قَطعَ الرّقابِ وَلا قَطعاً لأِرْحَامِ
تبكي الرّكاب وقد ردّت أزمتها
فالرّكبُ ما بين أعوالٍ وأرزامِ
اليَوْمَ يَرْتَاحُ مَنْ كانَتْ أضَالِعُهُ
عَلى قَوَادِمِ أحْقَادٍ وَأوْغَامِ
يَمُوتُ قَوْمٌ، فَلا يَأسَى لهم أحَدٌ
وَوَاحِدٌ مَوْتُهُ حُزْنٌ لأِقْوَامِ
سقى الحيا منك أوصالاً مفرقة
فيها مجامعُ إجلالٍ وإعظامِ
غَيْثَانِ: ذا جَامِدٌ تَخفَى مَخائِلُهُ
عن العيونِ وذا بادي الذّرى هامي
لله درّك من غرّاءِ أحرزها
موسومة قلب ضرغام لضرغام
قد كدت أعقلها لولا محافظة
على يدٍ سلفت منه وإنعامِ
أعَادَ عِزَّ أبي غَضّاً وَخَوّلَهُ
ما شاءَ من بذلِ إعزازٍ وإكرام
وَكُنْتُ أجْمَمْتُهُ للعِزّ أطْلُبُهُ
وإنّما كان للمقدور إجمامي
ودون ما تشتهيه النّفس متعبة
إنّ اللألي وارءَ الأخضر الطامي
فاذهب كما ذهب البدرُ استبدَّ به
برغمِ أعيننا جلبابُ إظلام
فما لدارك منا غير مقلية
ولا لقربك منّا غير إلمامِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> متى أنا قائم أعلى مقام
متى أنا قائم أعلى مقام
رقم القصيدة : 10388
-----------------------------------
متى أنا قائم أعلى مقام
ولاقٍ نور وجهك بالسّلامِ
ومنصرف وقد أثقلت عطفي
مِنَ النَّعْمَاءِ وَالمِنَنِ الجِسَامِ
وَلي أمَلٌ أطَلْتُ الصّبرَ فيهِ
لَوْ أنّ الصّبرَ يَنقَعُ مِنْ أُوَامي
وما خفت النوائب ترتمي بي
وَقَدْ أقْعَى بجَامِحِهَا لِجَامي
أيَعْرُقُني الطّوَى وَالرّوْضُ حالٍ
ويغلبني الظما والبحر طام
وَلي قُرْبَى رَؤومٌ كُنْتُ أرْجُو
يمينك أن تقرب لي مرامي
وباب الإذن مني كلّ يوم
يقعقعُ بالقوافي والنّظام
لَكُمْ أرْجَاءُ زَمْزَمَ وَالمُصَلّى
وبطحاءُ المشاعر والمقام
وأنتم أطول العظماءِ طولاً
وأندى في المحولِ مِن الغمامِ
وَأبْعَدُ مَوْطِناً مِنْ كُلّ عَارٍ
وأمنع جانباً من كلِّ ذام
وَأجرَى عِندَ مُختَلَفِ العَوَالي
وأفلج عند معترك الخصامِ
بِآبَاءٍ مَضَوْا، وَهُمُ عَوَارٍ(2/87)
من القولِ المهجن والملام
وَأُمّاتٍ دَرَجْنَ عَلى اللّيَالي
وهنَّ أصحَّ من بيض النّعامِ
وعزّ لا يزعزع بالرّزايا
وَطَوْدٍ لا يُضَعضَعُ بالزّحَامِ
وفخر شامخ العرنين عالٍ
وَمَجْدٍ طَائِرِ العَزَبَاتِ سَامِ
تَسِيلُ إلَيْهِمُ أيْدِي المَطَايَا
بِكُلّ أشَمّ مَعرُوقِ العِظَامِ
يغلبن البعاد على التداني
ويؤثرن المسير على المقامِ
ويعلفن الذميل ولا سبيل
إلى الغدرانِ والنّطف الطوامي
وينصل ليلها عن كل عنسٍ
غَضِيضِ الطّرْفِ فاترَة ِ البُغامِ
أحَفّتْ مِنْ جَوَانِبِهَا الفَيافي
وساقط نحضها خوض الظَّلامِ
تناخ بمالئ الدنيا نوالاً
وصادع بيضة الملك الهمام
ببأسٍ مِثلِ غَرْبِ السّيفِ ماضٍ
وجود مثل ماء المزنِ هامِ
وصولات أمر من المنايا
على بشرٍ ألذّ من المدامِ
أمِيرَ المُؤمِنينَ، وَأنتَ أوْلَى
بغاياتِ الفخار من الأنامِ
وَأنْتَ مُمَلَّكٌ شَرْقاً وَغَرْباً
حَرِيمَ الأرْضِ وَالبَلَدِ الحَرَامِ
أجب صوتي إليك فكلّ ملكٍ
يَلَذُّ عَلى مَسَامِعِهِ كَلامي
وجرّدني تلاقِ الدّهر مني
بِمَسْمُومٍ مَضَارِبُهُ حُسَامِ
وَلا تَتَغَاضَيَنّ عَنِ القَوَافي
فقد أربتْ على طولِ الجمام
وَإنّي نِعْمَ دامِغُ كُلّ قِرْنٍ
يُرَادي بالعَداوَة ِ، أوْ يْرَامي
ودافع كلّ داهية نآدٍ
وَقائِدُ كُلّ ذي لَجَبٍ لُهَامِ
لَعَلّي بَالِغٌ أمْرِي وَلاقٍ
منى نفسي من النّعمِ العظامِ
وأمراً منك يحذره الأعادي
فيلحظه بأجفانٍ دوامِ
فأعينهم لبغضته غواض
وهنَّ لعظم منظره سوام
تَهَنّ قُدُومَ صَوْمِكَ، يا إماماً
يَصُومُ عَلى الزّمَانِ مِنَ الأثَامِ
إذا ما المرء صام من الدنايا
فَكُلُّ شُهُورِهِ شَهْرُ الصيَامِ
ألانَ جذبت من أيدي الليالي
عناني واشتملت على زمامي
فما أخشى الزّمان ولو تلاقت
يداهُ من ورائي أو أمامي
وَلا سِيما وَقَدْ أمْسَى عَليٌّ
ظهيري والسّفير إلى إمامي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> حَلَفْتُ بهَا صِيدَ الرّؤوسِ سَوَامِ(2/88)
حَلَفْتُ بهَا صِيدَ الرّؤوسِ سَوَامِ
رقم القصيدة : 10389
-----------------------------------
حَلَفْتُ بهَا صِيدَ الرّؤوسِ سَوَامِ
طوال الذرى يمددنَ كلّ زمامِ
بكلّ غلام حرّم النوم هزة
إلى بلد نائي المزار حرامِ
لأستمطرنَّ العزنفاً مريغة
ورود علاءٍ أو ورود حمامِ
وَأسْتَنْزِلَنّ المَجْدَ مِنْ قُذُفَاتِهِ
وَلَوْ كَانَ أعْلَى يَذْبُلٍ وَشَمَامِ
مللت مقامي غير شكوى خصاصة
وَإنّي لأِمْرٍ مَا أمَلُّ مُقَامي
نِزَاعاً عَنِ الدّارِ التي أنَا عِندَها
كَثِيرُ لُبَانَاتٍ طَوِيلُ غَرَامِ
صَرِيعُ هُمُومٍ يَحْسَبُ النّاسُ أنّني
لِمَا أخَذَتْ منّي صَرِيعُ مُدامِ
نوائب أيَّام نسرن خصائلي
مُغَالَبَة ً، حَتّى عَرَقنَ عِظامي
ودون ولوج الضيم في ذوابلي
طوال بأيدي منجبين كرام
وإنّ زماني يوم يحرق نابهُ
أعاذمُهُ حتى يمدّ عِذامي
وَكَمْ يَستَفِزُّ الذّلُّ قَلبَ ابنِ همّة ٍ
له أمل نائي المدى مترامِ
يذاد عن الماءِ الذي فيه ريُّه
وَيَرْمي إلى الغُدْرَانِ مُقْلَة َ ظَامي
وتعرض غرات العلى وهو كانع
فيلحظها شزراً بعينِ قطامي
ولستُ براضٍ عن منازل جمة
أمُرّ بِهَا في الأرْضِ مَرّ لَمَامِ
سوى منزل حصباءَ أرضي بجوّه
نجوم وأظلال الغمام خيامي
فذاك مكاني إن أقمت بمنزل
وَإلاّ فَفي أيدي الطِّلابِ زِمَامي
خفيف على ظهرِ الجوادِ تسرّعي
ثقيل على هامِ الرجال قيامي
خَليلَيّ رُودَا باليَفَاعِ، فأشرِفَا
عَلى قُلَلٍ بالأبْرَقَينِ سَوَامِ
لبرق كتلويح الرّداء يشبه
تَضَايُقُ مِرْنَانِ الرّعُودِ رُكَامِ
تربص إن يلقى بنجد بعاعه
وَسَاقَ إلى البَيْضَاءِ عِيرَ غَمَامِ
زَفَتْهُ النُّعَامَى ، فاستَمَرّ جِمَامُه
تجفّل سربي ربرب ونعام
يضيء إلى الربع الذي كنت آلفاً
بِهِ بُرْءَ أسْقَامي وَبَلَّ أُوَامي
منازل كان الطرف يرتاح بينها
لخضرٍ جميم أو لزرق جمامِ
سقى تربها حتى استثار خبيئه
سقيط رذاذ دائم ورهام
وراقت بها الأنواءُ كلّ صبيحة(2/89)
وَرَقّتْ بهَا الأرْوَاحُ كُلَّ ظَلامِ
تَضُمُّ رِجَالاً كالرّمَاحِ، إذا دُعُوا
إلى الحَرْبِ لَفّوا نَارَهَا بضِرَامِ
لهُمْ عَدَدٌ جَمٌّ مِنَ البِيضِ وَالقَنا
وذافرة بالليلِ ذات بغام
إذا غَضِبوا جاشَتْ رُبَى الأرْضِ منهم
ببيض وبيض كالنجوم ولامِ
بأيّ سراة أحمل الخطب إن عرا
وَقَدْ جُبّ مِنهُمْ غارِبي وَسَنامي
وَكَانُوا دُرُوعي إنْ رَمَتْني مُلِمّة ٌ
ونبليَ إن رامى العدا وسهامي
ولولا ابن موسى ما اعتصمت بجنة
ولا علقت كفي بعقد ذمامِ
ملاذيَ إن أُعطي الرمان مقادتي
معاذيَ إن جرّ العدوّ خطامي
منَ القَوْمِ ما زرّوا الجيوبَ على الخَنا
ولا قرعت أسماعهم بملام
سَرِيعُونَ إنْ نُودُوا ليَوْمِ كرِيهة ٍ
جريئون إن قيدوا ليوم خصام
لهم شرف آبٍ على النّاسِ اقعسٌ
وفضل عديد للعدوّ لهام
نجومهمُ في العزّ غير غوارب
وأجدادهم في المجد غير نيام
يُهَابُ بِهِمْ مُستَلْئِمِينَ إلى الرّدَى
على عارفات بالطعان دوام
عناجيج قد طوّحن كلّ حقيبة
مِنَ الرّكضِ وَاستَهلكنَ كلّ لجامِ
نزائع ما تنفكّ تفرى صدورها
جُيوبَ ظَلامٍ، أوْ ذُيُولَ قَتَامِ
يخالطن بالفرسان كل طريدة
ويبلغن بالأرماح كل مرام
أحاسد ذا الضرغام دونك فاجتنب
بَوَادِرَ مِقدامِ الجَنَانِ مُحَامي
حذارك من ليثٍ ترى حول غيله
سَوَاقِطَ أيْدٍ للرّجَالِ، وَهَامِ
لهُ العَدْوَة ُ الأولى التي تَحطِمُ القَنا
وتجلي الأعادي كل يوم مقام
هنيئاً لك العيد الجديد ولا تزل
تَخَلَّصُ مِنْ عَامٍ يَمُرّ وَعَامِ
تلثمت من فضلِ العفاف عن الهوى
نجاءً من الدنيا أعز لثامِ
وخالفت في ذا لصوم سنة معشر
صِيَامٍ، عَنِ العَوْرَاءِ غَيرُ صِيَامِ
ألا إنّني غَرْبُ الحُسَامِ الذي تَرَى
وَغَارِبُ هَذا الأرْعَنِ المُتَسَامي
كِلانَا لَهُ السّبْقُ المُبِرُّ إلى العُلَى
وإن كان في نيلِ العلاءِ إمامي
وما بيننا يوم الجزاء تفاوت
سوى انه خاض الطريق أمامي(2/90)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ما إن رأيت كمعشرٍ صبروا
ما إن رأيت كمعشرٍ صبروا
رقم القصيدة : 10390
-----------------------------------
ما إن رأيت كمعشرٍ صبروا
لقَوَارِعِ اللَّزَبَاتِ وَالأَزْمِ
بَسَطُوا الوُجُوهَ وَفي ضُلُوعِهِمُ
حرق الجوى ومآلم الكلم
جمحت بهم خيل الأسى فتنوا
أعناقها بأعنَّة الحزم
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قعد الراضون بالذلّ فقمْ
قعد الراضون بالذلّ فقمْ
رقم القصيدة : 10391
-----------------------------------
قعد الراضون بالذلّ فقمْ
إنما الماضي إذا همّ عزم
ما مقامي غير ممضي نية
دائِباً أهْدُرُ كَالفَحْلِ السّدِمْ
أعرِضُ الآمَالَ مَشْغُوفاً بهَا
ثم انساها إذا الخطب ألم
طَالَ لَبْثي سَادِراً في غُمّة ٍ
وقديماً كنت فرَّاج الغمم
لا ألوم الهم إن لازمني
فهموم المرء يبعثن الهمم
لست بالواني ولكنّي فتى
ظلمتهُ نائبات فانظلم
وَزَمَانٌ شُرّعٌ أنْيَابُهُ
أبَداً، يَعرُقُنا عَرْقَ السَّلَمْ
المعازيل كرام عنده
وَالمَناجِيبُ كمَلفُوظِ العَجَمْ
خَضَعَ الدّهْرُ لَنَا ثمّ نَبَا
وكذا الدهر إذا ساف عذم
أنَا مِنْ أبْنَائِهِ في مَعْشَرٍ
يَتَوَاصَوْنَ بِإخْفَارِ الذّمَمْ
إن طواني الغيب عن ألحاظهم
مَزّقُوا عِرْضِيَ تَمْزِيقَ الأدَمْ
لا يلاقونيَ إلا خائضاً
أخْطُمُ الأقْوَالَ مِنْهُمْ وَأزُمّ
إنْ تَرَاني مُطْرِقاً عَنْ سَوْرَة ٍ
كَقُبُوعِ الصِّلّ أُغضِي وَأُرِمّ
فهمومي ساعيات جهدها
ليس كل السعي يوماً بالقدم
قد يجيب العزّ من أقعده
عَنْ طِلابِ العِزّ خَوْفٌ وَعَدَمْ
ويجيب الطالب المثري وقد
يُدرِكُ الشّأوَ أخُو العَجزِ الهَرِمْ
أبقَتِ الأيّامُ مِنّي صَعْدَة ً
تذبن العاجم عنها إن عجم
وإذا زعزعها الدّهر سمت
لدنة ً تنمى على طول القدم
لَسْتَ للزّهْرَاءِ إنْ لَمْ تَرَها
كوعول الهضب يعجمن اللجم
تُستَجَنُّ البِيدُ مِنْ فُرْسَانِهَا
بين بغداد إلى أرضِ الحرام
بعجاج يملأُ الأفق دجى(2/91)
وطعان يخضب الأرض بدم
شُرَّعاً تَفْتَرُّ عَنْ أعْنَاقِهَا
قُلَلُ القُورِ وَغِيطَانُ الأكَمْ
كالرّدى أقدم والغيث همى
والدجا طبق والسيل هجم
حَامِلاتٍ كُلّ غَضْبَانٍ بِهِ
من لمامِ الغيظ مس ولمم
كالصقورِ الغلب ألحاظهمُ
كالجُذَى يَلمَعنَ من خَلفِ اللُّثمْ
بددوا ما جمع البأس لهم
بِأنَابِيبِ العَوَالي في الكَرَمْ
لستُ بالعاذر جدي إن هوى
وَجُدُودِي في العُلى أعلى الأُمَمْ
وَبَنَاني خُلِقَتْ أطْرَافُهَا
عَقِباً للرّمحِ، طَوْراً، وَالقَلَمْ
يُرى مثليَ إلاَّ طالباً
ذُرْوَة َ المِنبَرِ أوْ قَعرِ الرَّجَمْ
طامح الرّأس على أعواده
أوْ عَلى عَاليَة ِ الرّمحِ الأصَمّ
خُطّة ٌ: إمّا عَلاءً، أوْ رَدًى
معجليأ أقرع السّن النّدم
بنْ من الناسِ بعزّ وعلى ً
سَتُسَاوِيهِمْ غَداً بَينَ الرّمَمْ
هَبْنيَ الرّمْحَ بِكَفّيْ فَارِسٍ
بَطَلٍ أكْرَهَهُ حَتّى انحَطَمْ
هَبْنيَ العَضْبَ ذَليقاً حَدُّهُ
ثَلّمَ البِيضَ ضِرَاباً وَانْثَلَمْ
أتُرَاني دُونَ مَنْ رَامَ العُلَى
في اللّيَالي مُنذُ عَادٍ وَإرَمْ
وَدَنيٌّ ضَارِعٌ عَنْ أمْرِهِ
أخَذَ العُرْبَ بتِيجَانِ العَجَمْ
كَمْ أبٍ لي جَدّ في إحْرَازِهَا
يحرق الناب عليها وابن عم
طَلَبُوهَا فَهَوَى بَعْضُهُمُ
ورمى بعضٌ إليها فغنم
صَبَرُوا فيهَا عَلى كُلّ أذًى
ولقوا من دونها كلَّ أَلم
إنْ يَكُنْ مُلْكٌ، فمِثْلي نالَهُ
أوْ يَكُنْ حَتْفٌ، فإنّي لمْ أُلَمْ
إنّما يهلكُ مني ماجد
يولغ السيف عراقيب النّعم
ناقص الأموال في بذلِ النّدى
زائد الخطو إلى ضربِ القمم
نَحْنُ قَوْمٌ قَسَمَ اللَّهُ لَنَا
بالرزايا ورضينا بالقسمِ
إنّمَا قَصّرَ مِنْ آجَالِنَا
إننا نأنف من موتِ الهرم
نِصْفُ عَيشِ المَرْءِ حُلمٌ، وَالذي
يَعقِلُ العَاقِلُ مِنْهُ كالحُلُمْ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تأبى الليالي أن تديما
تأبى الليالي أن تديما
رقم القصيدة : 10392
-----------------------------------(2/92)
تأبى الليالي أن تديما
بؤساً لخلق أو نعيما
وَنَوَائِبُ الأيّامِ يَطْرُقْـ
الورى بيضا وشيما
وَالدّهرُ يُوجِفُ فيهِ مُعوَ
الطريق ومستقيما
والمرء بالإقبال يبلغ
وادعاً خطراً جسيما
وينال بغيته وما
أنضَى الذّميلَ وَلا الرّسيمَا
وَإذا انْقَضَى إقْبَالُهُ
رَجَعَ الشّفيعُ لَهُ خَصِيمَا
بينا يسيغ شرابه
حتى يغصّ به وجوما
وهو الزمان إذا نبا
سلب الذي أعطى قديما
كَالرّيحِ تَرْجِعُ عاصِفاً
مِنْ بَعْدِ مَا بدَأتْ نَسيمَا
يستهكم العضب القطو
ع ويزلق الرمح القويما
ويعود بالرأسِ الطمو
ح العين مطراقاً أميما
كم ذابل قاد الجيا
د القب يعلكن الشّكيما
كعواسل الذؤبان يذرعن
الأماعز والخروما
وَمُجَمِّرٍ للجَيْشِ قَدْ
نَسيَتْ ضَوَامرُهُ الجُمومَا
قَلِقٌ عَلى الأنْمَاطِ حَـ
ـتَّى يُدْرِكَ الثّارَ المُنِيمَا
لا يصدر الرايات حتى
عصف الحمام به وفرَّق
ـرَّقَ ذَلِكَ الجَمعَ العَميمَا
ورمى به غرض الرّدى
عريان قد خلع النعيما
زال الوزير وكان لي
وَزراً أجُرّ بِهِ الخُصُومَا
فالآن أغدو للعدا
ونبالها غرضاً رجيما
سَدّ العُلَى ، وَأنَارَ لا
فظّ القضاء ولا ظلوما
حَتّى ، إذا لَمْ يَبقَ إ
يلام وأن يليما
طرح العناء على اللئا
مِ مُجانِباً وَمَضَى كَرِيمَا
أفنَى العِدا، وَقضَى المُنى
وَبنى العُلى ، وَنجَا سَليمَا
الحامل العبء الذي
أعيا المصاعب والقروما
سَئِمُوهُ، فَاحتَمَلَ المَغَا
رم لا ألفّ ولا سؤما
أنقاهم جيبا إذا
عدوا وأملسهم أديما
وجه كأنّ البدر شا
طره الضياء أو النّجوما
لَوْ قَابَلَ اللّيلَ البَهِيـ
لمزّق الليل البهيما
يجلو الهموم وربّ وجه
إن بدا جلب الهموما
خَلَصَ النّجِيُّ مُشَاوِراً
قَلباً عَلى النّجوَى كَتُومَا
ومنبها عزما إذا
ما هزّ لم يوجد نؤما
عليه والخلّ الحميما
حَتّى سَمَا، فحَدا بهَا
بَزْلاءَ نَاجِيَة ً سَعُومَا
كان العظيم وغير بد
ع منه إن ركب العظيما
خُطَطٌ يجبّن المشجع
أو يسفّهن الحليما
والحر من حذر الهوا(2/93)
نِ يُزَايِلُ الأمْرَ الجَسِيمَا
وَيُليحُ مِنْ خَوْفَ الأذَى
فَرَقاً، وَيَدّرِعُ الكُلُومَا
وَالضّيْمُ أرْوَحُ مِنْهُ مَطْـ
الظُبى بلغ الصميما
بعثوا سواك لها فكا
ن مبلّداً عنها مليما
والعاجز المأفون أقعد
ما يكون إذا أقيما
فَسَقَى بِلادَكَ حَيثُ كُنْـ
المزن منبعقاً هزيما
فَلَقَدْ سَقَى خَدّيّ ذِكْـ
دمعَ عينيّ السجوما
ورعتك عين الله مقلاق
ـلاقَ الرّكائبِ، أوْ مُقِيمَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> مَنِ الرّكْبُ ما بَينَ النّقا وَالأنَاعِمِ
مَنِ الرّكْبُ ما بَينَ النّقا وَالأنَاعِمِ
رقم القصيدة : 10393
-----------------------------------
مَنِ الرّكْبُ ما بَينَ النّقا وَالأنَاعِمِ
نشاوى من الإدلاجِ ميل العمائم
وُجُوهٌ كَتَخطيطِ الدّنانِيرِ لاحَهَا
مع البيدِ أضباب الهموم اللوازم
كأن القطاميات فوق رحالهم
سِوَى أنّهَا تَأبَى دَنِيّ المَطاعِمِ
عَلى مُصْغِيَاتٍ لِلأزِمّة ِ سَاقَطَتْ
من النيّ ما بين الذرى والمناسم
ذَكَرْناكمُ، وَالعِيسُ تَهوِي رِقابُها
وأيماننا مبلولة بالقوائمِ
فأضعفنا عن حمل أسيافنا الهوى
ونقَّض منا مبرمات العزائم
إذا هَزّنَا الشّوْقُ اضْطَرَبْنَا لِهَزّهِ
على شُعَبِ الرّحلِ اضطرَابَ الأرَاقمِ
وخفَّت قلوب من رجالِ كما هفت
نزائع طير غدوة بالقوادمِ
فمِنْ صَبَوَاتٍ تَستَقِيمُ لِمَائِلٍ
ومن أريحيات تهبّ بنائمِ
وَفي الجيرَة ِ الغَادِينَ كُلُّ مُمَنَّعٍ
يشير إلينا عن بروقِ المباسمِ
وَيَجْلُو لَنَا لَمْعَ الغَمَامِ وَبِشرَهُ
وأين لنا منه بجود الغمائم
صَفَحْنَ إلَيْنا عَنْ خُدُودٍ أسيلَة ٍ
دَنُوَّ العَوَاطي مِنْ ظِبَاءِ الصّرَائِمِ
ورفّعن أطراف السجوف فصرّحت
عن الوجدِ أدواء القلوب الكواتم
وَكَيفَ تَرَاهنّ العُيُونُ، وَإنّمَا
شغلن المأقي بالدموع السواجم
يُعاطينَ إعْطَاءَ الذَّلُولِ طَمَاعَة ً
وَيَصْدُدنَ صَدّاتِ الجِيادِ القَوَادِمِ
زودن منا كل قلب ومهجة(2/94)
وَزَوَّدْنَنَا للوَجْدِ عَضَّ الأباهِمِ
خليليّ هل زال الأراك وقد عفت
مَغارِزُ أعْنَاقِ اللّوَى وَالمَخارِمِ
وَكَيفَ أعَالي الرّملِ مُنذُ تَحَدّبَتْ
عَلَيها الزَّبَاني بالغَمَامِ الرّوَائِمِ
أُحِبُّ ثَرَى أرْضٍ أقَامَ بِجَوّهَا
حَبيب إلى قَلْبي، وَإنْ لمْ يُلائِمِ
وَأستَشرِفُ الأعلامَ حتّى تَدُلّني
عَلى طِيبِهَا مَرُّ الرّيَاحِ الهَوَاجِمِ
وما أنسم الأرواح إلاّ لأنّها
تَجُوزُ عَلى تِلْكَ الرُّبَى وَالمَعَالِمِ
برغميَ أنزلت الهوى عند مانعٍ
وَدُمْتُ عَلى عَهْدِ امرِىء ٍ غيرِ دائمِ
كَأنّي أُدارِي مُهْرَة ً عَرَبِيّة ً
تَحَايَدُ عَنّي مِنْ مَنَاطِ الشّكائِمِ
وَهذا، وما ابيَضّ السّوَادُ، فكيفَ بي
إذا الشّيب أمسى ليلة من عمائمي
وَكنتُ أرَى أنّ الشّبابَ وَسيلَة ٌ
لمثلى إلى بيضِ الخدود النّواعم
أنا ابن الأُلى إن ما دعوا يوم معرك
أمَدّوا أنَابِيبَ القَنَا بالمَعاصِمِ
مِنَ القَوْمِ تَعْلُو في المَجامعِ مِنهُمُ
مناصب أعناق رزان الجماجم
مَلِيئونَ في يَوْمِ القَضَاءِ إذا انتَدَوْا
بجدع القضايا من أنوفِ المظالم
وإن منعوا النَصف اقتضوه وأفضلوا
على النَّصْفِ بالأيدي الطّوَالِ الغَواشِمِ
إذا نَزَلُوا بالمَاحِلِ استَنبَتُوا الرُّبَى
وَكَانُوا نِتَاجاً للبُطُونِ العَقَائِم
قروا في حياضِ المجد واستدرعوا القنا
إلى نَيلِ أعناقِ المُلُوكِ القَمَاقِمِ
يَسِيرُونَ بالمَسعاة ِ لا السّعيُ بالخُطى
وَيَرْقَوْنَ بالعَلْيَاءِ لا بالسّلالِمِ
وَمَا مِنهُمُ إلاّ امرُؤٌ شَبّ نَاشِئاً
على نَمَطَيْ بيضَاءَ مِنْ آلِ هَاشِمِ
فتى لم توركه الإماء لوم تكن
أعارِيبُهُ مَدْخُولَة ً بالأعَاجِمِ
إذا همَّ أعطى نفسه كلّ منية
وقعقع أبواب الأمور العظائم
وَمَا اتّخَذُوا إلاّ الرّمَاحَ سُرَادِقاً
ولا استنوروا إلاّ بضوءِ اللهاذم
وَما فيهِمُ مَن يَقسِمُ القَوْمُ أمرَهُ
وَلا ضَارِعٌ يَنقادُ طَوْعَ الخَزَائِمِ(2/95)
ولا واهن إن عضه الأمر هابه
وَألقَى مَقاليدَ الذليلِ المُسَالِمِ
يبيتُ على خورِ الحشايا وغيره
عَلى ظَهرِ جَمّاحٍ من اللّيلِ عَارِمِ
لَنَا عَفَوَاتُ المَاءِ مِن كُلّ مَنهَلٍ
مَوَارِدُ آسَادِ العَرِينِ الضّرَاغِمِ
أبى العزم إلاّ وثبة في ظهورها
إذا أثقلت أعناقها بالمغارمِ
عوابس إن قُلّقن يوما لغاية
هَتَمنَ بِنَا رَوْقَ الرُّبَى وَالمَخارِمِ
وَكَيفَ أخافُ اللّيلَ أنّى رَكِبتُهُ
وبيني وبين الليل بيض الصوارم
وجمع إذا هزوا اللواءَ تجاوبت
جَوَانِبُهُ مِنْ أزْمَلٍ وَزَمَازِمِ
له لغط من اصطكاك رماحه
تنق عواليها نقيق العلاجم
وَتَحسَبُهُ مِمّا تَضَايَقَ وَاقِفاً
وَما رَدّ مِن غَرْبِ الجِيادِ الصّلادِمِ
به كل هفاف القميص شمردل
تَفَرّجَ عَنْ وَجْهٍ نَقيّ المَقادِمِ
بطعنٍ كما انعطّ الأديم أرقه
تَعاوُرُ أيْدي الخارِزَاتِ الخَوَازِمِ
وَتَعرِفُ في عِرْنِينِهِ المَجدَ سَاهِماً
عَلى عَقِبِ الإدْلاجِ، أوْ غَيرَ ساهِمِ
لَوَيْتُ إلى وُدّ العَشِيرَة ِ جَانِبي
عَلى عُظْمِ داءٍ بَينَنا مُتَفَاقِمِ
ونمت عن الأضغانِ حتى تلاحمت
جَوَائِفُ هاتِيكَ النُّدوبِ القَدائِمِ
وَقَلّمتُ أظْفارِي، وَكُنتُ أعِدّها
لتمزيق قربى بيننا والمحارم
وَرَوّحتُ حِلمي بعدَما غَرّبَتْ بِهِ
ذُنوبُ بني عَمّي غُرُوبَ السّوَائِمِ
وأوطأت أقوال الوشاة أخامصي
وَقَد كانَ سَمعي مَدْرَجاً للنّمائِمِ
وسالمت لما طالت الحرب بيننا
إذا لم تظفرك الحروب فسالم
وَقَدْ كنتُ أُصْميهم بعُورٍ نَوَافِذٍ
تَئِنّ لهَا الأعرَاضُ يَوْمَ الخَصَائِمِ
صَوَائِبَ مِنْ نَبلِ العَداوَة ِ لمْ تَزَلْ
تعطّ قلوباً من وراء الحيازم
سيرضون مني عن إيادِ كوامل
ومن قبلِ ما نيلوا بأيد كوالم
قضيت بهم حقّ الحفائظ مدة
وَلا بُدّ أنْ أقضِي حُقوقَ المَكارِمِ
فإن عاودوا رجمي بغيب فإنّها
جنادل عندي ملء كفّ المُراجم
وَكَمْ عَجَموني، فانسَلَلتُ مُهذَّباً
أثّر عودي في النيوب العواجم(2/96)
وبي يستسيغُ الرّيق قومٌ وإنني
إذا شِئتُ، من قوْمٍ شجاً في الحَلاقِمِ
إذا لم يكن إلا الحمام فإنني
سأُكرم سمعي عن مقال اللوائم
وَألْبَسُها حَمْرَاءَ تَضْفُو ذُيُولُهَا
من الدم بعداً عن لباس الملاوم
فمن قبل ما اختار ابن الأشعث عيشه
على شرفٍ باقٍ رفيع الدعائم
فطار ذميماً قد تقلد عارها
بشر جناح يوم دير الجماجم
وَجاءَهُمُ يَجْرِي البَرِيدُ برَأسِهِ
وَلمْ يُغْنِ إيغالٌ بِهِ في الهَزَائِمِ
وَقد حاصَ من خوْفِ الرّدى كلَّ حيصَة ٍ
فلم ينج والأقدار ضربة لازم
وَهذا يَزِيدُ بنُ المُهَلّبِ نَافَرَتْ
بهِ الذّلَّ أعرَاقُ الجُدودِ الأكارِمِ
وَقالَ، وَقد عَنّ الفِرَارُ أوِ الرّدى
لحَى اللَّهُ أخزَى ذِكرَة ً في المَوَاسِمِ
وما غمرات الموت إلا انغماسة
ولا ذي المنايا غير تهويم نائم
رَأى أنّ هذا السّيفَ أهوَنُ مَحمَلاً
من العارِ يبقى وسمهُ في المخاطمِ
وَمَا قَلّدَ البِيضَ المَباتِيرَ عُنقَهُ
سِوَى الخَوْفِ من تَقليدِها بالأداهِمِ
فعافَ الدّنايا وَامتَطَى المَوْتَ شامِخاً
بِمَارِنِ عِزٍّ لا يَذِلُّ لِخَاطِمِ
وقد حلّقت خوف الهوان بمصعب
قَوَادِمُ أبّاءٍ كَرِيمِ المَقَاوِمِ
عَلى حِينَ أعطَوْهُ الأمَانَ، فَعَافَه
وخُيّر فاختار الرّدى غير نادم
وَفي خِدْرِهِ غَرّاءُ مِنْ آلِ طَلْحَة ٍ
عَلاقَة ُ قَلْبٍ للنّدِيمِ المُخَالِمِ
تُحَسِّبُ أيّامَ الحَيَاة ِ، وَإنّهَا
لأَعذب من طعمِ الخلودِ لطاعم
ففارقها والملك لما رآهما
يَجُرّانِ إذْلالَ النّفُوسِ الكَرَائِمِ
وَلمّا ألاحَ الحَوْفَزَانُ مِن الرّدَى
حداه المخازي رمح قيس ابن عاصم
وَغادَرَها شَنعاءَ إنْ ذُكِرَتْ لَهُ
من العارِ طاطا رأس خزيان واجمِ
لذاك مُني بعد الفرار أمية
بشِقشِقَة ٍ لَوْثَاءَ مِنْ آلِ دارِمِ
وَسَلَّ لهَا سَلَّ الحُسَامِ ابنُ مَعمَرٍ
فكّر على أعقابِ ناب بصارمِ
تورد ذكري كل نجدٍ وغائر
والجم خوفي كل باغ وظالمِ(2/97)
وَهَدّدَ بي الأعداءَ في المَهدِ لمْ يَحِن
نُهوضِي، وَلمْ أقطَعْ عُقودَ تَمائِمي
وعنديَ يوم لو يزيد ومسلم
بَدا لهمَا لاستَصْغَرَا يَوْمَ وَاقِمِ
على العزّ متْ لا ميتة مستكينة
تزيل عن الدّنيا بشمِّ المراغمِ
وَخاطِرْ على الجُلّى خِطارَ ابنِ حُرّة ٍ
وَإنْ زَاحَمَ الأمرُ العَظيمُ، فزَاحِمِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تأمُل أن تفرح في دار الحزن
تأمُل أن تفرح في دار الحزن
رقم القصيدة : 10394
-----------------------------------
تأمُل أن تفرح في دار الحزن
وَتُوطِنُ المَنزِلَ في دارِ الظَّعَنْ
هيهات يأبى لك جوَّال الرّدى
لبثَ المقيمين وخوان الزمن
لا تَصْحَبَنْ دَهْرَكَ، إلاّ خائِفاً
فراق ألف ونبوّاً عن وطن
وَكُنْ إلى نَبأة ِ كُلّ حَادِث
كالفرس الأروع صرار الأذن
قام به الخوف ولم يرض بأن
قامَ عَلى أرْبَعَة ٍ حَتّى صَفَنْ
خف شرها آمن ما كنت لها
إن الضنين لمكانٌ للظنن
نَحْنُ مَعَ الأيّامِ في وَقَائِعٍ
من المقاديرِ وغارات تشن
إن رماح الدهر يلقين الفتى
بغير عرفان الدروع والجنن
داخِلَة ً بَينَ القَرِينَينِ، وَإنْ
لزَّا على الدهر بإمرار القرن
ما استأخرت شداتها عن معشر
بَعدَ قطينِ اللَّهِ، أوْ آلِ قَطَنْ
وَلا نَبَتْ أطْرَافُهَا عَنْ حَجَرٍ
من مضر ذاتِ القوى ولا اليمن
رَمَتْ بَني ساسانَ عن مَرْبعِهمْ
رميَ المُغالي أمن الطير الثكن
واستلبت تاج بني محرّق
بَعدَ قِيَادِ الصّعبِ مِن آلِ يزَنْ
وصدعت غمدان عن مرضومة ِ
جَوْبَكَ بالمِقرَاضِ أثوَابَ الرَّدنْ
وآل مروان غطّاهم موجها
لما نزتْ بآل مراوان البطن
ثمّ بَنُو القَرْمِ العَتيكيّ، وَقَدْ
رَدّوا يَزِيدَ العَار مخلوعَ الرّسَنْ
لاقَى خُبَيبٌ وَيَزيدٌ روقَهَا
من غيبة ماطرها القنا اللّدن
أبَوْا إبَاءَ البُزْلِ فاقتَادَتْهُمُ
من المقادير مطاعات الشطن
ألاّ ذَكَرْتَ، إنْ طَلَبتَ أُسوَة ً
ما يَضْمنُ الأسوَة َ للقَلبِ الضّمِنْ(2/98)
يوْمَ بني الصِّمّة ِ في عَرْضِ اللّوَى
وَيوْمَ بِسطامِ بنِ قَيسٍ بالحسَنْ
ويوم خوّ أسلمت عتيبة
خَصَاصَة َ الدّرْعِ الذي كانَ أمِنْ
أوْجَرَهُ رُمْحُ ذُؤابٍ طَعنَة ً
تَلغَطُ لَغْطَ الأعجَميّ لمْ يُبِنْ
وَبالكَديدِ مُلتَقَى رَبِيعَة ٍ
تَحمي بُعَيدَ المَوْتِ آبارَ الظُّعُنْ
كَأنّني لمْ تَبكِ قَبلي فَارِساً
عَينٌ، وَلا حَنّ فَتًى قَبلي وَأنّ
هل كان كل النّاس إلا هكذا
ذو شجن باك لباك ذو شجن
سَائِلْ بقَوْمي لِمْ نَبَا الدّهرُ بهم
عن غير ضغن ورماهم عن شزن
لِمْ رَاشَهُمْ رَيشَ السّهامِ للعِدا
ثمّ بَرَاهم بالرّدى بَرْيَ السَّفَنْ
وكيف أمسوا حفنات من ثرى
مِنْ بَعدِ ما كانوا رِعاناً وَقُنَنْ
سوم السفا طاحت به في مرها
زفازف الريح وبوغاء الدمن
هم أُجلسوا على الصفاح والذرى
إذْ رَضِيَ القَوْمُ بما تَحتَ الثَّفَنْ
لهُمُ عَلى النّاسِ، وَما زَالَ لهُمْ
مشارف الرأس على جمعِ البدن
عما عمٌ لمّا تزل أسيافهم
عمائم الصيد وأقياد البدن
بالقَدَمِ الأُولى إلى شَأوِ العُلَى
والأذرع الطولى إلى عقد المنن
كيف أماني للمُرامي بعدهم
من نُوَبِ الدّهرِ، وَقد زَالَ المِجنّ
الداخلين البيت باباه القنا
على الخناذيذِ الطوال والحصن
والفالقين الصّبح عن مغيرة
لهَا مِنَ النّقعِ ظَلامٌ مُرَجَحِنّ
وَالضّارِبِينَ الهَامَ في مُشْعَلَة ٍ
لها بلا نار ضرام ودخن
كَمْ فَاضَ في أبْيَاتِهِمْ مُنتجعٌ
يَقرِنُ بالنُّعمَى وَقِرْنٍ في قَرَنْ
إذا تنادوا للقاء فيلق
تَداوَلُوا الأعناقَ من أسْرٍ وَمَنّ
مَا دَرِنَتْ أعرَاضُهُمْ مِنَ الخَنا
ولا انجلت أسيافهم من الدرن
كل عظيم منهمُ معجب
تَأذَنُ أبْوَابُ الغِنَى إذا أذِنْ
ذُو نَسَبٍ تَستَخجِلُ الشمسُ بهِ
أصْفى على السّائغِ من ماءِ المُزُنْ
له القدور الضامنات للقرى
مَبارِكُ البُزْلِ الجِرَارِ بالعَطَنْ
من كل دهماء لها هماهم
تلقم البازل جمعاً كالفدن
إنّ العِشَارَ لا تَقي مِنْ سَيْفِهِ(2/99)
دماءها عام الجدوب باللبن
أما ترى هذا الصفيح المجتلى
يُدرِجُنَا دَرْجَ الرُّمَيلِ المُمتَهَنْ
كأنّما الناس به من ذاهب
وَوَاهِبٍ يَجرِي على ذاكَ السَّنَنْ
مزبورة تطوى على أشطارها
يبطن باديها ويبدو ما بطن
ما أعجَبَ النّاسَ الذي نَسكُنُهُ
يجمع ما بين الوهاد والقنن
بين عظاميْ ملك وسوقة
لم يدر ما العز ونامٍ ويفن
لو علم الناظر يوماً ما هما
أفظَعَه الخَطبُ، وَقال: مَن وَمَنْ
أقسمت لا أنساهمُ ما طلعت
حمراء من خدرِ ظلامٍ ودجن
أمَّا بكاءً بالدموع ما جرت
أو بالفؤاد إن أبى الدمع وضن
أنكَرْتُ أفرَاحَ الزّمانِ بَعدَهُمْ
من طولِ بلوايَ بروعات الحزن
زدن الرزايا فنقصن دفعة
وَوُطّنَ القَلْبُ عَلَيْهَا، فاطمأنّ
قُل للزّمانِ: ارْحَلْ بهم من بازِلٍ
واحمل على غاربه فقد مرن
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> نعوه على ضن قلبي به
نعوه على ضن قلبي به
رقم القصيدة : 10395
-----------------------------------
نعوه على ضن قلبي به
فلله ماذا نعى الناعيان
رضيع ولاءٍ له شعبة
من القلبِ فوق رضيع اللبان
بَكَيْتُكَ للشُّرّدِ السّائِرَا
ت تعبق ألفاظها بالمعاني
مواسم تعلط منها الجباه
بأشهر من مطلعِ الزبرقان
جَوَائِفُ تَبقَى أخَادِيدُهَا
عماقاً وتعفو ندوب الطعان
تبض إلى اليوم آثارها
بأحمر من عاند الطّعن قاني
قعاقعهنَّ تشنَّ الحتوف
إذا هنَّ أوعدن لا بالشنان
وما كنت أحسب أن المنون
تَفُلّ مَضَارِبَ ذاكَ اللّسَانِ
لسان هو الأزرق القعضبيّ
تمضمض من ريقة الأفعوان
له شفتا مبرد الهالكيّ
أنجى بجانبه غير واني
إذا لزَّ بالعرضِ مبراته
تَصَدّعَ صَدْعَ الرّداءِ اليَمَاني
يرَى المَوْتَ أنْ قد طوَى مَضْغة ً
وَلمْ يَطوِ إلاّ غِرَارَيْ سِنَانِ
فَأيْنَ تَسَرُّعُهُ للنّضَالِ
وهبَّاته للطوال اللدان
يَشُلّ الجَوَائِحَ شَلّ السّياطِ
وَيَلوِي الجَوَانحَ لَيَّ العِنَانِ
فَإنْ شاءَ كانَ حِرَانَ الجِماحِ
وإن شاءَ كان جماح الحران(2/100)
يَهَابُ الشّجَاعُ غَذامِيرَهُ
على البعدِ منه مهاب الجبان
وتعنو الملوك له خيفة
إذا رَاعَ قَبلَ اللّظَى بالدّخانِ
وكم صاحب كمناط الفؤاد
عنانيَ من يومهِ ما عناني
قد انتزعت من يديَّ المنون
وَلمْ يُغْنِ ضَمّي عَلَيهِ بَنَاني
فزلْ كزيال الشباب الرطيـ
ب خانك يوم لقاء الغواني
ليَبكِ الزّمانُ طَوِيلاً عَلَيْكَ
فقَد كُنتَ خِفّة َ رُوحِ الزّمانِ(2/101)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أقول والأقدار ترتمينا
أقول والأقدار ترتمينا
رقم القصيدة : 10396
-----------------------------------
أقول والأقدار ترتمينا
والدهر لا يحفل ما لقينا
ما بال قلبي يطلب الحنينا
وجد القرين افتقد القرينا
وَما لدَمْعي يُقْرِبُ الشّؤونَا
قَد كادَ أن يَطّلعَ الجُفونَا
من خبرِ لا جاءنا يقينا
بِأنّ عَينَ الكَرَمِ اليَمِينَا
تقذى وقد أقرت العيونا
قلُوبُنَا أسْمَعنَنَا الأنِينَا
وَقُمْنَ يا آمالَنَا، فابكِينَا
هيهات يلقى من زمان لينا
لا نَهَضَتْ عَن مِثلِهِ السِّنُونَا
أعيا العقيم أن ترى البنينا
يا من لنا اليوم نلاقي الهونا
يَؤُمُّنَا بَعْدَكَ أوْ يَأبُونَا
أم من على أيامنا يعدينا
ويعكس السهمَ إلى رامينا
أمْ مَنْ يُعِيدُ النَّعَمَ العِزِينَا
جَوَافِلاً تَشْجُرُ بالقُنِينَا
شجرَ المداري القطط الدهينا
الله يا ريب الزمان فينا
ابق على الدنيا وحاب الدينا
مَا لَكَ لا تُنظِرُنَا الدّيُونَا
تأتخذ منا كل ما تعطينا
لا غِضْتَ ذاكَ الثَّغَبَ المَعِينَا
يا لَيتَهُ يُوقَى ، وَلا وُقِينَا
بين يديه نرد المنونا
لا كان ما نحذر أن يكونا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لواعج الشوق تخطيهم وتصميني
لواعج الشوق تخطيهم وتصميني
رقم القصيدة : 10397
-----------------------------------
لواعج الشوق تخطيهم وتصميني
وَاللّوْمُ في الحُبّ يَنهاهُمْ وَيُغرِيني
وَلوْ لَقُوا بَعضَ ما ألقَى نَعِمتُ بهم
لَكِنّهُمْ سَلِمُوا مِمّا يُعَنّيني
وَبالكَثيبِ إلى الأجزَاعِ نَازِلَة ٌ
علقت منها بوعدٍ غير مضمون
ما سَوّغُونيَ بَرْدَ المَاءِ مُذْ حظَرُوا
عليَّ بردّ اللمى والشوق يظميني
يا مَنشَظَ الشِّيحِ وَالحوذانِ من يَمَنٍ
حَيّيتُ فيكَ غَزَالاً لا يُحَيّيني
ترى الغريم الذي طال اللزوم له
في الحيِّ موّل من بعدي فيقضيني
إنّ الخَليّ، غَداة َ الجِزْعِ، عِيدَ به
إلى ضَمِيرِ مُعَنًى اللّبَ مَفتُونِ(3/1)
لَوْلا ظِبَاءٌ مَعاطِيلٌ سَنَحنَ لَنَا
ما كانَ يَذهَلُ عَن عَقلٍ وَعن دينِ
قَد كادَ يَنجو بِجَدٍّ مِنْ عَزِيمَتِهِ
فَعارَضَتهُ عُيُونُ الرّبْرَبِ العِينِ
ماءُ النُّقَيبِ، وَلوْ مِقدارُ مَضْمَضَة ٍ
شِفَاءُ وَجدي، وَغَيرُ الماءِ يَشفيني
وَنَشْقَة ٌ مِنْ نَسِيمِ البَانِ فاحَ بهَا
جِنحٌ مِنَ اللّيلِ تَجرِي في العَرَانِينِ
أُسقَى دُمُوعي إذا ما باتَ في سَدَفٍ
صَرِيرُ أثْلٍ بداريّا يُغَنّيني
وصاحب وقذ التهويم هامته
ناديته ورواق الليل يؤويني
فقام قد غرغرت في رأسهِ شده
يمضي على الكره أمري أو يلّبيني
لا غُرّ قَوْمُكَ، كمْ نَوْمٍ على ضَمَدٍ
سُقماً وَلَوْ بطَرِيرِ الغَرْبِ مَسنُونِ
وضاربات بلحييها على أضمٍ
من اللُّغُوبِ نِحافٍ كالعَرَاجِينِ
أبْلَى أزِمْتَها بُعْدُ المَدَى ، وَغدَتْ
من الوَجَى بَينَ مَعقولٍ وَمَرْسُونِ
مغرورقات المآقي كلما نظرت
بَرْقاً يُضِيءُ كِفَافَ الغُرّ وَالجُونِ
هَيهاتَ بابِلُ مِن نَجدٍ لقد بَعُدتْ
على المَطيّ، مَرَامي ذلكَ البِينِ
سَلْني عنِ الوَجْدِ إنّي، كُلّ شارِقة ٍ
يُرِيشُني الوَجْدُ، وَالأيّامُ تَبرِيني
من لي ببلغة عيش غير فاضلة
تَكُفّني عَنْ قَذَى الدّنيا وَتكفيني
أُخَيّ، مَنْ باعَ دُنْيَاهُ وَزُخرُفَها
بصَوْنِهِ، كانَ عندي غَيرَ مَغبونِ
قالوا: أتَقنَعُ بالدّونِ الخَسيسِ، وَما
قنعت بالدون بل قُنّعت بالدونِ
إذا ظَنَنّا وَقَدّرْنَا جَرَى قَدَرٌ
بِنَازِلٍ غَيرِ مَوْهُومٍ وَمَظنُونِ
أعجب لمسكة نفس بعدما رميَتْ
مِنَ النّوائِبِ بالأبكَارِ وَالعُونِ
وَمِنْ نَجائيَ، يَوْمَ الدّارِ، حينَ هوَى
غَيرِي وَلمْ أخلُ مِنْ حَزْمٍ يُنَجّيني
مَرَقْتُ منها مُرُوقَ النّجمِ مُنكَدِراً
وقد تلاقت مصاريع الردى دوني
وَكُنْتُ أوّلَ طَلاّعٍ ثَنِيّتَهَا
ومن ورائي شرٌّ غير مأمون
مِن بَعدِ ما كانَ رَبّ المُلْكِ مبتَسماً
إليَّ ادنوه في النجوى ويدنيني
أمسيت أرحم من أصبحت أغبطه(3/2)
لقد تقارب بين العز والهون
وَمَنظَرٍ كانَ بالسّرّاءِ يُضْحِكُني
يا قُرْبَ مَا عادَ بالضّرّاءِ يُبكيني
هَيهاتَ أغْتَرُّ بالسّلطَانِ ثَانِيَة ً
قد ضلّ ولاّج أبواب السلاطين
ما للحِمامِ غَدا، فاعتامَ زَافِرَتي
واختار ما كان يعطيني ويمطيني
خلَّى عليَّ مرارات الحيا ومضت
أحداثه بالمطاعيم المطاعين
يشجّعون عليَّ الدّهر إن جبنت
خُطُوبُهُ، وَتَوَقّى أنْ يُنَادِيني
إذا رأوا مده نحوي يداً وضعوا
فيها عظام جلاميد لترميني
أقارب لم يزل بي شرّ عرقهمُ
عِرْقٌ مِنَ اللّؤمِ يُعديهم وَيَعدُوني
تَمَلّحُوا بي كَأنّي حَمضَة ٌ قُطعتْ
لا بُدّ بَعدَ مَدًى أنْ يَستَمِرّوني
عزوا إليَّ نصاباً بعد تشظية ٍ
وألصقوا بي أديما بعد تعييني
هَبُوا أُصُولَكُمُ أصْلي على مَضَضٍ
ما تصنعون بأخلاق تنافيني
أعطاكم السجل قبل النّهر غرفته
فارضوا بروق جمامي واستجموني
كَمِ الهَوَانُ كأنّي بَينَكُم جَمَلٌ
في كلّ يوم قطيع الذلّ يحدوني
لا تأمننَّ عدوَّاً لان جانبه
خشونة الصل عقبى ذلك اللين
وَاحذَرْ شَرَارَة َ مَنْ أطفَأتَ جَمرَتَه
فالثّارُ غَضٌّ، وَإنْ بُقّي إلى حِينِ
أنّى تهيب بي البُقيا وأتبعها
فَلَمْ أُبَاقِ بِهَا مَنْ لا يُبَاقيني
تَوَقّعُوها، فقَدْ شَبّتْ بَوَارِقُهَا
بعارض كصريم الليل مدجون
إذا غدا الأفق الغربيّ مختمراً
من الغبارِ فظنوا بي وظنوني
لَتَنظُرَنّي مُشيحاً في أوَائِلِهَا
يَغِيبُ بي النّقْعُ أحْيَاناً وَيُبديني
لا تعرفونيَ إلا بالطعانِ إذا
أضْحَى لِثَاميَ مَعصُوباً بعِرْنِيني
أقدام غضبانَ كظّته ضغائنه
فَمالَ يَخلِطُ مَضرُوباً بمَطْعُونِ
فإن أُصَبْ فمقادير محجزة
وَإنْ أُصِبْ، فعَلى الطّيرِ المَيامِينِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أَسِلْ بدَمعِكَ وَادي الحَيّ، إن بانوا
أَسِلْ بدَمعِكَ وَادي الحَيّ، إن بانوا
رقم القصيدة : 10398
-----------------------------------
أَسِلْ بدَمعِكَ وَادي الحَيّ، إن بانوا(3/3)
إنّ الدموع على الأحزان أعوان
لا عذر بعد تنائي الدار من سكن
لمُدّعي الوَجدِ لمْ يَدمَعْ لَهُ شانُ
حَيِّ الطّوَالعَ مِنْ نَجدٍ تَصُونُهُمُ
عَنِ النّوَاظِرِ، أنْماطٌ وَكِيرَانُ
رَمَوْا جُيوبَ المَطالي عَن مَيامِنِهِم
وشيحة الحزن يسراهم ونجران
سارت بقلبك في الأحشاء زفرته
وَاستَوْقَفَتكَ بأعلى الرّملِ أظعانُ
لمّا مَرَرْنا على تِلكَ السُّرُوبِ ضُحًى
نَضَتْ إلى الرَّبعِ أجيادٌ وَأعيَانُ
من كل غيداء قد مال النعيم بها
كَمَا تَخَايَلَ بالبُرْدَينِ نَشْوَانُ
كأنما انفرجت عنهم قبابهمُ
يوم الأُنيعم آجال وصيران
مُستَشرِفاتٌ يُعَرّضْنَ الخُدودَ لَنا
كمَا تَشَوّفَ صَوْبَ المُزْنِ غِزْلانُ
لا يذكر الرمل إلاَّ حنّ مغترب
له بذي الرمل أوطار وأوطان
تهفو إلى البانِ من قلبي نوازعه
وَمَا بيَ البَانُ بَلْ مَنْ دارُهُ البَانُ
أسدّ سمعي إذا غنَّى الحمام به
ألاّ يُبَيّنَ سِرَّ الوَجْدِ إعْلانُ
وربّ دار أولّيها مجانبة
وبي إلى الدار أطراب وأشجان
إذا تلفتُّ في أطلالها ابتدرت
للعَينِ وَالقَلْبِ أمْوَاهٌ وَنِيرَانُ
كَلْمٌ بِقَلْبي أُداوِيهِ وَيَقْرِفُهُ
طول ادّكاري لمن لي منه نسيان
لا للّوَائِمِ إقْصَارٌ بِلائِمَة ٍ
عن العميد ولا للقلب سلوان
عَلى مَوَاعيدِهم خُلفٌ، إذا وَعَدوا
وَفي ديُونِهِمُ مَطْلٌ وَلَيّانُ
هُمْ عَرّضُوا بِوَوفَاءِ العَهْدِ آوِنَة ً
حتّى إذا عذبوني بالمنى خانوا
لا تَخْلُدَنّ إلى أرْضٍ تَهُونُ بِهَا
بالدّارِ دارٌ، وَبالجِيرَانِ جِيرَانُ
أقُولُ للرّكبِ، قد خَوّتْ رِكَابُهُمُ
من الكلال ومر الليل عجلان
مُدّوا عَلابِيَّها. وَاستَعجِلُوا طَلَباً
إذا رضي بالهوينا معشر هانوا
نَرْجُو الخُلُودَ، وَباقِينَا عَلى ظَعَن
والدار قاذفة بالزورِ مظعان
إنْ قَلّصَ الدّهرُ ما أضْفاهُ من جِدة ٍ
فصَنعَة ُ الدّهرِ إعطَاءٌ وَحِرْمَانُ
كم من غلام ترى أطماره مزقا
وَالعِرْضُ أملَسُ وَالأحسابُ غُرّانُ(3/4)
إذا الفَتَى كَانَ في أفْعَالِهِ شَوَهٌ
لم يُغنِ إنْ قيلَ: إنّ الوَجهَ حَسّانُ
لا تَطلُبِ الغايَة َ القُصْوَى فتُحرَمَها
فإن بعض طلاب الربح خسران
والعزم في غير وقت العزم معجزة
والازدياد بغير العقل نقصان
وَاجعَلْ يدَيكَ مَجازَ المالِ تَحظَ به
إن الإشحاء للوارث خزَّان
سيرعب القومَ مني سطوُ ذي لبد
له بعثّر أعراس وولدان
لا يطعم الطعم إلا من فريسته
إنْ يَعدَمِ القِرْنَ يَوْماً فَهوَ طَيّانُ
ماشَى الرّفَاقَ يُرَاعي أينَ مَسقِطُهمْ
والسمع منتصب والقلب يقظان
يستعجل الليلة القمراء أوبتها
إذا بَنُو اللّيلِ من طولِ السُّرَى لانُوا
حتى إذا عرّسوا في حيث تفرشهم
نمارق الرمل انقاء وكثبان
دنا كما اعتسّ وطمرين لمّظه
مِنْ فَضْلَة ِ الزّادِ، بالبَيداءِ، رُكبانُ
ثمّ استقرت به نفس مشيعة
لهَا مِنَ القَدَرِ المَجْلُوبِ مِعوَانُ
فعاث ما عاث واستبلى عقيرته
يجرها مطعم للصيد جذلان
قِرْنٌ إذا طَلبَ الأوْتارَ عَن عُرُضٍ
لمْ تَفْدِ مِنْهُ دِمَاءَ القَوْمِ ألبَانُ
وغلمة أخذوا للروع أهبته
لفّ البطون على الأعواد خمصان
طارت بأشباحهم جرد مسومة
كَأنّمَا خَطَفَتْ بالقَوْمَ عِقْبَانُ
مِنْ كُلّ أعنَقَ مَلْطُومٍ بِغُرّتِهِ
كَأنّهُ مِنْ تَمَامِ الخَلقِ بُنْيَانُ
يَمُدُّ للجَرْسِ مثلَ الآستَينِ، إذا
خانَ التّوَجّسَ أبْصَارٌ وَآذَانُ
فاستمسكوا بنواصيها وقد سقطت
مِنْ غَائِرِ الجَرْيِ ألْبَابٌ وَأرْسَانُ
كأنما النخل تزفيه يمانية
فَاهَتْ بِهِ ثَمّ أعقَابٌ وَعِيرَانُ
كعَمْتُ فاغِرَة َ الثّغْرِ المَخوفِ بهمْ
يهفو بأيمانهم نبع ومران
كَأنّ غُرّ المَعالي في بُيُوتِهِمُ
بِيضٌ عَقائِلُ يَحمِيهِنّ غَيرَانُ
يا فَاقِدَ اللَّهِ بَينَ الحَيّ مِنْ يَمَنٍ
أنْسَاهُمُ الحِلْمَ أحْقَادٌ وَأضْغَانُ
إلى كَمِ الرّحِمُ البَلهَاءُ شَاكِيَة ٌ
لهَا مِنَ النّعْيِ إعْوَالٌ وَإرْنَانُ
حَيرَى يُضِلّونَهَا مَا بَيْنَنَا وَلَهاً(3/5)
منا على عدواءِ الدار نشدان
النجر متفق والرأي مختلف
فالدار ووعاء الشر ملآن
أنا نجرُّهم أعراضنا طمعاً
في أن يعودوا إلى البقيا كما كانوا
أنّى يُتَاهُ بِكُمْ في كُلّ مُظْلِمَة ٍ
وَللرّشَادِ أمَارَاتٌ وَعُنْوَانُ
ميلوا إلى السلمِ إنّ السلم واسعة
وَاستَوْضِحوا الحقّ، إنّ الحقّ عُرْيانُ
يا رَاكِباً ذَرَعَتْ ثَوْبَ الظّلامِ بِهِ
هَوْجَاءُ، مائِلَة ُ الضّبعَينِ مِذْعانُ
أبلغ على النأي قومي إن حللت بهم
إني عميد بما يلقون أسوان
يا قَوْمُ إنّ طَوِيلَ الحِلْمِ مَفسَدَة ٌ
وَرُبّمَا ضَرّ إبْقَاءٌ وَإحْسَانُ
مالي أرى حوضكم تعفو نصائبه
وذودكم ليلة الأوراد ظمآن
مُدَفَّعِينَ عَنِ الأحوَاضِ من ضَرَعٍ
يَنضُو بِهامِكُمُ ظُلْمٌ وَعُدْوَانُ
لا يُرْهَبُ المَرْءُ منكُمْ عندَ حِفظَتِه
وَلا يُرَاقَبُ يَوْماً وَهوَ غَضْبَانُ
إنّ الأُلى لا يُعَزُّ الجَارُ بَيْنَهُمُ
ولا تهاب عواليهم لذُلاَّن
كم اصطبار على ضيم ومنقصة
وَكَمْ على الذّلّ إقرَارٌ وَإذْعانُ
وفيكم الحامل الهمهام مسرحه
داجٍ وَمِنْ حَلَقِ المَاذيّ أبدانُ
وَالخَيلُ مُخطَفَة ُ الأوْساطِ ضَامرَة ٌ
كأنهنَّ على الأطوادِ ذؤبان
اللَّهَ اللَّهَ أنْ يَبتَزّ أمرَكُمُ
رَاعٍ، رَعِيّتُهُ المَعْزِيُّ وَالضّانُ
ثُورُوا لها، وَلْتَهُنْ فِيها نُفُوسُكمُ
إنّ المناقب للأرواح أثمان
فَمِنْ إبَاءِ الأذَى حَلَّتْ جَماجمَها
على مناصلها عبس وذبيان
وعن سيوف إباء الضيم حين سطوا
مضى بغصته الجعديّ مروان
فإن تنالوا فقد طالت رماحكم
وإن تُنالوا فللأقران أقران
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ملك الملوك نداء ذي شجن
ملك الملوك نداء ذي شجن
رقم القصيدة : 10399
-----------------------------------
ملك الملوك نداء ذي شجن
لو شئت لم يعتب على الزمنِ
الخَطْبُ هَيْنٌ مَعْ صَفَائِكَ لي
وإذا كدرت عليَّ لم يهنِ
ألقى زماني بالليان ويلقا
ـقَاني الزّمَانُ بجَانِبٍ خَشِنِ(3/6)
عدة ٌ على الأيام أطلبها
وَالدّهْرُ يَفْتِلُني وَيَمْطُلُني
مَا لي رَأيْتُ الدّهْرَ يَنْصُبُني
وَلِغَيرِ وَجْدٍ مَا يُؤرّقُني
وَأبِيتُ كَالمَلسُوعِ، في كَبِدِي
مِنْ شِدّة ِ الإقْلاقِ، لا بَدَني
إنّي أتَاني عَنْكَ، آوِنَة ً
لَذْعٌ يَضِيقُ بِوَقْعِهِ عَطَني
وَتَنَكُّرٌ بَدَرَتْ بَوَادِرُهُ
مِنْ غَيرِ ذَنْبٍ كَانَ مِنْ لَدُني
أهْدَى إلى قَلْبي لَوَاذِعَهُ
وَأطَارَ عَنّي وَاقِعَ الوَسَنِ
إنّي، وَمَا رَفَعَ الحَجيجُ لَهُ
عِندَ الجمَارِ، شَعَائِرَ البُدُنِ
والبيت ذي الأستار يمسحه
النزاع من شامٍ ومِن يمنِ
ما زِلتُ عَن سَنَنِ الحِفاظِ، وَكمْ
زال المعادي لي عن السننِ
ستَرَ الذي أظهرت من كرم
وطوى الذي أبديت من حسنِ
لم أُوت من نصحِ ولا شفق
فالشّرُّ وَالأعداءُ في قَرَنِ
إحْبَاطُ أجْرِي، مَعْ زَكَا عَمَلي
طرف من الخسرانِ والغبنِ
إن كان لي ذنب فلا نظرت
عيني ولا سمعت إذاً أُذني
أنسى بأيّ يدٍ رددت يدي
لما نزعت إليك من وطني
ألبستني النعماء في قفلي
وَأنَلْتَني العَلْيَاءَ في ظَعَني
وَمنَ العَجائبِ أنتَ بالإحسانِ تَبـ
تبنيني والإعراض تهدمني
أنَا عَبدُ أنعُمِكَ التي نَشطَتْ
أملي وأنهض عزها مُنَني
وَالحُرُّ، إمّا شِئْتَ تَمْلِكُهُ
بالمنّ يُملك ليس بالثمن
وَغَرَسْتَني بنَدَى يَدَيكَ، فَلا
تدع الزمان يعيث في غصني
أيدرني عن رعي أنعمه
مَنْ كَانَ قَبلُ أُجِرُّهُ رَسَني
لا أتّقي طَعْنَ الخُطُوبِ، إذا
لاقَيتُهَا، وَرِضَاكَ مِنْ جُنَني
لَوْ رُمتُ لَيَّ الجِيدِ عَنكَ لَقَدْ
عطفته أطواق من المنن
لا تسمعنْ قول الوشاة ومن
غرس الأضالع لي على الإحن
يتطلبون ليَ العيوب وير
موني بافراد من الظننِ
النقص أخّرهم على ظلعِ
من غايتي والفضل قدّمني
فالفَرْقُ مَا بَيْني وَبَيْنَهُمُ
كالفرق بين العيِّ واللّسن
إني أرى الأيام مومضة
لكَ عَنْ بَوَارِقِ عَارِضٍ هَتِنِ
فكأنني بعداك قد حبطوا
حبطاً لما شبوا من الفتنِ(3/7)
وَكَأنّني بالهَامِ قَدْ جُعِلَتْ
مِنْهُمْ عَمَائِمَ للقَنَا اللّدنِ
تبكي ديارهم كما بكيت
مطموسة الأطلال والدمن
فاسلم بهاء الملك ما سلمت
عَادِيّة ُ الأطْوَادِ وَالقُنَنِ
الوجه طلق والبنان ند
والوعد نقد والعطاء هني
سَتَرَى مُخَالَصَتي، وَتَخبُرُني
طبعا على غيرِ النّفاق بني
وإذا الزمان رمى بنائبة
ونأى الأقارب فالتفت ترني
شعراء المغرب العربي >> أولاد أحمد >> ناقص أنت ومنقوص أنا
ناقص أنت ومنقوص أنا
رقم القصيدة : 104
-----------------------------------
قلق الإنسانُ حتّى قلقاً
قطّر الكأس مراراً
واستباح العرقا
وهم في القصر، أو في القصر، أو في القصر، أو
في القصر، أو في القصر، أو في القصر، أو في
القصر،أو في القصر، أو في القصر،
حتّى خلّدوا
هنّ
بأصابع فارغةٍ
وأكفّ تملؤها الحنّاء
يدخلن الكرم على عجلٍ
وعلى مهل..
يقطفن عناقيد الشّعر
وينسين الشعراء!
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أما كنت مع الحيِّ
أما كنت مع الحيِّ
رقم القصيدة : 10400
-----------------------------------
أما كنت مع الحيِّ
صَبَاحاً، حِينَ وَلّيْنَا
وَقَدْ صَاحَ بِنَا المَجْدُ:
إلى أينَ، إلى أيْنَا
إلى أن أُدرك العرق
فَثبْنَا، ثُمّ لاقَيْنَا
حُمِينَا بالحَفِيظَاتِ
فقارعنا وحامينا
فَلا تَسْألْ عَنِ الكَا
سِ التي فِيهَا تَسَاقَيْنَا
تناكينا فلما غلب
الأمر تباكينا
عن الحلمِ تحاجزنا
وَبِالضِّغْنِ تَلاقَيْنَا
وَلَوْلا أطّة الأرْحَا
م أعذرنا وأبلينا
إذا نَاشَدَتِ القُرْبَى
تَبَاقَيْنَا، وَأبْقَيْنَا
بَني أعْمَامِنَا! مَهْلاً
سَيَنْأى بَينُ دارَيْنَا
وَيَغْدُو رَهَجُ الرّوْعِ
لِحَاماً بَينَ غَارَيْنَا
إذا ما ضرب النقع
عَلى الحَرْبِ رِوَاقَيْنَا
عسى الأرحام تثنينا
إذا نحن تباغينا
تَبَالَوْا لِتُلاقُونَا
فَإنّا قَدْ تَبَالَيْنَا
فلم يلق لنا العا
جم رعديداً ولا هينا
لنا كل غلام همـ
ـمُّهُ أنْ يَرِدَ الحَيْنَا
يخال موفياً نذراً(3/8)
بِهِ، أوْ قَاضِياً دَيْنَا
حَدِيدُ السّمعِ في حَيْثُ
تَكُونُ الأُذُنُ العَيْنَا
غرار النوم يجلو عن
لِحَاظِ الضّرِمِ الرَّيْنَا
إذا السير حذا أيدي
ـرّكَابِ الدّمَ وَالأيْنَا
اذاتَ الطّوْقِ! تَجْلُو فيـ
برَّاق الطُلى لينا
قفي أخبرك عن صبري
إذا أوعدتني البينا
سَلي عَنْ هَيْئَة ِ السّيْفِ
شُجَاعَ القَوْمِ لا القَيْنَا
لَنَا السّبْقُ بِأقْدامٍ
إلى المجد تساعينا
تَرَيْ زَمْجَرَة َ الآسَا
د همساً بين غابينا
إذا سَاوَمَنَا الضّيْمُ
عَلى الأعْرَاضِ غَالَيْنَا
وإن نازعنا الحق
عنان المال ألقينا
إذا مَا رَوّحَ الرُّعْيَا
نُ، أعطَيْنَا وَأمطَيْنَا
يظنّ المجتدى أنّا
عَلى الجُودِ تَوَاطَيْنَا
مَلَكْنَا مَقْطَعَ الرّزْقِ
فَأفقَرنَا، وَأغْنَيْنَا
وحزنا طاعة الدهر
فأغضبنا وأرضينا
مَتَى لمْ يُطِعِ الجُودُ
سَخَوْنا، أوْ تَسَاخَينَا
سراعاً فتفاقدنا
جميعاً وتناعينا
إذا ما ثوّب الداعي
إلى الموت تداعينا
وَمَا يَنْفَعُنَا يَوْماً
إذا نحن تفادينا
وَمَا أعْلَمَنَا أنّا
إلى الغَايَة ِ أجْرَيْنَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ما أقل اعتبارنا بالزمان
ما أقل اعتبارنا بالزمان
رقم القصيدة : 10401
-----------------------------------
ما أقل اعتبارنا بالزمان
وَأشَدَّ اغْتِرَارَنَا بِالأمَاني
وَقَفَاتٌ عَلى غُرُورٍ وَأقْدا
مٌ عَلى مَزْلَقٍ مِنَ الحِدْثَانِ
في حُرُوبٍ عَلى الرّدَى ، وَكَأ
نا اليوم في هدنة ٍ مع الأزمان
وَكَفَانَا مُذَكِّراً بِالمَنَايَا
علمنا أننا من الحيوان
كل يوم رزيئة في فلان
وَوُقُوعٌ مِنَ الرّدَى بِفُلانِ
كم تراني أضلّ نفساً والهو
فَكَأنّي وَثِقْتُ بالوَخَدَانِ
قُلْ لهَذي الهَوَاملِ: استَوْثقي للـ
ـسّيرِ وَاستَنشزِي عَنِ الأعطَانِ
واستقيمي قد ضمك اللقم النـ
هج وغنى وراءك الحاديان
كم محيد عن الطريق وقد صرّ
ح خلج البُرى وجذب العران
نَنثَني جازِعينَ مِن عَدوَة ِ الدّهْـ(3/9)
هر ونرتاع للمنايا الدواني
جَفلَة ُ السّرْبِ في الظّلامِ وَقد زُعْـ
ـزِعَ رَوْعاً مِن عَدْوَة ِ الذُّؤبَانِ
ثمّ نَنْسَى جُرْحَ الحِمامِ، وَإنْ كا
نَ رَغيباً، يا قرْبَ ذا النّسيانِ
كلّ يوم تزايل من خليط
بالردى أو تباعدٌ من دان
وسواء مضى بنا القدر الجـ
د عجولاً أو ماطل العصران
يا لَقَوْمي لهَذِهِ الصّيلَمِ الصّـ
ـمّاءِ عَنّتْ، وَالنّازِلِ الأرْوَنَانِ
هل مجيرٌ بذابل أو حسام
أو معين بساعد أو بنان
مضرب من مضاربي فلّه الدّ
هر وغصن أبين من أغصاني
نسب ضارب إلى هاشم الجو
دِ، وَفَرْعٌ نَامٍ إلى عَدْنَانِ
حُفرَة ٌ أطبَقَتْ على وَاضِحِ الأثْـ
اب في المجدِ طيّب الأردان
خلقٌ كالربيع روضه القطر
وصدر صافٍ من الأضغانِ
وجنان ماض على روعة الخط
ب ونفس كثيرة النزوان
لازمٌ شرعة الوفاء يرى حفـ
ـظَ التّصَافي دِيناً مِنَ الأدْيَانِ
شيّعوه بالدمعِ يجري كما
شيّع غدواً بواكر الأظعان
كل عين قريحة تتلقا
ه بواد من دمعها ملآن
قَد مَرَرْنا عَلى الدّيارِ خُشُوعاً
وَرَأيْنَا البِنَى ، فَأيْنَ البَاني
وجهلنا الرسوم ثم عرفنا
فَذَكَرْنَا الأوْطارَ بالأوْطَانِ
جمحت زفرة بغير لجام
وَجَرَتْ دَمْعَة ٌ بِغَيرِ عِنَانِ
فالتِفَاتاً إلى القُرُونِ الخَوَالي
هَلْ تَرَى اليَوْمَ غَيرَ قَرْنٍ فاني؟
أينَ رَبُّ السّديرِ وَالحِيرَة ِ البَيْـ
ـضَاءِ، أمْ أينَ صَاحِبُ الإيوَانِ؟
وَالسّيوفُ الحِدادُ مِنْ آلِ بَدْرٍ
والقنا الصم من بني الديان
طَرَدَتهمْ وَقَائعُ الدّهْرِ عَن لَعْـ
لعلعِ طرد السفار عن نجران
وَالمَوَاضِي مِنْ آلِ جَفْنَة َ أرْسَى
طُنُباً مُلكُهُمْ عَلى الجَوْلانِ
لمْ يكُنْ غَيرَ قَبسَة ِ الفَرِقِ العَجْـ
كرع الظماء في الغدرانِ
مِنْ أُبَاة ِ اللّعْنِ الّذِينَ يُحَيَّو
بها في معاقد التيجان
تَتَرَاءاهُمُ الوُفُودُ بَعِيداً
ضَارِبِينَ الصّدورَ بالأذْقَانِ
في رِيَاضٍ مِنَ السّمَاحِ حَوَالٍ(3/10)
وَجِبَالٍ مِنَ الحُلُومِ رِزَانِ
وَهمُ المَاءُ لَذّ للنّاهِلِ الظّمْـ
برداً والنار للحيران
كل مستيقظ الجنان إذا
ـلَمَ لَيْلُ النّوّامَة ِ المِبطَانِ
يغتدي في السّبابِ غير شجاع
ويرى في النزالِ غير جبان
ما ثنت عنهمُ المنون يدٌ شو
كاء أطرافها من المرَّانِ
عَطَفَ الدّهْرُ فَرْعَهُمْ، فَرَآهُ
بعد بعد الذرى قريب المجاني
وَثَنَتْهُمْ بَعدَ الجِمَاحِ المَنايَا
في عنان التسليم والإذعان
عطلت منهم المقاري وباخت
في حماهم مواقد النيران
لَيسَ يَبْقَى عَلى الزّمَانِ جَرِيءٌ
في إبَاءٍ، وَعاجِزٌ في هَوَانِ
لا شُبُوبٌ مِنَ الصُّوَارِ، وَلا أعْـ
ق يرعى منابت العلجمان
لا وَلا خاضِبٌ مِنَ الرُّبْدِ يَختَا
ل بريطِ أحم غير يمان
يَرْتَمي وُجْهَة َ الرّئَالِ، إذا آ
نس ولن الإظلام والإدجان
نابلاً في مطامح الجوّ هاتيك
وذا في مهابطِ الغيطان
لوْ لَوَى عَنكَ رَائعَ الخَطبِ ذَبٌّ
أوْ رَمَتْ دُونَكَ الحِمامَ يَدانِ
لوقتكَ الردى نفوسٌ عزيزا
تٌ وَأيْدٍ مَليئَة ٌ بالطّعَانِ
ورجال إذا دعوا غدوة الروع
عِ، وَقَدْ خَفّ جانبُ الأقرَانِ
شمروا يطلبون ناشئة الصو
تِ، خَناذيذَ كالقنيّ اللّدانِ
لا أغب الربيع تربك من نو
ر هجانٍ ومنظر أضحيان
وحدا البرق كل يوم إليه
عجل القطر بالنسيمِ الواني
في جبالٍ من الغمام كأنَّ الليل
يرمي رعانها برعان
هَزِجَاتٌ مِنَ البُرُوقِ كأنّ الـ
البُلق فيها مجرورة الأرسان
بعد ما كنّ كالشفوف تراهنّ
ـنّ خَفِيّاتٍ نَقِيّة َ الألْوَانِ
نشوء مزنٍ كأنَّ في الأفقِ منه
نفس القين في الحسامِ اليماني
أو كماويَّة الصناع علاها
صدأ اللون بعد طول صيان
لاحَمَتْ بَيْنَهُ الرّيَاحُ فَأوْفَى
كمجر الأنقاء والكثبان
تَمْتَرِيهِ هَوْجَاءُ مِنْ قِبَلِ الغَوْ
رين، نَزْعَ الدّلاءِ بالأشْطَانِ
تَحفِزُ القَطرَ كلّما جَلجَلَ الرّا
عِدُ حَفْزَ الحَنِيّة ِ المِرْنَانِ
كعياب الدروع أسمع ركض الخيل
ـخَيلِ فيها خَشاخِشَ الأبدانِ(3/11)
لَوْ تَرَاخَتْ تِلْكَ الرّيَاحُ لأرْسَلْـ
ـتُ رِيَاحَ الزّفِيرِ وَالإرْنَانِ
لَوْ وَنَى ذَلِكَ الغَمَامُ لأطلَقْـ
مزاد الدموع من أجفاني
فعليك السلام من خاشع النا
ظِرِ مُسْتَسْلِمٍ لريْبِ الزّمَانِ
يَنظُرُ الدّهرَ بَعدَ يَوْمِكَ وَالنّا
س بعين وحشيَّة الإنسان
ويرى الأنس لست من حاضريه
وَحشَة ً، وَالجَميعَ كَالوِحدانِ
مُعطِياً للعِدا بهِ الوَاهِنَ الضّا
رِعَ بَعْدَ الأنْصَارِ وَالأعْوَانِ
اذكرته أيام هذا التنائي
مامضى من أيام ذاك التداني
أصدقائي أقاربي وأخلا
ئي قبيلي وأخوتي أخواني
فامْضِ لا غَرّني الزّمَانُ بِعَهْدٍ
في خليل ولا بعقد ضمان
قَد تُخَلّى النّفسُ الحَبيبَة ُ بالرّغْـ
بالرغمِ وقد يبعد القريب الداني
صُرِفَ الطّرْفُ عنكَ لا عن تقالٍ
وَأُقِلَّ اللّقَاءُ لا عَنْ تَوَاني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> غزال ماطل ديني
غزال ماطل ديني
رقم القصيدة : 10402
-----------------------------------
غزال ماطل ديني
بأجزاع الغديرين
رُهُوني عِنْدَهَا تَغْلَقُ
ق بين الهجر والبين
ألا، لا شَلَلاً يَا رَا
ميَ القَلْبِ بِنَصْلَينِ
طريرين وما مرّا
على مطرقة القين
ألا يَا نَظْرَة ً أرْسَلْـ
ـتُهَا بَينَ الغَبِيطَينِ
أسأتِ اليوم للقلب
وأحسنت إلى العينِ
فعاد الطرف بالفوز
وَوَلّى القَلْبُ بالحَيْنِ
فَيَا للَّهِ! كَمْ تُجْرَ
حُ يا قلبيَ من عيني
وَمِنْ لَوْمِ الرّفيقَينِ
ومن بين الخليطين
صَغَا قَلْبي إلى الحِلْمِ
بلا قول العذولين
وخلّفت الصبا
خلفيَ منقاد القرينين
وما جزت الثلاثين
بعام أو بعامين
فقل لي اليوم ما عذر
كَ يا شَيبَ العِذارَينِ
سَلي بي جَوْلَة َ الخَيْلِ
وملتفّ العجاجين
وَخَطّارَ القَنَا، وَالمَوْ
تُ مَضرُوبُ الرِّوَاقَينِ
تَرَيْ عَزْميَ مِثْلَ السّيْـ
ـفِ مَشحُوذَ الغِرَارَينِ
أُجَلّي النّقْعَ قَد صَارَ
لِحَاماً بَينَ غَارَينِ
وَأَثْني سَنَنَ الخَيْلِ
بِهَبْهَابِ السُّرَى لَيْنِ(3/12)
بحيث تقطع القربى
عَلى أيْدِي القَرِيبَينِ
وَيَشْتَقُّ القَنَا الذّا
ما بين الشقيقين
ترى فيه القريبين
مِنَ البَغْضَا قَرِينَينِ
رَمَتْ عِندي يَدُ الدّهْرِ
بخطب ليس بالهينِ
أرَى الأيّامَ تَحْدُو
نيَ في شَرّ الطّرِيقَينِ
كمَا أوْضَعَ، تحتَ المَيْـ
الميس موَّار الملاطين
أُزَجّي الحَظّ كاللاّعِبِ
زَحّافاً عَلى الأيْنِ
كَمَا زُجّيَتِ الرَّجْزَاءُ
زَحْفاً بِعِقَالَينِ
وهذا الدهر يثنينيَ
بالليان عن ديني
وَيَغْدُو مَاتِحاً للضّـ
ـرِعِ الوَاني بِسَجْلَينِ
لَهُ نَضْحٌ بِرَوْقَيْهِ
وَلي نَطْحٌ بِرَوْقَينِ
تُرى صرف المقادير
مَتى يَصْحُو مِنَ الأيْنِ
وهيهات لقد أغلق
دون الرزق بابين
فلا تطلب دواء
الحظ قد أعيا الطّبيين
وَإنْ عَاتَبْتَ هذا الدّهْـ
صار الذنب ذنبين
وَقَدْ طُلّ دَمٌ تَطْلُـ
ـبُهُ عِنْدَ الجَدِيدَينِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> فَخَرَتْ قَحْطانُ أنْ كَانَ لهَا
فَخَرَتْ قَحْطانُ أنْ كَانَ لهَا
رقم القصيدة : 10403
-----------------------------------
فَخَرَتْ قَحْطانُ أنْ كَانَ لهَا
ذُو نُوَاسٍ وَكَلاعٍ وَرُعَينِ
شرفَ الأذواء فيها قبلنا
كل رحب الباع هطال اليدين
ثمّ سَاوَتْهَا فَخَاراً مُضَرٌ
بِعَليِّ الطّاهِرِ المَنْقَبَتَينِ
شِيمَتَا عِزٍّ وَمَجْدٍ أغْنَتَا
عَنْ أبي أحْمَدَ فِينَا وَالحُسَينِ
هَلْ تَرَى جَدّاً كَجَدّي وَأبي
أيُّ مَجْدٍ وَثَنَاءٍ بَعد ذَينِ؟
نسب كالنضر أمسى واسطاً
كلَّ أنفٍ من بني النّضرِ، وَعَينِ
نَيّرُ الأقْطَارِ قَدْ ضَوّأ مَا
بين جدّيّ الكريمين وبيني
ثابت في طينة المجد إذا
منصب أمسى زليق القدمين
بمنَاطِ النّجْمِ يَجْرِي دُونَهُ
بارق الأفق وضوء القمرين
زيّنت أفعالنا أحسابنا
زينة اللهذم أنبوب الرديني
حَسبٌ ضَارِبَة ٌ أعْرَاقهُ
بقرارات منى ً والمأزمين
شامخ الأعناق عاديّ الذرى
نَاضِرُ العِرْقِ نُضَارُ الطّرَفَينِ
وبمجد النفس فخري سابقاً(3/13)
فضلة الفخر بمجد الوالدين
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ما زِلْتُ أطّرِقُ المَنازِلَ بالنّوَى
ما زِلْتُ أطّرِقُ المَنازِلَ بالنّوَى
رقم القصيدة : 10404
-----------------------------------
ما زِلْتُ أطّرِقُ المَنازِلَ بالنّوَى
حَتّى نَزَلْتُ مَنَازِلَ النُّعمانِ
بالحيرة البيضاء حيث تقابلت
شُمُّ العِمَادِ، عَرِيضَة ُ الأعطَانِ
شَهِدَتْ بفضْلِ الرّافِعِينَ قِبابَها
وتبين بالبنيان فضل الباني
ما ينفع الماضين إن بقيت لهم
خطط معمرة بعمر فان
ورأيت عجماء الطلول من البلى
عن منطق عربية التبيان
باق بها حظّ العيون وإنما
لا حظّ فيها اليوم للآذن
وعرفت بين بيوت آل محرق
مأوَى القِرَى وَمَوَاقِدَ النّيرَانِ
ومناط ما اعتقلوا من البيض الظبا
وَمَجَرَّ مَا سَحَبُوا مِنَ المُرّانِ
وَرَأيتُ مُرْتَبطَ السّوَابقِ للمَهَا
ومعاقل الآساد للذؤبان
الهَاجِمِينَ عَلى المُلُوكِ قِبَابَهُم
وَالضّارِبِينَ مَعَاقِدَ التّيجَانِ
وَكَأنّ يَوْمَ الإذْنِ يَبرُزُ مِنهُمُ
أسد الشرى وأساود الغيطان
وَلَقَدْ رَأيْتُ بدَيْرِ هِنْدٍ مَنزِلاً
ألِماً مِنَ الضّرّاءِ وَالحِدْثَانِ
أغضَى كمُستَمعِ الهَوَانِ تَغَيّبَتْ
أنْصَارُهُ، وَخَلا مِنَ الأعْوَانِ
بالي المعالم أطرقت شرفاته
إطرَاقَ مُنجَذِبِ القَرِينَة ِ عَانِ
أوْ كَالوُقُودِ رَأوْا سِمَاطَ خَليفَة ٍ
فَرَمَوْا عَلى الأعْنَاقِ بالأذْقَانِ
وذكرت مسحبها الرياط بجوه
مِنْ قَبلِ بَيعِ زَمانِهَا بزَمَانِ
وبما ترد على المغيرة دهيه
نَزْعَ النَّوَارِ بَطيئَة َ الإذْعَانِ
أمَقاصِرَ الغِزْلانِ غَيّرَكِ البِلَى
حَتّى غَدَوْتِ مَرَابِضَ الغِزْلانِ
وملاعب الأنس الجميع طوى الردى
منهُم، فصِرْتِ مَلاعبَ الجِنّانِ
من كل دار تستظلّ رواقها
أدمَاءُ، غَانِيَة ٌ عَنِ الجِيرَانِ
وَلَقَدْ تَكُونُ مَحَلّة ً وَقَرَارَة ً
لأغر من ولد الملوك هجان
يطأ الفرات فناءها بعبابه(3/14)
وَلهَا السُّلافَة ُ مِنْهُ وَالرُّوقانِ
ووقفت أسأل بعضها عن بعضها
وَتُجيبُني عِبَرٌ بِغَيرِ لِسَانِ
قدحت زفيري فاعتصرت مدامعي
لو لم يؤل جزعي إلى السلوان
ترْقى الدّموعُ وَيرْعوِي جزَعُ الفتى
وينام بعد تفرق الأقران
مسكية النفحات تحسب تربها
برد الخليع معطر الأردان
وَكَأنّمَا نَشَرَ التِّجَارُ لَطِيمَة ً
جرت الرياح بها على العقيان
ماءٌ كجيبِ الدّرْعِ تَصْقُلُه الصَّبا
وَنَقاً يُدَرّجُهُ النّسِيمُ الوَاني
حلل الملوك رمى جذيمة بينها
وَالمُنذِرَينِ، تَغايُرُ الأزْمَانِ
طَرْداً، كدأبِ الدّهرِ في طرْد الأُلى
وَالَى الحَفائِظَ في بَني الدّيّانِ
نَعَقَ الزّمانُ بجَمعِهِمْ عن لَعلَعٍ
وَأقَضّ مَنزِلَهُمْ عَلى نَجرَانِ
وَكآلِ جفنَة َ أزْعَجَتهُمْ نَبوَة ٌ
نَقَلَتْ قِبابَهُمُ عَنِ الجَوْلانِ
وَعَلى المَدائنِ جَلجَلَتْ برِعادِها
عَركاً لكَلكَلِها عَلى الإيوَانِ
وإلى ابن ذي يزن غدت مرحولة
نَفَضَتْ حَوِيّتَها عَلى غُمدانِ
قصفت قنا جدل الطعان وثوّرت
بَعدَ الأمَانِ بِعَامِرِ الضَّحْيَانِ
زَفَرَ الزّمَانُ عَلَيهِمُ، فتَفَرّقوا
وَجَلَوْا عَنِ الأوْطارِ وَالأوْطانِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا مسقط العلمين من رمل الحمى
يا مسقط العلمين من رمل الحمى
رقم القصيدة : 10405
-----------------------------------
يا مسقط العلمين من رمل الحمى
لي عند ظبيتك النوار ديون
شرت الفؤاد رخيصة أعلاقه
وَمَضَى يَعَضُّ بَنَانَهُ المَغبُونُ
هيهات يتبعني إلى سلوانه
قَلْبٌ أصَابَ بِهِ الظّبَاءُ العِينُ
سَنَحَتْ لَنا في المُشرِقاتِ عَشيّة ً
ومن السهامِ محاجر وعيون
لا العف عف حين يملك لبه
تلك اللحاظ ولا الأمين أمين
لَوْ أنّ قَوْمَكَ نَصّلُوا أرْماحَهُمْ
بعيون سربك ما أبل طعين
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أذاتَ الطّوْقِ لمْ أُقرِضْكِ قَلْبي
أذاتَ الطّوْقِ لمْ أُقرِضْكِ قَلْبي
رقم القصيدة : 10406(3/15)
-----------------------------------
أذاتَ الطّوْقِ لمْ أُقرِضْكِ قَلْبي
على ضني به ليضيع ديني
كَفَاكِ حُليُّ جِيدكِ أنْ تَحَلَّيْ
بِأطْوَاقِ النُّضَارِ، أوِ اللُّجَينِ
سكنت القلب حيث خلقت منه
فأنت من الحشى والناظرين
أُحِبّكِ أنّ لَوْنَكِ لَوْنُ قَلْبي
وإن ألبست لوناً غير لوني
عِديني وَامطلي، وَعِدي، فحَسبي
وصالاً أن أراك وأن تريني
وَلا تَستَهلِكي بِيَدَيكِ قَلْبي
فَإنّ القَلْبَ بَينَكُمُ وَبَيْني
سَمِعْتُ لهَا حِوَاراً كَانَ فيهِ
رجوع بلابلي ودنو حيني
فيا لك منطقاً لو كان هُجراً
لِسَامِعِهِ تُلُقّيَ باليَدَيْنِ
كَأنّ الظّبيَة َ الأدْمَاءَ حَارَتْ
إليَّ بناعم العذبات لين
نظرتك نظرة لما التقينا
على وجلين من هجرِ وبين
كَأنّي قَدْ نَظَرْتُ سَوَادَ قَلْبي
بوَجهِكِ ظَاهِراً لسَوَادِ عَيْني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ذكرتك ذكرة لا ذاهل
ذكرتك ذكرة لا ذاهل
رقم القصيدة : 10407
-----------------------------------
ذكرتك ذكرة لا ذاهل
وَلا نَازِعٍ قَلبُهُ وَالجَنَانُ
أُعَاوِدُ مِنْكِ عِدادَ السّلِيمِ
فيادين قلبيَ ماذا يدان
عَوَاطِفُ مِنْ مُقْلِقَاتِ الغَرَا
مِ يَوْمَ دُمُوعي بهَا أرْوِنَانُ
وَيَأبَى الجَوَى أنْ أُسِرّ الجَوَى
إذا ملئ القلب فاض اللسان
وَمَا خَيرُ عَيْنٍ خَبَا نُورُهَا
ويمنى يد جذّ منها البنان
فَيَا أثَرَ الحُبّ أنّى بَقِيتَ
وَقَدْ بَانَ مِمّنْ أُحِبُّ العِيَانُ
وَقَالُوا: تَسَلّ بأتْرَابِهَا
فأينَ الشّبَابُ، وَأينَ الزّمَانُ؟
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا رَوْضَ ذي الأثلِ من شَرْقيّ كاظمة ٍ
يا رَوْضَ ذي الأثلِ من شَرْقيّ كاظمة ٍ
رقم القصيدة : 10408
-----------------------------------
يا رَوْضَ ذي الأثلِ من شَرْقيّ كاظمة ٍ
قد عاود القلب من ذكراك أديانا
أمرُّ بالركبِ مجتازاً بذي سلم
لَوْ ما شَرَيتُكَ بالأوْطانِ أوْطَانَا
شغلتَ عيني دموعاً والحشى حُرقا(3/16)
فَكَيْفَ ألّفْتَ أمْوَاهاً وَنِيرَانَا
أشم منك نسيما لست أعرفه
أظُنّ ظَميَاءَ جَرّتْ فيكَ أرْدانَا
أشبَهْتَ أظعَانَ ذاكَ الحَيّ من يَمَنٍ
طيباً وحسناً وأغصاناً وكثبانا
لو أستطيع لما سافتك سائفة
ولا جناك فتى رنداً ولا بانا
ألقاكَ وَالقَلْبُ صَافٍ من رَجيعِ هوًى
وَأنثَني عَنكَ بالأشْوَاقِ نَشوَانَا
وَلا تَداوَيتُ من قُرْحٍ فرَى كَبِدي
ولا سقانيَ راقي الحي سلوانا
يَقُولُ صَحبي، وَقد أعياهُمُ طرَبي:
بَعضَ الأُسَى إنّما أحبَبْتَ إنْسَانَا
أينَ الخِيَامُ التي كُنّا نَلُوذُ بهَا
بالابرقين وأين الحيّ مذ بانا
لا هِجتُ لي قَنَصاً من بَعدِ بَينِهِمُ
وَلا ذَعَرْتُ عَنِ الأطلاءِ غِزْلانَا
أنسيتني الناس إذ أذكرتني بهم
يا مهدياً ليَ تذكاراً ونسيانا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا طائر البان غريداً على فنن
يا طائر البان غريداً على فنن
رقم القصيدة : 10409
-----------------------------------
يا طائر البان غريداً على فنن
ما هاج نوحك لي يا طائر البان
هل أنت مبلغ من هام الفؤاد به
إنّ الطيلق يؤدي حاجة العاني
ضَمَانَة ٌ مَا جَنَاهَا، غَيرُ مُقلَتِهِ
يَوْمَ الوَداعِ فيَا شَوْقي إلى الجَاني
مغفل عن همومي في بلهنية
أرْعَى النّجُومَ، وَطَرْفَاهُ قَرِيرَانِ
يَنأى وَيَدْنُو على خَضرَاءَ مُورِقَة ٍ
لعب النعامى بأوراق وأغصان
كالقرط علّق في ذِفرى مبتلة
بَينَ العَقَائِلِ قُرْطَاهَا قَلِيقَانِ
هيهاتَ ما أنتَ مِنْ وَجْدي وَلا طرَبي
ولا لقلبك أشجاني وأحزاني
ولا نظرتَ إلى ماء على ظمأ
تَبغي الوُرُودَ وَلَيسَ الوِرْدُ بالدّاني
ولا فُجعتَ وقد سارت ركائبهم
يوم الغميم بغزلان كغزلاني
لو لا تذكر أيامي بذي سلم
وعند رامة َ أوطاري وأوطاني
لما قدحت بنار الوجد في كبدي
وَلا بَلَلْتُ بِمَاءِ الدّمعِ أجْفَاني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أذاعَ بذي العَهْدِ عِرْفَانُهُ
أذاعَ بذي العَهْدِ عِرْفَانُهُ(3/17)
رقم القصيدة : 10410
-----------------------------------
أذاعَ بذي العَهْدِ عِرْفَانُهُ
وَعَاوَدَ للقَلْبِ أدْيَانُهُ
وأضربَ سمعٌ عن العاذلات
لها شانها وله شانه
وما طل قلباً بإبلاله
مطالُ الغريم وليانه
أهَاجَكَ ذا الحَيُّ مِنْ وَائِلٍ
تُحَمَّلُ للبَيْنِ أظْعَانُهُ
نأى السرب عنك وعهدي به
تكنّس في القلب غزلانه
لئن أوحش الربع حلاّ له
لَقَدْ عَمَرَ القَلْبَ سُكّانُهُ
مَرَرْنَ غُدُوّاً بِرَوْضِ الصّرِيـ
راق من النور ظُهرانه
فَحَنّ لإلمَامِهِمْ أَثْلُهُ
ومال إلى قربهم بانه
وَمَا حَمَلَتْ مِثلَ تلكَ البُدُو
رِ بَينَ الذّوَائِبِ أغْصَانُهُ
وَلي نَاظِرٌ بَعْدَ بَينِ الخَليـ
ـطِ مَاتَ مِنَ الدّمْعِ إنْسَانُهُ
رواء من الماءِ آماقه
ظماء من النوم أجفانه
يَرُوحُ بهِمْ سَاهراً طَرْفُه
وَيَغْدُو لَهُمْ دامِعاً شَانُهُ
يُرَاخي الهَوَى ، فأُرِيغُ السّلُوّ
قَليلاً، وَتُجْذَبُ أشْطَانُهُ
فَأيْنَ مِنَ الدّاءِ إفْرَاقُهُ
وَأينَ مِنَ القَلْبِ سُلْوَانُهُ
فيا ظالماً طيباً ظلمه
كثيراً على القلبِ أعوانه
تبعت فؤادي إلى حبّه
مُطِيعاً، وَإنْ لَجّ عِصْيَانُهُ
يُبَاعُ بسَوْمِكَ حَبُّ القُلوبِ
وتغلق عندك أثمانه
وشرّ الإساءة من مالك
أسَاءَ، وَمَا نِيلَ إحْسَانُهُ
وَقد كنتُ أُشفِقُ من ذا الصّدو
دِ، مُذْ أوْدَعَ القَلبَ خُوّانُهُ
ويا ركباً لجلجتْ نضوه
ثَنَايَا الغُوَيْرِ، وَنَجْرَانُهُ
يروّعه الصبح أسفاره
وَيُؤنِسُهُ اللّيْلُ إدْجَانُهُ
إذا مَنْزِلٌ آنَ تَعْرِيسُهُ
طَوَاهُ عَلى الأينِ ظُعّانُهُ
تحمل ألوكة حامي الضلو
عِ، طَالَ من البَينِ إرْنَانُهُ
إلى الحَيّ مِنْ يَمَنٍ أنّهُمْ
ودائع قلبي وخلصانه
لنالوا من القلب ما لم ينلْ
زَعَازِعُ حَيٍّ وَشَيْحَانُهُ
لأنْتُمْ أسِنّة ُ يَوْمِ الطّعَانِ
إذا أسْلَمَ السّرْحَ فُرْسَانُهُ
كَأنّ الجِيَادَ، تَسَامَى بكم
قنانُ الشريف وعقبانه
وهل زان تيجانه أسرة ً(3/18)
جباههمُ الغر تيجانه
وَإنّ رِبَاطَ بَني مَالِكٍ
تُقَادُ إلى المَوْتِ أرْسَانُهُ
إذا الفَيْلَقُ المَجْرُ أدْلَى لَهُ
إلى قُلُب الذمر مرَّانه
يكون سواكم عقابيله
وأنتم إلى الطعن سرعانه
وما كل أصل كريم العرو
ق تأبى على الغمز عيدانه
لَكُمْ كُلّ جَمعٍ كمَا أقبَلَتْ
تموّج بالنّحلِ غيرانه
كأن أسنته في القنا
شرارٌ ظُبا البيض نيرانه
هلِ المَوْتِ إلاّ إذا استَجمَعَتْ
كعوب القني وإيمانه
إذا دَبّرَ الطّعْنَ أُوهِمْتُهُ
تنمّ إلى النجم خرصانه
لقد ضلّ عهدكمُ باللوى
وَطَالَ بِدَمْعيَ نِشْدانُهُ
أنَاقِشُكُمْ، وَوَرَاءَ النّقا
شِ أنفُ العَلُوقِ وَرِئْمَانُهُ
وَأهجُرُكُمْ هَجرَ مُستَعتِبٍ
وكم وامق طال هجرانه
فأنأى وأقرب أوب الظليم
ينتظر الطٌعمَ رئلانه
سيبعد عنكم على حسرة
طَوِيلُ جَوَى القَلبِ أسوَانُهُ
تبدل بالمرء أحبابه
وَتَنْبُو عَلى المَرْءِ أوْطَانُهُ
إذا مَنزِلٌ رَابَ سُكّانَهُ
من الأرضِ حرّم أيطانه
إذا كان صعباً تناسي الحنين
إليكم فهيهات نسيانه
وشيّبني والصبا وارق
عَليّ، وَما انجَابَ رَيْعَانُهُ
حَمِيمٌ تَقَلّبُ أخْلاقُهُ
ومولى تلوّن ألوانه
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا ظَالمي، وَالقَلْبُ نَاصِرُهُ
يا ظَالمي، وَالقَلْبُ نَاصِرُهُ
رقم القصيدة : 10411
-----------------------------------
يا ظَالمي، وَالقَلْبُ نَاصِرُهُ
يَجْني عَليّ لَهُ كَمَا يَجْني
أجمَعتَ هَجْرِي، وَالفِرَاقَ مَعاً
أوَمَا اشتَفَيْتَ بِوَاحِدٍ مِنّي
لم أنس موقفنا وقد طلعت
كالشمس تحت حواجب الدجن
تَرْنُو إليّ بِعَينِ مُطْفِلَة ٍ
رَعَتِ النّوَى وَمَساقِطَ المُزْنِ
سهم وجدت له على كبدي
ألَماً، وَآلَمُ صَرْفَهُ عَنّي
سمحت بكم نفسي على مضض
ولربّ سامحة على ضنّ
هيهات يعدل في قضيّته
قَمَرٌ يُدِلّ بِدَوْلَة ِ الحُسْنِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أعَادَ لي عِيدَ الضّنَى
أعَادَ لي عِيدَ الضّنَى
رقم القصيدة : 10412(3/19)
-----------------------------------
أعَادَ لي عِيدَ الضّنَى
جيراننا على منى
مَوَاقِفٌ تُبْدِلُ ذا الشّيْـ
الشيب شطاطاً بحنا
يقول من عاين ها
تيك الطُلى والأعينا
هَذا غَزَالٌ قَدْ عَطَا
وَذاكَ ظَبْيٌ قَدْ رَنَا
والهفتا من واجد
عَلى الشّبَابِ وَالغِنَى
مِنْ أجْلِهَا يَرْضَى الغَرِيـ
يب بالبوادي وطنا
أنْسَى قَنَا مُرّانِهَا
مَوَارِنٌ ذاتُ قَنَا
يُلْقَى بِهَا فَوَارِسٌ
لا يحفلون الجبنا
مجتمرات رحن عن
رمي الجمار موهنا
تَرَوُّحَ السّرْبِ عَنِ الـ
رد إذا الليل دنا
كم كبد معقورة
للعاقرين البُدُنا
بأعين تركنها
على القلوب أعينا
وَإنّمَا جَعَلْنَهَا
لرد قول السنا
يُورق منهنّ الحصى
حتى يكاد يجتنى
ليهنَ من لم يفتتن
إنّا لَقِينَا الفِتَنَا
يخفي تباريح الهوى
وقد عنانا ما عنا
كَمَا النُّزُوعُ عِندَكُم
كذا النزاع عندنا
يا صَاحِبَيْ رَحْلي: قِفَا
فَسَائِلا لي الدِّمَنَا
بالغمر قد غيرها
صوب الغمام مدجنا
وأمطرا دمعيكما
ذاك الكثيب الأيمنا
الدار عندي سكن
إذا عدمت السكنا
قَالا: وَمِنْ أينَ رَمَا
الشوق قلت من هنا
وصاحب نبهته
بَعْدَ اللّغُوبِ وَالوَنَى
رمى الكرى في سمعه
فَبَعْدَ لأْيٍ أذِنَا
وقام كالمصعب ذي
ـرَّوْقِ يَجُرّ الرّسَنَا
فقلت من معاقدي
على الردى قال أنا
اتقِ ما بي تتقى
ولو أنابيب القنا
كُلُّ الظُّبَى حَدائِدٌ
وَقَلّ مِنْهَا المُقْتَنَى
وَإنّمَا الصّوْنُ عَلى
قدرِ المضاء والغنا
وبارقٍ أشيمه
كالطرف أغضى ورنا
أوْ رُمْحِ مَحْبُوكِ القَرَا
بَاتِ شَمُوعاً أرِنَا
أيقظت عنه صاحباً
ينجاب علويّ السنا
فقلت إيه نظراً
أما قضيت الوسنا
أين تقول صوبه
فقال لي دون قنى
ذكّرَني الأحْبَابَ، وَالـ
والذكرى تهيج الحزنا
أضَامِنٌ أنْ لا يَني
يشوق قلباً ضمنا
من بطن مرّ والسرى
تَؤمّ عُسْفَانَ بِنَا
وبالعراق وطري
يا بعد ما لاح لنا
أشتاقهم ومُربخ
إلى زرود بيننا
يا ويح لي من شجني
أمَا مَلَلْتُ الشّجَنَا(3/20)
رَحّلَني عَنْ وَطَني
إني ذممت الوطنا
ما رابني من أبعدي
ما رابني من الدنى
وَلَوْ وَجَدْتُ مَرْقَعاً
لَبِسْتُ ثَوْبي زَمَنَا
إنّي ومن يغلب با
لرقع أديماً لخنا
أقسمت بالمحجوج مرفـ
وع العماد والبنا
مثلِ سَنَامِ العَوْدِ قَدْ
عَالوا عَلَيْهِ الظُّعُنَا
موضوعة ً صفاحه
وَضْعَ المَطِيّ الثّفِنَا
والأسود الملموس قد
جَابُوا عَلَيْهِ الرُّكُنَا
يلقى عليه مضرٌ
بعد الصفاء اليمنا
تحكك الجرب على الأ
جذال من مض الهنا
لأُقْبِلَنّ مَعْشَراً
تِلْكَ الطّوَالَ اللُّدُنَا
تَلَمُّظَ الأَصْلالِ لَجْـ
ـلَجْنَ إلَيْنَا الألْسُنَا
يطلبن ورديْ ظمأ
إمّا الرّدَى ، أوِ المُنَى
يصبح في أطرافها
للقوم فقرٌ وغنى
لقد أنى أن أحمـ
ـضّيمَ بها لَقَدْ أنَى
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تُضَاجِعُني الحَسناءُ وَالسّيفُ دونَها
تُضَاجِعُني الحَسناءُ وَالسّيفُ دونَها
رقم القصيدة : 10413
-----------------------------------
تُضَاجِعُني الحَسناءُ وَالسّيفُ دونَها
ضجيعان لي والسيف أدناهما منّي
إذا دنت البيضاء مني لحاجة
أبى الأبيض الماضي فأبعدها عني
وإن نام لي في الجفن انسان ناظرٍ
تيقّظ عني ناظرٌ ليَ في الجفنِ
أغرت فتاة الحيّ مما ألفته
أُغَلْغِلُهُ دونَ الشّعَارِ مِنَ الضّنِ
وقالت هبوه ليلة الخوف ضمه
فما عذره في ضمه ليلة الأمن
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وما كنت أدري الحبّ حتى تعرضت
وما كنت أدري الحبّ حتى تعرضت
رقم القصيدة : 10414
-----------------------------------
وما كنت أدري الحبّ حتى تعرضت
عُيُونُ ظِبَاءٍ بالمَدينَة ِ عِينِ
فوالله ما أدري الغداة رميننا
عَنِ النّبْعِ أمْ عن أعينٍ وَجُفُونِ
بكُلّ حَشًى مِنّا رَمِيّة ُ نَابِلٍ
قويّ على الأحشاءِ غير أمين
فَرَرْتُ بطَرْفي مِن سِهامِ لِحاظِها
وهل تتلقَّى أسهم بعيون
وَقالوا: انتَجعْ رَعيَ الهوَى من بلادِه
فَهَذا مَعَاذٌ مِنْ جَوًى وَحَنِينِ(3/21)
فيا بانتي بطن العقيق سقيتما
بِمَاءِ الغَوَادي بَعدَ مَاءِ شُؤونِ
أُحِبُّكُمَا، وَالمُسْتَجِنِّ بطَيْبَة ٍ
مَحَبّة َ ذُخْرٍ بَاتَ عِندَ ضَنِينِ
جَلَوْنَ الحِداقَ النُّجلَ وَهيَ سَقامُنا
لِكُلّ لَبَانٍ وَاضِحٍ، وَجَبِينِ
يُلَجلِجْنَ قُضْبَانَ البَشامِ عَشيّة ً
عَلى ثَغَبٍ مِنْ رِيقِهِنّ مَعِينِ
تَرَى بَرَداً يُعدِي إلى القَلْبِ بَرْدُهُ
فيَنْقَعُ مِنْ قَبْلِ المَذاقِ بحِينِ
تماسكت لما خالط اللب لحظها
وَقَدْ جُنّ مِنهُ القَلْبُ أيّ جُنونِ
وَمَا كانَ إلاّ وَقفَة ٌ ثمّ لمْ تَدَعْ
دواعي النوى منهنَّ غير ظنون
نَصَصْتُ المَطايا أبتَغي رُشْدَ مَذهبي
فأقلَعْنَ عَنّي، وَالغَوَايَة ُ دُوني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وصاحب في أصيحاب أنخت به
وصاحب في أصيحاب أنخت به
رقم القصيدة : 10415
-----------------------------------
وصاحب في أصيحاب أنخت به
عَلى زَرُودَ، وَمَوْجُ اللّيلِ يَغشَانَا
ثَنَى الذّرَاعَ، وَألقَى فَضْلَ لِمّتِهِ
على الكثيبِ خميص البطن طيَّانا
ناديته بعد ما مال الجنوب به
أبا نعامة أبردنا قم الآنا
فقامَ، وَالنّوْمُ طِرْحٌ في مَحاجِرِهِ
لا يرسل الطرف إلاّ عاد وسنانا
مُستَأخِرٌ، وَمَطايا الرّكبِ سائرَة ٌ
أحموقة إن عقل المرء قد رانا
يهوى الرقاد كأنّ الرمل أفرشه
نمارق ابنة منظور ابن زبانا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَلَيسَ مِنَ الفرَاغ يَثُرْنَ عَنّي
وَلَيسَ مِنَ الفرَاغ يَثُرْنَ عَنّي
رقم القصيدة : 10416
-----------------------------------
وَلَيسَ مِنَ الفرَاغ يَثُرْنَ عَنّي
نفاثات يجيش بها الجنان
ولكنْ مهجة ملئت ففاضت
وَضَاقَ القَلْبُ، وَاتّسَعَ اللّسَانُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا رَفيقَيّ قِفَا نِضْوَيْكُما
يا رَفيقَيّ قِفَا نِضْوَيْكُما
رقم القصيدة : 10417
-----------------------------------
يا رَفيقَيّ قِفَا نِضْوَيْكُما(3/22)
بَينَ أعْلامِ النّقَا وَالمُنْحَنَى
وانشدا قلبي فقد ضيعته
باختياري بين جمع ومنى
عارضا السرب فان كان فتى
بالعُيُونِ النُّجلِ يَقضِي، فأنَا
إنّ مَنْ شَاطَ عَلى ألحاظِهَا
ضعف من شاط على طولِ القنا
تَجرَحُ الأعيُنُ فِينَا وَالطُّلَى
قاتل الله الطُلى والأعينا
ثمّ كَانَتْ، بِقُبَاءٍ، وَقفَة ٌ
ضمنت للشوق قلباً ضمنا
وَحَدِيثٍ كَانَ مِنْ لَذَتِهِ
أُحُدٌ يُصْغي إلَيْنَا أُذُنَا
غادروني جسداً تظهره
لهمُ الشّكوَى وَيُخفيهِ الضّنَى
حَبّذا مِنكُمْ خَيالٌ طارِقٌ
مرّ بالحيّ ولم يلمم بنا
باخل بخل الذي أرسله
سئل النيل وما جاد لنا
سرحة أعجلها البين وما
لُبِسَ الظّلُّ، وَلا ذيقَ الجَنَى
ما رَأتْ عَينيَ مُذْ فارَقتُكُمْ
يا نزول الحيّ شيئاً حسنا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ما أسرع الأيام في طيّنا
ما أسرع الأيام في طيّنا
رقم القصيدة : 10418
-----------------------------------
ما أسرع الأيام في طيّنا
تمضي علينا ثم تمضي بنا
في كلّ يوم أمل قد نأى
مرامه عن أجلٍ قد دنا
أنذرنا الدهر وما نرعوي
كأنما الدهر سوانا عنى
تَعاشِياً، وَالمَوْتُ في جدّهِ
مَا أوْضَحَ الأمرَ وَمَا أبْيَنَا
وَالنّاسُ كالأجمَالِ قد قُرّبتْ
تَنْتَظِرُ الحَيّ، لأنْ يَظْعَنَا
تدنو إلى الشعبِ ومن خلفها
مُغَامِرٌ يَطْرُدُهَا بِالقَنَا
إنّ الأُلى شَادُوا مَبَانِيهِم
تهدموا قبل انهدام البنا
لا مُعْدِمٌ يَحْمِيهِ إعْدامُهُ
وَلا يَقي نَفْسَ الغَنيّ الغِنَى
كَيْفَ دِفَاعُ المَرْءِ أحْداثَهَا
فرداً وأقران الليالي ثنى
حَطّ رِجَالٌ، وَرَكِبْنَا الذُّرَى
وَعُقْبَة ُ السّيرِ لمَنْ بَعْدَنَا
كَمْ من حَبيبٍ هانَ مِن فَقدِهِ
ما كنت أن أحسبه هيّنا
أنفقت دمع العين من بعدهِ
وقلَّ دمع العين إن يخزنا
كنت أوقّيه فأسكنته
بَعدَ اللّيَانِ المَنْزِلَ الأخشَنَا
دفنته والحزن من بعده
يأبى على الأيامِ أن يدفنا
يا أرْضُ! فاشَدتُكِ أنْ تَحفظي(3/23)
تلك الوجوه الغر والأعينا
يا ذُلّ مَا عِندَكِ مِنْ أوْجُهٍ
كنَّ كراما أبداً عندنا
والحازم الرأي الذي يغتدي
مستقلعاً ينذر مستوطنا
لا يأمن الدهر على غرة
وعزّ ليث الغاب أن يؤمنا
كأنما يجفل من غارة
مُلْتَفِتاً يَحْذَرُ أنْ يُطْعَنَا
أخيّ جبراً لك من عثرة
لا بد للعاثر أن يوهنا
إنّ التي آذَتْكَ مِنْ ثِقْلِهَا
هَلُمَّهَا، نَحْمِلُهَا بَيْنَنَا
ساقيتك الحلوَ فلا بدعة
إن أنا طاعمتك مرّ الجنى
وَاصْبِرْ عَلى ضَرّائِهَا، إنّمَا
في قوة ِ السالب عذر لنا
جناية الدهر له عادة
فما لنا نعجب لما جنى
مَنْ كانَ حِرْمانُ المُنَى دأبَهُ
فالفَضْلُ إنْ بَلّغَ بَعضَ المُنَى
كَمْ غَارِسٍ أمّلَ في غَرْسِهِ
فأعجل المقدار أن يجتنى
ما الثِلم في حدك نقصاً له
قَد يُثلَمُ العَضْبُ، وَقد يُقتَنَى
يأبى لك الحزن أصيل الحجا
ويقتضيك الرزء أن تحزنا
والأجر في الأولى وإن أقلقت
وربّما نستقبح الأحسنا
ذا الخلق الأعلى فخذ نهجه
واترك إليه الخلق الأدونا
أبا عليّ هل لأمثالها
غيرك إن خطب زمانٍ عنى
فانهض بها إنك من معشرٍ
إنْ جُشّموا الأمرَ أبانُوا الغِنَى
واصبر على ضرّاتها إنما
نُغَالِبُ القِرْنَ إذا أمْكَنَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا صَاحِبَيّ تَرَوّحَا بِمَطِيّتي
يا صَاحِبَيّ تَرَوّحَا بِمَطِيّتي
رقم القصيدة : 10419
-----------------------------------
يا صَاحِبَيّ تَرَوّحَا بِمَطِيّتي
إنّ الظباء بذي الإدراك سلبنني
سيرا فقد وقف الطعين لما به
مُستَسلِماً وَنَجا الذي لمْ يُطعَنِ
ما سَرّني، وَقَنا اللّحاظِ تَنُوشُني
إني هناك قتيل غير الأعين
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قد قلت للرجل المقسّم أمره
قد قلت للرجل المقسّم أمره
رقم القصيدة : 10420
-----------------------------------
قد قلت للرجل المقسّم أمره
فَوّضْ إلَيْهِ تَنَمْ قَرِيرَ العَينِ
ردّ الأمور إلى العليم بغِبّها
وَتَلَقّ مَا يُعطيكَهُ بيَدَينِ(3/24)
اللَّهُ أنظَرُ لي مِنَ النّفْسِ التي
تغوى وأرأف بي من الأبوين
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ضَلالاً لِسَائِلِ هَذي المَغَاني
ضَلالاً لِسَائِلِ هَذي المَغَاني
رقم القصيدة : 10421
-----------------------------------
ضَلالاً لِسَائِلِ هَذي المَغَاني
وَغَيّاً لطَالِبِ تِلْكَ الغَوَاني
وما أربي بسؤال الطلو
ل إلاَّ تذكر ماضي زماني
خليليّ إن جزتما ضارجاً
فَكُرّا المَطِيّ، وَرُدّا المَثَاني
وَعُوجَا عَليّ أُحَيّ الدّيَارَ
فإنّ الديار لمن تعلمان
سقاك ولو بظما مهجتي
نجُومُ السّمَاكِ، أوِ المِرْزَمَانِ
ولا زال جوّك في ناضر
منَ النور يحمده الرائدان
لَيَاليَ بَينَ بُرُودِ الشّبَا
بِ منّيَ غُصْنٌ رَطيبُ المَجَاني
وقد رُجّل البيض من لمثي
بطفل الأنامل بضّ البنان
أَفالآن لما أضاءَ المشيب
وَأمسَى الصّبَا ثانِياً مِنْ عِنَاني
وَقَد صُقِلَ السّيفُ بَعدَ الصّدا
وبان لظى النار بعد الدخان
يَرُدّ الزّمَانُ عَليّ الهَوَى
ويطمع في هفوة ٍ من جناني
فَقُلْ للّيَالي: ألا فَاقْصِرِي
كفانيَ ما عند قلبي كفاني
فإن الموفّق لي جنة
أرُدّ بِهَا كُلّ رَامٍ رَمَاني
أغرُّ هِجَانٌ، وَما المَكرُماتُ
بطوعى لغير الأغر الهجان
أيا عمدة الملك لا استهدمت
ذراه وأنت لها اليوم باني
وَكيفَ يَني المُلكُ عمّا تَرُومُ
وسعيك من دونه غيرواني
شددت قواه إلى هضبة
أوَاخيُّهَا كُلُّ عَضْبٍ يَمَاني
مَآثِرُ ثَبّتَّ أطْنَابَهَا
على النجمِ والقمر الأضحيان
حدوت إلى فارس بالرماح
بكرّ الردى يوم حرب عوان
وَجُرْداً تُفَالِتُ أرْسَانَهَا
لِيَوْمِ النّزَالِ وَيَوْمِ الرّهَانِ
وأقبلتها كذئاب الغضى
تُعَاسِلُ في الفَيلَقِ الأُرْجوَانِ
تَلَمَّظُ ألْسِنَة ُ السّمْهَرِ
ما بين آذانها للطعان
بأيدي جَرِيِّينَ لاكُوا الحُرُو
ب وارتضعوها ارتضاع اللبان
بحيث ترى العزّامّ الشجاع
وتقنع بالذلّ أم الجبان
على كلّ معطٍ عليَّ السيا(3/25)
طَ لا يَستَرِدّ بغَيرِ العِنَانِ
يكرّ إلى الطعنِ سامي اللبان
ويُثنى عن الطعنِ دامي البنان
سرى يعجز النجم عن طرقه
طويل إذا نام ليل الهدان
وعزم يشاور حدَّ الحسام
مَوَاقِفٌ يَذهَلُ فيها الشّجاعُ
فَمَا الظّنّ بالعاجِزِ الهَيّبَانِ
نَشرْتَ العِدا بِدَداً بَعدَمَا
نظَمتَ المَمالِكَ نَظمَ الجُمَانِ
وكَم عُصْبة ٍ أوْضَعتْ في الضّلالِ
تُنَقِّبُ عَن يَوْمِها الأرْوَنَانِ
جذبت عن الغيّ أرسانها
وقد شافهتها المنايا الدواني
وَأرْسَلْتَهَا بِغِرَارِ الحُسَامِ
وَخاطَبتَها بِلِسَانِ السّنَانِ
فَأعْطَتْكَ آبيَ أعْنَاقِهَا
تُطِيعُ المَقَاوِدَ بَعْدَ الحِرَانِ
تشكى مورنها في يديك
مسّ الخشاش وجذب العران
فضائل ألّفت أشتاتها
وَلمْ تَكُ مَوْجُودَة ً بالعِيَانِ
فَما القَلَمُ اللَّدْنُ في رَاحَتَيكَ
بأوْلَى مِنَ الأسَلاتِ اللِّدانِ
نهنك نعماءُ سربلتها
تَقَطَّعُ عَنْهَا العُيُونُ الرّوَاني
عَلى لَقَبٍ بَيّنَتْ صِدْقَهُ
مناقبك الغرّ كل البيان
والقاب قوم إذا برتها
تَبَايَنُ ألْفَاظُهَا وَالمَعَاني
فَلا ارْتَجَعَ العِزَّ مُعطِيكَهُ
وَلا زِلْتَ مِنْ عَشْرَة ٍ في أمَانِ
وَلازَمَ ثَوْبَيْكَ صِبْغُ العُلَى
كمَا لَزِمَتْ صِبغَة ُ الزِّبرِقَانِ
فما دمت فالملك واري الزنا
دِ، صَافي المَوَارِدِ، عالي المَباني
لقد نال من عزك الأبعدون
وَقَرّبَ مِنْ شَأنِهِ غَيرُ شَاني
فَرِشني أكُن لكَ سَهمَ النّضَالِ
واغصبْ عليَّ يديْ من براني
وَحُكْ ليَ بُرْدَ العُلَى ضَافِياً
أحكْ لك أمثاله من لساني
إذا كنت عوني فمن ذا الذي
يُثَبّطُني عَنْ بُلُوغِ الأمَاني
وَأنْتَ الزّمَانُ، وَأنّى يَخِيـ
من كان مستشفعاً بالزمانِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> زَمَانَ الهَوَى ما أنتَ لي بِزَمَانِ
زَمَانَ الهَوَى ما أنتَ لي بِزَمَانِ
رقم القصيدة : 10422
-----------------------------------
زَمَانَ الهَوَى ما أنتَ لي بِزَمَانِ(3/26)
ولا لك من قلبي أعزّ مكان
ابعد القباب اللاّءِ زلنَ عن الحمى
أراعي الهوى في أربع ومغان
وَسَيرِي أمَامَ الحَيّ وَاللّيلُ حابِسٌ
على الظعنِ من جدل لنا ومثاني
وملتبس بالركب بادرت خلفه
ألوّح بالأردان وهو يراني
وَآخَرُ هَزّتْني إلَيْهِ ارْتِيَاحَة ٌ
وَمِنْ دونِهِ ذو صَفصَفٍ وَرِعَانِ
تحملت سهماً أوّلاً من فراقه
فَلَمّا رَآني لا أخُورُ رَمَاني
أقول له والدّمع يأخذ ناظري
بأبيَضَ مِن ماءِ الشّؤونِ، وَقَاني:
أترضى عن الدنيا ومولاك ساخط
وَتَمضِي طَليقاً وَابنُ عَمّكَ عَاني؟
وفي ذلك الوادي الذي أنبت الهوى
جَنَابَانِ مِنْ نُوّارِهِ، أرِجَانِ
وَمَاءٌ تَشِيهِ الرّيحُ كُلَّ عَشِيّة ٍ
كمَا رَقَمَ البُرْدَ الصّبيغَ يَمَاني
مَرَرْتُ بِغِزْلانٍ عَلى جَنَبَاتِهِ
فأطْلَقْنَ دَمعي وَاختَبَلنَ جَنَاني
وعاجلني يوم الرفيقين في الهوى
عشيّة َ مالي بالفراق يدان
وَكَمْ غادَرَ البَيْنُ المُفَرِّقُ من فتًى
يمسّح قلباً دائم الخفقان
وَمُنْتَزِعٍ مِنْ بينِ جَنْبَيهِ زَفرَة ً
تُخَلّي دُمُوعَ العَينِ في الهَمَلانِ
وما الحبُّ إلاّ فرقة بعد ألفة
وإلاَّ حذار بعد طول أمان
هو الشُغُلُ استولى على كلّ مهجة ٍ
وَألقَى ذِرَاعَيْهِ بِكُلّ جَنَانِ
سلوت الهوى والشوق الا ذؤابة
تراجع قلبي من نوى وتداني
وَصِرْتُ أرَى أنّ الشّجونَ عَلاقَة ٌ
تليق بقلبِ العاجز المتواني
فَهَا أنا ذا لا أُمتِعُ العَينَ بالكَرَى
وتأمل قود النوم بعد حران
تقلّص عن مسِّ النعاسِ جفونها
كَمَا قلّصَتْ للبَارِدِ الشّفَتَانِ
تُجَمجِمُ للأطمَاعِ في كُلّ لَيلَة ٍ
وَتُقْلِعُ عَنْ قَلْبي بِغَيرِ بَيَانِ
غَرِضْتُ مِنَ العَلياءِ وَهيَ تطولُ بي
كما غرض المقصوص بالطيرانِ
وَلَوْ شِئْتُ جَلّى بي إلى غاية ِ العُلَى
جوادي ولكنّي أردّ عناني
ومولى دعا غيري إلى ما يريده
ولو أنني ممن يجيب دعاني
وحاول أمراً يصعب الريق دونه
بناجد مزؤد الفؤاد جبان(3/27)
يُنَازِعُني الشّحْنَاءَ أنّي لَقِيتُهُ
ولو أنّني يوماً حذرت رقاني
وعوراء لم أنصت إليها ولم أردّ
جَوَاباً لهَا، وَالقَوْلُ لَيسَ بِوَانِ
وَلَكِنّني أغضَيتُ عَنهَا كَأنّمَا
أقُولُ بسَمعي، أوْ أعي بِلِسَاني
أرَى السّرْحَ أوْلى بي من الكُورِ في الوَغى
وما ناقتي إلاّ فداءُ حصاني
وَلَمّا تَعَاطَيْنَا النّزَالَ انْبَرَى لَنَا
ملبٌّ عَلى أعْوَادِهِ بِلُبَانِ
فَسَدّدَ رُمْحاً لمْ يَكُنْ بِمُثَقفٍ
وَجَرّدَ عَضْباً لَمْ يَكُنْ بِيَمَاني
حذار بني العنقاء من متطاولٍ
إلى الحَرْبِ لا يَخشَى جِنَاية َ جَانِ
وَداهِيَة ٍ تُصْمي القُلُوبَ كَأنّمَا
تمطّر عن قوس من الشريان
فَهَذا وَعِيدٌ سَطوَتي مِنْ وَرَائِهِ
وعنوان ناري إن يبين دخاني
فَلا يَحسَبِ الأعداءُ كَيدي غَنيمَة ً
ولا أنني في الشر غير معان
فإني بحمد الله أقوى على الأذى
وَأنْمَى عَلى البَغضَاءِ وَالشّنآنِ
وابيضّ من عليا معدّ كأنما
تلاقى على عرنينهِ القمران
إذا رُمْتُ طَعْناً بالقَرِيضِ حَمَيْتُهُ
وَإنْ رُمْتُ طَعْناً بالرّمَاحِ حَمَاني
يَجُودُ، إذا ضَنّ الجَبَانُ، بنَفسِه
وَيَمضِي، إذا مَا زَلّتِ القَدَمَانِ
بصير بتصريف الأعنّة إن سرى
لِيَوْمِ نِزَالٍ، أوْ لِيَوْمِ رِهَانِ
تَرَامَى بِهِ الأيّامُ، وَهْوَ مُصَمِّمٌ
كما يرتمي بالماتحِ الرجوان
إذا مَا احتَبَى يَوْمَ الخِصَامِ كَأنّما
يُحَدّثُنَا عَنْ يَذْبُلٍ وَأَبَانِ
أبَا أحمَدٍ! أنتَ الشّجاعُ، وَإنّمَا
تَجُرّ العَوَالي عرْضَة ً لِطِعَانِ
ولما غوى الغاوون فيك وفرّجت
ضُلُوعٌ عَلى الغِلّ القَدِيمِ حَوَاني
نَجَوْتَ عَنِ الغُمّاءِ، وَهيَ قَرِيبَة ٌ
نجاء الثريا من يد الدبرانِ
وَغيرُكَ غضَّ الذّلُّ مِنْ نَجَوَاتِهِ
وطامن للأيام شخص مهان
وَحالَ الأذى بَينَ المُرَادِ وَبَيْنَهُ
كما حِيلَ بَينَ العِيرِ وَالنَّزَوَانِ
وَكانَ كَفَحلِ البَيتِ يَطمَحُ رَأسَه
فألقَى عَلى حُكْمِ الرّدَى بجِرَانِ(3/28)
وآخر راخى من قواك ببدعة
سَتَشْرُدُ في الدّنْيَا بِغَيرِ عِنَانِ
فأشهد أنّ ما عرَّقت فيه هاشم
ولا علّ يوماً من لبانِ حصان
إذا المرءُ لم يحفظ ذماماً لقومه
فأحجَ به أن لا يفي بضمانِ
وَنَازَعَكَ العَلْيَاءَ مِنْ آلِ غالبٍ
شُعُوبٌ، وَمِنْ أَدٍّ، وَمن غَطَفانِ
فوارس يلقون الردى بنفوسهم
سراعاً ولا يدّعون يال فلان
وَلوْ شِئْتَ لَمّا طالَعَتْكَ رِماحُهمْ
وأطرافها عوج إليك دواني
هَرَقْتَ دِمَاءً مَا لهَا، الدّهرَ، طالبٌ
كمَا هَرَقَتْ خَرْقَاءُ قَعبَ لِبَانِ
وَحَيٍ بَثَثْتَ الخَيْلَ بينَ بُيُوتِهِمْ
وَكَانُوا عَلى أمْنٍ مِنَ الحَدَثَانِ
أقمتهمُ من روعة ِ عن شوائهم
يَمُشّونَ بالأعرَافِ كُلَّ بَنَانِ
أأُغضِي عَلى ضَيمٍ، وَعِزُّكَ ناصِرِي
وَبَاعي طَوِيلٌ مِنْ وَرَاءِ سِنَاني؟
إذاً فعداني الضيف في كلّ ليلة ٍ
وكبت بإعجاز البيوت جفاني
وما ارتاع مطلوب يكون وراءه
بِأغْلَبَ مِنْ آلِ النّبيّ هِجَانِ
لك الخير لا أرضى بغيرك حاكماً
عَليّ، وَلا أُعْطي القِيَادَ زَمَاني
وَإنْ أطلُبِ الضّخمَ اللّغاديدِ غايَتي
فرب جماد عدّ في الحيوانِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أمِنْ شَوْقٍ تُعَانِقُني الأمَاني
أمِنْ شَوْقٍ تُعَانِقُني الأمَاني
رقم القصيدة : 10423
-----------------------------------
أمِنْ شَوْقٍ تُعَانِقُني الأمَاني
وعن ودٍّ يخادعني زماني
وما أهوى مصافحة الغواني
إذا اشتَغَلَتْ بَنَاني بالعِنَانِ
عَدِمتُ الدّهرَ كيفَ يصُون وَجهاً
يُعَرَّضُ للضّرَابِ وَللطّعَانِ
وَأسْفَعَ لَثّمَتْهُ الشّمسُ نَدبٌ
أبينا إن يلقب بالهجان
وَكَمْ مُتَضَرّمِ الوَجَناتِ حُسناً
إذا جرّبته نابي الجنان
تُعَرّفُني بِأنْفُسِهَا اللّيَالي
وَآنَفُ أنْ أُعَرّفَهَا مَكَاني
أنا ابن مفرج الغمرات سودا
تلاقى تحتها حلق البطان
وَجَدّي خَابِطُ البَيْداءِ حَتّى
تَبَدّى المَاءُ مِنْ ثَغْبِ الرِّعَانِ
قَضَى ، وَجِيادُهُ حَوْلَ العَوَالي(3/29)
ووفد ضيوفه حول الجفان
تُكَفّنُهُ ظُبَى البِيضِ المَوَاضِي
وَيَغْسِلُهُ دَمُ السُّمْرِ اللّدانِ
نشرت على الزمانِ وشاح عز
ترنّح دونهُ المقل الرواني
خفيري في الظلام أقبّ نهد
يساعدني على ذمِّ الزمان
جوادي ترعد الأبصار فيه
إذا هَزأتْ بِرِجْلَيْهِ اليَدانِ
كأنّي منه في جاري غدير
أُلاعِبُ مِنْ عِنَاني غُصْنَ بَانِ
حَيِيُّ الطّرْفِ إلاّ مِنْ مَكَرٍّ
يُبَيّنُ مِنْ خَلائِقِهِ الحِسَانِ
إذا استطلعته من سجفِ بيت
ظننت بأنَّه بعض الغواني
سَأُطلِعُ مِن ثَنايا الدّهرِ عَزْماً
يَسِيلُ بِهِمّة ِ الحَرْبِ العَوَانِ
ولا أنسى المسير إلى المعالي
وَلَوْ نَسِيَتْهُ أخْفَافُ الحَوَاني
وألطاف السحاب لكلّ دار
صحبنا ربعها خضل المغاني
وكنّا لا يروّعنا زمان
بما يعدي البعاد على التداني
ونأنف أن تشبهنا الليالي
بشمسٍ أو سنا قمر هجان
فها أنا والحبيب نودّ أنَّا
تدانينا ونحن الفرقدان
وليل أدهم قلق النواصي
جَعَلْتُ بَيَاضَ غُرّتِهِ سِنَاني
وصبح تطلق الآجال فيه
وناظر شمسه في النقعِ عاني
عقدت ذوائب الأبطال منه
بِأطْرَافِ المُثَقَّفَة ِ الدّوَاني
وشعث فلّهم طلب المعالي
وفلّوا كل منجرد حصان
أقول لهم ثقوا بالله فيها
ففضل يد المعين على المعانِ
وَلا تَتَعَرّضُوا بالعِزّ، إنّي
رَأيْتُ العِزّ خَوّارَ العِنَانِ
فما ركب العلى إلاّ عليٌّ
وَمَسّحَ عِطْفَهَا بَعْدَ الحِرَانِ
سعى والشمس ترقى في أناة
فجاز وسيرها في الجوّ وانِ
رَمَوْا منكَ المدى ، وَالخيلُ شُعثٌ
بمصقولِ العوارضِ واللبان
يَدٌ لم تَخلُ من قصَبِ العَوَالي
تُزَعزِعُهنّ، أوْ قَصَبِ الرّهَانِ
تَرَكْتَ لهم عُيونَ الطّعنِ تَدمَى
بمنخرط من التأمور قان
وَقَدْ نَصَلَ الدُّجَى عن صَدرِ يوْم
من الخِرْصَانِ مخضُوبِ البَنانِ
وَأجْسَادٍ تُشَاطِرُهَا المَنَايَا
نفوساً في ضراب أو طعانِ
هُوَ الغَمْرُ الرّداءِ لِعَزْمَتَيْهِ
بكلّ دفاع نائبة يدان(3/30)
وَمَا نَهَضَ امْرُؤٌ بالحَزْمِ إلاّ
وصادف حلمه ملقى الجران
يضم الخائف الظمآن منه
حمى يفتّر من بردِ الأماني
وَتَضْحَكُ نَارُهُ وَضَحاً، إذا مَا
رغت نار القبائل بالدّخانِ
وَيوْمٍ مثْلِ شِدْقِ اللّيثِ جَهمٍ
يَفُلّ عَنِ الجِدالِ ظُبَى اللّسانِ
سددت فروجه بالقول حتى
مددت مشيعاً باع البنان
وَغَيرُكَ مَنْ تُرَوّعُهُ المَعَالي
وَتَخْدَعُهُ أغَانيُّ القِيَانِ
إذا ذكر الصوارم والعوالي
تعوّذ بالمثالثِ والمثاني
وإن طلب الذحولَ تهضّمته
وَبَاعَ دَمَ الفَوَارِسِ باللِّبَانِ
أبا سعد دعاء لو تراخت
أوَائِلُهُ لَعَاقَبَهَا لِسَاني
ظفرت بما اشتهيت من الليالي
وأعطيت المراد من الأماني
لكفك فوزة القدح المعلَّى
ومنها صولة العضب اليماني
ولما خرّق الإظلام جبناً
خلعت عليه ثوب المهرجانِ
إذا طُرِدَتْ رِمَاحُ اللّهْوِ فِيهِ
أرَقْنَ عَلى الكُؤوسِ دَمَ القِنَانِ
وشَربٍ قد نحرت لهم عقاراً
كحاشية الرداء الأرجواني
كأنّ الشّمسَ مالَ بهَا غُرُوبٌ
فَأهْوَتْ في حَيَازِيمِ الدّنَانِ
فصل بدم العقار دم الأعادي
وَأصْوَاتَ العَوَالي بالأغَاني
فَيَوْمٌ أنْتَ غُرّتُهُ جَوَادٌ
يَبُذُّ بِشَأوِهِ طَلْقَ القِرَانِ
جعلت هديتي فيه نظاما
صَقِيلاً مِثْلَ قَادِمَة ِ السّنَانِ
بلفظ فاسق اللحظات تُنمى
محاسنه إلى معنى حصَان
وَصَلْتُ جَوَاهِرَ الألفَاظِ فِيهِ
بأعراضِ المقاصد والمعاني
فجاءت غضة الأطراف بكراً
تخيّر جيدها نظم الجمان
كأن أبا عبادة شقّ فاها
وَقَبّلَ ثَغْرَهَا الحَسَنُ بنُ هاني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اسقني فاليوم نشوان
اسقني فاليوم نشوان
رقم القصيدة : 10424
-----------------------------------
اسقني فاليوم نشوان
والربى صادٍ وريّانُ
كفلتْ باللهوِ وافية
لَكَ نَايَاتٌ وَعِيدانُ
حازَ وَفدَ الرّيحِ، فالتَطَمَتْ
مِنْهُ أوْرَاقٌ وَأغْصَانُ
كل فرع مال جانبه
فكأنَّ الأصل سكرانُ
وَكأنّ الغُصْنَ مُكتَسِياً(3/31)
من رياضِ الطلّ عريان
كلّما قبّلتُ زهرتها
خِلْتُ أنّ القَطْرَ غَيرَانُ
ومقيل بين أخبية
قِلْتُهُ، وَالحَيُّ قَدْ بَانُوا
في أُصَيْحَابٍ مَفارِشُهُمْ
ثمَّ انقاءٌ وكثبانُ
عسكرت فيها السحاب كما
حَطّ بالبَيْداءِ رُكْبَانُ
فَارْتَشَفْنَا رِيقَ سَارِيَة ٍ
حَيثُ كُلّ الأرْضِ غُدرَانُ
فاسقني فالوصل يألفني
إنّ يَوْمَ البَينِ قَرْحَانُ
قَهْوَة ً مَا زَالَ يَقْلَقُ مِنْ
مجتناها المسك والبانُ
غَيرُ سَمْعي للمَلامِ، إذا
ضجّ ساجي الصوت مرنان
رُبّ بَدْرٍ بِتُّ ألثُمُهُ
صَاحِياً، وَالبَدرُ نَشوَانُ
قُدْتُ خَيلَ اللّثْمِ أصرِفُهَا
حَيثُ ذاكَ الخَدُّ مَيدانُ
لي غدير من مقبّله
وَمِنَ الصُّدْغَينِ بُسْتَانُ
في قميصِ الليل عبقة من
ظنَّ أنَّ الوصل كتمانُ
كيف لا تبلى غلائله
وَهْوَ بَدْرٌ، وَهْيَ كَتّانُ
وندامي كالنّجوم سطوا
بالمنى والدهر جذلان
كم تخلّت من ضمائرهم
ثَمّ، ألْبَابٌ وَأذْهَانُ
خطروا والخمر تنفضهم
وذيول القوم أردانُ
كل عقل ضاع من يقظ
فهو في الكاساتِ حيران
إنّمَا ضَلّتْ عُقُولُهُمُ
حيثُ يعييهنَّ وجدان
فاختلس طعن الزمان بها
إنَّما الأيامُ أقرانُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> حبيبي هل شهود الحبّ إلاَّ
حبيبي هل شهود الحبّ إلاَّ
رقم القصيدة : 10425
-----------------------------------
حبيبي هل شهود الحبّ إلاَّ
اشتياق أو نزاع أو حنين
لقد آوى محلك من فؤادي
مكان لو علمت به مكين
إذا قدّرت أني عنك سال
فَذاكَ اليَوْمَ أعشَقُ مَا أكُونُ
فلا تخش القطيعة إن قلبي
عليك اليوم مأمون أمين
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> جنى وتجنَّى والفؤاد يطيعه
جنى وتجنَّى والفؤاد يطيعه
رقم القصيدة : 10426
-----------------------------------
جنى وتجنَّى والفؤاد يطيعه
فيأمن أن يُجنى عليه كما يجني
إلى كَمْ تُسِيءُ الظّنّ بي مُتجَرّماً
وَأنسُبُ سُوءَ الظّنّ منكَ إلى الضّنّ
ووالله لا أحببت غيرك واحداً(3/32)
ألِيّة َ بَرٍّ لا تُخَافُ، فنَستَثْني
فإنْ لمْ تكُنْ عندي كسَمعي وَناظرِي
فلا نَظَرَتْ عَيني، وَلا سمعَتْ أُذني
وإنك أحلى في جفوني من الكرى
وأعذب طعماً في فؤادي من الأمنِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> صبرا غريم الثار من عدنان
صبرا غريم الثار من عدنان
رقم القصيدة : 10427
-----------------------------------
صبرا غريم الثار من عدنان
حتّى تَقَرَّ البِيضُ في الأجفانِ
أوَمَا اتّقَيتَ، وَقد كُفيتَ فَوَارِساً
يتجاذبون عواليَ المران
مِنْ كُلّ مَيّالِ العِمَامة ِ، كفُّهُ
يلوي الرداء على أغرّ هجان
في كلِّ يوم أو بكلّ مقامة
يَتَذاكَرُونَ مَقَاتِلَ الفُرْسَانِ
إذ لا يضيفون المعائب بينهم
وبيوتهم وقف على الضيفان
الضّامِنِينَ لطّيرِهِمْ مُهَجَ العِدا
عن كلِّ ضرب صادق وطعان
الرّاكِبِينَ الخَيْلَ تَعرِفُها بِهِمْ
تحتَ العَجاجِ إذا التَقَى الخَيلانِ
قَوْمٌ إذا هطَلَتْ سَحابُ أكفّهمْ
هَطَلَ الحَيا، فتَعانَقَ القَطرَانِ
وإذا حووا سبقْ القبائل خلقوا
غرر السوابق بالنجيع القاني
وَإذا رَأيْتَهُمُ عَلى سَرَوَاتِهَا
أبصَرْتَ عِقباناً عَلى عِقْبَانِ
أسَادُ حَرْبٍ لا يُنَهنِهُها الرّدَى
تحت الظبا وأسنة المران
يطأون خدّ الترب وهو مضرج
من طعنهم بدم القلوب الآني
يا آلَ عَدنَانَ الذينَ تَبَوّأُوا
في المَجدِ كُلَّ مُمَنَّعِ الآرْكانِ
أيديكُمُ أرْيُ العِبَادِ وَشَرْيُهَا
ومفاتح الأرزاق والحرمان
وَإلَيكَ عَطَّ بيَ الظّلامَ عُذافِرٌ
مُتَجَلبِبٌ بالنَّصّ وَالذَّمَلانِ
وإذا ترشَّفه السُرى في جريهِ
لَفَظَتْ يدَيهِ مكامِنُ الغِيطانِ
وَكَأنّ نُوراً مِنكَ عاقَ لحاظَهُ
فأتاك لا يرنو إلى الغدرانِ
كَفّاكَ في اللأوَاءِ يُنقَعُ فيهِمَا
ظَمأُ المَطامِعِ، أوْ صَدا الخِرْصَانِ
في ضُمّرٍ يخرُجنَ من حُلَلِ الدُّجى
كالغُضْفِ خارِجة ً منَ الأرْسَانِ
قدم السرور بقدمة لك بشرت
غرر العلى وعواليَ التيجان(3/33)
فلَقتْ ظُبى الأسيافِ منكَ بعَرْجة ٍ
فيَكادُ يُنهِضُها مِنَ الأجفَانِ
وأتى الزمان مهنّئاً يحدو به
غل المشوق وغلة اللهفان
قد كان هذا الدهر يلحظ جانبي
عَنْ طَرْفِ لَيثٍ ساغِبٍ ظَمآنِ
فالآنَ حينَ قَدِمتَ عُدنَ صُرُوفُهُ
يَرْمُقْنَني بِنَوَاظِرِ الغِزْلانِ
يا منتهي الآمال بل يا محتوي
الآجال بل يا أشجع الشجعان
يا أفضَلَ الفُضَلاءِ بَل يا أعلَمَ الـ
العلماء بل يا أطعن الأقران
يا قائد الجرد العتاق بهيبة
تغنيه عن لجم وعن أرسان
يا ضَارِبَ الهَامَاتِ، وَهيَ نَوَافِرٌ
تشكو تفرقها إلى الأبدان
يا طاعناً بالرمح يرعف زجّه
عَلَقاً، بمَجّة ِ عَامِلٍ وَسِنَانِ
هذي القوافي واثقاتٌ أنّها
من رحبِ جودك في أعزّ مكان
تاهت إليك على القريضِ فردّها
بنداك تائهة على الأزمانِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَرُبّ يَوْمٍ صَقيلِ الوَجهِ تَحسَبُهُ
وَرُبّ يَوْمٍ صَقيلِ الوَجهِ تَحسَبُهُ
رقم القصيدة : 10428
-----------------------------------
وَرُبّ يَوْمٍ صَقيلِ الوَجهِ تَحسَبُهُ
مرصّعاً بجباه الخرّد العين
أتاك يقتاد عيداً في حقائبهِ
زاد السرور على الطيرِ الميامين
فالبس جلابيبه البيض التي شرفت
وَاخرُجْ عنِ الصّوْمِ من أثوَابِه الجُونِ
إليك يستن والأحشاء يتبعها
عن غربِ فكر بغرب الشوق مقرون
جاءت تهنيك بالودِّ الذي علقت
منَّا الضمائر لا يوم الشعانين
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> الليل ينصل بين الحوض والعطن
الليل ينصل بين الحوض والعطن
رقم القصيدة : 10429
-----------------------------------
الليل ينصل بين الحوض والعطن
وَالبرْقُ يُسدي بُرُودَ العارِضِ الهتنِ
والجفن يفتر عن طرفِ صحبت به
إنْسَانُهُ مُثْقَلُ العِطْفَينِ بالوَسَنِ
في لَيلَة ٍ أوْعدَتْ بالبَينِ، فاختَلَستْ
من العيونِ نقايا غُبّر الوسن
حتّى نَظَرْتُ، وَلي عَينٌ مُؤرَّقَة ٌ
تُقَسّمُ الدّمعَ بَينَ الرَّبعِ وَالظُّعُنِ(3/34)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قَنَا آلِ فِهْرٍ لا قَنَا غَطَفَانِ
قَنَا آلِ فِهْرٍ لا قَنَا غَطَفَانِ
رقم القصيدة : 10430
-----------------------------------
قَنَا آلِ فِهْرٍ لا قَنَا غَطَفَانِ
حمت أهلها من طارقِ الحدثان
بَني عامرٍ! مَا لي وَللدّهْرِ بَعْدَمَا
يشتت بي عن صعدتي وحصاني
وقد كنت لا أصغى إلى السلمِ ساعة
وأتّبع داعي الحرب أين دعاني
دعوا صهوات الخيل تدمى وفرقوا
رجالاً عن البغضاءِ والشنان
فكم صاحب تدمى عليَّ بنانه
وَيُظهِرُ أنّ العِزّ لَثْمُ بَنَاني
يضمّ حشى البغضاء عند تغيبي
وَيَجْلُو جَبِينَ الوُدّ حِينَ يَرَاني
مسحت بحلمي ضغنه عن جنانه
فَلَمّا أبَى مَسّحتُهُ بِسِنَاني
سَبَقْتُ برَمْيِي قَلْبَهُ، فَأصَبتُه
وَلَوْ لَمْ أُصِبْهُ عَاجِلاً لَرَمَاني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا صَاحِبَ الجَدَثِ الذي نَفَثتْ بهِ
يا صَاحِبَ الجَدَثِ الذي نَفَثتْ بهِ
رقم القصيدة : 10431
-----------------------------------
يا صَاحِبَ الجَدَثِ الذي نَفَثتْ بهِ
فَاسْتَرْجَعَتْهُ بِرُغْمِنَا الأزْمَانُ
نبكيك لو يثنى بأدمعنا الردى
أو يرعوي لبكائنا الحدثان
أنزلت أقرب منزل منا فَلِمْ
بَعُدَ المَدَى وَتَعَذّرَ اللّقْيَانُ
لَوْلا هَجيرُ الدّمعِ، بل هَجرُ الكَرَى
دفنتك في أحشائها الأجفان
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> بمجال عزمي يملأ الملوان
بمجال عزمي يملأ الملوان
رقم القصيدة : 10432
-----------------------------------
بمجال عزمي يملأ الملوان
وَتَضلّ فِيهِ بَوَائِقُ الأزْمَانِ
عزم رضيع لبان أطراف القنا
في حَيْثُ يَرْضَعُ مِن نَجيعِ لَبَانِ
كَم من حَشَى خَطبٍ شَققتُ ضَميرَهُ
وَأرَقْتُ في دَمِهِ دَمَ الأضْغَانِ
وَاللّيلُ مُنخَرِقُ القَميصِ عن الضّحى
قد كدت أرقعه بنقع حصاني
وكأنّ أنجمه وجوه خرائد
سُتِرَتْ مِنَ القَسطَالِ بالأرْدانِ
وَخَرَجْتُ عَن أعجازِهِ مِنْ بَعدِ ما(3/35)
جذب النّعاس عمائم الركبان
في مَهمَهٍ صَقَلَ المُحُولُ مُتُونَهُ
لَمْ يَصْدَ قَطُّ بِوَابِلٍ هَتّانِ
أرض حصان من ملامسة ِ الحيا
وَالأرْضُ تَحمَدُ منهُ غَيرَ حَصَانِ
ثم ارتمت بالغيثِ فيه غمامة
وَسَقَتْ غَلِيلَ الجَدْبِ بالتّهْتَانِ
فطَوَى الحَيا بُرْدَ النّحولِ وَنَشّرَتْ
رِمَمُ الصّعِيدِ غَدائِرَ الأغْصَانِ
وكأنّ أنفاس الصبا في حجرها
يسفحن دمع المزن في الحجرانِ
دَمعاً، إذا ما فَاضَ صَوّرَ أعْيُناً
حيث استقرّ به من الغدران
وتريك من أوراقهنَّ أهلة
تَحتَ الغَزَالَة ِ، شُرَّدَ الغِزْلانِ
ولكم عقدت عرى الخطاب بخطبة
حَلّتْ بِفَيْصَلِها عُرَى الحِدْثَانِ
لي همة أقطعتها قِصَدَ القنا
في قَصْدِ يَوْمَيْ مَعرَكٍ وَرِهَانِ
لَوْ حَارَبَتْ أُفْقَ السّمَاءِ لفَرّقَتْ
بَيْنَ الثّرَيّا فِيهِ وَالدَّبَرَانِ
عنوَانُ بَأسِي أنْ يَصُولَ مُهَنّدي
وردى عدوي أن يطول لساني
لا تَجْمَعَنّي وَالزّمَانَ، فَإنّهُ
عَوْدٌ يَحُكَ جِرَانَهُ بِجِرَاني
إني لألحظ ذا الأنام مجانباً
عَنْ مُقْلَة ٍ وَحْشِيّة ِ الإنْسَانِ
أسْطُو بجَأشِ فَتًى يُفَرّقُ سَيفُهُ
جيش الحمام إذا التقى الجمعان
من آل عدنان الذين كفاهم
إن ابن موسى من بني عدنان
النّازِلِينَ، إذا تَقَارَعَتِ القَنَا
والبيض خارجة عن الأجفان
يحشون أحشاء الوفاض إذا هم
ـتَزَموا بفَضْلِ ذوَائبِ الشجعانِ
لبسوا العمائم مذ رأوا أسيافهم
أبداً تذل معاقد التيجان
وإذا الحسين دعاهمُ بجيادهم
حُشِدَتْ إلَيْهِ مُصِرّة َ الآذَانِ
متواترات في الطلوعِ مغيرة
لَفْظَ السّوَاغِبِ من نَوَى قُرّانِ
لَيثٌ بهِ سَفَكَ الطّعانُ دَمَ القَنا
بدِمَاءِ أهْلِ الشّرْكِ وَالطْغْيَانِ
لما فزعن من التحطّمِ في الطُلى
جعل القلوب تمائم الخرصان
لولاه ما طبعت ظباً لتقارع
أبداً ولا قطعت قنا لطعان
للَّهِ يَوْمُكَ في غُوَيْثٍ إنّهُ
يَوْمٌ بِهِ يُشْجَى بَنُو غَيْلانِ(3/36)
بالحِصْنِ، إذ دَعَتِ القَنا خِرْصَانَها
وَتَحَصّنَتْ في أنْفُسِ الفُرْسَانِ
غاضَتْ مياهُ وُجوهِهمْ خَوْفَ الرّدى
فكأنّها فاضت إلى الأجفان
صَبّحْتَهُمْ بِيَدٍ تُطَوِّحُ بالظُّبَى
ويدٌ تدقّ عواليَ المران
لدنا تهزّ طعينها فتخاله
في الطعنِ وثَّاباً إلى الأقرانِ
قطّعت أنفاس الحمام بجريها
حتى كبا في الهامِ والأبدانِ
فكأنما الأرماح ضلت في الوغى
حتى انثنت تستاف كل جنان
وَالخَيلُ تَعثُرُ بَينَ أطرَافِ القَنَا
مصبوغة بدم القلوب الآني
ستر السهامُ فروجها فكأنما
دّرَعَتْ إلَيكَ مَدارِعَ الظِّلمانِ
لَوْ أنّ أنْفَاسَ الرّياحِ تَصَاعَدَتْ
في نَقْعِهَا طَارَتْ مَعَ العِقْبَانِ
خضت الظلام إليهم بسنابك
خاضت قلوب مواقد النيران
وَفَرَيْتَ وَفْرَة َ لَيلِهِمْ بصَوَارِمٍ
وَصَلَتْ عُرَى الإصْبَاحِ باللّمَعَانِ
حَسرَ الدُّجَى فنَصَبتَ أعناقَ العِدا
قُبَلاً لِنَيْلِ رَوَاكِعِ الشَّرْيَانِ
فتركتهم صرعى بكل مفازة
وَكَأنّمَا صُعِقُوا عَلى الأذْقَانِ
تخفى النسور بزفها أجسادهم
عن ناظر الريبال والسرحان
نَبَثَتْ مَناسِرُها الجِرَاحَ، كَأنّها
بالنبثِ تسبر وقع كل سنان
حتى رجعت بفتية قصفوا القنا
وَرَمَوْا بِكُلّ حَنِيّة ٍ مِرْنَانِ
لَوْ أمكَنُوا وَصَلُوا بكُلّ مُثَقَّفٍ
يسم الطُلى في الطعنِ كل بنان
أسد برى الإسئاد نحضَ جيادهم
بالكرِّ والتضرابِ والتّطعانِ
لو عقدت بعضاً ببعض في السُرى
كانت له بدلاً من الأرسان
يَهْني بَني عَدْنَانَ وَقعَتُكَ التي
جذبت بضبع الدين والإيمان
لَوْ لمْ تُحَلّ طُلَى الأعادي عَقّدُوا
بعرى القلوب سبائب الأحزان
قدها فغرتها من الكلم الجنى
وحجولها من صنعة ومعان
هي نطفة رقرقتها من خاطري
بَيْضَاءُ تَنْقَعُ غُلّة َ الظّمْآنِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لون الشبيبة أنصل الألوان
لون الشبيبة أنصل الألوان
رقم القصيدة : 10433
-----------------------------------
لون الشبيبة أنصل الألوان(3/37)
وَالشّيبُ جُلُّ عَمَائِمِ الفِتْيَانِ
نَبتٌ بأعلَى الرّأسِ يَرْعاهُ الرّدى
رَعْيَ المَطِيّ مَنابِتَ الغِيطانِ
الشّيبُ أحسن غير أنّ غضارة
للمَرْءِ في وَرَقِ الشّبَابِ الآني
وكذا بياض الناظرين وإنّما
بِسَوَادِهَا تَتَأمّلُ العَيْنَانِ
لهفي على زمن مضى وكأنّني
مِنْ بَعدِهِ كَلٌّ عَلى الأزْمَانِ
أفنيتهُ طاغي العُرام كأنّما
في أمِّ رأسي نخوة السكرانِ
يرجو الفتى خلس البقاء وإنما
جارا حياة العمر مفترقانِ
متعرض إما للون حائل
بَينَ الذّوَائِبِ، أوْ لعُمْرٍ فَانِ
مالي وما للدهرِ قلقل صرفه
عزمي وقطع بينه أقراني
ورمى تشخصي حرّ كلّ مفازة
لا يستقلّ بها مطيّ جبان
مُتَغَرباً لا أسْتَجِيرُ بِمَنْزِلٍ
فإذا نزلت فعقلة الضيفان
سيفي رفيقي في البلادِ وهمّتي
متعللي وجوانحي خلاني
يَشكُو الحَبيبُ إليّ شِدّة َ شَوْقِه
وأنا المشوق وما يبين جناني
وإذا هممت بمن أحبّ أمالني
حصرٌ يعوق وعفّة ٌ تنهاني
لله ما أغضت عليه جوانحي
وَالشّوْقُ تحتَ حِجابِ قَلبيَ عَانِ
مَا مَرّ بَرْقٌ في فُرُوجِ غَمَامَة ٍ
إلاّ وَأعْدَى القَلْبَ بالخَفَقَانِ
وإذا تحرّكت الرياح تحرّكت
بين الضلوع غوامض الأشجان
أجمَمتُ لحظي عِفّة ً وَسَجِيّة ً
إن لا أجمّ البيض في الأجفانِ
غيران دون العرض لا أسخو به
وَالعِرْضُ خَيرُ عَقيلَة ِ الإنْسَانِ
وأذود عن سمعي الملام كأنه
عضوٌ أخاف عليه حدّ سنان
لي يَقظَة ُ الذّئبِ الخَبيثِ، فإن جرَى
سَفَهٌ، فعِندي نَوْمة ُ الظَّرِبَانِ
حَدَثٌ على الأحبابِ لا أشكو الذي
وَيَسُومُني لُقْيَا ذَوِي الشّنآنِ
أشكُو النّوَائبَ، ثمّ أشكُرُ فِعلَها
لعظيم ما ألقى من الخلاّنِ
وإذا أمنتَ منَ الزمانِ فلا تكن
إلاّ عَلى حَذَرٍ مِنَ الإخْوَانِ
كَمْ مِنْ أخٍ تَدعوهُ عندَ مُلمّة ٍ
فيكون أعظم من يد الحدثانِ
لولا يقين القلب أنك حبسه
لعصى وهمّ عليك بالعدوان
كَمْ عَمّمَتْني بالظّلامِ مَطِيّة ٌ
بَعدَ اعوِجاجِ عَمائِمِ الرّكْبَانِ(3/38)
والليل أعمى دون كلّ ثنية
والدهر غير مغمض الأجفان
وكأنّ أنجمه أسنّة فيلق
طلعت بها صمّ الكعوب دواني
بَطَلٌ يُعَمَّمُ بالحُسامِ من الأذى
إنّ السّيُوفَ عَمَائِمُ الشّجْعَانِ
بَعضُ التّوَكُّلِ في الأمُورِ تَوَانِ
مَيتٌ يَهونُ على الفَوَارِسِ فَقدُه
من لا يرقّ عواليَ المران
ما ضاق همّاً كالشجاع ولا خلا
بِمَسَرّة ٍ، كَالعَاجِزِ المُتَوَاني
يا رَاكِبَ الهَوْجاءِ تَغترِفُ الخُطى
طَلَقَ الظّليمِ، وَغايَة َ السِّرْحانِ
أبلغ أمير المؤمنين رسالة
روعاء نافرة عن الأقران
أجزَلْتَ عَارِفَتي وَعَوّدْتَ العَطا
عَقِبي، وَوَلّيْتَ اليَرَاعَ بَنَاني
ما ضَرّني أنْ لوْ بَعِدتُ عن الغِنى
أبداً وأني من لقائك دانِ
وَيَسُرّني أنْ لا يَرَاني دائِلٌ
ومعظم يوماً وأنت تراني
ذكراك آخر ما يفارق خاطري
ونداك أول وارد يلقاني
وإذا حططت عليك أقسمتِ المنى
أن لا أميل ذوائب الكيران
وتركت أيدي العيس غير مروعة
مِنْ صَفْصَفٍ مُتَعَرّضٍ وَرِعَانِ
وَإذا الفَتَى بَلَغَ المُنى من دَهرِهِ
عاف المسير ولذّ بالأوطانِ
أنتَ المُعِينُ عَلى مَآرِبَ جَمّة ٍ
وَجِمَاحِ حَادِثَة ٍ وَرَيبِ زَمَانِ
والمستجار إذا تصافحت القنا
بصدورها والتفت الفئتان
مُتَيَقّظٌ لا القَلْبُ يَفتُرُ هَمُّهُ
يوماً ولا الجفنان ينقعدان
وَكَأنّمَا صَرْفُ الزّمانِ أعَارَهُ
عَيْنَيْ قطَاميٍّ برَأسِ قِنَانِ
لا يصحب الأيام إلاَّ راغباً
في وَصْلَتي، أوْ سائِلاً عَن شَاني
في كلِّ يوم يستثير عجاجة
هوجاء راغبة على القيعانِ
في فيلق تعمى الغزالة دونه
وتكوس خابطة بغير طعان
متضايق غصّت به فيح الفلا
ضيق القلائد في رقابِ غوانِ
وَفَوَارِساً يَتَسَمّعونَ إلى العُلَى
نغمات كل حنيَّة مرنانِ
مشقوا بأطرافِ القنا قمم العدا
إنّ الرماح مخاصر الفرسان
وَإذا الغُبَارُ نهَى العُيونَ تَدافَعُوا
في الروعِ واتكلوا على الآذان
أسد كأن على سنابك خيلهم
يوم اللقاء مسفَّة العقبانِ(3/39)
تُرْعَى الجَماجِمُ وَالجَميمُ إزَاءها
وَدَمُ الطُّلَى بَدَلاً مِنَ الغُدرَانِ
لو شئت شتتّ الثريا شملها
جزعاً همّ النسر بالطيران
لَيسَ الحَمائمُ بالبِطاحِ، وَحُجرُها
بأعزّ مما نلته بأمان
عجباً لنارٍ جاورتك خديعة
في أيّ نَاحِيَة ٍ وَأيّ مَغَاني
ما كانَ ذا إلاّ تَخَمُّطَ غَارَة ٍ
بدلت من هبواتها بدخانِ
ما ضَرّ لَيثَ الغَابِ نَارٌ أُضرِمَتْ
في غَابِهِ، وَنَجَا بغَيرِ هَوَانِ
وَمَتَى تُهُضِّمَ ضَيغَمٌ، وَتَوَلّعتْ
بحَيَا الغُيوثِ أنَامِلُ النّيرَانِ
عمر الزمان ومن رماك رماني
ماذا، فلَيسَ بضَائرِي أَنْ لمْ أكُنْ
لك جار بيتٍ أو رضيع لبان
ولأنت حسرة ذي الخمول ومادرى
أن الثريا حسرة الدبران
أنا حَرْبُ ضِدّكَ فارْضَني حرْباً له
وَارْضَ السّنانَ مُصَمِّماً لطِعَانِ
وكفاك شكري إن برك ظاهر
عِندِي وَما يَخفَى على الأعْيَانِ
وَإذا سكَتُّ، فإنّ أنطقَ من فَمي
عَنّي فَمُ المَعرُوفِ وَالإحْسَانِ
فاكفف سماحك واثن من غلوائه
إنَّ الغنى في بعضِ ما أعطاني
فليَشكُرَنّكَ ما شَكَرْتُكَ غالبٌ
وَذَوَائِبُ الآبَاءِ مِنْ عَدْنَانِ
ما ماتَ مَنْ كَثُرَ الثّناءُ وَرَاءَهُ
إنّ المُذَمَّمَ مَيّتُ الحَيَوَانِ
هَذا الإمامُ يَذُودُني عَن وَجهِه
متكلفاً اقتات بشر معاشر
لَهُمُ إليّ تَشَازُرُ الغَيْرَانِ
تَتَناتَجُ الأحقادُ بَينَ ضُلُوعِهِم
وَيُزَمِّلُونَ أجِنّة َ الأضْغَانِ
وأنا الفقير على غزارة جوده
فَإذا أرَادَ بيَ الغِنَى أدْنَاني
لم آل جهداً في الثناءِ وإنّما
غَطّى بعَرْضِ نَداهُ طُولَ لساني
طَمِعَ المُعادي أنْ يُقَرّبَهُ، وَمَنْ
صَافَى عَدُوّاً لي، فقَد عَاداني
طلب العلى وأبوه غير مهذب
بين الورى والأم غير حَصان
ولأنت أولى إن ترب صنائعاً
كَثُرَتْ بِهِنّ مَطامعٌ وَأمَاني
وَإذا بَقيتَ فقَد شَفيتَ من العِدا
قَلبي، وَأعطَيتَ الأمَانَ زَمَاني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ونمى إليَّ من العجائب أنه(3/40)
ونمى إليَّ من العجائب أنه
رقم القصيدة : 10434
-----------------------------------
ونمى إليَّ من العجائب أنه
لَعِبَتْ بعَقْلِكَ حيلَة ُ الخَوّانِ
وتملكتك خديعة من قولة
غرارة الأقسام والأيمان
حقّاً سَمعتُ، وَرُبّ عَينيْ نَاظِرٍ
يَقِظٍ تَقُومُ مَقامَهَا الأُذُنَانِ
أينَ الذي أضْمَرْتَهُ مِنْ بَغْضِهِ
وَعَقَدْتَهُ بالسّرّ وَالإعْلانِ
أمْ أينَ ذاكَ الرّأيُ في إبْعَادِهِ
حنقاً وأين حمية الغضبانِ
سبحان خالق كل شيء معجب
ما فيكمُ من كثرة ِ الألوانِ
يَوْمٌ لِذا، وَغَدٌ لذاكَ، وَهَذِهِ
شِيَمٌ مُقَطِّعَة ٌ قُوَى الأقرَانِ
فالآنَ مِنكَ اليَأسُ يَنقَعُ غُلّتي
وَاليَأسُ يَقطَعُ غُلّة َ الظّمْآنِ
فاذهب كما ذهب الغمام رجوته
فطَوَى البُرُوقَ، وَضَنّ بالهَتّانِ
أو بعد أن أدمى مديحك خاطري
بصِقالِ لَفْظٍ، أوْ طِلابِ مَعَاني
لا بارَكَ الرّحمَنُ في مَالٍ بِهِ
يُعدَى البَعيدُ عَلى القرِيبِ الدّاني
لي مثل ملكك لو أطعت تقنعي
وذوو العمائم من ذوي التيجان
ولعلّ حالي إن يصير إلى على ً
فالدّوْحُ مَنْبِتُهَا مِنَ القُضْبَانِ
فاحذَرْ عَوَاقِبَ ما جَنَيتَ فرُبّما
رمت الجناية عرض قلب الجاني
أعطَيتُكَ الرّأيَ الصّرِيحَ، وَغيرُهُ
تنساب رغوته بغير بيان
وَعرَضْتُ نصْحي، وَالقَبولُ إجازَة ٌ
فإذا أبَيتَ لوَيتُ عَنكَ عِنَاني
وَلقَد يَطولُ علَيكَ أن أُصْغي إلى
ذكراك أو يثني عليك لساني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أيا جبليْ نجد أبينا سقيتما
أيا جبليْ نجد أبينا سقيتما
رقم القصيدة : 10435
-----------------------------------
أيا جبليْ نجد أبينا سقيتما
متى زالت الأظعان يا جبلان
أناديكما شوقاً وأعلم أنه
وَإنْ طالَ رَجعُ القَوْلِ، لا تَعِيَانِ
أقُولُ، وَقَدْ مَدّ الظّلامُ رِوَاقَه
وَألقَى عَلى هَامِ الرُّبَى بِجِرَانِ
نَشَدتُكُما أنْ تُضْمِرَانيَ ساعة ً
لَعَلّي أرَى النّارَ التي تَرَيَانِ(3/41)
وَألقَى ، على بُعدٍ من الدّارِ، نَفحة ً
تذُمّ عَلى عَيني مِنَ الهَمَلانِ
قفا صاحبيَ ايوم أسأل ساعة
ولا ترجعا سمعي بغير بيان
هل الربع بعد الظاعنين كعهده
وهل راجع فيه عليَّ زماني
وَهل مسّ ذاكَ الشِّيحَ عِرْنينُ ناشق
وَهَلْ ذاقَ مَاءً باللّوَى شَفَتَانِ
لقدْ غَدَرَ الأظعانُ يوْمَ سُوَيقَة ٍ
وَيَدْمَى لذِكرِ الغادِرِينَ بَنَاني
وَلا عجَبٌ، قلبي، كما هُنّ، غادرٌ
على أن أضلاعي عليه حواني
لك الله هل بعد الصدود تعطف
وَهَل بَعدَ رَيعَانِ البعادِ تَداني
وما غرضي أني أسومك خطة
كفاني قليل من رضاك كفاني
وعاذلة قرط لأذنيَ عذلها
تَلُومُ، وَمَا لي بالسّلُوّ يَدانِ
أعاذلتي لو أن قلبك كان لي
سلوت ولكن غير قلبك عاني
ألا لَيتَ لي مِنْ ماءِ يَبرِينَ شَرْبة ً
ألذ لقلبي من غيرض لبان
أداوي بها قلباً على النأي لم تدع
بهِ فتَكاتُ الشّوْقِ غيرَ حَنَانِ
ولولا الجوى لم أبغ إلا مدامة
بطعنِ القنا إبريقها الودجان
إذا سَكِرَ العَسّالُ مِنْ قَطَرَاتِها
سقيت حمياها أغرّ يماني
وَلي أمَلٌ لا بُدّ أحمِلُ عِبئَهُ
على الجُرْدِ من خَيفانة ٍ وَحِصَانِ
وَكُلّ رَعُودِ الشّفْرَتَينِ، كأنّهُ
سنى البرق أمَّا جدّ في اللمعانِ
وَأسمَرَ هَزْهازِ الكُعوبِ، كأنّهُ
قَرَا الذّئبِ مجبولٌ على العَسَلانِ
فإن أنا لم أركب عظيماً فلا مضى
حُسَامي وَلا رَوّى الطّعانَ سِنَاني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> الآن أعربت الظنون
الآن أعربت الظنون
رقم القصيدة : 10436
-----------------------------------
الآن أعربت الظنون
وعلا على الشكِّ اليقين
وَارْتاحَتِ الآمَالُ في
أطْرَافِهَا جَذَلٌ وَلِينُ
في غمة كالليل شا
بَ لهَا الذّوَائبُ وَالقُرُونُ
واليوم بان لناظري
ماأثمرت تلك الغصون
وَتَمَطّتِ العُشَرَاءُ نَا
هضة وقد عُلم الجنين
ألآن لما امتد بي
طوبَى وَأصْحبَ لي القَرِينُ
وَعَضَضْتُ مِنْ نَابي عَلى
جِذْمٍ وَنَجّذَني الشّؤونُ(3/42)
أُغْضِي عَلى خِدَعِ النّوَا
ـطّتَهَا جَبَانٌ، أوْ ظَنِينُ
وَعَلى أمِيرِ المُؤمِنِيـ
ـنَ لِمَوْئِلي جَبَلٌ حَصِينُ
إنْتَاشَني شِلْوَ النّوَا
زل والنوائب لي شجون
وسطا بأيامي فقد
جُعِلَتْ عَرَائِكُها تَلِينُ
وَأضَاءَ لي زَمَني، وَأ
يّامُ الفَتى بِيضٌ وَجُونُ
مُلكاً بَني العَبّاسِ، فالرّا
مقامكمُ غبين
ما فيكمُ إلاَّ الدّ
ـدُّ عَلى عَظَائِمِهَا مَرُونُ
حَتّى يَزُولَ فُحُولُهَا
منكم وقد دانوا ودينوا
عكفوا على العلياء ما
فيهم على مجدٍ ضنين
ينفون شائبها كما
عكفت على البيضِ القيون
لَهُمُ الجِيَادُ مُغِذّة ً
ينتابها الحرب الزبون
وقنيصها لهمُ قرى ً
وَظُهُورُها لَهُمُ حُصُونُ
مُعتَادَة ٌ شُرْبَ الدّمَا
ءِ، وَعندَها المَاءُ المَعِينُ
غضبي إذا لم يلق أعيـ
نها ضريب أو طعين
يا من له الرأي الزنيـ
ق ومن له الحلم الرزين
ومروح الإبل الطلا
حِ رَمتْ بهنّ نوًى شَطونُ
مِنْ بَعْدِ مَا خَشَعتْ غَوَا
ربها وقد قلق الوضين
لَكَ ذُرْوَة ُ البَيْتِ المُعَـ
والأباطح والحجون
أتُرى أمين الله إلاَّ
لاّ مَنْ لَهُ البَلَدُ الأمينُ
للَّهِ دَرُّكَ حَيْثُ لا
تَسْطُو الشّمالُ وَلا اليَمِينُ
وَالأمْرُ أمْرُكَ لا فَمٌ
يوحي ولا قول يبين
لما رأيتك في مقا
م يستطار به الركين
وَاليَوْمُ أبْلَجُ تَستَضِي
ء له ظهور أو بطون
ورأيت ليث الغاب معتر
ضاً له الدنيا عرين
أقدمت إقدام الذي
يدنو وشافعه مكين
فلذاك ما ارتعد الجنا
نُ حَياً وَلا عَرِقَ الجَبِينُ
وَسَمَتْ بِفَضْلِكَ غُرّة ٌ
تغضي لهيبتها الجفون
وَامْتَدّ مِنْ نُورِ النّبِـ
ـيّ عَلَيكَ عُنوَانٌ مُبِينُ
وجمال وجهك لي بنيل
جميع ما أرجو ضمين
فَأُفيضَتِ الخِلَعُ السّوَا
دُ عَليّ تَرْشُقُها العُيُونُ
شَرَفٌ خُصِصْتُ بِهِ وَقَدْ
دَرَجَتْ بغُصّتِهِ القُرُونُ
وَخَرَجْتُ أسحَبُهَا وَلي
فوق العلى والنجم دون
جَذِلاً، وَللحُسّادِ مِنْ
أسفٍ زفير أو أنين
وحملت من نعماك ما(3/43)
لا تحمل الأُجدُ الأمون
وَكَفَفْتَني عَنْ مَعْشَرٍ
خطط المنى فيهم حزون
من كلّ جهم الصفحـ
ـنِ كأنّ وَجنَتَهُ وَجِينُ
هَنّاكَ عِيدُكَ، سَعدُهُ
ما كان منه وما يكون
والعيد أن تبقى لك العليـ
اء والحسب المصون
عزٌّ بلا كدر من الدنيا
ـيَا، وَبَعضُ العِزّ هُونُ
وَأرَى العُلى جَدّاءَ، إ
أنها لكمُ لبون
حمداً لما تولي فإنّ الـ
ـدَ للنّعْمَاءِ دِينُ
وَبَقِيتَ طُولَ الدّهْرِ لا
يجتاحك الأجل الخؤون
وعليَّ منُّك ضافيا
وَعَلى أعَاديكَ المَنُونُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أ لا مُخبِرٌ، فيما يَقُولُ، جَليّة ً
أ لا مُخبِرٌ، فيما يَقُولُ، جَليّة ً
رقم القصيدة : 10437
-----------------------------------
أ لا مُخبِرٌ، فيما يَقُولُ، جَليّة ً
يزيل بها الشكّ المريب يقين
أُسائِلُهُ عَنْ غَائِبٍ كيفَ حالُهُ
وَمَنْ نَزَلَ الغَبرَاءَ كيفَ يَكونُ
وما كنت أخشى من زمانيَ أنني
أرقُّ على ضرائه وألين
إلى أن رماني بالتي لا شوى لها
فأعقَبَ مِن بَعدِ الرّنينِ أنِينُ
مُعيني عَلى الأيّامِ فَجَعنَني بِهِ
فَمَا لي عَلى أحداثِهِنّ مُعِينُ
غَلَبنَ على عِلقي النّفيسِ فحُزْنَه
وَفارَقَني عِلْقٌ عَليّ ثَمِينُ
سمحت به إذ لم أجد عنه مَدفعاً
وَإنّي عَلى عُذْرِي بِهِ لَضَنِينُ
وإنَّ أحق المجهشين لعبرة
ووجد قرين بان عنه قرين
وَما تَنفَعُ المَرْءَ الشِّمالُ وَحيدَة ً
إذا فَارَقَتْهَا بالمَنُونِ يَمِينُ
تجرّم عام لم أنل منك نظرة
وحان ولم يقدرْ لقاؤك حين
وكيف وقد قطَّعن منك علائقي
وَسَدّتْ شَعُوبٌ بَينَنَا وَمَنُونُ
أضَبَّ جديدُ الأرْضِ دونك وَالتقتْ
علَيكَ رِجامٌ كالغَياطِلِ جُونُ
تُجاوِرُ فيها هامِدِينَ تَعَطّلُوا
وَمن قَبلُ دانُوا في الزّمانِ وَدينُوا
مقيمين منها في بطون ضرائح
حَوَامِلَ لا يَبدُو لهنّ جَنِينُ
أمرّ بقبر قد طواك صعيده
فأبلَسُ حتّى مَا أكَادُ أُبِينُ
وَتَنْفَضّ بالوجْدِ الألِيمِ أضَالعٌ(3/44)
وَتَرْفَضّ بالدّمعِ الغزِيزِ شُؤونُ
فالأيكنْ عقر فقد عقرت له
خدودٌ، بأسرَابِ الدّموعِ عُيونُ
وَلا عَجَبٌ أن تُمطِرَ العينُ فوْقَهُ
فإنّ سَوَادَ العَينِ فيهِ دَفِينُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تَوَقّعي أنْ يُقالَ قَدْ ظَعَنَا
تَوَقّعي أنْ يُقالَ قَدْ ظَعَنَا
رقم القصيدة : 10438
-----------------------------------
تَوَقّعي أنْ يُقالَ قَدْ ظَعَنَا
ما أنت لي منزلاً ولا سكنا
يا دارُ قَلّ الصّديقُ فيكِ، فَما
أحُسّ وِدّاً، وَلا أرَى سَكَنَا
ماليَ مثل المذود عن أربي
ولي عُرام يجرّني الرسنا
ألِينُ عَنْ ذِلّة ٍ، وَمِثْليَ مَنْ
وَلّى المَقاديرَ جَانِباً خَشِنَا
مُعَطِّلاً، بَعْدَ طُولِ مَلْبَثِهِ
منازلاً قد عمَرتُها زمنا
تَلعَبُ بي النّائِبَاتُ وَاغِلَة ً
كما تهز الزعازع الغصنا
أيقظن مني مهنداً ذكراً
إلى المعالي وسائقاً أرنا
كيف يهاب الحمام منصلت
مُذْ خافَ غَدْرَ الزّمانِ ما أمِنَا
لم يلبث الثوب من توقّعه
الأمر إلا وظنه كفنا
أعطشه الدهر من مطالبه
فَرَاحَ يَستَمطِرُ القَنَا اللُّدُنَا
لي مُهجَة ٌ لا أرَى لهَا عِوَضاً
غير بلوغ العلى ولا ثمنا
وَكَيفَ تَرْجو البَقاءَ نَفسُ فتًى
وَدأبُهَا أنْ تُضَعضِعَ البَدَنَا
فيمَا مُقامي عَلى مُعَطَّلَة ٍ
رُنّق لي ماؤها وقد أجنا
أكرّ طرفي فلا أرى أحداً
إلا مغيظاً عليَّ مضطغنا
يُنبِضُ لي مِنْ لِسَانِهِ أبَداً
نِصَالَ ذَمٍّ تُمَزّقُ الجُنَنَا
وكل مستنفر ترائبه
تحمل ضبّاً عليَّ قد كمنا
إن مرَّ بي لم أعج به بصراً
أوْ قَالَ لي لمْ أُمِلْ لَهُ أُذُنَا
من معشرٍ أظهروا الشجاعة في
الشّجاعة َ في البخـ
ـلِ، وَعندَ المَكَارِمِ الجُبُنَا
قد شغلوا بالمعايب الفطنا
يَستَحقِبُونَ المَلامَ إنْ رَكِبوا
وَيَحمِلُونَ الظّنونَ وَالظِّنَنَا
نحن أسود الوغى إذا قصفت الط
ـنُ قَنَا الخطّ في جَوَانِبِنَا
مُلْتَفُّ أعْيَاصِنَا إلى مُضَرٍ
أمَرَّ عِيدانَنَا لعَاجِمِنَا(3/45)
نَجُرّ ما شِئْتَ مِنْ لِسَانِ فتًى
إن هدرت ساعة شقاشقنا
إنّ أبانا الذي سمعت به
أسّسَ في هَضْبَة ِ العُلى وَبَنَى
مَا ضَرّنَا أنّنَا بِلا جِدَة ٍ
والبيت والركن والمقام لنا
وهمة في العلاء لازمة
تُلزم صمّ الرماح أيدينا
طِلابُنَا المَجْدَ مِنْ ذَوَائِبِهِ
روَّحنا بعد أن أضربنا
نَأخُذُ مِنْ جُمّة ِ العُلَى أبَداً
ما أخذَ الضّرْبُ من جَماجِمِنَا
سَوْفَ تَرَى أنّ نَيْلَ آخِرِنَا
مِنَ العُلَى فَوْقَ نَيْلِ أوّلِنَا
وَأنّ مَا بُزّ مِنْ مُقادِمِنَا
يُخْلِفُهُ اللَّهُ في عَقَائِلِنَا
ذلِكَ وِرْدُ قَذًى لِسَابِقِنَا
والآن يجلى القذى للاحقنا
دَيْنٌ عَلى اللَّهِ لا نُمَاطِلُهُ الـ
الشكر عليه ولا يماطلنا
لأُوقِرَنّ الرّكَابَ سَائِرَة ً
عَزْماً يَكُدّ الأبدانَ وَالبُدُنَا
حتى تهاوى من اللغوب وتستنـ
ـتَنجِدُ بَعدَ المَنَاسِمِ الثَّفَنَا
حَزّاً إلى المَجْدِ مِنْ أزِمّتِهَا
ليس كحز الأعاجز الظعنا
لأبلغ العز أو يقال فتى
جَنَتْ عَلَيهِ يَدُ الرّدى وَجنَى
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ستعلمون ما يكون مني
ستعلمون ما يكون مني
رقم القصيدة : 10439
-----------------------------------
ستعلمون ما يكون مني
إن مدّ من ضبعيّ طول سني
أَأدع الدنيا ولم تدعني
يلعب بي عناؤها المعني
نَاطِحَة ً بالجُمّ هَامَ القِرْنِ
نطاح روق الجازيّ الأغنِ
وَسِعتُ أيّامي، وَلمْ تَسَعني
أفضل عنها وتضيق عني
لمْ أنا مثل القاطن المبنّ
أسحَبُ بُرْدَيْ ضَرَعٍ وَأفْنِ
وَلي مَضَاءٌ قَطَ لَمْ يَخُنّي
ضَمِيرُ قَلْبي وَضَمِيرُ جَفني
أحصَلُ مِنْ عَزْمي على التّمَنّي
ليتني أفعل أو لواني
راضٍ بما يضوي الفتى ويضني
أسّسَ آبَائي وَسَوْفَ أبْني
قَدْ عَزّ أصْلي، وَيَعِزّ غُصْني
غنيت بالمجد ولم أستغنِ
إن الغنى مجلبة ٌ للضن
وللقعود والرضا بالوهنِ
الفقر ينئي والثراء يدني
وَالحِرْصُ يُشقي، وَالقُنوعُ يُغني
إنْ كُنتُ غَيرَ قَارِحٍ، فإنّي(3/46)
أبذّ جريَ القارح المسنِّ
جْنِنْتُ بأساً، وَالشّجاعُ جِنّي
أثَارَ طَعْنَ الدّهرِ في مِجَنّي
يشهد لي أنّ الزمان قرني
سَوْفَ تَرَى غُبَارَها كالدّجنِ
قساطلاً مثل غوادي المزن
تَجرِي بضَرْبٍ صَادِقٍ وَطَعْنِ
جَرْيَ عَزَالي المَطَرِ المُستَنّ
إن غبتُ يوماً عنك فاطلبنّي
بَينَ المَوَاضِي وَالقَنَا تَجِدْني
أمامَ جَيشٍ كَجُنوبِ الرَّعْنِ
جَوْنُ الذُّرَى أقْوَدُ مُرْجَحَنِّ
انفضّ عنه نقعه بردني
لِتَعْرِفَنّي، وَلِتَعرِفَنّي
أيّامَ أقْني بالقَنَا، وَأُغْني
أقرّ عين الفاقد المرنّ
عَسايَ أَنْفي الضّيمَ، أوْ لَعَنّي
كم صَبرُ خافي الشّخصِ مُستجنِّ
منطمر من الأذى في سجنِ
مرتهن بهمة تعنّي
يا لَيْتَهَا بِنَهْضَة ٍ فَدَتْني
مِنْ قبْلِ أنْ يَغلَقَ يوْماً رَهني
متَى تَرَاني وَالجَوَادُ خِدْني
وَالنّصْلُ عَيني وَالسّنانُ أُذْني
وأُمّيَ الدرع ولم تلدني
أجرّ فضل ذيلها الرفنّ
ما احتبس الرزق فساء ظنّي
ولا قرعت من قنوطِ سنّي
يا أيّهَا المَغْرُورُ لا تَهِجْني
وعذ بإغضائيَ واستعذني
وَاحذَرْ عِداءَ قاطعٍ في ضِمْني
يَنطِقُ عَنّي بِلِسَانٍ ضِغْني
نَبّهْتَ يَقظَانَ قَلِيلَ الأمْنِ
مُخَرَّقَ الثّوْبِ بِطَعْنِ اللُّدْنِ
يا دَهرُ سَيفي مَعقِلي وَحِصْني
والخوف يغري طلبي فخفني
يا ليت مقدورك لم يؤمني
جَنَيتُ من قَبلُ وَسَوْفَ أجني
أثني يدي والعزم أن أثنّي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> حقيق أن تكاثرك التهاني
حقيق أن تكاثرك التهاني
رقم القصيدة : 10440
-----------------------------------
حقيق أن تكاثرك التهاني
بأيمن أولٍ وأعزّ ثاني
أرَى بَدْراً أضَاءَ بعِقبِ شَمسٍ
مُبَارَكَة ِ الطّلُوعِ عَلى القِرَانِ
وَقالَ النّاسُ من عَجبٍ وَعُجبٍ:
تَلاقَى في السّمَاءِ النّيّرَانِ
هُوَ الذَّكَرُ المُرَشِّحُ للمَعَالي
وَللبِيضِ القَوَاضِبِ وَاللّدانِ
ستنظره إذا اتسعت سنوه
وأخرجه زمان عن زمان
رَبِيباً للصّوَارِمِ وَالعَوَالي(3/47)
وترباً للمفاوز والرعانِ
طليق الكف في يوم العطايا
جريّ الرمح في يومِ الطعان
رَبِيطَ الجَأشِ طَلاّعَ الثّنَايَا
إلى الغَايَاتِ رَوّاغَ العِنَانِ
مقارعة الذوابل في الهوادي
أخَفُّ عَلَيْهِ مِنْ نَغَمِ القِيَانِ
وأحسن عنده من كلّ ثغرٍ
مُضِيءٍ، رَوْنَقُ العَضْبِ اليَماني
تراه أين خيّم في الليالي
عزيز الجار مورود الجفان
ينال المجد من عنقِ المذاكي
ويجني العزّ من طرف السنان
وَلَيسَ جَوَادُهُ في النّقْعِ إلاّ
طليعة كل يوم أرونان
يُرَبَّى بَينَ أحْشَاءِ المَعَالي
وَيُودَعُ بَينَ أجْفَانِ الأمَاني
وَعَادَ حِمَاكَ مِنْ وَلَعِ الغَوَادي
عَمِيمَ النّبْتِ مَغمُورَ المَغَاني
يُشَيّعُني بوَصْفِكَ كُلّ نُطْقٍ
وَيَعرِفُني بمَدْحِكَ مَنْ رَآني
وليس الوصف إلاَّ بالتناهي
وليس القول إلاَّ بالبيان
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> سَقاها، وَإنْ لمْ يَرْوِ قَلبي بَيانُها
سَقاها، وَإنْ لمْ يَرْوِ قَلبي بَيانُها
رقم القصيدة : 10441
-----------------------------------
سَقاها، وَإنْ لمْ يَرْوِ قَلبي بَيانُها
وَهَل تَنطِقُ العَجماءُ أقوَى مَعانُهَا
ضَمَانٌ عَلى قَلبي الوَفَاءُ لأهْلِهَا
وَثَمّ ظِبَاءٌ لا يَصِحُّ ضَمَانُهَا
عَرَضْنَ بما رَوّى الغَلِيلَ اعترَاضُها
ولا قطع الجمع اللجوج اعتنانها
وَهَلْ نَافِعٌ أنْ يَملأَ العَينَ حُسنُها
إذاهيَ لمْ تُحسِنْ إلَيْنَا حِسَانُهَا
تَذَكّرْتُ أيّاماً بذي الأثْلِ بَعدَمَا
تقضى أواني في الصبا وأوانها
يطيب أنفاس الرياح ترابها
وَيَخضَلُّ مِنْ دَمعِ الغَمائمِ بانُهَا
ولما عطفت الناظرين بلفتة
إلى الدّارِ خَلّى عَبرَة َ العَينِ شانُهَا
لَيَاليَ تَثْنِيني عَوَاطِفُ صَبْوَتي
إلى بدويَّات تثنى لدانها
ولا لذة إلاَّ الحديث كأنه
لآلٍ عَلى جَيْداءَ وَاهٍ جُمَانُهَا
عَفَافٌ كَمَا شَاءَ الإلَهُ يَسُرّني
وَإنْ سِيءَ مِنْهُ بِكْرُهَا وَعَرَانُهَا(3/48)
أألآنَ لَمّا اعْتَمّ بالشّيبِ مَفرِقي
وَجَلّى الدُّجَى عَنْ لِمّتي لَمَعانُهَا
وَنَجّذَني صَرْفُ الزّمَانِ وَوُقّرَتْ
على الحلم نفسي وانقضى نزوانها
تَرُومُ العِدا أنْ تُسْتَلانَ حَمِيّتي
وقبلهمُ أعدى عليَّ حرانها
أنَا الرّجُلُ الألْوَى الذي تَعرِفُونَهُ
إذا نُوَبُ الأيّامِ أُلقِي جِرَانُهَا
إذا كان غيري من قريشٍ هجينها
فإنّي على رغمِ العدوّ هجانها
وإن يك فخرٌ أو نضال فإنني
لهَا يَدُهَا طَوْراً، وَطَوْراً لِسَانُهَا
وإنّي من القومِ الذين ببأسهم
يذلّل من أيامهم حدثانها
إذا غبروا في الجوِّ ضاق فضاؤه
وَإنْ نَزَلُوا البَيْداءَ غُمّتْ رِعَانُهَا
فوارس تجري بالدماءِ رماحها
وتفهق بالنيّ الغريض جفانها
يثور إذا أوفى الصباح عجاجها
ويعلو إذا جنَّ الظلامُ دخانها
وإنّي لوثَّاب على كل فرصة
تَخيلُ عَلى الرّائي، وَيَخفى مكانُهَا
سبقت وقفيتم بكل طليعة
على عَقِبي يَلْوِي بهَا هَدَجَانُهَا
وَمَا كُنْتُ إلاّ كالثّرَيّا تَحَلُّقاً
يَدِفّ عَلى آثَارِهَا دَبَرَانُهَا
عَصَائبُ ما استَامَ الفَخارَ وَضِيعُها
وَلا استَأنَفَ العِزَّ الجَديدَ مُهانُهَا
إذا لحظتني أمسكت بأكفها
عَليّ، قُلُوباً دائِماً خَفَقَانُهَا
فلا هي يوماً فيَّ ينفذ كيدها
ولا ينجلي من غيّها شنآنها
يُرِيدُ المَعَالي عَاطِلٌ مِنْ أداتهَا
وهيهات من محصوصة ِ طيرانها
دعوها لمن ربَّاه مذ كان حجرها
وأرضعه حتى استقلّ لبانها
وَلا تَخطُبُوها بالرّجَاءِ، فما أرَى
تدنس بالبعلِ الدنيّ حَصانها
رآني بهاء الملك سيفاً عليكمُ
جريء الظبا لا ينثني صلتانها
فَجَرّدَني مِنْ بَعدِ طُولِ صِيَانَة ٍ
وإنّ مضرّاً بالسيوفِ صيانها
أفَاضَ، بِلا مَنٍّ، عَليّ كَرَامَة ً
ونقص الأيادي إن يزيد امتنانها
خَرَجتُ أجُرُّ الذّيلَ منها وَقَد نَزَتْ
قُلُوبُ العِدا مِنّي، وَجُنّ جَنانُهَا
وليس على زهرِ الكواكب سبُّة
إذا غَضّ مِنْ أنْوَارِها زِبرِقَانُهَا(3/49)
وَقَرّبَ لي وَافي العِذارِ تَلَبّسَتْ
بِهِ خُيلاءٌ مَا يَزُولُ افْتِنَانُهَا
ألاَ إنّ أصناف السيوف كثيرة
وَأقْطَعُهَا هِنْدِيُّهَا وَيَمَانُهَا
وَكُلُّ أنَابِيبِ القَنَاة ِ شَرِيفَة ٌ
وَأشرَفُها، لَوْ تَعلَمُونَ، سِنانُهَا
فكيف وأنتم وثبة الليث إذ رمى
تَخَمُّطُها في جَمعِكُمْ وَاستِنَانُهَا
وكان يسوء السامعين سماعها
فَصَارَ يَهُولُ النّاظِرِينَ عِيَانُهَا
فمن مبلغ عني الجبان بأنني
أنا المورد الشقراء يدمى لبانها
وَلَوْ لمْ تُعِنْ كَفّي قَنَاة ٌ قَوِيمَة ٌ
لأجرَى يَنَابيعَ الدّمَاءِ بَنَانُهَا
بلينا ونحن الناهضون إلى العلى
بزمنى يمنّيها الغرور زمانها
ذئاب أرادت أن تعازز ضيغماً
فَطَالَ عَلى مَرّ الزّمَانِ هَوَانُهَا
رأوا فترة منا فظنّوا ضراعة
وتلك بروق غرّهم شولانها
فكَيْفَ تَعَرّضْتُمْ بِغَيرِ نَبَاهَة ٍ
لصعبة عزّ في يديّ عنانها
فإن تعتطل يوماً من الدهرِ صعدتي
فقد طال في نحرِ العدوّ طعانها
وإن تستجمّ النائبات سوابقي
فمن قبل ما بذّ الجياد رهانها
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ظمائي إلى من لو أراد سقاني
ظمائي إلى من لو أراد سقاني
رقم القصيدة : 10442
-----------------------------------
ظمائي إلى من لو أراد سقاني
وَدَيْني عَلى مَنْ لَوْ يَشَاءُ قَضَاني
وَلَوْ كانَ عندي مُعسِراً لَعَذَرْتُهُ
وَلَكِنّهُ، وَهْوَ المَليءُ، لَوَاني
رمى مقتلي واسترجع السهم دامياً
غزال بنجلاوين تنتضلان
أأرجو شفاءً منه وهو الذي جنى
على بدني داء الضنى وشجاني
أبِيتُ، فلَم أستَسقِ مَن كانَ غُلّتي
ولم استرشْ مَن كان قبل براني
مَرَرْتُ على تِلكَ الدّيارِ، وَوَحشُها
دَوَانٍ، وَمَنْ يَحكِينَ غَيرُ دَوَاني
فأنكرت العينان والقلب عارف
قَليلاً، وَلَجّا بَعْدُ في الهَمَلانِ
عَشِيّة َ بَلّتْني الدّمُوعُ كَأنّمَا
رِداوَايَ بُرْدا ماتحٍ خَضِلانِ
ضَمِنّ وِصَالي ثمّ ماطَلْنَ دُونَهُ
وَإنّ ضَمَانَ البِيضِ شَرُّ ضَمَانِ(3/50)
أمِنْكِ طُرُوقُ الزَّوْرِ أيّة َ ساعَة ٍ
وَعيدُ خَيَالٍ عَادَ أيَّ أوَانِ؟
ألَمّ بِعُوجٍ كالحَنَايَا مُنَاخَة ٍ
على جزع وادٍ ذي ربى ومجاني
وَمِيلٍ كخيطانِ الأرَاكِ تَرَنّحُوا
فمن ذَقَنٍ مستقبل بلسانِ
ومالوا على البوغاءِ من كلّ جانب
عَوَاطِفَ أيْدي تَوْأمٍ وَثوَانِ
يقودهمُ مني غلام غشمشم
مُعِينٌ عَلى البَأسَاءِ غَيرُ معانِ
إذا انفرجت منه السجوف لناظرٍ
تألق نور من أغر هجان
وإني لآوي من أعزّ قبيلة
إلى نَضَدٍ، أوْ جَامِلٍ عَكْنَانِ
وإنّ قعودي أرقب اليوم أو غدا
لَعَجْزٌ، فَمَا الإبْطَاءُ بالنَّهضَانِ
سَأتْرُكُ في سَمْعِ الزّمَانِ دَوِيَّها
بقرعيْ ضراب صادق وطعان
وَأخْصِفُ أخْفَافاً بِوَقْعِ حَوَافِرٍ
إلى غاية تقضي منى ً وأماني
فإنْ أسرِ، فالعَلياءُ هَمّي، وَإن أُقِمْ
فإنّي على بكرِ المكارم باني
وإن امضِ أترك كل حيّ من العدا
يقول ألا لله نفس فلان
أكرر في الإخوانِ عيناً صحيحة
عَلى أعْيُنٍ مَرْضَى مِنَ الشَّنَآنِ
فَلَوْلا أبُو إسحَقَ قَلّ تَشَبُّثي
بَخِلٍّ، وَضَرْبي عندَهُ بِجِرّانِ
هو اللافتي عن ذا الزمان وأهله
بشيمَة ِ لا وَانٍ، وَلا مُتَوَانِ
إخَاءٌ تَسَاوَى فيهِ أُنْساً وَأُلْفَة ً
رضيع صفاء أو رضيع لبان
تمازج قلبانا مزاج أخوة
وكلّ طلوبيْ غاية إخوانِ
وَغَيرُكَ يَنْبُو عَنْهُ طَرْفي مُجانِباً
وَإنْ كانَ منّي الأقرَبَ المُتَداني
وَرُبّ قَرِيبٍ بالعَداوَة ِ شَاحِطٍ
وَرُبّ بَعِيدٍ بالمَوَدّة ِ داني
لَئِنْ رَامَ قَبْضاً مِنْ بَنانِكَ حادثٌ
لقد عاضنا منك انبساط جنان
وإن بُزّ من ذاك الجناح مُطاره
فرُبّ مَقَالٍ مِنكَ ذي طَيَرَانِ
وَإنْ أقعَدَتْكَ النّائِبَاتُ، فَطَالَمَا
سرى موقراً من مجدك الملوانِ
وإن هدمتْ منك الخطوب بمرها
فثمّ لسان للمناقب باني
مآثِرُ تَبْقَى مَا رَأى الشّمسَ ناظِرٌ
وَمَا سَمِعَتْ مِنْ سامِعٍ أُذُنَانِ
وَمَوْسُومَة ٍ مَقطُوعَة ِ العُقْلِ لم تزَل(3/51)
شَوَارِدَ قَدْ بَالَغْنَ في الجَوَلانِ
وَما زَلّ منكَ الرّأيُ وَالحَزْمُ وَالحِجى
فنأسى إذا ما زلَّت القدمانِ
وَلَوْ أنّ لي، يَوْماً، على الدّهرِ إمرَة ً
وكان ليَ العدوى علي الحدثان
خلعت على عطفيك برد شبيبتي
جواداً بعمري واقتبال زماني
وحمَّلت ثقل الشيب عنك مفارقي
وَإنْ فَلّ من غَرْبي وَغَضّ عِناني
ونابت طويلاً عنك في كلّ عارضٍ
بخط وخطو أخمصي وبناني
على أنّه ما انفلّ من كان دونه
حَمِيمٌ يُرَامي عَنْ يَدٍ وَلِسَانِ
وَما كلُّ مَن لمْ يُعطِ نَهْضاً بِعاجِزٍ
ولا كل ليث خادر بجبانِ
وَإنّكَ ما استَرْعَيتَ منّي سوَى فتًى
ضَمُومٍ عَلى رَعْيِ الأمَانَة ِ حَانِ
حفيظ إذا ما صيّع المرءَ قومه
وَفيٍّ، إذا مَا خُوّنَ العَضُدانِ
مِنَ اللَّهِ أستَهدي بَقاءَكَ أنْ تُرَى
محلاً لأسباب العلى بمكانِ
وأسأله إن لا تزال مخلّداً
بِمَلْقَى سَمَاعٍ بَيْنَنَا وَعِيَانِ
إذا ما رَعَاكَ اللَّهُ يَوْماً، فَقَدْ قضَى
مآرب قلبي كلها ورعاني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> دَعْ من دُموعِكَ بَعدَ البَينِ للدِّمَنِ
دَعْ من دُموعِكَ بَعدَ البَينِ للدِّمَنِ
رقم القصيدة : 10443
-----------------------------------
دَعْ من دُموعِكَ بَعدَ البَينِ للدِّمَنِ
غداً لدارهمُ واليوم للظعن
هَلْ وَقفَة ٌ بلِوَى خَبْتٍ مُؤلِّفَة ٌ
بَينَ الخَليطَينِ من شامٍ وَمِنْ يَمَنِ
عُجنَا على الرَّكْبِ أنْضاءً مُحَزَّمَة ً
أثقالُها الشَّوقُ مِن بادٍ وَمُكْتَمِنِ
موسومة بالهوى يُدرى برؤيتها
إنّ المطايا مضمري شجن
ثم انثنينا على يأسٍ وقد وجلت
نَوَاظِرٌ بِمَجَارِي دَمعِها الهَتِنِ
تَرُومُ رَدَّ نُفُوسٍ بَعدَ طَيرَتِهَا
على قَوَادِمَ مِنْ وجْدٍ وَمن حَزَنِ
تعريسة بين رمليْ عالج ضمنت
بلّ الغليل لقلب الموجع الضمن
بتنا سجوداً على الأكوارِ يحملنا
لواغب قد لطمنَ الأرض بالثفنِ
أهفو إلى الريحِ إن هبت يمانية
تَحدُو زَعَازِعُها عِيراً من المُزُنِ(3/52)
أبَى ضَميرِيَ إلاّ ذِكْرَهُ، وَأبَى
تَعَرُّضُ البَرْقِ إلاّ أنْ يُؤرّقَني
شوق ألمّ وما شوقي إلى أحدٍ
سِوَى الذي نامَ عَن لَيلي وَأيقَظَني
إنْ زَاغَ قَلبي، فإنّ الهَجرَ أحرَجَني
وإن صبرت فإنَّ اليأس صبّرني
وَكَمْ رَمَتْني مِنَ الأقدارِ مُنبِضَة ٌ
لم تثن باعي ولم يحرج لها عطني
ما كنت أعلم والأيام عالمة
إنّ الليالي تقاعيني لتنهشني
قَدْ أدْمَجَ الهَمُّ في عُنْقي حَبَائِلَهُ
وَلَزّة ُ الهَمّ تُنسِي لَزّة َ القَرَنِ
إنْ يَبلَ ثَوْبي، فإنّي أكتَسِي حَسَبي
أو تودّ خيلي فإني أمتطي مُنني
وأدخل البيت لم تأذن قعائده
على الحصان أمام القوم والحصن
لا أطلُبُ المَالَ إلاّ مِنْ مَطالِبِهِ
وَلا يَفي ليَ بَذْلُ المَالِ بِالمِنَنِ
إنَّ البخيل الذي قد بات يؤنسني
مثلُ الجَوَادِ الذي قد باتَ يَمطُلُني
لقد تقدم بي فضلي بلا قدم
أعْظِمْ بأمْرٍ على ذي السّنّ قدّمَني
لا يبرح المجد مرفوعاً دعائمه
ما دام معتمداً منَّا على ركن
من أسرة تنبت التيجان هامهمُ
مَنابِتَ النّبعِ في الأطوَادِ وَالقُنَن
المَجدُ أنوَطُ مِن كَفٍّ إلى عَضُدٍ
فيهِم، وَأقوَمُ من رَأسٍ على بَدَنِ
من مبلغٍ لي أبا اسحق مألكة
عن حنو قلبٍ سليمِ السرِّ والعلنِ
جَرَى الوَدادُ لَهُ منّي، وَإن بَعُدَتْ
منا العلائق مجرى الماء في الغصنِ
لقد توامق قلبانا كأنهما
تراضعا بدمِ الأحشاء لا اللبنِ
مُسَوِّدٌ قَصَبَ الأقلامِ نَالَ بِهَا
نيل المحمّر أطراف القنا اللدنِ
إن لم تكن تورد الأرماح موردها
فما عدلت إلى الأقلامِ عن جبن
وَالطّاعِنُ الطّعنَة َ النّجلاءَ عن جلَدٍ
كالقائل القولة الغراء عن لسنِ
حار المجارون إذ جاروك في طلق
وأجفلوا عن طريقِ السابق الأرن
ضَلّوا وَرَاءَكَ حتّى قالَ قائِلُهُمْ:
ماذا الضلال وذا يجري على السنن
ما قدر فضلك ما أصبحت ترزقه
لَيسَ الحُظوظُ على الأقدارِ وَالمِهَنِ
قد كنتُ قَبلَكَ من دَهرِي على حَنَقٍ(3/53)
فزَادَ ما بِكَ مِن غَيظي على الزّمَنِ
كَمْ رَاشَنا وَبَرَانَا، غَيرَ مُكتَرِثٍ
بما نُعالجُ، بَرْيَ القِدْحِ بالسَّفَنِ
ألقى على آل وضَّاح حويته
وَحكّ بَرْكاً على سَيفِ بنِ ذي يزَنِ
ومثلها أنشب الأظفار في مضرِ
ومرّ يحرق بالأنيابِ لليمن
إن يدنُ قوم إلى داري فألفهم
وتنأ عنّي فأنت الروح في البدنِ
فالمرءُ يسرح في الآفاقِ مضطربا
وَنَفْسُهُ أبَداً تَهْفُو إلى الوَطَنِ
وَالبُعْدُ عَنكَ بَلاني باستِكانِهِمُ
إنّ الغريب لمضطّر إلى السكنِ
أنت الكرى مؤنساً طرفي وبعضهمُ
مثل القذى مانع عيني من الوسنِ
كم من قريبٍ يرى أني كلفت به
يُمسى شجايَ وتضحى دونه شجني
وصاحب طال ما ضرت صحابته
عكفت منه على اطغى من الوثنِ
مُستَهدِفٌ لمَرَامي العَيبِ جانِبُهُ
يكاد ينعطّ برداه من الظننِ
ذي سؤة إن ثناها محفل كثرت
لها المَضَارِبُ فوْقَ الصّدرِ بالذَّقَنِ
إذا احتَمَيتُ بِهِ أحمي على كَبدي
كيف اجتناني إذا أسلمنني جُنني
لا تجعلنَّ دليل المرء صورته
كم مخبر سمج عن منظرٍ حسنِ
إنَّ الصحائف لا يقريك باطنها
نفس الطوابع موسوماً على الطينِ
أشتاقكم ودواعي الشوق تنهضني
إليكمُ وعوادي الدهر تقعدني
وأعرض الودّ أحياناً فيؤنسني
وَأذكُرُ البُعدَ أطوَاراً فيُوحِشُني
هَذا، وَدِجْلَة ُ مَا بَيْني وَبَيْنَكُمُ
وَجانِبُ العَبرِ غيرُ الجانبِ الخَشِنِ
وَمُشرِفٍ كَسَنامِ العَوْدِ مُلتَبِسٍ
كالمَاءِ لُزّ بأضْلاعٍ مِنَ السُّفُنِ
كالخيل ربّطن دهماً في مواقفها
وَالبُزْلِ قُطّرْنَ بَينَ الحوْضِ وَالعَطَنِ
قد جاءت النفثة الغراء ضامنة
ما يُوبِقُ النّفسَ من عُجبٍ وَمن درَنِ
أنبَطْتُ مِنْ حُسنِها ماءً بلا نَصَبٍ
وحزت من نظمها درّاً بلا ثمنِ
أنشدتها فحدا سمعي غرائبها
إلى الضّمِيرِ حداءَ الرّكبِ للبُدُنِ
جازت إلى خاطري عفواً وخيَّل لي
ممّا استَبَتْ أُذُني، أنْ لمْ تَجُزْ أُذُني
فاقتدْ إليك أبا اسحق قافية
قَوْدَ الجَوَادِ، بلا جُلٍّ وَلا رَسَنِ(3/54)
كادَتْ تَقاعَسُ لوْ ما كُنتَ قائدَها
تقاعس البازل المجنوب في الشطنِ
تَستَوْقِفُ الرّكبَ إنْ مرّتْ مُعارِضَة ً
تُهدي عَقيلَتَها العَذرَاءَ مِنْ يَمَنِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تواعد ذا الخليط لأن يبينا
تواعد ذا الخليط لأن يبينا
رقم القصيدة : 10444
-----------------------------------
تواعد ذا الخليط لأن يبينا
وَزَايَلَنَا القَطينُ، فلا قَطِينَا
وَإنّي، وَالمَوَاعِدُ كاذِبَاتٌ
ليُطمِعُنا خِلابُ الوَاعِدِينَا
نُعنَّى بالمطالِ من الغواني
وهان على المواطل ما لقينا
وَنَظْمَأُ وَالمَوَارِدُ مُعرِضَاتٌ
فنَرْجِعُ بالغَليلِ، وَما سُقِينَا
لهنَّ الله كيف أصبنَ منا
نفوساً ما عقلنا وما ودينا
لَقِينَ قُلُوبَنَا بجُنُودِ حَرْبٍ
تَطَاعَنُ بالدّمالِجِ وَالبُرِينَا
جَلَوْنَ لَنَا لآليءَ وَاضِحَاتٍ
أضأن بها الذوائب والقرونا
عَهِدْنَا الدُّرّ مَسكِنُهُ أَجَاجٌ
فكيف تبدل الثغب المعينا
جنون المرشقات غداة جمع
بأقتَلَ مِنْ نِبَالِك مَا رُمِينَا
ولم نرَ كالعيون ظُبا سيوف
أرَقْنَ دَماً، وَما رُمْنَ الجُفُونَا
عوائد من تذكّر آل ليلى
كَأنّ لهَا عَلى قَلْبي دُيُونَا
أكاتمها ففي الأحشاء منها
مَضِيضٌ بَعدَما بَلَغَ الحَنينَا
فَيا حَادي السّنِينَ قِفِ المَطَايا
وَعَزَّ عَلى العَقَائِلِ أن يَهُونَا
وإن الرأس بعدك صوّحته
بوارح شيبة فغدا جبينا
وَكَانَ سَوادُهُ عِيدَ الغَوَاني
يعدنَ إلى مطالعة العيونا
أُتَاجِرُها، فأرْبَحُ في التّصَابي
وَبَعضُ القَوْمِ يَحسَبُني غَبينَا
أهان الشيب ما أعززنَ منه
جنون شبيبة ووقار شيب
خذا عنّي النهى ودعا الجنونا
نرى الأيام وهي غداً سنون
وَبالآحَادِ يَبْلُغْنَ المِئِينَا
ستنبئنا النوائب ما أرتنا
من العجبِ العجيب بما ترينا
حَلَفْتُ بمُلقِيَاتِ التَّيّ عُوجٍ
خَوَابطَ تَطلُبُ البَلَدَ الأمِينَا
حَوَامِلَ ناحِلِينَ عَلى ذُرَاهَا
حَوَانيَ يَنجَذِبْنَ بِمُنْحَنينَا(3/55)
يُسَقِّينَ الهَجِيرَ عَلى التّظَامي
وينعلنَ الحرار إذا وجينا
كأن سياطها ولها هباب
قلوع اليمّ زعزعت السفينا
بكُلّ مُعَبَّدِ القُطْرَينِ يُنضِي
مطال طريقه الأُجُد الأمينا
لَقَدْ أرْضَى قِوَامُ الدّينِ فِينَا
وَصَاة َ اللَّهِ وَالدّينَ اليَقِينَا
رَعَانَا بالقَنَا، وَلَقَدْ تَرَانَا
وَأضْبَعُ ما نَكُونُ إذا رْعِينَا
أعادَ ثِقَافَنَا حَتّى استَقَمْنَا
ودلّ بنوره اللّقم المبينا
تيقظ والعيون مغمضات
وقلقل والرعية وادعونا
نَمَاهُ أبٌ وَلُودٌ للمَعَالي
وَفي خِرَقِ الوَليدِ وَلا جَنِينَا
مِنَ القَوْمِ الأُلى تَبِعوا المَعالي
قران العَود يتّبع القرينا
أقاموا عن فرائسها الليالي
وردوا عن موادرها المنونا
همُ رفعوا كما رفعت نزار
قباب على ً على كرمٍ بُنينا
نبقّي سائرات الدهر فيهم
ويبقون اليد البيضاء فينا
فإن نثمر لهم شكراً طويلاً
فهُم غَرَسُوا، وَكانوا المُورِقينَا
فقل للمُصْحِرِينَ دَعوا الضّوَاحي
فَإنّ اللّيثَ قَد نَزَعَ العَرِينَا
وَلا تَتَغَنّمُوا مِنْهُ قُعُوداً
يُقيمُ لكُم بهِ الحَرْبَ الزَّبُونَا
ففي أغماده ورق قديم
يزيد علي قراع الصيد لينا
قواضب لا يغبّ بها الهوادي
فيعطيها الصياقل والقيونا
أليس وقاعه بالأمسِ فيكم
سقى غلل الرماح وما روينا
بأرْبُقَ قَدْ أدارَ لَكُمْ رَحَاها
مَدارَ الطّوْدِ مَرْداة ً طَحُونَا
وَجَلجَلَها عَلى الأهوَازِ حتّى
أعَادَ زَئِيرَ أُسدِكُمُ أنِينَا
وَساخَ، تَقَصُّعَ اليَرْبوعِ، غاوٍ
أثَارَ بِطَعنِهَا، فَنَجَا طَعِينَا
أُشَيعِثُ، رَأسُهُ بالبِيضِ يُفلى
وَيَغدُو بالدّمِ الجَارِي دَهِينَا
يذود رقابها هيهات منها
وَقَد غَلَبتْ عَصِيَّ الذّائدِينَا
تولّع بالقنا فتطاوحته
لداغَ الدَّبْرِ، أيدي الغاسِلينَا
غَدا يَمرِي عُفافَتَهَا، فأمسَى
يَرَى بالطّعنِ لِقحَتَها لَبُونَا
ومن شرعت رماح الله فيه
درى أنّ السوابغ لا يقينا
وبتن على المطالع ملجمات
علائقها أنابيب القنينا(3/56)
على صهواتها أبناءُ موت
حواسر للردى ومقنّعينا
مجاذبة أعنتها جماحا
هبطن قرارة وطلعن بينا
وَقَعْنَ بغَارَة ٍ، وَطَلَبنَ أُخْرَى
يُمَاطِلْنَ الإقَامَة َ وَالصُّفُونَا
تكفكف وهي في الغلواءِ تلقي
إلى أرضِ العدا نظراً شفونا
تَلَفُّتَ جُوَّعِ الآسَادِ فَاتَتّ
فرائسها النيوب وقد دمينا
تُحَاذِرُ في مَرَابِطِهَا وُقُوفاً
وَإنْ بلَغَ العِدا أمَداً شَطُونَا
فلَوْ أُلجِمنَ لا لغِوَارِ حَرْبٍ
لقد ظنّ العدوّ بها الظنونا
ومنشرها على هضبات بمّ
رياطاً للعجاجة ما طوينا
إذا رَجَعَ الغَزِيُّ بهِنّ حَسرَى
أعدنَ إلى الطّعانِ كما بدينا
لحقنَ طريدة لولا قناها
لَطَالَ رَوَاغُهَا للطّارِدِينَا
وَعُدْنَ، وَفي حَقائِبِهِنّ هامٌ
لَقِينَ مِنَ الصّوَارِمِ مَا لَقِينَا
بقنّاصٍ أصاب وفي يديه
حبائل قد مددنَ لآخرينا
نَوَائِبُ ألْقَتِ الجُلّى عَلَيْهِ
فقام بعبئهنَّ وما أُعينا
وَحَنظَلَة َ الذي قَطَعَ الوَضِينَا
وَهل يرْضَى المُطولَ وَفي الأعادي
دُيُونٌ للصّوَارِمِ ما قُضِينَا
إلاّ جزت الجوازي اليوم عنّي
جواداً لا أغمّ ولا هجينا
نماه أبٌ ولوج للمعالي
وأُمّ أراقم تدهي البنينا
مِنَ العُظَماءِ أطْوَلُهُمْ عِماداً
وأنداهم إذا مطروا يمينا
تبوّع بي إلى قلل المعالي
وَخَيّرَني المَعاقِلَ وَالحُصُونَا
فَأرْغَمَ بي عَلى رُغْمٍ أُنُوفاً
مُضَاغنَة ً، وَأقذى بي عُيُونَا
تَهَنَّ بِمَطْلَعِ النّيرُوزِ وَابلُغْ
مطالع مثله حيناً فحينا
مُرَحِّلَ كُلّ نَائِبَة ٍ مُقِيماً
مُذِيلاً للعِدا، أبَداً مَصُونَا
تُظَفَّرُ بالمَآرِبِ طَيّعَاتٍ
وَبِالآمَالِ أبْكَاراً وَعُونَا
وإن أحقّ منك بأنْ يهنَّى
إذا مَدّ البَقاءَ لكَ، السِّنُونَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> جناني شجاع إن مدحت وإنما
جناني شجاع إن مدحت وإنما
رقم القصيدة : 10445
-----------------------------------
جناني شجاع إن مدحت وإنما
لسانيَ إن سيم النشيد جبان(3/57)
وَمَا ضَرّ قَوّالاً أطَاعَ جَنَانَهُ
إذا خانه عند الملوك لسان
وربّ حييٍّ في السلامِ وقلبه
وَقَاحٌ، إذا لَفّ الجِيادَ طِعَانُ
وَرُبّ وَقَاحِ الوَجْهِ يَحمِلُ كفُّه
أنامِلَ لمْ يَعرَقْ بهِنّ عِنَانُ
وفخر الفتى بالقولِ لا بنشيده
ويروي فلان مرة وفلان
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> دعا بالوحاف السود من جانب الحمى
دعا بالوحاف السود من جانب الحمى
رقم القصيدة : 10446
-----------------------------------
دعا بالوحاف السود من جانب الحمى
نَزِيعُ هَوًى ، لَبّيتُ حينَ دَعَاني
تَعَجّبَ صَحْبي من بُكائي وَأنكَرُوا
جوابي لِما لم تسمع الأُذنان
فقلت نعمْ لم تسمع الأذن دعوة
بلى إنّ قلبي سامع وجناني
وَيا أيّها الرّكْبُ اليَمانُونَ خَبِّرُوا
طليقا بأعلى الخيف أنّي عاني
عدوه لقائي أوعدوني لقاءَه
إلا رُبّمَا دانَيتُ غَيرَ مُداني
وما حائمات يلتقين من الصدى
إلى المَاءِ قَدْ مُوطِلنَ بالرَّشَفَانِ
يزيد لها بالخمسِ بين ضلوعها
تَنَسُّمُ رِيحِ الشِّيحِ وَالعَلَجَانِ
إذا قيل هذا الماء لم يملكوا لها
معاجاً بأقرانٍ ولا بمثانِ
بأظمى إلى الأحبابِ مني وفيهمُ
غَرِيمٌ، إذا رُمْتُ الدّيُونَ لَوَاني
فيا صاحبيْ رحلي أقلاَّ فإنني
رَأيْتُ بِلَيْلَى غَيرَ مَا تَرَيَانِ
وَيا مُزْجيَ النِّضْوِ الطّليحِ عَشِيّة ً
تُرَاكَ بِبَطْنِ المَأزمَينِ تَرَاني
وَهَلْ أنَا غَادٍ أنْشُدُ النَّبلَة َ التي
بهَا عَرَضاً ذاكَ الغَزَالُ رَمَاني
فلم يبق من أيَّام جمع إلى منى
إلى موقف التجمير غير أماني
يُعَلَّلُ دائي بِالعِرَاقِ طَمَاعَة ً
وكيف شفائي والطبيب يماني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أفي كلّ يومٍ لي عشار تسوقها
أفي كلّ يومٍ لي عشار تسوقها
رقم القصيدة : 10447
-----------------------------------
أفي كلّ يومٍ لي عشار تسوقها
رِمَاحُ بَني الغَبرَاءِ سَوقَ الظّعائِنِ
أحالوا عليها عاكسين رقابها
وطوا بهواديها مكان الفراسن(3/58)
إذا جزت في أبيات آل محلّم
تَرَاغَينَ نَحْوِي مِنْ وَرَاءِ المَعاطِنِ
تحنّ إلى ترعيَّة لم يرد بها
وبيء المراعي والنطاف الأواجن
وخالسنيها كل أطلس خاتل
خَفيِّ المَرَامي عن قِسِيّ الضّغائِنِ
وشرّ الأذى ما جاء من غير حسبة
وكيد المبادي دون كيد المداهن
وَإنّ بُلُوغَ الخَوْفِ من قَلبِ خائِفٍ
لدون بلوغ الخوف من قلب آمن
وَخَيلٍ جَرَرْنَ النّقعَ في كُلّ بَلدَة ٍ
وناقلنَ فيها بالطوال الموارن
حوَاها العِدا عَنّي، فأصْبَحنَ بالحِمى
عَوَاطِلَ من آبي عليقٍ وَصَافِنِ
وثلة حيّ قد أضبّ بأرضها
ذؤالة أضباب الغريم المداين
ولولا ذئاب العامريّ لشابهت
بمكة أسراب الحمام القواطن
لنا كل يوم منه ذئب عمرّد
دم الشعر في أنيابهِ والبراثنِ
مَتَى تَطلَعوا نَجداً أوِ الغَوْرَ تُفضحوا
بوسم فشت نيرانه في المواطنِ
خَطَبتُم إلى شُمسِ الخُدودِ فَوَارِكٍ
طَوَالِقَ مِنْ حَبلِ اللّئَامِ بَوَائِنِ
عذارَى بَغَتْ فيكُمْ بغاءَ نِسائِكُم
وَقَدْ كُنّ عندي في ثِيابِ الحَوَاضِنِ
خذوها فلو قرّنتموها ببرقة
قَطَعنَ إلى دارِي وثاقَ القَرَائِنِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ومستهلاّت كصوب الحيا
ومستهلاّت كصوب الحيا
رقم القصيدة : 10448
-----------------------------------
ومستهلاّت كصوب الحيا
تَبقَى ، وَأقوَالُ الفَتَى تَفنَى
مُنتَصِبَاتٍ كالقَنَا لا نَرَى
عيّاً من القولِ ولا أفنا
قَدْ حَرَمَ النّاظِرَ مِنْ حُسنِها
قَائِلُهَا مَا رَزَقَ الأُذْنَا
لا يَفضُلُ المعنَى عَلى لَفْظِهِ
شَيئاً، وَلا اللّفظُ عَلى المَعنَى
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَوَصِيّة ٍ خُلِفَتْ لَنَا مِنْ حازِمٍ
وَوَصِيّة ٍ خُلِفَتْ لَنَا مِنْ حازِمٍ
رقم القصيدة : 10449
-----------------------------------
وَوَصِيّة ٍ خُلِفَتْ لَنَا مِنْ حازِمٍ
وطئ الزمان سهولة وحزونا
لمّا تعذَّر أن يبقّيَ نفسه
بَقّى ، عَلَيْنَا رَأيَهُ المَأمُونَا(3/59)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أيُّ المَنازِلِ نَرْضَى بَعدَكم وَطنا
أيُّ المَنازِلِ نَرْضَى بَعدَكم وَطنا
رقم القصيدة : 10450
-----------------------------------
أيُّ المَنازِلِ نَرْضَى بَعدَكم وَطنا
هان الفراق فما نعني بمن ظعنا
لَقَدْ سَقَوْكَ بِأطْبَاءٍ مُلَعَّنَة ٍ
كأنّما كُنتَ تُسقى السّمّ لا اللّبَنَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> هذي المنازل فاضربي بجران
هذي المنازل فاضربي بجران
رقم القصيدة : 10451
-----------------------------------
هذي المنازل فاضربي بجران
وتذكري الأوطار بالأوطان
حَيِّ الطُّلُولَ كَما تُحَيّي أهلَها
إن الطلول وأهلها سيان
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قصور الجدّ مع طول المساعي
قصور الجدّ مع طول المساعي
رقم القصيدة : 10452
-----------------------------------
قصور الجدّ مع طول المساعي
وقول الناس لم ينجح فلان
أحَبُّ إليّ مِنْ سَعيٍ هَجِينٍ
وَإن بَلَغَ العُلَى جَدٌّ هَجَانُ
يذم ليَ الزمان إذا الامت
يداه ولا يذم بيَ الزمان
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> سَبَقَ الدّهْرَ جَدُّكُمْ في الرّهان
سَبَقَ الدّهْرَ جَدُّكُمْ في الرّهان
رقم القصيدة : 10453
-----------------------------------
سَبَقَ الدّهْرَ جَدُّكُمْ في الرّهان
وَعَلَتْ نَارُكُمْ عَلى النّيرَانِ
وَجَرَى في عِنانِكُمْ جامحُ الجَـ
ـدِّ، مُطُولاً يُلوِي بكُلّ عِنَانِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> هبي لي نيَّ زورك والبواني
هبي لي نيَّ زورك والبواني
رقم القصيدة : 10454
-----------------------------------
هبي لي نيَّ زورك والبواني
وأمّي مسقط النجم اليماني
فإنّكِ مَا رَعَيتِ مِنَ الفَيَافي
طويلاً ما رعيت من الأماني
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> بئس التحية بيننا المرَّانُ
بئس التحية بيننا المرَّانُ
رقم القصيدة : 10455
-----------------------------------
بئس التحية بيننا المرَّانُ(3/60)
وضراب يوم وقيعة وطعان
بَسَطُوا إليّ أنَامِلاً مَغرُوسَة ً
في اللُّؤْمِ لمْ يَعرَقْ لهنّ عِنَانُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وبرق حدا المزن حدو الثقال
وبرق حدا المزن حدو الثقال
رقم القصيدة : 10456
-----------------------------------
وبرق حدا المزن حدو الثقال
يُزَجّي عَلى الأينِ حيناً فحينَا
كراعي العشار أحس الظلام
فساق الهجائن بيضاً وجونا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> إلى أينَ مَرْمَى قَصْدِها وَسُرَاهَا
إلى أينَ مَرْمَى قَصْدِها وَسُرَاهَا
رقم القصيدة : 10457
-----------------------------------
إلى أينَ مَرْمَى قَصْدِها وَسُرَاهَا
رمى الله من أخفافها بوجاها
هُوَ اليَأسُ فليُحبَسْ هِبابُ رِقابِها
كما كان مغرور الرجاء حداها
رَأتْ لامِعاً، فاستَشرَقَتْ لمَضَائِهِ
ولو كان من مزنِ الندى لشفاها
تدافعها الحيّ اللئيم عماية
وأعرض طوع اللؤم وهو يراها
