الهم فيها أكثر من الفرح، والسرور أقل من الحزن " وأنَّ الدار الآخرة لهي الحَيَوان " يا مجتهداً في طلب الدنيا، اجعل عشر اجتهادك للأخرى، جهزت البنات وتزوجت البنين، فأنت بماذا تجهزت للرحيل؟ يا متقاعداً عن أوامر الرب، احذر أن يقعدك عن نهضاتك تزمن، واعجباً إن حركت إلى الطاعة، فزحل وإن لاح لك الهوى فعطارد عينك قد استرقها المنظور، ولسانك يتصرف فيه اللغو، ويدك. يحركها الزلل، وخطا أقدامك إلى الخطأ، ثم قد أسكنت الهوى قلبك، فأين يكون الملك؟ وهل ترك لنا عقيل من منزل.
ويحك إن الإنسان يشد في إصبعه خيطاً يتذكر به حاجته، وهل في جسدك عرق أو شعرة إلا وهي تذكر بالخالق، فما وجه هذا النسيان البارد، يا من باعنا نفسه ثم ماطل بالتسليم، لا أنت ممن يفسخ العقد ولا ممن يمضي البيع، تدعي الرحلة إلى دار الحبيب، ودهليز سرادقك إلى بلد الهوى، هيهات لا يدرك علم الربانية إلا من ربى فيه.
للمهيار:
يا قلب ما أنت وأهلَ الحمى ... وإنما هم أمسُكَ الذاهبُ
دون نجدٍ وظباءِ الحمى ... أن يُقرح المنسِمُ والغاربُ
لا بد في سلوك الطريق من مصابرة رفيق، البلاء له خلق صعب فاصبر على مداراته، البلايا ضيوف فأحسن قراها لترحل عنك إلى بلد الجزاء مادحة لا قادحة، من حك بأظفار شكواه جلد عيشه أدمى دينه، البلاء ظلمة غبش ويا سرعة طلوع الفجر، اللهم أعن أطفال التوبة على ما ابتلوا به من جوع شديد، فإذا أعد قرص الإفطار نزل ضيف " ويُؤثرون " فزاحم، فأراح " أحَسِبَ الناس أن يُتركوا " .
إن هواك الذي بقلبي ... صيرني سامعاً مطيعا
أخذت قلبي وغمض عيني ... سلبتني النوم والهجوعا
فذر فؤادي وخذ رقادي ... فقال لا بل هما جميعا
فإذا تمكنت قدم المريد وطاب له ارتضاع ثدي الوصال قطع عنه في أهنأ ما كان يراد منه زيادة القلق، في الحديث يوحي الله تعالى إلى جبريل عليه السلام اسلب عبدي حلاوة مناجاتي فإن تضرع إليّ فردها، فلو سمعت استغاثة المحبين، لأورثتك القلق:(683/2)
على بعدك لا يصبر ... من عادته القرب
ولا يقوى على حجبك ... من تيمه الحب
فمهلاً أيها الساقي ... فقد يشهدك القلب
فإن لم تترك العين ... فقد يشهدك القلب
الفصل الثاني والستون
يا من قد غلبته نفسه وبطش بعقله حسه، استدرك صبابة اليقظة وصح في سمع قلبك بموعظ
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا ... واعصى الهوى فالهوى ما زال فتانا
أما ترينا المنايا كيف تلقطنا ... لقطاً وتلحق أخرانا بأولانا
في كل يوم لنا ميت نشيعه ... نرى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس مالي وللأموال أتركها ... خلفي وأخرج من دنياي عريانا
أبعد خمسين قد قضيتها لعباً ... قد آن أن تقصري قد آن قد آنا
ما بالنا نتعامى عن مصائرنا ... ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا
نزداد حرصاً وهذا الدهر يزجرنا ... كان زاجرنا بالحرص أغرانا
أين الملوك وأبناء الملوك ومن ... كانت تخر له الأذقان إذعانا
صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا ... مستبدلين من الأوطان أوطانا
خلوا مدائن كان العز مفرشها ... واستفرشوا حفراً غبراً وقيعانا
يا راكضاً في ميادين الهوى مرحاً ... ورافلاً في ثياب الغي نشوانا
مضى الزمان وولى العمر في لعب ... يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا(683/3)
أين الزاد يا مسافر؟ أين درع التقوى يا سافر؟ لقد أنشب الموت فيك الأظافر ولا تشكن أنه ظافر، هذه النبل فأين المغافر، كيف تصنع إن غضب الغافر؟ يا مبارزاً بالقبيح أمؤمن أنت أم كافر؟ إن قمت سدلت من ثياب كبرك وإن أقمت سدرت من شراب خمرك، اصطفقت أبواب المواعظ. وما استفقت، تقف في الصلاة بغير خضوع وتقرأ للتخويف وما ثم خشوع، يا نائماً عن صلاحه كم هذا الهجوع؟ يا دائم الحضور عندنا هل عمرك إلا أسبوع؟ إن لنجم الحياة لأفول، ولشمس الممات لطلوع، أين أبوك أين جدك؟ السيف قطوع، كيف تبقى مع كسر الأصول ضعاف الفروع؟ تعلق الدنيا بقلبك وتعتذر بلفظ مصنوع، إصرارك كالصحيحين وإقلاعك حديث موضوع، مزق أملك. فالعمر قصير، حقق عملك فالناقد بصير، زد زاد سفرك فالطريق بعيد، ردد نظر فكرك فالحساب شديد، صح بالقلب لعله يرعوي، سلمه إلى الرائض عساه يستوي، يا مؤثر البطالة عالم الهوى دنس، عاشق الهوى جامد الفكر فلو ذاب ما ذاب.(683/4)
يابْنَتِي إِنْ أردْتِ آية َ حُسْنٍ
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 65 / ص 42)
شعراء مصر والسودان >> علي الجارم >> يابْنَتِي إِنْ أردْتِ آية َ حُسْنٍ
يابْنَتِي إِنْ أردْتِ آية َ حُسْنٍ
رقم القصيدة : 62428
يابْنَتِي إِنْ أردْتِ آية َ حُسْنٍ وجَمالاً يَزِينُ جِسْماً وعَقْلاَ
فانْبِذِي عادة َ التَّبرجِ نَبْذاً فجمالُ النُّفوسِ أسْمَى وأعْلَى
يَصْنَع الصّانِعُون وَرْداً ولَكِنْ وَرْدَة ُ الرَّوضِ لا تُضَارَعُ شَكْلا
صِبْغَة ُ اللّهِ صِبْغَة ٌ تُبْهَر النَّفْ سَ تعالى الإلَهُ عَزّ وجَلاّ
ثمَّ كُوني كالشَّمس تَسْطَع للِنَّا سِ سَواءً مَنْ عَزّ مِنْهُم وَذلاّ
فامْنَحِي المُثرِيَات لِيناً ولُطْفاً وامْنَحِي البائساتِ بِراً وفَضْلا
زِينَة ُ الوَجْه أَن تَرَى العَيْنُ فيه شَرَفاً يَسْحَرُ العُيُونَ ونُبْلا
واجعَلِي شِيمة َ الْحَيَاءِ خِماراً فَهْوَ بِالْغَادة الكَريمة ِ أَوْلَى
ليس لِلْبِنْت في السَّعادة حَظٌّ إِن تَنَاءَى الحياءُ عَنْها ووَلَّى
والْبَسِي مِنْ عَفَاف نَفْسِكِ ثوْباً كلُّ ثوبٍ سِوَاه يَفْنَى ويَبْلَى
وإِذا ما رأَيْتِ بُؤْساً فَجُودِي بدُموع الإِحْسَان يَهْطِلْن هَطْلا
فدُمُوع الإِحسان أَنْضَر في الْخدّ وأَبْهى من الّلآلِي وأَغْلَى
وانظُرِي في الضَّمير إن شِئْتِ مرآ ة ً ففيه تبدُو النفوسُ وتُجْلَى
ذاكِ نُصْحِي إِلى فتَاتِي وسُؤْلي وابْنَتي لا ترُدّ للأَب سُؤْلا(684/1)
ثورةُ الحقّ
شعر: عصام العطار
يا شامُ يا شامُ يا أرضَ المحبينا هان الوفاءُ وما هان الوفا فينا
نحيا على البعد أشواقاً مؤرقة لا الوصلُ يدنو ولا الأيام تسلينا
* * * * *
إنّا حملناك في الأضلاع عاطفة وصُورةً مِنْ فتون الحسن تسبينا
ماذا أصابكِ من أيدي الطغاة وما أصاب فيكِ ، وقد غبنا ، المؤاخينا
في مخلب الظلم من أكبادنا مزق وفي النيوب بقايا من أمانينا
يا شامُ جرحُكِ في قلبي أكابده دماً سخياً وآلاماً أفانينا
لا عاش فيكِ قرير العين طاغيةٌ ولا رأى الأمن يوماً في مغانينا
* * * * *
وسائلين من الأحباب ما صنعتْ أيدي الخطوب بنا في الغرب نائينا
لقد نكأتم جراحاً في أضالعنا وقد أثرتم دموعاً في مآقينا
نلقى على البعد من أيدي " أصادقنا!" ما لا نلاقيه من أعدى أعادينا
كانوا سيوفاً بأيدي الخصم(1) مرهفة ولم يكونوا سيوفاً في أيادينا
تباً لدنيا على نيران فتنتها ذاب الوفاء فلا تلقى الوفيينا
لكننا وعيونُ الله تلحظنا نمضي على الدرب والإيمان حادينا
نمضي على الدرب لا الكفران يصرفنا عن المسير ولا العدوان يثنينا
نرنو إلى الله أبصاراً وأفئدة الله غايتنا والله راعينا
وما طلبنا ثواباً من سواه وما خفنا عقاباً ولم نشرك به دينا
العيش من أجله - إن كان - بغيتنا والموت من أجله أحلى أمانينا
ما قيد الفكرَ مِنَّا جورُ طاغيةٍ أو أوهن العزمَ بطشُ المستبدّينا
غرامنا الحق لم نقبل به بدلاً إن غيرت غِيَرُ الدنيا المحبينا
في الخوف والأمن ما زاغت مواقفنا والعسر واليسر قد كنا ميامينا
فما رآنا الهدى إلا كواكبَه وما رآنا الندى إلا عناوينا
وما رآنا العدى إلا جبابرة وما رآنا الفدا إلا قرابينا
نفوسنا السلسل الصافي فإن غضبتْ للحق ثارت على الباغي براكينا
عشنا أبيين أحراراً فإن هلكتْ في الحقّ أنفُسنا متنا أبيّنا
* * * * *
يا شامُ أين لقاءات الصفيينا وأين سامرُنا الماضي ونادينا(685/1)
وأين يا شام ريعان الشباب وقد أمسى الشباب رماداً بين أيدينا
أيامنا(2) في سبيل الله عاطرة وفي مناجاته طابت ليالينا
لم نعرف الإثم في سر ولا علن سيان ظاهرنا البادي وخافينا
أحلامنا الطهر لا رجس ولا كدر إذا نثاها(3) الصبا رفت رياحينا
وأين يا شام أيام الجهاد وقد زان الجهادَ كريمٌ من مواضينا
وأين إخوتنا الأبرار لا برحوا لله جنداً يصدُّون المغيرينا
مشاعل الحق والظلماء عاكفة تهدي إليه على رغم المضلينا
كنا الشموسَ بأرض الشام مشرقة كنا الغيوثَ ربيعاً في روابينا
كنا الحصونَ بأرض الشام شامخة فيها الحماة إذا عزَّ(4) المحامونا
كنا الرياح إذا نادى الصريخ(5) بنا كنا الرجاء إذا ضيمت أراضينا
كنا الجبال ثباتاً في مواقفنا كنا السماء سمواً في معانينا
فوق المخاوف لا الإرهابُ يرهبنا فوق المطامع لا الإغراء يُغرينا
فوق الدنا(6) أبداً ما حطَّ طائرُنا في أسر فتنتها أو زلَّ ماشينا
فوق الدنا أبداً كانتْ مآملُنا وفوق زخرفها الفاني أمانينا
كنَّا العقيدة قد جلَّت وقد خلُصتْ كنا العدالة قد صحْت موازينا
كنا الشمائل قد طابت وقد عذبت ; فماحكتها الصَّبا طيباً ولا لينا
فأين منَّا وقد بنَّا حواضرنا وأين منَّا وقد غبنا بوادينا
وأين منَّا على شحطٍ(7) مرابعُنا وأين منَّا على بُعد مغانينا
هل حنَّت الورق(8) شوقاً عند غيبتنا كما حننَّا وهل هاجت شجيينا
وهل بكى "بردى" أم جف مدمعه لما بكى من تباريح المشوقينا
وهل رأت في دروب الخلد "غوطتُنا" وفي خمائله في الأهل سالينا
وأدمع الأم يا للأم هل تركت لها دموعاً وأجفاناً عوادينا(9)
إن أسعد الدمعُ فاض الدمع منهمراً أو غاض مدمعُها فالقلْبُ يبكينا
جرح من البعد يا أماه قرَّحه مرُّ السنين ولم يلق المداوينا
جرحٌ حملنا كلانا في جوانحنا يكاد في عصفات الشوق يُردينا
لئنْ جزعنا فقد أودى تصبُّرُنا على الفراق وقد أعيا تسلينا
يا أمِّ سوف يعود الشمل مجتمعاً لا خيَّبَ الله في اللقيا أمانينا(685/2)
فإن قضى الله ألا نلتقي فغداً في ظلّ رحمته يحلوا تلاقينا(10)
* * * * *
يا شامُ هذي تباريح البعيدينا(11) يا شام هذي شجون المُستهامينا
يا شام هيجتِ الذكرى لواعجَنا وأرخصت دمعها الغالي مآقينا
يا شام قد عظُمتْ قدراً مطالبُنا يا شام قد بعُدتْ شأواً مَرامينا
نمضي مع الله لا ندري أتُدنينا أقدارنا منك أم تأبى فتقْصينا
نمضي مع الله لا تدري جوارينا(12) متى وأين ترى نلقي مراسينا
نمضي مع الله قدماً لا تعوقنا عن المضي -وإن جلت- مآسينا
نمضي مع الله والإسلام يهدينا الله يمسكنا والله يزجينا
نمضي مع الله والجلى تنادينا راضين راضين ما يختار راضينا(13)
يا شام لا تجزعي فالله راعينا يا شام لا تيأسي فالله كافينا
تأتي جراحٌ فتثوي في أضالعنا على جراح ولا ننسى فلسطينا
الدين يهتف أن هبوا لنصرتها والقدس تهتف لا تلقى المجيبينا
يُميتنا الحزن تفكيراً بحاضرنا ويبعث الغدَ آمالً فيحيينا
يا كربة النفس للإسلام ما صنعت بكل أرض به أيدي المُعادينا
ومحنة العالم المنكوب تنشرنا على فواجعها يوماً وتطوينا
الأرض قد مُلئت شراً وزلزلها جورُ الطغاة ولؤمُ المستغلينا
في الشرق والغرب آلام مؤرقة تبدو أحايين أو تخفى أحايينا
يا للطغاة وما أشقى الأنام بهم عاثوا قوارين أو عاثوا فراعينا
يسقونك الشهد صرفاً في كلامهم وفي فعالهمُ سماً وغِسلينا
إن يبدُ مكرهم أو يبد فتكهمُ كانوا شياطين أو كانوا ثعابينا
أين الطواعين منهم في إبادتهم للخلق قد ظلم الناس الطواعينا
* * * * *
يا ثورة الحق تمشي في أضالعنا نوراً وناراً وتمشي في روابينا
يا ثورة الحق إن الكون مسرحنا فلا حدود تصدُّ الحق والدينا
رسالة الله رب الناس أنزلها للناس طراً فلا تمييز يلوينا
يا ثورة الحق قد طال الظلام بنا وآن للفجر أن يمحو دياجينا
تأله الظلم ألواناً بعالمنا فحطمي الظلم فرعوناً وقارونا
وحرري الأرض بالإسلام والتمسي خير الهداية من خير النبيينا(685/3)
الله أكبر والدنيا سواسية فيها البرية إنشاء وتكوينا
لم يفترق أحد بالأصل عن أحد أعمالنا هي تعلينا وتدنينا
قودي خطانا على منهاج خالقنا حقاً وعدلاً وتحريراً وتأمينا
قودي خطانا لما يشتاق عالمنا سلماً وحباً وإحساناً وتحسينا
قودي خطانا لما تشدو حضارتنا علماً وفكراً وتشييداً وتمدينا
فهو الخلاص لنا مما يعنينا وهو السَّبيل إلى أعلى مراقينا
* * * * *
يا ثورة الحق ما أحلى مرائينا الغيب يبدو لنا نصراً وتمكينا
وباسمُ الغد عبر الأفق نلمحه يهفو لملقاتنا غاراً ونسرينا
وقادم النصر نحياه ونلمسه الله أكده فالنصر آتينا
وقد يكون بنا والعمر منفسح وقد يكون بأجيال توالينا
فإن ظفرنا فقد نلنا مطالبنا وإن هلكنا فإن الله جازينا
الموت في طاعة الرحمن يُسعدنا والعيش في سخط الرحمن يشقينا
لقد رضينا الجهاد الصرف جائزة فضل الجهاد إذا نلناه يكفينا
بئس الحياة إذا الطاغوت عبَّدنا نجرُّ أيامها صغراً مرائينا
أما المنية في عزّ وفي شرفٍ فهي الأثيرة نطريها وتطرينا
* * * * *
يا ثورة الحق هل خاب الرجا فينا؟ كنا على العهد أحراراً أبيّينا
عشنا كراماً لعهد الله راعينا غراً حماة لدين الله وافينا
نَطيرُ للغاية القصوى مجدِّينا ونقحم الموت -لا نخشى- مجلينا
نرجو الشهادة أو نصراً يواتينا نعطي الحياة فنعلي الحق والدينا
الهوامش
1 - الخصم: المخاصم، يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع.
2 - أي في ريعان الشباب.
3 - نثاها: بثّها ونشرها.
4 - عز الشيء: قلَّ فلا يكاد يوجد.
5 - الصريخ هنا: المستغيث.
6 - الدنا: جمع الدُّنيا.
7 - على شحط: على بعد.
8 - الورق: جمع ورقاء وهي الحمامة.
9 - عوادينا: مصائب الدهر النازلة بنا.(685/4)
10 - اختارت الأخت الشهيدة "أم أيمن" -رحمها الله تعالى- الأبيات الأخيرة المتعلقة بالأم من هذا المقطع لقبساتها التي نشرتها لها الرائد، وعلّقت عليها بقولها: "وهذه الأبيات تمثل حال أمي وأبي، وتمثل حالي بعيدة عنهما في ديار الغرب، ولعلها تمثل حال كثيرين غيرهما وغيري.. ولذلك اخترتها لأقدمها في "قبسات". الناشر.
11 - تباريح البعيدين: ما يكابدونه من الشدائد ويتوهج في نفوسهم من الشوق.
12 - جوارينا: سفننا.
13 - واختارت أم أيمن أبيات هذا المقطع من القصيدة، وعلّقت عليه بقولها: وهذه الأبيات تعبر عما في نفسي أيضاً كما تعبر عما في نفس عصام، فنحن -والحمد لله- زوجان، وصديقا قلب وفكر، ورفيقا عقيدة جهاد.
اللهم إنا راضون بقضائك وقدرك، وبكل ما يصيبنا في سبيلك، فهل أنت راضٍ عنا يا الله!
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب.
"نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بنا غضبك، أو يحل علينا سخطك، لك العتبى(*) حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".
(*) العتبى: الرجوع عن الإساءة إلى ما يرضي العاتب.
* المصدر: موقع رابطة أدباء الشام(685/5)
يُعاتِبُني في الدِّيْنِ قَوْمِي
الحماسة البصرية - (ج 1 / ص 125)
وقال المُقَنَّع الكِنْدِي محمد بن عُمَيْر:
يُعاتِبُني في الدِّيْنِ قَوْمِي، وإِنَّما ... دُيُونِيَ في أَشْياءَ تُكْسِبُهُمْ حَمْدا
أَسُدُّ به ما قَدْ أَخْلُّوا وضَيَّعُوا ... ثُغُورَ حُقُوقٍ ما أطاقُوا لها سَدّا
فما زَادَنِي الإقْتارُ إلاَّ تَقَرُّباً ... وما زادَنِي فَضْلُ الغِنَى مِنْهُمُ بُعْدا
وفي جَفْنَةٍ لا يُغْلَقُ البابُ دُونَها ... مُكَلَّلَة لَحْماً مُدَفَّقَةٍ ثَرْداً
وفي فَرَسٍ نَهْدٍ عَتِيقٍ جَعلْتُهُ ... حِجاباً لبَيْتِي، ثُم أَخْدَمْتُهُ عَبْداً
وإنّ الذي بَيْنِي وبَيْنَ بَنِي أَبِي ... وبَيْنَ بَنِي عَمِّي لُمَخْتَلِفٌ جِدّا
أَرَاهُمْ إلى نَصْرِي بِطاءً، وإنْ هُمُ ... دَعَوْنِي إلى نَصْرٍ أَتَيْتُهُمُ شَدّا
فإنْ أَكَلُوا لَحْمِي وَفَرْتُ لُحُومَهُمُ وإنْ هَدَمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لَهُمْ مَجْداً
وإنْ ضَيَّعُوا غَيْبَي حَفِظْتُ غُيُوبَهُمْ وإنْ هُمْ هَوُوا غَيِّي هَوِيتُ لَهْمْ رَشْداً
وإنْ زَجَرُوا طَيْراً بنَحْسِ تَمُرُّ بِي ... زَجَرْتُ لَهُمْ طَيْراً تمُرُّ بهِمْ سَعْدا
ولا أَحْمِلُ الحِقْدَ القَدِيمَ عليهمُ ... ولَيْس رَئَيسُ القَوْمِ مَنْ يَحْمِلُ الحِقْدا
لهُمْ جُلُّ مالِي إنْ تَتابِعَ لِي غنىً ... وإنْ قَلَّ مالِي لَمْ أُكَلِّفْهُمُ رِفْدا
وإنِّي لَعَبْدُ الضَّيْفِ ما دام ثاوِياً ... وما شِيَمةٌ لِي غَيْرَها تُشْبِه العَبْدا
على أنَّ قَوْمِي ما تَرَى عَيْنُ ناظِرٍ ... كَشِيبِهمُ ولا مُرْدِهِمْ مَرْدا
بِفَضْلٍ وأحْلامٍ وجُودٍ وسُؤْدُدٍ ... وقَوْمِي رَبِيعٌ في الزَّمانِ إذا اشْتَدّا(686/1)
يقول الشاعر ناصر الزهراني :
---
مكائد أفعمت مكرا لأمتنا ********* تكاد منها الصخور الصم تنفطر
---
ليس العجيب الذي بانت عداوته ******** لنا ومنه أتانا الضيم والضرر
---
بل العجيب الذي من صلب أمتنا ****** يكون عونا لمن خانوا ومن كفروا
---
يا أمتي إن هذا الليل يعقبه *********** فجرا وأنواره في الأرض تنتشر
---
والخير مرتقب والفتح منتظر *********** والحق رغم جهود الشر منتصر
---
بصحوة بارك الباري مسيرتها ************* نقية ما بها شوب ولا كدر
---
مادام فينا ابن باز شيخ صحوتنا ************ بمثله يرتجى التأييد والظفر
---
وابن العثيمين كم تهفوا القلوب له ********* ويطرد الهم عنها وجهه النضر
---
والحمد لله فالآمال مشرقة ما دام *********** في صفنا سلمان أو سفر
---
أهل التقى والنهى والعلم علمهما *********** هما لهدي البلاد الشمس والقمر
---
سلمان يا سلم الديان طلعته ************ فقيهنا شيخنا والرأي معتبر
---
بيانه ممتع سهل وممتنع ************* كلامه لؤلؤ ألفاظه درر
---
يحبه كل قلب مؤمن ************ وترى قلب المنافق بالأحقاد مستعر
---
يا سائلا عن هوانا عن محبتنا *********** فحبنا وهوانا كلنا سفر
---
قامت به غيرة لله صادقة ****************** وغيره في غمار الذل منقعر
---
سر يا حوالينا في درب عزتنا ************ فأنت للسير في ذا الدرب مقتدر
---
سر يا الشجاع الذي ما خان أمته ************** ولا يغرنك الشذاذ والغجر
---
أنت الذي تفزع الأعداء حنكته ********** لا تستوي الأسد في الميدان والبقر
---
يا صحوة عائض القرني ينعشها *************** بعلمه الجم يرويها فتزدهر
---
يا شيخنا سر حماك الله من بطل *************** إذا امتطى منبرا فالكل ينبهر
---
سر لا تخف من لئيم في مكائده ********* فما عوى الكلب إلا ألقم الحجر
---
يا صحوة يرهب الأعداء قوتها ********* تزلزل الأرض لا جبن ولا خدر
---(687/1)
ويرسم الخطة المثلى لمنهجها ************ وسيرها باتزان ناصر العمر
---
شيخ أبيٌ وقلب في توقده *************** يكاد من هم هذا الدين ينفطر
---
إذا تطاول بالأهرام منهزم *************** فنحن أهرامنا سلمان أو عمر
---
أهرامنا شادها طه دعائمها ************** وحي من الله لا طين ولا حجر(687/2)
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في ابتهال :
يا مَن له تعنو الوجوهُ وتخشعُ ولأمرهِ كل الخلائق تخضعُ
أعنو إليك بجبهة لم أحنِها يوما لغير سؤالك ساجدا أتضرع
أنا من علمتَ المذنب العاصي الذي عظُمت خطاياه فجاءك يهرع
كم من ساعة فرطت فيها مسرفا وأضعتها في زائل لا ينفع
إن لم أقف بالباب راجي رحمة فلأي باب غير بابك أقرع
هذا أوان العفو فاعف تفضلا يا من له تعنو الوجوه وتخشع
...(688/1)
يمم شطر المدينة ترى الأنوار
يمْْ شطرَ المدنية ترى الأنوار ْ واقصد حمى نبينا طه المختارْ
*****************
محدْ يا أبا القسمْ إني هائمْ عسى تقبلني خادم بين الحضَّارْ
*****************
محمد يا أبا الزهرة نرجو نظرة أرى القبةَ الخضرا ليلاً ونهارْ
*****************
فامدد يدكْ والباعا والذَّراعا واطلب منه الشفاعة وقتَ الأسحارْ
*****************
وقفْ حولَ الضريحِ يا فصيحِ واغسلْ قلبَ الجريحِ منَ الأكدارْ
*****************(689/1)
يموت المسلمون ولا نبالي
يموت المسلمون ولا نبالي ... ونهرف بالمكارم والخصال
ونحيا العمر أوتارًا وقصفًا ... ونحيا العمر في قيل وقال
وننسى أخوة في الله ذرت ... بهم كف الزمان على الرمال
تمزقهم نيوب الجوع حتى ... يكاد الشيخ يعثر بالعيال
يشدون البطون على خواء ... ويقتسمون أرغفة الخيال
وناموا في العراء بلا غطاء ... وساروا في العراء بلا نعال
يسيل لعابهم لهفًا وتذوي ... عيونهم على جمر السؤال
وليت جراحهم في الجسم لكن ... جراح النفس أقتل للرجال
يمدون الحبال وليت شعري ... أنقطع أم سنمسك بالحبال
نسينا: واتقوا يومًا ثقيلاً ... به النيران تقذف كالجبال
ونحن المسلمون ننام حتى ... يضيق الدهر بالنوم الخبال
جلسنا والأرائك فاخرات ... وأوجفنا على الفرش الغوالي
رصفنا بالبيوت من المرايا ... لتنطق بالبهاء وبالجمال
وفاح العطر وائتلقت جنان ... كأن العمر ليس إلى زوال
ننام على الريال وإن صحونا ... فإن الفجر فاتحة الريال(690/1)
ينام أخي على زندي
---
ينام أخي على زندي
أظلله بأهدابي
وفي قلبي فرشت له
فهل يدري أخي مابي
بحثت بوجهه الدامي
لأزرع قبلة فيه
فحيرني وآلمني
بتمثيل وتشويهِ
وفارقني بلا دمع
وأبلغ منه ذا الصمتُ
وأكظم غضبتي حينا
لكل تفجرٍ وقتُ
أكاد أصيح من حَزَني
بأن فؤادي احترقا
سأصبر إن في صدري
وان غالبتُه الرهقا
أتوكَ أخي بما ملكَتْ
حضارتهم من القهرِ
وحين سقطتَ لم يجدوا
رصاص الغدر في الظهرِ
فأنت الصامد البطلُ
وأنت بدربنا مثلُ
ثبت لهم ولم تهزم
وحاشا يهزم الجبلُ
وحيدا قاتل الاعدا
ورد جموعهم ردا
ثلاث قذائفَ انفجرت
ومافتت له عضدا
ومن أوكارهم خرجت
رصاصات بها الوهنُ
ولكن كل مخلوق
بيوم الموت مرتهنُ
فلم يسمع له صوتُ
يقول بأنني متُّ
ولكن صاح في فرحٍ
بإحداهن قد فزتُ
فواعجبا لمن يقضي
يظل سلاحه معه
ويأبى أن يفارقه
ويخشى أن يودعه
فويل للعلوج الحمر
من غضبي ومن ثاري
سأحصدهم بمنجلهم
وأقذفهم إلى النار
وإسألهم إذا ضجّت
رعود الحق من أقوى
ومَن طلقاته ارتجفت
ومَن طلاقاته نشوى
فياعبّاد أكتوبر
لقانا في ثرى لوجرْ
صهيل الخيل في صدري
وفي قلبي الردى زمجرْ
وباطلكم سأصرعه
ولو وحدي سأدفعه
ولا ينجيكمُ منّي
حديد الأرض أجمعه
سأحمل بعدك الرشاش
زيّنه الدم القاني
وأعبر كل ميدان
به تكبير إخواني
وحين أجيء للأقصى
كما يوماً أخي أوصى
سأدفع عندها الرشاش
يجعله الأمير عصا
يظل عليه متكأ
ليعلن من ربى القدسِ
رجعنا اليوم للأقصى
فهبوا نحو أندلسِ(691/1)
يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ
أبو القاسم الشابيّ
يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ والمُنَى بَيْنَ لَوْعة ٍ وَتَأَسِّ
هذه سُنَّة ُ الحياة ، ونفسي لا تَوَدُّ الرَّحيقَ فِي كَأْسِ رِجْسِ
مُلِىء الدهر بالخداعِ، فكم قد ضلَّلَ الناسَ من إمام وقَسِّ
كلَّما أَسْأَلُ الحياة َ عَنِ الحقِّ تكُفُّ الحياة ُ عن كل هَمْسِ
لمْ أجِدْ في الحياة ِ لحناً بديعاً يَسْتَبِيني سِوى سَكِينَة ِ نَفْسي
فَسَئِمْتُ الحياة َ، إلا غِرَاراً تتلاشى بِهِ أَناشِيدُ يَأْسِي
ناولتني الحياة ُ كأساً دِهاقاً بالأماني، فما تناولْتُ كأسِي
وسقتْني من التعاسَة أكواباً تجرعْتُها، فيأشدّ تُعْسي
إنّ في روضة ِ الحياة ِ لأشواكاً بها مُزِّقتْ زَنابِقُ نفسي
ضَاعَ أمسي! وأينَ مِنِّي أَمْسِي؟ وقضى الدهرُ أن أعيش بيأسي
وقضى الحبُّ في سكون مريعٍ سَاعَة َ الموتِ بين سُخْط وَبُؤْسِ
لم تُخَلِّفْ ليَ الحياة من الأمس سِوَى لَوْعَة ٍ، تَهُبُّ وَتُرسي
تتهادى ما بين غصّات قلبي بِسُكونٍ وبين أوجاعِ نَفْسي
كخيال من عالم الموْت، ينْساب بِصَمْتٍ ما بينَ رَمْسٍ وَرَمْسِ
تلك أوجاعُ مهجة ٍ، عذَّبتْها في جحيم الحياة أطيافُ نحسِ(692/1)
منظومة للناجحين
الحمد لله الذي رباني ... وأزال عن قلبي العمى وهداني
وأغاثني كرماً وثبت حجتي ... وأنا رهين الذنب والنقصانِ
ثم الصلاة مع السلام لأحمد ... خير البرايا من بني الإنسانِ
والآل والصحب الكرام ومن سعى ... لسبيله من تابعي الإحسانِ
هذي قصيدة كل شهم ناجح ... ذي همة كالكواكب والنوراني
لأولي العزائم صغتها وحبكتها ... تُهدى لأهل الفضل من إخواني
يا من أراد المجد من أطرافه ... وسعى إلى الفردوس والرضوانِ
اسمع هديت نصائحي وأعمل بها ... واحرص عليها غاية الإمكانِ
اسمع للفظة سابقواْ أو سارعواْ ... جاءت بنص الوحي في القرآنِ
ويقول أحمد: بادروا بل فاغتنمْ ... خمساً رواهُ أحمد الشيباني
والمؤمن الشهم القوي أحبُ من ... عبد ضعيف خائر الأركانِ
احرص على النفع العظيم أتى به ... ابنُ الحسين العالم الرباني
وتعوّذ المختار من كسل ومن ... عجز رواه عندنا الشيخانِ
هذا رسول الله قام لربه ... فتفطرت لقيامه القدمانِ
وهو الذي ضحَّى بكل حياته ... من أجل دين الواحد الديانِ
بأبي وأمي خير من وطئ الثرى ... وتهللَّت لقدومه الثقلانِ
أثرُ الحصير بجنبه وقميصُه ... صوفٌ وتحت حزامه حجران
شتموه بل أدموه وهو مصابر ... في همة ما كان بالمتوانِ
وضعوا السلى والشوك فوق جبينه ... بل من أذاهم ضاق بالأوطانِ
وتراه في صبر وعزم راسخ ... أقوى على الأبصار من ثهلانِ
حتى حباه الله أعظمَ نصرِه ... فاق الخليقةَ أنسَهم والجانِ
واْذكر أبا بكر وحسنَ جهادهِ ... وثباته في السر والإعلانِ
يدعى لأبواب الجنان جميعها ... من كثرة الأفضال والإحسانِ
في الغار صاحبَهُ وفازَ بهجرة ... حتى أتى في الوحي ذكر الثاني
وانظر إلى الفاروق واعرف قدره ... في قوة الإخلاص والإيمانِ
ورسوخه في العلم بعد جهاده ... في كل موقعة مع العدناني
وعزوفه عن كل مغرية ولو ... جاءت إليه بزينة الألوانِ
وبكائه حتى تبلل خده ... وصموده في حومة الميدانِ
والثالث البر الرشيد تحيتي ... تسعى بما يشفي إلى عثمانِ
هو منفق الأموال ساعة عسرة ... متهجداً في الليل بالقرآنِ(693/1)
ولبئر رومة قصة محفوظة ... وله ببنتي أحمد نورانِ
واذكر أبا حسن وبجِّل قدره ... خير الشيوخ وقدوة الشبانِ
وهو الذي ذبح الطغاة بسيفه ... في بدر والأحزاب يوم الشأنِ
إذ بيته كوخ ومفرشه الحصى ... مركوبه في عمره نعلانِ
وأُبيُّ في حفظ المثاني آية معلومة ... ومعاذ ذو عزم بغير توانِ
وأبو هريرة جد في طلب العلى ... والجوع يصرعه على الجدرانِ
في الحفظ أصبح آية معلومة ... لا تعتريه بوادر النسيانِ
أما ابنُ عباسٍ فأخبر أنه ... بلغ المدى في الصبر والإمعانِ
بل كان ينتظر الصحابة في الضحى ... والشمس تصهره بحر دانِ
من أجل نيل العلم حتى حازه ... لسفينة الآثار كالربانِ
حي العبادلةَ الكرامَ وجهدَهم ... في ضبط آثار وفهم قُرانِ
للعلم سافر جابر من طيبة ... شهراً لمصرَ بهمة الشجعانِ
وابن المسيب للحديث محصلُ ... يبقى ثلاثاً ليس بالوسنانِ
ولمالك صبر الرجال لنيله ... أعلى المراتب عند أهل الشأنِ
ومشى ابن حنبل جامعاً لحديثه ... حتى أتى لإمامها الصنعاني
جذ الحصاد بأجرة وتمزقت ... بالمشي نعل الماجد الشيباني
وطوى الإمام الشافعي منازلاً ... من أجل بعض مسائل النعمانِ
وتألق الثوري في زهد وفي ... ورع وفي علم وفي عرفانِ
والأصمعي طوى القفار جميعها ... لمراد آداب وحسن بيانِ
وأقام دهراً سيبويه منقحاً ... لعلومه في الحضر والبدوانِ
حتى روى ذاك الكتاب وإنه ... أصل الأصول لنحو خير لسانِ
برع الكسائي باجتهاد دائم ... هو واحد القراء للفرقانِ
وتفرد الزهري بالسنن التي ... سارت مسير الشمس في البلدانِ
وابن المعين إمام كل معدل ... علم الرواة وماله من ثانِ
أهدى الخليل النجمَ نومَ عيونه ... والعين سفر ظاهر البرهانِ
وأقام من علم العروض عجائباً ... ما كان في خلد ولا حسبانِ
وروى ابن حبان حديث شيوخه ... ألفين من شيخ ومن شبانِ
همم لو أن الدهر يحمل بعضه ... لوجدته بالعزم في رجفانِ
هذا ابن عبد البر في تمهيده ... أفنى ثلاثيناً من الأزمانِ
وكذا ابن حزم المعي زمانه ... قد حل في العلياء أيَّ مكانِ
والظاهري هو النهاية في العلا ... بل قدوة لنوابغ الأزمانِ(693/2)
أما ابن تيميةٍ فأعظمُ قصة ... في الجمع والتحقيق والإتقانِ
أنفاسه في العلم حتى حدثوا ... عن عزمه قاصي الملا والداني
في اليوم يكتب عشر كراس كذا ... تعليمه في همة وتفانِ
وله المواقف في الجهاد فسل بها ... أهل النقول وحافظي البلدانِ
هذا البخاري أنفق الأوقات في ... جمع الحديث وسنة العدناني
ولربما ترك الفراش بليلة ... متذكراً ما غاب بالنسيانِ
قلبي على أهل الحديث وحزبهم ... هم صفوة الأخيار كل زمانِ
كم فيهمُ من باذل لرقاده ... من أجل قول رسول ذي الفرقانِ
ومشتت العزمات لا يلوي إلى ... أهل ولا صحب ولا جيرانِ
ألِفَ النَّوى حتى كان رحيله ... للبين رحلته إلى الأوطانِ
يا دمع أسعفني على ذكراهمُ ... واهجر قفا نبكي لكل جبانِ
ذرعوا البلاد وخلفوا أوطانهم ... قطعوا القفار بصحبة السرحانِ
جاعوا فما شبعوا وكل مرادهم ... عن سعد عن عمار عن سلمانِ
واذكر أبا اسحق من شيراز في ... فقه وتأصيل وحسن بيانِ
مائة من المرات كرر درسه ... من قبل شرح فيه للإخوانِ
ويكرر التنظير ألفاً صابراً ... مع أنه في الزهد شيء ثانِ
ومحمد بن جرير في تاريخه ... أملاه من ذهن بلا نسيانِ
تفسيره من حفظه فاْعجبْ له ... يا همة تسمو على كيوانِ
واعرف جلال القدر لابن خزيمة ... صافي القريحة فائق الأقرانِ
وأبو الفداء ابن العقيل الحنبلي ... حفاظ أنفاس ورب معانِ
وله الفنون يكون ألف مجلد ... من غير ما أملاه في الديوانِ
بل كان أكل الكعك دون الخبز من ... عاداته حفظاً لذي الأزمانِ
وانظر إلى المزني كرر دهره ... سفر الرسالة نسخة الرباني
خمس مئات وهو فيها دائب ... من غير ما ملل ولا نكرانِ
أما ابن جوزي الجليل فإنه ... قد صاغ ألف مؤلف ببنانِ
جمع العلوم وجد في تحصيلها ... حتى دعوه بواعظ البلدانِ
لا تنس حافظ عصره في مصره ... ذا الفتح والتهذيب والميزانِ
شرح البخاري خير شرح كامل ... لا هجرة من بعد فتح ثانِ
سلم على الذهبي وانظر جده ... إذ بز حفظاً سائر الأقرانِ
وله مع النبلاء تاريخٌ له ... وتذكر الحفاظ من أزمانِ
هذا النواويْ مات قبل مشيبه ... من بعد تحقيق مع الإتقان(693/3)
هجر الكرى للعلم وهو مثابر ... حتى الزواج رماه بالهجرانِ
فأجاد في تأليفه حتى غدا ... شمس العلوم وقصة الركبانِ
هذا السيوطي فاق في تصنيفه ... حتى لقد قالوا له مئتانِ
وعلى ابن خلدون تحية شاعر ... يا عبقري الدهر نعم البانِ
لما نفوه أتى بتاريخ له ... ذكراه من صنعا إلى تطوانِ
أما ابن سينا فهو صاحب همة ... كالنار في حطب من العيدانِ
حتى على ظهر البعير تراه في ... تأليفه يا صبر شيخ فانِ
وانظر إلى الرازي في تاريخه ... وابن الكثير وصاحب البرهانِ
والقيم الجوزي وابن دقيقهم ... وابن الوزير وبعده الصنعاني
والعالم النحرير صاحب همة ... وقادة أعني به الشوكاني
الكل في جلد على تحصيله ... متدرعاً بالصبر والسلوانِ
وأراك في نوم عميق لاهياً ... يا خيبةً للفاشل الكسلانِ
قضيَّت عمرك في اللذائذ سادراً ... يشجيك يا حيران صوت أغانِ
فأطرح أماني اللهو واصعد واثباً ... للمجد واترك صحبة الولهانِ
شمِّر وواصل للمعالي دائباً ... واهجر فديت وساوس الشيطانِ
واحفظ زمانك واحترس من فوته ... واذكر إذا ما صرت في الأكفانِ
وانظر إلى القمري أصبح غادياً ... في نَيْلِ رزق ليس بالمتوانِ
والنمل ما عرف النكوص ولم يزل ... متوثباً في الصخر والصّوانِ
والنحل مص رحيقه من زهرة ... والباز خلف الصيد في طيرانِ
والسهم لولا وثبه من قوسه ... لم يلق صيداً وهو في القضبانِ
السيل لولا زحفه بتدفق ... ما كان يدعى هادم الجدرانِ
والليث لما هاج عفَّر بالردى ... ظبياً وأهدى الموت للثيرانِ
والذئب لما هاج في أوطانه ... حاز الكباش وفاز بالحملانِ
والشمس لو بقيت لمل مقامها ... والماء إن يركد فغير مصانِ
والريح لو سكنت لما أهدت لنا ... أرج الزهور ونفحة الريحانِ
والبدر لو لزم المقام ببرجه ... ما كان حاز المدح من إنسانِ
حتى الذباب له طنين زائد ... كزئير ليث فاتك غضبانِ
لولا اشتعال النار فيما جاورت ... لم تسم عن ترب وعن دخانِ
والعود لو لزم المقام بأرضه ... حطب يحرق في لظى النيرانِ
در البحور على النحور لأنه ... يسعى إلى الغواص بالأحضان(693/4)
وجواهر التاج المرصع لم يكن ... لولا الفؤوس سوى حصى المرانِ
فاكتب لنفسك أنت تاريخاً ولا ... تذكر لنا الأجداد من أزمانِ
فالورد من بصل وزهر الروض من ... شوك وطيب المسك من غزلانِ
وبلال عبد وهو فينا سيد ... وانظر إلى عمار أو سلمانِ
وعطاء مولى والصقليُّ الذي ... عَمَرَ الديارَ يعد نسل قيانِ
ما ضرهم أن فاتهم نسب العلا ... بنفوسهم فاقو بني الإنسان
كم فاشل في عمره من أسرة ... مرموقة في المجد والسلطانِ
لم يغنه نسب ولو آباؤه ... من آل شيروان وعبد مدانِ
واذكر أبا لهب أليس جدوده ... من آل هاشم درة الأزمان
لكنَّ نفس النذل لم تصعد به ... كبلال في فضل وفي إيمانِ
لا تأنف العمل المباح فإنه ... شرف الحياة ومفخر الشبانِ
يغنيك عن فَسْلِ بَخِيْلٍ فاجر ... ويكف وجهك عن رفيق هوانِ
حَمْلُ الصخورِ أخفُّ من حمل الأذى ... من مانع لعطائه منانِ
قم فأطلب الأرزاق من أبوابها ... لو أنها في الصين واليابانِ
بكِّرْ لكسب القوت وأحرص أن تكن ... ذا نية لتثاب من ديانِ
ودع التكبر فالحلال عبادة ... لو كنت تطلي الإبل بالقطرانِ
أو كنت تبني حائطاً وتجذ من ... نخل وتسقي الزهر في البستانِ
يكفيك في شرف المقام بمهنة ... الأنبياء رعوا قطيع الضانِ
داود حداد ويوسف تاجر ... إدريس خاط غلائل القمصانِ
والخضر طاف الأرض يعبد ربه ... وانظر مزيد الفضل من لقمانِ
أو ما ترى الفراء وهو مبجل ... كانت صناعته جلود الضانِ
وانظر إلى الزجَّاج وهو إمامنا ... في النحو كان مزينَ الألوانِ
وكذا ابن زيات الوزير محمد ... قد باع زيت الناس في بغدانِ
وأبو حنيفة كان بزازاً وذا ... كابن المبارك تاجر الرضوانِ
وأعوذ بالله الكريم إلهنا ... من عاجز في الناس أو كسلانِ
أو باطل أو عاطل أو فارغ ... رأسُ الأماني مالُ كلِ جبانِ
جلسوا مع الأشرار في أوهامهم ... فبُلْوا بكل وساوس الشيطانِ
بل قال وليم جمس إن فراغنا ... كبسول موت في يد الشبانِ
وانظر نيوتن عبقري زمانه ... ما كان يترك شغله لثواني
حتى أتى بعجائب وغرائب ... علم الرياضيات والحسبانِ(693/5)
واذكر انشتاين يعقد نسبة ... هي آية في علم أهل الشانِ
وكذا أبو إسحق من نيرون في ... يوم الوفاة يجد في الاتقانِ
وأذكر لنا أدسون يوم صراعه ... في الكهرباء بحرقه وتفانِ
عشر من الآلاف جرَّب فكره ... في شغل تيار من النيرانِ
واْعجب للنكولن من رئيس بارع ... نشر العدالة وهو أمريكاني
قد كان يقرأ فوق ظهر حصانه ... في موكب كالبحر في الهيجانِ
وغدا تشرشل وهو رهن فراشه ... من ألمع الحكام للرومانِ
هذا وهم لا يطلبون الأجر من ... رب الوجود مصور الإنسانِ
لكنهم أنفوا فوات زمانهم ... من غير ما جهد ولا إتقانِ
ملؤوا المكان صناعة وزراعة ... وبراعة في السفح والوديانِ
وصلوا إلى المريخ حتى أنزلوا ... في أرضه سفناً بلا إنسانِ
واعجب معي من ثورة هدارة ... دلفت كموج البحر من يابانِ
وبني قومي في سبات منامهم ... يا حيرة للخامل الحيرانِ
خف الحديث لهم فأصبح همهم ... في سهرة ولذائذ وأمانِ
واطلب بجدك كل علم نافع ... واحرص عليه غاية الإمكانِ
قيد وذاكر واستفد واكتب ولا ... تكسل عن التكرار كل أوانِ
لو كنت تعلم ما النتائج لم تنم ... إلا كنوم الذئب بين الضانِ
أتقن إذا ما رمت شغلاً إنه ... لا خير في عمل بلا إتقانِ
لا تتركنْ أمراً يحل بيومه ... لغد فإن غداً لشغل ثانِ
إن الأهم على المهم مقدم ... راعِ التدرج عند أهل الشأنِ
وعليم بالترتيب واحرص أن ترى ... وسطاً بلا فوت ولا نقصانِ
في هيئة مقبولة ورزانة ... مع خشية في السر والإعلانِ
عش في حدود اليوم واترك ما مضى ... واهجر غداً فاليوم ضيف دانِ
واحذر فراغك فهو لص جاثم ... يدعوك للإهمال والعصيانِ
إن الفراغ خديعة لعقولنا ... ومحطة للهم والأحزانِ
واقصد إلى عمل تجيد أداءه ... حتى تكون لحسنه متفانِ
وعليك بالتنويع في الأعمال والأ ... قوال والأوضاع والأوزانِ
فالقلب ذو ملل وخير أن ترى ... متنقلاً بالجد في ألوانِ
وإذا النجوم تسابقت وتنزلت ... كل إليك من المجرة دانِ
فاختر أشد نجومها نوراً ولا ... تختار إلا منزل الكيواني
فالليث لا يأكل فريسة غيره ... لو بات رهن الجوع في قضبانِ(693/6)
والبرق لما أن علا في جوه ... لمحوه بالأبصار في رجفانِ
والغيم لما اختار عز محلّه ... فاق الجبال كهيئة التيجانِ
ركب الملوك الخيل لما هملجت ... أما الحمير فمركب الكسلانِ
وانظر إلى الذهب المرصع صابراً ... لم ينصهر بحرارة النيرانِ
قد صار أغلى من رموش عيوننا ... فاق الحديد التافه الأثمانِ
قالوا لطير الحش مالك ساقط ... قال الهوان على أبي جعلانِ
ولثعلب قالوا له أَوَمَا ترى ... ليث العرين يسود في الحيوانِ
فأجاب ليث الغاب عِيسٌ أكله ... وأنا رفيق الهر والفئرانِ
والسيف لما صار أمضى مضرباً ... حفظوه في قرب وفي غمدانِ
أتريد سكنى جنة وتنام عن ... داعي الصلاة أذاك في إمكانِ
أتريد أن تحظى بمنزل ماجد ... وتظل رهن عزائم الصبيانِ
أتريد رفقة أحمد وصحابه ... وأراك رب بلادة وأمانِ
كلا لقد كَذَبَتْك نفسك إنما ... هذي الأماني خدعة الشيطانِ
المجد أقسم ألا أساق لفاشل ... لو أنه كسري أنوشروانِ
أما العلا فابت محبة خامل ... لو كان نسل إسكندر اليوناني
وأبى النجاح دخول كل مقصر ... لو كان في الأجداد كالنعمانِ
من غاص في قاع البحار أتى لنا ... بالماس والياقوت والمرجانِ
وأخو الخمول مخدر في بيته ... في منزل الاوباش والصبيانِ
أرني سواعدك القوية أنتشي ... من حسنها فصريفها قواني
فلرؤية العلماء والعمال والـ ... ـصناع في عزم وفي إتقانِ
أشهى إليّ من الفنون جميعها ... أو صوت غانية وعزف قيانِ
ولمطرقُ الحدَّادِ أبهى منظراً ... من دف ذي طرب على الأوزانِ
هاتوا طبيباً واحداً متألقاً ... بجميع من في الأرض من فنانِ
وخذوا صفوف العابثين جميعهم ... لمهندس في أرضنا يقظانِ
لو أن أهل الغرب كانوا مثلنا ... في الرقص والتهريج والهذيانِ
ما سيَّروا طيارة وسفينة ... أو أرسلوا الصاروخ كالبركانِ
أسفاً على قومي وهم أحفاد من ... شادوا صروح المجد في البلدانِ
كنَّا بحاراً في البحار وربما ... صارت منائرنا ندا الرحمانِ
مََنْ غيرُنا كشفَ الظلامَ ولم نكن ... إلا نجوم سماء كل زمانِ
وبالليل رهبان وعند لقائنا ... لعدونا من أشجع الشجعانِ(693/7)
حتى تركنا المجد يهتف صارخاً ... أين الألى ملكوا يدي ولساني
يا ألف أغنية تخدر جيلنا ... يا ألف فلم خائب فتانِ
هب لي دماغاً زاكياً لأري به ... صنع الخبير الواحد المنانِ
وخذ الألوف إليك من أوطان ... من غير ما عوض ولا أثمانِ
رفعوا لنا الأسعار في تعدادهم ... بل أكسدوا حتى الهواء الداني
عدد الحصى والرمل في تعدادهم ... لكنهم كالريش في الميزانِ
نستورد المصنوع والمزروع والـ ... ـمنسوج حتى جزمة الولدانِ
القدر من روما وصحن طعامنا ... من لندن والرز باكستاني
والثوب من أثينا وختم شماغنا ... بسويسرا والخبز من يوناني
ونقول نحن أجل من وطأ الثرى ... وطأ الثريا غيرنا بثمانِ
هل كوكب الشرق استردت قدسنا ... أو حل في المريخ دانٍ داني(693/8)
مهلاً نوار، اقلي اللوم والعذلا
حاتم الطائي
مهلاً نوار، اقلي اللوم والعذلا، ولا تقولي، لشيء فات، ما فعلا؟
ولا تقولي لمال، كنت مهلكه، مهلاً، وإن كنت أعطي الجن والخبلا
يرى البخيل سيل المال واحدة ، إن الجواد يرى ، في ماله، سيلا
إن البخيلَ، إذا ما مات، يتبعه سُوءُ الثّناءِ، ويحوي الوارِثُ الإبِلا
فاصدقْ حديثك، إن المرء يتبعه ما كان يَبني، إذا ما نَعْشُهُ حُمِلا
لَيتَ البخيلَ يراهُ النّاسُ كُلُّهُمُ ... كما يراهم، فلا يقرى ، إذا نزلا
لا تعذليني على مال وصلت بهِ رحماً، وخير سبيل المال ما وصلا
يَسعى الفتى ، وحِمامُ الموْتِ يُدرِكُهُ وكلُّ يوْمٍ يُدَنّي، للفتى ، الأجَلا
إني لأعلم أني سوف يدركني يومي، أصبح، عن دنياي، مشتغلا
فليتَ شعري، وليتٌ غيرُ مُدرِكة ٍ لأيّ حالٍ بها أضْحَى بنُو ثُعَلا
أبلغْ بني ثعل عني مغلغلة ، ... جهد الرسالة لا محكاً، ولا بطلا
أغزوا بني ثعل، فالغزو حظكم، عُدّوا الرّوابي ولا تبكوا لمن نكَلا
ويهاً فداؤكم أمي وما ولدتْ، حامُوا على مجدِكم، واكفوا من اتّكلا
إذْ غاب مبن غاب عنهم من عشيرتنا، وأبدَتِ الحرْبُ ناباً كالِحاً، عَصِلا
اللَّهُ يَعْلَمُ أنّي ذو مُحافَظَة ٍ ... ما لم يَخُنّي خَليلي يَبْتَغي بَدَلا
فإنْ تَبَدّلَ ألفاني أخا ثِقَة ٍ ... عَفَّ الخليقة ِ، لا نِكْساً ولا وكِلا(694/1)
موعدنا غداً
فِلَسْطينَ لا تبْرحْ فموعدُنا غدا إذا جنَّ ليلٌ خلفه الموتُ قد غَدَا
و إيّاكَ شرقَ النهرِ ، فالموتُ ها هنا بجيشٍ هو الإيمانُ في صورة الرَّدى
وجوهٌ تراها يومئذْ مكفَهرِّةٌ وأخرى جَنَتْ من ضوئِها الشمسُ موردا
فلا أسهمٌ تخطئُ الصَّوبَ يومَها ولا غابةُ الزيتونِ تخطئُ غرقَدا
َ لعمرُكَ ما في الأمسِ و اليومِ فرْحةٌ و لولا الغدُ المأمولُ متُّ مكمّدا
فقردٌ يعافُ الطهرَ في القدسِ راغِدٌ و ليثٌ تربى في العرينِ مقيّدا
تعَدَّوا عليها وهي في الخدر مُحصَنٌ فهبَّت لعفتها "الضحايا" لتُنْجِدا!
بلادي فِلَسْطينٌ و إسمي مجاهدٌ وعُمريِ تعدَّى القرْنَ و الرسمُ بُدَّدا
وفي الأرض آياتٌ من الطّهرِ فاحترس إذا جاء خنزيرٌ ليبكي مَعبَدا
تمرّسَ قتْلاً بَعْدَ أن غلَّ أرضَنا و سَاقَ كنيساً بعدمَا هدَّ مسْجِدا
هجرْنَا دياراً لاحَ في الأفْقِ حُزْنُها و لاحَ غرابَ البينِ فيها مُعَربِِدا
و في غابر الأزمانِ كنّا ترابَهَا فَسَلْ عنكَ حصواتٍ سَكَنَّ عُطارِدا
و زوراً بـ(إسرائيلَ) سُمَّيت دولةً و زوراً تسمَّيك الشياطين" ديفدا
تجرّعَ فيها الرجسَ كلُّ ترابِِها و ذاق عذاباً كلُّ بيتٍ و شرَّدا
هَرِمنا و في أعماقِنا جذرُ نكبةٍ و ما نكبةُ الماضي من اليومِ أنكدا
فلسطينُ يا قدّيسة الأرض و السما كَحَلْتِ عيوناً عِنْدَ رؤيا لكِ إثِمدا
أأنسى كثيبَ التَّبْر و الموجُ خلفَه تغنّى و طيرٌ عانق الشمسَ غرّدا؟
سماؤكِ مرآةٌ و بحرك فضّةٌ و رملك أضحى فوق طُهركِ عسْجَدا
مقدَّسةٌ ، أنى اتجهتَ بأرضِها تَجِدْ جذرَ زيتونٍ تخضّبَ بالفِدى
تبارك فيها السهل و البحر و الربى و طوّفَ في أكنافها الرسْلُ بالهدى
تغنّت بإبراهيمَ مُذْ جاء داعياً و كانَ ختامُ المِسك فيها محمَّدا
فلا يسكننْ "إليا" يهودٌ و أهلُها عليهم أمان ، لا يمُسّ على المَدى
توطّنَ تاريخُ المآتمِ في دمي و سَطّرَ في وجهي كِتاباً مٌجعَّدا(695/1)
إذا أََفْلتَ القرآن من قَلبِ أمّةٍ ترَقّبْ لها لَيْلاً من الذلِّ موصَدا
فإن نحن سَطّرنا عن الله دِينَه ترَهَّبَ مِنّا الكفرُ و الفِسْقُ و العَدَا
و قد يغفلُ القاسي فينسى بلادهُ و لكِنْ خِتَامُ القلْبِ أن يُغْفَلَ النِّدا
وهيهَاتَ يُرجَى بالسَّلام مَعادنا و هيهاتَ للمقلاع أن يتهَوَّدا
و أين صلاحُ الدينِ بل أين دينه؟ ليبرز جيلٌ كلُّه قد تمجَّدا
فعرَّج عليها كي تحلَ وثاقها و شمِّر لجنّاتِ النعِيم السواعِدا
بخ يا أميرَ الصبرِ في أهلنا بخٍ لغت الذُّرى و المجدُ سمَّاك أحمدا
قعيدٌ و لكن عند رجليكَ مُقعَدٌ كِيانٌ جَثَا قدَّامَهُ عالَمُ العِدى
ومن رام في الأقصى مع الكُفْرِ صفقةً تبوَّأ يوم الدَّين في النارِ مقعدا
و ما عادتِ الأوطانُ إن جزَّ بعضُها وإنْ جُزَّ بعض الصبحِ أصبَحَ أسْوَدا
بغزّةَ أقصانا تباهى ، و ضفةٍ فهنَّ كدرعٍ زيّنَ الصدرَ و افتدى
و من بئر سبعٍ للجليل نحيبُهُ تعالى مع التكبير صوتاً موَحدَّا
تمنّيه ِ بالوعد المحتّمِ مكّةٌ و في خدَّها دربٌ من الدمعِ خُدَّدا
و طيبةُ تهديهِ السلام تحيّةً مباركَةً و الحُزْن من فوقِها رِدا
و ما أشرفَ التمثيل في ساحة البِلى بطفلٍ إذا يرمي الحجارةَ أَرْعَدَا
أَجَلْ نرتجي عوداً حميداً بربنا بجلمودِ صخرٍ في يدِ الطفلِ أوقِدا
فلا تحسبنّ الله مخلفَ وعدِه و لو ماجَ رِجْسٌ في البلادِ و أزبدا
و جنته في الأرضِ شامٌ و قلبُها فلسطينُ يا من يسمعُ النبضَ مُجْهَدا
فإمّا سلامٌ يُرجِعُ الأرضَ كلَّها و إمَّا جهادٌ يجعل العِزَّ سَرْمَدا
نظم: أبوالقاسم(695/2)
مولد الهادي
شعر : منير محمد خلف . سورية
mner-l@scs-net.org
البدرُ لولا سناهُ ما iiألفناهُ ... والليلةَ البدرُ يشدو ما iiحفظناهُ
من خالص الحبِّ للمختار iiسيّدِنا ... محمّدٍ أشرقتْ أحلى iiمزاياهُ
قلبي يبعثرني من فرط iiلهفته ... إلى لقاء حبيبٍ قد iiعشقناهُ
وكيف نشقى وهل غير الحبيب هوىً ... يسقي الفؤادَ ويحمي ما iiبنيناهُ
لولاهُ ما اكتحلتْ ألوانُ iiفرحتنا ... لولاه ما زفّتِ الأعيادُ iiلولاهُ
يا حسرة الشعر لا تبدو iiمحاسنه ... إنْ لم يكن عابقاً من طيبِ ذكراهُ
اليومَ مولدُ فجري والهوى iiتعبٌ ... من شدّة الشوقِ يخشى ما iiتمنّاهُ
إنّ الحياة غرامٌ في دمي.. iiودمي ... مثل البراكينِ لا تطفيه iiأمواهُ
حبيبيَ المصطفى قلبي iiيحمِّلني ... آهات شوقٍ وحولي كلُّهُ iiآهُ
ماذا أقول لفرط النار في iiجسدي ... والحبُّ لولا ضرامٌ ما عرفناهُ
قد يسلك القلبُ غيرَ الحبِّ iiمنعطفاً ... لكنْ هواهُ غرامٌ ما iiنسيناهُ
يا أيّها القمر الملتاع من iiسفرٍ ... خذْني إليهِ فإنّي الدهر iiأهواهُ
خذْ للحبيب غرامي إنني iiكلفٌ ... في حبّهِ وخذ التسبيح iiأحلاهُ
خذْ كلّ ما فيَّ من حزنٍ ومن iiفرحٍ ... وللحبيب صلاتي حين iiتلقاهُ
يا خير مَنْ أثمرتْ في كفّه iiلغةٌ ... ما ازّيّنتْ حولنا الأفلاكُ iiلولاهُ
آهٍ عليّ..على قلبي وما اقترفتْ ... يداه من إثم ما كنّا iiزرعناهُ
لا تعجبوا شعريَ المغسول من iiفرحٍ ... هو السعادةُ لا مالٌ ولا iiجاهُ
إنْ كان حزني حراماً عند iiصبِّكمُ ... فأعمق الوحي كان الحزنُ فحواهُ
لا تطفئوا ظمئي فالعشقُ iiملتهبٌ ... أيُطفئُ الملحُ جرحاً قد iiرضعناهُ
الكلُّ يسعى إليه عند iiرؤيته ... والخيرُ الخيرُ فيما اختارهُ iiاللّهُ(696/1)
ميلوا إلى الدار من ليلى نحييها
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 39 / ص 110)
العصر العباسي >> البحتري >> ميلوا إلى الدار من ليلى نحييها
ميلوا إلى الدار من ليلى نحييها
رقم القصيدة : 3182
-----------------------------------
مِيلُوا إلى الدّارِ مِنْ لَيْلَى نُحَيّيهَا،
نَعَم، وَنَسألُها عَن بَعضِ أهْليهَا
يَا دِمْنَةً جاذَبَتْهَا الرّيحُ بَهجَتَها،
تَبِيتُ تَنْشُرُهَا طَوْراً وَتَطْويها
لا زِلْتِ في حُلَلٍ للغيثِْ ضَافيَةٍ،
يُنيرُها البَرْقُ أحْياناً وَيُسديها
تَرُوحُ بالوَابِلِ الدّاني رَوَائِحُها،
عَلى رُبُوعِكِ، أوْ تَغْدو غَواديها
إنّ البَخيلَةَ لمْ تُنْعِمْ لِسَائِلِها،
يَوْمَ الكَثيبِ وَلَمْ تَسمَعْ لِداعِيهَا
مَرّتْ تَأوَّدُ في قُرْبٍ وَفي بُعُدٍ،
فالهَجْرُ يُبْعِدُهَا والدّارُ تُدْنيها
لَوْلا سَوَادُ عِذَارٍ لَيْسَ يُسلِمُني
إلى النُّهَى لَعَدَتْ نَفْسِي عَوَاديها
قد أطرُقُ الغادَةَ الحْسنَاءَ مُقْتَدِراً
على الشّبابِ، فتُصْبِيني، وأُصْبِيها
في لَيْلَةٍ لا يَنَالُ الصّبحَ آخِرُهَا،
عَلِقْتُ بالرّاحِ أُسْقَاهَا وَأسْقِيهَا
عاطَيْتُها غَضّةَ الأطرَافِ، مُرْهَفَةً،
شَرِبتُ مِنْ يَدِها خَمراً وَمِن فِيهَا
يا مَنْ رَأى البِرْكَةَ الحَسْنَاءَ رُؤيَتُها،
والآنِسَاتِ، إذا لاحَتْ مَغَانِيها
بحَسْبِهَا أنّها، في فَضْلِ رُتْبَتِها،
تُعَدُّ وَاحِدَةً والبَحْرُ ثَانِيها
ما بَالُ دِجْلَةَ كالغَيْرَى تُنَافِسُها
في الحُسْنِ طَوْراً وأطْوَاراً تُباهِيهَا
أمَا رَأتْ كالىءَ الإسلامِ يَكْلأُهَا
مِنْ أنْ تُعَابَ، وَبَاني المَجدِ يَبْنيهَا
كَأنّ جِنّ سُلَيْمَانَ الذينَ وَلُوا
إبْداعَهَا، فأدَقّوا في مَعَانِيهَا
فَلَوْ تَمُرُّ بهَا بَلْقِيسُ عَنْ عَرَضٍ
قالَتْ هيَ الصّرْحُ تَمثيلاً وَتَشبيهَا
تَنْحَطُّ فيها وُفُودُ المَاءِ مُعْجِلَةً،
كالخَيلِ خَارِجَةً من حَبْلِ مُجرِيهَا(697/1)
كأنّما الفِضّةُ البَيضاءُ، سَائِلَةً،
مِنَ السّبائِكِ تَجْرِي في مَجَارِيها
إذاعَلَتْهَا الصَّبَا أبدَتْ لهَا حُبُكاً
مثلَ الجَوَاشِنِ مَصْقُولاً حَوَاشِيهَا
فَرَوْنَقُ الشّمسِ أحْياناً يُضَاحِكُها،
وَرَيّقُ الغَيْثِ أحْيَاناً يُبَاكِيهَا
إذا النُّجُومُ تَرَاءَتْ في جَوَانِبِهَا
لَيْلاً حَسِبْتَ سَمَاءً رُكّبتْ فيهَا
لا يَبلُغُ السّمَكُ المَحصُورُ غَايَتَهَا
لِبُعْدِ ما بَيْنَ قاصِيهَا وَدَانِيهَا
يَعُمْنَ فيهَا بِأوْسَاطٍ مُجَنَّحَةٍ
كالطّيرِ تَنقَضُّ في جَوٍّ خَوَافيهَا
لَهُنّ صَحْنٌ رَحِيبٌ في أسَافِلِهَا،
إذا انحَطَطْنَ، وَبَهْوٌ في أعَاليهَا
صُورٌ إلى صُورَةِ الدُّلْفِينِ، يُؤنِسُها
مِنْهُ انْزِوَاءٌ بِعَيْنَيْهِ يُوَازِيهَا
تَغنَى بَسَاتِينُهَا القُصْوَى بِرُؤيَتِهَا
عَنِ السّحَائِبِ، مُنْحَلاًّ عَزَاليهَا
كأنّهَا، حِينَ لَجّتْ في تَدَفّقِهَا،
يَدُ الخَليفَةِ لَمّا سَالَ وَادِيهَا
وَزَادَها زُِتْبَةً مِنْ بَعْدِ رُتْبَتِهَا،
أنّ اسْمَهُ حِيْنَ يُدْعَى من أسامِيهَا
مَحْفُوفَةٌ بِرِياضٍ، لا تَزَالُ تَرَى
رِيشَ الطّوَاوِيسِ تَحكِيهِ وَتحكيهَا
وَدَكّتَينِ كَمِثْلِ الشِّعرَيَينِ غَدَتْ
إحداهُمَا بإزَا الأخرَى تُسَامِيهَا
إذا مَسَاعي أمِيرِ المُؤمِنِينَ بَدَتْ
للوَاصِفِينَ، فَلا وَصْفٌ يُدانِيهَا
إنّ الخِلاَفَةَ لَمّا اهْتَزّ مِنْبَرُها
بجَعْفَرٍ، أُعْطِيَتْ أقْصَى أمَانِيهَا
أبْدَى التّوَاضُعَ لَمّا نَالَها، دَعَةً،
عَنْهَا، وَنَالَتْهُ، فاختَالَتْ بهِ تِيهَا
إذا تَجَلّتْ لَهُ الدّنْيَا بِحِلْيَتِهَا،
رَأتْ مَحَاسِنَهَا الدّنْيَا مَسَاوِيهَا
يا ابنَ الأباطحِ مِنْ أرْضٍ أبَاطِحُها
في ذِرْوَةِ المَجْدِ أعلى مِن رَوَابِيهَا
مَا ضَيّعَ الله في بَدْوٍ وَلاَ حَضَرٍ
رَعِيّةً، أنتَ بالإحْسَانِ رَاعِيها
وأُمّةً كَانَ قُبْحُ الجَوْرِ يُسْخِطُهَا(697/2)
دَهْراً، فأصْبَحَ حُسنُ العَدلِ يُرْضِيهَا
بَثَثْتَ فيها عَطَاءً زَادَ في عُدَدِ الـ
ـعَلْيَا، وَنَوّهْتَ باسْمِ الجُوْدِ تَنْوِيهَا
ما زِلْتَ بَحْراً لِعَافِينَا، فكَيْفَ وَقَد
قَابَلْتَنَا وَلَكَ الدّنْيَا بِمَا فِيهَا
أعْطَاكَهَا الله عَنْ حَقٍّ رَآكَ لَهُ
أهْلاً، وأنْتَ بحَقّ الله تُعْطِيهَا(697/3)
نبي الهدى
عليك الصلاةُ عليك السلامْ نبي الهدى ومسك الختامْ
فديتك نفسي ومالي وأهلي لأجلك أخوضُ غمار الحمامْ
طلعت علينا كشمس الصباحْ تبدد فينا عويل الظلامْ
حباك الإلهُ لخير العبادْ فأنت الرجاءُ لكل الأنامْ
أتيت بشيرا بوعد الإله نعيما هنيئا لكل التقاة
وجئت نذيرا بوعد الإله جحيما سعيرا بحق العصاة
ففيم الجحود بفضل الرسولْ فلولا هداهُ فقدنا الحياة
وعز علينا بلوغ الأماني وضاقت علينا دروب النجاة(698/1)
نحن أدرَى
---
أيها الحادي الذي يحدو القوافلْ
أنت ماضٍ، وجديرٌ أن تواصلْ
أسمِعِْ الصحراء صوتاً أنْجشيّاً
صافياً يُلهبُ أخفافَ الرواحلْ
وبه تمنحنا الراحة ظلاً
وبه تُطوى من الدرب المراحلْ
أيها الحادي، أدر شَدوكَ فينا
نغماً يوقظ أحلامَ الغوافلْ
صوتك العذب يُرينا كيف تهفو
مُقلُ الرمل، وأهدابُ المنازلْ
صوتك العذب غناءٌ يتلاشى
عنده تغريدُ أصواتِ البلابلْ
كلّما أنشدتُ لحناً، خِلتُ أني
أمسح النجمَ بأطراف الأناملْ
وأناجي قمر الليل وأبني
فوقه صرحاً، وأبراجَ فضائلْ
وأرى دائرة النور أمامي
غُرّةً بيضاء في جبهةِ صاهلْ
وأرى الأنجم عقداً لؤلؤياً
ما له في عالم الدِّر مُماثلْ
أيّها الحادي، تألقتَ فرفقاً
بالقوارير وربَّات الخلاخلْ
خفِّف اللحنَ الذي أصبح سحراً
يتسامى وَصفُه عن سحر بابلْ
أيها الحادي، على لحنك سارتْ
خيلُنا الدُّهمُ الكريماتُ الأصائلْ
لمْ نزل نُركِضُها في خير أرضٍ
صانها الرحمن من ضَربِ الزلازلْ
لم نزل نسقي رمال البيد غيثاً
من سحابٍ، عبّرت عنه الجداولْ
لمْ نزل في رحلة الحب سويّاً
نقطع البيدَ ونجتاز المجاهلْ
ربما يعذُلنا من ليس منّا
والفتى الواثقُ لايخشى العواذلْ
نحن مازلنا على درب هُدانا
نرشد الناس وندعو ونحاولْ
لا نبالي بخفافيش ظلامٍ
بل نناديها وغيثُ الحبِّ هاطلْ
يا خفافيشَ ظلام الليل، إنّا
قد عرفنا كلَّ ما تُخفي الحواصلْ
عجباً، كيف وهمتم، أنسيتمْ
أنّ بحر الوهم لا يلقاه ساحل؟
لجّةٌ مظلمةٌ يغرق فيها
كل مجنونٍ ومخدوعٍ وعاطلْ
يا خفافيش ظلام الليل إنّا
لمْ نزل نحملُ في الليل المشاعلْ
ما وجدنا حَيرةً لما انطلقنا
بل عرفنا كيف نمضي ونواصلْ
نحن لم نجنحْ عن الحق ولكن
جنحَ الواهم واللِّصُ المخاتلْ
دارت الدنيا بنا حتى ثبتْنا
وورثنا بالهدى مجدَ الأوائلْ
وعرفنا لغة التجديد، لكن
دون أن نفقد روحاً أو نجاملْ
أرضنا مهبط وحي الله، فيها
جمَّع الإسلامُ أشتاتَ القبائلْ
هذه كعبتُنا مهوى قلوبٍ(699/1)
شوقُها يغلي كما تغلي المراجلْ
ركنُها والحجر الأسود فيها
والمصلّى والحماماتُ الزواجلْ
صورةٌ تختصر الكونَ وتمحو
من قلوب الناس آثارَ الغوائلْ
يا خفافيش ظلامِ الليل، مهلاً
سرجُكم في ساحة الميدان مائلْ
شرِّقوا أو غرِّبوا إنّا ورثنا
من تعاليم الهدى خيرَ الشمائلْ
وورثنا من كتاب الله علماً
كلُّ علمٍ بعده تحصيلُ حاصلْ
ويلكم، كيف نسيتم أن ديني
هو نبع الخير والأرضُ خمائل؟!
