتُ حبلها المتينا
أَئِنُّ ممّا أضْمَرَتْ أضالعي
وكنتُ ممّن أعلنَ الأنينا
وما وجدتُ في الهوى على الهوى
غيرَ بكائي للأسى معينا
يا صاحبيَّ والخليلُ مسعدٌ
إنْ لم تعينا كلفاً فبينا
............
ومارَسَ الأيام والسنينا
وأَرَّقتْني الوُرْقُ في أَفنانها
تردّد التغريد واللحونا
كم أجّجت من الفؤاد لوعة ً
وأَهْرَقَتْ من عَبرة شؤونا
كم أرغمتْ أنفَ الحسود سطوة ً(23/264)
وغمرت بالبّر معتفينا
يا شدَّ ما كابد من صبابة ٍ
في صبوة ٍ عذابها المهينا
وفارق المَوْصِلَ في قدومه
ليثٌ هِزَبرٌ فارق العرينا
من أشرفِ الناس وأعلى نسباً
وكان من أندى الورى يمينا
وكلَّما أَمْلَتْ تباريحَ الجوى
تَفَنَّنَتْ بِنَوْحها فنونا
عوَّدَهُ على الجميل شيمة ٌ
وأورثته شدّة ً ولينا
وحلَّ في الزوراء شهمٌ ماجدٌ
نقرُّ في طلعته العيونا
أولئك القوم الذين أَنْجبَتْ
أصلابها الآباء والبنينا
وَطَوَّقَتْه في العُلى أطواقها
وَقَلَّدَتْه دُرَّها الثمينا
وأَظهروا ما أضْمروا من كيدهم
وكان في صدورهم كمينا
يحفظك الحافظ من كيد العدى
وكان حصناً حفظه حصينا
وخَيَّبَ الله به ظنونَهم
وطالما ظَنُّوا به الظنونا
وعذتُ بالرحمن وهي عوذة ٌ
أخزتَ به شيطانها اللعينا
لو كان للأيام وجهٌ حسنٌ
كان لها الوجنة والعيونا
قد طبعو على الجميل كُلّه
وإنْ أساءَ الدهر محسنينا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أحبّتنا أنتمُ على السُّخط والرّضا
أحبّتنا أنتمُ على السُّخط والرّضا
رقم القصيدة : 22458
-----------------------------------
أحبّتنا أنتمُ على السُّخط والرّضا
وفي القلب منكم لوعة ً ووجيبُ
ذكرناكم والدَّمْع ينهلُّ والحشا
تذوبُ وأجفانُ المشوق تصوب
فطار بنا شوق إليكم مبرحٌ
له زفرة ٌ توري جوى ً ولهيب
ركبنا إليكم ظهرَ كلّ مخوفة ٍ
ترامى بنا أهوالها وتجوب
وبنظرنا منها وللهول ناظر
جَلوبٌ لآجال الرجال مهيب
وخُضْنا ظلامَ الليل والليل حالك
بهيمٌ وفي وجه الخطوب قطوب
وجئْنا فلم نظفر لديكم بطائل
ولا نِيلَ حظٌ منكم ونصيب
وفينا على صدق الهوى وغدرتمُ
وفزتُمْ لدينا بالجوى ونخيب
فَمُنُّوا علينا بعدها بزيارة
بها العيش يصفو والحياة تطيب
ولا تمنعونا نظرة ً من جمالكم
فيرتاح قلبٌ أو يُسَرُّ كئيب
وإلاّ فرسلُ لاشَّوق تبعث كلّما
تَهُبُّ شمال بيننا وجنوت
على مثلنا لو تنصفون بحبكم
تُشَقُّ قلوبٌ لا تشقّ جيوب
وتظهر أسرار وتبدو لواعج(23/265)
ويشكو محبٌّ ما جناه حبيب
أَحِنُّ إليكم والهوى يستفزّني
كما حنَّ نائي الدار وهو غريب
وأطرب في ذكراكمُ ما ذكرتم
وإنّي على ذكراكم لطروب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَنْ معيدٌ ليَ مِنْ عَهد الأُلى
مَنْ معيدٌ ليَ مِنْ عَهد الأُلى
رقم القصيدة : 22459
-----------------------------------
مَنْ معيدٌ ليَ مِنْ عَهد الأُلى
زَمَناً فيه حَلا ثم خَلا
ولياليَّ بجمع ومنى
هطلَ الغَيثُ لها وکنهملا
علِلاني يا خليليَّ بما
مرَّ من أيام جَمْعٍ عَلِّلا
وبما كان بأيام الصّبا
أينَ أيامك يا سعد الألى
خَفِّفا عن دَنِفٍ حِمْلَ الأسى
فلقد أَثْقَلَه ما حملا
كان لي صَبرٌ فلّما رحل
الركبُ بالأحباب عني رحلا
نزلوا بالشّعب واختاروا على
بُعْدِهم مني فؤادي منزلا
وبنفسي من رماني عامداً
ما رَمَتْ عيناه إلاّ قَتَلا
وتظَلَّمْتُ من الحبِّ إلى
جائرٍ في حكمه ما عدلا
رمية ٌ منك أصابت مقتلي
هي من عينيك يا ريم الفلا
فاتَّقِ الله بأحشاءِ شجٍ
ما اتقى منك العيون النجلا
خضب العينين منه بدمٍ
في خضاب الليل حتى نصلا
ساهر لو عرض الغمض على
جفنه طيب الكرى ما قَبلا
خلّياني بعدَ سكّان الغضا
أَنْدُبُ الرّبع وأبكي الطللا
يا لها من وقفة في أرْبُع
أرخصتْ من أدمعي ما قد غلا
حدَّثَ الواشين جَفني في الهوى
عن دمِ الدمعِ حديثاً مرسلا
سرُّ وجدانٍ بدا لي صونه
باحتِ العينَ به فابتذلا
ولحاني صاحبٌ يحسَبُني
أسْمَع النُّصحَ وأرضى العذّلا
جادل العاذلُ حتى إنّه
كان لي أكثر شيء جَدَلا
لو رآى الحبَّ عَذولٌ لامني
عَرَفَ العاذلُ ما قد جَهِلا
يا خَليليَّ إذا لم تَعْلَما
ما أقاسي من غرامٍ فاسألا
إنَّما أحبابنا يوم النّوى
قطعوا في هجرهم ما وصلا
نقل الواشي إليهم سَلْوَتي
كَذِبَ الناقلُ فيما نقلا
هل سألتم عن فؤادي إنَّه
ما سلاكم في الهوى حتى کنسلى
لستُ أنساكم بذكرى غيركم
كيف أبغي بسواكم بدلا
إنْ علا جدُّ امرئٍ في جدّه
فعليُّ الجدّ بالجدِّ علا(23/266)
تسبقُ الأقوالَ أفعالٌ له
وإذا قال بشيء فعلا
سيّد لو أمَرَ الدهر بما
شاءَ من أمر المعالي امتثلا
وجد الدهر مزياه حلى ً
فتحلّى منه في تلك الحلى
قرأ المجدُ على أخلاقه
سورة َ الحمد قديماً وتلا
وصعابٌ المعالي لم تقدْ
قادها من غير كرهٍ ذللا
طيّب الذات رفيعٌ قدرُه
ما يريك النجم إلاّ أسفلا
سيّدٌ أشرفُ من في هاشم
شبَّ في حجر العلى واكتهلا
من أناسٍ بلغوا غاياتهم
من نوالٍ ونزالٍ وعُلى
سادة ٍ قَد أَوْضحَ الله بهم
لجميع العالمين السبلا
أنزلَ الله على جدّهمُ
سيّدِ الرسل الكتابَ المنزلا
سادة لولا هداهم بَقَيْت
هذه الناس جميعاً هملا
ما رأينا أحَداً من قبله
لاح كالبدر هزيزاً رجلا
لاح للأبصار يبدو واضحاً
وتجلّى وبه الكرب انجلى
وضحَ الصُّبحِ إذا الصبحُ أضا
أو حسامٌ مشرفيّ صقلا
أوبخفى عن عيونٍ أبصرتْ
بوجود کبن ذكاء ابنَ جلا
أَنا مِنْ آلائه في نِعمة ٍ
بالغٌ في كلِّ يوم أملا
ونوالٍ من يدٍ مبسوطة
للعطايا أرسلتها مثلا
إنّما أيديه أيدي ديمة ٍ
روَّضَتْ روضي إذا ما أمحلا
وصلاتٍ من نداه اتَّصلتْ
والنَّدى أَعْذَبُه ما اتّصلا
منهلٌ مستعذبٌ مورده
لا عَدِمْنا منه ذاك المنهلا
لا أبالي إنْ يكن لي مورداً
مرَّ يا سَعْدُ زماني أم حلا
فجزاه الله عنّا خير ما
جُوزيَ المنعمُ فيما نوّلا
إنْ يرمْ فيه مقالاً شاعرٌ
قال فيه شعره مرتجلا
دامت الأيامُ أعياداً له
وعليه السَّند وافى مقبلا
العصر العباسي >> البحتري >> يا أخا الأزد ما حفظت الإخاء
يا أخا الأزد ما حفظت الإخاء
رقم القصيدة : 2246
-----------------------------------
يا أخَا الأزْدِ ما حَفِظتَ الإخَاءَ
لمُحبٍّ، ولا َرعيْتَ الوَفَاءَ
عَذَلاً يَترُكُ الحَنِينَ أنِيناً،
في هَوىً يَترُكُ الدّمُوعَ دِماءَ
لا تَلُمْني على البُكَاءِ، فإنّي
نَضْوُ شَجوٍ، ما لُمْتُ فيهِ البُكاءَ
كَيفَ أغْدو مِنَ الصّبابَةِ خِلْواً،
بعَدَ ما رَاحَتِ الدّيارُ خَلاءَ(23/267)
غِبَّ عَيْشٍ بها غَرِيرٍ وَكَانَ الـ
ـعَيْشُ في عَهْدِ تُبّعٍ أفْيَاءَ
قِفْ بها وَقْفَةً تَرُدُّ عَلَيْها
أدْمُعاً، رَدَّهَا الجَوَى أنْضَاءَ
إنّ للبَينِ مِنّةً لا تُؤدّى،
وَيَداً في تُمَاضِرٍ بَيْضَاءَ
حَجَبُوهَا، حتى بَدَتْ لِفرَاقٍ
كَانَ داءً لعاشِقٍ، وَدَوَاءَ
أضْحَكَ البَينُ يَوْمَ ذاكَ وَأبكى
كلَّ ذي صَبْوَةٍ، وَسَرّ، وَسَاءَ
فَجَعَلْنَا الوَداعَ فيهِ سَلاماً؛
وَجَعَلْنَا الفِرَاقَ فيهِ لِقَاءَ
وَوَشْتْ بي إلى الوُشَاءِ دُموعُ الـ
ـعَينِ، حتى حَسِبتُها أعْداءَ
قُلْ لداعي الغَمامِ لَبّيْكَ، وَاحلل
عُقُلَ العِيسِ، كيْ تُجيبَ الدّعاءَ
عَارِضٌ مِنْ أبي سعيدٍ دَعَانَا
بِسَنَا بَرْقِهِ، غَداةَ تَرَاءَى
كَيفَ نُثني على ابنِ يوسُفَ لا كيْـ
ـلفَ سَرى مَجدُهُ، فَفاتَ الثّنَاءَ
جَادَ حتى أفنى السّؤالَ، فلَمّا
بَادَ مِنّا السّؤالُ، جادَ ابْتِداءَ
صَامِتيٌّ، يَمُدُّ في كَرَمِ الفِعْـ
ـلِ يَداً مِنْهُ تَخْلُفُ الأنْوَاءَ
فَهْوَ يُعطي جَزْلاً، ويُثني عليَه،
ثُمّ يُعْطي على الثّنَاءِ جَزَاءَ
نِعَمٌ، أعْطَتِ العُفَاةَ رِضَاهُمْ
مِنْ لُهَاهُا، وَزَادَتِ الشّعَرَاءَ
وَكَذاكَ السّحابُ لَيسَ يَعُمُّ الـ
ـأرْضَ وَبْلاً، حتى يَعُمّ السّمَاءَ
جَلّ عَنْ مَذهَبِ المَديحِ، فقد كا
د يَكُونُ المَديحُ فيهِ هِجَاءَ
وَجَرَى جُودُهُ رَسيلاً لجُودِ الـ
ـغَيْثِ مِنْ غَايَةٍ، فَجاءَ اسَوَاءَ
ألهِزَبْرُ الذي، إذا التَفّتِ الحَرْ
بُ بهِ صرّفَ الرّدى كَيف شاءَ
تَتَدانَى الآجَالُ ضَرْباً وَطَعْناً،
حينَ يَدْنُو فيَشْهَدُ الهَيْجَاءَ
سَل بهِ، إنْ جَهِلتَ قَوْلي، وَهل يجْـ
ـهَلُ ذو النّاظِرَينِ هذا الضّيَاءَ
إذْ مضى مُجلِباً يُقَعِقعُ في الدّرْ
بِ زَئيراً، أنسى الكلابَ العُوَاءَ
حينَ حاضَتْ مِنْ خَوْفِهِ رَبّةُ الرَّرْ
مِ صَبَاحاً، ورَاسَلَتْهُ مَسَاء
وَصُدورُ الجِيَادِ في جانِبِ البَحْـ(23/268)
ـرِ، فَلَوْلا الخَليجُ جُزْنَ ضَحَاءَ
ثم ألقى صليبه الملسنيو
س، ووالى خلف النجاء النجاء
لمْ تُقَصِّرْ عُلاوَةُ الرّمْحِ عَنْهُ
قِيدَ رمح، ولمْ تُضِعْهُ خَطاءَ
أحسَنَ الله في ثَوَابِكَ عنْ ثَغْـ
ـرٍ مُضَاعٍ أحسَنْتَ فيهِ البَلاءَ
كانَ مُسْتَضْعَفاً فعَزّ، وَمَحْرُو
ماً فأجدى، وَمُظلِماً فَأضَاءَ
لَتَوَلّيْتَهُ، فَكُنْتَ لأهْليـ
ـهِ غِنىً مُقْنِعاً، وَعَنِهُمْ غِنَاءَ
لمْ تَنَمْ عَن دُعائِهم، حينَ نادَوا
والقَنَا قَدْ أسَالَ فيهم قَنَاءَ
إذْ تَغَدّى العُلوجُ منهُمْ غُدُوّاً،
فتَعَشّتْهُمُ يَداكَ عِشَاءَ
لمْ تُسِغْهُمْ بُرُدَ جيحانَ، حتى
قَلَسُوا في الرّماح ذاكَ المَاءَ
وَكَأنّ النّفِيرَ حَطّ عَلَيْهِمْ
مِنْكَ نَجْماً، أوْ صَخرَةً صَمّاءَ
لم يكُنْ جمعُهُمْ على المَوْجِ، إلاّ
زَبَداً طَارَ عَنْ قَنَاكَ جُفَاءَ
حينَ أبْدَتْ إلَيْكَ خَرْشَنَةُ العُلْـ
ـيَا مِنَ الثّلْجِ هَامَةً شَمطَاءَ
مَا نَهَاكَ الشّتَاءُ عنها وفي صدْ
رِكَ نَارٌ للحْقْدِ تَنْهَى الشّتَاءَ
طالَعَتْكَ الأبْنَاءُ مِنْ شُرَفِ الأبـ
ـرَاجِ زُرْقاً، إذْ تَذبَحُ الآبَاءَ
بِتَّها، والقُرْآنُ يَصْدَعُ فيها الهَضْـ
بَ، حتى كادتْ تكونُ حرَاءَ
وَأقَمْتَ الصّلاةَ في مَعْشَرٍ لا
يَعْرِفُونَ الصّلاةَ إلاّ مُكَاءَ
في نَوَاحي بَرْجَانَ، إذْ أنكرُوا التّـ
كبيرَ حتى تَوَهّمُوهُ غِنَاءَ
حَيثُ لمْ تُورَدِ السّيوفُ على خِمْـ
ـسِ، وَلمْ تُحرَقِ الرّماحُ ظَمَاءَ
يَتَعَثّرْنَ في النّحُورِ وفي الأوْ
جُهِ سُكر ظماء لمّا شَرِبنَ الدّمَاءَ
وأزَرْتَ الخُيول قَبرَ امرِىءِ القَيْـ
ـسِ سِرَاعاً، فعُدْنَ منهُ بِطَاءَ
وَجَلَبْتَ الحِسانَ حُوّاً وَحُوراً،
آنِسَاتٍ، حتى أغَرْتَ النّساءَ
لمْ تَدَعْكَ المَهَا التي شَغَلَتْ جيْـ
ـشَكَ بالسّوْقِ أنْ تَسوقَ الشّاءَ
عَلِمَ الرّومُ أنّ غَزْوَكَ ما كا
نَ عِقاباً لَهُمْ، وَلَكِنْ فَنَاءَ(23/269)
بِسَباءٍ سَقَاهُمُ البَينَ صِرْفاً،
وَبِقَتْلٍ نَسُوا لَدَيْهِ السَّبَاءَ
يَوْمَ فَرّقْتَ مِنْ كَتائِبِ آرَاك
كَ جُنْداً لا يأخُذونَ عَطَاءَ
بَينَ ضَرْبٍ يُفَلّقُ الهَامَ أنْصَا
فاً، وَطَعْنٍ يُفَرِّجُ الغُمَاءَ
وَبِوْدّ العَدُوّ لَوْ تُضْعِفُ الجَيْـ
ـشَ عَلَيْهِمْ وَتَصرِفُ الآرَاءَ
خَلَقَ الله يا مُحَمّدُ أخْلاقـ
ـَكَ مَجْداً في طَيِّءٍ، وَسَنَاءَ
فإذا ما رِياحُ جُودِكَ هَبّتْ،
صَارَ قَوْلُ العُذّالِ فيهَا هَبَاءَ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَقولُ للشّامِت لمّا بدا
أَقولُ للشّامِت لمّا بدا
رقم القصيدة : 22460
-----------------------------------
أَقولُ للشّامِت لمّا بدا
يكثرُ بالتَّعنيف والشَّينِ
أليسَ يكفيني فخاراً وقد
أصبحتُ في قيدِ وزيرين
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سأَبكي وأَستبكي عليك المعاليا
سأَبكي وأَستبكي عليك المعاليا
رقم القصيدة : 22461
-----------------------------------
سأَبكي وأَستبكي عليك المعاليا
وأسْكُبُ من عَيني الدموعَ الجواريا
وأَصْلى لظى نار الأسى كلّما أرى
مكانك ما قد كان بالأمس خاليا
وإنْ لم يكن يجدي البكاءُ ولم يعدْ
عليَّ الأسى من ذلك العهد ماضيا
ومن حقِّ مثلي أنْ يذوب حشاشة ً
من الحزن أو يبكي الديار الخواليا
خلتْ من أبي محمود دار عهدتها
تضيء به أرجاءها والنواحيا
تنوَّرها من كلّ فجٍّ مؤمّلٌ
وطارق ليلٍ يبتغي العزَّ راجيا
على ثقة ٍ بالنَّيل مما يرومه
يعاني السُّرى ليلاً ويطوي الفيافيا
إذا بَلَغَتْ آل الجميل ركابه
فقد فاز بالجدوى ونال الأمانيا
ولما مضى عبد الغني مَضَتْ به
صنايع برٍّ تستفاض أياديا
مضى أيها الماضي بك الجود والندى
وأصبحَ روض الفضل بعدك ذاويا
لئِنْ كنتُ أغدو من جميلك ضاحكاً
لقد رحتُ ألفى موجع القلب باكيا
وقد كنتُ ألقى الخيرَ عندك كلَّه
إلى أنْ قضى الرحمن أنْ لا تلاقيا
فقدناك فقدانِ الغمامة أقلعتْ(23/270)
وقد ألْبَسَتْ برد الربيع اليمانيا
وكان مرادي أنْ أكون لك الفدى
ولكن أراد الله غير مراديا
على هذه الدينا العَفا بعد باسلٍ
عقير المنايا يعقر الليث جاثيا
ولو أنَّ قَرْماً يفتدى من مَنِيَّة ٍ
ويمضي بما يفدي من الموت ناجيا
فدتكَ صناديدُ الرجال وأرخصتْ
نفوساً أهانتها المنايا غواليا
لقيتُ بك الأيامَ غرّاً فأصبحت
بفقدك يا شمس الوجود لياليا
وما كنتُ أخشى أنْ أراعَ بحادثٍ
يجرُّ إليَّ القارعات الدواهيا
وفي نظر من عين لطفك شاملي
لقد كنتَ مرعيّاً وقد كنتَ راعيا
وكنتُ إذا يمَّمتُ جودك ساخطاً
على الدهر أمضي من جميلك راضيا
أمرُّ على ناديك بعدك قائلاً
سُقِيتَ الحيا المنهلَّ بالوبل ناديا
وأذكرُ ما أَوْلَيْتَني من صنايع
من البرّ معروفاً وما كنت ناسيا
وكنتُ متى أسعى إليكَ بحاجة
حَمِدْتُ لدى علياك فيك المساعيا
فيا جَبَلاً ساروا به لضريحه
يطاول بالمجد الجبال الرواسيا
وفي رحمة الرحمن أصبحتَ ثاويا
تبوَّأتَ منها مقعدَ الصدق مكرماً
ونلْتَ مقاماً عند ربك عالياً
وغودِرْتَ في دار النعيم مخلَّداً
وفارقْتَ إذ فارقْتَ ما كان فانيا
أناعٍ نعاه معلناً بوفاته
أَسْمَعْتَ أَمْ أَصْمَمْتَ، ويحك ناعيا
شققت قلوباً لا جيوباً وأذرفتْ
إلى جَنَّة ِ الفردوس والعفو والرضى
وأسرعتَ إحراقَ القلوب صوادياً
وعاجلتَ إهراق الدموع سواقيا
رُوَيْدَك ما أبقيتَ بالجود مطمعاً
ولا لذوي الحاجات في الناس راجيا
نَعَيْتَ إلى العلياء أَفلاذَ قلبِها
وأدميتَ منها مهجة ً ومآقيا
ومما يريعُ الرُّوحَ قولك بعده
لنفسي بنفسي خاطباً ومناجياً
فيا ليتني ذقتُ المنيَّة قلبه
ولم أَرَ فيه ما يشيب النواصيا
صروف المنايا العاديات كأنَّها
تخال الكرام الأنجبين أعاديا
قضى الله بالأمر الذي قد قضى به
وكان قضاء الله في الخلق جاريا
أقلِّبُ طرفي بالرجال وأغتدي
لنفسي خاطباً ومناجياً
تبدَّلتِ الشُّمُّ العرانين والتوتْ
بهم بدهى ً دهياء تُصمي المراقيا(23/271)
ولم يَبْقَ في بغداد من لو فقدْتُهُ
أَسَيْتُ له أو كان للحزن آسيا
لقد زالت الشُّمُّ الرواسي فلم نبلْ
إذا زلزلتْ بعدَ الجبال الرواسيا
سُقِيتَ الغوادي طالما قد سَقَيْتَني
فما تُدْرَكُ الآمالُ إلاّ أمانيا
وحيّاك منهلٌّ من المزن رائحاً
وحيَّاك منهلٌّ من المزن غاديا
ترحَّات عنا لا ملالاً ولا قلى ً
وهل يعرف السلوانُ بعدك ساليا
وحال الثرى بيني وبينك بالردى
فما تدركُ الآمالُ إلاّ ما أمانيا
كأَنَّك لم تُولِ ولم تُنِل
جزيلاً ولم تطلق من الأسر عانيا
عزاءً بني عبد الغنيّ فإنّكم
فقدتم به ظلاً على الخلق ضافيا
ودِرعاً حصيناً يعلَمُ الله أنَّه
مدى الدهر لم يبرح من الدهر واقيا
بنى لكم المجد الأثيلَ الذي بنى
ولا تهدمُ الأيام ما كان بانيا
إذا بزغتْ منه نجومُ مناقبٍ
أباهي بساريها النجوم السوارايا
لِمَن أنظِمُ الشعر الذي دَقَّ لفظه
ورقَّ أساليباً وراق معانيا
وما كان يحلو لي القريض ونظمه
إذا لم يكن في ذكره الشعر حاليا
وأقسمُ لو لامستُ قبرك فالغنى
وحقّك مرجوُّ الحصول به ليا
أَخَذْتَ المزايا والمكارم كلّها
جميعاً فما أبْقَيْتَ للناس باقيا
مَضَيْتَ ولم يُعْقِبْ لك الدهر ثانيا
يُراعُ بك الخطبُ المهولُ وتُنتَضى
على حادث الأيام عضباً يمانياً
وكم نعمة أوليتها وحسرة
غَدَوْتُ بها من لوعة البين شاكيا
إذا نَثَرتْ عيني عليك دموعَها
نظمتُ لأحزاني عليك القوافيا
وقد كنتُ أشتاق المدائِحَ قبلَها
وبعدك لا أشتاق إلاّ المراثيا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ناحتْ مطوَّقة ٌ في البان تزعجني
ناحتْ مطوَّقة ٌ في البان تزعجني
رقم القصيدة : 22462
-----------------------------------
ناحتْ مطوَّقة ٌ في البان تزعجني
بما تهيّجُ من وجدي وأشجاني
كأنَّما هي إذ تشدو على فنن
تشدو بذكر أصيحابي وجيراني
يا ورقُ مالكِ، لا ألفٌ أصبتِ به
ولا تناءَيْتِ عن دار وأوطان
فإنْ بكيتِ كما أبكي على سكن
فأينَ منك همول المدمع القاني(23/272)
إنّي لفي نار وجدٍ لا خمود لها
وأنتِ حَشْوَ جِنانٍ ذات أفنان
وفي الحشاشة ما ألقاه من ظمأٍ
إلى غرير بماء الحسن ريّان
إذا جنى الطرف مني عنده نظراً
أماتني طرفهُ الجاني وأحياني
كنّا وكان وأيامي بذي سَلَمٍ
بيضٌ وقد صارمتني منذ أزمان
فهل يُبَلُّ غليلُ الوجد بعدهم
من مُغرَمٍ دَنْفٍ يا سعد ظمآن
يا سَعْدُ لا الوعدُ بالقاصي أرِقت له
ولا إصطباري بعد النأي بالداني
ولستُ أَنْفَكُّ والأحشاء ظامئة
وإنْ سَقْتْها بوبل الدمع أجفاني
أصبو إذا سَجَعَت في البان ساجعة
وقد أراعُ لذكر البين والبان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جدَّ في وجده بكم فعلاما
جدَّ في وجده بكم فعلاما
رقم القصيدة : 22463
-----------------------------------
جدَّ في وجده بكم فعلاما
عذلَ العاذلُ المحبَّ ولاما
ما درى لا درى بصبوة عانٍ
وجدَ الوجدَ في هواكم فهاما
يستلذُّ العذابَ من جهة الحبّ
ويحتار في الشفاء السقاما
أيها النازحون عنّا بقلبٍ
أَخْلقَ الصَّبرَ وکستجد الهياما
علّلونا منكم ولو بنسيمٍ
يحملُ الشيّحَ عنكم والخزامى
وائذنوا للخيال يطرقُ ليلاً
أنْ يزور الخيالُ منكم مناما
لست أدري ولا المفنِّدُ يدري
أملاً ما يزيدني أمْ غراما
أَينَ عهدُ الهوى بآرام نجدٍ
وبلوغِ المشوق فيها المراما
ذكّراني بها مَسَرَّات عيشٍ
ليتَه عادَ بعد ذاك وداما
وابكياها معي وإنْ كنتُ أولى
عبرة ً منكما عليها انسجاما
ربما يَنْفَعُ البكاى غليلاً
أَو تَبُلُّ الدموعُ منّا أواما
وبنفسي أحبَّة ً أوقدوها
لوعة ً في الحشا فشبَّتْ ضراما
حرموا عيني الكرى يوم بانوا
واستباحوا دمي وكان حراما
يا لقومي وكلّ آية عذر
تعذر المستهام من أنْ يلاما
كيف ينجو من الصبابة صبٌّ
فَوَّقَتْ نحوه العيونُ سهاما
ورَمَتْه بسهمها فأَصابت
حين أصمتْ فؤاده المستهاما
ـلم ظهوراً وترفع الإيهاما
بعدَ أنْ أصبحتْ طلولاً رماما
ليت شعري وأينَ أيام فَروى
أفكانت أيّامها أحلاما(23/273)
يُنْبِتُ الحُسْنُ في ثراها غصوناً
كلُّ غصن يُقِلُّ بدراً تماما
من لصادٍ ظامي الحَشا يَتَلظّى
غلة ً في فؤاده واضطراما
لو رشفنا الحياة من ريق ألمى
ما شكونا من الجوى آلاما
لا تنوب المدام عن رشفاتٍ
من شِفاهٍ تَعافُ فيها المداما
حبّذا العيش والمدامُ مدامٌ
ذلك العصر والندامى ندامى
فسقاها الغمام أَرْبُعَ لهوٍ
كلَّما استسقتِ الديارُ الغماما
كان صحبي بها وكنّا جميعاً
نُشْبِهُ العِقْدَ بهجة ً وانتظاما
فإذا عنَّ ذكرهم لفؤادي
قعدَ الوجدُ بالفؤاد وقاما
أترى في الأنجاب كکبن عليٍّ
وهو عبد الرحمن شهماً هماما
ناشئٌ في الشباب في طاعة اللـ
ـه فكان الصَّوام والقواما
لا ينال الشيطانُ منه مراماً
ثقة ً منه بالتقى وکعتصاما
يرتقي في الكمال يوماً فيوماً
ويسودُ الرجال عاماً فعاماً
فطنة تكشف الغوامض في العلم
ظهوراً وترفع الإبهاما
فتراه إذا تَأَمَّلْتَ فيه
ألهمَ العلمَ والحجى إلهاما
زانه الله بالتقى وحَباه
عفَّة ً في طباعه واحتشاما
طاهرٌ لا يَمَسُّه دَنَسُ السُّـ
ـوءِ عَفافاً ولا يُداني أثاما
فيه من جَدِّه مناقِبُ شتّى
مُدهشاتُ الأفكارَ والأفهاما
من أراه الترياق من ضرر السُّمِّ
ـمِّ أراه على العدوِّ سماما
فرع آل البيت الذي شرَّف الله
ـهُ وأعلاهمُ لديه مقاما
فتمسَّكْ بهم ولذ بحماهم
فهمُ العروة التي لا انفصاما
يبعث الله منهم كلَّ عصرٍ
علماءَ أفاضلاً أعلاما
يمحقون الضَّلال من ظلمة الكفر
ـر كما يمحق الضياءُ الظلاما
ينفقون الأوالَ حبّاً لوجه الله
منهم ويطعمون الطعاما
دَحَضوا الغيَّ بالرشاد فما
زالوا إلى الله يرشدون الأناما
كلَّما استبشروا بميلاد طفلٍ
بشّرٍ المسلمينَ والإسلاما
وينال الوليدُ منهم علاءً
قبلَ أنْ يبلغَ الوليدُ الفطاما
نَوَّلُوا وابِلاً وجادوا غيوثاً
وکستَهلُّوا بشاشة وابتساما
لو سألتَ العلى أجابتكَ عنهم
أو سألتَ السيوفَ والأقلاما
لا يضام النزيلُ فيهم بحالٍ
وأبى الله جارهم أنْ يضاما(23/274)
بلغوا غاية المعالي قعوداً
تعجز الراغبين فيها قياما
بأَبي سيداً تهلَّلَ طفلاً
وزكا عنصراً وساد غلاما
وكأنّي به وقد وَلِيَ الأَمْرَ
وأضحى للعارفين إماما
هكذا تُخْبِرُ السعادة عَنْه
ويطيلُ العرفانُ فيه الكلاما
يتَحلَّى من فضله بِحُلِيٍّ
نَظَمَتْه غرُّ القوافي نظاما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> فديتك لا ترجو لنطقي تكلُّما
فديتك لا ترجو لنطقي تكلُّما
رقم القصيدة : 22464
-----------------------------------
فديتك لا ترجو لنطقي تكلُّما
فإنَّ يراعي عن لساني يترجِمُ
غرقتُ ببحرٍ من نوالك سيّدي
فكيفَ غريقٌ عائمٌ يتكلَّمُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ومالكة ٍ رقّي وما أنا ملكها
ومالكة ٍ رقّي وما أنا ملكها
رقم القصيدة : 22465
-----------------------------------
ومالكة ٍ رقّي وما أنا ملكها
أقولُ لها سَلمى مَلَكْتِ فأَرْفقي
لئنْ كنتِ صدَّقْتِ الوشاة َ بأنَّني
سلوتُ فما قالوه غيرُ مصدَّقِ
وبي شاهد منّي على ما أقوله
وإنْ كنتِ في شكٍّ مريب فحقّقي
يقيّدُني حِبّيْك فالدمع مطْلَقٌ
عَليك وقلبي في الهوى غير مطلق
ولم أنسَ إذ زارت على حين غفلة ٍ
تميس كغصن البان بالحلي مورق
وبتنا ولا واشٍ هناك وساعدي
يطوّقها إذ ذاك أيّ تطوّق
ودارَ من الأشواق بيني وبينها
حديثُ عتاب كالرحيق المعتّق
وكيف تراها ليلة طاب عيشها
وعهدي بطيب العيش قبل التفرق
إلى أَنْ تجلّى صارم الفجر وکنجلى
ومزّقَ بُرْدَ الفجر كلَّ ممَّزق
وقالت سليمى نلتقي بعد هذه
فقلتُ خذي روحي إلى حين نلتقي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هو الوَجْدُ يا ظمياءُ منكِ وَجَدْتُه
هو الوَجْدُ يا ظمياءُ منكِ وَجَدْتُه
رقم القصيدة : 22466
-----------------------------------
هو الوَجْدُ يا ظمياءُ منكِ وَجَدْتُه
يحمِّلني في الحبّ ما لا أطيقُه
إذا قيل لي وجدٌ فقلبي حريقه
وإن قيل لي دمع فطرفي غريقه
وحسبك من صبّ يروع فؤاده(23/275)
سنا بارقٍ يحكي فؤادي خفوقه
وكلُّ وميضٍ يا سُليمى يروعُه
وكلُّ هوى ً من آل ميٍّ يشوقه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يقول لي النَّصوحُ هلكتَ وجداً
يقول لي النَّصوحُ هلكتَ وجداً
رقم القصيدة : 22467
-----------------------------------
يقول لي النَّصوحُ هلكتَ وجداً
بمن تهوى وما كذبَ النصوحُ
وقال إلى متى تبكي رسوماً
عفتهنّ الجنوب وكم تنوح
فغضّ الطرف عن طللٍ قديمٍ
فقد أودى بك الطرف الطموح
تلوح لعينيكِ الدّمن البوالي
وقد تخفى وآونة ً تلوح
أراعك ما ترى من رسم دارٍ
وطار بقلبك البرق اللموح
فخفّضْ من فؤادك حين يبدو
لعينك بارقٌ وتَهُبُّ ريح
وفي الأطلال ما تشكو إليها
من البلوى ولكن لا تبوح
محث آثارها للحيّ نأيٌ
وممَّن أنْتَ تهواه نزوح
كما مُحِيَتْ سطورٌ من كتابٍ
وما يدري لها عندي شروح
وقد راحت ركائب آل ميٍّ
فما راحت وللمشتاق روح
فقلتُ نعم ولي جفن قريح
بعبرته ولي قلبٌ جريح
أروح على منازلها وأغدو
فأغدو يا هذيم كما أروح
لئن جاد السحاب وجاد طرفي
أريتُ الدهرَ أيَّهما الشحيح
فدعني يا هذيم بها لعلّي
أموتُ من الغرام وأستريح
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نَسيمُ الصَّبا أَهدى إلى القلب ما أهدى
نَسيمُ الصَّبا أَهدى إلى القلب ما أهدى
رقم القصيدة : 22468
-----------------------------------
نَسيمُ الصَّبا أَهدى إلى القلب ما أهدى
وقد حملتْ أرواحها الشيحَ والرندا
ولي كَبدٌ حرَّى لعلّي أرى بها
بريّا نسيمٍ مرَّ بي سحراً بردا
فأَصْبَحتُ أذري الدمع فذّاً وتَوْأماً
تخذُّ على خدَّيَّ حينئذ خدّا
كأَنّي کعْتَصَرْتُ المعصرات بأَعْين
نثرنَ غداة َ البين من لؤلؤ عقدا
فما بلَّ ذاك الدمع منّي حشاشة
أبى الله إلاَّ أنْ تضرّم لي وقدا
ولام أُصَيْحابي فؤاداً متيَّماً
فما نَفَعَ اللومُ الفؤادَ ولا أجدى
ذكرتُهم والدمع يجري فلم أكنْ
مَلَكْتُ لذاك الدمع يوم جرى ردّا
وبتُّ أداري مهجة ً لم أجِدْ لها(23/276)
خَلاصاً من الأشجان يوماً ولا بُدَّا
وقلتُ لسعدٍ دَعْ ملامَك في الهوى
فمن زادني لوماً فقد زادني وجدا
يُهَيّجُ وَجْدي وهو غير مساعدي
وما أنا لاقٍ منه إنْ لامني سعدا
يقولَ اصطبر عمَّن تحبّ وإنّني
يريني الهوى من دون ما قاله سدّا
و لاتشمِ البرق ايماني فإنَّه
متى لاح أوْرى في حشاشتك الزندا
وإيّاك إيّاك الصَّريم وأهلهَ
فإنّ الظباءَ العُفْرَ تقتنص الأُسدا
وهل نافعٌ ما قال من بعد ما رمى
لعينيه ريم الجزع سهم الردى عمدا
بنفسي الغزالُ القانصي بلواحظٍ
من السّحرِ مرضى تمنع الأسدَ الوردا
إذا ما رَمَيْن القلبَ سهماً أَصَبْنَه
كأنْ قَصَدَتْ في قتل عاشقها قصدا
به أربي يا هل ترى هذه النوى
تُبَدّلُنا بالقرب من بُعدِها بعدا
أرى النفس لا تهوى سوى من تَوَدُّه
ولم تتكَّلفْ مهجة ُ الوامق الودّا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عشتَ الزمان بخفض العيش منتصبا
عشتَ الزمان بخفض العيش منتصبا
رقم القصيدة : 22469
-----------------------------------
عشتَ الزمان بخفض العيش منتصبا
لا علَّة تشتكي فيه ولا وصبا
والحمد لله شكرانا لنعمته
أقضي به من حقوق الشكر ما وجبا
فاليوم أَلْبَسَكَ الرحمَن عافية ً
تبقى ورَدَّ عليك الله ما سلبا
من بعد ما مرضٍ برحٍ أصبتَ به
وكنتَ لاقيتَ مما تشتكي نصبا
وكم شربتَ دواءً كنت تكرَهُهُ
فكان عافية ً فيه لمن شربا
وقد ظهرتَ ظهورَ الصُّبح منبلجاً
فطالما كنتَ قبل اليوم محتجبا
تَفديك روحي وأمّي في الورى وأبي
فإنّما أنتَ خيرُ المنجيين أبا
لي فيك مولاي عن بدر الدجى عِوَضٌ
إنْ لاح بدر الدجى عني وإنْ غربا
يا بدرَ تمٍّ بأفق المجد مطلعه
من قال إنَّك بدرُ التّمّ ما كذبا
إنْ رمتُ منك مراماً نلت غايته
وإنْ طلبتُ منى ً أدركتها طلبا
وإنْ هززتك للجدوى هززتُ فتى ً
أجني به الفضَّة َ البيضاءَ والذهبا
يا أكرمَ الناس في فضلٍ وفي كرمٍ
ومن رآك رآى من فضلك العجبا
لم يذّخرْ في الندى مالاً ولا نشباً(23/277)
إنَّ المكارم لا تبقي له نشبا
هب لي رضاكِ وأتْحِفْني به كرماً
فأنتَ أكرمُ من أعطى ومن وهبا
ما زلتُ إنْ لم أَجِدْ لي للغنى سبباً
وَجَدْتَ لي أَنْتَ في نيل الغنى سببا
يَرِقُّ فيك ثنائي بالقريض كما
تنفَّسَتْ في رياض الحُزن ريحُ صَبا
ولاشعر يرتاح أنْ يثنى عليك به
وإنْ دعاه سواكم للثناء أبى
فخراً أبا مصطفى في العيش صفوته
فقد تكدَّرَ عيشي فيك واضطربا
لما انقلبتَ كما نبغي بعافية
بنعمة ِ الله قد أصبحت منقلبا
وقلتُ يوم سروري يا مَؤرِّخَه
يومٌ به البوسُ عن سلمان قد ذهبا
العصر العباسي >> البحتري >> أمواهب هاتيك أم أنواء
أمواهب هاتيك أم أنواء
رقم القصيدة : 2247
-----------------------------------
أمَوَاهِبٌ هَاتِيكَ أمْ أنْوَاءُ
هُطُلٌ، وَأخْذٌ ذَاكَ أمْ إعْطَاءُ
إنْ دامَ ذا، أوْ بعضُ ذا مِن فعْل ذا،
فني السّخاءُ، فلا يُحَسُّ سَخاءُ
لَيْسَ التي ضَلّتْ تَمِيمٌ وَسْطَهَا الـ
ـدّهْناءُ، لا بَلْ صَدرُكَ الدّهْناءُ
مَلِكٌ أغَرُّ لآلِ طَلْحَةَ فَجْرُهُ،
كَفّاهُ أرْضٌ سَمْحَةٌ وَسَمَاءُ
وَشَريفُ أشْرَافٍ، إذا احتكّتْ بهِمْ
جُرْبُ القبائِلِ، أحْسنوا وَأساءوا
لَهُمُ الفِناءُ الرّحبُ، والبيْتُ الذي
أدَدٌ أوَاخٍ حَوْلَهُ، وَفِناءُ
وَخُؤولَةٌ في هاشِمٍ ودَّ العِدَى
أنْ لمْ تَكُنْ، وَلهُمْ بِهَا ما شاءوا
بَينَ العَواتِكِ وَالفوَاطِمِ مُنْتَمىً
يَزْكُو به الأخوال والآباء
أ محمد بن علي اسمع عذرة
فيها دَوَاءٌ للْمُسيءِ، وَدَاءُ
مَا لي إذا ذُكِرَ الوَفَاءُ رَأيْتُني
ما لي مع النَّفَرِ الكِرَامِ، وَفَاءُ
يضْفو عليّ العَذْلُ، وَهُوَ مُقارِبٌ،
وَيَضِيقُ عنّي العُذْرُ، وَهْوَ فَضَاءُ
إني هجرتُكَ، إذ هجرَتُكَ، وَحشَةً،
لا العَوْدُ يُّذْهِبُها، ولا الإبْداءُ
أخْجَلْتَني بِنَدَى يدَيْكَ، فسوّدَتْ
ما بَيْنَنَا تِلْكَ اليَدُ البيْضَاءُ
وَقَطَعْتَني بالجُودِ، حَتّى إنّني
مُتَخَوّفٌ ألاّ يَكُونَ لِقَاءُ(23/278)
صِلَةٌ غَدَتْ في النّاس، وَهْيَ قطِيعةٌ
عَجَبٌ، وَبِرٌّ رَاحَ وَهْوَ جَفاءُ
لَيُواصِلَنّكَ رَكْبُ شِعْرٍ سائِرٍ،
يَرْوِيهِ فِيكَ، لحُسنِهِ، الأعْدَاءُ
حَتّى يَتِمّ لكَ الثّناءُ مُخَلَّداً
أبَدأ، كما تمّتْ ليَ النّعْمَاءُ
فَتَظَلّ تحسِدُكَ المُلوكُ الصّيدُ بي،
وَأظَلّ يحْسِدُني بِكَ الشّعَرَاءُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> فتنَ الأنامَ بطرفه وبجيده
فتنَ الأنامَ بطرفه وبجيده
رقم القصيدة : 22470
-----------------------------------
فتنَ الأنامَ بطرفه وبجيده
وأبى الهوى إلاّ تلافَ عميده
مُتَمنِّعٌ وَعَدَ المشوقَ بزَورة ٍ
يا ليتَه ممَّن يفي بوعوده
أنّى أفوزُ بطارق من طيفه
ما دام هذا الطيف في تسهيده
رشأٌ يصولُ بحدّ صارم ناظر
وَقَفَتْ أُسُودُ الغاب عند حدوده
فليحذر الصَّمصام من لحظاته
والصعدة السمراء من أملوده
تالله ما يحي المتيَّم وصله
إلاّ مميت سلوّهِ بصدوده
شهدت محاسنه بجهل عذوله
وأقام حجّة حسنة بشهوده
ولكم عصيتُ مفنّداً في حبّه
ورأيتُ عكس الرأي في تفنيده
وأقول إذ نبتَ العذار بخدّه
وَرَد الربيع فمرحباً بوروده
ولقد ظفِرْتُ به برغم عواذلي
وضمَمْتُه ولَثِمْتُ وَرْدَ خدوده
وشكرته حرَّ الفؤاد من الجوى
شوقاً إليه فجاد في تبريده
في مجلس عبقت أرائج ندّه
وتنِفَّسَتْ فيه مباخر عوده
والليل يرفل باسوداد ردائه
والرَّوضِ يزهر باخضرار بروده
ويدير شمس الراح في غسق الدجى
نظمت قوافي الشعر في تمجيده
والنَّجمُ يرقبه بعين رقيبه
والبدر يلحظه بلحظ حسوده
والزّقُّ تصْرَعُه السُّقاة وربَّما
قَطَعَتْ يدُ الندمان حبلَ وريده
حتَّى رأيتُ يسقط فوقنا
في نثر لؤلؤه ونظم عقوده
وتفتَّحَ النّوارُ في أكمامه
فكأنَّما النّوارُ أوجهُ غيده
وإذا القيان تجاوَبَتْ بلُحونها
طَرب الحَمامُ فَلَجَّ في تغريده
سفرتْ محاسنُ زهر روض زاهر
وتمايلتْ إذ ذاك هيف قدوده
والبان يركع فالنسيم إذا سرى
وَصَلَ النسيمُ ركوعَه بسجوده(23/279)
إنْ تنهبوا الّلّذات قبل فواتها
وهبَ الزّمان شقيَّه لسعيده
ودعاكم داعي الصَّبوح وإنّه
ليقوم سيفُ الصُّبح في تأييده
أو ما ترون الأقحوان وضحكه
من حَضّ داعيكم ومن تأكيده
وشقائِق النّعمان كيفَ تَضَرَّجَتْ
بدَمٍ فظنَّ الكرمُ من عنقوده
فخذوا بكأس الراح في تجديده
يومٌ به سلمان وافى مقبلاً
قد كان للمشتاق أكبرَ عيده
قرَّتْ به عين المفارق طلعة ً
قُمْرِيَّة بحضوره وشهوده
في فقده السرور وإنّما
وجدَ السرور جميعه بوجوده
وتَوَّلَّدَ الفَرَح المقيمُ لأهْلِه
وأجادَ طيبَ العيش في توليده
فكأنَّه فَلَقُ الصَّباح إذا بدا
في رفع رايته وخفق بنوده
فالسعدُ والإقبال من خدّامه
لا بل هما في الرِقّ بعض عبيده
ظفرتْ يدي منه بأكرم ماجدٍ
ما زال مجتهداً بكلّ صنيعة ٍ
يدعو الكريمُ بها إلى تقليده
المال ما ملكته راحة ُ كفه
فَدَعَتْه شيمتُه إلى تبديده
تُغني مواهبه الحطام تَكَرُّماً
نَشْراً لذكر ثنائه وحميده
إنّي لأذكره وأُنْشِدُ مَدْحَه
وأميلَ الغصن عند نشيده
ومشيد أبنية المفاخر والعلى
تسمو بيوت المجد في تشيده
إنْ عَدَّتِ الناس الفخار فإنّه
إنْسانُ مقلته وبيت قصيده
الله أكرمَ آلَ بيتِ محمّدٍ
حيث اصطفاهم من كرام عبيده
حازوا من الشرف الرفيع أبِيَّهُ
فهمُ ولاة ُ طريفه وتليده
وإذا تَوَّرثَ والدٌ منهُمْ عُلى ً
لا يورثُ العلياءَ غيرَ وليده
ما للبنين الغُرِّ من آبائه
أم أين للآباء مثل جدوده
نفسي الفداءُ له وقلَّ له الفدى
من كان للإحسان غارس عوده
الله يعْلَمُ والبريّة ُ كلُّها
أنّي أفوز بعزّه وبجوده
أقبلت إقبال السحاب تباشرت
زهر الرُّبا ببروقه ورعوده
قد غبتَ عن بغداد غيبة حاضرٍ
في فكر صاحبه وقلب ودوده
وإذا طلعتَ على الأحبَّة بعدها
فمُوفَّقٌ كلُّ إلى مقصوده
يا من يَسُرُّ الأنجبين قدومُه
كسروره بضيوفه ووفوده
فلقد ركِبْتَ الوَعَرِ غيرَ مقصّرٍ
وقَطَعْتَ يومئذٍ فدافد بيده
ولقد تَعِبْتَ فخذُ لنفسك راحة ً(23/280)
وکطلق عنان الأُنس من تقييده
واسرح من الّلذات في متنزَّهٍ
خَلَطَ الغرامُ ظِباءَه بأسُوده
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بَرَّح الشّوقُ أُصْيْحابيَ بي
بَرَّح الشّوقُ أُصْيْحابيَ بي
رقم القصيدة : 22471
-----------------------------------
بَرَّح الشّوقُ أُصْيْحابيَ بي
وبما برَّح بي قد فتكا
هي نفسٌ لا بذنب قتلتْ
ودمٌ في غير جرم سفكا
آنساتٌ من ظباء المنحنى
نصبتْ لي من هواها شركا
يا ظباءَ المنحنى أنْقِذْنَه
من هواكنَّ وإلاّ هلكا
وصبابات جوى ً ما وَجَدَتْ
بسوى قلبي لها معتركا
ولأنتم ساكني وادي الغضا
فيكم الشكوى ومنكم ما شكا
كنتم أقمارها طالعة ً
في مغانيها وكانت فَلَكا
فأثرتمْ بعدها وخّادة ً
لطمتْ وجه الفيافي رتكا
ليت شعري يومَ ولّى ركبكم
للنوى أيَّ طريق سلكا
وأحاديثُ المنى ما صَدَقَتْ
بتدانيكم وأضحت أفكا
فسقاكم وسقى عهدكم
عارض إنْ ضحك البرق بكى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شفها السَّيرُ والأسى والغرامُ
شفها السَّيرُ والأسى والغرامُ
رقم القصيدة : 22472
-----------------------------------
شفها السَّيرُ والأسى والغرامُ
ويراها الإنجادُ والإتهام
كم فرتْ مهمهاً وجابتْ قفاراً
واشتكتها الأوهاد والأعلام
فترفَّقْ بها فإنَّ حشاها
لو تأمَّلتها جوى ً وغرام
جعلتْ وردها من الماء عبّأً
أفيطفى من الدموع ضرام
كم ألمَّت بنا على آل ميٍّ
ونبا من دروسها الآلام
يوم لاح الحمى فقلت لصحبي
هذه دارهم وتلك الخيام
فنثرنا من الهوى عبراتٍ
فحسبنا أنَّ الدموعَ ركام
كلَّمتنا الديار وهي سكوتٌ
إنَّ بعضاً من السكوت كلام
ذكَّرَتْنا بها وما دام عيشاً
أَيُّ عيشٍ دامت له الأَيام
ما عَلِمنا حتى کنقضت وتولَّتْ
أنَّ أيامنا بها أحلام
إذ جلونا من الحميّا عروساً
بنت كرم لها الزجاج لثام
يا لها ساعة ً بمجلس أنس
غاب جام بها وأشْرَفَ جام
ضيَّعَتْها أيدي الحوادثِ منّا
مثلَ ما ضيَّعَ الجميلَ اللئام(23/281)
نطلب الدهر أنْ يعود وهَيْها
ت يروّى من السَّراب الأوام
وبنفسي ذاك الغرير المفدى
ففؤادي بحيه مستهام
واشتياقي إلى ارتشاف رضاب
حَسَدَتْ ذلك الرضابَ المدام
يا غزالاً فدى ً لعينك قلبي
نظراتٌ أرسلتها، أمْ سهام؟
همتُ وجداً ودبتُ فيك هياما
وقليلٌ على هواك الهيام
كيف تخفى سريرة ُ الحبِّ عنكم
وأخو الوجد دَمْعُه نمّام
ظعنَ الركب ضحوة ً وأراني
لم يطب لي بعد الحبيب مقام
فاترك الهزل يوم جدَّ بجدِّ
إنْ هزل المقام بالشهم ذام
واطلب العزَّ بالقنا والمواضي
إنّما العزّ ذابل وحسام
فمرام المنى ونيل المعالي
بسوى البيض والقنا لا يرام
وتمسَّك بسَمْهريّ وشيج
فالعوالي إلى المعالي زمام
وکقتحمها إذا نَبَتْ بك يوماً
فأرى المجد بابه الاقتحام
وکدفع الشرّ إنْ عَلِمتَ بشرٍّ
ربَّما يدفع السَقامَ السقامُ
فمتى تكبر العزائم بأساً
صَغُرَتْ عندها الأمور العظام
وَتَقَلَّدْ بالرأي قبل المواضي
ليس يجدي بغير رأي صِدام
ربَّ رأي بالخطب يفعل مالا
يفعل السَّمْهريُّ والصمصام
وکحْذِر الغَدْرَ من طباع لئيم
عنده الغدر بالصديق ذمام
وادَّخر للوغى مقالة َ حربٍ
لا تقوّي الأجسام إلاّ العظام
لا تلومي فتى ً يخوض المنايا
كلُّ جبنٍ من الحِمام حِمامُ
واصبري فالأسى سحابة ُ صيفٍ
وَلِرَبّي بأمره أحكام
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ناشداها عن فؤادي وسلاها
ناشداها عن فؤادي وسلاها
رقم القصيدة : 22473
-----------------------------------
ناشداها عن فؤادي وسلاها
أهوى ً غيرُ هواها قد سلاها؟
واذكراني يا خليليَّ لها
فَعَساها تَرحَمُ الصَّبَّ عساها
وکسألا عن مهجة ٍ دامية ٍ
رُمِيَت سهمَ غرام، مَن رماها؟
لا أبيت الليلَ إلاّ قلقاً
يمنع الوجد من العين كراها
يا غراماً بالدّمى ما تنقضي
حسراتٌ بالحشا طال مداها
وقلبي ظبية الخدر التي
ليس يهوى صبُّها إلاّ هواها
تركتني أتلظّى وأرى
ذكر نفس الصبّ من تهوى لظاها
زعمتْ أنّي سالٍ بعدها(23/282)
طلعة ً ما شاقني شيئاً سواها
لا ومن أسلو بها مغرى ً بها
وأذاب القلبَ وجداً ما سلاها
وسعى الواشي إليها بالذي
ساءَها حتى کستمرَّتْ بجفاها
هي صدَّتْ ريبة عن صبّها
فشكته يوم صدَّت وشكاها
لو درتْ إذ طلبت تعذيبه
ما يقاسي بهواها لكفاها
ما عليها في الهوى لو أنّها
سَمَعَتْ بالوصل يوماً لفتاها
فشقى داء الهوى من مهجة
علمَ الله بما ضمَّتْ حشاها
لستُ أنسى ليلة ً صحَّت بها
أعينُ الأزهار واعتلَّ صباها
وعناقي دمية القصر وقد
شغلت مقلة واشينا عماها
بت أُسقى ضَرَب الثغر ولا
أشربُ الخمرة إلاَّ من لماها
زَهْرَة ُ الدّنيا التي لا تجتنى
غير باعي في المعالي ما اجتناها
سوف أحظى بالتي أهوى وإنْ
مَنَعوها عن عيوني أنْ تراها
أترى تحجب عن ذي هِممٍ
كسيوف الهند بتّار شباها
لو رآى من دونها نار الوغى
تتلظّى بالمنايا لاصطلاها
لا ترقَّيْتُ العلى إنْ لم أكنْ
مْبلِغاً نفسيَ بالسيف مناها
فلئنْ خانَت أخلاّئي فما
خانني من هِمَمي ماضي ظباها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> حائزَ الفضلِ والكمال جميعه
حائزَ الفضلِ والكمال جميعه
رقم القصيدة : 22474
-----------------------------------
حائزَ الفضلِ والكمال جميعه
أنتَ رأسُ العلى وصدرُ الشريعه
أنا أهوى غرائِب القول طبعاً
فأَعْرني يوماً كتابَ الطبيعه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
رقم القصيدة : 22475
-----------------------------------
متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
ويَقْضي لباناتِه مُغرَمُ؟
ويحظى بمطلبهِ آملٌ
بأَحشائه لوعة ٌ تُضْرَم
لقد قوَّضَ الركب يوم الخليط
فأنجدَ في قلبي المتْهِمُ
وروَّعني ضيفُ طيفٍ سرى
يُراعُ به كبدٌ مؤلم
خليليَّ هلْ وقفة في الديار
يسِحّ بها المدمَع المُسَجم؟
فإنّا وقفنا عليها ضحى ً
وكلٌّ من الركب مستغرم
وأفشى بسرّي دمع العيون
وسر الصبابة لا يكتم
فأَتْرُكُ خوف الوشاة البكا(23/283)
وقد يترك المرءُ ما يلزم
إذا ما نسينا عهودَ الغوير
تذكّرنا عهدها الأرسمُ
فيا حبذا يومُنا بالعقيق
مضى وکنقضى يومُها الألْوَم
بحيث تلوح شموس الطلا
ولون الدجى فاحمٌ أسحم
إلى أنْ تبّدى كَميتُ الصباح
وأدبرَ من ليلنا الأدهمُ
تصرَّمَ عهدُ النّقا بالنوى
فما للتصبُّر لا يصرم
أتنكر قتلي، غزالَ الصَّريم
ويشهدُ لي خدُّك العندم؟
ففيمَ أرقتَ دمي عامداً
وحلَّلت في الحبّ ما يحرم؟
حكمتَ عليّ بأمر الغرام
وإنّي لحكمك مستسلم
وقلتُ لمن لامني في هواك
جَهِلتَ ثكلتك ما أعلم
وأرّقَني في الدجى بارقٌ
كما استلَّ من غمده مخذم
وشوّقَني لظِباءِ الحمى
فأَسْقَمَني والهوى يُسْقِم
عجبتُ وكيف وهنَّ الظباء
يُصاد بأجفانها الضّيغمُ
ويسلمُ من مرهفات السيوف
ومن لحظهنّ فلا يَسْلَم
ومن مثلهنَّ أخاف الصّدام
ويصدم مثلي ولا يصدم
هَوَيتكمُ يا أُهيل الحَطيم
وهذا الهوى كلُّه منكم
قضيتم على صبّكم بالعباد
وإنَّ قضاءَ النوى مبرم
فلم يصفُ لي بعدكم مشربٌ
ولا لذَّ لي بعدكم مطعم
وأصبرُ في مُعضَلات الخطوب
وصبر الفتى للفتى أسلم
وعرضي نقيٌّ وأنفي حميٌّ
وبأسي كعزميَ لا يُثلم
ولولا مكارم مفتي العراق
وما غيره المكرمُ المنعم
لما کعتذر الدهرُ من ذنبه
ولا استغفر الزمنُ المجرم
مناقبُ محمود محمودة ٌ
وفوق جباه العلى تُرقَم
رقيق الحواشي كريم الطباع
فهذا هو الأكرم الأشيم
يُنبّيء عن خَلقِه خُلقُه
ويؤذنُ في سيبه المبسمُ
فمنْ أمَّل الفضل من كفّه
وُجودَ أياديه لا يحرم
لأيديهِ في كلّ عنقٍ يدٌ
ومنها أفضيت لنا أنعم
ببأسك أقسِم لا حانثاً
وفي غير بأسك لا أقسم
لأنتَ الفريدُ بهذا الزمان
ومنهجُك المنهجُ الأقوم
وأنتَ الفخارُ ومنك الفخارُ
بمثلك فلْيَفْتَخر آدم
بنيتَ بنفسك بيتَ العلى
إلى أبد الدهر لا يُهدمُ
فَهِمْتَ الرموز من المشكلات
وغيرُك من ذا الذي يفهم
كشفتَ غوامض إشكالها
وفي كشْفكَ اتّضح المبهَمُ
وإنَّ لك الحُجَجَ البالغاتِ
يقرُّ بها المؤمنُ المسلم(23/284)
جوابُك يا سيّدي مُسكِتٌ
ونُصْحُكَ يا سيّدي مُفحِمُ
يمرُّ بسَخْطك حلوُ المذاق
ويحلو بنائِلك العلقم
إذا ما كتبتَ فإنَّ اليراع
بأنملكَ السيفُ واللهذم
ونثرُك يُزري بعِقْد الجمان
قدرّ المعاني بها تنظم
قليلٌ بحقّك ما نِلتَه
وقَدرُك أكبر بل أعظم
نَشَرْتُ بحقّك طيَّ المديح
وفي مدحك الدين والدرهم
لأنّي بحضرتك المستجير
وإنّي بحبلك مستعصم
وفيك أَسُرُّ الوليَّ الحميمَ
وفيكَ أُنُوفَ العِدى أُرغم
أهنِّيكَ بالعيد يا عيدَنا
فأنتَ الهناءُ لنا والأعظم
بفَضْلِك رَغماً يُقِرُّ الحسُود
وينطقُ في مدحكَ الأبكم
أَجِزني رضاك فثَمَّ الغنى
لأنَّ رضاك هو المغنم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بحُكْمِك زالَ الظلمُ وکبتَسَم العَدلُ
بحُكْمِك زالَ الظلمُ وکبتَسَم العَدلُ
رقم القصيدة : 22476
-----------------------------------
بحُكْمِك زالَ الظلمُ وکبتَسَم العَدلُ
وفي سيفك الماضي وفي قولك الفعل
وما زلتَ ترقى رتبة ً بعد رتبة ٍ
ومثلُك من يسمو ومثلك من يعلو
وقُلِّدْتَ أمراً أنتَ في الناس أهلُه
ولا منصب في الحكم إلاّ له أهل
وقدّمتَ في أمر الوزير وإنّما
علينا له في مثل تقديمك الفضل
وقُمْتَ بتدبير العراق مقامَه
فما ضعضع الأقطارَ نصبٌ ولا عزل
وكادت تمور الأرض جهلاً فعندما
استقر عليها أمركَ ارتفع الجهل
يزينك عقلٌ راجح ورزانة
ألا إنّما الإنسان زينته العقل
وفيك کجتماع الفضل والحسن كلِّهِ
وأحسنُ ما فيك الشجاعة والبذل
أَطاعَتْك هذي الناس خوفاً ورغبة
فللطائع الجدوى وللمفسد القتل
وما زِلتَ مُذ وُلِّيتَ أمراً نظمته
حُسامُك مُستلٌ وسيبك منهل
وما أنا بالداري إذا كنت في الوغى
أعزمك أم ما کستُلّ في كفّك النصل
بنفسك باشرتَ الأمور جميعها
فلا وكلٌ عند المرام ولا كلُّ
إذا أطمعتك النفس بالشيء نلته
وإنْ وعدتك النفس شيئاً فلا مطل
ولست كمن يبغي الأمانيّ بعدما
تصرَّمتِ الآمال وانقطع الحبل
أحالوا على الرمل المانّي ضلّة(23/285)
وأكذب شيء ما يقوله به الرمل
ولكنّما أنتَ الذي نال حزمه
مناه ولم يبعد عليه بها نيل
وفتَّحتَ أبوابَ المكارم بالندى
وكان عليها قبل تفتيحها قفل
ليهن العراقين الهناء فقد سرى
إليها المحض والنائل الجزل
عَقَدْتَ أموراً قد تمادى کنحلالها
ومثلُكَ من في أمره العقد والحلّ
وكم لك يوم ضرب والطعن موقف
هو الهَوْلُ بل من دون موقفه الهول
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ لها يومَ جدَّتْ بنا
أقولُ لها يومَ جدَّتْ بنا
رقم القصيدة : 22477
-----------------------------------
أقولُ لها يومَ جدَّتْ بنا
وقد أوجبَ المجدُ ترحالها
إلى حيث تهوى نفوس الكرام
وتبلُغُ بالعِزّ تسآلَها
لئن جزتِ بي أثلاث الغوير
وجُبْتِ الديارَ وأطلالها
سقيتك يا ناقُ من مائها
وقلتُ کشربي اليوم جريالها
ونشَّقْتُك الريحَ من حاجر
تجرُّ على الرَّند أذالها
رآها هذيم كأنَّ الغرام
يقطّع بالوجد أوصالها
متى ذكرت عهدها باللوى
أهاج التذكّرُ بلبالها
تُؤَمِّل في ذي الغضا وقفة ً
ويحرمها البين آمالها
فقال بها والهوى جنّة
وكم أتلفَ الشوقُ أمثالها
فلو صَبَرتْ عن ربوع الحمى
لكان التصبُّرُ أولى لها
وهل تقبل النفس مشغوفة
بمن هي تهواه عذّالها
عَرَفْتُ بآي الهوى ما بها
وأنْتَ تقول لنا ما لَها
وقالت ومن حالها يا هذيم
لسان يترجم أقوالها
نعمتُ زماناً بتلك الوجوه
وقاسيتُ من بعد أهوالها
حسبتِ بعنيك هذي الدموع
تريدين يا ناقُ إرسالَها
هَلُمّي بنا نستجَّد البكاءَ
فَقَدْ حَمَّلَ العينَ أثقالَها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَن لِصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ
مَن لِصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ
رقم القصيدة : 22478
-----------------------------------
مَن لِصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ
يشتكي المهجة َ من رمحٍ وصارمْ
عاقدَ الحبَّ على أنْ لا يرى
في التصابي غير محلول العزائم
إنّما تفتك في أحشائه
نظرات ليس ترقيها التمائم(23/286)
رحمة للصبِّ ما يشكو إلى
راحمٍ يوماً وهل للصبّ راحم
يا خليليَّ کنصفاني من جوى ً
أنا نظلومٌ به الشوق ظالم
ما لهذا البرق يهفو وامضاً
بات يبكيني نجيعاً وهو باسم
ويثير الوجْدَ يوري زنده
فاحمَ الليل وفرع الليل فاحم
أذكرُ العيش وأيّام الحمى
ناعمات العيش بالبيض النواعم
يا سقى الله الحمى من موطن
يزأرُ الليث به والظبي باغم
كم وكم قد فتكتْ فکنتصرْت
أعينُ الغزلان بالأسد الضراغم
وكميٍّ حازمٍ أَصْبَحَ في
قبضة الحبِّ وما ثمَّة َ حازم
نام عنّي غافلاً عن كمدي
رب ساع ساهِر الطرف لنائم
ويمجُّ الشَّهدَ من ريقته
ولحظّي منه تجريع العلاقم
حاربتني الأعينُ النجلُ ومن
مُهْجَتي غُذُّوا ومن لي أَنْ تسالم
ما أحلَّ القتل إلاَّ عامداً
مستبيحٌ سيفُ عينيه المحارم
معجبٌ من حسنه مبتسمٌ
يودعُ اللؤلؤ هاتيك المباسم
قاتلي من غير ذنبٍ في الهوى
أنتَ في قتلي رعاك الله آثم
سفكت أحداقك اسودَ دمي
أينَ من أحداقك البيض الصوارم
فِعْلُ أَلحاظك في عُشّاقها
يتعّدى بشباها وهو لازم
لي على قدّك نوحٌ في الدجى
مثلما ناحت على الغصن الحمائم
ساغ ما جرَّعتني من غصَّة ٍ
غير أَنّي عن جنى ريقك صائم
فَضَحَ الحبُّ الهوى في أهْلِهِ
وبدا من كاتمٍ ما هو كاتم
لا أرى الله عذولي راحة ً
لامني فيك فما أُصغي للائم
وبلائي كلُّه من لائم
باتَ يلحو وحبيبٍ ولا يلائم
والهوى داء كمين في الحشا
ليت شعري ما لهذا الداء حاسم
كان لي صبرٌ فما دام وما
كان صبر الصبّ بعد الصدّ دائم
كيف يسلو ذاكرٌ عهد الهوى
جدَّدَ الذكر لعهد متقادم
عَجَباً للشَّوْق يبني ما بنى
يا ترى يهدمه من بعدُ هادم
وبصدري زفرة ٌ لو كشفت
للصَّبا يومئذٍ هَبَّت سمائم
غير أَنّي والأماني جمَّة
لا أبالي وأبو سلمان سالم
سيّدٌ أمَّا نداه فالحيا
مستهلٌّ من سَحابٍ متراكم
فهو للصّادي إذا بلَّ الصدى
مَوْرِدٌ عذبٌ وبحرٌ متلاطم
شِمْتُ منه البَرق عُلْويَّ السنا
مُؤْذِنُ العارضِ بالغيث لشائم(23/287)
كسَحاب القطر إلاَّ أنَّه
يتبع الساجم منهلاً بساجم
إنَّ مَن يرويك عنه خبراً
لا كمن يرويك عن كعب وحاتم