فَماطَلَ أصْحابُ الحِياضِ وُرُودَها
وأعتم أرباب المبيت قراها
تلطّمها الأيدي القصار عن الرقى
وخير من الريّ الذليل صداها
تَرَى كُلّ مَيْلاءِ السّنَامِ كَأنّمَا
من الطودِ إلاَّ زجوها وخطاها
مُنَاقِلَة ً تَنْجُو بِزَجْرَة ِ غَيرِهَا
وترهب سوط المرء راع سواها
تكاد من الإسراعِ تسبق أمها
بمنتجها قبل اللقاح أباها
تعود ولم تشرع بحوض ابن حرة
ولا عريت عند الكرام ذراها
رَأينَ دِيَاراً بَينَ بُصْرَى وَجَاسِمٍ
مَرَاعي ليَوْمٍ لا تَلُسّ خَلاهَا
نفوس لئام لا تحلّ عقودها
وأيدي جمود لا ينضّ صفاها
ألا! لا تَلومُوا ظاعِناً قَذَفَتْ بِهِ
بنات السُرى عن أرضكم ونواها
رَعَتْ ذُرْوَة ً فيكُمْ ضُحًى جاشرِيّة ٌ
فأجْشرْتُ في أوْطانِكُم، وَأعَاهَا
تحمّل عنها شرّ دار إقامة
إذا قيل أيّ الأرض قال خلاها
فكَمْ مُوحَشَاتٍ بالرّفاقِ أزَاحَها
ولمة ليل بالمطيِّ فلاها
كان حماكم خطة الخسف للفتى
إذا سيمها الحرّ الكريم أباها
ولو بابن ليلى كان ملقى رحالها(3/61)
لَطَرّقَ مِنْ حُرّ النُّضَارِ ثَرَاهَا
تَبايَنتَهَا فِعلاً، فَكَمْ من عَظيمَة ٍ
أتيت بها مرحولة وكفاها
حَمَاكَ مُلِمّاً مُنتَضًى لَكَ حَدُّهُ
وَداهِيَة ً تَشْحُو لِضِغْنِكَ فَاهَا
غداة أغامت بالعجاج سماؤها
وَدارتْ عَلى قُطبِ الطّعانِ رَحَاهَا
إذا السيل والى في الركاءِ سجاله
وَأنْبَطَ، أَنقَوْتَ النّدى ، وَأمَاهَا
أرى شجراً طالت وقصّر ظلها
فَلا أوْرَقَتْ يَوْماً وَطَالَ ذوَاهَا
ولو جمعت لونين بذل شباكها
لَطالَبَهَا الرّاجي بِمَنْعِ جَنَاهَا
أضرّاً ولؤماً لا أباً لأبيكمُ
سَفَاهاً لرَأيِ العَاجِزِينَ سَفَاهَا
نلوم أكفّ المحسنين إذا جنت
فكيف بأيدٍ لا ينال جداها
ضَلالاً لرَاجي نَشطَة ٍ من رَبيعِكُمْ
رَمَى الدّاءَ في أكْلائِكُمْ فحَمَاهَا
وعين رجتكم أن تكونوا جلاءها
فكُنتُمْ عَلى عَكسِ الرّجاءِ قَذاهَا
طلبتم ثنائي ثم عفتم سماعه
كمَنْ خَطَبَ العَذرَاءَ، ثمّ قَلاهَا
وما كلّ جيد موضع لقلائدي
ولا قمنٌ من صوغها وحلاها
فلا تغررن عينيك يا خابط الدجى
قباب بناها اللؤم حيث بناها
وَدارُ لِئَامٍ إنْ رَأى الرّكْبُ سَمتَها
تَحَايَدَ عَنها عامِداً، وَطَوَاهَا
مَسَاوٍ كَنِيرَانِ البِقَاعِ مُضِيئَة ٍ
ونار ظلام لا يضيء سناها
ألا غَنّيَاني بالدّيَارِ، فَإنّني
أُحِبّ زَرُوداً مَا أقَامَ ثَرَاهَا
وبين النقا والأنعمين محلة
حَبِيبٌ لِقَلْبي قَاعُهَا وَرُبَاهَا
ونعمان يا سقيا لنعمان ما جرت
عَلَيْهِ النّعَامَى بَعْدَنَا وَصَبَاهَا
وللقلب عند المأزّمين وجمعها
دُيُونٌ وَمَضَى خَيفِها وَمِنَاهَا
وظبي بأطوار الجمار إذا غدا
رمى كبداً مقروحة ورماها
وغيداءَ لم تصحبْ سوى الشمس أختها
وَلا جَاوَرَتْ إلاّ الغَزَالَ أخَاهَا
وَخُلّة فُرْسَانٍ عُيُونُ ظِبَائِهَا
أمَضُّ جِرَاحاً مِنْ طِعانِ قَنَاهَا
هيَ الدّارُ لا دارٌ بأكْنافِ بابِلٍ
جَدِيرٌ بِضَيْمِ النّازِلِينَ حِمَاهَا
مَنازِلُ مَمْنُونٌ على الرّكْبِ زَادُها(3/62)
نزور على كدّ المطال جداها
فلا سقيت إلا الصوارم والقنا
ولا صاب إلا بالدماء حياها
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تَلَفّتُّ، وَالرّمْلُ مَا بَيْنَنا
تَلَفّتُّ، وَالرّمْلُ مَا بَيْنَنا
رقم القصيدة : 10458
-----------------------------------
تَلَفّتُّ، وَالرّمْلُ مَا بَيْنَنا
وَأعْلامُ ذي بَقَرٍ أو رُبَاهُ
فَقُلْتُ عَلى طَرَباتِ الهَوَى :
عسى الطرف يبلغهم أو كراه
فما لقيّ الحب إلا الجوى
وَلا بَلَغَ الطّرْفُ إلاّ قَذاهُ
بذِكرِي أشُمُّ ثَرَى أرْضِهِ
عَلى نَأيِهِ، وَبِقَلْبي أرَاهُ
عَسَى مَنْ رَمَى بالمُحبّ الغَرِيـ
ـبِ مَرْمًى بَعيداً يُقضِّي نَوَاهُ
وتدنو الديار بسكَّانها
تمنّي امرِىء ٍ ما عَرَاكم عَرَاهُ
أصَاحِ تَرَى البَرْقَ في لَمْعِهِ
تَخَلُّجَ أيْمٍ يُلَوّي مَطَاهُ
وَقَالُوا: سَنَاهُ عَلى رَامَة ٍ
وَيَا بُعْدَ مَوْقِفِنَا مِنْ سَنَاهُ
دَعِ القَلبَ يأرَقُ من ذِكرِهم
فقد ذاق من بينهم ما كفاه
فَلا حَطّ إلاّ بِهِمْ رَحْلَهُ
وَلا جَادَ إلاّ عَلَيْهِمْ حَيَاهُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أُحِبُّكِ ما أقامَ مِنًى وَجَمْعٌ
أُحِبُّكِ ما أقامَ مِنًى وَجَمْعٌ
رقم القصيدة : 10459
-----------------------------------
أُحِبُّكِ ما أقامَ مِنًى وَجَمْعٌ
وما أرسى بمكة أخشباها
وَمَا رَفَعَ الحَجيجُ إلى المُصَلّى
يجرّون المطيّ على وجاها
وما نحروا بخيف منى ً وكبوا
على الأذقانِ مشعرة ذراها
نظرتك نظرة بالخيفِ كانت
جَلاءَ العَينِ مِنّي بَلْ قَذاهَا
ولم يكُ غير موقفنا فطارت
بكُلّ قَبِيلَة ٍ مِنّا نَوَاهَا
فَوَاهاً كَيْفَ تَجْمَعُنَا اللّيَالي
وآهاً مِنْ تَفَرُّقِنَا، وآهَا
فأقسم بالوقوفِ على آلالٍ
ومن شهد الجمار ومن رماها
وأركان العتيق وبانييها
وَزَمزَمَ وَالمَقَامِ وَمَنْ سَقَاهَا
لأَنْتِ النّفْسُ خَالِصَة ً، فإن لمْ
تَكُونِيهَا، فَأنْتِ إذاً مُنَاهَا
نَظَرْتُ بِبَطنِ مكّة َ أُمَّ خِشفٍ(3/63)
تَبَغَّمُ، وَهيَ نَاشِدَة ٌ طَلاهَا
وأعجبني ملامح منك فيها
فَقُلتُ أخَا القَرِينَة ِ أمْ تُرَاهَا؟
فَلَوْلا أنّني رَجُلٌ حَرَامٌ
ضممت قرونها ولثمت فاها
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا طالباً ملك بني بويه
يا طالباً ملك بني بويه
رقم القصيدة : 10460
-----------------------------------
يا طالباً ملك بني بويه
ما أنت من ذاك ولا إليه
إرْثُ قِوَامِ الدّينِ عَنْ أبيهِ
خلّ عنان الملك في يديه
مناضلا يذبُّ عن ثغريه
بَديهَة َ الصِّلّ جَلا نَابَيْهِ
يُلَجْلِجُ المَوْتُ بِماضِغَيْهِ
يكتلئُ الدين بناظريه
كالمقضب اضطرّ إلى حديه
نجا الذي فاز بحجزتيه
وضلّ مغرور بما لديه
يَحْتَكّ بالعضْبِ وَمَضْرِبَيْهِ
شتَّان من ينفض مذروبه
مُخايِلاً، يَنظُرُ في عِطْفَيْهِ
ما نقل الذابل في كفيه
وَمَنْ طَوَى المَجدَ على غَرْبَيهِ
مرتقياً إلى ذؤابتيه
إذا المَقَامُ لَمْ يَقُمْ حَوْلَيْهِ
قام به يركد في حاليه
لا يطرف الهول به جفنيه
شوك القنا يلدغ أخمصيه
قد قلت للطالب غايتيه
أقعِ، فَما غَوْرُكَ مِنْ نَجدَيهِ
ما أنت والطول إلى فرعيه
سِقْطُ شَرَارٍ طارَ عَن زَنْدَيْهِ
مَنْ يَطْلَعُ اليَوْمَ ثَنِيّتَيْهِ
قَدْ سَبَقَ النّاسَ إلى مَجْدَيْهِ
سبق الجواد بقلادتيه
في فلك العزّ إلى قطبيه
يمسي به ثالث نيريه
أيّ فتى ينزع في سجليه
قَدْ وَرَدَ المَاءَ بِجُمّتَيهِ
أمَا تَرَى الضّرْغامَ في غابَيْهِ
مُزَمْجِراً يَفْتلُ سَاعِدَيْهِ
قد أنشب الفريس في ظفريه
هَيْهَاتَ مَنْ يَغلِبُهُ عَلَيْهِ
أقسمت بالبيت وبانييه
عَظّمَ مَا عَظّمَ مِنْ رُكْنَيْهِ
رُبَّ منى ً ورُبَّ مأزميه
ورّبَّ مَن عجّ بوقفتيه
عريان إلاَّ معقديْ برديه
لَقَدْ وَسَمتُ الدّهرَ صَفحَتَيهِ
يقوده يوضع في عرضيه
قَوْدَ الضّليعِ مَلّ جَاذِبَيْهِ
قد أغبط الرحل على دفيه
حتى رأينا نضح ذفرتيه
يا نَفسِ ضَنّي بكِ أنِ تَلقَيْهِ
عَسَاهُ يَدْعُوكِ لأنْ تَرَيْهِ(3/64)
لَبّيْهِ مِنْ داعٍ دَعَا لَبّيْهِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> عاد الهوى بظباء مكـ
عاد الهوى بظباء مكـ
رقم القصيدة : 10461
-----------------------------------
عاد الهوى بظباء مكـ
ـة للقلوب كما بداها
وَخَبَتْ عَلَيكَ مِنًى تَبا
رِيحَ الغَرَامِ وَمَا زَهَاهَا
طَرَباً عَلى طَرَبٍ بِهَا
يا دِينَ قَلبِكَ من جوَاهَا
إنّي عَلِقْتُ عَلى مِنًى
لمياء يقتلني لماها
رَاحَتْ مَعَ الغِزْلانِ قَدْ
لَعِبَتْ بقَلبي، ما كَفاهَا
تَبغي الثّوَابَ، فمُهجَتي
هذي القريحة من رماها
تزهو على تلك الظبا
ءِ فَلَيتَ شِعرِي مَنْ أبَاهَا
وَقَفَ الهَوَى بي عِندَها
وسرت بقلبي مقلتاها
بردت عليَّ كأنما
طَلُّ الغَمَامَة ِ عَارِضَاهَا
شمس أقبّل جيدها
يَوْمَ النّوَى ، وَأجلُّ فَاهَا
وأذود قلباً ظامئاً
لوْ قيلَ: وِرْدك ما عداهَا
ولو استطاع لقد جرى
مَجرَى الوِشاحِ على حَشاهَا
يَا يَوْمَ مُفتَرَقِ الرّفَا
ق ترى تعود لملتقاها
قالَتْ: سَيَطْرُقُكَ الخَيَا
ل من العقيقِ على نواها
فعِدِي بطيفك مقلة ً
إن غبت تطمع في كراها
إنّي شَرِبْتُ مِنَ الهَوَى
حَمرَاءَ صَرّفَ سَاقِيَاهَا
يا سَرْحَة ً بالقَاعِ لَمْ
يُبْلَلْ بِغَيرِ دَمي ثَرَاهَا
مَمْنُوعَة ، لا ظِلُّهَا
يدنو إليَّ ولا جناها
أكذا تذوب عليكمُ
نَفسِي، وَما بَلَغَتْ مُناهَا
جسد يقلّب للضنى
بيديْ طُبَيِّبة سواها
أين الوجوه أحبها
وأودّ لو أني فداها
أمسى لها متفقداً
في العائدين ولا أراها
واهاً ولولا أن يلو
مَ اللاّئمونَ، لقُلتُ: آهَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اكبح النفس إن جمـ
اكبح النفس إن جمـ
رقم القصيدة : 10462
-----------------------------------
اكبح النفس إن جمـ
حتُ إلى غاية بها
أنا مولى لشهوتي
وسوايَ عبد لها
لا يذلّ العزيز إلاَّ
لاّ إذا رَامَ مَسّهَا
لَوْ رَأى المُسْتَغِرُّ مَا
ضَرَرُ اللّهْوِ مَا لَهَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لمن بعده أسيافه وقناه(3/65)
لمن بعده أسيافه وقناه
رقم القصيدة : 10463
-----------------------------------
لمن بعده أسيافه وقناه
ومن يولع البيض الرقاق سواه
فقد كان يرجو أن ينال مناه
فَخَلّفَني فَرْداً، وَنَالَ رَداهُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> عَلِقَ القَلْبُ مَنْ أطَالَ عَذابي
عَلِقَ القَلْبُ مَنْ أطَالَ عَذابي
رقم القصيدة : 10464
-----------------------------------
عَلِقَ القَلْبُ مَنْ أطَالَ عَذابي
وَرَوَاحي عَلى الجَوَى وَغُدُوّي
وَافتَرَقْنَا في مَذهَبِ الحُبّ شَتّى
بين تقصيره وبين غلوّي
كَانَ عِنْدِي أنّ الحَبيبَ شَقيقي
في التصافي فكان عين عدوّي
ساءَني، مُذ نأيتُ، نِسيانُ ذِكرِي
فاذكروني ولو ذكرتُ بسوِّ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أقول لركب رائحين لعلكم
أقول لركب رائحين لعلكم
رقم القصيدة : 10465
-----------------------------------
أقول لركب رائحين لعلكم
تَحِلّونَ مِنْ بَعدي العَقيقَ اليَمانيَا
خذوا نظرة مني فلاقوا بها الحمى
وَنَجداً وَكُثبانَ اللّوَى وَالمَطالِيَا
ومرّوا على أبيات حيّ برامة
فَقُولُوا: لَديغٌ يَبتَغي اليَوْمَ رَاقِيَا
عَدِمْتُ دَوَائي بالعِرَاقِ فَرُبّمَا
وَجَدْتُمْ بِنَجدٍ لي طَبيباً مُداوِيَا
وقولوا لجيران على الخيفِ من منى
تُرَاكُمْ مَنِ استَبدَلتُمُ بجِوَارِيَا
ومن حل ذاك الشعب بعدي وراشقت
لواحظه تلك الظباء الجوازيا
ومن ورد الماء الذي كنت وارداً
بهِ وَرَعَى الرّوْضَ الذي كنتُ رَاعِيَا
فوالهفتي كم لي على الخيفِ شهقة
تَذُوبُ عَلَيها قِطعَة ٌ مِن فُؤادِيَا
صَفا العَيشُ من بَعدي لحَيٍّ على النّقا
حلفتُ لهمْ لا أقرَبُ المَاءَ صَافِيَا
فَيَا جَبَلَ الرّيّانِ إنْ تَعرَ مِنهُمُ
فإنّي سَأكْسُوكَ الدّموعَ الجَوَارِيَا
ويا قرب ما أنكرتمُ العهد بيننا
نَسيتُمْ وَما استَوْدَعتُمُ الوُدّ ناسِيَا
أأنكرتمُ تسليمنا ليلة النّقا
وموقفنا نرمي الجمار لياليا(3/66)
عَشِيّة َ جَارَاني بِعَيْنَيْهِ شَادِنٌ
حديث النوى حتي رمى بي المراميا
رمى مقتلي من بين سجفي عبيطه
فيا راميا لا مسّك السوء راميا
فيا ليتني لم أعل نشزاً إليكمُ
حراماً ولو أهبط من الأرضِ واديا
ولم أدر ما جمعٌ وما جمرنا منى
ولم ألقَ في اللاقين حيّاً يمانيا
ويا ويح قلبي كيف زايدت في منى ً
بذي البَانِ لا يُشرَينَ إلاّ غَوَالِيَا
ترحلت عنكم لي أماميَ نظرة
وعشر وعشر نحوكم لي ورائيا
وَمِنْ حَذَرٍ لا أسألُ الرّكْبَ عنكُمُ
وَأعلاقُ وَجْدي باقِيَاتٌ كما هِيَا
ومن يسأل الركبان عن كل غائب
فلا بدّ أن يلقى بشيراً وناعيا
وما مغزل أدماء تزجي بروضة
طَلاً قاصِراً عن غايَة ِ السّرْبِ وَانِيَا
لها بغمات خلفه تزعج الحشى
كجس العذارى يختبرن الملاهيا
يحور إليها بالبغام فتنثني
كما التفت المطلوب يخشى الأعاديا
بأروع من ظمياء قلباً ومهجة
غداة سمعنا للتفرّق داعيا
تودعنا ما بين شكوى وعبرة
وقد أصبح الركب العراقيّ غاديا
فلم أرَ يوم النفر أكثر ضاحكاً
ولم أرَ يوم النّفر أكثر باكيا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> من رأى أعيناً حذ
من رأى أعيناً حذ
رقم القصيدة : 10466
-----------------------------------
من رأى أعيناً حذ
ـنَ الدّمُوعَ الجَوَارِيَا
قد عرفن السهاد
ـتّى نَكَرْنَ اللّيَالِيَا
تَتْبَعُ النّجْمَ نَظْرَة ٌ
والوميض اليمانيا
كُلَّ يَوْمٍ يَجِدْنَ رَبْـ
ـعاً مِنَ الحَيّ خَالِيَا
بدموع روائحا
وَدِمَاءٍ غَوَادِيَا
إنْ تَرَ الطّرْفَ دامِعاً
فاعلم القلب داميا
قُلْ لِوَادٍ عَلى الثّوِ
يّة ِ: حُيّيتَ وَادِيَا
أينَ قَوْمٌ عَهِدْتُهُمْ
يَمْلَؤونَ المَقَارِيَا
لا يُخَلّى غَدِيرُهُمْ
عن حيا الماء ظاميا
لحَّبوا المجد وابتنوا
في المعالي مبانيا
وَثَبُوهَا، وَغَيرُهُمْ
صعدوها مراقيا
معشر إن بلوتهم
غَيْبَهُمْ وَالمَبَادِيَا
كَرُمُوا أنْفُساً عظَا
ماً، وَرَاقُوا مَجَالِيَا
وملوك قادوا الرؤ
س مطيعاً وآبيا(3/67)
لا يبالون في القيا
دِ الرقاب العواصيا
وإذا اليوم قرّبوا
للطّعَانِ المَذاكِيَا
اعجلوا الملجمات أو
رَكِبُوهَا عَوَارِيَا
وسوا في ظهورها
يَعلَقُونَ النّوَاصِيَا
كَأُسُودِ الشّرَى رَكِبـ
ـنَ الظّبَاءَ العَوَاطِيَا
وإذا ما غدا فم الشـ
ـسِ بالنّقْعِ رَاغِيا
حفظوا عورة العلى
وَرَقُوا للعَوَالِيَا
كم رموا بالمطيّ تلك
ـكَ الحُزُونَ الفَيَافِيَا
يَعْسِفُونَ الذُّرَى وَيَعْـ
ـتَسِفُونَ المَوَامِيَا
جَمّلُوا شَحْمَة َ السّنَا
مِ، وَقَدْ كَانَ وَارِيَا
كل صلّ يبيت في
مربأ النجم رابيا
زَحَمَتْ مِنْهُمُ المَنُو
نُ الجِبَالَ الرّوَاسِيَا
لم تخف منهمُ القنا
والدروع الأواقيا
قلل للعلاءِ عا
دت ترابا وسافيا
وعظام البلاءِ صا
روا عظاماً بواليا
ومضوا معقبين إر
ثاً من المجدِ باقيا
كُلّمَا أحْرَزُوا المَكَا
رم شادوا المعاليا
فهمُ اليوم جيرة
لا يجيبون داعيا
قرع الذل منهمُ
مَارِناً كَانَ حَامِيَا
وَأنَاخُوا مُنَاخَ مَنْ
لم يرَ الدّهرَ ساريا
طوّحتهم أيدي المنو
نِ الغُيُوبَ الأقَاصِيَا
كَنِبَالِ القَارِيّ يَرْ
مي بِهِنّ المَرَامِيَا
كنت من مجدهم
ـلُّ الذُّرَى وَالرّوَابِيَا
وَإذا شِئْتُ زَاحَمُوا
بالقَنَا مِنْ وَرَائِيَا
أقرَضُوني، مِنْ عِزّهمْ
وَازِنَ القَدْرِ وَافِيَا
فجزوا إن قضيتهم
من يدي أو لسانيا
وَإذا أعْوَزَ الجزَا
ءُ جَزَيْتُ القَوَافِيَا
وأرى بعدهم موا
مق قومي مراميا
ورجالاً قد أعبقوا
بِالبُرُودِ المَخَازِيَا
إن لقوني أصادقاً
فَارَقُوني، أعَادِيَا
مَا تَرَى النّاسَ كالبِهَا
مِ يُوَقِّعْنَ ضَارِيَا
كُلَّ يَوْمٍ يُجَهّزُو
نَ إلى اللَّهِ غَازِيَا
ويقودون ساليا
عَنْ قَلِيلٍ وَنَاسِيَا
ريعة الذود قد أمِ
نَّ على القربِ حاديا
قَدْ رَجَعْنَا ضَوَاحِكاً
وَمَضَيْنَا بَوَاكِيَا
وَتَرَى المَرْءَ إنْ رَأى
عارض الخطب رانيا
خَافِقَ الجَأشِ نَاظِراً
مَنْ يُجيبُ الدّوَاعِيَا
فَإذا انْجَابَ لَيْلُهُ(3/68)
وَانْجَلَى عَنْهُ نَاجِيَا
طرح الهمّ جانبا
وتمنَّى الأمانيا
ما لهذا الزمان يلقي
ـقي عَلَيْنَا المَرَاسِيَا
كُلَّ يَوْمٍ يَجْلُو عَلَيْـ
خطوباً عودايا
كم طوى بالردى
صفيّاً لقلبي مصافيا
ثالث الناظرين
عزّاً وللنفس ثانيا
صار بالدمع آمراً
فِيهِ مَنْ كَانَ نَاهِيَا
أغْتَدي مِنْهُ عَاطِلاً
بعد ما كنت حاليا
عطل الكأس لا تحـ
سّ النديم المعاطيا
إنْ تَفِضْ عَبرَتي تَجِدْ
كمد القلب باقيا
رُبّمَا تَعْرِفُ الجَوَى
وترى الدمع غاليا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ما مقامي على الهوان وعندي
ما مقامي على الهوان وعندي
رقم القصيدة : 10467
-----------------------------------
ما مقامي على الهوان وعندي
مِقْوَلٌ صَارِمٌ وَأنْفٌ حَمِيُّ
وإباءٌ محلّق بي عن الضيم
كما راغ طائر وحشيّ
أيُّ عُذْرٍ لَهُ إلى المَجْدِ إنْ ذُ
لّ غُلامٌ في غِمدِهِ المَشْرَفيّ
ألبس الذلّ في ديار الأعادي
وبمصر الخليفة العلويّ
مَنْ أبُوهُ أبي وَمَوْلاهُ مَوْلا
يَ إذا ضامني البعيد القصيّ
لفّ عرقي بعرقه سيد النا
سِ جَمِيعاً مُحَمّدٌ وَعَليّ
إنّ ذُلّي بذَلِكَ الجَوّ عِزٌّ
وَأُوَامي بِذَلِكَ النّقْعِ رَيّ
قد يذل العزيز ما لم يشمّرْ
لانْطِلاقٍ وَقَدْ يُضَامُ الأبيّ
إنّ شَرّاً عَليّ إسْرَاعُ عَزْمي
في طلابِ العلى وحظي بطي
أرتضي بالأذى ولم يقف العز
م قصوراً ولم تعزّ المطي
كالذي يخبط الظلام وقد أقـ
ـمَرَ مِنْ خَلْفِهِ النّهَارُ المُضِيّ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أتَذْهَلُ بَعْدَ إنْذارِ المَنَايَا
أتَذْهَلُ بَعْدَ إنْذارِ المَنَايَا
رقم القصيدة : 10468
-----------------------------------
أتَذْهَلُ بَعْدَ إنْذارِ المَنَايَا
وَقَبْلَ النّزْعِ أنْبَضَتِ الحَنَايَا
رويدك لا يغرُّك كيد دنيا
هي المرنان مصمية الرّمايا
فإنّك سالك منها طريقاً
تُقَطَّعُ فِيهِ أرْقَابُ المَطَايَا
أترجو الخلد في دار التفاني(3/69)
وَأمْنَ السّرْبِ في خُطَطِ البَلايَا
وتغلق دون ريب الدهر باباً
كَأنّكَ آمِنٌ قَرْعَ الرّزَايَا؟
وَإنّ المَوْتَ لازِمَة ٌ قِرَاهُ
لزُومَ العَهْدِ أعْنَاقَ البَرَايَا
لنا في كل يوم منه غاز
له المرباع منا والصفايا
بجيشٍ لا غبار لحجرتيه
قليل الرزء غرار السرايا
مُغِيرٌ لا يُفَادي بالأسَارَى
وَسَابٍ لا يَمُنّ عَلى السّبَايا
إذا قلنا أغبّ رأيت منه
كميشَ الذّيْلِ يَطّلِعُ الثّنَايَا
غَشُومُ النّابِ تَصْرِفُ ناجِذاهُ
إذا أبْقَى أحَالَ عَلى البَقَايَا
يُطِيلُ غُرُورُنَا مُهَلَ الأمَاني
وننسى بعده عجل المنايا
وهذا الدهر تحدوني يداه
حداء الطلح بالإبل الرذايا
إذا ما قلت روّحْ عقر ظهري
من الإدلاج أغبط بالحوايا
وَإنّ النّائِبَاتِ لَهَا حُمَاة ٌ
وإن كثر الرقاب والربايا
إذا أبْطَأنَ بالغَدَوَاتِ فَاعْبَأ
قِرًى لِضُيُوفِهِنّ مَعَ العَشَايَا
وَمِنْ عَجَبٍ صُدُودُ الحَظّ عَنّا
إلى المُتَعَمّمِينَ عَلى الخَزَايَا
أسفّ بمن يطير إلى المعالي
وَطَارَ بِمَنْ يُسِفّ إلى الدّنَايَا
تَرَى لَهُمُ المَزَايَا إنْ أرَمّوا
وَإنْ نَطَقُوا رَأيتَ لَنَا المَزَايَا
غَباوَة ُ هاجرِ الدّنيا، وَكَيدٌ
وَلا كَيْدُ الفَوَاجِرِ وَالبَغَايَا
وإنَّ ظهورهم لو كان نصف
مِنَ الأنْعَامِ أوْلى بالوَلايَا
جرت بهمُ الحظوظ مع القدامى
وَأسْقَطَنَا الزّمَانُ مَعَ الرّدايَا
ففاقوا في المراتب والمعالي
وَفُقْنَا في الضّرَائِبِ وَالسّجَايَا
لهُمْ عَن مالِهِمْ نَفَحاتُ كَيدٍ
قِرَاعَ الدَّبْرِ ذادَ عَنِ الخَلايَا
ذَمَمْنَا كُلّ مُرْتَجِعٍ عَطاءً
وَلمْ يُعْطُوا، فيَرْتَجعُوا العَطايَا
فَلَوْلا اللَّهُ لارْتَابَتْ قُلُوبٌ
بَقَاضٍ لا يُجَوَّرُ في القَضَايَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> مضى حسب من الدنيا ودين
مضى حسب من الدنيا ودين
رقم القصيدة : 10469
-----------------------------------
مضى حسب من الدنيا ودين(3/70)
وَأُعْقِبَ مِنْهُمَا عَارٌ وَغَيُّ
فَذاكَ الطّيّ للمَاضِينَ نَشْرٌ
وهذا النشر للباقين طيّ
تقدمت الذوائب والقدامى
وخلّد بعدها هيّ وبيّ
يعزّ عليَّ أن يمضى وتبقى
وإن يرد المنون وأنت حيّ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أيَعْلَمُ قَبْرٌ بالجُنَيْنَة ِ أنّنَا
أيَعْلَمُ قَبْرٌ بالجُنَيْنَة ِ أنّنَا
رقم القصيدة : 10470
-----------------------------------
أيَعْلَمُ قَبْرٌ بالجُنَيْنَة ِ أنّنَا
أقمنا به ننعي الندى والمعاليا
حَطَطْنَا، فَحَيّيْنَا مَسَاعِيهِ أنّهَا
عِظَامُ المَساعي لا العِظام البَوَالِيَا
مَرَرْنَا بِهِ، فَاستَشْرَفَتْنَا رُسُومُه
كما استشرَفَ الرّوْضُ الظّباءَ الجوَازِيَا
وما لاح ذاك الترب حتى تحلبت
من الدمعِ أوشال ملأن المآقيا
نَزَلْنَا إلَيْهِ عَنْ ظُهُورِ جِيَادِنَا
نكفكف بالأيدي الدموع الجواريا
وَلمّا تَجاهَشنا البُكَاءَ وَلمْ نُطِقْ
عن الوجد أقلاعاً عذرنا البواكيا
أقول لركب رائحين تعرجوا
أُرِيكُمْ بِهِ فَرْعاً من المَجْدِ ذاوِيَا
المّوا عليه عاقرين فإننا
إذا لمْ نَجِدْ عَقراً عَقَرْنا القَوَافِيَا
وحطّوا به رحل المكارم والعلى
وكبّوا الجفان عنده والمقاريا
وَلَوْ أنْصَفُوا شَقّوا عَلَيهِ ضَمَائِراً
وَجَزّوا رِقَاباً بالظُّبَى لا نَوَاصِيَا
وَقَفنا، فأرْخَصْنَا الدّموعَ، وَرُبّما
تَكُونُ عَلى سَوْمِ الغَرَامِ غَوَالِيَا
ألا أيّهَا القَبرُ الذي ضَمّ لَحْدُهُ
قَضِيباً عَلى هَامِ النّوَائِبِ مَاضِيَا
هَلِ ابنُ هِلالٍ مُنذُ أوْدَى كعَهدِنا
هلالاً على ضوءِ المطالع باقيا
وتلك البنان المورقات من الندى
نَوَاضِبُ مَاءٍ أوْ بَوَاقٍ كمَا هِيَا
فإنْ يَبلَ مِنْ ذاكَ اللّسانِ مَضَاؤهُ
فإنّ بِهِ عُضْواً مِنَ المَجْدِ بَاقِيَا
يُجيبُ الدّوَاعي جَائِداً وَمُدافِعاً
هناك مرمّ لا يجيب الدواعيا
وما كنت آبى طول لبثٍ بقبره
لَوَ أنّي، إذا استَعدَيتُهُ، كانَ عادِيَا(3/71)
ترى الكلم الغرَّات من بعد موته
نَوَافِرَ عَمّنْ رَامَهُنّ، نَوَائِيَا
هُوَ الخاضِبُ الأقلامِ نَالَ بهَا عُلًى
تقاصر عنها الخاضبون العواليا
معيد ضراب باللسان لو أنه
بِيَوْمِ وَغًى فَلّ الجُرَازَ اليَمَانِيَا
مَرِيرُ القُوَى نَالَ المَعاليَ وَاثِباً
إذا غَيرُهُ نَالَ المَعاليَ حَابِيَا
مَضَى لمْ يُمانِعُ عَنهُ قَلْبٌ مُشَيَّعٌ
إذا همّ لم يرجع عن الهمّ نابيا
وَلا مُسنِدُوهُ بالأكُفّ عنِ الحَشَى
على جزع والمفرشوه التراقيا
ولا ردّ في صدرِ المنون براحة
يَرُدّ بهَا سُمْرَ القَنَا وَالمَوَاضِيَا
خَلا بَعدَكَ الوَادي الذي كنتَ أُنسَهُ
وَأصْبَحَ تَعْرُوهُ النّوَائِبُ وَادِيَا
أرَاحَتْ عَلَيْنَا ثَلّة ُ الوَجْدِ تَرْتَعي
ضَمَائِرَنَا أيّامَهَا وَاللّيَالِيَا
وَلَوْلاكَ كانَ الصّبرُ مِنْكَ سَجِيّة ً
تراثاً ورثناه الجدود الأَواليا
رَضِيتُ بحُكْمِ الدّهْرِ فيكَ ضَرُورَة ً
ومن ذا الذي يغدو بما ساء راضيا
وطاوعت من رام انتزاعك من يدي
وَلَوْ أجِدُ الأعوَانَ أصْبَحتُ عَاصِيَا
وطأمنت كيما يعبر الخطب جانبي
فَألقَى عَلى ظَهْرِي وَجَرّ زِمَامِيَا
ملأت بمحياك البلاد فضائلاً
وَيَمْلأُ مَثْوَاكَ البِلادَ مَنَاعِيَا
كمَا صَمّ عَالي ذِكرِكَ الخَلقَ كُلَّهُ
كَذاكَ أقَمْتَ العَالَمِينَ نَوَاعِيَا
رَثَيتُكَ كَيْ أسلوكَ فازْدَدتُ لَوْعة ً
لأنّ المَرَاثي لا تَسُدّ المَرَازِيَا
وَأعلَمُ أنْ لَيسَ البُكاءُ بِنَافِعٍ
عليكَ ولكنّي أُمنّي الأمانيا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أمُلْتَمِساً مِنّي صَديقاً لِنَوْبَة ٍ
أمُلْتَمِساً مِنّي صَديقاً لِنَوْبَة ٍ
رقم القصيدة : 10471
-----------------------------------
أمُلْتَمِساً مِنّي صَديقاً لِنَوْبَة ٍ
وأنت صديقي لا أرى لك ثانيا
لحَا اللَّهُ دَهْراً خَانَني فيهِ أهْلُهُ
وأحشمني حتى احتشمت الأدانيا
فَلَسْتُ أرَى إلاّ عَدُوّاً مُكَاشِفاً
ولست أرى إلاّ صديقاً مداجيا(3/72)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أأُنكر والمجد عنوانيه
أأُنكر والمجد عنوانيه
رقم القصيدة : 10472
-----------------------------------
أأُنكر والمجد عنوانيه
ومُخبرتي عند أقرانيه
وَيُعْرَفُ غَيرِي بِلا مِيسَمٍ
مُبِينٍ، وَلا غُرّة ً ضَاحِيَهْ
ألا قاتل الله هذا الأنام
وَقَاتَلَ ظَنّي وَآمَالِيَهْ
ودهراً يموّل ذلاته
وَلا يَدْخَرُ العُدْمَ إلاّ لِيَهْ
إذا ما تَمَاثَلْتُ مِنْ غُصّة ٍ
أعَادَ المِرَارَ فَسَقّانِيَهْ
فَيَا لَيتَ حَظّيَ مِنْ ذا الزّمَا
نِ رَدُّ نَوَائِبِهِ الجَارِيَهْ
زَمَانٌ عَدا العَيُّ أبْنَاءَهُ
فَأفصَحُ مِنْ نَاطِقٍ رَاغِيَهْ
سؤالاً فهل يخبرنْ سالف
من العيش قطَّع أقرانيه
ألا أينَ ذاكَ الشّبابُ الرّطِيـ
ـبُ، أمْ أينَ لي بِيضُ أيّامِيَهْ
مَشَى الدّهْرُ بَيْني وَبَينَ النّعيـ
ـمِ ظُلماً، وَغَيّرَ مِن حَالِيَهْ
نظرت وويل أمها نظرة
ببيضاء في عارضي باديه
يَقُولُونَ: داعِيَة ٌ الشّبَابِ
فقُلتُ: وَلَكِنّهَا نَاعِيَهْ
ألا قطع الناس حبل الوفاء
وَأُولِعَ بالغَدْرِ خُلاّنِيَهْ
وَصِرْتُ أُعَدّدُ في ذا الزّمَانِ
صَديقيَ أوّلَ أعْدائِيَهْ
أضرُّ الأنام ليَ الأقربون
وأعدى الورى ليَ جيرانيه
إلى كَمْ أُخَفّضُ مِنْ عَزْمتي
وكم يأكُلُ العَضْبُ أغمادِيَهْ
فلله عزميَ لو أنه
على قدرِ عزميَ سلطانيه
سَتَسمَعُ بي شارِداً في البِلادِ
لأمر أغيّر انسانيه
وَقَدْ أغتَدي غَرَضَ النّائِبَا
تِ، لا يُتّقَى الرّوْع إلاّ بَيَهْ
نديماً جذيمة لي في البلاد
نديمان والظلمة الداجية
عَلِيقُ جِيَادِيَ شَمُّ النّسِيـ
والظمءُ سائق أذواديه
دفعنَ فمن مقلة بالدمو
ع رياً ومن مهجة صاديه
يُطِرْنَ سَوَابِكَ جَعْدِ اللُّغامِ
على القور والقلل السامية
وفي كل يوم بلا غاية
تُقَعقِعُ للبَيْنِ أعْمادِيَهْ
وأزرق ماء كلون الزجا
ج بالرمل جمته طاميه
سَبَقْتُ إلَيْهِ وُفُودَ القَطَا
فلله سيري وإغذاذيه
وقد مال جل الدجا والصباح(3/73)
كشقراء في جُدُدٍ عاديه
أرى غمرة يتّقيها الرجا
لُ مَحفُوفَة ً بالقَنا طَاغِيَهْ
سَألقَى بِنَفْسِيَ أهْوَالَهَا
فإماً العلاء أو الداهيه
أنوماً ألذّ على ذلة
وَيَعرَى مِنَ الذّلّ أضْدادِيَهْ
وَأرْعَى المُنى دونَ أن أستَشيرَ
قَناً خَالِقاً وَظُبًى فَارِيَهْ
وَأعزَلَ نَاءٍ عَنِ المَكْرُماتٍ
يرَى المَوْتَ من دونِ لُقيَانِيَهْ
مدَحتُ فكانَ جَزَاءَ المَديح
قَبُولُ نِظَامي وَأشْعَارِيَهْ
فصَرّحْتُ بالذّمّ حتّى تَرَكْـ
ـتُ شَنعاءَ مِن عِرْضِه دامِيَهْ
ولم أهجه بهجائي له
ولكنْ هجوت به القافيه
ألا ما أُفَيصِحَ هذا الكَلامَ
لَوَ أنّ لَهُ أُذُناً وَاعِيَهْ
فلا يذمم الأمل المستغر
ألا رُبّمَا ضَلّتِ الهَادِيَهْ
وقد ينكل المستغير الشجا
عُ حِيناً وَتُخطي اليدُ الدّامِيَهْ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ودجاً هتكت قناعه
ودجاً هتكت قناعه
رقم القصيدة : 10473
-----------------------------------
ودجاً هتكت قناعه
عن وجه طامسة خفيّه
تَسْرِي كوَاكِبُهُ إلى الإ
صْبَاحِ، وَاللّيْلُ المَطِيّهْ
والنّجم وجه مقبل
والبدر مرآة صديّه
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أراعي بلوغ الشيب والشيب دائيا
أراعي بلوغ الشيب والشيب دائيا
رقم القصيدة : 10474
-----------------------------------
أراعي بلوغ الشيب والشيب دائيا
وأفني الليالي والليالي فنائيا
وَمَا أدّعي أنّي بَرِىء ٌ مِنَ الهَوَى
ولكنني لا يعلم القوم ما بيا
تَلَوّنَ رَأسِي، وَالرّجَاءُ بحَالِهِ
وَفي كُلّ حَالٍ لا تَغُبّ الأمَانِيَا
خليليَّ هل تثني من الوجدِ عبرة
وهل ترجع الأيام ما كان ماضيا
إذا شئت أن تسلى الحبيب فخله
وراءَك أياماً وجرّ اللياليا
أعفّ وفي قلبي من الحبّ لوعة
وليس عفيفاً تارك الحب ساليا
إذا عَطَفَتْني للحَبيبِ عَوَاطِفٌ
أبيتُ وفات الذلّ من كان آبيا
وغيريَ يستنشي الرياح صبابة
وينشي على طول الغرام القوافيا
وَألقَى مِنَ الأحبابِ ما لَوْ لَقِيتُهُ(3/74)
من الناسِ سلّطت الظبا والعواليا
فَلا تَحسَبُوا أنّي رَضِيتُ بِذِلّة ٍ
ولكنّ حبّاً غادر القلب راضيا
رعى الله من ودّعته يوم دابق
ووليت أنهى الدمع ما كان جاريا
وَأكْتمُ أنْفَاسِي، إذا ما ذَكَرْتُهُ
وَما كلُّ ما تُخفيهِ، يا قَلبُ، خافِيَا
فعندي زفير ما ترقَّى من الحشى
وَعندي دُمُوعٌ مَا طَلَعنَ المَآقِيَا
مَضَى ما مَضَى مِمّنْ كَرِهتُ فرَاقَه
وَقد قَلّ عندي الدّمعُ إن كنتُ باكِيَا
ولا خير في الدنيا إذا كنتُ حاضراً
وَكان الذي يَغرَى به القَلبُ نائِيَا
إذا اللّيلُ وَارَاني خَفيتُ عن الكَرَى
وأيدي المطايا جنح ليلي إزائيا
وما طال ليلي غير أن علاقة
بقلبيَ تستقري بعيني الدراريا
ألا ليت شعري هل أرى غير موجع
وهل ألقين قلباً من الوجدِ خاليا
بأيّ جَنانٍ قارِحٍ أطلُبُ العُلَى
وَأُطمِعُ سَيفي أنْ يُبيدَ الأعادِيَا
إذا كنت أعطي النفس في الحبِّ حمها
وأودع قلبي والفؤاد الغوانيا
ولم أدن من ودٍّ وقد غاض ودّه
وَإنّي، إذا أبْدَى العَدُوُّ سَفَاهَة ً
تَعَمّدَني بالضّيْمِ حَتّى شكَوْتُهُ
ومن يشك لا يعدم من الناس شاكيا
وإني إذا التاث الصديق قطعته
وَإن كانَ يوْماً رَائحاً كنتُ غَادِيَا
سجية مضّاءٍ على ما يريده
مقضّ على الأيامِ ما كان قاضيا
أرى الماء أحلى من رضابٍ أذوقه
وأحسن من بيض الثغور الأقاحيا
وأطيب من داري بلاداً أجوبها
إلى العِزّ جَوْبي بالبَنَانِ رِدائِيَا
وربّ منى سددت فيه مطالبي
وَأيّ سِهَامٍ لَوْ بَلَغنَ المَرَامِيَا
وَهَمٌّ سَقَيتُ القَلبَ مِنهُ، وَحاجَة ٌ
ركبت إليها غارب الليل عاريا
وعارية الأيام عندي نسيئة
أسأتُ لها قبل الأوان التقاضيا
أرَى الدّهرَ غَصّاباً لِما لَيسَ حَقَّهُ
فَلا عَجَبٌ أنْ يَستَرِدّ العَوَارِيَا
وَما شِبتُ من طُولِ السّنِينَ، وَإنّما
غبار حروب الدهر غطَّى سواديا
وَما انحَطّ أُولى الشَّعرِ حتى نعَيتُهُ
فبَيّضَ هَمُّ القَلْبِ بَاقي عِذارِيَا
أرى الموت داءً لا يبلّ عليله(3/75)
وَما اعتَلّ مَن لاقَى من الدّهرِ شافِيَا
فما لي وقرنا لا يغالب كلما
مَنَعْتُ أمَامي جَاءَني مِنْ وَرَائِيَا
يحرّكني من مات لي بسكونه
وَتَجديدُ دَهرِي أن أُرَى الدّهرَ باكيَا
وَأبعَدُ شيءٍ مِنكَ ما فاتَ عَصرُهُ
وَأقرَبُ شيءٍ منكَ ما كانَ جائِيَا
ولست بخزَّانٍ لمال وإنما
تراث العلى والفضل والمجد ماليا
وإتلاف مالي عن حياتي الذلي
ولا خير أن يبقى وأصبح فانيا
وَإنّي لألقَى رَاحَتي في تَقَنُّعي
وَفي طَلَبِ الإثْرَاءِ طولَ عَنائِيَا
وَإنّيَ إنْ ألقَى صَدِيقاً مُوَافِقاً
وَذَلِكَ شيْءٌ عازِبٌ عَنْ رَجائِيَا
وإنَّ غريب القوم من عاش فيهمُ
وليس يرى إلاَّ عدواً مداجيا
وأكثر من تلقاه كالسيف مرهفا
عَلَيكَ وَإنْ جَرّبتَهُ كان نَابِيَا
وما أنا إلاّ غمد قلبي فإن مضى
مَضَيتُ، وَمَا لي مِنّة ٌ في مَضَائِيَا
وَما حَمَلَتْني العِيسُ إلاّ مُشَمِّراً
لأخرق ليلاً أو لأقطع واديا
طوارح أيدٍ في الليالي كأنها
تجاري إلى الصبح النجوم الجواريا
إذا مَا رَحَلْنَاها مِنَ الصّيفِ لَيلَة ً
فَلا حَلّ حَتّى يَنظُرَ النّجمَ رَائِيَا
طَوَاهنّ طَيَّ السيرِ في كُلّ مَهمَهٍ
ورحنَ خماصاً قد طوينَ المواميا
مَرَرْنَ بِمَيّاسِ الثُّمَامِ وَحَزْنِهِ
خِفَافاً كَأطْرَافِ العَوَالي نَوَاجِيَا
وَكَمْ جاوَزَتْ مِنْ رَمْلَة ٍ ثمّ عاقِرٍ
وَأُخرَى يَضُفّ الرّوْضُ فيها الغَوَاديَا
ومن نفر لا يعرف الضيفَ كلبهم
وَيَسغَبُ حتّى يَقطَعَ اللّيلَ عَاوِيَا
تهاب الندى أيديهم فكأنما
تلاطم من بذلِ النوال الأثافيا
وأعلى الورى من وافق الرمح باعه
وَكَانَ لَهُ في كبّة ِ الخَيْلِ سَاقِيَا
وَأشرَفُهم مَن يُطلِقُ الكَفَّ بالنّدى
سَخِيّاً، ببَذلِ المالِ، أوْ مُتَساخيَا
وإن أمير المؤمنين لحابس
رِكَابيَ أنْ أرْمي بهَا مَا أمَامِيَا
مُعيني عَلى الأيّامِ إنْ غالَبَتْ يَدِي
وإن كنت معدوّاً عليَّ وعاديا
إذا شِئْتُ عَنهُ رِحْلَة ً حَطّ جُودُهُ(3/76)
حقائب أذوادي وردّ المثانيا
ولولاه ما انصانت لوجهي طلاوة
وَلا كُنتُ إلاّ شاحِبَ اللّوْنِ طاوِيَا
جريأً أروع الوحش في كلّ ظلمة
وأخلط بالنّقعِ المثار الدياجيا
هو السيف إن أغمدته كان حازماً
وَقُوراً، وَإنْ جَرّدتَهُ كانَ عادِيَا
له كلّ يوم معرك إن شهدته
تَرَى قُضُباً عُوناً وهاماً عَذارِيَا
يضمّ عليها جانب النقع بالقنا
يُبَادِرْنَ قُدّامَ السّيُوفِ التّرَاقِيَا
ويرسل في الأقرانِ كن خفية
تَخَالُ بهَا طَيراً مِنَ الرّيحِ هَافِيَا
ويثني جواداً من دم الطعن ناعلا
وَيُزْجي نَجيباً من وَجى السيرِ حافِيَا
تَسَافَهُ في الغَارَاتِ أشداقُ خَيلِها
على اللجمِ حتى تكرع الماء دميا
عظيم على غيظِ الرجال محسّد
غلوب إذا ما جاذبوه المعاليا
تغاديه إلاَّ في حرام مغامرا
وَتَلْقَاهُ إلاّ عَنْ نَوَالٍ مُحَامِيَا
وما قصبات السبق إلا لماجد
سعى فاحتوى دون الرجال المساعيا
أيا علم الإسلام والمجد والعلا
رضيناك مهديّاً لدين وهاديا
وَمَا حَمَلَتْكَ الخَيلُ إلاّ رَدَدْتَها
عَنِ الرَّوعِ حُمراً بالدّماءِ قَوَانِيَا
وشعث النواصي يتخذن دم الطُّلى
دِهَاناً وَأطْرَافَ العَوَالي مَدارِيَا
وَغَيرُكَ يَقْتَادُ الجِيَادِ لِغَارَة ٍ
وَيُرْجِعُهَا مُلْسَ الجُلُودِ كما هِيَا
وما الخيل إلاّ أن تكون سوابقاً
وَمَا الأُسدُ إلاّ أن تَكونَ ضَوَارِيا
وتترك صبح الجهل يغبّر ضوءُه
ونقعك أخَّاذٌ عليه الضواحيا
بِيَوْمِ طِرَادٍ يَصْطَلي القَوْمُ تَحتَهُ
بنار الحنايا والقنا والمواضيا
وجرد يناقلن الرماح عوابساً
وَيَرْمِينَ بالعَدْوِ القَطَا وَالحَوَامِيَا
خَوَارِجَ مِنْ ذَيْلِ الغُبَارِ كأنّها
أنَامِلُ مَقْرُورٍ دَنَا النّارَ صَالِيَا
بكل سنان لا يرى الدرع جُنَّة
وكل حسام لا يرى البيض واقيا
ولا سلم حتى يخضب الحرب أرضها
وَيَغدُو فَمُ البَيداءِ بالنّقعِ رَاغِيَا
إذا ما لَقيتَ الجَيشَ أفنَيتَ جُلّهُ
رَدًى وَرَدَدْتَ القَافلينَ نَوَاعِيَا(3/77)
وَمَا كُلّ مَنْ أوْمَى إلى العِزّ نالَهُ
وَدونَ العُلَى ضَرْبٌ يُدَمّي النّوَاصِيَا
إلى كَمْ أُمَنّي النّفسَ يَوْماً وَلَيلَة ً
وتعلّمني الأيام أن لا تلاقيا
وَكَمْ أنَا مَوْقُوفٌ عَلى كُلّ زَفرَة ٍ
عليل جوى لو أنَّ ناساً دوائياً
أيسنح لي روضاً وأصبح عازباً
ويَعرِضُ لي مَاءً وَأُصْبحُ صَادِيَا
وما أنا إلاّ أن أراك بقانع
وَإنْ كُنْتَ جَرّاراً إليّ الأعَادِيَا
تركت إليك الناس طراً وكلهم
يَتُوقُ إلى قُرْبِي وَيَهوَى مَقامِيَا
وَفَارَقْتُ أقْوَاماً كِرَاماً أكُفُّهُمْ
وما ضقت عنهم في البلادِ ملاقيا
وَيَمنَعُني مِنْ عادَة ِ الشّعرِ أنّني
رأيت لباس الذلّ بالمالِ غاليا
إذا لمْ أجِدْ بُدّاً مِنَ السّيفِ شِمتُه
وَفَقدِ ذَلُولٍ أرْكَبُ الصّعبَ ماشِيَا
فإنْ كنت لا أعلو على عودِ منبر
فلستُ ألاقي غير مجديَ عاليا
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ إنّي لَنَازِعٌ
إلَيكَ، وَإنْ لمْ أُعْطَ مِنكَ مُرَادِيَا
وَدُمتَ دوَامَ الشّمسِ وَالبَدرِ في الدُّنا
يجدد أياماً وينضو لياليا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا؟
يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا؟
رقم القصيدة : 10475
-----------------------------------
يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا؟
اِذْ رابَ دهرٌ وكانَ الدّهرُ ريَّاباَ
فابْكي أخاكِ لأيْتامٍ وأرْمَلَة ٍ،
وابكي اخاكِ اذا جاورتِ اجناباَ
وابكي اخاكِ لخيلٍ كالقطاعُصباً
فقدْنَ لَّما ثوى سيباً وانهاباَ
يعدُو بهِ سابحٌ نهدٌ مراكلهُ
مجلببٌ بسوادِ الَّليلِ جلباباَ
حتى يُصَبّحَ أقواماً، يُحارِبُهُمْ،
أوْ يُسْلَبوا، دونَ صَفّ القوم، أسلابا
هو الفتى الكامِلُ الحامي حَقيقَتَهُ،
مأْوى الضّريكِ اذّا مَا جاءَ منتابَا
يَهدي الرّعيلَ إذا ضاقَ السّبيلُ بهم،
نَهدَ التّليلِ لصَعْبِ الأمرِ رَكّابا
المَجْدُ حُلّتُهُ، وَالجُودُ عِلّتُهُ،
والصّدقُ حوزتهُ انْ قرنهُ هاباَ(3/78)
خطَّابُ محفلة ٍ فرَّاجُ مظلمة ٍ
انْ هابَ معضلة ً سنّى لهاَ باباَ
حَمّالُ ألويَة ٍ، قَطّاعُ أوديَة ٍ،
شَهّادُ أنجيَة ِ، للوِتْرِ طَلاّبا
سُمُّ العداة ِ وفكَّاكُ العناة ِ اذَا
لاقى الوَغَى لم يكُنْ للمَوْتِ هَيّابا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> وَخَرْقٍ، كأنْضاءِ القميصِ دَوِيّة ٍ،
وَخَرْقٍ، كأنْضاءِ القميصِ دَوِيّة ٍ،
رقم القصيدة : 10476
-----------------------------------
وَخَرْقٍ، كأنْضاءِ القميصِ دَوِيّة ٍ،
مخوفٍ رداهُ ما يقيمُ بهِ ركبُ
قطعتَ بمجذامِ الرَّواحِ كانَّها
اذا حطَّ عنها كورُهَا جملٌ صعبُ
يُعاتِبُها في بَعضِ ما أذنَبَتْ لهُ،
فيَضرِبُها، حيناً، وليسَ لها ذَنْبُ
وَ قدْ جعلتْ في نفسهَا انْ تخافهُ
وليسَ لها منهُ سَلامٌ ولا حَرْبُ
فَطِرْتَ بها، حتى إذا اشتَدّ ظِمْؤها،
وحُبَّ إلى القَوْمِ الإناخَة ُ والشُّرْبُ
انختَ اِلَى مظلومة ٍ غيرِ مسكنٍ
حَوامِلُها عُوجٌ، وَأفْنانُها رَطْبُ
فناطَا ليهَا سيفهُ ورداءهُ
وَجاءَ إلى أفْياءِ ما عَلّقَ الرَّكْبُ
فأغْفَى قَليلاً، ثمّ طارَ برَحْلِها،
ليَكسبَ مجداً، أوْ يَحورَ لها نَهْبُ
فثارَتْ تُباري أعوَجيّاً مُصَدِّراً،
طَويلَ عِذارِ الخدّ، جؤجؤه رَحْبُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا ابنَ الشّريد، على تَنائي بَيْنِنا،
يا ابنَ الشّريد، على تَنائي بَيْنِنا،
رقم القصيدة : 10477
-----------------------------------
يا ابنَ الشّريد، على تَنائي بَيْنِنا،
حُيّيتَ، غَيرَ مُقَبَّحٍ، مِكبابِ
فكهٌ عَلَى خيرِ الغذاءِ اذَاغدتْ
شهباءُ تقطعُ باليَ الاطنابِ
أرِجُ العِطافِ، مُهفهفٌ، نِعمَ الفتى
مُتَسَهِّلٌ في الأهْلِ والأجْنابِ
حامي الحَقيقِ تَخالُهُ عندَ الوَغَى
اسداً بيشة َ كاشِرَ الأنيابِ
اسداً تناذرهُ الرّفاقُ ضُبارماً
شَثْنَ البَراثِنِ لاحِقَ الأقرابِ
فَلَئِنْ هَلَكْتَ لقد غَنيتَ سَمَيذَعاً
مَحْضَ الضّريبَة ِ طَيّبَ الأثوابِ(3/79)
ضَخْمَ الدّسيعة ِ بالنّدى مُتَدَفّقاً
مَأوَى اليَتيمِ وغايَة َ المُنْتابِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ارقتُ ونامَ عنْ سهري صحابِي
ارقتُ ونامَ عنْ سهري صحابِي
رقم القصيدة : 10478
-----------------------------------
ارقتُ ونامَ عنْ سهري صحابِي
كَأنّ النّارَ مُشْعِلَة ٌ ثِيابي
إذا نَجْمٌ تَغَوّرَ كَلّفَتْني
خَوالِدَ ما تَؤوبُ إلى مَآبِ
فقدْ خلَّى ابُو اوفَى خلالاً
عَليّ فكُلّها دَخَلَتْ شِعابي
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ما بالُ عَيْنَيْكِ مِنْها دَمْعُها سَرَبُ
ما بالُ عَيْنَيْكِ مِنْها دَمْعُها سَرَبُ
رقم القصيدة : 10479
-----------------------------------
ما بالُ عَيْنَيْكِ مِنْها دَمْعُها سَرَبُ
أراعَها حَزَنٌ أمْ عادَها طَرَبُ
أم ذِكْرُ صَخْرٍ بُعَيْدَ النّوْمِ هَيّجها
فالدّمْعُ منها عَلَيْهِ الدّهرَ يَنسكِبُ
يا لهفَ نَفسي على صَخرٍ إذا رَكبَتْ
خَيْلٌ لخَيْلٍ تُنادي ثمّ تَضْطَرِبُ
قدْ كانَ حصناً شديدَ الرُّكنِ ممتنعاً
لَيثاً إذا نَزَلَ الفِتيانُ أوْ رَكِبُوا
أغَرُّ، أزْهَرُ، مِثلُ البَدرِ صُورَتُهُ،
صافٍ، عَتيقٌ، فما في وَجههِ نَدَبُ
يا فارِسَ الخَيْلِ إذْ شُدّتْ رَحائِلُها
ومُطعِمَ الجُوّعِ الهَلْكَى إذا سغبوا
كمْ منْ ضرائكَ هلاَّكٍ وَ ارملة ٍ
حلُّوا لديكَ فزالتْ عنهمُ الكربُ
سَقْياً لقَبرِكَ من قَبرٍ ولا بَرِحَتْ
جودُ الرَّواعدِ تسقيهِ وَ تحتلبُ
مَاذَا تضمَّنَ منْ جودٍ وَ منْ كرمٍ
وَ منْ خلائقَ مَا فيهنَّ مُقتضبُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ
يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ
رقم القصيدة : 10480
-----------------------------------
يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ
كلؤلؤٍ جالَ في الأسْماطِ مَثقوبِ
انّي تذكَّرتهُ وَالَّليلُ معتكرٌ
ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ
نِعْمَ الفتى كانَ للأضْيافِ إذْ نَزَلوا(3/80)
وسائِلٍ حَلّ بَعدَ النّوْمِ مَحْرُوبِ
كمْ منْ منادٍ دعا وَ الَّليلُ مكتنعٌ
نفَّستَ عنهُ حبالَ الموتِ مكروبِ
وَ منْ اسيرٍ بلاَ شكرٍ جزاكَ بهِ
بِساعِدَيْهِ كُلُومٌ غَيرُ تَجليبِ
فَكَكْتَهُ، ومَقالٍ قُلْتَهُ حَسَنٍ
بعدَ المَقالَة ِ لمْ يُؤبَنْ بتَكْذيبِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> تَقولُ نِساءٌ: شِبتِ من غيرِ كَبْرَة ٍ،
تَقولُ نِساءٌ: شِبتِ من غيرِ كَبْرَة ٍ،
رقم القصيدة : 10481
-----------------------------------
تَقولُ نِساءٌ: شِبتِ من غيرِ كَبْرَة ٍ،
وَ ايسرُ ممَّا قدْ لقيتُ يشيبُ
أقولُ: أبا حسّانَ: لا العَيشُ طَيّبٌ
وَ كيفَ وَ قدْ افردتُّ منكَ يطيبُ
فَتى السّنّ كهلُ الحِلمِ لا مُتَسَرّعٌ
ولا جامِدٌ جَعدُ اليَدَينِ جَديبُ
أخُو الفَضْلِ لا باغٍ علَيهِ لفَضْلِهِ
ولا هُوَ خُرْقٌ في الوُجوهِ قَطوبُ
اذَا ذكرَ النَّاسُ السَّماحَ منِ امرئٍ
وأكْرَمَ أوْ قالَ الصّوَابَ خَطيب
ذكرتكَ فاستعبرتُ وَ الصَّدرُ كاظمٌ
عَلَى غصَّة ٍ منهَا الفؤادُ يذوبُ
لَعَمْري لَقَد أوَهْيتَ قلبي عن العَزَا
وَ طأطأتَ رأسِي وَ الفؤادُ كئيبُ
لقَدْ قُصِمَتْ مني قَناة ٌ صَليبَة ٌ
ويُقْصَمُ عُودُ النَّبْعِ وهْوَ صَليبُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أعَينِ ألا فَابْكي لِصَخْرٍ بدَرّة ٍ
أعَينِ ألا فَابْكي لِصَخْرٍ بدَرّة ٍ
رقم القصيدة : 10482
-----------------------------------
أعَينِ ألا فَابْكي لِصَخْرٍ بدَرّة ٍ
اذا الخيلُ منْ طولِ الوجيفِ اقشعرَّتِ
اذا زجروهَا فِي الصَّريخِ وَطابقتْ
طِباقَ كِلابٍ في الهِراشِ وهَرّتِ
شددتَّ عصابَ الحربِ اذ هيَ مانعٌ
فألْقَتْ برِجْلَيها مَرِيّاً فَدَرّتِ
وَكانتْ اذا مَا رامهَا قبلُ حالبٌ
تَقَتْهُ بإيزاغٍ دَماً واقمَطَرّتِ
وَكانَ ابُو حسَّانَ صخرٌ اصابهَا
فارغثهَا بالرُّمحِ حتَّى اقرَّتِ
كَراهِيَة ٌ والصّبرُ منكَ سَجيّة ٌ
إذا ما رَحى الحرْبِ العَوَانِ استَدَرّتِ(3/81)
اقامُوا جنابْي رأسهَا وَترافدُوا
على صَعْبِها يَوْمَ الوَغى فاسبطَرَّتِ
عَوَانٌ ضَرُوسٌ ما يُنادى وَليدُها
تلقَّحُ بالمرَّانِ حتَى استمرَّتِ
حَلَفْتَ على أهْلِ اللّواءِ لَيوضَعَنْ
فما أحْنَثَتْكَ الخَيْلُ حتى أبَرّتِ
وخَيْلٌ تُنادى لا هَوَادَة َ بَيْنَها
مَرَرْتَ لها دونَ السَّوَامِ ومُرّتِ
كانَّ مدلاً منْ اسودِ تبالة ٍ
يكونُ لها حَيثُ استَدارَتْ وكَرّتِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> لهفي عَلَى صخرٍ فانّي اَرَى لهُ
لهفي عَلَى صخرٍ فانّي اَرَى لهُ
رقم القصيدة : 10483
-----------------------------------
لهفي عَلَى صخرٍ فانّي اَرَى لهُ
نوافلَ منْ معروفهِ قدْ تولَّتِ
وَلهفي عَلَى صخرٍ لقدْ كانَ عصمة ً
لمولاهُ إنْ نَعْلٌ بمولاهُ زَلّتِ
يَعُودُ على مَوْلاهُ مِنْهُ برَأفَة ٍ
اذا مَا الموالي منْ اخيهَا تخلَّتِ
وكنتَ إذا كَفٌّ أتَتْكَ عَديمَة ً
ترجي نوالاً منْ سحابكَ بلَّتِ
وَمختنقٍ راخَى ابنُ عمرٍو خناقهُ
وَغمَّتهُ عنْ وجههِ فتجلَّتِ
وظاعِنَة ٍ في الحَيّ لَوْلا عَطاؤهُ
غداة َ غدٍ منْ اهلهَا ما استقلَّتِ
وكُنْتَ لَنا عَيْشاً وَظِلَّ رَبَابَة ٍ
إذا نحنُ شِئْنا بالنّوالِ استَهَلّتِ
فتًى كانَ ذا حِلْمٍ أصيلٍ وتُؤدَة ٍ
اذَا مَا الحبَى منْ طائفِ الجهلِ حلَّتِ
وَما كرَّ الاَّ كانَ اوَّلَ طاعنٍ
ولا أبْصَرَتْهُ الخيلُ إلاّ اقْشَعَرّتِ
فيُدْرِكُ ثأراً ثمّ لم يُخطِهِ الغِنى
فمِثْلُ أخي يَوْماً بِهِ العَينُ قَرّتِ
فإنْ طَلَبُوا وِتْراً بَدا بِتِرَاتِهِمْ
وَيَصْبِرُ يَحْميهِمْ إذا الخَيلُ وَلّتِ
فلستُ ازرَّا بعدهُ برزَّية ٍ
فاذكرهُ الاَّ سلتْ وَتجلَّتِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ألا يا عينِ فانْهَمِري، وقَلّتْ ألا يا عينِ فانْهَمِري، وقَلّتْ
ألا يا عينِ فانْهَمِري، وقَلّتْ ألا يا عينِ فانْهَمِري، وقَلّتْ
رقم القصيدة : 10484
-----------------------------------(3/82)
ألا يا عينِ فانْهَمِري، وقَلّتْ ألا يا عينِ فانْهَمِري، وقَلّتْ
لمرزئة ٍاصبتُ بهَا تولَّتْ
لمرزئة ٍ كانَّ النَّفسَ منهَا
بُعَيْدَ النّوْمِ تُشْعَلُ يوْمَ غُلّتْ
ألا يا عَينُ وَيْحَكِ أسْعِديني
فقد عَظُمَتْ مُصيبَتُهُ وجلّتْ
مصيبتهُ عليَّ وَروَّعتني
فقَدْ خَصّتْ مصيبَتُهُ وعَمّتْ
لوَ أنّ الكَفّ تُقْبَلُ في فِداهُ
بذلتُ يدِي اليمينَ لهُ فشلَّتْ
كَما وَالى علَيَيْنا مِنْ نَداهُ،
وَشادَ لنَا المكارمَ فاستهلَّتْ
فلمْ ينزعْ وَما قصرتْ يداهُ
وَلمْ يبلغْ ثنائِي حيثُ حلَّتْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ جُودي بالدّموع
يا عَينِ جُودي بالدّموع
رقم القصيدة : 10485
-----------------------------------
يا عَينِ جُودي بالدّموع
المُسْتَهِلاّتِ السّوَافِحْ
فَيْضاً كما فاضَتْ غُرُوبُ
بُ المترعاتِ منَ النَّواضحْ
و ابكَي لصخرٍ اذْ ثوَى
بينَ الضَّريحة ِ والصَّفائحْ
رمساً لدَى جدثٍ تذيعُ م
بتربهِ هوجُ النَّوافحْ
السّيّدُ الجِّحْجاحُ وابنُ
السَّادة ِ الشُّمِّ الجحاجحْ
الحاملُ الثّقلَ المهمَّ م
مِنَ المُلِمّاتِ الفَوادحْ
الجابِرُ العَظْمَ الكَسيرَ
مِنَ المُهاصِرِ والمُمَانحْ
الواهِبُ المِئَة ِ الهِجَانِ
نِ من الخناذيذِ السوابحْ
الغافِرُ الذّنْبِ العَظيمِ
لذي القرابة ِ وَ الممالحْ
بتعمُّدٍ منهُ وَحلمٍ م
حينَ يبغي الحلمَ راجحْ
ذاكَ الّذي كُنّا بِهِ
نشفي المراضَ منَ الجوانحْ
وَيَرُدّ بادِرَة َ العَدوّ
وَنخوة ََ الشَّنفِ المكاشحْ
فأصابَنَا رَيْبُ الزّمَانِ
نِ فنالنَا منهُ بناطحْ
فكانَّمَا امَّ الزَّما
نُحُورَنا بمُدَى الذّبائِحْ
فَنِساؤنا يَنْدُبْنَ نَوْحاً
حاً بعدَ هادية ِ النَّوائحْ
يحننَّ بعدَ كَرى العيو
نِ حنينَ والهة ٍ قوامحْ
شَعِثَتْ شواحِبَ لا يَنينَ
اذَّا وَنَى ليلُ النَّوائحْ
يَنْدُبْنَ فَقْدَ أخي النّدى
وَالخيرِ وَالشّيمِ الصَّوالحْ
والجُودِ والأيْدي الطّوالِ(3/83)
المُسْتَفيضاتِ السّوامِحْ
فالآنَ نحنُ ومَنْ سِوَانا
نَامثلُ اسنانِ القوارحْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ذَري عنكِ أقوالَ الضّلالِ، كَفى بنا
ذَري عنكِ أقوالَ الضّلالِ، كَفى بنا
رقم القصيدة : 10486
-----------------------------------
ذَري عنكِ أقوالَ الضّلالِ، كَفى بنا
لكبشِ الوغَى في اليومِ وَ الأمسِ ناطحَا
فَخالِدُ أوْلى بالتّعَذّرِ مِنْكُمُ
غداة ََ علاَ نهجاُ منَ الحقِّ واضحاَ
عليكمْ باذنِ اللهِ يرجِي مصمّماً
سوانحَ لا تكبُو لهَا وَبوارحَا
نَعوا مالكاً بالتَّاجِ لمَّا هبطنهُ
عوابسُ في هَابي الغبارِ كوالحَا
فإنْ تَكُ قد أبكَتْكَ سلمى بمالِكٍ
تركنَا عليهِ نائحاتٍ وَنائحَا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> لا تَخَلْ أنّني لقيتُ رواحا
لا تَخَلْ أنّني لقيتُ رواحا
رقم القصيدة : 10487
-----------------------------------
لا تَخَلْ أنّني لقيتُ رواحا
بَعْدَ صَخْرٍ حتى أثَبْنَ نُوَاحَا
من ضَميري بلَوْعَة ِ الحُزْنِ حتى
نَكَأ الحُزْنُ في فُؤادي فِقاحا
لاَ تخلني انّي نسيتُ وَلا بلَّ
فُؤادي ولوْ شَرِبْتُ القَراحا
ذِكْرَ صَخْرٍ إذا ذَكَرْتُ نَداهُ
عِيلَ صَبري برُزْئِهِ ثمّ باحا
انَّ في الصَّدر اربعاً يتجاوبنَ
م حنيناً حتَّى كسرنَ الجناحَا
دَقّ عَظْمي وهاضَ مني جَناحي
هُلْكُ صَخْرٍ فَما أُطِيقُ براحا
مَن لِضَيْفٍ يحلّ بالحيّ عانٍ
بَعْدَ صَخْرٍ إذا دَعاهُ صُياحا
وَعليهِ اراملُ الحيّ وَالسَّفرُ م
وَمُعْتَرُّهُمْ بهِ قدْ ألاحا
وعطايَا يهزُّها بسماحٍ
وطماحٍ لمنْ ارادَ طماحَا
ظفرٌ بالامورِ جلدٌ نجيبٌ
وَاذَا ما سَما لحربٍ اباحَا
وبحِلْمٍ إذا الجَهُولُ اعْتَراهُ
يردعُ الجهلَ بعدَ ما قدْ اشاحَا
انَّني قدْ علمتُ وجدكَ بالحمدِ م
واطلاقكَ العناة ََ سماحَا
فارسٌ يضربُ الكتيبة َ بالسَّيف م
اذا ازدفَ العويلُ الصُّياحا
يقبلُ الطَّعنَ للنُّحورِ بشزرٍ
حينَ يسمو حتَّى يلينَ الجراحَا
مقبلاتٌ حتّى يولّينَ عنهُ(3/84)
مدبراتٍ وَمَا يرذنَ كفاحَا
كمْ طريدٍ قدْ سكَّنَ الجأشَ منهُ
كان يَدْعُو بصفّهنّ صُراحا
فارِسُ الحَرْبِ والمُعَمَّمُ فيها
مدرهُ الحربِ حينَ يلقى نطاحَا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> جَرى ليَ طيرٌ فِي حمامٍ حذرتهُ
جَرى ليَ طيرٌ فِي حمامٍ حذرتهُ
رقم القصيدة : 10488
-----------------------------------
جَرى ليَ طيرٌ فِي حمامٍ حذرتهُ
عليكَ ابنَ عمرٍو منْ سنيحٍ وَبارحِ
فلمْ ينجِ صخراً مَا حذرتُ وَغالهُ
مواقعُ غادٍ للمنونِ ورائحِ
رَهينة ُ رَمْسٍ قد تَجرّ ذُيولها
علَيهِ سوافي الرّامساتِ البَوارحِ
فيا عينِ بكّي لأمرىء ٍ طارَ ذكره
لهُ تبكي عينُ الرَّاكضاتِ السَّوابحِ
وَكلُّ طويلِ المتنِ اسمرَ ذابلٍ
وَكلُّ عتيقٍ فِي جيادِ الصَّفائحِ
وَكلُّ دلاصٍ كالاضاة ِ مذالة ً
وَكلُّ جوادٍ بّين العتقِ قارحِ
وكلّ ذَمُولٍ كالفَنيقِ شِمِلّة ٍ
وكلّ سريعٍ، آخرَ اللّيلِ، آزِحِ
وللجارِ يوماً إنْ دَعا لمَضيفَة ٍ
دعَا مستغيثاً اوَّلاً بالجوابحِ
أخو الحَزْمِ في الهَيجاءِ والعزْمِ في التي
لوقعتهَا يسودُّ بيضُ المسايحِ
حسيبٌ لبيبٌ متلفٌ مَا افادهُ
مُبيحُ تِلادِ المُسْتَغشّ المكاشِحِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أعينيّ جودا ولا تجمُدا
أعينيّ جودا ولا تجمُدا
رقم القصيدة : 10489
-----------------------------------
أعينيّ جودا ولا تجمُدا
ألا تبكيانِ لصخرِ النّدى ؟
ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ
ألا تبكيانِ الفَتى السيّدا؟
طويلَ النّجادِ رفيعَ العما
سادَ عَشيرَتَهُ أمْرَدا
إذا القوْمُ مَدّوا بأيديهِمِ
إلى المَجدِ مدّ إلَيهِ يَدا
فنالَ الذي فوْقَ أيديهِمِ
من المجدِ ثمّ مضَى مُصْعِدا
يُكَلّفُهُ القَوْمُ ما عالهُمْ
وإنْ كانَ أصغرَهم موْلِدا
تَرى المجدَ يهوي الَى بيتهِ
يَرى افضلَ الكسبِ انْ يحمدَا
وَانَ ذكرَ المجدُ الفيتهُ
تَأزّرَ بالمَجدِ ثمّ ارْتَدَى
العصر الإسلامي >> الخنساء >> بكَتْ عيني وعاوَدَتِ السُّهودا(3/85)
بكَتْ عيني وعاوَدَتِ السُّهودا
رقم القصيدة : 10490
-----------------------------------
بكَتْ عيني وعاوَدَتِ السُّهودا
وبتُّ اللّيلَ جانحَة ً عَميدا
لِذِكْرَى مَعْشَرٍ ولَّوا وخَلَّوا
علينَا منْ خلافتهمْ فقودَا
وَوافوا ظمءَ خامسة ٍ فامسوْا
معَ الماضِينَ قد تَبعوا ثَمودا
فكم منْ فارِسٍ لكِ أُمّ عَمْرٍو
يحوطُ سنانهُ الانسَ الحريدَا
كصخرٍ اوْ معاوية َ بنِ عمرٍو
اذَا كانتْ وجوهُ القومِ سودَا
يَرُدّ الخَيلَ دامِيَة ً كُلاها
جديرٌ يَوْمَ هَيْجا أنْ يَصيدا
يكبُّون العشارَ لمنْ اتاهمْ
اذَا لمْ تحسبِ المئة ُ الوليدَا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> لاَ شيءَ يبقى غيرُ وجهِ مليكنَا
لاَ شيءَ يبقى غيرُ وجهِ مليكنَا
رقم القصيدة : 10491
-----------------------------------
لاَ شيءَ يبقى غيرُ وجهِ مليكنَا
ولستُ أرى شيئاً على الدّهرِ خالدا
ألا إنّ يوْمَ ابنِ الشَّريدِ ورَهْطِهِ
أبادَ جِفاناً والقُدورَ الرّواكِدا
همُ يملأونَ لليتيمِ اناءَ هُ
وهُمْ يُنْجِزُونَ للخَليلِ المواعِدا
الاَ ابلغَا عّني سليماً وَعامراً
ومَن كان من عُليا هَوازِنَ شاهدا
بأنّ بني ذُبيانَ قد أرْصَدوا لكُم
إذا ما تَلاقيتُمْ بأنْ لا تَعاودا
فلا يَقْرَبَنّ الأرْضَ إلاّ مُسارِقٌ
يخافُ خميساً مطلعَ الشَّمسِ حاردَا
عَلى كلِّ جرداءِ النُّسالة ِ ضامرٍ
بآخِرِ ليلٍ ما ضُفِزْنَ الحدائدا
فقدْ زاحَ عنَّا اللَّومُ اذْ تركوا لنَا
اروماً فآراماً فماءً بواردَا
وَنحنُ قتلنَا هاشماً وَابنَ اختهِ
ولا صُلْحَ حتى نَسْتَقيدَ الخرائدا
فقد جرَتِ العاداتُ أنَّا لدى الوَغى
سنظفرُ وَالانسانُ يبغي الفوائدَا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ابكي لصخرٍ اذَا ناحتْ مطوَّقة ٌ
ابكي لصخرٍ اذَا ناحتْ مطوَّقة ٌ
رقم القصيدة : 10492
-----------------------------------
ابكي لصخرٍ اذَا ناحتْ مطوَّقة ٌ
حمامة ٌ، شَجوَها، وَرْقاءُ بالوادي
إذا تَلأّمَ في زَغْفٍ مضاعَفَة ٍ(3/86)
وَصارمٍ مثلِ لونِ الملحِ جرَّادِ
وَنبعة ٍ ذاتِ ارنانٍ وَولولة ٍ
ومارِنِ العودِ لا كزٍّ ولا عادِ
سَمْحُ الخليقة ِ لا نِكْسٌ وَلا غُمُرٌ
بل باسِلٌ مثلُ ليثِ الغابة ِ العادي
من أُسد بيشَة َ يحمي الخِلَّ ذي لِبَدٍ
منْ اهلهِ الحاضرِ الآذنينَ وَالبادِي
والمشْبِعُ القومِ إنْ هَبَّتْ مُصرْصرَة ٌ
نَكْباءُ مُغْبَرّة ٌ هَبَّتْ بصُرّادِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ جودي بالدّموعِ
يا عَينِ جودي بالدّموعِ
رقم القصيدة : 10493
-----------------------------------
يا عَينِ جودي بالدّموعِ
فقَدْ جَفَتْ عنكِ المَراوِدْ
وَابكي لصخرٍ انَّهُ
شَقّ الفُؤادَ لِما يُكابِدْ
المستضافِ منَ السّنينَ
إذا قَسَا منها المَحارِدْ
حينَ الرّياحُ بلائلٌ
نُكْبٌ هَوائِجُها صَوارِدْ
ينفينَ عنْ ليطِ السَّما
ظَلائِلاً والماءُ جامِدْ
مزقاً تطرَّدها الرّيا
كَأنّها خِرَقٌ طَرائِدْ
وَالمالُ عندَ ذوي البقيَّة ِ
والغِنى خُذُمٌ شَرَائِدْ
فيفكُّ كربة َ منْ تمخَّخَ
نِقْيَة َ الدّوَلِ الجهائِدْ
حتى يَؤوبَ بِما يَؤوبُ
كثيرَ فَضْلِ العُرْفِ حامدْ
ونداكَ محتضرٌ ونو
ركَ في دجى الظَّلماءِ واقدْ
لو تُرْسَلُ الإبْلُ الظِّماءُ
يَسُمْنَ لَيسَ لهُنّ قائِدْ
لَتَيَمّمَتْكَ يَدُلّهَا
جدواكَ وَ السُّبلُ المواردْ
والنَّاسُ سابلة ٌ اليكَ م
فصادرٌ بغنى ً وواردْ
يَغْشَوْنَ منكَ غُطامِطاً
جاشتْ بوابلهُ الرَّواعدْ
يا ابنَ القُرُوم ذوي الحِجى
وابنَ الخضارِمَة ِ المَرافِدْ
وابنَ المَهائِرِ للمَهائِرِ
ئرِ زانهَا الشّيمُ المواجدْ
وَحماة ِ منْ يدعَى اذَا
ما طارَ عندَ المَوْتِ عارِدْ
وَمعاصمٍ للهالكينَ م
وساسَة ٍ قِدَماً مَحاشِدْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أهاجَ لكِ الدّموعَ على ابنِ عمرٍو
أهاجَ لكِ الدّموعَ على ابنِ عمرٍو
رقم القصيدة : 10494
-----------------------------------
أهاجَ لكِ الدّموعَ على ابنِ عمرٍو
مصائبُ قد رُزِئْتِ بها فجُودي(3/87)
بسَجْلٍ مِنْكِ مُنحَدِرٍ عَلَيْهِ
فما ينفكُّ مثلَ عدَا الفريدِ
على فَرْعٍ رُزِئْتِ بهِ خُناسٌ
طويلِ الباعِ فيَّاضٍ حميدِ
جليدٍ كانَ خيرَ بني سليمٍ
كريمهمِ المسوَّدِ وَالمسودِ
أبو حَسّانَ كانَ ثِمالَ قَوْمي
فأصْبَحَ ثاوياً بَينَ اللّحُودِ
رَهينُ بِلًى ، وكلُّ فَتًى سيَبْلى
فأذْري الدّمعَ بالسَّكْبِ المَجودِ
فأقسمُ لو بقيتَ لكُنْتَ فينا
عديداً لاَ يكاثرُ بالعديدِ
وَلكنَّ الحوادثَ طارقاتٌ
لهَا صرفٌ علَى الرَّجلِ الجليدِ
فإنْ تَكُ قد أتَتْكَ فلا تُنادي
فقدْ اودتْ بفيَّاضٍ مجيدِ
جليدٍ حازمٍ قدماً اتاهُ
صروفُ الدَّهرِ بعدَ بني ثمودِ
وَعاداً قدْ علاها الدَّهرُ قسراً
وحِمْيَرَ والجُنُودَ معَ الجُنُودِ
فلا يَبْعَدْ أبو حَسّانَ صَخْرٌ
وَحلَّ برمسهِ طيرُ السُّعودِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> عَينيّ جُودا بدَمْعٍ منكما جُودا
عَينيّ جُودا بدَمْعٍ منكما جُودا
رقم القصيدة : 10495
-----------------------------------
عَينيّ جُودا بدَمْعٍ منكما جُودا
جودَا وَلا تعدا في اليومِ موعودَا
هلْ تدريانِ على منْ ذا سبلتكمَا
عَلى ابنِ امّي ابيتُ الَّليلَ معمودَا
دارتْ بَنا الارضُ اوْ كادتْ تدورُ بنا
يا لهفَ نَفسي فقد لاقَيتُ صِنْديدا
يا عينُ فابْكي فتًى مَحْضاً ضرَائِبُهُ
صعباً مراقبهُ سهلاً اذا ريدَا
لاَيأخذُ الخسفَ في قومٍ فيغضبهمْ
وَلاَ تراهُ اذَا مَا قامَ محدودَا
ولا يَقُوم إلى ابنِ العَمّ يَشْتِمُه
ولا يَدِبّ إلى الجاراتِ تخويدا
كَأنّما خَلَقَ الرّحْمانُ صُورَتَهُ
دينارَ عينٍ يراهُ النَّاسُ منقودَا
إذهَبْ حَريباً جَزاكَ اللَّهُ جَنّتَهُ
عنَّا وَخلّدتَّ في الفردوسِ تخليدَا
قد عِشْتَ فينا ولا تُرْمى بفاحِشَة ٍ
حتَّى توفَّاكَ ربُّ النَّاسِ محمودَا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ضاقتْ بيَ الارضُ وَانقضَّتْ محارمهَا
ضاقتْ بيَ الارضُ وَانقضَّتْ محارمهَا
رقم القصيدة : 10496(3/88)
-----------------------------------
ضاقتْ بيَ الارضُ وَانقضَّتْ محارمهَا
حتَّى تخاشعتِ الاعلامُ وَالبيدُ
وَقائلينَ تعزَّي عنْ تذكُّرهِ
فالصَّبرَ ليسَ لامرِ اللهِ مردودُ
يا صَخْرُ قد كُنتَ بَدراً يُستَضاءُ به
فقدْ ثوى يومَ متَّ المجدُ وَالجودُ
فاليومَ امسيتَ لاَ يرجوكَ ذو املٍ
لمَا هلكتَ وَحوضُ الموتِ مورودُ
ورُبّ ثَغْرٍ مَهولٍ خُضتَ غَمْرَتَهُ
بالمُقْرَباتِ علَيها الفِتْيَة ُ الصِّيدُ
نصبتَ للقومِ فيهِ فصلَ اعينهمْ
مِثلَ الشّهابِ وَهَى مِنهُمْ عَباديدُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا ابنَ الشّريدِ وخيرَ قيسٍ كلّها
يا ابنَ الشّريدِ وخيرَ قيسٍ كلّها
رقم القصيدة : 10497
-----------------------------------
يا ابنَ الشّريدِ وخيرَ قيسٍ كلّها
خلَّفتني فِي حسرة ٍ وَتلَّبدِ
فلأبْكِيَنّكَ ما سمعتُ حمامَة ً
تدعو هديلاً في فروعِ الفرقدِ
انتَ المهنَّدُ منْ سليمٍ في العلَى
والفَرْعُ لم يسبِ الكِرامَ بمشهَدِ
قدْ كنتَ حصناً للعشيرة ِ كلّهاَ
وَخطيبهَا عندَ الهمامِ الاصيدِ
فاذهبْ وَلا تبعدْ وَكلُّ معمَّرٍ
سيَذوقُ كأسَ منيّة ٍ بتَنَكّدِ
للَّهِ دَرُّ بني نهاسِرَ إنّهُمْ
هَدَموا العَمودَ وأدرَكوا بالأسوَدِ
ضَخمَ الدّسيعة ماجداً أعراقُهُ
كالبَدْرِ أو طَلعَة ٍ كالأسْعُدِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ابكّي ابِي عمراً بعينٍ غزيرة ٍ
ابكّي ابِي عمراً بعينٍ غزيرة ٍ
رقم القصيدة : 10498
-----------------------------------
ابكّي ابِي عمراً بعينٍ غزيرة ٍ
قليلٍ اذَا نامَ الخليُّ هجودهَا
وَصِنْوَيّ لا أنسى مُعاوية َ الّذي
له من سَراة ِ الحَرّتَينِ وُفُودُها
وَصخراً وَمنْ ذَا مثلُ صخرٍ اذَا غدَا
بساحتهِ الآطالِ قزمٌ يقودهَا
فذلكَ يا هندُ الرَّزيَّة ُ فاعلمي
ونيرانُ حَرْبٍ حينَ شُبّ وَقودُها
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ألا يا عَينِ فانهمري بغُدْرِ
ألا يا عَينِ فانهمري بغُدْرِ
رقم القصيدة : 10499(3/89)
-----------------------------------
ألا يا عَينِ فانهمري بغُدْرِ
وفِيضي فَيْضَة ً من غيرِ نَزْرِ
ولاَ تعدِي عزاءً بعدَ صخرٍ
فقد غُلبَ العزاءُ وعيلَ صَبري
لمرزئة ٍ كانَّ الجوفَ منهَا
بُعَيْدَ النّوْمِ يُشْعَرُ حَرّ جمرِ
على صَخْرٍ وأيّ فتًى كصَخْرٍ
لعانٍ عائلٍ غلقٍ بوترِ
وَللخصمِ الالدِّ اذَا تعدَّى
ليأخُذَ حَقّ مَقهورٍ بقَسْرِ
وَللأضيافِ اذْ طرقُوا هدوءًا
وَللكلِّ المكلّ وَكلّ سفرِ
اذَا نزلتْ بهمْ سنة ٌ جمادُ
أبيّ الدَّرّ لم تُكْسَعْ بِغُبْرِ
هناكَ يكونُ غيثَ حياً تلاقَى
نداهُ في جنابٍ غيرِ وغرِ
واحيَا منْ مخبَّأة ٍ كعابٍ
وأشجَعَ من أبي شِبْلٍ هِزَبْرِ
هريتِ الشدقِ رئبالٍ اذَا ما
عدَا لمْ تنهِ عدوتهُ بزجرِ
ضُبارِمَة ٍ تَوَسّدَ ساعِدَيْهِ
علَى طرقِ الغزاة ِ وَكلِّ بحرِ
تَدينُ الخادِراتُ لهُ إذا مَا
سمعنَ زئيرهُ في كلِّ فجرِ
قواعدَ مَا يلمُّ بهَا عريبٌ
لعسرٍ في الزَّمانِ وَلا ليسرِ
فإمّا يُمْسِ في جَدَثٍ مُقيماً
بمُعترَكٍ منَ الأرْواحِ قَفْرِ
فقد يعْصَوْصِبُ الجادُونَ منهُ
باروعَ ماجدِ الاعراِقِ غمرِ
اذَا مَا الضيقُ حلَّ الَى ذراهُ
تلقاهُ بوجهٍ غيرِ بسرِ
تُفَرَّجُ بالنّدَى الأبْوابُ عَنْهُ
ولا يكتَنّ دونَهُمُ بسِتْرِ
دَهَتْني الحادثاتُ بهِ فأمْسَتْ
عليّ هُمومُها تغدو وتَسري
لوَ انّ الدّهرَ مُتّخِذٌ خَليلاً
لَكانَ خليلَهُ صَخرُ بنُ عَمرِو
شعراء المغرب العربي >> أولاد أحمد >> إعتذار ( إلى ليلى )
إعتذار ( إلى ليلى )
رقم القصيدة : 105
-----------------------------------
عندما لا تجيئين
أزعم أنك جئت ... ولم تجديني!
أقول:
غداً،
سأذوب بقهوتها
وأعوج على فمها
وأقول لها: سامحيني
وأبحث في النّحو عن سببٍ لأبّرر أمرين
مختلفين كأن:
لا تجيئي
وأحسب أنّك جئت .. ولم تجديني!
العصر الإسلامي >> الخنساء >> قذى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ
قذى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ
رقم القصيدة : 10500(3/90)
-----------------------------------
قذى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ
امْ ذرَّفتْ اذْخلتْ منْ اهلهَا الدَّارُ
كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ
فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ
تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ
وَدونهُ منْ جديدِ التُّربِ استارُ
تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ
لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ
تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا
اذْ رابهَا الدَّهرُ انَّ الدَّهرَ ضرَّارُ
لاَ بدَّ منْ ميتة ٍ في صرفهَا عبرٌ
وَالدَّهرُ في صرفهِ حولٌ وَاطوارُ
قدْ كانَ فيكمْ ابو عمرٍو يسودكمُ
نِعْمَ المُعَمَّمُ للدّاعينَ نَصّارُ
صلبُ النَّحيزة ِ وَهَّابٌ اذَا منعُوا
وفي الحروبِ جريءُ الصّدْرِ مِهصَارُ
يا صَخْرُ وَرّادَ ماءٍ قد تَناذرَهُ
أهلُ الموارِدِ ما في وِرْدِهِ عارُ
مشَى السّبَنْتى إلى هيجاءَ مُعْضِلَة ٍ
لهُ سلاحانِ: أنيابٌ وأظفارُ
وما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطيفُ بِهِ
لها حَنينانِ: إعْلانٌ وإسْرارُ
تَرْتَعُ ما رَتَعَتْ، حتى إذا ادّكرَتْ
فانَّما هيَ اقبالٌ وَادبارُ
لاَ تسمنُ الدَّهرَ في ارضٍ وَانْ رتعتْ
فانَّما هيَ تحنانٌ وَتسجارُ
يوْماً بأوْجَدَ منّي يوْمَ فارَقني
صخرٌ وَللدَّهرِ احلاءٌ وَامرارُ
وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا
وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ
وإنّ صَخْراً لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا
وإنّ صَخْراً إذا جاعوا لَعَقّارُ
وإنّ صَخراً لَتَأتَمّ الهُداة ُ بِهِ
كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ
جلدٌ جميلُ المحيَّا كاملٌ ورعٌ
وَللحروبِ غداة ََ الرَّوعِ مسعارُ
حَمّالُ ألوِيَة ٍ هَبّاطُ أودِيَة ٍ
شَهّادُ أنْدِيَة ٍ للجَيشِ جَرّارُ
فقلتُ لما رأيتُ الدّهرَ ليسَ لَهُ
معاتبٌ وحدهُ يسدي وَنيَّارُ
لقدْ نعى ابنُ نهيكٍ لي اخاَ ثقة ٍ
كانتْ ترجَّمُ عنهُ قبلُ اخبارُ
فبتُّ ساهرة ً للنَّجمِ ارقبهُ
حتى أتى دونَ غَورِ النّجمِ أستارُ
لم تَرَهُ جارَة ٌ يَمشي بساحَتِها
لريبة ٍ حينَ يخلِي بيتهُ الجارُ(3/91)
ولا تراهُ وما في البيتِ يأكلهُ
لكنَّهُ بارزٌ بالصَّحنِ مهمارُ
ومُطْعِمُ القَوْمِ شَحماً عندَ مَسغبهم
وفي الجُدوبِ كريمُ الجَدّ ميسارُ
قدْ كانَ خالصتي منْ كلِّ ذي نسبٍ
فقدْ اصيبَ فما للعيشِ اوطارُ
مثلَ الرُّدينيِّ لمْ تنفدْ شبيبتهُ
كَأنّهُ تحتَ طَيّ البُرْدِ أُسْوَارُ
جَهْمُ المُحَيّا تُضِيءُ اللّيلَ صورَتُهُ
آباؤهُ من طِوالِ السَّمْكِ أحرارُ
مُوَرَّثُ المَجْدِ مَيْمُونٌ نَقيبَتُهُ
ضَخْمُ الدّسيعَة ِ في العَزّاءِ مِغوَارُ
فرعٌ لفرعٍ كريمٍ غيرِ مؤتشبٍ
جلدُ المريرة ِ عندَ الجمعِ فخَّارُ
في جوْفِ لحْدٍ مُقيمٌ قد تَضَمّنَهُ
في رمسهِ مقمطرَّاتٌ وَاحجارُ
طَلْقُ اليَدينِ لفِعْلِ الخَيرِ ذو فَجَرٍ
ضَخْمُ الدّسيعَة ِ بالخَيراتِ أمّارُ
ليَبْكِهِ مُقْتِرٌ أفْنى حريبَتَهُ
دَهْرٌ وحالَفَهُ بؤسٌ وإقْتارُ
ورفقة ٌ حارَ حاديهمْ بمهلكة ٍ
كأنّ ظُلْمَتَها في الطِّخْيَة ِ القارُ
لا يَمْنَعُ القَوْمَ إنْ سالُوهُ خُلْعَتَهُ
وَلاَ يجاوزهُ باللَّيلِ مرَّارُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أعَينيّ هلاّ تبكيانِ على صَخْرِ
أعَينيّ هلاّ تبكيانِ على صَخْرِ
رقم القصيدة : 10501
-----------------------------------
أعَينيّ هلاّ تبكيانِ على صَخْرِ
بدمعٍ حَثيثٍ لا بَكيءٍ ولا نَزْرِ
وتَسْتَفرِغانِ الدّمْعَ أوْ تَذْرِيانِهِ
على ذي النّدى والجود والسيّد الغمرِ
فَما لَكُما عن ذي يَمينينِ فابْكِيا
عليهِ معَ الباكي المسلَّبِ منْ صبرِ
كأنْ لم يقلْ أهلاً لطالبِ حاجَة ٍ
وَكانَ بليجَ الوجهِ منشرحَ الصَّدرِ
ولم يَغْدُ في خَيْلٍ مجَنَّبَة ِ القَنَا
ليُرْوِيَ أطْرَافَ الرّدَيْنِيّة ِ السُّمْرِ
فشأنُ المنايَا اذْ اصابكَ ريبها
لتَغدو على الفتيانِ بعدَكَ أوْ تَسري
فمنْ يضمنُ المعروفَ في صلبِ مالهِ
ضَمانَكَ أو يَقري الضّيوفَ كما تقري
جَرادٌ زَفَتْهُ ريحُ نجدٍ إلى البَحرِ
وكائنْ قرنتَ الحقَّ منْ ثوبِ صفوة ٍ(3/92)
ومنْ سابحٍ طرفٍ ومنْ كاعبٍ بكرِ
وقائلة ٍ والنَّعشُ قدْ فاتَ خطَوها
لتُدْرِكَهُ: يا لهفَ نَفسي على صَخرِ
ألا ثَكَلَتْ أمّ الّذينَ مَشَوْا بِهِ
إلى القَبرِ ماذا يحمِلونَ إلى القَبرِ
وماذا يُواري القَبرُ تحتَ تُرابِهِ
منَ الخيرِ يا بؤسَ الحوادثِ وَالدَّهرِ
ومِ الحزْمِ في العَزّاءِ والجودِ والنّدَى
غَداة َ يُرَى حِلْفَ اليسارَة ِ والعُسرِ
لقد كانَ في كُلّ الأمور مُهَذَّباً
جليلَ الايادي لا ينهنهُ بالزَّجرِ
وانْ تلقهُ في الشَّربِ لا تلقى فاحشاً
ولا ناكثاً عَقدَ السّرائِرِ والصّبرِ
فلا يُبْعِدَنْ قَبرٌ تَضَمّنَ شخصَهُ
وجادَ عليْهِ كلُّ واكِفَة ِ القطر
العصر الإسلامي >> الخنساء >> إن كنتِ عن وجدِكِ لم تقصري
إن كنتِ عن وجدِكِ لم تقصري
رقم القصيدة : 10502
-----------------------------------
إن كنتِ عن وجدِكِ لم تقصري
اوْ كنتِ في الأسوة ِ لمْ تعذري
فإنّ في العُقْدَة ِ من يَلْبَنٍ
عُبرَ السُّرَى في القُلُص الضُّمّرِ
وصاحبٍ قلتُ لهُ خائفٍ
إنّكَ للخَيْلِ بمُسْتَنْظِرِ
إنّكَ داعٍ بكَبيرٍ إذا
وافَيْتَ أعْلى مرقَبٍ فانْظُرِ
فآنِسَنْ مِنْ ساعَة ٍ فارِساً
يخبُّ ادنى بقعِ المنظرِ
فاولجِ السَّوطَ على حوشبٍ
أجرَدَ مثلِ الصَّدَعِ الأعْفَرِ
تنبطهُ السَّاقُ بشدّكما
مالَ هجيرُ الرَّجلِ الاعسرِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ذكرْتُ أخي بعدَ نوْمِ الخَليّ
ذكرْتُ أخي بعدَ نوْمِ الخَليّ
رقم القصيدة : 10503
-----------------------------------
ذكرْتُ أخي بعدَ نوْمِ الخَليّ
فانحَدَرَ الدّمعُ مني انحِدارَا
وخيلٍ لَبِستَ لأبطالِها
شليلاً ودمَّرتُ قوماً دمارا
تصيَّدُ بالرُّمحِ ريعانها
وتهتصرُ الكبشَ منها اهتصارَا
فألحَمْتَها القَوْمَ تحتَ الوَغَى
وَأرْسَلْتَ مُهْرَكَ فيها فَغارَا
يقينَ وتحسبهُ قافلاً
إذا طابَقَتْ وغشينَ الحِرارَا
فذلكَ في الجدِّ مكروههُ
وفي السّلم تَلهُو وترْخي الإزارَا(3/93)
وهاجِرَة ٍ حَرّها صاخِدٌ
جَعَلْتَ رِداءَكَ فيها خِمارَا
لتُدْرِكَ شأواً على قُرْبِهِ
وتكسبَ حمداً وتحمي الذّمارَا
وتروي السّنانَ وتردي الكميَّ
كَمِرْجَلِ طَبّاخَة ٍ حينَ فارَا
وتغشي الخيولَ حياضَ النَّجيعِ
وتُعطي الجزيلَ وتُردي العِشارَا
كانَّ القتودَ اذا شدَّها
على ذي وسومٍ تباري صوارا
تمكّنُ في دفءِ ارطائهِ
أهاجَ العَشِيُّ عَلَيْهِ فَثارَا؟
فدارَ فلمَّا رأي سربها
احسَّ قنيصاً قريباً فطارا
يشقّقُ سربالهُ هاجراً
منَ الشّدّ لمّا أجَدّ الفِرارَا
فباتَ يقنّصُ ابطالهَا
وينعصرُ الماءُ منهُ انعصارَا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> طَرَقَ النّعيُّ على صُفَيْنَة َ غُدْوَة ً
طَرَقَ النّعيُّ على صُفَيْنَة َ غُدْوَة ً
رقم القصيدة : 10504
-----------------------------------
طَرَقَ النّعيُّ على صُفَيْنَة َ غُدْوَة ً
ونَعَى المُعَمَّمَ من بني عَمرِو
حامي الحَقيقة ِ والمُجيرَ إذا
ما خيفَ حدُّ نوائبِ الدَّهرِ
الحَيّ يَعْلَمُ أنّ جَفْنَتَهُ
تَغْدُو غَداة َ الرّيحِ أوْ تَسري
فإذا أضاءَ وجاشَ مِرْجَلُهُ
فَلَنِعْمَ رَبّ النّارِ والقِدْرِ
ابلغْ موالية ُ فقدْ رزئوا
مولًى يريشهمُ ولا يشري
يكفي حماتهمُ ويعطي لهمْ
مئة َ منْ العشرينَ والعشرِ
تروي سنانَ الرُّمحِ طعنتهُ
والخَيلُ قد خاضَتْ دماً يَجري
قَدْ كانَ مأوَى كلّ أرْمَلَة ٍ
ومقيلَ عثرة ِ كلِّ ذي عذرِ
تَلْقَى عِيالَهُمُ نَوَافِلُهُ
فتُصيبُ ذا المَيْسورِ والعُسْرِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أبَني سُلَيْمٍ إنْ لَقيتُمْ فَقْعَساً
أبَني سُلَيْمٍ إنْ لَقيتُمْ فَقْعَساً
رقم القصيدة : 10505
-----------------------------------
أبَني سُلَيْمٍ إنْ لَقيتُمْ فَقْعَساً
في مَحْبَسٍ ضَنْكٍ إلى وَعْرِ
فالقوهمُ بسيوفكمْ ورماحكمْ
وبنضحة ٍ في اللَّيلِ كالقطرِ
حتى تَفْضّوا جَمعَهُمْ وتَذكّروا
صخراً ومصرعهُ بلا ثأرِ
وفَوارِساً مِنّا هُنالِكَ قُتّلوا(3/94)
في عَثْرَة ٍ كانَتْ مِنَ الدّهْرِ
لاقَى رَبيعَة َ في الوَغَى فأصابَهُ
طَعْنٌ بجائِفَة ٍ إلى الصّدْرِ
بمقوَّمٍ لدنِ الكعوبِ سنانهُ
ذربِ الشُّياة ِ كقادمِ النَّسرِ
ونجا ربيعَة ُ يوْمَ ذلكَ مُرْهَقاً
لا يأتلي في جودهِ يجري
فأتَتْ بهِ، أسَلَ الأسنّة ِ، ضامرٌ
مثلُ العقابِ غدتْ معَ الوكرِ
ولقدْ اخذنا خالداً فاجارهُ
عَوْفٌ وأطْلَقَهُ على قَدْرِ
وَلَقَدْ تَدارَكَ رَأيَنا في خالِدٍ
ما ساءَ خيلاً آخرَ الدَّهرِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عينُ فِيضي بدَمْعٍ منكِ مِغْزارِ
يا عينُ فِيضي بدَمْعٍ منكِ مِغْزارِ
رقم القصيدة : 10506
-----------------------------------
يا عينُ فِيضي بدَمْعٍ منكِ مِغْزارِ
وابكي لصخرٍ بدمعٍ منكِ مدرارِ
انّي ارقتُ فبتُّ الَّليلَ ساهرة ً
كانَّما كحلتْ عيني بعوَّارِ
ارعى النُّجومَ وما كلّفتُ رعيتها
وتارَة ً أتَغَشّى فضْلَ أطْمارِي
وقَدْ سَمِعْتُ فلمْ أبْهَجْ به خَبراً
مخبّراً قامَ يَنْمِي رَجْعَ أخبارِ
قالَ ابنُ امّكِ ثاوٍ بالضَّريحِ وقدْ
سوَّوا عليهِ بالواحٍ واحجارِ
فاذهبْ فلا يبعدنكَ اللهُ منْ رجلٍ
منَّاعِ ضيمٍ وطلاُّبٍ باوتارِ
قدْ كنتَ تحملُ قلباً غيرَ مهتضمٍ
مركَّباً في نصابٍ غيرِ خَوّارِ
مثلَ السّنانِ تُضِيءُ اللّيلَ صورَتُهُ
جلدُ المريرة ِ حرٌّ وابنُ احرارِ
ابكي فتى الحيِّ نالتهُ منيَّتهُ
وكلُّ نفسٍ الى وقتٍ ومقدارِ
وسوْفَ أبكيكَ ما ناحَتْ مُطَوَّقَة ٌ
وما اضاءتْ نجومُ اللَّيلِ للسَّاري
ولا أُسالِمُ قوْماً كنتَ حَرْبَهُمُ
حتى تعودَ بياضاً جؤنة ُ القارِ
ابلغْ سليماً وعوفاً انْ لقيتهمُ
عمِيمَة ً من نِداءٍ غيرِ إسرارِ
أعني الذينَ إلَيْهِمْ كانَ منزلُهُ
هل تَعرِفونَ ذمامَ الضّيفِ والجارِ؟
لوْ منكمُ كانَ فينا لمْ ينلْ ابداً
حتى تُلاقَى أُمُورٌ ذاتُ آثارِ
كأنّ ابنَ عَمّتِكُمْ حقّاً وضَيفَكُمُ
فيكمْ فلَمْ تَدفَعوا عَنْهُ بإخْفارِ(3/95)
شُدّوا المَآزِرَ حَتّى يُسْتَدَفّ لكُمْ
وشَمّرُوا إنّها أيّامُ تَشمارِ
و ابكوا فتى البأسِ وافتهُ منيَّتهُ
في كلّ نائِبَة ٍ نابَتْ وأقدارِ
لا نَوْمَ حتى تَقودوا الخَيلَ عابِسَة ً
يَنْبُذْنَ طِرْحاً بمُهْراتٍ وأمْهارِ
اوتحفروا حفرة ً فالموتُ مكتنعٌ
عِنْدَ البُيوتِ حُصَيناً وابنَ سَيّارِ
او ترحضوا عنكمُ عاراً تجلَّلكمْ
رَحضَ العَوارِكِ حَيضاً عندَ أطهارِ
والحَرْبُ قد رَكِبَتْ حَدْباءَ نافِرَة ً
حَلّتْ على طَبَقٍ مِنْ ظَهرِها عارِ
كأنّهُمْ يَوْمَ رامُوهُ بأجمُعِهِمْ
رَاموا الشّكيمَة َ من ذي لِبدَة ٍ ضَارِ
حامي العَرينِ لدى الهَيجاءِ مُضْطَلعٌ
يفري الرّجالَ بانيابٍ واظفارِ
حتى تَفَرّجَتِ الآلافُ عَنْ رَجُلٍ
ماضٍ على الهَوْلِ هادٍ غير مِحيارِ
تجيشُ منهُ فويقَ الثَّدي جائفة ٌ
بمزبدٍ منْ نجيعِ الجوفِ فوَّارِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> عينِ فابكي لي على صَخْرٍ إذا
عينِ فابكي لي على صَخْرٍ إذا
رقم القصيدة : 10507
-----------------------------------
عينِ فابكي لي على صَخْرٍ إذا
عَلَتِ الشّفْرَة ُ أثباجَ الجُزُرْ
يُشْبِعُ القَوْمَ منَ الشّحمِ إذا
الوتِ الرّيحُ باغصانِ الشَّجرْ
واذا ما البيضُ يمشينَ معاً
كَبَناتِ الماءِ في الضَّحْلِ الكَدِرْ
جانحاتٍ تحتَ أطرَافِ القَنَا
بادِياتِ السّوقِ في فَجٍّ حذِرْ
يَطْعَنُ الطّعْنَة َ لا يُرْقِئُها
رقية ُ الرَّاقي ولا عصبُ الخمرْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> كأنّ ابنَ عَمرٍو لم يُصَبّحْ لغارَة ٍ
كأنّ ابنَ عَمرٍو لم يُصَبّحْ لغارَة ٍ
رقم القصيدة : 10508
-----------------------------------
كأنّ ابنَ عَمرٍو لم يُصَبّحْ لغارَة ٍ
بخيلٍ ولمْ يعملْ نجائبَ ضمرَّا
ولم يجْزِ إخوَانَ الصّفاءِ ويَكتَني
عجاجاً اثارتهُ السَّنابكُ اكدرَا
ولمْ يبنِ في حرِّالهواجرِ مَّرة ً
لفتيتهِ ظلاًّ رداءً محبرَا
فبَكّوا على صَخرِ بن عمرٍو فإنّهُ(3/96)
يسيرٌ اذا ما الدَّهرُ بالنَّاسِ اعسرَا
يجودُ ويحلو حينَ يطلبُ خيرهُ
ومُرّاً إذا يَبْغي المرارَة َ مُمْقِرَا
فخَنساءُ تَبكي في الظّلامِ حَزينَة ً
وتَدعو أخاها لا يجيبُ مُعَفَّرَا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ جودي بالدّموعِ
يا عَينِ جودي بالدّموعِ
رقم القصيدة : 10509
-----------------------------------
يا عَينِ جودي بالدّموعِ
عِ على الفتى القرمِ الاغرْ
أبْيَضُ أبْلَجُ وَجْهُهُ
كالشّمسِ في خَيرِ البَشَرْ
والشَّمسُ كاسفة ٌ لمهلكهِ م
ومَا اتّسَقَ القَمَرْ
والانسُ تبكي ولَّهاً
والجنُّ تسعدُ منْ سمرْ
والوَحشُ تَبْكي شجْوَها
لما اتى عنهُ الخبرْ
المِدْرَهُ الفَيّاضُ يحمِلُ
عَنْ عَشيرَتِهِ الكِبَرْ
يعطي الجزيلَ ولا يمنُّ
م وليسَ شيمتهُ العسرْ
وَيْلي عَلَيْهِ وَيْلَة ً
اصبحتُ حصني منكسرْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> اتى تاوَّبني الاحزانُ والسَّهرُ
اتى تاوَّبني الاحزانُ والسَّهرُ
رقم القصيدة : 10510
-----------------------------------
اتى تاوَّبني الاحزانُ والسَّهرُ
فالعينُ منّي هدوءًا دمعها دررُ
تبكي لصخرٍ وقدْ رابَ الزَّمانُ بهِ
اذْ غالهُ حدثُ الايَّامِ والقدرُ
سمحٌ خلائقهُ جزلٌ مواهبهُ
وافي الذّمامِ إذا ما مَعشَرٌ غَدرُوا
مأوى الضَّريكِ ومأوى كلِّ ارملة ٍ
عندَ المُحولِ إذ ما هَبّتِ القُرَرُ
ما بارَزَ القِرْنَ يَوْماً عندَ مَعرَكَة ٍ
الاَّ لهُ يومَ تسمو الكرَّة ُ الظَّفرُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> عينيّ جودا بدَمعٍ غيرِ منزُورِ
عينيّ جودا بدَمعٍ غيرِ منزُورِ
رقم القصيدة : 10511
-----------------------------------
عينيّ جودا بدَمعٍ غيرِ منزُورِ
وأعوِلا! إنّ صَخراً خَيرُ مَقْبورِ
لا تَخْذُلاني فإنّي غَيرُ ناسِيَة ٍ
لذِكْرِ صَخْرٍ حَليفِ المَجدِ وَالخِيرِ
يا صَخرُ! مَن لطِرَادِ الخَيلِ إذ وُزِعتْ
و للمطايا اذا يشددنَ بالكورِ
ولليَتامَى وللأضيافِ إنْ طَرَقوا(3/97)
أبياتَنا لفَعالٍ منكَ مَخْبورِ
ومَنْ لكُرْبة ِ عانٍ في الوثاقِ، ومَنْ
يعطي الجزيلَ على عسرٍ وميسورِ
وَمَنْ لِطَعْنَة ِ حِلْسٍ أوْ لهاتِفَة ٍ
يَوْمَ الصُّياحِ بفُرْسانٍ مُغاويرِ
فرَّ الاقاربُ عنها بعدَ ما ضربوا
بالمَشرَفيّة ِ ضَرْباً غَيرَ تَعْزيرِ
وأسلمتْ بعد نَقْفِ البيضِ، واعتسفَتْ
من بَعْدِ لَذّة ِ عَيْشٍ غيرِ مَقتُورِ
يا صَخرُ كنتَ لَنا عَيشاً نَعيشُ بِهِ
لَوْ أمْهَلَتْكَ مُلِمّاتُ المَقاديرِ
يا فارِسَ الخَيْلِ إنْ شَدّوا فلم يهِنوا
وفارسَ القومِ انْ همُّوا بتقصيرِ
يا لهفَ نَفسي على صَخرٍ إذا رُكِبَتْ
خَيْلٌ لخَيْلٍ كأمثالِ اليَعافِيرِ
والقحَ القومُ حرباً ليسَ يلقحها
إلاّ المَساعيرُ أبْناءُ المَساعيرِ
يا صَخْرُ ماذا يُواري القَبرُ من كَرَمٍ
ومنْ خلائقَ عفَّاتٍ مطاهيرِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ جودي بدَمْعٍ غَيرِ مَنْزُورِ
يا عَينِ جودي بدَمْعٍ غَيرِ مَنْزُورِ
رقم القصيدة : 10512
-----------------------------------
يا عَينِ جودي بدَمْعٍ غَيرِ مَنْزُورِ
مثلِ الجُمانِ على الخَدّينِ مَحدورِ
وابكي اخاً كانَ محموداً شمائلهُ
مثلَ الهِلالِ مُنيراً غيرَ مَغمورِ
وفارسَ الخيلِ وافتهُ منيَّتهُ
ففي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مجبورِ
نِعْمَ الفتى كنتَ إذ حَنّتْ مُرَفرِفَة ً
هُوجُ الرّياحِ حَنينَ الوُلّهِ الحُورِ
والخَيْلُ تَعْثُرُ بالأبْطالِ عابِسَة ً
مثلَ السّرَاحين من كابٍ ومَعفورِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عينِ جودي بالدّموعِ الغِزَارْ
يا عينِ جودي بالدّموعِ الغِزَارْ
رقم القصيدة : 10513
-----------------------------------
يا عينِ جودي بالدّموعِ الغِزَارْ
وابكي على اروعَ حامِي الذمارْ
فرعٍ منَ القومِ الجدى
أنْماهُ منهُمْ كلُّ محضِ النِّجارْ
أقولُ لمّا جاءَني هُلْكُهُ
وصرَّحَ النَّاسُ بنجوى السّرارْ
أُخَيّ! إمّا تَكُ وَدّعْتَنَا
فَرْعٍ منَ القَوْمِ كريمِ الجَدا(3/98)
فرُبّ عُرْفٍ كنْتَ أسْدَيتَهُ
الى عيالٍ ويتامى صغارْ
وربَّ نعمى منكَ انعمتها
على عُناة ٍ غُلَّقٍ في الإسارْ
أهْلي فِداءٌ للّذي غُودِرَتْ
أعْظُمُهُ تَلْمَعُ بَينَ الخَبارْ
صَريعِ أرْماحٍ ومَشْحوذَة ٍ
كالبرقِ يلمعنَ خلالَ الديارْ
مَنْ كانَ يَوْماً باكياً سَيّداً
فليبكهِ بالعبراتِ الحرارْ
ولتبكهِ الخيلُ اذا غودرتْ
بساحة ِ الموتِ غداة َ العثارْ
وليبكهِ كلُّ اخي كربة ٍ
ضاقتْ عليهِ ساحة ُ المستجارْ
رَبيعُ هُلاّكٍ ومأوى نَدًى
حينَ يخافُ النَّاسُ قحطَ القطارْ
أسْقَى بِلاداً ضُمّنَتْ قَبْرَهُ
صَوْبُ مَرابيعِ الغُيوثِ السَّوارْ
وما سؤالي ذاكَ الاَّ لكي
يسقاهُ هامٍ بالرَّوي في القفارْ
قُلْ للّذي أضْحَى بهِ شامِتاً:
إنّكَ والموْتَ، مَعاً، في شِعارْ
هَوّنَ وَجدي أنّ مَنْ سَرّهُ
مَصْرَعُهُ لاحِقُهُ لا تُمارْ
وانَّما بينهما روحة ٌ
في إثْرِ غادٍ سارَ حَدَّ النّهارْ
يا ضارِبَ الفارِسِ يَوْمَ الوَغَى
بالسَّيفِ في الحومة ِ ذاتِ الاوارْ
يرديِ به في نقعها سابحٌ
أجرَدُ كالسِّرْحانِ ثَبْتُ الحِضارْ
نازلتَ ابطالاً لها ذادة ٌ
حتى ثَنَوْا عن حُرُماتِ الذِّمارْ
حلفتُ بالبيتِ وزوَّارهِ
إذْ يُعْمِلُونَ العِيسَ نحوَ الجِمارْ
لا أجْزَعُ الدّهْرَ على هالِكٍ
بَعْدَكَ ما حَنّتْ هوادي العِشارْ
يا لَوْعَة ً بانَتْ تَباريحُها
تَقْدَحُ في قلبي شَجاً كالشِّرارْ
ابدى لي الجفوة َ منْ بعدهِ
منْ كانَ منْ ذي رحمٍ أو جوارْ
إنْ يَكُ هذا الدّهرُ أوْدَى بِهِ
وصارَ مسحاً لمجاري القطارْ
فكلُّ حيٍّ صائرٌ للبلى
وكلُّ حبلٍ مرَّة ً لاندثارْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا صَخْرُ! مَن لحَوَادِثِ الدّهرِ
يا صَخْرُ! مَن لحَوَادِثِ الدّهرِ
رقم القصيدة : 10514
-----------------------------------
يا صَخْرُ! مَن لحَوَادِثِ الدّهرِ
أمْ مَنْ يُسَهّلُ راكبَ الوَعْرِ
كنتَ المفرّجَ ما ينوبُ فقدْ
اصبحتَ لا تحلي ولا تمري(3/99)
يُحْثى التّرابُ على مَحاسِنِهِ
وعلى غضارة ِ وجههِ النَّضرِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> دَعَوْتُمْ عامِراً فَنَبَذْتُمُوهُ
دَعَوْتُمْ عامِراً فَنَبَذْتُمُوهُ
رقم القصيدة : 10515
-----------------------------------
دَعَوْتُمْ عامِراً فَنَبَذْتُمُوهُ
ولمْ تدعوا معاوية َ بنَ عمرِ
ولَوْ نادَيْتَهُ لأتاكَ يَسعَى
حثيثَ الرَّكضِ اوْ لاتاكَ يجري
مُدِلاًّ حينَ تَشْتَجِرُ العَوالي
ويدركُ وترهُ في كلِّ وترِ
اذا لاقى المنايا لا يبالي
افي يسرٍ اتاهُ امْ بعسرِ
كمِثْلِ اللّيْثِ مُفترِشٍ يَدَيْهِ
جريءِ الصَّدرِ رئبالٍ سبطرِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> كنَّا كانجمِ ليلٍ وسطها قمرُ
كنَّا كانجمِ ليلٍ وسطها قمرُ
رقم القصيدة : 10516
-----------------------------------
كنَّا كانجمِ ليلٍ وسطها قمرُ
يجلو الدُّجى فهوى َ منْ بيننا القمرُ
يا صَخرُ! ما كنتُ في قوْمٍ أُسَرّ بهِمْ
إلاّ وإنّكَ بَينَ القَوْمِ مُشْتَهَرُ
فاذهبْ حميداً على ما كانَ منْ حدثٍ
فقَد سلَكْتَ سَبيلاً فيهِ مُعْتَبَرُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> كنَّا كغصنينِ في جرثومة ٍ بسقاَ
كنَّا كغصنينِ في جرثومة ٍ بسقاَ
رقم القصيدة : 10517
-----------------------------------
كنَّا كغصنينِ في جرثومة ٍ بسقاَ
حيناً على خيرِ ما ينمى لهُ الشَّجرُ
حتَّى اذا قيلَ قدْ طالتْ عروقهما
وطابَ غَرْسُهُما واستَوْسَقَ الثّمَرُ
أخْنى على واحدٍ رَيْبُ الزّمانِ، وما
يُبْقي الزّمانُ على شيءٍ وَلا يَذَرُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ جودي بدَمْعٍ منكِ مِدرارِ
يا عَينِ جودي بدَمْعٍ منكِ مِدرارِ
رقم القصيدة : 10518
-----------------------------------
يا عَينِ جودي بدَمْعٍ منكِ مِدرارِ
جهدَ العويلِ كماءِ الجدولِ الجاري
وابكي اخاكِ ولاتنسي شمائلهُ
وابكي اخاكِ شجاعاً غيرَ خوَّارِ
وابكي اخاكِ لا يتامٍ وارملة ٍ
وابكي اخاكِ لحقِّ الضَّيفِ والجارِ(3/100)
جَمٌّ فواضِلُهُ تَنْدَى أنامِلُهُ
كالبدرِ يجلو ولا يخفى على السَّاري
ردَّاد عارية ٍ فكَّاكُ عانية ٍ
كضَيغَمٍ باسِلٍ للقِرْنِ هَصّارِ
جَوّابُ أوْدِيَة ٍ حَمّالُ ألوِيَة ٍ
سَمْحُ اليَدَينِ جوَادٌ غيرُ مِقتارِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> الا ابكي على صخرٍ وصخرٌ ثمالنا
الا ابكي على صخرٍ وصخرٌ ثمالنا
رقم القصيدة : 10519
-----------------------------------
الا ابكي على صخرٍ وصخرٌ ثمالنا
اذا الحربُ هرَّتْ واستمرتْ مريرها
اقامَ جناحيْ ربها وترافدوا
على صَعْبِها حتى اسْتَقامَ عَسِيرُها
بِبارِقَة ٍ للمَوْتِ فيها عَجاجَة ٌ
مَناكِبُها مَسْمُومَة ٌ ونُحُورُها
أهَلّ بهَا وَكْفُ الدّماءِ ورَعْدُها
هَماهِمُ أبطالٍ قليلٌ فُتورُها
فصخرٌ لديها مدرهُ الحربِ كلها
وصخرٌ اذا خانَ الرّجالُ يطيرها
منَ الهضبة ِ العليا الَّتي ليسَ كالصَّفا
صفاها وما انْ كالصُّخورِ صخورها
لها شرفاتٌ لاتنالُ ومنكبٌ
مَنيعُ الذّرَى عالٍ على مَن يُثيرُها
لهُ بسطتا مجدٍ فكفٌ مفيدة ٌ
وأخرَى بأطْرافِ القَناة ِ شُقُورُها
منِ الحربُ رَّبتهُ فليسَ بسائمٍ
إذا مَلّ عَنها ذاتَ يوْمٍ ضَجُورُها
اذا ما اقمطرَّتْ للمغارِ وايقنتْ
بهِ عَنْ حِيالٍ مُلقِحٍ مَن يَبورُها
العصر الإسلامي >> الخنساء >> تَعَرّقَني الدّهْرُ نَهْساً وَحَزَّا
تَعَرّقَني الدّهْرُ نَهْساً وَحَزَّا
رقم القصيدة : 10520
-----------------------------------
تَعَرّقَني الدّهْرُ نَهْساً وَحَزَّا
وَأوْجَعَني الدّهرُ قَرْعاً وغَمْزَا
وافنى رجالي فبادروا معاً
فَغُودِرَ قلبي بهِمْ مُسْتَفَزّا
كأنْ لم يَكونُوا حِمًى يُتّقَى
اذِ النَّاسُ اذْ ذاكَ منْ عزَّبزَّا
وكانُوا سَراة َ بَني مالِكٍ
وزَيْنَ العَشيرَة ِ بَذْلاً وعِزّا
وهمْ في القديمِ اساة ُ العديمِ
والكائِنونَ منَ الخَوْفِ حِرْزَا
وهمْ منعوا جارهمْ والنّسا
يحفِزُ أحشاءَها الخوْفُ حَفْزَا
غداة َ لقوهمْ بملمومة ٍ(3/101)
رداحٍ تغادرُ في الارضِ وكرَّا
ببيضِ الصّفاحِ وسمرِ الرّماحِ
فبالبِيضِ ضَرْباً وبالسُّمرِ وَخْزَا
وخَيْلٍ تَكَدَّسُ بالدّارِعينَ
وتحتَ العَجاجَة ِ يجمِزْنَ جَمزَا
ومن ظنّ ممّنْ يُلاقي الحروبَ
بانْ لا يصابَ فقدْ ظنَّ عجزا
نَعِفّ ونَعْرِفُ حَقّ القِرَى
ونَتّخِذُ الحَمْدَ ذُخراً وكَنْزَا
ونَلْبَسُ في الحَرْبِ نَسْجَ الحديد
ونَسحبُ في السّلمِ خَزّاً وقَزّا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> بَني سُلَيْمٍ! ألا تَبكُونَ فارِسَكُم؟
بَني سُلَيْمٍ! ألا تَبكُونَ فارِسَكُم؟
رقم القصيدة : 10521
-----------------------------------
بَني سُلَيْمٍ! ألا تَبكُونَ فارِسَكُم؟
خلَّى عليكمْ اموراً ذاتَ امراسِ
ما للمنايا تغادينا وتطرقنا
كانَّنا ابداً نحتزُّ بالفاسِ
تَغْدو عَلَيْنا فتَأبَى أن تُزَايِلَنا
للخيرِ فالخيرُ منَّا رهنُ ارماسِ
ولايزالُ حديثُ السّنِّ مقتبلا
وفارساً لا يرى مثلٌ لهُ راسِ
منَّا يغافضهُ لوْ كانَ يمنعهُ
بأسٌ لَصَادَفَنا حَيّاً أُولي باسِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي
رقم القصيدة : 10522
-----------------------------------
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي
فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ
على صَخْرٍ، وأيُّ فتًى كصَخْرٍ
ليَوْمِ كَريهَة ٍ وطِعانِ حِلْسِ
وللخصمِ الالدِّ اذا تعدَّى
ليأخُذَ حَقّ مَظْلُومٍ بقِنسِ
فلمْ ارَ مثلهُ رزءًا لجنٍ
ولم أرَ مِثْلَهُ رُزْءاً لإنْسِ
اشدَّ على صروفِ الدَّهرِ ايداً
وأفْصَلَ في الخُطوبِ بغَيرِ لَبسِ
وضيفٍ طارقٍ أو مستجيرٍ
يروَّعُ قلبهُ منْ كلِّ جرسِ
فاكرمهُ وآمنهُ فامسى
خلياً بالهُ منْ كلِّ بؤسِ
يُذَكّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخراً
وأذكرُهُ لكلّ غُروبِ شَمْسِ
ولَوْلا كَثرَة ُ الباكينَ حَوْلي
على اخوانهمْ لقتلتُ نفسي
ولكنْ لاازالُ ارى عجولاً
وباكيَة ً تَنوحُ ليَوْمِ نَحْسِ
أراها والهاً تَبكي أخاها(3/102)
عشيَّة َ رزئهِ اوْ غبَّ امسِ
وما يَبكونَ مثلَ أخي ولكِنْ
اعزّي النَّفسَ عنهُ بالتَّأسي
فلا واللهِ لا انساكَ حتَّى
افارقَ مهجتي ويشقَّ رمسي
فقَدْ وَدّعْتُ يوْمَ فِرَاقِ صَخْرٍ
أبي حَسّانَ لَذّاتي وأُنْسِي
فيا لهفي عليهِ ولهفَ اُمّي
ايصبحُ في الضَّريحِ وفيهِ يمسي
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ إبكي فارِساً
يا عَينِ إبكي فارِساً
رقم القصيدة : 10523
-----------------------------------
يا عَينِ إبكي فارِساً
حسنَ الطّعانِ على الفرسْ
ذا مرَّة ٍ ومهابة ٍ
بينا نؤمّلهُ اختلسْ
بينا نراهُ بادياً
يَحْمي كَتِيبَتَهُ شَرِسْ
كَاللّيْثِ خَفّ لِغِيلِهِ
يَحْمي فَريسَتَهُ شَكِسْ
يذرُ الكميَّ مجدَّلاً
تربَ المناحرِ منقعسْ
خضبَ السّنانَ بطعنة ٍ
فالنَّفسُ يحفزها النَّفسْ
فالطَّيرُ بينَ مراودٍ
يدنُو وآخرَ منتهسْ
نِعْمَ الفَتى عِنْدَ الوَغَى
حينَ التَّصايحِ في الغلسْ
فلأبْكِيَنّكَ سَيّداً
فصلَ الخطابِ اذا التبسْ
مَنْ ذا يَقُومُ مَقامَهُ
بعدَ ابنِ امّي اذْ رمسْ
أوْ مَنْ يَعُودُ بحِلْمِهِ
عندَ التّنازُعِ في الشَّكَسْ
غَيْثُ العَشيرَة ِ كُلّها
الغائرينَ ومنْ جلسْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> إنّ الزّمانَ وما يَفنى له عَجَبٌ
إنّ الزّمانَ وما يَفنى له عَجَبٌ
رقم القصيدة : 10524
-----------------------------------
إنّ الزّمانَ وما يَفنى له عَجَبٌ
ابقى لنا ذنباً واستوصلَ الرَّاسُ
ابقى لنا كلَّ مجهولٍ وفجعنا
بالحالِمِينَ فَهُمْ هامٌ وأرْماسُ
انَّ الجديدينِ في طولِ اختلافهما
لا يَفْسُدانِ ولكِنْ يفسُدُ النّاسُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> امَّا لياليَ كنتُ جارية ً
امَّا لياليَ كنتُ جارية ً
رقم القصيدة : 10525
-----------------------------------
امَّا لياليَ كنتُ جارية ً
فحُفِفْتُ بالرقباءِ والجِلْسِ
حتَّى اذا ما الخدرُ ابرزني
نُبِذَ الرجال بِزَوْلَة ٍ جَلْسِ
وبجارة ٍ شوهاءَ ترقبني(3/103)
وحَماً يخِرُّ كَمَنْبِذِ الحِلْسِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ألا يا عَينِ ويحَكِ أسْعِديني
ألا يا عَينِ ويحَكِ أسْعِديني
رقم القصيدة : 10526
-----------------------------------
ألا يا عَينِ ويحَكِ أسْعِديني
لريبِ الدَّهرِ والزَّمنِ العضوضِ
ولا تبقي دموعاً بعدَ صخرٍ
فقدْ كلفتِ دهرك انْ تفيضي
ففيضي بالدُّموعِ على كريمٍ
رَمَتْهُ الحادِثاتُ وَلا تَغيضِي
فقدْ اصبحتُ بعدَ فتى سليمٍ
افرّجُ همَّ صدري بالقريضِ
أُسائِلُ كُلّ والهَة ٍ هَبولٍ
براها الدَّهرُ كالعظمِ المهيضِ
واصبحُ لا اعدُّ صحيحَ جسمٍ
ولا دَنِفاً أُمَرَّضُ كالمَرِيضِ
ولكنّي ابيتُ لذكرِ صخرٍ
أغَصّ بسَلْسَلِ الماءِ الغَضِيضِ
وأذكُرُهُ إذا ما الأرْضُ أمْسَتْ
هجولاً لمْ تلمَّع بالوميضِ
فمَنْ للحَرْبِ إذا صارَتْ كَلُوحاً
وشَمّرَ مُشْعِلُوها للنّهوضِ
وخيْلٍ قد دَلَفْتَ لها بأُخْرَى
كانَّ زهاؤها سندُ الحضيضِ
اذا ما القومَ احربهمْ تبولٌ
كذاكَ التَّبلُ يُطلَبُ كالقُروضِ
بكُلّ مُهَنّدٍ عَضْبٍ حُسَامٍ
رقيقِ الحدِّ مصقولٍ رحيضِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> لقدْ صوَّتَ النَّاعي بفقدِ اخي النَّدى
لقدْ صوَّتَ النَّاعي بفقدِ اخي النَّدى
رقم القصيدة : 10527
-----------------------------------
لقدْ صوَّتَ النَّاعي بفقدِ اخي النَّدى
نداءً لعمري لا اباً لكَ يسمعُ
فقمتُ وقدْ كادتْ لروعة ِ هلكهِ
وفَزْعَتِهِ نَفسي منَ الحزْنِ تَتْبَعُ
إلَيْهِ كَأنّي حَوْبَة ً وتخَشّعاً
أخُو الخَمْرِ يَسمو تارَة ً ثمّ يُصرَعُ
فمن لِقِرَى الأضْيافِ بعدَكَ إنْ هُمُ
قُبالَكَ حَلّوا ثمّ نادَوا فأسمَعُوا
كعهدهمِ اذْ انتَ حيٌ واذْ لهمْ
لَدَيْكَ مَنالاتٌ ورِيٌّ ومَشْبَعُ
ومنْ لمهمْ حلَّ بالجارِ فادحٍ
وأمْرٍ وَهَى من صاحِبٍ ليسَ يُرْقَعُ
ومَنْ لجَليسٍ مُفْحِشٍ لجَليسِهِ
عليهِ بجهلٍ جاهداً يتسرَّعُ
ولوْ كنتَ حيًّا كانَ اطفاءُ جهلهِ
بحلمكَ في رفقٍ وحلمكَ اوسعُ(3/104)
وكنتُ إذا ما خِفْتُ إرْدافَ عُسرَة ٍ
اظلُّ لها منْ خيفة ٍ اتقنَّعُ
دَعَوْتُ لها صَخْرَ النّدى فوَجَدْتُهُ
لهُ موسرٌ ينفى بهِ العسرُ اجمعُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> الا ما لعينكِ لا تهجعُ
الا ما لعينكِ لا تهجعُ
رقم القصيدة : 10528
-----------------------------------
الا ما لعينكِ لا تهجعُ
تبكّي لو انَّ البكا ينفعُ
كانَّ جماناً هوى مرسلاً
دموعَهُما أوْ هُمَا أسْرَعُ
تَحَدّرَ وانْبَتّ منهُ النّظامُ
مُ فانسلَّ منْ سلكهِ اجمعُ
فَبَكّي لِصَخْرٍ ولا تَنْدُبي
سواهُ فانَّ الفتى مصقعُ
مضَى وسنَمْضي على إثْرِهِ
كذاكَ لكلِّ فتًى مصرعُ
هُوَ الفارِسُ المُسْتَعِدّ الخَطيبُ
م في القومِ واليسرُ الوعوعُ
وعانٍ يحكُّ ظنابيبهُ
إذا جُرّ في القِدّ لا يُرْفَعُ
دَعَاكَ فَهَتّكْتَ أغْلالَهُ
وقدْ ظَنّ قَبْلَكَ لا تُقْطَعُ
وجَلْسٍ أَمُونٍ تَسَدّيْتَها
لِيَطْعَمَهَا نَفَرٌ جُوَّعُ
فظلَّتْ تكوسُ على اكرعٍ
ثَلاثٍ وكانَ لهَا أرْبَعُ
بمهوٍ اذا انتَ صوَّبتهُ
كانَّ العظامَ لهُ خروعٌ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أبَى طولُ لَيْلَى لا أهْجَعُ
أبَى طولُ لَيْلَى لا أهْجَعُ
رقم القصيدة : 10529
-----------------------------------
أبَى طولُ لَيْلَى لا أهْجَعُ
وقد عالَني الخَبَرُ الأشْنَعُ
نعيُّ ابنِ عمرٍو اتى موهناً
قتيلاً فما ليَ لا اجزعُ
وفّجّعني ريبُ هذا الزَّمانِ
بهِ والمَصائِبُ قَدْ تَفْجِعُ
فمِثْلُ حَبيبيَ أبكَى العُيُونَ
وأوْجَعَ مَنْ كانَ لا يُوجَعُ
أخٌ ليَ لا يَشْتَكيهِ الرّفيقُ
ولا الرّكْبُ في الحاجَة ِ الجُوَّعُ
ويهتزُّ في الحربِ عندَ النزالِ
كَما اهْتَزّ ذو الرّوْنَقِ المِقْطَعُ
فما لي وللدَّهرِ ذي النَّائباتِ
اكلُّ الوزوعِ بنا توزعُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا أُمّ عَمْرٍو ألا تَبْكينَ مُعْوِلَة ً
يا أُمّ عَمْرٍو ألا تَبْكينَ مُعْوِلَة ً
رقم القصيدة : 10530
-----------------------------------(3/105)
يا أُمّ عَمْرٍو ألا تَبْكينَ مُعْوِلَة ً
على اخيكِ وقدْ اعلى بهِ النَّاعي
فابْكي ولا تَسأمي نَوْحاً مُسلِّبَة ً
على اخيكِ رفيعِ الهمِّ والباعِ
فقَدْ فُجِعْتِ بمَيْمُونٍ نَقيبَتُهُ
جَمِّ المَخارِجِ ضَرّارٍ ونَفّاعِ
فمَنْ لَنَا إنْ رُزِئْناهُ وفارَقَنَا
بسيّدٍ منْ وراءِ القومِ دفَّاعِ
قدْ كانَ سيّدنا الدَّاعي عشيرتهُ
لا تَبْعَدَنّ، فنِعْمَ السّيدُ الداعي
العصر الإسلامي >> الخنساء >> تذّكّرْتُ صَخْراً إذْ تَغَنّتْ حمامَة ٌ
تذّكّرْتُ صَخْراً إذْ تَغَنّتْ حمامَة ٌ
رقم القصيدة : 10531
-----------------------------------
تذّكّرْتُ صَخْراً إذْ تَغَنّتْ حمامَة ٌ
هَتوفٌ على غُصْنٍ من الأيكِ تَسجعُ
فظلتُ لها أبكي بدمعِ حزينة ٍ
وقَلْبيَ مِمّا ذَكّرَتْني مُوَجَّعُ
تذكرني صخراً وقدْ حالَ دونهُ
صَفيحٌ وأحْجارٌ وبَيْداءُ بَلْقَعُ
ارى الدَّهرَ يرمي ماتطيشُ سهامهُ
وليسَ لمَنْ قد غالَهُ الدّهرُ مَرْجِعُ
فإنْ كانَ صَخْرُ الجُودِ أصبَحَ ثاوياً
فقدْ كانَ في الدُّنيا يضرُّ وينفعُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أقْسَمْتُ لا أنْفَكّ أُهْدي قَصِيدَة ً
أقْسَمْتُ لا أنْفَكّ أُهْدي قَصِيدَة ً
رقم القصيدة : 10532
-----------------------------------
أقْسَمْتُ لا أنْفَكّ أُهْدي قَصِيدَة ً
لصَخْرٍ أخي المِفْضالِ في كلّ مجمَعِ
فدتكَ سليمٌ كهلها وغلامها
وجدّع منها كلُّ انفٍ ومسمعِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عينِ بَكّي بدَمْعٍ غَيرِ إنْزَافِ
يا عينِ بَكّي بدَمْعٍ غَيرِ إنْزَافِ
رقم القصيدة : 10533
-----------------------------------
يا عينِ بَكّي بدَمْعٍ غَيرِ إنْزَافِ
وابكي لصخرٍ فلنْ يكفيكهِ كافِ
كوني كَوَرْقاءَ في أفْنانِ غِيلَتِها
او صائحٍ في فروعِ النَّخلِ هتَّافِ
وابكي على عارضٍ بالودقِ محتفلٍ
إذا تَهاوَنَتِ الأحْسابُ رَجّافِ
ومنزلِ الضَّيفِ انْ هبَّتْ مجلجلة ٌ
ترمي بصمٍّ سريعِ الخسفِ رسَّافِ(3/106)
أبي اليَتامَى إذا ما شَتْوَة ٌ نَزَلَتْ؛
وفي المَزاحِفِ ثَبْتٍ غَيرِ وَجّافِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ما لِذا المَوْتِ لا يَزالُ مُخيفَا
ما لِذا المَوْتِ لا يَزالُ مُخيفَا
رقم القصيدة : 10534
-----------------------------------
ما لِذا المَوْتِ لا يَزالُ مُخيفَا
كُلَّ يَوْمٍ يَنالُ مِنّا شَريفَا
مولَعاً بالسَّراة ِ مِنّا، فَما يأخذُ
خذُ الاَّ المهذَّبَ الغطريفا
فلَوَ انّ المَنُونَ تَعْدِلُ فينَا
فتنالُ الشَّريفَ والمشروفا
كان في الحقّ أن يعودَ لَنا المَوْتُ
وأنْ لا نَسُومَهُ تَسْويفَا
ايُّها الموتُ لو تجافيتَ عنْ صخرٍ
م لالفيتهُ نقياً عفيفا
عاشَ خمسينَ حِجّة ً يُنكرُ المُنكَرَ
م فينا ويبذلُ المعروفا
رحمة ُ اللهِ والسَّلامُ عليهِ
وسَقَى قَبرَهُ الرّبيعُ خَريفَا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا لهفَ نَفسي على صَخرٍ وقد لهِفَتْ
يا لهفَ نَفسي على صَخرٍ وقد لهِفَتْ
رقم القصيدة : 10535
-----------------------------------
يا لهفَ نَفسي على صَخرٍ وقد لهِفَتْ
وهل يَرُدّنّ خَبْلَ القَلبِ تَلهيفي
ابكي اخاكِ اذا جاورتهمْ سحراً
جودي عليه بدمعٍ غيرِ منزوفِ
ابكي المهينَ تلادَ المالِ ان نزلتْ
شَهْباءُ تَرْزَحُ بالقَوْمِ المَتارِيفِ
وابكي اخاكِ لدهرٍ صارَ مؤتلفاً
والدّهرُ، ويحكِ، ذو فَجْعٍ وتجليفِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> مرهتْ عيني فعيني
مرهتْ عيني فعيني
رقم القصيدة : 10536
-----------------------------------
مرهتْ عيني فعيني
بَعْدَ صَخْرٍ عَطِفَهْ
فدُموعُ العَينِ مِنّي
فَوْقَ خَدّي وَكِفَهْ
طرفتْ حندرُ عيني
بِعَكِيكٍ ذَرِفَهْ
انَّ نفسي بعدَ صخرٍ
بالرَّدى معترفهْ
وبها منْ صخرَ شيءٌ
لَيسَ يُحْكَى بالصِّفَهْ
وبنفسي لهمومٌ
فهي حرَّى آسفهْ
وبذكرَى صَخْرَ نَفْسي
كلَّ يومٍ كافهْ
إنّ صَخْراً كانَ حِصْناً
وَرُبًى للنُّطَفَهْ
وغِياثاً ورَبيعاً
للعجوزِ الخرفهْ
واذا هبَّت شمالٌ(3/107)
اوْ جنوبٌ عصفهْ
نَحَرَ الكُومَ الصّفَايَا
والبِكَارَ الخَلِفَهْ
يَمْلأُ الجَفْنَة َ شَحْماً
قتراها سدفهْ
وتَرَى الهُلاّكَ شَبْعَى
نَحْوَهَا مُزْدَلِفَهْ
وترى الايديَ فيها
دَسِمَاتٍ غَدِفَهْ
وارداتٍ صادراتٍ
كقطاً مختلفهْ
كدبورٍ وشمالٍ
في حِياضٍ لَقِفَهْ
فَلَئِنْ أجْرُعُ صَخْرٍ
اصبحتْ لي ظلفهْ
انَّها كانتْ زماناً
روضَة ً مُؤتَنَفَهْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> هريقي منْ دموعكِ أو افيقي
هريقي منْ دموعكِ أو افيقي
رقم القصيدة : 10537
-----------------------------------
هريقي منْ دموعكِ أو افيقي
وصبراً انْ اطقتِ ولنْ تطيقي
وقُولي إنّ خَيرَ بَني سُلَيْمٍ
وفارسهمْ بصحراءِ العقيقِ
وانّي والبكا منْ بعدِ صخرٍ
كسالكة ٍ سوى قصدِ الطَّريقِ
فلا وابيكَ ما سلَّبتُ صدري
بفاحِشَة ٍ أتَيْتَ وَلا عُقُوقِ
ولكنّي وجدتُّ الصَّبرَ خيراً
مِنَ النّعلَينِ والرّأسِ الحَليقِ
ألا هَلْ تَرْجِعَنْ لَنا اللّيالي
وايَّامٌ لنا بلوى الشَّقيقِ
ألا يا لَهْفَ نَفسي بَعدَ عَيشٍ
لنا بندى المختَّمِ والمضيقِ
واذْ فينا فوارسُ كلِ هيجا
إذا فَزِعُوا وفتيانُ الخُروقِ
إذا ما الحرْبُ صَلْصَلَ ناجِذاها
وفاجاها الكماة ُ لدى البروقِ
واذْ فينا معاوية ُ بنُ عمرٍو
على ادماءَ كالجملِ الفنيقِ
فبَكّيهِ فَقَدْ وَلّى حَميداً
أصِيلَ الرّأيِ محمُودَ الصّديقِ
هو الرُّزءْ المبينُ لا كباسٌ
عَظيمُ الرّأيِ يَحْلُمُ بالنّعيقِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مُهْراقِ
يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مُهْراقِ
رقم القصيدة : 10538
-----------------------------------
يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مُهْراقِ
اذا هدى النَّاسُ أو همُّوا باطراقِ
انّي تذكّرني صخراً اذا سجعتْ
على الغُصُونِ هَتُوفٌ ذاتُ أطْواقِ
وكلُّ عبرى تبيتُ اللَّيلَ ساهرة ً
تبكي بكاءَ حزينِ القلبِ مشتاقِ
لا تَكْذِبَنّ فإنّ المَوْتَ مُخْتَرِمٌ(3/108)
كلَّ البريَّة ِ غيرَ الواحدِ الباقي
انتَ الفتى الماجدُ الحامي حقيقتهُ
تعطي الجزيلَ بوجهٍ منكَ مشراقِ
والعودَ تعطي معاً والنَّابَ مكتنفاً
وكلَّ طرفٍ الى الغاياتِ سبَّاقِ
انّي سابكي ابا حسَّانَ نادبة ً
ما زلتُ في كلِّ امساءٍ واشراقِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> آمنْ حدثِ الايَّامِ عينكِ تهملُ
آمنْ حدثِ الايَّامِ عينكِ تهملُ
رقم القصيدة : 10539
-----------------------------------
آمنْ حدثِ الايَّامِ عينكِ تهملُ
تبكّي على صخرٍ وفي الدَّهرِ مذهلُ
الاَ منْ لعينٍ لا تجفُّ دموعها
إذا قُلتُ أفثَتْ تَستَهِلّ فتَحفِلُ
على ماجِدٍ ضَخْمِ الدّسيعَة ِ بارِعٍ
لهُ سورَة ٌ في قَوْمِهِ ما تُحَوَّلُ
فما بَلَغَتْ كَفُّ امرىء ٍ مُتَناوِلٍ
منَ المَجْدِ إلاّ حَيثُ ما نِلتَ أطوَلُ
ولا بَلَغَ المُهدونَ في القَوْلِ مِدْحَة ً
ولا صَدَقُوا إلاّ الذي فيكَ أفْضَلُ
وما الغيثُ في جعدِ الثَّرى دمثِ الرُّبى
تبعَّقَ فيهِ الوابلُ المتهللُ
باوسعَ سيباً منْ يديكَ ونعمة ً
تعُمّ بها بل سَيْبُ كَفّيكَ أجْزَلُ
وجاركَ محفوظٌ منيعٌ بنجوة ٍ
منَ الضّيمِ لا يُؤذَى ولا يَتَذَلّلُ
منَ القوْمِ مَغشِيُّ الرِّواقِ كَأنّهُ
اذا سيمَ ضيماَ خادرٌمتبسلُ
شرنبتُ اطرافِ البنانِ ضبارمٌ
لهُ في عرينِ الغيلِ عرسٌ واشبلُ
هزبرٌ هريتُ الشّدقِ رئبالُ غابة ٍ
مخوفُ اللقاءِ جائبُ العينِ انجلُ
أخو الجودِ مَعروفٌ له الجودُ والنّدى
حليفانِ ما دامتِ تعارُ ويذبلُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أيا عينيّ ويحكُما استَهِلاّ
أيا عينيّ ويحكُما استَهِلاّ
رقم القصيدة : 10540
-----------------------------------
أيا عينيّ ويحكُما استَهِلاّ
بدَمْعٍ غَيرِ مَنزُورٍ وعُلاّ
بدَمْعٍ غيرِ دَمْعِكما وجُودا
فقدْ اورثتما حزناً وذلاَّ
على صَخْرَ الأغَرّ أبي اليَتَامَى
ويَحمِلُ كلَّ مَعثَرَة ٍ وكَلاّ
فانْ اسعفتماني فارفداني
بدمْعٍ يُخْضِلُ الخدّينِ بَلاّ(3/109)
على صَخْرِ بنِ عمرٍو إنّ هذا
وإن قد قلّ بحرُكَ واضمحلاّ
فقدْ اورثتما حزناً وذلاًّ
وحرًّا في الجوانبِ مستقلاَّ
فقُومي يا صَفيّة ُ في نِساءٍ
بحرِّ الشَّمسِ لا يبغينَ ظلاَّ
يشققنَ الجيوبَ وكلَّ وجهٍ
طَفيفٌ أن تُصَلّي له وقَلاّ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> بكَتْ عَيْني وحُقّ لها العَويلُ
بكَتْ عَيْني وحُقّ لها العَويلُ
رقم القصيدة : 10541
-----------------------------------
بكَتْ عَيْني وحُقّ لها العَويلُ
وهاضَ جَناحيَ الحدَثُ الجليلُ
فقَدتُ الدّهرَ، كيفَ أكَلَّ رُكني
لأقْوامٍ مَوَدّتُهُمْ قَليلُ
على نفرهمُ كانوا جناحي
عليهمْ حينَ تلقاهمْ قبولُ
فذكّرَني أخي قَوْماً تَوَلّوا
عليَّ بذكرهمْ ما قيلَ قيلُ
مُعاويَة ُ بنُ عمرٍو كانَ رُكْني
وصخراً كانَ ظلُّهمُ الظَّليلُ
ذكرتُ فغالني ونكا فؤادي
وارَّقَ قوميَ الحزنُ الطَّويلُ
أولو عزٍّ كانَّهمُ غضابٌ
ومَجدٍ مَدَّهُ الحَسَبُ الطّويلُ
هُمُ سادُوا مَعَدّاً في صِباهُمْ
وسادوا وهمْ شبابٌ اوْ كهولُ
فبَكّي أُمَّ عمرٍو كلَّ يَوْمٍ
اخا ثقة ٍ محيَّاهُ جميلُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> آلا ليتَ أمّي لمْ تلدني سويَّة ً
آلا ليتَ أمّي لمْ تلدني سويَّة ً
رقم القصيدة : 10542
-----------------------------------
آلا ليتَ أمّي لمْ تلدني سويَّة ً
وكنتُ تُراباً بَينَ أيْدي القَوابِلِ
وخَرّتْ على الأرْضِ السّماءُ فطبّقتْ
وماتَ جَميعاً كلُّ جافٍ وناعِلِ
غداة َ غدا ناعٍ لصخرٍ فراعني
و أورثني حزناً طويلَ البلابلِ
فقلتُ لهُ: ماذا تَقولُ؟ فقالَ لي:
نعى ما ابنُ عمرٍو اثكلتهُ هوابلي
فأصبحتُ لا التذُّ بعدكَ نعمة ً
حياتي ولا ابكي لدعوة ِ ثاكلِ
فشأنَ المنايا بالاقاربِ بعدهُ
لتُعْلِلْ عَلَيْهِمْ عَلّة ٌ بَعدَ ناهِلِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عينِ جودي بالدّموعِ السُّجولْ
يا عينِ جودي بالدّموعِ السُّجولْ
رقم القصيدة : 10543
-----------------------------------(3/110)
يا عينِ جودي بالدّموعِ السُّجولْ
و ابكي على صخرٍ بدمعٍ همولْ
لا تَخْذُليني عندَ جَدّ البُكا
فليسَ ذا يا عينِ وقتَ الخذولْ
ابكي ابا حسَّانَ واستعبري
على الجَميلِ المُسْتَضافِ المَخيلْ
نعمَ اخو الشَّتوة ِ حلَّتْ بهِ
أرامِلُ الحيّ غَداة َ البَليلْ
يَأتِينَهُ مُسْتَعْصِماتٍ بِهِ
يعلنَّ في الدَّارِ بدعوى الآليلْ
ونعمَ جارُ القومِ في ازمة ٍ
اذا التجا النَّاسُ بجارٍ ذليلْ
دلَّ على معروفهِ وجههُ
بوركَ فيها هادياً منْ دليلْ
لا يَقْصِرُ الفَضْلَ على نَفْسِهِ
بل عندهُ منْ نابهُ في فضولْ
قدْ عرفَ النَّاسُ لهُ انَّهُ
بالمنزلِ الا تلعِ غيرُ الضَّئيلْ
عطاؤهُ جزلٌ وصولاتهُ
صولاتُ قرمٍ لقرومٍ صؤولْ
ورأيهُ حكمٌ وفي قولهِ
مواعظٌ يذهبنَ داءَ الغليلْ
ليسَ نجبٍّ مانعٍ ظهرهُ
لا ينهضُ الدَّهرَ بعبءٍ ثقيلْ
ولا بسعَّالٍ اذا يجتدى
وضَاقَ بالمَعروفِ صَدْرُ السَّعولْ
قدْ راعني الدَّهرُ فبؤساً لهُ
بفارِسِ الفُرْسانِ والخَنْشَليلْ
تركتني وسطَ بني علَّة ٍ
ادورُ فيهمْ كاللَّعينِ النَّقيلْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> انَّ ابا حسَّانَ عرشٌ هوى
انَّ ابا حسَّانَ عرشٌ هوى
رقم القصيدة : 10544
-----------------------------------
انَّ ابا حسَّانَ عرشٌ هوى
ممّا بنى اللَّهُ بكِنٍّ ظَليلْ
اتلعُ لا يغلبهُ قرنهُ
مستجمعُ الرَّأي عظيمٌ طويلْ
تحسبهُ غضبانَ منْ عزّهِ
ذلِكَ منهُ خُلُقٌ ما يَحُولْ
وَيْلُ امّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ إذا
أُلِقيَ فيها فارِساً ذا شَليلْ
تَشْقَى بهِ الكُومُ لدى قِدْرِهِ
والنّابُ والمُصْعَبَة ُ الخَنْشَليلْ
انَّى ليَ الفارسُ اغدو بهِ
مثلَكَ إذا ما حَمَلَتني الحَمولْ
تركتني يا صخرُ في فتية ٍ
كأنّني بعدَكَ فيهِمْ نَقيلْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ابكي على البطلِ الَّذي
ابكي على البطلِ الَّذي
رقم القصيدة : 10545
-----------------------------------
ابكي على البطلِ الَّذي
جَلّلْتُمُ صَخْراً ثِقالا(3/111)
مُتَحَزِّماً بالسّيفِ يرْكَبُ
كبُ رمحهُ حالاً فحالا
يا صَخْرُ مَنْ للخَيْلِ إذْ
رُدّتْ فَوَارِسُها عِجَالا
مُتَسَرْبِلي حَلَقِ الحَديدِ
تخالهمْ فيهِ جمالا
وَيْلي عَلَيْكَ إذا تَهُبّ
الرّيحُ بارِدَة ً شَمَالا
والحيدرُ الصرَّادُ لمْ
يَكُ غَيْمُها إلاّ طِلالا
لِيُرَوِّعَ القَوْمَ الذينَ
نَعُدّهُمْ فينَا عِيالا
خَيرُ البَرِيّة ِ في قِرًى
صخرٌ واكرمهمْ فعالا
وهوَ المؤمَّلُ والَّذي
يُرْجَى وأفْضَلُها نَوَالا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أعَيْنِيَ فِيضي ولا تَبْخُلي
أعَيْنِيَ فِيضي ولا تَبْخُلي
رقم القصيدة : 10546
-----------------------------------
أعَيْنِيَ فِيضي ولا تَبْخُلي
فإنّكِ للدّمْعِ لم تَبْذُلي
وجودي بدمعكِ واستعبري
كسَحّ الخَليجِ على الجَدْوَلِ
على خَيرِ من يَندبُ المُعْولونَ
نَ والسَّيَدِ الايّدِ الافضلِ
طويلِ النّجادِ رفيعِ العما
ليسَ بوَغْدٍ ولا زُمَّلِ
يحيدُ الكفاحَ غداة ََ الصُّيا
حامي الحَقيقَة ِ لم يَنْكَلِ
كانَّ العداة ََ اذا ما بدا
يخافونَ ورداً ابا اشبلِ
مُدِلاًّ منَ الأُسْدِ ذا لِبْدَة ٍ
حمى الجزعَ منهُ فلمْ ينزلِ
يَعِفّ ويَحْمي إذا ما اعْتَزَى
إلى الشّرَفِ الباذِخِ الأطْوَلِ
يحامي عنِ الحيِّ يومَ الحفا
ظِ والجارِ والضَّيفِ والنزَّلِ
ومستنَّة ٍ كاستنانِ الخليجِ م
فوَّارة ِ الغمرِ كالمرجلِ
رَموحٍ من الغيظِ رمح الشَّموس
تلافيتَ في السَّلفِ الاوَّلِ
لتبكِ عليكَ عيالُ الشّتاءِ
اذا الشُّول لاذتْ منَ الشَّمألِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ألا يا صَخْرُ إنْ أبكَيتَ عَيني
ألا يا صَخْرُ إنْ أبكَيتَ عَيني
رقم القصيدة : 10547
-----------------------------------
ألا يا صَخْرُ إنْ أبكَيتَ عَيني
لقَدْ أضْحَكْتَني دَهْراً طَويلا
بَكَيْتُكَ في نِساءٍ مُعْوِلاتٍ
و كنتُ احقَّ منْ ابدى العويلا
دَفَعْتُ بكَ الجَليلَ وأنتَ حَيٌّ
فمَنْ ذا يَدْفَعُ الخَطْبَ الجَليلا(3/112)
إذا قَبُحَ البُكاءُ على قَتيلٍ
رأيْتُ بُكاءَكَ الحَسَنَ الجَميلا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> الا ما لعينكِ امْ مالها
الا ما لعينكِ امْ مالها
رقم القصيدة : 10548
-----------------------------------
الا ما لعينكِ امْ مالها
لقدْ أخْضَلَ الدّمْعُ سِرْبالَها
ابعدَ ابنِ عمرٍو منَ آلِ الشَّريدِ م
حَلّتْ بهِ الأرْضُ أثقالَها
فآلَيْتُ آسَى على هَالِكٍ
وَأسْألُ باكِيَة ً ما لهَا
لَعَمْرُ أبِيكَ، لَنِعْمَ الفَتى
تَحُشّ بهِ الحَرْبُ أجذالها
حَديدُ السّنانِ ذَليقُ اللّسانِ
يُجازي المَقارِضَ أمثالَها
هممتُ بنفسيَ كلَّ الهمومِ
فاولى لنفسيَ اولى لها
سأحْمِلُ نَفسي على آلَة ٍ
فإمّا عَلَيْها وإمّا لهَا
فإنْ تَصْبِرِ النّفسُ تَلقَ السّرورَ،
وإنْ تَجزَعِ النّفسُ أشقَى لها
نُهينُ النّفوسَ، وهَوْنُ النّفوس
سِ يومَ الكريهة ِ ابقى لها
و نعلمُ انَّ منايا الرّجا
لِ بالغة ٌ حيثُ يحلى لها
لتجرِ المنَّية ُ بعدَ الفتى م
المغادَرِ بالمَحْوِ أذْلالَها
ورَجْراجَة ٍ فَوْقَها بِيضُها
علَيها المُضاعَفُ أمثالَهَا
ككرفئة ِ الغيثِ ذاتِ الصَّبيرِ م
ترمي السَّحابَ ويرمى لها
وخَيْلٍ تَكَدّسُ بالدّارِعينَ
نازلتَ بالسَّيفِ ابطالها
و قافية ٍ مثلِ حدِّ السّنا
نِ تبقى ويذهبُ منْ قالها
تَقُدّ الذّؤابَة َ مِنْ يَذْبُلٍ،
أبَتْ أنْ تُفارِقَ أوْعالَها
نطَقْتَ ابنَ عَمرٍو فسهّلتَها
ولم يَنْطِقِ النّاسُ أمْثالَها
فإنْ تَكُ مُرّة ُ أوْدَتْ بِهِ
فقدْ كانَ يكثرُ تقتالها
فَخَرَّ الشّوامِخُ من قَتلِهِ
وزُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلزالَها
و زالَ الكواكبُ منْ فقدهِ
وجُلّلَتِ الشّمْسُ أجْلالها
وداهِيَة ٍ جَرّها جَارِمٌ
تبينُ الحواضنُ احمالها
كفاها ابنُ عمرٍو ولمْ يستعنْ
ولوْ كانَ غَيرُكَ أدْنَى لهَا
ولَيْسَ بأوْلى ولَكِنّهُ
سَيَكْفي العَشيرَة َ ما غالَها
بِمُعْتَرَكٍ ضَيّقٍ بَيْنَهُ
تَجُرّ المَنِيّة ُ أذْيالَها
تَطاعِنُها فإذا أدْبَرَتْ(3/113)
بللتَ منَ الدَّمِّ اكفالها
وبيضٍ منعتَ غداة َ الصُّيا
تَكْشِفُ للرّوْعِ أذْيَالَها
ومُعْمَلَة ٍ سُقْتَها قاعِداً
فاعلمتَ بالسَّيفِ اغفالها
وناجِيَة ٍ كَأتانِ الثّميلِ
غادَرْتَ بالخِلّ أوصالَها
الى ملكٍ لا الى سوقة ٍ
وذلكَ ما كانَ اكلاًلها
وتمنحُ خيلكَ ارضَ العدى
وتَنْبُذُ بالغَزْوِ أطْفالَهَا
ونوحٍ بعثتَ كمثلِ الارا
آنَسَتِ العِينُ أشْبالَها
العصر الإسلامي >> الخنساء >> لمّا رأيْتُ البَدْرَ أظْلَمَ كاسِفاً
لمّا رأيْتُ البَدْرَ أظْلَمَ كاسِفاً
رقم القصيدة : 10549
-----------------------------------
لمّا رأيْتُ البَدْرَ أظْلَمَ كاسِفاً
أرَنَّ شواذٌ بَطنُهُ وسَوائِلُهْ
رنيناً وما يغني الرَّنينُ وقدْ اتى
بموتكَ منْ نحو القريَّة ِ حاملهْ
لقدْ خارَ مرداساً على النَّاسِ قاتلهْ
ولوْ عادهُ كنَّاتهُ وحلائلهْ
وقلنَ الاهلْ منْ شفاءِ ينالهُ
وقدْ منعَ الشّفاءَ منْ هو نائلهْ
وفضَّل مرداساُعلى النَّاسِ حلمهُ
وانْ كلُّ همِّ همَّهُ فهو فاعلهْ
وانْ كلُّ وادٍ يكرهُ النَّاسُ هبطهُ
هبطتَ وماءٍ منهلٍ انتَ ناهلهْ
تركتَ بهِ ليلاً طويلاً ومنزلاً
تَعادَى على ظَهرِ الطّريقِ عَواسِلُهْ
وسبيٍ كآرامِ الصَّريمِ تركتهُ
خلالَ الدّيارِ مستكيناً عواطلهْ
وعدتَّ عليهمْ بعدَ بؤسي بانعمٍ
فكُلّهُمُ تُعْنى بهِ وتُواصِلُهْ
متى ما تُوازِنْ ماجِداً يُعْتَدَلْ بهِ،
كما عَدّلَ الميزانَ بالكَفّ راطِلُهْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> سقى جدثاً اكنافَ غمرة َ دونهُ
سقى جدثاً اكنافَ غمرة َ دونهُ
رقم القصيدة : 10550
-----------------------------------
سقى جدثاً اكنافَ غمرة َ دونهُ
منَ الغَيثِ ديماتُ الرّبيعِ ووابِلُهْ
أُعيرُهُمُ سمعي إذا ذُكرَ الأسَى
وفي القلبِ منهُ زفرة ٌ ما تزايلهْ
وكنتُ أُعيرُ الدّمعَ قبلَكَ مَن بَكى ،
فأنْتَ على مَنْ ماتَ بَعدَكَ شاغِلُهْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> كلُّ امرىء ٍ باثا في الدَّهرِ مرجومُ(3/114)
كلُّ امرىء ٍ باثا في الدَّهرِ مرجومُ
رقم القصيدة : 10551
-----------------------------------
كلُّ امرىء ٍ باثا في الدَّهرِ مرجومُ
وكلُّ بَيْتٍ طَويلِ السَّمكِ مَهدومُ
لا سُوقَة ٌ منهُمُ يَبقى ولا مَلِكٌ
ممّنْ تَمَلّكَهُ الأحرارُ والرّومُ
انَّ الحوادثَ لا يبقى لنائبها
إلاّ الإلَهُ، وراسي الأصْلِ مَعلومُ
وَقَدْ أتاني حَديثٌ غَيرُ ذي طِيَلٍ
منْ معشرٍ رأيهم قدماً تهاميمُ
إنّ الشَّجاة َ التي حدّثْتُمُ اعترَضَتْ
خَلْفَ اللَّها لم تُسوّغْها البَلاعيمُ
إن كان صَخرٌ توَلّى فالشَّماتُ بكمْ
وليسَ يَشمَتُ من كانتْ لهُ طُومُ
مرُّ الحوادثِ ينقادُ الجليدُ لها
ويستقيمُ لها الهيَّابة ُ البومُ
قدْ كانَ صخراً جليداً كاملاً برعاً
جلدَ المريرة ِ تنميهِ السَّلاجيمُ
فأصْبَحَ اليَوْمَ في رَمْسٍ لدى جَدَثٍ
وَسطَ الضّريحِ علَيْهِ التُّرْبُ مَركومُ
تاللَّهِ أنسَى ابنَ عمرِو الخيرِ ما نطَقَتْ
حَمامَة ٌ أو جَرَى في الغمرِ عُلجومُ
أقولُ صَخْرٌ لدى الأجداثِ مَرْمُومُ،
وكيفَ اكتمهُ والدَّمعُ مسجومُ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> فِدًى للفارِسِ الجُشَميّ نَفْسِي
فِدًى للفارِسِ الجُشَميّ نَفْسِي
رقم القصيدة : 10552
-----------------------------------
فِدًى للفارِسِ الجُشَميّ نَفْسِي
وأفديهِ بمَنْ لي من حميمِ
وأفْديهِ بكُلّ بني سُلَيْمٍ
بظاعنهمْ وبالانسِ المقيمِ
خصَصْتُ بها أخا الأحرارِ قَيساً
فتًى في بيتِ مكرمة ٍ كريمِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> منْ لامني في حبِّ كوزٍ وذكرهِ
منْ لامني في حبِّ كوزٍ وذكرهِ
رقم القصيدة : 10553
-----------------------------------
منْ لامني في حبِّ كوزٍ وذكرهِ
فلاقى الذي لا قيتُ إذا حَفَزَ الرَّحمْ
فيا حَبّذا كوزٌ إذا الخَيْلُ أدبَرَتْ
وثارَ غبارٌ في الدَّهاسِ وفي الاكمْ
فنِعْمَ الفَتى تَعشوا إلى ضَوءِ نارِهِ
كُوَيزُ بنُ صَخرٍ ليلة َ الرّيحِ والظُّلَمْ(3/115)
اذا البازلُ الكوماءُ لاذتْ برفلها
ولاذَتْ لِواذاً بالمُدرّينَ بالسِّلَمْ
وقد حالَ خيرٌ من أُناسٍ ورِفْدُهُمْ
بكفَّي غلامٍ لا ضنينٍ ولابرمْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> لعمري وما عمري عليَّ بهيّنٍ
لعمري وما عمري عليَّ بهيّنٍ
رقم القصيدة : 10554
-----------------------------------
لعمري وما عمري عليَّ بهيّنٍ
لَنِعْمَ الفَتى أرْدَيْتُمُ آلَ خَثْعَما
أُصِيبَ بهِ فَرْعا سُلْيمٍ كِلاهُما
فَعَزّ عَلَيْنا أنْ يُصابَ ونُرْغَمَا
وكانَ إذا ما أقْدَمَ الخَيْلَ بِيشَة ً
الى هضبِ اشراكٍ اناخَ فالجما
فارسلها تهوي رعالاً كانَّها
جَرَادٌ زَفَتْهُ ريحُ نَجْدٍ فأتْهَمَا
فأمْسَى الحَوامي قَدْ تَعَفّيْنَ بَعدَهُ
وكانَ الحَصَى يَكْسو دَوابِرَها دما
فآبتْ عشاءً بالنّهابِ وكلُّها
يرى قلقاً تحتَ الرحالة ِ اهضما
وكانتْ اذا لم تطاردْ بعاقلٍ
او الرَّسِّ خيلاً طاردتها بعيهما
وكانَ ثمالَ الحيِّ في كلِّ ازمة ٍ
وعِصْمَتَهُمْ والفارِسَ المُتَغَشِّمَا
ويَنْهَضُ للعُلْيا إذا الحَرْبُ شمّرَتْ
فيطفئها قهراً وانْ شاءَ اضرما
فأقْسَمْتُ لا أنْفَكّ أُحْدِرُ عَبرَة ً
تجولُ بها العينانِ منّي لتسجما
العصر الإسلامي >> الخنساء >> الا ابلغْ سليماً واشباعها
الا ابلغْ سليماً واشباعها
رقم القصيدة : 10555
-----------------------------------
الا ابلغْ سليماً واشباعها
بانَّا فضلنا برأسِ الهمامِ
وانَّا صجناهمْ غارة ً
فأرْوَتْهُمُ منْ نَقيعِ السِّمامِ
وعبساً صبحنا بثهلاتهمْ
بكأسٍ وليسَ بكأسِ المُدامِ
وثَعْلَبَة ُ الرّوْعِ قَدْ عايَنُوا
خيولاً عليها اسودُ الاجامِ
يَلوذونَ مِنّا حِذارَ اللِّقا
فضَرْباً وطَعْناً وحسنَ النّظامِ
وسقنا لرابمهم سجدَّاً
باحداجها وذواتِ الجزامِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ جودي بالدّموعِ
يا عَينِ جودي بالدّموعِ
رقم القصيدة : 10556
-----------------------------------
يا عَينِ جودي بالدّموعِ(3/116)
المُسْتَهِلاّتِ السّواجِمْ
فَيْضاً كما انخَرَقَ الجُمانُ
نُ وجالَ في سلكِ النَّواظمْ
وابكي معاوية َ الفتى
وابنَ الخَضارِمة ِ القُماقِمْ
والحازمَ الباني العلى
في الشّاهقاتِ منَ الدّعائِمْ
تَلْقَى الجَزيلَ عَطاؤهُ
عندَ الحقائقِ غيرَ نادمْ
أسْقَى الإلَهُ ضَريحَهُ
من صَوْبِ دائمَة ِ الرَّهائمْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> أمن ذكرِ صَخْرٍ دمعُ عَينه يَسجُمُ
أمن ذكرِ صَخْرٍ دمعُ عَينه يَسجُمُ
رقم القصيدة : 10557
-----------------------------------
أمن ذكرِ صَخْرٍ دمعُ عَينه يَسجُمُ
بدَمْعٍ حَثيثٍ كالجُمانِ المُنظَّمِ
فتًى كانَ فينا لم يَرَ النّاسُ مِثْلَهُ
كَفالاً لأمٍّ أو وَكيلاً لمَحْرَم
حسيبٌ ينالُ المجدُ منهُ ببسطة ٍ
ويعجزُ عنْ افضالهِ كلُّ شظيمِ
فَفَرّقْتَ فَرْعَيها وكنتَ سَدادَها
اذا كانَ يومٌ بالغاً كلَّ معظمِ
وما ضاعَتِ الأرْحامُ عِنْدَكَ والذي
وَليتَ ومااستُحفِظتَ فيها لمُجرِمِ
كَأنّ بُغاة َ الخَيْرِ عندَكَ أصبَحُوا
على نَهَجٍ من طافحِ البَحْرِ خِضْرِمِ
توَسّعْتَ للحاجاتِ يا صَخْرُ كلِّها
فحامَ الى معروفكَ المتنسّمِ
وأنْتَ ابنُ فَرْعِ القوْم يا صَخرُ كلِّها
إذا قالَ فُرْسانُ اللّقا: صَخرُ أقدِمِ
اذا ذكرتْ نفسي نداهُ وبأسهُ
تحسَّر عنها كلُّ عيشٍ وانعمِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا عَينِ بَكّي على صَخْرٍ لأشْجانِ
يا عَينِ بَكّي على صَخْرٍ لأشْجانِ
رقم القصيدة : 10558
-----------------------------------
يا عَينِ بَكّي على صَخْرٍ لأشْجانِ
وهاجِسٍ في ضَميرِ القَلْبِ خَزّانِ
انّي ذكرتُ ندى صخرٍ فهيّجني
ذكرُ الحبيبِ على سقمٍ واحزانِ
فابْكي أخاكِ لأيْتامٍ أضَرّ بِهِمْ
رَيْبُ الزّمانِ، وكلُّ الضَّرّ يِغشاني
وابكي المعمَّمَ زينَ القائدينَ اذا
كانَ الرّماحُ لديهمْ خلجَ اشطانِ
وابنَ الشّريدِ فلمْ تُبْلَغْ أرومَتُهُ
عندَ الفَخارِ لَقَرْمٌ غيرُ مِهْجانِ(3/117)
لوْ كانَ للدَّهرِ مالٌ عندَ متلدهِ
لكانَ للدَّهرِ صخرٌ مالُ فتيانِ
آبي الهضيمة ِ آتٍ بالعظيمة ِ متلافُ م
الكريمة ِ لا نكسٌ ولا وانِ
حامي الحقيقَة ِ بسّالُ الوَديقة ِ مِعتاقُ
الوسيقة ِ جلدٌ غيرُ ثنيانِ
طَلاّعُ مَرْقَبَة ٍ مَنّاعُ مَغْلَقَة ٍ
وَرّادُ مَشْرَبَة ٍ قَطّاعُ أقْرَانِ
شَهّادُ أنْدِيَة ٍ حَمّالُ ألْوِيَة ٍ
قطَّاعُ اودية ٍ سرحانُ قيعانِ
يَحْمي الصِّحابَ إذا جَدَّ الضِّرابُ
القائلينَ اذا ما كيَّلَ الهاني
ويَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أنامِلُهُ
كَأنّ في رَيْطَتَيْهِ نَضْحَ أُرْقانِ
يعطيكَ ما لاتكادُ الَّنفسُ تسلمهُ
منْ التَّلادِ وهوبٌ غيرُ منَّانِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> يا لهْفَ نَفسي على صَخْرٍ وقد فزِعتْ
يا لهْفَ نَفسي على صَخْرٍ وقد فزِعتْ
رقم القصيدة : 10559
-----------------------------------
يا لهْفَ نَفسي على صَخْرٍ وقد فزِعتْ
خَيْلٌ لخَيْلٍ وأقْرَانٌ لأقْرَانِ
سَمْحٌ إذا يَسَرَ الأقْوَامُ أقْدُحَهُمْ
طَلْقُ اليَدَينِ وَهُوبٌ غَيرُ مَنّانِ
حلاحلٌ ماجدٌ محضٌ ضريبتهُ
مِجْذامَة ٌ لهواهُ غَيرُ مِبْطانِ
سمحٌ سجيَّتهُ جزلٌ عطيَّتهُ
وللأمانَة ِ راعٍ غَيرُ خَوّانِ
نعمَ الفتى أنتَ يوْمَ الرّوْعِ قد علموا
كفءٌ اذا التفَّ فرسانٌ بفرسانِ
سَمْحُ الخَلائِقِ مَحمودٌ شَمائِلُهُ
عالي البناءِ إذا ما قَصّرَ الباني
مأوَى الاراملِ والايتامِ انْ سغبُوا
شَهّادُ أنجيَة ٍ مِطْعامُ ضِيفانِ
حلفُ النَّدى وعقيدُ المجدِ ايَّ فتى
كاللّيثِ في الحرْبِ لا نِكسٌ ولا وانِ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> بَكَتْ عَيْني وعاوَدَها قَذاها
بَكَتْ عَيْني وعاوَدَها قَذاها
رقم القصيدة : 10560
-----------------------------------
بَكَتْ عَيْني وعاوَدَها قَذاها
بعوَّارٍ فما تقضي كراها
على صَخْرٍ، وأيّ فتًى كصَخْرٍ
إذا ما النّابُ لم تَرْأمْ طِلاها
فَتى الفِتْيانِ ما بَلَغوا مَداهُ(3/118)
ولا يَكْدَى إذا بلغَتْ كُداها
حلفتُ بربِّ صهبٍ معيلاتٍ
الى البيتِ المحرَّمِ منتهاها
لئنْ جزعتْ بنو عمرٍو عليهِ
لقدْ رزئتْ بنو عمرٍو فتاها
لهُ كفٌّ يشدُّ بها وكفٌّ
تَحَلَّبُ ما يجِفّ ثرَى نَداها
تَرَى الشُّمّ الجَحاجِحَ من سُلَيْمٍ
يَبُلّ نَدَى مَدامِعها لِحاها
على رجلٍ كريمِ الخيمِ اضحى
ببطنِ حفيرة ٍ صخبٍ صداها
ليَبْكِ الخَيرَ صَخراً من مَعَدٍّ
ذَوو أحلامِها وذوو نُهاها
وخَيْلٍ قدْ لَفَفْتَ بجَوْلِ خَيْلٍ
فدارتْ بينَ كبشيها رحاها
ترفَّعَ فضلُ سابغة ٍ دلاصِ
على خَيْفانَة ٍ خَفِقٍ حَشاها
وتسعى حينَ تشتجرُ العوالي
بكأسِ المَوْتِ ساعَة َ مُصْطَلاها
محافظة ً ومحمية ً اذا ما
نبا بالقومِ منْ جزعٍ لظاها
فتترُكُها قدِ اضطَرَمَتْ بطَعْنٍ
تَضَمّنَهُ إذا اخْتَلَفَتْ كُلاها
فمَنْ للضّيْفِ إنْ هَبّتْ شَمالٌ
مزعزعة ٌ تجلوبها صباها
وألجا بَرْدُها الأشوالَ حُدْباً
الى الحجراتِ بادية ً كلاها
هنالِكَ لوْ نَزَلْتَ بآلِ صَخْرٍ
قِرى الأضيافِ شَحْماً من ذراها
فلمْ املكْ غداة َ نعيِّ صخرٍ
سوابقَ عبرة ٍ حلبتْ صراها
أمُطعِمَكُمْ وحامِلَكُمْ ترَكتمْ
لدى غبراءَ منهدمٍ رجاها
ليَبْكِ علَيْكَ قوْمُكَ للمَعالي
وللهَيْجاءِ، إنّكَ ما فَتاها
وقدْ فقدتكَ طلقة ُ فاستراحتْ
فليتَ الخيلَ فارسها يراها
العصر الإسلامي >> الخنساء >> منْ حسَّ لي الاخوينِ
منْ حسَّ لي الاخوينِ
رقم القصيدة : 10561
-----------------------------------
منْ حسَّ لي الاخوينِ
كالغُصْنَينِ أوْ مَن راهُما
أخَوَينِ كالصّقْرَينِ لَمْ
يرَ ناظرٌ شرواهما
قَرْمَينِ لا يَتَظالَمَانِ
ولا يُرامُ حِماهُمَا
ابكي على اخويَّ
بالقبرِ الذي واراهُمَا
لامثلَ كهلي في الكهو
ولا فَتًى كَفتَاهُمَا
رمحينِ خطَّيينِ في
كبدِ السمَّاءِ سناهما
ما خلَّفا اذْ ودَّعا
في سؤددٍ شرواهما
سَادا بِغَيرِ تَكَلّفٍ
عَفْواً بفَيْضِ نَداهُمَا(3/119)
العصر الإسلامي >> الخنساء >> آلاَ ايُّها الدّيكُ المنادي بسحرة ٍ
آلاَ ايُّها الدّيكُ المنادي بسحرة ٍ
رقم القصيدة : 10562
-----------------------------------
آلاَ ايُّها الدّيكُ المنادي بسحرة ٍ
هلمَّ كذَا اخبركَ ما قدْ بدَا ليَا
بَدَا ليَ أنّي قَدْ رُزِئْتُ بفِتْيَة ٍ
بَقِيّة ِ قَوْمٍ أوْرَثوني المَباكِيَا
فلمَّا سمعتُ النَّائحاتِ ينحنهُ
تعزَّيتُ واستيقنتُ انْ لا اخا ليا
كصخرٍ بنِ عمرٍو خيرِ منْ قدْ علمتهُ
وكيفَ ارجّي العيشَ ضلَّ ضلا ليا
وما ليَ لا أبْكي على مَن لوَ انّهُ
تقدَّمَ يومي قبلهُ لبكى ليا
وانْ تمسِ في قيسٍ وزيدٍ وعامرٍ
وغسَّانَ لمْ تسمعْ لهُ الدَّهرَ لاحيا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ارى الدَّهرَ افنى معشري وبني ابي
ارى الدَّهرَ افنى معشري وبني ابي
رقم القصيدة : 10563
-----------------------------------
ارى الدَّهرَ افنى معشري وبني ابي
فأمْسَيْتُ عَبرَى لا يجِفّ بُكائِيَا
أيا صَخْرُ هل يُغني البُكاءُ أوِ الأسَى
على مَيّتٍ بالقبرِ أصْبَحَ ثاوِيَا
فلا يُبْعِدَنّ اللَّهُ صَخْراً وعَهْدَهُ
ولا يُبْعِدَنّ اللَّهُ رَبّي مُعاوِيَا
ولا يُبْعِدَنّ اللَّهُ صَخْراً، فإنّهُ
أخُو الجُودِ يَبْني للفَعالِ العَوالِيَا
سابكيهما واللهِ ما حنَّ والهٌ
وما أثْبَتَ اللَّهُ الجِبالَ الرّواسِيَا
سقى اللهُ ارضاً اصبحتْ قدْ حوتهما
منَ المُسْتَهِلاّتِ السّحابَ الغَواديا
العصر الإسلامي >> الخنساء >> الا لا ارى في النَّاسِ مثلَ معاويهْ
الا لا ارى في النَّاسِ مثلَ معاويهْ
رقم القصيدة : 10564
-----------------------------------
الا لا ارى في النَّاسِ مثلَ معاويهْ
إذا طَرَقَتْ إحْدَى اللّيالي بِداهِيَهْ
بداهِيَة ٍ يَصْغَى الكِلابُ حَسيسَها
وتخرُجُ منْ سِرّ النّجيّ عَلانِيَهْ
الا لا ارى كالفارسِ الوردِ فارساً
إذا ما عَلَتْهُ جُرْأة ٌ وعَلانِيَهْ
وكانَ لِزازَ الحَرْبِ عندَ شُبوبِها(3/120)
اذا شمَّرتْ عنْ ساقها وهي ذاكيهْ
وقوَّادُ خيلٍ نحو اخرى كانَّها
سَعالٍ وعِقْبانٌ عَلَيْها زَبانِيَهْ
بلينا وما تبلى تعارٌ وما ترى
على حدثِ الايَّامِ الاَّ كماهيهْ
فأقسَمْتُ لا يَنفَكّ دمعي وعَوْلَتي
عليكَ بحزنٍ ما دعا اللهَ داعيهْ
العصر الإسلامي >> الخنساء >> ابنتُ صخرٍ تلكما الباكيهْ
ابنتُ صخرٍ تلكما الباكيهْ
رقم القصيدة : 10565
-----------------------------------
ابنتُ صخرٍ تلكما الباكيهْ
لا باكيَ اللّيْلَة َ إلاّ هِيَهْ
اودى ابُو حسَّانَ واحسرتا
وكانَ صَخْرٌ مَلِكَ العالِيَهْ
وَيْلايَ! ما أُرْحَمُ وَيْلاً لِيَهْ،
اذْ رفعَ الصَّوتَ النَّدى الناعيهْ
كَذّبْتُ بالحَقّ وقد رابَني
حتَّى علتْ ابياتنا الواعيهْ
بالسّيّدِ الحُلْوِ الأميِ الّذي
يَعْصِمنا في السّنَة ِ الغادِيَهْ
لكِنّ بَعْضَ القَوْمِ هَيّابَة ٌ
في القوْمِ لا تَغبِطهُ البادِيَهْ
لا يَنْطِقُ العُرْفَ ولا يَلْحَنُ
م العزفُ ولا ينفدُ بالغازيهْ
انْ تنصبِ القدرُ لدى بيتهِ
فغَيْرُها يَحْتَضِرُ الجادِيَهْ
لكنْ اخي اروعُ ذو مرَّة ٍ
مِنْ مِثْلِهِ تَسْتَرْفِدُ الباغِيَهْ
لا يَنْطِقُ النُّكْرَ لدى حُرّة ٍ
يبتارُ خالي الهمّ في الغاويهْ
انَّ اخي ليسَ بترعيَّة ٍ
نكسِ هواءِ القلبِ ذي ماشيهْ
عَطّافُهُ أبيَضُ ذو رَوْنَقٍ
كالرَّجعِ في المدجنة ِ السَّاريهْ
فَوْقَ حَثيثِ الشدّ ذو مَيْعَة ٍ
يَقْدُمُ أُولى العُصَبِ الماضيَهْ
لا خَيرَ في عَيشٍ وإنْ سَرّنا،
والدَّهرُ لا تبقى لهُ باقيهْ
كلُّ امرىء ٍ مرَّ بهِ اهلهُ
سوْفَ يُرَى يَوْماً على ناحِيَهْ
يا مَنْ يَرَى مِنْ قَوْمِنا فارِساً
في الخَيْلِ إذْ تَعْدو بِهِ الضّافِيَهْ
تحتَكَ كَبْداءٌ كُمَيْتٌ كَما
أُدْرِجَ ثَوْبُ اليُمْنَة ِ الطّاوِيَهْ
اذْ لحقتْ منْ خلفها تدَّعي
مثلَ سَوَامِ الرّجُلِ العادِيَهْ
يَكْفَأها بالطّعْنِ فيها كَما
ثَلّمَ باقي جَبْوَة الحابِيَهْ
تهوي اذا ارسلنَ منْ منهلٍ(3/121)
مثلَ عُقابِ الدُّجْنَة ِ الدّاجِيَهْ
عارضُ سحماءَ ردينَّية ٍ
كالنّارِ فيها آلَة ٌ ماضِيَهْ
اشربها القينُ لدى سنّها
فصارَ فيها الحمة َ القاضيهْ
انَّى لنا اذْ فاتنا مثلهُ
للخيلِ اذْ جالتْ وللعاديهْ
أُقْسِمُ لا يَقْعُدُ في بَلْدَة ٍ
نائِيَة ٍ عَنْ أهْلِهِ قاصِيَهْ
فأقْصَدُ السّيرِ على وَجْهِهِ
لمْ ينههُ النَّاهي ولا النَّاهيهْ
شعراء المغرب العربي >> أولاد أحمد >> إثنان
إثنان
رقم القصيدة : 106
-----------------------------------
ربّما كان نائماً
عندما كنت نائماً
فاصطفتك منامةٌ
وهو لا زال حالماً
ودخلتَ لكرْمِهِ
دون إذن ... ودونما
وقطفت ثماره
ثم بتّ منادما
وسكرت بريقه
بل فقل: قد سكرتما
كلُّ طيرٍ رآكما
قال: طبعاً هما: هُما
واستزاد رفاقه
ثم غنّى إليكما
صائباً في حسابه:
أنت × أنتَ:أنتما
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> رمتِ الفؤادَ مليحة ٌ عذراءُ
رمتِ الفؤادَ مليحة ٌ عذراءُ
رقم القصيدة : 10646
-----------------------------------
رمتِ الفؤادَ مليحة ٌ عذراءُ
بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ
مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ
مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ
فاغتالني سقمِى الَّذي في باطني
أخفيتهُ فأذاعهُ الإخفاءُ
خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حركت
أعْطَافَه ُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ
ورنتْ فقلتُ غزالة ٌ مذعورة ٌ
قدْ راعهَا وسطَ الفلاة ِ بلاءُ
وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَة َ تِمِّهِ
قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ
بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها
فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ
سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ
لجلالهِا أربابنا العظماءُ
يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ
عندي إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ
إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني
في هَّمتي لصروفهِ أرزاءُ(3/122)
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> فَلِئنْ بَقيتُ لأَصْنَعَنَّ عَجَائِباً مَا دُمْتُ مُرْتَقياً إلى العَلْيَاء
فَلِئنْ بَقيتُ لأَصْنَعَنَّ عَجَائِباً مَا دُمْتُ مُرْتَقياً إلى العَلْيَاء
رقم القصيدة : 10647
-----------------------------------
فَلِئنْ بَقيتُ لأَصْنَعَنَّ عَجَائِباً مَا دُمْتُ مُرْتَقياً إلى العَلْيَاء
حَتَّى بَلَغْتُ إلَى ذُرَى الجَوْزَاءِ
فَهُنَاكَ لا أَلْوِي عَلى مَنْ لاَمَنِي
خوْفَ المَمَاتِ وَفُرْقَة ِ الأَحْياءِ
فلأغضبنَّ عواذلي وحواسدي
ولأَصْبِرَنَّ عَلى قِلًى وَجَوَاءِ
ولأَجهَدَنَّ عَلى اللِّقَاءِ لِكَيْ أَرَى
ما أرتجيهِ أو يحينَ قضائيِ
ولأَحْمِيَنَّ النَّفْسَ عَنْ شهَوَاتِهَا
حَتَّى أَرَى ذَا ذِمَّة ٍ وَوَفاءِ
منْ كانَ يجحدني فقدْ برحَ الخفا
ما كنتُ أكتمهُ عن الرُّقباءِ
ما ساءني لوني وإسمُ زبيبة ٍ
إنْ قَصَّرَتْ عَنْ هِمَّتي أعدَائي
فَلِئنْ بَقيتُ لأَصْنَعَنَّ عَجَائِباً
ولأُبْكمنَنَّ بَلاَغَة َ الفُصحَاءِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لئن أكُ أسوداً فالمسكُ لوني
لئن أكُ أسوداً فالمسكُ لوني
رقم القصيدة : 10648
-----------------------------------
لئن أكُ أسوداً فالمسكُ لوني
ومَا لِسوادِ جِلدي منْ دواء
وَلَكِنْ تَبْعُدُ الفَحْشاءُ عَني
كَبُعْدِ الأَرْضِ عَنْ جوِّ السَّماء
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> كَمْ يُبْعِدُ الدَّهْرُ مَنْ أَرْجُو أُقارِبُهُ
كَمْ يُبْعِدُ الدَّهْرُ مَنْ أَرْجُو أُقارِبُهُ
رقم القصيدة : 10649
-----------------------------------
كَمْ يُبْعِدُ الدَّهْرُ مَنْ أَرْجُو أُقارِبُهُ
عنِّي ويبعثُ شيطاناً أحاربهُ
فيالهُ من زمانٍ كلَّما انصرفتْ
صروفهُ فتكتْ فينا عواقبهُ
دَهْرٌ يرَى الغدْرَ من إحدَى طبَائِعهِ
فكيْفَ يَهْنا بهِ حُرٌّ يُصَاحِبُهُ
جَرَّبْتُهُ وَأنا غِرٌّ فَهَذَّبَني
منْ بَعْدِما شَيَّبَتْ رَأْسي تجَاربُهُ(3/123)
وَكيْفَ أخْشى منَ الأَيَّامِ نائِبة ً
وَالدَّهْرُ أهْونُ مَا عِنْدي نَوائبُهُ
كم ليلة ٍ سرتُ في البيداءِ منفرداً
واللَّيْلُ لِلْغَرْبِ قدْ مالت كوَاكبُهُ
سيفي أنيسي ورمحي كلَّما نهمتْ
أسدُ الدِّحالِ إليها مالَ جانبهُ
وَكمْ غدِيرٍ مَزجْتُ الماءَ فيهِ دماً
عندَ الصَّباحِ وراحَ الوحش طالبهُ
يا طامعاً في هلاكي عدْ بلا طمعٍ
ولا تردْ كأسَ حتفِ أنت شاربهُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ
لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ
رقم القصيدة : 10650
-----------------------------------
لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ
ولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُ
ومن يكنْ عبد قومٍ لا يخالفهمْ
إذا جفوهُ ويسترضى إذا عتبوا
قدْ كُنْتُ فِيما مَضَى أَرْعَى جِمَالَهُمُ
واليَوْمَ أَحْمي حِمَاهُمْ كلَّما نُكِبُوا
لله دَرُّ بَني عَبْسٍ لَقَدْ نَسَلُوا
منَ الأكارمِ ما قد تنسلُ العربُ
لئنْ يعيبوا سوادي فهوَ لي نسبٌ
يَوْمَ النِّزَالِ إذا مَا فَاتَني النَسبُ
إن كنت تعلمُ يا نعمانُ أيُّ فتى ً
يَلْقى أخاك الَّذِي قَدْ غرَّهُ العُصَبُ
فَتًى يَخُوضُ غِمَارَ الحرْبِ مُبْتَسِماً
وَيَنْثَنِي وَسِنَانُ الرُّمْحِ مُخْتَضِبُ
إنْ سلَّ صارمهُ سالتَ مضاربهُ
وأَشْرَقَ الجَوُّ وانْشَقَّتْ لَهُ الحُجُبُ
والخَيْلُ تَشْهَدُ لي أَنِّي أُكَفْكِفُهَا
والطّعن مثلُ شرارِ النَّار يلتهبُ
إذا التقيتُ الأعادي يومَ معركة ٍ
تَركْتُ جَمْعَهُمُ المَغْرُور يُنْتَهَبُ
لي النفوسُ وللطّيرِاللحومُ ولل
ـوحْشِ العِظَامُ وَلِلخَيَّالَة ِ السَّلَبُ
لا أبعدَ الله عن عيني غطارفة ً
إنْساً إذَا نَزَلُوا جِنَّا إذَا رَكِبُوا
أسودُ غابٍ ولكنْ لا نيوبَ لهم
إلاَّ الأَسِنَّة ُ والهِنْدِيَّة ُ القُضْبُ
تعدو بهمْ أعوجيِّاتٌ مضَّمرة ٌ
مِثْلُ السَّرَاحِينِ في أعناقها القَببُ(3/124)
ما زلْتُ ألقى صُدُورَ الخَيْلِ منْدَفِقاً
بالطَّعن حتى يضجَّ السَّرجُ واللَّببُ
فا لعميْ لو كانَ في أجفانهمْ نظروا
والخُرْسُ لوْ كَانَ في أَفْوَاهِهمْ خَطَبُوا
والنَّقْعُ يَوْمَ طِرَادِ الخَيْل يشْهَدُ لي
والضَّرْبُ والطَّعْنُ والأَقْلامُ والكُتُبُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لغَير الْعُلى مِنّي الْقِلى وَالتَّجَنُّبُ
لغَير الْعُلى مِنّي الْقِلى وَالتَّجَنُّبُ
رقم القصيدة : 10651
-----------------------------------
لغَير الْعُلى مِنّي الْقِلى وَالتَّجَنُّبُ
ولولا العلاَما كنتُ في العيش أرغبْ
ملكتُ بسيفي فرصة ً ما استفادها
من الدَّهْر مَفْتُولُ الذِّرَاعَين أغْلَبُ
لئنْ تكُ كفى ِّ ما تطاوعُ باعها
فلي في وَراءِ الْكَفِّ قلْبٌ مُذرّبُ
وللحلمِ أوقاتٌ وللجهلِ مثلها
ولكنَّ أوقاتي إلى الحلمْ أقربُ
أَصُولُ على أبْنَاءِ جنْسي وأَرْتَقي
ويعجمُ فيَّ القائلونَ واعربُ
يَرَوْن احْتمالي عِفَّة ً فَيَريبهُم
توفرُ حلمي أنَّني لستُ أغضبُ
تجافيتُ عن طبعِ اللِّئامِ لأَّنني
أرَى الْبُخلَ يَشْني وَالمكارِمَ تُطْلبُ
وأَعْلمُ أنَّ الْجودَ في النَّاسِ شيمَة ٌ
تَقُومُ بها الأَحْرارُ والطَّبْعُ يَغْلِبُ
فيا ابن زيادٍ لا ترم لي عداوة ً
فانَّ اللَّيالي في الورى تتقلَّبُ
ويالَ زيادٍ إنزعوا الظلم منكمُ
فلا الماءُ مورودو لا العيش طيّب
لقد كنتمُ في آلِ عبسٍ كواكباً
إذا غابَ منها كوكبُ لاح كوكبُ
خسفتمْ جميعاً في بروج هبوطكمْ
جهازاً كما كُلُّ الْكواكبِ تُنْكب
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ألا ياعبلُ قد زادَ التصابيْ
ألا ياعبلُ قد زادَ التصابيْ
رقم القصيدة : 10652
-----------------------------------
ألا ياعبلُ قد زادَ التصابيْ
ولجَّ اليومَ قومُكِ في عذابي
وظلَّ هواكِ ينمو كلَّ يومٍ
كما ينْمو مشيبي في شَبابي
عتبتُ صروفَ دهري فيكِ حتى
فَني وأَْبيكِ عُمْري في العِتابِ
وَلاقيْتُ العِدى وحفِظتُ قوْماً(3/125)
أضاعُوني وَلمْ يَرْعَوا جَنابي
سلي يا عبلُ عنَّا يومَ زرنا
قبائل عامرٍ وبني كلابِ
وكمْ من فارس خلّيتُ مُلقى
خضيب الراحتينِ بلا خضابِ
يحركُ رجلهُ رعباً وفيهِ
سنانُ الرُّمح يلمعُ كالشَّهابِ
قتلنا منهمُ مائتين حرَّا
وألفاً في الشِّعابِ وفي الهضابِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> سَلا القلبَ عَمّا كان يهْوى ويطْلبُ
سَلا القلبَ عَمّا كان يهْوى ويطْلبُ
رقم القصيدة : 10653
-----------------------------------
سَلا القلبَ عَمّا كان يهْوى ويطْلبُ
وأصبحَ لا يشكو ولا يتعتبُ
صحا بعدَ سُكْرٍ وانتخى بعد ذِلَّة ٍ
وقلب الذي يهوى ْ العلى يتقلبُ
إلى كمْ أُداري من تريدُ مذلَّتي
وأبذل جهدي في رضاها وتغضبُ
عُبيلة ُ! أيامُ الجمالِ قليلة ٌ
لها دوْلة ٌ معلومة ٌ ثمَّ تذهبُ
فلا تحْسبي أني على البُعدِ نادمٌ
ولا القلبُ في نار الغرام معذَّبُ
وقد قلتُ إنِّي قد سلوتُ عَن الهوى
ومَنْ كان مثلي لا يقولُ ويكْذبُ
هَجرتك فامضي حيثُ شئتِ وجرِّبي
من الناس غيري فاللبيب يجرِّبُ
لقدْ ذلَّ منْ أمسى على رَبْعِ منْزلٍ
ينوحُ على رسمِ الدَّيار ويندبُ
وقدْ فاز منْ في الحرْب أصبح جائلا
يُطاعن قِرناً والغبارُ مطنبُ
نَدِيمي رعاكَ الله قُمْ غَنِّ لي على
كؤوسِ المنايا مِن دمٍ حينَ أشرَبُ
ولاَ تسقني كأْسَ المدامِ فإنَّها
يَضلُّ بها عقلُ الشُّجَاع وَيذهَبُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يُذبِّبُ وَردٌ على إثره
يُذبِّبُ وَردٌ على إثره
رقم القصيدة : 10654
-----------------------------------
يُذبِّبُ وَردٌ على إثره
وأمْكنَهُ وَقع مِرد خَشِبْ
تتابعَ لا يبتغى غيرها
بأَبيَضَ كالْقبَس الملْتَهبْ
فمنْ يكُ في قتلهِ يمتري
فإن أبا نَوْفَلٍ قدْ شَجبْ
وغادرْتُ نضْلة َ في معْرَكٍ
يَجُرُّ الأَسِنَّة َ كالمُحْتَطِب
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> كأَنَّ السرَايا بينَ قَوٍّ وقارة ٍ كأَنَّ السرَايا بينَ قَوٍّ وقارة ٍ(3/126)
كأَنَّ السرَايا بينَ قَوٍّ وقارة ٍ كأَنَّ السرَايا بينَ قَوٍّ وقارة ٍ
رقم القصيدة : 10655
-----------------------------------
كأَنَّ السرَايا بينَ قَوٍّ وقارة ٍ كأَنَّ السرَايا بينَ قَوٍّ وقارة ٍ
عصائِبُ طَير ينْتَحينَ لِمشْرَبِ
وقدْ كنْتُ أخشى أنْ أمُوتَ ولم تَقمْ
قرائِبُ عمروٍ وسْطَ نَوْحٍ مُسلَّبِ
شَفى النفس منَّي أودَنا منْ شفائِها
ترَدَّيهم منْ حالقٍ متصوبِ
تصيح الردينياتُ في حجباتهمْ
صياحَ العَوالي في الثقافِ المثقبِ
كتائبُ تزجى فوقَ كلَّ كتيبة ٍ
لوَاءٌ كظلِّ الطَّائر المتقلِّبِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لا تذكري مهري وما أطعمتهُ
لا تذكري مهري وما أطعمتهُ
رقم القصيدة : 10656
-----------------------------------
لا تذكري مهري وما أطعمتهُ
فيكونُ جلدكِ مثلَ جلدِ الأجربِ
إنَّ الغَبُوقَ لهُ وأنْتِ مسوءَة ٌ
فتأَوَّهي ما شئْتِ ثمَّ تحَوَّبي
كذَبَ العَتيقُ وماءُ شنٍّ باردٍ
إنْ كُنتِ سائِلَتي غبُوقاً فاذهبي
إنَّ الرِّجالَ لهمْ إليْكِ وسيلَة ٌ
إنْ يأْخذوكِ تكحَّلي وتخضَّبي
ويكُونُ مرْكبُكِ القَعُودَ ورَحْلهُ
وابنُ النَّعامَة ِ يَوْمَ ذلكَ مَرْكبي
إِنيَّ أحاذرُ أنْ تقولَ ظعينتي
هذَا غُبارٌ ساطعٌ فتَلَبَّب
وأنا امْرُؤٌ إنْ يأْخذوني عَنوَة ً
أقرنْ إلى شرَّالركابِ وأُجنبِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> حسناتي عند الزَّمانِ ذنوبُ
حسناتي عند الزَّمانِ ذنوبُ
رقم القصيدة : 10657
-----------------------------------
حسناتي عند الزَّمانِ ذنوبُ
وفعالي مذمة ٌ وعيوبُ
ونصيبي منَ الحبيبِ بعادٌ
وَلغيْري الدُّنوُّ منهُ نَصيبُ
كلَّ يوْمٍ يَبْري السِّقامَ محبٌّ
منْ حَبيبٍ ومَا لسُقمي طبيبُ
فكأنَّ الزمانَ يهوى حبيباً
وكأَنِّي على الزَّمانِ رَقيبُ
إنَّ طَيْفَ الخيالِ يا عبْلَ يَشفي
وَيداوي بهِ فؤادي الكئيبُ
وهلاكي في الحبِّ أهوَنُ عندي
منْ حياتي إذا جفاني الحبيبُ(3/127)
يا نسيم الحجازِ لولاكِ تطفي
نارُ قلْبي أَذابَ جسْمي اللَّهيبُ
لكَ منِّي إذا تَنفَّستُ حَرٌّ
ولرَيَّاكَ منْ عُبيلة َ طيبُ
ولقد ناحَ في الغُصونِ حمامٌ
فشجَاني حنينُهُ والنَّحيبُ
باتَ يشكُو فِراقَ إلفٍ بَعيدٍ
وَينادِي أَنا الوحيدُ الغريبُ
ياحمامَ الغصونِ لو كنتَ مثلي
عاشقاً لم يرُقكَ غُصْنٌ رَطيبُ
فاتركِ الوجدَ والهوى لمحبٍ
قلبُهُ قدْ أَذَابَهُ التَّعْذِيبُ
كلُّ يومٍ لهُ عتابٌ معَ الدَّه
ـرِ وأَمْرٌ يَحارُ فيهِ اللَّبيبُ
وَبلايا ما تنقضي ورزايا
مالها منْ نهاية ٍ وخطوبُ
سائلي يا عبيلَ عني خبيراً
وَشُجاعاً قَدْ شيَّبَتهُ الحُرُوبُ
فسينبيكِ أنَّ في حدَّ سيفي
ملكُ الموتِ حاضرٌ لا يغيبُ
وسِناني بالدَّارعينَ خَبيرٌ
فاسأليهِ عما تَكون القلوبُ
كمْ شُجاعٍ دَنا إليَّ وَنادَى
يا لَقَوْمي أَنا الشُّجاعُ المَهيبُ
ما دَعاني إلاَّ مَضى يَكْدِمُ الأَرْ
ض وَقَدْ شُقَّتْ عَلَيْهِ الجُيُوبُ
ولسمرِ القَنا إليَّ انتسابٌ
وَجَوَادي إذَا دَعاني أُجيبُ
يضحكُ السَّيفُ في يدي وَينادي
ولهُ في بنانِ غيري نحيبُ
وهوَ يَحْمي مَعِي على كلِّ قِرْنٍ
مثلما للنسيبِ يحمي النسيبُ
فدعوني منْ شربِ كأسِ مدامِ
منْ جوارٍ لهنَّ ظرفٌ وطيبُ
وَدَعُوني أَجُرُّ ذَيلَ فخَارٍ
عِندَما تُخْجِلُ الجبانَ العُيُوبُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> دَعني أَجِدُّ إلى العَلْيَاءِ في الطَّلبِ
دَعني أَجِدُّ إلى العَلْيَاءِ في الطَّلبِ
رقم القصيدة : 10658
-----------------------------------
دَعني أَجِدُّ إلى العَلْيَاءِ في الطَّلبِ
وأبلغُ الغاية َ القصوى منَ الرتبِ
لعلَّ عبلة َ تضحى وهيَ راضية ٌ
على سوادي وتمحوصورة َ الغضبِ
إذا رَأتْ سائرَ الساداتِ سائرة ً
تَزورُ شِعْري برُكْنِ البَيْتِ في رَجبِ
يا عبْلَ قُومي انظُري فِعْلي وَلا تسَلي
عني الحسودَ الذي ينبيكِ بالكذبِ
إن أقبلتْ حدقُ الفرسانِ ترمقني
وكلُّ مقدام حربٍ مالَ للهربِ(3/128)
فَما ترَكْتُ لهُمْ وجْهاً لِمُنْهَزمِ
ولاّ طريقاً ينجيهم من العطبِ
فبادري وانظري طعناً إذا نظرتْ
عينُ الوليدِ إليه شابَ وهو صبيِ
خُلِقْتُ للْحَرْبِ أحميها إذا بَردَتْ
وأصطلي نارها في شدَّة اللهبِ
بصَارِمٍ حَيثُما جرَّدْتُهُ سَجَدَتْ
له جبابرة ُ الأعجامِ والعربِ
وقدْ طَلَبْتُ منَ العَلْياءِ منزلة ً
بصارمي لا بأُمِّي لا ولا بأَبي
فمنْ أجابَ نجا ممَّا يحاذره
ومَنْ أَبى طَعمَ الْحَربِ والحَرَبِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أُعاتِبُ دَهراً لاَ يلِينُ لعاتبِ
أُعاتِبُ دَهراً لاَ يلِينُ لعاتبِ
رقم القصيدة : 10659
-----------------------------------
أُعاتِبُ دَهراً لاَ يلِينُ لعاتبِ
وأطْلُبُ أَمْناً من صُرُوفِ النَّوائِبِ
وتُوعِدُني الأَيَّامُ وعْداً تَغُرُّني
وأعلمُ حقاً أنهُ وعدُ كاذبِ
خَدَمْتُ أُناساً وَاتَّخَذْتُ أقارباً
لِعَوْنِي وَلَكِنْ أصْبَحُوا كالعَقارِبِ
يُنادُونني في السِّلم يا بْنَ زَبيبة ٍ
وعندَ صدامِ الخيلِ يا ابنَ الأطايبِ
ولولا الهوى ما ذلَّ مثلي لمثلهم
ولا خَضعتْ أُسدُ الفَلا للثَّعالبِ
ستذكرني قومي إذا الخيلُ أصبحتْ
تجولُ بها الفرسانُ بينَ المضاربِ
فإنْ هُمْ نَسَوْني فالصَّوَارمُ والقَنا
تذكرهمْ فعلي ووقعَ مضاربيِ
فيَا لَيْتَ أَنَّ الدَّهْرَ يُدني أَحبَّتي
إليَّ كما يدني إليَّ مصائبيِ
ولَيْتَ خيالاً مِنكِ يا عبلَ طارقاً
يرى فيضَ جفني بالدموعِ السواكبِ
سأَصْبِرُ حَتَّى تَطَّرِحْني عَواذِلي
وحتى يضجَّ الصبرُ بين جوانبيِ
مقامكِ في جوِّ السماء مكانهُ
وَباعِي قَصيرٌ عَنْ نوالِ الكَواكِبِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وغَداة َ صَبَّحْنَ الجِفارَ عوابساً
وغَداة َ صَبَّحْنَ الجِفارَ عوابساً
رقم القصيدة : 10660
-----------------------------------
وغَداة َ صَبَّحْنَ الجِفارَ عوابساً
يَهْدي أوَائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّب(3/129)
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا قنعَ الفتى بذميمِ عيشِ
إذا قنعَ الفتى بذميمِ عيشِ
رقم القصيدة : 10661
-----------------------------------
إذا قنعَ الفتى بذميمِ عيشِ
وَكانَ وَراءَ سَجْفٍ كالبَنات
وَلمْ يَهْجُمْ على أُسْدِ المنَايا
وَلمْ يَطْعَنْ صُدُورَ الصَّافِنات
ولم يقرِ الضيوفَ إذا أتوهُ
وَلَمْ يُرْوِ السُّيُوفَ منَ الكُماة ِ
ولمْ يبلغْ بضربِ الهامِ مجداً
ولمْ يكُ صابراً في النائباتِ
فَقُلْ للنَّاعياتِ إذا بكَتهُ
أَلا فاقْصِرْنَ نَدْبَ النَّادِباتِ
ولا تندبنَ إلاَّ ليثَ غابٍ
شُجاعاً في الحُروبِ الثَّائِراتِ
دَعوني في القتال أمُت عزيزاً
فَموْتُ العِزِّ خَيرٌ من حَياتي
لعمري ما الفخارُ بكسْب مالٍ
ولا يُدْعى الغَنيُّ منَ السُّرَاة ِ
ستذكُرني المعامعُ كلَّ وقتٍ
على طُولِ الحياة ِ إلى المَمات
فذاكَ الذِّكْرُ يبْقى لَيْسَ يَفْنى
مَدى الأَيَّام في ماضٍ وآت
وإني اليومَ أَحمي عِرْضَ قومي
وأَنْصُرُ آلَ عَبْسَ على العُدَاة ِ
وآخذُ مَالنا منْهُمُ بحَرْبٍ
تَخِرُّ لها مُتُونُ الرَّاسيَاتِ
وأَتْرُكُ كلَّ نائِحَة ٍ تُنادي
عليهم بالتفرقِ والشتاتِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وكَيفَ أنامُ عَنْ ساداتِ قَوْمٍ سَكَتُّ فَغَرَّ أعْدَائي السُّكوتُ
وكَيفَ أنامُ عَنْ ساداتِ قَوْمٍ سَكَتُّ فَغَرَّ أعْدَائي السُّكوتُ
رقم القصيدة : 10662
-----------------------------------
سكتُّ فَغَرَّ أعْدَائي السُّكوتُ
وَظنُّوني لأَهلي قَدْ نسِيتُ
وكيفَ أنامُ عنْ ساداتِ قومٍ
أنا في فَضْلِ نِعْمتِهمْ رُبيت
وإنْ دارْتْ بِهِمْ خَيْلُ الأَعادي
ونَادوني أجَبْتُ متى دُعِيتُ
بسيفٍ حدهُ موجُ المنايا
وَرُمحٍ صَدْرُهُ الحَتْفُ المُميتُ
خلقتُ من الحديدِ أشدَّ قلباً
وقد بليَ الحديدُ ومابليتُ
وَإني قَدْ شَربْتُ دَمَ الأَعادي
بأقحافِ الرُّؤوس وَما رَويتُ
وفي الحَرْبِ العَوانِ وُلِدْتُ طِفْلا(3/130)
ومِنْ لبَنِ المَعامِعِ قَدْ سُقِيتُ
فما للرمحِ في جسمي نصيبٌ
ولا للسيفِ في أعضاي َقوتُ
ولي بيتٌ علا فلكَ الثريَّا
تَخِرُّ لِعُظْمِ هَيْبَتِهِ البُيوتُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ
أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ
رقم القصيدة : 10663
-----------------------------------
أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ
فقلبكَ فيه لاعجٌ يتوهجُ
فقَدْتَ التي بانَتْ فبتَّ مُعذَّبا
وتلكَ احتواها عنكَ للبينِ هودجُ
كأَنَّ فُؤَادي يوْمَ قُمتُ مُوَدِّعاً
عُبَيْلَة مني هاربٌ يَتَمعَّج
خَليلَيَّ ما أَنساكُمَا بَلْ فِدَاكُمَا
أبي وَأَبُوها أَيْنَ أَيْنَ المعَرَّجُ
ألمَّا بماء الدُّحرضين فكلما
دِيارَ الَّتي في حُبِّها بتُّ أَلهَجُ
دِيارٌ لذَت الخِدْرِ عَبْلة َ أصبحتْ
بها الأربعُ الهوجُ العواصِف ترهجُ
ألا هلْ ترى إن شطَّ عني مزارها
وأزعجها عن أهلها الآنَ مزعجُ
فهل تبلغني دارها شدنية ٌ
هملعة ٌ بينَ القفارِ تهملجُ
تُريكَ إذا وَلَّتْ سَناماً وكاهِلاً
وإنْ أَقْبَلَتْ صَدْراً لها يترَجْرج
عُبيلة ُ هذا دُرُّ نظْمٍ نظمْتُهُ
وأنتِ لهُ سلكٌ وحسنٌ ومنهجُ
وَقَدْ سِرْتُ يا بنْتَ الكِرام مُبادِراً
وتحتيَ مهريٌ من الإبل أهوجُ
بأَرْضٍ ترَدَّى الماءُ في هَضَباتِها
فأَصْبَحَ فِيهَا نَبْتُها يَتَوَهَّجُ
وأَوْرَقَ فيها الآسُ والضَّالُ والغضا
ونبقٌ ونسرينٌ ووردٌ وعوسجُ
لئِنْ أَضْحتِ الأَطْلالُ مِنها خَوالياً
كأَنْ لَمْ يَكُنْ فيها من العيش مِبْهجُ
فيا طالما مازحتُ فيها عبيلة ً
ومازحني فيها الغزالُ المغنجُ
أغنُّ مليحُ الدلَّ أحورُ أَكحلٌ
أزجُّ نقيٌ الخدَّ أبلجُ أدعجُ
لهُ حاجِبٌ كالنُّونِ فوْقَ جُفُونِهِ
وَثَغْرٌ كزَهرِ الأُقْحُوَانِ مُفَلَّجُ
وردْفٌ له ثِقْلٌ وَقدٌّ مُهَفْهَفُ
وخدٌّ به وَرْدٌ وساقٌ خَدَلَّجُ
وبطنٌ كطيِّ السابرية ِ لينٌ
أقبّ لطيفٌ ضامرُ الكشح أنعجُ(3/131)
لهوتُ بها والليلُ أرخى سدولهُ
إلى أَنْ بَدا ضَوْءُ الصَّباح المُبلَّجُ
أراعي نجومَ الليلُ وهي كأنها
قواريرُ فيها زئبق يترجرجُ
وتحتي منها ساعدٌ فيه دملجٌ
مُضِيءٌ وَفَوْقي آخرٌ فيه دُمْلجُ
وإخوانُ صدق صادقينَ صحبتهمْ
على غارة ً من مثلها الخيلُ تسرجُ
تَطوفُ عَلَيْهمْ خَنْدَرِيسٌ مُدَامَة ٌ
تَرَى حَبَباً مِنْ فَوْقِها حينَ تُمزَجُ
ألا إنَّها نِعْمَ الدَّواءُ لشاربٍ
أَلا فاسْقِنِيها قَبْلما أَنْتَ تَخْرُج
فنضحيْ سكارى والمدامُ مصفَّف
يدار علينا والطعامُ المطبهجُ
وما راعني يومَ الطعانِ دهاقهُ
إليَ مثلٍ منْ بالزعفرانِ نضرِّجُ
فأقبلَ منقضَّاعليَّ بحلقهِ
يقرِّبُ أحياناً وحيناً يهملجُ
فلمَّا دنا مِني قَطَعْتُ وَتِينَهُ
بحدِّ حسامٍ صارمٍ يتفلجُ
كأنَّ دماءَ الفرسِ حين تحادرتْ
خلوقُ العذارى أو خباءُ مدبجُ
فويلٌ لكسرى إنْ حللتُ بأرضهِ
وويلٌ لجيشِ الفرسِ حين أعجعجُ
وأحملُ فيهمْ حملة ً عنترية ً
أرُدُّ بها الأَبطالَ في القَفْر تُنبُجُ
وأصدمُ كبش القوم ثمَّ أذيقهُ
مرارَة َ كأْسِ الموتِ صبْراً يُمَجَّجُ
وآخُذُ ثأرَ النّدْبِ سيِّدِ قومِهِ
وأضرُمها في الحربِ ناراً تؤجَّجُ
وإني لحمالٌ لكلِّ ملمة ٍ
تَخِرُّ لها شُمُّ الجبالِ وَتُزْعَجُ
وإني لأحمي الجارَ منْ كلّ ذلة ٍ
وأَفرَحُ بالضَّيفِ المُقيمِ وأَبهجُ
وأحمي حمى قومي على طول مدَّتي
الى أنْ يروني في اللفائفِ أدرجُ
فدُونَكُمُ يا آلَ عَبسٍ قصيدة ً
يلوحُ لها ضوْءٌ منَ الصُّبْح أبلَجُ
ألا إنها خيرُ القصائدِ كلها
يُفصَّل منها كلُّ ثوبٍ وينسجُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لمن الشموسُ عزيزة َ الأحداج
لمن الشموسُ عزيزة َ الأحداج
رقم القصيدة : 10664
-----------------------------------
لمن الشموسُ عزيزة َ الأحداج
يطلعنَ بينَ الوشيِ والديباجِ
منْ كلّ فائقة ِ الجمال كدمية ٍ
من لؤْلُؤٍ قدْ صُوِّرَتْ في عاج
تمشي وَتُرفِلُ في الثِّيابِ كأَنَّها(3/132)
غصنٌ ترنحً في نقاً رجاجِ
حفَّتْ بهن مَناصلٌ وذَوابلٌ
ومشتْ بهنَّ ذواملٌ ونواجِ
فيهن هيفاءُ القوام كأنها
فُلكٌ مُشرَّعة ٌ على الأَمواج
خطفَ الظلامُ كسارقٍ من شعرها
فكأَنَّما قرَنَ الدُّجى بدَياجي
ابصرتُ ثمَّ هويتُ ثمَّ كتمتُ ما
أَلقى وَلمْ يَعْلَمْ بذَاكَ مُناجي
فوَصلْتُ ثمَّ قَدَرْتُ ثمَّ عَفَفْتُ من
شرَفٍ تناهى بي إلى الإنضاج
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أُعاتبُ دَهراً لا يَلينُ لناصِح أُعاتبُ دَهراً لا يَلينُ لناصِح
أُعاتبُ دَهراً لا يَلينُ لناصِح أُعاتبُ دَهراً لا يَلينُ لناصِح
رقم القصيدة : 10665
-----------------------------------
أُعاتبُ دَهراً لا يَلينُ لناصِح أُعاتبُ دَهراً لا يَلينُ لناصِح
وأخفي الجوى في القلب والدَّمعُ فاضحى
وَقَومي معَ الأَيَّام عَوْنٌ على دَمي
وَقَدْ طلَبوني بالقَنا والصَّفائِحِ
وقد أبعدوني عن حبيبٍ احبُّه
فأصبحتُ في قفرٍ عن الانس نازح
وقد هانَ عندي بذلُ نفسٍ عزيزة ٍ
ولو فارقتني ما بكتها جوارحي
وأَيسَرُ منْ كَفِّي إذَا ما مَددْتُها
لَنَيْل عَطَاءٍ مَدُّ عُنْقي لذَابح
فيا رَبُّ لا تجْعلْ حَياتي مَذَمَّة ً
ولا مَوْتتي بين النِّساءِ النَّوائِحِ
ولكن قَتيلاً يَدْرُجُ الطَّيرُ حوْلَهُ
وتشربُ غربانُ الفلا من جوانحي
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا لاقَيْتَ جمْعَ بني أبانٍ
إذا لاقَيْتَ جمْعَ بني أبانٍ
رقم القصيدة : 10666
-----------------------------------
إذا لاقَيْتَ جمْعَ بني أبانٍ
فإني لائمٌ للجعد لاح
كأنَّ مؤشر العضدين حجلاً
هَدُوجاً بين أَقلبة ٍ مِلاَح
تضَمَّنَ نعْمتي فغدا عليها
بُكُوراً أَوْ تَعَجَّلَ في الرَّواح
ألمْ تعلمْ لحاكَ الله أنيّ
أجَمُّ إذَا لَقيتُ ذوي الرِّماح
كسوتُ الجعدَ جعد بني أبانٍ
سِلاحيَ بعْد عُرْيٍ وافتِضاح
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> طربتَ وهاجتكَ الظباءُ السوانح
طربتَ وهاجتكَ الظباءُ السوانح(3/133)
رقم القصيدة : 10667
-----------------------------------
طربتَ وهاجتكَ الظباءُ السوانح
غداة َ غدت منها سنيحٌ وبارح
تغالتْ بي الأشواقُ حتى كأنما
بزندينِ في جوفي منَ الوجدِ قادح
وقد كنتَ تخفي حبّ سمراءَ حقبة ً
فَبُحْ لانَ منها بالذي أَنْتَ بائحُ
لعَمْري لقد أُعذِرْتُ لو تَعذِرينني
وخشنت صدراً غيبهُ لك ناصحُ
أعاذل كمْ من يوم حربٍ شهدتهُ
له مَنْظرٌ بادي النَّواجذِ كالحُ
فلم أرَ حياً صابروا مثل صبرنا
ولا كافحوا مثلَ الذينَ نُكافحُ
إذا شِئتُ لاقاني كَميُّ مُدَجَّجٌ
على اعوجيّ بالطعانِ مسامحُ
نُزاحِفُ زَحفاً أَو نلاقي كَتيبَة ً
تُطاعِنُنا أَو يذَعرُ السَّرحَ صائحُ
فَلمَّا التَقينا بالجِفار تصَعصَعوا
وردَّت على أعقابهنَّ المسالح
وسارتْ رجالٌ نحو أخرى عليهم الح
ديدُ كما تمشي الجمالُ الدوالحُ
إذا ما مَشوا في السَّابغاتِ حَسبتُهُمْ
سيولاً وقد جاشتْ بهن الأباطحُ
فأشرعَ راياتٌ وتحت ظلالها
من القوْم أبْناءُ الحروبِ المراجحُ
ودُرْنا كما دارَتْ على قطبها الرَّحى
ودَارَتْ على هام الرِّجال الصَّفائحُ
بهاجرة ٍ حتَّى تغَّيبَ نورها
وأقبل ليلٌ يقبضُ الطَّرف سائحُ
تداعى بنو عبسٍ بكلِّ مهنَّدٍ
حُسامٍ يُزيلُ الهامَ والصَّفُّ جانحُ
وكلُّ رُدَيْنيٍّ كأنَّ سِنانَهُ
شهابٌ بدَا في ظُلمَة ِ اللَّيْل وَاضحُ
فخلُّوا لنا عُوذَ النِّساءِ وَجبَّبُوا
عباديدَ منهم مُستَقيمٌ وجَامحُ
وكلَّ كعوبٍ خدلة السَّاق فخمة ٍ
لها مَنْبتٌ في آلِ ضَبَّة طامحُ
تركنا ضراراً بين عانٍ مكبَّل