إنما يحفظ حق الناس دينٌ
يرِدُ الناس به أصفى المناهلْ
وبه يُحفَظ حقٌّ لضعيفٍ
وبه يُطعم مسكينٌ وعائلْ
وبه تُرفع راياتُ بلادي
وبه تُعرف أحكام النوازلْ
إن من أعظم ما يرعى حقوقاً
لبني الإنسان أن يُقتل قاتلْ
أن ترى كفُّ الذي يسرق حدّاً
صارماً يحمي من اللص السنابلْ
ان يرى المجرم سيفاً حيدرياً
مشرقاً يلمع في قبضة عادلْ
أن ترى الأمةُ ما يحمي حماها
من هوى باغٍ ومن زلة جاهلْ
أن يرى من يهتك الأعراض ظلماً
كيف يحمي الرجمُ أعراضَ الحلائلْ
أن يرى من يقذف الناس بفُحشٍ
أن حدَّ القذف يحمي عِرض غافلْ
في القصاص الأمنُ من سطوة باغٍ
وبه تُطفأ نيرانُ القلاقلْ
صورة محكمة النسج، ودين
واضحٌ تسمو به الأرواح كاملْ
عجباً ممن يرى في التمر جمراً
ويساوي بين مجنون وعاقلْ
ويرى أن العصا مثل حسام
ويساوي بين سَحبَانٍ وباقلْ
كيف يرعى من حقوق الناس شيئاً
مَن يناديهم إلى وحل الرذائل؟
ويرى حرية الناس انحلالاً
وانحرافاً عن موازين الفضائلْ
عالَم الغربِ الذي يطلق فينا
كلَّ يومٍ صرخةً من فم صائلْ
لم يزل يسبح في بحر المعاصي
وعلى شطآنه تجري المهازلْ
لم يزل ينهشنا لحماً وعظماً
ويُرينا كيف يَحتَزُّ المفاصلْ
عالَم الغرب اختراعاتُ عقولٍ
أصبحت في خالق الكون تجادلْ
يزنُ الأمر بميزانين، هذا
راجحٌ في الوزن والآخر شائلْ
كيف نرجو من فتى يأبى التزاماً
بفروض الدين تطبيقَ النوافل؟!
ما قلوب الناس إلا كبقاعٍ
بعضها معشوشبٌ والبعض قاحلْ
كم قلوبٍ كزهور الروض حبّاً(699/2)
وصفاءً، وقلوبٍ كالجنادلْ
أيّها الماضون في درب الدعاوى
دربُنا يُسقى من الخير بوابلْ
نحن في مملكة أشرق فيها
فجرُ دين الله يجتاز الحوائلْ
نحن أدرى بحقوق الناس، هذا
ديننا يدفع عنها ويناضلْ
ديننا للدين والدنيا نظامٌ
جامعٌ مستوعبٌ للكون شاملْ
ديننا صرحٌ من الخير متينٌ
تتهاوى دونه أعتى المعاولْ
ديننا أثبتُ من قُنّةِ رضوى
كلُّ دينٍ غيره في الأرض باطلْ
رايةُ التوحيد إعلانٌ صريحٌ
وجوابٌ عندما يسأل سائلْ(699/3)
نخوة المعتصم أو ربيع من دم
يحيى البشيري
(1)
- أن تجعل من وطني سجناً
أن تبذله للأعداء
وتسلط أعوان السوء
لتمزق ستر الشرفاء
(2)
- أن تجعل من وطني وكرا
لعصابات من أوغاد
للصوص العالم تجمعهم
لتزيد فساد الفساد
(3)
- أن تبذر في وطني فتناً
وتمزقه لكيانات
أن يحصد شعبي آلاماً
وتعبّ نزيف جراحات
(4)
- لا، ليس غريباً أن تفعل
فالمجرم مثلك لا يخجل
والخائن مثلك لا يخجل
(5)
من أذرى دمعك يا وطني
درراً للحزن جمانية؟
وأباح حماك لشرذمة
لم ترقب إلاً أو ذمة
في الأمة، وجراح الأمة
ومضت تغتالك يا وطني
في حملة قتل همجية
(6)
- يا بسمة طفل قد خطفت
بمُدَى الجزار الوحشية
هي أغلى من درر الدنيا
من ذهب العالم أجمعه
ستعود كما كانت فُلاً
في الثغر الحلو كأغنية
(7)
- يا نخوة معتصم ثارت
يا جذوة عز وحمية
آتون زحوفاً مؤمنة
لا تبقي للظلم بقية
* * *
الريح الصفراء
(1)
الريح تهب مزمجرة
صفراء تلوح بالموت
بالحقد الأعمى باللؤم
بالكره الأسود كالليل
تتطلع نحو مرابعنا
بفحيح كأفاعي الشؤم
كجراد يبحث عن حقل
* * *
أترد الريح نسائمنا
وتبدد ما حمل الموت؟
فلعل لعل إذا هبت
بالعطر نسيمات الحب
تتلاشى ترجع أنساما
* * *
لكن هذي ريح الحقد
قد سارت تحمل للناس
أحقاداً في درك الماضي
وأتتنا تحمل غرباناً
وتبشر بنعيق البوم
* * *
أرسل لبلابل دوحتنا
لتغرد باللحن الأسمى
فعساها إن سمعت رقت
أو وقفت دون مغانينا
ولعل البلبل يطربها
لو ينفحها بأغانينا
* * *
لم تبخل أطيار الدوح
بالشدو ولا بالتغريد
لكن الريح إذا سمعت
تغريداً زادت حدتها
واشتدت واشتد الكره
* * *
(2)
ماذا تبغي ريح الموت؟
تبغي أن يغدو أطلالاً
وخراباً صرح حضارتنا
* * *
الريح الموت الصفراء
يخفيها الليل بظلمته
ويبددها ضوء نهاري
ويؤرقها صوت هزار
هي لم تطرب للأطيار
لبلابل تغدو هاتفة
في غصن زيّنه الزهر(700/1)
بنشيد العزة والمجد
* * *
الريح الموت الصفراء
إن هبت هبت عاتية
تلقي الأهوال بدوحته(700/2)
نِدَاءُ اسْتِغَاثَة
صلاح الدين الغزال :
لِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نُعَانِي تَحْتَ أَهْوَالٍ عِظَامِ
أَمَاتُوا أُمَّةً هَانَتْ وَنَادُوا بِأَنَّ سُبَاتَنَا لِلدِّينِ حَامِ
وَهُمْ أَعْدَاؤُنَا سِرّاً وَلَكِنْ هُنَاكَ تَفَاوُتٌ عِنْدَ الصِّدَامِ
فَبَعْضٌ فِي التُّرَابِ يَدُسُّ رَأْساً وَيَشْمَخُ بِاسْتِهِ مِثْلَ النَّعَامِ
وَآخَرُ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ زَيْفاً يَسُوسُ النَّاسَ قَسْراً بِالحُسَامِ
يَرَوْنَ دِمَاءَنَا لِلسَّفْكِ حِلاًّ قُسَاةً يَلْهَثُونَ بِلاَ أُوَامِ
غَدَاةَ السِّلْمِ كُلُّهُمُ صُقُورٌ وَعِنْدَ الحَرْبِ أَشْبَهُ بِالحَمَامِ
يَدُوسُونَ النُّفُوسَ بِلاَ حَيَاءٍ وَقَدْ جُبِلُوا عَلَى سَحْلِ الأَنَامِ
غِثَاءُ السَّيْلِ صَارَ لَنَا شَبِيهاً نَهِيمُ بِلاَ هُدَىً مِثْلَ السَّوَامِ
رَسُولَ اللهِ لاَ تَأْبَهْ لِرَسْمٍ شَنِيعٍ صَاغَهُ بَعْضُ اللِئَامِ
تَصَدَّى نُورُ وَجْهِكَ دُونَ لأْيٍ مَعَ الإِيمَانِ جَهْراً لِلظَّلاَمِ
فَزَالَ الكُفْرُ عَنْ قَيْسٍ وَأَضْحَتْ بِكَ الرُّكْبَانُ تَرْفُلُ بِالسَّلاَمِ
وَهَا شَاهَدْتَ فِي الأَجْسَادِ نَزْفِي وَقَدْ كَرُّوا عَلَى المَوْتِ الزُّؤَامِ
شَبَابٌ لاَ يَخَافُونَ المَنَايَا تَداعُوا لِلَّظَى وَالأُفْقُ دَامِ
فِدَاكَ أَبِي وَرُوحِي دُونَ مَنٍّ أُقَدِّمُهَا إِلَى مَرْمَى السِّهَامِ
وَلَوْ قَدْ كَانَ لِي رَهْطٌ وَخَيْلٌ لأَسْمَعْتُ الأُلَى خَسِئُوا كَلاَمِي
وَلَكِنْ لاَ سِلاَحَ لَهُ نُفُوذٌ سِوَى قَلَمِي لإِيقَاظِ النِّيَامِ
فَلَيْتَ لَنَا بِجَوْفِ الغِمْدِِ سَيْفاً وَلَيْتَ لَنَا وَرَاءَ القَوْسِ رَامِ
جَمِيلُ الفِعْلِ لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ نَزِيهٌ أَنْتَ عَنْ كُلِّ اتِّهَامِ
نِدَائِي يَا رَسُولَ اللهِ يَوْماً بِأَنْ أُشْفَى بِحَوْضِكَ مِنْ سَقَامِي
بِمَدْحِكَ أَرْتَجِي وَالوَيْلُ خَلْفِي وَقَدْ عَاثَ العِدَى حُسْنَ الخِتَامِ(701/1)
نداء الحق نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
شعر: صالح أحمد
قوموا إلى فجر الحياة iiقليلا ... واستلهموا صفو النفوس iiسبيلا
لا فجر إلا بانتصار iiمحبة ... رانت على صفو النفوس iiقبولا
وسداد رأيـ واجتماع iiمبادئ ... ورشاد فكر يستثير iiعقولا
وإباء نفس ، وادِّخار iiعزيمة ... تأبى إذا مال الزمان خمولا
قوموا فما الأحلام تنفعنا iiولا ... عون الغريب يُنيلنا iiالمأمولا
ما بالعويل نعيد فينا iiعزَّة ... سُلبت فصرنا خائفا iiوكسولا
قوموا كأني بالزمان iiيهزنا ... وبكل سانِحة يدقُّ iiطبولا
ما بالكم رانَ السّكون iiبأرضكم ... جَرَّ الهوانُ على الربوع iiذيولا
وغدا السّفيه بأمركم iiمتحكِّما ... وقد استباح الحق iiوالمعقولا
صوت الغواية قد تجرّا iiوانتشى ... والقلب أضحى مُغْلَفًا iiمقفولا
والبيت أضحى موحشا iiومفارَقا ... ما عاد يجمع صاحبا وخليلا
وكأنني ما عدت أبصر iiعيشنا ... إلا مخاضا في الرَّدى iiونزولا
يا أيها الإخوان قد عمَّ iiالبَلا ... وغدا المصاب مُثَبِّطا iiووَبيلا
في كل ركنـ قد ألمَّت iiفتنة ... أرخت على سعي الكرام iiسدولا
وأتت على نهج المحبة iiوالصّفا ... وقد استباحت حرمة iiوأصولا
هُنّا وفرَّقنا الزمان فلا iiنُرى ... إلا شَريدا في الورى iiوقَتيلا
أو قُل شراذمَ في الشتات فلا iiنرى ... إلا نُقاسي غُربَةً iiورحيلا
ما بين خصمٍ يستبيح iiديارنا ... وقد استحَلَّ دماءنا وحقولا
وأخ ضعيف يستهين iiبأمرنا ... لا سلَّ سيفا أو أعَدَّ iiخيولا
وإذا بأمَّتنا تعيش تمزُّقا ... نِتَفا يلوذ بها الزّعيم iiذليلا
سوطا على ظهرالحزانى iiموجعا ... ولدى الأجانب ساعيا وعميلا
من دار في فَلك الزَّعيم iiأثابه ... عزا وجاها والمخالف iiغيلا!
قوموا إلامَ يظل يحكمنا الرَّدى ... في كل ساح راعِشا iiوجفولا
قوموا فهل ملك الطُّغاة iiحتوفنا ... وهل الطُّغاة تناوبوا iiعِزريلا؟
ما هُم ثِقوا إلا روابضة iiأجا ... دوا في مجال الفتنة iiالتَّدجيلا
فقِفوا بوجه الظُّلم سَدّا مانعا ... صفًّا تَاَبّى صامدا وثقيلا(702/1)
في موقفٍ لا يعتريه iiتراجُعٌ ... نأبى به التَّأويل والتَّعديلا
لَغوٌ إذا كنّا نُريد iiكرامة ... ما لم نحارب جاهلا iiوضليلا
سنُعدُّ للجُلّى يَقينا iiراسخا ... نورا نراهُـ لأمرنا إكليلا
لا ما عَدِمنا خبرةً ودرايَة ... لا ما عَدِمنا حكمة iiوعُقولا
لكنَّ ما نحتاج صدق iiتوكُّلٍ ... للحق يسمو غاية iiوشمولا
وصفاء نفس واكتمال iiعقيدة ... بالخير زاد نفوسنا iiتأصيلا
قوموا نعود لمجدنا فَلَطالما ... تُقْناهُ مجدا في الزَّمان iiأثيلا
مجدا بناه السابقون iiبعِزَّةٍ ... كانوا بحقٍ أوفِياء iiعُدولا
واليوم يأتيني الزّمان iiبريحهم ... وأنا أعانيـ مبعَدا iiمَذلولا
وتهزُّني الذِّكرى لأبدأ رحلتي ... للنّور يبقى زاخِرا iiمَوصولا
من يوم نودي في ربيعٍ iiباسِمٍ ... وُلِدَ الحبيب مُؤمَّلا iiمأمولا
واهتزَّت البطحا لمولد iiأحمدٍ ... للمجد كان مشَرَّفا iiوسليلا
وازدانت الدُّنيا لمولِد iiنورها ... لكأنَّما أضحَت به iiقِنديلا
وتعلَّقت كل القلوب بنورها ... فرَحا... وقد رأت الظلام اغتيلا
وغدا بمحراب البراءة مشعلا ... بالنور يسعى هاديا iiودليلا
يا سيدي وملكت كلَّ عظيمة ... خَلقًا وخُلقًا ساميا iiوجليلا
في الخُلقِ قلبا حانيا iiمتسامحا ... وبكل ساحٍـ ساعِدا iiمفتولا
يا سيّدي أدعوكَ من قلبٍ iiصفا ... والجفن بالدَّمع الغزير بَليلا
يا من خلا بجوار ربٍ iiعالمٍ ... للذِّكر مُعتَزلا ... ولا مَعزولا
وحظيتَ بالنّور المُنَزَّلِ iiشِرعَةً ... وجُعِلتَ بالنّور العظيمِ iiرسولا
فالكلُّ يقبِسُ من سناكَ iiمحبّةً ... نورا... ويبغي بالحبيب وصولا
يا سيدي وتركت فينا iiمنهجا ... جيلا توارثه التُّقاة iiفَجيلا
من سُنَّةٍ ما كنت تنطق عن هوى ... آياتـ ذكر نُزِّلت iiتنزيلا
وَقَرَت بذي القلب المُهيَّأ iiحكمَةً ... فصفا كيانك واشرأبَّ iiنبيلا
يا أيُّها القاع الذي اضطربت iiبه ... كل الحقائق جُملة iiتفصيلا
قوموا إلى دين الإله الواحدِ ... وذروا صراعا فُرقَةً iiوغَلولا
يا سيِّدي والصّوت لم يفتأ بنا ... حيا ينادي صافِيا iiوجَليلا(702/2)
نورا يظل لكل قَلب iiمؤمن ... بالحبِّ يسعى بالأمان iiكفيلا
حربا على الطغيان لا iiمُتهاونا ... بالحقِّ سيفا قاطعا iiمسلولا
لا يَرتضي التَّفريط في أركانه ... لا يرتضي التّحريف iiوالتَّبديلا
يا سيِّدي وقد ارتضيتك iiقُدوة ... تهدي النفوس وتكشف iiالمجهولا
يأبى لواؤك في الزَّمان iiتثاقلا ... أبدا تشامخ لا يطيق iiأفولا
وحشدتَ في الدنيا نفوسا iiآمنت ... قاموا رعيلا يستحِثُّ iiرعيلا
هيهات يرجع ما مضى إن لم نقم ... نبني ونصنَع في الحياة iiجميلا(702/3)
نشيد الشهيد
---
عاد بعد الموت حيا
ذكره كان عليا
في جنان الخلد يمشي
هانئ النفس رضيا
كان في الدنيا شجاعا
ثابت الخطو أبيا
لم يكن يخشى كفورا
أو ظلوما أو شقيا
لم يكن يرضى بذل
منذ أن كان تقيا
إنما يرضى بذل
كل من كان عصيا
عاهد الرحمن يوما
منذ أن كان صبيا
أن يعيش العمر دوما
طاهرا حرا نقيا
في حمى الرحمن يمضي
عزمه كان فتيا
عيشه كان جهادا
ثم حبا أخويا
في كتاب الله يتلو
خاشع القلب شجيا
مع شباب لم يراؤوا
كلهم كان زكيا
كان يرجو أن ينال
الخلد خلدا أبديا
فلقد ضحى بروح
للفدا كان حريا
و لقد أوفى بعهد
إنه كان وفيا
إنه والله حقا
كان شهما أريحيا(703/1)
نشيد يا أقصى ***
يا أقصى .. ياأقصى .... يا مسرى نابينا
دموعك لا.. لا والله ما نسينا ..لا والله ما نسينا
يا أقصى .. ياأقصى .... يامسرى نابينا
دموعك لا.. لا والله مانسينا ..لاوالله مانسينا
انينك سهرنى الليالى.. فى رمالك يرخص كل غالى
يا أغلى من اهلى ومن مالى.. مهما نغيب ياأقصى
رجعينك ...يا أقصى رجعينك
يا أقصى .. ياأقصى .... يا مسرى نابينا
دموعك لا.. لا والله مانسينا ..لاوالله مانسينا
بكره تعود من اسر الصهيونى.. بكره تعود ياجره عيونى
نار الشوج والفرجه تكونى .. وادعو الله تيجرب ما لجانا
تيجرب ما لجانا
يا أقصى .. ياأقصى .... يا مسرى نابينا
دموعك لا.. لا والله مانسينا ..لا والله ما نسينا
ياأقصى أسرك جرح جروحى
سيف الله قطع قلبى وروحى
ياغيمه بالله طيرى ورحى
ودى الشوج للغالى أقصانا .. للغالى أقصانا
يا أقصى .. ياأقصى .... يا مسرى نابينا
دموعك لا.. لا والله مانسينا ..لا والله ما نسينا
علـ حيطان مرسومى وع دروبى
وانتى تجول عن وطنك لاتغيبى
كم مره سألونى محبوبى مين يكون؟؟ جولتلهم اقصانا
جولتلهم اقصانا
يا أقصى .. ياأقصى .... يامسرى نابينا
دموعك لا.. لا والله مانسينا ..لاوالله مانسينا
يا أقصى .. ياأقصى .... يامسرى نابينا
دموعك لا.. لا والله مانسينا ..لاوالله مانسينا(704/1)
نشيد يا طيبه ***
يا طيبة يا طيبة يادوا العيانا اشتقنا لك والهوانا دانا والهوانا دانا
لما سار المركب نساني ... ساروا والدمع لي ما جاني
اخذوا قلبي مع جناني ... ياطيبة يتيما ولهانا يتيما ولهانا
يا طيبة يا طيبة يادوا العيانا اشتقنا لك والهوانا دانا والهوانا دانا
نبينا اغلى امنياتي ... ازورة لومرة بحياتي
وبجواره اصلى صلاتي ... واذكر ربي واتلو القرآنا وتلو القرآنا
يا طيبة ياطيبة يادوا العيانا اشتقنا لك والهوانا دانا والهوانادانا
قبلتي بيت الله صابر ... علني يوما مالك زائر
فهل ترى هل تراني ناظر ... وللكعبة وتغمرني بأمانا وتغمرني بأمانا
يا طيبة ياطيبة يادوا العيانا اشقنا لك والهوانا دانا والهوانا دانا
بشراكي المدينة بشراكي ... بقدوم الهادي يا بشراكي
فهل لي مؤون في حماكي ... يابشراكي
ياطيبة ياطيبة يادوا العيانا اشقنا لك والهوانا دانا والهوانادانا(705/1)
نشيد يا مكه ***
يا مكة ما أبهى لقيانا ... لبينا والسعد وافانا ...يا مكة
للحرم شددت رحالي...
وبطيبة روحي في إنشغالي ...
والأقصى ما غاب عن بالي...
يا ربي بلغنا منانا ...
يا مكة يا مكة ما أبهى لقيانا ... لبينا والسعد وافانا ...
يا مكة ما أندى جمالك ...
يا كعبة ما أبهى جلالك ...
قلبي حن ... يطوف بظلالك ...
ولزمزم فؤادي ظمآنا ...
يا مكة يا مكة ما أبهى لقيانا ... لبينا والسعد وافانا ...
ليتني في سرب الحمام ...
طائرُ الشوق والهيام ...
نظرة تمحو لي سقمي ....
لمكة حرما وآمانا ...
يا مكة يا مكة ما أبهى لقيانا ... لبينا والسعد وافانا ...
يا ربي فاقبل لي توبتي ...
بسجودي قد فاضت دمعتي ...
زُغْبِيَةُ الحِمى تسمع شكاتي ...
يا ربي قد جئت ندمانا...
يا مكة يا مكة ما أبهى لقيانا ... لبينا والسعد وافانا ...
يا ربي دخلنا جوارك ...
يا كريم فاكرم زوارك ...
بالقرآن بلّغنا أنوارك ...
وعلى السنة صارت خطانا ...
يا مكة يا مكة ما أبهى لقيانا ... لبينا والسعد وافانا ...
يا مكة يا مكة ما أبهى لقيانا ... لبينا والسعد وافانا ...(706/1)
نَصْرُ المُخْتار ودَحْر الفُجَّار!
الكاتب: يوسف مسعود قطب حبيب
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
يسرني أن أبعث إليكم بهذه القصيدة (نصر المختار ودحر الفجار) بعد أن عدلت بعض أبياتها التي قد تُوِهمُ البعض بغير المعنى المراد مثل البيت الرابع، وقد كتبتها بعون الله تعالى وفضله للرد على من تطاول على مقام سيد الخلق صلى الله عليه وسلم راجيا نشرها، وسائلا الله تعالى لي ولكم التوفيق والقبول.
نَبِحتْ شِرَارُ الخَلْقِ تَقْذِفُ بِالتُّهَمْ لِتَعِيبَ مَنْ أَرْسَى المَبادِئَ والقِيَمْ
أيْنَ النُّباحُ وإن تَكاثَرَ أَهْلُهُ مِنْ نَيْلِ بَدْرٍ قَدْ سَما فَوْقَ القممْ
أو نََيْلِ نَجْمٍٍ ساطِعٍ يَهْدِي الوَرَى سَعِدَتْ بِه وَبِنُورِهِ كُلُّ الأُمَمْ
جَادَ الكَريمُ بِهِ بِأَعْظَمِ نِعْمَةٍ فَتَحَ القُلوبَ بهِ وأَحْيا مِنْ عَدَمْ
قَدْ تَمَّمَ الأَخْلاقَ بَعْدَ ضَياعها وَشَفَى العَلِيلَ مِن الوَساوِسِ والسَّقَمْ
بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ قامَتْ شِرْعَةٌ والفُحْشُ والبَغْيُ البَغيضُ قَد انْهَدَمْ
فَغَدا ظَلامُ الكَوْنِ صُبْحاً مُشْرِقا ل َمّا اسْتَضاءَ بِنورِ أحْمَدَ وابْتَسَمْ
سَحّاءُ كَفُّ مُحَمَّدٍ بِعَطائِها كَالْغَيْثِ عِنْدَ عُمُومِهِ لا بَلْ أَعَمْ
مَن ذا يُطاوِلُ رَحْمَةً فِي قَلْبِهِ مَنْ ذا يُبارِي في السَّماحَةِ والكَرَمْ؟
فَلْتَسألِ الثِّقلينِ عَنْ أخلاقهِ بَلْ سائِلِ الطيرَ المُحَلِّقَ بِالقِمَمْ
مَنْ صاحَ بالأصحابِ رُدّوا فَرْخَهَ كَيْ يَسْعَدَ العُشُّ الحزينُ وَيَلْتَئِمْ
بَلْ سائِلِ الجَمَلَ الْبَهِيمَ إذِ اشْتَكَى لِمُحَمَّدٍ بِدمُوعِهِ مُرَّ الألَمْ
فَوَعَى الخِطابَ وقامَ يُعْلنُ غاضِبا لا يَرْحَمُ الرحمنُ إلا مَن رَحِمْ
وَعَفا عَنِ الخَصْمِ اللَّدودِ وَسَيْفُهُ بِيَمِينِهِ وَالخصْمُ قَدْ ألْقَى السَّلَمْ(707/1)
هَلاّ رَأيتمْ مِثلَ عَفْوِِ محمدٍ عَنْ أهلِ مكةَ عَبرَ تاريخِ الأُمَمْ؟
يا جاحِداً لِلْحَقِّ هل بدِيارِكُمْ لم يَبْقَ ذِكْرٌ لَلْعَدالةِ أو عَلَمْ؟
هلاّ أقَمْتَ لِما افْتَريْتَ دَليلَهُ إنَّ الدَّليلَ لِكُلِّ قَوْلٍ يُلْتَزَمْ
هَلْ يَقْتُلُ المُخْتارُ شَيْخاً فانِيا هَلْ يَقْبَلُ المُخْتارُ نَقْضاً لِلذِّمَمْ؟
هَلْ مَثَّلَ المختارُ أو قَتَلَ النِّسا هَلْ أَهْلَكَ المُخْتارُ شَعباً وانتقَمْ؟
فَهُوَ الطَّبِيبُ بِحَرْبِهِ وبِسَلْمِهِ يَجْتَثُّ أسْبابَ الشِّكَايَةِ والسّقَمْ
فِيُزيلُ أنظمةً تُجَرِّعُ شَعْبَها كَأْسَ المَذَلَّةِ والعِبادَةِ لِلصَّنَمْ
كَيْ ِيُشْرِقَ التّوْحِيدُ فِي أرْجائِها ولِيَشْكُرَ المَخْلوقُ مَنْ أسْدَى النِّعَمْ
هذا جهادُ نَبِيِّنَا وَمُرَادُهُ فاذْكُرْ مَقاصِدَ حَرْبِكُمْ كُلَّ الأُمَمْ
ولْتَسْألِ (الْبوسْنا) تُجِبْكَ نِساؤها الثَّكْلَى وَقَبْرٌ جامِعٌ وبحارُ دَمْ
بَلْ سائلِ (الشّيشانَ) مَنْ أَوْرَى بِها ناراً أحَطاتْ بِالسِّهولِ وبالقِمَمْ؟
والمسجدُ الأقصى يَئنُّ بِجُرْحِه بَيْنَ الجماجمِ سائلاً أينَ القِيَمْ؟
مَنْ أجَّجَ الحَرْبَيْنِ فتكا بِالوَرَى أمُحَمَّدٌ أمْ هُمْ أساطِينُ الْعَجَمْ؟
فاسْأَل (هِيروشيما) أو اسألْ أُخْتَها لَمْ يَنْجُ مِنْ إنْسٍ ولا صَخْرٍ أصَمْ
فَهَلِ الِّدفاعُ عَنِ الحقوقِ جريمةٌ والظلْمُ والعُدوانُ حقٌّ يُحتَرَمْ؟!
يا جاحِداً للحقِّ رُغْمَ وُضُوحِهِ أبِأرْضِكُمْ زمنُ العُقولِ قَدِ انصَرَمْ؟
هلاّ تُقارِنُ بَينَ هَدْيَ مُحمدٍ ونُصوصِ أسَفارِ الضَّلالَةِ عِندكمْ؟
هلاّ بَصَرْتُمْ نُورَهُ بَدَلَ العَمَى هلاّ سَمِعْتُمْ قولَهُ بَدَلَ الصَّمَمْ؟؟
هلاّ لآيات الكتاب عقلتم هِيَ لِلْفَلاحِ صِرَاطُهُ الْحَقُّ الأتَمْ
قدْ فاقَ كلَّ المعجزاتِ بِهَدْيِهِ وبِنَظْمِهِ وحقائقٍ تهْدِي الأُمَمْ(707/2)
سَلِّمْ أوِ ائْتِ بِمِثْلِهِ أو بَعضِهِ واجْمَعْ شُهُودَكَ ما تَشاءُ مَعَ الْحَكَمْ
فإذا عَجزْتَ وإنَّ ذلِكَ واقِعٌ فَاحْذَرْ سَعيراً فِي مَآلِكَ تَضْطرِمْ
واحْذرْ قَوارِعَ بِالطُّغاةِ تتابَعَتْ مِنْ عِندِِ جَبَّارٍ قَوِيٍ مُنتَقِمْ
واسْألْ أبا لَهَبٍ بَلِ اسألْ زَوْجَهُ كَيفَ العذابُ بِمَنْ بَغَى وَبِمَنْ ظَلَمْ؟
واذْكُرْ أبا جهلٍ أو اذكرْ صَحبِهُ وَقَلِيبَ بَدْرٍ قَدْ طَوَى تِلكَ الرِّمَمْ
لَمَّا وَهَى قَوْمِي لِحُبِّ لُعَاعَةٍ مِنْ طَيْفِ عَيْشٍ عَنْ قَريبٍ يَنْصَرِمْ
طَمِعَ الذِّئابُ بِعِرْضِنا فَاسْتَأْسَدُوا وَتَطاوَلَ القَزمُ الْحَقِيرُ عَلَى الْقِمَمْ
مَن لِي بسيفِ اللهِ فِي أصْحابِهِ مَن لِي بِسَعْدٍ أو بِسَيْفِ الْمُعْتَصِمْ
لِيَثُوبَ جَمْعُ الْمارِقينَ لِرُشْدِهِمْ وَتَلِوذَ أَفْواهُ السّفاهةِ بِالْبَكَمْ
وَتُقَبِّلُ الأيْدِي كَما قَدْ قَبَّلَتْ قَدَمَ الجُدُودِ زَمانَ عِزٍ مُنْصَرِمْ
ياأُمَّتِي هَيَّا انْهَضِي فَعَدُوُّنَا مُتَرَبِّصٌ وَعُيونُه لا لَمْ تَنَمْ
سِيرِي عَلَى هَدْيِ الرَّسولِ وَصَحْبِه مَن لازَمَ الهَدْيَ القَوِيمَ فَقَدْ غَنِمْ
وَخُذي عَلَى أيْدِي السَّفيهِ وَأعْلِني مَنْ سَبَّ أحمدَ يا طُغاةُ فقَدْ قُصِمْ
فَابْعَثْ إِلهَ العالَمينَ لأُمَّتِي رَجُلا بِدِينِكَ قائِما يُعْلِي الْهِمَمْ
كَيْ يَجْمَعَ الصَّفَّ الشَّتِيتَ عَلَى الهُدَى ويُعِيدَ صَرْحا لِلْكَرامَةِ قَدْ هُدِمْ
وَاجْعَلْ صَلاتَكَ وَالسَّلامَ عَلى النَّبِي ما لاحَ صُبْحٌ أوْ تَشابَكِتِ الظُّلَمْ
وَكَذا عَلى الآلِ الكِرامِ وَصَحْبِهِ ما طارَ طَيْرٌ فَوْقَ غُصْنٍ أَوْ عَلَمْ
وابْعَثْهُ يَوْمَ العَرْضِ حَيْثُ وَعَدتَّهُ بِمَقامِهِ الْمَحْمودِ مِنْ كُلِّ الأُمَمْ
======================(707/3)
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
شعر: أحمد القاضي
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَارِي الْكَوْنِ إِحْسَانَا ***** وَمُرْسِلِ الرُّسْلِ بِالْآيَاتِ تِبْيَانَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَآلِهِ******** أُضَمِّنُهَا رَوْحًا وَرَيْحَانَا
نُورٌ تَلَاشَتْ بِهِ الظُّلْمَاتُ وَانْدَثَرَتْ **** بِهِ الْمَآثِمُ وَالشِّرْكُ الَّذِي هَانَا
أَنْعِمْ بِهِ مِنْ رَسُولٍ قَدْ هَدَى أُمَمًا *****كَانُوا بِلَا قَائِدٍ صُمًّا وَعُمْيَانَا
زَكَّاهُ رَبِّي عَلَى مَنْ مَرَّ مِنْ رُسُلٍ *****فَفَاقَ كُلَّ الْوَرَى جِنًّا وَإِنْسَانَا
قُلْ لِلَّذِي يَفْتَرِي فِي الرُّسْلِ فِرْيَتَهُ**** تَبًّا لِمِثْلِكَ فَاخْسَأْ زِدْتَ كُفْرَانَا
فَمَا يَضُرُّ عُوَاءُ الْكَلْبِ فِي أَسَدٍ***** وَمَا يَضُرُّ وَضِيعٌ عَابَ سُلْطَانَا
سَبُّوا النَّبِيَّ فَمَاذَا يَرْقُبُونَ سِوَى**** أَنْ يُؤْخَذُوا بَغْتَةً مَثْنَى وَفُرْدَانَا
صَبَّ الْإِلَهُ عَلَيْكُمْ لَعْنَةً تَرَكَتْ****** حَلِيمَكُمْ بَعْدَ طِيبِ الْقَلْبِ حَيْرَانَا
يَا وَيْحَ دِنْمَارْكَ إِنْ أَوْدَى الْإِلَهُ ***بِهَا لَأَصْبَحُوا لِلرَّدَى وَالتِّيهِ عُنْوَانَا
أَوْ يَضْرِبُ اللَّهُ مَأْوَاهُمْ وَشَوْكَتَهُمْ* فَيُصْبِحُ الْمُكْتَسِي فِي الْقَوْمِ عُرْيَانَا
أَوْ يَحْطِمُ اللَّهُ مَرْعَاهُمْ وَمَأْكَلَهُمْ****** أَوْ يَأْخُذَنَّ مِنَ الْبُنْيَانِ أَرْكَانَا
كَلَّا بَلِ اللَّهُ لَوْ شَاءَتْ مَشِيئَتُهُ**** لَأَصْبَحَ الزَّرْعُ فِي النَّرْوِيجِ نِيرَانَا
نَصِيحَةٌ لِلْأُلَى جَرُّوا مُصِيبَتَهُمْ ****** أَنْ جَهِّزُوا لِانْتِقَامِ اللَّهِ أَكْفَانَا
أَوْلَى لَكُمْ مِنْ بَلَايَاكُمْ وَفِرْيَتِكُمْ**** أَنْ تُنْعِمُوا الرَّأْيَ إِفْصَاحًا وَتِبْيَانَا
أَنْ تَعْلَمُوا شِرْعَةَ الْهَادِي وَمَا شَمِلَتْ مِنَ الْكَرَائِمِ وَالْفَضْلَ الَّذِي زَانَ(708/1)
فَتِلْكَ شِرْعَتُنَا فِي الْأُفْقِ رَاسِخَةً******* وَذَاكَ قُرْآنُنَا وَاللَّهُ مَوْلَانَا
فَسَيِّدِي أَيْ رَسُولَ اللَّهِ دِينُكَ**** فِي قُلُوبِنَا وَعَلَى الْجَبْهَاتِ تِيجَانَا
فِدَاكَ نَفْسِي - وَمَا نَفْسِي تُجَاهَك* بَلْ فِدَاكَ كُلُّ الْوَرَى رُوحًا وَأَبْدَانَا
صُنْتُ اللِّسَانَ عَنِ الْإِفْكِ الَّذِي صَنَعُوا *** أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَجْتَرَّ بُهْتَانَا
رَبِّي لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا طَيِّبًا أَبَدًا ***** فَاكْتُبْ لَنَا الْخَيْرَ أُولَانَا وَأُخْرَانَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ صَلَاةً مِنْكَ بَالِغَةً***** عَلَى الْحِبِيبِ بها نَرْجُوكَ رِضْوَانَا(708/2)
...
نظم الميمية في الذود عن خير البرية
تبا لرسام الضلال وبئسما خطت يداه بشأن ذا المعصموم
أنى لذي الطرف الحسير الأرمد إبصار شمس ضحوة ونجوم
لو كان للجرو السفيه مروءة تثنيه عن هزء ونشر رسوم
إن النبي لفيء نستظل به بشفاعة لمقصر وأثيم
من أنقذ الجنس اللطيف وأمة تئد الإناث وتحتفي بزنيم
من طهر البيت الحرام مبددا سحب الجهالة باترا لرجوم
البيت دنس بالتفسخ والمكا ء أي الصفير وبوءوا بعظيم
هل غير أحمد للرقاب مخلصا من ظلم أسياد وحر جحيم
يا خنفس الدنمارك بؤت بغضبة تشقيك أنت بفادح وهموم
الغرب قد أمضى عصور تخلف جن الضلال عليهمو بغيوم
فأزاح ذا الجهل المركب عنهمو قبسات وحي قد هدت لعلوم
طب ابن سينا لم يزل نبراسهم أس الدواء ومحتذى لفهوم
أسلافنا خاضوا الفنون فأبحروا فجناها غرب آنفا بكلوم
أنى لجرو نابح متورك نيلا لعلياء السماء نؤوم
نفسي وأهلي والخليقة كلها دون النبي وهجوه برسوم(709/1)
نعال السلطان
يا ناصر القانون والطغيان ... ... ... ياحامياً للشرك والعصيان
يا أيها الجندي ياسلم العدا ... ... ... ياحرب طاغوت على الأيمان
يا أيها الشرطى أسمع قولتي ... ... ... إن كنت ترجو الفوز والأحسان
يا أيها السجان عند طغاتهم ... ... ... يا حارساً لشريعة الطغيان
يا من تشد القيد فى زند الهدى ... ... وتريد نصر شريعة القرصان
يا أيها الأمن الوقائي الذي ... ... يحمي الطغاة وينصر الأوثان
يا من تعين مخابرات طغاتهم ... ... ... يا ماكراً في إخوة الإيمان
يا أيها الجاسوس جاسوس الألى ... ... ... رفضوا شريعة ربناالرحمن
يا من تروم حماية الدين الذي ... ... هو لا أشك زبالة الأذهان
يا أمن دستورر الطغاة و إفكهم ... ... ... ياخاذلاً لشريعة القرآن
أف لكم أف لكم أف لكم ... ... ... أف لكم حتى يكل لسان
إني لأبغضكم و أبغض حكمكم ... ... ... بغضاً أنال به رضى الرحمن
فالحب والبغض الصراح بديننا ... ... ... لا شك من أوثق عرى الإيمان
هل تعلمن حقيقة العمل الذى ... ... ... أفنيت عمرك فيه والأبدان
ما أنت ياجاسوس إلا جزمةً ... ... ... لا بل نعالاً عند ذى السلطان
إن ذاب ذاك النعل يوما أوقضى ... ... ... أستبدلوه هنا بنعل ثاني
لو كنت يا هذا لبيباً عاقلاً ... ... ... مابعت دينك أرخص الأثمان
أتبيع دين الرب في عليائه ... ... ... بنخالة الأفكار والأذهان
أتبيع تشريع الإله وحكمه ... ... ... بزبالة الطاغوت والصلبان
إن كنت يا هذا تصلى فارعوي ... ... ... إن الصلاة صيانة الإنسان
أما صلاتك فالتجسس شأنها ... ... ... وصلاً لطاغوت حقير الشان
إني رأيتك في المساجد خاشعاً ... ... ... لكن لرصد كتائب الإيمان
فاعلم بأن صلاة مثلك لم تكن ... ... ... لتنال رضواناً من الرحمن
إلا بتوحيد تحقق ركنه ... ... فتفارق الطاغوت والأوثان
إن كنت في شك بهذا يا فتى ... ... فأقرأ كلام إلهنا الرحمن
فى ذكرمن نصبوا بأعمال الهدى ... ... ... لكنهم آلوا إلى النيران(1)
هذا دليل والادلة كثرة ... ... ... منها حديث رسولنا العدنان
فى ذكر أهل النار ممن لم ير ... ... ... فاحذر هديت فإنهم صنفان
__________
(1) الإشارة إلى قوله تعالى " وجوه يومئذٍ خاشعة، عاملة ناصبة، تصلى ناراً حامية "(1)(710/1)
المائلات من النساء تبرجاً ... ... ... والحاملين السوط صنف ثانى
والله ما حملوا سياط الظلم لا ... ... ... إلا لضرب كتائب الإيمان
هذا الحديث حديث صدق ما به ... ... ... ضعف ولا شك ولا نكران(1)
إن كنت يا جاسوس ترجو جنّة ... ... ... وتخاف أن تصلى لظى النيران
فابرأ من الطاغوت وابغض أهله ... ... ... واكفر بشرع الزور والبهتان
لا بد من تحقيق هذا أولا ... ... ... قبل الصلاة وتلكم الأركان
لا يقبل الديان أعمالاً لنا ... ... ... إلا بتوحيد عظيم الشان
ولذاك يوم الحشر يوم ندامة ... ... ... عند الطغاة كذاك والأعوان
عند الإله هناك يلعن بعضهم ... ... ... بعضاً ويبرأ واحد من ثانى
وتعض يا جاسوس إصبع نادم ... ... ... وتود عودة سايق الأزمان
لتفارق الطاغوت تحقيقا ً لما ... ... ... قد ضاع منك لصحة الإيمان
فاسعى لذاك الآن قبل فواته ... ... ... واكفر بشرع الكفر والطغيان
والحق بجند الحق وانصر أهله ... ... ... واسعى لرفعة راية الإيمان
واعلم بأن الحق سيلُ عارمُ ... ... ... لا يوقفن مياهه الثقلان
فارفق بنفسك أن تحاول صده ... ... ... لا تجرفنك ثورة الطوفان
إن تجرفن معارضا لمياهه ... ... ... يلقيك بين زبالة الأزمان
فالحق شمس والضلالة ظلمة ... ... ... والشمس لا تحجب من الذبان
من قام فى وجه الشريعة والهدى ... ... ... يخلد مهاناً فى لظى النيران
وكتب/ أبو محمد المقدسي
موقعنا على الإنترنت
منبر التوحيد والجهاد
http://www.geocities.com/maqdese
حقوق النشر غير محفوظة
__________
(1) الحديث رواه مسلم في صحيحه.(2)(710/2)
نفحات الهجرة ...
صالح بن علي العمري
شعّ الهدى، و البشرُ في بسماتهِ و اليُمن و الإيمان في قسماتهِ
و تفجرت فينا ينابيع الهدى و استيقظ التأريخ من غفواتهِ
"اقرأ و ربُّك" في حراء تحررت والدهر غافٍ في عميق سباتهِ
جبريل حاملها و أحمد روحها إن الحديث موثّقُ برواتهِ
مُهج الملائك بالتلاوة تنتشي فتُقَبّل الكلماتِ فوق شفاتهِ
صلى عليك الله يا من ذكره قربى . . ونورُ الله من مشكاتهِ
يا من كساه الله حلّة سمته و كساهُ بالقرآن حُلّة ذاتهِ
لمّا أضاء الله مهجة قلبه هانت عليه الروحُ في مرضاتهِ
غسل الكرى عن أعين الدنيا كما يُجلى الدُّجى بالفجر في فلقاتهِ
و أنار بالآيات كلّ بصيرةٍ فكأن نور الشمس من قسماتهِ
و اقتاد للجنّات أسمى موكبٍ "إياك نعبدُ " تمتماتُ حداتهِ
إقرأ معاني الوحي في كلماته في نسكهِ و حياتهِ و مماته
لو نُظّمت كلّ النجوم مدائحا كانت قلائدهن بعض صفاته
يا من بنى للكون أكرم أمّةٍ من علمه . . من حلمه و أناته
صاروا ملوكا للأنام بعيد أن كانوا رعاءَ الشاءِ في فلواته
فسل العدالة و الفضيلة و الندى وسل المعنّى عن مُلمِّ شتاته
و سل المكارم و المحارم والحيا من غضّ عن درب الخنا نظراته؟!
من حطّم الأصنام في تكبيره من عانق التوحيد في سجداتهِ
من أطلق الإنسان من أغلاله من أخرج الموءود من دركاته؟!
من علّم الحيران درب نجاتهِ من أورد العطشان عذب فراتهِ؟!
من هدّ بنيان الجهالة و العمى وبنى الأمان على رميم رفاتهِ؟!
فإذا بأخلاق العقيدة تعتلي زور التراب و جنسه و لغاتهِ
وإذا لقاء الله يأسر في رضا وتشوّقٍ من كان عبد حصاته
ورأى جنان الخلد حقّا فازدرى دنياه . . و استعلى على لذّاتهِ
أرأيت إقدام الشهيد و قد سعى للحتف معتذراً إلى تمراته !!
حملوا الهدى للكون في جفن الفدا فتحرر الوجدان من شهواتهِ
خيّالة المجد المؤثل و العلا فكأنما ولدوا على صهواتهِ
سمّارة المحراب في ليل ، وإن نادى الجهاد فهم عُتاة كماته(711/1)
في الهجرة الغراء ذكرى معهدٍ نستلهمُ الأمجاد من خطراته
تاريخ أمتنا . . و منبع عزّنا و دروبنا تزهو بإشراقاته
فيه الحضارة والبشارة والتقى ومُقِيل هذا الكون من عثراته
فتألقي يا نفس في نفحاته واستشرفي الغايات من غاياته.. Œ(711/2)
نهج البردة - الشيخ عبد الحميد الخطيب
الشيخ عبد الحميد الخطيب
1908
أصله ونشأته
هو الشيخ عبد الحميد بن المرحوم أحمد بن عبد اللطيف الخطيب, واصل الأسرة من مكة المكرمة, تكنت (بالخطيب) لأن أجداده كانوا خطباء في المسجد الحرام, ولد في مكة المكرمة في شهر صفر سنة 1326هـ, وآذار سنه 1908م تلقى مبادىء العلوم على والده وكان عالماً وقد خلفَّ في ميدان التأليف (46) مؤلفاً علمياً ثم درس على أعلام العلماء في الحلقات الدراسية التي تعقد في المسجد الحرام وتعمق في العلوم الدينية ودرس الآداب بالمطالعة.
سفره إلى مصر:
سافر إلى مصر بعهد الملك حسين الهاشمي وكان شقيقه أمين الخطيب معتمد الحكومة الهاشمية في مصر فأقام فيها مدة خمس عشرة سنة كان خلالها يتردد على الأزهر ويعاشر العلماء وقد اشتغل في الصحافة العربية وله خدمات اجتماعية وهو من مؤسسي جمعية الشبان الحجاز بين الخيرية في مصر وخلال إقامته فيها ذهب إلى أوروبا مرتين للاستجمام وزار سوريا فأعجبها مناخها.
الانقلاب الهاشمي: ولما وقع الانقلاب الهاشمي واستولى السعوديون على الحجاز كان المترجم وجماعته من مؤيدي الهاشميين يقامون الحركة السعودية وقد اشتركوا في ثورة ابن رفاده وكانت جمعية الأحرار الحجازيين تقوم بالدعاية للهاشميين ولما أصدر الملك ابن سعود العفو العام أصدر بياناً يدعوه وجماعته للعودة إلى أوطانهم فيما إذا كانوا مخلصين لقوميتهم للتفاهم وليروا بأعينهم أعماله الإصلاحية ولهم الحكم بعد ذلك وإن كانوا يعملون لمصلحة الهاشميين فالله المستعان عليهم.
عودته إلى مكة :(712/1)
واستجاب لنداء الملك السعودي ورجع إلى مكة بتاريخ 13 مايس 1926م وتشرف بمقابلة جلالته في مجلس خاص وآمن بعظمته واتصل بالعلماء وافهمهم الحقائق وان كل ما يقال عن السعوديين وأعمالهم كانت افتراء ودعايات باطلة وكان المترجم م يود العودة إلى مصر لمتابعة أعماله الخاصة إلا أن جلالة الملك رغب أن يبقى في مكة فعينه عضواً في مجلس الشورى وبقي في وظيفته حتى تموز سنة 1948م ثم عين وزيراً مفوضاً فوق العادة لدى حكومة الباكستان ثم أصبح سفيراً بعد رفع المفوضية إلى سفارة وبقي إلى سفارة وبقي إلى سنة 1955م حيث أعفي من الخدمة بناء على رغبته لمرض قلبه.
مؤلفاته:
ألف 1_ تفسير الخطيب المكي وقد ظهر منه أربعة أجزاء يبحث في اللفظ بأسلوب جديد
2_ رسالة جوهر الدين وقد ترجمت وطبعت بعدة لغات أخرى
3_مناجاة الله (أول وثان)
4_سيرة سيد ولد آدم بلا إضافة إلى مجموعة من الرسائل باللغة الأوردية ومحاضرات الخطيب بالمسجد الحرام
5_ مؤلف ديني ضخم بعنوان (أسمى الرسالات)
6_ الإمام العادل وهو في جزئين يبحث عن تاريخ آل سعود, ومستقبلك في يدك وهو في ثلاثة أجزاء
مواهبه الأدبية:
كان منذ صغره ولوعاً بنظم الشعر ولما أقام في مصر توسع في نظم القريض وأول شعر نظمه كان في مناجاة الله سنة 1938م وأذاعها من محطة الإذاعة المصرية ونالت الاستحسان ثم نظم نهج البردة وهمزية الخطيب وسيرة سيدنا آدم بألفي بيت وتائية الخطيب بخمسة آلاف بيت في سر تأخر المسلمين وحكمة التشريع الإسلامي ومبادىء الإسلام وغاياته وهذه قصيدة من شعر البليغ وقد عارض فيها نهج البردة نقتطف منها أبياتها:
أمن تذكر بيت الله والحرم
ووقفة بخشوع عند ملتزم
جرت دموعك فوق الخد منبئة
عما بقلبك من خوف ومن ندم
وقد ذكرت ليال قد عصيت بها
مولاك جهراً ولم تحذر من النقم
فلم يجازك إلا بالجميل وقد
والى عليك جليل الفضل والنعم
فصرت تشعر وخزاً من ضميرك لا
يزول عنك وتخشى النار من إثم(712/2)
أم أنه الحب قد طارت شرارته
إلى الفؤاد فأضحى منه في ضرم
وقد سرت ناره بين الضلوع فمذ
تأججت جادت العينان بالسجم
فما لقلبك خفاق كذي وجل
وما لجسمك منحول كذي هرم
أتحسب الحب متعات تلذ بها
بلا اصطبار على الأهوال والقحم
وتذرف الدمع لاستجداء مرحمة
من المحب وهذا منتهى الوهم
إذ البكاء دليل منك عن خور
وذا ينافي صفات الصب ذي الشمم
وكذبتك شهود الحال قائلة
من يبتغي الوصل لم يعشق ولم يهم
فكيف تبغي انتسابا للألى عشقوا
وأنت تجهل ما في الهجر من حكم
لولا الصدود لما أدركت طعم هوى
يا مدعى العشق أقصر فيه واحتشم
نعم هو الحب لذات مخلدة
لا يعتريها ذبول قط من سأم
سيان وصل وهجر لا يؤثر في
نفس المحب ولا يشكو إلى حكم
احذر مغبَّته واحفظ كرامته
وإن رأيت محبا صاح فاحترم
يا من جهلت الهوى ما الحب عاطفة
نفسية يرتجيها كل ذي نهم
وإنما الحب معنى ليس يعرفه
غير المحب سليم الذوق والشيم
والحب يحلو بتعذيب وفرط جوى
ولو تهدمت الأجسام بالسقم
والحب سعد لمن يدري حقيقته
ويملك الصبر رغم السهد والألم
والحب يشهد بالعليا لصاحبه
ويحسن الحال والأخلاق في الأمم
والحب خير علاج النفس يصلحها
عند التمرد يصليها فتستقم
والحب خير شفيع لا يرد إذا
كان الخليل به أدرى وذا كرم
***
فقلت بشراك يا نفسي فقد بزغت
شمس الرجاء وطب يا قلب وابتسم
فما بغير إلهي اليوم لي وله
وهو العليم بما بالقلب من سدم
وهو الرحيم وما لي غيره سند
ومصدر الجود والإكرام والنعم
وهو المهيمن في روحي وفي بدني
وقد رضيت بما يرضاه من قسم
وما البكاء سوى أنفاس محترق
يخفي الجوى وهواه غير منكتم
***
يا من قربت ونفسي عنك قد بعدت
والنور منك هدى من شئت من أمم
قد حجب الجهل عيني عنك يا أملي
وأصبح القلب في بحر من الغمم
فخلت أن فعال المرء منجية
بذاتها من عذاب الله والنقم
وما وجدت لنفسي أيما عمل
أرجو النجاة به من حالك الظلم
ولست أهلا لعفو لا يفوز به
إلا المصلون من عرب ومن عجم(712/3)
وقد عصيت إلهي واتبعت هوى
نفسي وتابعت إبليسا إلى الإثم
ولست أملك قلبي كي أوجهه
إليك حقا بإخلاص مع الندم
وقد أسأت كثيراً في الحياة ولم
أشكر جميلك فيما مر من نعم
لكنني بعد لأيٍ قد عرفتك يا
مولاي حقا من الآلاء والكرم
فبت أمقت أعمالي وإن صلحت
وبت لا أرتجي إلاك في الإزم
وبت لا أبتغي إلا رضاءك من
جميع ما قدمت يمناي من خدم
وقد عرفت بأن السر منك فمن
ترضاه ناج ولو عاداك من قدم
ومن قضيت عليه بالعذاب فلا
تجديه طاعته حتى مع العظم
ولا يخافك إلا من أردت له
بالخوف منك وتوفيق بلا سأم
والحب منك فمن أحببت فاز ومن
كان المحب يعاني لوعة السقم
وليس يسعد من لا كنت غايته
وليس غيرك يشفي القلب من ألم
سبحان ربي فلا قول ولا عمل
إلا بعلمك عن قصد وعن حكم
لا فضل لا جود لا إحسان لا أمل
في الحب في الوصل إلا خط بالقلم
هل نظرة منك تدنيني إلى أملي
وتملأ القلب بالأنوار والرحم
وتجذب النفس بالغفران خاضعة
لتطمئن إلى وصل من العشم
فأنت مبدأ خلقي منتهى أملي
وذاك أعظم ما أرجو من النعم
وأنت مالك سري خالق عملي
مدبر الكون مبداه من القدم
وإنني من غدا يرجوك مرحمة
مع الهداية والتوفيق للكرم
بحسن ظني وإيماني وفرط هوى
في مهجتي نحو رب الخلق كلهم
***
مولاي جد لي بفضل منك يشملني
واغفر جميع ذنوبي كاشف الغمم
وامنن على برضوان يقربني
إليك حقا وكن يا رب معتصمي
وائذن لعبدك طه بالشفاعة لي
يوم الزحام إذا ما عز ذو رحم
محمد خير من أرسلت من رسل
وخير قرم ومن يمشي على قدم
نبينا فخر من يهدي إليك بما
آتيته من بليغ القول والحكم
لا عيب فيه سوى أن لا شبيه له
في الحسن والجاه والألطاف والشيم
هو البشير بجنات ومرحمة
هو النذير بما أعددت من نقم
طابت أرومته عزت سلالته
عفت أمومته عن معظم الحرم
سمت منازله سادت عشيرته
في كل وقت هم من سادة الأمم
فهم قريش ومنهم كان محتده
من هاشم لخليل الله جدهم
بيت الزعامة والإحسان طبعهم
والمجد والنبل من أجلى صفاتهم(712/4)
من عمروا البيت واختصوا سدانته
سقوا الحجيج نقىً من خير مائهم
يتمته قبل نفخ الروح في بدن
وقد نظرت له في حالة اليتم
أنشأته رب أمياً لتجعله
كآية لك لا تبقى على التهم
ربته أنت يا رباه من صغر
على المكارم والإخلاص والعشم
عرفته بك لما كنت راعيه
فلم يشكك برؤيا الشمس والنجم
أدبته خير تأديب وأحسنه
وصنته بالتقى والخوف من إثم
فكان سيد أهليه وأرحمهم
بالناس بل هو زين الخلق كلهم
سمي أميناً لما قد حاز من ثقة
في قومه دون ما يدرون بالعصم
فها خديجة تهوى قربه طمعا
لما رأته من الأخلاق والشمم
ألفته أطيب زوج معاشرة
ورقة وشعور فائق عمم
وذاك ورقة يستنتج نبوته
من قصة هي عنوان على العظم
يقول هذا هو الناموس جاء على
موسى الكليم رسول الله من قدم
لأنصرنك إذ يخرجك قومك إن
ظللت حيا بنصر ليس بالأمم
فما أتى أحد مما أتيت به
إلا وقوبل بالإيذاء والنقم
وذي قريش به قد أذعنت حكما
في حل مشكلة للركن في الحرم
وليس بدعاً فرب العش أيده
بالصدق في القول والإيحاء للكلم
هناك عند حراء كان منقطعا
ليعبد الله في صدق بلا سأم
وافاه جبريل يدعوه لمكرمة
هي الرسالة من مولاه للأمم
ناداه إقرأ وسم الله ربك من
أنشاك من علق والأصل من عدم
وعلم الناس ما لم يعلموه وقد
اختص سبحانه باللوح والقلم
وقد أطاع فلبى ثم قام إلى
أقوامه وهو يدعوهم لخيرهم
وأنت تدعم دعواه بمختلف
من الخوارق للعادات والنظم
وتنصرنه بجند لا يرى أبدا
من الملائك معروفين بالسيم
وتقذف الرعب في الأعدا لتجعله
يعلي شريعتك المثلى برغمهم
علمته كل شيء من لدنك وقد
أهلته قبل للإيحاء والفهم
فصار يخبر عما كان مستتراً
عن العيون وخلف البحر والأكم
وعن حوادث مرت أو تمر وما
لم يبلغ العقل مرماه ولم يحم
ومن تكن أنت يا مولاي مرشده
فليس يجهل ما علمت من حكم
ومن ينل حكمة لم يؤتها أحد
نال الكثير من الخيرات والنعم
ومن يجاهد لوجه الله عن ثقة
يهدي لخير سبيل منه في الغمم
قد فاق كل الورى علما ومعرفة(712/5)
وجاءنا بكتاب جامع الكلم
آيات حق بها أوحى الأمين إلى
فخر النبيين عما خط بالقلم
وما بلوح من الذكر المنزه عن
ريب ومن يدعي الإنكار فهو عمي
محكمات تعالى الله منزلها
أكرم بأول من قد قالها بفم
أعيت فصاحتها الألباب فانبهرت
لها وآمن منها صاحب الفهم
وقد تحدى بها أفذاذ أمته
فأذعنوا أنها من قول ربهم
لها معان سمت لم يدر غايتها
إنس تشع مع الأيام بالحكم
فيها المواعظ والأمثال شاخصة
وهي الأساس لما في الشرع من نظم
فيها الحقائق عن أخبار من سلفوا
وعن مصير الورى من بعد مزدحم
كانت رسالته الأخلاق يكملها
وفى بذلك في عرب وفي عجم
وما شريعته إلا السماحة مع
يسر ونبذ خراف سابق وخم
وأن ندين لمن دان الجميع له
طوعا وكرها بإرغام لأنفهم
أنشا الخليقة فضلا منه من عدم
وسوف يرجعها ثان من العدم
للعلم والعمل المبرور دعوته
إلى التقدم والتفكير في النجم
إلى السياسة والتدبير يصحبه
حسن الثبات وإقدام على القحم
إلى الحضارة والعدل الصحيح إلى
إعداد كل القوى حرصا على السلم
إلى الإخوة والإخلاص تدعمها
حرية الرأي والتحكيم للذمم
إلى التمتع في الدنيا بزينتها
ضمن النظام وإيثار مع الكرم
هذي مبادئه هذي شريعته
فاقت شرائع من مروا من الأمم
دع عنك قول غلاة في مدائحه
وما ادعته النصارى في نبيهم
وصفه حقا بما فيه وكن حذرا
من أن تصفه بوصف الله ذي القدم
فما غلوك إلا أن وجدت به
نقصا تكمله من قول متهم
وأن فضل رسول الله أكبر من
أن يستطيع له حصرا ذوو الفهم
وحسبه أن رب العرش أرسله
إلى البرية بالآيات والحكم
وخصه بمزايا لم تتح لسوى
هذا النبي وهذا منتهى العظم
وزانه بالتقى بالحسن جمله
بالعلم كمله والفضل والشمم
أسرى به ربه للقدس من حرم
إلى السماء لنجوى خالق النسم
من بعد ما اخترق السبع الطباق وقد
ألفى النبيين فيها صاحب العلم
أدناه منه وقد أولاه منزلة
لم يدنها أحدا في الأعصر الدهم
وقال عنه حبيبي ثم قال له
أنت الشفيع غدا في كافة الأمم(712/6)
وهاك حوضا من الماء الشهي غدا
ترويه من شئت من عرب ومن عجم
وأنت أكرم خلقي بل وسيدهم
ومنك يسطع نور الحق في الظلم
رفعت ذكرك واستعليت شأنك بي
وقد جعلتك فوق الرسل كلهم
من لم يحبك فالنيران موعده
ومن أحبك يجزى وافر النعم
وقد بدأتك مني بالصلاة فمن
يضن عنك بها أصله من نقم
والكافرون بما أوتيت أخلدهم
في النار حتى بها يغدون من ضرم
والمؤمنون أنمي الصالحات لهم
وسوف أعطيك ما يرضيك من كرمي
ومن أطاعك نال الحب من قبلي
ومن عصاك لجهل كان كالنعم
لا ضير أن نصله ناراً تطهره
وثم ندخله الجنات بالرحم
أنعم به من نبي عز أمته
في الخافقين وأعلاهم إلى القمم
دعا الإله لهم عند العروج إلى
سمائه رب خفف من صلاتهم
أبقي عليهم فلم ينزل بهم سخطا
بالرغم عما بدا من سوء بغيهم
وكان عونا لهم في كل نازلة
وكان حصنا لهم في كل مصطدم
وكان يبكي ويدعو دائما لهم
فجاء جبريل بالبشرى لأجلهم
يقول قال إلهي لا نسوءك في
من يقتدي بك حتى ترضى بالقسم
وكان حقا مثال الحسن في خلق
وفي الكمال غدا كالنار في العلم
منه استنار الورى والله طهره
من كل منقصة تزري بذي شيم
والله أنجاه من كيد ومن فتن
وصانه دائما من لوثة الإثم
بالعدل ساس الورى والظلم بدده
بالحلم ألف بين الناس والحكم
دعا إلى العلم واستصفى أئمته
وقال هم خلفاء الرسل في الأمم
كان التواضع من أجلى مظاهره
فلا يفرق عن صحب وعن حشم
يهوى الفقير ويهوى أن يجالسه
لم يحتقر قط إنسانا ولم يصم
يصاحب الناس بالإحسان يجذبهم
إليه بالود والإكرام والرحم
ما كان يرضي سبابا أو مفاخرة
ولا التنابز بالألقاب والعظم
هو الجواد الذي ما رد سائله
يوما ولم يخش إقلالا من الكرم
بل كان يقترض الأموال ينفقها
في حمل نازلة أو عون مؤتزم
يرجو التقرب من مولاه وهو له
أدنى وكان لديه موضع القمم
آخى الشعوب وساوى في الحقوق ولم
يفضل العرب قرباه على العجم
لا فضل إلا لتقوى الله بينهم
وقد دعاهم إلى توحيد ربهم
وكان يكره أن يدعى بسيدهم(712/7)
أو أن يقام له من دون جمعهم
وكان يخدم أهليه ويكرمهم
ولا يصول ولا يمتاز بالقدم
قضى على كل ذي كبر وغطرسة
وحارب الشرك والطاغوت مع صنم
قاسى الأمرين من أقوامه فدعا
له بهدى ولم يثأر ولم يلم
وظل يدعو إلى التوحيد فانتظمت
من حوله الصحب والأنصار كالرجم
من كل أروع لا يخشى منيته
يلقى الحروب بثغر منه مبتسم
جادوا بأرواحهم لله فاجتهدوا
أن يسلموها له عن طيب نفسهم
تمسكوا بكتاب الله واتبعوا
محمدا فغدوا في موضع السنم
أعلى بهم كلمة المولى ودك بهم
معاقل البغي والأنصاب والزلم
ضحى بكل عزيز عنده لرضا
مولاه وهو كثير الخوف والعشم
وناوأ الدين أعداء فبددهم
واجتث دابرهم بالصارم الخذم
وكان يغضب للمولى ويفرح من
رضائه وله قد دان بالعظم
يقضي النهار بذكر الله يرقبه
في كل شيء ويحيي الليل لم ينم
وكان أنقى الورى قلبا وأطهرهم
نفسا أحفظهم للعهد والذمم
ما جاءه ظالم مستغفراً ندما
إلا تقبله مولاه بالكرم
فكيف حال فتى أضحت محبته
لله ثم لهذا السيد السنم
قد جاء بيتك ربي وهو مفتقر
للجود مستغفر مع شدة الندم
حاشا يخيب إله العرش صبكما
أو أن أضام وأنت اليوم معتصمي
ومن تكن أنت يا مولاي حافظه
فلن يهاب من الأرزاء والصلم
يا مالك الملك مالي قط معتمد
إلاك عند اشتداد الخطب والإزم
ولن تضيق بمثلي يا كريم وما
أعياك خلق الورى من سابق العدم
فإن لي ذمة مذ كنت (عبد) ك يا
(حميد) والعبد أحرى الناس بالنعم
إني (خطيب) الرضا والعفو ملتجىء
بباب جودك فاقبلني وقل نعم
أستغفر الله من جرمي ومعصيتي
ومن ذنوب غدت في منتهى العظم
أستغفر الله مما قد جنته يدي
وما خطت قدمي سعيا إلى الحرم
أستغفر الله من عيني وما نظرت
وما نقضت من التوبات والذمم
وما أسأت به للناس قاطبة
وما بنفسي من الطغيان والوهم
أستغفر الله مما لست أذكره
وما نطقت به من فاحش الكلم
أستغفر الله مما قد أضعت من الأ
وقات في اللهو واللذات واللمم
أستغفر الله من فرض أتيت به
والقلب يسبح في بحر من الغمم(712/8)
لم أرع فيه جلال الله شارعه
ولم أبرئه بالإخلاص من أتم
أستغفر الله رب العرش مالكنا
وأرتجي عفوه واللطف في الإزم
يا نفس لاح بشير السعد فانشرحي
فإن ربك غفار لذي جرم
سبحانه يبغض العاصين أن يئسوا
من النجاة لأن الذنب كالأكم
***
يا من إذا قلت يا رباه تسمعني
وتستجيب دعائي ساعة الظلم
أعصيك تسترني أنساك تذكرني
أضن عنك تجد بالفضل كالديم
أصد عنك تعاتب أخش منك تقل
لا تقنطن فإني مصدر الكرم
لعلني ما عدوت الحد في أملي
وحسن ظني برب دائم النعم
فإن أمنت من المكر العظيم فلم
يكن بغيرك يا مولاي معتصمي
يا رب واجعل رجائي فيك مدخري
ولا تكلني إلى الأعمال والهمم
فليس لي عمل ألقاك رب به
غير الذنوب وأرجو الفضل بالندم
وأن تجود بإحسان ومرحمة
لكشف ضري وإنقاذي من النقم
والسعد يا رب في الدارين أطلبه
من محض جودك يا مغني من العدم
ووالدي فجد وارحمهما كرما
مع المشايخ والإخوان كلهم
والطف بأمة طه من وصفتهم
بعزة وغدون اليوم كالرمم
وأنت تعلم ماضيهم وحاضرهم
وما دهاهم من الأبناء والخصم
فقد تألب أهل الأرض قاطبة
على أذاهم بلا عهد ولا ذمم
واستقطعوا أرضهم بغيا وما ورعوا
عن ذلهم واقتسام الناس كالبهم
حتى الأذلون في أوطانهم طمعوا
ولا نصير لهم يشكون من ألم
وقد تشتت أبناء لهم فرقا
وأغرقوا في هوى اللذات كالنهم
ولم يراعوا تعاليم النبي وما
جاء الكتاب به من أروع الحكم
فامنن عليهم بجمع الشمل واقض لهم
بوحدة الرأي كي يعلوا إلى القمم
ونر لهم سبل التقوى وعمهم
بالهدى منك وألف ذات بينهم
وانصرهم رب واعلِ شأن شوكتهم
وامنحهم البأس والسلطان في الأمم
وآخ بين ملوك المسلمين وزح
من القلوب مرار البغض والنقم
ثم الصلاة على الهادي وشيعته
والآل والصحب والأتباع كلهم
ما دام في الكون أحياء وما طلعت
شمس وما زهت الأفلاك بالنجم
وزده يا رب تسليما ومرحمة
وأحسن ختامي بها يا واسع الكرم
******(712/9)
لقد تشعبت مواهبه في نواح عدة فهو مؤلف وشاعر وناثر وخطيب وعالم لوذعي جليل يدل ذلك قدرته بتفسير آي الذكر الحكيم التي لا يقدم عليها إلا أفذاذ العلماء ومن أبرز سجاياه صدقه وإخلاصه للسدة السعودية.