عن رسول الله عن أبنائه
ما رَوَيْنا من أحاديث المكارم
صفوة الله من الخلق وهم
عالم المعروف والناس عوالم
هم هداة الخلق لولا جدُّهُم
وهداهم كانت الخلق بهائم
آلَ بيتٍ خُلِقوا مذ خُلِقوا
للعلى ركناً وللدين دعائم
فتحَ الله علينا بهمُ
في مفاتيح العطايا والخواتم
حبّذا نَجْلُ عليٍّ إنَّه
عبقُ الأخلاق عطريُّ النسائم
قال من أَبْصَرَه مستبشراً
هكذا فلْتَكُ أبناءُ الأكارم
وارثٌ بعد أبيه في العلى
من بني هاشم ما أَوْرَثَ هاشم
شرفٌ محضٌ ومجدٌ باذخ
أيُّ فرعٍ من فروع الفخر ناجم
يرتقي في كلّ يوم رفعة
في المعالي ليس ترقى بالسلالم
بأبي الأشراف عن بأس لهم
أعربت سمر القنا وهي أعاجم
وتوالت من يديهم أنعمٌ
فاز من كان لها عاش لائم
لي ولي منكم وأَنْتم أهْلُها
نعمٌ ترفعني فوق النعائم
فجزيتم سيّدي عن شاعرٍ
ناثرٍ فيكم مدى الدهر وناظم
مثلَ ما هَبَّتْ صَباً من حاجر
ترقص الأغصان منها بالكمائم
ولنعمائك فينا أثرٌ
إنَّ آثارك آثار الغمائم
هل درى السيّد فيما قد درى
أَمْ هو الآن بما أعْلَمُ عالم
إنَّ هندواتكم في كربة ٍ
ما له منها سواك اليوم عاصم
تابَ ممّا قد جنى من ذنبه
وعلى التوبة ِ قد أصبح نادم
ولهذا أنا بکستعطافكم
قارعٌ باللُّطف أبوابَ المراحم
إنْ تشأ أنقذته أوْ لا فلا
فَعلَى أيّهما أصبَحْتَ عازم
فتعطَّفْ سيّدي والطف به
وعليه إنَّه مولاي خادم
دُمْتَ لي ظلاً ظليلاً وله
وإنَّما ظلُّك للراجين دائم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جسدٌ أشبهُ شيءٍ بالخيال
جسدٌ أشبهُ شيءٍ بالخيال
رقم القصيدة : 22479
-----------------------------------
جسدٌ أشبهُ شيءٍ بالخيال
وفؤادي عن هَواكم غيرُ سالِ
وعيونٌ نَثَرَتْ أدمُعَها
لثغورٍ نُظِمَت نَظْمَ اللآلي
دَنِفٌ لولا هواكم ما کغتدى
معَ حسن الصبر في أسوأ حالِ(23/288)
قد يراه الشوق فيكم فانبرى
وهو لا يُمتاز من عُود الخلال
مُعرِضاً عن عاذلٍ في حبّكم
لم يَكَدْ يُصغي إلى قيل وقال
سادة ِ الدنيا وأعلام الهدى
لشجٍ أصبحَ مشغوفاً بخالي
هل ترتحون محبّاً من جوى ً
أو تُبِلّون غليلاً ببلال
وخيالٍ زَارني منكم فما
زادَني إذ زارني غيرَ خيال
هيَّجَ النار التي أعهدها
ذات إيقاد بقلبي واشتعال
ضاربٌ لي مثلاً منكم وما
لوجوه أَجْتَلِيها من مثال
وبذكراكم على شحط النوى
كيف لا أشرقُ بالماء الزلال
إنَّ بالشّعب سقى الشّعبَ الحيا
آل بيت المصطفى من خير آل
نَظَمَتْنا الراحُ في أسلاكه
في ليال مثل أيّام الوصال
كان للّهو به لي منزلٌ
غرّة في الأعْصُر الدهم الأوالي
سنحتْ فيه الظّبا واقتنصت
مهجَة الضيغم أَحداقُ الغزال
سحرتني يا ترى من ذا الذي
علّم الأحداق بالسحر الحلال
ورَمَتْني فأَصابت مَقْتَلي
يا سلمى ما لعينك وما لي
كم أرتني لا أرتها راحة ً
غيرَ ما يخطرُ منهنَّ ببالي
نظراتٌ كنتُ قد أرسلتها
وبها يا سعد قد كان وبالي
ليتَ شعري يومَ صَدَّت زَينَبٌ
لملالٍ كان منها أمْ دلال؟
موقف التوديع كم أَجْرَيْتَ لي
عبراتٍ رخصت وهي غوالي
لم أجد فيك التفاتات إلى
كبدٍ حرّى ولا دمعٍ مذال
أينَ لا أينَ لنوقٍ أَصْبَحَتْ
تتراءى بين حلٍّ وارتحال
قد ذكرنا عهدكم من بعدكم
فتعلَّلنا بأنفاس الشمال
انقضى العهدُ جميلاً وانقضتْ
دولة ٌ كانت لربات الرجال
كنتُ مشغوفاً فلّما أنْ بدا
وضحُ الشَّيب بفوديَّ بدا لي
وأراني في خطوبٍ طبّقتْ
أنا والأيام في حربٍ سجال
من رآني قال لي ممّا أرى
هكذا تصنع بالحر الليالي
لَسْتُ منحطّاً بها عن رتبة
ومقامي من عليّ القدر عالي
من مُثيبي سَعَة العيش وإنْ
كنتُ منها اليوم في ضيق مجال
مَوْرِدٌ أَصْدُرُ عنه بالذي
أَبْتَغيه منه في جاه ومال
إنْ تَقَدَّمْتُ إليه فالمنى
من نداه والعطاء المتوالي
وإذا أبصرتُ منه طلعة ً
راعني بين جمالٍ وجلال
لم تَطِشْ دهياءُ ما وقَّرها(23/289)
من حُلومٍ راسيات كالجبال
ومزيلٍ كلَّ خطبٍ فادحٍ
للرزايا غير مرجوّ الزوال
لم تكد تحصى سجاياه التي
رفعَ الله بها بيتَ المعالي
وخلالٍ يُشْرِفُ المجدُ بها
يُعْرَفُ المعروف من تلك الخلال
مُتْبِعُ الحسنى بحسنى مثلها
يصلُ الدهر بها والدهر قال
رجلٌ أوتي من خالقه
صولة ترغمُ آناف الرجال
يتوالى مُنْعِماً إحْسانَه
وأجلُّ الغيث ما جاءك تالي
ولهُ الله فغايات العلى
نال أقصاها على بعد المنال
آل بيتٍ كلّ خير فيهمُ
منقذي العالم من هلك الضلال
بأَبي من سادة أذخرهم
لمعاشي ومعادي ومآلي
قَوَّموا الدينَ وشادوا مجده
ثَقَّفوا السؤدد تثقيف العوالي
دوحة ٌ شامخة ٌ منها الذرا
أنا منها أبداً تحت ظلال
كَمُلَ الفَضل بهم بهجته
أين بدر التم من هذا الكمال
شغل الشكر لساني ويَدي
بعليٍّ بعد محمود الفعال
رُحْتُ أسْتَحلي قوافيَّ به
وهيَ فيه أبدَ الدهر حوالي
لعطاءٍ غيرِ ممنونٍ ولا
يحوج العافي إليه بالسؤال
إنَّ لي فيه وربّي أملاً
منجز الميعاد من غير مطال
فكأنّي روضة ٌ باكرها
صيّبُ المزن وحالاً بعد حال
لا أرى منفصلاً عن ثروة
وبعليائك مولاي اتصالي
نِلتُ فيك الخير حتى إنّني
صرتُ لا أطمع إلاّ بالمحال
منعمٌ في كلِّ يومٍ نعمة ٍ
وكذاك المفضل العذب النوال
لا براحٌ عن مغاني سيّد
ولدى عليائه حطّت رحالي
جزتَ أجرَ الصَّوم فاهنأ بعده
سيّد الاسدات في هذا الهلال
العصر العباسي >> البحتري >> طيف الحبيب ألم من عدوائه
طيف الحبيب ألم من عدوائه
رقم القصيدة : 2248
-----------------------------------
طَيْفُ الحَبيبِ ألَمّ مِنْ عُدَوَائِهِ،
وَبَعيدِ مَوْقعِ أرْضِهِ، وَسَمَائِهِ
جَزَعَ اللّوَى عَجِلاً، وَوَجّهَ مُسرِعاً
مِنْ حَزْنِ أبْرَقِهِ، إلى جَرْعَائِهِ
يُهْدِي السّلامَ، وَفي اهتداءِ خَيالِهِ
مِنْ بَعدِهِ، عَجَبٌ، وَفي إهدائِهِ
لَوْ زَارَ في غَيرِ الكَرَى لَشَفاكَ مِنْ
خَبَلِ الغَرَامِ، وَمِنْ جوَى بُرَحائِهِ(23/290)
فَدَعِ الهوَى، أوْ مُتْ بدائِكَ، إنّ من
شَأنِ المُتَيَّمِ أنْ يَمُوتَ بِدائِهِ
وَأخٌ لَبِسْتُ العيش أخضَرَ ناضِراً
بكَرِيمِ عِشْرَتِهِ، وَفَضْلِ إخائِهِ
ما أكثرَ الآمَالَ عِنْدِيَ، وَالمُنى،
إلاّ دِفَاعُ الله عَنْ حَوْبَائِهِ
وَعَلى أبي نُوحٍ لِبَاسُ مَحَبّةٍ،
تُعْطيهِ مَحضَ الوِدّ منْ أعدائِهِ
تُنبي طَلاقَةُ بِشرِهِ عَنْ جُودِهِ،
فَتَكَادُ تَلْقَى النُّجْحَ قَبْلَ لِقائِهِ
وَضِيَاءُ وَجْهٍ، لوْ تَأمّلَهُ امرُؤٌ
صَادي الجَوَانحِ لارْتَوى من مَائِهِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> خليليَّ هلْ لي بعدَ أسنمة النّقا
خليليَّ هلْ لي بعدَ أسنمة النّقا
رقم القصيدة : 22480
-----------------------------------
خليليَّ هلْ لي بعدَ أسنمة النّقا
بسَلْع إلى مَن قد هَوَيْتُ وُصولُ
فقد حال لا حال کشتياق اليهم
مراحلُ فيما بيننا ورحيل
حملتُ هواهم يا هذيم على النوى
وما كلُّ صبِّ يا هذيم حَمُول
فَصِرْت إذا لاحت لعينيَّ أرسمٌ
بدارٍ خلتْ من أهلها، وطلولُ
أكفكفتُ من عينيَّ دمعي خشية
من الواشي أنْ يدري بها فتسيل
أفي كلّ رسمٍ دارسٍ لي وقفة
تطول عليه أنَّة ٌ وعويل
وأرعى نجوم الليل وهي طوالع
إلى حين تلقى الغرب وهي أفول
لعلَّ خيالاً طارقاً منك في الكرى
فيُشفى عليلٌ أو يُبَلَّ غليل
وأرسلُ في طيّ النسيم تحيّة
إليكَ وما غير النسيم رسول
نظيرك مكحول النواظر خلقة ً
غرير غضيض الناظرين كحيل
فإن نظرتْ عيناك عيني تارة
رأيتَ سيوف الحتف كيف تصول
وما فتنة العشاق إلاّ نواظر
تصابُ قلوب عندها وعقول
عصيتُ بك العُذّال في طاعة الهوى
إذا لام جهلاً لائمٌ وعذول
وما أثقلَ القولَ الذي لامني به
وإنْ كنتُ مشتد القوى لضئيل
وليسَ يعينُ المستهام على الأسى
من الوجد إلاَّ صاحبٌ وخليل
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جسدٌ ذاب نحولاً وسقاما
جسدٌ ذاب نحولاً وسقاما
رقم القصيدة : 22481
-----------------------------------(23/291)
جسدٌ ذاب نحولاً وسقاما
وفؤادٌ زيدَ وجداً وغراما
دنِفٌ لولا تباريح الجوى
جعلَ اللائمَ في الحبّ إماما
ما الذي أوجبَ ما جئتم به
من صدود وعلاما وإلاما؟
يا أباة الضّيم مالي ولكم
أفترضون بمثلي أن يضاما
أظهرُ الصبرَ وعندي غيره
غير أنّي أكتم الوجد اكتتاما
وأراني جَلِداً فيما أرى
من أمور أعرفتْ مني العظاما
إنَّ برقاً شمته من جانب العارض
الوسميّ أبكاني ابتساما
ويح قلب الصبّ لمْ لا ينثني
فإذا قلت کستفق يا قلب هاما
ما بكى المغرم إلاَّ بدمٍ
بلَّ كُمَّيْهِ وما بلَّ أواما
قوَّض الركبُ وأبقى لي الأسى
لا الجوى ولّى ولا الصبر أقاما
ونأتْ سَلمى فهلْ من مبلغٍ
منكما عنّي إلى سلمى سلاما
خفرت من عاشق ذمَّته
إنَّ للعشاق في الحبّ ذماما
لستُ أنسى السِّرب أشكو بعده
كبداً حرّى وقلباً مستهاما
راح يرميني بسهمي ناظرٍ
غنجٍ أحوى ويُدميني قواما
أَيُّها الرامي فؤادي عَبَثاً
بؤت بالوزر وقلّدت أثاما
ما لِمَنْ حَلَّل قتلي في الهوى
حَرَّم الوصل وما كان حراما
أرأيتم أنَّني من بعدكم
في عذاب لم يكن إلاَّ غراما
إنْ يلاقِ الصبحُ ما لاقيتُه
أصبحَ الصبحُ لما يلقى ظلاما
بَرَزَتْ أسماءُ أو أترابُها
يُوقِرَنَّ السَّمْعَ عذلاً وملاما
يتناجين بإيلام فتى ً
ضَيَّعَ الحزم فلم يشدد حزاما
قلنَ لو رام وما في باعه
قصرٌ أدرك بالسعي المراما
لو تنبَّهت لها مجتهداً
كيف بالحظِّ إذا ما الحظُّ ناما
أو رأى المقدور فينا رأيه
ما تكلَّفْتُ نهوضاً وقياماً
أبرح الدهر على ما لم أردْ
ورزاياه کصطكاكاً وکضطراما
لم يلنْ للدَّهر مني جانب
حيث لم أستعطف القومَ اللئام
وعناءٍ كلّها أُمنيتي
في زمان أنْ أرى الناس كراما
بأبي محمود ينبوع الندى
أُبْصِرُ الأعلام أطلالاً ركاما
وأرى كلّ عليٍّ دونه
فتعالى ذلك القرم الهماما
أنفقُ العمرَ جميلاً فليدمْ
وجميل الصنع أَنى ّ دام داما
ويميناً إنَّه لوْ لمْ يجدْ
في منام لم يذق قط مناما
فسَلُوه هلْ خلا ممّا به(23/292)
يصنَعُ البرَّ فيوليه الأناما
أمْ تخلّى من جميل ساعة ً
من زمان غير ما صلّى وصاما
كم له من نظرة في رأفة ٍ
أيقظتْ لي أعيناً كنّ نياما
ذلّلتْ مستعصبات لم يكدْ
يملك القائد منهن زماما
أَسْتَقِلُّ الأنجمَ الزهرَ له
أنْ تُرى فيه نثاراً ونظاما
ولو کنَ كَلَّمْتُه في لؤلؤٍ
ومن اللؤلؤ ما كان كلاما
تجتلي قرماً إماماً بالندى
بأبي ذيّالك القرم الإماما
وحسام باترٍ لا سيما
إنْ هززناه على الخطب حساما
فنوال ناب عن وبل الحيا
وجمال يخجل البدر التماما
رفعة ٌ قد شهدَ الخصمُ لها
قعدَ الغاربُ منها والسناما
وإليه وإلى عليائه
أنيق الراجين أمست تترامى
وكأنّي وكأنْ شعري له
مستميح حيث شام البرق شاما
بالطويل الباع بالسامي الذرى
عرف المعروف شيخاً وغلاما
وعلى ما هو فيه لم يزل
أو يقال التبر قد عاد رغاما
والكريم النفس لا عن غرض
أَيّها أزكى شراباً وطعاما
هكذا الناس إذا قيل الندى
سحب تنشا جهاماً وركاما
من سوى أيديه في فرط الظّما
لا أراني الله أَسْتَسقي الغماما
كلَّما اعوجَّت أموري والتوت
قوَّم المعوَجَّ منها فاستقاما
يا أبا محمود يا من لم يزل
رحمة ً للخلق برّاً باليتامى
غير ما خوَّلتني من نعمة ٍ
أنا لا أملك في الدنيا حطاما
أَفْطَرَ الناس جميعاً غيرنا
وبقينا نحن في الناس صياما
فلقد هنِّيتَ بها
غُرَّة الأعياد والشهرَ الحراما
وابق للإسلام ركناً سالماً
منعماً يا عيدنا عاماً فعاما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولً لسعدٍ حين لام على الهوى
أقولً لسعدٍ حين لام على الهوى
رقم القصيدة : 22482
-----------------------------------
أقولً لسعدٍ حين لام على الهوى
أَيُجْديك لَومٌ مرَّة ً فتلومُ
تلوم علة ما لا يفيدك لومُه
وما العشق إلاّ لائم وملوم
وإنّي على ما بي فقد يستفزني
غرامٌ بسلمى حادث وقديم
شكوتك ما يلقى فؤادي من الأسى
وما كلُّ من أشكو إليه رحيم
فؤاد شجاه ما شجى كل وامقٍ
وما هو بعد الراحلين مقيمُ(23/293)
أرى صبوة المشتاق دائمة المدى
فما بال صبر الصبّ ليس يدوم
وبين الظباء السانحات عشية ً
رماني فلم يخطِ الحشاشة ريم
ويا ظبية الوعساء من جانب الحمى
وإنّي بها لولا الدموع كتوم
وفي القلب منّي والغرام سريرة
ظماً لثناياك العذاب وإنَّها
عَذابٌ لقلبي يا أميمُ أليم
رضابك يروي القلب وهو ممنَّعٌ
وطرفك يشفي الداء وهو سقيم
ولولاك ما هاجت بقلبيَ زفرة
ولا هاج مِنّي أربُعٌ ورسوم
ولا شاقني برقٌ يحاكي وميضه
ثناياك إذ أصبو لها وأشيم
وأهتزُّ في ذكر العذيب وبارقٍ
كما مال بالغصن الرطيب نسيم
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سَعَيْت لهذا المُلكِ بالهمَّة الكبرى
سَعَيْت لهذا المُلكِ بالهمَّة الكبرى
رقم القصيدة : 22483
-----------------------------------
سَعَيْت لهذا المُلكِ بالهمَّة الكبرى
فأدركتَ أَفنائها الدَّولة َ الغَرّا
وسرتَ على نُبل الأسنّة للعلى
ومن رام إدراكَ العلى ركب الوعرا
لنيل المنى جُزتَ المسيرَ وإنّما
يخوض عباب البحر من يطلب الدرّا
إذا عارضت دون المرام بحيرة
من الحتف صيّرت الحديد لها جسرا
وإنْ رقمت فوق الأنام حنادسٌ
جليتَ من الرأي السديد لها فجرا
قَدِمتَ قدوم الليث غابة شبله
ونزّهت هذا الملك بالنيّة الخضرا
درى الملك يا مولاي أنت فؤاده
فضمّك منه حين أسكنك الصدرا
رقيتَ على كرسيّه فأزنته
فأصبحتَ كالتزريد في وجنة العذرا
فما هذه الفيحاء إلاّ قلادة
ونحرك من كلّ النحور بها أحرى
وما هي إلاَّ كاعبٌ قد تستَّرتْ
قد اتَّخَذَتْ خَيْسَ الأُسودُ لها خدرا
فجوزاء أفقٍ بالدراري تمنْطَقَتْ
مَخدّمة تَستخدم البيض والسُّمرا
لقد مطلت بالوعد عصراً وعاودت
فجادت بوصلٍ بعدما مطلت دهرا
تزَوَّجْتَها أَيْماً عجوزاً مُسِنَّة ً
فأضحتْ لديك الآن كاعبة ً بكرا
فحكتَ لها ثوب المفاخر بالندى
وألبستها من بأسك الحلَّة َ الخضرا
وهيَّأتَ من نقد العوالي صداقها
وأنقَدْتَ من بيض الحديد لها مهرا
قَدِمتَ لها من بعد كشف حجابها(23/294)
فكنت لعوراء الزمان لها سترا
فعُدتَّ إليها بالتقرُّب بعدما
علاها قنوطٌ أنْ تعود لها أخرى
تدانيتَ منها كالهلال ولم تزل
تنقَّلُ حتى عدتَ في أفقها بدرا
وودَّعتها مكروبة َ الُّلبّ والحشا
وأُبْتَ وأَبْدَتْ من مسرَّتها البشرى
فإنْ طاوعتك اليوم جهراً وصالها
فقد كان هذا الأمر في نفسها سرّا
فكم مرَّ آنٌ وهي تكتم شوقها
إليكَ وتُحيْي ليلَها كلَّه سرّا
لأمر القضا كادت تفرّ إذا رأت
لوصلك وقتاً لم تجد دونه عذرا
لقد أَحْدَقَتْ بعد العمى بك عينها
وأحدثتَ في أجفانها الفتك والسحرا
وحلَّيتَ في سلك العزائم جيدها
ووشَّحتَ منها في صنعائك الخصرا
وزيَّنتها حتى حكى التبر تربها
ولو لم تكن في أرضها أصبحَتْ صفرا
فصِرْتَ بها لما حلَّلتَ بصدرها
كيوسُفَ إذ ولاّه خالقُه مصرا
فلم تجزِ أهلَ المكر يوماً بمكرهم
ولم تصطنع غدراً لمنْ صنعَ الغدرا
صفحتَ عن الجانين إلاَّ أقلَّهم
فأوسعتهم عفواً وأثقلتهم شكرا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سفينة ٌ صنعت بالهند إذ صنعت
سفينة ٌ صنعت بالهند إذ صنعت
رقم القصيدة : 22484
-----------------------------------
سفينة ٌ صنعت بالهند إذ صنعت
أهدى السفائن في سَيْرٍ وأجراها
طوع الهواء متى تجري جرت معه
وما تخالف مسراه ومسراها
جاءَت من البحر تجري فيه أَرَّخَها
سفينة ُ البحر باسم الله مجراها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ
أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ
رقم القصيدة : 22485
-----------------------------------
أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ
كحيلُ الطَّرفِ ممشوقُ القوام
وَقَد ركَضَتْ بأَقداح الحميّا
خيولُ الصُّبح في جنحِ الظلام
وأبصر غادة ً من آل سام
على الباقين من أولاد حام
وما عُجْنا لأطلال رِمامِ
كما نثر الجمان من النظام
ونحنُ بروضة تندى فتبدي
لنا شكران آثار الغمام
وقد أملتْ حمائمها علينا
من الأوراق آياتِ الغرام
أقمنا بينَ أفناءِ الأغاني(23/295)
وما اخترنا المقام بلا مقام
تلذُّ القيان بها سماعاً
إذا اتَّصلتْ بمنقطع الكلام
وما رقَصَتْ غصونُ البان إلاَّ
لما سمعته من لحن الحمام
فمن طربٍ إلى طربٍ توالى
ومن جامٍ سعى في إثر جام
رَضَعْنا من أفاويق الحميّا
وقلنا لا منعنا بالفطام
نَفُضُّ خِتَامَها مِسْكاً ذكيَّاً
وكانَ الدَنُّ مسكيَّ الختام
تحلُّ بها المسرَّة ُ حيث حَلَّتْ
بعيدَ الخطو جوّابَ الموامي
عَصَيْنا مَن نَهى عنها عتوّاً
وفزنا بالمعاصي والأثام
وحرَّمنا الحلالَ على الندامى
وما يغني الحلال عن الحرام
وكم يومٍ تَركنا الزِّقَّ فيه
جريحاً من يد الندمان دامي
وليلٍ يجمعُ الأحبابَ شملاً
بمن نَهوى شديد الالتحام
وباتتْ تسعف الّلذات فيه
ببنت الكرم أبناءُ الكرام
فمِنْ وَجهٍ تَقَرُّ به عُيوني
ومِن رَشفٍ أَبُلُّ به أُوامي
فيبعثُ بالسرور إلى فؤادي
ويهدي بالشفاء إلى سقامي
وقد طاب الزمان فلا رقيب
يكدر صفو عيشي بالملام
وما أهنا شموسَ الراح تترى
وقد أَخَذَتْ عن البدر التمام
وغايتة ٍ تجود إذا استميحت
بطيب الوصل بعد الانصرام
فما غَدَرَتْ لمشتاق بعهدٍ
ولا خَفَرَتْ لصبِّ بالذمام
تركتُ العاذلين بها ورائي
وقدَّمتُ السرور بها أمامي
تعير بوجهها الأقمار معنى ً
إذا وافتك بارزة اللثام
كأني قَد أَخَذْتُ على الليالي
عهود الأمن من ريب الحمام
ومن أضحى إلى سلمان يعزى
وخدمته فمحمول السلام
أصبتُ بنيله أملاً بعيداً
وما طاشت بمرماها سهامي
كأنّي أَستزيد ندى يديه
بشكراني لأيديه الجسام
وكم نعمٍ له عندي وأبدٍ
رغمتُ بهنّ آنافَ اللئام
وصالَحْتُ الخطوبَ على مرادي
وكنتُ عهدتها لدَّ الخصام
وما کنْفَصَلَتْ عُرى أملٍ وثيقٍ
وفيه تَمسُّكي وبه کعتصامي
مكان تمسّكي بالعهد منه
مكان الكف من ظبة الحسام
وسيّال اليدين من العطايا
تسيل من العطاء لكل ظامي
إذا ما فاتني التقبيل منها
فليس يفوتني نوءُ الغمام
تمام جماله خُلُقٌ رضيٌ
وحسبكَ منه بالبدر التمام
وتلك خلائقٌ خلصتْ فكانت(23/296)
نُضاراً لا تُدَنَّسُ بالرغام
فتى ً في الناجبين لقد أراني
وقارَ الشَّيخ في سِنِّ الغلام
ركبتُ إليه من أملي جواداً
فأبرقَ واستهلَّ ورحت أروي
سجام القطر عن قطر سجام
كما نزلتْ على أرضٍ سماءٌ
تسيل على الأباطح والأكام
فأمسى كلَّ آونة ٍ قريضي
يُغَرِّدُ منه تغريد الحمام
أرى مدحي لآل البيت فرضاً
كمفترضِ الصلاة أو الصيام
أَئِمة ملَّة الإسلام كلٌّ
يقالُ له الإمام ابن الإمام
وما شرفُ الأنام بغير قومٍ
همُ مذ كوّنوا شرفُ الأنام
أفاضُوا بالعطاء لمجتديهم
وللأعداء بالموت الزؤام
وكلٌّ منهمُ ليثٌ هصورٌ
وبحرٌ من بحور الجود طامي
بنفسي سيّداً في كلّ حالٍ
يرى فيها احتشامي واحترامي
ظفرتُ به حساماً ليس ينبو
نُبُوَّ مضارب السيف الكهام
وقد يدعى الكريمُ إلى نوالٍ
كما يدعى الشجاع إلى صدام
وعندي في صنائعه قوافٍ
يضيق بهنّ صدرُ الاكتتام
وشعري في صفاتِ بني عليّ
رفعتُ به إلى أعلى مقام
سأُطْرِبُ في مديحك كلَّ واعٍ
ولا طربَ الشجيِّ المستهام
وأشكرُ منك فضلك ثم أدعو
لوجهك بالبقاء وبالدوام
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بكيتُ الدّيارَ وأطلالها
بكيتُ الدّيارَ وأطلالها
رقم القصيدة : 22486
-----------------------------------
بكيتُ الدّيارَ وأطلالها
وقد بدَّلَ البينُ تمثالها
وأخنى عليها خطوبُ الزمان
فما خالَها تلك مَن خالِها
وفي مهجتي للجوى لوعة ٌ
تُقَطِّع بالوَجْد أوصالها
لقد سوَّلَتْ ليَ سَيْلَ الدموع
فما قلتُ يومئذٍ ما لها
تذكّرتُ عصرَ الصبا والهوى
يهيّجُ للنفس بلبابها
وما اختلس الدهر من لذَّة ٍ
لعهدَ الصبابة وکغتالها
زمانٌ أُعاقِرُ فيه العقار
وأَعصي بِلَهْويَ عذّالها
وأمشي بها مرحاً تستميل
من السكر بالراح ميّالها
وكم غادة ٍ في ليالي الوصال
جمعتُ مع القرط خلخالها
وما زلتُ أرشف من ريقها
لماها وأشربُ جريالها
لئنْ كان ريقك يحيي النفوس
فقد كان لحظك قتالها
وساقية ٍ عمَّها حسنها
بجنحِ دجى ً قد حكى خالها(23/297)
تديرُ النضار بكأس اللجين
فتحكي المصابيحَ سيّالها
كُمَيْتاً تجولُ بمضمارها
جاذرُ تصرعُ أبطالها
فيا طيب معسول ذاك اللمى
إذا هصرَ الصبُّ عسَّالها
ولستُ بناسٍ لها ما مضى
وإنْ كنتُ أعْمَلْتُ إهمالها
ليالي لم أبد تفصيلها
إذا أنا أبديتُ إجمالها
وأُبْتُ لمشبهة في المسير
زفيفَ النَّعامة أو رالها
كأنَّي تكلَّفتُ مسحاً بها
عروضَ البلاد وأطوالها
طويتُ القفار وخضتُ البحار
ورضتُ الخطوبَ وأهوالها
وجرَّبتُ أبناءَ هذا الزمان
وعرَّفني الدهرُ أحوالها
وإنّي لذاكَ الذي تعرفونَ
حَمَلْتُ المروءَة أثقالها
وإنْ قلَّ مافي يدي لك أكنْ
لأشكو من العصر إقلالها
وإنْ أنا أتربتُ فالمكرمات
تحدَّثُ بأنيَّ فعّالها
وحسبك من ذي يدٍ أصبحت
تطولُ ولا ذو يدٍ طالها
وإنْ أعْضَلَتْ مشكلاتُ الأمور
أزال وفسَّر إشكالها
وقافية من شرود الكلام
بأخبار سلمان قد قالها
وأرسلها مثلاً في الثناء
وخصَّ بمن شاء إرسالها
فتى ً يقتفي إثْرَ آبائه
وحاكَتْ مزاياه أفعالها
تنال من الله نعمَ الثوابُ
وتُنْفِقُ لله أموالَها
تفجَّر من راحتيه النَّدى
وأَوْرَدَ من شاء سلسالها
من السّادة النجبِ الطاهرين
تزينُ العصور وأجيالها
لقَد طهَّر الله تلك الذوات
وأجرى على الخير أعمالها
بني الغوثِ غوث فحول الرجال
ـال إذا کشتَدّ بالناس ما هالها
وأفعالها في جميع الصَّنيع
من البرِّ تسبقُ أقوالها
فما زلتُ أذكر تفضيلها
وما زلت أشكر إفضالها
بكم يُستغاث إذا ما الخطوب
أهالت على الخلق أهوالها
فكنْتُم من الناس أقطابَها
وكنتمْ من الناس أبدالها
فلو حلتِ الأرض من مثلكم
لزُلْزِلَتِ الأرض زلزالها
أبا مصطفى أَنتَ صوبُ الغمام
ويا ربَّما فُقْتَ هطالها
وقد نَفَقَتْ فيك سُوق القريض
وكان نوالُك دَلاّلها
ولما بَلَغْتُ المنى في العُلى
وبَلَّغْتُ نَفسي آمالَها
أَتَتْك النقابة تسعى إليك
تجرُّ من التيه أذايالها
وأَلْقَتْ إليكَ مقاليدها
وأَبْدَتْ لعزّك إذلالها
وراثة آبائك الطاهرين(23/298)
فما أحدٌ غيرهم نالها
عليكم وفيكم ومنكم نرى
وجوهَ السَّعادة إقبالها
إذا لم تكنْ أنتَ أهلاً لها
من الأنجبين فمن ذا لها
فقد نلتَ ما لم ينله سواك
فضائل نشكر أفضالها
كلامك يشفي صدور الرجال
ويرضي الملوكَ وعمّالها
وحيثُ أخلَّت بها خُلَّة ٌ
سددتَ برأيك إخلالها
وكم يدٍ لك في الصالحات
سبقتَ من البرّ أمثالها
وإنْ أَغْلَقَتْ بابها المكرمات
فإنَّك تفتحُ أقفالها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إذا كان خَصمي حاكمي كيفَ أصْنَعُ
إذا كان خَصمي حاكمي كيفَ أصْنَعُ
رقم القصيدة : 22487
-----------------------------------
إذا كان خَصمي حاكمي كيفَ أصْنَعُ
لمَنْ أشتكي حالي لِمَنْ أَتَوَجَّعُ
غرامي غريمي وهو لا شك قاتلي
وكم ذلَّ من يهوى غراماً ويخضع
أباحَ دَمي بين الورى من أحِبُّه
فَقُلْتُ وقلبي بالهوى يتقطع
دموعي شهودٌ أَنَّ قلبي يحبّه
وحقّ الهوى عن حبّه لست أرجع
وراموا سلوّي في هواه عواذلي
وحقِّ هواه لست أصغي وأسمع
أنا المغروم المقيم على الهوى
وفي حُبِّه نمُّوا الوشاة وشنّعوا
وقالوا الفَتى في الحبِّ لا شك هالك
فقُلْتُ دَعوه كيفما شاء يصنع
ولو علِموا ما بين من الوجد والأسى
لرقُّوا لحالي في الهوى وتوجَّعوا
سقاني سُحَيراً من حميّا شرابه
فَطِبْتُ وكأسي بالمدامة مترع
ومن نَشْوَتي باحت من الوجد عبرتي
بما في فؤادي والحشا متولع
وأَصْبَحْتُ كالمجنون في حيّ عامرٍ
بليلي ومن وجدي أهيم وأولع
فلو زاروني بالنَّوم طيف خياله
لكنْتُ بطيفٍ منه أرضى وأقنع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَتى تَرَني يا سَعْدُ والشَّوقُ مُزعجي
مَتى تَرَني يا سَعْدُ والشَّوقُ مُزعجي
رقم القصيدة : 22488
-----------------------------------
مَتى تَرَني يا سَعْدُ والشَّوقُ مُزعجي
بما هيَّجَ التذكار من لاعج الوجدِ
أحثُّ إلى نجدٍ مطايا كأنّها
لها قلبُ مفؤود الفؤاد إلى نجد
سوابحُ يطوين الفدافد بالخطا(23/299)
وَمُسْرَجَة ٍ جردٍ لواعبَ بالأيدي
تملُّ من الدار التي قَد ثَوَتْ به
ولكنّها ليست تملُّ من الوخد
إذا کستنشفت أرواح نجدٍ أهاجها
جوى ً هاج من مستنشق الشيح والرند
لعلّي أرى يا عين أحبابنا الألى
وإنْ أعقَبت تلك التواصل بالصد
فمن مبلغُ الأحباب عنّي تحية ٍ
تنبئهم أنّي على ذلك العهد
إذا ذكرتهم نفسُ صبٍّ مشوقة
رَمَتْها صُروف البين بالنأي والبعد
توقَّدتِ النار التي في جوانحي
إلى ساكني وادي الغضا أيّما وقد
فيا ليتَ في الحبّ صبرَ أحبّتي
وعندَ أحبّائي من الشوق ما عندي
ذكرتكمُ والدَّمع ينثر نظمه
لعمركم نظم الجمان من العقد
وإنّي لأستجدي من العين ماءها
على قربنا منكم وإنْ كان لا يجدي
وأكتُمُ عن صَحْبي غرامي وربَّما
لأظهره بالدمع بينَ بَني ودّي
ومِنْ أينَ تخفى لوعة ٌ قد كتمتُها
محاذرة الواشي وبالرغم ما أبدي
وقد قَرأ الواشون سطَري صبابة
بما كتبت تلك الدموع على خدي
فخذ من عيوني ما يدلّ على الجوى
ومن حَرِّ أنفاسي دليلاً على الوجد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هكذا كان فعلَها الحمقاءُ
هكذا كان فعلَها الحمقاءُ
رقم القصيدة : 22489
-----------------------------------
هكذا كان فعلَها الحمقاءُ
ربَّما تَحْلقُ اللّحى الكيمياءُ
أفكان الإكسير والشَّعر والبعرُ
وهذي المقالة الشنعاء
كان عهدي به ولا لحية َ الـ
ـتيس وفي حَلْقِها يقلُّ الجزاء
ليتَ شِعري أُريقَ ماءٌ عليها
قبل هذا أم ليس ثمَّة َ ماء
لم يعانِ الزرنيخَ وهو لعمري
فيه للداء في الذقون دواء
ذهبَ الشَّعر والشعور وأمسى
يَتَخفّى ومشيُه کستحياء
وادّعى أنّه أصيبَ بداءٍ
صَدقَ القولُ إنّما الحَلْقُ داء
أيّ داء إذ ذاك أعظمُ منه
والمجانين عنده حكماء
وترجّى للحَلْق أمراً محالاً
ولقدْ خاب ظنُّه ولارجاء
ما سَمِعْنا اللّحى بها حجر الـ
وفي الدّبر توضعُ الأجزاء
زاعماً أنَّهم أشاروا إليها
ولهذا جرى عليها القضاء
أَخَذَ العلمَ عن حقيرٍ فقير(23/300)
هو والسارح البهيم سواء
طلب السعد بالشقاء وهيهات
مع الجهل تسعد الشقياء
ذهبت لحية المريد ضياعاً
وعليها بعدَ الضياع العفاء
ليته صانها ولو بضراطٍ
ولقد يعقب الضراط الفُساء
لم يدع شعرة ً وقد قيل أرخْ
حلقتْ شعرَ لحيتي الكيمياء
العصر العباسي >> البحتري >> يا علي بل يا أبا الحسن الما
يا علي بل يا أبا الحسن الما
رقم القصيدة : 2249
-----------------------------------
يا عليٌّ، بلْ يا أبَا الحَسَنِ المَا
لكُ رِقّ الظّرِيفَةِ الحَسْناءِ
إتّقِ الله أنْتَ شاعرُ قَيْسٍ،
لا تَكُنْ وَصْمَةً على الشّعَرَاءِ
إنّ إخْوَانَكَ المُقِيمِينَ بالأمْـ
سِ أتَوْا للزِّنَاءِ لا للغِناءِ
أنت أعمى، وللزناة هنات
منكرات تخفى على البصراء
هَبْكَ تَستَسمعُ الحَديثَ فَما علـ
ـمُكَ فيه بالغَمزِ، وَالإيمَاءِ
وَالإشَارَاتِ بالعُيُونِ وَبالأيْـ
ـدي، وَأخْذِ الميعَادِ للإلْتِقَاءِ
قد لَعَمرِي توَرّدوا خِطّةَ الغَدْ
رِ، وَجاؤوا بالسّوْءةِ السّوءاءِ
غَيرَ ما ناظرِينَ في حُرْمَةِ الوِدّ
وَلا ذاكِرِينَ عَهدَ الإخَاءِ
قَطَعُوا أمرَهمْ، وَأنتَ حِمارٌ
مُوقَرٌ مِنْ بَلادَةٍ وَغَبَاءِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مالي أفارقُ كلَّ يوم صاحباً
مالي أفارقُ كلَّ يوم صاحباً
رقم القصيدة : 22490
-----------------------------------
مالي أفارقُ كلَّ يوم صاحباً
صدعتْ به ريبَ المنون صفاتا
وأرى أحبّائي تَفَرَّق جمعُهم
وتشتّتوا بيد الردى أشتاتا
وخَلَتْ ديار الأكرمين وأصبَحتْ
فيها عظام الأنجبين رفاتا
ودعى التقى ناعٍ يخفّض نعيَه
منّا الرؤوس ويرفع الأصواتا
ولقد أَصمَّ مسامعي بعدك والتقى
وکنبَتَّ حبلُ الآملين بتاتا
يا أطْيَبَ القوم الذين ألِفتُهم
في الناجبين خلائقاً وذواتاً
لو كنتُ أدرِكُ بالأسى ما فاتني
قد كنتُ أدرِكُ بالأسى ما فاتا
ولقد سئمتُ من الحياة وملَّني
طولُ الثواء فلا أريد حياتا
من بعد ما زال الأمين وأنه(23/301)
كان الجبال الراسيات ثباتا
وفَقَدْتُ منه فرائداً وفوائداً
ومكارماً ومغانماً وهباتاً
ونظرتُ في الأحياء نظرة َ عارفٍ
من بعده فوَجَدْتُها أمواتا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما مات من بعد عبد الواحد الجودُ
ما مات من بعد عبد الواحد الجودُ
رقم القصيدة : 22491
-----------------------------------
ما مات من بعد عبد الواحد الجودُ
وفي بنيه النجيبُ الشَّهمُ محمودُ
ولا فقدنا من الدنيا مكارمه
وفي ذراريه ذاك الفضل موجود
والفرع كالأصل إن تزكُ مغارسُه
زكا وأثمرَ في أوراقه العود
لا ينزع الله هذا السرّ من رجل
فيه السعادة والمسعود مسعود
قد بارك الله في آل المبارك مذ
كانوا فمولودهم للخير مولود
مطهَّرون فلا رجسٌ بدنّسهم
وأنتَ ظلٌّ إليه اليوم ممدود
تأوي إليهم بنو الحاجات راغبة
والمنهل العذب بين الناس مورود
وما أرى غيرهم فيمن يناظرهم
من يسأل الخير أو تطوى له البيد
نزلتُ فيهم على رَحب أسَرُّ به
ولي بهم أملٌ بالبّر موعود
إنْ طوّقوني بطوقٍ من مكارمهم
فإنَّهم وثنائي الطوق والجيد
تزان غرُّ القوافي كلّما ذكروا
بما تزان وتزهو الخرَّدُ الغيد
يا من إذا عُدَّت الأنجاب حينئذ
فأوَّل الناس في الأنجاب معدود
يا ابن الذي كنت أرجوه وأمدحه
وشاهدٌ لي أياديه ومشهود
ولا يردُّ مقالي في مدائحه
وفي الأقاويل مقبول ومردود
فكلُّ فعلك يا محمود محمودُ
أغظتَ كلَّ حسود أَنتَ تعرفه
وكلُّ ذي نعمة لا شك محسود
الله أبقاك عمن قد مضى خلفاً
ولي بمدحك تغريد وترديد
وعشتَ بالأُنس طول الدهر في رغد
ولا يسؤوك طول الدهر تنكيد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> في كلّ يومٍ للمنون صولة ٌ
في كلّ يومٍ للمنون صولة ٌ
رقم القصيدة : 22492
-----------------------------------
في كلّ يومٍ للمنون صولة ٌ
فينا وخَطبٌ بالفراق فادحُ
وزفرة ٌ موصولة بزفرة ٍ
ومدمعٌ على الخدود سافح
وحسرة على الذين أصبحت
تعلوهم من الصَّفا صفائح(23/302)
وأراهم التربُ وكانوا أنجماً
كما تضيء بالدّجى مصابح
وكلُّ يوم وَجْهُ خطبٍ كالح
وللخطوب أوجهٌ كوالح
نُدفَع بالرغم إلى رزية
محاسن الدنيا بها مقابح
نمزج بالدهر وذا صرف الردى
لا هازل فينا ولا ممازح
ونحن عنه أبداً في غفلة
نلهو كما يلهو البهيم السارح
نوضح في اللهو لنا معذرة
وما لنا في اللهو عذر واضح
وفي المنايا للفتى روادع
زواجرٌ عن غيّة نواصح
لا يغفل الإنسان عن مزلقة
لو كان للإنسان عقل راجح
يغتاله دون المنى حمامه
وطرفه إلى الحمام طامح
أيجهل الأمر على علمٍ به
والجهل بالعاقل عيبٌ فاضح
يا رفعة ً بقيت لي في رفعة ٍ
من دونها کنحطّ السماك الرامح
إنّي أعزّيك بخالٍ قد خلا
وما خلا منه اللسان المادح
وكلُّ من يرجو البقاء بعده
فذاك غادٍ بعده ورائح
لا بد أنْ تبكي عليه أعينٌ
وأنْ تنوحَ بعده النوايح
سقاه من وَبْل الغمام صيّبٌ
تروى به الآكام والأباطح
عزَّيتك اليوم به مؤرخاً
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أبا جميلٍ قُرَّ عَيناً بِمَنْ
أبا جميلٍ قُرَّ عَيناً بِمَنْ
رقم القصيدة : 22493
-----------------------------------
أبا جميلٍ قُرَّ عَيناً بِمَنْ
بلَّغك الله به ما تريدْ
وزادك الله سروراً به
زيادة ً ما برحت في مزيد
بالولد الماجد من ماجد
لا يلدُ الماجدُ ألاّ مجيد
يا حبذا الوالد من والدٍ
وحبذا طلعة هذا الوليد
لاحت مزاياك على وجهه
كالبدر في طالع برج سعد
أَلَمْ تكنْ ربَّ الجميل الذي
ما ترك الأحرار إلاَّ عبيد
وأنتَ في الناس لمن يقتفي
قافية المجد وبيت القصيد
وكلّ من آوى إلى فضله
آوى إلى ظلٍّ وركن شديد
فليهنك المولود كلّ الهنا
بخالد الذكر الذي لا يبيد
كلَيْلَة ِ الأعياد ميلاده
وأنت منه كل يوم بعيد
لما بدا للعين أرخته
أشرقتِ الدنيا بعبد الحميد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> باكر تداماك بكأسِ العقارْ
باكر تداماك بكأسِ العقارْ
رقم القصيدة : 22494
-----------------------------------(23/303)
باكر تداماك بكأسِ العقارْ
فَقَد مَضى اللّيل وجاء النهار
وداوني فيها وسارع بها
فإنَّ في الخمر دوائر الخمار
أما ترى الورقاء قد غرَّدَتْ
في وَرَقِ الدوح وغنّى الهزار
وکبتسمت للطلّ أزهارُه
وأدمع الطلّ عليها نثار
وقد دَعَتْ للّهو أبناءها
أوقاتَ أيام السرور القصار
فهاتها صرفاً وممزوجة
بين احمرار برزت واصفرار
واملأ لنا أكبر أقداحها
فالله يعفو عن ذنوب كبار
خذها بإعلان ولا تستَتِرْ
فما يطيب العيش بالاستتار
وَعَدِّ عمّن لام من جهله
وعدَّها عاراً وليست بعار
ما عرفَ الَّلذة َ من عافها
وقابل العاذل بالاعتذار
وَخَلِّهِ واللوم في معزل
لا تصغ فيها لنهيق الحمار
إذ يدّعي النُّسكَ ولا يهتدي
به وينعى بخراب الديار
إنّ المرائين إذا استُكْشِفوا
وَجَدْتَهم شرَّ الأنام الشرار
لو لم يجدْ شاربها لذَّة ً
وفي المسرات عليها المدار
ماوعد الله بها المتقي
في جنّة الخلد ودار القرار
يا مولعاً بالمُرد إنّي امرؤ
ما لي عن وجه الحبيب اصطبار
إيّاك والإعراض عن غادة
في وجهها للحسن نور ونار
كم ليلة ٍ زار حبيبٌ به
يشكو إلى المشتاق بُعد المزار
جمعتُ فيها بين ما أشتهي
من غنجٍ أحوى وذات احورار
أقسمُ بالعود وأوتاره
ونغمة ِ الناي وضرب الإطار
ما لذَّة ُ سوى ساعة ٍ
في مجلسٍ يخلعُ فيه العذار
يقضي به الماجنُ أوطاره
وكان مبناه على الاختصار
إنَّ الخلاعاتِ لفي فتية
لم يلبسوا في الأنس ثوب الوقار
تغنيهم الراح إذا أملقوا
كأنّها في الكأس ذوب النضار
يا طالما قد زرت خمّارها
وقلت أنت اليوم ممَّن يزار
فقام يجلوها كغصن النقا
يحمل في راحته الجلّنار
حتى إذا استكفيتُ من شربها
لو شئتُ أدركت من الدهر ثار
غفوتُ عن ذنب زمانٍ مضى
ما أحسنَ العفوَ مع الاقتدار
هذا هو العيش ومن لي به
قبل کنقضاء العُمُرِ المستعار
لا خيرَ في العيش إذا لك يكن
في ظلّ عبد الله عالي المنارْ
ما جئته إلاّ وأبصرتني
أسحبُ من نعماه ذيل الفخارْ
قيَّدَني في برِّه ماجدٌ(23/304)
كأنّما أطلقني من أسار
موفّق يسعى إليه الغِنى
من غير ما سعي وخوض الغمار
لا يقتني المالَ ولم يدّخرْ
شيئاً ولا مالَ إلى الادّخار
إنّي لأغنى الناس عن غيره
ولي إليه بالسرور کفتقار
المنجزُ الوعدَ بلا منّة ٍ
ولم أكنْ من وعده بانتظار
ما فارق الأُنسَ له طلعة
بل سار في خدمته حيث سار
كم طائل قصَّر عن شأوه
ولاحقٍ ما شقَّ منه الغبار
ومستميح نال ما يبتغي
منه وحاز العزّ والافتخار
يروق كالصّمصام إفرنده
أبيض مثل السيف ماضي الغرار
أمّا جميل الصنع منه فمن
شعاره أكرمْ به من شعار
يركبُ في الجدِّ جوادَ المنى
إذ يأمنُ الراكبُ فيه العثار
حديقة ُ الأفراح في ربعه
للمجتني منها شهيّ الثمار
فلم أبلْ ما دمت خلاًّ له
ما كان من أمري ولا كيف صار
وكلّ ما کستَطْيَبْته كائن
من طيِّب الذات كريم النجار
من كابرٍ ينمة إلى كابرٍ
ومن خيار قد نمّته الخيار
هم الزهيريّون زهر الرُّبا
والأنجمُ الزهر التي تستنار
فهم أجلُّ الناس قدراً وهم
أعزُّ من تعرف في الناس جار
فلا يمسّ السُّوء جاراً لهم
ما ذلَّ مَن لاذ بهم وکستجار
يُوفُونَ بالعَهد ويَرْعَوْنَه
في زمنٍ لم يرعَ فيه الذمار
ألا ترى كلّ کمرىء ٍ منهم
لنائل يرجى ونقعٍ مثار
يلتمس المعروف من برِّهم
ويستفاض الجود فيض البحار
من كلِّ معروفٍ بمعروفه
في كلّ قطرٍ من نداه قطار
إذا دعته للوغى همّة ٌ
كان هو المقدام والمستشار
تغدو رياضي فيه مخضرة ً
أشبهَ شيءٍ بکخضرار العذار
أصلح شاني بأبي صالح
وأغتدي فيه نقيّ الأزار
باهى بي الأزهار في روضها
فرحتُ أزهو مثل ورد البهار
لا زلت في نور صباح الهنا
يا كوكباً لاح وبدراً أنار
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنَّ هذا قبرٌ لعمرك فيه
إنَّ هذا قبرٌ لعمرك فيه
رقم القصيدة : 22495
-----------------------------------
إنَّ هذا قبرٌ لعمرك فيه
صالحٌ في حياته والمماتِ
صالح الاسم صالح الفعل يفنى
وله الباقيات في الصالحات
من خلالل كريمة ٍ وصفاتٍ(23/305)
شهدتْ أنَّه كريمُ الذات
أَدْركَتْه الوفاة إذ هو حيٌّ
فتوفيّ وذاك بعد الوفاة
حلّ في جنّة النعيم فأَرِّخ
صالح قد حللتَ في الجنّات
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما لها مفرية ً بيداً فبيدا
ما لها مفرية ً بيداً فبيدا
رقم القصيدة : 22496
-----------------------------------
ما لها مفرية ً بيداً فبيدا
تَقْطَعُ الأَرضَ هبُوطاً وصُعودا
كلّما لاح لها برق الحمى
نثرت من لؤلؤ الدمع عقودا
لستُ بالمنكر منها عبرة
إنّها كانت على الحبّ شهودا
فإلى أين سُراها ولمن
تطس البيداء أو تحشو الصعيدا
أَوْقَدَ الشوق بها نيرانه
فَتَلَظَّتْ بلظى الوَجد وقودا
تخمد النارُ وما لي لا أرى
للجوى من مهجة الصبِّ خمودا
يا أخلاّئي وأعلاقُ الهوى
جاوزتْ من شغف القلب حدودا
أَخْلَقَتِ بالصَّبر عنكم لوعة
تبعثُ الشوق بها غضاً جديدا
ووهى يوم نأيتم جلدي
بعدَ ما كنتُ على الدهر جليدا
خنتمُ عهدَ الهدى ما بيننا
ورَعَيْنا لكمُ فيها عهودا
من معيدٌ لي في وادي الغضا
زَمَناً مَرَّ ومن لي أَنْ يعودا
في زرودٍ وقفة أذكرها
فَسقى الله حيا المزن زرودا
ومن السّربِ مهاة ٌ لحظها
يَصْرَع اللّبَّ ويصطاد الأسودا
وبروحي شادنٌ من ريقه
لا أعافُ الخمرَ والماء البرودا
سلب الغصن رطيباً قدُّه
والظِباءُ العُفْرُ ألحاظاً وجيدا
لامني اللائم عن جهلٍ به
والهوى يأَنَفُ إلاَّ أن يزيدا
أيّها العاذل يبغي رشدي
خَلِّني والغيّ إنْ كنتَ رشيدا
إنَّ مَن كانت حياتي عنده
طالما جرَّعني الحتفَ صدودا
وحرامٌ أنْ أرى سلوانه
ولو أنّي متُّ في الحبِّ شهيدا
غَلَبَتْني منه أجناد الهوى
إنَّ لمحبِّ على الصبِّ جنودا
من يريني البانَ والورد معاً
في تَثَنّيه خدوداً وقدودا
يمّمي أيّتها النوق بنا
سيّدَ السادات والركن الشديدا
فلئن سِرْتِ بنا حينئذٍ
لعليٍّ كان مسراك حميدا
لا ترى وجهاً عبوساً عنده
حين تلقاه ولا صدراً حقودا
منعمٌ سابغة ٌ نعمتهُ
ومفيد من نداه المستفيدا(23/306)
كلّما قرَّبتُ من حضرته
فرَّبتْ لي أملاً كان بعيدا
حيثُ طالعنا فأَبْصَرْنا به
طالعاً من ذلك الوجه سعيدا
أسرعُ العالم وعداً منجزاً
وإذا أوعدَ أبطاهم وعيدا
آل بيت سَطَعَتْ أنوارهم
لم تدعْ للغيّ شيطاناً مريدا
وإذا أعربتَ عن أبنائهم
فاذكر الآباء منهم والجدودا
تأْخُذُ الآراء عنه رشدها
فيُريها الرشدَ والرأي السديدا
ليّن الجانب فيه شدّة ٌ
قد أذابت من أعاديه الحديدا
قُيِّدَتْ عادية الخطب فما
تضع الأغلال عنها والقيودا
ببنيهِ حفظ الله بهم
مهجة َ المجد طريفاً وتليدا
رافعٌ راية أعلام الهدى
عاقدٌ للدين بالعزّ بنودا
في بيوت أذِن الله لها
أنْ نراه في مبانيها عمودا
من سيوف الله إذ ما جردتْ
قطعت من عنق الشرك الوريدا
سيّدٌ برٌّ رؤوفٌ محسنٌ
ترك الأحرار بالبرّ عبيدا
فترى الأشراف في حضرته
قُوَّماً بين يديه وقعودا
أمطرتْ من يده قطرَ النّدى
في رياض الفضل يُنْبِتْنَ الورودا
فترى الأقلام في أمداحه
رُكّعاً تملي ثناه وسجودا
يا ابن قطب الغوث والغيث الذي
لم يزلْ يهلُّ إحساناً وجودا
أنتم البحر وما زلتُ بكم
مستمدّاً منكم البحر المديدا
إنْ وَرَدْنا منهلاً من نَيلكم
ما صدرنا عنكم إلاّ ورودا
ما سواكم مقصد الراجي ولا
في سوى شكرانكم نملي القصيدا
يا مريد الخير والخير به
ليس بالبدع ولا غرو إذا
همتُ في مدحك نظماً ونشيداً
جُدْتَ لي بالجود حتى خِلْتَني
بندى وابلك الروض المجودا
وقليلٌ فيك لو أنظمها
في مزاياك لها دُرّاً نضيدا
فاهنا بالنيشان من سلطاننا
مبدئاً للفخر فيه ومعيدا
ذلك اليوم الذي وافى به
كان للأشراف في بغداد عيدا
ملكٌ أرسله مفتخراً
وبه أرسلَ مولاي البريدا
لم تزل ترقى إليها رتباً
نكبت الشانىء َ فيها والحسودا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَد نَحرنا الزِّقَّ يَومَ العِيد نَحْرا
قَد نَحرنا الزِّقَّ يَومَ العِيد نَحْرا
رقم القصيدة : 22497
-----------------------------------(23/307)
قَد نَحرنا الزِّقَّ يَومَ العِيد نَحْرا
وأَذَبنا بلُجَين الكأس تبرا
وتخيَّلْنا الحميّا لهباً
وحسبنا أنّها بالماء تورى
قال لي الساقي وقد طاف بها
هي خمرٌ وتراها أنتَ جمرا
يا نديماً قد سقاني كأسه
إسقنيها في الهوى أخرى وأخرى
إنَّ أحلى العيش ما مرَّ على
روضة غنّاء والكاسات تترى
ويد المزن وأزهار الرُّبا
نشرتْ من بعد ذاك الطيّ نثرا
فأَدِرْها قرقفاً إنْ مُزِجَت
كَلَّلَتْ ياقوتها بالمزج درّا
لا تَخَف من وِزْرِها في شربها
أو تخشى مع عفو الله وزرا
راحة الأرواح بالراح التي
لم تدع للهمّ في الأحشاء ذكرا
وبأهلي ذلك الظبي وإنْ
أوسعَ المغرم إعراضاً وهجرا
غرَّني في حبّه ذو هيف
كلّما لام به العاذل أغرى
صال باللحظ على عشاقه
وَلَكَم من كرّة ٍ في الحب كرّا
قد قضى في الحبّ أنْ أقضي به
وقضايا حبّه صغرى وكبرى
ما عَلَيه في الهوى صيَّرَ لي
كبداً حرّى وقلباً ما استقرّا
يا زماناً حَذرت أخطاره
نحن لم نأخذ من الأيام حذرا
أنْتَ من دون النقيب القرم لا
تَمْلِكُ اليومَ لنا نَفعاً وضَرّا
سيّدٌ أمّا نداه فالحيا
دوه جوداً وأدنى منه وفرا
هكذا من كان تجري كفّه
نايلاً وفراً وإحساناً وبرّا
وإذا ما المُعوِل العافي أتى
بابه العالي کغتنى فيه وأثرى
باليد البيضاء كم أمطرنا
من غوادي جودها بيضاً وصفرا
وردوا البحر أناسٌ قبلنا
لا وردنا غير تلك اليد بحرا
نتحرى كلَّ آنٍ جودها
وهِو بالفضل وبالمعروف أحرى
وإذا مُدَّت إلى أعدائها
جزرتهم بالمواضي البيض جزرا
هُوَ ربّ الكَرَمِ المحضِ الذي
لا يرى الإقلال يوم الجود عذرا
وإذا أولاك من إحسانه
ساعة ً في عمره أغناك دهرا
فيميناً كلّما شاهدته
قلت فيه إنَّ بعدَ العسر يسرا
سيّدٌ سهلٌ بأوقات الندى
وبأيام الوغى لا زال وعرا
يصنع المعروف مَعْ كلّ امرىء ٍ
وهو لا يبغي على المعروف أجرا
لم يخب في الناس يوماً آملٌ
جاعلٌ آلَ رسول الله ذخرا
نثرالمال على وفّادِه
فشكرنا فضله نظماً ونشرا(23/308)
سيّدي والفضلُ لولاك عفا
فجزاك الله عن عافيك خيرا
بأبي أنت وأميّ ماجدٌ
قادريٌّ هو أعلى الناس قدرا
ملكتْ رقّي منه أنعمٌ
بعدَ ما كنتُ وأيم الله حرّاً
أيُّ نعمائك يقضي حقّها
أيّها السيّد هذا العبد شكرا
إنّما الفخر الذي طلتَ به
شرح الله به للمجد صدرا
ولقد جَاوَزْتَ حدّاً في العلى
رجعت من دونه الأبصار حسرى
فاهنا بالعيد ودم مبتهجاً
ناحرُ الحاسدِ بالنعّمة ِ نحرا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ومليحة ٍ أخذتْ فؤادي كلَّه
ومليحة ٍ أخذتْ فؤادي كلَّه
رقم القصيدة : 22498
-----------------------------------
ومليحة ٍ أخذتْ فؤادي كلَّه
وجرت بحكم غرامها الأقدارُ
فتّانة باللحظ ساحرة به
ومن اللواحظ فاتنٌ سحّار
خفرت غداة البين ذمَّة وامق
سلبَ القرارَ فما لديه قرار
ودَّعتُها يوم الرحيل وفي الحشا
نارٌ وفي وجناتها أنوار
والركبُ ملتمسٌ نوى ً بغريرة
ترمى لها الأنجاد والأغوار
بمدامع باحت بأسرار الهوى
للعاذلين وللهوى أسرار
لا ينكرنّ المستهام دموعه
مما يجنّ فإنّها إقرار
وخَلَت لها في الرقمتين منازل
كانت تلوح لنا بها أقمار
يا دارها جادتك ساجمة الحيا
وجَرَتْ عليك سيولها الأمطار
أأميمُ ما لي كلَّ آنٍ مرّ بي
وهواك تستهوي لي الأفكار
أمسي وأُصبحُ والجوى ذاك الجوى
والليل ليلٌ والنهار نهارُ
لا أستفيق من الخمار وكيف لي
بالصحْوِ منه وثغرك الخمّار
أتنفّس الصعداء يبعث عبرتي
لهفٌ عليك كما تُشَبّ النار
إنْ كان غاض الصبر بعد فواقها
منّي فهاتيك الدموع غزار
إنّي لأطربْ في إعادة ذكرها
ما أطربت نغماتها الأوتار
ما لي على جند الهوى من ناصرٍ
عزّ الغرام وذلّت الأنصار
ليست تقال لديه عثرة مغرم
حتى كانَّ ذنوبه استغفار
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقاني مريرَ الكأس حلوُ المباسمِ
سقاني مريرَ الكأس حلوُ المباسمِ
رقم القصيدة : 22499
-----------------------------------
سقاني مريرَ الكأس حلوُ المباسمِ(23/309)
وغادرني محلولَ عَقِد العزائِم
وحارَبني بالصَدّ والصدّ قاتلي
فيا ليته لا كان إلاّ مسالمي
ومنذ أطعتُ الحبّ فيه صبابة
عَصَيْتُ عذولي في هواه ولائمي
وقد عَلِمَ الواشون إذ ذاك أنّني
بلاني وأبلاني الغرام بجاسم
نعمتُ به أيّام وصلت تصرَّمتْ
ونحن لدى خفض من العيش ناعم
يُديرُ عليَّ الكأسَ يمزج صرفها
نديمي على كأس الطلا ومنادمي
ألذّ من الماء النمير لشاربٍ
وألطفُ خلقاً من هبوب النسائم
لقد مرّ ـ ما أحلاه ـ عيشٌ بقربه
فهل كان ذاك العيش أحلام نائم
ذكرت قضيب البان وهو قوامه
فنحتُ عليه عليه فوق نوح الحمائم
وما كنتُ لولا طاعة الحب في الهوى
ألائم في العشاق غير ملائم
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> وقفة على اعتاب مستوطنة يهودية
وقفة على اعتاب مستوطنة يهودية
رقم القصيدة : 225
-----------------------------------
يا أبي
هذي روابينا تغشَّاها سكونُ الموتِ ..
أدماها الضجرْ ..
هذه قريتنا تشكو ..
وهذا غصن أحلامي انكسرْ ..
يا أبي ..
وجهك معروق ..
وهذا دمع عينيك انهمرْ ..
هذه قريتنا كاسفة الخدينِ ..
صفراء الشجرْ ..
ما الذي يجري هنا يا أبتي ..
هل نفضَ الموتَ التتَرْ ؟!
يا أبي ..
هذا هو الفجر تدلَّى فوقنا من جانب الأُفُقْ ..
وفي طلعته لون الأسى ..
هاهو المركب في شاطئنا الغالي رَسَى ..
غيرَ أنا ما سمعنا يا أبي ..
صوتَ الأذانْ ..
عجبًا ..
صوتُ الأذانْ ؟؟
منذ أنْ صاحبني الوعيُ بما يحدث في هذا المكانْ ..
منذ أنْ أصغيتُ للجدَّةِ ..
تروي من حكاياتِ الزمانْ :
( كان في الماضي وكان )
منذ أن أدركتُ معنى ما يُقالْ ..
وأنا أسمع تكبيرَ أذان الفجرِ ..
ينساب على هذي التِّلالْ ..
فلماذا سكت اليومَ ..
فلم أسمعْ سوى رَجْعِ السؤالْ ؟؟!
يا أبي ..
هذا هو الفجر ترامى في الأُفُقْ ..
هذه الشمس تمادت في عروق الكونِ ..
ساحت في الطرقْ ..
فلماذا يا أبي لم نسمع اليومَ الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكانْ ؟؟(23/310)
يا أبي ..
كنا على التكبير نستقبل أفواج الصَّباحْ ..
وعلى التكبير نستقبل أفواج المساءْ ..
وعلى التكبير نغدو ونروحُ ..
وبه تنتعش الأنفس تلتأم الجروحُ ..
وبه عطر أمانينا يفوحُ ..
فلماذا يا أبي لم نسمع اليوم الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكان ؟!
يا بُنَيَّ اسكتْ فقد أحرقني هذا السُّؤالْ ..
أنت لم تسألْ ولكنّك أطلقت النِّبال ..
أوَ تدري لِم لمْ نسمع هنا صوت الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكانْ ؟!
هذه القرية ما عادتْ لنا ..
هذه القرية كانت آمنهْ ..
هي بالأمس لنا ..
وهي اليوم لهم مستوطنَهْ ..