وبين قَتيلٍ غاب عنهُ النَّوَائحُ
وعمْراً وَحيَّاناً ترَكْنا بقَفْرَة ٍ
تعودهما فيها الضّباعُ الكوالح
يجرِّرْنَ هاماً فلَّقتها رِماحُنا
تزيَّل منهنَّ اللحى والمسايح
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> نحا فارسُ الشهباءِ والخيلُ جنحُ
نحا فارسُ الشهباءِ والخيلُ جنحُ
رقم القصيدة : 10668
-----------------------------------(3/134)
نحا فارسُ الشهباءِ والخيلُ جنحُ
على فارسٍ بين الأسِنَّة ِ مُقْصَدِ
ولولا يدٌ نالَتْهُ مِنَّا لأَصْبَحَتْ
سِباعٌ تهادَى شِلْوَهُ غيرَ مُسْنَدَ
فلا تَكْفُر النّعْمى وأثْن بفَضلِها
ولا تأمننْ مايحدثُ الله في غدِ
فإنْ يَكُ عبدُ الله لاقى فوَارساً
يردُّون خالَ العارض المتوقدِ
فقدْ أمكَنَتْ مِنْكَ الأَسِنَّة ُ عانياً
فلم تجز إذ تسعى قتيلاً بمعبد
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> هدُّيكم خيرٌ أباً من أبيكم
هدُّيكم خيرٌ أباً من أبيكم
رقم القصيدة : 10669
-----------------------------------
هدُّيكم خيرٌ أباً من أبيكم
أعفُّ وأوفى بالجوار وأحمدُ
وأطعنُ في الهيجا إذا الخيلُ صدَّها
غداة الصَّباح السَّمْهَريُّ المُقَصَّدُ
فَهلاَّ وفي الغَوْغاءِ عمْرو بن جابرٍ
بذمَّتِهِ وابنُ اللَّقيطَة ِ عِصْيَدُ
سيأتيكم عنيّ وإن كنتُ نائياً
دُخانُ العَلَنْدي دونَ بَيْتيَ مِذْوَدُ
قصائِدُ منْ قِيلِ امرىء ٍ يَحْتَذِيكُمُ
بني العشراءِ فارتدوا وتقلدوُا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> تركتُ بني الهجيمْ لهمْ دوارٌ
تركتُ بني الهجيمْ لهمْ دوارٌ
رقم القصيدة : 10670
-----------------------------------
تركتُ بني الهجيمْ لهمْ دوارٌ
إذا تمضي جماعتهمْ تعودُ
تركتُ جريَّة َ العمريَّ فيهِ
سَديدُ العيرِ مُعْتدلٌ شَديدُ
فإنْ يبْرَأْ فلم أنْفِثْ عليهِ
وإنْ يُفْقَدْ فَحُقَّ لهُ الفُقُود
وهلْ يدري جرية ُ أنَّ نبلي
يكونُ جفيرهُا البطلُ النجيدُ
إذا وَقَعَ الرِّماحُ بمَنْكِبَيْه
تولَّى قابعاً فيهِ صدودُ
كأَنَّ رماحَهُم أشْطانُ بئْرٍ
لها في كلَّ مدلجة ِ خدودُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وَلَلمَوتُ خيرٌ للفَتى من حياتِهِ
وَلَلمَوتُ خيرٌ للفَتى من حياتِهِ
رقم القصيدة : 10671
-----------------------------------
وَلَلمَوتُ خيرٌ للفَتى من حياتِهِ
إذا لمْ يثِبْ للأَمر إلاَّ بقائدِ
فعالجْ جسيمات الأمور ولا تكنْ(3/135)
هبيتَ الفؤادِ همة ً للسوائدِ
إذا الرِّيحُ جاءَتْ بالجَهام تَشُّلهُ
هذا ليله مثلُ القلاص الطرائدِ
وأعقَبَ نَوْءُ المُدْبرينَ بغبرَة ٍ
وَقطْرٍ قليلِ الماءِ باللَّيْل بارد
كفى حاجة ََ الأضيافِ حتى يريحها
على الحيَّ منا كلُّ أروعَ ماجدِ
تراهُ بتفريج الأمور ولفهّا
لما نالَ من معروفها غيرَ زاهدِ
ولَيْسَ أخونا عِندَ شَرٍّ يخافُهُ
ولا عندَ خَيْرٍ إنْ رجاهُ بواحدِ
إذا قيلَ منْ للمعضلاتِ أجابهُ
عظامُ اللهى منَّا طوالُ السَّواعدِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا جحدَ الجميلَ بنو قرادٍ
إذا جحدَ الجميلَ بنو قرادٍ
رقم القصيدة : 10672
-----------------------------------
إذا جحدَ الجميلَ بنو قرادٍ
وجازَى بالقَبيح بَنو زيادِ
فَهُمْ ساداتُ عَبْسٍ أيْنَ حَلُّوا
كما زعمُوا وفَرْسانُ البلادِ
وَلا عَيْبٌ عليَّ ولا مَلامٌ
إذا أصلحتُ حالي بالفسادِ
فإنَّ النارَ تضرمُ في جمادٍ
إذا ما الصخرُ كرَّ على الزنادِ
ويُرْجَى الوصْلُ بعدَ الهَجْر حيناً
كما يرجى الدنوُّ منَ البعادِ
حَلُمْتُ فما عَرَفتُمْ حقَّ حِلمي
ولا ذكرَتْ عشيرَتكُمْ ودادي
سأَجْهلُ بعدَ هذا الحلم حتى
أُريقَ دَمَ الحواضِر والبَوادي
ويشكوا السيفُ منْ كفي ملالاً
ويسأمُ عاتقي حملَ النجادِ
وقد شاهدتمُ في يومْ طيَّ
فعالي بالمهندة ِ الحدادِ
رَدَدتُ الخَيْلَ خاليَة ً حَيارَى
وسُقْتُ جيادَها والسَّيفُ حادِي
ولو أنّ السنانَ لهُ لسانُ
حكَى كَمْ شكَّ دِرْعاً بالفُؤَاد
وكم داع ِدعا في الحرب باسمي
وناداني فَخُضتُ حَشا المنادي
يردُ جوابهُ قولاً وفعلاً
ببيضِ الهند والسُّمرِ الصعادِ
فكن ياعمرو منه على حذارِ
ولا تملأْ جفُونَكَ بالرُّقاد
ولولا سيدٌ فينا مطاعٌ
عظيم القدر مرتفعُ العمادِ
أقمتُ الحقَّ في الهنديَّ رغماً
وأظهَرْتُ الضَّلال منَ الرَّشاد
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أرضُ الشَّرَبَّة ِ شِعْبٌ ووادي
أرضُ الشَّرَبَّة ِ شِعْبٌ ووادي(3/136)
رقم القصيدة : 10673
-----------------------------------
أرضُ الشَّرَبَّة ِ شِعْبٌ ووادي
رَحَلْتُ وأهلْها في فُؤَادي
يحلُّون فيهِ وفي ناظري
وإنْ أبْعدوا في مَحَلّ السَّواد
إذَا خَفَقَ البرْقُ منْ حيِّهم
أرقتُ وبتّ ُحليفَ السهاد
وريحُ الخُزَامى يُذَكِّرُ أنْفي
نَسيمع عَذَارَى وذَاتَ الأَيادي
أيا عبلُ مني بطيفِ الخيالِ
على المُستَهَامِ وطِيبِ الرُّقادِ
عسى نَظْرَة ٌ مِنْكِ تحيا بها
حُشاشَة ُ مَيْتِ الجفا والبِعادِ
وحقَك لا زالَ ظهْر الجواد
مقيلي وسيفي ودرعي وسادي
إلى أنْ أدوسَ بلادَ العراق
وأَفني حواضِرَها والبَوادي
إذا قامَ سوقٌ لبَيعِ النفوسِ
ونادى وأعلنَ فيها المنادي
وأقبلتِ الخيلُ تحتَ الغبار
بوَقْعِ الرِّماحِ وضَرْبِ الحداد
هنالكَ أصدمُ فرسانها
فترْجع مخْذولة ً كالعِماد
وأرجعُ والنوق موقورة ٌ
تَسيرُ الهُوَيْنَا وَشَيْبُوبُ حادي
وتَسْهَرُ لي أعينُ الحاسدينَ
وترقدُ أعينُ أهل الوداد
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ألا مَنْ مُبْلغٌ أهلَ الجُحُود
ألا مَنْ مُبْلغٌ أهلَ الجُحُود
رقم القصيدة : 10674
-----------------------------------
ألا مَنْ مُبْلغٌ أهلَ الجُحُود
مَقالَ فتى ً وَفيٍّ بالعُهُود
سأخرجُ للبرازِ خلى َّ بالِ
بقَلبٍ قُدَّ منْ زُبَرِ الحديدِ
وأطعنُ بالقنا حتى يراني
عَدوي كالشرارة ِ من بعيد
إذا ما الحربُ دارتْ لي رَحاها
وطاب المَوْتُ للرَّجُلِ الشَّدِيد
تَرَى بيضاً تَشَعْشَعُ في لَظاها
قد التصقت بأعضادِ الزنود
فأقحمُها ولكن معْ رجالٍ
كأَنَّ قلوبها حَجَرُ الصَّعيد
وَخَيْلٍ عُوِّدتْ خَوْضَ المنايا
تُشَيِّبُ مَفْرِقَ الطفْلِ الوليدِ
سأَحمِلُ بالأُسودِ على أسودٍ
وأخْضِبُ ساعدي بدمِ الأُسود
بمَمْلكَة ٍ عليها تَاج عِزٍّ
وَقَوْمٍ من بني عَبْسٍ شُهود
فأَما القائلونَ هزبرُ قومٍ
فَذَاكَ الفَخرُ لا شَرَفُ الجدود
وأمَّا القائِلونَ قَتيلُ طَعْنٍ
فذلك مصرع البطل الجليد(3/137)
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> صحا مِنْ بعْدِ سكرته فؤَادي
صحا مِنْ بعْدِ سكرته فؤَادي
رقم القصيدة : 10675
-----------------------------------
صحا مِنْ بعْدِ سكرته فؤَادي
وعاود مقْلتي طِيبُ الرُّقاد
وأصبح من يعاندني ذليلا
كَثيرَ الهَمّ لا يَفْدِيهِ فادي
يرى في نومهِ فتكات سيفي
فَيَشْكُو ما يَرَاهُ إلى الوِسادِ
ألا ياعبل قد عاينتِ فعلي
وبانَ لكِ الضلالُ من الرَّشاد
وإنْ أبْصَرْتِ مِثْلِي فاهْجُريني
ولا يَلْحَقْكِ عارٌ مِنْ سَوادي
وإلاَّ فاذكري طَعني وَضَربي
إذا ما لَجّ قَوْمُك في بِعادي
طَرَقْتُ ديار كِنْدَة َ وهي تدْوي
دويَّ الرعدِ منْ ركضِ الجياد
وبَدَّدْتُ الفَوارِسَ في رُباها
بطعنٍ مثلِ أفواه المزادِ
وَخَثْعَمُ قد صَبَحْناها صَباحاً
بُكُوراً قَبْلَ ما نادى المُنادي
غدوا لما رأوا من حد سيفي
نذير الموت في الأرواحِ حاد
وعُدْنا بالنّهابِ وبالسَّرايا
وبالأَسرَى تُكَبَّلُ بالصَّفاد
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ألا يا عبل ضيعتِ العُهودا
ألا يا عبل ضيعتِ العُهودا
رقم القصيدة : 10676
-----------------------------------
ألا يا عبل ضيعتِ العُهودا
وأمسَى حبكِ الماضي صُدُودا
وما زالَ الشبابُ ولا اكتهلنا
ولا أبْلى الزَّمانُ لنا جديدا
وما زالتْ صوارمنا حداداً
تَقُدُّ بها أنامِلُنا الحديدا
سَلي عنَّا الفزاريّينَ لمَّا
شَفَيْنَا مِنْ فَوَارسها الكُبُودا
وخلينا نسائهمُ حيارى
قُبَيْلَ الصُّبْحِ يَلْطِمْنَ الخُدُودا
مَلأْنا سائِرَ الأَقطار خَوْفاً
فأضحى العالمونَ لنا عبيدا
وجاوزنا الثريا في علاها
ولم نَتْرُك لقَاصِدَنا وَفُودا
إذا بَلَغَ الفِطامَ لنا صبيٌّ
تَخِرُّ لهُ أعاديَنا سُجُودا
فمن يقصدْ بداهية ٍ الينا
يرى منا جبابرة ً أسودا
ويَوْمَ البَذْلِ نعْطي ما مَلَكْنا
ونملا الأرضَ إحسانا وجودا
وننعلُ خيلنا في كلَّ حربٍ
عِظاماً دامياتٍ أَوْ جلُودا
فَهَلْ مَنْ يُبْلغ النُّعْمانَ عنَّا(3/138)
مَقالاً سَوْفَ يَبْلغهُ رشيدا
إذا عادتْ بَنو الأَعْجام تَهوي
وقد وَلَّتْ ونَكَّسَت البنُودا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أُعادي صَرْفَ دَهْرٍ لا يُعادى
أُعادي صَرْفَ دَهْرٍ لا يُعادى
رقم القصيدة : 10677
-----------------------------------
أُعادي صَرْفَ دَهْرٍ لا يُعادى
وأحتملُ القطيعة والبعادا
وأظهرُ نُصْحَ قَوْمٍ ضَيَّعُوني
وإنْ خانَت قُلُوبُهُمُ الودَادا
أعللُ بالمنى قلبا عليلا
وبالصبر الجميلِ وان تمادى
تُعيّرني العِدى بِسوادِ جلْدي
وبيض خصائلي تمحو السَّوادا
سلي يا عبلَ قومك عنْ فعالي
ومَنْ حضَرَ الوقيعَة َ والطّرادا
وردتُ الحربَ والأبطالُ حولي
تَهُزُّ أكُفُّها السُّمْرَ الصّعادا
وخُضْتُ بمهْجتي بحْرَ المَنايا
ونارُ الحربِ تتقدُ اتقادا
وعدتُّ مخضباً بدَم الأعادي
وكَربُ الرَّكض قد خضَبَ الجودا
وكمْ خلفتُ منْ بكرٍ رداحٍ
بصَوْتِ نُواحِها تُشْجي الفُؤَادا
وسَيفي مُرْهَفُ الحدَّينِ ماضٍ
تَقُدُّ شِفارُهُ الصَّخْرَ الجَمادا
ورُمحي ما طعنْتُ به طَعيناً
فعادَ بعينيهِ نظرَ الرشادا
ولولا صارمي وسنانُ رمحي
لما رَفَعَتْ بنُو عَبْسٍ عمادا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لأَيِّ حَبيبٍ يَحْسُنُ الرَّأْيُ والوُدُّ
لأَيِّ حَبيبٍ يَحْسُنُ الرَّأْيُ والوُدُّ
رقم القصيدة : 10678
-----------------------------------
لأَيِّ حَبيبٍ يَحْسُنُ الرَّأْيُ والوُدُّ
وأكثرُ هذا الناسِ ليس لهم عهدُ
أريدُ منَ الأَيَّامِ ما لا يَضُرُّها
فهل دافعٌ عنيَّ نوائبها الجهد
وما هذهِ الدنيا لَنا بمطيعة ٍ
وليسَ لخلقٍ من مداراتها بدُ
تَكونُ المَواليَ والعبيدُ لعاجزٍ
ويخدم فيها نفسهُ البطلُ الفردُ
وكل قريبٍ لي بعيدُ مودة ٍ
وكلّ صديقٍ بين أضلعهِ حقدُ
فللهَ قلبٌ لا يبلُّ عليلهُ
وِصالٌ ولا يُلْهِيهِ من حَلّهِ عَقْدُ
يكلّفني أن أطْلُبَ العِزِّ بالقنا
وأيْنَ العُلا إنْ لم يُسَاعِدنيَ الجدُّ(3/139)
أُحِبُّ كما يَهْواهُ رُمحي وَصارمي
وَسابغة ٌ زغْفٌ وسابغة ٌ نَهْدُ
فيالكَ منْ قلبٍ توقدَ في الحشا
ويالكَ منْ دمعٍ غزيرٍ له مدُّ
وإنْ تظهرِ الأيامُ كلَّ عظيمة ٍ
فلي بين أضلاعي لها أسدٌ وردُ
إذا كان لا يمضي الحسامُ ينفسهِ
فللضاربِ الماضي بقائمهِ حدُ
وحَوْلي منْ دُونِ الأَنامِ عِصابة ٌ
توددها يخفي وأضغانها تبدو
يَسُرُّ الفتى دهْرٌ وقد كانَ ساءَهُ
وتَخْدُمُهُ الأَيَّامُ وهو لها عَبْدُ
ولا مالَ إلاّ ما أَفادكَ نَيْلُهُ
ثناءٌ ولا مالٌ لمنْ لاله مجدُ
ولا عاشَ إلا منْ يصاحبُ فتية ٌ
غَطاريفَ لا يَعْنيهمُ النَّحْسُ والسَّعد
إذا طلبوا إلى الغزو شمروا
وإن نُدِبُوا يوْماً إلى غَارَة ٍ جَدّوا
ألاليت شعري هل تبلغني المنى
وتلقى بي الأعداء سابحة ٌ تعدو
جوادٌ اذا شقَّ المحافلَ صدرهُ
يَرُوحُ إلى ظُعْنِ القَبائلِ أو يغْدو
خفيت على إثر الطريدة ِ في الفلا
إذا هاجَتِ الرَّمْضاءُ واختَلَفَ الطَّرْدُ
وَيَصْحُبني من آلِ عَبْسٍ عِصابة ٌ
لها شرفٌ بين القبائل يمتد
بَهاليلُ مثلُ الأُسدِ في كلِّ مَوْطِنٍ
كأنَّ دمَ الأعداءِ في فمهمْ شهدُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> جازتْ ملماتُ الزَّمانِ حدودها
جازتْ ملماتُ الزَّمانِ حدودها
رقم القصيدة : 10679
-----------------------------------
جازتْ ملماتُ الزَّمانِ حدودها
واسْتَفْرغَتْ أيَّامُها مجهُودَها
وقضت علينا بالمنونِ فعوَّضتْ
بالكرهِ منْ بيضِ الليالي سُودها
بالله ما بالُ الأَحبَّة ِ أعْرضَتْ
عنَّا ورامتْ بالفراقِ صُدودها
رضيتُ مصاحبة َ البلى واستوطنتْ
بَعْد البُيُوتِ قُبُورَها ولحُودها
حرصتْ على طولِ البقاءِ وإنما
مبدي النفوس أبادها ليعيدَها
عبثتْ بها الأيامُ حتى أوثقت
أيدي البِلى تحْتَ التُّرابِ قيودها
فكأنما تلكُ الجسومُ صوارمٌ
تحت الحمامِ من اللحودِ غمودها
نَسَجَتْ يَدُ الأَيّامِ منْ أكْفانَها
حللاً وألقتْ بينهنّ عقودها(3/140)
وكسا الرّبيعُ رُبُوعَهَا أَنْوَارَهُ
لما سقتها الغادياتُ عهودها
وسرى بها نشرُ النسيم فعطرتْ
نفحاتُ أرواحِ الشَّمالِ صَعيدَها
هل عيشة ٌ طابَتْ لنا إلاّ وقد
أبْلى الزَّمانُ قديمَها وجديدَها
أو مقلة ٌ ذاقت كراها ليلة ً
إلاّ وأعقبتِ الخطوبُ هُجُودَها
أو بنية ٌ للمجدِ شيدَ أساسها
إلاّ وقد هَدَمَ القضاءُ وطيدَها
شقّتْ على العَليا وفاة ُ كريمة ٍ
شقّتْ عليها المكْرماتُ بُرُودها
وعزيزَة ٍ مفْقودة ٍ قد هوَّنتْ
مُهَجُ النّوافلِ بعدها مفقُودَها
ماتتْ ووُسِّدَتِ الفَلاَة َ قتيلة ً
يا لهْفَ نفسِي إذْ رأتْ توْسيدَها
يا قيْسُ إنّ صدُورَنا وَقَدتْ بها
نارٌ بأَضْلُعنا تَشُبُّ وقودَها
فانهضْ لأخذِ الثاّر غير مقصِّر
حتى تُبيد من العداة ِ عديدها
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا فاضَ دمعي واستهلّ على خدِّي
إذا فاضَ دمعي واستهلّ على خدِّي
رقم القصيدة : 10680
-----------------------------------
إذا فاضَ دمعي واستهلّ على خدِّي
وجاذبني شوقي إلى العلم السّعدي
أذكر قومي ظلمهم لي وبغيهم
وقلة َ إنصافي على القربِ والبعدِ
بَنَيْتُ لهمْ بالسَّيفِ مجْداً مُشيّداً
فلّما تناهى مجدهمْ هدموا مجدي
يعيبونَ لوني بالسواد وإنما
فعالهم بالخبث أسودُ من جلدي
فواذلّ جيراني إذا غبتُ عنهمُ
وطالَ المدَى ماذا يلاقونَ من بَعدي
أَتحْسبُ قَيْسٌ أنَّني بعد طردِهمْ
أخافُ الأعادي أو أذلَُ من الطَّردِ
وكيفَ يحلَُ الذُلّ قلبي وصارمي
إذا اهتزَّ قَلْبُ الضَّدِّ يخْفِقُ كالرَّعْد
متى سلّ في كفِّي بيوم كريهة
فلا فَرْقَ ما بيْنَ المشايخ والمُرْدِ
وما الفخرٌ إلاّ أنْ تكونَ عمامتي
مكوّرة َ الأطرافِ بالصّارم الهندي
نديميّ إمّا غبتما بعد سكرة ٍ
فلا تذكرا أطلالَ سلمى ولاهندِ
ولا تَذْكرا لي غيرَ خَيلٍ مُغيرة ٍ
ونقعْ غبارٍ حالك اللّون مسودّ
فإنّ غبارَ الصّافِنات إذا علا
نشقتُ لهُ ريحاً ألذَّ منَ النّدّ
وريحانتي رمحي وكاساتُ مجلسي(3/141)
جماجمُ ساداتِ حراصٍ على المجد
ولي منْ حسامي كلّ يوْمٍ على الثَرى
نقوشُ دمٍ تغني النَّدامى عن الوردِ
وليْسَ يَعيبُ السَّيفَ إخلاقُ غِمْدِه
إذا كانَ في يوم الوغى قاطع الحدّ
فلِلَّهِ دَرِّي كمْ غُبارٍ قطَعْتُهُ
على ضامر الجنبين معتدلِ القدّ
وطاعنتُ عنه الخيل حتى تبّددت
هزاماً كأسرابِ القطاءِ إلى الوردِ
فزَارة ُ قد هيَجتُم لَيثَ غابة ٍ
ولم تفرقوا بين الضلالة ِ والرُّشدِ
فقولوا لِحصْنٍ إنْ تَعانَى عدَاوَتي
يبيتُ على نارٍ من الحزنِ والوجدِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ
فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ
رقم القصيدة : 10681
-----------------------------------
فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ
وكذا النساءُ بخانقٌ وعقودُ
سُكْري بهِ لا ما جنى العُنْقودُ
يادهرُ لا تبق عليَّ فقد دنا
ما كنتُ أطلبُ قبلَ ذا وأريد
فالقتْلُ لي من بعد عبْلة َ راحَة ٌ
والعَيشُ بعد فِراقها منكُودُ
يا عبْلَ! قدْ دنتِ المَنيّة ُ فاندُبي
يا عبلَ! إنْ تَبكي عليَّ فقد بكى
صَرْفُ الزَّمانِ عليَّ وهُوَ حَسُودُ
يا عبلَ! إنْ سَفكوا دمي فَفَعائلي
في كل يومٍ ذكرهنّ جديد
تَدْعينَ عنْترَ وهوَ عنكِ بعيدُ
ولقد لقيتُ الفُرْسَ يا ابْنَة َ مالكِ
وجيوشها قد ضاق عنها البيد
وتموجُ موجَ البحرِ إلا أنَّها
لاقتْ أسوداً فوقهنَّ حديد
جاروا فَحَكَّمْنا الصَّوارمَ بيْننا
فقَضتْ وأَطرافُ الرماحِ شُهُود
يا عبلَ! كم منْ جَحْفلٍ فرَّقْتُهُ
والجوُّ أسودُ والجبالُ تميدُ
فسطا عليَّ الدَّهرُ سطوة َ غادرٍ
والدَّهرُ يَبخُلُ تارة ويجُودُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا رشقت قلبي سهامٌ من الصَّدّ
إذا رشقت قلبي سهامٌ من الصَّدّ
رقم القصيدة : 10682
-----------------------------------
إذا رشقت قلبي سهامٌ من الصَّدّ(3/142)
وبدلَ قربي حادثُ الدَّهر بالبعد
لبست لها درعاً من الصَّبر مانعاً
ولاقَيتُ جَيْشَ الشَّوْقِ مُنْفرداً وحدي
وبتُّ بطَيْفٍ منْكِ يا عبلَ قانِعاً
ولو باتَ يسرى في الظَّلام على خدّى
فبالله يا ريحَ الحجازِ تنفَّسي
على كَبدٍ حَرَّى تَذُوبُ من الوجْدِ
ويا بَرْقُ إنْ عَرَّضت من جانبِ الحمى
فَحَيِّ بني عَبْسٍ على العلم السَّعْدي
وانْ خمدتْ نيرانُ عبلة موهناٌ
فكن أنتَ في اكنافها نيّرَ الوقد
وَخَلِّ النّدَى ينْهلُّ فوقَ خِيامِها
يُذَكِّرُها أني مُقيمٌ على العَهْدِ
عدِمْتُ اللّقا إنْ كنتُ بعد فِراقها
رقدْتُ وما مَثَّلْتُ صورَتها عندي
ومَا شاقَ قَلبي في الدُّجَى غيرُ طائرٍ
ينوحُ على غصنٍ رطيب من الرَّند
به مثل ما بي فهو يخفى من الجوى
كمَثْل الذي أخفِي ويُبْدي الي أبدي
ألا قاتلَ اللهُ الهوى كم بسيفهِ
قتيلُ غرامٍ لا يُوَسّدُ في اللَّحْدِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أَحْرَقَتْني نارُ الجَوى والبعادِ
أَحْرَقَتْني نارُ الجَوى والبعادِ
رقم القصيدة : 10683
-----------------------------------
أَحْرَقَتْني نارُ الجَوى والبعادِ
بَعد فَقْدِ الأَوْطانِ والأَولاد
شابَ رأسي فصارَ أبيض لوناً
بعد ما كان حالكاً بالسواد
وتذكرتُ عبلة َ يومَ جاءت
لوداعي والهمُّ والوجد باد
وَهي تُذْري من خيفَة ِ البُعْدِ دمْعاً
مُستهِلاًّ بلَوْعة ٍ وَسُهاد
قلْتُ كِفِّي الدُّمُوعَ عنْكِ فقلبي
ذاب حزناً ولوعتي في ازديادِ
ويحَ هذا الزَّمانِ كيفَ رَماني
بسهامٍ صابتْ صميمَ فؤادي
غيرَ أني مثْلُ الحُسام إذا ما
زادَ صقلاً جادّ يوم جلادِ
حنكتني نوائبُ الدهر حتى
أوقفتني على طريقِ الرشادِ
ولقيتُ الأبطالَ في كل حربٍ
وهزمتُ الرجال في كلِّ وادي
وتركتُ الفرسانَ صرعى بطعنٍ
منْ سِنانٍ يحْكي رُؤُوس المزاد
وحسامٍ قد كنتُ من عهد شدَّا
دٍ قديماً وكانَ منْ عهدِ عادِ
وقهرتُ الملوكَ شرقاً وغرباً
وأَبَدْتُ الأَقْرانَ يوْم الطِّراد(3/143)
قلَّ صبري على فراق غصوبٍ
وهْو قد كان عُدَّتي واعتِمادي
وكذا عروة ٌ وميسرة ٌ حا
مي حمانَا عِند اصْطدام الجياد
لأَفُكَّنّ أَسْرَهُمْ عن قريبٍ
منْ أيادِي الأَعداءِ والحُسَّاد
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> بين العقيق وبينَ برْقَة ِ ثَهْمَد
بين العقيق وبينَ برْقَة ِ ثَهْمَد
رقم القصيدة : 10684
-----------------------------------
بين العقيق وبينَ برْقَة ِ ثَهْمَد
طللٌ لعبلة َ مستهلُّ المعهدِ
يا مسرحَ الآرام في وادي الحمى
هل فيكَ ذو شجنٍ يروحُ ويغتدي
في أَيمَن العَلميْن دَرْسُ مَعالمٍ
أوهى بها جلدي وبانَ تجلدِي
منْ كلّ فاتنة ٍ تلفتْ جيدُها
مرحاً كسالفة ِ الغزالِ الأغيد
يا عبْلُ كمْ يُشْجَى فُؤَادي بالنَّوى
ويرُعني صَوْتُ الغُرابِ الأَسودِ
كيف السُّلوُّ وما سمعتُ حمائماً
يَنْدُبْنَ إلاّ كُنْتُ أوَّلَ منْشِدِ
ولقدْ حبستُ الدَّمع لا بخلاً بهِ
يوْم الوداعِ على رُسوم المَعهَدِ
وسألتُ طير الدَّوح كم مثلي شجا
بأنينهِ وحنينهِ المتردّد
ناديتهُ ومدامعي منهلة ٌ
أيْن الخليُّ منَ الشَّجيِّ المُكْمَدِ
لو كنتَ مثلي ما لبثت ملوّناً
وهتفتّ في غضن النقا المتأوّد
رَفعوا القبابَ على وُجوهٍ أشْرَقَتْ
فيها فغيّبت السهى في الفرقد
واسْتوْقفُوا ماءَ العُيونِ بأعينٍ
مَكحولة بالسِّحْر لا بالإثمِدِ
والشمسُ بين مضرَّجِ ومبلجٍ
والغُصنُ بين موَشَّحٍ ومقلَّدِ
يطلعنَ بين سوالفٍ ومعاطف
وقلائد منْ لؤلوءٍ وزبرجدِ
قالوا اللّقاء غداً بمنْعَرَج اللِّوى
واطولَ شَوْقِ المستَهامِ إلى غدِ
وتخالُ أنفاسي إذا ردَّدتها
بين الطلول محتْ نقوشَ المبْرد
وتنوفة ٍ مجهولة ٍ قد خضتها
بسنان رمحٍ نارهُ لمْ تخمدِ
باكرتها في فتية ٍ عبسية ٍ
منْ كلِّ أرْوعَ في الكريهة ِ أصيدِ
وتَرى بها الرَّاياتِ تَخفُقُ والقنا
وَتَرى العَجاجَ كمثْل بَحرٍ مُزْبدِ
فهناك تنْظرُ آلُ عَبْسٍ مَوْقفي
والخيْلُ تَعثُر بالوشيج الأَمْلدِ(3/144)
وبوارقُ البيض الرقاقِ لوامعٌ
في عارض مثلِ الغمام المرعدِ
وذوابلُ السُّمر الدّقاق كأَنّها
تحتَ القتام نُجومُ لَيْلٍ أسوَد
وحوافرُ الخيل العتاق على الصفا
مثْلُ الصواعق في قفار الفدْفدِ
باشرْتُ موكبها وخضتُ غُبارَها
أطفأتُ جَمرَ لهيبها المتوقِّدِ
وكررتُ والأبطالُ بينَ تصادم
وتهاجمٍ وتحزُّبٍ وتشدُّدِ
وفَوارسُ الهيجاءِ بينَ ممانعٍ
ومُدافعٍ ومخادعٍ ومُعربدِ
والبيضُ تلمعُ والرِّماح عواسلٌ
والقومُ بين مجدَّلٍ ومقيدِ
ومُوسَّدٍ تَحْتَ التُّرابِ وغيرُهُ
فوقَ الترابِ يئنُ غير موسَّدِ
والجوُّ أقتمُ والنجومُ مضيئة ٌ
والأفقُ مغبرُّ العنانِ الأربدِ
أقحمتُ مهري تحتَ ظلّ عجاجة ٍ
بسنان رمحٍ ذابلٍ ومهندِ
رَغَّمتُ أنفَ الحاسِدينَ بسَطْوتي
فغدوا لها منْ راكعين وسجَّدِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا الريحُ هبَّتْ منْ ربى العلم السعدي
إذا الريحُ هبَّتْ منْ ربى العلم السعدي
رقم القصيدة : 10685
-----------------------------------
إذا الريحُ هبَّتْ منْ ربى العلم السعدي
طفا بردها حرَّ الصبابة ِ والوجدِ
وذكرني قوماً حفظتُ عهودهمْ
فما عرفوا قدري ولا حفظوا عهدي
ولولاَ فتاة ٌ في الخيامِ مُقيمَة ٌ
لما اختَرْتُ قربَ الدَّار يوماً على البعدِ
مُهفْهَفة ٌ والسِّحرُ من لَحظاتها
إذا كلمتْ ميتاً يقوم منْ اللحدِ
أشارتْ إليها الشمسُ عند غروبها
تقُول: إذا اسودَّ الدُّجى فاطْلعي بعدي
وقال لها البدرُ المنيرُ ألا اسفري
فإنَّك مثْلي في الكَمال وفي السَّعْدِ
فولتْ حياءً ثم أرختْ لثامها
وقد نثرتْ من خدِّها رطبَ الورد
وسلتْ حساماً من سواجي جفونها
كسيْفِ أبيها القاطع المرهفِ الحدّ
تُقاتلُ عيناها به وَهْوَ مُغمدٌ
ومنْ عجبٍ أن يقطع السيفُ في الغمدِ
مُرنِّحة ُ الأَعطاف مَهْضومة ُ الحَشا
منعمة الأطرافِ مائسة القدِّ
يبيتُ فتاتُ المسكِ تحتَ لثامها
فيزدادُ منْ أنفاسها أرج الندّ
ويطلعُ ضوء الصبح تحتَ جبينها(3/145)
فيغْشاهُ ليلٌ منْ دجى شَعرها الجَعد
وبين ثناياها إذا ما تبسَّمتْ
مديرُ مدامٍ يمزجُ الراحَ بالشَّهد
شكا نَحْرُها منْ عِقدها متظلِّماً
فَواحَربا منْ ذلكَ النَّحْر والعقْدِ
فهل تسمح الأيامُ يا ابنة َ مالكٍ
بوصلٍ يداوي القلبَ من ألم الصدِّ
سأَحْلُم عنْ قومي ولو سَفكوا دمي
وأجرعُ فيكِ الصَّبرَ دونَ الملا وحدي
وحقّكِ أشجاني التباعدُ بعدكم
فها أنتمُ أشجاكم البعدُ من بعدي
حَذِرْتُ من البيْن المفرِّق بيْننا
وقد كانَ ظنِّي لا أُفارقكمْ جَهدي
فإن عانيت عيني المطايا وركبها
فرشتُ لدَى أخْفافها صَفحة َ الخدّ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لعُوبٌ بأَلْبابِ الرّجال كأَنَّها
لعُوبٌ بأَلْبابِ الرّجال كأَنَّها
رقم القصيدة : 10686
-----------------------------------
لعُوبٌ بأَلْبابِ الرّجال كأَنَّها
إذا أَسْفَرَتْ بَدْرٌ بدا في المَحَاشِدِ
شَكَتْ سَقَماً كيْما تُعَادَ وما بها
سِوَى فَتْرة ِ العيْنَين سقْمٌ لِعائِدِ
منَ البيض لا تلْقاكَ إلاَّ مَصونَة ً
وتمْشي كَغُصْنِ البانِ بينَ الولائِدِ
كأَنَّ الثُّريَّا حينَ لاحَتْ عَشيَّة ً
على نحرها منظومة ٌ في القلائدِ
منعَّمة الأطرافِ خودٌ كأنها
هلالٌ على غصنِ من البانِ مائدِ
حوَى كلَّ حسن في الكواعبِ شخْصها
فليسَ بها إلاَّ عيوبُ الحواسدِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا كانَ دمْعي شاهدي كيفَ أجْحَدُ
إذا كانَ دمْعي شاهدي كيفَ أجْحَدُ
رقم القصيدة : 10687
-----------------------------------
إذا كانَ دمْعي شاهدي كيفَ أجْحَدُ
ونارُ اشتياقي في الحشا تتوقَّد
وهيهاتَ يخفى ما اكنُّ من الهوى
وثوبُ سقامي كلَّ يومٍ يجدَّدُ
أقاتلُ أشواقي بصبري تجلداً
وقلبيَ في قيدِ الغرامِ مقيدَّ
إلى الله أشكُو جَوْرَ قَوْمي وظُلْمَهُمْ
إذا لم أجِدْ خِلاً على البُعد يَعْضُدُ
خليليَّ أمسى حبُّ عبلة قاتلي
وبأْسِي شديدٌ والحُسامُ مُهَنَّدُ
حرامٌ عليّ النومُ يا ابنة َ مالكٍ(3/146)
ومَنْ فَرْشُهُ جمْرُ الغَضا كيْف يَرْقُدُ
سأندبُ حتى يعلم الطيرُ أنني
حزينٌ ويرثي لي الحمامُ المغرِّدُ
وأَلثِمُ أرْضاً أنْتِ فيها مقيمَة ٌ
لَعَلَّ لَهيبي مِنْ ثرى الأَرضِ يَبْرُدُ
رَحَلْتِ وقلْبي يا ابْنَة َ العمِّ تائهٌ
على أثرِ الأظغانِ للرِّكب ينشدُ
لئنْ تشمتِ الأعداء يا بنتَ مالكٍ
فإن ودادي مثلما كانَ يعهدُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أحوْلي تنفضُ استك مذرويها
أحوْلي تنفضُ استك مذرويها
رقم القصيدة : 10688
-----------------------------------
أحوْلي تنفضُ استك مذرويها
لتقتلني فها أنا ذا عُمارا
متي ما تَلْقني فَرْدَيْن تَرجُفْ
رَوانفُ ألْيَتيْكَ وتسْتَطارا
وسَيفي صارمٌ قَبضتْ عليهِ
أشاجعُ لا ترى فيها انتشاراً
وسَيْفِي كالعَقيقَة وهْو كمِعْي
سلاحي لا أفَلَّ ولا فُطارا
وكالورق الخفافِ وذاتُ غربِ
تَرى فيها عَن الشِّرَع ازْوِرارا
ومُطَّرِّدُ الكُعوبِ أحَصُّ صَدْقٌ
تخَالُ سِنانُهُ باللَّيْل نارَا
ستعلم أينا للموتِ أدنى
إذا دانَيْتَ لي الأَسَلَ الحِرارا
وللرُّعْيانِ في لُقُحٍ ثَمانٍ
تُحادِثُهُنَّ صَرّاً أوْ غِرارا
أقامَ على خسيستهنَّ حتى
لقحنَ ونتجَ الأخرَ العشارَا
وقظنَ على لصافَ وهنَّ غلب
تَرنُّ متُونُها ليلاً ظُؤَارا
ومنْجُوبٌ له مِنهنَّ صَرْعٌ
يميلُ إذا عدلت به الشوَّارا
أَقلُّ عليكَ ضَرّاً منْ قريحٍ
إذا أصحابه دفروهُ سارَا
وخيْلٍ قد زَحَفْتُ لها بخيْل
عليها الأُسْدُ تهْتَصِرُ اهْتصارا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ومنْ يكُ سائلاً عني فإني
ومنْ يكُ سائلاً عني فإني
رقم القصيدة : 10689
-----------------------------------
ومنْ يكُ سائلاً عني فإني
وجروة َ لا ترودُ ولا تعارُ
مُقرَّبة الشّتاءِ ولا تراها
وراءِ الحيَّ يتبعها المهارُ
لها بالصَّيف أصبرَة ٌ وجُلٌّ
وستٌ منْ كرائمها غزارُ
ألاَ أبلغْ بني العشراءِ عني
علانية ً فقد ذهب السرارُ
قتلْتُ سرَاتَكمْ وخَسلتُ مِنْكمْ(3/147)
خسيلاً مثلَ ما خُسل الوبار
فَلم يكُ حقُّكمْ أنْ تشْتُمونا
بني العشراءِ إذْ جدَّ الفخارُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وَيَمْنَعُنَا منْ كلِّ ثَغْرٍ نخافُهُ
وَيَمْنَعُنَا منْ كلِّ ثَغْرٍ نخافُهُ
رقم القصيدة : 10690
-----------------------------------
وَيَمْنَعُنَا منْ كلِّ ثَغْرٍ نخافُهُ
أَقَبُّ كَسِرْحانِ الأَباءَة ِ ضامرُ
وكلُّ سَبوحٍ في الغُبارِ كأَنها
إذا اغتسلتْ بالماءِ فتخاءُ كاسرُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أطْوي فيافي الفلاَ واللَّيلُ معْتكِرُ
أطْوي فيافي الفلاَ واللَّيلُ معْتكِرُ
رقم القصيدة : 10691
-----------------------------------
أطْوي فيافي الفلاَ واللَّيلُ معْتكِرُ
وأقطعُ البيدَ والرَّمضاءُ تَستعرُ
ولا أرى مؤنِساً غيرَ الحسام وإنْ
قلَّ الأَعادِي غدَاة َ الرَّوع أَوْ كَثُروا
فَحاذِري يا سباعَ البَّرِّ منْ رجلٍ
إذا انتضى سيفهُ لا ينفعُ الحذرُ
ورافِقيني تَريْ هاماً مفلَّقة ً
والطيْرَ عاكِفة ً تُمسي وتَبْتكرُ
ما خَالِدٌ بعدما قدْ سِرْتُ طَالبَهُ
بخالدٍ لاَ ولاَ الجيداءُ تفتخرُ
ولاَ ديارهُمُ بالأَهل آنِسة ٌ
يأوي الغرابُ بها والذئبُ والنمرُ
يا عبلَ يُهْنِئْكِ ما يأْتيكِ منْ نِعَمٍ
إذا رماني على أعدائكِ القدر
يا مَنْ رَمتْ مهْجتي من نَبْل مُقلتِها
بأسهمٍ قاتلاتٍ برؤُها عسرُ
نعيمُ وصْلِكِ جنَّاتٌ مزَخْرفة ٌ
ونارُ هجْركِ لا تُبقي ولا تَذَرُ
سقتكِ يا علم السعديَّ غادية ٌ
منَ السحابِ وروى ربعكِ المطرُ
كم ليلة ٍ قد قطعنا فيكِ صالحة ٍ
رغيدة ٍ صفوها ما شابهُ كدرُ
مع فتية ٍ تتعاطى الكاس مترعة ً
منْ خَمرة ٍ كلَهيبِ النَّار تَزْدهر
تُدِيرُها منْ بناتِ العُربِ جارية ٌ
رشيقة ُ القدِّ في أجفانها حور
إنْ عِشْتُ فهيَ التي ما عِشْتُ مالكتي
وإنْ أمتْ فالليالي شأنها العبر
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا لعبَ الغرامُ بكلَّ حرَّ
إذا لعبَ الغرامُ بكلَّ حرَّ(3/148)
رقم القصيدة : 10692
-----------------------------------
إذا لعبَ الغرامُ بكلَّ حرَّ
حَمِدْتُ تجلُّدي وشَكَرْتُ صبري
وفضلتُ البعادَ على التداني
وأخفيت الهوى وكتمت سرِّي
ولا أُبْقي لعذَّالي مجالاً
ولا أشْفي العدُوَّ بهتْكِ سِتْري
عرَكْتُ نَوائِبَ الأَيام حتى
عرفتُ خيالها منْ حيثُ يسري
وذلَّ الدَّهر لمَّا أن رآني
أُلاقي كلَّ نائبة ٍ بصدري
وما عابَ الزَّمانُ عليّ لوْني
ولا حَطّ السوادُ رفيع قَدري
سموتُ إلى العلا وعلوتُ حتى
رأَيتُ النَّجمَ تَحتي وهو يجري
وقَوماً آخرين سَعَوا وعادُوا
حيارى ما رأوا أثراً لأثري
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا لم أُروِّ صارمي من دمِ العِدى
إذا لم أُروِّ صارمي من دمِ العِدى
رقم القصيدة : 10693
-----------------------------------
إذا لم أُروِّ صارمي من دمِ العِدى
ويُصبحُ من إفرِندِهِ الدَّمُ يَقطُرُ
فلا كحلتُ أجفانُ عيني بالكرَى
ولا جاءَني منْ طَيفِ عَبْلة َ مُخبرُ
إذا ما رآني الغربُ ذلّ لهيبتي
وما زال باعُ الشرقٍ عني يقصرُ
أنا الموتُ إلاّ أنني غيرُ صابرٍ
على أنفس الأبطالِ والموتُ يصبرُ
أنا الأسدُ الحامي حمى منْ يلوذُ بي
وفعلي لهُ وصفٌ إلى الدهر يذكرُ
إذا ما لَقيتُ المَوْتَ عَمَّمْتُ رأْسَه
بسيف على شربِ الدما يتجوهرُ
سَوادي بياضٌ حينَ تبْدُو شَمائلي
وفعلي على الأنسابِ يزهو ويفخرُ
ألاَ فلْيعِش جاري عزيزاً وينْثني
عدوِّي ذليلاً نادماً يتحسرُ
هزَمتُ تميماً ثُم جنْدَلتُ كِبْشَهُمْ
وعدت وسيفي من دمِ القوم أحمرُ
بني عبْسَ سُودوا في القبائل وافْخَروا
بعبدٍ لهُ فوقَ السماكينِ منبرُ
إذا ما منادي الحيَّ نادى أجبتهُ
وخيْلُ المنايا بالجماجمِ تعثُرُ
سل المشرَفيَّ الهندوانيَّ في يدي
يخبِّرْكَ عنِّي أنني أنا عنْتَرُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا كان أمرُ الله أمراً يُقَدّر
إذا كان أمرُ الله أمراً يُقَدّر
رقم القصيدة : 10694(3/149)
-----------------------------------
إذا كان أمرُ الله أمراً يُقَدّر
فكيفَ يفرُّ المرءُ منْه ويحذَرُ
ومن ذا يردُّ الموتَ أو يدفعُ القضا
وضرْبتُهُ محْتُومة ٌ ليس تعثرُ
لَقد هانَ عِنْدي الدَّهْرُ لمَّا عرفْتُهُ
وإني بما تأْتي المُلمَّاتُ أخبَرُ
وليس سباعُ البَرّ مثْلَ ضِباعِهِ
ولاَ كلُّ مَنْ خاض العَجاجة َ عَنْتَرُ
سلُوا صرْفَ هذَا الدَّهْر كمْ شَنَّ غارة ً
ففرَّجْتُها والمَوْتُ فيها مشَمِّرُ
بصارم عَزْمٍ لوْ ضرَبتُ بحَدِّهِ
دُجى اللَّيل ولَّى وهو بالنَّجْم يَعثُر
دعوني أجدُّ السَّعي في طلب العُلا
فأُدْرِكَ سُؤْلي أو أمُوتَ فأُعذَرُ
ولاَ تختشوا مما يقدرُ في غدٍ
فما جاءَنا منْ عالم الغيبِ مخبرُ
وكمْ منْ نَذِيرٍ قدْ أَتَانا محذِّراً
فكانَ رسولاً في السُّرور يبَشّر
قفي وانظري يا عبلَ فعلي وعايني
طِعاني إذَا ثَارَ العَجاجُ المكدّر
تري بطلاً يلقى الفوارسَ ضاحكاً
ويرجَعُ عنْهمْ وهو أشعثُ أَغْبَرُ
ولا ينثني حتى يخلى جماجماً
تَمرُّ بنها ريحُ الجَنوبِ فتَصْفر
وأجْسادَ قوْمٍ يَسكنُ الطَّيْرُ حَولَها
إلى أن يرى وحشَ الفلاة ِ فينفر
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا نحنُ حالفنا شفارَ البواتر
إذا نحنُ حالفنا شفارَ البواتر
رقم القصيدة : 10695
-----------------------------------
إذا نحنُ حالفنا شفارَ البواتر
وسُمْرَ القَنَا فَوْقَ الجيادِ الضَّوامر
على حربِ قومٍ كان فينا كفاية ً
ولو أنهُم مثْلُ البحار الزَّواجرِ
وما الفخْر في جمع الجيوشِ وإنما
فخارُ الفتى تفريق جمعِ العساكر
سلي يا ابنة َ الأعمام عني وقد أتت
قبائلُ كلبٍ معْ غني وعامر
تموج كموج البحر تحت غمامة ٍ
قد انتسجت من وقع ضربِ الحوافر
فولَّوا سِراعاً والقَنا في ظُهورهمْ
تَشُكُّ الكُلى بين الحَشا والخَواصر
وبالسَّيفِ قد خَلّفت في القفْر منهم
عِظاماً ولحماً للنُّسور الكواسرِ
وما راعَ قومي غيرُ قولي ابن ظالمٍ
وكان خبيثاً قولهُ قول ماكر(3/150)
بغى وادّعى أنْ ليس في الأَرض مِثْلُهُ
فَلما التَقينا بانَ فَخرُ المُفاخر
أحبُّ بني عبس ولو هدروا دمى
محبة َ عَبدٍ صادِقِ القولِ صابر
وأدنو إذا ما أبعدوني وألتقى
رِمَاحَ العِدى عنْهمْ وحَرّ الهواجر
تولى زهيرٌ والمقانبُ حولهُ
قتيلاً وأطراقُ الرماح الشواجر
وكان أجلّ الناس قدراً وقد غدا
أجلّ قتيل زارَ أهل المقابر
فَوا أسفا كيْفَ اشْتفى قلْبُ خالِدٍ
بتاج بني عبْس كرَام العشائر
وكيف أنامُ الليل من دون ثاره
وقَدْ كانَ ذُخري في الخُطوب الكَبائر
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ذَنبي لِعبْلة َ ذنبٌ غير مغتفرِ ذَنبي لِعبْلة َ ذنبٌ غير مغتفرِ
ذَنبي لِعبْلة َ ذنبٌ غير مغتفرِ ذَنبي لِعبْلة َ ذنبٌ غير مغتفرِ
رقم القصيدة : 10696
-----------------------------------
ذَنبي لِعبْلة َ ذنبٌ غير مغتفرِ ذَنبي لِعبْلة َ ذنبٌ غير مغتفرِ
لمّا تَبلَّجَ صبُح الشَّيبِ في شعري
رَمتْ عُبيلة ُ قلْبي من لواحِظِها
بكلُ سهم غريق النزع في الحور
فاعجب لهنّ سهاماً غير طائشة ً
من الجفونِ بلا قوسٍ ولا وتر
كم قد حفِظْتُ ذمامَ القوم من ولَهٍ
يعتادني لبناتِ الدلَّ والخفر
مُهفْهفاتٍ يَغارُ الغُصنُ حين يَرَى
قدودَها بيْنَ مَيَّادٍ ومنْهصر
يا منْزلاً أدْمعي تجري عليهِ إذا
ضَنَّ السَّحابُ على الأَطْلال بالمطر
أرضُ الشَّربَّة ِ كم قضَّيت مُبتهجاً
فيها مع الغيدِ والأترابِ من وطر
أيامَ غصنُ شبابي في نعومتهِ
ألهوبما فيهِ من زهرٍ ومن أثر
في كلَّ يومٍ لنا من نشرها سحراً
ريحٌ شذاها كنشر الزهر في السحر
وكلُّ غصنٍ قويمٍ راق منْظرهُ
ما حظُّ عاشقها منه سوى النظر
أخشى عليها ولولا ذاكَ ماوقفتْ
ركائبي بينَ وِرْدِ العَزْمِ والصَّدَرِ
كلاً ولاَ كنتُ بعد القرب مقتنعاً
منها على طولِ بُعْدِ الدَّار بالخبر
همُ الأحبة ُ وإن خانوا وإن نقضوا
عهدي فماحلت عن وجدي ولا فكري
أشكو من الهجر في سرَّوفي علنٍ
شكْوَى تُؤَثرُ في صلْدِ منَ الحجر(3/151)
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أرضُ الشَّربَّة ِ تُرْبُها كالعنْبَرِ
أرضُ الشَّربَّة ِ تُرْبُها كالعنْبَرِ
رقم القصيدة : 10697
-----------------------------------
أرضُ الشَّربَّة ِ تُرْبُها كالعنْبَرِ
ونسيمها يسري بمسكٍ أذفر
وقبابها تحوي بدوراً طلعاً
من كلَّ فاتنة ٍ بطرفٍ أحور
يا عَبلَ حُبُكِ سالبٌ أَلْبابَنا
وعقولنا فتعطفي لا تهجري
يا عَبلَ لولاَ أَنْ أرَاكِ بناظري
ما كنتُ ألقي كلَّ صعبٍ منكر
يا عَبلَ كمْ منْ غمْرة ٍ باشَرْتها
بمثَقَّفٍ صلْبِ القَوائمِ أسْمرِ
فأَتَيْتها والشَّمْسُ في كَبدِ السَّما
والقومْ بينَ مقدمٍ ومؤخر
ضجوا فصحتُ عليهم فتجمعوا
وَدَنا إليَّ خميسُ ذَاكَ العسكرِ
فشككتُ هذا بالقنا وعلوتُ ذا
مَعَ ذاكَ بالذَّكَر الحسامِ الأَبتر
وقصدْتُ قائِدهمْ قطعْتُ وَريدهُ
وَقتلْتُ منْهُم كلَّ قَرْمٍ أكبَرْ
تركُوا اللَّبُوسَ مَع السلاح هَزيمة ً
يجرون في عرض الفلاة المقفر
ونشرتُ رايات المذلة فوقهم
وقسمت سلبهم لكلّ غضنفر
ورَجَعْتُ عَنْهُمْ لم يكنْ قصْدي سوى
ذكرٍ يدومُ إلى أوان المحشر
منْ لم يَعشْ مُتَعزّزاً بسنانه
سَيمُوتُ مَوت الذُّلّ بين المعْشر
لا بدَّ للعمر النفيس من الفنا
فاصرف زمانك في الأَعزّ الأَفْخر
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا عبلَ خلّي عنكِ قوْلَ المفْتري
يا عبلَ خلّي عنكِ قوْلَ المفْتري
رقم القصيدة : 10698
-----------------------------------
يا عبلَ خلّي عنكِ قوْلَ المفْتري
واصْغي إلى قَوْلِ المحِبِّ المُخبِرِ
وَخُذي كلاماً صغْتُهُ من عَسجَدٍ
ومَعانياً رَصَّعْتُها بالجوْهر
كَم مَهْمَهٍ قفْرٍ بنفْسي خُضْتُهُ
ومفاوزِ جاوزتها بالأبجر
كم جحْفل مثْل الضباب هزمتهُ
بمهندٍ ماض ورمح أسمر
كم فارسٍ بينَ الصُّفوفِ أخذْتُهُ
والخيْلُ تعْثرُ بالقنا المتكسر
يا عَبلَ دُونك كلَّ حيٍّ فاسأَلي
إنْ كان عنْدكِ شُبْهة ٌ في عَنْتر
يا عَبلَ هلْ بُلِّغتِ يوماً أنني(3/152)
ولّيْتُ مُنْهزماً هَزيمة َ مُدبرِ
كم فارس غادَرْت يأْكلُ لحْمَهُ
ضَاري الذّائبِ وكاسِرات الأَنسُر
أفري الصدورَ بكلَّ طعن هائل
والسابغاتِ بكلَّ ضربٍ منكرِ
وإذا ركبتُ ترى الجبالَ تضجُّ من
ركْضِ الخيولِ وكلَّ قُطْرٍ مُوعِرِ
وإذا غزوتُ تَحومُ عِقبانُ الفَلا
حولي فَتُطْعِمُ كَبْدَ كلِّ غَضَنْفَرِ
ولكم خطفتُ مدرعاً من سرجهِ
في الحَرْب وهو بنَفْسهِ لم يَشْعُرِ
ولَكمْ وَرَدْتُ الموت أعْظَمَ مَوْرِدٍ
وصدرت عنهُ فكانَ أعظم مصدر
يا عبلَ لو عاينْتِ فِعلي في العِدَى
من كلِّ شِلوٍ بالتُّرابِ مُعفَّرِ
والخيْلُ في وسطِ المَضيق تبادَرَتْ
نَحْوي كمثلِ العارِضِ المتَفَجِّر
منْ كلِّ أدْهَم كالرِّياحِ إذا جرى
أو أشهبِ عالي المطا أوْ أشقر
فصرَخْتُ فيهمْ صرخة ً عَبْسية ً
كالرّعدِ تدوي في قلوبِ العَسْكر
وعطفتُ نحوهم وصلت عليهم
وَصَدَمْتُ مَوْكِبَهُم بصَدر الأبجر
وطرحْتُهُم فوقَ الصّعيد كأَنّهُم
أعجاز نخلٍ في حضيض المحجر
ودِماؤُهمْ فوْقَ الدُّروعِ تخضّبَتْ
منها فصارت كالعقيق الأحمر
ولربما عثر الجواد بفارس
ويخالُ أنَ جوادهُ لم يعثر
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> دهتْني صروفُ الدّهر وانْتَشب الغَدْرُ
دهتْني صروفُ الدّهر وانْتَشب الغَدْرُ
رقم القصيدة : 10699
-----------------------------------
دهتْني صروفُ الدّهر وانْتَشب الغَدْرُ
ومنْ ذا الذي في الناس يصفو له الدهر
وكم طرقتني نكبة ٌ بعد نكبة ٍ
ففَرّجتُها عنِّي ومَا مسَّني ضرُّ
ولولا سناني والحسامُ وهمتي
لما ذكرتْ عبسٌ ولاَ نالها فخرُ
بَنَيْتُ لهم بيْتاً رفيعاً منَ العلى
تخرُّ له الجوْزاءُ والفرغ والغَفْرُ
وها قد رَحَلْتُ اليَوْمَ عنهمْ وأمرُنا
إلى منْ له في خلقهِ النهى والأمر
سيذْكُرني قَومي إذا الخيْلُ أقْبلت
وفي الليلة ِ الظلماءِ يفتقدُ البدر
يعيبون لوني بالسواد جهالة
ولولا سواد الليل ما طلع الفجر
وانْ كانَ لوني أسوداً فخصائلي(3/153)
بياضٌ ومن كَفيَّ يُستنزل القطْر
محوتُ بذكري في الورى ذكر من مضى
وسدتُ فلا زيدٌ يقالُ ولا عمرو
شعراء المغرب العربي >> أولاد أحمد >> لو استطيع
لو استطيع
رقم القصيدة : 107
-----------------------------------
ناهضٌ من بذوري إليهما
لو أستطيع..
أحمرُّ في وجنتيها
وأملأ الأفق عطراً
إن ضاع .. أو .. ضاع يوماً
تلمّه بيديها
،،
هابطٌ من سمائي إليها
لو أستطيع
لعدتُ فوراً إليها
وقلت:
من كان مثلي
أضاع عقلاً لديها!
،،
ذاهبٌ في الطريق إليها
لو أستطيع
وصلتُ قبلي إليها
وسرتُ في الحبّ حتّى
أعود منه.. إليها.
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ
بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ
رقم القصيدة : 10700
-----------------------------------
بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ
إذا أتاني بريحهِ العطِرِ
ألذُ عندي مما حوتهُ يدي
من اللآلي والمال والبدَر
ومِلْكُ كِسْرَى لا أَشتَهيه إذا
ما غابَ وجهُ الحبيبِ عن نظري
سقى الخيامَ التي نُصبنَ على
شربَّة ِ الأُنسِ وابلُ المطر
منازلٌ تطلعُ البدورُ بها
مبرقعاتٍ بظلمة ِ الشَّعرِ
بيضٌ وسمرٌ تحمي مضاربها
أساد غابٍ بالبيضِ والسُّمر
صادتْ فُؤادي مِنهُنَّ جارية ٌ
مكْحولة ُ المقْلتين بالحور
تريك من ثغرها إذا ابتسمت
كاسَ مدامٍ قد حفّ بالدرّر
أعارت الظبي سحر مقلتها
وباتَ ليثُ الشَّرَى على حذَر
خودٌ رداحٌ هيفاءُ فاتنة ٌ
تُخجلُ بالحُسنِ بهجة َ القمر
يا عبلَ نارُ الغرام في كَبدي
ترمي فؤادي بأسهم الشرر
يا عبلَ لولا الخيالُ يطرقُني
قضيت ليلي بالنوح والسَّهر
يا عبلَ كَمْ فِتْنة ٍ بَليتُ بها
وخُضتُها بالمُهنَّدِ الذَّكر
والخيلُ سُودُ الوجوه كالحة ٌ
تخوض بحر الهلاكِ والخطر
أُدَافعُ الحادثاتِ فيكِ ولاَ
أطيق دفعَ القضاء والقدر
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> صباحُ الطَّعن في كَرّ وفرّ
صباحُ الطَّعن في كَرّ وفرّ
رقم القصيدة : 10701(3/154)
-----------------------------------
صباحُ الطَّعن في كَرّ وفرّ
ولاَ ساقٍ يَطوفُ بكأس خمرِ
أحَبُّ إليَّ من قَرْعِ المَلاهي
على كأسٍ وإبريقٍ وزهْرِ
مدامى ما تبقى من خماري
بأَطرافِ القَنا والخَيلُ تَجْري
أَنا العبْدُ الّذي خُبِّرْتَ عَنْه
يلاقي في الكريهة ِ ألفَ حرِّ
خلقتُ من الحديد أشدَّ قلباً
فكيفَ أخافُ من بيضٍ وسمرِ
وأبطُشُ بالكَميِّ ولا أُبالي
وأعلو الى السِّماكِ بكلّ فخر
وَيُبصرُني الشُّجاعُ يَفِرُّ منّي
ويرعشُ ظهرهُ مني ويسَري
ظَنَنْتُم يا بني شَيْبانَ ظَنَّا
فأخلفَ ظنكم جلدي وصبري
سُلوا عني الرَّبيعَ وقد أتاني
بجُردِ الخيل منْ سادات بدر
أسرتُ سراتهُم ورجعتُ عنهم
وقد فرقتهم في كل قطرِ
وها أنا قدْ برزتُ اليومَ أشفي
فُؤادي منكم وغَليلَ صدْري
وآخُذُ مالَ عَبلَة َ بالمواضي
وَيَعرفُ صاحبُ الإيوانِ قدري
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> زارَ الخيالُ خيالُ عَبلَة َ في الكَرى
زارَ الخيالُ خيالُ عَبلَة َ في الكَرى
رقم القصيدة : 10702
-----------------------------------
زارَ الخيالُ خيالُ عَبلَة َ في الكَرى
لمتِّيم نشوانَ محلول العرى
فنهضتُ أشكو ما لقيتُ لبعدها
فتنفَّسَتْ مِسكاً يخالطُ عَنْبَرا
فضَممتُها كيما أقبِّلَ ثغرَها
والدَّمعُ منْ جَفنيَّ قد بلَّ الثرى
وكشفتُ برقعها فأشرقَ وجهها
حتى أعادَ اللَّيلَ صُبحاً مُسفِراً
عربية ٌ يهتزُّ لين قوامها
فيخالُه العشَّاقُ رُمحاً أسمرا
محجوبة ٌ بصوارمٍ وذوابل
سمرٌ ودونَ خبائها أسدُ الشرى
يا عَبلَ إنَّ هَواكِ قد جازَ المَدى
وأنا المعنى فيكِ من دون الورى
يا عَبلَ حبُّكِ في عِظامي مَعَ دَمي
لمَّا جرت روحي بجمسي قدْ جرَى
وَلقد عَلِقْتُ بذَيلِ مَنْ فَخُرتْ به
عبسٌ وسيفُ أبيهِ أفنى حميرا
يا شأْسُ جرْني منْ غرامٍ قاتلٍ
أبداً أزيدُ به غراماً مسعرا
يا ساشُ لولا أنْ سلطانَ الهوى
ماضي العزيمة ِ ما تملكَ عنترا(3/155)
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أنا الهجين عنترهْ
أنا الهجين عنترهْ
رقم القصيدة : 10703
-----------------------------------
أنا الهجين عنترهْ
كلُّ امريءٍ يحمي حرهْ
أسودَهُ وأحمرَهْ
والواردَاتِ مِشْفَرَه
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذَا اشتغَلَتْ أهلُ البطالة في الكاسِ
إذَا اشتغَلَتْ أهلُ البطالة في الكاسِ
رقم القصيدة : 10704
-----------------------------------
إذَا اشتغَلَتْ أهلُ البطالة في الكاسِ
أو اغتبقوها بين قسٍّ وشمَّاس
جعلتُ منامي تحت ظلِّ عجاجة ٍ
وكأْسَ مُدامي قِحْفَ جمْجَمَة ِ الرَّاس
وصوتُ حسامي مطربي وبريقهُ
اذا اسودَّ وجهُ الأفق بالنقع مقباسي
وإنْ دمدمتْ أسدُ الشرى وتلاحمتْ
أفرِّقها والطعنُ يسبقُ انفاسي
ومنْ قالَ إني أسْودٌ ليُعيبَني
أُريهِ بفعْلي أنهُ أَكذَبُ النَّاسِ
فسيري مَسيرَ الأَمْن يا بنتَ مالكٍ
ولا تجْنحي بعد الرَّجاءِ إلى الياس
فَلوْ لاحَ لي شخْصُ الحمامِ لَقيتُهُ
بقلْبٍ شدِيدِ البأْسِ كالجبل الرَّاسي
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> شَرَيْتُ القَنا منْ قبل أن يُشترى القَنَا
شَرَيْتُ القَنا منْ قبل أن يُشترى القَنَا
رقم القصيدة : 10705
-----------------------------------
شَرَيْتُ القَنا منْ قبل أن يُشترى القَنَا
ونلتُ المُنى منْ كلِّ أشْوسَ عابس
فما كلُّ مَن يَشري القَنا يَطْعنُ العِدى
وَلا كلُّ مَن يلقى الرِّجالَ بفَارسِ
خرَجتُ إلى القَرْمِ الكمِّي مُبادراً
وقد هجستْ في القلب مني هواجسي
وقلتُ لمهري والقنا يقرعُ القنا
تنبَّه وكن مستيقظاً غير ناعس
فجاوبني مهري الكريمُ وقال لي
أنا منْ جيادِ الخيل، كُنْ أنتَ فارسي
ولمَّا تجاذبْنا السُّيوفَ وأُفرِغَتْ
ثيابُ المَنايا كُنتُ أوَّل لابسِ
ورُمحي إذا ما اهتزَّ يَوْمَ كريهة ٍ
تَخرُّ لهُ كلُّ الأُسودِ القناعِسِ
وما هالَني يا عَبلَ فيكِ مهالِكٌ
ولا راعني هولُ الكميِّ الممارس(3/156)
فَدُونَكَ يا عمرو بن وُدٍ ولاَ تَحُلْ
فرمحي ظمآنٌ لدّم الأشاوس
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ضحكتْ عبيلة ُ إذ رأتني عارياً
ضحكتْ عبيلة ُ إذ رأتني عارياً
رقم القصيدة : 10706
-----------------------------------
ضحكتْ عبيلة ُ إذ رأتني عارياً
خلق القميص وساعدِي مخدوُش
لا تَضْحكي مني عُبيلة ُ واعْجبي
مني إذا التفتْ عليّ جيوشُ
ورأيتِ رمحي في القلوبِ محكماً
وعليهِ منْ فَيْضِ الدِّماءِ نقوشُ
ألقى صدورَ الخيل وهي عوابسٌ
وأنا ضَحوكٌ نحْوها وبَشُوشُ
إني أنا لَيثُ العرين ومَنْ له
قلْبُ الجبانِ مُحيَّرٌ مدْهوش
إني لأعجبُ كيفَ ينظرُ صورتي
يوم القتال مبارزٌ ويعيشُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> جفُونُ العذَارى منْ خِلال البرَاقع
جفُونُ العذَارى منْ خِلال البرَاقع
رقم القصيدة : 10707
-----------------------------------
جفُونُ العذَارى منْ خِلال البرَاقع
أحدُّ من البيضِ الرِّقاق القواطعِ
إذا جرَّدتْ ذلَّ الشُّجاعُ وأصبحتْ
محاجرهُ قرْحى بفَيض المدَامِعِ
سقى اللهُ عمِّي من يدِ الموتِ جرعة ً
وشلَّتْ يدَاهُ بعد قَطْعِ الأَصابعِ
كما قادَ مثْلي بالمحالِ إلى الرَّدى
وعلّقَ آمالي بذَيْل المطامع
لقد ودّعتني عبلة ٌ يوْم بَيْنها
وداعَ يقين أنني غير راجع
وناحتْ وقالت: كيف تُصْبح بعدَنا
إذا غبتَ عنَّا في القفار الشواسع
وحقّكِ لاحاولتُ في الدهر سلوة ً
ولا غيّرتني عن هواكِ مطامعي
فكنْ واثقاً منّي بحسنِ مودّة ٍ
وعِشْ ناعماً في غبطة ٍ غير جازع
فقلْتُ لها: يا عَبلُ إني مسافرٌ
ولو عَرَضَتْ دوني حُدُودُ القواطعِ
خلقنا لهذا الحبِّ من قبل يومنا
فما يدخُل التنفيذُ فيه مسامعي
أيا علم السّعدي هل أنا راجعٌ
وأنظرُ في قطريك زهرَ الأراجع
وتُبصِرُ عَيْني الرَّبوَتيْن وحاجراً
وسكانَ ذاكَ الجزْعِ بين المَراتع
وتجمعنا أرضُ الشربَّة واللوى
ونَرتَع في أكْنافِ تلكَ المرابع
فيا نسماتِ البانِ بالله خبِّري(3/157)
عُبَيلَة َ عنْ رَحلي بأَيِّ المَواضِعِ
ويا بَرْقُ بلّغْها الغدَاة َ تحيَّتي
وحيِّ دياري في الحمى ومَضاجعي
أيا صادحاتِ الأيكِ إن متُّ فاندُبي
على تُرْبتي بين الطُّيور السَّواجع
ونُوحي على من مات ظلماً ولم ينلْ
سِوى البُعدِ عن أحْبابِهِ والفَجائع
ويا خَيْلُ فابكي فارساً كان يلْتقي
صدور المنايا في غبار المعامع
فأْمْسى بعيداً في غرامٍ وذِلَّة ٍ
وقيدٍ ثقيلٍ من قيودِ التوابع
ولَسْتُ بباكٍ إنْ أتَتْني منيَّتي
ولكنَّني أهْفو فتَجري مدَامِعي
وليس بفَخْر وصْفُ بأْسي وشِدّتي
وقد شاع ذكري في جميع المجامع
بحقّ الهوَى لا تَعْذِلُونيَ واقْصِرُوا
عن اللّوْم إنّ اللّوم ليسَ بنافع
وكيفَ أُطيقُ الصَّبْرَ عمَّنْ أحبُّه
وقد أضرمتْ نار الهوى في أضالعي
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا أَبا اليقْظانِ أَغْواكَ الطَّمعْ
يا أَبا اليقْظانِ أَغْواكَ الطَّمعْ
رقم القصيدة : 10708
-----------------------------------
يا أَبا اليقْظانِ أَغْواكَ الطَّمعْ
سَوْفَ تلْقى فارساً لا يندَفِعْ
زرتني تطلبُ مني غفلة ً
زورة َ الذئبِ على الشاة ِ رتع
يا أَبا اليَقْظان كم صيْدٍ نجا
خالي البالِ وصيادٍ وقع
انْ تكنْ تشكو لأوجاع الهوى
فأنا أشفيكَ من هذا الوجع
بحسامٍ كلما جرَّدتهُ
في يميني كيفمَا مال قطع
وأنا الأَسْودُ والعبْدُ الذي
يقْصِدُ الخيلَ إذا النَّقعُ ارتَفَعْ
نسبتي سيفي ورُمحي وهما
يؤنساني كلما اشتدّ الفزعْ
يا بني شيبانَ عمّي ظالمٌ
وعليكمْ ظلمهُ اليومَ رجع
ساقَ بسطاماً الى مصرعه
عالِقاً منْهُ بأَذْيالِ الطَّمع
وأَنا أَقْصِدُهُ في أَرْضِكمْ
وأجازيهِ على ما قد صنع
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> مدَّت إلي الحادثاتُ باعها
مدَّت إلي الحادثاتُ باعها
رقم القصيدة : 10709
-----------------------------------
مدَّت إلي الحادثاتُ باعها
وحارَبتْني فرأتْ ما راعَها
يا حادِثاتِ الدَّهْرِ قرِّي واهْجعي(3/158)
فهِمَّتي قدْ كَشَفتْ قِناعَها
ما دُسْتُ في أرْض العُداة ِ غُدْوة
إلاَّ سقى سيل الدِّما بقاعها
ويل لشيبان اذا صبحتها
وأرْسَلتْ بيضُ الظُّبى شُعاعَها
وخاضَ رمحي في حَشاها وغَدا
يشُكُّ معْ دُروعها أضْلاعَها
وأصْبَحتْ نساؤها نَوادِباً
على رجالٍ تشتكي نزاعها
وحرُّ أنفاسي اذا ما قابلت
يوم الفراق صخرة ً أماعها
يا عَبْلَ كم تَنْعقُ غرْبانُ الفلا
قد ملَّ قلبي في الدجى سماعها
فارقت أطلالا وفيها عصبة
قد قطعت من صحبتي أطماعها
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لقد قالت عبيلة إذ رأتني
لقد قالت عبيلة إذ رأتني
رقم القصيدة : 10710
-----------------------------------
لقد قالت عبيلة إذ رأتني
ومفرق لمتي مثل الشعاع
ألا لله درك من شجاع
تذلُّ لهوله أسدُ البقاع
فقلْتُ لها: سَلي الأَبْطال عنّي
إذا ما فَرَّ مُرْتاعُ القِراعِ
سليهم يخبروك بأن عزمي
أَقامَ برَبْع أعْداكِ النَّواعي
أَنا العبْدُ الذي سَعْدي وجَدّي
يفوق على السهى في الارتفاع
سموت إلى عنانِ المجد حتى
عَلوْتُ وَلمْ أجدْ في الجوِّ ساع
وآخر رام أن يسعى كسعيي
وجدّ بجده يبغي اتباعي
فقَصَّرَ عَنْ لحاقي في المعالي
وَقدْ أعيَتْ به أيْدي المساعي
ويَحْمِلُ عُدَّتي فرسٌ كريمٌ
أُقدّمهُ إذا كَثُرَ الدَّواعي
وفي كَفيّ صقيلُ المتن عَضْبٌ
يداوي الرأس من ألم الصداع
ورُمحي السَّمْهريُّ لهُ سِنانٌ
يَلوحُ كمثْل نارٍ في يفاع
وما مثلي جزوع في لظاها
ولست مقصراً إن جاء داع
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> قف بالمنازل ان شجتك ربوعها
قف بالمنازل ان شجتك ربوعها
رقم القصيدة : 10711
-----------------------------------
قف بالمنازل ان شجتك ربوعها
فلعل عينك يستهلُّ دموعها
واسأَلْ عن الأَظْعانِ أينَ سَرتْ بها
آباؤها ومتَى يكونُ رجُوعُها
دارٌ لعبلة َ شطَّ عنْك مزارُها
ونأْتْ ففارَقَ مُقْلتيك هُجوعُها
فسقَتْكِ يا أرضَ الشَّرِبَّة ِ مُزْنة ٌ
منهلة ٌ يروى ثراك هجوعها(3/159)
وكَسا الرَّبيعُ رُباكِ في أزهاره
حللاً إذا ما الأرضُ فاح ربيعها
كم ليلة عانقتُ فيها غادة
وَلمن صَحِبنا خيْلُها وَدرُوعُها
شمسٌ إذا طلعت سجدتُ جلالة
لجمالها وجلا الظلام طلوعها
يا عَبلَ! لاَ تَخْشَيْ عليَّ منَ العِدى
يوْماً إذا اجْتَمَعت عليَّ جمُوعها
إنَّ المَنيَّة ، يا عُبيلة ُ، دَوْحَة ٌ
وأنا وَرُمحي أصلُها وفُروعها
وغداً يمرُّ على الأعاجم من يدى
كأسٌ أمرُّ منَ السُّموم نقيعها
وأذيقها طعناً تذلُّ لوقعهِ
ساداتُها وَيَشيبُ منْه رَضيعُها
وإذا جيوشُ الكسروى ِّ تبادرتْ
نحْوي وأَبدَتْ ما تكُنُّ ضلُوعُها
قاتلتها حتى تملَّ ويشتكي
فيكون للأسد الضَّواري لحمها
ولمنْ صحبنا جيلها ودروءها
يا عبلَ! لو أَنَّ المَنيَّة َ صُوِّرتْ
لغدَا إليَّ سجودها وركوعها
وَسَطَتْ بَسَيْفي في النُّفوسِ مُبيدَة ً
من لا يجيبُ مقالها ويطيعها
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا كشفَ الزَّمانُ لك القِناعا
إذا كشفَ الزَّمانُ لك القِناعا
رقم القصيدة : 10712
-----------------------------------
إذا كشفَ الزَّمانُ لك القِناعا
ومَدَّ إليْكَ صَرْفُ الدَّهر باعا
فلا تخشَ المنية َ والتقيها
ودافع ما استطعتَ لها دفاعاً
ولا تخترْ فراشاً من حريرٍ
ولا تبكِ المنازلَ والبقاعا
وحَوْلَكَ نِسْوَة ٌ ينْدُبْنَ حزْناً
ويهتكنَ البراقعَ واللقاعا
يقولُ لكَ الطبيبُ دواك عندي
إذا ما جسَّ كفكَ والذراعا
ولو عرَفَ الطَّبيبُ دواءَ داء
يَرُدّ المَوْتَ ما قَاسَى النّزَاعا
وفي يوْم المَصانع قد تَركنا
لنا بفعالنا خبراً مشاعاً
أقمنا بالذوابل سُوق حربٍ
وصيَّرنا النفوس لها متاعا
حصاني كانَ دلاّل المنايا
فخاض غُبارها وشَرى وباعا
وسَيفي كان في الهيْجا طَبيباً
يداوي رأسَ من يشكو الصداع
أَنا العبْدُ الَّذي خُبّرْتَ عَنْهُ
وقد عاينْتَني فدعِ السَّماعا
ولو أرْسلْتُ رُمحي معْ جَبانٍ
لكانَ بهيْبتي يلْقى السِّباعا
ملأْتُ الأَرضْ خوْفاً منْ حُسامِي(3/160)
وخصمي لم يجدْ فيها اتساعا
إذا الأَبْطالُ فَرَّت خوْفَ بأْسي
ترى الأقطار باعاً أو ذراعا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ظعنَ الذينَ فراقهم أتوقعُ
ظعنَ الذينَ فراقهم أتوقعُ
رقم القصيدة : 10713
-----------------------------------
ظعنَ الذينَ فراقهم أتوقعُ
وجرى بينهُمُ الغُرابُ الأَبْقعُ
خرقُ الجناح كأنَّ لحيي رأسه
جَلَمَانُ بالأَخْبار هَشٌّ مُولعُ
فَزَجرتهُ ألاَّ يُفرِّخَ عُشَّهُ
أبداً ويصبحَ واحداً يتفجعَ
كمدلة ٍ عجزاءَ تلحمُ ناهضاً
في الوكْر مَوْقِعُها الشَّظاءُ الأَرفعُ
إنَّ الذينَ نعيْتَ لي بفِراقهمْ
قد أسْهرُوا لَيْلي التّمامَ فأَوْجعوا
ومغيرة ٍ شعواءَ ذاتِ أشلة ٍ
فيها الفوارسُ حاسرٌ ومقنعُ
فَزَجرْتُها عنْ نِسْوة ٍ منْ عامر
أفخاذهنَ كأنهنَّ الخروعُ
وعرفتُ أنَّ منيتي إن تأتني
لا يُنْجني منْها الفرارُ الأَسْرَعُ
فصبرتُ عارفة ً لذلكَ حرَّة ً
ترسو إذا نفسُ الجبانِ تطلع
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> خذوا ما أسأرتْ منها قداحى
خذوا ما أسأرتْ منها قداحى
رقم القصيدة : 10714
-----------------------------------
خذوا ما أسأرتْ منها قداحى
ورفْدُ الضَّيفِ والأَنَسُ الجميع
فلو لاقيتني وعليَّ درعي
علمْت علامَ تُحْتملُ الدُّروعُ
تركتُ جبيلة َ بن أبي عديّ
يبلُّ ثيابهُ علقٌ نجيعُ
وآخرَ منهمُ أجررتُ رمحي
وفي البجليِّ معبلة ٌ وقيعُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ألاَ هلْ أتاها أنَّ يوم عراعر
ألاَ هلْ أتاها أنَّ يوم عراعر
رقم القصيدة : 10715
-----------------------------------
ألاَ هلْ أتاها أنَّ يوم عراعر
شفى سقماً لو كانتِ النفسُ تَشْتفى
فَجئْنا على عمْياءِ ما جَمَعُوا لنا
بأَرعنَ لاَ خلَّ ولا متكشفِ
تماروا بنا إذ يمدرون حياضهمْ
على ظهرِ مَقْصيٍّ من الأَمر مُحصَفِ
وما نذروا حتى غشينا بيوتهمْ
بغيبة ِ موتٍ مسبلِ الودقِ مزعفِ
فظِلْنا نكُرُّ المشْرَفيَّة َ فيهم(3/161)
وَخُرْصانَ لدْنِ السَّمْهَريِّ المثقَّفِ
عُلالتُنا في كلِّ يوْمِ كَريهة ٍ
بأسيافنا والقرحُ لم يتقرفِ
أبينا فلا نعطي السواءُ عدونا
قياماً بأعْضادِ السَّراءِ المُعطَّف
بكلَ هتوفٍ عجسها رضوية ٍ
وَسَهْمٍ كَسيْر الحَمْيَريِّ المؤَنَّفِ
فإنْ يَكُ عِزٌّ في قُضاعة َ ثابتٌ
فأنَّ لنا برحرحانَ وأسقفِ
كتَائب شهباً فوقَ كلَّ كتيبة ٍ
لواءٌ كظِلّ الطَّائر المتصرفِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا عَبلَ قَرّي بوادِي الرَّمل آمِنة ً
يا عَبلَ قَرّي بوادِي الرَّمل آمِنة ً
رقم القصيدة : 10716
-----------------------------------
يا عَبلَ قَرّي بوادِي الرَّمل آمِنة ً
من العداة ِ وإن خوفتِ لا تخفي
فدونَ بيتك أسدٌ في أناملها
بيْضٌ تقُدُّ أَعالي البيض والحَجَفِ
لله دَرُّ عَبْسٍ لقدْ بلَغوا
كلَّ الفخارِ ونالوا غاية َ الشِّرفِ
خافُوا من الحرْبِ لمّا أبصروا فرَسي
تحتَ العجَاجة ِ يهْوي بي إلى التلفِ
ثمَّ اقْتفوا أثري منْ بعدِ ما علموا
أنَّ المنية َ سهمٌ غير منصرفِ
خضتُ الغبار ومهري أدهمٌ حلك
فَعادَ مخْتضِباً بالدَّمّ والجِيَفِ
ما زِلْتُ أُنْصِفُ خصْمي وهوَ يظْلمني
حتى غدا منْ حسامي غيرَ منتصف
وإنْ يعيبوا سواداً قد كُسيتُ بهِ
فالدرُّ يسترهُ ثوبٌ من الصّدف
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أمِنْ سُهيَّة َ دَمعُ العينِ تذْريفُ
أمِنْ سُهيَّة َ دَمعُ العينِ تذْريفُ
رقم القصيدة : 10717
-----------------------------------
أمِنْ سُهيَّة َ دَمعُ العينِ تذْريفُ
لو أنَّ ذا منك قبل اليوم معروفُ
كأنها يومَ صدتْ ما تكلمني
ظبيٌ بعسفانَ ساجي الطرفِ مطروف
تجللتني إذْ أهوى العصا قبلي
كأنها صنمٌ يعتادُ معكوفُ
المالُ مالكم والعبدُ عبدكم
فَهلْ عَذابُكَ عني اليومَ مَصْروفُ
تنْسى بلاَئي إذا ما غارة ٌ لَقِحَتْ
تْخرجُ منها الطوالاتُ السواعيفُ
يخرجن منها وقد بلت رحائلها
بالماء يركضها المردُ الغطاريف(3/162)
قد أطعن الطعنة النجلاءَ عن عرضٍ
تَصْفرُّ كفُّ أَخيها وهو منزُوف
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> قد أوعدوني بأرماحٍ معلبة ٍ
قد أوعدوني بأرماحٍ معلبة ٍ
رقم القصيدة : 10718
-----------------------------------
قد أوعدوني بأرماحٍ معلبة ٍ
سودٍ لقطنَ من الحومانِ أخلاقِ
لم يَسْلبُوهَا ولم يُعطوا بها ثَمناً
أيدِي النَّعامِ فلاَ أسْقاهُمُ السَّاقي
عمْرو بْنُ أسْوَدَ فا زبَّاء قاربَة ٍ
ماءَ الكلابِ عليها الطنءُ معناقِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> سائلْ عميرة َ حيثُ حلت جمعها
سائلْ عميرة َ حيثُ حلت جمعها
رقم القصيدة : 10719
-----------------------------------
سائلْ عميرة َ حيثُ حلت جمعها
عند الحروبِ بأيَّ حيَّ تلحقُ
أبحيِّ قيس أمْ بعذرة َ بعدما
رفعَ اللواءُ لها وبئسَ الملحق
واسْأَلْ حذيفَة َ حينَ أرَّشَ بيْننا
حرباً ذوائبها بمَوْتٍ تَخْفق
فلتعلمنَّ إذا التقتْ فرساننا
بلوى النجيرة ِ أنَّ ظنكَ أحمقُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لقد وجدنا زَبيداً غيرَ صابرة ٍ
لقد وجدنا زَبيداً غيرَ صابرة ٍ
رقم القصيدة : 10720
-----------------------------------
لقد وجدنا زَبيداً غيرَ صابرة ٍ
يوم التقينا وخيلُ الموتِ تستبقُ
إذ أدبروا فعلمنا في ظهورهم
ما تعمل النار في الحلفي فتحترقُ
وخالدٌ قد تركتُ الطيرَ عاكفة ً
على دماهُ وما في جسْمِهِ رَمَقُ
خُلِقتُ للحربِ أَحْميها إذا بردتْ
وأصطلي بلظاها حيثُ أحترق
وألْتقي الطَّعْنَ تَحتَ النَّقْعِ مُبتسماً
والخيلُ عابسة ٌ قد بلَّها العرقُ
لو سابقتني المنايا وهيَ طالبة ٌ
قبضَ النفوسِ أتاني قبلها السَّبق
ولي جوادٌ لدى الهيجاءِ ذو شغبٍ
يسابقُ الطَّيرَ حتى لَيْسَ يلْتَحقُ
ولي حسامٌ إذا ما سل في رهجٍ
يشق هامَ الأعادي حين يمتشقُ
أنا الهزبرُ إذا خيلُ العدا طلعتْ
يومَ الوَغَى ودِماءُ الشُّوسِ تنْدفقُ
ماعبستْ حومة الهيجاءِ وجه فتى ً
إلاّ ووجهي إليها باسمٌ طلقُ(3/163)
ما سابقَ الناسُ يوم الفضل مكرمة
إلا بدرت إليها حيثُ تستبق
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ترى علمتْ عبيلة ُ ما ألاقي
ترى علمتْ عبيلة ُ ما ألاقي
رقم القصيدة : 10721
-----------------------------------
ترى علمتْ عبيلة ُ ما ألاقي
من الأَهوال في أرضِ العراقِ
طغاني بالرَّيا والمكرعمّي
وجارَ عليَّ في طلب الصداق
فخضتُ بمهجتي بحر المنايا
وسرتُ إلى العراق بلاَ رفاق
وسُقْتُ النُّوقَ والرُّعْيانَ وحدي
وعُدْتُ أجدُّ منْ نار اشْتياقي
وما أبعدتُ حتى ثار خلفي
غبارُ سنابكِ الخيلِ العتاقِ
وطبقَ كلّ ناحية ٍ غبارٌ
وأشعلَ بالمهندة ِ الرفاق
وضَجَّتْ تَحتهُ الفُرسانُ حتى
حسبتُ الرعدَ محلولَ النطاق
فعُدْتُ وقد عَلِمْتُ بأَنَّ عمّي
طغاني بالمحال وبالنفاق
وبادرت الفوارسُ وهي تجري
بطعنٍ في النحور وفي التراقي
وما قَصَّرتُ حتى كَلَّ مُهري
وقَصَّرَ في السِّباق وفي اللّحاق
وسُقْتُ النُّوقَ والرُّعْيانَ وحدي
بسيفي مثل سوقي للنياق
وفي باقي النهار ضعفت حتى
أسرتُ وقد عيي عضدي وساقي
وفاضَ عليَّ بحرٌ من رجالٍ
بأَمواجٍ من السُّمْر الدّقاق
وقادُوني إلى ملكٍ كريمٍ
رفيعٌ قدرهُ في العزَّراتي
قَدْ لاَقَيْتُ بينَ يديهِ ليثاً
كريهَ المُلْتقى مُرَّ المذَاق
بوجْهٍ مثْلِ ظهر التُّرس فيهِ
من الأَهوال في أرضِ العراقِ
رفيعٌ قدرهُ في العزَّراتي
وعدتُّ اليهِ أححلُ في وثاقي
عَساهُ يجودُ لي بمُرادِ عَمِيّ
وينعمُ بالجمالِ وبالنياق
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أمسحلُ دونَ ضمكَ والعناق
أمسحلُ دونَ ضمكَ والعناق
رقم القصيدة : 10722
-----------------------------------
أمسحلُ دونَ ضمكَ والعناق
طِعانٌ بالمثَقَّفَة ِ الدِّقاقِ
وضربة َ فيصلٍ من كفِّ ليثٍ
كريم الجَدِّ فاقَ على الرِّفاقِ
ودونَ عُبيْلة ٍ ضَرْبُ المَواضي
وطعنٌ منهُ تكتحلُ المآقي
أنا البطلُ الذي خبِّرت عنه
وذِكري شاعَ في كلّ الأفاق
إذا افتخرَ الجبانُ ببذلِ مالِ(3/164)
فَفَخْري بالمَضمَّرة العِتاقِ
وإن طَعَنَ الفَوارسُ صدْرَ خَصْمٍ
فطعنى في النُّحور وفي التراقي
وإنّي قد سبقْتُ لكُلّ فَضلٍ
فَهلْ من يَرْتقي مثلي المراقي
ألاَ فاخبرْ لِكنْدَة َ ما تراهُ
قريباً منْ قِتالٍ معْ مُحاق
وأوصهمُ بما تخْتارُ مِنْهمْ
فما لكَ رَجْعة ٌ بعد التلاقي
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وأطْرافُ القَنا الخَطّيِّ نَقْلي صَحا منْ سكْرهِ قلْبي وَفاقا
وأطْرافُ القَنا الخَطّيِّ نَقْلي صَحا منْ سكْرهِ قلْبي وَفاقا
رقم القصيدة : 10723
-----------------------------------
وأطْرافُ القَنا الخَطّيِّ نَقْلي صَحا منْ سكْرهِ قلْبي وَفاقا
وَزارَ النَّوْمُ أجْفاني استِرَاقا
وأسعَدَني الزمانُ فصار سَعْدي
يشقُّ الحجبَ والسْبع الطّباقا
أنا العَبْدُ الذي يلْقى المَنايا
غدَاة َ الرَّوعِ لاَ يخْشى المحاقا
أكرُّ على الفوارس يوم حربٍ
ولا أخشى المهنَّدة َ الرِّقاقا
وتطربني سيوفُ الهند حتى
أهيمَ إلى مَضارِبِها اشْتياقا
وإني أعشقُ السمرَ العوالي
وغيري يعشقُ البيضَ الرشاقا
وكاساتُ الأَسنَّة ِ لي شرابٌ
ألذُّ به اصطباحاً واغتباقا
وأطْرافُ القَنا الخَطّيِّ نَقْلي
وريحاني إذا المضمارُ ضاقا
جزَى الله الجَوادَ اليوْمَ عنّي
بما يجزي بهِ الخيل العتاقا
شققتُ بصدره موجَ المنايا
وخُضْتُ النَّقعَ لا أَخْشى اللِّحاقا
ألاَ يا عبل لو أبصرتِ فعلي
وخَيْلُ الموْتِ تَنْطَبِقُ انْطباقا
سَلي سَيْفي وَرُمحي عنْ قِتالي
هما في الحربِ كانا لي رفاقا
سقيتهما دماً لو كانَ يسقى
به جبلاَ تهامة َ ما أفاقا
وكم منْ سيدٍ خلت ملقى
يحرِّك في الدّما قدماً وساقا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا عبْلَ إنْ كانَ ظلُّ القَسْطَل الحلِكِ
يا عبْلَ إنْ كانَ ظلُّ القَسْطَل الحلِكِ
رقم القصيدة : 10724
-----------------------------------
يا عبْلَ إنْ كانَ ظلُّ القَسْطَل الحلِكِ
أخفى عليكِ قتالي يوم معتركي(3/165)
فسائلي فرَسي هلْ كُنْتُ أُطْلِقُهُ
إلاّ على مَوْكبٍ كاللَّيل مُحتبِكِ
وسائلي السَّيفَ عنّي هلْ ضرَبتُ بهِ
يوم الكريهة ِ إلاّ هامة َ الملكِ
وسائلي الرُّمْحَ عنّي هلْ طعنْتُ بهِ
إلاَّ المُدَرَّعَ بينَ النَّحْرِ والحَنَكِ
أسْقي الحُسامَ وأسقي الرُّمْحَ نَهْلَتهُ
وأتبعُ القرن لا أخشى منْ الدرك
كم ضربة ٍ لي بحدّ السيف قاطعة ٍ
وطعنة ٍ شكتٍ القربوسَ بالكركِ
لولاَ الذي ترهبُ الأملاكُ قدرتهُ
جعلتُ متنَ جوادي قبة الفلكِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ريحَ الحجاز بحقِّ منْ أنشاكِ
ريحَ الحجاز بحقِّ منْ أنشاكِ
رقم القصيدة : 10725
-----------------------------------
ريحَ الحجاز بحقِّ منْ أنشاكِ
رُدّي السلامَ وحيّي منْ حَيَّاكِ
هبِّي عسى وجدي يخفُّ وتنطفي
نيرانُ أشواقي ببَرْدِ هواكِ
يا ريحُ لولا أنَّ فيك بَقيَّة ً
مِنْ طيبِ عَبْلَة َ متُّ قبلَ لِقاكِ
كيف السلوٌُّ وما سمعتُ حمائماً
ينْدُبْنَ إلاّ كنْتُ أوَّل باك
بَعُدَ المزارُ فعَادَ طيفُ خيالها
عنّي قِفَارَ مَهامِهِ الأَعْناكِ
يا عَبلَ ما أَخْشى الحِمامَ وإنما
أخشى على عينيكِ وقت بكاك
يا عبلَ لاَ يَحزُنْكِ بُعْدي وابشِرِي
بسلاَمتي واستَبشري بفكاكي
هَلاَّ سأَلتِ الخيلَ يا ابنة َ مالكٍ
إن كان بعضُ عداك قد أغراك
يُخبرْكِ من حَضَرَ الشآمَ بأَنني
أصفيتُ ودَّا من أرادَ هلاكي
ذلَّ الألى احتالوا عليَّ وأصبحوا
يتشفعون بسيفي الفتاك
فعفَوتُ عن أموالهم وحريمهم
وحميتُ رَبعَ القومِ مثل حِماك
ولقد حملتُ على الأعاجم حملة ً
ضَجَّتْ لها الأَمْلاكُ في الأَفلاك
فَنَثَرْتُهُم لمَّا أَتُوني في الفَلاَ
بسنان رمحٍ للدّما سفاك
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لعلَّ ترى برق الحمى وعساكا
لعلَّ ترى برق الحمى وعساكا
رقم القصيدة : 10726
-----------------------------------
لعلَّ ترى برق الحمى وعساكا
وتجنى أراكاتِ الغضا بجناكا
وما كُنتَ لولا حُبُّ عبلة َ حائلاً(3/166)
بِدَلِّكَ أن تَسقي غَضى وأراكا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> طال الثَّواءُ على رُسوم المنْزل
طال الثَّواءُ على رُسوم المنْزل
رقم القصيدة : 10727
-----------------------------------
طال الثَّواءُ على رُسوم المنْزل
بين اللَّكيكِ وبين ذَاتِ الحَرْمل
فوقفت في عرصاتها متحيراً
أسلُ الديارَ كفعل من لم يذهلِ
لَعِبَتْ بها الأَنْواءُ بعد أنيسها
والرَّامساتُ وكل جونٍ مسبل
أفَمِنْ بكاءِ حمامة ٍ في أيكة ٍ
ذرفتْ دموعكَ فوق ظهر المحمل
كالدرِّ أو فضض الجمانِ تقطعت
منهُ عَقائِدُ سِلْكهِ لم يُوصل
لما سمعتُ دعاءَ مرَّة إذ دعا
ودُعاءَ عبْسٍ في الوَغى ومُحلِّلِ
ناديتَ عبساً فاستجابوا بالقنا
وبكلّ أبيضَ صارمٍ لم يَنْجَلِ
حتى استباحوا آلَ عوفٍ عنوة ً
بالمَشْرَفيِّ وبالوشيج الذُّبَّل
إني امرؤُ منْ خير عبسٍ منصباً
شطري وأحمي سائري بالمنصل
إنْ يُلحَقُوا أكْرُرْ وإنْ يُسْتلحَمُوا
أشددْ وإنْ يلفوا بضنكٍ أنزِل
حين النزول يكونُ غاية َ مثلنا
ويَفرُّ كلُّ مُضَلَّلٍ مُستَوْهِلِ
ولقد أبيتُ على الطَّوى وأظلهُ
حتى أنال به كريمَ المأكلِ
وإذا الكَتيبة ُ أحْجَمتْ وتلاحظَتْ
ألفيتُ خيراً منْ معمَّ مخول
والخيلُ تَعلمُ والفَوارسُ أنني
فرَّقْتُ جمعهم بطعنة ِ فيصل
إذ لاَ أبادرُ في المضيق فوارسي
ولاَ أُوكلُّ بالرعيل الأوَّل
ولقد غدوت أمامَ راية ِ غالبٍ
يوْمَ الهياج وما غَدَوْتُ بأَعْزل
بكَرتْ تخوفني الحتوفَ كأنني
أَصْبحْتُ عن غَرض الحَتوفِ بِمَعْزِل
فأَجَبْتُهَا إنْ المَنيَّة مَنْهلٌ
لا بدَّ أنْ أُسْقَى بكأْس المنْهل
فاقني حياءك لا أبالكِ واعلمي
أني امرؤ سأموتُ إنُ لم أقتل
إنَّ المنيَّة لو تُمثَّلُ مُثِّلتْ
مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
والخيلُ ساهِمة ُ الوجُوهِ كأَنَّما
تسقى فوارسها نقيع الحنظل
وإذا حملتُ على الكريهِة لم أقلْ
بعد الكريهة ِ ليتني لم أفعل
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> عجبتْ عبيلة ُ منْ فتى ً متبذل(3/167)
عجبتْ عبيلة ُ منْ فتى ً متبذل
رقم القصيدة : 10728
-----------------------------------
عجبتْ عبيلة ُ منْ فتى ً متبذل
عاري الأشاجع شاحِبٍ كالمُنْصُلِ
شَعْثِ المَفارِقِ مُنهجٍ سِرْبالُهُ
لم يدَّهنْ حولاً ولم يترجل
لايكتسى الاَّ الحديدَ إذا اكتسى
وكذلكَ كلُّ مغاور مستبسل
قد طالَ ما لبِسَ الحديدَ فإنَّما
صدأ الحديدِ بجلدهِ لم يغسل
فتضاحَكتْ عَجباً وقالَتْ: يا فتى
لا خير فيكَ كأنها لم تحفل
فعجبتُ منها حين زَلّتْ عينُها
عن ماجد طَلْقِ اليدَين شَمَرْدَلِ
لا تَصْرميني يا عُبيلُ وَرَاجعي
فيَّ البصيرة َ نظرة َ المتأمل
فلربَّ أملحَ منكِ دلاَّ فاعلمي
وأَقَرَّ في الدّنيا لعينِ المُجْتلي
وَصَلَتْ حبالي بالذي أنا أهلُهُ
من ودها وأنا رخيُّ المطول
يا عَبلُ كم من غمرة ٍ زُهاءَها
بالنَّفْسِ مَا كَادتْ لَعمرك تَنْجَلي
فِيها لَوامعُ لَوْ شهدت زْهاءَها
لسلوتِ بعد تخضبٍ وتكحل
إما تَرَيْني قد نَحَلْتُ وَمَنْ يكنْ
غَرَضاً لأَطْرافِ الأَسِنَّة ِ يَنْحَلِ
فلربَّ أبلجَ مثل بعلكِ بادنٍ
ضَخْمٍ على ظهر الجواد مُهيّل
غادرتهُ متعفراً أوصاله
والقومُ بين مجَرحٍ ومجدل
فيهم أخو ثقة ٍ يضاربُ نازلا
بالمشْرفيّ وفارسٌ لم يَنزِلِ
ورماحنا تكفُ النجيعَ صدورها
وسيوفنا تخلي الرقابَ فتختلي
والهامُ تنذرُ بالصعيد كأنما
تُلْقي السُّيوفُ بها رُؤوس الحنظل
ولقد لَقيتُ الموْتَ يوْمَ لَقيتُه
متَسرْبلاً والسَّيفُ لم يَتسرْبل
فرأيتنا ما بيننا من حاجزٍ
إلاّ المجنُّ ونصلُ أبيض مقصل
ذكرً أشقُّ به الجماجم في الوغى
وأقولُ لا تقطعْ يمينُ الصيقل
ولرُبَّ مشعِلة ٍ وَزَعتُ رعالَها
بمقلصٍ نهدٍ المراكل هيكل
سلس المعذر لا حقٍ أقرابه
مُتقلّبٍ عَبَثاً بفأْس المِسْحَلِ
نَهْدِ القَطاة ِ كأَنها منْ صَخْرَة ٍ
مَلْساءَ يَغْشاها المسيلُ بمَحفَلِ
وكأَنَّ هادِيَهُ إذا اسْتَقْبَلْتَهُ
جذعٌ أذلَّ وكان غيرَ مذلل
وكأنَّ مخرج روحهِ في وجههِ(3/168)
سَرَبَانِ كانا مَوْلَجينِ لجيأَل
وكأنَّ متنيهِ إذا جردتهُ
ونزعتَ عنهُ الجلَّ متنا أيلِ
ولهُ حوافرُ مُوثَقٌ ترْكيبُها
صمُّ النسور كأنها من جندل
ولهُ عَسِيبٌ ذُو سَبيبٍ سابغٍ
مثل الرداء على الغنيَّ المفضل
سلسُ العنانِ إلى القتالِ فعينهُ
قبلاءُ شاخصة ٌ كعين الأحول
وكأنَّ مشيتهُ إذا نهنهتهُ
بالنّكْلِ مِشْية ُ شارِبٍ مُسْتَعجلِ
فعليهِ أَقْتَحِمُ الهِياجَ تقَحُّماً
فيها وأنقضُّ انقضاضَ الأجدلِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> تمشي النَّعامُ به خَلاَءً حوْلَهُ
تمشي النَّعامُ به خَلاَءً حوْلَهُ
رقم القصيدة : 10729
-----------------------------------
تمشي النَّعامُ به خَلاَءً حوْلَهُ
مشي النصارى حول بيتِ الهيكل
احذرْ محلَّ السوءِ لا تحللْ به
واذا نبا بكَ منزلٌ فتحول
تكْفي خَصاصة َ بيْتِنا أرْماحُنا
شالتْ نعامة ُ أينا لم يفعل
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> دُموعٌ في الخدودِ لها مَسيلُ
دُموعٌ في الخدودِ لها مَسيلُ
رقم القصيدة : 10730
-----------------------------------
دُموعٌ في الخدودِ لها مَسيلُ
وعينٌ نَوْمُها أبداً قليلُ
وصبٌّ لا يقرُّ له قرارٌ
ولا يسْلو ولو طالَ الرَّحيلُ
فَكم أبكي بإبْعادٍ وَبينٍ
وتشجيني المنازلُ والطلول
وكم أبكي على إلْفٍ شجَاني
وما يُغني البكاء ولا العويل
تلاَقَيْنا فما أطْفى التَّلاقي
لهيباً، لا ولا بَرَدَ الغَليلُ
طَلبتُ من الزمانِ صفاءَ عَيْشٍ
وَحَسْبُكَ قدْرُ ما يُعْطي البَخيلُ
وها أنا ميتٌ إن لم يعُني
عَلَى أمير الهوى الصَّبْرُ الجَميل
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> قَسَماً يا عبَلَ يا أختَ المهَا نَفّسُوا كَرْبي وَداوُوا عِلَلي
قَسَماً يا عبَلَ يا أختَ المهَا نَفّسُوا كَرْبي وَداوُوا عِلَلي
رقم القصيدة : 10731
-----------------------------------
قَسَماً يا عبَلَ يا أختَ المهَا نَفّسُوا كَرْبي وَداوُوا عِلَلي
وابرِزوا لي كلَّ لَيثٍ بطل(3/169)
وانْهلُوا منْ حَدِّ سَيْفي جُرعاً
مُرَّة ً مثْلَ نَقيعِ الحنْظل
وإذا الموتُ بدا في جحفلٍ
فدعوني للقاءِ الجحفل
يا بني الأعجامِ ما بالكم
عن قِتَالي كلُّكُمْ في شُغُلِ
أينَ منْ كانًَ لقتلي طالباَ
رَامَ يَسْقَيني شَرَابَ الأَجل
أبْرِزُوهُ وانْظرُوا ما يلْتقي
مِن سِناني تحتَ ظِلِّ القسْطل
قَسَماً يا عبَلَ يا أختَ المهَا
بثَنَايَاكِ العِذابِ القُبَلِ
وبعينيكَ وما قد ضمنتْ
مِنْ دَواهي سِحْرِها والكُحَلِ
إنني لولاَ خَيالٌ طارقٌ
منكِ ما ذقتُ هجوعَ المقل
أَتُرى تُنْبيكِ أروَاحُ الصَّبا
باشْتياقي نحْو ذاكَ المنْزل
فَسَقى الله لياليكِ التي
سَلفتْ صَوْبَ السّحابِ الهَطِلِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> اذا ريح الصَّبا هبتْ أصيلاَ
اذا ريح الصَّبا هبتْ أصيلاَ
رقم القصيدة : 10732
-----------------------------------
اذا ريح الصَّبا هبتْ أصيلاَ
شَفَتْ بهبوبها قلْباً عليلا
وجاءَتني تخبر أنَّ قومي
بمن أهْوَاهُ قد جَدُّوا الرَّحيلا
وما حَنُّوا على منْ خَلَّفوهُ
بوَادي الرَّمل مُنْطَرحاً جديلا
يَحنُّ صبابة ً ويَهيمُ وجداً
إليهمْ كُلَّما ساقُوا الحُمولا
ألا يا عبلَ إنْ خانوا عهودي
وكان أبوكِ لا يرعى الجميلا
حَملْتُ الضَّيْمَ والهّجرَانَ جُهْدِي
على رَغمي وخالَفْتُ العَذُولا
عَرَكْتُ نَوائبَ الأَيامِ حتى
رأَيتُ كَثيرَها عِنْدي قليلا
وعاداني غرابُ البين حتى
كأَنّي قد قَتَلْتُ له قَتيلا
وقد غنّى على الأَغصانِ طيْرٌ
بصوْتِ حَنِينه يَشْفي الغليلاَ
بكى فأعرتهُ أجفانَ عيني
وناحَ فزادَ إعْوالي عَويلاَ
فقُلْتُ له: جَرحْتَ صَميم قَلْبي
وأبدى نوحك الداءَ الدَّخيلا
وما أبقيتَ في جفني دموعاً
ولاَ جسماً أعيشُ به نحيلاَ
ولاَ أبقى ليَ الهجرانُ صبراً
لكيْ ألقى َ المنازلَ والطلولا
أَلِفْتُ السُّقْمَ حتى صارَ جِسْمي
إذا فقدَ الضنى أمسى عليلا
ولو أنيّ كشفتُ الدرع عني
رأيتَ وراءَهُ رسْماً مُحيلا(3/170)
وفي الرسمِ المحيلِ حسامُ نفسً
يُفلّلُ حَدُّهُ السَّيْفَ الصَّقيلا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ بالي
لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ بالي
رقم القصيدة : 10733
-----------------------------------
لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ بالي
مَحتْ آثارَهُ ريحُ الشمالِ
وقفتُ به ودمعي من جفوني
يَفيضُ على مَغانيهِ الخَوالي
أُسائِلُ عَنْ فَتاة ِ بني قُرادٍ
وعنْ أترابها ذاتِ الجمال
وكيفَ يجيبنى رسمُ محيلُ
بعيدُ لا يعنُّ على سؤالِ
اذا صاح الغرابُ به شجاني
وأجرى أدْمُعي مِثلَ اللآلي
وأخبرني بأَصْنافِ الرَّزايا
وبالهجرانِ منْ بعد الوصال
غُرابَ البيْنِ ما لكَ كلَّ يوْمٍ
تُعاندُني وقد أشغلْتَ بالي
كأَنِّي قد ذَبحتُ بحدِّ سيْفي
فراخَكَ أوْ قَنَصْتُكَ بالحبال
بحقِّ أبيكَ داوي جُرْحَ قلْبي
ورَوِّحْ نارَ سِرِّي بالمقال
وخبّرْ عنْ عُبيْلة َ أَيْنَ حلّت
وما فعلتْ بها أيدِي اللَّيالي
فقلبي هائمٌ في كلَّ أرض
يقبلُ إثر أخفافِ الجمال
وجسمي في جبال الرمل ملقى
خيالٌ يرتجي طيف الخيال
وفي الوادي على الأَغظان طيْرٌ
ينوحُ ونوحهُ في الجوَّ عال
فقلْتُ له وقد أبدى نحيبا:
دعِ الشَّكْوى فحالُكَ غيرُ حالي
أنا دمعي يفيض وأنت باكٍ
بلاَ دَمْعٍ فذَاكَ بُكاءُ سالِ
لَحى الله الفِراقَ ولاَ رَعاهُ
فَكَمْ قدْ شَكَّ قلبي بالنّبال
أقاتلُ كلَّ جبارٍ عنيدٍ
ويقتلني الفراقُ بلا قتال
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> عذابُكِ يا ابْنة َ السَّاداتِ سَهْلُ
عذابُكِ يا ابْنة َ السَّاداتِ سَهْلُ
رقم القصيدة : 10734
-----------------------------------
عذابُكِ يا ابْنة َ السَّاداتِ سَهْلُ
وجور أبيك انصافٌ وعدل
فَجوروا واطلُبوا قَتلي وظُلمي
وتعذيبي فإني لاّ أمل
ولاَ أَلو وَلا أشفي الأَعادي
فساداتي لهمْ فَخْرٌ وفضلُ
أناسٌ أنزلونا في مكانٍ
من العلْياءِ فوقَ النَّجم يعلو
إذا جارُوا عَدَلنا في هَواهُمْ(3/171)
وانْ عزُّوا لعزتهم نذلُّ
وكيف يكونُ لي عزمٌ وجسمي
تَرَاهُ قد بَقِيَ منْهُ الأَقلُّ
فيا طيرَ الأراكِ بحق ربّ
براكَ عساكَ تعلمُ أينَ حلوا
وتطلقُ عاشقاً من أسرِ قومٍ
لهُ في حبهم أسرٌ وغل
يُنادُوني وَخيلُ الموْت تجري:
محلُّك لا يُعادلهُ محلُّ
وقد أمسوا يعيبوني بأمي
وَلوني كلما عَقدوا وحَلُّوا
لقد هانَتْ صروفُ الدَّهر عندِي
وهانوا أهله عندي وقلوا
ولي في كلّ معرَكَة ٍ حديثٌ
إذا سمعت به الأبطالُ ذلوا
غللتُ رقابهمْ وأسرتُ منهمْ
وهمْ في عظم جمعهم استقلُّوا
وأحصنت النساءَ بحدَّ سيفي
وأعدائي لِعَظْمِ الخوفِ فُلُّوا
أثيرُ عجاجها والخيلُ تجري
ثقالا بالفوارس لاتملُّ
وأرجعُ وهى قد ولت خفافاً
محيَّرة ً من الشَّكوى تكلُّ
وأرضى بالإهانة ِ معَ أناسٍ
أراعيهمْ ولو قتلي أحلُّوا
وأصبرُ للحَبيبِ وإنْ جَفاني
وَلم أترُكْ هَواهُ وَلستُ أسلو
عسى الأيام تنعم بقريبٍ
وبَعْدَ الهَجْرِ مُرُّ العيشِ يَحلُو
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> عفتِ الديارَ وباقي الأطلال
عفتِ الديارَ وباقي الأطلال
رقم القصيدة : 10735
-----------------------------------
عفتِ الديارَ وباقي الأطلال
ريحُ الصَّبا وتقلُّبُ الأَحْوَالِ
وعفا مَغانِيَها فأَخْلقَ رسْمِها
تردادُ وكفِ العارضِ الهطال
فلئنْ صَرمْتِ الحبلَ يا ابنة َ مالكٍ
وسمعتِ فيَّ مقالة العذال
فَسلي لِكيْما تُخبَري بفعائلي
عندَ الوغى ومواقفِ الأهوال
والخيلُ تعثرُ بالقنا في جاحِمٍ
تهفو به ويجلنَ كلَّ مجال
وأنا المجربُ في المواقف كلها
منْ آلِ عبسٍ منصبي وفعالي
منهمْ أبي شدادُ أكرمُ والدٍ
والأُمُّ منْ حامٍ فهمْ أخْوالي
وأنا المنية ُ حينَ تشتجرُ القنا
والطعنُ مني سابقُ الآجال
ولربَّ قرنٍ قد تركتُ مجدلاً
ولبانُهُ كَنَواضِح الجريال
تنتابهُ طلسُ السباع مغادراً
في قفرة ٍ متمزقَ الأوصال
وَلرُبَّ خَيْلٍ قد وَزَعْتُ رَعيلها
بأَقبَّ لا ضغنٍ ولاَ مِجْفال(3/172)
ومُسرْبلٍ حلقَ الحديدِ مُدَجَّجٍ
كاللَّيْثِ بين عرينَة ِ الأَشْبال
غادرتهُ للجنب غيرَ موسدٍ
مُتثنّيَ الأَوْصالِ عند مجال
ولربّ شربٍ قد صبحتُ مدامة ً
ليْسوا بأَنكاس ولا أَوغال
وكواعبٍ مثل الدمى أصبيتها
ينْظُرْنَ في خَفر وحُسنِ دلاَلِ
فَسلي لِكيْما تُخبَري بفعائلي
وسلي الملوك وطيءِ الأجيال
وسلي عشائر ضبة ٍ إذ أسلمتْ
بكْرٌ حلائِلَها ورَهْطَ عِقَالِ
وبني صباحٍ قدْ تركْنا منْهمُ
جزراً بذاتِ الرمثِ فوق أثال
زَيداً وسوداً والمُقطِّعَ أقْصدتْ
أرْماحُنا ومُجاشعَ بْن هِلالَ
رعناهم بالخيل تردي بالقنا
وبكُلِّ أبيضَ صارِمٍ فَصَّال
مَنْ مِثْلُ قوْمي حين يختلفُ القَنا
وإذا تزلُّ قوائمُ الأبطال
والطَّعْنُ مني سابقُ الآجال
صَدْقِ اللِّقاءِ مُجرَّبِ الأَهوال
عِنْدَ الوَغى وَمواقِفِ الأَهوال
نفْسي وراحِلتي وسائرُ مالي
قَوْمي صَمَامِ لمن أرادُوا ضيْمَهُمْ
والقاهرون لكلَّ أغلبَ صال
والمُطْعمُونَ وما عليْهمْ نِعْمة ٌ
والأَكرَمون أباً ومحتدَ خال
نحن الحصى عدداً ونحسبُ قومنا
ورجالَنا في الحرْبِ غيرَ رجال
منا المعينُ على الندى بفعالهِ
والبذلِ في اللزباتِ بالأموال
إنَّا إذا حَمِسَ الوغى نُرْوي القنا
ونعفُّ عند تقاسمِ الأنفال
نأْتي الصَّريخَ على جيادٍ ضُمَّرِ
خمصِ البطونِ كأنهنَّ سعالي
من كلِّ شَوْهاءِ اليدَين طِمِرَّة ٍ
ومقلصٍ عبل الشوى ذيال
لا تأسينَّ على خليطٍ زايلوا
بعد الأُلى قُتلوا بذِي أغْيال
كانوا يشبونَ الحروبَ إذا خبتْ
قدماً بكلَّ مهندٍ فصال
وأنا المُجَرَّبُ في المَواقف كلِّها
وسَمِعْتِ فيَّ مقالَة العُذَّال
تَرْدادُ وكفِ العارضِ الهطَّال
طَعْناً بكلّ مثقَّفٍ عَسَّال
يُعْطي المِئينَ إلى المِئينَ مرزّأً
ناجٍ منَ الغمراتِ كالرئبال
يعطى المئين إلى المئين مرزءَا
حَمّالِ مَفْظَعَة ٍ مِنَ الأَثْقال
وإذا الأُمورُ تحوّلتْ ألفَيْتَهُم
عصمَ الهوالك ساعة َ الزلزال
وهمُ الحماة ُ إذا النّساءُ تحسّرتْ(3/173)
يوْمَ الحفاظِ وكانَ يوْمُ نَزَال
يقصون ذا الأنفِ الحمى َّ وفيهم
حلمٌ وليسَ حرامهمْ بحلال
المُطْعِمُونَ إذا السّنُونُ تَتَابَعتْ
محلاً وضنّ سحابها بسجال
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لا تَقْتضِ الدَّيْنَ إلاّ بالقَنا الذُّبُلِ
لا تَقْتضِ الدَّيْنَ إلاّ بالقَنا الذُّبُلِ
رقم القصيدة : 10736
-----------------------------------
لا تَقْتضِ الدَّيْنَ إلاّ بالقَنا الذُّبُلِ
ولاتحكمْ سوى الأسياف في القلل
ولاَ تُجاورْ لئاماً ذَلَّ جارُهُمُ
وخلِّهمْ في عِرَاصِ الدَّارِ وارْتَحلِ
وَلاَ تَفِرَّ إذا ما خُضْتَ معركة ً
فما يَزيدُ فِرارُ المرْءِ في الأَجل
يا عبلَ أنتِ سَوادُ القلْبِ فاحْتكِمي
في مُهْجَتي واعدِلي يا غايَة َ الأَملِ
وإن ترحلتِ منْ عبس فلاّ تقفي
في دارِ ذُلٍّ ولا تُصْغي إلى العَذَلِ
لأَنَّ أرْضهُمُ منْ بعدِ رِحْلتِنا
تبقى بلاَ فارس يُدْعَى ولا بَطَلِ
سلي فزَارَة َ عنْ فِعْلي وقد نفَرتْ
في جحفل حافل كالعارض الهطل
تَهُزُّ سُمْرَ القَنَا حِقْداً عَليَّ وقد
رأَتْ لَهيبَ حُسامي ساطعَ الشُّعَلِ
يخبرْكِ بدرُ بنُ عمْروٍ أَنني بَطلٌ
ألقى الجيوش بقلبٍ قدَّ منْ جبل
قاتلتُ فرسانَهم حتى مضَوْا فرقاً
والطعنُ في إثرهمْ أمضى منَ الأجل
وعادَ بي فرَسي يمشي فتعثرهُ
جماجمٌ نثرتْ بالبيض والأسل
وقد أسرتُ سَراة َ القومِ مقتدراً
وعدت من فرحي كالشَّارب الثَّمل
يا بينُ رَوَّعْتَ قلبي بالفِراق وما
أبكي لِفُرْقة ِ أصْحابٍ ولا طَلل
بل منْ فراق التي في جفنها سقمٌ
قد زادني عللاً منه على عللي
أُمسي على وَجلٍ خَوْفَ الفِرَاقِ كما
تمسي الأَعاديُّ من سيفي على وَجل
منْ لي برد الصَبا واللَّهووالغَزل
هيهاتَ ما فاتَ منْ أَيَّامِكَ الأَوَّل
طوى الجَديدانِ ما قد كنْتُ أنْشُرُهُ
وأنكرتني ذواتُ الأعينِ النجُل
وما ثنى الدَّهْرُ عزْمي عنْ مُهاجمة ٍ
وخَوْضِ مَعْمَعة ٍ في السَّهْل والجبل(3/174)
في الخيل والخافِقاتِ السُّودِ لي شُغُلٌ
ليْس الصَّبابة ُ والصهباء من شُغُلي
لقد ثناني النهى عنها وأدبي
فلسْتُ أبكي على رسْمٍ ولا طَلل
سلوا جوادي عني يوْمَ يحْملني
هل فاتني بطلٌ أو حلتُ عن بطل
وكم جُيوشٍ لقد فرَّقتُها فِرْقاً
وعارضُ الحتفِ مثلُ العارضِ الهطل
وموكبٍ خضتُ أعلاهُ وأسفله
بالضَّرْبِ والطَّعنِ بينَ البيضِ والأَسل
ماذا أُريدُ بقوْمٍ يَهْدِرُونَ دمي
ألستُ أولاهمُ بالقولِ والعمل
لا يشربُ الخمرإلا منْ له ذممٌ
ولا يبيت لهُ جارٌ على وَجل
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل
حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل
رقم القصيدة : 10737
-----------------------------------
حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل
واذا نزلتْ بدار ذلَّ فارحل
وإذا بُليتَ بظالمٍ كُنْ ظالماً
واذا لقيت ذوي الجهالة ِ فاجهل
وإذا الجبانُ نهاكَ يوْمَ كريهة ٍ
خوفاً عليكَ من ازدحام الجحفل
فاعْصِ مقالَتهُ ولا تَحْفلْ بها
واقْدِمْ إذا حَقَّ اللِّقا في الأَوَّل
واختَرْ لِنَفْسِكَ منْزلاً تعْلو به
أَوْ مُتْ كريماً تَحْتَ ظلِّ القَسْطَل
فالموتُ لا يُنْجيكَ منْ آفاتِهِ
حصنٌ ولو شيدتهُ بالجندل
موتُ الفتى في عزهِ خيرٌ له
منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل
إنْ كُنْتُ في عددِ العبيدِ فَهمَّتي
فوق الثريا والسماكِ الأعزل
أو أنكرتْ فرسانُ عبس نسبتي
فسنان رمحي والحسام يقرُّ لي
وبذابلي ومهندي نلتُ العلاَ
لا بالقرابة ِ والعديدِ الأَجزل
ورميتُ مهري في العجاجِ فخاضهُ
والنَّارُ تقْدحُ منْ شفار الأَنْصُل
خاضَ العجاجَ محجلاً حتى إذا
شهدَ الوقعية َ عاد غير محجل
ولقد نكبت بني حريقة َ نكبة ً
لما طعنتُ صميم قلب الأخيل
وقتلْتُ فارسَهُمْ ربيعة َ عَنْوَة ً
والهيْذُبانَ وجابرَ بْنَ مُهلهل
وابنى ربيعة َ والحريسَ ومالكا
والزّبْرِقانُ غدا طريحَ الجَنْدل
وأَنا ابْنُ سوْداءِ الجبين كأَنَّها
ضَبُعٌ تَرعْرَع في رُسومِ المنْزل(3/175)
الساق منها مثلُ ساق نعامة ٍ
والشَّعرُ منها مثْلُ حَبِّ الفُلْفُل
والثغر من تحتِ اللثام كأنه
برْقٌ تلأْلأْ في الظّلامَ المُسدَل
يا نازلين على الحِمَى ودِيارِهِ
هَلاَّ رأيتُمْ في الدِّيار تَقَلْقُلي
قد طال عزُّكُم وذُلِّي في الهوَى
ومن العَجائبِ عزُّكم وتذَلُّلي
لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ
بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم
وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> فؤادٌ ليسَ يثنيهِ العذولُ
فؤادٌ ليسَ يثنيهِ العذولُ
رقم القصيدة : 10738
-----------------------------------
فؤادٌ ليسَ يثنيهِ العذولُ
وعيْنٌ نوْمُها أبداً قليلُ
عركْتُ النَّائباتِ فهانَ عندِي
قبيحُ فِعَال دَهري والجميلُ
وقدْ أوْعَدْتَنِي يا عمرو يوْماً
بقولٍ ما لِصحَّتِهِ دليلُ
ستعلم أينا يبقى طريحاً
تخطفهُ الذوابلُ والنصولُ
ومنْ تُسبى حليلَتهُ وتُمسي
مفجعة لها دمعٌ يسيل
أتذْكُرُ عبْلة ً وتبيتُ حيّاً
ودونَ خِبائِها أسدٌ مَهُول
وتطلبُ أنْ تلاقيني وسيفي
يُدَكُّ لوقْعه الجبلُ الثَّقيلُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> حاربيني يا نائباتِ اللَّيالي
حاربيني يا نائباتِ اللَّيالي
رقم القصيدة : 10739
-----------------------------------
حاربيني يا نائباتِ اللَّيالي
عنْ يميني وتارة ً عن شمالي
واجْهَدي في عَداوَتي وعِنادي
أنتِ والله لم تُلِمِّي ببالي
إنَّ لي همة ً أشدُّ من الصخـ
ـر وأقْوى منْ راسياتِ الجبال
وسِناناَ إذا تعسفتُ في الليْـ
لِ هداني وردَّني عن ضلالي
وجواداً ما سارَ إلاَّ سرَى البَرْ
قُ وَرَاهُ من اقْتداحِ النّعال
أدهمٌ يصدعُ الدجى بسوادٍ
بين عينيه غرة ٌ كالهلال
يفتديني بنفسه وأفدّيـ
ـهِ بنَفْسي يوْم القِتال ومَالي
وإذا قامَ سوقُ حربِ العوالي
وتلَّظى بالمرْهفاتِ الصقّال
كنت دَلاَّلها وكان سناني
تاجراً يشتري النفوس الغوالي
يا سِباعَ الفَلاَ إذا اشْتعل الحر(3/176)
بُ اتبعيني من القفار الخوالي
إتبعيني ترى دماءَ الأعادي
سائلاَتٍ بين الرُّبى والرِّمال
ثم عودي منْ بعد ذا واشكريني
واذكري ما رأيْتِهِ منْ فعالي
وخُذي منْ جَماجمِ القوْمِ قوتاً
لبنيكِ الصّغار والأشبال
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> سلي يا عبل عمراً عن فعالي
سلي يا عبل عمراً عن فعالي
رقم القصيدة : 10740
-----------------------------------
سلي يا عبل عمراً عن فعالي
بأعداكِ الألى طلبُوا قتالي
سليه كيف كان لهمْ جوابي
إذا ما قال ظنكِ في مقالي
أتونا في الظلاَم على جيادٍ
مضمّرة الخواصر كالسّعالي
وفيهم كلُّ جبار عنيد
شديدِ البأْسِ مَفْتُولِ السِّبال
ولما أوقدوا نارَ المنايا
بأَطْرافِ المثقَّفَة ِ العوالي
طفاها أسودٌ منْ آل عبس
بأَبْيضَ صارمٍ حَسَنِ الصِقّال
إذا ما سلَّ سال دماً نجيعاً
ويخرُقُ حدُّهُ صُمَّ الجبال
وأسمَرَ كلّما رَفَعَتْهُ كَفِّي
يلوحُ سِنَانُهُ مثْلَ الهلال
تراهُ إذا تلوَّى في يميني
تسابقهُ المنية في شمالي
ضمنتُ لكَ الضمانَ ضمانَ صدقٍ
وأتبعتُ المقالة بالفعال
وفرَّقتُ الكتائبَ عند ضربٍ
تخِرُّ لهُ صناديدُ الرِّجال
وما ولَى شجاع الحربِ إلاَ
وبين يديه شخصٌ من مثالي
ملأْتُ الأَرضَ خوْفاً من حُسامي
فباتَ النَّاسُ في قيلٍ وقال
ولو أَخْلَفْتُ وَعدي فيك قالتْ
بنو الأنذال إنيّ عنك سال
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لو كان قلبي معى ما اخترتُ غيركم
لو كان قلبي معى ما اخترتُ غيركم
رقم القصيدة : 10741
-----------------------------------
لو كان قلبي معى ما اخترتُ غيركم
ولا رضيتُ سِوَاكُمْ في الهَوى بدَلا
لكنهُ راغبٌ في منْ يعذّبه
فليسَ يقبل لا لوماً ولا عذلا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> دع ما مَضى لكَ في الزَّمان الأَوَّل
دع ما مَضى لكَ في الزَّمان الأَوَّل
رقم القصيدة : 10742
-----------------------------------
دع ما مَضى لكَ في الزَّمان الأَوَّل(3/177)
وعلى الحقيقة إنْ عزمت فعوِّل
إنْ كنتَ أنتَ قطعتَ برَّا مقفراً
وسلكْتهُ تحتَ الدُّجى في جَحْفل
فأَنا سريتُ معَ الثُّريَّا مُفرداً
لا مؤنسٌ لي غيرَ جدّ المنصل
والبدرُ منْ فوق السحاب يسوقه
فيسير سيرَ الراكب المستعجل
والنَّسْرُ نحْو الغَربِ يرْمي نفسَه
فيكاد يعْثر بالسِّماكِ الأَعزل
والغُولُ بينَ يديَّ يخفى تارة
ويعودَ يَظْهَرُ مثْلَ ضَوْءِ المَشْعَلِ
بنواظر رزقٍ ووجهٍ أسودٍ
وأظافر يشبهنَ حدَّ المنجل
والجن تفرقُ حول غاباتِ الفلاَ
بهماهمٍ ودمادمٍ لمَ تغْفَلِ
وإذا رأْتْ سيفي تضِجُّ مخافة ً
كضَجيجِ نُوقِ الحيِّ حَوْلَ المنزل
تلكَ الليالى لو يمرُّ حديثها
بوليدِ قومٍ شاب قبلَ المحمل
فاكففْ ودعْ عنكَ الإطالة َ واقتصرْ
وإذا اسْتَطعْتَ اليَوْمَ شيئاً فافْعل
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> عقابُ الهجرِ أعقبَ لي الوصالاَ
عقابُ الهجرِ أعقبَ لي الوصالاَ
رقم القصيدة : 10743
-----------------------------------
عقابُ الهجرِ أعقبَ لي الوصالاَ
وصِدْقُ الصَّبْرِ أظْهَرَ لي المحالا
ولولا حبُّ عبلة َ في فؤادي
مقيمٌ ما رعيتُ لهم جمالا
عتبتُ الدَّهر كيفَ يذلُّ مثلي
ولي عزمٌ أقدُّ به الجبالا
أَنا الرجلُ الذي خُبِّرْتِ عنه
وقد عاينْتَ مَعْ خبري الفِعالا
غداة َ أتتْ بنو طيِّ وكلبٍ
تهزُّ بكَفّها السُّمرَ الطّوالا
بجيشٍ كلما لاحظت فيه
حسبتُ الأرضَ قد ملئتْ رجالا
ودَاسوا أَرْضَنا بمُضَمَّراتٍ
فكان صَهيلُها قِيلاً وقالا
تولوا جفَّلاَ منَّا حيارى
وفاتوا الظغن منهم والرِّحالا
وما حملتْ ذَوُو الأَنسابِ ضَيْماً
ولا سمعتْ لداعيها مقالا
وما رَدَّ الأَعِنَّة َ غيرُ عبْدٍ
ونارُ الحربِ تشتعلُ اشتعالاً
بطعن ترعدُ الأبطالُ منهُ
لشدته فتجنبُ القتالا
صدمتُ الجَيْشَ حتى كَلَّ مُهري
وعدتُ فما وجدتُ لهم ظلالاَ
وراحتْ خيلهمْ من وجه سيفي
خِفافاً بعْد ما كانتْ ثقالا
تدوسُ على الفوارس وهْيَ تعدو
وقد أخذَتْ جماجمَهُمْ نعالا(3/178)
وكمَ بطل تركتُ بها طريحاً
يحركُ بعد يمناهُ الشّمالا
وخلصتُ العذارى والغواني
وما أبقيتُ معْ أحدٍ عقالا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا صاحبي لا تَبْكِ رَبعاً قد خلا
يا صاحبي لا تَبْكِ رَبعاً قد خلا
رقم القصيدة : 10744
-----------------------------------
يا صاحبي لا تَبْكِ رَبعاً قد خلا
ودَعِ المنازِلَ تشْتكي طولَ البِلى
وَاشْكو إلى حَدّ الحُسامِ فإنه
أمْضَى إذا حقّ اللّقاءُ وأفْضلاَ
منْ أين تدري الدَّارُ انكَ عاشقٌ
أوْ عنْدها خبرٌ بأَنكَ مُبْتلى
والله ما يمْضي رسُولاً صادقاً
إلاّ السّنانُ إذا الخليلُ تبدَّلا
ولقد عَرَكْتُ الدَّهرَ حتى إنهُ
لو لمْ يذقْ مني المرارة َ ماحلا
وكذا سباعُ البرِّ لولا شرُّها
دارتْ بها في الغابِ غربانُ الفلاَ
فَتَحَمَّلا يا صاحبيَّ رسالتي
إنْ كُنُتُما عنْ أرضِ عبْسٍ تَعْدِلا
قولا لقيسٍ والرَّبيعِ بأنني
خطُّ المشيبِ على شبابي ما علا
بل لو صدمتُ بهمَّتي جبلي حرى
قسماً وحقِّ أبي قبيسَ تزلزلا
لو لم تكُنْ يا قيسُ غرَّك جاهلٌ
ما سُقتَ نحو دِيار عنْترَ جَحْفلا
والله لو شاهدْتَهُ ورأيْتهُ
ما كان آخرُهُ يلاقي الأَوَّلا
يا قيسُ أنت تَعُدُّ نفسكَ سيداً
وأبوك أعرفهُ أجلَّ وأفضلا
فأتبعْ مكارمهُ ولا تذري به
إنْ كنت مَّمنْ عقلهُ قد أكملا
فاحذَرْ فزارَة قبل تَطْلُبُ ثأرَها
وتريكَ يوماً نارهُ لا تصطلا
فَدِما بني بدْرٍ عليكَ قديمة ٌ
وبنو فزارة َ قصْدُها أنْ تغفلا
والله ما خلَّيتُ في أوطانهم
إلا النوائحَ صارخاتٍ في الفلا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم ( معلقة )
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم ( معلقة )
رقم القصيدة : 10745
-----------------------------------
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم
أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
ما راعني إلاّ حمولة ُ أهلها
طَبٌّ بأَخْذِ الفارسِ المُسْتلئِم
إذ تستبيكَ بذي غروب واضح(3/179)
عذبٍ مقبلهُ لذيذُ المطعم
وكأنما نظرتْ بعينيْ شادنِ
رشأٍ من الغزلانِ ليس بتوأم
وكأَنَّ فَارَة َ تاجرٍ بقسيمَة ٍ
سبقتْ عوارضها اليكَ من الفمْ
أوْ روْضَة ً أُنُفاً تضمَّنَ نبتَها
غيْثٌ قليلُ الدِّمن ليسَ بمَعْلَمِ
جادت عليها كل عين ثَرَّةً
فتركنَ كلَّ حديقة ٍ كالدرهم
سَحّاً وتسْكاباً فَكلَّ عشيَّة ٍ
يجري عليها الماءُ لم يتصرَّم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه
غرداً كفعل الشارب المترنم
تمسي وتصبحُ فوق ظهر حشية ٍ
وأبيتُ فوق سرَاة ِ أدْهم مُلْجَم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشَّوى
نَهْدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المحزِمِ
هل تبلغنى دارها شدنية
لُعِنتْ بمَحْرُوم الشَّرابِ مُصرَّم
فكأنما أقصُ الإكام عشية ً
بقريبِ بينِ المنْسِمين مُصلَّم
تأوي له قلصُ النَّعام كما أوتْ
حزقٌ يمانية ٌ لأعجمَ طمطمِ
يتبعنَ قلة رأسهِ وكأنهُ
حِدْجٌ على نعْش لهُنَّ مخيَّمِ
شَربتْ بماءِ الدُّحرُضينِ فأَصْبحتْ
زوراءَ تنفرُ عن حياض الدَّيلم
هِرٍّ جَنيبٍ كلّما عطفتْ لهُ
غضبى اتقاها باليدين وبالفم
أبقى لها طولُ السّفار مقرمداً
سنداً ومثلَ دعائمِ المتخيم
بركتْ على ماءِ الرداع كأنما
بركت على قصبٍ أجشَّ مهضَّم
ينْباعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَة ٍ
زيافة ٍ مثل الفَنيق المُكْدَمِ
إنْ تغدفي دوني القناع فانني
طبٌّ بأخذ الفارس المستلئم
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني
سمحٌ مخالطتي إذا لم أظلم
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ
مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم
ينْباعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَة ٍ
زيافة ٍ مثل الفَنيق المُكْدَمِ
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني
سمحٌ مخالطتي إذا لم أظلم
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ
مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم
ولقد شربتُ من المدامة بعد ما
رَكَدَ الهواجرُ بالمشوفِ المُعْلمِ
بزُجاجة ٍ صفْراءَ ذاتِ أسرَّة ٍ
قرنتْ بأزهر في الشمالِ مفدَّم
فإذا شربتُ فإنني مُسْتَهْلِكٌ
مالي وعرضي وافرٌ لم يُكلم
وإذا صَحَوْتُ فما أَقصِّرُ عنْ ندى ً(3/180)
وكما عَلمتِ شمائلي وَتَكَرُّمي
وحليل غانية ٍ تركتُ مجدلاً
تَمكو فريصتُهُ كشدْقِ الأَعْلَمِ
سبقتْ يدايَ له بعاجل طعنة ٍ
ورشاشِ نافذَة ٍ كلوْن العَنْدَمِ
هلاّ سأَلتِ الخيلَ يا ابنة َ مالكٍ
ومحلّم يسعون تحت لوائهم
إذ لا أزالُ على رحالة ِ سابح
نهْدٍ تعاوَرُهُ الكُماة ُ مُكَلَّمِ
طَوْراً يجَرَّدُ للطعانِ وتارة ً
يأوي الى حصدِ القسيِّ عرمرمِ
يُخبرْك من شَهدَ الوقيعَة َ أنني
أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنم
ولقد ذكرْتُكِ والرِّماحُ نواهلٌ
مني وبيْضُ الهِنْدِ تقْطرُ منْ دمي
فوددتُ تقبيل السيوفِ لأنها
لمعت كبارق ثغركِ المتبسِّم
ومدَّججٍ كرِهَ الكُماة ُ نِزَالَهُ
لا مُمْعنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسلم
جادتْ له كفي بعاجل طعنة ٍ
بمثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَوَّم
بِرَحِيبَة ِ الفَرْعَينِ يهْدي جَرسُها
بالليل معتسَّ الذئابِ الضرَّم
فشككتُ بالرمحِ الأصمِّ ثيابهُ
والكُفْرُ مخبَثَة ٌ لنفْس المُنْعِمِ
فتركتهُ جزرَ السباع ينشنهُ
يقضمنَ حسنَ بنانهِ والمعصم
وَمِشَكِّ سابغة ٍ هَتكتُ فروجَها
بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
زبدٍ يداهُ بالقداح إذا شتا
هتَّاك غايات التجار ملوَّم
لما رآني قَدْ نَزَلْتُ أُرِيدُهُ
أبدى نواجذهُ لغير تبسُّم
فطعنتهُ بالرُّمح ثم علوتهُ
بمهندٍ صافيِ الحديد مخذَم
عهدي به مَدَّ النّهار كأَنما
خضبَ اللبان ورأسهُ بالعظلم
يَا شَاة َ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ
حرمتْ عليَّ وليتها لم تحرُم
فَبَعَثْتُ جاريتي فقلْتُ لها اذْهبي
فَتجسَّسي أخبارَها ليَ واعلمي
قالتْ رأيتُ منْ الأعادي غرَّة ً
والشاة ُ مُمكِنة ٌ لمنْ هُو مُرْتَمِ
وكأنما التفتتْ بجيدِ جداية ٍ
رَشَاءٍ من الغِزْلانِ حُرٍّ أرثم
ولقد حفظتُ وصاة عمّي بالضحى
إذ تقلصُ الشفتانِ عنْ وضح الفم
في حومة ِ الحربِ التى لا تشتكي
غَمَرَاتِها الأَبطالُ غيْرَ تَغَمْغُمِ
إذْ يتقُون بي الأسَّنة لم أخمْ
عنها ولكني تضايق مُقدَمي(3/181)
لما رأيتُ القومَ أقبلَ جمعهُم
يتذَامرونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مذَمّم
يدعون عنترَ والرِّماحُ كأنها
أشطانُ بئرٍ في لبانِ الأدهم
ما زلتُ أرميهمْ بثغرة ِ نحره
ولِبانِهِ حتى تَسَرْبلَ بالدّم
فازورّ من وقع القنا بلبانهِ
وشكا إليّ بعَبْرة ٍ وَتَحَمْحُمِ
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها
قيلُ الفوارس ويكَ عنتر أقدم
والخيلُ تقْتَحِمُ الخَبَارَ عوابساً
ما بين شيْظمة ِ وآخر شيْظم
ذللٌ ركابي حيثُ شئتُ مشايعي
لُبِّي وأجْفزُهُ بِأَمْرٍ مُبْرَمِ
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي
ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم
وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ
للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما
والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما
جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي
ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم
وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ
للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما
والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي
ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما
جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم
وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ
للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما
والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما
جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما
جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم
وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ
للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ(3/182)
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما
والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما
جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وفوارسٍ لي قد علمتُهُم
وفوارسٍ لي قد علمتُهُم
رقم القصيدة : 10746
-----------------------------------
وفوارسٍ لي قد علمتُهُم
صُبُرٍ على التَّكرارِ والكلْمِ
يمشونَ والماذيُّ فوْقهُمُ
يتوَقّدُونَ توَقُّدَ الفَحْمِ
كم منْ فتى ً فيهم اخي ثقة ٍ
حُرٍّ أَغرَّ كَغُرَّة ِ الرِّئّمِ
ليْسُوا كأَقوامٍ عِلِمْتُهُمْ
سودِ الوجوه كمغذنِ البرم
كنا إذا نفر المطيُّ بنا
وبدَا لنا أحواضُ ذي الرّضم
نُعْدِي فنَطْعُنُ في أُنُوفِهِمْ
نختارُ بين القتلِ والغُنْمِ
إنَّا كذلك يا سُهَيَّ إذا
غدرَ الحليفُ نمورُ بالخطم
وبكلّ مُرهَفَة ٍ لها نَفَذٌ
بين الضلوع كطرَّة الفدْم
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> نأَتكَ رقاش إلاّ عنْ لِمامِ
نأَتكَ رقاش إلاّ عنْ لِمامِ
رقم القصيدة : 10747
-----------------------------------
نأَتكَ رقاش إلاّ عنْ لِمامِ
وأمسى حبلها خلقَ الرِّمام
وما ذكري رقاش إذا استقرتْ
لدَى الطَّرفاءِ عند ابنَيْ شَمامِ
ومَسكِنُ أهلها منْ بَطْنِ جَزْعٍ
تبيضُ به مَصاييفُ الحمامِ
وقَفْتُ وصُحْبَتي بأُرَيْنَباتٍ
على اقتادِ عوجٍ كالسَّمام
فقلتُ تبيَّنوا ظغناً أراها
تحلُّ شُواحِطاً جُنْحَ الظَّلامِ
لقد مَنَّتكَ نفْسُكَ يومَ قَوٍّ
أحاديثَ الفؤَادِ المستَهامِ
وقدْ كذبَتْكَ نفْسَكَ فاكْذَبْنَهَا
لِما منَّتْكَ تغريراً قَطَامِ
ومُرْقِصة ٍ رَددتُ الخيل عنها
وقد همَّتْ بالقاءِ الزمام
فقُلتْ لها: اقْصري منهُ وسيري
وقد عَلِقَ الرَّجائزُ بالخِدامِ
وخيْلٍ تحْملُ الأَبطالَ شُعثاً
غدَاة َ الرّوعِ أمثالَ السِّهَامِ
عناجيج تخبُّ على رحاها
تُثيرُ النَّقْعَ بالمَوْتِ الزُّؤام
إلى خيلٍ مُسوَّمة ٍ عليها
حُماة ُ الرّوعِ في رَهجِ القتام
عليها كلُّ جبار عنيدٍ(3/183)
إلى شُرْبِ الدّماء تَراهُ ظامي
بأيديهم مهندة ٌ وسمرٌ
كأَنّ ظُباتِها شُعَلُ الضِّرام
فَجاؤوا عارضاً بَرْداً وجئْنا
حريقاً في غريفٍ ذِي ضِرام
وأُسكِتِ كلُّ صوْتٍ غيْرِ ضَرْبٍ
وعترسة ٍ ومرميِّ ورام
وزعتُ رعيلها بالرمحِ شذراً
على ربدٍ كسرحان الظلام
أكر عليهمُ مهري كليما
قلائده سبائبُ كالقرام
إذا شكتْ بنافذة ٍ يداهُ
تعرَّض موْقِفاً ضَنْكَ المُقام
كأنّ دفوفَ مرجع مرفقيهِ
تَوَارثَها منازيعُ السِّهام
تقدم وهو مضطمرٌ مضرٌّ
بقارحهِ على فأْس اللّجام
يقدّمُهُ فتًى من خيْرِ عَبْسٍ
أبوهُ وأمهُ من آل حام
عَجوزٌ من بني حامٍ بْنِ نُوح:
كأنّ جبينها حجرُ المقام
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وتظلُّ عبْلة ُ في الخدور تجُرُّها
وتظلُّ عبْلة ُ في الخدور تجُرُّها
رقم القصيدة : 10748
-----------------------------------
وتظلُّ عبْلة ُ في الخدور تجُرُّها
وأظلُّ في حلق الحديدِ المبهم
يا عَبْلَ لو أبْصرْتِني لرَأيتني
في الحربِ أُقدِمُ كالهِزَبْر الضَّيْغَمِ
وصغارُها مثلُ الدَّبى وكبارُها
مثلُ الضَّفادِع في غدير مقْحَمِ
لما سمعتُ نداءَ مرَّة قد علا
وابنى ْ ربيعة َ في الغبار الأقتم
ومُحلَّمٌ يَسْعَوْنَ تحْتَ لوائِهِ
والموتُ تحتَ لواءِ آلِ محلم
أيقنتُ أنْ سيكونُ عند لقائهمْ
ضرْبٌ يُطيرُ عن الفِراخِ الجُثّمَ
يدعونَ عنترَ والسيوفُ كأنها
لَمْعُ البَوارقِ في سِحابٍ مُظْلم
يدعونَ عنترَ والدروعُ كأنها
حَدقُ الضَّفادعِ في غديرٍ دَيْجَمِ
تسْعى حَلائِلنا إلى جُثمانه
بجنى الأراكِ تفيئة ً والشبرُم
فأرى مغانمَ لو أشاء حويتها
فيصدُّني عنها كثيرُ تحشمي
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وأنتَ الذي كلّفتني دَلجَ السُّرَى
وأنتَ الذي كلّفتني دَلجَ السُّرَى
رقم القصيدة : 10749
-----------------------------------
وأنتَ الذي كلّفتني دَلجَ السُّرَى
وجون القطا بالجلهتين جثوم(3/184)
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم
سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم
رقم القصيدة : 10750
-----------------------------------
سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم
وأَسْهرُ ليلي والعواذلُ نوَّمُ
وأطْمعُ من دَهري بما لا أنالهُ
وألزمُ منه ذلَّ من ليسَ يرحمْ
وأرجو التداني منكِ يا ابنة مالكٍ
ودونَ التَّداني نارُ حَرْبٍ تُضَرَّمُ
فمني بطيفِ من خيالكِ واسألي
إذا عادَ عني كيفَ باتَ المتيَّمُ
ولا تَجْزَعي إنْ لَجَّ قوْمُكِ في دَمي
فما لي بعْدَ الهجرِ لَحمٌ ولا دَمُ
ألم تسمعي نوحَ الحمائمٍ في الدجى
فمنْ بعض أشجاني ونوحي تعلّموا
ولم يبْقَ لي يا عبلَ شخْصٌ معَرَّفٌ
سوى كبدٍ حَرَّى تذوبُ فأَسقمُ
وتلكَ عِظامٌ بالياتٌ وأَضْلعٌ
على جلدِها جيْشُ الصُّدودِ مخيِّمُ
وإنْ عشْتُ منْ بَعد الفراقِ فما أنا
كما أدَّعي أني بعبلة َ مُغْرَمُ
وإنْ نامَ جفني كانَ نومي علالة ً
أقولُ لعلَّ الطَّيف يأتي يسلّم
أَحِنُّ إلى تلكَ المنازلِ كلّما
غدَا طائرٌ في أيكَة ٍ يترَنَّمُ
بكيتُ من البيْنِ المُشِتِّ وإنني
صبورٌ على طعن القنا لو علمتُم
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> هذِه نارُ عبلة ٍ يا نديمي
هذِه نارُ عبلة ٍ يا نديمي
رقم القصيدة : 10751
-----------------------------------
هذِه نارُ عبلة ٍ يا نديمي
قد جلتْ ظلمة َ الظَّلام البهيم
تتلظَّى وَمثْلُها في فؤادي
نارُ شَوْق تزْداد بالتَّضريم
أَضْرمَتْها بيضاءُ تهْتز كالْغُصْـ
ن اذا ما انثنى بمرِّ النسيم
وكَستْهُ أنْفاسُها أرَجَ النَّـ
كاعبٌ ريقها ألذُّ من الشه
ـدِ اذَا مازجتْهُ بنْتُ الكُرُوم
كلما ذُقتُ بارداً من لَماها
خلتهُ في فمي كَنار الجحيم
سَرقَ البدْرُ حسْنَها واسْتعارَت
سحرَ أجفانها ظباءُ الصَّريم
وغرامي بها غرامٌ مقيمُ
وعذابي منَ الغرام المقيم
واتّكالي على الذِي كلّما أبـ
صرَ ذلّي يزيد في تعظيمي
ومُعيني على النَّوائبِ ليثٌ(3/185)
هو ذخْري وفارجٌ لهمومي
ملِكٌ تسْجُدُ المُلوكُ لذِكْرَا
ه وتومي إليهِ بالتفخيم
وإذا سارَ سابقتهُ المنَايا
نحوَ أعداهُ قبلَ يومِ القدوم
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> تُعَنِّفني زَبيبة ُ في الملاَمِ
تُعَنِّفني زَبيبة ُ في الملاَمِ
رقم القصيدة : 10752
-----------------------------------
تُعَنِّفني زَبيبة ُ في الملاَمِ
على الإقدام في يومِ الزّحام
تخافُ عليَّ أن ألقى حمامي
بطعن الرُّمح أو ضربِ الحسام
مقالٌ ليسَ يَقْبَلُهُ كِرامٌ
ولا يرضى به غيرُ اللّئام
يخوضُ الشَّيْخُ في بَحْر المنايا
ويرْجعُ سالماً والبَحْرُ طامِ
ويأْتي الموْتُ طِفلاً في مُهودٍ
ويلقى حتفهُ قبلَ الفطام
فلا ترْضى بمنقَصَة ٍ وَذُلٍّ
وتقنعْ بالقليل منَ الحطام
فَعيْشُكَ تحْتَ ظلّ العزّ يوْماً
ولا تحت المذلَّة ِ ألفَ عام
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> سلي يا ابنة َ العبسيِّ رمحي وصارمي
سلي يا ابنة َ العبسيِّ رمحي وصارمي
رقم القصيدة : 10753
-----------------------------------
سلي يا ابنة َ العبسيِّ رمحي وصارمي
وما فَعلاَ في يوم حَرْبِ الأَعاجمِ
سقيتهما والخيلُ تعثرُ بالقنا
دماءَ العدَا ممزوجة ًبالعلاقم
وفرَّقتُ جيشاً كانَ في جنباتهِ
دمادمُ رعد تحتَ برقِ الصَّوارم
على مُهرة ٍ منْسوبة ٍ عربيَّة ٍ
تطيرُ إذا اشتَدَّ الوغَى بالقَوائم
وتصهلُ خوفاً والرِّماحُ قواصدٌ
إليها وتنْسَلُّ انسلاَلَ الأَراقم
قَحمْتُ بها بحرَ المنايا فحَمحَمتْ
وقد غَرِقتْ في موْجِهِ المتلاطَم
وكم فارسٍ يا عَبلَ غادَرْتُ ثاوياً
يَعَضُّ على كَفَّيْهِ عضَّة َ نادِمِ
تقلّبهُ وحشُ الفلاَ وتنوشهُ
منَ الجوِّ أسْرابُ النُّسور القشاعِم
أحبُّ بني عبس ولو هدروا دَمي
وأُظهرُ أني ظالمٌ وابْن ظالم
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> فؤادٌ لا يسلّيهِ المدامُ
فؤادٌ لا يسلّيهِ المدامُ
رقم القصيدة : 10754
-----------------------------------(3/186)
فؤادٌ لا يسلّيهِ المدامُ
وجسمٌ لا يفارقهُ السَّقامُ
وأجفانٌ تبيت مقرَّحاتٍ
تسيل دماً إذا جنَّ الظَّلام
وهاتفة ٌ شجتْ قلبي بصوتٍ
يلذُّ بهِ الفؤَادُ المستَهامُ
شُغِلْتُ بذكْرِ عَبلَة َ عنْ سوَاها
وَقُلْتُ لِصاحبي هذَا المَرام
وفي أرضِ الحِجازِ خِيامُ قَوْمٍ
حلال الوصل عندهم حرام
وبينَ قبابِ ذاكَ الحيِّ خَوْدٌ
رداحٌ لا يماط لها لثام
لها من تحت برْقُعِها عيونٌ
صِحاحٌ حَشْو جَفْنيها سَقامُ
وبينَ شِفافها مِسْكٌ عَبيرٌ
وكافورٌ يمازجهُ مُدام
فما للبدر إنْ سفرتْ كمالٌ
وما للغصنٍ إنْ خطرتْ قوام
يلذُّ غرَامُها والوجدُ عِندي
ومنْ يعْشَقْ يلَذ له الغرامُ
ألا يا عبلَ قد شَمِت الأعادي
بإبعادي وقد أَمِنو وناموا
وقد لاقيتُ في سفري أُموراً
تشيّبُ منْ له في المَهْدِ عامُ
وبعد العُسْر قد لاقيْتُ يُسراً
وملكاً لا يحيطُ به الكلامَ
وسلْطاناً لهُ كلُّ البرَايا
جنودٌ والزّمانُ لهُ غلام
يفيضُ عطاؤه من راحَتيْهِ
فما ندري أبَحْرٌ أم غمام
وقد خلَعَتْ عليه الشَّمْسُ تاجاً
فلا يغْشى مَعَالِمَهُ ظلاَمُ
جَواهرهُ النُّجومُ وفيه بدرٌ
أقلُّ صِفاتِ صورتِه التّمام
بنو نعشٍ لمجلسه سريرٌ
عليها والسَّماوات الخِيامُ
ولولا خوفهُ في كلِّ قطر
من الآفاق ما قَرَّ الحُسامُ
جميعُ النَّاس جسْمٌ وهْوَ رُوحٌ
به تَحيا المَفاصِلُ والعِظامُ
تُصَلِّي نحَوَهُ من كلِّ فَجٍّ
ملُوكُ الأَرْض وهْو لها إمامُ
قدمْ يا سيَّد الثقلين وابقى
مدى الأَيّام ما ناحَ الحمامُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> هاجَ الغرامُ فدُرْ بكاس مُدام هاجَ الغرامُ فدُرْ بكاس مُدام
هاجَ الغرامُ فدُرْ بكاس مُدام هاجَ الغرامُ فدُرْ بكاس مُدام
رقم القصيدة : 10755
-----------------------------------
هاجَ الغرامُ فدُرْ بكاس مُدام هاجَ الغرامُ فدُرْ بكاس مُدام
حتى تغيبَ الشَّمْسُ تَحتَ ظلاَمِ
ودع العوذال يُطنِبوا في عذلهم
فأَنا صديق اللَّومِ واللّوَّامِ(3/187)
يدّنو الحبيبُ وإنْ تناءتْ دارهُ
عني بطيفٍ زارَ بالأحلام
فكأَنَّ مَنْ قَدْ غَابَ جاءَ مُواصلي
وكأَنَّني أُومي لهُ بسلاَم
ولقد لَقيتُ شدائداً وأوابداً
حتى ارتقيتُ إلى أعزِّ مقام
وقهرتُ أبطالَ الوعى حتى غدوا
جَرحى وقَتْلى منْ ضِرابِ حُسامي
ما راعنى إلاّ الفراق وجوره
فأَطَعْتُهْ والدهرُ طَوعُ زِمامي
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أَظُلماً ورمْحي ناصري وحُسامي
أَظُلماً ورمْحي ناصري وحُسامي
رقم القصيدة : 10756
-----------------------------------
أَظُلماً ورمْحي ناصري وحُسامي
وذلاًّ وعزِّي قائِدٌ بزمامي
ولي بأس مفتول الذِّراعينِ خادرٍ
يدافع عنْ أشبالهِ ويحامي
وإني عزيزٌ الجار في كلِّ موطن
وأُكرم نفْسي أنْ يهونَ مقامي
هجرت البيوت المشرفاتِ وشاقني
بريق المواضى تحت ظلّ قتام
وقد خيَّروني كأْسَ خمْرٍ فلم أجد
سوى لوعة ٍ في الحرب ذاتِ ضِرامِ
سأرحل عنْكم لا أزور دياركم
وأقصدها في كلِّ جنح ظلام
وأطْلب أعدائي بكل سمَيذع
وكل هزبرٍ في اللقاء همام
مُنِعتُ الكَرى إن لم أَقدْها عوابساً
عليها كرامٌ في سروج كرام
تهزُّ رماحاً في يديْها كأَنَّما
سقين من اللَّبات صرف مدام
إذا أشْرَعوها للطعان حَسِبْتها
كواكب تهديها بدور تمام
وبيض سيوفٍ في ظلال عجاجة
كقطر عوادٍ في سوادِ غَمام
أَلاَ غنيّا لي بالصّهيل فإنَّه
سَماعي ورَقْراقُ الدماءِ نِدامي
وحطَّا على الرَّمضاءِ رحلي فإنها
مقيلي وإخفاقُ البنودِ خيامي
ولا تذْكرا لي طيبَ عيْش فإنما
بلوغُ الأّماني صحَّتي وسقامي
وفي الغزو ألقى أرغدَ العيش لذَّة ً
وفي المجدِ لا في مشربٍ وطعام
فماليَ أرضى الذُّلَّ حظّاً وصارمي
جريءٌ على الأعناق غير كهام
ولي فرسٌ يحْكي الرِّياح إذا جرى
لأبعدِ شأو من بعيد مرام
يجيبُ إشاراتِ الضَّمير حساسة ً
ويغنيكَ عن سوطٍ لهُ ولجام
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> خُسِف البدْرُ حين كان تماماً
خُسِف البدْرُ حين كان تماماً(3/188)
رقم القصيدة : 10757
-----------------------------------
خُسِف البدْرُ حين كان تماماً
وخفى نُورُهُ فعاد ظلاَما
ودراري النُّجوم غارتْ وغابَتْ
وضياءُ الآفاق صار قَتاما
حين قالوا زهيرُ ولى قتيلاً
خيَّم الحُزنُ عِنْدنا وأقاما
قد سقَاهُ الزَّمانُ كاسَ حِمام
وكَذاكَ الزمانُ يسْقي الحِماما
كانَ عوْني وعُدَّتي في الرَّزايا
كانَ درعي وذابلي والحساما
يا جفوني إنْ لم تجودي بدمعٍ
لجَعلْتُ الكَرى عليكِ حرَاما
قَسماً بالذي أماتَ وأحْيا
وتَوَلى الأَرواحَ والأَجساما
لا رفعتُ الحسام في الحربِ حتى
أتركَ القومَ في الفيافي عظاما
يا بني عامرٍ ستلقون برقاً
من حسامي يجري الدّماءَ سجاما
وتَضجُّ النساءُ من خيفَة ِ السَّبـ
ـي وتَبكي على الصّغار اليتامَى
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> قفا يا خليليَّ الغداة َ وسلما
قفا يا خليليَّ الغداة َ وسلما
رقم القصيدة : 10758
-----------------------------------
قفا يا خليليَّ الغداة َ وسلما
وعُوجا فإن لم تَفْعلا اليوْم تَنْدما
على طللٍ لو أنهُ كان قبلهُ
تَكلَّمَ رَسْمٌ دارسٌ لَتَكَلَّما
أيا عزَّنا لا عزَّ في الناس مثله
على عهْدِ ذي القرْنين لن يتَهدَّما
إذا خطرتْ عبسٌ ورائي بالقنا
علَوْتُ بها بيتاً مِنَ المجدِ مُعْلما
تراهُمْ يَعدُّون العناجيجَ والقنا
طوال الهوادي فوقَ وردٍ وأدهما
إذا ما ابتدرنا النَّهب من بعد غارة ٍ
أثرنا غباراً بالسَّنابكِ أقتما
ألاّ ربَّ يومٍ قد أنخنا بدراهم
أقيمُ بهمْ سيفي ورُمحي المقومَّا
وما هزَّ قومٌ راية ً للقائنا
من النَّاسِ إلاّ دراهمْ ملئتْ دما
وإنَّا أبَدْنا جمَعَهُمْ برماحِنا
وإنا ضَربْنا كَبْشَهُمْ فتحطَّما
بكلّ رقيق الشَّفرتينِ مهنَّدٍ
حُسامٍ إذا لاقى الضَّريبة َ صمَمَّا
يُفلِّقُ هامَ الدَّارعينَ ذُبابُهُ
ويَفْري مِنَ الأَبطالِ كفّاً ومِعصَما(3/189)
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وحقِّ هواكِ لا داوَيْتُ قلبي أتاني طَيْفُ عبْلة َ في المَنامِ
وحقِّ هواكِ لا داوَيْتُ قلبي أتاني طَيْفُ عبْلة َ في المَنامِ
رقم القصيدة : 10759
-----------------------------------
وحقِّ هواكِ لا داوَيْتُ قلبي أتاني طَيْفُ عبْلة َ في المَنامِ
فقبَّلني ثلاثاً في اللثامِ
وودَّعني فأودعني لهيباً
أستّرُهُ ويَشْعُلُ في عِظامي
ولو أنني أخْلو بنفْسي
وأطفي بالدُّموع جوى غرامي
لَمتُّ أسى ً وكم أشْكو لأَني
وأطْفي بالدُّموع جَوى غَرامي
أيا ابنة َ مالكٍ كيفَ التَّسلّي
وعهدُهواك من عهدِ الفِطام
وكيفَ أرُومُ منْكِ القُرْبَ يوْماً
وحولَ خباكِ آسادُ الإجام
وحقِّ هواكِ لا داوَيْتُ قلبي
بغيرِ الصبر يا بنتَ الكرام
إلى أنْ أرتقي درجَ المعالي
بطعن الرُّمح أو ضربِ الحسام
أنا العبدُ الذي خُبّرْتِ عنه
رَعيْتُ جِمالَ قوْمي منْ فِطامي
أروحُ من الصَّباح الى مغيبٍ
وأرقُدُ بينَ أطْنابِ الخِيامِ
أذِلُّ لعبْلة ٍ منْ فَرْطِ وجْدي
وأجعلها من الدُّنيا اهتمامي
وأمْتثِلُ الأَوامرَ منْ أَبيها
وقد مَلكَ الهوى مني زمامي
رضيتُ بحبّها طوْعاً وكُرْهاً
فهلْ أحظى بها قبلَ الحمام
وإنْ عابتْ سوادي فهو فخري
لأني فارسٌ من نسل حام
ولي قلْبٌ أشَدُّ منَ الرّواسي
وذكري مثلُ عرْفِ المسْكِ نام
ومنْ عَجبي أَصيدُ الأُسْد قَهْراً
وأَفتَرسُ الضَّواري كالهوَام
وتقنصني ظبا السَّعدي وتسطو
عليَّ مها الشَّرِبَّة ِ والخُزام
لَعَمْرُ أبيكَ لا أَسْلو هَواها
ولو طحنتْ محبَّتها عظامي
عليْكِ أَيا عُبيْلة ُ كلَّ يوْمٍ
سلامٌ في سلامِ في سلامِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أنا في الحربِ العوان
أنا في الحربِ العوان
رقم القصيدة : 10760
-----------------------------------
أنا في الحربِ العوان
غيرُ مجهول المكان
أينما نادَى المنادي
في دُجى النَّقْع يرَاني
وحسامي مع قناتي
لفعالي شاهدان
أنني أطعنُ خصمي(3/190)
وَهْو يَقْظانُ الجَنانِ
أسقِهِ كاسَ المنايا
وقِراها منهُ دَاني
أشعلُ النَّار ببأسي
وأطاها بجناني
إنني ليثٌ عبُوسٌ
ليسَ لي في الخلْق ثاني
خلق الرِّمحُ لكفي
والحسامُ الهندواني
ومعي في المَهْدِ كانا
فوْق صدْري يُؤْنِساني
فإذا ما الأَرضُ صارتْ
وردة َ مثل الدّهان
والدّما تجري عليها
لونها أحمرُ قاني
ورأيتُ الخيلَ تهوي
في نَوَاحي الصَّحْصحان
فاسْقياني لا بكأْسٍ
من دمٍ كالأرجوان
واسمعاني نغمة َ الأس
ـيافِ حتى تُطرباني
أطيبُ الأصواتِ عندي
حُسْنُ صوْت الهنْدواني
وصريرُ الرُّمحِ جهراً
في الوغى يومَ الطَّعان
وصِياحُ القوْمِ فيه
وهْو للأَبْطال داني
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> أُحِبُّكِ يا ظَلُومُ فأَنْتِ عِنْدي
أُحِبُّكِ يا ظَلُومُ فأَنْتِ عِنْدي
رقم القصيدة : 10761
-----------------------------------
أُحِبُّكِ يا ظَلُومُ فأَنْتِ عِنْدي
مكان الرُّوح من جسدِ الجبان
ولو أَني أقولُ مكانَ روحي
خشيتُ عَليْكَ بادِرَة َ الطّعانِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا أيها الملكُ الذي راحاتُهُ
يا أيها الملكُ الذي راحاتُهُ
رقم القصيدة : 10762
-----------------------------------
يا أيها الملكُ الذي راحاتُهُ
قامَتْ مَقامَ الغيْثِ في أزمانِهِ
يا قِبْلَة َ القُصَّادِ يا تاجَ العُلا
يا بدْر هذا العصر في كيوانه
يا مُخجِلاً نَوْءَ السَّماء بجُودهِ
يا مُنْقذَ المحزونِ منْ أحزانه
يا ساكِنينَ ديارَ عبْسٍ إنني
لاَقيْتُ منْ كِسرى ومنْ إحْسانه
ما ليْس يوصَفُ أو يُقَدَّرُ أوْ يَفي
أوْصافَهُ أحدٌ بوَصْفِ لسانه
ملكٌ حوى رتبَ المعالي كلّها
بسموِّ مجدٍ حلَّ في إيوانه
مولى به شرفَ الزَّمانُ وأهلهُ
والدَّهْرُ نالَ الفَخْرَ من تيجانه
وإذا سطا خافَ الأنامُ جميعهم
منْ بأْسهِ واللّيثُ عنْد عِيانِه
المظهرُ الإنصاف في أيَّامهِ
بخصالهِ والعدلَ في بلدانهِ
أمسيتُ في ربعٍ خصيبٍ عندهُ
متنَزِّهاً فيه وفي بسْتانهِ(3/191)
ونظَرْتُ برْكَته تَفيضُ وماؤها
يَحْكي مواهِبَه وجودَ بنانه
في مَربَعٍ جمَعَ الرَّبيعَ بربْعهِ
من كلِّ فنِّ لاحَ في أفنانه
وطُيورُهُ منْ كلِّ نوْعٍ أَنْشَدَتْ
جهراً بانَّ الدَّهرَ طوعُ عنانه
ملكٌ إذا ما جالَ في يوم اللّقا
وَقَفَ العدُّو مُحيَّراً في شانه
والنَّصْرُ من جُلَسائِهِ دونَ الورى
والسَّعد والإقبالُ من أعوَانه
فلأشكرنَّ صنيعه بينَ الملا
وأُطاعِنُ الفُرْسانَ في مَيْدانِهِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> إذا خصمي تقاضاني بدينٍ
إذا خصمي تقاضاني بدينٍ
رقم القصيدة : 10763
-----------------------------------
إذا خصمي تقاضاني بدينٍ
قَضيْتُ الدَّينَ بالرُّمح الرُّديني
وحدُّ السَّيفِ يُرضينا جميعاً
ويحكمُ بينكم عدلاً وبيني
جَهلْتُم يا بني الأَنذَالِ قدري
وقد عرفته أهلُ الخافقين
وما هدمتْ يدُ الحِدْثانِ ركْني
ولا امتَدَّتْ إليَّ بَنانُ حَيْني
علَوْتُ بصارمي وسِنانِ رُمحي
على أُفْق السُهى والفَرْقَدَين
وغادرت المبارزَ وسطَ قفرٍ
يُعَفِّرُ خدَّهُ والعارِضَيْنِ
وكم منْ فارسٍ أَضْحى بسْيفي
هشيمَ الرَّأس مخضوب اليدين
يجومُ عليهِ عقبانُ المنايا
وتحجلُ حولهُ غربانُ بينٍ
وآخرُ هاربٌ من هول شخصي
وقد أجرى دموع المقلتين
وسوْفَ أُبيدُ جمْعَكُمُ بِصَبْري
ويطفا لاعجي وتقرُّ عينى
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا طائر البان قد هيَّجتَ أشجاني
يا طائر البان قد هيَّجتَ أشجاني
رقم القصيدة : 10764
-----------------------------------
يا طائر البان قد هيَّجتَ أشجاني
وزِدْتَني طرَباً يا طائرَ البانِ
إن كنتَ تندب إلفاً قد فجعتَ بهِ
فقد شجاكَ الذي بِالبينِ أشجاني
زدني من النَّوح واسعدني على حزني
حتى تَرى عجباً من فَيْضِ أجفاني
وقِفْ لتَنْظُرَ ما بي لا تَكنْ عَجِلاً
واحذَرْ لِنَفْسِكَ من أَنْفاسِ نيراني
وطرْ لعلك في ارض الحجازِ ترى
رَكْباً على عَالِجٍ أوْ دون نَعْمان
يسري بجارية ٍ تنهلُّ أدمعها(3/192)
شوقاً إلى وطن ناءٍ وجيران
ناشدتُكَ الله يا طيرَ الحمامِ إذا
رأيتَ يوْماً حُمُولَ القوْمِ فانعاني
وقلْ طريحاً تركناهُ وقد فنيت
دُموعُهُ وهوَ يبكي بالدَّم القاني
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني
لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني
رقم القصيدة : 10765
-----------------------------------
لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني
وعاثت به أيدي البلى فحكاني
وقفتُ به والشَّوقُ يكتبُ أسطراً
بأَقْلاَم دَمعي في رُسوم جَناني
أُسائلُه عنْ عبلة ٍ فأَجابني
غرابٌ به ما بي من الهيمان
ينوحُ على إلفٍ لهُ واذا شكا
شكا بنَحيبٍ لا بنطْق لِسان
وينْدبُ منْ فرْطِ الجوى فأجبتُه
بحسرة ِ قلبٍ دائم الخفقان
ألا يا غرابَ البين لو كنت صاحبي
قطَعنا بلاَدَ الله بالدَّوران
عسى أن نرى من نحو عبلة مخبراً
بأيَّة ِ أرضٍ أو بأيِّ مكان
وقد هتفتْ في جنح ليل حمامة ٌ
مغردة ٌ تشكو صروف زمان
فقلتُ لها لو كُنْتِ مثْلي حزينة ً
بكيتِ بدمعٍ زائدِ الهملان
وما كنْتِ دي دوْحٍ تَميسُ غصونهُ
ولا خَضّبتْ رجلاكِ أحمَر قاني
أيا عبلَ لو أنَّ الخيال يزورُني
على كلِّ شهرٍ مرّة ً لكَفاني
لئن غبتِ عن عيني ياا بنة مالكٍ
فشخْصُكِ عنْدِي ظاهرٌ لعياني
غداً تصبحُ الأَعداءُ بين بُيوتِكُم
تعَضُّ من الأَحزان كلَّ بنانِ
فلاَ تحْسَبُوا أن الجيوشَ تَرُدُّني
إذا جُلْتُ في أكْنافِكُمْ بحصاني
دعوا الموت يأتيني على أيِّ صورة ٍ
أتى لأُريه موْقفي وطِعاني
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا دارُ أينَ ترَّحلَ السُّكانُ
يا دارُ أينَ ترَّحلَ السُّكانُ
رقم القصيدة : 10766
-----------------------------------
يا دارُ أينَ ترَّحلَ السُّكانُ
وغدتْ بهم من بعدنا الأظعانُ
بالأمسِ كان بكِ الظباءُ أوانساً
واليومَ في عرصاتكِ الغربان(3/193)
يا رداَ عبلة َ أين خيَّمَ قومها
لمَّا سَرَتْ بهمُ المَطيُّ وبانُوا
ناحت خميلاتُ الأراك وقد بكى
من وحشة ٍ نزلت عليه البان
يا دارُ أرواحُ المنازلِ أهلها
فإذا نأَوْا تَبكيهم الأبدانُ
يا صاحبي سَلْ ربْعَ عبْلَة َ واجتهدْ
إنْ كانَ للرّبعِ المحيل لسان
يا عَبْلُ ما دَامَ الوصالُ ليالياً
حتى دهانا بعدهُ الهجران
ليت المنازلَ أخبرت مستخبراً
أين استقرَّ بأهلها الأوطان
يا طائراً قد باتَ يندبُ إلفهُ
وينُوحُ وهْوَ مُولّهٌ حَيرانُ
لو كنتَ مثلي ما لبثتَ ملوَّناً
حَسناً ولا مالتْ بكَ الأَغصان
أين الخَليُّ القلْبِ ممَّنْ قلْبُهُ
من حرِّ نيرانِ الجوى ملآن
عِرْني جَناحَكَ واسْتعِرْ دمْعي الذي
أفنى ولا يفنى له جريان
حتى أَطيرَ مُسائلاً عنْ عبْلة ٍ
إنْ كان يُمكنُ مثليَ الطَّيرانُ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> سلي يا عبلة َ الجبلينِ عنَّا
سلي يا عبلة َ الجبلينِ عنَّا
رقم القصيدة : 10767
-----------------------------------
سلي يا عبلة َ الجبلينِ عنَّا
وما لاقتْ بنو الأعجام منَّا
أَبَدْنَا جَمْعَهُمْ لما أَتوْنا
تموجُ مواكبٌ إنساً وجنا
وراموا أكلنا من غير جوع
فأشبعناهم ضرباً وطعنا
ضربناهم ببيضٍ مرهفاتٍ
تَقُدُّ جُسُومَهُمْ ظهْراً وَبَطْنا
وفرقنا المواكبَ عن نساءٍ
يزدْنَ على نساءِ الأَرْض حُسنا
وكم منْ سيدٍ أضحى بسيفي
خضيبَ الراحتين بغير حنا
وكم بطلٍ تركتُ نساهُ تبكى
يردّدنَ النُّواحَ عليه حزنا
وحجَّارٌ رأى طعني فنادى
تأَنى يا بنَ شدَّادِ تأَنى
خلقتُ من الجبالِ أشدَّ قلباً
وقد تفنى الجبالُ ولستُ أفنى
أنا الحصنُ المشيدُ لآلِ عبسٍ
إذا ما شادتِ الأبطالُ حصنا
شبيهُ اللّيلِ لوني غيرَ أَنّي
بفعلي منْ بياض الصُّبح أَسنى
جوادي نسبتي وأبي وأمي
حُسامي والسنانُ إذا انْتسبْنا
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ألا يا غرابَ البين في الطَّيران
ألا يا غرابَ البين في الطَّيران
رقم القصيدة : 10768(3/194)
-----------------------------------
ألا يا غرابَ البين في الطَّيران
أعرني جناحاً قد عدمتُ بناني
ترى هلْ علمتَ اليومَ مقتل مالكٍ
ومصرعهُ في ذلَّة ٍ وهوان
فانْ كانَ حَقَّا فالنُّجُومُ لفِقْدِهِ
تغيبُ ويهوي بعدهُ القمران
لقد كانَ يوماً أسودَ اللَّيل عابساً
يخافُ بلاهُ طارقُ الحدثان
فلّله عيناً من رأى مثلَ مالكِ
عقيرة َ قَوْمٍ إنْ جرى فَرَسانِ
فليتهما لم يجر يا نصف غلوة ٍ
ولَيْتَهُمَا لم يُرْسَلا لِرِهَان
وَلَيْتَهُما ماتا جَميعاً ببلْدة ٍ
وأَخْطاهُما قَيْسٌ فلا يُريانِ
فقد جلبا حَيْناً وحرْباً عظيمة ً
تُبيدُ سُراة َ القَوْمِ من غَطَفانِ
وقد جلبا حيناً لمصرع مالكٍ
وكان كريماً ماجداً لِهجانِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وكان لدى الهيجاء يحمي ذمارها
وكان لدى الهيجاء يحمي ذمارها
رقم القصيدة : 10769
-----------------------------------
وكان لدى الهيجاء يحمي ذمارها
ويطعنُ عند الكرَّ كلَّ طعان
به كنتُ أسطو حينما جدَّت العِدا
غداة اللقا نحوي بكل يماني
فقد هدَّ ركني فقده ومصابهُ
واخلَّى فؤادي دائمَ الخفقان
فوا أسفا كيف انثنى عن جواده
وماكان سيفي عندهُ وسناني
رماهُ بسهم الموتِ رامٍ مصمَّمٌ
فياليتهُ لما رماهُ رماني
فسوف ترى إن كنت بعدك باقياً
وأمكنني دهر وطول زمان
وأقسمُ حقاً لو بقيت لنظرة ٍ
لقرت بها عيناك حين تراني
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> بأسمَرَ من رماحِ الخَطّ لَدْنٍ أرى لي كلَّ يوْمٍ معْ زماني
بأسمَرَ من رماحِ الخَطّ لَدْنٍ أرى لي كلَّ يوْمٍ معْ زماني
رقم القصيدة : 10770
-----------------------------------
بأسمَرَ من رماحِ الخَطّ لَدْنٍ أرى لي كلَّ يوْمٍ معْ زماني
عتاباً في البعاد وفي التداني
يُريدُ مذلَّتي ويَدُور حوْلي
بجيش النائباتِ إذا رآني
كأني قد كَبِرتُ وشابَ رأسي
وقلَّ تجلُّدي ووهى جَناني
ألا يا دهرُ يومي مثلُ أمسي
وأعظمُ هيبة ً لمن التقاني(3/195)
ومكرُوبٍ كشَفْتُ الكَربَ عنه
بضربة ٍ فيصل لَّما دعاني
دعاني دعوة ً والخيلُ تجري
فما أدري أبا سمى أمْ كناني
فلم أُمْسِكْ بسمْعي إذْ دعاني
ولكنْ قد أبان لهُ لِساني
ففرَّقْتُ المواكِبَ عنْهُ قهْراً
بطعنٍ يسبقُ البرق اليماني
وما لبَّيته إلا وسيفي
ورمحي في الوغى فَرَسا رِهانِ
وكان إجابتي إيَّاهُ أني
عطَفتُ عليه خَوَّارَ العِنان
بأسمَرَ من رماحِ الخَطّ لَدْنٍ
وأبيضَ صارِمٍ ذَكرٍ يَمانِ
وقرنٍ قد تركتُ لدى مكرَّ
عليه سبائباً كالأرجوان
تركتُ الطَّير عاكفة ً عليه
كما تُهَدى إلى العُرْس الغواني
وتمنعهنَّ أنْ يأكلن منهُ
حياة ُ يدٍ ورِجْلٍ تركضان
وما أوهى مراسُ الحرب ركني
ولا وصلتْ إليَّ يدُ الزَّمان
وما دانيْتُ شخْصَ الموْتِ إلاّ
كما يدنو الشجاعُ من الجبان
وقد عَلِمَتْ بنو عبْسٍ بأني
أهشُّ إذا دعيت إلى الطّعان
وأنَّ الموت طوع يدي إذا ما
وصلتُ بنانَها بالهِندُواني
ونعم فوارسُ الهيجاءِ قومي
إذا علق الأَعنَّة ُ بالبنان
هم قتلوا لقيطاً وابن حجر
وأردوا حاجباً وابنَي أبانِ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> طربتُ وهاجني برق اليماني
طربتُ وهاجني برق اليماني
رقم القصيدة : 10771
-----------------------------------
طربتُ وهاجني برق اليماني
وذكرني المنازلَ والمغاني
وأضرمَ في صميمِ القلبِ ناراً
كضربي بالحُسامِ الهنْدُواني
لَعَمْرُكَ ما رِمَاحُ بني بَغيضٍ
تخونُ أكفهمْ يوم الطعان
ولا أسيافُهُم في الحرب تَنبو
إذا عرف الشجاعُ من الجبان
ولكنْ يضربون الجيشَ ضرباً
ويَقْبرُونَ النُّسورَ بلا جِفانِ
ويقتحمون أهوال المنايا
غداة َ الكرِّ في الحربِ العوان
أعبلة ُ لو سألتِ الرمح عني
أجابكِ وهو منطلق اللسان
بأَني قد طَرَقتُ ديارَ تيمٍ
بكلَّ غضنفرٍ ثبتِ الجنان
وخُضتُ غُبارها والخيلُ تَهوي
وسيفي والقَنا فَرسا رهانِ
وإن طَرِبَ الرِّجالُ بشُرْبِ خَمْرٍ
وغيبَ رشدهم ْ خمرُ الدنان
فَرُشْدي لا يُغيِّبُهُ مُدَامٌ(3/196)
ولا أُصْغي لِقَهْقَهة ِ القناني
وبدرٌ قد تركناهُ طريحاً
كأن عليهِ حلة أرجوان
شككتُ فؤادهُ لما تولى
بصدر مثقَّفٍ ماضي السنان
فخَرَّ على صَعيدِ الأَرْض مُلْقى ً
عفير الخدّ مخضوبَ البنان
وعُدْنا والفَخارُ لنا لِباسٌ
نسودُ بهِ على أهل الزَّمان
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ذكرتُ صبابتي من بعدِ حينِ
ذكرتُ صبابتي من بعدِ حينِ
رقم القصيدة : 10772
-----------------------------------
ذكرتُ صبابتي من بعدِ حينِ
فعَاد ليَ القديمُ من الجُنُونِ
وحَنَّ إلى الحِجاز القلْبُ مني
فهاجَ غرامهُ بعد السكون
أتطلبُ عبلة ً مني رجالٌ
أقلُّ الناس علما باليقين
رويداً إنَّ أفعالي خطوبٌ
تشيبُ لهوْلها رُوسُ القُرون
فكمْ ليلٍ ركبتُ به جواداً
وقد أصبحتُ في حصنٍ حصين
وناداني عِنانٌ في شِمالي
وعاتبني حسامٌ في يميني
أيأخذُ عبلة ً وغدٌ ذميمٌ
ويحظى بالغنى والمالِ دوني
فكم يشكو كريمُ منْ لئيم
وكم يَلْقى هِجانٌ من هَجين
وما وجد الأعادي فيَّ عيباً
فعابوني بلون في العيون
ومالي في الشَّدائد من مُعينِ
سِوى قَيْسِ الذي منها يقيني
كريمُ في النوائب أرتجيهِ
كما هُو للمعامع يصْطفيني
لقد أضحى متيناً حبلُ راجٍ
تمسكَ منهُ بالحبل المتين
من القَوم الكرام وهم شمُوسٌ
ولكن لا توارى بالدجون
إذا شَهدُوا هياجاً قلْت: أُسْدٌ
منَ السمر الذوابل في عرين
أيا ملكاً حوى رتبَ المعالي
إليكَ قدِ التَجأْتُ فكُنْ مُعيني
حللْتَ من السعادة ِ في مكانٍ
رفيع القدر منقطع القرين
فمن عاداكَ في ذُلٍّ شديدٍ
ومنْ والاك في عزّ مبين
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> يا عَبلُ أينَ من المَنيَّة ِ مَهْربي
يا عَبلُ أينَ من المَنيَّة ِ مَهْربي
رقم القصيدة : 10773
-----------------------------------
يا عَبلُ أينَ من المَنيَّة ِ مَهْربي
إن كانَ ربي في السَّماءِ قَضاها
وكتَيبة ٍ لبَّستُها بكَتيبة ٍ
شهْباءَ باسِلة ٍ يُخافُ ردَاها
خرساءَ ظاهرة ِ الأداة ِ كأنها(3/197)
نارٌ يُشَبُّ وَقُودها بلَظاها
فيها الكماة ُ بنو الكماة ِ كأنهمْ
والخيلُ تعثرُ في الوَغى بقناها
شهبُ بأيدي القابسين إذا بدتْ
بأكفهمْ بهرَ الظَّلام سناها
صُبُرٌ أعدُّوا كلَّ أجْردَ سابحٍ
ونجيبة ٍ ذبلتْ وخفَّ حشاها
يعدون بالمستلئمين عوابساً
قُواداً تَشكَّى أينها ووَجاها
يحْمِلْنَ فِتْياناً مَداعِسَ بالقَنا
وقراً إذا ما الحربُ خفَّ لواها
مِنْ كلِّ أروعَ ماجدٍ ذي صَوْلة ٍ
مَرسٍ إذا لحقَتْ خُصى ً بكُلاها
وصحابة ٍ شُمِّ الأُنوفِ بعَثْتُهمْ
ليلاً وقد مال الكرى بطلاها
وسريتُ في وعثِ الظَّلامِ أقودها
حتى رأيتُ الشمس زالَ ضحاها
ولقيتُ في قبل الهجيرِ كتيبة َ
فطعنتُ أوَّلَ فارسٍ أولاها
وضربتُ قرني كبشها فتجدَّلا
وحملتُ مهري وسطها فمضاها
حتى رأيتُ الخيلَ بعد سوادها
حمرَ الجلودِ خضبنَ منْ جرحاها
يعثُرنَ في نَقْع النجيع جَوافِلاً
ويطأنَ من حمْي الوَغى صَرْعاها
فرجعتُ محموداً برأسِ عظيمها
وتركتها جزَراً لمنْ ناواها
ما اسْتَمْتُ أُنثى نفسَها في موْطنٍ
حتى أُوَفّي مَهرها مَوْلاها
ولما رزأْتُ أخا حِفاظٍ سِلْعَة ً
إلاّ له عندي بها مِثْلاها
وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي
حتى يُواري جارتي مأْواها
إني امرؤٌ سَمْحُ الخليقة ِ ماجدٌ
لا أتبعُ النفسَ اللَّجوجَ هواها
ولئنْ سأَلْتَ بذاكَ عبلة َ خَبَّرَتْ
أن لا أريدُ من النساءِ سواها
وأُجيبُها إمَّا دَعتْ لِعَظيمة ٍ
وأعينها وأكفُّ عَّما ساها
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> وإنْ تك حَربكم أمْستْ عواناً
وإنْ تك حَربكم أمْستْ عواناً
رقم القصيدة : 10774
-----------------------------------
وإنْ تك حَربكم أمْستْ عواناً
فأني لم أكن ممنْ جناها
ولكنْ ولدُ سودة َ أرثوها
وشبُّوا نارها لمنْ اصْطلاها
فأني لستُ خاذِلكم ولكنْ
سأسعى الآن اذ بلغتْ إناها
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> قفْ بالديار وصحْ إلى بيداها
قفْ بالديار وصحْ إلى بيداها
رقم القصيدة : 10775(3/198)
-----------------------------------
قفْ بالديار وصحْ إلى بيداها
فعسى الديار تجيبُ منْ ناداها
دارٌ يفوحُ المِسْك من عَرَصاتِها
والعودُ والندُّ الذكيُّ جناها
دارٌ لعبلة َ شَطَّ عنْكَ مَزارُها
ونأْتْ لعمْري ما أراكَ تراها
ما بالُ عيْنِكَ لا تملُّ من البُكا
رمدٌ بعينكَ أمْ جفاكَ كراها
يا صاحبي قفْ بالمطايا ساعة ً
في دَار عبْلة سائلاً مغْناها
أم كيفَ تسأل دمنة ً عادية َ
سفت الجنوبُ دمائها وثراها
يا عبلَ قد هامَ الفُؤَادُ بذِكْركم
وأرى ديوني ما يحلُّ قضاها
يا عَبلَ إنْ تبكي عليَّ بحُرْقَة ٍ
فلطالما بكتِ الرجالُ نساها
يا عَبْلَ إني في الكريهة ِ ضَيْغَمٌ
شَرسٌ إذا ما الطَّعْنُ شقَّ جباها
وَدَنَتْ كِباشٌ من كِباشٍ تصْطلي
نارَ الكريهة ِ أوْ تخُوضُ لَظاها
ودنا الشُّجاعُ من الشُّجاع وأُشْرعَتْ
سمر الرماح على اختلافِ قناها
فهناك أطعنُ في الوغى فرْسانها
طَعْناً يَشقُّ قُلوبَها وكُلاها
وسلي الفوارس يخبروكِ بهمتي
ومواقفي في الحربِ حين أطاها
وأزيدها من نار حربي شعلة ً
وأثيرها حتى تدورَ رحاها
وأكرُّ فيهم في لهيب شعاعها
وأكون أوَّل وافدٍ يصلاها
وأكون أول ضاربٍ بمهندٍ
يفري الجماجمَ لا يريدُ سواها
وأكون أولَّ فارسٍ يغشى الوغى
فأقود أوَّل فارسِ يغْشاها
والخيلُ تعْلم والفوارسُ أنني
شيخ الحروب وكهلها وفتاها
يا عبلَ كم منْ فارس خلَّيْتُهُ
في وسْطِ رابية ٍ يَعُدُّ حصاها
يا عبلُ كم من حرَّة ٍ خلَّيتُها
تبكي وتنعي بعلها وأخاها
يا عبلُ كم من مُهرة ٍ غادرتُها
من بعد صاحبها تجرُّ خطاها
يا عبلُ لو أني لقيتُ كتيبة ً
سبعين ألفاً ما رهبت لقاها
وأنا المنَّية وابن كلِّ منية ٍ
وسواد جلدي ثوبها ورداها
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> رأَت طَعْني فولَّتْ واسْتقلَّتْ سلوا عنا جُهيْنة َ كيف باتت
رأَت طَعْني فولَّتْ واسْتقلَّتْ سلوا عنا جُهيْنة َ كيف باتت
رقم القصيدة : 10776
-----------------------------------(3/199)
سلوا عنا جُهيْنة َ كيف باتت
تهيم من المخافة في رباها
رأَت طَعْني فولَّتْ واسْتقلَّتْ
وسُمْرُ الخطّ تعمَلُ في قَفاها
وما أبقيتُ فيها بعد بشرٍ
سوَى الغِربان تحْجُلُ في فلاَها
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> لقينا يومَ صهباءٍ سريّه
لقينا يومَ صهباءٍ سريّه
رقم القصيدة : 10777
-----------------------------------
لقينا يومَ صهباءٍ سريّه
حناظلة ً لهُم في الحرب نيَّهْ
لَقيناهم بأَسيافٍ حِدادٍ
وأسدٍ لا تفر منَ المنيهْ
وكان زعيمُهُمْ إذْ ذاكَ لَيثاً
هزبراً لا يبالي بالرزيهْ
فخَلَّفناهُ وسْطَ القاع مُلْقى ً
وها أنا طالب قتل البقيهْ
ورحنا بالسيوفِ نسوق فيهم
إلى ربواتِ معضلة ٍ خفيهْ
وكم منْ فارسٍ منْهمْ تَركْنا
عليهِ مننْ صوارِمنا قضيَّهْ
فوارسنا بنو عبسً وإنا
لُيوثُ الحربِ ما بيْن البريَّهْ
نجيدُ الطعنَ بالسمر العوالي
ونضرب بالسيوفِ المشرفيهْ
وننعل خيلنا في كلَّ حربٍ
من الساداتِ أقحافا دميهْ
ويوْم البذْلِ نُعْطي ما مَلكنا
من الأموالِ والنِّعمِ البَهيَّه
ونحن العادلون إذا حكمنا
ونحن المشفقون على الرَّعيهْ
ونحن المنصفون إذا دعينا
إلى طعْن الرِّماح السَّمهريّه
ونحن الغالبون إذا حملنا
على الخيل الجيادِ الأعوجيهِ
ونحن الموقدونِ لكل حربٍ
ونصلاها بأفئدة ٍ جريهْ
ملأنا الأرض خوفاً من سطانا
وهابتنا الملوك الكسرويه
سلُوا عنا دِيارَ الشَّام طَرّاً
وفرسانَ الملوكِ القَيْصَريّه
أنا العَبدُ الذي بدِيار عبْسٍ
رَبيتُ بعزَّة ِ النَّفسِ الأَبيّه
سلوا النُّعمانَ عنّي يوْم جاءَتْ
فوارس عصبة النار الحميهْ
أقمت بصارمي سوق المنايا
ونلتُ بذابلي الرُّتَبَ العليَّه
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ألاَ يا دار عبلة ََ بالطوى
ألاَ يا دار عبلة ََ بالطوى
رقم القصيدة : 10778
-----------------------------------
ألاَ يا دار عبلة ََ بالطوى
كرجْعِ الوشْمِ في رُسْغِ الهَديّ
كوحْي صحائفٍ منْ عَهْدِ كِسْرَى(3/200)
فأَهْداهُما لأَعْجمَ طمطِميِّ
أمنْ زوِّ الحوادثِ يوْم تسمو
بنو جرمٍ لحرب بني عدِي
إذا اضطربوا سمعت الصوت فيهم
خفياً غيرَ صوْتِ المَشْرَفيّ
وغير نوافذٍ يخرجنَ منهمْ
بطعن مثلَ أشطان الرَّكي
وقد خذلتهم ثعلُ بنْ عمرو
سلاَمانِيّهُمْ والجَرْوليّ
العصر الجاهلي >> عنترة بن شداد >> ألاّ قاتل الله الطلولَ البواليا
ألاّ قاتل الله الطلولَ البواليا
رقم القصيدة : 10779
-----------------------------------
ألاّ قاتل الله الطلولَ البواليا
وقاتل ذِكراكَ السنين الخَواليا
وقولك للشيء الذي لا تنالهُ
إذا ما حَلاَ في العين: يا ليتَ ذا ليا
ونحن منعنا بالفروق نساءَنا
نطرفُ عنها مشعلات غواشيا
حلَفنا لهمْ والخيلُ تَردي بنا معاً
نزايلُهُمْ حتى يَهِّروا العواليا
عواليَ زُرْقاً من رماحٍ رُدينَة ٍ
هرير الكلاب يتقين الأفاعيا
تَفاديتُم أَسْتاهَ نيبٍ تجَمَّعتْ
على رِمَّة ٍ من ذي العِظام تفاديا
ألم تعلموا أنَّ الأسنة أحرزتْ
بقيتنا لو أن للدهر باقياً
ونحْفظ عورَاتِ النِّساءِ ونتَّقي
عليْهنَّ أنْ يلْقينَ يوْماً مخازيا
أبينا أبينا أن تضبَّ لثاتكمْ
على مرشِفاتٍ كالظّباء عوَاطيا
وقلت لمن قد أحضرَ الموتَ نفسه
ألاَ من لأَمر حازمٍ قد بدا ليا
وقلت لهم ردوا المغيرة عن هوَى
سوابقها وأقبلوها النواصيا
وإنا نقودُ الخيل تحكي رؤوسها
رؤوس نساءٍ لا يجدن فواليا
فما وَجدُونا بالفَرُوق أُشابة ً
ولا كشفاً ولا دعُينا مواليا
تعالوا إلى ما تعلمون فإنني أرى
الدَّهْر لا يُنْجي من المَوتِ ناجيا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> الحِبّ حيثُ المعشرُ الأعداءُ
الحِبّ حيثُ المعشرُ الأعداءُ
رقم القصيدة : 10780
-----------------------------------
الحِبّ حيثُ المعشرُ الأعداءُ
والصبر حيثُ الكِلّة ُ السِّيَراءُ
ما للمهارى الناجياتِ كانَّها
حتمٌ عليها البَينُ والعُدَواءُ
ليس العجيبُ بأن يُبارِينَ الصَّبا
والعذلُ في أسماعِهِنّ حُداءُ(3/201)
تدنو منالَ يدِ المحبّ وفوقها
شمسُ الظهيرة ِ خدرها الجوزاء
بانتْ مُوَدِّعة ً فجيدٌ مُعْرِضٌ
يومَ الوداع ونظرة ٌ شزْراء
وغدتْ مُمنَّعة َ القِباب كأنها
بين الحِجالِ فريدة ٌ عصماء
حُجَبُت ويُحجب طيفُها فكأنما
منهم على لحظاتِها رُقباء
ما بانة ُ الوادي تثنّى خوطها
لكنّها اليَزَنيّة ُ السّمْراء
لم يبقَ طرفٌ أجردٌ إلاّ أتى
من دونهاوطِمِرّة ٌ جرداء
ومفاضة ٌ مسرودة ٌ وكتيبة ٌ
مَلمومَة ٌ وعَجاجَة ٌ شهباء
ماذا أُسائِلُ عن مغَاني أهلِها
وضميريَ المأهولُ وهي خَلاء
لله إحدى الدّوحِ فاردة ً ولا
للهِ محنية ٌ ولا جرعاء
بانَتْ تَثَنّى لا الرّياحُ تَهُزُّهَا
دوني ولا أنفاسيَ الصُّعداء
فكأنّما كانتْ تَذكَّرُ بيْنَكم
فتميدُ في أعطافها البُرحاء
كلُّ يهيجُ هواكَ إمّا أيكة ٌ
خضراءُ أو أيكة ٌ ورقاء
فانظرْ!أنارٌ باللّوى أم بارِقٌ
متألّقٌ أم راية ٌ حمراء
بالغورِ تخبو تارة ً ويشبُّها
تحتَ الدُّجنّة ِ مندلٌ وكباء
ذمَّ الليالي بعدَ ليلتنا التي
سَلَفَتْ كما ذمَ الفراقَ لقاء
لبِستْ بياضَ الصّبْح حتى خلتُها
فيه نجاشيّاً عليه قَباء
حتى بدتْ والبدرُ في سِرْبالِها
فكأنّها خيفانة ٌ صدراء
ثمّ انتحى فيها الصّديعُ فأدبَرَتْ
فكأنّها وَحْشِيّة ٌ عَفْراء
طويتْ لي الأيامُ فوقَ مكايدٍ
ما تَنْطوي لي فوقَها الأعْداء
ما كانَ أحسنَ منْ أياديها الّتي
تُولِيكَ إلاّ أنّها حَسْناء
ما تُحسِنُ الدنيا تُديمُ نعيمَها
فهي الصَّناعُ وكفُّها الخرَقاء
تشأى النَّجازَ عليّ وهيَ بفتكهِا
ضِرغامَة ٌ وبِلوْنِها حِرْباء
إنَ المكارمَ كنّ سرباً رائداً
حتّى كنسنَ كأنَّهنّ ظباء
وطِفقْتُ أسألُ عن أغرَّ مَحجَّلٍ
فإذا الأنامُ جِبِلّة ٌ دَهماء
حتى دُفعْتُ إلى المعزّ خليفة ً
فعملتُ أنّ المطلَب الخُلفاء
جودٌ كأنّ اليمّ فيهِ نفاثة ٌ
و كأنما الدّنياعليهِ غثاء
مِلكٌ إذا نطقَتْ عُلاهُ بمدحِهِ
خرسَ الوفودُ وأفحمَ الخطباء
هو علّة الدُّنيا ومن خلقتْ له(3/202)
و لعلّة ٍ ما كانتِ الأشياء
من صفوِ ماء الوحي وهوَ مُجاجة ٌ
من حَوضه الينبوع وهو شفاء
من أيكة ِ الفرْدوْس حيثُ تفتقتْ
ثمراتها وتفيّأ الأفياء
من شعلة القبَس التي عُرِضتْ على
موسى وقد حارتْ به الظَّلماء
من معدنِ التقديسِ وهو سلالة ٌ
من جوهرِ الملكوتِ وهو ضياء
من حيثُ يقتبسُ النهارُ لمبصرٍ
و تشقُّ عن مكنونها الانباء
فتَيَقّظوا من غَفْلة ٍ وتَنَبّهوا
ما بالصبّاحِ عن العيونِ خَفاء
ليستْ سماءُ الله ما تَرْأونَها
لكنّ أرضاً تحتويهِ سماء
أمّا كواكِبُها له فخَواضِعٌ
تخفي السُّجودَ ويظهرُ الإيماء
و الشمسُ ترجعُ عن سناه جفونها
فكأنّها مَطرُوفة ٌ مَرْهَاء
هذا الشفيعُ لأمَّة ٍ يأتيْ بها
وجُدُودُهُ لجدُودِها شُفعاء
هذا أمينُ اللهِ بينَ عبادهِ
و بلادهِ إنْ عدَّتِ الأمناء
هذا الَّذي عطفتْ عليهِ مكة ٌ
وشعابهاو الرُّكنُ والبطحاء
هذا الأغَرُّ الأزهَرُ المتألقُ المـ
ـتَدَفِّقُ المُتَبَلِّجُ الوضّاء
فعَليهِ من سِيما النبيّ دَلالَة ٌ
وعليهِ من نورِ الإلهِ بَهاء
وَرِثَ المُقيمَ بيثرِبٍ فالمِنبرُ الـ
ـأعْلى له والتُّرعَة ُ العَلياء
والخطبة ُ الزّهراء فيها الحكمة الـ
ـغَرّاءُ فيها الحجّة ُ البَيضاء
للنّاس إجماعٌ على تفضيلهِ
حتى استَوَى اللُّؤماءُ والكُرَماء
واللُّكْنُ والفُصَحاء والبُعَداء والـ
قرباءُ والخصماءُ والشُّهداء
ضرّابُ هامِ الرّومِ منتقماً وفي
أعناقهمْ منْ جودهِ أعباء
تجري أياديه التي أولاهمُ
فكأنَّها بينَ الدمّاءِ دماء
لولا انبعاثُ السيف وهو مسلَّطٌ
في قتْلهمْ قَتَلَتْهُمُ النَّعْماء
كانتْ ملوكُ الأعجمَينِ أعزّة ً
فأذلّها ذو العزِّة ِ الأبَّاء
لنْ تصغرَ العظماءُ في سلطانهم
إلاّ إذا دلفَتْ لها العُظَماء
جهلَ البطارقُ أنّهُ الملكُ الذي
أوصى البنينَ بسلمهِ الآباء
حتى رأى جهَّالهم من عزمهِ
غبَّ الذي شهدتْ به العلماء
فتقاصرُوا من بعدما حكمَ الردى
و مضى الوعيدُ وشبِّتِ الهيجاء(3/203)
والسيْلُ ليسَ يحيدُ عن مُستنّهِ،
و السّهمُ لا يدلى به غلواء
لم يُشرِكوا في أنّهُ خَيرُ الوَرَى
ولِذي البَريّة ِ عندهُمْ شُركاء
و إذا أقرّ المشركونَ بفضلهِ
قَسْراً فما أدراكَ ما الخُنفاء
في الله يسري جودُهُ وجُنودُهُ
و عديدهُ والعزمُ والآراءُ
أومَا ترى دولَ الملوكِ تطيعه
فكأنَّها خولٌ لهُ وإماء
نَزَلَتْ ملائكة ُ السماءِ بنصرِهِ
وأطاعَهُ الإصْباحُ والإمساء
والفُلْكُ والفَلَكُ المُدارُ وسعدُهُ
والغَزْوُ في الدّأماءِ والدّأماء
والدهرُ والأيّامُ في تصريفِها
والناسُ والخضراءُ والغَبراء
أينَ المفرُّ ولا مفرَّ لهاربٍ
و لكَ البسيطانِ الثُّرى والماء
ولكَ الجواري المنشآتُ مواخراً
تَجري بأمركَ والريّاحُ رخاء
و الحاملات وكلُّها محمولة ٌ
والنّاتِجات وكلّها عذراء
و الأعوجيّات التي إن سوبقتْ
سبقت وجريُ المذكيات غلاء
الطائرات السّابحات السّابقا
ت الناجيات إذا أستُحِثّ نَجاء
فالبأسُ في حمس الوغى لكماتها
والكبرياءُ لهُنّ والخُيلاء
لا يصدرونَ نحورها يومَ الوغى
إلاّ كما صبغَ الخدودَ حياء
شمُّ العَوالي والأنوفِ تَبَسّموا
تحت القُنوس فأظلموا وأضاءوا
لبسوا الحديدَ على الحديدِ مظاهراً
حتى اليلامقَ والدروعُ سواء
و تقنّعوا الفولاذَ حتى المقلة ُ النَّجـ
لاء فيها المقلة ُ الخوصاء
فكأنّما فوقَ الأكُفّ بَوارقٌ
وكأنّما فوقَ المُتونِ إضاء
من كلّ مسرودِ الدَّخارص فوقه
حبكٌ ومصقولٍ عليه هباء
وتَعانَقوا حتى رُدَيْنيّاتُهُم
عطْشَى وبِيضُهُمُ الرقاقُ رِواء
أعززتَ دينَ اللهِ يا ابنَ نبيّهِ
فاليومَ فيهِ تخمطٌ وإباء
فأقلُّ حظّ العُرْبِ منكَ سعادة ٌ
وأقلُّ حظّ الرّومِ منكَ شقاء
فإذا بعثْتَ الجيشَ فهوَ منيّة ٌ
وإذا رأيتَ الرأيَ فهوَ قَضاء
يكسو نَداكَ الروْضَ قبل أوانهِ
و تحيدُ عنكَ اللَّزابة ُ اللأواء
وصِفات ذاتك منكَ يأخذها الورى
في المكرماتِ فكلّها أسماء
قد جالتِ الأوهام فيك فدقّتِ الـ
أفكارُ عنكَ فجلّتَ الآلاء(3/204)
فعنتَ لكَ الابصارُ وانقاذتْ لكَ
الاقدارُ واستحيتْ لكَ الانواء
و تجمّعتْ فيكَ القلوبُ على الرّضى
و شيّعتْ في حبكَ الأهواء
أنتَ الذي فصلَ الخطابَ وإنّما
بكَ حكَّمتْ في مدحكَ الشُّعراء
وأخصُّ منزِلة ً من الشّعراء في
أمثالِها المضروبة ِ الحُكَماء
أخذوا الكلامَ كثيرهَ وقليلَه
قِسمَينِ: ذا داءٌ وذاكَ دواء
دانوا بأنَّ مديحهمْ لكَ طاعة ٌ
فَرْضٌ فليسَ لهم عليك جَزاء
فاسلمْ إذا رابَ البريَّة َ حادثٌ
و اخلدْ إذا عمّ النفوسَ فناء
يفْديكَ شهْرُ صِيامِنا وقِيامنا
ثمّ الشُّهورُ له بذاك فِداء
فيه تنزّلَ كلُّ وحي منزلٍ
فلأهلِ بيتِ الوحي فيه ثناء
فتطولُ فيه أكفُّ آلِ محَمدٍ
وتغلُّ فيهِ عن الندى الطُّلقاء
ما زلْتَ تَقضي فَرضَه وأمامَه
ووراءَه لكَ نائلٌ وحِباء
حسبي بمدحك فيه ذخراً إنّه
للنُّسْكِ عند الناسكين كِفاء
هيهات منّا شكرُ ما تُولي ولو
شكرتك قبلَ الألسنِِ الأعضاء
و اللهُ في علياكَ أصدقُ قائلٍ
فكأنّ قولَ القافلينَ هُذاء
لا تسألنّ عن الزّمانِ فإنّهُ
في رَاحتَيْكَ يدورُ كيف تشاء
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> يا ربّ كلّ كتيبة ٍ شَهبْاءِ
يا ربّ كلّ كتيبة ٍ شَهبْاءِ
رقم القصيدة : 10781
-----------------------------------
يا ربّ كلّ كتيبة ٍ شَهبْاءِ
ومآبَ كلّ قصيدة ٍ غرّاءٍ
يا ليْثَ كلّ عرِينة ٍ يا بدرَ كلِّ
دّجُنّة ٍ يا شمسَ كلِّ ضَحاءِ
يا تارِكَ الجبّارِ يعْثُرُ نَحرُهُ
في قِصْدَة ِ اليَزَنيّة ِ السّمراء
ذو الضرْبة النجلاء إثرَ الطعنة الـ
ـسّلْكاءِ والمَخلوجة ِ الحرْقاء
فالنّظرة ِ الخزراءِ تحتَ اللامة ِ الـ
ـبَيْضاءِ تحتَ الرّاية ِ الحمراء
أهدِ السلامَ إلى الكؤوسِ فطالما
حَثّثْتَها صِرْفاً إلى النُّدَماء
فشرِبْتُها ممزوجة ً بصنائع
و شربتها ممزوجة ً بدماء
حاشيتُ قدرَك من زيارة مجْلسٍ
ولو أنّ فيهِ كواكبَ الجَوزاء
إنّا اجتمعْنا في النديّ عِصابة ً
تُثني عليكَ بألْسُنِ النَّعماء(3/205)
أرواحها لكَ والجسومُ وإنّما
أنفاسُها منْ فطنة ٍ وذكاء
إن الذي جمعَ العلى لك كلّها
ألقى إليكَ مقالدَ الشُّعراءّ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً
تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً
رقم القصيدة : 10782
-----------------------------------
تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً
فإنّ الشباب مشَى القهْقَرى
و كان مليّاً بغدرِ الحياة ِ
و أعجبُ منْ غدرهِ لو وفى
وما كانَ إلاّ خَيالاً ألَمّ
ومُزْناً تَسرّى وبَرْقاً شَرَى
لبستُ رداءَ المشيبِ الجديدَ
و لكنّها جدَّة ٌ للبلى
فأكديتُ لمّا بلغتُ المدى
وعُرّيتُ لّما لَبِستُ النُّهى
فإنْ أكُ فارقتُ طيبَ الحياة ِ
حَميداً ووَدّعتُ عصرَ الصّبى
فقد أطْرُقُ الحيّ بعدَ الهدوء
تَصِلُّ أسنّتُهُمْ والظُّبَى
فألهو على رقبة ِ الكاشحينَ
بمفْعمة ِ السُّوق خُرسِ البُرَى
بسُودِ الغَدائِرِ حُمْرِ الخُدود
بيضِ التَّرائبِ لعسِ اللِّثى
و قد أهبطُ الغيثَ غضَّ الجمـ
ـيم غضَّ الأسرّة غضَّ النَّدى
كأنّ المجامرَ أذكينهُ
أو اغتبقَ الخمرَ حتى انتشى
فقُدْنا إلى الوِحشِ أشبْاهَها
ورُعْنا المها فوقَ مثلِ المَها
صنعنا لها كلّ رِخوِ العنانِ
رَحيبِ اللَّبانِ سليم الشظى
يُرَدُّ إلى بسطة ٍ في الإهاب
إذا ما اشتكى شَنَجاً في النَّسا
كأنّ قَطا فوق أكفالها
إذا ما سَرَينَ يُثِرْنَ القَطا
عواري النّواهقِ شوسُ العيونِ
ظماءُ المفاصلِ قبُّ الكلى
تُديرُ لطَحْرِ القَذى أعيُناً
ترى ظلّ فرسانها في الدُّجى
و تحسبُ أطرافَ آذانها
يراعاً بُرينَ لها بالمُدى
فهنّ مُؤلَّلَة ٌ حَشْرَة ٌ
مندَّدة ٌ لخفيّ الصَّدى
تَكادُ تُحِسُّ اختلاجَ الظنو
نِ بينَ الضّلوع وبين الحشى
و تعلمُ نجوى قلوبِ العدى
و سرَّ الأحبّة ِ يومَ النّوى
فأبْعدُ مَيْدانِها خُطْوَة ٌ؛
وأقرَبُ ما في خُطاها المَدَى
ومِنْ رِفْقِهاأنها لا تُحَسُّ
ومِنْ عَدْوِها أمّها لا تُرَى
جَرينَ، من السّبْقِ، في حَلَبة ،(3/206)
إذا ما جرى البرقُ فيها كبا
إذا أنتَ عدّدتَ ما يمتطى
و قايستَ بينَ ذواتِ الشَّوى
فهنّ نفائسُ ما يستفادُ
و هنَّ كرائمُ ما يقتنى
دِيارُ الأعِزّة ِ، لكِنّها
مُكَرَّمَة ٌ عن مَشيدِ البِنَا
ومن أجلِ ذلك، لا غَيرِهِ،
رأى الغنويُّ بها ما رأى
وكانَ يُجيدُ صِفاتِ الجِيادِ،
وإنّ بها اليوْمَ عنهُ غِنَى
أليسَ لها بالإمامِ المعزِّ
من الفخرِ، لوْ فخرَتْ ما كفَى
هو استنَّ تفضيلها للملوكِ
و أبقى لها أثراً في العلى
ولّما تَخَيّرَ أنسابَها،
تخيّرَ أسماءها والكنى
وليسَ لها، من مَقاصِيرِهِ،
سوَى الأطُمِ الشّاهقِ المُبتَنَى
و حقّ لذي ميعة ٍ يغتدي
به مستقلاً إذا ما اغتدى
تكون منَ القُدس حَوباؤه
ونُقْبتُه من رِداء الضُّحى
و يعدو وقونسهُ كوكبٌ
وسُنْبُكهُ من أديمِ الصَّفا
و كان إذا شاء حفّت به
كتائبهُ فملأنَ الملا
كما استُجفل الرمل من عالجٍ
فجاء الخبَارُ وجاء الَّنقا
وذي تُدْرَإٍ كفُّه بالطعا
نِ أسمَح من حاتمٍ بالقِرى
وطِئنَ مفارقَه في الصّعيدِ
وعفّرْنَ لّمتَهَ في الثرى
عليها المَغاوير في السابغاتِ
تَرَقْرَقُ مثلَ مُتونِ الأضا
حُتوفٌ تَلَهّى بأمْثالِها
و أسدٌ تغذُّ بأسدِ الشّرى
تبخترُ عصفرٍ من دمٍ
و تخطرُ في لبدٍ من قنا
وقال الأعادي أأسيافُهم
أمِ النّارُ مضرمة ٌ تصطلى
رأوا سرجاً ثم لم يعلموا
أهِنْديّة ٌ قُضُبٌ أمْ لظَى
و متّقداتٍ تذيبُ الشّليـ
لَ من فوقِ لابسهِ في الوغى
من اللاّءِ تأكلُ أغمادها
وتلفَحُ منهنّ جَمْرَ الغضا
تُطيع إماماً أطاعَ الإلهَ
فقلّده الحكمَ فيما برى
وكائِنْ تبيتُ له عَزْمَة ٌ
مضرّضجة ٌ بدماءِ العدى
فيعفو القضاءُ إذا ما عفا
و تسطو المنونُ إذا ما سطا
له هذه وله هذه
فسَجْلٌ حياة ٌ وسَجْلٌ رَدى
و أهونْ علينا بسخطِ الزمان
إذا ما رآنا بعينِ الرّضى
عليّ لهُ جهدُ نفسي الشّكور
وإن قَصُرَتْ عن بلوغِ المدى
وشرّفَني مَدحُه في البلادِ
فآنَسَ عَنْسي بطولِ السُّرَى
أسيرُ خطيباً بآلائه(3/207)
فأُنْضي المَطايا وأُنْضي الفَلا
فلو أنّ للنّجمِ من أفقهِ
مكاني من مدحهِ ما خبا
ولو لم أكنْ أنطّقَ المادحين
لأنطقني بالسَّدى والنَّدى
وما خلفَه من حطيمٍ يُزارُ
ولا دونه من مَدى ً يُنْتَهى َ
هو الوارثُ الأرضَ عن أبوين
أبٍ مُصْطفى وأب مُرتَضَى
و ما لامرئٍ معهُ سهمة ٌ
تعدّ ولا شركة ٌ تدّعى
فما لقريشٍ وميراثكم
و قد فرغَ اللّه ممّا قضى
لكم طور سيناءَ من فوقهم
و ما لهم فيه من مرتقى
بمكّة سمّى الطليقَ الطليقَ
ففرّقَ بين القَصا والدَّنى
شهِيدي على ذاك حكمُ النبيّ
بين المَقامِ وبين الصّفا
وإن كان يجمعُكم غالبٌ
فإنّ الوشائظَ غير الذُّرى
ألا إنَّ حقَّاً دعوتم إليهِ
هو الحقّ ليس به من خَفا
لآدَمَ من سرّكمْ مَوضِعٌ
بهِ استوْجَبَ العَفوَ لّما عَصى َ
فيومُكُمُ مثلُ دهرِ الملوكِ
وطِفلُكُمُ مثلُ كهلِ الورى
يلاحظُ قبلَ الثّلاثِ اللّواء
ويَضرِب قبل الثّمانِ الطُّلى
عجِبْتُ لقوْمٍ أضَلّوا السّبيلَ
و قد بيّنَ اللّه سبلَ الهدى
فما عرفوا الحقّ لمّا استبانَ
و لا أبصروا الفجرَ لمّا بدا
ألا أيها المعشَرُ النائمون!