أحوله الخاصة: يتحلى المترجم بلا أخلاق الفاضلة والمعشر الأنيس يهوى معاشرة العلماء والأدباء وله مكانة اجتماعية بارزة في البلاد الشرقية وقد أولع في إشادة العمارات وصارت
له فيها خبرة وافية وتوسعت أحواله المادية بسبب بيعها ومواصلة البناء أثناء وجوده في مصر وله عمارة في القاهرة وثلاث عمارات في جدة تدر عليه مورداً كبيراً ثابتاً وقد فضل السكنى في دمشق فبنى بين ربوع دمر ودمشق قصراً منيفاً يستقبل به ضيوفه ويرتاد العلماء والشعراء والأدباء ويلقون منه كل حفاوة وإكرام وترتع في جنائنه ذريته المباركة البالغة ثمانية عشر مولوداً منهم سبعة ذكور.
من كتاب أعلام الأدب والفن ج2 - أدهم الجندي(712/10)
نهج البردة في زمن الردة
شعر: صالح احمد
مل الوقوف على بوابة الحلم ... وتفرق الركب, بين الآه, والندم
فالحق هان, وظلم الناس صار هوى ... لشرذمة, تسوس الناس بالصرم
وإذا الهوان قد استشرى بامتنا ... فذاك من كثرة الأحكام والنظم
ومن الوثوق بامريكا وزمرتها ... أهل النفاق, وأهل الجور, والظلم
ومن التناسي بان خيوط محنتنا ... غزلت هناك, بروح الحقد, من قدم
من عهد روما, وبزنطه, وغيرها ... وحملة القرم, والسكسون, والجرم
ومن التناسي بأن سبيل نصرتنا ... بالإعتصام بحبل غير منفصم
حبل التآخي, وروح الود, والتقوى ... والنور يسعى, وآي الله منسجم
الجاهلية قد عادت.. ولا عجب ... جور, وظلم, فمن طاغ ومحتكم
فالإنقلابيون, لا ننسى مصادرهم ... الغرب رائدهم, وأكرم ذوي النعم
والإشتراكيون, لا ننسى مناقبهم ... أهل الحياد همو, في كل مقتحم
وإذا الملوك تساموا في رعيتهم ... دستورهم صيغ بالأمثال والحكم
مقولة الأمس, قد ماتت بليلتها ... ولصفحة الغد, تمحو جرة القلم
وإذا الخطوب ادلهمت حول رايتنا ... فليغضب الشعب, ولينهض من العدم
الحاكمون, رموز الشعب,عزتهم ... من عز الشعب, أين الشعب؟ يا المي
للحلم راحوا, على أبوابه وقفوا ... والنوم طال, إذا الأزهار بالحزم
تهدى الى الزعما في كل مناقصة ... فتحت هناك, على أراضي, وعلى دمي
فالفخر يبقى كما قال الزعيم لنا ... في كل قطر رفرف عاليا علمي
فإلى لقاء آخر في محافلهم ... والشعب "يرقص مذبوحا من الألم"
وإلى السماء يصلي معبد بطل ... ربي سالتك يا ذا الجود, والكرم
فيضا من التقوى, صبرا على البلوى ... يا سامع الشكوى, يا خير منتقم
إن يحبسوني فحبسي خلوة حجبت ... نفسي الأبية عن زيف الدنى العمم
أو يبعدوني, فبعدي عنهمو صلة ... وتقرب منك, في الإصباح, والعسم
أو يقتلوني, فروحي شعلت سكنت ... قلوب جيش من الأطفال, والأيم
وعين طفل يدعوني بهضرجة ... أبكت كياني دما, وألهبت كلمي
يراقب النجم ماخوذا برقته ... فيقطع الوصل , قذف الطفل باللغم
ويصبح الكون أعمى عن قضيته ... يخص باللوم طفلا, لاذ بالرجم(713/1)
يا مالك الملك يسر بعد مغفرة ... وارحم عبادك , من طفل, ومن هرم
يا مالك الملك في ليل به اجتمعت ... للذكر والذكرى, من مولد العلم
قلوب عباد , يرجون مغفرة ... بجاه من خص بالتقريب, والعصم
وفاز بالكشف, والرؤيا بمنزلة ... ما فاز خلق بمبلغها , ولم يرم
خلى السلام رفيقا عند مدخلها ... وقال يا صاح, هذا العرش, فاقتحم
إن جزت, كنت ذوى, نارا مؤججة ... أو جزت, فزت بنور بالغ العظم
محمد, في صميم اللوح قد نقشت ... باحرف النور , قبل الخلق في أمم
محمد, بصلاة الله قد قرنت ... نور من النور, ما للنور من قسم
سميت أحمد, محمود بقيت به ... علما, ومثلك في الاسماء لم يسم
يا سيد الخلق, هانت كل مكرمة ... في وصف نورك, يا من كنت في القدم
ونسلت طهرا بارحام كنت لهم ... طهرا, وأصلك قد سما عن الوصم
يا صادق القول, هذا ما عرفت به ... مذ شب عودك في براءة اليتم
ودرجت فوق رمال البيد في دعة ... ورضعت في المهد من سعد, ومن حلم
وشببت كيما تفز, منهم بمنزلة ... وسموت فخرا, فوق الحل والحرم
وسكنت في الغار ,عذرا, قد خلوت به ... تتأمل الخلق, حتى فزت بالنعم
ودعيت اقرأ, فاهتزت لها نفس ... وسمت بذاك, على الأفلاك والنجم
وهديت نورا ونبراسا بلغت به ... مراتب العلم, ما علمت بالقلم
فمحوت دهرا من البلوى ومن الظلم ... ناخت على الخلق مثل الكلكل العرم
وقلت فخرا.. بدين الله موعدنا ... فتح الفتوح, ونشر الحق للعلم
النصر فالسلم مرجو بشرعتنا ... من صادق العزم, لا من خادم العجم
يا رب بالهادي, بلغ مقاصدنا ... وجد علينا بنورك كاشف الظلم(713/2)
مقدمة
...
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له رب السماوات والأرض وما بينهما ورب العرش العظيم ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله المبشر النذير والسراج المنير – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
... فإن مما يمتن به المولى - عز وجل - على الإنسان أن ييسر له طرقَ الخير، فأحمد الله - عز وجل - أن يسر لي الوقوف على مخطوطة في الاعتقاد للإمام يوسف بن محمد السُرمري الحنبلي –رحمه الله- فألفيتها رائعة من روائع السلف قد اندثرت في مخازن المخطوطات! ؛
فاستعنت بالله - عز وجل - متطفلاً على موائد المحققين، على تحقيق المنظومة، ولسان حالي:
أسيرخلف ركاب النجب ذا عرج ... مؤملاً كشف ما لا قيت من عوج
فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا ... فكم لرب الورى في ذاك من فرج
وإن بقيت بظهر الأرض منقطعاً ... فما على عرج في ذاك من حرج
سبب اختيار هذه المنظومة:
1. روعة أسلوب الناظم.
2. اشتمال المنظومة على مسائل مهمة من عقيدة السلف، والرد على المخالفين.
3. أنه لم يسبق إخراج هذه المخطوطة.
... وعندما بدأت بنسخ المنظومة بان لي من روعتها وغزارة علم ناظمها ما لم أدركه من قبل وعلمت أنها تحتاج من العناية والدراسة ما لا يمكن أن أقدمه خلال الوقت المطلوب، وكثرة المتطلبات؛ فرجوت الله - عز وجل - أن يقدِرني على خدمتها بما تستحق –في وقت أوسع إن شاء الله- وإخراجها للناس حتى تعم الفائدة والنفع -بإذن الله-.
...
القسم الأول
ويشمل:
? ترجمة موجزة للمؤلف.
? وصف النسخة الخطية.
? منهج تحقيق الكتاب والتعليق عليه.
? تنبيه حول بعض موضوعات المنظومة.
ترجمة الناظم(1):
اسمه:
__________
(1) - وللاستزادة راجع: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (ج6/ص247) وشذرات الذهب (ج6/ص249) وذيل تذكرة الحفاظ (ج1/ص160) والمقصد الارشد (ج1/ص349) وعلماء الحنابلة (ص281).(714/1)
يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن إبراهيم العبادي الحنبلي جمال الدين السُرمري ثم الدمشقي العقيلي.
مولده:
مولده كان في رجب سنة 696.
حياته:
عاش وطلب العلم ببغداد على الشيخ صفي الدين عبد المؤمن والدقوقي وغيره ثم قدم دمشق وتوفي.
مؤلفاته:(1)
وكان يذكر أن تصانيفه بلغت مائة وزادت في بضعة وعشرين علما، ونظم عدة أراجيز في عدة فنون وخرج لغير واحد وحدث بالإجازة عن الحجار، ومن تصانيفه نظم مختصر ابن رزين في الفقه ونظم الغريب في علوم الحديث لأبيه نحو من ألف بيت ونشر القلب الميت بفضل أهل البيت وغيث السحابة في فضل الصحابة والأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة وعقود اللآلي في الأمالي وعجائب الاتفاق والثمانيات ونهج الرشاد في نظم الاعتقاد.
وفاته:
مات في الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة 776 وقد جاوز الثمانين.
وصف النسخة الخطية:
نسخة موجودة في المكتبة الظاهرية برقم:28(1،7).
بخط الناظم-رحمه الله-.
عدد أواق المخطوط: 9 أوراق.
وفي كل صفحة: 12سطر.
وخطها جيد ومقروء.
وعليها تصويبات قراءة على الناظم.
وعليها سماعات.
وقد رمزت لأصل المنظومة بـ( أ ).
ولتصويبات الناظم بـ( ب ).
توثيق اسم المنظومة:
اسم المنظومة: نهج الرشاد في نظم الاعتقاد.
وقد كتب على طرتها، وكل من ذكرها من أهل العلم، سماها بهذا الاسم.
نسبة المنظومة للإمام السُرمري:
? ذكر على طرتها اسم الناظم: يوسف بن محمد السُرمري.
? كثير ممن ترجم للناظم –رحمه الله- ذكرها من ضمن مؤلفاته.
طرة المخطوطة.
الصفحة الأولى من المنظومة.
الصفحة الأخيرة.
منهج تحقيق المنظومة:
1. التقديم بمقدمة مكونة من:
? ترجمة الناظم.
? وصف النسخ الخطية.
? منهج الناظم في منظومته.
? ملاحظات على المنظومة.
2. نسخ المخطوط.
__________
(1) - والعجيب أنه لم يطبع له –رحمه الله- أي مؤلف من مؤلفاته رغم كثرة ثناء أهل العلم عليه.(714/2)
3. تقسيم المنظومة إلى أبواب وفصول حسب ما يقتضيه المعنى(1).
وهي كالتالي:
? الباب الأول: المقدمة.
? الباب الثاني: البدع، وموقف شيخه منها.
? الباب الثالث: مصادر العقيدة.
- الفصل الأول: الكتاب والسنة.
- الفصل الثاني: ذم مخالفة الكتاب والسنة.
- الفصل الثالث: الموقف من علم الكلام.
- الفصل الثالث: منزلة السنة.
? الباب الرابع: عقيدة الناظم.
- الفصل الأول: الأسماء والصفات.
- الفصل الثاني: الإيمان.
- الفصل الثالث: نصوص الأسماء والصفات.
- الفصل الرابع: القرآن كلام الله.
- الفصل الخامس: الإيمان بالقضاء والقدر.
? الباب الخامس: الكلام على بعض المحرمات.
- الفصل الأول: في المسكرات.
- الفصل الثاني: في المعازف.
- الفصل الثالث: في الرباء.
? الباب السادس: في بعض مسائل الاعتقاد.
- الفصل الأول: حكم مرتكب الكبيرة.
- الفصل الثاني: الموقف من أهل البدع.
- الفصل الثالث: البيعة وحقوق ولاة الأمر.
? الباب السابع: الإيمان باليوم الآخر.
? الباب الثامن: محمد - صلى الله عليه وسلم - .
- الباب الأول: فضله.
- الباب الثاني: ذكر شيء من معجزاته.
- الباب الثالث: ذكر شيء من صفاته الخلقية والخلقية.
- الباب الرابع: مدحه - صلى الله عليه وسلم - .
? الباب التاسع: القرون المفضلة.
- الباب الأول: ذكر العشرة، والخلفاء الراشدين.
- الباب الثاني: فضل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - .
- الباب الثالث: فضل أهل البيت.
? الباب العاشر: الخاتمة.
4. إيضاح المفردات الغريبة من خلال المعاجم اللغوية.
5. شكل ما يلبس من الأبيات.
6. توضيح الأدلة على بعض المسائل التي أوردها الناظم -رحمه الله-.
7. توضيح مايلبس من كلام الناظم، حول عقيدة السلف.
تنبيه حول بعض موضوعات المنظومة:
__________
(1) - الأبواب والفصول مدرجة من عمل المحقق وليس في أصل المنظومة منها شيء.(714/3)
1. غلب على موضوعات المنظومة، الخلاف أبواب الأسماء والصفات؛ وذلك لانتشار المذاهب المنحرفة في ذلك الوقت.
2. أهمل الناظم –رحمه الله- توحيد العبادة الذي جاءت به الرسل، ولكن لعل عذر الإمام –رحمه الله- كثرة المذاهب المنحرفة في الصفات؛ فلزم على ذلك الرد عليهم –والله أعلم-.
3. لوحظ على المؤلف –رحمه الله- استعمال بعض العبارات الموهمة، وذلك مثل البيت رقم: (111).
القسم الثاني
النص محققاً
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الفقير إلى الله تعالى:يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد السرمري عفا الله تعالى عنه.
الباب(1)الأول:المقدمة(2)(3)
مربع نص: 1. ... بدأتُ اعتقادي باسم ذي العفوِ والغَفْرِ
... ... وَثنَّيْتُ أن الحمدَ للواحدِ البَرِِ
2. ... وأن لا إلهَ يعلمُ الجهرَ والخفا
... ... سوى اللهِ بارى خلقه منزلِ القَطْرِ
3. ... وأهديتُ مني للحبيبِ محمدٍ
... ... صلاة كما مرَّ النسيمُ على الزَّهرِ
4. ... وعِتْرته1والأهلِ والصحبِ والذي
... ... تلاهم بإحسانٍ إلى آخرِ الدَّهْرِ
5. ... وبعد فداعِ النظم أشياءُ غادرت
... ... سوام الكرى في مقلتيّ على ذعر2
6. ... ورب حديث أذهل القلب ذكره
... ... عن البحث والتكرار والدرس للذكر
الباب الثاني(4):
__________
(1) - عترة الرجل أخص أقاربه وعترة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب وقيل أهل بيته الأقربون وهو أولاده وعليّ وأولاده وقيل عترته الأقربون والأبعدون منهم (النهاية ج3:ص177).
(2) - سما السمو الاِرْتِفاعُ والعُلُوُّ ( لسان العرب: ج 14 ص 397). و الكرى: النوم (لسان العرب ج 15 ص 221).
والمقصود أن داعي النظم قدم حرمه لذيذ النوم رحمه الله.
(4) - أَوْباشُ الناسِ الضُّروبُ المُتفرِّقون (لسان العرب ج 6 ص 367)
الغِمْرِ: الحقد والغل (المعجم الوسيط: مادة: غَمَرَهُ ).(714/4)
البدع(1)وموقف شيخه منها(2)
مربع نص: 7. ... وأوباشِ ناسٍ أضرموا نارَ بدعةٍ
... ... يُؤجِّجُها ذو الطَعْنِ منهم وذو الغِمْرِ1
8. ... فلولا مكانُ الشيخِ حسّان
... ... أصبحت مدينة سامراء في غاية الضرِ2
9. ... ولولا خلالٌ سدّها لَتعطلت
... ... رسومُ الهدى واستوسقت3دولةُ الشرِّ
الباب الثالث: مصادر(3)العقيدة(4).
الفصل الأول: الكتاب والسنة.
(5)(6)
مربع نص: 10. ... هو العالم المرضي والقُثَمُ الذي
... ... يفتح أقفال المسائل بالسَّبْرِ1
11. ... إذا سألوه عن دليلِ مقالةٍ
... ... أجابَ بقولِ الله في مُحْكَمِ الذِّكْرِ
12. ... وإنْ يستزيدوا قالَ: قال محمدٌ
... ... وإنْ يستزيدوا قال: قالَ أبو بكرِ2
13. ... كَفَاني أَنَّي أنتمي بعقيدتي
... ... إليه وأَنيّ في طريقته أجري
الفصل الثاني: ذم مخالفة الكتاب والسنة.
(7)
مربع نص: 14. ... ويكفي سوايَ أنه متمسكٌ
... ... بتعليمِ علمِ المنطقِ السيِّئ النشْرِ
15. ... عقيدتهُ أنَّ الكتاب وسنةَ النـ
... ... نبي معاً ليسا دليلاً على أمرِ
16. ... ولكن دليل الأمر والنهي عنده
... ... نتائج3 أفكار على عقله تجري
17. ... وذاك دليل في الشريعة باطلٌ
__________
(1) - يقصد –رحمه الله- قوة شيخه في الوقوف أمام المنكرات، ولم أستطع الحصول على ترجمة لهذا الشيخ، أسأل الله أن ييسر لي ذلك في القريب.
(2) - اسْتَوْسَقَت: اجتمعت (لسان العرب ج 10 ص 380).
(3) - القُثَمُ: المجتمع الخلق، وقيل: الجامع الكامل، وقيل: الجَموع للخير (لسان العرب ج 12 ص 462)
السَّبْر اسْتِخْراجُ كُنْهِ الأَمر(لسان العرب ج 4 ص 340).
يصف شيخه –رحمه الله- بقوة علمه وكمال خلقه وقوة قدرته على فهم المسائل المشكلة.
(4) - يصف شيخه –رحمه الله- بالوقوف على النصوص وقوة الاستدلال، وفي ذلك ردٌ على العقلانيين.
(5) - في أ: نتيجة.
(6) - الأدلة العقلية لها منزلة عند أهل السنة، ولكن الشيخ يرد على الذين يغالون في الأدلة العقلية . راجع: درء التعارض 1/194 ، وموقف المتكلمين من الاستدلال 1/280.(714/5)
... ... لأنا عرفنا الله بالنقل لا الفكر4
18. ... ومعرفة الرحمن بالعقل فريةٌ
... ... عليه وليس العُرفُ بالشئ كالنُّكْرِ
الفصل(1)الثالث:الموقف من علم الكلام.(2)
مربع نص: 19. ... ولا خير في علم الكلام لأنه
... ... خلاف كلام المصطفى الظاهر الطُهرِ
20. ... أدلته لا من كتاب وسنة
... ... بلى من كلام الأخطل الفاجر العِرِ2
21. ... يدور على التعطيل لا دَرّ دَره
... ... بتمويه قولٍ في المخارج مُزوَرّ3
22. ... وما قصده نفي المخارج ويحه5
... ... بلى قصده نفي الكلام من السِفرِ
23. ... فتباً لهذا المذهب المُذهَب الذي
... ... أقل أذىً فيه بصاحبه يُزري
الفصل(3)الرابع:منزلة(4)السنة(5).
(6)
مربع نص: 24. ... رعى السنّةَ البيضاءَ ربَّي لأنّها
... ... كشمس الضحى أو في الدِّحَنّةِ كالبَدرِ3
25. ... وما السنّةُ البيضاءُ إلا التي
... ... قضى عليها رسول اللهِ مع صَحْبهِ الغُرِّ4
26. ... وتابعهم فيها بإحسانٍ الأُلى
... ... رضوا ورضِيْ عنهم بها عالمُ السّرِ
__________
(1) - بلى: حرف جواب لسؤال منفي، لكن الناظم رحمه يقصد ( بل) حرف إضراب، ولكن استخدم بلى حرصاً على الوزن، قال تعالى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل28.
(2) - المَعَرّةُ: الأَمر القبيح المكروه والأَذى، وهي مَفْعلة من العَرّ . (لسان العرب ج 4 ص 558).
(3) - يستتدل من يفسر الاستوى بمعنى: استولى؛ ببيت الأخطل: قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
والأخطل كان نصرانياً راجع (البداية والنهاية ج9/ص7).
(4) - يقال في الذم لا در دره أي لا كثُر خيره (مختار الصحاح ج 1 ص 85).
الزُّورُ شهادة الباطل وقول الكذب (لسان العرب ج 4 ص 337 ).
(5) - الدِّحَنَّة: الأَرض المرتفِعة (لسان العرب ج 13 ص 149).
(6) - غُرَّةُ كل شيء أوله وأكرمه (مختار الصحاح ج 1 ص 197).(714/6)
الباب(1)الرابع:عقيدة الناظم.
مربع نص: 27. ... وإني على ما مات عنه محمدٌ
... ... وأصحابهُ والتابعونَ إلى حشري
الفصل الأول:الأسماء والصفات(2).
مربع نص: 28. ... أقر بأن الله جلَّ جلاله تعاْ
... ... الى عن التشبيه والوصف والحصرِ
29. ... سميع بصير ليس شيءٌ كمثله
... ... كما جاء في القرآن إن كنت من تدري
30. ... فسبحانه من مالك متكبر
... ... تفرد دون الخلق بالعز والقهرِ
31. ... وينزل لا تكييف1 لي في نزوله
... ... تعالى سماء الدنيا يقول سلوا2ستري
32. ... وذلك إذ يبقى من الليل ثُلثُه
... ... كذلك حتى يُفصلَ الليل بالفجرِ3
33. ... وربي كما قد جاء في قوله استوى
... ... على العرش أما كيف ذاك فلا أدري
34. ... ومذهبنا لا كيف لا مثل لا لما
... ... بالإقرار والإِمرار من غير ما فَسَرِ1
الفصل الثاني:(3)الإيمان.(4)
(5)
مربع نص: 35. ... وإيماننا قول وفعل ونية
... ... فقولٌ كمن يقرأ وفعلٌ كمن يَقري
36. ... يقل بعصيان وينمو بضده
... ... وإن قل حتى كان في زنة الذرِّ
الفصل(6)
__________
(1) - يشر -رحمه الله- إلى إثبات المعنى دون النظر إلى الكيف، وهذا منهج السلف.
(2) - وفي أ- ألا سائلاً.
(3) - يشير الناظم –رحمه الله- إلى حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع الوضوء ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل أو نصف الليل فإذا مضى ثلث الليل أو نصف الليل نزل إلى السماء الدنيا جل وعز فقال هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فاغفر له هل من تائب فأتوب عليه هل من داع فأجيبه). مسند الإمام أحمد بن حنبل ج2/ص433
(6) - نَشَرَ المتاع وغيره بسطه (مختار الصحاح ج 1 ص 275)، والمقصود: أن الصفات تمر معانيها كما هيَ دون النظر إلى الكيفيات، وهذا مذهب الناظم –رحمه الله- راجع الأبيات: 29-31-33-34.
جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى قال فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرحضاء يعني العرق قال واطرق القوم وجعلوا ينتظرون ما يأتي منه فيه قال فسرى عن مالك فقال الكيف غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة فإني أخاف أن تكون ضالا وامر به فأخرج (اعتقاد أهل السنة ج3/ص398).(714/7)
الثالث:نصوص(1)الصفات(2).
مربع نص: 37. ... وأن أحاديث الصفات وأنها
... ... تُمر كمرِّ السحب من غير ما نَشرِ1
38. ... وما جاء في القرآن أو صح نقله
... ... عن السيد المختار من ناقلي الأثْرِ
39. ... تلقته منا بالقبول قلوبُنا
... ... وذلت له الأسماع في العُسرِ واليُسرِ
الفصل الرابع: القرآن كلام الله.
مربع نص: 40. ... وأما كتاب الله فهو منزلٌ
... ... وليس بمخلوق ولا هو بالشعرِ2
41. ... يعود إليه مثل ما منه أولاً بدا
... ... هكذا قال الثقات أولوا الخُبرِ
42. ... حروف وأصواتٌ لتالٍ وسامعٍ
... ... ويُكتب بالأقلام في الصحف بالحبرِ
43. ... ومثل الحروف الآي لا خُلف فيهما
... ... كما كالصفات الذات صينت عن الحزرِ2
44. ... وليس من القرآن ترقيش3 خطهِ
... ... ولكن علامات كالنصبِ والجرِ
45. ... وكلم موسى ربُهُ مسمعاً له
... ... بصوت وحرفٍ وهو في حُجُبِ الكبرِ
الفصل الخامس: الإيمان بالقضاء والقدر.
مربع نص: 46. ... وما لم يقدِّره المهيمن لم يكن
... ... وما قدر الرحمن لابد أن يجري
47. ... ونصبر للبلوى ونرضى بما قَضى
... ... نسلم والتسليم من شيمةِ الحُرِ
48. ... وما جاء من خيرٍ وشرٍ مقدرٌ
... ... كذلك ما يأتي من الحلو والمُرِ
49. ... ولو شاء لا يُعصى تقدس ذكره
... ... لما خلق الشيطان في سالف العصرِ
50. ... ولا أمر إلا من كتاب وسُنةٍ
... ... كذا الضِدُ كالتحليل للشيء والحظرِ
51. ... ولا نجعل التقدير للذنب حجةً
... ... لنا بل علينا حجة الله بالنُذُرِ
الباب(3)الخامس: الكلام على بعض المحرمات.
الفصل الأول: في المسكرات.
مربع نص: 52. ... ويحرم ما أفضى إلى السكرِ أكله
... ... أو الشرب منه كالحشيشةِ والخمرِ
53. ... وما كان في معناه فهو نظيره
... ... وإن قل كالنزر القليل من المِزْرِ1
__________
(1) -- الحَزْرُ التقدير والخَرْصُ . ( لسان العرب ج 4 ص 185).
(2) - الترْقِيشُ: الكتابةُ والتنقيط . ( لسان العرب ج 6 ص 305).
(3) - النَّزْر: القليل لسان العرب( ج 5 ص 203).
المِزْرُ بالكسر ضرب من الأشربة قال بن عمر رضي الله عنهما هو من الذُّرة (مختار الصحاح ج 1 ص 260).(714/8)
الفصل الثاني: في المعازف.
مربع نص: 54. ... ويحرم ضرب الدُف إلا لنسوة
... ... بعرسٍ وإلا في المواسمِ للصُغرِ
55. ... ويحرم في رزءٍ2 لكلِ مكلفٍ
... ... كتحريم تصفيقٍ ورقصٍ وكالزمرِ
56. ... ولا قربة فيه إلى الله بل إلى
... ... لظاً شررٌ يُرمى به فيه كالقصر3ِ
57. ... وليس الغناء بالحدوِ والندب مشبهاً
... ... ولا مشُبهاً إيرادَ شيءٍ من الشعرِ
58. ... ولكنما التلحين يقلب طبعه
... ... كما قُلِب المِزْرِ الخبيثُ من البرِ
59. ... وليس استماع اللهو مثلَ سماعه
... ... ففكر ترى التفريق إن كنت ذا فكرِ
60. ... كما يسجد التالي ومن كان منصتاً
... ... ولا يسجد المجتازُ إن سجدَ المُقري
الفصل(1)الثالث:(2)في الرباء(3).
(4)
مربع نص: 61. ... ومهما استوى الجنسانُ فالبيع فيهما
... ... بفضلٍ رباً كالبيعِ للتمرِ بالتمرِ
62. ... ولا نُسقط4 المحظور نصاً بحيلةٍ
... ... ونبطل حكم النص بالكيد والمكرِ
63. ... كآكل أموال اليتامى بحيلة
... ... ومسقطِ إيجاب الزكاة لمعترِّ5
64. ... فهل يمكن التغيير للنص كلما
... ... أرادوا يُحلون الحرام لمضطرِ
الباب السادس: في بعض المسائل في الاعتقاد.
الفصل الأول:حكم مرتكب الكبيرة.
(5)
مربع نص: 65. ... ولا نُخرج الإيمان من قلب مؤمنٍ1 ... ... مصراً على فعل المآثم مستجري
66. ... ونرجو الرضى عمن قضى وهو محسنٌ
... ... ونخشى على من مات وهو على شرِ
الفصل الثاني:الموقف من أهل البدع.
مربع نص: 67. ... ومن كان بدعياً أَمرنا بهجرهِ
... ... وقلنا لهم لاقوه بالزجرِ لا البشرِ
الفصل الثالث: البيعة وحقوق ولاة الأمر.
مربع نص: 68. ... وإن نحن بايعنا إماماً ببيعة
... ... وفينا ولم نَغدر ولا خير في الغدرِ
69. ... ونلقى ولاة الأمرِ منا بطاعة
... ... ولا يلتقي بالسيف منا أولوا الأمرِ
__________
(1) - الرُّزْءُ: المُصِيبةُ لسان العرب ج 1 ص 86
(2) - قال الله –تعالى-{إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ }المرسلات32
(3) - في الأصل : يسقط ، والصواب ما أثبتناه.
(4) - المُعْتَرُّ الذي يتعرض للمسألة ولا يسأل مختار الصحاح (ج 1 ص 178).
(5) - في ب : مسلم.(714/9)
70. ... وننصرهم إن جاهدوا ونطيعهم
... ... وإن ظلموا عدنا من الظلم بالصبرِ
الباب(1)السابع:(2)الإيمان(3)باليوم الآخر.
مربع نص: 71. ... وينفخ إسرافيل في الصور نفخةً
... ... لصعق وأخرى فيه ينفُخ للنشرِ
72. ... وموت الورى حقٌ ومن بعد بعثهم
... ... وبينهما لاشك في عصرةِ القبرِ
73. ... ويسألهم فيه نكير ومنكرٌ1 ... عدا الرسَـ
... ... سَْل أرجو الله يلهمني عذري
74. ... وفي الحشرِ ميراثٌ ونارٌ وجنةٌ
... ... وفيه صراط للمزلة والعَبرِ
75. ... وللمصطفى حوض لورد أولى التقى
... ... أباريقه في العدِ كالأنجم الزُهرِ2
76. ... ويدخل ناسٌ بالمعاصي جهنماً
... ... فيأخذهم منها على قدرِ الوزر3ِ
77. ... ويشفع فيهم سيدُ الخلق احمدٌ
... ... عليه صلاة الله ما غرّدَ القمري
78. ... ويخرج من في قلبه وزن ذرةٍ
... ... بلا شك منها من مقارفة البرِ
79. ... ويلقوا على نهر الحياة فيخرجوا
... ... كلون قراطيس تعرّت عن السطرِ
80. ... ويُذبح كبش الموت فالناس بعده
... ... فريقان ذو ربحٍ وآخر ذو خسرِ
81. ... ولا نمتري في رؤية الله ربِنا
... ... وهل يُمترى في الشمس في ساعة الظهرِ
__________
(1) - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :{يا عمر كيف أنت إذا كنت في أربع من الأرض في ذراعين فرأيت منكرا ونكيرا قال يا رسول الله وما منكر ونكير قال فتانا القبر أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف معهما مرزبة لو اجتمع عليها أهل منى ما استطاعوا رفعها هي أهون عليهما من عصاي هذه فامتحناك فإن تعاييت أو تلويت ضرباك بها ضربة تصير بها رمادا قال يا رسول الله وإني على حالتي هذه قال نعم قال أرجو أكفيكهما}. الاعتقاد (ج1/ص223) وراجع تفسير ابن كثير (ج2/ص538) وراجع شرح الطحاوية (507).
(2) - راجع شرح الطحاوية:(277).
(3) - راجع شرح الطحاوية (524).(714/10)
الباب(1)الثامن(2): محمد(3) - صلى الله عليه وسلم - (4)
الفصل الأول: فضله - صلى الله عليه وسلم - .
مربع نص: 82. ... وأفضل خلق الله خاتم رُسلهِ
... ... محمد المختار ذو الفضل والفخرِ
83. ... سراج الهدى بحر الندى بلل الصدى
... ... مسقي العِدى كاسَ الردى الصِرّفَ بالمَجْرِ
84. ... وثيق العُرى رحب الذَرى باذل القرى
... ... ملاذ الورى عن قومه واضع الإِصرِ
85. ... هو المصطفى المبعوث في خير أمةٍ
... ... من العنصر الزاكي المنَقّحِ من فهرِ
86. ... هو العاقب الماحي هو الحاشر الذي
... ... هو القُثَم القتّال ذو النايل الغمرِِ1
87. ... فضائله ليست تعدُّ وهل لما
... ... بعَالج2من رمل عداد وبالبَرِّ
88. ... ترقى إلى السبع الطباق ولم تزل
__________
(1) - يشير الناظم رحمه الله إلى مارواه البخاري في الصحيح (ج3/ص1299)عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب}.
والقثم من معنين أحدهما من القثم وهو الإعطاء يقال قثم له من العطاء يقثم إذا أعطاه وكان عليه السلام أجود بالخير من الريح الهبابة والثاني من القثم الذي هو الجمع يقال للرجل الجموع للخير قثوم وقثم والله أعلم ذكر من أرضعه
قالت برة بنت أبي تجرأة أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم صفة الصفوة ج1/ص56 .
قال أَبو عمرو: رجل مُغامِرٌ إِذا كان يقتحم المهالك لسان العرب ج 5 ص 32
وفي صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه الضحوك القتال فهو ضحوك لأوليائه قتال لأعدائه وقوله عز وجل يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم تفسير ابن كثير ج2/ص71
(2) - عالِج، وهو ما تَراكَمَ من الرمل ودخل بعضه في بعض (لسان العرب ج 2 ص 327).
(3) - يشر الناظم –رحمه الله- حديث الإسراء راجع تفسير ابن كثير سورة الإسراء.
(4) - المَيْنُ: الكذب لسان العرب( ج 13 ص 425).(714/11)
... ... إلى قاب قوسين ركائبه تَسْري3
89. ... رأى ما رأى من عظَمِ آيات ربه
... ... وعاد ولم يخل الفراش من الحَرِّ
90. ... وما ضل فيما قال عنه وما غوى
... ... وما زاغ عن رؤيا وما مان4خبْرِ
91. ... وما مال عن حق وما قال عن هوى
... ... ولكن يقول الحقَ عنه اذا سُرِّى
الفصل(1)الثاني(2):
__________
(1) -يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحراء فإذا مناد يناديه يا رسول الله فالتفت فلم ير أحدا ثم التفت فإذا ظبية موثوقة فقالت أدن مني يا رسول الله فدنا منها فقال حاجتك فقالت إن لي خشفين في هذا الجبل فخلني حتى أذهب فأرضعهما ثم أرجع إليك قال وتفعلين قالت عذبني الله عذاب العشار إن لم أفعل فأطلقها فذهبت فأرضعت خشفيها ثم رجعت فأوثقها وانتبه الأعرابي فقال ألك حاجة يا رسول الله قال نعم تطلق هذه فأطلقها فخرجت تعدو وهي تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله رواه الطبراني وفيه أغلب بن تميم وهو ضعيف (مجمع الزوائد ج8/ص295) ورواه .
(2) - يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن كعب بن مالك أن امرأة يهودية أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصليه بخيبر فقال لها ما هذه قالت هذه هدية وحذرت أن تقول من الصدقة فأكل وأكل أصحابه ثم قال لهم أمسكوا ثم قال للمرأة هل سممت هذه الشاة فقالت من أخبرك قال هذا العظم لساقها وهو في يده قالت نعم قال لم قالت قلت إن كنت كاذبا أن يستريح الناس منك وإن كنت نبيا لم يضرك فاحتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه فاحتجموا فمات بعضهم قال الزهري وأسلمت المرأة فزعموا أنه قتلها رواه الطبراني وفيه أحمد بن بكر البالسي وثقه ابن حبان وقال يخطئ وضعفه ابن عدي وبقية رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ج8/ص296)..(714/12)
ذكر(1)شيء من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - .(2)
مربع نص: 92. ... وكلمه ظبي1 وشاة حنيذة2
... ... وحن إليه الجذع تِحنان ذي فَرِّ3
93. ... وشق له البدر المنير ولم يكن
... ... كما زعم الكفار خابوا من السحرِ4
94. ... وكان يحيه بمكة جلمدٌ
... ... إذا مرّ مختاراً عليه من الصخرِ5
95. ... وكان يسيرُ الرعب شهراً أمامه
... ... إذا قصد الأعداء في البرِ والبحرِ
96. ... وكانت له مهما يسير غمامةٌ
... ... تظلله فخراً يزيدُ على فخرِ6
97. ... وقد كانت الشاة العجيفاء حائلاً
... ... فحيث دعا في ضرعها جاد بالدرِّ7
98. ... وكانت له في الزاد والماء آية
... ... يَحيرُ ذوو الألباب فيها وذو الحجرِ
99. ... لقد أطعم الجيش الكبير جميعه
... ... وأفضل من زاد لبعضهم نزرِ8
100. ... وروّى من الماء اليسير عصَابةً
... ... وأمثالها يصدى2 على غيرِ ما نهرِ9
101. ... وفاض نمير الماء من بين أصبعيه
... ... فالناس ذو وردٍ وآخر ذو صدرِ
102. ... وفي يوم أُحدٍ رد عين قتادةٍ
__________
(1) - يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل يا رسول الله ألا نجعل لك منبرا قال إن شئتم فجعلوا له منبرا فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه تئن أنين الصبي الذي يسكن قال كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها) صحيح البخاري ج3/ص1314
(2) 4- يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما (صحيح البخاري ج3/ص1404) وراجع دلائل النبوة(ص541).
5- - يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :{إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن} (صحيح مسلم ج4/ص1782).
6- راجع (كشف الخفاء ج1/ص157). =(714/13)
... ... فعادت كما كانت فسل كلَّ ذي خُبرِ10
(1)
__________
(1) =
7- يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن هشام بن حبيش بن خويلد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة وأبو بكر رضي الله عنه ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة ثم تسقي وتطعم فسألوها لحما وتمرا ليشتروا منها فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك وكان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت شاة خلفها الجهد عن الغنم قال هل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين لي أن أحلبها قالت بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى الله تعالى ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت فاجترت فدعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم حتى أراضوا ثم حلب فيه الثانية على هدة حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها ثم بايعها وارتحلوا عنها فقل ما لبثت حتى جاءها زوجها أبو معبد ليسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا مخهن قليل فلما رأى أبو معبد اللبن أعجبه قال من أين لك هذا يا أم معبد والشاء عازب حائل ولا حلوب في البيت قالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك ..... (المستدرك على الصحيحين ج3/ص10).
8- يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع أن جدته سلمى مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اخبرتها أنها صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خزيرة وقربتها فأكل ومعه ناس من أصحابه فبقي منها قليل فمر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أعرابي فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فاخذها الأعرابي كلها بيده فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :{ ضعه ثم قال سم الله وكل من أدناها تشبع } فشبع منها وفضلت فضلة (المعجم الكبير ج24/ص300). والنَّزْر: القليل (لسان العرب ج 5 ص 203).
9- يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن البراء قال كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير فأتينا على ركي ذمة يعنى قليلة الماء قال فنزل فيها ستة أنا سادسهم ماحة فادليت إلينا دلو قال ورسول - صلى الله عليه وسلم - على شفة الركي فجعلنا فيها نصفها أو قراب ثلثيها فرفعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال البراء فكدت بإنائي هل أجد شيئا أجعله في حلقي فما وجدت فرفعت الدلو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغمس يده فيها فقال ما شاء الله ان يقول فعيدت إلينا الدلو بما فيها قال فلقد رأيت أحدنا أخرج بثوب خشية الغرق قال ثم ساحت يعنى جرت نهرا ( مسند الإمام أحمد بن حنبل ج4/ص292).
10- راجع دلائل النبوة (ص200).(714/14)
معجزاته(1) - صلى الله عليه وسلم - .(2)(3)(4)(5)(6)
الفصل(7)الثالث:(8)ذكر(9)شيء(10)من صفاته الخْلقية(11)والخُلقية - صلى الله عليه وسلم - .
مربع نص: 103. ... وكان له مابين كتفيه خاتم
... ... النبوة يعلوها على هيئة الزرِّ1
104. ... وكان سخياً ماجد الكفِ طيبَ الرْ
... ... رَوائح رخص اللمس متسع الصدر2ِ
105. ... يجودُ على العافي بما في يمينه
... ... ولا يدخرُ الأموالَ من خيفت الفقرِ
106. ... وليس بذي طول وقصرٍ يَشينه
__________
(7) - يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن السائب بن يزيد يقول ذهبت بي خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن بن أختي وجع فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة صحيح البخاري ج1/ص81
(8) - يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن عن حميد قال سألت أنسا - رضي الله عنهم - عن صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ما كنت أحب أن أراه من الشهر صائما إلا رأيته ولا مفطرا إلا رأيته ولا من الليل قائما إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته ولا مسست خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا شممت مسكة ولا عبيرة أطيب رائحة من رائحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( صحيح البخاري ج2/ص696).
(9) - يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال سمعت أنس بن مالك يصف النبي صلى الله عليه وسلم قال كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم ليس بجعد قطط ولا سبط رجل أنزل عليه وهو بن أربعين فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه وبالمدينة عشر سنين وقبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء صحيح البخاري (ج3/ص1302).
(10) - راجع ( القسم الأخير من دلائل النبوة ص1).
(11) - لعله يقصد –رحمه الله- الشفاعة ولو تجنب العبارة الموهمة لكان خير –أسكنه الله فسيح جناته-.(714/15)
... ... ولكن قَوامٌ بين ذي الطول والقصرِ3
107. ... ولا أسوداً كلا وليس بأبيضٍ
... ... ولكنه في الحسن كالكوكب الدُّرِّي3
108. ... محاسنه تسبي العقول بديعةٌ
... ... بها لهج العشاق في النَظم والنَثرِ4
109. ... له الخُلق المرضي والجودُ شيمة
... ... رؤف رحيم القلب في السرِ والجهرِ
110. ... شفيع لنا يوم القيامة عندما
... ... ترى الكتب تؤتى بالميامن واليسرِ
111. ... ومنقذنا من حر نار جهنم
... ... إذا ما دعى الداعي إلى سبب نُكر5ِ
الفصل الرابع:(1)في مدحه - صلى الله عليه وسلم - .
مربع نص: 112. ... فيا أحمد المختار يا خير مرشدٍ1
... ... من الخلق من عربٍ وعجمٍ ومن حَضر
113. ... عليك سلام الله يا نجل هاشم
... ... عليك سلام الله يا عالي القدرِ
114. ... عليك سلام الله يا صفوة الورى
... ... عليك سلام الله يا معدن التبرِ2
115. ... عليك سلام الله يا صاحب اللوى2
... ... عليك سلام الله يا طيب النشرِ
116. ... عليك سلام الله يا علم الهدى
... ... عليك سلام الله يا سامي الذكرِ
117. ... عليك سلام الله يا قمر الدجى
... ... عليك سلام الله يا مستضأ الفجرِ
118. ... عليك سلام الله ألقى بها العدى
... ... عليك سلام الله أشدُ بها أزري
119. ... عليك سلام الله أرقى بها العلى
... ... عليك سلام الله أَمحو بها وزري
120. ... عليك سلام الله أسعى بنورها
... ... عليك سلام الله أَقضي بها أمري
121. ... عليك سلام الله أرجو ثوابها
... ... عليك سلام الله يزكو بها أجري
122. ... عليك سلام الله أحيا بذكرها
... ... عليك سلام الله اجعله ذخري
123. ... فما خاب من يرجوك ذخراً لدينه
... ... ودنياه في إعلان أمرٍ وفي سرِّ
124. ... فلو أن شعري والجوارح ألسنٌ
... ... لمدحك كلت عن مقاربة العُشرِ
(2)(3)
__________
(1) - في ب: مصطفى .
(2) - التِّبرُ ما كان من الذهب غير مضروب (مختار الصحاح ج 1 ص 31).
(3) - يشير –رحمه الله- إلى ما روي عن أبي سعيد قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :{أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر ...}. (جامع الترمذي ج5/ص308).(714/16)
الباب(1)التاسع: القرون المفضلة
مربع نص: 125. ... وخير القرون قرن نبينا
... ... وأفضله عشرون1مع عشرٍ مع عشرِ
126. ... هم الأربعون المسلمون الأولى
... ... بهم جرى فلك الإيمان في فلك النصرِ
الفصل الأول: ذكر العشرة والخلفاء الراشدين.
مربع نص: 127. ... وأفضلهم عشرٌ عن النار زحزحوا
... ... فكلٌ ثوى من جنة الخلد في قصرِ
128. ... وأفضل هذا العشرِ أربعةٌ
... ... لهم على الخلق فضلٌ كالبيضاء على الصفرِ
129. ... وأفضلهم صديقه ووزيره
... ... أبو بكرٍ ذو الإنفاق في اليسرِ والعسرِ
130. ... ومن بعده الفاروق لا ينسى فضله
... ... وعثمان ذُو النورين ذو القرب بالصهرِ
131. ... ومن بعده زوج البتولِ عليٌّ
... ... الذي جاهد الكفار بالبيض والسمرِ
الفصل الثاني: فضل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - .(2)
مربع نص: 132. ... وأن نترضى عن صحاب محمدٍ
... ... كما أمر الرحمن في سورة الحشرِ2
133. ... ونمسك عن ما بينهم من تشاجرٍ
... ... ونعلم أن الله للكل ذو غفرِ
الفصل الثالث: فضل أهل البيت.
مربع نص: 134. ... وأن لأهل البيت فضلاً على الورى
... ... فحققه فيهم للفقير وللمثري
135. ... وأن ابنة الصديق عائشة الرضى
... ... مُنزهةٌ مما يقول أولو الأشرِ
136. ... وكل نساء المصطفى أمهاتنا
... ... ورادِدُ هذا القول مستوجب الهجرِ
137. ... عليهم سلامي ما حييت وإن
... ... مت تحييهم عني عظامي من قبري
138. ... هم عدتي في شدتي وذخيرتي
... ... لآخرتي مصباح ديني غنى فقري
الباب العاشر:(3)
__________
(1) - في ب : عَشران.
(2) - يشير –رحمه الله- إلى قوله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحشر10
(3) - مما يستحسن في النظم أن الناظم لم يكرر لفظ القافية بمعناها بعد بضعة أبيات وهو ما يسمى بعيب الإيطاء، وهذا مما يدل على إلمام كبير بمفردات اللغة.
ومما يدل على رصانة النظم أيضاً السلامة من عيب التضمين؛ وهو عدم استغلال البيت بعناه، بل يكون المعنى مجزأ بين بيتين. فالمتأمل في معاني الأبيات لايجد بيتاً يكمل معنى البيت الذي قبله، كما لايجد مبتداًَ مثلاً خبره في البيت الذي يليه.
قال ابن جني: ووجْهُ اسْتِقْباحِ العرب الإِيطاءَ أَنه دالٌّ عندهم على قِلّة مادَّة الشاعر ونزَارة ما عنده، حتى يُضْطَرّ إِلى إِعادة القافيةِ الواحدة في القصيدة بلفظها ومعناها ( لسان العرب ج 1 ص 200).
الرَّوِيُّ حرف القافية (مختار الصحاح ج 1 ص 111).
المُضَمَّنُ من أَبيات الشعر ما لم يتم معناه إِلا في البيت الذي بعده ( لسان العرب ج 13 ص 259).(714/17)
الخاتمة.(1)(2)(3)
مربع نص: 139. ... فها قد نظمت في اعتقدي قصيدةً
... ... منزهةً عن منطق اللغو والهَجرِ
140. ... عرياً عن الإيطاء فيها رويُّها
... ... وليست من التضمين مثقلة الظَهرِ1
141. ... على مذهب الشيباني الأصل
... ... أحمد بن حنبل العلاّمة القُثَمُ الحبرِ
142. ... وسميتها نهج الرشاد لكونها
... ... تفوق بنظم الاعتقاد على الدرِّ
143. ... رَجوت بها في جنة الخلد منزلاً
... ... رفيعاً لباسي فيه من سندسٍ خضرِ
144. ... فدونكها بكراً تأرُّجُ عَرْفِها
... ... يفوق على ريا القَرنفل والقُطرِ2
145. ... محجبةٌ في خدرها غيرُ طامثٍ
... ... وليس العجوز الأيم كالكاعب البكر3ِ
146. ... جنا النحل للسني عذباً مذاقها
... ... قذى العين للبدعي أو كلظى الجمرِ4
147. ... فيا ناظراً فيها تدارك لما عسى
__________
(1) - أرَجُ و الأَرِيجُ توهج ريح الطيب تقول أرِج الطيب أي فاح (مختار الصحاح ج 1 ص 5 ).
العَرْفُ الريح طيبة كانت أو منتنة (مختار الصحاح ج 1 ص 179).
ريا كل شيء طيب رائحته ومنه قوله امرؤ القيس: نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل (لسان العرب ج14/ص350).
القَرَنْفل هذا الطيب الرائحة لسان العرب (ج 11 ص 556).
القطر و القطر مثل عسر وعسر العود الذي يتبخر به وقد قطر ثوبه و تقطرت المرأة قال امرؤ القيس كأن المدام وصوب الغمام وريح الخزامى ونشر القطر يعل بها برد أنيابها إذا طرب الطائر المستحر). (لسان العرب ج5/ص107).
(2) - كَعَّبت: نَهَدَ ثَدْيُها وجمعُ الكاعِبِ كَواعِبُ . قال الله تعالى: ^ و كَواعِبَ أَتْراباً ^ . (لسان العرب ج 1 ص 719).
الطَّمْثُ: الدمُ والنكاح (لسان العرب ج 2 ص 165).
الأَيَامَى الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء الواحد منهما أيِّمٌ سواء كان تزوج من قبل أو لم يتزوج (مختار الصحاح ج 1 ص 14).
(3) - الجَنَى: الرُّطَبُ والعَسَلُ (لسان العرب ج 14 ص 156).
قَذىً و القَذى جمع قَذاة، وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أَو تبن أَو وسخ أَو غير ذلك (لسان العرب ج 15 ص 174).(714/18)
... ... يكون بها من خافي الوهن بالجبرِ
148. ... فقد خلق النقص والتقصير في الورى
... ... لينفرد الباري علا باسمه الوترِ
149. ... وقل ربِّ تسامح من يكلف نظمها
... ... وقارئها والسامعين ومن تقري
150. ... وأبياتها خمسون مع مائة لها
... ... سنا البدر مع صوب الغمام على البدرِ
151. ... مؤلفها نجل العبادي يوسف
... ... وخاتمها بالحمد لله والشكرِ
قائمة المراجع
اعتقاد أهل السنة: هبة الله بن منصور اللالكائي، ط1402هـ،دار طيبة. ت: أحمد الغامدي.
البداية والنهاية: عماد الدين إسماعيل بن كثير، مكتبة المعارف.
ذيل تذكرة الحفاظ: محمد بن علي الحسيني، دار الكتب العلمية.
المقصد الأرشد: إبراهيم بن مفلح، ط1، 1410هـ، مكتبة الرشد. ت: عبد الرحمن بن عثيمين.
تفسير القرآن العظيم: عماد الدين بن كثير الدمشقي، ط1404هـ، دار الفكر.
جامع الترمذي: محمد بن عيسى، دار إحياء التراث. ت: أحمد شاكر وآخرون.
الدرر الكامنة:
درء تعارض العقل مع النقل: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، دار الكنوز. ت: محمد رشاد.
دلائل النبوة: سعيد عبد القادر باشنفر، ط1، 1424هـ، دار ابن حزم.
شذرات الذهب: عبد الحي بن أحمد العكري، ط1، 1406هـ، دار ابن كثير. ت: عبد القادر الأرنؤوط وصاحبه.
شرح الطحاوية: علي بن أبي العز، ط3، 1418هـ، عالم الكتب. ت: عبد الله التركي وصاحبه.
صحيح البخاري: محمد بن اسماعيل، ط3، 1407هـ، دار ابن كثير. ت: محمد ديب البغا.
صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج النيسابوري، دار احياء التراث. ت: محمد فؤاد عبد الباقي.
صفوة الصفوة: عبد الرحمن بن علي –ابن الجوزي-، ط2، 1399هـ. ت: محمد فخور وصاحبه.
علماء الحنابلة: بكر أبو زيد، ط1، 1422هـ، دار العاصمة.
كشف الخفاء: اسماعيل بن محمد العجلوني، ط4، 1405هـ، مؤسسة الرسالة. ت: أحمد القلاش.
لسان العرب: محمد بن مكرم بن منظور، ط1، دار صادر.
مجمع الزوائد: علي بن أبي بكر الهيثمي، ط1407هـ، دار الريان.(714/19)
مختار الصحاح: محمد بن أبي بكر الرازي، ط1415هـ، مكتبة لبنان. ت: محمود خاطر.
المستدرك: محمد بن عبدالله الحاكم، ط1، 1411هـ، دار الكتب العلمية. ت: مصطفى عبد القادر عطا.
مسند الإمام أحمد: أحمد بن حنبل الشيباني، مؤسسة قرطبة.
المعجم الكبير: أحمد بن سليمان الطبراني، ط2، 1404هـ، دار العلوم والحكم. ت: حمدي السلفي.
المعجم الوسيط: ابراهيم مصطفى وآخرون، المكتبة الإسلامية.
موقف المتكلمين من الاستدلال: سليمان بن صالح الغصن، ط1،1416هـ، دار العاصمة.
النهاية: أبو السعادت المبارك بن محمد الجزري، ط1399هـ، المكتبة العلمية. ت: طاهر أحمد الزاوي وصاحبه.
الفهرس
الموضوع رقم الصفحة
مقدمة المحقق........................................................ 1
القسم الأول............................................... ... 2
ترجمة الناظم........................................................ ... 3
وصف النسخ...................................................... ... 4
توثيق اسم النظومة................................................. ... 4
نسبة المنظومة...................................................... ... 4
نماذج النسخ الخطية................................................ ... 5-6-7
منهج تحقيق المنظومة................................................ ... 8
تنبيه حول بعض الموضوعات........................................ ... 10
القسم الثاني............................................ ... 11
الباب الأول: المقدمة. .............................................. ... 12
الباب الثاني: البدع، وموقف شيخه منها.............................. ... 13
الباب الثالث: مصادر العقيدة. ...................................... ... 14
الفصل الأول: الكتاب والسنة................................. ... 14
الفصل الثاني: ذم مخالفة الكتاب والسنة......................... ... 14(714/20)
الفصل الثالث: الموقف من علم الكلام......................... ... 15
الفصل الثالث: منزلة السنة................................... ... 15
الباب الرابع: عقيدة الناظم......................................... ... 16
الفصل الأول: الأسماء والصفات.............................. ... 16
الفصل الثاني: الإيمان........................................ ... 16
الفصل الثالث: نصوص الأسماء والصفات..................... ... 17
الموضوع رقم الصفحة
الفصل الرابع: القرآن كلام الله.............................. ... 17
الفصل الخامس: الإيمان بالقضاء والقدر...................... ... 18
الباب الخامس: الكلام على بعض المحرمات......................... ... 19
الفصل الأول: في المسكرات................................ ... 19
الفصل الثاني: في المعازف................................... ... 19
الفصل الثالث: في الرباء..................................... ... 19
الباب السادس: في بعض مسائل الاعتقاد............................ ... 20
الفصل الأول: حكم مرتكب الكبيرة.......................... ... 20
الفصل الثاني: الموقف من أهل البدع.......................... ... 20
الفصل الثالث: البيعة وحقوق ولاة الأمر...................... ... 20
الباب السابع: الإيمان باليوم الآخر.................................. ... 21
الباب الثامن: محمد - صلى الله عليه وسلم - ............................................ ... 22
الباب الأول: فضله...................................... ... ... 22
الباب الثاني: ذكر شيء من معجزاته....................... ... ... 23
الباب الثالث: ذكر شيء من صفاته الخلقية والخلقية......... ... ... 25
الباب الرابع: مدحه - صلى الله عليه وسلم - ................................... ... ... 26
الباب التاسع: القرون المفضلة.................................... ... ... 27
الباب الأول: ذكر العشرة، والخلفاء الراشدين............... ... ... 27(714/21)
الباب الثاني: فضل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ...................... ... ... 27
الباب الثالث: فضل أهل البيت............................ ... ... 27
الباب العاشر: الخاتمة. .................................. ... ... 28(714/22)
نور الفلق
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
إنْ طالَ بالظلمِ الغَسَقِ لاُبدَّ مْن نوِر الَفلَقْ
الحقُّ منتصرٌ ولو طالَ المدى فالحقُّ حَقْ
نورُ الحقيقةِ نافذٌ لا يحجُبُ الغيمُ الشَّفَقْ
كم مرَّ فوق أديمِنا مِنْ ظالمٍ ثم انمَحَقْ
إنَّ الفَراشَ إذا دنا من شعلةِ النورِ احترقْ
سلْ عن قياصرةٍ وكم جاروا وزادوا في الخَرَقْ
وأسألْ أكاسرةً عتَوا ماذا جَنَوا مما سَبَقْ
فلقدْ تمزَّقَ ملكُهم وتفرقتْ منه المُزَقْ
داستْ سنابكُ خيلِنا تلكَ الجحافلَ والفِرَقْ
وتقوّضَتْ أَحلامُهم وتناثرتْ مثلَ الورقْ
خفاقةٌ راياتُنا ما فوقَها بندٌ خفقْ
واللهُ يحفظُ دينَه ويَخيبُ كفّارٌ أَبَقْ
جلَّ الحكيمُ بخلقِه في كلِّ ماجلَّ ودَقْ
لنْ يُهملَ الظالمَ مهما طالَ بالظلْمِ الرمَقْ
لا يُعجزُ الخلّاقَ فانٍ أصلُهُ ماءٌ دفَقْ
لنْ يخرقَ الأرضَ ولنْ يُطاولَ النجمَ العلقْ
إنسانُ هذي الأرضِ في الكـ ـونِ هباءٌ مُختلَقْ
لا يعلمُ الأكوانَ حقَّ العلـ ـمِ إّلاِ مَنْ خَلَقْ
ربٌّ بديعٌ دبَّر الأَمـ ـرَ على أعلى نَسقْ
لن يتركَ المؤمنَ في هـ ـمًّ وغمٍ وأرقْ
فالدينُ شرعُ اللهِ والإِيمـ ـانُ أسمى منطَلَقْ
واللهُ يَجزي صابراً والعجزُ عنوانُ الخرَقْ
وَضَحَ الطريقُ أمامَ كلِّ الحائرين بمفْتَرَقْ
لا عذْرَ بَعدَ اليوم للمسـ ـتنكفينَ منَ الفِرَقْ
مَن يركبِ الأمواجَ لا يَخْشَ على النفْسِ الغرقْ
فتقدّموا أهلَ الحِجى فالخلدُ نعمَ المرتَفَقْ(715/1)
نونيّة الجهاد ..