العصر العباسي >> البحتري >> يا غاديا والثغر خلف مسائه
يا غاديا والثغر خلف مسائه
رقم القصيدة : 2250
-----------------------------------
يا غادِياً، وَالثّغرُ خَلفَ مَسائِه،
يَصِلُ السُّرَى بأصِيلِهِ وَضُحَائِهِ
ألْمِمْ بساحةِ يُوسُفَ بنِ محَمّدٍ،
وَانظُرْ إلى أرْضِ النّدَى وَسَمائِهِ
وَاقرَ السّلامَ على السّماحةِ، إنّها
مَحظورَةٌ مِنْ دونِهِ وَوَرَائِهِ
وَأرَى المكَارِمَ أصْبحَتْ أسماؤها
مُشتَقّةً، في النّاسِ، مِن أسمائِهِ
كالغَيثِ مُنَكِباً على إخْوَانِهِ؛
كَالنّارِ مُلْتَهِباً عَلى أعْدائِهِ
فارَقْتُ يوْمَ فِرَاقِهِ الزمَن الذي
لاقَيْتُهُ يَهْتَزُّ، يَوْمَ لِقَائِهِ
وَعَرَفْتُ نَفسِي بَعدَهُ في مَعشَرٍ
ضَاقُوا على بعُقْبِ يوم قَضَائِهِ
ما كُنتُ أفهَمُ نَيْلَهُ في قُرْبِهِ
حتّى نَأى، ففَهِمْتُهُ في نَائِهِ
يفديك راج مادح لم ينقلب
إلا بصدق مديحه ورجائه
وَافاهُ هَوْلُ الرّدّ بَعدَكَ فانثَنَى
يَدعوكَ، وَاللُّكّامُ دون دُعائِهِ
وَمُؤمَّرٍ صَارَعْتُهُ عَنْ عَرْفِهِ،
فوَجَدْتُ قُدْسَ مُعَمَّماً بعَمائِهِ
جِدَةٌ يَذودُ البُخلَ عن أطرَافِها،
كالبَحرِ يَدفَعُ مِلحَهُ عَن مائِهِ
أعطَى القَليلَئ وَذاكَ مَبلغُ قَدرِهِ،
ثمّ استَرَد وَذاكَ مَبلَغُ وَائِهِ(23/311)
ما كانَ من أخذي غَداةَ رَدَدْتُهُ
في وَجهِهِ إذْ كانَ من إعطائِهِ
وعجبت كل تعجبي من بخله
والجود أجمع ساعة من رائه
وَقَدِ انتَمَى، فانظُرْ إلى أخلاقِهِ
صَفحاً، وَلا تَنظُرْ إلى آبَائِهِ
خطَبَ المَديحَ، فقُلتُ خَلِّ طرِيقَهُ
ليَجوزَ عَنكَ، فلَستَ من أكفائِهِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تذكَّر بالخفيفِ عهداً قديما
تذكَّر بالخفيفِ عهداً قديما
رقم القصيدة : 22500
-----------------------------------
تذكَّر بالخفيفِ عهداً قديما
وشاهدَ في الرَّبع تلك الرُّسوما
فظلّ يكفكفُ دَمعاً كريماً
وبات يعالج وجداً لئيما
سقى الله دار اللوى بالحيا
فرامة فالمنحنى فالغميما
وحيّى منازلنا بالعقيق
وألقى عليهنّ غيثاً عميما
وقفنا عليها ضحى ً والهوى
يذيب القلوب ويفني الجسوما
وكم وقفة لي بتلك الديار
أُداري بهنَّ الأسى والهموما
تنمُّ عليَّ دموع العيون
ولم أَرَ كالدمع شيئاً نموما
تقضّى عليَّ لنا زمنٌ بالحمى
ولنْ قضى الله أنْ لا يدوما
وجارتْ علينا صروف الزمان
وكان الزمان ظلوماً غشوما
وكانوا بجمع وكان الكئيب
فحلُّوا الغوير وحلَّ الحطيما
ومرَّتْ نسائم عيش المحب
وعادت عليه برغمٍ سموما
لياليَ مرّت مرور الخيال
وكانت نعيماً فصارت جحيما
ولا نشَّقتني الصبا بعدهم
أريجاً ذكياً ومسكاً شميما
ومما شجاني ورقُ الغوير
تُرَدّدُ في الدَّوح صَوتاً وخيما
على أنّني إنْ بدا بارق
نثرتُ من الدمع درّاً نظيما
تفضحني عَبرتي في الهوى
ولم تر صبّاً لسرٍّ كتوما
وإنَّ غريمي غزال اللوى
فجوزيت بالخير ذاك الغريما
رماني بعينيه ظبي الصريم
فأمسى فؤاد المعنّى صريماً
رماني ولم يخشَ إثماً فرحتُ
قتيلاً وراح بقتلي أثيما
وأنتِ مهاة َ قطيع المها
أَبيتُ لأجلِك أرعى النجوما
وكنتُ ألوم بك العاشقين
فأَصبَحْتُ يا ميُّ فيك الملوما
وأثْقَلَني حِملُ هذا الغرام
وحمَّلني الوجدُ عبثاً عظيما
وها أَنا أشكو فؤاداً عليلاً
وجسماً كطرف أميمٍ سقيما(23/312)
ولله قلبٌ بها المستهام
وما منع القلب أن لا يهيما
ومن بعد تلك الثنايا العذاب
إلى كم أعاني العذاب الأليما
وأسلمني للمنون المنى
كأنّي أبيت الدياجي سليما
ولولا رجائي بمفتي العراق
لأصبح حالي قبيحاً ذميما
قطعت العلائق عن غيره
كما قطع المشرفيُّ الأديما
كريمٌ أُؤَمّل منه الجميل
وقد خاب من لا يرجّى الكريما
ويولي بنائله الطالبين
فيغني الفقير ويثري العديما
ويهدي المضلَّ ويعطي المقلَّ
ويرفع في البأس خطيباً جسيما
أحاديثُه مثل زهر الرياض
فهل كان إذ ذاك روضاً جميعا
لطيفٌ رقيق حواشي الطباع
فلو جسّمتْ لاستحالت نسيما
فسبحانَ من جَعَلَ الفضلَ في
عُلاك إلى أنْ عَلَوْتَ النجوما
فأوضحتَ بالحقّ للعالمين
صراطاً إلى ربها مستقيما
وأصبحَ معوجّ أمر الأنام
بأحكام حكمك عدلاً قويما
وتغضبُ لله لا للحظوظ
وما زلتَ في غير ذاك الحليما
وأَحْيَيْتَ رِمَّة َ عِلْم النّبيّ
وقبلك كانتْ عظماً رميما
كَشَفْتَ بعلمك إشكالها
فحيَّرتَ فيما كشفتَ الفهوما
وصَيَّرتَ رُشدَك صبحاً منيراً
يشقُّ من الغيّ ليلاً بهيما
لقد نلتَ ما أعجز الأولين
وأصْبَحْتَ في كلّ علم عليما
فَطَوْراً هُماماً وطوراً إماماً
وطوراً عليماً وطوراً حكيما
وأنت أجلُّ الورى رتبة ً
وأعظمُ قدراً وأشرفُ خيما
وقد نتجتْ بكَ أمُّ العلى
ومن بعد ذلك أضحتْ عقيما
فيا مَن به أقلَعُ النائبات
كما تقلع المرسلاتُ الغيوما
ترحَّم على عبدك المستهام
فإنّي عهدتك برّاً رحيما
ولإنّي لأجلب فيك السرور
وإنّي لأكشف فيك الغموما
فلا تشمتنَّ بي الحاسدين
فتطمع فيَّ العدوَّ المشوما
ولا تتركنّي لقى ً للهموم
فتتركني في الزوايا هشيما
وألسنة الخصم مثل الصوارم
تسقى الدماء وتفري اللحوما
فنل سيّدي أنسَ عيدٍ جديد
وحزْ في صيامك أجراً عظيما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بَقِيْتَ أبا الثناء مدى الليالي
بَقِيْتَ أبا الثناء مدى الليالي
رقم القصيدة : 22501
-----------------------------------(23/313)
بَقِيْتَ أبا الثناء مدى الليالي
على الداعي لكم خضل اليدين
يحول نداك ما بين الرزايا
إذا هطلتْ يداك به وبيني
تواعدني بك الآمال وعداً
رأيت نجازه من غير مين
تجود على محِبّك كل عام
بلبس عباءة وتَقَرَّ عيني
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لأسماءَ دارٌ حيثُ منقطع الرَّمل
لأسماءَ دارٌ حيثُ منقطع الرَّمل
رقم القصيدة : 22502
-----------------------------------
لأسماءَ دارٌ حيثُ منقطع الرَّمل
سَقاها برجَافِ العَشِيَّة ِ منهلِّ
وَجَرَّتْ عليها الذَّيلَ وطفاءُ أبرَقَتْ
وراحت ومن جلجالها زجلُ الفحل
وإنّي لأستسقي لها وابلَ الحيا
وإنْ كان دمعي ما ينوب عن الوبل
عهدتُ الهوى فيها وكانت كانّما
مواقيتها الأولى مواسم للوصل
حلفتُ بأحشاءِ يحرّقها
وكلّ قريحِ الجفن بالدمع مبتلّ
وما رُمِيَتْ من مهجة صادها الهوى
بمحكولة ِ العينين من غير ما كحل
لقد فتكتْ بي أعينٌ بابليَّة ٌ
فويحك يا قلبي من الأعين النجل
وقد فعل الشوق المبّرح في الحشا
كما تفعل النيران بالحطب الجزل
وإنْ فاض دمعي لا أزال أريقه
فمن كبدٍ تصلى ومن لوعة تصلي
وجور زمان لو أرى فيه منصفاً
لحاكمْتُه فيه إلى حكم عدل
أمثلي يطوف الأرض شرقاً ومغرباً
على أرب يرضى من الكثر بالقلّ
وتقذفني الأسفار في كلّ وجهة
فمن مهمهٍ وعرٍ إلى مهمهٍ سهلٍ
وتحرمني الأيام ما أستحقُّه
فلا كانت الأيام إذ ذاك في حلّ
وأرجع أختارُ الإقامة خاملاً
حليف الجهول الوغد والحاسد النذل
وقد عكفت قومٌ على كلّ جاهلٍ
كما عكفت أقوامُ موسى على العجل
يطاولني من لستُ أرضاه موطئاً
وأُكْرِمُ نعلي أنْ أقيسَ به نعلي
وفاخرني من يحسب الجهل فخره
وناظري من لم يكن شكله شكلي
فتبّاً لدهر تستذلُ قرومه
وتستكبِرُ الأنذال فيه وتستعلي
أقاموا مقامي من جهلت بزعمهم
فما قام في عقدٍ هناك ولا حلِّ
ولو طلبوا مثلي نفسَ حرٍّ أبيِّة ٍ
شديدٍ عليها في الدنا موقفُ الذلّ
أواعدها والدهر يأبى بساعة ٍ(23/314)
تَبُلُّ غليلي حين تنزعني غلّي
ويعذلني من ليس يدري ولو درى
لما عجَّ في لومي ولا لجَّ في عذلي
على أنّني ما بين شرّ عصابة ٍ
حريصين لا كانوا على الخلق الرذل
لقد أنكروا أشياء أفضلهم بها
وما عرفوا في الدهر شيئاً سوى البخل
وما أشفقوا من وخز دهياءَ طخية ٍ
كما أشفقوا يوم النوال من البذل
مدحتُ شهاب الدين بالعلم والحجى
ومدح شهاب الدينفرضٌ على مثلي
وما يَمَّمَتْ بي ناقة ٌ غير بابه
ولا وَقَّرتْ إلاَّ بإحسانه رحلي
هو الشرف الأعلى هو العلم والتقى
تورَّثه عن جدّه سيّد الرسل
متى حاولته اليعملات حثثتها
إلى السيّد المحمود بالقول والفعل
إلى دوحة من هاشم نبويّة ٍ
نعم إنّ هذا الفرع من ذلك الأصل
وإلاَّ تُحِطْ علماً بأعلم من بها
فَسَلْ من شجاع القوم عن جوهر النصل
وإنّي إذ أصغي لمعنى حديثه
ثملتُ وتردادي بأمداحه نقلي
كلامك لا ما راع من كلّ باهرٍ
ولفظك لا ما کشتير من كورة النحل
وكتبك أمثال الشموس طوالع
فلا الليل يغشاها إذ الشكّ كالليل
هديتَ بها من كان منها بحيرة
وأوْضَحْتَ في تبيانها غامضَ السبل
وأمْلَيْتَ ما حارَتْ عقولُ الورى به
وأصبحت الأقلام تكتبُ ما تملي
وما تنكر الدنيا بأنَّك عالمٌ
وإنْ كان هذا الدهر أَمْيَلَ للجهل
وإنْ عدَّت الأشياخ بالعلم والحجى
فإنَّك شيخٌ الكلّ مولاي في الكلّ
وأنتَ إمام المسلمين بأسرهم
عليك اعتماد القول بالنقل والعقل
فلا أخذَ إلاّ عنك في الدين كلّه
ألا إنَّ حقَّ الأخذ من قولك الفصل
وإنْ قال قومٌ قد عُزِلْتَ فإنّما
عُزِلتَ ولم تُعزَل عن العلم والفضل
يحطُّ سواك العزلُ عن شرف العلى
ومثلُك لا يَنْحَطُّ ما عاش بالعزل
وهل للمعالي لا أباً لأبيهم
سواك وإنْ يأبَ المعاند من بعل
وهبها لدى أسرٍ لدى غير كفوها
فلو خليتْ جاءتك تمشي على رجل
تحنُّ إلى محياك وهي مشوقة
إليك حنين المستهام إلى الوصل
وكم منصب قد قال يوماً لأهله
إليكَ إذاً عنّي فما أَنْتَ من أهلي(23/315)
أَغَظْتُ بك الحُسّاد في كلِّ مدحة
أشدَّ علىا لأعداء من موقع النبل
وقُلّتُ ولم أرجع إلى غير مثله
ويا كثرَ ما أخرتُ أشياء من قولي
يغيظ كلامي فيك كلّ مناضلٍ
يرى من كلامي فيك نضنضة الصلّ
وفيك أقولُ الحقّ حتّى لو کنّني
أذوقُ الرّدى فيه مريراً وأستحلي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بشراك في نجلٍ نجيبٍ بدا
بشراك في نجلٍ نجيبٍ بدا
رقم القصيدة : 22503
-----------------------------------
بشراك في نجلٍ نجيبٍ بدا
والبِشْرُ لما حَلَّ لا شكَّ حَلْ
مناقبُ الآباء تحيى به
والسّادة الغرُّ الكرام الأولْ
نورٌ يريد الله إظهراه
وشمسُ فضلٍ في العلى لم تَزَلْ
قد وُلِدَ الزاكي فأرَّخْتُه
الخير في مولده قد حصلْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> خَليليَّ في قلبي من الوَجْد جَذْوَة ٌ
خَليليَّ في قلبي من الوَجْد جَذْوَة ٌ
رقم القصيدة : 22504
-----------------------------------
خَليليَّ في قلبي من الوَجْد جَذْوَة ٌ
تأجَّجُ من شَوقٍ شديدٍ إليكما
يعاني فؤادي ما يعاني من الجوى
وما هو إلاَّ منكما وعليكما
وقد كادَ هذا القلب يضرب ناره
ويوشك قلبُ الصَّبِّ أنْ يتضرّما
ولي أَعينٌ غرقى ولكنْ بمائها
تساقط منها الدمع فذّاً وتوأما
وأعذرُ أجفاني على فيض أدمعي
ولو أَنّها فاضَتْ لفقدكما دما
وأدعو لها بالغمض وهو بمعزل
لعلّ خيالاً يطرق العين منكما
تناءيتما عن وامقٍ فيكما شجٍ
فأَنْجَدْتُما يا صاحبيَّ وأَتْهَما
فهل تريا بيناً رمينا بسهمه
درى أيّ قلب قد رماه وما رمى
وها أنا حتى تنقضي مدة النوى
أعلّل قلبي في عسى ولربّما
لذكركما أُصغي إذا ما ذُكِرْتُما
وأَذكرُ عَهداً منكما قد تقدّما
وعيشاً قَضَيْناه نعيماً بقربكم
ولله عيشٌ ما ألذَّ وأنعما
وما کجتاز بي ركبٌ يجد بسيره
من الرّوم إلاَّ أسألُ الركب عنكما
وإنْ نُشِرَتْ صُحْفُ الغرام لديكما
ففي طيّها منّي السلام عليكم(23/316)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عرفتَ صبابة هذي النياقِ
عرفتَ صبابة هذي النياقِ
رقم القصيدة : 22505
-----------------------------------
عرفتَ صبابة هذي النياقِ
فما لكَ تسأل عن دائها؟
كأَنَّك لم تَدْرِ أَنَّ الهوى
دواها وجالبُ ضرّائها
أُعيذك ممّا بها يا هذيم
غرامٌ أقام بأحشائها
نَأَتْ عن منازلها في الغميم
سقتها السماءُ بأنوائها
وأَجْرَتْ مدامعها حسرة ً
على النازلين بجرعائها
ألا صبَّح الغيث تلك الديار
وحيّى منازلَ أحيائها
فما هي إلاَّ منى العاشقين
تلوح الدّيار بأرجائها
فخلِّ المطيِّ على ما بها
ووافقْ تخالفَ أهوائها
لئن وقفتْ بك في الرقمتين
وقفتَ على بعض أدوائها
فما عرفتْ أوجه المغرمين
لعمرك إلاّ بسيمائها
وإنّك إنْ تَعْذِلِ الوامقين
فإنَّك أكبر أعدائها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كفاني المهماتِ عبدُ الغني
كفاني المهماتِ عبدُ الغني
رقم القصيدة : 22506
-----------------------------------
كفاني المهماتِ عبدُ الغني
وذلك من بعض أفضاله
فإنْ نلتُ مالاً فمن جاههِ
وإنْ نِلْتُ جاهاً فمن مالِهِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> حَباكَ الله مِنه بالشِّفاء
حَباكَ الله مِنه بالشِّفاء
رقم القصيدة : 22507
-----------------------------------
حَباكَ الله مِنه بالشِّفاء
ومتَّعك المهيمنُ بالبقاء
فيا بحر النوال ولا أماري
ويا بَدرَ الكمال ولا أُرائي
حياتُك في الوجود أبا جميل
حياة ٌ للمروءة والسخاء
وفي وجدانك الأيام تزهو
كما تزهو الرياض من البهاء
لتشرق في أسرتك النواحي
ولا يبقى الظلام مع الضياء
وأدعو الله مبتهلاً إليه
دعاءً في الصباح وبالمساء
دعاءً يشمل الدنيا جميعاً
ويبعث بالمسرَّة ِ والهناء
بأنْ يُبْقيك للإسلام ظِلاً
تقيه كلَّ ممتنع الوقاء
فلا کعتلَّتْ لعِلَّتِك المعالي
ولا فَقَدَتْك أَبناءُ الرجاء
دواءٌ للعلى من كلِّ داءٍ
فلا کحتاج الدواءُ إلى الدواء(23/317)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أراني والخطوبُ إذا أَلَّمتْ
أراني والخطوبُ إذا أَلَّمتْ
رقم القصيدة : 22508
-----------------------------------
أراني والخطوبُ إذا أَلَّمتْ
رحبتُ إلى جميلِ أبي جميلِ
كأنَّ الله وكّله برزقي
وحوَّلَني على نِعمَ الوكيلِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> كم قَدِ أَلينُ لمن قسا بصدودِهِ
كم قَدِ أَلينُ لمن قسا بصدودِهِ
رقم القصيدة : 22509
-----------------------------------
كم قَدِ أَلينُ لمن قسا بصدودِهِ
حتى ظننتُ فؤادهَ جلمودا
ولكمْ أسلتَ من العيون مدامعاً
وأهجتَ من حرّ الغرام وقودا
كبدٌ تذوبُ وحسرة ٌ لا تقضي
ودموعُ طرفٍ بألفُ التسهيدا
أنكرتَ معرفتي على عهد النوى
ومَنَحْتَني بَعدَ الوصال صدودا
أَخْلَقْتَ صبري بَعد بُعدِك بالنوى
وكسوتني ثوبَ السقام جديدا
لولا العيون النجل ما عرف النوى
من كان صبّاً في هواك عميدا
ولقد أرى نارَ الزفير ولا أرى
يوماً لنيران الفؤاد خمودا
فالموقرات بريّها وقطارها
والحاملات بوارقاً ورعودا
تهمي الندى وتريك كلَّ عشية ٍ
سَحَبَتْ على زهر الرياض برودا
ما زلتُ أحمدُ للمسير عواقباً
حتّى حَلَلْتُ مقامَك المحمودا
طالَعْتُ في وجه السعيد محمد
فرأيتُ طالع مجتديه سعيدا
قابَلْتُ أَحداث النحوس بسَعْدِه
فأعادَ هاتيك النحوس سعودا
وزجَرْتُ طيرَ السعد يهتُف بکسمه
ورأيتُ منه الطالع المسعودا
أَقْرَرْتُ عينَ المجد فيك مدائحاً
وأَغَظْتُ فيك معانداً وحسودا
وإذا نظرتَ إلى سناه ومجده
لنظرتَ من فلق الصباح عمودا
ما زال يولينا الجميل بفضله
كَرَماً يَسُرُّ الآملين وجودا
وإذا کستمحتُ به النوال وجدْتُه
غيثاً يَسِحُّ ومنهلاً مورودا
ولقد مَدَحْتُ الماجدين فلا أرى
إلاّ مديحاً مقنعاً ومفيدا
لا فارَقَتْ عينايَ طلْعَتَك التي
مَدَّتْ عَلينا ظِلَّكَ الممدودا
سادات أبناء الزمان بأَسْرِهم
ورثوا المكارمَ طارفاً وتليدا
تفني مكارمه الحطامَ ويقتني(23/318)
ذكراً يُخَلَّدُ في الثناء خلودا
فَلَقَدْ رَقَيْتُ بها لأرفع رتبة
فَبَلَغْتَ أسباب السماء صعودا
ويريك إنْ ضلَّت عقول أولي النهى
رأياً يريك به الصواب سديدا
أَخَذُوا بناصية المفاخر والعلى
وتَسَنَّموها قُوَّماً وقعودا
وتَخالُهم عند العطاء غمائماً
وتظنُّهم يومَ اللقاء أسودا
إنّي لأشكر من جميلك ما به
أكْبَتُّ من بَعد الحسود حسودا
هذا الذكاء ولا مزيد على الذي
أَبْصَرْتُ منك لمن أراد مزيدا
أَبَتِ المحاسنُ والمكارم في الندى
إلاّ بقاءً بعدهم وخلودا
أَخَذوا المذاهبَ في الجميل فلم نجد
إلاّ مقلدُّهم به تقليدا
قلَّدتني نعماً أنوءُ بحملها
فنظمتُ فيك قلائداً وعقودا
لا زلتَ لي عيداً أشاهدُ عوده
حتى ألاقي يوميَ الموعودا
العصر العباسي >> البحتري >> أيها الطالب الطويل عناؤه
أيها الطالب الطويل عناؤه
رقم القصيدة : 2251
-----------------------------------
أيّها الطّالبُ الطّويلُ عَنَاؤهُ،
تَرْتَجي شأوَ مَنْ يَفُوتُكَ شاؤهْ
دونَ إدْرَاكِ أحْمَدَ بنِ سُلَيْمَا
نَ عُلُوٌّ، يُعْيي الرّجالَ ارْتِقاؤهْ
مَا قَصَدْنَاهُ للتّفَضّلِ، إلاّ
أعْشَبَتْ أرْضُهُ، وصَابتْ سَماؤهْ
حَسَنُ العَقلِ وَالرّوَاءِ، وكم دَلّ
على سُؤدَدِ الشّرِيفِ رُوَاؤهْ
مَاءُ وَجْهٍ، إذا تَبَلّجَ أعْطَا
كَ أماناً مِنْ نَبوَةِ الدّهرِ مَاؤهْ
يَتَجلى ضِيَاؤهُ، فيُجَلّي
ظُلمَةَ الحادثِ المُضِبّ ضِياؤهْ
قَدْ وجَدْنَاهُ مُفضِلاً، فحَطَطنا
حيثُ لا يكذِبُ المُرَجّى رَجَاؤهْ
وَهَزَزْنَاهُ للفَعَالِ، فأبْدَى،
جوْهرَ الصّارِمِ الحُسامِ، انتضَاؤهْ
بأبي أنتَ، كَمْ تُرَامي بأمِري
خِلفةَ الدهرِ، صُبحُهُ وَمَساؤهْ
وَإلَيْكَ، النّجَاحُ، فيما يُعَاني
آمِلٌ قدْ تَطاوَلَ استِبطاؤهْ
قَد تَبَدّأتَ مُنْعِماً وكَرِيمُ الـ
ـقَوْمِ مَنْ يَسبِقُ السّؤالَ ابتداؤهْ
فامضِ قُدْماً، فما يُرَادُ مِنَ السّيـ
ـفِ غَداةَ الهَيجَاءِ إلاّ مَضَاؤهْ(23/319)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وإنّي لشيعيٌّ لآل محمَّد
وإنّي لشيعيٌّ لآل محمَّد
رقم القصيدة : 22510
-----------------------------------
وإنّي لشيعيٌّ لآل محمَّد
وإنْ رَغِمَتْ آنافُ قومي وعُذَّلي
وأشْهَدُ أنَّ الله لا ربَّ غيره
وأنَّ وليّ بين الملا علي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عفتْ أرسمٌ من دارِ ميٍّ وأطلالُ
عفتْ أرسمٌ من دارِ ميٍّ وأطلالُ
رقم القصيدة : 22511
-----------------------------------
عفتْ أرسمٌ من دارِ ميٍّ وأطلالُ
وحَالَتْ بنا إذْ خَفَّ قاطِنُها الحالُ
فكمْ أسألُ الدار البوالي رسومها
وهل نافعي من أرسم الدار تسآل؟
وقفتُ بها أقضي لها الدَّين بالأسى
وما ينقضي وَجْدٌ عليها وبلبال
وفي النفس من تلك المنازل لوعة
تهيّجها منّي غدوٌّ وآصال
وكم هيَّجتْ بي زفرة ٍ
لنيرانها في مضمر القلب إشعال
وعهدي بذات الضال عذر على الهوى
ألا للهوى العذري ما جمع الضال
بروحي من كانت حَياتي بقربه
ويقتلني بالهجر والهجر قتال
ألاحظُ منه البدر في غسق الدجى
يَميسُ به قدٌّ من البان ميّال
أحبّتنا قد حال بيني وبينكم
خطوبٌ لأحداث الزمان وأهوال
لئن غبتم عن ناظري وحجبتم
فما غاب منكم عن فؤادي تمثال
وما سرّني أنّي مقيمٌ ببلدة
وهمّي عليكم في المهامِهِ جوّال
ألامُ عليكم في الهوى وهوانه
وللصّبّ لوّامٌ وللحبِّ عذال
سقى الله هاتيكَ الديارَ وأهْلَها
وجُرَّت عليها للغمائم أذيال
وعهداً مضى فيه الشباب وطيبه
وقَد غالَه من طارق الشيب مغتال
سأركبها في المهمه القفر مركباً
سَفائَن بَرٍّ لُجُّ أَبْحرِها الآل
ولستُ مقيماً ما أقمتُ بمنزلٍ
وعيشي أنكادٌ تسوء وأنكال
وتَصحَبُني في كلّ فجٍ عزيمتي
وأبيضُ هنديٌّ وأسمرُ عسّال
وما ملكَتْ منّي المطامع مِقْوَداً
لصاحبها في موقف الضيم إذلال
وما ساءني فقرٌ ولا سرّني غنى ً
بحيثُ کستوى عندي ثراءٌ وإقلال
ولمْ أدنُ من أشياءَ ممّا تشينني
ولو قطعتْ منّي لذلك أوصال(23/320)
وما كان بي والحمد لله خلَّة ٌ
لها بالشريف الباذخ المجد إخلال
ولستُ أبالي والأبوّة مذهبي
إذا أعرضتْ عنّي مع العلم جهّال
همُ سابَقوني بالفخار فقصّروا
وهو طالبوني بألإناء فما طالوا
ولي بعليّ القدر عن غيره غنى ً
إذا عدَّ قول للكرام وأفعال
من القوم أبناء النُبوَّة ِ والعلى
يُشام لهم في كلِّ بارقة ٍ خال
سلِ المجدَ عنهم مجملاً ومفصَّلاً
ويغني عن التفصيل إذ ذاك إجمال
إذا وصفوا بالعلم والحلم والتقى
فبالعلم أعلام وبالحلم أجبال
قواضٍ على أموالهم بنوالهم
وما نِيلَ هذا الفضل إلاَّ بما نالوا
عزائِمُهُم شرقاً وغرباً وبأسُهُمْ
قيودٌ بأعناق الرجال وأغلال
إليك أبا سلمان تسعى ركابنا
وفيها إلى مغناك حلٌّ وترحال
وتصدر عنك الواردون ظماؤها
عليها من الإنعام والشكر أثقال
إذا نحن أثنينا عليك فإنّما
لكلِّ نسيجٍ من ثنائك منوال
يصحُّ رجائي في علاك مريضه
ومن اسمك العالي لقد صدق الفال
تُبشِّرُ بالنَّعْماء منك بشاشَة ٌ
وعطفٌ على من يرتجيك وإقبال
تغيثُ بغوثٍ من دعاك لكربه
وللغيث من جدوى يمينك إخجال
وما زال بي من جود فضلك نعمة ٌ
تسرُّ بها نفسي وينعمُ لي بال
إذا ما کستقى العافون من يدك النوى
سقاها الأيادي عارضٌ منك هطال
وفيك أبا سلمان بالناس رأفة ٌ
يُنالُ بها قصدٌ وتُدْرَكُ آمال
يخبِّرُ عنك الفضل أنَّكَ أهلُهُ
ويشهدُ فيك البأس أنَّك رئبال
تبلَّجَ صُبحُ الحقّ بالصِّدق ظاهراً
فلا کحتال بعد اليوم بالزُّوِر مُحتال
أما وجميلٍ من صنيعك سالفٍ
عليَّ به منٌّ وفضلٌ وإفضال
وآباؤك الغرُّ الميامين إنَّهم
غيوثٌّ إذا جادوا ليوث إذا صالوا
لقد كذبَ الحسّاد فيما تقوَّلوا
عَلَيَّ وأَيم الله ما قلتُ ما قالوا
أعيذُك أنْ تُصغي إلى قولِ كاذبٍ
ويثنيك عنّي ذلك القيل والقال
ألمْ أقضِ عمري في ثنائك كلّه
ولي فيك من غُرِّ المدائح أقوال
خدمتُك في مدحي ثلاثين حِجَّة ً
وصوبك منهّلٌ وجودك سيّال
أباهي بك السادات شرفاً ومغرباً(23/321)
وأَرْفُلُ في بُرد النعيم وأختال
أنالُ بك الآمال وهي بعيدة
وأَفتَحُ أبواباً عَليهنَّ أقفال
ولإنّي لأرعى الناس بالشكر ذمّة ً
وما في خلوصي بالمودّة إشكال
وأَنْتَ الذي ترجى من الناس كلّها
وتُضْرَبُ في نعماك للناس أمثال
إذا ما القوافي أَقْبَلَتْ بثنائها
عليك فمأمولٌ بها الجاه والمال
وقافية ٍ تتلى ويحلو نشيدها
وكم تتحلّى في ثنائك معطال
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سِرْ بحفظِ الله وکرجَعْ سالماً
سِرْ بحفظِ الله وکرجَعْ سالماً
رقم القصيدة : 22512
-----------------------------------
سِرْ بحفظِ الله وکرجَعْ سالماً
راغماً بالعِزِّ أَنْفَ الحاسدينْ
راكباً في مركبٍ أرَّخته
إركَبوا فيه بخيرٍ آمنينْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لله والدة ُ المليك وما بَنَتْ
لله والدة ُ المليك وما بَنَتْ
رقم القصيدة : 22513
-----------------------------------
لله والدة ُ المليك وما بَنَتْ
من جامعٍ رحبِ الفناء منمنمِ
للراكعين الساجدين لقد زها
سمة التقى للناظرين المترسّم
ترجو من الله الكريم مثوبة ً
أجرُ المثيب على الجيل المنعم
إذْ غيرته وقدَّرته بحكمة ٍ
وكذا يراد من البناء المحكم
أَخَذَتْ بتوسعة ٍ له وأعانها
نظرُ الرَّديف وخدمة المستخدم
فيه الإمام أبو حنيفة من له
زهر المناقب مثل زهر الأنجم
أخذت علوم أصولها وفروعها
عنه الأئمة ُ في الزمان الأقدم
قد عمَّرتهُ وشيَّدتهُ وجدَّتْ
تاريخَ مسجدِ للإمام الأعظمِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَرَدَّ الدموعَ بأردانهِ
أَرَدَّ الدموعَ بأردانهِ
رقم القصيدة : 22514
-----------------------------------
أَرَدَّ الدموعَ بأردانهِ
وكفكفَ عبرة َ أجفانه؟
صيانة سرّ الهوى يا هذيم
فباح البكاءُ بكتمانه
ولو أنكرَ الصبُّ أمر الغرام
لجاءَ الغرام ببرهانه
وإرسالُ عبرته في الديار
تعبّرُ عن فرطِ أشجانه
يحنُّ إلى أثَلاثِ الغُوَير
حنينَ الغريب لأوطانه(23/322)
وهامَ بسلعٍ هيام المشوق
وما هام إلاَّ لسكّانه
وقد قال سعد بذاك الحمى
شجتهُ ملاعبُ غزلانه
وذلَّ لسلطان حكم الهوى
وما ذلَّ إلا لسلطانه
وعرَّفني البرقُ شأنَ الغرام
وما أَعْرَفَ المرءَ في شانه
وأوقدَ في القلب نيرانهُ
فماذا تقول بنيرانه؟
رأى صاحبي آية ً للفؤاد
تَدَلُّ على ضِد سُلْوانه
وكاد يصِّدقُ لولا الضّنى
بزورِ السُّلوِّ وبهتانه
فآمَنَ في مرسِلاتِ الدّموع
ولستُ أشكّ بإيمانه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وعدلٍ ما قضى في الحبِّ يوماً
وعدلٍ ما قضى في الحبِّ يوماً
رقم القصيدة : 22515
-----------------------------------
وعدلٍ ما قضى في الحبِّ يوماً
على عشّاقه إلاَّ بظُلْمِ
فَهِمْتُ بأنَّه قمرٌ منيرٌ
ولكنْ قَد تحيَّرَ فيه فهمي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> رعَى الله أيامَ السُّرورِ بحاجرٍ
رعَى الله أيامَ السُّرورِ بحاجرٍ
رقم القصيدة : 22516
-----------------------------------
رعَى الله أيامَ السُّرورِ بحاجرٍ
وعهدَ صبابتي به وغرامي
بحيثُ الهوى عذبُ المجاني بقربه
ولا عهدَ لي من عادَلٍ بملام
وقد جَمَعَتْنا لِلّذائذ ساعة ٌ
أَحلَّتْ لنا بالسكر كلَّ حرام
وما العيش إلاّ كأس راح رويّة
تدارُ ولكنْ في أكفِّ غلام
إذا رمتُ منه الوصل كان مرامه
من الوصل أقصى بغيتي ومرامي
وإنْ رابه منّي أوامٌ أبلَّه
وكم بلَّ يوماً غلَّتي ولأوامي
شربتُ حميّا كأْسِه ورضابهِ
وكلتاهُما يا صاح كأسُ مدام
ولذَّ بِسَمْعي فيه نظمٌ شدا بِهِ
على نغم السّاعينَ شدوَ حمام
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أرى القاضي يشاركُ كلَّ حيٍّ
أرى القاضي يشاركُ كلَّ حيٍّ
رقم القصيدة : 22517
-----------------------------------
أرى القاضي يشاركُ كلَّ حيٍّ
وليسَ الميتُ ينجو من ْيديه
وأقسمُ أنه لو مات أيرٌ
تورَّثَ منه إحدى خصيتيه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> راقَ للأبصارِ حسناً وجمالا(23/323)
راقَ للأبصارِ حسناً وجمالا
رقم القصيدة : 22518
-----------------------------------
راقَ للأبصارِ حسناً وجمالا
بَدرُ تِمّ لاحَ فکستوفى الكمالا
قَرَّت العينُ به من أبلجٍ
فَرَأتْ أعينُه السِّحْرَ حلالا
كلّما زاد وَميضاً برقه
زادني من لوعة الوجد کشتعالا
ظامىء ُ الأحشاء في الحبّ إلى
مانعي من ثغره العذب الزلالا
لا أبالي في صبابات الهوى
أَقْصَرَ العاذلُ لومي أمْ أطالا
كم طعينٍ بقوام أهيفٍ
هو لم يشهد طعاناً ونزالا
إنَّ للصّبِّ لعمري كبِداً
زادَ في القلب من الوجد ذبالا
صانَ في أحشائه الحبّ وقد
أهرقتْ أجفانه الدمع المذالا
يامُحِلاَّ في الهوى مني دماً
سيف عينيه وما كان حلالا
وكمالات وعلم ونهى ً
هبة من جانب الله تعالى
دَبَّرَ الملك برأي ثاقب
وأحال الجَوْرَ عدلاً فکستحلا
وكسى بغداد في أيّامه
حُلَّة َ الفخر جمالاً وجلالا
كلَّما جالت به أفكارنا
من ثناءٍ وجدتْ فيه مجالا
فرأيناها لعمري بلدة ً
نِعَمُ الله عليها تتوالى
قَد زَهَتْ فيه وقد عَمَّرها
واحدُ الدنيا مقالاً وفعالا
والعراق الآن لولا عدلُهُ
ما رأى من بعد ما کعوجَّ اعتدالا
لو دعا الشُّمَّ الرواسي أمره
لم تُجِبْ دَعوتَه إلاَّ کمتثالا
أخذتْ زخرفها وازَّينت
فهي للجنَّة ِ قد أمست مثالا
حكمٌ تهدي إلى الرشد ومن
زاغ عنها فلقد ضلَّ ضلالا
وسجاياه التي في ذاته
بَزَغَتْ في أُفُق المجد خلالا
فيْ مزاياه لعمري كرمٌ
وَسِعَ الناس به جاهاً ومالا
لو تطلَّبتَ سواها مثلها
كنتَ ممّن يطلب الشيء المحالا
دولة أيّدها الله فما
ترهب الدنيا ولا تخشى زوالا
من رجالٍ نظم الملك بهم
وإذا كان الوغى كانوا جبالا
قوّة ٌ في ذاتهم لو حاولوا
أنْ يزيلوا جبلاً فيها لزالا
زارَ بغدادَ فزارتنا به
أَيْمُنُ الخير يمينا وشمالا
يا لها من زورة ٍ مقبولة ٍ
أطلعتْ منك على الناس هلالا
فلقد ولاّك سلطان الورى
لا أراني الله فيك الانفصالا
يومَ أقبلتَ على بغداد في
أَيّ يوم كان للعيد مثالا(23/324)
هو ظلُّ الله في الأرض وقد
مدَّ بالأمن على الناس ظلالا
جئتَ بالخير علينا مقبلاً
وتنقَّلْتَ مع السعد انتقالا
فرأينا منك وما لم نرهُ
قبلَ أنْ جئتَ كمالاً وجمالا
وإذا ما مَدَّ يوماً باعه
ظال فيما يبتغيه وکستطالا
يقصر المادح عنها مطنباً
كلّما بالغ بالمدح وغالى
باسطٌ بالخير والحسنى يداً
نَوَّلَتْ من كلّ ما نهوى نوالا
وإذا جَرَّدَهم يومَ وغى ً
مثلما جرَّدَ أسيافاً صقالا
أشرفُ الناس وأعلاهم سنى ً
أَشْرَفَ الناس مزاياً وخصالا
رحم الله تعالى روحهم
إنَّهم كانوا إلى الخير عجالى
لا أراني عَنْ غنى ً منفصلاً
إنْ يكنْ لي بمعاليه کتّصالا
يا ملاذي ومآلي لم تَزَلْ
أنا لي فيها ملاذاً ومآلا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أرى هذي النياقَ لها حنينٌ
أرى هذي النياقَ لها حنينٌ
رقم القصيدة : 22519
-----------------------------------
أرى هذي النياقَ لها حنينٌ
إلى إلْفٍ لها ولها رُغاءُ
وأجفانٌ بعبرتها رواءٌ
وأحشاءٌ بزفرتها ظماءُ
وانَّ بها من الأشجانِ داءٌ
أعندك يا هذيم لها دواء؟
حدا منها بها للشوق حادٍ
وفاز بها التوقّص والنجاء
أراها والغرام قد کبتلاها
بلى إنَّ الغرامَ هو البلاء
أراعَ فؤادها بينٌ وإلاّ
فما هذا التلهُّفُ والبكاء؟
وهل أودى بها يوماً وقوف
على رسمٍ، ومرتبعٌ خلاء
فذرها والصبابة حيث شاءت
أليس الوجد يفعل ما يشاء
تحنُّ إلى منازلها بسلع
عفتها الهوجُ والريح العفاء
وقوم أحسنوا الحسنى إليها
ولكنْ بعد ذلك قد أساؤا
نأوا عنها فكان لها التفاتٌ
إليهم تارة ً ولها کنثناء
وظنَّتْ أنَّهم يدنون منها
فخابَ الظنُّ وانقطع الرجاء
العصر العباسي >> البحتري >> أصابت قلبه حدق الظباء
أصابت قلبه حدق الظباء
رقم القصيدة : 2252
-----------------------------------
أصابت قلبه حدق الظباء
وأسلم لبه حسن العزاء
وأقفزت المنازل من سليمى
وكانت للمودة والصفاء
واطال ثواؤه في دمنتيها
فهيج شوقه طول الثواء(23/325)
ولج به الجفاء فليس يدري:
أيظعن أم يقيم على الجفاء
وهل خلق الفتى إلا ليهوى
ويأنس بالدموع وبالدماء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سلِ الله بالسادة ِ الطاهرينَ
سلِ الله بالسادة ِ الطاهرينَ
رقم القصيدة : 22520
-----------------------------------
سلِ الله بالسادة ِ الطاهرينَ
مرامك فهو القريبُ المجيبْ
وزرْ مرقداً لعليِّ المقامِ
وأَرِّخْ محلّ ضريحِ النقيبْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أرأيتَ مثلي في الهوى
أرأيتَ مثلي في الهوى
رقم القصيدة : 22521
-----------------------------------
أرأيتَ مثلي في الهوى
ظمآنَ لا يروى بماءِ
يهوى معانقة َ الظُّبا
ويخاف أحداقَ الظباء
تلك العيون الراميات
جوانحي مضَّ الرماء
تحيي النفوس وإنَّها
لمبيحة ٌ سفكَ الدماء
إنّي بذلت مدامعي
لمقتّرٍ لي بالعطاء
من بعد ما فاء الحبيبُ
من الوصال إلى الجفاء
يا ممرضي بجفوته
لا تَرْكَنَنَّ إلى شفائي
كيفَ الشفاء من الغرام
وقد غدا دائي دوائي
لو كان يبقى من أُحِبُّ
لكنتُ أطمع بالبقاء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَبرٌ به سيّدٌ شريفٌ
قَبرٌ به سيّدٌ شريفٌ
رقم القصيدة : 22522
-----------------------------------
قَبرٌ به سيّدٌ شريفٌ
تكشفُ في مثلهِ الكروبُ
دهى علاه خطبُ المنايا
وللمنايا بنا خطوبُ
فلا طبيبٌ ولا حبيبٌ
ولا بعيدٌ ولا قريبُ
يردُّ ما قد قضاه ربٌّ
وهو على عبده رقيبُ
وآهاً له من فراق
فغائب القوم لا يؤوبُ
تبكي عليه أشراف قوم
لها بكاءٌ به نحيبُ
يومٌ به قد قيل أَرِّخ
مَضى إلى ربّه النقيبُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا قلبُ هلْ لكَ في السُّلوِّ
يا قلبُ هلْ لكَ في السُّلوِّ
رقم القصيدة : 22523
-----------------------------------
يا قلبُ هلْ لكَ في السُّلوِّ
فقد أراعك منْ تحبُّ
وجفاك من نهوى فلا
منه إليك اليوم قربُ
ظعنَ الذين هويتهم
وَحَدَتْ بهم نجبٌ ونجبُ
وتنافَرَتْ تلك الظِباء(23/326)
وريع منها ويك سرب
ساروا بصبرك حيث شاؤوا
فقد أراعك من تحبُّ
فالقلبُ صَبٌّ في هواهم
مغرم والدمع صبّ
طرفي بدمعي لا يجفُّ
ولا زفيرُ الوجد يخبو
يا طرفُ نهنهْ من دموعك
بعدهم فالوجْدُ حَسب
فارقْتُهم وتفرّق الأحبـ
ـباب بعد الجمع صعب
وذكرتهم فكأنما
نارٌ بأحشائي تشب
ياليت قومي يعلمون
بما أُصابُ وما أَصُبُّ
ويلاه من هذا الزمان
فكم دهاني منه خطب
في كلّ يوم تستفاضُ
مدامعٌ ويراعُ قلب
وللوعتي وتجلُّدي
في الحبّ إيجاب وسلب
لا موردي صافي النمير
ولا مذاق العيش عذب
وأُعاتِبُ الدهرَ المُشِتَّ
وهلْ يفيد الدهر عتب؟
والذَّنبُ للأحباب إذ
رحلوا وما للبين ذنب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سَأَلْتُك عَن منازلنا بنجدٍ
سَأَلْتُك عَن منازلنا بنجدٍ
رقم القصيدة : 22524
-----------------------------------
سَأَلْتُك عَن منازلنا بنجدٍ
وهاتيك الأجارع والبطاحِ
أروّاها الغمامُ الجون حتى
سقى ما حولهنّ من النواحي؟
وهل نَبَتَ الثّمام أو الخزامى
فعطَّر فيه أنفاس الرياح
وهل لطم الشقيق بها خدودا
مضرّجة على ضحك الأقاحي
وهل خَطَبَتْ على الأثلاثِ منه
حمائمها بألسنة فصاح
وكيف عهدتُ أقواماً مرامي
لديهم أنْ أراهم واقتراحي
وهل ذكرت نداماي الأوالي
غبوقي في رباها واصطباحي
منازل صبوتي وديار وجدي
ومنشأ لوعتي ومدى رواحي
لقد كاد الفؤاد يطير شوقاً
إليها يا هذيم بلا جناح
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نقيبٌ من الأشراف أكرمُ سيّدٍ
نقيبٌ من الأشراف أكرمُ سيّدٍ
رقم القصيدة : 22525
-----------------------------------
نقيبٌ من الأشراف أكرمُ سيّدٍ
من الآلِ من بَيْت النُّبُوَّة آلُهُ
قضى عمره بالخير والبرّ كلّه
ولاذ بعفو الله جلّ جلالُهُ
تنقَّلَ من دارِ الفناء فأرّخوا
عَلياً وللجنّات كان انتقالُهُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا من مبلغٌ عنّي نقيباً
ألا من مبلغٌ عنّي نقيباً
رقم القصيدة : 22526(23/327)
-----------------------------------
ألا من مبلغٌ عنّي نقيباً
يَسُود النّاس في شَرَفٍ ودينِ
بأنّا ما برحنا في سرور
تلاحظنا العناية بالعيون
ولما أَنْ أَتينا الوقْفَ صبحاً
حَلَلْنا في مَحلّ أبي أمين
فكان مكانه جنّأت عدنٍ
وقد قيل المكانة بالمكين
وأَوْسَعَنَا من الإكرام برّاً
وكنّا من نداه على يقين
نَزَلْنا يا أبا سلمان منه
بقيتَ الدهر في حصنٍ حصين
أسامرُ من أحبُّ ولا أداري
رقيباً يتَّقيه ويتّقيني
لنا ما نشتهي من كلّ شيءٍ
يروق إلى المسامع والعيون
ولكنْ الصيام أتى علينا
فصُمْنا في الحنين وفي الأنين
وهنداوِتُكم قد صامَ أيضاً
وأصبحَ عاقلاً بعد الجنون
فهلْ تدري بنا مولاي أنّا
قَهَرْنا جُندَ إبليسَ اللعين
بطاعة أمرك السامي أراه
تمسكَ منه بالحبل المتين
وسلمانُ الأشمُّ سَلِمْتَ أضحى
وفوزي منه تقبيل اليمين
فكَمْ من مِنَّة قُلِّدتُ منه
كما قُلِّدتُ بالعقد الثمين
سيخطبُ في مدائحه قصيدي
كما خطبَ الحمام على الغصون
وأذكرهُ وأشكرهُ وأثني
عليه الخير حيناً بعد حين
فلا منعت من الدنيا مجاني
مكارمه على مَرّ السنين
ولا فارقتُ منه هاشماً
حليف الجود وضّاح الجبين
أَحَلَّتْني مكارمُه مكاناً
أراني النجمَ في الآفاق دوني
فليس البرُّ إلاَّ برَّ حُرّ
يصونُ المجد بالمال المهين
فلا تَرَبَتْ يدُ العافين منه
ولا خابَتْ بطلعَتِه ظنوني
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قوَقَفْنا برَبْع المالكيّة وَقْفَة ً
قوَقَفْنا برَبْع المالكيّة وَقْفَة ً
رقم القصيدة : 22527
-----------------------------------
قوَقَفْنا برَبْع المالكيّة وَقْفَة ً
تهيجُ بنا في الرَّبعِ ما حلَّ بالرَّبعِ
تُثير أسى قلب وأدمعَ ناظرٍ
فمن لاعجٍ وترٍ ومن مدمعٍ شفع
ولم يكف هذا الوجد حتى کستفزني
ونحن بسلع بهف نفسي على سلع
غرامٌ بجمع يا هذيم وصبوة
ومجتمع الأهوال لا زال في جمع
وشوقٍ أَضرَّ القلب لا صبر عنده
ويعلم أنَّ الصَّبر أجلبُ للنفع(23/328)
يذكّرني أيام ظمياءَ نوَّلَتْ
قَليلاً وبعد النيل مالت إلى المنع
ولم أنسَ إذ زارت بليلٍ تبوَّأتْ
وشاة ُ الهوى منه مقاعد للسمع
وحاكى دجاه فرعها فتطلَّعَتْ
بمثلِ محيّا البدر في داجن الفرع
تعيد على سمعي أحاديث عتبها
كساجعة ورقاء تطرب بالسجع
تدقّ معانيها كدقّة خصرها
فإنَّ بقايا طعْمِه بَعدُ في فمي
وإنَّ رضاباً قد سقَتْنيه مرة ً
على غفلة الواشين في أيمن الجزع
ولذّة هاتيك الأحاديث في سمعي
وما ذاك إلاَّ قبل أن نشهد النوى
ومن قيل أنْ نرمى من البين بالصدع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ولما ابتليتُ بفقدِ الكرامِ
ولما ابتليتُ بفقدِ الكرامِ
رقم القصيدة : 22528
-----------------------------------
ولما ابتليتُ بفقدِ الكرامِ
وذمِّ الزمان وأصحابه
فأَصْبَحْتُ أَمدَحُ أهلَ القبور
وأهلُ المقابرِ أولى بِهِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا قبرَ محمودِ لا جازَتْك غادية ٌ
يا قبرَ محمودِ لا جازَتْك غادية ٌ
رقم القصيدة : 22529
-----------------------------------
يا قبرَ محمودِ لا جازَتْك غادية ٌ
تسقي ثراكَ بصوبٍ غير مفقودِ
لقد فقدتُ بك المعروفَ أجمعه
يا خيرَ من راح مفقوداً لموجود
وقد كرهتُ حياة لا أراك بها
مذ كان موتُك موت الفضل والجود
وليس بعدك عيشي ما أسَرُّ به
ما العيش من بعد محمود بمحمود
كنّا بفضلك في خصب وفي سعة
ومنهلٍ من ندى كفّيك مورود
ونستظلّ بحيث الدهر هاجرة
ولا ظلال بظلٍّ منك ممدود
أبكيك والحقّ أنْ أبكي عليك دماً
بأدمعٍ فوقَ خدّي ذات أخدود
أنتَ الذي تحكي مناقبه
بشاهدٍ من معاليه ومشهود
أيامه كانت العيادَ أذكرها
فلم تَرُقْ بعده لي طلعة ُ العيد
ما بعد صاحب هذا القبر من أحَدٍ
يُرجى الخيرُ أو يُدْعى إلى الجود
جَرَّبْتَ من بعده السادات أجمها
فصحَّ لي فيه بعد الله توحيدي
وربّما قادني ظنّي إلى أرب
فخاب ظنّي ولم أظفر بمقصودي
وليس من بعده حظٌّ لذي أَملٍ
ولا السراب وإنْ يطغى بمورود(23/329)
إنّي لأبكي عليه كلّما ذُكرت
أيامه البيضُ في أياميَ السُّود
أبكي على کبن رسول الله يتركني
في فقده بين تنغيصٍ ونتكيد
ليتَ المنايا بما غالت وما تركت
قد بَدَّلَتْ ألْفَ موجود بمفقود
أذمُّ دهراً لعيشٍ لَسْتُ أَحْمدُه
ولستُ أحمدُ عيشاً بعد محمود
بالعيد كنتُ أهنّيه وأمْدَحُه
فصِرْتُ أبكيه أو أرثيه بالعيد
العصر العباسي >> البحتري >> يا برق أفرط في اعتلائك
يا برق أفرط في اعتلائك
رقم القصيدة : 2253
-----------------------------------
يا بَرْقُ أفرِطْ في اعْتِلائِكْ،
أوْ صُبْ بجُودِكَ وَانْهِمَائِكْ
أوْ كَشَفِ الظّلْمَاءَ بِالـ
ـنّورِ المُضيءِ مِنِ انْجِلائِكْ
ما أنْتَ كالحَسَنِ بنِ مَخْـ
ـلَدَ في اقْتِرَابِكَ وَانْتِوائِكْ
إنّي وَجَدْتُ ثَنَاءَهُ
في النّاسِ أشرفَ مِنْ ثَنَائِكْ
وَأرَى نَداهُ بِمَالِهِ،
يَعْلُو نَداكَ لَنَا بِمَائِكْ
وَضِيَاؤهُ، في البِشْرِ، أوْ
لى بالفَضِيلَةِ مِنْ ضِيائِكْ
وَسُمُوُّهُ في للمَجْدِ أزْكَى
مِنْ سُمُوّكَ وَارْتِقَائِكْ
نَفْسي فِداؤكَ إنّ حَظّي
كَوْنُ نَفْسي عن فِدائِكْ
قَدْ سَارَتِ الرّكْبَانُ بِالخَبَرِ الـ
ـمُعَجِّبِ مِنْ وَفَائِكْ
وَتَحَدّثُوا عَنْ نُجْحِ وَعْـ
ـدِكَ في السّماحِ، وَصِدقِ وَائِكْ
فَعَلامَ أغْدو لاحْتِثَا
ثِكَ أوْ أُهَجِّرُ لاقتِضَائِكْ
سيما وَمَا أوْلَيْتَهُ،
بالأمْسِ كانَ عَلى ابْتِدائِكْ
وَيَسُوءُني تَرْكُ اعْتِمَا
دِكَ، وَالتّأخّرُ عَنْ لِقائِكْ
وَنَقِيصَةُ السّيْبِيّ سَيْـ
ـبُكَ، وَالمُتَمَّمُ مِنْ عَطائِكْ
بِمِطَالِهِ، إنّي أعُدُّ
مِطَالَهُ عَنْ غَيرِ رَائِكْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَدِمْتَ فحيّاك المهيمنُ بندرا
قَدِمْتَ فحيّاك المهيمنُ بندرا
رقم القصيدة : 22530
-----------------------------------
قَدِمْتَ فحيّاك المهيمنُ بندرا
لترجعَ مسروراً وتمضي مُظفَّرا
وأقبلتَ بالعيد السعيد مبجّلاً(23/330)
فهلَّل هذا العيد فيك وكبّرا
بشهرٍ محيّاك استهلّ هلالهُ
فقُلنا هلالُ العيد لاح مبشّرا
فلا ليلَ إلاّ فيك أصبحَ مقمراً
ولا صبحَ إلاّ في جبينك أسفرا
وقلتُ لنفسي والأمانيّ لم تزل
تخيّل لي إمكان ما قد تعذّرا
عسى أنْ أرى من بعد عيسى وبندر
ببندر ما قد كنت في بندر أرى
رعيتُ بهم روض المكارم مزهراً
وأُسقِيتُ منهم عارض الجود ممطراً
وكانوا على روض المجرّة أمّة ً
تفجَّرَ من أيديهم الجود أنهرا
وتلك ديار أورِثوها منيعة ً
حَمَوْها ببيض تقطر الموت أحمرا
فكم طائل قد رامهم بخديعة
ولكنّه ما طال إلاَّ وقصّرا
وكم قائل لي هلْ وجدت نظيرهم
فقلتُ له أين الثريا من الثرى
ذكرت وما ينساهم القلب ساعة
على أنّني فيهم أذوب تَذَكرا
زماناً بهم طلق المحيّا ومنزلاً
من العزّ أمسى بالحديد مسوّرا
تدرّ علينا الخير أخلافها المنى
وكان لنا في الدهر أنْ نتخيّرا
ألم تنظر الأيام كيف تبدَّلَتْ
بأحوالها والدهر كيف تغيّرا
وكانتْ أمورٌ ما هنالك بعدها
يكادُ لها الجلمود أنْ يتفطرا
وقَد كان ذاك المنهل العذب صافياً
بهم قبل هذا اليوم حتى تكدّرا
وقامت لها ساق على سوق فتنة
تباع بها الأرواح بخساً وتشترى
إلى أنْ تلافيتَ العشيرة فکرعَوَتْ
وأصبح فيها آمراً ومؤمَّرا
وأَخْمَدْتَ تلكَ النار بَعدَ وقودها
وقد أوشكتْ لولاك أنْ تتسعّرا
جمعتهم بعد الشتات وسستهم
وأَقْصَيْتَ منهم من عَصى وتكبّرا
وما راح يستغني عن الرأي عسكرٌ
وكم دمّر التدبير والرأي عسكرا
وما كان أقواها لديك قبيلة
لو کنتصرت للبأس نصراً مؤزّرا
إذا الحرُّ ألفى الضيمَ شرط حياته
رأى الرأي فيها أنْ يموتَ ويقبرا
لقد فاز من أصبحتَ في الناس شيخهم
ومن كنتَ فيه هادياً ومدبّرا
دعوتهم للخير إذ ذاك دعوة ً
كشفتَ بها عنهم من الضُرِّ ما عرا
سلكتَ سبيلَ الأوّلين فلم تَحِدْ
عن الرُّشد أو تُلقى عن الورد مصدرا
سَعَيْتَ إلى المجد الأثيلِ مُوَفَّقاً
ومن حلَّ بالتوفيق صدراً تصدّرا(23/331)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا قَبرُ هلْ عَلِمْتَ مَن ضَمَمْتَهُ
يا قَبرُ هلْ عَلِمْتَ مَن ضَمَمْتَهُ
رقم القصيدة : 22531
-----------------------------------
يا قَبرُ هلْ عَلِمْتَ مَن ضَمَمْتَهُ
ومنْ عليه تنطوي جوانحكْ
من صالحٌ أعماله مضيئة ٌ
تضيءُ من أضوائها مصابحك
فإنَّ في بطنك خيرَ ماجدٍ
قد وُضِعَتْ من فوقه صفائِحُكْ
وأنتَ من طيب عبير نشرهِ
تنفحُ من طيب الشذا نوافحكْ
ولا تزال ـ والإلsه راحمٌ ـ
في رحمة الله التي تصافحكْ
قَدْ حَلَّ من بعد الوفاة ثاويا
أرّخْ بجنّاتِ الخلود صالحكْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شفيتَ بطردِ صالحِ كلّ صدرٍ
شفيتَ بطردِ صالحِ كلّ صدرٍ
رقم القصيدة : 22532
-----------------------------------
شفيتَ بطردِ صالحِ كلّ صدرٍ
ولم تبرحْ شفاءً للصدور
وطهَّرتَ الشريعة من دنيٍ
يبيعُ الدين في فلسٍ صغير
مطامعُ نفسه قد صيَّرته
كما تدري إلى بئس المصيرِ
ويشكو فقره للناس طرّاً
وما هو لا وربّك بالفقير
تَعاطى من تجاسُرِه أموراً
يسرُّ عداك في تلك الأمور
وببطِشُ بطشَ جبّار على أنْ
له جأشٌ يفرُّ من الصفير
فكيف تلينُ مولانا لخصمٍ
له الويلات من كلبِ عقور
ومن يك ذاته نَجِساً خبيثاً
متى يلقاك في قلب طهور
فلو يُرمى بلجّ البحر يوماً
لنجَّسَ شيبه ماءَ البحور
نظرتَ إليه في عيني رحيمٍ
صفوحٍ عن جنايته غفور
وأَحْيَيْتَ کسمَه من بعد موتٍ
وكان يعدُّ من أهل القبور
فعاد لما نُهي عنه وأمسى
على تلك السفاهة والفجور
يظنٌّ لجهله من غير علمٍ
بأنَّك غيرُ مطلعٍ خبير
ولم يتحمَّل الإكرام حتى
رماه لؤمه في قعرِ بير
يطيش إذا التقيتَّ إليه طيشاً
ولا ربَّ الخورنق والسدير
فلو طالت يداه عليك يوماً
أراك الحتفَ ذو الباع القصير
وإنَّ سَماعَك الأَخبارَ عَنه
وإنْ كثرتْ قليلٌ من كثير
وكدَّرَ كلَّ من يهواك منّا
وكنّا قبلُ كالماءِ النمير
ولا ترضى الحميرُ به إذا ما
نسبناه إلى جنس الحمير(23/332)
أَزَلْتَ وجودَه فغنِمتَ أجراً
كأعظم ما يكون من الأجور
فأنت ـ فُدِيتَ ـ للإسلام حصنٌ
وسُورٌ للشريعة أيُّ سور
تحامي عن شريعة دين طه
بماضيها محاماة الغيور
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أبو الثناء شهابُ الدين ما بلغتْ
أبو الثناء شهابُ الدين ما بلغتْ
رقم القصيدة : 22533
-----------------------------------
أبو الثناء شهابُ الدين ما بلغتْ
عقائلُ المالِ إلاّ من مواهبهِ
قضى على المال بالإنفاق نائله
فقلتُ يا فوزَ راجيه وطالبه
وكلّما رُحْتُ أستسقي سحائبه
سقيتُ عذاباً نميراً من سحائبه
مستعذب الجود يجني الشهد سائله
كما يسوغ ويستحلى لشاربه
سيف الشريعة ماضي الحد منصلت
فهل ظفِرْتَ بأمضى من مضاربه
وهل سمعتَ بفضلٍ عدَّ في زمن
ولم يكن آخذاً منه بغاربه
يا دَرَّ دَرُّ زمانٍ من غرائبه
إنْ كان أغربَ شيء في غرائبه
قد عزَّ جانبه العالي وبزَّ عُلى ً
فالعِزُّ أجمعُ والعليا بجانبه
ولاح للفلكِ العلى مناقبه
فعدَّها وهي أبهى من كواكبه
يا من يُحدِّثُ عنه العلم يسنده
حدِّثْ عن البحر وکروِ من عجائبه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنَّ مليكَ العصر من قد عَلا
إنَّ مليكَ العصر من قد عَلا
رقم القصيدة : 22534
-----------------------------------
إنَّ مليكَ العصر من قد عَلا
على ملوكِ الأرض طرّاً وفاقْ
أطلعَ في أفق العلى مجده
بَدْرَ سماءٍ ما له من محاق
أيَّده الله بتأييده
وزاد تفريجاً لضيق الخناق
فالملأُ الأعلى إلى نصره
مُنَزَّلٌ من فوق سبعٍ طباق
عبد العزيز الملك المرتضى
وصفوة العالم بالاتفاق
أهدى إلى النامق أَنْفِيَّة ً
أعدَّها السلطان للانتشاق
فأَصبح النامق من فضله
يرقى من العِزِّ لأعلى مراق
من بعد ما ولاّه أنظاره
وشَدَّ منه للمعالي النطاق
الطاهر الزاكي الذي لم يزل
تشقى به في الناس أهل الشقاق
ذو نعمة ٍ تُسدى لأهل التقى
وسطوة ٍ ترهب أهل النفاق
إنْ لقيَ الأعداءَ في معركِ(23/333)
شاهَدَتِ الأرواحُ منه الفراق
يشيد ضخم المجد في فتكه
أنّى سطا بالمرهفات الرقاق
نائله عذبٌ بيوم الندى
وهو بيوم البأس مُرُّ المذاق
فقلتُ في نعمة سلطاننا
من كَلِمي ما رقَّ منها وراق
هديَّة ُ السُّلطان أرَّختها
للنامِق الوالي مشيرِ العراق
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لستُ أنسى الرّكب بنا
لستُ أنسى الرّكب بنا
رقم القصيدة : 22535
-----------------------------------
لستُ أنسى الرّكب بنا
بَعد وادي المُنحنى في لَعْلَعِ
وعلى أَرسُم ربعٍ دارسٍ
نفَّسَ الوجدُ وعاءَ الأدمع
أربعٌ للَّهو كانت ملعباً
ثم كانت بعد حين مصرعي
كان للعين بقايا أدْمُعٍ
فأراقتها بتلك الأربع
أترى عيشاً لنا في رامة ٍ
راجعاً يوماً وهل من مرجع؟
كان من ريق الحميّا موردي
وبأزهار الغواني مرتعي
وبأحباب مضى عهدي بهم
وبهم وَجْدي وفيهم ولعي
ولقد اَّصْبَحتُ من بعدهمُ
قانعاً منهم بما لم أقنع
كلّما أذكرهم لي أَنَّة ُ
عن فؤاد مستهام موجع
يستريب الواشي منه عبرة
أظهرتْ ما أضمرته أضلعي
وکدّعى أنّي شجٍ مستغرم
صَدَق الواشون فيما تدّعي
هاجَتِ الوَرقاءُ وجداً كامناً
في فؤادي وأثارت جزعي
ليت في عينيك ما في أعيني
ورأت عيناك فيض الأدمع
إنْ بكيتُ الإلف أثناه النوى
فابكي يا أيتها الوُرق معي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مَحَوْتَ بسيف سَطوتك الفَسادا
مَحَوْتَ بسيف سَطوتك الفَسادا
رقم القصيدة : 22536
-----------------------------------
مَحَوْتَ بسيف سَطوتك الفَسادا
بحكْمٍ قَد أَرَحْتَ به العبادا
دَخَلْتَ البصرة الفيحاءَ صُبحاً
ونارُ الشرِّ تتَّقدُ اتّقادا
وقد عَبَثَتْ يدُ الأشراف فيها
وطالَ فسادهم فيها وزادا
لقد حكمتْ بها جهّال قوم
يَرَوْن الغيَّ يومئذٍ رشادا
عموا عمّا بصرتَ به وصمُّوا
فما بلغوا بما صنعوا مرادا
فلو عُرِض الصَوابُ إذَنْ عليهم
بحالٍ أعرضوا عنه عنادا
وهل تثقُ النفوس بعين راءٍ
يرى لونَ البياض بها سوادا(23/334)
تفاوَتَتِ العُقول بما نراه
مَداركُها قياساً وکطرادا
ومن حقّ الرئاسة أنْ نراها
لأَورى الناس إنْ قَدَحَتْ زنادا
وأعلاها لدى الآراء رأياً
وأرفعها وأطولها عمادا
خطوبٌ ما مضى منهنّ خطبٌ
بطارقِ ليلة ٍ إلاَّ وعادا
وكم هدرتْ دماءٌ من أناسٍ
وأموالٌ لهم نفدت نفادا
بحيثُ الأشقياء کستضعفتهم
وقدْ طال الشقا وقد تمادى