أجِدَّكم لم تُقَضُّوا الكَرَى
أفِيقوا فما هِيَ إلاّ اثنتانِ
إمّا الرّشادُ وإمّا العَمَى
و ما خفي الرُّشدُ لكنّما
أضَلّ الحُلومَ اتّباع الهوى
وما خُلِقَتْ عَبَثاً أُمّة ٌ
و لا تركَ اللّهُ قوماً سدى
لكلّ بني أحمدٍ فضلهُ
و لكنّكَ الواحدُ المجتبى
إذا ما طَوَيتَ على عَزْمَة ٍ
فحسبكَ أن لا تحلّ الحبى
و ما لا يرى من جنودِ السّما
ءِ حولَكَ أكثرُ ممّا يُرَى
لِيَعْرِفْكَ من أنتَ مَنجاتُه
إذا ما اتقى الله حقَّ التُّقى
كأنّ الهُدى لم يكن كائناً
إلى أنْ دُعيتَ مُعِزَّ الهُدى
ولم يَحْكِكَ الغَيثُ في نائلٍ
ولكن رأى شِيمة ً فاقتَدَى
قرى الأرضَ لمّا قريتَ الأنامَ
له النّقرى ولك الأجفلى
شهِدتُ حقيقة َ علمٍ الشهيـ
دِ أنّك أكرمُ من يرتجى
فلو يجدُ البحرُ نَهجاً إليك
لجاءكَ مستسقياً من ظما(3/208)
و لو فارقَ البدرُ أفلاكهُ
لقبّلَ بين يديكَ الثّرى
إلى مثلِ جدواكَ تنضى المطيُّ
و من مثل كفّيكَ يرجى الغنى
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> ألا كلُّ آتٍ قريبُ المَدى
ألا كلُّ آتٍ قريبُ المَدى
رقم القصيدة : 10783
-----------------------------------
ألا كلُّ آتٍ قريبُ المَدى
و كلُّ حياة ٍ إلى منتهى
و ما غرّ نفساً سوى نفسها
وعُمْرُ الفتى من أماني الفتى
فأقْصَرُ في العينِ من لَفْتَة ٍ
و أسرعُ في السمعِ من ذا ولا
ولم أرَ كالمرْءِ وهو اللبيبُ
يرى ملءَ عينيهِ ما لا يرى
و ليسَ النَّواظرُ إلاّ القلوبُ
وأمّا العيونُ ففِيها العمى
ومنْ لي بمثلِ سلاح الزّمانِ
فأسْطو عليه إذا ما سطا
يجدُّ بنا وهو رسلُ العنانِ
و يدركنا وهو داني الخطى
برى أسهماً فنبا ما نبا
فلم يبقَ إلاَّ ارتهافُ الظُّبى
تراشُ فترمى فتنمي فلا
تَحِيدُ وتُصْمي ولا تُدَّرى
أأهضمُ لا نبعتي مرخة ٌ
و لا عزماتي أيادي سبا
على أنّ مِثلي رحيبُ اللَّبانِ
على ما ينوبُ سليمُ الشظى
و لو غيرُ ريبِ المنونِ اعتدى
عليّ وجرّبني ما اعتدى
خليليّ هل ينفعنّي البكاءُ
أوِ الوَجدُ لي راجعٌ ما مضى ؟
خليليّ سيرا ولا تَربعَا
عليّ، فهَمّيَ غيرُ الثَّوى
ولي زَفَراتٌ تُذيبُ المَطَيّ
و قلبٌ يسدُّ عليّ الفلا
سلا قبل وشك النوى مدنفاً
أقَضّتْ مضاجِعهُ فاشتكى
وراعى النّجومَ فأعشَيْنَه
فباتَ يظنُّ الثّريّا السُّهى
ضلوعٌ يضِقنَ إذا ما نَحَطنَ
و قلبٌ يفيضُ إذا ما امتلا
وقد قلتُ للعارض المكفَهِرِّ:
أفي السِّلم ذا البرقُ أم في الوغى ؟
وما بالُه قادَ هذا الرّعيلَ
و قلّدَ ذا الصّارمَ المنتضى
و أقبلهُ المزنُ في جحفلٍ
و أكذبَ أن صدّعني الكرى
أشيمكَ يا برق شيمَ النُّجيمْ
وما فيك لي بَلَلٌ من صَدى
كِلانا طَوى البيدَ في ليلِهِ
فأضعفنا يتشكّى الوجى
فجبتَ الغمامَ وجبتَ الغرامَ
حنانيك ليس سُرى ً من سُرى
أعِنّي على الليل ليلِ التّمامِ
و دعني لشاني إذا ما انقضى(3/209)
فلو كنتُ أطوي على فتكهِ
تكشّفَ صبحي عن الشَّنفري
و ما العين تعشقُ هذا السّهادَ
ووَدّ القَطا لو ينَامُ القَطا
أقولُ وقد شقّ أعلى السحابِ
و أعلى الهضابِ وأعلى الرُّبى
أذا الوَدْقُ في مثل هذا الرّباب
وذا البْرقُ في مثل هذا السنا
ألا انهلّ هذا بماءِ القلوبِ
وأوقدَ هذا بنارِ الحشا
فيهْمي على أقْبُرٍ لو رأى
مكارمَ أربابها ما هَمَى
و في ذي النواويسِ موجُ البحارِ
وما بالبحارِ إليْهِ ظِما
هلمّوا فذا مصرَعُ العالمينَ
فمن كلّ قلبٍ عليهِ أسى
وإنّ التي أنْجَبَتْ للورى
كآلِ عليّ لأمُّ الورى
فلوْ عِزّة ٌ أنْطَقَتْ مُلحَداً
لأنطقَ ملحدها ما يرى
بكتْه المغاويرُ بِيضُ السيوفِ،
و هذي العناجيجُ قبُّ الكلى
ولّما أتينا سقَتْه الدموعُ
فما باتَ حتى سقاه الحيا
وعُمْرُ الفتى من أماني الفتى
ولكنْ لبيكِ النَّدى بالنَّدى
وقد خدّ في الشمس أخدودَه
فباتَ يظُنُّ الثّريّا السُّهَى
وما ضَرّ من لم يَطُفْ بالمقامِ
وفي ذي النواويسِ مْوجُ البحارِ
وقالوا الحَجونُ فثَمّ الحجونُ
وثمّ الحطيمُ وثمّ الصَّفا
وبينَ الشمالِ وبين الجنوبِ
في هَبوَة ٍ من مَهَبّ الصبَّا
فيهْمي على أقْبُرٍ لو رأى
أما كان في واحدٍ ما كفى
أما والركوعُ به والسجودُ
إذا ما بكى َ قانتٌ أو دعا
لَذاكَ الصّعيدُ وذاك الكديدُ
أحقُّ من الخيفِ بي أو منى
عليّ وجرّبني ما اعتدى
وفي الذاهبينَ وفى منْ وفى
أتَتْه الحجيجُ من الرّاقصاتِ
فمنها فُرادى ومنها ثُنا
فما لي لا أقتدي بالكرامِ
وأُوثِرُ سُنّة َ مَن قد خلا
إذا ما نحرتَ به أو عقرتَ
ولا عَزَماتي أيادي سَبا
ولا ترضَ إلاّ بعقرِ الثناءِ
ونَحْرِ القَوافي وإلاّ فلا
وقلْبٌ يَسُدُّ عليّ الفَلا
عليه تكوسُ ذواتُ الشَّوى
إذاً لم تغادرْ غريْريّة ً
تَخُبُّ ولا سابحاً يُمتطَى
وأمّا العيونُ ففِيها العمى
وأخوالُه فيه شِرْعاً سُوى
وإنّ حصاناً نمتْ جعفراً
ويحيى لعاديّة ُ المنتمى
فجاءتْ بهذا كشمسِ النهارِ(3/210)
وجاءت بهذا كبدرِ الدّجى
تَرى بهما أسَدَيْ جَحْفَلٍ
وما أجأ إلاّ حِصانٌ ويعبوب
ألمْ تَك من قوْمها في الصّميم
ومن مجدها في أشمّ الذُّرى
فمن قومكَ الصِّيدُ صيدُ الملوكِ
ومن قومها الأسدُ أسدُ الشرى
فوارسُ تنضي المذاكي الجيادَ
إذا ما قرعنَ العُجا بالعجا
يُضيءُ عليهمْ سَنا الأكرمينَ
إذا ما الحديدُ عليهم دجا
فجئتَ كما شئتَ من جانبَيك
فأنتَ الحياة ُ وأنتَ الرّدى
فصِلُّكَ يُرقى ولا يستجيبُ
فلو كنتُ أطْوي على فتكِهِ
ومن ذاك أضنيتَ صرفَ الزمان
فلم يُخفِهِ عنْكَ إلا الضّنى
فلم تغمدِ السيفَ حتى انثنى
ولم تصرفِ الرُّمحَ حتى انحنى
وإنّ الذي أنتَ صنوٌ له
لماضي العزائمِ عردُ النَّسا
يُبيرُ عِداكَ إذا ما سَطَا
ويُعرَفُ فيهم إذا ما احتبى
ويحيَى لَعاديّة ُ المنتمى
إذا سألوا من فتى ً قيلَ ذا
بنو المنجِباتِ بنو المُنجِبينَ
فمن مُنجتباة ٍ ومنم مجتبى
لأماتنا نصفُ أنسابنا
فما ليَ لا أقتدي بالكِرامِ
دعائمُ أيامنا في الفخارِ
وأكْفاءُ آبائِنا في العُلى
ألمْ ترَ هنّ يباريننا
فيَمرُقْنَنَا ويَنَلْنَ المدى
كفلنَ لنا بظلالِ الخيام
وأكفَلَننَا بظِلالِ القَنا
وتغدو فمنهنّ أسماعُنا
وأبصارنا في حجالِ المها
فلو جازَ حكميَ في الغابرينَ
وعدّلْت أقسامَ هذا الوَرَى
لسمّيتُ بعض النساء الرجالَ
وسمّيتُ بعضَ الرجال النسا
إذا هي كانتْ لكشفِ الخطوبِ
فكيفَ البنون لضَرْبِ الطُّلى
تولّتْ مُرَقِّلَة ً للملوكِ
فمن مصطفى النجل أو مرتضى
وأكثرُ آمالِها فيكما
وفي القلبِ منها كجمرِ الغضا
فقد أدركتْ ما تمنّتْ فلا
تضيقا عليها بباقي المُنى
فلولا الضّريحُ لنادتكما
تُعيذُ كما من شماتِ العِدى
فإمّا تزيدانِ في أنسها
وإما تذودانِ عنها البِلى
فقد يُضحك الحيُّ سنّ الفقيدِ
فتهتَزُّ أعظُمُه في الثرى
ومهما طلبتَ دليلَ الكرامِ
فإنّ الدّليلَ ائتلافُ الهوى
وما فيك لي بَلَلٌ من صَدى
فما بيدٍ عن يدٍ من غنى
وليسَ الرّماحُ بغيرِ السيوفِ(3/211)
وليس العمادُ بغيرِ البنا
ومن لا يُنادي أخاً باسمِهِ
فليس يخافُ ولا يُرتجى
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أقول دمى ً وهي الحسانُ الرّعابيبُ
أقول دمى ً وهي الحسانُ الرّعابيبُ
رقم القصيدة : 10784
-----------------------------------
أقول دمى ً وهي الحسانُ الرّعابيبُ
ومن دونِ أستارِ القِبابِ مَحاريبُ
نوى ً أبعدتْ طائية ً ومزارها
ألا كلُّ طائّيٍ إلى القلْبِ مْحبوب
سَلوا طيءَ الأجبال أينَ خِيامُها
وما أجأ إلاّ حصانٌ ويعبوب
همُ جنبوا ذا القلبَ طوعَ قيادهم
وقد يشهدُ الطَّرْفُ الوغى وهو مجنوب
وهم جاوزوا طلح الشواجن والغضا
تخبّ بهم جردُ اللقاءِ السراحيب
قِباب وأحبابٌ وجُلهَمَة ُ العَدى
وخيلٌ عِرابٌ فوقَهنّ أعاريب
إذا لم أذُدْ عن ذلك الماء وِردَهمْ
وإنْ حَنّ وُرّادٌ كما حنّتِ النِّيب
فلا حَمَلتْ بِيضَ السيوف قوائمٌ
ولا صَحِبتْ سُمْرَ الرماحِ أنابيب
وهل يَرِدُ الغَيْرانُ ماءً وَرَدْتهُ
إذا وردَ الضّرْغامُ لم يلغِ الذئب
وعهدي بهِ والعيشُ مثلُ جِمامهِ
نميرٌ بماءِ الوَردِ والمسكِ مقطوب
وما تفتأ الحسناءُ تُهدي خيالها
ومن دونِها إسْآد خمسٍ وتأويب
وما راعني إلا ابنُ ورقاءَ هاتفٌ
بعينَيْهِ جَمرٌ من ضلوعيَ مشبوب
وقد أنكرَ الدّوحَ الذي يستظلّه
وسحّتْ له الأغصانُ وهي أهاضيب
وحثَّ جناحيهِ ليخطفَ قلبه
عِشاءً سذانيقُ الدجى وهو غِربيب
ألا أيّها الباكي على غيرِ أيْكهِ
كِلانا فريدٌ بالسماوَة ِ مَغلوب
فؤادكُ خفّاقٌ ووكرَك نازحٌ
وروضكَ مطلولٌ وبانكَ مهضوب
هلمّا على أنّي أقيكَ بأضلعي
فأملكُد معِ عنك وهو شآبيب
تُكنُّكَ لي موشيّة ٌ عبقرية ٌ
كَريشِكَ إلاّ أنّهُنّ جَلابيب
فلا شدْوَ إلا من رنينكَ شائقٌ
ولا دمَعَ إلاّ معَ من جفونيَ مسكوب
ولا مدحَ إلاّ للمعزّ حقيقة ً
يفصّلُ درّاً والمديحَ أساليب
فجُبْتَ الغَمامَ وجُبتَ الغرامَ
أقول دمى ً وهيَ الحسانُ الرّعابيبُ
يصلّي عليهِ أصفرُ القدحِ صائبٌ(3/212)
وعوجاء ومرنان وجرداء سرحوب
وأسمرُ عرّاصُ الكعوب مثقّفٌ
لأسيافهِ من بدنهِ وعصاته
نجيعان مهرَّاقٌ عبيطٌ ومصبوب
فلم يبْقَ إلاّ ارتهافُ الظُّبى
وإن يكُ سلمٌ فالشوى والعراقيب
أعزّة ُ من يُحذى النّعالَ أذلّة ٌ
وفي القلبِ منها كجمرِ الغضا
وما هو إلاّ أن يشيرَ بلحظه
تُكِنُّكَ لي مَوشِيّة ٌ عبقريّة ٌ
فلا قارعٌ إلاّ القنا السُّمرُ بالقنا
إذا قُرعتْ للحادثات الظّنابيب
ولم أرَ زوّاراً كسيفك للعِدى
فهل عند هام الرّومِ أهلٌ وترحيب
إذا ذكروا آثارَ سيفكَ فيهمُ
فلا القطر معدودٌ ولا الرّمل محسوب
أأُهْضَمُ لا نَبعَتي مَرْخَة ٌ
وفيما أُذيقوا من عذابكَ تأديب
ولكنْ لعلَّ الجاثليقَ يغرّه
على حَلَب نَهْبٌ هنالكَ مَنهوب
وثغْرٌ بأطرافِ الشآمِ مضَيَّعٌ
وتفريقُ أهواءٍ مِراضٍ وتخريب
وما كلُّ ثغرٍ ممكنٌ فيهِ فرصة ٌ
ولم أرَ كالمرْءِ وهو اللبيبُ
ومِن دون شِعْبٍ أنتَ حاميه معرَكٌ
وبيءٌ وتصعيدٌ كريهٌ وتصويب
وصعقٌ بركنِ الأفقِ وابنُ طهارة
يذبُّ عن الفرقانِ بالتّاجِ معصوب
وجُرْدٌ عناجيجٌ وبِيضٌ صوارِمٌ
وصُيّابة ٌ مُردٌوكُرّامة ٌ شِيب
أوِ الوَجدُ لي راجعٌ ما مضى ؟
جلَتْ عن بياض النصر وهي غرابيب
وما رَاعَني إلاّ ابنُ وَرقاءَ هاتِفٌ
سَبوحُ لها ذيلٌ على الماء مسحوب
لقيتَ بني مروانَ جانبَ ثغرهمْ
وحظُّهمُ من ذاك خُسرٌ وتتْبيب
وعارٌ بقومٍ أنْ أعدّوا سوابحاً
صفوناً بها عن نصرة ِ الدين تنكيب
وقد عجزوا في ثغرهمْ عن عدّوهمْ
بحيث تجول المقرّبات اليعابيب
وجيشكَ يعتاد الهرقلَ بسيفه
ومن دونه اليمُّ الغُطامطُ واللُّوب
يُخضْخِضُ هذا الموجَ حتى عُبابه
إذا التجّ من هام البطاريق مخضوب
فمأثورُ ذكرِ المجد فيها مُفَضَّضٌ
وفوقَ حديدِ الهندِ منهُنّ تذهيب
ومن عجبٍ أن تشجّرَ الرومُ بالقنا
فتوطأ أغمارٌ وهضبٌ شناخيب
ونومُ بني العبّاس فوقَ جنوبهم
ولا نصرَ إلا قينة ٌ وأكاويب
وأنتَ كَلوءُ الدهرِ لا الطرفُ هاجعٌ(3/213)
ولا العزمُ مردوعٌ ولا الجأش منخوب
همُ أهلُ جرّاها وأنتَ ابنُ حربِها
ففي القرب تبعيدٌ وفي البعيد تقريب
ولا عجَيبٌ والثّغْرُ ثغرُك كلّه
وأنتَ ولي الثأرِ والثّأرُ مطلوب
وأنتَ نظامُ الدينِ وابن نبيّه
وما جادَه المزْنُ من غُلّة ٍ
سيجلو دجى الدين الحنيفِ سرادقٌ
من الشمس فوق البرّ والبحر مضروب
وعزمٌ يظلُّ الخافقين كأنّه
على أُفُقِ الدّنْيا بِناءٌ وتطنيب
ويسلمُ أرمينية ً وذواتها
صليبٌ لنصحِ الأرمنيّينَ منصوب
وحسبي مما كانَ أو كائنٌ
على أنّ مِثلي رحيبُ اللَّبانِ
ولم تخترِقْ سجْفَ الغيوبِ هواجسي
ولكنْه مَن حاربَ الله محروب
هلمّوا فذا مصرَعُ العالمينَ
فلا القولُ مأفوكٌ ولا الوعدُ مكذوب
وأنتَ مَعَدُّ وارثُ الأرض كلّها
فقد حُمّ مقدورٌ وقد خُطّ مكتوب
ولله علمٌ ليس يُحجب دونكم
ولكنّه عن سائر الناس محجوب
ألا إنّما أسمائكم حقُّ مِثلِكم
وكلُّ الذي تسمى البريّة ُ تلقيب
إذا ما مدحناكم تضَوّعَ بيننا
وبينَ القوافي من مكارمكم طيب
فإن أكُ محسوداً على حرّ مدحكم
ولو غيرُ رَيبِ المَنونِ اعتدى
أراني إذا ما قلت بيتاً تنكّرتْ
أقَضّتْ مضاجِعهُ فاشتكى
أفي كلّ عصرٍ قلتُ فيه قصيدة ً،
علّي لأهلِ لومٍ وتثريب
وقد خدّ في الشمس أُخدودَه
ومنْ لي بمثلِ سلاح الزّمانِ
وما قصدُ مثلي في القصيد ضراعة ٌ
ولا من خلالي فيه حرصٌ وترغيب
أرى أعيناً خزراً إليّ وإنّما
دليلاً نفوسِ الناس بِشرٌ وتقطيب
أبنْ موضعي فيهم ليفخرَ غالبٌ
أأُهْضَمُ لا نَبعَتي مَرْخَة ٌ
وقد أكثروا فاحكُم حكومة فيَصلٍ
قبورُ الثلاثة ِ في مصْرَعٍ
فمدحك مفروضٌ وحكمك مرتضى ً
وهديُك مرغوبٌ وسخطك مرهوب
وذكركَ تقديسٌ وأنتَ دلالة ٌ
وحبُّك تصديقٌ وبغضك تكذيب
فلولا الضّريحُ لنادتكما
وإلاّ فإنّ العيشَ همٌّ وتعذيب
شِيَة ٍ أغَرّ فمُنْعَلاً فمجنبا
فما هو إلاّ من يمينك موهوب
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> كَذبَ السلوُّ، العِشقُ أيسَرُ مركبا(3/214)
كَذبَ السلوُّ، العِشقُ أيسَرُ مركبا
رقم القصيدة : 10785
-----------------------------------
كَذبَ السلوُّ، العِشقُ أيسَرُ مركبا
ومنيّة ُ العُشّاقِ أهْونُ مَطلبا
مَنْ راقَبَ المِقدارَ لم يرَ معْركاً
أشِباً ويوْماً بالسَّنَوَّرِ أكْهَبا
وكتائباً تردي غواربها القنا
وفوارساً تَغْدى صَوالجَها الظُّبى
لا يوردونَ الماءَ سنبكَ سابحٍ
أو يَكتسي بدم الفوارِسِ طُحلُبا
لايركُضونَ فؤادَ صَبٍّ هائمٍ
إن لم يُسَمّوه الجَوادَ السَّلْهبَا
حتى إذا ملكوا أعنّتَنا هَوى ً
صرفوا إلى البُهمَ العتاق الشُّزبا
ربذاً فخيفاناً فيعبوباً فذا
شِيَة ٍ أغَرّ فمُنْعَلاً فمجنبا
قدْ أطفأوا بالدهمِ منها فجرهم
فتكوّرَتْ شمسُ النهار تغضُّبا
و استأنفوا بشياتها فجراً فلو
عقدوا نواصيها أعادوا الغيهبا
في مَعْرَكٍ جَنَبوا به عُشّاقَهم
طَوعاً وكنتُ أنا الذلولَ المُصْحَبا
لبسوا الصقال على الخدود مفضَّضاً
والسَّابريَّ على المناكبِ مذهبا
وتضوّعَ الكافورُ من أرْدانهمْ
عبقاً فظنوهُ عجاجاً أشهبا
حتى إذا نبذوا الصوارمَ بينهم
قَطَعاً وسُمْرَ الزّاعبيّة ِ أكعُبا
قطرتْ غلائلهم دماً وخدودُهم
خجلاً فراحوا بالجمالِ مخضبا
قد صُرّ آذانُ الجيادِ توجسّاً
وكتمْنَ إعلانَ الصّهيلِ تَهيبُّاً
وغدا الذي يَلقى ندامى ليِله
متبسّماً في الدارعينَ مقطّبا
ويكلفُ الأرماحَ لينَ قوامهِ
فيذمُّ ذا يَزَنٍ ويَظلِمُ قَعْضَبا
كِسَرى شَهِنشاه حُدّثتَه
هذا فأين تَظُنُّ منه المَهْرَبا
من لا يبيتُ عن الأحبّة ِ راضياً
فوارسُ تُنضي المذاكي الجِيادَ
منْ زيهُ أنْ لا يجيءَ مقنّعاً
حتى يقدّ متوجاً ومعصَّبا
يرَى ملءَ عيْنَيْه ما لا يُرَى
حتى ظننتُ النوبهارَ لهُ أبا
وفيما اصطلوا من حرّ بأسك واعظٌ
فلقدْ أمدتهُ لساناً معربا
فلولا الضّريحُ لنادتكما
فلقدْ يكونُ إلى النفوسِ محبّباً
قمْ فاخترطْ لي منْ حواشي لحظهِ
سيفاً يكونُ كما علمتَ مجرَّبا
وأعرْ جناني فتكة ً منْ دلّه(3/215)
كيما أكونَ بها الشجاعَ المحربا
وأمدّني بتعلّة ٍ منْ ريقهِ
وما رَاعَني إلاّ ابنُ وَرقاءَ هاتِفٌ
وراعى النّجومَ فأعشَيْنَه
سأفُضّ بين يديْهِ هذا المِقنَبا
أولمْ يكنْ ذا الخشفُ يألفُ وجرة ً
فلوْلا الدّماءُ إذاً أقبلتْ
عهدي بهِْ والشمسُ داية ُ خدرهِ
توفي عليهِ كلّ يومٍ مرقبا
ما إنْ تزالُ تخرُّ ساجدة ً له
منْ حينِ مطلعها إلى أنْ تغربا
فعلى القلوبِ القاسياتِ مغلبّاً
وإلى النفوسِ الفاركاتِ محبّبا
حتى إذا سَرَقَ القوابلُ شَنْفَه
عوّضْنَه منه صَفيحاً مِقْضَبا
لّما رأيْنَ شُدُونَه أبرَزْنَه
من حيثُ يألفُ كلّة ً لا سبسبا
وَسْنانَ من وَسَنِ المَلاحة ِ طرفهُ
وجفونهُ، سكرانُ من خمرِ الصّبا
قدْ واجهَ الأسدَ الضواري في الوغى
ولكن سَبَقْنا به في الثرى
فإذا رأى الأبطالَ نصّ أليهمُ
جيداً وأتلعَ خائفاًمترقبا
بكتْه المغاويرُ بِيضُ السيوفِ،
وأتى بهِ خوضُ الكرائهِ قلبا
قد سِرْتُ في الميدان يومْ طِرادهم
فعجيبُ حتى كِدتُ أن لا أعجَبا
قَمَرٌ لهم قد قَلّدُوه صارماً
لو أنصفوهُ قلّدوهُ كوكبا
صبغوهُ لوناً بالشّفيقِ وبالرحيـ
ـقِ وبالبنفسج والأقاحي مُشربَا
وعزْمٌ يُظِلُّ الخافقين كأنّه
سَيفاً رَقيقَ الشفرتينِ مُشَطَّبا
قدْ ماجَ حتى كادَ يسقطُ نصفهُ
وألينَ حتى كادَ أنْ يتسرّبا
خالستهُ نظراً وكانَ مورَّداً
فاحمرَ حتى كادَ أنْ يتلهبّا
هذا طرازٌ ما العيونُ كتبنه
لكنّهُ قبلَ العيونِ تكتبّا
أنظرْ إليهِ كأنهُ متنصلٌ
فلقد يكونُ إلى النفوسِ مُحبَّباً
وكأنّ صفحة َ خَدّهِ وعذارهَ
تُفّاحة ٌ رُمِيَتْ لتَقْتُلَ عَقربا
فمن كلّ قلبٍ عليه أسى
لم تأتِ من مدحِ الملوكِ الأوجَبا
من آلِ ساسانٍ منارٌ للصِّبا
قد بِتُّ أسأل عنه أنفاس االصبَّا
أجني حديثاً كانَ ألطفَ موقعاً
وأعلَمُ أنْ الله مُنجِزُ وعْدِهِ
ردني لهُ حتى أردّ سلامه
عبقاً بريحانِ السلامِ مطيبّا
هلاّ أنا البادي ولكنْ شيمتي
فغَيرُ نَكيرٍ في الزمان الأعاجيب(3/216)
لمْ أمطرِ الوسميَّ إلاّ بعدَ ما
أقول دمى ً وهيَ الحسانُ الرّعابيبُ
أقول دمى ً وهيَ الحسانُ الرّعابيبُ
سمع الزمانُ أقلهُ فتعجبّا
وما تفْتأُ الحسناءُ تُهدي خَيالَها
واخضرّ منه الأفقُ حتى أعشبا
في كلِّ يومٍ لا تزالُ تحيهٌ
كرمٌ يخبُّ بها رسولٌ مجتبى
فتكادُ تبلغني إليهِ تشوُّقاً
وتكادُ تحملني إليهِ تطربا
هي أيقظتْ بالي وقدْ رقدَ الورى
واستنهضت شكري وقد عُقد الحُبي
إنْ يكرمُ السّيفُ الذي قلدتني
فتَمخرُ فُلكٌ أو تُغِذّ مقانيب
لستُ الخطيبَ المسهبَ الأعلى إذا
وما من سَجايا مِثليَ الإفكُ والحُوب
لو كنتَ حيثُ ترى لساني ناطقاً
لرأيتَ شقشقة ً وقرماً مصعبا
ولانَصْرَ إلاّ قيْنَة ٌ وأكاويب
وإن اختلَفْنا حينَ تَنسِبْنا أبَا
قومٌ يعمُّ سَراة َ قومي فخرُهم
ويخُصُّ أقربَ وائلٍ فالأقربا
فأضْعفُنا يَتَشَكّى الوَجى
من قبل يعربَ كانَ عاقدَ يشجبا
ذرني أجددَ ذلكَ العهدَ الذي
أعيا على الأيامِ أنْ يتقشّبا
وما جادَه المزْنُ من غُلّة ٍ
بيديّ أمضى منْ لساني مضربا
المانعينَ حماهمُ وحمى النّدى
وحِمى بني قحطانَ أن يُتَنَهبّا
همْ قطَّعوا بأكفهمْ أرحامهمْ
فتوطَأ أغمارٌ وهضبٌ شناخيب
ووفوا فلمْ يدعوا الوفاءَ لجارهمْ
حتى تشتتَ شملهمْ وتخرَّبا
لولا الوفاءُ بعَهدهمْ لم يفتِكوا
بكليبِ تغلبَ بينَ أيدي تغلبا
يومُ اشتكى حرَّ الغليلِ فقيلَ قدْ
جاوزتَ في وادي الأحصّ المشربا
وكفاكَ أنْ أطريتهمْ ومدحتهمْ
جهدَ المديحِ فما وجدتَ مكذبا
الواهبينَ حمى ً وشولاً رتَّعاً
وأباطحاً حوَّاً وروضاً معشبا
فلم يُخفِهِ عنْكَ إلا الضّنى
وما فيك لي بَلَلٌ من صَدى
لو شَيّدوا الخيماتِ تشيِيدَ العُلى
أمنتْ ديارُ ربيعة ً أنْ تخربا
فهمُ كواكبُ عصرهمْ لكنّهمْ
منهُ بحيثُ ترى العيونَ الكوكبا
من ذا الذي يثني عليكَ بقدرِ ما
وليسَ النّواظرُ إلاّ القلوبُ
وما جادَه المزْنُ من غُلّة ٍ
حتى يعدّ له الحصى َ والأثلَبا
من كانَ أولَ نطقهِ في مهدهِ(3/217)
أهلاً وسهلاً للعفاة ِ ومرحبا
عذلوهُ في بذلِ التلادِ وإنما
عذلوهُ أنْ يدعى الغمامَ الصِّيبا
لا تعذلوهُ فلنْ يحوّل عاذلٌ
ما كان طبعاً في النفوس مركبَّا
نفسٌ ترقُّ تأدباً وحجى ً يضـ
ـيءُ تلهبّاً ويدٌ تذوبُ تسرُّبا
فيزيدها درُّ السّماحِ تخرّقاً
خالَستُه نَظَراً وكانَ مُوَرَّداً
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أحبب بتيَّاكَ القبابِ قبابا
أحبب بتيَّاكَ القبابِ قبابا
رقم القصيدة : 10786
-----------------------------------
أحبب بتيَّاكَ القبابِ قبابا
لا بالحُداة ِ ولا الركابِ رِكابا
فيها قلوبُ العاشقينَ تخالها
عَنَماً بأيْدي البِيضِ والعُنّابا
بأبي المها وحشية ٌ أتبعتها
نفساً يشيّعُ عيسها ما آبا
والله لولا أن يُسفّهني الهوى
ويقولَ بعضُ القائلينَ تصابى
لكسْرتُ دُمْلُجَها بضيق عناقِها
ورشفتُ من فيها البَرودِ رُضابا
بِنْتُمْ فلولا أن أُغيّرَ لِمتي
عبثاً وألقاكمْ عليَّ غضابا
لخضبتُ شيباً في عذاري كاذباً
ومحوتُ محو النقسِ عنهُ شبابا
وخلعتهُ خلعَ العذارِ مذمماً
واعتضتُ منْ جلبابهِ جلبابا
كالخصمِ تَسَوّرُوا المِحرابا
لو أنني أجدُ البياضَ خضابا
وإذا أردتَ على المشيبِ وِفادَة ً
فاجعلْ إليه مَطيكَ الأحقابا
فلتأخذَنّ من الزمان حَمامَة ً
ولتدفعنًَّ إلى الزمانِ غرابا
ماذا أقول لريبِ دَهْرٍ جائرٍ
جَمَعَ العُداة َ وفرّقَ الأحبابا
لمْ ألقَ شيئاً بعدكمْ حسناً ولا
مَلِكاً سوى هذا الأغرّ لُبابا
هذا الذي قدْ جلَّ عنْ أسمائهِ
حتى حَسِبنُاها له ألقابا
مَن ليس يرْضى َ أن يُسمّى جعفراً
حتى يُسمّى جَعْفَرَ الوهّابا
يَهَبُ الكتائبَ غانماتٍ والمَهَا
مستردفاتٍ والجيادَ عراباً
فكأنما ضربَ السَّماءَ سرادقاً
بالزّابِ، أو رَفعَ النّجومَ قَبابا
قد نالَ أسباباً إلى أفلاكِها،
وسيبتغي من بعدها أسبابا
لبِسَ الصّباحُ به صَباحاً مُسْفرِاً
وسقَتْ شَمائِلُه السّحابَ سحابَا
قد باتَ صوبُ المزن يسترقُ النَّدى(3/218)
من كفّه فرأيتُ منه عجابَا
لم أدْرِ أنّى ذاك إلاّ أنّني
قد رابني من أمرهِ ما رابا
وبأبي أنمله أطاف ولمْ يَخفَ
من بأسِها سَوطاً علَيهِ عَذابَا
و هو الغريقُ لئنْ توسّطَ موجها
والبحرُ مُلتَجٌ يَعُبُّ عُبابَا
ماضي العزائمِ غيرهُ اغتنمَ اللُّهى
في الحربِ واغتَنَمَ النّفوسَ نِهابَا
فكأنّه والأعوجيَّ إذا انتحى
قمرٌ يُصرّفُ في العنانِ شِهابَا
ما كنتُ أحسَبُ أن أرَى بشراً كذا
ليثاً ولا دِرْعاً يسمى ّ غابَا
وَرداً إذا ألقَى على أكتادِهِ
لبداً وصرّ بحدّ نابٍ نابَا
فرَشَتْ له أيدي الليوثِ خدودَها
و رضينَ ما يأتي وكنّ غضابَا
لولا حفائظه وصعبُ مواسهِ
ما كانتِ العربُ الصّعاب صعاباً
فمن أجلِ ذا نجدُ الثّغورَ عذابا
لو شَقّ عن قلبي امتحانُ ودَادهِ
لوجدتَ من قلبي عليه حجابا
و قد كنتُ قبلَ نداكَ أزجي عارضاً
فأشيمُ منه الزِّبرجَ المُنجابا
آليتُ أصدُرُ عن بحارك بعدما
قِستُ البحار بها فكنّ سرابا
لم تُدْنِني أرضٌ إليكَ وإنّما
جئتُ السماءَ ففتحت أبوابا
و رأيتُ حولي وفدَ كلّ قبيلة ٍ
حتى توهمتُ العراقَ الزّابا
و سمعتُ فيها كلّ خطبة فيصلٍ
حتى حَسِبْتُ مُلوكَها أعْرابا
و رأيتُ أجبلَ أرضها منقادة ً
فحسبتها مدّتْ إليكَ رقابا
و سألتُ ما الدّهرِ فيها أشيباً
فإذا به من هوْل بأسكَ شابا
سَدّ الإمامُ بكَ الثغورَ وقبلَهُ
هَزَمَ النبيُّ بقوْمكَ الأحزابا
لو قلتُ إنّ المرهفاتِ البيضَ لم
تُخْلَقْ لغَيركُمُ لقُلتُ صَوابا
أنتمْ ذوو التيجانِ من يمنٍ إذا
عدَّ الشّريفُ أرومة ً ونصابا
إن تمثيلْ منهاالملوكُ قصوركمْ
فالطالما كانوا لها حجّابا
هَلْ تشكُرَنّ ربيعة ُ الفَرَسِ التي
أوْلَيْتُمُوها جَيئَة ً وذَهَابا
أو تحمدُ الحمراءُ من مُضَرٍ لكُمْ
مَلِكاً أغَرّ وقادة ً أنجابا
أنتُمْ منَحَتُم كلّ سيّد معشَرٍ
بالقُربِ من أنسابكم أنسابا
هبكمْ منحتمْ هذه البدرَ التي
عملتْ فكيف منحتمُ الانسابا
قلّتم فأُصمِتَ ناطقٌ وصَمَتُّمُ(3/219)
فبلغتم الإطنابا والإسهابا
أقسمتُ لو فارقتمُ أجسامكم
لَبَقِيتُمُ من بعْدها أحبابا
و لو أنّ أوطانَ الدّيارِ نبتْ بكم
لسكنتمُ الأخلاقَ والآدابا
لكَ هذه المهجُ التي تدعى الورى
فأمُرْ مُطاعَ الأمْرِ وادْعُ مُحابا
لو لم تكن في السلم أنطَقَ ناطقٍ
لكفاكَ سيفك أن يحيرَ خطابا
ولئن خرجتَ عن الظنونِ ورجمِها
فلَقَدْ دخلْتَ الغيبَ باباً بابا
ما الله تاركَ ظُلْمِ كفّكَ للُّهى
حتى يُنَزّل في القِصاصِ كتابا
ليس التّعجّبُ من بحاركَ إننَّي
قِسْتُ البحارَ بها فكُنّ سَرابا
لكنْ من القدرِ الّذي هو سابقٌ
إنْ كانَ أحصى ما وهبتَ حسابا
إني اختصرتُ لك المديحَ لأنّه
لم يَشْفِني فجعلْتُهُ إغبابا
و الذّنبُ في مدحٍ رأيتكَ فوقهُ
أيُّ الرّجال يُقالُ فيكَ أصابا
هَبْني كذي المحراب فيك ولُوّمي
فأنا المُنيبُ وفيه أعظمُ أُسْوة ٍ
قد خرّ قبلي راكعاً وانابا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
رقم القصيدة : 10787
-----------------------------------
حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
وبالأسِنّة ِ والهِنْدِيّة ِ القُضُبِ
لأنْتَ ذا الجيشُ ثمّ الجيشُ نافلَة ٌ
وما سِواكَ فَلغْوٌ غيرُ محْتسَبِ
ولو أشرْتَ إلى مصرٍ بسَوطكَ لمْ
تحوجك مصرٌ إلى ركض ولا خببِ
ولوْ ثنَيْتَ إلى أرضِ الشآمِ يداً
ألقَتْ إليك بأيدي الذل من كثَبِ
لعلّ غيركَ يرجو أن يكونَ له
عُلُوُّ ذكركَ في ذا الجحفل اللّجِبِ
أو أن يصرِّفَ هذا الأمرَ خاتمُهُ
كما يصرِّفُ في جدٍّ وفي لعبِ
هيهاتَ تأبَى عليهم ذاكَ واحدة ٌ
أن لا تدورَ رحى ً إلا على قطب
أنتَ السّبيلُ إلى مصرٍ وطاعتها
ونُصْرَة ِ الدّين والإسلامِ في حلَب
و أينَ عنكَ بأرضٍ سستها زمناً
و ازدانَ باسمكَ فيها منبرُ الخطب
ألستَ صاحبَ أعمالِ الصّعيدِ بها
قِدْماً وقائِدَ أهْلِ الخَيْمِ والطُّنُبِ
تَشوّقَ المشرِقُ الأقصى إليك وكمْ(3/220)
تركتَ في الغَرْبِ من مأثورة ٍ عَجَب
و كمْ تخلّفُ في أوراسَ من سيرٍ
سارت بذكرك في الأسماع والكتب
وكان خِيساً لآسادِ العرين وقد
غادرته كوجار الثعلبِ الخرب
قد كنتَ تملأهُ خيلاً مضمَّرة ٍ
يحْمِلنَ كلّ عتيدِ البأسِ والغضَب
وأنتَ ذاك الذي يَدوي الصعيدَ كأنْ
لم تَنْأ عن أهْلهِ يوماً ولم تغِبِ
كن كيفَ شئتَ بأرضِ المشرقينَ تكن
بها الشّهابَ الذي يعلو على الشّهب
فأنتَ من أقطعَ الأقطاعَ واصطنعَ الـ
معروفَ فيها ولم تظلم ولم تحب
فسرْ على طرقكَ الأولى تجدْ أثراً
من ذيل جيشك أبقى الصخر كالكثبِ
و نفحة ً منك في إخميمَ عاطرة ً
مسكيّة ً عبقتْ بالماء والعشبِ
فلا تَلاقَيتَ إلاّ مَن ملكْتَ ومنَ
أجرتَ من حادث الأيّامِ والنُّوبِ
ولا تَمُرُّ على سِهْلٍ ولا جَبَلٍ
لم تُرْوِهِ من نَدى ً أو من دمٍ سَرِبِ
أرضاً غَنِيتَ بها عِزّاً لمُغتصَبٍ
سيراً لمكتسبٍ مالاً لمنتهب
فما صفا الجوُّ فيها منذُ غبتَ ولا
له انفراجٌ إلى حيّ من العربِ
وقَلّ بعدَك فيهم من يُذَبِّبُ عن
جارٍ ويدفعُ عن مجدٍ وعن حَسَبِ
فإنْ أتَيْتَهُمُ عن فَترَة ٍ فهُمُ
كما عهدتهمُ في سالفِ الحقب
إذ تجنبُ الحصنَ الجردَ العتاقَ بها
وإذ تُصَبّحُ أهلَ السّرجِ والجلَب
و تخضبُ الحلقَ الماذيّ من علقٍ
كأنما صاغها داودُ من ذهب
إذِ القبائلُ إمّا خائفٌ لكَ أو
راجٍ فمن ضاحكٍ منهم ومنتحب
فحلّة ٌ قد أجابت وهي طائعة ٌ
و قبلها حلّة ٌ عاصت ولم تجبب
فتلكَ ما بينَ مستنٍّ ومنتعشٍ
و هذه بين مقتولٍ ومنتهب
فكم ملاعبِ أرماحٍ تركتَ بها
تدعو حلائله بالويل والحرب
و كم فتى كرمٍ أعطاكَ مقودهُ
فاقتادَ كلُّ كريم النفسِ والنسبِ
إن لا تقد عظمَ ذا الجيش اللهام فقد
شاركتَ قائدَهُ في الدَّرّ والحَلَبِ
فالنّاسُ غيرَك أتباعٌ له خَوَلٌ
وأنتَ ثانيه في العَليا من الرّتب
أيّدتهُ عضداً فيما يحاولهُ
وكُنتُما واحداً في الرأي والأدب
فليسَ يسلكُ إلاّ ما سلكتَ ولا
يسيرُإلاّعلى أعلامكَ اللُّحبِ(3/221)
فقد سَرَى بسِراجٍ منك في ظُلَمٍ
وقد أُعينَ بسَيْلٍ منك في صبَبَ
جَرَيتُما في العلى جَريَ السواء معاً
فجئتُما أوَلاً والخَلقُ في الطّلَبِ
و أنتما كغراريْ صارمٍ ذكرٍ
قد جُرّدا أو كَغربَي لهذَمٍ ذَرِبِ
وما أدامَتْ له الأيامُ حَزمَك أو
عاداتِ نصرك في بدءٍ وفي عقب
فليسَ يعيا عليه هولُ مطّلعٍ
وليس يَبعُدُ عنه شأوُ مُطّلَب
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> قد كتبنا في قطعة ٍ من جرابِ
قد كتبنا في قطعة ٍ من جرابِ
رقم القصيدة : 10788
-----------------------------------
قد كتبنا في قطعة ٍ من جرابِ
وجعَلنا المَقالَ غيرَ صَوابِ
ودَعَوْناكَ لا لتجمعَ شَملاً
وبَعَثْنا ابن دأية ٍ بالكتابِ
فإذا جئتنا فجئْ بنديمٍ
و سماعٍ ومجلسٍ وشرابِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> و ثلاثة ٌ لم تجتمعْ في مجلسٍ
و ثلاثة ٌ لم تجتمعْ في مجلسٍ
رقم القصيدة : 10789
-----------------------------------
و ثلاثة ٌ لم تجتمعْ في مجلسٍ
إلاّ لمثِلكَ والأديبُ أريبُ
الوردُ في رامشنة ٍ من نرجسٍ
والياسَمينُ وكُلّهُنّ غريب
فاحمرّ ذا واصفرّ ذا وابيضّ ذا
فبدتْ دلائلُ أمرهنّ عجيب
فكأنّ هذا عاشِقٌ وكأنّ ذا
كَ معشَّقٌ وكأنّ ذاكَ رقيبْ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> وأبيَضٍ كلِسانِ البَرقِ مخترَطٍ
وأبيَضٍ كلِسانِ البَرقِ مخترَطٍ
رقم القصيدة : 10790
-----------------------------------
وأبيَضٍ كلِسانِ البَرقِ مخترَطٍ
من دونِ حقّ معِزّ الدينِ إصْليتِ
منيّة ٌ ليس تبغي غيرَ طالبِها
و كوكبٌ ليس يبغي غيرَ عفريتِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> عَبَراتٌ تَحثُهُّا زفَراتُ
عَبَراتٌ تَحثُهُّا زفَراتُ
رقم القصيدة : 10791
-----------------------------------
عَبَراتٌ تَحثُهُّا زفَراتُ
هُنّ عنْه بألسُنٍ ناطِقاتُ
وَيْحَه إذ أطاعَه جِيدُ ظبيٍ
و لواءٌ إلى الهوى منصات
عَطَفَ الدّهرُ عطفة ً فرَماه
بسهامٍ تريشها النّكبات(3/222)
أيهاالصّبُّ لا ترعْ فالليالي
فرحاتٌ تشوبها ترحات
و كذا الحبُّ ضحكة ٌ وبكاءٌ
و كذا الدهرُ ألفة ٌ وشتات
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> لمن صَولجانٌ فوقَ خدّكِ عابِثُ
لمن صَولجانٌ فوقَ خدّكِ عابِثُ
رقم القصيدة : 10792
-----------------------------------
لمن صَولجانٌ فوقَ خدّكِ عابِثُ
و من عاقدٌ في لحظ طرفكِ نافثُ
و من مذنبٌ في الهجرِ غيركِ مجرمٌ
ومَن ناقصٌ للعهدِ غيرَكِ ناكث
مليكٌ إذا مالَ الرّضى بجفونهِ
رأيتَ مميتاً بينَ عينيهِ باعث
عيونَ المها لا سهمكنّ ملبَّثٌ
ولا أنا مما خامَرَ القلبَ لابث
أيحسَبُ ساري الليلة ِ البدرَ واحداً
و في كللِ الأظعانِ ثانٍ وثالث
سرينَ بقُضْبِ البانِ وهي موائدٌ
تثنّى وكُثبِ الرّمل وهي عثاعث
أُريدُ لهذا الشمل جمعاً كعهدنا
وتأبَى خطوبٌ للنوى وحوادث
عبثتُ زماناً بالليالي وصرفها
فها هي بي لو تعلمون عوابث
لئن كان عشقُ النفس للنفس قاتلاً
فإني عن حتفي بكفيَ باحث
و إن كان عمر المرءِ مثلَ سماحهِ
فإنّ أميرَ الزّاب للأرض وارث
إذا نحن جئناه اقتسمنا نواله
كما اقتسمتْ في الأقربينَ الموارث
و إنّ حراماً أن يؤمّل غيرهُ
كما حُرّمَتْ في العالَمين الخبائث
تَبَسّمَتِ الأيّامُ عنه ضواحكاً
كما ابتسمت حُوُّ الرياضِ الدمائث
وسَدّ ثُغورَ المُلكِ بعدَ انثلامِها
و قد أظلمتْ تلك الخطوبُ الكوارث
فما راد في بُحبوحة المُلك رائدٌ
و لا عاثَ في عرّيسة ِ اللّيثِ عائث
وقد كان طاح، الملك لولا اعتلاقهُ
حبائلَ هذا الأمرِ وهي رثائث
رمى جبلَ الأجبال بالصّيلمِ التي
يغشّي جبين الشمس منها الكثاكث
و ما راعهمْ إلاّ سرادقُ جعفرٍ
تحُفُّ به أُسْدُ اللّقاءِ الدّلاهِث
فَجدّلهم عن صهوة الطِّرف راكبٌ
و أظعنهمْ عن جانب الطودِ ماكث
صقيلُ النُّهى لا ينكثُ السيفُ عهدَه
إذا غرّتِ القومَ العهودُ النكائث
مُضاعَفُ نسج العِرضِ يمشي كأنما
يلُوثُ به سِرْبالَ داودَ لائث(3/223)
قديمُ بناءِ البيتِ والمجد أُسِّسَتْ
قواعده شرُّ الأمورِ الحدائثُ
سريعٌ إلى داعي المكارم والعُلى
إذا ما استريث النكس والنكس رائث
و ما تستوي الشَّغواءُ غيرَ حثيثة ٍ
قوادمُها والكاسراتُ الحثائث
شَجاً لِعِداه لا مزار نفوسهم
قريبٌ ولا الأعمار فيهم لوابثْ
لعمري لئن هاجوكَ حرباً فإنّها
أكفُّ رجالٍ عن مُداها بواحث
تركتَ فؤادَ الليثِ في الخيس طائراً
وقد كان زأآراً فها هو لاهِث
فلا نُقِضَ الرأيُ الذي أنتَ مُبرمٌ
ولا خُذِل الجيشُ الذي أنت باعث
تورّعتَ عن دنياكَ وهي غَريرة ٌ
لها مبسمٌ بردٌ وفرعٌ جثاجث
و ما الجودُ شيئاً كان قبلك سابقاً
بل الجودُ شيئٌ في زمانك حادث
كأنّك في يومِ الهياجِ مرنَّحٌ
تهيجُ المثاني شجوه والمثالث
لئن أثَّ ما بيني وبينك في النّدى
فإنّ فروع الواشجات أثائث
نظمتُ رقيقَ الشعر فيك وجَزلَه
كأنّيَ بالمرجان والدُّرّ عابث
سَقَيْتُ أعاديكَ الذُّعافَ مُثَمَّلاً
كأنّ حبابَ الرّملِ من فيّ نافث
حلَفتُ يميناً إنّني لك شاكرٌ
وإني وإنْ بّرتْ يميني لحانث
و كيف ولم تشكركَ عنّي ثلاثة ٌ
و ما ولدت سامٌ وحامٌ ويافث
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أمِنْكِ اجْتِيازُ البرْقِ يلتاحُ في الدُّجى
أمِنْكِ اجْتِيازُ البرْقِ يلتاحُ في الدُّجى
رقم القصيدة : 10793
-----------------------------------
أمِنْكِ اجْتِيازُ البرْقِ يلتاحُ في الدُّجى
تَبَلّجْتِ مِنْ شَرْقِيّة ِ فتبلّجاَ
كأنّ به لّما شرى منكِ واضحاً
تبسمّ ذا ظَلمٍ شنيباً مُفلَّجا
مطارُ سنى يزجى غماماً كأنّما
يُجاذبُ خَصْراً في وشاحك مُدمجا
ينوءُ إذا ما ناءَ منك ركامهُ
برادفَة ٍ لا تَستَقِلُّ منَ الوَجَى
كأنّ يداً شقّتْ خلالَ غيومهِ
جُيوباً أوِ اجتابَتْ قباءً مُفرَّجا
هلمّا نحيّي الأجرعَ الفردَ واللّوى
وعُوجا على تلك الرّسومِ وعَرّجَا
مواطئُ هندٍ في ثرى ً متنفّسٍ
تضوّعَ منْ أردانها وتأرّجا
منعّمة ٌ أبدتْ أسيلاً منعَّماً(3/224)
تضرّجَ قبلَ العاشقين وضرّجا
إذا هَزّ عِطْفَيْها قَوامٌ مُهَفْهَفٌ
تداعى كثيبٌ خلفها فترجرجا
أنافسُ في عقدٍ يقبّلُ نحرها
وأحْسُدُ خَلخالاً عليها ودُمْلُجا
لقد فزتُ يوم النابضين بنظرة ٍ
فلم تلقَ إلاّ بدرَ تمٍّ وهودجا
وأسْعَدَني مُرْفَضُّ دمعي كأنّها
تَساقَطَ رأدَ اليوْمِ دُرّاً مُدَحْرَجَا
ألَذُّ بما تَطْويهِ فيكِ جَوانحي
وأشجى تَباريحاً وأسْتعْذِب الشَّجا
أجَدِّكَ ما أنْفَكُّ إلاّ مُغَلِّساً
يجوز الفلا أو ساريَ اللّيل مدلجا
ترفّعَ عنَّا سجفه فكأنّهُ
يُحيّى بيحيَى صبْحَه المتبَلِّجا
ترامَى بنا الأكوارُ في كلّ صَحصَحٍ
تظلُّ المهاري عسِّجاً فيه وسَّجا
سَرَينا وفودَ الشّكر من كلّ تلعة ٍ
إذا ما وَزَعَنا الليلَ باسمك أُسرجا
غمرتَ ندى ً فلا البرقُ خلَّباً
لديكَ ولا المزْنُ الكنَهْوَرُ زِبرَجا
وما أمَّكَ العَافُونَ إلاّ تعرّفُوا
جنابَكَ مأنُوساً وظِلَّكَ سَجسَجا
ولم تُرَ يوْماً غيرَ عاقِدِ حُبوة ٍ
لتديرِ مُلْكٍ أو كمِيّاً مُدَجَّجاَ
وكنتُ إذا ثارتْ عجاجة ُ قسطل
فجَلّلَتِ الأفقَ البَهيمَ يَرنَدَجا
تخلّلْتَها في المَعرَكِ الضنَّكِ مُقدِماً
وخُضْتَ غِمارَ الموت فيها مُلجِّجا
فلم ترَ إلاّ بارقاً متألّقاً
تخَلّلَهَا أو كَوكَباً مَتأجّجا
فداؤك نفسي ماجداً ذا حفيظة ٍ
يُدير رْحى العَليا على قُطُبِ الحِجى
وسيّدُ ساداتٍ إذا رأتهُ
عرفتُ يمانيِ النَّجارِ متوخا
تألق في أوضاحهِ وحجولهُ
فلم تَرَ عيني منظراً كان أبهَجا
لقد نبه الآدابُ بعد خمولها
وجدَّدَ منها عافْيَ الرسم ِمنهجاً
له شيمة ٌ كالأري صفوٌ سجالها
وما السَّمُّ إلاّ أن يُقانَى ويُمزَجا
ألا لا يَرُعْه بأسُ يومِ كريهة ٍ
فلن يُذعَرَ اللّيثُ الهْزَبْرُ مُهَجهِجا
نَحى المغربَ الأقصى بسَطْوة ِ بأسِهِ
فغادرَه رهواً وقد كانَ مرتجا
مطلاً على الأعداءِ ينهجُ بينها
بسمر العوالي والقواضبِ منهجا
ليالي حُروبٍ شِدْتَ فيها لجعفَرٍ(3/225)
مَآثِرَ لم يُخْلِفْنَه فيك ما رجا
وكمْ بِتَّ يقظانَ الجفونِ مُسَّهداً
تريهِ شموس الرأي في غسقِ الدُّجى
فلاحَظَ عَضْباً عن يمينك مُرْهَفاً
وطِرْفاً جَواداً عن يسارك مُسْرَجا
وكم لك من يومٍ بها جدِّ معلمٍ
يصلي الأعاديْ جمرهُ المتوهجا
تَقومُ به بينَ السّماطَينِ خاطِباً
إذا يومَ فَخْرٍ ذو البيانِ تَلجْلَجا
أيا زكريّاءَ الأغَرّ أهِبْ بهَا
وقائعَ الهَجْنَ القريضَ فألهِجا
لِتَهْنِئْكَ أمثالُ القوافي سوائراً
وكنت حرياً أن تسرّ وتبهجا
فَدُمْ للشبّابِ المُرجَحِنّ وعَصْرِهِ
تُؤمَّلُ فينا للخُطوب وتُرتَجى َ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> هلْ كانَ ضمَّخ بالعبير الريحا
هلْ كانَ ضمَّخ بالعبير الريحا
رقم القصيدة : 10794
-----------------------------------
هلْ كانَ ضمَّخ بالعبير الريحا
مُزْنٌ يُهَزُّ البرقُ فيه صَفيحا
تُهدي تحِيّاتِ القلوبِ وإنّما
تُهْدي بهنّ الوجْدَ والتّبريحا
شرقت بماء الوردِ بلل جيبها
فسرتْ ترقرقُ درّه المنضوحا
أنفاسُ طِيبٍ بِتْنَ في درْعي وقد
باتَ الخيالُ وراءهُنّ طَليحا
بل ما لهذا البرق صلاًّ مطرقاً
ولأي شملِ الشمائمين أتيحا
يدني الصباحَ بخطوهِ فعلامَ لا
يدني الخليطَ وقد أجدّ نزوحاً
بتنا يؤرقنا سناهُ لموحا
ويشُوقُنا غَرَدُ الحمامِ صَدُوحا
أمُسَهَّدَيْ ليلِ التِّمامِ تعالَيا
حتى نَقومَ بمأتمٍ فَنَنُوحَا
وذَرا جلابيباً تُشَقّ جيوبُها
حتى أُضَرّجَها دَماً مسْفُوحا
فلقد تجهّمني فراق أحبتي
وغدا سَنِيحُ المُلْهِياتِ بَريحا
وبَعُدْتُ شَأوَ مطالبٍ وركائبٍ
حتى امتطيتُ إلى الغمامِ الريحا
حَجّتْ بنا حرمَ الإمام نجائبٌ
ترمي إليه بنا السهوبَ الفيحا
فتَمسّحَتْ لِمَمٌ بهِ شُعْثٌ وقد
جئنا نقِّبل ركنهُ الممسوحا
أما الوفودُ بكل مطلعٍ فقد
سرّحتُ عقلَ مطيّهم تسريحا
هل لي إلى الفردوسِ من إذنٍ وقد
شارَفْتُ باباً دونَها مفتوحاً
في حيث لا الشعَراء مُفحَمَة ٌ ولا(3/226)
شأوُ المدائح يُدْرِك الممدوحا
ملك أناخَ على الزمان بكلكلٍ
فأذل صعباً في القيادِ جموحا
يمضي المنيا والعطايا وادعاً
تعبت له عزامتهُ وأريحا
نَدعوهُ مُنْتَقِماً عزيزاً قَادِراً
غفّارَ مُوبقة ِ الذّنوبِ صَفوحا
أجدُ السماحَ دخيلَ أنسابٍ ولا
ألْقاهُ إلاّ منْ يديْهِ صَريحا
وهو الغمامُ يصوبُ منه حياتنا
لا كالغمام المستهلُّ دلوحا
نَعَشَ الجُدودَ فلو يُصافحُ هالكاً
ما وسدته يد المنونِ ضريحا
قُلْ للجبابرة ِ المُلوكِ تَغَنّموا
سلماً كفى الحربَ العوان لقوحا
بعيونكم رهجُ الجنودِ قوافلاً
بالأمسِ تنتعلُ الدّماءَ سفوحا
أمّتْكَ بالأسْرى وفُودُ قبائلٍ
لا يَجتدينَكَ سَيْبَكَ الممنوحا
وصلوا أسى ً بغليلِ تذكارٍ كما
وصَل النّشاوَى بالغَبوق صَبوحا
لو يعرضونَ على الدُّجنّة أنكرتْ
ذاكَ الشحوبَ النُّكرَ والتلويحا
و لقد نصحتهمُ على عدوانهم
لكنّهم لا يقبلونَ نَصِيحاَ
حتى قَرَنْتَ الشمل والتفريقَ في
عَرَصاتهمْ والنّبْتَ والتّصْويحا
ونَصَرْتَ بالجيش اللُّهام وإنّما
أعددتهُ قبل الفتوح فتوحا
أفقٌ يمورُ فيه عجاجة ً
بحرٌ يموج البحرُ فيه سَبوحا
لو لم يسرْ في رحبِ عزمكَ آنفاً
لم يلفِ منحرقَ الخبوتِ فسيحا
يُزْجيهِ أرْوَعُ لو يُدافَعُ باسمِهِ
عُلويُّ أفلاكِ السّماءِ أزيحا
قادَ الخضارمة َ الملوكَ فوارساً
قد كان فارسَ جمعها المشبوحا
فكأنّما مَلَكَ القضاءَ مُقدِّراً
في كلّ أوبٍ والحمامَ متيحا
وافى بهيبة ذي الفقارِ كأنما
وشحتهُ بنجادهِ توشيحا
حتّى إذا غمرَ البحارَ كتائباً
لو يرتشفْنَ أُجاجَها لأميحا
زخَرَتْ غواشي الموت ناراً تلتظي
فأرتْ عدوّكَ زندك المقدوحا
فكأنّما فَغَرَتْ إليهِ جَهَنّمٌ
منهنّ أو كلحتْ إليه كلوحا
وأميّة ٌ تحفى السّؤالَ وما لمنْ
أودى به الطّوفانُ يذكرُ نوحا
بهتوا فهم يتوهّمونكَ بارزاً
والتّاجَ مؤتلقاً عليك لَمُوحا
تتجاوبُ الدّنْيا عليهم مأتَماً
فكأنما صبّحتمْ تصبيحا
لَبِسوا معائبَهم ورُزْءَ فقيدِهم(3/227)
كاللاّبساتَ على الحِدادِ مُسوحا
أنْفِذْ قضاءَ الله في أعدائِه
لِتُراحَ من أوتارها وتُريحا
بالسّابقين الأولينَ يؤمُّهُمْ
جبريلُ يَعتنِقُ الكُماة َ مُشِيحا
فكأنّ جَدّكَ في فوارسِ هاشِمٍ
منهم بحيثُ يرى الحسينَ ذبيحا
أعليكَ تختلفُ المنابرُ بعدما
جَنحتْ إليكِ المَشرِقانِ جُنوحا
أمْ فِيكَ تخْتَلِجُ الخلائقُ مِرْيَة ً
كلاّ وقد وضحَ الصّباحُ وضوحا
أوتيتَ فضلَ خلافة ٍ ... كنبوّة ٍ
ونجيَّ إلهامٍ كوحيٍ يوحى
أخَليفَة َ الله الرّضَى وسبيلَة ُ
ومنارهُ وكتابهُ المشروحا
يا خيرَمن حجّتْ إليهِ مطيّة ٌ
يا خيرَ من أعطى الجزيلَ منوحا
ماذا نقولُ جللتَ عن أفهامنا
حتى استَوَيْنا أعْجَماً وفَصِيحا
نَطَقَتْ بك السَّبْعُ المثاني ألسُناً
فكَفَيْنَنَا التعريض والتّصْريحا
تَسْعَى بنورِ الله بَينَ عِبادِهِ
لتضئَ برهاناً لهم وتلوحا
وجدَ العيانُ سناك تحقيقاً ولم
تُحِطِ الظّنونُ بكُنْهِهِ تصريحا
أخشاكَ تنسي الشمسَ مطلعها كما
أنسى الملائكَ ذكركَ التّسبيحا
صوّرتَ من ملكوتِ ربّك صورة ً
وأمدَّها علماً فكنتَ الرّوحا
أقسمتُ لولا أن دعيت خليفة ً
لَدُعِيتَ من بعدِ المسيح مسيحا
شَهِدَتْ بحخركَ السّمواتُ العُلى
وتنزّلَ القرآنُ فيك مديحا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أنظلمُ أن شمنا بوارقَ لمَّحا
أنظلمُ أن شمنا بوارقَ لمَّحا
رقم القصيدة : 10795
-----------------------------------
أنظلمُ أن شمنا بوارقَ لمَّحا
وضحنَ لساري الليل من جنب توضحا
بعينك، أن باتت تُحرِّقُ كُورَها،
محجَّلة ً غرَّاً من المُزنِ دلَّحا
ولمّا احتضنّ أرهفنَ خصرهُ
فباتَ بأثناء الصبّاح مُوشَّحا
تحمّلَ ساريها إلينا تحيّة ً
فهيّجَ تذكاراً ووجدا مُبرِّحا
وعارضهُ تلقاءَ أسماءَ عارضٌ
تكفّى ثبيرٌ فوقه فترجعا
ولمّا تهادى نكّبَ البيدَ معرضاً
وأتأقَ سجْلاً للرّياض فطفّحا
تَدلّى فخِلتُ الدُّكنَ من عَذَباتهِ
كواسرَ فتخاً في حفافيه جنَّحا(3/228)
لِتَغْدُ غَواديهِ بمُنعَرج اللّوى
موائحَ رَقراقٍ من الرِّيّ مُتَّحا
سقته فمجتْ صائك المسكِ حفَّلاً
تسحُّ وأذرتْ لؤلؤ النظم نضَّحا
فلم تبق من تلك الأجارع أجرعاً
ولم تبقِ من تلك الأباطح أبطحا
ولله أظْعانٌ ببرقة ِ ثهمدٍ
وقد كَربتْ تلك الشموسُ لتجنحا
أجَدِّكَ ما أنْفَكُّ إلاّ مُغَبَّقاً
بكأس النوى صِرْفاً وإلاّ مصَبَّحا
وأبيضَ من سِرّ الخِلافَة ِ واضِحٍ
تجلّى فكان الشمسَ في رونقِ الضّحى
عنيفٌ ببَذلِ الوَفرِ يَلحي عُفاتَه
على صفدٍ ما كان نُهزة َ من لحى
تَوَخّاهُمُ قبلَ السؤال تبرّعَا
بمعروفِ ما يُولي، وسِيلَ فأنجحا
صَحا أهلُ هذا البذل ممّنْ عَلمتَه
وأمسكَ بالأموال نشوانُ ما صَحا
ذروا حاتما عنّا وكعباً فإننا
رأيناه بالدنيا على الدين أسمحا
أُريكَ به نَهْجَ الخلافة مَهيَعاً
يُبين وأعلامَ الخلافة وُضَّحا
كثيرُ وجوه الحزْم أردى به العِدى
وأنحى به ليْثَ العّرينَة ِ فانتحى
ولمّا اجتباه والملائكُ جنده
لَمهلكهم دارت على قُطبها الرّحى
فقلّدها جمَّ السياسة ِ مدرهاً
إذا شاء رام القصْدَ أو قال أفصَحا
نحاهم به أمضى من السيف وَقعهُ
وأجزَلَ من أركان رَضوى وأرجحا
وقد نَصَحَتْ قُوّادُها غيرَ أنّني
رأيتُ ربيبَ الملكِ للملكِ أنصحا
رآه أميرُ المؤمنين كعهدهِ
لديه ولم تنزحْ به الدارُ منزحا
ولّما تَغَشّتْ جانبَ الأرض فتنة ٌ
تشُبُّ لَظى الهيجاء ألفَحَ ألفَحا
رمى بك قارونَ المغاربِ عاتياً
وفرعونها مستحيياً ومذبِّحا
ورامَ جماحاً والكتائبُ حوله
فوافاكَ في ظلّ السُّرادق أجمَحا
فلمّا اطلَخَمّ الأمرُ أخفَتَ زأرَه
فمجمج تعريضاً وقد كان صرّحا
مُرَدِّدُ جأشٍ في التراقي فضَحتَه
وكانتْ له امُّ المنيّة ِ أفضحا
ومُطّرِحُ الآراءِ ما كَرّ طَرفَه
ولا ارتدّ حتى عادَ شِلْواً مُطرَّحا
فلم يُدْعَ إرناناً ولا اصْطقَقَتْ له
حلائله في مأتمِ النَّوح نوَّحا
وغُودِرَ في أشياعهِ نَبأً وقدْ
مَحوْتَ به رسمَ الدّلالة فامّحى(3/229)
وأدركتُ سولاً في ابن واسول عنوة ً
وَزَحزَحتَ منه يذبُلاً فتزَحزَحا
وإلاّ أبنْه في العُصاة ِ فإنّني
أرى شارباً منهم يميل مرنَّحا
يموت ويَحيْا بينَ راجٍ وآيسٍ
فكانَ له الهُلْكُ المُواشكُ أرْوَحا
تضَمّنَه حَجْلٌ كلَبّة أرقَمٍ
إذا خرسَ الحادي ترنّمَ مفصحا
أُريكَ بمرآة ِ الإمَامَة ِ كاسْمها
على كورِ عنسٍ والإمامَ المرشَّحا
وقد سَلَبَتْه الزّاعبيّة ُ ما ادّعى
فأصْبحَ تِنّيناً وأمش ذُرَحْرَحا
فما خطبه شاهتْ وجوه دعاتهِ
وجدعَ من مأفون رأيٍ وقبّحا
وكان الجذاميُّ الطويلُ نجادُه
بهيماً مدى أعصارهِ فتوضّحا
عجلتَ له بطشاً وإن وراءه
لخرقاً من البيد المروراتِ أفيحا
مُعاشِرُ حربٍ يحلب الدهرَ أشطُراً
فلم يتّرِكْ سَعْياً ولم يأتِ مَنجَحا
أقولُ له في موثقِ الأسرِ عاتباً
تجاذبهُ الأغلالُ والقيدُ مقمحا
لئن حَمَلَتْ أشياعُ بغْيكَ فادحاً
يغولُ لقد حُمّلتَ ما كان أفدحا
ولا كابنه أذكى شهاباً بمعركٍ
وأجمحَ في ثِنْي العنانِ وأطمحا
مرت لك في الهيجاء ماءَ شبابهِ
وأثكَلْتَه منه القضيب تَهَصّرَتْ
أعاليه والرّوْض المُفوَّفُ صُوّحا
لعمري لئنْ ألحقته أهلَ ودّه
لقد كان أوحاهم إلى مأزِقِ الرّحى
وكم هاجعٍ ليلَ البياتِ اهتبلته
فصَبّحتَه كأس المنيّة ِ مُصْبِحا
وهدّمْتَ ما شادَ العِنادُ وقد رَسَتْ
أواخِيهِ في تلك الهَزاهزِ رُجِّحا
صَفحتَ عن الجانينَ مَنّاً ورأفة ً
وأعنانهِ حتى هوتْ فتفسّحا
وقد كان باباً مرتجاً دونَ جنّة ٍ
فلمّا دنَتْ تلك اليمينُ تَفتَّحا
ليالي حُروبٍ كُنّ شُهبْاً ثَواقباً
لها شعلٌ كانتْ سمائم لفَّحا
وعَفّى على إثْرِ الفسادِ وأصْلحا
دعاكَ إلى تأمينهِ فأجبته
ولو لم تَدارَكهْ بعارفة ٍ طَحا
وفي آلِ موسى قد شنَنتَ وقائعاً
أهبتَ لهم تلك الزّعازعَ لقَّحا
فلمّا رأوا أنْ لا مفَرّ لهارِبٍ
وأبدَتْ لهم أُمُّ المنيّة مَكلَحا
وأكدى عليهم زاخرُ اليمّ معبراً
وضاقَ عليهم جانبُ الأرضِ مسَرحا(3/230)
صفحتَ عن الجانبينَ منّاً ورأفة ً
وكنتَ حريّاً ان تمنّ وتصفحا
وقد أزمعوا عن ذلكَ السِّيفِ رِحْلَة ً
فملّكتَ أولاهمْ عناناً مسرَّحا
وكان مشيدُ الحصنِ هضبَ متالع
فغادرته سهباً بتيماءَ صحصحا
قضى ما قضى منه البَوارُ فلم يُقَلْ
نعمتَ ولا حيّيتَ ممسى ً ومصبحاً
معالمُ لا يندَ بنَ آونة ً ولا
تنوحُ حمامُ الأيك فيهنّ صدَّحا
وكانوا وكانَتّ فترة ٌ جَاهلِيّة ٌ
فقد نهّجَ اللهُ السبيلَ وأوضحا
لأفلحَ منهم مَن تزكّى وقادَهُ
حواريُّ أملاكٍ تزكّى وأفلحا
حلفتُ بمستَنّ البِطاحِ أليّة ً
وبالركن والغادي عليه مُمسِّحا
لردّوا إلى الآياتِ معجزة ً فلو
لمستَ الحصى فيهم بكفيكَ سبّحا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> سرى وجناحُ الليلِ أقيمُ أفتخُ
سرى وجناحُ الليلِ أقيمُ أفتخُ
رقم القصيدة : 10796
-----------------------------------
سرى وجناحُ الليلِ أقيمُ أفتخُ
ضجيعُ مهادٍ بالعبيرِ مضمَّخُ
فحيّيتُ مزْورَّ الخيالِ كأنّه
محجَّبُ أعلى قبّة ِ الملكِ أبلخُ
وما راعَ ذاتَ الدَّلّ إلاّ معرّسي
وملقى نجادي والجلالُ المنوَّخُ
وخِرْقٌ له لِبْدَة ِ اللْيثِ مَرتعٌ
وفي لهواتِ الأرقمِ الصِّل مَرسَخُ
إذا زارها اغطّتْ عُقابُ مَنيّة ٍ
وليسَ لها إلاّ الجَماجِمَ أفرُخ
يحلُّ على الأمواهش تتلعُ دونها
رؤوسُ العوالي والمذاكي فتشدخُ
بحيث مَجَرُّ الجيش وهْوَ عَرَمْرَمٌ
واجبله من قسطلٍ وهي شمَّخُ
بمَيْثاءَ تُروي المسكَ بالخمرِ كلما
تسلسلَ فيها جدولٌ يتنضّخُ
كأنّ القنا فيه طُهاة ٌ وطُبَّخ
خُدورٌ تُدَمّى أو نحورٌ تُلَخْلَخ
لئن كان هذا الحسنُ يُعجَم أسطُراً
لأنْتِ التي تُمْلينَ والبدر يَنسَخ
ثكلتكِ شمساً من وراءِ غمامة ِ
وجنّة َ خلدس دونها حالَ برزخُ
فإنْ تسأليني عن غليلٍ عهدتهِ
فكالجمرِ في خَدّيْكِ لا يتبوّخ
ألا لا تُنَهْنِهْني الخطوبُ بحادثٍ
فلي همّة ٌ تبري الخطوبَ وتنتخُ
فلا تشمخِ الدّنيا عليّ بقدرها
فإنّي بأيام المعزّ لأشمخ(3/231)
يؤيّده المقدارُ بالغَ أمرهِ
ويمدحُ بالسّبع المثاني ويمدخُ
فمَهْلاً عِداه ما على الله مَعْتَبٌ
وليس لما يأتي به الوَحيُ مَنسَخُ
لكَ الأرضُ دونَ الوارثينَ وإنّما
دعَوتَ الورى فيها عُفاة ً فبخبَخوا
أشَبْتَ قرونَ المُلكِ قبلَ مشيبهِ
فأرضاكَ منه أشْيَبُ الحلم أشيَخ
رجالٌ أضّلوا رائداً وهَدَيتُمُ
ولا سرجُ الآياتِ فيهنّ بوَّخُ
وليس ظهارٌ يحجبُ الغيبض دونها
ولكنّها قدسيّة ٌ فيه تَرسُخ
على الشمس دون البدر منها أسرّة ٌ
وفي يَذْبُلٍ منها شماريخُ بُذَّخ
وقد وفَد الأسطولُ والبحرُ طالبَيْ
ندى مزمعي هيجاءَ هذا لذا أخ
كما التهبتْ في ناظرِ البرقِ سعلة ٌ
تلَقي سَناها من فمِ الرّيح مَنفَخَ
لديكَ جنودُ الله غضْبَى على العِدى
لها منكَ في الجندِ الرُّبوبيّ مصرخ
فلو أنّ بحراً يلتهمنَ عبابه
لمرّ نفاثاً بينها يتسوّخ
ترى الفجرَ منها تحتَ ليلٍ مسبَّجٍ
كأنّ حداداً فيه بالنِّقسِ يلطخ
لها لَجَبٌ يستجفلُ المزنَ صَعقُه
ويقْرَعُ سمعَ الرّعدِ زاراً فيصمخ
زئيرُ ليوثٍ مدّ في لهواتها
وهَدْرُ قرومٍ في الشقاشق بخبخوا
نَظوْا كلّ لَفْحٍ من غِرارِ مهنّدٍ
هو الجَمرُ إلاّ أنّه ليس يُنفَخ
يشقُّ جيوبَ الغمدِ عنه اتقاده
وللحيّة الرّقشاءِ في مسلخِ
إلى كُلّ عَرّاصِ الكُعوب كأنّه
نوى القسبِ أنه ليس يرضخ
بكلّ ثِقافٍ من عواليك مَدعَسٌ
وفي كلذ من الرأس مشدخ
لقد سارتِ الرُّكبْانُ بالنّبإ الذي
يشيبُ له طفلٌ وينصاتُ أجلخ
وضَجّتْ له الأصنامُ إنّ ضَجيجَها
صدى ً من بني مروان حرّان يَصرخ
بني هاشمٍ هل غيرُ عصرٍ مذلَّلٍ
لياليهِ أقتابٌ عليها وأشرخ
أتيتمْ وراء الهولِ فاليمُّ مشرعٌ
وقربتُمُ الآفاقَ فالأرضُ فرسخ
وكنتُمْ إذا ما ماجَ عُثنونُ قسطلٍ
كما اغبرّ مجهولُ المخارم سربخ
قريتمْ سباعَ الأرض في كل معركٍ
كأنّ القنا فيه طهارة ٌ وطبَّخ
وقُدْتُمْ إلَيْها كُلَّ ذي جَبريّة ٍ
على المُقرَباتِ الجُرْد تَبأى وتبذخ(3/232)
من الطالباتِ البْرقَ لاالشأوُ مُرهَقٌ
ولاالعطف مجنوب ولاالرِّدف ابزخُ
إذا شدَ خته مشقة ٌ أنّ موقذاً
حسيراً كما أنَّ الأميمُ المشدَّخ
كثيرُ جِهاتِ الحسنِ تَهمي جداولاً
و لكنّها بين المحاجر ثوَّخ
يعوَّذث من مكحولة ِ الحشفِ إن بدا
وينضحُ نفثَ الراقياتِ وينضخ
فداءٌ لفاديكم من الناس معشرٌ
لهم روعُ دهرٍ منكمُ ليس يفرخ
رجالق أضلوا رائداً وهديتمُ
وجَلّيتُمُ عنه العَماءَ وطَخطخوا
لعمري لئن كانت قريشاً بزعمها
فإنّا وجدنا طينة َ المسكِ تسنخ
نَصحتَ ملومَ العُرْبِ والعُجم بالتي
يراها عمٍ منهم ويسمع أصلخ
أتدرونَ أيُّ الماءِ أكثرُ ساقياً
وأيُّ جبالِ الله في الأرضِ أرسخ
هدى واعتصاماً قبل تطمس إوجهٌ
تُشاه بلَعْنِ اللاّعنينَ وتُمْسخ
معزُّ الهدى للهِ حوضُ شفاعة ٍ
يُسلسَلُ تحتَ العرش رِيّاً ويَنقخ
سقيتَ فلا لبُّ اللبيبِ معطِّشٌ
لديكَ ولا كافورَة ُ العهدِ تَسنخ
وأينَ بثغرٍ عنكَ يبغى سداده
وخليلكَ في كرخيّة الكرخ تُكرخ
وقد عجمتْ هندَ الملوك سندها
ليالٍ تركمَ الفيلَ كالبكرِ يقلخ
لأصْليتَها ناراً هي النّارُ لا التي
تنتِّخُ فيها ألفَ عامس وتمرخ
فإن يَختطِفْها الدينُ خَطفَة َ بارقٍ
فمنْ أسدٍ ناتي البراثنِ تملخ
أآياتُ نصرٍ أمْ ملائكُ حوَّمٌ
وأطرافُ أرضٍ أم سَماءُ تُدَوَّخ
وما بلغتْكَ البُردُ أنضاءَ نيّة ٍ
ولكنّها أرماقُ تفسَّخ
سَرَينَ فخلّفْنَ النّجومَ كأنّها
هَجائنُ عِيسٍ في المبارِكِ نُوَّخ
فقُلْ للخميس الطّهْرِ إنّ لواءكمْ
نخا نخوة َ النصرِ المُعِزِّيّ فانتَحوا
ألِكْني إليهم والتّنائفُ دونهم
سقتهم أهاضيبٌ من المزن نضخ
كهولٌ بنادي السلم قد عقدوا الحبى
شبابٌ إذا ما ضَجّ في الحيّ صُرَّخ
لَنِعْمَ وُكورُ الدينِ تَدرُجُ بينها
فإنّا رأينا دارجَ الطّيرِ يُفْرِخ
و أخلقْ به فالعنزُ تنتجُ سخلة ً
ويبزلُ نابٌ بعد ذاك ويَشرخ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> يا روضَ علمٍ ويا سَحابَ ندى ً(3/233)
يا روضَ علمٍ ويا سَحابَ ندى ً
رقم القصيدة : 10797
-----------------------------------
يا روضَ علمٍ ويا سَحابَ ندى ً
لا زِلتَ لا زِلتَ عيشَناً الرَّغَدا
يترى علينا ندى يديكَ كما
تدافعَ الموجُ جالَ فاطّردا
عوّضنا الله منْ سِواكَ ولا
عوّضَنا منكَ سيّدا أبدا
أيَّ هزبرٍ كانَ الهزبرُ لقد
غادرَ منكَ الضرغامة الأسدا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> بلى ! هذه تَيماءُ والأبْلقُ الفَرْدُ
بلى ! هذه تَيماءُ والأبْلقُ الفَرْدُ
رقم القصيدة : 10798
-----------------------------------
بلى ! هذه تَيماءُ والأبْلقُ الفَرْدُ
فسلْ أجماتِ الأُسد ما فعل الأسدُ
يقولونَ : هلْ جاءَ العراقَ نذيرها
فقلتُ لهم ما قالتِ العِيس والوَخد
أصيخوا فما هذا الذي أنا سامعٌ
برعدٍ ولكنْ قعقعَ الحلقُ السّرد
تؤمُّ أميرَ المؤمنين طوالعاً
عليه طلوعَ الشمس يقدُمُها السَّعد
فتوحاتُ ما بينَ السَّماءِ وأرضها
لها عند يومِ الفخرِ ألسنة ٌ لُدُّ
سَيعْبَقُ في ثوبِ الخليفة ِ طيبُهَا
وما نَمّ كافورٌ عليه ولا نَدُّ
وتعقدُ إكليلاً على رأسِ ملكهِ
وتُنْظَمُ فيه مثلَ ما نُظمَ العِقد
حرورية ٌ ما كبّرَ اللهَ خاطبٌ
عليها ولا حَيّا بها مَلِكاً وفْد
وكانتْ هي العجماءَ حتى احتبى بها
ملوكُ بني قحطانَ والشَّعرُ والمجد
لذاكَ تراها اليومَ آنسَ من مِنى ً
وأفْيَحَ من نَجدٍ وما وصلتْ نجْد
وما رُكزتْ في جوّها قبلكَ القَنا
ولا ركَضَتْ فيها المسوَّمة ُ الجُرد
ولا التمعتْ فيها القِبابُ ولا التقَتْ
بها لأمة ٌ سردٌ وقافية ٌ شرد
رفعتَ عليها بالسرادقِ مثلها
وجلَّلْتَها نوراً وساحاتُها رُبْد
يقابل من شمس الضُّحى الأعين الرُّمد
مَباءة ُ هذا الحيِّ من جنِّ عبقَرٍ
فليسَ لها بالأنسِ في سالفٍ عهد
تذوبُ لقُربِ الماءِ لولا جَمادُها
وتحرقُ فيها الشمسُ لولا الصّفا الصّلد
معَ الفلك الدَّوّار لا هي كوكبٌ
ولا هي مما يشبهُ الرِّيدُ والفند(3/234)
ولولا الهمامُ المعتلي لتعذّّرتْ
على أبطنِ الحيّاتِ أقطارها الملدُ
وأعْيَت فلم يَحمِلْ بهابَزَّ فارسٍ
حصانٌ ولمْ يثبتْ على ظهرها لبد
ولّما تجَلّى جعْفَرٌ صَعِقتْ لَهُ
وأقبلَ منها طورُ سيناء ينهد
شَهَدتُ له وأنّ الملائكَ حولَهُ
مُسوَّمَة ٌ والله من خلفهِ رِدُّ
أقَمْنَا فمن فُرسانِنا خُطباؤنا
ومنبرُنا من بِيض ما تطبعُ الهِنْد
ولولا لمْ يقمْ فيها بحمدكَ خاطبٌ
علينا وفينا قامَ يخطبنا الحمد
على حين لم يُرْفَعْ بها لخليفة ٍ
منارٌ ولمْ يشدد بها عروة ٌ عقد
وكانت شجاً للملكِ سِتّينَ حِجّة ً
وما طيبُ وصلٍ لمْ يكنْ قبلهُ صدُّ
بها النارُ نار الكفرِ شُبَّ ضِرامُها
ولو حجبتْ في الزندِ لاحترقَ الزُّند
فمنْ جمرة ٍ قدْ أطفئتْ مخلدية ٍ
وأُخرى لها بالزّابِ مذ زمَنٍ وَقْد
يقابلُ منكَ الدّهرُ فيها شبيهَ مَا
وفي هذه مَكنُونُ ما لم يكن يبدو
وعادَ لها الدّاءُ القديمُ فأصبحتْ
بها نافضٌ منه وليس بها ورد
وكَف على بحرٍ إلى اليوم موجُهُ
فليس له جزرٌ وليس له مذُّ
و عادتْ بهم حرب الأزارق لاقحاً
وإن لم يكن فيها المهلّبُ والأزد
حوادثُ غلبٌ في لؤيِّ بن غالبٍ
وخَطْبٌ لعَمرُ الله في أدَدٍ إدُّ
أطافت بخِرْقٍ يَسبِقُ القولَ فعلُهُ
فليس ليوميه وعيدٌ ولا وعد
فليس له من غير طِرفٍ أريكة ٌ
و ليس له من غير سابغة ٍ برد
فتى ً يشجعُ الرِّعديدُ من ذكر بأسه
و يشرفُ من تأميله الرجلُ الوغد
و لما اكفهرَّ الأمرُ أعجلتَ أمرها
فألْقَتْ وَليدَ الكفر وهي له مَهد،
أخذتَ على الاعداء كلَّ ثنية ٍ
واعقبتَ جنداً واطئاً ذيله جند
كأنَّ لهمْ من حادث الدهرِ سائِقاً
يسوقُهُمُ أو حادياً بهم يحدو
كأنكَ وكَّلتَ الغمامَ بحربهم
فمن عارضٍ يمسي ومنْ عارضٍ يغدو
كأنَّ عليهم منك عنقاءَ تعتلي
فليس لها من أن تخطَّفهم بدُّ
من الصائداتِ الإنسَ بينَ جفونها
إذا ما جرَتْ بَرْقٌ وفي ريشها رَعد
فلما تقنَّصتَ الضَّراغمَ منهمُ
فلم يبقَ إلاّ كسعة ٌ خلفهم تعدو(3/235)
كثيرٌ رزاياهمْ قليلٌ عديدُهم
وكانوا حصى الدهناء جمعاً إذا عُدُّوا
أتوكَ فلم يرددْ منيبٌ ولم يبح
حريمٌ ولم يُخمَش لغانية ٍ خَدُّ
وما عن أمانٍ يومَ ذاكَ تَنَزَّلوا
ولكنْ أمانُ العفوِ أدركُهم بَعْد
ألا رُبَّ عانٍ في يديك مُصَفَّدٍ
شكتْ ذِفرَياه القِدَّ حتى اشتكى القِدُّ
بعينيَّ يومَ العفو حتى أعدته
نشوراً وحتى شُقَّ عن ميِّتٍ لحد
نُهِيتُ عن الإكثار في جعفرٍ ولنْ
يقاسَ بشيءٍ كلُّ شيءٍ لهُ ضِدُّ
إذا كانَ هذا العفْوُ من عزَماتِهِ
ففي أيَّ خطب الدهر يستغرق الجهد
إذا كان تدبيرُ الحلائِقِ كلِّهَا
له لعباً فانظرْ لمن يذخرُ الجدُّ
فما ظنُّكم لو كان جَّردَ سيفَهُ
إذا كان هذا بعض ما فَعَل الغِمد
ما كان بين الجوِّ بالشمس فوقهم
تكوَّرُ إلاّ أن يسلَّ له حدُّ
لأمرٍ غدتْ في كفِّه الأرضُ قبضة ً
وقربَ قُطْريَها وبينهما بُعد
وغودِرَ شأوُ السابقينَ لسابقٍ
له مهيعٌ من حيثُ لم يعلموا قصد
ألا عبقرِيُّ الرأي يَفري فَرِيَّه
ألا ندسٌ طبٌّ ألا حازمٌ جلد
وأحرى بمَنْ أقبالُ قَحطانَ كلُّها
له خَوَلٌ أن لا يكون له نِد
فيا أسَدَ المسَلَّطَ فيهمُ
اتعلمُ ما يلقى بكَ الأسدُ الوردُ
و للهِ فيما شئتَ فينا مشيَّة ٌ
فإما فَناءٌ مثلَ ما قيل أو خُلد
شهدتُ لقد ملكتَ بالزّاب تَدمُراً
وفُتِّحَ في أيام إقبالكَ السَّدُّ
ومِثلُكَ من أرضى َ الخليفة سعيُهُ
فإن رضيَ المولى فقد نصح العبد
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> قلْ للمليكِ ابنِ الملوكِ الصِّيدِ
قلْ للمليكِ ابنِ الملوكِ الصِّيدِ
رقم القصيدة : 10799
-----------------------------------
قلْ للمليكِ ابنِ الملوكِ الصِّيدِ
قوْلاً يَسُدُّ عليه عَرْضَ البيدِ
لِهفي عليكَ أما ترِقُّ على العُلى
أم بينَ جناحتيكَ قلبُ حديد
ما حقُّ كفكَ أن تمدَّ لمبضعٍ
من بعد زعزعة ِ القنا الاملود
ما كان ذاك جزاؤها بمجالِهَا
بينَ النَّدى والطعنة ِ الاخدود
لو نابَ عنها فصدُ شيءٍ غيرها(3/236)
لوقيتُ معصمها بحبل وريدي
فارْدُدْ إليك نجيعَها المُهْراق إنْ
كان النجيعُ يُرَدُّ بعدَ جُمود
أو فاسقنيهِ فإنّني أولى به
من أن يراقَ على ثرى ً وصعيد
ولئِنْ جرى من فضَّة ٍ في عسجدٍ
فبغيرِعلم الفاصدِ الرَّعديد
فصدتكَ كفّاهُ وما درتا ولو
يَدْري غَداة َ المشهد المشهود
أجرى مباضعهُ على عاداتها
فجَرَتْ على نهجٍ من التّسديد
واعْتاقَهُ عن مَلكِها الجزَعُ الذي
يعتاقُ بطشة َ قرنكَ المرّيد
قد قلتُ لآسي حنانك عائداً
فلقَد قَرَعْتَ صَفاة كلِّ ودود
أوَ ما اتَّقَيْتَ الله في العضْوِ الذي
يَفديه أجمعُ مُهجة ِ الصِّنديد؟
أوما خشيتَ من الصّوارمِ حوله
تهتزُّ من حنقٍ عليكَ شديد
أوَلم تُهلْ من ساعِد الأسَدِ الذي
فيهِ خضابٌ من دماءِ أسود
و لما اجترأتَ على مجسَّة كفِّه
إلاَّ وأنتَ من الكُماة الصيِّد
وعلامَ تفْصِدُ منَ جرى َ من كفِّه
في الجود مثلُ البحرِ عامَ مُدود؟
فبحسبه ممّا أرادوا بذلَهُ
في المجدِ نفسُ المتعَب المجهود
قالوا دواءٍ نبتغي فأجبتهمْ
ليسَ السَّقامُ لمثِلهِ بعَقِيد
لمَ لا يداوي نفسه من جودهِ
مَن كان يمكنُه دواءُ الجود؟
ما داؤهُ شيءٌ سوى السرفِ الذي
يمضي وماالإسرافُ بالمحمودِ
عشقَ السَّماحَ وذاكَ سيماه وما
يخفى دليلُ متيَّمٍ معمود
إنَّ السقيمَ زمانُهُ لا جسمُهُ
إذ لا يجئُ لمثله بنديد
قعدَ الزّمانُ عن المكارم والعلى
إنَّ الزّمان السَّوءَ غيرُ رشيد
حسبي مدى الآمال يحيى إنّه
أمْنُ المَرُوعِ وعصْمة ُ المنجود
لقد اغتدى َ والمجد فوق سريره
والغيثُ تحت رِواقِهِ الممدود
أوحَشتنَا في صدرِ يوْمٍ واحِدٍ
وفّيتَ حقَّ النقض والتوكيد
و أقلُّ منهُ ما يضرّمُ لوعتي
و يحول بين الصَّبرِ والمجلود
لمَ لا وقد ألبستني النِّعمَ التي
لم تبقِ لي في النَّاسِ غير حسود
حمَّلتني ما لا أنوءُ بحملهِ
إلاّ بعونِ اللَّه والتَّأييد
لولا حياتُكَ ما اغتبطتُ بعيشة ٍ
و لو أنَّني عمِّرتُ عمرَ لبيد
هدى السلامُ لك السلامَ وإنّما(3/237)
عيشُ الودودِ سلامة ُ المودود
أوَما ترى الأعمارَ لو قسمت على
قدرِ الكرامِ لفزتَ بالتَّخليدِ؟
أنتَ الذي ما دام حيّاً لم يكُنْ
في الملكِ من أمتٍ ولا تأويد
ما للسهامِ ولا الحمامِ ولا لما
تمضيه في العزماتِ من مردود
ولقد كفيتَ فكنتَ سيفاً ليس بالنـ
ـبي ورُكنْاً ليسَ بالمهدود
و إذا نظرتَ إلى الأسنَّة ِ نظرة ً
ألقَتْ إليكَ الحْربُ بالإقليد
وإذا ثنَيْتَ إلى الخلافة اصبعاً
وفَّيتَ حقَّ النَّقد والتوكيد
و إذا تصفَّحتَ الأمورَ تدبُّراً
خيِّتَ في التَّوفيق والتَّسديد
و إذا تشاءُ بلغتَ بالتَّقريبِ ما
لا يبْلُغُ الحكماءُ بالتبعيد
وقبضتَ أرواحَ العِدى وبسَطْتَها
ما بينَ تليينٍ إلى تشديد
و لقد بعدتَ عن الصِّفاتِ وكنهها
و لقد قربتَ فكنتَ غيرَ بعيد
فكأنّكَ المقدارُ يعرفُه الورى
من غيرِ تكييفٍ ولا تحديد
كلُّ الشهادة ممكنٌ تكذيبُها
إلاّ ببأسِكَ والعُلى والجُود
كلُّ الرجاءِ ضلالة ٌ ما لم يكن
في اللَّهِ أو في رأيكَ المحمود
لا حكمة ٌ مأثورة ٌ ما لم تكنْ
في الوحي أو في مدحك المسرود
لم يَدَّخرْ عنك المديحَ الجَزْلَ مَن
وفّاكَ غايتهُ من المجهود
ولما مدحْتُكَ كي أزيدك سودداً
هل في كمالك موضعٌ لمزيد
ما لي وذلك والزّيادة عندهم
في الحدِّ نقصانٌ من المحدود
أثني عليك شهادة ٌ لك بالعلى
كشهادتي للّه بالتّوحيد
شعراء المغرب العربي >> أولاد أحمد >> جنوب الماء
جنوب الماء
رقم القصيدة : 108
-----------------------------------
أدِرْ علينا الكؤوسا
وعبّها بالهواء
فقد نطيلُ الجلوسا
عيونُنا في السّماء
تصطاد غيما عبوسا
حتّى يجود بماء
فنملأنّ الرؤوسا
بخمرِ هذا الفضاء
ونخلعنّ النّفوسا
من بعد خلع الحذاء!
ولا تُظلْ ... وأدرها
وقلْ: سلاماً.. وضعْها
واذهبْ
وعُد.. ثمّ خذها
واضحك الى من ينادي
حتّى يقال:
تدور
أمورُ
هذي البلاد!
وكن عطوفاً علينا
ولا تقطّب جبينا
محمحمتين أتينا
لحانكم.. كالجياد
بل فاسقنا يا حبيبي
ما تشتهي من حليبِ(3/238)
من عهد نوحٍ وعاد
الطّبُ ضدّ الزبيب
لذاك قيل:
تدورُ
أمورُ
هذي البلاد!
واسردْ علينا حكايا
عن مشمشات الصّبايا
وكيف قدحُ الزّناد
فإنّ حلو الكلام
لمسكرُ كالمدام
ونافعٌ للعباد
لذاك قيل:
تدور
أمور
هذي البلاد!
اليومَ أمرٌ
- وأمسِ؟
أفقت من خمرِ حبسي
ولي رضوضٌ بنفسي
كأنّني من جماد
ولو بقيت طليقاً
مبلّلاً أو غريقاً
أشدو مع كلّ شاد
لقرّرت لا تدور
أمورُ
هذي البلاد!
وأنت: ماذا دهاك؟
لم يبقى نجمٌ سواك
أدعوهُ دوماً ملاكي
فيختفي في البعاد
حتّى النجوم تغور
لكي يقال: تدور
أمورُ
هذي البلاد!
نهيمُ في كلّ وادِ
وكلّ ما نبتغيه:
وسادةٌ للرّقاد
وطيفُ من نشتهيه
وكسوةٌ للحداد
حتّى يقال: تدور
أمورُ
هذي البلاد!
أقداحنا: يا نظافُ
من كلّ خافٍ وباد
لسنا الذين نخافُ
من حبّ هذي البلاد
لكنها لا تدور
بل قام فيها المنادي
ومن رآها تدور
فالوهم ...
سوّى لديه:
خُذروفهُ
بالبلاد.
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> إمسحوا عن ناظري كحلَ السُّهادْ
إمسحوا عن ناظري كحلَ السُّهادْ
رقم القصيدة : 10800
-----------------------------------
إمسحوا عن ناظري كحلَ السُّهادْ
وانفضُوا عن مضْجعي شوك القَتادْ
أو خذوا منّي ما أبقيتمُ
لا أُحبُّ الجسْمَ مسلوبَ الفؤاد
هل تجيرونَ محبَّاً منْ هوى ً
أو تفكُّونَ أسيراً من صفاد؟
أسلوّاً عنكمُ أهجركمْ
قلّما يسلو عن الماءِ الصَّواد
إنّما كانتْ خطوبٌ قُيِّضَتْ
فَعَدَتْنا عنكمُ إحدى العَواد
فعلى الأيّامِ من بَعْدِكُمُ
ما على الثَّكلاءِ من لُبسِ الحداد
لا مَزارٌ منكُمُ يدنو سِوى
أن أرى أعلامَ هضبٍ ونجاد
قد عقلْنَا العِيسَ في أوطانها
و هي أنضاءُ ذميلٌ ووخاد
قَل تَنْويلُ خَيالٍ مِنكُمُ
يطَّبي بين جفونٍ وسهاد
وحديثٌ عنكمُ أكثَرُه
عن نسيم الريح أو برق الغواد
لم يزدنا القربُ إلاّ هجرة ً
فرضينا بالتَّنائي والبعاد
وإذا شاءَ زمانٌ رابَنَا
برقيبٍ أو حَسودٍ أو مُعاد
فهداكمْ بارقٌ منْ أضلعي(3/239)
وسُقِيتُمْ بغَمامٍ مِن وَداد
وإذا انهَلَّتْ سماءٌ فَعَلى
ما رفعتمْ من سماءٍ وعماد
و إذا كانت صلاة ٌ فعلى
هاشمِ البطحاءِ أربابِ العباد
هُمْ أقَرُّوا جانبَ الدَّهرِ وهُمْ
أصلحوا الأيّامَ من بعدِ الفساد
من إمامٍ قائمٍ بالقسطِ أو
مُنذِرٍ مُنتخَبٍ للوَحي هَاد
أهلُ حوضِ اللّهِ يجري سلسلاً
بالطّهور العذبِ والصفو البراد
أسواهم أبتغي يومَ النَّدى
أم سواهم أرتجي يومَ المَعاد؟
همْ أباحوا كلَّ ممنوعِ الحمى
وأذلُّوا كلَّ جبّارِ العناد
وإذا ما ابتَدَرَ النّاسُ العُلى
فلهم عاديُّها من قبل عاد
فَلَهُمْ كلُّ نِجادٍ مُرْتَدى ً
و لهمْ كلُّ سليلٍ مستجاد
تَطلَعُ الأقمارُ من تيجانهم
و عليهمْ سابغاتٌ كالدَّآد
كلُّ رقراقِ الحواشي فوقهمْ
كعيونٍ من أفاعٍ أو جراد
فعلى الأجساد وَقْدٌ من سنى َ
وعلى الماذيِّ صِبْغٌ من جِساد
بجِيادٍ في الوَغَى صافِنَة ٍ
تفحصُ الهامَ وأخرى في الطِّراد
و إذا ما ضرَّجوهاعلقاً
بَدَّلوا شُهْباً بشُقْرٍ وَوِراد
وإذا ما اختَضَبَتْ أيديهِمِ
فرّقوا بينَ الأسارى والصِّفاد
تلكَ أيدٍ وهبت ما كسبتْ
للمعالي من طريفٍ وتِلاد
هم أماتُوا حاتماً في طّيءٍ
مَيْتَة َ الدَّهْرِ وكعباً في إياد
و همُ كانوا الحيا قبل الحيا
و عهادَ المزنِ من قبل العهاد
حاصَرُوا مكَّة َ في صُيّابَة ٍ
عقدوا خيرَ حبى ً في خيرِ ناد
فلهُمْ ما انجابَ عنه فَجرُها
من قَليبٍ أو مَصادٍ أو مَراد
أو شِعابٍ أو هِضابٍ أو رُبى ً
أو بطاحٍ أو نجادٍ أو وهاد
في حريمِ الله إذْ يَحمُونَهُ
بالعَوالي السُّمْرِ والبِيضِ الحِداد
ضارَبوا أبْرَهَة ً من دونِهِ
بعدما لفَّ بياضاً بسواد
شغلوا الفيلَ عليه في الوغى
بتوامِ الطَّعنِ في الخطوِ الفراد
فيهِمُ نارُ القِرى يَكنُفُها
مثلُ أجبالِ شرورى من رماد
لهُمُ الجودُ وإنْ جادَ الورى
ما بِحَارٌ مُتْرَعاتٌ من ثِماد
وإذا ما أمْرَعَتْ شُهْبُ الرُّبَى
لم يكُنْ عامُ انتِقافٍ واهْتِباد(3/240)
لكمُ الذَّروة ُ من تلك الذُّرى
و الهوادي الشُّمُّ من تلك الهواد
يا أميري أمراءِ الناس منْ
هاشمٍ في الرَّيدِ منها والمصاد
و سليلي ليثها المنصور في
غِيلِها مِنْ مُرْهَفاتٍ وصِعاد
يا شبيهيهِ ندى ً يومَ ندى ً
و جلاداً صادقاً يوم جلاد
إنّما عُوِّدْتُما في ذا الورى
عادة َ الأنواءِ في الأرض الجماد
ما اصطناعُ النفس في طُرقِ الهوى
كاصطناع النفس في طرق الرشاد
إنَّ يحيَى بنَ علّي أهلُ ما
جئتماهُ منْ جزيلات الأياد
كانَ رقَّاً تالداً أوّلهُ
فأتَى الفضْلُ برِقٍ مُستَفاد
كم عليهِ من غَمامٍ لكما
و لديه من رجاءٍ واعتداد
عندهُ ما شاءتِ الاملاكُ منْ
عَزمة ٍ فصْلٍ وذَبٍّ وذِياد
و اضطلاعٍ بالّذي حمِّلهُ
واكتفاءٍ وانتصاحٍ واجتِهاد
مِثْلُهُ حاطَ ثُغورَ المُلكِ في
كلِّ دهياء َ على الملك نآد
أيُّ زندٍ فاقدحاهُ ثم في
أيِّ كفٍّ فصِلاها بامتِداد
وغنى ُّ مثلُهُ ما دُمْتُمَا
عن حسامٍ وقناة ٍ وجواد
إنَّ من جرَّد سيفاً واحداً
لمنيعُ الركن من كيد الأعاد
كيف من كان له سيفاً وغى ً
منكما وهو كميٌّ في الجلاد
إنَّ أكنْ انبيكماعن شاكرٍ
فلقد أُخبِرُ عن حَيَّة ِ واد
نِعمَ مُنضي العِيسِ في ديمومَة ٍ
ومُكِلٌّ الأعوَجِيّاتِ الجِياد
تحتَ برقٍ من حُسامٍ أو غَمامٍ
من لِواءٍ أو وشاحٍ من نِجاد
نَبّهَا المُلكَ على تجريدِهِ
فهُو السيْفُ مَصُوناً في الغِماد
كمْ مقامٍ لكما من دونهِ
يبتنى المجدُ على السَّبع الشِّداد
نعمٌ أصغرها أكبرها
ويَدٌ معروفُها للخَلقِ باد
قد أمنّا بعمدي هاشمٍ
نوبَ الأيّامِ من ممسٍ وغاد
بالأميرِ الطّاهرِ الغمرِ الندى
و الحسينِ الأبلج الواري الزِّناد
ذاكَ ليثٌ يَضْغَمُ الليثَ وذا
حيَّة ٌ تأكُلُ حَيّاتِ البِلاد
أنتما خيرُ عتادٍ لامرىء ٍ
هو من بعدكما خيرُ عَتاد
بكما انقاذَ لنا الدَّهرُ على
بُعْدِ عَهدِ منَا بانقياد
وبما رفَّعتما لي علماً
ينظُرُ النّجمُ إليه من بُعاد
والقوافي كالمطايا لمْ تكنْ(3/241)
تنبري إذ تنحني إلاّ بحاد
جوهَرٌ آليْتُ لا أُوقِفُهُ
موقفَ الذِّلَّة ِ في سوقِ الكساد
وإذا الشِّعْرُ تَلاقَى أهْلَهُ
أشرقتِْ غرَّتهُ بعد اربداد
وإذا ما قدحتهُ عزَّة ٌ
لم يزدْ غيرَاشتعالٍ واتِّقاد
كقناة الخطِّ إنْ زعزعتها
لم تَزِدْ غيرَ اعتِدالٍ واطِّراد
يا بنيِ المنصورِ والقائمِ إنْ
عدَّ والمهديِّ مهديِّ الرشاد
لا أرى بيتَ مديحٍ شاردٍ
في سواكم غيرَ كفرٍ وارتداد
ولقد جِئتُمْ كما قد شِئْتُمُ
ليس في فخركُمُ من مُستَزاد
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> و هبَ الدَّهرُ نفيساً فاستردّ
و هبَ الدَّهرُ نفيساً فاستردّ
رقم القصيدة : 10801
-----------------------------------
و هبَ الدَّهرُ نفيساً فاستردّ
رُبّما جادَلئيمٌ فحسَدْ
إنّما أعطى فواقيْ ناقة ٍ
بيدٍ شيئاً تلقّاهُ بيدْ
كاذبٌ جاءَ جهاماً زبرجاً
بعدما أومضَ برقٌ ورعد
إنّها شنْشنَة ٌ من أخْزَمٍ
قَلّما ذُمَّ بخِيلٌ فَحُمِد
خابَ من يرجو زماناً دائماً
تُعرَفُ البأساءُ منه والنَّكَدْ
فإذا ما كدَّرَ العيشَ نما
و إذا ما طيَّبَ الزادَ نفدْ
فلقد ذَكَّرَ من كان سَها
و لقد نبَّهَ منْ كان رقدْ
قلْ لمَنْ شاءَ يَقُلْ ما شاءَهُ
إنَّ خصمي في حياتي لألدّ
مُنْتَضٍ نَصْلاً إذا شاء مَضَى
رائشٌ سهماً إذا شاءَ قَصَد
فإذا فوّقهُ انفلَّ لهُ
بَينَ صُدَّينِ فُؤادٌ وكَبِد
أبداً يَعْجُمُ منّي نَبْعَة ً
وقناة ً ليسَ فيها من أود
كُلَّ يومٍ ليَ فيهِ مَصْرَعٌ
مِنْ سماءٍ أو طِرافٍ أو عمدَ
أوَمَا يَعْجَبُ مِنّا أنّنَا
عربٌ نوترُ لا نعطي القود؟
ماتَ مَنْ لو عاشَ في سِربالهِ
فَنوى الغَدْرَ له يومَ وُلِد
سَيدٌ قُوبِلَ فيه معشَرٌ
ليس في أبنائهم مَن لمْ يَسُد
نافسَ الدَّهرُ عليهِ يعرباً
فرأى موضعَ حِقْدٍ فحَقَدْ
هابَ أن يجري عليهِ حكمه
حيثُ لم ينظر به ريعانهُ
إنّما استعجلهُ قبلَ الامد
أقصَدتْهُ تِرْبَ خمسٍ أسهُمٌ
لو رَمَتْه تِرْبَ عَشْرٍ لم تكَد(3/242)
إذ بدا في صَهَواتِ الخيل كالـ
ـقمرِ الملآن والسيف الفَرَد
ونشرنا عن رداءيه له
صارماً يذكى ورمحاً يطَّرد
ورَجوْناهُ مَلاذاً للوَرَى
وَدَعَوْنَاهُ عَتاداً للأبَد
إنّمَا كان شِهاباً ثاقِباً
صعقَ اللّيلُ له ثمَّ خمد
وردينيّاً هززنَ متنهُ
فَتَثَنّى ساعَة ً ثم انْقَصدَ
أجنوبٌ أمْ شمالٌ هصرتْ
منكَ في الأيكة ِ باناً فانخضد
قلّما يملأُ عيناً منْ سناً
غيرَ ما يملأُ قلباً منْ كمدْ
لا رجاء في خُلودٍ كُلُّنَا
وَارِدُ الماءِ الذي كان وَرَدْ
جاوَرَتْ رَوْضَ ثراه ديمة ٌ
تحملُ اللؤلؤ رطباً لا البرد
إنّ في الجوْسقِ قَبراً تُربُهُ
منْ دمِ الباكينَ إضريجٌ جسدْ
وطئتْ نفسي عليهِ قدمي
ومشى في فضلة ِ الرُّوحِ الجسد
يومَ عايَنْتُ كُماة َ الحربِ في
معركاً لو كانَ حرباً لمْ يردْ
بدَّلَ الإقدامُ فيهِ هلعاً
فاستوى الأبطالُ والهِيفُ الخُرُد
واسْتحالَ الزَّأرُ إرناناً كما
رَجَّعَ الباكي على الأيكِ الغرِد
قد رآهُ وهو مَيْتٌ فبَكى
منْ رآهُ وهو حيٌّ فسجدْ
لو تراخى اليومُ عنه ساعة ً
ملأ الأرضَ طِعاناً وصَفَد
لو حمتهُ الطعنة ُ السّلكى لما
كان إبراهِيمُ فيه يُضْطَهَد
ولحالَتْ دونَه رَجْراجة
كعبابِ البحرِ يرمي بالزّبد
وليوثٌ يتقى مكروهها
وعَناجَيجٌ طِوالٌ تنْجرِد
ولَصَرَّتْ حَلَقٌ ماذيَّة ٌ
وقناً ذبلٌ وأسيافٌ تقدّ
خيرُ زَنْدٍ كان في خيرِ يَدٍ
منكَ قدْ نيطتْ إلى خيرِ عضد
غيرَ أنَّ الذُّخرَ خيرٌ لامرىء ٍ
لم يَجِدْ من أحزَم الأمرَينِ بُدّ
لو نجا أشرفُ شيءٍ قدراً
فازتْ الشمسُ بتخليدِ الأبد
ولو أنَّ المجدَ يبقى ماجداً
لم يُنازِعْ جِدَّة َ العيشِ أحَد
لا أرى عروة َ حزمٍ لم تكنْ
مِن عُرَى الحزْم الذي كان عقدْ
كلُّ ملكٍ لمليكٍ بعدهُ
فهْوَ لَغْوٌ عندما كان عُهِد
إن تكُنْ عُدَّة ُ صِلٍ مُطرِقٍ
تَدرَأُ الخطبَ فقد كان استَعَدّ
تخذَ الحزمَ عليهِ كفَّة ً
مِنْ مِجَنٍّ، وقتيراً مِن زَرَد
في سريرِ المُلكِ إلاّ أنّهُ(3/243)
هبطَ النّجمُ إليهِ وصعدْ
فترقّى نحوهُ حتى دنا
و تهادى خلفهُ حتَّى بعد
ومضى يقطُرُ بالبأسِ دَماً
وبكفَّيْهِ من الأُسْدِ لِبَد
ومن البِيضِ صُدورٌ بِتَكٌ
ومنَ السمرِ أنابيبٌ قصد
يا أبا أحمدَ والحكمة ُ في
قولِ مَنْ قال إلى الله المردّ
لا ملومٌ أنت في بعض الأسى
غيرَ أنّ الحرَّ أولى بالجلد
وإذا ما جهَشَتْ نفسُ الفَتى
كان في عسكره الصَّبرُ مَدَد
لو يَرُدُّ الحزْنُ مَيْتاً هالِكاً
ردَّ قحطانُ وأودُّ بن أدد
واكتستْ أعظُمُ كسرى َ لحمَها
وسعى لقمانُ أو طارَ لبد
في عليٍ منْ عليٍ أسوة ٌ
صَدَعَ الضِّلعَ الذي أنكى الكَبِد
أيَّ مَفْقُودَيكَ تبكيه: أبٌ
هبرزيٌّ أنتَ منه أمْ ولد
ضَمَّ هذا نحرَ ذا فاعتَنَفا
في ثرى الملحود شِبلٌ وأسَد
خطواتٌ فالهُ عنْ ذكركها
إنّها أقربُ منْ هزْلٍ وَدَد
إنَّ إبراهيمَ مردودٌ إلى
زَمَنٍ غَضٍّ وأيّامٍ جُدُد
دَوْلَة ٌ سَعْدٌ وفَحْلٌ مُنجِبٌ
وشبابٌ مثلُ تفويفِ البرد
وفتى ً ودَّتْ نِزارٌ كلُّهَا
أنّه منها ولم تَعقُبْ أحَدْ
والمُنى أنتَ إذا دُمتَ لنا
دامتِ النَّعماءُ والعيشُ الرَّغَد
و هي الأيّامُ لا يأمنها
حازمٌ يأخُذُ من يومٍ لِغَد
لو مُعافى ً من خُطوبٍ عُوفِيَتْ
لَقْوَة ٌ بينَ هِضابٍ ونُجُد
ترتبي مرهوبة ً تحسبها
كوكبَ الليل على الليلِ رصد
تلكَ أو مغفرة ٌ في حالقٍ
تأمَنُ الإنسَ إذا الوحشُ شَرَد
فهي في قدسِ أوارتٍ إذا
جارورَ الميسُ ثَبيراً أو أُحُد
حيثُ لا النازلُ معهودٌ ولا
الماءُ مورودٌ ولا القلتُ ثمد
تلكَ أو وحشية ٌ أدمانة ٌ
أنبتَتْ أنقاءُ رَمْلٍ وعَقَد
تَنْفُضُ الضّالَ بتَيْماءَ ولا
تألفُ الخصلاءَ من ذاتِ الجرد
تتقرّى جانباً منْ عانكٍ
باردِ الفَيْءِ إذا الفيءُ بَرَدْ
وهي في ظلٍ أراكٍ مائدٍ
تَرتَدي المَرْدِ إذا ذابَ الوَمَد
وهْيَ تَعْطوهُ على خوفٍ كَما
مدَّ رقّاءٌ إلى الأرقمِ يدْ
يقعُ الطّلُّ عليها مثلما
قطعتْ عذراءُ عقداً فانسرد
وبعينيها غريرٌ وسنٌ(3/244)
وُسِّدَتْ أظْلافُهُ مِسْكاً ثأد
ينثني الأيكُ على صفحته
وهو كالشعْرَى إذا لاحَ وَقَدْ
فإذا ما أخطَأتْهُ فِيقَة ً
نَشَدتْهُ وهو غِرٌ ما نَشَد
فأتَتْهُ خَرِقاً منْطوِياً
بيديهِ فوقَ حقفٍ ملتبد
كفتاة ٍ كسرتْ خلخالها
ضاعَ نصْفٌ منه والنصْفُ وُجِد
تلكَ أم أيمٌ خفيفٌ وطؤه
يرْبَأُ القُفَّ كلوءاً ما هَجَد
باتَ يُدْني حُمَة ً من حمَة ً
وهْوَ يَطوي مسَداً فوْق مَسَد
شَرِبَ السَّمَّ بنابَيْهِ ففي
صَلَوَيْهِ منه سُكْرٌ ومَيَد
فَتَرى للبْغْيِ في أعْطافِهِ
كاندفاعِ الموجِ في طامٍ يمدّ
مِثلما اصْطفَّتْ قسيٌ في الثرى
موتراتٌ فهي ترخى وتشدّ
ذاك أو جبّارُ غِيلٍ أشِيبٍ
طَرَدَ الآسادَ عنْهُ وانفرَدَ
نازلٌ كرسيَّ أرضٍ هابهُ
مَلِكُ الخابلِ فيها إذا مَرُد
ذا ولكنْ تبَّعُ الأكبرُ منْ
يمنٍ كانَ لخلدٍ لو خلدْ
والملوكُ الصِّيدُ من ذي إصْبَحٍ
وَرُعيَنٍ وبَني الشّاهِ مَعَدّ
كلُّنا نَبْشَعُ من كأس الرَّدى
غيرَ أنّا لا نرانا نستبدّ
نحنُ في الإدلاجِ نَبْغي منْهَلاً
وبناتُ الخِمس من عشْرٍ صَدَد
إنْ تسلنا ففريقٌ ظاعنٌ
وليالينا بنا عيسٌ تخد
فاتني ريبُ زماني بالذي
أبتَغيه وهو ما لستُ أجِدْ
و لقد فاتَ بنا أنفسنا
وإذا ما فات شيءٌ لمْ يردّ
ليتَ شعري أيَّ شيءٍ يرتجي
من رجاهُ أو لماذا يستعدّ
فلقدْ أسرعَ ركبٌ لم يعجْ
و لقد أدبرَ يومٌ لم يعدّ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> وأبيَضٍ من غيرِ طبعِ الهندِ
وأبيَضٍ من غيرِ طبعِ الهندِ
رقم القصيدة : 10802
-----------------------------------
وأبيَضٍ من غيرِ طبعِ الهندِ
يجولُ بينَ حدّءِ والحدِّ
أشبهُ بالماءِ من الفِرِندِ
أقدمُ من رامٍ ويَزدجردِ
تراثُ يحيى عن أبٍ وجدِّ
من بعد ما قَطَّعَ ألفَ غِمدِ
جردهُ بينَ يدي معدِّ
قدْ ينصرُ المولى بسيفِ العبدِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> ومُكَلَّلٍ بالدُّرِّ من إفرِنْدِهِ
ومُكَلَّلٍ بالدُّرِّ من إفرِنْدِهِ(3/245)
رقم القصيدة : 10803
-----------------------------------
ومُكَلَّلٍ بالدُّرِّ من إفرِنْدِهِ
فيه أكالِيلٌ من الفُولاذِ
ممّا اقتنى المِلكُ الهِرَقلُ فلم يزَلّ
حتى تألقَ فوق رأسِ قَباذِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> تقولُ بنو العباسُ هلْ فتحتْ مصرُ
تقولُ بنو العباسُ هلْ فتحتْ مصرُ
رقم القصيدة : 10804
-----------------------------------
تقولُ بنو العباسُ هلْ فتحتْ مصرُ
فقلْ لبني العباسُ قدْ قضيَّ الأمرُ!
وقد جاوَزَ الاسكندريّة َ جوهَرٌ
تُطالعُه البُشرى َ ويقْدُمُه النَّصْر
وقدْ أوفدتْ مصرٌ إليهِ وفودها
وزِيدَ إلى المعقود من جِسرِها جسر
فما جاءَ هذا اليومُ إلاّ وقد غدتْ
وأيديكمُ منها ومن غيرها صفر
فلا ثكثروا ذكرَ الزَّمانِ الذي خلا
فذلكَ عصرٌ قدْ تقضّى وذا عصر
أفي الجيش كنتم تمترونَ رويدكمْ!
فهذا القنا العرّاصُ والجحفلُ المجر
وقدْ أشرفتْ خيلُ الإله طوالعاً
على الدين والدنيا كما طَلَعَ الفجر
وذا ابن نبيِّ الله يطلُبُ وِتْرَهُ
و كان حرٍ أن لا يضيعَ له وتر
ذروا الوردَ في ماء الفراتِ لخيلهِ
فلا الضَّحلُ منه تمنعون ولا الغمر
أفي الشمس شكُّ أنها الشمسُ بعدما
تجلَّتْ عياناً ليس من دونها سترِ
وما هي إلاّ آية ٌ بعْد آيَة ٍ
ونُذْرٌ لكم أن كان يغنيكم النُّذر
فكونوا حصيداً خامدينَ أو ارعووا
إلى مَلِكٍ في كفِّه الموتُ والنشر
أطيعوا إماماً للأئمَّة فاضلاً
كما كانتِ الأعمالُ يفضلها البرُّ
ردوا ساقياً لا تنزفونَ حياضهُ
جَموماً كما لا تَنزِفُ الأبحُرَ الذَّرُّ
فإن تتبعوه فهو مولاكمُ الّذي
له برسولِ الله دونكمُ الفخر
و إلاّ فبعداً للبعيدِ فبينهُ
وبينكُمُ ما لا يُقرِّبُهُ الدّهر
افي ابن أبي السِّبطينِِ أم في طليقم
تنزَّلتِ الآياتُ والسُّورُ الغرُّ
بني نتلة ٍ ما أورثَ اللهُ نتلة ً
و ما نسلتْ هل يستوي العبدُ والحرُّ
و أنّى بهذا وهي أعدتْ برقِّها
أباكم فإياكم ودعوى ً هي الكُفر(3/246)
ذروا الناسَ ردُّوهم إلى من يسوسهم
فما لكُم في الأمرِ عُرْفُ ولا نُكْرُ
أسرتمْ قروماً بالعراق أعزَّة ً
فقد فكَّ من أعناقهم ذلك الأسر
و قد بزَّكم أيامكم عصبُ الهدى
وأنصارُ دينُ الله والبِيضُ والسُّمر
ومُقْتَبَلٌ أيامُه متهلِّلٌ
إليه الشبابُ الغَضُّ والزمنُ النَّضر
أدارَ كما شاءَ الوَرَى وتحيَّزَتْ
على السّبعة ِ الأفلاكِ أنمله العشر
أتدرونَ من أزكى البريَّة ِ منصباً
و أفضلها إنْ عدِّدَ البدو والخضر
تعالوا إلى حكّام كلِّ قبيلة ٍ
ففي الأرض أقيالٌ وأندية ُ زهر
و لا تعدلوا بالصيدِ من آلِ هاشمٍ
ولا تتْرُكوا فِهْراً وما جمعَتْ فِهْر
فجيئوا بمن ضَمَّتْ لُؤيُّ بن غالبٍ
وجيئوا بمن أدتْ كِنانَة ُ والنَّضْر
ولا تَذَروُا عليا مَعَدٍّ وغيرِهَا
ليُعْرَفَ منكم مَن له الحقُّ والأمر
ومن عجبٍ أنَّ اللسانَ جرى لهمْ
بذكرٍ على حين انقضَوا وانقضى الذكر
فبادروا وعفّى اللهُ آثارَ ملكهمْ
فلا خبرٌ يلقاكَ عنهمْ ولا خبر
الأ تلكم الأرضُ العريضة ُ أصبحتْ
وما لبني العبّاس في عرضها فتر
فقد دالتِ الدنيا لآل محمّدٍ
و قد جرَّرتْ أذيالها الدولة ُ البكر
ورَدَّ حقوقَ الطالبيّينَ مَن زكَتْ
صنائعُهُ في آلهِ وزكا الذُّخر
معزُّ الهدى والدين والرحمِ التي
به اتَّصَلتْ أسبابُها ولهُ الشُّكْر
منِ انتشاهمُ في كلِّ شرقٍ ومغربٍ
فبدّلَ أمناً ذلك الخوفُ والذُّعرُ
فكُلُّ إمَاميٍّ يجيءُ كأنّمَا
على يدهِ الشِّعرى وفي وجهه البدر
و لمّا تولَّتْ دولة ُ النُّصبِ عنهمُ
تولّى العمى والجهلُ واللّؤمُ والغدرُ
حقوقٌ أتتْ من دونها أعصرٌ خلتْ
فما ردَّها دَهرٌ عليهم ولا عصر
فجرَّدَ ذو التّاج المقاديرَ دونها
كما جُرِّدتْ بِيضٌ مضاربُها حُمرُ
فأنقذها من برثنِ الدّهرِ بعدما
تواكلها القرسُ المنيَّبُ والهصرْ
فأجْرَى على ما أنْزَلَ الله قَسْمَها
فلم يُتَخَرَّمْ منهُ قُلّ ولا كُثْر
فدونكموها أهلَ بيتِ محمّدٍ
صفتْ بمعزّ الدين جمّاتها الكدر(3/247)
فقد صارتِ الدنيا إليكم مصيرَها
و صار له الحمدُ المضاعفُ والشكر
إمامٌ رأيتُ الدِّينَ مرتبطاً بهِ
فطاعتهُ فوزٌ وعصيانهُ خسر
أرى مدحَهُ كالمدح لله إنّهُ
قنوتٌ وتسبيحٌ يحطُّ به الوزر
هو الوارثُ الدُّنيا ومن خُلقتْ لهُ
من الناس حتى يلتقي القطرُ والقطر
و ما جهلَ المنصورُ في المهدِ فضلهُ
وقد لاحتِ الأعلامُ والسِّمَهُ البَهر
رأى أن سيُسْمَى مالكَ الأرض كلها
فلمّا رآهُ قال ذا الصَّمَدُ الوَتْر
و ما ذاكَ أخذاً بالفراسة وحدها
و لا أنه فيها إلى الظنِّ مضطرُّ
و لكنَّ موجوداً من الأثر الذي
تلقّاهُ من حبرٍ ضنينٍ به حبر
وكنزاً من العلم الرُّبوبيِّ إنّهُ
هو العلمُ حقّاً لا القِيافة ُ والزَّجْر
فبَشِّرْ به البيتَ المحرَّمَ عاجِلاً
إذا أوجفَ التطوافُ بالناس والنَّفر
وها فكأنْ قد زارَهُ وتَجانَفَتْ
به عن قصور المُلك طَيبة ُ والُّسرُّ
هل البيتُ بيتُ اللّهِ إلاّ حريمهُ
و هل لغريبِ الدار عن دارهِ صبر
منازلُهُ الأولى اللَّواتي يشُقْنَهُ
فليس له عنهُنَّ معْدى ً ولا قصْر
وحيثُ تلَقّى جدُّهُ القدسِ وانتحَتْ
له كلماتُ اللّهِ والسرُّ والجهرُ
فإن يَتَمَنَّ البيتُ تلك فقد دَنَتْ
مواقيتُها والعُسُر من بعدهِ اليُسر
وإن حَنَّ من شوْقٍ إليكَ فإنّهُ
لَيوجَدُ من رَيّاكَ في جوِّه نَشْر
ألستَ ابنَ بانيهِ فلو جئتهُ انجلتْ
غواشيه وابيضَّتْ مناسكُه الغُبْر
حبيبٌ إلى بطحاءِ مكّة َ موسِمٌ
تحيّي معدّاً فيه مكّة ُ والحجر
هناك تُضيءُ الأرضُ نوراً وتلتقي
دُنُوّاً فلا يَستبعِدِ السَّفَرَ السَّفرْ
وتدري فُروضَ الحجِّ من نافِلاتِهِ
و يمتازُ عندَ الأمَّة ِ الخيرُ والشرُّ
شهِدتُ لقد أعززتَ ذا الدينَ عزَّة ً
خَشِيتُ لها أن يَستبِدّ به الكِبْر
فأمضيتَ عزماً ليس يعصيك بعده
من الناس إلاّ جاهلٌ بك مغترُّ
أُهنّيكَ بالفتْحِ الذي أنا ناظِرٌ
إليهِ بعينٍ ليسَ يغمضها الكفر
فلم تبقَ إلاّ البردُ تترى وما نأى
عليكَ مدى ً أقصى مواعيدءُ شهر(3/248)
وما ضَرَّ مصراً حينَ ألقَتْ قِيادَهَا
إليكَ أمَدَّ النّيلُ أم غالَهُ جَزْر؟
وقد حُبِّرَتْ فيها لك الخُطَبُ التي
بدائعُها نَظْمٌ وألفاظُها نَثْر
فلم يهرقْ فيها لذي ذمَّة ٍ ذمٌ
حرامٌ ولم يحملْ على مسلمٍ إصر
غدا جوهرٌ فيها غمامة َ رحمَة ٍ
يَقي جانبَيها كلَّ حادثة ٍ تَعْرُو
كأنّي به قد سارَ في الناس سيرة ً
تودُّ لها بغدادُ لو أنّها مصر
وتحسُدُهَا فيه المشارقُ أنّهُ
سواءٌ إذا ما حلَّ في الأرض والقَطر
ومن أين تَعْدوهُ سياسة ُ مثلِها
وقد قُلِّصَتْ في الحربِ عن ساقِهِ الإزر
وثقِّفَ ثثقيفَ الرُّدينيِّ قبلها
وما الطِّرْفُ إلاّ أن يُهذِّبَهُ الضُّمر
وليسَ الذي يأتي بأوَّل ما كفى
فشُدَّ به مُلْكٌ وسُدَّ به ثَغر
فما بمداه دون مجدٍ تخلُّفٌ
و لا بخطاه دونَ صالحة ٍ بهر
سننتَ له فيهم من العدلِ سنَّة ً
هي الآية ُ المجلى ببرهانها السّحر
على ما خلا من سِنَّة ِ الوحي إذْ خلا
فأذيالُها تضفو عليهم وتنجَرُّ
وأوصيتَهُ فيهم برِفقكَ مُرْدَفاً
بجودكَ معقوداً به عهدُك البَرُّ
وصاة ً كما أوصى بها الله رُسْلَهُ
وليس بإذنٍ أنت مسمعها وقر
و ثنّيتها بالكتبِ من كلِّ مدرجٍ
كأنَّ جميعَ الخيرِ في طيهِ سطرْ
يقولُ رجالٌ شاهَدوا يوم حكمِهِ
بذا تعمرُ الدنيا ولو أنَّها قفر
بذا لا ضياعٌ حللَّوا حرماتها
وأقطاعَها فاستُصفيَ السَّهْلُ والوعرْ
فحسبكمُ يا أهلَ مصرٍ بعدلهِ
دليلاً على العدل الذي عنه يَفترُّ
فذاكٌ بيانٌ واضحٌ عن خليفة ٍ
كثير سواهُ عند معروفه نَزْر
رضينا لكم يا أهلَ مصرٍ بدولة ٍ
أطاعَ لنا في ظلِّها الأمْنُ والوَفْر
لكُمْ أُسْوة ٌ فينا قديماً فلم يكنْ
بأحوالنا عنكم خفاءٌ ولا ستر
وهل نحنُ إلاّ مَعشَرٌ من عُفاتِهِ
لنا الصافناتُ الجُردُ والعَكَرُ الدَّثْر
فكيفَ مواليهِ الّذينَ كأنّهمْ
سماءٌ على العافينَ أمطارها تّبر
لبسنا بهِ أيّامَ دهرٍ كأنّما
بها وسنٌ أو مالَ ميلاً بها السّكر
فيا مالِكاً هَديُ الملائكِ هَديُهُ(3/249)
ولكنَّ نجرَ الأنبياء له نجر
ويا رازقاً من كفِّهِ نَشَأ الحَيَا
وإلاّ فمِنْ أسرارِها نَبَعَ البحر
ألا إنّما الأيامُ أيامُكَ التي
لك الشَّطرُ من نعمائها ولنا الشَّطر
لك المجدُ منها يا لك الخيرُوالعلى
وتَبقى لنا منها الحَلوبة ُ والدَّرُّ
لقد جُدْتَ حتى ليس للمالِ طالِبٌ
وأنفقْتَ حتى ما لُمنْفِسَة ٍ قَدْر
فليسَ لمن لا يرتقي النّجمَ همّة ٌ
وليس لمن لا يستفيدُ الغِنى عُذر
وددتُ لجيلٍ قد تقدّمَ عصرهم
لو استأخروا في حلبة العمرِ أو كروا
ولو شَهِدوا الأيام والعيشُ بعدهم
حدائقُ الآمالُ مونقة ٌ خضر
فلو سَمِعَ التثويبَ مَن كان رِمَّة ً
رُفاتاً ولبى ّ الصوتَ مَن ضَمَّه قَبر
لناديتُ من قد ماتَ : حيَّ بدولة ٍ
تقامُ لها الموتى ويرتجعُ العمر
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> ألا هكذا فليهدِ من قاد عسكراً
ألا هكذا فليهدِ من قاد عسكراً
رقم القصيدة : 10805
-----------------------------------
ألا هكذا فليهدِ من قاد عسكراً
وأوردَ عن رأي الإمام وأصدَرا
هديَّة ُ من أعطى النّصيحة َ حقَّها
وكانَ بمن لا يبصرِ الناسُ أبصرا
ألا هكذا فلتجبِ العيسُ بدَّناً
ألا هكذا فلتجنبِ الخيلُ ضمَّرا
مُرَفِّلَة ً يسْحبنَ أذيالَ يُمنَة ٍ
ويركُضْنَ ديباجاً وَوَشْياً مَحَّبرا
تَراهُنَّ أمثالَ الظباءِ عَواطِياً
لبسنَ بيبرينَ الربيعَ المنوَّرا
يمشيِّينَ مشي الغانياتِ تهادياً
عليهِنَّ زِيّ الغانِياتِ مُشَهَّرا
وجرَّرنَ أذيالَ الحسان سوابغاً
فعلَّمْنَ فيهنَّ الحِسبانَ تَبختُرا
فلا يسترنَّ الوشيُ حسنَ شياتها
فيَسْتُرَ أحلى منه في العين منظَرا
ترى كلَّ مكحول المدامعِ ناظِراً
بمقلة ِ أحوى ينفضُ الضَّألَ أحورا
فكمْ قائِلٍ لمّا رآها شوافِنا
أما تركوا ظَبْياً بتَيماءَ أعْفرا؟
وما خلتُ أنَّ الروضَ يختالُ ماشياً
ولا أن أرَى في أظهُرِ الخيل عَبقرا
غداة َ غدتْ من أبلقٍ ومجزَّعٍ
ووردٍ ويَحمومٍ وأصدى وأشقرا(3/250)
ومن أدرعٍ قد قنِّعَ اليلَ حالكاً
على أنّه قد سُربلَ الصبحَ مسفرا
وأشعلَ ورديٍّ وأصفرَ مذهبٍ
وأدهمَ وضّاحٍ وأشهبَ أقمرا
وذي كُمْتَة ٍ قد نازَعَ الخمرَ لونَها
فما تدَّعيهِ الخمرُ إلاّ تنمَّرا
محجَّلة ً غرّاً وزهراً نواصعاً
كأنَّ قباطيّاً عليها منشِّرا
ودهماً إذا استقبلنَ حُوّاً كأنما
عُلِلنَ إلى الأرساغ مسكاً وعنبرا
يقرُّ بعيني أن أرى من صفاتها
ولا عجبٌ أن يُعجِبَ العينَ ما تَرى
أرى صوراً يستعبدُ النفسَ مثلها
إذا وجدتْهُ أو رأتْهُ مُصَورا
أفكِّهُ منها الطَّرفَ في كلِّ شاهدٍ
بأنَّ دليلِ الله في كلِّ ما برا
فأخلسُ منها اللحظَ كلَّ مطهَّمٍ
ألذَّ إلى عينِ المُسَهَّدِ مِن كرَى
وكلَّ صيودِ الإنسِ والوحش ثم لا
يُسائلُ أيُّ منهُمُ كان أحضَرا
تودُّ البزاة ُ البيضُ لو أنّ قوتها
عليه ولم ترزقْ جناحاً ومنسرا
وودَّتْ مهاة ُ الرَّمل لو تركتْ لهُ
فأعطَتْ بأدنَى نظرة ٍ منه جُؤذَرا
ألا إنّما تُهدَى إلى خير هاشمٍ
وأفضلِ من يعلو جواداً ومنبرا
مَنِ استَنَّ تفضيلَ الجِياد لأهلِها
فأوطأها هامَ العدى والسَّنَّورا
وجَلَّلَها أسلابَ كلِّ مُنافِقٍ
وكلِّ عنيدٍ قد طغى وتجبَّرا
وقلَّدها الياقوتَ كالجمرِ أحمراً
يُضيءُ سَناهُ والزُّمرُّدَ أخضرا
وقرَّطها الدُّرَّ الذي خلقتْ لهُ
وفاقاً وكانتْ منه أسنى وأخضرا
فكم نظمِ قُرطٍ كالثُّريّا مُعَلَّقٍ
يزيدُ بها حُسناً إذا ما تمَرمَرا
وكم أذنٍ منْ سابحٍ قد غدتْ بهِ
يناطُ عليها ملكُ كسرى وقيصرا
تحلى ّ بما يستغرِقُ الدهرَ قيمة ً
فتختالُ فيه نخوة ً وتكبُّرا
وما ذاك إلاّ أن يُخاضَ بها الرَّدى
فتَنهَشَ تِنّيناً وتَضْغَمَ قَسْوَرا
فطَوراً تُسقّى صافيَ الماءِ أزرقاً
وطَوراً تُسقى صائكَ الدمِ أحمرا
لذاك ترى هذا النُّضارَ مُرصَّعاً
عليها وذاكَ الأتْحميَّ مُسيَّرا
إذا ما نسيجُ التِّبرِ أضحى يظلُّها
أفاءَ لها منْهُ غماماً كَنَهْوَرا
وأهْلٌ بأنْ تُهْدى َ إليه فإنّهُ(3/251)
كَناها وسمّاها وحَلّى وسَوَّرا
وأسكنها أعلى القبابِ مقاصراً
وأحسنها عاجاً وساذجاً ومرمرا
وبوَّأها من أطيبِ الرضِ جنّة ً
وأجرى لها من أعذبِ الماءِ كوثرا
يُجِدُّ لها في كل عامٍ سُرادِقاً
ويَبني لها في كلِّ عَلياءَ مَظهرا
ألا إنّما كانت طلائعُ جوهَرٍ
ببعضِ الهدايا كالعُجالة ِ للقِرى
ولو لم يعجِّل بعضَها دون بعضِها
لضاقَ الثَّرى والماءُ طرقاً ومعبرا
أقولُ لصحبي إذ تلقَّيتُ رسلهُ
وقد غَصَّتِ البَيداءُ خُفّاً ومَنسِرا
وقد مارت البزلُ القناعيسُ أجبلاً
وقد ماجتِ الجردُ العناجيجُ أبحرا
فطابتْ لي الانباءُ كأنّهُ
لَطائمُ إبْلٍ تحملُ المِسكَ أذفَرا
لعمري لئن الخلافة َ ناطقاً
لقد زانَ أيّامَ الحروبِ مدبِّرا
تَضِجُّ القَنَا منْهُ لَما جَشَّمَ القَنَا
وتَضْرَعُ منه الخيلُ والليل والسُّرَى
هو الرمحُ فاطعنْ كيفَ شئتَ بصدره
فلن يَسأمَ الهَيجا ولن يتكسَّرا
لقد أنجبتْ منه الكتائبُ مدرهاً
سريعَ الخُطى للصّالحاتِ مُيسَّرا
و صرَّف منه الملكُ ما شاء صارماً
وسهماً وخَطّيّاً ودِرعاً ومِغفرا
ولم أجدِ الإنسانَ إلاّ ابنَ سعيهِ
فمن كانَ أسعى كان بالمجد أجدرا
و بالهمَّة العلياء يرقى إلى العلى
فمن كان أرقى همّة ً كان أظهرا
و لم يتأخَّر من يريد تقدُّماً
ولم يتقدَّمْ من يريد تأخُّرا
و قد كانتِ القّوادُ من قبلِ جوهرٍ
لتصلحُ أن تسعى لتخدم جوهراً
على أنهم كانوا كواكبَ عصرهم
ولكن رأينا الشمسَ أبهى وأنوَرا
فلا يعدِمنَّ اللهُ عبدكَ نصره
فما زالَ منصورَ اليدين مظفَّرا
إذا حاربتْ عنهُ الملائكة ُ العِدى
ملأنَ سماءَ باسمكَ مُشعَرا
وما اخترته حتى صفا ونفى القذى
بلِ الله في أُمِّ الكتابِ تخيَّرا
ووكَّلْتَهُ بالجيشِ والأمْرِ كلِّهِ
فوكَّلت بالغيلِ الهزبرَ الغضنفرا
كأنَّكَ شاهدتَ الحفايا سوافرأً
وأعجلتَ وجهَ الغَيبِ أن يتَستَّرا
فعرَّفتَ في اليوم البصيرة َ في غدٍ
وشاركتَ في الرأي القضاءَ المقدَّرا(3/252)
وما قِيسَ وَفرُ المال في كلِّ حالة ً
بجودك إلاّ كان جودُكَ أوفرا
فلا بُخُلٌ يا أكرمَ النّاس مَعشَراً
و أطيبَ أبناءِ النبييِّنَ عنصرا
فإنّك لم تترُكْ على الأرْض جاهِلاً
و إنك لم تتركْ على الأرض معسرا
ألا انظرْ إلى الشمس المنيرة ِ في الضحى
و ما قبضتهُ أو تمدُّ على الثرى
فأثقبُ منها نارُ زندكَ للقرى
وأشهرُ منها ذِكرُ جودك في الورى
بلغتُ بك العليا فلم أدنُ مادحاً
لأسألَ لكنّي دنوتُ لأشكُرا
وصدَّقَ فيكَ الله ما أنا قائِلٌ
فلستُ أُبالي مَن أقَلَّ وأكثرا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ
ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ
رقم القصيدة : 10806
-----------------------------------
ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ
فاحكُمْ فأنتَ الواحد القهّارُ
و كأنّما أنتَ النبيُّ محمّدٌ
وكأنّما أنصاركَ الانصارُ
أنتَ الذي كانتْ تُبشِّرنَا بهِ
في كُتْبِها الأحبارُ والأخبارُ
هذا إمامُ المتَّقينَ ومنْ بهِ
قد دُوِّخَ الطُّغيانُ والكُفّار
هذا الذي ترجى النجاة ُ بحبِّهِ
و به يحطُّ الإصرُ والأوزار
هذا الذي تجدي شفاعته غداً
وتفجَّرَتْ وتدفّقَتْ أنهار
من آل أحمدَ كلَّ فخرٍ لم يكنْ
يُنْمَى إليهم ليس فيه فَخار
كالبدر تحتَ غمامة ٍ من قسطل
ضَحيْانُ لا يُخفيهِ عنك سَرار
في جحفلٍ هتمَ الثنايا وقعه
كالبحر فهو غُطامِطٌ زَخّار
غمرَ الرِّعانَ الباذخات وأغرقَ
الُقنَنَ المُنيفة َ ذلك التَّيّار
فالسهْلُ يَمٌّ والجِبالُ بحار
لله غزْوَتُهم غداة َ فراقسٍ
وقد استُشِبَّتْ للكريهة ِ نار
و المستظلُّ سماؤهُ من عثيرٍ
فيها الكواكبُ لهذمٌ وغرار
وكأنَّ غَيضاتِ الرِّماحِ حدائقٌ
لُمَعُ الأسِنّة ِ بينها أزهار
و ثمارها من عظلمٍ أو أيدعٍ
يَنَعٍ فليس لها سواه ثِمار
من كلِّ يعبوبٍ سبوحٍ سهلب
حَصُّ السيّاطِ عِنانُه الطيّار
لا يَطّبيهِ غيرُ كَبّة ِ مَعْرَكٍ
أو هَبْوَة ٌ من مَأقِطٍ ومَغار
سلطُ السنابك باللُّجين مخدَّمٌ(3/253)
و أذيب منه على الأديم نضار
وكأنَّ وفْرَتَهُ غَدائِرُ غادَة ٍ
لم يلقها بؤسٌ ولا إقتار
وأحَمُّ حَلْكُوكٌ وأصفرُ فاقِعٌ
منها وأشهبُ أمهقٌ زَهّار
يَعقِلنَ ذا العُقّال عن غاياتِهِ
وتقولُ أن لن يخطُرَ الأخطار
مرّتْ لغايتها فلا والله ما
علقتْ بها في عدوها الأبصار
وجرَتَ فقلتُ أسابحٌ أم طائرٌ
هلاّ استشارَ لوقعهنّ غبار
من آلِ أعوجَ والصريح وداحسٍ
فيهنَّ منها ميسمٌ ونجار
وعلى مَطاها فِتيَأ شِيعيّة ٌ
ما إن لها إلاّ الوَلاءَ شِعار
مِنْ كلِّ أغلبَ باسلٍ مُتخَمِّطٍ
كاللَّيْثِ فهو لقِرنه هَصّار
قلقٌ إلى يوم الهياجِ مغامرٌ
دمُ كلَّ قيلٍ في ظباهُ جبار
إنْ تخْبُ نارُ الحرْب فهو بفتكِهِ
ميقادها مضرامها المغوار
فأداتهُ فضفاضة ٌ وتريكهٌ
و مثقَّفٌ ومهنَّدٌ بتّار
أسدٌ إذا زارت وجارَ ثعالبٍ
ما إنْ لَها إلاّ القلوبَ وِجار
حفّوا براياتِ المعزِّ ومن بهِ
تستبشرُالأملاكُ والأقطار
هل للدُّمستق بعد ذلك رَجْعَة ٌ
قُضِيَتْ بسيفك منهُم الأوطار
أضحوا حصيداً خامدين وأقفرتْ
عَرَصَاتُهُمْ وتعطّلَتْ آثار
كانت جِناناً أرضُهم معروشة ً
فأصابها من جيشه إعصار
أمْسَوا عشاءَ عروبة ٍ في غِبطة ٍ
فأناخَ بالموْتِ الزّؤامِ شِيار
واستقطع الخَفَقانُ حَبَّ قلوبهم
وجلا الشرورَ وحلّتِ الأدعار
صدعت جيوشك في العجاج وعانشتْ
ليلَ العجاجِ فوردها إصدار
ملأوا البلادَ رغائباً وكتائباً
و قواضباً وشوازباً إن ساروا
وعواطفاً وعوارفاً وقواصفاً
وخوائفاً يشتاقها المضمار
وجداولاًوأجادلاًومقاولاً
وعواملاً وذوابلاً واختاروا
عكسوا الزَّمانَ عواثنا ودواخناً
فالصُّبحُ ليلٌ والظّلام نهار
سفروا فاخلتْ بالشموس جباههمْ
وتَمَعْجَرَتْ بغَمامها الأقمار
وهَمَوا نَدى ً فاستحيتِ الأمطار
وتَبَسَّموا فزها وأخصَبَ ما حِلٌ
وافتَّر في رَوضاتِه النُّوّار
و استبلوا فتخاضعَ الشُّمُّ الذُّرى
وسَطَوْا فذَلَّ الضّيغمُ الزَّأآر
أبناءَ فاطمَ هل لنا في حشرنا(3/254)
لجأُ سواكم عاصم ومجار؟
أنتم أحِبّاءُ الإلهِ وآلُهُ
خُلفاؤهُ في أرضهِ الأبرار
أهلُ النبَوة ِ والرِّسالة ِ والهدى
في البيّناتِ وسادة ٌ أطهار
والوحيِ والتأويلِ والتَّحريمِ
والتَّحليلِ لا خُلْفٌ ولا إنكار
إن قيل من خيرُ البريّة لم يكنْ
إلاّ كمُ خلقٌ إليه يشار
لو تلمسونَ الصَّخرَ لانبجستْ بهِ
أو كان منكُمْ للرُّفاتِ مُخاطِبٌ
لبَّوا وظنّوا أنّه إنشار
أمُعِزَّ دينِ الله إنّ زمانَنا
بكَ فيه بأوٌ جلَّ واستكبار
ها إنّ مِصرَ غداة َ صرْتَ قَطينَها
أحرى لتحسدها بك الأقطار
والأرضُ كادت تفخَرُ السبْعَ العلى
لولا يظلُّكَ سقفها الموّار
و الدّهرُ لاذَ بحقوتيكَ وصرفه
و ملوكهُ وملائكٌ أطوار
والبحرُ والنِّينانُ شاهدة ٌ بكم
و الشَّامخاتُ الشُّمُّ والأحجار
والدَّوُّ والظُّلمانُ والذُّؤبان والـ
غزلانُ حتى خزنقٌ وفرار
شرُفت بك الآفاقُ وانقسمت بك الـ
أرزاقُ والآجالُ والأعمار
عطِرت بك الأفواه إذ عذبت لك الـ
ـأمواه حينَ صَفَتْ لك الأكدار
جلَّتْ صِفاتُكَ أن تُحَدَّ بمِقوَلٍ
ما يصنْعُ المِصْداقُ والمِكثار
و الله خصَّكَ بالقرانِ وفضله
واخجلتي ما تَبلُغُ الأشعار
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> قفا ! فلأمرٍ ما سرينا وما نسري
قفا ! فلأمرٍ ما سرينا وما نسري
رقم القصيدة : 10807
-----------------------------------
قفا ! فلأمرٍ ما سرينا وما نسري
وإلا فمشياً مثلَ مشْي القطا الكُدري
قفا! نتبيَّنْ أينَ ذا البرقُ منهمُ
ومن أين تسري الرّيح عاطرة َ النَّشْر
لعلَّ ثرى الوادي الذي كنتَ مرّة ً
أزورهم فيه تضوَّعَ للسَّفر
و إلا فذا وادٍ يسيلُ بعنبرٍ
وإلاّ فما تدري الركابُ ولا ندري
أكُلَّ كِناسٍ في الصَّريمِ تظنّه
كناس الظباء الدُّعج والشُدَّن العفر
فهَلْ عِلموا أنّي أسيرٌ بأرْضِهِمْ
و ما لي بها غيرُ التعسُّفِ منْ خبرِ
ومن عجبٍ أنّي أسائلُ عنهمُ
وهمْ بينَ أحناءِ الجوانحِ والصدر
و لي سكنٌ تأتي الحوادثُ دونهُ(3/255)
فيبعدُ عن عيني ويقربُ من فكري
إذا ذكَرتْهُ النفسُ جاشتْ لذكرهِ
كما عثَرَ السّاقي بكأسٍ من الخمر
ولم يُبْقِ لي إلاّ حُشاشَة َ مُغرَمٍ
طوى نفسَ الرَّمضاءِ في خلل الجمر
وما زلتُ ترميني اللّيالي بنبلها
و أرمي الليالي بالتجلُّدِ والصَّبرِ
و أحملُ أيّامي عل ظهرِ غادة ٍ
و تحملني منها على مركبٍ وعر
وآليتُ لا أُعطي الزّمانَ مَقادَة ً
إلى مثلِ يحيى ثمّ أغضي على وترِ
وأنْجَدَني يحيى َ على كلّ حادثٍ
و قَّلدني منه بصمصامتي عمرو
وخوَّلِني ما بينَ مَجدٍ إلى لُهى ً
و أورثني ما بينَ عقرٍ إلى عقرِ
حللتُ به في رأس غمدانَ منعة ً
و توَّجني تاجاً من العز والفخر
وما عِبتُهُ إلاّ بأنّي وصفتُهُ
وشبّهْتُهُ يوماً من الدهرِ بالقَطر
وما ذاكَ إلاّ أنّ ألسُنَنا جَرَتْ
على عادة ِ التشبيه في النظمِ والنثر
فلا تسألاني عن زماني الذي خَلا
فوالعصرِإني قبل يحيى لفي خسر
و حسبي بجذلان كأنّ خصالهُ
أكاليلُ درّ فوقَ نصل من التّبر
رقيقِ فِرِندِ الوجهِ والبِشرِ والرِّضَى
صقيلِ حواشي النفس والظرفِ والشعر
فيا ابنَ عليّ ما مدحتك جاهلاً
فإنّك لم تُعدَلْ بشَفْعٍ ولا وَتْر
ويا ابنَ عليً! دُمْ لَما أنْتَ أهْلُهُ
فأهْلٌ لعَقْدِ التاجِ دونَ بني النضر
فتى ً عندهُ البيتُ الحرامُ لآملٍ
ولي منه ما بينَ الحَجون إلى الحِجر
و لمّا حططتُ الرّحلَ دون عراصهِ
أخذتُ أمانَ الدهر من نُوَب الدهر
وكادَ نَداهُ لا يَفي بالّذي جَنى
عليَّ من الإثم المُضاعَفِ والوِزْر
وذلكَ أني كنْتُ أجْحَدُ سَيْبَه
و معروفه عندي لعجزي عن الشكر
إذا أنا لم أقدرْ على شكر فضله
فكيف بشكرِ الله في موضعِ الحشر
حَنيني إليْهِ ظاعِناً ومُخيِّماً
وليسَ حنينُ الطيرِ إلاّ إلى الوكْرِ
فما راشتِ الأملاكُ سهماً يَريشُه
و ما برتِ الأملاكُ سهماً كما يبري
فقد قيَّد الجردَ السوابقَ بالرُبى
وقطَّعَ أنفاسَ العناجيج بالبُهْر
فيا جبلاً من رحمة ِ الله باذخاً(3/256)
إليه يفرُّ العرفُ في زمن النُّكر
فداؤكَ حتى البدرُ في غسق الدجى
منيراً وحتى الشمسُ فضلاً عن البدر
وما هي إلاّ الشمسُ زَفَّت إلى البدر
فهزَّتُهُ فيه ارتعادٌ من الذُّعر
لو قيل لي مَنْ في البرية ِ كلَّها
سِواكَ على علمي بها قلتُ لا أدري
ألست الذي يلقى الكتائبَ وحدهُ
ولو كُنَّ من آناءِ ليلٍ ومن فَجْرِ
ولو أنّ فيها رَدْمَ يأجوجَ من ظُبى ً
مشطبَّة ٍ أو من ردينيَّة ٍ سمر
فرِفْقاً قَليلاً أيها المِلك الرِّضى َ
بنفسكَ واتركْ منك حظاً على قدر
فذاكَ وهذا كلَّهُ أنت مدركٌ
فأشفَق على العليا وأشفق على العمر
فبالسَّعْي للعَليا يُشادُ بناؤهَا
و في اللهو ايضاً راحة ُ النفس والفكر
و من حقِّ نفسٍ مثل نفسكَ صونها
ليوم القَنا الخطِّيِّ والفتكة ِ البِكر
ولو لم تُرِحْ صِيدُ الملوكِ نفوسَها
وَنَينَ لما حُمِّلْنَ من ذلك الإصر
غَضارة ُ دنيا واعتدالُ شبيبَة ٍ
فما لك في اللذّاتِ واللهوِ من عُذر
و لا خيرَ في الدّنيا إذا لم يفز بها
مليكٌ مُفَدًّى في اقتبال من العمر
ألا انعمْ بأيّامٍ ألذَّ من المنى
تحلَّتْ بآدابٍ أرَقَّ من السِّحر
فرغتَ من المجد الذي أنتَ شائدٌ
فجُرَّ ذيولَ العيش في الزّمن النَّضْر
لَتَهدا جِيادٌ ليس تنفكُّ من سُرى ً
و يسكنُ غمضٌ ليس تنفكُّ من نفر
ومثلُك يدعو المرهَفَ العضْبَ عزمهُ
وتدعُو هواه كلَّ مُرهَفَة ِ الخَصر
و ما زلتَ تروي السيف في الرَّوعِ من دمٍ
فحقُّك أن تُرْوي الثرى من دم الخمر
و ترفلَ من دنياكَ في حللٍ خضر
وإنَّ التي زارتك في الحِذْرِ مَوْهِناً
أحقُّ المها بالخنزوانة والكبر
يودُّ هرقلُ الرّوم ذو التاجِ انّهُ
ينالُ الذي نالته من شرفِ القدر
حَباكَ بها مَن أنتَ شطرُ فؤادِهِ
وما شطرُ شيٍْ بالغنيِّ من الشطر
أخوكَ فلا عينٌ رأتْ مثلهُ أخاً
إذا ما احتبى في مجلس النهي والأمر
وقد وقعَتْ منك الهديّة ُ إذ أتَتْ
مواقعَ برد الماء من غَلَل الصدر
فمن ملكٍ سامٍ إلى ملكٍ رضى ً(3/257)
تهادتْ ومن قَصرٍ مُنيفٍ إلى قَصر
فما هي إلاّ السعدُ وافقَ مطلعاً
ستنمي لك الأقيالُ من آلِ يعربٍ
ذوي الجفنات البِيضِ والأوجُه الغُرِّ
و قلتُ لمهديها إليك عقيلة ٌ
مقابلة َ الأنسابِ معرقة َ النَّجر
حبوْتَ بها من ليس في الأرض مثلُه
لجيشِ إذا اصطكَّ العرابُ ولاثغر
فيا جعفر العَلياء يا جعفرَ النّدى
و يا جعفرَ الهجاءِ يا جعفرَ النصر
لَنِعْمَ أخاً في كلِّ يوْم كريهَة ٍ
تصولُ بهِ غير الهدانِ ولا الغمر
كبدر الدجى كالشّمسِ كالفجر كالضحى
كصرف الردى كالليث كالغيث كالبحر
لَعمري لقد أُيّدتَ يومَ الوغى به
كما أُيِّدتْ كفّاكَ بالأنمل العشر
لذلك ناجى الله موسى نبيُّهُ
فنادى أن اشرح ما يضيقُ بهِ صدري
و هبْ لي وزيراً من أخي استعنْ به
وشُدَّ به أزري وأشركْه في أمري
لِنعْمَ نِظام الأمرِ والرُّتَبِ العُلى
ونعمَ قوامَ الملكِ والعسكرِ المجر
إليكَ انتمى في كلِّ مجدٍ وسوددٍ
ويكفيهِ أنْ يعزى إليكَ منَ الفخر
و خلفكَ لاقى كلَّ قرمٍ مدججٍ
ومن حِجرِك اقتاد الزمانَ على قَسر
فما جالَ إلاّ في عجاجكَ فارساً
ولا شَبَّ إلا تحتَ راياتك الحُمر
قررتَ بهِ عيناً وأنتَ اصطنعتهُ
وشِدْتَ له ما شِدتَ من صالح الذكر
فما مثلُ يحيى منْ أخٍ لكَ تابعٍ
ولا كبنيهِ من جحاجحة ٍ زهر
و لستَ أخاهُ بلْ أباهُ كفلتهُ
وآويتهُ في حالة ِ العسرِ واليسر
يودّ عليٌّ لو يرى فيهِ ما ترى
ليعلمَ آيَ النّصلِ والصارمُ الهبر
إذاً قامَ يُثْني بالذي هو أهلُهُ
عليهِ ثناءٍ واستهلَّ من الغفر
و ما كنتُ أدري قبلَ يحيى وجعفرٍ
بأنَّ ملوكُ الأرضِ تجمعُ في عصر
عجبتُ لهذا الدّهرِ جادَ بجعفرٍ
ويحيى وليسَ الجودُ من شيمِ الدهر
وما كانت الأيامُ تأتي بمثلكمْ
قديماً ولكن كنتُمُ بَيْضَة َ العُقر
وما المدحُ مدحاً في سواكم حقيقة ً
وما هو إلاّ الكفرُ أو سببُ الكفر
ولو جاد قومٌ بالنفوس سماحة ٍ
لَما منعتْكُمْ شيمة ُ الجود بالعمر
إذا ما سألتُ الله غيرَ بقائكُمْ(3/258)
فلا بؤتُ بالإخلاصِ في السر والجهر
أأدعو إلهي بالسعادة ِ عندكمْ
وأنتم دَراريُّ السعود التي تَسري؟
أأبغي لديه طالباً ما كفيتَهُ
وأسألهُ السّقيا ودجلة لي تجري؟
لَعمري! لقد أجرَضْتموني بنَيلكُمْ
وحمّلتموني منهُ قاصمة َ الظّهر
أسرتُ بما أسديتمُ من صنيعة ٍ
وما خلتكمُ ترضونَ للجارِ بالأسرِ
فمهلاً! بني عَمّي وأعيانَ مَعْشَري
وأملاكَ قومي والخضارمَ من نجري
فلا تُرهِقُوني بالمزيدِ فحسبُكمْ
وحسبي لديكمْ ما ترونَ منَ الوفرِ
أسَرَّكُمُ أنّي نهضْتُ بلا قُوى ً
كما سرّكمُ أنّي اعتذرتُ بال عذرِ؟
وإنّي لأسْتَعفِيكُمُ أن ترونَني
سريعاً إلى النُّعمى بطيئاً عن الشكر
فإنْ أنا لمْ أستحي مما فعلتمُ
فلستُ بمستحيٍ منَ اللؤمِ والغدر
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> فتقتُ لكمْ ريحُ الجلادِ بعنبرِ
فتقتُ لكمْ ريحُ الجلادِ بعنبرِ
رقم القصيدة : 10808
-----------------------------------
فتقتُ لكمْ ريحُ الجلادِ بعنبرِ
وأمدكمْ فلقُ الصّباحِ المسفرِ
وجَنَيْتُمُ ثَمَرَ الوقائِعِ يانَعاً
بالنصر من وَرَق الحديدِ الأخضَر
وضربتُمُ هامَ الكُماة ِ ورُعْتُمُ
بيضَ الخدودِ بكلِّ ليثٍ مخدرِ
أبني العوالي السّمهرية ِ والسيو
فِ المشرفية ِ والعديدِ الأكثرِ
منْ منكمُ الملكُ المطاعُ كأنهُ
تحتَ السَّوابعُ تبّعٌ في حمير
كلُّ الملوكِ من السروجِ سواقِطٌ
إلا المُمَلَّكَ فوق ظهرِ الأشقر
القائدَ الخيلِ العتاقِ شواذباً
خُزراً إلى لَحْظِ السِّنان الأخزر
شُعْثَ النَّواصي حَشرة ً آذانُها
قُبَّ الأياطِلِ ظامِياتِ الأنْسُر
تنبو سنابكهنَّ عنْ عفرِ الثرى
فيطأنَ في خدِّ العزيزِ الأصعر
جيشٌ تَقَدَّمهُ اللُّيوث وفوقها
كالغيلِ منْ قصبِ الوشيجِ الأسمر
وكأنّما سَلَبَ القَشاعِمِ رِيشَها
مما يَشُقُّ من العَجاج الأكدر
وكأنما اشتملتْ قناهُ ببارقٍ
متألقٍ أو عارضٍ مثعنجرِ
تمتَدّ ألسِنَة ُ الصَّواعقِ فوقَهُ
عن ظُلَّتَيْ مُزْنٍ عليه كنَهْور(3/259)
ويقودهُ الليثُ الغضنفرُ معلماً
من كلِّ شَثْنِ اللِّبْدَتينِ غضنفَر
نَحَرَ القَبولَ من الدَّبورِ وسار في
جَمْعِ الهِرَقْل وعزمة ِ الاسكندر
في فِتية ٍ صَدَأُ عبيرُهم
وخَلوقُهم عَلَقُ النجيعِ الأحمر
لا يأكلُ السَّرحانُ شلو طعينهم
مما عليهِ منَ القنا المتكسِّر
أحلافُنَا مكأنَّنا منْ نِسْبَة ٍ
في عبقريِّ البِيدِ جِنّة ُ عَبْقَر
يَغشَونَ بالبِيدِ القِفارِ وإنّمَا
تلدُ السّبنتى في اليبابِ المقفر
قد جاوروا أجَمَ الضّواري حولهم
فإذا همُ زأروا بها لم تَزْأرِ
ومَشَوْا على قِطَعِ النفوسِ كأنّما
تمشي سنابكُ خيلهم في مَرمَر
قوْمٌ يبِيتُ على الحَشايا غيرُهُمْ
ومبيتهمْ فوقَ الجيادِ الضّمرِ
وتظَلُّ تسبَحُ في الدماء قِبابُهُمْ
فكأنهنَّ سفائنٌ في أبحر
فحِياضُهم من كلِّ مهجة ِ خالعٍ
وخيامُهم من كلِّ لِبدَة قَسْوَر
من كلِّ أهرتَ كالحٍ ذي لِبْدة ٍ
أو كلَّ أبيضَ واصحٍ ذي مغفرِ
حيٌ منَ الأعرابِ إلاّ أنهمْ
يردونَ ماءَ الأمنِ غيرمكدَّر
راحوا إلى أُمِّ الرِّئالِ عشية ٍ
وغَدَوْا إلى ظبْي الكثيبِ الأعفر
طَردوا الأوابِدَ في الفدافِد طَردَهم
للأعْوَجِيَّة في مجالِ العِثْيَرْ
رَكِبوا إليها يومَ لَهْوِ قنيصهمْ
في زيّهمْ يومَ الخميس المصحر
إنّا لتجمعُنا وهذا الحيَّ من
بكرٌ أذمَّة ُ سالفٍ لمْ تخفر
ولداتنا فكأننا من عنصر
اللابسينَ من الجلادِ الهبوَ ما
أغناهُمُ عن لأمَة ٍ وسَنَوَّر
لي منهمُ سيفٌ إذا جردتهُ
يوماً ضربتُ بهِ رقابَ الأعصر
وفتكتُ بالزَّمَنِ المُدجَّجِ فتْكَة َ
البَرّاضِ يومَ هجائن ابنِ المُنذر
صَعْبٌ إذا نُوَبُ الزمان استصعبتْ
متنمّرٌ للحادثِ المتنمّر
فإذا عفا لمْ تلقَ غيرَ مملَّكٍ
وإذا سطا لمْ تلقَ غيرَ معفَّر
وكفاكَ من حُبِّ السماحَة ِ أنّهَا
منهُ بموضعِ مقلة ٍ من محجرِ
فغمامهُ من رحمة ٍ وعراصهُ
من جنَّة ٍ ويمينهُ من كوثرُ(3/260)
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> المُدْنَفانِ منَ البرِيّة ِ كلِّهَا
المُدْنَفانِ منَ البرِيّة ِ كلِّهَا
رقم القصيدة : 10809
-----------------------------------
المُدْنَفانِ منَ البرِيّة ِ كلِّهَا
جسمي وطَرْفٌ بابليٌّ أحوَرُ
والمُشرِقاتُ النّيّراتُ ثلاثة ٌ:
الشّمسُ والقمرُ المنيرُ وجعفرُ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أكوكبٌ في يمينِ يحيى
أكوكبٌ في يمينِ يحيى
رقم القصيدة : 10810
-----------------------------------
أكوكبٌ في يمينِ يحيى
أم صارمٌ باتكُ الغِرارِ
حاملُهُ للمعزِّ عَبْدٌ
والسيفُ عبدٌ لذي الفَقار
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> كانت مُساءلَة ُ الرُّكبانِ تُخبرُنَا
كانت مُساءلَة ُ الرُّكبانِ تُخبرُنَا
رقم القصيدة : 10811
-----------------------------------
كانت مُساءلَة ُ الرُّكبانِ تُخبرُنَا
عنْ جعفر بن فلاّحٍ أطيبَ الخبرِ
ثمّ التقينا فلا والله ماسمعت
أذني بأحسن مما قد رأى بصري
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> صدقَ الفناءُ وكذبَ العمرُ
صدقَ الفناءُ وكذبَ العمرُ
رقم القصيدة : 10812
-----------------------------------
صدقَ الفناءُ وكذبَ العمرُ
وجلَ العظاتُ وبالغَ التَّذرُ
إنّا وفي آمَالِ أنفُسِنَا
طُولٌ وفي أعمارِنَا قِصَرُ
لنرى بأعيُننَا مصارعنَا
لو كانتِ الألبْابُ تعتبِرُ
ممّا دهانا أنّ حاضرنا
أجفانُنَا والغائِبَ الفِكَرُ
فإذا تَدَبَّرْنَا جَوارِحَنا
فأكلَّهنّ العينُ والنّظرُ
لو كانَ للألباب مُمتحِنٌ
ما عدَّ منها السّمعُ والبصرُ
أيُّ الحياة ِ ألذُ عيشتها
من بعدِ علمي أنّني بشر؟
خرستْ لعمرُ اللهِ ألسننا
لمّا تكلّمَ فوقنا القدرُ
هلْ ينفعني عزُّ ذي يمنٍ
وحجولهُ واليمنُ والغرّر
ومَقاليَ المحمولُ شاردُهُ
ولسانيَّ الصمصامة ُ الذكر
ها إنّها كأسٌ بَشِعتُ بهَا
لا مَلجَأٌ منْها ولا وَزَر
أفنّتركُ الأيّامَ تفعل مَا
شاءتْ ولا نسطو فننتصر(3/261)
هلاّ بأيدينا أسنّتنا
في حين نُقْدِمُها فتَشْتَجرِ
فانبذ وشيجاً وارمِ ذا شُطبٍ
لا البِيضُ نافعة ٌ ولا السُّمُر
دنيا تُجمِّعُنا وأنْفُسُنا
شذرٌ على أحكامها مذر
لو لم تُرِبْنا نابُ حادثها
إنّا نَراها كيفَ تأتَمِر
ما الدّهرُ إلاّ ما تحاذرهُ
هفواتهُ وهناتهُ الكبر
والليثُ لبدتهُ وساعدهُ
ودَرِيَّتَاهُ النّابُ والظّفُر
في كلِّ يومٍ تحتَ كلكلهِ
ترة ٌ جبارٌ أو دمٌ هدرُ
وهو المخوفُ بناتُ سطوتهِ
لو كانَ يعفو حينَ يقتدرُ
أقسمتُ لا يبقى صباحُ غدٍ
مُتَبَلِّجٌ، وأحَمُّ مُعتكِرُ
تفنى النّجومُ الزهرُ طالعة ً
والنَّيَّرانِ: الشمسُ والقَمَرُ
ولئِنْ تَبَدّتْ في مَطالِعِها
منظومة ً فلسوفَ تنتثرُ
ولئن سَرى الفَلَكُ المُدارُ بها،
فلسوفَ يسلمه وينفطرُ
أعقيلة َ الملكِ المشيّعها!