في الحض عليه وبيان أهم أحكامه
حامد بن عبدالله العلي
*** مطلع ***
قل للمحبة داعبي وجداني ** وتخللّي قلبي بلا استئذان
وتنقّلي بين المساء وغدوة ** لا تحرمي روحي من الريحان
لا تقتليني بالصدود فإّنني ** أخشى على نفسي من الهجران
لا تحسبيني غافلا عن لحظك ** أفلا ترين القلب كالنشوان
لاتحسبيني عازبا عن حسنك ** فلقد سحرت بسحرك الفتّان
حتى يعاتبني الرجال وما دروا ** أنّي كأنّي حبّها أطغاني
إني أقول قصيدتي متجاهلا ** كلّ الأنام وعيبهم بلساني
مابي ؟! عجبت لأمري حائرا ** الحبّ أنساني وما أنساني
أن الجهاد فريضة لا تنقضي ** مهما توالى الدهر بالأزمان
*** الله أكبر كبري يا أمتي ***
اللّه أكبر كبّري يا أمتي ** واستبشري بالعزّ والسلطان
الله أكبر ابشري يا أمتي ** واستبشري يا أمة الإحسان
الله اكبر جلجلت يا أمتي ** فتكبكب الأعداء بالصلبان
الله أكبر والجهاد طريقنا ** هذا سبيل العز في الفرقان
لن ننحني فجباهنا لا تنحني ** إلا لرب الخلق والأكوان
كلا ولا "أمريكا" في طغيانها ** وجيوشها من أرذل الرومان
سندكّ قوّتها بعزّة ربنا ** ونزلزل الطغيان بالإيمان
وتدمر البهتانَ قوةُ بأسنا ** بالنار والتفجير كلّ أوان
حتى تعود لدارها بشنارها ** والعار يصحبها بكل مكان
هذا وربي وعدنا وجهادنا ** حتم علينا يفرض الوحيان
أن نلحق الصلبان في أوطانهم ** فرض علينا ذاك فرض ثان
*** التحريض على الجهاد ***
فلنجمع الأجناد من أوطاننا ** مَن كان منهم سابقَ الميدان
ونمد بالرايات كلّ كتيبة ** من بطن كل قبائل العربان
أهل الجزيرة مسعرين حروبنا ** وزعيمهم سيف عظيم الشان
ومن العراق رجالهم وشعارهم ** بأس شديد جاء في القرآن
والشام أرض جهادنا وملاذنا ** ولنعم أهل الشام من إخوان
صنعاء ما صنعاء منبع عزنا ** مدد الجهاد على مدى الأزمان
ارض الكنانة أنجبت أبطالنا ** من كلّ طعّان أخي طعّان(716/1)
والمغرب العربي أحفاد الأولى ** قهروا جيوش الروم واليونان
والسود نعم الجند عند قتالنا ** أكثر لعمري من ذوي السودان
والفرس فرّاسون كلّ كتيبة ** يأتون عند الحرب بالأكفان
أكرادنا صنعوا لنا أمجادنا ** وصلاحهم تاج على التيجان
ونمور آسيا كلهم إخواننا ** وسيوفهم طحّانة الأبدان
والترك والشيشان عصبة شامل ** الصائلين بعسكر الشيشان
الضاربي "بوتينَ" في أركانه ** والمرسلينَ صواعق النيران
وجحافل الأفغان من أهل الوغى ** عجبا لهم يأتون كالبركان
دحروا جنود الروس ثم تواثبوا **لقتال "أمريكا" خليلة الشيطان
ويقودهم عمر الذي باع الدنا ** وبها اشترى أخراه بالرضوان
ملاّ يقود الطالبان بحكمة ** أسدُ الأسود وقائد الشجعان
جند من "البشتون" قبائل عزة ** ما مثلهم في الأرض والبلدان
*** شرط الجهاد ***
شرط الجهاد إذا تعيّن أمره ** إسلام من يسعى ويبقى اثنان
رجلٌ صحيحٌ قادر لقتاله ** ليس الجهاد بواجب النسوان
وإذا تطوّع راغبٌ بثوابه ** فرض الكفاية إذ هما قسمان
فإذنُ الوالدينِ وإذنُ غريمه ** فعلٌ حرامٌ إن أبى الأبوان
*** لم يشترط الإمام إلا الروافض **
لم يشترط شرط الإمام لصحة ** إلا الروافض من ذوي البهتان
لكنْ إذا كان الإمام يقيمه ** فالإذن قبل صيالة الفرسان
مالم يفتهمْ إن تأخّر إذنه ** هدف الجهاد وكان بالإمكان
إن الجهاد إذا تأخر أمره ** جاء الهلاك وحلّ بالأوطان
وعلى الذين يجاهدون فريضة ** طوع قائدهم بغير توان
***إقامة الشرع والجهاد وظيفة الإمام
وبيان كفر المتحاكم للطاغوت الموال للكفار***
ما للإمام سوى الجهاد وظيفة ** والحكمِ بالشرع هما هذان
فإن تحاكم للطواغيت التي ** جعلوا الشريعة في مقام ثان
فهو الذي قد بان كفر فعاله ** وارتد لاخُلْفٌ بذا ولا قولان
وإن تزايد كفره بولاية ** للكافرين وظاهر حربهم بعيان
للمسلمين ولو بفتح طريقهم ** فهو الذي قد لجّ في الكفران
*** فضل الجهاد والشهادة في سبيل الله ***(716/2)
هذا وأجر كل مجاهد ** صدَقَ النوايا فاض في الحسبان
خير التقرّب باتفاق جميعهم ** ومن التهجّد عند ذي الأركان
نال العلا أهل الشهادة إنهم ** نالوا وربي منّة المنّان
سبعٌ من الإكرام عند إلههم ** فذنوبهم مُسحت من الغفران
ويرى الجنان بعينه في فرحة ** ويصير في أمن من الفتّان
وفي القيامة آمن من ربه ** وكساه أحلى حلّة الإيمان
ويُزوّج السبعين من أزواجه** سبعين من حور وزيد اثنان
حورٌ حسانٌ قد جمعن ورقّةً ** حُسْنَ الوجوه محاسنَ الأبدان
ويُحل بالتيجان أجمل حلة ** ثم الشفاعة في ذوي القربان
*** أحكام الغنائم ***
سلبُ القتيل لقاتل لا تعترض ** هذي لعمري سنة العدناني
خمسُ الغنائم بعد سلبٍ لقاتلٍ ** والاجعال يهديهأ الإمام للأعوان
لله تصرف في مصالح أمة ** وللرسول والقربى ذوي الإحسان
ثم الفقير وابن السبيل الذي ** ضاعت به سبل الهدى بمكان
والمساكين ويعطي منهُمُ ** أهل العفاف كذا بفكّ العاني
الأنفال تعطى للسرايا ذاهبا ** ربعٌ ، ولها من الباقي بلا كتمان
وفي الإياب لها ثلثٌ حقاً ** هذا قضاء من يقضي بلا خسران
ثم الغنائم حق كل مقاتل ** سهم لراجلهم وللخيلِ،فيستويان
وللخيول إذا تخلص أصلها ** عربا صحيحاً لها سهمان
*** الفيء وحكم الأسارى ***
والفيء مال المسلمين جميعهم ** إن لم تقاتل لأجله الفئتان
وللإمام إذا تبيّن نصره ** وتملّك الأسرى من الميدان
المنّ أو يفدي بمال أو بأسرى ** أو يَحُزّ رأس كلّ جبان
حزّا كما حزّ أمير الجند ** أبو مصعبَ رأس " الأمريكاني"
والقتل فيهم إن تعاظم شرّهم ** كسرٌ لشوكتهم من العدوان
وما سوى الأسرى مال أمتنا ** لمْ يُحكَ طراً سابقا قولان
*** بيان أحاكم عقد الذمة والأمان والعهد ***
أهل الذمام من تقبّل حكمنا ** فله علينا ذمّة الإيمان
بالجزية التي يُعلن أخذها ** حكم الشريعة عاليا ببيان
عُفي النساء والشيوخ فإنهم ** لا يدفعون وكذا من الصبيان(716/3)
أعمى ومن كان شيخا فانيا ** وكذا يُسامح سائر الرهبان
لا يُظلمون ولا يفرّق جمعهم ** بالعدل نحكمهم وبالإحسان
لا يظهرون عقائد شركيّة ** لكنْ نقرّهُمُ بلا إعلان
لا يحملون سلاحهم تباً لهم ** في أرضنا لن نرضى بالطغيان
لا يُحدثون كنيسة أو معبدا ** بل يُتركون كذا قضى الوحيان
وإذا تجسّس بعضهم لعدوّنا ** فالسيف حكم الله في الخوّان
لا يُرفعون إذا تغشّوامجلسا ** بل يُجلسون بمنزل متدان
أحكام ذمتهم يبيّنها لنا ** أصل عظيم ثابت الأركان
العز للإسلام لا يُعلى عليه ** الذل للشرك وذا من الميزان
أما الأمان فحكمه متبيَّن ** من جاء منهم طالبابأمان
يعطاه يسمع ديننا وكتابنا ** رفقا به لهداية الحيران
أوكان يحمل حاجة أو يبتغي** حمل الرسالة معلنا بلسان
أو تاجرا أو صانعا أو عارفا ** للمسلمين به مصالح الرجحان
وله من الأحكام مثل قسيمه ** من أهل ذمتنا هما سيان
لكنّ جزيته موقّفة على ** حولا يقيم بنا بلا نكران
الأمن للأسرى يختصّ بما ** قال الإمام فقط و نائب السلطان
أما العهود إذا ترجح أمرها ** من غير تأبيد مدى الأزمان
فللإمام أن يضمن شرطها ** ما فيه مصلحة مع التبيان
ولا عهود إذا تضمن عقدها ** عونا على الإسلام أيّ معان
عهد النفاق فلا يكون شريعة ** كلا ولا عهد على الكفران
فولاية الكفار أعظم ردة ** وعهودُ طاغوتٍ فكفر ثان
*** شروط الإستعانة بالمشرك في الجهاد ***
لا يستعان بمشرك في حربنا ** إلا بشرط أو هما شرطان
تجري على أفعاله أحكامنا ** ويكون مأمونا من العدوان
*** أحكام الرمي وقتل النساء والصبيان والتمثيل بالقتلى ***
والمنجنيق كذا القنابل مثله ** تلقى عليهم من علا الطيران
أو بالصواريخ تدوّي صيحةً ** فتحرّق الأرتال بالموتان
من قوّة الإسلام علم واجب ** تعلّمه من أفضل الإيمان
لكننا لسنا نعذب جمعهم ** بالنار لاتعذيب بالنيران
لكنّ رمي النار بالتفجير لا ** حرجٌ به كذاك بالقطران(716/4)
لا نقتل الصبيان كلا والنسا ** والمعرضين كسائر الرهبان
إلا إذا تقابل قتلنا ** بعقوبة المثلِ وتماثلَ الأمران
أو كان منهم قاتل بسلاحه ** أو بالعقول وماكر الأذهان
تمثيلنا بقتلاهم حرام إنما ** حلّ مثل توازن الميزان
وإذا تخالط صفّهم بنساءهم ** أو صبية نرمي على الأقران
لا نقصد النسوان كلا إننا ** في حربنا نغضي على النسوان
أو كان ترسهُمُ وليّا مسلما ** فلا نرميهُمُ هذا من العرفان
إلا إذا خشي الإمام صيالهم ** أو خاف أن يأتي بذلّ هوان
يفضي إلى وقف الجهاد عليهُمُ** فالرمي حكمٌ ظاهر الرجحان
*** حكم العمليات الإستشهادية ***
والناطحون الموت من أجنادنا** الحازمون النار بالأبدان
القاذفون النفس في أعداءنا ** المشعلون الموت كالفيضان
شهداء فازوا بالجنان وجوههم** شعت بنور الواحد الديّان
ودليلنا فعل الغلام وحزبه ** ذكر الرواية سابق الرومان
إسناده في مسلم بصحيحه ** ورواه أحمد ذلك الشيباني
*** التفجير بالألغام وحيازة أنواع الأسلحة ما كان بالإمكان***
ونفجّر الأعداء من بُعدٍ ** بألغام لها من قوة البركان
ما يجعل الأعداء مزقا ساقطا ** أشلاؤهم كشرائح اللُحمان
وندكّ كل معاقل كيدهم ** وصروحهم ونَفُتّ بالبنيان
ونحوز أعلى قدرة بسلاحنا ** كل السلاح يكون بالحسبان
نوويّنا والقاذفات بأسرها** والعابرات تطير بالجريان
أو بالرجال المرعبين عدونا ** الناشرين الموت كل مكان
فأسودنا لا تستكين لذلة ** وجهادنا ما كان بالإمكان
هذا ونختم بالصلاة على النبي** صلى عليه الله بالرضوان
وكذا نسلم حامدين إلهنا ** حمدا بغير نهاية الأزمان(716/5)
بسم الله الرحمن الرحيم
نونية السعداني
المسماة :-
النظم الواضح
في بيان معتقد السلف الصالح
نظم الفقير إلى عفو ربه
وليد بن راشد السعيدان
اعتنى به
سالم بن ناصر القريني
يا طالباً سنن الهدى بتساؤلٍ ... يا من تريد الحق بالبرهان
يا من تريد عقيدة السلف التي ... قد أيدت بدلائل القرآن
هذا جوابي عن سؤالك يا فتى ... ( فاجن الثمار براحة وأمان )
فالزم سبيل الراشدين ولا تزغ ... لا يخدعنك زخرف الشيطان
فهو السبيل إلى السعادة والهدى ... وهو الطريق لجنة الرحمن
كن مثلما كان الرسول وصحبه ... والتابعون لهم مع الإحسان
فلقد أبان لنا الشريعة دونما ... ريب ولا زيغ ولا نقصان
شهد الصحابة بالبلاغ شهادة ... قد صدقت بشهادة الرحمن
واحذر سبيل الهالكين فإنها ... ترديك عن سنن الهدى بهوان
أطع الرسول وسلمن لقوله ... إياك لا تصغي لقول ثاني
واعضض على القرآن والسنن التي ... ثبتت عن المعصوم من عدنان
لا لن تضل ولن تزيغ بنصه ... فهي الهدى والنور للإنسان
واعلم بأن الله جل جلاله ... خلق العباد على مدى الأزمان
كي يعبدوه ويفردوه بحقه ... فهو الإله فما إله ثاني
وبذاك قد بعث الكرام جميعهم ... وتنزلت كتب من الرحمن
جل الإله عن الشريك فليس من ... ندٍ ولا شرك ولا أعوان
بل كلهم مخلوقه وعبيده ... وهو الإله تعالى ذو السبحان
وشهادة الحق العظيمة ركنها ... نفي مع الإثبات ذي ركنان
فالنفي قولك لا إله لدى الورى ... هو مستحق للعبادة ثاني
غير الإله وذلك الإثبات في ... تلك الشهادة يا أخا العرفان
وشروطها سبع إليك بيانها ... العلم والإخلاص للرحمن
وكذا المحبة واليقين قبولها ... والصدق والتسليم يا إخواني
ويزاد كفرك بالطواغيت التي ... عمت بها البلوى في الأوطان
فاعبد إلهك مخلصاً ومتابعاً ... لنبيك المبعوث بالقرآن
واعلم بأن الشرك في عقد الأولى ... سلفوا على سنن الهدى نوعان
إحداهما الشرك الكبير وحده ... جعل النظير لربنا الرحمن
نداً يساوى بالإله بما له ... فاحذر هديت مهاوي النيران
والأصغر الأدنى كفعلك للريا ... كمحسنٍ فعلاُ لرؤية ثاني(717/1)
أو كاليمين بغيره سبحانه ... من دون تعظيم ولا إذعان
لا يغفرن كبيرة إما الصغـ ... ـــير ففيه خلف يا أخا الإيمان
إن الدعاء هو العبادة وهو في ... عقد الشرائع يا فتى نوعان
فدعاء مسألة كذاك عبادةٍ ... وكلاهما في النص متفقان
فدعاؤك المخلوق شرك أكبر ... إن كان ليس له بذاك يدان
واحذر هديت من التمائم مطلقاً ... حتى وإن كانت من القرآن
لعمومها أعني النصوص كذا لكم ... سدُ الذريعة هذه وجهان
وكذاك خشيتنا دخولك في الخلا ... فامنع هديت قلائد الشيطان
لا تذبحن تقرباً وتعبداً ... إلا لربك لا لشيء ثاني
لا تفعلن عبادة في بقعة ... فعلت به للشرك والكفران
والنذر حق خالص لله لا ... تصرفه للمخلوق كالأيمان
وعليك إتمام النذور بطاعة ... لله لا في النذر بالعصيان
والسحر شرك والسواحر حدهم ... قطع الرقاب بضربةٍ بسنان
وكذلك الكهان فاحذر منهم ... لا تأتهم فهم الحطيط الداني
فلئن أتيت مصدقاً فالكفر أو ... ذهبت صلاتك يافتى مئتان
لا تبطلن هديت سحراً يا فتى ... بالسحر ذلك نشرة الشيطان
بل بالقرآن وما يصح من الدعا ... فهي الشفاء بقدرة المنان
إياك والتنجيم فهو مناقض ... للدين فاحذر يا أخا الإيمان
إن النجوم لها ثلاث مصالح ... ذكرت لها في محكم القرآن
للرجم والتزيين أعني للسما ... وللاهتداء وليس ثمة ثاني
من قال شيئاً غير ذلك فهو في ... درن الضلالة وباء بالخسران
لا تنسبن إلى المنازل نعمة ... فتزل في حفر من الكفران
إياك ( لو) إن كان فيه تسخط ... أو كان فيه تطلع العصيان
فاللو تفتح كل باب للأسى ... وتزيد في عمل الخبيث الواني
قل قدر الله العظيم وكل ما ... شاء الإله يكون دون تواني
لا تحلفن بغير ربك واقتصد ... عود لسانك قلة الأيمان
لا شؤم لا عدوى ولا صفر ولا ... هامٌ فتلك وساوس الشيطان
واعزم عزيمة مؤمن متوكل ... ومعلقٍ للقلب بالرحمن
لا لن يضرك يا فتى إلا الذي ... كتب الإله بسالف الأزمان
واحذر ذوات الروح لا تنسخ لها ... صوراً بأي طريقة ببنان
فتكون ممن ناله درك الشقا ... فالشرك والتصوير مرتضعان
واطمس معالمها فذلك سنة ... جاءت عن المعصوم من عدنان(717/2)
وزر القبور زيارة شرعية ... وهي التي جمعت ثلاث معاني
أن تدعون لميت بخصوصه ... أو تدعون لكل من هو فاني
أو تقصدن تذكراً للموت أو ... ترجو الثواب بسنة العدناني
إلا النساء فما لهن زيارة ... لحديث حبر الأمة الرباني
وأجز زيارة كافر لا للدعا ... بل لارتداع القلب عن عصيان
لا تغلون هديت في قبرٍ ولا ... رجل فتلك مصائد الشيطان
إن الغلو بلية قد أهلكت ... أمماً مضوا في غابر الأزمان
لا ترفعن القبر فوق الشبر لا ... تفعل كفعل معظمي الصلبان
لا تقرنن مع الدعاء وسيلة ... فالأصل فيه المنع دون تواني
إلا إذا دل الدليل فجائز ... كالوصف والأسماء للرحمن
أو بالدعاء من الذي هو صالح ... إن كان حياً حاضراً شرطان
وكذا بذكر الحال والعمل الذي ... هو قربة لله كالإيمان
إن التوسل بالنبي لدى الأولى ... سلفوا على سنن الهدى نوعان
بدعائه وقد انتهى بوفاته ... وكذا بطاعته مدى الأزمان
وتؤثر الأسباب ليس بذاتها ... لكن بتقدير من الرحمن
لا تسألن بوجه ربك حاجة ... إلا دخولك جنة بأمان
واحذر من العمل المراد به الريا ... وعليك بالإخلاص للرحمن
لا تقسمن على الإله تحجراً ... ولتحسنن الظن بالمنان
لا تقرنن مع الدعاء مشيئةً ... واعزم دعاءك يا أخا العرفان
لا تنسبن إلى الزمان مسبةً ... فالدهر مخلوق بلا سلطان
لا تقرنن مشيئة الهادي إلى ... سبل الهدى بمشيئة الإنسان
أثبت صفات الرب إثباتاً بلا ... تكييفٍ أو تحريف أو بهتان
فالله ليس كمثله شيء ولا ... كفؤٌ له وتعالى ذو السبحان
إياك والتعطيل والتمثيل في ... أوصافه فتكون ذا خسران
فأمر آيات الصفات كما أتت ... في السنة الغراء والقرآن
واحذر سؤال الكيف عن أوصافه ... وأجب بقول العالم الرباني
قل نعرف المعنى ونجهل كيفها ... والسؤل يحرم يا أخا الإيمان
لا تأخذن بقول جهم إنه ... قد أنكر الرب العظيم الشان
لا تحصر الأسماء في عدد وقد ... دلت على الأوصاف للرحمن
بتطابق وتضمن وتلازم ... فاجن الثمار براحة وأمان
وكلامه تحت المشيئة وهو من ... حرف وصوت جل عن نقصان
والقول في بعض الصفات كقولنا ... في بعضها والذات دون تواني(717/3)
والله ينزل دون كيف يا فتى ... نحو السماء إذا مضى الثلثان
فيقول هل من سائل فأجيبه ... هل من منيب طالب الغفران
ونرى الإله حقيقة يوم القيـ ... ـامة مرتين ورؤية بعيان
فنراه يوم الحشر في عرصاته ... ونراه بعد دخولنا بجنان
وصفات ربك باعتبار ثبوتها ... ودوامها أقسامها نوعان
ذاتية كالعلم أو فعلية ... وهي التي تنفك في الأحيان
أثبت علو الرب فوق الخلق لا ... تصغي لقول التائه الحيران
ولتؤمنن بالاستواء فقد أتى ... في سبع آيات من القرآن
في السجدة الرعد الحديد ويونس ... وبطه والأعراف والفرقان
ومعية الرب الكريم لخلقه ... حق بدون حلول أو نقصان
ومع العلو فأثبت القرب الذي ... في سنة المعصوم والقرآن
فمعية هي للعموم بعلمه ... وكذا إحاطته بذي الأكوان
ومعية هي للخصوص بنصره ... وكذاك بالتأييد والسلطان
وله يدان كريمتان حقيقة ... ذاتيتان بمحكم القرآن
ولربنا وجه كريم ماله ... مثل بلا تعطيل أو بهتان
والله يعجب من خروج الشيء عن ... حكم النظائر لا خفاء معاني
والله ينسى والمراد به هنا ... ترك الإله لفاعلي العصيان
علماً وعمداً لا ذهولاً يا فتى ... فاعرف هنا المقصود بالنسيان
وقل القرآن كلامه منه ابتدا ... وإليه يرجع آخر الأزمان
إياك والقول الخطير بأنه ... خلق كخلق الإنس والحيوان
واشدد يديك بما يقول إمامنا ... ذاك الفتى النحر ير من شيباني
إثباتنا جل الصفات مفصل ... والنفي يجمل يا أخا الإيمان
ما في النقول معارض للعقل بل ... فيها تحار قرائح الأذهان
واعمل بآحاد الحديث فإنه ... إن صح مقبول مع الإذعان
أيماننا عقد وقول هكذا ... عمل فتلك ركائز الإيمان
ويزيد بالطاعات إن قُبِلَت كذا ... ك ويعتريه النقص بالعصيان
أركانه عند الأئمة ستة ... فالأول الإيمان بالرحمن
ثم الملائكة الكرام جميعهم ... حق كما في محكم القرآن
وعليك بالإيمان بالرسل الأولى ... قد أرسلوا لإقامة البرهان
والرابع الإيمان بالكتب التي ... فيها الهدى والنور للإنسان
والله قدر كل شيء يا فتى ... بمراتب فاثنان ثم اثنان
علم الذي سيكون ثم كتابه الـ ... معلوم في اللوح العظيم الشان(717/4)
ثم المشيئة بعدهن فما نشا ... إلا يشاء الله ذو الغفران
والله خالقنا وخالق فعلنا ... تباً لقول الملحد الشيطاني
قل ليس في القدر المقدر حجة ... كي يستمر على الذنوب الجاني
لكنه عند المصائب فرجة ... أو عند توبتنا من العصيان
والقبر إما روضة من جنة ... أو حفرة ملئت من النيران
وسؤاله حق وليس به امترا ... فموفق ومقارن الخذلان
والبعث والميزان حق يا فتى ... وكذا الصراط يجوزه الثقلان
فَمُسَلَّمٌ ناجٍ ومخدوشٌ كذا ... ك مُكَردسٌ في هوة النيران
والحق أن النار والجنات لا ... تفنى ، على التحقيق بالعرفان
والسلم والإيمان إذ يتفرقا ... في النص قل شيئان متفقان
وإذا رأيتهما بنص واحد ... فإذا هما شيئان مختلفان
فالسلم في عمل الجوارح يا فتى ... وكذاك في عمل القلوب الثاني
جاني الكبيرة ليس يكفر عندنا ... ويكون بعد قيامة الأبدان
تحت المشيئة إن أراد عذابه ... فبعدله، أو إن أراد الثاني
فبفضله فهو الرحيم بخلقه ... وهو الغفور لما جناه الجاني
ويجوز قرنك للمشيئة دونما ... شك ولا ريب مع الإيمان
وعليك إثبات الشفاعة إن أتت ... في السنة الغراء والقرآن
كشفاعة المختار في فصل القضا ... وبعمه ودخولهم بجنان
وبرفعه الدرجات في دار الرضى ... وبمن أتى بكبائر العصيان
لا يدخلون النار أو أن يخرجوا ... بعد الدخول لجنة الرحمن
وشروطها إذن الإله كذا الرضى ... ودليلها في النجم دون تواني
ونحب أصحاب الرسول جميعهم ... من غير إفراط ولا نقصان
ونحب آل البيت حقاً واجباً ... بل من كمال عقيدة الإيمان
لا تفعلن كفعل عباد الهوى ... أو تفعلن كشيعة الشيطان
إن الخلافة بعد موت المصطفى ... بالنص للصديق في الرجحان
وبعهده الفاروق صار خليفة ... وبعقدنا لهما عظيم الشان
من بعدهم عثمان بالشورى فرا ... بعهم علي يا أخا الإيمان
والقدح فسق في خلافة هؤلاء ... كالقدح في ترتيبهم بوزان
من سبهم أو قال كفار هم ... فبه أحق الوصف بالكفران
والصمت حق عن خلاف قد جرى ... بين الصحاب وهم به نوعان
فالمخطئون لهم ثواب واحد ... أما المصيب ثوابه أجران(717/5)
ولهم فضائل جمة قد دونت ... تقضي على الزلات والعصيان
بل كل من أثنى عليه مليكنا ... بالمدح أو بالذم في القرآن
فلأنه سيموت وفق ثنائه ... كصحابة المعصوم والشيطان
أطع الولاة بما تراه موافقاً ... للشرع لا في الكفر والعصيان
لا تخرجن عليهم إلا ترى ... كفراً كنور الصبح بالبرهان
وابذل دعاءك بالصلاح متمماً ... هذا الدعاء بنصحهم بلسان
واصبر على جور الأئمة والأذى ... فولاتنا أعمالنا بوزان
لا تلعنن معيناً إلا إذا ... ثبت الدليل به فشيء ثاني
لا تشهدن له بنار أو رضى ... وبجنة من دون ما برهان
هذا جوابك فالتزمه مفصلاً ... واجعله زاداً للمعاد الثاني
فلقد بذلت الوسع في تسطيره ... ووسمته نونية السعداني
والله يغفر زلتي وخطيئتي ... ويعيذني من نزعة الشيطان
قال كاتبها الفقير إلى رحمة ربه القدير / وليد بن راشد بن سعيدان تم الفراغ منه في يوم الاثنين لثمان ليال خلون
من شهر ربيع الأول سنة ألف وأربعمائة وتسعة عشر من هجرة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وذلك قبيل صلاة الفجر فاللهم انفع به عبادك المؤمنين آمين ،،،(717/6)
نونية القحطاني
تأليف الإمام "أبي محمد الأندلسي القحطاني"
1. يا منزل الآيات والفرقان بيني وبينك حرمة القرآن
2. إشرح به صدري لمعرفة الهدى واعصم به قلبي من الشيطان
3. يسر به أمري وأقض مآربي وأجر به جسدي من النيران
4. واحطط به وزري وأخلص نيتي واشدد به أزري وأصلح شاني
5. واكشف به ضري وحقق توبتي واربح به بيعي بلا خسراني
6. طهر به قلبي وصف سريرتي أجمل به ذكري واعل مكاني
7. واقطع به طمعي وشرف همتي كثر به ورعي واحي جناني
8. أسهر به ليلي وأظم جوارحي أسبل بفيض دموعها أجفاني
9. أمزجه يا رب بلحمي مع دمي واغسل به قلبي من الأضغاني
10. أنت الذي صورتني وخلقتني وهديتني لشرائع الإيمان
11. أنت الذي علمتني ورحمتني وجعلت صدري واعي القرآن
12. أنت الذي أطعمتني وسقيتني من غير كسب يد ولا دكان
13. وجبرتني وسترتني ونصرتني وغمرتني بالفضل والإحسان
14. أنت الذي آويتني وحبوتني وهديتني من حيرة الخذلان
15. وزرعت لي بين القلوب مودة والعطف منك برحمة وحنان
16. ونشرت لي في العالمين محاسنا وسترت عن أبصارهم عصياني
17. وجعلت ذكري في البرية شائعا حتى جعلت جميعهم إخواني
18. والله لو علموا قبيح سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني
19. ولأعرضوا عني وملوا صحبتي ولبؤت بعد كرامة بهوان
20. لكن سترت معايبي ومثالبي وحلمت عن سقطي وعن طغياني
21. فلك المحامد والمدائح كلها بخواطري وجوارحي ولساني
22. ولقد مننت علي رب بأنعم مالي بشكر أقلهن يدان
23. فوحق حكمتك التي آتيتني حتى شددت بنورها برهاني
24. لئن اجتبتني من رضاك معونة حتى تقوي أيدها إيماني
25. لأسبحنك بكرة وعشية ولتخدمنك في الدجى أركاني
26. ولأذكرنك قائما أو قاعدا ولأشكرنك سائر الأحيان
27. ولأكتمن عن البرية خلتي ولاشكون إليك جهد زماني
28. ولأقصدنك في جميع حوائجي من دون قصد فلانة وفلان
29. ولأحسمن عن الأنام مطامعي بحسام يأس لم تشبه بناني(718/1)
30. ولأجعلن رضاك أكبر همتي ولاضربن من الهوى شيطاني
31. ولأكسون عيوب نفسي بالتقى ولأقبضن عن الفجور عناني
32. ولأمنعن النفس عن شهواتها ولأجعلن الزهد من أعواني
33. ولأتلون حروف وحيك في الدجى ولأحرقن بنوره شيطاني
34. أنت الذي يا رب قلت حروفه ووصفته بالوعظ والتبيان
35. ونظمته ببلاغة أزلية تكييفها يخفى على الأذهان
36. وكتبت في اللوح الحفيظ حروفه من قبل خلق الخلق في أزمان
37. فالله ربي لم يزل متكلما حقا إذا ما شاء ذو إحسان
38. نادى بصوت حين كلم عبده موسى فأسمعه بلا كتمان
39. وكذا ينادي في القيامة ربنا جهرا فيسمع صوته الثقلان
40. أن يا عبادي أنصتوا لي واسمعوا قول الإله المالك الديان
41. هذا حديث نبينا عن ربه صدقا بلا كذب ولا بهتان
42. لسنا نشبه صوته بكلامنا إذ ليس يدرك وصفه بعيان
43. لا تحصر الأوهام مبلغ ذاته أبدا ولا يحويه قطر مكان
44. وهو المحيط بكل شيء علمه من غير إغفال ولا نسيان
45. من ذا يكيف ذاته وصفاته وهو القديم مكون الأكوان
46. سبحانه ملكا على العرش استوى وحوى جميع الملك والسلطان
47. وكلامه القرآن أنزل آيه وحيا على المبعوث من عدنان
48. صلى عليه الله خير صلاته ما لاح في فلكيهما القمران
49. هو جاء بالقرآن من عند الذي لا تعتريه نوائب الحدثان
50. تنزيل رب العالمين ووحيه بشهادة الأحبار والرهبان
51. وكلام ربي لا يجيء بمثله أحد ولو جمعت له الثقلان
52. وهو المصون من الأباطل كلها ومن الزيادة فيه والنقصان
53. من كان يزعم أن يباري نظمه ويراه مثل الشعر والهذيان
54. فليأت منه بسورة أو آية فإذا رأى النظمين يشتبهان
55. فلينفرد باسم الألوهية وليكن رب البرية وليقل سبحاني
56. فإذا تناقض نظمه فليلبسن ثوب النقيصة صاغرا بهوان
57. أو فليقر بأنه تنزيل من سماه في نص الكتاب مثاني
58. لا ريب فيه بأنه تنزيله وبداية التنزيل في رمضان
59. الله فصله وأحكم آيه وتلاه تنزيلا بلا ألحان(718/2)
60. هو قوله وكلامه وخطابه بفصاحة وبلاغة وبيان
61. هو حكمه هو علمه هو نوره وصراطه الهادي إلى الرضوان
62. جمع العلوم دقيقها وجليلها فيه يصول العالم الرباني
63. قصص على خير البرية قصة ربي فأحسن أيما إحسان
64. وأبان فيه حلاله وحرامه ونهى عن الآثام والعصيان
65. من قال إن الله خالق قوله فقد استحل عبادة الأوثان
66. من قال فيه عبارة وحكاية فغدا يجرع من حميم آن
67. من قال إن حروفه مخلوقة فالعنه ثم اهجره كل أوان
68. لا تلق مبتدعا ولا متزندقا إلا بعبسة مالك الغضبان
69. والوقف في القرآن خبث باطل وخداع كل مذبذب حيران
70. قل غير مخلوق كلام إلهنا واعجل ولا تك في الإجابة واني
71. أهل الشريعة أيقنوا بنزوله والقائلون بخلقه شكلان
72. وتجنب اللفظين إن كليهما ومقال جهم عندنا سيان
73. يأيها السني خذ بوصيتي واخصص بذلك جملة الإخوان
74. واقبل وصية مشفق متودد واسمع بفهم حاضر يقظان
75. كن في أمورك كلها متوسطا عدلا بلا نقص ولا رجحان
76. واعلم بأن الله رب واحد متنزه عن ثالث أو ثان
77. الأول المبدي بغير بداية والآخر المفني وليس بفان
78. وكلامه صفة له وجلالة منه بلا أمد ولا حدثان
79. ركن الديانة أن تصدق بالقضا لا خير في بيت بلا أركان
80. الله قد علم السعادة والشقا وهما ومنزلتاهما ضدان
81. لا يملك العبد الضعيف لنفسه رشدا ولا يقدر على خذلان
82. سبحان من يجري الأمور بحكمة في الخلق بالأرزاق والحرمان
83. نفذت مشيئته بسابق علمه في خلقه عدلا بلا عدوان
84. والكل في أم الكتاب مسطر من غير إغفال ولا نقصان
85. فاقصد هديت ولا تكن متغاليا إن القدور تفور بالغليان
86. دن بالشريعة والكتاب كليهما فكلاهما للدين واسطتان
87. وكذا الشريعة والكتاب كلاهما بجميع ما تأتيه محتفظان
88. ولكل عبد حافظان لكل ما يقع الجزاء عليه مخلوقان
89. أمرا بكتب كلامه وفعاله وهما لأمر الله مؤتمران
90. والله صدق وعده ووعيده مما يعاين شخصه العينان(718/3)
91. والله أكبر أن تحد صفاته أو أن يقاس بجملة الأعيان
92. وحياتنا في القبر بعد مماتنا حقا ويسألنا به الملكان
93. والقبر صح نعيمه وعذابه وكلاهما للناس مدخران
94. والبعث بعد الموت وعد صادق بإعادة الأرواح في الأبدان
95. وصراطنا حق وحوض نبينا صدق له عدد النجوم أواني
96. يسقى بها السني أعذب شربة ويذاد كل مخالف فتان
97. وكذلك الأعمال يومئذ ترى موضوعة في كفة الميزان
98. والكتب يومئذ تطاير في الورى بشمائل الأيدي وبالأيمان
99. والله يومئذ يجيء لعرضنا مع أنه في كل وقت داني
100. والأشعري يقول يأتي أمره ويعيب وصف الله بالإتيان
101. والله في القرآن أخبر أنه يأتي بغير تنقل وتدان
102. وعليه عرض الخلق يوم معادهم للحكم كي يتناصف الخصمان
103. والله يومئذ نراه كما نرى قمرا بدا للست بعد ثمان
104. يوم القيامة لو علمت بهوله لفررت من أهل ومن أوطان
105. يوم تشققت السماء لهوله وتشيب فيه مفارق الولدان
106. يوم عبوس قمطرير شره في الخلق منتشر عظيم الشان
107. والجنة العليا ونار جهنم داران للخصمين دائمتان
108. يوم يجيء المتقون لربهم وفدا على نجب من العقيان
109. ويجيء فيه المجرمون إلى لظى يتلمظون تلمظ العطشان
110. ودخول بعض المسلمين جهنما بكبائر الآثام والطغيان
111. والله يرحمهم بصحة عقدهم ويبدلوا من خوفهم بأمان
112. وشفيعهم عند الخروج محمد وطهورهم في شاطئ الحيوان
113. حتى إذا طهروا هنالك أدخلوا جنات عدن وهي خير جنان
114. فالله يجمعنا وإياهم بها من غير تعذيب وغير هوان
115. وإذا دعيت إلى أداء فريضة فانشط ولا تك في الإجابة واني
116. قم بالصلاة الخمس واعرف قدرها فلهن عند الله أعظم شان
117. لا تمنعن زكاة مالك ظالما فصلاتنا وزكاتنا أختان
118. والوتر بعد الفرض آكد سنة والجمعة الزهراء والعيدان
119. مع كل بر صلها أو فاجر ما لم يكن في دينه بمشان
120. وصيامنا رمضان فرض واجب وقيامنا المسنون في رمضان(718/4)
121. صلى النبي به ثلاثا رغبة وروى الجماعة أنها ثنتان
122. إن التراوح راحة في ليلة ونشاط كل عويجز كسلان
123. والله ما جعل التراوح منكرا إلا المجوس وشيعة الصلبان
124. والحج مفترض عليك وشرطه أمن الطريق وصحة الأبدان
125. كبر هديت على الجنائز أربعا واسأل لها بالعفو والغفران
126. إن الصلاة على الجنائز عندنا فرض الكفاية لا على الأعيان
127. إن الأهلة للأنام مواقت وبها يقوم حساب كل زمان
128. لا تفطرن ولا تصم حتى يرى شخص الهلال من الورى إثنان
129. متثبتان على الذي يريانه حران في نقليهما ثقتان
130. لا تقصدن ليوم شك عامدا فتصومه وتقول من رمضان
131. لا تعتقد دين الروافض إنهم أهل المحال وحزبة الشيطان
132. جعلوا الشهور على قياس حسابهم ولربما كملا لنا شهران
133. ولربما نقص الذي هو عندهم واف وأوفى صاحب النقصان
134. إن الروافض شر من وطئ الحصى من كل إنس ناطق أو جان
135. مدحوا النبي وخونوا أصحابه ورموهم بالظلم والعدوان
136. حبوا قرابته وسبوا صحبه جدلان عند الله منتقضان
137. فكأنما آل النبي وصحبه روح يضم جميعها جسدان
138. فئتان عقدهما شريعة أحمد بأبي وأمي ذانك الفئتان
139. فئتان سالكتان في سبل الهدى وهما بدين الله قائمتان
140. قل إن خير الأنبياء محمد وأجل من يمشي على الكثبان
141. وأجل صحب الرسل صحب محمد وكذاك أفضل صحبه العمران
142. رجلان قد خلقا لنصر محمد بدمي ونفسي ذانك الرجلان
143. فهما اللذان تظاهرا لنبينا في نصره وهما له صهران
144. بنتاهما أسنى نساء نبينا وهما له بالوحي صاحبتان
145. أبواهما أسنى صحابة أحمد يا حبذا الأبوان والبنتان
146. وهما وزيراه اللذان هما هما لفضائل الأعمال مستبقان
147. وهما لأحمد ناظراه وسمعه وبقربه في القبر مضطجعان
148. كانا على الإسلام أشفق أهله وهما لدين محمد جبلان
149. أصفاهما أقواهما أخشاهما أتقاهما في السر والإعلان(718/5)
150. أسناهما أزكاهما أعلاهما أوفاهما في الوزن والرجحان
151. صديق أحمد صاحب الغار الذي هو في المغارة والنبي اثنان
152. أعني أبا بكر الذي لم يختلف من شرعنا في فضله رجلان
153. هو شيخ أصحاب النبي وخيرهم وإمامهم حقا بلا بطلان
154. وأبو المطهرة التي تنزيهها قد جاءنا في النور والفرقان
155. أكرم بعائشة الرضى من حرة بكر مطهرة الإزار حصان
156. هي زوج خير الأنبياء وبكره وعروسه من جملة النسوان
157. هي عرسه هي أنسه هي إلفه هي حبه صدقا بلا أدهان
158. أوليس والدها يصافي بعلها وهما بروح الله مؤتلفان
159. لما قضى صديق أحمد نحبه دفع الخلافة للإمام الثاني
160. أعني به الفاروق فرق عنوة بالسيف بين الكفر والإيمان
161. هو أظهر الإسلام بعد خفائه ومحا الظلام وباح بالكتمان
162. ومضى وخلى الأمر شورى بينهم في الأمر فاجتمعوا على عثمان
163. من كان يسهر ليلة في ركعة وترا فيكمل ختمة القرآن
164. ولي الخلافة صهر أحمد بعده أعني علي العالم الرباني
165. زوج البتول أخا الرسول وركنه ليث الحروب منازل الأقران
166. سبحان من جعل الخلافة رتبة وبنى الإمامة أيما بنيان
167. واستخلف الأصحاب كي لا يدعي من بعد أحمد في النبوة ثاني
168. أكرم بفاطمة البتول وبعلها وبمن هما لمحمد سبطان
169. غصنان أصلهما بروضة أحمد لله در الأصل والغصنان
170. أكرم بطلحة والزبير وسعدهم وسعيدهم وبعابد الرحمن
171. وأبي عبيدة ذي الديانة والتقى وامدح جماعة بيعة الرضوان
172. قل خير قول في صحابة أحمد وامدح جميع الآل والنسوان
173. دع ما جرى بين الصحابة في الوغى بسيوفهم يوم التقى الجمعان
174. فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم وكلاهما في الحشر مرحومان
175. والله يوم الحشر ينزع كل ما تحوي صدورهم من الأضغان
176. والويل للركب الذين سعوا إلى عثمان فاجتمعوا على العصيان
177. ويل لمن قتل الحسين فإنه قد باء من مولاه بالخسران(718/6)
178. لسنا نكفر مسلما بكبيرة فالله ذو عفو وذو غفران
179. لا تقبلن من التوارخ كلما جمع الرواة وخط كل بنان
180. ارو الحديث المنتقى عن أهله سيما ذوي الأحلام والأسنان
181. كابن المسيب والعلاء ومالك والليث والزهري أو سفيان
182. واحفظ رواية جعفر بن محمد فمكانه فيها أجل مكان
183. واحفظ لأهل البيت واجب حقهم واعرف عليا أيما عرفان
184. لا تنتقصه ولا تزد في قدره فعليه تصلى النار طائفتان
185. إحداهما لا ترتضيه خليفة وتنصه الأخرى آلها ثاني
186. والعن زنادقة الجهالة إنهم أعناقهم غلت إلى الأذقان
187. جحدوا الشرائع والنبوة واقتدوا بفساد ملة صاحب الإيوان
188. لا تركنن إلى الروافض إنهم شتموا الصحابة دون ما برهان
189. لعنوا كما بغضوا صحابة أحمد وودادهم فرض على الإنسان
190. حب الصحابة والقرابة سنة ألقى بها ربي إذا أحياني
191. إحذر عقاب الله وارج ثوابه حتى تكون كمن له قلبان
192. إيماننا بالله بين ثلاثة عمل وقول واعتقاد جنان
193. ويزيد بالتقوى وينقص بالردى وكلاهما في القلب يعتلجان
194. وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
195. فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
196. كن طالبا للعلم واعمل صالحا فهما إلى سبل الهدى سببان
197. لا تتبع علم النجوم فإنه متعلق بزخارف الكهان
198. علم النجوم وعلم شرع محمد في قلب عبد ليس يجتمعان
199. لو كان علم للكواكب أو قضا لم يهبط المريخ في السرطان
200. والشمس في الحمل المضيء سريعة وهبوطها في كوكب الميزان
201. والشمس محرقة لستة أنجم لكنها والبدر ينخسفان
202. ولربما اسودا وغاب ضياهما وهما لخوف الله يرتعدان
203. أردد على من يطمئن إليهما ويظن أن كليهما ربان
204. يا من يحب المشتري وعطاردا ويظن أنهما له سعدان
205. لم يهبطان ويعلوان تشرفا وبوهج حر الشمس يحترقان
206. أتخاف من زحل وترجو المشتري وكلاهما عبدان مملوكان(718/7)
207. والله لو ملكا حياة أو فنا لسجدت نحوهما ليصطنعان
208. وليفسحا في مدتي ويوسعا رزقي وبالإحسان يكتنفاني
209. بل كل ذلك في يد الله الذي ذلت لعزة وجهه الثقلان
210. فقد استوى زحل ونجم المشتري والرأس والذنب العظيم الشان
211. والزهرة الغراء مع مريخها وعطارد الوقاد مع كيوان
212. إن قابلت وتربعت وتثلثت وتسدست وتلاحقت بقران
213. ألها دليل سعادة أو شقوة لا والذي برأى الورى وبراني
214. من قال بالتأثير فهو معطل للشرع متبع لقول ثان
215. إن النجوم على ثلاثة أوجه فاسمع مقال الناقد الدهقان
216. بعض النجوم خلقن زينة للسما كالدر فوق ترائب النسوان
217. وكواكب تهدي المسافر في السرى ورجوم كل مثابر شيطان
218. لا يعلم الإنسان ما يقضى غدا إذ كل يوم ربنا في شأن
219. والله يمطرنا الغيوث بفضله لا نوء عواء ولا دبران
220. من قال إن الغيث جاء بهنعة أو صرفة أو كوكب الميزان
221. فقد افترا إثما وبهتانا ولم ينزل به الرحمن من سلطان
222. وكذا الطبيعة للشريعة ضدها ولقل ما يتجمع الضدان
223. وإذا طلبت طبائعا مستسلما فاطلب شواظ النار في الغدران
224. علم الفلاسفة الغواة طبيعة ومعاد أرواح بلا أبدان
225. لولا الطبيعة عندهم وفعالها لم يمش فوق الأرض من حيوان
226. والبحر عنصر كل ماء عندهم والشمس أول عنصر النيران
227. والغيث أبخرة تصاعد كلما دامت بهطل الوابل الهتان
228. والرعد عند الفيلسوف بزعمه صوت اصطكاك السحب في الأعنان
229. والبرق عندهم شواظ خارج بين السحاب يضيء في الأحيان
230. كذب أرسطاليسهم في قوله هذا وأسرف أيما هذيان
231. الغيث يفرغ في السحاب من السما ويكيله ميكال بالميزان
232. لا قطرة إلا وينزل نحوها ملك إلى الآكام والفيضان
233. والرعد صيحة مالك وهو اسمه يزجي السحاب كسائق الأظعان
234. والبرق شوظ النار يزجرها به زجر الحداة العيس بالقضبان
235. أفكان يعلم ذا أرسطاليسهم تدبير ما انفردت به الجهتان(718/8)
236. أم غاب تحت الأرض أم صعد السما فرأى بها الملكوت رأي عيان
237. أم كان دبر ليلها ونهارها أم كان يعلم كيف يختلفان
238. أم سار بطلموس بين نجومها حتى رأى السيار والمتواني
239. أم كان أطلع شمسها وهلالها أم هل تبصر كيف يعتقبان
240. أم كان أرسل ريحها وسحابها بالغيث يهمل أيما هملان
241. بل كان ذلك حكمة الله الذي بقضائه متصرف الأزمان
242. لا تستمع قول الضوارب بالحصا والزاجرين الطير بالطيران
243. فالفرقتان كذوبتان على القضا وبعلم غيب الله جاهلتان
244. كذب المهندس والمنجم مثله فهما لعلم الله مدعيان
245. الأرض عند كليهما كروية وهما بهذا القول مقترنان
246. والأرض عند أولي النهى لسطيحة بدليل صدق واضح القرآن
247. والله صيرها فراشا للورى وبنى السماء بأحسن البنيان
248. والله أخبر أنها مسطوحة وأبان ذلك أيما تبيان
249. أأحاط بالأرض المحيطة علمهم أم بالجبال الشمخ الأكنان
250. أم يخبرون بطولها وبعرضها أم هل هما في القدر مستويان
251. أم فجروا أنهارها وعيونها ماء به يروى صدى العطشان
252. أم أخرجوا أثمارها ونباتها والنخل ذات الطلع والقنوان
253. أم هل لهم علم بعد ثمارها أم باختلاف الطعم والألوان
254. الله أحكم خلق ذلك كله صنعا وأتقن أيما إتقان
255. قل للطبيب الفيلسوف بزعمه إن الطبيعة علمها برهان
256. أين الطبيعة عند كونك نطفة في البطن إذ مشجت به الماآن
257. أين الطبيعة حين عدت عليقة في أربعين وأربعين تواني
258. أين الطبيعة عند كونك مضغة في أربعين وقد مضى العددان
259. أترى الطبيعة صورتك مصورا بمسامع ونواظر وبنان
260. أترى الطبيعة أخرجتك منكسا من بطن أمك واهي الأركان
261. أم فجرت لك باللبان ثديها فرضعتها حتى مضى الحولان
262. أم صيرت في والديك محبة فهما بما يرضيك مغتبطان
263. يا فيلسوف لقد شغلت عن الهدى بالمنطق الرومي واليوناني
264. وشريعة الإسلام أفضل شرعة دين النبي الصادق العدنان(718/9)
265. هو دين رب العالمين وشرعه وهو القديم وسيد الأديان
266. هو دين آدم والملائك قبله هو دين نوح صاحب الطوفان
267. وله دعا هود النبي وصالح وهما لدين الله معتقدان
268. وبه أتى لوط وصاحب مدين فكلاهما في الدين مجتهدان
269. هو دين إبراهيم وابنيه معا وبه نجا من نفحة النيران
270. وبه حمى الله الذبيح من البلا لما فداه بأعظم القربان
271. هو دين يعقوب النبي ويونس وكلاهما في الله مبتليان
272. هو دين داود الخليفة وابنه وبه أذل له ملوك الجان
273. هو دين يحيى مع أبيه وأمه نعم الصبي وحبذا الشيخان
274. وله دعا عيسى بن مريم قومه لم يدعهم لعبادة الصلبان
275. والله أنطقه صبيا بالهدى في المهد ثم سما على الصبيان
276. وكمال دين الله شرع محمد صلى عليه منزل القرآن
277. الطيب الزاكي الذي لم يجتمع يوما على زلل له ابوان
278. الطاهر النسوان والولد الذي من ظهره الزهراء والحسنان
279. وأولو النبوة والهدى ما منهم أحد يهودي ولا نصراني
280. بل مسلمون ومؤمنون بربهم حنفاء في الإسرار والإعلان
281. ولملة الإسلام خمس عقائد والله أنطقني بها وهداني
282. لا تعص ربك قائلا أو فاعلا فكلاهما في الصحف مكتوبان
283. جمل زمانك بالسكوت فإنه زين الحليم وسترة الحيران
284. كن حلس بيتك إن سمعت بفتنة وتوق كل منافق فتان
285. أد الفرائض لا تكن متوانيا فتكون عند الله شر مهان
286. أدم السواك مع الوضوء فإنه مرضى الإله مطهر الأسنان
287. سم الإله لدى الوضوء بنية ثم استعذ من فتنة الولهان
288. فأساس أعمال الورى نياتهم وعلى الأساس قواعد البنيان
289. أسبغ وضوءك لا تفرق شمله فالفور والإسباغ مفترضان
290. فإذا انتشقت فلا تبالغ جيدا لكنه شم بلا إمعان
291. وعليك فرضا غسل وجهك كله والماء متبع به الجفنان
292. واغسل يديك إلى المرافق مسبغا فكلاهما في الغسل مدخولان
293. وامسح برأسك كله مستوفيا والماء ممسوح به الأذنان(718/10)
294. وكذا التمضمض في وضوئك سنة بالماء ثم تمجه الشفتان
295. والوجه والكفان غسل كليهما فرض ويدخل فيهما العظمان
296. غسل اليدين لدى الوضوء نظافة أمر النبي بها على استحسان
297. سيما إذا ما قمت في غسق الدجى واستيقظت من نومك العينان
298. وكذلك الرجلان غسلهما معا فرض ويدخل فيهما الكعبان
299. لا تستمع قول الروافض إنهم من رأيهم أن تمسح الرجلان
300. يتأولون قراءة منسوخة بقراءة وهما منزلتان
301. إحداهما نزلت لتنسخ أختها لكن هما في الصحف مثبتتان
302. غسل النبي وصحبه أقدامهم لم يختلف في غسلهم رجلان
303. والسنة البيضاء عند أولي النهى في الحكم قاضية على القرآن
304. فإذا استوت رجلاك في خفيهما وهما من الأحداث طاهرتان
305. وأردت تجديد الطهارة محدثا فتمامها أن يمسح الخفان
306. وإذا أردت طهارة لجنابة فلتخلعا ولتغسل القدمان
307. غسل الجنابة في الرقاب أمانة فأداءها من أكمل الإيمان
308. فإذا ابتليت فبادرن بغسلها لا خير في متثبط كسلان
309. وإذا اغتسلت فكن لجسمك دالكا حتى يعم جميعه الكفان
310. وإذا عدمت الماء فكن متيمما من طيب ترب الأرض والجدران
311. متيمما صليت أو متوضئا فكلاهما في الشرع مجزيتان
312. والغسل فرض والتدلك سنة وهما بمذهب مالك فرضان
313. والماء ما لم تستحل أوصافه بنجاسة أو سائر الأدهان
314. فإذا صفى في لونه أو طعمه مع ريحه من جملة الأضغان
315. فهناك سمي طاهرا ومطهرا هذان أبلغ وصفه هذان
316. فإذا صفى في لونه أو طعمه من حمأة الآبار والغاران
317. جاز الوضوء لنا به وطهورنا فاسمع بقلب حاضر يقظان
318. ومتى تمت في الماء نفس لم يجز منه الطهور لعلة السيلان
319. إلا إذا كان الغدير مرجرجا غدقا بلا كيل ولا ميزان
320. أو كانت الميتات مما لم تسل والما قليل طاب للغسلان
321. والبحر اجمعه طهور ماءه وتحل ميتته من الحيتان
322. إياك نفسك والعدو وكيده فكلاهما لأذاك مبتديان(718/11)
323. أحذر وضوءك مفرطا ومفرطا فكلاهما في العلم محذوران
324. فقليل مائك في وضوئك خدعة لتعود صحته إلى البطلان
325. وتعود مغسولاته ممسوحة فاحذر غرور المارد الخوان
326. وكثير مائك في وضوئك بدعة يدعو إلى الوسواس والهملان
327. لا تكثرن ولا تقلل واقتصد فالقصد والتوفيق مصطحبان
328. وإذا استطبت ففي الحديث ثلاثة لم يجزنا حجر ولا حجران
329. من أجل أن لكل مخرج غائط شرجا تضم عليه ناحيتان
330. وإذا الأذى قد جاز موضع عادة لم يجز إلا الماء بالإمعان
331. نقض الوضوء بقبلة أو لمسة أو طول نوم أو بمس ختان
332. أو بوله أو غائط أو نومة أو نفخة في السر والإعلان
333. ومن المذي أو الودي كلاهما من حيث يبدو البول ينحدران
334. ولربما نفخ الخبيث بمكره حتى يضم لنفخة الفخذان
335. وبيان ذلك صوته أو ريحه هاتان بينتان صادقتان
336. والغسل فرض من ثلاثة أوجه دفق المنى وحيضة النسوان
337. إنزاله في نومه أو يقظة حالان للتطهير موجبتان
338. وتطهر الزوجين فرض واجب عند الجماع إذا التقى الفرجان
339. فكلاهما إن انزلا أو اكسلا فهما بحكم الشرع يغتسلان
340. واغسل إذا أمذيت فرجك كله والانثيان فليس يفترضان
341. والحيض والنفساء أصل واحد عند انقطاع الدم يغتسلان
342. وإذا أعادت بعد شهرين الدما تلك استحاضة بعد ذي الشهران
343. فلتغتسل لصلاتها وصيامها والمستحاضة دهرها نصفان
344. فالنصف تترك صومها وصلاتها ودم المحيض وغيره لونان
345. وإذا صفا منها واشرق لونه فصلاتها والصوم مفترضان
346. تقضي الصيام ولا تعيد صلاتها إن الصلاة تعود كل زمان
347. فالشرع والقرآن قد حكما به بين النساء فليس يطرحان
348. ومتى ترى النفساء طهرا تغتسل أو لا فغاية طهرها شهران
349. مس النساء على الرجال محرم حرث السباخ خسارة الحرثان
350. لا تلق ربك سارقا أو خائنا أو شاربا أو ظالما أو زاني
351. قل إن رجم الزانيين كليهما فرض إذا زنيا على الإحصان(718/12)
352. والرجم في القرآن فرض لازم للمحصنين ويجلد البكران
353. والخمر يحرم بيعها وشراؤها سيان ذلك عندنا سيان
354. في الشرع والقرآن حرم شربها وكلاهما لا شك متبعان
355. أيقن بأشراط القيامة كلها واسمع هديت نصيحتي وبياني
356. كالشمس تطلع من مكان غروبها وخروج دجال وهول دخان
357. وخروج يأجوج ومأجوج معا من كل صقع شاسع ومكان
358. ونزول عيسى قاتلا دجالهم يقضي بحكم العدل والإحسان
359. واذكر خروج فصيل ناقة صالح يسم الورى بالكفر والإيمان
360. والوحي يرفع والصلاة من الورى وهما لعقد الدين واسطتان
361. صل الصلاة الخمس أول وقتها إذ كل واحدة لها وقتان
362. قصر الصلاة على المسافر واجب وأقل حد القصر مرحلتان
363. كلتاهما في أصل مذهب مالك خمسون ميلا نقصها ميلان
364. وإذا المسافر غاب عن أبياته فالقصر والإفطار مفعولان
365. وصلاة مغرب شمسنا وصباحنا في الحضر والأسفار كاملتان
366. والشمس حين تزول من كبد السما فالظهر ثم العصر واجبتان
367. والظهر آخر وقتها متعلق بالعصر والوقتان مشتبكان
368. لا تلتفت ما دمت فيها قائما واخشع بقلب خائف رهبان
369. وكذا الصلاة غروب شمس نهارنا وعشائنا وقتان متصلان
370. والصبح منفرد بوقت مفرد لكن لها وقتان مفرودان
371. فجر وإسفار وبين كليهما وقت لكل مطول متوان
372. وارقب طلوع الفجر واستيقن به فالفجر عند شيوخنا فجران
373. فجر كذوب ثم فجر صادق ولربما في العين يشتبهان
374. والظل في الأزمان مختلف كما زمن الشتا والصيف مختلفان
375. فاقرأ إذا قرأ الأمام مخافتا واسكت إذا ما كان ذا إعلان
376. ولكل سهو سجدتان فصلها قبل السلام وبعده قولان
377. سنن الصلاة مبينة وفروضها فاسأل شيوخ الفقه والإحسان
378. فرض الصلاة ركوعها وسجودها ما إن تخالف فيهما رجلان
379. تحريمها تكبيرها وحلالها تسليمها وكلاهما فرضان
380. والحمد فرض في الصلاة قراتها آياتها سبع وهن تبياني(718/13)
381. في كل ركعات الصلاة معادة فيها ببسملة فخذ مثاني
382. وإذا نسيت قراتها في ركعة فاستوف ركعتها بغير توان
383. إتبع إمامك خافضا أو رافعا فكلاهما فعلان محمودان
384. لا ترفعن قبل الأمام ولا تضع فكلاهما امران مذمومان
385. إن الشريعة سنة وفريضة وهما لدين محمد عقدان
386. لكن آذان الصبح عند شيوخنا من قبل أن يتبين الفجران
387. هي رخصة في الصبح لا في غيرها من أجل يقظة غافل وسنان
388. أحسن صلاتك راكعا ساجدا بتطمن وترفق وتدان
389. لا تدخلن إلى صلاتك حاقنا فالإحتقان يخل بالأركان
390. بيت من الليل الصيام بنية من قبل أن يتميز الخيطان
391. يجزيك في رمضان نية ليلة إذ ليس مختلطا بعقد ثان
392. رمضان شهر كامل في عقدنا ما حله يوم ولا يومان
393. إلا المسافر والمريض فقد أتى تأخير صومهما لوقت ثان
394. وكذاك حمل والرضاع كلاهما في فطره لنسائنا عذران
395. عجل بفطرك والسحور مؤخر فكلاهما أمران مرغوبان
396. حصن صيامك بالسكوت عن الخنا أطبق على عينيك بالأجفان
397. لا تمش ذا وجهين من بين الورى شر البرية من له وجهان
398. لا تحسدن أحدا على نعمائه إن الحسود لحكم ربك شان
399. لا تسع بين الصاحبين نميمة فلأجلها يتباغض الخلان
400. والعين حق غير سابقة لما يقضى من الأرزاق والحرمان
401. والسحر كفر فعله لا علمه من ههنا يتفرق الحكمان
402. والقتل حد الساحرين إذا هم عملوا به للكفى والطغيان
403. وتحر بر الوالدين فإنه فرض عليك وطاعة السلطان
404. لا تخرجن على الأمام محاربا ولو أنه رجل من الحبشان
405. ومتى أمرت ببدعة أو زلة فاهرب بدينك آخر البلدان
406. الدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران
407. لا تخل بامرأة لديك بريبة لو كنت في النساك مثل بنان
408. إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل الكلاب تطوف باللحمان
409. إن لم تصن تلك اللحوم أسودها أكلت بلا عوض ولا أثمان
410. لا تقبلن من النساء مودة فقلوبهن سريعة الميلان(718/14)
411. لا تتركن أحدا بأهلك خاليا فعلى النساء تقاتل الأخوان
412. واغضض جفونك عن ملاحظة النسا ومحاسن الأحداث والصبيان
413. لا تجعلن طلاق أهلك عرضة إن الطلاق لأخبث الأيمان
414. إن الطلاق مع العتاق كلاهما قسمان عند الله ممقوتان
415. واحفر لسرك في فؤادك ملحدا وادفنه في الاحشاء أي دفان
416. إن الصديق مع العدو كلاهما في السر عند أولى النهى شكلان
417. لا يبدو منك إلى صديقك زلة واجعل فؤادك أوثق الخلان
418. لا تحقرن من الذونوب صغارها والقطر منه تدفق الخلجان
419. وإذا نذرت فكن بنذرك موفيا فالنذر مثل العهد مسئولان
420. لا تشغلن بعيب غيرك غافلا عن عيب نفسك إنه عيبان
421. لا تفن عمرك في الجدال مخاصما إن الجدال يخل بالأديان
422. واحذر مجادلة الرجال فإنها تدعو إلى الشحناء والشنآن
423. وإذا اضطررت إلى الجدال ولم تجد لك مهربا وتلاقت الصفان
424. فاجعل كتاب الله درعا سابغا والشرع سيفك وابد في الميدان
425. والسنة البيضاء دونك جنة واركب جواد العزم في الجولان
426. واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى فالصبر أوثق عدة الإنسان
427. واطعن برمح الحق كل معاند لله در الفارس الطعان
428. واحمل بسيف الصدق حملة مخلص متجرد لله غير جبان
429. واحذر بجهدك مكر خصمك إنه كالثعلب البري في الروغان
430. أصل الجدال من السؤال وفرعه حسن الجواب بأحسن التبيان
431. لا تلتفت عند السؤال ولا تعد لفظ السؤال كلاهما عيبان
432. وإذا غلبت الخصم لا تهزأ به فالعجب يخمد جمرة الإحسان
433. فلربما انهزم المحارب عامدا ثم انثنى قسطا على الفرسان
434. واسكت إذا وقع الخصوم وقعقعوا فلربما ألقوك في بحران
435. ولربما ضحك الخضوم لدهشة فاثبت ولا تنكل عن البرهان
436. فإذا أطالوا في الكلام فقل لهم إن البلاغة لجمت ببيان
437. لا تغضبن إذا سئلت ولا تصح فكلاهما خلقان مذمومان
438. واحذر مناظرة بمجلس خيفة حتى تبدل خيفة بأمان(718/15)
439. ناظر أديبا منصفا لك عاقلا وانصفه أنت بحسب ما تريان
440. ويكون بينكما حكيم حاكما عدلا إذا جئتاه تحتكمان
441. كن طول دهرك ماكنا متواضعا فهما لكل فضيلة بابان
442. واخلع رداء الكبر عنك فإنه لا يستقل بحمله الكتفان
443. كن فاعلا للخير قوالا له فالقول مثل الفعل مقترنان
444. من غوث ملهوف وشبعة جائع ودثار عريان وفدية عان
445. فإذا عملت الخير لا تمنن به لا خير في متمدح منان
446. أشكر على النعماء واصبر للبلا فكلاهما خلقان ممدوحان
447. لا تشكون بعلة أو قلة فهما لعرض المرء فاضحتان
448. صن حر وجهك بالقناعة إنما صون الوجوه مروءة الفتيان
449. بالله ثق وله أنب وبه استعن فإذا فعلت فأنت خير معان
450. وإذا عصيت فتب لربك مسرعا حذر الممات ولا تقل لم يان
451. وإذا ابتليت بعسرة فاصبر لها فالعسر فرد بعده يسران
452. لا تحش بطنك بالطعام تسمنا فجسوم أهل العلم غير سمان
453. لا تتبع شهوات نفسك مسرفا فالله يبغض عابدا شهواني
454. اقلل طعامك ما استطعت فإنه نفع الجسوم وصحة الأبدان
455. واملك هواك بضبط بطنك إنه شر الرجال العاجز البطنان
456. ومن استذل لفرجه ولبطنه فهما له مع ذا الهوى بطنان
457. حصن التداوي المجاعة والظما وهما لفك نفوسنا قيدان
458. أظمئ نهارك ترو في دار العلا يوما يطول تلهف العطشان
459. حسن الغذاء ينوب عن شرب الدوا سيما مع التقليل والإدمان
460. إياك والغضب الشديد على الدوا فلربما أفضى إلى الخذلان
461. دبر دواءك قبل شربك وليكن متألف الأجزاء والأوزان
462. وتداو بالعسل المصفى واحتجم فهما لدائك كله برءان
463. لا تدخل الحمام شبعان الحشا لا خير في الحمام للشبعان
464. والنوم فوق السطح من تحت السما يفني ويذهب نضرة الأبدان
465. لا تفن عمرك في الجماع فإنه يكسو الوجوه بحلة اليرقان
466. أحذرك من نفس العجوز وبضعها فهما لجسم ضجيعها سقمان
467. عانق من النسوان كل فتية أنفاسها كروائح الريحان(718/16)
468. لا خير في صور المعازف كلها والرقص والإيقاع في القضبان
469. إن التقي لربه متنزه عن صوت أوتار وسمع أغان
470. وتلاوة القرآن من أهل التقى سيما بحسن شجا وحسن بيان
471. أشهى وأوفى للنفوس حلاوة من صوت مزمار ونقر مثان
472. وحنينه في الليل أطيب مسمع من نغمة النايات والعيدان
473. أعرض عن الدنيا الدنية زاهدا فالزهد عند أولي النهى زهدان
474. زهد عن الدنيا وزهد في الثنا طوبى لمن أمسى له الزهدان
475. لا تنتهب مال اليتامى ظالما ودع الربا فكلاهما فسقان
476. واحفظ لجارك حقه وذمامه ولكل جار مسلم حقان
477. واضحك لضيفك حين ينزل رحله إن الكريم يسر بالضيفان
478. واصل ذوي الأرحام منك وإن جفوا فوصالهم خير من الهجران
479. واصدق ولا تحلف بربك كاذبا وتحر في كفارة الإيمان
480. وتوق أيمان الغموس فإنها تدع الديار بلاقع الحيطان
481. حد النكاح من الحرائر أربع فاطلب ذوات الدين والإحصان
482. لا تنكحن محدة في عدة فنكاحها وزناؤها شبهان
483. عدد النساء لها فرائض أربع لكن يضم جميعها أصلان
484. تطليق زوج داخل أو موته قبل الدخول وبعده سيان
485. وحدودهن على ثلاثة أقرؤ أو أشهر وكلاهما جسران
486. وكذاك عدة من توفي زوجها سبعون يوما بعدها شهران
487. عدد الحوامل من طلاق أو فنا وضع الأجنة صارخا أو فاني
488. وكذاك حكم السقط في إسقاطه حكم التمام كلاهما وضعان
489. من لم تحض أو من تقلص حيضها قد صح في كلتيهما العددان
490. كلتاهما تبقى ثلاثة أشهر حكماهما في النص مستويان
491. عدد الجوار من الطلاق بحيضة ومن الوفاة الخمس والشهران
492. فبطلقتين تبين من زوج لها لا رد إلا بعد زوج ثاني
493. وكذا الحرائر فالثلاث تبينها فيحل تلك وهذه زوجان
494. فلتنكحا زوجيهما عن غبطة ورضا بلا دلس ولا عصيان
495. حتى إذا امتزج النكاح بدلسة فهما مع الزوجين زانيتان
496. إياك والتيس المحلل إنه والمستحل لردها تيسان(718/17)
497. لعن النبي محللا ومحللا فكلاهما في الشرع ملعونان
498. لا تضربن أمة ولا عبدا جنى فكلاهما بيديك مأسوران
499. اعرض عن النسوان جهدك وانتدب لعناق خيرات هناك حسان
500. في جنة طابت وطاب نعيمها من كل فاكهة بها زوجان
501. أنهارها تجري لهم من تحتهم محفوفة بالنخل والرمان
502. غرفاتها من لؤلؤ وزبرجد وقصورها من خالص العقيان
503. قصرت بها للمتقين كواعبا شبهن بالياقوت والمرجان
504. بيض الوجوه شعورهن حوالك حمر الخدود عواتق الأجفان
505. فلج الثغور إذا ابتسمن ضواحكا هيف الخصور نواعم الأبدان
506. خضر الثياب ثديهن نواهد صفر الحلي عواطر الأردان
507. طوبى لقوم هن أزواج لهم في دار عدن في محل أمان
508. يسقون من خمر لذيذ شربها بأنامل الخدام والولدان
509. لو تنظر الحوراء عند وليها وهما فويق الفرش متكئان
510. يتنازعان الكأس في أيديهما وهما بلذة شربها فرحان
511. ولربما تسقيه كأسا ثانيا وكلاهما برضابها حلوان
512. يتحدثان على الأرائك خلوة وهما بثوب الوصل مشتملان
513. أكرم بجنات النعيم وأهلها إخوان صدق أيما إخوان
514. جيران رب العالمين وحزبه أكرم بهم في صفوة الجيران
515. هم يسمعون كلامه ويرونه والمقلتان إليه ناظرتان
516. وعليهم فيهما ملابس سندس وعلى المفارق أحسن التيجان
517. تيجانهم من لؤلؤ وزبرجد أو فضة من خالص العقيان
518. وخواتم من عسجد وأساور من فضة كسيت بها الزندان
519. وطعامهم من لحم طير ناعم كالبخت يطعم سائر الألوان
520. وصحافهم ذهب ودر فائق سبعون الفا فوق ألف خوان
521. إن كنت مشتاقا لها كلفا بها شوق الغريب لرؤية الأوطان
522. كن محسنا فيما استطعت فربما تجزى عن الإحسان بالإحسان
523. واعمل لجنات النعيم وطيبها فنعيمها يبقى وليس بفان
524. آدم الصيام مع القيام تعبدا فكلاهما عملان مقبولان
525. قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم إلا كنومة حائر ولهان
526. فلربما تأتي المنية بغتة فتساق من فرش إلى الأكفان(718/18)
527. يا حبذا عينان في غسق الدجى من خشية الرحمن باكيتان
528. لا تقذفن المحصنات ولا تقل ما ليس تعلمه من البهتان
529. لا تدخلن بيوت قوم حضر إلا بنحنحة أو استئذان
530. لا تجزعن إذا دهتك مصيبة إن الصبور ثوابه ضعفان
531. فإذا ابتليت بنكبة فاصبر لها الله حسبي وحده وكفاني
532. وعليك بالفقه المبين شرعنا وفرائض الميراث والقرآن
533. علم الحساب وعلم شرع محمد علمان مطلوبان متبعان
534. لولا الفرائض ضاع ميراث الورى وجرى خصام الولد والشيبان
535. لولا الحساب وضربه وكسوره لم ينقسم سهم ولا سهمان
536. لا تلتمس علم الكلام فإنه يدعو إلى التعطيل والهيمان
537. لا يصحب البدعي إلا مثله تحت الدخان تأجج النيران
538. علم الكلام وعلم شرع محمد يتغايران وليس يشتبهان
539. اخذوا الكلام عن الفلاسفة الأولى جحدوا الشرائع غرة وأمان
540. حملوا الأمور على قياس عقولهم فتبلدوا كتبلد الحيران
541. مرجيهم يزري على قدريهم والفرقتان لدي كافرتان
542. ويسب مختاريهم دوريهم والقرمطي ملاعن الرفضان
543. ويعيب كراميهم وهبيهم وكلاهما يروي عن ابن أبان
544. لحجاجهم شبه تخال ورونق مثل السراب يلوح للظمآن
545. دع أشعريهم ومعتزليهم يتناقرون تناقر الغربان
546. كل يقيس بعقله سبل الهدى ويتيه تيه الواله الهيمان
547. فالله يجزيهم بما هم أهله وله الثنا من قولهم براني
548. من قاس شرع محمد في عقله قذفت به الأهواء في غدران
549. لا تفتكر في ذات ربك واعتبر فيما به يتصرف الملوان
550. والله ربي ما تكيف ذاته بخواطر الأوهام والأذهان
551. أمرر أحاديث الصفات كما أتت من غير تأويل ولا هذيان
552. هو مذهب الزهري ووافق مالك وكلاهما في شرعنا علمان
553. لله وجه لا يحد بصورة ولربنا عينان ناظرتان
554. وله يدان كما يقول إلهنا ويمينه جلت عن الإيمان
555. كلتا يدي ربي يمين وصفها وهما على الثقلين منفقتان
556. كرسيه وسع السموات العلا والأرض وهو يعمه القدمان(718/19)
557. والله يضحك لا كضحك عبيده والكيف ممتنع على الرحمن
558. والله ينزل كل آخر ليلة لسمائه الدنيا بلا كتمان
559. فيقول هل من سائل فأجيبه فأنا القريب أجيب من ناداني
560. حاشا الإله بأن تكيف ذاته فالكيف والتمثيل منتفيان
561. والأصل أن الله ليس كمثله شيء تعالى الرب ذو الإحسان
562. وحديثه القرآن وهو كلامه صوت وحرف ليس يفترقان
563. لسنا نشبه ربنا بعباده رب وعبد كيف يشتبهان
564. فالصوت ليس بموجب تجسيمه إذ كانت الصفتان تختلفان
565. حركات السننا وصوت حلوقنا مخلوقة وجميع ذلك فإني
566. وكما يقول الله ربي لم يزل حيا وليس كسائر الحيوان
567. وحياة ربي لم تزل صفة له سبحانه من كامل ذي الشان
568. وكذاك صوت الهنا ونداؤه حقا أتى في محكم القرآن
569. وحياتنا بحرارة وبرودة والله لا يعزى له هذان
570. وقوامها برطوبة ويبوسة ضدان أزواج هما ضدان
571. سبحان ربي عن صفات عباده أو أن يكون مركبا جسداني
572. أني أقول فأنصتوا لمقالتي يا معشر الخلطاء والأخوان
573. إن الذي هو في المصاحف مثبت بأنامل الأشياخ والشبان
574. هو قول ربي آية وحروفه ومدادنا والرق مخلوقان
575. من قال في القرآن ضد مقالتي فالعنه كل إقامة وآذان
576. هو في المصاحف والصدور حقيقة ايقن بذلك أيما ايقان
577. وكذا الحروف المستقر حسابها عشرون حرفا بعدهن ثماني
578. هي من كلام الله جل جلاله حقا وهن أصول كل بيان
579. حاء وميم قول ربي وحده من غير أنصار ولا أعوان
580. من قال في القران ما قد قاله عبد الجليل وشيعة اللحيان
581. فقد افترى كذبا وأثما واقتدى بكلاب كلب معرة النعمان
582. خالطتهم حينا فلو عاشرتهم لضربتهم بصوارمي ولساني
583. تعس العمي أبو العلاء فانه قد كان مجموعا له العميان
584. ولقد نظمت قصيدتين بهجوه أبيات كل قصيدة مئتان
585. والآن أهجو الاشعري وحزبه وأذيع ما كتموا من البهتان
586. يا معشر المتكلمين عدوتم عدوان أهل السبت في الحيتان(718/20)
587. كفرتم أهل الشريعة والهدى وطعنتم بالبغي والعدوان
588. فلأنصرن الحق حتى أنني آسطو على ساداتكم بطعاني
589. الله صيرني عصا موسى لكم حتى تلقف افككم ثعباني
590. بأدلة القرآن ابطل سحركم وبه ازلزل كل من لاقاني
591. هو ملجئي هو مدرئي وهو منجني من كيد كل منافق خوان
592. إن حل مذهبكم بأرض أجدبت أو أصبحت قفرا بلا عمران
593. والله صيرني عليكم نقمة ولهتك ستر جميعكم أبقاني
594. أنا في حلوق جميعهم عود الحشا اعيى أطبتكم غموض مكاني
595. أنا حية الوادي أنا أسد الشرى أنا مرهف ماضي الغرار يماني
596. بين ابن حنبل وابن إسماعيلكم سخط يذيقكم الحميم الآن
597. داريتم علم الكلام تشزرا والفقه ليس لكم عليه يدان
598. الفقه مفتقر لخمس دعائم لم يجتمع منها لكم ثنتان
599. حلم وإتباع لسنة أحمد وتقى وكف أذى وفهم معان
600. أثرتم الدنيا على أديانكم لا خير في دنيا بلا أديان
601. وفتحتم أفواهكم وبطونكم فبلغتم الدنيا بغير توان
602. كذبتم أقوالكم بفعالكم وحملتم الدنيا على الأديان
603. قراؤكم قد أشبهوا فقهاءكم فئتان للرحمن عاصيتان
604. يتكالبان على الحرام وأهله فعل الكلاب بجيفة اللحمان
605. يا اشعرية هل شعرتم أنني رمد العيون وحكة الأجفان
606. أنا في كبود الأشعرية قرحة اربو فأقتل كل من يشناني
607. ولقد برزت إلى كبار شيوخكم فصرفت منهم كل من ناواني
608. وقلبت ارض حجاجهم ونثرتها فوجدتها قولا بلا برهان
609. والله أيدني وثبت حجتي والله من شبهاتهم نجاني
610. والحمد لله المهيمن دائما حمدا يلقح فطنتي وجناني
611. أحسبتم يا اشعرية إنني ممن يقعقع خلفه بشنان
612. أفتستر الشمس المضيئة بالسها أم هل يقاس البحر بالخلجان
613. عمري لقد فتشتكم فوجدتكم حمرا بلا عن ولا أرسان
614. أحضرتكم وحشرتكم وقصدتكم وكسرتكم كسرا بلا جبران
615. أزعمتم أن القرآن عبارة فهما كما تحكون قرآنان
616. إيمان جبريل وإيما الذي ركب المعاصي عندكم سيان(718/21)
617. هذا الجويهر والعريض بزعمكم أهما لمعرفة الهدى أصلان
618. من عاش في الدنيا ولم يعرفهما وأقر بالإسلام والفرقان
619. أفمسلم هو عندكم أم كافر أم عاقل أم جاهل أم واني
620. عطلتم السبع السموات العلا والعرش اخليتم من الرحمن
621. وزعمتم أن البلاغ لأحمد في آية من جملة القرآن
622. هذي الشقاسق والمخارف والهوى والمذهب المستحدث الشيطاني
623. سميتم علم الأصول ضلالة كاسم النبيذ لخمرة الأدنان
624. ونعت محارمكم على أمثالكم والله عنها صانني وحماني
625. أني اعتصمت بجبل شرع محمد وعضضته بنواجذ الأسنان
626. اشعرتم يا اشعرية أنني طوفان بحر أيما طوفان
627. أنا همكم أنا غمكم أنا سقمكم أنا سمكم في السر والإعلان
628. أذهبتم نور القرآن وحسنه من كل قلب واله لهفان
629. فوحق جبار على العرش استوى من غير تمثيل كقول الجاني
630. ووحق من ختم الرسالة والهدى بمحمد فزها به الحرمان
631. لأقطعن بمعولي أعراضكم ما دام يصحب مهجتي جثماني
632. ولأهجونكم واثلب حزبكم حتى تغيب جثتي أكفاني
633. ولأهتكن بمنطقي أستاركم حتى أبلغ قاصيا أو داني
634. ولأهجون صغيركم وكبيركم غيظا لمن قد سبني وهجاني
635. ولأنزلن إليكم بصواعقي ولتحرقن كبودكم نيراني
636. ولأقطعن بسيف حقي زوركم وليخمدن شواظكم طوفاني
637. ولأقصدن الله في خذلانكم وليمنعن جميعكم خذلاني
638. ولأحملن على عتاة طغاتكم حمل الأسود على قطيع الضان
639. ولأرمينكم بصخر مجانقي حتى يهد عتوكم سلطاني
640. ولأكبتن إلى البلاد بسبكم فيسير سير البزل بالركبان
641. ولأدحضن بحجتي شبهاتكم حتى يغطي جهلكم عرفاني
642. ولأغضبن لقول ربي فيكم غضب النمور وجملة العقبان
643. ولأضربنكم بصارم مقولي ضربا يزعزع أنفس الشجعان
644. ولأسعطن من الفضول أنوفكم سعطا يعطس منه كل جبان
645. إني بحمد الله عند قتالكم لمحكم في الحرب ثبت جنان
646. وإذا ضربت فلا تخيب مضاربي وإذا طعنت فلا يروغ طعاني(718/22)
647. وإذا حملت على الكتيبة منكم مزقتها بلوامع البرهان
648. الشرع والقرآن أكبر عدتي فهما لقطع حجاجكم سيفان
649. ثقلا على أبدانكم ورؤوسكم فهما لكسر رؤوسكم حجران
650. إن أنتم سالمتم سولمتم وسلمتم من حيرة الخذلان
651. ولئن ابيتم واعتديتم في الهوى فنضالكم في ذمتي وضماني
652. يا اشعرية يا اسافلة الورى يا عمي يا صم بلا آذان
653. أني لأبغضنكم وأبغض حزبكم بغضا أقل قليله أضغاني
654. لو كنت أعمى المقتلتين لسرني كيلا يرى إنسانكم إنساني
655. تغلي قلوبكم علي بحرها حنقا وغيظا أيما غليان
656. موتوا بغيضكم وموتوا حسرة وأسا علي وعضوا كل بنان
657. قد عشت مسرورا ومت مخفرا ولقيت ربي سرني ورعاني
658. وأباحني جنات عدن آمنا ومن الجحيم بفضله عافاني
659. ولقيت أحمد في الجنان وصحبه والكل عند لقائهم أدناني
660. لم أدخر عملا لربي صالحا لكن بإسخاطي لكم أرضاني
661. أنا تمرة الأحباب حنظلة العدا أنا غصة في حلق من عاداني
662. وأنا المحب لأهل سنة أحمد وأنا الأديب الشاعر القحطاني
663. سل عن بني قحطان كيف فعالهم يوم الهياج إذا التقى الزحفان
664. سل كيف نثرهم الكلام ونظمهم وها لهم سيفان مسلولان
665. نصروا بألسنة حداد سلق مثل الأسنة شرعت لطعان
666. سل عنهم عند الجدال إذا التقى منهم ومن أضدادهم خصمان
667. نحن الملوك بنو الملوك وراثة أسد الحروب ولا النسا بزوان
668. يا أشعرية يا جميع من أدعى بدعا وأهواء بلا برهان
669. جاءتكم سنية مأمونة من شاعر ذرب اللسان معان
670. خرز القوافي بالمدائح والهجا فكأن جملتها لدي عواني
671. يهوي فصيح القول من لهواته كالصخر يهبط من ذرى كهلان
672. إني قصدت جميعكم بقصيدة هتكت ستوركم على البلدان
673. هي للروافض درة عمرية تركت رؤوسهم بلا آذان
674. هي للمنجم والطبيب منية فكلاهما ملقان مختلفان
675. هي في رؤوس المارقين شقيقة ضربت لفرط صداعها الصدغان(718/23)
676. هي في قلوب الأشعرية كلهم صاب وفي الأجساد كالسعدان
677. لكن لأهل الحق شهد صافيا أو تمر يثرب ذلك الصيحاني
678. وأنا الذي حبرتها وجعلتها منظومة كقلائد المرجان
679. ونصرت أهل الحق مبلغ طاقتي وصفعت كل مخالف صفعان
680. مع أنها جمعت علوما جمة مما يضيق لشرحها ديواني
681. أبياتها مثل الحدائق تجتنى سمعا وليس يملهن الجاني
682. وكأن رسم سطورها في طرسها وشي تنمقه أكف غواني
683. والله أسأله قبول قصيدتي مني وأشكره لما أولاني
684. صلى الإله على النبي محمد ما ناح قمري على الأغصان
685. وعلى جميع بناته ونسائه وعلى جميع الصحب والإخوان
686. بالله قولوا كلما أنشدتم رحم الإله صداك يا قحطاني(718/24)
هُبَل
---
هُبَلْ.. هُبَلْ.. هُبَلْ
رَمزُ السخافةِ والدَّجلْ
من بعدِ ما اندثرتْ على أيدي الأباةْ
عادتْ إلينا اليومَ في ثوب الطغاةْ
تتنشّق البخورَ تحرقُه أساطيرُ النفاقْ
مَنْ قُيِّدَتْ بالأسر في قيد الخَنا والارتِزاقْ
وثنٌ يقودُ جموعَهم.. ياللخجلَ!