ولما ساءَت الأحوال فيهم
ولا نفع الحفاظُ ولا أفادا
ولم يُرَ مَن يُسَدُّ به خِلالٌ
إذا ما أعوز الأمر السدادا
وباتَ الناسُ في وجلٍ عظيم
يُريعُ السَّمعَ منه والفؤادا
دعيتَ لكشفِ هذا الضرِّ عنها
ولا يُدعى سواك ولا يُنادى
ومنذُ قَدِمْتَ مدعوّا إلَيها
أرحتَ بما قدمتَ به العبادا
علمنا أنَّ رأيك فلسفيٌّ
وأنَّك تكشِفُ الكُرَبَ الشدادا
وتنظرُ بالفراسة من يقينٍ
فتنتقدُ الرّجالَ بها انتقادا
وما قَلّدتهم بالرأي منهم
وَلَمْ تحكُم لهم إلاَّ اجتهادا
لقَد أخمدْتَ نيراناً تَلَظّى
وتلك النار قد أمستْ رمادا
وقَرَّتْ أعيُنٌ لولاك باتت
على وجلٍ ولم تذق الرقادا
جزيتم آل راشد كلَّ خير
ففيكم تعرفُ الناس الرشادا
لكم صدرُ الرئاسة في المعالي
وأنتُمْ في بني العليا فُرادى
تدين لك الأقاصي والأداني
وتنقادُ الأُمور لك انقيادا
وقدتَّ صعابها ذللاً وكانت
على الأيام تأبى أنْ تقادا
لقد فاز المشيرُ بك اتكالاً
عليك بما يؤمَّل واعتمادا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتانا عنكَ مولانا البشيرُ
أتانا عنكَ مولانا البشيرُ
رقم القصيدة : 22537
-----------------------------------
أتانا عنكَ مولانا البشيرُ
فَبَشَّرَنا بما فيه السُّرورُ
ورحنا تستقرّ لنا قلوبٌ
بما فرحتْ وتنشرح الصدور
تقلَّدتَ القضاء وربَّ عقدٍ
تزيَّنه الترائبُ والنحور
وأمضى ما يكون السَّيف حدّاً
إذا ما کستَلَّه البطل الجسور
تضيء البصرة ُ الفيحاء نوراً
بأحمدَ وهو في الفيحاء نورُ
إذا نازلتَه نازَلْتَ صِلاَّ
يروعُ الصلَّ منه ويستجير(23/335)
وإنْ نَزَلَتْ بمنزلة ضيوفٌ
فقد شَقِيَتْ بمنزله الجُزور
إذا ما جئته يوماً ستلقى
ضيوفاً نحو ساحته تسير
ألا يا ساكني الفيحاء إني
لكمْ من قَبلها عَبدٌ شكور
ليهنكمُ من الأنصار قاضٍ
لدين الله في الدنيا نصير
فهل عَلِمَ النقيبُ بأَنَّ شوقي
إليه دون أسرته كثير
وهل يقِفُ الكتاب على أخيه
فيعلمُ ما تضمَّنتِ السطور
هما قمرا سماوات المعالي
إذا ما يأْفُلُ القمر المنير
ومقصوصِ الجناح له فؤاد
يكاد إلى معاليكم يطير
فلا خبرٌ ليوصله إليكم
على عجلٍ ولا أحدٌ يسير
يعالجُ في الجوى دمعاً طليقاً
يذوبُ لصوبهْ قلبٌ أسير
ومن لي أنْ تكون بنو زهير
أَحبّائي ولي فيهم سميرُ
إذا هَبّ النَّسيمُ أقول هذي
شمائله الّلطيفة ُ والبخور
تولّى قاضياً فيكم وولى
وفي أعقابهِ ظلمٌ وزُورُ
عدوّكم القضاة الصُّفرُ تتلو
وشرَّ الأصفرين هو الأخير
إذا ما مال نحو الحقّ يوماً
أمالته الوساوسُ إذ يجور
وكم في الناس من شيخ كبير
عليه ينزل اللَّعْن الكبير
تَمَلُّ حياتَه الأحياءُ منّا
وتكرهه الحفائر والقبور
قليل من سجاياه المخازي
وجزءٌ من خلائقه الفجور
طويتُ به الكتابَ وثمَّ طيٌّ
يفوحُ المسكُ منه والعبير
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بوركتِ يا دارَ سلمانَ التي رفعت
بوركتِ يا دارَ سلمانَ التي رفعت
رقم القصيدة : 22538
-----------------------------------
بوركتِ يا دارَ سلمانَ التي رفعت
منها القواعدُ للسادات واعتمرتْ
تَحلُّها من قريش سادة ٌ نجبٌ
باهتْ بهم مضرُ الحمراءُ وافتخرتْ
مثل البدور إذا ما أشرقَتْ وزَهَتْ
أو الضراغم إنْ صالت وإن زَأَرَتْ
على مقاصيرها من كلّ مبتهج
من المحاسن والإحسان قد قصرَتْ
سرِّحْ بها نظراً بها قمراً
فإنّها تعجبُ الأنظار ما نظَرَتْ
وقل بسلمان بانيها وساكنها
أرِّخْ بسلمان دارُ المجد قد عمرتْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أبا مصطفى إنّا ذكرناك بَيْنَنا
أبا مصطفى إنّا ذكرناك بَيْنَنا(23/336)
رقم القصيدة : 22539
-----------------------------------
أبا مصطفى إنّا ذكرناك بَيْنَنا
فهاجَ بنا شوقٌ إليكَ معَ الذّكرِ
وقد جَمَعَتْنَا للمسرّات ساعة ٌ
هي العمرُ لا ما مرَّ في سالف العصر
ونازَعَنَا فيكَ الحديثَ مُعتَّقٌ
ونحنُ بقصر قد أطلَّ على نهر
وقد مدَّ ماءُ النهر من بعد جزرِه
فيا حسن ذاك المدِّ في ذلك الجزر
بحيث کكتَسَتْ أشجارُه فتمايَلَتْ
على نغماتِ الطير بالورقِ الخضر
وقد غَرَّدَتْ من فوقهن حمائمٌ
لها أنَّة ُ المألوم من ألمَ الهجر
وأطربنا في شكر نعماك أخرسٌ
بأعذب ما قد قال فيك من الشعر
وعاج بنا في كل فنٍ يجيده
فطوراً إلى نظيمٍ وطوراً إلى نثر
وكان لنا فيما روى عنك نشوة ً
من السكر ما يغني النديم عن الخمر
ورقَّ كما رقَّتْ سلافُ مدامة
تَخَيَّلها الندمان ذوباً من التبر
فلو كنتَ فينا حاضراً وَوَجَدْتَنا
ومن تحتِنا الأنهار حينئذ تجري
لقلتَ اغنموها ساعة َ الأنس واسلموا
على غفلات الدهر من نوب الدهر
هي البصرة الفيحاءُ لا مصرَ مثلها
وفيها لعمري ما ينوف على مصر
خلا أَنّني أَصْبَحْتُ بينَ وخامَتَيْ
عناءٍ أعانيه وآخر في فكري
العصر العباسي >> البحتري >> ألان علمت أن البعث حق
ألان علمت أن البعث حق
رقم القصيدة : 2254
-----------------------------------
ألان علمت أن البعث حق
وأن الله يفعل ما يشاء
رأيت الخثعمي يقل أنفا
يضيق بعرضه البلد الفضاء
سما صعداً فقصر كل سام
لهيبته وغص به الهواء
هو الجبل الذي لولا ذراه
إذا وقعت على الأرض السماء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> نبَّهْتُ للنّأْي عُيونَ الرّفاقْ
نبَّهْتُ للنّأْي عُيونَ الرّفاقْ
رقم القصيدة : 22540
-----------------------------------
نبَّهْتُ للنّأْي عُيونَ الرّفاقْ
والليلُ قد مدَّ علينا رواق
وربَّ سكران بخمر الكرى
أَفَقْتُه بالعَذل حتّى أفاق
قلتُ له من رامها صعبة ً
حَثَّ المراسيلَ إليها وساق
ماذا التّواني عن طلاب العلى(23/337)
أَلا تحنّون حنين النياق
لا کكتحلت أجفانكم بالكرى
ولا تصدَّيتمْ إلى غير شاق
إنَّ معاصاة الكرى للعلى
ألذَّ من طوع الهوى للعناق
فشمِّروا للمجد إنّي أرى
مكابدات الذل ما لا تطاق
إنّ جنى النحل لمشتاره
بالذل لو فكرت مرّ المذاق
هذا وفيكم همّة ٌ ترتقي
مراقيَ النجم وأعلى مراق
لئن تقرَّبتم إلى عزَّة ٍ
فَقَدْ يعودُ البدرُ بعد المحاق
والحرُّ إنْ حاوَلَ أمنيَّة
حاولها فوق الجياد العتاق
وميَّزَ البُعدَ على غيره
ولا يريد الوصلَ بعد الفراق
فلم يكونوا يوم نبَّهتهم
إلاّ كما انضيتُ بيضاً رقاق
ووافقتني منهم غلمة ٌ
لا يعرفونَ الودَّ إلاّ الوفاق
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> حلفتَ بتربة ِ آبائها
حلفتَ بتربة ِ آبائها
رقم القصيدة : 22541
-----------------------------------
حلفتَ بتربة ِ آبائها
ظوامي السيوف دوامي العوالي
وكلّ فتى من بني عَمِّها
قريب النوال بعيد المنال
بأنّي كما يزعم العاذلون
على صَبوتي بالهوى غير سالي
وقلتُ لها إنَّ نار الغرام
تَشُبُّ وقلبي بها اليوم صالي
وعندي من الوجد داءٌ عضال
فهلْ من دواءٍ لدائي العضال؟
ومَن لي بصبر يريح الفؤاد
وما يخطر الصّبر يوماً ببالي؟
وإنّي لأسأل ظبيَ الصريم
وما عن سواك يكون سؤالي
وأنْشُقُ منه نسيماً يَهُبُّ
وأَعْرِفُه بأَريج الغوالي
وما زلتَ حتى خلبت القلوب
وحتى سحرتَ عقول الرجال
ترين أخا الوجد لينَ الكلام
فيطمعُ منك بأمر محال
وتَلوينَ بالدَّين حتَّى يقال
نجاز الغواني كثير المطال
بَخلتِ وما منكم الباخلون
فهلاّ سَمَحْتِ ولو بالخيال
ومن أينَ يخفى عليك الهوى
وقد بان ما بي وأبصَرْتِ حالي
أما صحّ عندك قول الوشاة
فماذا التجافي وماذا التغالي
ولا شيء عندي وحقّ الهوى
أمرُّ من الهجر بعد الوصال
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بلغَ الشَّوقُ لعمري ما أرادا
بلغَ الشَّوقُ لعمري ما أرادا
رقم القصيدة : 22542
-----------------------------------(23/338)
بلغَ الشَّوقُ لعمري ما أرادا
وقضى من مهجة ِ الصَّبِّ المرادا
فليدعهُ في الهوى عاذله
يَحْسَبُ الغيَّ وإنْ ضَلَّ راشادا
يُرسِلُ الوَجْدَ إلى أجفانه
رُسُلَ الأدمع مثنى وفرادى
لم يُرِقْها عَبرة ً إلاَّ إذا
اتقدتْ نارُ الجوى فيه اتقادا
قد منعتم أعيني طيبَ الكرى
فحريٌّ أنْ يُصارمن الرقادا
وبخلتم بخيالِ طارقٍ
لودنا ما بتٌّ أشكوه البعادا
فابخلوا ما شئتم أنْ تبخلوا
إنَّ طرفي كان بالدمع جوادا
أهلَ وُدّي لِمَ لا ترعَوْن لي
ذمَّة َ الودِّ وأرعاكم ودادا
أَنْفَدَ الصَّبُّ عليكم صَبْرَه
وهو لا يخشى على الدمع نفادا
وعلى ما أنا فيه من جوى ً
ما أظنُّ الوَجْدُ يبقي لي فؤادا
فسقى عهد الهوى من مربع
بتُّ أسقيه من القطر العهادا
أيُّ ربع وَقَفَ الركبُ به
ذاكراً بالربع سلمى وسعادا
وبكى أرْسُمَ رسمٍ دارسٍ
أحسنَ القطرُ بكاها وأجادا
يقفُ المغرم فيها وقفة ً
يخضل السيف عليها والنجادا
ما حضَ النُّصحَ له مجتهداً
أَخطأَ الرأي به والاجتهادا
ذاكراً في الربع أيام الهوى
مَن لأيّامك فيها أنْ تعادا
أينَ أسرابك ما إنْ سَنَحَتْ
أَعْيَتْ القانِصَ إلاَّ أنْ يُصادا
وإذا ما نَظَرَتْ أو خَطَرَتْ
عرَّفتك البيضَ والسُّمر الصعادا
ولكَمْ من طُرَّة ٍ في غُرَّة ٍ
خلع الليل على الصُّبحِ السوادا
وقَوامٍ يَرقُصُ البانُ له
وتَثَنّى مُعْجَباً فيه ومادا
آه من فاتكة ٍ ألحاظهُ
فتكة َ السَّهمِ إذا أصمى الفؤادا
لا تؤاخِذْ بدمي ناظرَهُ
وقَتِيلُ الحبّ يأبى أنْ يفادى
قدْ بلوتُ الدهر وصلاً وقلى ً
وَوَرَدْتُ الحبَّ غمراً وثمادا
فتمنَّيتُ مع الوصل القلى
وتخيَّرْتُ على القرب البعادا
عَرف العالمَ من خالَطَهُم
وکستفاد العلمَ فيهم وأفادا
وإذا ما کنتقد الناسَ کمرؤٌ
زهد الناسَ وملَّ الاتنقادا
قل لمن ظنَّ علياً راجياً
أنْ يبارى في المعالي أو يحادى
وإذا ما قَدَحَتْ أيديهُمُ
بزنادٍ كان أوراهم زنادا
بَعُدَ النجمُ على طالبه(23/339)
ومن المعجزِ يوماً أنْ يرادا
رفعة ٌ قائمة ٌ في ذاته
أطرافاً يبتغيها أمْ تلادا
قمرُ النادي إذا ناديتَه
حبّذا النادي مجيباً والمنادى
لِمُلِمٍ تَتَرجّى نَقْصَه
ونوالٍ تبتغي منه کزديادا
أبحر الجود وكلٌّ منهمُ
ربَّما أربى على البحر وزادا
جاذبوا العلياءَ فانقادت لهم
يوم قادوها من الخيل جيادا
ولئنْ لانوا قلوباً خشعتْ
فلقد كانوا على الكفر شدادا
أعرضوا عن عوضِ الدنيا وما
زوِّدوا غيرَ التقى في الله زادا
سادَة َ الدُّنيا وأعلام الهدى
وأكرمَ الخلق على الله عبادا
حسبُ آل البيت من مفتخر
ولبَيتِ المجد مذ أضحى عمادا
سيّد في الغُرِّ من أبنائهم
لمباني مجدهم شاد وسادا
منعمٌ أمرح في أنعامه
وإذا ما زدته بالشكر زادا
يا أبا سلمان يا ربَّ الندى
والأيادي البيضَ ما أعطى وجادا
قدتها مستصعباتٍ في العلى
قَد أَبَتْ إلاَّ لعيالك انقيادا
ربَّ أنفٍ شامخٍ أرغمته
فکستحالت نارهُ فيك رمادا
قد جنيتَ العزَّ غضاً يانعاً
ومضى يخرُط شانيك القَتادا
مَنَعَ الصدقُ أكاذيبَ العدى
فإذا خاضوا بها خاضوا عنادا
عَقَدَ الله به ألْسِنَة ً
كانت الأمس على الزور حدادا
لستُ أستوفي ثنائي فيكم
ولو أنّي أجعل البحر مدادا
أنا ممن يرتجي إحسانكم
أَبَدَ الدهر وإنْ مات وبادا
قد ملأتُ الأرض فيكم مدحاً
ذَهَبَتْ في الأرضِ تستقري البلادا
كلَّما أَنْشَدَها مُنْشِدُها
أطربَ الإنسان فيها والجمادا
زلقد ألتذُّ في مدحي لكم
في الأحاديث وإن كان معادا
وإذا أملقتُ أيقنتُ الغنى
ثقة ً بالجود منكم وکعتمادا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذي هي الفلكُ فتحُ الخير كُنْيَتُها
هذي هي الفلكُ فتحُ الخير كُنْيَتُها
رقم القصيدة : 22543
-----------------------------------
هذي هي الفلكُ فتحُ الخير كُنْيَتُها
فابشر فبشراك بالخيرات بشراها
اليمنُ واليُسرُ في أطرافها اقترنا
فاليمنُ واليسرُ يمناها ويسراها
سلمانُ لما اشتراها حين لم يرها(23/340)
وأقبلتْ أعجبتْ بالحسن من راها
سفائِنُ البَحر إنْ سابقنها سَبَقَتْ
وجاوزتْ قمّ أولادها بأخراها
فإنْ جَرَيْنَ وإنْ أَرَّخْتَهُنَّ فقلْ
تجري وأصبحَ باسم الله مجراها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقى الله عهداً بالحمى قَد تقدَّما
سقى الله عهداً بالحمى قَد تقدَّما
رقم القصيدة : 22544
-----------------------------------
سقى الله عهداً بالحمى قَد تقدَّما
وعَيشاً تقضّى ما أَلذَّ وأنعما
تعاطيتُ فيه الراح تمزج باللمى
وعفراء سكرى المقلتين كأنّما
سقتها الندامى من سلافة أشعاري
لهوتُ بها والدهر مستعذب الجنى
ونلتُ كما أهوى بوصلي لها المنى
ولم أنسها كالغصن إذ مال وانثنى
تمرُّ مع الأتراب بالخَيف من مِنى
مرورَ المعاني في مفاوز أفكاري
وبيضٍ عذارى من لؤيٍّ وغالب
كواعبَ أترابٍ فيا للكواعب
تخطِّينَ في أبهى خطاً متقارب
وَعَفَّين آثار الخُطا بذوائبِ
كما قَد عَفَتْ في منزل الذلِّ آثاري
إذا نظرتْ سلَّت بألحاظها الظبا
وإنْ خَطَرت كانت كما خطر القنا
فما نظرَتْ إلاَّ بأبيض يُنتضى
ولا خَطَرَتْ إلاَّ وتذكّرتُ في الوغى
بهام خطير القدر ميلة خطّاري
كأنّي بها ما بين أختٍ وضرّة ٍ
إليَّ بأسرار الغرام أسرَّتِ
أضميتْ كضيمي بين قومي وأسرتي
ومِن ضَيْمها كادَت تبيحُ طمرَّتي
من الضَّيْم ما أَخْفَيْتُه تحت أطماري
أمضَّ هواها في فؤادي وما حوى
سوى حبّها حتى أليم فما ارعوى
وقد سألتْ عمَّا ألاقي من الجوى
فَرُحْتُ إليها أشتكي مضض الهوى
كما شكتِ الأقلامٌ مني إلى الباري
رَأَتْ فَتَياتُ الحيّ عَيني وَوَبْلَها
فأكثرنَ بالتأنيب إذ ذاك عذلها
فَرُحْتُ وقَد أجْرَت لها العينُ سَيلَها
وجاراتها راحتْ مؤنِّبة لها
على ما جرى في السفح من مدمعي الجاري
أَهيمُ بمرآها وحسن قوامها
وإنّي لمعذورٌ بمثل هيامها
وكم ليلة ٍ قد بِتُّ جنح ظلامها
يسامرني طول الدجى من غرامها
سميرٌ أُناغي في معانيه سُمّاري
إذا قربتْ من ناظري أو تأخَّرتْ(23/341)
ففي صورة الشمس المنيرة صوِّرتْ
متى أسفرتْ عن وجهها أو تستَّرتْ
على قربها منّي إذا هي أسفرتْ
يباعدُ منها الحسنُ ما بين أسفاري
لها مقلة ٌ كالمشرفيِّ شباتُها
لعقيدة صَبري أوهَنَتْ نفثاتُها
إذا ما رَنَتْ أو رُتّلت كلماتها
لرقّة ِ سحري تنتمي لحاظاتها
وألفاظها نعزي لرقَّة أشعاري
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أتخيَّلُ المعنى البديعَ وأجتلي
أتخيَّلُ المعنى البديعَ وأجتلي
رقم القصيدة : 22545
-----------------------------------
أتخيَّلُ المعنى البديعَ وأجتلي
ما راقَ من كلمٍ ومن معنى ً جلي
فلذاك إذ سبق الوجيه تأمُّلي
حسن اطّرادِ جيادِ خيلِ تخيُّلي
في غورِ إطراءٍ عديم تناهي
أبدعْتُ في مدحي وأعلى مَن المدح
دوني وكنت لكالزناد إذا قدحْ
وأتيتُ من فكري بهاتيك المُلَحْ
لأبي الثنا المولى شهاب الدين محـ
ـمودٍ أبي الباقي ابنِ عبد الله
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بدا وَرَنْت لواحظُه دَلالا
بدا وَرَنْت لواحظُه دَلالا
رقم القصيدة : 22546
-----------------------------------
بدا وَرَنْت لواحظُه دَلالا
فما أبهى الغزالة والغزالا
وأسْفَرَ عن سنا قمرٍ منيرٍ
ولكنْ قَدْ وَجَدْتُ به الضلالا
صقيلُ الخدِّ أبْصَرَ من رآه
سوادَ العين فيه فخال خالا
وممنوع الوصال إذا تبدى
وجدت له من الألفاظ لالا
عجبتُ لثغره البسام أبدى
لنا درّاً وقد سكن الزلالا
شهدتُ بشهد ريقته لأنّي
رأيتُ على سوالفه نمالا
فيا عجباً لحسن قد حواه
وقد أهوى إلى قلبي الوبالا
سأشكو الحبَّ ما بَقِيَتْ حياتي
وأشكرُ من صنائعه الجمالا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تحنُّ نياقُ الظاعنين وما لها
تحنُّ نياقُ الظاعنين وما لها
رقم القصيدة : 22547
-----------------------------------
تحنُّ نياقُ الظاعنين وما لها
تحنُّ وفي القلب المشوق حنينُ
أبالنوقِ ما بالنازحينَ من الأسى
وَوَجْدٌ بأحشاءِ الضلوع كمينُ
ولما التقينا للوداع عشية ً(23/342)
وباحَتْ بأسرار الغرام عيون
بذلتُ لها من هذه العين عبرة ً
وإنّي بها لولا الفراق ضنين
فلا القلب لما أرفعَ الركبُ صابرُ
ولا الدمع من يوم الفراق مصون
فلولاك ما قاسيت يا غاية المنى
حوادث تقسو مرّة وتلين
إذا كنتِ لا تدرين ما الشوق بالحشا
سليني عن الأشواق كيف تكون
جُنِنتُ بذكر العامِريّة والهوى
جنونٌ ولكنَّ الجنونَ فنونُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أبا مصطفى زوَّجْتَ بالخيرِ والهَنا
أبا مصطفى زوَّجْتَ بالخيرِ والهَنا
رقم القصيدة : 22548
-----------------------------------
أبا مصطفى زوَّجْتَ بالخيرِ والهَنا
أَخاكَ وقَد بُلِّغْتَ في عُرسِه المنى
وأحسنتَ في تزويجه وسروره
وما زلتَ برَّاً في الأماجد محسنا
وأعلنتَ بالأفراح في كلّ موطنٍ
فأَصبحَ رسْماً بالمسرَّات معلنا
وإنَّك يا ربَّ المكارم والعلى
تفَنَّنْتَ بالفعل الجميل تَفَنُّنا
دعانا إلى الأفراح داعٍ من الهنا
فأذنَ فينا بالسرور وأعلنا
فنعمَ أخٌ هنِّيتَ فيه مزوَّجاً
وحقَّ وأيم الله فيه لك الهنا
تقيٌّ نقيٌّ وابن طاهر
رفيعُ منارِ المجدِ مستحكم البنا
تَقَرُّ به عيناك طِفلاً ويافعاً
وتلقى به الظنَّ الجميلَ تيقُّنا
على مثله تملي القوافي نشيدها
وألسنة ُ الأشراف تنطق بالثنا
وتعترفُ السّادات بالفضلِ من فتى ً
قد کتخذ المعروف إذ ذاك ديدنا
ليظهَرَ فيه الله أسرارَ جدِّه
وقد لاح للأبصار ما فيه من سنا
يلوح عليه للرئاسة طالعٌ
أَلَسْتَ تراه ظاهر المجد بيِّنا
إذا ما کدَّعى بالمجد طالع عِزّه
أقام دليلاً من سناه مبرهنا
حباك به المولى أخاً وحَبَيْتَه
وجادَ به المولى عليك وأحسنا
فشكراً لما خوَّلته ورزقته
فشكرانك النعماء أفضل مقتنى
وها هو فرعٌ قد زكا طيب أصله
به ثمر الآمال مولاي يجتنى
فلا زلتَ مسرور الفؤاد بمثله
فتزجرُ منه طائر السعد أيمنا
وفي كلّ ما ترجو من الله نيله
دَعا لك داعٍ بالتهاني وأَمَّنا
بفضلك کستغني عن الناس كلّها(23/343)
فلا حُرِمَ الراجون من فضلك الغنى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> زادُك الله بهجة ً ووقارا
زادُك الله بهجة ً ووقارا
رقم القصيدة : 22549
-----------------------------------
زادُك الله بهجة ً ووقارا
وجلالاً منه فجلَّ جلاله
ولقد خصّنا بنيلك مذ كنتَ
مُنيلاً لنا فَعَمَّ نواله
عادك العيدُ بالسرور ووافاك
مشيراً إلى الهناءِ هلاله
أَنْتَ بَدْرُ السُّعود في طالع المجْـ
وقد أبهرَ العقول كماله
فاز من يرتجيه بالنّجح راجٍ
أنزلتْ في رحابه آماله
وإذا ساءت الظنون بحالٍ
حَسُنَتْ فيك لا بغيرك حاله
بأبي أنتَ من كريم السجايا
تلك أخلاقه وتلك خلاله
وإذا ما أَقْبَلْتُ يوماً عليه
سرَّني من جميله إقباله
وإذا قال في المطالب شيئاً
صَدَقَتْني أقواله وفعاله
فَلَه مِنّي الثناء عليه
حيثُ لي منه جوده ونواله
نال ما لم يُنَلْ من الفضل حَظّاً
قَصَّرَتْ عن مناله أمثاله
يا أبا مصطفى فداؤك عبدٌ
بك يا صفوة الكرام اتصاله
فيك مولاي سؤْلُه ومناه
وإذا غبتَ كان عنك سؤاله
إنّ داعيك والشواغل شتّى
لك في خالص الدعاءِ اشتغاله
وإلى الله في بقائك في العزِّ
قَدِيماً دعاؤه وابتهاله
ما تأخَّرتُ عنك إلاّ لأمرٍ
ولحظٍّ تعوقني أغلاله
وسواءٌ لدى المودَّة عندي
بعد ذاك اتّصاله وانفصاله
وعلى كلِّ حالة ٍ أنتَ في النا
س لعمري ملاذه ومآله
أيُّها المطلق العذار لقد راق
لِعَيْني شبابُه واكتهاله
كلُّ من قد رآك قال فأَرِّخ
زادَ سلمان بالعذار جماله
العصر العباسي >> البحتري >> يأبى سموك واعتلاؤك
يأبى سموك واعتلاؤك
رقم القصيدة : 2255
-----------------------------------
يَأبَى سُمُوُّكَ واعتِلاَؤكْ،
إلاّ التي فيها سَنَاؤكْ
عَمْرِي لَقَدْ فُتّ الرّجَا
لَ، وَفات يَوْمَ السّبقِ شاؤُكْ
يا ابنَ المُدَبِّرِ، والنّدَى
وَبْلٌ تَجُودُ بهِ سَمَاؤكْ
عَظُمَ الرّجَاءُ، وَرُبّ يَوْ
مٍ حَقّ فيهِ لَنَا رَجَاؤكْ
وَيَفُوتُني نَيْلٌ مَسَا(23/344)
فَتُهُ كِتَابُكَ، أوْ لِقَاؤكْ
فَغِنَاءُ مَنْ يُرْجَى، إذا
لمْ يُرْجَ في حَدَثٍ، غناؤكْ
وَعَطاءُ غَيرِكَ إنْ بَذَلْـ
ـتَ عِنَايَةً فيهِ عَطَاؤكْ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يواعدُني بالوَصْلِ مِنْهُ ويُخْلِفُ
يواعدُني بالوَصْلِ مِنْهُ ويُخْلِفُ
رقم القصيدة : 22550
-----------------------------------
يواعدُني بالوَصْلِ مِنْهُ ويُخْلِفُ
وَيُقْسِمُ بالله العظيم ويَحْلِفُ
وقال ولم يفعلْ ورُمْتُ ولم أَنَلْ
وما زلتُ أبغي وصلة ويسوِّف
وما ضَرَّه لو كان أَنْجزَ وَعْدَه
وكنتُ به لو زارني أتشَرّف
وبات برغم العاذلين منادمي
وثالثنا كأسُ من الراح قرقف
وقد دارت الأقداح بيني وبينه
وشمل الهوى ما بيننا يتألَّف
نت الغيد فتّاك بلحظٍ وقامة ٍ
وما شيم إلاّ مرهف ومثقَّف
تلاعبُ أنفاسُ النسيم بقدِّه
على أنه منها أرق وألطف
تعرَّض لي بالحتف من نَظَراته
وأعرضَ عنّي والمدامع تذرف
وصفتُ له بعض الذي بي من الأسى
وعندي من البرحاء ما ليس يوصف
ألامُ ويلحوني اللحاة بحبّه
أما فيكم يا أيها الناس منصف
وإني على هذا التجنّي لصابر
وأحملُ عبءَ الوجد لا أتكلّف
وأرضى بما ترضون بالسخط والرضا
وآلف بين الناس من راح يألف
وإنّي لمعروفُ عن اللوم في الهوى
وكيفَ يشاء الحبُّ بي يتصرف
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ولما رأيتُ الحيَّ والميْتَ واحداً
ولما رأيتُ الحيَّ والميْتَ واحداً
رقم القصيدة : 22551
-----------------------------------
ولما رأيتُ الحيَّ والميْتَ واحداً
وفَقْد المعالي في وُجودِ الأكابرِ
بكيتَ على أهل القبور وإنّما
بكيتُ السَّجايا الغرَّ بين المقابرِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ويومَ وَقَفْنا دَون أسْنِمة النّقا
ويومَ وَقَفْنا دَون أسْنِمة النّقا
رقم القصيدة : 22552
-----------------------------------
ويومَ وَقَفْنا دَون أسْنِمة النّقا
وقد كان يومٌ يا هذيم عصيباً(23/345)
على طلل ظامٍ إلى ريِّ أهله
تصبُّ عليه الماقيانِ ذنوبا
ولما تَلَفَّتْنَا فلم نَرَ أنجماً
هنالك إلا قد غربن غروبا
وكلّ فؤاد من رفاقي وأنيقي
تطالب من تلك الرسوم حبيبا
وقد ردَّ طرفٌ الركب بعد طموحه
حسيراً وقلبُ المغرمين كئيبا
شققنَ عليهنّ القلوب تأسّفاً
إذا ما شققنَ الثاكلات جيوبا
وقد أَخَذَتْ منا الديار نصيبها
من الدمع والجفن القريح نصيبا
وحنَّتْ نياق الركب حتَّى وجدتني
وَجَدْتَ لها تحت الضلوع لهيبا
ولم أدرِ يوم الجزع في ذلك الحمى
فقدنَ حبيباً أمْ فقدن قلوبا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنَّ النَّقيب عليّاً طابَ عنصره
إنَّ النَّقيب عليّاً طابَ عنصره
رقم القصيدة : 22553
-----------------------------------
إنَّ النَّقيب عليّاً طابَ عنصره
وشَرَّفَ الله في السادات محتدَهُ
لجدّه الشيخ باز الله حين بنى
معمّراً في سبيل الله مسجدَه
شيخ الطريقة لم يقصده قاصده
إلاَّ وأعطاه ربُّ العرش مقصده
أو جاء مسترشداً يبغي النجاة به
إلاَّ هداه إلى التقوى وأرشده
فصلِّ لله وادع الله حينئذ
وزرْ من الشيخ قطب الغوث مرقده
فلم تَزَلْ نفحاتُ القدس سارية
منه إليك بما لا كنتَ تعهده
واشهدْ لبانيه إعجاباً بهمَّه
بما بناه وعلاّه وشيّده
وقل لمنْ رام منه أنْ يُؤَرِّخَه
ذا جامعٌ وعليُّّ القدر جدَّده
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هذا البناءُ الذي محمودُ أَنْشَأَهُ
هذا البناءُ الذي محمودُ أَنْشَأَهُ
رقم القصيدة : 22554
-----------------------------------
هذا البناءُ الذي محمودُ أَنْشَأَهُ
وزانه زخرفُ زاهٍ وتشييدُ
فجاءَ في غاية الإتقان منتزها
فيه السُّرور وفيه الأُنْس موجود
لا يسمع المرءُ في مغناه لاغية ً
وطائر اليمن في مغناه غرّيد
آل المبارك لا زالت مباركة
لكم منازل فيها الفضل مشهود
قد أسعدَ الله أرضاً تنزلون بها
ومنزل السعد في أهليه مسعود
فقلْ لأحبابنا زوروه وانبسطوا
فيه ومِن بعدها إنْ شئتم عودوا(23/346)
من زَارنا فَهُوَ في خيرٍ وفي دَعة ٍ
ولم يفته بحول الله مقصود
يا حبّذا ذلك الباني وبنيته
فللمسرّات في ناديه تجديد
لذاك في ذلك التارخ قيلَ له
هذا مقامك يا محمودُ محمود
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> رَمَيْتَ شهابَ الدين في نور فطنة ٍ
رَمَيْتَ شهابَ الدين في نور فطنة ٍ
رقم القصيدة : 22555
-----------------------------------
رَمَيْتَ شهابَ الدين في نور فطنة ٍ
شياطينَ أكدار يُوَسْوِسْنَ في صَدري
فيا لك من شهم إذا جاء كفُّه
تيَّقَّنتهُ كالغيث يهمي وكالقطر
يدلّ على جود کبن غنام جوده
فوا عجباً للبَحر دلّ على البحر
على من يرينا الموتَ طوع يمينه
ونقرأ من صمامه آية النصر
ويُنقِذُ من والاه مما يسوؤه
كما ينقذ الإسلامُ من ظلمة الكفر
فلا زلتما يا نيريْ أفق العلى
ملاذَ الذي يرجو إلى آخر الدهر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يَهنا أبو عيسى وإخوانُهُ
يَهنا أبو عيسى وإخوانُهُ
رقم القصيدة : 22556
-----------------------------------
يَهنا أبو عيسى وإخوانُهُ
بالفرحِ الباقي ممرَّ الدُّهورْ
يلقى المسرّاتِ كما ينبغي
في عقده هذا ويلقى الحبور
قد جمع الأشراف في مجلسٍ
فكلِّ أهل الفضل فيه حضور
زاروه للعقد على موعدٍ
زيارة ً يأنَسُ فيها المزور
من كلّ من أشبهَ قطرَ الندى
بالجود والإقدام ليث هصور
فباشروا بالعقدِ واستبشروا
بأوجهٍ تشرقُ منها البدور
وأَرَّخوه المصطفى عَقْدُهُ
عقدُ نكاحٍ بالهنا والسرور
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا يا فؤاداً قد أضرَّ به النوى
ألا يا فؤاداً قد أضرَّ به النوى
رقم القصيدة : 22557
-----------------------------------
ألا يا فؤاداً قد أضرَّ به النوى
وأشجاه برقٌ للحبيب لموعُ
إذا ما دعاك الصَّبرُ يوماً عصيته
وأنتَ لما يقضي الغرام مطيع
كتمتَ الهوى دهراً فباحت بسرّه
عُيونٌ وأفْشَتْ ما كتَمْتَ دموع
ويا منزلاً للّهو أبعده النَّوى
أَللمدنفِ النائي إليكَ رجوع(23/347)
تذكَّرتُ فيكَ العيشَ والغصنَ يافع
وريقٌ وشملُ الظاعنين جميع
فأظْهَرْتَ ممّا أَضمَرَتْهُ أضالع
ولله وَجْدٌ أضْمَرَتْه ضلوع
ولولا الهوى ما أبكتِ العينَ أنَّة ُ
ولا شاق قلبي أرسمٌ وربوع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ذا مسجدٌ سرَّ أربابُ السُّجود بهِ
ذا مسجدٌ سرَّ أربابُ السُّجود بهِ
رقم القصيدة : 22558
-----------------------------------
ذا مسجدٌ سرَّ أربابُ السُّجود بهِ
وجَامعٌ جامعٌ للساجدِ الراكعْ
بناه لله منشيه وواضعه
وللقواعد من أركانه رافع
يرجو من الله في العقبى مثوبته
فيا له بثواب الله من طامع
دعا إلى صالح الأعمال حينئذٍ
من كان لله فيه خاضعاً خاشع
فالله يجزيه عما كان أنشأه
خيراً وأكرمه من فضله الواسع
كلٌّ يقولُ وخيرُ القول أصَدَقُه
قولاً يشنِّفُ فيه مسمع السامع
إنَّ العِمارَة قد زانت عمارتها
أرِّخْ بتعمير عبد القادر الجامع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لامَني سَعْدُ على
لامَني سَعْدُ على
رقم القصيدة : 22559
-----------------------------------
لامَني سَعْدُ على
وجدي في آل سعادِ
فذرِ اللَّوم ولا تعبأ
بِغَيٍّ أو رشاد
أنا في وادٍ ومَن
لام على الوجد بواد
قوَّضَ الركبُ صباحاً
وحدا بالركب حادي
فدموعي بانسكاب
وفؤادي باتّقاد
قادني الوجدُ وقد
كنتُ له صعب القياد
وإلى الجزع وأهل الجزع
ـزع هذا القلب صادي
فسقى الجزعَ ومن في
الجزعِ منهلٌّ الغوادي
قرَّبوا منّي تَلافي
يومَ جدُّوا بالعباد
وأرادوا بنواهم
في الهوى غيرَ مرادي
حانَ حيني يا رفيقيَّ
أبناءَ ودادي
من نعيمٍ لعيوني
وعذابٍ لفؤادي
هذه الغاية في الحبّ
لهاتيك المبادي
العصر العباسي >> البحتري >> ظلم الدهر فيكم وأساء
ظلم الدهر فيكم وأساء
رقم القصيدة : 2256
-----------------------------------
ظَلَمَ الدّهْرُ فيكُمُ، وَأسَاءَ،
فَعَزَاءً، بَني حُمَيْدٍ، عَزَاءَ
أنْفُسٌ مَا تَكادُ تُفْقَدُ فَقْداً،(23/348)
وَصُدورٌ مَا تَبرَحُ البُرَحَاءَ
أصْبَحَ السّيفُ داءَكمْ، وَهوَ الدّا
ءُ الذي لا يَزَالُ يُعيي الدّوَاءَ
وَانْتُحِي القَتْلُ فيكُمُ، فبَكَينا
بدِمَاءِ الدّمُوعِ تِلْكَ الدّمَاءَ
يا أبَا القَاسِمِ المُقَسَّمَ في النَجْـ
ـدةِ، الجُودِ وَالنّدى أجزَاءَ
وَالهِزَبْرَ الذي، إذا دارَتِ الحَرْ
بُ بهِ صرّفُ الرّدى كَيفَ شاءَ
الأسَى وَاجِبٌ عَلى الحُرّ، إمّا
نِيّةً حُرّةً، وَإمَّا رِيَاءَ
وَسَفَاهٌ أنْ يَجزَعَ المَرْءُ مِمّا
كانَ حَتْماً عَلى العِبَادِ، قضَاءَ
وَلماذا تَتّبِعُ النّفْسَ شَيْئاً،
جعَلُ الله الفِرْدوْسَ منهُ بَوَاءَ
أتُبَكّي مَنْ لا يُنَازِلُ بالسّيْـ
ـفِ مُشيحاً، وَلا يَهزُّ اللّوَاءَ
وَالفَتى مَنْ رَأى القُبُورَ لمَا طَا
فَ بهِ مِنْ بَنَاتِهِ، أكْفَاءَ
لسن من زينة الحياة كعد الـ
ـله منها الأموال والأبناء
قَدْ وَلَدْنَ الأعْداءَ قِدْماً، وَوَرّثْـ
ـنَ التّلادَ الأقاصِيَ البُعَدَاءَ
لمْ يَئِدْ كُثرَهُنّ قَيْسُ تَميمٍ،
عَيْلَةً بَلْ حَمِيّةً وَإبَاءَ
وَتَغَشّى مُهَلْهِلَ الذّلُّ فيهِنّ
وَقَدْ أُعْطيَ الأدِيمَ حِبَاءَ
وَشَقيقُ بنُ فَاتِكٍ، حَذَرَ العَا
رِ عَلَيْهِنّ، فَارَقَ الدّهْنَاءَ
وَعَلى غَيرِهِنّ أُحْزِنَ يَعْقُو
بٌ، وَقَد جاءَهُ بَنُوهُ عِشَاءَ
وَشُعَيْبٌ مِنْ أجلِهِنّ رَأى الوَحْـ
ـدَةَ ضُعْفاً، فاستأجَرَ الأنْبِيَاءَ
وَاستَزَلّ الشّيْطانُ آدَمَ في الجنّةِ
لَمّا أغْرَى بِهِ حَوّاءَ
وَتَلَفّتْ إلى القَبَائِلِ، فَانْظُرْ
أُمّهَاتٍ يُنْسَبْنَ أمْ آبَاءَ
وَلَعَمْرِي ما العَجزُ عنديَ، إلاّ
أنْ تَبيتَ الرّجالُ تَبكي النّساءَ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> زارتْ وجنحُ الدجى يا سعدُ معتكرٌ
زارتْ وجنحُ الدجى يا سعدُ معتكرٌ
رقم القصيدة : 22560
-----------------------------------
زارتْ وجنحُ الدجى يا سعدُ معتكرٌ
فأَوْقَدَتْ في ظلام اللّيل مصباحا(23/349)
وقال صَحْبيَ ممّا راح يدهِشُهُمْ
أصبحتَ في هذه الظلماء إصباحا
وقلتُ والروح تستشفي بطيب شذا
من عرفها وعرفتُ القلب مرتاح
أحيا أريجك ميتاً لا حراك له
فهلْ بَعَثْتَ مع الأرواح أرواحا
وَعَلَّلَتْنا وتَعْليلُ المشوق بما
يشفي فؤاداً شديد الشّوق ملتاحا
وأسكرتنا بألفاظٍ تكرّرها
وما أدارَتْ على النّدمان أقداحا
وَبتُّ أشْرَبُ من معسول ريقتها
راحاً وأشربُ من ألفاظها تفاحا
وأَقطفُ الغَضَّ من تفّاح وجنتها
ومَن رأى قاطِفاً باللّثم تفاحا
حتى إذا الفجر لاحت لي ملابسه
مُبْيَضَّة ً ورداءُ الليل قد طاحا
وأَوْضَحَ الأمر في لألاء غُرَّتِهِ
وزادَه فَلَقُ الإصباح إيضاحا
وَدَّعْتها وكأنَّ القلب حينئذِ
غَدا على إثرها ياسعدُ أرواحا
وأعْقَبَتْ كلَّ حزنٍ بَعد فرقتها
فهلْ لها أنْ تعيدَ الحزنَ أفراحا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا سيّد الساداتِ من هاشمٍ
يا سيّد الساداتِ من هاشمٍ
رقم القصيدة : 22561
-----------------------------------
يا سيّد الساداتِ من هاشمٍ
وواحدَ الأشرافِ في نُبْلِهِ
وسابقُ اللاّحق من بعده
واللاَّحق السابق من قبلِهِ
أنْتَ كهذا الظلّ في فضله
وجودُ هذا الغيث في نيلهِ
أنْتَ تقينا بأسَ ما نتّقي
وكلّ ما نخشاه من أجْلِهِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنظر إلى هذه الدار التي كملتُ
أنظر إلى هذه الدار التي كملتُ
رقم القصيدة : 22562
-----------------------------------
أنظر إلى هذه الدار التي كملتُ
فيها من الحسن والإحسان وأوصافُ
تروق للعين منظوراً ومبتهجاً
منها وتنعم زوارٌ وأضياف
ما حلَّ فيها امروءٌ إلاّ ويشمله
في الحال من نفحات القدس ألطاف
من آل بيت رسول الله يسكنها
قوم لم من رجال الغيب أحلاف
الباذلون لوجه الله ما ملكوا
وفي مكارمهم في البرّ إسراف
الله يكلأ بانيها وساكنها
كما بنت قبله للمجدِ أسلاف
من كلّ ضيفٍ من الأمجاد يقصدها
وفي الأماجد أنواعٌ وأصناف(23/350)
نقل لسلمان لا زالت ولا برحت
أرّخْ بدارك سادات وأشراف
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا يا سيّد العلماءِ طرّاً
ألا يا سيّد العلماءِ طرّاً
رقم القصيدة : 22563
-----------------------------------
ألا يا سيّد العلماءِ طرّاً
ورَبَّ الجودِ والمجدِ الأثيلِ
ويا حلوَ المذاقة يومَ يفتي
بجود الطبع والفعل الجميلِ
أضرَّ بنا فدتك النفس جوع
ويعجبنا مربّى الزنجفيل
وأذهلنا إليه اليومَ شوقٌ
فكِدْنا أنْ نصيرَ بلا عقولَ
ومثلُكَ من يجودُ بما لديه
ويسخو بالكثير من القليل
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بقيتَ بقاءَ الدهر هل أنتَ عالمٌ
بقيتَ بقاءَ الدهر هل أنتَ عالمٌ
رقم القصيدة : 22564
-----------------------------------
بقيتَ بقاءَ الدهر هل أنتَ عالمٌ
من العتب ما يملى عليك وما أملي
لقد كنتَ تجزيني بما أنت أهله
على الشعر قبل اليوم بالنائل الجزل
فأرجعُ عن نعماك في ألف درهم
أزيلُ بها فقري وأغني بها أهلي
فنقّصْتَني شيئاً فشيئاً جوائزي
وأوقفت حظّي منك في موقف الذل
فأَصْبَحْتُ مثل الوقح لا فرق بينه
وبيني ولا بونٌ بجزء ولا كلّ
ولي فيك ملء الخافقين مدائح
ولي غُرَرٌ ما قالها أحدٌ قبلي
فمن أيّ وجه أنت أنزلتَ رتبتي
وأصبحتُ بعد الويل أقنع بالطل
فإنْ كان من بخل فلم يرَ قلبها
فتى ً من رسول الله يوصف بالبخل
وإنْ كان من قلٍّ هناك وجدته
فما تعذر القوم الكرام من القلّ
وإنْ كان من طعن العداة وقدحهم
فما قولهم قولي ولا فعلهم فعلي
أكان لمولانا بذلك حكمة
فقصّر عن إدراك حكمته عقلي
فليس من الإنصاف مثلي تُضيعُه
وتجهله ظلماً وحاشاك من جهل
وبحرك تيار ومالك وافر
وجودك معلوم وأنت أبو الفضل
وتبلغ منك الناس أقصى مرامها
ويحرم من دون الورى شاعر مثلي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أما والعينُ تبكيها طلولٌ
أما والعينُ تبكيها طلولٌ
رقم القصيدة : 22565
-----------------------------------(23/351)
أما والعينُ تبكيها طلولٌ
لمن تهوى وتدميها شؤونُ
أَلِيَّة َ مغرمٍ يبدي سُلُوّاً
وفي أحشائه الوجد الكمين
يكتمُ سرَّه بالصَّبر حتى
يبوح بسرّه الدمع الهتون
يطيع غرامه دمعٌ كريمٌ
ويعصي أَمْرَهُ صَبْرٌ ضنين
يقول إذا ذكرتُ له عذولاً
له دين وللعشاق دين
لقد فتكت بي الأحداق حتّى
جُنِنْتُ وما الهوى إلاَّ جنون
وما يُدريك ما طَعَنَتْ قدود
مهفهفة ٌ وما فتكت عيون
فذا منها -وما قتلتْ- قتيل
وذا منها -وما طعنتْ- طعين
ألينُ وأشتكي منها فتقسو
فكم تقسو عَليَّ وكم ألين
وإنّ الظاعنين وإنْ تناءت
عليها لي وإنْ نزحت ديون
وللمستغرمين بعين نجدٍ
غداة البين إذ خَفَّ القطين
قلوبٌ عند كاظمة ٍ رهون
وما قبضتْ إذنْ تلك الرهون
فلا صبرٌ على نأيٍ مقيمٌ
ولا دَمعٌ على سرٍّ أمينُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ولما قضتَ منّي الحياة ُ مآرباً
ولما قضتَ منّي الحياة ُ مآرباً
رقم القصيدة : 22566
-----------------------------------
ولما قضتَ منّي الحياة ُ مآرباً
وَقَدْ تركوني في المقابر أعْظُما
وقالوا قضى نحباً وسار لرّبه
وماتَ بحمد الله إذ مات مسلما
ومن عبد الرحمنَ سبعين حجة ً
لقى الله باريه أبرَّ وأرحما
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جئتَ يا ابن الفاروقِ من معجز
جئتَ يا ابن الفاروقِ من معجز
رقم القصيدة : 22567
-----------------------------------
جئتَ يا ابن الفاروقِ من معجز
القول بما لا تَفي به البُلَغاءُ
من بديع التَسْمِيط ما هو للأبـ
ـصار نور وللقلوب جلاء
من قصيد حلتْ غداة تحلَّتْ
فازدهتنا بحليها الحسناء
سمّطتها من قبلك الناس لكنْ
فاتها في قصورها أشياء
أَنْتَ وفّيتها المحاسن طرّاً
إنّما شيمة الكرام الوفاء
ولقد خضتَ في الحقيقة بحراً
وقفت عند حدّه الشعراء
منطق مصقع ولفظ وجيز
وكلام كأنّه الصبهاء
مئل روض الحزون لاح عليه
رونقٌ من جماله وبهاء
فهي الشهد في الحلاوة لفظاً
وهي الماء رقة ً والهواء(23/352)
فلكَ الأجرُ والمثوبة فيها
ولك الحمد بعدها والثناء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قصدتُ من الزوراء صدراً معظماً
قصدتُ من الزوراء صدراً معظماً
رقم القصيدة : 22568
-----------------------------------
قصدتُ من الزوراء صدراً معظماً
تَقَرُّ بهِ عيني وينشرح الصدرُ
وأَمَّلْتُ فيه النفع فيما يَسُرُّني
وقد سامني ضرٌّ وقد ساءني دهر
فقلتُ نفسي والرجاء موفَّرٌ
ليهنك هذا القصد والنائل الوفر
فكّنا به كالقلب طول حياتنا
لنا الصَّدرُ دونَ العالمين إو القبر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> عليُّ لا زلتَ مسروراً بسلمان
عليُّ لا زلتَ مسروراً بسلمان
رقم القصيدة : 22569
-----------------------------------
عليُّ لا زلتَ مسروراً بسلمان
مَسَرَّة ً تُتَمنّى مُنذُ أزمانِ
قد أعلنتْ بالتهاني فهي معلنة
كما نؤمّلُ فيها أيَّ إعلانَ
فلا تزال مدى الأيّام في طربٍ
منعَّم البال في روحٍ وريحان
وسرّك الله في تزويج ذي شرف
من دوحة من علاء ذات أفنان
وخير ما أنتَ قد زوّجتَ من ولد
كفواً بكفوٍ وأقراناً بأقران
هنيّته بسرور في تزّوجه
ولو درى بسروري فيه هنّاني
أَسْدَيتَها مِنّة ً بات الهناء بها
يعيد آثار أفراح بأعيان
فَضْلٌ من الله ما تسديه من منن
تجرُّ في حلبات الفضل أرساني
يا متبعاً هبة الأولى بثانية
وطالما تتبع الحسنى بإحسان
شكراً لأيديك ما زالت تفيض لنا
مناهلَ الجود تروي كل ظمآن
تنهلُّ ما کعترض العافي سماحتها
فأنتَ والعارض المنهل سيّان
عَلَتْ برِفْعَتِك السادات وافتخَرتْ
حتى لقد خِلْتَها تعلو لكيوان
وكيفَ لا تتعالى سادة نجب
فيها عليٌّ عليٌّ القدر والشان
فكم تجلّى لنا من وجهه قمرٌ
فراح يجلو به همّي وأحزاني
الله أبقى بكم في الذكر خالده
وكل ذكر خلا أبنائكم فان
به التقى قَمراً حسن سما بهما
في المجد وکلتفَّ غصن البان بالبان
يهنيكم آل بيت المصطفى فرحٌ
عمَّ البريَّة من قاصٍ ومن دان
فسرَّكم ما رأيتم والسماع به(23/353)
سماع هاتف للبشرى بألحان
فقالَ والقول للداعي مُؤَرِّخُه
سُروركم دامَ في تزويج سلمان
العصر العباسي >> البحتري >> نلت ما نلت يا بغيض بأم
نلت ما نلت يا بغيض بأم
رقم القصيدة : 2257
-----------------------------------
نلت ما نلت يا بغيض بأم
هي أعطتك رتبة الوزراء
فإذا عددت صنائع قوم
كنت فيها صنيعة البظراء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> شامتِ البرقَ حينَ لاحَ مطيٌّ
شامتِ البرقَ حينَ لاحَ مطيٌّ
رقم القصيدة : 22570
-----------------------------------
شامتِ البرقَ حينَ لاحَ مطيٌّ
أضمرتْ لوعة ً وأبدتْ حنينا
وشجاها الأسى فقال رفيقي
إنّ في هذه المطّيِ جنونا
حاكياً ومضُه وضوءُ سناه
من سُليمى تَبَسُّماً وجبينا
وبكت أنيق بدمع هتونٍ
لم تدع للفؤاد سرّاً مصونا
وبكينا لها بدمع وما ينفعُ النُّوقَ
وقد ضرَّها الهوى إنْ بكينا
كم أهاجَ القلوب منّا وميض
ثمّ أدمى بعد القلوب العيونا
كان علم الوشاة بالوجد ظنّاً
فأعادت ظنَّ الوشاة يقينا
عبراتٍ أَسْبَلْتُها ودموعاً
كان لولا الهوى بهنّ ضنينا
يوم كان الوداع إذ آل ميٍّ
قوَّضوها ركائباً وظعونا
أَخَذَ الركب بالسُّلُوِّ شمالاً
وأخذناه مع الغرام يمينا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يرى ضيفُ عبد الواحد الخير كلَّه
يرى ضيفُ عبد الواحد الخير كلَّه
رقم القصيدة : 22571
-----------------------------------
يرى ضيفُ عبد الواحد الخير كلَّه
وتُبْصِرُ عيناه جَميعَ الذي يهوى
كريمٌ متى تأو إلى ضوء ناره
أرتك إذن نيرانه جنة المأوى
فأكرمْ به مثوى ولو شاء ضيفه
لأنزل في إكرامه المن والسلوى
يكلّف ما لا تستطيع جفاتُه
ولم يرض حتى حُمِّلت للقرى رضوى
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سَلَّمَهُ الرَّبُّ من الأسْواءِ
سَلَّمَهُ الرَّبُّ من الأسْواءِ
رقم القصيدة : 22572
-----------------------------------
سَلَّمَهُ الرَّبُّ من الأسْواءِ
ميسَّراً للحمد والثناء(23/354)
وأسأل التيسير في رؤيته
بالمصطفى الهادي وآل بيتهِ
وبعد فالشوق الكثير الزائد
منّي إليك طارف وتالد
أشتاقكم شوق المشيب للصِّبا
والصبّ يشتاق لأرواح الصَّبا
والمغروم العاشق من يهواه
إذا دعاه للمنى هواه
لا سيما لمّا أتى كتابكم
ولذّ لي في طيِّه خطابكم
كأنّه ترجم عن أشواقي
وعن صَباباتي وعن أعلاقي
خَبَّرَ عن قلبٍ عميدٍ وامقِ
بصاحبٍ بل بصديق صادق
إنْ نظم الكلام يوماً أو نثرْ
فإنَّه يقذِفُ من فيه الدُّرر
بفكرة ٍ ثاقبة ٍ وقَّادة
وفطنة ٍ عارفة ٍ نقّادة
أقوالُه في المجد أو أفعالَه
يَقصرُ عن أمثالها أمثاله
لله درّ ناظم وناقد
جواهراً في بحر فَضل زائد
جاءَ به مبتكراً نظاماً
قد أبهرَ الأفكار والأفهاما
وزَيّنَتْ أقلامُه الطروسا
فأنعشَ الأرواحِ والنفوسا
وهزَّ كل سامعٍ من طرب
فكان عندي من أجلّ الكتب
كأنّه من حسنه حيّاه
يهزّنا الشوق إلى لقياه
يجري النسيم في حواشي لفظه
ويَصدَع الصخرَ بفأس وعظه
فيا جزاك الله خير ما جَزى
مادحَ أصحاب العبا مرتجزا
فكانَ ما قال على فؤادي
كالماء إذْ بَلَّ غليلَ الصادي
جاءت به تحمله الرسائل
وترتضيه العرب الأفاضل
يتلى فتهتزُّ له المحافل
من طرب منه فكلٌّ قائل
أحسنتَ أحسنتَ وأنتَ المحسنُ
وكلُّ شيء هو منكم حسنُ
بلَّغكَ الله الكريمُ الأربا
بالخمسة الذين هم أهل العبا
العترة اللائي من البتول
طيّبة الفروع والأصول
والسادة الغرّ الميامين الأول
ومن بهم نصّ الكتاب قد نزل
هذا وإنّي غير خالي البال
مشوّش الأفكار والأحوال
حرَّرتْ ما حرَّرتْ من سطور
معتذِراً إليكَ من قصوري
وکعذر أخاك إنّه معذورُ
إذا جرى في ردّه تأخير
ودُمْتَ بالأمن وبالإيمان
مُوَفَّقاً في سائِر الأزمان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا قطعَ الرحمن كلَّ مقاطعِ
ألا قطعَ الرحمن كلَّ مقاطعِ
رقم القصيدة : 22573
-----------------------------------
ألا قطعَ الرحمن كلَّ مقاطعِ
مضرٍّ بما يقضي به غير نافعِ(23/355)
رواضٍ بظلمٍ طامع غير قانعِ
وقاضٍ بجورٍ ما له من مضارع
على أنَّه بالعسف أقطعُ من ماضي
فكم قد جنى في حُكْمِهِ من جناية ٍ
وقد راح في غيٍّ له وغواية ٍ
فلا ردَّ قاضٍ ما اهتدى الهداية
قَضى ومَضى لكنْ إلى كلّ غاية ٍ
من الخزي لا يحظى بها أبداً قاضي
بلينا بقاضٍ جائرٍ غير عادلِ
يجورُ بحكمٍ قاصرٍ غيرِ طائلِ
ومنْ أعظمِ البلوى بلاءٌ بجاهل
يقولونَ يقضي قلتُ لكن بباطل
وقالوا يقضُّ الحقَّ قلتُ بمقراضِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بُشرى بمولِد نجلِكُم من مَوْلِدِ
بُشرى بمولِد نجلِكُم من مَوْلِدِ
رقم القصيدة : 22574
-----------------------------------
بُشرى بمولِد نجلِكُم من مَوْلِدِ
من صُلْب أكرمِ ماجدٍ ومُمَجَّدِ
كالسيف أصلتَ نصله من غمده
فبدا نظير الكوكب المتوقد
يحيي مناقَب من مَضى من أهلِهِ
من ناصرٍ حزب العلى ومؤيّد
العاطسين بأنف كلّ أبيّة
والمرعفين بها أنوف الحسَّد
والباسطين على العُفاة أيادياً
كم من يدٍ بيضاء تولى من يد
لا تنكرُ الأعداءُ معروفاً لهم
بمكارم لأكارم لم تجحد
حَدِّثْ ولا حرجٌ عليك بذكرهم
وأَعِدْ حديثَك ما کستطعت وردّد
فليهنكم ولدٌ بدا في وجهه
سيماء سَعْدٍ في الزمان الأسعد
فالله يحفظه ويرفع قدْرَه
ويديمه في طيب عيش أرغد
سرَّتْ به النجباء وافتخرت به
لا زال في فخر عظيم السؤود
قد جاء تاريخي وقرَّ عيونهم
بالناصر بن القاسم بن محمد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا قدوة َ العُلماء يا من عِلْمُه
يا قدوة َ العُلماء يا من عِلْمُه
رقم القصيدة : 22575
-----------------------------------
يا قدوة َ العُلماء يا من عِلْمُه
بحرٌ ومنهلُ فضلِهِ مَوْرُودُ
يهنيك مولانا بمنصبك الذي
فازَ الوليَّ به وخاب حسود
فلقد حباك الله بالفضل الذي
يسمو على رغم العدى ويسود
في حالتي علمٍ وبذل مكارم
فعلى كلا الحالين أنتَ مفيد
وحَبَتْك ألطاف الوزير علي الرضا
مَن ذكره في الخافقين حميد(23/356)
ملكٌ فإنّ حلمه فمرقرٌ
ضافٍ وأمّا بطشه فشديد
ولاّك إفتاءَ الأنام وحبّذا
رأيٌ لعَمري إنَّه لسديد
إنَّ الشريعة فيك لابس تاجها
قرمٌ وحامِلٌ سيفها صنديد
وتنوف في كلّ العلوم فأرّخوا
نوَّفتَ في الإفتاء يا محمود
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ألا أيّها النّحريرُ والعالمُ الذي
ألا أيّها النّحريرُ والعالمُ الذي
رقم القصيدة : 22576
-----------------------------------
ألا أيّها النّحريرُ والعالمُ الذي
فضائله كالبحر والفيض والجود
لقد جُدْتَ في هذا الكتاب وشرحه
وقد جئت بالتبيان في كلّ مقصود
قوافٍ كأمثال الجمان قلائد
وأزهى من العقبان في عنق الغيد
وأَوْرَدْتَ من نَصِّ الكتاب مواعظاً
لمن كان منه القلب من نحت جلمود
أقمتَ على القوم الخوارج حجَّة ً
وجئتَهُم في كلّ خوف وتهديد
إلى حضرة السلطان دام بقاؤه
وأيّده ربّ السماء بتأييد
خليفة خير المرسلين وقائم
بتشديد دين الله أيَّة تشييد
وحامى عن الإسلام بالسيف والقنا
فأيّامنا في حكمه العدل كالعيد
تبينُ فرضاً أن تطاع فأرّخوا
فتبيانُ محمودٍ لطاعة ِ محمودِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> جميلَ الصَّنيعِ بأهل الأدبْ
جميلَ الصَّنيعِ بأهل الأدبْ
رقم القصيدة : 22577
-----------------------------------
جميلَ الصَّنيعِ بأهل الأدبْ
بيتَ لنا في الهنا والطربْ
أَعِندك علمٌ بأنَّ الهمومَ
على خاطر المرءِ مثل الجرب
ولا من دواء لأدوائنا
ولا برءَ منها كبنت العنب
وحشر مع الغانيات الحسان
إذا حشر المرء مع من أحب
وإنّي فقيرُ إلى قهوة ٍ
ومن لي بها مثل ذوب الذهب
تقوّي العظام وتشفي السقام
وتذهب عن شاربيها النصب
إذا مزجتْ بآمن ماء السماء
تولَّدَ منها لآلي الحبب
فيا من ودادي له ثابت
وما ليَ عن حُبِّه منْقَلَب
صَراحَيتي ما بها قطرة ً
فقلْ عند ذلك يا للعجب
وأنتَ ملكت نصابَ الشراب
فأين الزكاة وهذا رجب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> دمتَ بالنيشان والعيد سعيدا(23/357)
دمتَ بالنيشان والعيد سعيدا
رقم القصيدة : 22578
-----------------------------------
دمتَ بالنيشان والعيد سعيدا
فترى أيّامك الغرّاء عيدا
أنت قد ألَّفت فيما بينهم
وأَغظْتَ البَرْمَ والخصم الحسودا
تترقّى رتب المجد التي
ترتقي فيك إلى المجد صعودا
أَقْبَلَ الخيرُ علينا كلُّه
ولقدْ أوسعنا قبلُ صدودا
يا أميراً في كرامٍ نجبٍ
فَضَلُوا العالم إحساناً وجودا
كان روضُ الأنس روضاً ذاوياً
فَغَدا من فَضْلكم غَضّاً جَديدا
شملتهم رأفة ٌ منك بهم
وألانتهم وإنْ كانوا حديدا
تلك أيّام نحوس قد خلتْ
وکستحالت في مزاياك سعودا
قلت يا عنقَ المعالي فزهتْ
عنقاً منك إلى المجد وجيدا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> زرتم فحيّيتم كما ينبغي
زرتم فحيّيتم كما ينبغي
رقم القصيدة : 22579
-----------------------------------
زرتم فحيّيتم كما ينبغي
لصاحِب زارَ وخِلٍّ يَزورْ
مجلسكم هذا وإيناسكم
منكم عليه في المسّرات نور
يا حبذا مجلسُ أنسٍ زها
والسادة الأشراف فيه حضور
بطلعة مقرونة بالهنا
وأوجهٍ تطلع منها البدور
قرَّتْ عيون المجد في عقدكم
وانشرحت منّا لذاك الصدور
جاء بكم عُرسُ فتى ً ماجدٍ
لباطن الأفراح فيه ظهور
في طالع السعد وإقباله
فيه البشارات وفيه الحبور
هنَّيتُ محموداً وإخوانه
لهمّة لا يعتريها فتور
لفعله البر وأفعاله
ليسَ بها من كلّ وجه قصور
قد سَرَّنا الله فأرَّخْتُه
بعُرسِ إبراهيم أقصى السُّرور
العصر العباسي >> البحتري >> ومستضحك من عبراتي وبكائي
ومستضحك من عبراتي وبكائي
رقم القصيدة : 2258
-----------------------------------
ومستضحك من عبراتي وبكائي
بكفيه دائي في الهوى ودوائي
رآني وعيني بالدموع غزيرة
وقد هتك الهجران ستر عزائي
بسطت إليه راحتي متضرعاً
أناشيده ألا يخيب رجائي
فقال: فمن أبكاك إن كنت صادقاً
فقلت: الذي أهوى، فقال: سوائي.