هذا الثَّناءُ وهذِه الزُّمَرُ
شهدَ الغمامُ وإنْ سقاكَ حياً
أنّ الغَمامَ إليكَ مُفْتَقِرُ
كم من يدٍ لكَ غيرِ واحدة ٍ
لا الدَّمعُ يكفُرُها ولا المَطَرُ
ولقدْ نزلتِ بنيّة ٍ علمتْ
ما قدْ طوتهُ فهي تفتخرُ
تَغدو عَليها الشّمسُ بازِغَة ً
فتحجُّ ناسكة ً وتعتمرُ
وتكادُ تذهلُ عنْ مطالعها
ممّا تُراوِحُها وتَبتَكِرُ
فقفوا تضرجْ ثمَّ أنفسنا
لا الصّافناتُ الجردُ العكرُ
سفحتْ دماءُ الدّارعينَ بها
حتى كأنَّ جفونهمْ ثغرُ
الهاتكِينَ بها الضُّلوعَ إذا
ما رجّعوا الذّكراتِ أو زفروا
راحوا، وقد نَضجتْ جوانحُهم
فيها قلوبهمُ وما شعروا
وحنوا على جمرٍ ضلوعهمُ
فكأنما أنفاسهمْ شررُ
ويَكادُ فُولاذُ الحَديدِ معَ
المهجاتِ والعبراتِ يبتدرُ
فكأنّما نامَتْ سُيوفُهُمُ
واستَيقَظَتْ من بعدِ ما وُتِرُوا
فتقطّعتْ أغمادها قطعاً
وأتت إليهمْ وهي تعتذرُ
لم يَخلُ مَطلَعُها ولا أفَلَتْ
وبنو أبيها الأنجمُ الزّهرُ
وبَنو علّيٍ لا يُقالُ لهم:
صبراً وهمْ أسدُ الوغى الضّبرُ
إنّ التي أخلَتْ عَرينَهُمُ
أضحتْ بحيثُ الضّيغمُ الهصر
منْ ذللَ الدّنيا ووطدها(3/262)
حتى تلاقَى الشّاءُ والنَّمِر
بلغتْ مراداً من فدائِهِمُ
والأمُّ في الأبناءِ تُعتَقَر
تأتي الليالي دونها ولها
في العُقْر مجدٌ ليس يَنعقر
أبقَتْ حديثاً من مآثِرِهَا
يَبقى وتَنْفَدُ قبلَه الصُّور
فإذا سَمعتَ بذِكرِ سُودَدِهَا
ليلاً أتاكَ الفجرُ ينفجرُ
ولقد تكون ومن بدائِعها
حِكَمٌ ومن أيّامِها سِيرَ
إنّا لَنؤتَى من تَجارِبِهَا
علماً بما نأتي وما نذرُ
قسمتْ على ابنيها مكارمها
إنّ التراثَ المجْدُ لا البِدَر
حتى تولتْ غيرَ عاتبة ٍ
لم يَبقَ في الدنيا لها وَطَر
من بعدِ ما ضُرِبَتْ بها مَثَلاً
قَحطانُ واستُحيَتْ لها مُضَر
صفوٌ فهينٌ بعدهُ كدر
وإذا انتَهَيتَ إلى مدَى أملٍ
دركاً فيومٌ واحدٌ عمرُ
ولخيرُ عيشً أنتَ لابسهُ
عيشٌ جنى ثمراتهِ الكبر
ولكُلِّ سابِقِ حلبة ٍ أمَدٌ
ولكلَّ واردِ نهلَة ٍ صَدَر
وحُدودُ تعميرِ المعمَّرِ أن
يسمو صعوداً تمّ ينحدرُ
والسيْفُ يبلى وهو صاعقة ٌ
وتُنالُ منه الهامُ والقَصَر
والمرءُ كالظلِّ المديدِ ضُحى ً
والفيُْ يحسرهُ فينحسرُ
ولقدْ حلبتُ الدّهرَ أشطرهُ
فالأعذَبانِ الصّابُ والصَّبِر
غَرَضٌ تَراماني الخُطوبُ فَذا
قوسٌ وذا سَهْمٌ وذا وَتَر
فجزعتُ حتى ليسَ بي جزعٌ
وحذرتُ حتى ليسَ بي حذر
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> تنبّأَ المتنبي فيكمُ عصرا
تنبّأَ المتنبي فيكمُ عصرا
رقم القصيدة : 10813
-----------------------------------
تنبّأَ المتنبي فيكمُ عصرا
ولو رأى رأيكم في شعرِه كفَرا
مهْلاً فلا المتنبّي بالنبيّ ولا
أعدّوا أمثالهُ في شعرهِ السورا
تهتمْ علينا بمرآه وعلّكمُ
لمْ تدركوا منهُ لا عيناً ولا أثرا
هذا على أنّكُم لم تُنصِفوه ولا
أورثتموه حميدَ الذكر إن ذُكِرا
وَيْلُمِّهِ شاعراً أخمَلْتُموه ولم
نعلمْ لهُ عندنا قدراً ولا خطرا
فقد حَمَلتُمْ عليهِ في قصائِدِهِ
وما يُضْحِكُ الثَّقَلَينِ الجِنَّ والبشَرا
صَحَّفْتُمُ اللّفظَ والمعنى عليهِ معاً(3/263)
في حالة ٍ وزعمتمْ أنهُ حصرا
إذ تقسمونَ برأس العيرِ أنّكمُ
شافهتموهُ فهلْ شافهتمْ الحجرا؟
فما يقولُ لنا القرطاسُ ويلكُمُ
إنّا نَرَى عِظَة ً فيكُم ومُعتَبَرا
شعراً أحَطتُمْ بهِ عِلماً كأنّكُمُ
فاوضتم العيرَ في فحواهِ والحمرا
فلو يُصِيخُ إليكم سمْعُ قائِلِهِ
ما باتَ يعمَلُ في تحبيرِه الفِكَرا
أريتموني مثالاً من روايتكم
كالأعجميَّ أتى لا يُفصِحُ الخبَر
أصمٌ أعمى ولكنّي سهرتُ لهُ
حتى رددتُ إليهِ السّمعَ والبصرا
كانتْ معانيه ليلاً فامتعضْتُ لَهُ
حتى إذا ما بهَرنَ الشمسَ والقمرا
ضجرتمْ وأتانا من ملامكمُ
ومن معاريضكم ما يشبهُ الضجرا
تترى رسائلكمْ فيهِ ورسلكمُ
إذا أتَتْ زُمَراً أردفْتُمُ زُمَرا
فلو رأى ما دهاني من كتابكمُ
وما دها شعرهُ منكم لما شعرا
ولو حرصتم على إحياءَ مهجتهِ
كما حرَصْتُم على ديوانه نُشِرا
هبوا الكتابَ رددناهُ برمتهِ
فمنْ يردُ لكم أذهانه أخرا؟
لئن أعدْتُ عليكُم منْهُ ما ظَهَرا
فما أعَدْتُ عليكُمْ منْه ما استترا
أعَرْتُموني نفسياً منه في أدَمٍ
فمنَ لكم أن تعاروا البحثَ والنظرا؟
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> وليلٍ بتُّ أسقاها سلافاً
وليلٍ بتُّ أسقاها سلافاً
رقم القصيدة : 10814
-----------------------------------
وليلٍ بتُّ أسقاها سلافاً
معتقة ً كلون الجلنار
كأن حبابها خرزاتُ درٍّ
عَلَتْ ذَهَباً بأقْداحِ النُّضَارِ
بكفِ مقرطقٍ يزهى بردفٍ
يضيقُ بحَملِهِ وُسعُ الإزار
أقمتُ لشربها عبثاً وعندي
بناتُ اللهو تعبثُ بالعقار
ونجمُ الليلِ يركضُ في الدّياجي
كأنّ الصُّبْحَ يطلبُهُ بثار
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> وذي نِجادٍ هِرَقْلّيٍ يُشَرِّفُهُ
وذي نِجادٍ هِرَقْلّيٍ يُشَرِّفُهُ
رقم القصيدة : 10815
-----------------------------------
وذي نِجادٍ هِرَقْلّيٍ يُشَرِّفُهُ
كأنهُ أجلٌ يسطو بهِ قدرُ
كأنّما مَسَحَ القَينُ الجري به
كفاً وقد نهشتهُ حية ٌ ذكر(3/264)
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> وبنتِ أيكٍ كالشبابِ النّضر
وبنتِ أيكٍ كالشبابِ النّضر
رقم القصيدة : 10816
-----------------------------------
وبنتِ أيكٍ كالشبابِ النّضر
كأنّها بينَ الغُصُونِ الخُضْرِ
جنانُ بازٍ أو جنانُ صقرِ
قد خلّفتهُ لقوة ٍ بوكرِ
كأنّما مجَّتْ دماً منْ نَحرِ
أو نشأتْ في تُرْبة ٍ من جمر
أو رَوِيَتْ بجَدْوَلٍ من خمْرِ
لو كفَّ عنها الدهرُ صَرْفَ الدهر
جاءت بمثل النهدِ فوق الصدرِ
تفترُّ عن مثلِ اللثاتِ الحمر
في مثلِ طعم الوصلِ بعدَ الهجرِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> وذي شُطَبٍ قد جَلَّ عن كلِّ جوهرٍ
وذي شُطَبٍ قد جَلَّ عن كلِّ جوهرٍ
رقم القصيدة : 10817
-----------------------------------
وذي شُطَبٍ قد جَلَّ عن كلِّ جوهرٍ
فليس له شَكلٌ وليس له جِنسُ
كما قابلتْ عينٌ من اليمِّ لجّة ً
وقد نحرتها من مطالعها الشمسُ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> سقتني الخمرَ بعيني قاتلي
سقتني الخمرَ بعيني قاتلي
رقم القصيدة : 10818
-----------------------------------
سقتني الخمرَ بعيني قاتلي
لا يلاقي منكِ مثلي عطشا
أحبَاباً ما أرى في الكأس أمْ
صنع المزجُ عليها حنشا؟
باتَ ساقيها كراقي حَيّة ٍ
فإذا مدّ يميناً نهشا
لا تقلْ عذّرَ من تيمني
إنّما طرَّزَ باسمي وَوَشَى
إنما خطَّ على عارضهِ
مثلَ ما في خاتمي قدْ نقشا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> قد أكملَ الله في ذا السيفِ حِلْيَتَهُ
قد أكملَ الله في ذا السيفِ حِلْيَتَهُ
رقم القصيدة : 10819
-----------------------------------
قد أكملَ الله في ذا السيفِ حِلْيَتَهُ
واختالَ باسم معزَّ الدين مُنتَقَشا
كأنّ أفعى سَقَتْ فولاذَه حُمَة ً
وألبستْ جلدهُ من وشيها نمشا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أحببْ به قنصاً إلى متقنصِ
أحببْ به قنصاً إلى متقنصِ
رقم القصيدة : 10820
-----------------------------------(3/265)
أحببْ به قنصاً إلى متقنصِ
وفريصة ً تُهدى إلى مُستفرِصِ
من أين هذا الخشفُ جاذبَ أحبلي
فلأفحصنّ عنه وإن لم يفحصِ
بل طيفُ نازحة ٍ تصرّمَ عهدها
إلاّ بقايا ودٍّها المستخلص
تدنيكَ من كبدٍ عليكَ عليلة ٍ
و تمدُّ من جيدٍ إليكَ منصَّص
شَعثاءُ تَسري في الكرَى بمحاجِرٍ
لم تكتحل وغدائرٍ لم تعقص
ثَقُلَتْ روادفُها وأُدمَجَ خَصرُها
فأتتكَ بينَ مفعَّمٍ ومخمَّصْ
ما أنتَ من صلتانَ يهدي أينقاً
خوصاً بنجمٍ في الدُّجنَّة ِ أخوص
و يميلُ قمّتهُ النُّعاسُ كأنّهُ
في أُخرَياتِ الليّل ذِفرَى أوقَص
و الفجرُ من تلك الملاءة ِ ساحبٌ
و الليلُ في منقدِّ تلك الأقمص
قد باتَ يَمطُلُني سِناً حتى إذا
عجلَ الصّباحُ به فلم يتربَّص
ألقى مؤلَّفة َ النجوم قلائداً
من كلِّ إكلِيلٍ علية مفصَّص
من يذعرُ السِّرحانَ بعد ركائبي
أو من يصي ليل التّمام كما أصي
ذرني وميدانَ الجيادِ فإنّما
تُبْلى السوابقُ عندَ مَدِّ المِقبَص
لُقّيتُ نعْماءَ الخُطوب وبُؤسَهَا
و سبكت سبكَ الجوهر المتخلّص
فإذا سَعَيْتُ إلى العُلى لم أتّئِدْ
وإذا اشترَيْتُ الحمدَ لم أسترْخصِ
شارفْت أعنانَ السّماءِ بهِمّتي
ووطِئتُ بَهْرامَ النجوم بأخمَصي
مَن كان قَلبي نصلُهُ لم يَهتَبِلْ
أو كان يحيى ردأه لم ينكص
يا أيّها التالي كتابَ سَماحِهِ
هو ذلك القَصَص المعَلّى فاقصص
قلْ في نوالٍ للزّمانِ مبخَّلٍ
قل في كمالٍ للورى مستنقص
رُدّي عليه يا غمامَة ُ جُودَه
أو أفرديه بالمحامد واخصصي
متهلِّلٌ والعرفُ ما لم تجلهُ
بالبِشْرِ كالإبريزِ غيرَ مُخَلَّص
لا تدَّعي دعوى أتتكِ تكذُّباً
كتكذُّبي وتخرُّصاً كتخرّصي
خَطَبَتْ مآثِرَهُ المُلوكُ تعلّماً
فنَبَتْ عن المعْنى البعيدِ الأعْوَص
يا مشرفيُّ استجدْ له من بينهمْ
ياباطلُ ازهقْ يا حقيقة ُ حَصْحِصيْ
عشيتْ به مقلُ الكماة ِ فلو سرى
كردوسة ٌ في ناظرٍ لم يشخص
أمختَّماً منهمْ بقائمِ سيفهِ
وموَشَّحاً بنِجادِهِ المتقلِّص(3/266)
نيل الكواكبِ رمتَ لا نيل العلى
فزِدِ المكارِمَ بَسْطة ً أو فانقُص
للهِ دَرُّ فَوارِسِ أزدِيّة ٍ
أقْبَلْتَهَا غيرَ البِطانِ الحُيَّص
يتبسَّمونَ إلى الوغى فشفاهمُ
هُدّلٌ إلى أقْرانِهِمْ لم تَقْلِص
ذرنا من اللّيثِ الذي زعموا فهل
جرَّبتَهُ في معركٍ أو مَقْنَص؟
ما هاجهُ أنْ كنتَ لم تنحتْ لهُ
ظفراً وما خطبُ الفريص المفرص
هجَرَتْ يدايَ النصْلَ إن لم أنبعِثْ
بمبحِّثْ عن شأنه ومفحِّص
نظمَتْ معاني المجدِ فيك نفُوسَها
بأدقَّ من معنى البديعِ وأعوص
لو كنتَ شمسَ غمامة ٍ لم تنتقبْ
أو كنتَ بدرَ دجنَّة ٍ لم تنقص
إن كان جرْماً مثلُ شكري فاغتفِرْ
أو كان ذنْباً ما أتَيْتُ فمَحِّص
تَفّديكَ لي يومَ الأسِنّة ِ مُهْجَة ٌ
لم تَظْمَ عندك في حشاً لم تَخمَص
أبَني عليٍّ! لا كفَرْتُ أيادياً
أغلَيْتَني في عصرِ لؤم مُرْخِصِ
جاورتُكم فَجرتمُ من أعظُمي
ووصلتمُ من ريشيَ المتحصِّص
لا جادَ غيرَكمُ السحابُ فإنّكُمْ
كنتمْ لذيذَ العيشِ غيرَ منفَّص
كم في سرادقِ ملككم من ماجدٍ
عممٍ وفينا منْ وليٍّ مخلص
قد غصَّ بالماءِ القراحِ وكان لوْ
يسقى المثمَّلُ عندكم لم يغصص
وإذا استكانَ منَ النّوَى وعذابِها
فإلى لسانٍ في الثناء كمفرص
صنعٌ يؤلَّفُ من نظامِ كواكبٍ
طلعتْ لغيرِ كثيّرٍ والأحوص
مُتبلَّجاتٌ قيل في أزدِيَّهَا
ما قيل في أسْدِيّة ِ ابنِ الأبرص
هل ينهنّي إنْ حرصتُ عليكمُ
فأتَى على المقدار من لم يحرِص
من قال للشَّعرى العَبور كذا اعبُري
كرهاً وقال لأختها الأخرى اغمصي
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيثِ أم نقطُ
ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيثِ أم نقطُ
رقم القصيدة : 10821
-----------------------------------
ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيثِ أم نقطُ
ما كان أحْسَنَهُ لو كان يُلتَقَطُ
بينَ السّحابِ وبينَ الريحِ ملحمة ٌ
قعاقعٌ وظبى ً في الجوِّ تخترطُ
كأنّهُ ساِخطٌ يَرضى على عَجَلٍ
فما يدومُ رضى ً منه ولا سخط(3/267)
أهْدى الرّبيعُ إلينا روضة ً أُنُفاً
كما تنفّسَ عن كافورهِ السَفط
غمائمٌ في نواحي الجوَّ عاكفَة ٌ
جَعْدٌ تَحَدَّرَ منها وابلٌ سَبِط
كأنّ تهتانها في كلِّ ناحية ٍ
مَدٌّ من البحرِ يعلو ثم ينهبط
والبَرْق يَظهرُ في لألاءِ غرَّتِهِ
قاضٍ من المُزْنِ في أحكامه شَطط
وللجَديَدينِ من طُولٍ ومن قِصَرٍ
حبلانِ منقبضٌ عنّا ومنبسط
والأرْضُ تبسُطُ في الثرى وَرَقاً
كما تنشَّرُ في حافاتها البسطُ
والرّيحُ تَبعَثُ أنفاساً مُعَطَّرَة ً
مثلَ العبيرِ بماءِ الوَرد يختلِط
كأنّما هي أنفاسُ المعزِّ سرتْ
لا شُبْهَة ٌ للنّدى فِيهَا ولا غَلَط
تاللهِ لو كانت الأنواء تشبهه
ما مَرَّ بُؤسٌ على الدّنْيا ولا قَنَط
شَقّ الزمانُ لنا عن نورِ غُرّتِهِ
عن دولة ٍ ما بها وهنٌ ولا سقط
حتّى تسلَّطَ منهُ في الورى ملكٌ
زينتْ بدولتهِ الأملاك والسُّلط
يختطُّ فوق النُّجوم الزُّهرِ منزلة ً
لم يدنُ منها ولم يقرنْ بها الخططْ
إمامُ عدلٍ وفى في كلِّ ناحية ٍ
كما قضَوْا في الإمامِ العدلِ واشترطوا
قد بانَ بالفضلِ عن ماضٍ ومؤتَنِفٍ
كالعِقدِ عن طرَفَيْه يفضُلُ الوسَط
لا يغتدي فرحاً بالمالِ يجمعهُ
و لا يبيتُ بدنيا وهو مغتبط
لكنّهُ ضدُّ ما ظنَّ الحسودُ بهِ
وفوقَ ما ينتهي غالٍ ومنبِسط
يزري بفيض بحارِ الأرض لو جمعتْ
بنان راحتهِ المُغلَولِبُ الخَمِط
وجْهٌ بجَوْهَرِ ماء العرْش متّصِلٌ
عِرْقٌ بمحض صريحِ المجد مرتبط
شمسٌ من الحقّ مملوءٌ مطالِعُها
لا يهتدي نحوها جورٌ ولا شطط
يروِّعُ الأسدَ منه في مكامنها
سيفٌ له بيمينِ النّصرِ مخترط
خابتْ أُميّة ُ منه بالّذي طلبَتْ
كما يخيبُ برأسِ الأقرعِ المشط
و حاولوا من حضيض الأرض إذ غضبوا
كوكباً عن مرامي شأوها شحطوا
هذا وقد فَرّقَ الفُرقانُ بينكما
بحيْثُ يفترِقُ الرِّضْوانُ والسَخط
الناسُ غيركُمُ العُرقوبُ في شرَفٍ
وأنْتُمُ حيْث حَلَّ التْاجُ والقُرُط
ولستُ أشكُو لنفْسي في مودَّتِكُم(3/268)
لأنّكمْ في فؤادي جيرة ٌ خلط
يا أفضَلَ الناس من عُرْبِ ومن عَجَمٍ
و آلِ أحمدَ إن شبّوا وإن شمطوا
ليهنكَ الفتحُ لا أنّي سمعتُ بهِ
و لا على اللّه فيما شاءَ أشترط
لكن تفاءلْتُ والأقدارُ غالبَة ٌ
و اللّهُ يبسطُ آمالاً فتنبسط
ولستُ أسألُ إلاّ حاجَة ً بَلَغَتْ
سؤلَ الإمام بهاالرُّكّاضة ُ النُّشط
من فوْقِ أدهَمَ لا يَجتازُ غايَتَهُ
نجمٌ من الأفقِ الشمسيِّ منخرط
يَحْتَثُّهُ راكبٌ ضاقَتْ مذاهبُهُ
بادي التشحُّبِ في عُثْنُونِه شَمَط
إنّ الملوكَ إذا قيسوا إليكَ معاً
فأنتَ من كثرة ٍ بحرٌ وهم نقط
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أرقتُ لبرقٍ يستطيرُ له لمعُ
أرقتُ لبرقٍ يستطيرُ له لمعُ
رقم القصيدة : 10822
-----------------------------------
أرقتُ لبرقٍ يستطيرُ له لمعُ
فعصفرَ دمعي جائلٌ من دمي ردعُ
ذكرتكَ ليلَ الركبِ يسري ودوننا
على إضمٍ كثبانُ يبرينَ فالجزع
و للّه ما هاجتْ حمامة ُ أيكة ٍ
إذا أعلنتْ شجواً أسرَّ لها دمع
تداعتْ هديلاً في ثيابِ حدادها
فخفِّضَ فرعٌ واستقلَّ بها فرع
و لم أدرِ إذ بثّتْ حنيناً مرتَّلاً
أشَدْوٌ على غُصْنِ الأراكة ِ أم سَجْع
خليليَّ! هبّا نصطبحها مدامة ً
لها فَلَكٌ وَتْرٌ به أنجُمٌ شَفْع
تَلِيّة ِ عامٍ فُضَّ فيه خِتامُهَا
خلا قبلهُ التسعون في الدَّنِّ والتسع
إذا أبدَتِ الأزْبادَ في الصَّحن راعَنا
بِرازُ كميِّ البأسِ من فوقه دِرع
سأغدوا عليها وهي إضريجُ عَندَمٍ
لها منظرٌ بدعٌ يجئُ به بدع
و أتبعُ لهوي خالعاً ويطيعني
شبابٌ رطيبٌ غُصْنُهُ وجنى ً يَنْع
لعمرُ اللّيالي ما دجى وجهُ مطلبي
ولاضاق في الأرض العريضة لي ذرْع
وتعرفُ مني البيدُ حرقاً كأنَّما
توغّلَ منهُ بينَ أرجائها سمع
وأبيضَ محْجوبِ السُّرادقِ واضِحٍ
كبدر الدجى للبرق من بشره لمع
إذا خرسَ الأبطالُ راقكَ مقدماً
بحيثُ الوشيجُ اللَّدنُ تعطفُ والنَّبع
وكلُّ عمِيمٍ في النّجادِ كأنَّمَا
تمطّى بمتنيهِ على قرنهِ جذع(3/269)
إلى كلّ باري أسهمٍ متنكبٍ
لهنَّ كأنّ الماسِخِيَّ له ضِلع
تشكّى الأعادي جعفراً وانتقامهُ
فلا انجلتِ الشكوى ولا رئبَ الصَّدع
و لمّا طغوا في الأرض أعصرَ فتنة ٍ
وكان دبيبَ الكفر في الدولة الخَلع
سموتَ بمجرٍ جاذبَ الشمسَ مسلكاً
و ثارَ وراءَ الخافقينِ له نقع
فألقَى بأجْرَامٍ عليهِمْ كأنّمَا
تكفّتْ على أرضٍ سمواتها السَّبع
كتائبُ شلّتْ فابذعرّتْ أميَّة ٌ
فأوْجُهُهَا للخزي أُثفِيّهٌ سُفع
فمهْلاً عليهم! لا أبَا لأبِيهِمِ
فللّهِ سهمٌ لا يطيشُ له نزع
ألا ليتَ شعري عنهمُ أملوكهمْ
تُدبِّرُ ملكاً أمْ إماؤهمُ اللُّكع
تجافوا عن الحصن المشيدِ بناؤهُ
وضاقَ بهم عن عزم أجنادهم وُسْع
وقد نَفِدَتْ فيه ذخائرُ مُلكهم
تعفّى فما قلنا سقيتَ غمامة ً
و لا أنعمْ صباحاً بعدهم أيها الرَّبع
و راحَ عميدُ الملحدينَ عميدهم
لأحشائهِ من حرِّ أنفاسهِ لذع
فقُل لمُبِينِ الخسْرِ رأيتَ مَا
تَراءتْ له الرايات تَخفِقُ والجَمْع
تشرَّفتَ من أعلامها ودعوتهُ
فخرَّ ملبّي دعوة ٍ ما له سمع
أظَلَّكَ من دَوح الكنَهْبلِ يا فَقْع
و تلك بنو مروانَ نعلاً ذليلة ً
لواطئِ أقدامٍ وأنتَ لها شسع
و لو سرقوا أنسابهم يومَ فخرهم
و نزوتهم ما جاز في مثلها القطع
لأجفَلَ إجفالاً كنَهورُ مُزْنِهِم
فلم يبقَ إلاّ زبرجٍ منه أو قشع
أبا أحمدَ المحمودَ لا تكفرَنّ مَا
تقلّدتَ وليشكرْ لك المنُّ والصُّنع
هي الدولة ُ البيضاء فالعفو والرّضَى
لمقتبلٍ أو السّيفُ والنِّطع
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> رأيْتُ بعيني فوقَ ما كنتُ أسمعُ
رأيْتُ بعيني فوقَ ما كنتُ أسمعُ
رقم القصيدة : 10823
-----------------------------------
رأيْتُ بعيني فوقَ ما كنتُ أسمعُ
و قد راعني يومٌ من الحشرِ أروعُ
غداة َ كأنّ الأفقَ سدّ بمثلهِ
فعادَ غروبُ الشمسِ من حيثُ تطلع
فلمْ أدرِ إذ سلَّمت كيفَ أُشيِّعُ
و لم أدرِ إذ شيّعتُ كيفَ أودِّع
وكيف أخوض الجيشَ والجيشُ لُجّة ٌ(3/270)
وإنّي بمن قد قاده الدهرَ مولَع
وأين ومالي بين ذا الجمع مسلكُ
ولا لجوادي في البسيطة موضع
ألا إنّ هذا حشدُ من لم يذقْ لهُ
غرارَ الكرى جفنٌ ولا بات يهجع
نصيحتهُ للملكِ سدّتْ مذاهبي
و ما بين قيدِ الرُّمحِ والرُّمحُ إصبع
فقد ضرعتْ منه الرّواسي لما رأتْ
فكيف قلوب الإنس والإنس أضرع
فلا عسكرٌ من قبلِ عسكرٍ جوهرٍ
تخبُّ المطايا فيه عشراً وتوضع
تسيرُ الجبالُ الجامداتُ بسَيرِهِ
و تسجدُ من أدنى الحفيفِ وتركعُ
إذا حَلّ في أرضٍ بناها مَدائِناً
و إن سار عن أرضٍ ثوتْ وهي بلقع
سموتُ لهُ بعد الرّحيلِ وفاتني
فأقسمتُ ألاَ لاءمَ الجنبَ مضجع
فلمّا تداركتُ السُّرادقَ في الدّجى
عَشَوْتُ إليْه والمشاعلُ تُرفَع
فتخرقُ جيبَ المزن والمزنُ دالحٌ
وتُوقِدُ موجَ اليَمِّ واليَمُّ أسفَع
فبِتُّ وباتَ الجيشُ جَماً سميرُهُ
يُؤرِّقُني والجِنُّ في البِيدِ هُجّع
ولله عَيْنَا مَنْ رآه مُقَوِّضاً
ولاحَتْ مع الفَجرِ البَوارقُ تَلمع
وأوحَتْ إلينا الوَحشُ ما الله صانِعٌ
بنا وبكم من هول ما نتسمّع
و لم تعلمِ الطيرُ الحوائمُ فوقنا
إلى أين تستذري ولا أين تفزّعُ
إلى أنْ تَبَدّى سيْفُ دولة ِ هاشمٍ
على وجههِ نورٌ من اللّه يسطع
كأنّ ظِلالَ الخفِقاتِ أمامَهُ
غمائِمُ نَصْرٍ الله لا تَتَقَشّع
كأنّ السيوفَ المُصْلَتاتِ إذا طَمَتْ
على البرِّ بحرٌ زاخرُ الموجِ مترع
كأنّ أنابيبَ الصِّعادِ أراقمٌ
تَلَمَّظُ في أنيابِها السمُّ مُنقَع
كأنّ العِتاقَ الجُرْدَ مجْنوبَة ً لَهُ
ظباءٌ ثنتْ أجيادها وهي تتلع
كأنّ الكماة َ الصِّيدَ لمّا تغشمرتْ
حواليهِ أسدُ الغيلِ لا تتكعكع
فتَخرُقُ جَيبَ المُزْنُ دالِحٌ
سيولُ نداهُ أقبلتْ تتدفّع
كأنّ سِراع النُّجْبِ تُنشَرُ يَمْنَة ً
على البيدِ آلٌ في الضّحى يترفّع
كأنّ صِعابَ البُختِ إذ ذُلِّلَتْ لهُ
أسارى ملوكٍ عضَّها القدُّ ضرَّع
كأنّ خلاخِيلَ المطايا إذا غدتْ
تَجَاوَبُ أصْداءُ الفَلا تترّجّع(3/271)
يُهٍيِّجُ وَسواسُ البُرِينَ صَبابَة ً
عليها فتغرى بالحنينِ وتولع
لقد جَلّ مَن يَقتادُ ذا الَخلقَ كلَّه
و كلٌّ له من قائمِ السيفِ أطوع
تَحُفُّ به القُوّادُ والأمرُ أمرُهُ
ويَقدُمهُ زِيُّ الخِلافة ِ أجمَع
ويَسحَبُ أذيالَ الخِلافَة ِ رادِعاً
به المسكُ من نشرِ الهدى يتضوّع
له حُلَلُ الإكرامِ خُصَّ بفضلها
نَسائجَ بالتِّبْرِ المُلمَّعِ تَلمَع
بُرودُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ بُرودُه
كساهُ الرِّضى منهنَّ ما ليس يخلع
و بين يديهِ خيلهُ بسروجهِ
تُقادُ عليهِنَّ النُّضَارُ المُرصَّع
وأعْلامُهُ مَنْشُورَة ٌ وقِبابُهُ
و حجّابهُ تدعى لأمرٍ فتسرع
مليكٌ ترى الأملاكَ دونَ بساطهِ
و أعناقهم ميلٌ إلى الأرض خضَّع
قِياماً على أقدامِهَا قد تَنَكَبّتْ
صوارمها كلُّ يطيعُ ويخضع
تَحِلُّ بيوتُ المالِ حيثُ يَحِلُّهُ
و جمُّ العطايا والرِّواقُ المرفَّع
إذا ماجَ أطنابُ السُّرادقِ بالضُّحى
وقامَتْ حَواليْهِ القَنا تتَزَعْزَع
وسَلَّ سيوفَ الهند حول سريره
ثمانون ألفاً دارعٌ ومقنَّع
رأيتُ منِ الدنيا إليه منوطة ٌ
فيمضي بما شاء القضاءُ ويصدع
و تصحبهُ دارُ المقامة حيثما
أناخَ وشملُ المسلمينَ المجمّع
و تعنو له الساداتُ من كلِّ معشرٍ
فلا سيّدٌ منه أعزُّ وأمنعُ
فللّه عينا من رآه مخيّماً
إذا جمَعَ الأنصارَ للإذنِ مجُمَع
و أقبلَ فوجٌ بعد فوجٍ فشاكرٌ
له أو سؤولٌ أو شفيعٌ مشفَّعْ
فلم يفْتَأُوا من حُكم عدلٍ يَعُمُّهُمْ
و عارفة ٍ تسدى إليهم وتصنع
يسوسُهُمُ منْهُ أبٌ متَكَفِّلٌ
برعي بنيهِ حافظٌ لا يضيِّع
فسِتْرٌ عليهم ففي الملِمّاتِ مُسْبَلٌ
وكَنْزٌ لهم عند الأئمّة مُودَع
بَطيءٌ عن الأمرِ الذي يرهونَهُ
عَجُولٌ إليهِمْ بالنَّدى مُتَسَرِّع
و للّه علينا منْ رآه مقوِّضاً
إذا جعلتْ أولى الكتائبِ تسرع
و نودي بالتّرحال في فحمة ِ الدجى
فجاءتهُ خيلُ النّصرِ تردي وتمزع
فلاحَ لها من وجهِهِ البدرُ طالعاً(3/272)
وفي خَدّهِ الشِّعْرَى العَبورُ تَطَلّع
و أضحى مردَّى ً بالنِّجادِ كأنّهُ
هزبرُ عرينٍ ضمّ جنبيهِ أشجع
فكبّرتِ الفرسانُ للّهِ إذ بدا
و ظلّ السّلاحُ المنتضى يتقعقع
وحفَّ بهِ أهلُ الجِلادِ فمقُدمٌ
و ماضٍ وإصليتٌ وطلقٌ وأروع
و عبَّ عبابُ الموكبِ الفخم حولهُ
وزَفّ كما زَفّ الصّباحُ المُلَمَّع
و ثار بريّا المندليِّ غبارهُ
و نشِّرَ فيه الروض والروض موقع
و قد ربّيتْ فيهِ الملوكُ مراتباً
فمن بين متبوعٍ وآخرَ يتبع
ويقدُمُهَا منْه العزيزُ الممنَّع
و ما لؤمتْ نفسٌ تقرُّ بفضلهِ
لقد فازَ منهُ مشرقُ الأرضِ بالّتي
تفيضُ لها من مغربِ الأرضِ أدمع
ألا كلُّ عَيشٍ دونَهُ فمحرَّمٌ
و كلُّ حريمٍ بعده فمضيَّع
وإنّ بِنا شوقاً إليْهِ ولَوعَة ً
تكادُ لها أكيادنا تتصدّع
و لكنما يسلي من الشوقِ أنّهُ
لنا في ثغورِ المجدِ والدِّين أنفع
و أنّ المدى منه قريبٌ وأنّنا
إليه من الإيماء باللّحظِ أسرَع
فسِرْ أيها المَلْكُ المُطاعُ مُؤيَّداً
فللدّينِ والدنيا إليك تطلُّعُ
و قد أشعرتْ أرضُ العراقينِ خيفة ً
تكادُ لها دارُ السّلام تضعضع
وأعطَتْ فلسطينُ القِيادَ وأهلها
فلم يبقَ منها جانبٌ يتمنّع
وما الرّملَة ُ المقصورة ُ الحَظوِ وحدها
بأوّلِ أرضٍ ما لها عنك مفزع
وما ابنُ عُبَيد اللّهِ يدعوكَ وحدَهُ
غداة َ رأى أن ليسَ في القوس منزع
بل الناس، كلُّ الناسِ يدعوك، غيرَه،
فلا أحدٌ إلاّ يذلُ ويخضع
وإنّ بأهلِ الأرضِ فقراً وفاقة ً
إليك وكلُّ النّاس آتيك مُهّطِع
ألا إنّما البرهانُ ما أنتَ موضِحٌ
من الرأيِ والمقدارُ ما أنتَ مزمع
رحلتَ إلى الفُسطاطِ أيمنَ رِحْلَة ٍ
بأيمنِ فالٍ في الذي أنتَ مجمع
و لمّا حثثتَ الجيشَ لاحَ لأهلهِ
طريقٌ إلى أقصى خرسانَ مهيع
إذا استقبَلَ الناسُ الرّبيعَ وقد غَدَتْ
مُتونُ الرُّبَى في سُندُسٍ تتلفّع
وقد أخضَلَ المُزْنُ البلادَ ففُجِّرَتْ
ينابيعُ حتى الصّخْرُ أخضَلُ أمرَع
و أصبحتِ الطُّرقُ التي أنتَ سالكٌ(3/273)
مُقدَّسَة َ الظُّهْرانِ تُسقى وتُربَع
و قد بسطتْ فيها الرياضُ درانكاً
من الوشيِ إلاّ أنّها ليس تُرقعَ
وغَرّدَ فيها الطيرُ بالنَصْرِ واكتَسَتْ
زرابيَّ من أنوارها لا توشَّع
سقاها فروّاها بك الله آنِفاً
فنِعْمَ مَرَادُ الصّيْفِ والمُتَرَبَّع
و ما جهلتْ مصرٌ وقد قيل من لها
بأنّكَ ذاك الهِبْرِزِيُّ السَّمَيذع
و أنّك دون الناس فاتحُ قفلها
فأنتَ لها المرجوُّ والمتوقَّع
فإنْ يكُ في مصرٍ رجالُ حلومِهَا
فقد جاءهم نيلٌ سوى النيلِ يهرع
ويمّمَهُمْ مَنْ لا يَغيرُ بنعْمَة ٍ
فيسلبهمْ لكن يزيدُ فيوسع
و لو قد حططتَ الغيثَ في عقرِ دارهمْ
كشَفتَ ظلامَ المَحْلِ عنهم فأمرعوا
وداويتَهم من ذلك الدّاءإنّهُ
إلى اليوّمِ رِجْزٌ فيهمُ ليس يُقْلِع
و كفكفتَ عنهم من يجور ويعتدي
وأمّنْتَ منهم من يخافُ ويجْزَع
إذاً لرأوا كيفَ العطايا بحقّها
لسائلِها منهُمْ وكيْفَ التبرُّع
وأنساهمُ الإخشِيدَ مَن شِسْعُ نَعلِهِ
أعزُّ من الإخشيدِ قدْراً وأرفَع
سيعلمُ مَن ناواك كيف مصيرُهُ
ويُبْصِرُ مَن قارعتَهُ كيفَ يُقْرَع
إذا صلتَ لم يكرمْ على السيفِ سيّدٌ
و إن قلتَ لم يقدمْ على النطق مصقع
تقيك اللّيالي والزمانُ وأهلهُ
ومُصْفِيكَ مخْضَ الودَ والمُتصَنِّع
وأنتَ امرُؤ بالسّعي للملك مُولَع
تعبتَ لكيما تعقبَ الملكَ راحة ً
فمَهْلاً! فِداكَ المستريحُ المُوَدِّع
فأشفقْ على قلبِ الخلافة ِ إنّهُ
تحمَّلتَ أعباءَ الخلافة ِ كلّها
وغيرُكَ في أيّام دُنْياهُ يَرَتع
فو اللهِ ما أدري أصدركَ في الذي
تُدَبّرهُ أم فضّلُ حلمك أوسع
نصحتَ الإمامَ الحقَّ لمّا عرفتهُ
و ما النُّصحُ إلاّ أن يكونَ التّشيُّعُ
فأنتَ أمينُ اللّهِ بعد أمينهِ
و في يدكَ الأرزاقُ تعطي وتمنع
سموتَ من العليا إلى الذُّروة الّتي
تُرى الشمسُ فيها تحت قدرِكَ إل
إلى غاية ٍ ما بعدها لكَ غاية ٌ
وهل خلفَ أفلاكِ السموات مطلع
إلى أينَ تَبغي، ليس خَلفك مَذهبٌ
ولا لجوادٍ في لحاقك مطمع(3/274)
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> قد سَار بي هذا الزّمانُ فأوجَفَا
قد سَار بي هذا الزّمانُ فأوجَفَا
رقم القصيدة : 10824
-----------------------------------
قد سَار بي هذا الزّمانُ فأوجَفَا
و محا مشيي من شبابي أحرفا
إلاّ أكُنْ بَلَغَتْ بيَ السّنُّ المَدى
فلقد بلغتُ من الطّريقِ المنصفا
فأمّا وقد لاحَ الصّباحُ بلمَّتي
وانجابَ ليلُ عَمايَتي وتكشَّفا
فلئنْ لهَوْت لألهُونَّ تصنُّعاً
ولئن صَبَوْتُ لأصْبُوَنَّ تكلُّفا
ولئن ذكرْتُ الغانياتِ فخَطرة ٌ
تعتادُ صبّاً بالحسانِ مكلَّفا
فلقد هززتُ غصونها بثمارها
وهَصَرْتُهُنّ مهَفْهَفاً فمهفهفا
والبان في الكُثبانِ طَوْعُ يدي إذا
أومأتُ إيماءً إليْهِ تعطَّفَا
ولقد هززتث الكأسَ في يدِ مثلها
وصحوتُ عمّا رقّ منها أو صفا
فرددتها من راحتيهِ مزّة ً
و شربتها من مقلتيهِ قرقفا
ما كان أفتكني لو اخترطتْ يدي
من ناظِرَيْكِ على رقيبِكِ مرْهَفا
و خدورِ مثكِ قد طرقتُ لقومها
متعرَّضاً ولأرضها متعسِّفا
بأقَبَّ لا يَدَعُ الصّهيلَ إلى القَنا
حتى يلوكَ خِطامَها المتقصِّفا
يسري فأحسبُ عناني قائفاً
متفرِّساً أو زاجِراً متعيِّفا
يرمي الأنيسَ بعسمعيْ وحشيّة ٍ
قد أوجسا من نبأة ٍ فتشوَّفا
فتقدَّما وتنصّبا وتذلّقا
وتلطّفَا وتشرّفَا وتحرّفَا
و تكنّفاني ينفصانِ ليَ الدّجى
فإذا أمنت ترصّدُا فتخوّفا
فكأنّما وقع الصّريخُ إليهِما
بحصارِ أنطاكيّة ٍ فاسترجفا
ثغرٌ أضاعَ حريمهُ أربابهُ
حتى أهينَ عزيزهُ واستضعفا
يصلُ الرّنينَ إلى الرّنينِ لحادثٍ
يربدُّ منه البدرُ حتى يُكسَفا
ما لي رأيتُ الدِّينَ قَلّ نَصيرُهُ
بالمَشرِقَينِ وذلَّ حتى خُوِّفَا؟
يا للزّمانِ السَّوءِ كيف تصرّفا
من كلِّ مسودّ الضَّميرِ قد انطوى
للمسلمينَ على القِلى وتَلَفَّفا
عُبْدانُ عُبْدانٍ وتبّع تُبّعٍ
فالفاضلُ المفضولُ والوجه القَفا
أسَفي على الأحرارِ قَلّ حِفاظُهم
إن كان يُغني الحُرَّ أن يتأسّفا(3/275)
لا يُبْعِدَنَّ اللّهُ إلاّ مَعْشَراً
أضحوا على الأصنامِ منكم عكَّفا
هلاّ استعانَ بأهلِ بيتِ محمّدٍ
من لم يجدْ للذُّلِّ عنكمْ مصرفا
يا ويلكمْ أفما لكم من صارخٍ
إلاّ بثغرٍ ضاعَ أو دينٍ عفا
فمدينَة ٌ من بعد أُخرى تُستَبَى
و طريقة ٌ من بعد أخرى تقتفى
حتى لقد رَجَفَتْ ديارُ ربيعَة ٍ
و تزلزلتْ أرضُ العراق تخوُّفاً
و الشامُ قد أودى وأودى أهلهُ
إلاّ قليلاً والحجازُ على شفا
فعجبتُ من أن لا تَميدَ الأرضُ من
أقطارها وعجبتُ أن لا تخسفا
أيسرُّ قوماً أنَّ مكّة َ غودرتْ
بمجرِّ جيش الرُّومِ قاعاً صفصفا
أو أنّ ملحودَ النبيَّ ورمسهُ
بمدارجِ الأقدامِ ينسَفُ مَنسَفا
فترَبّصُوا فاللّهِ مُنْجِزُ وَعْدِهِ
قد آنَ للظّلماءِ أن تتَكشّفَا
هذا المُعِزُّ ابنُ النبيِّ المُصْطفَى
سيَذُبُّ عن حَرْمِ النبيِّ المُصْطفى
في صدر هذا العامِ لا يلوي على
أحدٍ تلفَّتَ خلقهُ وتوقَّفا
و أنا الضّمينُ لهُ بملكِ قيادهمْ
طَوْعاً إذا الملِكُ العنيفُ تعَجْرَفا
و بعطفِ أنفسهم هدّى وندى ً فلو
فإلى العراقِ وذَرْ لِمَنْ قدّمْتَهُ
مِصْراً فهذا مُلكُ مصرٍ قد صَفا
و أرى خفيّاتِ الأمورِ ولم تكنْ
ببصيرة ٍ تجلو القضاءَ المسدفا
فكأنَّني بالجيش قد ضاقتْ بهِ
أرضُ الحجازِ وبالمواسمِ دُلَّفا
و بكَ ابنَ مستنِّ الأباطحِ عاجلاً
قد صِرتَ غيث من اجتدى ومن اعتفى
وعنَتْ لك العُرْبُ الطِّوال رِماحها
و استجفلتْ ممّا رأتهُ تخوفاً
و أزدرتَ قبرَ أبيكَ قبرَ محمّدٍ
بملائكِ اللّهِ العُلى متكنَّفا
ورقَيتَ مَرقاهُ وقُمْتَ مقامَهُ
في بُرْدَة ٍ تُذري الدموعَ الذُّرَّفا
متلِّقدا سيفينِ سيفَ اللهِ منْ
نصرٍ وسيفَكَ ذا الفَقارِ المُرهَفا
لِيَقِرَّ تحتكَ عودُ منبرِهِ الّذي
لا يستقرٌ تحسُّراً وتلهُّفا
وتُعيدُ روْضَتَهُ كأوّلِ عَهدِهَا
وكأنّني بك قد هَزِجْتَ مُلبّياً
وهَدَجْتَ بينَ شِعابِ مكّة والصَّفا
وكأنّني بِلِواءِ نَصرِكَ خافِقاً(3/276)
قد حامَ بينَ المروتينِ ورفرفا
والحِجْرِ مُطَّلِعاً إليكَ تشَوُّقاً
والركْنِ مُهْتَزاً إليكَ تشَوُّفا
و سألتُ ربَّ البيتِ بابنِ نبيّهِ
وجعلتكَ الزُّلفى إليه فأزلفا
و هربتُ منهُ إليهِ في حرماتهِ
أدعوهُ مبتهلاً وأسألُ ملحفا
وكأنّني بك قد بلغْتُ مآربي
و قيتُ من نسكِ المودِّع ما كفى
وخطبتُ قبلَ القوْمِ خطبة َ فيصَلٍ
أثني عليك فوعدُ ربَّك قد وفى
وطبتُ بالزَّوراء أُخرَى مثلَهَا
ووقفُ بينَ يديكَ هذا المواقفا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أليلتنا إذ أرسلتْ وارداً وحفا
أليلتنا إذ أرسلتْ وارداً وحفا
رقم القصيدة : 10825
-----------------------------------
أليلتنا إذ أرسلتْ وارداً وحفا
وبتنا نرى الجوزاءَ في أذنها شنفا
وباتَ لنَا ساقٍ يقوم على الدّجَى
بشمعة ِ نجمٍ لا تقطُّ ولا تطفى
أغنُّ غضيٌضٌ خفّف اللّينُ قدَّهُ
و ثقّلتِ الصّهباءُ أجفانهُ الوطفا
ولم يُبْقِ إرعاشُ المدامِ لَهُ يَداً
ولم يُبْقِ إعناتُ التثنّي له عِطفا
نَزيفٌ قضاهُ السِّكْرُ إلاّ ارتجاجَهُ
إذا كلَّ عنه الخصرُ حمَّلَّه الرَّدفا
يقولون حِقْفٌ فوقه خَيْزُرانَة ٌ
أما يعرفونَ الخيزرانة َ والحقفا
جعلنا حشايانا ثيابَ مُدامِنَا
و قدّتْ لنا الظلماءُ من جلدِها لحفا
فمن كبدٍ تدني إلى كبد هوى ً
ومن شفة ٍ توحي إلى شفة ٍرشفا
بعيشك نبِّه كأسه وجفونهُ ... فقد نبِّهَ
فقد نبِّه الإبريقُ من بعدِ ما أغفى
وقد وَلّتِ الظّلماءُ تقفو نجومَها
و قد قام جيشُ الفجرِ للّيل واصطفا
وولّتْ نجُومٌ للثُّرَيّا كأنّهَا
خواتيمُ تَبْدو في بَنان يدٍ تَخْفى
ومَرّ على آثارِهَا دَبَرَانُهَا
كصاحبِ ردءٍ كمنِّتْ خيله خلفا
و أقبلت الشِّعرى العبورُ مكبّة ً
بمرزمها اليعبوبِ تجنبهُ طرفا
وقد بادَرَتْها أُخْتُها منْ ورائِها
لتَخْرُقَ من ثِنْيَتيْ مجَرَّتها سِجفا
تخافُ زئيرَ الليثِ يقدمُ نثرة ً
وبَرْبَرَ في الظلماء يَنسِفها نَسْفا(3/277)
كأنّ السِّماكَينِ اللّذينِ تَظاهَرا
على لبدتيهِ ضامنانِ له حتفا
فذا رامحٌ يُهوي إليه سِنانَهُ
وذا أعزَلٌ قد عَضَّ أنمُلَهُ لَهْفا
كأنّ رقيبَ النجمِ أجدَلُ مَرْقَبٍ
يقلِّبُ تحتَ الليل في ريشه طرفا
كأنّ بني نَعشٍ ونعشاً مَطافِلٌ
بوجرة َ قد أضللنَ في مهمهٍ خشفا
كأنّ سهيلاً في مطالعِ أفقهش
مُفارِقُ إلْفٍ لم يَجِدْ بعدَه إلفا
كأنّ سهاها عاشقٌ بين عوَّد
فآوِنَة ً يَبدو وآونَة ً يَخْفى
كأنّ مُعلَّى قُطبِها فارسٌ لَهُ
لِواءانِ مركوزانِ قد كرِه الزحفا
كأنّ قُدامَى النَّسر والنَّسْرُ واقعٌ
قصصنَ فلم تسمو الحوافي به ضعفا
كانّ أخاه حينَ دوّم طائراً
أنَّ دون نصف البدر فاختطفَ النصفا
كأنّ الهَزيعَ الآبنُوسيَّ لونُهُ
سَرَى بالنسيج الخُسرُوانيِّ مُلتفْا
كأنّ ظلامَ الليلِ إذ مالَ مَيْلَة ً
صريعُ مُدامٍ باتَ يشرَبُها صِرفا
كأنّ عمودَ الفجرِ خاقانُ عسكرٍ
من التركِ نادى بالنجاشيَ فاستحفى
كأنّ لِواءَ الشمسِ غرَّة ُ جعْفَرً
رأى القرنَ فازدادتْ طلاقته ضعفا
وقد جاشَتِ الدأماءُ بِيضاً صَوارِماً
ومارنَة ً سُمْراً وفَضْفاضة ً زَغْفا
و جاءتْ عتاقُ الخيل تردي كأنها
تخطُّ له أقلامُ آذانها صحفا
هنالكَ تلقى جعفراً غيرَ جعفرٍ
و قد بدِّلتْ يمناهُ من رفقها عنقا
و كائنْ تراهُ في الكريهة ِ جاعلاً
عزيمتَهُ بَرْقاً وصولتَه خَطْفا
و كائنْ تراهُ في المقامة ِ جاعلاً
مشاهده فصلاً وخطبته حرفا
وتأتي عطاياهُ عِدادَ جُنُودِهِ
فما افترقتْ صنفاً ولا اجتمعتْ صنفا
ويَعْيَا بما يأتي خطيبٌ وشاعِرٌ
وإن جاوز الإطناب واستغرق الوصفا
هوَ الدهرُ إلاّ أنّني لا أرى له
على غير من ناواه خَطْباً ولا صَرْفا
إذا شهدَ الهيجاءَ مدّتْ لهُ يداً
كأنّ عليها دملجاً منهُ أو وقفا
و صالَ بها غضبانَ لو يستقي الذي
تُريقُ عواليه من الدّم ما استَشفى
جزيلُ الندى والباس تصدرُ كفُّه
و قد نازلتْ ألفاً وقد وهبتْ الفا
يدٌ يستهلُّ الجود فيها معَ النّدى(3/278)
ويعبَقُ منها الموتُ يومَ الوغى عَرفا
و ما سدّد الاملاكُ من قبل جعفرٍ
و لا انكروا نكراً ولا عرفوا عرفا
هُمُ ساجَلوه والسَّماحُ لأهْلِهِ
فأكدوا وما أكدى واصفوا وما أصفى
وإذا أصلدوا أورى وإنْ عجلوا ارتأى
وإنْ بخلوا أعطى وإن غدروا أوفى
فللمجدِ ما أبقَى وللجودِ ما اقتَنى
وللناسِ ما أبدى وللّهِ ما أخفى
يغول ظُنونَ المُزْنِ والمُزْنُ وافِرٌ
ويُغرِق موْجَ البحرِ والبحرُ قد شَفّا
فلو أنني شبهتهُ البحرُ زاخراً
خشيتُ بكونِ المدحِ في مثلهِ قدْ فا
وما تعدلُ الأنواءُ صغرى بنانهِ
فكيفَ بشئٍ يعدلُ الزّند والكفا
مليكُ رقابِ النّاسِ مالكُ ودَّهمْ
كذلكَ فليستصفِ قوماً من استصفى
فتى ً تَسْحَبُ الدّنيا بهِ خُيَلاءهَا
وقد طمَحَتْ طَرفاً وقد شمَختْ أنفا
وتسْألُهُ النّصْفَ الحوادثُ هَونة ً
وكانت لقاحاً لمْ تسلْ قبلهُ النّصفا
وكانتْ سماءُ اللّهِ فوْقَ عِمادِهَا
إلى اليوْم لم تُسقِطْ على أحَدٍ كِسفا
وقد مُلِئَتْ شُهْباً فلمّا تمرّدَتْ
حواليهُ أعداءُ الهدى أحدثتْ قذفا
ألا فامِزجوا كأس المُدامِ بِذكْرِهِ
فلن تجِدُوا مَزْجاً أرَقَّ ولا أصْفى
تَبَغْدَدَ منْهُ الزّابُ حتى رأيْتُهُ
يهبّ نسيمُ الروض فيهِ فيستجفى
تكادُ عقودُ الغانياتِ تؤودهُ
رَفاهِيَة ً والجوُّ يَسْرِقُه لُطْفا
بحيْثُ أبو الأيّامِ يَلحَفُني لهُ
جَناحاً وأُمُّ الشمس تُرضِعُني خِلفا
فلا منزلاً ضنكاً تحلُّ ركائبي
ولا عقداً وعثاً ولا سبسباً قفّا
تسيرُ القوافي المُذهَباتُ أحوكُها
فتمضي وإن كانتْ على مجدكم وقفا
منَ اللاء تغدو وهي في السّلم مركبي
ولو كانتِ الهيجاءُ قدَّمتُها صَفّا
يمانِيّة ٌ في نَجْرِها أزدِيّة ٌ
أفصّلها نظماً وأحكمها رصفا
صرفتُ عِنانَ الشعر إلاّ إليكُمُ
وفيكمْ فإني ما استطعتُ لكم صرفا
وما كنْتُ مَدّاحاً ولكنْ مُفَوَّهاً
يلبّى إذا نادى ويكفى إذا استكفى
أبا أحمدٍ! قد كان في الأرض مَوئِلٌ
فلم أبغِ لي ركْناً سواكَ ولا كهفا(3/279)
وأنتَ الذي لم يُطلِع اللّهُ شَمسَهُ
على أحَدٍ منْهُ أبَرَّ ولا أوفى
وما الشمس تكسو كلَّ شيء شُعاعَها
بأسبغَ عندي من نَداك ولا أضفى
أخذتَ بضَبغي والخطوبُ رَوَاغِمٌ
فسمتُ زماني كلّهُ خطة ً خسفا
فمن كبدٍ لمّا اعتللتَ تقطّعتْ
ومنْ أذنٍ صمّتْ ومنْ ناظرٍ كفّا
وقد كان لي قلْبٌ فغودرَ جَمْرَة ً
عليك وعيشٌ سجسجٌ فغدا رَضفا
ولمْ أرى شيئاً مثلَ وصلِ أحبّتيّ
شِفاءً ولكن كان بُرؤكَ لي أشفى
وكيفَ اتّراكي فيك بَثّاً ولوعَة ً
ولم تترك رحماً لقومي ولا عطفا
أمنتُ بكَ الأيامَ وهي مخوفة ٌ
ولو بيديكَ الخلدُ أمّنتني الحتفا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> طلبُ المجِد من طريقِ السّيوفِ
طلبُ المجِد من طريقِ السّيوفِ
رقم القصيدة : 10826
-----------------------------------
طلبُ المجِد من طريقِ السّيوفِ
شرَفٌ مُؤنِسٌ لنَفسِ الشريفِ
إنّ ذُلَّ العزيزِ أفظعُ مَرْأى
بينَ عيبنيهِ من لقاءِ الحتوفِ
ليس غيرُ الهَيجاءِ والضربة ِ الأخْـ
ـدودِ فيها والطَعْنَة ِ الإخطيف
أنا مِن صارِمٍ وطِرْفٍ جَوادٍ
لستُ من قُبّة ٍ وقصرٍ منيفِ
ليس للمجدِ مَن يَبيتُ على المجـ
ـدِ بسَعيٍ وانٍ ونَفسٍ عَزُوفِ
وعدتني الدّنيا كثيراً فلمْ أظـ
ـفَرْ بغيَرِ المِطالِ والتسويق
كلّما قلّبَ المحدِّدُ فيها اللحـ
ظَ ولّى بناظرٍ مطروفِ
علّمَتني البيداءُ كيفَ ركوبُ الـ
ـليلِ والليلُ كيفَ قطعُ التَّنوف
إنّ أيّامَ دهرِنَا سَخِفَاتٌ
فهي أعوانُ كلِّ وغدٍ سخيفِ
زمنٌ أنتَ يا أبا الجعرِ فيهِ
ليسَ من تالدٍ ولا من طريفْ
إنّ دَهْراً سَمَوْتَ فِهِ عُلُوّاً
لوضيعِ الخطوبِ وغدُ الصروفِ
إنّ شأواً طلبتهُ في زمانٍ الـ
ملكِ عندي لشأوُ بينَ قذوف
إنّ رأياً تديره لمعنَّى ً
بضَلالِ الإمضاء والتّوقيف
إنّ لفظاً تلوكهُ لشيبهٌ
بكَ في منظرِ الجفاءِ الجليف
كاذبُ الزَّعم مستحيلُ المعاني
فاسِدُ النّظمِ فاسدُ التأليف
أنتَ لا تعتدي لتدبيرِ مُلْكٍ(3/280)
إنّما تغتذي لرغمِ الأنوفِ
نِلْتَ ما نِلْتَ لا بعقْلٍ رصينٍ
في المساعي ولا برأيٍ حصيف
أبقِ لي جعفراً أبا جعفرٍ لا
ترمِ يوميهِ بالنّآدِ العسوف
أنت في دولة ِ الحبيبِ إلينا
فترفَّقْ بالماجدِ الغطريف
فإذا ما نعبتَ شرَّ نعيبٍ
فعلى غير ربعهِ المألوف
لستُ أخشَى إلا عليه فكن بالـ
ـأريحِيِّ الرّؤوفِ جِدَّ رؤوفِ
إنما الزّابُ جَنّة ُ الخُلْدِ فِيهَا
من نَداهُ غضارة ُ التفويف
كيفَ قارنتَ منهُ بدراً تماماً
و له منكَ جوزهرُّ الكسوف
كيفَ صاحبتَهُ بأخلاقِ وَغْدٍ
لا يني في يبوسة وجفوف
كيفَ راهنتَ في السباقِ على ما
فيك من وِنيَة ٍ وباعٍ قَطوف
و اعتزامٍ يرى الأمورَ إذا ألـ
قتْ قراعاً بناظرٍ مكفوف
و خنى ً حالف بأنّكَ ما أصـ
ـبحتَ يوماً لغيره بحليف
ما عجيبٌ بأنْ لعبتَ بدهرٍ
نائِمٍ طرفُهُ وخَطْبٍ تريف
و لذا صارَ كلُّ ليثٍ هزبرٍ
قانعاً من زمانه بالغريف
إنّ في مغربِ الخلافة ِ داءً
ليس يُبريهِ غيرُ أُمِّ الحُتوف
إنَّ فيه لشعبة ً من بني مر
و ان تنبي عن كلً أمرٍ مخوف
إنّ في صدرِ أحمدٍ لبني أحـ
ـمدَ قلْباً يَهمي بسَمٍّ مَدوف
متخلٍّ من اثنينِ برىء ٌ
من إمامٍ عدلٍ ودينٍ حنيف
ليس مستكثراً لمثلك انْ يفـ
رقَ بينَ الشّريفِ والمشروف
يا مُعِزَّ الهُدى ! كفانيَ أنّي
لكَ طَودٌ على أعاديكَ مُوف
وإذا ما كواكب الحربِ شُبَّتْ
لم أكُنْ للرْماحِ غيرَ رديف
أنطوي دائماً على كبدٍ حرّى
على حبكمْ وقلبٍ رجوف
أنا عينُ المقرِّ بالفضلِ إنْ انْـ
كرَ قومٌ صنائعَ المعروف
لم أُحاربْ نورَ الهدى بالدَّياجي
وحرُوفَ القُرآنِ بالتَّحْريف
مثل هذا العميدِ بالجِبتِ والطّا
غوتِ منهم والهائم المشغوف
ما استضاف الهجاء حتى تأنّا
ك أبا جعفَراً بغَيرِ مُضيف
إنْ تستَّرتَ عن عياني فما حيـ
لة ُ عينيكَ في الخيال المطيف
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> قمْنَ في مأتمٍ على العُشّاقِ
قمْنَ في مأتمٍ على العُشّاقِ
رقم القصيدة : 10827(3/281)
-----------------------------------
قمْنَ في مأتمٍ على العُشّاقِ
ولَبِسْنَ الحِدادَ في الأحداقِ
و بكينَ الذِّماءَ بالعنمِ الرَّ
ـبِ المُقنّى وبالخُدود الرِّقاقِ
و منحنَ الفراقَ رقّة َ شكوا
هنَّ حتّى عشِقْتُ يومَ الفِراق
و معَ الجيرة ِ الذينَ غدوا دمـ
عٌ طليقٌ ومهجة ٌ في وثاق
حاربتهمْ نوائبُ الدّهرِ حتى
آذَنُوا بالفِراقِ قبْلَ التّلاقي
وَدَنَوْا للوَداعِ حتى ترى الأجـ
ـيادَ فوقَ الأجياد كالأطواق
يومَ راهنتُ في البكاء عيوناً
فتقدّمتُ في عنانِ السِّباقِ
أمنَعُ القَلْبَ أن يذوبَ ومَنْ يمـ
ـنعُ جَمْرَ الغَضا عن الإحْراقِ
ربَّ يومٍ لنا رقيقِ حواشي اللـ
ـهوِ حُسْناً، جَوّالِ عِقْد النِّطاق
قد لَبِسْنَاهُ وهو من نَفَحاتِ الـ
مسكِ ردعُ الجيوب ردعُ التّراقي
و الأبارقُ كالظِّباءِ العواطي
أوجَسَتْ نَبْأة ً الجِياد العِتاق
مصْغِياتٌ إلى الغِناءِ مُطِلاّ
تٌ عليه كثيرة ُ الإطراق
و هي شمُّ الانوف يشمخن كبراً
ثمّ يَرْعُفْنَ بالدّمِ المُهراق
فدَّمَتْها السُّقاة ُ كي يُوقِرُوهَا
صَمَماً عن سَماعِ شادٍ وساق
فهي إمْا يَشكونَ ثِقْلاً من الوقْـ
ر وإمّا يبكينَ بالآماقِ
جنِّبوها مجالسَ اللهوِ والوصـ
ل إذا ما خلونَ للعشّاق
فهي أدهى من الوشاة على مكنو
نِ سِرِّ المتيَّمِ المُشتاقِ
تَرتَدي بالاكمامِ عَنْهَا حَيَاءً
و هي غيدٌ يتلعنَ بالأعناقِ
لا تسلني عنِ اللّيالي الخوالي
وأجِرْني منَ اللّيالي البَواقي
ضَرَبتْ بيْنَنَا بأبعَدَ ممّا
بينَ راجي المُعِزِّ والإمْلاق
كلُّ أسْرَارِ راحَتَيْهِ غَمَامٌ
مُسْتَهِلًّ بِوابِلٍ غَيْداقِ
فإذا ما سقاكَ منْ ظمإٍ جا
وزَحدَّ التُقْيا إلى الإغراق
في يديهِ خزائنَ اللهِ في الأر
ضِ ولكنّها على الإنْفاقِ
وإذا ما دعا المقاديرَ للكو
نِ أجَابَتْ لكُلِّ أمْرٍ وِفاقِ
لبِسَ العِيدُ منه ما يَلبَسُ الإيـ
مانُ من نصلِ سيفهِ البرّاقِ
وجلا الفطرُ منه عن نبويٍّ
أبيضِ الوجهِ أبيضِ الأخلاق(3/282)
ساحباً من ذيولٍ مجرٍ لهامٍ
تؤذنُ الأرضُ تحتهُ باصطفاق
ليس في العارِضِ الكَنَهْوَرِ شِبْهٌ
منه غيرُ الإرْعَادِ والإبْراق
رفعتْ فوقهُ المغاويرُ شهباً
من قَناً في سَماوة ٍ من طِراق
وغمامٍ منْ ظلِّ ألوية ِ النّصْ
رِ فمن راجفٍ ومن خفّاق
وعَرينٍ من كلَّ ليْثٍ هَصُورٍ
كالِحِ النّابِ أسْجَرِ الحِملاق
فوقهُ خيطة ُ اللُّجينِ تهادى
بيديْ كلِّ بهمة ٍ مصداق
من عدادِ البرهانِ موجودة ٌ للخلـ
قِ فيها دلائلُ الخلاّق
حَسُنَتْ في العُيونِ حتى حَسِبْنَا
ها تردَّتْ محاسنَ الأخلاق
قد لَبِسْنَ العَجاجَ مُعتكِرَ اللّو
نِ ولُكْنَ الحديدَ مُرَّ المَذاقِ
فإذا ما تَوَجّسَتْ مِنْهُ رِكْزاً
نصبتْ منْ مؤلّلاتٍ دقاق
وتراهَا حُمْرَ السّنابِكِ مِمّا
وطئتْ في الجماجمِ الأفلاق
اللّواتي مَرَقْنَ من أضْلُعِ النّصْـ
ـرِ لهُ أسهُماً على المُرّاق
أنتَ أصفيتهنَّ حبَّ سليما
نَ قديماً للصّافناتِ العتاقِ
لو رأى ما رأيْتَ منْها إلى أنْ
تتوارى شمسٌ بسجفِ الغساق
لم يقلْ ردَّها عليَّ ولا يطْـ
فقُ مسحاً بالسُّوقِ والأعناق
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أمِنْ أفْقِها ذاك السّنا وتألُّقُهْ
أمِنْ أفْقِها ذاك السّنا وتألُّقُهْ
رقم القصيدة : 10828
-----------------------------------
أمِنْ أفْقِها ذاك السّنا وتألُّقُهْ
يُؤرَّقُنَا لو أنّ وَجْداً يُؤرِّقِهْ
وما انفكّ مُجتازٌ من البرْقِ لامِعٌ
يشوِّقنا تلقاءَ من لا يشوِّقهْ
وما إن خبا حتى حسبتُ من الدّجى
على الأفْقِ زنجيّاً تكشَّفَ يَلمَقُه
تَخَلّلَ سِجْفَ الليلِ للّيلِ كالِئاً
يراعيهِ بالصُّبحِ الجليِّ ويرمقه
ولم يكتحلْ غمضاً فباتَ كأنّما
يروغُ إلى إلفٍ من المزنِ يعشقه
فمِنْ حُرَقٍ قد باتَ وَهْناً يَشُبُّهَا
بذكراكِ تُذكَى في الفؤادِ فتُحرِقه
عنى الوالهَ المتبولَ منكِ ادِّكارهُ
وأضناهُ طيْفٌ من خَيالكِ يَطرُقُه
لأبرحتُ من قلبٍ إليكِ خفوفهُ(3/283)
نِزاعاً ومن دَمْعٍ عليكِ تَرَقرُقُه
وَحَشْوَ القِبابِ المستقِلّة ِ غَادَة ٌ
أجدَّد عهدَ الودِّ منها وتخلقه
غريرة ُ دَلٍّ ضاقَ دِرْعٌ يزينُهَا
وأقلَقَ مستنَّ الوِشاحَينِ مُقْلِقُه
يميلُ بها اللحظُ العليلُ إلى الكرى
إذا رَنّقَ التفتيرَ فيهِ مُرَنِّقه
تهادى بعِطْفَيْ ناعِمٍ جاذَبَ النَّقَا
منطَّقهُ حتى تشكّى مقرطقه
يُغالِبُهَا سُكْرُ الشبابِ فتنثَني
تَثَنّيَ غُصْنِ البانِ يَهتزُّ مُورِقُه
وما الوجدُ ما يعتادُ صبّاً بذكرها
ولكنّهُ خبلُ التّصابي وأولقه
بودّي لو حيّا الرَّبيعُ ربوعها
ونمَّقَ وشيَ الرّوضِ فيها منمَّقه
تقضّتْ ليالينا بها ونعيمها
فكرَّ على الشَّمل الجميعِ مفرِّقه
أقولُ لسبّاقٍ إلى أمدِ العلى
بحيثُ ثنى شأوَ المرهَّقِ مرهقه
لسعيكَ أبطا عن لحاق ابن جعفرٍ
وسعى جهولٍ ظنَّ أنّك تلحقه
لَعلّك مُودٍ أن تقاذفَ تشأوُه
إلى أمدٍ أعيا عليك تعلُّقه
لهُ خلقٌ كالرّوضِ يندي تبرُّعاً
إذا ما نبا بالحرِّ يوماً تخلُّقه
وكالمَشرَفيِّ العَضْبِ يَفري غِرارُهُ
وكالعارضِ الوسميِّ يَنهَلُّ مُغدِقُه
وكالكوكبِ الدُّرّيِّ يُحمدَ في الوغى
تألُّقُ بيضِ المرهفاتِ تألُّقه
ويعنفُ في الهيجاءِ بالقرن رفقهُ
وأعنَفُ ما يسطو به السيْفُ أرفَقُه
لهُ من جُذامٍ في الذّوائبِ مَحتِدٌ
زكا منبتاً في مَغرسِ المجدِ مُعرَقُه
رفيعُ بناءِ البيتِ فيهم مُشيدُهُ
مطنِّبهُ بالمأثراتِ مروِّقه
همُ جوهرُ الأحساب وهولبابهُ
وإفْرِندهُ المُعْشي العيونَ ورَونقُه
إذا ما تجلّى من مَطالِعِ سَعْدِهِ
تجلّى عليك البدرُ يَلتاحُ مَشرِقُه
لَئِنْ مُلِئَتْ منهُ الجوانحُ رَهْبَة ً
لقد راقها من منظرِ العينِ مونقه
مُقَلَّصُ أثناءِ النّجادِ معَصَّبٌ
بتاج العُلى بين السماكينِ مَفْرَقُه
لهُ هاجِسٌ يَفْري الفَرِيَّ كأنّهُ
شبا مشرفيٍّ ليسَ ينبو مذلَّقه
يُصيبُ بيانَ القوْل يُوفي بحَقّهِ
على باطلِ الخصمِ الإلدِّ فيمحقه(3/284)
أطاعَ له بَدءُ السَّماحِ وعَودهُ
فكان غَماماً لا يَغُبُّ تَدَفُّقُه
دَلوحاً إذا ما شِمتَهُ افتَرَّ وَبْلُهُ
وإلهامهُ سحّاً عليكَ وريقُه
إذا شاءَ قادَ الأعوَجِيّاتِ فيْلَقاً
ومنْ بينِ أيديها الحمامُ وفيلقه
وكنتُ إذا ازورَّتْ لقومٍ كتيبة ٌ
وعارضها من عارضِ الطعنِ مبرقه
تسابقُ وقدَ الرّيحِ عدواً فتسبقه
تخطّى إلى النّهبِ الخميسَ ودونهُ
سرادقُ خطيّاتهِ ومسردقه
إذا شارَفَتْهُ قلتَ سِربُ أجادِلٍ
يُشارِفُ هَضْباً من ثَبيرٍ مُحلِّقُه
رعى اللهُ ابراهيمَ منْ ملكٍ حنا
على المُلكِ حانِيهِ وأشفَقَ مُشفِقُه
وأورى بزند الأرقمِ الصِّلّ جعفَرٌ
ولم يُعْيِهِ فَتْقٌ من الأرضِ يَرتُقه
إلى ذاك رأيُ الهِبْرِزِيِّ إذا ارتأى
وصِدْقُ ظنونِ الألمَعيِّ ومَصْدَقه
على كُلِّ قُطْرٍ منه لَفْتَة ُ ناظِرٍ
يُراعي بها الثّغْرَ القَصِيَّ ويَرمقُه
مُظاهِرُ عِقدِ الحزْمِ بالحزْم موثِقُه
فكم فِيهِمِ من ذي غِرارَينِ قد نَبَا
ومدرهِ قومٍ قد تلجلجَ منطقه
يرونَ بإبراهيمَ سَهْماً يَريشُهُ
لهم بالمَنَايا جعفرٌ ويُفوِّقُه
مؤازِرُهُ في عُنفُوانِ شبابهِ
يُسَدِّدُهُ في هَدْيِهِ ويُوَفِّقُه
يطيبُ نسيمُ الزّابِ من طيبِ ذكرهِ
كما فتّقَ المسكَ الذكيَّ مفتِّقه
ويعبَقُ ذاك التُّرْب من أوجُه الدجى
كما فاحَ من نشرِ الأحبة ِ أعبقه
وقد عمَّ من في ذلك الثغرِ نائلاً
كما افترقتْ تهمي من المزن فرَّقه
أإخْباتهُ أحْفَى بهم أم حَنَانُهُ
ورأفَتُهُ أم عَدْلهُ وتَرَفُّقُه
ثَوَى بكَ عزُّ المُلكِ فيهم ولم تَزَلْ
وأنتَ لهُ العلقُ النفيسُ ومعلقه
شَهِدْتُ فلا واللّهِ ما غابَ جَعفرٌ
ولا باتَ ذا وجدٍ إليك يؤرِّقه
وبالمغرب الأقصَى قَريعُ كتائبٍ
تخبُّ بمسراهُ فيرجفُ مشرقه
سيرضيكَ منهُ بالإيابِ وسعدهِ
ويجمَعُ شَملاً شادَ مجْداً تَفَرُّقُه
ويشفي مشوقاً منكَ بالقربِ لوعة ً
وبَرْحَ غليلٍ في الجوانحِ يُقْلِقُه
ويُبْهِجُ أرض الزّاب بهجة َ سؤددٍ(3/285)
وتبهجهُ أفوفُ زهرٍ وتونقه
لك الخير قد طالتْ يدايَ وقصّرتْ
يدا زمنٍ ألوى بنحضي يمزِّقه
كفى بعضُ ما أوْليْتَ فأذَنْ لِقافلٍ
بفضلك زُمَّتْ للترَحُّلِ أينُقُه
أفضتَ عليه بالنّدى غيرَ سائلٍ
بحاركَ حتى ظنَّ أنّك تغرقه
سأشكركَ النُّعْمَى عليَّ وإنّني
بذاك لواني الشّأوِ عنكَ مرهَّقُه
وما كحميدِ القولِ ينمي مزيده
ولا كاليَدِ البيضاء عندي تحَقُّقُه
وما أنا أو مثلي وقولٌ يقوله
إذا لم أكُنْ أُلفي به مَن يُصَدِّقُه
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أبلغ ربيعة َ عن ذي الحيِّ من يمنٍ
أبلغ ربيعة َ عن ذي الحيِّ من يمنٍ
رقم القصيدة : 10829
-----------------------------------
أبلغ ربيعة َ عن ذي الحيِّ من يمنٍ
أنّا نؤلفُ شملاً ليسَ يفترقُ
أنّا وإياكمْ فرعاُِ من كرمٍ
قدْ بوركا وزكا الأثمارُ والورق
فلا طرائقُنا يوم الوغى قِدَدٌ
شَتّى النِّجارِ ولا أهواؤنَا فِرَق
إنّا لَتَشْرُفُ أيامُ الفَخَارِ بِنَا
حتى يقول عدانا إننا الفلق
فأنتمْ الغيثُ متّلجاً غواربهُ
على العفاة ِ ونحنُ الوابلُ الغدق
لكنّ سيدنا الأعلى وسيدكمْ
على الملوكِ إذا قِيستْ به سُوَق
الواهبُ الألفَ إلاّ أنّها بِدَرٌ
والطاعن الألفَ إلاّ أنّها تَسَق
تأتي عطاياه شتّى غيرَ واحدة ٍ
كما تَدافَعَ موج البحرِ يَصْطفِق
منها الرديّنيُّ في أنبوبهِ خطلٌ
يومَ الهِياجِ وفي خَيشومِهِ ذَلَق
والمَشرَفِيّة ُ والخِرْصانُ والحَجَفُ الـ
منضودُ واليلبُ المضون والحلق
من كلِّ أبيضَ مسرودِ الدخارص من
أيامَ شيبانَ فيهِ المسكُ والعلق
و الماسخية ُ والنّبلُ الصّوائبُ في
ظباتها الجمرُ لكنْ ليسَ يحترق
و الوشيُ والعصبُ والخيماتُ يضربها
بالبدو حيث التقى الركبان والطُّرقُ
وقُبّة ُ الصَّندَلِ الحَمراءُ قد فُتِحَتْ
للجودِ أبوابُها والوَفْدُ يَستَبق
والماءُ والروضُ ملتفُ الحدائقِ والـ
سامي المشيِّدُ والمكمومة ُ السُّحق
و الشدقميّة ُ دعجاً في مباركها(3/286)
كأنها في الغزيرِ المكلىء ِ الغسق
ومِنْ مَواهِبِهِ الرّايَاتُ خَافِقَة ً
و العادياتُ إلى الهيجاءِ تستبق
و سؤددُ الدّهرِ والدنيا العريضة ُ والـ
ـأرضُ البسيطة ُ والدأماءُ والأفُقُ
الطّاعنُ الأسدِ في أشداقها هرتٌ
و القائدُ الخيلِ في أقرابها لحق
جَمُّ الأناة ِ كثيرُ العَفْوِ مُبتدِرُ الـ
معروفِ مدّرعٌ بالحزم منتطق
كأنّ أعْداءهُ أسْرَى حَبائِلِهِ
فما يحصَّنهمْ شعبٌ ولا نفق
أما ووجهكَ وهو الشّمسُ طالعة ً
لقدْ تكاملَ فيكَ الخلقُ والخلق
فاعمرْ أبا الفرج العليا فما اجتمعتْ
إلاّ على حُبّكَ الأهواءُ والفِرَق
لو أنّ جودكَ في أيدي الرّوائحِ ما
أقلَعنَ حتى يَعُمَّ الأمّة َ الغَرَق
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> وشامخُ العرنينِ جاثليقِ
وشامخُ العرنينِ جاثليقِ
رقم القصيدة : 10830
-----------------------------------
وشامخُ العرنينِ جاثليقِ
مرُّوعٍ بمثلنا مطروقِ
باتَ بليلِ الكالئِ الفروقِ
في أُخْرَيَاتِ الأُطُمِ السَّحوق
نبّهْتُهُ فهَبَّ كالفَنِيقِ
يسحَبُ ذيلَ الأصْيَدِ البِطريق
إلى دِنَانٍ صافِناتِ السُّوقِ
فاستلها بمبزلٍ رقيق
وقد أذِلُّ للأخِ الشّفِيقِ
كأنّهُ من صِبغَة ِ العَقيق
مضمخُ الكفيّنِ بالخلوقِ
فزفَّ لا هوتيّة َ الشّروق
لمْ يبقِ منها الدُّنُّ للرّوواقِ
إلاّ كياناً ليسَ بالحقيق
مثلَ يقينِ الملحدِ الزِّنديقِ
كَأنّهُ حُشاشَة ٌ المَشُوق
قدْ ريعَ بعدَ الهجرِ بالتَّفريق
و قامَ مثلَ الغصنِ الممشوق
أشْبَهُ شيءٍقَدَحاً بريقِ
يَسْعى بجَيْبٍ في الهوى مشقوق
يَحُثُّهَا بدَلّهِ المَومُوقِ
أرقَّ من أديمهِ الرّقيق
وباتَ سُلطَاناً عَلى الرّحِيقِ
يُسلِّطُ الماءَ على الحَريق
ويَغْرِسُ اللّؤلُؤ في العَقِيقِ
كأنّ درَّ ثغرهِ الأنيقِ
ألّفَ من حبابها الفريقِ
أو زلَّ عن فيهِ إلى الإبريق
ما زلتُ أسقي غيرَ مستفيقِ
حتّى رأيتَ النّجمَ كالغريق
و الصّبحُ في سربالهِ الفتيقِ
يرمي الدجى بلحظِ سوذنيق(3/287)
هذا ومَا يَسبِقُ سَهْمي فُوقي
في ساعة ِ الفوتِ ولا اللُّحوق
ما نفعَ رأيٍ ليسَ بالوثيقِ
أو خيرُ عقلٍ ليسَ بالرّشيق
و لستُ أرضى بالأخِ المذوقِ
ولا اللّسانِ العَذْبِ ذي التزويق
كذلة ِ العاشقِ للمعشوق
لا تجزينَّ البرّ بالعقوقِ
و أغنِ عنِ العدوِّ بالصّديقِ
وواصلِ الصَّبوحَ بالغَبوقِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> ما بالهُ قدْ لجَّ في إطراقهِ
ما بالهُ قدْ لجَّ في إطراقهِ
رقم القصيدة : 10831
-----------------------------------
ما بالهُ قدْ لجَّ في إطراقهِ
ما بالهُ قدْ ذابَ من أشواقهِ؟
ما ذاكَ إلاّ أنّ مَشوقاً لَهُ
قدْ مالَ منحرفاً إلى عشّاقهِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أريّاكِ أم ردعٌ من المسكِ صائكُ
أريّاكِ أم ردعٌ من المسكِ صائكُ
رقم القصيدة : 10832
-----------------------------------
أريّاكِ أم ردعٌ من المسكِ صائكُ
و لحظكَ أم حدٌ منَ السّيفِ باتكُ
وأعطافُ نَشوَى أم قَوامٌ مُهَفْهَفٌ
تأوَّدَ غصْنٌ فيهِ وارتَجَّ عانِك
وما شقَّ جيبُ الحسنِ إلاّ شقائقٌ
بخديكِ مفتوكٌ بهنَّ فواتك
أرى بينَها للعاشقين مَصارعاً
فقدْ ضرّجتهنَّ الدّماءُ السّوافك
ألم يبدِ سرُّ الحبِّ أنّ من الضّنى
رقيباً وإنْ لمْ يهتكُ السترُ هاتكُ
وليلٍ عليهِ رقمٌ وشيٍ كأنَّما
تمدّ عليهِ بالنجومِ الدّرانك
سَرَيْنا فطُفنَا بالحِجالِ وأهلِها
كما طافَ بالبيِت المُحجَّبِ ناسك
وكُنّا إذا ما أعيُنُ العِينِ رُقْنَنَا
أدَرْنَ عُيوناً حَشْوُهُنَّ المَهالِك
وتجدي وأكده والمناديحُ جمّة ٌ
بما اصفرَ من ألواننا لفواتك
تكونُ لنَا عندَ اللّقاء مَواقِفٌ
ولكنّها فوقَ الحَشايا مَعارك
نُنازِلُ من دون النّحورِ أسِنّة ً
إذا انتصبتْ فيها السدي الفوالك
نشاوى قدودٍ للخدودُ أسنّة ٌ
و لا طررٌ من فوقهنَّ حوالك
سرين وقد شقَّ الدجى عنْ صباحهِ
كواكب عِيسٍ بالشموسِ رواتك
وكائِنْ لها فوقَ الصَعِيدِ مناسمٌ
يطأنَ وفي سرِ الضميرِ مبارك(3/288)
أقيموا صدورَ النّاعجاتِ فإنّها
سبيلَ الهوى بينَ الضُّلوع، سَوالك
ألم تريا الروضَ الأريضَ كأنَّما
أسرة ُ نورُ الشّمسِ فيها سبائك
كأنّ كُؤوساً فيه تسري براحِها
إذا علّلَتْها السّارياتُ الحواشك
كأنّ الشّقيقَ الغَضَّ يُكحَلُ أعيُناً
و يسفكُ في لبّاتهِ الدَّمَ سافكُِ
و ما تطلعُ الدّنيا شمساً تريكها
ولا للرِّياضِ الزُّهرِ أيدٍ حوائك
جلتهنّ أيّامُ المعزُّ الضَّواحك
سقى الكوّثرُ الخلديُّ دوحة َ هاشمٍ
وحَيّتْ معِزَّ الدّينِ عنَا الملائك
شَهِدتُ لأهْلِ البيْتِ أن لا مَشاعِرٌ
إذا لم تكن منهم وأن لا مناسك
عليه هوادي مجدهِ والحوارك
لَهُ نَسَبُ الزَّهْراءِ دِنْياً يُخُصّهُ
و سالفُ ما ضمّتْ عليه العواتك
إمامٌ رأى الدنيا بمؤخِرِ عيْنِهِ
فمن كانَ منها آخذاً فهو تارك
إذا شاءَ لم تَمْلِكْ عليه أناتُه
بَوادِرَ عَزْمٍ للقَضاءِ مَوالِك
لألقتْ إليه الأبحرُ الصُّمُّ أمرها
وهبّتْ بما شاءَ الرّياحُ السَّواهك
و ما سارَ في الأرضِ العريضة ِ ذكرهُ
و لكنّهُ في مسلكِ الشمسِ سالك
و ما كنهُ هذا النّورِ جبيهِ
ولكنّ نورَ اللّهِ فيه مشارِك
له المقرباتُ الجردُ ينعلها دماً
إذا قرعتْ هامَ لكماة السنابك
و يسبكُ فيها ذائبَ التِّبرِ سابك
صقِيلاتُ أبْشارِ البُرُوقِ كأنّمَا
أمرّت عليها بالسَّحابٍ المداوك
يُباعِدْنَ ما بَينَ الجَماجمِ والطُّلى
فتدنو مروراتٌ بها ودكادك
لك الخيرُ قلِّدها أعنّة َ جريها
فهُنّ الصُّفُونُ المُلجَماتُ العوالك
ووالِ فتوحاتِ البلادِ كأنّها
مَباسِمُ ثَغْرٍ تُجْتَلى ومضاحك
يُمِدَّكَ عزْمٌ في شَبا السيف قاطعٌ
وبُرثُنُ سَطْوٍ في طُلى الليثِ شابك
كأنّك للآخَالِ خَصْمٌ مُماحِك
لك العَرَصَاتُ الخُضرُ يَعبَقُ تُربُها
و تحيا بريّاها النفوسُ الهوالك
يَدٌ لأيادي اللّهِ في نَفَحَاتِها
غنّى لعزالي المزنِ وهي ضرائك
لكم دولة ُ الصّدق التي لم يقمْ بها
نُتَيْلَة ُ والأيّامُ هُوجٌ ركائك(3/289)
إمامية ٌ لم يخز هارونُ سعيها
ولا أشْركَتْ باللّهِ فيها البَرامك
تردُّ إلى الفردوس منكم أرومة ٌ
يصلّي عليكم ربُّها والملائك
ثنائي على وحيِ الكتابِ عليكمُ
فلا الوحيُ مأفوكٌ ولا أنا آفك
دعاني لكمْ ودًّ فلبّتْ عَزائِمي
وعَنْسي وليلي والنجومُ الشّوابك
و مستكبرٌ لم يشعرِ الذُّلَّ نفسهُ
أبيٌّ بأبكارِ المهاولِ فاتك
ولو عَلِقَتْهُ من أُميّة َ أحْبُلٌ
لَجُبَّ سَنامٌ من بني الشعر تامك
و لمّا التقتْ أسيافها ورماحها
شراعاً وقد سدّتْ عليّ المسالك
أجَزْتُ عليها عابراً وتركْتُهَا
كأنّ المَنَايا تحتَ جنبي أرائِك
وما نَقَمُوا إلاّ قديمَ تَشَيعي
فنجّى هزبراً شدُّهُ المتدارك
و ما عرفتْ كرَّ الجيادِ أميّة ٌ
و لا حملتْ بزَّ القنا وهو شابك
ولا جَرّدُوا نَصْلاً تُخافُ شَباتُه
ولكِنّ فُولاذاً غَدا وهو آنُك
و لم تدم في حربٍ دروعُ أميّة ٍ
ولكنّهم فيها الإماءُ العَوارك
إذا حَضَروا المدّاح أُخْجِلَ مادِحٌ
و أظلمَ ديجورٌ من الكفرِ
ستبدي لك التثريبَ عن آل هاشمٍ
ظباتُ سيوفٍ حشوهنَّ المهالك
أأللّه! تَتْلُو كتبكم وشيوخُهَا
ببدرٍ رميمٌ والدّماءُ صَوائك
همُ لحظوكمُ والنّبوّة فيكمُ
كما لحظَ الشِّيبَ النّساءُ الفوارك
و قد أبهجَ الإيمانَ أنْ ثلَّ عرشها
وأنْ خَزَرَتْ لحْظاً إليْها المَهالك
بني هاشمٍ قد أنجزَ اللهُ وعدهُ
وأطلعَ فيكم شَمْسَهُ وهي دالك
ونادَتْ بثاراتِ الحُسَينِ كتائِبٌ
تمطّي شراعاً في قناها المعارك
تَؤمُّ وصيَّ الأوصياء ودونَهُ
صدور القنا والمرهفاتُ البواتك
وضَرْبٌ مُبينٌ للشّؤونِ كأنّما
هوتْ بفراش الهامِ عنه النّيازك
فدسْ بهم تلك الوكونُ فإنّني
أرى رخماً والبيضُ بيضٌ ترائك
لقد آن أنَ تجزى قريشٌ بسعيها
فإمّا حياة ٌ أو حمامٌ مواشك
أرى شعراءَ الملكِ تنحتُ جانبي
توَنبو عن اللّيْثِ المخاضُ الأوارك
تخبُّ إلى ميدان سبقي بطاؤها
و تلك الظّنونُ الكاذباتُ الأوافك
رأتْني حِماماً فاقشَعَرّتْ جُلُودُهَا(3/290)
و إني زعيمٌ أنْ تلينَ العرائك
تُسيءُ قَوافِيها وَجُودُكَ محْسِنٌ
و تنشدُ إرناناً ومجدكَ ضاحك
فما لي غنَّي البالِ وهي الصّعالك
أبَتْ لي سبيلَ القوم في الشعر هِمّة ٌ
طَمُوحٌ ونفْسٌ للدنيّة ِ فارك
وما اقتادت الدنيا رجائي ودونها
أكُفُّ الرّجالِ اللأوياتُ المواعك
وما سرّني تأميلُ غيرِ خليفة ٍ
و أنيِ للأرضِ العريضة مالك
فحمِّلْ وريدي منكَ ثِقْلَ صَنيعة ٍ
فإنّي لمضبورُ القرا متلاحك
أبعدَ التماحي التّاجَ ملءَ محاجري
يَلوكُ أديمي من فم الدهر لائك
خمولٌ وإقتارٌ وفي يدكَ الغنى
فمحياً فإنّي بين هاتينِ هالك
لآية ِ ما تسري إليَّ نوائبٌ
مُشَذِّبَة ٌ عن جانبيَّ سَوادِك
فهُنَّ كما هُزَّتْ قَناً سمهرِيُّة ٌ
لسربالِ داودٍ عليَّ هواتك
لديَّ لها الحَربُ العَوانُ أشُبُّهَا
فإلاّ تُؤيّدْني فإنّي مُتارك
و أيُّ لسانٍ ناطقٌ وهو مفحمٌ
و أيُّ قعودٍ ناهضٌ وهو بارك
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> قد مَرَرْنَا على مَغَانيكِ تلكِ
قد مَرَرْنَا على مَغَانيكِ تلكِ
رقم القصيدة : 10833
-----------------------------------
قد مَرَرْنَا على مَغَانيكِ تلكِ
فرأينا فيها مشابهَ منكِ
عارضتنا المها الخواذلُ أسرا
باً بأجراعها فلمْ نسلُ عنكِ
لا يرعْ للمها بداركِ سربٌ
فلقد أشبهتكِ إن لم تكُنكِ
مُسعِدي عُجْ فقد رأيتَ مَعاجي
يومَ أبكي على الدّيارِ وتبكي
بحنينٍ مرجَّعٍ كحنيني
و تشكٍّ مردَّدٍ كتشكّي
فاتّئِدْ تسكبِ الدموعَ كسكبي
ثمّ لا تَسفِكِ الدّماءَ كسَفْكي
لا أرى كابنِ جعفر بنِ عليٍّ
مَلِكاً لابِساً جلالَة َ مُلْكِ
تتفادى القلوبُ منه وجيباً
في مَقَامٍ على المتَوَّج ضَنْك
فكأنّا صبيحة َ الإذنِ نلقى
دونهُ المشرفيَّ هزَّ لبتك
و طويلَ النِّجادِ فرَّجَ عنهُ
جانبُ السِّجْفِ عن حياة ٍ وهُلك
لا أراهُ بتاركي حينَ يبْدو
وأشوبُ اليقِينَ منْهُ بشَكِّ
هَتَكَ الظُّلمَ والظلامَ به ذو
روعة ٍ لا يريبُ ستراً بهتك(3/291)
فهو فينا خليفة ُ البدْرِ ما استحـ
ـلَكَ ليلٌ إذا تجلّى بحُلْك
مثلَ ماء الغمام يندى شباباً
وهو في حُلَّتَيْ تَوَقٍّ ونُسْك
يطئ الأرضَ فالثَّرى لؤلؤ رطْـ
بٌ وماءُ الثَّرى مجاجة ُ مسك
مَنْسَكٌ للوفود يُعْتَام قد
أنضَى المَطايا بطول وَخْدٍ ورتَك
أنا لولا نوالهُ آنفاً لم
يَكُ لي في شكاية ِ الدهرِ مُشك
سحَّ شؤبوبهُ فأجرى شعابي
و طمى بحرهُ فأغرقَ فلك
قلتُ للمزنِ قد ترى ما أراهُ
فاحكِهِ إن زَعَمْتَ أنّك تَحكي
و إذا زعزعَ الوشيجَ وألقى
بجرانٍ على الأعادي وبرك
نَظَمَ الفارسَ المُدَجَّجَ طَعْناً
تحتَ سَردٍ من لأمَة ٍ ومِشَك
جعفرٌ في الهياجِ بأساً كبأسٍ
إن سطا بالعدى وفتكاً كفتك
وإذا شاءَ قَلّدَتْهُ جُذامٌ
شرفَ البيتِ من أواخٍ وسمك
منصبٌ فارعٌ وغابُ أسودٍ
لم تَدِنْهُ الملوكُ يوماً بمَلْك
حفَّ مأثورهُ بمجدٍ وفخرٍ
أغنيا فيهِ عن لجاجٍ ومحك
هاكَ إحدى المحبَّراتِ اللّواتي
لم أشُبْ صِدقَها بزُورٍ وإفْك
نَظْمُها مُحْكَمٌ فقارَنَ بَينَ الـ
درِّ النَّظمِ وأخلصَ التِّبرَ سبكِ
و لْقدمنْ أخذتُ من شكري نعما
كَ بحطّي فكان أخذي كتَركي
بؤتُ بالعجزِ عن نداكَ وقد أجـ
ـهَدتُ نَفْسي فقلتُ للنفس قَدْكِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> فتكاتُ طرفكِ أم سيوفُ أبيكِ
فتكاتُ طرفكِ أم سيوفُ أبيكِ
رقم القصيدة : 10834
-----------------------------------
فتكاتُ طرفكِ أم سيوفُ أبيكِ
وكؤوسُ خمرٍ أم مَراشفُ فيكِ
أجلادُ مرهفة ٍ وفتكُ محاجرٍ
ما أنتِ راحمة ٌ ولا أهلوك
يا بنتَ ذا السّيفِ الطّويلِ نجادهُ
أكذا يجوزُ الحكمُ في ناديكِ
قد كانَ يدعوني خيالكِ طارقاً
حتى دعاني بالقَنا داعيكِ
عَيناكِ أم مغناكِ مَوْعِدُنا وفي
وادي الكرى نلقاكِ أو واديكِ
منعوكِ من سِنة الكرى وسرَوْا فلوْ
عثروا بطيفٍ طارقٍ ظنُّوك
وَدَعَوْكِ نَشوَى ما سقوكِ مُدامة ً
لمّا تمايل عطفكِ اتهموكِ
حسبُ التّكحُّلَ في جفونك حلية ً
تاللهِ ما بأكفّهم كحلوك(3/292)
وجَلَوْكِ لي إذْ نحن غُصْنا بانَة ٍ
حتى إذا احتَفَلَ الهَوى حَجَبوك
ولوى مقبّلكِ اللّثام وما دروا
أن قد لثمتُ به وقبِّلَ فوك
فضَعي اللِّثامَ فَقَبل خَدّك ضُرّجَتْ
راياتُ يحيى بالدّم المسفوك
يا خيله لا تسخطي عزماته
ولئن سَخِطْتِ فقلّما يُرضيك
إيهاً فمِن بين الأسنَّة ِ والظُّبَى
إنَّ الملائكة ََ الكرامَ تليك
قد قلّدَتْكِ يدُ الأميرِ أعِنّة ً
لِتخايَلي وشكائماً لِتَلُوكي
وحماكِ أغمارَ المواردِ أنّهُ
بالسَّيفِ من مهج العدى ساقيك
عوجي بجنحِ الليل فالملكُ الّذي
يهدي النجومَ إلى العُلى هاديك
رَبُّ المَذاكي والعَوالي شُرّعاً
لكنّهُ وَتْرٌ بغيرِ شريك
هو ذلك الليْثُ الغٍضَنْفَرْ فانجُ من
بطشٍ على مهجِ اللّيوثِ وشيكِ
تلقاهُ فوقَ رحالهِ وأقبّلَ
تلقاه فوق حشيّة ٍ وأريك
تأبى لهُ إلاّ المكارمَ يشجبٌ
تأبى سنامَ المجدِ غيرَ تموك
بيتٌ سما بكَ والكواكبُ جنّحٌ
من تحتِ أبنِيَة ٍ له وسُمُوك
كذَبَتْ نفوسَ الحاسدينَ ظنونُها
من آفكٍ منهم ومن مأفوك
إنّ السّماءَ لَدُونَ ما ترْقى له
والنّجمُ أقربُ نهجكَ المسلوك
عاودتَ من دارِ الخلافة ِ مطلعاً
فطلعتَ شمساً غيرَ ذاتِ دلوك
ورأى الخليفة ُ منك بأسَ مُهَنَّدٍ
بيديهِ من روحِ الشُّعاعِ سبيك
وغدتْ بكَ الدُّنيا زبرجدة ً جلت
عن ثغْرٍ لؤلؤة ٍ إليك ضَحُوك
يَدُكَ الحميدة ُ قبل جودك إنها
يدُ مالكٍ يقضي على مملوك
صدَقَتْ مُفَوَّفَة َ الأيادي إنما
يوماكَ فيها طرَّة َ درنوك
الشِّعرُ ما زُرّتْ عليك جُيوبُهُ
من كلِّ مَوْشيِّ البديعِ مَحوك
والفتكُ فتكٌ في صميمِ المالِ لا
ما حدَّثوا عن عروة َ الصُّعلوك
وأرى الملوكَ إذا رأيتكَ سوقة ً
وأرى عُفاتكَ شوقَة ً كمُلوك
الغيثُ أوّلهم وليْسَ بمُعْدِمٍ
والبحرُ منهمُ وهو غير ضريك
أجريتَ جودكَ في الزّلالِ شاربٍ
وسبكته في العسجدِ المسبوك
لا يَعْدَمَنّكَ أعوَجيٌّ صَعَّرَتْ
عاداتُ نصرك منه خدَّ مليك
من سابحٍ منها إذا استحضرتهُ(3/293)
ربذِ اليدين وسهلبٍ محبوك
قَيدِ الظَّليمِ مخبِّرٍ عنْ ضاحِكٍ
من بيض أدحيِّ الظّليم تريك
لو تأخذوا الحسناءُ عنهُ خصالها
ما طالَ بَثُّ مُحِبِّها المفروك
أو كان سُنبُكُهُ الدّقيقُ بكفّهَا
نَظَمَتْ قلائدَهَا بغيرِ سُلوك
لك كلُّ يوم لو تقدَّم عَصرهُ
لم يلهجِ العدويُّ باليرموك
وقعاتُ نصرٍ في الأعادي حدَّثتْ
عن يوم بدرٍ قبلها وتبوك
هل أنتَ تاركُ نصل سيفك حقبة ً
في غمده أم ليس بالمتروك
لو يستطيعُ اللّيلُ لاستعدى على
مسراكَ تحتَ قناعهِ الحلكوك
لاقيتَ كلَّ كتيبة ٍ وفللتَ كلَّ
ضريبة ٍ وألنتَ كلَّ عريك
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> يومٌ عريضٌ في الفَخارِ طَويلُ
يومٌ عريضٌ في الفَخارِ طَويلُ
رقم القصيدة : 10835
-----------------------------------
يومٌ عريضٌ في الفَخارِ طَويلُ
ما تَنقَضي غُرَرٌ لهُ وحُجُول
ينجابُ منه الأفق وهو دجنَّة ٌ
ويَصِحُّ منْهُ الدهرُ وهو عليلُ
مسحتْ ثغورُ الشّام أدمعها بهِ
و لقد تبلُّ التُّربَ وهي همول
و جلا ظلامَ الدِّينِ والدُّنيا بهِ
مَلِكٌ لما قال الكِرامُ فَعُول
متكشِّفٌ عن عزمة ٍ علويَّة ٍ
للكفرِ منها رنَّة ٌ وعويل
فلوْ أنّ سفناً لم تحملْ جيشهُ
حَمَلَتْ عزائمَهُ صَباً وقَبول
ولوْ أنّ سَيْفاً لَيسَ يَبْتِكُ حَدُّهُ
جذَّ الرِّقابَ بكفِّهِ التَّنزيل
مَلِكٌ تَلَقّى عن أقاصي ثَغْرِهِ
أنباءَ ذي دُوَلٍ إليه تَدول
بُشْرَى تَحَمَّلُها اللّيالي شُرَّداً
خَيرُ المَساعي الشاردُ المحمول
تأتي الوفودُ بها فلا تكرارها
نصبٌ ولا مقرونها مملول
ويكادُ يَلقاهم على أفواهِهِمْ
قبلَ السَّماع الرّشْفُ والتّقبيل
يجلو البشيرُ ضياءَ بشرِ خليفة ٍ
ماءُ الهُدى في صَفحَتَيهِ يجول
للّهِ عَينَا مَن رَأى إخْباتَهُ
لمّا أتاهُ بَريدُها الإجْفِيل
و سجودهُ حتى التُّقى عفرُ الثَّرى
وجَبينُهُ والنَّظْمُ والإكليل
لم يَثْنِهِ عِزُّ الخِلافَة َ والعُلى
والمجْدُ والتّعظيمُ والتبجيل(3/294)
بينَ المواكبِ خاشِعاً مُتَواضِعاً
والأرضُ تَخشَعُ بالعُلى وتَميل
فَتَيَمّمُوا ذاكَ الصّعيدَ فإنّهُ
بالمِسكِ من نَفَحاٍّتِهِ معلول
سيَصِيرُ بعدَك للأئِمّة ِ سُنُّة ً
في الشكر ليس لمثلها تحويل
من كانَ ذا إخلاصُهُ لم يُعْيِهِ
في مشكلٍ ريثٌ ولا تعجيل
لو أبصرتكَ الرُّومُ يومئذٍ درتْ
أنّ الإلهَ بما تَشاءُ كَفِيل
يا ليتَ شعري عن مقاولهمْ إذا
سمعتْ بذلك عنك كيفَ تقول
ودُّوا وداداً أن ذلكَ لم يكنْ
صِدْقاً وكلٌّ ثاكِلٌ مَثكول
هذا يدلُّهمُ على ذي عزمة ٍ
لا فيهِ تسليمٌ ولا تخذيل
أنْتَ الذي ترِثُ البِلادَ لَدَيْهِمُ
فالأرض فالٌ والسجودُ دَليل
قُلْ للدُّمُسْتُق مُورِدِ الجمعِ الذي
ما أصْدَرَتْهُ له قَناً ونُصُول
سل رهطَ منويلٍ وأنتَ غررتهُ
في أيّ مَعركَة ٍ ثَوى مَنويل
منَعَ الجنودَ من القُفول رواجعاً
تَبّاً لهُ بالمُنْدِياتِ قُفُول
لا تُكذَبَنَّ فكُلُّ ما حُدِّثْتَ مِن
خبرٍ يسرُّ فإنَّهُ منحول
وإذا رأيتَ الأمْرَ خالَفَ قَصْدَهُ
فالرّأيُ عن جهة ِ النُّهى معدول
قد فالَ رأيُكَ في الجلاد ولم تَزَلْ
آراءُ أغمارِ الرّجالِ تَفِيل
وبعثْتَ بالأسطولِ يحملُ عُدّة ً
فأثابنا بالعدَّة ِ الأسطول
و رميتَ في لهواتِ أسدِ الغابِ ما
قد باتَ، وهْي فَريسَة ٌ مأكول
أدَّى إلينا ما جمعتَ موفَّراً
ثمَ انثَنى في اليَمِّ وهو جَفول
لجِبٌ وَشْوُ الخافِقَينِ صهيل
ولقد يُرى بالجيش وهو ثقيل
نفَّلتهُ من بعدِ ما وفَّرتهُ
مَنٌّ لعَمرُكَ ما أتيتَ جَزيل
إيهاً كذاكَ فإنّهُ ما كان مِنْ
برِّ الكرام فإنّهُ مقبول
رمتُ الملوكَ فلم يبنْ لكَ بينها
شَخصٌ ولا سِيما وأنتَ ضئيل
أتقدُّماً فيهمْ وأنتَ مؤخَّرٌ
و تشبُّهاً بهم وأنتَ دخيل
ماذا يؤمَّلُ جحدرٌ في باعهِ
قصرٌ وفي باعِ الخلافة ِ طول
ذمَّ الجزيرة َ وهيَ خدرُ ضراغمٍ
سامتهُ فيها الخسفَ وهوَ نزيل
والأرضُ مَسبَعَة ٌ تُكلّفُه القِرى
فيجودُ بالمُهَجات وهو بخيل(3/295)
قد تُسْتَضافُ الأُسْدُ في آجامِهَا
جهلاً بهنَّ وقد يزارُ الغيل
حَربٌ يُدَبّرُهَا بظنٍّ كاذبٍ
هلاّ يقِينُ الحَزْم منه بَديل
والظَّنُّ تغريرٌ فكيفَ إذا التقى
في الظَّنّ رأى ٌ كاذبٌ وجهول
وافى وقد جمعَ القبائلَ كلَّها
وكفاكَ من نَصْرِ الإلهِ قَبِيل
جمع الكتائبَ حاشداً فثناهُمُ
لك قبلَ إنفاذِ الجيوش رَعيل
والنصرْ ليسَ يُبِينُ حقَّ بَيانِهِ
إلاّ إذا لقيَ الكثيرَ قليل
جاؤوا وحَشْوُ الأرضِ منهم جحفَلٌ
ثمّ انثنوا لا بالرماحِ تقصُّدٌ
بادٍ ولا بالمُرهَفاتِ فُلُول
نزلوا بأرضٍ لم يمسوا تربها
حتى كأنَ وقوعهم تحليل
لم يتركوا فيها بجعجح الرّدَى
إلاّ النجيعَ على النجيعِ يَسيل
خاضتهُ أوظفة ُ السوابقِ فانتهى
منهنَّ مالا ينتهي التَّحجيل
إنّ التي رامَ الدُّمُستُقُ حَربَها
للّهِ فِيها صارمٌ مسلول
لا أرضُها حَلَبٌ ولا ساحاتُهَا
مِصْرٌ ولا عَرضُ الخليجِ النِّيل
ليت الهرقلَ بدا بها حتى انثنى
و على الدُّمستقِ ذلّة ٌ وخمول
تلك التي ألْقَتْ عليهم كلكَلاً
ولها بأرضِ الأرمَنينَ تَلِيل
يَرتابُ منها الموجُ وهو غُطامِطٌ
و يراعُ منها الخطبُ وهو جليل
نحَرَتْ بها العَربُ الأعاجِمَ، إنّهَا
رمحٌ أمقُ ولهذمٌ مصقول
تلكَ الشّجا قد ماتَ مغصوصاً بها
من لا يكادُ يموتُ وهو قتيل
يَجِدونَها بينَ الجوانحِ والحَشا
فكأنّما هي زفرَة ٌ وغَلِيل
وكأنّها الدّهْرُ المُنيخُ عليهِمُ
لا يستطاعُ لصرفهِ تحويل
وكأنّها شمسُ الظّهيرَة ِ فوقَهُمْ
يرّتَدُّ عنها الطَّرّفُ وهو كليل
ما ذاكَ إلاّ أنّ حَبْلَ قَطِينِها
بِحبالِ آلِ محمّدٍ مَوْصُول
ذرهُ يجمِّعُ ألفَ ألف كتيبة ٍ
فهو النَّكُولُ وجَمْعُه المفلُول
وهو الذي يُهْدي حُماة ُ رجالِهِ
نفلاً إليك فهل لديكَ قبول
لو كنتَ كلَّفتَ الجيوشَ مرامها
كلّفتها سفراً إليه يطول
فكفاكَ وشكُ رحيلهِ عن أرضهِ
عن أن يكون العامَ منك رحيل
حتى إذا اقْتَبَلَ الزّمانُ أريْتَهُ
بالعزمِ كيفَ يصولُ من سيصول(3/296)
فلتعلمِ الأعلاجُ علماً ثاقباً
أنّ الصّليبَ وقد عززتَ ذليل
و ليعبدوا غيرَ المسيحِ فليسَ في
دينِ التَّرهُّبِ بعدها تأميل
ما ذاك ما شهدت لهُ الأسرى به
إذ يَهْزَأُ الطّاغي بهِ الضِّلّيل
بَرِئَتْ منَ الإسلامِ تحتَ سيوفِهِ
إلاَّ اعتدادَ الصَّبرِ وهو جميل
سلكتْ سبيلَ المُلحِدينَ ولم يكُنْ
من بعد ذاكَ إلى الحياة ِ سبيل
أرِضى ً بمأثورِ الكلامِ وخلفَهُ
غدرٌ ومأثور الحديد صقيل
فالحرُّ قد يقنى الحياءَ حفيظة ً
وهو الجَنيبُ إلى الرّدى المملول
هل كان يُعرَفُ للبطارقِ قبل ذا
بأسٌ ورأيٌ في الجلادِ أصيل
أنَّى لهم هممٌ ومن عجبٍ متى
غَدَتِ اللّقاحُ الخورُ وهي فُحول
أهلُ الفِرار فليتَ شِعْري عنهمُ
هل حدَّثوا أنَّ الطِّباعَ تحول
الأكثرينَ تخمُّطاً وتكبُّراً
ما لم تِهَزّ أسِنّة ٌ ونُصُول
حتى إذا ارتعصَ القَنا وتلمّظَتْ
حَرْبٌ شَرُوبٌ للنفوس أكول
رجعوا فأبدوا ذلَّة ً وضراعة ً
و إلى الجبلَّة ِ يرجعُ المجبول
إذ لا يزالُ لهم إليكَ تغلغلٌ
و سرى ً ووخدٌ دائمٌ وذميل
وإنَابَة ٌ مُنْقَادَة ٌ وإتَاوَة ٌ
ورسالَة ٌ مُعْتَادَة ٌ ورسول
فإذا قبلتَ فمنّة ٌ مشكورة ٌ
لك ثمَّ أنتَ المرتجى المأمول
وإذا أبَيْتَ فعزمَة ٌ مَضَاءَة
لا بُدّ أنّ قضاءها مفعول
وليَغْزُوَنّهُمُ الأحَقُّ بغزوهم
و اللَّهُ عنهُ بما يشاءُ وكيل
و لتدركنَّ المشرفيَّة ُ فيهمِ
ماينثني عن دركهِ التَّأميل
وليُسَمَعَنً صَليلها في هامهِم
إن كان يُسمَعُ للسيوفِ صَليل
و ليبلغنَّ جيادُ خيلكَ حيثُ لم
يَبْلُغْ صَباحٌ مُسْفِرٌ وأصِيل
كم دوَّختْ أوطانهمْ فتركتها
والمالُ نَهْبٌ والدّيارُ طُلول
فوراءهم حيثُ انتهوا وأمامهمْ
تطَوى بهنَّ تنائفٌ وهجول
فكأنّها بينَ اللِّصابِ نضانضٌ
وكأنّهَا بينَ الهِضابِ وُعول
و لقد أتيتَ الأرضَ منْ أطرافها
ووطِئْتَها بالعزم وهي ذَلول
و استشعرتْ أجبالها لك هيبة ً
حتى حَسِبنَا أنها ستَزُول
نامتْ ملوكٌ في الحشايا وانثنتْ(3/297)
كسلى وطرفكَ بالسُّهاد كحيل
لن ينصُرَ الدينَ الحنيفَ وأهلَهُ
مَن بعضُهُ عن بعضِهِ مشغول
تلهيكَ صلصلة ُ العوالي كلّما
ألهَتْ أولئك قَيْنَة ٌ وشَمول
و بذاكَ حسبكَ انْ تجرِّرَ لأمة ً
وبحسبِ قومٍ أن تُجَرّ ذُيول
لا تَعْدَمَنّكَ أُمّة ٌ أغنَيْتَهَا
وهَدَيْتَها تَجْلُو العَمى وتُنيل
ورَعِيَّة ٌ هُدّابِ عَدلِكَ فوقَها
سِتْرٌ على مُهَجانِها مسدول
فكأنّ دَولَتَكَ المنيرة َ فيهم
ذَهَبٌ على أيّامِهِمْ مَحلول
لا يَعْدَمُوا ذاكَ النّجادَ فإنّهُ
ظلٌّ على تلكَ الدِّماءِ ظليل
مَن يهتدي دونَ المعِزِّ خليفَة ً
إنَّ الهداية َ دونهُ تضليل
مَنْ يَشْهَدُ القرآنُ فيه بفضْلِهِ
و تصدَّقُ التَّوراة ُ والإنجيل
و الوصفُ يمكنُ فيهِ إلاّ أنَّهُ
لا يُطْلَقُ التّشبيهُ والتّمثيل
و النَّاسُ إن قيسوا إليهِ فإنَّهم
عرضٌ لهُ في جوهرٍ محمول
تَرِدُ العيونُ عليه وهي نَواظِرٌ
فإذا صَدَرْنَ فإنّهُنَّ عقول
غامرتهُ فعجزتُ عن إدراكهِ
لكنَّهُ بضمائرِ معقول
كلُّ الأئمَّة ِ من جدودكَ فاضلٌ
فإذا خصَّصتَ فكلُّهم مفضول
فافخَرْ فمِن أنسابكَ الفرْدوْسُ إن
عُدّتْ ومن أحسابِكَ التنزيل
و أرى الورى لغواً وأنتَ حقيقة ٌ
ما يَستَوي المعلومُ والمجهول
و شدَ البريَّة ُ كلَّها لكَ بالعلى
إنَّ البريَّة َ شاهدٌ مقبل
و اللّهُ مدلولٌ عليهِ بصنعهِ
فينا وأنتَ على الدَّليلِ دليل
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أتظنُّ راحاً في الشَّمالِ شمولا
أتظنُّ راحاً في الشَّمالِ شمولا
رقم القصيدة : 10836
-----------------------------------
أتظنُّ راحاً في الشَّمالِ شمولا
أتظنُّها سكرى تجرُّ ذيولا
نثرتْ ندى أنفاسها فكأنّما
نَثرَتْ حِبالاتِ الدُّموعِ همولا
أوَ كلَّما جنحَ الأصيلُ تنفَّستْ
نفساً تجاذبهُ إليَّ عليلا
تهدى صحائفكمْ منشَّرة ً وما
تُغني مُراقَبَة ُ العُيونِ فَتيلا
لا تغمِضُوا نَظَرَ االرضا فلربَّما
ضمَّتْ عليهِ جناحها المبلولا(3/298)
وكأنّ طَيْفاً ما اهتَدى فبعثْتُمُ
مِسكَ الجيوب الرَّدْعَ منه بَديلا
سأروعُ من نضمَّت حجالكمُ وإن
غَدَتِ الأسِنّة ُ دونَ ذلك غِيلا
أعصي رِماحَ الخطِّ دونكِ شُرّعاً
و أطيعُ فيكِ صبابة ً وغليلا
بَشراً وأنقَذَ فيكم التَفصيلا
يَهْمي نفوساً أو يُقَدَّ فُلولا
ما للمعالمِ والطُّلولِ أما كفا
بالعاشقينَ معالماً وطلولا
فكأنّنَا شَمْلُ الدّموعِ تَفَرُّقاً
و كأنَّنا سرُّ الوداعِ نحولا
ولقد ذممْتُ قصيرَ ليلي في الهوى
وحَمِدتُ من مَتْنِ القناة ِ طويلا
إنّي لَتُكْسِبُني المَحامِدَ هِمّة ٌ
نجمتْ وكلَّفتِ النُّجومَ أفولا
بكرتْ تلومُ على النَّدى أزديَّة ٌ
إلاَّ لِيصْفَحَ قادراً وتنِيلا
يا هذهِ إن يفنَّ فارطُ مجدهم
فخذي إليكِ النِّيلَ والتَّنويلا
يا هذهِ لولا المساعي الغرُّ ما
زعموا أباكِ الماجدَ البهلولا
إنَّ لينجدنَا السَّماحُ على الَّتي
تذرُ الغمامَ المستهلَّ بخيلا
وتَظُنُّ في لَهَواتِنا أسيافَنَا
سَيَّرتُهَا غُوَراً لكُمْ وحُجُولا
هذا ابنُ وَحيِ اللهِ تأخُذُ هَدْيَها
لو لم يَفِضْ لك في البرِيّة ِ نائِلٌ
ذو النُّورِ تُولِيهِ مكارمُ هاشِمٍ
شُكْراً كنائِلِهِ الجزيلِ جزيلا
لا مثلَ يومِ منهُ يومُ أدلَّة ٍ
تهدي إلى المتفقِّهينَ عقولا
في مَوسِمِ النَّحُرِ السَّنيعِ يَرُوقُني
فأغضُّ طرفاً عن سناهُ كليلا
والجوُّ يَعثِرُ بالأسِنّة ِ والظُّبَى
و الأرضُ واجفة ٌ تميلُ مميلا
والخافِقاتُ على الوشيجِ كأنّما
حاولنَ عندَ المعصراتِ ذحولا
و الأسدُ فاغرتٌ تمطِّي نيبها
والدّهْرُ يَنْدُبُ شِلْوَهُ المأكولا
و الشَّمسُ حاسرة ُ القناعِ وودُّها
لو تستطيعُ لتُربِهِ تقبيلا
وعلى أميرِ المؤمنِينَ غمامَة ٌ
نشأتْ تظلِّلُ تاجهُ تظليلا
نهضتْ بثقلِ الدُّرِّ ضوعفَ نسجها
فَجَرَتْ عليه عَسجداً محلولا
أمُديرَها من حيثُ دارَ لَشَدّ مَا
زاحمتَ حولَ ركابهِ جبريلا
ذعرتْ مواكبهُ الجبالَ فأعلنتْ
هضباتها التَّكبيرَ والتَّهليلا(3/299)
قد ضمّ قطريها العجاجُ فما ترى
بينَ السِّنانِ وكعبهِ تخليلا
رُفِعَتْ له فيها قِبابٌ لم تكُنْ
ظُعْناً بأجراعِ الحِمى وحمولا
أيكِيّة ِ الذهَبِ المرصَّعِ رَفَرفَتْ
فبها حمامٌ ما دعونَ هديلا
وتُبَاشِرُ الفلكَ الأثيرَ كأنّمَا
تَبغي بهِنَّ إلى السماء رَحيلا
تدنى إليها النُّجبُ كلُّ عذافرٍ
يهوي إذا سارَ المطيُّ ذميلا
تتعرَّفُ الصُّهبُ المؤثَّلَ حولهُ
نَسَباً وتُنكِرُ شَدقماً وجَديلا
و تجنُّ منهُ كلُّ وبرة ِ لبدة ٍ
لَييْثاً وَيحمِلُ كُلُّ عُضْوٍ فيلا
وتَظُنَّهُ مُتَخمِّطاً من كِبْرِهِ
وتَخَالهُ متنمِّراً لِيَصُولا
و كأنّما الجردُ الجنائبُ خرَّدٌ
سفرتْ تشوقُ متيَّماً متبولا
تَبْدو عليها للمعِزِّ جَلالَة ٌ
فيكونُ أكثرُ مشيها تبجيلا
ويَجِلُّ عنها قَدرُه حتى إذا
راقتهُ كانتْ نائلاً مبّذولا
من كلّ يعبوبٍ يحيدُ فلا ترى
إلاّ قَذالاً سامِياً وتَلِيلا
و كأنّ بينَ عنانهِ ولبانهِ
رشأً يريعُ إلى الكناس خذولا
لَوْ تَشْرَئِبُّ لهُ عقيلة ُ رَبْرَبٍ
ظنّتهُ جؤذرا رملها المكّحولا
إنْ شِيمَ أقبَلَ عارضاً مُتهلِّلاً
أو ريعَ أدبرَ خاضباً إجفيلا
تَتَنزّلُ الأروى على صَهَواتِهِ
ويبِيتُ في وَكْرِ العُقابِ نزيلا
يهوي بأمِّ الخشفِ بينَ فروجهِ
ويُقَيِّدُ الأدمانَة َ العُطْبُولا
صلتانة ُ يعنفُ بالبروقِ لوامعاً
ولقد يكونُ لأمّهِنّ سَليلا
هذا الذي ملأَ القلوبَ جلالة ً
هذا الَّذي تركَ العزيزَ ذليلا
فإذا نظرتَ نظرة َ غيرَ مشبَّهٍ
إلاّ التِماحَكَ رايَة ً ورَعِيلا
يوْمٌ تجلّى الله من مَلَكُوتِهِ
فرآكَ في المرأى الجليلِ جَلِيلا
جلَّيتَ فيهِ بنظرة ٍ فمنحتهُ
نظراً برؤية ِ غيرهِ مشغولا
وتَحَلّتِ الدّنْيا بسِمْطَيْ دُرِّهَا
فرأيتها شخصاً لديكَ ضئيلا
و لحظتَ منبركَ المعلَّى راجفاً
من تحتِ عِقْدِ الرّايَتَينِ مَهُولا
مسدولَ سترِ جلالة ٍ أنطقتهُ
فرفعْتَ عن حِكَمِ البيانِ سُدُولا
وقَضَيْتَ حَجَّ العامِ مُؤتَنِفاً وقَدْ(3/300)
وَدَّعْتَ عاماً للجِهادِ مُحِيلا
وشَفعْتَ في وَفْدِ الحجيجِ كأنّما
نفَّلتهم إخلاصكَ المقبولا
و صدرتَ تحبو النّاكثين مواهباً
هَزّتْ قَؤولاً للسّماحِ فَعُولا
و هي الجرائمُ والرَّغائبُ ما التقتْ
قد جُدْتَ حتى أمَّلَتْكَ أُمَيّة ٌ
لو أنَ وِتْراً لم يُضِعْ تأميلا
لم يخْلُ جَبّارُ المُلوكِ بِذِكْرِهِ
إلاّ تَشَحَّطَ في الدماء قتيلا
و كأنّ أرواحَ العدى شاكلنهُ
فإذا دعا لبّى الكميَّ عجولا
وإذا اسْتَضاء شِهابَهُ بطلٌ رأى
صُوَرَ الوقائعِ فوقه تَخْييلا
و غذا تدبَّرهُ تدبَّرَ علّة ً
للنَّيرَاتِ ونَيّراً مَعْلُولا
لكَ حسنهُ متقلَّداًو بهاؤهُ
متنكبَّاً ومضاؤهُ مسلولا
كتَبَ الفِرنْدُ عليه بعضَ صِفاتكُمْ
فعرفتُ فيهِ التاجَ والإكليلا
قد كاد يُنْذِرُ بالوعِيدِ لِطولِ مَا
أصغى إليك ويعلمْ التأويلا
فإذا غضبتَ علتهُ دونكَ ربدة ٌ
يغدو لها طرفُ النهارِ كليلا
و إذا طويتَ على الرَّضى اهدى إلى
شمس الظَّهيرة ِ عارضاً مصقولا
سمّاهُ جدُّكَ ذا الفقارِ وإنّما
سمّاهُ منْ عاديتَ عزرائيلا
و كأنْ بهِ لم يبقِ وتراً ضائعاً
في كربلاءَ ولا دَماً مَطلولا
أو ما سمعتمْ عن وقائعهِ التي
لم تبقِ إشراكاً ولا تبديلا
سارتْ بها شيعُ القصائدِ شرَّداً
فكَأنّما كانَتْ صَباً وقَبُولا
حتى قَطَعْنَ إلى العراقِ الشأمَ عن
عُرُضٍ وخُضنَ إلى الفُراتِ النيلا
طلعتْ على بغداد بالسَّيرِ الَّتي
سيَّرتها غرراً لكمْ وحجولا
أجْلينَ مِنْ فِكَري إذا لم يسمعوا
لسيوفهنَّ المرهفاتِ صليلا
و لقد هممتُ بأنْ أفكَّ قيودها
لمّا رأيتُ المحسنينَ قليلا
حتى رأيتُ قصائي منحولة ً
و القولَ في أمِّ الكتابِ مقولا
وَلَئِنْ بَقِيتُ لأُخْلِيَنَّ لِغُرِّهَا
ميدانَ سبقي مقصراً ومطيلا
حتى كأنِّي ملهمٌ وكأنَّها
سورٌ أرتِّلُ آياتها ترتيلا
تلك المهنَّدة ُ الرِّقاقُ فلولا
ولقد رأيتُكَ لا بلَحْظٍ عاكِفٍ
فرأيتُ من شيمِ النبيّ شكولا
و لقد سمعتكَ لا بسمعي هيبة ً(3/301)
لكنْ وجدَتُكَ جوهراً معقولا
أبني النّبوّة ِ هل نبادرُغاية ً
و نقولُ فيكم غيرَ ما قد قيلا
إنّ الخبيرَ بكم أجَدَّ بخُلقكم
غيباً فجرَّدَ فيكمُ التنزيلا
آتاكمُ القدسَ الذي لم يؤتهِ
بشراً وأنفذَ فيكمُ التَّفضيلا
إنّا إستلمنا رُكْنَكُم ودَنوتُمُ
حتى استلمتمْ عرشهُ المحمولا
فوصلتُمُ ما بيْنَنَا وأمدَّكُمْ
برهانهُ سبباً به موصولا
ما عذركم أن لا تطيبَ فروعكمْ
ولقد رسختُمْ في السماء أُصولا
أعطتكم شمُ الأنوفِ مقادة ً
وركبتُمُ ظَهْرَ الزّمانِ ذَلولا
خَلّدْتُمُ في العبشمِيّة ِ لَعْنَة ً
خلقتْ وما خلقوا لها تعجيلا
راعَتْهُمُ بكمُ البُروقُ كأنّمَا
جرَّدتموها في السحابِ نصولا
في مَن يظُنّونَ الإمامة ٍ منهُمُ
إنْ حصّلتْ أنسابهمْ تحصيلا
مِنْ أهْلِ بَيْتٍ لم يَنالوا سَعْيَهُم
من فاضلٍ عدلوا به مفضولا
لا تَعْجَلوا إنّي رأيتُ أناتَكْمْ
وطئاً على كتدِ الزمان ثقيلا
أمُتَوَّجَ الخُلَفاءِ حاكِمْهُم وإنْ
كان القضاءُ بما تشاءُ كفيلا
فالكتبُ لولا أنّها لكَ شهَّدٌ
ما فُصِّلَتْ آياتُهَا تفصيلا
الله يَجزيكَ الذي لم يَجْزِهِ
و لقد براكَ وكنتَ موثقهُ الذي
أخذَ الكِتابَ وعهْدَهُ المسؤولا
حتى إذا استرعاكَ أمرَ عِبادهِ
أدْنَى إليهِ أباكَ إسماعيلا
من بينِ حجبُ النُّور حيثُ تبوّأتْ
آباؤهُ ظِلَّ الجِنانِ ظَليلا
أدّى أمانتهُ وزيدَ منَ الرّضى
قرباً فجاورهُ الإلهُ خليلا
ووَرثتَهُ البُرْهانَ والتِّبيانَ والـ
ـفُرْقانَ والتّوراة َ والأنجيلا
وعلمتُ منْ مكنونِ علمِ اللهِ ما
لمْ يؤتِ جبريلاً وميكائيلا
لو كنتَ آوِنَة ً نَبِيّاً مُرْسَلاً،
نُشرَتْ بمبعثِكَ القُرونُ الأولى
أو كنتَ نُوحاً مُنذِراً في قومِهِ
ما زادَهم بدُعائهِ تَضليلا
لله فيكٍ سريرَة ٌ لوْ أُعلِنَتْ
أحيا بذكركَ قاتلٌ مقتولا
لو كانَ أعطَى الخَلْقَ ما أُتيتَهُ
لم يَخْلُقِ التّشبيهَ والتمثيلا
لولا حجابٌ دونَ علمكَ حاجزٌ
وَجَدوا إلى عِلمِ الغُيُوبِ سَبيلا(3/302)
لولاكَ لمْ يكنْ التّفكرُ واعظاً
والعقلُ رُشْداً، والقياسُ دَليلا
لو لم تكُنْ سَبَبَ النّجاة ِ لأهْلِها
لم يُغْنِ إيمانُ العِبادِ فَتيلا
لو لم تُعَرِّفْنا بذاتِ نُفُوسِنا
كانتْ لدينا عالماً مجهولا
لو لمْ يفضْ لكَ بالبريّة ِ نائلٌ
كانَت مُفوَّفَة الرّياضِ مَحُولا
لو لم تكن سكَنَ البلادِ تَضَعضَعتْ
ولَزُيِّلَتْ أركانُها تَزييلا
لو لمْ يكنْ فيكَ اعتبارٌ للورى
ضَلُّوا فلم يَكُنِ الدليل دليلا
نَبِّهْ لنا قَدْراً نَغيظُ بهِ العِدَى
فلقدْ تجهمنا الزّمانُ خمولا
لو كنتَ قبلَ تكونُ جامعَ شملنا
ما نيلَ منْ حُرماتنا ما نيلا
نَعْتَدُّ أيْسَرَ ما ملكتَ رقابَنَا
وأقَلَّ ما نَرجو بكَ المَأمولا
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> كدأبكَ ابنَ نبيِّ اللهِ لمْ يزلِ
كدأبكَ ابنَ نبيِّ اللهِ لمْ يزلِ
رقم القصيدة : 10837
-----------------------------------
كدأبكَ ابنَ نبيِّ اللهِ لمْ يزلِ
قتلُ الملوكِ ونقلُ المُلكِ والدُّوَلِ
أينَ الفرارُ لباغٍ أنتَ مدركهُ
لأمِّهِ ملءُ كفّيها منَ الهبل
هيهاتَ يضحي منيعٌ منكَ ممتنعاً
ولو تَسَنّمَ روَقَ الأعصَم الوَعِل
ولو غدا بخُلوبِ اللّيثِ مُدَّرِعاً
أو باتَ بينَ نيوبِ الحيَّة ِ العصل
أمّا العَدُوُّ فلا تَحْفَلْ بمَهلكِهِ
فإنّما هو كالمحصُورِ في الطِّوَل
وأيُّ مستكبرٍ يعيا عليكَ إذا
قدتَ الصّعابَ قلا تسألْ عن الذُّلل
خافوكَ حتى تفادَوْا من جَوانِحِهم
فما يُناجُونَها من كثرَة ِ الوَهَل
ما يستقِرُّ لهُمْ رأسٌ على جَسَدٍ
كأنَّ أجسامهمْ يلعبنَ بالقلل
هذا المُعِزُّ وسيْفُ الله في يَدِهِ
فهلْ لأعدائهِ في اللهُ من قبلُ
وهذهِ خيلهُ غراً مسوَّمة ً
يخرجنَ منْ هبواتِ النقعِ كالشُّعل
إذا سَطا بادَرَتْ هامٌ مصارِعَها
كأنّما تتلقى الأرضَ للقبل
مُؤيَّداً باختِيارِ الله يَصْحَبَهُ
وليسَ فيما أراهُ الله من خَلَل
تخفى الجليّة ُ إلاّ عنْ بصيرتهِ
حتى يكونَ صوابُ القولِ كالخَطَل(3/303)
فقد شهِدتُ له بالمُعجِزاتِ كما
شَهِدْتُ لله بالتّوحِيدِ والأزَل
فأبْلِغِ الإنسَ أنّ الجِنَّ ما وألَتْ
منه ولو حارَبَتْهُ الشمسُ لم تَئِل
عَتَوْا فغادرتَ في صَحرائهم رَهَجاً
يمتَدُّ منهُم على الأفلاكِ كالظُّلَل
سرى مع الشهبِ في عليا مطالعها
فكان أولى بأعلى الأفْق من زْحَل
داجٍ وما بحواشي الغَيم من طَحَل
أرْدَتْ سُيوفُك جِيلاً من فَراعِنَة ٍ
لمْ يفتأوا لقديمِ الدّهرِ كالجبل
همُ اسبدُوا بأسلابِ الليوثِ وهم
جَزّوا نواصي أهْلِ الخَيم والحُلَل
من عهد طالوتَ أو من قبله اضطرمتْ
تغلي مراجلهمْ غيظاً على الملل
لقد قصَمتَ من ابنِ الخَزْرِ طاغِية ً
صعبَ المقادة ِ إبّاءً على الجدل
إذ لا يزالُ مُطاعاً في عَشيرِتهِ
تلقى إليهِ أمورُ الزَّيغ والنَّحل
يكادُ يَعصي مَقاديرَ السّماءِ إذا
رمى بعينيهِ بينَ الخيلِ والإبل
حسمتَ منهُ قديمَ الدّاءِ متّصلاً
بالجاهليّة ِ لاهٍ بالعدى هزل
من جاحدي الدِّينَ والحقِّ المنير ومن
عادي الأئِمّة ِ والكُفّار بالرُّسُل
ومنْ جبابرة ِ الدُّنيا الذينَ خلوا
وأنزلَ اللهُ فيهمْ وحيهُ فتلي
أتاكَ يعلوهُ من عصياتهِ خفرٌ
حتى كأنّ بهِ ضَرْباً من الخَجَل
يديرهُ الرُّمحُ مهتزّاً بلا طربٍ
إلى الكتائبِ مفترّاً بلا جذّل
مُرَنَّحاً من خُمار الحَتْفِ صَبَّحَهُ
و ليسَ يخفى مكانُ الشاربِ الثمل
كأنما غضَّ جفنيه الأزومُ على
صَدرِ القَناة ِ أوِ استَحْيا من العَذَل
وما نظرتَ إليهِ كلّما جعلتْ
تمْتَدُّ منه برأسِ الفارسِ الخَطِل
إلاّ تَبَيَّنْتَ سِيما الغَدْرِ بَيّنَة ً
عليهِ والكفرِ للنّعماءِ والغيل
تُصْغي إليه قُطوفُ الهامِ دانِيَة ً
وإنَّ أسماعها عنهُ لفي شغل
برْزٌ بصفحَتِهِ لولا تَقَدُّمُهُ
لمْ يعرف الليثُ بينَ الضَّبِ والورل
إذا التقى رأسهُ علواً وأرؤسهمْ
سُفْلاً رأيتَ أميراً قائمَ الخَوَل
لو كان يُبصرُ مَن لُفّتْ عَجاجتُهُ
رأى حواليهِ آجاماً منَ الأسل
ولو تأملَ منْ ضمّتْ حريبتهُ(3/304)
لقسّمَ الطرفَ بينَ الفجع والثَّكل
لمْ يلقَ جالوتُ من داوودَ ما لقيتْ
شراتهُ منكَ في حلٍّ ورحل
فمِنْ ظُباكَ إلى عَليا قَناكَ إلى
نارُ الجحيمِ فما يخلو منَ النَّقل
قل للبرِيّة ِ غُضّني من عِنانِكِ أو
سيري لشأنكِ ليسَ الجدّ كالهزل
لمْ ألقَ في النَّاسِ مجهولَ البصيرة ِ أو
مُسَوِّفاً نفسَه قولاً بلا عمَل
لم أثْقَفِ المرءَ يَعْصي مَن هداه ومَن
نجّاه من عثراتِ الدَّحْض والزَّلل
قدْ قرَّ كرسيُّ عدنانٍ ومنبرها
بفاتِحِ المُدْن قسراً مؤمن السبُل
من لا يرى العزمَ عزماً يستقادُ لهُ
إذا جبالُ شرورى منهُ لم تزل
من صغّرَ المشرقينِ الأعظمين إلى
من فيهما من مليكِ الأمر أو بطل
وطبّقَ الأرضَ من مصرٍ إلى حلبٍ
خيلاً وَرجُلاً ولفَّ السهْل بالجبل
و أوردتْ خيلهُ ماءَ الفراتِ فما
صدَرْنَ حتى وَصَلْنَ العَلَّ بالنهَل
حتى إذا ضاق ذَرْعُ القوْم وافترقوا
في الذلِّ فِرْقَينِ من بادٍ ومُمتثل
وعادَ طُولُ القَنا في أرضِهمْ قِصَراً
وأنفدوا كلَّ مذخورِ من الحِيَل
ألقوا بأيديهمْ منه إلى سببٍ
بينَ الإله وبينَ النَّاس متّصل
فإن يكُنْ أوْسَعَ الأملاكِ مَغفِرَة ً
فالسيْفُ يسقُطُ أحياناً على الأجَل
وإنْ يكن عقلُ من ناواه مختبلاً
فإنّ للنَّصْلِ عَقلاً غيرَ مُختَبَل
وليسَ ينكرُ من هادٍ لأمّتهِ
غولُ المواحيدِ للبقيا على الجمل
فلا يسغُ للورى إمهالهُ كرماً
فإنّما تُدرَكُ الغاياتُ بالمُهَل
ولا يُسيئَنَّ ذو الذنبِ الظُّنونَ بهِ
إذا استقادَ له في ثوبِ مُنتَصل
فلا عجيبٌ بمن أبقتْ ظباهُ على
ملوكِ مِصرَ أنِ استبقَى ولم يَغُل
فلستَ من سُخطهِ المُردي على خطَرٍ
ما دُمتَ من عَفوِهِ المُحيي على أمَل
لعلَّ حلمكَ أملى للّذينَ هووا
في غيّهمْ بينَ معفورٍ ومنجدل
فلا شفى داءهم إلاّ دواؤهمُ
والسيْفُ نِعْمَ دَواءُ الداء والعِلل
لم يُترَكِ اليومَ منهم غيرُ شِرذِمَة ٍ
لو أنّهم إثمِدٌ ما حُسَّ في المُقَل
لو بعضَ ما باتَ يطوي في جوانحهم(3/305)
يسمو لغيلانَ لم يربع على طلل
فَرغتَ للحج من شُغل الهِياجِ فلوْ
سألتَ مكّة قالتْ هيْتَ فارتحِل
وكانَ في الغربِ داءٌ فاتقاكَ لهُ
برأسِ كلِّ فلانٍ في العدى وفل
فقدْ توطَّدَ أمرُ الملكِ فيهِ وقدْ
نَدَبْتَ نَدْباً إليه غيرَ مُتَّكِل
لمّا شددتَ بعبدِ الهِ عروتهُ
أعززتَ منه مصونَ العرض لم يذل
عرفتَ في كلِّ صنع الله عارفة ً
فما تهمُّ بفعلٍ غيرِ منفعل
ولاختياركَ فضْلُ الوَحي إنّك لا
تأتي المآتي إلاّ من علٍ فعل
مُستهدِياً بدَلِيلِ الله تَتبعُهُ
وقادحاً لزِنادِ الحِكمة ِ الأوَل
وإنْ ملكاً أقرَّ اللهُ قبتهُ
بابنِ الإمامِ لَمُلْكٌ غيرُ منتقِل
لو نازعَ النّجمَ ما أعياه منزلهُ
أو نازَلَ القَدَر المقدورَ لم يُهَل
قد فِئتَ من بركاتِ الأبطحيِّ إلى
ما لا يفيءُ إليه الظِّلُّ في الأُصُل
توالتْ الباقياتُ الصّالحاتُ لهُ
تَواليَ الدِّيَمِ الوكّافة ِ الهَطِل
ألَيسَ أوّلَ ما ساس الأمور أتَتْ
عَفواً بما كان لم يَحسَبْ ولم يَبخَل
فالفَتْحُ من أوَّل النعمى به ولَهُ
عَواقبٌ في بَني مَروانَ عن عَجَل
بريحهِ أردتِ الهيجا بني خزرٍ
وباسمهِ استظهرتْ في الغزو والقفل
فإن تَكِلْهُ إلى ماضي عزائِمِهِ
تكلهُ منها إلى الخطّيّة ِ الذّبل
مهما أقامَ فذو التّاجِ المقيمُ وإن
تَلاكَ رَيثاً فبعدَ المشهدِ الجَلل
وبعد توطيدِ مُلكِ المَشرقينِ لِمَنْ
ثوى وأمْن العذارى البيض في الكِلَل
إذا نَظَرْتَ إليْه نَظْرَة ً دَفَعَتْ
إليك شِبهَكَ في الأشْباهِ لم يفِل
ترى شمائلَ فيهِ منكَ بيّنة ً
لم تنْتَقِلْ لكَ عن عَهدٍ ولم تَحُل
كما رأى الملكُ المنصورُ شيمتهُ
تَبدُو عليك من المنصور قبل تَلي
الآنَ لذِّتْ لنا مصرٌ وساكنها
وللسَّوابِحِ والمَهْرِيّة ِ الذُّمُل
ما مكثنا معشرَ العافين إنّ لنا
في البينِ شغلاً عن اللذّاتِ والغزل
فليتَنَا قد أرَحْنا هَمَّ أنفُسِنَا
أو استراحتْ مطايانا منَ العقل
ليعقدَ التّاجَ هذا اليومُ مفتخراً(3/306)
إن كان تُوِّجَ يوْمٌ سائرُ المَثَل
ألا تَخِرُّ لهُ الأيّامُ ساجِدَة ً
إذْ نالَ مَكرُمَة ً أعيَتْ فلم تُنَل
تكنّفتهُ المساعي فهو يرفلُ من
وَشْيِ الرّبيعِ وَوَشْي المجد في حُلَل
فيهِ الربيعانِ من فصلِ الرّبيعِ ومنْ
وقائع النصر تشفي من جَوى الغُلَل
فقلْ إذا شئتَ في الدُّنيا وبهجتها
وقلْ إذا شئتَ في السّرّاءِ والجذل
ما أخَّرَ الله هذا الفَتحَ منذُ نَما
إلاّ ليَصْحَبَهُ بالعِدَّة ِ الكَمَل
فيَقرنَ الفصْل بالحَفل الجميع ضُحى ً
وتُحْفَة َ الحربِ بالأسلوبِ والنَّفَل
تَجَمَّعَ السَّعْدُ والإبّانُ فاتّفَقَا
وزهرة ُ العيشِ تتلو زهرة َ الأملِ
ومَشهَدُ الملكِ طلقاً والسجودُ إلى
شمسِ الهدى واتّصال الشمس بالحمل
فما تكاملَ من قبلي لمرتقبٍ
إذناً ولا لخطيبٍ ما تكامل لي
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> هل آجِلٌ ممّا أُؤمِّلُ عاجِلُ
هل آجِلٌ ممّا أُؤمِّلُ عاجِلُ
رقم القصيدة : 10838
-----------------------------------
هل آجِلٌ ممّا أُؤمِّلُ عاجِلُ
أرجو زماناً والزمانُ حُلاحِل
وأعَزُّ مفْقُودٍ شبابٌ عائِدٌ
من بعدِ ما ولّى وإلْفٌ واصلُ
ما أحسَنَ الدّنْيا بشَمْلٍ جامَعٍ
لكنّهَا أُمُّ البَنينَ الثّاكِلُ
جرتِ اللّيالي والتّنائي بيننا
أمُّ اللّيالي والتّنائي بيننا هابلُ
إلاّ وكيِرانُ المَطِيِّ وذائل
و كانّما دهرٌ لدهرٍ آكلُ
أعَلى الشّبابِ أم الخليطِ تَلَدُّدي
هذا يفارقني وذاك يزائلُ
في كلِّ يومٍ أستزيدُ تجارباً
كم عالمٍ بالشيْءِ وهو يسائلُ
ما العِيسُ ترحلُ بالقِبابِ حميدة ً
لكنّها عَصْرُ الشبابِ الراحلُ
ما الخمرُ إلاّ ما تعتَّقهُ النّوى
أوْ أُختُهَا ممّا تُعَتِّقُ بابل
فمزاجُ كأسِ البابليّة ِ أولقٌ
و مزاجُ تلك دمُ الأفاعي القاتل
و لقد مررتُ على الدّيارِ بمنعجٍ
و بها الذي بي غيرَ أنّي السائل
فتوافقَ الطّللانِ هذا دارسٌ
في بُرْدَتيْ عَصْبٍ وهذا ماثل
فمحا معالمَ ذا نجيعٍ سافكٌ(3/307)
و محا معالمَ ذا ملثٌّ وابل
يا دارُ أشبهتِ المها فيكِ المها
والسَّرْبَ إلاّ أنّهنَّ مَطافل
نَضحَتْ جوانحَكِ الرْياحُ بلؤلؤ
للطَّلِّ فيه ردعُ مسكٍ جائل
و غدتْ بجيبٍ فيكِ مشقوقٍ لها
نفسٌ تردِّدهُ ودمعٌ هامل
هلاّ كعهدكِ والأراكُ أرائكٌ
و الأثلُ بانٌ والطُّلولُ خمائل
إذ ذلك الوادي قَناً وأسِنّة ٌ
و إذِ الدِّيارُ مشاهدٌ ومحافل
وعوابسٌ وقَوانِسٌ وفَوارِسٌ
و كوانسٌ وأوانسٌ وعقائل
و إذِ العراصُ تبيتُ يسحبُ لأمة ً
فيها ابنُ هيجاءٍ ويصفنُ صاهل
وتَضِجُّ أيْسارٌ ويَصْدَحُ شاربٌ
وتَرِنُّ سُّمارٌ ويَهْدِرُ جامل
بُعْداً للَيْلاتٍ لنا أفِدَتْ ولا
بعدتْ ليالٍ بالغميمِ قلائل
إذ عيشنا في مثلِ دولة ِ جعفرٍ
والعَدْلُ فيها ضاحكٌ والنّائل
نَدعوهُ سيفاً والمنيّة ُ حَدُّهُ
و سنانُ حربٍ والكتيبة ُ عامل
هذا الَّذي لولا بقيّة ُ عدلهِ
ما كان في الدنيا قضاءٌ عادل
لو أشربَ اللَّهُ القلوبَ حنانهُ
أو رِفْقَهُ أحيْا القتيلَ القاتل
ولوَ أنّ كل مُطاعِ قومٍ مثلُه
ما غيَّرَ الدُّولاتِ دهرٌ دائلِ
فكأنّهُنّ على العُيونِ غَياهِبٌ
بشرٌ فليسَ على البسيطة ِ جاهل
يوماهُ طعنٌ في الكريهة ِ فيصلٌ
أبداً وحكمٌ في المقامة ِ فاصل
بطلٌ إذا ما شاءَ حَلّى رُمْحَهُ
بدمٍ وقربَ منهُ رمحٌ عاطل
أعطى فأكثرَ واستَقَلَّ هِباتِهِ
فاسْتَحْيَتِ الأنواءُ وهي هوامل
فاسمُ الغمامِ لديه وهو كَنَهْوَرٌ
آلٌ وأسماءُ البحورِ جداول
وسعتْ لهُ فيها لهى ً وفواضل
إن لجَّ هذا الودقُ منه ولم يفق
عمَّا أرى هذا الصَّبيرُ الوابل
فسينقضي طلبٌ ويفقدُ طالبٌ
وتَقِلُّ آمالٌ ويُعْدَمُ آملُ
شِيَمٌ مَخِيلَتُها السَّماحُ وقَلّما
تهمي سحابٌ ما لهنَّ مخايل
هبَّتْ قبولاً والرِّياحُ رواكدٌ
و أتتْ سماءً والغيومُ غوافل
تسمو بهِ العينُ الطَّموحُ إلى الَّتي
تَفنى الرِّقابُ بها ويفْنى النائل
نَظَرَتْ إلى الأعداءِ أوّلَ نَظْرَة ٍ
فَتَزَايلَتْ منْهُ طُلى ً ومَفاصل(3/308)
وثَنَتْ إلى الدنيا بأُخرى مثلِها
فتقسَّمتْ في النّاَسِ وهي نوافل
لم تخلُ أرضٌ من نداهُ ولا خلا
من شكْرِ ما يولي لسانٌ قائل
وطئَ المحولَ فلم يقدِّمْ خطوة ً
وأكنافُ البِلادِ خَمائِل
ورأى العُفاة َ فلم يَزدْهم لحظة ً
تاتي لهُ خلفَ الخطوبِ عزائمٌ
تذكى لها خلفَ الصَّباحِ مشاعل
وكأنّهُنّ على النّفوسِ حبائل
المُدركاتُ عدْوهُ ولوَ أنّهُ
قمرُ السَّماءِ لهُ النُّجومُ معاقل
و إذا عقابُ الجوِّ هدهدَ ريشها
صعقتْ شواهينٌ لها وأجادل
مَلِكٌ إذا صَدِئَتْ عليهِ دروعُهُ
فلها منَ الهيجاءِ يومٌ صاقل
و إذا الدِّماءُ جرتْ على أطواقها
فمن الدِّماءِ لها طَهورٌ غاسل
مُلِئَتْ قلوبُ الإنسِ منه مهابَة ً
وأطاعَهُ جِنُّ الصَّريمِ الخابل
فإذا سمِعتَ على البِعادِ زَئيرَهُ
فاذهبْ فقد طرقَ الهزبرُ الباسل
لو يدَّعِيهِ غيرُ حيٍّ ناطِقٍ
لغدت أسودُ الغابِ فيهِ تجادل
تَنْسَى له فُرسانَها قيسٌ ولمْ
تظلم وتعرض عن كليبٍ واثل
هَجَماتُ عَزْمٍ ما لهُنّ مُقابلٌ
وجِهاتُ عَزْمٍ ما لهُنّ مُخاتِل
فانهض بأعباءِ الخلافة ِ كلَّها
يَدمَى نَساً منه ويَشْخُبُ فائل
ولقد تكونُ لكَ الأسِنّة ُ مَضْجَعاً
حتَّى كأنَّكَ من حمامكَ غافل
تَغْدو على مُهَج الليوثِ مُجاهِراً
حتَّى كأنَّكَ من بدارِ خاتل
تلكَ الخلافَة ُ هاشمٌ أربابُهَا
و الدِّينُ هاديها وأنتَ الكاهل
هل جاءها بالأمسِ منكَ على النَّوى
يومٌ كيومكَ للمسامع هائل
و سراكَ لا تثنيكَ حدَّة ُ مأتمٍ
رجفٌ نوادبهُ وخبلٌ خابل
وقد التَقَتْ بيدٌ وقطرٌ صائبٌ
ومسالكٌ دُعْجٌ وليلٌ لائل
وجَرَتْ شِعابٌ ما لهُنَّ مَذانبٌ
و طمتْ بحارٌ ما لهنَّ سواحل
تمضي ويتبعكَ الغمامُ بوبلهِ
فكأنّهُ لك حيثُ كنتَ مُساجل
سارٍ كأنَّ قتيرَ درعكَ فوقهُ
كُفَفاً وجُودُ يَدَيكَ منه هامل
ووراءَ سيفكَ مصلِّتاً وأمامهُ
جيشٌ لجيش الله فيه مَنازل
مثعنجرٌ يبرينُ فيهِ وعالجٌ
و الأخشبانِ متالعٌ ومواسل(3/309)
فكأنَّما الهضباتُ منهُ أجارعٌ
و كأنَّما البكراتُ منهُ أصائل
و كأنَّما هوَ من سماءٍ خارجٌ
و كأنَّما هوَ في سماءٍ داخل
فكأنَّما الآفاقُ منهُ خمائل
و الحيرة ُ البيضاءُ فيهِ صوارمٌ
بجميعِهِ طلٌّ وهَذا وابل
و الأسدُ كلُّ الأسدِ فيه فوارسٌ
والأرضُ كل الأرضِ فيه قَساطل
تُطْفي له شعَلَ النجوم أسِنّة ٌ
و يغيِّرُ الآفاقَ منهُ غياطل
كالمزنِ يدلحُ فرعودُ غمائمٌ
في حجرتيهِ والبروقُ مناصل
فدَمٌ كقَطْرٍ صائبٍ لكِنّ ذا
بجميعهِ طلٌّ وذا وابل
فيه المذاكي كلُّ أجْرَدَ صِلدِم
يدمى نساً منهُ ويخشبُ فائل
من طائراتٍ ما لهنَّ قوادمٌ
أو مقرَّباتٍ ما لهنَّ أياطل
فكأنَّما عشمتْ لهنَّ مرافقٌ
وكأنّما زَفَرَتْ لهُنّ مَراكِل
الّلاءِ لا يعرفنَّ إلاّ غارة ً
شعواءَ فهي إلى الكماة ِ صواهل
الَّلاحقاتُ وراءها وأمامها
فكأنَّهنَّ جنائبٌ وشمائل
مُقْوَرَّة ٌ يكْرَعنَ في حوض الردى
وِرْدَ القَطا في البِيدِ وهي نواهل
فالنجدُ في لهواتها والغورُ والفـ
ـلَق المُلمَّعُ والظّلامُ الحائل
والمجدُ يلقى المجْدَ بين فُروجِهَا
ذا راحلٌ معها وهذا قافل
حتَّى أنختَ على الخيامِ إناخة ً
وقطينُهُ فيه أتِيٌّ سائل
يا ربَّ وادٍ يومَ ذاكَ تركتهُ
فاجَأتَهُ مَحْلاً وفجَّرْتَ الطُّلى
فجَرَتْ مَحانِ تحتَه وجداول
ووطِئتَ بينَ كِناسِهِ وعرينِهِ
فأُصيبَ خادِرُهُ ورِيعَ الخاذل
غادرتهُ والموتُ في عرصاتهِ
حقٌّ وتضليلُ الأماني باطل
تَمْكو عليه فرائصٌ وتَرائِبٌ
وتَرِنُّ فيه سواجِعٌ وثواكل
لا النّارُ أذكتْ حجرتيهِ وإنّما
مزعتْ جيادكَ فيه وهي جوافل
لا رأيَ إلاّ ما رأيتَ صَوابَهُ
في المشكلاتِ وكلُّ رأيٍ فائل
لو كان للغَيْبِ المُستَّرِ مُدرِكٌ
في النّاسِ أدركَهُ اللّبيبُ العاقِل
و الحازمُ الدّاهي يكابدُ نفسهُ
أعداءَهُ فتراهُ وهو مُجامل
ويكادُ يَخفَى عن بَناتِ ضميرِهِ
مكتومُ ما هو مُبتَغٍ ومحاول
إذهبْ فلا يعدمك أبيضُ صارمٌ
تَسْطو به قِدْماً وأسمَرُ ذابل(3/310)
لا عرّيتْ منكَ الليالي إنّها
بك حلِّيتْ والذّاهباتُ عواطل
ما العُربُ لولا أنْتَ إلاّ أيْنُقٌ
زمّتْ لطيَّتها وحيٌّّ راحلُ
ما الملكُ دونَ يديكَ إلاّ عروة ٌ
مفصُومَة ٌ وعَمودَ سَمْكٍ مائل
فليتركوا أعلى طريقكَ إنّهُ
لكَ مسلكٌ بين الكواكبِ سابل
قد أُكرِهُ الحافي فمَرّ على الثَّرَى
رَسْفاً وطار على القَتادِ الناّعل
كلُّ الكِرامِ من البَريّة ِ قائِلٌ
في المكرماتِ وأنتَ وحدكَ فاعل
لو أنّ عَدْلكَ للأحِبّة ِ لم تَبِتْ
بالعاشقينَ صبابة ٌ وبلابل
فتركتَ أرضَ الزّابِ لا يأسى أبٌ
لابنٍ ولا تبكي البعولَ حلائلُ
و لقد شهدتَ الحربَ فيها يافعاً
إذ لا بنفسكَ غيرُ نفسكَ صائل
والمُلْكُ يومئِذٍ لواءٌ خافِقٌ
يَلقَى الرّياحَ وليسَ غيرُكَ حامل
فسعيتَ سعيَ أبيكَ وهو المعتلي
وورِثْتَ سيْفَ أبيكَ وهو القاصل
أيّامَ لم تُضْمَم إليكَ مَضارِبٌ
منه ولم تَقْلُصْ عليك حَمائل
فخضبتهُ إذ لا تكادُ تهزُّهُ
حتى تنوءَ بهِ يدٌ وأنامل
وافى بنانَ الكفِّ وهي أصاغرٌ
فسطتْ به الهمّاتُ وهي جلائل
من كان يَكفُلُ شُعْبَة ً من قومِهِ
كرماً فأنتَ لكلِّ شعبٍ كافل
فإذا حللتَ فكلُّ وادٍ ممرعٌ
و إذا ظعنتَ فكلُّ شعبٍ ماحل
وإذا بَعُدْتَ فكُلُّ شيءٍ ناقِصٌ
وإذا قَرُبْتَ فكلُّ شيءٍ كامل
خلقَ الإلهُ الأرضَ وهي بلاقعٌ
ومكانُ مَا تَطَأونَ منها آهِل
وبرا الملوكَ فجادَ منهم جعفَرٌ
و بنو أبيهِ وكلُّ حيٍّ باخل
لو لم تَطيِبُوا لم يَقِلَّ عَديدُكُم
وكذاكَ أفْرادُ النُّجومِ قلائل
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> وأبْيَضَ من ماءِ الحديدِ كأنّما
وأبْيَضَ من ماءِ الحديدِ كأنّما
رقم القصيدة : 10839
-----------------------------------
وأبْيَضَ من ماءِ الحديدِ كأنّما
يبيتُ عليه من خشونتهِ طلُّ
ألا ثكلتْ أمُّ امرئٍ هو بزُّهُ
إذا لم يفارقْ عزَّ أيّامهِ الذُّلُّ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> هنالكَ عهدي بالخليطِ المزايلِ(3/311)
هنالكَ عهدي بالخليطِ المزايلِ
رقم القصيدة : 10840
-----------------------------------
هنالكَ عهدي بالخليطِ المزايلِ
و في ذلكَ الوادي أصيبتْ مقاتلي
فلا مثلَ أيّامٍ لنا ذهبيّة ٍ
قصيرة ِ أعمارِ البقاءِ قلائل
إذِِ الشَّملُ مجموعٌ بمنزلِ غبطة ٍ
و دارِ أمانٍ من صروفِ الغوائل
ليَاليَ لم تأتِ اللّيالي مَساءتي
ولم تَقْتَسِمْ دَمْعي رُسومُ المنازل
و أسماءُ لم يبعدْ لهجرٍ مزارها
و لم تتقطَّعْ باقياتُ الرّسائل
ألا طرقتْ تسري بأنفاسِ روضة ٍ
وأعْطافِ مَيّاسِ من البانِ ذائل
فيا لكَ وحشيّاً من العينِ شارداً
أتيحَ لإنسيٍّ ضعيفِ الحبائل
أأسماءُ ما عهدي ولا عهدُ عاهدٍ
بخدركِ يسري في الفيافي المجاهل
فإنّكِ ما تَدرينَ أيَّ تَنائِفٍ
قطعتُ بمكحولِ المدامعِ خاذل
تأوَّبَ مُرخَاة ً عليه سُنُورُهُ
هِدُوءاً وقد نامَتْ عيونُ العَواذل
و إنّي إذا يسري إليَّ لخائفٌ
عليه حبالاتِ العيونِ الحوائل
أغارُ عليْهِ أن يُجاذبَهُ الصِّبَا
فُضُولَ بُرُودٍ أو ذُيولَ غلائل
و قد شاقني إيماضُ برقٍ بذي الغضى
كما حُرِّكتْ في الشمس بيض المناصل
إذا لم يَهِجْ شوْقي خَيالٌ مُؤرِّقٌ
تَطَلّعَ من أُفقِ البُدورِ الأوافِل
و ما النَّاسُ إلاّ ظاعنٌ ومودِّعٌ
وثاوٍ قريح الجفنِ يبكي لراحل
فهل هذه الأيّامُ إلا كما خَلا
وهل نحنُ إلاّ كالقُرُونِ الأوائل
نُساقُ من الدّنيا إلى غيرِ دائِمٍ
و نبكي من الدنيا على غيرِ طائل
فما عاجِلٌ تَرْجوه إلاّ كآجِلٍ
و لا آجلٍ نخشاه إلاّ كعاجل
فلو أوطأتني الشمسَ نعلاً وتوَّجتْ
عِبِدّايَ تِيجانَ المُلوكِ العباهِل
ولو خُلِّدَتْ لم أقضِ منْها لُبانَة ً
و كيفَ ولم تخلدْ لبكرِ بن وائل
لقومٍ نموا مثلَ الأميرِ محمَّدٍ
ففاؤوا كما فاءتْ شموسُ الأصائل
وإنّ بهِ منهُمْ لكُفْواً ومَقْنعاً
و لكنّنا نأسى لفقدِ المقاول
إذا نحنُ لم نجزعْ لمن كان قبلنا
لَهِوْنَا عن الأيّام لَهْوَ العقائل
و لكن إذا ما دامَ مثلُ محمّدٍ(3/312)
ففي طيِّ ثوبيهِ جميعُ القبائل
تسلَّ به عمّنْ سواه ومثلهُ
يريكُ أباه في صدورِ المحافل
و إنّ ملوكاً أنجبتْ لي مثلهُ
أحقُّ بني الدنيا بتأبينِ عاقل
ولو زِيدَ فِيها مثلُ ذَرع الحَمائل
و هم خيرُ حافٍ في البلاد وناعل
لهم من مساعيهمْ دروعٌ حصينة ٌ
تُوَقّيهِمُ من كلِّ قوْلٍ وقائل
وهم يتَقُونَ الذَّمَّ حتى كأنّهُ
ذُعافُ الأفاعي في شِفارِ المناصل
وحقَّ لهم أن يتقوه فلم تكنْ
تُصابُ بهِ الأعراضُ دونَ المَقاتل
أولئك لا يحسنُ الجودَ غيرهم
ولا الطعنِ شزراً بالرماحِ الذوابل
فلم يَدْرِ إلاّ الله ما خُلُقُوا لهُ
ولا ما أثاروا من كُنوزِ الفضائل
شبيهٌ بأعلامِ النُّبوَّة ِ ما أرى
لهم في النَّدى من مُعجزاتِ الشَّمائل
أجلّك عز الله ذكركَ فارساً
إذا صرَّ آذانُ الجيادِ الصواهل
وما لسيوفِ الهندِ دونَك بَسْطَة ٌ
ولو زيدٌ فيها مثلَ زرعِ الحمائل
ترشفها في السلمِ ماءَ جفونها
فتَجزأُ عن ماء الطُلى والبآدل
وتَقلِسُ مِنْ رِيٍّ إذا ما أمَرْتَها
بتصد يعِ هاماتٍ وفتقِ أباجل
فلا تتبعْ الحسادَ منك ملامة ٌ
فما شرفُ الحسّادِ منك بباطل
وكم قد رأينَا من مَسُولٍ وسائِلٍ
قديماً ومن مَفضُولِ قومٍ وفاضل
فكُلُّهُمُ يَفْديكَ من مُتَهلِّلٍ
إلى المجتدي العافي وأربدَ باسل
تقيكَ دماءُ القرنِ من متخمِّطٍ
على القِرنِ مشبوحِ اليدين حُلاحِل
ضَمِينٌ بلَفِّ الصّفِّ بالصّفِّ كلما
تَبَاعَدَ ما بينَ الكلى والعوامل
تُؤنِّسُهُ الهَيجا ويُطرِبُ سَمعَهُ
صريرُ العَوالي في صُدورِ الجَحافل
هو التّاركُ الثثغْرَ القصيَّ دروبهُ
مَقَرّاً لفُسطاطٍ وداراً لنازل
فعارِضُهُ الأهْمَى لأوّلِ شائِمٍ
ودِرَّتُهُ الأولى لأوّلِ سائل
تَجودُكَ مِن يُمْناهُ خمسة ُ أبحُرٍ
تفيضُ دِهاقاً وهي خمسُ أنامل
عطاءٌ بلا منٍّ يكددِّرُ صفوهُ
فليسَ بمنّانٍ وليسَ بباخل
ترى الملكَ المخدومَ في زيّ خادمٍ
حواليهِ والمأمولَ في ثوبِ آمل
كأنا بنوه أهلهُ وعشيرهُ(3/313)
يُرَشِّحُنَا بالمَأثُراتِ الجلائل
يُطيفُ بطلق الوجهِ للعُرْفِ قائلٍ
وبالعرفِ أمّارٍ وللعرفِ فاعل
بمبسوط كفِّ الجودِ للرّزقِ قاسمٍ
ومسلولِ سيفِ النصرِ للدين شامل
فتى ً كلُّ سعيٍ من مساعيهِ قِبلة ٌ
يصلّي أليها كلُّ مجدٍ ونائل
وفي كلّ يومٍ فيهِ للشعرِ مذهبٌ
على أنّهُ لم يبقِ قولاً لقائل
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> لي صارمٌ وهو شيعيٌّ كحامِلِهِ
لي صارمٌ وهو شيعيٌّ كحامِلِهِ
رقم القصيدة : 10841
-----------------------------------
لي صارمٌ وهو شيعيٌّ كحامِلِهِ
يكادُ يسبِقُ كَرّاتي إلى البَطَلِ
إذا المُعِزُّ مُعِزُّ الدّينِ سَلّطَهُ
لم يَرْتَقِبْ بالمَنايا مُدّة َ الأجَل
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> هو السيفُ سيف الصَّدق أمّا غرارهُ
هو السيفُ سيف الصَّدق أمّا غرارهُ
رقم القصيدة : 10842
-----------------------------------
هو السيفُ سيف الصَّدق أمّا غرارهُ
فعضبٌ وأمّا متنهُ فصقيل
يَشِيعُ لهُ الإفْرِنْدُ دَمعاً كأنّمَا
تذكّرَ يومَ الطَّفِّ فهو يسيل
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> سقتْني بما مجّتْ شفاهُ الأراقمِ
سقتْني بما مجّتْ شفاهُ الأراقمِ
رقم القصيدة : 10843
-----------------------------------
سقتْني بما مجّتْ شفاهُ الأراقمِ
وعاتبني فيها شفارُ الصَّوارم
عَدَتنيَ عنها الحرْبُ يُصرَفُ نابها
وصلصالُ رعدٍ في زئيرِ الضَّراغم
فكيفَ بها نجديَّة ً حال دونها
صَعاليكُ نجْدٍ في مُتون الصَّلادم
أتى دونَها نَأيُ المزارِ وبُعْدُهُ
وآسادُ أغْيالٍ وجِنُّ صَرائم
وأشْوَسُ غَيرانٌ عليها حُلاحِلٌ
طويلُ نجاد السيْفِ ماضي العزائم
ولو شِئْتُ لم تبْعُدْ عليّ خِيامُها
ولو طُنِّبتْ بينَ النجومِ العواتم
وباتَ لها منّي على ظَهْرِ سابِحٍ
أشمُّ أبيُّ الظُّلمِ من آلِ ظالم
وأسْهَرَهَا جَرُّ الرّماحِ على الثرى
بأيدي فُتُوِّ الأزدِ صُفْرِ العمائم
فهل تبلغنّيها الجيادُ كأنّها(3/314)
أعِنّتُها من طولِ لوكِ الشّكائم
منَ الأعوجيّاتِ التي ترزقُ الغنى
وتَضْمَنُ أقواتَ النُّسورِ القشاعم
من اللاّءِ هاجتْ للنّوى أريحيّتي
وهزَّتْ إلى فُسْطاط مصرَ قَوادمي
فشيَّعتُ جيشَ النصرِ تشييَع مُزمعٍ
وودّعتهُ توديعَ غيرِ مصارم
وقد كدتُ لا ألوي على من تركتهُ
ولكنْ عداني ما ثنى من عزائمي
ولو أنّني استأثرتُ بالإذنِ وحدهُ
لسرتُ ولم أحفلْ بلومة ِ لائم
طربتُ إلى يومٍ أوفّيهِ حقّهُ
ليعلمَ أهلُ الشعرِ كيفَ مُقاومي
أصبُّ إلى مصرٍ لساعة ِ مشهدٍ
يَعَضُّ لها غُيّابُها بالأباهم
فإنْ لم أُشاهِدْ يومَها مِلْءَ ناظري
أُشاهِدْهُ ملءَ السمْع ملء الحيازم
وقد صَوّرَتْ نفسي ليَ الفتحَ صورة ً
وشامتهُ لي من غيرِ نظرة ِ شائم
كذاك إذا قام الدليلُ لذي النهى
على كونِ شيءٍ كانَ ضربة َ لازم
على أنّي قَضّيْتُ بعض مآربي
وأقرَرتُ عيني بالجيوشِ الخَضارم
وآنَسْتُ من أنصارِ دولة هاشمٍ
جحاجحة ً تسعى لدولة ِ هاشم
ويَمّمْتُ في طُرْق الجهاد سبيلَهم
لأصْلى كما يَصْلَونَ لفحَ السمائم
وفارقتُهم لا مُؤثِراً لفراقهم
ولا مستخفاً بالحقوقِ اللوازم
فللّهِ ما ضمَّ السرادقُ والتقتْ
عليه ظلالُ الخافقاتِ الحوائم
فثمّ مصابيحُ الظّلام وشيعة ّ ال
إمامِ وأسدُ المأزقِ المتلاحم
وفي الجيش مَلآنٌ به الجيشُ باسطٌ
يديهِ بقسطاطٍ من العدلِ قائم
مدبِّرُ حربٍ لا بخيلٌ بنفسهِ
عليها ولا مُستأثِرٌ بالغنائِمِ
ولا صارفٌ راياته عن محاربٍ
ولا ممسكٌ معروفهُ عن مسالم
وللصّارخِ الملهوفِ أوّلُ ناصرٍ
وللمترفِ الجبّارُ أولُ قاصمٍ
فلا عبْقَرِيٌّ كان أو هو كائِنٌ
فرى فريهُ في المعضلاتِ العظائم
كذلك ما قاد الكتائبَ مثلُهُ
لإنصافِ مظلومٍ ولا قمعِ ظالم
ولم يتجمّعْ لامرئ كان قلبهُ
خضابُ العوالي واجتنابُ المآثم
رضاكَ ابنَ وحيِ اللهِ عنه فإنّهُ
رعى أولياءَ اللهِ رعيَ السوائم
إذا اختلفوا في الأمرِ ألّفَ بينهُم
طبيبٌ بأدواءِ النفوسِ السّقائم(3/315)
فلا رأيه في حالة ٍ يتبعُ الهوى
ولا سمعهُ مستوقفٌ للنّمائم
جزتهُ جوازي الخيرِ عنهمْ فأنّهُ
سَقاهم بشُؤبوبٍ من العدلِ ساجم
فقد سارَ فيهمْ سيرة ً لم يسرْ بها
من الناس إلاّ مثلُ كعبٍ وحاتم
أفاءَ عليهم ظلَّ أيامكَ التي
زُهِينَ بأيّامِ العُلى والمكارم
وما غال جيشَ الشرْق قبلَكَ غائلٌ
ولا سِيّما بعدَ العَطايا الجسائم
وبعدَ صلاتٍ ما رأى الناسُ مثلها
ولا حُدِّثوا في السالفِ المُتقادم
أولئك قوْمٌ يَعْلَمُ الله أنهم
قد اقتسموا الدّنيا اقتسامَ المغانم
فكم ألفِ ألفٍ قد غدوا يطأونها
بأقْدامِهِمْ وطءَ الحصَى بالمناسِم
ولو كنْتُ ممّن يَسْتريبُ عِيانَهُ
ويدركهُ فيما رأى وهمُ واهم
لحدّثتُ نفسي انّني كنتث حالماً
وإن لمْ أكُنْ فيما رأيتُ بحالم
فلا يسألنّي من تخلَّفَ عنهمُ
فيَقْرَعَ في آرائهِ سِنَّ نادم
لعمري همُ أنصارُ حقّ ٍ وكلُّهمْ
من المجْدِ في بيتٍ رفيعِ الدعائم
لقد أظهروا من شكرِ نعمة ِ ربِّهم
وقائِدِهم ما لسْتُ عنه بنائم
وإنّيَ قد حُمِّلْتُ منهم نَصائحاً
كرائم تُهْدَى عن نفوسٍ كرائم
إليكَ اميرَ المؤمنينَ حملتها
ودائعُ كالأموالِ تحتَ الخواتم
شَهِدْتُ بما أبْصَرتُه وعلِمْتُهُ
شهادَة َ بَرٍّ لا شَهَادَة َ کثِم
فقمتُ بها عن ألسنِ القوم خطبة ً
إذا ذُكِرَتْ لم تُخزِهم في المواسم
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أما والمَذاكي يَلُكْنَ الشُّكُمْ
أما والمَذاكي يَلُكْنَ الشُّكُمْ
رقم القصيدة : 10844
-----------------------------------
أما والمَذاكي يَلُكْنَ الشُّكُمْ
و ضربِ القوانسِ فوقَ البهم
ووقعِ الصِّعادِ وحرِّ الجلادِ
إذا ما الدّماءُ خضبنَ اللِّمم
يميناً لأنتَ مليكُ الملوكِ
فمن شاءَ خصّ ومن شاء عمّ
وإنّي لأعْجَبُ من خَلّتَيينِ
جودِ يديكَ وبخلِ الأمم
فعانٍ يرجّي لديكَ الفكاك
وعافٍ يَشيمُ لديك الدِّيَم
فمن أين ساروا فأنتَ السّبيلُ
ومن أينَ ضَلّوا فأنْتَ العَلَم(3/316)
ويَأبَى لك الذّمَّ طِيبُ النِّجارِ
وطِيبُ الخِلالِ وطِيبُ الشِّيَم
خُلِقْتَ شِهاباً يُضيءُ الخُطوبَ
ولستَ شِهاباً يُضيءُ الظُّلَم
فلو كنتَ حيثُ نجومُ السماءِ
لما كانَ في الأرض رزقٌ قسمِْ
كَرُمْتَ فكنْتَ شَجى ً للكِرامِ
فلم تتركِ القطرَ حتى لؤم
فأشبهكَ البحرُ إن قيلَ ذا
غِطَمٌ وِذا جَوادٌ خِضَمّ
و اخطأكَ الشّبهُ إنْ قيلَ ذا
أُجاجٌ وهذا فُراتٌ شَبِم
إذا لم يكن منهلاً للورودِ
فلا خيرَ في موجهِ الملتطم
رأيتُكَ سيْفَ بَني هَاشمٍ
وخيرُ السّيوفِ اليماني الخذم
فلو كنتَ حاربتَ جندَ القضاء
و أنتَ على سابحٍ لانهزم
ولو أنّ دَهرَكَ شخصٌ تَراهُ
لتسطوبه فاتكاً ما سلم
إلى جَعْفَرٍ يَتَنَاهَى المديحُ
وفِيهِ تُثيرُ القَوافي الحِكَم
فَسلْ ظَمِىء َ التُّرْبِ عن نَيلِهِ
وحَسبُكَ مِنْ عالِمٍ ما عَلِم
هو استنّ للرّيحِ هذا الهبوبَ
وَرشّحَ ذا العارِضَ المُرتكِم
فما همتِ المزنُ حتى همى
ولا ابْتَسَمَ البَرْقُ حتى ابتَسَم
وليسَ رِشاءٌ وإنْ مُدّ مِن
رشاءٍ ولا وَذَمٌ مِن وَذَم
عَفافُ يدي وعُلُوُّ الهِمَم
بمُزْنٍ ولا كُلّ يَمٍّ بيَمّ
ولا كلّ ما في أكُفٍّ ندى ً
ولا كل ما في أُنوفٍ شَمَم
فأقسمُ لو أنّ عصرَ الشّبابِ
كأيّامِهِ لأمِنّا الهَرَم
هو الواهِبُ المُقرَباتِ الجِيادَ
صواهلَ واليعملاتِ الرُّسمُ
إلى كلّ عَضْبٍ رقيقِ الفِرِنْدِ
ومُطّرِد الكَعْبِ لَدْنٍ أصَمّ
ومسرودَة ٍ مثلِ نَسْجِ السّرابِ
ترقرقُ فوقَ الكميِّ العمم
و بيضة ِ خدرٍ تجرُّ الذّيولَ
كما أتلَعَ الخِشْفُ لمّا بَغَم
وبَدْرَة ِ ألفٍ يمَانِيّة ٍ
يُحَيّي الوفودُ بها بَدْرَ تَمّ
ولم أرَ أنْفَذَ من كُتْبِهِ
إذا جعلَ السّيفُ حيثُ القلم
لَعَمْري لقد مَزَعَتْ خَيلُهُ
و أنعلهنّ خدودُ الأكم
و لا نسيَ العفوَ لمّا انتقم
فلوْ أبْصَرَتْ وائِلٌ يومَهُ
لمَا عَدّدَتْ فارساً من جُشَمْ
غداة َ رمى المعشرَ المارقينَ
بصَمْاءَ تُوقَصُ منها القِمَم(3/317)
وذي لَجَبٍ يَرتَدي بالقَنَا
و يعثرُ في العثيرِ المدلهمّ
وباتُوا يُرِيحُونَ كُومَ اللّقاحِ
فأضحى بحيثُ الرُّغاءُ الزّئيرُ
وحالَتْ بحيْثُ الخيامُ الأجَم
و أعطى القبيلَ سوامَ القتيلِ
بما فيهِ من وبرٍ أو نعم
فلو ناقَة ٌ عندَ ذاكَ انْثَنَتْ
لتروي فصيلاً لجادتْ بدم
فمنْ حاتمٌ ثكلوا حاتماً
ومَنْ هَرِمٌ حيثُ عدّوا هَرِم
إذا هو أعطى البعيرَ الفريدَ
برمّتهِ ... ظنّ أنْ قد كرم
وأنْتَ رأيْتُكَ تُعْطي الألوفَ
فَتَنْهَبُ نَهْباً ولا تَقْتَسِم
و كان إذا ما قرى بكرة ً
تَفَرّدَ بالجُودِ فيما زَعَم
و أنتَ تجودُ بمثلِ البكارِ
من التّبرِ في مثلها منْ أدم
إذا عربٌ لم تكنْ في الصّميمِ
فلوْ نُسِبَتْ يَمَنٌ كُلّها
إليكَ لقنا لها لا جرم
بحَيْثُ الأكُفُّ طِوالٌ إلى
مآربها والعرانينُ شمّ
إنك من مَعشَرِ طِفْلُهُمْ
يُتوَّجُ قبلَ بلوغِ الحُلُم
و يسمو إلى المجدِ قبلَ الفطامِ
فكيْفَ يكونُ إذا ما فُطِم
مُلُوكُ المُلوكِ وأبْناؤهَا
وفوْقَ الهَوادي تكونُ القِمَم
تَشَيّعَ فيكُمْ لِساني ومَنْ
تَشَيَع في قَولِهِ لم يُلَم
فَلَسْتُ أُبالي بأيٍّ بَدَأتُ
بفخري بكمْ أو بمدحي لكم
فإنْ طفقتْ والهٌ بيننا
تحنُّ حنيناً فتلكَ الرّحم
هل اللؤلؤ الرّطْبُ إلاّ الّذي
نظَمْتُ لكُمْ عِقدَهُ فانتظَم
قوافٍ لسؤددكمْ تقتنى
قصرنَ عليكمْ كأنّ الشّآمَ
و أرضَ العراقِ عليها حرم
تكنّفتموني فلمْ أضطهدْ
وأعْزَزْتُمُوني فلمْ أُهْتَضَم
ففي ناظري عن سِواكم عَمى ً
وفي أُذُني عن سواكمْ صَمَم
فشَمْلي بشَمْلِكُمُ جامِعٌ
و شعبي بشعبكمُ ملتئم
فلا انفصمتْ عروة ٌ بيننا
إذا ما العرى جعلتْ تنفصم
أبا أحْمَدٍ دعوة ً حُرّة ً
لحرِّ المواثيقِ حرَّ الذّمم
حَمِدتُ لقاءَكَ حَمْدَ الرّبيع
وشِمْتُ نَوالَكَ شَيْمَ الدّيَم
و ما الغيثُ أولى بأنْ يستهلّ
و ما الغيثُ أولى بأن ينسجم
و من حقّ غيريَ أن يجتدي
ومن حقّ مثليَ أن يحتكم
وأنْتَ مَلِيٌّ بدُورّ الفِعالِ(3/318)
و إنّي مليٌّ بدرّ الكلم
وحَسْبُكَ منْ هِبْرِزِيٍّ لَهُ
على كُلّ عُضْوٍ لسانٌ وفَم
و لم أرَ مثلَ جزيلِ الثّناءِ
مُكافَأة ً لجَزيلِ النِّعَم
خرستُ ولي منطقُ العالمينَ
فقل الفصيحُ جميلُ البكم
فلو أنّ حدّي كهامٌ نبا
ولو أنّ ذِهْني كليلٌ سَئِم
أذُمّ إليكَ اعْتِوارَ الخُطوبِ
و صرفَ الحواذثِ فيما أذمّ
و ممّا اعانَ عليّ الزّمانَ
فلا بالعجولِ ولا بالملولِ
و لا بالسَّؤوالِ ولا المغتنم
وإنّي وإنْ تَرَني قابِضاً
جَناحي إليّ كَظِيماً وَجِم
أُقَلّلُ مِنْ هَفَوَاتِ المَزَارِ
وأُبْدي الغِناءَ وأُخفي العَدَم
فإنّي من العربِ الاكرمينَ
وفي أوّلِ الدّهْرِ ضاعَ الكَرَم
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> يا خيرَ ملتحفٍ بالمجدِ والكرمِ
يا خيرَ ملتحفٍ بالمجدِ والكرمِ
رقم القصيدة : 10845
-----------------------------------
يا خيرَ ملتحفٍ بالمجدِ والكرمِ
و أفضلَ النّاسِ من عربٍ ومن عجمٍ
يا ابنَ السَّدَى والنّدى والمعْلُوماتِ مَعاً
والحِلمِ والعلمِ والآدابِ والحِكَم
لو كُنْتُ أُعْطَى المُنى فيما أُؤمّلُهُ
حَملْتُ عنك الذي حُمّلتَ من ألم
وكنْتُ أعْتَدُّهُ يَداً ظفِرْتُ بهَا
من الايادي وقسماً أوفرَ القسم
حتى تَرْوحَ مُعافَى الجسمِ سالِمَهُ
وتسْتَبِلَّ إلى العَلْياءِ والكرم
الله يَعْلَمُ أني مُذْ سمِعتُ بما
عراكَ لم أغتمضْ وجداً ولم أنم
فعند ذا أنا مدفوعٌ إلى قلقٍ
ومرّة ً أنا مصروفٍ إلى سدم
أدعوا وطوراً أُجيلُ الوجهَ مبتهلاً
على صَعِيدِ الثّرى في حِندِس الظُّلَم
وكيف لا، كيف أن يخطُو السقامُ إلى
منْ في يديهِ شفاءُ الضُّرّ والسَّقم
إلى الهُمامِ الذي لم تَرْنُ مقلتُهُ
إلاّ إلى الهممِ العظمى من الهمم
أجرى الكرامِ إلى غاياتِ مكرمة ٍ
أجَلْ وأمْضَاهُمُ طُرّاً حُسامَ فم
إيهاً لعاً لك يا ابنَ الصِّيدِ من ألَمٍ
و لا لعاً لأناسٍِ مظلمي الشَّيم
قوْمٌ تَعَرَّوا من الآدابِ واتّشَحوا(3/319)
مرادي اللؤمِ والإخلافِ للذِّمم
مِنْ كلّ أنْحَلَ في معقولِهِ خَوَصٌ
صفْرٍ من الظُّرْفِ مسلوبٍ من الفَهَم
كأنّهُ صنمٌ من بعدِ فطنتهُ
وما التنفُّسُ معهودٌ من الصّنم
ولا زلْتَ تسحبُ أذيالَ النّدى كَرماً
في نعمة ٍ غيرِ مزجاة ٍ من النِّعم
ما نمنمَ الرّوضُ أو حاكتْ وشائعهُ
أيدي السحابِ الغوادي الغُرِّ بالدِّيَم
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> تظلّمَ منّا الحبُّ والحبُّ ظالمُ
تظلّمَ منّا الحبُّ والحبُّ ظالمُ
رقم القصيدة : 10846
-----------------------------------
تظلّمَ منّا الحبُّ والحبُّ ظالمُ
فهل بينَ ظلامينَ قاضٍ وحاكم
في البينِ حرفٌ معجمٌ قد قرأتهُ
على خدّها لو أنّني منه سالم
وقد كانَ فيما أثّرَ المِسكُ فوقَهُ
دلِيلٌ ومن خَلْفِ الحِدادِ المآتم
لَياليَ لا أوي إلى غَيرِ ساجِعٍ
ببينكِ حتى كلُّ شيءٍ حمائم
و لمّا التقتْ ألحاظنا ووشاتنا
و أعلنَ سرُّ الوشيِ ما الوشيُ كاتم
تأوّهَ إنسيٌّ منَ الخدر ناشجٌ
فأسْعَدَ وَحْشيٌّ من السَّدْرِ باغم
و قالت: قطاً سارٍ سمعتُ حفيفهُ
فقلتُ: قلوبُ العاشقِينَ الحوائم
سَلُوا بانَة َ الوادي أأسماءُ بانَة ٌ
بجَرعائِهِ أمْ عانِكٌ مُتَراكم
وما عَذُبَ المِسواكُ إلاّ لأنّهُ
يقبَّلها دوني وإنّي لراغم
و قلتُ لهُ صفْ لي جنى رشفاتها
فألثَمَني فاها بمَا هو زاعم
إذا خُلّة ٌ بانَتْ لَهَوْنا بذِكْرِهَا
وإنْ أقفَرَتْ دارٌ كَفَتنا المَعالم
و قد يستفيقُ الشَّوقُ بعد لجاجهِ
و تعدى على البهم العتاقِ الرواسم
خليليّ هبّا فانصراها على الدُّجى
كتائبَ حتى يهزمَ الليلَ هازم
وحتى أرى الجَوزاءَ تنثُر عِقدَهَا
و تسقطُ من كفّ الثريّا الخواتم
وتغْدُو على يحيَى الوُفودُ ببابِهِ
كما ابْتَدَرَتْ أُمَّ الحَطيم المَواسم
فتى المُلْكِ يُغْنِيهِ عن السيْفِ رأيُهُ
و يكفيهِ من قودِ الجيوش العزائم
فلا جُودَ إلاّ بالجَزيلِ لآمِلٍ
و لا عفو إلاّ أن تجلّ الجرائم(3/320)
أخو الحربِ وابنُ الحربِ جرّ نجاده
إليها وما قدّتْ عليه التّمائم
أمثلهُ في ناظرٍ غيرِ ناظري
كأنّيَ فيما قد أرى منه حالم
و ليس كما قالوا المنيّة ُ كاسمها
ولكنّها في كفّهِ اليومَ صارم
و يعدلُ في شرقِ البلادِ وغربها
على أنّهُ للبيضِ والسُّمرِ ظالم
تشكَّينَ أن لاقينَ منه تقصَّداً
فأينَ الذي يَلقى الليوثُ الضراغم
ولو أنّ هذا الأخرسَ الحيَّ ناطِقٌ
لصلّتْ عليكَ المقرباتُ الصَّلادم
و ما تلكَ أوضاحٌ عليها وإن بدتْ
و لكنَّها حيتكَ عنها المباسم
تمشّتْ شموسٌ طلقة ٌ في جلودها
وضمتْ على هوجِ الرياح الشكائم
تُعرِّضُها للطّعْنِ حتى كأنّها
لها من عداها أضلعٌ وحيازم
وتطعنهم لم تعدُ نحراً ولبة ً
كأنّكَ في عقدٍ من الدُّرّ ناظم
وكم جَحفلِ مَجْرٍ قرعتَ صَفاتَهُ
بصاعقَة ٍ يَصْلي بها وهي جاحم
أتَتكَ به الآسادُ تُبْدي زئيرَهَا
فطارتْ به عن جانبيكَ القشاعم
أتوكَ فما خرّوا إلى البيض سجّداً
ولكنّما كانَتْ تَخرُّ الجماجم
ولو حاربتكَ الشمسُ دونَ لقائهم
لأعْجَلَها جُنْدٌ من الله هازم
سبقْتَ المَنَايا واقعاً بنفوسِهِم
كما وقعَتْ قبلَ الخوافي القوادم
تَقودُ الكُماة َ المُعْلِمينَ إلى الوَغَى
لهمْ فوقَ أصواتِ الحديد هَماهم
غدوا في الدّروعِ السابغاتِ كأنّما
تُدِيرُ عُيوناً فوقهُنّ الأراقم
فليسَ لهم إلاّ الدّماءَ مَشَاربٌ
وليسَ لهمْ إلاّ النفوسَ مطاعم
يودّونَ لو صيغتْ لهم من حفاظهمْ
وإقدامهم تلكَ السّيوفُ الصّوارِمُ
ولو طعنتْ قبلَ الرّماحِ أكفُّهمْ
ولو سبقتْ قبل الأكفّ المعاصمُ
رأى بكَ ليثُ الغابِ كيفَ اختضابه
من العَلَقِ المُحمَرِّ والنّقعُ قاتِمُ
وجرّأتهُ شبلاً صغيراً على الطُّلى
فهل يشكرنّ اليومَ وهوَ ضبارمُ؟
وعلّمتهُ حتى إذا ما تمهّرتْ
بهِ السِّنُّ قلْتَ اذهبْ فإنّك عالم
ستفخرُ أنّ الدّهرَ ممّنْ أجرتهُ
وأنّ حَيَاة َ الخلْقِ ممّا تُسالم
وأنّكَ عن حقّ الخلافة ِ ذائدٌ
وأّنك عن ثغرِ الخلافة ِ باسم(3/321)
وأنّكَ فتَّ السابقينَ كأنّما
مساعيك في سوقِ الرّجالِ أداهم
مَرَيْتَ سِجالاً من عِقابٍ ونائلٍ
كأنّكَ للأعمارِ والرّزقِ قاسم
وأمّنْتَ من سُبْلِ العُفاة َ فجدَّعتْ
إليك أُنوفَ البِيدِ وهي رواغم
وأدنيتَها بالإذنِ حتى كأنّما
تَخَطَتْ إليكَ السيْفَ والسيْفُ قائم
وتنْظُرُ عُلْواً أينَ منكَ وُفودُها
كأنّكَ يومَ الركبِ للبرقِ شائم
فلا تخذلِ البدرَ المنيرَ الّذي بهِ
سروا فله حقُّ على الجودِ لازم
أيأخذُ منه الفجرُ والفجرُ ساطعٌ
ويثبتُ فيه الليلُ والليلُ فاحم
علوتَ فلولا التاجُ فوقك شكَّكتْ
تميمُ بنُ مُرٍّ فيكَ أنّك دارم
وجدتَ فلولا أنْ تشرّفَ طيّءٌ
لقد قال بعضُ القوم إنّكَ حاتم
لك البيتُ بيتُ الفخرِ أنتَ عمودهُ
وليس له إلاّ الرّماحَ دعائِم
أنافَ به أنْ ليس فوقكَ بالغٌ
وشيّدهُ أنْ ليسَ خلفكَ هادم
وما كانتِ الدّنيا لتحملَ أهلها
ولكنّكم فيها البحورُ الخَضارم
فمَهْلاً فقد أخرستمُونَا كأنّما
صَنائعُكُمْ عُرْبٌ ونحنُ أعاجِم
فلا زالَ مُنهَلٍّ من المجدِ ساكبٌ
عليكَ ومرفضٌّ من العزّ ساجمُ
فثمّ زمانٌ كالشبيبة ِ مذهبٌ
وئمّ ليالٍ كالقدودِ نواعمُ
وللهِ درُّ البينِ لولا خليفة ٌ
تخلّفني عنكم وحَبْلٌ مُداوِمُ
ودَرُّ القُصورِ البِيضِ يَعمُرُ مُلكَها
ملوكُ بني الدّنيا وهنّ الكَرائِمُ
وأنتَ بها فارددْ تحيّة َ بعضنا
إذا قَبّلَتْ كَفّيكَ عنّا الغمائمُ
ولو أنّني في ملحدٍ ودعوتي
لقامَتْ تُفَدّيكَ العِظامُ الرمائم
تحمّلتَ بالآمالِ إذا أنتَ راحلٌ
وأقْبَلْتَ بالآلاءِ إذ أنْتَ قادم
مددتَ يداً تهمي على المزنِ من علٍ
فهل لك بحرٌ فوقها متلاطم
هو الحوضُ حوض الله من يكُ وارداً
فقد صَدَرتْ عنهُ الغيوثُ السّواجم
فإن كان هذا فعلُ كفّيكَ باللُّهى
لقد أصْبَحَتْ كَلاًّ عليكَ المكارم
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> ثوتْ مُضرُ الحمراءُ تحتَ طرافها
ثوتْ مُضرُ الحمراءُ تحتَ طرافها
رقم القصيدة : 10847(3/322)
-----------------------------------
ثوتْ مُضرُ الحمراءُ تحتَ طرافها
وقالتْ نزارٌ يا ربيعة ُ ألجمي
وقدّمَ بكراً سعيها قبل تغلبٍ
وقالا لشَيبانٍ جميعاً تَقَدَّمي
لكم فارعٌ لم يَبلُغ النجمُ ظِلَّهُ
وشاهقة ٌ قعساءُ لم تتسنّم
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> نظرتُ كما جلّتْ عقابٌ على إرمْ
نظرتُ كما جلّتْ عقابٌ على إرمْ
رقم القصيدة : 10848
-----------------------------------
نظرتُ كما جلّتْ عقابٌ على إرمْ
وإنّي لَفَرْدٌ مثل ما انفرَدَ الزَّلَم
بمرقبة ٍ مثلَ السِّنانِ تقدّمتْ
خياشيمهُ واستردفَ العاملُ الأصمّ
فلا قُلّة ٌ شَهْبَاءُ إلاّ رَبَأتُهَا
ولا علمٌ إلاّ رقأتُ ذرى العلم
فقلتُ: أدارُ المالِكِيّة ِ ما أرى
بأسفَلِ ذا الوادي أم الطَّلْحُ والسلَم
وأكذبني الطّرفِ فخفّضتُ كلكلاً
وأطرقتُ إطراقَ الشجاع ولمْ أرمْ
فلمّا أجنَّ الشّمسَ ريبٌ من الدُّجى
ولفَّ سوامَ الحَيّ سَيْلٌ من العَتَم
عرفتُ ديارَ الحيّ بالنّارِ للقرى
تُشَبُّ وبالأنجوجِ يُذكَى ويَضْطرَم
وأرعَيْتُها سَمْعي وقد راعَني لها
صَهِيلُ المَذاكي قبلَ قَرقرة ِ النَّعَم
فلمّا رأيتُ الأفقَ قد سارَ سيرة ٍ
مجوسيّة ً واسنحكك اللّوح وادلهمّ
ولم يبقى إلاّ سامرُ الليلِ هادرٌ
من البُزلِ أو غِرّيدُ سِرْبٍ من البَهَم
طرقْتُ فتاة َ الحيّ إذ نامَ أهلُهَا
وقد قامَ ليلُ العاشقينَ على قدَم
فقالتْ: أحَقاً كلما جئتَ طارقاً
هتكتَ حجابَ المَجْدِ عن ظبية الحرَم
فسكّنتُ من إرعادها وهي هونة ٌ
ضَعيفة ُ طيّ الخَصرِ في لحظِها سقَم
أضمُّ عليها أضلعي وكأنّها
من الذُّعْرِ نَشْوَى أو تطَرّقَها لَمَم
أميلُ بها ميلَ النّزيفة ِ مسنداً
إلى الصّدرِ منها ناعمَ الصّدر قد نجَم
ولم أنسها تثني يدي بمطرَّفٍ
لطيفٍ على المِسْواك مُختضِبٍ بدَم
فبتُّ أداري النّفس عمّا يريبها
ونامَ القَطا من طُولِ لَيلي ولم أنَم
ولم أنسَ منها نظرة ً حينَ ودَّعتْ(3/323)
وقد مُلِئَتْ دَلوُ الصّباح إلى الوَذَم
أنازعها باللّحظِ سرّاً كأنّها
تعلّمَ منها اللّحظُ ما نسيض القلم
وقدْ أحْكَمَ الغَيرانُ في سوءِ ظَنّهِ
فما شكّ في قتلي وإنْ كانَ قدْ حلم
فباتَ بقلْبٍ قد تَوَغّرَ خِلْبُهُ
عليّ وشُبّتْ نارُهُ ليَ واحْتَدَم
وأقبلَ يستافُ الثّرى منْ مدارجي
ومَسحَبِ أذيالي على الُّرغْلِ واليَنَم
فما راعَهُ إلاَّ مكانُ توكّؤي
على سيَة ِ القوسِ المغشّاة ِ بالأدم
ومَسقطُ قِدْح من قِداحي على الثّرَى
و منقدُّ ذيلٍ من ذيولي على الأكم
وقد صَدّقَتْ ما ظنَّ نَفحَة ُ عازِبٍ
من الرّوضِ دَلّتْهُ على الطارقِ المُلِمِّ
يُطيفُ بأطنابِ القِبابِ مُسَهَّداً
فينشقُ ريحَ اللّيثِ واللّيثُ في الأجم
لَدَى بِنْتِ قَيْلٍ قد أجارَتْ عميدَها
فكفّتْ عميدَ الحيِّ عنهُ وإنْ رغم
و تقنى حياءٍ أنْ يلمّ بخدرها
فتَنْفِيهِ عنّا هيبة ُ المجدِ والكَرم
ونَبّهِ أقصَى الحيّ أنّي وتَرتُهُم
وقدْ ملَّ من رجمِ الظنونِ وقدْ سئم
هَتكتُ سُجوفَ الخِدرِ وهو بمَرصَدٍ
فلمّا تعارفنا هممتُ بهِ وهمّ
فبادرتُ سيفي حينَ بادرَ سيفهُ
ونبّهَ أقصى أنّي وترتهمْ
وقد علّ صَدرُ السيفِ من ماجِدٍ عَمَم
فما أسْرَجُوا حتى تَعَثّرْتُ بالقَنَا
ولا ألجموا حتى مرقتُ من الخيم
ومنْ بينّ برديَّ اللذينِ تراهما
رقيقُ حواشي النفس والطبْع والشّيَم
يسيرُ على نهجِ ابنِ عمرٍو فيقتدي
بأروعَ مجموعٍ على فضلهِ الأمم
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> إيهاً لكِ النُّعْمَى على فأنْعِمي
إيهاً لكِ النُّعْمَى على فأنْعِمي
رقم القصيدة : 10849
-----------------------------------
إيهاً لكِ النُّعْمَى على فأنْعِمي
وبَرِئْتِ من حَرَجِ السلامِ فسلّمي
لله مَوْقِفُ عاشِقٍ ومُعَشَّقٍ
من ظالمٍ منّا ومن متَظَلِّم
بادرتُ موطئَ نعلهِ حتى إذا
عفَرتُ خدي في الثرى المتنسِّم
اعتلّ منْ وجناتهِ فأجالَ في
صحنِ العقيقِ جداولاً من عَندَم
أجرى على ذهبيّها عصبيَّها(3/324)
ودَنَا لسَفكِ دَمي بوَردٍ من دَم
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> يا ذا البديهة ِ في المقالِ أما كفتْ
يا ذا البديهة ِ في المقالِ أما كفتْ
رقم القصيدة : 10850
-----------------------------------
يا ذا البديهة ِ في المقالِ أما كفتْ
بدهاتُ هذا الّنقضِ والإبرام
حُكْمٌ يُجَلّي غيبَ كلّ مُلِمّة ٍ
كالشمس تكشفُ جنحَ كلّ ظلامِ
و لذا تراكَ عيوننا وقلوبنا
مثلَ الشّهابِ على سَواء الهام
ما أكثرَ الأسماءَ حينَ أعدّها
من ماجدٍ وسميذعٍ وهمام
فإذا رجَعتَ إلى الحَقيقِ فإنّما
إياكَ تعني ألسنُ الأقوام
فاترك لأهلِ الشَّعرِ معنَّى واحداً
ممّا تُثيرُ هَواجِسُ الأوهام
فلأنتَ والصيدُ الذين نميتهم
من كلّ رَحبِ الباعِ أبلَجَ سام
أهلُ الأصَالَة ِ والنّباهة ِ والفَصا
حة ِ والنّهي والفهمِ والإفهام
تمشي البلاغَة ُ خلفَكم وأمامَكم
و يطيبُ ما تطؤونَ بالأقدام
و تكادُ تعشبُ أرضكمْ بكلامكمْ
لو أنّ أرضاً أعشَبَتْ بكلام
من أينَ أُنكِرُ فضْلَكم ولو أنّني
كأبي عُبادَة َ أو أبي تمّام
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> هلْ من أعقَّة ِ عالجٍ يبرينُ
هلْ من أعقَّة ِ عالجٍ يبرينُ
رقم القصيدة : 10851
-----------------------------------
هلْ من أعقَّة ِ عالجٍ يبرينُ
أمْ منهما بَقَرُ الحُدوجِ العِينُ
و لمنْ ليالٍ ما ذممنا عهدها
مُذ كُنّ إلاّ أنهُنّ شُجون
المشرقاتُ كأنّهنّ كواكبٌ
و النّاعماتُ كأنّهنَ غصون
بيضٌ وما ضحكَ الصّباحُ وإنها
بالمِسكِ من طُرَرِ الحِسان لَجون
أدْمى لها المَرجانُ صَفحة َ خدّهِ
وبكَى عليها اللؤلؤ المَكنون
أعْدى الحَمامَ تأوُّهي من بعدها
فكأنّهُ فيما سَجَعْنَ رَنين
بانوا سراعاً للهوادجِ زفرة ً
مما رأينَ وللمطيّ حنين
فكأنما صبغةا الضّحى بقبابهمْ
أو عصْفَرَتْ فيها الخدودَ جُفون
ماذا على حُلَلِ الشّقِيقِ لو أنّهَا
عنْ لابسيها في الخدودِ تبين
لأعطِّشنَّ الرّوضَ بعدهمْ ولا(3/325)
يرويهِ لي دمعٌ عليهِ هتون
أأُعِيرُ لَحظَ العَينِ بهجة َ منّظَرٍ
وأخُونُهُم إنّي إذاً لَخَؤون
لا الجَوُّ جَوٌّ مُشرِقٌ ولو اكتسَى
زهراً ولا الماءُ المَعينُ مَعين
لا يَبْعَدَنّ إذِ العَبيرُ له ثَرى
والبانُ أيْكٌ والشُّموسُ قَطين
أيّامَ فيهِ العبقريُّ مفوَّفٌ
و السّابريُّ مضاعفٌ موضون
والزاعِبِيَّة ُ شُرَّعٌ والمَشْرَفـ
يَّة ُ لمَّعٌ والمقرباتُ صفون
و العهدُ منْ لمياءَ إذ لا قومها
خُزْرٌ ولا الحَرْبُ الزَّبونُ زَبون
عَهْدي بذاكَ الجَوّ وهو أسِنّة ٌ
وكناسِ ذاكَ الخشفِ وهو عرين
هلْ يدنينّي منه أجردُ سابحٌ
مرِحٌ وجائلة ُ النُّسوعِ أمُون
و مهندٌ فيهِ الفرندُ كأنّهُ
ذمرٌ لهُ خلفَ الغرارِ كمين
غضبُ المضارب مقفرٌ من أعينٍ
لكنَهُ من أنْفُسٍ مَسْكُون
قدْ كانَ رشحُ حديدهِ أجلى وما
صاغَتْ مضاربَه الرّقاقَ قُيون
و كأنّما يلقى الضريبة َ دونهُ
بأسُ المُعِزِّ أوِ اسمُهُ المَحزون
هذا معدٌّ والخلائقُ كلَّها
هذا المُعِزُّ متوَّجاً والدّين
هذا ضميرُ النَشأة ِ الأولى التّي
بدأ الإلهُ وغيبها المكنون
من أجل هذا قُدّرَ المقدورُ في
أُمّ الكتابِ وكوّنَ التكوين
وبذا تلقّى آدمٌ منْ ربِّهِ
عَفْواً وفاءَ ليُونُسَ اليَقطين
يا أرضُ كيفَ حملتِ ثِنْيَ نجادهِ
والنصرُ أعظَمُ منكِ والتّمكين
حاشا لما حملّت تحمل مثلهُ
أرضٌ ولكنّ السّماءَ تعينُ
لو يلتقي الطّوفانُ قبلُ وجودهُ
لم يُنْجِ نُوحاً فُلْكُهُ المشْحون
لو أنَّ هذا الدَّهرَ يبطشُ بطشهُ
لم يعقُبِ الحركاتِ منْهُ سُكُون
الرّوْضُ ما قدْ قيلَ في أيّامِهِ
لا أنّهُ وَردٌ ولا نِسْرين
و المسكُ ما لثمَ الثرى من ذكرهِ
لا أنّ كلّ قرارة ٍ دارين
مَلِكٌ كما حُدِّثتَ عنه رأفَة ٌ
فالحمرُ ماءٌ والشّراسة ُ لين
شِيَمٌ لوَ أنّ اليَمّ أُعطيَ رِفْقَها
لمْ يلتقمْ ذا النُّونُ منهُ النّون
تالله لا ظُلَلُ الغَمام مَعاقِلٌ
تأبى عليهِ ولا النجومُ حصونُ
ووراء حقّ ابن الرّسولِ ضراغمٌ(3/326)
أُسْدٌ وشهبْاءُ السّلاح مَنونُ
الطّالبانِ: المشرفيّة ُ والقنا
و المدركانِ: النّصرُ والتّمكين
و صواهلٌ لا الهضبُ يومَ مغارها
هضبٌ ولا البيدُ الحزون حزون
حيثُ الحمامُ وما لهنّ قوادمٌ
و على الرّيودِ وما لهنَّ وكون
و لهنَّ منْ ورق اللجينِ توجسٌ
ولهنَّ منْ مقلِ الظّباء شفون
فكأنّها تحتَ النّضارِ كواكبٌ
وكأنّها تحْتَ الحَديدِ دُجون
عرفتْ بساعة ِ سبقها لا أنّها
علقتْ بها يومَ الرِّهانِ عيون
و أجلُّ علمِ البرق فيها أنّها
مَرّتْ بجانِحَتَيْهِ وهي ظُنونُ
في الغيْثِ شِبهٌ من نَداكَ كأنّما
مسحتْ على الأنواءِ منكَ يمين
أمّا الغِنى فهو الّذي أولَيْتَنَا
فكأنّ جودَكَ بالخلُودِ رَهِين
تَطَأُ الجِيادُ بِنا البُدورَ كأنّها
تحتَ السّنابكِ مرمرٌ مسنون
فالفَيْءُ لا مُتَنَقِّلٌ والحوضُ لا
متكدّرٌ والمنُّ لا ممنون
انْظُرْ إلى الدنْيا بإشفاقٍ فَقَدْ
أرخصتَ هذا العلقَ وهو ثمين
لو يستطيعُ البحرُ لاستعدى على
جَدْوَى يَدَيك وإنّهُ لَقَمِين
أمْدده أو فاصْفَحْ له عَنْ نَيْلِهِ
فلقدْ تخوّفَ أنْ يقالَ ضنين
و أذن لهُ يغرقْ أميّة َ معلناً
ما كلُّ مأذونٍ له مأذون
واعْذِرْ أُمَيّة َ أن تَغَصّ بريقها
فالمُهْلُ ما سُقِيَتْهُ والغِسلين
ألقَتْ بأيدي الذُّلّ مُلقى عَمرِها
بالثّوبِ إذ فغرتْ له صفِّين
قد قادَ أمرَهُمُ وقُلّدَ وقُلّدَ ثَغرَهُمْ
منهم مَهينٌ لا يكادُ يُبين
لتُحكِّمنّكَ أو تزايلُ مِعْصَماً
كَفٌّ ويشخُبُ بالدماء وَتِين
أوَلم تَشُنّ بها وقائعَكَ الّتي
جفَلَتْ وراءَ الهندِ منها الصّين
هل غير أُخرى صَيلَمٌ، إنّ الذي
وقّاكَ تلكَ بأختها لضمينُ
بلْ لو سريتَ إلى الخليجِ بعزمة ٍ
سرَتِ الكواكبُ فيه وهي سَفين
لو لم تكُنْ حزْماً أناتُكَ لم يكنْ
للنّار في حجرِ الزّنادِ كمون
قد جاءَ أمرُ اللهِ واقتربَ المدى
من كلِّ مطلّعٍ وحانَ الحين
وَرَمَى إلى البَلدِ الأمينِ بطَرْفِهِ
ملكٌ على سرِّ الإلهِ أمين(3/327)
لمْ يدرِ ما رجمَ الظّنونِ وإنّما
دُفِعَ القضاء إليْهِ وهو يقِين
كذبتْ رِجالٌ ما دعتْ من حقّكم
ومنَ المقال كأهلهِ مأفون
أبَني لؤيٍّ أينَ فضلُ قديمكِم
بلْ أينَ حلمٌ كالجبالِ رصين
نازعتمُ حقَّ الوصيّ ودونهُ
حرمٌ وحجرٌ مانعٌ وحجون
ناضَلتُموهُ على الخِلافة ِ بالّتي
رُدّتْ وفيكُم حَدُّهَا المسنونُ
حرّفتموها عنْ أبي السّبطينِ عنْ
زمعٌ وليس من الهجانِ هجين
لو تَتّقُونَ الله لم يَطمَحْ لها
طرفٌ ولم يشمخ لها عرنين
لكنْكُم كنتم كأهْلِ العِجلِ لم
يحفظ لموسى فيهم هرون
لو تَسألونَ القَبرَ يومَ فَرِحْتُمُ
لأجابَ أنّ محمّداً محزون
ماذا تريدُ من الكتابِ نواصبٌ
ولهُ ظُهورٌ دونها وبُطون
هي بغْيَة ٌ أضْلَلْتُموها فارْجِعوا
في آلِ ياسينٍ ثوت ياسين
ردّوا عليهم حكمهمْ فعليهمُ
نزلَ البيانُ وفيهم التّبين
البيتُ بيتُ اللهِ وهو معظّمٌ
والنّور نورُ الله وهو مُبين
والسِّترُ سترُ الغيْبِ وهو مُحجَّبٌ
والسَّرُّ سرُّ الوَحي وهو مَصون
النّورُ أنتَ وكلُّ نورٍ ظلمة ٌ
و الفوقُ أنتَ وكلُّ فوقٍ دون
لو كان رأيُكَ شايِعاً في أُمّة ٍ
علموا بما سيكونُ قبلَ يكون
أو بشركَ في شعاعِ الشمس لم
يُكسَفْ لها عند الشرُوقِ جَبِين
أو كان سُخطُك عدوة ً في السّم لم
يَحْمِلْهُ دونَ لَهاتِهِ التِّنّين
ام تسكن الدّنيا فواقَ بكيّة ٍ
إلاّ وأنْتَ لخوفِها تأمين
الله يقبَلُ نِسكَنا عنّا بما
يخرْضِيكَ من هَدْيٍ وأنت مُعين
فَرْضانِ من صوْمٍ وشُكرِ خليفة ٍ
هذا بهذا عندنا مقرونُ
فارْزُق عبادَك منكَ فضْلَ شفاعة ٍ
واقرب بهمْ زلفى فأنتَ مكين
لكَ حمدنا لا أنّهُ لكَ مفخرٌ
ما قدركَ المنثور والموزون
قد قالَ فيكَ الله ما أنا قائِلٌ
فكأنّ كُلّ قَصِيدَة ٍ تَضْمِين
الله يعلَم أنّ رأيَكَ في الوَرى
مأمونُ حزمٍ عندهُ وأمين
و لأنتَ أفضلُ من تشيرُ بجاههِ
تحتَ المِظَلّة ِ بالسلام يمين
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> لا يطعمُ البيضَ إلاّ رأسَ ذي صيدٍ(3/328)
لا يطعمُ البيضَ إلاّ رأسَ ذي صيدٍ
رقم القصيدة : 10852
-----------------------------------
لا يطعمُ البيضَ إلاّ رأسَ ذي صيدٍ
أو ساقَ أدماءَ فيها النَّقيُ بنيانُ
فهنّ للكُومِ في رأسِ القِرى عُقُلٌ
وللرّؤوس غَداة َ الرَّوعِ تِيجانُ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> متهلِّلٌ والبدرُ فوقَ جبينهِ
متهلِّلٌ والبدرُ فوقَ جبينهِ
رقم القصيدة : 10853
-----------------------------------
متهلِّلٌ والبدرُ فوقَ جبينهِ
يلقاكَ بشرُ سماحهِ من دونهِ
و الدّينُ والدُّنيا جميعاً والنَّدى
و البأسُ طوعُ شمالهِ ويمينهِ
كالمشرفيّ العضبِ شاعَ فرندهُ
وجَلَتْ مضارِبَهُ أكُفُّ قُيونِه
جذلانُ فالآدابُ في حركاتهِ
والحِلمُ في إطراقِهِ وسُكونهِ
بادي الرّضا وحَذارِ منه مُعاوِداً
غضباً يريكَ الموتَ بين جفونهِ
ومُصَمِّمٌ لو يَنتحي بلِوائِهِ
رَيْبَ المَنونِ لكان رَيبَ مَنونه
لِينٌ تساسُ بهِ الخُطوبُ وشِدّة ٌ
والنّصْلُ شدّة ُ بأسه في لِينه
و مقاربٌ فيما يرومُ مباعدٌ
أعيا لبيبَ القومِ جمُّ فنونهِ
يجلو لهُ الغيبَ المستَّرَ هاجسٌ
ثَقِفُ النّباهَة ِ ظَنُّهُ كيَقينه
حلوُ الشمائل ما اكتفينَ براعة ً
بالحُسنِ حتى زِدْنَ في تحسِينِه
فإذا اشرأبّ إلى القصيدِ فدرُّهُ
مكنونُ درٍّ ليس من مكنونهِ
غيْثُ العُفاة ِ تَلُوذُ منه وُفودُهمْ
بأخي السّماحِ وخلّهِ وخدينه
لو يستطيعُ هدى الرّكابَ لقصدها
وأنارَ ليلَ الرَّكبِ ضوءُ جبينِه
لا يَندُبُ الآمالَ آمِلُهُ ولم
تَحْلَكْ لِنائبة ٍ وجوهُ ظنونه
عزّ النَّدى بك والرّجاءُ وأهلهُ
و أهنتَ وفركَ فاستعاذَ لهونه
لِتَدُمْ خُلوداً وليعدُمْ لكَ جَعفرٌ
في عِزّ سُؤدَدِهِ وفي تمكينهِ
لا يَبْعَدَنْ بادي الصّبابة ِ مُغْرَمٌ
حنّتْ كواكبُ ليلهِ لحنينه
يَرعاكَ والأرضَ الأريضَة ُ دونَهُ
من بيدهِ وسهولهِ وحزونه
بهجٌ بتأييدِ الإلهِ ونصرهِ
صبٌّ إليكَ مولَّعٌ بشجونه
ملكٌ أعزَّ يلاثُ ثنيُ نجادهِ(3/329)
بجديرهِ في يعربٍ وقمينهِ
بهزبرِ هذا النّاس وابنِ هزبرهم
وأمينِ هذا الملم وابنِ أمينِه
تلقاهُ بالإقدام مدّرعاً فمنْ
مسرودِ ماذِيٍّ ومن مَوضونِه
سائلْ ولاة َ النَّكثِ كيف قفولهُ
عنهم وكيفَ إيابُ أُسْدِ عَرينه
يَسري له لجِبٌ كأنّ زُهَاءهُ
آذِيُّ بحْرٍ يَرتَمي بسفِينِهِ
أنحَى لهمْ خَطّيَّهُ فتَهافَتَتْ
مُهَجاتُهُمْ تَستَنُّ من مَسنونه
و ابتزّ ما لهمُ وملكهمُ وقدْ
لحظتْهُ خُزْراً كالِئاتُ عُيونهِ
يا ربّ بكرٍ من ليالي حربهِ
فيهم يعَدُّ مِثالُها من عُونه
غَزْوٌ رَمَى صُمَّ الجِبالِ بعزمِهِ
حتى ألانَ متونها بمتونهِ
يا أيّها المُوفي بغُرّة ِ ماجِدٍ
تَسري بغِبَّ السّعدِ غبَّ دُجونه
أوسعتَ عبدك من أيادٍ شكرها
حظّانِ من دنيا الشَّكور ودينه
في حين لم يَعدِلْ نَداكَ ندَى يدٍ
لكِنْ صَبير المُزْنِ جاء لحِينه
من وبلهِ وسكوبهِ وملثّهِ
وسَفُوحِهِ ودَلوحِهِ وهَتونه
لم يشْفِ جَهْدُ القولِ منْهُ وإنّني
رَهْنٌ بهِ وكفيلُهُ كرهِينِهِ
حزتَ الكمالَ ففيكَ معنى ً مشكلٌ
يَنْبو بيانُ القوْلِ عن تَبيينه
أقسمتُ بالبيتِ العتيقِ وما حوتْ
بطحاؤهُ من حجرهِ وحجونه
ما ذاكَ إلاّ أنَّ كونَكَ ناشِئاً
سببٌ لهذا الخلقِ في تكوينهِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> الشمسُ عنهُ كليلة ٌ أجفانها
الشمسُ عنهُ كليلة ٌ أجفانها
رقم القصيدة : 10854
-----------------------------------
الشمسُ عنهُ كليلة ٌ أجفانها
عبرى يضيقُ بسرّها كتمانها
لو تستطيعُ ضِياءَهُ لدَنَتْ لهُ
وأُريكَها تَخْبو على بُرَحائِها
لم تخفَ مذعنة ً ولا إذعانها
إيوانُ مَلْكٍ لو رأتْهُ فارسٌ
ذعرتْ وخرّ لسمكهِ إيوانها
واستعظَمَتْ ما لم يُخلِّدْ مثلَهُ
سابورها قدماً ولا ساسانها
سجَدَتْ إلى النيرانِ أعصُرَها ولو
بصرتْ به سجدتْ له نيرانها
بل لو تجادلها بهِ ألبابها
في الله قامَ لحُسنِهِ بُرهانُها
أو ما ترى الدّنيا وجامعَ حسنها
صُغرى لديه وهي يعظُمُ شانها(3/330)
لولا الذي فتنتْ به لاستعبرتْ
ثكلى تفضُّ ضلوعها أشجانها
خَضِلُ البشاشة ِ مُرْتَوٍ من مائها
فكأنَّهُ متهلِّلٌ جذلانها
يَنْدى فتنْشأُ في تَنَقُّلِ فَيّئِهِ
غرُّ السحائبِ مسبلاً هطلانها
وكأنّ قُدسَ ويذبُلاً رفَدا ذُرَى
أعلامهِ حتى رستْ أركانها
تغدو القصورُ البيضُ في جنباتهِ
صُوْراً إليه يَكِلُّ عنه عِيانها
و القبّة ُ البيضاءُ طائرة ٌ بهِ
تهوي بمنخرقِ الصَّبا أعنانها
ضُرِبَتْ بأرْوِقَة ٍ تُرَفرِفُ فوقَها
فهوى بفتخِ قوادم خفقانها
يَعْشُو إلى لَمَعَانها
في حيْثُ أسلَمَ مُقلَة ً إنسانُها
بُطْنانُها وَشيُ البُرودِ وعَصْبُها
فكأنّما قوهِيُّها ظُهْرانها
نِيطَتْ أكاليلٌ بها مَنظومَة ٌ
فغَدا يُضاحِكُ دُرَّها مَرجانُها
و تعرَّضتْ طررُ السُّتورِ كأنَّها
عذباتُ أوشحة ٍ يروقُ جمانها
و كأنَّ أفوافَ الرِّياضِ نثرنَ في
صفحاتها فتفوَّفتْ ألوانها
فأدرْ جفونكَ واكتحلْ بمناظرٍ
غَشّى فِرندَ لُجيَيْنِها عِقْيانها
لترى فنونَ السحرِ أمثلة ً وما
يُدري الجَهولَ لَعَلّها أعيانُها
مُستَشرِفاتٍ من خُدورِ أوانِسٍ
مصفوفَة ٍ قد فُصّلتْ تِيجانها
مُتَقابِلاتٍ في مَراتِبِها جَنَتْ
حرْباً على البِيضِ الحِسانِ حسانها
فاخلَعْ حميداً بينها عُذْرَ الصِّبا
و ليبدِ سرَّ ضمائرٍ إعلانها
و حباكها كلفُ الضُّلوع بحسنها
ريّانُ جانحة ٍ بها ملآنها
تساي المحبَّ كلفَ الضّلوعِ بحسنها
ثكرَ النفوس مُحَرَّماً سُلْوانُها
رَدّتْ على الشّعراء ما حاكَتْ لها
غرُّ القوافي بكرها وعوانها
و أتتْ تجرِّرُ في ذيولِ قصائدٍ
يكفيكَ عن سحرِ البيان بيانها
أعْيَتْ لَبيباً وهي مَوقِعُ طَرْفِهِ
فقَضَى عليه بجهلِهِ عرفانُها
إبراهِمِيّة ُ سُودَدٍ تُعزَى إلى
نَجْرِ الكِرامِ: جِنانُها ومَعانُها
فكأنّهُ سيف بنُ ذي يَزَنٍ بها
وكأنّها صَنعاءُ أو غُمدانها
سُحِبَتْ بها أردانُه فتَضَوّعَتْ
عبقاً بصائكِ مسكهِ أردانها
وكأنّما لَبِسَتْ شَبيبَتَهُ وقَدْ(3/331)
غادى النّدَى متهَلِّلاً رَيعانها
و كأنّما الفردوسُ دارُ قرارهِ
و كأنّ شافعَ جودهِ رضوانها
أبدَتْ لمَرآكَ الجَليلِ جَلالَة ً
يعلو لمكرمة ٍ بذاك مهانها
وهَفَتْ جوانبها ولولا ما رَسا
من عبء مجْدكَ ما استقَرّ مكانها
ولَنِعْمَ مَغنى اللهوِ تَرأمُ ظلَّه
آرامُ وَجْرَة َ رُحْنَ أو أُدْمانها
وتخالُها صَفراء عارَضَتِ الدُّجى
وسرَتْ فنادَمَ كوكباً نَدمانها
قدُمتْ تُزايلُ أعصُراً كَرّتْ على
حَوبائِها لمّا انقَضَى جُثمانها
و أتتْ على عهدِ التّبابعِ مدَّة ً
غَضّاً على مَرّ الزّمانِ زمانها
يمنيَّة ُ الأربابِ نجرانيَّة ُ الـ
؛أنسابِ حيثُ سَمَتْ بها نَجرانُها
أو كسرويَّة ُ محتدٍ وأرومة ٍ
شَمطاءُ يُدعَى باسمِها دِهقانُها
أو قرقفٍ ممّا تنشّي الرّومَ لا
نَشَواتُها ذُمّتْ ولا نشوانُها
كان اقتناها الجاثلِيقُ يُكِنُّهَا
و يصونُ درّة َ غائصٍ صوِّانها
في مَعشرٍ من قومه عَثَرَتْ بهم
نوبُ الزّمانِ فغالهم حدثانها
كرُمَتْ ثَرى ً متأرِّجاً وتوسّطتْ
أرضَ البَطارقِ مُشرِفاً أفدانها
لم يضرموا ناراً لهيبتها ولمْ
يَستطَعْ بأكنافِ الفَضاء دُخانها
فكأنَّ هيكلها تقدَّمَ راية ً
وكأنّ صَفّ الدّارعينَ دِنانُها
غنيتْ تطوفُ بها ولائدهمْ كما
طافَتْ برَبّاتِ الحِجالِ قِيانها
قد أوتيتْ من علمهمْ فكأنّها
أحبارُ تلك الكُتبِ أو رُهبانها
جازتهمُ ترمدُّ في غلوائها
فتخرِّموا وخلا لها ميدانها
فكلتكَ ناجودٌ تديرُ كؤوسها
هِيفٌ تُجاذبُ قُضْبَها كُثبانها
من قاصراتِ الطَّرفِ كلّ خريدة ٍ
لم يأتِ دونَ وصالِها هِجرانُها
لم تدرِ ما حرُّ الوداعِ ولا شجتْ
صَبّاً بمُنْعَرَجِ اللوى أظعانها
قد ضرّجتْ بدم الحياء فأقبلتْ
متظلّماً من وردها سوسانها
تشكو الصِّفادَ لبهرها فكأنَّما
رَسَفَانُ عانٍ دَلُّها رَسَفانها
سامتهُ بعضَ الظلم وهي غريرة ٌ
لا ظُلمُها يُخْشَى ولا عُدوانها
فأتَتْهُ بين قَراطِقٍ ومَناطقٍ
يثنى على سيرائها خفتانها(3/332)
وإذا ارتمَتْهُ بما تَريشُ ومُكّنَتْ
فأصابَ أسْودَ قلْبِهِ إمكانها
لم تدرِ ما أصمى المليكَ أنزعها
بسديدِ ذاكَ الرّمي أو حسبانها
في أرْيحِيّاتٍ كرَيْعانِ الصِّبَا
حَركاتُها وعلى النُّهَى إسْكانها
ولئن تَلَقَيْتَ الشّبابَ وعَصْرَهُ
بالمُلْهِياتِ فَعَصْرُهَا وأوانها
ولئن أبَتْ لك خفْضَ ذاكَ ولِينَهُ
نفسٌ كهَضْبِ عَمايَتينِ جَنانها
فلقبلَما أسْلتْكَ عن بِيض الدُّمى
بيضٌ تُكسَّر في الوغى أجفانها
و ضرائبٌ تنبي الحسامَ مضارباً
أردَتْ شَراسَتُها فخِيفَ لِيانُها
وأُبُوّة ٌ هَجَرَتْ مَقاصِرَ مُلكِها
فكأنّما أسيافها أوطانها
قومٌ همُ أيّمهمْ إقدامها
و جلادها وضرابها وطعانها
وإذا تَمَطّرَتِ الجِيادُ سَوابِقاً
فبهم تكنُّفها وهم فرسانها
و إذا تحدُّوا بلدة ً فبزأرهم
صعقاتها وببأسهمْ رجفانها
آلُ الوغى تبدو على قسماتهمْ
أقمارها وتحفُّهمْ شهبانها
يصلونَ حرَّ جحيمها إن عرَّدتْ
أبطالها وتزاورتْ أقرانها
جُرْثومَة ٌ منها الجِبالُ الشُّمُّ لم
يغضض متالعها ولا ثهلانها
رْدُّتْ إليك فأنتَ يعرُبها الذي
تعزى إليه وجعفرٌ قحطانها
فافخَرْ بتيجانِ المُلوكِ ومُلكِها
فلأنتَ غيرُ مدافعٍ خلصانها
للَّهِ أنتَ مواشكاً عجلاً إلى
جَدوَى يَدٍ مَدُّ الفُراتِ بَنانها
يَفديكَ ذو سِنَة ٍ عن الآمالِ لم
يألفْ مَضاجعَ سُؤدَدٍ وَسْنانها
تردُ الأماني الخمسُ منه مشارعاً
ملءَ الحياض محلَّلأً ظمآنها
من كل عاري اللِّيتِ من نظم التي
رَجَحَتْ بخيرِ تجارَة ٍ أثمانها
يدني السؤالَ إليه عاملُ صعدة ٍ
مُتَغَلْغِلٌ بين الشِغافِ سِنانها
أعلتكَ عنهم همَّة ٌ لم يعتلقْ
مثنى النّجوم بها ولا وحدانها
دانيتَ أقطارَ البلادِ بعزمة ٍ
ملقى ً وراء الخافقينِ جرانها
و هي الأقاصي من ثغور الملك لا
تُخشَى مخاوِفُها وأنتَ أمانُها
متقلِّداً سيفَ الخلافة ِ للّتي
يُلقَى إليه إذا استمرّ عِنانُها
تُزْجَى الجِيادُ إلى الجِلاد كأنّما(3/333)
سَرعانُ واردة ِ القَطا سَرعانها
وتُهَزُّ ألويَة ُ الجنودِ خَوافِقاً
تحتَ العَجاجِ كَواسِراً عِقبانها
حتى إذا حرِجَتْ به أرْضُ العدى
مُتَمَطّياً وتَضَايقَتْ أعطانها
ألقَتْ مقالِيداً إليه وقبلَهُ
ما انفكَّ خالعها ولا خلعانها
لا قلتَ إنّ الدّينَ والدّنْيا لَهُ
عِوَضٌ ولُؤمٌ مقالة ٍ بُهْتانُها
أمدُ المطالبِ والوفودِ إذا حدتْ
فَوْتَ العيونِ رِكابُها رُكبانَها
ألِفَ النّدَى دَأباً عليه كأنّهُ
رَتْكُ المَطّيِ إليهِ أو وَخَدانها
غَفّارُ مُوبِقَة ِ الجَرائم صافحٌ
و سجيَّة ُ من ماجدٍغفرانها
شيمٌ إذا ما القولُ حنّ تبرّعتْ
كرماً فأسجحَ عطفها وحنانها
إني وإنْ قصّرْتُ عن شكريه لم
يغمطْ لديّ صنيعة ً كفرانها
كنتُ الوليدَ فلم يُنازِعْهُ بنو
خاقانَ مكرمة ً ولا خاقانها
مننٌ كباكرة ِ الغمامِ كفيلة ٌ
بالنُّجحِ موقوفٌ عليه ضمانها
يا ويلتا منّي عليّ أمخرسي
إحسانُها أو مُغرِقي طُوفانها
ما لي بها إلاّ احتراقُ جوانحي
يدني إليك ودادها حرَّنها
دامَتْ لنا تلك العُلى متَفَيّئاً
أظلالها متهدّلاً أفنانها
واسلَمْ لغَضّ شبيبَة ٍ ولدولَة ٍ
عَزَّتْ وعَزّ مؤيَّداً سلطانها
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> كُفّي فأيسَرُ من مَرَدِّ عِنَاني
كُفّي فأيسَرُ من مَرَدِّ عِنَاني
رقم القصيدة : 10855
-----------------------------------
كُفّي فأيسَرُ من مَرَدِّ عِنَاني
وقعُ الأسنَّة ِ في كلى الفرسانِ
ليسَ ادّخارُ البدرة ِ النّجلاءِ من
شِيَمي ولا مَنعُ اللُّهَى من شاني
هلْ للفتى في العَيشِ مِن مِندوحَة ٍ
إلاّ اصطفاءُ مودّة ِ الإخوانِ؟
و إذا الجوادُ جرى على عاداتهِ
فذرِ الجوادَ وغاية َ الميدانِ
لا أرهبُ الإعدامَ بعدَ تيقُّني
أن الغِنى شجَنٌ منَ الأشجان
ملأتْ يدي دلوي إلى أوذامها
و أعرتُ للعافي قوى أشطاني
و لقد سمعتُ اللَّهَ يندبُ خلقهُ
جهراً إلى الإفضالِ والإحسانِ
و إذا نجا من فتنة ِ الدّنيا امرؤٌ(3/334)
فكأنّما يَنجو من الطوفانِ
يأبى ليَ الغدرَ الوفاءُ بذمَّتي
و الذَّمَّ آباهُ كما يأباني
إنّي لآنفُ أنّ يَميلَ بي الهَوَى
أو أنْ يَراني الله حَيثُ نَهاني
حِزْبُ الإمامِ منَ الوَرَى حِزْبي إذا
عدّوا وخلصانُ الهدى خلصاني
لا تَبعَدَنَّ عِصابَة ٌ شِيعِيّة ٌ
ظفروا ببغيتهمْ منَ الرَّحمنِ
قوْمٌ إذا ماجَ البرِيّة ُ والتَقَى
خَصْمانِ في المعبودِ يختَصِمانِ
تركوا سُيُوفَ في أغمادِها
وتَقَلّدُوا سَيفاً منَ القرآنِ
عقدوا الحبى بصدورِ مجلسهمْ كمنْ
عَرَفَ المُعِزَّ حَقيقَة َ العِرْفانِ
قد شرّفَ اللَّهُ الورى بزمانهِ
حتى الكَواكبُ والوَرَى سِيّانِ
و كفى بمنْ ميراثهُ الدّنيا ومن
خلقتْ لهُ وعبيدهُ الثَّقلانِ
و كفى بشيعتهِ الزّكيّة ِ شيعة ٍ
و كفى بهم في البرّ من صنوانِ
عُصِمت جَوارِحهم من العدوَى كما
وقيتْ جوانحهم منَ الأضغانِ
قد أيّدوابالقدسِ إلاّ أنّهمْ
قد أونسوا بالرُّوحِ والرَّيحانِ
للّهِ درُّهمُ بحيثُ لقيتهمُ
إنّ الكرامَ كريمة ُ الأوطانِ
يَغشَوَنَ ناديَ أفْلَحٍ فكأنّما
يفشونَ ربَّ التّاجِ من عدنانِ
حيُّوا جلالة َ قدرهِ فكأنّما
حيُّوا أمينَ اللّهِ في الإيوانِ
يردونَ جمّة َ علمهِ ونوالهِ
فكأنَّهمْ حيثُ التقى البحرانِ
حُفّتْ بِهِ شفعاؤهمْ واستَمطَرُوا
مِنْ جانِبَيهِ سَحائِبَ الغفرانِ
ورأوْهُ من حيثُ التَقَتْ أبصارُهمْ
مُتَصَوَّراً في صورة ِ البُرْهانِ
تنبو عقولُ الخلقِ عن إدراكهِ
وتكِلُّ عنهُ صَحائحُ الأذهانِ
تَستَكْبِرُ الأملاكُ قبلَ لِقائِهِ
وتَخِرُّ حينَ تَراهُ للأذْقانِ
أبلغْ أميرَ المؤمنينَ على النَّوى
قَوْلاً يُريهِ نَصيحتي ومكاني
إنّ السّيوفَ بذي الفَقارِ تشَرّفَتْ
ولَقَلَّ سيفٌ مثلُ أفلَحَ ثانِ
قد كنتُ أحسبُني تَقَصّيتُ الوَرَى
وبَلَوْتُ شِيعَة َ أهلِ كلّ زَمانِ
فإذا موالاة ُ البريّة ِ كلّها
جمعتْ لهُ في السّرّ والإعلان
و إذا الذينَ أعدُّهمْ شيعاً إذا
قيسوا إليهِ كعبّدِ الأوثان(3/335)
نُضِحَتْ حرارَة ُ قَلبِهِ بمَوَدّة ٍ
ضربتْ عليهِ سرادقُ الإيمانِ
وحَنا جَوانحَ صَدرِهِ مَملوءة ً
علماً بما يأتي منَ الحدثانِ
يتبرّكُ الرّوحُ الزّكيُّ بقربهِ
نُسْكاً ويُرْوي مُهجَة َ الهَيمان
أمُعِزَّ أنصارِ المُعزّ منَ الوَرَى
والمُنزِلُ النُّصْابَ دارَ هَوانِ
بكَ دانَ ملكُ المشرقينِ وأهلهُ
وأنابَ بَعدَ النّكثِ والخُلعانِ
و إنّا وجدنا فتحَ مصرٍ آخراً
لكَ ذِكرُهُ في سالِفِ الأزْمانِ
فبعرمكَ انهدّتْ قوى أركانها
وبقُرْبك امتدّتْ إلى الإذْعانِ
وطأتَ بالغاراتِ مركبِ عزّها
والجيشَ حتى ذَلّ للرُّكبْانِ
فإليكَ ينسبُ حيثُ كنتَ وإنّما
فخرُ الصُّلِيَ لقادِحِ النّيرانِ
عصفتْ على الأعرابِ منكَ زعازعٌ
سكفتْ دمَ الأقرانِ بالأقرانِ
ما قرّ أعينُ آلِ قرَّة َ مذْ سقوا
بكَ ما سقوهُ منَ الحميمِ الآني
وقبيلة ً قتّلتها وقبيلة ً
أثكَلْتَها بالبَرْكِ في الأعطانِ
أخْلى البُحيرَة َ منهُمُ والبِيدَ مَا
خسفَ الصّعيدَ بشدّة ِ الرجفانِ
فشغلتَ أهلَ الخيمِ عن تطنيبها
وأسمتهمُ شرداً مع الظُّلمانِ
وَسَمتْ إلى الواحاتِ خَيلُكَ ضُمَّراً
حتى انتهت قدماً إلى أسوانِ
قد ظاهَرُوا لِبَدَ الدّرُوعِ عليهِمُ
إنّي مدَحتُك مُخلِصاً
وغَدَوْا حَوالَيْ مُتْرَفٍ لا يَنثَني
علماهُ عن إنسٍ ولا عن جانِ
فكَأنّ دينَكَ يوْمَ أرْدى كُفرَهُ
أجلٌ بطشتَ لهُ بعمرٍ فانِ
وكأنّ أسرابَ الجيادِ ضحى وقد
خفّت إليهِ كواسرُ العقبانِ