هبلْ.. هبلْ
رَمزُ السخافةِ والجهالةِ والدَّجلْ
لا تسألنْ يا صاحبي تلك الجموعْ
لِمَنِ التعبُّدُ والمثوبةُ والخضوعْ
دَعْها.. فما هي غيرُ خِرفان القطيعْ
معبودُها صنمٌ يراه العمُّ سامْ
وتكفّلَ الدولارُ كي يُضفي عليهِ الإحترامْ
وسعى القطيعُ غباوةً:.. يا لَلْبَطَلْ!
هبل.. هبل
رَمزُ السخافةِ والجهالة والخيانةِ والدَّجلْ
هُتّافَةُ التهريج ما مَلُّوا الثَّناءْ
زَعموا له ما ليسَ عندَ الأنبياءْ
مَلَكٌ تجلْبَبَ بالضِّياء.. وجاءَ من كبدِ السماءْ
هو فاتحٌ.. هو عبقريٌ ملهَمُ
هو مرسَلٌ.. هو عالمٌ ومعلِّمُ
ومِنَ الجهالةِ ما قتَلْ!
هبل.. هبل
رَمزُ السخافةِ والعمالةِ والدَّجلْ
صيغَتْ له الأمجادُ زائفةً فصدَّقها الغَبيّْ
واستنكرَ الكذبَ الصراحَ وردَّه الحُرُّ الأبيّْ
لكنَّما الأحرارَ في هذا الزّمانِ هُمُ القليلْ
فلْيدخلوا السجنَ الرهيبْ
وليصبروا الصبرَ الجميلْ
ولْيشهدوا أقسى روايةْ
فلكلِّ طاغِيَةٍ نِهايةْ
ولكلِّ مخلوقٍ أَجَلْ
---
سيد قطب(719/1)
هجوتَ محمداً فأجبتُ عنهُ
حسان بن ثابت
عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ، إلى عذراءَ منزلها خلاءُ
دِيَارٌ مِنْ بَني الحَسْحَاسِ قَفْرٌ، تعفيها الروامسُ والسماءُ
وكانَتْ لا يَزَالُ بِهَا أنِيسٌ، خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ
فدعْ هذا، ولكن منْ لطيفٍ، يُؤرّقُني إذا ذَهَبَ العِشاءُ
لشعثاءَ التي قدْ تيمتهُ، فليسَ لقلبهِ منها شفاءُ
كَأنّ سَبِيئَة ً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ، يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
عَلى أنْيَابهَا، أوْ طَعْمَ غَضٍّ منَ التفاحِ هصرهُ الجناءُ
إذا ما الأسرباتُ ذكرنَ يوماً، فَهُنّ لِطَيّبِ الرَاحِ الفِدَاءُ
نُوَلّيَها المَلامَة َ، إنْ ألِمْنَا، إذا ما كانَ مغثٌ أوْ لحاءُ
ونشربها فتتركنا ملوكاً، وأسداً ما ينهنهنا اللقاءُ
عَدِمْنَا خَيْلَنا، إنْ لم تَرَوْهَا تُثِيرُ النَّقْعَ، مَوْعِدُها كَدَاءُ
يُبَارِينَ الأعِنّة َ مُصْعِدَاتٍ، عَلَى أكْتافِهَا الأسَلُ الظِّماءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ، تلطمهنّ بالخمرِ النساءُ
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا، وكانَ الفَتْحُ، وانْكَشَفَ الغِطاءُ
وإلا، فاصبروا لجلادِ يومٍ، يعزُّ اللهُ فيهِ منْ يشاءُ
وَجِبْرِيلٌ أمِينُ اللَّهِ فِينَا، وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أرْسَلْتُ عَبْداً يقولُ الحقَّ إنْ نفعَ البلاءُ
شَهِدْتُ بِهِ، فَقُومُوا صَدِّقُوهُ! فقلتمْ: لا نقومُ ولا نشاءُ
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ يَسّرْتُ جُنْداً، همُ الأنصارُ، عرضتها اللقاءُ
لنا في كلّ يومٍ منْ معدٍّ سِبابٌ، أوْ قِتَالٌ، أوْ هِجاءُ
فنحكمُ بالقوافي منْ هجانا، ونضربُ حينَ تختلطُ الدماءُ
ألا أبلغْ أبا سفيانَ عني، فأنتَ مجوفٌ نخبٌ هواءُ
وأن سيوفنا تركتك عبدا وعبد الدار سادتها الإماء
كَأنّ سَبِيئَة ً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ، تُعفيِّها الرّوَامِسُ والسّمَاءُ
هجوتَ محمداً، فأجبتُ عنهُ، وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ(720/1)
أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ، فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ
هجوتَ مباركاً، براً، حنيفاً، أمينَ اللهِ، شيمتهُ الوفاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ، ويمدحهُ، وينصرهُ سواءُ
فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ
فإما تثقفنّ بنو لؤيٍ جُذَيْمَة َ، إنّ قَتْلَهُمُ شِفَاءُ
أولئكَ معشرٌ نصروا علينا، ففي أظفارنا منهمْ دماءُ
وَحِلْفُ الحارِثِ بْن أبي ضِرَارٍ، وَحِلْفُ قُرَيْظَة ٍ مِنّا بَرَاءُ
لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ، وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الّدلاءُ(720/2)
رمضان عمر: بأبي وأمي
هذا المداد بمسك أحمد قد هما وازدان فيه مع النسيم مثالُ
أزهو به في رقة أشدو بها ليطيب في مدح الحبيب مقالُ
أقفو به كعب الأوائل ليتني كنت الذي آبت به الآمالُ
فتصيبني بعض الشفاعة حينها فأكون أسعد من حوته رمالُ
أفديك يا خير الخلائق كلها إن شط قوم أو بغى الدجالُ
بأبي وأمي كيف لا أفديك إذ بدأ القتال ودقت الأطبالُ
وتطاولت عصب الكلاب وأنفث من كل سم ناقع ريغالُ
قد زاد حد الحد حتى لم يعد يجدي مع الفعل الشنيع جدالُ
وتمرد الأزلام حتى أثخنوا طعنًا وكيدًا والحروب سجالُ
كذبوا ولو صدقوا لقالوا: إنه سحر الوجود فلن يعاب كمالُ!
خير البرية رغم أنف أنوفهم حاشا لمثلك أن يسيء مقالُ
فالقول دونك في المديح وإن علا ولشسع نعلك تسقط الأقوالُ
فليخسئوا، ولبئس ما جاءت به صفر الوجوه الخسة الأنذالُ
الراتعون مع الشياه كأنما شاهت وجوه الغرب فهي سمالُ
القاصرون عن الفضائل ما ارعووا واللؤم فيهم شيمة وخصالُ
شر البرية يا أشر خليقة خجلت لمثل فعالهن بغالُ
أحضارة الدجل السخيف أهكذا تؤتى المكارم؟! بئسما الأفعالُ
أخزى الذي سمك السماء بناءكم يا أيها السفهاء والأنذالُ
أحلام هرطقة، وخسة قاصر رَسَمَ الحقيرُ وشَبَّه المحتالُ
لا ليس في رسم الخسيس بلاغة إن البلاغة في الحبيب تقالُ
فهو الكريم إذا الكرام تعاظمت عند الزحام، وعزت الأحمالُ
وهو الفصيح إذا الفصاحة iiأينعت سالت بعذب حديثه الأقوالُ
فبذكره كان الغدو رياضنا ومع الغدو تمازجت آصالُ
وبمدحه مهج القلوب ترنمت وتراقصت طربًا له الأوصالُ
يا أيها المختار حسبك رتبة مهما تعملق لم يصلك خيالُ
فالكل خلفك واجمون كأنهم كبتوا تشد وجومهم أحبالُ
خيرت بين الخمر واللبن الذي فطرت عليه من الورى الأجيالُ
فاخترت فطرة أمة لمّا تزل خير القرون فتية تختالُ
وبنيت للإسلام صرحًا شامخًا طال السماء, فكيف ذاك يزالُ
أضحت به بغداد نجمة عصرها ضاءت إذا غرب الجنوب شمالُ(721/1)
ومشى السحاب لكي يفارق iiأرضها فمشت توازي ظله الأجيالُ
وتتابع العلماء حتى أزبدت سوح البطاح فحملهن ثقالُ
ذاك ابن سينا والفرابيُّ الذي لو زِين زانت عُشْرُهُ الأثقالُ
ولدحية الكلبي إذ بسطت له شم القياصر كبرها الأمثالُ
لغسلت دون الكعب، لو سنحت iiلنا لقيا الأمين وفي اللقاء جمالُ
أقرئ نبيك يا دحية أنه حان الزمان وملكنا سيزالُ
سيزول ليل الظلم حتى تنضوي كل المكائد تختفي الأدغالُ
ويعم كل الكون عدل محمد ويذوب بغي ينتهي الأهوالُ
يا أمة المليار هل من عضبة نذكي النفوس كأنها المرجالُ
تجتث شأفة حاقد من أصله حتى يثوب مع الردى الدجالُ
فالصافنات من الجياد على الذرى قد أسرجت، وتقدّم الخيالُ
والعاديات الضبح تبرق في iiالدجا والموريات القدح والأجمالُ
يا سيدي ما إن رموك بسهمهم حتى تدافع للوغى الأبطالُ
وتعالت الرايات تعلن زحفها للنصر يعلو فوقهن هلالُ
من قبة الإسراء تغزل عزمها أتذود بالعزم الفتي نِصالُ
وتريق من دمها الزكي جداولاً نعم الدماء فداك حين تُسالُ
دقت به جند الحماس حصونهم فمشى النعي يقوده الإعوالُ
والسمهري بها يغذ خطوطه فهوت عروشٌ حُطمت أغلالُ
وتقهقر الأسطول أسطول الخنا والبُش يصرخ أن هلمَّ تعالوا
وتناقص الشيطان لا يلوي إلى ما قد دعا وتقطعت أحبالُ
وتشرذموا فرقًا تجر خيولهم أذيال نكستهم، وآل مآلُ
لا تفرحوا.. أما فطنتم أنما سنجزّ رأسًا لن يطول نزالُ
ويباع في سوق النخاسة بشكم حتى تدوس جبينه الأطفالُ
يا أيها الغرب الكسيح رويدكم إن المعامع حملهن ثقالُ
ولنا خلقن ولن تسار لغيرنا تلك المكارم أيها الجهالُ
إنا قدحنا بالحماس نفوسنا فاستنفرت شررًا بنا الأوصالُ
وتضاعفت أحقادنا حتى إذا حمي الوطيس أتاكم الزلزالُ
سنهز عرش الكفر نكسر أنفه هذي الجموع يقودها الرئبالُ
هذي الجموع تدافعت نحو iiالردى تفدي الحبيب نفوسها والمالُ
سنغيّر التاريخ نصلح أمره حتى تعود لهديها الأجيالُ(721/2)
وندق روما ثم نزوي بعدها كل المدائن لن يدوم ضلالُ
وعد النبي فكيف يخلف وعده كل الوعود مع النبي تُنالُ
هذه حقائق هدينا نسمو بها نحن الأشاوس نسوة ورجالُ
مهما بطشتم يا قساوسة الفنا فالحرب كرّ تارة وسجالُ
والحرب شم خيارنا إنا لها نحن الألى مهروا الوعى الأبطالُ
نحن الألى باعوا النفوس لربها فهو الذي قضيت به الآجالُ
فالموت إما أن يجيء فمرحبا يا موت حيّ ففي المنون منالُ
فهو الطريق إلى لقاء محمد ولقاء احمد بغية آمالُ
Œ(721/3)
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
...
لمّا حجّ هشام بن عبد الملك في أيّام أبيه عبد الملك، طاف بالبيت الحرام، وجهد أنْ يصل إلى الحجر الأسود ليستلمه فلم يقدر على ذلك لكثرة الزحام، فَنُصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أعيان الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب فطاف بالبيت، فلمّا انتهى إلى الحجر الأسود تنحّى له الناس حتّى استلم الحجر، فقال رجل من أهل الشام لهشام بن عبد الملك: مَن هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أنْ يرغب فيه أهل الشام.
وكان الشاعر العربي المسلم المعروف الفرزدق حاضراً في ذلك الموقف، فقال بقوّة واعتداد أنا أعرفه، ثم اندفع بهذه القصيدة المشهورة:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... و البيت يعرفه و الحل و الحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقى النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمةٍ إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا
و ليس قولك : من هذا ؟ بضائره ... العرب تعرف من أنكرت و العجم
كلتا يديه غياثٌ عم نفعهما ... يستوكفان و لا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخش بوادره ... يزينه اثنان حسن الخلق و الشيم
حمال أثقال أقوامٍ إذا افتدحوا ... حلو الشمائل تحلو عنده نعم
ما قال : لا ، قط إلا في تشهده ... لولا التشهد كانت لاءه نعم
عم البرية بالإحسان فانقشعت ... عنها الغياهب و الإملاق و العدم
إذا رأته قريشٌ قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يغضي حياءً و يغضى من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسم
بكفه خيزرانٌ ريحه عبقٌ ... من كف أروع في عرنينه شحم
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
الله شرفه قدماً و عظمه ... جرى بذاك له في لوحه القلم
أي الخلائق ليست في رقابهم ... لأولية هذا أو له نعم
من يشكر الله يشكر أولية ذا ... فالدين من بيت هذا ناله الأمم(722/1)
ينمى إلى ذروة الدين التي قصرت ... عنها الأكف و عن إدراكها القدم
من جده دان فضل الأنبياء له ... و فضل أمته دانت له الأمم
مشتقةٌ من رسول الله نبعته ... طابت مغارسه و الخيم و الشيم
ينشق ثوب الدجى عن نور عزته ... كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم
من معشرٍ حبهم دينٌ و بغضهم ... كفرٌ و قربهم منجىً و معتصم
مقدمٌ بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بدءٍ و مختومٌ به الكلم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل : من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جوادٌ بعد جودهم ... و لا يدانيهم قومٌ و إن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمةٌ أزمت ... و الأسد أسد الشرى و البأس محتدم
لا ينقص العسر بسطاً من أكفهم ... سيان ذلك إن أثروا و إن عدموا
يستدفع الشر و البلوى بحبهم ... و يسترب به الإحسان و النعم(722/2)
هذا ربيعك
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
هذا ربيعك يا محمد غردا
فترى الوجود مغنيا ومرددا
ما إن أطل على الوجود ضياؤه
حتى انار العالمين الى الهدى
وأراد ربك أن يجلي رحمة
في الكون فاختار النبي محمدا
قد زينته شمائل محمودة
فغدا على كل العوالم سيدا
أخلاقه الحسنى إذا ما عددت
حمدت واخلاق السراة لها صدى
حزت المفاخرة والمكارم والعلا
بل كنت في دنيا المكارم اوحدا
ماذا أقول؟ ومن يفيك بمدحه؟
وجميع مداحيك ما بلغوا المدى
هل بعد قول الله أنت بأعيني
مدح يفيك وهل لنا ان نحمدا؟
أثنى عليه الله في قرىنه
فلانت ينبوع الفضائل والندى
يا صاحب الخلق العظيم ومالك
القلب الرحيم وللمكارم مبتدا
نحن الظماء فهل لنا في رشفة؟
ما كنت إلا للظماء الموردا
ما كنت الا للعوالم رحمة
ما كنت الا للزمان مجددا
من كان يهوى أحمدا فليتبع
منهاجه, طوبى لمن فيه اقتدى
وعد الإله الصادقين بحبه
لا يخلف الرحمن ذاك الموعدا
إن كان كعب قد كسته بردة
فلقد كسيت على المدائح أبردا(723/1)
هذا رسولُ اللهِ.. كيف يُسبُّ ؟!..
حسن علي النجار:
هذا رسولُ اللهِ.. كيف يُسبُّ ؟!
بل كيف يعلنها خسيسٌ كلبُ ؟!
هذا رسولُ اللهِ.. كيف تجرءوا ؟!
ويلٌ لهم.. وصواعقٌ تتصبُّ
**
ثوري براكينَ.. أسودَ محمدٍ
ثوري جحيماً غاضباً لا يخبو
ثوري.. فليس هناك صبرُ دقيقةٍ
نَفَدَ انتظارُ الثائرين.. فهُبوا
**
رسموا رسولَ اللهِ أقبحَ صورة
تبَّتْ أيادي الحاقدين وتبُّوا
"حريةٌ" قالوا.. أيُلعبُ باللظى ؟!
علَّ اللظى بديارهم تنشبُّ
**
دِنِمَرْكُ.. لا عذراً.. ولا تتأسفي
قد فاتَ.. فاتَ الوقتُ هذا صعبُ
لا عفوَ.. إنّ عقولَكم بَقَرَيّةٌ
جفّت ضروعُ عقولِكم.. لا حَلْبُ
**
ها نحن أمةُ أحمدٍ.. لا ننحني
ورؤوسُنا لا تعتليها سحبُ
عنوانُنا: استعلاءُ أعظمِ منهجٍ
والعزُّ منبعه.. ونعمَ الشِّربُ
ورسولُنا الأغلى.. وشمسُ حياتنا
وبذكرِ أحمدَ كم ترنَمَ صبُّ
**
دِنِمَرْكُ أنتِ أَثَرْتِ جمراً.. فابلعي
جمراً وموتي.. لن يفيدَ النَّدبُ
دِنِمَرْكُ.. صمتاً رُغمَ أنفِكِ.. واعلمي
هذا رسولُ اللهِ.. كيف يُسبُّ ؟!(724/1)
هذه البلاد شقة مفروشة !
نزار قباني
هذي البلادُ شقَّةٌ مَفروشةٌ ، يملُكُها شخصٌ يُسَمّى عَنترَهْ ...
يسكَرُ طوالَ الليل عندَ بابها ، و يجمَعُ الإيجارَ من سُكّانها ..
وَ يَطلُبُ الزواجَ من نسوانها ، وَ يُطلقُ النارَ على الأشجار ...
و الأطفال ... و العيون ... و الأثداء ... والضفائر المُعَطّرَهْ ...
هذي البلادُ كلُّها مَزرَعَةٌ شخصيّةٌ لعَنترَهْ ...
سماؤها .. هَواؤها ... نساؤها ... حُقولُها المُخضَوضَرَهْ ...
كلُّ البنايات – هنا – يَسكُنُ فيها عَنتَرَهْ ...
كلُّ الشبابيك علَيها صورَةٌ لعَنتَرَهْ ...
كلُّ الميادين هُنا ، تحملُ اسمَ عَنتَرَهْ ...
عَنتَرَةٌ يُقيمُ في ثيابنا ... في ربطة الخبز ...
و في زجاجة الكُولا ، وَ في أحلامنا المُحتَضرَهْ ...
مدينةٌ مَهجورَةٌ مُهَجّرَهْ ...
لم يبقَ – فيها – فأرةٌ ، أو نملَةٌ ، أو جدوَلٌ ، أو شجَرَهْ ...
لاشيء – فيها – يُدهشُ السّياح إلاّ الصورَةُ الرسميّة المُقَرَّرَهْ ..
للجنرال عَنتَرَهْ ...
في عرَبات الخَسّ ، و البطّيخ ...
في الباصات ، في مَحطّة القطار ، في جمارك المطار..
في طوابع البريد ، في ملاعب الفوتبول ، في مطاعم البيتزا ...
و في كُلّ فئات العُملَة المُزَوَّرَهْ ...
في غرفَة الجلوس ... في الحمّام .. في المرحاض ..
في ميلاده السَعيد ، في ختّانه المَجيد ..
في قُصوره الشامخَة ، الباذخَة ، المُسَوَّرَهْ ...
ما من جديدٍ في حياة هذي المدينَةُ المُستَعمَرَهْ ...
فَحُزنُنا مُكّرَّرٌ ، وَمَوتُنا مُكَرَّرٌ ،ونكهَةُ القهوَة في شفاهنا مُكَرَّرَهْ ...
فَمُنذُ أَنْ وُلدنا ،و نَحنُ مَحبوسُونَ في زجاجة الثقافة المُدَوَّرَهْ ...
وَمُذْ دَخَلنَا المَدرَسَهْ ،و نحنُ لانَدرُسُ إلاّ سيرَةً ذاتيّةً واحدَهً ...
تُخبرنا عن عَضلات عَنتَرَهْ ...
وَ مَكرُمات عَنتَرَهْ ... وَ مُعجزات عَنتَرَهْ ...
ولا نرى في كلّ دُور السينما إلاّ شريطاً عربيّاً مُضجراً يلعبُ فيه عَنتَرَهْ ...
لا شيء – في إذاعَة الصباح – نهتمُّ به ...(725/1)
فالخبَرُ الأوّلُـ – فيها – خبرٌ عن عَنترَهْ ...
و الخَبَرُ الأخيرُ – فيها – خَبَرٌ عن عَنتَرَهْ ...
لا شيءَ – في البرنامج الثاني – سوَى :
عزفٌ – على القانون – من مُؤلَّفات عَنتَرَهْ ...
وَ لَوحَةٌ زيتيّةٌ من خربَشات عَنتَرَهْ ...
و باقَةٌ من أردَئ الشعر بصوت عنترَهْ ...
هذي بلادٌ يَمنَحُ المُثَقَّفونَ – فيها – صَوتَهُم ،لسَيّد المُثَقَّفينَ عَنتَرَهْ ...
يُجَمّلُونَ قُبحَهُ ، يُؤَرّخونَ عصرَهُ ، و ينشُرونَ فكرَهُ ...
و يَقرَعونَ الطبلَ في حروبه المُظفَّرَهْ ...
لا نَجمَ – في شاشَة التلفاز – إلاّ عَنتَرَهْ ...
بقَدّه المَيَّاس ، أو ضحكَته المُعَبرَهْ ...
يوماً بزيّ الدُوق و الأمير ... يوماً بزيّ الكادحٍ الفقير ...
يوماً على طائرَةٍ سَمتيّةٍ .. يَوماً على دبّابَة روسيّةٍ ...
يوماً على مُجَنزَرَهْ ...
يوماً على أضلاعنا المُكَسَّرَهْ ...
لا أحَدٌ يجرُؤُ أن يقولَ : " لا " ، للجنرال عَنتَرَهْ ...
لا أحَدٌ يجرؤُ أن يسألَ أهلَ العلم – في المدينَة – عَن حُكم عَنتَرَهْ ...
إنَّ الخيارات هنا ، مَحدودَةٌ ،بينَ دخول السَجن ،أو دخول المَقبَرَهْ ..
لا شيء في مدينَة المائة و خمسين مليون تابوت سوى ...
تلاوَةُ القُرآن ، و السُرادقُ الكبير ، و الجنائز المُنتَظرَهْ ...
لا شيء ،إلاَّ رجُلٌ يبيعُ - في حقيبَةٍ - تذاكرَ الدخول للقبر ، يُدعى عَنتَرهْ ...
عَنتَرَةُ العَبسيُّ ... لا يَترُكنا دقيقةً واحدَةً ...
فـ مَرّةَ ، يأكُلُ من طعامنا ... و َمرَّةً يشرَبُ من شرابنا ...
وَ مَرَّةً يَندَسُّ في فراشنا ... وَ مرَّةً يزورُنا مُسَلَّحاً ...
ليَقبَضَ الإيجار عن بلادنا المُستأجَرَهْ(725/2)
هذي حقيقة تهمتي
أنامسلم بدمي سأروي رايتي إن جففوا الآبار والأنهارا
وعلى جدار السجن سوف أخطها إن صادروا الأوراق والأحبارا
بدمي أخط براءتي من كفرهم علناً وإن قد حاكموا الأسرارا
أنا مسلم جرمي بأني كافر بشريعة قد حكّمت كفارا
نقموا عليّ بأنني لم أنحرف عن شرع ربٍ يحفظ الأبرارا
نقموا عليّ بأنني لم أرتضِ قانون كفرٍ ينصر الفجارا
هذي حقيقة تهمتي فلتعرفوا و لتعلنوا الأحكام والأخبارا
هذي حقيقة تهمتي لن أنثن عنها وإن سالت دماي مرارا
شعبان 1417
أبو محمد/سواقة(726/1)
هل الدهرُ إلا اليوم، أو أمسِ أو غدُ
حاتم الطائي
هل الدهرُ إلا اليوم، أو أمسِ أو غدُ ... كذاكَ الزّمانُ، بَينَنا، يَتَرَدّدُ
يردُ علينا ليلة بعد يومها، ... فلا نَحنُ ما نَبقى ، ولا الدّهرُ يَنفدُ
لنا أجلٌ، إما تناهى إمامه، ... فنحن على آثاره نتوردُ
بَنُو ثُعَلٍ قَوْمي، فَما أنا مُدّعٍ ... سِواهُمْ، إلى قوْمٍ، وما أنا مُسنَدُ
بدرئهم أغثى دروءَ معاشرِ، ... ويَحْنِفُ عَنّي الأبْلَجُ المُتَعَمِّدُ
فمَهْلاً! فِداكَ اليَوْمَ أُمّي وخالَتي ... فلا يأمرني، بالدنية ، أسودُ
على جبن، إذا كنت، واشتد جانبي ... أسام التي أعييت، إذْ أنا أمردُ
فهلْ تركتْ قلبي حضور مكانها، ... وهَلْ مَنْ أبَى ضَيْماً وخَسفاً مخلَّد؟
ومتعسف بالرمح، دونَ صحابهِ، ... تَعَسّفْتُهُ بالسّيفِ، والقَوْمُ شُهّد
فَخَرّ على حُرّ الجبينِ، وَذادَهُ ... إلى الموت، مطرور الوقيعة ، مذودُ
فما رمته حتى أزحت عويصه، ... وحتى عَلاهُ حالِكُ اللّونِ، أسوَدُ
فأقسمت، لا أمشي إلى سر جارة ، ... مدى الدهر، ما دام الحمام يغردُ
ولا أشتري مالاً بِغَدْرٍ عَلِمْتُهُ ... ألا كلّ مالٍ، خالَطَ الغَدْرُ، أنكَدُ
إذا كانَ بعضُ المالِ رَبّاً لأهْلِهِ ... فإنّي، بحَمْدِ اللَّهِ، مالي مُعَبَّدُ
يُفّكّ بهِ العاني، ويُؤكَلُ طَيّباً ... ويُعْطَى ، إذا مَنّ البَخيلُ المُطَرَّدُ
إذا ما البجيل الخب أخمدَ ناره، ... أقولُ لمَنْ يَصْلى بناريَ أوقِدوا
توَسّعْ قليلاً، أو يَكُنْ ثَمّ حَسْبُنا ... وموقدها الباري أعف وأحمدُ
كذاكَ أُمورُ النّاسِ راضٍ دَنِيّة ً ... وسامٍ إلى فَرْعِ العُلا، مُتَوَرِّدُ
فمِنْهُمْ جَوادٌ قَد تَلَفّتُّ حَوْلَهُ ... ومنهُمْ لَئيمٌ دائمُ الطّرْفِ، أقوَدُ
وداع دعاني دعوة ، فأجبته، ... وهل يدع الداعين إلا المبلَّدُ؟(727/1)
د. زاهر الحسن :إلى الحبيب الأعظم
هم يحسبونَ وقد سكتُّ غَضوبا صمتي وجرحي ، يا حبيبُ، iiذنوبا
هم يزعمون بأنني لم iiأشتعلْ غضباً ، ولم أُشعِلْ فداكَ حروبا
هم يزعمون بأنني لم iiأرتحلْ شوقاً إليكَ ، ولم تكُ المحبوبا
هم يسلكون إلى رضاكَ iiدروبَهم وأنا أطير وما سلكتُ iiدروبا
واللهُ يعلم لو قسمتُ مشاعري بين القلوبِ لما بقينَ iiقلوبا Œ(728/1)
هم العالمين
عمر بهاء الدين الأميري
---
لا لَمْ أَنَمْ ، بلْ قد أَرِقْتُ و للصُّداعِ رحىً تَدورْ
وبمحجريَّ مِنَ الهمومِ لَظىً ، وَفي رَأْسي نُدورْ
و الغُرْبةُ اللَّيْلاءُ في عُمري أُوامٌ لا يَحورْ
عَقمَتْ (جنيفُ) فلا أنيسَ ولا حبيسَ ولا سُرورْ
وحدي أعدُّ دقائقي وأضيعُ في تِيه ِ الدُّهورْ
بينَ التَّأَلُّم ِ والتَّأَمُّل ِ في الْتِباسات ِ الأُمورْ
حَيْرانُ أفتقدُ المعالِمَ ، لا حِجابَ ولا سُفورْ
سكرانُ أبتدرُ الصَّلاةَ ، وخمرتي صبُرٌ طَهورْ
أَسْهو وأَصْحو والدُّجى ساجٍ وفي نفسي فُتُورْ
وأظَلُّ في شبْهِ الكرى متقلِّباً حتى أخورْ
فأغيبُ عن دُنيا شعوري في ضَبابِ اللاشعورْ
ماذا؟ أأنباءُ الغيوبِ غداً ، وسُكَّانُ القُبورْ
مِنْ كلِّ فجِّ ينسلونَ كأنهُ يومُ النُّشورْ
يَتَدافَعُونَ بقضِّهِم وقَضيضِهِم عَبْرَ العُصورْ
كُلُّ يُسارِعُ في مُناهُ ، وإنَّها لَمُنى غَرورْ
وأنا أحسُّ بكاهلي الأعباءَ قاصمةَ الظُّهورْ
أعباءَ كُلِّ الخلْقِ ! وَيْلي كِدْتُ إعياءً أَمُورْ
وكأنَّما اجتمعَتْ على صدري مُلمَّاتُ الصُّدورْ
فالأَرْضُ تحملَني على مَضَضٍ وتوشكُ أن تَفورْ
وفتحتُ عَيْنَيْ يقظةٍ غَرْثى ، وفي حَلْقي حَرورْ
وشَرَعْتُ أَصْحو مُثْقَلَ الأنفاسِ مَبْهورَ الشُّعورْ
وفمي الأجَفُّ كأنَّ في جَنَباتِهِ نَبَتَتْ بُثُورْ
أغْمَضْتُ عيني مرَّةً أُخرى ، ومَزَّقْتُ السُّتورْ
وَمَضَيْتُ أرنُو في كتابِ الغَيْبِ ما بينَ السُّطورْ
فرأيْتُ أَهْوالاً ؛ وكانَ الْحَقُّ مِنْ غَيْظٍ يَفُورْ:
بحرٌ منَ الظُّلُماتِ ، والظُّلْمِ المؤَجَّجِ ، والشُّرورْ
والكَوْنُ بالغُربانِ عجَّ ، فلا صُقورَ ولا نُسورْ
وَأَلَمَّ بي ، أو كادَ ، يأْسٌ : فالدُّنى خَتْلٌ وَزُورْ
ونظَرْتُ والأحْلاكُ تدفَعُ نظرَتي خلْفَ الْحُسورْ
فَلَمَحْتُ في بَوْنِ الدُّجى الْمَسحوبِ مُنْبلجَ البُكورْ
ورأيْتُ صَرْحَ الْمَجْدِ ينتظرُ الْجَسورَ ولا جَسورْ(729/1)
وَوَجَدْتُ هَمَّ العالَمينَ بقلبِ إيماني يَسُورْ
وكَأَنَّ إِنْقَاذَ الوُجُودِ عَلَيَّ مِحْوَرُه يَدورْ
ورأيْتُني ، وأنا.. أنا المِسْكينُ ، كالأسدِ الهَصورْ
وحدي ، تسلَّقْتُ الرياحَ الهَوْجَ ، سُوراً إِثْرَ سُورْ
وَمِنَ الذُّرى أبْصَرْتُ دَرْبَ الخُلْدِ رَشَّتْهُ العُطورْ
وَتَلامَعَتْ في مُنْتَهاهُ طُيوفُ جَنَّاتٍ وَحُورْ
وسَمِعْتُ ثَمَّ هَواتِفَ الأقدارِ: حَيَّ عَلَى العُبورْ
فَقَذَفْتُ نفسي ! غَيْرَ أَنِّي شِمْتُ أجْنحةَ الطُّيورْ
بُسِطَتْ لِتحملني ، وحطَّتْ بي على جَدَدِ المُرورْ
فتحتُ عيني ، والخلافةُ في رُؤى أَمَلي الغَيورْ
والرُّوحُ يَقظى ، والأمانةُ في دَمي نارٌ وَنُورْ
والعَهْدُ في عُنُقي ، وأمرُ اللهِ ، في عَزْمي يَثورْ(729/2)
هو الرحمة المهداة
صلى الله عليه و سلم ( قصيدة لأحد شعراء الأطباء)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى " و الله يعصمك من الناس "
و قال سبحانه " إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك و انحر * إن شانئك هو الأبتر )
كتب الناس جميعا و تعالت أصوات الخطباء و الشعراء و كل أدلى بدلوه في هذا الموضوع الخطير ,, و استمرار استهزاء الكفار برسولنا صلى الله عليه و سلم ,,, و مماطلتهم في الاعتذار و تبيين الموضوع ,,, و تعليقه بحرية التعبير
و كم أعجبتني عبارة " لهم حرية التعبير ,,,, و لنا حرية الاختيار ,,,,"
و منذ ذلك الحين و أحاول كتابة أسطر و أبيات في هذا الشأن ,,, و لكن عدم استقرار الفكر و انشغال البال جعل ذلك من المحال ,,,
إلى أن وقفت على هذه الأبيات الرائعة حقا ,,, و هي من أجمل ما قرأت
و هي من كتابة أحد شعراء الأطباء ,,, و هو د / جمال بن صالح الجار الله أثابه الله و جعله في موازين أعماله
لن أطيل عليكم و أترككم مع القصيدة
هو الرحمة المهداة
...
مقامك من كل المقامات أرفع
وسيفك من كل الصوارم أقطع ...
ووجهك نور والسجايا حميدة
وقولك في كل الميادين أوقع ...
شمائلك المعروف والحلم والتقى
وأخلاقك القرآن أصل وأفرع ...
محجتك البيضاء هدي ورحمه
وما زاغ إلا هالك ... يتلعلع ...
لواؤك معقود على العزم والمضا
وحوضك مورود فطوبى لمن دعوا ...
ويا بؤس من ذيدوا عن الحوض يومها
وقيل لهم بعدا فلا ثَم موضع ...
أتيت وهذي الأرض بغي وظلمة
فأشرق نور إذ طلعت يشعشع ...
وما قمر إلاك شع ضياءه
ومازال في ليل الملمات يسطع ...
تلأ لأ في كل النواحي فأشرقت
به كل ارض بالهدى تتلفع ...
ونادى مناد في السماء مدويا
محمد من كل الخليقة أروع ...
هو الرحمه المهداة للناس كلهم
ومافاز إلا من لأحمد يتبع ...
هو البحر من أي النواحي أتيته
فلجته المعروف والفضل أوسع ...
ترفع عن كل الدنايا ولم يزل
وأصحابه عن كل غي ترفعوا ...
مقامك محمود تفردت سيدا
ألست الذي يوم القيامه يشفع ...
مقامك عال ياحبيبي وسيدي(730/1)
وتبا لمأفون أتانا يجعجع ...
وكافيك رب البيت من كل مفتر
تنكب درب الخير للشر ينزع ...
وشانيك بالخسران باء صنيعه
وليس له إلا جهنم مرتع ...
تفديك كل المؤمنين نفوسهم
وأرواحهم دون انتقاصك تنزع ...
ففي نصرة الهادي سمو وعزه
ولو أجلب الباغون والناس أجمع ...
هنيئا لكم يامن نصرتم نبيكم
فسيروا على درب النبي وقاطعوا ...
وتبا لكل الخائنين نبيهم
قلوبهم من حقدها تتقطع ...
ألا يا أخا الكفر حاذر فإنه
محمدنا الهادي شفيع مشفع ...
فما نلت منه غير أن قلوبنا
إذا أوذي المختار تغلي وتفزع ...
وأبشر بما يخزيك يا شر معتد
على خير معصوم فقد حان مصرع ...
وما نال أسباب المعالي أرآذل
وهل يتعلى بين الخلائق ضفدع ...
أيا خاتم الرسل الكرام تحيه
نرددها عبر الزمان ونصدع ...
عليك صلاه الله يا خير مرسل
وياليتنا مع صفوه الخلق نجمع ...
تهون علينا أنفس ونفائس
ولسنا لحق المرسلين نضيع ...
...
مجلة الملتقى الصحي (69) صفر 1427(730/2)
هو الموت
مرثية الشاعر العثيمين في الشيخ العلامة عبدالله بن أحمد العجيري
هو الموت ما منه ملاذٌ ومهربُ ... متى حطَّ ذا عن نعشه ذاك يركب
نشاهد ذا عين اليقين حقيقةً ... عليه مضى طفلٌ وكهلٌ وأشيب
ولكن على الران القلوبُ كأنَّنا ... بما قد علمناه يقيناً تُكذّب
نؤمِّلُ آمالاً ونرجو نتاجها ... وعلَّ الرَّدى مما نُرجيه أقرب
ونبني القصور المشمخرَّات في الهوا ... وفي علمنا أنَّا نموت وتخرب
ونسعى لجمع المال حِلاًّ ومأثماً ... وبالرغم يحويه البعيد وأقرب
نُحاسَب عنه داخلاً ثم خارجاً ... وفيم صرفناه ومن أين يُكسب
ويسعد فيه وارثٌ متعفّفٌ ... تقيٌ ويشقى فيه آخر يلعب
وأولُ ما تبدو ندامةُ مسرفٍ ... إذا اشتد فيه الكرب والروح تُجذب
ويُشفق من وضع الكتاب ويمتني ... لو ان رُدَّ للدنيا وهيهات مطلب
ويشهد منا كل عضوٍ بفعله ... وليس على الجبار يخفى المغيَّب
إذا قيل أنتم قد علمتم فما الذي ... علمتم وكلٌّ في الكتاب مُرتَّب
وماذا كسبتم في شبابٍ وصحةٍ ... وفي عُمُرٍ أنفاسكم فيه تُحسب
فياليت شعري ما نقول وما الذي ... نُجيب به والأمر إذ ذاك أصعب
إلى الله نشكو قسوةً في قلوبنا ... وفي كل يومٍ واعظ الموت يندُب
ولله كم غادٍ حبيبٍ ورائحٍ ... نُشيِّعه للقبر والدمعُ يُسكب
أخٍ أو حميمٍ أو تقيٍ مُهذَّبٍ ... يواصل في نصح العباد ويدأب
نُهيل عليه التراب حتى كأنَّه ... عدوٌ وفي الأحشاء نارٌ تَلَهب
سقى جدثاً وارى ابنَ أحمد وابلٌ ... من العفو رجَّاسُ العشيَّات صيّب
وأنزله الغفران والفوز والرضى ... يُطاف عليه بالرحيق ويَشرب
فقد كان في صدر المجالس بهجةً ... به تُحدق الأبصار والقلب يرهب
فَطَوراً تراه مُنذراً ومُحذّراً ... عواقب ما تجني الذنوب وتجلب
وطَوراً بآلاء الإله مُذكراً ... وطَوراً إلى دار النعيم يُرَغّب
ولم يشتغل عن ذا ببيعٍ ولا شِرا ... نعم في ابتناء المجد للبذل يطرَب
فلو كان يُفدى بالنفوس وما غلا ... لطبنا نفوساً بالذي كان يَطلب
ولكن إذا تم المدى نفذ القضا ... وما لامرئٍ عمَّا قضى الله مهرب(731/1)
أخٌ كان لي نعم المعين على التُّقى ... به تنجلي عني الهموم وتذهب
فَطَوراً بأخبار الرسول وصحبه ... وطَوراً بآدابٍ تَلَذُّ وتَعذَب
على ذا مضى عمري كذاك وعُمرُه ... صفيين لا نجفو ولا نتعتَّب
وما الحال إلا مثل ما قال من مضى ... وبالجملة الأمثال للناس تُضرب
لكلِّ اجتماعٍ من خليلين فُرقةٌ ... ولو بينهم قد طاب عيشٌ ومشرب
ومِن بعد ذا حشرٌ ونشرٌ وموقفٌ ... ويومٌ به يُكسى المذلَّةَ مذنب
إذا فرَّ كلٌ من أبيه وأمه ... كذا الأمُّ لم تنظر إليه ولا الأب
وكم ظالمٍ يُندي من العضِّ كفَّه ... مقالته : يا ويلتي أين أذهب
إذا اقتسموا أعماله غُرماؤه ... وقيل له هذا بما كنت تكسب
وصُكَّ له صكٌّ إلى النار بعد ما ... يُحمَّلُ من أوزارهم ويُعذَّب
وكم قائل واحسرتا ليت أنَّنا ... نُردُّ إلى الدنيا نُنيب ونرهب
فما نحن في دار المُنى غير أنَّنا ... شُغفنا بدنيا تضمحلُّ وتذهب
فحُثوا مطايا الإرتحال وشمّروا ... إلى الله والدار التي ليس تخرب
فما أقرب الآتي وأبعد ما مضى ... وهذا غُراب البين في الدار يَنعَب
وصلِّ إلهي ما همى الودقُ أو شدا ... على الأيك سجَّاعُ الحمام المُطرِّب
على سيد السادات والآل كلهم ... وأصحابه ما لاح في الأفق كوكب(731/2)
هو ذا الرد على (بوذا)
---
هل أنت يا بوذا أعز وأكرم
من رأس طفل في بلادي يذبح
أم أنت أكرم من مساجد هدّمت
أم تلك في ظلم وقيد تُرزح
أم أنت أعظم من مصاحف مزقت؟
أم عرض مسلمة يُهان ويُفضح
أيُهدّ أقصى لا يقام لهدّمه ؟
وتُهد أنت فكل كلب ينبح
ويجوع شعب لا يصيح لجوعه
من صاح من أجل الحجارة تُطرح
سحقاً لمن يدعو لحفظك بعدما
يدعو لقتل المسلمين ويسمح
سحقاً لمن أمست لديه حجارة
من عرض مسلمة أعز وأربح
قد هالهم جرح لبوذا يندمي
ما هالهم جُرح العراق يُقرّح
ولهم دموع ما ظننت وجودها
لو قطّعت أوصالنا ونكسّح
ما هال سمعي أن يدافع مجرم
عن رأس [ بوذا ] ذاك ربٌّ سبّحوا
هو ربهم وتراثهم في زعمهم
سحقاً لما عبدوا أربٌّ يُترح ؟
أمّا الذي علم الشريعة يدّعي
ثم الفتاوى بالدّفاع تُصرح
عمّن تدافع ؟عن إله يُدّعى
أم أنت بوق للأجانب يصدح
أم أنت لا تدري ؟فتلك مصيبة
أم أنت تدري فالمصيبة أفضح
أوَ ما عرفت محمداً قد هدّها
مئة وأخرى ثم أخرى طرّحوا
واللات والعزى وتلك مناتهم
أمست تراباً بالمساحي تبطح
واقرأ كتاب الله علّك أن ترى
في [ الأنبياء ] نبا [ جذاذاً ] أوضح
عمد الخليل بهدمِ أصنامٍ لهم
لقب [ الحنيف ] فذاك خير أربح
وإذا أردت مزيد علم فلترى
تلك الفتوح بأي شئ صبّحوا
سوّوا القبور وكسّروا أصنامها
ومعالم الكفر المصوّر مسّحوا
لو كنت في ذاك الزمان لقلت : لا
تتشددوا في كسرها وتسامحوا
ولقلت: إرهابٌ ومحض تعصّبٍ
ولقلت : هذا في العقيدة يقدح
فاربأْ بعلمك عن نتاج جيوبهم
واربأ عن الطاغين، لا لن يفلحوا
فالله ناصر دينه ومعزه
ومذلّ [ بوذا] والذين تبجّحوا
لن يلبثوا إلا قليلاً متعةً
ثم المقام إلى جهنّم يُلفحوا
وسيعلمون غداً بأي شريعةٍ
هُدِمت حجارة دينهم وسيُفضحوا
ويصير [ بوذا] في جهنّم معهم
يلعنهمُ وسيلعنوه ويُطرحوا
فامسح دموعك لا تباكى كسره
وابك على الإسلام ديناً يُذبح
كادوا له في هدمه بمكائدٍ(732/1)
كادت له قمم الجبال تزحزح
وابك فلسطين الحبيبة أنّها
أمست عروساً للبغاء ستُمنح
وابك على الأقصى على جدرانه
يرنو إلى عمر يجيء ويفتح
وابك على طفل كأثمن [ درّة ]
يلقى الرصاص بصدره يترنح
وابك على [الشيشان] كم من مسلم
قد شرّدوا في أرضها ويذبّحوا
وابك على [ألبان كوسوفو] وقل
أين المدافع؟أين من لا يستحوا
وابك على شعب يجوع ونفطنا
مثل البحار إلى الأعادي يُنضح
وابك وناد أين أمّتنا التي
نامت بها أسُدٌ فكلب يسرح
واترك لبوذا أهله يبكونه
فلديك ما تبكي وما تتنوّح(732/2)
هو رامي أو محمد
---
اتصل بي عدد من الإخوة والأخوات بعد قراءتهم لقصيدتي " رامي " عن الطفل الفلسطيني الذي قتل في حضن أبيه الجريح، وأكَّدوا لي أنهم قرأوا وسمعوا اسم الطفل محمد وليس رامي ، علماً بأن وسائل الإعلام نشرت الاسم مختلفاً، فكانت هذه القصيدة :
هو رامي أو محمَّد
صورةُ المأساةِ تشهد:
أنَّ طفلاً مسلماً في ساحة الموتِ تمدَّد
أنَّ جنديَّاً يهودياً على الساحةِ عربَد
وتمادى وتوعَّد
ورمى الطفلَ وللقتلِ تعمَّد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ طفلاً وأباً كانا على وعدٍ من الموتِ محدَّد
مات رامي أو محمَّد
مات في حضن الأَب المسكينِ
والعالَمُ يشهد
مَشهدٌ أبصرَه الناسُ
وكم يخفى عن الأعيُنِ مشهَد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ إرهابَ بني صهيونَ
في صورته الكبرى تجسَّد
أنَّ حسَّ العالَم المسكونِ بالوَهم تبلَّد
أنَّ شيئاً إسمُه العطفُ على الأطفالِ
في القدس تجمَّد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أن لصَّاً دخل الدَّارَ وهدَّد
ورأى الطفلَ على ناصيةِ الدَّرب فسدَّد
وتعالى في نواحي الشارع المشؤومِ صوت القصفِ حيناً وتردَّد
هو رامي أو محمد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ جيشاً من بني صهيونَ
للإرهابِ يُحشَد
أنَّ نارَ الظلم والطغيانِ تُوقَد
أنَّ آلافَ الخنازير
على المنبع تُورَد
هذه الطفلةُ سارَه
زهرةٌ فيها رُواءٌ ونضارَه
رَسَمَ الرشّاشُ في جبهتها
شَكلَ مَغارَه
لم تكن تعلم أن الظالم الغاشمَ أزبَد
وعلى أشلائها جمَّع أشلاءً وأوقَد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهَد:
أنَّ جرحَ الأمةِ النازفَ منها لم يُضَمَّد
أنَّ دَينَ المجد ما زال علينا
لم يُسَدَّد
أنَّ باب المجدِ ما زالَ
عن الأمَّةِ يُوصَد
هو رامي أو محمد
صورة المأساة تشهد:
أنَّ أشجاراً من الزيتونِ تُجتَثُّ
وفي موقعها يُغرَسُ غرقَد
أنَّ تمثالاً من الوهمِ
على تَلٍّ من الإلحادِ يُعبَد
هو رامي أو محمَّد
صورةُ المأساةِ تشهد:(733/1)
أنَّ ما أدَلى به التاريخُ
من أخبار صهيونَ مؤكَّد
أنَّ ما نعرف من أحقادِ صهيونَ تجدَّد
ما بَنُو صهيونَ إلاَّ الحقدُ
في صورةِ إنسانٍ يُجسَّد
أمرُهم في نَسَق الناسِ معقَّد
يا أعاصيرَ البطولاتِ احمليهم
ووراء البحر في مستنقع الذُّلِّ اقذفيهم
وعن القدسِ وطُهر القِبلة الأُولى خذيهم
قرَّبيهم من مخازيهم وعنَّا أبعديهم
هو رامي أو محمَّد
هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومُرشَّد
هي لُبنَى هي سُعدى وابتسامٌ وهيَ سارَه
هم بواكيرُ زهور المجد في عصر الإثارَه
هم شموخٌ في زمانٍ أعلن الذلُّ انكسارَه
هم وقود العزم والإقدامِ عنوانُ الجَسَارَه
هم جميعاً جيلنا الشامخُ أطفالُ الحجارَه
لو سألناهم لقالوا:
ما الشهيدُ الحرُّ
إلا جَذوَةٌ تُوقِدُ نارَ العزمِ والرَّأيِ المسدَّد
ما الشهيد الحرُّ إلاَّ
شَمعَةٌ تطرد ليلَ اليأسِ
والحسِّ المجمَّد
ما الشهيد الحرُّ إلاَّ
رايةُ التوحيد في العصر المُعَمَّد
ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ
وَثبَةُ الإيمانِ في العصر المهوَّد
ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ
فارسٌ كبَّر للهِ ولمَّا حَضَرَ الموتُ تشهَّد
ما الشهيدُ الحُرُّ إلا
روح صدِّيقٍ إلى الرحمنِ تصعَد
أيُّها الباكونَ من حزنٍ علينا
إنما يُبكَى الذي استسلمَ للذلِّ وأخلَد
نحن لم نُقتل
ولكنَّا لقينا الموتَ أعلى همَّةً منكم وأمجد
نحن لم نحزن ولكنا فرحنا ورضينا
فافرحوا أنَّا غسلنَا عنكم الوهمَ الملبَّد
طلِّقوا أوهامكم
إنَّا نرى الغايةَ أبعَد
هو رامي أو محمَّد
هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومرشَّد
ربَّما تختلف الأسماءُ لكن
هَدَفُ التحرير للأقصى موحَّد(733/2)
هو عاشقُ حتى يموت فيعذرَ
د.جعفر الكنج الدندشي
Alkange@aol.com
هل يطمئنُّ القلبُ يوماً يا iiترى ... أمْ انّهُ وَهْمُ الحياةِ ii تَكَرّرَ؟
كمْ فيكَ مِن بعضِ الشموع يذوبُ في ... آمالِ عمْرِكَ، أم يَرى ما لا أرى؟
أضواء قلبي والظلامُ iiتحالفا ... وتواعدتْ عينايا هِجران iiالكرى
أين احتجبتِ مع الفؤادِ iiبجرحهِ؟ ... هل لا يزالُ مع الدموعِ ii مُجرجرا؟
أوْلَجْتِ في واحاتِه مِن كلّ iiما ... أعطى الهوى حبَّ الودادِ iiفأزهرَ
مِن أينَ يا ذات الغيابِ iiسيلتقي ... طَيفي بطَيفكِ، والبعادُ iiتصدّرَ.