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ليهنكم العقدُ المبارك إنَّهُ(23/358)
ليهنكم العقدُ المبارك إنَّهُ
رقم القصيدة : 22580
-----------------------------------
ليهنكم العقدُ المبارك إنَّهُ
عَلى خير كُفْوٍ للكريم وأقرانِ
ومجتمع الأشراف من كلّ وجهة
أكابر ساداتٍ وأشراف أعيانِ
وقد كنت أرجو الله من قبل هذه
أرى فيه ما أمَّلْتُه منذ أزمان
وما زلتُ أدعو الله ما قد يسرّني
بأبناء أصحابي الكرام وإخواني
فكان بحمد الله عقداً مباركاً
جَلوباً لأفراحي سلوباً لأحزاني
سُرِرْنا وسُرَّ الناس فيما أتوا به
بيوم له شأن وناهيك من شان
ودام بخير للمسرات والهنا
فأرَّخْتُ عَقْدُ الخير دام بنعمان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا مَعْشَر السادة الأسرافِ لا بَرِحَتْ
يا مَعْشَر السادة الأسرافِ لا بَرِحَتْ
رقم القصيدة : 22581
-----------------------------------
يا مَعْشَر السادة الأسرافِ لا بَرِحَتْ
تسمو إلى المجد أشياخاً وفتيانا
طلَعْتُم أنجماً بالعزّ مشرقة ً
والأنجمُ الزهر قد يَطلعنَ أحيانا
لتهنكم بمسرّاتٍ نفوزُ بها
بُشرى كما تنعش الأرواحُ أبدانا
بشارة بغلام قَرَّ أعينكم
قد أعلنتْ بقدوم الخير إعلانا
ومذ بَدَتْ من ضياء الدين غرّته
جَلَتْ عن القلب أدراناً وأحزانا
من دوحة من رسول الله منبتها
تفرّعَتْ منه أغصاناً وقضبانا
طالت به واشمخرت في العلى وسمت
حتى لقد طاولت بالمجد كيوانا
إذا ادعى الشرف السامي تفرُّدكم
في المجد أظهر في دعواه برهانا
يا أشرف الناس بين المنجبين أباً
وأرجحَ الناس إنْ روجحتَ ميزانا
بوركتَ في ولدٍ أرّخ بمولود
تمّ السُّرور وبداود بن سلمانا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هنَّيتُ مولانا المشيرَ بابنهِ
هنَّيتُ مولانا المشيرَ بابنهِ
رقم القصيدة : 22582
-----------------------------------
هنَّيتُ مولانا المشيرَ بابنهِ
لما تبدَّى بالجمال الفائقِ
ولاحَ للخير به أدلّة ٌ
يكشف باديها عن الحقائق
منها وُرودُ نِعمة من مَلِكٍ
أَعزَّه الله لعزِّ الصادق(23/359)
فكان في ميلاده مَسَرَّة ً
لسابق من الهنا ولاحقِ
مبارك الطلعة ميمون بها
ذو بهجة راقتِ لعين الرامق
أَبْدَعَ في تصويره خالقه
سُبحان مَن صوَّرَه من خالق
حاز من البدر المنير طلعة
ومن أبيه أكْرَمَ الخلائق
شبلُ هزبرٍ باسلٍ غضنفر
أعيذُه من سُوءِ كلّ طارق
ينشأ في حجر المعالي والعلى
على ظهور الضُمَّر السوابق
كم قائلٍ مُؤَرِّخٍ مولدُه
قَرَّت بَعبد الله عينُ النامق
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> رَعى الله عَيشاً رُحْتُ أشكر فضلَه
رَعى الله عَيشاً رُحْتُ أشكر فضلَه
رقم القصيدة : 22583
-----------------------------------
رَعى الله عَيشاً رُحْتُ أشكر فضلَه
بغيداء أشكوها الغرام فتنصفُ
إذا خطرت خاف القنا خطراتها
لها من غصون البان قدٌّ مهفهف
وما نظرت إلاّ بأدعج فاترٍ
كما استل ماضٍ يفلق الهام مرهف
نظرت إليها والوشاة بغفلة
وشمل الهوى ما بيننا يتألّف
فلا تنكرا منّي هواها فإنّني
عرفتُ بها في الحبّ ما ليس يعرف
وقد كدتُّ أدمي خدها بنوظر
أبى الله إلاَّ أنها اليوم تذرَف
وقد مَلأَت عَيْنيَّ بالحسن كلِّه
وما الشمس إلاَّ مثلها حين توصف
ليالي لم نحذر بها ما يريبنا
على مثلها فليأسَفِ المتأسّف
نطارحني فيها الحديث فأنثني
كأنْ قد أمالتني من الراح قرقف
تقول تلافُ الصبّ فيمن يحبّه
فقلت لها إنَّ الصبابة تتلفُ
تعنّفني فيك اللحاة جهالة
وما أنا لولا أنتِ ممّن يعنَّف
ورحتُ ولا والله أدراي بأنّني
من الراح أم من ريقها أترشف
وبتنا كما شئنا وشاء لنا الهوى
وباتتْ أباريق المدامة ترعف
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> على أَيّ وَجدٍ طَوَيْتَ الضلوعا
على أَيّ وَجدٍ طَوَيْتَ الضلوعا
رقم القصيدة : 22584
-----------------------------------
على أَيّ وَجدٍ طَوَيْتَ الضلوعا
وأجْرَيْتَ ممّا وَجَدْتَ الدُّموعا
ومن أيّ حال الهوى تشتكي
فؤاداً مروعاً وشوقاً مريعا
تذكّرْتُ أيامنا بالحمى
وقد زانت الغيد تلك الربوعا(23/360)
ولم أدر حين ذكرت الألى
دموعاً أرقتَ لها أمْ نجيعاً؟
وقال عذولُك لما رآك
وما كنتَ للوجد يوماً مذيعا
لأمرٍ تصبّبُ هذي الدموع
إذا شمتَ في الجزع برقاً لموعا
ولما فقدتَ حبيبَ الفؤاد
غداة الغميم فقدت الهجوعا
وكنتَ غداة دعاك الهوى
لحمل الغرام سميعاً مطيعا
وإنّي نصحتُك من قبلها
وزِدْتُك لَوماً فَزِدْتَ ولوعا
ولما رغبتَ بحمل الغرام
حَمَلْتَ الغرامَ فَلَن تستطيعا
وأصبحتَ تبكي بدوراً غربنَ
زَماناً على الحيّ كانت طلوعا
وأيّامُنا في زمان الصّبا
وإنْ لم تكنْ قافلات رجوعا
فإنْ تبكِهمْ أَسَفاً يا هذيم
فخذني إليك لنبكي جميعا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا سيّداً سادَ في الأشراف أجمعِها
يا سيّداً سادَ في الأشراف أجمعِها
رقم القصيدة : 22585
-----------------------------------
يا سيّداً سادَ في الأشراف أجمعِها
ولم يَزَلْ سيّد السادات مُذ كانا
إنّ النقابة قرَّتْ فيك أعينها
وفاخرتْ بك كبّارا وأعيانا
والحمد لله إذ وافتك يومئذ
بشارة تُعْلِنُ الأفراح إعلانا
من جانب اللمك العالي بعزَّته
على جميع ملوك الأرض سلطانا
عبد العزيز أدام الله دولته
وزادَ في ملكه أمناً وإيمانا
أعلى ملوك بني الدنيا وأرفعها
قدراً وأعظمها في عصره شانا
لو وازنته ملوك الأرض قاطبة
لكان أرجحها في العز ميزانا
أو حارَب الكفرَ أضحى وهو متخذٌ
حِزْبَ الملائك أنصاراً وأعوانا
حامي حمى ملّة الإسلام حارسها
لأمره أذعنتْ لله إذعانا
لولاه ما نشرت للعدل ألوية ٌ
وربّما کمتلأَتْ ظلماً وعدوانا
ولاّك ما كنتَ أهلاً أنْ تكونَ له
مشيداً من مباني المجد أركانا
وبالنقابة في عام نؤرّخه
إليكَ قد بَعَثَ السلطان فرمانا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا بني الشَّيخ والغياث المرجّى
يا بني الشَّيخ والغياث المرجّى
رقم القصيدة : 22586
-----------------------------------
يا بني الشَّيخ والغياث المرجّى
عندَ ضيق الخناق للتنفيسِ(23/361)
يا غيوثَ الندى بيوم العطايا
وليوثَ الوغى بحرّ الوطيسِ
رفع الله شأنكم في المعالي
رفعة ً لا تزال فوق الرؤوس
لا تزالون في الرجال رؤوساً
من رئيس منكم ومن مرؤوس
قَدَّسَ الله سِرّكم مِن أناسٍ
شغلوا بالتسبيح والتقديس
لبسوا بالتقى أجلَّ لبوس
ولباس التقوى أجلّ لبوس
قد عرفنا ما تنطوون عليه
مذ عرفنا الموهوم بالمحسوس
أنْتَ عبد الرحمن في كلّ حال
من سُعودٍ بريئة من نحوس
ذهبٌ خالص ودرُّ نقيُّ
لم تشبه الأدران بالتلبيس
كلّ يوم تزفُّ منّي قصيد
في ثنائي فيكم زفاف العروس
خَلَّدَتْ بالثناء عصراً فعصراً
سؤود المجد في بياض الطروس
فاهنا في رتبة وأرَّختُ قد
يهنا عبد الرحمن بالتدريس
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> مولايَ قَد حان الوَداعُ
مولايَ قَد حان الوَداعُ
رقم القصيدة : 22587
-----------------------------------
مولايَ قَد حان الوَداعُ
وقدْ عزمتُ على المسيرِ
كم زرتُ حضرتك التي
ما زلتُ منها في حبور
ورجَعْتُ عنك بنائلٍ
غمرٍ وبالخير الكثير
والله يعلَمُ أنّني
عن شكر فضلك في قصور
يا مفرَداً في عَصره
بالفضلِ معدوم النظير
يا يوسفَ البدر الذي
يسمو على البدر المنير
ما لي بغيرك حاجة ً
كغنى الخطير عن الحقير
وسواك يا مولاي لا
والله يخطر في ضميري
ما كلُّ وَرّاد يفوز
بمورد العذب النمير
لا زلتَ أهلاً للجميل
مدى الليالي والشهور
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بِرُوحِكِ يا سُلَيمى ما لِقلبي
بِرُوحِكِ يا سُلَيمى ما لِقلبي
رقم القصيدة : 22588
-----------------------------------
بِرُوحِكِ يا سُلَيمى ما لِقلبي
لَهُ في كلِّ آوِنَة ٍ خُفُوقُ
ولا سيما إذا هبَّت شمالٌ
به أو أوْمَضت منه البروق
أَمِنْكِ الوَجْدُ قَيَّدني بقَيْدٍ
فَرُحْتُ ودمع أجفاني طليق
نهضتُ بعبءِ حبّك يا سليمى
وإنْ حَمَّلْتِني ما لا أطيق
ويملكني هواكِ وكلُّ حرٍّ
لمن يهواه يا سَلمى رقيق
وأعجبُ ما أرى أنّي غريقٌ
بدمع منه في قلبي حريق(23/362)
وما فرّقتُ شمل الدمع إلاّ
غداة َ البين إذ ظعن الفريق
أُريقُ دَمَ العيون غداة َ سارت
ركائبهم وأيُّ دمٍ أُريق
فَهلَ طيفٌ يلمُّ بنا طروقاً
فَيَمْرَحُ عندنا الطيْف الطروق
وهل نزل الحيا بالويل ليلاً
بها واعشوشب الروض الأنيق
وهل ضحكَ الأقاح على رباها
وخضَّبَ خدَّه فيها الشقيق
فَقَدْ مَرَّتْ لنا فيها ليالٍ
نشاوى بالمدام فلا نفيق
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قد ذكرناكُم عَلى بُعد المزار
قد ذكرناكُم عَلى بُعد المزار
رقم القصيدة : 22589
-----------------------------------
قد ذكرناكُم عَلى بُعد المزار
فآنتشيْنا بمُدام الادّكار
وتعاطينا حُمّيا ذكركم
فَغِنينا عن معاطاة العقار
وتجاذَبنا أحاديثَ النوى
وزمانَ الوَصلِ في قرب الديار
فكثيراً ما تمنّى قربكم
ذائبُ الدمع قليل الاصطبار
فكأنَّ الوَجْدَ في أحشائه
لِسَنْا أوجُهِكم جذوة نار
ربَّ صَحْبٍ نظمت شملهم
ليلة ٌ أحسن من ظم الدراري
فكأنّي بينهم في روضة
من شقيق وأقاحٍ وبهار
ينثر اللؤلؤ من ألفاظهم
فتراني في نظام ونثار
أنا ما زلتِ أداري بينهم
غير أَنّي في الهوى ممن يداري
فاذكرونا بكتاب منكم
أنا ما زلتُ له بالانتظار
العصر العباسي >> البحتري >> نفسي تقيك ووالداي كلاهما
نفسي تقيك ووالداي كلاهما
رقم القصيدة : 2259
-----------------------------------
نفسي تقيك، ووالداي كلاهما
وجميع من ولدا، من الأسواء
ثقل الخراج علي دين مؤلم
ولديك مما اشتكيه دوائي
أنت الطبيب لداء جرحي، والذي
بدوائه لا شك أدفع دائي
والوعد فيه منك لي متقدم
فآمنن علي بأن تخف أدائي
إن البقية من خراجي قدرها
ما إن يكون لديك قدر غداء
فآمنن علي بصوم يوم واحد
واجعل غذاءك لي ففيه غنائي
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سيحظى شهابُ الدين فيما يرومه
سيحظى شهابُ الدين فيما يرومه
رقم القصيدة : 22590
-----------------------------------
سيحظى شهابُ الدين فيما يرومه(23/363)
ويبلغُ في الأيام ما هو أهلهُ
وينصفُ هذا الدهر يوماً بحكمه
فينحطّ شانيه ويعلو محلّه
ويرفع هذا العالمَ البحرَ عِلْمُه
ويخفض ذاك الجاهلَ الغمرَ جهله
وكلٌّ يرى إذ ذاك ما يستحقّه
ويشغل كلاًّ في الحقيقة شغله
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> بدا مُسْتَهّلاً بالبشارة يَهْتُفُ
بدا مُسْتَهّلاً بالبشارة يَهْتُفُ
رقم القصيدة : 22591
-----------------------------------
بدا مُسْتَهّلاً بالبشارة يَهْتُفُ
يقدِّمُ إنجازَ الهَنا ويُسَوِّفُ
ولاح من ذلك الوجه نيّرٌ
هو البدر إلاّ أنَّه ليس يخسف
غلامٌ فأما حسنه فمفرَّقُ
عليه وأمّا كونه فمؤلّف
يروق لعين الناظرين ببهجة
تُعَرِّفُ من معناه ما ليس يُعْرَف
تَبَسَّم ثَغْر الأُنس حين وجوده
كا ابتسمت صهباء في الكأس قرقف
قرأنا عليه للسَّعادة أسطراً
لها من معاني ذلك الحسن أحرف
يحاكي أباه بالمحاسن كلَّها
ويوصف بالعنت الذي فيه يوصف
فبورك مولودٌ وبورك والدٌ
به الذكر يبقى والمحامد تخلف
وفي رجبٍ بالخير وافى فبشَّروا
بميلادِهِ والبشرُ إذ ذاك مسعف
وأسْمَعَ باستهلاله كلَّ مَسْمَعٍ
يقرِّط آذانَ المنى ويشنّف
وفي ذلك الميلاد أرِّخْ بقولنا
وُلِدَتْ بأفراحٍ سليمانُ آصفُ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قُطْبٌ تدورُ عليه أفلاك الهدى
قُطْبٌ تدورُ عليه أفلاك الهدى
رقم القصيدة : 22592
-----------------------------------
قُطْبٌ تدورُ عليه أفلاك الهدى
من كان يرتضعُ الهدى في مهده
عرشٌ به عِلْمُ الشريعة ثابتٌ
إذ قام كرسي العلوم بحدّه
وسماءُ عرفانٍ كأنَّ نجومها
طلعتْ علينا من مطالع برده
ظفرتْ يدُ الأيام منه بجوهر
قَد حَيَّر الألباب جوهر فرده
نادته أعلام الأنام وصدقهم
يبدو كما تبدو طوالع سعده
يا سيّداً من حيدرٍ ومحمّدٍ
مَنْ مثلُ والده الإمام وجدّه؟
جدَّدتَ فينا دينَ جدِّك فارتقت
أضواؤه لما قدحتَ بزنده
فرويت من أخباره ورويت من
آثاره وخلقتنا من بعده(23/364)
قدكنتَ في يوم الكساء ضميمة ً
مخبوءَة ً في ظهر أكرم ولده
ما زال يعبق منك نشر عبيره
حتى شَمِمْنا منك ريحة نده
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> الله يَعْلَمُ والأنام شهودُ
الله يَعْلَمُ والأنام شهودُ
رقم القصيدة : 22593
-----------------------------------
الله يَعْلَمُ والأنام شهودُ
أنَّ الذي فقد الورى لفريدُ
كان الإمام به الأئمة تقتدي
فلهَ الهدى ولغيره التقليد
ظلٌّ على الإسلام كان وجوده
حتى تقلّص ظِلُّه الممدود
فَلِفَقْده في كلّ قلب لوعة
ولذكره في حمده ترديد
فزوال ذاك الطود بعد ثباته
ينبيك أنَّ الراسياتِ تبيد
هيهات يرفعُ للمدارسِ بعده
علمٌ ويورقُ بالمكارم عودُ
سمط الفضائل والفواضل كلّها
نثرتْ عليه من الدموع عقود
أسدٌ من الآساد يصرعه الرّدى
ومن الرجال بهائمٌ وأسودُ
عجباً لمن ضاق الفضاءُ بعلمه
أنّى حوته من لاقبور لحود
وإذا الملائك بشّرت بقدومه
فعلام تنتحب الرجال الصيد
لا جاز قَبرَك صَوبُ غادته الحيا
تسقي ثراك بصومها وتزيد
وجُزِيت خيراً بعدها عن أُمَّة ٍ
علماؤها مما أفَدْتَ تفيد
فمقامك المحمودُ فوقَ مقامهم
وعلى الجميع لواؤك المعقود
أظهرتَ بالآيات ما بظهورها
يخفى النفاق ويعلن التوحيد
وكشفتَ غامض ما تشابه فانجلت
شُبَهٌ على وجه الحقيقة سودُ
يا أيّها الثاوي بأكرم تربة ٍ
تالله أنْتَ الصارم المغمود
يا شدَّ ما دهم العراق بساعة
خشناء يصدعُ عندها الجلمود
إذ حان حينُ أبي الثناء وجاءه
بين الأكارم يومه الموعود
ونعاه ناعيه وقال مؤَرِّخاً
قد مات ويك ابو الثنا محمود
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أَتَتْنا من الزّوراء منكم قصيدة ٌ
أَتَتْنا من الزّوراء منكم قصيدة ٌ
رقم القصيدة : 22594
-----------------------------------
أَتَتْنا من الزّوراء منكم قصيدة ٌ
فجاءتْ بأبيات يرقنَ عذابا
فسرَّت عيونَ الناظرين وشنفت
مسامعَ أرباب الكمال خطابا
وأصبحت الفيحاء مفتخراً بها(23/365)
وقد أظهرت للعارفين عجابا
فما برحت تتلى على كلّ فاضل
وتكشِفُ عن وجه الجمال نقابا
فجوزيت يا مولاي خيراً فقد غدت
أياديك عندي في الجميل رغابا
تدير على الأرواح كأساً رويّة ً
فنشرب منها ما يسوغ شرابا
وهيّجت أشواقي إليك ولوعتي
وهاأنا فيها قد عزمت إيابا
سأرسل بعد اليوم في كلّ مركب
إليك سلامي جيئة وذهابا
ويشغلني فيك الثناء ولم يكن
سكوتي عن ذاك الجواب جوابا
ولو كنت تدري ماالذي عنك عافني
عذرت وما أورتَ منك عتابا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> علّموا ياسعدُ جيرانَ الغضا
علّموا ياسعدُ جيرانَ الغضا
رقم القصيدة : 22595
-----------------------------------
علّموا ياسعدُ جيرانَ الغضا
أنّ نيرانَ الغضا تحت ضلوعي
يوم راحو يشتكيهم حرقاً
خِضل الأجفان في ماء الدموع
دَنِفٌ إنْ أهرقَ الدمع فمن
كبدٍ حرّى ومن قلبٍ مروع
شَرِبَ الحبَّ بكم صرفاً فما
يمزج الأدمعَ إلاّ بنجيع
لا رعاكِ الله نوقاً أرقَلَتْ
بشموسٍ غربت بعد طلوع
تركتني في نزاعٍ بعدما
أزمعت يوم التنائي لنزوع
وقع الهجر وما كان لكم
ذلك الهجران مأمونَ الوقوع
أَوَما يكفيكم من دَنِفٍ
ما رأيتم من غَرامي وولوعي
يشتكيكم في الهوى مستغرمٍ
ما شكا إلاَّ إلى غير سميع
يتشافى بعدكم في زعمه
بالصَّبا النجديّ والبرق اللموع
هذه غاية صَبري عنكم
إنّها يا سَعْدُ جهدُ المستطيع
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إذا أضطرم البرقُ اليمانيُّ في الدجى
إذا أضطرم البرقُ اليمانيُّ في الدجى
رقم القصيدة : 22596
-----------------------------------
إذا أضطرم البرقُ اليمانيُّ في الدجى
تضرَّمَ مرتاعُ الفؤاد حزينهُ
وجرَّد من غمد الدّجنّة ومضه
شباً من حسام أرهفتّه قيونه
أضمر في طيّ الجوانح لوعة ً
وسرّ هوى ً لكنّه لا يصونه
يعذّب هذا الوجد منه فؤاده
وما ذاك إلاَّ ما جَنَتْه عيونه
تذكَّرها يوم الغميم منازلاً
فزادَ على ذكر الغُوَير جنونه
وهل تنكر الأطلال وقفة عارفٍ(23/366)
تَوقَّفَ فيها شكُّه ويقينه
وهل ظنّ أنَّ الدّمعَ يعقب راحة
من الوَجد حتّى خيَّبته ظنونه
وفي الحيّ في الجرعاء جرعاء مالك
لواني غريمٌ ليس تقضى ديونه
أعينا عليلاً صاحبيَّ من الهوى
إذا لم يجد في صحبه من يعينه
إذا أَنْتُما لم تُسْعِداني على الجفا
فما يُسعِدُ المشتاقَ إلاَّ أنينه
أعلّل فيما لا يزاول علّة ً
وفي القلب داءٌ لا يداوي كمينه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تَلفَّتَ في مَنازِل آلِ مَيٍّ
تَلفَّتَ في مَنازِل آلِ مَيٍّ
رقم القصيدة : 22597
-----------------------------------
تَلفَّتَ في مَنازِل آلِ مَيٍّ
فلمْ يرَ يا سليمى من يجبُّ
فلم يرقأ له إذ ذاك طرف
ولم يصبر له إذ ذاك قلب
وتحتَ ضلوعِه للوجْدِ نار
تَشُبّ من الشجون وليس تخبو
يلامُ على الهوى من غير علمٍ
وهلْ يصغي إلى اللّوام صبُّ؟
وأطلال بميثاء دروساً
سَقَتْ أطلالها سحب وسحب
تذكّرني بما فيها التّصابي
وعَيشاً كلُّه لهو ولعب
وغزلاناً لها في القلب مرعى ً
ومن عبرات هذا الطرف شرب
ويجمَعُنا ومَن نهواه شملٌ
بحَيثُ يضمُّنا والحيّ شِعب
وحيث الشّيحُ ينفحُ والخزامى
وحيث البانُ لدن القدّ رطب
إلى أرواحها ترتاح روحي
وألقى بالأحِبَّة ما أُحِبُ
ولي حتى أرى الأحباب فيها
على الأيام طول الدهر عتب
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> في رحمة الله حلَّ شيخٌ
في رحمة الله حلَّ شيخٌ
رقم القصيدة : 22598
-----------------------------------
في رحمة الله حلَّ شيخٌ
وجنّة ٍ دارها الخلود ُ
تفيضُ من صدره علومٌ
وقد طمى بحرها المديد
ولم يزل ميّتاً وحيّاً
من هلمه الناس تستفيد
سار إلى ربه غير فان
بالعز وهو العزيز الحميد
ومذ توفّاه قلتُ أَرِّخْ
مضى إلى ربه السعيد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> إنّما هذا لَعمري مَرْكَبٌ
إنّما هذا لَعمري مَرْكَبٌ
رقم القصيدة : 22599
-----------------------------------
إنّما هذا لَعمري مَرْكَبٌ(23/367)
في أمانِ الله فيه من يسافر ْ
فکركبوا فيه على أمنٍ به
فَهْوَ ممّا فيه ترتاح الخواطر
يملأُ القلبَ سروراً ويرى
منه في البحر إذا ما سار طائر
وإذا سخِّرتِ الريح له
كان من أمثاله في السير ساخر
وسموا نصرة شاهٍ باسمه
ناصر الدين لدين الله ناصر
شاه إيران وفي أيامه
جابرٌ أضحى لهذا الفلك واثر
خلَّد الله تعالى ملكه
ووقاه ربّه مما يحاذر
إن يكن جابرُ من أنصاره
فهو منصور وللأعداء كاسر
ثم لما كان في نصرته
أرّخوه نصرة الشاه بجابر
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> الحروف المقطعة
الحروف المقطعة
رقم القصيدة : 226
-----------------------------------
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشدّدة وهاء
من هاهنا ابتدأ العناء
من هاهنا جرّ السماسرة الرداء
وطغى على النهر الغثاء
عين. وتنتفض العمالة والعناد
لام . ويظهر في ملامح وجه عالمنا الكساد
ميم . ويرفع ملحد علم الفساد
ألف . ويبتدأ الحصاد
نون . وتبدأ نكسة كبرى ويجتاح الجراد
ياء . وتغرق أمتي في اليانصيب
هاء .وتقطع هامة الأمل الحبيب
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
هذي حروف الوهم في زمن الضياع
هذي حروف اليأس في بحر... يبدد موجه حلم الشراع
هذي حروف الموت في وجدان أمتنا..... وقنطرة الصراع
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء .مشددة وهاء
عين .عذاب
لام .لهيب واضطراب
ميم. مجافاة الكتاب
ألف .أسىً
نون .نقيق ضفادع وصدى نعاب
ياء .يد سوداء موحشة الخضاب
هاء .هوى يغتال قلب الحر يلتهم الصواب
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
من أين نخرج أيها الليل البهيم
من أين نبدأ رحلة الأمل العظيم
من أين ...وانكسر السؤال
وسمعت صوتا من وراء الأفق موفور الجلال
يا سائلا في ثغره اشتعل السؤال
هذا الطريق أمام عينك يا غريق
وأمامك الروض المندى والرحيق
وأمامك القرآن زادك في الطريق
وحديث خير الناس والبيت العتيق
سل أيها الشاكي حراء
سل غار ثور حينما التفت الزمان إلى الوراء(23/368)
ورأى النبي يقول للصديق لا تحزن ....فربك في السماء
ورأى أبو جهل... وفي عينيه نبرة كبرياء
مائة من الإبل العتاق فأين عشاق الثراء
أين الرجال الأقوياء
سل يا أبا جهل سراقة عن إمام الأنبياء
وأصغ بسمعك عن للنداء
اسمع صهيل الخيل في بدر
وقعقعة السيوف الراشفات من الدماء
لكأنني بالرمل يصرخ في وجوه الأشقياء
شاهت وجوه القوم خاب الأدعياء
وكأنني بالصوت جلجل في الفضاء
بشراك خير الأنبياء
صهوات خيل المشركين طريقهم نحو الفناء
فاصبر فإن الله يفعل ما يشاء
يا سائلا في ثغره اشتعل السؤال
أوما ترى عيناك وجه الشمس.....ناصية الهلال
قاف وراء
ألف لها مد ونون
هذي الحروف هي اليقين
هذي الحروف هي اليقين الحق يعصف بالظنون
نبع فأين الواردون
نهر صفا من كل ما لا يستسيغ الشاربون
قرآنكم يا مسلمون
قاف. قيم
راء . رقي في سماء المجد سعي للقيم
ألف . أباء في زمان الذل ...أيمان برب الكون ..إخلاص شمم
نون . نقاء الروح من دنس التذلل للصنم
قاف وراء
ألف لها مد ونون
هذا هو الفجر الذي اكتسح الظلام
وأضاء درب السالكين إلى رحاب الخير في البلد الحرام
قد فاز من سلك الطريق إلى الأمام
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
سيزول هذا الوهم في ظل العقيدة
ولسوف يعرف كل مغرور حدوده
ولسوف تبدأ أمتي بالحق رحلتها السعيد
العصر العباسي >> البحتري >> وعالمة وقد جهلت دوائي
وعالمة وقد جهلت دوائي
رقم القصيدة : 2260
-----------------------------------
وعالمة وقد جهلت دوائي
بلا جهل، وقد علمت بدائي
يموت بها المتيم كل يوم
على فوت المواعيد واللقاء
لها ثغر ومبتسم، وريق
ينوب عن المتعتقة الطلاء
وطرف ساحر غنج كحيل،
ووجه ليس ينكر للضياء
فبوسى للكئيب بها إذا ما
بدت تختال في حسن الرواء
كأن لها على قلبي رقيباً
من الصد المبرح والجفاء
ولوعات الهوى هن اللواتي
دعونك للبلابل والغناء
وطيف طاف بي سحراً
حرارة لوعتي وجوى حشائي
وفي طيف الخيال شفا المعني(23/369)
وري الصاديات من الظماء
ولكني أشدهم غراماً،
وأكثرهم أصانيف البلاء
يقول لي العذول، وليس يدري
بأن اللوم من شيع الخناء:
أجدك، كم تغررك الأماني
وتطرحك المطامع بالعراء
وأنت مشرق في غير عزم،
وأنت مغرب عن غير راء
فقلت الدهر يطلبني بثأر
وأيام الحوادث بالدماء
وما للحر في بلد مقام
إذا قام الأديب مع العياء
وهل جرح يرب بغير آس،
وهل غرس يطول بغير ماء
غريت بأربع: بيد، وعنس،
وليل دامس، ورحيل ناء
ولولا أحمد وندى يديه
لبات النعتفون على الطواء
أبو بكر، فكم آسى جريحاً
وكم عم الأعلا بالشفاء
فتى في كفه أبداً فراتٌ
يفيض على الرجال مع النساء
فتى ناديه مكرمة وفخر
لأرباب المفاخر والعلاء
رأى حوز الثناء أجل كسباً،
وحسب المرء مكسبه الثناء
ولم يك واعداً وعداً كذوباً،
ولا قولاً يقول بلا وفاء
هو الخل الودود لكل خل
يدوم على المودة والإخاء
هو البحر الذي حدثت عنه،
هو الغيث المغيث من السماء
له الأخلاق أخلاق المعالي
وآيات المروءة والسخاء
أبا بكر بنيت بناء طول
من الإحسان ليس من البناء
فلا زالت نجومك طالعات
على رغم الحواسد والعداء
فتبلغ فيه أقصى كل حال
تقدر نيله في الانتهاء
وكم عانيت قبلك من جميل
قبيح الفعل عند الإجتداء
معاشر ما لهم خلق ولكن
لهم نعم تدل عل الرخاء
تعود وجوهم سوداً إذا ما
نزلت بهم لمدح أو جداء
فداؤك منهم من ليس يدري
ويعلم كيف مدحي من هجائي
فعش بسلامة وانعم هنيئاً
بطول العمر في عز البقاء
ولا زالت سنوك عليك تجري
بإنعام يتم بلا انقضاء
وإن وسيلتي وأجل متي
إليك بحق أًصحاب الإساء
وأنت فعارف سلفي وجدي
فقيه الأرض في حشد الملاء
وأعمامي فقد عدوا قديماً
من العظماء أهل الإعتلاء
جودك كله حسن ولكن
أجل الجود حسن الإبتداء
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قال لي صاحبي ونحنُ بسلعٍ
قال لي صاحبي ونحنُ بسلعٍ
رقم القصيدة : 22600
-----------------------------------
قال لي صاحبي ونحنُ بسلعٍ(23/370)
نَتَشاكى من الهوى ما عنانا
منك العيون والأجفانا
والهوى قائد الهوان فقل لي
كم نعاني الهوى فتلقى الهوانا
إنَّ من كنتَ تصطفيه خليلاً
قبل هذا فإنَّه قد بانا
قلت قد كان ضامناً أن يفي لي
بعهودي فقال لي قد كانا
هل رعت قبله الحسان عهوداً
أم وفت قبله الملاح ضماناً
ونفورُ الغزلان أقرب للقطع
قالها والغرام يُوقِدُ في القلبِ
ولوعاً ويضرمُ النيرانا
وفؤادي يجنّ وجداً مصوناً
وجفوني تذيل دمعاً مذالا
وأعاد الحديث حتى رحَلْنا
ونزلنا بالسَّفح من نعمانا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> وَقَفَ الرَّبْع على مُرْتَبَعٍ
وَقَفَ الرَّبْع على مُرْتَبَعٍ
رقم القصيدة : 22601
-----------------------------------
وَقَفَ الرَّبْع على مُرْتَبَعٍ
قد خلا يا سعدُ من آل سعاد
ورسومٍ رحت أستسقي لها
من عيون الركب منهلَّ الغوادي
فبكاها كلُّ صبٍّ بدمٍ
نائباً عنى وما ذاك مرادي
وهذيم لم يجد ممّا به
جلداً وهو قويٌّ في الجلاد
فتعجبت على علمي به
أنّه صَلْدُ الصفا واري الزناد
من صبابات جوى ً أضمرها
ودموعٍ فوق خدَّيه بوادي
قائلاً كيف مَضَتْ أيامنا
وهوى ً لم يك منها بالمعاد
وکنقضى المعهد فَلِمْ لا تنقضي
زفرات الوجد من هذا الفؤاد
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هنيّت هنيّت بالعيد السعيد فقدْ
هنيّت هنيّت بالعيد السعيد فقدْ
رقم القصيدة : 22602
-----------------------------------
هنيّت هنيّت بالعيد السعيد فقدْ
وافاكَ بالخير موفوراً وموقوراً
ملاْت أفئدة ً منّا به فرحاً
كما ملأت به أبصارنا نورا
تبارك الله ما أبهاك من رجل
وما أجلّك تقديراً وتصويرا
تزهو بطلعتك الدنيا فأحسبها
كالروض أصْبَحَ بالأنوار ممطورا
تغني الفقير إذا ما شئت في نظر
إخالَه للغنى والمال إكسيرا
فما أتاك آمرؤ يرجوك في أربٍ
إلا وأصبَحَ في نعماك مغمورا
كم طاولتك إلى نيل العلاء يدٌ
فقصرت عن مدى علياك تقصيرا
وحيث يممت في الدنيا الى جهة(23/371)
أبصَرَتْ سعداً وإقبالاً وتيسيرا
يا طيب الذات يا من كان عنصره
مِسكاً يفوح الشذا منه وكافورا
ما زلتُ بالشكر حتى ينقضي عمري
أملي ثناءك تقريراً وتصريرا
وما برحتَ لأعيادٍ مؤرَّخة ْ
تعودُ سلمانُ بالأعياد مسرورا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أسفاً على تلك المحاسين
أسفاً على تلك المحاسين
رقم القصيدة : 22603
-----------------------------------
أسفاً على تلك المحاسين
كيف بدَّلها الغبارُ
وبياض هاتيك الخدود
فكيف سوَّرها العذار
كان العزيز وقد بدا
وعليه للذل انكسار
كانت محاسنُ وجههِ
تزهو كما يزهو النضار
ويزين ذيّاك البياضَ
من الحياءِ الاحمرار
يهوى زيارته المشوقَ
وإنْ يكن شطَّ المزار
فغشاه ليلٌ ما له
من بعد غشيته نهار
وجَفاه من يَهواه حتى
لا يزورُ ولا يزار
إن كان فيه بقيَّة ُ
فلسوف يدركها البوار
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هلْ تَعلمون ـ بني الآداب ـ لا كَتَبَتْ
هلْ تَعلمون ـ بني الآداب ـ لا كَتَبَتْ
رقم القصيدة : 22604
-----------------------------------
هلْ تَعلمون ـ بني الآداب ـ لا كَتَبَتْ
أيديكُم غيرَ ذمّ البُخل في الصحفِ
أنّي مَدَحْتُ بخيلاً لست أذكره
لا خيفة ً منه بل حرصاً على الشرف
وليس يخفى عليكم من عنيت به
ومن تخلَّق بالأرذال غير خفي
فراح يُصغي إلى ما ليس يعرفه
ولا يميّز بين الدُّرِّ والصدف
شعري وبعري سواءٌ عند فطنته
والشعر والبعر شيء غير مؤتلف
قد كان جائزتي الحرمان واأسفي
ورحت في خيبة الراجي فوالهفي
فقيل لي إنَّه ثور فقلت لهم
بالشكل والفهم لا بالجود والسرف
والله لو أنشدوا ثوراً على عَلَفٍ
شعري لجاد عليَّ الثور بالعلف
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> غداة َ کقتطفْنا والفكاهة أَيْنَعَتْ
غداة َ کقتطفْنا والفكاهة أَيْنَعَتْ
رقم القصيدة : 22605
-----------------------------------
غداة َ کقتطفْنا والفكاهة أَيْنَعَتْ
أزاهيرَ لفظٍ من رياضِ كلام ِ(23/372)
بروحي مليحٌ لم يَخُنْ عهدَ وُدّه
لإلْفٍ ولم يخفر هناك ذمامي
إذا الغادة الحسناء زارت وزارني
أقولُ کذهبي عنّي بألفِ سلام
وإنْ قلت أنتَ البان أعرض مغضباً
وقال وهل للبان لين قوامي
تلَّهبتِ الصَّهباء في وجناته
بظلماءَ ألفَينا لهيبَ ضرام
وهيهات أنْ أصحو وللحبّ سكرة
سَكِرْتُ بها قَبلَ المدام بعامِ
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أيّها الناظر المفكّرُ فيما
أيّها الناظر المفكّرُ فيما
رقم القصيدة : 22606
-----------------------------------
أيّها الناظر المفكّرُ فيما
قَصَرَتْ عن نَظيره أنظارُهْ
ما الذي أنت قائل في أمير
من فخارٍ وهذه آثاره
جاد في حسنها وأحسن منها
في معاليه مجده واقتداره
دارُ عِزّ الأمير جابر فيها
مذ بناها محلُّه وقراره
لتحلّ الضيوف في ما بناه
وترى ما يَسُرُّها زوّاره
شيدَ داراً وعزَّ جاراً فأرَّخ
بنيتْ بالسرور والعزِّ داره
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنظر إلى مجلس أنسٍ زها
أنظر إلى مجلس أنسٍ زها
رقم القصيدة : 22607
-----------------------------------
أنظر إلى مجلس أنسٍ زها
لِصاحِبٍ زَارَ وخلَّ يَزُورُ
قد قصرَ الحسنُ عليه فما
ترى بحمد الله فيه قصور
لا أَحْضَرَ الله ثقيلاً به
ما دامت الأحباب فيه حضور
إن بزغت شمس الحميا وإن
طافَتْ بكاسات المدام البدور
وغاب من قد سرَّنا فقده
وأُرْخِيَتْ دُون الوشاة الستور
داراً أُعِدَّتْ بعدما زُخْرِفَتْ
لقهوة َ تُسقى وساقٍ يدور
فاشرب على زخرفها قهوة ً
مَضَتْ عليها بالهناء العصور
فإن تكن في شربها آثماً
فربُّك الله العفوُّ الغفور
وکغتِنِم اللّذاتِ من مثلها
في نعمة ٍ لكل عبدٍ شكور
سرَّتْ به أحبابنا كلُّها
وأَرَّخَتْه ذا محلّ السرور
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سَقى الله جيراناً بأكنافِ حاجرٍ
سَقى الله جيراناً بأكنافِ حاجرٍ
رقم القصيدة : 22608
-----------------------------------
سَقى الله جيراناً بأكنافِ حاجرٍ(23/373)
وَرُوّى على بُعد المزار رُبوعَها
فما هي ألاّ للأسود مصارعٌ
وإنّي لأهوى أن أكون صريعها
وآنسة ٍ كالشمس حسناً وبهجة
ترقَّبتُ من بين السجوف طلوعها
تميط خماراً عن سنا قمر الدجى
وترخي على مثل الصباح فروعها
تَذَكّرتُها والدّمع يَنْحَلُّ عِقْدُه
وقد أهرقتْ عيناي منها نجيعها
وقُلتُ لسَعْدٍ لا تلُمني على البكا
وخلَّ صبابات الهوى ونزوعها
فهل أجّجتْ أحشاي إلاّ زفيرها
وأجْرَت عيونُ الصَّبِّ إلاَّ دموعها
فما ذكرَتْ نفسي على سفح رامة ٍ
من الجزع إلاّ ما يزيد ولوعها
فاذكرْ من عهد الغوير ليالياً
تمنَّيْتُ لو يجدي التمنّي رجوعها
ليالي أعطيتُ الأزمَّة للهوى
وأعطيت لذات التصابي جميعها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> قَد رَكبنا بمركبِ الدّخّان
قَد رَكبنا بمركبِ الدّخّان
رقم القصيدة : 22609
-----------------------------------
قَد رَكبنا بمركبِ الدّخّان
وبَلَغْنا به أقاصي الأماني
حينَ دارت أفلاكه وکستدارت
فهي مثلُ الأفلاك في الدوران
ثم سِرنا والطير يحسُدنا بالأمس
بالأمس لإسراعنا على الطيران
يخفقُ البحر رهبة ً حين يجري
والذي فيه كائنٌ في أمان
كلّما أبعدَ البخار بمسراه
قرَّب السيرُ بعد كل مكان
أتقنتْ صنعه فطانة ُ قوم
وصفوهم بدقّة الأذهان
ما أراها بالفكر إلاّ أناساً
بقيتْ من بقيّة ِ اليونان
أبرزوا بالعقول كلَّ عجيب
ما وَجدناه في قديم الزمان
وبَنَوا للعلى مباني عَلاءٍ
عاجزٍ عنه صاحب الإيوان
فهمُ في الزمان علمٌ وفخرٌ
ومقامٌ يعلو على كيوان
العصر العباسي >> البحتري >> يا قتيلا للحية السوداء
يا قتيلا للحية السوداء
رقم القصيدة : 2261
-----------------------------------
يا قتيلاً للحية السوداء
آفة المرد في خروج اللحاء
آجر الله عاشقيك فقد مـ
ـت، وعريت من ثياب البهاء
شاهدي في بيان موتك بيت
قاله شاعر من الشعراء:
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميت ميت الأحياء(23/374)
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أقولُ له يومَ حثَّ المطيَّ
أقولُ له يومَ حثَّ المطيَّ
رقم القصيدة : 22610
-----------------------------------
أقولُ له يومَ حثَّ المطيَّ
وَفيها جَوى ً ليسَ في غيرها
أضرَّ بها يا هذيم الهوى
وها هي تشكوك من ضرِّها
وأنْتَ تكلِّفها بالمسير
فخلِّ المطيَّ على سيرها
وتزجرها زجر لا راحمٍ
وإنّكَ بالغْتَ في زجرها
ألم ترها لا تطيقُ الحراك
لأشياء في الحبِّ لم تدرها
ولو كنت تعلم أمر النياق
لأَوْسَعَك الرِّفقُ في عذرها
أما كنْتَ يوم بكتْ بالغمعيم
فخلتَ المدامعَ من نحرها
وركض الغرام بأحشائها
ونحن ركوبٌ على ظهرها
وعرَّفنا وجدنا مابها
وحَتى کطّلَعْنا على سرِّها
فحينئذٍ راغ عن حثِّها
وأصْبَحَ يعجَبُ من أمرها
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> هل تذكرنَّ بنجدٍ يوم ينظمنا
هل تذكرنَّ بنجدٍ يوم ينظمنا
رقم القصيدة : 22611
-----------------------------------
هل تذكرنَّ بنجدٍ يوم ينظمنا
لآلئاً شَمِلَتْ فيها ومَرْجانا
والرَّبعُ يطلع أقماراً وينبتُ في
منازل الحيّ حيّ الجزع أغصانا
والعيش صَفوٌ يروق العين منظره
يهدي لأرواحنا رَوْحاً وريحانا
فما ترى عينُ رائيها وإنْ طمحت
إلاَّ أسُوداً بميثاءٍ وغزلانا
من كلِّ أهيفَ حُلْويِّ اللمى غنجٍ
إنْ ماس هَزَّ على العشاق مرّانا
وَلَيِّن العَطفِ قاسي القلب لم نَرَهُ
رقَّت شمائله للصَّبِّ أو لانا
مضى الهوى وانقضت أيّام دولته
حتّى كأنَّ زمان اللهو ما كان
ليتني سلوت أحبّاءً منيت بهم
ولا ذكرتُ على الجرعاء جيرانا
فاترك ملامك عندي حين أذكرهم
إساءة ً منك لي فيهم وإحسانا
يا هل تراني أرى ما أستقرُّ به
أم هل ترى قلبي الظمآن ريانا
قد كان دمعي عزيزاً قبل فرقتهم
واليوم كلُّ عزيزٍ بعدهم هانا
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> تَحلِفُ بالبيت وهيَ صادقة ٌ
تَحلِفُ بالبيت وهيَ صادقة ٌ
رقم القصيدة : 22612(23/375)
-----------------------------------
تَحلِفُ بالبيت وهيَ صادقة ٌ
ومقامِ إبراهيمَ والحِجْرِ
وما قضى الحج من مناسكِه
وما أراقَتْه من دم النحر
أليَة ً ما وراءَها قَسَمٌ
لمقسمٍ فيه صادقٍ برِّ
بأنّها لا تزال وامقة ً
وما لها في الغرام من صبر
كأنها لم تَبُحْ بسرِّ هوى ً
وقلَّ من لا يبوح بالسرِّ
هذا وأدمُعُها تصدّقها
ولم تزل في حديثها تجري
وأنّ أحشاءها قد اتّقَدَتْ
تحت الضلوع كواقد الجمر
وأنّني كلما ذُكِرْتُ لها
أطربها من محدّثٍ ذكري
وأنَّ هجرانها محاذرة
أن يعلمَ الواشيان في أمري
فهلْ ترى ياهذيم إنْ هجرت
أفزعَ في هجرانها من الهجر
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> يا منزلَ السّادة الأشرافِ قد نَزَلَتْ
يا منزلَ السّادة الأشرافِ قد نَزَلَتْ
رقم القصيدة : 22613
-----------------------------------
يا منزلَ السّادة الأشرافِ قد نَزَلَتْ
فيك الأماجد من أشراف عدنان
وأشرَقَتْ فيك كالأقمار أوجههم
وقَد يفوقون في حُسنٍ وإحسان
وأنتَ يا من يجيل الطرف حينئذ
في جنّة زُخْرِفَتْ منهم وبستان
الحسن متّفق فيها وما کختلَفَتْ
إلاَّ بأشكال أزهار وألوان
من كلّ زَوج بهيج أنبتت ورَبَت
لتنعش الروح في رَوح وريحان
فإنّها وأبيك البر قد بنيت
دار السرور لأحباب وإخوان
فبوركتْ دار سادات مُؤَرَّخة
وعُمِّرت دارُ سلمان بسلمان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> أنظرْ إلى دار حسن قد حَلَلَتْ بها
أنظرْ إلى دار حسن قد حَلَلَتْ بها
رقم القصيدة : 22614
-----------------------------------
أنظرْ إلى دار حسن قد حَلَلَتْ بها
وما يسرُّك من روضٍ وبستان
وکنشق عبير شذ أزهارها فلقد
أهدت إليك شذا روح وريحان
أجاد غارسُها غرساً وأحسَنَ في
ما قد بناه بإحكام وإتقان
تحلُّها السادة الأشراف لا برحَتْ
مأوى الأماجد من سادات عدنان
فاقت على غيرها فضلاً بساكنها
لمّا بناها وكان الفضل للباني
فقال من قد رآها حين أرّخها(23/376)
دارٌ لسلمانَ قد فاقت بسلمان
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> سقى الله هذا القبرَ من صيّب الحيا
سقى الله هذا القبرَ من صيّب الحيا
رقم القصيدة : 22615
-----------------------------------
سقى الله هذا القبرَ من صيّب الحيا
وصبّ عليه كلَّ يوم مصابه
به حلَّ ذو علم وفهم وحكمة
وأمسى إلى الربّ الكريم ذهابُه
ومعروفٌ الكرخيُّ مذ كان جاره
فأشرق فيه ما هناك ترابه
بشهر ربيع الآخر ارتاح أو أمضى
وأصبح في أعلى الجنان جنابه
وكان بعلم الطبّ أعلم عالمٍ
وللعَسكر المنصور كان انتسابُه
لقد فاز بعد الموت بالعفو والرضا
من الله يُوفى عفوَه وثوابُه
وآبَ إلى جنّات عدنٍ فأرِّخوا
عليٌّ بجنّات الخلود مآبه
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> ما قضينا حقّاً لرسمٍ محيل
ما قضينا حقّاً لرسمٍ محيل
رقم القصيدة : 22616
-----------------------------------
ما قضينا حقّاً لرسمٍ محيل
ببكاءٍ على الدّيار طويلِ
يا رفيقي وصاحبي وخليلي
قف بنا بين دارساتِ الطلول
نَقْضِ حقّ البُكا لها والعويل
العصر الأندلسي >> عبد الغفار الأخرس >> لكلّ زمان أيّها الشيخُ حاتمُ
لكلّ زمان أيّها الشيخُ حاتمُ
رقم القصيدة : 22617
-----------------------------------
لكلّ زمان أيّها الشيخُ حاتمُ
وإنّك فينا اليوم لا شكَّ حاتمُ
العصر الجاهلي >> لقيط بن يعمر الإيادي >> سلام في الصحيفة من لقيط
سلام في الصحيفة من لقيط
رقم القصيدة : 22618
-----------------------------------
سلام في الصحيفة من لقيط
إلى من بالجزيرة من إياد
بأن الليث كسرى قد أتاكم
فلا يشغلكم سوق النقاد
أتاكم منهم ستون ألفاً
يزجّون الكتائب كالجَراد
على حنق أتينكم فهذا
أوان هلاككم كهلاك عاد
العصر الجاهلي >> لقيط بن يعمر الإيادي >> يا دارَ عَمْرة َ من مُحتلِّها الجَرَعا
يا دارَ عَمْرة َ من مُحتلِّها الجَرَعا
رقم القصيدة : 22619
-----------------------------------(23/377)
يا دارَ عَمْرة َ من مُحتلِّها الجَرَعا
هاجتَ لي الهمّ والأحزانَ والوجعا
وتلبسون ثياب الأمن ضاحية ً
لا تجمعون، وهذا الليث قد جَمعَا
فهم سراع إليكم، بين ملتقطٍ
شوكاً وآخر يجني الصاب والسّلعا
ألا تخافون قوماً لا أبا لكم
أمسوا إليكم كأمثال الدّبا سُرُعا
وقد أظلّكم من شطر ثغركم
هولُ له ظلم تغشاكم قطعا
فما أزال على شحط يؤرقني
طيفٌ تعمَّدَ رحلي حيث ما وضعا
تامت فادي بذات الجزع خرعبة
مرت تريد بذات العذبة البِيَعا
مالي أراكم نياماً في بلهنية ٍ
وقد ترونَ شِهابَ الحرب قد سطعا
لو أن جمعهمُ راموا بهدّته
شُمَّ الشَّماريخِ من ثهلانَ لانصدعا
أنتمْ فريقانِ هذا لا يقوم له
هصرُ الليوثِ وهذا هالك صقعا
أبناء قوم تأووكم على حنقٍ
لا يشعرون أضرَّ الله أم نفعا
إني بعيني ما أمّت حمولُهم
بطنَ السَّلوطحِ، لا ينظرنَ مَنْ تَبعا
جرت لما بيننا حبل الشموس فلا
يأساً مبيناً نرى منها، ولا طمعا
أحرار فارس أبناء الملوك لهم
من الجموع جموعٌ تزدهي القلعا
فاشفوا غليلي برأيٍ منكمُ حَسَنٍ
يُضحي فؤادي له ريّان قد نقعا
طوراً أراهم وطوراً لا أبينهم
إذا تواضع خدر ساعة لمعا
في كل يومٍ يسنّون الحراب لكم
لا يهجعونَ، إذا ما غافلٌ هجعا
خُرْزاً عيونُهم كأنَّ لحظَهم
حريقُ نار ترى منه السّنا قِطعا
بل أيها الراكب المزجي على عجل
نحو الجزيرة مرتاداً ومنتجعا
ولا تكونوا كمن قد باتَ مُكْتنِعا
إذا يقال له: افرجْ غمَّة ً كَنَعا
صونوا جيادكم واجلوا سيوفكم
وجددوا للقسيّ النَّبل والشّرعا
أبلغ إياداً، وخلّل في سراتهم
إني أرى الرأي إن لم أعصَ قد نصعا
لا الحرثُ يشغَلُهم بل لا يرون لهم
من دون بيضتِكم رِيّاً ولا شِبَعا
وأنتمُ تحرثونَ الأرضَ عن سَفَهٍ
في كل معتملٍ تبغون مزدرعا
يا لهفَ نفسي إن كانت أموركم
شتى َّ، وأُحْكِمَ أمر الناس فاجتمعا
اشروا تلادكم في حرز أنفسكم
وحِرْز نسوتكم، لا تهلكوا هَلَعا
ولا يدعْ بعضُكم بعضاً لنائبة ٍ(23/378)
كما تركتم بأعلى بيشة َ النخعا
وتُلقحون حِيالَ الشّوْل آونة ً
وتنتجون بدار القلعة ِ الرُّبعا
اذكوا العيون وراء السرحِ واحترسوا
حتى ترى الخيل من تعدائهارُجُعا
فإن غُلبتم على ضنٍّ بداركم
فقد لقيتم بأمرِ حازمٍ فَزَعا
لا تلهكم إبلُ ليست لكم إبلُ
إن العدو بعظم منكم قَرَعا
هيهات لا مالَ من زرع ولا إبلٍ
يُرجى لغابركم إن أنفكم جُدِعا
لا تثمروا المالَ للأعداء إنهم
إن يظفروا يحتووكم والتّلاد معا
والله ما انفكت الأموال مذ أبدُ
لأهلها أن أصيبوا مرة ً تبعا
يا قومُ إنَّ لكم من عزّ أوّلكم
إرثاً، قد أشفقت أن يُودي فينقطعا
ومايَرُدُّ عليكم عزُّ أوّلكم
أن ضاعَ آخره، أو ذلَّ فاتضعا
فلا تغرنكم دنياً ولا طمعُ
لن تنعشوا بزماعٍ ذلك الطمعا
يا قومُ بيضتكم لا تفجعنَّ بها
إني أخافُ عليها الأزلمَ الجذعا
يا قومُ لا تأمنوا إن كنتمُ غُيُراً
على نسائكم كسرى وما جمعا
هو الجلاء الذي يجتثُّ أصلكم
فمن رأى مثل ذا رأياً ومن سمعا
قوموا قياماً على أمشاط أرجلكم
ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا
فقلدوا أمركم لله دركم
رحبَ الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفاً إن رخاءُ العيش ساعده
ولا إذا عضَّ مكروهُ به خشعا
مُسهّدُ النوم تعنيه ثغوركم
يروم منها إلى الأعداء مُطّلعا
ما انفك يحلب درَّ الدهر أشطره
يكون مُتّبَعا طوراً ومُتبِعا
وليس يشغَله مالٌ يثمّرُهُ
عنكم، ولا ولد يبغى له الرفعا
حتى استمرت على شزر مريرته
مستحكمَ السنِ، لا قمحاً ولا ضرعا
كمالِك بن قنانٍ أو كصاحبه
زيد القنا يوم لاقى الحارثين معا
إذّ عابه عائبُ يوماً فقال له:
دمّث لجنبك قبل الليل مضطجعا
فساوروه فألفوه أخا علل
في الحرب يحتبلُ الرئبالَ والسبعا
عبلَ الذراع أبياً ذا مزابنة ٍ
في الحرب لا عاجزاً نكساً ولا ورعا
مستنجداً يتّحدَّى الناسَ كلّهمُ
لو قارعَ الناسَ عن أحسابهم قَرَعا
هذا كتابي إليكم والنذير لكم
لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا
لقد بذلت لكم نصحي بلا دخل(23/379)
فاستيقظوا إن خيرَ العلم ما نفعا
العصر العباسي >> البحتري >> قل للرئيس أبي محمد الرضا
قل للرئيس أبي محمد الرضا
رقم القصيدة : 2262
-----------------------------------
قل للرئيس أبي محمد الرضا
قول آمرئ أبلاه حسن بلا
من حول بركتك البهية سادة الـ
ـعلماء والفضلاء والأمراء
لو أنصفوك وهم قيام اشبهت
أشخاصهم أمثالها في الماء
العصر الجاهلي >> لقيط بن يعمر الإيادي >> وخاننا خوّانٌ في ارتباعنا
وخاننا خوّانٌ في ارتباعنا
رقم القصيدة : 22620
-----------------------------------
وخاننا خوّانٌ في ارتباعنا
فانفدّ للسارح من سوامنا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أيا طيبَ عيشي أرى بركة ً
أيا طيبَ عيشي أرى بركة ً
رقم القصيدة : 22621
-----------------------------------
أيا طيبَ عيشي أرى بركة ً
تسوق إلى روضِها ماءها
إذا أنت واجهتها في الدُّجى
حسبتَ الكواكبَ حصباءها
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وليلة ٍ ذاتِ أضواءٍ وضوضاءِ
وليلة ٍ ذاتِ أضواءٍ وضوضاءِ
رقم القصيدة : 22622
-----------------------------------
وليلة ٍ ذاتِ أضواءٍ وضوضاءِ
تجرُّ أذيالَ لألاءِ وآلاءِ
تصالحَ الليلُ فيها والنهارُ على
تأليفِ ما بينَ إصباحٍ وإمساءِ
كأنَّما الشمسُ سكرى فهي راجعة ٌ
من قبلِ موعِدِها تومي بأضواءِ
كأنَّما الأرضُ شحراء من الذهب الـ
إبريز سامية نحو الغميضاءِ
يا ليلة ٍ قُدِّمت حيى إذا قَدِمت
عظّمتُ حرمتَها فِعْلَ الألِبّاءِ
لأنّها بادّكارٍ للأوائلِ من
صِيْدِ الملوكِ الأشدّاءِ الأسدّاءِ
قد أطلعتْ من عِنان الراح طلعتَها
وأنطقتْ أَلْسُنَ العيدانِ والناءِ
ونبَّهتْ أعينَ اللذات من سِنَة ً
والشأنُ في نظمِها عقدُ الأحِبَّاءِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أقول إذ سألوني عن مروءة ِ من
أقول إذ سألوني عن مروءة ِ من
رقم القصيدة : 22623
-----------------------------------
أقول إذ سألوني عن مروءة ِ من(23/380)
ما لا يقاسُ بأندادٍ وأكفاءِ
محمدٌ لمروءات الأنام غدا
كالزَّنْدِ للنارِ والينبوعِ للماءِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> طلعَ الربيعُ بطلعة ِ السرَّاءِ
طلعَ الربيعُ بطلعة ِ السرَّاءِ
رقم القصيدة : 22624
-----------------------------------
طلعَ الربيعُ بطلعة ِ السرَّاءِ
إذ جاءَنا بالنِّعمة ِ البيضاءِ
فابرُزْ إلى الصحراءِ في أيامِهِ
حتى ترى الغَبْراءَ كالخضراءِ
واشربْ على الحمراءِ والصفراء من
صهباءَ تُذهِبُ غُمَّة َ السوداءِ
والنَّقْلُ من ذكرِ ابن مشكان الذي
هو غُرّة ُ الكرماءِ والفُضَلاءِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا عمدة َ الأمراءِ والوزراءِ
يا عمدة َ الأمراءِ والوزراءِ
رقم القصيدة : 22625
-----------------------------------
يا عمدة َ الأمراءِ والوزراءِ
يا عِدَّة َ الأدباء والشعراءِ
يا غرَّة َ الزمنِ البهيمِ وناظرَ الـ
ـكرمِ الصميمِ وواحدَ الفضلاءِ
أرأيتَ همة َ عقربٍ دَبَّتْ على
قدمٍ بها تخطو إلى العلياءِ؟
لما أرْتَقَتْ باللَّسْعِ أعظمَ مُرْتَقى
أخنَتْ عليها رُتبة ُ العُظَماءِ
إن ذُقْتَ ضَرَّاءَ العقاربِ فابْقَيَنْ
بعقاربِ الأصداغِ في السَّرَّاءِ
يا طيبَ لسعة ِ عقربٍ، ترياقها
ريقُ الحبيبِ بقهوة ٍ عذراءِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا دهرُ ويَحكَ قد أَطلتَ جَفائِي
يا دهرُ ويَحكَ قد أَطلتَ جَفائِي
رقم القصيدة : 22626
-----------------------------------
يا دهرُ ويَحكَ قد أَطلتَ جَفائِي
وتَرَكْتَ ماءَ معيشَتي كجُفاءِ
أتراكَ تحسِبُ أنَّني من جُمْلة ِ الـ
ـكُتَّابِ والأدباءِ والشعراءِ؟
حتَّى تعاديني كعادتِكَ التي
أَنْحَتْ عوادِيها على الفُضَلاءِ
هيهاتَ قد أحسَنَتَني ما كنتُ أُحـ
ـسِنُهُ فرِفقاً لستُ في الأُدباءِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> إليكَ قولاً سَديداً
إليكَ قولاً سَديداً
رقم القصيدة : 22627
-----------------------------------(23/381)
إليكَ قولاً سَديداً
يروي العطاشَ بمائهْ
إن الخِراجَ خُراجٌ
دواؤُه في أدائهْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ألا رُبَّ يومٍ لي بجرجانَ أرعنٍ
ألا رُبَّ يومٍ لي بجرجانَ أرعنٍ
رقم القصيدة : 22628
-----------------------------------
ألا رُبَّ يومٍ لي بجرجانَ أرعنٍ
ضحكتُ له، من خرقهِ أتعجَّبُ
وأخشى على نفسي اختلافَ هوائِهِ
وما للفتى مما قضى اللهُ مهربُ
وما خيرُ يومٍ أخرقٍ متلوِّنٍ
ببردٍ وحرٍّ بعدَهُ يتلهَّبُ
فأوَّلُهُ للفَرْوِ والجمرِ مِثْقَبُ
وآخِرُهُ للثلجِ والخَيْشِ يُضْرَبُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> الليلُ أسهرهُ فَهَمِّي راتبُ
الليلُ أسهرهُ فَهَمِّي راتبُ
رقم القصيدة : 22629
-----------------------------------
الليلُ أسهرهُ فَهَمِّي راتبُ
والصُّبْحُ أكرههُ ففيهِ نوائبُ
فكأنَّ ذاكَ قذًى لطرفي مُسْهِرٌ
وكأنَّ هذا فيه سيفٌ قاضبُ
العصر العباسي >> البحتري >> لنا أبدا بث نعانيه من أروى
لنا أبدا بث نعانيه من أروى
رقم القصيدة : 2263
-----------------------------------
لَنَا أبَداً بَثٌّ نُعانيهِ من أرْوَى،
وحَزْوَى، وكم أدنَتْكَ من لوعةٍ حزْوَى
وَمَا كانَ دَمعي قَبلَ أرْوَى بنُهْزَةٍ
لأدْنَى خَليطٍ بانَ أوْ مَنزِلٍ أقوَى
حَلَفْتُ لَهَا أنّي صَحيحٌ، سِوَى الذي
تعَلَّقَه قَلْبٌ مَرِيضٌ، بهَا يَدْوَى
وأكثرْتُ من شكوَى هَوَاها، وإنّما
أمارَةُ بَرْحِ الحبّ أنْ تَكثرَ الشّكْوَى
وَكنتُ وَأرْوَى، والشّبابُ عُلالَةٌ
كنَشْوَانَ من سُكْرِ الصّبابَةِ أوْ نَشْوَى
وَقَدْ زَعَمَتْ لا يَقربُ اللّهوَ ذو الحجى،
وَقد يَشهَد اللّهوَ الذي يَشهُد النّجوَى
وَإنّي، وَإنْ رَابَ الغَوَاني تَماسُكي،
لمُسْتَهتَرٌ بالوَصْلِ منهُنّ مُستَهوَى
سَلاَ عَنْ عَقابيلِ الشّبابِ وَفَوْتِهَا،
أطارَتْ بِهِ العَنْقَاءُ أمْ سَبَقَتْ جَلوَى
كأنّ اللّيالي أُغرِيَتْ حَادِثَاتُهَا(23/382)
بحُبّ الذي نأبَى، وَكُرْهِ الذي نَهوَى
وَمَنْ يَعْرِفِ الأيّامَ لا يَرَ خَفْضَهَا
نَعيماً، وَلاَ يَعْدُدْ تَصَرّفَها بَلوَى
إذا نشرت قدام رائدها ثنت
مواشكه الإسراع من خلفه تطوى
لَقَدْ أرْشَدَتْنَا النّائِبَاتُ، وَلَمْ يَكُنْ
ليُرْشَدَ، لَوْلاَ ما أرَتْنَاه، مَنْ يَغوَى
إذا نَحْنُ دافَعنا الخُطوبَ بذي الوِزَا
رَتَينِ شَغَلْنَاهُنّ بالمَرِسِ الألْوَى
بأزْهَرَ تُنْسي الشّعْرَ أخْبَارُ سُؤدَدٍ
له لا تَزَالُ الدّهْرَ تُؤثَر أو تُرْوَى
مَكارِمُ ما تَنفَكُّ مِنْ حَيثُ وُجِّهَتْ
تَرَى حاسِداً نِضْواً بآلائِها يَضْوَى
ملقى صواب الرأي بغت بديهة
ومنهم مخل بالصواب وقد روى
لَهُ هِمّةٌ، أغْلَى النّجُومِ مَحَلّةً
مَحلٌّ لها، دونَ الأماكنِ، أوْ مَثوى
وَقَد فُتحَ الأفْقَانِ عن سَيفِ مُصْلِتٍ،
لَه سَطَوَاتٌ ما تَهُرُّ وَمَا تَعْوَى
مُغَطًّى علىِ الأعداءِ لا يَقْدُرُونَهُ
بعَزْمٍ، وَقَدْ غَوّى من الأمرِ ما غَوّى
تَعَلّى عَنِ التّدبيرِ، ثمّ انتَحَى لهُمْ
بهِ وَرَمَى بالمُعْضِلاتِ فَما أشوَى
إذا ما ذَكَرْنَاهُ حُبِسْنا، فَلَمْ نُفِضْ
له في نَظيرٍ في الرّجالِ، وَلا شَرْوَى
بَلى، لأبي عيسَى شَوَاهدُ بارِعٍ
من الفَضْلِ ما كانَ انتحالاً ولاَ دعْوَى
نُمَيِّلُ بَينَ البَدْرِ، سَعداً، وَبَيْنَهُ،
إذا ارْتَاحَ للإْحسانِ، أيُّهمَا أضْوَا
وَمَا دُوَلُ الأيّامِ، نُعْمَى وأبْؤساً،
بأجْرَحَ في الأقْوَامِ مِنه، وَلا أسوَا
سُقِينَا بسَجْلَيْهِ، وَكانَ خَليفَةً،
من الغَيْثِ، إنْ أسقَى بِرَيّقِهِ أرْوَى
فأرْضٌ أصَابَتْ حَظَّها مِنْ سَمائِهِ،
وأرْضٌ تأيّا الشُّرْبَ أوْ تَرْقبُ العدوَى
وَوَادٍ منَ المَعْرُوفِ عندَكَ، لمْ يَكُنْ
مُعَرَّجُنَا مِنهُ عَلى العَدْوَةِ القُصْوَى
إذا ما تَحَمّلْنا يداً عَنْهُ، خِلْتَنَا،
لنُقْصَانِنَا عَنْهَا، حمَلنا بها رضْوَى
أجِدَّكَ إنّا والزّمانَ كَما جَنَتْ(23/383)
على الأضْعَفِ المَوْهونِ عاديةُ الأقْوَى
مَتَى وَعدَتْنَا الحَادِثاتُ إدالَةً،
فأخْلِقْ بذاكَ الوَعدِ مِنهُنّ أنْ يُلوَى
لَئِنْ زُوِيَتْ عَنّا الحُظُوظُ، فَمِثْلُها،
إذا خسّ فعلُ الدّهرِ، عن مِثلِنا يُزْوَى
إذا قُلتُ أجْلَتْ سَدْفَةُ العيشِ عارَضَتْ
شُفافاتُ ما أبَقّى الزّمانُ وما أتْوَى
مَغَارِمُ يُسلَى في تَرَادُفِهَا الصِّبَا،
وَيُتْلَفُ في أضْعافِها الرَّشأُ الأحوَى
يَظَلُّ رَشيدٌ، وَهْوَ فيها مُعَلَّقٌ
على خَطَرٍ في البَيْعِ، مُقترِبِ المهوَى
إذا حَلّ دَينٌ مِنْ غَرِيمٍ تَضَاءَلَتْ
له مِنّةٌ تَرْتَاعُ، أوْ كَبِدٌ تَجْوَى
وَقَدْ سَامَ طَعمَ المنِ ذَوْقاً فَلَمْ يجدْ
بِهِ المَنَّ مَرْضِيَّ المَذَاقِ، وَلاَ السَّلْوَى
أسفتُ لغَضّاتٍ منَ الحُسنِ شارَفَتْ
لذُعْرِ الفِرَاقِ، أنْ تَغَيَّرَ، أو تَذوَى
وَقُلْتُ، وَقَدْ هَمّتْ خَصَائِصُ بَيْنِنَا
منَ الوِدّ أنْ تُمنَى لغَيرِيَ أوْ تُحوَى:
لَعَلّ أبَا عيسَى يَفُكُّ بِطَوْلِهِ
رِقاباً من الأحبابِ قد كَرِبتْ تَتْوَى
وَمَا شَطَطٌ أنْ أُتْبِعَ الرَّغْبَ أهْلَهُ،
وأنْ أطلُبَ الجَدوَى إلى وَاهِبِ الجدوَى
دَنانيرُ تُجزَى بالقَوَافي، كأنّما
مُمَيِّزُها بالقَسْمِ عَدّلَ، أوْ سَوّى
إذا ما رَحَلْنَا يَسّرَتْ زَادَ سَفْرِنَا،
وإمّا أقَمْنا وَطّتِ الرّحلَ والمأوَى
وَيَكْفيكَ في فَضْلِ الدّنانيرِ أنّهَا،
إذا جُعلَتْ في الزّادِ، ثانيَةُ التّقوى
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> شيئان واللَّهِ ما أمَلُّهما
شيئان واللَّهِ ما أمَلُّهما
رقم القصيدة : 22630
-----------------------------------
شيئان واللَّهِ ما أمَلُّهما
وليسَ لي في سواهما أربُ
فإنْ تَقُلْ ما هُما؟ أُجِبْ وأَقُلْ
بابُ خوارِزْمِشَاهَ والأَدَبُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> فَدَيْتُكَ يا أتَّم الناسِ حُسناً
فَدَيْتُكَ يا أتَّم الناسِ حُسناً
رقم القصيدة : 22631(23/384)
-----------------------------------
فَدَيْتُكَ يا أتَّم الناسِ حُسناً
وأصلَحَهم لمتَّخِذٍ حبيبا
فوجهُكَ نزهة ُ الأبصارِ حُسْناً
وصوتُكَ متعَة ُ الأسماعِ طيبا
وسائلة ٍ تسائِلُ عنكَ قُلْنا
لها في وصفِكَ العَجَبَ العَجِيبا
دَنا ظبياً، وغَنّى عندَلِيبا
ولاحَ شقائِقاً، ومشى قَضِيبا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> قالوا تَشَوَّكَ خدَّاهُ وشاربُهُ
قالوا تَشَوَّكَ خدَّاهُ وشاربُهُ
رقم القصيدة : 22632
-----------------------------------
قالوا تَشَوَّكَ خدَّاهُ وشاربُهُ
فقلتُ لا تُنكِرُوا ما ليس بالعجَبِ
الشَّوكُ في شجراتِ الوردِ مُحتَمَلٌ
والشوكُ لا عَجَبٌ في مُجْتَنى الرُّطَبِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ريقُ الحبيبِ كريقِ المُزْنِ والعِنَبِ
ريقُ الحبيبِ كريقِ المُزْنِ والعِنَبِ
رقم القصيدة : 22633
-----------------------------------
ريقُ الحبيبِ كريقِ المُزْنِ والعِنَبِ
أَذَاقَني ثمراتِ اللَّهْوِ والطَّرَبِ
وقد سَبَتْ منِّيَ الأيامُ صفوتها
فكيفَ أهربُ منها وهيَ في طَلَبي؟
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وقصرِ مُلْكٍ ترى كلَّ الجمالِ بهِ
وقصرِ مُلْكٍ ترى كلَّ الجمالِ بهِ
رقم القصيدة : 22634
-----------------------------------
وقصرِ مُلْكٍ ترى كلَّ الجمالِ بهِ
وأَسْعُدُ الدَّهرِ تبدو من جوانِبِهِ
كأنَّما جنّة ُ الفِرْدَوْسِ قد نَزلَتْ
إلى خَوَارِزْمَ تعجيلاً لصاحِبِه
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أقولُ والقلبُ منِّي في تلفُّتِهِ
أقولُ والقلبُ منِّي في تلفُّتِهِ
رقم القصيدة : 22635
-----------------------------------
أقولُ والقلبُ منِّي في تلفُّتِهِ
يا بدرُ يا غائباً في أفقِ مغربهِ
نَذَرتُ لله صوماً إن رجعتُ وما
كفَّارة ُ النَّذْرِ إلا بالوفَاءِ بهِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> لما بعثتُ فلم تُسعف مطالبتي
لما بعثتُ فلم تُسعف مطالبتي(23/385)
رقم القصيدة : 22636
-----------------------------------
لما بعثتُ فلم تُسعف مطالبتي
وأمعنتْ نارُ شوقي في تلهُّبِها
ولم أجد ْْ حيلة ً تُبقي على رمقي
قبَّلتُ عينَ رسولي إذ رآك بها
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> لقد طرِبَ المحبُّ إلى الحبيبِ
لقد طرِبَ المحبُّ إلى الحبيبِ
رقم القصيدة : 22637
-----------------------------------
لقد طرِبَ المحبُّ إلى الحبيبِ
كما طرِبَ المريضُ إلى الطبيبِ
وأذعنَ للهوى القلبُ المعنَّى
كإذعانِ الشبيبة ِ للمشيبِ
ألا يا حبَّذا مَسْرى نسيمٍ
نسيبِ الروحِ يا لكَ من نسيبِ
كأنَّ الروحَ منهُ طيبُ ذكرِ الـ
ـعميدِ السِّيدِ الفردِ الأديب
أبي نصرِ بن مشكان الذي قد
غدا بينَ الأنامِ بلا ضريبِ
أتمَّ اللهُ نعمَتهُ عليهِ
ولا أخلاهُ من طربٍ وطيبِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وليلٍ بتُّه رهنَ اكتئابِ
وليلٍ بتُّه رهنَ اكتئابِ
رقم القصيدة : 22638
-----------------------------------
وليلٍ بتُّه رهنَ اكتئابِ
أقاسي فيهِ أنواعُ العذابِ
إذا شرِبَ البعوضُ دمي وغنّى
فللبرغوثِ رقصٌ في ثيابي
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> إليكَ المشتكى لا منكَ ربِّي
إليكَ المشتكى لا منكَ ربِّي
رقم القصيدة : 22639
-----------------------------------
إليكَ المشتكى لا منكَ ربِّي
وأنتَ لحادِثاتِ الدهرِ حسبي
تُروِّي غلَّتي وتَرمُّ حالي
وتُؤمنُ روعَتي وتُزيلُ كَربي
العصر العباسي >> البحتري >> تذكر محزونا وأني له الذكرى
تذكر محزونا وأني له الذكرى
رقم القصيدة : 2264
-----------------------------------
تذكر محزوناً، وأني له الذكرى
وفاضت بغزو الدمع مقلته العبري
فؤاد هو الحران من لاعج الجوى
إلى كبد جم تباريحها حرى
كرى حال سكب الدمع دون ختامه
فلا دمعة ترقا، ولا مقلة تكرى
وكنت وكانت -والشباب علالة
كسكران من خمر الصبابة أو سكرى
أشارت بمدارها فاصمت، ولم أكن
أحاذر إصماء الإشارة بالمدى(23/386)
سرى الطيف من ظمياء وهناً فمرحباً
وأهلا بمسرى طيف ظمياء من مسرى
ألم بسفر لاغبين، وأنيق
ذرعن بنا من أذرعات إلى بصرى
لقد كان في يوم الثنية منظر
ومستمع ينبي عن البطشة الكبرى
وطف أبي الجيش الجواد يكره
مدافعه عن دير مران أو مقرى
فكائن له من ضربة بعد طعنة
وقتلى إلى جنب الثنية أو أسرى
فوارس صرعى من ثوام وفارد،
وأرسال خيل في شكائمها عقرى
رأيت تفاريق المحاسن جمعت
إلى مشتر أهدى إلى القمر الشعرى
محملة ما لو تحمل آداه
من الصفد المنقول قيصر أو كسرى
مباركة شدت قوى السلم بعدما
توالت خطوب الحرب مقبلة تترى
إذا شارفت أرض العراق فإنه
سيسنى أمير المؤمنين بها البشرى
متى نعترض جدوى أبي الجيش نعترف
مواهب يلحقن المقل بمن أثرى
ولا نقص في الغيث الدراك يغضه
سوى أنه أزرى به منه ما أزرى
إذا وهب الأولى من النيل لم يدع
متابعة الإفضال أو يهب الأخرى
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا ليلة ً طالتْ كأنَّ نجومَها
يا ليلة ً طالتْ كأنَّ نجومَها
رقم القصيدة : 22640
-----------------------------------
يا ليلة ً طالتْ كأنَّ نجومَها
غُرَماءُ أرقَبَهُم لِدينٍ واجبِ
والبدرُ كالشَّيخِ الأَجَلِّ تَمَنطَقَتْ
قُدَّامَهُ الجَوزاءُ مثلَ الحاجبِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا دهرُ حسبُكَ قد أَطَلْتَ نحيبي
يا دهرُ حسبُكَ قد أَطَلْتَ نحيبي
رقم القصيدة : 22641
-----------------------------------
يا دهرُ حسبُكَ قد أَطَلْتَ نحيبي
وتَرَكْتَني في موطِني كغريبِ
وسَلبتَني ثوبَ السُّرورِ بجامعٍ
ما بينَ وَصفَي خادمٍ وأديبِ
فالشِّعْرُ منِّي والدموعُ لآليءٌ
من نظمِ طَبعَي عاشِقٍ وأديبِ
قد غابَ عن رَبعي هلالٌ مُقمِرٌ
في أفقِ تربيَتي وفي تأدِيبي
فالآنَ يطلعُ في سِوى دارِي ولا
ينفكُّ فيهِ القلبُ رَهنَ نحيبِ
نَدٌّ نفيسٌ عندَ غيري فائحٌ
وأراهُ من عَجْني ومن تركِيبي
وثمينُ عِقْدٍ عند غيري لائحٌ
وأراهُ من نَظْمي ومن تَرْتيبي(23/387)
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> لي سيِّدٌ مَلِكٌ غَدَا
لي سيِّدٌ مَلِكٌ غَدَا
رقم القصيدة : 22642
-----------------------------------
لي سيِّدٌ مَلِكٌ غَدَا
في بردَتَيْ مَلِكٍ وَهُوبِ
لا بالجهولِ ولا المَلُو
لِ ولا القَطُوبِ ولا الغَضُوبِ
قد جادَ لي بأغَرَّ أُنـ
ـعِلَ بالشَّمالِ وبالجَنوبِ
لا بالشَّمُوسِ ولا العَّمُو
صِ ولا القَطوفِ ولا الشبوبِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> كتبتُ وشيناتُ حالي غَلَبْن
كتبتُ وشيناتُ حالي غَلَبْن
رقم القصيدة : 22643
-----------------------------------
كتبتُ وشيناتُ حالي غَلَبْن
عليَّ بَمنْ جَلَّ عن مُشبِهِ
فشوقي إليهِ، وشُكْرِي له
وشعريَ فيهِ وشُغلي بهِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> من كانَ ينفعُهُ الأدَبْ
من كانَ ينفعُهُ الأدَبْ
رقم القصيدة : 22644
-----------------------------------
من كانَ ينفعُهُ الأدَبْ
ويُحِلُّهُ أعلى الرُّتَبْ
فلقد خَسِرْتُ عليهِ ما
وُرِّثتُ من أمٍّ وأَبْ
كم ضيعة ٍ كانت تصو
نُ الوَجهَ عن ذُلِّ الطَّلَبْ
أتلَفتُها لا في القِيا
نِ ولا هوى بِنْتِ العِنَبْ
بل في الحوادثِ والحوا
ئجِ والنوائبِ والنُّوَبْ
كم قُلتُ لما بِعتُها
وحَصَلتُ في أَسرِ الكَرَبْ
ذَهَبَتْ دجاجَتُنا التي
كانتْ تبيضُ لنا الذَّهَبْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وشادنٍ أصبحَ عُذْرَ الذُّنُوبْ
وشادنٍ أصبحَ عُذْرَ الذُّنُوبْ
رقم القصيدة : 22645
-----------------------------------
وشادنٍ أصبحَ عُذْرَ الذُّنُوبْ
لقاؤُه يهزِمُ جيشَ الكروبْ
بغُرَّة ٍ غَرَّارَة ٍ للوَرَى
وطُرَّة ٍ طَرَّارَة ٍ للقُلُوبْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> غناؤكَ يهزِمُ جيشَ الكُرُوبْ
غناؤكَ يهزِمُ جيشَ الكُرُوبْ
رقم القصيدة : 22646
-----------------------------------