عطَفَتْ علَيهِ صدورَها وكأنّما
عَطَفَتْ على كِسرَى أنُو شروانِ
وكأنّما البرّاضُ صبّحَ أهلهُ
وكأنّ هجائنُ النّعمانِ
ظلت سيوفكَ وهي تأخذث روحهُ
كالنّارِ تَلفَحُهُ بغيرِ دُخانِ
حكَّمت بسعدَ المشتري لكَ ساعة ٌ
حكمت لهُ بالنّحسِ من كيوانِ
فأتَى جُيوشَكَ إذْ أتَتْهُ كأنّهُ
فعَجِبتُ كيفَ تخالَفَ القَدَرانِ في
عُقْباهُما وتَشابَهَ الأمَلانِ
رُعْتَ الأوابِدَ في الفَدافِدِ فجأة ً
بعجارفِ الرّديانِ والوخدانِ(3/336)
وتَعَوّذَ الشّيطانُ منكَ وكَيدُهُ
لمّا ذعرتَ جزيرة َ الشيطانِ
سارتْ جيادكَ في الفلا سيرَ القطا
يحمِلْنَ ظُلْماناً على ظُلْمانِ
ضمنّتَ صهوة َ كلّ طرفٍ مثلهُ
وحملتَ سرحاناً على سرحانِ
في مَهْمَهٍ، ما جابَهِ الرُّكبانُ مُذْ
طُرِدَتْ من الدّنيا بَنو مَرْوانِ
لو سارَ فيهِ الشَّنفرى فتراً لما
حملتهُ في وعسائه قدمان
يجتبنَ كلّ ملمّعٍ بالآلِ ما
للجِن بالتّعريسِ فيهِ يَدانِ
خضنَ الظّلامِ إليهِ ثمّ اجتنبهُ
ومَرَقنَ من سِجفَيْهِ كالحُسبانِ
كَم غُلْنَ من مُستَكبِرٍ في قَوْمِه
متَمَنَّعٍ بالعِزّ والسُّلطانِ
أو في درُوعِ البأسِ من مُستَلْئِمٍ
أو في ثِيابِ الخَزّ من نَشوانِ
باتتْ تحيّيهِ سقاة ُ مدامة ٍ
فغَدَتْ تُحَيّيهِ سُقاة ُ طِعانِ
يهوي السِّنانُ إليهِ وهوَ يظنُّهُ
كأسَ الصَّبوحِ على يدِ النَّدمانِ
ولكمْ سلبتَ بها عزيزاً تاجهُ
وتركتَ فيها من عبيطٍ قان
ومُجَدَّلاً فوْقَ الثَّرَى ونَجيعُهُ
و الرّوحُ من ودجيهِ مختلطانِ
وكمِ استبَحنَ وكم أبحنكَ من حمى ً
وحقوفِ رَملٍ في معاطِفِ بانِ
و كواعبٍ محفوفة ٍ بعصائبٍ
قد كُلِّلتَ بالدُّرّ والمَرْجانِ
و المسكُ يعبقُ في البرودِ كأنَّها
زهرُ الرّبيعِ مفوَّفُ الألوانِ
لم يبقَ إلاّ السّدُّ تخرقُ ردمهُ
فلقد أطاعكَ في الورى العصرانِ
وبَلغتَ قُطرَ الأرضِ بالعزْمِ الذي
لم تُؤتَهُ الأفلاكُ في الدّوَرَانِ
و جمعتَ شملَ المتَّقينَ على الهدى
وتألّفَتْ بكَ أنفُسُ الحيوانِ
فزكتْ بكَ الأعمالُ حقَّ زكاتها
ونجَتْ بكَ الأرْواحُ في الأبدانِ
لوْ يقرنُ اللَّهُ البلادَ بمثلها
ضاقتْ بعزمكَ والصَّبيرِ الدّاني
تندي بآلافِ الألوفِ إلى مدى ً
يعيا على الحسّابِ والحسبانِ
يا سَيفَ عِتْرَة ِ هاشِمٍ وسِنانَها
و شهابها في حالكِ الأدجانِ
لوْ سرتُ أطلبُ هل أرى لكَ مشبهاً
لطلبتُ شيئاً ليسَ في الإمكانِ
كلُّ الدُّعاة ِ إلى الهُدَى كالسّطرِ في
بَطنِ الكتابِ وأنتَ كالعنوانِ(3/337)
أنتَ الحَقيقَة ُ أُيّدَتْ بحَقيقَة ٍ
و سواكَ عينُ الإفكِ والبهتانِ
إنّي لأستَحيي منَ العَليا إذا
قابَلْتُ ما أوْلَيتني بَعيانِ
أعْجَلتَ في يوْمي رَجائي في غَدٍ
فكأنّني في جنَّة ِ الرِّضوانِ
ولبِسْتُ ما ألبَستَني من نِعمَة ٍ
فبها شكرتكَ لا بطولِ لساني
حتى إذا ما ضاقَ ذَرْعُ بَياني
كادَتْ تَسيلُ معَ المَدائحِ مُهجتي
لوْلا ارتِباطُ النّفسِ بالجُثمانِ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أنظرْ إليهِ وفي التَّحريكُ تسكينُ
أنظرْ إليهِ وفي التَّحريكُ تسكينُ
رقم القصيدة : 10856
-----------------------------------
أنظرْ إليهِ وفي التَّحريكُ تسكينُ
كأنَّما التقمتْ عنهُ التَّنانينُ
يا ليتَ شعريْ إذا أومى إلى فمهِ
أحَلْقُهُ لَهَواتٌ أم ميَادين
كأنها وخبيثُ الزّاد يضرمها
جهنّمٌ قُذِفَتْ فيها الشياطين
تَبارَكَ الله ما أمضى َ أسنّتَهُ
كأنّما كلُّ فَكٍّ منه طاحون
كأنّ بَيْتَ سِلاحٍ فيهِ مُخْتَزَنٌ
مِمّا أعَدّتْهُ للرُّسْلِ الفَراعِين
أينَ الأسنّة ُ أم أينَ الصّوارمُ أم
أينَ الخناجِرُ أم أين السكاكين
كأنّما الحملُ المشويُّ في يدهِ
ذو النّونِ في الماء لّما عَضَّهُ النّون
لفَّ الجداءَ بأيديها وأرجلها
كأنّما افترستهنّ السراحين
و غادرَ البطَّ من مثنى وواحدة ٍ
كأنّما اختطفتهنّ الشواهين
يخفّضُ الوزَّ من قرنٍ إلى قدمٍ
وللبَلاعِيمِ تَطْريبٌ وتلحيِن
كأنّ في فكّهِ أيتامَ أرملة ٍ
أو باكياتٍ عليهنّ التَّبابين
كأنّما ينتقي العظمَ الصّليبَ لهُ
من تحتِ كلّ رَحى ً فِهْرٌ وهاوون
كأنّما كُلُّ ركْنٍ من طَبائِعِهِ
نارٌ وفي كلّ عضوٍ منه كانون
كأنّما في الحشا من خملِ معدتهِ
قرنفلٌ وجواريشٌ وكمّون
قوموا بِنا فلقد رِيَعتْ خواطِرُنَا
وجاذبتنا الأعنّاتِ البرادينُ
نصحتكمْ فخُذُوا من شِدْقِهِ وَزَراً
أو لا فأنتمْ سويقٌ فيه مطحون
فليسَ ترويهِ أمواهُ الفراتِ ولا
يقوتهُ فلكُ نوحٍ وهو مشحون(3/338)
فمِثْل رَقّادَة ٍ في كفّهِ وَسَطٌ
و نحنُ مقدونسٌ فيه وطرخون
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> قولا لمعتقلِ الرُّمحِ الرُّدَينيِّ
قولا لمعتقلِ الرُّمحِ الرُّدَينيِّ
رقم القصيدة : 10857
-----------------------------------
قولا لمعتقلِ الرُّمحِ الرُّدَينيِّ
والُمْرتَدي بالرّداءِ الهِنُدُوانيِّ
ضعِ السِّلاح فهل حدّثتَ عن رشإٍ
في مشرفيٍّ صقيلٍ أو ردينيّ
ما حالُ جِسْمٍ تحمّلْتَ السلاحَ بهِ
وأنتَ تَضْعُفُ عن حمل القُباطيّ
لأعرفنَّ الأديمَ السّابريَّ إذا
ما راحَ في سابريّ النَّسجِ ماذيّ
هيهاتَ من دونهِ خَلعُ النفوس وتكـ
ذيبُ الظُّنون وتضليلُ الأمانيّ
هَبْني اجْتَرَأتُ عليه حينَ غِرَّتِهِ
في العبقريّ أو العصبِ اليمانيّ
فمن لمثلي به الدرعِ سابِغَة ٍ
تموجُ فوقَ القباءِ الخسروانيّ
إذاً أفِرُّ ويُخْزي الأزْدَ شاعِرُهَا
فلا تَظُنِّ الجُلَندَى كلَّ أزديّ
و لستُ من ظلمهِ أخشى بوادرهُ
قُربّ وِتْرٍ لديهِ غير مَنسيّ
وأرْضَعَتْهُ وأُسْدُ الغِيلِ تَكفُلُهُ
و القلبُ يدلي بعذرٍ فيه عذريّ
إذا تَثنّى تَثَنّتْ سّمهَرِيتُهُ
فاعجبْ لما شئتَ من خوطٍ وخطّيّ
من أهْلِ بَهرامَ جُورٍ في مناسِبِهِ
ما شئتَ من فارسيٍّ نوبهاريّ
أوفى فماسَ على غُصْنٍ وماجَ على
دعصٍ وقامَ على أنبوبِ برديّ
مَن ليسَ يَرفُلُ إلاّ في سَوابِغِهِ
من تبّعيٍّ مفاضٍ أو سلوقيّ
لَيثُ الكَتيبَة ِ والأبصارُ تَرمُقهُ
و بيضة ُ الخدرِ في الليلِ الدجوجيّ
و لا يحدِّثُ إلاّ عن سوابقهِ
مِن أعوَجّيٍ جَوادٍ أو صَريحيّ
أو ذي كعوبٍ من المرّان معتدلٍ
أو ذي فرندٍ من القضبان حاريّ
والأرضُ في رَجوفٌ غيرُ ساكِنة ٍ
و صولجانٍ وشاهينٍ وبازيّ
فلو تَراهُ غَدا بالصّقْرِ أشْبهَ مِنْ
جوانحي بقطاً في الجَوّ كُدْريّ
ثَقِفتُ منهُ أديباً شاعراً لَسِناً
شتّى الأعاريضِ محذورَ الأحاجيّ
وكالسَّنانِ الذي يهتَزُّ قي يَدِهِ
و مثلَ أجدلهِ الصّقرِ القطاميّ(3/339)
مُستَطلعاً لجَوابي من بديهتِهِ
فما يجاوبهُ مثلُ النَّواسيّ
منَ لا يفاخرُ بالطائيّ في زمنٍ
ولا الخُزاعيّ في عصرِ الخُزاعيّ
و لا الفرزدقِ أيضاً والفخارُ لهُ
ولا جَريرٍ ولا الرّاعي النُّمَيْريّ
لكنْ بعَلقَمَة َ الفَحلِ الذي زعموا
في الشعر أو بامرىء القيس المُراري
و لا ينازلُ لا بابنِ الحبابِ ولا
جذلِ الطّعان ولا عمرو الزُّبيديّ
لكن بفارس شيبانَ الذي سجدتْ
إليه فرسانُ عتّابٍ ودعميّ
قريبُ عهْدٍ بأعرابِ الجَزيرة ِ لم
على قُراسِيَة ٍ بالفارِ مَطْلِيّ
مَن ليس يألَفُ إلاّ ظِلّ خافقَة ٍ
أو سراجَ سابقة ٍ أو رحلَ عيديّ
لا يشرحُ القومُ وحشيَّ الغريب لهُ
ولا يُساءلُ عن تلكَ الأحاجيّ
بما يؤنبُ فرسانَ الدِّيار ترى
عليهِ سِيما ذكيِّ القلبِ حُوشيّ
مستوحِشٌ عِزّة ً مستأنِسٌ كَرَماً
تلقاهُ ما بينَ وحشيٍّ وإنسيّ
أرَقُّ من صَفحة ِ الماء المَعينِ وإنْ
خاطبتَ خاطبتَ قحّاً فوقَ مهريّ
و كانَ غيرَ عجيبٍ أنْ يجيءَ لهُ
المعنى العِراقيّ في اللفظِ الحجازيّ
وقدْ تلاقتْ عليهِ كلُّ منجبة ٍ
ومنجبٍ فهو لا يعزى إلى سيّ
و استأثرتْ عربيّاتُ الخيامِ بهِ
ولمْ يؤكَّلْ إلى أيدي السّراريّ
فشبّ إذ شبّ كالخطّيِّ معتدلاً
وجاء إذ جاء كالصّقرِ القُطاميّ
للهِ منْ علويِّ الرّأي منتسبٍ
إلى العُلى وائليِّ الأصْلِ مُرِّيّ
شيعيُّ أملاكِ بكرٍ إنْ همُ انتسبوا
ولستَ تَلقَى أديباً غيرَ شيعيّ
مَن أصْلحَ المغربِ الأقصَى بلا أدبٍ
غيرِ التشيُّعِ والدّين الحنيفيّ
لمْ يجهل القومُ إذ ولّوكَ ثغرهمُ
لِما تأشّبَ منه كلُّ حُوذيّ
قد تركْنَ عِداهم فيه مِن حَذَرٍ
تَخْلُو فما تتَنَاجى َ بالأمانيّ
فهمْ أولئكَ ما همّوا بمعصية ٍ
ومنْ يهمُّ بأمرٍ غيرِ مأتي
أبقيتَ منهمْ وقدْ رأوّوا أسنّتهم
بجائشاتٍ كأفواهِ البخاتيّ
وقد دُعيتَ إلى الهيجا فجِئتَ كما
جؤجئتِ الشَّولُ بالفحلِ الغريريّ
كأنّما حَلَقاتُ الدرْعِ يوْمِئذٍ
على قراسية ٍ بالقارِ مطليّ(3/340)
أقبَلْتَهم زَجِلَ الأصواتِ ذا لَجَبٍ
فيه القُنوسُ كبيَضاتِ الأداحيّ
و الهضبُ أشمخُ من همّاتِ أنفسهم
و القومُ أمنعُ من عصمِ الأراويّ
حتى غدوا من طريدٍ في الشعابِ ومن
مضرَّجٍ بدمٍ وردِ الأساريّ
ومنْ أُسارى على الأقتابِ خاشعة ٍ
تزفُّ بينَ المنايا والأمانيِّ
كأنّ أيديَها والقِدُّ يَكعَمُها
في كلّ هاجِرَة ٍ أيدي الحَرابيّ
تَعَسّفُوا البِيدَ مُلتَفّاً بأسوُقهِمْ
مِثلُ الأساوِدِ في سَجعْ القُماريّ
إذ يتّقونَ حرورَ الشمس عن مقلٍ
مغرورقاتُ المآقي والأناسيّ
تسطو الرّجالُ بهم من بعدما نظَرُوا
إلى المنابرُ خزراً والكراسيّ
أولى لهمْ ثمَّ أولى من أخٍ ثقة ٍ
راضٍ عن اللهُ زاكي السعي مرضيّ
رامٍ بسهمينِ مبريٍّ يسدّدهُ
وصائبٍ عَلَوِيٍّ غيرِ مَبرِيّ
فلا تسلْ عنْ معاديهِ فحسبكَ من
مُقَرطَسٍ بسِهامِ اللهِ مَرميّ
جَرَى القضاءُ بما ينْوي فلا تَعَبٌ
إنّ القضاءَ عِنانٌ غيرُ مَثْنيّ
وبادَرَ الحَزْمَ حتى قامَ هاجِسُهُ
يقضي لهُ بحثَ أمرٍ غيرِ مقضيّ
يُصرّفُ الدّهْرَ يَنْهَاهُ ويأمُرُه
فدهرهُ بينَ مأمورٍ ومنهيّ
و ليسَ تلقاهُ من دونِ القلوبِ ولا
الغيوب إلاّ سيورٌ كالعراقيّ
طَبٌّ أرِيبٌ بأيّامِ الحروب زعيـ
ـمٌ بالخطُوب عليمٌ بالمآتيِّ
ركنٌ لعمركَ من أركانِ دولتهم
وعروة ٌ من عرى الدّين الحنيفيّ
كل السيوفِ اللواتي جُرّدتْ كذبٌ
وهو المجرِّدُ للسيفِ الحقيقيّ
للهِ ما تنتضي من ذي الفقارِ وما
تشدُّ من عضدِ الرّأي الإماميّ
لمْ يجهلوا ما تلاقي في التشيّعِ من
تحريضِ شارية ٍ أو بأسِ شاريّ
وما تُذلِّلُ من أهلِ العِنادِ لهُمْ
وما تُداري من الدين الإباضيّ
وما تكابدُ من تلكَ الغمارِ وما
تخوضُ بالسيفِ من تلك الأواذيّ
كوفئتَ عن ذلكَ الثغرِ المخوفِ فقدْ
تركتهُ بالعوالي جدَّ مكفيّ
جَوٌّ وجدتَ رُبَاهُ غيرَ مُكْلأة ٍ
لرائِدٍ وحِماهُ غيرَ مَحْميّ
و النّاسُ فيهِ سوامٌ غيرُ مرعيّ
فما استمدّوا بسيفٍ غيرِ منصلتٍ(3/341)
ولا استمدّوا بعزمٍ غيرمأتيّ
أحيَيْتَ فيه مَواتاً غيرَ ذي رَمَقٍ
وشِدْتَ فيه خَراباً غيرَ مَبْنِيّ
وفّرْتَ أموالَه إذ ضِعنَ فاجتُبِيَتْ
منها القناطيرُ من بعدِ الأواقيّ
وصُنْتَ إلى ما لم تَصُنْه يَدٌ
سِواكَ من كلّ راعٍ ثَمّ مَرعى ّ
من بعدِ ما دُكَّ سورٌ غيرُ مُمتنِعٍ
منه وضاعَ خَراجٌ غيرُ مَجْبيّ
مَن يَصْطَلي حَرَّ نارٍ أنتَ موقِدُها
وهي الحرورُ على الشعبِ الحروريّ
أمْ مَنْ يُذِلُّ عَماليقاً تُذِلُّهمُ
إنّ الأجادلَ تَسْمو للكَراكيّ
بأيّ يومِ وغى ً أثني عليك وقد
أثنتْ عليك المذاكي في الأواري
وقد ركزْتَ القَنا بينَ السحاب وقد
أنزلتَ قرنكَ من بينِ الدراريّ
يَفْديكَ جَهْمُ المُحيّا يومَ سائلهِ
يَلقى الملامَ بعِرضٍ غيرِ مَفْدِيّ
من كلّ خاملِ نفسٍ غيرِ طاهرة ٍ
منهم ولابسِ عرضٍ غيرِ قوهيّ
لا يَفْقِدَنّكَ ذو سمْعٍ وذو بصَرٍ
فأنتَ أكرمُ مسموعٍ ومرئيّ
تغضي عن الذنبِ أحياناً فتحتسبني
أشُكُّ في أحنَفِ الحِلْمِ التميميّ
ما كنتُ أعلمُ أنّ الدّهر يزلفُ لي
بحاتمٍ في اللَّيالي غير طائيّ
إذا بَنو مُرّة ٍ صَلّوا عليْكَ فلا
صلّتْ إيادٌ على كعبِ الإياديّ
لكَ المكارمُ مضروباً سرادقها
وبيْتُ شَيبانَ مَشدودَ الأواخيّ
ولم أقِسْكَ بشيبانٍ وما جَمَعَتْ
لكنّما أنتَ عندي كلُّ ربعيّ
لا بل ربيعة ُ والأحلافُ من مضَرٍ
بل أنتَ كلُّ تهاميٍّ ونجدّيّ
بل شسعُ نعلكَ عدنانٌ وما ولدتْ
بل أنتَ وحدكَ عندي كلُّ إنسيّ
العصر الأندلسي >> ابن هانئ الأندلسي >> أقوى المُحَصَّبُ من هادٍ ومن هِيدِ
أقوى المُحَصَّبُ من هادٍ ومن هِيدِ
رقم القصيدة : 10858
-----------------------------------
أقوى المُحَصَّبُ من هادٍ ومن هِيدِ
وودّعونا لطيّاتٍ عباديدِ
ما أنسَ لا أنسَ إجفالَ الحجيجِ بنا
و الرّاقصاتِ من المهريّة ِ القُود
ذا موقفُ الصُّبّ من مرمى الجمار ومن
مَشاخبِ البُدْنِ قَفْراً غير معهود
و موقفُ الفتياتِ النَّاسكاتِ ضحى ً(3/342)
يَعْثُرْنَ في حِبَراتِ الفِتية ِ الصِّيدِ
يُحْرِ من في الرَّيطِ من مثنَى وواحدة ٍ
و ليسَ يحرِمن إلاّ في المواعيدِ
ذواتُ نَبْلٍ ضَعافٍ وهي قاتلة ٌ
وقد يُصِيبُ كَمِيّاً سَهمُ رِعديد
قد كنتُ قَنّاصَها أيّامَ أذعَرُها
غِيدَ السّوالفِ في أياميَ الغِيدِ
إذ لا تبيتُ ظباءُ الوحشِ نافرة ً
ولا تُراعُ مَهاة ُ الرملَ بالسيِّد
لامثلَ وجدي بريعانِ الشباب وقدْ
رأيتُ أملودَ غصني غيرَ أُملود
والشيبُ يضربُ في فوديّ بارقه
والدّهْر يَقدَحُ في شمْلي بتَبديدِ
ورابَني لَوْنُ رأسي إنّه اختلفتْ
فيه الغمائمُ من بِيضٍ ومن سود
إن تبكِ أعيُنُنا للحادثات فقدْ
كَحلننا بعد تغميضٍ بتسهيد
وليسَ ترضى اللّيالي في تصرّفها
إلاّ إذا مزجتْ صاباً بقنديد
لأعرقنّ زماناً راب حادثهُ
إذا استَمَرّ فَألقَى بالمَقَالِيدِ
في اللهِ تصديقُ من أملٍ
وفي المُعِزّ مَعِزِّ البأس والجُود
الواهِبِ البَدَراتِ النُجلِ ضاحِيَة ً
أمثالِ أسِنمَة ِ البُزْلِ الجَلاعيدِ
مصارعَ القَتل أو جاؤوا لموعود
مندَّدِ السمْع في النّادي إذا نودي
لكلّ صوتٍ مجالٌ في مسامعهِ
غيرِ العنيفينِ من لومٍ وتفنيدِ
وعندَ ذي التاجِ بيضُ المكرماتِ وما
عندي له غيرُ تمجيدٍ وتحميد
أتبعتهُ فكري حتى إذا بلغتْ
غاياتها بين تصويبٍ وتصعيد
رأيتُ موضعَ برهانٍ يبينُ وما
رأيتُ موضعَ تكفيفٍ وتحديد
وكان منقذَ نفسي من عمايتها
فقلتُ فيهِ بعلْمٍ لا بتقليدِ
فمن ضميرٍ بصدْقِ القوْلَ مشتملٍ
خُزْرِ العيونِ ومن شُوسٍ مذاويد
ما أجزلَ اللهُ ذخري قبل رؤيتهِ
ولا انتَفعَتُ بإيمانٍ وتوحيد
للهِ منْ سببٍ باللهِ متّصلٍ
وظِلِّ عدلٍ على الآفاقِ ممدود
هادي رشادٍ وبرهانٍ وموعظة ٍ
وبيَّناتٍ وتوفيقٍ وتسْديد
ضِياءُ مُظلمة ِ الأيّامِ داجيَة ٍ
وغيثُ ممحلة ِ الكنافِ جارود
ترى اعاديه في أيام دولتهِ
ما لا يرى حاسدٌ في وجهِ محسود
قد حاكمتْهُ ملوكُ الرّوم في لجبٍ
وكانَ لله حكمٌ غيرُ مَردود(3/343)
إذ لا ترى هبرزيّاً غيرَ منعفرٍ
منهم ولا جاثليقاً غيرَ مصفود
قضيتَ نحبَ العوالي من بطارقهمْ
وللدّ ماسقِ يومٌ جدُّ مشهود
ذَمّوا قَناكَ وقد ثارَتَ أسِنّتُها
فما تركْنَ وَريداً غيرَ مَورود
أعيا عليه : أيرجو أم يخافُ وقد
رآك تُنْجِزُ مِنْ وعدٍ وتوعيدِ
وقائعٌ كَظَمَتْهُ فانْثنى خَرِساً
كأنّما كَعَمَتْ فاه بجُلمود
حَمَيْتَهُ البَرَّ والبَحرَ الفضاءَ معاً
فما يَمُرّ ببابٍ غيرِ مَسدود
يرى ثُغورَكَ كالعَينِ التي سَلِمتْ
بين المَرَوراتِ منها والقَراديد
يا رُبّ فارعة ِ الأجيالِ راسِيَة ٍ
منها وشاهقة ِ الأكنافِ صَيخود
دنا ليمنعَ ركنيها بغاربه
فباتَ يَدعمُ مهدوداً بمهدود
قد كانتِ الرّومُ محذوراً كتائبها
تدني البلادَ على شحطٍ وتبعيد
ملكٌ تأخّر عهدُ الرّومِ من قدمٍ
عنه كأن لم يكن دهراً بمعهود
حلّ الذي أحكموه في العزائم منْ
عقدٍ وما جرّبوه في المكائيد
وشاغَبوا اليمَّ ألفَيْ حِجّة ٍ كَمَلاً
وهم فوارسُ قاريّاتِهِ السُّود
فاليومَ قد طمستْ فيه مسالكهم
من كلّ لاحبِ نَهْجِ الفُلْكِ مقصود
لو كنتَ سائلهم في اليمّ ما عرفوا
سفعَ السّفائن من عفرِ الملاحيد
هَيهاتَ راعَهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ
مللُ الملوكِ وصنديدُ الصّناديد
من مَعَشرٍ تَسَعُ الدنيا نفوسُهُمُ
ولا يبيتُ على أحناءِ مفؤود
ذو هيبة ٍ تُتّقيَ من غيرِ بائقة ٍ
وحِكمة ٍ تُجْتَنى من غيرِ تعقيد
من معشرٍ تسعث الدنيا نفوسهمُ
والناسُ ما بينَ تضييقٍ وتنكيد
لو أصحروا في فضاءٍ من صدورهمُ
سدّوا عليكَ فروجَ البيدِ بالبيد
اولئك الناسُ أن عدّوا بأجمعهم
ومَن سواهم فَلَغْوٌ غيرُ معدود
والفرقُ بين الوَرَى جمْعاً وبينَهُمُ
كالفرقِ ما بينَ معدومٍ وموجود
إن كانَ للجودِ بابٌ مرتجٌ غلقٌ
فأنتَ تُدْني إليَهِ كلّ إقليدِ
كأنَّ حلمكَ أرسَى الأرض أو عُقدتْ
به نواصي ذرى أعلامها القودِ
لكَ المواهبُ أولاها وآخرها
عطاءُ ربٍّ عطاءٌ غيرُ مجدودِ
باقٍ ومن أثَرٍ في النّاسِ محمودِ(3/344)
باقس ومن أثرٍ في النّاسِ محمودِ
لو خلّدَ الدّهرُ ذا عزّ لعزّتهِ
كنتَ الحقَّ بتعميرٍ وتخليدِ
تَبلى الكرامُ وآثارُ الكرامِ وما
تَزدادُ في كلّ عَصرٍ غيرَ تجديدِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> ألاَ بَكَرتْ عِرْسِي تُوَائمٌ مَنْ لَحَى
ألاَ بَكَرتْ عِرْسِي تُوَائمٌ مَنْ لَحَى
رقم القصيدة : 10859
-----------------------------------
ألاَ بَكَرتْ عِرْسِي تُوَائمٌ مَنْ لَحَى
وأقْرِبْ بأحْلامِ النِّساء من الرَّدَى
أفِي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعتْنِي مَلامة ً
لَعَمْرِي لقد كانت مَلامتُها ثِنَى
أَلاَ لاتَلُومِي وَيْبَ غَيْرِك عارِياً
رأى ثوبَه يوماً من الدَّهر فاكتسى
فأقسِمُ لولا أنْ أسرَّ ندامة ً
وأعلنَ أخرى إن تراخت بكِ النَّوى
وقِيلُ رِجالٍ لا يُبالونَ شأنَنا
غوى أمرُ كعبٍ ما أراد وما ارتأى
لقد سَكَنتْ بَيْنِي وبَيْنَكِ حِقْبة ً
بأَطْلائِها العِينُ المُلَمَّعة ُ الشَّوَى
فيا راكباً لإما عرضتَ فبلِّغنْ
بني ملقطٍ عني إذا قيل : من عَنى
فما خلتكمْ يا قوم كنتمْ أذلَّة ٍ
وما خلتكمْ كنتم لمختلسٍ جَنى
لقد كنتم بالسَّهلِ والحزنِ حيّة ً
إذا لدغت لم تشفِ لدغتها الرُّقى
فإنْ تغضبوا أو تدركوا لي بذمة ٍ
لعمركُم لمثلُ سعيكمُ كفى
لقد نال زيد الخيلِ مالَ أخيكمُ
وأصبحَ زيدٌ بعد فقرٍ قد اقتنى
وإنّ الكُمَيْتَ عند زَيْدٍ ذِمامَة ٌ
وما بالكُمَيْتِ من خَفَاءٍ لِمَنْ رَأى
يَبِينُ لأَفْيالِ الرجالِ ومِثْلُه
يَبِينُ إذا ما قِيدَ في الخيلِ أو جَرَى
ممرُّ كسرحانِ القصيمة منعلٌ
مَسَاحِيَ لا يُدْمِي دَوَابِرَها الوَجَى
شَدِيدُ الشَّظَى عَبْلُ الشَّوَى شَنِجُ النَّسَا
كأنّ مكانَ الرِّدْفِ من ظهرِه وَعَى
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> هَلاَّ سَأَلْتِ وأَنتِ غَيْرُ عَيِيَّة ٍ
هَلاَّ سَأَلْتِ وأَنتِ غَيْرُ عَيِيَّة ٍ
رقم القصيدة : 10860
-----------------------------------
هَلاَّ سَأَلْتِ وأَنتِ غَيْرُ عَيِيَّة ٍ(3/345)
وشِفاءُ ذِي العِيِّ السُّؤالُ عن العَمَى
عَنْ مَشْهدِي ببُعَاثَ إذْ دَلَفَتْ لَهُ
غَسَّانُ بالْبِيضِ القَواطِعِ والْقَنَا
وعن اعْتِناقِي ثَابِتاً في مَشْهَدٍ
مُتَنَافَسٍ فيه الشَّجاعَة ُ لِلْفَتَى
فَشَرَيَتُه بِأَجَمَّ أسْوَدَ حالِكٍ
بِعُكاظَ مَوْقُوفاً بَمَجْمَعِها ضُحَا
مَا إنْ وَجَدْتُ له فِدَاءً غيرَه
وكذاكَ كانَ فِدَاؤُهُمْ فيمَا مَضَى
إني امرؤ أقني الحياءَ وشيمتي
كرمُ الطبيعة ِ والتجنبُ للخَنا
مِنْ مَعْشَرٍ فيهمْ قُرُومٌ سَادَة ٌ
وليوثُ غابٍ حين تضطّرمُ الوغَى
ويصولُ بالأبدانِ كل مسَفَّرٍ
مِثْلِ الشِّهابِ إذَا تَوَقَّد بالغَضَا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> إن يُدرككَ موتٌ أو مشيبٌ
إن يُدرككَ موتٌ أو مشيبٌ
رقم القصيدة : 10861
-----------------------------------
إن يُدرككَ موتٌ أو مشيبٌ
فقبلَك مات أقوامٌ وشابوا
تَلَبَّثْنا وفَرَّطْنا رِجالاً
دُعُوا وإذا الأنامُ دُعُوا أجابوا
وان سبيلنا لسبيلُ قومٍ
شَهِدْنا الأمرَ بعدَهُمُ وغابوا
فلا تَسأَلْ سَتَثْكَلُ كلُّ أُمٍّ
إذا ما إخوة ٌ كثروا وطابوا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أَمِنْ دِمْنَة ٍ قَفْرٍ تَعَاوَرَها البِلَى
أَمِنْ دِمْنَة ٍ قَفْرٍ تَعَاوَرَها البِلَى
رقم القصيدة : 10862
-----------------------------------
أَمِنْ دِمْنَة ٍ قَفْرٍ تَعَاوَرَها البِلَى
لِعَيْنَيْكَ أسرابَ تَفِيضُ غُرُوبُها
تعاورها طول البِلى بعدَ جدَّة ٍ
وجرَّتْ بأذيالٍ عليها جنوبُها
فلم يبقَ فيها غيرُ أسٍّ مذعذعٍ
ولا من أَثافي الدارِ إلا صليبُها
تَحَمَّلَ مِنْها أَهْلُها فنأَتْ بِهِمْ
لطيتهمْ مرُّ النَّوى وشعوبها
وإذ هي كغصنِ البانِ خفَّاقة َ الحَشى
يروعك منها حسنُ دلٍّ وطيبُها
فَأَصْبَحَ باقِي الوُدِّ بَيْنِي وبَيْنَها
أمانيَّ يزجيها إليَّ كذوبُها
فدعها وعدَّ الهمَّ عنكَ ولو دَعا
إلَى ذِكْرِ سَلْمَى كُلَّ يَوْمٍ طَرُوبُها(3/346)
أتصبو إلى سلمى ومن دونِ أهلها
مَهَامِهُ يَغْتالُ المَطِيَّ سُهُوبُها
وبالعفوِ وصَّاني أبي وعشيرتي
وبِالدَّفعِ عَنْها في أُمُورٍ تَرِيبُها
وقَوْمَكَ فَاسْتَبْقِ المَوَدَّة َ فِيهمُ
ونفسك جنِّبْها الذي قد يعيبُها
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> مَا بَرِحَ الرّسْمُ الذي بينَ حَنْجَرٍ
مَا بَرِحَ الرّسْمُ الذي بينَ حَنْجَرٍ
رقم القصيدة : 10863
-----------------------------------
مَا بَرِحَ الرّسْمُ الذي بينَ حَنْجَرٍ
وذَلْفَة َ حَتَّى قِيلَ هَلْ هُوَ نَازِحُ
ومازلتَ ترجو نفعَ سعدى وودها
وتُبْعِدُ حَتَّى ابْيَضَّ مِنْكَ المسائح
وحَتَّى رَأَيْتَ الشَّخْصَ يَزْدَادُ مِثْلُهُ
إليه ، وحتى نِصفُ رأسي واضحُ
عَلاَ حاجِبَيَّ الشَّيْبُ حتّى كأنّه
ظباءٌ جرت منها سنيح وبارحُ
فأصبحتُ لا أبتاعُ الا مؤامراً
وما بيعُ من يبتاعُ مثليَ رابحُ
الا ليت سلمى كلما حانَ ذكرها
تُبَلِّغها عنِّي الرِّياحُ النَّوَافِحُ
وقالت تعلَّم أن ما كان بيننا
إليكَ أدَاءٌ إنَّ عَهْدَكَ صَالِحُ
جمِيعاً تُؤَدِّيه إليكَ أَمانَتِي
كما اُدِّيَتْ بعدَ الغِرازِ المنائِحُ
وقالت تعلّم أنّ بعض حموَّتي
وبعلي غضابٌ كلُّهم لك كاشحُ
يُحدون بالأيدي الشفارَ وكلُّهمْ
لحلقك لو يستطيعُ حلقَك ذابحُ
وهِزَّة ِ أَظْعانٍ عليهنَّ بَهْجَة ٌ
طَلَبْتُ ورَيْعَانُ الصِّبَا بيَ جَامِحُ
فلمَّا قَضَيْنا مِن منى ً كُلَّ حاجَة
ومَسَّحَ رُكْنَ البيتِ مَنْ هُوَ مَاسِحُ
وشُدَّتْ على حُدْبِ المَهَارِي رِحالُها
ولا ينظرُ الغادي الذي هو رائحُ
فَقُلْنَا على الهُوجِ المَرَاسِيلِ وارْتَمَتْ
بهنَّ الصحارى والصِّمادُ الصّحاصِحُ
نزعنا بأطرافِ الأحاديثِ بيننا
ومالت بأعناقِ المطيِّ الأباطحُ
وطِرْتُ إلى قَوْادَاءَ قَادَ تَلِيلُها
مناكِبَها واشْتَدَّ منها الجَوانِحُ
كأنِّي كَسَوْتُ الرَّحلَ جَوْناً رَبَاعِياً
تَضَمَّنَهُ وَادِي الرَّجَا فالأَفايِحُ(3/347)
مُمَرّاً كَعَقْدِ الأَنْدِريِّ مُدَمَّجاً
بدا قارحٌ منه ولم يبدُ قارحُ
كأن عليه من قَباءٍ بِطانة ً
تَفَرَّجَ عنها جَيْبُها والمَناصِحُ
أخو الأرضِ يستخفي بها غير أنهُ
اذا استافَ منها قارحاً فهو صائحُ
دَعَاهَا من الأمْهادِ أمْهادَ عَامِرٍ
وهاجَتْ من الشِّعْرَى عليه البَوَارِحُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> صَبَحْنا الحيَّ حَيَّ بني جِحاشٍ
صَبَحْنا الحيَّ حَيَّ بني جِحاشٍ
رقم القصيدة : 10864
-----------------------------------
صَبَحْنا الحيَّ حَيَّ بني جِحاشٍ
بِمَكْرُوثاءَ داهية ً نآدَا
فما جَبُنُوا غدَاتَئِذٍ ولكِنْ
أُشِبَّ بهم فلم يَسَعُوا الذِّيادَا
فإنْ تَكُ أخْطَأَتْ سعدُ بنُ بَكْرٍ
فقد تَرَكتْ مَوَالِيَها عِبَادَا
بني عوفٍ ودهمانَ بن نصْرٍ
وكان الله فاعلَ ما أرادا
صَبَحْناهُمْ بِجَمْعٍ فيه أَلْفٌ
رَوَايَاهُمْ يُخَضْخِضْنَ المَزَادَا
أربّت بالأكارعِ وهي تبغي
رُعاة َ الشاءِ والضَّأْنَ القِهَادَ
فجُلْنَا جَوْلة ً ثم ارْعَوَيْنَا
وامكنا لمن شاءَ الجلادا
بِضَرْبٍ يُلْقِحُ الضِّبْعانُ منه
طروقته ويأْتنفُ السَّفادا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أَبَتْ ذِكْرة ٌ من حُبِّ لَيْلَى تَعُودُنِي
أَبَتْ ذِكْرة ٌ من حُبِّ لَيْلَى تَعُودُنِي
رقم القصيدة : 10865
-----------------------------------
أَبَتْ ذِكْرة ٌ من حُبِّ لَيْلَى تَعُودُنِي
عيادَ أخي الحُمّى إذا قلتَ أقصرا
كأنَّ بغبطانِ الشريف وعاقلٍ
ذُرَا النَّخْل تَسْمُو والسَّفِينَ المُقَيَّرَا
ألم تعلمي أنّي إذا وصلُ خُلة ٍ
كذاكِ تولَّى كنتُ بالصبر أجْدرَا
ومُسْتأْسِدٍ يَنْدَى كأنّ ذُبابَه
أخو الخمرِ هاجت شوقَه فتذكَّرا
هبطتُ بملبونً كأنّ جلالهُ
نَضَتْ عن أَدِيمٍ ليلة َ الطَّلِّ أَحْمرَا
امينِ الشَّظى عبلٍ إذا القومُ آنسوا
مدى العينِ شخصاً كان بالشخصِ أبصرا
وخالي الجبا أوردته القومَ فاستقوا
بسُفْرتِهم من آجِنِ الماءِ أصْفَرا(3/348)
وخرقٍ يعجُّ العودُ أن يستبينه
إذا أورد المجهولة َ القومُ أصدرا
تَرَى بِحفافَيْهِ الرَّذَايَا ومَتْنِهِ
قِياماً يُفَتِّرْنَ الصَّرِيفَ المُفَتَّرا
تركتُ به من آخر الليلِ موضعي
لديه وملقايَ النقيشَ المُسمَّرا
ومثنى نواجٍ ضمّرٍ جدلية ٍ
كجفن اليمانيَ نيُّها قد تحسَّرا
ومَرْقَبة ٍ عَيْطاءَ بادَرْتُ مُقْصَراً
لأَسْتَأْنِسَ الأشْبَاحَ أو أتَنَوَّرَا
على عجلٍ مني غشاشاً وقد بدا
ذُرَا النَّخْلِ واحْمَرَّ النهارُ فأَدْبَرَا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> إنّ عِرْسِي قد آذنتْني أخِيراً
إنّ عِرْسِي قد آذنتْني أخِيراً
رقم القصيدة : 10866
-----------------------------------
إنّ عِرْسِي قد آذنتْني أخِيراً
لم تُعَرِّجْ ولم تُؤامِرْ أمِيرَا
أجهازا جاهزت لا عتبَ فيهِ
أمْ أرَادَتْ خِيانة ً وفُجورَا
ما صلاحُ الزوجين عاشا جميعاً
بعد أن يصرم الكبيرُ الكبيرا
فاصبري مثلَ ما صبرتِ فإني
لا إخالُ الكريمَ إلاّ صَبُورَا
أيَّ حينٍ وقد دببتُ ودبَّتْ
ولَبِسْنا من بَعْدِ دَهْرٍ دُهُورَا
ما أرانا نقولُ إلا رجيعاً
ومعاداً من قولنا مكرورا
عذلتني فقلتُ لا تعذليني
قد أغادي المعذَّل المخمورا
ذا صباحٍ فلم أوافِ لديهِ
غيرَ عَذَّالة ٍ تَهِرُّ هَرِيرَا
عذلته حتى إذا قال إني
- فذَرِينِي- سأَعْقِل التَّفكيرَا
غفلتْ غفلة ً فلم تر إلا
ذات نفس منها تكوسُ عقيرا
فَذَرِينِي من المَلامَة ِ حَسْبِي
رُبَّما أَنْتَحِي مَوارِدَ زُورَا
تتأوَّى إلى الثنايا كما شَكَّـ
ـتْ صناعٌ من العسيبِ حصيرا
خلجاً من معبدٍ مسبطرٍّ
فقَّر الأكم والصُّوى تفقيرا
واضِحِ اللَّوْنِ كالمَجَرَّة ِ لا يَعْـ
ـدمُ يوماً من الأهابيِّ مورا
وذِئاباً تَعْوِي وأَصْواتَ هامٍ
مُوفِياتٍ مع الظَّلامِ قُبورَا
غيرَ ذِي صاحبٍ زَجَرْتُ عليه
حُرَّة ً رَسْلة َ اليَدَيْنِ سَعُورَا
أخرج السَّير والهواجر منها
قَطِراناً ولو رُبٍّ عصيرا
يومَ صومٍ من الظهيرة ِ أو يو(3/349)
مَ حُرُورٍ يَلَوِّحُ اليعفورا
وإذا ما أَشاءُ أبعَثُ منها
مطلعَ الشمسِ ناشطاً مذعورا
ذا وشومٍ كأنّ جلدَ شواهُ
في ديابيجَ أو كسين نمورا
أَخْرَجتْه من اللّيالي رَجُوسٌ
ليلة ً هاجَها السِّماكُ دَرُورَا
غَسَلتْه حتَّى تَخَالَ فَريداً
وجمانا عن متنه محدورا
في أًصولِ الأَرْطَى ويُبْدِي عُروقاً
ثَئِداتٍ مثلَ الأعِنَّة ِ خُورَا
وَاشِجاتٍ حُمْراً كأنّ بأَظْلاَ
فِ يديهِ من مائهنََّ عبيرا
كمطيفِ الدوّار حتى إذا ما
ساطِعُ الفَجْرِ نَبَّه العُصفورا
رابَه نَبْأة ُ وأضْمَرَ منْها
في الصِّماخين والفؤادِ ضَميرا
مِنْ خَفِيّ الطِّمْرَيْنِ يَسْعَى بغُضْفٍ
لم يؤيِّه بهنّ إلا صفيرا
مقعياتٍ إذا علونَ يفاعاً
زرقاتٍ عيونها لتغيرا
كالحِاتٍ معاً عَوارِضَ أَشْدَا
قٍ ترى في مشقِّها تأخيرا
طافِياتٍ كأنهنّ يَعَاسِيـ
ـبُ عَشِيٍّ بارَيْنَ رِيحاً دَبُورَا
ما أرى ذائداً يزيد عليه
غابَ عنه أنصارُه مَكْثُورَا
بأسيلٍ صَدقٍ يثقفه فيـ
ـهنّ لا نابِياً ولا مأطُورَا
فكأنّي كسوتُ ذلك رحلي
أو مُمرَّ السراة ِ جأباً دريرا
أو أقباً تصيَّفَ البقلَ حتى
طار عنه النسيلُ يرعى غريرا
£يَنْتحِي بالقَنَان يَقْرُو رِياضاً
فانتحى آتنا جدائدَ نورا
ألصق العذمَ والعذابَ بقبّا
ءَ ترى في سراتها تحسيرا
سَمْحة ٍ سَمْحَجِ القَوائِم حَقْبا
ءَ من الجونِ طمِّرتْ تطميرا
فوقَ عُوجٍ مُلْسِ القَوائِم أُنْعِلْـ
ـلْنَ جلاميدَ أو حذينَ نسورا
دأبَ شهرين ثم نَصفاً دميكاً
بأريكينِ يكدمانَ غميرا
فهي مَلْساءُ كالعَسِيبِ وقَدْ بَا
نَ نَسِيلٌ عن مَتْنِها ليَطِيرَا
قد نَحاها بشَرِّه دُونَ تِسْعٍ
كان ما رامَ عندَهنّ يَسِيرَا
كالقيسيِّ الأعطالِ أفرد عنها
آتناً قرّحاً ووحشا ذكورا
مُرْتِجاتٍ على دَعَامِيصَ عُوناً
شُمُسٌ قد لَوَيْنَ عنه حُجُورَا
££££££تَرَك الضَّرْبُ بالسَّنابِك مِنْهُـ
ـنّ بضاحي جبينه توقيرا
علقتْ مخلفاً جنيناً وكانت
منحتْ قبله الحيالَ نزورا(3/350)
مثل درصِ اليربوع لم يرب عنهُ
غَرِقاً في صُوانِه مَغْمورَا
فإذا ما دَنَا لها مَنَحَتْهُ
مضمراً يفرصُ الصَّفيحَ ذكيرا
ذَكَرَ الْوِرْدَ فاسْتَمَرَّ إلَيْه
بِعَشِيٍّ مُهَجِّراً تَهْجِيرَا
جعل السَّعدَ والقنان يميناً
والمروراة شأمة ً وحفيرا
عامداً للقنان ينضو رياضاً
وطِرَاداً من الذِّنابِ ودُورَا
ويخافانِ عامراً عامرَ الخضْـ
ـرِ وكان الذِّنابُ منه مصيرا
رامياً أخَشْنَ المَنَاكِبِ لا يُشْـ
ـخِصُ قد هَرَّه الهَوادِي هَرِيرَا
ثاوياً ماثلاً يقلب زرقاً
رَمَّها القَيْنُ بالعُيونِ حُشُورَا
شرقاتٍ بالسمِّ من صُلبِيٍّ
وركوضاً من السراءِ طحورا
ذاتَ حِنْوٍ مَلْسَاءَ تَسْمَعُ مِنْها
تَحْتَ ما تَنبِضُ الشِّمالُ زَفِيرَا
يبعثُ العزفُ والترنمُ منها
ونزيرٌ إلى الخَمِيسِ نزِيرا
لاصقٌ يكلأُ الشريعة لا يُغـ
ـفي فواقاً مدمِّراً تدميرا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> لَوْ كُنْتُ أَعْجَبُ منْ شَيءٍ لأعْجَبَنِي
لَوْ كُنْتُ أَعْجَبُ منْ شَيءٍ لأعْجَبَنِي
رقم القصيدة : 10867
-----------------------------------
لَوْ كُنْتُ أَعْجَبُ منْ شَيءٍ لأعْجَبَنِي
سَعْيُ الفَتَى وهو مُخْبُوءٌ له القدَرُ
يَسْعَى الفتى لأمورٍ لَيْسَ مُدْرِكُها
والنفسُ واحدة ٌ والهمُّ منتشرُ
والمرءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ
لا تَنْتَهِي العَيْنُ حَتَّى يَنْتَهِي الأثَرُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> ألمّا على ربعٍ بذات المزاهرِ
ألمّا على ربعٍ بذات المزاهرِ
رقم القصيدة : 10868
-----------------------------------
ألمّا على ربعٍ بذات المزاهرِ
مقيمٍ كأخلاقِ العباءة ِ داثرِ
تراوحه الأرواح قد سارَ أهله
وما هُوَ عن حَيِّ القَنَانِ بسائرِ
ونارٍ قبيلَ الصبحِ بادرتُ قدحها
حيا النار قد أوقدتها لمسافرِ
فلوِّحَ فيها زاده وربأتُهُ
على مَرْقَبٍ يَعْلُو الأحِزَّة َ قَاهِرِ
ولَمَّا أَجَنَّ اللَّيْلُ نَقْباً ولَمْ أَخَفْ(3/351)
على أثرٍ منّي ولا عينَ ناظرِ
أخذتُ سلاحي وانحدرتُ إلى امرئٍ
قليلٍ أذاهُ صدرهُ غيُر واغرِ
فَطِرْتُ بِرَحْلي واسْتَبَدَّ بِمثْلِهِ
عَلَى ذَاتِ لَوْثٍ كَالبَلِيَّة ِ ضامِرِ
تُعَادِي مَشَكَّ الرَّحْلِ عَنْهَا وتَتقِي
بِمثْلِ صَفِيحِ الجَدْوَلِ المُتَظَاهِرِ
فأصبحُ ممسانا كأن جباله
مِنَ البُعْدِ أَعْنَاقُ النِّساءِ الحَوَاسِرِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> لعمركَ لولا رحمة ُ الله إنني
لعمركَ لولا رحمة ُ الله إنني
رقم القصيدة : 10869
-----------------------------------
لعمركَ لولا رحمة ُ الله إنني
لأمطو بجدٍّ ما يريد ليرفعا
فلو كنتُ حوتاً رَكَّضَ الماءُ فوقَه
ولَوْ كُنْتُ يَرْبُوعاً سَرَى ثم قَصَّعَا
إذا ما نتجنا أربعاً عامَ كفأة ٍ
بغاها خناسيرٌ فأهلكَ أربَعا
إذا قُلْتُ إنِّي في بَلاَدٍ مَضَلَّة ٍ
أبى أنّ ممسانا ومصبحنا معا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> رحَلْتُ إلى قومي لأدْعُوَ جُلَّهُم
رحَلْتُ إلى قومي لأدْعُوَ جُلَّهُم
رقم القصيدة : 10870
-----------------------------------
رحَلْتُ إلى قومي لأدْعُوَ جُلَّهُم
إلى أمر حزْمٍ أحكمته الجوامعُ
ليُوفُوا بما كانوا عليه تَعَاقَدُوا
بخيْفِ منى ً والله راءٍ وسامعُ
وتوصلَ أرحام ويفرجَ مغرَمٌ
وترجعَ بالودِّ القديم الرواجعُ
فأَبْلِغْ بها أَفْنَاءَ عُثْمانَ كلَّها
وأَوْساً فبلِّغْها الذي أنا صانِعُ
سأدعوهم جهدي إلى البرِّ والتُّقى
وأمرِ العلا ما شايعتني الأصابعُ
فكونوا جميعاً ما استطعتم فإنه
سيَلْبَسُكم ثوبٌ من اللهِ واسِعُ
وقُومُوا فآسُوا قَوْمَكم فاجمَعُوهُم
وكونوا يداً تبني العُلا وتدافعُ
فإنْ أنتُم لم تفعَلوا ما أمرتُكم
فأوفوا بها ، إن العهود ودائعُ
لشتانَ من يدعو فييوفي بعهده
ومن هو للعهدِ المؤكدِ خالعُ
إليكَ أبا نَصْرٍ أجازتْ نَصِيحتِي
تُبَلِّغُها عَنِّي المَطِيُّ الخَوَاضِعُ
فأوفِ بما عاهدت بالخيف من منى ً(3/352)
أبا النصر إذ سدت عليك المطالعُ
فنحن بنو الأشياخ قد تعلمونهُ
نذَبّبُ عن أحسابنا وندافعُ
ونحبِس بالثغر المخوفِ محلُّه
ليُكْشَفَ كَرْبٌ أو ليُطْعَمَ جائعُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا
بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا
رقم القصيدة : 10871
-----------------------------------
بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا
ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلَفا
عاد السوادُ بياضاً في مفارقهِ
لا مرحباً هابذا اللونِ الذي ردفا
في كلِّ يومٍ أرى منه مبيِّنة ً
تكاد تُسْقِطُ منِّي مُنَّة ً أَسَفَا
ليت الشَّبَابَ حَلِيفٌ لا يُزَايِلُنا
بل ليته ارتدّ منه بعضُ ما سلفا
ما شَرُّها بعد ما ابيضَّتْ مَسَائحُها
لا الود أعرفه منها ولا اللَّطفا
لو أنها آذنتْ بِكراً لقلتُ لها
يا هَيْدَ مالِك أو لو آذنَتْ نَصَفَا
لولا بنوها وقولُ الناسِ ما عطفتْ
على العتاب وشرُّ الودِ ما عطَفَا
فلن أزالَ ، وإنْ جاملتُ ، مضطغِناً
في غيرِ نائرِة ٍ ضبَّا لها شنَفَا
ولا حبٍ كحصيرِ الراملات ترى
من المطيِّ على حافاته نَطِفا
والمُرْذِياتِ عليها الطّيْر تَنْقُرها
إمّا لهِيداً وإمّا زاحِفاً نَطِفَا
قد ترك العاملاتُ الراسِماتُ به
من الأحِزَّة في حافاته خُنُفَا
يَهْدِي الضَّلُولَ ذَلُولٍ غيرِ مُعْتَرِفٍ
إذا تَكَاءدَه دَوِّيُّهُ عَسَفَا
سمحٍ دريرٍ اذا ما صُوَّة ٌ عرضتْ
له قَريباً لسَهْلٍ مال فانحرَفا
يجتازُ فيه القطا الكُدريّ ضاحية ً
حتّى يَؤوبَ سِمَالاً قد خَلَتْ خُلُفَا
يَسْقِينَ طُلْساً خَفِيّاتٍ تَرَاطُنُها
كما تَرَاطَنُ عُجْمٌ تَقْرَأ الصُّحُفَا
جَوَانحُ كالأَفَانِي في أَفاحِصِها
ينظُرْنَ خَلْفَ رَوَايَا تَسْتَقِي نُطَفَا
حمرٌ حواصلها كالمغدِ قد كسيتْ
فوقَ الحواجبِ مما سبدتْ شعفَا
يوماً قطعتُ وموماة ٍ سريتُ إذا
ما ضاربُ الدُّفِّ من جنانِها عزَفا
كلفْتُها حرّة َ الليتينِ ناجية ً(3/353)
قَصْرَ العَشِيِّ تُبَارِي أَيْنُقاً عُصُفَا
أبقى التهجرُ منها بعد ما ابتذلتْ
مَخِيلة ً وهِبَاباً خَالَطَا كَثَفَا
تَنْجُو وتَقْطُر ذِفْرَاها على عُنُقٍ
كالجِذْع شذَّب عنه عاذِقٌ سَعَفَا
كأن رَحْلِي وقد لانتْ عَرِيكتُها
كسوتُه جورَفاً أقرابُهُ خصفَا
يجتازُ أرضَ فلاة ٍ غيرَ أنّ بها
آثارَ جنٍّ ووسماً بينهم سلفا
تَبْرِي له هِقْلة ٌ خَرْجاءُ تحسبَهُا
في الآلِ مخلولة ً في قرطفٍ شرفا
ظَلاَّ بأَقْرِية ِ النَّفَّاخِ يومَهما
يَحْتَفِرَانِ أُصُولَ المَغْدِ واللَّصَفَا
والشَّرْيَ حتّى إذا اخضرَّتْ أُنُوفُهما
لا يألوانِ من التنُّومِ ما نقفا
راحا يطيرانِ معوجَّين في سرعٍ
ولا يريعان حتى يهبطا أنُفا
كالحَبَشِيَّيْنِ خافَا من مَلِيكهما
بعضَ العَذاب فجالا بعدَ ما كُتِفَا
كالخاليَيْنِ إذا ما صَوَّبا ارتفعا
لا يحقرانِ من الخطبان ما نقفا
فاغترَّها فشآها وهي غافلة ٌ
حتى رأته وقد أوفى لها شَرفا
فشَمَّرَتْ عن عَمُودَيْ بانة ٍ ذَبَلاَ
كأنّ ضاحِيَ قِشْرٍ عنهما انْقَرَفَا
وقارَبَتْ من جَنَاحَيْها وجُؤْجُئِها
سكَّاءَ تثني إليها ليناً خُصفَا
كانت كذلك في شأوٍ ممنعة ٍ
ولو تَكَلَّفَ منها مِثْلَه كَلِفَا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أنَّى ألمَّ بك الخيالُ يطيفُ
أنَّى ألمَّ بك الخيالُ يطيفُ
رقم القصيدة : 10872
-----------------------------------
أنَّى ألمَّ بك الخيالُ يطيفُ
ومَطَافُهُ لك ذِكْرة ٌ وشُعُوفُ
يسري بحاجاتٍ إليّ فرُعنني
من آلِ خولة كلُّها معروفُ
فأبيتُ محتضرا كأنيَ مسلَمٌ
للجِنّ رِيعَ فُؤادُه المخطوفُ
فعزَفْتُ عنها إنّما هو أن أَرَى
ما لا أنالُ فإنني لعزوفُ
لاَ هالِكٌ جَزَعاً على ما فاتَني
ولِمَا أَلَمَّ من الخُطُوبِ عَرُوفُ
صَفْراءُ آنِسة ُ الحَدِيثِ بمثلِها
يشفي غليلَ فؤاده الملهوفُ
ولَوَ أنّها جادتْ لأَعْصَمَ حِرْزُه
مَتَمنِّعٌ دون السِّماءِ مُنِيفُ
لاستنزلتهُ عيطلٌ مكحولة ٌ(3/354)
حَوْراءُ جادَ لها النَّجَادَ خَرِيفُ
دعها وسلِّ طلابها بجلالة ٍ
إذ حان منك ترحلٌ وخفوفُ
حرفٍ توارثها السِّفار فجسمها
عارٍ ، تساوكُ والفؤادُ خطيفُ
وكأن موضعَ رحلها من صلبها
سيفٌ تقادم جفنهُ معجوفُ
أَو حَرْفُ حِنْوٍ من غَبِيطٍ ذابِلٍ
رفقت به قينية ٌ معطوفُ
فإذا رفَعتُ لها اليَمينَ تَزَوارَتْ
عن فرج عوجٍ بينهنَّ خليفُ
وتكون شكواها إذا هي أنجدتْ
بعد الكَلاَلِ تَلَمُّكٌ وصَرِيفُ
وكأن أقتادي غداً بشوارها
صَحْماءُ خَدَّدَ لَحْمَها التسويفُ
كالقوس عطَّلها لبيعٍ سائمٌ
أو كالقَنَاة ِ أقامَها التَّثْقِيفُ
أفتلك أمْ ربداءُ عارية ُ النَّسا
زجاءُ صادقة ُ الرواحِ نسوفُ
خَرْجاءُ جَوَّفَها بياضٌ داخِلٌ
لِعِفَائها لَوْنانِ فهو خَصِيفُ
ظلتْ تراعي زوجها وطباهما
جِزْعٌ قَدَ امْرَعَ سَرْبُه مَصْيوفُ
ينجو بها خربُ المشاش كأنه
بخزامهِ وزمامهِ مشنوفُ
قرعُ القذال يطير عن حيزومهِ
زغبٌ تفيئه الرياحُ سخيفَ
وكأنها نوبية وكأنهُ
زوجٌ لها من قومها مشعوفَ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> نَفَى أهْلَ الحَبَلَّقِ يَوْمَ وَجٍّ
نَفَى أهْلَ الحَبَلَّقِ يَوْمَ وَجٍّ
رقم القصيدة : 10873
-----------------------------------
نَفَى أهْلَ الحَبَلَّقِ يَوْمَ وَجٍّ
مُزَيْنَة ُ جَهْرَة ً وبَنُو خُفَافِ
صَبَحْناهُمْ بأَلْفٍ من سُلَيْم
وألفٍ من بني عثمان وافِ
حدوا أكتافهم ضرباً وطعناً
ورمياً بالمريشة ِ الِّلطافِ
رَمَيْناهم بشُبَّانٍ وشِيبٍ
تكفكفُ كلَّ ممتنعِ العطافِ
تَرَى بينَ الصُّفوفِ لَهُنَّ رَشْقاً
كما انْصَاعَ الفُواقُ عنِ الرِّصَافِ
تَرَى الجُرْدَ الجِيادَ تَلوحُ فيهِمْ
بأرماحٍ مقوَّمة ِ الثقافِ
ورحنا غانمين بما أردنا
وراحوا نادمين على الخلافِ
وأعطينا رسول الله منّا
مواثِيقاً على حُسْنِ التَّصَافِي
فجزنا بطن مكة وامتنعنا
بتَقْوَى الله والْبيضِ الخِفَافِ
وحَلَّ عَمُودُنَا حَجَراتِ نَجْدٍ
فألية َ فالقدوسَ إلى شرافِ(3/355)
أرادوا اللاتَ والعزّى الهاً
كَفَى بالله دُونَ اللاَّتِ كَافِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أمن نوارَ عرفتَ المنزلَ الخلقا
أمن نوارَ عرفتَ المنزلَ الخلقا
رقم القصيدة : 10874
-----------------------------------
أمن نوارَ عرفتَ المنزلَ الخلقا
إذ لا تفارقُ بطنَ الجوِّ فالبرقا
وَقَفْتُ فيها قليلاً رَيْثَ أَسْأَلُها
فانهلّ دمعي على الخدّين منسحقا
كادَتْ تُبَيِّنُ وَحْياً بعضَ حاجَتِنا
لو أن منزل حيٍ دارساً نطقا
لا زالت الريح تزجي كلَّ ذي لجبٍ
عَيْثاً إذا ما ونَتْهُ ديمة ُ دفَقَا
فَأَنْبَتَ الفَعْوَ والرَّيْحانَ وَابِلُه
والأيهقانَ مع المكنانِ والذُّرقا
فَلَمْ تَزَلْ كُلُّ غَنَّاءِ البُغَامِ به
من الظباءِ تراعي عاقداً خرقا
تَقْرُو به مَنْزلَ الحَسْنَاءِ إذْ رَحَلَتْ
فاستقبلت رُحبَ الجوفين فالعمقا
حلّتْ نوار بارضٍ لا يبلغها
إلا صموت السُّرى لا تسأم العنقا
خطَّارة ٌ بعد غبِّ الجهد ناجية ٌ
لا تشتكي للحفا من خفها رققا
ترى المريءَ كنصلِ السيفِ إذ ضمنتْ
أو النَّضَيّ الفَضَا بَطَّنْتَه العُنَقَا
تَنْفِي اللُّغامَ بمثلِ السِّبْتِ خَصَّرَه
حاذٍ يمانٍ إذا ما أرقلتْ خفقا
تَنْجُو نَجاءَ قَطاة ِ الجَوِّ أَفْزَعَها
بِذي العِضَاهِ أحَسَّتْ بَازِياً طَرَقا
شهمٌ يكبُّ القطا الكدري مختضبُ الـ
أظفار حرٌّ ترى في عينه زرقا
بَاتَتْ له لَيْلَة ٌ جَمٌّ أَهاضِبُها
وبَاتَ يَنْفُضُ عَنْه الطَّلَّ واللَّثَقَا
حَتَّى إذَا ما انْجَلَتْ ظَلْماءُ لَيْلتِه
وانْجابَ عنه بياضُ الصُّبحِ فانْفَلَقَا
غَدَا على قَدَرٍ يَهْوِي ففاجَأَها
فانْقَضَّ وهو بِوَشْكِ الصَّيْدِ قَدْ وَثِقَا
لاشَيْءَ أجْوَدُ مِنْها وهي طيِّبَة ٌ
نفساً بما سوف ينجيها وإن لحقا
نفرها عن حياضِ الموتِ فانتجعتْ
بِبَطْنِ لِينَة َ مَاءً لَمْ يَكُنْ رَنِقَا
ياليت شعري وليتَ الطيرَ تخبرني
أمثل عشقي يلاقي كلُّ من عشقا
إذا سمعتُ بذكر الحبِّ ذكرني(3/356)
هِنْداً فَقَدْ عَلِقَ الأحْشَاءَ مَا عَلِقَا
كم دونها من عدوٍ ذي مكاشحة ٍ
بَادِي الشَّوَارَة ِ يُبْدِي وَجْهُه حَنَقَا
ذِي نَيْرَبٍ نَزِعٍ لَوْ قَدْ نَصَبْتُ له
وَجْهِي لَقَدْ قالَ كُنتَ الحائِنَ الْحَمِقَا
كالكلب لا يسأم الكلب الهرير ولو
لاَقَيْتَ بالْكلبِ لَيْثاً مُخْدِراً ذَرَقَا
ومرهقٍ قد دعاني فاستجبت له
أَجَزْتُ غُصَّتَهُ مِنْ بَعْدِ ما شَرِقَا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أَعْلَمُ أَنِّي مَتَى مَا يَأْتِني قَدَرِي
أَعْلَمُ أَنِّي مَتَى مَا يَأْتِني قَدَرِي
رقم القصيدة : 10875
-----------------------------------
أَعْلَمُ أَنِّي مَتَى مَا يَأْتِني قَدَرِي
فليسَ يحبسُهُ شحٌّ ولا شفقُ
بينا الفتى معجبٌ بالعيش مغتبطٌ
إذا الفَتَى لِلْمَنَايَا مُسْلَمٌ غَلِقُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> نَفَى شَعَرَ الرَّأْسِ القَدِيمَ حَوَالِقُهْ
نَفَى شَعَرَ الرَّأْسِ القَدِيمَ حَوَالِقُهْ
رقم القصيدة : 10876
-----------------------------------
نَفَى شَعَرَ الرَّأْسِ القَدِيمَ حَوَالِقُهْ
ولاحَ بشيبٍ في السَّوادِ مفارقهْ
وأفنى شبابي صبحُ يومٍ وليلة ٌ
وما الدهرُ إلاّ مسيُه ومشارقهْ
وأدركتُ ما قد قالَ قبلي لدهرهِ
زُهَيْرٌ وإنْ يَهْلِكْ تُخَلَّدْ نَوَاطِقُهُ
تبصَّرْ خليلي هل ترى من ظعائنٍ
كَنَخْلِ القُرَى أَوْ كالسَّفِينِ حَزَائقُهْ
تربعنَ روضَ الحزن ما بين لية ٍ
وسيحانَ مستكاً لهنَّ حدائقهْ
فلمّا رأينَ الجزءَ ودَّعَ أهلهُ
وَحَرَّقَ نِيرانَ الصَّفِيحِ وَدَائقُهْ
وخُبِّرْنَ مابينَ الأَخادِيدِ واللِّوَى
سقتهُ الغوادي ، والسواري طوارقهْ
وبَاكَرْنَ جَوْفاً تَنْسُجُ الرِّيحُ مَتْنَهُ
تناءَمُ تكليمَ المجوسِ غرانقهْ
إذا ما أَتَتْه مِنْ شَطْرِ جَانِبٍ
إلَى جَانبٍ حازَ التُّرَابَ مَهَارِقُهْ
بحافتهِ من لا يصيحُ بمن سرى
وَلاَ يَدَّعِي إلاَّ بِمَا هُوَ صَادِقُهْ
على كلِّ معطٍ عطفه متزيدٍ(3/357)
بفضلٍ الزِّمامِ أو مروحٍ تواهقه
وقد ينبري لي الجهلُ يوماً وأنبري
لسربٍ كحُرَّاتِ الهجانِ توافقه
ثلاَثٌ غَرِيرَاتُ الكَلاَم ونَاشِصٌ
على البعل لا يخلو ولا هي عاشِقُه
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> ألاأبلغا عني بُجيراً رسالة ً
ألاأبلغا عني بُجيراً رسالة ً
رقم القصيدة : 10877
-----------------------------------
ألاأبلغا عني بُجيراً رسالة ً
فهل لك فيما قلتَ بالخيفِ هل لكا
شربتَ مع المأمونِ كأساً روية ً
فانهلك المأمونُ منها وعلَّكا
وخالفت أسبابَ الهدى وتبعتهُ
على أيِّ شيءٍ وَيْبَ غَيْرِك دَلَّكَا
على خلقٍ لم تلفِ أمًّا ولا أباً
عليه ولم تدرك عليه اخاً لكا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أَلاَ أَسْمَاءُ صَرَّمْتِ الحِبَالاَ
أَلاَ أَسْمَاءُ صَرَّمْتِ الحِبَالاَ
رقم القصيدة : 10878
-----------------------------------
أَلاَ أَسْمَاءُ صَرَّمْتِ الحِبَالاَ
فَأَصْبَحَ غَادِياً عَزَمَ ارْتِحالاَ
وذَاتُ العِرْضِ قَدْ تَأْتِي إذَا مَا
أرادتْ صرمَ خلِّتها الجمالا
تعاورها الوشاة فغيَّروها
عن الحالِ التي في الدهر حالاَ
ومَنْ لاَ يَفْثَإ الوَاشِينَ عَنْهُ
صَبَاحَ مَسَاءَ يَبْغُوهُ الخَبَالاَ
فَسَلِّ طِلاَبَهَا وتَعَزَّ عنْها
بناجية ٍ كأن بها خيالا
أَمُونُ ما تَمَلُّ ومَا تَشَكَّى
إذا جشَّمتها يوماً كلالاَ
كان الرَّحلَ منها فوق جأْبٍ
يقلِّبُ آتنا خلجاً حيالاَ
مِنَ اللاَّتِي ألِفْنَ جَنُوبَ إير
كَأَنَّ لَهُنّ مِنْ سِبْتٍ نِعالاَ
يَظَلُّ جَبِينُهُ غَرَضاً لِسُمْرٍ
كأن نسورها حشيت نصالا
أَجَشُّ تَخَالُهُ عَلِقاً إذَا مَا
أَرَنَّ على جَوَاحِرِها وجَالاَ
فَأَبْلِغْ إنْ عَرَضْتَ بِنَا رَسُولاً
أبا المملوحِ إنَّ له جلالاَ
أمودٍ خلفكم هرَماً ولمّا
تَذُوقُوا مِنْ عَداوتِنا وَبَالاَ
ولَمَّا تَفْعَلُوا إلاَّ وَعِيداً
كفى بوعيدكم لهم قتالا
£££££££££وَعِيدٌ تَخْدِجُ الأرْحامُ منه(3/358)
ويَنْقُلُ مِنْ أَمَاكِنِها الجِبالاَ
خفيفُ الغيثِ تعجبُ من رآه
مَخِيلَتُه ولم تَقْطُرْ بِلالاَ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أَلاَ بَكَرتْ عِرْسِي تَلُوم وتَعْذُلُ
أَلاَ بَكَرتْ عِرْسِي تَلُوم وتَعْذُلُ
رقم القصيدة : 10879
-----------------------------------
أَلاَ بَكَرتْ عِرْسِي تَلُوم وتَعْذُلُ
وغيرُ الذي قالتْ أعفُّ وأجملُ
ولما رأتْ رأسي تبدَّلَ لونهُ
بياضاً عن اللونِ الذي كان أوّلُ
أَرَنَّتْ من الشَّيْبِ العَجِيبِ الذي رأتْ
وهل أَنتِ منِّي وَيْبَ غَيْرِك أَمْثَلُ
وقد أشهدُ الكأسَ الروّية َ لاهياً
أعلُّ قبيلَ الصبحِ منها وأُنهلُ
ينازعنيها ليّنٌ غيرُ فاحشٍ
مُبَادِرُ غاياتِ التِّجارِ معذِّلُ
إذا غلَبتْه الكأسُ لا متعبَّسُ
حصورٌ ولا من دونها يتبسَّلُ
وليس خَلِيلي بالمَلُولِ ولا الَّذِي
يلومُ على البخل البخيلَ ويبخلُ
لنا حاجة في صرحة ِ الحيِّ بعدما
بَدَا لهمُ أن يَظْعَنوا فتَحَمَّلوا
نشاوى نديمِ الكأسِ منا مرنَّحٌ
وعِيسٌ مُنَاخاتٌ عليهنّ أَرْحُلُ
وحَجْلٌ سَلِيمٌ قَدْ كشَفْنا جِلاَلَه
وآخر في أنضاءِ مسحٍ مسربلُ
وصرماءَ مذكارٍ كأنّ دويَّها
بيعدَ جنانِ اليل مما يخيلَ
حديثُ أناسيٍّ فلما سمعتهُ
إذا ليسَ فيه ما أَبِينُ فأَعْقِلُ
قطَعْتُ يُمَاشِينِي بها متضائلٌ
من الطُّلْسِ أحياناً يَخُبُّ ويَعْسِلُ
يحبّ دُنوَّ الإنس منه وما بهِ
إلى أحد يوماً من الإنس منزلُ
تقرَّبَ حتى قلتُ لم يدنُ هكذا
من الإنس إلا جاهلٌ أو مضلَّلُ
إذا ما عَوَى مُسْتقبِلَ الرِّيحِ جَاوبَتْ
مَسَامِعُه فَاهُ على الزَّادِ مُعْوِلُ
كسوبٌ إلى أن شبّ من كسبِ واحدٍ
محالفه الإقتارُ لا يتمَّولُ
كأنَّ دخانَ الرَّمثِ خالطَ لونهُ
يُغلُّ به من باطنٍ ويجللُ
بصيرٌ بأدغال الضَّراءِ إذا خدى
يَعِيلُ ويَخْفَى بالجَهَاد ويَمْثُلُ
تَرَاه سَمِيناً ما شَتَا وكأنه
حميٌّ إذا ما صافَ أو هو أهزلُ
كان نساهُ شرعة ٌ وكأنّه(3/359)
إذا ما تَمَطَّى وجْهَة َ الرِّيحِ محْمَلُ
وحَمْشٌ بَصِيرٌ المُقْلَتيْن كأنّهُ
إذا ما مشَى مُسْتكرِهَ الرِّيحِ أقْزَلُ
يكاد يَرَى مالا تَرَى عينُ واحدٍ
يُثيرُ له ما غَيَّبَ التُّرْبُ مِعْوَلُ
إذا حضراني قلتُ لو تعلمانِه
ألم تعلما أني من الزاد مرملُ
غرابٌ وذئبٌ ينظران متى أرى
أغارا على ما خيَّلت وكلاهما
سيخلفهُ مني الذي كانَ يأملُ
كأنّ شجاعي رملة ً درجا معاً
فمَرَّا بنا لَوْلاَ وقوفٌ ومَنْزَلُ
ومَضْرَبَها تحت الحَصَى بِجرَانِها
ومثنى نواجٍ لم يخنهنَّ مفصلُ
وأَتْلَعَ يُلْوَى بالجَدِيل كأنّه
عَسِيبٌ سقاه من سُمَيحة َ جَدْولُ
ومَوْضِعَ طُولِيٍّ وأَحْنَاءَ قاتِرٍ
يئطُّ إذا ما شدّ بالنسعِ من علُ
وسُمْرٌ ظِمَاءٌ واتَرَتْهنَّ بعدَما
مَضَتْ هَجْعة ٌ من آخرِ اللّيلِ ذُبَّلُ
سَفَى فوقهنّ التُّرْبَ ضافٍ كأنّه
على الفَرْج والحاذَيْنِ قِنْوٌ مذلَّلُ
ومضطّمرٌ من خاشع الطرف خائفٌ
لما تضع الأرضُ القواءُ وتحملُ
انختُ قلوصي واكتلأْتُ بعينها
وآمَرْتُ نَفْسِي أيَّ أمْرَيَّ أفعَلُ
أأكْلَؤُها خوفَ الحوادثِ إنها
تريبُ على الانسانِ أم أتوكلُ
فأقسمتُ بالرحمنِ لا شيءَ غيرّهُ
يمينَ امرئٍ برٍّ ولا أتحلَّلُ
لأَستشعرنْ أعْلى دريسيَّ مسلماً
لوَجْهِ الذي يُحْيي الأَنَامَ ويقتلُ
هو الحافظُ الوَسْنانَ باللّيل ميِّتاً
على أنه حيُّ من النوْمِ مثقلُ
من الأسود الساري وإن كان ثائراً
على حدِّ نابيه السِّمامُ المثمِّلُ
فلما استدارَ الفرقدان زجرتها
وهَبَّ سِمَاكٌ ذو سِلاَحٍ وأعْزَلُ
فحَطَّتْ سَرِيعاً لم يَخُنْها فؤادُها
ولا عَيْنُها من خَشْية ِ السَّوْطِ تَغْفُلُ
يقطِّع سَيْرَ الناعِجاتِ ذَمِيلُها
نجاءً اذا اختبّ النجاءُ المعوِّلُ
منفَّجة َ الدَّفًّينُ طيِّن لحمها
كما طِينَ بالضَّاحِي من اللِّبْنِ مِجْدَلُ
ودفٌّ لها مثل الصَّفاة ومرفقٌ
عن الزَّوْرِ مفتولُ المُشَاشة ِ أَفْتَلُ
وسالفة ٌ ريّا يبلُّ جديلها(3/360)
إذا ما عَلاَها ماؤها المتبزِّلُ
وصافية ٌ تنفي القذاة َ كأنها
على الأَيْنِ يَجْلُوها جِلاَءٌ وتُكْحَلُ
فمَنْ للقَوَافِي شانَها مَنْ يَحُوكُها
إذا ما ثَوَى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْوَلُ
يقولُ فلا يَعْيَا بشيءٍ يقولُه
ومِنْ قائليها مَنْ يُسِيء ويعمَل
يقوِّمُها حتى تَقُومَ مُتُونُها
فيَقْصُرُ عنها كلُّ ما يُتمثَّلُ
كَفَيْتُكَ لا تَلْقَى من الناس شاعراً
تَنَخَّلَ منها مثلَ ما أتنخَّلُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> باتتُ سعادُ فقلبي اليومَ متبولُ ( البردة )
باتتُ سعادُ فقلبي اليومَ متبولُ ( البردة )
رقم القصيدة : 10880
-----------------------------------
بانتُ سعادُ فقلبي اليومَ متبولُ
متيَّمٌ إثْرَها لم يُجْزَ مَكْبُولُ
وما سعادُ غداة َ البينِ إذ رحلوا
إلاّ أَغَنُّ غَضَيضُ الطَّرْفِ مكحولُ
أرجو وآملُ أنَ يعجلنَ في أبدٍ
وما لهنّ طوالَ الدهرِ تعجيلُ
فلا يعرنكَ ما منَّت وما وعدت
إن الأَمَانِيَّ والأحلامَ تضليلُ
أمستْ سعادُ بارضٍ لا يبلغها
إلا العتاقُ النجيبات المراسيلُ
ولن يبلغها إلا عذافرة
فيها على الأينِ إرقالٌ وتبغيلُ
من كلِّ نَضَّاخَة ٍ الذِّفْرَى إذا عَرِقتْ
عرضتها طامسُ الأعلامِ مجهولُ
ترمي الغيوبَ بعينيَ مفردٍ لهقٍ
إذا توقدتِ الحزَّانُ والميلُ
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها
في خلقها عن بنات الفحل تفضيلُ
حرفٌ أخوها أبوها من مهجنة ٍ
وعمُّها خالها قوداءُ شمليلُ
يَمْشي القُرَادُ عليها ثم يُزْلِقُه
منها لبان وأقرابٌ زهاليلُ
عَيْرانة ٌ قُذفتْ في اللَّحْم عن عُرُضٍ
مِرْفَقُها عن بناتِ الزَّوْرِ مَفْتولُ
كأن ما فات عينيها ومذبحها
من خَطْمِها ومن اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
تُمِرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ
في عارِزٍ لم تَخَوَّنْه الأَحَاليلُ
قنواءُ في حرَّيتها للبصيرِ بها
عِتْقٌ مُبِينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
تخدي على يسراتٍ وهي لاحقة ٌ
ذوابلٌ وقعهن الأرضَ تحليلُ(3/361)
سمرُ العجاياتِ يتركن الحصى زيماً
لم يقهنّ رؤوسَ الأكم تنعيلُ
يوماً يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِماً
كأنّ ضاحيَه بالنارِ مملولُ
كأن أوْبَ ذواعيْها وقد عَرِقتْ
وقد تلفعَ بالقورِ العساقيلُ
وقال للقومِ حاديهم وقد جعلتْ
ورقُ الجنادبِ يركضنِ الحصى قيلوا
شدِّ النهارِ ذراعا عيطلٍ نصفٍ
قامت فجاوبَها نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
نواحة ٌ رخوة ُ الضبعين ليس لها
لمّا نعى بكرها الناعونَ معقولُ
تفري اللَّبانَ بكفّيها ومدرعها
مشققٌ عن تراقيها رعابيلُ
يَسْعَى الوُشاة ُ بجَنْبيْها وقولُهُم
إنك يا بنَ أبي سلمى لمقتولُ
وقال كلُّ خليلٍ كنتُ آمُلُه
لا ألفينكَ إني عنك مشغولُ
فقلتُ خلّوا طريقي لا أبا لكمُ
فكلُّ ما قدرَ الرحمنُ مفعولُ
كل ابن أنثى وان طالت سلامتهُ
يوماٌ على آلة ٍ حدباءَ محمولُ
نُبئتُ أن رَسُولَ اللهِ أَوْعَدنِي
والعفو عند رسولِ الله مأمولُ
مهلاً هداكَ الذي أعطاكَ نافلة َ الـ
ـقرآنِ فيها مواعِيظٌ وتفصِيلُ
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم
أُذْنبْ ولو كثُرت عنِّي الأقاويلُ
إن الرسول لنور يستضاء به
وصارم من سيوف الله مسلول
لقد أقومُ مقاما لو يقومُ بهِ
أرى وأسمعُ ما لو يسمعُ الفيلُ
لظَلَّ يُرْعَدُ إلا أن يكون له
من الرسولِ بإذنِ الله تنويلُ
حتّى وضعتُ يَمِيني لا کنَازِعُهُ
في كفِّ ذي نقماتٍ قيلهُ القيلُ
من ضيغمٍ من ضراءِ الأسدِ مخدرة ً
ببَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَه غِيلُ
إذا يُسَاوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ له
أن يتركَ القرنَ الا وهو مفلولُ
و لا يزالُ بواديهِ أخو ثقة ٍ
مُطَرَّحُ البَزِّ والدِّرْسانِ مأكولُ
زالوُا فمازال انكاسٌ ولا كَشَفٌ
عند اللِّقَاءِ ولا ميلٌ معازيلُ
بِيضٌ سَوَابِغُ قد شُكَّتْ لها حَلَقٌ
كأنّها حَلَقٌ القَفْعاءِ مَجْدُولُ
لا يفرَحون إذا نالت رِماحُهمُ
قوماً ولَيْسُوا مَجازِيعاً إذا نِيلُوا
لا يفرَحون إذا نالت رِماحُهمُ
قوماً ولَيْسُوا مَجازِيعاً إذا نِيلُوا(3/362)
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاّ في نُحُورِهمُ
وما لهم عنِ حياضِ الموتِ تَهْليلُ
لا يفرَحون إذا نالت رِماحُهمُ
قوماً ولَيْسُوا مَجازِيعاً إذا نِيلُوا
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاّ في نُحُورِهمُ
وما لهم عنِ حياضِ الموتِ تَهْليلُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أمِنْ أُمِّ شَدّادٍ رُسُومُ المَنَازِلِ
أمِنْ أُمِّ شَدّادٍ رُسُومُ المَنَازِلِ
رقم القصيدة : 10881
-----------------------------------
أمِنْ أُمِّ شَدّادٍ رُسُومُ المَنَازِلِ
تَؤَهَّمْتُها مِنْ بَعدْ سافٍ ووابِلِ
وبعد ليلٍ قد خلونَ وأشهرٍ
على إثرِ حولٍ قد تجرّمَ كاملِ
أرى أمَّ شدادٍ بها شبهُ ظبية ٍ
تُطِيفُ بمَكْحُولِ المَدَامِعِ خاذِلِ
أغنَّ غضيضِ الطرفِ رخصٍ ظلوفه
ترودُ بمعتمٍّ من الرَّملِ هائلِ
وترنو بعيني نعجة ٍ أمِّ فرقدٍ
تظلُّ بوادي روضة ٍ وخمائلِ
وتخطو على بردتينِ غذاهما
أهاضيبُ رجَّافٍ العشياتِ هاطلِ
وتَفْتَرُّ عن غُرِّ الثَّنَايَا كأنّها
أقاحٍ تروَّى من عروقٍ غلاغلِ
فأصبحتُ قد أَنْكرتُ منها شَمَائلاً
فما شئتَ من بُخل ومن منعِ نائلِ
وما ذاكَ عن شيءٍ أَكُونُ اجْتَرَمْتُه
سوى أن شيباً في المفارق شاملي
فإن تصرميني ويبَ غيرك تصرمي
وأوذنْتِ إيذانَ الخليطِ المزايلِ
إذا ما خَلِيلٌ لم يَصِلْكَ فلا تُقِمْ
بِتَلْعَتِهِ واعْمِدْ لآخَرَ واصِلِ
ومستهلكٍ يهدي الضَّلولَ كأنه
حَصِيرُ صَنَاعٍ بين أَيْدِي الرَّوَامِل
مَتَى ما تَشَأْ تَسْمَعْ إذا ما هبَطْتَه
تراطنَ سربٍ مغربَ الشمسِ نازل
رَوَايَا فِراخٍ بالفَلاَة ِ تَوَائمٍ
تَحَطَّمَ عنها البَيْضُ حُمْرِ الحَوَاصِلِ
تَوَائِمَ أَشْباهٍ بغيرِ عَلاَمة ٍ
وضعنَ بمجهولٍ من الأرضِ خاملِ
وخرقٍ يخاف الرَّكبُ أن يدلجوا بهِ
يَعَضُّونَ من أهْوالِه بالأنَامِل
مخوفٍ به الجنان ، تعوي ذئابه
قطعتُ بفتلاءِ الذِّراعين بازلِ
صَمُوتِ السُّرَى خَرْساءَ فيها تَلَفُّتُ
لنبأة ِ حقٍّ أو لتشبيهِ باطلِ(3/363)
تظل نسوغُ الرّحلِ بعد كلالها
لهنّ أطيطٌ بين جوْز وكاهلِ
رفيعِ المحالِ والضلوعِ نمتْ بهِ
قوائمُ عُوجٌ ناشِزاتُ الخَصَائلِ
تُجَاوِبُ أَصْدَاءً وحِيناً يَرُوعُها
تضورُ كسّابٍ على الرَّكبِ عائلِ
عُذَافِرَة ٍ تَختَالُ بالرَّحْلِ حُرَّة ٍ
تباري قلاصا كالنعام الجوافلِ
بوَقْعٍ دِرَاكٍ غيرِ ما مُتَكَلَّفٍ
إذا هبَطَتْ وَعْثاً ولا مُتَخَاذِلِ
كأن جريري ينتحي فيه مسحلٌ
من القمرِ بين الأنعمينِ فعاقل
يغرد في الأرض الفلاة بعانة ٍ
خِمَاصِ البُطُونِ كالصِّعَادِ الذَّوابِلِ
ونازِحة ٍ بالقَيْظِ عنها جِحَاشُها
وقد قَلَصتْ أَطْباؤها كالمَكَاحِلِ
وظَلَّ سَرَاة َ اليَوْمِ يُبْرِمُ أمرَه
برَابِيَة ِ البَحَّاءِ ذاتِ الأَعَابِلِ
وهمَّ بوردٍ بالرسيسِ فصدَّه
رجالٌ قعودٌ في الدُّجى بالمعابلِ
إذا وردت ماءً بليلٍ تعرَّضتْ
مخافة رامِ أو مخافة َ حابلِ
كأن مدهدى حنظلٍ حيثُ سوَّفتْ
بأعطانها من لسِّها بالجحافلِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أتَعرِفُ رَسْماً بين رَهْمَانَ فالرَّقَمْ
أتَعرِفُ رَسْماً بين رَهْمَانَ فالرَّقَمْ
رقم القصيدة : 10882
-----------------------------------
أتَعرِفُ رَسْماً بين رَهْمَانَ فالرَّقَمْ
إلى ذي مراهيطٍ كما خطَّ بالقلمْ
عفتهُ رياحُ الصيفِ بعدي بمورها
واندية ُ الجوزاءِ بالوبلِ والِّيمْ
ديارُ التي بَتَّتْ قَوَانَا وصَرَّمتْ
وكنت إذا ما الحبل من خلة ٍ صرمْ
فزعتُ إلى وجناءَ حرفٍ كأنها
بأَقْرَابِها قارٌ إذا جِلدُها استَحَمْ
ألا أبلغا هذا المعرضَ أنه
أيقظانَ قالَ القولَ إذ قال أم حلمْ
فان تسألِ الأقوامَ عني فإنني
أنا ابنُ أبي سُلْمَى على رَغْم مَنْ رَغَمْ
أنا ابنُ الذي قد عاشَ تسعينَ حجة ً
فلم يَخْزَ يوماً في مَعدٍّ ولم يُلَمْ
وأَكْرمَه الأَكْفاءُ في كلِّ مَعْشَرٍ
كِرامٍ فإن كذَّبتَنِي فاسألِ الأُمَمْ
أتى العجمَ والآفاقَ منه قصائدٌ
بَقِينَ بَقاءَ الوَحْيِ في الحَجَرِ الأصَمِّ(3/364)
أنا ابن الذي لم يخزني في حياتهِ
ولم أخزه حتى تغيّبَ في الرَّجمْ
فأُعْطِيَ حتَّى مات مالاً وهِمَّة ً
ووَرَّثنِي إذ ودَّع المجدَ والكَرَمْ
وكان يُحَامي حين تَنْزِلُ لَزْبة ٌ
من الدَّهْر في ذُبْيانَ إن حوضُها انْهَدَم
أقول شبيهاتٍ بما قال عالماً
بهنّ ومن يشبهْ أباه فما ظلمْ
إذا شِئتُ أَعْلَكْتُ الجَمُوحَ إذا بَدَتْ
نواجذ لحييه بأغلظِ ما عجمْ
أعيرّتني عزّاً عزيزاً ومعشراً
كراما بنوا لي المجدَ في باذخ أشمّ
هم الأصل مني حيثُ كنتُ وإنني
من المُزَنِيِّينَ المُصَفَّيْنَ بالكَرَمْ
همُ ضربوكم حينَ جُرْتُمْ عن الهُدَى
بأسيافهم حتى استقتم على القيمْ
وساقتْك منهم عُصْبة ٌ خِنْدِفيَّة ٌ
فما لكَ فيهم قَيْدُ كَفٍّ ولا قَدَمْ
همُ منَعوا حَزْنَ الحِجَازِ وسَهْلَه
قديماً وهم أَجْلَوْا أباكَ عن الحَرَمْ
فكَمْ فيهمُ من سيِّدٍ متوسِّعٍ
ومن فاعلٍ للخيرِ إن هَمَّ أو عزَمْ
متى أَدْعُ في أَوْسٍ وعُثْمانَ يَأْتِني
مساعيرُ حربٍ كلّهم سادة ٌ دعمْ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> يَقُولُ حَيَّايَ مِنْ عَوْفٍ ومِنْ جُشَمٍ
يَقُولُ حَيَّايَ مِنْ عَوْفٍ ومِنْ جُشَمٍ
رقم القصيدة : 10883
-----------------------------------
يَقُولُ حَيَّايَ مِنْ عَوْفٍ ومِنْ جُشَمٍ
يا كعبُ ويجكَ هلا تشتري غنما
ما لي منها إذا ما أزمة ٌ أزمتْ
ومِنْ أَوَيْسٍ إذا ما أَنْفُهُ رَذَمَا
أخشى عليها كسوباً غيرَ مدَّخرٍ
عَارِي الأشَاجِع لا يُشْوِي إذا ضَغَمَا
إذا تلوّى بلحمِ الشاة ِ تبَّرها
أشلاء بردٍ ولم يجعل لها وضما
إن يغدُ في شيعة ٍ لم يثنهِ نهرٌ
وان غدا واحداً لا يتقي الظُّلما
وإنْ أطَافَ ولم يَظْفَرْ بِضَائنة ٍ
في لَيْلَة ٍ سَاوَرَ الأقْوامَ والنَّعَمَا
وإنْ أَغَارَ ولم يَحْلَ بِطَائلَة ٍ
في ظُلْمة ِ ابنِ جَمِيرٍ سَاوَرَ الفُطُمَا
إذ لا تزالُ فريسُ أو مغبَّبة ٌ
صَيْدَاءُ تَنْشِجُ من دُونِ الدِّمَاغِ دَمَا(3/365)
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها
وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها
رقم القصيدة : 10884
-----------------------------------
وهاجِرة ٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها
لأعلامها من السَّرابِ عمائمُ
ترى الكاسعاتِ العفرِ فيها كأنما
شواها فصرها من النارِ جاحمُ
نصبتُ لها وجهي على ظهرِ لاحبٍ
طَحِينِ الحَصَى قد سَهَّلَتْه المَنَاسِمُ
تراه إذا يعلو الأحزة َ واضحاً
لمن كان يسري وهو بالليل طاسمُ
زجرت عليه حرة َ اللِّيطِ رفَّعتَ
على ربذٍ كأنهنّ دعائمُ
تَخَالُ بضَاحِي جِلْدِهَا ودُفوفِها
عَصِيمُ هِناءٍ أعْقدتْه الحَنَاتِمُ
يَظَلُّ حَصَى المَعْزاءِ بين فُروجِها
إذا ما ارْتَمتْ شَرْواتهنّ القَوَائمُ
فضاضاً كما تنزو دراهمُ تاجرٍ
يُقَمِّصُها فَوْقَ البَنانِ الأَباهِمُ
كأنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْباً رَبَاعِياً
تَضَمَّنَه وادِي الجَبَا والصَّرَائمُ
أَتَى دُونَ ماءِ الرَّسِّ بادٍ وحاضَرٌ
وفيها الجِمامُ الطامِياتُ الخَضارِمُ
فصَدّ فأَضْحَى بالسَّلِيلِ كأنّه
سَلِيبُ رِجالٍ فَوْقَ عَلْياءَ قائمُ
يقلب للأصواتِ والريج هادياً
تَمِيمَ النَّضِيِّ بَرَّصَتْهُ المَكَادِمُ
وغائرة ً في الحنو دارَ حجاجها
لَهَا بَصَر تَرْمِي به الغَيْبَ سَاهِمُ
ورَأْساً كَدَنِّ التَّجْرِ جَأْباً كأنَّما
رمى حاجبيهِ بالجلاميدِ راجمُ
وفوهُ كشرخِ الكورِ خانَ بأسرهِ
مَسامِيرُه فحِنْوُه مُتَفاقِمُ
كلا منخريه سائفاً ومعشراً
بما انصبّ من ماءِ الخياشيمِ راذمُ
فَهُنَّ قِيامٌ يَنتظِرْنَ قَضاءَه
وهنَّ هوادٍ للركيِّ نواظمُ
وفي جانبِ الماءِ الذي كان يَبتَغِي
به الرِّيَّ دَبَّابٌ إلى الصَّيْدِ عالِمُ
ومِنْ خَلْفِه ذُو قُتْرَة ٍ مُتَسَمِّعٌ
طويلُ الطّوى خفُّ بها متعالمُ
رَفِيقٌ بتنضِيدِ الصَّفَا ما تَفُوتُه
بمرتصدٍ وحشية ٌ وهو نائمُ
فلمّا ارتدى جلاَّ من الليل هاجها
إلأى الحائر المسجونِ فيه العلاجمُ(3/366)
فلمّا دَنَا للماءِ سافَ حِياضَه
وخافَ الجبانُ حَتْفَه وهو قائمُ
فوافَيْنَه حتّى إذا ما تَصَوَّبتْ
أكارعه أهوى له وهو سادمُ
طليحٌ من التَّسعاءِ حتى كأنه
حديثٌ بحمّى أسأرتها سلالمُ
لَطِيفٌ كَصُدَّادِ الصَّفَا لاتَغُرَّه
بمرتقبٍ وحشية ٌ وهو حازمُ
أخو قُتُراتٍ لا يَزَالُ كأنّه
إذا لم يُصِبْ صَيْداً من الوَحْشِ غارِمُ
يقلِّبُ حشراتٍ ويختارُ نابلٌ
من الرِّيشِ ما التَفَّتْ عليه القَوَادِمُ
صَدَرْنَ رِوَاءً عن أسِنَّة صُلَّبٍ
يَقِئْنَ ويَقْطُرْنَ السِّمَامَ سَلاَجِمُ
وصفراءَ شكّتها الاسّرة ُ عودها
على الطلِّ والأنداءِ أحمرُ كاتمُ
إذا أُطرَ المربوعُ منها ترنّمت
كما أرزمت بكرٌ على البوّ رائمُ
فاوردها في عُكوة ِ الليليِ جوشناً
لأكْفالِها حتّى أتَى الماءَ لازمُ
فلما أراد الصوتَ يوماً وأشرعت
زَوَى سهْمَه عاوٍ من الجِنِّ صارمُ
فمرَّ على مُلْسِ النَّواشِرِ قَلَّمَا
تثبطهنَ بالخبار الجراثمُ
ومر بأكنافِ اليدينَ نضَّيهُ
ولِلْحَتْفِ أَحْياناً عن النَّفْسِ عَاجِمُ
يَعُضُّ بإِبْهامِ اليَدَيْنِ تَنَدُّماً
ولهَّف سِراً أمه وهو نادمُ
وقال ألا في خيبة ٍ أنتِ من يدٍ
وجذّ بذي إثرٍ بنانك جاذمُ
وأصْبَحَ يَبْغِي نَصْلَه ونَضِيَّهُ
فَرِيقَيْنِ شَتَّى وهو أَسْفَانُ وَاجِمُ
وصاحَ بها جأبٌ كأن نسوره
نوى ً عضَّهُ من تمرِ قرَّان عاجمُ
وقفّى فأضحى يالسِتارِ كأنهُ
خَلِيعُ رِجَالٍ فَوْقَ عَلْيَاءَ صَائِمُ
قليلُ التأني مستتبٌّ كأنه
لَها واسِقٌ يَنْجو بِها اللَّيلَ غانِمُ
فَوَرَّكَ قَدْراً بالشَّمالِ وضَلْفَعاً
وحَاذَتْهُ أعْلامٌ لها ومَخارِمُ
وأمّ بها ماء الرّسيسِ فصوّبت
لِلِينَة َ وانْقَضَّ النُّجُومُ العَوَائِمُ
فلم أر موسوقاً أقلَّ وتيرة ً
ولا واسقا ما لم تخنه القوائمُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> تقولُ ابنتي ألهى أبي حبُّ أرضه
تقولُ ابنتي ألهى أبي حبُّ أرضه
رقم القصيدة : 10885(3/367)
-----------------------------------
تقولُ ابنتي ألهى أبي حبُّ أرضه
وأَعْجَبَهُ إِلْفٌ لهَا ولُزُومُها
بَلَ الْهَى أَبَاهَا أنه في عِصَابة ٍ
برهمانَ أمسى لا يعاد سقيمها
تَسَاقَوْا بِماءٍ مِنْ بِلاَدٍ كأنّه
دماءُ الأفاعي لا يبلُّ سليمثها
مجاجاتِ حيّاتٍ إذا شربوا بها
سَمَا فِيهُمُ سُوَارُها وهَمِيمُها
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أمِنْ دِمْنة ِ الدَّارِ أَقْوَتْ سِنِينَا
أمِنْ دِمْنة ِ الدَّارِ أَقْوَتْ سِنِينَا
رقم القصيدة : 10886
-----------------------------------
أمِنْ دِمْنة ِ الدَّارِ أَقْوَتْ سِنِينَا
بكيتَ فظلتَ كئيباً حزينا
بها جرَّتِ الريحُ أذيالها
فلم تبقِ من رسمها مستبينا
فلما رأيتُ بأنّ البكاءَ
سفاهٌ لدى دمنٍ قد بلينا
زجرتُ على ما لديّ القلو
صَ مِنْ حَزَنٍ وعَصَيْتُ الشُّؤونَا
وكنت إذا ما اعترتني الهمومُ
أكلِّفُها ذاتَ لَوْثٍ أمُونَا
عُذَافِرَة ً حُرَّة ً اللِّيطِ لا
سَقُوطاً ولا ذاتَ ضِغْنٍ لَجُونَا
كأنِّي شَدَدْتُ بأَنْسَاعِها
قويرحَ عامين جأباً شنونا
يقلِّبُ حقباً ترى كلَّهنَّ
قد حمَلتْ وأَسَرَّتْ جَنِينَا
وحلأهن وخبّ السَّفا
وهيجهنَّ فلما صدينا
وأخلفهُنَّ ثمادَ الغمار
وما كنّ من ثادقٍ يحتسينا
جَعَلْنَ القَنَانَ بإبْطِ الشِّمَالِ
وماءَ العُنَابِ جعَلْنَ اليَمِينَا
وبصبصْنَ بين أداني الغضا
وبينَ عُنَيْزَة َ شَأْواً بِطَينَا
فابقين منه وأبقى الطِّرا
دُ بَطْناً خَمِيصاً وصُلْباً سَمِينَا
وعُوجاً خِفَافاً سِلاَمَ الشَّظَى
ومِيظَبَ أُكْمٍ صَلِيباً رَزِينَا
إذا ما انتحاهنّ شؤْبوبهُ
رأيتَ لجاعرتيهِ غضونا
يُعَضِّضُهُنَّ عَضِيضَ الثِّقا
فِ بالسَّمْهَرِيَّة حتَّى تَلِينَا
ويَكْدِمُ أَكْفَالَها عابِساً
فبالشَّدِّ من شَرِّه يَتَّقِينَا
إذا ما انتحتْ ذاتُ ضغنٍ لهُ
أَصَرَّ فقد سَلَّ منها ضُغُونَا
له خلفَ أدبارها أزملٌ
مكانَ الرقيبِ من الياسرينا
يحشرجُ منهنّ قيدَ الذراعِ(3/368)
ويَضْرِبْنَ خَيْسُومَه والجَبِينَا
فأوردها طامياتِ الجمامِ
وقد كُنَّ يأْجِنَّ أو كُنّ جُونَا
يثرنَ الغبارَ على وجههِ
كلَوْنِ الدَّوَاخِنِ فوقَ الإِرِينا
ويَشْرَبْنَ من بارِدٍ قَدْ عَلِمْـ
ـنَ أن لا دِخَالَ وأن لا عُطُونَا
وتَنْفِي الضَّفَادِعَ أَنْفَاسُها
فهُنَّ فُوَيْقَ الرَّجَا يُرْتَقِينَا
فصادفنَ ذا حنقٍ لاصقٍ
لصوقَ البُرامِ يظنُّ الظنونا
قصيرَ البنانِ دقيق الشَّوى
يقولُ أيأتينَ أم لا يجينا
يوُّمُّ الغيابة مستبشرا
يُصِيبُ المَقَاتلَ حَتْفاً رَصِينَا
فجِئْنَ فأَوْجَسْنَ من خَشْية ٍ
ولم يَعْتَرِفْنَ لَنفْرٍ يَقِينَا
وتلقي الأكارعَ في باردٍ
شَهِيٍّ مَذَاقَتُه تَحْتَسِينَا
يُبَادرْنَ جَرْعاً يُوَاتِرْنَه
كقرعِ القليبِ حصى القاذفينا
فأَمْسَك ينظرُ حتّى إذا
دَنَوْنَ من الرِّيِّ أو قد رَوِينَا
تَنَحَّى بصَفْرَاءَ من نَبْعة ٍ
على الكفِ تجمع أرزا ولينا
معدَّا على عجْسها مرهفاً
فَتِيقَ الغِرَارَيْنِ حَشْراً سَنِينَا
فارسل سهماً على فقرة ٍ
وهُنَّ شَوَارِعُ ما يَتَّقِينَا
فمَرَّ على نَحْرِهِ والذِّرَاعِ
ولم يكُ ذاكَ له الفعلُ دينا
فلهّف من حسْرة ٍ أمَّهُ
وولَّيْنَ من رهجٍ يكتسينا
تَهَادَى حَوَافِرُهنّ الحَصَى
وصمُّ الصُّخورِ بها يرتمينا
فقلقلهن سراة َ العشا
ءِ أسرعَ من صدرِ المصدرينا
يزرّ ويلفظ أوبارها
ويَقْرُو بهنّ حُزُوناً حُزُونَا
وتحسبُ في البحرِ تعشيرهُ
تَغَرُّدَ أَهْوجَ في مُنْتَشِينَا
فأَصْبَح بالجِزْع مُسْتَجْذِلاً
واصْبَحنَ مجتمعاتٍ سُكُونَا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> هلمّ إلينا آل بهثة ٍ إنما
هلمّ إلينا آل بهثة ٍ إنما
رقم القصيدة : 10887
-----------------------------------
هلمّ إلينا آل بهثة ٍ إنما
هيَ الدَّارُ لاَ نَعْتَافُها ونُهِينُها
هلم إلى ذبيانَ إن بلادها
حصونٌ وان السَّمهريَّ قرونها
ولا ألفينكُمْ تعكفون بقنة ٍ
بتثليثَ أنتم جندها وقطينها(3/369)
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> بكرتْ عليّ بسحرة ٍ تلحاني
بكرتْ عليّ بسحرة ٍ تلحاني
رقم القصيدة : 10888
-----------------------------------
بكرتْ عليّ بسحرة ٍ تلحاني
وكفى بها جهلا وطيشِ لسانِ
ولقد حفظتُ وصاة َ من هو ناصحٌ
لي عالمٌ بمآقِطِ الخُلاَّنِ
حتى إذا برتِ العظامَ زجرتها
زجرَ الضنينِ بعرضهِ الغضبانِ
فرأيتها طلحت مخافة نهكة ٍ
مِنِّي وبَادِرَة ٍ، وأَيَّ أَوَانِ
ولَقَدْ عَلِمتِ وأنْتِ غَيْرُ حِلِيمة ٍ
ألاَّ يُقَرِّبَني هَوى ً لِهوَانِ
هَبِلَتْكِ أُمُّكِ هَلْ لَدَيْكِ فتُرْشِدِي
في آخر الأيامِ من تبيانِ
أَرْعَى الأمانة َ لا أَخُونُ ولا أُرَى
أبداً أدَمِّن عَرْصة َ الخَوَّان
وتنكَّرَت لي بعدَ ودٍ ثابتٍ
أنّى تجامعَ وصلُ ذي الألوانِ
يوماً طواعكِ في القيادِ وتارة ً
تَلْقَاكَ تُنْكِرُها مِنَ الشَّنَآنِ
طوراً تلاقيه أخاكَ وتارة ً
تلقاهُ تحسبهُ من السُّودانِ
ومريضة ٍ قفْرٍ يحاذرُ شرُّها
مِنْ هَوْلِها قَمَنٍ منَ الحَدَثانِ
غَبْراءَ خَاضِعة ِ الصُّوَى جَاوَزْتُها
ليلاً بكاتمة ِ السُّرى مذعانِ
حرفٍ تمدّ زمامها بعذافرٍ
كَالْجِذْعِ شُذِّبَ لِيفُهُ الرَّيّانِ
غضبى لمنْسمِها صياحٌ بالحصى
وقعْ القدومِ بغضْرة ِ الأفنانِ
تَسْتَشْرِفُ الأشْبَاحَ وهْيَ مُشِيحة ٌ
ببصيرة وحشيَّة ِ الإنسانِ
خوصاءَ صافية ٍ تجودُ بمائها
وَسْطَ النَّهَارِ كَنُطْفَة ِ الحَرَّانِ
تَنْفِي الظَّهِيرَة َ والغُبَارَ بِحَاجِبٍ
كَالكَهْفِ صَينَتْ دُونَهُ بَصِيانِ
زهراءُ مقلتها تردّدَ فوقها
عِنْدَ المُعَرَّسِ مُدْلِجُ القِرْدَانِ
أَعْيَتْ مَذَارِعُها علَيْهِ كَأَنَّما
تَنْمِي أَكَارِعُهُ عَلَى صَفْوانِ
فتعجرفتْ وتعرّضت لقلائصٍ
خوصِ العيونِ خواضعِ الأذقانِ
شَبَّهْتُها لَهِقَ السَّرَاة ِ مُلَمَّعاً
مِنْهُ الْقَوَائمُ طَاوِيَ المُصْرانِ
فغدا بمعتدلينْ لم يسلبهما
لا فيهما عوجٌ ولا نقدانِ(3/370)
وكِلاَهُمَا تَحْتَ الضَّبَابِ كَأنَّمَا
دهن المثقِّفُ ليطه بدهانِ
££££££وغَدَا بِسَامعَتَيْ وَأى ً أَعْطَاهُمَا
حَذَراً وسَمْعاً خَالِقُ الآذَانِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> لَقَدْ وَلَّى أَلِيَّتَهُ جُؤَى ٌّ
لَقَدْ وَلَّى أَلِيَّتَهُ جُؤَى ٌّ
رقم القصيدة : 10889
-----------------------------------
لَقَدْ وَلَّى أَلِيَّتَهُ جُؤَى ٌّ
مَعَاشِرَ غَيْرُ مَطْلُولٍ أَخُوها
فإنْ تَهْلِكْ جُؤَيُّ فكُلُّ نَفْسٍ
سيجلبُها كذلك جالبوهَا
وان تهلِكْ جؤيُّ فإنّ حرباً
كظنِّك كان بعدك موقدوها
وما ساءت ظنونك يومَ تولي
بأرماحٍ وفى لكَ مشرعوها
كَأَنَّكَ كُنْتَ تَعْلَمُ يَوْمَ بُزَّتْ
ثِيَابُك ما سَيَلْقَى سالِبُوها
لِنَذْرِكَ والنُّذورُ لها وفاءٌ
إذا بَلَغَ الخَزَايَة َ بالِغُوها
صَبَحْنا الخَزْرَجِيَّة َ مُرْهَفاتٍ
أبادَ ذوي أرومتها ذووها
فما عُتِرَ الظِّباءُ بِحَيِّ كَعْبٍ
ولا الخَمْسونَ قَصَّرَ طَالِبُوها
ولا قلنا لهمْ نفسٌ بنفسٍ
أقِيدُونا بها إنْ لم تَدُوها
ولكنا دفعناها ظماءً
فرَوَّاهَا بِذكْرِكَ مُنْهِلُوها
ولو بلغَ القتيلَ فعالُ حيٍّ
لسرَّكَ من سيوفكَ منتضوها
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> وأشعثَ رخْوِ المنكبينِ بعثتهُ
وأشعثَ رخْوِ المنكبينِ بعثتهُ
رقم القصيدة : 10890
-----------------------------------
وأشعثَ رخْوِ المنكبينِ بعثتهُ
وللنوم منه في العظامِ دَبيبُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> لأيِّ زمانٍ يخبأ المءُ نفعهُ
لأيِّ زمانٍ يخبأ المءُ نفعهُ
رقم القصيدة : 10891
-----------------------------------
لأيِّ زمانٍ يخبأ المءُ نفعهُ
غداً فغَداً والدَّهْرُ غادٍ ورائحُ
إذا المرء لم ينفعكَ حيّاً فنفعهُ
قليلٌ إذا رصَّتْ عليه الصَّفائحُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> تعلَّم رَسولَ الله أنك مدركي
تعلَّم رَسولَ الله أنك مدركي
رقم القصيدة : 10892
-----------------------------------(3/371)
تعلَّم رَسولَ الله أنك مدركي
وأن وعيداً منكَ كالأخذِ باليدِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> مسحَ النبيُّ جبينهُ
مسحَ النبيُّ جبينهُ
رقم القصيدة : 10893
-----------------------------------
مسحَ النبيُّ جبينهُ
فله بياضٌ بالخدودِ
وبوجهه ديباجة ٌ
كَرمُ النُّبُوة ِ والجُدُودِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> لاتُفْشِ سِرَّكَ إلاّ عند ذي ثِقَة ٍ
لاتُفْشِ سِرَّكَ إلاّ عند ذي ثِقَة ٍ
رقم القصيدة : 10894
-----------------------------------
لاتُفْشِ سِرَّكَ إلاّ عند ذي ثِقَة ٍ
أولا، فافضل ما أستودعت أسْرارا
صَدْراً رَحِيباً وقَلْباً وَاسِعاً صَمِتاً
لم تَخْشَ منه لِمَا اسْتَوْدَعْتَ إِظْهارَا
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> هل حبلُ رملة َ قبلَ البينِ مبتورُ
هل حبلُ رملة َ قبلَ البينِ مبتورُ
رقم القصيدة : 10895
-----------------------------------
هل حبلُ رملة َ قبلَ البينِ مبتورُ
أم انت بالحلمِ بعد الجهلِ معذورُ
ما يجمعُ الشوقُ إن دارٌ بنا شحطت
ومثلها في تداني الدارِ مهجورُ
نشفى بها وهي داءٌ لو تصاقِبنا
كما اشتفى بعيادِ الخمرِ مخمورِ
ما روضة ٌ من رِيَاضِ الحَزْنِ بَاكَرَها
بالنبتِ مختلفُ الألوانِ ممطورُ
يوماً بأطيبَ منها نَشْرَ رائحة ٍ
بعد المنامِ إذا حُبَّ المَعَاطِيرُ
ما أنسَ لا أنسها والدمعُ منسربٌ
كأنَّه لُؤْلؤٌ في الخَدِّ محدورُ
لما رأيتهم زمّت جمالهمُ
صَدّقتُ ما زعموا والبَيْنُ محذورُ
يحدو بهن أخو قاذورة ٍ حذرٌ
كأنه بجميعِ الناسِ موتورُ
كأَنَّ أظعانَهم تُحْدَى مُقَفِّية ً
نخلٌ نعينينِ ملتفٌ مواقيرُ
غُلْبُ الرِّقابِ سَقَاها جَدْوَلٌ سَرِبٌ
أَوْ مَشْعَبٌ مِن أَتِيِّ البَحْرِ مفجورُ
هل تبلغنِّي عليَّ الخيرَ ذعلبة ٌ
حرفٌ تزلّلَ عن أصلابها الكورُ
من خَلْفِها قُلُصٌ تَجْرِي أزِمَّتُها
قد مسّهن مع الإدلاجِ تهجيرُ
يَخْبِطْنَ بالقومِ أنضاءَ السرِيح وقد(3/372)
لاذتْ من الشمسِ بالظِّلِّ اليَعَافِيرُ
حتَّى إذا انتصَب الحِرْباءُ وانتقلتْ
وحانَ إذ هجّروا بالدّوِ تغويرُ
قالوا تنحَّوا فمسّوا الأرضَ فاحتولوا
ظِلاًّ بمُنْخَرَقٍ تهفو به المُورُ
ظَلُّوا كأنَّ عليهمْ طائراً عَلِقاً
يهفو اذا انسفرتْ عنه الأعاصيرُ
لوجْهة ِ الرِّيح منه جانِبٌ سَلِبٌ
وجانبٌ بأكف القوم مضبورُ
حتَّى إذا أبردُوا قاموا إلى قُلُصٍ
كأنهن قسيّ الشوحطِ الزورُ
عَوَاسِلٌ كرَعِيلِ الرُّبْدِ أَفْزَعَها
بالسيِّ من قانصٍ شلٌّ وتنفيرُ
حتى سقَى اللّيل سَقْي الجِنِّ فانغمستْ
في جَوْزِه إذ دَجَا الآكامُ والقُورُ
غَطَّى النَّشَازَ مع الآكامِ فاشْتَبهَا
كِلاهُما في سَوادِ اللَّيْلِ مغمورُ
إن عليًّا لميمونٌ نقيبهُ
بالصَّالحاتِ مِن الأفعالِ مشهورُ
صِهْرُ النَّبِيِّ وخيرُ النَّاسِ مُفْتَخَراً
فكلُّ من رامه بالفخرِ مفخورُ
صَلَّى الطَّهورُ مع الأُمِّيِّ أوَّلهمْ
قبلَ المَعَادِ ورَبُّ النَّاسِ مكفورُ
مقاومٌ لطغاة ِ الشركِ يضربهُم
حتى استقاموا ودينُ الله منصورُ
بالعدلِ قمتَ أميناً حين خالفه
أهلُ الهوَى وذووُ الأهواءِ والزُّورِ
ياخيرَ من حملتْ نعلاً له قدمٌ
بعدَ النَّبيِّ لَدَيْهِ البَغْيُ مهجورُ
أعطال ربُّك فضلاً لا زوالَ له
مِنْ أينَ أَنَّى له الأيَّامَ تَغْيِيرُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> وليلة ِ مُشْتاقٍ كأنَّ نُجومَها
وليلة ِ مُشْتاقٍ كأنَّ نُجومَها
رقم القصيدة : 10896
-----------------------------------
وليلة ِ مُشْتاقٍ كأنَّ نُجومَها
تفرَّقنَ عنها في طيالسَة ٍ خضْرِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> كأنَّ امرأً لم يَلْقَ عيشاً بِنَعْمَة ٍ
كأنَّ امرأً لم يَلْقَ عيشاً بِنَعْمَة ٍ
رقم القصيدة : 10897
-----------------------------------
كأنَّ امرأً لم يَلْقَ عيشاً بِنَعْمَة ٍ
إذا نزلتْ بالمرءِ قاصمة ُ الظَّهْرِ(3/373)
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> صَمُوتٌ وقَوَّالٌ فلِلْحِلْمِ صَمْتُهُ
صَمُوتٌ وقَوَّالٌ فلِلْحِلْمِ صَمْتُهُ
رقم القصيدة : 10898
-----------------------------------
صَمُوتٌ وقَوَّالٌ فلِلْحِلْمِ صَمْتُهُ
وبالعلمِ يجلو الشكَّ منطقهُ الفصلُ
فتى ً لم يدع رشداً ولم يأتِ منكراً
ولم يدرِ من فضلِ السَّماحة ِ ما البخلُ
به أنجبتْ للبَدْرِ شمسٌ مُنِيرة ٌ
مُبارَكة ٌ يَنْمِي بها الفَرْعُ والأصْلُ
إذا كانَ نَجْلُ الفَحْلِ بين نَجِيبة ٍ
وبين هجانٍ منجبٍ كرمُ النَّجلُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> وليسَ لِمَنْ يَرْكَبِ الهَوْلَ بُغْية ٌ
وليسَ لِمَنْ يَرْكَبِ الهَوْلَ بُغْية ٌ
رقم القصيدة : 10899
-----------------------------------
وليسَ لِمَنْ يَرْكَبِ الهَوْلَ بُغْية ٌ
وليس لرحلٍ حطَّه الله حاملُ
إذا أنتَ لم تُقْصِرْ عن الجَهْلِ والخَنَا
أصبتَ حليماً أو أصابكَ جاهلُ
شعراء العراق والشام >> مظفر النواب >> جسر المباهج القديمة
جسر المباهج القديمة
رقم القصيدة : 109
-----------------------------------
ملك العُمق..
أزور نجوم البحر
أزوّجها بنجوم الليل
أطيل لدى موضع أسرار الخلق
زياراتي
* * *
سوف أحدثكم في الفصل الثالث عن أحكام الهمزة
في الفصل الرابع عن حُكام الردّة
وأما الآن فحالات العالم فاترة
ملل يشبه علكة
لصقته الأيام بقلبي
* * *
يا صاحب هذا الكَلك المتعب
كنت تسميه سفينة عشق
أنّى أوقدت سيفقس هذا البيض الفاسد
أوساخاً
ألديك فوانيس ؟
زيت ما لمسته يدان ؟
روح تبصر في الزمن الفاسد ؟
أوقدَ بَحّارُ البَحّارين قناديل سفينته
أبقاها خافتة
بَحّار البَحّارين ومن جمع اللؤلؤ والأضواء وأصوات البحر
بخيطٍ لحبيبته
أبقاها خافتةً
تملك أحلى ميم أعرفها
ولها جسد مزجته الآلهة الموكولة بالمزج
فبالغ بالطيب وأربى بالحسن عليها ... إرتبكت .
* * *
توضأت بماء الخلق ،
أخذت بهذي القيثارة
دوزنت عقوداً أربعة(3/374)
وشددت على وجع المفتاح الخامس والسابع
فاعترض النحو البصري عليَّ
كذاك اعترض النحو الكوفيّ
من لا أعرفه يعرف نحواً في الشعر
دع الريح يهدهدك الهدهدة الإهداء
نذرك كان كثير الشمع الأحمر والآس
ومرت كل شموعك من تحت الجسر
وأوغلت كثيراً في البحر
فأين البصرة ؟!
صحيحٌ أين البصرة ؟
البصرة بالنِيّات
لقد خلصت نِيّاتي
وتسلق في الليل عمى الألوان عليها
أين البصرة ؟
أين البصرة ؟ مشتاق
بوصِلتي تزعم عدة بصرات
منذ شهور قلبي لا يفرح إلا بين النخل
أتسير ببوصلة ؟!
- حين يكون لذلك فائدةٌ
ما دختَ ؟!
- إذا كنتُ بلا أملٍ
يا صاحب هذا الكلك المتعب
أنت تسمِّيه المركب ، لا بأس عليك
تفاءل ما شئت
أطلق ما ترتاح من الأسماء عليه
* * *
وأضاف قميءٌ عفنٌ كان يقوّق بين القوم
وكنت تفرِّغ شحنتنا الثورية !
يا ابن الشُحَن السلبية !
بطاريّة حِزبك فارغة ماذا أعمل ؟
والتفت الآخر لفتة من فاجأه الحيض وقال :
تفاهمت مع السلطة تشتمها وتورطنا
إربأ أن تسمع واتعذ الله
فمهما قيل فأنت تُعلِّمُ مثل نبيّ
سلمك المفتاح على ذمة بَحّار البحّارين وأعطاك السعفة
* * *
ولكن أين البصرة يا مولاي
وما شأني بالبحر
- لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟
- بل يوصلني
- لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟
- بل يوصلني البحر إلى البصرة
- قلنا لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟
- أحمل كل البحر وأوصل نفسي
أو تأتي البصرة إن شاء الله
بحكم العشق
وأوصلها ...
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> أترجو اعتذاري يابنَ أروى ورجعتني
أترجو اعتذاري يابنَ أروى ورجعتني
رقم القصيدة : 10900
-----------------------------------
أترجو اعتذاري يابنَ أروى ورجعتني
عن الحقِّ قدماً غال حلمكَ غولُ
وإنّ دعائي كل يوم وليلة ٍ
عليك بما أسديتهُ لطويلُ
وإنّ اغترابي في البلادِ وجَفْوتِي
وشَتْمِيَ في ذاتِ الإله قليلُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> طاف الرُّماة ُ بصَيْدٍ رَاعَهم فإذا(3/375)
طاف الرُّماة ُ بصَيْدٍ رَاعَهم فإذا
رقم القصيدة : 10901
-----------------------------------
طاف الرُّماة ُ بصَيْدٍ رَاعَهم فإذا
بعضُ الرُّماة ِ بِنَبْلِ الصَّيْدِ مقتولُ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> له عُنُقٌ تُلْوِي بما وُصِلتْ به
له عُنُقٌ تُلْوِي بما وُصِلتْ به
رقم القصيدة : 10902
-----------------------------------
له عُنُقٌ تُلْوِي بما وُصِلتْ به
ودفّانِ يشتفانِ كل ظعانِ
العصر الإسلامي >> كعب بن زهير >> لَعَمْرُكَ ماخَشِيتُ على أُبَيِّ
لَعَمْرُكَ ماخَشِيتُ على أُبَيِّ
رقم القصيدة : 10903
-----------------------------------
لَعَمْرُكَ ماخَشِيتُ على أُبَيِّ
مصارعَ بين قوٍّ فالسليِّ
ولكني خشيتُ على أُبيٍّ
جرِيرة َ رُمْحِهِ في كُلِّ حَيِّ
مِنَ الفِتْيانِ مُحْلَوْلٍ مُمِرٌّ
وأمَّارٌ بإرشادٍ وغَيِّ
ألا لهفَ الأراملِ واليتامى
ولَهْفَ الباكياتِ على أُبَيِّ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> وَلَدَتْ بَنُو حُرْثانَ فَرْخَ مُحَرِّقٍ
وَلَدَتْ بَنُو حُرْثانَ فَرْخَ مُحَرِّقٍ
رقم القصيدة : 10904
-----------------------------------
وَلَدَتْ بَنُو حُرْثانَ فَرْخَ مُحَرِّقٍ
بِلوَى الوَضيعة ِ مُرْتجَ الأبوابِ
لا تَسقني بيديكَ إنْ لمِ ألتمسْ
نَعَمَ الضُّجُوعِ بِغارَة ٍ أسْرابِ
تهدي أواثلهنَ كُلُّ طمرّة ٍ
جَرْداءَ مِثْلَ هِرَاوَة ِ الأعْزابِ
ومُقطَّعٍ حلقَ الرّحالة ِ سابحٍ
ما إنْ يَجُودُ لِوَافِدٍ بِخِطَابِ
يَخرُجْنَ من خللِ الغُبارِ عَوابساً
تَحْتَ العَجاجَة ِ في الغُبارِ الكَابي
وإذا الأسِنَّة ُ أُشْرِعَتْ لنُحورِها
أبدينَ حَدَّ نَواجِذِ الأنْيابِ
يَحْمِلْنَ فِتْيانَ الوَغَى مِنْ جَعفرٍ
شُعْثاً كأنَّهُمُ أُسُودُ الغابِ
وَمُدَجَّجينَ تَرى المغاوِلَ وَسْطَهمْ
وذُبابَ كُلِّ مُهنَّدٍ قِرضابِ
يَرْعَوْنَ مُنْخرِقَ اللديدِ كأنَّهُمْ
في العزِّ أسرَة ُ حاجِبٍ وشِهَابِ(3/376)
أبَني كِلابٍ كَيفَ تُنْفَى جَعْفَرٌ
وبَنُو ضُبَيْنَة َ حاضِرُو الأجبابِ
قَتلوا ابنَ عُروة َ ثمَّ لَطُّوا دُونَهُ
حتى نُحاكِمَهُمْ إلى جَوَّابِ
بَينَ ابنِ قُطْرَة َ وابنِ هاتِكٍ عَرْشِهِ
قَومٌ لَهُمْ عرفتْ معدٌّ فضلها
والحَقُّ يَعرِفُهُ ذَوُو الألْبَابِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> طَافَتْ أُسَيْماءُ بالرِّحَالِ فَقَدْ
طَافَتْ أُسَيْماءُ بالرِّحَالِ فَقَدْ
رقم القصيدة : 10905
-----------------------------------
طَافَتْ أُسَيْماءُ بالرِّحَالِ فَقَدْ
هَيَّجَ مِنِّي خَيالُها طَرَبَا
إحْدَى بَني جَعْفَرٍ بأرْضِهِمِ
لمْ تُمْسِ مِنِّي نَوْباً وَلا قُرُبَا
لَمْ أخْشَ عُلْوِيَّة ً يَمَانِيَة ً
وكَمْ قَطَعْنا مِنْ عَرْعَرٍ شُعَبَا
جاوزنَ فلجاً فالحَزْنَ يُدْلِجـ
ـنَ بالليلِ ومِنْ رَملِ عالجٍ كُشُبَا
مِنْ بَعدِ ما جاوَزَتْ شَقائِقَ فالدّهـ
ـنَا وَغُلْبَ الصُّمَانِ والخُشُبَا
فصَدَّهُمْ مَنطِقُ الدَّجاجِ عنِ العَهـ
ـدِ وضَرْبُ النّاقُوسِ فاجْتُنِبَا
هَلْ يُبْلِغَنِّي دِيارَها حَرَجٌ
وَجْناءُ تَفْري النَّجَاءَ والخَبَبَا
كأنَّهَا بِالغُمَيْرِ مُمْرِيَة ٌ
تَبْعي بكُثْمَانَ جُؤذَراً عَطِبَا
قَدْ آثَرَتْ فِرْقَة َ البُغَاءِ وَقَدْ
كانت تُراعي مُلمعاً شببا
أتِيكَ أمْ سَمْحَجٌ تَخَيَّرَها
عِلْجٌ تَسَرَّى نحَائِصاً شُسُبَا
فاختارَ مِنها مِثلَ الخَريدة ِ لا
تَأمَنُ مِنْهُ الحِذارَ والعَطَبَا
فلا تؤولُ إذا يؤولُ ولا
تقرُبُ منهُ إذا هوَ اقتربَا
فَهو كَدَلْوِ البَحريِّ أسْلَمَهَا الـ
ـعَقْدُ وخانَتْ آذانُهَا الكَرَبَا
فَهو كَقِدْحِ المنيحِ أحْوَذَهُ القَا
نِصُ يَنْفي عَنْ مَتْنِهِ العَقَبَا
يا هلْ تَرَى البَرْقَ بِتُّ أرْقُبُهُ
يُزْجي حَبِيّاً إذا خَبَا ثَقَبَا
قَعَدْتُ وَحْدي لَهُ ؛ وَقَالَ أبُو
لَيلى : مَتى يَغْتَمِِنْ فَقَدْ دأبَا
كأنَّ فِيهِ لَمّا ارتَفقْتُ لَهُ(3/377)
رَيْطاً ومِرباعَ غانِمٍ لَجِبَا
ففَجادَ رَهواً إلى مداخِلَ فالصحْـ
ـرة ِ أمستْ نِعاجُهُ عُصَبَا
فَحَدَّرَ العُصْمَ مِنْ عَمَايَة َ للسّهْـ
ـلِ وَقضَّى بصاحَة َ الأرَبا
فَالماء يَجْلُو مُتُونَهُنَّ كَمَا
يجلو التّلاميذُ لُؤلؤاً قَشِبَا
لاقَى البَديُّ الكِلابَ فاعْتَلَجَا
مَوْجُ أتِيَّيْهِمَا لِمَنْ غلبَا
فَدَعْدَعَا سُرَّة َ الرَّكَاءِ كَمَا
دعدعَ ساقي الأعاجمِ الغربَا
فكُلُّ وادٍ هَدَّتْ حَوَالِبُهُ
يَقْذِفُ خُضْرَ الدَّباءِ فالخُشُبَا
مالَتْ بهِ نَحْوَها الجَنُوبُ مَعاً
ثمَّ ازْدَهَتْهُ الشَّمالُ فانقلبَا
فقُلْتُ صَابَ الأعْراضَ رَيِّقُهُ
يَسْقي بلاداً قَد أمْحَلَتْ حِقَبَا
لِتَرْعَ مِنْ نَبْتِهِ أُسَيْمُ إذَا
أنْبَتَ حُرَّ البُقُولِ والعُشُبَا
وَلْيَرْعَهُ قَوْمُهَا فَإنَّهُمُ
من خَيرِ حيٍّ عَلِمتهمْ حسبَا
قَوْمي بَنُو عامِرٍ وَإنْ نَطَقَ الـ
ـأعْداءُ فيهِمْ مَناطِقاً كَذبَا
بمِثْلِهِمْ يُجْبَهُ المُناطِحُ ذو العِ
ـزّ وَيُعْطي المُحافِظُ الجَنَبَا
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أصْبَحْتُ أمْشي بَعْدَ سَلْمى بن مالكٍ
أصْبَحْتُ أمْشي بَعْدَ سَلْمى بن مالكٍ
رقم القصيدة : 10906
-----------------------------------
أصْبَحْتُ أمْشي بَعْدَ سَلْمى بن مالكٍ
وبَعْدَ أبي قَيسٍ وعُرْوَة َ كالأجَبّ
يضجُّ إذا ظلُّ الغُرابِ دَنا لَهُ
حِذاراً على باقي السَّنَاسِنِ والعَصَبْ
وَبَعدَ أبي عمرٍو وذي الفضْلِ عامِرٍ
وبَعدَ المُرَجَّى عُرْوَة َ الخَيرِ للكُرَبْ
وبعدَ طفيلٍ ذي الفعالِ تعلقَتْ
بهِ ذاتُ ظُفْرٍ لا تُوَرَّعُ باللَّجَبْ
وبَعدَ أبي حَيّانَ يَوْمَ حَمُومَة ٍ
أُتِيحَ لَهُ زَأوٌ فأُزْلِقَ عَنْ رَتَبْ
ألَمْ تَرَ فيما يَذكُرُ النَاسُ أنّني
ذكرْتُ أبا لَيلى فأصبَحْتُ ذا أرَبْ
فهوَّنَ ما ألْقَى وإنْ كُنْتُ مُثبتاً
يَقيني بأنْ لا حيَّ يَنجو من العَطَبْ(3/378)
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أرَى النّفسَ لَجّتْ في رَجاءٍ مُكذِّبِ
أرَى النّفسَ لَجّتْ في رَجاءٍ مُكذِّبِ
رقم القصيدة : 10907
-----------------------------------
أرَى النّفسَ لَجّتْ في رَجاءٍ مُكذِّبِ
وقد جرّبتْ لوْ تقتدي بالمجربِ
وكائنْ رأيتُ مِنْ ملوكٍ وسوقة ٍ
وَصاحَبْتُ مِن وَفدٍ كرامٍ ومَوكِبِ
وسانَيْتُ مِن ذي بَهْجَة ٍ ورَقَيْتُهُ
عليهِ السّموطُ عابسٍ متغضّبِ
وفارَقْتُهُ والوُدُّ بَيني وبَينَهُ
بحسنِ الثناءِ منْ وراءِ المغيّبِ
وَأبّنْتُ مِنْ فَقْدِ ابنِ عَمٍّ وخُلَّة ٍ
وفارَقتُ من عَمٍّ كريمٍ ومن أبِ
فبانُوا ولمْ يحدثْ عليَّ سبيلهُمْ
سوَى أمَلي فيما أمامي ومرغبي
فَأيَّ أوَانٍ لا تَجِئْني مَنِيَّتي
بقَصْدٍ مِنَ المَعْرُوفِ لا أتَعَجَّبِ
فلستُ بركنٍ منْ أَبانٍ وصاحة ٍ
وَلا الخالداتِ مِنْ سُوَاجٍ وغُرَّبِ
قضيتُ لباناتٍ وسليتُ حاجة ً
ونفسُ الفتى رهنٌ بقمرة ِ مؤربِ
وفيتانِ صدقٍ قد غَدوتُ عليهمُ
بِلا دَخِنٍ وَلا رَجيعٍ مُجَنَّبِ
بمجتزفٍ جونٍ كأَنَّ خفاءَهُ
قَرَا حَبَشِيٍّ في السَّرَوْمَطِ مُحْقَبِ
إذا أرْسَلَتْ كَفُّ الوَليدِ كِعامَهُ
يمجُّ سلافاً منْ رحيقٍ معطّبِ
فمَهْما نَغِضْ مِنْهُ فإنَّ ضَمَانَهُ
على طَيّبِ الأرْدانِ غَيرِ مُسَبَّبِ
جميلِ الأَسى فِيما أتى الدهرُ دونَهُ
كريمِ الثَّنا حُلْوِ الشّمائلِ مُعجِبِ
تَرَاهُ رَخيَّ البَالِ إنْ تَلْقَ تَلْقَهُ
كريماً وما يذهبْ بهِ الدهرُ يذهبِ
يشبِّي ثناءً منْ كريمٍ وقولهُ
ألا انعمْ على حسنِ التحية ِ واشربِ
لدنْ أنْ دعا ديكُ الصباحِ بسحرة ٍ
إلى قَدْرِ وِرْدِ الخامِسِ المُتَأوِّبِ
من المُسْبِلينَ الرَّيْطَ لَذٍّ كأنَّمَا
تشرَّبَ ضاحي جلدِه لونَ مذهبِ
وعانٍ فككتُ الكبلَ عنه، وسدفة ٍ
سريتُ، وأصحابي هديتُ بكوكبِ
سريتُ بهمْ حتّى تغيَّبَ نجمهمْ
وقال النَّعُوسُ : نَوَّرَ الصُّبحُ فاذهبِ(3/379)
فلَمْ أُسْدِ ما أرْعَى وتَبْلٍ رَدَدْتُهُ
وأنجَحْتُ بَعدَ اللّهِ من خيرِ مَطْلَبِ
وَدَعوَة ِ مَرْهُوبٍ أجَبتُ ، وطَعْنَة ٍ
رفعتُ بها أصواتَ نوحٍ مسلَّبِ
وغيثٍ بدكاكٍ يزنُ وهادهُ
نباتٌ كوشي العبقريِّ المخلَّبِ
أَربَّتْ عليهِ كلُّ وطفاءَ جونة ٍ
هَتُوفٍ متى يُنزِفْ لها الوَبلُ تسكُبِ
بذي بَهْجَة ٍ كَنَّ المَقانِبُ صَوْبَهُ
جلاهُ طلوعُ الشمسِ لمّا هبطتهُ
وأشرَفتُ من قُضفانِهِ فوْقَ مَرْقَبِ
وصُحْمٍ صِيامٍ بَينَ صَمْدٍ ورَجْلة ٍ
وبيضٍ تؤامٍ بينَ ميثٍ ومذنبِ
بسرتُ نداهُ لم تسرّبْ وحوشهُ
بغربٍ كجذعِ الهاجريِّ المشذَّبِ
بمطردٍ جلسٍ علتهُ طريقة ٌ
لسَمْكِ عِظامٍ عُرِّضَتْ لمْ تُنَصَّبِ
إذا ما نأى منّي براحٌ نفضتُهُ
وإنْ يدنُ مني الغيبُ ألجمْ فأركبِ
رفيع اللبانِ مطمئنّاً عذارهُ
على خدِّ منحوضِ الغرارينِ صلَّبِ
فلمّا تغشَّى كلَّ ثغرٍ ظلامُهُ
وألْقَتْ يَداً في كافِرٍ مُسْيَ مَغرِبِ
تجافيتُ عنهُ واتقاني عنانُهُ
بشدٍّ منَ التّقريبِ عَجْلانَ مُلهَبِ
رضاكَ فإنْ تضربْ إذا مارَ عطفهُ
يَزِدْكَ وإنْ تَقْنَعْ بذلكَ يَدْأبِ
هَوِيَّ غُدافٍ هَيَّجَتْهُ جَنُوبُهُ
حثيثٍ إلى أذراءِ طلحٍ وتنضبُ
فأصبحَ يذريني إذا ما احتثثتهُ
بأزواج معلولٍ منَ الدّلوٍ معشبِ
وَيَوْمٍ هَوَادي أمْرِهِ لِشَمَالِهِ
يهتكُ أخطالَ الطرافِ المطنّبِ
يُنيخُ المَخاضَ البُرْكَ والشَّمسُ حيَّة ٌ
إذا ذكيتْ نيرانُها لمْ تلهبِ
ذعرتُ قلاصَ الثلجِ تحتَ ظلالهِ
بمَثْنَى الأيادي والمنيحِ المُعَقَّبِ
وناجِيَة ٍ أنْعَلْتُها وابْتَذَلْتُها
إذا ما اسْجَهَرَّ الآلُ في كلّ سَبسَبِ
فَكَلَّفْتُها وَهْماً فآبَتْ رَكِيَّة ً
طليحاً كألْواحِ الغَبيطِ المُذَأأبِ
متى ما أشأ أسْمَعْ عِراراً بِقَفْرَة ٍ
تجيبُ زماراً كاليَراعِ المثقّبِ
وخصْمٍ قيامٍ بالعَراءِ كأنَّهُمْ
قرومٌ غيارى كُلَّ أزْهرَ مُصعبِ
علا المسكَ والدّيباج فوقَ نحورهمْ(3/380)
فَراشُ المَسيحِ كالجُمانِ المُثَقَّبِ
نَشِينُ صِحَاحَ البِيدِ كُلَّ عَشِيَّة ٍ
بعوجِ السّراء عندَ بابٍ محجبِ
شَهِدتُ فلَمْ تَنْجَحْ كَواذِبُ قوْلهم
لَدَيَّ ولمْ أحفِلْ ثَنا كلِّ مِشْغَبِ
أصدرتهمْ شتّى كأنَّ قسيهُمْ
قرون صوارٍ ساقطٍ متلغّبِ
فإن يُسهِلوا فالسَّهلُ حظّي وَطُرْقتي
وإنْ يحزنوا أركبْ بهم كلَّ مركَبِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> قَضِّ اللُّبانَة َ لا أبَا لكَ واذْهَبِ
قَضِّ اللُّبانَة َ لا أبَا لكَ واذْهَبِ
رقم القصيدة : 10908
-----------------------------------
قَضِّ اللُّبانَة َ لا أبَا لكَ واذْهَبِ
وَالَحَقْ بأُسْرَتِكَ الكِرامِ الغُيَّبِ
ذهبَ الذينَ يعاشُ في أكنافهمْ
وبَقيتُ في خَلفٍ كجِلدِ الأجرَبِ
يتأكلونَ مغالة ً وخيانة ً
ويُعَابُ قائِلُهُمْ وإنْ لم يَشْغَبِ
يا أَرْبدَ الخيرِ الكريمَ جدودُهُ
خليتني أمشي بقرنٍ أغضبِ
لولا الإلهُ سعيُ صاحبِ حميرٍ
وتَعَرُّضي في كلِّ جَوْنٍ مُصْعَبِ
لتقيّظتْ علكَ الحجازِ مقيمة ً
فجنوبَ ناصفة ٍ لقاحُ الحوأَبِ
ولقدْ دخلتُ على خميرَ بيتهُ
متنكراً في ملكِهِ كالأغلبِ
فأجازَني مِنْهُ بِطِرْسٍ ناطِقٍ
وبكلِّ أطْلَسَ جَوْبُهُ في المنكِبِ
إنَّ الرزية َ لا رزية َ مثلُهَا
فقدانُ كلِّ أخٍ كضوْء الكوكَبِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> طربَ الفؤادُ وليتهُ لمْ يطربِ
طربَ الفؤادُ وليتهُ لمْ يطربِ
رقم القصيدة : 10909
-----------------------------------
طربَ الفؤادُ وليتهُ لمْ يطربِ
وعَناهُ ذِكْرَى خُلَّة ٍ لَمْ تَصْقَبِ
سَفهاً وَلَوْ أنّي أطَعْتُ عَواذِلي
فيما يُشِرْنَ بهِ بسَفْحِ المِذْنَبِ
لزجرْتُ قَلْباً لا يَريعُ لزاجِرٍ
إنَّ الغويَّ إذا نهي لمْ يعتبِ
فتعزَّ عنْ هذا وقلْ في غيرِهِ
واذكرْ شمائلَ مِنْ أخيكَ المنجبِ
يا أربدَ الخيرِ الكريمَ جدودهُ
أفرَدتَني أمْشي بقَرْنٍ أعْضَبِ
إنَّ الرزية َ لا رزيّة َ مثلهَا(3/381)
فقدانُ كلِّ أخٍ كضوءِ الكوكبِ
ذهبَ الذينَ يعاشُ في أكنافهمْ
وبَقيتُ في خَلْفٍ كجِلدِ الأجرَبِ
يتأكلونَ مغالة ً وخيانة ً
وَيُعاَبُ قائِلُهُمْ وإن لَمْ يَشْغَبِ
ولقدْ أراني تارة ً منْ جعفرٍ
في مثلِ غيثِ الوابلِ المتحلّبِ
مِنْ كُلِّ كَهْلٍ كالسِّنَانِ وسَيِّدٍ
صعبِ المقادة ِ كالفنيقِ المصعبِ
منْ معشرٍ سنّتْ لهمْ آباؤهمْ
والعزُّ قدْ يأتي بغيرِ تطلبِ
قبرَى عظاميَ بعدَ لحميَ فقدُهم
والدَّهرُ إنْ عاتَبْتُ لَيسَ بمُعْتِبِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> هَلْ تَعرِفُ الدَّارَ بسَفْحِ الشَّرْبَبَهْ
هَلْ تَعرِفُ الدَّارَ بسَفْحِ الشَّرْبَبَهْ
رقم القصيدة : 10910
-----------------------------------
هَلْ تَعرِفُ الدَّارَ بسَفْحِ الشَّرْبَبَهْ
مِن قُلَلِ الشِّحرِ فذاتِ العُنظُبَهْ
جرّتْ عليها، أنْ خوتْ من أهلِها،
أذيالَها كلُّ عصوفٍ حصبهْ
يممنَ أعداداً بلبنَى أوْ أجَا
مضفدعاتٌ كلُّها مطحلبهْ
. أرْوَى الأناويضَ وأرْوَى مِذنَبَهْ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> فبِتْنا حَيْثُ أمْسِيْنَأ قَريباً
فبِتْنا حَيْثُ أمْسِيْنَأ قَريباً
رقم القصيدة : 10911
-----------------------------------
فبِتْنا حَيْثُ أمْسِيْنَأ قَريباً
على جسداءَ تنبحُنا الكليبُ
نقلنَا سبيهمْ صرماً فصرماً
إلى صِرْمٍ كَما نُقِلَ النّصِيبُ
غضبْنا للذي لاقتْ نفيلٌ
وخيرُ الطالبي الترة ِ الغضوبُ
جَلَبْنَا الخَيْلَ سائِلَة ً عِجافاً
منَ الضُّمرينِ يخبِطُها الضّريبُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> حَمِدْتُ اللّهَ، واللّهُ الحَميدُ
حَمِدْتُ اللّهَ، واللّهُ الحَميدُ
رقم القصيدة : 10912
-----------------------------------
حَمِدْتُ اللّهَ، واللّهُ الحَميدُ
وللهِ المؤثلُ والعديدُ
فإنَّ اللّهَ نافِلَة ٌ تُقاهُ
وَلا يَأتالُها إلاَّ سَعِيدُ
ولَستُ كمَا يَقولُ أبو حُفَيْدٍ
وَلا نَدْمانُهُ الرِّخْوُ البَليدُ(3/382)
فعَمّي ابنُ الحَيَا وأبُو شُرَيْحٍ
وعمّي خالدٌ حزمٌ وجودُ
وجدّي فارسُ الرعشاءِ منهمْ
رئيسٌ لا أسَرُّ وَلا سَنيدُ
وَشارَفَ في قُرَى الأرْيافِ خَالي
وأُعطيَ فوقَ ما يعطَى الوفودُ
وَجَدْتُ أبي رَبيعاً لليَتامَى
وللأضيافِ إذْ حُبَّ الفئيدُ
وخالي خديمٌ وأبو زهيرٍ
وزنباعٌ ومولاهمْ أسيدُ
وقيسٌ رهطُ آل أبي أُسيمٍ
فإنْ قايستَ فانظرْ ما تفيدُ
أُولئِكَ أُسْرَتي فاجْمَعْ إليَهِمْ
فمَا في شُعْبَتَيْكَ لَهُمْ نَدِيدُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> قُضِيَ الأُمورُ وأُنْجِزَ المَوعودُ
قُضِيَ الأُمورُ وأُنْجِزَ المَوعودُ
رقم القصيدة : 10913
-----------------------------------
قُضِيَ الأُمورُ وأُنْجِزَ المَوعودُ
واللهُ ربّي ماجدٌ محمودُ
ولهُ الفواضلُ والنوافلُ والعلا
ولَهُ أثيثُ الخَيرِ والمَعْدُودُ
ولقد بلتْ إرمٌ وعادٌ كيدهُ
ولقد بلتهُ بعدَ ذاكَ ثمودُ
خَلُّوا ثِيابَهُمُ على عَوْراتِهِمْ
فهُمُ بأفنِيَة ِ البُيُوتِ هُمُودُ
ولقد سئمتُ منَ الحياة ِ وطولِها
وسؤالِ هذا الناسِ كيفَ لبيدُ
وغَنيتُ سَبتاً قبلَ مُجرَى داحسٍ
لوْ كانَ للنَّفسِ اللَّجوجِ خُلُودُ
وشهدتُ أنجية َ الأفاقة ِ عالياً
كعبي، وأردافُ الملوكِ شهودُ
وأبُوكِ بسرٌ لا يفندُ عمرهُ
وإلى بِلى ً ما يُرْجَعَنَّ جَديدُ
غَلَبَ العَزاءَ وكُنتُ غيرَ مُغَلَّبٍ
دَهْرٌ طَويلٌ دائِمٌ مَمدُودُ
يومٌ إذا يأتي عليَّ وليلة ٌ
وكِلاهُما بَعْدَ المَضاء يَعُودُ
وأراهُ يأتي مثْلَ يَوْمِ لَقِيتُهُ
لم ينصرمُ وضعفتُ وهوَ شديدُ
وحَمَيتُ قَوْمي إذْ دَعَتني عامِرٌ
وتقدمتْ يومَ الغبيطِ وفودُ
وتَداكأتْ أركانُ كلِّ قَبيلَة ٍ
وفَوارِسُ الملكِ الهُمامِ تَذودُ
أكرَمتُ عِرْضي أن يُنالَ بنَجْوَة ٍ
إنَّ البريء منَ الهناتِ سعيدُ
ما إنْ أهابُ إذا السُّرادِقُ غَمَّهُ
قرعُ القسيُّ وأرعشَ الرّعديدُ(3/383)
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> ما إنْ تعرّي المنونُ منْ أحدِ
ما إنْ تعرّي المنونُ منْ أحدِ
رقم القصيدة : 10914
-----------------------------------
ما إنْ تعرّي المنونُ منْ أحدِ
لا والدٍ مشفقٍ ولا ولدِ
أخشَى على أربدَ الحتوفَ وَلا
أرْهَبُ نوءَ السِّماكِ والأسدِ
فَجَّعَني الرَّعدُ والصَّواعِقُ بالـ
فارِسِ يومَ الكريهة ِ النّجدِ
الحاربِ الجابر الحريبَ إذا
جاء نكيباً وإنْ يعدْ يعدِ
يَعْفُو عَلى الجَهْدِ والسّؤالِ كما
أُنزلَ صوبُ الربيعِ ذي الرّصدِ
لمْ يبلغِ العينَ كلَّ نهمتِها
لَيلَة َ تُمسي الجِيادُ كالقِدَدِ
كُلُّ بَني حُرَّة ٍ مَصِيرُهُمُ
قُلٌّ وإنْ أكثَرْتَ مِنَ العَدَدِ
إنْ يغبطُوا يهبطُوا وإنْ أمرُوا
يَوْماً يَصِيرُوا للهُلْكِ والنَّكَدِ
يا عَينُ هّلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ
قمْنا وقامَ الخصومُ في كبدِ
وعَينِ هَلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ
ألوتْ رياحُ الشّتاء بالعضدِ
فأصبحتْ لاقحاً مصرمة ً
حينَ تَقَضَّتْ غَوابِرُ المُدَدِ
إنْ يَشْغَبُوا لا يُبَالِ شَغْبَهُمُ
أوْ يَقْصِدوا في الحُكومِ يَقْتَصِدِ
حُلْوٌ كَريمٌ وَفي حَلاوَتِهِ
مُرٌّ لَطيفُ الأحْشاءِ والكَبِدِ
الباعِثُ النَّوْحَ في مآتِمِهِ
مِثْلَ الظِّبَاء الأبْكارِ بالجَرَدِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لنْ تفنيَا خيراتِ أرْ
لنْ تفنيَا خيراتِ أرْ
رقم القصيدة : 10915
-----------------------------------
لنْ تفنيَا خيراتِ أرْ
بدَ فابكِيَا حتّى يعودَا
قُولا هُوَ البَطَلُ المُحَا
مي حِينَ يُكْسَوْنَ الحَديدَا
وَيَصُدُّ عَنَّا الظّالِميـ
ـنَ إذا لَقِينَا القَوْمَ صِيدَا
فاعتاقهُ ريْبُ البريّـ
ـة ِ إذْ رَأى أنْ لا خُلُودَا
فَثَوَى ولَم يُوجَعْ ، ولَمْ
يُوصَبْ ، وكانَ هُوَ الفَقِيدا
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> راحَ القطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا
راحَ القطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا(3/384)
رقم القصيدة : 10916
-----------------------------------
راحَ القطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا
فَما تُواصِلُهُ سلمَى ومَا تذَرُ
مَنْأى الفَرُورِ فَما يأتي المُريدَ ومَا
يَسلُو الصدودَ إذا ما كانَ يقتدرُ
كأنَّ أظْعانَهُمْ في الصُّبْحِ غادِيَة ً
طَلحُ السَّلائلِ وَسطَ الرَّوْضِ أوْ عُشَرُ
أو باردُ الصَّيفِ مسجورٌ، مزارعُهُ
سُودُ الذوائِبِ مما متعتْ هَجرُ
جَعلٌ قصارٌ وعيدانٌ ينوءُ بِهِ
منَ الكوافِرِ مكمومٌ ومهتصرُ
يَشربَنَ رفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرَة ٍ
فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ
بينَ الصفَّا وخليجِ العَينِ ساكنة ٌ
غُلْبٌ سواجدُ لم يدخُلْ بها الحَصَرُ
وَفي الحُدوجِ عَرُوبٌ غَيرُ فاحِشَة ٍ
رَيّا الرَّوادِفِ يَعشَى دُونَها البَصَرُ
كأنَّ فاها إذا ما الليلُ ألْبَسهَا
سَيابَة ٌ ما بِها عَيْبٌ ولا أثَرُ
قالتْ غداة َ انتَجَيْنا عندَ جارَتها:
أنتَ الذي كنتَ، لوْلا الشّيبُ وَالكِبرُ
فقلت: ليسَ بَياضُ الرَّأسِ من كِبرٍ
لوْ تَعلمينَ، وعندَ العالِمِ الخَبرُ
لوْ كانَ غيري، سليمى ، اليومَ غيرهُ
وقعُ الحوادِثِ، إلى الصارمُ الذَّكرُ
ما يمنعُ الليلُ مِنّي ما هَممْتُ بِهِ
وَلا أحارُ إذا ما اعتادَني السَّفَرُ
إنَي أُقاسي خُطوباً ما يَقُومُ لَهَا
إلاَّ الكِرامُ على أمْثالِها الصُّبُرُ
مِن فَقدِ مولى ً تَصُورُ الحيَّ جَفنَتُهُ
أوْ رُزْء مالٍ، ورُزْءُ المالِ يُجْتَبَرُ
والنِّيبُ، إنْ تَعْرُ مِنّي رمَّة ً خَلَقاً
بَعْدَ المَمَاتِ، فإنّي كنت أثَّئِرُ
وَلا أضِنُّ بمَعروفِ السَّنَامِ إذا
كانَ القُتارُ كَما يُستروَحُ القُطُرُ
ولا أقولُ إذا ما أزْمَة ٌ أزَمَتْ
يا وَيْحَ نفسيَ ممّا أحدَثَ القدَرُ
وَلا أضِلُّ بأصْحابٍ هَدَيْتُهُمُ
إذا المُعَبَّدُ في الظّلْماء يَنتَشِرُ
وأُرْبِحُ التَّجْرَ إن عَزَّتْ فِضالُهُمُ
حتى يعودَ، سليمى ، حولهُ نفرُ
غَرْبُ المَصَبَّة ِ مَحْمُودٌ مَصَارِعُهُ(3/385)
لاهي النهارِ لسيرِ الليلِ محتقرُ
يروي قوامحَ قبلَ الليلِ صادقة ً
أشبَاهَ جِنٍّ عَلَيها الرَّيْطُ والأُزُرُ
إنْ يُتْلِفوا يُخلِفوا في كلِّ مَنْقَصًة ٍ
ما أتلفوا، لابتغاء الحمدِ، أوْ عَقَرُوا
نُعطي حُقوقاً على الأحسابِ ضامِنة ً
حَتّى يُنَوِّرَ في قُرْيانِهِ الزَّهَرُ
وأقطَعُ الخَرْقَ قد بادَتْ مَعَالِمُهُ
فمَا يُحسُّ بهِ عينٌ ولا أثَرُ
بِجَسْرَة ٍ تَنْجُلُ الظُّرَّانَ ناجِيَة َ
إذا توقَّدَ في الدَّيمومة ِ الظُّرَرُ
كأنّهَا بَعْدَما أفْنَيْتُ جُبْلتها
خَنْساءُ مَسْبُوعَة ٌ قَد فاتَها بَقَرُ
تَنْجُو نَجَاءَ ظَلِيمِ الجَوِّ أفْزَعَهُ
ريحُ الشَّمَالِ وشَفّانٌ لها دِرَرُ
باتَت إلى دَفِّ أرْطاة ٍ تحفِّرهُ
في نَفْسها من حَبيبٍ فاقِدٍ ذكرُ
إذا اطمَأنَّتْ قليلاً بَعدَما حَفَرَتْ
لا تطمئنُّ إلى أرطاتِها الحفَرُ
تبني بيوتاً على قَفْرٍ يهدِّمُها
جَعْدُ الثّرَى مُصْعَبٌ في دَفّه زَوَرُ
لَيْلَتَها كُلَّها حتى إذا حَسَرَتْ
عَنها النّجومُ، وكادَ الصُّبحُ يَنسَفِرُ
غَدَتْ على عَجَلٍ، والنّفسُ خائفَة ٌ
وآيَة ٌ مِنْ غُدُوٍّ الخائِفِ البُكَرُ
لاقَتْ أخَا قَنَصٍ يَسْعَى بأكْلُبِهِ
شَئْنَ البَنانِ لدَيْهِ أكلُبٌ جُسُرُ
وَلَّتْ فَأدْرَكَها أُولَى سَوَابِقِها
فأقْبَلَتْ ما بِها رَوْعٌ وَلا بَهَرُ
فقاتَلَتْ في ظِلالِ الرَّوْعِ واعتكَرَتْ
إنَّ المُحاميَ بَعدَ الرَّوْعِ يَعْتَكِرُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> وَلمْ تَحْمَ عَبدُ اللّهِ، لا درَّ دَرُّها،
وَلمْ تَحْمَ عَبدُ اللّهِ، لا درَّ دَرُّها،
رقم القصيدة : 10917
-----------------------------------
وَلمْ تَحْمَ عَبدُ اللّهِ، لا درَّ دَرُّها،
على خيرِ قَتْلاها، ولم تَحْمَ جَعفرُ
ولمْ تَحْمَ أولادُ الضِّبابِ كأنَّمَا
تُساقُ بِهِمْ وَسْطَ الصَّريمَة ِ أَبكُرُ
وَدَوْكُمْ غَضَا الوادي فلم تَكُ دِمنة ٌ
وَلا ترة ٌ يسعَى بها المتذكِّرُ(3/386)
أجِدَّكُمُ لمْ تَمْنَعُوا الدَّهرَ تَلْعَة ً
كما منعتْ عرضَ الحجازِ مبشّرُ
لَوَشْكانَ ماأعطَيتني القَوْمَ عَنْوَة ً
هيَ السُّنَّة ُ الشَّنْعاءُ والطّعْنُ يَظْأرُ
لشتانَ حربٌ أوْ تبوءُوا بخزية ٍ
وَقد يَقبَلُ الضَّيمَ الذَّليلُ المُسَيَّرُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> يا بشرُ بشرَ بني إيادٍ أيّكُمْ
يا بشرُ بشرَ بني إيادٍ أيّكُمْ
رقم القصيدة : 10918
-----------------------------------
يا بشرُ بشرَ بني إيادٍ أيّكُمْ
أدّى أريكة َ يومَ هضبِ الأجشرِ
يَتَرادَفُ الولدانُ فَوْقَ فَقَارِها
بِنِهَا الرّدافِ إلى أسنة ِ محضرِ
جاءَتْ على قتبٍ وعدلِ مزادَة ٍ
وأَرَحْتُمُوها مِنْ علاجِ الأيْصَرِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> مَنْ كانَ مِنّي جاهلاً أوْ مغمّراً
مَنْ كانَ مِنّي جاهلاً أوْ مغمّراً
رقم القصيدة : 10919
-----------------------------------
مَنْ كانَ مِنّي جاهلاً أوْ مغمّراً
فَما كانَ بدعاً منْ بلائيَ عامرُ
ألِفْتُكَ حتّى أخْمَرَ القوْمُ ظِنَّة ً
عليَّ بنُو أُمِّ البنينَ الأكابِرُ
ودافعتُ عنكَ الصّيدَ مِن آلِ دارمٍ
ومِنهُمْ قَبيلٌ في السُّرادِقِ فاخِرُ
فقيمٌ وعبدُ اللهِ في عزِّ نهشلٍ
بِثَيْتَلَ، كُلٌّ حاضِرٌ مُتَناصِرُ
فذدتُ معدّأً والعبادَ وطيئاً
وكَلباً كَمَا ذِيدَ الخِماسُ البَوَاكِرُ
على حينَ مَنْ تَلْبَثْ عَلَيهِ ذَنُوبُهُ
يجدْ فقدَها، وفي الذنابِ تداثرُ
وسُقْتُ رَبِيعاً بالفنَاءِ كأنّهُ
قريعُ هجانٍ يبتغي منْ يخاطرُ
فأفحمتهُ حتّى استكانَ كأنّهُ
قريحُ سلالٍ يكتفُ المشيَ فاترُ
ويومَ ظعنتمْ فاصْمعدّتْ وفودكُمْ
بأجمادِ فاثورٍ كريمٌ مصابرُ
ويَوْمَ مَنَعْتُ الحَيَّ أنْ يَتَفَرَّقُوا
ينجرانَ، فقري ذلك اليومَ فاقِرُ
ويوماً بصحراءِ الغبيطِ وشاهِدي الـ
ـمُلُوكُ وأرْدافُ المُلوكِ العَراعِرُ
وفي كلِّ يومٍ ذي حفاظٍ بلوتَني
فقمتُ مقاماً لم تقمهُ العَواوِرُ(3/387)
ليَ النصرُ منهمْ والولاءُ عليكمُ
وما كنتُ فَقْعاً أنْبَتَتْهُ القَرَاقِرُ
وأنتَ فَقيرٌ لمْ تُبَدَّلْ خَلِيفَة ً
سِوايَ، وَلمْ يَلْحَقْ بَنُوكَ الأصاغرُ
فقلتُ ازدجرْ أحناءَ طيرِكَ واعلمنْ
بأنّكَ إنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ عاثِرُ
وإنَّ هوانَ الجَارِ للجَارِ مُؤلِمٌ
وفاقرة ٌ تأوي إليْها الفواقِرُ
فأصْبَحْتَ أنَّى تأتِها تَبْتَئِسْ بِها
كلا مرْكبيْها تحتَ رِجليك شاجرُ
فإنْ تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدَّماً
عظيماً وإنْ أخرتَ فالكفلِ فاجِرُ
وما يكُ منْ شيءٍ فقدْ رُعتَ روعة ً
أبا مالِكٍ تَبيَضُّ مِنها الغَدائِرُ
فلوْ كانَ مولايَ أمرأً ذا حفيظة ٍ
إذاً زفَّ راعي البهمِ والبهمُ نافِرُ
فَلا تبغيني إنْ أخذتَ وسيقة ً
منَ الأرْضِ إلاَّ حيثُ تُبغى الجعافرُ
أُولئِكَ أدْنَى لي وَلاءً ونَصْرُهُمْ
قَريبٌ، إذا ما صَدَّ عَنّي المَعَاشِرُ
متى تَعْدُ أفْراسي وَرَاءَ وَسِيقَتي
يَصِرْ مَعْقِلَ الحَقِّ الذي هوَ صَائِرُ
فجمَّعتُها بعدَ الشتاتِ فأصبحتْ
لدَى ابنِ أسيدٍ مؤنقاتٌ خناجرُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أعاذلَ قُومي فاعذلي الآنَ أوْ ذَري
أعاذلَ قُومي فاعذلي الآنَ أوْ ذَري
رقم القصيدة : 10920
-----------------------------------
أعاذلَ قُومي فاعذلي الآنَ أوْ ذَري
فلستُ وإنْ أقصرتِ عنّي بمقصرِ
أعاذِلَ لا واللهِ ما منْ سلامة ٍ
وَلَوْ أشفقتْ نَفْسُ الشّحيحِ المُثمِّرِ
أقي العِرْضَ بالمَالِ التِّلادِ وأشْتَري
بهِ الحَمدَ إنَّ الطّالبَ الحمدَ مُشترِي
وكَمْ مُشترٍ من مالِهِ حُسنَ صِيِتهِ
لأيّامِهِ في كُلِّ مَبْدى ً ومَحْضَرِ
أُباهي بهِ الأكفاءَ في كلِّ مَوْطِنٍ
وأقضي فُرُوضَ الصَّالحينَ وَأقْتَرِي
فإمّا تريني اليومَ عندكِ سالِماً
فلستُ بأحْيا مِنْ كلابٍ وجعفرِ
وَلا منْ أبي جزءٍ وجاريْ حمومة ٍ
قَتيلِهِمَا والشّارِبِ المُتَقَطِّرِ
ولا الأحْوَصينِ في لَيالٍ تتابعَا(3/388)
وَلا صاحبِ البَّراضِ غيرِ المغمَّرِ
وَلا مِنْ رَبيعِ المقترينَ رزئْتُهُ
بذي علقٍ فاقنيْ حياءَكِ واصْبرِي
وقيسِ بنِ جزءٍ يومَ نادى صحابهُ
فعاجُوا عليهِ من سواهمَ ضمَّرِ
طوتْهُ المَنَايَا فوقَ جرداءَ شطبة ٍ
تَدِفُّ دَفيفَ الرَّائحِ المُتَمَطِّرِ
فباتَ وَأسْرَى القَوْمُ آخِرَ لَيلِهِمْ
وما كانَ وقّافاً بدارِ معصّرِ
وبالفُورَة ِ الحَرَّابُ ذو الفَضْلِ عامِرٌ
فَنِعْمَ ضِياءُ الطّارِقِ المُتَنَوِّرِ
ونِعْمَ مُنَاخُ الجارِ حَلَّ بِبَيْتِهِ
إذا ما الكعابُ أصبحتْ لم تسترِ
ومَنْ كانَ أهلَ الجودِ والحزْمِ والندى
عُبَيْدَة ُ والحامي لَدَى كلِّ محْجَرِ
وَسَلْمَى ، وسَلمَى أهلُ جودٍ ونائلٍ
متى يدعُ مولاهُ إلى النصرِ ينصرِ
وبَيْتُ طُفَيْلٍ بالجُنَيْنَة ِ ثاوِياً
وبَيتُ سُهَيْلٍ قد علِمتِ بصَوْءَرِ
فلمْ أرَ يوْماً كانَ أكثرَ باكياً
وحسناءَ قامتْ عن طرافٍ مجوّرِ
تَبُلُّ خُمُوشَ الوَجهِ كلُّ كريمَة ٍ
عَوانٍ وبِكْرٍ تَحْتَ قَرٍّ مُخَدَّرِ
وبالجرِّ مِنْ شرقيِّ حرسٍ مُحاربٌ
شُجاعٌ وذو عَقْدٍ منَ القَوْمِ مُحتَرِ
شهابُ حُروُبٍ لا تَزالُ جِيادُهُ
عَصائبَ رهْواً كالقَطا المُتَبَكِّرِ
وصاحبُ ملحوبٍ فجعنَا بيومهِ
وعندَ الرّداعِ بيتُ آخرَ كوثرِ
أُولئِكَ فابكي لا أبَا لَكِ وانْدُبي
أبَا حازِمٍ في كُلِّ يَوْمٍ مُذَكَّرِ
فشَيَّعَهُمْ حَمْدٌ وزانَتْ قُبورَهُمْ
سرارة ُ ريحانٍ بقاعٍ منوّرِ
وشمطَ بني ماءِ السماءِ ومردَهُمْ
فهَل بَعْدَهُمْ مِنْ خالدٍ أوْ مُعَمَّرِ
وَمَنْ فادَ مِن إخوانِهِمْ وبَنيهِمِ
كهولٌ وشبّانٌ كجنّة ِ عبقرِ
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السّبيلِ عَلَيهِمِ
بهيٌّ منَ السّلاّفِ ليسَ بحيدرِ
فكائِنْ رَأيْتُ مِنْ بَهاءٍ ومَنْظَرٍ
ومفتحِ قيدٍ للأسيرِ المكفّرِ
وكائنْ رأيْتُ منْ ملوكٍ وسوقَة ٍ
وراحلة ٍ شدّتْ برحْلٍ محبّرِ
وأفنى بَناتُ الدّهرِ أرْبابَ ناعطٍ
بمُسْتَمَعٍ دونَ السّماء ومَنْظَرِ(3/389)
وبالحارِثِ الحرابِ فجعنَ قومَهُ
ولَوْ هاجَهُمْ جاءُوا بنَصْرٍ مُؤزَّرِ
وأهلَكْنَ يوماً ربَّ كندَة َ وابنهُ
وربَّ مَعَدٍّ بينَ خَبْتٍ وعَرْعَرِ
وأعوَصْنَ بالدُّوميّ من رَأسِ حِصْنِهِ
وأنزلْنَ بالأسبابِ ربَّ المشقرِ
وأخلَفْنَ قُسّاً ليتني ولوَ أنّني
وأعْيا على لُقْمَانَ حُكْمُ التّدَبُّرِ
فإنْ تسألِينا فيمَ نحنُ فإنّنَا
عَصافيرُ مِنْ هذا الأنامِ المُسَحَّرِ
عَبيدٌ لحيّ حِمْيَرٍ إنْ تَمَلّكُوا
وتَظلِمُنا عُمّالُ كسْرَى وقَيصرِ
وَنَحْنُ وَهُمْ ملكٌ لحِميرَ عَنْوَة ً
وما إنْ لَنا مِنْ سادَة ٍ غير حِميرِ
تبَابِعَة سَبْعُونَ مِنْ قَبلِ تُبَّعٍ
تولّوا جميعاً أزهراً بعدَ أزهَرِ
نَحُلُّ بِلاداً كُلُّهَا حُلَّ قَبْلَنَا
ونَرْجُو الفَلاحَ بَعْدَ عَادٍ وحِمْيرِ
وإنّا وإخواناً لَنا قدْ تتابعُوا
لكالمغتدي والرّائحِ المتهجّرِ
هَلِ النّفْسُ إلاَّ مُتعَة ٌ مُستَعارة ٌ
تُعَارُ فَتأتي رَبَّها فَرْطَ أشهُرِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لعمري لئنْ كانَ المخبرُ صادقاً
لعمري لئنْ كانَ المخبرُ صادقاً
رقم القصيدة : 10921
-----------------------------------
لعمري لئنْ كانَ المخبرُ صادقاً
لقدْ رزئتْ في سالِفِ الدَّهرِ جعفرُ
فتى ً كانَ أمّا كُلَّ شيء سألْتَهُ
فيعطي وأمّا كلَّ ذنبٍ فيغفِرُ
فإنْ يَكُ نَوءٌ مِنْ سَحابٍ أصابَهُ
فقَد كانَ يعلُو في اللِّقاءِ ويظفَرُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> يُذَكِّرُني بأرْبَدَ كُلُّ خَصْمٍ
يُذَكِّرُني بأرْبَدَ كُلُّ خَصْمٍ
رقم القصيدة : 10922
-----------------------------------
يُذَكِّرُني بأرْبَدَ كُلُّ خَصْمٍ
ألَدَّ تَخَالُ خُطَّتَهُ ضِرَارَا
إذا اقْتَصَدوا فمُقْتَصِدٌ أريبٌ
وإنْ جاروا سَواءَ الحَقِّ جارَا
ويهْدي القومَ، مضطلعاً، إذا ما
رئيسُ القومِ بالموماة ِ حارَا(3/390)
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أبْكي أبا الحَزَّازِ يَوْمَ مَقَامَة ٍ
أبْكي أبا الحَزَّازِ يَوْمَ مَقَامَة ٍ
رقم القصيدة : 10923
-----------------------------------
أبْكي أبا الحَزَّازِ يَوْمَ مَقَامَة ٍ
لمُنَاخِ أضيافٍ ومأوى مُقْتِرِ
والحيِّ إذْ بكرَ الشتاءُ عليهمُ
وعدتْ شآمية ٌ بيومٍ مقمرِ
وتقنعَ الأبرامُ في حجراتهِمْ
وتَجَزَّأ الأيْسارُ كلَّ مُشَهَّرِ
ألفَيْتَ أربَدَ يُستَضاءُ بوَجْهِهِ
كالبدرِ، غيرَ مقتّرٍ مُستأثرِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> إنّما يحفظُ التّقى الأبرارُ
إنّما يحفظُ التّقى الأبرارُ
رقم القصيدة : 10924
-----------------------------------
إنّما يحفظُ التّقى الأبرارُ
وإلى اللهِ يستقرُّ القرارُ
وإلى اللهِ ترجعونَ وعندَ
اللهِ وردُ الأمورِ والإصدارُ
كُلَّ شيءٍ أحصَى كِتاباً وعِلْمَاً
ولديهِ تجلّتِ الأسْرارُ
يومَ أرزاقُ مَنْ يفضّلُ عمٌّ
مُوسَقَاتٌ وحُفَّلٌ أبْكَارُ
فاخراتٌ ضروعُها في ذُراها
وأنَاضَ العَيْدانُ والجَبّارُ
يَوْمَ لا يُدخِلُ المُدارِسَ في الرَّحـ
ـمَة ِ إلاَّ بَراءَة ٌ واعتِذارُ
وحسانٌ أعدَّهُنَّ لأشْها
دٍ وَغفْرُ الّذي هُوَ الغَفّارُ
وَمَقامٌ أكْرِمْ بهِ مِنْ مَقَامٍ
وهَوادٍ وسُنَّة ٌ ومَشَارُ
إنْ يكنْ في الحَياة ِ خَيرٌ فقد أُنْـ
ـظِرْتُ لوْ كانَ يَنْفَعُ الإنْظَارُ
عشتُ دهراً ولا يدومُ على الأيـ
ـامِ إلاَّ يَرَمرَمٌ وتِعَارُ
وكُلافٌ وضلفعٌ وبضيعٌ
والّذي فَوْقَ خُبَّة ٍ، تِيمَارُ
والنجومُ التي تتابعُ بالليـ
ـلِ وفيها ذاتَ اليَمينِ ازْوِرارُ
دائِبٌ مَوْرُها، ويصرِفُها الغَوْ
رُ، كما تعطِفُ الهجانُ الظُّؤَارُ
ثمّ يعمَى إذا خفينَ علينَا
أطِوَالٌ أمْرَاسُها أمْ قِصَارُ
هَلَكَتْ عامِرٌ فلَمْ يَبْقَ منها
برِياضِ الأعرافِ إلاَّ الدّيارُ
غيرُ آلٍ وعنَّة ٍ وعريشٍ
ذَعْذَعَتْها الرّياحُ والأمْطارُ
وأرَى آلَ عامِرٍ وَدَّعُوني(3/391)
غيرَ قومٍ أفراسهُمْ أمهارُ
واقفيها بكلّ ثغرٍ مخوفٍ
هُم علَيها لعَمْرُ جَدّي نُضَارُ
لمْ يهينوا المولى على حدثِ الدّهْـ
رِ وَلا تجتويهِمْ الأصْهارُ
فعَلى عامِرٍ سلامٌ وحمدٌ
حَيثُ حَلّوا منَ البلادِ وسارُوا
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> تَمَنّى ابنَتَايَ أنْ يَعيشَ أبُوهُما
تَمَنّى ابنَتَايَ أنْ يَعيشَ أبُوهُما
رقم القصيدة : 10925
-----------------------------------
تَمَنّى ابنَتَايَ أنْ يَعيشَ أبُوهُما
وهلْ أنا إلاَّ من ربيعة َ أوْ مضرْ
ونائحتانِ تندبانِ بعاقلٍ
أخا ثقة ٍ لا عينَ منهُ ولا أثرْ
وفي ابنيْ نزارٍ أُسوة ٌ إنْ جزعتُما
وَإنْ تسألاهُمْ تخبرَا فيهِمُ الخبرْ
وفيمنْ سواهُمْ مِنْ مُلوكٍ وسُوقة ٍ
دعائمُ عرشٍ خانَهُ الدهرُ فانققرْ
فَقُوما فَقُولا بالذي قَدْ عَلِمْتُمَا
وَلا تَخْمِشَا وَجْهاً وَلا تحْلِقا شَعَرْ
وقُولا هوَ المرءُ الذي لا خليلَهُ
أضاعَ، وَلا خانَ الصَّديقَ وَلا غَدَرْ
إلى الحَوْلِ ثمَّ اسمُ السّلاَمِ علَيكُما
وَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كاملاً فقدِ اعتذرْ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> حَشودٌ على المِقْرَى إذا البُزْلُ حارَدَتْ
حَشودٌ على المِقْرَى إذا البُزْلُ حارَدَتْ
رقم القصيدة : 10926
-----------------------------------
حَشودٌ على المِقْرَى إذا البُزْلُ حارَدَتْ
سريعٌ إلى الدّاعي مُطاعٌ إذا أَمَرْ
وقد كنتُ جَلداً في الحياة ِ مرزّأً
وقد كنتُ أنوي الخيرَ والفضلَ والذُّخَرْ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> دعي اللومَ أوْ بِيني كشقِّ صديعِ
دعي اللومَ أوْ بِيني كشقِّ صديعِ
رقم القصيدة : 10928
-----------------------------------
دعي اللومَ أوْ بِيني كشقِّ صديعِ
=فقدْ لُمتِ قبلَ اليومِ غيرَ مُطيعِ
وإنْ كُنْتِ تَهوَينَ الفِراقَ فَفارِقي
لأمرِ شتاتٍ أوْ لأمْرِ جميعِ
فلَوْ أنّني ثمّرْتُ مالي ونسلَهُ
وأمْسَكْتُ إمساكاً كَبُخْلِ مَنيعِ(3/392)
رَضِيتِ بأدْنَى عَيْشِنا وَحَمِدْتِنا
إذا صَدَرَتْ عَن قارِصٍ ونَقيعِ
ولكِنَّ مالي غالَهُ كُلُّ جَفْنَة ٍ
إذا حانَ وِرْدٌ أسْبَلَتْ بدُمُوعِ
وإعْطائيَ المَوْلى على حينِ فَقْرِهِ
إذا قالَ: أبْصِرْ خَلَّتي وخُشُوعي
وخصمٍ كنادي الجنِّ أسقطتُ شأوَهمْ
بمُسْتَحْصِدٍ ذي مِرَّة ٍ وصُرُوعِ
كخصْمِ بني بَدْرٍ غداة َ لَقيتُهُمْ
ومِنْ قَبْلُ قَد قَوَّمْتُ دَرْءَ رَبيعِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> بلينا وما تبلى النجومُ الطَّوالِعُ
بلينا وما تبلى النجومُ الطَّوالِعُ
رقم القصيدة : 10929
-----------------------------------
بلينا وما تبلى النجومُ الطَّوالِعُ
وتَبْقَى الجِبالُ بَعْدَنَا والمَصانِعُ
وقد كنتُ في أكنافِ جارِ مضنّة ٍ
ففارقَني جارٌ بأرْبَدَ نافِعُ
فَلا جَزِعٌ إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا
وكُلُّ فَتى ً يَوْمَاً بهِ الدَّهْرُ فاجِعُ
فَلا أنَا يأتيني طَريفٌ بِفَرْحَة ٍ
وَلا أنا مِمّا أحدَثَ الدَّهرُ جازِعُ
ومَا النّاسُ إلاّ كالدّيارِ وأهْلها
بِها يَوْمَ حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ
ومَا المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ
يحورُ رَماداً بَعْدَ إذْ هُوَ ساطِعُ
ومَا البِرُّ إلاَّ مُضْمَراتٌ منَ التُّقَى
وَما المَالُ إلاَّ مُعْمَراتٌ وَدائِعُ
ومَا المالُ والأهْلُونَ إلاَّ وَديعَة ٌ
وَلابُدَّ يَوْماً أنْ تُرَدَّ الوَدائِعُ
وَيَمْضُون أرْسَالاً ونَخْلُفُ بَعدهم
كما ضَمَّ أُخرَى التّالياتِ المُشايِعُ
ومَا الناسُ إلاَّ عاملانِ: فَعامِلٌ
يتبِّرُ ما يبني، وآخرُ رافِعُ
فَمِنْهُمْ سَعيدٌ آخِذٌ لنَصِيبِهِ
وَمِنْهُمْ شَقيٌّ بالمَعيشَة ِ قانِعُ
أَليْسَ ورائي، إنْ تراخَتْ مَنيّتي،
لُزُومُ العَصَا تُحْنَى علَيها الأصابعُ
أخبّرُ أخبارَ القرونِ التي مضتْ
أدبٌ كأنّي كُلّما قمتُ راكعُ
فأصبحتُ مثلَ السيفِ غيرَ جفنهُ
تَقَادُمُ عَهْدِ القَينِ والنَّصْلُ قاطعُ(3/393)
فَلا تبعدنْ إنَّ المَنيَة َ موعدٌ
عَلَيْكَ فَدَانٍ للطُّلُوعِ وطالِعُ
أعاذلَ ما يُدريكِ، إلاَّ تظنيّاً،
إذا ارتحلَ الفتيانُ منْ هوَ راجعُ
تُبَكِّي على إثرِ الشّبابِ الذي مَضَى
ألا إنَّ أخدانَ الشّبابِ الرّعارِعُ
أتجزَعُ مِمّا أحدَثَ الدّهرُ بالفَتى
وأيُّ كَريمٍ لمْ تُصِبْهُ القَوَارِعُ
لَعَمْرُكَ ما تَدري الضَّوَارِبُ بالحصَى
وَلا زاجِراتُ الطّيرِ ما اللّهُ صانِعُ
سَلُوهُنَّ إنْ كَذَّبتموني متى الفتى
يذوقُ المنايا أوْ متى الغيثُ واقِعُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> يا مَيَّ قُومي في المَآتِمِ وَانْدُبي
يا مَيَّ قُومي في المَآتِمِ وَانْدُبي
رقم القصيدة : 10930
-----------------------------------
يا مَيَّ قُومي في المَآتِمِ وَانْدُبي
فتى ً كانَ ممّن يَبتني المَجدَ أرْوَعَا
وَقُولي: ألا لا يُبْعِدِ اللّهُ أرْبَدَا
وهَدّي بهِ صَدْعَ الفُؤادِ المُفَجَّعَا
عَمِيدُ أُنَاسٍ قَدْ أتَى الدَّهْرُ دونَهُ
وخَطُّوا له يوْماً منَ الأرْضِ مضْجعَا
دَعا أرْبَداً داعٍ مُجيباً فَأسمعَا
ولمْ يستطعْ أنْ يستمرَّ فيمنعَا
وكانَ سَبيلَ النّاسِ، مَن كانَ قَبلَهُ
وذاكَ الذي أفْنَى إيَاداً وتُبَّعَا
لَعَمْرُ أبيكِ الخَيرِ يا ابنَة َ أرْبَدٍ
لقَد شفَّني حزُنٌ أصابَ فأوْجَعَا
فِراقُ أخٍ كانَ الحبيبَ فَفَاتَني
وَوَلَّى بهِ رَيْبُ المَنُونِ فَأسْرَعَا
فعَيْنَيَّ إذْ أوْدَى الفِراقُ بأرْبَدٍ
فَلا تَجْمُدَا أنْ تَسْتَهِلاَّ فتَدمَعَا
فتى ً عارِفٌ للحَقِّ لا ينكِرُ القِرَى
ترَى رَفْدَهُ للضَّيفِ ملآنَ مُتْرَعَا
لحَا اللّهُ هَذا الدَّهرَ إنّي رَأيْتُهُ
بصِيراً بما سَاءَ ابنَ آدَمَ مُولعاً
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أَتَيْتُ أبا هندٍ بهندٍ ومالكاً
أَتَيْتُ أبا هندٍ بهندٍ ومالكاً
رقم القصيدة : 10931
-----------------------------------
أَتَيْتُ أبا هندٍ بهندٍ ومالكاً(3/394)
بأسماءَ، إنِّي مِنْ حُماة ِ الحَقائِقِ
دَعَتني وفاضَتْ عَينُها بخَدُورَة ٍ
فجئتُ غِشاشاً إذْ دعتْ أُمُّ طارِقِ
وأعدَدْتُ مأثُوراً قَليلاً حُشورُهُ
شَديدَ العِمادِ يَنْتَحي للطَّرائِقِ
وأخْلَقَ محموداً نَجيحاً رَجيعُه
وأسْمَرَ مَرْهُوباً كريمَ المآزِقِ
وخَلَّفْتُ ثَمَّ عامِراً وابنَ عامِرٍ
وعَمْراً وما مِنّي بَديلٌ بعاتِقِ
وَمِنّي على السُّبّاقِ فَضْلٌ ونعمة ٌ
كما نعش الدَّكداك صوبُ البوارِقِ
و قلتُ لعمري كيفَ يُترَكُ مرثَدٌ
وعمرٌ ويَسري مالُنا في الأفارقِ
فلَوْلا احتِيالي في الأمُورِ ومِرَّتي
لَبِيعَ سُبِيٌّ بالشَّويِّ النّوافِقِ
فذاكَ دِفاعٌ عَنْ ذِمارِ أبِيكُمُ
إذا خرَقَ السِّرْبالَ حدُّ المَرَافِقِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> رأيتَ ابنَ بدرٍ ذُلَّ قومِكَ فاعترفْ
رأيتَ ابنَ بدرٍ ذُلَّ قومِكَ فاعترفْ
رقم القصيدة : 10932
-----------------------------------
رأيتَ ابنَ بدرٍ ذُلَّ قومِكَ فاعترفْ
غداة َ رمى جَحشٌ، بأفوقَ، مالكَا
بخيركُمُ نفساً وخيركمُ أباً
أعَزُّهُمُ حَيّاً عَلَيهمْ وَهالِكَا
تَذَكَّرْتَ مِنْهُ حاجَة ً قد نَسيتَها
وبالرَّدْهِ منْهُ حاجَة ٌ مِنْ وَرَائِكَا
فإنْ كنتَ قد سوقتَ معزى حبلّقاً
أبا مالِكٍ ، فانعِقْ إليكَ بشائِكَا
أبا مالِكٍ إنْ كُنتَ بالسَّيرِ مُعْجَباً
فدونكَ فانظُرْ في عيونِ نسائِكَا
أبا مالِكٍ إنّي لحُكْمِكَ فارِكٌ
وزَبّانُ قَدْ أمسَى لحُكمِكَ فارِكَا
همُ حيّة ُ الوادي فإنْ كنتَ راقياً
فدونَكَ أدْرِكْ ما ازدهَوْا من فينائكَا
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> ألَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي
ألَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي
رقم القصيدة : 10933
-----------------------------------
ألَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي
لسلْمَى بالمذانِبِ فالقفالِ
فجنبيْ صوْأرٍ فنِعافِ قَوٍّ
خَوَالِدَ ما تَحَدَّثُ بالزَّوَالِ(3/395)
تحمّلَ أهلُها إلاَّ عراراً
وعزفاً بعدَ أحيْاءٍ حلالِ
وخَيْطاً مِن خَوَاضِبَ مُؤلِفَاتٍ
كأنَّ رئالَها أُرْقُ الإفَالِ
تحمَّلَ أهلُها وأجدَّ فيها
نعاجُ الصَّيْفِ أخبية َ الظِّلالِ
وقفْتُ بهنَّ حتى قالَ صحبي:
جَزِعْتَ وَلَيسَ ذلِكَ بالنَّوَالِ
كأنَّ دمُوعهُ غربَا سُناة ٍ
يُحِيلُونَ السِّجالَ على السِّجالِ
إذا أرْوَوْا بِها زَرْعاً وقَضْباً
أمالُوها على خورٍ طوالِ
تمنَّى أنْ تُلاقيَ آلَ سلْمَى
بخطمة َ، والمُنى طرقُ الضَّلالِ
وَهَلْ يَشتاقُ مِثْلُكَ مِن دِيارٍ
دوارِسَ بينَ تختِمَ والخِلالِ
وكنتُ إذا الهُمومُ تحضَّرتني
وضَنَّتْ خُلَّة ٌ بَعْدَ الوِصَالِ
صَرَمْتُ حِبالَها وصدَدْتُ عَنْها
بناجية ٍ تَجِلُّ عنِ الكَلالِ
عُذافِرَة ٌ تَقَمَّصُ بالرُّدافَى
تخونهَا نزولي وارْتحَالي
كعَقْرِ الهَاجرِيِّ إذا ابتَنَاهُ
بأشباهٍ حُذينَ على مِثالِ
كأخْنَسَ نَاشِطٍ جادَتْ عليَهِ
ببُرقَة ِ وَاحِفٍ إحَدى اللّيالي
أضَلَّ صِوَارَهُ وتَضَيَّفَتْهُ
نَطُوفٌ أمرُها بيَدِ الشَّمَالِ
فَبَاتَ كأنّهُ قاضي نُذُورٍ
يَلُوذُ بغَرْقَدٍ خَضِلٍ وضَالِ
إذا وَكَفَ الغُصُونُ على قَرَاهُ
أدارَ الرَّوْقَ حالاً بَعدَ حالِ
جُنوحَ الهالكيّ على يَديْهِ
مُكِبّاً يَجْتَلي نُقَبَ النِّصَالِ
فَباكَرَهُ معَ الإشْراقِ غُضْفٌ
ضواريها تخبُّ مَعَ الرِّجالِ
فجالَ، ولمْ يجلْ جُبناً، ولكن
تَعَرُّضَ ذي الحَفيظَة ِ للقتالِ
فغادرَ مُلْحماً وعدلْنَ عَنْهُ
وقد خضبَ الفرائصَ من طحالِ
يَشُكُ صِفاحَها بالرَّوْقِ شَزْراً
كَما خرجَ السّرادُ منَ النّقالِ
وولّى تحسرُ الغمراتُ عنهُ
كَما مَرَّ المُراهِنُ ذو الجِلالِ
وولّى عامداً لطياتِ فلجٍ
يُرَاوِحُ بَينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ
تَشُقُّ خَمائِلَ الدَّهْنَا يَداهُ
كمَا لَعِبَ المُقامِرُ بالفِيَالِ
وأصْبَحَ يَقتري الحَوْمانَ فَرْداً
كنَصْلِ السَّيفِ حُودثَ بالصقَالِ
أذَلِكَ أمْ عراقيٌّ شَتِيمٌ(3/396)
أرَنَّ على نَحائِصَ كالمَقَالي
نَفَى جِحْشَانَها بجِمَادِ قَوٍّ
خَليطٌ ما يُلامُ على الزِّيَالِ
وأمْكَنَها مِنَ الصُّلْبَيْنِ حتى
تبينتِ المخاضُ منَ الحيالِ
شُهُورَ الصَّيْفِ واعتَذَرَتْ علَيه
نطافُ الشيّطينِ منَ السّمالِ
وذكرها مناهلَ آجناتٍ
بحاجَة َ لا تنزّحُ بالدَّوالي
وأقبلَها النّجادَ وشيعتهَا
هَوادِيها كأنْضِيَة ِ المُغَالي
لِوِرْدٍ تَقْلِصُ الغِيطَانُ عَنْهُ
يَبُذُّ مَفازَة َ الخِمسِ الكَمالِ
يجدُّ سحيلَهُ ويتيرُ فيهِ
ويُتْبِعُها خِنَافاً في زِمَالِ
كأنَّ سَحيلَهُ شكْوَى رَئِيسٍ
يُحاذِرُ مِن سَرايا واغْتِيالِ
تبكِّيَ شاربٍ أسرَتْ عليهِ
عَتيقُ البابِلِيَّة ِ في القِلالِ
تَذَكَّرَ شَجْوَهُ وتَقاذَفَتْهُ
مشعشعَة ٌ بمغرُوضٍ زُلالِ
إذا اجْتَمَعَتْ وأحوَذَ جانِبَيْها
وأوْرَدَها على عُوجٍ طِوَالِ
رَفَعْنَ سُرَادِقاً في يَوْمِ رِيحٍ
يصفقُ بين ميلٍ واعتدال
فأوردهَا العِراكَ ولم يذدُها
ولم يشفقْ على نغصِ الدِّخالِ
يُفَرِّجُ بالسَّنابِكِ عن شَريبٍ
يروعُ قلوبَ أجوافٍ غِلالِ
يُرَجّعُ في الصُّوَى بمُهضّماتٍ
يَجُبْنَ الصَّدرَ ، من قَصَبِ العَوالي
أصَاحِ تَرَى بَريقاً هَبَّ وَهْناً
كمصْباحِ الشَّعيلَة ِ في الذُّبالِ
أرِقْتُ لهُ وأنجدَ بعدَ هدءٍ
وأصحابي على شُعَبِ الرِّحالِ
يُضيءُ رَبابُهُ في المُزْنِ حُبْشاً
قِيَاماً بالحِرابِ وبالإلالِ
كأنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُرَاهُ
وأنْواحاً علَيْهِنَّ المآلي
فأفرَعَ في الرّبابِ يقودُ بُلْقاً
مجوّفَة ً تذبُّ عنِ السِّخالِ
وأصبَحَ راسِياً برضامِ دَهْرٍ
وسالَ بهِ الخَمائِلُ في الرِّمالِ
وحطَّ وُحُوشَ صاحَة َ من ذُراها
كأنَّ وُعُولَها رُمْكُ الجِمالِ
على الأعراضِ أيْمَنُ جانِبَيْهِ
وأيْسَرَهُ على كُورَيْ أُثَالِ
وأرْدَفَ مُزْنَهُ المِلْحَينِ وَبْلاً
سَريعاً صَوْبُهُ سَرِبَ العزالي
فَباتَ السّيلُ يَركَبُ جانِبَيْهِ
مِنَ البقّارِ كالعَمِدِ الثَّفَالِ(3/397)
أقولُ، وصَوْبُهُ مِنِّي بعيدٌ
يَحُطُّ الشَّتَّ من قُلَلِ الجِبالِ
سَقَى قَوْمي بني مَجْدٍ، وأسقَى
نُمَيراً والقَبائلَ مِنْ هِلالِ
رعوْهُ مَرْبعاً وتصيَّفُوهُ
بِلا وَبإٍ ، سُمَيَّ ، ولا وَبالِ
هُمُ قَوْمي وقد أنكرْتُ مِنهمْ
شَمائلَ بُدِّلُوها مِن شِمالي
يُغارُ على البَرِيِّ بغَيرِ ظُلْمٍ
ويُفْضَحُ ذو الأمانَة ِ والدَّلالِ
وأسرعَ في الفواحشِ كلُّ طِملٍ
يَجرُّ المُخزِياتِ وَلا يُبَالي
أطَعْتُمْ أمْرَهُ فَتَبِعْتُمُوهُ
ويأتي الغَيَّ مُنْقَطِعَ العِقَالِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> كُبَيْشَة ُ حَلَّتْ بَعْدَ عَهْدِكَ عاقلا
كُبَيْشَة ُ حَلَّتْ بَعْدَ عَهْدِكَ عاقلا
رقم القصيدة : 10934
-----------------------------------
كُبَيْشَة ُ حَلَّتْ بَعْدَ عَهْدِكَ عاقلا
وكانَتْ لهُ خَبْلاً على النّأيِ خابِلا
تَرَبَّعَتِ الأشْرافَ ثُمَّ تصيّفَتْ
حَساءَ البُطاحِ وانتجَعْنَ المَسَايلا
تخيَّرُ ما بينَ الرِجَامِ وواسطٍ
إلى سدْرَة ِ الرَّسينِ تَرْعى السَّوَابلا
يُغَنّي الحَمامُ فَوْقَها كُلَّ شارِقٍ
على الطَّلحِ يصدحنَ الضُّحى والأصائلا
فكَلَّفْتُها وَهْماً كأنَّ نَحِيزَهُ
شَقَائِقُ نَسّاجٍ يَؤُمُّ المَنَاهِلا
فعدّيْتُها فيهِ تُباري زِمامَها
تُنَازِعُ أطْرَافَ الإكامِ النَّقائِلا
مُنيفاً كسحلِ الهاجريّ تضمُّهُ
إكامٌ ويعرَوري النِّجادَ الغَوائِلا
فسافَتْ قديماً عهدُهُ بأنيسِهِ
كمَا خالَطَ الخَلُّ العَتيقُ التَّوابِلا
سَلَبْتُ بها هَجْراً بُيُوتَ نِعَاجِهِ
ورعتُ قطاهُ في المبيتِ وقائلا
بحَرْفٍ بَرَاها الرَّحْلُ إلاَّ شَظِيَّة ً
تَرَى صُلْبَها تحتَ الوَلِيَّة ِ نَاحِلا
على أنَّ ألْواحاً تُرَى في جَديلِها
إذا عاوَدَتْ جَنانَها وَالأفَاكِلا
وغادرْتُ مَرْهُوباً كأنَّ سباعَهُ
لُصوصٌ تصدَّى للكسوبِ المَحاوِلا
كأنَّ قَتُودي فَوْقَ جأبٍ مُطَرّدٍ
يفزُّ نحُوصاً بالبراعيمِ حائِلا(3/398)
رَعاها مَصَابَ المُزْنِ حتى تَصَيَّفَا
نِعافَ القنانِ ساكِناً فالأجاوِلا
فكَانَ لَهُ بَرْدُ السِّماكِ وغَيمُهُ
خَليطاً، غَدا صُبحَ الحرامِ مُزاَيِلا
فَلَمّا اعْتَقَاهُ الصَّيْفُ ماءَ ثِمَادِهِ
وقد زايل البُهمى سَفا العِرْبِ ناصِلا
ولمْ يتذكَّرْ منْ بَقِيَّة ِ عَهْدِهِ
منَ الحَوْضِ والسُّؤبانِ إلاَّ صَلاصِلا
فأجْمادَ ذي رَقْدٍ فأكْنافَ ثادِقٍ
فصارَة َ يُوفى فَوْقَها فالأعابِلا
وزالَ النَّسيلُ عَن زحاليفِ متنهِ
فأصبحَ مُمتَدَّ الطريقَة ِ قافِلا
يقلِّبُ أطرافَ الأمُورِ تخالُهُ
بأحْنَاءِ ساقٍ، آخرَ الليلِ، ماثِلا
فهيجَها بعدَ الخلاجِ فَسامحتْ
وأنْشَأ جَوْناً كالضَّبابَة ِ جَائِلا
يَفُلُّ الصَّفيحَ الصُّمَّ تَحْتَ ظِلالِهِ
منَ الوَقعِ لا ضَحْلاً وَلا مُتضَائِلا
فبَيَّتَ زُرْقاً مِن سَرارٍ بسُحرَة ٍ
وَمِنْ دَحْلَ لا يخشَى بهنَّ الحَبائِلا
فعامَا جُنوحَ الهَالِكيِّ كِلاهُمَا
وقَحَّمَ آذيَّ السَّرِيِّ الجَحافِلا
أذَلِكَ أمْ نَزْرُ المَراتِعِ فَادِرٌ
أحَسَّ قَنِيصاً بالبَراعيمِ خَاتِلا
فبَاتَ إلى أرْطاة ِ حِقْفٍ تَضُمُّهُ
شآمِيَة ٌ تُزْجي الرَّبَابَ الهَوَاطِلا
وباتَ يُريدُ الكِنَّ، لَوْ يَسْتَطيعُهُ
يُعالِجُ رَجّافاً منَ التُّربِ غائِلا
فأصبحَ وانْشَقَّ الضَّبابُ وهاجَهُ
أخُو قَفْرَة ٍ يُشْلي رَكاحاً وسَائِلا
عوابسَ كالنُّشَّاب تدمى نحورُها
يرينَ دماءَ الهادياتِ نوافِلا
فجالَ ولم يعكمْ لغُضْفٍ كأنها
دِقاقُ الشَّعيلِ يَبْتَدِرْنَ الجَعَائِلا
لصَائِدِهَا في الصَّيْدِ حَقٌّ وطُعْمَة ٌ
ويَخْشَى العَذابَ أنْ يُعَرِّدَ نَاكِلا
قِتالَ كميٍّ غابَ أنْصَارُ ظَهْرِهِ
وَلاقَى الوُجُوهَ المُنكَراتِ البَوَاسِلا
يسرْنَ إلى عوراتِهِ فكأنّمَا
للباتِهَا يُنحي سِنَاناً وعَامِلا
فغادرَها صَرْعى لدَى كُلِّ مَزحفٍ
ترى القدَّ في أعناقِهِنَّ قَوافِلا
تَخَيَّرْنَ مِنْ غَولٍ عذاباً رويَّة ً(3/399)
وَمن مَنعِجٍ بِيضَ الجِمامِ عَدامِلا
وقد زودتْ منّا على النأيِ حاجة ً
وَشَوْقاً لوَ انَّ الشَوْقَ أصْبحَ عادِلا
كحاجة ِ يومٍ قبلَ ذلكَ منهمُ
عشية َ ردُّو بالكُلابِ الجمائِلا
فرُحْنَ كأنَّ النّادِياتِ منَ الصَّفا
مَذارِعَها والكَارِعاتِ الحَوَامِلا
بذي شَطَبٍ أحداجُها إذْ تحمَّلُوا
وحثَّ الحُداة ُ الناعجاتِ الذوامِلا
بذي الرِّمْثِ والطَّرْفاءِ لمّا تَحَمَّلُوا
أصيلاً وعالينَ الحمولَ الجوافِلا
كأنَّ نعاجاً من هجائنِ عازفٍ
عَلَيها وآرامَ السُّلِيِّ الخَواذِلا
جَعَلْنَ حِراجَ القُرْنَتَينِ وَنَاعِتاً
يميناً ونكبنَ البديَّ شمائِلا
وعالينَ مضعوفاً وفرداً سموطُهُ
جُمانٌ ومرجانٌ يشدُّ المفاصلا
يَرُضْنَ صِعَابَ الدُّرِّ في كلِّ حِجَّة ٍ
وَلوْ لمْ تَكُنْ أعْناقُهُنَّ عَوَاطِلا
غَرائِرُ أبْكارٌ عَلَيْها مَهَابَة ٌ
وعونٌ كرامٌ يرتدينَ الوصائلا
كأنَّ الشَّمُولَ خَالَطَتْ في كَلامِهَا
جنياً من الرمانِ لدناً وذابِلا
لذيذاً ومنقوفاً بصافي مخيلة ٍ
منَ النّاصعِ المَختومِ مِن خَمرِ بابلا
يُشنُّ عليها من سلافة ِ بارقٍ
سناً رصفاً من آخرِ الليلِ سائِلا
تُضَمَّنُ بِيضاً كالإوَزِّ ظُرُوفُهَا
إذا أتْاقُوا أعْناقَها والحَواصِلا
لهَا غَلَلٌ مِنْ رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ
بأيمانِ عجمٍ ينصفونَ المقاولا
إذا صُفقتْ يوماً لأربابِ ربهَا
سمعتَ لها من واكِفِ العُطبِ وَاشِلا
فإنْ تنأ دارٌ أو يطلْ عهدُ خلة ٍ
بعاقبَة ٍ أو يُصبِحِ الشيبُ شامِلا
فقدِ نرْتَعي سَبتاً ولسنا بجيرة ٍ
محلَّ المُلوكِ نقدة ً فالمغاسِلا
لَياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْيُ مُصِيفَة ٍ
منَ الأدْمِ تَرْتادُ الشُّرُوجَ القَوَابلا
أنامتْ غضيضَ الطرفِِ رَخصاً ظُلوفُهُ
بذاتِ السليمِ من دحيضة ََ جادِلا
مدى العينِ منها أن يراعَ بنجوَة ٍ
كقدرِ النَّجيثِ ما يَبُذُّ المُنَاضِلا
فَعادَتْ عَوَادٍ بَيننَا وتَنَكَّرَتْ
وقالتْ كفَى بالشيبِ للمَرءِ قاتِلا(3/400)
تَلُومُ على الإهْلاكِ في غَيرِ ضَلَّة ٍ
وهل لي ما أمسكتُ إن كنتُ باخِلا
رأيتُ التُّقَى والحمدَ خيرَ تجارَة ٍ
رَباحاً إذا ما المرءُ أصبحَ ثاقِلا
وهَلْ هوَ إلاَّ ما ابتَنَى في حَياتِهِ
إذا قَذَفُوا فوقَ الضّريحِ الجنادِلا
وأثْنَوْا عَلَيْهِ بالذي كانَ عِنْدَهُ
وَعَضَّ عَلَيْهِ العائداتُ الأنامِلا
فَدَعْ عَنْكَ هذا قد مَضَى لسبيلِهِ
وكلفْ نجيَّ الهمِّ إنْ كنَ راحِلا
طليحَ سفّارٍ عُريتْ بعدَ بذلة ٍ
رَبِيعاً وصَيْفاً بالمَضاجعِ كَامِلا
فجازَيتُها ما عُريتْ وتأبدَتْ
حَمَامٌ تُبَاري بالعشيِّ سَوافِلا
وولّى كنصْلِ السَّيفِ يبرقُ متنُهُ
على كُلِّ إجريَّا يشقُّ الخمائِلا
فنَكَّبَ حَوْضَى مايَهُمُّ بوِرْدِهَا
يميلُ بصحراءِ القَنانَينِ جاذِلا
بِتلْكَ أُسَلِّي حاجَة ً إنْ ضَمِنْتُها
وأُبْرئُ هَمّاً كانَ في الصَّدرِ داخلا
أُجازي وأُعْطي ذا الدِّلالِ بحُكْمِهِ
إذا كانَ أهْلاً للكَرامَة ِ وَاصِلا
وإنْ آتِهِ أصْرِفْ إذا خِفتُ نَبوَة ً
وأحبسْ قلوصَ الشحِّ إن كانَ باخِلا
بنُو عامرٍ منْ خيرِ حيٍّ علمتُهمْ
وَلوْ نَطَقَ الأعداءُ زُوراً وَبَاطِلا
لهُمْ مجلِسٌ لا يحصَرُونَ عن الندى
ولا يزدهيهمْ جهلُ من كان جاهلا
وبيضٌ على النيرانِ في كلِّ شتوة ٍ
سَرَاة َ العِشاءِ يَزْجُرُونَ المَسَابِلا
وَأعْطَوْا حُقُوقاً ضُمِّنُوها وِرَاثَة ً
عِظَامَ الجِفَانِ والصِّيامَ الحَوَافِلا
تُوَزِّعُ صُرّادَ الشَّمالِ جِفَانُهُمْ
إذا أصبحتْ نجدٌ تسوقُ الأفائِلا
كِرامٌ إذا نابَ التجارُ ألذَّة ٌ
مَخارِيقُ لاَيَرْجُونَ للخَمرِ وَاغِلا
إذا شربُوا صدوا العواذِلَ عنهمُ
وكانُوا قَديماً يُسْكِتُونَ العَوَاذِلا
فَلا تَسألِينَا واسْألي عَنْ بَلائِنَا
إياداً وكلباً منْ معدٍّ ووائِلا
وقيساً ومنْ لفتْ تميمٌ ومذحجاً
وكندة َ إذْ وافتْ عليكِ المنازِلا
لأحسابِنا فيهِمْ بلاءٌ ونعمة ٌ
ولم يكُ ساعينَا عن المجدِ غافلا(3/401)
أُولئِكَ قَوْمي إنْ تُلاقِ سَرَاتَهُمْ
تَجِدْهُمْ يَؤمُّونَ العُلا والفَوَاضِلا
وَلَنْ يَعدَمُوا في الحَرْبِ لَيثاً مُجرَّباً
وذا نَزَلٍ عندَ الرَّزية ِ باذِلا
وأبْيَضَ يَجتابُ الخُرُوقَ على الوَجى
خَطيباً إذا التَفَّ المجامعُ فاصِلا
وعانٍ فككناهُ بغيرِ سِوامِهِ
فاصْبَحَ يَمْشِي في المَحَلَّة ِ جاذِلا
لَهُمْ فَخمَة ٌ فِيها الحَديدُ كَثيفَة ٌ
تَرى البيضَ في أعناقهمْ والمعابِلا
ضَربنَا سَراة َ القومِ حتى توجهُوا
سراعاً وقد بلَّ النجيعُ المَحامِلا
نؤدي العظيمَ للجوارِ، ونَبتني
فَعالاً وقد نُنْكي العدوَّ المُساجلا
لَنَا سُنَّة ٌ عادِيَّة ٌ نَقْتَدي بِهَا
وَسَنَّتْ لأُخْرانَا وَفاءً ونَائِلا
يذبذِبُ أقواماً يُريدونَ هدمَها
نِيَافٌ يَبُذُّ الوَاسِعَ المُتَطاوِلاْ
صَبَرْنا لَهُمْ في كُلِّ يَوْمِ عَظيمَة ٍ
بأسيافِنَا حتى علوْنَا المَناقِلا
وإنْ تسألُوا عنهُمْ لدى كلِّ غارة ٍ
فَقَدْ يُنْبأُ الأخبارَ مَنْ كانَ سائِلا
أُولِئِكَ قَوْمي إنْ سألْتَ بخِيمِهمْ
وقد يُخبَرُ الأنْباءَ مَن كانَ جاهِلا
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لِمَنْ طَلَلٌ تَضَمَّنَهُ أُثَالُ
لِمَنْ طَلَلٌ تَضَمَّنَهُ أُثَالُ
رقم القصيدة : 10935
-----------------------------------
لِمَنْ طَلَلٌ تَضَمَّنَهُ أُثَالُ
فسرحة ُ المرانة ُ فالخيالُ
فنَبْعٌ فالنّبيعُ فَذُو سُدَيْرٍ
لآرامِ النِّعَاجِ بِهِ سِخَالُ
ذكَرْتُ بهِ الفَوَارِسَ والنَّدامَى
فدَمْعُ العَينِ سَحٌّ وانْهِمَالُ
كأنّي في نَدِيِّ بَني أُقَيْشٍ
إذا ما جئتَ ناديهمْ تُهالُ
تكاثرَ قرزُلٌ والجوْنُ فيها
وتحجُلُ والنَّعامَة ُ والخبالُ
بَقايا مِنْ تُراثِ مُقَدِّمَاتٍ
وما جَمَعَ المَرابيعُ الثِّقالُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لم تُبيِّنْ عنْ أهلِها الأطلالُ
لم تُبيِّنْ عنْ أهلِها الأطلالُ
رقم القصيدة : 10936
-----------------------------------(3/402)
لم تُبيِّنْ عنْ أهلِها الأطلالُ
قد أتَى دونَ عهدِها أحوالُ
ليسَ فيها ما إنْ يُبَيِّنُ للسا
ئِلِ إلاَّ جَآذرٌ ورئالُ
والعواطي الأدمُ السواكنُ بالـ
ـسلانِ منها الآحادُ والآجالُ
وشَتيمٌ جَوْنٌ يُطارِدُ حُولاً
أخْدَريٌّ مُحَجَّجٌ صلصالُ
وقناة ٌ تَبغي بحربَة َ عهداً
منْ ضَبُوحٍ قفَّى علَيهِ الخبَالُ
نَظَرَتْ عَهدَهُ، وباتَتْ علَيْهِ
بينَ فلجٍ واللَّوذِ غُبسٌ بسالُ
فابْتَغَتْهُ بالرَّملَتَينِ ثلاثاً
كلَّ يومٍ في صدرِها بلبالُ
ثمَّ لاقَتْ بَصِيرَة ً بَعدَ يأسٍ
وَإهاباً في بَعضِهِ أوْصَالُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لِلّهِ نافِلَة ُ الأجَلِّ الأفْضَلِ
لِلّهِ نافِلَة ُ الأجَلِّ الأفْضَلِ
رقم القصيدة : 10937
-----------------------------------
لِلّهِ نافِلَة ُ الأجَلِّ الأفْضَلِ
ولَهُ العُلى وأثيتُ كلِّ مُؤتَّلِ
لا يستطيعُ النّاسُ محوَ كتابِهِ
أنّى ولَيسَ قَضَاؤهُ بمُبَدَّلِ
سَوَّى فاغْلَقَ دُونَ غُرَّة ِ عَرْشِه
سبعاً طباقً فوقَ فرعِ المنقَلِ
وَالأرْضَ تَحْتَهُمُ مِهَاداً راسِياً
ثبَتَتْ خَوالِقُها بصُمِّ الجَندَلِ
والماءُ والنيرانُ من آياتهِ
فيهنَّ موعظة ٌ لمنْ لم يجهلِ
بَل كُلُّ سعِيكَ باطِلٌ إلاَّ التُّقَى
فإذا انقَضَى شيءٌ كأنْ لم يُفْعَلِ
لو كان شيءٌ خالداً لتواءَلَتْ
عصْماءُ مُؤلِفَة ٌ ضواحيَ مأسَلِ
بظُلُوفِها وَرَقُ البَشَامِ ودُونَها
صَعْبٌ تَزِلُّ سَرَاتُهُ بلأجدَلِ
أوْ ذو زوائِدَ لا يُطافُ بأرضِهِ
يغْشَى المُهجهجَ كالذَّنوبِ المُرْسَلِ
في نابِهِ عوجٌ يُجاوزُ شدْقَهُ
ويخالفُ الأعلى وراءَ الأسفلِ
فأصابَهُ رَيْبُ الزَّمانِ فأصْبَحَتْ
أنيابُهُ مثلَ الزجاجِ النُّصَّلِ
ولَقَدْ رَأى صُبحٌ سَوَادَ خَليلِهِ
من بينِ قائِمِ سيفِهِ والمِحمَلِ
صَبَّحنَ صُبحاً حينَ حُقَّ حِذارُهُ
فأصابَ صُبحاً قائفٌ لم يَغْفَلِ
فالتَفَّ صَفْقُهُما وصُبحٌ تَحتَهُ(3/403)
بَينَ التُّرابِ وبَينَ حِنْوِ الكَلكَلِ
ولقد جرى لبدٌ فأدركَ جريَهُ
رَيْبُ الزَّمانِ وكانَ غَيرَ مُثقَّلِ
لمّا رأى لبدُ النسورَ تطايرتْ
رفعَ القوادمَ كالفقيرِ الأعزلِ
مِنْ تَحْتِهِ لُقْمانُ يرْجو نَهضَهُ
وَلقد رَأى لُقمانُ أنْ لا يأتَلي
غَلَبَ اللّيالي خَلْفَ آلِ مُحَرِّقٍ
وكمَا فَعَلْنَ بتُبَّعٍ وبِهِرْقَلِ
وغَلَبْنَ أبْرَهَة َ الذي ألْفَيْنَهُ
قد كان خلَّد فوقَ غرفة ِ موكلِ
والحارِثُ الحرَّابُ خلَّى عاقِلاً
داراً أقامَ بها ولَم يَتَنَقَّلِ
تَجري خَزائِنُهُ على مَنْ نَابَهُ
مجْرى الفراتِ على فِرَاضِ الجدوَلِ
حتى تحملَ أهلُهُ وقطينُهُ
وأقامَ سَيِّدُهُمْ وَلم يَتَحَمَّلِ
والشّاعِرُونَ النّاطِقونَ أراهُمُ
سلكوا سبيل مرقِّشٍ ومهلهلِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> فأبلغْ إنْ عَرَضْتَ بني كلابٍ
فأبلغْ إنْ عَرَضْتَ بني كلابٍ
رقم القصيدة : 10938
-----------------------------------
فأبلغْ إنْ عَرَضْتَ بني كلابٍ
وعامِرَ، والخطوبُ لها مَوالي
وبلِّغْ إنْ عرضتَ بني نُمَيرٍ
وَأخوالَ القَتيِلِ بَني هِلالِ
بأنَّ الوافِدَ الرّحّالَ أمْسَى
مُقِيماً عندَ تيمَنَ ذي ظِلالِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> قُومي إذَا نَامَ الخَلِيُّ
قُومي إذَا نَامَ الخَلِيُّ
رقم القصيدة : 10939
-----------------------------------
قُومي إذَا نَامَ الخَلِيُّ
فأبِّني عَوْفَ الفَواضِلْ
عَوْفَ الفَوَارِسِ وَالمَجَا
لِسِ والصَّوَاهلِ والذَّوابلْ
يا عَوْفُ أحْلَمَ كلِّ ذي
حلمٍ وأقولَ كلِّ قائِلْ
يا عَوْفُ كنتَ إمَامَنَا
وبَقِيّة َ النَّفَرِ الأوائِلْ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> ألا تَسْألانِ المَرْءَ ماذا يُحَاوِلُ
ألا تَسْألانِ المَرْءَ ماذا يُحَاوِلُ
رقم القصيدة : 10940
-----------------------------------
ألا تَسْألانِ المَرْءَ ماذا يُحَاوِلُ
أنَحْبٌ فيُقضَى أمْ ضَلالٌ وباطِلُ(3/404)
حبائِلُهُ مبثُوثَة ٌ بسبيلهِ
ويَفْنى إذا ما أخطأتْهُ الحَبَائِلُ
إذا المرءُ أسْرَى ليلة ً ظنَّ أنهُ
قضَى عَمَلاً والمَرْءَ ما عاشَ عامِلُ
فَقُولا لَهُ إنْ كانَ يَقْسِمُ أمْرَهُ
ألَمّا يَعِظْكَ الدَّهرُ، أُمُّكَ هابلُ
فتَعْلمَ أنْ لا أنتَ مُدْرِكُ ما مضَى
وَلا أنتَ ممّا تَحذَرُ النّفسُ وَائِلُ
فإنْ أنتَ لم تَصْدُقْكَ نَفسُكَ فانتسبْ
لَعَلَّكَ تهديكَ القُرُونُ الأوائِلُ
فإنْ لم تَجِدْ مِنْ دونِ عَدْنانَ باقياً
ودونَ معدٍّ فلتزَعْكَ العَوَاذِلُ
أرى الناسَ لا يَدرُونَ ما قَدرُ أمرِهمْ
بلى : كلُّ ذي لُبٍّ إلى اللّهِ وَاسِلُ
ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهُ باطِلُ
وكلُّ نعيمٍ لا مَحالة َ زائِلُ
وكلُّ أُنَاسٍ سوْفَ تَدخُلُ بَينَهُمْ
دُوَيْهة ٌ تصفَرُّ مِنها الأنَامِلُ
وكلُّ امرىء ٍ يَوْماً سيعلمُ سعيهُ
إذا كُشِّفَتْ عندَ الإلَهِ المَحاصِلُ
ليَبْكِ على النّعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنَة ٌ
ومختبطاتٌ كالسّعالي أرامِلُ
لهُ الملكُ في ضاحي معدٍّ وأسلَمَتْ
إلَيهِ العِبادُ كُلُّها ما يُحاوِلُ
إذا مسَّ أسْآرَ الطُّيورِ صَفَتْ لَهُ
مشعشعَة ٌ مِمّا تُعتِّقُ بابِل
عتيقُ سُلافاتٍ سَبَتْها سَفِينَة ٌ
تَكُرُّ عَلَيْها بالمزاجِ النَّياطِلُ
بأشْهَبَ مِنْ أبكارِ مُزْنِ سَحابَة ٍ
وَأرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النّحْلَ عاسِلُ
تَكُرُّعَلَيْهِ لا يُصَرِّدُ شُرْبَهُ
إذا ما انتشَى لم تحتضِرْهُ العَوَاذِلُ
على ما تُرِيهِ الخمرُ إذْ جاشَ بحْرُهُ
وَأوْشَمَ جُودٌ مِنْ نَداهُ وَوَابِلُ
فَيَوْماً عُنَاة ُ في الحَديدِ يَفُكُّهُمْ
ويوماً جِيادٌ مُلْجَماتٌ قَوَافِلُ
علَيْهِنَّ وِلْدانُ الرِّهانِ كأنّهَا
سَعَالٍ وعِقْبانٌ عَلَيهْا الرَّحائِلُ
إذا وضعُوا ألْبَادَها عَنْ مُتَونِهَا
وَقَدْ نَضَحَتْ أعطافُها والكَواهِلُ
يُلاقُونَ مِنْها فَرْطَ حَدٍّ وجُرْأة ٍ
إذا لم تُقَوِّمْ درْأهُنَّ المَسَاحِلُ(3/405)
ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغابِ كأنّها
أشاءٌ دَنا قِنْوانُهُ أوْ مَجادِلُ
لَها حَجَلٌ قَد قَرَّعَتْ مِن رؤُوسِهِ
لهَا فَوْقَهُ مِمّا تحَلَّبُ وَاشِلُ
بذي حُسَمٍ قد عُرِّيَتْ ويَزينُهَا
دِمَاثُ فُليجٍ رَهْوُها فالمَحافِلُ
وأسرَعَ فيها قبلَ ذلِكَ حِقْبَة ً
رُكَاحٌ فجَنْبَا نُقْدَة ٍ فالمَغَاسِلُ
فإنَّ أمرأً يرجُو الفَلاحَ وقد رَأى
سَوَاماً وَحَيّاً بالأفاقة ِ جاهِلُ
غداة َ غَدَوْا مِنْها وآزرَ سرْبَهُمْ
مَواكِبُ تُحْدى بالغَبيطِ وجامِلُ
ويَوْمَ أجازَتْ قُلَّة َ الحَزْنِ منْهُمُ
مَواكِبُ تَعْلُو ذا حُسى ً وقَنابِلُ
على الصَّرصَرَانِيَاتِ في كلَّ رِحْلة ٍ
وسُوُقٌ عِدالٌ لَيسَ فيهنَّ مائِلُ
تُساقُ وأطْفالُ المُصِيفِ كَأنّها
حَوَانٍ على أطْلائِهِنَّ مَطافِلُ
حَقَائِبُهُمْ راحٌ عَتيقٌ ودَرْمَكٌ
وريْطٌ وفاثُورِيّة ٌ وسَلاسِلُ
وَما نسجَتْ أسْراد داود وابنهِ
مضاعفَة ٌ مِنْ نَسْجِهِ إذْ يُقابِلُ
وكانَتْ تُراثاً منْهُما لِمُحَرِّقٍ
طَحُونٌ كأنَّ البَيْضَ فيها الأعابِلُ
إذا ما اجْتَلاها مأزِقٌ وتَزَايَلَتْ
وَأحْكَمَ أضْغَانَ القَتيرِ الغَلائِلُ
أوتْ للشّياحِ واهتدَى لصَليلِها
كتائِبُ خُضْرٌ ليسَ فيهنَّ ناكِلُ
كأرْكانِ سَلْمَى إذْ بدتْ وكأنّها
ذُرَى أجَإٍ إذْ لاحَ فيها مُواسِلُ
وبيضٍ تَرَبّتْهَا الهَوَادِجُ جِقبة ً
سَرَائِرُها والمُسْمِعاتُ الرَّوافِلُ
تَرُوحُ إذا رَاحَ الشَّرُوبُ كأنّها
ظِباءٌ شقيقٍ ليسَ فيهنَّ عاطِلُ
يُجاوِبنَ بُحّاً قد أُعيدَتْ وَأسمحَتْ
إذا احتَثَّ بالشِّرْعِ الدِّقاقِ الأناملُ
يقوِّمُ أُولاهُمْ إذا اعوَجَّ سِرْبُهمْ
مَوَاكِبُ وابنُ المُنذرِينَ الحُلاحِلُ
تَظَلُّ رَواياهَمُ تبرضْنَ منعِجاً
ولوْ وردتْهُ وهوَ ريّانُ سائلُ
فَلا قَصَبُ البَطحاءِ نَهْنَهَ وِرْدَهُمْ
بِرِيٍّ وَلا العادِيُّ مِنْهُ العُدامِلُ
ومَا كادَ غُلاَّنُ الشُّرَيْفِ يَسَعْنَهُمْ(3/406)
بحَلّة ِ يَوْمٍ، والشُّرُوجُ القَوَابِلُ
ومُصْعَدُهمْ كيْ يَقْطعوا بطنَ مَنعِج
فضاقَتْ بهِمْ ذرعاً خزَازٌ وعاقِلُ
فبادَوا فَما أمسَى على الأرْضِ مِنهُمُ
لعمرُكَ إلاَّ أنْ يخبَّرَ سَائِلُ
كأنْ لم يكُنْ بالشِّرْعِ منهُمْ طلائِعٌ
فلَمْ تَرْعَ سَحّاً في الرَّبيعِ القَنابِلُ
وبالرَّسِّ أوْصالٌ كأنَّ زُهاءَها
ذوي الضمرِ لمّا زالَ عَنها القبائِلُ
وغسّانُ ذَلّتْ يوْمَ جِلَّقَ ذلَّة ً
بسيِّدِها والأرْيَحِيُّ المُنازِلُ
رَعى خَرَزاتِ المُلْكِ عشرينَ حِجَّة ً
وعشرينَ، حتى فادَ والشَّيبُ شامِلُ
وأمْسَى كأحْلامِ النِّيامِ نعيمُهُمْ
وأَيُّ نعِيمٍ خِلْتَهُ لا يُزايِلُ
تَرُدُّ عَلَيْهِمْ لَيْلَة ٌ أهْلَكَتْهُمُ
وعامٌ وعامٌ يتبَعُ العامَ قَابِلُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيرُ نَفَلْ
إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيرُ نَفَلْ
رقم القصيدة : 10941
-----------------------------------
إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيرُ نَفَلْ
وبإذْنِ اللّهِ رَيْثي وعَجَلْ
أحمَدُ اللهَ فَلا نِدَّ لَهُ
بيدَيْهِ الخَيرُ ما شاء فَعَلْ
مَنْ هَداهُ سُبُلَ الخَيرِ اهْتَدَى
ناعِمَ البَالِ ومَنْ شاءَ أضَلّ
ورقاقٍ عُصَبٍ ظُلْمانُهُ
كحَزيقِ الحَبَشيِيِّنَ الزُّجَلْ
قَدْ تجاوَزْتُ وتحْتي جَسْرَة ٌ
حَرَجٌ في مِرْفَقَيْها كالفَتَلْ
تسلُبُ الكانِسَ لمْ يُوأرْ بِهَا
شُعْبَة َ السّاقِ إذا الظَلُّ عَقَلْ
وتصُكُّ المَرْوَ لمّا هجَّرَتْ
بنكِيبٍ معرٍ دامي الأظَلْ
وإذا حرَّكْتُ غَرزي أجمرَتْ
أوْ قرَا بي عدوُ جَونٍ قَد أبَلّ
بالغُراباتِ فزرَّافاتِهَا
فبخنْزِيرٍ فَأطرافِ حُبَلْ
يُسْئِدُ السّيرَ عَلَيها راكِبٌ
رابِطُ الجأشِ على كُلِّ وَجَلْ
حالَفَ الفرقدَ شركاً في السُّرَى
خَلَّة ً باقِيَة ً دُونَ الخلَلْ
اعْقلِي إنْ كُنْتِ لَمّا تَعْقِلي
وَلَقَدْ أفْلَحَ مَنْ كانَ عَقَلْ
إنْ تريْ رأسيَ أمْسَى واضِحاً(3/407)
سُلِّطَ الشَّيْبُ عليهِ فاشْتَعَلْ
فلقَدْ أُعوِصُ بالخَصْمِ وقَدْ
أملأ الجفنة َ مِن شحمِ القُلَل
وَلَقَدْ تَحْمَدُ لمّا فارَقَتْ
جارَتي، والحَمدُ من خيرِ خَوَلْ
وغُلامٍ أرْسَلَتْهُ أمُّهُ
بِألُوكٍ فبَذَلْنَا مَا سَألْ
أوْ نَهَتْهُ فأتَاهُ رِزْقُهُ
فاشتَوَى ليْلَة َ ريحٍ واجتَمَلْ
مِنْ شواءٍ ليسَ مِنْ عارِضَة ٍ
بيدَيْ كُلِّ هضُومٍ ذي نَزَل
فإذا جُوزيتَ قَرْضاً فاجْزِهِ
إنّما يَجْزي الفَتَى ليسَ الجَمل
أعْمِلِ العِيسَ على عِلاَّتِهَا
إنّما يُنْجِحُ أصحابُ العَمَلْ
وإذا رُمْتَ رَحِيلاً فارْتَحِلْ
واعصِ ما يأمُرُ تَوْصِيمُ الكَسَلْ
واكذِبِ النّفْسَ إذا حَدَّثْتَها
إنَّ صدْقَ النّفسِ يُزري بالأمل
غيرَ أن لا تكذبِنْها في التُّقَى
وَاخْزُها بالبرِّ للّهِ الأجَلّ
واضبطِ اللّيْلِ إذا طالَ السُّرَى
وتَدَجَّى بَعدَ فَوْرٍ واعتَدَلْ
يَرْهَبُ العاجِزُ مِنْ لُجَّتِهِ
فَيُدَعِّي في مَبِيتٍ ومحَلّ
طالَ قَرْنُ الشّمْسِ لمّا طَلَعَتْ
فإذا ما حَضَرَ اللّيلُ اضمَحَلّ
وَأخُو القَفْرَة ِ ماضٍ هَمُّهُ
كُلّما شاءَ، على الأينِ، ارْتحلْ
ومجودٍ مِنْ صُباباتِ الكرَى
عاطِفِ النُّمرُقِ صَدقِ المُبتذَلْ
قالَ هَجِّدْنا فَقَدْ طالَ السُّرَى
وقَدَرْنا إنْ خَنَى دَهْرٍ غَفَلْ
يَتَّقي الأرْضَ بدَفٍّ شَاسِفٍ
وضُلوعٍ تحتَ صُلْبٍ قد نَحَلْ
قَلّمَا عَرَّسَ حَتّى هِجْتُهُ
بالتباشيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ
يَلْمَسُ الأحْلاسَ في منزِلِهِ
بيَديْهِ كاليَهُوديِّ المُصَلّ
يتمارَى في الذي قُلْتُ لَهُ
ولَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّهَلْ
فورَدْنَا قَبْلَ فُرَّاطِ القَطَا
إنَّ مِنْ وِرْديَ تَغْليسَ النَّهَلْ
طاميَ العَرْمَضِ لا عَهْدَ لَهُ
بأنِيسٍ، بَعدَ حَوْلٍ قد كَمَلْ
فهَرَقْنَا لَهُمَا في داثِرٍ
لَضواحيهِ نَشِيشٌ بالبَلَلْ
راسخُ الدِّمْنِ على أعْضادِهِ
ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ
عافَتَا الماءَ فلمْ نُعطنهمَا(3/408)
إنّما يُعْطنُ مَنْ يَرْجُو العِللْ
ثُمَّ اصدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قَدْ مَثَلْ
ترزُمُ الشّارِفُ مِنْ عِرْفانهِ
كُلَّما لاحَ بنَجْدٍ وَاحتَفَلْ
فَمَضَيْنا فَقَضَيْنا ناجِحاً
مَوْطِناً يُسْألُ عَنْهُ ما فَعَلْ
ولَقَدْ يَعْلَمُ صَحْبي كُلُّهُمْ
بعدانِ السّيفِ صبْري ونَقَلْ
رابِطُ الجأشِ على فَرْجِهِمُ
أعْطِفُ الجَوْنَ بمربوعٍ مِتَلْ
ولَقَدْ أغْدو وما يَعْدَمُني
صاحِبٌ غيرَ طويلِ المُحتبَلْ
ساهِمُ الوَجْهِ شَديدٌ أسْرُهُ
مغبَطُ الحارِكِ مَحبوكُ الكَفَلْ
بأجشِّ الصوتِ يعبُوبٍ إذا
طرقَ الحَيَّ منَ الغَزْوِ صَهَلْ
يَطْرُدُ الزُّجَّ يُباري ظِلَّهُ
بأسِيلٍ كالسِّنانِ المنتخلْ
وعَلاهُ زَبَدُ المَحْضِ كَمَا
زَلَّ عَن ظهرِ الصَّفا ماءُ الوَشلْ
وكَأنِّي مُلْجِمٌ سُوذَانِقاً
أجْدَلِيّاً، كَرُّهُ غَيرُ وَكَلْ
يُغْرِقُ الثَّعْلَبَ في شِرَّتِهِ
صائِبُ الجِذْمَة ِ في غَيرِ فَشَلْ
منْ نَسا النّاشِطِ إذْ ثَوَّرْتهُ
أوْ رَئيسِ الأخدَ رِيّاتِ الأُوَلْ
يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجاً في النَّدَى
مِنْ مَرابيعِ رِياضٍ ورِجَلْ
فَهْوَ شَحّاجٌ مُدلُّ سنقٌ
لاحِقُ البطنِ إذا يعدو زملْ
فتدَلَّيْتُ عليهِ قافِلاً
وعلى الأرْضِ غَيَاياتُ الطَّفَلْ
وتأيَّبْتُ عليْهِ ثانِياً
يَتَّقيني بتَليلٍ ذي خُصَلْ
لمْ أقِلْ إلاَّ عَلَيهِ أوْ عَلى
مَرْقَبٍ يَفْرَعُ أطْرَافَ الجَبَلْ
ومَعي حامِيَة ٌ مِنْ جَعْفَرٍ
كُلَّ يومٍ تبتلي ما في الخِلَلْ
وقبيلٌ مِنْ عُقَيلٍ صادِقٌ
كَلُيُوثٍ بَينَ غابٍ وعصَلْ
فَمَتَى يَنقَعْ صُراخٌ صادِقٌ
يُحْلِبوهُ ذاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ
فَخمَة ً ذَفراءَ تُرْتَى بالعُرَى
قُرْدَمانياً وتَرْكاً كالبَصَلْ
أحكمَ الجنيُّ منْ عوراتِهَا