لَمَحَتْ حكاياتُ الحنين iiمشاعري ... فمضَتْ إليها تَستَبدُّ iiتَكََبّرا
وغدوتُ أبحثُ عنكِ لمّا أثخَنتْ ... فينا جراحَ الشوق، تؤذي iiمنظرا
ورجعتُ نحوك أستغيثُ حنان iiمَن ... سَقَتِ الفؤادَ مِنَ المحبّةِ iiأشهُرا
طفلٌ لقلبكِ، تائهٌ في حبّ iiمَنْ ... تركَتْ لهُ دربَ الهوى iiمُتَعثِّرا
هذا الذي لم تتركي في iiعُمرهِ ... غير المحبةِ والحنانِ، iiثأثّرَ
يشتاقُ وجْداً والدموع iiتلومهُ ... ويلومها والشوق فيهِ iiتَبعثرَ
ما بالهُ يشكو ويبكي صامتاً؟ ... ما عادَ يُدرِك أصفراً من iiأخضرا
لا تعذري فيه الضياعَ إذا iiاهتدى ... هو عاشقٌ حتى يموتَ iiفُيعذرَ(734/1)
هوالحبُّ فاسْلَمْ بالحَشا ما الهوى سَهْلُ
لابن الفارض
هوالحبُّ فاسْلَمْ بالحَشا ما الهوى سَهْلُ ... فما اختارَهُ مُضنىً بهِ ولهُ عَقْلُ
وعِشْ خَالياً فالحُبُّ راحتُهُ عَنَاً ... وأولُهُ سُقْمٌ وآخرُه قَتْلُ
ولكن لديّ الموتُ فيه صبابةً ... حياةٌ لمنْ أهوى عليّ بها الفضلُ
نصحتُكَ علماً بالهوى والذي أرى ... مُخالَفَتي فاخترْ لنفسك ما يَحلو
فإن شئتَ أن تحيا سعيدا فمُتْ به ... شهيدا وإلا فالغرامُ له أَهلُ
فمنْ لم يمت في حبِّه لم يَعِشْ به ... ودون اجتناء النَحلِ ما جَنَتِ النَّحلُ
وقل لقتيلِ الحبّ وَفّيْتَ حقَّه ... وللمُدعي هيهاتَ ما الكَحَلُ الكُحْلُ
تَعرّضَ قومٌ للغرام وأعرضوا ... بجانبِهم عن صحتي فيه فاعتلّوا
رضُوا بالأماني وابْتُلوا بحظوظِهِمْ ... وخاضُوا بحارَ الحبّ دَعوىً فما ابْتُلوا
فهم في السُّرى لم يَبرحوا من مَكانِهم ... وما ظعنوا في السيرِ عنه وقد كَلّوا
وعن مذهبي لما استحبوا العمى على الـ ... ـهدى حسدا من عند أنفسهم ضلوا
أحبّةََ قلبي والمحبّةُ شافعي ... لديكم إذا شئتمْ بها اتّصل الحَبْلُ
عسى عطفةٌ منكم عليّ بنظرةٍ ... فقد تَعبتْ بيني وبينَكمُ الرُسْلُ
أحبايَ أنتمْ أحْسَنَ الدهرُ أم أسا ... فكونوا كما شئتمْ أنا ذلك الخِلُّ
إذا كان حَظي الهَجْرَ مِنكمْ ولم يَكنْ ... بِعادٌ فذاك الهجرُ عندي هو الوَصلُ
وما الصدّ إلا الوُدُّ ما لم يَكنْ قِلَىً ... وأصعبُ شيءٍ غيرَ أعراضِكمْ سَهلُ
وتعذيبكمْ عَذْبٌ لدي وجوركمْ ... عليّ بما يَقضي الهوى لكمُ عَدْلُ
وصبريَ صبرٌ عَنكمُ وعليكمُ ... أرى أبداً عندي مرارتَه تَحلو
أخذتمْ فؤادي وهو بعضي فما الذي ... يَضرّكمُ لو كان عندكمُ الكلُ
نأيتم فغيرَ الدمع لم أرَ وافياً ... سوى زفرةٍ من حَرّ نارِ الجوى تغلو
فسُهدي حيّ في جفوني مخلّدٌ ... ونَومي بها مَيتٌ ودمعي له غُسْلُ
هوى طَلّ ما بين الطلولِ دمي فمِن ... جفوني جَرى بالسَّفْحِ من سَفْحِهِ وَبْلُ
تَبَالَهَ قوْمي إذ رأوْني مُتيّما ... وقالوا بمن هذا الفتى مسّه الخبلُ(735/1)
وماذا عسى عني يُقالُ سوى غدا ... بِنُعْمٍ لَهُ شُغْلٌ نَعَمْ لي بها شُغْلُ
إذا أنْعَمتْ نُعْمٌ عليّ بِنَظرةٍ ... فلا أَسعدتْ سُعدى ولا أَجْملتْ جُمْلٌ
وقدْ علموا أني قَتيلُ لِحاظِها ... فإن لها في كل جارحةٍ نَصْلُ
حديثي قديمٌ في هواها وما له ... كما عَلِمَتْ بَعْدٌ وليسَ لها قَبْلُ
وما لي مِثْلٌ في غَرامي بها كما ... غَدَتْ فِتْنَةً في حُسْنها ما لها مِثْلُ
ولي هِمّةٌ تَعلو إذا ما ذكرْتُها ... وروحٌ بذكراها إذا رَخُصتْ تَغلو
جَرى حُبّها مَجرى دمي في مَفاصلي ... فأصبح لي عن كل شُغْلٍ بها شُغلُ
وفي حبِّها بِعْتُ السعادةَ بالشقا ... ضلالا وعقلي عن هدايَ بهِ عَقلُ
وقلت لرُشدي والتنسُّكِ والتُّقى ... تَخلُوا وما بيني وبين الهوى خَلُّوا
وفرّغت قلبي عن وجوديَ مُخلصا ... لعليَ في شُغلي بها معها أخلو
ومن أجلِها أسعى لمن بيننا سعى ... وأعدو ولا أعدو لمن دأبُهُ العَذْلُ
فأرتاحُ للواشينَ بَيني وبينها ... لتعلمَ ما أَلقى وما عندها جَهْلُ
وأصبُوا إلى العُذّالِ حُبا لذكرها ... كأنهم ما بيننا في الهوى رُسْلُ
فإن حدّثوا عنها فكُلي مَسامعٌ ... وكُلّيَ إن حَدّثتُهمْ ألسنٌ تَتلو
تخالفتِ الأقوالُ فينا تبايُنا ... برَجمِ ظنونٍ بيننا ما لها أصلُ
فشنّعَ قومٌ بالوصالِ ولمْ تَصِلْ ... وأرْجَف بالسلوانِ قومٌ ولم أَسْلُ
فما صَدَقَ التشنيعُ عنها لِشَقوتي ... وقد كَذَبَتْ عني الأراجيفُ والنُقْلُ
وكيفَ أُرجّي وَصْلَ من لو تَصوّرتْ ... حِماها المُنى وَهْماً لضاقتْ بها السُبْلُ
وإن وَعَدَتْ لم يَلحقِ الفِعلُ قَولها ... وإن أوعدتْ بالقولِ يَسبِقُهُ الفِعْلُ
عديني بوَصلٍ وامْطُلي بِنَجازه ... فعندي إذا صحّ الهوى حَسُنَ المَطْلُ
وحرمةِ عهد بينَنَا عنهُ لم أَحُلْ ... وعِقْدٍ بأيدٍ بينَنا ما له حَلُّ
لأنْتِ على غَيْظِ النوى ورضى الهوى ... لدي وقلبي ساعةً مِنكِ ما يَخلو
تُرى مُقلتي يوماً تَرى من أُحبّهم ... ويَعتبُني دَهْري ويَجتمعُ الشَّمْلُ(735/2)
وما بَرِحوا مَعنىً أراهمْ معي فإن ... نأوا صورةً في الذهنِ قامَ لهم شَكْلُ
فهم نُصْبُ عيني ظاهرا حيثما سَرَوا ... وهُمْ في فؤادي باطنا أينما حَلُّوا
لهم أبدا مني حُنُوٌّ وإن جَفَوْا ... ولي أبدا مَيْلٌ إليهمْ وإن مَلُّوا(735/3)
وََ شاهِدٍ وََمََشْْهود
بقلم الدكتور حلمي الزواتي
"استكمالاً لمشروع ِ "نشرِ الديمقراطية" في العراق، قامَ خَمسةُ جُنودٍ امريكيين باغتصابِ طفلةٍ عِراقيةٍ و قتلوها مع والدَيها و شقيقتِها الصُغرى، و اشعلوا النارَ في مَنزِلهم. تأتي هذهِ الجَريمةُ البشِعَةُ ضِمْنَ المُسلسلِ "الدِّيمقراطي الامريكي" في العراقِ و الذي بَدأتْ أُولى حلقاتِهِ قَبل عامينِ في سِجنِ أبي غريبٍ عندما تَعرَّضَ الرجالُ العراقيِّونَ و النساءُ العراقياتُ لأبشع ِ انواع ِ التعذيبِ الجنسي على يدِ الجنودِ الأمريكين و حلفائهم أحفادِ ابن العَلقمي، و الذي سُمِعَ أحدُهم يَردُ على احدى ضَحاياه، و هي تَستغيث: "أنا أغتصِبُكِ لَعَلَّ ذلك يُكفِّرُ عمَّا ارتكَبْتِهِ بحَقِ الحُسين"!!
حَبيبي عَليْ
سَلامٌ عَلى وَجْهِكَ اليَعْرُبيْ
سَلامٌ عَليكَ بِتلكَ القُيودِ
تَشُقُ الطَّريقَ لِشَعْبٍ أَبِيْ
سَلامٌ عَلى "دِجلةَ الخَيْرِ"
مَا هانَ يَوْماً بِوَجْهِ الغُزاةْ
سَلامٌ عَلى َكرْبَلاءْ
عَلى عِرْضِكَ المُسْتباحْ
عَلى جَدِّكَ الشَّهْمِ...
سِبْطِ النَّبِيْ
يُطارِدُ فِي الفَجْرِ جَيْشَ الطُّغاةْ
سَلامٌ عَلَيْكَ تُرَدِّدُ مِلْءَ الجِراحْ
وَ تَغْسِلُ بِالدَّمِ وَجْهَ الصَّباحْ
بَغدادُ لَيْلُكِ قَدْ ولَّى وَ قَدْ ذَهَبا
وَ الشَّعبُ شَعبُكِ قَدْ أَبلى وَ مَا تَعِبا
مَهْدُ العُروبَةِ وَ الإسلامِ شَامِخَةٌ
المَجْدُ أَنْتِ إِذا مَا المَجْدُ قَدْ نُسِبَا
يَمَّمْتُ شَطْرَكِ وَجْهي عَاشِقاً وَلِهاً
أَرْخَيْتُ َكفِّيَ عَلِّي أَلمَسُ الحِقَبَا
آنَسْتُ قُرْبَكِ ناراً أَبْتَغي قَبَساً
عَلَّي أُضيء ظَلاماً غاسِقاً وقَبَا
بَغْدادُ صُبْحُكِ حَانَ اليَوْمَ مَوعِدُهُ
الآنَ صُبْحُكِ يَا بَغْدادُ قَدْ قَرُبَا؟!
أَليْسَ الصَّباحُ قَريباً؟!
يا أَيُّها الصُّبْحُ فَوْقَ الأُكفِّ
تَقَدَّمْ!!
لِتَخْرُجَ مِنْ شَفَتَيِّ الجِراحْ(736/1)
لتَصْعَدَ كالسَّهْمِ بَيْنَ الأَصَابِِعِ
كالرُّمْحِ فَوْقَ الرِّماحْ
َتقَدَّمْ سَريعاً.....
تَقَدَّمْ!!
كَما النَّفْطُ يا أَيُّها الصُّبْحُ
باعُوا رَخيصاً دِماءَ الحُسَيْنْ
باعُوهُ لَيْلاً بِدُونِ مَزادٍ...
وَ غَلّوا اليَدَيْنْ
وَ ساقَ النَّواطيرُ ُكلَّ بَناتِ مُحَمَّدْ
سَبَايا يُقَدَّمْنَ- بِاسْمِ التَّحَرُّرِ- لِلأَجْنَبِيْ
بَاعُوا الفُراتَ
وَ نَخْلَ العِراقِ
وَ بَيْتَ الرَّشيدِ
وَ قَبْرَ النَّبِيْ
نَخيلُ بَغدادَ مِنْ بَغْدادَ نَادانَا
وَ أَشْعَلَ الجُرْحَ فِينا ثُمَّ أَحْيانَا
يَا نَخْلَةَ القَلْبِ يَا ظِلاً يُوارِفُنَا
يَا دَوْحَةَ اللَّهِ أَنْهاراً وَ أَغْصانَا
يَا بَسْمةَ الجُرْحِ يا نَبْعاً يُرافِقُنَا
نَرْوي بِهِ الصَّحْبَ ظَمْآناً فَظَمْآنَا
رَمى بِنا الدَّهْرُ قَوْماً لا خَلاقَ لَهُمْ
وَ أَوْرَقَ الحُزْنُ أَشْجاناً وَ نِيراناً
مَنْ يُبْلِغُ النَّخْلَ فِي بَغْدادَ أَنَّ بِنا
مِنْ شِدَّةِ الوَجْدِ أَشْكالاً وَ أَلْوانا
مَنْ يُبْلِغُ النَّخْلَ أَنَّا لا نَزالُ عَلى
عَهْدِ العُروبَةِ مَا لِنَّا وَ مَا لانَا
عَلى العَهْدِ يَا ُكلَّ لَحْمي المُهانْ
عَلى العَهْدِ يَا آخِرَ الطَّيِّبينْ
ِمنَ المَاءِ لِلْماءِ خَانوا دِماءَكْ
ِمنَ المَاءِ لِلْماءِ بَاعُوا نِسَاءَكَ...
أَوْفوا اليَمينْ
ِمنَ المَاءِ لِلْماءِ سِجْنٌ
وَ فِي السِّجْنِ سِجْنٌ وَ ُكلٌّ سَجينْ
وَ فِي السِّجْنِ يُؤْكَلُ لَحْمُكَ حَيًّا
وَ لَحْمُ فِلِسْطينَ...
لَحْمُ العِراقْ
يُوَزَّعُ فِي اللَيْلِ سِرًّا
يُسَافِرُ عَبْرَ المُحيطاتِ...
يُهْدى لِحاكِمِ تِكْساسْ
يُقَدَّمُ شُكْراً عَلى ذَبْحِنَا
ِمنَ المَاءِ لِلْماءِ نُذْبَحُ مُنْذُ عُقُودٍ
وَ نُحْسَدُ أَيْضاً عَلى صَمْتِنَا
لَقَدْ نَامَ هذَا المَسَاءُ حَزيناً عَلى حُزْنِنَا
وَ بَعْضُ النَّواطِيرِ نَاموا سُكارى
وَ بَعْضٌ عَرايَا
وَ َبعْضٌ بَغَايَا(736/2)
وَ َبعْضٌ يُسَفِّهُ أَحْلامَنا
لَقَدْ ضَاقَ- يَا رَبُّ- هذَا الفَضَاءُ
وَ زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزالَنَا
وَ أَثْقَلتِ الأَرْضَ أَوْزارُنا
وَ سَوْفَ يُحَدِّثُ نَخْلُ العِراقِ
و أَطْفالُ بَغْدادَ - فِي الفَجْرِ- أَخْبارَنا(736/3)
واحر قلباه ممن قلبه شبم ومن
فخر وعتاب ، لأبي الطيب المتنبي :
واحر قلباه ممن قلبه شبم ومن ***** بجسمي وحالي عنده سقمُ
ما لي أكَتِّمُ حُبا قد برى جسدي ***** وتَدّعي حُبَّ سيف الدولة الأمم
إن كان يجمعنا حبٌّ لغُرته ***** فليت أنَّا بقدر الحب نقتسم
قد زرته وسيوف الهند مغمدة ***** وقد نظرت إليه والسيوف دم
فكان أحسن خلقَ الله كلهم ***** وكان أحسن ما في الأحسن الشيم
فَوت العدو الذي يممته ظفر ***** في طيه أسف في طيه نعم
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت ***** لك المهابة مالا تصنع البُهَمُ
ألزمت نفسك شيئا ليس يلزمها ***** ألا يواريهم أرض ولا علم
أكلما رمت جيشا فانثنى هربا ***** تصرفت بك في آثاره الهمم
عليك هزمهم في كل معترك ***** وما عليك بهم عار إذا انهزموا
أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر ***** تصافحت فيه بيض الهند واللمَمُ
يا أعدل الناس إلا في معاملتي ***** فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
أعيذها نظرات منك صادقة ***** أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ***** إذا استوت عنده الأنوار والظلم
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ***** وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها ***** ويسهر الخلق جرّاها ويختصم
وجاهل مَدَّهُ في جهله ضحكي ***** حتى أتته يد فراسة وفم
إذا نظرت نيوب الليث بارزة ***** فلا تظنن أن الليث يبتسم
ومهجة مهجتي مِن هَمّ صاحبها ***** أدركتها بجواد ظهره حرم
رجلاه في الركض رجل واليدان يد ***** وفعله ما تريد الكف والقدم
ومرهف سِرْتُ بين الجحفلين به ***** حتى ضربت وموج الموت يلتطم
فالخيل والليل والبيداء تعرفني ***** والسيف والرمح والقرطاس والقلم
صحبت في الفلوات الوحش منفردا ***** حتى تعجب مني القُورُ الأَكَم
يا من يعز علينا أن نفارقهم ***** وجدانُنا كلَّ شيء بعدكم عدم
ما كان أخلقنا منكم بتكرمة ***** لو أن أمركمُ من أمرنا أُمم(737/1)
إن كان سركم ما قال حاسدنا ***** فما لجرح إذا أرضاكم ألم
وبيننا لو رعيتم ذاك معرفة ***** إن المعارف في أهل النهى ذمم
كم تطلبون لنا عيبا فيعجز كم ***** ويكره الله ما تأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي ***** أنا الثريا وذان الشيب والهرم
ليت الغمام الذي عندي صواعقه ***** يزيلهن إلى من عنده الديم
أرى النوى تقتضيني كل مرحلة ***** لا تستقل بها الوخّادة الرُسُم
لئن تركنا ضميرا عن ميامننا ***** ليحدثن لمن ودعتهم ندم
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ***** أن لا تفارقهم فالراحلون هم
شر البلاد بلاد لا صديق بها ***** وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
وشر ما قنصته راحتي قَنَصٌ ***** شُهبُ البُزاة سواء فيه والرخم
بأي لفظ تقول الشعر زعنفة ***** تجوز عندك لا عرب ولا عجم
هذا عتابك إلا أنه مقة ***** قد ضمن الدر إلا أنه كلم(737/2)
وإذا الجبان نهاك يوم كريهة
خوفاً عليك من ازدحام الجحفل
فاعص مقالته ولا تجفل بها
وأقدم إذا حق اللقا في الأول
واختر لنفسك منزلا تعلو به
أو مت كريماً تحت ظل القسطل
فالموت لا ينجيك من آفاته
حصنُ ولو شيدته بالجندل
موت في الفتى في عزه خير له
من أن يبيت أسيرّ طرفٍ أكحل
إن كنت في عدد العبيد فهمتي
فوق الثريا والسماك الأعزل
أو أنكرت فرسان عبس نسبتي
فسنان رمحي والحسام يقر لي
وبذابلي وبمهندي نلت العلا
لا بالقرابة والعديد الأجزل(738/1)
وافرحتا زف الشهيد
---
الحور تهتف بهجة: زُفّ الشهيد
والحور تأبى أن تزف إلى البليد
وجنان عدن لا ينال رحابها
إلا شهيد طاب مسعاه الحميد
بالروح نفدي ديننا ورسوله
والدين ينصر بالدماء وبالحديد
لن نستكين ولن نلين لحاكم
بالكفر يحكم شعبنا حكم العبيد
فاحمل سلاحك يا أخي واسحق به
هام الرؤوس فريحها نتن صديد
قرآننا سيعود رغم أنوفهم
راياته خفاقة فوق الصعيد
سنطهرالأرض التي قد باعها
حكامها من كل جبار عنيد
ونقاتل الكفر الذي في أرضنا
بأسود حق عزمها عزم شديد
ونقيم حكم الله في أرجائها
كى نتقي بدمائنا يوم الوعيد
دستورنا القرآن أكرم به
من دونه يوم الوغى حبل الوريد
وحياتنا لا نرتضي، إن لم تكن
في عزة، للحر فيها ما يريد
وسبيلنا بذل النفوس لخالق
وجزاؤنا جنات خلد لا تبيد
الحور فيها تشرئب لقادم
وهتافها: وافرحتا زُفَّ الشهيد(739/1)
واقع أمة
م. عبد اللطيف البريجاوي
عندما يحترق القلب وتعجز اليدان
عندما تكم الأفواه وتفقأ العينان
ويهتك العرض
ويقتل الصبيان
***
عندما تتكالب الأحقاد
وتتحالف الأضداد
على فريسة الإيمان
عندما يصبح الشريف مجرما
والصعلوك آمرا ومتحكما
***
وعندما يشيع بين الناس الكلام
عن كرامات وأحلام
وتشيع بينهم أفكار السلامة
وإيواء البيوت للمنامة
***
وعندما يشرح الخطيب
بلا خوف ولا رقيب
فقه تقلم الأظافر
فقه تحسين المظاهر
فقه تعصيب الجبائر
***
وعندما تقتل الأفكار
وتقطف الأزهار
وعندما تكون
أفراحنا مجون
وأتراحنا فنون
***
وعندما يصبح الأحياء
أمواتا قبل الأوان
وأوثانا مع الأوثان
***
وعندما و عندما
فلنرتقب
مسخا للعقول
وخسفا للفحول
وجنونا قبل الجنون(740/1)
وامعتصماه
---
أبطول اللحى وفي الفم عود
ندعي علما أصله مفقود
أم بقص القميص أم مسح خف
عن حمى شرعنا الأخطارَ ندود
لا بهذا ولابذاك مياه
وجه إسلامنا إليه تعود
ليس ذاك إلا جزيئاتُ كلٍ
ما له تبعيض ولا تحديد
إن إيمانكم ببعض الكتاب
معْ جحود لبعضه مردود
والجزاء عليه خزي بدنيا
والعذاب في غيرها لشديد
إن تثبيطكم عزائم خلق اللـ
ــــه عن نصر دينه لعنود
إن عددنا الصلاة فرضا ينجي
من لظى فلها الجهاد نديد
فلماذا تهاون الكل جبنا
في جهاد العدى ونحن عديد؟
أو لم تعلموا يقينا بأن
ذا الجهاد في شرعنا معدود؟
ليت شعري هل جاءكم وعد نصر
إن خذلتم الدين أم جاء وعيد؟
أم إله السماء خصكم بالـ
ـــــعفو من بيننا ونحن شهود؟
أم أنتم مدعو الشجاعة في غـ
ـــــير المكان الذي بها معهود؟
إن نسر في هواكم اليوم فالغا
ية طبعا إلى الهوان أكيد
يستغيث الإسلام أين حماتي؟
جرحه غائر ولا تضميد
يوم كان عزيزا حيث ينادى
به يجب له صدى ورعود
تذكرون ذكرى عمورية إذ
خربت دورها وحصن عتيد
إثر صيحة الهاشمية وامعـ
ــتصماه هل أنت راض شهيد
فأجاب النداء لبيك أختـ
ــا ه وصاح النفير وهو سعيد
حينه الدين كان في عز قوم
خصمهم ذليل ودوما طريد
يومها كانت الحمية للديـ
ـــــن حماية والحميُّ رشيد
في سبيل حماية الدين يلقى
بالإمارة والحياة يجود
لا نرى وقتها عدوا يرجي
رعب شبل وقد حمته أسود
إذ يرى الإعتداء في شخص فرد
اعتداء يحمي حماه جنود
ذاك عهد مضى ألا فاذكروه
علنا من معينه نستفيد
واذكروه إذ ظل عالم شرع
يحتمي فيه أهله والبعيد
ثم أتى على الشريعة عهد
انمحت بالهوان معه عهود
حولت فيه شهوة الحكم والمل
ك أمورا بها الرجال تسود
فاضمحلت بذاك غيرتنا عن
ديننا واعترى جذاها خمود
هكذا أطفأنا مشاعل عز
قد حباها من الخمود الجدود
وانقصمنا قطعان شاء وكل
عن حظيرة نافح ويشيد
عندها أدركت جموع الصليب
أننا هنّا واعترانا جمود
فاستغلوا انخذالنا بعد أن را
عهم منا بسالة وصمود(741/1)
وبكت حظها الحنيفية إذ
أزريت بيننا ونحن شهود
وكساها الأعداء ذلا وقد كا
ن عليها من مجد عز برود
وبكت حظها إثرها على دور إسلا
م خلت منه واحتواها اليهود
وبكت مسجدا تحول قهرا
بيعة لليهود فيها سجود
وبكت آذانا تحول ناقو
سا له في عليائه ترديد
وبكت أمة أهينت وكل
منطو على نفسه وقعيد
وبكت محرابا بكت منبرا من
هول ما قد أصابه وهو عود
مثل هذا يذيب قلبا عطوفا
وهو آس بوضعنا وكميد
إنه لوضع أليم يعاش
ما لنا في انتفاء ذاك بنود
اعتداء في كل صقع وفوضى
مزقت معهما الحمى والحدود
يستغيث بنا الضعاف وقد حا
قت بهم في أيدي الأعادي قيود
ما بهذا التغاضي والجبن يلقى
مؤمن صبره العزاء الوحيد
حين خذله الجميع ولم يل
ق منهم إلا الرثا والصدود
فبكى واستبكى الفؤاد دماء
خضبت أمشاق بها وخدود
ليت شعري هل يوجد اليوم حر
أبيّ النفس للمعالي يقود
مطيع ربه وعاص هواه
رحمة لنا للأعادي مبيد
لا كمن ينطوي على عار ذل
ويرى أن أمره محمود(741/2)
وثنٌ يضيقُ برجسه الأوثانُ
أنا ضد أمريكا !! لأحمد مطر
وثنٌ يضيقُ برجسه الأوثانُ ***** وفريسة تبكي لها العُقبانُ
ودمٌ يُضَمِّدُ للسيوف جراحها **** ويُعيذها من شرها الشريانُ
هي فتنة عصفت بكيدك كلِّه **** فانفذ بجلدك أيها الشيطان
ماذا لديك؟ غوايةٌ؟ صنها ****** فقد أغوى الغواية نفسها السلطان
مكرٌ؟ وهل حلّفت بالقرآن قرآناً لينكر أنه قرآن
كفرٌ؟ بماذا؟ ديننا أمسى بلا **** دين وأعلن كفره الإيمان
كذبٌ؟ ألا تدري بأنّ وجوهنا **** زورٌ وأنّ نفوسنا بهتان
قرنان؟ ويلك عندنا عشرون شيطاناً وفوق قرونهم تيجان
**********************************************
يا أيها الشيطان إنك لم تزل **** غِرّاً وليس لمثلك الميدان
قف جانباً للإنس أو للجن واتركنا فلا إنسٌ هنا أو جان
قف جانباً كي لا تبوء بذنبنا **** أو أن يدينك باسمنا الدّيانُ
إن يصفح الغفار عنك فإننا ***** لا يحتوينا الصفح والغفران
أُنبيك أنّا أُمّةٌ أَمَةٌ تباع وتشترى ونصيبها الحرمان
أُنبيك أنّا أُمّةٌ أسيادها ****** خدمٌ وخيرُ فحولها خصيان
قِطعٌ من الكذب الصقيل فليس في ***** تاريخهم روحٌ ولا ريحان
أُسدٌ ولكن يحدثون بثوبهم ***** إن حركت أذنابها الفئران
متعففون وصبحهم سطوٌ على ***** قوت العباد وليلهم غلمان
متدينون ودينهم بدنانهم ***** ومسهّدون وسُكرهم سكران
عربٌ ولكن لو نزعت قشورهم **** لوجدت أنّ اللب أمريكان
****************************************************
جيلان مرّا لم يكن في ظلهم ****** ظلٌ ولا بوجودهم وجدانُ
حتى المرارة أقلعت عن نفسها ***** ولنا على إدمانها إدمان
نأتي إلى الدنيا وفي أعناقنا ***** نيرٌ وفي أعماقنا نيران
تُخصى لنا الأسماع منذ مجيئنا ***** شرعاً ويُعمل للشفاه ختان
ونسير مقلوبين حتى لا تُرى **** مقلوبة بعيوننا البلدان
والدرب متضح لنا فوراءنا ***** متعقِّبٌ وأمامنا سجّانُ(742/1)
فيخاف من فرط السكوت سكوتنا **** من أن تمر بذهننا الأذهان
ونخاف أن يشيَ السكوت بصمتنا ***** فكأنما لسكوتنا آذان
لو قيل للحيوان كن بشراً هنا ***** لبكى وأعلن رفضه الحيوانُ
*************************************************
كم باسمنا نشب النزاع ولم يكن **** رأي لنا بنشوبه أو شان
وعدتْ علينا العاديات فليلنا ***** ثوبُ الحداد وصبحنا الأكفان
وهواؤنا آهاتنا وترابنا ***** دمعٌ دمٌ وسماؤنا أجفان
صحنا فلم يُشفق علينا عقربٌ **** نُحنا ولم يَرفق بنا ثُعبان
ومَن المجير وقد جرت أقدارنا ***** في أنْ يجور الأهل والجيرانُ
قلنا ومطرقة العذاب تدقنا ****** سيجيء دورك أيها السندان
وسيأكل السرحان لحم صغاره **** إن لم يجد ما يأكل السرحان
فتمرّتِ الضحكات في دمعاتنا ***** وتكدرت من صحونا الكيزان
حتى إذا ما سكرةٌ راحت وجاءت فكرةٌ وتثاءب النعسان
غفلتْ زوايا الحانِ عن ألحانها **** وانحطت الشرفات والحيطان
وهوى الهوى متضرّجاً بهوانه **** وانهدّ من ندمٍ بها الندمانُ
لكننا في الحالتين سفينةٌ ******* غرقت فقام يلومها الربان
أمن العدالة أن نُشكَّ ونُشتكى **** أم أن نباع وجلدننا الأثمان
في لحظة لعنت مصانعها الدمى ***** وتبرّأت من نفسها الأدران
وانساب "سيرك" المعجزات فها هنا *** قدمٌ فمٌ وفصاحةٌ هذيان
يُلقي بها الإعلام فوق رؤوسنا ****** صُحفاً يقيء لعهرها الغثيان
فزبالةٌ واستبدلت بزبالة **** أخرى ولم تستبدل الجرذان
وهنا مليك مغرم بتراثه ****** يحسو الخمور وكأسه فنجان
وهناك ثوريٌ يؤسس دولةً **** في كرشه فتصفق الثيران
وهنا مليكٌ ليس يملك نفسه ***** فمه صدىً وضميره دكان
ومفكّرٌ متخصصٌ بعلوم فرك الخصيتين ففكره سيلان
وشواعرٌ كي لا أسمي واحداً **** يتسترون وسترهم عريان
يزنون بالقبّان أبياتاً لهم **** فيميل من أوزانه القَبّان
في كفّةٍ تسبيلةٌ ودراهمٌ ***** وبكفّةٍ تفعيلةٌ وبيان(742/2)
متفاعلن متفاعلن عِلّانةٌ **** متفاعلن متفاعلن عِلّانُ
وتقرقع الأوزان دون مبادئٍ **** لمبادئٍ ليست لها أوزان
فالحاكم المغتال طفلٌ وادعٌ **** والمودَعون بسجنه غيلان
وابن الشوارع فارسٌ في ساعةٍ *** وبساعةٍ هو غادرٌ وجبانُ
هل ينثني الجزّارُ عن جرمٍ وهل *** ترتد عن أخلاقها الفرسانُ
كلا ولكن "الأنا" ورمٌ وإن ***** زادت فكلُّ زيادةٍ نقصان
يبدو التناقض عندها متناسقاً **** واللون في صفحاتها ألوان
هو فارسٌ ما دام يفترس الورى *** فإذا قُرِصْتُ فإنه قُرصان
وحدي ولو ذهب الأنام جميعهم **** وإذا ذهبت فبعدي الطوفان
*************************************************
يا آية الله الجديد ومن لقى ****** آياتِه الحشرات والديدان
آمنت أنك آيةٌ فبحدّكَ اتًّحد الهوى وتفرّق الفرقان
طوبى لنبلك في الجهاد فمرة **** أرض الكويت ومرةً إيران
وكأنّ خارطة الجهاد أعدّها ***** "ميخا" وأكد رسمها "المعدان"
القدس ليست من هنا تؤتى ونعلم أنها من ودنها عمّان
والفقر ليس بأرضنا فمياهنا ***** تروي المياه ونفطنا غدران
وبوارج الغرباء قد كانت هنا **** تحمي حماك وهم هنا قد كانوا
إن كنت تنسى أنهم نَصَبوك محرقةً لنا فسيذكر النسيان
لكنما قضت الرواية أن يُبدّل مشهدٌ فتبدّل البنيان
مهما تخلّى في الرواية بعضكم **** عن بعضكم فجميعكم خلان
*************************************************
قيلَ الهوى فالضمُّ ضمُّ حبيبةٍ ***** عجباً أتنبتُ للهوى أسنان
أتُعدُّ قنبلةً فتدعى قبلةً ******* ويُعدُّ عيداً ذلك العدوان
وأسيرةٌ قد حرّرتْ وعجبتُ من ******* حريةً نسماتها قضبان
وشريدةٌ رجعت لمنزل أهلها ***** أينالها الإعراض والنكران
أيموت دون عفافها إخوانُها ***** أم يستبيح عفافها الإخوان
هي سُنةٌ قد سنّها وثنٌ فماذا لو قفتْ آثارها الأوثان
إن اللواحق للسوابق تنتمي **** وصُنان أتباع العِدا صنوان(742/3)
قل للجزيرة كيف حالت حائلٌ **** وبمن جرت لخرابها نجران
وبكفّ من كفُ القطيف تقطّفت ****** وبمن تعسّر في عسير أمان
ومَن احتسى الأحساء أو مَن ذا الذي *** حجز الحجاز وجنده رهبان
هل عندنا شيخٌ يسمى "شِكْسَبيرَ" وهل تطير وتقصف البعران
لا بل قضى شرع الأهلة أن تخوض جهادها وسيوفها الصلبان
كرم الضيافة دائماً يقضي بأنْ **** تُطوى الجفون وتفتح السيقان
معنى الجهاد بعصرنا أجهادنا ***** أو عصرُنا وثوابنا خسران
عثمانُ يُقتل كلَّ يومٍ باسمنا ***** وتُخاط من أطمارنا القمصان
***********************************************
أنا ضد أمريكا إلى أن تنقضي ***** هذي الحياة ويوضع الميزان
أنا ضدها حتى وإن رقّ الحصى ***** يوماً وسال الجلمد الصوان
بغضي لأمريكا لو الأكوان ضمت بعضه لانهارت الأكوان
هي جذر دوح الموبقات وكل ما ***** في الأرض من شر هي الأغصان
مَن غيرها زرع الطغاة بأرضنا ***** وبمن سواها أثمر الطغيان
حبكت فصول المسرحية حبكةً ***** يعيا بها المتمرس الفنّان
هذا يكرّ وذا يفرّ وذا بهذا يستجير ويبدأ الغليان
حتى إذا انقشع الدخان مضى لنا ***** جرحٌ وحلّ محلّه سرطان
وإذا ذئاب الغرب راعية لنا ***** وإذا جميع رعاتنا خرفان
وإذا بأصنام الأجانب قد ربت ***** وإذا الديار وأهلها القربان
*************************************************
أنا ياكويت قد اكتويت وربما ***** بشواظ ناري تكتوي النيران
صحراء همي مالها من آخر ***** وبحار حزني مالها شطآن
تبكي شراييني دماً في مدمعي ***** وبأدمعي تتضاحك الأحزان
أنت القريبة في اللقاء وفي النوى ***** وأنا بحبي الغارق الظمآن
لي منك ما للقلب من خفقاته ***** ولديك مني الوجه والعنوان
فلقد حملتك في الجفون مسهّدا ***** كي لا يُسهّدَ جفنك الوسنان
وملأت روحي منك حتى لم يعد ***** مني لروحي موضع ومكان
ما ذاب من فرط الهوى بك عاشق ***** مثلي ولا عرف الأسى إنسان(742/4)
******************************************************
قالوا هَجرتِ فقلتُ إنا واحدٌ ***** وكفى وصالاً ذلك الهجران
هي موطني ولها فؤادي موطنٌ ***** أتفرُّ من أوطانها الأوطان
ماذا على شجرٍ إذا طرد الخريفُ هَزازها لتغرّد الغربان
في الكحل لا تجد الأذى إلا إذا ****** عملتْ على تكحيلك العُميان
****************************************************
أنا لا أزال أدق قلبي خائفاً ****** ويكاد يُخفي دقتي الخفقان
لا تنكري تعبي ولا تستنكري ****** غضبي فإني العاشق الولهان
نُبّئتُ أنك قد هرمتِ وغاض من ***** غيظ الخطوب شبابك الريان
وعلمتُ أنّ الدارعين تدرّعوا ***** بطنينهم وسلاحهم أطنان
وبدوا فهوداً عند منسكب الندى ***** وإذا بهم عند الردى حُملان
صمتوا لديك لتلفظي النفس الأخير وبعدها عُزفتْ لكِ الألحان
ولطالما وعدوا بنصرك في الوغى ******* وعَدَوا وأبلغُ نصرهم خِذلان
لم يُمتشق سيفٌ ولم تُسرج لهم ****** خيلٌ ولم تُقطع لهم أرسان
فجميعهم قد كذّبوا وجميعهم ******* قد مثّلوا وجميعهم قد خانوا
**************************************************
كم عِبرةٍ عبرت بهيأة عَبرةٍ ******* ونوازلٍ نزلت هي السلوان
يَضرى بحرق العود نشر عبيره ***** وبضربها تترنم العيدان
قالت لي المأساة أن وليّها ***** ظُلمُ الولاةِ وأُمَّها الإذعان
قالت ويحمل جثتي الطاوي ويهرب من حفيف ثيابيَ الشبعان
قالت ويقدحُ ناريَ الجبناءُ لكن يكتوي بحريقيَ الشجعان
وأقول كل بلادنا محتلةٌ ****** لا فرق إن رحل العدا أو رانوا
ماذا يفيد إذا استقلت أرضنا ***** واحتُلّتِ الأرواح والأبدان
ستعود أوطاني إلى أوطانها ****** إن عاد إنساناً بها الإنسان(742/5)
وحدة الصف
يقول الشاعر:
النمل تبنى قراها في تماسكها والنحل تجنى رحيق الشهد أعوانا(743/1)
وداع رمضان
فيا عين جودى بالدمع من أسف على فراق ليالى ذات أنوارِ
على ليالى لشهر الصوم ما جعلت إلا لتمحيص آثام وأوزارِ
ما كان أحسننا والشمل مجتمع منا المصلى و منا القانط القارى
فابكوا على ما مضى فى الشهر و اغتنموا ما قد بقى إخوانى من فضل أعمارى(744/1)
وداعاً أيها البطلُ لفقدك تدمع المقلُ
بقاع الأرض قد ندبت فراقك وأشتكى الطللُ
لئن ناءت بنا الأجساد فالأرواح تتصلُ
ففي الدنيا تلاقينا وفي الأخرى لنا الأملُ
فنسأل ربنا المولى وفي الأسحار نبتهلُ
بأن نلقاك في فرح بدار ما بها مللُ
بجنات وروضات بها الأنهار والحللُ
بها الحور تنادينا بصوت ما له مثلُ
بها الأحباب قاطبة كذا الأصحاب والرسلُ
بها أبطال أمتنا بها شهداءنا الأولُ
فيا من قد سبقت إلى جنان الخلد ترتحلُ
هنيئاً ما ظفرت به هنيئاً أيها البطلُ
************(745/1)
ودِّعْ هُريرةَ إِنَّ الرَّكْبَ مُرْتَحِلُ
الأعشى
العصر ... جاهلي
عدد الأبيات ... 66
البحر ... بسيط
الروي ... لام
الغرض ... حماسة
مصدر القصيدة ... الديوان (105-112) بتحقيق محمد محمد حسين، مؤسسة الرسالة
1
ودِّعْ هُريرةَ إِنَّ الرَّكْبَ مُرْتَحِلُ *** وهلْ تُطِيقُ وداعًا أَيُّها الرَّجلُ
2
غَرَّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها *** تَمشِي الهُوَينى كما يَمْشِي الوَجِي الوَحِلُ
3
كَأنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا *** مَرُّ السَّحابةِ لا رَيْثٌ ولا عَجَلُ
4
تَسمَعُ لِلْحَلْيِ وَسْوَاسًا إذا انصَرَفَتْ *** كمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ
5
ليستْ كَمَنْ يَكْرَهُ الجِيرانُ طَلْعَتَها *** ولا تَرَاها لِسِرِّ الجَارِ تَخْتَتِلُ
6
يَكادُ يَصرَعُها لَوْلا تَشَدُّدُهَا *** إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ
7
إذا تُعالِجُ قِرْنًا سَاعة ً فَتَرَتْ *** وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتْنِ وَالكَفَلُ
8
مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدِّرْعِ بَهْكنَةٌ *** إذا تَأتَّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ
9
صدَّتْ هريرةُ عنّا ما تُكَلِّمُنا *** جهلاً بأمِّ خُلَيدٍ حَبْلَ مَن تَصِلُ
10
أَأَنْ رَأَتْ رجلاً أَعْشَى أَضَرَّ بهِ *** رَيْبُ المنونِ وَدَهْرٌ مُفْنِدٌ خَبِلُ
11
نِعْمَ الضَّجِيعُ غَدَاةَ البَيْنِ يَصْرَعُها *** لِلذَّةِ المَرْءِ لا جَافٍ وَلا تَفِلُ
12
هِرْكَوْلَةٌ فُنُقٌ دُرْمٌ مَرَافِقُها *** كأنَّ أَخْمَصَها بالشَّوكِ مُنْتَعِلُ
13
إذا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أصْوِرَةً *** والزَّنْبَقُ الوَرْدُ مِن أَرْدَانِها شَمِل
14
ما رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الحَزْنِ مُعْشِبَةٌ *** خَضرَاءُ جادَ عَلَيها مُسْبِلٌ هَطِلُ
15
يُضَاحِكُ الشَّمسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ *** مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
16
يَوْمًا بِأطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَةٍ *** ولا بأحسنَ منها إذْ دَنَا الأُصُلُ
17(746/1)
عُلِّقْتُها عَرَضًا وَعُلِّقَتْ رَجَلاً *** غَيرِي وَعُلِّقَ أُخرَى غيرَها الرَّجلُ
18
وَعُلِّقَتْهُ فَتَاةٌ مَا يُحَاوِلُهَا *** مِنْ أهلِها مَيِّتٌ يَهْذِي بها وَهِلُ
19
وَعُلِّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني *** فاجتَمَعَ الحُبُّ حُبًّا كُلُّهُ تَبِلُ
20
فَكُلُّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بصَاحِبِهِ *** نَاءٍ وَدَانٍ وَمَحْبُولٌ وَمُحْتَبِلُ
21
قالتْ هُرَيرةُ لَمَّا جِئْتُ زَائِرَها *** وَيْلي عَلَيكَ وَوَيلي منكَ يا رَجُلُ
22
يا مَنْ يَرَى عارِضًا قَد بِتُّ أرْقُبُهُ *** كأنَّمَا البَرْقُ في حَافَاتِهِ الشُّعَلُ
23
لهُ رِدَافٌ وَجَوْزٌ مُفْأَمٌ عَمِلٌ *** مُنَطَّقٌ بِسِجَالِ الماءِ مُتَّصِلُ
24
لمْ يُلْهِني اللّهوُ عنهُ حينَ أَرْقُبُهُ *** وَلا اللّذاذَةُ مِنْ كأسٍ وَلا الكَسَلُ
25
فقلتُ للشَّرْبِ في دُرْنى وقد ثَمِلُوا: *** شِيمُوا وكيفَ يَشِيمُ الشَّارِبُ الثَّمِلُ
26
بَرْقًا يُضِيءُ عَلى الأجزَاعِ مَسْقَطُهُ *** وَبِالخَبِيَّةِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ
27
قالُوا نِمَارٌ فبَطنُ الخالِ جَادَهُما *** فالعَسْجَدِيَّةُ فالأبْلاءُ فَالرِّجَلُ
28
فَالسَّفْحُ يَجْرِي فَخِنْزِيرٌ فَبُرْقَتُهُ *** حتى تَدَافَعَ منهُ الرَّبْوُ فالجَبَلُ
29
حتى تَحَمَّلَ منهُ الماءَ تَكْلِفَةً *** رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَيْنَةِ السَّهِلُ
30
يَسْقِي دِيارًا لَها قَدْ أصْبَحَتْ عُزَبًا *** زَوْرًا تَجَانَفَ عنها القَوْدُ والرَّسَلُ
31
وَبَلْدَةٍ مِثْلِ ظَهْرِ التُّرسِ مُوحِشَةٍ *** للجِنِّ بِاللّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلُ
32
لا يَتَنَمَّى لهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا *** إلاّ الذينَ لهمْ فيما أَتَوا مَهَلُ
33
جَاوَزْتُها بِطَلِيحٍ جَسْرَةٍ سُرُحٍ *** في مِرْفَقَيها إذا استَعرَضْتَها فَتَل
34
إِمَّا تَرَيْنَا حُفَاةً لا نِعَالَ لَنَا *** إنَّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ
35(746/2)
فقدْ أُخَالِسُ ربَّ البيتِ غَفْلَتَهُ *** وقدْ يُحَاذِرُ مِنِّي ثمّ ما يَئِلُ
36
وَقَدْ أقُودُ الصِّبَا يَوْمًا فيَتْبَعُني *** وقدْ يُصَاحِبُني ذوالشَّرَّةِ الغَزِلُ
37
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُني *** شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ
38
في فِتيَةٍ كَسُيُوفِ الهِندِ قد عَلِمُوا *** أنْ لَيسَ يَدْفَعُ عن ذي الحيلةِ الحِيَلُ
39
نَازَعْتُهمْ قُضُبَ الرَّيحانِ مُتَّكِئًا *** وَقَهْوَةً مُزَّةً رَاوُوقُها خَضِلُُ
40
لا يَسْتَفِيقُونَ منها وهيَ رَاهِنَةٌ *** إلِاّ بِهَاتِ وَإنْ عَلُّوا وَإنْ نَهِلُوا
41
يَسْعَى بِها ذو زُجَاجَاتٍ لهُ نُطَفٌ *** مُقَلِّصٌ أسفَلَ السِّرْبالِ مُعتَمِلُ
42
وَمُسْتَجِيبٍ تَخَالُ الصَّنْجَ يَسْمَعُهُ *** إذا تُرَجِّعُ فيهِ القَيْنَةُ الفُضُلُ
43
مِنْ كلِّ ذلكَ يومٌ قدْ لَهَوتُ به *** وَفي التَّجارِبِ طُولُ اللّهوِ وَالغَزَلُ
44
والسَّاحِبَاتُ ذيولَ الخَزِّ آوِنَةً *** والرَّافلاتُ على أَعْجَازِها العِجَلُ
45
أبْلِغْ يَزِيدَ بَني شَيْبانَ مَألُكَةً *** أبَا ثُبَيْتٍ أمَا تَنفَكُّ تأتَكِلُ
46
ألَسْتَ مُنْتَهِيًا عَنْ نَحْتِ أثلَتِنَا *** وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أطَّتِ الإبِلُ
47
تُغْرِي بِنَا رَهْطَ مَسعُودٍ وَإخْوَتِهِ *** عِندَ اللِّقاءِ فتُرْدِي ثمّ تَعتَزِلُ
48
لأَعْرِفَنَّكَ إنْ جَدَّ النَّفِيرُ بنا *** وَشُبَّتِ الحَرْبُ بالطُّوَّافِ وَاحتَمَلُوا
49
كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يومًا لِيَفْلِقَها *** فلمْ يَضِرْها وَأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ
50
لأَعْرِفَنَّكَ إِنْ جَدَّتْ عَدَاوتُنا *** والتُمِسَ النَّصْرُ منكم عَوْضُ تُحْتَمَلُ
51
تُلْزمُ أَرْمَاحَ ذي الجَدَّينِ سَوْرَتَنا *** عنْدَ اللِّقاءِ فتُرْدِيِهِمْ وَتَعْتَزِلُ
52
لا تَقْعُدَنَّ وقدْ أَكَّلْتَها حَطَبًا *** تَعُوذُ مِنْ شَرِّها يومًا وَتَبْتَهِلُ
53(746/3)
قد كانَ في أهلِ كَهفٍ إِنْ هُمُ قَعَدُوا *** وَالجَاشِرِيَّةِ مَنْ يَسْعَى وَيَنتَضِلُ
54
سَائِلْ بني أَسَدٍ عَنَّا فقد عَلِمُوا *** أَنْ سَوْفَ يَأْتِيكَ مِن أَنْبَائِنا شَكَلُ
55
وَاسْألْ قُشَيرًا وَعَبْدَ الله كُلَّهُمُ *** وَاسْألْ رَبيعَةَ عَنّا كَيْفَ نَفْتَعِلُ
56
إنّا نُقَاتِلُهُمْ حتى نَقْتِّلُهُمْ *** عِندَ اللِّقاءِ وَهمْ جَارُوا وَهم جَهِلُوا
57
كلاّ زَعَمْتُمْ بأَنَّا لا نُقَاتِلُكمْ *** إنَّا لأمْثَالِكُمْ يا قوْمَنا قُتُلُ
58
حتى يَظَلَّ عَمِيدُ القَوْمِ مُتَّكِئًا *** يَدْفَعُ بالرَّاحِ عَنْهُ نِسوَة ٌ عُجُلُ
59
أصَابَهُ هِنْدُوَانيٌّ فَأقْصَدَهُ *** أو ذَابِلٌ مِنْ رِمَاحِ الخَطِّ مُعْتَدِلُ
60
قَدْ نَخْضِبُ العَيرَ في مَكنونِ فائِلِهِ *** وقدْ يَشِيطُ على أَرْمَاحِنَا البَطَلُ
61
هَلْ تَنْتَهون وَلا يَنهَى ذوِي شَطَطٍ *** كالطَّعنِ يذهبُ فيهِ الزَّيتُ والفُتُلُ
62
إِنِّي لَعَمْرُ الذي خَطَّتْ مَنَاسِمُها *** يَخْدِي وسِيقَ إليهِ البَاقِرُ الغُيُلُ
63
لئنْ قَتَلْتُمْ عَمِيدًا لمْ يكنْ صَدَدًا *** لَنَقْتُلَنْ مثلَهُ منكمْ فَنَمْتَثِلُ
64
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبِّ مَعرَكَةٍ *** لمْ تُلْفِنَا مِنْ دِمَاءِ القَوْمِ نَنْتَفِلُ
65
نحنُ الفوارسُ يومَ العَيْنِ ضَاحِيَةً *** جَنْبَيْ فُطَيْمَةَ لا مِيْلٌ ولا عُزُلُ
66
قالوا الرُّكوبَ فَقُلنا تلْكَ عادَتُنا *** أوْ تَنْزِلونَ فإنَّا مَعْشَرٌ نُزُلُ(746/4)
قال الامام ابن القيم في وصف الجنة :
وما ذاك إلا غيرة أن ينالها *** سوى كفئها والرب بالخلق أعلم
وإن حجبت عنا بكل كريهة *** وحفت بما يؤذي النفوس ويؤلم
فلله ما في حشوها من مسرة *** وأصناف لذات بها يتنعم
ولله برد العيش بين خيامها *** وروضاتها والثغر في الروض يبسم
ولله واديها الذى هو موعد ال *** مزيد لوفد الحب لو كنت منهم
بذيالك الوادى يهيم صبابة *** محب يرى ان الصبابة مغنم
ولله أفراح المحبين عندما *** يخاطبهم من فوقهم ويسلم
ولله ابصار تري الله جهرة *** فلا الضيم يغشاها ولا هى تسأم
فيا نظرة اهدت الي الوجه نضرة *** أمن بعدها يسلو المحب المتيم
ولله كم من خيرة إن تبسمت *** أضاء لها نور من الفجر أعظم
فيا لذة الأبصار ان هى اقبلت *** ويالذة الأسماع حين تكلم
ويا خجلة الغصن الرطيب اذا انثنت *** ويا خجلة الفجرين حين تبسم
فان كنت ذا قلب عليل بحبها *** فلم يبق الا وصلها لك مرهم
ولا سيما فى لثمها عند ضمها *** وقد صارمنها تحت جيدك معصم
تراه إذا أبدت له حسن وجهها *** يلذ به قبل الوصال وينعم
تفكه منها العين عند اجتلائها *** فواكه شتى طلعها ليس يعدم
عناقيد من كرم وتفاح جنة *** ورمان اغصان به القلب مغرم
وللورد ما قد البسته خدودها *** وللخمر ما قد ضمه الريق والفم
تقسم منها الحسن فى جمع واحد *** فيا عجبا من واحد يتقسم
لها فرق شتى من الحسن أجمعت *** بجملتها إن السلو محرم
تذكر بالرحمن من هو ناظر *** فينطق بالتسبيح لا يتلعثم
إذا قابلت جيش الهموم بوجهها *** تولى على أعقابه الجيش يهزم
فيا خاطب الحسناء إن كنت راغبا *** فهذا زمان المهر فهو المقدم
ولما جرى ماء الشباب بغصنها *** تيقن حقا أنه ليس يهرم
وكن مبغضا للخائنات لحبها *** فتحظى بها من دونهن وتنعم
وكن أيما ممن سواها فإنها *** لمثلك فى جنات عدن تايم
وصم يومك الأدنى لعلك فى غد *** تفوز بعيد الفطر والناس صوم(747/1)
وأقدم ولا تقنع بعيش منغص *** فما فاز باللذات من ليس يقدم
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها *** ولم يك فيها منزل لك يعلم
فحى على جنات عدن فإنها *** منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبى العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلم
وقد زعموا أن العدو إذا نأى *** وشطت به أوطانه فهو مغرم
وأى اغتراب فوق غربتنا التى *** لها أضحت الأعداء فينا تحكم
وحى على السوق الذى فيه يلتقىال *** محبون ذاك السوق للقوم يعلم
فما شئت خذ منه بلا ثمن له *** فقد أسلف التجار فيه وأسلموا
وحى على يوم المزيد الذى به *** زيارة رب العرش فاليوم موسم
وحى على واد هنالك أفيح *** وتربته من إذفر المسك أعظم
منابر من نور هناك وفضة *** ومن خالص القيان لا تتقصم
وكثبان مسك قد جعلن مقاعدا *** لمن دون أصحاب المنابر يعلم
فبينا همو فى عيشهم وسرورهم *** وأرزاقهم تجرى عليهم وتقسم
إذا هم بنور ساطع أشرقت له *** بأقطارها الجنات لا يتوهم
تجلى لهم رب السماوات جهرة *** فيضحك فوق العرش ثم يكلم
سلام عليكم يسمعون جميعهم *** بآذانهم تسليمه إذ يسلم
يقول سلونى ما اشتهيتم فكل ما *** تريدون عندى أننى أنا أرحم
فقالوا جميعا نحن نسألك الرضا *** فأنت الذى تولى الجميل وترحم
فيعطيهمو هذا ويشهد جمعهم *** عليه تعالى الله فالله أكرم
فيا بائعا هذا ببخس معجل *** كأنك لا تدرى ؛ بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة *** وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم(747/2)
وصف الهلال وسط الظلام
يقول ابن المعتز:
انظر إليه كزورق من فضة قد أثقلته حمولة من عنبر(748/1)
وصف إيوان كسرى
للبحتري
صنتُ نفسي عمّا يدنس نفسي
وترفعتُ عن جدا كلّ جبس
وتماسكتُ حيثُ زعزعني الدهـ
ـرالتماسا منه لتعسي ونكسي
بلغٌ من صبابةِ العيشِ عندي
طففتها الأيام تطفيف بخس
وبعيدٌ ما بينَ واردِ رفهٍ
عللٍ شربهُ وواردِ خمْس
وكأنّ الزمانَ أصبحَ محمو
لاً هواهُ معَ الأخسَ الأخسْ
واشترائي العراق خطة غبنٍ
بعد بيعي الشآم بيعة وكسِ
لا تزرني مزاولا لاختباري
عند هذي البلوى فتنكر مسي
وقديما عهدتني ذا هنات
آبيات على الدَنيئات شمس
ولقد رابني نبو ابن عمي
بعد لين من جانبيه وأنس
وإذا ما جفيت كنت حريّاً
أن أرى غير مصبح حيث أمسي
حضرت رحلي الهموم فوجهت
إلى أبيض المدائنِ عنسي
أتسلَى عن الحظوظ وآسى
لمحلّ من آل ساسان درس
ذكرتنيهم الخطوب التوالي
ولقد تذكر الخطوب وتنسي
وهم خافضون في ظل عال
مشرف يحسر العيون ويخسي
مغلق بابه على جبل القبق
إلى دراتي خلاط ومكس
حلل لم تكن كأطلال سُعدى
في قفار من البسابس ملس
ومساع لولا المحاباة مني
لم تطقها مسعاة عنس وعبسي
ليس يدرى أصنعُ إنس لجنٍ
سكنوه أم صنعُ جنّ لإنس
غير أني أراه يشهدُ أن لم يك
بانيه في الملوك بنكس
فكأنَي أرى المراتب والقوم
إذا ما بلغت آخر حسي
وكأن الوفود ضاحين حسرى
من وقوف خلف الزحام وخنس
وكأن القيانَ وسط المقا
صير يرجّعن بين حوّ ولعس
وكأنَ اللقاء أول من أمـ
ـس ووشكَ الفراق أولُ أمس
وكأن الذي يريد اتَباعا
طامع في لحوقهم صبح خمس
عمرت للسرور دهراً فصارت
للتعزّي رباعهم والتأسي
فلها أن أعينها بدموع
موقفاتٍ على الصَبابة حبس
ذاك عندي وليست الدَار داري
باقتراب منها ولا الجنس جنسي
غير نعمى لأهلها عند أهلي
غرسوا من ذكائها خيرَ غرس
أيَدوا ملكنا وشدوّا قواه
بكماةٍ تحت السنور حمس
وأعانوا على كتائب أريا
طَ بطعن على النَحور ودعس
وأراني من بعد أكلفُ بالأشـ
ـراف طرا من كل سنخ وإس(749/1)
وصف رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
يقول حسان بن ثابت:
نبي أتانا بعد يأس وفترة من الرسل والأوثان في الأرض تعبد
فأمسى سراجاً مستنيراً وهادياً يلوح كما لاح الصقيل المهند
وأنذرنا ناراً وبشر جنة وعلمنا الإسلام ، فالله نحمد
وأنت إله الخلق ربي وخالقي بذلك ما عمرت في الناس أشهد
************************(750/1)
وعاذلة هبت بليل تلومني،
حاتم الطائي
وعاذلة هبت بليل تلومني، ... وقد غاب عيوق الثريا، فعردا
تَلومُ على إعطائيَ المالَ، ضِلّة ً ... إذا ضَنّ بالمالِ البَخيلُ وصَرّدا
تقولُ: ألا أمْسِكْ عليكَ، فإنّني ... أرى المال، عند الممسكين، معبَّدا
ذَريني وحالي، إنّ مالَكِ وافِرٌ ... وكل امرئٍ جارٍ على ما تعودا
أعاذل! لا آلوك إلا خليقني، ... فلا تَجعَلي، فوْقي، لِسانَكِ مِبْرَدا
ذَرِيني يكُنْ مالي لعِرْضِيَ جُنّة ً ... يَقي المالُ عِرْضِي، قبل أن يَتَبَدّدا
أرِيني جَواداً ماتَ هَزْلاً، لَعَلّني ... أرَى ما تَرَينَ، أوْ بَخيلاً مُخَلَّدا
وإلاّ فكُفّي بَعضَ لومكِ، واجعلي ... إلى رأي من تلحين، رأيك مسندا
ألم تعلمي، أني، إذا الضيف نابني، ... وعزّ القِرَى ، أقري السديف المُسرْهدا
أسودُ سادات العشيرة ، عارفاً، ... ومن دونِ قوْمي، في الشدائد، مِذوَدا
وألفى ، لأعراض العشيرة ، حافظاً ... وحَقِّهِمِ، حتى أكونَ المُسَوَّدا
يقولون لي: أهلكت مالك، فاقتصد، ... وما كنتُ، لولا ما تقولونَ، سيّدا
كلوا الآن من رزق الإله، وأيسروا، ... فإنّ، على الرّحمانِ، رِزْقَكُمُ غَدا
سأذخرُ من مالي دلاصاً، وسابحاً، ... وأسمرَ خطياً، وعضباً مهندا
وذالكَ يكفيني من المال كله، ... مصوفاً، إذا ما كان عندي متلدا(751/1)
وعضت على العناب
نالت على يدها مالم تنله يدي
نقشاً على معصم واهت به جلدي
كأنه طرق نمل في أنا ملها
أو روضة رصعتها السحب بالبرد
خافت على يدها من نبل مقلتها
فألبست زندها درعاً من الزرد
مدت مواشطها في كفها شركاً
تصيد قلبي به من داخل الجسد
إنسية لو رأتها الشمس ماطلعت
من بعد رؤيتها يوم على أحد
سألتها الوصل قالت: لا تغربنا
من رام منا وصالاً مات بالكمد
فكم قتيل لنا بالحب مات جوى
من الغرام ولم يبدي ولم يعد
فقلت أستغفر الرحمن من زلل
إن المحب قليل الصبر والجلد
قد خلفتني طريحاً وهي قائلة:
تأملو كيف فعل الظبي بالأسد
فسترجعت سألت عني فقيل لها:
مافية من رمق،دقت يداً بيد
وأمطرت لؤلؤ من نرجس وسقت
ورداً وعضت على العناب بالبرد
والله ما حزنت أخت لفقدأخٍ
حزني علية ولا أم على ولد
هم يحسدوني على موتي فوأسفي
حتى على الموت لا أخلو من الحسد(752/1)
وقفة أمام خيام المبعدين
---
مضى ليل وأعقبه الصباح ... وما رحلت عن القلب الجراح
أرى عصفور أحلامي أمامي ... وما غنى ولا خفق الجناح
أشاهد من وراء الغيب وجها ... تجلى في ملامحه ارتياح
وأطمح للقاء به ولكن ... متى هذا اللقاء به يتاح
كأني والقوافل ماضيات ... طريد مات في فمه الصياح
تلفت يمنة فرأى سرابا ... وعن يسراه وافاه النباح
فأرخى طرفه وبكى وأبكى ... ودمع الحر في الشكوى مباح
وقفت على مشارف ذكرياتي ... أراقب من غدوا عنا وراحوا
خيول الراحلين لها صهيل ... وقد ضاقت بمن رحلوا البطاح
أسائلهم ولو نطقوا لقالوا ... من الأحياء موتانا استراحوا
أرى نخل المشاعر باسقات ... عليها من مهابتها وشاح
أراها لا عذوق لها ولكن ... لها سعف تغاض به الرماح
وكيف تريد ثمرا من نخيل ... إذا لم يجر في دمها اللقاح
تسائلني الحبيبة كيف أشدوا ... بأحزاني أفي الحزن انشراح
فقلت لها لأن الحزن شعر ... وبينهما انغلاق وانفتاح
وما كل الذين بكوا حزانى ... وإن نطقوا بشكواهم وباحوا
بكاء البلبل الشادي غناء ... وشدو حمائم الدوح النواح
ولو أني أبوح بما أعاني ... لما وفى الأساس ولا الصحاح
رأيت المبعدين ولو رآهم ... كرؤيتنا لأنجدهم صلاح
لدى رابين مدفأة وبيت ... يظلله وريحان وراح
وحراس يروح بهم ويغدو ... وساحات ممهدة فساح
وهم فوق الجليد ولا قريب ... يناصرهم ولا أمل متاح
إذا سكنوا الخيام شكوا صقيعا? ... وتلطمهم إذا خرجوا الرياح
أحبتنا لكم منا سلام ، لكم ... من بلبل الشوق الصداح
لكم من وزن شعري ما تساما? ... ومن ألفاظه الغرر الفصاح
رأيناكم فما للحزن حد ... ولا للهيبه عنا براح
على أحزاننا نمسي ومنها ... يكون إذا بدا الفجر [ الصباح ]
تراكم أمتي بعيون حيرى ... يعطلها عن السير الكساح
تتوق شعوبها للذود عنكم ... ولكن ما بأيدهم سلاح
شعوب تكره الباغي ولكن ... من الحكام للباغي السماح
تسائلني فلسطين المآسي ... وقد دارت بحسرتها القداح
متى تصحو ربوعي ذات يوم ... على صوت يُفك به السراح
متى أصحو على تكبير جند ... وتهليل يطيب به الكفاح(753/1)
حبيبتنا اعذرينا إن فينا خضوعا ... لا يروق له [ اقتماح ]
تصاغ من السلام لنا دعاوى ... وفي الأقصى ولبنان اجتياح
إذا باع الفتى للوهم عقلا ... ففكرته التي ولدت سفاح
ولولا أن في الدنيا انتكاسا ... لما عشقت مسيلمةً سجاح(753/2)
وقفة على طلل
---
مالي وللنجم يرعاني وأرعاه ... أمسى كلانا يعاف الغمض جفناه
لي فيك يا ليل آهات أرددها ... أواه لو أجدت المحزون أواه
لا تحسبني محباً أشتكي وصباً ... أهون بما في سبيل الحب ألقاه
إني تذكرت والذكرى مؤرقة ... مجداً تليداً بايدينا أضعناه
ويح العروبة كان الكون مسرحها ... فأصبحت تتوارى في زواياه
أنى أتجهت إلى الإسلام في بلد ... تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرفتنا يد كنا نصرفها ... وبات يحكمنا شعب ملكناه
هل تطلبون من المختار معجزة ... يكفيه شعب من الأجداث أحياه
من وحد العرب حتى صار واترهم ... إذا رأى ولد الموتور اخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكة ... ما ساسها قيصر من قبل أو شاه
ورحب الناس بالإسلام حين رأوا ... ان الإخاء وأن العدل مغزاه
يا من رأى عمر تكسوه بردته ... والزيت ادم له والكوخ ماواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً ... من بأسه وملوك الروم تخشاه
هي الحنيفة عين الله تكلؤها ... فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
سل المعالي عنا إننا عرب ... شعارنا المجد يهوانا ونهواه
هي العروبة لفظ إن نطقت به ... فالشرق والضاد والإسلام معناه
استرشد الغرب في الماضي فأرشده ... ونحن كان لنا ماض نسيناه
إنا مشينا وراء الغرب نقتبس من ... ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب ... بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراء عن كثب ... فسائل الصرح أين المجد والجاه
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها ... عمن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها ... عل امرءاً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به ... فحين جاوزا بغداد تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة ... منهن قامت خطيباً فاغراً فاه
الله يشهد ما قلبت سيرتهم ... يوماً وأخطأ دمع العين مجراه
ماضٍ نعيشُ على أنقاضه أمماً ... ونستمد القوى من وحي ذكراه
لا دردر أمرئ يطري أوائله ... فخراً ، ويطرق إن سألته ما هو ؟
إني لأعتبر الإسلام جامعة ... للشرق لا محض دين سنه الله
أرواحنا تتلاقى فيه خافقة ... كالنحل إذ يتلاقى في خلاياه(754/1)
دستور الوحي والمختار عاهله ... والمسلمون وإن شتوا رعاياه
لا هم قد أصبحت أهواؤنا شيعاً ... فامنن علينا براع أنت ترضاه
راع يعيد إلى الإسلام سيرته ... يرعى بنيه وعين الله ترعاه(754/2)
ولد الهدى
وُلد الهدى، فالكائناتُ ضياءُ
...................وفمُ الزّمان تبسُّمٌ وثناءُ
الرُّوحُ والملأُ الملائكُ حَولَهُ
..................للدِّين والدنيا به بُشراءُ
والعرشُ يزهو والحظيرةُ تزدَهي
.................والمنتهى والسِّدرَةُ العصماءُ
وحديقةُ الفرقان ضاحكةُ الربى
................بالترجمانِ شذيَّةٌ غنَّاءُ
والوحيُ يقطرُ سلسلاً من سلسلٍ
...............واللوحُ والقلمُ البديعُ رُواءُ
نُظِمَتْ أسامي الرُّسلِ فهي صحيفة
................في اللوح واسمُ محمدٍ طغراءُ
اسم الجلالة في بديع حروفه
................ألفٌ هنالك ،واسم طه الباءُ
يا خير من جاءَ الوجودَ تحية
............من مُرسلينَ الى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلتقي
............إلا الحنائف فيه والحنفاءُ
خيرُ الأبوةِ حازهم لكَ آدمٌ
.............دونَ الأنامِ واحرزتْ حوَّاءُ
هم أدركوا عزَّ النبوَّةِ وانتهت
.............فيها إليكَ العزَّةُ القعساءُ
خُلقتْ لبيتك وهو مخلوقٌ لها
..............إن العظائِمَ كفؤها العظماءُ
بك بشَّر اللهُ السماء فزُيِّنت
.............وتضوَّعت مسكاً بك الغبراءُ
وبدا مًحيَّاك الذي قسماتُه
..............حقّ وغرَّتُه هُدىً وحياءُ
وعليه من نورِ النبوَّةِ رونقٌ
.............ومن الخليل وهديِه سيماءُ
أثنى المسيحُ عليه خلف سمائه
.............وتهلَّلت واهتزت العذراءُ
يومٌ يتيهُ على الزمان صباحُه
.............ومساؤه بمحمدٍ وضَّاءُ
الحقُّ عالي الركن فيه مظفَّر
.............في الملكِ لا يعلو عليه لواءُ
ذُعرت عروشُ الظالمين فزلزلت
.............وعلتْ على تيجانهم أصداءُ
والنارُ خاوية الجوانب حولهُمْ
............خَمَدَت ذوائبُها وغاض الماءُ
والآيُ تترى والخوارق جمةٌ
............جبريلُ رواح بها غداءُ
نِعمَ اليتيمُ بدت مخايلُ فضله
............واليُتمُ رزقٌ بعضُه وذكاءُ(755/1)
في المهد يُستسقى الحيا برجائه
............وبقصده تُستدفعُ البأساءُ
بسوى الأمانة في الصبا والصدقِ لم
............يعرفه أهلُ الصدقِ والأمناءُ
يا مَنْ له الأخلاقُ ما تهوى العلا
...........منها وما يتعشَّقُ الكبراءُ
لو لم تُقم ديناً لقامت وحدَها
...........ديناً تُضيءُ بنوره الآناءُ
زانتك في الخلقِ العظيم شمائلٌ
...........يُغرى بهنَّ ويولعُ الكرماءُ
أما الجمالُ فأنت شمسُ سمائه
...........وملاحةُ الصديقِ منك أياءُ
والحسن من كرم الوجوه وخيره
...........ما أوتي القوادُ والزعماءُ
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى
...........وفعلت ما لا تفعل الأنواءُ
وإذا عفوت فقادراً ومقدّراً
............لا يستهين بعفوك الجُهلاءُ
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ
...............هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ
وإذا غضبت فإنما هي غضبةٌ
...........في الحقّ لا ضغنٌ ولا بغضاءُ
وإذا رضيت فذاك في مرضاته
............ورضى الكثير تحلمٌ ورياءُ
وإذا خطبت فللمنابر هزةٌ
............تعرو النَّديَّ وللقلوب بكاءُ
وإذا قضيت فلا ارتياب كأنّما
.............جاء الخصوم من السماء قضاءُ
وإذا حميتَ الماء لم يورد ولو
............أنّ القياصر والملوك ظماءُ
وإذا أجرت فأنت بيت الله لم
...............يدخل عليه المستجير عداءُ
وإذا ملكت النفس قُمْتَ ببرِّها
..........ولو أن ما ملكت يداك الشاءُ
وإذا بنيت فخير زوجٍ عشرةً
..........وإذا ابتنيت فدونك الآباءُ
وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما
..........في بردك الأصحابُ والخلطاءُ
وأذا أخذت العهد أو أعطيته
..........فجميع عهدك ذمةٌ ووفاءُ
وإذا مشيت الى العدا فغضنفرٌ
..........وإذا جريت فإنكَ النكباءُ
وتمدُّ حلمكَ للسفيهِ مُدارياً
...........حتى يضيق بعرضك السفهاءُ
في كل نفسٍِ من سطاك مهابةٌ
...........ولكل نفسٍ في نداك رجاءُ
والرأي لم ينضَ المهَّندُ دونه
.............(755/2)
كالسيف لم تضرب به الآراءُ
يأيها الأمِّي حسبكَ رتبةً
.........في العلم أن دانت بك العلماءُ
الذكرُ آية ربكَ الكبرى التي
............فيها لباغي المعجزات غناءُ
صدرُ البيانِ له إذا التقت اللُّغى
.........وتقدّم البلغاءُ والفصحاءُ
نُسختْ به التوراةُ وهي وضيئةٌ
........وتخلف الإنجيلُ وهو ذكاءُ
لما تمشى في الحجاز حكيمهُ
........فضَّت عُكاظُ به وقام حِراءُ
أزرى بمنطق أهله وبيانهم
..........وحيٌ يقصرُ دونه البلغاءُ
حسدوا فقالواشاعرٌ أو ساحرٌ
........ومن الحسود يكون الاستهزاءُ
قد نال بالهادي الكريم وبالهدى
.........ما لم تنل من سؤدد سيناء
أمسى كأنك من جلالك أمةٌ
..............وكأنه من أنسه بيداءُ
يوحي إليك الفوز في ظلماته
.............متتابعاً تجلى به الظلماءُ
دينٌ يشيد آيةً في آية
.........لبنائه السوراتُ والأضواءُ
الحق فيه هو الأساس وكيف لا
.............والله جلَّ جلاله البناءُ؟
أما حديثُكَ في العقول فمشرعٌ
........والعلم والحكمُ الغوالي الماءُ
هو صبغةُ الفرقان نفحة قدسه
..........والسين من سوراته والراءُ
جرتِ الفصاحةُ من ينابيع النُّهى
.........من دوحه وتفجى الإنشاء
في بحره للسابحين به على
..........أدب الحياة وعلمها إرساءُ
أنت الدهورُ على سُلافته ولم
......تَفْنَ السلافُ ولا سلا الندماءُ
بك يا ابن عبد الله قامتْ سَمْحَةٌ
.........بالحقِّ من مللِ الهدى غراءُ
بنيتْ على التوحيد وهي حقيقةٌ
..........نادى بها سقراطُ والقدماءُ
وجد الزعافَ من السموم لأجلها
........كالشهد ثم تتابعَ الشهداءُ
ومشى على وجه الزمان بنورها
..........كهانُ وادي النيل والعرفاءُ
إيزيسُ ذاتُ الملك حين توحَّدَتْ
........أخذت قوام أمورها الأشياءُ
لما دعوتَ الناسَ لبىَ عاقلٌ
.........وأصمَّ منك الجاهلين نداءُ
أبوا الخروج إليك من أوهامهم
....والناسُ في أوهامهم سجناءُ
ومن العقول جداولٌ وجلامدٌ
.........(755/3)
ومن النفوس حرائرٌ وإماءُ
داءُ الجماعة من ارسطاليس لم
..........يوصف له حتى أتيتَ دواءُ
فرسمتَ بعدَك للعبادِ حكومةً
............لا سوقةٌ فيها ولا أمراءُ
الله فوق الخلق فيها وحده
........والناسُ تحت لوائها أكفاءُ
والدِّينُ يسرٌ والخلافةُ بيعةٌ
...والأمرُ شورى والحقوقُ قضاءُ
الاشتراكيون أنتَ إمامهم
......لولا دعاوى القوم والغلواءُ
داويت متئداً وداووا طفرةً
....وأخفُّ من بعض الدواءِ الداءُ
الحربُ في حقٍّ لديك شريعةٌ
......ومن السُّمومِ الناقعاتِ دواءُ
والبِرُّ عندك ذمةٌ وفريضةٌ
.........لا منَّةٌ ممنونةٌ وجباءُ
جاءت فوحدت الزكاةٌ سبيله
.....حتى التقى الكرماءُ والبخلاءُ
أنصفتَ أهلَ الفقر من أهل الغنى
..........فالكلُّ في حقِّ الحياة سواءُ
فلو أنَّ إنساناً تخير ملةً
............ما اختار إلا دينكَ الفقراءُ
يأيها المسرى به شرفاً الى
........ما لا تنالُ الشمسُ والجوزاءُ
يتساءلون وأنتَ أطهرُ هيكل
..........بالروح أو بالهيكل الإسراءُ ؟
بهما سموتُ مطهرين كلاهما
.............نورٌ وريحانيَّة وبهاءُ
فضلٌ عليك لذي الجلال ومنةٌ
...........والله يفعل ما يرى ويشاءُ
تغشى الغيوب من العوالم كلما
..........طويتْ سماءُ قلدتْكَ سماءُ
في كل منطقةٍ حواشي نورها
............نونٌ وأنت النقطةُ الزهراءُ
أنت الجمالُ بهاوأنت المجتلي
..........والكفُّ والمرآةُ والحسناءُ
الله هيأ من حظيرة قدسه
...........نزلاً لذاتك لم يجزه علاءُ
العرشُ تحتكَ سُدَّةً وقوائماً
........ومناكبُ الروح الأمين وطاءُ
والرسلُ دون العرش لم يؤذن لهم
................حاشا لغيرك موعدٌ ولقاءُ
الخيلُ تأبى غير أحمد حامياً
.............وبها إذا ذكر اسمه خيلاءُ
شيخُ الفوارس يعلمون مكانه
..........إن هيجت آسادها الهيجاءُ
وإذا تصدى للظبي فمهندٌ
............أو للرّماح فصعدةٌ سمراءُ
وإذا رمى عن قوسه فيمينه
..........(755/4)
قدرٌ وما ترمي اليمينُ قضاءُ
من كل داعي الحق همَّةُ سيفه
........فلسيفه في الراسيات مضاءُ
ساقي الجريح ومطعمُ الأسرى ومن
.............أمنت سنابكَ خيلهِ الأشلاءُ
إن الشجاعة في الرجال غلاظة
................ما لم تزنها رأفةٌ وسخاءُ
والحرب من شرف الشعوب فإن بغوا
...............فالمجد مما يدعون براءُ
والحربُ يبعثها القويُّ تجبُّراً
................وينوءُ تحت بلائها الضعفاءُ
كم من غزاةٍ للرسول كريمةٍ
...............فيها رضىً للحقِّ أو إعلاءُ
كانت لجند الله فيها شدةٌ
...............في إثرها للعالمين رخاءُ
ضربوا الضلالة ضربةً ذهبت بها
............فعلى الجهالة والضلال عفاءُ
دعموا على الحرب السلام وطالما
............حقنت دماءً في الزمان دماءُ
الحقُّ عرضُ الله كلُّ أبيةٍ
............بين النفوس حمىً له ووقاءُ
هل كان حول محمدٍ من قومه
.............إلا صبيٌّ واحد ونساءُ؟
فدعا فلبى في القبائل عصبةٌ
...............مستضعفون قلائلٌ أنضاءُ
ردوا ببأس العزم عنه من الأذى
............ما لا تردُّ الصخرةُ الصمّاءُ
والحقُّ والإيمان إن صبَّا على
...........برد ففيه كتيبةٌ خرساءُ
نسفوا بناء الشرك، فهو خرائبٌ
.......واستأصلوا الأصنام فهي هباءُ
يمشون تغضي الأرضُ منهم هيبةً
..........وبهم حيالَ نعيمها إغضاءُ
حتى إذا فتحت لهم أطرافها
...........لم يطغهم ترفٌ ولا نعماءُ
يا من له عزُّ الشفاعة وحدهُ
.........وهو المنزهُ ما له شفعاءُ
عرش القيامة أنت تحت لوائه
..........والحوضُ أنتَ حيالهُ السَّقاءُ
تروي وتسقي الصالحين ثوابهم
............والصالحات ذخائرٌ وجزاءُ
ألمثل هذا ذقت في الدنيا الطوى
.........وانشقَّ من خلقٍ عليك رداءُ؟
لي في مديحك يا رسولُ عرائسٌ
........تيمنَ فيك وشاقهنَّ جلاءُ
هنَّ الحسانُ فإن قبلت تكرماً
...........فمهورهنَّ شفاعةٌ حسناءُ
أنت الذي نظمَ البريَّةَ دينُهُ
...........(755/5)
ماذا يقول وينظم الشعراءُ؟
المصلحون أصابعٌ جمعت يداً
.......هي أنت بل أنت اليدُ البيضاءُ
ما جئتُ بابكَ مادحاً بل داعياً
............ومن المديح تضرُّعٌ ودعاءُ
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمةٍ
.........في مثلها يلقى عليك رجاءُ
أدرى رسول الله أن نفوسهم
.........ثقةٌ ولا جمع القلوب صفاءُ
رقدوا، وغرهم نعيمٌ باطلٌ
..........ونعيمُ قومٍ في القُيود بلاءُ
ظلمُوا شريعتك التي نلنا بها
.........ما لم ينل في رومة الفقهاءُ
مشتِ الحضارة في سناهاواهتدى
........في الدِّين والدُّنيا بها السعداءُ
صلى عليك الله ما صحب الدُّجى
............حادٍ وحنَّت بالفلا وجناءُ
واستقبل الرضوان في غرفاتهم
.............بجنان عدنٍ آلك السُّمحاءُ
خيرُ الوسائل منْ يقع منهُم على
..........سبب إليك فحسبي الزهراءُ(755/6)
ولقد سمعنا ما يسوءُ قلوبنا من دولةِ الأبقارِ والأجبانِ
ماجد بن محمد الجهني الظهران
عرضي فدا عرض الحبيب محمدٍ وفداه مهجةُ خافقي وجَناني
وفداه كلُّ صغيرنا وكبيرنا وفداه ما نظرت له العينانِ
وفداه ملكُ السابقين ومَنْ مضوا وفداه ماسمعت به الأذنانِ
وفداه كلُّ الحاضرين وملكهم وفداه روحُ المُغْرمِ الولهانِ
وفداه ملكُ القادمين ومن أتوا أرواحنا تفديه كلَّ أوانِ
خيرُ البريةِ والتُّقى محرابه تسمو محبَّتُهُ على الألحانِ
أزكى رسولٍ بالهدى قد جاءَنا وخليلُ ربي الواحدُ الرحمنِ
صلى عليه الربُّ في عليائه إذ زانه بالصدقِ والإيمانِ
واللهُ أعلا شانَهُ في آيِهِ وَلَدِينُهُ يعلو على الأديان
أخزى به ربي ضلالةَ مُشركٍ وأذلَّ أهلَ الغيِّ والصلبان
أعداؤه في نكسةٍ وبغلِّهم يصلونَ قَسْراً ضحضحَ النيرانِ
أعداؤه بُكْمٌ وصُمٌّ مارأوا أعداؤه هم أخبثُ العُميانِ
أهداهمُ إبليسُ من نزواتِهِ فتقَحَّموا في النارِ كالقُطْعانِ
تبتْ يدٌ لما أساءَت رسمها شُلَّت يمينُ المُجرمِ الفتَّانِ
اللهُ مُخزيهم ومُوبقُ سعيهم والله ذو بطشٍ وذو سلطانِ
يكفي الإلهُ نبيَنا من جُرمهم واللهُ منتقمٌ عظيمُ الشانِ
حُبُّ الحبيبِ محمدٍ أُهزوجةٌ يشدو بها قلبي مع الخفقانِ
واللهِ ماجاد النساءُ بمثله أكْرِم به من مُرسلٍ رباني
نورُ البريةِ عمَّنا بضيائِهِ فهو البشيرُ بصادقِ البرهانِ
من سبَّ هادينا وسبَّ إمامنا فلقد غدا دمه بلا أثمانِ
في حكم ملتنا وهدي كتابنا من سَبَّهُ في أسفلِ النيرانِ
مَنْ دنسوا حرماتنا قد أسرفوا عن بغيهم يتحدثُ الثقلانِ
قد دنسوا قُرآننا في أمسهم أواه يا أسفي ويا أحزاني
حتى المساجدُ مالها قدسيةٌ في عُرف أهل الظلمِ والعدوانِ
ولقد سمعنا مايسوءُ قلوبنا من دولةِ الأبقارِ والأجبانِ
من دولةِ الدَّنْمركِ ساء مقيلُها أخبارها جاءت مع الركبانِ
ولدولةِ النرويجِ في ناقوسهم سهمٌ من التهريجِ والهذيان(756/1)
واللهِ قد هزُلت وبان هزالُها لما غدونا مطمعَ الفئرانِ
دولٌ كمثل الذرِّ في مقدارها دولٌ مدهدهةٌ على الجُعْلانِ
الشانئون لسيرةٍ قد عُطرت بالمسك والأزهارِ والريحانِ
أخزى الذي سمك السماءَ بناءَهم وأحالهم عِبَرَاً مدى الأزمانِ
الشانئون له تعاظم مكرهم كلٌّ له حِممٌ من الأضغانِ
كم منتدىً للكفر يُعلنُ جهرةً بقبيح قولٍ من بذيء لسانِ
كم في السجون من الزبانية iiالتي هزأت بسيد أمةِ القرآنِ
كم في الصحافة من وضيع مفكرٍ جمع الضغينةَ في لبوسٍ ثانِ
متعالمٌ متحذلقٌ متفذلكٌ متدثرٌ بالزور والبهتانِ
أخزاهمُ ربي وفرَّقَ شملَهم وأقضَّ مضجعهم بكلِّ مكانِ
يا أمةَ الإسلام أين نفيركم؟ أعلو منائر سنةِ العدناني
أعلو منائر سنةٍ وتمسكوا بالهدي والتنزيل والفرقانِ
ذبُّوا عن المختار وارعوا حَقَّه لا يُلْهينكم زخرفُ الشيطانِ
أموالكم ضيعاتكم أولادكم ليست أعزَّ من النبيِّ الحاني
فالسُنَّةُ الغراء نِيلَ إمامُها فلتغضبوا لله يا إخواني
فبكم نظنُّ الخيرَ يا أحبابنا أحيوا مواقفَ عزةِ الشجعانِ
هذا قصيدي والقصيدُ مُقصرٌ قد قلتُ مافي الجُهدِ والإمكانِ
واللهِ قد شرُفَ القصيدُ وإنه شرفٌ لكلِّ قصيدةٍ وبيانِ
شرفٌ بأن نجري له أقلامَنا شرفٌ لكلِّ فُلانةٍ وفُلانِ
تمت وأثنوا بالصلاةِ ومثلِها ما لاحَ غيمٌ أو بدا القمرانِ Œ(756/2)
ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 21 / ص 383)
العصر الأندلسي >> صفي الدين الحلي >> ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
رقم القصيدة : 19699
-----------------------------------
ولمّا مَدّتِ الأعداءُ باعا؛
وراعَ النّفسَ كرُّهُمُ سِراعا
برَزتُ، وقد حسَرْتُ لها القِناعا،
أقولُ لها، وقد طارَتْ شَعاعا
مِنَ الأبطالِ وَيحَكِ لا تُراعي
كما ابتَعتُ العَلاءَ بغَيرِ سَومَ،
وأحلَلتُ النّكالَ بكلّ قَومٍ
رِدي كأسَ الفَناءِ بغَيرِ لَومِ،
فإنّكِ لو سألتِ بَقاءَ يَومِ
على الأجلِ الذي لكِ لم تطاعي
فكم أرغمتُ أنفَ الضّدّ قَسراً،
وأفنَيتُ العِدَى قَتلاً وأسرَا
وأنتِ مُحيطَة ٌ بالدّهرِ خُبرا،
فصبراً في مجالِ المَوتِ صبرا
فما نيلُ الخلودِ بمستطاعِ
إذا ما عِشتِ في ذُلٍّ وعَجزِ،
فهلْ للنّفسِ غيري من معزِّ
وليسَ الخوفُ من أجلٍ بحرزِ،
ولا ثَوبُ البَقاءِ بثَوبِ عِزِّ
فيطوى عن أخي الخنعِ اليراعِ
ولا أعتاضُ عَن رُشدٍ بغَيِّ،
وثوبُ العزّ في نشرٍ وطيِّ
لقد حُتِمَ الثناءُ لكلّ شيءِ،
سَبيلُ المَوتِ غايَة ُ كلّ حيِّ
وداعيهِ لأهلِ الأرضِ داعي
فجاهِدْ في العُلى يا قلبِ تُكرَمْ،
ولا تَطلُبْ صَفارَ العَيشِ تُحرَمْ
فمَنْ يظفَرْ بطيبِ الذّكرِ يغنَمْ،
ومَن لا يَغتَبِطْ يَبرَمْ ويَسأمْ
وتُسلِمْهُ المَنُونُ إلى انقِطاعِ
أأرغبُ بعدَ قومي في نجاة ِ،
وأجزَعُ في الوَقائعِ مِن مَماتِ
وأرضَى بالحياة ِ بلا حُماة ِ،
وما للعُمرِ خيرٌ في حياة ِ
إذا ما كانَ من سقطِ المتاعِ(757/1)
ومَقَالُ التَّاريخِ الله أكبَر
د محمد اياد العكاري
عَظُمَ الخَطبُ والمُصَابُ تَجذَّر .. ----- وطَغَى الهَولُ والمَنايا تُسعَّرْ ..