غناؤكَ يهزِمُ جيشَ الكُرُوبْ
وعيناكَ للناسِ عذرُ الذُّنوبْ(23/388)
فويلَ القلوبِ إذا ما رَنَوْتَ
وإمَّا شَدَوتَ فويلَ الجُيوبْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> سقياً لأيام الصبِّا إذ أنا
سقياً لأيام الصبِّا إذ أنا
رقم القصيدة : 22647
-----------------------------------
سقياً لأيام الصبِّا إذ أنا
في طَلَبِ اللَّذَّة ِ عفريتُ
أصيدُ كالبازي ولكنَّني
أَسْفِدُ كالعُصفورِ ما شيتُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> كم حيلة ٍ للوصلِ أَعْمَلْتُها
كم حيلة ٍ للوصلِ أَعْمَلْتُها
رقم القصيدة : 22648
-----------------------------------
كم حيلة ٍ للوصلِ أَعْمَلْتُها
وكم خداعٍ قد تَمَحَّلتُهُ
أُسرُّ حَسواً في ارتغاءٍ إذا
ناجَيتُ مَن أهوى فقَّبلتُهُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> من ذا الذي لا يُذِلُّ الدهرُ صعبَتَهُ
من ذا الذي لا يُذِلُّ الدهرُ صعبَتَهُ
رقم القصيدة : 22649
-----------------------------------
من ذا الذي لا يُذِلُّ الدهرُ صعبَتَهُ
ولا تُلينُ يدُ الأيامِ صَعْدَتَهُ
أما ترى خَلَفاً شيخَ الملوكِ غدا
مملوكَ من فَتَح العذراءَ بلدتَهُ
قد كانَ بالأمسِ مَلكاً لا نظيرَ لهُ
فاليومَ في الأسرِ لا ينتاشُ أُسرتَهُ
العصر العباسي >> البحتري >> رضيت للدين وللدينا
رضيت للدين وللدينا
رقم القصيدة : 2265
-----------------------------------
رضيت للدين وللدينا
صديقي الصدق أبا يحيى
المؤثر العليا على حظه،
والحظ كل الحظ في العليا
ولا يجير المال من جوده
هوادة ترجى ولا بقيا
أعيا فما يطلب شبة له،
والشيء متروك إذا أعيا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> قولوا لعثمانَ في أوقاتِ طيبتِهِ
قولوا لعثمانَ في أوقاتِ طيبتِهِ
رقم القصيدة : 22650
-----------------------------------
قولوا لعثمانَ في أوقاتِ طيبتِهِ
إذا تبسَّمَ عن دُرٍّ وياقوتِ
إني أراكَ تبيعُ الناسَ قوتَهُمُ
ففيمَ تمنعُ عنِّي القوتَ ياقوتي؟(23/389)
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> برأسِ سكة ِ عمَّارٍ لنا قَمَرٌ
برأسِ سكة ِ عمَّارٍ لنا قَمَرٌ
رقم القصيدة : 22651
-----------------------------------
برأسِ سكة ِ عمَّارٍ لنا قَمَرٌ
من وجهِ عثمانَ يا طُوبى لجيرتِهِ
إذْ قوتُ أجسامِهِمْ مما يبيعُهُمُ
وقوتُ أرواحِهِمْ من حُسْنِ صورَتِهِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا رقعة ً طُوِيَتْ على حَيَّاتِ
يا رقعة ً طُوِيَتْ على حَيَّاتِ
رقم القصيدة : 22652
-----------------------------------
يا رقعة ً طُوِيَتْ على حَيَّاتِ
وعقاربٍ كَرَّرْنَ ماءَ حياتي
ما أنتِ إلا من تباريحِ الجوى
وسَفَاتجِ الأحزانِ والحَسَراتِ
وكأنَّ أحرفكِ الكريهة َ أعينٌ
لرواقبٌ أو ألسنٌ لوُشاة ِ
وكذا الضياعُ رقاعُ قيمتها إذا
وافَتْ أتَتْ بحوادثِ الآفاتِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> الأرضُ طاؤوسية ٌ
الأرضُ طاؤوسية ٌ
رقم القصيدة : 22653
-----------------------------------
الأرضُ طاؤوسية ٌ
والجَوُّ جُؤْجُؤُ فاخِتِ
متبسِّمٌ عن نَشر حُـ
ـبٍّ عندَ صَبٍّ ثابتِ
والوردُ دُرٌّ نابتٌ
أحسِنْ بدُرٍّ نابتِ
لكنَّ في عيني قذًى
من نورِ شيبٍ سابتِ
لما بكيتُ دَمَ الفؤا
دِ على الحبيبِ الفائتِ
ضَحِكَ المشيبُ بعارضي
ضَحِكَ الغَوِيِّ الشامتِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> كأنَّما النارَنجُ للربَّاتِ
كأنَّما النارَنجُ للربَّاتِ
رقم القصيدة : 22654
-----------------------------------
كأنَّما النارَنجُ للربَّاتِ
ثَدِيُّ أبكارٍ مُخَدَّراتِ
مُزَعفَراتٍ ومُعَصفَراتٍ
أو أُكَرُ الكيمَختِ مذهَباتِ
قد ضُمِّخَت بالعَنبرِ الفُتاتِ
نسيمُها يزِيدُ في الحَياة ِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> قد لبِسَ الدهرُ حسنُ زهوتِهِ
قد لبِسَ الدهرُ حسنُ زهوتِهِ
رقم القصيدة : 22655
-----------------------------------
قد لبِسَ الدهرُ حسنُ زهوتِهِ
مذ زُوِّجَ المُشتري بزهرَتِهِ(23/390)
وفي اقترانِ العينِ ما فيه من
إشراقِ وجهِ العُلى ونَضرَتِهِ
فالطَّرفُ مستأنِسٌ بقُرَّتِهِ
والقلبُ يُطوى على مَسَرَّتِهِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> كَمْ إلى كم تَبَرُّمي بحياتي
كَمْ إلى كم تَبَرُّمي بحياتي
رقم القصيدة : 22656
-----------------------------------
كَمْ إلى كم تَبَرُّمي بحياتي
أتلوَّى تلوِّيَ الحيَّاتِ
تحتَ عبءٍ من الزمانِ ثقيلٍ
وخطوبٍ قوَّسنَ منِّي قناتي
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ومدامٍ قد كَفَانا
ومدامٍ قد كَفَانا
رقم القصيدة : 22657
-----------------------------------
ومدامٍ قد كَفَانا
شُغْلَ إشعالِ المسارِجْ
لو دنتْ منا القُماري
لاكتستْ ريشَ التدارُجْ
فاشربَنهُ فهو للغُمَّـ
ـة ِ والغَمَّاءِ فارِجْ
وهو ريقٌ من فم الدُّنْـ
ـيا إلى ثغرِكَ خارِجْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> لقاؤكَ يحكي قضاءَ الحوائِجْ
لقاؤكَ يحكي قضاءَ الحوائِجْ
رقم القصيدة : 22658
-----------------------------------
لقاؤكَ يحكي قضاءَ الحوائِجْ
ووجهُكَ للهمِّ والغم فارجْ
وفيكَ لنا فِتَنٌ أربعٌ
تَسُلُّ علينا سيوفَ الخوارِجْ
لحاظُ الظباءِ وطوقُ الحمام
ومشيُ القباجِ وزيُّ التدارجْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ألم تَرَ مُذْ عامينِ أملاكَ عصرِنا
ألم تَرَ مُذْ عامينِ أملاكَ عصرِنا
رقم القصيدة : 22659
-----------------------------------
ألم تَرَ مُذْ عامينِ أملاكَ عصرِنا
يصيحُ بهمْ للموتِ والقتلِ صائحُ
فتوحُ بنُ منصورٍ طوَتْهُ يدُ الرَّدى
على حسراتٍ ضُمِّنَتها الجوانِحُ
ويا بؤسَ منصورٍ وفي يومِ سرخسٍ
تمزِّقَ عنهُ مُلكُهُ وهوَ طامِحُ
وفُرِّقَ عنهُ الشَّملُ بالسَّملِ فاغتَدى
أسيراً ضريراً تعتَرِيهِ الجوائِحُ
وصاحبُ مصرٍ قد مضى لسبيلهِ
ووالي الجبالِ غَيَّبَتْهُ الصفائِحُ
وصاحبُ جُرْجَانيَّة ٍ في ندامة ٍ
ترصَّدَهُ طَرفٌ من الحَيْنِ طامِحُ(23/391)
تساقَوْا كؤوسَ الراحِ ثم تشَارَبُوا
كؤوسَ المنايا والدماءُ سوافِحُ
وخوارِزمُ شاهٍ وجهُ نعيمِهِ
وعنَّ له يومٌ من النَّحْسِ كالِحُ
مكانَ علا في الأرضِ يخبِطُها أبو
عليٍّ إلى أن طوَّحَتْهُ الطوائِحُ
فعارضَهُ نابٌ من الشرِّ أعصلٌ
وعَنَّ له طيرٌ من الشؤمِ بارِحُ
وصاحبُ بُسْتٍ ذلكَ الضيغمُ الذي
براثِنُهُ للمشرقَيْنِ مفاتِحُ
أناخَ بهِ من صدمة ِ الدهرِ كلكلٌ
فلمْ يُغْنِ عنهُ والمقدَّرُ سانِحُ
خيولٌ كأمثالِ السيولِ سوابحٌ
فيولٌ كأمثالِ الجبالِ سوارِحُ
جيوشٌ إذا أربَتْ على عددِ الحَصى
تَغُصُّ بها قيعانُها والصَّحاصِحُ
ودارتْ على صمصامِ دولة ِ بُويَهٍ
دوائرُ سوءٍ قبلهنَّ فوادِحُ
وقد جازَ والي الجَوْزَجانِ قناطرَ الـ
ـحياة ِ فوافَتْهُ المنايا الطوامِحُ
وفائقٌ المجبوبُ قد جُبَّ عمرُهُ
فأمسى ولم يَنْدُبْهُ في الأرضِ نائحُ
مضَوْا في مدى عامينِ واختَطَفَتْهُمُ
عقابٌ إذا طارتْ تَخِرُّ الجوارحُ
وكانَ بنو سامانَ أطوادَ عِزَّة ٍ
فأضحتْ بصرفِ الدَّهْرِ وهيَ أم
أما لك فيهمْ عِبرَة ٌ مستفادَة ٌ
بلى إنَّ نهجَ الاعتبارِ لَوَاضِحُ
تَسَلَّ عنِ الدُّنيا ولا تَخْطِبنَّها
ولا تنكَحَنْ قتَّالة ً من تناكِحُ
فليسَ يفي مَرجُوُّها بَمخُوفِها
ومكروهُها إمَّا تَدَبَّرْتَ راجِحُ
لقد قالَ فيها الواصفونَ فأكثُروا
وعندي لها وصفٌ -لعَمرُكَ -صالِحُ
سلافٌ قصاراها زعافٌ ومركبٌ
شهيٌّ إذا اسْتَلْذَذْتَهُ فهو جامِحُ
وشخصٌ جميلٌ يعجبُ الناسَ حسنُهُ
ولكنْ له أسرارُ سوءٍ قَبَائِحُ
العصر العباسي >> البحتري >> كأن تشتكي السفر الحيارى
كأن تشتكي السفر الحيارى
رقم القصيدة : 2266
-----------------------------------
كأن تشتكي السفر الحيارى
عويل ضرائرٍ باتت غيارى
نعير القفص والبردان شوقاً
نضن به على بنى وبارى
نرجي أن يتاح لنا مسير
كما ترجو المفاداة الأسارى
إذا سمح الوزير لنا بإذن
تعرض فيه دجال النصارى
ترى العذيوط يمنعني طريقي(23/392)
إذا كلفته وخد المهارى
منيت بأوضع الثقلين قدراً، فيا هلكى هناك ويا دمارى
بأضراط حين يصبح من حمار، وأسلح حين يمسى من حبارى
وكم لطخ الأحبة نم ثجير
تبيت صحاتهم عنه سكارى
فواحش لو توافت عند كلب
تخفي الكلب خزياً أو توارى
يصلب من شناعتها دميصاً
وتخزى من سماجتها تمارى
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> فديتكَ ما هذا التحشُّمُ كلُّهُ
فديتكَ ما هذا التحشُّمُ كلُّهُ
رقم القصيدة : 22660
-----------------------------------
فديتكَ ما هذا التحشُّمُ كلُّهُ
لدعوة ِ عبدٍ روحُهُ بكَ ترتاحُ
ولِمْ كلُّ هذا الاحتشامِ بمجلسٍ
يزيِّنُهُ الريحانُ والشمسُ والراحُ
وفيكَ غنًى عن كلِّ شيءٍ يروقُني
ووجهُكَ لي في ظلمة ِ الليلِ مصباحُ
وريقُكَ لي خمرٌ وعيناكَ نرجسٌ
وصدغُكَ لي آسٌ وخدُّكَ تفاحُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> تفاحُ غزنة َ نفَّاعٌ ونفَّاحُ
تفاحُ غزنة َ نفَّاعٌ ونفَّاحُ
رقم القصيدة : 22661
-----------------------------------
تفاحُ غزنة َ نفَّاعٌ ونفَّاحُ
كأنَّهُ الشهدُ والريحانُ والراحُ
وماؤُهُ بادِّكارِ الرِّيقِ من قمرٍ
في خدِّهِ أبداً وردٌ وتُفَّاحُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ألا إنَّ الغِنى للمرءِ روحُ
ألا إنَّ الغِنى للمرءِ روحُ
رقم القصيدة : 22662
-----------------------------------
ألا إنَّ الغِنى للمرءِ روحُ
وإن غناءَهُ في الأذنِ ريحُ
وما بِمُحَصِّلٍ عقلاً ودينا
ليذهبَ منهُ بينَ الريحِ روحُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ألا عينُ الإله على هُمامٍ
ألا عينُ الإله على هُمامٍ
رقم القصيدة : 22663
-----------------------------------
ألا عينُ الإله على هُمامٍ
إليه في العلى والمجد نُوحي
ومن أضيافِهِ الأشرافِ منهُمْ
سليمانُ بنُ منصورِ بن نوحِ
ففي يمناهُ أرزاقُ البَرَايا
وفي يسراهُ مِفتاحُ الفُتوحِ(23/393)
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا خاتِمَ الملكِ ويا قاهرَ الـ
يا خاتِمَ الملكِ ويا قاهرَ الـ
رقم القصيدة : 22664
-----------------------------------
يا خاتِمَ الملكِ ويا قاهرَ الـ
أملاكِ بينَ الأخِ والصفحِ
عليكَ عينُ اللَّهِ من فاتحٍ
للأرضِ مُسْتَوْلٍ على النُّجْحِ
راياتُهُ تنطِقُ بالنصرِ بل
تكادُ تُملي كُتُبَ الفَتْحِ
كَمْ أثرٍ في الدينِ أثَّرْتَهُ
يقصِرُ عنهُ أثرُ الصُّبحِ
وكم عُلاً للمجدِ شيَّدْتها
تثني عليها ألسن المدح
فاسعد بأيامك واستغرق ال
أعداءَ بالكبحِ وبالذبحِ
ودُمْ رفيعاً عاليَ القِدْحِ
ممتنعِ الملك عن القَدْحِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أما ترى الدهرَ وأيَّامَهُ
أما ترى الدهرَ وأيَّامَهُ
رقم القصيدة : 22665
-----------------------------------
أما ترى الدهرَ وأيَّامَهُ
في العمرِ مثلَ النارِ في الشيحِ
يمرُّ كالريحِ وما في يدي
من مَرِّة ِ شيءٌ سوى الريحِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أنت يا صاحِ لستَ عندي بصاحِ
أنت يا صاحِ لستَ عندي بصاحِ
رقم القصيدة : 22666
-----------------------------------
أنت يا صاحِ لستَ عندي بصاحِ
أنتَ روحي وراحتي أنتَ راحي
ومتى لاحَ برقُ ثغرِكَ عندِي
مَطَرَتْني سحائبُ الارتياحِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أخوكَ هلالُ العيدُ عادتْ سعودُهُ
أخوكَ هلالُ العيدُ عادتْ سعودُهُ
رقم القصيدة : 22667
-----------------------------------
أخوكَ هلالُ العيدُ عادتْ سعودُهُ
يحاكيكَ منهُ نُورُهُ وصُعودُهُ
فأفْطِرْ على دهر بعينك ناظرِ
وأبشِرْ بعيدٍ مورقٍ لك عودُهُ
وعيَّدتَ يا مَنْ للمعالي قيامُهُ
وللفضلِ والإفضالِ فينا قعودُهُ
بأيمنِ إهلالٍ وأسعَدِ طالعٍ
وأكملِ إقبالٍ يليهِ خلودُهُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> في روضة ٍ أزهارُها مكسوبَة ٌ
في روضة ٍ أزهارُها مكسوبَة ٌ
رقم القصيدة : 22668(23/394)
-----------------------------------
في روضة ٍ أزهارُها مكسوبَة ٌ
والظلُّ من أشجارِها ممدودُ
فيها طرائفُ نرجسٍ وشقائقٌ
فكأنَّها من أعينٍ وخدودِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> دعِ الأساطيرَ والأنباءَ ناحية ً
دعِ الأساطيرَ والأنباءَ ناحية ً
رقم القصيدة : 22669
-----------------------------------
دعِ الأساطيرَ والأنباءَ ناحية ً
وعاينِ الملكَ المنصورَ مَسْعُودا
تَرَ الأكابرَ طُرَّاً والملوكَ معاً
ورُسْتُماً وسليمانَ بنَ داودا
العصر العباسي >> البحتري >> عزمي الوفاء لمن وفى
عزمي الوفاء لمن وفى
رقم القصيدة : 2267
-----------------------------------
عزمي الوفاء لمن وفى
والغدر ليس به خفا
صلني أصلك، فإن تخن
فعلى مودتك العفا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> للهِ بردُ خوارزمٍ إذا كَلِبَتْ
للهِ بردُ خوارزمٍ إذا كَلِبَتْ
رقم القصيدة : 22670
-----------------------------------
للهِ بردُ خوارزمٍ إذا كَلِبَتْ
أنيابُهُ وكَستْ أبدانَنَا الرَّعدَا
فالشمسُ محجوبَة ٌ والريحُ مُدْمية ٌ
جلودَ قومٍ أضاعُوا الصَّبْرَ والجَلَدا
والماءُ مُستَحجِرٌ والكلبُ منجَحِرٌ
والزمهريرُ يسوقُ الصِّرَّ والصَّرَدا
فلو تقبل معشوقاً مخالسة ً
رأيتَ فاكَ على فيهِ وقد جَمَدا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا سيِّداً بالمكرماتِ ارتدى
يا سيِّداً بالمكرماتِ ارتدى
رقم القصيدة : 22671
-----------------------------------
يا سيِّداً بالمكرماتِ ارتدى
وانتَعَلَ العَيُّوقَ والفَرْقدا
ما لكَ لا تَجْري على مُقْتَضَى
مودَّة ٍ طالَ عليها المَدَى ؟
إن غبتُ لم أُطلبْ وهذا سليـ
ـمانُ بنُ داودٍ نبيُّ الهُدى
تفقَّدَ الطيرَ على شُغْلِهِ
فقالَ: ما لي لا أَرَى الهُدهُدا؟
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وكلامٍ كدَمْعِ صَبٍّ غريبٍ
وكلامٍ كدَمْعِ صَبٍّ غريبٍ
رقم القصيدة : 22672
-----------------------------------(23/395)
وكلامٍ كدَمْعِ صَبٍّ غريبٍ
رَقَّ حتى الهواءُ يكثُفُ عندَهْ
رقَّ لفظاً ودَقَّ معنى ً فأضْحى
كلُّ سرٍّ من البلاغة ِ عندَهْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> بنفسي هلالٌ يُخالُ الهِلالُ
بنفسي هلالٌ يُخالُ الهِلالُ
رقم القصيدة : 22673
-----------------------------------
بنفسي هلالٌ يُخالُ الهِلالُ
لتلكَ المحاسنِ منهُ حَسُودا
كأنَّ عقاربَ أصداغِهِ
غُذِينَ بمسكٍ فأصبحنَ سُودا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أطالَ الإلهُ بقاءَ الأمير
أطالَ الإلهُ بقاءَ الأمير
رقم القصيدة : 22674
-----------------------------------
أطالَ الإلهُ بقاءَ الأمير
وتوفيقَهُ ثم تأييدَهُ
ففي كلِّ يومٍ بإقبالهِ
يرى عبدُهُ عندَهُ عيدَهُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وأبلغُ من عبدِ الحميدِ وجعفرٍ
وأبلغُ من عبدِ الحميدِ وجعفرٍ
رقم القصيدة : 22675
-----------------------------------
وأبلغُ من عبدِ الحميدِ وجعفرٍ
ويحيى واسماعيلَ أعني ابنَ عبادِ
فلا زالَ محروساً ولا زالَ ذكرُهُ
وأخبارُهُ أذكى من النَّدِّ في النادِي
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أبا منصورٍ المغرورَ أقصِرْ
أبا منصورٍ المغرورَ أقصِرْ
رقم القصيدة : 22676
-----------------------------------
أبا منصورٍ المغرورَ أقصِرْ
وأبْصِرْ طُرْقَ أصحابِ الرَّشادِ
أَلَسْتَ ترى نجومَ الشيبِ لاحَتْ
وشيبُ المرءِ عنوانُ الفَسَادِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> غناؤكَ غُنْيَتي عن كلِّ زادِ
غناؤكَ غُنْيَتي عن كلِّ زادِ
رقم القصيدة : 22677
-----------------------------------
غناؤكَ غُنْيَتي عن كلِّ زادِ
ورقصُكَ قد تعلَّمَهُ فؤادِي
وأنتَ المُحْسِنُ الحَسَنُ المُحَيَّا
فقد أصبحتَ فرداً في العبادِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> تَّم الكتابُ بدولة ِ الشيخِ الذي
تَّم الكتابُ بدولة ِ الشيخِ الذي
رقم القصيدة : 22678(23/396)
-----------------------------------
تَّم الكتابُ بدولة ِ الشيخِ الذي
قد صُكَّ تاجُ علاه فوقَ الفَرْقَدِ
بدرِ الصدورِ مسافرٍ ركنٍ العلا
والمكرماتِ وكِيمِياءِ السؤدَدِ
والحمدُ للهِ العظيمِ جلالُهُ
ثم الصَّلاة ُ على النبيِّ محمدِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أرسلتُ في وصفِ صديقٍ لنا
أرسلتُ في وصفِ صديقٍ لنا
رقم القصيدة : 22679
-----------------------------------
أرسلتُ في وصفِ صديقٍ لنا
ما حقُّهُ الكتبة بالعسجدِ
في الحسنِ طاووسٌ ولكنَّهُ
أسْجَدُ في الخلوة ِ من هُدْهُدِ
العصر العباسي >> البحتري >> جلوت مرآتي فيا ليتني
جلوت مرآتي فيا ليتني
رقم القصيدة : 2268
-----------------------------------
جلوت مرآتي، فيا ليتني
تركتها لم أجل عنها الصدا
كي لا أرى فيها البياض الذي
في الرأس والعارض مني بدا
يا حسرتا أين الشباب الذي
على تعديه المشيب اعتدى
شبت فما أنفك من حسرة،
والشيب في الرأس رسول الردى
إن مدى العمر قريب، فما
بقاء نفسي بعد قرب المدى
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> برقُ مدامٍ في عارضِ النَّدِّ
برقُ مدامٍ في عارضِ النَّدِّ
رقم القصيدة : 22680
-----------------------------------
برقُ مدامٍ في عارضِ النَّدِّ
ورعدُ قصدٍ وقَطْرُ ماءِ وردِ
والشمسُ مَعْ كلِّ هذِه طَلَعَتْ
من جيبِ ساقٍ مُمشَّقِ القَدِّ
في فلكٍ دارَ قُطْبُ مركزِهِ
على نجومِ السرورِ والسَّعْدِ
لو تَمَّ أنسي بالقربِ منكَ لما
حَصَلْتُ إلاّ في جنَّة ِ الخُلْدِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا زماناً نعيمُهُ
يا زماناً نعيمُهُ
رقم القصيدة : 22681
-----------------------------------
يا زماناً نعيمُهُ
لم يُعَرِّجْ على يَدِي
كنسيمٍ مُعَقَّدٍ
وشعاعٍ مُجَسَّدِ
طيبُهُ كالكَرَى يُلِـ
ـمُّ بجَفْنِ المُسَهَّدِ
أو كخلق المؤمل بـ
ـنِ الخليلِ بن أحمد
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا ليلة ً هي طولاً(23/397)
يا ليلة ً هي طولاً
رقم القصيدة : 22682
-----------------------------------
يا ليلة ً هي طولاً
كمثلِ شوقي وَوَجْدِي
مدت سرادق وشيٍ
على الورى أي مد
نجومها الزهر تحكي
من حسنها نثر عقد
والأنجم الحمر منها
كالورد في اللازورد
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> انظروا كيف تخمد الأنوار
انظروا كيف تخمد الأنوار
رقم القصيدة : 22683
-----------------------------------
انظروا كيف تخمد الأنوار
انظروا كيف تسقط الأقمار
انظروا هكذا نزول الرواسي
هكذا في الثرى تغيض البحار
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> فديتُ مسافِراً ركِبَ الفيافي
فديتُ مسافِراً ركِبَ الفيافي
رقم القصيدة : 22684
-----------------------------------
فديتُ مسافِراً ركِبَ الفيافي
وَأَثَّرَ في محاسِنِهِ السِّفارُ
فمسَّكَ وردَ خدَّيهِ السَّوافي
وعَنْبَر مِسْكَ صدغَيْهِ الغبارُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> إني أحاجي منك فرداً في الحجى
إني أحاجي منك فرداً في الحجى
رقم القصيدة : 22685
-----------------------------------
إني أحاجي منك فرداً في الحجى
تزهو به الدنيا ونيسابور
فأقولُ: ما شجرٌ بديعٌ وصفُهُ
لكنَّهُ ببلادهِ مقصورُ
أوراقُهُ ورق وعودٌ عودُهُ
والنَّورُ تبرٌ قد علاهُ نورُ
ونشارهُ الياقوتُ فيه الجزعُ مَطْـ
ـويٌّ وبينَهما يُرى الكافورُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا ليلة ً كالمسكِ منظرُها
يا ليلة ً كالمسكِ منظرُها
رقم القصيدة : 22686
-----------------------------------
يا ليلة ً كالمسكِ منظرُها
وكذاكَ في التشبيهِ مخبرُها
أحييتُها والبدرُ يخدِمُني
والشمسُ أنهاها وآمُرُها
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> دعوتُ بماءٍ في إناءٍ فجاءَني الـ
دعوتُ بماءٍ في إناءٍ فجاءَني الـ
رقم القصيدة : 22687
-----------------------------------
دعوتُ بماءٍ في إناءٍ فجاءَني الـ
ـحبيبُ بهِ خَمْراً فأوسَعْتُهُ زَجْرا(23/398)
فقالَ: هو الماءُ القراحُ وإنَّما
تجلَّى لهُ وجهي فأوهمَكَ الخَمْرا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أظنُّ الربيعَ العامَ قد جاءَ تاجِراً
أظنُّ الربيعَ العامَ قد جاءَ تاجِراً
رقم القصيدة : 22688
-----------------------------------
أظنُّ الربيعَ العامَ قد جاءَ تاجِراً
ففي الشمسِ بزَّازاً وفي الريحِ عَطَّارا
وما العيشُ إلاّ أن تواجِهَ وجهَهُ
وتقضي بين الوشي والمسكُ أوطارا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> قُلْ للمليكِ الأجَلِّ قَدرا
قُلْ للمليكِ الأجَلِّ قَدرا
رقم القصيدة : 22689
-----------------------------------
قُلْ للمليكِ الأجَلِّ قَدرا
لا زِلْتَ بَدْراً تحلُّ صَدْرا
إنِّي أُعزِّيكَ عن عزيزٍ
كانَ لريبِ الزمانِ عُذْرا
وكانَ طُهْراً فصارَ أَجْرا
وكانَ ظَهْراً فصارَ ذُخْرا
العصر العباسي >> البحتري >> قل لأهل الوقوف موتوا بغيظ
قل لأهل الوقوف موتوا بغيظ
رقم القصيدة : 2269
-----------------------------------
قل لأهل الوقوف، موتوا بغيظ
وآبك مما أقوله يابن عيسى
إن أردتم أن تبصروا كيف أنتم
فانظروا كيف صار وقف ابن موسى
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أيا مَنْ مجدُهُ للدهرِ غُرَّه
أيا مَنْ مجدُهُ للدهرِ غُرَّه
رقم القصيدة : 22690
-----------------------------------
أيا مَنْ مجدُهُ للدهرِ غُرَّه
وطلعتُهُ لعينِ المُلكِ قُرَّه
وخدمتُهُ لنارِ العِزِّ زَندٌ
وحضرتُهُ لشخصِ المجدِ سُرَّه
ويا من ذكرُهُ مثلُ اسمِهِ لا
يزال مسافِراً في خيرِ سَفْرَهْ
حويتَ محاسِنَ الدُّنيا كما قَدْ
سَبَكتَ محاسِنَ الآدابِ نُقرَه
وحُزتَ خصائصَ الرؤساءِ طُرَّا
وحَصَّلْتَ السعودَ لديكَ صَبْرَه
ولما لم يسَعْكَ الدهرُ ثَوْباً
قطعتَ لشخصِ مجدِكَ منهُ صُدْرَه
وكم لكَ عندَ عبدكَ من صنيعٍ
رفيعٍ لا يؤدِّي العبدُ شُكْرَه
وذَنْبُ الدهرِ جَلَّ، فإن أراني
محَيَّاهُ الجميلَ قبلتُ عُذْرَه(23/399)
ظفِرتَ بما تشاءُ من الأماني
فأَغمدَ عنكَ صَرفُ الدهر ظُفرَهْ
لرأسِكَ خضرة ٌ في كلِّ يومٍ
وللكاساتِ فوقَ يديكَ حُمرَهْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> واهاً لغزنة َ إذ غَدَتْ
واهاً لغزنة َ إذ غَدَتْ
رقم القصيدة : 22691
-----------------------------------
واهاً لغزنة َ إذ غَدَتْ
للمُلْكِ والإسلامِ دارا
من كعبة ٍ قد أصبحَتْ
للمجدِ والعليا مدارا
في صدرِها الملكُ الذي
قطبُ السعودِ عليهِ دارا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> إني أرى ألفاظَكَ الغرَّا
إني أرى ألفاظَكَ الغرَّا
رقم القصيدة : 22692
-----------------------------------
إني أرى ألفاظَكَ الغرَّا
عطَّلَتِ الياقوت والدُّرَّا
لك الكلامُ الحُر يا من غدتْ
معروفُه يستعبِدُ الحُرَّا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وصولجانٍ بيدَيْ شادنٍ
وصولجانٍ بيدَيْ شادنٍ
رقم القصيدة : 22693
-----------------------------------
وصولجانٍ بيدَيْ شادنٍ
لا يحسن العاشقُ أن يذكرَهْ
وصولجانُ المسكِ في صدغِهِ
متَّخذٌ حبة َ قلبي كُرَهْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> سقى اللَّه أياماً أشبِّهُ حُسنها
سقى اللَّه أياماً أشبِّهُ حُسنها
رقم القصيدة : 22694
-----------------------------------
سقى اللَّه أياماً أشبِّهُ حُسنها
وقد كنتُ في روض من العيش ناضرِ
بشعرِ ابن معتزٍّ وخطِّ ابن مقلة ٍ
ودولة ِ مسعودٍ وخلقِ مسافرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> خليليَّ إني من محبتي العلى
خليليَّ إني من محبتي العلى
رقم القصيدة : 22695
-----------------------------------
خليليَّ إني من محبتي العلى
بُليتُ بعلوي الصفات أخي البدرِ
فعقد الثريا مستكنٌّ بثغره
ومنطقة ُ الجوزاء في خصره تجري
ووجدي به وجد المكارم والعلى
بسيَّدنا الشيخ العميد أبي نصر
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> سماءٌ كصدرِ البازِ والأرضُ تحتَهُ(23/400)
سماءٌ كصدرِ البازِ والأرضُ تحتَهُ
رقم القصيدة : 22696
-----------------------------------
سماءٌ كصدرِ البازِ والأرضُ تحتَهُ
كأجنحة ِ الطاووسِ فاشربْ أبا نصرِ
عقاراً كعينِ الديكِ تحلُو بمسمَعٍ
يؤدِّي غناءَ العندليبِ على قَدْرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> تبلَّجَتِ الأيامُ عن غُرَّة ِ الدَّهْرِ
تبلَّجَتِ الأيامُ عن غُرَّة ِ الدَّهْرِ
رقم القصيدة : 22697
-----------------------------------
تبلَّجَتِ الأيامُ عن غُرَّة ِ الدَّهْرِ
وسُبَّ بأهلِ البغيِ قاصمة ُ الظهرِ
وولَّى بنو الإدبارِ أدبارهُم وقَدْ
تحكَّمَ فيهم صاحبُ الدهرِ بالقهرِ
وقد جاءَ نصرُ اللَّهِ والفتحُ مقبلٌ
إلى الملكِ المنصور سيِّدِنا نصر
غياثِ الورى شمسِ الزمانِ وبدرِهِ
ومَن هُوَ بالعلياءِ أولى أولي الأمرِ
فيا لك من فتحٍ غدا زينة َ العُلى
وواسِطة َ الدنيا وفائدة َ العَصْرِ
أبى اللَّهُ إلا نصرَ نصرٍ ورفعَهُ
على قِمَّة ِ العيُّوق أو هامة ِ البدرِ
وملَّكَهُ صدرَ السريرِ كأنهُ
لنا فلكٌ بالخيرِ أو ضدَّهِ يجري
وخَوَّله دونَ الملوكِ محاسناً
تبرُّ على الشمسِ المنيرة ِ والقطرِ
إذا ذُكَرَتْ فاحَ النديُّ بذكرِها
كما فاح أذكى النِّدِّ في وهجِ الجمرِ
فتى السِّنِّ كهل الحلم والرأي والحِجا
يعمُّ بني الآمالِ بالنائلِ الغَمْرِ
له هِمَّة ٌ لما حَسَبْتُ عُلُوَّها
حَسِبتُ الثُريَّا في الثرى أبداً تسري
غدا راعياً للمسلمينَ وناصراً
لهُ اللهُ راعٍ قد تكفَّل بالنَّصْرِ
ألا أيُّها المَلْكُ الذي تَرَكَ العِدى
عباديَد بين القتلِ والكَسْرِ والأَسْرِ
قدمتَ قدومَ الغيثِ أيمنَ مَقْدَمٍ
فحلَّيْتَ وجهَ الدهرِ بالحُسْنِ والبِشْرِ
ألستَ ترى كُتْبَ الربيعِ ورُسْلَهُ
يقولونَ هاذاكَ الربيعُ على الإثْرِ
نسيمٌ نسيبٌ للحياة ِ بلطفِهِ
يجرُّ فويقَ الأرضِ أردية َ العِطْرِ
وتربٌ بأنفاسِ الربيعِ معنبرٌ
فيا لكَ من طيبٍ ويا لكَ من نشرِ(23/401)
وغيمٌ يحاكي راحتيكَ كأنَّهُ
على المسكِ والكافورِ يهطِلُ بالخمرِ
فروِّحْ بشربِ الراحِ روحَكَ إنها
لفي تعبٍ من وقعة ِ البيضِ والسمرِ
ودُمْ لاقتناءِ الملكِ في أكملِ المنى
وفي أرفعِ العليا وفي أطولِ العمرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> فديتُ غزالاً راقني دُرُّ شعرهِ
فديتُ غزالاً راقني دُرُّ شعرهِ
رقم القصيدة : 22698
-----------------------------------
فديتُ غزالاً راقني دُرُّ شعرهِ
كما شاقَني في نطقِهِ دُرُّ ثغرِهِ
إذا ما غدا للشعرِ يُغري بنظمِهِ
غدوتُ للعقدِ الدمعِ أغري بنثرِهِ
وواللهِ ما أدري أَسِحْرُ جفونِهِ
تملَّكَ قلبَ الصبِّ أم سحرُ شعرِهِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ودونكَ بيتاً قد تحلَّت به النُّهى
ودونكَ بيتاً قد تحلَّت به النُّهى
رقم القصيدة : 22699
-----------------------------------
ودونكَ بيتاً قد تحلَّت به النُّهى
كما يتحلّى معصم بسوارِهِ
إذا لم يكنْ في منزلِ المرءِ حُرَّة ٌ
تدبِّرُهُ ضاعت مصالحُ دارِهِ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> غب يا هلال
غب يا هلال
رقم القصيدة : 227
-----------------------------------
غِبْ يا هلالْ
إنِّي أخاف عليك من قهر الرِّجالْ
قِفْ من وراء الغيمِ
لا تنشر ضياءَك فوْق أعناق التِّلالْ
غِبْ يا هلالْ
إني لأخشى أنْ يُصيبَكَ
- حين تلمحنا - الخَبَالْ
أنا - يا هلالْ
أنا طفلةٌ عربيةٌ فارقتُ أسْرتنَا الكريمَةْ
لي قصةٌ
دمويَّةُ الأحداثِ باكيةٌ أليمة
أنا - يا هلالْ
أنا مِن ضَحايا الاحتلالْ
أنا مَنْ وُلِدْتُ
وفي فمِي ثَدْيُ الهزيمَهْ
شاهدتُ يوماً عنْدَ منزِلِنا كتيبَهْ
في يومِها
كانَ الظلامُ مكدَّساً
مِنْ حول قريتنا الحبيبةْ
في يومِها
ساقَ الجنودُ أبي
وفي عيْنيه أنهارٌ حبيسَهْ
وتَجَمَّعَتْ تِلْك الذِئَابُ الغُبْرُ
فْي طلبِ الفريسَهْ
ورأيتُ جندِّياً يحاصر جسم والدتي
بنظرته المُريبَهْ
مازلتُ أسْمع - يا هلال -(23/402)
ما زلتُ أسمعْ صوتَ أمِّي
وهي تسْتجدي العروبَهْ
ما زلتُ أبصر نصل خنجرها الكريمْ
صانتْ به الشرَفَ العظيمْ
مسكينةٌ أمِّي
فقد ماتتْ
وما عَلِمتْ بموْتتها العروبَهْ
إنِّي لأَعجب يا هلالْ
يترنَّح المذياعُ من طربٍ
ويَنْتعِشُ القدحْ
وتهيج موسيقى المَرحْ
والمطربون يردِّدون على مسامعنا
ترانيم الفرَحْ
وبرامج التلفاز تعرضُ لوحةً للْتهنئَهْ
( عيدٌ سعيدٌ يا صغارْ )
والطفلُ في لبنانَ يجهل منْشَأهْ
وبراعم الأقصى عرايا جائعونْ
والّلاجئونَ
يصارعوْن الأوْبئَهْ
غِبْ يا هلالْ
قالوْا :
ستجلبُ نحوَنا العيدَ السعيدْ
عيدٌ سعيدٌ ؟؟!
والأرضُ ما زالتْ مبلَّلَةََ الثَّرى
بدمِ الشَّهيدْ
عيدٌ سعيدٌ في قصور المترفينْ
هرمتْ خُطانا يا هلالْ
ومدى السعادةِ لم يزلْ عنّا بعيدْ
غِبْ يا هلالْ
لا تأتِ بالعيد السعيدِ
مع الأَنينْ
أنا لا أريد العيد مقطوعَ الوتينْ
أتظنُ أنَّ العيدَ في حَلْوى
وأثوابٍ جديدَهْ ؟
أتظنُ أنّ العيد تَهنئةٌ
تُسطَّر في جريدهْ
غِبْ يا هلالْ
واطلعْ علينا حين يبتسم الزَّمَنْ
وتموتُ نيرانُ الفِتَنْ
اطلعْ علينا
حين يُورقُ بابتسامتنا المساءْ
ويذوبُ في طرقاتنا ثَلْجُ الشِّتاءْ
اطلع علينا بالشذى
بالعز بالنصر المبينْ
اطلع علينا بالتئام الشَّملِ
بين المسلمينْ
هذا هو العيد السعيدْ
وسواهُ
ليس لنا بِعيدْ
غِبْ يا هلالْ
حتى ترى رايات أمتنا ترفرفُ في شَمَمْ
فهناكَ عيدٌ
أيُّ عيدْ
وهناك يبتسم الشقيُّ مع السعيدْ
العصر العباسي >> البحتري >> من كان في الدنيا له شارة
من كان في الدنيا له شارة
رقم القصيدة : 2270
-----------------------------------
من كان في الدنيا له شارة
فنحن من نظارة الدنيا
نرمقها من كثب حسرة
كأننا لفظ بلا معنى
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> إذا الصَّبا بنسيمِ الوردِ والزَّهرِ
إذا الصَّبا بنسيمِ الوردِ والزَّهرِ
رقم القصيدة : 22700
-----------------------------------(23/403)
إذا الصَّبا بنسيمِ الوردِ والزَّهرِ
تعطَّرَتْ وجَرَتْ في آخرِ السَّحَرِ
حمَّلتُها من سَلامي ما تبلِّغُهُ
مَنْ دارُهُ بين سمعِ الملكِ والبصرِ
أعني به الشيخَ مولانا العميدَ أبا
نصرِ بنِ مشكانَ فردَ الدهرِ والبشرِ
إذا تناوبت الأخبارُ مفخرة ً
زادتْ محاسنُ لقياهُ على الخبرِ
وإن تداولتِ الأسحارُ سؤدَدهُ
صلَى عليهِ لسان الشعرِ في السَّمَرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أنظر إلى البدرِ في أسرِ الكسوف بدا
أنظر إلى البدرِ في أسرِ الكسوف بدا
رقم القصيدة : 22701
-----------------------------------
أنظر إلى البدرِ في أسرِ الكسوف بدا
مستسلِماً لقضاء اللَّهِ والقَدَرِ
كأنَّهُ وجهُ معشوقٍ أدلَّ على
عشاقِهِ فابتلاهُ اللَّهُ بالشَّعَرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> كتبتُ إليكَ من سكرِ السرورِ
كتبتُ إليكَ من سكرِ السرورِ
رقم القصيدة : 22702
-----------------------------------
كتبتُ إليكَ من سكرِ السرورِ
وكاساتٌ تدورُ على بدورِ
وماءُ الوردِ يهطلُ من سحاب الـ
ـبخُورِ على السَّوالِفِ والنُّحور
وعلينُ الدهرِ قد نامتْ فقامتْ
لنا سوقُ الملاهي والسرورِ
وقد قادَ الغلامُ إليكَ طِرفي
فرأيُكَ- لاعدمتكَ- في الحضور
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> نظرتُ فلم أجِدْ لكَ من نظيرِ
نظرتُ فلم أجِدْ لكَ من نظيرِ
رقم القصيدة : 22703
-----------------------------------
نظرتُ فلم أجِدْ لكَ من نظيرِ
ولم أسْمَعْ بمِثلكَ من وزيرِ
كريمِ الخيمِ مرموقِ السجايا
شريفِ المُنْتَمى عفِّ الضميرِ
بديع اللفظ سَحَّارِ المعاني
فسيحِ الخطوِ في الأدبِ الغزيرِ
على الأعداء كالقدرِ المُبيرِ
وللأصحابِ كالقمرِ المنيرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> الغيمُ بين مُمَسَّكٍ ومُعَصْفَرِ
الغيمُ بين مُمَسَّكٍ ومُعَصْفَرِ
رقم القصيدة : 22704
-----------------------------------
الغيمُ بين مُمَسَّكٍ ومُعَصْفَرِ(23/404)
والماءُ بينَ مُصَنْدَلٍ ومُعَنْبَرِ
والروضُ بينَ مُدَمْلَجٍ ومُتوَّجٍ
والوردُ بينَ مدرهَمٍ ومدنَّرِ
والأرضَ قَدْ لبِسَتْ قميصاً أخضراً
تختال فيه بطيلسانٍ أحمرِ
لتروقَنا بظرائف ولطائفٍ
من حسنِ منظرِها وطيبِ المخبرِ
سبحانَ مُحْيِي الأرضِ بعد مماتِها
وكذاكَ يحيي الخلقَ يومَ المحشرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> كم في ضميرِ الغيبِ من أسرارِ
كم في ضميرِ الغيبِ من أسرارِ
رقم القصيدة : 22705
-----------------------------------
كم في ضميرِ الغيبِ من أسرارِ
تهدي اليسارَ إلى ذوي الإعسارِ
فاسْتَشْعِرِ الظنَّ الجميلَ تَوَقُّعاً
لمناجحِ الأوطارِ في الأطوارِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> إني بُليتُ بسيِّدٍ كالدهرِ إذْ
إني بُليتُ بسيِّدٍ كالدهرِ إذْ
رقم القصيدة : 22706
-----------------------------------
إني بُليتُ بسيِّدٍ كالدهرِ إذْ
يُنْحي بسطوتِهِ على الأحرارِ
فرطُ الفظاظَة ِ والصلابة ِ دأْبُهُ
وأنا لديهِ بذُلَّة ٍ وصَغَارِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> بي فاقة ٌ غطَّيتُها بتجملٍ
بي فاقة ٌ غطَّيتُها بتجملٍ
رقم القصيدة : 22707
-----------------------------------
بي فاقة ٌ غطَّيتُها بتجملٍ
وتحمُّلٍ وتَخَمُّلٍ وتَسَتُّرِ
فالحالُ ظاهرُها مروءة موسِرٍ
لكنَّ باطِنَها خَصَاصَة ُ معسرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا لابساً لنقابِ وردٍ أحمرِ
يا لابساً لنقابِ وردٍ أحمرِ
رقم القصيدة : 22708
-----------------------------------
يا لابساً لنقابِ وردٍ أحمرِ
يا فارشاً وجهي بوردٍ أصفرِ
حتّامَ تُنْحِلُني بخصرٍ ناحلٍ
وتُعِلُّني بعليل طرفٍ أحورِ
يا واحداً في الحُسْنِ ها أنا واحدٌ
في الحُزْنِ أُصْلى حَرَّ نارٍ مضمرِ
وأَظَلُّ بينَ تذلُّلٍ وتَحَيُّرِ
إذ أنتَ بينَ تدلُّلٍ وتَجَبُّرِ
ما لي بوصفِكَ سيدي من طاقة ٍ
ولو أنني استمليتُ طبعَ البُحْتري(23/405)
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا ربِّ أنتَ وهبتَها ليَ نعمة ً
يا ربِّ أنتَ وهبتَها ليَ نعمة ً
رقم القصيدة : 22709
-----------------------------------
يا ربِّ أنتَ وهبتَها ليَ نعمة ً
أضحَتْ تُعينُ على الزمانِ بِبِرِّها
ووهبتَ منها نعمة ً لا تًلْهِني
يا ربِّ أنتَ بسُكْرِها عن شُكرِها
العصر العباسي >> البحتري >> أيها الأعرج المحجب مهلا
أيها الأعرج المحجب مهلا
رقم القصيدة : 2271
-----------------------------------
أيّها الأعَرَجُ المُحَجَّبُ مَهْلاً،
لَيسَ هذا مِنْ فِعلِ مَنْ يتَمَرّى
ما رَأينَا مُعَلّماً قَطّ مَحْجُو
باً، وَلَوْ أنّهُ عَلى ملكِ كِسرَى
قَدْ رَأينا عَصَاكَ صَفرَاءَ، مَلسَا
ءَ منَ النّبعِ بينَ صُغرَى وكبرَى
جَمَعَتْ خلّتَينِ حُسْناً وَلِيناً،
لكَ فيها -ظنّي- مآرِبُ أُخرَى
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> حاجيتُ شمسَ العلمِ فردَ العَصْرِ
حاجيتُ شمسَ العلمِ فردَ العَصْرِ
رقم القصيدة : 22710
-----------------------------------
حاجيتُ شمسَ العلمِ فردَ العَصْرِ
نديمَ مولانا الأميرِ نَصْرِ
ما حاجة ٌ لكلِّ أهلِ مِصْرِ
في كلِّ ما دار وكل قصرِ
ليست تُرى إلاّ بُعَيْدَ العصرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا واصفَ الكأسِ بتشبيهها
يا واصفَ الكأسِ بتشبيهها
رقم القصيدة : 22711
-----------------------------------
يا واصفَ الكأسِ بتشبيهها
دونَكَ وصفاً عاليَ القَدْرِ
كأنَّ عينَ الشمسِ قد أُفْرِغَتْ
في قالبٍ صيغَ من البَدْرِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ويومِ سَعْدٍ حَسَنِ البِشْرِ
ويومِ سَعْدٍ حَسَنِ البِشْرِ
رقم القصيدة : 22712
-----------------------------------
ويومِ سَعْدٍ حَسَنِ البِشْرِ
عَذْبِ السَّجايا طَيِّبِ النَّشْرِ
لم تَقْذَ عيني بأذاهُ ولم
يَطِرْ فُؤادي بيَدِ الذُّعْرِ
ولم يَرعُنْي لا ولا ساءَني
كعادة ِ الأيامِ في الشرِّ(23/406)
شبَّهْتُهُ منتزعاً من يد ال
أحداثِ ذات الشرِّ والضرِّ
باللبنِ السائغ ذاكَ الذي
من بينِ فرثٍ ودمٍ يجري
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> أنسيمُ الرياضِ حولَ الغديرِ
أنسيمُ الرياضِ حولَ الغديرِ
رقم القصيدة : 22713
-----------------------------------
أنسيمُ الرياضِ حولَ الغديرِ
مازَجَتْ ريَّا الحبيبِ الأثيرِ
أم ورودُ البشيرِ بالنُّجحِ من فَـ
ـكِّ أسيرِ أو يسرُ أمرٍ عسيرِ
في ملاءٍ من الشبابِ جديدٍ
تحتَ أيكٍ من التصابي نضيرِ
أم كتابُ الأميرِ سيِدنا الغمـ
ـرِ فيا حبذا كتابُ الأميرِ
وثمارُ الصدورِ ما اجتنيهِ
من سطورٍ فيها شفاءُ الصدورِ
نَمَّقَتْها أناملٌ تفتقُ الأنـ
ـوارَ والزهرَ في رياضِ السطورِ
كالمُنى قد جُمعنَ في النِّعَمِ الغُـ
،رِّ معَ الأمنِ من صروفِ الدهورِ
يا أبا الفضلِ وابنَهُ وأخاهُ
جَلَّ باريكَ من لطِيفٍ خبيرِ
شِيَمٌ يرتضِعْنَ دُرَّ المعالي
ويعبِّرْنَ عن نسيمِ العبيرِ
وسجايا كأنَّهُنَّ لدى النشـ
ـرِ رضابُ الحيا بأريٍ مشورِ
ومحيَّاً لدى الملوك محيَّا
صادقُ البشر مخجلٌ للبدورِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> سقياً لدهرِ سُرُوري
سقياً لدهرِ سُرُوري
رقم القصيدة : 22714
-----------------------------------
سقياً لدهرِ سُرُوري
والعيشِ بينَ السَّراري
إذ طيرُ سعدِي جوارٍ
مع امتلاكِ الجواري
أيامَ عيشي كعُودي
وقد ملكتُ اختياري
وغيمُ لهوي مطيرٌ
وزَنْدُ أنْسِيَ وارِي
أجري بغيرِ عذارٍ
أجني بغير اعتذارِ
كأنَّ خوارِزمشاهَ الـ
ـهمامَ أصبحَ جاري
من ريبِ دهرٍ خؤونٍ
بغيرِ ما سَرَّ جارِ
ذاكَ المليكُ الذي قد
حَكَتْ يداهُ السَّواري
وقد حمى الدينَ لمَّا
جلاهُ يومَ الفخارِ
فظلَّ سوراً عليهِ
وتارة كسوارِ
لازال خوارزِمشاه
يحوي الغنى باقتدارِ
صدراً بغير مَبَارٍ
بدراً بغير سِرارِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> كتبتُ من صومعة ٍ
كتبتُ من صومعة ٍ
رقم القصيدة : 22715(23/407)
-----------------------------------
كتبتُ من صومعة ٍ
تسمحُ بالقوت العَسِرْ
والدهر من جفائِهِ
يلبس لي جلدَ النَّمِرْ
فماءُ عيشي كَدِرٌ
ونجمُ حالي مُنْكدِرْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> بعثتُ إلى سيِّدي سُكَّراً
بعثتُ إلى سيِّدي سُكَّراً
رقم القصيدة : 22716
-----------------------------------
بعثتُ إلى سيِّدي سُكَّراً
حلاوتُهُ في قرارِ الصدورْ
وشمعاً يمزِّقُ ثوبَ الدُّجى
ويُلبِسُ جيرانَهُ ثوبَ نورْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> نسيم الصَّبا وبشيرُ المطرْ
نسيم الصَّبا وبشيرُ المطرْ
رقم القصيدة : 22717
-----------------------------------
نسيم الصَّبا وبشيرُ المطرْ
ورَيَّا الرياحينِ حينَ السَّحَرْ
وسجعُ الحمائِمُ فوق الغصون
يجاوبهنَّ لسانُ الوتَرْ
ولفظُ العميدِ ابنِ مشكانَ في
ترسُّلِهِ مرسلاً للغُرَرْ
يذكِّرُني طيب عيشٍ صفا
من الهمِّ قبلَ اعتراضِ الكَدَرْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> هذا عذارُكَ بالمسيبِ مُطَرَّزُ
هذا عذارُكَ بالمسيبِ مُطَرَّزُ
رقم القصيدة : 22718
-----------------------------------
هذا عذارُكَ بالمسيبِ مُطَرَّزُ
فقَبُولُ عذرِكَ في التصابي مُعْوِزُ
ولقد علمتَ، وما علمتَ توهُّماً
أن المشيبَ بهدمِ عمرِكَ يرمزُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> لنا مَلِكٌ تاجُهُ المُشتري
لنا مَلِكٌ تاجُهُ المُشتري
رقم القصيدة : 22719
-----------------------------------
لنا مَلِكٌ تاجُهُ المُشتري
فما أحدٌ غيرُهُ لابِسُهْ
ومُلْكُ الورى فَرَسٌ مُلْجَمٌ
وما أحدٌ غيرُهُ فارِسُهْ
وقد فتحَ الريَّ فراشُهُ
وكرمانُ يَفْتَحها سائِسُهْ
العصر العباسي >> البحتري >> عارضننا أصلا فقلنا الربرب
عارضننا أصلا فقلنا الربرب
رقم القصيدة : 2272
-----------------------------------
عَارَضْنَنا أُصُلاً، فَقُلْنَا الرّبْرَبُ،
حتّى أضَاءَ الأُقْحُوانُ الأشنَبُ(23/408)
واخضَرّ مَوْشِيٌّ البُرُودِ، وقَدْ بَدا
مِنْهُنّ ديبَاجُ الخُدودِ المُذْهَبُ
أوْمضْنَ مِنْ خَلَلِ الخذورِ، فرَاعَنا
بَرْقانِ: خالٌ مَا يُنَالُ وَخُلَّبُ
ولَوَ انّني أُنْصِفْتُ في حُكمِ الهوَى،
ما شِمْتُ بارِقَةً، وَرَأسِي أشيَبُ
وَلقَدْ نَهَيتُ الدّمعَ، يوْمَ سُوَيقَةٍ،
فَأبَتْ غَوَالِبُ عَبرَةٍ ما تُغلَبُ
وَوَرَاءَ تَسْدِيَةِ الوُشَاةِ مَلِيّةٌ
بالحُسنِ، تَملُحُ في القلوبِ، وَتَعذُبُ
كالبَدْرِ، إلاّ أنّها لا تُجْتَلَى،
وَالشّمْسِ، إلاّ أنّهَا لا تَغْرُبُ
رَاحَتْ لأرْبُعِكِ الرّياحُ مَرِيضَةً،
وَأصَابَ مَغنَاكِ الغَمَامُ الصّيّبُ
سَأعُدُّ ما ألْقَى، فإنْ كَذّبتِني،
فسَلي الدّموعَ، فإنّها لا تَكْذِبُ
أعرَضْتِ حتى خِلْتُ أنّي ظَالِمٌ،
وَعَتَبْتِ، حتى قُلْتُ إنّي مُذنِبُ
عَجَباً لهَجْرِكِ قَبْل تَشْتيتِ النّوَى
مِنّا، وَوَصْلُكِ في التّنَائي أعجَبُ
كَيفَ اهتَديتِ وَما اهتَديتِ لمُغْمَدٍ
في لَيلِ عَانَةَ، والثّرَيّا تُجْنَبُ
عَفَتِ الرّسومُ، وَما عفَتْ أحشاؤهُ
مِن عَهدِ شَوْقٍ ما يحُولُ، فيَذهَبُ
أتَرَكْتِهِ بالحَبْلِ، ثُمّ طَلَبْتِهِ
بخَليجِ بارِقَ، حَيثُ عَزّ المَطْلَبُ
من بعدِ ما خَلُقَ الهوَى، وتَعَرّضَتْ
دون اللّقَاءِ مَسَافَةٌ ما تَقْرُبُ
وَرَمَتْ بِنَا سَمْتَ العِرَاقِ أيَانِقٌ
سُحمُ الخُدودِ، لُغامُهنّ الطُّحلُبُ
مِنْ كلّ طائرَةٍ بخَمسِ خَوَافِقٍ
دُعْجٍ، كما ذُعِرَ الظّليمُ المُهْذِبُ
يَحْمِلْنَ كُلَّ مُفَرَّقٍ في هِمّةٍ
فَضْلٍ يَضِيقُ بها الفَضَاءُ السّبسَبُ
رَكِبُوا الفُرَاتَ إلى الفُرَاتِ، وَأمّلوا
جَذْلانَ يُبدِعُ في السّماحِ، وَيُغرِبُ
في غَايَةٍ طُلِبَتْ، فَقَصّرَ دُونَها
مَنْ رَامَها، فَكَأنّهَا ما تُطْلَبُ
كَرَماً، يُرَجّى منه ما لا يُرْتجَى
عِظَماً، وَيوهَبُ فيه ما لا يوهَبُ
أعْطى، فَقيلَ أحَاتِمٌ أمْ خالِدٌ؟
وَوَفَى، فقيلَ أطَلحَةٌ أمْ مُصْعَبُ؟(23/409)
شَيْخَانِ قَدْ عقدا لقَائِمِ هَاشِمٍ،
عقدَ الخِلافَةِ، وَهيَ بِكرٌ تُخطَبُ
نَقَضَا ببرَأيِهِما الذي سَدّى بِهِ،
لبَني أُمَيّةَ، ذو الكَلاعِ وَحَوْشَبُ
فَهُمَا إذا خَذَلَ الخليلُ خَليلَهُ،
عَضُدٌ لمُلْكِ بَني الوَليّ وَمَنْكِبُ
وَعَلى الأمير أبي الحُسَينِ سَكِينَةٌ
في الرّوْعِ، يَسُكنُها الهِزَبرُ الأغلَبُ
وَلِحَرْبَةِ الإسْلامِ، حين يَهُزُّهَا
هَوْلٌ يُرَاعُ لَهُ النّفَاقُ وَيُرهَبُ
تِلْكَ المُحَمَّرةُ الذين تَهافَتُوا،
فَمُشَرِّقٌ في غَيّهِ، وَمُغَرِّبُ
والخرمية إذ تجمع منهم
بجبال قران الحصى والأثلب
جَاشُوا، فذاك الغَوْرُ مِنهُمْ سائِلٌ
دُفعَاً، وَذاكَ النّجدُ منهُمْ مُعشِبُ
يَتَسَرّعُونَ إلى الحُتُوفِ، كأنّها
وَفْرٌ، بأرْضِ عَدُوّهِمْ، يُتَنَهّبُ
حتّى إذا كادَتْ مَصَابيحُ الهُدَى
تَخْبُو، وَى كَادَ مَمَرُّهُ يَتَقَضّبُ
ضَرَبَ الجِبَالَ بمِثْلِها مِنْ عَزْمِهِ
غَضْبانَ يَطعَنُ بالحِمامِ ويَضرِبُ
أوْفَى، فَظَنّوا أنّه القَدَرُ الّذِي
سَمِعُوا بِه، فمُصَدِّقٌ وَمُكَذِّبُ
ناهَضْتَهُمْ، وَالبَارِقَاتُ كَأنّهَا
شُعَلٌ على أيْديهِمِ، تَتَلَهّبُ
وَوَقَفْتَ مَشْكُورَ المَكَانِ كَرِيمَهُ،
وَالبِيضُ تَطفُو في الغُبارِ، وَتَرْسُبُ
ما إنْ تَرَى إلاّ تَوَقّدَ كَوْكَبٍ
في قَوْنَسٍ، قَدْ غَارَ فيه كَوْكَبُ
فَمُجَدَّلٌ، وَمُرَمَّلٌ، وَمُوَسَّدٌ،
وَمُضَرَّجٌ، وَمُضَمَّخٌ، وَمُخَضَّبُ
سُلِبُوا، وَأشرَقَتِ الدّماءُ عَلَيْهِمِ
مُحمَرّةً، فكأنّهُمْ لَمْ يُسْلَبُوا
وَلَو أنّهُمْ رَكِبُوا الكَوَاكبَ لم يكنْ
لمُجِدّهِمْ، من أخذِ بأسِكَ، مَهرّبُ
وَشَدَدْتَ عَقْدَ خِلافَتَين خِلافَةً
مِنْ بَعدِ أُخْرَى، والخلائفُ غُيّبُ
حين التَوَتْ تلك الأمورُ، وَرُجّمَتْ
تلكَ الظّنونُ، وَماجَ ذاكَ الغَيهَبُ
وَتَجَمّعَتْ بَغدادُ ثمّ تَفَرّقَتْ
شِيَعاً، يُشَيّعُها الضّلالُ المُصْحَبُ(23/410)
فأخَذْتَ بَيْعَتَهُمْ لأزْكَى قَائِمٍ
بالسّيفِ، إذْ شَغِبوا علَيكَ، فأجلبوا
الله أيّدكُمْ وَأعْلى ذِكْرَكُمْ
بالنّصرِ، يُقْرَأ في السّماءِ، وَيُكتَبُ
ولأنْتُمُ عُدَدُ الخِلافَةِ، إنْ غَدَا
أوْ رَاحَ مِنْهَا مَجْلِسٌ، أوْ موْكبُ
وَالسّابِقونَ إلى أوائِلِ دَعْوَةٍ،
يَرْضَى لهَا رَبُّ السّماءِ، وَيَغضَبُ
وَمُظَفَّرُونَ، إذا اسْتَقَلّ لوَاؤهُمْ
بالعِزّ، أدْرَكَ رَبُّهُ مَا يَطْلُبُ
جَدٌّ يَفُوتُ الرّيحَ في درك العُلا
سَبْقاً، إذا وَنَتِ الجُدودُ الخُيّبُ
ما جُهّزَتْ رَايَاتُكُمْ لمخالف
إلاّ تَهَدّمَ كَهْفُهُ المُسْتَصْعَبُ
وَإذا تَوَثّبَ خالِعٌ في جَانِبٍ،
ظَلّتْ عَلَيْهِ سُيُوفُكُمْ تَتوَثّبُ
وَإذا تَأمّلْتُ الزّمَانَ وجدْتُهُ
دُوَلاً، على أيديكُمُ تَتَقَلّبُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> لكَ صدغٌ كأنَّهُ قلبُ فرعو
لكَ صدغٌ كأنَّهُ قلبُ فرعو
رقم القصيدة : 22720
-----------------------------------
لكَ صدغٌ كأنَّهُ قلبُ فرعو
نَ ووجهٌ كأنَّه يَدُ موسى
وفمٌ قد أتى ببرهانِ عيسى
فهو بالطيبِ منهُ يُحيي النُّفُوسا
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> ألا إنّ معنى الليث والغيث والشمس
ألا إنّ معنى الليث والغيث والشمس
رقم القصيدة : 22721
-----------------------------------
ألا إنّ معنى الليث والغيث والشمس
بخوارِزِمِشاهٍ غُرَّة ِ الجنِّ والإنسِ
ومن عجبي أنّي إذا ما مدحتُهُ
تشاغلتُ بالتسبيحِ في مجلسِ الأُنسِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> قد أقبلَ الصيفُ يحكي حَرَّ أنفاسِي
قد أقبلَ الصيفُ يحكي حَرَّ أنفاسِي
رقم القصيدة : 22722
-----------------------------------
قد أقبلَ الصيفُ يحكي حَرَّ أنفاسِي
وفي فؤاديَ حَرٌّ ما لهُ آسي
فإن سمحتَ ببردِ الوصل منك فقد
سَلَلْتَ نِضوَ رجائي من يَدَيْ ياسي
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> طالعُ يومي غيرُ منحوسِ(23/411)
طالعُ يومي غيرُ منحوسِ
رقم القصيدة : 22723
-----------------------------------
طالعُ يومي غيرُ منحوسِ
فاسقني يا طاردَ البوسِ
كأساً كعينِ الديكِ في روضة ٍ
كأنَّها حلة ُ طاووسِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> من رأى غُرَّة َ العميدِ أبي نصـ
من رأى غُرَّة َ العميدِ أبي نصـ
رقم القصيدة : 22724
-----------------------------------
من رأى غُرَّة َ العميدِ أبي نصـ
ـرٍ رأى المشتري ببرج القوسِ
من يُعِرْ كتبة َ ابنِ مشكان لحظاً
يطَّلِعْ في نموذجِ الفردوسِ
عين ربِّي عليه من بدرِ صدرٍ
ودُّه خزرجيٌّ ولقياه أوسي
ليس لي طاقة بوصف معاليـ
ـه ولو كنتُ مفلقاً كابنِ أوسِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> قُلْ للذي أنا في هواهُ خاشِي
قُلْ للذي أنا في هواهُ خاشِي
رقم القصيدة : 22725
-----------------------------------
قُلْ للذي أنا في هواهُ خاشِي
صادَ الفؤادَ بصدغِهِ الجَمَّاشِ
قلبٌ يُرى عند الرياحِ كأنَّه
قلبُ ابنِ سيمجور أحسن بتاش
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> إن الشتاءَ مضى بقبحٍ فاشي
إن الشتاءَ مضى بقبحٍ فاشي
رقم القصيدة : 22726
-----------------------------------
إن الشتاءَ مضى بقبحٍ فاشي
وأتى الربيعُ لنا بحسنِ رياشِ
ومضى ابنُ سمجور بقبح فعالِهِ
وانتاشَ أبناءُ الكارمِ بتاشِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> فضضتَ خِتامَ القلبِ منِّي وحُزْتَهُ
فضضتَ خِتامَ القلبِ منِّي وحُزْتَهُ
رقم القصيدة : 22727
-----------------------------------
فضضتَ خِتامَ القلبِ منِّي وحُزْتَهُ
جميعاً ولا اللهِ غيرُكَ ما فضّهْ
ولما نثرتَ المِسْكَ من فوقِ فِضَّة ٍ
نَثَرتَ على مِسكي نثاراً من الفضَّهْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> جالسني شادنٌ كَلِفتُ بهِ
جالسني شادنٌ كَلِفتُ بهِ
رقم القصيدة : 22728
-----------------------------------
جالسني شادنٌ كَلِفتُ بهِ(23/412)
في صفة ٍ حالُنا بها غَضَّهْ
دمعيَ ياقوتة ٌ على ذهبٍ
وفوهُ ياقوتة ٌ على فِضَّهْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> سقطْتُ لحيني في فراش لزِمْتُه
سقطْتُ لحيني في فراش لزِمْتُه
رقم القصيدة : 22729
-----------------------------------
سقطْتُ لحيني في فراش لزِمْتُه
أضمُّ إلى قلبي جناحَ مهيضِ
وما مرضٌ بي غيرُ حبِّي وإنَّما
أُدَلِّسُ فيكم عاشقاً بمريضِ
العصر العباسي >> البحتري >> رحلوا فأية عبرة لم تسكب
رحلوا فأية عبرة لم تسكب
رقم القصيدة : 2273
-----------------------------------
رَحَلُوا فَأيّةُ عَبرَةٍ لَمْ تُسْكَبِ
أسَفاً، وَأيُّ عَزِيمَةٍ لَمْ تُغْلَبِ
قَدْ بَيّنَ البَينُ المُفَرِّقُ بَيْنَنَا
عِشْقَ النّوَى لرَبيبِ ذاكَ الرّبرَبِ
صَدَقَ الغُرَابُ لقد رَأيتُ شُموسَهمْ
بالأمسِ، تَغرُبُ في جَوَانِبِ غُرَّبِ
لَوْ كُنتَ شاهدَنا وَمَا صَنَعَ الهَوَى
بقُلُوبِنَا، لحَسَدْتَ مَنْ لم يُحبِبِ
شُغلَ الرّقيبُ، وَأسْعَدَتْنَا خَلْوَةٌ
في هَجرِ هَجرٍ، وَاجتِنابِ تجَنّبِ
فتَلَجلَجتْ عَبَرَاتُهَا، ثمّ انْبَرَتْ
تَصِفُ الهَوَى بلِسانِ دَمعٍ مُعْرِبِ
تَشْكُو الفِرَاقِ إلى قَتيلِ صَبَابَةٍ،
شَرِقِ المَدامعِ، بالفرَاقِ مُعَذَّبِ
أأُطيعُ فيكِ العاذِلاتِ، وَكُسْوَتي
وَرَقُ الشّبابِ، وَشِرّتي لم تَذْهَبِ
وَإذا التَفَتُّ إلى سِنيَّ رَأيْتُهَا
كمَجَرّ حَبْلِ الخالِعِ المُتَصَعِّبِ
عِشرُونَ قَصّرَها الصّبَا، وَأطَالَهَا
وَلَعُ العِتَابِ بِهَائِمٍ لَمْ يَعتَبِ
مَا لي وَللأيّامِ صَرّفَ صَرْفُهَا
حَالي، وَأكْثَرَ في البِلادِ تَقَلُّبي
أُمْسِي زَميلاً للظّلامِ، وَأغْتَدِي
رِدْفاً عَلى كَفَلِ الصّبَاحِ الأشهَبِ
فأكونُ طَوْراً مَشرِقاً للمَشرِقِ الـ
ـأقْصَى، وَطَوْراً مَغرِباً للمَغْرِبِ
وَإذا الزّمانُ كَسَاكَ حُلّةَ مُعدَمٍ،
فالبَسْ لهَ حُلَلَ النّوَى وَتَغَرَّبِ(23/413)
وَلَقَدْ أبِيتُ مَعَ الكَوَاكبِ رَاكِباً
أعْجازَهَا بِعَزِيمَةٍ كالكَوْكَبِ
وَاللّيْلُ في لَوْنِ الغُرَابِ، كأنّهُ
هُوَ في حُلُوكَتِهِ، وَإنْ لم يَنْعَبِ
وَالعيسُ تَنصُلُ من دُجاهُ، كما انجلَى
صِبْغُ الشّبابِ عن القَذالِ الأشيَبِ
حتّى تَجَلّى الصّبْحُ، في جَنَباتِهِ،
كالمَاءِ يَلمَعُ مِنْ وَرَاءِ الطُّحْلُبِ
يَطْلُبْنَ مُجتَمَعَ العُلا مِنْ وَائلٍ،
في ذلكَ الأصْلِ الزّكيّ، الأطْيَبِ
وَبَقيّةَ العَرَبِ الّذي شَهِدَتْ لَهُ
أبْنَاءُ إدٍّ بالفَخَارِ، وَيَعْرُبِ
بالرّحْبَةِ الخَضرَاءِ ذاتِ المَنْهَلِ الـ
ـعَذْبِ المَشَارِبِ، وَالجَنابِ المُعشِبِ
عَطَنُ الوُفُودِ، فمُنجِدٌ، أوْ مُتهِمٌ،
أوْ وافِدٌ مِنْ مَشرِقٍ، أوْ مَغرِبِ
ألْقَوْا بجَانِبِهَا العِصِيّ، وَعَوّلوا
فيها عَلى مَلْكٍ أغر، مُهَذَّبِ
مَلِكٌ لَهُ في كلّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ
إقْدامُ غر وَاعتِزَامُ مُجَرَّبِ
وَتَرَاهُ في ظُلَمِ الوَغَى، فتَخالُهُ
قَمَرً يَكر عَلى الرّجالِ بكَوْكَبِ
يا مَالِكُ ابنُ المَالكِيّينَ الأُلى،
مَا للمَكَارِمِ عَنْهُمُ مِنْ مَذهَبِ
إني أتيتك طالباً فبسطت من
أملي، وأنجح جود كفك مطلبي
فَشَبِعْتُ مِنْ بِرٍّ لَدَيكَ وَنَائِلٍ،
وَرَوِيتُ من أهْلٍ لَدَيكَ وَمَرْحَبِ
وَغَدَوْتَ خَيرَ حِيَاطَةٍ منّي علَى
نَفسِي، وَأرْأفَ بي هُنالكَ مِنْ أبي
أعْطَيْتَني، حتّى حَسِبتُ جزِيلَ ما
أعْطَيْتَنيهِ وَدِيعَةً لَمْ تُوهَبِ
فَلْتَشكُرَنّكَ مَذْحِجُ ابنَةُ مَذحِجٍ،
مِنْ آلِ غَوْثِ الأكثرِينَ وَجُندُبِ
وَمَتى تُغَالِبْ في المَكَارِمِ وَالنّدَى
بالتّغْلِبِيّينَ الأكَارِمِ تَغْلِبِ
قَوْمٌ، إذا قيلَ النَّجاءُ، فَما لهُمْ
غَيرُ الحَفائظِ، وَالرّدى مِنْ مَهرَبِ
يَمشونَ تحتَ ظُبَا السّيوفِ إلى الوغى
مَشْيَ العِطاشِ إلى بَرُودِ المَشرَبِ
يَتَرَاكَمونَ على الأسِنّةِ في الوَغَى،
كالصّبحِ فاضَ على نجومِ الغَيهَبِ(23/414)
يُنسيكَ جُودَ الغَيثِ جُودُهمُ، إذا
عَثَرَتْ أكُفُّهُمُ بِعَامٍ مُجدِبِ
حتّى لَوَ انّ الجُودَ خُيّرَ في الوَرَى
نَسَباً، لأصْبَحَ يَنتَمي في تَغلِبِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> صباحٌ محاسِنُهُ تستفيض
صباحٌ محاسِنُهُ تستفيض
رقم القصيدة : 22730
-----------------------------------
صباحٌ محاسِنُهُ تستفيض
وروضٌ أريضٌ وغيمٌ يفيضْ
فكيفَ الوفاءُ بما يقتضيه
وحالَ الجريضُ دوينَ القريضْ
فأُنسي مريضٌ وهمِّي عريض
وطرفي غضيضٌ وعظمي مَهِيض
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وليلٍ كلونِ الظَّبيِ غَيَّرتُ لونَهُ
وليلٍ كلونِ الظَّبيِ غَيَّرتُ لونَهُ
رقم القصيدة : 22731
-----------------------------------
وليلٍ كلونِ الظَّبيِ غَيَّرتُ لونَهُ
براحٍ كعينِ الديكِ بل هُوَ ألمَعُ
ولمَّا مَزَجْتُ الرُّوحَ منِّي براحِها
تَرَحَّلَ عنِّي الهمُّ والغَمُّ أجمَعُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا بدرَ صَدرٍ بنيسابورَ مطلعُهُ
يا بدرَ صَدرٍ بنيسابورَ مطلعُهُ
رقم القصيدة : 22732
-----------------------------------
يا بدرَ صَدرٍ بنيسابورَ مطلعُهُ
وبحرَ جودٍ لأهلِ الفضلِ مترعُهُ
سقيت كرميَ ماءً فيه أربعة ٌ
منَ المياهِ وخيرُ الماء أنفعُهُ
ماءُ الحياة ِ وماءُ الوجه يشفعُهُ
ماءُ الشبابِ وماءُ الوردِ يتبعُهُ
بقيتَ ما بقيَتْ نفسٌ وما طَلَعَتْ
شمسٌ وما سارَ من مديحك أبدعُهُ
للعرفِ تصنعُهُ والخير تزرعُهُ
والمجدِ تجمعُهُ والمدحِ تسمعُهُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وموقفٍ للوداعِ ألبَسَني
وموقفٍ للوداعِ ألبَسَني
رقم القصيدة : 22733
-----------------------------------
وموقفٍ للوداعِ ألبَسَني
للتُّعْسِ هماً يسوءُ موقعُهُ
فقلتُ والدمعُ قد شرِمْتُ به
أستودِعُ اللَّهَ من أودِّعُهُ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> رمضانُ أرمَضَني فأمرضني بصا
رمضانُ أرمَضَني فأمرضني بصا(23/415)
رقم القصيدة : 22734
-----------------------------------
رمضانُ أرمَضَني فأمرضني بصا
داتٍ على عددِ الطباعِ الأربعَهْ
صومٌ وصفراءٌ تجرِّعُني الردى
وصبابة ٌ وصدودُ من قلبي مَعَهْ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> وقالوا افترشتَ النطعَ صيفاً وقد أتى الـ
وقالوا افترشتَ النطعَ صيفاً وقد أتى الـ
رقم القصيدة : 22735
-----------------------------------
وقالوا افترشتَ النطعَ صيفاً وقد أتى الـ
ـخريفُ فَمُرْ في نطعِكَ الآن بالرفعِ
فقلتُ: حبيبي شاهرٌ سيفَ طرفِهِ
ولا بدَّ للسيفِ الشهيرِ من النَّطْعِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا مهديَ الطِّرفِ الجوادِ كأنَّما
يا مهديَ الطِّرفِ الجوادِ كأنَّما
رقم القصيدة : 22736
-----------------------------------
يا مهديَ الطِّرفِ الجوادِ كأنَّما
قد أنعَلُوهُ بالرياحِ الأربعِ
كالجاحمِ المشبوبِ أو كالهاطل الـ
ـمصبوبِ أو كالباشقِ المتسرعِ
لا شيءَ أسرعُ منهُ إلا خاطري
في شكر نائِلكَ الجليلِ الموقعِ
ولو أنني أنصفتُ في إجلالِهِ
لجلالِ مهديهِ الهمامِ الأروعِ
أقْضَمْتُه حَبَّ الفؤاد لحبِّه
وجعلتُ مربطَهُ سوادَ المدمعِ
وخلعتُ ثم قطعتُ غيرَ مضيِّقٍ
بُرْدَ الشباب لجلِّهِ والبرقعِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> يا منْ كساهُ اللهُ أردية َ العُلى
يا منْ كساهُ اللهُ أردية َ العُلى
رقم القصيدة : 22737
-----------------------------------
يا منْ كساهُ اللهُ أردية َ العُلى
وحباهُ عطرَ ثنائِها المتضوعِ
وإذا نظرتُ إلى محاسن وجهه الـ
ـمسعود قلت لمقلتي فيها ارتعي
وإذا قريتُ الأذنَ شهدَ كلامِهِ
قلتُ اسمعي وتمتّعي وارعَيْ وَعِي
فكأنّما يُوحى إلى خَطَراتِهِ
في مطلعٍ أو مَخْلَصٍ أو مقطعِ
لكَ في المحاسنِ معجزاتٌ جَمَّة ٌ
أبداً لغيركَ في الورى لم تُجمَعِ
بحران: بحرٌ في البلاغة ِ شابَهُ
شعر الوليد وحسن لفظ الأصمعي
وترسلُّ الصابي يزينُ علوَّه(23/416)
خطُّ ابنِ مقلة َ ذي المحلِّ الأرفعِ
كالنَّوْرِ أو كالسِّحرِ أو كالبدرِ أو
كالوشيِ في بردٍ عليهِ موشَّعِ
شكراً فكمْ من فِقْرة ٍ لك كالغِنى
وافى الكريمَ بعيدَ فقرٍ مدقعِ
وإذا تفتَّق نَورُ شعرِكَ ناضراً
فالحسنُ بينَ مرصَّعٍ ومُصَرَّعِ
أرجلت فرسانَ القريضِ ورضت أفـ
ـراسَ البديعِ وأنتَ أفرسُ مبدعِ
ونَقَشْتَ في فصِّ الزمانِ بدائعاً
تُزْري بآثارِ الربيعِ المُمْرعِ
وحويت ما تُكْنى به طرَّاً فلم
تَتركُ لغيرِك فيهِ بعضِ المطمعِ
العصر العباسي >> أبو منصور الثعالبي >> هل سبيلٌ إلى عناقٍ كما عا
هل سبيلٌ إلى عناقٍ كما عا
رقم القصيدة : 22738
-----------------------------------
هل سبيلٌ إلى عناقٍ كما عا
نقتُ عندَ الفراقِ يومَ الوداعِ
شادناً فاتناً سميناً جسيماً
ملء عيني وملء قلبي وباعي
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أيُّ بشرى كست الدُنيا بَهاءا
أيُّ بشرى كست الدُنيا بَهاءا
رقم القصيدة : 22739
-----------------------------------
أيُّ بشرى كست الدُنيا بَهاءا
قم، فهني الأرض فيها والسماءا
طبق الأرجاء منها أرج
عطَّرت نفحة ُ ريَّاه الفضاءا
بعثة ٌ أعلَنَ جبريلُ بها
قبل ذا، في الملا الأعلى النداءا
قائلاً: قد بُعِث النورُ الذي
ليس يخشى أبدَ الدهرِ انطفاءا
فهنيئاً : فتح الخير بمن
ختَم الرحمنُ فيه الأَنبياءا
وأتى أكرم مبعوث قد اخ
ـتارُه الله انتجاباً واصطفاءا
سيد الرسل جميعاً "أحمد"
مَن بعلياهُ أتى "الذكر" ثناءا
"مبعث" قد ولدته ليلة
للورى ظلماؤها كانت ضياءا
بوركت من ليلة في صبحها
كَشف الله عن الحقِّ الغطاءا
خلع الله عليها نضرة
راقت العالَم زهواً واجتلاءا
كلما مرَّت حلت في مرِّها
راحة الأفراح رشفاً وانتشاءا
واستهلَّ الدهرُ يُثني مُطرباً
عطف نشوان ويختال ازدهاءا
فلتهنّ "الملة ُ الغرّاءُ" مَن
أحكم الله به منها البناءا
ولتباهل فيه أعداء الهدى
ولتباه اليوم فيه العلماءا
ذو محيا فيه تستسق السما(23/417)
وبنانٍ علَّم الجودَ السماءا
رق بشراً وجهه حتى لقد
كاد أن يقطر منه البشرماءا
فعلى نور الهخدى من وجهه
وجد الناس إلى الرشد اهتداءا
فهو ظل الله في الأرض على
فئة ِ الحقِّ بلطف الله فاءا
فكفى هاشم فخراً أنَّها
وَلدته لمزاياها وعاءا
فلها اليومَ انتهى الفخرُ به
وله الفخر ابتداءاً وانتهاءا
حيّ فيها المرفد الأسنى وقل:
وصلاحاً ، وعفافاً ، وإباءا
زانَ سامرا وكانت عاطلاً
تتشكى من محليها الجفاءا
وغدت أفناؤها آنسة
وهي كانت أوحشَ الأرضِ فناءا
زادك الله بهاءً وسناءا
إنما أنت فراش للألى
جعل الله السما فيهم بناءا
ماحوت أبراجها من شهيها
كوجوهٍ فيك فاقتها بهاءا
قد توارت فيك أقمار هدى
ودت الشمس لها تغدو فداءا
أبداً تزدادُ في العليا سنًى
وظهوراً، كلّما زيدت خفاءا
ثم نادي القبة َ العليا وقل:
طاوِلي ياقبة َ الهادي السماءا
بمعالي العسكريين اشمخي
وعلى أفلاكها زِيدي عَلاءا
واغلبي زهر الدراري في السنا
فبك العالم- لافيها- أضاءا
خطك الله تعالى دارة
لذُكائي شرفٍ فاقا ذُكاءا
وبنا عرِّج على تلكَ التي
أودعتنا عندَها الغيبة ُ داءا
حجب الله بها الداعي الذي
هو للأعين قد كان الضياءا
وبها الأملاك في ألطافه
للورى تهبط صبحاً ومساءا
قف وقل عن مهجة ٍ ذائبة ٍ
ومن العينينِ فانضجها دماءا
يا إمامَ العصرِ ما أقتلها
حسرة ً كانت هي الداء العياءا
مطلننا البرء في تعليلها
وسوى مرءاك لا نلقى شفاءا
برئت ذمّة ُ جبارِ السما
من أناس منك قد أضحوا براءا
فمتى تبرد أحشاء لنا ؟
كِدنَ بالأنفاسِ يُضر من الهواءا
ونرى يا قائم الحق انتضت
سيفها منك يد الله انتضاءا
أفهل نبقى - كما تبصرنا- ؟
نُنفِذ الأيامَ والصبرَ رجاءا!!