كلَّ حِرْباءٍ إذا أُكْرِهَ صَلّ
كُلَّ يَوْمٍ مَنَعوا جامِلَهُمْ
ومُرِنّاتٍ كآرَامِ تُبَلْ
قَدَّموا إذْ قالَ: قَيسٌ قَدِّموا
واحفظوا المجدَ بأطرافِ الأسَلْ(3/409)
بَينَ إرْقاصٍ وعَدْوٍ صادِقٍ
ثمَّ إقدامٌ إذا النِّكسُ نَكَلْ
فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقَة ً
وصُداءٍ، ألحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ
لَيْلَة َ العُرْقُوبِ لَمّا غامَرَتْ
جَعفرٌ، تُدعى ، ورَهطُ ابنِ شَكَلْ
ثُمَّ انْعَمْنا على سَيِّدهِمْ
بَعْدَما أطْلَعَ نَجْداً وأَبَلْ
وَمَقامٍ ضَيِّقٍ فَرَّجْتُهُ
بمقامي ولساني وجدَلْ
لَوْ يقومُ الفِيلُ أوْ فيّالُهُ
زلَّ عنْ مثلِ مقامي وزحَلْ
ولدَى النُّعمانِ مِنّي مَوْطِنٌ
بينَ فاثُورِ أُفاقٍ فالدَّحَلْ
إذْ دَعَتْني عامِرٌ أنْصُرُهَا
فالتَقى الألسُنُ كالنَّبْلِ الدُّوَلْ
فرَمَيْتُ القَوْمَ رِشْقاً صائِباً
ليسَ بالعصلِ ولا بالمقتعلْ
رقمِيّاتٍ عليْها ناهضٌ
تُكْلِحُ الأرْوَقَ منهُمْ والأيَلْ
فانتَضَلْنا، وابنُ سَلمَى قاعِدٌ
كعَتِيقِ الطّيرِ يُغضي ويُجَلّ
والهبانيقُ قيامٌ، معهمْ
كلُّ محجُومٍ إذا صبَّ هَمَلْ
تحسرُ الدّيباجَ عنْ اذرُعِهِمْ
عندَ ذي تاجٍ إذا قالَ فعلْ
فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ
كرَوايا الطِّبْعِ همَّتْ بالوحَلْ
فمَتَى أهْلِكْ فَلا أحْفِلُهُ
بَجَلي الآنَ مِنَ العَيشِ بَجَلْ
منْ حياة ٍ قَدْ مَلِلْنا طُولَهَا
وجَديرٌ طُولُ عَيْشٍ أنْ يُمَلّ
وأرَى أرْبَدَ قَدْ فارَقَني
وَمِنَ الأرْزاءِ رُزْءٌ ذو جَلَلْ
مُمْقِرٌ مُرٌّ على أعْدائِهِ
وعلى الأدْنَينَ حُلْوٌ كالعَسَلْ
في قُرُومٍ سادَة ٍ مِنْ قَوْمِهِ
نَظَرَ الدَّهْرُ إلَيهمْ فابْتَهَلْ
فأخي إنْ شَرِبُوا مِنْ خَيرهمْ
وأبُو الحَزَّازِ مِنْ أهلِ النَّفَلْ
يَذْعَرُ البَرْكَ فَقَدْ أفْزَعَهُ
ناهضٌ يَنهَضُ نَهضَ المُختَزَلْ
مُدْمِنٌ يَجْلُو بأطْرَافِ الذُّرَى
دَنَسَ الأسْؤُقِ بالعَضْبِ الأفَلّ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أتَيْناكَ يا خَيرَ البرِيّة ِ كُلِّهَا
أتَيْناكَ يا خَيرَ البرِيّة ِ كُلِّهَا
رقم القصيدة : 10942
-----------------------------------(3/410)
أتَيْناكَ يا خَيرَ البرِيّة ِ كُلِّهَا
لتَرْحَمَنا مِمّا لَقِينا منَ الأزْلِ
أتَيْنَاكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبَانُها
وقد ذهلتْ أمُّ الصّبيِّ عنِ الطّفْلِ
وألقَى تَكنّيهِ الشّجاعُ استِكانَة ً
منَ الجُوعِ صُمْتاً لا يُمِرُّ وَلا يُحلي
ولا شيءَ مِمّا يأكلُ الناسُ عندنَا
سِوَى العِلْهزِ العاميِّ والعَبْهَرَ
وَلَيسَ لَنا إلاَّ إلَيكَ فِرَارُنَا
وَأينَ يَفِرُّ النَاسُ إلاَّ إلى الرُّسْلِ
فإن تَدْعُ بالسّقْيا وبالعَفْوِ تُرْسلِ الـ
سماءُ لَنا والأمرُ يبقى على الأصْلِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> طَلَل لخولة َ بالرُّسيسِ قديمُ
طَلَل لخولة َ بالرُّسيسِ قديمُ
رقم القصيدة : 10943
-----------------------------------
طَلَل لخولة َ بالرُّسيسِ قديمُ
فبِعاقلٍ فَالأنْعَمَيْنِ رُسُومُ
فكأنَّ مَعْرُوفَ الدِّيارِ بِقَادِمٍ
فبراقِ غَوْلٍ فالرِّجَامِ وشومُ
أوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ على ألْوَاحِهِـ
نَّ الناطقُ المبروزُ والمَخْتومُ
دمنٌ تلاعبتِ الرياحُ برسمِها
حتى تنكرَّ نؤْيهَا المهدومُ
أضحَتْ معطلة ً وأصبحَ أهلُها
ظعنُوا، ولكنَّ الفُؤادَ سقيمُ
فكأنَّ ظُعْنَ الحيِّ لما أشْرَفَتْ
بالآلِ ، وارْتَفَعَتْ بهنَّ حُزُومُ
نخلٌ كوارِعُ في خليجِ محلمٍ
حملتْ فمنها موقِرٌ مكمومُ
سحقٌ يمتعُها الصَّفا وسريُّهُ
عمٌّ نواعِمُ بينهنَّ كرومُ
زُجَلٌ ورُفِّعَ في ظِلالِ حُدُوجِها
بيضُ الخُدود، حديثُهنَّ رخيمُ
بَقَرٌ مَساكِنُهَا مَسارِبُ عَازِبٍ
وَارْتَبَّهُنَّ شَقَائِقٌ وَصَرِيمُ
فصرَفْتُ قَصْراً، والشؤونُ كأنَّها
غَرْبٌ تَحُثُّ به القَلوصُ هزيمُ
بكرتْ به جُرشِيَّة ُ مقطورَة ٌ
تُرْوي المحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
دهماءُ قد دجَنتْ وأحْنَقَ صُلْبُها
وأحالَ فيها الرَّضْحُ والتَّصْرِيمُ
تسنُو ويعجلُ كرَّها متبذِّلٌ
شَثْنٌ ، به دَنَسُ الهناءِ ، دَميمُ
بِمُقابِلٍ سَرِبِ المخارِزِ ، عِدْلُهُ(3/411)
قَلِقُ المَحَالَة ِ ، جارنٌ مَسْلُومُ
حتّى تحيَّرَتِ الدِّيارُ كأنها
زلفٌ، وألقيَ قتبُها المحزُومُ
لو لا تُسلِّيكَ اللبَانَة َ حرَّة ٌ
حَرَجٌ كأحناءِ الغَبيطِ عَقيمُ
حرْفٌ أضرَّ بها السِّفَارُ كأنَّها
بعد الكَلالِ مُسَدَّمٌ مَحْجُومُ
أو مِسْحلٍ سَنِقٍ عِضَادة َ سَمحجٍ
بسرائِها ندبٌ له وكُلُومُ
جَوْنٍ بِصَارة َ أقْفَرَتْ لِمَرَادهِ
وخَلا له السُّؤبَانُ فالبُرْعُومُ
وتصيَّفَا بعد الرّبيع وأحْنَقَا
وَعَلاهُما مَوْقُودُهُ المَسْمُومُ
منْ كلّ أبْطحَ يخفيانِ غميرَهُ
أوْ يرتعانِ، فبارضِ وجميمُ
حتَى إذا انْجَرَدَ النَّسيلُ كأنَّهُ
زغبٌ يطيرُ كرسفٌ مجلُومُ
ظلَّتْ تخالجُهُ وظلَّ يحُوطُهَا
طَوْراً ويَرْبَأُ فَوقَها ويَحُومُ
يُوفِي وَيَرْتَقِبُ النِّجَادَ كأنَّهُ
ذو إرْبَة ٍ كلَّ المرامِ يرومُ
حتّى تهجَّرَ في الرَّواحِ وهاجهُ
طلبُ المعقِّبِ جقَّهُ المظلُومُ
قرِباً يشجُّ بها الخروقَ عشيّة ً
ربذٌ كمقلاة ِ الوليدِ شتيمُ
وإذا ترِيدُ الشأوَ ويُدرِكُ شأْوهَا
معجٌ كأنَّ رجيعهُنَّ عصِيمُ
شداً ومرفوعاً يقربُ مثلُهُ
للوردِ لا نفقٌ ولا مسؤومُ
فَتَضَيَّفَا ماءً بِدَحْلٍ سَاكناً
يستنُّ فوقَ سراتهِ العُلجُومُ
غَللاً تضمَّنَهُ ظِلالُ يراعة ٍ
غَرْقَى ضفادِعُهُ لهنَّ نئيمُ
فَمَضَى وَضَاحِي الماءِ فَوْقَ لَبَانِهِ
ورمَى بها عُرْض السَّرِيّ يعُومُ
فبتلكَ أقضي الهمَّ، إنَّ خِلاجَهُ
سَقَمٌ ، وإنّي لِلْخِلاجِ صَرُومُ
طَعنٌ إذا خِفْتُ الهوانَ بِبَلْدَة ٍ
وَأخُو المضَاعِفِ لا يَكَادُ يَرِيمُ
وَمَسَارِبٍ كالزَّوْجِ رَشَّحَ بَقْلَها
صُهْبٌ دوَاجنُ صَوْبَهُنَّ مُديمُ
قدْ قُدتُ في غَلَسِ الظلام ، وطيرُهُ
عُصَبٌ على فَنَنِ العِضَاهِ جُثُومُ
غَرْباً لَجُوجاً في العِنَانِ إذا انتحى
زبدٌ على أقرابِهِ وحميمُ
إنّي امرؤٌ مَنَعَتْ أرُومَة ُ عامرٍ
ضيمي وقد جنفتْ عليَّ خصُومُ
جهدوا العداوة َ كلَّها فأصدَّها(3/412)
عنَي مَنَاكِبُ ، عِزُّها معلُومُ
منها حُوَيٌّ والذُّهابُ وَقَبْلَهُ
يَوْمٌ بِبُرْقَة رَحْرَحَانَ كريمُ
وَغَداة َ قَاعِ القُرْنَتَيْنِ أتَيْنَهُمْ
رَهْواً يلُوحُ خِلالَهَا التَّسْويمُ
بِكَتائِبٍ تَرْدِي تَعَوَّدَ كَبْشُها
نطحَ الكباشِ، كأنَّهنَّ نجومُ
نمضي بها حتى تصيبَ عدوَّنا
وَتُرَدَّ ، منها غانِمٌ وَكَليمُ
وترى المسوَّمَ في القِيادِ كأنَّهُ
صَعلٌ إذا فقدَ السِّباقَ يَصُومُ
وكتيبة ُ الأحْلافِ قد لاقَيْتُهُمْ
حيث استفاضَ دكادكٌ وقصيمُ
وعشِيَّة َ الحَوْمانِ أسْلَمَ جُنْدَهُ
قيسٌ، وأيْقَنَ أنّهُ مهزُومُ
ولقد بَلَتْ يومَ النُّخيلِ وقبْلَهُ
مَرَّانُ من أيّامنا وحريمُ
مِنَّا حُماة ُ الشِّعْبِ يوْمَ تَوَاكلتْ
أسَدٌ وّذُبْيانُ الصَّفا وتَمِيمُ
فارتَثَّ كَلْماهُمْ عَشيَّة هَزْمهُمْ
حيٌّ بِمُنْعَرَجِ المَسيلِ مُقيمُ
قَوْمي أوُلئك إنْ سألتِ بِخيمِهِمْ
ولكلِّ قومٍ في النوائبِ خِيمُ
وإذا شَتَوا عادَتْ على جيرانِهِمْ
رُجُحٌ تُوَفِّيها مَرَابِعُ كُومُ
لا يجْتَويها ضَيْفُهُمْ وفقيرهُمْ
ومدفَّعٌ، طَرَقَ النُّبُوحِ، يتيمُ
ولهمْ حُلومٌ كالجبالِ، وسادة ٌ
نُجُبٌ ، وَفَرْعٌ ماجِدٌ وأرومُ
وإذا تواكلتِ المقانبُ لم يَزَلْ
بالثَّغرِ منّا منسرٌ وعظيمُ
نسمُو بهِ ونفلُّ حدَّ عدوِّنا
حتى نؤوبَ، وفي الوُجوه سُهومُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أقْوَى وَعُرِّيَ واسِطٌ فَبَرَامُ
أقْوَى وَعُرِّيَ واسِطٌ فَبَرَامُ
رقم القصيدة : 10944
-----------------------------------
أقْوَى وَعُرِّيَ واسِطٌ فَبَرَامُ
مِنْ أهْلِهِ ، فَصُوَائقٌ فَخِزامُ
فالواديانِ فكلُّ مَغْنًى مِنْهُمُ
وعلى الميَاهِ مَحَاضِرٌ وَخِيامُ
عَهدي بها الإنسَ الجميعَ ، وفيهمُ
قَبْلَ التَّفَرُّقِ مَيْسِرٌ وَنِدَامُ
لا تُنْشَدُ الحُمْرُ الأوَالِفُ فِيهِمُ
إذْ لا تروِّحُ بالعَشيِّ بهامُ
إلاّ فلاءَ الخَيْلِ مِنها مُرْسَلٌ(3/413)
ومربَّطاتٌ بالفِناءِ صِيامُ
وَجَوَارِنٌ بِيضٌ وكلُّ طِمِرَّة ٍ
يعدُو عليْها، القَرَّتينِ، غُلامُ
ومدفَّع طرقَ النّبوحَ فلم يجدْ
مأوًى ولَم يكُ للمُضِيفِ سَوَامُ
آويتُهُ حتى تكفّتَ حامِداً
وأهلَّ بَعْدَ جُماديينَ حَرامُ
وصَباً غَداة َ إقَامَة ٍ وزَّعْتُها
بِجِفَانِ شِيزَى فَوْقَهُنَّ سَنامُ
وَمَقَامَة ٍ غُلْبِ الرِّقَابِ كَأنَّهُمْ
جِنٌّ لدَى طَرَفِ الحَصِيرِ قِيَامُ
دافَعْتُ خُطَّتَها وكُنْتُ وَلِيَّها
إذ عَيَّ فَصْلَ جوابِهَا الحُكّامُ
ضَارَسْتُهُمْ حتى يَلِينَ شَرِيسُهُمْ
عنِّي، وعِنْدِي للجموحِ لِجامُ
وَبِكُلِّ ذلكَ قَدْ سَعَيْتُ إلى العُلَى
والمرءُ يُحْمَدُ سَعْيُهُ وَيُلامُ
متخصِّرينَ البابَ كلَّ عشيَّة ٍ
غُلْباً مُخَالِطُ فَرْطَهَا أحْلامُ
تلك ابنة ُ السَّعْدِيِّ أضحَتْ تشتَكي
لِتَخُونَ عَهْدِي ، والمَخَانَة ُ ذَامُ
وَلَقَدْ عَلِمْتِ لو انَّ عِلْمَكِ نافعٌ
وسمعْتِ مَا يتحدَّثُ الأقْوامُ
أنّي أُكاثِرُ في النَّدَى إخْوانَهُ
وأعِفُّ عرضِي إنْ ألَمَّ لِمامُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أقولُ لصاحِبيَّ بذاتِ غسْلٍ
أقولُ لصاحِبيَّ بذاتِ غسْلٍ
رقم القصيدة : 10945
-----------------------------------
أقولُ لصاحِبيَّ بذاتِ غسْلٍ
ألِمّا بي على الجدثِ المُقيمِ
لننظُرَ كيفَ سمَّكَ بانياهُ
عَلى حِبَّانَ ذي الحَسَبِ الكريمِ
قَتَلْنَا تِسعة ً بأبي لبينَى
وألْحَقْنَا المواليَ بالصَّمِيمِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> عفتِ الديارُ محلُّها فمُقامُهَا ( معلقة )
عفتِ الديارُ محلُّها فمُقامُهَا ( معلقة )
رقم القصيدة : 10946
-----------------------------------
عفتِ الديارُ محلُّها فمُقامُهَا
بمنًى تأبَّدَ غَوْلُها فَرِجَامُهَا
فمدافعُ الرَّيَّانِ عرِّيَ رسْمُها
خلقاً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
دمِنٌ تَجَرَّمَ بعدَ عَهْدِ أنِيسِهَا(3/414)
حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وحَرَامُهَا
رزقَتْ مرابيعَ النُّجومِ وصابَهَا
ودقُ الرواعدِ جوْدُهَا فرهامُها
منْ كلِّ سَارِيَة ٍ وغادٍ مُدْجِنٍ
وعشيَّة ٍ متجاوبٍ إرْزامُهَا
فَعَلا فُرُوعُ الأيْهُقَانِ وَأطْفَلَتْ
بالجلهتين ظباؤهَا ونعامُها
والعينُ ساكِنة ٌ على أطْلائِها
عُوذاً تَأجَّلُ بالفضَاءِ بِهَامُها
وجَلا السُّيولُ عن الطّلُولِ كأنّها
ربرٌ تجِدُّ متونَها أقْلامُها
أوْ رَجْعُ واشِمة ٍ أُسِفَّ نَؤورُهَا
كففاً تعرَّضَ فوقَهنَّ وشامُها
فوقفتُ أسْألُهَا ، وكيفَ سُؤالُنَا
صُمّاً خوالدَ ما يُبينُ كلامُها
عرِيتْ وكان بها الجميعُ فأبكرُوا
منها وَغُودرَ نُؤيُهَا وَثُمَامُها
شاقتكَ ظُعْنُ الحيِّ حينَ تحمّلُوا
فتكنَّسُوا قُطُناً تَصِرُّ خِيَامُها
من كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ
زوْجٌ عليه كلَّة ٌ وفرامُهَا
زُجَلاً كأنَّ نِعَاجَ تُوضِحَ فَوْقَهَا
وظِباءَ وجرَة َ عُطَّفاً آرَامُهَا
حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كأنها
أجْزَاعُ بِيشة َ أثْلُهَا وَرُضَامُهَا
بلْ ما تذكرُ منْ نوارَ وقد نأتْ
وَتَقَطَّعَتْ أسْبَابُهَا وَرِمَامُهَا
مُرِّيَّة ٌ حَلَّتْ بِفَيْدَ وَجَاوَرَتْ
أهْلَ الحِجَازِ فأيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا
بمشارقِ الجبلين أو بِمُحَجَّرٍ
فَتَضَمَّنَتْهَا فَرْدَة ٌ فَرُخَامُهَا
فَصُوَائقٌ إنْ أيْمَنَتْ فَمَظِنَّة ٌ
فيها وحافُ القَهْرِ أوْ طِلْخامُهَا
فاقطعْ لُبانَة َ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ
ولَشرُّ واصلِ خُلَّة ٍ صَرَّامُها
واحبُ المُجَامِلَ بالجزيلِ وصرمُهُ
باقٍ إذا ضلعَتْ وزاغَ قوامُهَا
بِطَليحِ أسْفَارٍ تَرَكْنَ بقيَّة ً
منها فأحنقَ صُلْبُها وسنامُها
وإذا تغالى لحمُها وتحسَّرتْ
وتَقَطَّعَتْ بعد الكَلالِ خِدَامُهَا
فلها هبابٌ في الزِّمامِ كأنَّها
صهباءُ خَفَّ مع الجنوبِ جَهَامُها
أو ملمِعٌ وسقَتْ لأحقبَ لاحَهُ
طَرْدُ الفُحول وَضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا
يعلوُ بها حدبُ الإكامِ مسحَّجٌ(3/415)
قَد رابَهُ عصيانُهَا ووحَامُها
بأحِزَّة ِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَا
قَفْر المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرامُهَا
حتى إذا سَلَخَا جُمَادَى ستَّة ً
جَزءاً فطالَ صِيامُهُ وَصِيَامُها
رَجَعَا بأمرهما إلى ذي مِرَّة ٍ
حصدٍ، ونجحُ صريمة ٍ إبرامُهَا
ورمى دوابرَهَا السَّفَا وتهيَّجَتْ
ريحُ المصايِفِ سَوْمُهَا وسِهامُهَا
فتنازعا سَبِطاً يطيرُ ظلالُهُ
كدخانِ مُشْعَلة ٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا
مشمُولة ٍ غلِثَتْ بنابتِ عرْفَجٍ
كَدُخَانِ نارٍ سَاطِعٍ أسْنَامُها
فمضى وَقَدَّمَهَا وكانتْ عادة ً
منه إذا هِيَ عَرَّدَتْ إقدامُها
فتوسَّطا عرضَ السَّريَّ وصدَّعا
مسجورة ً متجاوراً قُلاَّمُهَا
محفوفة ً وسطَ اليراعِ يُظِلُّها
مِنه مُصَرَّعُ غَابة ٍ وقِيامُها
أفَتِلْكَ أم وحْشِيَّة ٌ مسبوعَة ٌ
خذلتْ وهادية ُ الصِّوارِ قِوَامُها
خَنْساءُ ضَيَّعَتِ الفَريرَ فلمْ يَرِمْ
عرضَ الشَّقائِقِ طوفُها وبغامُها
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ
غُبْسٌ كواسِبُ لا يُمَنُّ طَعَامُها
صَادَفْنَ منها غِرَّة ً فَأصَبْنَهَا
إنَّ المنايا لا تطيشُ سهامُهَا
باتَتْ وَأسْبَلَ واكفٌ من ديمة ٍ
يروِي الخمائلَ دائماً تسجامُها
يعدُو طريقة َ متنِهَا متواتِرٌ
في ليلة ٍ كَفَرَ النُّجومَ غَمَامُهَا
تجتافُ أصْلاً قالِصاً متنبّذاً
بعجوبِ أنْقاءٍ يميلُ هُيَامُها
وتُضيءُ في وَجْهِ الظلام مُنِيرة ً
كجمانَة ِ البحريِّ سُلَّ نظامُها
حتى إذا انحسَرَ الظلامُ وَأسْفَرَتْ
بكرتْ تزلُّ عن الثَّرَى أزْلامُها
عَلِهَتْ تَرّدَّدُ في نِهاءِ صَعَائِدٍ
سَبْعاً تُؤاماً كاملاً أيَّامُها
حتى إذا يَئسَتْ وأسْحَقَ حَالِقٌ
لم يُبلهِ إرْضاعُها وفِطَامُها
وتوجسَّتْ رزَّ الأنيسِ فَرَاعَها
عن ظهرِ غَيْبٍ، والأنيسُ سَقَامُها
فَغَدَتْ كلا الفَرجَينِ تَحْسَبُ أنَّهُ
مَولى المخافة خلفُها وأمامُها
حتى إذا يئسَ الرُّماة ُ وأرْسَلُوا
غضفاً دواجنَ قافلاً أعْصامُها(3/416)
فَلَحِقْنَ واعتكرتْ لها مَدْرِيَّة ٌ
كالسَّمهريَّة ِ حَدَّهَا وتَمَامُهَا
لِتذَودَهُنَّ وَأيقنتْ إن لم تَذُدْ
أن قد أحمَّ مع الحتوفِ حمامُها
فتقصدَتْ منها كَسابِ فضُرِّجتْ
بدمٍ وغودرَ في المَكَرِّ سُخَامُها
فبتلْكَ إذْ رقَصَ اللوامعُ بالضُّحى
واجتابَ أردية َ السَّرَابِ إكامُها
أقضي اللُّبانة َ لا أفرِّطُ ريبة ً
أو أن يلومَ بحاجة ٍ لُوَّامُهَا
أوَلم تكنْ تدري نَوَارُ بأنَّني
وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُها
تَرَّاكُ أمكنة ٍ إذا لم أرْضَهَا
أوْ يعتلقْ بعضَ النفوسِ حِمامُها
بل أنتِ لا تدرين كم مِنْ ليلة ٍ
طَلْقٍ لذيذٍ لَهْوُها ونِدَامُها
قَد بِتُّ سامِرَها، وغَاية تاجرٍ
وافيتُ إذ رُفِعَتْ وَعَزَّ مُدَامُها
أُغْلي السِّباءَ بكلِّ أدْكَنَ عاتقٍ
أو جَوْنَة ٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها
بصَبوحِ صافية ٍ وجذبِ كرينة ٍ
بموَتَّرٍ تأتالُهُ إبهامُهَا
بادرتُ حاجتَها الدّجاجَ بسحرَة ٍ
لأعَلَّ منها حينَ هبّ نيامُها
وغداة ِ ريحٍ قَدْ وزعتُ وَقَرَّة ٍ
إذ أصْبَحَتْ بيدِ الشَّمالِ زمامُها
ولقَد حميْتُ الحيَّ تحملُ شِكَّتي
فرطٌ، وشاحي إذْ غدوتُ لجامُها
فعَلوتُ مرتقباً عَلى ذي هَبْوَة ٍ
حَرِجٍ إلى أعلامِهِنَّ قَتَامُها
حتى إذا ألْقَتْ يداً في كافرٍ
وَأجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
أسْهلْتُ وانتصَبتْ كجذع منيفَة ٍ
جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دونها جُرَّامُها
رَفَّعْتُهَا طَرَدَ النَّعامِ وَشَلَّهُ
حتى إذا سَخِنَتْ وَخَفَّ عظامُها
قَلِقَتْ رِحَالَتُهَا وَأسْبَلَ نَحْرُهَا
وابتلَّ من زَبَدِ الحمِيمِ حِزَامُهَا
تَرْقَى وَتَطَعْنُ في العِنَانِ وتَنْتَحي
وِرْدَ الحمَامة إذ أجَدَّ حَمَامُها
وكثيرة ٍ غُرَباؤهَا مَجْهُولَة ٍ
ترجَى نوافِلُها ويخْشَى ذامُها
غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولِ كأنَّهَا
جنُّ البديِّ رواسياً أقدامُها
أنكرتُ باطلَها وَبُؤْتُ بحقِّها
عندي، ولم يَفْخَرْ عليَّ كرامُها(3/417)
وَجزَورِ أيْسَارٍ دَعَوْتُ لحتفِها
بِمَغَالِقٍ مُتَشَابهٍ أجسامُها
أدعُو بهنَّ لعاقِرِ أوْ مطفِلٍ
بذلَتْ لجيرانِ الجميعِ لحامُها
فالضيفُ والجارُ الجنيبُ كأنّما
هبَطَا تبالَة َ مخصِباً أهْضَامُها
تأوِي إلى الأطْنابِ كلُّ رذيَّة ٍ
مِثْلُ البَلِيّة ِ قَالصٌ أهدَامُها
ويكلّلُونَ إذا الرياحُ تناوحَتْ
خُلُجاً تمدُّ شوارعاً أيْتَامُها
إنّا إذا التقتِ المجَامِعُ لم يَزَلْ
منّا لِزَازُ عظيمة ٍ جَشّامُها
وَمُقَسِّمٌ يُعْطِي العشيرة َ حَقَّهَا
وَمُغَذْمِرٌ لحقوقِها هَضَّامُها
فضلاً، وذو كرمٍ يعينُ على النَّدى
سمحٌ كسُوبُ رغائبٍ غنّامُها
مِنْ معشرٍ سنَّتْ لهمْ آباؤهُمْ
ولكلِّ قومٍ سُنَّة ٌ وإمامُهَا
إذ لا يميل معَ الهَوى أحلامُها
فاقْنَعْ بما قَسَمَ المليكُ فإنّمَا
قسمَ الخلائقَ بينَنا علاَّمُها
وإذا الأمانة ُ قُسِّمَتْ في مَعْشَرٍ
أوْفَى بأوْفَرِ حَظِّنَا قَسّامُهَا
فبنى لنا بيتاً رفيعاً سمكُهُ
فَسَما إليه كَهْلُهَا وَغُلامُها
وَهُمُ السُّعَاة ُ إذا العشيرة ُ أُفْظِعَتْ
وهمُ فوارِسُهَا وَهمْ حُكّامُها
وهمُ رَبيعٌ للمُجَاورِ فيهمُ
والمرملاتِ إذا تطاولَ عَامُها
وَهُمُ العَشيرة ُ أنْ يُبَطِّىء َ حاسدٌ
أو أن يميلَ معَ العدوِّ لئامُها
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لهندٍ بأعلامِ الأغَرِّ رسُومُ
لهندٍ بأعلامِ الأغَرِّ رسُومُ
رقم القصيدة : 10947
-----------------------------------
لهندٍ بأعلامِ الأغَرِّ رسُومُ
إلى أُحُدٍ كأنَّهُنَّ وُشُومُ
فوقَفٍ فسُلِّيٍّ فأكنافِ ضلفَعٍ
تربَّعُ فيهِ تارة ً وتقِيمُ
بما قد تحُلُّ الوادييْنِ كِلَيْهما
زنانِيرُ فيها مسكنٌ فتدومُ
ومرْتٍ كظهْرِ التُّرْسِ قفرٍ قطعْتُهُ
وتحتي خنوفٌ كالعَلاة ِ عقيمُ
عُذَافِرة ٌ حَرفٌ كأن قَتُودَها
تَضَمنَّهُ جَوْنُ السَّراة عَذُومُ
أضرَّ بمسحاجٍ فُتُورُهَا
يَرِنُّ عَليها تَارة ً وَيَصُومُ(3/418)
يُطَرِّبُ آناءَ النَّهارِ كأنَّهُ
غَويٌّ سَقَاهُ في التِّجارِ نديمُ
أُمِيلَتْ عليْهِ قرْقَفٌ بابليَّة ٌ
لها بعدَ كأسٍ في العظامِ هميمُ
فرَوَّحَهَا يَقْلُو النِّجَادَ عَشِيَّة ً
أقبُّ كَكَرِّ الأنْدَرِيِّ شَتِيمُ
فأورَدَها مسجورَة ً تحتَ غابة ٍ
من القُرْنَتَيْنِ واتلأبَّ يحومُ
فلَم تَرْضَ ضَحْلَ الماءِ حتّى تَمَهَّرَتْ
وِشَاحٌ لها منْ عرْمضٍ وبريمُ
شَفى النَّفْسَ ما خُبِّرتُ مَرَّانُ أزْهفَتْ
ومَا لَقِيَتْ يَوْمَ النُّخَيْل حَريمُ
قبائلُ جعفِيِّ بن سعدٍ كأنّمَا
سقَى جمعَهُم ماءً الزّعافِ منيمُ
تلافتْهُمُ من آلِ كعبٍ عصابَة ٌ
لها مأْقِطٌ يَوْمَ الحفاظِ كريمُ
فتلكمْ بتلكمْ، غيرَ فخرٍ عليكمُ
وبيتٌ على الأفْلاجِ ثمَّ مُقِيمُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> رَأتْنِي قَدْ شَحَبْتُ وَسَلَّ جسمي
رَأتْنِي قَدْ شَحَبْتُ وَسَلَّ جسمي
رقم القصيدة : 10948
-----------------------------------
رَأتْنِي قَدْ شَحَبْتُ وَسَلَّ جسمي
طِلاَبُ النازحاتِ مِنَ الهمومِ
وكَم لاقيتُ بَعْدَكِ مِنْ أُمورٍ
وأهوالٍ أشدُّ لها حزِيمي
أُكَلِّفُها وَتَعْلَمُ أنّ هَوْئِي
يُسَارِعُ فِي بُنَى الأمْر الجسيمِ
وخصمٍ قَدْ أقمتُ الدَّرْءَ مِنْهُ
بلا نَزِقِ الخِصَامِ ولا سَؤومِ
ومولى ً قَدْ دفعتُ الضَّيْمَ عَنْهُ
وقد أمسى بمنزلة ِ المَضيمِ
وَخَرْقٍ قَدْ قَطَعتُ بِيَعْملاَتٍ
مُمَلاَّتِ المناسمِ واللّحومِ
كساهُنَّ الهواجرُ كلَّ يومٍ
رجيعاً بالمغابِنِ كالعصيمِ
إذا هَجَدَ القَطَا أفْزَعْنَ مِنْهُ
أوَامِنَ في مُعَرَّسه الجُثُومِ
رَحَلْنَ لشُقَّة ٍ وَنَصَبْنَ نَصْباً
لِوَغْراتِ الهواجِر والسَّمُومِ
فكنَّ سَفيِنَها وَضَرَبْنَ جَأْشاً
لخَمْسٍ في مُلَجِّجَة ِ أَزُومِ
أجَزْتُ إلى مَعَارِفِها بِشُعْثٍ
وأطلاح من العيديِّ هيمِ
فخضْنَ نياطَهَا حتى أُنيخَتْ
على عافٍ مدارِجُهُ سَدَومِ
فَلاَ وأبِيكَ مَا حيٌّ كحيٍّ(3/419)
لِجارٍ حلَّ فيهمْ أوْ عديمِ
ولا للضيف إنْ طرقتْ بليلٌ
بأفنانِ العِضَاهِ وبَالهَشِيِمِ
وَرَوُحِّتِ اللِّقَاحُ بِغَيْرِ دَرٍّ
إلى الحُجُرَاتِ تُعْجِلُ بالرَّسِيمِ
وَخَوَّدَ فَحْلُها مِنْ غَيْرِ شَلٍّ
بدارَ الرِّيحِ، تخويدَ الظَّليمِ
إذا ما دَرُّهَا لم يَقْرِ ضيفاً
ضَمِنَّ لهُ قِراهُ من الشُّحومِ
فَلا نَتَجَاوَزُ العَطِلاَتِ مِنها
إلى البكرِ المقاربِ والكزومِ
ولَكِنَّا نُعِضُّ السيفَ مِنهَا
بأسوقِ عافياتِ اللحم كُومِ
وكَم فينا إذا ما المحلُ أبْدى
نحاس القومِ من سمحِ هضومِ
يُبَاري الريحَ لَيس بِجانَبِيٍّ
وَلا دَفِنٍ مُرُوءَتُهُ، لئيمِ
إذا عُدَّ القَديمُ وجدتَ فِينَا
كرائمَ مَا يعدُّ مِن القديم
وجدتَ الجاهَ والآكالَ فِينا
وعاديَّ المآثر والأرومِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> سَفَهاً عَذَلْتِ وقلتِ غَيْرَ مُليمِ
سَفَهاً عَذَلْتِ وقلتِ غَيْرَ مُليمِ
رقم القصيدة : 10949
-----------------------------------
سَفَهاً عَذَلْتِ وقلتِ غَيْرَ مُليمِ
وبكاكِ قدماً غيرُ جِدِّ حكِيمِِ
أُمَّ الوليدِ ومَنْ تكوني همَّهُ
يصبحْ وليسَ لِشأنهِ بحلِيمِِ
آتي السَّدَادَ فإن كرهتِ جنابَنَا
فَتَنَقَّلِي في عامرٍ وتَمِيمِ
لا تأْمُرِيني أنْ أُلامَ فإنَّني
آبَى وأكْرهُ أمْرَ كلِّ مُليمِ
أوَلَمْ تَرَيْ أنَّ الحوادثَ أهلكتْ
إرَماً ورامَتْ حِمْيَراً بِعَظِيمِ
لو كان حيٌّ في الحياة ِ مُخَلَّداً
في الدهر ألْفَاهُ أبُو يَكْسُومِ
والحارثانِ كلاهُما ومحرِّقٌ
والتُّبَّعَانِ وفارسُ اليَحْمُومِ
والصَّعْبُ ذو القرنين أصبحَ ثاوياً
بالحِنْوِ في جدَثٍ، أميمَ، مقيمِ
وتزعنَ من داودَ أحسنَ صُنعِهِ
ولقَد يَكونُ بِقُوَّة ٍ وَنَعيمِ
صنعَ الحديدَ لحفْظِهِ أسرَادَهُ
لِينَالَ طُولَ العيشِ، غَيْرَ مَرُومِ
فكأنَّما صادفْنَهُ بمضيعة ٍ
سَلَماً لهنَّ بواجِبٍ معزُومِ
فدعي الملامة َ ويبَ غيركِ إنَّهُ(3/420)
ليسَ النّوالُ بلومِ كلِّ كريمِ
ولقد بلوتُكِ وابتليْتِ خليقَتي
ولقَد كفَاكِ مُعَلِّمي تَعْليمي
وعظيمة ٍ دافعْتُهَا فتحولَّتْ
عنِّي فَلَمْ أدْنَس وَصَحَّ أديمي
في يومِ هيجَا فاصطليتُ بِحَرِّها
أوْ في غَدَاة ِ تَحَافُظٍ وَخُصُومِ
ومبلِّغٍ يومَ الصُّراخِ مندِّدٍ
بعنانِ دامية ِ الفُروج كليمِ
فرَّجتُ كربَتَهُ بضربَة ِ فيصَلٍ
أو ذاتِ فرغٍ بالدِّماءِ رَذُومِ
أوْ عازبٍ جادَتْ عَلى أرْوَاقِهِ
خلقَاءُ عاملة ٌ وركْضُ نجومِ
مَرَتِ الجنوبُ لَهُ الغَمامَ بوابلٍ
وَمُجَلْجَلٍ قَرِدِ الرَّبَابِ مُدِيمِ
حتَى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بِفَاخِرٍ
قصِفٍ، كألوانِ الرِّحَال، عميمِ
هَمَلٌ عشائِرُهُ على أوْلادِهَا
من راشحٍ مُتَقَوِّبٍ وَفَطِيمِ
أُدْمٌ مُوَشَّمَة ٌ وَجُونٌ خِلْفَة ً
وَمَتى تَشأْ تَسْمَعْ عِرَارَ ظَلِيمِ
بِكَثيبِ رابية ٍ قليلٍ وَطْؤهُ
يعتادُ بَيْتَ مُوَضَّعٍ مركُومِ
وَيَظَلُّ مُرْتَقِباً يُقَلِّبُ طَرْفَهُ
كعريشِ أهل الثَّلَّة ِ المَهْدُومِ
باكَرْتُ في غَلَسِ الظَّلامِ بصْنتُعٍ
طِرْفِ كعالِية القناة ِ سليمِ
ولقَد قطعْتُ وصِيلة ً مجرودَة ً
يبكِي الصَّدَى فيها لِشجوِ البُومِ
بِخَطِيرة ٍ تُوفي الجديلَ سَرِيحَة ٍ
مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْتَهُ بعَصِيمِ
أُجُدِ المرَافِقِ حرَّة ٍ عيرَانة ٍ
حَرَجٍ ، كَجَفنِ السيفِ ، غيرِ سؤومِ
تعدُو إذا قلقَتْ عَلى متنصِّبٍ
كالسَّحْلِ في عاديَّة ٍ دَيْمُومِ
سبْطٍ كأعناقِ الظِّباء إذا انْتَحَتْ
ينسَلُّ بين مَخَارِمٍ وَصَرِيمِ
يهوِي إلى قصبٍ كأنَّ جمامَهُ
سملاتُ بولٍ أغليتْ لسَقيمِ
وجناءُ تُرْقِلُ بَعْد طُول هِبَابِها
إرقالَ جأْبٍ مُعْلَمٍ بِكُدُومِ
جَوْنٍ تَرَبَّعَ في خَلَى وَسْمِيَّة ٍ
رَشَفَ المناهِلَ ، ليس بالمظلُومِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لَمّا أتَانِي عَنْ طُفَيْلٍ وَرَهْطِهِ
لَمّا أتَانِي عَنْ طُفَيْلٍ وَرَهْطِهِ
رقم القصيدة : 10950(3/421)
-----------------------------------
لَمّا أتَانِي عَنْ طُفَيْلٍ وَرَهْطِهِ
هُدُوءاً فباتَتْ غُلَّة ُ في الحَيَازِمِ
دَرَى باليساري جَنَّة ً عبقريَّة ً
مُسَطَّعَة َ الأعنَاقِ بُلْقَ القَوَادِمِ
نَشِيلٌ منَ البيضِ الصوارم بَعْدَما
تفضَّض عن سيلانِهِ كلُّ قائمِ
كميشُ الإزارِ يَكْحَلُ العَيْنَ إثْمِداً
سُرَاهُ ، وَيُضْحِ مُسْفِراً غَيرَ وَاجِمِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> بَكَتْنَا أرْضُنَا لمَا ظَعَنّا
بَكَتْنَا أرْضُنَا لمَا ظَعَنّا
رقم القصيدة : 10951
-----------------------------------
بَكَتْنَا أرْضُنَا لمَا ظَعَنّا
وحَيَّتنَا سُفَيْرَة ُ والغَيَامُ
محلُّ الحيِّ إذْ أمْسَوْا جميعاً
فأمْسَى اليومَ ليس بِه أنَامُ
أنِفْنَا أنْ تحلَّ بهِ صُدَاءٌ
وَنَهْدٌ بَعْدَما انسلخَ الحَرَامُ
ولو أدْرَكْنَ حيَّ بني جَرِيٍّ
وتيمَ الللاتِ نفِّرَتِ البِهَامُ
بكلِّ طِمِرَّة ٍ وأقَبَّ نَهْدٍ
يَفِلُّ غُرُوبَ قارِحِهِ اللِّجَامُ
وكلِّ مثقّف لدْنٍ وعضبٍ
تذرُّ على مضاربهِ السِّمامُ
يُكَسِّرُ ذابلَ الطَّرْفاءِ عنها
بجَنْبِ سويقَة َ النَّعَمُ الرُّكامُ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> عفَا الرَّسمُ أمْ لا، بعدَ حولٍ تجرمَا
عفَا الرَّسمُ أمْ لا، بعدَ حولٍ تجرمَا
رقم القصيدة : 10952
-----------------------------------
عفَا الرَّسمُ أمْ لا، بعدَ حولٍ تجرمَا
لأسْماءَ رَسْمٌ كالصَّحيفة ِ أعجَما
لأسماءَ إذْ لمّا تفتنَا ديارهَا
ولم نَخْشَ مِنْ أسْبابِهَا أنْ تَجَذَّمَا
فَدَعْ ذا وَبَلِّغْ قَوْمَنَا إنْ لَقِيتَهُمْ
وهل يخطئنَّ اللومُ منْ كانَ ألْوَما
مَوَالِيَنَا الأحْلافَ عَمْرَو بنَ عامرٍ
وآلَ الصموتِ أنْ نُفاثة ُ أحْجَمَا
كلا أخَوَيْنَا قَدْ تَخَيَّرَ مَحْضراً
من المُنْحَنَى مِنْ عَاقِلٍ ثمَّ خَيَّمَا
وَفَرَّ الوحيدُ بَعْدَ حَرْسٍ وَيَوْمِهِ
وحَلَّ الضِّبابُ في عليٍّ بنِ أسْلَما(3/422)
وودَّعَنا بالجلهتينِ مساحِقٌ
وصاحَبَ سيّارٌ حِماراً وَهَيْثَما
وحيَّ السواري إنْ أقولُ لجمعهِمْ
على النأْيِ إلاَّ أنْ يُحَيَّ ويسلمَا
فلما رأينا أن تُركنَا لأمرِنَا
أتيْنَا التي كانَتْ أحَقَّ وَأكْرَما
وقُلْنا انتظارٌ وائتِمَارٌ وَقُوَّة ٌ
وَجُرْثُومَة ٌ عاديَّة ٌ لَنْ تَهَدَّمَا
بحمدِ الإلهِ ما اجْتباهَا وأهلهَا
حميداً ، وقبلَ اليوم مَنَّ وَأنْعَمَا
وقُل لابنِ عمرٍو ما ترى رأْيَ قومكمْ
أبا مُدْرِكٍ لَوْ يَأْخُذُونَ المُزَنَّما
وَنَحْنُ أُناسٌ عُودُنَا عُودُ نَبْعَة ٍ
صليبٌ إذا ما الدهرُ أجشم مُعظِمَا
وَنَحْنُ سَعَيْنا ثمّ أدْرَكَ سَعْيَنَا
حُصَيْنُ بنُ عَوْفٍ بعدما كانَ أشْأَما
وفكَّ أبَا الجَوَّابِ عمرُو بنُ خالدٍ
وما كانَ عنْهُ ناكِلاً حيثُ يمَّمَا
ويومَ أتانا حيُّ عروة َ وابنِه
إلى فاتكٍ ذي جُرْأة ٍ قَدْ تَحَتَّمَا
غداة َ دعاهُ الحارثانِ ومسهرٌ
فَلاقَى خَلِيجاً واسعاً غَيْرَ أخْرَما
فإن تذكروا حسنَ الفروضِ فإننَا
أبانَا بأنواح القريطَين مأتمَا
وإمّا تَعُدُّوا الصالحاتِ فإنني
أقُولُ بها حتى أمَلَّ وأسْأمَا
وإنْ لم يكنْ إلا القتالُ فإننَا
نُقاتِلُ مَنْ بين العَرُوضِ وَخَثْعَمَا
أبى خَسْفَنَا أنْ لا تَزَالُ رُوَاتُنَا
وأفراسُنَا يَتْبَعْنَ غَوْجاً مُحَرَّمَا
يَنُبْنَ عَدُوّاً أوْ رَوَاجعَ منهُمُ
بَوانيَ مجداً أو كواسبَ مغنَما
وَإنّا أُناسٌ لا تَزَالُ جيَادُنَا
تَخُبُّ بأعضاد المطيِّ مُخدَّما
تَكُرُّ أحَاليبُ اللَّديد عَلَيْهمُ
وَتُوفى جِفانُ الضَّيْف مَحْضاً مُعَمَّما
لَنَا مَنْسَرٌ صَعْبُ المَقَادَة فَاتِكٌ
شُجَاعٌ إذا ما آنسَ السِّرْبَ ألْجَمَا
نُغيرُ بهِ طَوْراً وطوراً نَضُمّهُ
إلى كُلِّ مَحبوك من السَّرْو أيْهَمَا
وَنَحْنُ أزَلْنَا طيِّئاً عَنْ بلاَدنَا
وَحلْفَ مُرَادٍ منْ مَذَانب تَحْتمَا
ونَحْنُ أتَيْنَا حَنْبَشاً بابن عَمِّه
أبا الحصن إذْ عافَ الشرابَ وأقسَما(3/423)
فأبْلِغْ بَني بكرٍ إذا مَا لَقيتَهَا
عَلى خَيرَ ما يُلْقَى به مَنْ تَزَغَّمَا
أبُونَا أبُوكُمْ والأواصِرُ بَيْنَنَا
قريبٌ، ولم نأْمُرْ منيعاً ليأثَمَا
فإن تَقْبلُوا المعْرُوفَ نَصبرْ لحَقِّكُمْ
ولن يَعدَمَ المعروفُ خُفّاً وَمَنْسِمَا
وإلاّ فَمَا بالمَوت ضُرٌّ لأهْله
ولم يُبقِ هذا الدهرُ في العيش مندمَا
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لما دعاني عامرٌ لأسبهمْ
لما دعاني عامرٌ لأسبهمْ
رقم القصيدة : 10953
-----------------------------------
لما دعاني عامرٌ لأسبهمْ
أبَيْتُ وَإنْ كان ابنُ عَيْساءَ ظَالمَا
لكَيْمَا يكونَ السَّنْدَريُّ نَديدَتي
وأجعلَ أقواماً عموماً عماعمَا
وَأنْبُشَ منْ تَحْتِ القُبُورِ أُبُوَّة ً
كراماً همُ شدُّوا عليَّ التمائِمَا
لَعِبْتُ على أكْتافِهِمْ وَحُجُورِهمْ
وليداً وسمَّوْني مفيداً وعاصِما
بَلَى : ايُّنَا ما كانَ شرّاً لمالكٍ
فَلا زالَ في الدُّنيا مَلُوماً ولائِمَا
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> ألاَ ذَهَبَ المُحافِظُ والمُحامِي
ألاَ ذَهَبَ المُحافِظُ والمُحامِي
رقم القصيدة : 10954
-----------------------------------
ألاَ ذَهَبَ المُحافِظُ والمُحامِي
وَمَانعُ ضَيْمِنَا يَوْمَ الخِصَامِ
وأيقنتُ التفرُّقَ يومَ قالوا
تُقُسِّمَ مَالُ أرْبَدَ بالسِّهامِ
وأرْبَدُ فارسُ الهَيْجَا إذا ما
تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بِالْخِيَامِ
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعاً
وَوِتْراً والزَّعَامَة ُ لِلْغُلامِ
كأنَّ هِجانَهَا، مُتَأبِّضَاتٍ
وفي الأقرانِ، أصورَة ُ الرُّعامِ
وقدْ كان المُعصَّبُ يعتفيهَا
وَتُحْبَسُ عِنْدَ غاياتِ الذِّمامِ
على فَقْدِ الحَرِيبِ إذا اعْتَرَاها
وعند الفضْلِ في القحمِ العظامِ
خُبَاسَاتُ الفوارسِ كلَّ يومٍ
إذا لم يُرْجَ رِسْلٌ في السَّوَامِ
إذا ماتَعْزُبُ الأنعامُ راحَتْ
عَلى الأيْتَام والكَلِّ العِيَام(3/424)
فيحمدُ قدرَ أربدَ مَنْ عَرَاهَا
إذا ما ذُمَّ أربَابُ اللِّحامِ
وجارتُهُ إذا حلَّتْ إليْهِ
لها نَفَلٌ وَحَظٌّ في السَّنَامِ
فإنْ تَقَعُدْ فَمُكْرَمَة ٌ حَصَانٌ
وإن تظعنْ فمحسنة ُ الكلامِ
وإنْ تشرَبْ فنعم أخُو النَّدامى
كريمٌ ماجدٌ حُلْوُ النِّدامِ
وفتيانٍ يَرَوْنَ المجدَ غُنْماً
صَبَرْتَ لحقِّهِم لَيْلَ التَّمامِ
وإنْ بَكَرُوا غَدَوْتَ بمسمعِاتٍ
وأدْكَنَ عاتقٍ جَلْدِ العِصَامِ
له زَبَدٌ على الناجُودِ وَرْدٌ
بماءِ المُزْنِ مِن رِيقِ الغَمَامِ
إذا بَكَرَ النساءُ مُرَدَّفَاتٍ
حواسرَ لا يُجئنَ على الخدامِ
يرينَ عصائِباً يركُضْنَ رهواً
سوابقهنَّ كالرجْل القيامِ
كأنَّ سِرَاعَهَا مُتَوَاتِرَاتٍ
حَمَامٌ باكِرٌ قَبْلَ الحَمَامِ
فَوَاءلُ يَوْمَ ذلك مَنْ أتَاهُ
كما وَألَ المُحِلُّ إلى الحَرَامِ
بضربة ِ فيصلٍ تركتْ رئيساً
على الخدَّينِ ينحطُ غيرَ نامِ
وكُلِّ فريغة ٍ عجلى رَمُوحٍ
كَأنَّ رَشَاشَهَا لَهَبُ الضِّرامِ
تَردُّ المرءَ قَافِلَة ً يَدَاهُ
بعامِلِ صعدَة ٍ والنَّحْرُ دامي
فودِّعْ بالسَّلام أبَا حُزيز
وقَلَّ وداعُ أرْبَدَ بالسلامِ
يفضِّلُهُ شتاءَ الناسِ مجدٌ
إذا قُصِرَ الستورُ على البِرامِ
فَهَلْ نُبِّئتَ عَنْ أخَوَيْنِ دَاما
على الأيّام إلاَّ ابْنَي شَمَامِ
وإلاَّ الفَرْقَدَيْنِ وآلَ نَعْشٍ
خَوَالِدَ ما تَحَدَّثُ بانْهِدَامِ
وكنتَ إمامَنا ولَنا نِظاماً
وكان الجَزْعُ يُحْفَظُ بالنِّظَامِ
وليسَ الناسُ بعدَكَ في نقيرٍ
ولا هُمْ غَيْرُ أصْدَاءٍ وَهَامِ
وإنَّا قَدْ يُرَى ما نَحْنُ فيه
وَنُسْحَرُ بالشرابِ وبالطعامِ
كما سُحِرَتْ بِه إرَمٌ وعَادٌ
فأضْحَوْا مثْلَ أحْلامِ النِّيامِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> دَرَسَ المَنَا بمُتَالِعٍ فأبَانِ
دَرَسَ المَنَا بمُتَالِعٍ فأبَانِ
رقم القصيدة : 10955
-----------------------------------
دَرَسَ المَنَا بمُتَالِعٍ فأبَانِ(3/425)
وتقادمتْ بالحبسِ فالسوبَانِ
فنعافِ صارة َ فالقَنانِ كأنَّها
زُرُرٌ يُرجِّعها وليد يمانِ
مُتعودٌ لحنٌ يعيدُ بكفِّهِ
قلمَاً على عُسُبٍ، ذبُلْنَ، وَبانِ
أو مُسْلَمٌ عَمِلَتْ له عُلْوِيَّة ٌ
رصنَتْ ظُهورَ رواجِبٍ وبَنانِ
للحنظلية ِ أصبحتْ آياتُها
يبرقنَ تحتَ كنهبل الغلانِ
خَلَدَتْ ولم يَخْلُدْ بها مَنْ حَلَّها
وتبدَّلتْ خيطاً من الأحدانِ
والخَاذِلاتُ مَعَ الجآذِرِ خِلْفَة ً
والأدُمُ حانية ٌ معَ الغِزلانِ
فصددْتُ عنْ أطلالِهنَّ بجسرة ٍ
عَيْرَانَة ٍ كالعَقْرِ ذِي البُنْيانِ
فقدرتْ للوردِ المغلِّسِ غُدْوة ً
فوردْتُ قبلَ تَبيُّنِ الأوانِ
سُدُماً قديماً عهْدُهُ بأنيسِهِ
من بينِ أصفرَ ناصعٍ ودِفَانِ
فَهَرَقْتُ أذْنِبَة ً على مُتَثَلِّمٍ
خَلقٍ بِمُعْتَدِلٍ منَ الأصْفَانِ
فتَغمَّرَتْ نَفساً وَأدْركَ شَأْوُهَا
عُصَبَ القَطا يَهْوِينَ للأذْقانِ
فثنيتُ كفّي والقرابَ ونُمْرُقي
ومكانَهُنَّ الكورُ والنِّسْعَانِ
كسَفينَة ِ الهنديِّ طابقَ دَرْءَهَا
بسَقائفٍ مَشْبُوحَة ٍ وَدِهَانِ
فالتَامَ طائقُها القديم فأصْبَحَتْ
ما إنْ يُقَوِّمُ دَرْءَهَا رِدْفَانِ
فكأنَّها هي يَوْمَ غِبِّ كَلاَلِهَا
أوْ أسْفَعُ الخدّيْنِ شاة ُ إرَانِ
حَرِجٌ إلى أرْطَاتِهِ، وتَغَيَّبَتْ
عنْهُ كواكبُ ليلة ٍ مِدْجَانِ
يَزَعُ الهَيَامُ عن الثَّرى ، وَيَمُدُّهُ
بطْحٌ تهايلُهُ على الكُثْبانِ
فتداركَ الإشراقُ باقي نَفسِهِ
مُتَجَرِّداً كالمائح العُرْيَانِ
لو كانَ يزجُرُها لقد سَنَحتْ له
طَيْرُ لاشِّياحِ بغمرة ٍ وطِعانِ
فَعَدَا على حَذَرٍ مُوَرَّثُ عُدَّة ٍ
يهتزُّ فوقَ جبينِهِ رُمحانِ
حتّى أُشِبَّ له ضِرَاءُ مُكَلِّبٍ
يسعَى بهنَّ أقَبُّ كالسِّرحانِ
فَحَمَى مَقَاتِلَهُ وذادَ بِرَوْقِهِ
حمْيَ المُحارِبِ عورة َ الصُّحبانِ
شَزْراً على نَبْضِ القلوب وَمُقْدِماً
فَكأنَّما يَخْتَلُّهَا بِسِنَانِ
حتى انجلتْ عنهُ عماية ُ نفرِهِ(3/426)
فكأنَّ صَرْعَاها ظُرُوفُ دِنَانِ
فاجتازَ مُنْقَطَعَ الكثيبِ كأنَّهُ
نِصْعٌ جَلَتْهُ الشمسُ بَعْدَ صِوانِ
يَمْتَلُّ مَوْفوراً وَيَمْشِي جانِباً
ربذاً يُسْلَّى حاجة َ الخشيانِ
أفَذَاكَ أمْ صَعْلٌ كأنّ عِفَاءَهُ
أوزاعُ ألقاءٍ على أغصانِ
يُلقي سقيطَ عفائِه مُتقاصراً
للشدِّ عاقدَ منكبٍ وجرانِ
صعلٌ كسافلة ِ القناة ِ وظيفُهُ
وكأنَّ جُؤْجُؤهُ صفيحُ كرانِ
كَلِفٌ بعارِيَة ِ الوَظِيفِ شِمِلَّة ٍ
يمشي خلالَ الشرْيِ في خيطانِ
ظلّتْ تتبَّع مِن نهاءِ صعائدٍ
بينَ السَّليل ومدفَع السُّلاَّنِ
سَبَداً من التَّنُّومِ يخبطهُ الندى
وَنَوادِراً مِنْ حَنْظَلِ الخُطْبانِ
حتى إذا أفدَ العشيُّ تروحَا
لِمَبِيِتِ رِبْعِيِّ النِّتاج هجَانِ
طالتْ إقامته وغيَّرَ عهدَهُ
رِهَمُ الرَّبيع بِبُرْقَة ِ الكَبَوَانِ
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> غشيتُ ديارَ الحيِّ بالسبُعانِ
غشيتُ ديارَ الحيِّ بالسبُعانِ
رقم القصيدة : 10956
-----------------------------------
غشيتُ ديارَ الحيِّ بالسبُعانِ
كما البدْرُ فالعينانِ تبتدرانِ
مَنازِلُ مِنْ بِيضِ الخُدُودِ كأنَّهَا
نعاجُ المَلاَ مِنْ مُعْصِرٍ وعوانِ
وإنِّي لأعطِي المالَ مَنْ لا أوَدُّهُ
وألْبَسُ أقواماً على الشَّنَآنِ
ومُسْتخْبِرٍ عنِّ يودُّ لو أنَّنِي
شَرِبْتُ بِسَمٍّ ريقَتِي فَقَضَاني
وّذِي لُطُفٍ لو كانَ يَعْلَمُ أنَّهُ
شفَائي دمٌ مِنْ جَوْفِهِ لَشَفَاني
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> لستُ بِغَافرٍ لِبَني بَغِيضٍ
لستُ بِغَافرٍ لِبَني بَغِيضٍ
رقم القصيدة : 10957
-----------------------------------
لستُ بِغَافرٍ لِبَني بَغِيضٍ
سفاهتهمْ ولا خطلَ اللسانِ
سآخذُ من سَراتِهِمُ بعرضِي
وليسُوا بالوَفَاءِ ولا المُدَاني
فإنَّ بَقِيَّة َ الأحسابِ مِنّا
وَأصحابَ الحمالة ِ والطِّعَانِ
جراثيمٌ مَنَعْنَ بَياضَ نَجْدٍ
وأنْتَ تُعَدُّ في الزَّمَع الدَّوَاني(3/427)
العصر الجاهلي >> لبيد بن ربيعة العامري >> أُنْبئْتُ أنَّ أبَا حَنِيـ
أُنْبئْتُ أنَّ أبَا حَنِيـ
رقم القصيدة : 10958
-----------------------------------
أُنْبئْتُ أنَّ أبَا حَنِيـ
ـفٍ لا منِي في اللائمينا
أبُنَيَّ هلْ أحْسَسْتَ أعْـ
ـمامِي بني أمِّ البنينا
وأبي الذي كان الأرا
ملُ في الشتاءِ لهُ قطينَا
وَأبُو شُرَيحٍ والمُحَا
مي في المضيقِ إذا لَقينَا
الفتيَة ُ البِيضُ المصَا
لتُ أشءبَعُوا حَزماً ولِينا
ما إنْ رأيتُ ولا سَمعْـ
ـتُ بِمِثْلِهِمْ في العالمينا
لم تبقَ أنفسهمْ وكا
نُوا زِينَة ً للنّاظرِينَا
فلئنْ بعثتُ لهمْ بُغَا
ة ً ما البُغَاة ُ بِوَاجِدِينَا
فَمَكَثْتُ بَعْدَهُمُ وَكُنْـ
تُ بطولِ صُحبتهمْ ضَنينا
ذَرْني وما ملكَتْ يَمِيـ
ـني إنْ رَفَعْتُ بِهِ شؤونا
وافْعَلْ بمالِكَ ما بَدا
لَكَ ، إنْ مُعَاناً أو مُعِينَا
واعْفِفْ عن الجاراتِ وامنَحْـ
ـهُنَّ مَيْسِرَكَ السَّمينا
وابْذُلْ سَنَامَ القِدْرِ إ
نَّ سواءَها دُْماً وجُونا
ذا القدرَ إنْ نضِجتْ وعجِّـ
ـلْ قبلهُ ما يشتوينا
إنَّ القُدُورَ لَوَاقِحٌ
يُحْلَبْنَ أمْثَلَ ما رُعِينَا
وإذا دَفَنْتَ أباكَ فَاجـ
ـعَلْ فَوْقَهُ خَشَباً وطِينا
وَصَفائحاً صُمّاً رَوَا
سيهَا يُسدِّدْنَ الغُضونَا
لِيَقِينَ وَجْهَ المرءِ سَفْـ
ـسَافَ الترابِ ولَنْ يقينا
ثمّ اعتبرْ بِثناءِ رهـ
ـطِكَ ، إذْ ثَوَى جدثاً جنينا
وَتَراجَعُوا غُبْرَ المرا
فِقِ مِنْ أخيهمْ يائِسينا
تلك المكارمُ إن حفظْـ
ـتَ فلن تُرَى أبَداً غَبينا
في رَبْرَبٍ كَنِعَاجِ صَا
رَة َ يبتئسْنَ بمَا لَقينَا
مُتَسَلبَات في مُسُو
ح الشَّعرِ أبكاراً وعُونَا
وحذرتُ بعدَ الموتِ، يوْ
مَ تَشينُ أسْمَاءُ الجَبِينَا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يومٌ تضاحكَ نورهُ الوضاءُ
يومٌ تضاحكَ نورهُ الوضاءُ
رقم القصيدة : 10959
-----------------------------------
يومٌ تضاحكَ نورهُ الوضاءُ(3/428)
للدهرِ مِنْهُ حُلّة ٌ سِيَراءُ
والبحرُ والميثاءُ، والحسَنُ الرضا
للنّاظِرِينَ ثَلاثَة ٌ أكفاء
فإذا اعتبرنا جودهُ وعلاهُ لم
يغربْ علينا البحرُ والميثاء
واليمُّ رهوٌ إذا رآك كأنّهُ
قد قيّدتْهُ دهشَة ٌ وحياء
لقنَ الوقار إذا ارتقى مِنْ فوقه
ندبٌ أشمُّ وهضبة ٌ شماء
لاقى نداهُ نبتَها: فَترَى يَداً
بَيْضاء حيثُ حديقة ٌ خضراء
فذٌّ تغربَ في المكارم أوحداً
فتأنستْ في ظله الغرباء
يدعو الوفودَ إلى صنائعه التي
شَرُفَتْ فشأناهُ ندى ونِداء
أيامهُ مصقولة ٌ أظلالها
سَدِ كتْ بهاالأضواء والأنداء
أورَقْنَ أو أشْرَقْنَ حتى إنّهُ
تجري الصلادُ وتقبسُ الظلماء
هديٌ وجودٌ وهوَ مثلُ النجمِ عنـ
ـهُ تحدثُ الأنواء والأضواء
أعطَى وهَشَّ فما لنشوة ِ جودِهِ
صحوٌ ولا لسمائِهِ إصْحاء
كفلَ الورى فلهُ إلى خلاتهمْ
نظرٌ وعنْ زلاتهمْ إغضاءْ
آمالهُمْ شتّى لَدَيْهِ تخالَفَتْ
و قلوبهمْ بالحبّ فيهِ سواء
يا منْ أنا ومديحهُ ونوالهُ :
ألطوقُ والتغريدُ والورقاء
بكرٌ أتتكَ على احتشامٍ فليجدْ
منكَ القبولَ العذرُ والعذراء
تُجْلَى بِفَخْرِكَ فالسماءُ مِنَصَّة ٌ
والشُّهبُ حَلْيٌ والصَّبَاحُ رداء
فاسلَمْ وكلُّ الدَّهْرِ عندكَ موسمٌ
أبداً وكلُّ الشعرِ فيكَ هناء
و اخلدْ معافى الجسمِ ممدوحاً ، إذا
حُرِمَ الأطِبّة ُ يُرْزَقُ الشعراء
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أيَا مُتَطَفّلاً في الشّعرِ يَبدُو
أيَا مُتَطَفّلاً في الشّعرِ يَبدُو
رقم القصيدة : 10960
-----------------------------------
أيَا مُتَطَفّلاً في الشّعرِ يَبدُو
على وجناتهِ طفلُ المساء
إذا الضليلُ يومَ الحشرِ وافى
فلستَ بداخلٍ تحتَ اللواء
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> طرقَتْ مُنَقَّبَة ً تَرُوعُ تحجُّبا
طرقَتْ مُنَقَّبَة ً تَرُوعُ تحجُّبا
رقم القصيدة : 10961
-----------------------------------
طرقَتْ مُنَقَّبَة ً تَرُوعُ تحجُّبا
هيهات يأبى البدرُ أن ينتقبا(3/429)
و الصبحُ في حلكِ الدُّجى متنقبٌ
و حلى الدراري موشكٌ أن يُبهبا
و الفجرُ يكتبُ في صحيفة ِ أفقهِ
ألِفاً مَحَتْ نورَ الهِلالِ المُذهَبا
بيضاءُ يخفى البدرُ من إشراقها :
قصرى النجوم مع الضحى أن تغربا
وَدَّعتُها فجنيتُ من مُرّ النّوَى
حُلْوَ الوَداعِ مُنعَّماً ومُعذَّبا
شملٌ تجمعَ حينَ حانَ شتاتهُ
ويزيدُ إشراقُ السّرَاجِ إذا خَبا
ذكرى تحركني على يأسٍ كما
طربَ الكبيرُ لذكرِ أيامِ الصبا
يُسْتَثْقَلُ الخبرُ المعادُ وقَدْ أرَى
خبرَ الحبيبِ على الإعادة ِ طيبا
يحلو على تردادهِ فكأنهُ
سجعُ الحَمامِ إذا تردَّد أطْرَبا
كالأوحدِ ابن الجدّ كُرِّرَ ذكرُهُ
فأتى عَلى تكرَارِهِ مُسْتَعْذَبا
شَيْحانُ تحجُبُهُ المهابَة ُ سافِراً
أبداً ويدنيهِ السنا متحجبا
في وجههِ وبنانهِ
ما في الكواكبِ والسحائبِ والرُّبى
أعطى فَما أكدى وهبَّ فَما ونى
وجرَى فلم يُلْحَقْ وَهُزَّ فَما نبا
عقدتْ خناصرها الرجالُ لذكرهِ
و بدا فحلُّوا من مهابتهِ الحبا
تلقاهُ محبوباً على سطواتهِ
وَعَلى نَداه وبِشرِهِ مُتَهَيَّبا
كالرُّمْحِ ذا نَصْلينِ أيْنَ حنيتَه
ألْفَيْتَهُ مِنْ حومتيهِ مُذَرَّبا
كالمشرفيّ خلابة ً وذلاقة ً
أو كالزمانِ تسهُّلاً وَتَصَعُّبا
حِلمٌ حَكى رَضْوَى ولكنْ تحتَهُ
بأسٌ، ذُرَى رَضْوَى يهدُّ وكبكبا
يكتنُّ منهُ البطشُ تحتَ سكينة ٍ
كالزَّنْدِ يوجَدُ خامِداً مُتلَهِّبا
تأتي التجاربُ تستشيرُ ذكاءهُ
مهما استشار الأذكياءُ مجربا
كلرمتْ أرومتهُ وأينعَ فرعهُ
فَحَوى الجلالَة َ مَنْسباً أو مَنْصباً
كالروضِ رَاقكَ مَنْظراً وخبرتَهُ
فَوَجَدْتَ عُنصُرَهُ الغَمامَ الصَّيّبا
هشُّ الندى جزلُ الوقارِ كأنهُ
بحرٌ وَطَوْدٌ إن حَبا وإن احْتبى
رمتِ المعالي لحظاً أدعجاً
وافترَّ عَنْهُ الزهرُ ثَغْراً أشنَبا
إيهٍ أبا عمرٍو وَوَصفُكَ قَدْ غَدا
عِزّاً تَسَمّى كافِياً لكَ مَحْسبا
حَلّيْتَ حِمصاً بالبقِيعِ مدائحاً(3/430)
وحَمَيتَ مِنْها بالعرِينِ مؤشَّبا
حَسُنَتْ فَعادَ اللّيْلُ صبحاً نيّراً
فيها وصار الصلدُ روضاً معشبا
أفهقتَ : حتى البحرُ يدعى جدولاً
وأضأتَ: حتى الشمسُ تُدعى كوكبا
و شقيّ قومٍ لا كما زعمَ اسمهُ
بارَى علاكَ فما جرى حتى كبا
فرَأى حُسامَكَ فِيه برقاً ساطِعاً
و رأى مناهُ فيكَ برقاً خلبا
ألبستهُ طوقَ المنية ِ أحمراً
فكسوتنا التأمينَ أخضر مخصبا
ما كان إلاّ أن جعلتَ عتابهُ
بكلامِ ألسنة ِ الغُمُودِ مُعتّبا
إنَّ الغليظَ من الرقابِ إذا عتا
لم ينههُ إلاّ الرقاقُ منَ الظبى
دَمّثْتَ طاغينا، جبرتَ مهيضنا
أرشدتَ جاهلَنا الطريقَ الأصْوَبا
كالنجمِ أحرقَ مارداً، وسقى الثرى
من نَوْئهِ ريّاً، ونَوَّرَ غَيْهَبا
وكأنَّ بابكَ كعبة ٌ يمحو بِها
زلاتهِ منْ قد أتاها مذنبا
تَلْقَى الجماهرَ حولَهُ فكأنّهُمْ
من كثرة ٍ وتضاؤلٍ رِجْلُ الدَّبا
كالصائمين عشيّة َ الإفطارِ قَدْ
مَدُّوا العيونَ إلى الهلال ترقُّبا
أوليتَ ما لَوْ كانَ نُطقي مُعجباً
عن شكره لرأيتَ حالي مُعْربا
و كفى بمدحكَ نيلَ سؤلٍ إنني
نزهتُ فيكَ الشعرَ عن أن يكذبا
فإليكَ من مدحي أغرَّ مذهباً
أتحفتُ منك بهِ أغرَّ مهذبا
لولا بديعٌ من فعالكَ مغربٌ
ما حاكَ مادحُكَ البديعَ المُغْرِبا
ما عذرُ أرضٍ تربها من عنبرٍ
أن لا يطيبَ بها الشمالُ ولا الصبا
غَنِيَتْ عن التشريفِ ذاتُكَ مثلما
تَغْنى عن الأسلاكِ أجيادُ الظبا
فاطلَعْ بأُفقِ الفخرِ شمسَ رياسة ٍ
و الشرقُ يحسدُ في سناكَ المغربا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> غَنّتْ وناصِيَة ُ الظَّلماء لم تَشِبِ
غَنّتْ وناصِيَة ُ الظَّلماء لم تَشِبِ
رقم القصيدة : 10962
-----------------------------------
غَنّتْ وناصِيَة ُ الظَّلماء لم تَشِبِ
فليتها إذ كتمتُ الحبَّ لم تشِ بي
ناحتْ ونحتُ ولم يدللْ عليّ سوى
دمعٍ يفرقُ بينَ الحزنِ والطربِ
شجوي طويلٌ ولكنْ ما قنعتُ بهِ
حتى استعنتُ بشجو الورق في القضبِ(3/431)
مثل الرميميّ لم يقنعهُ تالدهُ
مجداً فأيدَ موروثاً بمكتسبِ
للَّهِ علمٌ وإقْدَامٌ حَكى بِهِما
بأسَ الرجومِ ونورَ الأنجمِ الشُّهُبِ
أوْفى به السبقُ في حُكْمٍ وفي حِكَمٍ
مقسم النفسِ بين البأسِ والأدبِ
فإنْ يقلْ فزيادٌ غيرُ مستمعٍ
و إن يحاربْ دعا النعمانُ بالحربِ
راعي اللّيالي بأطرافِ الخُطوبِ كما
أجادَ دفعَ الخطوبِ السودِ بالخُطَبِ
لم يبقِ صولك عزَّ الملكِ في عجمٍ
ولا بيانُكَ فضلَ القولِ في عربِ
إذا طغى بحرهُ يومَ الهياجِ ترى
عداهُ أقصرَ أعماراً من الحببِ
تُشَبُّ نارُ العُلى مِنهُ على عَلَمٍ
وينتهي شبهها مِنهُ إلى قُطُبِ
... وضوء سِيرَتهِ نورٌ بِلا لهبِ
لو شاء بالسعدِ ردَّ السهمَ في لطفٍ
من المروقِ ونالَ النجم من كثبِ
لا تبغِ للناسِ مثلاً للرئيسِ أبي
يحيى فليس يُقاس الصُّفْرُ بالذهبِ
لو لم يرجحهُ فضلُ الحلمِ طار به
توقدُ الذهنِ في الأفلاكِ والشهبِ
أغرُّ ينظرُ طرفُ المجدِ عن صورٍ
منه ويضحكُ سنُّ الدهرِ عن شنبِ
عفٌّ ترنحُ منه أريحيتهُ
معاطفاً لم تُرَنّحْها ابنة ُ العِنَبِ
حمى الهدى وأباحَ الرفدَ سائلهُ
فالدِّينُ في حَرَمٍ والمالُ في حَرَبِ
تنبيكَ عن سرّ جدواهُ طلاقتهُ
كالبرقِ يخبرُ عن فيضِ الحيا السربِ
شمسٌ لمسترشدٍ، ظلٌّ لملتجىء
عتبٌ لمستعتبٍ، أمنٌ لذي رَهَبِ
معظَّمٌ كالغنى في عينِ ذي عَدَمٍ
محبَّبٌ كالشّفا في نفس ذي وَصَبِ
حوَى أقاصي الهُدى والجودِ في مَهَلٍ
و غادر السحبَ والأقمارَ في تعبِ
نَمّتْ أو انَ الصبا أخبار سُؤْدَدِهِ
وأيُّ روضٍ مع الأطيارِ لم يَطبِ
يعطي ولم تصدرِ الآمالُ عن عدة ٍ
مِنْهُ، ولا وردَتْ منّا على طَلَبِ
شذتْ به عن بني الدنيا محاسنهُ
فعاشَ مستوطِناً فيهِمْ كمُغْتَرِبِ
هذا الوداعُ وعِندي من حديثك ما
مِنَ الغمامة ِ عند النَّوْرِ والعُشُبِ
وامددْ يمينَكَ ألثُمْها وأُخبرُهُمْ
أني لثمتُ الندى صدقاً بلا كذبِ(3/432)
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أموسى متى أحظى لديكَ ومبعدي
أموسى متى أحظى لديكَ ومبعدي
رقم القصيدة : 10963
-----------------------------------
أموسى متى أحظى لديكَ ومبعدي
ودادي وأعذاري إليكَ ذنوبي
رفضتُ لصبري فيكَ أكرمَ عُدّة ٍ
و قاطعتُ من قومي أعزَّ حبيبِ
وهَبتُ ولا مَنٌّ على الحُبِّ مهجتي
و لبي وسلواني لغيرِ مثيبِ
فضاعت ولا ردٌّ عليه وسائلي
و خاب ولا عتبٌ عليه نصيبي
و قالوا : لبيبٌ لو أراد عصى الهزى
تناقضَ وصفا عاشقٍ ولبيبِ
وما باختياري فارَق الحبَّ صَبرُه
ولكن فِراقَ السّيفِ كفَّ شبيبِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هو البنُ يا موسى وقد كنتَ ثاوياً
هو البنُ يا موسى وقد كنتَ ثاوياً
رقم القصيدة : 10964
-----------------------------------
هو البنُ يا موسى وقد كنتَ ثاوياً
فما كان قربُ الدارِ منكَ مقربي
أرَوضَ الصِّبا قد جَفَّ بالبينِ مَنبِتي
و يا شمس أفقِ الحسنِ قد حان مغربي
و قد كنتُ قبلَ البين أهذي بمطمعي
و أرقى جفوني بالرجاء المحببِ
فأمّا وقد نادى الغُرابُ رَكائبي
فيا صبرُ إن شرقتُ سيراً فغربِ
و يا سلوتي في الحبّ بيني ذميمة ً
و في غيرِ حفظٍ أيها النومُ فاذهبِ
من اليومِ أرّخْ فيكَ أوَّلَ شِقْوتي
و آخرَ عهدي بالفؤادِ المعذبِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أذوقُ الهوى مرَّ المطاعمِ علقماً
أذوقُ الهوى مرَّ المطاعمِ علقماً
رقم القصيدة : 10965
-----------------------------------
أذوقُ الهوى مرَّ المطاعمِ علقماً
وأذكُرُ مِن فِيه اللَّمَى فيَطِيبُ
تحنُّ وتصبو كلُّ عينٍ لحسنهِ
كأنَّ عُيونَ النّاسِ فِيهِ قُلُوبُ
وموسى ولا كَفرانَ للَّهِ قاتلي
وموسى لقَلبي كيفَ كان حبيبُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يدنيكَ زورُ الأماني
يدنيكَ زورُ الأماني
رقم القصيدة : 10966
-----------------------------------
يدنيكَ زورُ الأماني
مني وتَنأى طِلابا
كأنني حينَ أبغي(3/433)
رضاكَ أبغي الشبابا
و أشتهي منك ذنباً
أبْني عليهِ العِتابا
حتى إذا كان ذنبٌ
فتحتُ للعذرِ بابا
ظمئتُ منكَ لوعدٍ
فكان وردي السرابا
لا خابَ سُؤلُكَ أمّا
سؤلي لديكَ فخابا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لو لم تَكُنْ مِن دَمِ العُنْقودِ ريقَتُهُ
لو لم تَكُنْ مِن دَمِ العُنْقودِ ريقَتُهُ
رقم القصيدة : 10967
-----------------------------------
لو لم تَكُنْ مِن دَمِ العُنْقودِ ريقَتُهُ
لمَا اكتسى خَدُّه القاني أبا لهَبِ
تبتْ يدا عاذلي فيه ووجنتهُ
حمّالة ُ الوَرْدِ لا حَمّالة ُ الحَطَبِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لاموا فلما لاحَ موضعُ صبوتي
لاموا فلما لاحَ موضعُ صبوتي
رقم القصيدة : 10968
-----------------------------------
لاموا فلما لاحَ موضعُ صبوتي
قالوا: لقَد جِئتَ الهوى من بابِهِ
شرقتْ بدمعي وجنتي شوقاً إلى
ذي وَجنة ٍ شَرِقَتْ بماء شَبابِه
حلوِ الكلامِ كأنما ألفاظه
يَشرَبن عند النُّطقِ شَهدَ رُضابه
باللَّهِ يا موسى وقد لَذَّ الرَّدى
أجهزْ ولا تبقِ الجريحَ لما به
هاروتُ أودعَ في لحاظكَ سحره
فأصابَ قلبي منكَ مِثلُ عَذابه
صَحّحتَ يأسي من وصالِكَ مِثلما
قد صحَّ يأسُ الحَرفِ من إعرابه
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> صبٌّ تحكمَ كيفَ شاء حبيبهُ
صبٌّ تحكمَ كيفَ شاء حبيبهُ
رقم القصيدة : 10969
-----------------------------------
صبٌّ تحكمَ كيفَ شاء حبيبهُ
فَغَدا وطولُ الهجر منه نَصيبُهُ
مصفي الهوى مهجوره ، وحريصه
ممنوعُه، وبَريئُه مَعتوبُه
كَذِبُ المُنى وَقْفٌ على صِدقِ الهوى
و بحيثُ يصفو العيشُ ثمَّ خطوبه
يا نجمَ حسنٍ في جفوني نوءه
وبأضلُعِي خَفَقانُه ولهِيبُه
أوما ترقُّ على رهينِ بلابلٍ
رقتْ عليكَ دموعه ونسيبه
ولِهٌ يحنُّ إلى كلامِكَ سَمعُه
ولوَ أنّه عَتْبٌ تُشَبُّ حُروبُه
ويَوَدُّ أنْ لو ذابَ من فرطِ الضَّنى
ليعوده ، في العائدينَ ، مذيبه
مهما رنا ليراكَ حجبَ عينه(3/434)
دمعٌ تحيّرَ وسطَها مَسكوبُه
وإذا تَناوَمَ للخَيالِ يَصِيدُه
ساقَ السهادَ سياقهُ ونحيبه
فالدمعُ فيك ، مع النهارِ ، خصيمه
و السهدُ فيك ، مع الكلامِ ، رقيبه
فمتى يَفوزُ ومِن عِداهُ بَعضُه
و متى يفيقُ ومن ضناهُ طبيبه
إن طافَ شيطانُ السلوّ بخاطري
فشِهابُ شوقي في المكانِ يُصِيبُه
من لي به حلواً لدى عطلٍ له
و محاسنُ القمرِ المنيرِ عيوبه
مَنهوبُ ما تحتَ النِّقابِ عَفيفُه
نهابُ ما بينَ الجفونِ مريبه
قاسِي الذي بينَ الجوانِح فَظُّه
لدنُ الذي بينَ البرودِ رطيبه
وجهٌ أرَقُّ من النسيم يُغيرُني
مرُّ النسيمِ بوجههِ وهبوبه
خَدٌّ يَفُضُّ عُرى التُّقى تَفضِيضُه
عني ويذهبُ عقتي تذهيبه
يُذكي الحَياءُ بوَجنتَيهِ جَمرة ً
فيكادُ نَدُّ الخال يَعبَقُ طِيبُه
غُفِرتْ جَرائِمُ لحظِه لسَقامِه
فسطا ، ولم تكتب عليهِ ذنوبه
ما ضَرَّ موسى لو يَشُقُّ مَدامعي
بحراً ليغرقَ عاذلي ورقيبه
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هيَ طلعة ُ السعدِ الأغرّ فمرحبا
هيَ طلعة ُ السعدِ الأغرّ فمرحبا
رقم القصيدة : 10970
-----------------------------------
هيَ طلعة ُ السعدِ الأغرّ فمرحبا
و سنا الرئاسة قد أضاء فلا خبا
فرعٌ أزاهرهُ المناقبُ نابتٌ
في المعلواتِ الشمّ لا شمّ الربى
اللَّهُ خَوَّلَ منه آجامَ العُلى
لَيثاً وآفاقَ الرّئاسَة ِ كَوكَبا
هشتْ لملعهِ الأسرة ُ والأسنـ
ـة ُ والمَحافِلُ والجَحافِلُ والظُّبى
لا تحملوه على المهودِ فإنه
ليرى ظهورَ الخيلِ أوطأ مركبا
و لتفطموهْ عن اللبانِ فإنه
ليرى دمَ الأبطالِ أحلى مشربا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> خلُصتَ خُلوصَ التِّبرِ من عِلّة الضنى
خلُصتَ خُلوصَ التِّبرِ من عِلّة الضنى
رقم القصيدة : 10971
-----------------------------------
خلُصتَ خُلوصَ التِّبرِ من عِلّة الضنى
و أشبهتَ منهُ علة ً بشحوبِ
فإن كانتِ الحُمّى تضُرُّ عدوَّها
فلا عَجَبٌ إضرارُها بطبيبِ(3/435)
و ما كونها في مثل جسمكَ بدعة ً
فما الحرُّ في شمسِ الضحى بغريبِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> من الأيامِ لا ألقاكَ عَشرٌ
من الأيامِ لا ألقاكَ عَشرٌ
رقم القصيدة : 10972
-----------------------------------
من الأيامِ لا ألقاكَ عَشرٌ
أطلتُ بها على الزمنِ العتابا
ولستُ أعُدُّ هذا اليومَ منها
لعلَّ اللَّهَ يَفتَحُ منه بابا
فان تكُ لم تَعُدَّ ولم تُحَقِّقْ
فلي شوقٌ يُعلّمني الحِسابا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أيا ابنَ رسولِ اللهِ رفقاً بمغرمٍ
أيا ابنَ رسولِ اللهِ رفقاً بمغرمٍ
رقم القصيدة : 10973
-----------------------------------
أيا ابنَ رسولِ اللهِ رفقاً بمغرمٍ
فعمّا قليلٍ ينقضي فيك نَحْبُهُ
يحرقُ في الأخرى بجدكَ جسمهُ
وَيُحْرَقُ في الدُّنْيا بخدّكَ قَلْبُهُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هذا أبو بكرٍ يقودُ بوجههِ
هذا أبو بكرٍ يقودُ بوجههِ
رقم القصيدة : 10974
-----------------------------------
هذا أبو بكرٍ يقودُ بوجههِ
جيشَ الفُتونِ مُطرَّزَ الراياتِ
أهدى ربيعُ عِذاره لقلوبنا
حرَّ المصيفِ فشبها لفحاتِ
صبتِ النفوسُ وقد أضلَّ كما صبا
أهلُ الضَّلالِ لخدّهِ وَرِعاتِ
خدٌ جرى ماءُ النعيمِ بجمره
فاسوَدَّ مَجرى الماء في الجَمَراتِ
كتَبتْ حُروفُ الشعرِ في وجَنَاتِه
ما قد جنَتْ عَيناهُ في المُهَجاتِ
فترى ذُنوبَ جُفونِه في خَدّه
يبدو عليها رونقَ الحسناتِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> كمْ قلتُ للمحبوبِ بتْ سالماً
كمْ قلتُ للمحبوبِ بتْ سالماً
رقم القصيدة : 10975
-----------------------------------
كمْ قلتُ للمحبوبِ بتْ سالماً
فقال لي من نخوة ٍ : أنتَ بتْ
فظلتُ أسعى خلفهُ لاثماً
آثاره ذلاًّ فلمْ يلتفتْ
فكلُّ منْ لامَ على حبهِ
لما رأى صبري عليهِ بهتْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا من هديتُ لحبه فمحجتي
يا من هديتُ لحبه فمحجتي
رقم القصيدة : 10976(3/436)
-----------------------------------
يا من هديتُ لحبه فمحجتي
بَيضاءُ في نَهْجِ الغَرامِ الواضحِ
قدحتْ لواحظكَ الهوى في خاطري
حَقّاً لقد وَرِيَتْ زِنادُ القادِحِ
ما استُكمِلتْ لي فيك أولُ نظرة ٍ
حتى علمتُ بأنَّ حبك فاضحي
أنتَ السماكُ من البعادِ وربما
سَمّاكَ لحظُكَ بالسِّماكِ الرَّامِحِ
يا حُبَّ موسى لا تَخَفْ لي سَلوة ً
ظَهَرَ الغرامُ وخاب سعيُ الناصِحِ
أهواهُ حتى العينُ تألفُ سُهدَها
فيه وتطربُ بالسقامِ جوارحي
يا هل درى جفني غذاة َ وداعه
قدرَ الرزية ِ بالمنامِ النازحِ
و الصدرُ أنَّ القلبْ كان مودعي
والجسمُ أنَّ الروحَ كان مُصافِحي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> سأشْكُرُ مِنكَ العُقوقَ الذي
سأشْكُرُ مِنكَ العُقوقَ الذي
رقم القصيدة : 10977
-----------------------------------
سأشْكُرُ مِنكَ العُقوقَ الذي
نهى شغفي عنك شُكْرَ النّصيحهْ
فَبَشّرَ صَدْرِي بِقَلْبي المُضاعِ
و هنأ بالنومِ عيني القريحة ْ
ولَوْ كانَ بِرُّك بي مُسْعِداً
لحسّنَ عنديَ فِيكَ الفَضِيحهْ
فإن لم يجنبني سلوي صبرتُ
برغمي فربَّ وفاة ٍ مريحهْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> غَيري يميلُ إلى كلامِ اللاحِي
غَيري يميلُ إلى كلامِ اللاحِي
رقم القصيدة : 10978
-----------------------------------
غَيري يميلُ إلى كلامِ اللاحِي
و يمدُّ راحتهُ لغيرِ الراحِ
لا سِيّما والغصنُ يُزهِرُ زَهرُه
و يهزُّ عطفَ الشاربِ المرتاحِ
وقد استطار القلبَ ساجِعُ أيكة ٍ
من كلّ ما أشكوه ليسَ بصاحِ
قَدْ بان عنه قَرينُه عَجَباً له
من جانحٍ للهَجرِ حِلْفِ جَناح
بين الرياضِ وقد غدا في مأتمٍ
وتَخالُه قد ظَلَّ في أفراح
الغُصنُ يَمرَحُ تحتَه والنهرُ في
قصفٍ تدرجهُ يدُ الأرواح
و كأنما الأنشامُ فوقَ جنابه
أعلامُ خّزٍ فوقَ سمرِ رماح
لا غَرو أن قامت عَليه أسطُراً
لمّا رأته مُدرَّعاً لكِفاح
فإذا تتابَعَ مَوجُه لِدفاعِها(3/437)
مالتْ عليه فظَلَّ حِلفَ صياح
فلأيِّ وقتٍ تُرفَعُ الكاساتُ قد
آن اطراحُ نصيحة ِ النصاح
و على العروس من الغصون عرائسٌ
قد وُشّحتْ من زهرها بوِشاح
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> انهضْ بأمركَ فالهدى مقصودُ
انهضْ بأمركَ فالهدى مقصودُ
رقم القصيدة : 10979
-----------------------------------
انهضْ بأمركَ فالهدى مقصودُ
و اسعدْ فأنتَ على الأنامِ سعيدُ
والأرضُ حيث حللتَ قُدْسٌ كلُّها
والدهرُ أجمعُ في زمانكَ عيدُ
ماضي الزمانِ عليك يحسدُ حالهُ
لا زالَ غيظَ الحاسدِ المحسودُ
و يفوقُ وقتٌ أنتَ فيهِ غيرهُ
حَتى اللّيالي سيّدٌ وَمَسُودُ
تَصْبُو لك الأعيادُ حتى كادَ أن
يبدو لها عمّنْ سِواك صُدُودُ
و تكادُ تسبقُ قبل وقتِ حلولها
وتكادُ في أثَر الرحيلِ تعودُ
أيامُ عصركَ كلها غررٌ فما
للعِبدِ فِيهِ عَلى سِواه مَزيدُ
ما كان يُعْرَفُ مَوْسمٌ من غيرهِ
لَوْلا نظامُ السُّنّة ِ المعهودُ
و إذا الجمانُ غدا حصى أرضٍ فما
للدرّ فيه مبسمٌ محمودُ
أكرمتَ شهرَكَ بالصيامِ فبيّضَتْ
فيهِ صحائفكَ الليالي السودُ
ما زالَ يُحْيي لَيلَه وفقيرَه
جودٌ أفضتَ غمامهُ وسجودُ
والفطرُ قد وافاكَ يُعلنُ بالرّضَى
فالصحوُ فيه تبسمٌ مقصودُ
ما قدم الأنواءَ فيما قبلهُ
إلاّ لكي يلقاكَ وَهْوَ جديدُ
و أرى الغيوثَ تطيلُ عندكَ لبثها
لتبينَ أنكَ تربها المودودُ
و لربما تندى اقتصادَ مخففٍ
فترى غُلُوَّكَ بالنّدى فتزيدُ
خلفتْ نداكَ فأكثرتْ في حلفها
ولقد يَكُون مِنَ الجبانِ وعِيدُ
يمنُ الوزيرِ إذا رعيت بلادهُ
ولقَدْ يدرُّ بِيُمْنِهِ الجلمُودُ
فمتى يَكونُ الغيثُ من أكفائِهِ
والغيثُ من حَسَناتِهِ مَعْدُودُ
ها سبتة ٌ بأبي علّيٍ جنة ٌ
والبحرُ فِيها كوثرٌ مَوْرُودُ
فزمانهُ فيها الربيعُ ، وشخصهُ
فيها الأمانُ ، وظلهُ التمهيدُ
سفرتْ به أيامها واستضحكتْ
فكأنهنَّ مباسمٌ وخدودُ
قد جمعتْ خللَ الهدى أخلاقهُ
جمعاً عليهِ ينبني التوحيدُ(3/438)
حملَتْ سرائِرُه ضمائرَ مفردٍ
للصدقِ وَهْوَ عَلى الجميعِ يَعُودُ
سهلُ الإنالة ِ والإبانة ِ ، غصنهُ
بينَ السماحة ِ والتقى أملودُ
حانٍ علينا شافعٌ إحسانهُ
فينا فمنهُ العطفُ والتوكيدُ
هممُ الخلاصيّ المباركِ أنجمٌ
آراؤه العُلْيا لهنَّ سُعُودُ
فالرأيُ عن إسعاده متسددٌ
و الثغرُ عن تحصينهِ مسدودُ
يا منْ لآمالِ العفاة ِ بجوده
أُنْسٌ وللأشعارِ فِيهِ شُرودُ
منك استفدتُ القول فيكَ فما عسى
أُثني عَلى مَنْ بالثناء يجودُ
فَمَتى حملتُ لكَ الثّناءَ فإنّما
هُوَ لؤلؤٌ في بحرِهِ مَرْدُودُ
الهديُ فِيكَ سجيّة ٌ مفطورة ٌ
والنورُ طبعاً في الضحى موجودُ
الملكُ رأسٌ أنْتَ مِغْفَرُ رَأسِهِ
فِيما يُباهي تاجُهُ المعقودُ
أنتَ الشفيقُ على الهدى أنتَ الذي
رَبّيْتَهُ في الغربِ وَهْوَ وَلِيدُ
فإذا استدلَّ على الكمالِ بأهلهِ
فلأنتَ برهانٌ وهمْ تقليدُ
طوقتني طوقَ الحمامة ِ منعماً
فنظامُ مدحكَ في فمي تغريدُ
فاهنأ فلوْ أنَّ الكواكبَ خيرتْ
لأتَتْكَ مِنْها للثناء وفودُ
واسلم لِكيْ تبقى المَكارمُ والعُلا
وإذا سلِمْتَ فكلُّ يَوْمٍ عِيدُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أُقَلِّدُ وجدي فليبرهِنْ مُفنِّدي
أُقَلِّدُ وجدي فليبرهِنْ مُفنِّدي
رقم القصيدة : 10980
-----------------------------------
أُقَلِّدُ وجدي فليبرهِنْ مُفنِّدي
فما أضْيعَ البرهانَ عِندَ المقلِّدِ
هبوا نصحكم شمساً فما عينُ أرمدٍ
بأكره في مرآهُ من عينِ مكمدِ
غزالٌ براهُ الله من مسكة ٍ سبى
بها الحسنُ منا مسكة َ المتجلدِ
و ألطفَ فيها الصنعَ حتى أعارها
بياضَ الضُّحى في نعمة ِ الغُصُنِ الندي
و أبقى لذاكَ المسكْ في الخدّ نقطة ً
عَلى أصْلِها في اللون إيماء مُرشدِ
و إني لثوبِ السقمِ أجدرُ لابسٍ
وموسى لثوبِ الحُسنِ أملحُ مُرتد
تأمّلْ لَظى شوقي وموسى يَشُبُّه
تجدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ موقد
دعوهُ يذبْ نفسي ويهجرْ ويجتهدْ
تَرَوا كيف يعتزُّ الجَمالُ ويعتدي(3/439)
إذا ما رَنا شَزْراً فمن لحظِ أحْورٍ
و إن يلوِ إعراضاً فصفحة ُ أغيد
و عذبَ بالي نعمَ اللهُ باله
وسهّدني لا ذاقَ بَلوى التَّسهُّد
تَطلّعَ واللاحِي يلوم فراعَني
وكِدتُ وقد أعذَرتُ يُسقَطُ في يدي
و ناديتُ : لا إذ قال : تهوى وإنما
رماني فكانت " لا " افتتاحَ التشهد
ويا طِيبَ سُكرِ الحُبّ لولا جنونُه
محا لذة َ النشوانِ سخفُ المعربدِ
شكوتُ مِزاجاً للطبيبِ وإنّما
طبيبي سقامٌ في لواحظِ مبعدي
فقال على التأنيس: طِبُّكَ حاضرٌ
فقلت : نعم لو أنه بعضُ عودي
فقالوا: شكا سُوءَ المِزاجِ وإنّما
به سوءُ بختٍ في هوى غيرِ مسعد
بكيتُ فقال الحسنُ هزلاً : أتشتري
بماء جُفونٍ ماءَ ثَغْرٍ مُنَضَّد
وغَنّيتُه شِعري بِهِ أستَمِيلُه
فأبدي ازدراءً بابن حجرٍ ومعبد
كأني بصرفِ البينِ حان فجادَ لي
بأحلى سلامٍ منه أفظعُ مشهد
تغنّمتُ مِنهُ السيرَ خلفي مُشَيِّعاً
فأنشأتُ أمشي مثلَ مَشي المُقَيَّد
و جاء لتوديعي فقلتُ : اتئد فقد
مشَت لك نَفسي في الزَّفيرِ المُصعَّد
جعلتُ يميني كالنطاقِ لخصرهِ
و صاغت جفوني حليَ ذاكَ المقلد
وجُدتُ بذَوبِ التِّبْرِ فوق مُورَّسٍ
وضَنَّ بذَوبِ الدُّرّ فوق مُورَّد
ومسّحَ أجفاني بطَرْفٍ بَنانِه
فألّف بين المُزْنِ والسَّوسنِ النّدى
أيا علة َ العقلِ الحصيفِ وصبوة َ الـ
ـفيفِ وغبنَ الناسكِ المتعبد
رعَيتُ لِحاظي في جَمالكَ آمِناً
فأذهلني عن مصدرٍ حسنُ مورد
و أنَّ الهوى في لحظِ عينكَ كامنٌ
كمُونَ المنايا في الحُسامِ المهنَّد
أظَلُّ ويومي فيكَ هجرٌ ووحشة ٌ
ويومي بحمدِ اللَّهِ أحسنُ من غدي
وِصالُكَ أشهى من مُعاودة ِ الصِّبا
و أطيبُ من عيش الزمان الممهد
عليكَ فطَمتُ العينَ عن لذّة ِ الكَرى
و أخرجتُ قلبي طيب النفس عن يدي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أما لك ترثي لحالة ِ مكمدِ
أما لك ترثي لحالة ِ مكمدِ
رقم القصيدة : 10981
-----------------------------------
أما لك ترثي لحالة ِ مكمدِ(3/440)
فينسَخَ هَجرَ اليَوم وَصلُك في غدِ
أراكَ صرَمتَ الحبلَ دوني وطالما
أقمتُ بذاك الحبل مستمسكَ اليدِ
و عوضتني بالسخطِ من حالة ِ الرضا
ومن أُنْسِ مألوفٍ بحالة ِ مُفرَدِ
و ما كتنمُ عودتمُ الصبَّ جفوة ً
و صعبٌ ، على الإنسانِ ، ما لم يعودِ
طويتُ شغافَ القلب موسى على الأسى
وأغْريتَ بالتّسكابِ جَفنَ المُسهَّد
وما أنتَ إلاَّ فِتنة ٌ تَغْلِبُ الأُسى
وتفعَلُ بالألحاظِ فِعلَ المهنّد
و توجكَ الرحمنُ تاجَ ملاحة ٍ
وبهجة َ إشراقٍ بها الصبحُ يَهتدي
يميلُ بذاكَ القدَّ غصنُ شبابه
كميل ِ نسيم الريحِ بالغصنِ الندي
و يهفو فيهفو القلبُ عند انعطافه
فهَلاَّ رأى في العَطفِ سُنّة َ مُقتَد
أبى اللهُ إلاَّ أنَّ عزَّ جمالهِ
يسومُ به الأحرارَ ذلة َ أعبدِ
له الطَّولُ إن أدنى ولا لومَ إن جفا
على كلّ حالٍ فهوَ غيرُ مفند
أقولُ له والبينُ زمتْ ركابه
و قد راع روعي صوتُ حادٍ مغرد :
دنا عنكَ ترحالي ولا لي حيلة ٌ
إذا حِيلَ بينَ الزادِ والمُتزوِّد
وإني وإن لم يبقَ لي دونكم سوى
حديثِ الأماني موعداً بعد موعد
لأصْبرُ طَوعاً واحتِمالاً فَرُبما
صروفُ الليالي مسعداتٌ بأسعدْ
وأبعثُ أنفاسي إذا هبّت الصَّبا
تروحُ بتسليمي عليكَ وتغتدي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أصيخوا فمن طورِ انبعث الندا
أصيخوا فمن طورِ انبعث الندا
رقم القصيدة : 10982
-----------------------------------
أصيخوا فمن طورِ انبعث الندا
وشِيموا فإنَّ النور في الشرقِ قد بدا
هو الفتحُ قَدْ فاجَا فأحيا كأنّما
هو القطرُ لم يضربْ مع الأرضِ موعدا
أتى اليسرُ يسعى في طريقٍ خفية ٍ
كما طَرقَ الإغفاءُ جفناً مُسَهَّدا
كتمت بها هديَ الإمارة ِ مدة ً
فعالَ كميّ يذخرُ السيفَ مغمدا
و لما انتضاهُ أدركَ النصرَ منهى ً
بحديه لما استقبلَ الحزمَ مبتدا
لقد نسقتْ يُسرينِ في العسرِ بيعة ٌ
حوَتْ إمرة ً عُليا وَعَهْداً مجدَّدا
فذي تَنْشُرُ الرائينَ شَمْساً منيرة ً(3/441)
و ذا يكنفُ الآوينَ ظلاًّ ممددا
وذي معقلٌ نائي الذُّرى لمن انطوَى
و ذا مرتعٌ داني الجنى لمن اجتدى
فقَدْ طلَعَ البَدْرانِ بالسَّعدِ والسَّنا
وقَدْ مُزِجَ البحرانِ بالبأسِ والندى
فيا أهلَ حِمصٍ أيقظوا من رجائكُمْ
فقدْ جاء أمرٌ ليس يترككمْ سدى
و قدْ بلغتْ شكوى الجزيرة مشفقاً
و وافى صراخُ الحيَّ شيحانَ منجدا
ونِيطَتْ أماني أهلِ دينِ محمّدٍ
بذي سيرٍ ترضى النبيَّ محمدا
حباكمْ أميرُ الهَدْيِ مِنْ أهلِ بيتِهِ
بأدناهُمُ قُربَى وأبعدِهِمْ مدى
بأروعَ حلَّ البدرُ منهُ مفارقاً
ونسجُ القوافي مِعْطَفاً والنَّدى يَدا
فأرْعِ بِهِ عَيْنَيْكَ طَلْعَة َ ماجدٍ
تختَّمَ بالعلياءِ واعتمَّ وارْتَدى
سما حيثُ لم يُلْحَقْ فَلَوْلا انفرادُهُ
هنالِكَ مِنْ تِرْبٍ لخلناهُ فَرقدا
وما ضرَّ أنْ غابَ الأميرُ وخصَّكُمْ
بِتابِعِهِ قولاً وفِعْلاً ومحتِدا
تلفُّهما في العنصرِ الحرِّ نِسبَة ٌ
كما قُبِسَ المصباحُ أو قُسِمَ الرِّدا
و ما بعدتْ شمسُ الضحى في محلها
وقَدْ ألحفَتْكُمْ نُورَها متوقّدا
إذا المزنُ أهدى الأرضَ صفو قطارهِ
فقد زارَ بالمعنى وأخفى التمهدا
أبا فارسٍ حَسْبُ الأمانيِّ أنّها
نجومٌ تلقّتْ مِنْ قُدومِكَ أسْعُدا
طلعتَ فأبهجتَ المنابرَ بالتي
بَنَتْ فوقَها أعلى وأبقى وأرشدا
فلو أنَّ عوداً مادَ في غيرِ منبٍ
لأبصرتها من شدة ِ الزهوِ ميدا
لك الحكمُ في دين الصليبِ وأهلهِ
تُسالِمُ ممتنّاً وتَغْدو مؤيَّدا
إليكَ حدا الإسلامُ رأياً وراية ً
فأوسعهما عنهُ سداداًْ وسؤددا
وإنّا لنرجو مِنْ مَضائِكَ هَبّة ً
تُعيدُ عَلى الدِّينِ الشبابَ المجدَّدا
فقد أنشأتكَ الحربُ في حجراتها
كما تَطْبعُ النارُ الحسامَ المهنّدا
ألفتَ من الأعلامِ والدمِ والظُّبى
تصلُّ، أغاريداً وظلاًّ وَمَوْرِدا
تَرى السيفَ يدمى والقناة َ كأنّما
ترى معطفاً لدناً وخداً موردا
فَكَمْ مِنْ ضَجِيعٍ رائقٍ بحشيّة ٍ
تعوضتَ منها أجرداً ومجردا(3/442)
تهشُّ إلى الأقرانِ حتى كأنما
تُلاقي لدى الرَّوعِ الحبائبَ لا العِدا
يميناً لأنتَ الليثُ لولا حزامة ٌ
ترينا بعطفيك اللاصَ المسردا
سريتَ مسيرَ الصبحِ لا يعرفُ الونى
و لا ينكرُ الصيقين بحراً وفرقدا
فهل خلتَ غبرَ البيدِ روضاً منوؤاً
وهل خلتَ لُجَّ اليمّ صَرْحاً ممرَّدا
غدا منكَ هذا البحرُ للناسِ ساحلاً
أصابت به الغرقى ملاذاً من الردى
أتى بكَ أفشَى منهُ صيتاً وهيبة ً
و أغربَ أنباءً وأندى وأجودا
أما إنَّ هذا البحرَ أهداكَ حجة ً
لمن قالَ إنَّ الغيثَ منهُ تولدا
أآلَ أبي حفصٍ خذوها بقوة ٍ
و حلوا لها في ساحة ِ الصدقِ مقعدا
فأنتم ألولوها ما لكمْ منً منازعٍ
و إن أنكرتْ شمسَ الضحى عينُ أرمدا
هبوا غيركمْ نال الإيالة َ قبلكمْ
وأصدَرَ فِيها مُسْتَبِدّاً وأوردا
كذاك يسوسُ البيضَ فينٌ وصيقلٌ
و ما فخرها إلاً لمن قدْ تقلدا
إذا ما اقتدى الأعلى بمنْ هوَ دونهُ
فغرُّ الغوادي والدراري لكمْ فدا
وإن ضَحِكَتْ سنُّ الهدى عن إمارة ٍ
فعنكمْ وعنْ أيامكم يضحكُ الهدى
ودُونَكَ مِن دُرِّ الثّناءِ مُنَظَّماً
بحيثُ غدا دُرُّ الهباتِ مُبَدَّدا
قوافٍ لكَ انساغتْ وفيكَ تيسرتْ
شياعاً فأضحَتْ في ثنائِكَ شُرَّدا
فأصبحَ سُؤلي مِنْ سَماحك مُتْهِماً
و أصبحَ شعري في معاليك منجدا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أحلى من الأمنِ لا يأوي كمدِ
أحلى من الأمنِ لا يأوي كمدِ
رقم القصيدة : 10983
-----------------------------------
أحلى من الأمنِ لا يأوي كمدِ
فيه انتهى الحسنُ مجموعاً ومنه بُدي
لم تدرِ ألحاظه كحلاً سوى كحلٍ
فيها ولا جيده حلياً سوى الغيد
حسِبتُ رِيقتَه من ذَوبِ مَبسِمِه
لو أنَّ صرفَ عقارٍ ذابَ من برد
لو قيلَ والنفسُ رهنُ الموتِ من ظمإ
موسى أو الباردُ السَّلسال لم أرد
موسى تصدقْ على مسكينِ حبك لا
ترُدَّ كفّي فكم باتت على كبِدي
لا تقذِ بالنأي والإعراض عينَ شجٍ
أذاقَها فيكَ طَعمَ الدمع والسُّهُد(3/443)
زُرْني فَلَوْ كنتَ تَسخُو بالوصالِ لما
ساغَ العناق لما أبقيت من جسدي
قد كُنتُ موثقَ عقد الحِلْمِ مذ زمنٍ
فحلهُ لحظكَ النفاثُ في العقدْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هو البينُ حتى لم تزدكَ النوى بعدا
هو البينُ حتى لم تزدكَ النوى بعدا
رقم القصيدة : 10984
-----------------------------------
هو البينُ حتى لم تزدكَ النوى بعدا
ترحلَ قبلَ البينِ لا شكَّ من صدّا
أيا فتنة ً في صورة ِ الإنسِ صورتْ
ويا مُفرَداً في الحُسنِ غادَرْتَني فَرْدا
جبينٌ وألحاظٌ وجيدٌ لحسنها
أضاعَ الأنامُ التاجَ والكُحلَ والعِقدا
وكم سُئِلَ المِسواكُ عن ذلك اللَّمَى
فأخبرَ أنَّ الرّيقَ قد عَطّلَ الشَّهْدا
ألا ليتَ شعري والأماني كثيرة ٌ
و أكذبها في الوعدِ أعذبها وردا
أتأنَسُ عَيني بالكرى بَعد نَفرة ٍ
ويَكحلُ مِيلُ الوصلِ مُقلتيَ الرَّمْدا
وتخدِشُ في وجهِ الصُّدودِ بزَورة ٍ
يصيرُ فيها الشوقُ حرَّ المنى عبدا
عجائبُ لم تدركْ فعنقاءُ مغربٌ
وإقبالُ موسى أو زمانُ الصِّبا رُدَّا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أعِدْ خبرَ التلاقي عن مَلُولٍ
أعِدْ خبرَ التلاقي عن مَلُولٍ
رقم القصيدة : 10985
-----------------------------------
أعِدْ خبرَ التلاقي عن مَلُولٍ
كأني عنده خبَرٌ مُعادُ
وطارِحْني الشُّجونَ على حِذارٍ
فبي حُرَقٌ يَذوبُ لها الجَمادُ
فأما مقلتي - واللحظُ حتفٌ -
فَمُذ عرَفتْك أنكرها الرُّقادُ
يسوغُ ويلتقي حُسنٌ وذنبٌ
و ليس يسوغُ حبٌّ وانتقادُ
أليسَ من العجائبِ حالُ صبّ ٍ
لَهُ شَغَفٌ وليس لَهُ فؤادُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يُمثِّلُ لي نَهجَ الصّراطِ بوعدِه
يُمثِّلُ لي نَهجَ الصّراطِ بوعدِه
رقم القصيدة : 10986
-----------------------------------
يُمثِّلُ لي نَهجَ الصّراطِ بوعدِه
رَشاً جَنّة ُ الفِردوسِ في طيّ بُردهِ
تغصُّ بمرآهُ النجومُ وربما
تموتُ غصونُ الروضِ غماً بقدهِ(3/444)
علقتُ ببدرِ السعدِ أو نلتُ ذا الذي
تُؤمِّلُ مِنه مُهجتي بعضَ سَعدِه
حكى لحظُه في السُّقمِ جسميَ واغتدى
لنا ثالثاً في ذاك ميثاقُ عهدهِ
و أركبني طرفَ الهوى غنجُ طرفهِ
و أشرقني بالدمعِ إشراقُ خده
وأغرى فؤادي بالأسى روضُ آسِه
وأورَدني ماءَ الرَّدى غَضُّ وَردِه
يُعارِضُ قلبي بالخُفوقِ وِشاحُه
و يحكي امتدادَْ زفرتي ليلُ صده
وما المِسكُ خالٍ من هوى خالِه وإن
غدا المسكُ منه مستهاماً بنده
فما وَجدُ أعرابيّة ٍ بانَ دارُها
فحَنّتْ إلى بانِ الحِجازِ ورَندِه
إذا آنَسَتْ رَكْباً تَكفّلَ شوقُها
بنار قراه والدموعُ بورده
وإن أُوقِدَ المِصباحُ ظَنّتهُ بارِقاً
يُحَيّي فهَشّت للسّلامِ ورَدّه
بأعظمَ من وجدي بموسى وإنما
يرى أنني أذنبتُ ذنباً بوده
أنا السائِلُ المِسكينُ قَد جاء يبتغِي
جواباً ولَوْ كان الجوابُ برَدّه
مُحِبٌّ يرى في الموتِ أُمنِيّة ً عسى
تخفُّ على موسى زيارة ُ لحده
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> و ألمى بقلبي منه جمرٌ مؤججٌ
و ألمى بقلبي منه جمرٌ مؤججٌ
رقم القصيدة : 10987
-----------------------------------
و ألمى بقلبي منه جمرٌ مؤججٌ
أراه على خَدّيه يَندى ويَبرُدُ
يُسائلني: من أيّ دِينٍ مُداعِباً
و شملُ اعتقادي في هواهُ مبددُ
فؤادي حنيفيٌّ ، ولكنَّ مقلتي
مجوسية ٌ من خده النارَ تعبدُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أبا محمّدٍ أعذِرْني فحُبُّكَ قَدْ
أبا محمّدٍ أعذِرْني فحُبُّكَ قَدْ
رقم القصيدة : 10988
-----------------------------------
أبا محمّدٍ أعذِرْني فحُبُّكَ قَدْ
جَرَى بنفسيَ جَرْيَ الماءِ في العُودِ
و قد تقلدتَ منْ حليِ الفضائلِ ما
ألْقى لكَ النّاسُ فِيهِ بالمَقالِيدِ
ذَخَرْتُ دَمْعي لأبكي المَكرماتِ بِهِ
فَلَسْتُ أبذُلُهُ حُزْناً لملحودِ
إن كانَ مدحٌ فمدحي للقناعة ِ أو
رثيتُ مَيْتاً فَما أرثي سِوَى الجودِ(3/445)
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> تسَلّيتُ عن موسى بحبّ محمّدٍ
تسَلّيتُ عن موسى بحبّ محمّدٍ
رقم القصيدة : 10989
-----------------------------------
تسَلّيتُ عن موسى بحبّ محمّدٍ
هديتُ ولولا اللهُ ما كنتُ أهتدي
وما عن قِلًى قد كان ذاك وإنّما
شريعة ُ موسى عُطّلتْ بمحمّدِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لقد كنتُ أرجو أن تكونَ مواصلي
لقد كنتُ أرجو أن تكونَ مواصلي
رقم القصيدة : 10990
-----------------------------------
لقد كنتُ أرجو أن تكونَ مواصلي
فأسقَيتَني بالبُعدِ فاتِحَة َ الرَّعدِ
فباللَّهِ بَرِّدْ ما بقلبي من الجوى
بفاتحة ِ الأعرافِ من ريقِكَ الشَّهدِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> كأنَّ الخالَ في وَجَناتِ موسى
كأنَّ الخالَ في وَجَناتِ موسى
رقم القصيدة : 10991
-----------------------------------
كأنَّ الخالَ في وَجَناتِ موسى
سوادُ العتبِ في نورِ الودادِ
وخَطَّ بصدغه للحُسْن واواً
فَنَقَّطَ خَدَّهُ بعضُ المِدادِ
لواحظهُ محيرة ٌ ولكنْ
بها اهْتَدتِ الشُّجونُ إلى فؤادي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> كيفَ خَلاصُ القلبِ من شاعرٍ
كيفَ خَلاصُ القلبِ من شاعرٍ
رقم القصيدة : 10992
-----------------------------------
كيفَ خَلاصُ القلبِ من شاعرٍ
رقتْ معانيهِ عن النقدِ
يَصغُرُ نثرُ الدُّرّ من نَثرِه
ونَظمُه جَلَّ عَن العِقْدِ
و شعره الطائلُ في حسنه
طالَ على النّابِغة الجَعْدي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> جاء الرَّبيعُ ببِيضِه وبسُودِهِ:
جاء الرَّبيعُ ببِيضِه وبسُودِهِ:
رقم القصيدة : 10993
-----------------------------------
جاء الرَّبيعُ ببِيضِه وبسُودِهِ:
صنفانِ من ساداته وعبيدهِ
جيشٌ ذوابِلُه الغصونُ وفوقَها
أوراقها منشورة ً كبنودهِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لمَن خافِقاتٌ قَدْ تَعوَّدَتِ النصرا
لمَن خافِقاتٌ قَدْ تَعوَّدَتِ النصرا(3/446)
رقم القصيدة : 10994
-----------------------------------
لمَن خافِقاتٌ قَدْ تَعوَّدَتِ النصرا
هوافٍ بها الإسلامُ والملكُ قد قّرا
يريها الهدى بيضاً لمسترشدٍ بها
وإن كانَ يُبديها نجيعُ العِدى حُمرا
لئن لقَّبُوها بالعُقابِ فإنّها
قد اتّخَذَتْ قلبَ العدوّ لها وكرا
لقد فتكَ الأسطولُ في الشرَّ فتكة ً
غَدا غِبُّها حُلواً ومشهدها مُرّا
أتتكَ بفتحٍ أوردَ الملكَ عَذْبَه
وأهدَتْ به الحربُ العوانُ يداً بِكرا
حكَتْ في بديعِ الشكلِ عنقاءَ مُغْرباً
و سميتِ الغربانَ إذ نعتِ النكرا
جرى ابنُ خلاص والأنامَ إلى مدًى
فقامَ جميعاً بالذي فاتهم طرا
و كمْ ديمة ٍ جادتْ فأورتْ صدى الثرى
ولم يَرْوَ ظامٍ يقصدُ اللُّججَ الخُضْرا
فشا خوفهُ في الرومِ حتى حسامهُ
لهم صنمٌ سنوا السجودَ لهُ جهرا
وأحْسبُهُمْ قد ثَلّثُوه فإنّهم
يَرَوْنَ عَلَيْهِ النُّورَ والماءَ والجَمْرا
لقد عاقهمْ عن كلّ وجهٍ ومذهبٍ
فأمسَوْا، وهمْ سكانُ أوطانهم، أسرى
غذا حيوانَ البرّ والبحرِ سيفهُ
فَلَوْ نَطَقَتْ قامَتْ تُقرِّظُه جهرا
بمَلْحَمَة ٍ في البحرِ تُشْبعُ حوتَهُ
و في البرّ أخرى تشبعُ الذيبَ والنسرا
جَوارٍ إذا المَوْجُ الخضَمُّ ازدهى بها
تَخَيّلْتَها الكثبانَ حامِلَة ً زهرا
مساعٍ ثنتْ شاكي السماكينِ أعزلاً
جباناً بها النصرا
ومرقًى سما عِنْد السُّها ومَسالكٌ
إلى المجدِ لم تشرع فمذهبها الشعري
بصيرٌ بطرقِ البأسِ والجودِ لم تزلْ
وقائعُهُ جهراً ومعروفُهُ سرّا
لَهُ سِيَرٌ أذكرْنَنا عُمَراً إلى
مواقِفَ في الهيجاءِ أنْسَيْنَنا عَمْرا
ربيعَ النّدى نورَ الهدَايَة ِ لم يَزَلْ
فينصرُ مقتراً ويطعمُ معتراً
إذا ما احتبى في القومِ أو خطرَ اقتدى
بحكمتهِ لقمانُ أو عزّه كسرى
يقودُ عصياتِْ القلوبِ بيانهُ
فلَوْلا تُقاه كنتُ أحسبه سحرا
محيّاً ضياءُ الشمسِ فِيهِ ذُبالة ٌ
وكفٌّ يمِينُ الغادِياتِ لها يُسْرَى
ولَوْ أنَّ عند الزُّهرِ بعضَ خلالِهِ(3/447)
لما كان رأيُ العينِ يستصغرُ الزهرا
لئن جاء في أخرى الزمانِ زمانهُ
فإنَّ ذبابَ السيفِ أشرفهُ قدرا
أتى بعدهمْ أعلى وأنجدَ منهمُ
كما شفعُ الأعدادِ في الرتبة الصغرى
حكى يوسفاً في العدلِ والصدقِ واغتدت
عطاياهُ نيلاً واغتدَتْ سبتَة ٌ مصرا
وكانَتْ ثُغورُ الغربِ تبكي أسًى فقَدْ
غذا كلُّ ثغرٍ ما عدا سبتة ً ثغرا
تدومُ عطاياهُ وَيُحْمَدُ غِبُّها
و صوبُ الحيا إن دام إلمامهُ ضرّا
وما في أيادِيهِ الكريمة ِ مَطْعَنٌ
تُعابُ بِهِ إلا تَعبُّدُهُ الحُرّا
ملأتُ يدي منه ومن نجلهِ الرضى
وَمَنْ رُزِقَ اليُسرين لم يَرْهَبِ العسرا
وأنَّسَ من وحشِ المُنى جودُ كفّهِ
و ألبسَ أعطافي برودَ المنى خضرا
ألا والبس النُعمى .....
.......
أبو القاسم المعيي الكرامَ بغتية ٍ
من السبق فيها يحسدُ القرح المهرا
إذا نالَ بالأهلِ القضاعيُّ خُلَّة ً
من الفضلِ زادتهُ سجيته عشرا
خلعتَ على عطفيهِ مجدكَ فارتدى
كذا الأصل يكسو فرعه الورقَ النضرا
تَحَلّى المعالي في صِباهُ، وإنّما
يرى الحليُ من بينِ الأناملِ في الصغرى
و تمَّ ثناءً في الشبابِ ، وهكذا
تَرى الروضَ في أسحاره يبعثُ النشرا
أتاكَ وقدْ أضحى منَ الخشي قلبهُ
ولا أضلعٌ تحويه إلاّ القنا السُّمرا
بحيثُ بدتْ عوجُ القسيَّ أهلة ً
و قدْ أحدقتْ من وجههِ قمراً بدراً
لعَمْري لقَدْ حاط البلادَ مسيرُهُ
وأوسَعها حُسناً بأوْبَتهِ الغَرَّا
هو الكوكبُ الدريُّ يحرسُ أفقهُ
إذا انقضَّ أو يكسوه نوراً إذا قرّا
بِطَنْجَة لمّا سار يتبعُهُ الرِّضى
وسبتة َ لما زار تَقْدُمُه البشرى
كما اخْترق الغيثُ البلادَ محبَّباً
تهشُّ لهُ أرضٌ وتشكرهُ أخرى
ألا هكذا فليسعَ للمجدِ منْ سعى
ويجري لآمادِ المكارِمِ مَنْ أجرى
ودُونَك أبكارَ القوافي وإن بدا
عَلَيْها حياءٌ فهوَ من شيَمِ العَذْرا
مُنَضَّرة ً بِيضَ الوجوهِ تخالُها
على صفحة ِ الطرسِ الدراريَّ والدُّرَّا
بنو العبدِ رقٌّ مثلُهُ، وخواطري(3/448)
عبيدُك، لكن تُنتج الكَلِمَ الحُرَّا
أمنتُ بكَ الأيامَ بلْ خفتها فقدْ
أفدتُ غنًى أخشى على مثله الدهرا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هاتها كالمنارِ لاحَ النهارُ
هاتها كالمنارِ لاحَ النهارُ
رقم القصيدة : 10995
-----------------------------------
هاتها كالمنارِ لاحَ النهارُ
و بكتْ مصرعَ الدجى الأطيارُ
وكأنَّ الرياض تُجْلَى عروساً
و عليها من النباتِ نثارُ
و الطلا والحبابُ والروضة ُ الغـ
ـنَّاءُ خدٌّ ومَبْسمٌ وعِذارُ
أكؤساً ما أرى بأيدي سقاة ٍ
أمْ نُجوماً تَسْعَى بها أقمارُ
و كأنَّ الإبريق جيدُ غزالٍ
دمُ ذاكَ الغزالِ فِيهِ العُقارُ
قهوة ٌ إنْ جرى النسيمُ عَلَيْها
كادَ يَعْلوهُ من سَناها احمرارُ
نال منها الضنى ولا ية َ سكرٍ
فلهذا يعزى إليها العثارُ
حثها من كؤوسهِ رانياتٍ
عنْ فتورٍ في لحظهِ خمارُ
فتنة ٌ في العيونِ تدعى بغنجٍ
حَيرة ٌ للنُّهى وقِيل احورار
كيمينِ ابن خالدٍ حين تُدْعَى
راحة ً وهي ديمة ٌ مدرارُ
لستُ أدري يُسْرينِ للعُسر إلا
راحتيه إذا اعترى الإقتارُ
بدرُ المالِ كالبدورِ ولكن
نالها من ندى يديه السرارُ
جودهُ لجة ٌ لآلئها المدْ
حُ وروضٌ طيوره الأشعارُ
و لذا ك الثناء فيهِ انتظامٌ
و لذا ك العطاء فيه انتثارُ
يسكبُ الجودَ عند نَغْمة ِ عافٍ
كالرحيقِ على الغناء يدارُ
رجِّه فالمُنى طوالٌ لراجِيـ
ـهِ وأيدي الخطوبِ عَنْهُ قِصارُ
تستمدُّ السحابُ بالبحرِ لكنْ
بعطاياهُ تستمدُّ البحارُ
ماجدٌ حازَ في المعالي احتفالاً
هوَ في طُرقِهِ إليها اختصارُ
عُودُهُ في الأصحابِ عُودُ نُضارٍ
و سجاياهُ إن سمحن قطارُْ
شِيَمٌ قد تُخُيِّرَتْ فلها مِنْ
كلّ ما ينتمي إليها الخيارُ
هيَ في المسكِ نَفْحة ٌ ومن العُمـ
ـرِ شبابٌ وفي الحسامِ غِرارُ
جاءنا آخرَ الزمانِ كما تعـ
ـبَقُ عِندَ الأصائل الأزهارُ
و ذبابُ الهنديّ أشرفه ليـ
س عليهِ منَ التأخرِ عارُ
حَسُنَتْ ذاتُهُ ولم تخشَ ذاماً(3/449)
فهيَ كالنورِ لم يخالطهُ نارُ
أحمدتْ خلقه بدياً وعوداً
فهي كالخمرِ لمْ يشنها الخمارُ
هو ظلٌّ فإنْ دجا وجهُ خطبٍ
عاد شمساً بضوئها يُستنارُ
بطشهُ في سنا البوارقِ خطفٌْ
و تأنيه في الجبالِ وقارُ
هيبة ٌ لَوْ لَمْ يَغْتدِ بسواها
لَعَنَتْ دُونَها القَنا الخطّارُ
و قبولٌ لوْ لمْ يفز ما سواهُ
لتشفت بهِ الأماني الحرارُ
طبقَ الأرضَ ذكرهُ فلهُ في
كُلِّ أُفْقٍ مَعَ الهواءِ انْتشارُ
و معَ الشمسِ أينَ لاحتْ شروقٌ
و معَ الريحِ حيثُ طارتْ مطارُ
لقبُ المجدِ فيهِ حقٌّ ولكن
هو لفظٌ لغيرهِ مستعارُ
زارنا وهوَ سؤلنا وكذا الغيـ
ـثُ يَزُورُ الثرى وليس يُزارُ
فلو آنَّ البروجَ قامَتْ إلى البد
رِ اشتياقاً قامتْ إليهِ الديارُ
نَزَلَتْ نَحْوَهُ النِّجادُ خُضوعاً
وتَعالَتْ شَوْقاً لَهُ الأغْوَارُ
حيثما حلَّ فالزمانُ ربيعٌ
و قتادُ الثرى بهِ نوارُ
وهجيرُ الأيّامِ مِنْهُ مَقيلٌ
واللَّيالي بِطِيبها أسْحَارُ
و الحصى تحتَ وطِْ نعليهِْ درٌّ
وتُرابُ البطحاءِ مِسكٌ مُثارُ
وَثنائي حَدائِقٌ وعُلاهُ
هضباتٌ وجودهُ أنهارُ
يا أبا عمرٍو أنّما أنْتَ خَلْقٌ
عجبٌ جئتَ مثلما تختارُ
لو ينادى أينَ الجوادُ بحقٍ
قالَ كُلٌّ: إلى الوَزِيرِ يُشارُ
لو حوتْ من جلالكَ الشهبُ حظاً
مَا بَدَتْ في العيونِ وهيَ صغارُ
جدْ على يوسفٍ ، فمصرُ شريشٌ
وعَطاياك نِيلُها المُستمار
نافستها العراقُ والأرضُ كالنا
سِ فبعضٌ منها ببعضٍ يغارُ
بكَ عزتْ لما حوتكَ ولولا السـ
تراحُ لمْ تمتدحْ دنانٌ وقارُ
أيهذا السحابُ دونكَ مني
زاهراً مِنْ كمامِهِ الأفْكَارُ
بكَ تسمو حُلَى القريضِ وللغُنْـ
ـجِ بعينِ الظّبيِ الغريرِ افْتِخارُ
قَصّرتْ لَوْ أنَّ النّجومَ عقودٌ
في حلاها أو الهلال سوارُ
لا تلمْ في الحياءِ هذي القوافي
ليسَ بدعاً أن تخجلَ الأبكارُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ذُدْ عن مواردِ أدْمُعي طيرَ الكرى
ذُدْ عن مواردِ أدْمُعي طيرَ الكرى(3/450)
رقم القصيدة : 10996
-----------------------------------
ذُدْ عن مواردِ أدْمُعي طيرَ الكرى
وأعِدْ بنارِ الوجدِ ليلِيَ نيّرا
وأصِخْ وطارِحني الشجونَ وغنّني
بهمُ ونازعني أفاويق السُّرَى
ريحانها ذكرى حبيبٍ لم يزلْ
راحي بِهِ دمعاً وكاسي محجرا
سلب الثريا في البعاد محلها
و أعارَ جفني نوءها المستفزرا
لا تَعْجَبوا إن غابَ عَنِّي شَخصُهُ
وخَيَالُهُ في أضْلُعي مُتَقَرِّرا
هذا أبو عثمانَ خيم قدرهُ
في النيراتِ وشخصهُ بين الورى
الكوثريُّ إذا همى ، والكوكبيُّ
إذا سما ، والمنصليُّ إذا فرى
ملكٌ تسنّمَ من قُريشٍ ذروة ً
من أجْلِها تُدْعى الأعالي بالذُّرى
حسبٌ يجرُّ على المجرة ِ ذيله
و مناقبٌ تذرُ الثريا كالثرى
يسعى السُّهى أنْ يغتدي كصغيرها
و يعذرُ الدبران عنها مدبرا
عالي مَنارِ العِلْمِ لَوْ أنَّ الهُدى
شخصٌ لَكَانَ لشَخْصِهِ متصوّرا
ومُبارَكُ الآثارِ لَوْ وطىء َ الصَّفا
لجرى بمنهلِّ النّدى وتَفَجّرا
أو مَسَّ عُوداً ذابِلاً ببنانِهِ
مساً لأورق في يديهِ ونورا
خُصّتْ بِهِ منورقَة ٌ وسَناؤهُ
قدْ نورَ الآفاقَ حتى أقمرا
كالشمسِ مطلَعُها السماءُ وضوءُها
قَدْ عمَّ أقطارَ البسيطَة ِ أنؤُرا
كذبَ المشبِّهُ بالنجومِ ضياءَه
و سناءه وذكاءه المتسعرا
لو كان عند النجمِ بعضُ خصالهِ
ما كان في رأي العيونِ ليصغرا
ملكُ السّجايا لو يحلُّ بمنزلٍ
بينَ النجوم الزهرِ كانَ مؤمرا
العالِمُ البطلُ الذي ما أنْفَكَّ في
حالٍ يخطُّ دجى ويرفعُ عثيرا
لَمْ أدرِ قبلَ هباتِهِ وكَلامِهِ
أنَّ الفراتَ العذبَ يُعطي الجوهرا
ندبٌ إذا أعطى الكرامُ ليحمدوا
أعطى كرائمَ مالِهِ كي يُعْذَرا
لما تكررَ كلَّ حينٍ حمدهُ
نسيَ الورى ثقلَ الحديثِ مكررا
أضْحى بَنو حكم وقد علم الضُّحى
مذ أسفروا أنْ ليس يُدْعى مُسْفِرا
قومٌ إذا ركبوا الخيولَ حسبتها
عقبانَ جوٍّ حْمّلَت أُسْدَ الشَّرى
أو شمتَ مُسْبَغَة َ الدروعِ عليهمُ
أبصرْتَ أنهاراً تضمُّ الأبحرا(3/451)
لو مَثَّلَتْ لهمُ المَنايا في الوغَى
أقرانَهُمْ لم تلقَ مِنهم مُدبرا
جمعتْ مآثرُ منْ سواهمْ فيهمُ
جمعاً كمثل العامِ ضمَّ الأشهرا
نفرٌ لو أنكَ لم تكنْ من عزهمْ
في عسكرٍ جهَّزْتَ عزمَكَ عَسكرا
قَدْ كانَ قبلَ الأمرِ أمرُكَ صادعاً
والفعلُ يعملُ ظاهِراً ومقدَّرا
آياتُ عيسى في يديك وإنما
ماتَ الهدى وبحسنِ رأيك أنشرا
حاربتَ حزبَ الشركِ عنهُ بالحجى
والرفقُ مثلُ البطشِ يقصمُ أظهُرا
و طعنتهمْ بالمكرماتِ وباللها
في حيثُ لو طَعَنَ القنا لتكسَّرا
قد تجهلُ السمرُ الطوالُ مقاتلاً
تلقى بها الصُّفْرَ القصيرَة َ أبْصَرا
و تصححُ الآراءُ والراياتُ قدْ
نكصتْ على الأعقابِ واهية ِ العرى
إن خابَ غيركَ وهوَ أكثر ناصراً
وبقيتَ للإسلامِ وحدكَ مظهرا
فالبحرُ لا يروي بكثرة ِ مائهِ
ظمأً ورُبَّ غمامة ٍ تروي الثرى
الغيثُ أنْتَ بل أنْتَ أعذبُ شيمة ً
و أعمُّ إحساناً وأعظمُ عنصرا
و المزنُ يهمي باكياً متهجماً
أبداً وتهمي ضاحكاً مسبشرا
و الشمسُ مرمدة ٌ ونوركَ لو جرى
في مقلتَيْ أعمى لأصبَحَ مُبصرا
حَسّنْتَ قُبْحَ الدهرِ حتى خلتُهُ
ذَنْباً وخلتُكَ عُذْرَه المستغفرا
و وهبتَ لا مسترجعاً ، وحكمتَ لا
مُتَنَطِّعاً، وعَلَوْتَ لا مُتَجبِّرا
فالملكُ منك خصيبُ أشجارِ المنى
يقظانُ عينِ السَّعْدِ مشدودُ العُرى
هو مفرقٌ في السلمِ يلبسُ منكمُ
تاجاً وفي حربِ الحوادثِ مغفرا
يا بحرُ جاورتَ البحارَ لعلة ٍ
حازَتْ لها الفخرَ المياهُ على الثَّرى
وأراكَ لم ترضَ البسيطَة َ ساحِلاً
فجعلتَ ساحِلَك الخِضمَّ الأخضرَا
بحرٌ أجاجٌ حالكٌ أدى إلى
بحرٍ حلا وِرْداً وأشرقَ مَنظرا
تُهدي رياحُ الحمدِ عَنْكَ المسكَ إن
أهدتْ رياحُ الأفقِ عنهُ العنبرا
خُذها تُنيفُ على الجمانِ مفصَّلاً
و الزهرِ غضاً ، والرداء محبرا
روضاً تغنَّتْ من ثنائك وَسْطَهُ
وُرْقٌ جَعَلْنَ غُصونَهُنَّ الأسطرا
لما طغى فرعونُ دهري عاتياً
شقّتْ عَصا شعري بَنانَكَ أبْحُرا(3/452)
ما إن أُبالي حيثُ كنتمْ وجهتي
أنّي أُفارقُ موطناً أو مَعْشَرا
إذ عصركم كلُّ الزمانِ وأفقكمْ
كلُّ البلادِ وشخصكمْ كلُّ الورى
ينسي الوفودَ سماحكم أوطانهمْ
وكذاك طِيبُ الوِردِ يُنْسي المصدرا
لم أرعِ تأميلي حمى لكمُ ولا
يَمّمْتُ مَغناكُم محلاًّ مُقْفِرا
إنْ كان عُمْرُ المرءِ حُسْنَ ثنائِهِ
فاعلمْ بأنكَ لنْ تزالَ معمرا
أذكى عليَّ الدهرُ خطوبهِ
فبثَثْتُ فِيها من مديحِكَ عَنْبرا
رفعتْ عواملهْ وأحسبُ رتبتي
بنيتْ على خفضٍ فلن تتغيرا
دمْ للأنامِ فلوْ على قدرِ العلا
بقيتْ حياتهم خلدتَ معمرا
واسلَمْ تنيرُ دجًى ، وتُخصبُ مجدباً
و تبيدُ جباراً ، وتغني مقترا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أهدى التلاقي صُبْحَ وجهك مُسْفِرا
أهدى التلاقي صُبْحَ وجهك مُسْفِرا
رقم القصيدة : 10997
-----------------------------------
أهدى التلاقي صُبْحَ وجهك مُسْفِرا
فحمدتُ عند الصبحِ عاقبة َ السرى
اللَّهُ أكبرُ قد رأيتُ بكَ الذي
يلقاهُ كلُّ مكبرٍ إن كبرا
أمنية ٌ كم أبطأتْ لكنْ حلتْ
كالنخلِ طابَ قطافُهُ وتأخّرا
ما ضرّني مَعْ رؤية ِ الحسنِ الرضى
أني أفارقُ موطناً أو مَعْشَرا
إذ أفقهُ كلُّ البلادِ وعصرهُ
كلُّ الزمانِ وشخصُهُ كلُّ الورى
دارُ المكارمِ والمناسكِ دارهُ
فتوخَّ فيها مشرعاً أو معشرا
دارٌ ترى درَّ الثناء منظماً
فيها ودرَّ المكرماتِ منثرا
إحسانُهُ مُتَيَقِّظٌ لِعُفَاتِهِ
ومن العلا الكرم الأكدرا كذا
تأميلُهُ نورٌ لقاصِدِ بابهِ
فتظنُّ مَنْ يسري إليه مُهَجِّرا
يلقَى ذوي الحاجاتِ مسروراً بهم
فَكأنَّ سائِلَهُ أتاهُ مبشِّرا
يَرْضَى الكفافَ تُقًى مِنَ الدنيا ولا
يرضى الكفافَ إذ تلمَّسَ مَفْخَرا
لم أدرِ قَبلَ سماحِهِ وبيانِهِ
أنَّ الفراتَ العذبَ يُعطي الجوهرا
يا أهلَ سبتة ٍ اشكروا آثارهُ
إنَّ المواهبَ قَيْدُها أن تُشكرا
هوَ بينكمْ سرُّ الهدى لكنهُ
لجلالهِ السرُّ الذي لنْ يسترا
هو فوقكمْ للأمنِ ظلٌّ سابغٌ(3/453)
لو أنَّ ظلاًّ قدْ أضاءَ ونورا
ما كلُّ ذي مجدٍ رأيتمْ قبلهُ
إلا العجالة َ سبقتْ قبلَ القرى
أغناكمُ وأزال رجساً عنكُمُ
كاغيثِ أخصبَ حيثُ حلَّ وطهرا
فالأُسْدُ من صولاتِهِ مذعورة ٌ
والطيرُ من تأمينهِ لَن تُذْعَرا
فهوَ الذي سفك الهباتِ مؤملاً
وهوَ الذي حَقَنَ الدماءَ مدبِّرا
فكسانيَ الآمال غيثاً أخضراً
و كفى بني الأوجالِ موتاً أحمرا
استخلصَ ابنُ خلاصٍ الهمَمَ التي
بلغَ السماءَ بها ويبغي مظهرا
ملءُ المَسامِعِ منطقاً، ملءُ الجوا
نحِ هيبة ً ، ملءُ النواظرِ منظرا
لو أنَّ عِند النجمِ بَعضَ خلالِهِ
ما كان في رأي العيون ليصغرا
لما تكررَ كلَّ حينٍ حمدهُ
نسيَ الورى ثقلَ الحديثِ مكررا
سهلتْ لهُ طرقُ العلا فتخالهُ
مهما ارتقى في صعبها متحدرا
فردٌ تصدقُ من عجائبِ مجدهِ
ما في المسالكِ والممالكِ سطرا
ما إن يزالُ لما أنال من اللُّها
مُتَناسِياً ولِوَعْدِهِ مُتَذكِّرا
يا كعبة ً للمجدِ طافَ محلقاً
مجدُ السماك بها فعادَ مقصرا
أطْوَادُ عزٍّ فَوْقَ أنْجَد نائلٍ
و كأنما بركانها نارُ القرى
يا رحمة ً بالغربِ شاملة ً بدتْ
فِيهِ أعمَّ من النهارِ وأشْهَرا
حمصُ التي تدعوك : جهزْ دعوة
لغياثها إنْ لَمْ تجهّزْ عَسكَرا
قد شمتُ بهجتَها مولّية ً على
حرفٍ كما زار النسيبُ معذرا
حُفّتْ مَصانِعُها الأنيقة ُ بالعدا
فترى بساحة ِ كلِّ قصرٍ قيصرا
ما تعدمُ النظراتُ حسناً مقبلاً
منها ولا الحسراتُ حظاً مدبرا
نفسي قد اختارتْ جواركَ عودة ً
فلترحمِ المتحيرَ المتخيرا
إنْ ضلَّ غيرك وهوَ أكثرُ ناصراً
ونهضتَ للإسلامِ وحدكَ مُظْهرا
فالبحرُ لا يروي بكثرة ِ مائهِ
ظمأً ورُبَّ غمامة ٍ تُحيي الثرى
كم غبتُ عنك وحُسنُ صُنعك لم يزل
عندي عبيراً حيثُ كنتَ وعنبرا
و النبتُ عن لقيا الغمامِ بمعزلٍ
ويبيتُ يشربُ صَوْبَه المستغزرا
تنأى وتدنو والتفاتك واحدٌ
كالفعلِ يعملُ ظاهراً ومقدرا
لم أدرِ قبل فراقكُمْ أنَّ العُلا(3/454)
أيضاً تسومُ محبَّها أنْ يَسْهَرا
كَفّاكَ تُقْتُ إليهما وأراهُما
لعلاجِ سُقمي زمزماً والكوثرا
فامْدُدْ أُقبّلْ ثمَّ أحلفُ أنّني
قبلتُ في الأرضِ السحابَ الممطرا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> وِرْداً فَمَضمونٌ نجاحُ المصدرِ
وِرْداً فَمَضمونٌ نجاحُ المصدرِ
رقم القصيدة : 10998
-----------------------------------
وِرْداً فَمَضمونٌ نجاحُ المصدرِ
هيَ عزة ُ الدنيا وفوزُ المحشرِ
نادى الجِهادُ بِكُمْ لنصرٍ مُضْمَرٍ
يبدو لَكُمْ بَينَ العتِاقِ الضُمَّرِ
خلُّوا الديارَ لدارِ خُلدٍ واركبوا
غمرَ العجاجَ إلى النعيمِ الأخضرِ
وتسوَّغوا كَدِرَ المناهِل في السُّرى
ترووا بماءِ الحوضِ غيرَ مكدَّرِ
و تجشموا البحرَ الأجاجَ فإنهُ
سببٌ بهِ تردونَ نهرَ الكوثرِ
و تحملوا حرَّ الهجيرِ فإنهُ
ظلٌّ لَكُمْ يومَ المُقامِ الأكبرِ
يا مَعشرَ العربِ الذين تَوارثُوا
شيمَ الحمية ِ أكبراً عن أكبرِ
إنَّ الإلهَ قد اشترى أرواحكم
بيعوا ، ويهنكمُ ثوابُ المشتري
أنتم أحَقُّ بنصرِ دينِ نبيّكم
وبِكم تمهّدَ في قديمِ الأعصُرِ
أنتمْ بنيتمْ ركنهُ فلتدعموا
ذاكَ البناءَ بكُلِّ ألعسَ أسْمرِ
لكمُ صرائمُ لو ركبتمُ بعضها
أعتنكمُ عنْ كلَّ طرفٍ مضمرِ
ولو کنّكُمْ جَهّزْتُمُ عزماتِكُمْ
لهزمتُمُ مِنْها العدوَّ بعسكرِ
ولو کنّكُمْ سدَّدْتُمُ همّاتكم
طَعَنَتْهُمُ قبلَ القَنا المتأطِّرِ
أضحى الهدى يشكو الظّما ولأنتُمُ
ظلٌّ وريٌّ كالرَّبيعِ المُمْطِرِ
و علا الجزيرة َ غيهبٌ وعمودكم
مطويّة ٌ فَوْقَ الصَّباحِ المُسْفِرِ
الدينُ ناداكُمْ وفَوْقَ سروجِكمْ
غوثُ الصريخِ وبغية ُ المستنرِ
لَمْ يَبْقَ للإسلامِ غَيرُ بقيّة ٍ
قَدْ وُطّنَتْ للحادثِ المُتَنكِّرِ
و الكفرُ ممتدُّ المطالعِ ، والهدى
مُتَمسّكٌ بذنابِ عيشٍ أغبرِ
البيضُ تقلقُ في الغمودِ مضاضة ً
للحقّ أن يلقي يدَ المستصغرِ
والخيلُ تَضجَرُ في المَرابطِ حسرة ً
ألاَّ تَجُوس خلالَ رَهطِ الأصْفرِ(3/455)
كم نكروا من معلمٍ ، كم دمروا
من مَعشرٍ، كم غيّروا من مَشعرِ
كم أبطَلُوا سُننَ النبيّ، وعطّلوا
من حِلْية ِ التّوحِيدِ ذروة َ مِنبرِ
أينَ الحفائظُ ما لها لم تنبعثْ ؟
أينَ الغرائمُ ما لها تنبري ؟
أيهزُّ منكمْ فارسً في كفهِ
سيفاً ودينُ محمدٍ لمْ ينصرِ ؟ !
أمْ كيفَ تفتخرُ الجيادُ بأعوجٍ
فيكُمْ وتنتسبُ الرماحُ لِسَمْهَرِ؟
هزوا معاطفكمْ لسعيٍ تكتسي
فيه ثيابَ مثوبة ٍ أو مفخرِ
جدوا ونموا بالجهادِ أجوركم
ما خَابَ قَصْدُ مُشمِّرٍ ومُثمِّرِ
عند الخطوبِ النكرِ يبدو فضلكم
والنارُ تُخبرُ عن ذكاء العَنبرِ
لو صُوّر الإسلامُ شخصاً جاءكم
عَمْداً بنفسِ الوامِقِ المُتحيِّرِ
لو أنّه نادى لنَصرٍ خصَّكُمْ
و دعاكمُ يا أسرتي يا معشري
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> منْ منصفي من سقيمِ الطرفِ ذي حورِ
منْ منصفي من سقيمِ الطرفِ ذي حورِ
رقم القصيدة : 10999
-----------------------------------
منْ منصفي من سقيمِ الطرفِ ذي حورِ
ركبتُ بحرَ الهوى فيه على خطرِ
ظبيٌ له صورة ٌ في الحسنِ قَد قُسِمَتْ
بَينَ الكثيبِ وبَينَ الغُصْنِ والقمرِ
آلَتْ لَواحِظُهُ ألاّ يَعِيشَ لها
قلبٌ، ولَوْ أنّهُ في قَسْوَة ِ الحجَرِ
تجمعتْ فيه أشتاتُ الجمالِ كما
للمجدِ فيهِ نظيماً كلُّ منتثرِ
يضرّجُ السيفَ في يَوْمِ الهياجِ كمَا
يدرِّجُ اللّحْظَ في خَدٍّ من الخفرِ
كراتُ عينيهِ في الأعداءِ يوم وغى
تَنوبُ عَنْهُ بفعلِ البِيض والسُّمُرِ
سيوفهُ والقنا في الحربِ فاتكة ٌ
كَفَتْكِ مقلتِهِ في القلبِ بالنظرِ
و ما انتشا كأبي العباسِ في زمنٍ
و لا يرى مثلهُ في غابرِ العمرِ
البأسُ والجودُ في كفّيْهِ قد جُمِعا
مثلُ الحديقة ِ بالحياتِ والزهرِ
هو الغمامُ يُرى رَحْماً وصاعِقَة ً
فارجُ نَداهُ وكُنْ مِنه عَلى حَذرِ
أما درى السيفُ أنْ نِيطتْ حمائِلُهُ
مِنْه على ما ازْدَرى بالصارمِ الذكرِ
تراهُ في موقفٍ للموتِ طالَ بِهِ(3/456)
ذيلُ المنية ِ والأعْمارُ في قِصَرِ
بَينَ الدِّما وصَلِيلِ الهِنْدِ تحسِبهُ
أقامَ يرتاحُ بَينَ الكَاسِ والوتَرِ
كأنَّ سمرَ القنا في كفهِ قضبٌ
تلوحُ منْ فوقها الهاماتُ كالثمرِ
فبأسهُ روعَ العصيانَ منه كما
أخلاقهُ خلقتْ من ناضرِ الزهرِ
تاللهِ لو عابهُ الحسادُ ما وجدوا
عَيْباً سِوَى أنّه في خِلْقَة ِ البشرِ
يا منْ لهُ حسبٌ في المكرمات سما
مقدَّماً فَوْقَ هام الأنجُمِ الزُّهُرِ
بقاءُ غرَّ المعالي أن تدومَ لها
قدمْ ولا زلتَ معصوماً من الغيرِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يشقى بريبِ زمانها الأحرارُ
يشقى بريبِ زمانها الأحرارُ
رقم القصيدة : 11000
-----------------------------------
يشقى بريبِ زمانها الأحرارُ
هل للزّمانِ لَدَى المكارم ثارُ
سُوقُ الرَّدى ما زالَ يكسِدُ عندها
حسبٌ وتنفقُ فضة ٌ ونضارُ
دنياكَ دارٌ لمْ تزلْ تبنى بها
نوبُ الخطوبِ وتهدمُ الأعمارُ
تَبْغي القصاصَ بمن فقدتَ من الردى
جُرْحُ الرَّدى عِنْدَ النفوسِ جبَارُ
نَضَتِ المنيّة ُ عَنْهُ ثَوْبَ حَياتِهِ
هَا إنّما ثَوْبُ الحياة ِ مُعَارُ
لهفي لَقَدْ قامَتْ قيامة ُ مُهْجَتي
إذ كورتْ منْ شمسها أنوارُ
و غدا نهاري من توحشِ فقدهِ
ليلاً ، وليلي بالسهادِ نهارُ
أمسيتُ في الدنيا فريداً بعدهُ
فكأنما عمرانها إقفارُ
و محتْ جميلَ الصبرِ مني عبرة ٌ
خُطَّتْ بِهَا في صَفْحَتي آثَارُ
يا لَيْتَني في عيشتي شاطَرْتُهُ
لَوْ كانَ لي عِنْدَ القضاءِ خِيارُ
يا لَيْتَني قاسَمْتُهُ ألَمَ الرَّدى
لوْ كان يرضى قسمتي المقدارُ
أوْ ليتَني ساكنتُهُ في لحدِهِ
فَيَضُمّنا تَحْتَ الترابِ جِوَارُ
حسبُ المنايا أنْ تفوتَ بمثلهِ
قُطباً عَلَيْهِ للعلاءِ مَدارُ
يهني الثّرى أنْ صَارَ فِيهِ لحدُهُ
فَبِلَحْدِهِ شَرَفٌ لَهُ وفَخارُ
حازَ الثّراءَ بدرّة ٍ مِنْ جِسمِهِ
إذ أغرقتْ بالنوء منهُ بحارهُ
قدْ كانَ رأسُ الملكِ منهُ متوجاً
و بمعصمِ العلياءِ منهُ سوارُ(3/457)
إنَّ الرياسة َ بعدهُ لكئيبة ٌ
ما إن يَقرُّ بها الغَداة َ قَرارُ
ولّى وسارَ المَجْدُ تَحْتَ مسيرِه
وَلِسَيْفِهِ وَلجَفْنِهِ اسْتعبارُ
هَلْ نافِعٌ قَوْلي أبا العبّاسِ لا
تبعدْ وبعدكَ ليسَ فيهِ مزارُ
عوجلتَ ..............
...............
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> سلْ في الظلامِ أخاكَ البدرَ عن سهري
سلْ في الظلامِ أخاكَ البدرَ عن سهري
رقم القصيدة : 11001
-----------------------------------
سلْ في الظلامِ أخاكَ البدرَ عن سهري
تدري النجومُ كما يدري الورى خبري
أبِيتُ أهتِفُ بالشكوى وأشرَبُ من
دمعي وأنشقُ ريا ذكركَ العطرِ
حتى يخيلَ أني شاربٌ ثملٌ
بين الرياضِ وبين الكأسِ والوتر
من لي به اختلفتْ فيه الملاحة ُ إذ
أومَتْ إلى غيرِهِ إيماءَ مُختَصِر
مُعطَّلٌ فالحُلى مِنه مُحَلأَّة ٌ
تَغنَى الدَّراري عن التقليدِ بالدُّرَر
بخده لفؤادي نسبة ٌ عجبٌ
كِلاهُما، أبداً، يَدمى من النظر
و خالهُ نقطة ٌ من غنجِ مقلتهِ
أتى بها الحُسنُ من آياتِه الكُبَر
جاءت مِن العَين نحوَ الخدّ زائِرة ً
و راقها الوردُ فاستغنتْ عن الصدر
بعضُ المحاسِنِ يهوى بعضَها طرَباً
تأمّلوا كيف هام الغُنجُ بالحَوَر
جرى القضاءُ بأن أشقى عَليكَ وقد
أوتيتَ سؤلك يا موسى على قدر
إن تُقصِني فنِفارٌ جاء من رَشَإ
أو تُضنِني فمُحاقٌ جاء من قمر
قد مِتُّ شوقاً ولكن أدَّعي شَططاً
أني سقيمٌ ومَن للعُميِ بالعَوَر
سأقتضي منكَ حقِّي في القيامة إن
كانت نجومُ السّما تُجزَى عن أ
نا الفقيرُ إلى نَيلٍ تجود بِهِ
لو يطرد الفقرُ بالأسجاعِ والفقرَ
برَّزتُ في النظم لكني أُقصِّرُ عن
شِعرٍ أُعاتِبُ فِيه الليلَ بالقِصَر
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ضللتُ بالبدرِ على نوره
ضللتُ بالبدرِ على نوره
رقم القصيدة : 11002
-----------------------------------
ضللتُ بالبدرِ على نوره
والنّاسُ يَستهدُونَ بالبَدرِ
أبطلَ موسى فيما مضى(3/458)
و جاء موسى اليومَ بالسحر
مستحسنُ الأوصافِ ممنوعها
فَلا تَرُمْهُ بسوى الفِكر
كالماء في السُّحبِ وكالدُّرّ في ال
أصدافِ والشادنِ في القفر
لوْ أنه عنّ لحورية ٍ
ألقَتْهُ بَين السَّحْرِ والنَّحر
ولَوْ دَعا مَيْتاً بألفاظِه
إذنْ للباهُ من القبر
دُرٌّ ثَناياهُ وألفَاظُه
فلَقّبُوهُ الكوكبَ الدُّرّي
ما عوذوه العينَ بل عوذوا
من عَينه الناسَ هَوًى يَسري
كأنّما الخالُ على خَدّه
سَوادُ قَلبي في لَظى الجَمْر
أجرى دمي في خده صبغة ً
فاسْوَدَّ مِنه موضِعُ الوِزْر
يا طرفهُ المعتلَّ خذ مهجتي
لعلها تنفعُ أو تبري
و لا تردَّ اللحظَ عن مقلتي
و اسفكْ دمي حلواً وخذ أجري
يا يوسفَ الحسنِ ويا سامر
يَّ الهَجر أشفِقْ للهوى العُذري
أخشى عليك الفيضَ من أدمعي
وأنتَ في عَيني كما تَدري
أنت على التحقيق موسى فقد
أمنتَ أن تغرقَ في البحر
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> و لما عزمنا ولم يبقَ من
و لما عزمنا ولم يبقَ من
رقم القصيدة : 11003
-----------------------------------
و لما عزمنا ولم يبقَ من
مصانعة ِ الشوقِ غيرُ اليسيرِ
بكيتُ على النهرِ أخفي الدموعَ
فعرضها لونها للظهورِ
ولو عِلمَ الرَّكْبُ خَطْبي إذَنْ
لما صحبونيَ عندَ المسير
إذا ما سَرى نَفَسي في الشّراعِ
أعادَهُمُ نحو حِمصٍ زفِيري
وقفنا سُحَيراً وغالبتُ شوقي
فنادى الأسى حسنه : من مجبيري
أنارٌ وقد وقدتْ زفرتي
فصار الغدوُّ كوقتِ الهجير
و منَّ الفراقُ بتوديعه
فشبهتُ ناعي النوى بالبشير
وقبّلتُ وجنتَه بالدّموع
كما التقطتْ وردة ٌ من غدير
ورَدتُ وصَدَّقتُ عند الصُّدور
حَديثَ قلوبٍ نأتْ عَن صُدور
وقبّلتُ في التُّربِ مِنه خُطًى
أُمَيّزُها بشَميمِ العَبير
أموسى تملَّ لذيذَ الكرى
فليليَ بعدكَ ليلُ الضرير
تغرَّبَ نوميَ عَنْ ناظِري
و بات حديثُ المنى في ضميري
و ما زادك البينُ بعداً سوى
سنا الشمسِ من منجدٍ أو مغير
طرَدتُ الرَّجا فِيكَ عن حِيلتي(3/459)
وَوكّلتُه بانقلابِ الأمور
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> نظرٌ جرى قلبي على آثارهِ
نظرٌ جرى قلبي على آثارهِ
رقم القصيدة : 11004
-----------------------------------
نظرٌ جرى قلبي على آثارهِ
خلعَ العذارَ فلا لعاً لعثارهِ
يا وَجدُ شأنَكَ والفؤادَ وخَلّني
ما المرءُ مأخوذاً بزَلّة ِ جارهِ
دَنِفٌ يَغيبُ عَن الطبيبِ مكانُه
لَوْلا ذُبالٌ شَبَّ مِن أفكارهِ
للدمعِ خطٌّ فوقَ صفرة ِ خدهِ
فَتراه مثلَ النقشِ في دِيناره
هيهاتَ عاقَ عن السلوّ فؤاده
سببٌ يعوقُ الطيرَ عن أوكاره
قالوا : سيسليكَ العذارُ سفاهة ً
و حصادُ عمري في نباتِ عذذاره
إن لم أمُتْ قبلَ العِذارِ فعندما
يَبدو يُسَلِّمُ عاشِقٌ بفِراره
مثلُ الغريقِ نجا ووافى ساحلاً
فإذا الأسودُ روابضٌ بجواره
إنَّ العِذارَ صحيفة ٌ تتلو لَنا
ما كان صانَ الحسنُ من أسراره
من لي به يرضى ويغضبُ مثلما
أنِسَ الرَّشا ثم انثنى لنِفاره
نشوان يَعثُر في الحديثِ لسانُه
عثراتِ ساقٍ في كؤوسِ عقاره
والخالُ يعبَقُ في صحيفة ِ خَدّه
مِسكاً خلَعتُ النُّسكَ عن عطّاره
موسى تنبأ بالجمالِ وإنما
هاروتُ لا هارونُ من أنصاره
روضٌ حُرِمتُ ثِمارَه وقصائدي
من وُرْقِه والآسُ نبتُ عِذاره
يا مشرفياً غرني بفرنده
و نسيتُ ما في حدهِ وغراره
أنِسَتْ بنارِ الشوق فيك جَوانحي
و الزندُ لا يشكو بحرً شراره
أتلفتَ قلبي فاسترحتُ من المنى
كم من رضى في طيّ كرهِ الكارهِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> من لي بأن يدنو بعيدُ مزارهِ
من لي بأن يدنو بعيدُ مزارهِ
رقم القصيدة : 11005
-----------------------------------
من لي بأن يدنو بعيدُ مزارهِ
ظبيٌ طلوعُ الفجرِ من أزرارهِ
كالغُصنِ في حركاته وقَوامه
كالظبيِ في لحظاتهِ ونفاره
في الروض منه محاسنٌ ومشابهٌ
في آسه وبهاره وعراره
فعراره من لحظه وبهاره
من خَدِّه والآسُ نَبتُ عِذاره
وعَلِقتُه وَسْنانَ يَلعَبُ بالنُّهى
كتلاعبِ الساقي بكأسِ عقاره(3/460)
يا حسنه لو كان يرحمُ صبه
و جماله لو كان من زواره
ألِفَ التّجَنّي والبِعادَ شريعة ً
فالنجمُ أقربُ من دنو مزاره
أومى إليَّ بلحظه فتناثرتْ
خِيلانُه في الخَدّ من أشفاره
لمّا أراقَ دمَ المشُوقِ تَعمُّداً
إسودَّ نقطُ الخالِ من أوزاره
و إذا أقول عسى وليتَ وربما
فَمَقالُ لا للصبّ مِنْ أخْبارِه
فالخدُّ يغرقُ في معينِ دموعه
و القلبُ يصلى في جحيمِ أواره
عجباً لِضِدٍّ كيف يألَفُ ضِدَّه
هذا بأدمُعِه وذاك بِناره
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أموسى ولم أهجركَ واللهِ إنما
أموسى ولم أهجركَ واللهِ إنما
رقم القصيدة : 11006
-----------------------------------
أموسى ولم أهجركَ واللهِ إنما
هجرتُ الكرى واللبَّ والأنس والصبرا
تركتُكَ لا نَقضاً لعَهديَ بَل أرى
حياتيَ ذنباً بعد بُعدِكَ أو غَدْرا
قنعتُ على رغمي بذكركَ وحده
أديرُ عليه الخمرَ والأدمعَ الحمرا
أقبلُ من كأسِ المديرِ حبابها
إذا مثَّلتْ عند المُنى ذلك الثَّغرا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> زار ليلاً فظلتُ من فرحتي أحـ
زار ليلاً فظلتُ من فرحتي أحـ
رقم القصيدة : 11007
-----------------------------------
زار ليلاً فظلتُ من فرحتي أحـ
ـسَبُ إذا زارَني الحقيقة َ زورا
قلتُ: هذا خيالُه ليس هذا
شَخصَه والغرامُ يُعمي البصيرا
و لكم بتُّ أحسبُ الطيفَ شخصاً
أحسبُ الحسنَ لا يزورُ غرورا
سدلتْ ليلة ُ الوصالِ علينا
ظلمة ً تملأ الخواطرَ نورا
ثُبتُ منها والبدرُ يُسفِرُ في الأفـ
ـقِ حَسوداً والنجمُ يهفُو غَيُورا
شارباً في الأقداحِ نجمَ شُعاعٍ
لاثماً في الاطواقِ بدراً مُنِيرا
مِتُّ قَبْلَ اللّقَاء شَوْقاً فلمّا
جادَ لي باللقاء متُّ سرورا
أنا ميتٌ في الحالتينِ ولكن
هجر الموتُ عاشقاً مهجورا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يقولون: لو قبَّلتَه لاشتَفى الجوى
يقولون: لو قبَّلتَه لاشتَفى الجوى
رقم القصيدة : 11008(3/461)
-----------------------------------
يقولون: لو قبَّلتَه لاشتَفى الجوى
أيطمَعُ في التقبيلِ من يعشَقُ البدرا
و لو غفلَ الواشي لقبلتُ نعله
أنزهه أن أذكرَ الجيدَ والثغرا
ومَن لي بوَعدٍ مِنه أشكو بخُلفِه
ومَن لي بعهدٍ منه أشكو به الغَدرا
و ما أنا من يستحملُ الريحَ سره
أغارُ حِفاظاً أن أُبيحَ له السِّرّا
يقول لي اللاحي وقد جَّ بي الهوى
ليُلهمَني في سُوء تَخيِيلِه الصَّبرا:
ألم تروِ قطُّ : اصبرْ لكلّ ملمة ٍ ؟
فقلتُ: أما تَروي: لعلَّ له عُذرا
إذا فِئة ُ العُذّالِ جاءت بسِحرها
ففي لحظِْ موسى آية ٌ تبطلُ السحرا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> و زاهرة ِ المرأى معطرة ِ الشذا
و زاهرة ِ المرأى معطرة ِ الشذا
رقم القصيدة : 11009
-----------------------------------
و زاهرة ِ المرأى معطرة ِ الشذا
قد ابتدعتْ خلقاً من المسكِ والنورِ
رنتْ مثلَ مذعورِ الظباء وإنما
مَشَت مثلما يمشي القَطا غيرَ مذعُورِ
وقد طَرَّفتْ بِيضَ البَنانِ بأسْودٍ
كما تَستَمِدُّ المِسكَ أقلامُ كافُورِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لكَ العُذُر إن لم أُعِدْ زَورة ً
لكَ العُذُر إن لم أُعِدْ زَورة ً
رقم القصيدة : 11010
-----------------------------------
لكَ العُذُر إن لم أُعِدْ زَورة ً
ولَوْ قيلَ: أحسنَ ثمَّ اعتَذَرْ
علِمتُ بأنِّيَ جُلمودُ صَخرٍ
فلو أنني عدتُ قالوا : مكرّ
فديتكَ إني امرؤٌ قد سرى
إلى قدَمي من لِساني، حَصَرْ
لئِن مَسَّ جسمَكَ حَرُّ الضَّنى
و لوحَ ذاك المحيا الأغرّ
فما الحرُّ في الشمسِ مستغربٌ
ولا عجَبٌ لشُحوبِ القَمرْ
و كم ذاقَ جمراً أخوكَ النضارُ
و مشبهكَ المشرفيُّ الذكر
تَطلّعتَ كالصَّحوِ بعد الغُيوم
وأمسَكتَ مثلَ امتِساكِ المطَر
حديثُ العلى عنكَ مستحسنٌ
حديثٌ إذا أمتع النفسَ سرّ
تحققَ قولكَ والفصلُ فيه
فصحَّ العيانُ وصحَّ الخبر
وكم باطِلٍ ذائعٍ قيّضَتْ
أباطيله ترهاتٌ أخرْ(3/462)
وكم أنبتَ الشعرَ وردُ الخدودِ
وسلَّ علَيها سُيوفَ الحَوَرْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> الأرضُ قد لبِستْ رِداءً أخضَرا
الأرضُ قد لبِستْ رِداءً أخضَرا
رقم القصيدة : 11011
-----------------------------------
الأرضُ قد لبِستْ رِداءً أخضَرا
و الطلُّ ينثرُ في رباها جوهرا
هاجتْ فخِلتُ الزَّهرَ كافوراً بها
وحسِبتُ فيها التُّربَ مِسكاً أذفَرا
و كأنَّ سوسنها يصافحُ وردها
ثغرٌ يقبلُ منه خداً أحمرا
والنهرُ ما بينَ الرّياضِ تخالُه
سَيفاً تَعَلّقَ في نِجَادٍ أخضَرا
و جرت بصفحته الصبا فحسبتها
كَفّاً تُنَمِّقُ في الصَّحيفة ِ أسطُرا
وكأنّه إذ لاحَ ناصِعُ فِضّة ٍ
جعلتهُ كفُّ الشمسِ تبراً أصفرا
أو كالخدودِ بدَتْ لَنَا مُبيَضَّة ً
فارْتَدَّ بالخَجَلِ البياضُ معصْفرا
والطّيرُ قد قامت عليه خَطِيبَة ً
لم تتخذْ إلاَّ الأراكة َ منبرا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> تَنقادُ لي الأوتارُ وهي عَصِيّة ٌ
تَنقادُ لي الأوتارُ وهي عَصِيّة ٌ
رقم القصيدة : 11012
-----------------------------------
تَنقادُ لي الأوتارُ وهي عَصِيّة ٌ
فأذلُّ منها كلَّ ذي استكبارِ
ولقد أزورُ مع القِسيّ أهِلّة ً
فأعيرهنَّ دوائرَ الأوتارِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أبا حسنٍ لا حسّنَ اللَّهُ حالة ً
أبا حسنٍ لا حسّنَ اللَّهُ حالة ً
رقم القصيدة : 11013
-----------------------------------
أبا حسنٍ لا حسّنَ اللَّهُ حالة ً
تحوجُ أربابَ الشبابِ إلى العذرِ
و لا منْ ينادي نحوَ نهرٍ ودوحة ٍ
و وجهِ أخي حسنٍ يقابلُ بالبدرِ
فلا تترك الأشغالَ طراً وترتقي
إلى أفقِ اللذاتِ جهراً بلا سرّ
أعد دعوة اللقيا على مسمعي الذي
يلذُّ بما أوْدَعْتَهُ دائمَ الدهرِ
و لا تنسَ ذكرَ الكاسِ فهوَ كمالها
وحسّنْ لها الإغفَال من حلية ِ الذكرِ
بها حليتْ حالي وما لي عيشة ٌ
سواها ، وإلا فالسلامُ على العمرِ
فواللهَ ما في الأرضِ مجلسُ راحة ٍ(3/463)
بغيرِ حلى الراح التي سلبتْ صبري
سآلفها إلفَ العتيقِ كتابهُ
ولا أشتهي ورداً سِواها لدى الحشرِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> للَّهِ نهرٌ ما رأيتُ جَمالَهُ
للَّهِ نهرٌ ما رأيتُ جَمالَهُ
رقم القصيدة : 11014
-----------------------------------
للَّهِ نهرٌ ما رأيتُ جَمالَهُ
إلا ذكرتُ لَدَيهِ نهرَ الكوثرِ
و الشمسُ قد ألقتْ عليهِ رداءها
فَتراهُ يرفلُ في قميصٍ أصفرِ
والطيرُ قد غَنَّتْ لشطحِ رواقصٍ
فوقَ الغديرِ جررنَ ثوبَ تبخترِ
و كأنما أيدي الربيعِ عشية ً
حلينَ لباتِ الغصونِ بجوهرِ
و كأنَّ خضرَ ثمارهِ وبياضهُ
ثغرٌ تبسمَ تحتَ خدَّ معذرِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يأوي إلى حسبٍ مثلِ السها شرفاً
يأوي إلى حسبٍ مثلِ السها شرفاً
رقم القصيدة : 11015
-----------------------------------
يأوي إلى حسبٍ مثلِ السها شرفاً
لكنَّ ذاكَ خفيٌّ وهوَ مشهورُ
كأنّهُ السيفُ في الهيجاء منصلتاً
لَوْ كانَ للسيفِ في الهيجاء تدبير
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> صعقتُ وقد ناجيتُ موسى بخاطري
صعقتُ وقد ناجيتُ موسى بخاطري
رقم القصيدة : 11016
-----------------------------------
صعقتُ وقد ناجيتُ موسى بخاطري
و أصبح طورُ الصبرِ من هجرهِ دكا
وقالوا: اسْلُ عنه أو تبدَّلْ به هوًى
أبعدَ الهدى أرضى الجحودَ أو الشركا
أنِفْتُ لِذاكَ الحسنِ أن يهجرَ الحلى
فنظمتُ من شعري ومن أدمعي سلكا
جرى الخالُ في كافورِ خَدّكَ مِسكة ً
فنمَّ بأشواقي نسيمها الأذكى
فجُد لي بمِسْكِ الخالِ يا ظبيُ إنني
عَهِدتُ ظِباءَ المِسك لا تَخْزنُ المسكا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لا تطلبوا ثأري فلا حقَّ لي
لا تطلبوا ثأري فلا حقَّ لي
رقم القصيدة : 11017
-----------------------------------
لا تطلبوا ثأري فلا حقَّ لي
على لحاظِ الرئمِ من مقتلِ
سمحتُ في سفكِ دمي راضياً
برشفة ٍ من ريقك السلسلِ
وِصالُ موسى لحظة ٌ صَفْوُها(3/464)
يُشاب بالواشِين والعُذَّل
قصيرة ٌ تضرمُ نارَ الهوى
كأنّها قَبْسة ُ مُستَعْجِل
لحظٌ يرى القتلَ مُنى نفسِه
و العارَ أن يتركَ قلبَ الخلي
غَضُّ الصِّبا يُسفِرُ عن منظرٍ
أحسنَ من عصرِ الصِّبا المُقبِل
صورَ من نورٍ ومن فتنة ٍ
والناسُ من ماءٍ ومن صَلصَل
شاكي سلاحِ القدّ واللحظِ في
حربِ شَجٍ عن صَبرهِ أعزل
مُنسَلِبِ الحِيلة ِ والصبرِ لا
يأوي إلى عقلٍ ولا معقلِ
ذو ضنة ٍ يمنعُ بذلَ المنى
قولاً ومهما قال لم يَفعل
ينفي ليَ الحالَ ولكنه
يُدخِلُ لا في كلّ مُستقبَل
أحَلتُ أشواقي على ذِكرِهِ
أسلطُ النارَ على المندل
يا شركَ الألبابِ كن مجملاً
واستَحْيِ من مَنظَرِكَ الأجمل
أخشى عليك العارَ من قولهم :
مُعتدِلُ القامة ِ لم يَعدِل
أبِيتُ فَرداً منك لَكِنّني
من المنى والذّكرِ في مَحفِل
و قد رثى من سهري في الدجى
شقيقُك البدرُ ولم تَرثِ لي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أخذوا مَوثِقَ العِذارِ على الخَدّ
أخذوا مَوثِقَ العِذارِ على الخَدّ
رقم القصيدة : 11018
-----------------------------------
أخذوا مَوثِقَ العِذارِ على الخَدّ
اتهاماً منهم لعهدِ الجمالِ
إنما خده الحسامُ ، فظلمٌ
حَمْلُه للنِّجادِ في كلّ حالِ
طالما زانتِ الليالي بدورٌ
منه ما زانتِ البدورُ الليالي
كان في شمسِ خدّه الوردُ ضاحٍ
فهو الآنَ قد أوى لظلالِ
نطقَ الشعرُ حينَ لاحتْ ولمْ لا
تَسجَعُ الطّيرُ في ربيعِ الجَمال
راقَ خلقاً وفاق خلقاً فقلنا :
أنجمُ الأفقِ أم نجومُ المعالي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> فديتكَ ! جنبْ مطمعَ الحين من فتى
فديتكَ ! جنبْ مطمعَ الحين من فتى
رقم القصيدة : 11019
-----------------------------------
فديتكَ ! جنبْ مطمعَ الحين من فتى
كلِيلِ سِلاحِ الصبر بادي المَقاتِلِ
جلستُ من الإدلالِ جلسة َ عاتبٍ
فأعقَبني للحالِ مَوقِفَ سائِلِ
وما كان إلاَّ هَفوة ً زيّنَ الهَوى
بها عنديَ الأمرَ الذي هوَ قاتِلي(3/465)
لأعلمَ كيف استهلكَ الهجرُ معشراً
و كيف قضوا يأساً بهذي البلابلِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا مرهبي دونَ سلطانٍ يصولُ به
يا مرهبي دونَ سلطانٍ يصولُ به
رقم القصيدة : 11020
-----------------------------------
يا مرهبي دونَ سلطانٍ يصولُ به
و مخجلي دونَ ذنبٍ لا ولا زللِ
إلاَّ هوًى ردَّ حَقّي عند باطِلِه
حتى يرى الظّلمُ لي منه يَداً قِبَلي
إن جُدتَ لي فبحقٍّ أو بخِلتَ فما
أكونُ أولَ صبٍ ماتَ عن أمل
متى ترى مِنكَ نفسي ما تُؤمّلُه
وحاجتي فيكَ بين اليأسِ والأمَل
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> عليلٌ شاقهُ نفسٌ عليلُ
عليلٌ شاقهُ نفسٌ عليلُ
رقم القصيدة : 11021
-----------------------------------
عليلٌ شاقهُ نفسٌ عليلُ
فجادَ بدَمعِه أمَلٌ بخِيلُ
أعَدَّ الصبرَ للأشواقِ جيشاً
فأدبرَ حينَ أقبلتِ القبولُ
و أبكاني فبلَّ الريحَ دمعي
ضُحًى فلذاك قِيلَ لها البليل
وكم بالخَيْفِ من خَدٍّ صقيلٍ
يُحَرِّمُ لَثْمَه ماضٍ صَقِيل
ترى العُشّاقَ بين قِبابِ قومٍ
يُجِيبُ أنِينَهم فيها الصَّهيل
تُهَزُّ بها المَعاطِفُ والعَوالي
وتَبتسمُ الثّنايا والنُّصُول
فكم أملٍ طويلٍ في حماهمْ
يزعزعُ دونه لدنٌ طويل
و معشوقِ الشبابِ له جفونٌ
تعلمُ كيف تختلسُ العقولُ
يَهابُ اللّيثُ غُرَّتَه ويَهفُو
بذاتِ الصونِ منظره الجميلُ
بديعُ الحُسنِ تعشَقُه حلاهُ
أحتى الحسنُ يعشقُ أو يميلُ
أظنُّ وساحه يهذي خبالاً
وما تَدري الخلاخِلُ ما يقولُ
عهودُ الحسنِ ليس تدومُ حيناً
فأُوقِنُ أنها ظِلٌّ يَزولُ
و شخصي في الهوى طللٌ فأني
يُجاوبُ عاذِلاً طَلَلٌ مُحِيلُ
فليتَ السقمَ دام فدمتُ لكن
متاعُ السقمِ من جسدي قلبلُ
كأنَّ القلبَ والسلوانَ ذهنٌ
يحومُ عليه معنى مستحيلُ
أموسى عاشقٌ يظما ويضحى
وأنت الماءُ والظّلُّ الظّلِيلُ
أجبْ داعيه أو ناعيه إما
يموتُ غليلُ نفسٍ أو عَلِيلُ
أنا العَبدُ الذّليلُ ولا فَخَارٌ(3/466)
أتمنعُني أقولُ: أنا الذّليلُ
إذا ناديتُ أنصاري لِما بي
تبرأ مني الصبرُ الجميلُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يَجِدُّ الرَّدى فِينا ونحنُ نُهازِلُهْ
يَجِدُّ الرَّدى فِينا ونحنُ نُهازِلُهْ
رقم القصيدة : 11022
-----------------------------------
يَجِدُّ الرَّدى فِينا ونحنُ نُهازِلُهْ
ونغفو وما تغفو فُواقاً نوازِلُهْ
بقاءُ الفتى سؤلٌ يعزُّ طلابه
ورَيبُ الردي قِرنٌ يَزِلُّ مُصاوِلُهْ
وأنفَسُ حَظَّيكَ الذي لا تَنالُه
و أنكى عدويكَ الذي لا تقاتله
ألا إنَّ صَرفَ الدهرِ بحرُ نوائبٍ
و كلُّ الورى غرقاهُ والقبرُ ساحله
تَرِثُّ لمن رام الوفاءَ حِبالُه
وأكبرُ مِن حَزمِ اللبيبِ غوائِلُه
و أكثرُ من حزن الجزوعِ خطوبه ،
وهل نافِعٌ في الموتِ أنَّ اختِيارَنا
ينافرهُ والطبعُ مما يشاكله
وكيفَ نَجاة ُ المرء أوْ فَلَتاتُه
على أسهُمٍ قَدْ ناسَبَتْها مَقاتِله
و أما وقد نال الزمانُ ابنَ غالبٍ
فقد نالَ من هضمِ العلى ما يحاوله
ألَيْسَ المَساعي فارقَتْهُ فأظلمَتْ
كما فارقتْ ضوءَ النهارِ أصائله
لقد لُفَّ في أكفانِه الفضلُ كُلُّه
وساقَ العُلا جَهراً إلى التُّرب حاملُه
فإن ضمه من مستوي الأرض ضيقٌ
فكم وَسِعَ الأرضَ العريضة َ نائله
وكم ساجَلتْ فيها البِحارَ يمينُه
وكم جانَستْ فيها الرِّياضَ شَمائِله
لئن سَوَّدَ الآفاقَ يومُ حِمامِه
لقد بيضتْ صحفَ الحسابِ فضائله
وإن سدَّ بابَ الصبرِ حادثُ فقده
لقد فتحتْ بابَ الجنانِ وسائله
وإن ضَيّعتْ ماءَ العيون وفاتُه
لقد حفظتْ ماءَ الوجوهِ نوائله
و كم أحيتِ الليلَ الطويلَ صلاته
و كم قتلتْ محلَ السنسنَ فواضله
فَخَلَّفَ في مُرّ المُصابِ قُلوبَنا
و زفتْ إلى بردِ النعيمِ رواحله
عَزاءً أبا بكرٍ فلو جامَل الردى
كريمَ أُناسٍ كنتَ ممّن يُجامِله
و ما ذهبَ الأصلُ الذي أنت فرعه
و لا انقطعالسعيُ الذي أنت واصله
أبوك بنى العَليا وأنْتَ شَدَدتَها
بمجدٍ يقوي ما بنى ويشاكله(3/467)
كما تمَّ حسنُ البدرِ وهو مكملٌ
و أيده دريُّ سعدٍ يقابله
وإن أصبح المجدُ التّلِيدُ لفَقدِه
يتيماً فلا يَحزَنْ فإنَّكَ كافِلُه
إذا ثبتتْ أخرى الندى في محمدٍ
فلم تتزحزحْ بالحمامِ أوائله
فَتًى كثّرَ الحُسّادَ في مَكْرماتِهِ
كما قلَّ فِيهَا شِبهُهُ ومُمَاثِلُه
حليفُ جلادٍ ليسَ تكسى سيوفه
و ثوبُ طرادٍ ليس تعرى صواهله
فما خمرهُ إلاَّ دماءُ عداته
و لا طربٌ حتى تغني مناصله
تُضَمُّ على ليثِ الكِفاحِ حروبُه
و تسفرُ عن بدرِ التمامِ محافله
سما بِعُلًى لا يستريحُ حَسُودُها
و سادَ بجودٍ ليس يتعبُ آمله
تودُّ الغوادي أنهنَّ بنانه
وتَهوى الدَّراري أنهنَّ شَمائِله
تساوى مضاءً رأيه وحسامه
ولانَ مَهزّاً مِعطَفاهُ وذابله
ربوعُ المساعي عامراتٌ بسعيه
و يقفرُ منهُ غمدهو حمائله
و فللَ حبُّ الهامِ شفرة َ عضبه
وإن لم تزَلْ في كلّ يومٍ تُواصِله
توقدَ ذهناً حين سالَ سماحة ً
كما شبَّ برقاً حين فاضت هواطله
تَلوذعَ حتى يُحسَبَ الأفقُ مَنشأً
له والنجومُ النيراتُ قبائله
تحيَّرتُ فيه والمعاني غرائبٌ
أأفْكارُهُ أمضى شَباً أم عَوامِلُه
إذا كان خَطبٌ أو خطابٌ فأين مَن
يُجالِدُه في مَشهدٍ ويُجادِله
ترى فيه فَيضَ النِّيلِ، والبَدرَ كاملاً
إذا لاحَ مَرآهُ وجادَت أنامِله
كريمٌ إذا عُمّرَ الوعدُ ساعة ً
أُتِيحَ لَهُ مِنه ابتِسامٌ يُعاجِله
لئن سَبَقتْهُ بالزَّمانِ مَعاشِرٌ
فكم سبقتْ فرضَ المصلي نوافله
و إن شاركتهُ في العلى هضبة ٌ فقد
تَبايَنَ زُجُّ الرُّمحِ قَدراً وعامله
ووطّنتَني إذ أزعَجَتْني زلازِله
فلا رشادٌ إلآَّ نداكَ عقالهُ
ولا خائِفٌ إلاَّ عُلاكَ مَعاقِله
وكنتَ العِياذَ الأمنَ كالمُزنِ إنّه
يظلُّ وتروي العاطشينَ هواطله
وإن كنتَ سيفاً للمُريبينَ مُرهَفاً
فبُورِكتَ من سيفٍ وبُورِك حامِله
أراكَ بعَينَيْ مَن أقَلْتَ عِثارَه
بسَعيِكَ والهادي إلى الخيرِ فاعِلُه(3/468)
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> كان محياكَ لهُ بهجة ٌ
كان محياكَ لهُ بهجة ٌ
رقم القصيدة : 11023
-----------------------------------
كان محياكَ لهُ بهجة ٌ
حتى إذا جاءك ماحي الجمالْ
أصبحتَ كالشمعة ِ لما خبا
منها الضياءُ اسودَّ فيها الذبالْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يخفُّ بشراً إذا انهلتْ أناملهُ
يخفُّ بشراً إذا انهلتْ أناملهُ
رقم القصيدة : 11024
-----------------------------------
يخفُّ بشراً إذا انهلتْ أناملهُ
والسُّحْبُ توصفُ إذ تنهلُّ بالثِّقَلِ
أغرُّ يكتمُ منْ جودٍ عوارفهُ
و يشهرُ البيضَ بأساً شهرة َ المثلِ
فَيَنشر الحمدُ ما أخفاهُ من مِنَنٍ
و يكنمُ الضربُ بيضَ الهندِ في القللِ
يأوي لعلياهُ محميٌّ ومضطهدٌ
كالماءِ فِيهِ ورودُ الليثِ والحمَلِ
ويشتهي نيلَهُ مُثْرٍ وذو عَدَمٍ
كالراحِ تصلحُ للصاحي وللثملِ
ذو عزمة ٍ كالتماعِ البرقِ واقدة ٍ
تجئُ من نصرهِ بالعرضِ الهطلِ
لولا السعودُ التي نيطَتْ بِهِمّتِهِ
لكُنْتُ أحْسبُها بُعداً إلى زُحَلِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أبو طالبٍ في كفهِ ، وبخدهِ
أبو طالبٍ في كفهِ ، وبخدهِ
رقم القصيدة : 11025
-----------------------------------
أبو طالبٍ في كفهِ ، وبخدهِ
أبو لهبٍ، والقلبُ مِنْهُ أبو جَهْلِ
و بنتا شعيبٍ مقلتاهُ ، وخالهُ
إلى الصُّدْغِ موسى قد تولّى إلى الظِّلِّ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> فدونكَ من مدحي أزاهرَ روضة ٍ
فدونكَ من مدحي أزاهرَ روضة ٍ
رقم القصيدة : 11026
-----------------------------------
فدونكَ من مدحي أزاهرَ روضة ٍ
تُشَقُّ مِنَ الأفكارِ عَنْها كمائِمُ
نَظَمْتُ بِها دُرّاً وباعي مُقصِّرٌ
و لو أنني فيك الدراريَ ناظمُ
لئِنْ كانَ فَرْضُ الحجّ يَمْحو مآثمي
فلقياكَ حجُّ والخطوبُ مآثمُ
فَكُلُّ اقْتراحٍ عِنْدَ جودِكَ صادقٌ
وكُلُّ رجاءٍ يضمنُ النُّجْحَ غارِمُ(3/469)
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لولا قضاؤكَ بينَ الحكمِ والحكمِ
لولا قضاؤكَ بينَ الحكمِ والحكمِ
رقم القصيدة : 11027
-----------------------------------
لولا قضاؤكَ بينَ الحكمِ والحكمِ
لمَا جَرَى السيفُ في شأوٍ مَعَ القلمِ
لكَ الندى والهدى نجلو بنورهما
ليلاً من الجهلِ أو ليلاً من العدمِ
أطلعتَ صبحَ الهدى والعدلِ فامتحقا
دُجُنَّة َ الفاحِمَينِ: الظُّلْمِ والظُّلَمِ
فانهضْ بجدكَ في حسمِ الضلالِ كما
دبّ السّنا في الدجى والبرءُ في سقمِ
لا يغرقُ البحرُ في غمرِ السرابِ ولا
يخلُّ بالنبعِ فرعُ الضالِ والسلمِ
لو أنَّ أرضاً سعتْ شوقاً لمصلحها
جاءتكَ أندلسٌ تمشي على قدمِ
ألبستَ حمصَ سلاحاً لا يفلُّ وقدْ
سلَّ النِّفاقُ عَلَيها سيفَ مُنتقِمِ
وخلِّ قَوْماً تلوا ما لَيْس ينفعُهُمْ
كأنما عكفوا فيه على صنمِ
ظَنّوا الشّقاوة َ فِيما فِيهِ فوزُهُمُ
لا تثقلُ الدرعُ إلا عندَ منهزمِ
غَرَّتْهُمُ بهجَة ُ الآمالِ إذ بَسَمَتْ
وهَل يَسُرُّ ابتسامُ الشيبِ في اللممِ
أضحى أبو عمرو ابن الجدّ منفرداً
في الناسِ كالغُرّة ِ البيضاءِ في الدهمِ
مجبباً كالصِّبا في نفسِ ذي هَرَمٍ
معظَّماً كالغِنى في عينِ ذي عَدَمِ
لَوْ شاءَ بالسَّعْدِ ردَّ السهمَ في لُطُفٍ
بَعْدَ المُروقِ، ونالَ النجمَ من أَممِ
أغرُّ ينظرُ طرفُ الفضلِ عن حورٍ
منهُ ويشمخُ أنفُ المجدِ عن شممِ
لَوْ أنَّ للبدرِ إشْرَاقاً كَغُرَّتِهِ
كانَ الكُسوفُ عَلَيْهِ غيرَ متّهَمِ
دارَتْ نُجومُ العُلا مِنْهُ عَلى عَلَمٍ
و أضرمتْ منهُ نارُ الفخرِ في علمِ
موكلٌ بحقوقِ الملكِ يحفظها
بالمجدِ والجدّ حفظَ الشكرِ للنعمِ
نامتْ بهِ مقلة ُ التوحيدِ آمنة ً
وعينُهُ لَمْ تَذُقْ غَمضاً ولَمْ تنمِ
تضحي الرياضُ هشيماً إذ تحاربهُ
ويورقُ الصخرُ إن ألقى يدَ السَّلَمِ
حمى الهدى وأباحَ الرفدَ سائلهُ
فالرفدُ في حربٍ والدينُ في حرمِ
فجودُ راحتهِ ريٌّ بلا شرقٍ(3/470)
وضوءُ سيرتهِ نورٌ بِلا ظُلَمِ
يا مَنْ عَلى المَدْحِ شَينٌ في سواهُ كما
يستقبحُ التاجُ معقوداً على صنمِ
و منْ جرى نيلهُ بحراً فغاصَ بهِ
أهلُ الثناءِ عَلى دُرٍّ مِنَ الكلمِ
لئِنْ هزَزْتُكَ للدهرِ الخؤونِ فَما
هززتُ للحربِ غيرَ الصارمِ الخذِمِ
و إن جنيتُ بكَ الترفية َ من شطفٍ
فربَّ مغفِرة ٍ تُنجي مِنَ النّدَمِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> محا قدومكَ عنا الرعبَ والعدما
محا قدومكَ عنا الرعبَ والعدما
رقم القصيدة : 11028
-----------------------------------
محا قدومكَ عنا الرعبَ والعدما
و نورَ الفاحمينِ : الظلمَ والظلما
وأوْسَعَ السِّلمَ أمناً، والهياجَ ردًى
و الأفقَ نوراً ، وأكنافَ العلا كرما
إنَّ اعتمادك سيفٌ لا يفلُّ لهُ
غَربٌ إذا فُلَّ غربُ السيفِ أو حُطِما
و فضلُ رأيكَ لو يرمي ببادرة ٍ
مِنْ عَزْمهِ سدَّ ذي القرنينِ لانهدما
أعددتَ للدهرِ آراءً تري ويداً
ترمي نصالاً تسميها الورى همما
هَلْ مِنْهُ واردة ٌ والنصرُ يقدُمها
إلاّ وكانَ لهَا إقْدامُكُمْ قَدَما
أتيتَ في الدرعِ فوقَ الطرفِ مرتدياً
ماضٍ كحامِلِهِ لو أُعطيَ الفَهَما
كالبحرِ في النَّهرِ فوق السَّيل مُتَّشحاً
بجدولٍ قد شفى في الشرك كلَّ ظما
والسَّردُ قد ضاقَ ذَرْعاً إذ حواكَ عَلى
من لم يُضِقْ صدرَهُ خطبٌ وإن عظُما
للهِ منكَ أبا عثمانَ مكتسباً
حلوَ الثوابِ بمرّ الصبرِ مغتنما
شَيْحانُ يحسبُ بَرْدَ الظلِّ هاجرة ً
حتى يُرَى بخمار النَّقْعِ ملتثما
البيضُ ندمانهُ ، والبيدُ مجلسهُ
فإن يُرِدْ سَدْلَ ترس يُرْخِهِ عَلَما
حسامُهُ ضَرَّة ٌ للجودِ فِيهِ فَقَدْ
تُقُسِّمَ البَدرُ والضرغامُ بينهُما
لو أنَّ بيضاءَ سامتْ أبيضاً شططاً
لحاربَتْ غِيدُهُ أسيافَهُ الخِذَما
وربّما قبَّل الثغرَينِ مُرْتَشِفاً
ريقينِ يُدعى نجيعاً ذا، وذاكَ دما
إنْ هزَّ معطوفَ ذي لمْ يحنهِ لهما
أو عَنَّ معطفُ هذا يَحْنِه لهُما
يرى الدماءَ عقاراً والظبى زهراً(3/471)
فالحربُ راحٌ وريحانٌ كما زعما
منازلُ الذمر يبقي درعهُ كفناً
و ضاربُ القرنِ يثني سرجهُ وضما
من يقبلُ الخيلَ والأرواحَ مدبرة ٌ
و يضحكُ النصرَ إذ تبكي السيوفُ دما
ومَنْ جَنى سَيْفُهُ ضرْباً فَيَحْسَبُه
تاجاً بهِ مفرقُ الهيجاءِ قدْ وسما
سرى كسرّ هوى والليلُ يكتمهُ
صدراً فأبدى حنينُ البِيض ما كَتَما
محرماً أنْ يحلَّ السيفُ موطنه
حتى يردَّ إلى أوطانهِ الحرما
لَوْ شاءَ قالَ ولَمْ تَحْصرْ مقالتُهُ
كالرَّعدِ يذهبُ في الآفاق مهتزما
فَهْوَ القضاءُ عَلى الإدراكِ محتجباً
وَما يُرَدُّ لَهُ حكمٌ إذا حَكما
يا آلَ أصفرَ هبكم للوغى شرراً
فَهذه الشمسُ تُطفي ذلكَ الضَّرَما
هذا سليمانُ ملكاً شامخاً وتقى
وأنتمُ الجنُّ فلتُضْحوا لَهُ خَدَما
أنتم ثرى ، وهو أفقُ اللهِ ، فارتقبوا
منهُ الصواعقَ إن لم تشكروا الديما
مَلْكٌ تُشير المعالي نحوَ غُرَّتِهِ
يداً وتنطقُ بالذكر الجميلِ فما
رحيبُ باعِ الهدى والبأسِ ذو لَسَنٍ
يفني الكتائبَ والأموالَ والكلما
لو أقسمَ المدحُ فِيهِ أنّه مَلَكٌ
.... .... ..... ما
يا مَنْ عيونُ العوالي عنهُ قد نَظَرَتْ
شَزْراً وحَجَّ لسانُ السيفِ إذا خصما
دانَتْ بكَ الرومُ دينَ العابدين فهَلْ
غَدا حسامُكَ في أصنامهِمْ صنما
و ثلثوه فقالوا : النورُ مؤتلقاً
و الماءُ مطرداً والجمرُ مضطرما
أضحَتْ أياديكَ في أعناقهِمْ رِبَقاً
وظنّها الناسُ في أيديهمُ نِعَما
ولَوْ رأوْا وَجْهَكَ الوضَّاحَ أسجَدهمْ
لَهُ مهابة ُ جيشٍ يُسجِدُ الأكمَا
كانَتْ سِهامُك قِدماً في قلوبهمُ
فحينَ أقبلتَ قال القومُ : كيف رمى
شيدتَ سقفَ عجاجٍ فوق أرؤسهمْ
لو لَمْ تشيّدْ حقوقَ الله ما انهدمَا
لوْ لم تُفِدْكَ الرُّقَى في طبّ غيّهمُ
نصبتَ سيبكَ قصداً يبرئُ السقما
فككتَ أسرى وها نعماك تأسرُهُمْ
إنَّ السوالة شيء يشبهُ الكرما
أنتَ السلامُ ، فطرسُ المجدِ مستطرٌ
بذكره، بُدِىء َ المكتوبُ أو خُتما
غدا يسائلني عنكَ الجهولَ فمن(3/472)
قد أنكرَ الشمس فاستفهمتَ عنهُ بما
قلدتَ جيديَ درَّ الصنعِ منتثراً
فَهَاكَ منّيَ دُرَّ القولِ مُنتظما
أمنتني الدهرَ بل خوفتنيهِ فقدْ
حَوَّلْتني نِعَماً في مِثلِها اتَّهما
لا زال جودك في عينِ الندى حوراً
و دامَ عزك في أنفِ العلا شمعا
و ليشكرِ الناسُ ما طوقتَ من مننٍ
فالشكرُ ما زال غَرساً يُثْمِرُ النِّعَما
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لقد أعقبتْ بالبؤسِ منك وبالنعمى
لقد أعقبتْ بالبؤسِ منك وبالنعمى
رقم القصيدة : 11029
-----------------------------------
لقد أعقبتْ بالبؤسِ منك وبالنعمى
و أصبحَ طرفاً لا أراكَ بهِ أعمى
سُقيتَ الحيا من ظاعنِ الثُّكلِ قد ثوى
و أبقى ربوعَ المجدِ موحشة ً عتما
وقد كنتُ أُمضيهِ على الخطبِ مُنْصُلاً
وآوي لَهُ ركناً، وأسري بِهِ نجما
ترحل لما أن تكاملَ مجدهُ
ولَيْس كسوفُ البدرِ إلاّ إذا تمّا
لقد عاشَ رغماً للحواسدِ والعدا
و ماتَ على أنفِ الندى والهدى رغما
و كانتْ ليالي العيشِ بيضاً بقربهِ
فقد أصبحَتْ أيامنا بعده دُهما
و قد كان يعطي السيفَ في الروعِ حقه
و يرضى إذا أرواهُ في الشركِ أن يظما
وَيُضحِكُ ثَغْرَ النصرِ في كلِّ معركٍ
يُرى وسطَهُ وَجْهُ الردى عابساً جهما
و كان إذا الأمجادُ ظنوا نوالهمْ
لمستمنحٍ غرماً ، رأى بذلهُ غنما
إذا بخلوا أعطى وإن أحجموا مضى
وإن أصلدوا أورى ونار عما
ألا فَأْتيا بطحاءَ لبلة فانْدبا
بها مصرعاً غالَ الشجاعة َ والحِلما
وأجْوَدها تَنْدى الصِّلادُ غضارة ً
بهِ ويفوحُ التربُ مسكاً إذا شما
وما عذرُ أرضٍ أُشربَتْهُ فأنبتَتْ
نباتاً ولمْ تنبتْ ذكاءً ولا حزما
بني فاخرٍ أمسيتمُ يومَ فقدهِ
كأنجمِ أفقٍ فارقتْ بدرها التما
ذهبتَ أبا الحجّاج لَمْ تُبْقِ ذلّة ً
و أبقيتَ فينا المجدَ والسؤددَ الضخما
فرزؤكَ قَدْ عَمَّ البريّة َ كلَّهُمْ
كما كانَ فيهمْ جودُ يمناكَ قد عما
فكم حلَّ في أحشائِهِمْ منكَ مِنْ جوًى
وكم حلَّ فيأيديهمُ لكَ من نُعمى(3/473)
و خلفتَ ثكلى لا تكفُّ جفونها
بكاءً ولا تَنْدَى جوانِحُها غَمّا
تنوحُ لها الأطيارُ في القضبِ رقة ً
و يذري عليها المزنُ أدمعه رحما
عَلَيْكَ سلامُ اللَّه الردى
وما دامَ فِيكَ الدمعُ دونَ العزا خصما
و لاحَ أصيلُ اليومِ بعدك شاحباً
و ريحُ الصبا معتلة ً تشتكي السقما
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يُلْحَى الزَّمانُ وما عَلَيْهِ مَلامُ
يُلْحَى الزَّمانُ وما عَلَيْهِ مَلامُ
رقم القصيدة : 11030
-----------------------------------
يُلْحَى الزَّمانُ وما عَلَيْهِ مَلامُ
يَجْني القضا وتُعنَّفُ الأيامُ
أعيا البسالة َ والحذارَ حبائلٌ
سيّانِ فِيها الأُسْدُ والآرامُ
يودي الردى بمسالمٍ ومحاربٍ :
يُقوي الكِناسُ وتُقْفرُ الآجامُ
قلْ للمنونِ لئن عظمت خطيئة ً
فلقدْ أصابَ سدادكِ المعتامُ
أنى اهتديتِ إلى حظية ِ سؤددٍ
قدْ ضلَّ عنها الصبحُ والإظلامُ
محجوبة ُ الشخص الكريمِ وفضلها
كالفجرِ لا يلقى عليهِ لثامُ
لو رامَها غيرُ القضاءِ لكان في
أسدِ الهياجِ تخمطٌ وعرامُ
ولكان في حَدَقِ الرّماحِ تشاوُسٌ
ولألْسُنِ البيضِ الرِّقاقِ خصامُ
ها إنّهُ الرُّزءُ الذي ثَقُلَتْ بِهِ
نوبٌ وخفتْ عندهُ الأحلامُ
هَيْهاتِ ما برقُ الجوانحِ خُلَّبٌ
فيهِ ولا مُزْنُ الجفونِ كَهامُ
أمّا العزاءُ فقد غَدا متنكّراً
فكأنما حسناتهُ آثامُ
يا برة ً لما انطوى إحسانها
تاقَتْ إليْهِ الصُّحْفُ والأقْلامُ
ترضى نفوسٌ أن تكون لكِ الفِدا
فتذودَ عنكَ وإنها لكرامُ
لو أنَّ شمسَ الأفقِ دونكِ أدرجت
ما كانَ حقُّ المجدِ فيكِ يقامُ
أوحشتِ شهرَ الصومِ حتى قد بَدَتْ
لبثَّ فيهِ وللأسى أعلامُ
فعلى النسيمِ منَ الكلالِ كآبة ٌ
أضحَتْ يُنافِسُها العُلُوَّ شَمامُ
سيسيرُ هذا الشهرُ قبلَ أوانهِ
إذ لَمْ يسعْهُ لما صنعتِ مقامُ
كم جدتِ بالمعروفِ وهو متممٌ
هبة ً وقمتِ اللّيْلَ وهو تمامُ
من يُنجدُ الأُمّالَ بعدَكِ أَنجدتْ
زفراتهمْ ولدمعِهِمْ إتهامُ(3/474)
وأراكِ نمتِ عن العُفاة ِ وطالمَا
عدتِ الخطوبُ فسهدتكِ وناموا
عاشَتْ بكِ العلياءُ دهراً في غنًى
فاليومَ صبحَ ربعها الإعدامُ
و اليومَ عادَ الدهرُ في إحسانهِ
و استرجعتْ معروفها الأيامُ
يا ديمة ً في التربِ غارت بغتة ً
و ذوو الأماني واقفونَ حيامُ
صرنا نشيمُ لها البوارقَ في الثرى
و البرقُ من جهة ِ السماءِ يشامُ
كانَتْ رءوماً بالصَّنيعِ تَربُّهُ
فالمرماتُ لفقدها أيتامُ
للولا ضريحكِ ما علمنا حفرة ً
أضحتْ ينافسها العدوَّ شمامَ
ما ضرَّها أنْ لَمْ يكُنْ مِسكاً ولا
دراً ، حصى حلتْ به ورغامُ
وقفَ الأكابرُ من ثنائِكِ موقفاً
فضلتْ وجوههمُ بهِ الأقدامُ
سَبَقَتْ خُطاكِ إلى الجِنانِ وسائلٌ
أثنى عَلَيْها اللَّهُ والإسْلامُ
مدتْ إليكِ الحورُ من أبصارها
واسْتَقْبلَتْكِ تحيّة ٌ وسَلامُ
لم تُضْجَعي في لحدك الزَّاكي الثرَى
إلا وهنَّ للانتظارِ قيامُ
خلّفْتِ حينَ ذهبتِ خيرَ ابنٍ كما
يبقى الرَّبيعُ إذا استهلَّ غَمامُ
ذاكَ الهمامُ القردُ لكن ثنيتْ
سمة ُ الوزارة ِ فيهِ فهي تؤامُ
شَرُفَتْ بآلِ خلاصٍ الرُّتَبُ العُلا
فهمُ نفوسٌ والعلا أجسامُ
قُل للدجون أو الحروبِ تصدَّعي
فأبو عليٍّ كوكبٌ وحسامُ
فالخطبُ لا يعيي مروءة َ ماجدٍ
ركناهُ نبعٌ والخطوبُ ثمامُ
لو تطبعُ الأسيافُ من عزماتهِ
لم يُغْنِ أبناءَ الوغى اسْتِسلامُ
ذللٌ مواهبهُ ولكنْ دمعهُ
في الحادثاتِ أعزُّ ما يُسْتامُ
إن قاسمتهُ الكلمَ أنفسنا فكم
شُفِيَتْ لَنا بِندى يديهِ كِلامُ
أو شاطَرَتْهُ السُّهدَ أعيُننا فَما
زالتْ تعزُّ بعدلهِ وتنامُ
لا يُبكِهِ الدّهرُ الخؤونُ بحادثٍ
فَالدّهْرُ عَنْهُ ضاحِكٌ بَسّامُ
أتروعهُ الدنيا بنثرِ منظمٍ
ووجودُهُ أمنٌ لها ونظامُ! !
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ظُلماً خَصَمْتَ شهيدَ الحبِّ عن دمه
ظُلماً خَصَمْتَ شهيدَ الحبِّ عن دمه
رقم القصيدة : 11031
-----------------------------------(3/475)
ظُلماً خَصَمْتَ شهيدَ الحبِّ عن دمه
وذاكَ خدُّكَ مصبوغاً بِعَنْدمِهِ
يصبو لألحاظِ موسى القلبُ واعجبا
رامٍ غزا مُقْلَتي صبٍّ بأسْهُمِهِ
نصيبُ عاشقهِ منْ حبهِ نصبٌ
وَحَظُّ مُغْرَمِهِ إرجَاءُ مَغْرَمِهِ
علّمتهُ الفتكَ في قلبي بناظرهِ
لو يقبلُ الوصلَ رأياً منْ معلمهِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ويأتي من الهِجرانِ زَلّة ُ مُدنَفٍ
ويأتي من الهِجرانِ زَلّة ُ مُدنَفٍ
رقم القصيدة : 11032
-----------------------------------
ويأتي من الهِجرانِ زَلّة ُ مُدنَفٍ
فأُعمِلُ في السُّلوانِ فكرة َ عازمِ
ذُنوبُ مليحِ الوجهِ غيرُ قبيحة ٍ
و من عادة ِ العشاقِ شحذُ الغرائمِ
وسرَّحتُ في مَرآكَ مُقلة َ ناظِري
لقد طالَ قَرعي، بعدَها، سِنَّ نادمِ
سَلُوا عن مُحبٍّ باع قلباً بنَظرة ٍ
أيُمضى عليه البيعُ ضَربة َ لازمِ
و كنتُ سديدَ الرأي صعباً على الهوى
ففيكَ هفا حلمي ولانتْ شكائمي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أثارَ الليثَ ألحاظٌ نِيامٌ
أثارَ الليثَ ألحاظٌ نِيامٌ
رقم القصيدة : 11033
-----------------------------------
أثارَ الليثَ ألحاظٌ نِيامٌ
ترى في قلتي الثأرَ المقيما
أرَى الخيريَّ يَمنَعُني جَناه
فهل ألقاه ريحاً أو شميما
أشيمُ البرقَ يومضُ من نداه
وأشْمَمُ من نَواحِيه النّسِيما
و لستُ بمشتكٍ منه مطالاً
فمَن لي أن أكونَ لَهُ غَريما
وأحسَبُ كلَّ ذي نظرٍ رقيباً
و أزعمُ كلَّ ذي نطقٍ خصيما
أبثُ مع البليلِ إليه شوقي
فتبلغه وقد عادت سموما
أخافُ الريحَ إنْ ناجتهُ عني
تُعِيد أَقاحَ مَبسِمِه هَشِيما
ألا يا جَنّة ً كانَتْ عذابي
و سلسالاً سقيتُ به الحميما
لنفسٍ قد حَلَلتَ عُرى عَزاها
وعَينٍ قد عَبدتُ بها النُّجوما
لئن واصلتَ يا موسى محباً
لقد أحيَيْتَ يا عيسى رَمِيما
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> حُثَّ الكؤوسَ وَلا تُطِعْ منْ لاما
حُثَّ الكؤوسَ وَلا تُطِعْ منْ لاما
رقم القصيدة : 11034(3/476)
-----------------------------------
حُثَّ الكؤوسَ وَلا تُطِعْ منْ لاما
فالمزنُ قد سقتِ الرياضَ رهاما
رقَّ الغمامُ لما بها إذ أملحتْ
فغدا يُريقُ لها الدُّموعَ سِجاما
و البرقُ سيفٌ والسحابُ كتائبٌ
تبدي لوقعِ غراره إحجاما
والدَّوح مَيّادُ الغُصونِ كأنَّما
شربَ النَّباتُ من الغمام مُداما
و الزهرُ يرنو عن نواظرَ سددتْ
لَحَظَاتُهُنَّ إلى الشُّجونِ سهاما
هُنَّ الكواكبُ غيرَ أن لم تستطِعْ
شمسُ النهارِ لضوئها إبهاما
تُثْني على كَرَمِ الوليِّ بنفحة ٍ
عن مِسْكِ دارينٍ تَفُضُّ خِتاما
فكأنَّما غضَّ الحياءُ جُفُونَها
إذْ لا تقومُ بشكرها إنعاما
خِيْرِيُّهَا يُخْفي شَميمَ نسيمه
لنهارهِ ويبيحهُ الإظلاما
فكأنما ظنَّ الدجنة َ نفحة ً
فبدا يعارضُ عرفها البساما
أو كالكعابِ تبرَّجَتْ لخليلها
في الليلِ، وارتقبتْ له الإلماما
فإذا رأتْ وجهَ الصباحِ تسترتْ
خوفاً وصيَّرت الْجُفونَ كِماما
تُهْدِي الصَّبا منها أريجاً مثلما
يُهْدي المحبُّ إلى الحبيبِ سلاما
فكأنَّها نَفَسُ الحبيب تضوُّعاً
و كأنها نفسُ المحبَّ سقاما
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> سأُلزِمُ نَفسي عَنكَ ذنبَ غرامي
سأُلزِمُ نَفسي عَنكَ ذنبَ غرامي
رقم القصيدة : 11035
-----------------------------------
سأُلزِمُ نَفسي عَنكَ ذنبَ غرامي
فمن بدمي إن حمَّ فيكَ حمامي
ونفسي دعَتني للشّفاء كما دعت
عِصاماً إلى العَلياء نفسُ عِصامِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا لائمي إنْ متُّ فيهِ اتئدْ
يا لائمي إنْ متُّ فيهِ اتئدْ
رقم القصيدة : 11036
-----------------------------------
يا لائمي إنْ متُّ فيهِ اتئدْ
أوْ فإلى أجفانهِ نحتكمْ
غرقتُ في بحرِ هواهُ وذا
كَ الردف منهُ موجه الملتطمْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> كيفَ أصغي للعاذلينْ
كيفَ أصغي للعاذلينْ
رقم القصيدة : 11037
-----------------------------------
كيفَ أصغي للعاذلينْ(3/477)
مَعَ صَبرِي للعاذِلَينْ
إنَّ خصمي لدى الشجى
في هواهُ قلبٌ وعينْ
أنا في الحبّ صادقٌ
أنَا صبٌّ بشاهِدَينْ
فإذَا رُمتُ سَلْوَة ً
حيل ما بَيْنَنا بِذَينْ
وأنَا كابنِ هانِىء ٍ
في الصِّبا حِلفُ سكرتَينْ
قامَ عُذري بحسنِ مَن
همتُ فيه من غيرِ مينْ
بَدْرِ تِمٍّ مُركَّب
في قَضِيبٍ مِنَ اللُّجينْ
وجههُ الروضُ والحيا
مِنْهُ مَعْسولُ ريقتينْ
حُسْنُ ريحانَتَيْهِ قَدْ
زادَ ضعفاً بالجنتينْ
لَوْ حَباني من رِيقِهِ
كانَ ترياقَ عَقْرَبينْ
زينَ اللهُ خدهُ
لِعَذابي بِشَامَتَينْ
ذاكَ كَيْما يَفوزَ مِنْ
شِيمَة ِ الحُسْنِ باثْنَتينْ
كان فرداً لأجْلِ ذا
مَلَكَ الحُسن مَرّتينْ
فَلِكُلٍّ علامَة ٌ
وَهْوَ يَحْوِي عَلامَتينْ
كيفَ أخشى اشتراكه
وَهْوَ قد حازَ رقّتَينْ
لا يَرَى الشيءَ مُشكلاً
وَهْوَ يَقْرا لبينَتينْ
و دليلي على الذي
قُلْتُهُ ذُو الوزَارتينْ
لفظَة ٌ لا تَرى لها
في الأنامِ مُسَمَّيَينْ
فهو يختصُّ واحد
ً ليسَ بالعدوتينْ
سَيّداً مِنْ قضاعة
خَيرَ سامٍ مِنْ سَيّدينْ
أخذ الجود والعُلا
شَخْصُهُ بالوِرَاثَتينْ
مِنْ أبِيهِ وجَدّهِ
فهو حسنٌ ذو حسنيينْ
مثلُ بسارين في
أساليفِ النيرينْ
لو بغى المجدَ فوقهُ
أصبحا فيهِ فرقدينْ
إنّني مقسمٌ بِهِ
والمصلّى والمأزمينْ
لا يوازيهِ في العلا
و بهِ .... القضيتينْ
موئِلي يا أبَا عَلي
يا رجائي من كلَّ أينْ
قَدْ كَفاني ما حَلَّ بي
مِنْ خمولٍ وفرطِ بينْ
و اطراحي لكلَّ دينٍ
و أخذي لكلَّ دينْ
لا تدعني بعدَ الجفا
أتمنّى خُفَّيْ حُنينْ
أنتَ تدري سريرتي
دونَ شكٍّ، باسمٍ وعينْ
وشهيدي في كلِّ ما
أدعيهِ فتى رعينْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> طَاولْ بِجَدّكَ فالأقْدارُ عُنوانُ
طَاولْ بِجَدّكَ فالأقْدارُ عُنوانُ
رقم القصيدة : 11038
-----------------------------------
طَاولْ بِجَدّكَ فالأقْدارُ عُنوانُ
و احكمْ فما لصروفِ الدهرِ عصيانُ
عَلَيْكَ حَزْمٌ وأمرٌ نافِذٌ وعَلى(3/478)
ريبِ الحوادثِ تسليمٌ وإذعانُ
لكمْ سعودٌ على الأعداءِ نافذة ٌ
وفَتْ لَكُمْ حيثُ حدُّ السيفِ خَوَّانُ
ترى المقاتلَ أنصاراً وربتما
أصْغَتْ لأمرِ المَنايا فَهْيَ آذانُ
إنَّ الملوكَ وإن عزوا وإن كثروا
و خالفوك فقدْ ذلوا وقد هانوا
إنْ يحسُدُوكَ أبا العبّاس فهوَ لكُمْ
ذكرٌ جميلٌ وللحُسّادِ أشْجانُ
و ما على الشمسِ في أن لاحَ رونقها
فأنكرتهُ العيونُ الرمدُ ، نقصانُ
أعَدَّ تَوْفِيقُكَ الأسْطُولَ يقدمُها
ندبٌ أتى الملكَ عيناً وهوَ إنسانُ
محمدٌ وكفانا من فتى هرمتْ
بهِ الليالي وقاراً وهيَ شبانُ
لمّا زَكا غُصُناً في دوحِ سؤددكم
تاهَتْ قَنا الخَطِّ لمّا قِيلَ أغْصانُ
القائدُ الخيلَ مجدولاً أياطلها
كأنما هيَ في الأرسانِ أرسانُ
كأنما هيَ فوقَ الهامِ تيجانُ
رقتْ حنيناً إلى الإعجابِ ، لا عجباً
أن رقَّ حبٌّ إلى الأوطانِ حنانُ
حامي الذِّمارِ ونارُ الحربِ حامية ٌ
طَلْقُ المُحَيّا وحدُّ السّيفِ غَضْبانُ
يبكي الصفاحَ نجيعاً وهوَ مبتسمٌ
ويوسِعُ السُّمْرَ رِيّاً وهْوَ ظَمْآنُ
يرى الدماءَ عقاراً والظبى زهراً
فالحربُ في زعمهِ راحٌ وريحانُ
يرمي بهِ البحرُ في فلكٍ زجرتَ بها
طيراً لهنَّ منَ الألواحِ أبدانُ
كأنّما البحرُ معنًى مُشْكِلٌ صَدَعَتْ
عويصَ أشكالهِ منهنَّ أذهانُ
خُضرٌ ودُهمٌ وحُمْرٌ ما بدتْ علِمَتْ
بها أعادِيَكَ أنَّ المَوْتَ ألْوانُ
فالخضرُ قضبٌ لها الأعلامُ عن ورقٍ
لوْ أثمرتْ قبلها بالحتفِ قضبانُ
و الحمرُ يرمي بها الموجُ الخضمُّ كما
تَخْتالُ في زَهَراتِ الوردِ كُثبانُ
والدُّهمُ تستوقِفُ الأبصارُ حكمتها
كأنها فوقَ خدَّ الماءِ خيلانُ
كأنما عدوها إثرَ الطريدِ بها
رَقْصٌ بحيثُ صليلُ الهِندِ ألحانُ
بِعصبة ٍ أُنْهِضوا للمَوْتِ وائْتُمِنُوا
على الحفاظِ فما خانوا ولا حانوا
أعطافهمْ مثلُ ما هزوهُ مائلة ٌ
وجوهُهُمْ مِثْلُ ما سلُّوهُ غُرَّانُ
أعطاهمُ الحزمُ أيماناً مؤيدة ً(3/479)
أنَّ الضلالَ ذليلٌ حَيثُما كانوا
إن شئتَ رعتَ بهمْ أرضَ الشقاءِ فلمْ
يَعْضُدْهُ من دولة ِ المخذولِ صلبانُ
فَقَبلَكُمْ ما أتى موسى بآيته
مصراً فَلَمْ يُغنِ عَنْ فرعونَ هامانُ
و هلْ ينازعكمْ منْ عزمهُ عبثٌ
كالريحِ لَمْ يُجْرِها مِنْهُ سُليمانُ
لولاكَ لم يحسدِ الملحَ الفراتُ ولا
جُنَّتْ بسبتَة َ يومَ الفخرِ بغدانُ
قَدْ طابَ ذكرُكَ حتى الشهدُ مُطّرَحٌ
و فاحَ حتى استبينَ المسكُ والبانُ
و الناسُ شتى أعادٍ في مذاهبهمْ
لكِنّهُمْ في هواكَ اليَوْمَ إخْوَانُ
يأوي لظلكَ محميٌ ومطردٌ
كالرَّوْضِ يرتادُهُ ظبيٌ وسِرْحَانُ
ويشتهي جُودَكُمْ مثرٍ وذُو عَدَمٍ
كالخمرِ يَعْشَقُها صاحٍ ونَشْوانُ
ملكٌ فتى البأسِ كهلُ الرأيِ متضحٌ
عالي الذُؤابَة ِ رحبُ البَاعِ يَقْظانُ
أغرُّ للجاهِ مِنْهُ مَنطِقٌ سَدَدٌ
إلى الصوابِ وبعضُ الجَاهِ إلحانُ
كأنّما الناسُ ألفاظٌ لهُنَّ بِهِ
رَفْعٌ وخفضٌ وتَحْرِيكٌ وإسْكانُ
من كلَّ قولٍ لهُ فصلٍ يصيبُ بهِ
و كلَّ فعلٍ لهُ بالعدلِ ميزانُ
وكُلُّ وقتٍ ربيعٌ مِنْ خَلائِقِهِ
وكلُّ روضٍ بِهِ في الطِّيبِ بُستانُ
حملُ الأما نة ِ هيـ ـنٌ في سجيتهِ
و هل يحسُّ حصاة ً فيهِ ثهلانُ
إذا تكلّمَ أصْغى الدهرُ مستمعاً
كما يصيخُ لداعي الماءِ ظمآنُ
كأنما بردتا أثوابِ هيبتهِ
كسرى ويأخُذُ عَنْهُ الرأيَ لقمانُ
جزى الإساءَة َ بالحسنى مسامحة ً
حتى تخيلَ أنَّ الذنبَ قربانُ
يا دهرُ شُدَّ عَلَيْهِ كفَّ ذي مِقة ٍ
وابخَلْ بِهِ إنَّ بَعضَ البخل إحسانُ
وأنْتَ مُتّهَمٌ إلاّ عَلَيْهِ، فها
علق بهِ سبتة تحظى وتزدانُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا سميَّ المصطفى يا بغيتي
يا سميَّ المصطفى يا بغيتي
رقم القصيدة : 11039
-----------------------------------
يا سميَّ المصطفى يا بغيتي
يا مُنى نفسي وحظّي من زماني
علقتْ منكَ بناني أملاً
ليسَ لي منهُ سوى عضَّ بناني
يا غزالاً صادَ آسادَ الشرى(3/480)
و قضيباً قدْ سبى سمرَ الطعانِ
بَرَّحَ الشوقُ إلى عينَيْكَ بي
عجباً أصبو لسهميْ من رماني
لوعة ٌ بي منكَ أم بي لممٌ
ما النهى والحبُّ إلاّ طرفانِ
قلْ لحبَّ الصبَّ عنهُ آسلم وكن
من سلوّي واصْطباري في أمانِ
شَغَفٌ قُيِّدَ ما يبرحني
وفؤادٌ مولَعٌ بالطّيرانِ
ضمنتْ طولَ غرامي مقلة ٌ
تُتلِفُ الأنفُسَ في غيرِ ضمانِ
مائِلٌ بالودّ عَنّي نافرٌ
مرحٌ كالمهرِ يَطغى في العِنانِ
ليس بدعاً نفرة ٌ من شادنٍ
فَرِقٍ أو ميلة ٌ من غُصْنِ بانِ
فرَّ من عدنٍ وقد بانَ على
حسنهِ آثارها أيَّ بيانِ
فجرى في مرشفيهِ كوثرٌ
وازدهَتْ في وجنتيهِ جنّتانِ
أنْكَرَ العُذّالُ إعلاني بِهِ
شَأنُ من يعذلُ فِيهِ غيرُ شاني
الهَوَى عِندِيَ إيمانٌ فَلا
بُدَّ مِنْهُ في فؤادٍ ولِسانِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> رُعْ بجَيش اللذاتِ سِربَ الشُّجونِ
رُعْ بجَيش اللذاتِ سِربَ الشُّجونِ
رقم القصيدة : 11040
-----------------------------------
رُعْ بجَيش اللذاتِ سِربَ الشُّجونِ
و خذِ الكأسَ راية ً باليمينِ
لا تَرُدَّنَّ بالتنصُّلِ نَصْلَ اللو
م واقلبْ لَهُ مِجَنَّ المُجونِ
طلعتْ أنجمُ الكؤوسِ سعوداً
مُنذُ قابَلنَ أنجُمَ الياسَمِين
و ظلالُ القضبِ اللطافِ على النر
جستحكي مراوداً في عيون
آنساني وكفكفا دمعَ عيني
بسُلافٍ كدمعة ِ المحزون
ألفا جوهرَ الأزاهرِ والقط
رِ إلى جوهر الحبابِ المصون
و انظماها في ليلة ِ الأنسِ عقداً
مُلكُ كِسرى لديه غيرُ ثمين
كيف أمنتما على الشربِ شخصاً
لحظُه في القلوبِ غيرُ أمين
قامَ يسقي فصبَّ في الكأس نزراً
ثِقَة ً مِنه بالذي في الجُفون
و أتى نطقه بلحنٍ فأغنى
عن سماعِ الغناء والتلحين
إنَّ نارَ الحياء في خَدّ موسى
جَنّة ٌ تُثمِرُ المُنى كلَّ حِين
قسماً لا أحبه وأنا أقـ
سمُ أني حنثتُ في ذي اليمين
بَدْرُ تمٍّ لَهُ تمائِمُ كانت
وهي بُرءُ الجنونِ أصلَ الجنون
لَوْ رَقَاني بِرِيقِه لَشَفى مَكـ(3/481)
ـنونَ همي بلؤلؤٍ مكنون
أنا في ظُلْمَة ِ العَجاجِ شُجاعٌ
وجَبانٌ في نُور ذاك الجبين
كَتبَ الشَّعرُ فيه سِيناً فعوَّذ
تُ بِياسين حُسنَ تلك السّين
أتقي أعينَ الظباء ولكـ
ـنّ قلوبَ الآساد قد تتقيني
فكأني النوارُ بجنيه ظبيٌ
حينْ لا يجتنيهِ ليثُ العرين
كم نهاني عن حبّ موسى أناسٌ
عذلوني، فإن بَدا عَذروني
أكْبَروهُ ولم تُقَطَّعْ أكُفٌّ
بمدى بل قلوبهم بجفون
ليتني نلتُ منه حظا وأجلتْ
ليلة ُ الوصلِ عن صَباح المَنُون
و قرأنا بابَ المضاف عناقاً
و حذفنا الرقيبَ كالتنوين
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ضَمانٌ على عَينيكَ أنِّيَ عانِ
ضَمانٌ على عَينيكَ أنِّيَ عانِ
رقم القصيدة : 11041
-----------------------------------
ضَمانٌ على عَينيكَ أنِّيَ عانِ
صرَفتُ إلى أيدي العَناء عِناني
وقد كنتُ أرجو الوصلَ نَيلَ غنيمة ٍ
فحسبيَ فيه اليومَ نيلُ أمانِ
أطَعتُ هَوَى طَرفي لحَتفي لوَ أنني
غضضتُ جفوني ما عضضتُ بناني
ومَن لي بجسمٍ أشْتكي مِنه بالضَّنى
وقلبٍ فأشْكُو مِنه بالخفَقَان
و ما عشتُ حتى الآنَ إلاَّ لأنني
خفيتُ فلمْ يدرِ الحمامُ مكاني
ولو أنَّ عُمْري عُمرُ نوحٍ وبعتُه
بساعة ِ وصلٍ منكَ قلتُ: كَفاني
و ما ماءُ ذاكَ الثغرِ عندي غالباً
بماء شَبابي واقتِبالِ زماني
إذا اليأسُ ناجى النفسَ منك بلنْ ولا
أجابتْ ظنوني : ربما وعساني
خَليليَّ عِندي للسُّلوّ بَلادَة ٌ
فإن شِئتُما عِلْمَ الهوى فسَلاني
خذا عدداً من مات من أولِ الهوى
فإن كان فرداً فاحسباني ثاني
فإن قال شخصٌ : أينَ أعشقُ عاشقٍ
تخيّلتُه دونَ الأنامِ عَناني
مَراضِعُ موسى أو وصالُ سَميِّه
نظيرانِ في التحريمِ يشتبهان
أقولُ وقد طال السُّهادُ بذِكره
وقد كلّ نَسْرُ الشُّهْبِ بالطّيَران
وقد خَفَق البرقُ الطَّرُوبُ كأنّه
حُسامُ شُجاعٍ أو فؤادُ جَبان
يشقُّ حداد الليلِ منهُ براحة ٍ
مُخضَّبة ٍ أو دِرعَهُ بسِنان
تراءى لعيني خلباً وانتجعته(3/482)
فأمطرني من مقلتي وسقاني
أشارَ تجاهي بالسلامِ فلو دعا
بها البرقُ قبلي عاشقاً لدعاني
فبتُ بأشواقي قتيلاً وإنما
نجيعيَ دمعي فاض أحمرَ قان
كأنَّ نجومَ الليلِ حولي مآتمٌ
غُرابُ الدُّجى ما بَينهنَّ نَعاني
خررتُ لذكراه على التربِ ساجداً
فإن لاحَ من قُربٍ فكيف تَراني
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يميناً بديني إنه الحبُّ فيكَ أو
يميناً بديني إنه الحبُّ فيكَ أو
رقم القصيدة : 11042
-----------------------------------
يميناً بديني إنه الحبُّ فيكَ أو
بقِبلة ِ نُسكي إنه وجهُكَ الحَسَنْ
لحبكَ من قلبي وإن سلطَ الضنى
على جسدي أشفى من الروح للبدنْ
فيا وطنَ السُّلوانِ والعِشقِ غُربة ً
ألا عَودَة ً باللَّهِ في ذلك الوَطَنْ!