وانْتَشى الظُّلمُ والرَّزايا جِبَالٌ .. ----- جاثماتٌ غُربانُها تَتَأمَّرْ ..
واشْتَكى الحَالُ من ظَلامٍ مُريعٍ----- والخَفَافيشُ من رُؤاهُ تَبخْتَرْ
ينعِقُ البُومُ في اللَّيالي نَشيداً----- فَوقَ أوطَانِنَا النَعيبُ تَنَغَّرْ
ما لها السَّاحُ بالدِّماءِ بحوراً ؟! ----- والصَّواريخُ في ثَرَاها تُفَجَّرْ
وعيونُ البُلدانِ تَبكي عُصُوراً !! ----- رَاعَهَا دُرَّةَ الزَّمانِ تُدَمَّرْ
والحَضَاراتُ أجهَشَتْ في عَزَاءٍ !! ----- حَولَ أطْلالهَا البَيَانُ تَحجَّرْ
هذه الأرضُ قد تَلوَّتْ وصَاحَتْ .. ----- تَشتَكي تَشْتَكي وكَمْ تَتَحَسَّرْ
تَشْهَدُ البَغيَ قَد تَمَادى فُجُوراً .. ----- تُبصِرُ الظُّلمَ واقِعَاً يتَجَبَّرْ
ومن الإفكِ والبَلايا انْشِدَاهٌ !! ----- ومِنَ البَأسِ والدَّواهي تَضَوَّرْ
أيُّ هذا الطُّغيانِ أيَّةُ جُلَّى؟! ----- تَتَراءى بعالَمٍ يتحدَّرْ
يَتردَّى بحكمهِ أرطَبُوناً .. ----- يحملُ الصَّولجانَ كَي يَتَصَدَّرْ
يتَمَادى ولا يُقِيمُ كَيَاناً .. ----- أمَمُ الأرضِ دُونَهُ تَتَقَهْقَرْ
يَتَأَلَّى على البَسيْطَةِ قَسْراً----- لحقُوقُ الشُّعوبُ كَمْ يَتَنَكَّرْ ؟!
مَنْطقٌ ظَالمٌ وقُطْبٌ مَريدٌ ----- والمَخَازي بفسْقِهِ تَتَطوَّرْ
للمَوازينِ كلِّها في ازْدِرَاءٍ----- والقَوانينُ بالعَتادِ تُسَطَّرْ
وسَمَاعُ التَّصويتِ ما عَادَ يُجْدي ----- والقَرارتُ هَكَذا تَتَبَخَّرْ
يعجبُ المرءُ والزَّمانُ عَجيبٌ !! ----- والدَّواهي والله لا تُتَصَوَّرْ !!
والرَّزايا تَجتَرُّ أرضِي وقَومِي !! ----- والأمينُ النِّحريرُ ما عَادَ يَظهَرْ !!
والقَرارُ القَرارُ ما عَادَ حُرَّاً .. ----- خُطَّةٌ أحكمَتْ وأَمْرٌ مُدبَّرْ(758/1)
يا لهذا السُّفورِ وَجْهَاً قَبِيحَاً ----- والأيادي ممَّا جَنَتْهُ سَتَخْسَرْ
تَمْتَطي صَهْوةَ البِلادِ اغْتِصَاباً----- فَوقَ بُنْيَانِهِ الفَسَادُ تَعَمَّرْ
وتَداعى القَانونُ والأمْنُ ولَّى----- مَجلسٌ صَاغرٌ وصَرْحٌ يُؤَطَّرْ
وتَبَدَّى التَّحريرُ تَبَّاً وسُحْقاً----- ما لهذا النِّظَامِ كيف تَحَوَّرْ ؟!
ومَقَامُ الأمينِ كيفَ تَردَّى ؟! ----- مِحَنٌ تَجعَلُ الجِبَالَ تَفَطَّرْ !!
فالعَزَاءَ العَزَاءَ يا صَفو قَوْمِي ----- أَليَلَ اللَّيلُ والخُطُوبُ تَنَمَّرْ
والرُّؤى خَيَّمَ الوُجُومُ عَليها----- والأحاسيسُ كالبراكينِ تَضْجَرْ
حَالُنا يحفزُ الشُّعورَ قَراراً ----- أفَنَرضَى بواقع ٍ يَتَدهوَرْ ؟!
تَركَبُ الوَعرَ في الخُطوبِ رجالٌ ----- لا تُطيعُ الأهواءَ بالحقِّ تَزْأَرْ
ومن الدِّين تَستَردُّ شُمُوسَاً ----- تَبْعَثُ الهَديَ عَالماً يَتَحضَّرْ
همُّها ذُروةُ العَلاءِ امتطَاءً ----- تَركبُ النَّجمَ والثُّريَّا تَدَثَّرْ
ترسم الدَّربَ والقَرارُ حَكيمٌ----- فالنَّواميسُ لا تُحَابي غَضَنْفَرْ
سَيَزولُ الطُّغيانُ واللَّيلُ يَمْضِي ----- ومَقَالُ التَّاريخِ الله أَكْبَرْ
. د محمد اياد العكاري
1/3/1424 هـ
2/5/2003 م(758/2)
يؤرقني التَّذكُّرُ حينَ أمسي
بديعة الخنساء
يؤرقني التَّذكُّرُ حينَ أمسي................. فأصبحُ قدْ بليتُ بفرطِ نكسِ
على صخرٍ وأيُّ فتًى كصخرٍ ................. ليومِ كريهةٍ وطعانِ حلسِ
وللخصمِ الالدِّ إذا تعدَّى ................. ليأخذَ حقَّ مظلومٍ بقنسِ
فلمْ أرَ مثلهُ رزءًا لجنٍ ................. ولمْ أرَ مثلهُ رزءًا لانسِ
أشدَّ على صروفِ الدَّهرِ أيداً................. وأفضلَ في الخطوبِ بغيرِ لبسِ
وضيفٍ طارقٍ أو مستجيرٍ ................. يروَّعُ قلبهُ منْ كلِّ جرسِ
فأكرمهُ وآمنهُ فأمسى ................. خلياً بالهُ منْ كلِّ بؤسِ
يذكّرني طلوعُ الشَّمسِ صخراً ................. وأذكرهُ لكلِّ غروبِ شمسِ
ولولا كثرةُ الباكينَ حولي ................. على إخوانهمْ لقتلتُ نفسي
ولكنْ لاأزالُ أرى عجولاً ................. وباكيةً تنوحُ ليومِ نحسِ
أراها والهاً تبكي أخاها ................. عشيَّةَ رزئهِ أوْ غبَّ أمسِ
وما يبكونَ مثلَ أخي ولكنْ ................. أعزّي النَّفسَ عنهُ بالتَّأسي
فلا واللهِ لا أنساكَ حتَّى ................. أفارقَ مهجتي ويشقَّ رمسي
فقدْ ودَّعتُ يومَ فراقِ صخرٍ ................. ابي حسَّانَ لذَّاتي وانسي
فيا لهفي عليهِ ولهفَ اُمّي ................. أيصبحُ في الضَّريحِ وفيهِ يمسي(759/1)
الهام من عمان: في مدح الرسول صلّى الله عليه وسلم
يا طالباً للحُبّ هِم بمحمد ذاك هو النبع الزُلال الصافي
حُباً يورّثك الجنان فسيحة يُنجيك من كرب بلا مقداف
اعرف فضائل مصطفاك فريضة وأسكنها بالقلب الكليم الجافي
إن كنت ترضى في الحبيب تواضعاً فمحمدٌ نهر التواضع صافي
أو كنت ترضى في الحبيب iiتعطّفاً فبعطفه أمسى الصقيع دافي
إن كان يُعجبك التسامح شيمة سل أهل مكة ساعة الإنصافِ
ولئن يروقك أن تهيم بماجدٍ فالمجد صنعته بلا إسفاف Œ(760/1)
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل: طه إمام المرسلين
يَا دَانَمَرْكُ النَّازِيَهْ يَا بِئْرَ فُحْشٍ عَاتِيَهْ
يَا رَأْسَ فِسْقٍ فِي iiالدُّنَا يَاذِي الْقُلُوْبِ الْقَاسِيَهْ
خَطَّتْ يَدَاكِ جَرِيْمَةً أَوْدَتْ بِهَا فِي iiالْهَاوِيَهْ
فَلِمَ السَّفَاهَةُ وَالْخَنَا مَاذَا اسْتَفَدْتِ وَمَا هِيَهْ
نَارُ الْمَذَلَّةِ فَاصْطَلِيْ يَا دَانَمَرْكُ الْوَاهِيَهْ
مِلْيَارُ قَلْبٍ أَضْمَرُوا أَنْ يَقْذِفُوْكِ بِدَاهِيَهْ
وَالْخَسْفُ آتٍ يَا زَنِيْمُ فَلَمْ تَذُوْقِيْ عَافِيَهْ
جَاءَتْ شَرِيْعَةُ أَحْمَدٍ مِنْ ذِي الْجَلاَلِ إِلَهِيَهْ
فِيْهَا الْهُدَى مُتَجَلِّيًا عَمَرَ الْقُلُوْبَ الْخَاوِيَهْ
وَمَحَى دَيَاجِيْرَ الْهَوَى فَبَدَتْ عُقُوْلٌ صَافِيَهْ
طَه إِمَامُ الْمُرْسَلِيْنَ فَيَا لِرُوْحٍ سَامِيَهْ
بَرٌّ رَحِيْمٌ سَيِّدٌ رُوْحِيْ فِدَاهُ وَمَالِيَهْ
صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مَا سَمِعَ الْمُصَلِّيْ iiالْوَافِيَهْ
وَالآلِ وَالصَّحْبِ الْكِرَامِ هُمُ النُّجُوْمُ الْعَالِيَهْ
Œ(761/1)
عبدالله البصري :واستمطروا غضبًا
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ وَابكِي عَلَى الفَضلِ وَالأَخلاقِ iiوَالأَدَبِ
وَاستَفرِغِي الدَّمعَ لا تُبقِيهِ قَد عَظُمَت مُصِيبَةُ الكَونِ سُبَّ المُصطَفَى iiالعَرَبي
سَبُّوا نَبيَّ الهُدَى وَاستَهزَؤُوا عَلَنًا بِالهَاشِمِيِّ المُفَدَّى طَاهِرِ النَّسَبِ
سَبُّوهُ وَاستَهزَؤُوا وَاستَمطَرُوا غَضَبًا فَليَرقُبُوا عَن قَرِيبٍ ثَورَةَ الغَضَبِ
يَا وَيحَهُم أَيُّ جُرمٍ قَد أَتوهُ أَمَا لِلحِقدِ حَدٌّ وَزُورِ القَولِ وَالكَذَبِ
يَا وَيحَهُم أَينَ مَا كَانُوا إِلَيهِ دَعَوا في مجلِسِ الأَمنِ مِن سِلمٍ وَمِن رَحَبِ
أَينَ الحِوَارَاتُ أَمْ أَينَ القَرَارَاتُ أَمْ أَينَ الوُعُودُ التي صِيغَت مِنَ الذَّهَبِ
أَمْ أَنها دُولَةٌ بَينَ اليَهُودِ وَمَنْ أَمسَى عَلَى دَربِهِم مِن عَابِدِي الصُّلُبِ
تَبًّا لها مِن حِوَارَاتٍ وَتَبًّا لَهُ سِلْمًا يُدَانُ بِهِ إِلا مَعَ العَرَبِ
بِالأَمسِ أَبدَوهُ تحقِيقًا لِمَصلَحَةٍ كَانَت تُدَارُ وَأَخفَوا غَيضَ مُرتَقِبِ
وَاليَومَ فَاهُوا بما تُخفِي صُدُورُهُمُ مِن إِحنَةٍ زَالَ عَنهَا مُظلِمُ الرِّيَبِ
الحِقدُ قَد بَانَ وَالبَغضَاءُ قَد ظَهَرَت وَالكُرهُ قَد شَبَّ في الطَّاغِينَ iiكَالجَرَبِ
يُمسِي بِبَلدَةِ أَوغَادٍ وَيُصبِحُ قَد أَلقَى بِأُخرَى رِحَالَ القَصدِ عَن كَثَبِ
أَغرَى بِهِ سَاسَةُ الأَبقَارِ إِخوَتَهُم فَاستَجمَعُوا النَّطحَ في هَرجٍ وفي صَخَبِ
لم يَرقُبُوا مَوثِقًا فِينَا وَمَا اكتَرَثُوا يَومَ استَخَفُّوا بِدِينٍ أَو بِعِرضِ نَبي
لَكِنْ لَنَا اللهُ مَولانَا نُؤَمِّلُهُ عِندَ الرَّخَاءِ وفي الشِّدَّاتِ وَالنُّوَبِ
وَهْوَ الحَسِيبُ وَكَافِينَا وَنَاصِرُنَا في كُلِّ خَطبٍ فَلا نَخشَى مِنَ الغَلَبِ
اليَومَ نَبكِي بِدَمعٍ سَاجِمٍ وَغَدًا قَد يَضحَكُ الدَّهرُ مِن أُنسٍ وَمِن طَرَبِ
Œ(762/1)
يا صَخرُ إِنْ تَكُ ذا بَزٍّ تُجَمِّعهُ
أبو المثلم الهذلي
العصر ... جاهلي
عدد الأبيات ... 22
البحر ... بسيط
الروي ... لام
الغرض ... حماسة
مصدر القصيدة ... شرح أشعار الهذليين (1/272-278)، صنعة أبي سعيد الحسن السكري، حققه عبد الستار فراج، مكتبة دار العروبة
1
يا صَخرُ إِنْ تَكُ ذا بَزٍّ تُجَمِّعهُ *** فَإِنَّ حَولَكَ فِتيانًا لَهُم حُِلَلُ
2
أَو كُنتَ ذا صارِمٍ عَضبٍ مَضارِبُهُ *** صافي الحَديدَةِ لا نِكسٌ وَلا جَبِلُ
3
يا صَخْرُ أو كنتَ تُثْنِي أَنَّ سَيْفَكَ مَشْـ *** ـقُوقُ الخَشِيبةِ لا نَابٍ ولا عَصِلُ
4
وَسَمحَةٌ مِن قِسِيِّ النَبعِ كاتِمَةٌ *** مِثلُ السَبيكَةِ لا نِكْسٌ وَلا عُطُلُ
5
يا صَخرُ فَاللَيثُ يَستَبقي عَشيرَتَهُ *** قُنيَةَ ذي المالِ وَهوَ الحازِمَ البَطَلُ
6
يا صَخرَ يعلَمُ يَومًا أَنَّ مرَجِعَهُ *** وادي الصَديقِ إِذا ما تَحدُثُ الجُلَلُ
7
يا صَخرَ وَيحَكَ لِمْ عَيَّرتَني نَفَرًا *** كانوا غَداةَ صَباحٍ صادِقٍ قُتِلوا
8
يا صَخرُ ثُمَّ سَعى إِخوانُهُمْ بِهِمُ *** سَعيًا نَجيحًا فَما طُلّوا وَلا خَمَلُوا
9
بِمُنسَرٍ مَصِعٍ يَهدي أَوائِلَهُ *** حامي الحَقيقَةِ لا وانٍ وَلا وَكَلُ
10
مُشَمِّرٌ وَلَهُ في الكَفِّ مُحْدَلَةٌ *** وَأَصمعٌ نَصلُهُ في الكَفِّ مُعتَدِلُ
11
يَكادُ يُدرَجُ دَرجًا أنْ يُقَلِّبَهُ *** مَسُّ الأَنامِلِ صاتٌ قِدحُهُ زَعِلُ
12
يا صَخرُ وَرّادُ ماءٍ قَد تَمانَعَهُ *** سَومُ الأَراجيلِ حَتّى جَمَّهُ طَحِلُ
13
يا صَخرَ جاءَ لَهُ مِن غَيرِ مَورِدِهِ *** بِصارِمَينِ معًا لَم يَثنِهِ وَجَلُ
14
يا صَخرُ خَضخَضَ بِالصُفنِ السَبيخَ كَما *** خاضَ القِداحَ قَميرٌ طامِعٌ خَصِلُ
15
يا صَخرُ ثَمَّ استَقى ثُمَّ استَمَرَّ كَما *** يَمشي سَبَنتىً سَروبٌ ظَهرُهُ خَضِلُ
16
يا صَخرُ هُمْ يَبعَثونَ النَوحَ مُنقَطِعَ اللَيـ *** ـلِ التَمامِ كَما تُسَتَولَهُ العُجُلُ
17(763/1)
فيهِمْ طِعانٌ كَسَفعِ النارِ مُشعَلَةً *** إِذا مَعاشَرُ في واديهِمُ تُبِلوا
18
تَاللَهِ لَو قَذَفوا صَخرًا بِفاقِرَةٍ *** إِذن لَقيلَ أَصابوا المَيلَ فَاعتَدَلوا
19
وانبُل بِقَومِكَ إِمّا كُنتَ حاشِرَهُمْ *** وَكُلُّ جامِعِ مَحشورٍ لَهُ نَبَلُ
20
واللهُ يُسْمِعُ صُبْحًا والصَّوَاهِلَ إ *** لاَّ صَارِخٌ في عَنضاءٍ صَوْتُهُ صَهِلُ
21
ولا دِيارُ بني سَوْءٍ إذا نَصَلُوا *** لِبُرْقَةٍ بينَ أكنافٍ إلى الجبلِ
22
كُلوا هَنيئًا فَإِن أَنفَقتُمُ بَكَلًا *** مِمّا تُجيزَ بَنو الرَمداءِ فَابتَكِلوا(763/2)
يا ابن المراغة إنما جاريتني
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 39 / ص 449)
العصر الإسلامي >> الفرزدق >> يا ابن المراغة إنما جاريتني
يا ابن المراغة إنما جاريتني
رقم القصيدة : 3493
-----------------------------------
يا ابنَ المَرَاغَةِ إنّمَا جَارَيْتَني
بِمُسَبَّقِينَ لَدَى الفَعَالِ قِصَارِ
وَالحابِسِينَ إلى العَشِيّ ليَأخُذُوا
نُزُحَ الرّكِيّ وَدِمْنَةَ الأسْآرِ
يا ابنَ المَرَاغَةِ كَيْفَ تَطْلُبُ دارِماً
وَأبُوكَ بَينَ حِمَارَةٍ وَحِمَارِ
وإذا كِلابُ بَني المَرَاغَةِ رَبّضَتْ
خَطَرَتْ وَرَائي دارِمي وَجِمارِي
هَلْ أنْتُمُ مُتَقَلّدِي أرْبَاقِكُمْ
بِفَوَارِسِ الهَيْجَا وَلا الأيْسَارِ
مِثْلُ الكِلابِ تَبُولُ فَوْقَ أُنُوفِهَا
يَلْحَسْنَ قَاطِرَهُنّ بِالأسْحَارِ
لَنْ تُدْرِكُوا كَرَمي بِلُؤمِ أبيكُمُ
وَأوَابِدي بِتَنَحّلِ الأشْعَارِ
هَلاّ غَدَاةَ حَبَسْتُمُ أعْيَارَكُمْ
بِجَدُودَ والخَيْلانِ في إعْصَارِ
وَالحَوْفَزَانُ مُسَوِّمٌ أفْرَاسَهُ،
والمُحْصَنَاتُ حَوَاسِرُ الأبْكَارِ
يَدْعُونَ زَيْدَ مَنَاةَ إذْ وَلّيْتُمُ،
لا يَتّقِينَ على قَفاً بِخِمَارِ
صَبَرَتْ بَنُو سَعْدٍ لَهُمْ برِماحِهِمْ
وَكَشَفْتُمُ لَهُمُ عَنِ الأدْبَارِ
فَلَنَحْنُ أوْثَقُ في صُدُورِ نِسائِكُمْ
عِنْدَ الطِّعانِ، وقُبّةِ الجَبّارِ
مِنْكُمْ إذا لَحِقَ الرّكُوبُ، كَأنّها
خِرَقُ الجَرَادِ تَثُورُ يَوْمَ غُبَارِ
بالمُرْدَفَات إذا التَقَيْنَ عَشِيّةً،
يَبْكِينَ خَلْفَ أوَاخِرِ الأكْوَارِ
فاسْألْ هَوَازِنَ إنّ عِنْدَ سَرَاتِهِمْ
عِلْماً وَمُجْتَمَعاً مِنَ الأخْبَارِ
قَوْمٌ لَهُمْ نَضَدٌ، كأنْ أجسادُهُمْ
بِالأعْوَجِيّةِ مِنْ سَلُوقَ ضَوَارِي
فَلْتُخْبِرَنّكَ أنّ عِزّةَ دارِمٍ
سَبَقَتْكَ يا ابنَ مَسُوِّق الأعْيَارِ
كَيْفَ التّعَذّرُ بَعْدَما ذَمّرْتُمُ
سَقْباً لِمُعْضِلَةِ النِّتَاجِ نَوَارِ(764/1)
قَبَحَ الإلَهُ بَني كُلَيْبٍ إنّهُمْ
لا يَغْدِرُونَ وَلا يَفُونَ لِجَارِ
يَسْتَيْقِظُونَ إلى نُهَاقِ حِمارِهمْ
وَتَنَامُ أعْيُنُهُمْ عَنِ الأوْتَارِ
يا حَقَّ، كُلُّ بَني كُلَيْبٍ فَوْقهُ
لؤمٌ تَسَرْبَلَهُ إلى الأظْفَارِ
مُتَبَرْقِعي لُؤمٍ كَأنّ وُجُوهَهُمْ
طُلِيَتْ حَوَاجِبُهَا عَنِيّةَ قَارِ
كَمْ مِنْ أبٍ لي، يا جَرِيرُ، كَأنّهُ
قَمَرُ المَجَرّةِ، أوْ سِرَاجُ نَهَارِ
وَرث المَكَارِمَ كَابراً عَنْ كَابِرِ،
ضَخْمِ الدّسِيعَةِ يَوْمَ كخلّ فَخارِ
تَلْقَى فَوَارِسَنَا إذا رَبّقْتُمُ،
مُتَلَبّبِينَ لِكُلّ يَوْمِ عَوَارِ
وَلَقَدْ تَرَكْتُ بَني كُلَيْبٍ كُلَّهُمْ
صمَّ الرّؤوسِ مُفَقّئي الأبْصَارِ
وَلَقَدْ ضَللْتَ أباكَ تَطْلُبُ دارِماً،
كَضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَرِيقَ وَبَارِ
لا يَهْتَدي أبَداً، ولَوْ نُعِتَتْ لَهُ
بِسَبِيلِ وَارِدَةٍ وَلا إصْدارِ
قالوا: عَلَيْكَ الشّمسَ فاقصِدْ نحوَها،
وَالشّمْسُ نَائِيَةٌ عَنِ السُّفَّارِ
لمّا تَكَسّعَ في الرّمَالِ هَدَتْ لَهُ
عَرْفَاءُ هَادِيَةٌ بِكُلّ وِجَارِ
كَالسّامِرِيّ يَقُولُ إنْ حَرّكْتَهُ:
دَعْني، فَلَيسَ عَليّ غَيرُ إزَارِي
لَوْلا لِسَاني حَيْثُ كُنْتُ رَفَعْتُهُ،
لَرَمَيْتُ فَاقِرَةً أبا سَيّارِ
فَوْقَ الحَوَاجِبِ وَالسِّبَالِ كَأنّهَا
نَارٌ تَلُوحُ على شَفِيرِ قُتَارِ
إنّ البِكَارَةَ لا يَدَيْ لِصِغَارِها
بِزِحَامِ أصْيَدَ رَأسُهُ هَدّارِ
قَرْمٌ، إذا سَمِعَ القُرُومُ هَدِيرَهُ
وَلّيْنَهُ وَرَمَيْنَ بِالأبْعَارِ
كَمْ خالةٍ لكَ يا جَريرُ وعَمَّةٍ
فَدْعاء قد حَلَبَتْ عَليَّ عِشاري
كُنّا نُحَاذِرُ أنْ تَضِيعَ لِقَاحُنَا،
وَلَهاً، إذا سَمِعَتْ دُعَاءَ يَسَارِ
شَغّارَةٍ تَقِذُ الفَصِيلَ بِرِجْلِهَا
فَطّارَةٍ لِقَوَادِمِ الأبْكَارِ
كَانَتْ تُرَاوِحُ عَاتِقَيْهَا عُلْبَةً،
خَلْفَ اللِّقَاحِ، سَرِيعَةَ الإدْرَارِ(764/2)
وَلَقَدْ عَرَكْتُ بَني كلَيْبٍ عَرْكةً
وَتَرَكْتُهُمْ فَقْعاً بِكُلّ قَرَارِ(764/3)
يا إمام الرسل
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
يا إمامَ الرُّسْلِ يا أحمدْ يا لواءَ الخيرِ والرَّحمهْ
أنتَ في ظلمائِها الفَرْقَدْ نِعمةٌ ما فوقها نِعمهْ
يا زعيمَ الأمةِ الأوحدْ جئتَنا بالنورِ والحكمهْ
مَنْ يَسِرْ في دربها يَسْعَدْ إنها النبراسُ للأُمَّهْ
********
أنتَ للأخلاقِ تجسيدُ أنتَ مشكاةُ الهُدى فينا
أنتَ إرشادٌ وتَسديدُ أنتَ للعَلْيا تُنادينا
دينُك الإسلامَ تأكيدُ لرسالاتِ النبيِّينا
شرعُك القرآن تأبيدُ للمعالي نورُ ماضينا
*******
جئتَنا في ظلمةِ الدهرِ فأنرتَ القلبَ والفِكْرا
قدْتَنا باللينِ واليسرِ فاقتلعَت الشرَّ والكفْرا
أنتَ رمزُ الحلمِ والصبرِ ناشرٌ بَين الوَرى بِشْرا
أَيُّ سرٍّ أنت لا أدري فَلْتُسامِحْني أبا الزَّهْرا(765/1)
يا أمة الإسلام ما أرداك عاجزة ..
(( هدية الشعر )) ...
بقلم الدكتورعدنان علي رضا النحوي
وَرَجّعي اللَّحْنَ مِنْ أَحْلَى مَزَامِرِه ... ... عَرَائِسَ الشِّعْرِ ..! صُوغِي مِنْ جَوَاهِرِهِ
مضَمَّخاً بِنَدِيٍّ مِنْ مَجَامِرِهِ ... ... وَفوِّحِي بالشَّذَىَ في زَهْوِ مَوْكِبِهِ
بالرَّوض ... ! حَنَّتْ إِلَى دُنيا أَزاهِرهِ ... ... وَفَتِّقي الوَرْدَ أَشْكَالاً مُنَمَّقَةً
عَلَى رُؤَى الغَيْبِ في أَزْكَى مَشَاعِرِهِ ... ... هُنَا القَصِيْدُ الذِي ذوّبْتُهُ زَمَناً
بالأَمس سِرّاً على أَجْفَانِ شاعِرِهِ ... ... وَقُمْتُ ألتَمِسُ الآمَالَ .... أَيْنَ غَفَتْ
تُضيءُ بَيْنَ الدُّجَى أَعْلى مَنَائِرِهِ ... ... حتَّى جَلَوْتُ هُنَا الأَحْلامَ زَاهيَةً
مَعَالِمُ الحُسْنِ فَاضَتْ مِنْ بَوَاكِرِهِ ... ... كَأَنَّها انتفَضَتْ بِكْراً تَرفُّ بِهَا
غَنيَّةَ الشَّوْقِ هاجَتْ مِنْ بَوَادِرِهِ ... ... تَلُمّ فِي ظِلِّها مِنْ كُلِّ شَارِدةٍ
* * * ... ... * * *
تَرْوِي وتَسْكُبُ رَيًّا مِنْ مَزَاهِرِه ... ... هُنَا الأُخوَّةُ صَفْوٌ مِنْ مَنَابِعِهِ
أَحْيَتْ هَوىً وَصَل الماضي بِحاضِره ... ... هُدَى اليَقين ... ُرَى الإِيْمَانِ خَافِقَةٌ
نُورٌ يَشِعُّ وخَفْقٌ مِنْ بَشائِرِهِ ... ... كَأنَّ كُلَّ فُؤَادٍ في تَبَتُّلِهِ
إلاَّ وَقَدْ حَمَلَتْ أَنْدَى مآثِرهِ ... ... أَمُدُّ رَاحةَ لُقْيَانا ..... فَمَا رَجَعَتْ
" هَدِيَّةَ الشَّعْرِ" هَزَّتْ مِنْ مَنابِرِهِ ... ... فَقِفْ عَلَى المنْبَرِ الدَّاوي وغَنِّ لهُ
* * * ... ... * * *
وَقَدْ حَبَاكِ الهُدى أَمضَى بَوَاتِرهِ ... ... يَا أُمَّةَ الحَقِّ .. ! مَا أَرْدَاك عاجِزَةً
مَوْجَ الظَّلامِ ... وَيُزْوِي منْ دَيَاجِرِهِ ... ... حَبَاكِ آياتِهِ نُوراً يُزيحُ بِهَا
تَشُقُّ دَرْباً يُغَذِّي خَطْوَ سائِرِهِ ... ... وَسنَّةً مِنْ رَسُولِ الله مَاضيِةً
عَزْماً يَشدُّ حِبَالاً مِنْ أَوَاصِرِهِ ... ... تَمَسَّكي بِهمَا إنْ شِئتْ مَكرُمَةً(766/1)
كَنْزٌ مِنَ الخيْرِ أَوْهَى كَفَّ ناثِرِهِ ... ... وَفي مَغَانِيْكِ فَيْضٌ مِنْ مَعَادِنِهَا
إلَيْهِ عَيْنٌ عَلَى أَغْنَى مَنَاظِرِهِ ... ... حَبَاكِ مَا تَشْتَهيْ نَفْسٌ وَمَا طَمَحَتْ
وَفوْقَ أَكْتافِهَا بُشْرى نَواضِرهِ ... ... مِنْ كُلِّ مَالٍ بِبَطْنِ الأَرْض مُدَّخَرٍ
يَرْوي البَوَادِيَ دَفَقَاً مِنْ مَوَاطِرِه ... ... وَكُلِّ خَيرٍ عَلَى الأَجْوَاءِ منعقِدٍ
وَصَاغَ مِنْ دُرِّهَا أَغْلَى جَوَاهِرِه ... ... وَمِنْ رِمَالٍ جَلا التَّاريخُ سَاحَتَها
دَفَّاقَةَ النُّورِ هَدْياً مِنْ مَصَادِرِهِ ... ... تَوَسَّطَتْ مِنْ رُبُوعِ الأرْضِ مَنْزِلةً
* * * ... ... * * *
أَيْنَ الملايينُ ...؟ غابَتْ عن نَواظِرِهِ ... ... المَالُ والنَّفَرُ المَمْدُود .... وَاعَجبَاً
يَسُوْقُها الذّلٌّ فِي بَلْوَى حَفَائِرِهِ ... ... هُنَاكَ ... في الدَّرْب .. قِطْعَاناً مُشَرَّدَةً
عَلَى شِفَارِ عَدُوٍّ أَوْ خَنَاجِرِهِ ... ... تَمُدُّ أَعْنَاقَهَا... حَمْقَاءَ ... ثاغِيَةً
غَصَّتْ عَلَى العرْضِ مِنْ أَغْلَى حَرَائِرِهِ ... ... يُدْمي عَلَى رَعْشَةِ الإذلال مُهْجَتَها
مِنْ مَاجِنِ اللَّهْو... أَو من جَهْلِ سَادِرِهِ ... ... غَفَوْتِ يا أُمَّتي ظِلاًّ عَلَى سُرُرٍ
لِكُلِّ غازٍ عَلَى حُمَّى جَرَائِرِهِ ... ... تَرَكْتِ دَارَكِ أَبوَاباً مُفَتَّحَةً
وَيَدْفَعُ الدَّمَ نَهْراً في مَجَازِرِهِ ... ... يَجْتَثُّ مِنْ كُلِّ رَوْضٍ طِيْبَ غَرْسَتِهِ
* * * ... ... * * *
عَلَى نُيُوبِ عَدُوٍّ أَوْ أَظَافِرِهِ ... ... أَشْكُو(( لكابولَ )) ... أَمْ أُصْغِي لأَنَّتِها
سَاحُ القِتَالِ وَلاَ هَاجَتْ بِثائِرِهِ ... ... بأَيّ دَارٍ مِنَ الإِسْلامِ ما اضطَرَبَتْ
حَبَسْتُ دَمْعِي كِبْراً في محاجِرِهِ ... ... أَبْكي (فلسْطِينَ)..أَمْ أَبكي دِمَشْقَ.. وكَمْ
عَلَى الجِراحِ عَصِيٌّ مِنْ عَوَاثِرِهِ ... ... إبَاءَةُ العَزْمِ تُخْفيهِ ... وَيَنْثُرُهُ(766/2)
ثُمَّ اخْتَفَتْ هَمَساتٍ في حَنَاجِرِهِ ... ... بُحَّتْ حَنَاجِرُنا في زَهْوِ نَشْوَتِنَا
فَلا أَرَى وَثبَاتٍ مِنْ ضَوَامِرِهِ ... ... أَمُرُّ بَيْنَ مَيَادِينٍ مُضَمَّخَةٍ
فَأطْبَقَتْ في بَوَادٍ مِنْ دَيَاجِرِهِ ... ... كَأَنَّما المَوْتُ أَجْلى كُلَّ ناحِيَةٍ
وَخَفْقَةُ المجْدِ في نَجْوَى مَقَابِرِهِ ... ... وأصَبَحَ الشَعْرُ ألحَاناً لِمَأَتَمِهِ
جَمَعْتُهُ هَاهُنَا لَحْناً لِنَاشِرهِ ... ... لَكْنُو ... ! حَنَانَيْكِ مِنْ شَوْقٍ أُكابِدُهُ
مَلاَحِمَ الشِّعْر وَحيْاً مِنْ مَفَاخِرِهِ ... ... هُنَا نَشُقُّ الدّجَىِ نوراً نَصُوغُ بِهِ
عَادَتْ على السَّاح فَيْضاً مِنْ خَوَاطِرِهِ ... ... وَنَستَعِيدُ دَوِيَّاً مِنْ مُجَلْجِلَةٍ
عَلَى هُدَى الله آياً مِنْ بَصائِرهِ ... ... تَمْضِي الخُطا ..تَخْضُدُ الأَشْواك..صاعدةً
حُرُوفُه في نَوَادٍ مِنْ حَوَاضِرهِ ... ... لا يَنَهضُ الأدَبُ الشَّادِي إذا وَقَفَتْ
لِرَنَّةِ النَّصْلِ أَوْ وَقْعٍ لِحَافِرِهِ ... ... لكنَّما أَدَبُ الإِسْلام مَعْرَكَةً
* * * ... ... * * *
... ... ... ... 15/6/1401هـ
19/4/1981م
...
... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ...
... • ... من ديوان جراح على الدرب . ...(766/3)
يا أمتي وجب الكفاح
1. ... يا أمتي وجب الكفاح فدعي التشدق والصياح
2. ... ودعي التقاعس ليس ينصر من تقاعس واستراح
3. ... ما عاد يجدينا البكاء على الطلول ولا النواح
4. ... يا قوم إن الأمر جد قد مضى زمن المزاح
5. ... سقط القناع عن الوجوه وفعلهم بالسر باح
6. ... عاد الصليبيون ثانية وجالوا في البطاح
7. ... عادوا وما في الشرق نور الدين يحكم أو صلاح
8. ... عاثوا فساداً في الديار كأنها كلأ مباح
9. ... لم يخجلو من ذبح شيخ لو مشى في الريح طاح
10. ... أو صبية كالزهر لم ينبت لهم ريش الجناح
11. ... ذبحوا الصبي وأمه وفتاتها ذات الوشاح
12. ... عبثوا بأجساد الضحايا في انتشاء وانشراح
13. ... لم يشف حقدهم دم سفحوه في صلف وقاح
14. ... فغدوا على الأعراض لم يخشوا قصاصاً أو جناح
15. ... لم يعبؤوا بقرار أمن دانهم أو باقتراح
16. ... يا أمة الإسلام هبوا واعملوا فالوقت راح
17. ... الكفر جمَّع شمله فلم النزاع والانتطاح
18. ... فتجمعوا وتجهزوا بالمستطاع وبالمتاح
19. ... يا ألف مليون وأين هم إذا دعت الجراح
20. ... هاتوا من المليون ملياراً صحاحاً من صحاح
21. ... من كل ألف واحداً أغزو بهم في كل ساح
22. ... لابد من صنع الرجال ومثله صنع السلاح
23. ... وصتاعة الأبطال علم قد دراه أولو الصلاح
24. ... من لم يلقن أصله من أهله فقد النجاح
25. ... لا يصنع الأبطال إلا في مساجدنا الفساح
26. ... في روضة القرآن في ظل الأحاديث الصحاح
27. ... لا يستوي في منطق الإيمان سكران وصاح
28. ... مًن همه التقوى وآخر همه كأس وراح
29. ... شعب بغير عقيدة ورق تذريه الرياح
30 0 من خان حي على الصلاة يخون حي على الكفاح(767/1)
يا أيَّها الدنماركُ .. إلا رسولَ اللهِ
مصطفى العاني :
إلا رسولَ اللهِ يا أقزامُ
أوَ يُستباحُ محمّدٌ ويُضامُ ؟
أوَ يستهانُ بسيِّدٍ دانَتْ له
كُلُّ الرقابِ وذلَّتِ الأصنامُ؟
يا أيُّها الجبناءُ إنَّ رسومَكم
في حَقِّ أحمدَ كلُّها إجرامُ
لا، لن تَطالَ محمداً وجنودَه
مادام مصدرَ عزِّنا الإسلامُ
إنّا جنودُ محمَّدٍ لو ساءَهُ
سُوءٌ فنحنُ الواثبُ الضرغامُ
لو شاكَهُ شوكٌ فإنّا دونَه
وفداؤُه الأرواحُ والأجسامُ
يا أيُّها (الدَّنِمَرْكُ) سوف نذيقُكُم
طعمَ الهوانِ وساءَ ذا الإيلامُ
يا أيُّها الأنذالُ ليس يضيرُنا
قولٌ ولا رسمٌ ولا أفلام
أنتم عبيدٌ للعجولِ وروثِها
بل أنتمُ الأبقارُ والخُدّامُ
لسنا إلى أبقارِكم في حاجةٍ
أو منتجاتٍ صاغهنّ لِئامُ
إنَّا وإنْ كَثُرَ العِدا لكنّنا
سيفٌ لأحمدَ صارمٌ صَمصامُ
سنذودُ عنه يقودُنا قرآنُنا
وتراثُه والحبُّ والإعظامُ
يا أيُّها (الدَّنِمَرْكُ) ليس يسوؤُنا
هذا الثغاءُ لأنَّكُم أغنامُ
إنَّ النبيَّ بقلبِ كلِّ موحِّدٍ
ومساسُه فَتْكٌ بكم وحِمامُ
إنَّ الحبيبَ ذرىً وليسَ يضيره
تلكَ الرسومُ فكُلُّها أوهامُ
قد راعكُم دينٌ أطاحَ بصرحِكم
وأخافكُم ذا المعولُ الهدّامُ
فلكلِّ من يؤذي النبيَّ وصحبَه
ونساءَه، التقتيلُ والإضرامُ
سَنَشِنُّ حملتَنا نقاطعُكُم بها
ولنا بذلكَ رِفعةٌ ووسامُ
لا لن نلينَ وَقَدْ بَدَتْ أحقادُكُم
رُفِعَت بذاكَ الصُّحْفُ والأقلامُ
"إلا رسولَ الله" فهي شعارُنا
ومحمّدٌ عِزٌّ لنا وإمامُ(768/1)
يا حبيبَ الروح !
شعر : د. كمال أحمد غنيم
kghonem@mail.iugaza.edu
عندما كنتُ صغيراً؛
لم أعانِ اليتمَ مثلكْ !
بل ضياعاً في لجوءٍ مسَّ شعبكْ.
كنت أمضي من رصاصات المنايا
نحو مسراك وقدسكْ.
بدأتْ هجرة روحي
منذ ميلادي... لنبضك.
عجنتني مع دموعي
بمزيجٍ من تراب قدسيٍّ مسَّ وجهك.
* * *
كنتَ حُلْمي حين أصحو،
وحنيني حين أغفو،
ويقيني حين أكبو،
وضياءً يحتويني عند ذكرك.
كنتَ نوراً... يهتدي دربي بعطرك!
* * *
سرتُ في إثرك وحدي في دروبٍ،
عرفتها خطواتُ الصدق بعدك.
يا حبيبَ الروحِ عفوَك !
قد تَلفَتُّ، فأدركت بأني لست وحدي...
سارت الدنيا بإثرِك.
***
لم تعدْ في الغارِ وحدَك !
لم تعد في شِعْبِ من قد حاصروا،
أو طاردوا،
أو صوّبوا سيفَ المنايا نحو صدرِك.
صارت الدنيا دار أرقمَ تصغي...
هزّها الشوق لهمسك !
لا تبالي بحكايات أُبَيٍّ وسلولٍ،
ورسومٍ نفثتها عنكبوتُ الحقد ضدّك...
* * *
عندما كنت صغيراً
علمتني وقفاتُ الحِلْمِ درسَك !
لا تبالي ببقايا شلْوِ حقدٍ،
قد رماه الجهل فوقك !
وتزيح الشوك من أطراف ثوبك.
كان بالإمكان أن يرتاح قلبك...
ويثور الأخشبانِ قبل أن يرتدّ طرفَك.
كان بالإمكانِ، لكنْ...
ليس بالإمكانِ أن يهتزّ صبرك.
باسمٌ والموتُ يضحك .
راحمٌ والحقد نارٌ قد أذابت حامليها،
وربوع الكون تسعى نحو مجدك.
* * *
يا حبيبَ الروحِ... عفوَك!
كانت الراحةُ ملكَكْ،
رغم ريحٍ من سَمومٍ بصقتها البومُ حولك.
يا حبيبي ظلّ بالإمكان أن يرتاحَ قلبك.
لن يمسّوك بسوءٍ...
وعبيرُ النورِ يسري في ربوعِ الكون حولك،
... زارعاً في الناسِ حبك
... باعثاً في الناس (بدرك)
... رافعا في الناسِ ذكرك
* * *
يا حبيبي...