لا رأى الرحمة َ من قال رياءا:
قلت الروح لمولاها : فداءا
العصر العباسي >> البحتري >> ما على الركب من وقوف الركاب
ما على الركب من وقوف الركاب
رقم القصيدة : 2274
-----------------------------------(23/418)
ما على الرّكبِ من وُقوفِ الرّكابِ،
في مَغاني الصّبَا وَرَسْمِ التّصَابي
أينَ أهلُ القِبابِ بالأجْرَعِ الفَرْ
دِ، تَولّوا، لا أينَ أهلُ القِبابِ
سَقَمٌ، دونَ أعينٍ ذاتِ سُقْمٍ،
وَعَذابٌ دونَ الثّنَايا العِذابِ
عرَّجوا، فالدّموعُ، إنْ أبكِ في الرُّبْـ
ـعِ، دُموعي، وَالاكتئابُ اكتئابي
وَكَمِثلِ الأحبابِ، لَوْ يَعلَمُ العا
ذِلُ، عندي مَنازِلُ الأحْبَابِ
فإذا ما السّحابُ كانَ رُكَاماً،
فسَقَى بالرّبابِ دارَ الرّبَابِ
وَإذا هَبّتِ الجَنُوبُ نَسيماً،
فَعَلَى رَسْمِ دارِها وَالجَنَابِ
عَيّرَتْني المَشيبَ، وَهْيَ بَدَتْهُ
في عِذارِي، بالصّدّ وَالإجتِنابِ
لا تُرِيهِ عَاراً فَمَا هُوَ بالشّيْـ
ـبِ، وَلَكِنّهُ جَلاءُ الشّبَابِ
وَبَيَاضُ البَازِيّ أصْدَقُ حُسْناً،
إنْ تأمّلْتِ، مِنْ سَوَادِ الغُرَابِ
عَذَلَتني، في قَوْمِها، وَاستَرَابَتْ
جيئَتي في سِوَاهُمُ، وَذَهَابي
وَرَأتْ عندَ غَيرِهمْ، مِن مَديحي،
مثلَ ما كانَ عندَهمْ مِنْ عِتابي
لَيسَ من غَضْبَةٍ عَلَيهِمْ، وَلكن
هُوَ نَجْمٌ يَعْلُو مَعَ الكُتّابِ
شِيعَةُ السّؤدَدِ الغَرِيبِ، وَإخْوَا
نُ التّصَافي، وأسرة الآدابِ
همْ أُولو المجدِ إن سألتَ، فإنْ كَا
ثَرْتَ كانُوا هُمُ أولي الألْبَابِ
وَمتى كُنتَ صَاحِباً لذَوي السّؤ
دَد يَوْماً فإنّهُمْ أصْحابي
وَكفَاني، إذا الحَوَادِثُ أظْلَمْـ
ـنَ، شِهَاباً بغُرّةِ ابنِ شِهَابِ
سَبَبٌ أوّلٌ عَلى جُودِ إسْمَا
عيلَ أغْنَى عَنْ سائِرِ الأسْبابِ
لاستَهَلّتْ سَمَاؤهُ، فَمُطِرنا
ذَهَباً في انْهِلالِ تلكَ الذّهَابِ
لا يَزُورُ الوفَاءَ غِبّاً، وَلا يَعْـ
ـشَقُ غَدرَ الفَعالِ عِشقَ الكَعابِ
مُستَعيدٌ، عَلى اختِلافِ اللّيَالي،
نَسَقاً مِنْ خَلائِقٍ أتْرَابِ
عادَ مِنْها لِمَا بَداهُ إلى أنْ
خِلْتَهُ يَسْتَمِلُّهَا مِنْ كِتَابِ
فَهوَ غَيثٌ، والغَيثُ مُحتَفِلُ الوَد
قِ، وَبحرٌ، والبَحْرُ طامي العُبابِ(23/419)
شَمّرَ الذّيْلَ للمَحَامِدِ، حتّى
جَاءَ فيها مَجرُورَةَ الهُدّابِ
عَزَماتٌ يُضِئْنَ داجية الخُطـ
ـبِ، وَلَوْ كانَ من وَرَاءِ حِجابِ
يَتَوَقّدْنَ، وَالكَواكبُ مُطْفَا
ة، وَيَقطَعنَ، وَالسّيوفُ نَوابِي
تَرَكَ الخَفْضَ للدّنيءِ، وَقَاسَى
صَعْبَةً العيش في المساعي الصعاب
سَامَ بالمَجدِ، فاشتراهُ، وَقد بَا
تَ عَلَيْهِ مُزَايِداً للسّحَابِ
وَاجدُ القَصْدِ، طرْفُهُ في ارْتِفاعٍ
مِنْ سُمُوٍّ، وكَفُّهُ في انصِبابِ
ثَرّةٌ مِنْ أنَامِلٍ ظلن يَجرِيـ
ـنَ على الخابطينَ جَرْيَ الشّعابِ
وَسَمِيٌّ لَهُ تَمَنّى مَعَاليـ
ـهِ، وَكَلْبٌ مشتقهُ منْ كِلابِ
وإذ الأنْفُسُ اخْتَلَفْنَ فَما يُغـ
ـني اتّفاقُ الأسْماءِ وَالألْقَابِ
يا أبا القاسِمِ! اقْتِسَامُ عَطَاءٍ
مَا نَرَاهُ، أمِ اقْتِسامُ نِهَابِ
خُذْ لِسَاني إلَيكَ، فالمِلْكُ للألْـ
ـسنِ في الحُكمِ عَدلُ مِلكِ الرّقابِ
صُنتَني عَنْ مَعاشرٍ لا يُسَمّى
أوّلُوهُمْ إلاّ غَداةَ سِبَابِ
مِنْ جِعَادِ الأكُفّ غَيرِ جِعادٍ،
وَغِضَابِ الوُجوهِ غيرِ غِضَابِ
خَطَرُوا خَطرَةَ الجَهامِ، وسَارُوا
في نَوَاحي الظّنونِ سَيرَ السّحاب
أخطأوا المَكرُماتِ، وَالتمَسَوا قا
رِعَةَ المَجدِ في غَداةِ ضَبَابِ
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حبستُ رجائي عن الباخلينَ
حبستُ رجائي عن الباخلينَ
رقم القصيدة : 22740
-----------------------------------
حبستُ رجائي عن الباخلينَ
وانزلت في إبني علي رجائي
هما ليَ حرزٌ من النائبا
تِ بل حَرَمٌ من جميعِ البلاءِ
ولي شافعانِ بدارِ البقاءِ
ولي شافعات بدار البقاءِ
أشبلي عليٍّ ومَن إن دعو
تُ في كلّ خطبٍ أجابا دُعائي
أرى الدهر ـ من حيثُ لا أتقي ـ
رماني، ويعلمُ أنتم وقائي
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> مني القصد وتحقيق الرجاء
مني القصد وتحقيق الرجاء
رقم القصيدة : 22741
-----------------------------------(23/420)
مني القصد وتحقيق الرجاء
من سليلي آل طاها الأصفياءِ
لاأرى يجبه بالرد امرؤ
قارِعاً لله باباً للدعاءِ
فرجائي كيف يغدو خائباً
عند بابين لجبار السماءٍِ
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يابن الإمام العسكريّ وَمن
يابن الإمام العسكريّ وَمن
رقم القصيدة : 22742
-----------------------------------
يابن الإمام العسكريّ وَمن
رب السماء لدينه انتجبه
أفهكذا تغفي وأنت ترى
نارَ الوباءِ تشبُّ ملتهبه
لا تنطفي إلاّ بغادية ٍ
من لطفكم، تنهلُّ منسكبه
أيضيقُ عنّا جاهُكم؟ ولقد
وَسِعَ الوجودَ، وكنتم سببه
الغوثَ! أدركنا! فلا أحدٌ
أبداً سواكَ يغيثُ مَن نَدبه
غضِبَ الإلهُ، وأنت رحمتهُ،
يارحمة الله اسبقي غضبه
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> هي دار غيبته فحي قبابها
هي دار غيبته فحي قبابها
رقم القصيدة : 22743
-----------------------------------
هي دار غيبته فحي قبابها
والثم بأجفان العيون ترابها
بذلت لزائرها ولو كشف الغطا
لرأيت أملاك السما حجابها
ولو النجومُ الزهرُ تملِكُ أمرها
لهوت تقبل دهرها أعتابها
سعُدت بمنتظر القيام ومَن به
عقدت عيون رجائه أهدابها
وَسَمت على أمِّ السما بمواثلٍ
وأبيكَ ماحوتِ السما أضرابها
بضرايح حجبت أباه وجده
وبغيبه ضربت عليه حجابها
دارٌ مقدَّسة ٌ وخيرُ أئمَّة ٍ
فَتح الإلهُ بهم إليه بابها
لهُم على الكرسيّ قبّة سؤددٍ
عَقدَ الإلهُ بعرشهِ أطنابها
كانوا أظلَّة َ عرشهِ وبدينِه
هبطوا لدائرة غدوا أفطابها
صدعوا عن الرب الجليل بأمره
فغدوا لكل فضيلة أربابها
فهدوا بني الالباب لكن حيروا
بظهورِ بعض كمالِهم ألبابها
لا غروَ إن طابت أرومة مجدِها
فنمت بأكرم مغرس أطيابها
فالله صور آدما من طينة
لهم تخيَّر محضَها ولُبابها
وبراهمُ غُرراً من النُطفِ التي
هي كلَّها غررٌ وَسل أحسابها
تُخبرَك أنَّهمُ جروا في أظهرٍ
طابت وطهَّر ذو العُلى أصلابها
وتناسلوا فإذا استهلَّ لهم فتى(23/421)
نسجت مكارمه له جلبابها
حتى أتى الدنا الذي سيهزها
حتى يدك على السهول هضابها
وسينتضي للحرب محتلب الطلى
حتى يُسيلَ بشفرتيه شعابها
ولسوف يُدرِكُ حيثُ ينهضُ طالباً
ترة له جعل الله طلابها
هو قائمٌ بالحقِّ كم من دعوة
هزَّتهُ لولا ربُّه لأجابها
سعُدت بمولِدِهِ المباركِ ليلة ٌ
حَدرَ الصباحُ عن السرورِ نقابها
وزهت به الدنيا صبيحة طرزت
رجعت إلى عصرِ الشبيبة ِ غضَّة
من بعد ماطوت السنين شبابها
يا من يُحاولُ أن يقومَ مهنيّاً
إنهض بلغت من الأمور صوابها
وأشر إلى من لا تشير يدُ العُلى
لِسواهُ إن هي عَدَّدت أربابها
هو ذلك الحسن الزكيُّ المجتبى
من ساد هاشم شيبها وشبابها
جمع الأله به مزايا مجدها
ولها أعادَ بعصرِه أحقابها
نُشِرت بمن قد ضمَّ طيَّ ردائِه
أطهارَها، أطيابها، أنجابها
وله مآثر ليس تحصى لو غدت
للحشرِ أملاكُ السما كتّابها
ذك الذي طلب السماء بجده
وبمجده حتى ارتقى أسبابها
مالعلم منتحلا لديه وإنما
وَرثَ النبوَّة َ وحيَها وكتابها
يا من يريش سهامَ فكرتِه النهى
فلأي شاكة أراد أصابها
ولدتكَ أمُّ المكرماتِ مبرَّءاً
مما يُشينُ من الكرامِ جنابها
ورضعت من ثدي الأمامة علمها
مُتجلبباً في حجرِها جلبابها
وبنورِ عصمتِها فُطمت فلم ترث
حتى بأمر الله نبت منابها
وغداً تلون ثوابها وعقابها
وإليكم جَعل الإلهُ إيابها
وعليكم يوم للعاد حسابها
يامن له انتهت الزعامة في العلى
فغداً يروض من الأمور صعابها
لو لامست يدك الصخورَ ولفجَّرت
بالماء من صم الصخور صلابها
ورعى ذِمام الأجنبين كما رعى
لنبي أرومة مجده أنسابها
رقت الأنام طبايعاً وصنايعاً
بهما ملكت قلوبها ورقابها
وجدتك أبسط في المكارم راحة
بيضاء يستسقي السحاب سحابها
ورأتك أنور في المعالي طلعة
لله دارك إنّها قِبَلُ الثنا
وبها المدايح أثبتت محرابها
رضوانُ بِشرك فاتحٌ أبوابها
فأقم كما اشتهت الشريعة ُ خالداً
تطوي بنشرك للهدى أحقابها(23/422)
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أميرَ المؤمنين أغِث صريخاً
أميرَ المؤمنين أغِث صريخاً
رقم القصيدة : 22744
-----------------------------------
أميرَ المؤمنين أغِث صريخاً
ألم يجنب قبرك مستغيثاً
أتاك يحث ناجية المطايا
وصرف الدهر يطلبه حثيثاً
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حزت بالكاظمين شأنا كبيرا
حزت بالكاظمين شأنا كبيرا
رقم القصيدة : 22745
-----------------------------------
حزت بالكاظمين شأنا كبيرا
فابق ياصحن آهلا معمورا
فوق هذا البهاء تكسي بهاء
ولهذي الأنوارِ تزدادُ نورا
إنما أنت جنة ضرب الله
عليها كجنة الخلد سورا
إن تكن فُجِّرت بهاتيك عينٌ
وبها يشربُ العبادُ نَميرا
فلكم فيك من عُيونٍ ولكن
فُجّرت من حواسدٍ تفجيرا
فاخرت أرضك السماء وقالت:
إن يكن مفخرٌ فمنّي أستُعيرا
ودعا يا رجاءُ هاك بناني
من غدا فيهما الضراح فخورا
بمصابيحي استضيء ربا معال
شرفا بيت ربك المعمورا
لك فخر المحارة انفلقت عن
دُرّتين استقلَّتا الشمس نورا
وهما قُبّتان ليست لكلٍّ
منهما قبة السماء نظيرا
صاغ كلتيهما بقدرتهِ الصا
ئغ من نوره وقال : أنيرا
حولَ كلٍّ منارتن من التبرِ
يجلى سناهما الديجورا
كبرت كل فيه بهما شأنا
فأبدن عليهما التكبيرا
فغدت ذاتَ منظرٍ لك تحكي
فيه عذراءَ تستخفُّ الوقورا
كعروسٍ بَدت بقرطي نُضار
فملت قلب مجتلها سرورا
بوركت من منابر قد أقيمت
عُمداً تحملُ العظيم الخطيرا
رفعت قبة الوجود ولولا
ممسكاها لآذنت أن تمورا
يالك الله ما أجلك صحنا
وكفى بالجلال فيك خفيرا
حرم لآمن به أودع الله
طبتَ إمّا ثراك مِسكُ وأمّا
عبق المسك من شذاه استعيرا
بل أراها كافورة َ حملتها
الريحِ خُلديَّة فطابت مسيرا
كلّما مرَّت الصبا عرَّفتنا
أنها جددت فطابت مسيرا
أين منها عطر الأمامة لولا
أنها قبلت ثراك العطيرا
كيف تحبيري الثناء فقل لي:
أنت ماذا لا حسن التحبيرا
صحنُ دارٍ أم دارة ٌ نيّراها(23/423)
بهما الكونُ قد غدا مستنيرا
إن أقل : أرضك الأثير ثراها
ما أراني مدحت إلا الأثيرا
أنت طور النورِ الذي مذ تجلّى
لابن عمران دك ذاك الطورا
أنت بيتٌ برفعه أذِن الله
لفرهاد فاستهلَّ سرورا
وغدا رافِعاً قواعد بيتٍ
طبر الله أهله تطبيرا
خير صرح على يدي خير ملك
قدر الله صنعه تقديرا
تلك ذاتُ العمادِ لو طاوَلته
أنها جَددت عليك المرورا
أو رأى هذه المباني كسرى
لرأى ماابتناه قدماً حقيرا
ولنادي مهنياً كل من جاء
من الفرسِ أوَّلاَ وأخيرا
قائلاً: حسبكم بفرهاد فخراً
بلداً طيباً وربًّا غفورا
قد أقرَّ العيون منك بصنعٍ
ومن قال غير ذا قال: زُورا
وبهذا البنا لكم شادَ مجداً
لم يزل فيه ذكر كم منشورا
وبعصر سلطانه ناصر الدين
فأخليق بأن يباهي العصورا
قد حمى حوزة َ الهدى فيه ربٌّ
قال: كن أنت سيفه المنصورا
ملك عن أب وعن حد سيف
يا مُقيل العِثار تُهنيك بُشرى
تركت جدج حاسد يك عثورا
من رأى قبل ذا كعمّك عمًّا
ليس تغنى الملوك عنه نقيرا
وسعت راحتاه أيامَ عصرٍ
لم يلدن الأنسان إلا قتورا
بَثَّ أكرومة ً تُريك المعالي
ضاحكات الوجوه تجلو الثغورا
ذَخر الفوز في مبانٍ أرتنا
أنَّه كان كنزَها المذخُورا
ونظرنا في بذلهِ فهتفنا:
هكذا تبذل الملوك الخطيرا
قد كسى هذهِ المقاصر وشياً
فسيكسي وشياً ويحيي قصورا
يبدو فيكِ الصباحُ سَفورا
فوق جُدرانهِ بدا مسطُورا
إنّما الرقُّ مُهرِقٌ خطَّ وصفي
ذا البنا فيه فاغتدى منشورا
لك في دفتيه سحر ولكن
خطه مذ برى البليغ زبورا
فاروِعني سحاّرة َ الحسن واحذر
لافتتانٍ بسحرها أن تطيرا
وتحدث بفضل فرهاد وانظر
كيف منه نشرت روضاً نضيرا
مستشارٌ في كلّ أمرٍ ولكن
لسوى السيف لم يكن مُستشيرا
في حجور الحرب شب وكانت
أظهر الصافنات تلك الحجورا
قد حبا في الملا فكان غماماً
واحتبى في العلى فكان ثبيرا
ملأت بردتاه علماً وحلماً
وحجى راسخاً وجوداً غزيرا
لا تقس جود كفه بالغوادي
وندى كفِّه يمدُّ البحورا(23/424)
بل من البحر تستمد الغوادي
كم عليهِ تطفَّلت كي تميرا
قل في عصرنا الكرام وفي فر
هاد ذاك القليل صار كثيرا
كم رقاب ارقها ورقاب
حررتها هباته تحريرا
إن رأينا نهر المجرَّة ِ قدماً
عبرته الشعرى وكان صغيرا
فهي اليوم دونَهُ وقفت من
دونِ بحرٍ فلا تُسمَّى العَبورا
لا ثلوناً ولا نزوراً شطورا
في سماطي نادي علاه وثيرا
وعليه اتكا بأعلى رواق
تخذ المكرمات فيه سميرا
وغدا باسطاً به كفَّ جُودٍ
نشرت ميت الندى المقبورا
فاحتلبها لبون جود درورا
وتشطر ضروعها حافلات
لا تلوناً ولا نزورا شطورا
واترِك غيرها فتلك زَبون
تدع القعب في يديك كسيرا
وعلى العصب لا تدر فأولى
لو جعلتَ العصاب عضباً طريرا
سعدُ قرِّط مسامعَ الدهر إنشادَ
ك تسمع من شئت حتى الصخورا
غير عبد الهادي أخيه أخي الـ
بالقوافي مُهنياً وبشيرا
قل لها لا برحتِ فردوس أُنسٍ
وإمامين يُنقذان من النار
لمن فيهما غدا مستجيرا
وعلما غدا أبا لبني العلم
وأكرم به أبياً غيورا
وأغر أذيال تقواه للنا
س نفضن الدنيا وكانت غرورا
كم بسطنا الخطوب أيد أرتنا
أخذل الناس من أعدَّ نصيرا
وطواها محمدُ الحسنُ الفعل
طبتِ أهلاً وتربة ً وهواءً
كم نشقنا بجوِّه كافُورا
قد حماكِ المهديُّ عن أن تضامي
وكفاك المخشي والمحذورا
ومن الأمنِ مدّ فوقك ظِلاًّ
ومن الفخر قد كساك حبيرا
من يسامي علاه شيخاً كبيرا
وله دانت القُرومُ صغيرا
لم نجد ثانيا له كان بالفخر
خليقاً وبالثناءِ جديرا
سيف مقالاً فصلاً عزماً مبيرا
وأخي الشمس طلعة تُبهِت الشمـ
س إذا وجهه استهل منيرا
وأخي الغيثِ راحة ً تخجل
الغيثَ ولو ساجلته نوءً غزيرا
قمرا سؤدد وفرعا معال
حفظ فيك حوزة الدين إذ كم
عنكَ ردّا باعَ الزمان قصيرا
واستطالا بهمة يأسران الـ
ـخطبَ فيها ويُطلقانِ الأسيرا
فبها سيدا معاً طور موسى
من رأى همة ً تُشيد الطورا
ومقاصير لو تكلفها الدهر
لأعي عجزاً وأبدى القصورا
لم يريدا غلا اللطيف الخبيرا
فيه كانا أعفَّ في الله كفًّا(23/425)
ووراء الغيوب أنقى ضميرا
أجهدها في خدمة الدين نفساً
شكر الله سعيها المشكورا
أتعباها لتستريح بيوم
فيه تلقى جزاءَها موفورا
يعدل الحج ذلك العمل الصالح
إذ كان مثلُه مبرورا
معد الله أن يعد لكل
منهما فيه جنة وحريرا
أيها الصحن لم تزل للمصلى
ومن الذنب مسجداً وطهورا
دُمتَ ما أُرستِ الجبالُ وبانيـ
ـكَ ليومِ يُدعى بها أن تسيرا
واستطبها معطارة النظم منها
تَحسبُ اللفظَ لؤلؤاً منثورا
خُتِمت كافتتاحها فيك لا تعلَّم
أيا شذاه أذكى عبيرا
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> كذا يظهر المعجز الباهر
كذا يظهر المعجز الباهر
رقم القصيدة : 22746
-----------------------------------
كذا يظهر المعجز الباهر
فيشهدُه البرُّ والفاجِرُ
ويروي الكرامة مأثورة
يبلّغُها الغائب الحاضر
يقر لقوم بها ناظر
ويقذى لقومٍ بها ناظر
فقلب لها ترحاً واقع
وقلبٌ لها فرحاً طائر
أجل طرف فكرك يامستدل
وانجِد بطرفكَ يا غائِر
تصفَّح مآثر آل الرسول
وحسبُك ما نَشرَ الناشر
ودونكه نبأ صادقاً
لقلب العو هو الباقر
فمن صاحب الأمر أمس استبان
لنا معجز أمره باهر
بموضع غيبته قد ألم
أخو عِلّة ٍ داؤُها ظاهر
رمى فمه باعتقال اللسان
رامٍ هو الزمنُ الغادر
فأقبل ملتمساً للشفاء
لدى من هو الغائب الحاضر
ولقنه القول مستأجر
عن القصد في أمره جائر
فيناه في تعب ناصب
ومن ضجرهِ فكره حائر
إذا انحلَّ من ذلك الاعتقال
وبارحه ذلك الضائر
فراح لمولاه في الحامدِين
وهو لألآئِهِ ذاكر
لعمري لقد مَسَحت داءهُ
يدٌ كلُّ حيٍّ لها شاكر
يدٌ لم تزل رحمة ً للعبادِ
كذلك أنشأها الفاطر
تحدث وان قائم آل النبي
له النهي وهو هو الآمر
أيمنعُ زائرَه الاعتقالُ
ممّا به ينطقُ الزائر
ويغضي على أنه القادر
ويكبو مُرجيّه دونَ الغياثِ
أحاشيه بل هو نعم المغيث
غذا نضنض الحادث الفاغر
فهذي الكرامة لا ما غدا
يلفقه الفاسق الفاجر
أدِم ذكرها يا لسانَ الزمانُ
وفي نشرها فمك العاطر(23/426)
وهنّ بها سُرَّ مرَّا وَمن
به ربعُها آهلٌ عامر
هو السيد الحسن المجتبى
خضمّ الندى غيثه الهامر
وقل: ياتقدست من بقعة
بها يَغفرُ الزلّة َ الغافرُ
كلا اسميكِ للناسِ بادٍ له
بأوجههم أثر ظاهر
فأنت لبعضِهمُ سرَّ مَن
لقد أطلق الحسن المكرمات
محيّاكِ وهو بَهاً سافر
فأنتِ حديقة ُ أُنس به
وأخلاقه روضك الناظر
ونسجُ التقى برُدُه الطاهر
هو البحر لكن طما بالعلوم
على أنه بالندى زاخر
على جودِه اختلف العالمون
يبشر واردها الصادر
بحيث المنى ليس يسكو العقام
أبوها ولا أمُّها عاقر
فتى ذكره طارفي الصالحات
وفي الخافقين بها طائر
ينالُ عُلاهُ ولا نثر
يباري الصَبا كرماً كفّه
على أنه بالصبا ساحر
فإن أمطرت استحيت الغاديات
ونادت: لأنت الحيا الماطر
فيا حافظاً بيضة المسلمين
لأنت لكسرِ الهدى جابر
فبلّغت لذَّتها مَن سواك
وبالزهد أنت لها هاجر
تمنيهم في حماك المنيع
وهمك خلفهم ساهر
سبقتم علا بدوام الأله
يدومُ لكم عزِّه القاهر
وحولك أهل الوجوه الوضاء
كذا فلتكن عترة الأنبياء
وإلاّ فما الفخرُ يا فاخر
ولا سهرت فيك عين الحسود
إلاّ وفي جفنِها غائر
فليس لعلياكم أول
وليس لعلياكم آخر
وكلهم عالم عامل
وغيرهم لابن تامر
لكم قولة ُ الفصل يومَ الخصام
ويومَ الندى الكرمُ الغامر
وَفَرت على الناسِ دنياهُم
فكلٌّ له حسنُها ساحر
وكل نجوم هدى من علاك
بها قلت فالمثل السائر
فدُم دارُ مجدك مأهولة ٌ
وباب علاك بها عامر
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> بشرى فمولدُ صاحبِ الأمرِ
بشرى فمولدُ صاحبِ الأمرِ
رقم القصيدة : 22747
-----------------------------------
بشرى فمولدُ صاحبِ الأمرِ
أهدي إليك طرائف البِشرِ
وبطلعة منه مباركة
حيّى بوجهكِ طلعة َ البدر
وكساك أفخر خلعة ٍ مكثت
زمناً تنمقها يد الفخر
هي من طراز الوحي لا نزعت
عن عطف مجدك آخر العمر
وإليك ناعمة ُ الهبوبِ سرت
قدسية النفحات والنشر
فحبتك عطراً ذاكياً وسوى
أرجِ النبوّة ليس من عطر(23/427)
الآن أضحى الدين مبتهجاً
وفم الأمامة باسم الثغر
وتباشرت أهلُ السماءِ بمن
حفَّت به البُشرى إلى الحشر
فَرِحت بمن لولاهُ ما حُبيت
شرف التنزل ليلة القدر
ولما أتت فيه مسلِّمة ً
بالامر حتى مطلع الفجر
لله مولدُه ففيه غدا
الإسلامُ يخطُر أيّما خَطر
هو مولدُ قال الإلهُ به
كرماً لعينك بالهنا قرّي
وحباك أنظر نعمة وفدت
فيه برائق عيشكَ النضر
بالكر به كأس السرور فما
أحلاه عيداً مرَّ في الدهر
صقلت به الأيّامُ غرَّتها
وَجلت وجوهَ سعودِها الغُرّ
أهلُّ النهى والأوجهِ الغرّ
من في الوجود يقوم بالشكر
فلكم حشى ً من أنسهِ حبرت
في روضة ٍ مطلولة الزهر
ولكم على نشر الحبور طوت
طيَّ السجل حشى ً على جمر
يا خير مَن وَفَدت لنائلِهِ
حنقوا بمولد مدرك الوتر
سيف كفال بأن طابعه
مَلكُ السما لجماجم الكفر
بيديه قائمة وعن غضب
سيسله لطلى ذوي الغدر
فترى به كم خدر مُلحدة ٍ
نهب وكم دم ملحد هدر
حتى يعيد الحق دولته
تختالُ بين الفتحِ والنصر
للمجتبى الحسن الزكي زكى
عيص ألف بطينة الفخر
نشأت "بسامراء" أنملة
ديما تعم الأرض بالقطر
وكأنه فيها وصفوته
أهل بالنهى والأوجه الغر
قمرٌ توسّط هالة َ فغدا
متضوع أرج السيادة من
عطفي علاه بأطيب الذكر
عمار محراب العبادة قد
نشر الإلهُ به أبا ذرّ
وحباهُ عِلماً لو يقسِّمُه
في دهرهِ لكفى بني الدهر
حر العوارف يسترق بها
في كل آن ألسن الشكر
ومنزه ما غيرت يده
تبعات هذي البيض والصفر
جذلان يبدأ بالسخا كرماً
ويعيدُه ويظنُّ بالعُذر
وله شمائلُ بالندى كَرُمت
فغمرن من في البر والبحر
والمرءُ لم تَكرُم شمائلهُ
حتّى يهينَ كرائمَ الوفر
مولى علت فهر بسؤدده
وله انتهى إرثاً على فهر
من لو مشى حيثُ استحقَّ إذاً
لمشى على العيوق والنسر
الخلق من ماء لرقته
والحلمُ مفطورٌ من الصخر
تبري طُلى الأعدام أنملُهُ
بصنايعٍ من مَعدن التبر
لم تترك خطباً تسادفه
إلا ثنته مقلم الظفر
يا واحدَ العصر استَطل شَرفاً(23/428)
فقد استنابك صاحب العصر
ورأى ولي الامر فيك نهى
فدعاك : قم بالنهي والامر
فمثلتَ في الدنيا وكنتَ لها
علماً به هديت بنو الدهر
ياخير من وفدت لنا ثله
وأجل من يمشي على العفر
بك إن عدلتُ سواك كنت كم
تزن الجبال الشم بالذر
إن كان زانَ الشعرُ غيرك في
مدحٍ فمدحُك زينة ُ الشِعر
ماذا أقول بمدحكم ولكم
جاءَ المديح بمحكمِ الذكر
كيف الثناءُ على مكارِمكمُ
عجز البليغُ وأُفحمَ المُطري
فاسلَم ولا سَلِمت عداك ودم
ولك العلى ونباهة القدر
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> ياقائما بالحق حل بنا
ياقائما بالحق حل بنا
رقم القصيدة : 22748
-----------------------------------
ياقائما بالحق حل بنا
ملا يفرجه سوى لطفك
بك عنه لذنا حيث لاشرف
عند الإلهِ أجلُ من شرفك
ترضى تعودُ نفوسُنا سَلباً
بيدِ الحِمام ونحن في كَنفك
ويروعُنا ريبُ المنونِ وقد
عذنا بجاه العز من سلفك
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قضاءُ حقِّ الضيفِ أولى به
قضاءُ حقِّ الضيفِ أولى به
رقم القصيدة : 22749
-----------------------------------
قضاءُ حقِّ الضيفِ أولى به
من شرع الواجب من حَقِّه
وعلّة ُ المرءِ أرى بُرءَها
أرجى لذي العلة من خلقه
والعبد لا يُصلحُ من شأنِه
إلا الذي يملك من رقه
العصر العباسي >> البحتري >> هل للندى عدل فيغدو منصفا
هل للندى عدل فيغدو منصفا
رقم القصيدة : 2275
-----------------------------------
هل للنّدى عَدلٌ، فيَغدو مُنصِفاً
مِن فِعلِ إسماعيلِهِ ابنِ شِهابِهِ
ألْعَارِضُ الثّجّاجُ في أخْلاقِهِ،
وَالرّوْضَةُ الزّهْرَاءُ في آدابِهِ
أزْرَى بهِ، مِنْ غَدْرِهِ بصَديقِهِ
وَعُقُوقِهِ لأخيهِ، مَا أزْرَى بِهِ
في كُلّ يَوْمٍ وَقْفَةٌ بِفَنَائِهِ،
تُخزِي الشّريفَ، وَرَدّةٌ عن بابِهِ
إسْمَعْ لغَضْبانٍ تثَبّثَ سَاعَةً،
فَبَداكَ قَبْلَ هجَائِهِ بعِتابِهِ
تالله يَسْهَرُ في مَديحِكَ لَيْلَهُ(23/429)
مُتَمَلْمِلاً، وَتَنَامُ دونَ ثَوَابِهِ
يَقظَانُ يَنْتَخِبُ الكَلامَ، كأنّه
جَيشٌ لَدَيْهِ يُرِيدُ أنْ يَلقى بِهِ
فأتى بهِ كالسْيفِ رَقرَقَ صَيقَلٌ،
ما بَينَ قائِمِ سِنْخِهِ وَذُبَابِهِ
وَحَجَبْتَهُ حَتّى تَوَهّمَ أنّهُ
هَاجٍ أتَاكَ بشَتمِهِ وَسِبابِهِ
وَإذا الفتى صَحِبَ التّباعُدَ وَاكتَسَى
كِبْراً عَليّ، فلَستُ من أصْحابِهِ
وَلَرُبّ مُغرٍ لي بعرضِكَ زَادَني
غَيظاً بجِيئَةِ قَوْلِهِ وذَهَابِهِ
لَوْلا الصّفَاءُ وَذِمّةٌ أَعْطَيْتُها
حَقَّ الوفاءِ، قضَيتُ من آرَابِهِ
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إذا لم أُعوَّد منك غير التفضُّل
إذا لم أُعوَّد منك غير التفضُّل
رقم القصيدة : 22750
-----------------------------------
إذا لم أُعوَّد منك غير التفضُّل
فهل كيف لاأرجوك في كل معضل
وإياك في عتبي اطيل حراءة
لأنك في كل الأمور مؤملي
وأنك بعد الله لا المرتجى الذي
عليه اتكالي بل عليه معوَّلي
وما أحدٌ إلاّ ويُقبَر ميتاً
وها أنا ذا خي قبرت بمنزلي
على أن هذا الدهر طبق سيفه
الجوارح مني مفصلاً بعد مفصل
وحملني أعباءه فكأنني
على كاهلي منها أنوءُ بأجبُل
ومذ سدَّ أبوابَ الرجادون مقصدي
قرعتُ بعتبي منك بابَ التفضُّل
أأصدُر ضمآناً وقد جئتُ مُورِداً
رجائي من جدواك أعذب منهل
وتُسلمني للدهر بعد تيقُّني
بأنك مهما راعني الدهر معقلي
فهب، سوءُ فعلي من صِلاتك مانعي
فحسن رجائي نحو جودك موصلي
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إليكم تذل النفس من بعد عزة
إليكم تذل النفس من بعد عزة
رقم القصيدة : 22751
-----------------------------------
إليكم تذل النفس من بعد عزة
وليست تذل النفس إلا لمن تهوى
فلا تحو جوها بالسؤال لغيركم
فتسألَ مَن يسوى ومَن لم يكن يسوى
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> كم ذا تطارح في منى ورقاءها
كم ذا تطارح في منى ورقاءها
رقم القصيدة : 22752(23/430)
-----------------------------------
كم ذا تطارح في منى ورقاءها
خفض عليك فليس داوك داءها
أنظنها وجدت لبين فانبرت
جزعاً تبثك وجدها وعناءها
فحلبت قلبك من جفونك أدمعاً
وسَمت كربعيّ الحيا جَرعاءها
هيهات ما بنتُ الأراكة ِ والجوى
نضج الزفيرُ حشاكَ لا أحشاءها
فاستبقِ ما أبقى الأسى من مُهجة ٍ
لك قد عَصرت مع الدُموع دماءها
كذَبتك ورق الابطحينِ فلو بكت
شَجَناً لاخضل دَمعها بطحاءها
فاطرح لحاظَك في ثنايا أُنسها
من أيِّ ثَغرٍ طالعت ما ساءها
لاالفها صدعته شاعبة النوى
يوماً ولا فَطَم الغمامُ كباءها
وغديرُ روضتِها عليه رفرفت
عذب الاراك وأسبغت أفياءها
لكن بزينة ِ طوقِها لمَّا زهت
مزجت بأشجان الانين غناءها
ورأت خضاب الراحتين فطربت
وظننت تطريب الحَمام بُكاءَها
أأخا الملامة كيف تطمع ضلة
بالعذل من نفسي تروض إباءها
أرأيت ريقة إفعوان صريمة
نفس السليم بها تروم شفاءها
عني فما هبَّت بوجديَ ساجعٌ
تدعو هديلا صبحها ومساءها
ما نبَّهتَ شوقي عشيَّة َ غرَّدت
بظباءِ كاظمة ٍ عدِمت ظباءَها
لكنما نفسي بمعترك الاسى
أسرت فوادح كربلاء عزاءها
يا تُربة الطف المقدَّسة ِ التي
هالُوا على "ابن محمد" بوغاءَها
حيَّت ثراكِ فلاطفتهُ سحابة ٌ
من كوثرِ الفردوسِ تَحمل ماءَها
واريت روح الانبياء وإنما
واريت من عين الرشاد ضياءها
فلا يهمّ تَنعى الملائكُ مَن لهُ
عَقدَ الإلهُ ولاءَهُم وَولاءها
ألآدم تنعى وأين خليفة الـ
ـرحمنِ آدمُ كي يُقيمَ عزاءها
وبك انطوى وبقية الله التي
عرضت وعلم آدم أسماءها
أم هل إلى نوح وأين نبيه
نوحٌ فليُسعد نوحَها وبكاءها
ولقد ثوى بثراكِ والسببُ الذي
عصم السفينة مغرفاً أعداءها
أم هل إلى موسى وأين كليمه
موسى لكي وجداً يطيل نعاءها
ولقد توارى فيكِ والنار التي
حمل الأئمة كربها وبلاءها
دفنوا النبوة وحيها وكتابها
بك والإمامة َ حُكمها وقضاءها
لا ابيضَّ يومٌ بعد يومك أنّه
ثكلَت سماءُ الدين فيه ذُكاءها(23/431)
يومٌ على الدُنيا أطلَّ بروعة ٍ
رأت الحُتوف أمامها ووراءها
واستك مسمع خاففيها مذبها
هَتف النعيُّ مطبِّقاً أرجاءها
طرقتكِ سالبة البهاءِ فقطّبي
ما بشر من سلب الخطوب بهاءها
ولتغد حائمة الرجاء طريدة
لا سجل ينقع برده أحشاءها
فَحشا ابنِ فاطمة ٍ بعرصة كربلا
بَردت غليلاً وهو كان رُواءها
ولتطبق الخضراء في أفلاكها
حتى تصك على الورى غبراءها
فوديعة الرحمن بين عبادة
قد أودعنه أمية رمضاءها
صرعته عطشاناً صريعة كأسها
بتنوفة سدت عليه فضاءها
فكسته مسلوب المطارف نقعها
وسقته ضمآن الحشا سمراءها
يوم استحال المشرقان ضلالة
تبعث به شيع الضلال شقاءها
إذ ألقَح ابنُ طليق أحمد فتنة ً
وَلدت قلوبُهم بها شحناءها
حَشدت كتائِبَها على ابن محمدٍ
بالطف حيث تذكرت آباءها
الله أكبر! يا رواسي هذه الأ
رض البسيطة زايلي أرجاءها
يَلقى ابنُ منتجع الصلاحِ كتائباً
عَقدَ ابنُ مُنتجع السفاحِ لِواءَها
ما كان أوقحها صبيحة قابلت
بالبيضِ جبهته تُريقُ دِماءها
ما بلَّ أوجُهها الحيا ولو انّها
قِطعُ الصفا بلَّ الحيا مَلساءها
من أين تخجل أوجه أموية
سَكبت بلذَّاتِ الفُجورِ حياءها
قَهَرت بني الزهراء في سُلطانِها
واستأصلت بصفاحها أمراءها
في الأرضِ مَطرح جَنبها وثواءَها
ضاقت بها الدنيا فحيث توجهت
رأت الحتوف أمامها ووراؤها
فاستوطأت ظَهر الحِمام وحوَّلت
للعز عن ظهر الهوان وطاءها
طلعت ثنيات الحتوف بعصبه
كانوا السيوفَ قضاءَها ومِضاءها
من كل منتجع برائد رمحه
في الروع من مهج العدى سوداءها
إن تعر نبعة غزه لبس الوغى
حتى يجدل أو يعيد لحاءها
ما أظلَمت بالنقع غاسقة ُ الوغى
حتى بجدل أو يعيد لحاءها
يعشُو الحِمامُ لشعلة ٍ من عَضبه
كرهت نفوس الدارعين صلاءها
فحسامُه شمسٌ وعزرائيلُ في
يوم الكفاح تخاله حرباءها
وأشمُّ قد مسح النُجوم لواؤُه
فكأَنَّ من عَذباته جوزاءها
زحمَ السماء فمن محكّ سنانِه
جرباء لقَّبت الورى خضراءها
أبناء موت عاقدت أسيافها(23/432)
بالطف أن تلقى الكماة لقاءها
لقلوبُها امتحنَ الإلهُ بموقفٍ
مَحضتهُ فيه صَبرها وبلاءها
في حيثُ جعجعت المنايا بَركها
وطوائف الآجال طفن إزاءها
ووفت بما عقدت فزوَّجت الطُلى
بالمُرهفات وطلّقت جوباءها
كانت سواعدَ آل بيت مُحمدٍ
وسيوف نجدتها على من ساءها
جعلت بثغر الحتفِ من زُبر الضُبا
ردماً يحوط من الردى حلفاءها
واستقبلت هامَ الكماة فأفرَغت
قطراً على رَدم السيوفُ دماءها
كره الحمام لقاءها في ضنكه
لكن أحب الله فيه لقاءها
فَثوت بأفئدة ٍ صوادٍ لم تجد
ريًّا يَبلُّ سوى الردى أحشاءها
تغلي الهواجرمن هجير غليلها
إذ كان يُوقدُ حرّهُ رمضاءها
ما حال صائمة ِ الجوانح أفطرت
بدم وهل تروي الدما إضماءها
ما حالُ عاقرة ِ الجسوم على الثرى
نهبت سيوف أمية أعضاءها
وأَراكَ تُنشيءُ يا غمامُ على الورى
ظلاًّ وتروي من حَياك ضِماءها
وقلوب أبناء النبي تفطرت
عطشاً بقفرٍ أرمضت أشلاءها
وأمض ما جرعت من الغصص التي
قدحت بجانحة الهدى إيراءها
هتكُ الطغاة على بناتِ محمدٍ
حجب النبوة خدها وخباءها
فتنازعت أحشاءها حرق الجوى
وتجاذبت أيدي العدوّ رداءها
عجباً لِحلم الله وهي بعينهِ
برزت تُطيلُ عويلها وبُكاءها
ويرى من الزفرات تجمع قلبها
بيد وتدفع في يد أعداءها
حال لرؤيتها وإن شمت العدى
فيها فقد نحت الجوى أحشاءها
ما كان أوجها لمهجة أحمد
وأمض في كبد البتولة داءها
تربت أكفك يا أمية إنها
في الغاضريّة تربّت أُمراءها
ما ذنبُ فاطمة ٍ وحاشا فاطماً
حتى أخذت نذنبها أبناءها
لا بلَّ منك المُزن غلَّة عاطش
فيما سقيت بني النبي دماءها
فعليك ما صلى عليها الله لعـ
ـنته يُشابه عَودُها إبداءها
بولاء أبناء الرسالة أتَّقي
يوم القيامة هولها وبلاءها
آليتُ ألزمُ طائراً مدحي لهم
عُنقي إذا ما الله شاء فناءها
ليرى الإله ضجيع قلبي حبها
وضجيع جسمي مدحها ورثاءها
ماذا تظن إذا رفعت وسيلتي
لله حمد أئمتي وولاءها
أترى يقلِّدني صحيفة شقوتي(23/433)
ويبزُّ عُنقي مدحها وثناءها
بل أين من عنقي صحيفتي التي
أخشى وقد ضمن الولاءُ جلاءها
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قم ناشد الأسلام عن مصابه
قم ناشد الأسلام عن مصابه
رقم القصيدة : 22753
-----------------------------------
قم ناشد الأسلام عن مصابه
أصيب بالنبي أم كتابه
أم أنَّ ركب الموت عنه قد سرى
بالروح محمولا على ركابه
بلى قضى نفسُ النبيّ المرتضى
وأجدرج الليلة في أثوابه
مضى على اهتضامه بغضة
غص بها الدهر مدى أحقابه
عاش غريباً بينها وقد قضى
بسيف أشقاها على اعترابه
لقد أراقوا ليلة القدر دماً
دماؤها انصببن بانصبابه
تنزل الروح فوافى روحه
صاعدة شوقاً إلى ثوابه
فضج والاملاك فيها ضجة
منها اقشعر الكون في إهابه
وانقلب السلامُ للفجر بها
للحشر إعوالاً على مُصابه
الله نفس أحمد من قد غدا
من نفص كل مؤمن "أولى به"
غدره ابن ملجم ووجهه
مُخضَّبٌ بالدم في محرابه
وجه لوجه الله كم عفرت
في مسجد كان "أبا ترابه"
فاغبر وجه الدين لا صفراره
وخُضّب الإيمانُ لاختضابه
ويزعمُون حيثُ طلّوا دمهُ
في صومهم قد زيد في ثوابه
والصوم يدعو كل عام صارخاً
قد نضحوا دَمي على ثيابه
إطاعة ٌ قتلُهم مَن لم يكن
تُقبلُ طاعاتُ الورى إلاّ به
قتلتُم الصلاة في محرابها
ياقاتليه وهو في محرابه
وشق رأس العدل سيف جوركم
مذشق منه الرأس في ذبابه
فليبك "جبريل" له ولينتحب
في الملأ الأعلى على مصابه
نعم بكى والعيثُ من بُكائه
ينحب والرعد من انتحابه
منتدباً في صرخة ٍ وإنّما
يستصرخُ "المهديّ" في انتدابه
ياأيها المجوب عن شيعته
وكاشف الغُمّى على احتجابه
كم تغمد السيف لقد تقطّعت
رقابُ أهلِ الحق في ارتقابه
فانهض لها فليس إلاك لها
قد سئم الصابرُ جرع صابه
واطلب اباك المرتضى ممن غدا
مُنقلباً عنهُ على أَعقابه
وقل ولكن بلسان مرهف
واجعل دماء القوم في جوابه:
يا عصبة الالحاد أين من قضى
مُحتسباً وكنتِ في احتسابه
أين أميرُ المؤمنين أوما(23/434)
عن قتله اكتفيت في اغتصابِه
لله كم جُرعة غيظٍ ساغها
بعد نبيّ الله من أَصحابه
وهي على العالم لو توزعت
أشرقت العالم في شرابه
فانع إلى أحمد ثقل أحمد
وقُل له يا خير مَن يُدعى به
إنَّ الأُلى على النفاقِ مَرَدوا
قد كشفوا بَعدك عن نِقابِه
وصيروا سرح الهدى فريسة
للغيِّ بين الطلسِ من ذِيابه
وغادروا حقَّ أخيك مُضغة ً
يلوكها الباطلُ في أنيابِه
وظلَّ راعي إفكهم يحلبُ مِن
ضرع لبون الجور في وطابه
فالأمة اليوم غدت في مجهل
مذ قتلوا الهادي الذي تهدى به
لم يتشعَّب في قريشِ نسبٌ
إلاّ غَدا في المحضِ مِن لُبابه
حتى أتيت فأتى في حسب
قد دخل التنزيل في حسابه
فيالها غلطة دهر بعدها
لا يَحمدُ الدهر على صوابِه
مشى إلى خُلفِ بها فأَصبحت
أَرؤُسهُ تتبع من أَذنابِه
وما كفاه أن أرانا ضلة
وِهادُه تعلو على هِضابه
حتى أرانا ذئبَه مُفترساً
بين الشبول ليثه في غابه
هذا أمسر المؤمنين بعدما
ألجأهم للدين في ضِرابه
وقادَ من عُتاتِهم مَصاعباً
ما أسمَحت لولا شبا قِرضابِه
قد أَلفَ الهيجاءَ حتى ليلها
غرابه يأنس في عقابه
يمشي إليها وهوَ في ذِهابِه
أشد شوقاً منه في غيابه
كالشبل في وثبته والسيف في
هبته والصل في انسيابه
أرداهُ من لو لَحظته عينُه
في مأزق لفر من إرهابه
ومر من بين الجوع هارباً
يود أن يخرج من إهابه
وهوَ لعمري لو يشاءُ لَم يَنل
ما نال أشق القوم في آرابه
لكن غدا مُسلِّماً مُحتسِباً
والخير كل الخير في احتسابه
صلّى عليه الله من مضطهدٍ
قد أغضبوا الرحمن في اغتصابِه
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أَهاشمُ تَيمٌ جلَّ منكِ ارتكابُها
أَهاشمُ تَيمٌ جلَّ منكِ ارتكابُها
رقم القصيدة : 22754
-----------------------------------
أَهاشمُ تَيمٌ جلَّ منكِ ارتكابُها
حرام بغير المرهفات عتابها
هي القرحة الأولى التي مض داؤها
بأحشاكِ حتّى ليس يبرى انشعابُها
لقد أوجعت منكِ القلوبَ بلسعِها
عقارب ضغن أعقبها دبابها(23/435)
إلى الآن يَبرى سمُّها منكِ مهجة ً
بابرتِها قد شُقَّ عنها حِجابها
كأَن لم يكن ضدّاً سواه مقاوِماً
حياتَكِ مقصوراً عليها ذِهابُها
لها العذرُ لم تسلَم لباري نفوسِها
فتُلوى لمن وُلي عليها ـ رِقابها
ولا صدَّقتْ يوماً بما في كتابِه
فتخشى الذي يحصي عليها كتابها
ولو آمنتُ بالله لم يغدُ في الورى
بإمرة ِ مولى المُؤمنين خِطابها
علتْ فوق أعوادِ الرسول لبيعة ٍ
بها مِن ثقيل الوزر طال احتقابها
تقلب بين المسلمين أناملا
ترك عن الأسلام كيف انقلابها
أعد نظراً نحو الخلافة أيما
أحق بأن تضفو عليه ثيابها
أمن هو نفس للنبي أم التي
له دحرجت تحت الظلام دبابها
يقولون بالإجماع وُليِّ أمرها
ضئيل بني تيم لينفى ارتيابها
وهل مدخلاً للرُشد أبقى ، وفيه من
مدينة علم الله قد سد بابها
بلى عدلت عن عيبة العلم واقتدت
بمن مُلئت من كل عيبٍ عيابها
ولو لم يكن عبد من الله لم تذل
- ولا لعقة مما تحلت - كلابها
فلله ما جرت سيفة غيها
على مرشديها يومَ جَلَّ مُصابها
بها ضَربتْ غَصباً على مُلكِ أحمد
بكف عدي واستمر اغتصابها
غلى حيث بالأمر استبدت أمية
فأسفرَ عن وجهِ الضَّلال نِقابها
وأَبدت حقودَ الجاهلية بعدما
ـ لخوفٍ من الإسلام ـ طال احتجابها
ولت سيوفاً أظمأ الله حدها
فأضحى دم الهادين وهو شرابها
فقل لنزار سومي الخيل إنا
تحن إلى كر الطراد عرابها
لها إن وهبت الأرض يوماً أرتكها
قد انحط خلف الخافقين ترابها
حرام على عينيك مضضة الكرى
فان ليالي الهم طال حسابها
فلا نومَ حتى توقَد الحرب منكمُ
بملمومة ٍ شهباء يُذكي شهابها
تَساقى بأفواهِ الضُّبا مِن أُميَّة ٍ
إلى مهج الأبطال تهوى حرابها
فِراخُ المنايا في الوكور لرقِّها
قد التقطت حب القلوب عقابها
عَجبتُ لكم أن لا تجيش نفوسكم
وأَن لا يقيءَ المرهفاتِ قرابها
وهذي بنو عَصّارة الخمرِ أصبحت
على منبر الهادي يطن ذبابها
رَقدتِ وهبَّت منكِ تطلبُ وِترها
إلى أن شفى الحقد القديم طلابها(23/436)
نَضت من سواد الثُّكل ما قد كسوتها
وأصبحنَ حُمراً من دِماكِ ثيابها
أفي كل يوم منك صدر ابن غابة
تَبيت عليهِ رابضاتٍ ذيابها
يمزق أحشاء الأمامة ظفرها
عناداً ويدمى من دم الوحي نابها
لك الله من موتورة هان غلبها
وعهدي بها صَعب المرام غلابها
كأَن من بني صَخرٍ سيوفك لم تكن
مقام جفون العين قام ذبابها
وحتّى كأَن لم تنتثر في صدورها
أنابيب سمر لم تخنك حرابها
إفي الحق أن تحوي صفايا تراثكم
وتَذهب في الأحياءِ هدراً دماؤكم
ويبطل حتّى عند حَربِ طِلابها
هبوا ما على رقش الأفاعي غضاضة
إذا سل منها ذات يوم إهابها
فهل تصفح الأفعى إذا ما تلاقيا
على تِرة ٍ كفُّ السليمِ وَنابها
أيخرجها من مستكن وجارها
وسصفو له بالرغم منها لصابها
ويطرقها حتى يدمي صماخها
يكف له اثرن قدماً نيابها
وتنساب عنه لم تساور بنانه
بنهش ولم يعطب حشاه لعابها
فما تلك من شأن الأفاعي فلم غدت
بها مُضر الحمراء ترضى غضابها
أَصبراً وأعرافُ السوابق لم يكن
من الدم في ليل الكفاح اختضابها
أَصبراً ولم تُرفع من النقع ضلّة ٌ
يُحيل بياضَ المشرقين ضُبابها
قناها ولم تندق طعناً حرابها
أَصبراً وبيضُ الهندِ لم يُثن حدَّها
ضراب يرد الشوس تدمى رقابها
وتلك بأجراع الطفوف نساؤكم
عَليها الفلا اسودَّت وضاقت رحابها
وتلك بأجراع الطفوف نساؤكم
يهد الجبال الراسيات انتحابها
حواسر بين القوم لم تلق حاجباً
لها الله حَسرى أين منها حِجابها؟!