لقد طال حَربُ النوم فيك لناظرِي
ألا هدنة منه ودعها على دخنْ
يظنُّ هوى موسى بأني قتيله
سأجعلُ نفسي فيه واللَّهِ حيث ظنّ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> جاهَدْتَ في تمهيد حِمصٍ راحلاً
جاهَدْتَ في تمهيد حِمصٍ راحلاً
رقم القصيدة : 11043
-----------------------------------
جاهَدْتَ في تمهيد حِمصٍ راحلاً
عَنْها وزِنْتَ فِناءَها مُستَوْطِنا
كالنجمِ حلَّ مُحَسِّناً في أُفْقِهِ
وانقَضَّ مِنْهُ حَامِياً ومحَصّنا
كالسيفِ أغمدهُ يكنْ لك حلية ً
أو لا فجردهُ يكنْ لك مأمنا
كالبيِ كانَ منَ القصيدة ِ بيتها
و ازدادَ حسناً حينَ جاءَ مضمنا
كالغيثِ في البلدِ المحيلِ أتى على
حسنِ الدعاءِ وسارَ عن حسنِ الثنا
ولقَدْ تهادَتْكَ البِلادُ فأنْتَ ريـ
ـحانٌ هناكَ وأنتَ نوارٌ هنا
بارَاكَ قَوْمٌ في العُلا ولعِلَّة ٍ
عزَّ الجمانُ إذا الحصى لا يقتنى
زجُّ القناة ِ مشابة ٌ لسنانها
حتى يهمَّ محاربٌ أن يطعنا
دَعْ مَنْ يُنازِعُكَ الغَناءَ فإنّهُ
خرسٌ ينازعُ معبداً حسنَ الغنا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ولازَوَرْدٍ باهرٍ نُورُهُ
ولازَوَرْدٍ باهرٍ نُورُهُ
رقم القصيدة : 11044(3/483)
-----------------------------------
ولازَوَرْدٍ باهرٍ نُورُهُ
مُستَظرَفِ الأوصافِ مُستَحسَنِ
كأنه من حُسنِ مَرآه قد
ذابتْ عليه زرقة ُ الأعينِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لي صاحبٌ تركَ النساءَ تظرُّفاً
لي صاحبٌ تركَ النساءَ تظرُّفاً
رقم القصيدة : 11045
-----------------------------------
لي صاحبٌ تركَ النساءَ تظرُّفاً
مِنْهُ ومالَ إلى هَوَى الغِلْمانِ
فعذلتهُ يوماً وقدْ أبصرتهُ
يُعْنى بِقَوْدِ فلانة ٍ لفُلانِ
فأجابتني إن اللواط إذا عتا
قد بنثني قوداً على النسوانِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لا تَركَننَّ مع الذُّنوبِ لعِزَّة ٍ
لا تَركَننَّ مع الذُّنوبِ لعِزَّة ٍ
رقم القصيدة : 11046
-----------------------------------
لا تَركَننَّ مع الذُّنوبِ لعِزَّة ٍ
إنَّ المُريبَ بذُعرِه مُتكفِّنُ
الصبرُ عمّا أشتَهِيه أخَفُّ من
صَبري لما لا أشتَهِيه وأهْوَنُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أشمسٌ في غلالة ِ أرجوانِ
أشمسٌ في غلالة ِ أرجوانِ
رقم القصيدة : 11047
-----------------------------------
أشمسٌ في غلالة ِ أرجوانِ
وبدرٌ طالعٌ في غُصنِ بانِ
وثَغرٌ ما أرى أم نَظمُ دُرٍّ
و لحظٌ ما حوى أم صارمانِ
و خدٌّ فيه تفاحٌ ووردٌ
عليه من العقاربِ حارسانِ
و يعذلني العواذلُ فيه جهلاً ،
عزيرٌ ما يقولُ العاذِلان
فقالوا: عبدُ موسى قلتُ: حقّاً
فقالوا: كيف ذا؟ قلتُ: اشتراني
فقالوا: هل عليكَ بذا ظَهِيرٌ
فقلتُ : نعم عليَّ وشاهدان
فقالوا:: هل رضِيتَ تكون عبداً
لقد عرضتَ نفسكَ للهوان
فقلتُ : نعم أنا عبدٌ ذليلٌ
لمن أهوى فخَلّوني وشاني
بنَفسي من يُفدّيني بنفسٍ
جُعِلتُ فِداهُ لمّا أن فَداني
سألتكَ حاجة ً إن تقضها لي
فقال: نعم قضيت وحاجتان
فقلت: أشَمُّ من خدَّيكَ ورداً
فقال : وما تضمُّ الوجنتان
فقلت: أخاف صُدغَكَ أن يراني
و ما أنا من لحاظكَ في أمان
فقالَ : أعاشقٌ ويخاف رمياً(3/484)
جَبُنْتَ وما عَهِدتُكَ بالجبان
كذاك الصَّبُّ يَعذِرُ كلَّ صَبٍّ
تحكمْ ما تشاءُ وفي ضماني
فكان تحكماً لا وزرَ فيه
أيَكتُبُه عليَّ الكاتِبان
أديرا الراحَ ويحكما سلافاً
فإنْ دارتْ عليَّ فعاطِياني
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> دَنِفٌ قضى عِزُّ الجَمالِ بهُونِهِ
دَنِفٌ قضى عِزُّ الجَمالِ بهُونِهِ
رقم القصيدة : 11048
-----------------------------------
دَنِفٌ قضى عِزُّ الجَمالِ بهُونِهِ
فقضى أسًى قبلَ اقتِضاء دُيونِهِ
وأغَرَّ تتلو الفجرَ غُرَّتُه كما
تَتلُو لقلبي فاطِراً بجُفونِهِ
هو للغرابة ِ في الجمالِ عرابة ٌ
أخذ المحاسِنَ راية ً بيَمِينِه
حَلّيتُ شِعري من بديع صِفاتِه
بطَلاوة ٍ تُغنِيه عن تَلحِينه
في خدّ موسى نَقْطُ خالٍ رائِقٍ
نَورُ العِذارِ مُحَلأٌ من نُونه
فترى صحيفة َ كاتبٍ مُتماجِنٍ
قد خطَّ قبلَ النونِ نقطة َ نونهِ
يجري بفيهِ كوثرٌ في جوهرٍ
أرخصتُ جوهرَ أدمعي لثمينه
آهاً للؤلؤ ثَغرِه هَلْ يَشتفي
مكنونُ ذاك الشوقِ من مكنونه
إن رمتُ منه الوصلَ فعلاً حاضراً
أومَتْ للاستِئنافِ سِينُ جَبينِه
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> بأبي جفونُ معذبي وجفوني
بأبي جفونُ معذبي وجفوني
رقم القصيدة : 11049
-----------------------------------
بأبي جفونُ معذبي وجفوني
فَهِيَ التي جَلَبتْ إليَّ مَنُوني
ما كنتُ أحسَبُ أنَّ جفني قَبلها
يقتادني من نظرة ٍ لفتونِ
يا قاتلَ اللهُ العيونَ لأنها
حكمتْ علينا بالهوى والهون
ولقد كتَمتُ الحبَّ بَينَ جوانحي
حتى تكلّمَ في دُموعِ شُؤوني
هيهاتَ لا تخفى علاماتُ الهوى
كاد المريبُ بأن يقولَ : خذوني
وبمُهجَتي ألحاظُ ظَبية ِ وَجْرة ٍ
حراسُ مسكنها أسودُ عرين
سدوا عليَّ الطرقَ خوفَ طريقهم
فالطّيفُ لا يَسري على تأمِين
أوَما كَفاهُمْ مَنعُهمْ حتى رمَوا
مِنها مُبَرَّأة ً برَحْمِ ظُنون
و توهموا أنْ قد تعاطتْ قهوة ً
لمّا رأوها تَنثني مِن لِين(3/485)
واستَفهمُوها: من سَقاكِ؟ وما درَوا
ما استُودِعَتْ من مَبسِمٍ وجُفون
ومِنَ العجائبِ أنهم قَدْ عرَّضُوا
بي للفتونِ وبعده عذلوني
خدعوا فؤادي بالوصالِ وعندما
شَبُّوا الهوى في أضلُعي هَجروني
لو لم يريدوا قتلتي لم يُطعموا
في القربِ قلبَ متيمٍ مفتون
لم يرحموني حين حان فِراقُهم
ما ضرَّهُمْ لَوْ أنهم رَحِموني
ومِنَ العَجائبِ أن تَعجّبَ عاذلي
مِن أن يَطولَ تشوُّقي وحنيني
يا عاذلي ذرني وقلبي والهوى
أأعَرتني قلباً لحملِ شُجوني
يا ظبية ً تلوي ديوني في الهوى
كَيفَ السبيلُ إلى اقتضاء دُيوني
بيني وبينكِ حين تأخذُ ثارها
مرضى قلوبٍ من مراضِ جفونِ
ما كان ضَرَّكِ يا شقيقة َ مُهجتي
أن لو بَعثتِ تحيّة ً تُحْيِيني
زكيجمالاً أنتِ فيه غنية ٌ
و تصدقي منهُ على المسكين
مني عليَّ ولوْ بطيفٍ طارقٍ
ما قَلَّ يَكثُرُ من نَوالِ ضنين
ما كنتُ أحسَبُ قبل حُبّك أن أرى
في غيرِ دارِ الخلدِ حورَ العين
قَسَماً بحُسنكِ ما بَصُرتُ بمثلِهِ
في العالمينَ شهادة ً بيمين
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> قد كتبَ الحسنُ على خدهِ
قد كتبَ الحسنُ على خدهِ
رقم القصيدة : 11050
-----------------------------------
قد كتبَ الحسنُ على خدهِ
إنا فتحنا لكَ فتحاً مبينْ
يا قَلْبُ إن مِلتَ إلى غيرهِ
ما أنْتَ إلاّ في ضلالٍ مُبينْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> قُلْ لمن أسهرَ بالعينِ الجفونْ
قُلْ لمن أسهرَ بالعينِ الجفونْ
رقم القصيدة : 11051
-----------------------------------
قُلْ لمن أسهرَ بالعينِ الجفونْ
مثلكَ التَّصبارُ عَنْهُ لا يكونْ
خَفَقَ النّهْرُ بِحِمصٍ بعدما
بنتَ والطيرُ بدَتْ منها شجونْ
واللّيالي بَعْدما كنّا بها
في نهارٍ أُلبسَتْ داجي الدجونْ
يا أخا الفضلِ ويا ربَّ العلا
والمعاني الغُرِّ في تلكَ الفنونْ
أينَ عَيْشي بكَ في ظلّ المنى
في فنونٍ دائماتٍ وفتونْ
بخليجٍ لم نزلْ نجري بهِ
قصبَ السبقِ بغاياتِ المجونْ(3/486)
حيثُ مدَّ النهرُ منهُ معصماً
يتمنى لثمهُ زهرُ الغصونْ
و جرى الظلُّ عليهِ سجسجاً
مثلما أبصرتَ كحلاً في العيونْ
أترى الخضراءَ تنسي مثلهُ
رجَّمَ الإخوانُ في هذا الظنونْ
يَنْقضي العامُ ويَتْلو آخَرٌ
والنَّوى لا تنقضي! هذا جنونْ
إن أساء الخلُّ مِنْهُ أدباً
فبفرطِ الشوقِ والوجدِ يهونْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> طَمَحتَ بأجفاني فأنسيتَها الغُمْضا
طَمَحتَ بأجفاني فأنسيتَها الغُمْضا
رقم القصيدة : 11052
-----------------------------------
طَمَحتَ بأجفاني فأنسيتَها الغُمْضا
وأجنَيْتني من وجْنتَيكَ هوًى غَضَّا
أيقبلُ شوقي سلوة ً عن مقبلٍ
يسومُ ختامَ الصبرِ خاتمهُ فضا
أموسى أيا بعضي وكلّي حقيقة ً
و ليس مجازاً قوليَ الكلَّ والبعضا
خفضتَ مكاني إذ جزمتَ وسائلي
فكيفَ جمَعتَ الجَزمَ عنديَ والخفضا
شددتُ بجبلِ الشمسِ منك أناملي
لحظّي وإنَّ الحظَّ يَقطعُها عَضَّا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> صرحْ بما عندي ولو ملأ الفضا
صرحْ بما عندي ولو ملأ الفضا
رقم القصيدة : 11053
-----------------------------------
صرحْ بما عندي ولو ملأ الفضا
ما لي وللتعريضِ فيمن أعرضا
لي شادنٌ صادَ الأسودَ بمقلة ٍ
ألقى الكميُّ لها الذوابلَ معرضا
غُصنٌ مَنابتُه القلوبُ وكوكبٌ
ما نوْهُ إلاَّ المدامعُ فيضا
ما طالَ لَيلي بعده بَلْ ناظري
يأتي الصباحُ فلا يراهُ أبيضا
أبكي ويضحكُ راضياً بصبابتي
فالصبُّ يجني السخطَ من ذاك الرضا
لا تلقَ أنفاسي بثغركَ إنه
بردٌ أخافُ عليه من جمرِ الغضا
طار الكرى لكنَّ وجدي قصَّ في
وكرِ الضلوع فلم يطقْ أن ينهضا
أصبو إلى قِصَصِ الكَليم وقَوْمِه
قصداً لذكراكَ عندها وتعرضا
أشكو إلى الحَدَقِ المِراضِ وضَلّة ٌ
أن يَشتكي هَدَفٌ إلى سهمٍ مضى
بلوى على القلبِ المعذبِ جرها
لحظي الظَّلومُ ولحظُ موسى والقضا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> شفقٌ وشتهُ خضرة ٌ في حمرة ٍ(3/487)
شفقٌ وشتهُ خضرة ٌ في حمرة ٍ
رقم القصيدة : 11054
-----------------------------------
شفقٌ وشتهُ خضرة ٌ في حمرة ٍ
فَكأنّهُ خدُّ الحبيبِ مُعرّضا
و الشمسُ تنظرُ نحوهُ مصفرة ً
قَدْ شَمّرتْ ذيلَ الوَداعِ لتنهضا
كالصبِّ حين رأى عِذارَ حبيبه
لما بدا فسلا وولى معرضا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> خضَعتُ وأمرُكَ الأمرُ المطاعُ
خضَعتُ وأمرُكَ الأمرُ المطاعُ
رقم القصيدة : 11055
-----------------------------------
خضَعتُ وأمرُكَ الأمرُ المطاعُ
و ذاع السرُّ وانكشفَ القناعُ
و هل يخفي لذي وجدٍ حديثٌ
أتخفي النارُ يحملها اليفاعُ
أشاعوا أنني عبدٌ لموسى
نعم صدقوا عليًّ بما أشاعوا
وقد سكَتَ الوشاة ُ اليومَ عني
أقرَّ الخصمُ فارتفَعَ النّزاع
عبَدتُ هواكَ فاستَهوى عفافي
كأنَّ الوُدَّ وَدٌّ أو سُواع
بعثتُ وسيلة ً لك من وِدادي
فصافَحَ وفدَها منكَ الضَّياع
هلكتُ بما رجَوتُ بِه خلاصي
و قد يردي سفينته الشراعُ
نفَى سهَري الخيالَ فهل رُقادٌ
يُعارُ لوصلِ طيفِكَ أو يُباعُ
لقد أربى هواكَ على عذابي
كما أربتْ على الأدبِ الطباع
أخافُ عليك أن أشكوكَ بَثّي
مشافهة ً فيخجلكَ السماع
و إن عبرتُ عن شوقي بكتبٍ
تلهبَ في أنامليَ اليراعُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> تَنازَعُني الآمالُ كَهلاً ويافِعا
تَنازَعُني الآمالُ كَهلاً ويافِعا
رقم القصيدة : 11056
-----------------------------------
تَنازَعُني الآمالُ كَهلاً ويافِعا
ويُسعِدني التعليلُ لو كانَ نافِعا
وما اعتَنَقَ العَليا سوى مُفرَدٍ سرى
لهَولِ الفَلا والشوقِ والسَّوقِ رابعا
رأى عزماتِ الشوق قد نوعتْ به
فساعدَ في اللهِ النوى والنوازعا
و ركبٍ دعتهمْ نحو " يثربَ " نية ٌ
فما وجَدتْ إلاَّ مُطيعاً وسامِعا
يُسابقُ وَخْدَ العِيس ماءُ شؤونهم
فيفنون بالشوقِ المدى والمدامعا
إذا انْعطفوا أو رجَّعوا الذكرَ خلتَهم
غُصُوناً لِداناً أو حَماماً سواجعا(3/488)
تضيءُ من التقوى حنايا صدورهمْ
وقَدْ لَبِسوا اللّيْلَ البهيم مَدارعا
تلاقى على وادي اليَقينِ قلوبُهمْ
خوافِقَ يُذْكِرْنَ القَطا والمَشارِعا
قلوبٌ عرَفْنَ الحقَّ فهي قد انطوتْ
عليها جُنوبٌ ما عرفْنَ المَضاجِعا
تكاد مناجاة ُ النبيّ محمدٍ
تَنِمُّ بها مِسكاً على الشَّمّ ذائِعا
تخالُهُمُ النّبتَ الهشيمَ تغيُّراً
و قد فتقوا روضاً من الذكر يانعا
سقى دمعهم عرسَ الأسى في ثرى الجوى
فأنْبَتَ أزْهارَ الشُّجون الفَوَاقِعا
فذاقوا لبانَ الصدقِ محضاً لعزِّهِمْ
وحَرَّمَ تفريطي عليّ المَراضِعا
خُذوا القلبَ يا رَكبَ الحجازِ فإنني
أرى الجِسمَ في أسر العلائِق قابِعا
و لا ترجعوه إن قفلتمْ فإنما
أمانتكمْ ألاّ تردوا الودائعا
مع الجمراتِ ارموه يا قومُ إنه
حَصاة ٌ تَلَقّت من يدِ الشوقِ صادعا
وحطوا رجائي في رجا زمزم الصفا
وخَلّوا المُنى تجمَعْ غَليلاً وناقعا
تخلّصَ أقوامٌ وأسلمني الهوى
إلى علقٍ سدت عليَّ المطامعا
همُ دخلوا بابَ القبولِ بقرعهمْ
و حسبيَ أن أبقى لسنيَ قارعا
و واللهِ ما لي في الدخولِ وسيلة ٌ
ترجى ولكنْ أعرفُ البابَ واسعا
أيَنفكُّ عزمي عن قيودٍ ثقيلة ٍ
أيمحو الهوى عن طِينة ِ القلبِ طابعا
و تسعفُ " ليتٌ " في قضاء لبانتي
و تتركُ " سوفٌ " فعلَ عزمي المضارعا
إذا شرقَ الارشادُ خابت بصيرتي
كما بعثتْ شمسٌ سراباً مخادعا
فلا الزَّجْرُ يَنهاني وإن كان مُرهِباً
ولا النُّصحُ يَثنيني وإن كان ناصعا
بنيتَ بناءَ الحرفِ خامرَ طبعه
فصار لتأثيرِ العَوامِلِ مانعا
بلغتَ نصابَ الأربعينَ فزكها
بفعلٍ تُرى فِيه مُنيباً ورابعا
وبادِرْ بَوادي السَّمّ إن كنتَ راقِياً
و عاجلْ رقوعَ الفتقِ إن كنتَ راقعا
فما اشتبهتْ طرقُ النجاة ِ وإنما
ركبتَ إليها من يقينكَ ظالعا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> للهِ سرُّ جمالٍ أنتَ موضعهُ
للهِ سرُّ جمالٍ أنتَ موضعهُ
رقم القصيدة : 11057
-----------------------------------(3/489)
للهِ سرُّ جمالٍ أنتَ موضعهُ
والسرُّ حَيْثُ يَشاءُ اللَّهُ يودِعُهُ
من كانَ يُنْكرُ أنّ الخَلْقَ جُمِّعَ في
شخصٍ فَفِيكَ بَيانٌ ليس يدفَعُهُ
فمنكَ في كلَّ عينٍ ما تقرُّ بهِ
و منكَ في كلَّ جأشٍ ما يروعهُ
إذا انْطَوَى لك قَلْبٌ فوقَ مَوْجدة ٍ
تبرأتْ منهُ أو عادتهُ أضلعهُ
للناسِ إن ركبوا نهجَ الفخارِ بنيـ
ـات الطريقِ ولابنِ الجدِّ مَهْيعُهُ
ما صورتْ لسوى التنويلِ راحتهُ
و لا لغيرِ استماعِ الحمدِ مسمعهُ
وجهٌ يُضيءُ ويُمنى سَيْبُها غَدِقٌ
كالبدرِ وافقَ فيضَ النيلِ مطلعهُ
كالغيثِ لكنهُ ريٌّ بلا شرقٍ
والغَيثُ قد يُشرِقُ الورَّادَ مَشْرَعُهُ
كالطلَّ لكن يردى النورَ لابسهُ
والظلِّ لا يقبلُ الأنوارَ موقِعُهُ
بِفِكرِهِ من مَصيفٍ شبَّ لفحتُهُ
و كفهِ من ربيعٍ ربَّ مربعهُ
زادتْ وزارتهُ إذ ثنيتْ شرفاً
مُزَوَّجُ الدُّرِّ أبهاهُ وأبْدعُهُ
إحداهُما صارِمٌ مِنْ فَوْقَ عاتِقِهِ
وأِخْتُها عَلَمٌ في الكفِّ يَرفعُهُ
أو هُدْبُ حُلّتِهِ في السلمِ يلبَسُها
و هذهِ في الوغى سردٌ يدرعهُ
أو تلكَ مغفرُ عزٍ فوقَ مفرقهِ
و تلكَ تاجٌ معاليهِ ترصعهُ
مَنْ عَزْمُهُ لِصُدوعِ الحقِّ يَجبرها
و رأيهُ لظلامِ الشكّ يصدعهُ
فذاكَ بابٌ إلى الإرشادِ يَشْرَعُهُ
و ذا سنانٌ إلى الإلحاد يشرعهُ
كم ماكرٍ بطلتْ عن ذاك خدعتهُ
وذِي عتوٍّ بهذا لأنَ أخْدعُهُ
وكَمْ مكانٍ مِنَ العَلْياءِ يَفْرَعُهُ
بذا وكمْ نظرٍ عنْ ذا يفرعهُ
فإنْ رمى قرطستْ بالسهمِ نزعتهُ
و إنْ رأى صادفَ التوفيقَ منزعهُ
تنبو المضاجعُ عنهُ في الدجى سهراً
ليطمئنَّ بجنبِ الدِّينِ مَضْجِعُهُ
فلا الكثيرُ منَ الدنيا يشاغلهُ
و لا الكفافُ منَ العلياءِ يقنعهُ
لطَابَ نَفسُ أميرِ المؤمِنينَ ولَمْ
يدعْ لصوتِ الهدى الداعي تورعهُ
لمّا تحرَّكَ يأجوجُ النّفاقِ بنى
لَهُ سدادُكَ سدّاً لا يضعضعُهُ
لو أعربتْ طاعة ٌ عن طائعٍ شهدتْ
بأنها لكَ طوقٌ ليسَ تخلعهُ(3/490)
ولو تُشَقُّ عن المنصورِ تُرْبَتُهُ
أثنى عَلَيكَ لعَهْدٍ لا تضيِّعُهُ
حفظتَ للحافظِ المرحومِ سيرتهُ
و الأصلُ إن طابَ طابتْ عنه أفرعهُ
رجاحة ٌ عصتِ الغاوينَ نبعتها
و نائلٌ طاوعَ العافينَ منبعهُ
شيدتَ عهدك فالتقوى دعائمهُ
و اشتقَّ منهُ بناءٌ ظلتَ تصنعهُ
فالعهدُ أكرمُ منويٍ وأوثقهُ
و الدارُ أسعدُ مبنيٍ وأرفعهُ
أنْتَ الذي أُسِّسَتْ بالصدق بَيعتهُ
كمثلِ ما أسستْ باليمنِ أربعهُ
ما بالبناءِ اضطرارٌ أن تحسِّنَهُ
سكناكَ يملأهُ حسناً ويوسعهُ
منازلُ البدرِ لا تحتاجُ تحلية ً
فغرة ُ البدرِ فيها الحليُ أجمعهُ
أمّا الفَعالُ فمَا تأتِيهِ أشْرَفُهُ
أو الكَلامُ فشعري فِيكَ أبْدَعُهُ
تبرع النظمُ في يحيى وطاوعني
وَمِنْ بَراعة ِ مَمْدُوحي تبرُّعُهُ
راجيك مستشعرٌ حربَ الخطوبِ وما
غيرُ الخطابة ِ والأشعارِ مَفْزَعُهُ
لَوْ قادَ مِنْ فَقْرِهِ قَوْلاً يُفَقِّرُهُ
أوْ لوْ يشجعهُ لفظٌ يسجعهُ
و شيمة ُ الزمنِ المذمومِ تؤيسهُ
و عادة ُ السيد المحمودِ تطمعهُ
أيسلمُ المجدُ آمالي إلى قلمٍ
تنهلُّ لي رحمة ً في الطِّرْسِ أدْمُعُهُ
إلَيْكَ مرجعُ تأميلي فَكَيفَ ترى
تَخْييبَهُ ولأوفى الناس مَرْجِعُهُ
علقتُ أمداحكَ الحسنى على أذني
تمائماً منْ جنونِ العدمِ تمنعهُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أموسى لقد أوردتني شرَّ موردٍ
أموسى لقد أوردتني شرَّ موردٍ
رقم القصيدة : 11058
-----------------------------------
أموسى لقد أوردتني شرَّ موردٍ
و ما أنا فرعونٌ كفورُ الصنائعِ
سحرتَ فؤادي حين أرسلتَ حية الـ
ـعِذارِ وقد أغرقتني في مدامِعي
و ما كنتُ أخشى أن تكونَ منيتي
بكفيكَ والأيامُ ذاتُ بدائع
و واللهِ ما يلتذُّ سمعي وناظري
بغيركَ إنساناً وما ذاكَ نافعي
جَعلتَ عليَّ الصَّبرَ ضَربة َ لازِبٍ
وحرَّمتَ أن آتي إليكَ بشافِع
و ما أسفي أني أموتُ وإنما
حذاريَ أن ترمى َ بلؤمِ الطبائع(3/491)
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أهْدَتْ نجاتُكَ عُوذَة َ المتخوِّفِ
أهْدَتْ نجاتُكَ عُوذَة َ المتخوِّفِ
رقم القصيدة : 11059
-----------------------------------
أهْدَتْ نجاتُكَ عُوذَة َ المتخوِّفِ
و جلتْ إياتكَ بغية َ المتشوفِ
بهجَ الجميعُ بكَ ابتهاجَ الأرضِ في
محلٍ بإطلاقِ الحيا المتوقفِ
يا غُمَّة ً أجْلَتْ لَنا عَنْ فرحة ٍ
كالسجنِ أفْرَجَ عن إمارة ِ يوسفِ
مرضَ الوزيرُ المرتضى فبدتْ على
مرضِ الوجودِ دلائلٌ لا تختفي
ولذلكَ اعْتَلَّ النّسيمُ وأُلْبِسَتْ
شمسُ الأصيل شحوبَ شاكٍ مدنفِ
إنْ سرَّ مطلعهُ العيونَ فطالما
نامتْ أماناً في حماهُ الأكنفِ
أو مُدَّتِ الأيدي لَهُ تَدْعو فكَمْ
مدتْ إلى إحسانهِ المتوكفِ
ظَلَّ الزَّمانُ محيّراً لشكاتِهِ
فلو أنهُ عينٌ إذنْ لمْ تطرفِ
عجباً منَ الأيامِ تسقمهُ وما
زالتْ بهِ منْ كلَّ سقمٍ تشتفي
ما نالتِ الآلامُ منهُ سوى الذي
نالَ الصِّقالُ من الحسامِ المرهَفِ
حَفَّتْ بِنورِ أبي عليٍّ عصمة ٌ
لو جاورَتْ شمسَ الضحى لم تُكسفِ
إنْ غبتَ عن قومٍ فما غابَ الذي
عودتهمْ منْ نائلٍ وتعطفِ
كالنبتِ لا يلقى الغمامَ وإن غَدا
مُتَنَعِّماً برُضابِهِ المُتَرَشَّفِ
رِفْدٌ بصاحِبِهِ نقاءُ سريرة ٍ
وصفانِ من وصفِ السحابِ الموكفِ
كرمٌ يؤيدهُ التكرمُ قدْ حكى
غَيَدَ الغزالِ موكَّداً بتشوُّفِ
حَسَبٌ صقيلٌ فوقَ عزٍّ أشوسٍ
كسنا الفرندِ على سواءِ المشرفي
عزمٌ تألقَ في نواحي همة ٍ
كالنارِ تومِضُ باليَفاعِ المُشْرِفِ
ما فِيهِ من غيرِ التُّقى رَهَبٌ ولا
فِيهِ لغيرِ الجودِ شيمة ُ مُسرفِ
لا يبصرُ الزلاتِ وهيَ ظواهرٌ
تبدو، ويُبصرُ موضِعَ الفضلِ أ
أضدادُ مجدٍ لا تعاديَ بينها
نارُ البروقِ بمائها لا تنطفي
مُتناسبٌ في الفضل مكتملٌ فَلا
نقصُ الكفيف ولا اختلاف الأخيفِ
موفٍ على العَلْيا بأيسرِ سَعْيِهِ
نيلَ البليغِ مرادوهُ في أحرفِ
سعيٌ خلاصيٌّ قَدِ استصفى العُلا(3/492)
و لقدْ تتاحُ لهُ ولو لم يصطفِ
لو أنهُ التمسَ المساعيَ في الدجى
لم يختطفْ منهنَّ غيرَ الأشنفِ
نظَم المواهبَ كالقوافي جودُهُ
لا نظمَ مُنتحلٍ ولا متكلِّفِ
قد يُلْحِفُ العافونَ في تسآلهم
ما كنتُ أسمعُ بالكريمِ الملحفِ
إفكُ الدعاة ِ محتهُ دعوتكَ الرضى
فعصا الخطيبِ بها عصا متلقفِ
يُبدُونَ هَدْياً والمرادُ خِلافُهُ
فكأنَّ دعوتَهُمْ كلامُ مصحِّفِ
ناضِلْ بسيفِ اللَّهِ أوُ بكتابِهِ
و اشبعْ بظهرِ الطرفِ بطنَ المصحفِ
وإليكها ابنة َ ساعة ٍ لا تَلْتَقي
إلا بسمعٍ منصتٍ أو منصفِ
عذراءُ جاءتْ عَنْ لهاكَ وخاطرِي
فعجبتُ من كرَمِ القريضِ المُقْرِفِ
راقَتْكَ تسهيماً وصابَتْ أسهماً
فأتتكَ بينَ مفوقٍ ومفوفِ
أنا والبساطُ وأنتَ : أشرفُ مادحٍ
و أجلُّ ممدوحٍ وأشرفُ موقفِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أسْعِدِ الوجدَ بدمعٍ وكَفا
أسْعِدِ الوجدَ بدمعٍ وكَفا
رقم القصيدة : 11060
-----------------------------------
أسْعِدِ الوجدَ بدمعٍ وكَفا
لا تقلْ للدمعِ : حسبي وكفى
لستُ في دمِعي غَريقاً إنّما
جسدي خفَّ ضنى ً حتى طفا
جاد غيثُ الدمعِ من بعدكَ في
مُقلتي رسمَ الكَرى حتى عَفا
ذِكرُكَ الأعطَرُ يُبكيني دماً
ربَّ مسكٍ بشذاه رعفا
لستُ مشغوفاً بموسى إنّه
ليس لي قلبٌ فأشكو الشغفا
كنتُ أشكو في الهوى واليومَ قد
تبتُ ، يعفو اللهُ عما سلفا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> سألتُها عَلّة ً من ماءِ مَبْسِمِها
سألتُها عَلّة ً من ماءِ مَبْسِمِها
رقم القصيدة : 11061
-----------------------------------
سألتُها عَلّة ً من ماءِ مَبْسِمِها
تُطفي بها حَرَّ مَصدُوعِ الحشا دَنِفِ
فاستضحكتْ ثم قالت : ثغرُ ذي شنبٍ
في ثَغرِ ذي فَلَجٍ شيءٌ من الكُلَفِ
وما دَرتْ أنّه واللَّهِ لا عجَبٌ
أن يُوجَدَ الدُّرُّ مقروناً مع الصَّدَفِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أمالكَ في أمري إلى العدلِ مصرفٌ(3/493)
أمالكَ في أمري إلى العدلِ مصرفٌ
رقم القصيدة : 11062
-----------------------------------
أمالكَ في أمري إلى العدلِ مصرفٌ
حكمتَ فما أعطيتَ عدلاً ولا صرفا
يقول : أتشكو الميلَ مني ونفرتي
و بعدي ألستُ البدرَ والغصنَ والخشفا
تحنُّ إلى الخيري نفسي ويغتدي
نسيبيَ في تصحيفه يملأ الصحفا
و ما أسهرُ الظلماءَ إلاَّ لعله
ينشقني الخيريُّ من نشره عرفا
كأنَّ خيالي ليس يظهر غيره
و لا منصفي يدري خلافَ اسمه حرفا
يُمثَّلُ لي في كل شيء رأيتُه
و إن سألوا جاوبتهم باسمه عرفا
و لولا حيائي واتقاءُ محله
لقبلتُ نعليه برغمِ العدا ألفا
تأولتُ فيه الذلَّ قلتُ : تواضعٌ
وحَسّنْتُ تَرْكَ الصَّون سمّيتُه ظَرفا
ألا ليتَ شعري من بآخرِ سبحِ
و من هو في التنزيلِ قبل الذي وفى
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أرقتُ لبرقٍ بالحمى يتألقُ
أرقتُ لبرقٍ بالحمى يتألقُ
رقم القصيدة : 11063
-----------------------------------
أرقتُ لبرقٍ بالحمى يتألقُ
فقلبي أسيرٌ حيثُ دمعيَ مطلقُ
غذا فهتُ بالشكوى ترنم صاحبي
كما طارَحَ الغصنَ الحمامُ المطوَّقُ
فبتنا قرينَيْ لوعة ٍ نَصْطلي بِها
كأنا على النارِ الندى والمحلقُ
نقضّي ديونَ الشوقِ حتى قضى على
غرابِ الدجى بازي الصباحِ المحلقُ
وشفَّ عن النورِ الظلامُ كأنّهُ
حدادٌ على بيضِ الصدورِ يمزقُ
يمانعُ ضوءَ الفجرِ والفجرُ صادعٌ
كما عارضَ البرهانَ قولٌ ملفقُ
كأنَّ احمرارَ الأفقِ والفجرَ والدجى
دمٌ وحسامٌ مشرفيٌّ ومَفرِقُ
أيا جنة ً حلتْ لظى من جوانحي
أطيَّ ضلوعي جنة ٌ وهو يحرقُ
أيُنْكرُ قلبُ الصبِّ مُنْذُ سكنتَه
ليباً وحراً وهو للشمسِ مشرقُ
رعى اللهُ عهداً للصبا ليس يرتجى
و اخبارهُ متلوة ٌ تتشوقُ
وأرضاً يكادُ الليلُ في عَرَصاتها
لشدة ِ ما قد ضاوعَ المسكُ يعبقُ
سقاها سحابٌ مثلُ دمعي، ومِيضُهُ
كقلبي ، تشبُّ النارُ فيهِ ويخفقُ
يُداني الرُّبى حتى قصيرُ نباتِها
يكادُ بهِ من شوقهِ يتعلقُ(3/494)
كأنَّ حياهُ الجَوْدَ والنبتَ والثرى
بنانُ أبي بكرٍ وخطٌّ ومهرقُ
فتًى فِيه ما في الشُّهبِ والبرقِ والحَيا
فَمِنْها لَهُ ذهنٌ وكفٌّ ومَنْطِقُ
تخايلهُ في الغيثِ صعقٌ ورحمة ٌ
وفي الصارِمِ الهنديِّ حدٌّ ورونَقُ
تكفَّل مِنهُ راحة َ الدِّينِ خاطرٌ
تعوبٌ ونومُ الملكِ عزمٌ مؤرَّقُ
يظنُّ بهِ وهوَ المحوطُ ضياعهُ
كما ساء ظنّاً بالأحبّة ِ مُشْفِقُ
حمى ً في سماحٍ في قبولٍ كدوحة ٍ
تظلُّ وتجنى كلَّ حينٍ وتنشقُ
لَهُ قَلَمٌ قَدْ أُوتيَ الحُكْمَ شيمة ً
فلوْ كان طفلاً كان في المهدِ ينطقُ
بكى السيفُ منهُ غَيْرَة ً فبريقُهُ
على صفحتيهِ عبرة ٌ تترقرقُ
و ليس اهتزازُ الرمحِ للطعنِ خفة ً
ولكنّها من شدة ِ الرعبِ أوْلَقُ
قصيرٌ طويلُ الباعِ شاكٍ الضنى
تصحُّ بِهِ مرضى المعاني وَتُفْرِقُ
إذا ما جرى بالرزقِ فالمزنُ جامدٌ
ومهما جرى في الطرسِ فالبرقُ مؤنقُ
بثثتَ بأُفْقِ الغربِ كلَّ غريبة ٍ
من القول يشجى الشرق منها ويشرقُ
تسيرُ فتحكي البدرَ سيراً وغُرَّة ً
خلا أنّها معصومة ٌ ليس تمحقُ
يحاكي ثغورَ الغانياتِ ابتسامها
ومنظرها، والوردُ أروى وأورقُ
إذا وردتْ حفلاً تغامزَ أهلهُ
صحائفُ فُضَّتْ أم نوافجُ تُفْتَقُ
فمن مطلقٍ منهم عرى المدح مسهبٍ
و من صامتٍ عجزاً فمطرٍ ومطرقُ
لك النظمُ تهوى الشمسُ لو كسيتْ به
وَجُرِّدَ عَنْها نُورُها المتألّقُ
فيعشو لَهُ الأعشى إذا لاحَ نُورُهُ
ويجري جريرٌ ظالعاً حين يُعْنِقُ
هو الدُّرُّ: يُهدي الدُّرَّ بحرٌ مكدَّرٌ
زُعاقٌ وذا يهديه عَذْبٌ مروَّقُ
تكاملتَ بينَ الجودِ والشعر فاغتدى
عَلَيْكَ عِيالاً حاتمٌ والفرزدقُ
قريضٌ وقرضٌ للنهى فمسامعٌ
تشنفُ منها أو رقابٌ تطوقُ
لأخضلتَ جوداً واشتعلتَ نباهة ً
فزندكيوري حيثُ غصنك يورقُ
فإنّك في نفسِ المكارمِ والعُلا
طباعٌ وَخُلْقٌ والأنامُ تَخَلُّقُ
ألا وتَهنأْ موسماً لوفودِهِ
لقَدْ كادَ قبلَ الوقتِ نحوكَ يسبِقُ
و زاركَ دونَ الناس وحدكَ إنما(3/495)
ثناهُ التقى أو عادة ٌ ليس تخلقُ
وما منكما إلا سعيدٌ مُهَنَّأٌ
و لكنْ لذي اللبّ الهناءُ المحققُ
ودونَكها حسناءَ مِنْ غيرِ مُحْسِنٍ
كما جاء من ذي الذنبِ عذرٌ منمقٌ
أأهدي إلى شمس الضحى كوكبَ السها
وينفقُ لي في معدِنِ التبرِ زئبقُ
تحبُّ الورى الآدابَ وهي مُضاعة ٌ
فأحسبها الدنيا تلامُ وتعشقُ
ولولاك إذ أصْبحتَ حُجّة َ سعدِها
لكنتُ بدعوى الشُّؤْمِ فيها أصدِّقُ
كأنَّ مُلِمَّ الرزقِ طيفٌ وهمَّني
سهادٌ وليس الطيفُ في السُّهدِ يطرقُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا واحداً في الفضلِ حالفني ندى
يا واحداً في الفضلِ حالفني ندى
رقم القصيدة : 11064
-----------------------------------
يا واحداً في الفضلِ حالفني ندى
يدِهِ محالفة َ النّدى لمحلِّقِ
فازتْ منايَ بهِ وقرتْ أضلعي
هاتيكَ لم تُخفقْ وذي لم تَخْفقِ
فاضتْ لهاهُ وأطرفتْ في نوعها
أذهبنَ مذهبَ مغربٍ أو مغرقِ ؟
إن يكسُ عطفي فالسماءُ بجودها
تكسو الربى خلعَ النباتِ المونقِ
أما نداهُ فكوثرٌ وفناؤهُ
عَدْنٌ وهذا الزيُّ من إستبرَقِ
ما زالَ يُظهرُ فيَّ آية َ جودِهِ
حتى كساني بالسحابِ الأزرقِ
زَارَتْ سحائِبُهُ البقاعَ حفاوة ً
حيثُ السحابُ معَ الثرى لا يلتقي
إني سجعتُ حمامة ً بمديحهِ
فأفادني لونَ الحمامِ الأورقِ
ولقَدْ تمرَّسَ بي مَلِيّاً بحرُهُ
حتى تبينَ درهُ في منطقي
يا جودَهُ بَلَّغْتَني ما أشتهي
وملكتَني وكفيتَني ما أتَّقي
كنْ موسماً لمطامعي، أو ميسماً
في جبهتي ، أو مغفراً في مفرقي
يعطي ويحذو حذروهُ ابنٌ ماجدٌ
أخْذَ الرّبيعِ عن الغمامِ المغدقِ
ما حيلتي بِنَداكُما وقد التقى
بحرا سماحٍ في مجالٍ ضيقِ
ماذا التأنقُ في السماحة ِ خففوا
عنكمْ وعنْ هذا اللسانِ المرهقِ
ما المزنُ إلا محسنٌ لكنكمْ
حزتمْ شفوفَ المحسنِ المتأنقِ
أثْقَلْتُماني إنّما بيَ خَجْلة ٌ
من أن أقول لهبة ِ الجودِ ارفقي
قومٌ إذا ارتجلوا المكارمَ نمقوا
ما لا تنمقهُ روية ُ ملفقِ(3/496)
أعْطَيتَها صُفراً كأنَّ بوارقاً
زارتْ يدي لكنها لمْ تقلقِ
حيَّيْتَ آمالي بطاقة ِ نَرجسٍ
أدرَكتُ نَفْحَتها بِغيرِ تَنَشُّقِ
نورتَ مني حالة ً دهماءَ لوْ
مسحَ الصباحُ أديمها لم تشرقِ
بَيَّضتَ عُمرِي كلَّهُ وأعدتَهُ
برّاً فما هوَ بالعقوقِ الأبلقِ
أذهَبْتَ عني الجدبَ حتى خفتُ أن
أنمى إلى الأدبِ انتماءَ الملصقِ
ولَّيتَ إحلالي لواحظَ نائمٍ
و رأيتَ خلاتي بلحظِ مؤرقِ
و رأيتَ بي ضنكاً وهونَ بضاعة ٍ
فهززتَ عِطفَ منفِّسٍ ومنفِّقٍ
استخلص ابنُ خلاصٍ الهِممَ التي
فتنَ النجومَ بأسعدٍ وتألقِ
صَدَقَتْ مخايلُ جودِهِ ونشتْ كما
تبدُو تباشيرُ الصباح المُشرقِ
لا مثل جودٍ يضمحلُّ كأنهُ
بُشرى هلالِ الفطرِ غيرَ محقَّقِ
كالطودِ لكن فيهِ هزة ُ عاطفٍ
كالليثِ لكنْ فِيهِ شيمة ُ مُشفقِ
كالظلَّ إلا نورهُ وثبوتهُ
كالشمسِ إلاّ في لظاها المحرقِ
أحيا الصحابة َ والداية َ عصرهُ
وأماتَ مَغربُهُ حديثَ المَشْرِقِ
يا أهلَ سبتة َ هذه السيرُ التي
أبدتْ فضائلَ مَن مضى في من بقي
و ضحتْ ولمْ تعثر يدا متتبعٍ
مثل الحروفِ لمسنَ فوقَ المهرقِ
يلقاكَ بَيْنَ وزَارتيهِ وبِشرِهِ
كالسيفِ راعَ بمضربينِ ورونقِ
تجني المَعالي من رسومِ عُلاهُ ما
تجني الصنائعُ من حدودِ المنطِقِ
و إذا تعرضهُ الحسودُ فمثلما
يتعرضُ البرهانَ قولُ ملفقِ
أدركتُ سؤلي مِنْ نَداكَ شهامة ً
ومدائِحي في نجدِ مجدكَ ترتقي
ما لاحَ سرُّ الدهرِ قبلكَ إنما
كانَ الزمانُ كمامة ً لمْ تفتقِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا جامعَ الشملِ بعدما افترقا
يا جامعَ الشملِ بعدما افترقا
رقم القصيدة : 11065
-----------------------------------
يا جامعَ الشملِ بعدما افترقا
قَدّرْ لعيني بمَنْ أُحِبُّ لِقا
ويا مجيرَ المحبّ من فَرَقِ الـ
ـفراقِ عجلْ وأذهبِ الفرقا
عافِ من السقمِ مبتلى بهوى
ما نفعتْ فيه عُوذَة ٌ ورُقى
أجرْ بوصلِ الحبيب قلبي منْ
طوارقِ الهجرِ وافتح الطرقا(3/497)
و لا تسلطْ أذى الفراقِ على
ضعفي فما لي على الفراقِ بقا
و لا تؤاخذْ فلستُ أولَ منْ
بخيسِ عهدِ الحسان قد وثقا
أنا الذي رَامَ مِنْ أحبَّتِهِ
حظاً بلقياهمُ فما رزقا
وهَلْ مطيقٌ عَلى النوى جلداً
صبٌّ لغيرِ الغرامِ ما خلقا
أحبّتي ما الذي أضرَّ بكُمْ
قُرْبيَ بَعدَ النوى لَوِ اتَّفقا
جودوا وعودوا فديتكمْ دنفاً
نضوَ سقامٍ على الفراشِ لقى
حسبتُ يومَ الوَداع أنَّ مَعي
قَلْبي ولَمْ أدرِ أنّهُ سُرِقا
إنّ فؤادي فَراشُ شوقِكُمُ
صادفَ نارَ الغرامِ فاحترقا
وإنّ وجدي الذي أراقَ دمَ الـ
ـعَيْنِ لَدمعٌ أهدى لها الأرقا
و اعجبا لا يزالُ ذا ظماءٍ
إنسانُ عينٍ بدَمعِها غَرِقا
قد أظلمتْ عيشتي ولستُ أرى
إلاّ بكمْ مشرقاً لها أفقا
فأسألُ اللَّهَ أن يُعيدَكُمُ
ويَجْمَعَ الشملَ بَعْدَما افترقا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا سالِبَ القلبِ منّي عندما رَمَاقا
يا سالِبَ القلبِ منّي عندما رَمَاقا
رقم القصيدة : 11066
-----------------------------------
يا سالِبَ القلبِ منّي عندما رَمَاقا
لم يبقِ حبكَ لي صبراً ولا رمقا
لا تسألِ اليومَ عما كابدتْ كبدي
ليتَ الفراقَ وليتَ الحبَّ ما خلقا
ما باختياريَ ذقتُ الحبَّ ثانية ً
وإنّما جرَتِ الأقْدارُ فاتّفَقا
و كنتُ في كلفي الداعي إلى تلفي
مثلَ الفراش أحبَّ النارَ فاحترقا
ارفقْ عليَّ النفسَ قد تلفتْ
وانظُرْ إليَّ فإنّ الروحَ قد زُهِقا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> سلِ النّومَ يا موسى وهُنّئتَ طِيبَهُ
سلِ النّومَ يا موسى وهُنّئتَ طِيبَهُ
رقم القصيدة : 11067
-----------------------------------
سلِ النّومَ يا موسى وهُنّئتَ طِيبَهُ
متى عهده من عينِ مهجوركَ الشقي
وطال اتّقائي أن أُصابَ بفِتنة ٍ
لقد جَلَبتْ عيناكَ ما كنتُ أتّقِي
نظرتَ بتلكَ العينِ نظرة َ قاتلٍ
فهل عندها إن متُّ نظرة ُ مُشفِق
أيا معرضاً أعلقتُ من حبله يدي
بمثلِ شُعاعِ البارقِ المُتألِّق(3/498)
أُبَرْهِنُ عند النفسِ باطِلَ عُذرِه
وأقنعُ مِنه بالوِدادِ المُلفَّق
أأعرَيتَني من ثَوبِ وصلِكَ بعدما
كسوتَ الضنى عطفيَّ والشيبَ مفرقي
و يا سلوتي لا أعرفُ العذرَ إنني
أخذتُ مع الأشجانِ أكرمَ موثق
و يا صاحِ إن لم تدرِ أنَّ شقاوة ً
تلذُّ وهوناً يشبهُ العزَّ فاعشقِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> شادِنٌ لو جرى مع الـ
شادِنٌ لو جرى مع الـ
رقم القصيدة : 11068
-----------------------------------
شادِنٌ لو جرى مع الـ
ـشمسِ في حَلبة ٍ سَبَقْ
عانقَ الغصنَ فاحتذى
لِينَ عِطفَيهِ واستَرَقْ
نشقَ الزهرَ فاستفا
دَ بأنفاسهِ عبقْ
و جرى باسمُ النسيـ
ـمِ على خَدّه فرَقّ
قُل لموسى : صدَعتَ قلـ
ـبيَ كاليمَّ فانفلق
يا جحيماً على القلو
بِ ويا جنة َ الحدق
ما أرى الخال فوقَ خدَّ
يْكَ ليلاً على فَلَقْ
إنّما كان كوكباً
قابَلَ الشّمسَ فاحترَق
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> انظُر إلى لَونِ الأصيلِ كأنّه
انظُر إلى لَونِ الأصيلِ كأنّه
رقم القصيدة : 11069
-----------------------------------
انظُر إلى لَونِ الأصيلِ كأنّه
لا شَكَّ لونُ مُودِّعٍ لفِراقِ
و الشمسُ من شفقِ المغيبِ كأنها
قد خمشتْ خداً من الإشفاقِ
لاقتْ بحمرتها الخليجَ فألفا
خجلَ الصبا ومدامعَ العشاقِ
سقَطَتْ أوانَ غُروبِها محمرَّة ً
كالكأسِ خرتْ من أناملِ ساقِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> سلِ الكأسَ تزهو بين صبغٍ وإشراقِ
سلِ الكأسَ تزهو بين صبغٍ وإشراقِ
رقم القصيدة : 11070
-----------------------------------
سلِ الكأسَ تزهو بين صبغٍ وإشراقِ
أذوبَ فيها الوردُ أم وجنة ُ الساقي
كؤوسٌ تحيّيها النفوسُ كأنها
حديثُ تلاقٍ في مسامعِ عشاق
إذا قتلوها بالمِزاجِ ليشربوا
أعاشوا مُناهُمْ بين موتٍ وإخلاق
تثورُ كأنَّ الماءَ يلسَعُ صِرْفَها
و صوتُ المغني مثلُ هينمة ِ الراقي
بموسى إذا ما شئتَ سكريَ غنَّ لي
و أدهقْ كؤوس الخمر أية َ إدهاق(3/499)
وإن شِئتَ إعجازاً ضربتَ بذكره
فؤادي ففجّرتَ العيونَ بآماقي
يصاعدُ أنفاسي ضحًى نَفَس الصَّبا
و يقدحُ في الأحشاء نيرانَ أشواقي
إذا أنا حمّلتُ البلِيلَ صبابتي
غدت كسَمُومِ الفتكِ لفحة َ إحراق
وتعرفُ مني الريحُ زفرة َ عاشقٍ
و يفهمُ مني البرقُ نظرة َ مشتاق
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أضاعَ وقاري مَن عَلِقْتُ جمالَه
أضاعَ وقاري مَن عَلِقْتُ جمالَه
رقم القصيدة : 11071
-----------------------------------
أضاعَ وقاري مَن عَلِقْتُ جمالَه
فيا زهرة ً قد زلزلتْ جبلاً راسِي
وما ضَرَّ لو واسَى وسَلّى بزَورة ٍ
خليٌّ جرى فيه القضاءُ على رأسي
فألقُط دُرّاً مِن فصولِ حديثِه
وأشرب طيبَ العيشِ من فضلة ِ الكاسِ
وأرخَصتُ عُمري فيه وهو ذخيرتي
وأنفقتُ فيه كنزَ صبري وإيناسي
و غادرتُ رأيي بالعراء مذمماً
وأوحشتُ نفسي فيه من سائِر الناس
وأفسدتُ بين النوم فيه وناظِري
و أكدتُ وداً بين فكري ووسواسي
سأصرِفُ صرفَ الحُرِّ عنه مطامعي
و آوي بهذا القلبِ منه إلى الياس
أما حيلة ٌ فيه فيعشقَ ساعة ً
عسى رُقبة ٌ أرقِي بها قلبَه القاسي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> مضى الوصلُ إلاَّ منية ً تبعثُ الأسى
مضى الوصلُ إلاَّ منية ً تبعثُ الأسى
رقم القصيدة : 11072
-----------------------------------
مضى الوصلُ إلاَّ منية ً تبعثُ الأسى
أُداري بها همّي إذا الليلُ عَسعسا
أتاني حديثُ الوصلِ زوراً على النوى
أعدْ ذلك الزورَ اللذيذَ المؤنسا
ويا أيّها الشّوقُ الذي جاء زائراً
أصبتَ الأماني خذ قلوباً وأنفسا
ويا أرقَ الهجرانِ باللَّهِ خلِّ لي
من النوم ما أقري الخيالَ المعرسا
كساني موسى من سقامِ حفونه
رداءً وسقاني من الحبّ أكؤسا
فلا صَرَّدَ اللَّهُ الشّرابَ الذي سقى
ولا خلَع اللَّهُ الرِّداءَ الذي كسا
تلاقت لشكوى البينِ أنفاسنا فقلُ :
شذا الروضِ في حرّ الهجيرِ تنفسا
و ناديتُ بالترحالِ عنهُ تصنعاً(3/500)
لعلَّ النوى منه تلينُ ما قسا
وقلتُ: عساه إن رحلتُ يرِقُّ لي
وقد نسخَتْ لا عنده ما ادّعتْ عسى
وقال: ارضَ هجراني بديلَ النوى وقلْ:
لعلَّ منايانا تحولنَ أبؤسا
أنادي سلوي للذي حلَّ منك بي
كأني أُنادي أو أُكلّمُ أخرسا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> و معطلٍ والسحنُ يعشقُ جيدهُ
و معطلٍ والسحنُ يعشقُ جيدهُ
رقم القصيدة : 11073
-----------------------------------
و معطلٍ والسحنُ يعشقُ جيدهُ
فيُبينُ بالوَسواسِ عن وَسواسِهِ
إن جاءني فيه العذولُ بشبهة ٍ
صدعَ الغرامُ بنصه وقياسه
عاطيته شمساً لها في خده
شفقٌ أعارَ الوردَ حسنَ لباسه
يثني الكؤوسَ نوافحاً بروائحٍ
يَشرَبنَ من أنفاسِه في كاسِه
فالمسكُ يروي الطيبَ عن مسكِ الصبا
عن أكؤسِ الجِرْيالِ عن أنفاسِه
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هذا أوانُ فضيحتي لبيكَ يا
هذا أوانُ فضيحتي لبيكَ يا
رقم القصيدة : 11074
-----------------------------------
هذا أوانُ فضيحتي لبيكَ يا
داعي الهوى لا عطرَ بعدَ عروسِ
أوما ترى الأيامَ كيف تبسمت
عن وصلِ موسى بعد طولِ عبوسِ
يسقى وزهرُ الروضِ منه طالعٌ
في وجنة ٍ وملابسٍ وكؤوسِ
شَتّى يُحسّنها التَّشابُهُ مثلما
تُستحسَنُ الألفاظُ للتّجنيسِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> كيفَ تَرى زَورة َ الخَليجِ وقد
كيفَ تَرى زَورة َ الخَليجِ وقد
رقم القصيدة : 11075
-----------------------------------
كيفَ تَرى زَورة َ الخَليجِ وقد
صبغَ وجهُ العشيّ بالورسِ
ورَقَّ ثوبُ الأصيلِ وانفتَحَتْ
في وجنة ِ النهر وردة ُ الشمسِ
تلهو بذوبِ اللجينِ مطرداً
فيه وذوبُ النضارِ في الكأسِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> وشَى بسِرّيَ في موسى وأعلَنَه
وشَى بسِرّيَ في موسى وأعلَنَه
رقم القصيدة : 11076
-----------------------------------
وشَى بسِرّيَ في موسى وأعلَنَه
خذٌّ يُريكَ طِرازَ الحُسنِ كيف وُشِي(4/1)
تهتزُّ في برده ريحانة ٌ شربتْ
ماءَ الصبى يا له رياً ويا عطشي
هل خاله بدمي أم سيفُ ناظره
قد ضاع ثأريَ بين الهند والحبشِ
أودى بقلبي لذاك الصدغُ عقربهُ
لو أنَّ درياقُ ذاك الريق منتعشي
ترى العواذِلَ حولي كالفَراشِ وقد
حاموا فأحرقتُهم بالشوقِ في فُرُشي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> فَوِّقْ سِهامَكَ إنَّ اللَّه يَهديها
فَوِّقْ سِهامَكَ إنَّ اللَّه يَهديها
رقم القصيدة : 11077
-----------------------------------
فَوِّقْ سِهامَكَ إنَّ اللَّه يَهديها
واسلُلْ سيوفَكَ فالأقدارُ تُمضِيها
ثمارُ نجحٍ سحابُ الرأي يمطرها
وأنت تَغرِسُها، والدِّينُ يَجْنِيها
إذا الكتائبُ نالت في العِدى وطَراً
فأنتَ نائله إذ كنتَ تهديها
إذا أصابت لدى المرمى النبالُ فما
تعزى إصابتها إلاَّ لراميها
برءُ الوزير أتى والفتحُ يعقبه
كالشمسِ جاءت، وجاء الصُّبحُ يتلوها
إذا اشتكيتَ رأيتَ مشتكياً
و البأسَ والجودَ والدنيا وما فيها
لذا رأيتَ الصَّبا مُعتلّة ً، وكسَا
شمسَ الأصيلِ اصفرارٌ من تشكيها
و كيف تمرضكَ الدنيا ولا فعلتْ
يا سيّداً تَمرَضُ الدُّنيا فتَشفِيها
لو أن شهبَ الدراري حاربتكَ إذنْ
خَرَّتْ بِسَعْدِكَ مِن أعْلى مراقِيها
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> نفسي فدى موسى وإن لم تبقِ لي
نفسي فدى موسى وإن لم تبقِ لي
رقم القصيدة : 11078
-----------------------------------
نفسي فدى موسى وإن لم تبقِ لي
ألحاظُه نَفْساً بها أَفدِيه
يَهدي إلى دِينِ الصُّباة ِ وحُسنُه
آيٌ يضلُّ بهنَّ منْ يهديه
فعلتْ فعالَ عصا الكليمِ لحاظه
بمصدقٍ دعواهُ لا يعصيه
تسعى لقلبِ الصَّبّ منها حَيّة ٌ
أودتْ به لسعاً فمن يرقيه
وأرى قلوبَ العاشقِين تحيّرتْ
من تيهه في مثلَ قفرِ التيه
جَدَّ الغليلُ ولو أراد تَفجّرتْ
مثلَ العيونِ لنا مراشفُ فيه
شَقّتْ ظُبى ألحاظِه بحرَ الهوى
شقَّ العَصا للصَّبّ كي تُرْدِيه
حتى إذا أمعنتُ فيه مغرراً(4/2)
أغرقنَني مع جُندِ صَبري فيه
فدعوته : إني بحبكَ مؤمنٌ
لَوْ أنَّ إيمانَ الشّجِي يُنجِيه
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> وناضرة ٍ لها مني صفاتٌ
وناضرة ٍ لها مني صفاتٌ
رقم القصيدة : 11079
-----------------------------------
وناضرة ٍ لها مني صفاتٌ
ومن حِبّي حليٌّ هنَّ فِيهِ
لها لوني وصبري في سقامٍ
وقسوة ُ قَلْبِهِ ونسِيمُ فِيهِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ولمّا تبرَّجَ خُضْرُ البِطاحِ
ولمّا تبرَّجَ خُضْرُ البِطاحِ
رقم القصيدة : 11080
-----------------------------------
ولمّا تبرَّجَ خُضْرُ البِطاحِ
توهَّمتها جُهِّزت حجّلا
و هزَّ الرياحُ من القضبِ فيهِ
قناً لم يثقفْ ولا نصلا
و لولا دليلٌ من الريَّ لم
أُميّز من الصَّارِمِ الجدولا
وقد سقط النُّورُ فوقَ الغديرِ
فأثبتَ في درعهِ أنصلا
و قابلتِ الكاسُ وجهَ الربيعِ
و سجعَ الحمامِ فما أجملا
كما قابلَ العيدُ وجهَ الوزيرِ
و سجعَ ثناءٍ لهُ رتلا
مضى رمضانُ كثيرَ الثناءِ
عليكَ وودعَ لا عن قلى
فلو كانَ ينطقُ شهرُ الصيامِ
لقَامَ بشكرِكَ بَيْنَ المَلا
ولو صافحَ العيدُ شخصاً إذنْ
لصافحَكَ العيدُ إذ أقْبَلا
أسلتَ الدموعَ بهِ خاشعاً
و صوبَ اللهى منعماً مفضلا
هما للهدى والتقى ديمتانِ
فغرسُ الفضائلِ لنْ يذبلا
و أحيا قيامكَ ليلَ التمامِ
و أحيا نداكَ الثرى الممحلا
على الحسنِ بن خلاصٍ جلتْ
معاني الكمالِ الذي أشكلا
تسمى مدلاًّ بأفعالهِ
وساعَدَهُ الجدُّ فاسْتَرْسَلا
وحَتْمٌ مضاءُ ظُبى ذي الفقارِ
فكَيْفَ إذا وافَقَ المُنصُلا
تَرى بِشرَهُ في أوانِ اللقا
جميلاً وما بعدهُ أجملا
وتُبصرُ أرماحَهُ في الوغى
طوالاً وأسعدهُ أطولا
يميلُ منهُ ارتياحُ الندى
معاطفَ ما ميَّلتْها الطّلا
فما يتقي الدينُ أن يعتدي
وما يتّقي المالُ أن يَعْدِلا
سَبيلُ الورى وسَبيلُ الوزير
أنْ يَسْألوهُ وأنْ يبذلا
وما يمنعُ الغيثُ من أن يجودَ
ولا يأنفُ الروضُ أن يسألا(4/3)
لهُ هممٌ فتنَ عزّض النجوم
ومالٌ على الذلِّ قَدْ عوَّلا
يقول نعم وهي دأبٌ لَهُ
فيثمر أسرع من لا ولا
ويا ربَّ نارٍ من الحادثاتِ
أطْفا ونارِ قِرًى أشْعلا
همامٌ محاريبُهُ والحروبُ
تسقى المفصلَ والفيصلا
يشلُّ الكتائبَ عند النِّزالِ
و يتلو الكتابَ كما نزلا
لهُ دعوة ُ الأمرِ في حفلهِ
و أخرى إلى اللهِ مهما خلا
يصولُ بهذي لكي تُقْتَفَى
ويخضعُ في ذي لكي تُقْبَلا
فهذي تُفتِّحُ بابَ السّما
وذي تَفتَحُ البلدَ المُقْفَلا
لك اللهُ فانهضْ بجيشٍ القضا
وحارِبْ عِداكَ بِهِ أعْزَلا
إذا خرجتْ عن يديك السهامُ
غدا كلُّ عضو لها مقتلا
تداركتَ سبتَة َ من بعد ما
وأحييتَها حينَ أشفَتْ على
و لحتَ ومغربنا مدبرٌ
فصار بك المشرقَ المقبلا
ولِمْ لا وحكمة ُ لقمانَ فِيكَ
وهيبة ُ كسرى قَدِ استُكْمِلا
فلوْ أنَّ بطشك يومَ الهياجِ
لدى النارِ ما سكنتْ جندلا
و لو أنَّ نيلكَ عند الصبا
لما هزتِ الغصنَ المخضلا
ولو دبَّ ريقُكَ في حيَّة ٍ
لعاد بِهِ سَمُّها سَلسلا
تَكادُ ترغِّبُ بالعفوِ في الذ
نوبِ وحاشاكَ أنْ تفعلا
فأيُّ امرىء ٍ لم يذقْ شيمتيكَ
لمْ يعرفِ الشهدَ والحنظلا
جرَتْ من بنانِكَ لي بالغنى
بحورٌ يسَمّونها أنْمُلا
فلو أدركَ المزنُ تلك البنانَ
لقبلها معَ من قبلا
دعوا حمصَ تفعلُ أفعالها
فقلبي بسبتَ عنها سلا
نسيتُ بموطنِ عزّي الأخيرِ
مَوْطنَ نَشْأتيَ الأوَّلا
كما يألفُ السيفُ كفَّ الكميِّ
ويطَّرحُ القينَ والصيقلا
و قد يهجرُ الطيرُ أوكارهُ
إذا وجدَ الأمْنَ والسُّنبُلا
كأنيَ جمعتُ من خاطري
ومن ذكرِكَ النارَ والمَندلا
فقد سارَ صيتكَ سير الصباحِ
يجدُّ مَعَ المعلمِ المجهلا
وعمَّ جداكَ عمومَ السحابِ
يَسْقي البِلادَ ويَسْقي الفَلا
تفصلَ وصفُ العلا في الكرام
وجِئْتَ بتفصيلِهِ مُجْمَلا
فكنْ معَ أعمرهمْ آخراً
وكُنْ في مراتبهِمْ أوَّلا
ألا هكذا تذكرُ الصالحاتُ
و تبنى المعالي وإلا فلا(4/4)
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> خُذْها فصبغُ الظلامِ قد نَصَلا
خُذْها فصبغُ الظلامِ قد نَصَلا
رقم القصيدة : 11081
-----------------------------------
خُذْها فصبغُ الظلامِ قد نَصَلا
وذيْلُهُ بالسَّنا قَدِ اشْتَعلا
وأُقحوانُ الرُّبى بَدا سَحَراً
وأُقحوانُ النجومِ قَدْ ذبُلا
و الوردُ مثلُ الخدودِ قد دميتْ
من نرجسٍ حدقتْ لها المقلا
يسقيكَ مِنْ كاسِهِ وناظِرِهِ
دراً بكاسيْ صبابة ٍ وطلا
تختدعُ السكرَ مُقلتاهُ فإن
نبَتْ به الكاسُ كان مستحلا
إن وَعَدَ الوصلَ سينُ طرَّته
قرأتُ في عارضيه لفظة َ لا
أيدَ حبي كتابُ عارضهِ
كذلكَ الكتبُ تعضدُ المللا
لا تعذلوني على محبتهِ
فسيفُ عينيْهِ يسبِقُ العَذَلا
مسلطٌ لا أذمُّ قدرتهُ
وظالِمٌ أشكرُ الذي فَعَلا
وباخِلٌ بالنَّوالِ عادَتُهُ
قد عَلّمَتْني بحبّه البَخَلا
فهاتها واسقني براحتهِ
و طاوعِ اللهوَ واعصِ من عذلا
راحٌ يزين الحبابُ حمرتها
كما يزينُ التبسمُ الخجلا
يقلِّدُ الماءُ جِيدَها دُرراً
ينهبها الشربُ بينهم نقلا
إن جَدَّدَتْ بالمزاجِ حِلْيتها
جددتَ شُرباً يسومُها العَطَلا
حاكمُها يظلِمُ العقولَ ولا
تصلحُ حالُ النفوس إنْ عدلا
نجمٌ لليلِ الهمومِ أكثرُ ما
يكشِفُ تلك الدُّجى إذا أفلا
قلوبهمْ في جنى النعيمِ بها
و إن بدتْ في وجوههم شعلا
قد ينتجُ الضدُّ ضدهُ وإذا
شِئتَ فجُودَ الوزيرِ خُذْ مثلا
رفيعني حظّه الحِمام كما
قد صانَ وجهي بكلِّ ما بذلا
يأتي بلا موعدٍ نداهُ فلو
كان كلاماً لكانَ مرتجلا
لَوِ اكْتَفى ساطِياً بهيبَتِهِ
كفَتْهُ بِيضَ السيوفِ والأسلا
أو لمْ ينلْ غيرَ بشرهِ صلة ً
أرْضَى بها كلَّ سائِلٍ سألا
يقترعُ البحرُ والغمامَة ُ مَنْ
أدناهُما من سماحِهِ سُبُلا
تاللهِ ما شرفَ السحابَ سوى
أن ضربوها لجودِهِ مَثَلا
ولا بِلُجِّ البِحارِ من كرمٍ
إلاّ جوارٌ بدارهِ اتصلا
كأنَّ جدوى يديه مأدبة ٌ
دعا إليها ببشرهِ الجفلى
للنفعِ والضُّرِّ عندَهُ شِيَمٌ(4/5)
أمرَّ فيها لطاعمٍ وحلا
كأنما طعمُ عادتيه هوى
بَرَّحَ فِيها العتاب والقبلا
لابن خلاصٍ محمّدٍ هي تهدى
فَقَد حَكَتْ مدحَهُ غزلا
فاقتْ بهِ سبتة ُ البلادَ كما
دولة ُ يحيى قد فاقتِ الدولا
واعتدل الدهرُ حينَ حلَّ بها
فكان شمساً وكانَتِ الحمَلا
أحبهُ الناسُ دونَ مختلفٍ
كما أحبّوا الشّبابَ مُقتَبلا
أجني بهِ زخرفَ المعيشة إذ
لم يُبْقِ لي جودُ كفِّهِ أملا
بلغهُ اللهُ في الكمالِ مدى
إليه تصبو الورى وقدْ فعلا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> حديثُ عنقاءَ صَبٌّ أدركَ الأمَلا
حديثُ عنقاءَ صَبٌّ أدركَ الأمَلا
رقم القصيدة : 11082
-----------------------------------
حديثُ عنقاءَ صَبٌّ أدركَ الأمَلا
حظي من الحسنِ أني بعضُ من قتلا
حقّاً لقد نَصَحَ العُذّالُ لو قُبِلوا
السيفُ من لحظِ موسى يَسبِق العَذَلا
طلبتُ حيلة َ برءٍ من محبته
فنصَّ لي لحظه الأمراضَ والعللا
يا من غدا كلُّ لفظي فيه من طمَعٍ
عسى وليتَ وشِعري كلّه غَزَلا
منعتني يقظة ً ردَّ السلامِ فلم
أجرؤ على الطّيفِ في تَكليفِه القُبَلا
كسا خِضابُ اصفرارٍ للضنى جسدي
لو كان ينصحُ من ماء اللمى نصلا
شوقي غليكَ ، ولا حملتَ شوقيَ ، قد
أفنى القوافي وأفنى الدمعَ والحِيَلا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> قبولكَ رَيْعانُ الشّبابِ، فلا ولّى
قبولكَ رَيْعانُ الشّبابِ، فلا ولّى
رقم القصيدة : 11083
-----------------------------------
قبولكَ رَيْعانُ الشّبابِ، فلا ولّى
وبِشرُك كالبُشرى على النعيِ أو أحلى
تنيرُ لمستهدٍ وتعصمُ خائفاً
فحيناً ترى شمساً ، وحيناً ترى ظلاَّ
برعتَ أبا بكرٍ فلستَ بمرتضٍ
رويتهمْ شمساً ولا طلهم وبلا
وَلا خَبَّهُمْ مَشْياً، ولا جِدَّهم ونًى
ولا سيفَهُم سوطاً، ولا تاجَهم نَعلا
إذا نحنُ مثلناكَ بالشهبِ أطرقتْ
حياءً وقالتْ : بل لهُ المثلُ الأعلى
وبَيْنَ العوالي واليراعِ أُخوَّة ٌ
وفيتَ لها الشكلُ لا يقلعُ الشكلا(4/6)
سأشْكُرُ ما أوْلَيْتَني ولو کنَّني
سكَتُّ لكانَتْ حالتي منطقاً فَصْلا
وما الروضُ غضّاً للسحابِ بشاكرٍ
ولَكِنَّهُ بالحقِّ يكتبُ ما أمْلى
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> عندي يدٌ غَرَّاءُ أهدتها السُّرَى
عندي يدٌ غَرَّاءُ أهدتها السُّرَى
رقم القصيدة : 11084
-----------------------------------
عندي يدٌ غَرَّاءُ أهدتها السُّرَى
بأغرَّ أهدى قربهُ الآمالا
سفرتْ له بكرُ الخطوبِ بوجهها
فاستَحسَنَ الظَّلماءَ فِيها خالا
جردتَ عزمكَ لم تهبْ جنحَ الدجى
جيشاً ولا زُهْرَ النُّجومِ نِصالا
فلوَ کنَّ بدرَ التِّمِّ يَحْمِلُهُ الدُّجى
سراً لقد قلنا : طرقتَ خيالا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ما عابَ ساحرَ طرفِه رمَدٌ بِهِ
ما عابَ ساحرَ طرفِه رمَدٌ بِهِ
رقم القصيدة : 11085
-----------------------------------
ما عابَ ساحرَ طرفِه رمَدٌ بِهِ
كلاّ ولا أضحى بذاكَ كليلا
لا تأمننْ فتكاتِ لحظٍ أرمدٍ
فالعَضبُ يقطعُ ماضياً وصقيلا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> مَهْ لائِمي عن مَلامي
مَهْ لائِمي عن مَلامي
رقم القصيدة : 11086
-----------------------------------
مَهْ لائِمي عن مَلامي
مَهْلاً بِقَلْبيَ مَهلا
تبْ لا تلمْ ذا غرامٍ
إن لَمْ تتُبْ سوف تُبْلى
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> نهرٌ كأنَّ الشمسَ تملأ قَلْبَهُ
نهرٌ كأنَّ الشمسَ تملأ قَلْبَهُ
رقم القصيدة : 11087
-----------------------------------
نهرٌ كأنَّ الشمسَ تملأ قَلْبَهُ
فَيُجِنُّ داءً للغَرامِ دَخِيلا
الريحُ تُبدي الثوبَ مِنهُ معكَّراً
و الشمسُ تلقي صارماً مصقولا
و كأنهُ ذو فجعة ٍ لفراقها
قد ضمَّ من خوفِ الوداع غليلا
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هل درى ظبيُ الحمى أن قد حمى
هل درى ظبيُ الحمى أن قد حمى
رقم القصيدة : 11088
-----------------------------------
هل درى ظبيُ الحمى أن قد حمى(4/7)
قلبَ صبٍّ حلَّه عن مَكنَسِ
فهو في حرٍ وخفقٍ مثلما
لعِبَتْ ريحُ الصَّبا بالقَبَسِ
يا بدوراً أطلعتْ يومَ النوى
غرراً تسلكُ بي نهجَ الغررْ
ما لنفسي وحدها ذنبٌ سوى
منكمُ الحسنُ ومن عيني النظرْ
أجتني اللذاتِ مكلومَ الجوى
و الذاذي من حبيبي بالفكرْ
و إذا أشكو بوجدي بسما
كالربى والعارضِ المنبجسِ
إذ يُقيمُ القَطرُ فيه مأتَما
وهيَ من بَهجَتِها في عُرُسِ
من غذا أملي عليهِ حرقي
طارحتني مقلتاهُ الدنفا
تركتْ أجفانهْ من رمقي
أثرَ النملِ على صمّ الصفا
وأنا أشكُرُهُ فيما بقي
لستُ ألحاهُ على ما أتلفا
فهوَ عندي عادلٌ
وعَذُولي نُطقُهُ كالخَرَسِ
لَيْس لي في الأمرِ حُكمٌ بعدما
حلَّ من نفسي محلَّ النفسِ
غالِبٌ لي غالِبٌ بالتُّؤدَهْ
بأبي أفديه من جافٍ رقيقْ
ما علمنا قبلَ ثَغرٍ نَضَّدَهْ
أقحواناً عصرتْ منه رحيقْ
أخذتْ عيناهْ منها العربدهْ
وفؤادي سُكرُهُ ما إن يُفِيقْ
فاحمُ اللمة ِ معسولُ اللمى
ساحرُ الغُنجِ شهِيُّ اللَّعَسِ
حسنهُ يتلو " الضحى " مبتسما
و هوَ من إعراضهفي " عبسِ "
أيها السائلُ عن جُرمي لدَيهْ
لي جزاءُ الذبِ وهوَ المذنبُ
أخذتْ شمسُ الضحى من وجنتيهْ
مَشرِقاً للشمسِ فيه مَغرِبُ
ذَهَّبَتْ دمعيَ أشواقي إلَيْهْ
وله خَدٌّ بلَحظي مَذهَبُ
يُنبِتُ الوردَ بغَرسي كُلّما
لحظتْهُ مُقلتي في الخُلَسِ
ليتَ شعري أيّ شيءٍ حرما
ذلك الوردَ على المُغتَرِسِ
أنفدَتْ دمعيَ نارٌ في ضرامْ
تَلْتظي في كلِّ حِينٍ ما يشا
هيَ في خَدّيه بَردٌ وسلامْ
و هي ضرٌّ وحريقٌ في الحشا
أتقي منه على حكمِ الغرامْ
اسداً ورداً ، وأهواهُ رشا
قلتُ لما أن تبدى معلما
و هو من ألحاظهِ في حرسِ :
أيها الآخِذُ قلبي مَغنَما
اجعلِ الوَصلَ مَكانَ الخُمُسِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> منْ منصفي وأميري خصمي
منْ منصفي وأميري خصمي
رقم القصيدة : 11089
-----------------------------------
منْ منصفي وأميري خصمي
بدرٌ قضى لي برَعْيِ النَّجْمِ(4/8)
مُسْتَعْذَبُ الظُّلْمِ عَذْبُ الظَّلْمِ
كالسيفِ في الرونقِ الفتانِ
و ريمٍ أغيدْ
لو حَلَّ في عابدي الأوثانِ
لكانَ يعبدْ
أحلى منَ الأمنِ ذاكَ أمني
فَرَّ إلى خَاطِرِي مِنْ عَدْنِ
مثلتُ الوصفِ فردُ الحسن
كالسيفِ في الرونقِ الفتانِ
و البأسِ والقدْ
كالريمِ في الجيد والأجفانِ
و نفرة ِ الصدّ
قلبٌ جريحٌ وودٌ سالمْ
جنى عذابي غصنٌ ناعمْ
و ساقَ لي السهدَ طرفٌ نائم
إذا مشى بسنانِ اللحظانِ
فالحربُ توقدْ
يظلُّ يجرحُ قلبي العانِ
وأجرح الخدْ
قسوتَ ظلماً عَلى الهيمانِ
بِقَلْبِ جلمدْ
فلمْ أرَ معقدَ الهيمانِ
يَكادُ يُعقدْ
إن كان مضى عن قلبي الفانِ
لم يبقِ مفردْ
يقالُ في صدرِ قلباً ثانٍ
حبي محمدْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ما لي على الشوقِ مُعِينْ
ما لي على الشوقِ مُعِينْ
رقم القصيدة : 11090
-----------------------------------
ما لي على الشوقِ مُعِينْ
إلاّ حَيا الدمعِ المَعِينْ
الحبُّ لي دُنياً ودِينْ
ونقَّطَتْ بالعَنْبرِ
صبٌّ شقي بالنظرِ
دعْ جسدي للضنى
غصنٌ إذا مالَ استمالْ
وفوقَ ذاكَ الخدِّ خالْ
قد كتبتْ كفُّ الجماْ
هناكَ صُحْفَ العِبرِ
فخطتِ الفتنا
لاموا فلما أن بدا
قالوا وخَرُّوا سُجَّدا
دعوا المبلى للردى
فَهوَ بما يَلْقى حري
واللَّهِ ما فتنا
ما حظُّهُ في المنى
مقسمٌ بينَ الظنونْ
دامي البنانِ والجفونْ
قد طمعتْ فِيهِ المنونْ
إلاّ عتاب القدرِ
يا حجَّة َ السحرِ المبينْ
و آفة العقلِ الرصينْ
لحظُكَ ذو بأسٍ ولينْ
أراكَ كالمعتذرِ
باللينِ عما جنى
عَلى قُلوبِ البشرِ
يا صبريَ أذهَبْ بسلامْ
أنا المعنى والسلامْ
غنيتُ إذا شاعَ الغرامْ :
حبي لموسى قد دري
يقول عاشقٌ أنا
هذا الخبر خبراً طري
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا لَحَظاتٍ للفِتَنْ
يا لَحَظاتٍ للفِتَنْ
رقم القصيدة : 11091
-----------------------------------
يا لَحَظاتٍ للفِتَنْ
في كَرّها أوفى نَصِيبْ
ترمي وكلي مقتلُ(4/9)
و كلها سهمٌ مصيبْ
النصحُ للاَّحي مباحْ
أما قبولهُ فلا
علقتها وجهَ صباحْ
رِيقَ طِلاٍ عيني طَلا
كالظبيِ ثغره أقاحْ
ممّا ارتَعَاهُ بالفَلا
يا ظبيُ خذْ قلبي وطنْ
فأنتَ في الإنسِ غريبْ
و ارتعْ فدمعي سلسلُ
ومهجتي مَرعًى خَصيبْ
بَينَ اللَّمَى والحَوَرِ
منها الحياة ُ والأجلْ
سَقَتْ رياضُ الخَفَرِ
في خدها وردَ الخجلْ
غرَسْتُهُ بالنّظرِ
و أجتنيه بالأملْ
في لحظه الساجي وسنْ
أسْهَرَ أجفانَ الكئيبْ
والرِّدفُ فِيهِ ثِقَلُ
خَفَّ له عَقلُ اللبيبْ
أهدتْ إلى حرّ العتابْ
بردَ اللمى وقد وقدْ
فلوْ لثمتها لذابْ
بزَفرتي ذاكَ البَرَدْ
ثمَّ لوتْ جيدَ كعابْ
ما حليهُ إلاَّ الغيدْ
في نَزعة ِ الظبيِ الأغَنّ
وهزَّة ِ الغُصنِ الرَّطِيبْ
يجري لدَمعي جدولُ
فينثَني مِنها قَضيبْ
أأنتِ حورا أرسلكْ
رِضْوانُ صَدْقاً للخَبرْ
قطعتِ القلوبُ لكْ
وقِيلَ: ما هذي بَشَرْ
أُمُّ الصَّفا مُضنًى هَلَكْ
من النوى أمَّ الكدرْ
حبي تزكيه المحنْ
أمرُ الهوَى أمرٌ عجيبْ
كأنَّ عِشقِي مَندَلُ
زادَ بنارِ طيبْ
أغربتِ في الحسنِ البديعْ
فصارَ دمعي مغربا
شملُ الهوى عندي جميعْ
و أدمعي أيدي سبا
فاستمعي عبداً مطيعْ
غنى لتعصي الرقبا :
هذا الرقيبُ ما اسواه بظنْ
اشْ لو كانْ الانسانْ مريبْ
يا مَوْلَتي قُمْ نعملُو
ذاكَ الذي ظَنْ الرَّقيبْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> ليلُ الهوى يقظانْ
ليلُ الهوى يقظانْ
رقم القصيدة : 11092
-----------------------------------
ليلُ الهوى يقظانْ
و الحبُّ تربُ السهرِ
والصبرُ لي خَوَّانْ
والنَّومُ من عَيني بَرِي
يا رَوْضَة َ الأنسِ
روضُ المُنى منكَ جَديبْ
لولاكَ لم أمسِ
في الدارِ والأهلِ غَريبْ
رضاكَ للنفسِ
مثلُ الصِّبا لذي المَشيبْ
و الماءِ للهفانْ
واليُسرِ عند المُعسِرِ
و جنة ِ الرضوانْ
بعد العذابِ الأكبرِ
يا مُبطِلاً عَنْوَهْ
أعذارَ مَنْ لم يَعْشَقِ
يا مظهرَ الشقوهْ
حسناءَ في عينِ الشقي
يا ناصرَ الصَّبوهْ(4/10)
على تُقى كلِّ تَقي
يا حُجّة َ الأشجانْ
على السلوّ المدبرِ
يا شركَ الأذهانْ
يا قَيدَ عينِ المُبْصِرِ
يسومني مقلوبْ
بسَومِ مَا يَسبي القلوبْ
ذاكَ اللمى المطلوبْ
لا ما ادعى صبرُ الكذوبْ
يا ظالماً محبوبْ
يا مذنباً حلوَ الذنوبْ
عابُوكَ بالبُهتانْ
فخابَ سعيُ المفتري
هل يقبلُ الظمآنْ
عيباً لماءِ الكَوثرِ
عينيَ من بعدهِ
أصوبُ ماء الدمع عَينْ
عُوّضتُ من بُعدهِ
بالبدر رعيَ الفَرقَدينْ
أتتْ على عبدهِ
في وَصْلِهِ لا شكَّ عَينْ
إذ تيههُ كسلانْ
والعَيشُ طَلقُ المَنظَرِ
وصَدُّهُ وسنانْ
وهَجرُهُ لم يَشعُرِ
هلالُ إشراقِ
غصْنُ نقا ومسكُ شَمْ
نَعِيمُ أحْداقِ
شَقاوَة ٌ، بُرْءُ سَقَمْ
مُبيحُ أشْواقِ
فنارها على علمْ
يا صاحِبَ الدُّكانْ
نهواكو قد شاعْ خبري
واش ينفع الكتمانء
عطار تعاملْ بالمري
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هل يلحى في حملِ ما يلقى
هل يلحى في حملِ ما يلقى
رقم القصيدة : 11093
-----------------------------------
هل يلحى في حملِ ما يلقى
عذريٌّ أبدى الصبا عذرهْ
قَدْ سَرَّ الحَبيبَ أنْ أشْقَى
وأنا راضٍ بما سَرَّهْ
جُفُوني قادَتْ إلى حَيني
فَثأرِي عِنْدَ مَنْ يُطْلَبْ
دعوني أقتصَّ من عيني
بِسُهدٍ وَعَبرة ٍ تُسْكَبْ
لا عَتْبَ وإنْ لَوَى دَيْني
حبيبي ، فالشمسُ لا تعتبْ
شَمْسٌ حَلَّتْ أدْمُعي أُفْقا
فأصلى شعاعُها جمرَهْ
و بدرٌ كساني المحقا
و حازَ الكمالَ والنضرهْ
خَمْريُّ الرُّضابِ والخدِّ
دُرِّيُّ الكَلامِ والثَّغرِ
نجميُّ الضياءِ والبعدِ
روضيُّ الجَمالِ والنَّشرِ
سقيمُ اللحاظِ والودَّ
ضعيفُ العهودِ والخصرِ
سطا لحظهُ فما أبقى
وضعفُ العيونِ ذُو قُدْرَهْ
وَأحْرَى مَنْ جانَبَ الرفقا
ضعيفٌ كانَتْ لَهُ كَرَّهْ
عبدتُ الهوَى وحَرَّمْتُ
عَزَائي فَلَسْتُ بالصابِرْ
يا سحرَ الجُفونِ صدَّقتُ
إيماناً بالسِّحرِ والساحِرْ
دَعَاني مُوسَى فَآمَنْتُ
بآياتِ حُسْنِهِ الباهِرْ
مبعوثٌ قدْ أعجزَ الخلقا(4/11)
بأخذ النفوسِ منْ نضرهْ
أتانا فجددَ العشقا
علينا ونحنُ في فترهْ
بَنَفْسي مَنْ تَاهَ واسْتَكبرْ
عَلى الصبِّ إذْ درى أنَّهْ
قَضِيبٌ في النَّفْسِ قَدْ أثْمَرْ
و لكنْ ثمارهُ فتنه
جرى في رضابهِ كوثرْ
و زفتْ في خدهِ الجنهْ
إنْ أبدى منْ ثغرهِ برقا
فَدَمْعي سَحابَة ٌ ثَرَّهْ
وأحْكي سميَّهُ صَعْقا
إنْ مرتْ منْ ذكرهِ خطرهْ
كَمْ قَدْ بِتُّ بَيْنَ لَيْلَينِ
من جنحالدجى ومن شعرهْ
و نجني نعيمَ زهرينِ
منْ ريحانهِ ومنْ نشرهْ
وأشدُو ما بَيْنَ سُكرينِ
من ألحاظِهِ ومِنْ خَمْرِهْ
نشقّ أثوابَ العفافْ شقا
واش فنو مجونْ بلا شهرَهْ
أو أنُّ دينِ مع هوكْ كنْ يبقى
جفونك والكاس وأبو مُرَّهْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> كمْ أعيا بحربِ أعزلْ
كمْ أعيا بحربِ أعزلْ
رقم القصيدة : 11094
-----------------------------------
كمْ أعيا بحربِ أعزلْ
و يسبي جيشَ اصطباري
سفّاكْ تزْهِيه القلادهْ
قديرٌ بلا اقتدارِ
الطرفُ بالنورِ قاصرْ
عن ربربْ تلكَ المقاصرْ
تحفُّ بها خَواطِرْ
و تتعبْ فيها خواطرْ
الحتفُ غرورٌ فاترْ
لا أرهبْ غرارَ باترْ
و لقيا ذي الغنجِ أقتلْ
للصبّ من ذي الغِرارِ
عَيناكْ فِيها زيادهْ
أعيتْ ماضي الشفارِ
بي أهيفْ كالغصنِ تثنيه
ريحانِ صبا وسكرُ
هل يرشفْ مقبلُ فيه
وردانِ شهدٌ وخمرُ
لو اسعفْ حوسى محبيه
أرواني والشوقُ جمرُ
مِنْ سقيا ذاكَ المقبَّلْ
العذبِ وَمَنْ يُماري
مِسواكْ مقبولُ الشهادهْ
يروي عن ريّ الأوارِ
أفادا ماء الشجون
من صدري حلو المراشفْ
قد زادا على الغصون
بالخصرِ وبالسوالفْ
وسادا بدرَ الدجون
بالثغرِ وبالمعاطفْ
والظّبيا بالنّطقِ أخجلْ
فليربي ولا مباري
ولاكْ حسنكَ السيادهْ
على القضبِ والدراري
كم تصرمْ ففوتُ لقياك
ظمائي هذي الدماء
لَوْ ترسمْ يصبحُ جدواك
ارجائي ليل الرجاء
أو تنظمْ في حسن مرآك
ارمائي إلى رواء
لأحيا نفساً وعللْ
من قلبِ فِيهِ مطاري
أهواكْ والهوى عبادهْ
فلا تصلني بناري(4/12)
أستدنيهِ حَباً فينزحْ
ويدنيهِ زورُ المنامِ
بادي التيهِ كالمهرِ يمرحْ
فيطغيهِ مسُّ اللجامِ
غنّتْ فِيهِ غيداءُ تمزحْ
فتهديهِ حرَّ الغرامِ
باللَّه يا طيراً مدلَّلْ
سِرْبي وَسْطَ القِفَارِ
إياكْ تحرك القلادهْ
ترمي صخيرة ً بداري
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أجَذْوة ٌ تُشْعَلْ
أجَذْوة ٌ تُشْعَلْ
رقم القصيدة : 11095
-----------------------------------
أجَذْوة ٌ تُشْعَلْ
أم بنتُ دنٍّ تشرقُ
هذَّبها الحسنُ
فنارها لا تحرقُ
للهِ منْ بكرِ
شابتْ ولم تنسَ الخفرْ
لها نا الزهرِ
و طيبُ أنفاسِ الزهرْ
في رقة ِ الفكرِ
لكِنّها تُنْسي الفِكَرْ
فاشرب دعِ العذلْ
بما شَرِبْنا يَشْرَقوا
واجهرْ فإن ظنّوا
بِنا مجوناً حَقّقوا
أحببْ بهِ شربا
حلو التجني والجنى
مُعَذِّباً عَذْبا
يا حسنه لو أحسنا
قد أخجل القضبا
و الورقَ سجعاً وانثنا
حَياة ُ مَنْ قبَّلْ
وسحرُ من يستنطقُ
وشَمْسُ مَنْ يرنو
ومِسكُ مَنْ يستنشقُ
سناتُ عينيهِ
أهدتْ إلى عيني السهرْ
و غصنُ عطفيهِ
أبدعَ في حُسن الثمرْ
فلتجنِ خديهِ
إن ساغَ أن تجني القمرْ
و البدرُ لا يبذلْ
إلاّ لعينٍ ترمقُ
شعاعهُ يدنو
و شخصهُ لا يلحقُ
دعْ زهرة َ الثغرِ
فهيَ التي تجني المهجْ
ثنا أبي عمرو
ألَذّ أو أذكى أرجْ
حدِّثْ عن البحرِ
أوْ عن نَداه، لا حَرَجْ
قد ارتوى الممحلْ
فالصلدُ روضٌ مونقُ
و نورَ الدجنُ
وكلُّ غربٍ مَشْرِقُ
راقَتْ أبا يحيى
فالمدحُ فيهِ كالنسيبْ
تَعْشَقُهُ الدُّنيا
و حلمهُ مثلُ الرقيبْ
غنّتْ وقَدْ أعْيا
لما دعتهُ أن يجيبْ
خلَّ الرقيبْ يعملْ
راي ودعني نعشقُ
غذا منعْ منو
يمنعني يضا انْ نشتقُ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> عميدٌ أُصِيبَ عَنْ عَمْدِ
عميدٌ أُصِيبَ عَنْ عَمْدِ
رقم القصيدة : 11096
-----------------------------------
عميدٌ أُصِيبَ عَنْ عَمْدِ
وأغْرَتْ بِهِ الهوَى غُرَّهْ
من هيفا صادتْ قلوبَ الصيدْ
لم تتركْ لمنْ سلا عذرهْ(4/13)
محيّاً قَدْ لاحَ للزهْرِ
عنْ لحظٍ مبهوتْ
خطَّ الحسنُ منهُ في سطرِ
جواباً لِكُلِّ تعنيتْ
أوفى في الجمالِ وفي السحرِ
عَلى يوسُفٍ وهَارُوتْ
يُهْدي غُنْجُ لحظِهِ المُرْدي
حِماماً يباحُ مِنْ نَظْرَهْ
و يهدي من خدهِ التوريدْ
عقيقاً يُصَاغُ مِنْ دُرَّهْ
فتاة ٌ مسواكها يَشْهدْ
بشهدٍ لم يدره الرشفُ
أرى وردَ خدها ورد
دموعي فهيَ دمٌ صِرفُ
صفاتٌ حظُّ الشجي المكمد
منهنَّ الغرامُ والوصفُ
وبردُ الغَليلِ في البردِ
مَيّادٌ تجني المُنى زَهرَهْ
و جيد يغني عن القليدْ
كجيدِ الغزالِ في وجرهْ
دمي في حكم الهوى طلاَّ
بقدٍّ كالغصنِ إذ طلاَّ
وبِهِ خافق الحَشا حَلاَّ
و عن وردِ وصلهِ حلاَّ
حمتني صفية الوصلا
بِنَفْسي نارَ الأسى تصلى
مهاة ٌ جارتْ على الأسدِ
بعضبٍ مضاؤهُ الفترهْ
و غصنٍ غضَّ الجنى أملودْ
أطاعَتْ سُمْرُ القنا أمرَهْ
فجعتَ الرقيبَ والعاذلْ
حتى قَدْ رحمتُ عُذَّالي
صدرُ مَنْ فؤاده عاطِلْ
و خدُّ منْ بدمعهِ حالي
سؤالي وقفٌ على باخلْ
وحبّي وقفٌ على سالي
لو نال الصبا لظى وجدي
لعادَتْ أنفاسُها زفرَهْ
أو الوُرقَ ما بَكَتْ تغريدْ
بلْ فاضتْ آمالها عبرهْ
جنيتُ الحِمامَ من غرسِ
ألحاظي في روضِ مرآها
بِنَفْسي وأينَ لي نَفْسي
زَوَاها عنّي مُفَدّاها
مهاة ٌ تقولُ للشمسِ
إذا واجهتْ محيَّاها
تحكي منَ السما خدي
يا ختي اشْ ذا الحسدْ وذا القدرهْ
توفي ما عليكِ بجيد ان جيدْ
تراهُ الشموسْ بعينْ حسرهْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> رحبْ بضيفِ الأنسِ قد أقبلا
رحبْ بضيفِ الأنسِ قد أقبلا
رقم القصيدة : 11097
-----------------------------------
رحبْ بضيفِ الأنسِ قد أقبلا
واجلُ دجى الهمِّ بشمس العقار
و لا تسلْ دهرك عما جناهْ
فما لَيالي العُمرِ إلاّ قصار
عندي لأحداُ الليالي رحيقْ
تردُّ في الشيخ ارتياحَ الشبابْ
كأنما في الكاسِ منها حريقْ
و في يدِ الشاربِ منها خضابْ
و حقها ما هيَ إلاّ عقيقْ
أجريتُ أنفاسيَ فيهِ فذابْ(4/14)
فاجنِ المنى بينَ الطلى والطلا
واقدحْ على الأقداح منها شرار
وقُلْ لناهٍ ضلَّ عَنْهُ نُهاهْ
كَفى الصِّبا عُذراً لخلعِ العِذار
ولَيْلة ٍ مسودَّة ِ المفرِقِ
مَدَّتْ على وجهِ الضُّحى أَطنبه
واللّيْلُ هادي السربِ لا يتَّقي
والصبحُ قَدْ نامَ فَلمّا انتبه
أرسل بالفجرِ إلى المشرقِ
فارْتَفَعَتْ رايتُهُ المذهَبه
وانتَبَهَتْ للشُّهبِ تلكَ الحلى
و فاضَ في الأفاقِ نهرُ النهار
مثلَ أبي العيش تجلى سناهْ
في مظلمِ الخطبِ فجلى الغمار
يا مشرفاً يرجى كما يتقى
يا مُنقِذ الغرقى وآسي الجراحْ
أحللتَ من قلبكَ حُبَّ البَقا
منزلة َ المالِ بأيدي الشحاحْ
والشكرُ أضحى حُسنُهُ مورقا
لما سقاهُ منك ماءُ السماحْ
كَمْ مِعصمٍ للمجدِ قَدْ عُطِّلا
فصغتَ من حمدكَ فيهِ سوار
و كمْ ثناءٍ قدْ توانتْ خطاهْ
كسوتهُ ريشَ الأيادي فطار
فجِّرْ على الطرسِ صحيحاً عليلْ
مؤلّفاً بَيْنَ الدُّجَى والسّنا
كالصخرة ِ الصماءِ لكنْ يسيلْ
ريقاً كريق النَّحلِ عذب الجنى
عجبتُ منهُ من قصيرٍ طويلْ
وذي ذبولٍ مثمرٍ بالمُنى
هامَ صغيراً في طلابِ العلا
حتى علتهُ رقة ٌ واصفرار
وإنّما الرقَّة ُ أسنى حلاهْ
لَيْس الضنى عيباً لبِيض الشِّفار
ما الدهرُ في التحقيقِ إلا هجيرْ
و أنتَ ظلٌّ منهث للائذينْ
ما زلتَ في المجدِ قليلَ النظيرْ
مكثّرَ العافِينَ والحاسِدينْ
فاحبسْ على الجودِ لواءَ الأميرْ
سيفاً وخذْ رايته باليمينْ
دمْ لمنِ استرشدَ أو أقللا
أعْذَبَ مَوْرُودٍ وأهْدَى مَنار
و لا يزلْ مجدكَ تفري ظباه
وجُرْحُها عِنْدَ اللّيالي جُبار
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> سار بصبري وباحتمالي
سار بصبري وباحتمالي
رقم القصيدة : 11098
-----------------------------------
سار بصبري وباحتمالي
سير حمولْ
يحملُ عنها شذا الشمالِ
عَرفَ الشَّمولْ
في فاضح الدرِّ والدراري
ثغرٌ ونورْ
ذو غنجٍ أعينُ الصوارِ
إليهِ صورْ
فرَّ من السربِ والقفارِ
إلى الصدورْ
سطا فأعددتُ للدلالِ(4/15)
حِلْمَ الذليلْ
وَحَسَّنَتْ فِتنَة ُ الجَمالِ
حُبَّ البخيل
ملأتَ بالشوق صدرَ معمدْ
صفرَ اليدينْ
فَدَمْعُ عيني انثنى مُوَرَّدْ
بغيرِ عينْ
أظُنُّ روحي للَحظِ أحمدْ
عليَّ دينْ
لا تَخْشَ لَيّي وَلا مطالي
لستُ أحُولْ
نفسيَ في ذمة ِ الخبالِ
على الحلولْ
كم أشتكي روعة َ الشجونِ
بلا فؤادْ
عن لذة النوم حدثوني
طال السهاد
صامتْ بشرعِ الهوى جفوني
عن الرقاد
لو حلّل الفطرَ بالهلالِ
وجهٌ جميل
متى أرى ليلة الوصالِ
يا ليلَ صول
محقتَ بالسقم في ضياءِ
بدرَ تمامْ
ما عشتُ حيناً لولا خفائي
عن الحمامْ
محا سقامُ البكار ذَمائي
و لا سقامْ
أأنسب السقمَ للخيالِ
ماذا أقولْ
غالطتُ واللَّهِ في انتحالي
ثوبَ النحولْ
قدَّمتُ ذكر النّوى وأعني
بخلَ الحبيبْ
هوَ الهوى والمزارُ مني
دانٍ قريبْ
أظلُّ في قربه أُغنِّي
غِنا كئيبْ
يا حاديَ العيسِ والجِمالِ
عرِّجْ قليلْ
عسى ترى مقلتَيْ غزالي
قبل الرحيلْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> مُنًى أطار الفؤادَ عنّي
مُنًى أطار الفؤادَ عنّي
رقم القصيدة : 11099
-----------------------------------
مُنًى أطار الفؤادَ عنّي
وقصَّ مِنْ شوقيَ الجناحْ
يا باخلاً بالرضَى وعمري
ينفقُ فيهِ بلا حسابْ
أصليتَ قلبي هجيرَ هجرِ
وَعْدُكَ لي فِيهِ كالسرابْ
أغرقتني للهوى ببحرِ
عمريَ فِيهِ عمرُ الحبابْ
فَلْيهنني أنني شهيدُ
أدركتُ حُلْوَ المنى مُباحْ
أنتَ من الحورِ إن تصلني
تصلْ شَهيداً بلا جُناحْ
للَّهِ مَنْ همتُ في الملامِ
مِنْ أجلِ ذكر اسمهِ لديه
هلْ دبَّ في لحظهِ سقامي
أوْ نارُ قلبي في وجنتيه
في خدهِ رونقُ الحسامِ
وحدُّه بينَ مقلتيه
أباحَ نفسي كما يُريدُ
هنّأهُ اللَّهُ ماکسْتباحْ
قد كدتُ أن أعشقَ التجني
لأنّهُ عِندهُ صَلاحْ
ضاقتْ لهجرانه الصدورُ
وعن حلاه قالٌ وقيل
عيني به للبكا غديرُ
روضتُه وجهُهُ الجميل
باعُ سلوِّي به قصيرُ
لكنَّ ليلي به طويل
للبحرِ عنْ جنحهِ جمودُ
سالَتْ لهُ أدمعي السفاحْ(4/16)
كأنّما مدَّ ما جُفوني
ما غاضَ من جدول الصفاحْ
وددتُ أنَّ اعتدالَ قدهْ
يشفي به منْ على رمقْ
أو رقَّة في أديم خدِّهْ
سَرَتْ إلى قَلْبهِ فَرَقّ
تجري دُموعي حُمراً لبعدهْ
كالشمسِ إذ تعقبُ الشفقْ
ريمُ صريمٍ تخشى الكتائبْ
منْ لحظتيه صوارما
خلِّ حبيبي على صدودُ
مليحْ هُ ما يعمل الملاحْ
وصلني بو بكر أو هجرني
لسْ لي عليه في الهوى اقتراحْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> نَعيمي في الحبِّ أن تشقى
نَعيمي في الحبِّ أن تشقى
رقم القصيدة : 11100
-----------------------------------
نَعيمي في الحبِّ أن تشقى
بالوجدِ نفسي الفانيهْ
ومَوْتي من لحظك المصبي
هُوَ الحياة ُ الباقيهْ
عجبتُ أنَّ هوى الغزلانْ
مُستعذَبٌ فِيهِ العذابْ
و ليلُ الهوى على الهيمانْ
أحسنُ من ليل الشبابْ
ووعدي فيه مع السُّلوانْ
أكذبُ من وعد السرابْ
ونفسي تقطعُها شوقا
ظبى الهموم الماضيهْ
و قلبي من أغضنِ الكربِ
يَجْني قطوفاً دانيهْ
فؤادي رهنٌ لدى الوجدِ
هذا عَليْهِ قُدِّرا
و طرفي وقفٌ على السهدِ
فالنجمُ معقودُ العرى
فليت البعادَ في البعدِ
بحيثُ قد حلَّ الكرى
يا قلبي إني أرى العشقا
جرَّ علينا داهيه
وَهَبَّتْ ريحٌ من الحبِّ
عفتْ رسومَ العافيه
ما احرى منْ هامَ في همّ
أن يسهرَ الليلَ الطويلْ
مردًّى بالحُسْنِ معتَمّ
يُعِلُّ باللحظِ العليلْ
بَدا لي في فِعلِهِ ظلم
الخصرِ بالردفِ الثقيلْ
كحملي في الحبِّ ما ألقى
تضعفُ نفسٌ واهيه
ما أشقى مثلي بلا ذنبِ
يصلى بنارٍ حاميه
كفاني أنّي بأكفاني
حيٌّ على حُكمِ الغرامْ
أفناني مِعطَفُ فينانِ
يميلُ ميلاً بالأنامْ
جفاني بغنجِ أجفانِ
مسددٌ سهمَ الحمامْ
ظُلومٌ يخيِّلُ الحقّا
أحكامَ جورٍ جاريه
يستهدي الملامَ في الصبَّ
بسمعِ أذنٍ واعيه
حبيبي أنوارُ أشواقكْ
ليسَتْ على قَلْبي سلامْ
ألحاظٌ صاحَتْ بعشاقكْ
حيَّ على طولِ الهيامْ
أنادي من جورِ أحداقكْ
نداءَ مسلوبِ المنامْ
و الهفَ قلبي لقدْ شقا(4/17)
شَقَّ البرود الباليه
جفونُكَ بالسحرِ يا حِبّي
قدْ أهلكتْ سلطانيه
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> هل الأسى واقيه فليس لي
هل الأسى واقيه فليس لي
رقم القصيدة : 11101
-----------------------------------
هل الأسى واقيه فليس لي
مِنْ قِبَلِ بالوجدِ
إن الثنايا أمانْ لذي سَقَمْ
قدِ ابتلي بالصدَّ
إذا أعدوا الأرقْ
ففي الطلا سرٌّ جليلْ
نارٌ تُزيلُ الحُرَقْ
كأنها نارُ الخليلْ
شمسٌ تبثُّ الشفقْ
في وجنة ِ الساقي الجميلْ
اخترتها فانيه منْ أنملِ
معتدلِ القدِّ
فجرت في غصنِ بان فِيهِ العنم
أثْمرَ لي بالوردِ
فتنتُ في ذي حورِ
صفاتهُ السحرُ العجيبْ
يدينُ فيهِ بصري
بدين عبّادِ الصليب
إذ ثلثت بالقمرِ
والحقفِ والغصنِ الرطيب
ألحاظُهُ العاديَهْ لا تأتلي
عن مَقْتلِ بالقصدِ
أما عليها ضمان هلْ من حكمْ
أو من ولي أو معدِ
لا ترمِني بالعتابْ
ما لي عن الحبَّ متابْ
جرعتني الهجرَ صابْ
فلترثِ للصبَّ المصابْ
تِلْكَ الثنايا العِذابْ
ثَنَتْ نعيمي للعَذابْ
لوْ أنها شافيهْ منْ عللْ
بعَللِ أو وِردِ
في جائلٍ من جُمان قَدِ انتظمْ
في السلسلِ كالعقدش
رفقاً بصبّ عشق
خذلتهُ بلا معينْ
إن لم تجد لي رمق
فالطلبْ مكاني بالأنينْ
شيّبَتْ لي مفرق
و الحبُّ في قلبي جنينْ
هل لكَ من راضيهْ في رجُلِ
ممتثلِ عَن عبدِ
خُذْني بعينِ امتنان ولا نَدَمْ
والحُكم لي في الردِّ
هُوَ أبا الطاهرِ
قد صحَّ نَصّاً وقياسْ
أفْدِيهِ مِنْ سامري
خطابهُ بلا مساسْ
فإنّما زاجري
يبني على غيرِ أساسْ
ما حظُّ عذاليهْ في عذلي
من زللِ أو رُشْدِ
إني رضيتُ الهوان أرضى نعمْ
بالحنظلِ عن شهدِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> زهرُ الآمالْ
زهرُ الآمالْ
رقم القصيدة : 11102
-----------------------------------
زهرُ الآمالْ
من روضة ِ الكاسِ
تجنى حبابا
حُسْنُ أبي بكرِ
لما أنْ صالْ
شيطانُ وسواسي
كانَتْ شهابا
عَقِيقٌ جالْ
لهِيبُ أنْفاسي
فذابا
انْسى الغداه من لفظ الحان(4/18)
ولَيْس ريحان إلاّ صدغاه
راحٌ تلبِّسْ
أناملَ الشَّربِ
خضابَ نورْ
شمسٌ تعكسْ
في وجنتيْ مصبي
أحوى غريرْ
ساقٍ ألعسْ
فرَّ من السربِ
إلى الضميرْ
تجري عَيْناه وما سقى الندمان
إلاّ لتزدان بها يُمْناه
بدرٌ أشرقْ
ذو غرة ٍ تفتنْ
بها السعودْ
ممّا يُعْشَقْ
يكادُ يُسْتَحسَنْ
منهُ الصدود
إن جئتَ للأمنِ سايلْ
كالسامري
مكار الحَقْ
خلقهُ أحسنْ
مما يريدْ
قلبي مثواهْ هل يألفُ النيرانْ
من كانَ رِضوانْ قِدْماً ربّاهْ
أنا المغرمْ
لا أشْتَكي إلاّ
ما أنت تدري
أما يعلمْ
سرّيَ مَنْ حَلاّ
مكانَ سري
وقَدْ علَّمْ
خيالهُ البخلا
فلا يسري
لَوْلا مسراهْ لما أبكى الهيمانْ
كراهُ إذا بانْ ولا اسْتدعاه
هلْ يستعطفْ
حسنُ أبي بكرِ الطلبي
حَكَى يُوسفْ
لمّا أخلَفْ
كَمْ يا تيّاهْ تعتلُّ بالنسيانْ
عدني بهجرانْ عَسَى تنساهْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> طيف ألمْ شفق ألم
طيف ألمْ شفق ألم
رقم القصيدة : 11103
-----------------------------------
طيف ألمْ شفق ألم
شوقٌ هَجَمْ هَجْمة َ الأشدِّ
كادَ يَبِيدْ مِنْهُ العَمِيدْ
وهَلْ يُفيدْ ذاكَ أو يجدي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> غرورُ أحوى غريرْ
غرورُ أحوى غريرْ
رقم القصيدة : 11104
-----------------------------------
غرورُ أحوى غريرْ
قَتَلْتهُ بالضميرْ
فعبرتْ عن عبيرْ
أنْفاسُهُ بزفِيرْ
و انعمْ بضمْ غصنٍ نجمْ
فِيهِ العَنَمْ لكَ بالوردِ
مَيْتُ الصدودْ قُلْ ما تريدْ
حقُّ الشهيدْ جَنّة ُ الخلدِ
هَلِ النعيمُ يُمَلّ
و ثمَّ شمسٌ تظلْ
أو صارمٌ لا يُفلّ
إلاّ الرئيسُ الأجلّ
ابن حكمْ البدرُ تمّ
والغَيْثُ عَمّ هادياً مُهْدِ
ردًى تُبيدْ حياً مُفيدْ
كلُّ الوجودْ مِنْهُ في فردِ
ملكٌ عزيزٌ مداهْ
يبعثُ طبعاً علاهْ
بَعْثَ الصباحِ سناهْ
أو النسيمِ شذاهْ
نائي الهمَمْ داني الكرمْ
سهلُ الشيمْ مصعبُ المجدِ
تَتْلو الجنودْ بِهِ الحديدْ
أو الوفودْ سورة الحمدِ
يا قَيدَ من رام سَبْقَهْ(4/19)
و معطيَ الملكِ حقهْ
لما حوتكَ منرقهْ
شدتْ بك الأرضُ حرقهْ
إن يَحْتشمْ نمشِ لُ ثمّ
على قدمْ أو يجي عندي
من ثمْ نريدْ إنْ كانْ يريدْ
وصلي سعيدْ يا بياضْ سعدي
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا ناصحاً رامَ أنْ يقيني كلاَّ
يا ناصحاً رامَ أنْ يقيني كلاَّ
رقم القصيدة : 11105
-----------------------------------
يا ناصحاً رامَ أنْ يقيني كلاَّ
لن أقتلا إفكا من العدل أن تقيني
وجدٌ بهِ القلبُ ذو ارتماضِ
ماضِ هل من مزيدْ
يا وجدُ كُنْ دائم التقاضي
قاضِ بما تريدْ
إني عن الأعينِ المراضِ
راضِ فاسقِ العميدْ
مِنْ مُقْلَتيْ ساحرٍ مبينِ عَلاَّ
معللا لا حدَّ في سكرة ِ الجفونِ
هواكَ يا فتنة َ الأنامِ
نامِ والصبرُ زُورْ
أتيتَ مستبعد المرامِ
رامِ سهمَ الفتورْ
وجئتَ بالسحرِ في انتظامِ
ظامِ إلى الصدورْ
الزهْرُ فِيكَ على الجبينِ يُتلى
مُفَصَّلا خُذْ راية الحسن باليمينِ
إنَّ فؤاداً بِكَ اسْتجارا
جارا فيهِ الوجيبْ
إن كتم الشوقَ والأوارا
و أرى شيئاً عجيب
أو ذكرَ الهجرَ والنفارا
فارا دمعٌ سكيب
سقى بِهِ روضَة َ الفتونِ وَبْلا
مسترسلا فينبتُ الشوقَ كلَّ حينِ
جرحك قد راح في العبادِ
بادِ بلا قصاصْ
إن دُمْتَ بالتيهِ والمعادِ
عادِ ولا مَناصْ
صحتُ بعينيكَ ذا اجتهادِ
هادِ إلى الخلاصْ
لا تأمنوا فاترَ العيونِ أصلا
أن يقتلا فالرمحُ ذو شدة ٍ ولينِ
ريمٌ رمى القلبَ عن كناسِ
ناسِ إلاّ المطالْ
صلني وكنْ يا قضيبَ آسِ
آسي داءَ الحبالْ
ما صحّض بالنصّ والقياسِ
ياسي مِنَ الوصالْ
وباللَّهْ يا خي إن لم تجيني باللَّه
وقلتَ لا وإن جنثتْ إلا في يميني
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أهْدي نسيمُ الصباحِ
أهْدي نسيمُ الصباحِ
رقم القصيدة : 11106
-----------------------------------
أهْدي نسيمُ الصباحِ
نسيمَ مسكٍ وعنبرْ
يَحُثُّهَا خَنْدَرِيسا
من خدّ ساقيها تعصرْ
اليومُ يومٌ أغَرُّ
كما تراهُ طليقْ
زهرٌ وظلٌّ ونَهْرُ(4/20)
وشادنٌ ورحيقْ
وذيلُ سكرٍ يُجَرُّ
وَمُنْتَشٍ لا يُفيقْ
زمانهُ في اصطباحِ
إذا أفاق تذكّرْ
فقال هاتِ الكؤوسا
واشربْ ودعْ مَنْ تعذَّرْ
كَمْ ذا تكتّم وجدا
أذاب قَلْبي زفيرُهْ
من شادنٍ لَوْ تبدَّى
للبدرِ أظلمَ نورهْ
من بالنفوسِ يُفدَّى
أنا المعنى أسيرهْ
يفري الحشا بالتماحِ
من طرفِ وسنانَ أحورْ
ناهيك عِلقاً نفيسا
في مثلهِ الصبُّ يعذرْ
منعمُ القدّ لدنُ
كالغصْنِ في عَلْيائه
وهي الكواكب تعنو
لحُسْنِهِ وبهائه
و كلُّ قلبٍ يحنُّ
إليهِ شوقَ لقائه
مطاوعٌ ذو جماحِ
يهوى الوصالَ ويحذرْ
لذاك عرضاً دنيسا
و ليس يهوى لمنكرْ
موسى حويتَ الجمالا
وعفَّة ً في طِباعك
لم تَرْض إلاّ الحلالا
غذيتهُ في رضاعك
وقَدْ أملْتَ الرجالا
نهاية ً باصطناعك
فالبسْ رداءَ امتاحِ
و جررِ الذيل وافخرْ
فَلَنْ يَزالَ حَبِيسا
يُطوى عليك ويُنْشَرْ
لمّا استقام قضيبا
وكاد ينقدُّ مَيْلا
ومرَّ خِشفاً ربيبا
وزاد حُسناً وطَوْلا
ما شاء ، قمتُ خطيبا
فَقُلْتُ والحقُّ أولى
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> عِينُ الظباء تَجَنّيها
عِينُ الظباء تَجَنّيها
رقم القصيدة : 11107
-----------------------------------
عِينُ الظباء تَجَنّيها
للصبّ مُبيدْ
أرسلت تسدد للسالي
سهمها السديدْ
فاتنُ الحلي أثمر البدرا
غُصن قَدّه
ومذ جهل جعل الهجرا
بعض وعده
هل ينال بالشعر ، والشعرى
فوق خده
كيف بالكواكب يجنيها
منْ على الصعيد
ذهَبَتْ لعمرك آمَالي
مَذْهباً بعيد
قد بلغتَ موسى من الهجرِ
كلَّ ملتمسْ
لو شققتَ دمعي على البرّ
لمْ يعدْ يبسْ
خلّ طور سيناء في صدري
للهوى قَبَسْ
تطلبُ الشجون فأُعطيها
فوق ما تريد
هل أصاب قبلي عذالي
عاشقاً رشيد
كم تقابلُ العاشقَ الزوَّار
مِنك بازورارْ
سوف تنسخُ التيهَ والأعذار
آية ُ العذار
إنّ حلكة الخال كالإنذار
كنْ على انتظار
شاقهُ نسيمُ المنى فيها
نجمها السعيد
كم لذلك الخال من خالِ
ردهُ عميد
قسماً بهجرك والسنهْ
حيثُ ذا اليمين(4/21)
ما كانَ حبكَ يا فتنه
في الحشا مكين
لولا مُحيّاك لي جَنّه
وهواك دين
احيِ مهجة ً أنتَ فيها
مبدئ معيد
لو رزقت من وصلك الغالي
جنّة الشهيد
قل للبائع الطيبَ في الدكان
هل سواكَ طيبْ
إن حضرتُ ظنَّ بي الجيران
أنني مريب
أنا سوفَ أحسمُ بالهوان
تهمة َ القريب
نفتح العطرْ فب ذاكَ الجيها
على مَنْ يريد
يشعرُ لي إنُّ الرقيبْ بالي
و الحانوت جديد
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لزهرة ِ البستانْ في غصنها
لزهرة ِ البستانْ في غصنها
رقم القصيدة : 11108
-----------------------------------
لزهرة ِ البستانْ في غصنها
الفينانْ عرفٌ يفوحُ
فباكرِ الخلانْ في روضة ِ
الريحَانْ إلى الصَّبوحْ
اشربْ على الألحانْ
من كفّ مياسٍ منعمْ
قَدْ أسْكَرَ الندمانْ
باللحظِ والكاسِ والمبسم
معطَّرُ الأردانْ
ذكي الأنفاس عذبُ الفم
ليس من السلوانْ عن حسنهِ
الفتّانْ قَلْبي قريح
و ها مغطى الأشجانْ بأدمعِ
الأجفانْ بادٍ صريح
كَمْ للرضا أرتاحْ
و كمْ من استرسال
من منصفُ الأرواحْ
منْ لحظك القتالْ
يا شادناً يلتاحْ
في وجههِ إقبالْ
أسرفتَ في الهجرانْ فليتَ لوْ
قد حانء موتٌ مريحْ
لمْ تبقِ للهيمانْ لواعجُ
النيرانْ قَلْباً صحيحْ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> يا حسنهُ والحسنُ بعض صفاته
يا حسنهُ والحسنُ بعض صفاته
رقم القصيدة : 11109
-----------------------------------
يا حسنهُ والحسنُ بعض صفاته
والسّحرُ مَقصورٌ عَلى حركاتهِ
عبثت بقتلِ محبه لحظاتهُ
يا ربّ لا تعتب على لحظاتِهِ
بتنا نشعشعُ والعفافُ نديمنا
خَمرين من غزلي ومِنْ كلماتِهِ
صافَحْتُهُ واللّيْلُ يُذكي تحتنا
نارين من نفسي ومن وجناتهِ
وضمَمتُهُ ضمَّ البَخِيلِ لمالِهِ
يحنو عليه من جميعِ جهاتهِ
أوثقتهُ في ساعديَّ لأنهُ
ظبيٌ خشيتُ عليهِ من نفراتهِ
و القلبُ يرغبُ أن يصير ساعداً
ليفوزَ يالآمالِ منْ ضماتهِ
حتى إذا هامَ الكرى بجفونِه
وامتدَّ في عَضديّ طوعَ سناتِهِ(4/22)
عَزَمَ الغرامُ عليّ في تقبيلِهِ
فجعلتُ أبدي الطوعَ عن عزماتِهِ
و ابى عفافي أن أقبلَ ثغرهُ
والقَلْبُ مطويٌّ على جمراتهِ
فاعجبْ لملتهبِ الجوانح غلة ً
يَشكو الظَّما والماءُ في لهَوَاتِهِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> إليكُمْ يحنُّ القَلْبُ في كلّ ساعة ٍ
إليكُمْ يحنُّ القَلْبُ في كلّ ساعة ٍ
رقم القصيدة : 11110
-----------------------------------
إليكُمْ يحنُّ القَلْبُ في كلّ ساعة ٍ
ونَحْوَ مغانِيكُمْ تَلَفّتَ ناظِري
وما عرضتْ لي خطرة ٌ مذ بعدتمُ
فَلَمْ يكُ إلاّ نحوكم عفو خاطري
و إني لخفاقُ الفؤادِ كما بدا
نَسيمُكُمُ مِنْ نحوِ سلعٍ وحاجرِ
و لله ما يبديهِ جدُّ حديثكمْ
بقلبيَ من سرّ الهوى في محاجري
ألا يا سقى اللَّهُ الجزيرة َ إنّها
لأهلٌ لأن تُسقى بِدَرِّ المواطِرِ
ولمْ لا وقد حازَتْ من الفضل جملة ً
يُقَصّرُ عَنْ أوصافِها كلُّ شاعرِ
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> لَطائفُ آدابٍ فكاهة ُ مجلسٍ
لَطائفُ آدابٍ فكاهة ُ مجلسٍ
رقم القصيدة : 11111
-----------------------------------
لَطائفُ آدابٍ فكاهة ُ مجلسٍ
مَوائِدُ أمثالٍ نوادرُ أشعارِ
سَرائِرُ آياتٍ حبيت بِفَضْلِها
تبين لما خصت بهِ قدرة الباري
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> وكيفَ أصْبر عَنكُمْ بعد معرفتي
وكيفَ أصْبر عَنكُمْ بعد معرفتي
رقم القصيدة : 11112
-----------------------------------
وكيفَ أصْبر عَنكُمْ بعد معرفتي
أنْ ليس لي عوضٌ منكم ولا بدلُ
غذا نشطتُ لشخص في معاشرة ٍ
جرَّبتُهُ فَثَنى عَنْ ودّهِ الكسلُ
إذا كانَ نصر اللَّهِ وقْفاً عَلَيكُمُ
فإنّ العدا التنوين يحذفه الوقف
العصر الأندلسي >> ابن سهل الأندلسي >> أعلامهُ السودُ إعلامٌ بسؤددهِ
أعلامهُ السودُ إعلامٌ بسؤددهِ
رقم القصيدة : 11113
-----------------------------------
أعلامهُ السودُ إعلامٌ بسؤددهِ
كأنها فوقَ خدّ الملك خيلانُ(4/23)
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> يا دارَ أسماءَ بين السَفْحِ فالرُّحَبِ
يا دارَ أسماءَ بين السَفْحِ فالرُّحَبِ
رقم القصيدة : 11114
-----------------------------------
يا دارَ أسماءَ بين السَفْحِ فالرُّحَبِ
أقْوَتْ وعَفَّى عليها ذَاهِبُ الحقبِ
فما تَبَيَّنَ منها غيرُ مُنْتًضَدٍ
وراسياتٍ ثلاثٍ حولَ مُنْتَصِبِ
وعَرْصَة ُ الدارِ تَسْتَنُّ الرِّيَاحُ بِها
تَحِنُّ فيها حَنينَ الوُلَّهِ السُّلُبِ
دَارٌ لأسْمَاءَ إذْ قلبي بها كَلِفٌ
وإذ أُقَرِّب منها غيرَ مُقترِبِ
إنَّ الحبيبَ الذي أمسيتُ أهجرُهُ
من غيرِ مَقْلِيَة ٍ مِنِّي ولا غَضَبِ
أصُدُّ عنه ارتقاباً أنْ أُلَمَّ به
ومَن يَخفْ قالة َ الوشينَ يَرْتَقبِ
إنِّي حَوَيْتُ على الأقوامِ مَكْرُمَة ً
قِدْمَاً وحَذَّرَنِي ما يَتَّقُونَ أبِي
فقال لي قولَ ذي رأيٍ ومَقدِرة ٍ
بسَالِفَاتِ أُمُورِ الدَّهْرِ والحِقَبِ
قد نِلْتَ مجداً فحاذِرْ أنْ تُدَنِّسِهُ
أبٌ كريمٌ وجَدٌ غيرُ مُؤْتَشَبِ
أمَرْتٌكَ الخيرَ فافعلْ ما أُمِرتَ به
فَقَدْ تَرَكْتُكَ ذَا مَالٍ وذَا نَشَبِ
واتْرُكْ خَلائِقَ قَوْمٍ لا خَلاَقَ لَهُمْ
واعْمَدْ لأخْلاقِ أهلِ الفَضْلِ والأدَبِ
وإن دُعِيتَ لغدرٍ أو أُمِرْتَ به
فاهرُبْ بنفسِكَ عنه آبِدَ الهَرَبِ
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> ومُرْدِ على جُرْدٍ شَهِدْتُ طِرَادَهَا
ومُرْدِ على جُرْدٍ شَهِدْتُ طِرَادَهَا
رقم القصيدة : 11115
-----------------------------------
ومُرْدِ على جُرْدٍ شَهِدْتُ طِرَادَهَا
قُبَيَلَ طُلوعِ الشمسِ أو حينَ ذَرَّتِ
صَبَحْتُهُمُ بَيْضَاءَ يَبْرُقُ بَيْضُها
إذَا نَظَرَتْ فيها العُيُونُ ازْمَهَرَّتِ
ولمَّا رأيتُ الخيلَ رَهْواً كَأنَّها
جَدَاوِلُ زَرْعٍ أُرْسِلَتْ فاسْبَطَرَّتِ
فَجَاشتْ إليَّ النفسُ أوَّلَ مرّة ٍ
فَرُدَّتْ على مَكروهها فاسْتَقَرَّتِ
عَلامِ تقولُ الرُمْحُ يُثْقِلُ عاتقي(4/24)
إذا أنا أطعن إذا الخيلُ كَرَّتِ؟
عَقَرْتُ جوادَ ابْني دُرَيْدٍ كليهما
ومَا أخَذَتْنِي في الخُتُونَة ِ عِزَّتي
لَحَا الله جَرْماً كلَّما ذَرَّ شارِقٌ
وُجُوهَ كلابٍ هارَشَتْ فازْبَأرَّتِ
ظَلِلْتُ كأنِّي للرِّماح دَريئة ٌ
أُقاتِلُ عن أبناءِ جَرْمٍ وفَرِّتِ
فلم تُغْنِ جَرْمٌ نَهْدَهَا إذ تَلاقَتا
ولكنَّ جَرْما في اللقاء ابْذَعَرَّتِ
فلو أنَّ قومي أنطقتْني رماحُهم
نَطَقْتُ، ولكنَّ الرماحَ أجَرَّتِ
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> لَقِيْتُ أبا شأسٍ وشأساً
لَقِيْتُ أبا شأسٍ وشأساً
رقم القصيدة : 11116
-----------------------------------
لَقِيْتُ أبا شأسٍ وشأساً ومالكاً
وقيساً فجاشَتْ من لقائِهِمُ نفسي
لَقُوْنا فضمُّوا جانبَيْنا بصادقٍ
من الطَّعنِ حَشّ النارِ في الحطبِ اليَبْس
كأنَّ جُلُودَ النُّمْرِ جِبيَتْ عليهِمُ
إذا جَعْجَعُوا بينَ الإناخة والحَبْسِ
ولمّا دخلنا تحت فِيْءِ رماحهمْ
خَبَطْتُ بكفّي أطلبُ الأرْض باللّمسِ
فأُبْتُ سَليماً لم تُمَزَّقْ عِمامتي
ولكنّهم بالطّعنِ قد خرّقوا تُرْسي
وَليسَ يُعابُ المرْءُ من جُبنِ يوْمِهِ
إذا عُرِفَتْ منه الشجاعة ُ بالأمسِ
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> أعددتُ للحربِ فَضْفَاضَة ً
أعددتُ للحربِ فَضْفَاضَة ً
رقم القصيدة : 11117
-----------------------------------
أعددتُ للحربِ فَضْفَاضَة ً
دِلاصاً تَثَنَّى على الرَّاهِشِ
وأجْرَدَ مُطَّرِداً كالرِّشاءِ
وسَيفَ سَلاَمَة َ ذهي فائِشِ
وعِزٍّ يَفُوتُ يَدَ النَّاهِشِ
بَرَتْها رُماة ُ بَنِي وابِشِ
وكلَّ نَحِيصٍ فَتيقِ الغِرارِ
عَزُوفٍ على ظُفُرِ الرائشِ
وأجْرَدَ سَاطٍ كشاة الإرا
نِ رِيْعَ فَعَنَّ على النَّاجِشِ
وآوي إلى فَرْعِ جُرثومة ٍ
تَمَتَّعْتُ ذاكَ وكنتُ أمرأً
أصُدُّ عن الخُلُقِ الفاحشِ
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> أمِنْ رَيْحانة َ الدَّاعي السَّميعُ(4/25)
أمِنْ رَيْحانة َ الدَّاعي السَّميعُ
رقم القصيدة : 11118
-----------------------------------
أمِنْ رَيْحانة َ الدَّاعي السَّميعُ
يُؤرِّقُنِي وأصحابي هُجوعُ
يُنادِي مِن بَرَاقِشَ أو مَعِينٍ
فأسْمَعَ واتْلأَبَّ بنا مَلِيْعُ
وقد جاوزْنَ من غُمدانَ داراً
لأبوالِ البغال بها وَقيعُ
وَرُبَّ مُحَرَّشٍ في جَنْبِ سلمى
يُعَلُّ بِعَيْبِها، عندي، شفيعُ
كأنَّ الأثْمِدَ الحارِيَّ فيها
ُيَسُّف بحيثُ تَبْتَدِرُ الدُموعُ
وأبكارٍ لَهَوْتُ بِهنَّ حيناً
نواعمَ في أسرَّتِها الرُّدُوعُ
أُمشِّي حولَها وأطوف فيها
وتُعجبني المَحاجِرُ والفُزوعُ
إذا يَضحكنَ أو يَبْسِمْن يوماً
تَرَى بَرَداً ألَحَّ به الصَّقيعُ
كأنَّ على عَوارِضِهنَّ راحا
يُفَضُّ عليه رُمَّانٌ يَنِيْعُ
تَراها الدَّهْرَ مُقْتِرَة ً كِباءً
وتَقدحُ صَحْفة ً فيها نَقيعُ
وصِبْغُ ثيابها في زَعْفَرانٍ
بِجُدَّتِها كما احْمرَّ النَّجيعُ
وقد عجِبتْ أمامة ُ أنْ رأتني
تَفَرَّعَ لِمَّتِي شَيْبٌ فَظيعُ
وقد أغْدُو يُدَافعني سَبُوحٌ
شديدٌ أسْرُه فَعْمٌ سَرِيعُ
وأحْمِرَة ُ الهُجَيْرَة ِ كلَّ يومٍ
يَضُوْعُ جِحاشَهُنَّ بما يَضُوْعُ
فأرسَلْنَا رَبِيئَتَنَا فأوْفَى
فقال : ألا أُولى خَمْسٌ رُتُوعُ
رَبَاعِيَة ٌ وقاِرحُها وجَحْشٌ
وهادية ٌ وتالية ٌ زَمُوعُ
فنادانا: أنَكْمُنُ أم نُبادي؟
فلما مَسّ حالِبَهُ القَطيعُ
أَرَنَّ عَشيَّة ً فاستعجَلَتْهِ
قوائمُ كلُّها رَبذٌ سطُوعُ
فأوفى عندَ أقصاهُنَّ شخصٌ
يلوحُ كأنه سيفٌ صَنِيعُ
تَرَاهُ حين يَعْثُرُ في دماءٍ
كما يمشي بأقْدُحِهِ الخَليعُ
أشابَ الرأسَ أيّامٌ طِوالٌ
وَهَمَّ ما تَبَلَّغُهُ الضُلوعُ
وسَوْقُ كَتيبة ٍ دَلفَتْ لأخْرَى
كأنَّ زُهاءَها رأسٌ صَلِيعُ
دَنَتْ واستأْخَرَ الأوغالُ عنها
وخُلِّيَ بينهم إلاَّ الوَرِيعُ
فِدى ً لهمُ معاً عَمِّي وخالي
وشَرخُ شبابهِم إنْ لم يُضِيعُوا
وإسنادُ الأسِنَّة ِ نحوَ نَحْري(4/26)
وهَزَّ المَشْرَفِيَّة ِ والوُقوعُ
فإنْ تَنُبِ النَّوائِبُ آلَ عُصْمٍ
تُرَى حَكَماتُهمْ فيها رُفُوعُ
إذا لم تستطعْ شيئاً فَدَعْهُ
وجاوِزْهُ إلى ما تستطيعُ
وَصِلْهُ بالزِّماعِ فكلُّ أمرٍ
سَمَا لكَ أو سَمَوْتَ له وَلُوعُ
فكمْ مِن غائِطٍ مِنْ دُونَ سَلْمَى
قليلِ الأُنْسِ ليس به كَتِيْعُ
به السِّرحانُ مفترشاً يديه
كأنَّ بياضَ لَبَّتِه الصَّدِيعُ
وأرضٍ قد قطعتُ ، بها الهَوَاهي
من الجِنَّانِ، سَرْبَخُها مَلِيعُ
تَرَى جِيَفَ المَطِيِّ بحافَتَيْه
كأنَّ عِظامَها الرَّخَمُ الوُقُوعُ
لَعَمْرُكَ ما ثلاثٌ حائماتٌ
على رُبَعٍ يَرِعْنَ وما يَرِيعُ
ونابٌ ما يَعِيشُ لها حُوارٌ
شديدُ الطَّعْنِ مِثْكالٌ جَزُوعُ
سَدِيسٌ نَضَّجَتْهُ بعدَ حَمْلٍ
تَحَرَّى في الحَنينِ وتَسْتَلِيْعُ
بأَوْجَعَ لَوْعًة منِّي وَوَجْداً
غداة َ تَحَمَّلَ الأنَسُ الجَميعُ
فإمَّا كنتِ سائلة ً بمُهْرِي
فمُهْرِي إن سألتِ به الرَّفِيعُ
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> قطعة من ذاتي
قطعة من ذاتي
رقم القصيدة : 1112
-----------------------------------
أهدرتُ في درب الأسى خُطُواتي
ورسمتُ في وجهِ الدّجى زَفَراتي
وقرأتُ في عينيكِ بعضَ قصائدي
فعلمتُ أنّكِ قطعةٌ من ذاتي!
وسمعتُ صوتَك والمنى مخضَلّةٌ
فوجدتُ في نَبراتهِ نبراتي
من أين جئتِ إليّ ؟..كيفَ عرفتِني
وعرفتِ درب القلبِ بعدَ فواتِ؟
أومَا سمعتِ صدى الحنينِ بخاطري
وتَعَلْثٌماً تشقى بهِ كلماتي ؟
من أين جئتِ ؟ ..قصائدي مخضلّةٌ
شوقاً ، وقلبي وارفُ الخلجاتِ !
مازلتُ امضي ، والطريقُ طويلةٌ
ومشاعلي محدودة الوَمَضاتِ
وسلكتُ دربَ الحبَّ مشدود القوى
تجري دماءُ العزمِ في خُطواتي
أوغلتُ في كل القلوبِ ، فلم أجدْ
قلباً كقلبكِ صادقَ الزَّفراتِ
سافرتُ في كل الدروبِ، فلم أجدْ
وجهاً كوجهكِ رائعَ القسماتِ
يا مَنْ وقفتُ على مشارفِ صمتِها
متأمّلاً ، متوثّبَ النظراتِ(4/27)
وأبحْتُ قلبي للأنين وللأسى
من أجلهِا وجنحْتُ للخَلواتِ
ووقفتُ إنصاتي على كلماتِها
حتى غَدوْتُ أخاف من إنصاتي
ووقفتُ في وجهِ اشتياقي صامد
احمي حمى نفسي من النّزَواتِ
أأطيعُ أوهامي..؟ إذن فتوقّفي
يانفسُ ، وانعِي للزمانِ ثباتي
اللهُ يعلمُ ، ما أبحْتُ قصائدي
لتملُّقٍ يجني على كلماتي
عانقتُ ضوءَ الفجر بعدَ تخبُّطٍ
يا فتنتي في غَيْهَبِ الظُّلُمَاتِ
وسكبتُ ضوءَ الشمسِ بين جوانحي
أمحو بهِ ليلاً من الحَسَراتِ
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> الحَرْبُ أوّلَ مَا تَكونُ فُتَيّة ً
الحَرْبُ أوّلَ مَا تَكونُ فُتَيّة ً
رقم القصيدة : 11121
-----------------------------------
الحَرْبُ أوّلَ مَا تَكونُ فُتَيّة ً
تَبْدُو بِزِينَتِهَا لِكُلّ جَهُولِ
حتى إذا حَمِيّتْ وَشُبّ ضِرَامُها
عادتْ عجوزاً غيرَ ذاتِ خليلِ
شَمطاءُ جَزّتْ رَأسَها وَتَنَكّرَتْ
مكروهة ً للشَّمِّ والتقبيلِ
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> إنَّكِ عَيْنٌ حَذِلَتْ
إنَّكِ عَيْنٌ حَذِلَتْ
رقم القصيدة : 11122
-----------------------------------
إنَّكِ عَيْنٌ حَذِلَتْ مُضَاعَهْ
حيٌ تَرَوْهُ كاشِفَاً قِنَاعَهْ
حيٌ تَرَوْهُ كاشِفَاً قِنَاعَهْ
حيٌ تَرَوْهُ كاشِفَاً قِنَاعَهْ
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> أَخْبَرَ المُخْبِرُ عنكم أنكم
أَخْبَرَ المُخْبِرُ عنكم أنكم
رقم القصيدة : 11123
-----------------------------------
أَخْبَرَ المُخْبِرُ عنكم أنكم
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بالأثْمُدِ
تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بالأثْمُدِ
رقم القصيدة : 11124
-----------------------------------
تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بالأثْمُدِ
ونَامَ الخَلُيُّ، وَلَمْ تَرْقُدِ
وَباتَ وَباتَتْ لَهُ لَيْلَة ٌ،
كَلَيْلَة ِ ذِي العائِرِ، الأرْمَدِ
وذلكَ من نَبَأٍ جاءني
وَخُبِّرْتُهُ عَنْ أبي الأسْوَدِ
وَلَوْ عَنْ نَثَا غَيْرِه جاءَني،(4/28)
وَجَرْحُ اللِّسانِ كَجُرْحِ اليَدِ،
لَقُلْتُ، مِنَ القَوْلِ، ما لا يَزَا
لُ يُؤْثَرُ عَنِّي، يَدَ المُسُنَدِ
بأيِّ علاقتنا ترغبونَ
أعَنْ دَمِ عَمْرٍو على مَرْثَدِ؟
فإنْ تَدْفِنوا الداءَ لا نُخْفِهِ
وَإنْ تَبْعَثُوا الحرْبَ لا نَقْعُدِ
فإنْ تَقُتُلُونا نُقَتِّلْكُمُ؛
وَإنْ تَقْصِدُوا لِدَم نَقْصِدِ
متى عَهْدُنا بطِعانِ الكُما
ة ِ، وَالحَمدِ والمَجْدِ وَالسُّؤدُدِ
وَبَنْيِ القِبابِ، وَمَلْءِ الجِفا
نِ والنَّارِ والحَطَبِ المُفْأدِ
وَأعْدَدْتُ، لِلْحَرْبِ، وَثَّابَة ً،
جوادَ المحَثَّة ِ والمَرْوَدِ
سَبُوحاً، جَمُوحاً، وَإحْضارُها
كَمَعْمَعَة ِ السَّعَفِ المُوقَدِ
وَمَشدُودَة َ السَّكِّ مَوْضُونَة ً
تَضاءَلُ في الطَّيِّ، كالمِبْرَدِ
تَفِيضُ عَلى المَرْءِ أرْدانُها،
كفَيْضِ الأتِيِّ على الجَدْجَدِ
وَمُطّرِداً كَرِشاءِ الجَرُو
رِ، مِنْ خُلُبِ النَّخْلَة ِ الأجْرَدِ
وذا شُطَبٍ غامضاً كَلْمُهُ
إذا صالَ بِالعظْمِ لَم يَنْأدِ
العصر الإسلامي >> عمرو بن معدي كرب >> قومٌ إذا سمعوا الصَّرِيخَ رأيتَهم
قومٌ إذا سمعوا الصَّرِيخَ رأيتَهم
رقم القصيدة : 11125
-----------------------------------
قومٌ إذا سمعوا الصَّرِيخَ رأيتَهم
مِن بَينِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أو سافِعِ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> لمعَ البرقُ علينا عشاءً
لمعَ البرقُ علينا عشاءً
رقم القصيدة : 11126
-----------------------------------
لمعَ البرقُ علينا عشاءً
وكمثلِ الصبحِ ردَّ المساءُ
وسطا باسمٌ حكيمٌ فأخفى
زمن الصيفِ وأبدى الشتاء
زرعَ الحكمة َ في أرضِ قومٍ
وكساها من سناه البهاءُ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> لي الأرضُ الأريضة ُ والسماءُ
لي الأرضُ الأريضة ُ والسماءُ
رقم القصيدة : 11127
-----------------------------------
لي الأرضُ الأريضة ُ والسماءُ
وفي وسطي السواءُ والاستواءُ
لي المجدُ المؤثلُ والبهاءُ(4/29)
وسرُّ العالمينَ والاعتلاءُ
إذا ما أمتِ الأفكارُ ذاتي
يحيرّها على البعد العماءُ
فما في الكون من يدري وجودي
سوى من لا يقيدهُ الثناءُ
له التصريفُ والأحكام فينا
هو المختارُ يفعلُ مايشاءُ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> ريان فلكي عينُ الحق تحفظه
ريان فلكي عينُ الحق تحفظه
رقم القصيدة : 11128
-----------------------------------
ريان فلكي عينُ الحق تحفظه
وهو السفينة ُ والأمواجُ والماءُ
تجري بأعينه والعينُ واحدة ٌ
ممن وقل لي إلى من فهي أسماءُ
مافي الوجودِ سوى هذا وكان لنا
في كل حادثة رمز وإيماء
الله يحفظنا منه ويحفظه
منا فنحنُ الأذلاءُ الأعزاءُ
به اعتززنا كما بنا يعزّ وهل
يحلُّ رمزي إلاّ الواوُ والهاهءُ
مضى وجودي به عني فلستُ أنا
ولستُ هنَّ وهيَ أغراضٌ وآراءُ
قدْ قلتْ ذلك عنْ علمٍ وعن ثقة ٍ
بما أقول وراح اللام والياء
فلا به كان كون لا ولا وله
وعنهُ كانَ فأمراضٌ وأدواءُ
لذاك قيلَ بمعلولٍ وعلتهِ
من أجل ذا ثَم أسرارٌ وأشياءُ
ونحن نعلمها وهو العليم بها
حينَ التوالدِ آباءٌ وأبناءُ
هو الشخيصُ الذي لا ريبَ يلحقنا
فيه ونحن ظلالاتٌ وأفياء
لولا السنا ما بدت منه الظلالُ ولا
إليهِ يقبضُ فالأنوارُ آباءُ
والشخصُ أمٌّ لها وعنهُ ظهرتْ
وفيه كانت فإظهار وإخفاء
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> للحقِّ فينا تصاريفٌ وأشياءُ
للحقِّ فينا تصاريفٌ وأشياءُ
رقم القصيدة : 11129
-----------------------------------
للحقِّ فينا تصاريفٌ وأشياءُ
ولا دواءَ إذا ما استحكم الداءُ
الداءُ داءٌ عضالٌ يذهبه
إلا عبيدٌ له في الطبِّ أنباءُ
عن الإله كعيسى في نبوته
ومن أتته من الرحمن أنباء
لا يدفعُ القدرَ المحتومَ دافعهُ
إلا به ودليلي فيه الاسماء
إنا لنعلمُ أنواءَ محققة ً
وقد يكفرُ من تسقيه أنواءُ
العلمُ يطلبُ معلوماً يحيط به
إنْ لم يحط فإشاراتٌ وإيماء
ليس المرادُ من الكشفِ الصحيح سوى
علمٍ يحصلهُ وهمٌ وأراءُ(4/30)
إن الذين لهم علمٌ ومعرفة ٌ
قتلى وهم عند أهلِ الكشفِ أحياءُ.
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> غفوة قلم
غفوة قلم
رقم القصيدة : 1113
-----------------------------------
أهفو إليكَ وأنتَ في طيّ النَّوى
تهفو إليّ ، وحبلُنا مفتولُ
والناسُ لا يدرونَ عن أشواقنا
والبعدُ عنكَ على الفؤادِ ثقيلُ
والليلُ..مسرحُ لوعتي وصبابتي
تتسابق الآلامُ وهو يطولُ
يغفو على كفّيْ- لطول تأملي-
قلمي ، وأعجزُ ما الذي سأقولُ؟
أأقولُ : إنكَ قد سكنتَ بخاطري؟
فالأمرُ حقٌَ لا يُفيدُ دليلُ
أأقولُ : أنّ الفكرَ مشغولٌ بكم
أو تجهلونَ بأنّه مشغولُ؟!
لا تسألوا عن سرَّ شوقي إنني
اشتاقُ، لكنْ ليس لي تعليلُ.
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا سدَّسَ الذاتَ النزيهة َ عارفٌ
إذا سدَّسَ الذاتَ النزيهة َ عارفٌ
رقم القصيدة : 11130
-----------------------------------
إذا سدَّسَ الذاتَ النزيهة َ عارفٌ
وأدرجَ في بدرٍ التمامِ ذكاءَ
وألحقَ أرواحَ العُلى بنفوسِها
وأعطاك من نور السَّناء ضياء
وأحكم أشياءَ وأرسلَ حكمة ً
وصيرَّ أعمالَ الكيانِ هَباء
فذاك الذي يجري إلى غير غاية
ويطلعُ أقمارَ الشهودِ عشاءَ
وتبصره يعطي صباحاً حياتَه
ويقبضُهاه جوداً عليكَ مساءَ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> يقرر المنعم النعما إذا شاءَ
يقرر المنعم النعما إذا شاءَ
رقم القصيدة : 11131
-----------------------------------
يقرر المنعم النعما إذا شاءَ
على الذي شاءه ومثله جاءَ
امتنَّ جوداً فأعطاهُ عنى ً وهدًى
معنى وحساً وإيجاداً وغيواءَ
من جودهِ كانَ شكرُ الجودِ في خبرٍ
كان الحديثُ عن النعماءِ نعماء
رفقاً منَ اللهِ للبحلِ الذي عجبتْ
نفوسُنا فيه إذْ أنشأنَ إنشاءَ
إنَ المنازعَ في الأمثالِ ذو حسدٍ
ماشئتهُ لمْ يشأْ مالمْ أشأْ شاءَ
وقد يكون لنا خيراً نفوز به
لعلمِنا أنَّ ظِلَّ المثلِ قدْ فاءَ(4/31)
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> سبحانَ من كوَّن السماءَ
سبحانَ من كوَّن السماءَ
رقم القصيدة : 11132
-----------------------------------
سبحانَ من كوَّن السماءَ
والأرضَ والماءَ والهواءَ
وكونّ النارَ أسطقسّاً
فاكتملتْ أربعاً وفاءَ
صعدَ ماشاءَهُ بخاراً
وحلل المعصِراتِ ماء
ولم يكن ذاك عن هواها
لكنه كان حينَ شاءَ
وإنما قلتُ حينَ شاءَ
من أجل مَن شرَّع الثناء
مع القبولِ الذي لديها
فميّزَ الداءَ والدواء
منازلُ الممكناتِ ليستْ
في كلِّ ما تقتضي سواءَ
فالأمرُ دورٌ لذاكَ كانتْ
في الشكل كالأكرة ابتداء
تحرّكتْ للكمال شوقاً
تطلبْ في ذلك اعتلاء
والأمر لا يقتضيه هذا
بل يقتضي أمرُها انتماءَ
لولا وجودُ الذي تراهُ
ما أوجد الصبحَ والمساء
والحكم بي ما استقلَّ حتى
أوجدَ في عينِها ذكاءَ
من ضدّه كان كل ضدٍّ
فلم يكن ذلك اعتداء
أضحكني بسطهُ ولمَّا
أضحكني قبضهُ تناءَى
من كونه مانعاً بخلنا
والمعطي أعطى لنا السخاءَ
فلو علمتَ الذي علمنا
كلَّهُ عطاءَ
صيرني للذي تراهُ
على عيونِ النهى غطاءَ
مِنْ خيرٍ أو ضدَّه جزاءض
وهو صحيحٌ بكل وجهٍ
أثبتهُ الشارعُ ابتلاءَ
فقالَ هذا بذا ففكرْ
إذ تسمعُ القولَ والنداءَ
والجودُ ما زال مستمرّاً
أودعه الأرضَ والسماء
قد جعلَ الله ما تراه
منها ومنْ أرضِها ابتناءَ
فقال إنِّي جعلتَ أرضي
فراشها والسما بناء
فالأمرُ أنثى تمدُّ أنثى
لكنهُ رجحَ الخفاءض
من غيرة ٍ كان ما تراه
مما به خاطب النساء
فذكر البعلَ وهو أنثى
وعند ذاك استوى استواءَ
من يعرفِ السر فيه يعثر
على الذي قلته ابتداء
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا طلعَ البدرُ المنيرُ عشاءً
إذا طلعَ البدرُ المنيرُ عشاءً
رقم القصيدة : 11133
-----------------------------------
إذا طلعَ البدرُ المنيرُ عشاءً
رأيتَ لهُ في المحدثاتِ ضياءَ
وليسَ لهُ نورٌ إذا الشمسُ أشرقتْ
وقد كان ذاك النورُ منه عشاء(4/32)
فما النورُ إلا من ذكاءٍ لذاكَ لمْ
يكن يغلب البدرُ المنير ذكاء
فإنَّ لها محلين في ذاتها وفي
صِقالة ِ جسمٍ غدوة ً ومساء
ألمْ ترَ أنَّ البدرَ يكسفُ ذاتَها
إذا كانَ محقاً غيرة ً ووفاءض
ولكن عن الأبصار والشمسُ نورها
بِها لمْ يزلْ يُعطي العيونَ جَلاءَ
وإدراكيَ المرئيَّ بيني وبينها
وقدْ جعلَ اللهُ عليهِ غِطاءَ
وهذا من العلمِ الغريبِ الذي أتى
إليكمْ بهِ الكشفُ الأتمُّ نداءَ
وكلُّ دليلٍ جاءكمْ في معاندِ
يخالفُ قولي فاجعلوهُ هباءَ
خُصصتُ بهذا العلم وحدي فلم أجد
لهُ ذائقاً حتَّى نكونَ سواءَ
وبالبلدِ الجدباً طعمْتُ مذاقَهُ
لذا لم أجدْ عنْ ذا المذاقِ غناءَ
أتاني بهِ أحوى ولمْ يأتني بهِ
إذا سالَ وادٍ بالعلومِ غثاءَ
فزدتُ به لُطفاً وعلماً ولم أزد
بهِ في وجودي غلظة َ وجفاءَ
وأعلمنَي فيهِ بأنَّ مهيمني
معي مثله فابنوا عليه بناء
علياً رفيعاً ذا عماد وقوّة
بلا عمدٍ حتّى يكونَ صماءَ
مزينة بالأنجم الزهرِ واجعلوا
قلوبكمُ فرشاً لها وغطاء
فيغشاكمُ حتى إذا ما حملتمُ
بدت زينة ٌ تعطي العيونَ رواء
معطرة َ الأعرافِ معلولة ً للحمى
يمدُّ بها كوني سناً وسناءَ
ليعجز عن إدراكه كلّ ذي حجى
ويقبلُه منهُ حياً وحياءض
سينصرُنُا هذا الذي قدْ سردتُهُ
إذا كشفَ الرحمن عنك غطاء
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> ورثتُ محمداً فورثتُ كلاًّ
ورثتُ محمداً فورثتُ كلاًّ
رقم القصيدة : 11134
-----------------------------------
ورثتُ محمداً فورثتُ كلاًّ
ولوغيراً ورثتُ ورثتُ جزءاً
حصلتُ على معارفَ مفردات ٍ
ولم أر لي بعلمِ الله كفؤا
لذلك ما اتخذت كلام ربي
ولا آياتِهِ إذْ جئنَ هُزؤاً
فاقبلتِ النفوسُ إليّ عددا
وقد أنشأتُها للعينِ نشأ
لقد أخرجت من فلك وأرض
من العلم الإلهي لهنَّ خبأ
ولولانا لكانَ الخلقُ عمياً
وبُكماً دائماً عوداً وبدءا
بنا فتح الإله عيونَ قومٍ
قربن ومن نأى منهنّ ينأى
وورثناهمُ بالعلم فضلاً(4/33)
فكانوا زينة ً خلقاً ومرأى
وكنّا في المصيفِ لهمْ نسيماً
كما كنَّا لهمْ في البردِ دفأ
وضعنْا عن ظهورِ القومِ إصراً
وما حملتْ ظهورُ القوم عبأ
لأنِّي رحمة ٌ نزلتْ عليهمْ
كآنية بماء الغيثِ ملأى
فأروينا نفوساً عاطشاتٍ
فلم تر بعد هذا الشربِ ظمأى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا النور من فارٍ أو من طُور سيناء
إذا النور من فارٍ أو من طُور سيناء
رقم القصيدة : 11135
-----------------------------------
إذا النور من فارٍ أو من طُور سيناء
أتى عاد ناراً للكليم كما شاء
فكلمه منه وكان لحاجة
رآهُ بهِ فاسترسلَ الحالَ أشياءَ
وإنشاءَ ربُّ الوقتِ منْ حالِ منْ سعى
على أهلِه من خالصِ الصدق انشاء
وأما أنا من أجلِ أحمدَ لمْ أرى
سوى بلة ٍ منْ قدرِ راحتنا ماءَ
فلم يك ذاك القول إلا ببقعة
من الوادِ سمَّاها لنا طورَ سيناءَ
واسمعني منها كلاماً مقدَّسا
صريحاً فصحَّ القولُ لمْ يكُ إيماءَ
ولم يحكم التكليفَ فينا بحالة
وجاء به الله المهيمنُ أنباء
فألقيتُ كلَّ اسمٍ لكوني وكونهِ
إذا انصف الرائي يفصل اسماء
وكان إلى جنبي جلوساً ذووا حجى ً
فلم يفشه من أجلهم لي إفشاء
وما ثم أقوالٌ تُعاد بعينها
إلاَّ كلَّ مافي الكونِ للهِ لهُ بداءَ
إذا ماتتِ الألباب من طول فكرها
أتى الكشفُ يحييها من الحقِّ إحياءَ
وقدْ كانَ أخفاها من أجلِ عشرتي
لنكرٍ بهمْ قدْ قامَ إذْ قالَ إخفاءَ
خفاها فلمْ تظهرْ دعاها فلمْ تجبْ
وكان الدعا ليلا فأحدثَ إسراء
ليظهر آياتٍ ويبدي عجائبا
لناظره حتى إذا ما انتهى فاء
إلى أهله من كلِّ حسٍّ وقوّة
فقرَّب أحباباً وأهلكَ أعداءَ
وأرسل أملاكا بكل حقيقته
إليهِ على حبٍّ وألفَ أجزاءَ
وأبدى رسوما داثراتٍ من البلى
فأبرزَ أمواتاً وأقبرَ أحياءَ
وأظهر بالكاف التي عميت بها
عقول عن إدراك التكافؤ أكفاء
وما كانتِ الأمثالُ إلاَّ بنورهِ
فكانت لهُ ظلاًّ وفي العلمِ أفياءَ
وارسل سحباً مُعصراتٍ فامطرتْ(4/34)
لترتيبِ أنواء وحرَّم أنواء
فرَوْضكَ مطلولٌ بكلِّ خميلة ٍ
إذا طلهُ أوحى منَ الليلِ أنداءَ
فعطرَ أعرافاً لهاه فتعطرتْ
أزاحَ بها عنْ روضهِ اليانعِ الداءَ
وصيرَها للداءِ عنها مزيلة ٌ
فكانت شفاءً للمسامِ وأدواءَ
وأطلع فيها الزهر من كلِّ جانبٍ
نجوما تعالت في الغصون وأضواء
وقدْ كانتِ الأرجاءُ منْها على رحى
فأوصلها خيراً وأكبرَ نعماءَ
فهذي علومُ القوم إنْ كنتَ طالباً
ودعْ عنكَ أغراضاً تصدُّ وأهواءَ
فدونك والزم شرعَ أحمد وحدَه
فإنَّ لهُ في شرعة ِ الكلِّ سيساءَ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> انظر إلى العرش على مائه
انظر إلى العرش على مائه
رقم القصيدة : 11136
-----------------------------------
انظر إلى العرش على مائه
سفينة ً تجري بأسمائهِ
واعجبْ لهُ من مركبٍ دائرٍ
قد أودعَ الخلقَ بأحشائِهِ
يسبَحُ في بحرٍ بلا ساحلٍ
في حندسِ الغيبَ وظلمائهِ
وموجه أحوالُ عشّاقه
وريحهُ أنفاسُ أنبائهِ
فلو تراه بالورى سائراً
من ألِفِ الخط إلى يائه
ويرجع العود على بدئه
ولا نهايات لابدائه
يكوِّر الصبحَ على ليلِه
وصبحهُ يفنى بإمسائهِ
فانظر إلى الحكمة سيارة ً
في وسط الفلك وأرجائه
ومن أتى يرغب في شانه
يقعدُ في الدُّنيا بسيسائِهِ
حتى يرى في نفسه فلكَه
وصنعة الله بإنشائه
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> سرجُ العلمِ أسرجتْ في الهواءِ
سرجُ العلمِ أسرجتْ في الهواءِ
رقم القصيدة : 11137
-----------------------------------
سرجُ العلمِ أسرجتْ في الهواءِ
لمرادٍ بليلة الإسراءِ
أسرجتَها عندَ المساءِ لديهِ
طالعاتٌ كواكبُ الجوزاء
فاهتدى كلُّ مالكٍ بسناها
من مقامِ الثرى إلى الاستواء
ثمَّ لمَّا توحَّدوا واستقلوا
ردّ أعلاهُمُ إلى الابتداءِ
هكذا حكمة المهيمنِ فينا
بين دانٍ وبين وانٍ ونائي
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> بالمالِ ينقادُ كل صعبٍ
بالمالِ ينقادُ كل صعبٍ
رقم القصيدة : 11138(4/35)
-----------------------------------
بالمالِ ينقادُ كل صعبٍ
من عالم الأرض والسماء
يحسبه عالمٌ حجاباً
لم يعرفوا لذة َ العطاءِ
لولا الذي في النفوسِ منهُ
لم يجب الله في الدعاء
لا تحسب المال ما تراه
من عَسْجد مشرقٍ لرائي
بل هو ما كنتُ يا بنيّ
به غنياً عن السواء
فكنْ بربِّ العلى غنيّاً
وعاملَ الحقَّ بالوفاءِ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> ستكونُ خاتمة ُ الكتابِ لطيفة ً
ستكونُ خاتمة ُ الكتابِ لطيفة ً
رقم القصيدة : 11139
-----------------------------------
ستكونُ خاتمة ُ الكتابِ لطيفة ً
من حضرة التوحيد في عليائها
تحوي وصايا العارفين وقطبهم
فهي المنار لسالكي سِيسَائِها
من كلِّ نجم واقع بحقيقة
وأهلَّة طلعتْ بأفقِ سمائها
وأتى بها عرساً غرانيقٌ على
منْ منزلِ الملكوتِ في ظلمائها
ليعرِّف النحرير قطب وجودِه
وبنيهُ بدراً بنورِ سنائِها
فمن اقتفى أثر الوصية إنه
بالحال واحد عصره في يائها
ويكونُ عندَ فطامِهِ منْ ثديها
وطلابه الترشيح من أمرائها
هذي الطريقة أعلنت بعلائها
فمن السعيد يكون من أبنائها
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> في الليل اسرار
في الليل اسرار
رقم القصيدة : 1114
-----------------------------------
الليلُ هذا الكائنُ المبْهمُ
أقرأ ما فيهِ ولا أفهمُ
عرفْتُ فيه الكبرياءَ التي
يلقى بها الدّهرَ فلا يُهْزَمُ
عرفتُ فيه الصمتَ ، من نبعهِ
أشربُ أحلامي وأستلهِمُ
تطوفُ بيْ الأحلامُ في ظلّهِ
أعلمُ عن بعضٍ ، و أعلمُ
وتستقي الظّلماءُ من حسرتي
وتستقي من فرحتي الأنجمُ
وتهمس الأغصانُ في مسمعي
حفيفُها لحنٌ ،وليليْ فَمُ !
في الليلِ أسرارٌ، وليْ بينها
سرٌّ ، فمنْ يدري ومنْ يرحَمُ ؟
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> لبستْ صفية ُ خرقة َ الفقراءَ
لبستْ صفية ُ خرقة َ الفقراءَ
رقم القصيدة : 11140
-----------------------------------
لبستْ صفية ُ خرقة َ الفقراءَ(4/36)
لمّا تحلتْ حِلية الأمناءِ
وأتتْ بكلِّ فضيلة ِ وتنزهتْ
عن ضدّها فعلَتْ على النظراءِ
وتكالمت أخلاقها وتقدَّست
وتخلقتْ بجوامعِ الأسماءِ
جاءتْ لها الأرواح في محرابها
فهي البَتُول أُخيَّة العذراءِ
وهي الحصانُ فما تزنُّ بريبة ٍ
وهي الرزانُ شقيقة ُ الحمراءِ
نزلتْ تبشِّرها ملائكة السما
ليلاً بنيلِ وراثة ِ النسباءِ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> لمّا رأيتُ منازلَ الجوزاء
لمّا رأيتُ منازلَ الجوزاء
رقم القصيدة : 11141
-----------------------------------
لمّا رأيتُ منازلَ الجوزاء
خفيتْ عليَّ حقائقُ الأنباءِ
وعلمتُ أنَّ اللهَ يحجُبُ عبدَه
عن ذاتِه لتحقق الأنساء
إنّ الدّليلَ مقابلُ مدلولهِ
حكم التقابلِ بنفسه الإنشاء
انظر إلى أسمائه الحسنى تجد
أعياننا من حضرة ِ الأسماء
فإذا بدا بالوجه أظهرَ كوننا
بالنسخة ِ المشهودة ِ الغرَّاءِ
زلنا عنِ الأمثالِ لا بلْ ضربَها
للهِ إذْ كنا منَ الجهلاءِ
أين الذراعُ وهقعة ٌ وتحية ٌ
من فرضٍ قدرِ فوقهم متنائي
في أطلس ما فيه نجمٌ ثابتٌ
يبدو يشاهد نوره للرائي
ولهُ الرطوبة ُ والحرارة ُ إذْ له
طبعُ الحياة ِ وسرُّه في الماءِ
عصرُ الشبابِ لهُ وليسَ لكونِه
في الرتبة ِ العلياءِ برجُ هواءِ
والدالي والميزانُ أمثالٌ له
فالحكمُ مختلفٌ بغيرِ مِراء
حكمُ المنازلِ قدْ تخالفَ طبعهُ
كيفَ الشفاءُ وفيه عينُ الداءَ
حارَ المكاشفُ في الدجى خيالَه
مثل المفكر إذ هما بسواء
الأمرُ أعظمُ أنْ يحاطَ بكنههِ
ومعَ النزاهة ِ جاءَ بالأنواءِ
حِرنا وحارَ العقلُ في تحصيلهِ
إذ ليس منحصراً على استيفاء
لولا ثبوتُ المنعِ قلتُ بجودهِ
المنعُ يذهبُ رتبة َ الكرماءِ
لا تفرحنَّ بما ترى من شَاهدٍ
يبدو لعينكِ عندَ كشفِ غطاءِ
من شأنهِ المكرُ الذي قدْ قاله
في محكمِ الآياتِ والأنباء
القصد في علمِ الأمور كما جَرَتْ
ما القصد في حَمَل ولا جَوزاءِ
إنّ الطبيعة َ كالعروسِ إذ انجلتْ
والبعلُ من تدريه بالإيماء(4/37)
عنها تولدتِ الجسومُ بأسرها
وتعاقبَ الإصباحُ والإمساء
فهي الأميمة للكثيفِ وروحُه
وهو لها للنشئِ كالأبناءِ
وهم الشقائقُ يُنسَبون إليهما
بالفعلِ لا بالتحامِ النائي
من دانَ بالإحصاءِ دانَ بكلِّ ما
دلتْ عليه حقائقُ الإحصاءِ
لا تلق ألواحاً تضمن رحمته
وادفع بهن شماتة الأعداء
واسلك بنا النهجَ القويمَ ملبياً
صوتَ المنادى عند كلِّ نداء
هو حاجب البابِ الذي خضعتْ له
غلبُ الرقابِ وآمرُ الأمراء
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> بأنني من بلاد أنتَ ساكنها إني وذكر مَن يأتي فيذكرني
بأنني من بلاد أنتَ ساكنها إني وذكر مَن يأتي فيذكرني
رقم القصيدة : 11142
-----------------------------------
بأنني من بلاد أنتَ ساكنها إني وذكر مَن يأتي فيذكرني
بأفضلِ الذكر في نفسٍ وفي ملأ
ذاك الإله الذي عمَّت عوارفه
أتى به السيد المعصومُ في النبأ
كما أتى نبأ من هدهد صدقت
أخباره لنبي الريح من سبإِ
فالذكر يحجبني والذكر يكشفُ لي
خَبأَ السماءِ وخبأ الأرض في نبأ
صِدقٌ ويعضد وما لا أفوه به
فيه وإني في خصبٍ من الكلإِ
أشاهد العين في ضيقٍ وفي سعة ٍ
لما جلوتُ مرآة القلبِ من صَدأ
وكلما وطئتْ رجلي مجالسَهُ
مجالس الذكر بالأغيار لم تطأ
غير أن مامنع السؤال من بخلٍ
لكنه لاقتضاء العلم لم يشإِ
إنّ الوجودَ الذي أبصرته عجبٌ
فيه الخسارة والأرباحُ إنْ يشإِ
أخبرهُ بالحالِ يا حلِي إذا سألتْ
آياتهُ البيناتِ الغرُّ عن نبئي
بأنني من بلادٍ أنت ساكنها
ولستُ والله من سلمى ولا أجإِ
إن كان أوجدني الرحمن من ملإٍ
فاللفردُ أوجدني من قبلُ في ملإِ
إني وجدت علوماً ليس ينكرها
إلا الذي هو في جهدٍ وفي عنأ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> بشرى من الله الكريم أتت بها
بشرى من الله الكريم أتت بها
رقم القصيدة : 11143
-----------------------------------
بشرى من الله الكريم أتت بها
أرواحُ أملاكِ من الأمناءِ
لرجالٍ أهلِ ولا ية ٍ معلومة(4/38)
معصومة ِ الأنحاءِ والأرجاءِ
لعناية سبقت لهم من صدقهم
حصلوا بها في رتبة ِ النبآءِ
بوراثة ٍ مرعية ٍ محفوظة ٍ
لرجالِ أهلِ رسالة ٍ ووَلاءِ
نالوا بها حسناهُ من إحسانهم
في ساعة ٍ مشهودة ٍ غراءِ
ورثوا النبيَّ تحققاًوتخلقاً
بمعالم الكلماتِ والأسماءِ
فهم الذين يقال فيهم إنهم
أبناؤهم وهم من الآباءِ
إنَّ النبوّة َ يستمرُّ وجودُها
دنيا وآخرة ً بلا استيفاءِ
ونبة التشريع أغلق بابها
فلذك حازوا رتبة السمراءِ
فهم الملوك من سواهم سوقة
لا يشهدون مواقع الأشياءِ
نظموا حديثَ سميرهم فأنالهم
نظمَ الحديثِ فصاحة البلغاء
فهم الضنائنُ في حفاظٍ مصاونٍ
من حرها جرمٌ بدار بلاءِ
حتى إذا انقلبوا إلى الأخرى بدت
أعلامهم بسنا لهم وسناء
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> خلقي من الماء والباقي له تبع
خلقي من الماء والباقي له تبع
رقم القصيدة : 11144
-----------------------------------
خلقي من الماء والباقي له تبع
من العناصر فاطلبني على الماء
والماء ُليس له حدٌّ يحيط به
كذا أنا وجودي عند أسمائي
لله في الماء أوصافٌ منوَّعة ٌ
تغني مشاهدها عن حكمِ إيماءِ
قد جاء في خلقهِ ماقال من عرقٍ
تكفي الإشارة عن تصريح إنباءِ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> لما سمعت بأن الحق يطلبني
لما سمعت بأن الحق يطلبني
رقم القصيدة : 11145
-----------------------------------
لما سمعت بأن الحق يطلبني
وقد علمت عناه قلتُ بالداءِ
غرقت في عبرات ما لأبحرها
من ساحلٍ فافهموا قصدي وغيمائي
وقد أحاطت بي الأنواءُ واتسعت
بحارها للذي فيه من أسماء
ولم أجد غيره يشفي فأطلبه
هو العليلُ المعلُ السامعُ الرائي
سمعتُ بيتاً رواه الناسُ في صفتي
من قبلِ كوني فيه شرحُ أنبائي
ما أنت نوحٌ فتنجيني سفنته
ولا المسيحُ أنا أمشي على الماء
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> انظر إلى الحقِّ من مدلول أسماء
انظر إلى الحقِّ من مدلول أسماء
رقم القصيدة : 11146(4/39)
-----------------------------------
انظر إلى الحقِّ من مدلول أسماء
وكونه عين كلي عين أجزائي
إن كان ينصفني من كان يعرف ما
يبدو إليه من إعراضي وإنحائي
أسماءُ ربي لا يحصى لها عددٌ
ولا يحاط بها كمثل أسمائي
إنْ قلتُ قلت به أو قال قال بنا
تداخل الأمر كالمرئيّ والرائي
العين واحدة والحكم مختلف
فانظر به منك في تلويح إيمائي
النور ليس له لونٌ يميزه
وبالزجاجِ له الألوان كالماء
الماء ليس له شكل يقيده
إلا الوعاءُ في تقييده دائي
الداء داءٌ دفينٌ لا علاجَ له
كيف العلاجُ ودائي عينُ أدوائي
أروم بُرءاً لداءٍ لا يزايلني
هيهاتَ كيف يداوى الداءُ بالداءِ
أقولُ باللامِ لا بالباء إنَّ لنا
شخصاً ينازعني في القولِ بالباء
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> يساعد تعظيم الإزار ردائي
يساعد تعظيم الإزار ردائي
رقم القصيدة : 11147
-----------------------------------
يساعد تعظيم الإزار ردائي
بتكبيره فالقول قول إمائي
كنفسي ومالي من صفاتٍ تنزهتْ
عن الكيفِ والتشبيه فهو مرائي
يرى ناظري فيها الوجودَ بأسرِه
وذلك عند الكشفِ كشفِ غطائي
فقلتُ ومن قد جاد لي بعطائه
فقال لي المطلوب ذاك عطائي
فخفتُ على نفسي لسبحة َ وجهه
فجاد على نفسي بأخصَرَ ماءِ
من العلم ما يحيى به ما أماته
يفكر جهلي إذ وفى لوفائي
أنا عبده ما بين عالٍ وسافلٍ
كما هو في أرض له وسماء
فيوقفني ما بين نورٍ وظلمة ٍ
بما كان عندي من سناً وسناءش
ويشهدني حباً لنا وعناية ً
بما أنا فيه من حياً وحياء
فنوري كنور الزبرقان إذا بدا
ملاء بما يعطيه نورُ ذُكاء
فأصبحتَ في عيشٍ هنيءٍ وغبطة ٍ
يقلبني فيه رخاءُ رخائي
فيخدمني من كان إذ كنت في الثرى
بجانب ذاتي خدمة ً لثرائي
ألا ليت شعري هل أرى رسم دارِ من
يرى ذا هوى فيه صريعُ هواء
من أجل سلامٍ ساقه في هبوبه
من الملإِ الأعلى من النجباءِ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إن الطبيعة أعطت في عناصرها(4/40)
إن الطبيعة أعطت في عناصرها
رقم القصيدة : 11148
-----------------------------------
إن الطبيعة أعطت في عناصرها
أحكامها بالذي فيه من أسماءِ
يبس التراب إلى بردِ المياه إلى
تسخين نار إلى ترطيب أهواء
لأجل ذا كان خلقُ الناسِ من حمأ
ومن هواء ومن نارٍ ومن ماء
فتلك أربعة ٌ أعطتكَ أربعة ً
دمتاً بلغماً في صفرا وسوداءِ
أعوانهم مثلهم جذبٌ ودفعُ أذى
عنا وهضمٌ وإمساكٌ لأدواءِ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> أنا آدمُ الأسماءِ لا آدمُ النشء
أنا آدمُ الأسماءِ لا آدمُ النشء
رقم القصيدة : 11149
-----------------------------------
أنا آدمُ الأسماءِ لا آدمُ النشء
فلي في السما والأرض ما كان من خبءِ
ولكنه من حيث أسماءُ كونه
وما لي فيه إن تحققت من كفؤ
أنا خاتمُ الأمر الأعمِّ وجودُه
لذاك تحملتُ الذي فيه من عبءِ
فإن كنت ذا علم بقولي ومقصدي
وأحكامِ ما في الكلِّ من حكمة الجزءِ
فلا تأخذِ الأقوالَ من كلِّ قائلِ
وإنْ كان لا يدري الذي قال من هزءِ
فإنَّ الكلامَ الحقَّ ذلك فاعتمد
عليهِ ولا تهمله وافزع إلى البدءِ
لقد مدَّني ظلا وإنْ كنتُ نورَه
فإن لم أكن في الظل إني لفي الفيء
لقد عظم الرحمن نشئي لمن درى
وأعظمُ قدر الشخصِ ماكان في النشئِ
وما أنا من هلكَ فما أنا هالك
وما أنا ممنْ يدرأُ الدرءَ بالدرءِ
ولكنني رِدءٌ لمن جاء يبتغي
معونتهُ مني فآمن بالردءِ
وإني إذا ما ضمني بردُ عفوهِ
إليهِ بجرمي أنني منه في دفءِ
وأعجبُ من كوني دليلاً بنشأتي
ولا أرتجي برءاً وأجنحُ للبرءِ
وما ذاك إلا حكم غفلتي التي
خُصصتُ بها وهي التي لم تزل تشئى
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> ليتني أدري
ليتني أدري
رقم القصيدة : 1115
-----------------------------------
سلكْتُ إلى عينيكِ أكثر من درْبِ
ولم يزلِ الترحالُ-يا أملي- دأبي
ظمئتُ، وقد جفَّتْ ينابيعُ فرحتي
فيا ليتني أدري متى يرتوي قلبي؟(4/41)
ويا ليتني أدري..متى تُخْضِبُ المنى؟
فقد مرَّ دهرٌ والمشاعرُ في جَدْبِ!
أتيتُ إليكِ اليومَ، والقلبُ مُوجَعٌ
أعبّر عن شوقي وأفصِحُ عن حبي
أرى في "حمى ظبيان"(1) طيفَ سعادتي
وألمحُ أحلامَ الطفولةِ في" الّشعب"
(1) حمى ظبيان والشعب مكانا في مسقط رأس، قرية عَراء، منطقة الباحه، جنوب السعودية.
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> الرجل إن جاريته في فعله ِ
الرجل إن جاريته في فعله ِ
رقم القصيدة : 11150
-----------------------------------
الرجل إن جاريته في فعله ِ
أربى على حدٍّ السوى والمستوى
فاقبض عنان الطرف عن إسرائه
فالعجز علم محقق أخذ اللوى
من عنده في موقف تاهت به
ظلمُ الغيوبِ فما يحسِ وما يرى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> خليليَّ إنّي للشريعة حافظٌ
خليليَّ إنّي للشريعة حافظٌ
رقم القصيدة : 11151
-----------------------------------
خليليَّ إنّي للشريعة حافظٌ
ولكنْ لها سرٌّ على عينه غطا
فَمَنْ لزم الأوراد واستعمل الذي
قد ألزمه الرحمن لم يمشِ في عمى
وضح له سرُّ الوجودِ خلافة ً
وكان ولا أين وكان ولا متى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> وأحكامها خمسٌ تلوحُ لناظرٍ
وأحكامها خمسٌ تلوحُ لناظرٍ
رقم القصيدة : 11152
-----------------------------------
وأحكامها خمسٌ تلوحُ لناظرٍ
شديدٍ سديدِ البحثِ عن طرق السوا
فواحيها أنْ لا يراك ملاحظاً
لكونٍ من الأكوانِ مادمتُ تجتبى
ومندوبها أنْ لا يراك مُفارقاً
لوصفٍ إلهيّ متى كنت تحتبى
ومكروهها أن تلحظ الكونَ زاجراً
فتنزل من أعلى السماء إلى الهوا
ومحظورها أنْ تلحظ الغير عاشقاً
فتخرجُ من نعمى الجنان إلى لظى
وأمّا مُباحاتُ الشريعة ِ فاستقم
على الغرض النصيِّ في عالمِ الهوى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> وأما أصول الحكم فهي ثلاثة ٌ
وأما أصول الحكم فهي ثلاثة ٌ
رقم القصيدة : 11153
-----------------------------------(4/42)
وأما أصول الحكم فهي ثلاثة ٌ
كتابٌ وإجماعٌ وسنَّة ُ مُصطفى
ورابعها منَّا قياسٌ محققّ
وفيه خلافٌ بينهم مرَّ وانقضى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> وأركانها خمسٌ عتاقٌ نجائبُ
وأركانها خمسٌ عتاقٌ نجائبُ
رقم القصيدة : 11154
-----------------------------------
وأركانها خمسٌ عتاقٌ نجائبُ
تسيرُ على حكمِ الحقيقة ِ بالصّوى
فأوَّلها الإيمان بالله بعدَه
رسولٌ عزيزٌ جاءَ بالصدقِ والهدى
فيعرضُ للمحجوبِ شفعُ شهادة ٍ
فأوترها الرحمنُ في سورة النِّسا
وعرفهُ مقدارَ نفسٍ ضعيفة ٍ
وأيده بالحال في سابقِ القضا
وثم صلاة ٌ والزكاة ُ وصومنا
وحجٌّ وهذي خمسة ٌ ما بها خفا
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> ومن بعده سرُّ الطهارة ِ واضحٌ
ومن بعده سرُّ الطهارة ِ واضحٌ
رقم القصيدة : 11155
-----------------------------------
ومن بعده سرُّ الطهارة ِ واضحٌ
يسيرُ على أهلِ التيقظِ والذكا
فكم طاهرٍ لم يتصف بطهارة ٍ
إذا جاورَ البحرَ اللدنيَّ واحتمى
ولو غاص في البحر الأُجاج حياته
ولم يفنِ عن بحرِ الحقيقة ِ ما زكا
إذا استجمرَ الإنسانُ وتراً فقد مشى
على السنة ِ البيضاءِ خلقاً لمن مضى
فإن شفع استجمارَه عاد خاسراً
وفارق من يهواه من باطنِ الرَّدى
وإن غسل الكفينِ وتراً ولم يزلْ
بخيلاً بما يهوى على فطرة ِ الأولى
فلا غسلت كفّ خضيبٍ ومعصمٍ
إذا لم يلح سيف التوكُّل ينتضى
إذا ولد المولود قابضُ كفِّه
فذاكَ دليلُ البخلِ والجمعِ يا فتى
ويبسطها عند المماتِ مُخبراً
بتركِ الذي حصلتْ في منزلِ الدنا
إذا صح غسلُ الوجه صَحَّ حياؤه
وصحَ له رفعُ الستورِ متى يشا
وإن لم يمسَّ الماءُ لمة َ رأسهِ
ولا وقعتْ كفاه في ساحة ِ القفا
فما انفكَّ من رقِّ العبودية ِ التي
تسحرها الأغيارُ في منزلِ السوى
وإن لم ير الكرسيَّ في غسلِ رجلهِ
تناقضَ معنى الطهرِ للحينِ وانتفى
إذا مضمضَ الإنسانُ فاه ولم يكنْ
برياً من الدعوى وفتياً بما ادعى(4/43)
ومستنشقٍ ماشمَّ ريحَ اتصالهِ
ومستنثرٍ أودى بكثرة ِ الردى
صماخاه ماينفكُ يطهرُ إن صغى إلى
أحسنِ الأقوالِ واكتف واقتفى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا أجنب الإنسان عمَّ طهوره
إذا أجنب الإنسان عمَّ طهوره
رقم القصيدة : 11156
-----------------------------------
إذا أجنب الإنسان عمَّ طهوره
كما عمه الإنعاظ قصداً على السوا
ألمْ تر أنّ اللهَ نبّضهَ خلقهَ
بإخراجه بين الترائبِ والمطا
فذاك الذي أجنى عليه طهوره
ولو غاب بالذاتِ المرادة ِ ما جنى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> فإن نسي الإنسان ركناً فإنَّهُ
فإن نسي الإنسان ركناً فإنَّهُ
رقم القصيدة : 11157
-----------------------------------
فإن نسي الإنسان ركناً فإنَّهُ
يعيد ويقضي ما تضمن واحتوى
وإن لم يكن ركنٌ وعطلٌ سنة ٍ
فلم يأنس الزلفى ولم يبلغ المنى
وذلك في كل العبادات ساشرٌ
وليس جَهولُ بالأمور كمن درى
إذا كان هذا ظاهر الأمر فالذي
توارى عن الأبصارِ أعظمُ منتشا
وهذا طَهورُ العارفين فإن تكن
من أحزابهم تحظى بتقريب مصطفى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> وكم مِن مُصَلٍّ ما له من صلاته
وكم مِن مُصَلٍّ ما له من صلاته
رقم القصيدة : 11158
-----------------------------------
وكم مِن مُصَلٍّ ما له من صلاته
سوى رؤية المحرابِ والكدِّ والعنا
وآخر يحظى بالمناجاة ِ دائماً
وإن كان قد صلى الفريضة وابتدا
وكيف وسِرُّ الخلْق كان إماماً
وإن كان مأموماً فقد بلغ المدى
فتحريمها التكبير إن كنت كابراً
وإلا فحلُّ المرءِ أو حرمُهُ سَوا
وتحليلُها التسليمَ إنْ كنتَ دارياً
لرجعته العلياءِ في ليلة السُّرى
ومابين هذين المقامين غاية ٌ
وأسرارُ غيبٍ ماتحسَّ وما ترى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> فمن نام عن وقتِ الصلاة فإنه
فمن نام عن وقتِ الصلاة فإنه
رقم القصيدة : 11159
-----------------------------------
فمن نام عن وقتِ الصلاة فإنه(4/44)
غريبٌ وحيد الدهرِ وطب قد استوى
وإنْ حلَّ سهوٌ في الصلاة ِ وغفلة ٌ
وذكرهُ الرحمن يلغي الذي سها
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> قراءةٌ في وجهِ الصمت.....!
قراءةٌ في وجهِ الصمت.....!
رقم القصيدة : 1116
-----------------------------------
أبيتُ سهراناً، وما تدري
أهَدهِدُ الآهةَ في صدري
كأنني مُؤتًمَنٌ، هَمُّهُ
أنْ يُسَلمَ الليلَ إلى الفجرِ
أو أنني ملتزمٌ صَادقٌ
بصُحْبةِ الأنجمِ والبَدر
ِ
نفْسي على آلامها تنطو ي
ودمعتي تُفضِحُ عن سِرّي
تُراودُ القلبَ طيوفُ المنى
فيعجزُ القلبُ عن الصبرِ
ويبلغُ الدمعُ إلى غايةٍ
لا يختفي فيها ولا يجري
كأنه في مُقلتِي موجةٌ
محبوسةٌ في مُقلةِ البحرِ
أكتّمُ الأشواقَ في خاطري
فينبري في كشْفِها شِعري
وأجمعُ الأزهارَ في راحتي
فيأنَسُ العطرُ إلى العطرِ
ويحتفي الليلُ بآمالنا
وتفسحُ الأنجمُ للبدرِ
يا مَنْ قَرأتُ اللّومَ في صمتِها
فصرتُ كالحائرِ في أمري
قلبي كعصفورٍ بهِ نشوَةٌ
يطيرُ من وكْرٍ إلى وكْرِ
خيوطُ هذا الحبّ منسوجةٌ
من قبْلِ أنْ تدري ولا أدري
فكلٌّ أمرٍ عند ميلادهِ
كالطفلِ لا يحبو ولا يجري
قد نعلمُ الغايةَ، لكنّنا
نجهلُ منها نقطةَ الصفْرِ
حبّ، فإنْ مسَّتْهُ كفُّ الخَنا
فقد غدا ضّرْباً من العُهْرِ !
وهلْ يكونُ الحبَّ ذا قيمةٍ
إذا خلا من لذةِ الطُّهرِ ؟!
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> وإن كان في سير إلى الذات قاصداً
وإن كان في سير إلى الذات قاصداً
رقم القصيدة : 11160
-----------------------------------
وإن كان في سير إلى الذات قاصداً
فشطرُ صلاة ِ اليوم تنقصُ ماعدا
صلاة ُ صباحٍ ثم مغربٍ شاداً
لسرٍّ خفيٍّ في الصباحِ وفي المسا
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> وبادر لتهجير العروبة ِ قاصداً
وبادر لتهجير العروبة ِ قاصداً
رقم القصيدة : 11161
-----------------------------------
وبادر لتهجير العروبة ِ قاصداً(4/45)
تحز قصبَ السباقَ في حلبة ِ العلى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> ومَن كان يستسقي يحوِّل ثوبَه
ومَن كان يستسقي يحوِّل ثوبَه
رقم القصيدة : 11162
-----------------------------------
ومَن كان يستسقي يحوِّل ثوبَه
تحولْ عن الأحوالِ علكَ ترتضى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا يستخير العبد مما يهمُّه
إذا يستخير العبد مما يهمُّه
رقم القصيدة : 11163
-----------------------------------
إذا يستخير العبد مما يهمُّه
يصلي ويدعو ركعتين على السوا
ويطلب فيها الخيرَ لم يبغِ غيرهُ
بصرفٍ وإنقاذٍ على حكمِ مايرى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> وتثمين أصنافِ الزكاة ِ محقَّقٌ
وتثمين أصنافِ الزكاة ِ محقَّقٌ
رقم القصيدة : 11164
-----------------------------------
وتثمين أصنافِ الزكاة ِ محقَّقٌ
ليحملَ عرشَ الاستواءِ بلا مرا
ويقسم أيضاً في ثمان وعينهم
هو العرشُ للرحمن في قوله استوى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> وأما زمانُ الصومِ فهو سميُّ من
وأما زمانُ الصومِ فهو سميُّ من
رقم القصيدة : 11165
-----------------------------------
وأما زمانُ الصومِ فهو سميُّ من
قد أوجبهُ في خلقهِ الحقُّ والتقى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> قدمنا على أرض الحجاز غدية ً
قدمنا على أرض الحجاز غدية ً
رقم القصيدة : 11166
-----------------------------------
قدمنا على أرض الحجاز غدية ً
وجاء بشيرُ القومِ قد بلغ المنى
أيا صاحبيَّ عرجا بي على الصفا
نطوف به أو بالمحصَّبِ من مِنى
فمن طافَ يوماً بين مروة َ والصفا
ينزه يومَ الحشر في موقف السّوى
فكم بين مطلوبٍ يطوفُ بعرشه
وأخر يسعى بين مروة َ والصفا
فهذي عباداتُ المراد تخلَّصَتْ
وأنْ ليس للإنسان غيرُ الذي سعى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> فيا سائلي ماذا رأى قلبك الذي
فيا سائلي ماذا رأى قلبك الذي
رقم القصيدة : 11167(4/46)
-----------------------------------
فيا سائلي ماذا رأى قلبك الذي
يصحح فيه الورثُ في ليلة ِ السرى
إذا راح قلبُ المرءِ من أرض جسمه
إلى الموقفِ الأجلى غلى منزلِ الرضى
تبدتْ له أعلامُ صدقٍ شهودهُ
من الرفرفِ الأعلى إذا انتشرَ اللوا
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> ويلتاح في حق السماءِ إذا انبرى
ويلتاح في حق السماءِ إذا انبرى
رقم القصيدة : 11168
-----------------------------------
ويلتاح في حق السماءِ إذا انبرى
نسيمُ الصبا برقٌ يدلُّ على الفنا
وفي رمضانٍ صحة ٌ يهتدي بها
قلوبُ رجالٍ عاينوا الأمر في العمى
إذا لاح في كنز الفراتِ مغرّبٌ
له الطائر الميمونُ والنصرُ في العِدى
ويقدمُ ذو الشامات عسكرهُ الذي
كمنطقة ِ الجوزاءِ لكن في الاستوا
يسمى بيحيى الأزدأزدِ شنوءة ٍ
فيحيا به الدينُ الحنيفيُّ والهدى
ولا تلتفتْ إذ ذاك فحل جداله
فإن الكلابَ السودَ تولغن في الدما
على كبشهمِ يلتاحُ نورُ هداية ٍ
بمغربنا الأقصى إذا أشرقتْ ذُكا
ومنتسبٍ يعزو لسفيانَ نفسه
بذي سَلْم لِما تمرَّد أو طغى
ويقدمُ نصر الله جيشُ ولاتِه
إلى بلدة ٍ بيضاءَ سامية ِ البنا
فيفتج بالتكبير لا بقواضبَ
تسلُّ على الأعداءِ في رونقِ الضحى
فما تنقضي أيامُ خاءٍ وتائهاً
مكملة ً إلا ويسمعكَ الندا
أتى الأعور الدجالُ بالدعوة ِ التي
تنزلهُ دار الخسارة ِ والشقا
فيمكثُ ميماً لا يفلُّ حسامه
وتأتي طيورُ الحقِّ بالبِشرِ والزها
وفي عام جيم الفاءِ تنزل روحهُ
من الماية ِ الأخرى دمشقَ فينتضى
هنالك سيفٌ للشريعة ِ صارمٌ
بدعوة ِ مهديٍّ وسنة مصطفى
فيقتلُ دجّالاً ويدحضُ باطلاً
ويهلكِ أعداءً وينجو من اهتدى
ويحصُرُ روحض اللهِ في الأرضِ مدة ً
وقلتُ لفتيانٍ كرامٍ ألا انزلوا
بناه له عيسى بن أيوبَ رتبة ً
حباه بها ربُّ السموات في العلى
يخربه رأياً ويبقي رسومه
ليعلمَ منه ما تهدم واعتنى
فيهلكهم في الوقت ربُّ محمدٍ
وتأتي طيورُ القدسِ ينسلن في الهوا(4/47)
فتلقى عباد الله في بحرِ سخطهِ
ويأتي سمناء ينزعُ النتنَ والدما
فيمكثُ ميماً في السنين ونصفها
على خيرِ حال في الغضاضة ِ والرخا
ويمشي إلى خيرِ الأنامِ مجاوراً
لينكحه الأمَّ الكريمة َ في العُلى
ومن بعدهِ تنشقُ أرضٌ بدخها
ودابة ُ بلوى لم تزل تسمُ الورى
ومن بعدِ ذا صعقٌ يكونُ ونفخة ٌ
لبعثٍ فحقِّق ما يمرّ ويتقى
فهذي أمور الكون لخصتُها لمن
تيقن أنَّ الحادثاتِ من القضا
وليس مرادي شرحَ وقع كوائن
ولكنّ قصدي شرح أسرارها العلى
فينزل للأسرار يبدي عيونها
إلى كل ذي فكرٍ سليمٍ وذي نهى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا خَفَقَ النجم السعيدُ بشرقه
إذا خَفَقَ النجم السعيدُ بشرقه
رقم القصيدة : 11169
-----------------------------------
إذا خَفَقَ النجم السعيدُ بشرقه
يقول لسانُ الحالِ منه بلا امترا
تأملْ حجاباً كان قد حال بيننا
له مكنة ٌ تسمو على ظاهرِ السوا
خِزانة ُ أسرارِ الإله وغيبُه
ومنبعُ اسرارٍ تراءَتْ لذي حجى
ركضنا جياد العزمِ في سَبسَبِ التقى
وقد سترتْنا غيرة ُ فحمة الدُّجى
وأُبنا بما يُرضي الصَّديقَ فلو ترى
ركائبُنا للغب تنفخُ في البُرى
غلوتُ على نجبٍ من السمرِ ضمرَّ
رقيتُ بها حتى ظهرتْ لمستوى
وعاينتُ من علمِ الغيوب عجائباً
تصانُ عن التذكارِ في رأي من وعى
فمِنْ صادحاتٍ فوق غُصنِ أراكة
يهجن بلابيلَ الشجيِّ إذا دعا
ومن نيراتٍ سابلاتٍ ذؤابُها
أفيضوا علينا النور من قَرصَة ِ المهى
ومن نقرِ أوتارٍ بأيدي كواعبٍ
عذات الثنايا طاهراتٍ من الخَنا
ومن نافثاتِ السِّحر في غسقِ الدجى
عسى ولعلَّ الدهر يسطو بهم غدا
وقد علموا قطعاً إصابة َ نفثهِ
لكلِّ فؤادٍ ذلَّ عن طرقِ الهدى
دخلتُ قبورَ المؤمنينَ فلم أجد
سوى الحُورِ والوِلدان في جنة ِ الرضى
فقلتُ هنيئاً ثم جُزتُ ثمانيا
من المنزلِ الأدنى لسدرة منتهى
وقصَّ جناحُ الرَّيبِ من عين مُبصر
وفضَّ ختامُ المسك في سُجة الضحى
فيا ليت أن لا أبصر الدهر واحداً(4/48)
أُسِرُّ به إلا انقلبت على زكا
ولما لحظتُ العلم ينهضُ عُنوة
على نجبِ الأوراقِ أيقنتُ بالبقا
وقلتُ لفتيانِ كرامٍ انزلوا
على المسجد الأقصى إلى كعبة ِ الدما
وقوموا على بابِ الحبيبِ وبلغوا
رسالة َ مَنْ لو شاء كان ولا عنا
فقاموا ونادوا بالحبيبِ وأهله
سلامٌ على أهلِ المودَّة ِ والصفا
سلامٌ عليكم منكم إن نظرتم
بعين مسوّى بين من طاع أو طغى
فقام رئيسُ القومِ يبتدرونهُ
رجالٌ أتت أجسامهم تسكنُ العلى
وقال عليكم مثلُ ما جئتم به
فقام خبيرُ القومِ يمنحني القرى
ألا فاسمعوا قولي دعُوا سِرَّ حكمتي
وهذا دعائي فاستجيبوا لمن دعا
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> أنشودة الفجر
أنشودة الفجر
رقم القصيدة : 1117
-----------------------------------
الفجرُ والطلُّ ووادينا
وما نرى من لهفةٍ فينا:
أنشودةٌ تنسابُ في سمعنا
فيملآ الدمع مآقينا
تحملُنا عن بؤسنا والأسى
إلى ابتساماتِ ليالينا
إلى زمانٍ كان فيه الرضَّا
يرقُصُ في ظلَّ أمانينا
تُباركُ الشمسُ ترانيمها
والبُلْبلُ الصدّاحُ يُشجينا
شوقاً إلى روضتنا إنها
تُسعدنا والبعدُ يُشقينا
كانت روابيها على عهدنا
ورداً وريحانًا ونسرينا
ما بالُها قد أقفرت بعدنا
وأصبحتْ بالشوكِ تؤذينا؟
تبعثُ في أعماقنا لهفةً
تظمئنا ، من حيثُ تَسقينا
يا روضةً كنا على سفحها
نلقى أمانينا تنادينا
لا تحسبي أنّ الزمانَ الذي
مرّ علينا ، سوفَ يُنسينا
يا روضةً كنّا بها نلتقي
نسكبُ في الوادي أغانينا
لا نشتكي اليومَ سوى لوعةٍ
كوّنها بُعدُكِ تكوينا
لا نشتكي إلا صفاءاً غدا
بشفَةِ الذكرى يناجينا
تبدلتْ حالتنُنا ، أصبحتْ
غربةُ هذا العصرِ تشقينا
زماننا والناسُ في غفلةٍ
قد ضيّعوا فيه الموازينا
"ليلى" والتي أعرفها أصبحتْ
ياضيعةَ الأحلامِ " كارينا"!
وصاحبي أصبحَ - يا حسرتي_
يتخذُ القدوةَ " لينينا"!
الداءُ يا روضتّنا ليس في
حبًّ به أصبحتُ مفتونا
فالحبُّ في رحلتنا مركبٌ(4/49)
من سَطْوةِ الآلامِ يُنجينا
وفي هجيرِ الصيفِ ظلٌّ لنا
من قسوةِ الصحراءِ يحمينا
الحبُّ يا روضتَنا منزلٌ
عن نزواتِ الريحِ يؤوينا
لولاه لم نسمعْ بذي لهفةٍ
للموتِ لا يرضى به دُونا !
يُقدَّم النفسَ على بابهِ
يَشري بها خُلداً وتمكينا
الدّاءُ- لوتدرينَ- في عالمٍ
طوفانُه قد لفَظَ الدَّينا !
الداءُ- في أنفسِنا، لم تزلْ
ممدودةً للكفرِ أيدينا !
عِفْنا زُلالَ الماءِ يا ويحنا
واستعذبتْ أنفسُنا الطينا
كيفَ نريدُ العزَّ في حاضرٍ
ونحنُ نستنكرُ ماضينا ؟!
إلى متى نبقى على حالنا
نسيرُ في رَكْبِ أعادينا ؟!
مُلهِمَةَ الشعرِ التي حولَها
غرستُ أشواقي أفانينا
لا تحملي الهمَّ ولا تجزعي
فاللهُ يرعانا ويكفينا
أقدارُنا ليس لنا حيلةٌ
تنأى بنا حيناً وتُدنينا
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> فللهِ قومٌ في الفراديسِ مذ أبتْ
فللهِ قومٌ في الفراديسِ مذ أبتْ
رقم القصيدة : 11170
-----------------------------------
فللهِ قومٌ في الفراديسِ مذ أبتْ
قلوبهم أن تسكن الجوَّ والسما
ففي العجلِ السرُّ الذي صدعتْ له
رعودُ اللظى في السفلِ من ظاهر العجى
وأبرقَ برقٌ في نواحيهِ ساطعٌ
يجلِّلُهُ من باطنِ الرجلِ في الشوى
فأولُ صوتٍ كان منه بأنفه
فشمته فاستوجبَ الحمدَ والثنا
وفاجأهُ وحيٌ من اللهِ آمرٌ
وكان له ما كان في نفسه اكتمى
فيا طاعتي لو كنتِ كنتُ مقرباً
ومعصيتي لولاكِ ماكنتُ مجتبى
فما العلم إلا في الخلافِ وسرِّه
وما النورُ إلاَّ في مخالفة ِ النهى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> نزلتُ إلى الأمرِ الدنيِّ وكان لي
نزلتُ إلى الأمرِ الدنيِّ وكان لي
رقم القصيدة : 11171
-----------------------------------
نزلتُ إلى الأمرِ الدنيِّ وكان لي
بذاتِ العلى سرُّ على عرشهِ استوى
فعدتُ إلى الكرسيّ أنظر يمنة
فقال يساري من يبرزخُ ما اعتدى
فأزعجني وعدٌ من اللهِ صادقٌ
من العالمِ الأعلى إلى عالمِ الثأى
وأودعني من كلِّ شيءٍ نظيرهُ(4/50)
فإن لاح شيءٌ خارجٌ كان لي صدى
وخاطبني إنا بعثناك رحمة
فأسر فعند الصبح يحمدك السُّرى
على كل كوماءَ عظيمٌ سَنامُها
طويلة ُ مابين القذالِ إلى المطا
قطعت بها موماة َ كلِّ مهمة ٍ
وأنتجت كير الأمر لم أنتج الضوى
نزلتُ بلادَ الهند أطمع أن أرى
أريباً له بحرٌ على أرضها طما
فتلك برازيخُ الأولى شيدوا العلى
أقمنا بها والليل بالصينِ قد سجا
ولما رأوا أنْ لا صباح لليلهم
وأن وجودَ النورِ إنْ أشرقتْ ذكا
أتانا رسولُ القومِ مرتديَ الدجى
فألفى نساء ما ربين على الطوى
فبادرنهُ أهلاً وسهلاً ومرحباً
فأينع غصنٌ كان بالأمس قد ذوى
وذرَّ له قرنُ الغزالة ِ شارقاً
ولاحَ له سرُّ الغزالة ِ وانجلى
وخرَّ مريعاً للمعلم خاضعاً
فعاينَ سرَّ النونِ في مركزِ السفا
وأخرسَ لمّضا أن تيقنَ أنَّهُ لدى
لدى جانبِ الأحلامِ غيثٌ ومجتوى
لمحبوبه جَذلان مستوهِن القوى
ومن بعدهِ جاءتْ ركائبُ قومهِ
عطاشاً فحطوا بالآياتِ وبالأضا
فقام لهم عن صورة ِ الحال مفصحاً
طليقَ المحيا لا يخيبُ من دعا
وقال لهم لو أنَّ في الملك ثانياً
يضاهي جمالي لاستوى القاعُ والصدى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> لقد أبصرتْ عينيّ رجالاً تبرقعوا
لقد أبصرتْ عينيّ رجالاً تبرقعوا
رقم القصيدة : 11172
-----------------------------------
لقد أبصرتْ عينيّ رجالاً تبرقعوا
ولوا حسروا ضجت على أرضها السما
فمن سالكٍ نهجَ الطريق مسافرٍ
إلى سفرٍ يسمو وفي الغيبِ ماسما
ومن واصلٍ سرَّ الحقيقة ِ صامتٍ
ولو نطق المسكين عجزه الورى
ومن قائمٍ بالحال في بيت مقدسٍ
فلا نفسه تظمأ ولا سرُّه ارتوى
ومن واقفٍ للخلقِ عند مقامهِ
ومنزلهُ في الغيبِ منزلهُ الأسا
ومن ظاهرٍ وسط المكانِ مبرِّز
له حكمة تسمو على كلِّ مستمى
ومن شاطحٍ لم يلتفتْ لحقيقة ٍ
قد أنزلهُ دعواهُ منزلة َ الهبا
ومن نيراتٍ في القلوبِ طوالعٍ
تدل على المعنى ومن يتصل يرى
ومن عاشقٍ سرَّ الذهابِ متيمٍ(4/51)
قدأنحله الشوقُ المبرحُ والجوى
وصاحبُ أنفاسٍ تراه مسلطاً
على نارِ أشواقٍ بها قلبهُ اكتوى
ومن كاتمٍ للسرِّ يظهر ضده
عليه لطلاَّبِ المشاهدِ بالتقى
ومن فاضلٍ والفضلُ حَقٌّ وجودُه
ولكنَّ مايرجوه في راحة ِ الندى
ومن سيِّدٍ أمسى أديبَ زمانه
يقابلُ من يلقاه من حيثُ ما جرى
ومن ماهرٍ حازَ الرياضة َ واعتلى
فصار ينادي بالأسنَّة ِ واللهى
ومن ْ متحلٍّ بالصفاتِ التي حدا
بأجسادها حادي المنية ِ للبلى
ومن متحلّ طالبِ الأنس بالذي
تأزَّر بالجسمِ الترابيّ وارتدى
ومستيقظٍ بالانزعاجِ لعلة
أصابتهُ مطروحاً على فرشِ العمى
فقامَ له سرُّ التجلي بقلبهِ
فلم يفنَ في الغير الدنيّ ولا الدنا
ومن شاهد للحق بالحقِّ قائم
لهُ همتهُ تفني الزوائدَ والفنا
ومن كاشفٍ وهو الأتمُّ حقيقة ً
ولولا أبو العباسِ ما انصرفَ القضا
ومن حائرٍ قد حيَّرته لوائحُ
تقولُ له قد أفلحَ اليومَ مَنْ رقى
ومن شاربٍ حتى القيامة ما ارتوى
ومن ذائقٍ لم يدرِ ما لذة َ الطوى
ومن عزمة ِ والمكرُ فيها مضمن
ومن اصطلامٍ حلَّ في مضمرِ الحشا
ومن واجدٍ قد قامَ منْ متواجدٍ
فأبدى له الوجدُ الوجودَ وما زها
ومن ساترٍ علماً وهو إشارة ٌ
إلى عارفٍ فوقَ الأقاويلِ والحجى
ومن ناشر يوماً جناحَ يقينه
يطيرُ ويسري في الهواءِ بلا هوى
ومن باسطٍ كفَّيه وهي بخيلة ٌ
ولولا وجودُ البخلِ مامدح الندى
وصاحبِ إثباتٍ عظيمٍ جلالُه
تتوجَ بالجوزاءِ وانتعلَ السهى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> تعجبت من أنثى يقاوم مكرها
تعجبت من أنثى يقاوم مكرها
رقم القصيدة : 11173
-----------------------------------
تعجبت من أنثى يقاوم مكرها
بخيرِ عبادِ الله ناصرهُ الأعلى
وجبريلُ أيضاً ناصر ثم بعده
ملائكة بالعون من عنده تترى
ومن صلحاء المؤمنين عصابة ٌ
سمعناه قرآنا بآذاننا يُتلى
وما ذاك إلا عن وجود تحققتْ
به المرأة ُ الدنيا ومرتبة ً عليا
وقد صحَّ عند الناس أن وجودها(4/52)
من النفس في القرآن والضلع العوجا
فإن رمتُ تقويماً لهاه قد كسرتها
وما كسرها إلا طلاقٌ به تبلى
وإنْ شئتَ أن تبقى بها متمتعاً
فمعوجها يبقى وراحتكم تفنى
فما أمها إلا الطبيعة ُ وحدها
فكانت كعيسى حين أحيي بها الموتى
لقد أيَّد الرحمن بالروح روحَه
وهذي تولاَّها الإلهُ وما ثنى
فإنْ كنتَ تدري ما أشرتُ بهِ فقد
أبنتُ لكم عنها وعن سرها الأخفى
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
رقم القصيدة : 11174
-----------------------------------
لا إله إلا الله
قولُ عارفٍ أوّاه
أظهرتْ شهادتهُ
حكمَ كلِّ من ناداه
إنْ دعاه موجده
فالذي دعا لباه
من وجودنا فلذا
قلتُ إنني إيّاه
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> يا أيها الكاتبُ اللبيبُ
يا أيها الكاتبُ اللبيبُ
رقم القصيدة : 11175
-----------------------------------
يا أيها الكاتبُ اللبيبُ
أمرك عند الورى عجيبُ
قرّبك السيِّد العليُّ
فيممتْ نحوكَ القلوبُ
لماتغيبتَ عن جفوني
تاهت على الظاهر الغيوب
لولاك يا كاتبَ المعاني
ما كانَ لي في العلى نصيبُ
فاكتب طنير الأمانِ حتى
يأمنكَ الخائفُ المريبُ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> شمسُ الهوى في النفوسِ لاحتْ
شمسُ الهوى في النفوسِ لاحتْ
رقم القصيدة : 11176
-----------------------------------
شمسُ الهوى في النفوسِ لاحتْ
فأشرقتْ عندها القلوبُ
الحبُّ أشهى إليّ مما
يقوله العارفُ اللبيبُ
يا حبَّ مولاي لا تولِّ
عني فالعيشُ لا يطيب
لا أنس يصغو للقلبِ إلا
إذا تجلَّى له الحبيبُ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> حزن الفؤادَ أدبهْ
حزن الفؤادَ أدبهْ
رقم القصيدة : 11177
-----------------------------------
حزن الفؤادَ أدبهْ
ودينه ومذهبه
إن جئته وجدته
أمراً عسيراً مركبه
وكلّ من يشغله
مقامه لا يطلبه
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> مواقفُ الحقِّ أدَّبتْني
مواقفُ الحقِّ أدَّبتْني(4/53)
رقم القصيدة : 11178
-----------------------------------
مواقفُ الحقِّ أدَّبتْني
وإنما يوقفُ الأديبُ
أشهد في ذاته كفاحاً
فلم أجد شمسها تغيبُ
واتحدتْ ذاتُنا فلمَّا
كنتُ أنا العاشقُ الحبيبُ
أرسلني بالصفاتِ كيما
يعرفني العاقلُ المصيبُ
فيأخذ السرَّ من فؤادي
فتغتذي باسمه القلوب
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إذا كانَ عينُ الحبِّ ما ينتجُ الحبُّ
إذا كانَ عينُ الحبِّ ما ينتجُ الحبُّ
رقم القصيدة : 11179
-----------------------------------
إذا كانَ عينُ الحبِّ ما ينتجُ الحبُّ
فما ثمَّ من يهوى ولا من له حبُّ
فإن التباسَ الأمر في ذاك بين
وقد ينتج البغضاءَ ماينتجُ الحبُّ
ولكنه معنى لطيفٌ محققٌ
يقومُ بسرِّ العبدِ يجهلهُ القلبُ
لأنَّ له التقليب في كلِّ حالة
به فتراه حيثُ يحمله الركبُ
وذو الحب لم يبرحْ مع الحب ثابتاً
على كل حالٍ يرتضيها له الحب
فإن كان في وصلٍ فذاكَ مراجهُ
وإن كان في هجرٍ فنارَ الهوى تخبو
شكورٌ لما يهواه منه حبيبُه
فليس له بعدٌ وليس له قرب
ولكنه يهوى التقرُّبَ للذي
أتته به الآمالُ إذ تُسدل الحُجُب
فيهوى شهودَ العين في كل نظرة
وما هو مستورٌ ويجهله الصَّب
فلو ذاقهُ علماً به وعلامة ً
له فيه لم يبرح له الأكلُ والشُّرب
ولكنه بالجهلِ خابت ظنونُه
فليس له فيما أفوه به شرب
فيطلبه من خارجٍ وهو ذاته
وينتظر الإتيان إنْ جادتِ السُّحبُ
فلا خارجٌ عني ولا فيّ داخل
كذاتي من ذاتي كذا حكمُهُ فاصبو
إليه فلا علمَ سوى ما ذكرتهُ
ولكنَّ صغيرَ القومِ في بيتهِ يحبو
فلو كان يمشي في الأورِ منفذاً
لما كان يعميه عن إدراكه الذَّنب
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> استنكار ..!
استنكار ..!
رقم القصيدة : 1118
-----------------------------------
َأما زِلتِ تستصغرينَ الأسى
بقلبي وتنسينَ آثارَهُ ؟
تَحُولِينَ بيني وبينَ الضياءِ
وقد أسدلَ الليلُ أستارَهُ
تغافيْتِ عن حَسنَات المحبَّ(4/54)
وأصبحت تُحصين أوزارهَُ
توقَّفْتِ قبلَ ابتداءِ المسيرِ
وظلَّ يواصلُ إبحارَهُ
إذا كنتِ أغمضتِ جفنَ الرَّضا
فلن يُطفِئَ الغمضُ أنوارهَُ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته
إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته
رقم القصيدة : 11180
-----------------------------------
إنَّ التقرَّش تأليفٌ والفته
بربهِ فهذا إلا من يصحبه
من أجلِ أهلٍ له بالبيتِ آمَنَهم
من المخاوفِ إذ تأتي فتركبه
لذاك أطعمهم من جوعٍ طبعهمُ
فالجوعُ يرهقهُ والطعمُ يذهبهُ
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> عجبت من أمرِ دارٍ كلها عجبُ
عجبت من أمرِ دارٍ كلها عجبُ
رقم القصيدة : 11181
-----------------------------------
عجبت من أمرِ دارٍ كلها عجبُ
فيها النقيضان فيها الفوزُ والعَطَبُ
يلتذّ شخصٌ بما يشقى سواه به
لذاكَ جئتُ بقولي كلها عجبُ
نعمتْ مطيتنا إنْ كنتَ ذا نظرٍ
فيها يُشال وفيها تسدلُ الحجب
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> ما إنْ ذكرتكَ في سرٍّ وفي علن
ما إنْ ذكرتكَ في سرٍّ وفي علن
رقم القصيدة : 11182
-----------------------------------
ما إنْ ذكرتكَ في سرٍّ وفي علن
إلا وذكركَ يسليني ويطربني
وليس يحجبني بالبعد عنه بلى
القرب منه على التحقيق يحجبني
ذكري به ليس ذكري فهو ذاكرهُ
بنا ومن بعدِ ذا بالذكرِ يطلبني
قد حِرت فيه كما قد حِرت فيّ وما
أعاتب النفس إلا ظلَّ يعتبني
فما عرفتُ سوى نفس وما عرفتُ
ربي ومن لي بها والعجزُ يصحبني
والله ما نظرتْ عيني إلى أحد
إلا رأيتك تبكيني وتندبني
خوفاً على الملكِ أن يحظى به أحدٌ
سواك غيرة سلطان يكبكبني
تولد الأمر ما بيني على سخط
وبينه ولذا أضحى يقربني
فلو تولدَ عن قرب تخيلهُ
وهمي لأصبح بالبلوى يعذبني
فما ابتليتُ ولكني أراه إذا
رأيتُ رأياً على كرهٍ يصوبني
العصر العباسي >> محيي الدين بن عربي >> الأمرُ لله والمأمورُ في عدمٍ
الأمرُ لله والمأمورُ في عدمٍ(4/55)