كجمر الغضا أكبادهن من الظما
بِقفرٍ لُعاب الشمسِ فيهِ شرابُها
تُردِّدُ أنفاساً حِراراً وتَنثني
لها عبرات ليس يثني انصبابها
فهاتيك يحرقن الغوادي وهذه
ينوب مناب الغاديات انكابها
هواتفُ من عَليا قريشٍ بعصبة ٍ
قضوا كسيوف الهند فل ذبابها
مَضوا حَيثُ لا الاقدامُ طائشة الخطا
ولا رجح الأحلام خفت هضابها
تُطارِحهم بالعَتبِ شجواً وإنّما
دماً فجر الصخر الأصم عتابها
تنادي بصوت زلزل الأرض في الورى
شجى ضعفه حتى لخيف انقلابها(23/437)
أفتيان فهر أين عن فتيانكم
حميَّتكم والأُسد لم يُحم غابها
أتصفر من رعب ولم تنض بيضكم
فيحمر من سود المنايا إهابها
وتقهرها حرب على سلب بردها
وأرجلها بغياً يباح انتهابها
وتتركها قسراً ببيداء من لظى
هواجرها كادت تذوب هضابها
على حين لا خدرٌ تقيلُ بكِسره
عن الشمس حيث الأرض يغلي ترابها
فوادح أجرى مقلة الأرض والسما
دماً صبغت وجه الصعيد مصابها
فيامن هم الهادون والصفوة التي
عن الله قُرباً قاب قوسين قابها
عليكم سلام الله ماديم الحيا
مرتها صبا ريح فدر سحابها
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا آل فِهرٍ أين ذاك الشبا
يا آل فِهرٍ أين ذاك الشبا
رقم القصيدة : 22755
-----------------------------------
يا آل فِهرٍ أين ذاك الشبا
ليست ضُباكِ اليوم تلك الضبا
للضيم أصبحت وشالَت ضُحى ً
نعامة العز بذاك الأبا
فلست بعد اليوم في حبوة
مثلُكِ بالأمس فحلّي الحُبا
فعزمُك انصبَّ على جمرِه
دم الطلى منك إلى أن خبا
ما بقيت فيكِ لمُستنهِض
بقيَّة ٌ للسيف تُدمي شَبا
ما الذل كل الذل يوماً سوى
طرحكِ أثقال الوغى لُغّبا
لا يُنبت العزَّ سوى مَربع
ليس به بَرق الضبا خُلَّبا
ولم يطأ عرش العلا راضياً
مَن لم يطأ شوكَ القنا مغضبا
حيَّ على الموتِ بني غالبٍ
أينَ الحفاظُ المرُّ أين الإبا
قُومي فأمّا أن تُجيلي على
أشلاء حرب خيلك الشزبا
أَو ترجعي بالموت محمولة ً
على العوالي أغلباً أغلبا
ماأنت للعلياء أو تقبلي
بالقُبِّ تنزو بكِ نزو الدبى
تقدمها من نقعها غبرة
تطبق المشرق والمغربا
يا فِئَة َ لم تدرِ غير الوَغى
أُمَّاً ولا غير المواضِي أبا
نومكِ تحت الضيم لا عن كرى ً
أسهر في الأجفان المر أين الأيا
أتشرق الشمس ولا عينها
بالنقع تعمى قبل أن تغربا
وهي لكم في السبي كم لاحظت
مصونة لم تبد قبل السبا
كيف بنات الوحي أعداؤكم
تدخل بالخيلِ عَليها الخِبا
ولم تَساقط قطعاً بيضكم
وسمرُكم لم تنتثر أكعُبا
فدمعُها لو لم يكن مُحرقاً(23/438)
عاد به وجه الثرى حشاً الهبا
تنعى الألى سحب أياديهم
تستضحك العامَ إذا قطَّبا
تنعاهم عطشى ولكن لهم
جَداولُ البيض حلت مشربا
خُطَّت بأطرافِ العوالي لهم
مضاجعُ تسقى الدمَ الصيِّبا
سل بهم أما تسل كربلا
غذ واجهوا فيها البلا المكربا
دكوا رباها ثم قالوا: لها
وقد جثوا نحن مكان الربا
يا بأبي بالطف أشلاؤُها
تنعى بَها ليلاً تسلُّ الوغى
يا بأبي بالطف أوداجُها
للسيف أضحت مرتعاً مخصبا
يا بأبي بالطف أحشاؤها
عادت لأطراف القنا ملعبا
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> يعلم الله أن قلبي صفات
يعلم الله أن قلبي صفات
رقم القصيدة : 22756
-----------------------------------
يعلم الله أن قلبي صفات
سئمت طولَ قرعه الحادثاتُ
مضغته لهى الخطوب وكلت
وعلى المضغ لا تلين الحصاة
فُطّرت مُهجتي من الصبر لكن
لحسين فطّرنها الزفراتُ
يا قتيلاً وما نعته المرنّات
ولم تبكه الضبا الباترات
أكل اللوم هاشماً بعد يوم
لم تُجل وسطه لِضيم قذاة ُ
كلما سالت الكفاحُ حديداً
علم الراسيات كيف الثبات
مُنتضٍ للوغى صفيحة َ عَزمٍ
وهو تلك الصفيحة المُنتضاة
إن يمت فالفرند ذاك الفرند
المُجتلي والشباة ُ تلك الشباة ُ
كفلتهم بحجرها الحرب قدماً
والمواضي عليهم حانيات
واذا ما انتسبتهم ففتاهم
أبواه الهيجاء والمرهفات
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> كم توعدُ الخيل في الهيجاء أَن تلجا
كم توعدُ الخيل في الهيجاء أَن تلجا
رقم القصيدة : 22757
-----------------------------------
كم توعدُ الخيل في الهيجاء أَن تلجا
مآن في جربها أن تلبس الرهجا
وكم قنا الخط كفُّ المطلِ تفطمُها
مآن ترضع الأحشاء والمهجا
وكم تعلل بيض الهند معمدة
عَن الضراب ولمّا تعترق وَدَجا
ياناهجاً في السرى قفراء موحشة
ما كان جانبها المرهوب منتهجا
صديان يقطع عرضَ البيد مقتعداً
غوارب العيس لم يقعد بهنَّ وجا
خذ من لِساني شكوى غَير خائبة ٍ
من ضيق ما نحن فيه تضمن الفرجا(23/439)
تستنهض الحجة َ المهدي من خَتمَ
الله العظيم به آباءَه الحجبا
لم يستتر تحت ليل الريب صبح هدى
إلاّ وللخلق منه كان منبلجا
من نبعة ٍ تثمر المعروفَ مورقة ٍ
في طينة المجد ساري عِرقها وشجا
المورد الخيل شقراً ثم يصدرها
دهماً عليها إهاب النقع قد نسجا
والضارب الهام يوم الروع مجتهداً
في الله ليس يرى في ضربِها حَرجا
من كل شيخ نُهى نجدٍ وكهل حِجى
الفارجين مَضيق الكرب إن نُدبوا
والكاشفين ظلام الخطب حين دجى
إن ضللتهم سماء النقع يوم وغى
كانت وجوههم في لَيلها سُرجا
يا مدرك الثار كم يَطوي الزمان على
إمكان إدراكه الأعوام والحججا
لا نومَ حتى تعيدَ الشمَّ عزمتكم
قاعاً بها أمتاً ولا عوجا
في موقفٍ يخلطُ السبع البحارَ معاً
بمثلها من نجيع قد طغت لُججا
من عُصبة ٍ ولجت يوم الطفوف على
هِزبركم غاب عزٍّ قطّ ما وُلِجا
ظنت بما اقترحت عليه
يوم تجهم وجه الموت فيه وقد
لاَقى ابن فاطمة ٍ جذلانَ مبتهجا
في فتية ٍ كسيوف الهندِ قد فتحوا
من مُغلق الحرب في سمر القنا الرُّبحا
وأضرموها على الأعداء ساعرة
ثم اصطلوا دونه من جمرها الوهجا
ضراغم إن دعا داعي الكفاح بهم
نزى من الرعب قلب الموت واختلجا
ما فُوخِروا في الوغى إلاّ قضت لهم
عمارها أنهم كانوا لها ثبجا
من كل أغلبَ في الهيجاء صعدتُه
ترى تمائمها الأكبادَ والمُهجا
أشمُّ ينشقُ أرواح المنونِ إذا
تفاوحت بين أطراف القنا أرجا
أو أصحرته لدى روع حفيظته
فقلب كل هزير لم يكن ثلجا
بيض الوجوه قضوا والخيلُ ضاربة ٌ
رواق ليل من النقع المثار سجا
وُغودرت في شعاب الطف نسوَتُهم
يَجهشنَ وجداً متى طفلٌ لها نشجا
من كلّ صادية الأحشاء ناهلة ٍ
من دمعها والشجى في صدورها اعتلجا
تدعو فيخرج دفاع الزفير حشى
صدورِها ويردّ الكظم ما خرجا
لا صبر يالآل فهر وابن فاطمة
يُمسي وكان أمانَ الناس مُنزعجا
مقلقلاً ضاقت الأرض الفضاءُ به
حتى على لفح نيران الظما درجا
قد قضى بفؤاد حر غلته
لو قلب الصخر يوماً فوقه نضجا(23/440)
ألله أكبر آل الله مشربهم
بين الورى بذعاف الموت قد مزجا
مروعون وهم أن المروع غدا
وسِع الفضاء عليهم ضيِّقاً حرجا
قد ضرج السيف منهم كل ذي نسك
بغير ذكر إله العرش مالهجا
فغودرت في الثَّرى صرغى جسومهم
وفي نفوسهم لله قد عرجا
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أُميّة ُ غوري في الخمول وأنجدي
أُميّة ُ غوري في الخمول وأنجدي
رقم القصيدة : 22758
-----------------------------------
أُميّة ُ غوري في الخمول وأنجدي
فما لكِ في العلياء فوزة ُ مَشهدِ
هبوطاً إلى أحسابكم وانخفاظها
فلا نسبٌ زاكٍ ولا طيبُ مَولدِ
تطاولتموا لا عن علا فتراجعوا
إلى حيث أنتم واقعدوا شر مقعد
قديمكم ما قد علمتم ومثلهُ
حديثكم في خزيه المتجدّد
فماذا الذي أحسابكم شرفت به
فاصعدكم في الملك أشرف مصعد
صلابة ُ أعلاكِ الذي بللُ الحيا
به جف أم في لين أسفلم الندى
بني عبد شمسٍ لاسقى الله جُفرة ً
تصمك والفحشاء في شر ملحد
ألما تكوني من فجورك دائماً
بمِشغلة ٍ عن غصب أبناء أحمد
وراءك عنها لا أبا لك إنما
تقدمتها لاعن تقدم سؤدد
عجبتُ لمن في ذِلّة النعل رأسُه
به يترآى عاقداً تاج سيد
دعوا هاشماً والفخر يعقد تاجَهُ
على الجبهات المستنيرات في الندي
كريمُ أبي شمَّ الدنيَّة أنفُه
إليكم إلى وجه من العار أسود
يُرَشّحُ لكن لا لشيء سوى الخنا
وليدكم فيما يروحُ ويغتدي
وتترف لكن للبغاء نساؤكم
فيدنس منها في الدجى كلّ مرقد
ويسقى بماء حرثكم غير واحد
فكيف لكم ترجى طهارة مولد
ذهبتم بها شنعاءَ تبقى وصومها
لأحسابكم خزياً لدى كل مشهد
فسل عبد شمس هل يرى جرمَ هاشم
إليه سوى ماكان أسداه من يد
وقل لأبي سفيان ماأنت ناقم
أأمنك يوم الفتح ذنب محمد
فكيف جَزيتم أحمداً عن صنيعه
وكم لكم داسوا عرينة مُلبد
غداة ثنايا الغدر منها إليهم
تطالعتموا من أشئم إثر أنكد
بعثتم عليهم كلَّ سوداءَ تحتها
دفعتم إليهم كل فقماء مؤيد
ولا مثل يوم الطف لوعة واجد(23/441)
وحرقة ُ حرّانِ وحسرة مُكمد
تباريح أعطين القلوب وحبيبها
وقلن لها قومي من الوجد واقعدي
غداة ابن بنت الوحي خر لوجهه
حياضَ الردى لا وقفة المتردّدِ
درت آل حرب أنها يوم قتله
فموتُ أخي الهيجاء غير موسّد
وان أكلت هندية البيض شلوه
فلحمُ كريم القوم طعمُ المهنّد
وإن لم يشاهد قتله غير سيفه
فذاك أخوه الصدق في كلّ مشهد
لقد مات لكن ميتة ً هاشمية ً
لهم عُرفت تحت القنا المتقصّد
فاشمَمه شوك الوشيج المُسدّد
وقال قفي يا نفسُ وقفة َ واردٍ
من الموت حيثُ الموت منه بمرصد
فآثر أن يسعى جمرة الوغى
برجلٍ ولا يُعطي المقادة عن يد
قضى ابن علي والحفاظ كلاهما
فَلَست ترى ما عِشتَ نهضة َ سيّد
ولا هاشميَّاً هاشماً أنفَ واترٍ
لدى يوم روع بالحسام المهند
لقد وضعت أوزارها حربُ هاشم
وقالت قيام القائم الطهر موعدي
إمام الهدى سمعاً وأنت بمسمع
عتاب مثير لا عتاب مفند
فداؤك نفسي ليس للصبر موضع
فتُغضي ولا من مِسكة ٍ للتجلّد
أتنسى وهل يَنسى فعالَ أُميّة ٍ
أخو ناظر من فعالها جد أرمد
وتقعد عن حرب وأيُّ حشاً لكم
عليهم بنار الغيظ لم تتوقد
فقم وعليهم جرد السيف وانتصفت
لنفسك بالعضب الجراز المجرد
وقم أرهم شُهبَ الأسنّة ِ طُلّعاً
بغاشية من ليل هيجاء أربد
فكم ولجوا منكم مغارة أرقم
عِناداً ودقّوا منكم عنقَ أضيد
فلا نَصفَ حتى تنضحوا من سيوفكم
على كل مرعى من دماهم مورد
ولا نصف إلا أن تقيموا نساءهم
سبايا لكمن في محشد بعد محشد
وأُخرى إذا لم تفعلوها فلم تَزِل
حزازاتُ قلب الموجع المتوجّد
تبيدونهم عطشى كما قتلوكم
ضماءً قلوب حرُّها لم يُبرّد
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> اقائم بيت الهدى الطاهر
اقائم بيت الهدى الطاهر
رقم القصيدة : 22759
-----------------------------------
اقائم بيت الهدى الطاهر
كم الصبرُ فتَّ حَشا الصابرِ
وكم يتظلُّم دينُ الإله
إليكمن النفر الجائر
يمدُّ يداً تشتكي ضعفَها
لطبِّكَ في نبضها الفاتر(23/442)
نرى منك ناصره غائباً
وشركُ العِدى حاضرُ الناصر
فنوسع سمعك عتباً يكاد
يُثيركَ قبل نِدى الآمرِ
نهزَّك لا مُؤثراً للقعود
على وثبة الأسد الخادر
ونوقض عزمك لا بائتاً
بمقلة من ليس بالساهر
ونعلم انك عما تروم
لم يَكُ باعُك بالقاصِر
ولم تخشَ من قاهرٍ حَيثما
سوى الله فوقكَ من قاهرِ
ولا بدَّ من أن نرى الظّالمين
بسيفك مقطوعة الدابر
بيومٍ به ليسَ تبقى ضُباك
على دارِعِ الشرك والحاسِر
ولو كنت تملك أمر النهوض
أخذت له أهبة الثائر
وإنّا وإن ضرَّستنا الخطوبُ
لنعطيكَ جهدَ رِضى العاذر
ولكن نرى ليس عند الأله
أكبرُ من جاهكَ الوافرِ
فَلو تسألِ الله تعجيلُه
ظهورك في الزمن الحاضر
لوافتكَ دعوتُه بالنّهوض
باسرع من لمحة الناظر
فثقف عدلك من ديننا
قنا ً عجمتها يد الآطر
وسكّن أمنُك منّا حشاً
وَحتّى غَدوا بين مقبورة
إلىم وحتىم تشكو العقام
لسيفك أم الوغى العاقر
وكم تتلظى عطاش السيوف
إلى ورد ماء الطلى الهامر
أما لقعودك من لآخر
أثرها فديتك من ثائر
وقدها يميت ضحى المشرقين
بظلمة قسطلِها المائر
يردن بمن لا بغير الحمام
أو دركَ الوِترَ بالصادرِ
وكلّ فتى حَنِيت ضَلعُه
على قلب ليث شرى ً هاصر
يحدثه أسمر حاذق
بزجر عُقاب الوَغى الكاسر
بان له إن سرى مستميـ
ـتاً لطعن العدى أوبة الظافرِ
فيغدو أخفَّ لضمّ الرِّماح
منه لضم المها العاطر
أولئكَ آل الوغى المُلبسون
عدوهم ذلة الصاغر
هُم صَفوة المجدِ من هاشمٍ
وخالصة الحسب الفاخر
كواكب منك بليل الكفاح
تحفُّ بنيّرها الباهرِ
لهم أنت قطب وغى ثابت
وهم لك كالفلك الدائر
ضِماء الجيادِ ولكنُّهم
رواء المثقف والباتر
كماة تلقب أرماحهم
برضاعة الكبد الواغر
لدى الروع بالأَجل الحاضرِ
فان سددوا السمر حكموا السما
وسدّوا الفضاءَ على الطائر
وإن جردوا البيض فالصافنات
تعوم ببحر دمٍ زاخرِ
فثمة طعن قنا لا تقبل
أسنَّتها عثرة َ الغادر
وضربٌ يؤلّف بين النفوس
ألا أينكَ اليوم يا طالباً
بماضي الذحول وبالغابر(23/443)
وأين المعد لمحو الضلال
بتجديد رسم الهدى الدائر
وناشرَ راية ِ دين الإله
وناعش جد التقى العائر
ويابن الألى ورثوا كابراً
خميد المآثر عن كابر
ومن مدحهم مفخر المادحين
وذكرهم شرف الذاكر
ومن عاقدوا الحرب أن لا تنام
عَن السيف منهُم يد الساهرِ
تَداركْ بسيفك وترَ الهدى
فقد أمكنتكَ طلى الواتر
كفى أسفاً أن يمرَّ الزمان
ولست بناه ولا آمر
وأن ليسَ أعيننا تستضيء
بمصباح طلعتك الزاهر
على أنّ فينا اشتياقاً إليك
كشوق الربى للحيا الماطر
عليك إمام الهدى عز ما
غدا البر يلقى من الفاجر
لك الله حلمك غر البغاة
فأنساهم بطشة َ القادر
وطول انتظارك فت القلوب
فكم ينحت الهم أحشاءنا
وكم تستطيل يد الجائر
وكم نصب عينيك يابن النبي
نساط بِقدر البَلا الفائر
وكم نحن في لَهوات الخطوب
نناديك من فمِها الفاغرِ
ولم تَك منّا عيونُ الرجاء
بغيرك معقودة الناظر
أصبراً على مثل حزّ المُدى
ولفحة ِ جمر الغضا السّاعرِ
أصبراً وهذي تيوس الضلال
قد أمنت شفرة الجازر
اصبراً وسرب العدى رائع
يروح ويغدو بلا ذاعر
نرى سيف أو لهم منتضى
على هامنا بيد الآخر
به تعرق اللحم منا وفيه
تشظّي العظامَ يدُ الكاسر
وفيه يسوموننا خطة
بها ليس يرضى سوى الكافر
فنشكوا إليهم ولا يعطفون
كشكوى العقير للعاقر
وحين التقت حلقات البطان
ولم نر للبغي من زاجر
عججنا إليكَ من الظالمين
عجيجَ الجِمالِ من الناحرِ
وبتنا نود الردى كلنا
لننقل عنهم إلى قابر
أجل يَومنا ليس بالأجنبي
من يوم والدك الطاهر
فباطن ذاك الضلال القديم
مضمره عين ذا السابر
فعنك انطوى أي تلك الخطو
ب فتحتاج فيه إلى الناشر
أيَومُ النبيّ ومن هاهُنا
أُتينا بهذا البَلا الغامر
غداة قضى فغدا العالمون
ولكن رَأى فُرصة الثائر
فأضرمها فتنتة لم تدع
رشاداً لبادٍ ولا حاضرِ
غدا الدين أهون لما ذكت
لدى القوم من سحمة الصاهر
أذلك أم يوم أضحى الوصيّ
يرى فيئه طعمة الفاجر
وعنه تقاعد صحب النبي
ومالوا إلى بيعة الماكر(23/444)
فما في مُهاجرة المسلمين
له بعد طه سوى الهاجر
ولا في قَبيلة أنصارهم
لهُ حَيث أفردَ من ناصرِ
بني قيلة بعدت قيلة
وما ولدت عن رضا الغافر
أيُصبح فيكم بلا عاضد
وصيُّ الرسول ولا وازرِ
وقهراً إلى شيخ تيم يقاد
بكف ابن حنتمة العاهر
وَتُبتزُّ فاطمة بينكم
وأنتم حضور ولَم تَغضبوا
فيا بؤس للملأ الحاضر
وحين قضت بيعة الغاصبين
باذواء فرع الهدى الناضر
غَدت عَثرة ُ الوحي لم تخل منـ
ـهم ولا حلبة الشاة من ضائر
ترى غلية الشرك أنى مقبورة
بملحدها في الدجى السّاتر
وبَين قَتيل بمحرابه
خضيب الشوى بالدم القاطر
وميت برى منه سمّ العدو
حشاً ملؤها خِشية الفاطر
وَبين صَريع بصيخودة ٍ
تريب المحيا بها عافر
قضى والهداية ُ في مصرع
ووسد والرشاد في قابر
ومن ساهر الهم يبغي النهوض
منتظرٍ دعوة َ الآمرِ
مصائبُ يفطرنَ قلب الجليد
وينضخن دمعاً حشى الصابر
فهل ينشد الصبر في مثلها
وما مثلها دار في خاطر
العصر العباسي >> البحتري >> محمد ما آمالنا بكواذب
محمد ما آمالنا بكواذب
رقم القصيدة : 2276
-----------------------------------
مُحَمّدُ! مَا آمَالُنَا بكَوَاذِبِ
لَدَيْكَ، وَلا أيامنا بشواحب
دَعَوْنَاكَ مَدْعُوّاً إلى كُلّ نَوْبَةٍ،
مُجيباً إلى تَوْهينِ كيد النّوَائبِ
بعَزْمِ عُمُومٍ مِنْ مَصَابيحِ أشعَرٍ،
وَحَزْمٍ خُؤولٍ مِنْ لُؤيّ بنِ غالِبِ
لَغِبتَ مَغيبَ البَدرِ عنّا، وَمَن يَبِتْ
بلا قَمَرٍ يَذْمُمْ سَوَادَ الغَياهِبِ
فكَم من حَنينٍ لي إلى الشّرْقِ مُصْعَدٍ،
وَإنْ كانَ أحْبابي بأرْضِ المَغارِبِ
وَما التَقَتِ الأحشاءُ، يَوْمَ صَبَابةٍ،
على بَرَجاءٍ مِثْلِ بُعدِ الأقارِبِ
ولا سُكبَتْ بِيضُ الدّموعِ وَحُمرُها
بحَقٍّ، على مِثلِ الغيوثِ السّوَاكِبِ
رَحَلْتَ فلَمْ آنَسْ بمَشْهَدِ شاهدٍ،
وَأُبْتَ فلَم احفِلْ بغَيْبَةِ غائِبِ
قَدِمْتَ فأقدَمتَ النّدى يحملُ الرّضَا
إلى كلّ غضْبانٍ، على الدّهرِ، عاتِبِ(23/445)
وَجِئْتَ، كَما جَاءَ الرّبيعُ، محَرِّكاً
يَدَيْكَ بِأخْلاقٍ تَفي بالسّحائِبِ
فعَادَتْ بكَ الأيّامُ زُهراً كأنّما
جَلا الدّهرُ منها عن خُدودِ الكَوَاعبِ
أبَا جَعفَرٍ! ما رَفْدُ رِفْدٍ بمُسْلِمي
إلى مَذهَبٍ عَنكُمْ، وَلا سَيبُ سائبِ
فمَن شاءَ فَليَبخُلْ، وَمن شاءَ فليَجُد،
كَفاني نَداكمْ من جَميعِ المَطالبِ
وَمَا أنسَ لا أنسَ اجتِذابَكَ همّتي
إلَيكَ، وَتَرْتيبي أخَصَّ المَرَاتِبِ
صَفِيُّكَ مِنْ أهل القَوَافي بزَعمِهمْ،
وَأنتَ صَفيّي دونَ أهلِ المَوَاهبِ
حَلَفْنَاهُ حِلْفاً بَيْنَنَا، فتَجَدّدَتْ
مَناسبُ أُخرَى بَعدَ تلكَ المَناسِبِ
فيَا خَيرَ مَصْحوبٍ، إذا أنَا لمْ أقُلْ
بشُكْرِكَ، فاعلَمْ أنّني شرُّ صَاحبِ
بمنظومة نظم اللآلى يخالها
عليك سراة القوم عقد كواكب
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أهاشم لا يوم لك أبيض أو ترى
أهاشم لا يوم لك أبيض أو ترى
رقم القصيدة : 22760
-----------------------------------
أهاشم لا يوم لك أبيض أو ترى
جيادك تزجى عارض النقع أغبرا
طوالعُ في ليل القَتام تخالها
وقد سدَّت الأُفق، السحاب المسخرا
بني الغالبيين الألى لست عالماً
أأسمع في طعن اكفك أم قرى
إلى الآن لم تجمع بكِ الخيلُ وثبة ً
كأَنّكِ ما تدرين بالطفّ ما جرى
هلم بها شتث النواصي كأنها
ذياب غضاً يمرحن بالقاع ضمرا
وإن سألتك الخيل أين مغارها
فقُولي ارفعي كلَّ البسيطة عثيرا
فان دماكم طحن في كل معشر
وما الموتُ إلاّ أن تعيش فتقسرا
ولا كدم في كربلا طاح مكنم
فذاك لأجفان الحمية أسهرا
غداة أبو السجاد جاء يقودها
أجادلَ للهيجاء يحمِلنَّ أنسرا
عَليها من الفتيان كلَّ ابنِ نثرة ٍ
يَعُدّ قتير الدرع وشياً مُحبّرا
أشم إذا ما افتض للحر عذره
تنشقُّ من أعطافها النقعَ عنبرا
من الطاعني صدر الكتيبة في الوغى
إذا الصف منها من حديد توقرا
هُم القوم إما أجروا الخيلَ لم تطأ
سنابكها إلا دلاصاً ومغقرا(23/446)
إذا ازدحموا حشداً على نقع فيلق
رأيت على اللّيل النهار تكوَّرا
كماة تعد الحي منها إذا انبرت
عن الطعنَ من كان الصريعَ المقطّرا
ومن يَخترم حيثُ الرماح تظافرت
فذلك تدعوه الكريمَ المظفّرا
فما عبروا إلاّ على ظهرِ سابح
إلى الموت لمّا ماجت البيضُ أبحرا
مضوا بالوجوه الزهر بيضاً كريمة
عليها لئام النقع لا ثوه أكدرا
فقل لنزار: ماحنينك نافع
ولومت وجداً بعدهم وتزفرا
حرام عليك الماء مادام مورداً
لأبناء حربٍ أو ترى الموت مصدرا
وحجر على أجفانك النوم عن دم
شبا السيف يأبى أن يُطلّ ويهدرا
أللهاشمي الماء يحلو ودونه
نوت قومه حرى القلوب على الثرى
وتهدأ عينُ الطالبيَّ وَحولها
جفونُ بني مروانَ ريّا من الكرى
كأنك يا أسياف غلمان هاشم
نسيتِ غداة َ الطفّ ذاك المعفّرا
هبي لبسوا في قتله العار أسوداً
أيشفي إذا لم يلبسوا الموت أحمر
ألا بَكّرَ الناعي ولكن بهاشم
جميعاً وكانت بالمنية أجدرا
فما للمواضي طائل في حياتها
إذا باعُها عجزاً عن الضرب قَصرا
اللعيش تستبقي النفوس مضامة
ثوى اليومَ أحماها عن الضيم جانباً
وأصدقها عند الحفيظة مخبرا
وأطعمها للوحش من جثث العدى
وأخضبُها للطير ظِفراً ومِنسرا
قضى بعد مارد السيوف على القنا
ومرهفه فيها وفي الموت أثرا
ومات كريم العبد عند شبا القنا
يُواريه منها ما عليه تكسَّرا
فإن يُمس مغبرَّ الجبين فطالما
ضُحى الحرب في وجه الكتيبة غبّرا
وإن يقض ضمآناً تفطّر قلبه
فقد راع قلب الموت حتى تفطر
وألقحها شعواءَ تشقى بها العِدى
ولُود المنايا ترضعُ الحتفَ مُمقرا
فظاهر فيها بين درعين نثرة
وصبر ودرع الصبر أقواهما عرا
سطا وهو أحمى من يصون كريمة
وأشجع من يقتاد للحرب عسكرا
فرافده في حومة الصرب مرهف
على قلّة الأنصار فيه تكثّرا
تعثّر حتى مات في الهام حدُّهُ
وقائمة في كفه ما تعثرا
كأن أخاه السيف أعطي صبره
فلم يبرح الهيجاء حتى تكسرا
له الله مفطوراً من الصبر قلبه
ولوكان من صم الصفا لتفطرا(23/447)
ومُنعطفٍ أهوى لِتقبيلِ طفله
فقبّل منه قبله السهمُ منحرا
لقد وُلدا في ساعة ٍ هو والردى
ومن قبله في نحره السهم كبرا
وفي السبي ممّا يصطفي الخِدر نسوة ٌ
يعز على فتيانها أن تسيرا
حمت خدرها يقضى وودت بنومها
تردَّ عليها جفنها لا على الكرى
مشى الدهرُ يوم الطف أعمى فلم يدع
عماداً لها إلاّ وفيه تعثّرا
وجشمها المسرى يبيداء قفرة
ولم تدر قبل الطف ماالبيد والسرى
ولم تر حتى عينها ظل شخصها
إلى أن بدت في الغاضريّة خُسّرا
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> نعى الروح جبريل بأن ذوى الغدر
نعى الروح جبريل بأن ذوى الغدر
رقم القصيدة : 22761
-----------------------------------
نعى الروح جبريل بأن ذوى الغدر
أراقوا ذمَ الموفينَ لله بالنذرِ
نعى وانقلاب الكون في ضمن نعيه
بأن ذوي الحجر استباحوا ذوي الحجر
نعى فغدا من في الوجود بدهشة
هي الحشر لا بل دونها دهشة ُ الحَشر
نعى من بقلب الدهر من جرح جسمه
جراحاتُ حُزنٍ لا يعالجنَ بالسَبر
نعى ان روح الكون بالطف أقلعت
يدُ الموت منه وهي دامية ُ الظِفر
نعى مقلة الأسلام فاحتلب الشجى
دماء أفاويق الدموع من الصخر
نعى شطر قلب الدين للدين فاغتدى
ومن قلبه شطر ينوح على شطر
نعى من دعا بالدين حي على الهدى
اناساً دعوا بالشرك حي على الكفر
نعى داعياً لله حيا وميتا
وفي زبر الأسياف يصدع والذكر
نعى ساجداً صلت إلى الله روحه
قضى رأسه المرفوع من سجدة الشكر
نعى من بجنب الله للموت هلمه
ومن قلبه فيها أقام على جمر
نعى ذان قدس يعلم الله انها
منزّهة ُ الأفعالِ في السرّ والجهر
نعى للنفوس التسع من كان عاشر الـ
ـعقول أبا الخمس الجواهر للفخر
نعى الجوهر الفرد الذي في أموره
تجرد للرحمن من عالم الأمر
نعى من له النفس البسيطة لم تصل
ولو حاولت إدراكه بالقوى العشر
نعى صفوة الله العظيم ولطفه
على الخلق في الدنيا وفي الحشر والنشر
نعى من له خلق الورى يوم خلقهم
ويومَ يقوم الحشر سلطنة ُ الحشر(23/448)
نعى خير من سار المطي برحله
وأكرَم من يمشي سويّا على العَفر
نعى مطعم الهلاك مشبع غرثها
أخي الشتوات الشهب في الحجج الغبر
نعى من يضيف الطير والوحش سيفه
وجيش المنايا تحت رايته يسري
نعى واسماً وجه المنايا بعضبه
فقلب المنايا بين قادمتي نسر
نعى من يحلي الشوس ضرباً فسيفه
على النحر طوق أو وشاحٌ على الخصر
نعى ابن الذي سد الثغور بسيفه
وأفرغَ فيها من دم الشوس لا القَطرِ
نعى ضامياً أبكى السماء بعندم
وحق لها تبكي بأنجمها الزهر
نعى من بكى لا خيفة من عداته
ولكن لا شفاق عليهم من الكفر
نعى شاكراً نال الشهادة صابراً
وقد يجتى شهد العواقب بالصبر
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> لا تحذرن فما يقيكَ حِذارُ
لا تحذرن فما يقيكَ حِذارُ
رقم القصيدة : 22762
-----------------------------------
لا تحذرن فما يقيكَ حِذارُ
إن كانَ حتفُكَ ساقه المقدارُ
وأرى الضنينَ على الحمام بنفسه
لا بدَّ أن يفنى ويبقى العار
للضيم في حسب الأبيّ جِراحة ٌ
هيهات يبلغ قعرها المسبار
فاقذف بنفسك في المهالك إنما
خوفُ المنيّة ذلّة وَصغارُ
والموت حيث تقصفت سمر القنا
فوق المطهّم، عزّة ٌ وفخار
سائل بهاشم كيف سالمت العدا
وعلى الأذى قرَّت وليس قرار
هدأت على حسك الهوان ونومها
قدماً على لين المهاد غرار
لا طالب وتراً يجرد سيفه
منهم ولا فيهم يقال عثار
ولرب قائلة وغرب عيونها
يدمى فيخفي نطقها استعبار
ماذا السؤال فمت بدائك حسرة
قضيت الحميّة ُ واستبيح الجارُ
ما هاشم ان كنت تسأل هاشم
بَعد الحسين ولا نزار نزار
ألقت أكفّهُم الصفاحَ وإنّما
بشبا الصوارِم تُدرك الأوتار
أبني لِويّ والشماتة ُ أن يُرى
دمكم لدى الطلقاء وهو جبار
لا عذر أو تأتي رِعالُ خُيولِكم
عنها تضيق فدافدٌ وقفار
مستنهضين إلى الوغى أبناءَها
عجلا مخافة أن يفوت الثار
يتسابقون إلى الكفاح ثيابهم
فيها وعمتهم قناً وشفار
متنافسين على المنيّة بينهم
فكأَنما هي غادة ٌ معطار(23/449)
حيث النهارُ من القتام دُجنّة ٌ
ودجى القتام من السيوف نهار
والخيل دامية ُ الصدورِ عوابسٌ
والأرض من فيض النجيع غمار
أتوانياً ولكم بأشواط العلى
دون الأنام الورد والأصدار
هذي أُميّة ُ لاسرى في قُطرِها
غضُّ النسيم ولا استهلَّ قَطار
لبست بما صنعت ثيابَ خِزاية ٍ
سوداً نولى صبغهن العار
أضحت برغم أنوفكم مابينها
بنسائكم تتقاذفُ الأمصارُ
شَهدت قفار البيد أنَّ دموعها
منها القفار عدون وهي بحار
من كلّ باكية تجاوب مثلَها
نوحاً بقلب الدين منه أوار
حُمِلَت على الأكوار بعد خدورها
ألله ماذا تحمل الأكوار
ومروعة تدعو وحافل دمعها
مابين أجواز الفلا تيار
أمجشما أنضاء أغياب السرى
هيماء تمنع قطعها الأخطار
مرهوبة الجنبات قائمة الضحى
ويشوقها الأنجاد والأغوارُ
أبداً يموج مع السراب شجاعها
من حر ما يقد النقا المنهار
تهوي سباع الطير حين تجوزها
وتى وما للسيد فيها غار
يطوي مخارم بيدها بمصاعب
للريح دون ذميلها إحسار
من كل تريح بعقر دار لم غلمة
يسري لِواءُ العزّ أنّى ساروا
سمة العبيد من الخشوع عليهم
لله ان ضمتهم الأسحار
وإذا ترجلت الضحى شهدت لهم
بيض القواضب أنهم أحرار
قف نادِ فيهم أين من قد مُهّدت
بالعدل من سطواتها الأمصار
ماذا القعود وفي الأنوف حمية
تأبى المذلة والقلوب حرار
أتطامنت للذل هامة عزكم
أم منكم الأيدي الطوال قصار
وتظلُّ تدعوا آل حربٍ والجوى
ملؤ الجوانح والدموعُ غزار
أطريدة َ المختار لا تتبجحي
فيما جرت بوقوعه الأَقدار
فلنا وراء الثار أغلب مدرك
ما حالَ دون مناله المقدارُ
أسد ترد الموت دهشة بأسه
وله بأرواح الكُماة عِثار
صلّى الإله عليهِ من متحجّب
بالغيب ترقب عدله الأقطار
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> انى يخالط نفسك الأنس
انى يخالط نفسك الأنس
رقم القصيدة : 22763
-----------------------------------
انى يخالط نفسك الأنس
سفهاً ودهرُك سعدُه نحسُ
ومن الحوادث ليس يمتنع الـ
ـثقلانِ لا جنٌّ ولا إنس(23/450)
بل كلّ ربع فيه ناعية ٌ
وبكلّ فج مربعٌ درسُ
وفجايع الأيام طائفة
شرقاً وغرباً شأنها الخلس
وأجلها يوم الطفوف فلا
وهم تصوره ولا حدس
يوم أبو السجاد ألقحها
شعواء تزهق دزنها النفس
واسود مشرقها ومغربها
بالنقع حتّى ماتت الشمس
لمّا طليقة ُ جدِّه وردت
لقتاله يقتادها رجس
يلقى الرّماح بصدره وكأَن
يوم الكريهة صدره ترس
فالشوس تأنس بالفرار كما
بالموت منه تأنس النفس
ويروم كل سبق صاحبه
هرباً فيسبق جسمه الرأس
للمرهفات نفوسُهم وجسومُهم
للوحش لم يشقق لها رمس
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> قد عهدنا الربوع وهي ربيع
قد عهدنا الربوع وهي ربيع
رقم القصيدة : 22764
-----------------------------------
قد عهدنا الربوع وهي ربيع
أين لا أين أُنسها المجموعُ
درج الحيُّ أم تتّبع عنها
نجمع الغيث أم بدهياء ريعوا
لاتقل : شملها النوى صدعنه
إنّما شمل صبري المصدوع
كيف أعدت بلسعة الهم قلبي
يا ثراها وفيك يُرقى اللسيع
سبق الدمع حين قلت سقتها
فتركت السما وقلت الدموع
فكأني في صحنها وهو قعب
حين أنّت وقلبي الموجوع
بتّ ليلَ التمام أَنشد فيها
هَل لِماضٍ من الزمان رجوع
وادّعت حولي السجا ذات طُوقٍ
مات منها على النياح الهجوعُ
وصفت لي بحمرتي مُقلتيها
حين أنّت وقلبي الموجوع
ياطروب العشي خلفك عني
ماحنيني صبابة وولوع
لم يَرُعني نوى الخليط ولكن
من جوى الطف راعني مايروع
قد عذلت الجزوع وهو صبور
وعذرت الصبور وهو جزوع
عجباً للعيون لم تغد بيضاً
لمصاب تحمر فيه الدموع
وأساً شابت الليالي عليه
وهو للحشر في القلوب رضيع
أيّ يوم رعباً به رجف الدهر
إلى أن منه اصطفقن الضلوع
أيُّ يوم بشفرة البغي فيه
عاد أنفُ الإسلام وهو جديعُ
يوم أرسى ثقل النبي على الحتف
وخفت بالراسيات صدوع
يوم صكت بالطف هاشم وجه
الموت فالموت من لقاها مروع
بسيوف في الحرب صلت فللشو
س سجود من حولها وركوع
موقف لا البصير فيه بصير
لاندهاش ولا السميع سميع(23/451)
جلَّل الأُفق منه عارضُ نقعٍ
من سنا البيض فيه برق لموع
فلشمس النهار فيه مغيب
ولشمس الحديد فيه طلوع
أينما طارت النفس شعاعاً
فلطير الردى عليها وقوع
قد تواست بالصبير رجال
في حشى الموت من لِقاها صُدوع
سكنت منهم النفوس جسوماً
هي بأساً حفائظٌ ودروع
سد فيهم ثغر المنية شهم
لثنايا الثغر المخوف طلوع
وله الطرف حيث سار أنيس
وله السيف حيث بات ضجيع
لم يقف موقفاً من الحزم إلا
وبه سِنُّ غبيرهِ المقروع
طمعت أن تسومه القوم خسفاً
وأبى الله والحسام الصنيع
كيف يلوي على الدنية جيداً
لِسوى الله ما لواه الخضوع
ولديه جأش أرد من الدرع
لضمأى القنا وهن شروع
وبه يرجع الحفاظ لصدر
ضاقت الأرض وهي فيه تضيع
فأبى أن يعيش إلا عزيزاً
أو تجلّى الكفاحُ وهو صريعُ
كل عضو في الروع منه جموع
رمحه من بنائه وكأن من
عزمه حد سيفه مطبوع
زوج السيف بالنفوس ولكن
مهرها الموت والخضاب النجيع
بأبي كالثاً على الطفِّ خِدراً
هو في شفرة الحسام منيع
قطعوا بعده عُراه ويا حبـ
ـل وريد الاسلام أنت القطيع
وسروا في كرائم الوحي أسرى
وعَداكَ ابنَ أمّها التقريع
لو تراها والعيسُ جشّمها الحا
دي من السير فوق ما تستطيع
ووراها العَفافُ يدعو ومنه
بِدمِ القلبِ دَمعُه مَشفوع
قِراه فحوَّمٌ ووقوع
مل أحشائها جوى وصدوع
فترفق بها فما هي إلا
ناضرٌ دامعٌ وقلبٌ مروعُ
لاتسمها جذب البرى أو تدري
ربه الخدر ماالبرى والنسوع
قوضي ياخيام عليا نزار
فلقد قوّض العمادُ الرفيع
واملأي العين يا أمية نوماً
فحسين على الصعيد صريع
ودعي صَكّة َ الجباهِ لويٌّ
ليس يُجديك صكُّها والدموع
أفلطما بالراحتين فهلا
بسيوف لا تنقيها الدروع
وبكاء بالدمع حزناً فهلا
بدم الطعن والرماحُ شروع
قل ألا قراع ملمومة الحتـ
ف فواهاً يافهر أين القريع
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> ألله ياحامي الشريعة
ألله ياحامي الشريعة
رقم القصيدة : 22765
-----------------------------------(23/452)
ألله ياحامي الشريعة
أتقر وهي كذا مروعه
بك تستغيثُ وقلبها
لك عن جوى يشكو صدوعه
تدعو جرد الخيل مصيغة
لدعوتها سمعيه
وتكاد ألسنة السيوف
تجيب دعوتها سريعه
فصدورها ضاقت بسرّ
الموت فأذن أن تذيعه
لا تشتفي أو تنز عن
غروبها من كل شيعه
أين الذريعة ُ لا قرارَ
على العدى أين الذريعه
لا ينجعُ الإمهال بالعا
تي فقم وأرق نجيعه
للصنع ما أبقى التحمّل
موضعاً فدع الصنيعه
طعناً كما دفقت أفاويقَ
الحيا مُزنٌ سريعه
ولكم حَلوبة ُ فِكرتي
من ضُبا البيض الصنيعه
وعميد كل مغامر
يَقظ الحفيظة في الوقيعه
تنميه للعلياء هاشمُ
أهل ذروتها الرفيعه
وذووا السوابق والسوابغ
قتلته آل أُميّة ٍ
من كل عبل الساعدين
تراه أو ضخم الدسيعه
أن يلتمس غرضاً فحد الـ
سيف يجعله شفيعه
ومقارع تحت القنا
يلقى الردى منه قريعه
لم يسر في ملمومة ٍ
إلاّ وكان لها طليعه
ومُضاجع ذا رونقٍ
ألهاهُ عن ضمّ الضجيعه
نسي الهجوع ومن تيقظ
عزمه ينسى هجوعه
مات التصبر بانتظا
رك أيها المحيي الشريعه
فانهض فما أبقى التحمل
غير أحشاء جزوعه
قد مزَّقت ثوبَ الأسى
وشكت لواصلها القطيعه
فالسيف إنّ به شفاء
قُلوبِ شيعتك الوجيعه
فسواه منهم ليس ينعش
هذه النفس الصريعه
طالت حبال عوائق
فمتى تعود به قطيعه
كم ذا العقود ودينكم
هُدِمت قواعده الرفيعه
تنعى الفروع أصوله
وأُصولُه تنعى فُروعه
فيه تحكَّم مَن أباح الـ
ـيوم حرمته المنيعه
مَن لَو بِقيمة قدره
غاليت ماساوى رجيعه
فاشحذ شبا عضب له الأ
رواح مذعنة مطيعه
إن يدعها خفت لدعـ
ـوَتِه وإن ثقلت سريعه
واطلب به بدم القتيل
بكر بلا في خير شيعه
ماذا يهجيك إن صبرت
لوقعه الطف الفضيعه
أترى تجيء فجيعة
بأمضَّ من تلك الفجيعه
حيث الحسين على الثرى
خيلُ العِدى طحنت ضُلوعه
ورضيعه بدم الوريد
مخضَّبٌ فاطلب رضيعه
وضُبا انتقامِكِ جرِّدي
لطلا ذوي البغي التليعه
ودعي جنود الله تمـ
ـلأ هذه الأرض الوسيعة
واستأصلي حتى الرضيع
لآل حربٍ والرضيعه(23/453)
ما ذنبُ أهل البيت حـ
ـتى منهم أخلوا ربوعه
تركوهم شتّى مصارعهم
وأجمعها فضيعه
فمغيبُ كالبدر ترتقبُ
الورى شوقاً طلوعه
ومكابد للسم قد سقيت
حُشاشته نقيعه
ومضرَّجٌ بالسيف آثر
عزه وأبى خضوعه
ألفى بمشرعة الردى
فخراً على ظمأ شروعه
فقضى كما اشتهت الحميَّة ُ
تشكر الهيجا صنيعه
ومصفَّدٌ لله سلَّم
أمرّ ما قاسى جميعه
فلقسره لم تلق لولا
الله كفاً مستطيعه
وسبية باتت بأفعى
الهمّ مهجتُها لسيعه
سُلِبت وما سُلبت محا
مد عزّها الغرُّ البديعه
فلتغد أخبية الخدور
تطيح أعمدها الرفيعه
ولتبد حاسرة عن الو
جه الشريفة ُ كالوضيعه
فأرى كريمة التنزيل بين
أُميَّة ٍ برزت مروعه
تدعو ومن تدعو وتلك
كُفاة دعوتها صريعه
واهاً عرانين العلى
عادت أنوفكم جديعة
ماهز أضلعكم حداء
القوم بالعيس الضليعه
حملت ودائعكم إلى
من ليسَ يعرفُ ما الوديعه
يا ضلَّ سعيُكِ أُمة ً
لم تشكر الهادي صنيعه
اأضعت حافظ دينه
وحفظتِ جاهلة ٍ مُضيعه
آل الرسالة لم تزل
كبدي لرزؤكم صديعه
ولكم حلوبه فكرتي
در الثنا تمري ضروعه
وبكم أروضُ من القوا
في كل فاركة شموعه
تحكي مخائلها بروق
الغيث معطية ً منوعه
قلدي وكفها وعنه
سواي خُلّبها لموعه
فتقبلوها إنني
لغد أقدمها ذريعة
أرجو بها في الحشر
راحة هذه النفس الهلوعه
وعليكم الصلوات ما
حنت مطوفة سجوعه
أرجو بها في الحشر
راحة هذه النفس الهلوعه
وعليكم الصلوات ما
حنت مطوفة سجوعه
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> على كل واد دمع عينيك ينطف
على كل واد دمع عينيك ينطف
رقم القصيدة : 22766
-----------------------------------
على كل واد دمع عينيك ينطف
وما كلُّ وادٍ جُزتَ فيه المُعرَّفُ
أظنك أنكرت الديار فمل معي
لعلك دارَ العامريّة تعرف
نشدتُك هل أبقيت للدمع موضعاً
من الأرض تهمي الغيث فيه وتنطف
فهذا ولم تذرف دموعاً وإنّما
دم القلب من أجفان عينيك يذرف
فلا تكُ ممّن ينبذ الصبرَ بالعرى
إذا غدت الورقاء في الأيك تهتف(23/454)
فما ذاك من شجو فيشجيك نوحها
وهل يستوي يوماً صحيحٌ ومُدنَف
ألم ترها لم تذر دمعة ثاكل
ولم ينصدع شملٌ لها متألّف
وقد لبست في جيدها طوقَ زينة ٍ
وجيدك فيه طوق حزن معطف
إذا ماشدت فوق الأراك ترنماً
فأنك تنعى والجوائج ترجف
أُعيذك أن يهفو بحلمك منزلٌ
تعفى وفيه للأوابد مألف
فلا تبك في أطلاله بتلهف
فليس يرد الذاهبين التلهف
ولو عاد يوماً بالتأسف ذاهب
عذرتك لكن ليس يجدي التأسف
وإن جزوعاً شأنُه النوحُ والبكا
لغير بَني الزهرا مُلامٌ مُعنّف
بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة ً
يجرعها كأس المنية مترف
تُطلّ بأسياف الضلال دماؤهم
وتُلغى وصايا الله فيهم وتُحذف
وهم خير من تحت السماء بأسرهم
وأكرمُ مَن فوق السماء وأشرفُ
وهم يكشفون الخطب لا السيف في الوغى
بأمضى شباً منهم، ولا هو أرهف
إذا هتف الداعي بهم يومَ من دمِ الـ
ـفوارس أفواه الضبا تترشف
أجابوا ببيض طائعاً يقف القضا
إلى حيث شاءت مايزال يصرف
ومن تحتها الآجالُ تسري وفوقَها
لواء من النصر العزيز يرفرف
لهم سطوات تملأ الدهر دهشة
وتنبث منها الشمُّ والأرض ترجف
عَجِبتُ لقوم مِلءُ أدراعهم رَدى ً
ومِلء ردائيهم تُقى ً وتعفّف
يغولهم غُولٌ المنايا وتغتدي
بأطلالهم ريحُ الحوادثِ تَعصِفُ
كرامٌ قضوا بين الأسنّة والضُبا
كراماً ويوم الحرب بالنقع مسدف
هداة أجابوا داعي الله فاتهى
بهم لقصور من ذرى الشهب أشرف
فما خلت في صرف القضا يصرع القضا
وأنَّ جبالَ الحتف بالحتف نُنسف
بنفسي رؤوساً من لوي أنوفها
عن الضيم مُذ كان الزمان لتأنفُ
أبت أن تشم الضيم حتى تقطعت
بيومٍ به سمر القنا تتقصّف
وما ناءت الأطوادُ في جبروتها
فكيف غدا فيها ينوءُ مثقّف
فيا ناعياً روح الخلائق فاتشد
لقد أوشكت روح الخلائقِ تَتلف
وأيقن كل منهم قام حشرة
كأنك تنعى كل حي وتهتف
ويا رائد المعروف جُذّت أُصولُه
وياطالب الأحسان لا متعطف
ويأساً بني الآمال أن ليس مفضل
عليهم وقلبٌ بالأسى ليس يُتلف(23/455)
فيا ظلة السارين إن غاب نجمهم
لقد خبطوا في قفرة ٍ وتعسّفوا
ويالصباح الدين يوم تكورت
شموس الهدى من أفقه فهو مسدف
ويالبني عدنان يوم زعيمها
غدت من دماه الشرفية تنطف
لتلقى الجياد السابقات عنانها
فليس لها بعد الحسين مصرف
وتبك السيوفُ المشرفياتُ أغلباً
لها بنفوس الشوس في الروع يتحف
فيصدرها ريانة من دمائهم
ويوردها ضمآنة تتلهّف
وتنعى الرماحُ السمهريّات قسوراً
لها بصدور الدارعين يقصّف
فلله من خطب له كل مهجة
يحق من الوجد المبرح تتلف
وأقسم ماسن الشلال سوى الألى
على أمة المختار بغياً تخلفوا
فيومٌ غدوا بغياً على دارِ فاطمٍ
أتت جندهم بالغاضرية تزحف
وقتل ابنِها من يوم رُضت ضلوعها
ومن هتكها هتك الفواطِم يُعرف
ومن يوم قادوا حيدر الطهر قد غدوا
بهنَّ أُسارى شأنهنَّ التلهّف
فمن مخبر المختار أن بقية
الأله الفتى السجاد بالقيد يرسف
ومن مبلغ الزهراء أن بناتها
عليها الرزايا والصائبُ عكَّف
تطوف بها الأعداء في كل بلدة
فمن بلد أضحت لآخر تقذف
غذا رأت الأطفال شعثاً وجوهها
وألوانها من دهشة الرزء تخطف
تَعالَى الأسى واستعبرت ومن العِدى
حذاراً دُموع المقلتين تكفكف
بنفسي النساء الفاطميات أصبحت
من الأسر يسترثفن من ليس يرأف
ومُذ أبرزوها جهرة ً من خدورها
عشية لاحام يذود ويكنف
توارت بخدرٍ من جلالة قدرها
بهيبة أنوار الأله يسجف
لقد قطّع الأكبادَ حزاً مصابُها
وقد غادر الأحشاءَ تهفو وترجف
إليكم بني الزهراء زهر بدايع
تطرز في حسن الرجاء وتفوف
وإنّي فيها أرتجي يوم محشري
بقربي منكم سادتي أتشرف
عليكم صلاة الله ماحن طائر
بوكرٍ وما دامت مِنى ً والمخيّف
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> لتلو لوي الجيد ناكسة الطرف
لتلو لوي الجيد ناكسة الطرف
رقم القصيدة : 22767
-----------------------------------
لتلو لوي الجيد ناكسة الطرف
فهاشمها بالطف مهشومة الأنف
وفي الأرض فلتنثل كنانة نبلها
فلم يبق سهم في وفاضهم يشفي(23/456)
ويا مضرَ الحمراء لا تنشري اللوا
فان لواك اليوم أجدر باللف
ويا غالباً ردي الجفونَ على القذا
لمن أنتِ بَعد اليوم ممدودة ُ الطرفِ
لِتنض نزارُ الشوسُ نثرة َ زغفها
فبعد أبيّ الضيم ما هي للزَغفِ
بني البيض أحسابا كرامأ وأوجهاً
وساماً وأسيافاً هي البرق في الخطفِ
ألستم إذا عن ساقِها الحربُ شمّرت
وعن نابها قد قلّصت شفة الحتفِ
سحبتم إليها ذيلَ كلِّ مفاضة ِ
تردّ الضُبا بالثلم والسمرَ بالقصفِ
فكيف رضيتم من حرارة وِترها
بماء الطُلا منكم ضبا القومِ تستشفي
ألم يأبكم أن الحسين تنازعت
حشاه القنا حتى ثوى بثرى الطفِّ
بشم أنوف اكرهوا السمر فانتنت
تكسر غيضاً وهي راغفة الأنف
أبا حسنٍ أبناؤك اليوم حلَّقت
بقادمة الأسياف عن خِطّة ِ الخسفِ
ثنت عِطفها نحو المنيَّة إذ أبت
بأن تغتدي للذل مثنية العطف
لقد حشدت حشد العطاش على الردى
عطاشا وما بلت حشاً بسوى اللهف
ثوت حيث لم تذمم لها الحرب موقفاً
ولا قبضت بالرعب منها على كف
سل الطف عنهم أين بالأمس طنبوا
وأين استقلّوا اليومَ عن عرصة الطفِّ
وهل زحف هذا اليوم أبقى لحيهم
عميدَ وغى ٍ يستنهض الحيّ للزحفِ
فلا وأبيك الخير لم يبق منهم
قريع وغى ً يُقري القَنا مهجَ الصفِّ
مشوا تحتَ ظلّ المرهفات جميعهم
بأفئدة ٍ حرَّى إلى مَورد الحتفِ
فتلك على الرمضاء صرعى جسومهم
ونسوتُهم هاتيك أسرى على العجفِ
مضوا بالأُنوف الشمّ قدماً وبعدهم
تخال نزاراً تنشق النقع في أنف
وهل يملك الموتور قائم سيفه
ليدفع عنه الضيم وهو بلا كفِّ
خذي ياقلوب الطالبين قرحة
تزول الليالي وهي دامية القِرفِ
فان التي لم تبرح الخدر أبرزت
عشية لا كهف فتأوي غلى كهف
لقد رفعت عنها يد القوم سجفها
وكان صفيح الهند حاشية َ السجفِ
وقد كان من فرط الخفارة صوتها
يغض فغض اليوم من شدة الضعف
وهاتفة ناحت على فقد إلفها
كما هتفت في الدوح فاقدة الإِلفِ
لقد فزعت من هجمة القوم ولهاً
إلى ابن أبيها وهو فوق الثرى مغفِ(23/457)
فنادت عليه حين ألفته عارياً
على حسمه تسفى صبا الريح ماتسفي
حملتُ الرزايا قبل يومك كلّها
فما أنقضت ظهري ولا أوهنت كتفي
ولاويتُ من دهري جميع صروفه
فلم يلو صبري قبل فقدك في صرف
ثكلتك حين استعظلَ الخطبُ واحداً
أرى كلّ عضو منك يُغني عن الألفِ
يودي لو أن الردى كان مرقدي
ولا ابن أبي نبهتُ من رقدة الحتفِ
ويا لوعة َ لو ضمَّني اللِحدُ قبلها
ولم أبدُ بين القوم خاشعة َ الطرفِ
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> أحسينٌ مذ الحفاظُ انتضاكا
أحسينٌ مذ الحفاظُ انتضاكا
رقم القصيدة : 22768
-----------------------------------
أحسينٌ مذ الحفاظُ انتضاكا
كسر الموتُ جفنَه عن شَباكا
مستميتاً رآك فارتاع حتّى
ودَّ رعباً بأنّه ما رآكا
يا قتيلاً ولا مرنّة ُ نبعٍ
بشباها وليّ ثار نعاكا
وإلى الآن ما بكاك حميم
بحسام دماً فروى صدا كا
أكل اللوم هاشماً بعد يوم
فيه سمر القنا شربن دما كا
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> ترومُ مقامَ العزّ والذلُّ نازل
ترومُ مقامَ العزّ والذلُّ نازل
رقم القصيدة : 22769
-----------------------------------
ترومُ مقامَ العزّ والذلُّ نازل
ولم يك في الغبراء منك زلازلُ
وترجو عُلاً من دونها قدرُ القضا
وعزمك عن قرع المقادير ناكل
إذا كنت ممّن يأنف الضيمَ فاعتصم
بعزم له قلب الحوادث ذاهل
وليس يزيل الضيم غلا أباته
ويرحضُ عار الذل إلاّ المُناضل
رم العز في الخضراء بين نجومها
وكن ثاقباً فيها وهن أوافل
وكن إن خلت منك الربوع وأوحشت
أنيسَ المواضي فهي منك أواهل
أما لك في سم العرانين إسوة
فتسلك ما سنته منها الأفاضل
بيوت علاهم في الحوادث ان دهت
قناٍ وضباً مشحزذة وقنابل
هم قابلوا في نصر مَدرَة هاشمٍ
أُميّة َ لما آزرتها القبائل
وأجروا بأرض الغاضريّة أبحراً
من الدم لم تبصر لهن سواحل
بيوم كيوم الحشر والحشر دُونه
أواخره مرهوبة ٌ والأوائل
مناجيبُ غُلب من ذؤابة هاشمٍ(23/458)
وآساد حرب غابُهنَّ الذوابل
غذا غيمت بالنقع شمت بوارقاً
لهم غربُها بالموت والدمّ هاطل
وللضاريات الساغبات برزقها
قناهم بمستن النزال كوافل
وفي اكبد الأبطال تغرس سمرهم
ومن دَمها خرصانُهنَّ نواهل
لهم ثمرات العزّ من مُثمراتِها
فعزُّهم بَين السماكين نازل
ولم يُرَ يومَ الطف أصبرَ منهم
غداة بها للموت طافت جحافل
وما برحت تلقى القنا بصدورها
غلى أن ترت من دماها العواسل
بنفسي بدوراً من سما مجد غالبٍ
هوت أفلا بالطعن وهي كوامل
ومن بعدهم يعسوب هاشم قد غدا
فريداً عن الدين الحنيف يقاتل
على سابحٍ لم تعتلق بغُباره
إذا ما جرى يوم الرهان الأجادل
عَجِبتُ لمن لم تستطع فوق ظهرها
على حمله الغبرا، له المُهر حامل
همامٌ له عزمٌ به الشمُّ في الوغى
تعود أعاليهن وهي أسافل
نضى لقراع الشوس عضباً مهنداً
تميلُ المنايا أينما هو مائل
وغادرهم في غربه جُثّماً على
الثرى وبهم شغلٌ من الموت شاغل
وما زال يرديهم إلى أن قضى على
ظماً والمواضي من دماه نواهل
قضى بعد ماأعطى المهند حقه
ولا جسم غلا وهو للروح ثاكل
وخلف عدنناً كأفراخ طائر
تحوم عليها كلَّ حين أجادل
وبلطف من عليا نزار عقائلاً
أسارى ومن أجفانها الدمع هامل
بلا كافل نطوي المهامه في السرى
وأنى لها بعد ابن أحمد كافل
أُميَّة هبيّ من كرى الشرك وانظري
فهل أسرت للأنبياء عفائل
فما للنساء المحصنات وللسى
تجوبُ بها البيداءَ عيسٌ هَوازِل
وما لبنيات الرسول وللظما
بقفرٍ به للحرّ تغلي مراجل
فتحسب رقراق السحاب بموره
نطاقاً ومنها الماء في الأرض سائل
فتجهش من حرّ الضماء بركبكم
ولم يك في استجهاشها الركبَ طائل
ألا يالحاك الله فارتقبي وغى
يثور بها من غالب الغلب باسل
هو القائم المهديّ يُدرك ما مضى
من الثار فليهمل لك الثار هامل
طلوب فلو في مهجة الموت وتره
لشقّ إليه الصدرَ والموت ناكل
ينال بحد السيف ماهو طالب
وَيمضي ولو أنَّ المنيَّة حائل
شَروب بماضي الشفرتين دَم العِدى(23/459)
وأجسامَهم بالسمهريّة آكل
أملتهم الكونينِ في فم عزمه
حنانيك مافي ذمنا الدهر طائل
متى يارعاك الله طال انتظارنا
تقيم عماد الدين إذ هو مائل
وتجتاح قوماً منهم كلّ شارقٍ
تغولكم شرقاً وغرباً غوائل
وتَصبحُ فيكم روضة ُ الدين غضّة ً
وتزهر منكم للأنام الخمائل
بني الوحي أهدى حيدر مدحه لكم
يدين لها قس بما هو قائل
فعذراً فانيباقل إن اقل بكم
مديحاً له قس الفصاحة باقل
وصلى عليكم خالق الخلق ماجرت
على رزئكم سحب الدموع الهواطل
العصر العباسي >> البحتري >> أتاركي أنت أم مغرى بتعذيبي
أتاركي أنت أم مغرى بتعذيبي
رقم القصيدة : 2277
-----------------------------------
أتَارِكِي أنْتَ أمْ مُغْرًى بتَعْذيبي،
ولائمي في هَوَى إنْ كَانَ يُزْرِي بي
عَمْرُ الغَوَاني، لَقَدْ بَيّنّ، من كَثَبٍ،
هَضِيمَةً في مُحبٍّ غَيرِ مَحْبُوبِ
إذا مَدَدْنَ إلى أعْرَاضِهِ سَبَباً،
وَقَينَ مِنْ كُرْهِهِ الشّبّانَ بالشِّيبِ
أمُفْلِتٌ بكَ، مِنْ زُهْدِ المَهَا، هَرَبٌ
من مُرْهَقٍ، بِبَوَادي الشَّيْبِ، مقروبِ
يَحْنُونَهُ مِنْ أعَاليهِ، عَلى أوَدٍ،
حَنْوَ الثِّقَافِ جَرَى فَوْقَ الأنَابِيبِ
أمْ هَلْ مَعَ الحبّ حِلْمٌ لا تُسَفِّهُهْ
صَبَابَةٌ، أوْ عَزَاءٌ غَيرُ مَغْلُوبِ
قَضَيْتُ مِنْ طَلَبي للغانِيَاتِ، وَقَدْ
شَأَوْنَني حَاجَةً في نَفْسِ يَعْقُوبِ
لَمْ أرَ كالنُّفَّرِ الأغْفَالِ سائِمَةً
من الحَبَلَّقِ، لمْ تُحفَظْ منَ الذِّيَبِ
أغشَى الخُطُوبَ، فإمّا جئنَ مأدَبتي
فيما أُسَيِّرُ، أوْ أحكَمْنَ تأديبي
إنْ تَلْتَمِسْ تَمرِ أخلافَ الأمورِ، وإن
تَلبَثْ مَع الدّهْرِ تَسمعْ بالأعاجيبِ
وأرْبَدُ القَطْرِ يَلْقاكَ السَّرَابُ بهِ،
بَعدَ التّرَبّدِ، مُبْيَضَّ الجَلابيبِ
إذا خلَى جَوُّهُ للرّيحِ، عَارِضَةً،
قالَتْ مَعَ العُفْرِ أوْ حَنّتْ مَعَ النِّيبِ
لُجٌّ مِنَ الآلِ، لمْ تُجعَلْ سَفائِنُه
إلاّ غُرَيْرِيّةَ البُزْلِ المَصَاعِيبِ(23/460)
مثلَ القَطَا الكُدْرِ، إلاّ أنْ يَعُودَ بها
لَطْخٌ منَ اللّيْلِ سُوداً كالغَرَابيبِ
إذا سُهَيْلٌ بَدا رَوحنَ من لَهَبٍ
مُسَعَّرٍ في كِفَافِ الأفْقِ، مَشْبُوبِ
وَقَدْ رَفَعتُ، وَمَا طأطأتُها، وَهَلاً
عَصا الهِجاءِ لأهلِ الحَينِ والحُوبِ
إذا مَدَحْتُهُمُ كانُوا، بأكاذبِ ما
وَأوْه، أخْلَقَ أقْوَامٍ بتَكْذِيبي
حتّى تُعُورِفَ منّي، غَيرَ مُعْتَذِرٍ،
تَحَوُّزِي عَن سوَى قَوْمي، وَتَنْكيبي
إلى أبي جَعْفَرٍ خاضَتْ رَكَائِبُنا
خِطَارَ ليل مَهولِ الخَرْقِ مَرْهُوبِ
نَنُوطُ آمَالَنَا مِنْهُ إلى مَلِكٍ
مُرَدَّدٍ في صَرِيحِ المَجدِ، مَنسُوبِ
مُحتَضَرِ البابِ، إمّا آذِنِ النَّقَرَى،
أوْ فائتٍ لعُيونِ الوَفْدِ مَحجوبِ
نَغْدو على غَايَةٍ في المَجْدِ قاصِيَةِ الـ
ـمَحَلّ، أوْ مَثَلٍ في الجودِ مَضروبِ
إذا تَبَدّى يَزِيدُ الخَيْلَ لاءِمُهْ،
بحاتِمِ الجُودِ شِعباً، جَدَّ مَرءوبِ
حَتَى تُقَلِّدَهْ العَلْيا قَلاَئِدَها،
مِنْ بَيْنِ تَسمِيَةٍ فيها، وَتَلْقِيبِ
يَكُونُ أضْوَأَهُمْ إيمَاضَ بَارِقَةٍ،
تَهْمي، وأصْدَقَ فيهم حدَّ شؤبوبِ
إنْ جَاوَرَ النِّيلَ جارَى النّيلَ غالِبُه،
أوْ حَلّ بالسِّيبِ زُرْنا مالكَ السِّيبِ
أغَرُّ يَمْلِكُ آفَاقَ البِلادِ، فَمِنْ
مُؤخَّرٍ لَجَدى يَوْمٍ، وَمَوْهُوبِ
رَضِيتُ، إذْ أنَا مِنْ مَعروفِهِ غَمِرٌ،
وازدَدْتُ عَنه رِضًى من بعد تجرِيب
خَلاَئِقٌ كَسَوَارِي المُزْنِ مُوفِيَةٌ
عَلى البِلادِ، بِتَصْبيحٍ، وَتَأوِيبِ
يَنهَضْنَ بالثِّقْلِ لا تُعطى النّهوضَ بهِ
أعناقُ مَجفَرَةِ الهُوجِ، الهَرَاجِيبِ
في كلّ أرْضٍ وَقَوْمٍ، مِنْ سَحَائِبِهِ،
أُسكوبُ عارِفَةٍ مِنْ بَعدِ أُسكُوبِ
كَمْ بَثّ في حَاضرِ النّهرَينِ مِن نَفَلٍ
مُلقًى على حَاضِرِ النّهرَينِ مَصْبُوبِ
يَملأُ أفْوَاهَ مُدّاحِيهِ مِنْ حَسَبٍ،
على السِّماكَينِ، والنَّسرَينِ محسوبِ(23/461)
تُلْقِي إلَيْهِ المَعاني قَصْدَ أوْجُهِهَا،
كالبَيْتِ يُقْصَدُ أمّاً بالمَحَارِيبِ
مُعطًى مِنَ المَجْدِ مُزْدَادٌ برَغْبَتِهِ،
تجرَى على سَنَنٍ مِنْه، وأُسْلُوبِ
كالعَينِ مَنْهُومَةً بالحُسنِ تَتْبَعُه،
والأنْفِ يَطلُبُ أعلى مُنْتَهَى الطِّيبِ
ما انفَكّ مُنتَضِياً سَيْفَيْ وَغًى وَقِرًى
على الكَوَاهلِ تَدمَى، والعَرَاقِيبِ
قد سرني برء عجل من عداوته
بعد الذي احتطبت من سخطه الموبي
سَارُوا معَ النّاسِ حيثُ النّاسُ أزْفَلَةٌ
في جُودِهِ بَينَ مَرْؤوسٍ وَمَرْبُوبِ
وَلَوْ تَنَاهَتْ بَنُو شَيْبَانَ عَنْهُ إذاً
لم يَجشَمُوا وَقعَ ذي حَدّينِ مذرُوبِ
ما زَادَهَا النَّفْرُ عَنْهُ غَيْرَ تَغْوِيَةٍ،
وَبُعْدُهَا مِنْ رِضَاه غَيرَ تَتْبيبِ
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> عثر الدهر ويرجو أن يقلا
عثر الدهر ويرجو أن يقلا
رقم القصيدة : 22770
-----------------------------------
عثر الدهر ويرجو أن يقلا
تربت كفك من راج محالا
اي عذر لك في عاصفة
نسفتَ من لكَ قد كانوا الجبالا
فتراجع وتنصّلِ ندماً
أو تخادع واطلبِ المكرَ احتيالا
أنزوعاً بعد ما جئت بها
تنزع الاكباد بالوجد اشتعالا
قتلت عُذرك إذ أنزلَتها
بالذرى من هاشم تدعو نِزالا
فرّغِ الكفَّ فلا أدرى لِمن
في جفير الغدر تستبقي النبالا
نِلتَ ما نِلتَ فدع كلَّ الورى
عنك أو فاذهب بمن شئت اغتيالا
إنما أطلقت غرباً من ردى
فيه الحقت بيمناك الشمالا
قد تراجعت وعندى شَرَعٌ
شيما تلبسها حالا فحالا
وتجملت ولكن هذه
سَلبت وجهكَ لو تدرى الجمالا
لا أقالتني المقادير إذا
كنت ممن لك بادهر أقالا
أزلالَ العفوِ تبغي وعلى
أهل حوض الله حرمت الزلالا
المطاعين إذا شبت وغى
والمطاعيمُ إذا هبَّت شِمالا
والمحامين على أحسابهم
جهد ما تحمي المغاوير الحجالا
أُسرة ُ الهيجاءِ أتراب الضُبا
حلفاء السمر سحباً واعتقالا
فهم الأطواد حلماً وحجى
والضُبا والأُسد غرباً وصيالا(23/462)
ولهم كل طموح لا يرى
خد جبار الوغى غلا نعالا
إن دُعوا خفّوا إلى داعي الوغى
وإذا النادي احتبى كانوا ثِقالا
أهزل الأعمار منهم قولهم
كلما جد الوغى : زيدي هزالا
كل وطاء على شوك القنا
إثر مشاء على الجمر اختيالا
وقفوا والموت في قارعة
لو بها أرسى ثهلان لمالا
فأبوا إلا اتصالاً بالضُبا
وَعن الضيم من الروح انفصالا
أرخصوها للعوالي مهجاً
قد شرها منهم الله فغالى
نَسيت نفسيَ جسمي أو فلا
ذكرت إلاّ عن الدنيا ارتحالا
حين تنسى أوجهاً من هاشم
ضمّها التربُ هلالاً فهلالا
افتديهم وبمن ذا أفتدي
أمن لهلاك الورى كانوا الثمالا
عجباً من رجلها ماقطعت
في طريق المجد من نعل قبالا
وترت من كم على جمر الوغى
ألقت الأخمُص رجلاها صِيالا
عترَة ُ الوحى غدت في قتلها
حُرماتُ الله في الطفّ حلالا
قُتلت صبراً على مشرعة ٍ
وجدت فيها الردى أصفى سجالا
يومى لت آل حرب لا شفت
حقدَها إن تركت لله آلا
يا حشا الدين ويا قلبَ الهدى
كابدا ما عشما داء عضالا
تلك أبناء علي غودرت
بدماها القومُ تستشفي ضَلالا
نسيت أبناء قهر وترها
أم على ماذا أحالته اتكالا
فَمن الحاملُ عنّي آية ً
لهم لو هزت الطود لزالا
ايها الراغب في تغليسة
بامون قط لم تشك الكلالا
إقتعدها وأقم من صدرها
حيث وفد البيت يلقون الرحالا
واحتقبها من لساني نفثة
ضرماً حوَّلها الغيظُ مقالا
وإذا أندية ُ الحيِّ بدت
تُشعرُ الهيبة َ حشداً واحتفالا
قِف على البطحاء واهتُف ببني
شيبة الحمدِ وقل قوموا عِجالا
كم رضاع الضيم لا شب لكم
ناشىء ٌ أو تجعلوا الموتَ فِصالا
كم وقوفُ الخيل لا كم نسِيت
علكَها اللجمِ ومجراها رِعالا
كم فرار البيض في الغمد أما
آن أن تهز للضرب انسلالا
كم تمنّون العوالي بالطُلى
أقتل الأدواء مازاد مطالا
فهلمّوا بالمَذاكي شُزبا
والضبا بيضاً وبالسمر طوالا
حلَّ ما لا تبرُك الإبلُ على
مثله يوماً ولو زِيدت عِقالا
طحنت أباءُ حربٍ هامَكم
برحى حربٍ لها كانوا الثفالا(23/463)
وطأوا آنافكم في كربلا
وطأة طكت على السهل الجبالا
قوِّموها أسلاً خَطيّة
كقدود الغيد ليناً واعتدالا
واخطبوا طعناً بها عن ألسن
طالما أنشأت الموتَ ارتجالا
وانتضوها قُضباً هنديَّة ً
بسوى الهاماتِ لا ترضى الصقالا
ومكانَ الحدِّ منها ركِّبوا
عزمكم ان خفتموا منها الكلالا
واعقدوه عارضاً من عثير
بالدم المهراق منحلّ العَزالى
وابعثوها مثلَ ذؤبان الغضا
لا ترى إلا على الهام مجالا
وإلى الطف بها حرى فلا
برد أو تنسف هاتيك التلالا
بطراد تلدم الطف به
للأُلى منكم قضوا فيه قتالا
وطعان يمطر السمر دماً
فوقها حيث دم لاشراف سالا
كم لكم من صِبية ٍ ما أُبدلت
ثم من حاضنة إلا رمالا
سل بحِجر الحرب ماذا رضعت
فثديُّ الحربِ قد كنَّ نصالا
رضعت من دمِها الموت فيا
لرضاع عاد بالرغم فصالا
ونواع برزت من خدرها
تلزم الأيدي أكباداً وجالا
كم على النعي لها من حنَّة ٍ
كحنين النيبِ فارقن الفصالا
كبنات الدوح تبكي شجوَها
وغوادي الدمع تنهلّ انهلالا
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> إن لم أقف حيثُ جيش الموت يزدحمُ
إن لم أقف حيثُ جيش الموت يزدحمُ
رقم القصيدة : 22771
-----------------------------------
إن لم أقف حيثُ جيش الموت يزدحمُ
فلا مشت بي في العلا قدم
لا بدَّ أن أتداوى بالقنا فلقد
صبرت حتى فؤادي كله ألم
عندي من العزم سرٌّ لا أبوحُ به
حتى تبوحَ به الهِنديَّة الخُذم
لا أرضعت لي العلى ابناً صفو درَّتِها
إن هكذا ظل رمحي وهو منفطم
إلية بضبا قومي التي حمدت
قدماً مواقعها الهيجاء لا القمم
لأحلبن لدي الحرب وهي قناً
لبانها من صدور الشوس وهو دم
مالي أسلم قوماً عندهم ترثي
لاسالمتني يد الأيام إن سلموا
مَن حامِلٌ لوليّ الأمرِ مألكة ً
تضوى على نفثات كلها ضرم
يابن لألى يقعدون الموت أن نهضت
بهم لدى الروع في وجه الضبا الهمم
الخيل عندك ملتها مرابطها
والبيض منها عرى أغمادها السأم
هذي الخدور ألاعدّاء هاتكة ً(23/464)
وذي الجباه ألا مشحوذة تسم
لاتطهر الأرض من رجس العدى أبداً
ما لم يَسِل فوقها سيل الدم العرم
بحيثُ موضع كلٍّ منهم لك في
دماه تكن فيه تجلى هذه الغمم
قد آن أن يمطرَ الدنيا وساكِنها
دماً أغر عليه النقع مرتكم
حران تدمغ هام القوم صاعقة
من كفه وهي السيف الذي علموا
نهضاً فَمن بظُباكم هامهُ فلقت
ضرباً على الدين فيه اليومَ يحتكم
وتلك أنفالكم في الغاصبين لكم
مقسومة وبعين الله تقتسم
جرائم آذتهم أن تعاجلَهم
بالأنتقام فهلا أنت منتقم
وإنَّ أعجب شيء أن أبثكَّها
كأَنَّ قلبك خالٍ وهو مُحتدم
ما خلتُ تعقد حتّى تُستثارَ لهم
وأنت أنت وهم فيما جنوه هم
لم تبق اسيافهم منكم على ابن تقى
فكيف تبقى عليهم لا أبا لهم
فلا وصفحك إن القوم ما صفحوا
ولا وحلمك إن القوم ما حلموا
فحمل أمك قدماً أسقطوا حنقاً
وطفل جدك في سهمِ الردى فطموا
لا صبر أو تضع الهيجاء ما حملت
بطلقة ٍ معها ماءُ المخاضِ دمُ
هذا المحرّم قد وافتك صارخة ً
ممّا استحلّوا به أيامهُ الحُرم
يملأنَ سمعكَ من أصوات ناعية ٍ
في مسمع الدهر من إعوالها صمم
تنعى إليك دماء غاب ناصرها
حتى أُريقت ولم يرفع لكم علم
مسفوحة ً لم تُجب عند استغاثِها
إلاّ بأدمع ثكلى شفَّها الألم
حنّت وبين يديها فِتية ٌ شَرِبت
من نحرها نُصبَ عينيها، الضُّبا الخُذم
مُوسّدين على الرمضاءِ تنظرهم
حرّى القلوب على ورد الردى ازدحموا
سقياً لثاوينَ لم تَبلل مضاجِعَهم
إلاّ الدماءُ وإلاّ الأدمُعُ السجم
أفناهُمُ صَبرهم تحت الضُّبا كرماً
حتى قضوا ورداهم ملؤه كرُم
وخائضين غمار الموت طافحة
أمواجُها البيضُ بالهاماتِ تَلتطم
مشوا إلى الحرب مشي الضاريات لها
فصارعوا الموت فيها والقنا أجم
ولا غضاضة يوم الطف أن قتلوا
صبراً بهيجاء لم تثبت لها قدم
فالحرب تعلم إن ماتوا بها فلقد
ماتت بها منهم الأسياف لا الهمم
أبكيهم لعوادي الخيل إن ركبت
رؤسها لم تكفكف عزمها اللجم
وللسيوف إذا الموت الزؤام غدا(23/465)
في حدها هو والأرواح يختصم
وحائرات أطار القوم أعينها
رُعباً غداة عليها خِدرَها هَجموا
كانت بحيث عليها قومها ضربت
سرادقاً أرضه من عزهم حرم
يكاد من هيبة ٍ أن لا يطوفَ به
حتى الملائكُ لولا أنّهم خَدم
فغودرت بين أيدي القوم حاسرة ً
تسبى وليس لها من فيه تعتصم
نعم لوت جيدَها بالعتب هاتِفة ً
بقومِها وحشاها ملؤه ضَرُم
عجّت بهم مُذ على أبرادها اختلفت
أيدي العدوِّ ولكن مَن لَها بِهم
نادت ويا بُعدهم عنها مُعاتِبة ً
لهم وياليتهم من عتبها أمم
قومي الأُلى عُقدت قِدماً مآزرُهم
على الحمية ماضيموا ولا اهتضموا
عهدي بهم قصر الأعمار شأنهم
لا يهرمون وللهيابة الهرم
مابالهم لاعفت منهم رسومهم
قروا وقد حملتنا الأنيق الرسم
ياغادياً بمطايا العزم حملها
هماً تضيق به الأضلاع والحزم
عرّج على الحيِّ من عمرو العلى وأرح
منهم بحيث اطمأن البأس والكرم
وحي منهم حماة ليس باتنهم
من لا يرف عليه في الوغى العلم
المشبعين قرى طير السما ولهم
بمنعة الجار فيهم يشهدُ الحرم
والهاشمين وكل الناس قد علموا
بأن للضيف أو للسيف ماهشموا
كماة حرب ترى في كل بادية
قتلى بأسيافهم لم تحوها الرجم
كأَنَّ كلّ فلاً دارٌ لهم وبها
عيالها الوحش أو أضيافها الرخم
قِف منهم موقفاً تغلي القلوبُ به
من فورة العتب واسأل ما الذي بهم
جفت عزائم فهر أم ترى بردت
منها الحمية أم قد ماتت الشيم
أم لم تجد لذعَ عتبي في حشاشتها
فقد تساقطَ جمراً من فمي الكلم
أين الشهامة أم أين الحفاظ أما
يأبى لها شرف الأحساب والكرم
تسبى حرائرها بالطف حاسرة
ولم تكن بغُبار الموت تلتثمُ
لمن أُعدّت عتاقُ الخيل إن قعدت
عن موقف هتكت نها به الحرم
فما اعتذارك يافهر ولم تثبي
بالبيض تُثلم أو بالسمر تنحطم
أجل نساؤكِ قد هزَّتكِ عاتِبة ً
وأنت من رقدة تحت الثرى رمم
فلتُلفت الجيدَ عَنك اليوم خائبة ً
فما غناؤكِ حالت دونكِ الرجم
العصر الأندلسي >> حيدر بن سليمان الحلي >> حلولُك في محلّ الضيم داما(23/466)