صار بالإمكانِ أن يرتاحَ قلبك !(769/1)
يا حبيبي هاكَ نحري
عبد الناصر منذر رسلان:
فجأةً شاعَ الخبرْ هزَّ قلبي مذْ خَطَرْ
قلتُ في نفسي عسى كِذْبُ إعلامٍ عبرْ
فاستعدتُ الحسَّ منّي مُدركا فحوى الخبرْ
هزَّني صوتُ المذيعِ (آذوا) أحمدْ يا بشرْ
حسرةٌ بانتْ لعيني بعدها الدمعُ انهمرْ
قمتُ مذعورًا أنادي هلْ بهذا نُختبرْ؟
يا حبيبي هاكَ نحري دونكَ القلبُ انفطرْ
يا حبيبي يا شفيعي أنتَ قلبي والنظرْ
يا حبيبَ اللهَ صبرًا حانَ ميعادُ الظفرْ
قدْ صحونا منْ رُقادٍ وانتبهنا للخطرْ
واجتمعنا بعدَ نأيٍ بعدَ ما كنّا زُمرْ
يا حماةَ الدينِ هيّا فانصروا خيرَ البشرْ
مزّقوا كلَّ كفورٍ ناشرًا ذاكَ الخبرْ
مزّقوهُ كيْ يكونَ عِبرةً فيمنْ عبرْ
قاطعوا كلَّ نِتاجٍ فيهِ أيدي منْ كفرْ
مزّقوا كلَّ الجرائدْ قطعوا كلَّ الصورْ
واحرقوا حتى الهواءَ وادفنوهمْ في الحُفرْ
وانصروا خيرَ البرايا منْ لهُ انشقَّ القمرْ
منْ لهُ الأفلاكُ دانتْ منْ لهُ الكونُ انحسرْ
هلْ جزاءُ التائبينَ غيرَ حورٍ وسُرَرْ
هلْ جزاءُ الصابرينَ غيرَ طلحٍ و نَهرْ
مُنتهى حُبُّ النبيّ سجدةٌ عندَ السحرْ
يا جنودَ اللهَ ارمي واقذفيهمْ بالشرَرْ
كُلُّنا جُندٌ لِطَهَ كُلُّنا أضحى عُمرْ(770/1)
يا خير من دفنت في الترب أعظمه
يا خير من دفنت في الترب أعظمه= فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه = فيه العفاف وفيه الجود والكرم
أنت الحبيب الذي ترجى شفاعته= عند الصراط إذا ما زلت القدم
فكن شفيعا متى ما ثرت من جدثي = فإنني ضيفكم والضيف محترم
صلى عليك إله العرش ما طلعت = شمس وحن إليك الضال والسلم
وصاحباك فلا ننساهما أبدا = منا السلام عليهم ما جرى القلم
يا سيدي يا رسول الله خذ بيدي = فقد تحملت عبئا فيه لم أقم
أستغفر الله مما قد جنيت على = نفسي ويا خجلي منه ويا ندمي
إن لم تكن لي شفيعا في المعاد فمن = يجير لي من عذاب الله والنقم
مولاي دعوة محتاج لنصرتكم = يشكو إليكم أذى الأيام والأزم
إني أعوذ بكم دنيا وآخرة = مما يسوء وما يفضي إلى التهم
تبلي عظامي وفيها من مودتكم = هوى مقيم وشوق غير منصرم
ما مر ذكركم إلا وألزمني = نثر الدموع ونظم المدح في كلم
عليكم صلوات الله ما سكرت = أرواح أهل التقى في راح في ذكرهم
==============(771/1)
يا دارَ عَمْرة َ من مُحتلِّها الجَرَعا
لقيط بن يعمر الإيادي (جاهلي)
يا دارَ عَمْرة َ من مُحتلِّها الجَرَعا ... هاجتَ لي الهمّ والأحزانَ والوجعا
تامت فادي بذات الجزع خرعبة ... مرت تريد بذات العذبة البِيَعا
فما أزال على شحط يؤرقني ... طيفٌ تعمَّدَ رحلي حيث ما وضعا
ألا تخافون قوماً لا أبا لكم ... أمسوا إليكم كأمثال الدّبا سُرُعا
فهم سراع إليكم، بين ملتقطٍ ... شوكاً وآخر يجني الصاب والسّلعا
وتلبسون ثياب الأمن ضاحية ً ... لا تجمعون، وهذا الليث قد جَمعَا
وقد أظلّكم من شطر ثغركم ... هولُ له ظلم تغشاكم قطعا
جرت لما بيننا حبل الشموس فلا ... يأساً مبيناً نرى منها، ولا طمعا
إني بعيني ما أمّت حمولُهم ... بطنَ السَّلوطحِ، لا ينظرنَ مَنْ تَبعا
أبناء قوم تأووكم على حنقٍ ... لا يشعرون أضرَّ الله أم نفعا
لو أن جمعهمُ راموا بهدّته ... شُمَّ الشَّماريخِ من ثهلانَ لانصدعا
أنتمْ فريقانِ هذا لا يقوم له ... هصرُ الليوثِ وهذا هالك صقعا
مالي أراكم نياماً في بلهنية ٍ ... وقد ترونَ شِهابَ الحرب قد سطعا
طوراً أراهم وطوراً لا أبينهم ... إذا تواضع خدر ساعة لمعا
أحرار فارس أبناء الملوك لهم ... من الجموع جموعٌ تزدهي القلعا
في كل يومٍ يسنّون الحراب لكم ... لا يهجعونَ، إذا ما غافلٌ هجعا
فاشفوا غليلي برأيٍ منكمُ حَسَنٍ ... يُضحي فؤادي له ريّان قد نقعا
بل أيها الراكب المزجي على عجل ... نحو الجزيرة مرتاداً ومنتجعا
خُرْزاً عيونُهم كأنَّ لحظَهم ... حريقُ نار ترى منه السّنا قِطعا
ولا تكونوا كمن قد باتَ مُكْتنِعا ... إذا يقال له: افرجْ غمَّة ً كَنَعا
أبلغ إياداً، وخلّل في سراتهم ... إني أرى الرأي إن لم أعصَ قد نصعا
لا الحرثُ يشغَلُهم بل لا يرون لهم ... من دون بيضتِكم رِيّاً ولا شِبَعا
صونوا جيادكم واجلوا سيوفكم ... وجددوا للقسيّ النَّبل والشّرعا
يا لهفَ نفسي إن كانت أموركم ... شتى َّ، وأُحْكِمَ أمر الناس فاجتمعا
وأنتمُ تحرثونَ الأرضَ عن سَفَهٍ ... في كل معتملٍ تبغون مزدرعا(772/1)
اشروا تلادكم في حرز أنفسكم ... وحِرْز نسوتكم، لا تهلكوا هَلَعا
وتُلقحون حِيالَ الشّوْل آونة ً ... وتنتجون بدار القلعة ِ الرُّبعا
ولا يدعْ بعضُكم بعضاً لنائبة ٍ ... كما تركتم بأعلى بيشة َ النخعا
اذكوا العيون وراء السرحِ واحترسوا ... حتى ترى الخيل من تعدائهارُجُعا
فإن غُلبتم على ضنٍّ بداركم ... فقد لقيتم بأمرِ حازمٍ فَزَعا
لا تلهكم إبلُ ليست لكم إبلُ ... إن العدو بعظم منكم قَرَعا
هيهات لا مالَ من زرع ولا إبلٍ ... يُرجى لغابركم إن أنفكم جُدِعا
لا تثمروا المالَ للأعداء إنهم ... إن يظفروا يحتووكم والتّلاد معا
والله ما انفكت الأموال مذ أبدُ ... لأهلها أن أصيبوا مرة ً تبعا
يا قومُ إنَّ لكم من عزّ أوّلكم ... إرثاً، قد أشفقت أن يُودي فينقطعا
ومايَرُدُّ عليكم عزُّ أوّلكم ... أن ضاعَ آخره، أو ذلَّ فاتضعا
فلا تغرنكم دنياً ولا طمعُ ... لن تنعشوا بزماعٍ ذلك الطمعا
يا قومُ بيضتكم لا تفجعنَّ بها ... إني أخافُ عليها الأزلمَ الجذعا
يا قومُ لا تأمنوا إن كنتمُ غُيُراً ... على نسائكم كسرى وما جمعا
هو الجلاء الذي يجتثُّ أصلكم ... فمن رأى مثل ذا رأياً ومن سمعا
قوموا قياماً على أمشاط أرجلكم ... ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا
فقلدوا أمركم لله دركم ... رحبَ الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفاً إن رخاءُ العيش ساعده ... ولا إذا عضَّ مكروهُ به خشعا
مُسهّدُ النوم تعنيه ثغوركم ... يروم منها إلى الأعداء مُطّلعا
ما انفك يحلب درَّ الدهر أشطره ... يكون مُتّبَعا طوراً ومُتبِعا
وليس يشغَله مالٌ يثمّرُهُ ... عنكم، ولا ولد يبغى له الرفعا
حتى استمرت على شزر مريرته ... مستحكمَ السنِ، لا قمحاً ولا ضرعا
كمالِك بن قنانٍ أو كصاحبه ... زيد القنا يوم لاقى الحارثين معا
إذّ عابه عائبُ يوماً فقال له: ... دمّث لجنبك قبل الليل مضطجعا
فساوروه فألفوه أخا علل ... في الحرب يحتبلُ الرئبالَ والسبعا
عبلَ الذراع أبياً ذا مزابنة ٍ ... في الحرب لا عاجزاً نكساً ولا ورعا
مستنجداً يتّحدَّى الناسَ كلّهمُ ... لو قارعَ الناسَ عن أحسابهم قَرَعا(772/2)
هذا كتابي إليكم والنذير لكم ... لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا
لقد بذلت لكم نصحي بلا دخل ... فاستيقظوا إن خيرَ العلم ما نفعا(772/3)
يا راحلين إلى منى بقيادي
هيجتموا يوم الرحيل فؤادي
سرتم وسار دليلكم يا وحشتي
الشوق أقلقني وصوت الحادي
وحرمتموا جفني المنام ببعدكم
يا ساكنين المنحنى والوادي
ويلوح لي مابين زمزم والصفا
عند المقام سمعت صوت منادي
ويقول لي يانائما جد السُرى
عرفات تجلو كل قلب صادي
من نال من عرفات نظرة ساعة
نال السرور ونال كل مرادي
تالله ما أحلى المبيت على منى
في ليل عيد أبرك الأعياد
ضحوا ضحاياهم ثم سال دماؤها
وأنا المتيم قد نحرت فؤادي
لبسوا ثياب البيض شارات اللقاء
وأنا الملوع قد لبست سوادي
يارب أنت وصلتهم صلني بهم
فبحقهم يا رب فُك قيادي
فإذا وصلتم سالمين فبلغوا
مني السلام أُهيل ذاك الوادي
قولوا لهم عبد الرحيم متيم
ومفارق الأحباب والأولاد
صلى عليك الله يا علم الهدى
ما سار ركب أو ترنم حادي(773/1)
يا ساكن الحرمين ,,
في عتاب صديق
بسم الله الرحمن الرحيم
كان له صديق, تعاهدا على الوفاء ,, و أن يكونا معا في السراء و الضراء ,,,,
جرت الأيام و السنون ,,,, و سافر هو بعيدا ,,, لكنه لم ينس صديقه ,,, الذي فصلت بينهم المسافات البعيدة
أصبح غريبا في بلد غريب ,,, اشتاق لسماع الأذان ,, اشتاق لمن يسلم عليه في الشارع و هو يمشي ,,
اشتاق لصلوات الجماعة و التراويح ,,, كل هذا لم يكن يراه إلا عند زيارته للمسجد و المركز الديني
لقد كان في أمس الحاجة إلى من يشد أزره و يسانده ,,, انتظر صديقه ,, لعله يكتب إليه ,, و لعله يتصل به و يكلمه ,,, و طال انتظاره ,,, نسيه ذلك الصديق ,,, بل تناساه ,,, قاطعه فلم يذكره بشيء ,,,,
صار وحيد أمام أمواج الفتن المتلاطمة ,,, أخذ القلم و كتب و كتب ثم كتب ,,, و لكن هل من مجيب
و أخيرا كتب هذه الأسطر ,,, لعلها توقظ من كان نائما ,,, تذكر عبد الله بن المبارك و هو يكتب إلى صديقه عابد الحرمين ,,, يذكر له ما فيه من الجهاد و مقاتلة العدة و حسن حاله ,,, لكنه يكتب إلى صديقه ساكن الحرمين يكتب ما فيه من الفتن و المصائب ,,, فأنى هذه الصورة من تلك ,,,,
يا ساكن الحرمين لو أبصرتني لعلمت أن الأمر جد مركب
من كان يكسو وجهه ببشاشة فوجوهنا بدموعنا تتخضب
إن كنت تمضي ليلة في خلوة الله ترجو , نحوه تتقرب
فشهورنا تمضي تعاني جفوة فالبعد بعد , و الذنوب لأقرب
حنت قلوب للعبادة أينها؟ أين النصيحة؟ أين من يتحبب؟
قلمي لتكتب ما أقول و أسهب أكتب فقلبي قد حواه الغيهب
قلمي لتكتب ما أقول بحسرة نفسي لتزهق من حياة ترهب
عزف القلم , في كتبه لكليمة و مضى يخبي نفسه , يتهرب
و قريحتي شحت بسطر عبارة صماء تبدي أنني أتعذب
ياساكن الحرمين وردة بسمة ذبلت و صار جمالها يتقلب
يا ساكن الحرمين عذرا أنني لم أحسن التعبير عما أغيب
و لأنني لا أحسن الإعراب عن فكر و ذكر للمحبة يكتب(774/1)
طفئت شموع قد أضاءت حينها ظلَما , فأنَّى أن يضاء الغيهب
ربي لحسن عبادة وفقنيا ذكرا و شكرا و رضاك لأرغب(774/2)
يا سامرَ الحيِّ هل تعنيك شكوانا
لبدوي الجبل
يا سامرَ الحيِّ هل تعنيك شكوانا ***** رقَّ الحديدُ وما رقُّوا لبلوانا
خَلِّ العتابَ دموعاً لا غَناءَ بها ***** وعاتِبِ القومَ أشلاءً ونيرانا
آمنتُ بالحقد يُذكي من عزائمنا ***** وأبعدَ الله إشفاقاً وتَحنانا
ويلَ الشعوبِ التي لم تَسْقِ من دمها ***** ثاراتِها الحمرَ أحقاداً وأضغانا
ترنّحَ السوطُ في يُمنى مُعذّبِها ***** ريّانَ من دمها المسفوحِ سكرانا
تُغضي على الذُلِّ غُفراناً لظالمها ***** تأنَّقَ الذُّلُّ حتى صار غفرانا
ثاراتُ يَعرُبَ ظمأى في مراقدها ***** تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا
ألا دمٌ يَتَنَزَّى في سُلافَتِها ***** أستغفر الثأرَ بل جَفّتْ حُمَيَّانا
لا خالدُ الفتحِ يغزو الرومَ منتصراً ***** ولا المثنّى على راياتٍ شَيبانا
أمّا الشآمُ فلم تُبْقِ الخطوبُ بها ***** روحاً أحبَّ من النُعمى وريحانا
ألمَّ والليل قد أرخى ذوائبه ***** طيفٌ من الشامِ حّيّانا فأحيانا
حَنَا علينا ظِماءً في مناهلنا ***** فأترعَ الكأسَ بالذكرى وعاطَانا
تُنَضِّرُ الورد والريحانَ أدْمُعُنا ***** وتَسكبُ العطرَ والصهباءَ نَجوانا
السامرُ الحلوُ قد مرَّ الزمانُ به ***** فَمَزّ قَ الشملَ سُمَّاراً ونُدْمانا
قد هان من عهدها ما كنتُ أحسبُه ***** هوى الأحبّةِ في بغدادَ لا هانا
فمن رأى بنتَ مروانَ انحنتْ تعباً ***** من السلاسل يَرحمْ بنتَ مروانا
أحنو على جُرحها الدامي وأمسَحُه ***** عطراً تطيبُ به الدنيا وإيمانا
أزكى من الطيب ريحاناً وغاليةً ***** ما سالَ من دمِ قتلانا وجرحانا
هل في الشآم وهل في القدس والدةٌ ***** لا تشتكي الثُّكل إعوالاً وإرنانا
تلك القبور فلو أن أُلِمُّ بها ***** لم تَعْدُ عينايَ أحباباً وإخوانا
يُعطي الشهيدُ فلا والله ما شهدتْ ***** عيني كإحسانه في القوم إحسانا
وغايةُ الجود أن يَسقي الثرى دمَهُ ***** عند الكفاح ويلقى الله ظمآنا(775/1)
والحقّ والسيف من طبعٍ ومن نسبٍ ***** كلاهما يتلقّى الخطبَ عُريانا
قُل للألى استَعبدوا الدنيا لسيفهمُ ***** مَن قَسّم الناس أحراراً وعُبدانا
إنّي لأشمتُ بالجبّار يَصرعه ***** طاغٍ ويُرهقه ظُلماً وطُغيانا
لعلّه تبعثُ الأحزانُ رحمته ***** فَيُصبحُ الوحشُ في بُرديه إنسانا
والحزنُ في النفس نبعٌ لا يَمُرُّ به ***** صادٍ من النفس إلا عاد ريّانا
والخيرُ في الكونِ لو عرّيتَ جوهرةً ***** رأيتَهُ أدمُعاً حرّى وأحزانا
سمعتُ باريس تشكو زهوَ فاتحها ***** هلاّ تذكّرتِ يا باريسُ شكوانا
والخيلُ في المسجد المحزون جائلةً ***** على المصلين أشياخاً وفِتيانا
والآمنين أفاقوا والقصورُ لظىً ***** تهوي بها النار بنياناً فبنيانا
رمى بها الظالمُ الطاغي مجلجلةٍ ***** كالعارض الجَون تَهداراً وتَهتانا
أفدي المخدّرة الحسناء روّعها ***** من الكرى قَدَرٌ يشتدّ عجلانا
تدور في القصر عجلى وهي باكيةٌ ***** وتسحب الطيب أذيالاً وأردانا
تُجيلُ والنومُ ظلٌّ في محاجرها ***** طَرْفاً تُهدهده الأحلام وسنانا
فلا ترى غير أنقاضٍ مبعثرةً ***** هَوَينَ فنّاً وتاريخاً وأزمانا
تلك الفضائح قد سمّيتِها ظَفَرَاً ***** هلاّ تكافأ يومُ الرَوعِ سيفانا
نُجابهُ الظلم سكران الظُبى أشِراً ***** ولا سلاحَ لنا إلا سجايانا
إذا انفجرتِ من العدوان باكيةً ***** لطالما سُمتِنا بَغياً وعُدوانا
عشرين عاماً شربنا الكأس مُترعةً ***** من الأذى فَتَمَلّي صِرفها الآنا
ما للطواغيت في باريس قد مُسخوا ***** على الأرائك خُدّاماً وأعوانا
الله أكبر هذا الكون أجمعُه ***** لله لا لكِ تدبيراً وسُلطانا
ضغينةٌ تتنزّى في جوانحنا ***** ما كان أغناكمُ عنها وأغنانا
تفدي الشموسُ بِضاحٍ من مشارقها ***** هِلالَ شعبانَ إذ حيّا بِشعبانا
دوّت به الصرخةُ الزهراءُ فانتفضت ***** رمالُ مكة أنجاداً وكُثبانا
وسالَ أبطحُها بالخيل آيبةً ***** على الشكيم تريد الأفْق ميدانا(775/2)
وبالكتائب من فِهرٍ مقنّعةً ***** تُضاحكُ الشمسَ هنديّاً ومُرّانا
تَململ الفاتحون الصيدُ وازدلفوا ***** إلى السيوف زُرافاتٍ ووحدانا
وللجياد صهيلٌ في شكائمها ***** تكادُ تَشربه الصحراء ألحانا
السابقاتُ وما أرخوا أعنتها ***** والحاملاتُ المنايا الحمرَ فرسانا
سِفرٌ من المجد راحَ الدهرُ يكتبه ***** ولا يضيق به جهراً وإمعانا
....................................................................
ما للسفينة لم ترفع مراسيَها ***** ألمْ تُهيّئ لها الأقدار ربّانا
شُقّي العواصف والظلماءَ جاريةً ***** باسم الجزيرة مَجرانا ومُرسنا
ضُمّي الأعاريبَ من بدوٍ ومن حضرٍ ***** إني لألمحُ خلفَ الغيم طوفانا
يا من يُدلُّ علينا في كتائبه ***** نَظارِ تَطلَعْ على الدنيا سرايانا(775/3)
ثورةُ الحقّ
شعر: عصام العطار
يا شامُ يا شامُ يا أرضَ المحبينا هان الوفاءُ وما هان الوفا فينا
نحيا على البعد أشواقاً مؤرقة لا الوصلُ يدنو ولا الأيام تسلينا
* * * * *
إنّا حملناك في الأضلاع عاطفة وصُورةً مِنْ فتون الحسن تسبينا
ماذا أصابكِ من أيدي الطغاة وما أصاب فيكِ ، وقد غبنا ، المؤاخينا
في مخلب الظلم من أكبادنا مزق وفي النيوب بقايا من أمانينا
يا شامُ جرحُكِ في قلبي أكابده دماً سخياً وآلاماً أفانينا
لا عاش فيكِ قرير العين طاغيةٌ ولا رأى الأمن يوماً في مغانينا
* * * * *
وسائلين من الأحباب ما صنعتْ أيدي الخطوب بنا في الغرب نائينا
لقد نكأتم جراحاً في أضالعنا وقد أثرتم دموعاً في مآقينا
نلقى على البعد من أيدي " أصادقنا!" ما لا نلاقيه من أعدى أعادينا كانوا سيوفاً بأيدي الخصم(1) مرهفة ولم يكونوا سيوفاً في أيادينا
تباً لدنيا على نيران فتنتها ذاب الوفاء فلا تلقى الوفيينا
لكننا وعيونُ الله تلحظنا نمضي على الدرب والإيمان حادينا
نمضي على الدرب لا الكفران يصرفنا عن المسير ولا العدوان يثنينا
نرنو إلى الله أبصاراً وأفئدة الله غايتنا والله راعينا
وما طلبنا ثواباً من سواه وما خفنا عقاباً ولم نشرك به دينا
العيش من أجله - إن كان - بغيتنا والموت من أجله أحلى أمانينا
ما قيد الفكرَ مِنَّا جورُ طاغيةٍ أو أوهن العزمَ بطشُ المستبدّينا
غرامنا الحق لم نقبل به بدلاً إن غيرت غِيَرُ الدنيا المحبينا
في الخوف والأمن ما زاغت مواقفنا والعسر واليسر قد كنا ميامينا
فما رآنا الهدى إلا كواكبَه وما رآنا الندى إلا عناوينا
وما رآنا العدى إلا جبابرة وما رآنا الفدا إلا قرابينا
نفوسنا السلسل الصافي فإن غضبتْ للحق ثارت على الباغي براكينا
عشنا أبيين أحراراً فإن هلكتْ في الحقّ أنفُسنا متنا أبيّنا
* * * * *
يا شامُ أين لقاءات الصفيينا وأين سامرُنا الماضي ونادينا
وأين يا شام ريعان الشباب وقد أمسى الشباب رماداً بين أيدينا(776/1)
أيامنا(2) في سبيل الله عاطرة وفي مناجاته طابت ليالينا
لم نعرف الإثم في سر ولا علن سيان ظاهرنا البادي وخافينا
أحلامنا الطهر لا رجس ولا كدر إذا نثاها(3) الصبا رفت رياحينا
وأين يا شام أيام الجهاد وقد زان الجهادَ كريمٌ من مواضينا
وأين إخوتنا الأبرار لا برحوا لله جنداً يصدُّون المغيرينا
مشاعل الحق والظلماء عاكفة تهدي إليه على رغم المضلينا
كنا الشموسَ بأرض الشام مشرقة كنا الغيوثَ ربيعاً في روابينا
كنا الحصونَ بأرض الشام شامخة فيها الحماة إذا عزَّ(4) المحامونا
كنا الرياح إذا نادى الصريخ(5) بنا كنا الرجاء إذا ضيمت أراضينا
كنا الجبال ثباتاً في مواقفنا كنا السماء سمواً في معانينا
فوق المخاوف لا الإرهابُ يرهبنا فوق المطامع لا الإغراء يُغرينا
فوق الدنا(6) أبداً ما حطَّ طائرُنا في أسر فتنتها أو زلَّ ماشينا
فوق الدنا أبداً كانتْ مآملُنا وفوق زخرفها الفاني أمانينا
كنَّا العقيدة قد جلَّت وقد خلُصتْ كنا العدالة قد صحْت موازينا كنا الشمائل قد طابت وقد عذبت فماحكتها الصَّبا طيباً ولا لينا
فأين منَّا وقد بنَّا حواضرنا وأين منَّا وقد غبنا بوادينا
وأين منَّا على شحطٍ(7) مرابعُنا وأين منَّا على بُعد مغانينا
هل حنَّت الورق(8) شوقاً عند غيبتنا كما حننَّا وهل هاجت شجيينا
وهل بكى "بردى" أم جف مدمعه لما بكى من تباريح المشوقينا
وهل رأت في دروب الخلد "غوطتُنا" وفي خمائله في الأهل سالينا
وأدمع الأم يا للأم هل تركت لها دموعاً وأجفاناً عوادينا(9)
إن أسعد الدمعُ فاض الدمع منهمراً أو غاض مدمعُها فالقلْبُ يبكينا
جرح من البعد يا أماه قرَّحه مرُّ السنين ولم يلق المداوينا
جرحٌ حملنا كلانا في جوانحنا يكاد في عصفات الشوق يُردينا
لئنْ جزعنا فقد أودى تصبُّرُنا على الفراق وقد أعيا تسلينا
يا أمِّ سوف يعود الشمل مجتمعاً لا خيَّبَ الله في اللقيا أمانينا
فإن قضى الله ألا نلتقي فغداً في ظلّ رحمته يحلوا تلاقينا(10((776/2)
* * * * *
يا شامُ هذي تباريح البعيدينا(11) يا شام هذي شجون المُستهامينا
يا شام هيجتِ الذكرى لواعجَنا وأرخصت دمعها الغالي مآقينا
يا شام قد عظُمتْ قدراً مطالبُنا يا شام قد بعُدتْ شأواً مَرامينا
نمضي مع الله لا ندري أتُدنينا أقدارنا منك أم تأبى فتقْصينا
نمضي مع الله لا تدري جوارينا(12) متى وأين ترى نلقي مراسينا
نمضي مع الله قدماً لا تعوقنا عن المضي -وإن جلت- مآسينا
نمضي مع الله والإسلام يهدينا الله يمسكنا والله يزجينا
نمضي مع الله والجلى تنادينا راضين راضين ما يختار راضينا(13(
يا شام لا تجزعي فالله راعينا يا شام لا تيأسي فالله كافينا
تأتي جراحٌ فتثوي في أضالعنا على جراح ولا ننسى فلسطينا
الدين يهتف أن هبوا لنصرتها والقدس تهتف لا تلقى المجيبينا
يُميتنا الحزن تفكيراً بحاضرنا ويبعث الغدَ آمالً فيحيينا
يا كربة النفس للإسلام ما صنعت بكل أرض به أيدي المُعادينا
ومحنة العالم المنكوب تنشرنا على فواجعها يوماً وتطوينا
الأرض قد مُلئت شراً وزلزلها جورُ الطغاة ولؤمُ المستغلينا
في الشرق والغرب آلام مؤرقة تبدو أحايين أو تخفى أحايينا
يا للطغاة وما أشقى الأنام بهم عاثوا قوارين أو عاثوا فراعينا
يسقونك الشهد صرفاً في كلامهم وفي فعالهمُ سماً وغِسلينا
إن يبدُ مكرهم أو يبد فتكهمُ كانوا شياطين أو كانوا ثعابينا
أين الطواعين منهم في إبادتهم للخلق قد ظلم الناس الطواعينا * * * * *
يا ثورة الحق تمشي في أضالعنا نوراً وناراً وتمشي في روابينا
يا ثورة الحق إن الكون مسرحنا فلا حدود تصدُّ الحق والدينا
رسالة الله رب الناس أنزلها للناس طراً فلا تمييز يلوينا
يا ثورة الحق قد طال الظلام بنا وآن للفجر أن يمحو دياجينا
تأله الظلم ألواناً بعالمنا فحطمي الظلم فرعوناً وقارونا
وحرري الأرض بالإسلام والتمسي خير الهداية من خير النبيينا
الله أكبر والدنيا سواسية فيها البرية إنشاء وتكوينا(776/3)
لم يفترق أحد بالأصل عن أحد أعمالنا هي تعلينا وتدنينا
قودي خطانا على منهاج خالقنا حقاً وعدلاً وتحريراً وتأمينا
قودي خطانا لما يشتاق عالمنا سلماً وحباً وإحساناً وتحسينا
قودي خطانا لما تشدو حضارتنا علماً وفكراً وتشييداً وتمدينا
فهو الخلاص لنا مما يعنينا وهو السَّبيل إلى أعلى مراقينا
* * * * *
يا ثورة الحق ما أحلى مرائينا الغيب يبدو لنا نصراً وتمكينا
وباسمُ الغد عبر الأفق نلمحه يهفو لملقاتنا غاراً ونسرينا
وقادم النصر نحياه ونلمسه الله أكده فالنصر آتينا
وقد يكون بنا والعمر منفسح وقد يكون بأجيال توالينا
فإن ظفرنا فقد نلنا مطالبنا وإن هلكنا فإن الله جازينا
الموت في طاعة الرحمن يُسعدنا والعيش في سخط الرحمن يشقينا
لقد رضينا الجهاد الصرف جائزة فضل الجهاد إذا نلناه يكفينا
بئس الحياة إذا الطاغوت عبَّدنا نجرُّ أيامها صغراً مرائينا
أما المنية في عزّ وفي شرفٍ فهي الأثيرة نطريها وتطرينا
* * * * *
يا ثورة الحق هل خاب الرجا فينا ؟ كنا على العهد أحراراً أبيّينا
عشنا كراماً لعهد الله راعينا غراً حماة لدين الله وافينا
نَطيرُ للغاية القصوى مجدِّينا ونقحم الموت -لا نخشى- مجلينا
نرجو الشهادة أو نصراً يواتينا نعطي الحياة فنعلي الحق والدينا
*****************
الهوامش
1 - الخصم: المخاصم، يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع.
2 - أي في ريعان الشباب.
3 - نثاها: بثّها ونشرها.
4 - عز الشيء: قلَّ فلا يكاد يوجد.
5 - الصريخ هنا: المستغيث.
6 - الدنا: جمع الدُّنيا.
7 - على شحط: على بعد.
8 - الورق: جمع ورقاء وهي الحمامة.
9 - عوادينا: مصائب الدهر النازلة بنا.(776/4)
10 - اختارت الأخت الشهيدة "أم أيمن" -رحمها الله تعالى- الأبيات الأخيرة المتعلقة بالأم من هذا المقطع لقبساتها التي نشرتها لها الرائد، وعلّقت عليها بقولها: "وهذه الأبيات تمثل حال أمي وأبي، وتمثل حالي بعيدة عنهما في ديار الغرب، ولعلها تمثل حال كثيرين غيرهما وغيري.. ولذلك اخترتها لأقدمها في "قبسات". الناشر.
11 - تباريح البعيدين: ما يكابدونه من الشدائد ويتوهج في نفوسهم من الشوق.
12 - جوارينا: سفننا.
13 - واختارت أم أيمن أبيات هذا المقطع من القصيدة، وعلّقت عليه بقولها: وهذه الأبيات تعبر عما في نفسي أيضاً كما تعبر عما في نفس عصام، فنحن -والحمد لله- زوجان، وصديقا قلب وفكر، ورفيقا عقيدة جهاد.
اللهم إنا راضون بقضائك وقدرك، وبكل ما يصيبنا في سبيلك، فهل أنت راضٍ عنا يا الله!
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب.
"نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بنا غضبك، أو يحل علينا سخطك، لك العتبى(*) حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".
(*) العتبى: الرجوع عن الإساءة إلى ما يرضي العاتب.(776/5)
يا شيعة الإضلال والإفساد
يا شيعة الإضلال والإفساد يا مبدأ الإشراك والإلحادِ
يا أصل كل بلية ورزية في الدين يا عوناً لكل معادي
يا كافرين بأصل دين محمدٍ وعقيدة التوحيد والإفرادِ
عطلتمُ العقل الصريح ونوره وتبعتم في الغي كل منادي
لم تعبدوا الرحمن ذا العرشِ الذي خلق السماء بقدرةٍ وسدادِ
معبودكم حسنُ حسينُ حيدرٌ ثم الرضيُّ وجعفر والهادي
والعسكريُّ وكاظمُ وجميعهم لله عبادُ من العبادِ
لم يشركوا بالله أو يتخبطوا كتخبطٍ أنتم به وعنادِ
حاشاهم فهم الهداة وأنتم في الشرك رائحكم وفيه الغادي
سويتمُ بالله أقطاباً لكم فدعوتموهم بغية الإمدادِ
أشركتمُ بالله كل مسودٍ تدعونه للغوث والإنجاد
إن الأئمة عندكم في منزلٍ أعلى من الرحمن ذي الأجنادِ
إن الأئمة عندكم في عصمةٍ وبموضع في رفعةٍ متمادي
ويدبرون الكون في أحواله بل يعلمون الموت بالميعادِ
والغيب سرُ الله مختصُ به لا للنبيِّ وزمرة الأحفاد
والوحيُ حقٌ للأئمة سائغٌ ويبدلون الشرعَ بالإنشادِ
والربُّ عندكمُ فليس بعالمٍ بدقائق الأشياء والأعدادِ
حتى يكونَ على البسيطةِ وقعُها فيرى بديعَ الصنعِ والإيجادِ
إذاً الإلهُ أقلُ شأناً عندكم من معشر الأسيادِ والقوادِ
حقاً خرابُ الدين بل إفسادهُ ساداتكم والسوءُ في الأسيادِ
أنتم خنازيرُ الورى وقرودُهم شرُ البريةِ في أشر بلادِ
ولقد رأيتُ إمامكمُ وكبيركمُ في زيه من أصلح الزهادِ
فسبرتهُ فوجدتهُ متهالكاً خلواً من التقوى وأيِّ رشادِ
ذئب عليه جلدُ ألطف نعجة في مأمنٍ من صولةِ النقادِ
ويعيش للدنيا ويرجو نيلها يخشى عليها وثبة الحسادِ
بل دينهُ دينارهُ ودراهمُ مستبشرٌ ما لم يرع بنفادِ
إن الحسينَ ونسله ساداتنا الصالحون ومعشرُ الأجوادِ
تفديهمُ النفسُ النفيسةُ إنني أفدى الحسينَ بمقلتي وفؤادي
أحسينُ تفديك النفوسَ وبعدها أموالُنا من طارفٍ وتلادِ
بل ديننا حبُ الحسين ورهطهِ نفديهمُ بالنفس والأولادِ(777/1)
يا شِمرُ لو أبقيته لحمدته وكفيت شر النار والأصفادِ
أهلكتَ حباٌ للنبيّ مُقرباً فكسبت أوزار الردى يا عادي
فقتلتَ أنفسناً بألفي قتلةٍ نفذت إلى الأحشاء والأكبادِ
وفجعت أهل الأرض بابن نبيهم ولقد جهلتَ مهمةَ الإيفادِ
وبكربلا جسدُ شريفٌ مزّعت أشلاؤه والله بالمرصادِ
روّيتَ تربَ الأرضِ من أحشائه يا شر عبدٍ للهوى منقادِ
لما قتلتَ السبطَ عمّت وحشةُ بكتِ السماء وضجَّ ذاك الوادي
حتى الوحوشُ تنافرت من هولٍ ما جنت الجيوشُ يقودها ابن زياد
سبطُ النبيِّ بقتله ولدت لنا فتنُ رعاها الشمرُ بالإيقادِ
يا شمرُ قد قطعتَ قلباً طاهراً حسبي عليك اللهُ من جلادِ
لكنَّ ثمة عصبة مخذولةُ للرفضِ تدعو في الورى وتنادي
سبّوا أبا بكرٍ وسبوا بعده عمرُ الخليفة بانيَ الأمجادِ
وهما وزيرا أحمدٍ في شرعه وهما عماداه وأيُّ عمادِ
والثالث المرضي سبُّوه وقد أغزى الجيوش بعدة وعتادِ
أبلى بلاءً لم يكن من مثله بالنفس والأموالِ والأزوادِ
والله بشّره بجناتٍ له لما علا بتبوك سيف جهادِ
وزعمتمُ أن قد بدا لله في ذا الكون أمرٌ لم يكن بالبادِ
لما تبدل حكمه ومرادهُ عما نوى في سالف الآبادِ
فنسبتمُ لله جهلاً مطبقاً إذ كان لا يدري بخيرِ مرادِ
بل قلتمُ إن الحليلةَ قد زنت وهي العفيفةُ عن خنى المرتادِ
حاشا الشريفةِ أن تخون محمداً تيميةُ الآباءِ والأجدادِ
والله برأها بنصِ كتابه عن منكرِ أو ريبة وفسادِ
إن التعددَ بالتمتع دينكم ولقد كفرتُ بذلك التعدادِ
فهو الزنا وهي الفروجُ معارةُ مبذولةُ بالبخسِ للروادِ
بتقيِّة شنعاءَ نافقَ جمعكمُ متردداً والكفرَ في التردادِ
مع كلِّ صاحب ملِّة ترضونه وبدينكم تشرونَ كلَّ ودادِ
هذا وربِّك للنفاقُ فدهركم يومٌ يناحُ وآخر لحدادِ
أنتم عن الدين الصحيح بمعزلٍ وعن الهدايةِ في عمىً وبعادِ
ما الدين أشعاراً ترنم عندكم أو ضربكم لصدوركم في النادي
أو ذلك القبر الذي تدعونه وحسينه جسدُ من الأجساد(777/2)
والدين إخلاص العبادة كلها لله في الإسرار والإشهادِ
ثم اتباع محمدٍ في شرعهِ وكتابه في لفظه بالضادِ
سبحان ربيَ أي دين دينكم دين اليهود مرقَّع بسوادِ
اشر من وطئ الحصى وترابه قد قاله الشعبي بالإسنادِ
كفّرتمُ صحب النبي وسبهم واللعن عندكم من المعتادِ
ولقد ترضى ربهم عنهم كما نص الكتاب وجملة الآحادِ
فهمُ عماد الدين هم أوتاده أنصار طه عند كل جلادِ
وهمُ الحداة إلى الفضيلة والعلا في الدين والتقوى ونعمَ الحادي
وعقيدتي حب الصحابة كلهم والكف عما كان من أحقادِ
وزعمتمُ أن الكتاب محرفٌ بالنقص والتبديل أو بزيادِ
أشبهتمُ كسرى فكنتم مثله وسعيتمُ للنار سعي جيادِ
ومصير كسرى لانكسارٍ ساحقٍ ومآل تلك النار رجع رمادِ
لو كان من تدعون حياً شاهداً وأبو تراب ضيغم الآسادِ
لأقر أعيننا بحز رؤوسكم وشفى الصدور بجزة الأعضادِ
لو كان لي أمر ونهي فيكمُ لقتلتكم صلباً على الأعوادِ
يا رافعاً سبعاً ومتقن صنعها أرسى عليها شامخ الأوتادِ
يا رب فالعنهم وشتت شملهم واقتلهمُ يا رب قتلة عادِ(777/3)
يا صاحب الهم إن الهم منفرج
1. يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فان الفارج الله
2. اليأس يقطع أحيانا بصاحبه لا تيأسنَّ فإن الكافي الله
3. الله يحدث بعد العسر ميسرة لا تجزعن فان الصانع الله
4. إذا بليت فثق بالله وارض به أن الذي يكشف البلوى هو الله
5. والله ما لك غير الله من احد فحسبك الله في كل لك الله(778/1)
يا صخْرُ وَرّادَ ماءٍ تَناذَرَهُ
الحماسة البصرية - (ج 1 / ص 90)
وقالت ترْثِي أخاها صخْراً
يا صخْرُ وَرّادَ ماءٍ تَناذَرَهُ ... أَهْلُ المَوارِدِ، ما في وِرْدِهِ عارُ
مَشَى السَّبَنْتَي إلى هَيْجاءَ مُعْضِلَةٍ ... لَها سِلاحانِ أَنْيابٌ وأَظْفارُ
فما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطِيفُ به ... لَها حَنينانِ إِصغارٌ وإِكْبارُ
تَرْتَعُ ما رَتَعَتْ حتّى إذا أدَّكَرَتْ ... فإنّما هي إِقْبال وإَدْبارُ
يوماً بأَوْجَدَ مِنِّي يومَ فارَقَنِي ... صَخْرٌ، وللدَّهرِ إِحْلالٌ وإمْرارُ
وإنَّ صَخْراً لَتَأْتَمُّ الهُداةُ به ... كَأَنّه عَلَمٌ في رَأْسِهِ نارُ
وإنَّ صَخْراً لَوالِينا وَسيِّدُنا ... وإنَّ صَخْراً إذا نَشْتُو لَنَحَّارُ
حامِي الحَقِيقَةِ، مَرْضِيُّ الخَلِيقَةِ، مَهْ ... دِيُّ الطَرِيقَةِ، نَفَّاعٌ وضرّارُ
جَوَّابُ قاصِيَةٍ، جَزَّازُ ناصِيَةٍ، ... عَقّادُ أَلْوِيَةٍ،للخَيْلِ جَرّارُ
لَمْ تَرَهُ جارةٌ يَمْشِي بساحَتِيها ... لِرِيبَةٍ حينَ يُخْلِي بَيْتَهُ الجارُ(779/1)
يا عابد الحرمين
---
كتب عبد الله بن المبارك وكان يرابط في ثغر
من ثغور المسلمين إلى الفضيل بن عياض يقول:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم، ونحن عبيرنا ... رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ... قول صحيح صادقٌ... لا يكذب
لا يستوي وغبار أهل الله في ... أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بيننا ... ليس الشهيد بميت لا يكذب(780/1)
يا عيدُ
عمر أبو ريشة
يا عيد ما افترّ ثغر المجد ياعيدُ فكيف تلقاك بالبشرى الزغاريدُ
وكيف ينشق عن أطياف أمتنا حلم وراء جفون الحق موؤودُ
طالعتنا وجراح البغي راعفةٌ وما لها من أساة الحي تضميد
فللفجيعة في الأفواه غمغمةٌ وللرجولة في الأسماع تنديد
فتلك راياتنا خجلى منكسة فأين من دونها تلك الصناديد
ما بالها وثبت للثأر وانكفأت وسيفها في قراب الذل مغمود
يا للشعوب التي قادت أزمتها على الليالي عبابيد رعاديد
يا عيد كم في روابي القدس من كبد لها على الرفرف العلويّ تعييد
سالت على العز إرواءً لغصته والعز عند أباة الضيم معبود
هيهات لن يشتكي ما طُلّ من دمها فالحقد مضطرم والعزم مشدود
سينجلي ليلنا عن فجر معترك ونحن في فمه المشبوب تغريدُ(781/1)
يا فارس الكرسي
/ د عبد الرحمن العشماوي
1. ... أكسبوكَ من السِّباقِ رِهانا فربحتَ أنتَ وأدركوا الخسرانا
2. ... هم أوصلوك إلى مُنَاكَ بغدرهم فأذقتهم فوق الهوانِ هَوانا
3. ... إني لأرجو أن تكون بنارهم لما رموك بها، بلغتَ جِنانا
4. ... غدروا بشيبتك الكريمة جَهْرةً أَبشرْ فقد أورثتَهم خذلانا
5. ... أهل الإساءة هم، ولكنْ ما دروا كم قدَّموا لشموخك الإحسانا
6. ... لقب الشهادةِ مَطْمَحٌ لم تدَّخر وُسْعَاً لتحمله فكنتَ وكانا
7. ... يا أحمدُ الياسين، كنتَ مفوَّهاً بالصمت، كان الصَّمْتُ منكَ بيانا
8. ... ما كنتَ إلا همّةً وعزيمةً وشموخَ صبرٍ أعجز العدوانا
9. ... فرحي بِنَيْلِ مُناك يمزج دمعتي ببشارتي ويُخفِّف الأحزانا
10. ... وثََّقْتَ باللهِ اتصالكَ حينما صلََّيْتَ فجرك تطلب الغفرانا
11. ... وتَلَوْتَ آياتِ الكتاب مرتِّلاً متأمِّلاً تتدبَّر القرآنا
12. ... ووضعت جبهتك الكريمةَ ساجداً إنَّ السجود ليرفع الإنسانا
13. ... وخرجتَ يَتْبَعُكَ الأحبَّة، ما دروا أنَّ الفراقَ من الأحبةِ حانا
14. ... كرسيُّكَ المتحرِّك اختصر المدى وطوى بك الآفاقَ والأزمانا
15. ... علَّمتَه معنى الإباءِ، فلم يكن مِثل الكراسي الراجفاتِ هَوانا
16. ... معك استلذَّ الموتَ، صار وفاؤه مَثَلاً، وصار إِباؤه عنوانا
17. ... أشلاءُ كرسيِّ البطولةِ شاهدٌ عَدْلٌ يُدين الغادرَ الخوَّانا
18. ... لكأنني أبصرت في عجلاته أَلَماً لفقدكَ، لوعةً وحنانا
19. ... حزناً لأنك قد رحلت، ولم تَعُدْ تمشي به، كالطود لا تتوانى
20. ... إني لَتَسألُني العدالةُ بعد ما لقيتْ جحود القوم، والنكرانا
21. ... هل أبصرتْ أجفانُ أمريكا اللَّظَى أم أنَّها لا تملك الأَجفانا؟
22. ... وعيون أوروبا تُراها لم تزلْ في غفلةٍ لا تُبصر الطغيانا
23. ... هل أبصروا جسداً على كرسيِّه لما تناثَر في الصَّباح عِيانا
24. ... أين الحضارة أيها الغربُ الذي جعل الحضارةَ جمرةً، ودخانا
25. ... عذراً، فما هذا سؤالُ تعطُّفٍ قد ضلَّ من يستعطف البركانا(782/1)
26. ... هذا سؤالٌ لا يجيد جوابَه من يعبد الأَهواءَ والشيطانا
27. ... يا أحمدُ الياسين، إن ودَّعتنا فلقد تركتَ الصدق والإيمانا
28. ... أنا إنْ بكيتُ فإنما أبكي على مليارنا لمَّا غدوا قُطْعانا
29. ... أبكي على هذا الشَّتاتِ لأُمتي أبكي الخلافَ المُرَّ، والأضغانا
30. ... أبكي ولي أملٌ كبيرٌ أن أرى في أمتي مَنْ يكسر الأوثانا
31. ... يا فارسَ الكرسيِّ، وجهُكَ لم يكنْ إلاَّ ربيعاً بالهدى مُزدانا
32. ... في شعر لحيتك الكريمة صورةٌ للفجر حين يبشِّر الأكوانا
33. ... فرحتْ بك الحورُ الحسانُ كأنني بك عندهنَّ مغرِّداً جَذْلانا
34. ... قدَّمْتَ في الدنيا المهورَ وربما بشموخ صبرك قد عقدتَ قِرانا
35. ... هذا رجائي يا ابنَ ياسينَ الذي شيَّدتُ في قلبي له بنيانا
36. ... دمُك الزَّكيُّ هو الينابيع التي تستقي الجذور وتنعش الأَغصانا
37. ... روَّيتَ بستانَ الإباءِ بدفقهِ ما أجمل الأنهارَ والبستانا
38. ... ستظلُّ نجماً في سماءِ جهادنا يا مُقْعَداً جعل العدوَّ جبانا(782/2)
يا قدس
الكاتب: عبد الرحمن
شهيد على أبوابك يستنهض الهمم **
فافتحي أبوابك يا قدس وابتسمي
دكت عمائر امريكا في العلن **
وديست هيبتها فاشمخي بشهيدك كا العلم
ضربوها بقاصمة على صفحة وجهها **
فخرت من علو الى ما تحت القدم
حملت امانة الكفر منذ نشأ تها **
فكم نشرت له رآية وعميلا فى الامم
ومشت فينا كالطاووس ناقمة على **
اسلامنا تريدنا اشباها لها كالبهم
تهدد بضرب انوفنا ونزع حجابنا **
وطمس آي الله بالحرب وبالسلم
فان لم يتصد لشيطانها الجهاد **
ضيعنا وضيعنا رائعات الاسلام والقيم
تغني يا قدس فما صوتي من عدم **
ولك صوت يحي مجامع الرمم
جاءها شيطانها يوما وهي نائم **
يغريها بجنة الله في دولة المعتصم
فاستيقظت والحلم شاغلها عن اليقين **
تقلب رأيها مع انجاسها من العجم
حتى استقرعلى جحيم رأيها
اولجت أيامها فيه عند المصطدم
فجاءت من كل حدب على حدباء **
يجرها خيبة الرأى وحماقة الحاكم
بعد ان شد زنانيره على الصلب **
ونفربجيوشه وطواغيته بلا شيم
ألم يسأل التاريخ عن انوفنا **
ما ركعت لغير الله من قدم
وما اسقطت من علياء شموخها أبداً **
فحشاها ان تجهل وظيفتها في الشمم
أهنيك وافرحي يا عراق لما ارى **
فتبسم يا يوم الفلوجة لعلج منهزم
وتفتح عن زهورك يا عراق **
فربيعك الخلد في الشموخ كالعلم
فأمريكا تهاوت على يديك راغمة **
فاشمخ برجالك وبتجدد نفس المعتصم
انشقت الارض عن مليون معتصم **
من سافر الزند ووجه ملثم
يرمون بالموت امريكا واحلافها **
يكبرون الله بصوت واحد منسجم
الكاتب زين الدين
وممنوع النشر بغير هذا الاسم"(783/1)
يا لَفَلُّوجَةِالعراق ! - شعر
مِنْ مَيَادينِها وهذا السَّناءِ
يا لَهذا الضِّياءِ واللأْلاءِ
ضُ حياةٌ ! فيا لِتلْكَ الدماءِ
الدِّماءُ التي تُفَجِّرُها الأرْ
فإذا الأرضُ شُعْلةٌ مِنْ ضياءِ
تَمْلأُ الأُفْقَ ! كُلَّ أُفقٍ ضياءً
كُلَّ يومٍ روائعاً من فِداءِ
يا " لَفَلُّوجَةِ " العراق أعيدي
ـدَةَ نَارٍ تُزِيحُ مِنْ ظَلْمَاءِ
فَجِّري الأرضَ تَحْتَ أقْدامِهِمْ وَقْـ
كي تَرى وثْبَة العُلا و الإباءِ
الملايينُ أقْبلتْ واشْرَأبَّتْ
خَفَقَتْ جَذْلَةَ الهوى و الرَّجاءِ
وقلوبُ المُسْتَضْعَفينَ تَراها
ـمُجْرمينَ البُغاة والأشقياءِ
أنْ ترى ذِلَّةَ الطُّغَاةِ وهَوْن الـ
ـوا وذَاقُوا مَرَارة من بَلاءِ
وهَوانَ المُسْتكْبرين وقدْ ذُلُّـ
يةَ عَزْمٍ وهِمَّةٍ قَعْساءِ
والَّليالي تواثَبتْ كي ترى آ
ـدِ وأرْضَ الرشيدِ و الخُلفاءِ
فَثِبي يا هِضَابُ ! يا قِمَمَ الْمَجْـ
زَلْزِلي الأرضَ ! زَلْزِلي من فضاءِ
واعْصِفي بالطُّغاة ! دوِّي دويَّاً
صاعقاً من دمٍ و من أشْلاءِ
زَمْجِري وامْلَئي الحياةَ دَويَّاً
وامْلئي كُلَّ ساحةٍ بالنِّداءِ
زَمْجِري واهْدُري ! أعيدي نداءً
* * * * * *
* * * * * *
أيْقِظي النَّائمين من أَدْعِياءِ
يا " لَفَلُّوجة " العراق أَطِليِّ
مِنْ حُشودٍ وغَفْوَةً مِنْ غُثاءِ
لا تُرَاعي إذا رأيْتِ غُثَاءً
ضِ وفي تِيْهها وجَهْدِ بَلاءِ
مَزَّقتها الأهْواء في شُعَبِ الأر
ذان ! لا حيلة إلى إصْغاءِ
يا لآذانها ! وقد سُدَّتِ الآ
ـصَارها ! غُشِّيَتْ ! وأيُّ غِشَاءِ
يا لأبْصارها ! وقد سُكِّرتْ أبْـ
مَا حَوتْهُ مِنَ القلوب الهواءِ
وصُدورٍ كَأنَّما فرَّ مِنْها
ـلام ! في سَكْرةٍ وطُولِ عَنَاءِ
ونُفوسٍ تَتيهُ في غَفْوة الأحـ
ـنَّاسَ في مَهْمَهٍٍ بَعيد الرَّجاءِ
خَدَرٌ صُبَّ في العُروقِ وألْقى الْـ
وعَبيدٌ تُسَاقُ نَهْبَ الفَناءِ
فقَطيعٌ نَهْبَ المَجازِر بَاقٍ(784/1)
ـشة خَوفٍ ورَجْفةٍ خَرْسَاءِ
كُلُّ صََوتٍ يدور يَهْمِسُ في رَعْـ
ـتِ شَظايا تَناثَرتْ في الفضاءِ
أمَّة الحَقِّ ! مَا دَهاَكِ فَأصْبَحَـ
في أعاصير جَوْلةٍ و لِقاءِ
كَيْف أصْبحتِ حفْنَة من رمادٍ
* * * * * *
* * * * * *
يا لِذُلّ الصُّفوف والحُلفاءِ
زُمَرُ المجرمين ضَمُّوا صُفوفاً
فَانِ ، في زَهْوةٍ وفي خُيَلاءِ
زَحَفُوا كالجبال ، كالموج ، كالطُّو
وهوانُ العبيد و العُملاءِ
بَين أيديهمُ عبيدُ دُولارٍ
ـناسُ : ضميراً ، بقيّةً مِنْ حَياءِ
كيفَ باعُوا أعزَّ ما يملك الـ
مُ ،ودينٌ ، وعزَّةُ الأوْفياءِ
شَرفٌ لا يُبَاع لو علم القو
خَفْقَةً مِنْ هُدىً و صِدْقِ وفاءِ
ذَهَبُ الأرضِ كُلُّهُ لا يُسَاوي
وعَذابٍ أَخْزى و طُولِ شَقاءِ
هَلَكُوا كُلُّهم بِمُنْتن رِجْسٍ
* * * * * *
* * * * * *
ـكِبْرِ فِيهمْ وسَكْرةُ الْكِبْرِياءِ
أَقْبَلَ المُجْرِمون ، ويْحِي ، وداءُ الـ
ـرِ وبِالأمْنِ أو بِطُول الرَّخَاءِ
وعَدُوا أنَّهُمْ سيَأْتُون بِالْخَيْـ
وخِداعٍ وفِتْنَةٍ مِنْ مِراءِ
مَلؤوا الأرضَ مِنْ وُعُودٍ كِذابٍ
لِوُعُودٍ و زُخْرفٍ وافْتَراءِ
حَسِبوا أنَّهُمْ سَيَلْقَوْنَ وَرْداً
ودَمَارٌ وهَجْمةٌ مِنْ فَناءِ
وإذا وَعْدهُمْ مَجازِرُ تَجْرِي
* * * * * *
* * * * * *
يا لبغدادَ يا لأرض العَطاءِ
يا " لَفلُّوجَةِ العراق أطِلِّي
مٌ ودفْقُ الدماءِ والأشلاءِ
الضحايا على رُبُوعكِ أكوا
قُطِّعتْ أو طفولةٍ في العَراءِ
مِنْ نِساءٍ تَمزَّقتْ ورجالٍ
ـخٍ وقصْفٍ مُرَوّع الأنْباءِ
جُنَّتْ الأرض من دويِّ صورايـ
وانقضاضُ الصَّاروخ عَبر السماءِ
كُلَّ يومٍ عَمائِرٌ تَتهاوى
لِتَضُمَّ الأفْلاذَ مِنْ أبْنَاءِ
تتهاوى كأنَّما هي تَحْنو
مِنْ قُلوبِ البُغَاةِ والجُبَناءِ
يا حُنَّو الصخور ! أحْنى وأبْقَى
في ميادين عِزّة وعَلاءِ
لقّني المجرمين في الأرض درساً(784/2)
ورجَاءٌ بالله حَقُّ الرَّجاءِ
واصْبري ! عِزّةُ الميادين صَبْرٌ
وأَنيري به سَبيلَ النَّجَاءِ
واحْملي في يديْكِ مِشْعلَ حقٍّ
في الميادين من دم الشُّهداءِ
وانْثُري العِطْرَ من يديك غنيّاً
في ظلالٍ غَنيّةِ الأنْداءِ
واغْرسي عِندها الأزاهرَ تَنْمُو
ـقّ إذا ما زَكَتْ دَفْقَةٌ مِنْ دِماءِ
يُنزلُ الله نَصْره ! وعْدهُ الْحَـ
* * * * * *
* * * * * *
الرياض
23/2/1425هـ
13/4/2004م
***********************(784/3)
يا ليل الصب
لأبي الحسن الحصري القيرواني .
يا ليلَ الصبِّ متى غده؟ ***** أقيام الساعة موعده؟
رقد السمار فأرقه ***** أسف للبين يردده
فبكاه النجم ورق له ***** مما يرعاه ويرصده
كلف بغزال ذي هيف ***** خوف الواشين يشرده
نصبت عيناي له شركا ***** في النوم فعز تصيده
وكفى عجبا أني قنص ***** للسرب سباني أغيده
صنم للفتنة منتصب ***** أهواه ولا أتعبده
صاح والخمر جنى فمه ***** سكران اللحظ معربده
ينضو من مقتله سيفا ***** وكأن نعاسا يغمده
فيريق دم العشاق به ***** والويل لمن يتقلده
كلا لا ذنب لمن قتلت ***** عيناه ولم تقتل يده
يا من جحدت عيناه دمي ***** وعلى خديه تورده
خداك قد اعترفا بدمي ***** فعلام جفونك تجحده؟
إني لأعيذك من قتلي ***** وأضنك لا تتعمده
بالله هب المشتاق كرى ***** فلعل خيالك يسعده
ما ضرك لو داويت ضنى ***** صبٍّ يهواك وتعبده
لم يُبق هواك له رمقا ***** فليبك عليه عُوَّده
وغداً يقضي أو بعد غد ***** هل من نظر يتزوده
يا أهل الشَرْقِ لنا شَرَقٌ ***** بالدمع يفيض مُوَرَّدُه
يهوى المشاقُ لقاءكمُ ***** وصروف الدهر تُبَعِّدُه
ما أحلى الوصل وأعذبه ***** لولا الأيام تنكده
بالبين وبالهجران فيا ***** لفؤادي كيف تَجَلُّدُهُ(785/1)
يا مَن له تعنو الوجوهُ وتخشعُ
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في ابتهال :
يا مَن له تعنو الوجوهُ وتخشعُ ... ولأمرهِ كل الخلائق تخضعُ
أعنو إليك بجبهة لم أحنِها يوما ... لغير سؤالك ساجدا أتضرع
أنا من علمتَ المذنب العاصي الذي ... عظُمت خطاياه فجاءك يهرع
كم من ساعة فرطت فيها مسرفا ... وأضعتها في زائل لا ينفع
إن لم أقف بالباب راجي رحمة ... فلأي باب غير بابك أقرع
هذا أوان العفو فاعف تفضلا ... يا من له تعنو الوجوه وتخشع(786/1)
يا من يرى مد البعوض جناحها
يا من يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى مناط عروقها في نحرها والمخ من تلك العظام النُّحَّل
ويرى خرير الدم في أوداجها متنقلاً من مفصل في مفصل
ويرى وصول غذا الجنين ببطنها في ظلمة الأحشاء غير تنقل
ويرى مكان الوطء من أقدامها في سيرها وحثيثها المستعجل
ويرى ويسمع حسها ودونها في قاع بحر مظلم متهول
امنن علي بتوبة تمحو بها ما كان مني في الزمان الأول(787/1)
يا نبيّ الله عُذرًا.... !!!
صفاء رفعت:
يا نبيّ الله عُذرًا.. فلك الفضل وأكثر
يا نبيّ الله عُذرًا.. فبِك العلياء تفخر
بِِتُّ في الحزن سُهادي.. وأنين القلب يزأر
***
قد منحتَ للبرايا رحمةً بالهَدْيِ تُؤثَر
ولسانًا جامعًا للخير كاللؤلؤ يُنثَر
وأزاهيرَ من النور ورَيْحانًا مُعطّر
وطريقًا للخلاصِ إن وعاها الحُرُّ يظفر
وعهودًا من سلامٍ عاجلَ الخيرِ مُيسّر
وقلوبًا في رحاب الخيرِ تُؤطَر
بِودادٍ ورباطٍ ليس يُكسَر
***
وتواضعت فكُنتَ.. أُسوةٌ تُحكَى و تُعْبَر
وتلقَّيْتَ قلوبًا صادية بالكفر تجهر
تُضمرُ الحقد وتعدوا في ابتغاء الظلم تسمر
فغدت في الحق نورًا في التماس الخير تسهر
وتحملّت خطوبًا يهوِي لها الصخر ويُقْهَر
وأبيْتَ أن تكون داعيًا بالشرِّ يُنصَر
***
فحباك الله ذكْرًا في الورى أندى وأعطر
صرت في العلْيَا سراجًا.. إن نور الله أنضر
***
كيف يأتي اليوم عبدٌ جاهلٌ.. لا ليس يُذكر
يدّعي من فرط جهلٍ أن شمسَ الله تُخفَر
يبتغي بالبغيِ مُلكًا زائلاً كالجمر يُسعَر
إنْ أُقيم الوزن يوم الدين يخسر
كيف يزعم أنَّ نور الهدي وهمٌ.. أن عهد الله أصغر
يدّعي السوءَ بسُكر.. ومن نبي الله يسخر؟!
***
يا رسول الله عذرًا.. فلك الفضل وأكثر
يا نبيّ الله عذرًا.. فبك العلياء تفخر
إن نقضنا اليوم عهدك.. فلنا الخزيُ وأحقر
في سبيل الله نمضي.. إن جُند اللهِ أصبر
في سبيل الله نسعى.. لا نحيدُ و لا نُؤخَّر
إن عهد الله أبقى.. وحدود الله أكبر(788/1)
آآآهـ يا إيمانمع التحية إلى براءة الطفلة « إيمان حجو »
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(789/1)
وقفة على أشلاء مضيئة
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
أخرج على مثل الضحى هدفاً
فإنك لن تفرَّ من القَدَرْ
شبكة مشكاة
الإسلامية
فارسْ
ويقول للأرضِ : أطمئنّي ..
إنني للقدس حارسْ
أسرج شموخك يا بطل
أو ما ترى غيث البطولة ..
في رُبى الأقصى هًطَلْ ؟
أو ما ترى الطفل الذي ..
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(790/1)
وقفة على أبواب مستوطنة يهوديةيا أبي
هذي روابينا تغشَّاها سكونُ الموتِ ..
أدماها الضجرْ ..
هذه قريتنا تشكو ..
وهذا غصن أحلامي انكسرْ ..
يا أبي ..
شبكة مشكاة
الإسلاميةوجهك معروق ..
وهذا دمع عينيك انهمرْ ..
هذه قريتنا كاسفة الخدينِ ..
صفراء الشجرْ ..
ما الذي يجري هنا يا أبتي ..
هل نفضَ الموتَ التتَرْ ؟!
يا أبي ..
هذا هو الفجر تدلَّى فوقنا من جانب الأُفُقْ ..
وفي طلعته لون الأسى ..
هاهو المركب في شاطئنا الغالي رَسَى ..
غيرَ أنا ما سمعنا يا أبي ..
صوتَ الأذانْ ..
عجبًا ..
صوتُ الأذانْ ؟؟
منذ أنْ صاحبني الوعيُ بما يحدث في هذا المكانْ ..
منذ أنْ أصغيتُ للجدَّةِ ..
تروي من حكاياتِ الزمانْ :
( كان في الماضي وكان )
شبكة مشكاة
الإسلامية(791/1)
من أعماق القلب
أختاه، دونك حاجز وستار ولديك من صدق اليقين شعار
عودي إلى الرحمن عوْداً صادقاً فيه يزول الشرّ والأشرارُ
وبه يعود إلى البلاد أمانها وبه يُفّكُ عن الخليج حصارُ
أختاه، دينُك منبع يروي به قلب التقي وتشرق الأنوارُ
وتلاوة القرآن خير وسيلةٍ للنصر، لا دفّ ولا مزمار
شبكة مشكاة
الإسلامية هو في احتدام القيظ ظلّ وارف وإذا التوى وجه النهار دثارُ
ودعاؤك الميمون في جنح الدّجى سهم تذوب أمامه الأخطار
الكون-ـ يا أختاه -ـ ليس قصيدة منثورة، في لحنها استهتار
الكون ليس بما حوى ألعوبة كلا، ولكن بالقضاء يُدار
يروي السياسيون ألف حكاية وتسوق ما لم يعرفوا الأقدار
أختاه حولك روضة مخضرة تختال فوق ربوعها الأشجار
نبع ونهر لا يجف مسيله أبدا، وجذع شامخ وثمار
دين تهون به الخطو، وتزدهي في ظله همم، ويمسح عار
ولديك يا أختاه منه ذخيرة يحمى بها عرض، ويحفظ جار
ولديك تاريخ عريق شامخ يحلو به للمؤمن استذكار
في منهج "الخنساء" درس فضيلة وبمثله يسترشد الأخيار
أختاه، يصمد للحوادث مخلص فيما يقول ويسقط السمسار
في كفك النشأ الذين بمثلهم تصفو الحياة وتحفظ الآثار
هزي لهم جذع البطولة ، ربما أدمى وجوه الظالمين صغار
غذي صغارك بالعقيدة ، إنها زاد به يتزود الأبرار
لا تستجيبي للدعاوى، أنها كذب وفيها للظنون مثار
إعلام هذا العصر شر ظاهر فعلى يديه تزور الأخبار
وعلى يديه تشاع كل رذيلة وعلى يديه تشوه الأفكار
وبه تشب النار يوقد جمرها وبه يثار من الشكوك غبار
أختاه عين الفجر ترقب ما جرى وغدا ستشرب نوره الأزهار
شبكة مشكاة
الإسلامية وسيحرق الليل الطويل ثيابه ولسوف تهتك دونه الأستار
وسيكتب القمر المنير حكاية عن حزنه وستفضح الأسرار
وستعزف الشمس المضيئة نورها ولسوف تهدم عندها الأسوار
أختاه، كم من ظالم يبني له ملكا، فيهدم ملكه القهار
أين الجبابرة الذين تسلطوا ذهبوا، وظل الواحد الجبار(792/1)
لا ترهبي التيار أنت قوية بالله مهما استأسد التيار
تبقى صروح الحق شامخة وان أرغى وأزبد عندها الإعصار
إن البناء وإن تسامق واعتلى ما لم يشيد بالتقى ينهار
قد يحصد الطغيان بعض ثماره لكن عقبى الظالمين دمار(792/2)
أيها العالم !!شبكة مشكاة
الإسلامية(793/1)
اجلس يارامي
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(794/1)
الأقصى يناديكم
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(795/1)
الأمل القادم
أنى تغيب ونور وجهك ساطع وضباء حبك في الفؤاد رواجع
أنى تغيب وأنت في عيني ضحى يزهو وبرق في خيالي لامع
أنى تغيب وأنت بين جوانحي شمس وفي الظلماء بدر طالع
أنى تغيب وأنت ظل عندما تشتد رمضائي إليه أسارع
حاصرتني في نصف دائرة الهوى وأنا بحظي من حصارك قانع
شبكة مشكاة
الإسلامية من أين أخرج والسياج يحيط بي من كل ناحية وأمرك قاطع
وأنا أقول لظبية الشعر التي ربيتها إن المسافر راجع
يا ظبية الشعر اطمئني إنني ما زلت في كتب الحنين أراجع
في القلب شيء قيل لي هو لوعة وأنا أقول هو الحريق اللاذع
وبمقلتي نهر سينقص قدره لو قلت هذي في العيون مدامع
وأمام أبواب المشاعر نبتة في غصنها ثمر المودة طالع
يا ظبية الشعر المؤجج في دمي تيهي فصيتك في فؤادي ذائع
عاقبتني لما شكوت وإنما أشكو لأن الحق فينا ضائع
ولأن جدران الكرامة هدمت في أمتي والذل فيها شائع
ولأنني أبصرت ثعبان الهوى في نابه المشؤوم سم ناقع
ولأنني أبصرت ما لم تبصري فهناك ذئب عند بابك قابع
إني أقول لمن يعاتبني أفق فأنا بسيف الشعر عنك أقارع
أنظر إلى لون السلام وطعمه مر مذاقته ولون فاقع
قالوا السلام أتى فتابعنا الذي وصفوا فبان لنا الكلام الخادع
قلنا لهم أين السلام فما نرى إلا أكف الواهمين تبايع
شتان بين مسالم ومتاجر إن المتاجر للكرامة بائع
في كف داعية السلام مزاهر وبكف تجار السلام مقامع
أرأيت في الدنيا سلاما عادلا تدعو إليه قنابل ومدافع
إني لأخجل حين أضحك لاهيا وقد ارتمى في الأرض طفل جائع
إني لأخجل حين أشغل بالهوى وعفاف ليلى البسنوية دامع
إني لأخجل حين أبصر أمتي تهفو إلى أعدائها وتوادع
ما زلت أدعوها ويجمد في فمي صوت المحب ولا يجيب الخاضع
ما زلت أدعوها وألف حكاية تروى عن الأهل الذين تقاطعوا
عن إخوة ركبوا الخلاف مطية وإلى سراديب الشقاق تدافعوا
شبكة مشكاة
الإسلامية يا أمة يسمو بها تاريخها ويسوقها نحو الضياع الواقع(796/1)
يا أمة تصغي إلى أهوائها وتسد سمعا حين يصدع صادع
يا أمة ما زلت أسأل حالها عنها فتنطق بالجواب فواجع
ما لي أراك فتحت أبواب الهوى وقبلت ما يدعو إليه الطامع
يممت غربا والحقائق كلها شرق وفي يدك الدواء الناجع
ما لي أراك مددت للمال الربا جسرا وفي القرآن عنه قوارع
أنسيت حرب الله وهي رهيبة أو ما لديك من العقيدة رادع
أو غاية الإسلام عندك أن يرى لك في الوجود معامل ومصانع
أنسيت أن الناس فيك معادن أنسيت أن الأرض فيك مواضع
لا تخدعي بعض الوجوه قبيحة وتزينها للناظرين براقع
وإذا أراد الله نزع ولاية عمي البصير بها وصم السامع
يا أمتي عوتبتُ فيك وإنما خشي المعاتب أن يسوء الطالع
قالوا تدافع بالقصائد قلت بل بيقين قلبي عن حماك أدافع
شبت عن الطوق الحروف فما بها حرف يزيف رؤيتي ويخادع
أسلمت للرحمن ناصيتي فما تلهو القصائد أو يغيب الوازع
إني أتوق إلى انتصار عقيدة فيها لأنهار النجاة منابع
قالوا : تروم المستحيل ؟ فقلت بل وعد من الرحمن حق واقع
والله لو جرف العدو بيوتنا ورمت بنا خلف المحيط زوابع
شبكة مشكاة
الإسلامية لظللت أؤمن أن أمتنا لها يوم من الأمجاد أبيض ناصع
هذي حقائقنا وليست صورة وهمية فيها العقول تنازع
أنا لن أمل من النداء فربما أجدى نداء من فؤادي نابع(796/2)
الباحة اليوم صوتي لصوتك يا قلبي الحنون صدى فاهتف بلحن الرضى واجعل أساك فدى
أنخْ هنا ركبك الساري، فأنت على أرض ستُنبت أزهار الهناء غدا
أسمعْ رُبى غامدٍ لحناً، تردّده زهرانُ، فالدّرب صار اليوم متّحدا
إنّي حفرتُ روابي الشعر، أزرعها حباً، وصدقاً وللإنسان ما قصدا
يا فهدُ .. ها أنت والأزهار راقصة من حولنا تزدهي حبا لمن وفدا
شبكة مشكاة
الإسلامية الباحةُ – اليوم – لحن سوف أنشده شعراً، وتُنشدُه هذي الرُّبى أبدا
أرضيتها بلقاء، سوف يحفظه تاريخها زمنا ، لا يعرف العددا
سمعتُ أزهارها تحكي، وقد حلفت بالله صدقا، إذا أحسنتم المددا
لتصبحنّ مثال الحسن في بل لكم محاسنه ... أنعم به بلدا
وعدتُ قلبي بحلم كنتُ أرقبه إنّ الفتى من يفي دوماً بما وعدا
وها أنا اليوم ألقي الشعر تسمعني ربوعها، وأرى في ربعها فهدا
شعرا يعيش على أنغامه أملي ويقتل اللحن فيه الحزن والكمدا
يشدو به "حُزنةُ" العالي، وينقله لحناً شجياً إلى كل الربوع "شدا"(1)
أفنيتُ فيها شباب الحرف أنظمه وصفاً لها. كلما قرّبته ابتعدا
يا بلبل النغم العذب الذي غرست ألحانه عبر هاتيك الرّبوع صدا
إن كنت تشدو على أغصانها فعلى غصون قلبي عصفور الهناء شدا
يا شعر غرّد على أيك المشاعر في صدق فقد يؤنسُ التغريد من وجدا
هذا اللقاء الذي نحياه، ينقلني إلى زمان، أضاء المشرقين هدى
رأيت فيه رسول الله، يملؤه عدلا، وكان لمن يحتاجه سندا
وقد رأيت به الصدّيق ممتثلاً كما رأيت به الفاروق متّقدا
ولم تزل تسمع الأيام صرخته ويشرب الدهر منها عزّة وفدى
قد قالها عمر الفاروق في ثقة بالله، يمهرها الأموال والولدا
فلو تعثّر في صنعاء راحلة براكب ، كنت مسئولا ومنتقدا
من حقّق النصر في بدر ومن جعل الأحزابَ، بالرغم من إحكامها، بددا؟
ومن طوى الأرض للإسلام طائعه إلا الذي لم يزل في حكمه أحدا
إنا نكوّن بالإسلام رابطة مهما اختلفنا فقد صرنا بها جسدا(797/1)
لو اشتكى كدرا ماءُ الخليج شكا منه الفرات، ولم ينس الأسى بردى
ليس التزمّت طبعاً في عقيدتنا ولا التّحلّل .. إنّا نبتغي رشدا
وليس من يمتطي للمجد همّته كمن قضىعمره لهوًا فضاع سُدى
لا يعرفُ الحرّ إلا من تعامُلهِ ولا الشجاع الفتى إلا إذا صمدا
قد يغرق المرء في لذّاته، ويرى دنياه نشوى ويأتي عيشُه رغدا
حتى إذا ما تمادى في غوايته تبدّلت حاله بعد الرضى نكدا
مهما غفا الناس إعراضاً فلن يجدوا من دون ربهم الرحمن ملتحدا
في كل ذرّة رمل من جزيرتنا معنى من العزّ بالبشرى يسيل ندى
تمّت لنا نعم الرحمن في بلد كالمنهل العذب، كم من ظامئ وردا
إليه تهفو قلوب المسلمين على بُعد المسافات، والإسلام منه بدا
دستورنتا الحق، لا نرضى به بدلا به نسير إلى أهدافنا صُعُدا
فبالهدى نجعل الأيّام ناعمةً تزهو.. وإن أحكمتْ أعداؤنا العُقدا
نمضي بإيماننا، و الله يكلؤنا ما خاب من مدّ لله الكريم يدا(797/2)
الحروف المقطعة
شبكة مشكاة
الإسلامية
وأصغ بسمعك عن للنداء
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(798/1)
بين الهوى و العقل
قالت أيسمو الشعر في دنياك عن أوصافنا؟
ويعز يا من تنسج الأشـ ــــواق عن أشواقنا؟
يا شاعر الآهات لم نسمـ ـــمع حديث غرامنا؟!
تشدو به فيذيب بالأ لحان مُرّ جراحنا
أنسيت أيام الرضى؟ ونسيت عذب كلامنا؟
أنسيت ترنيم القصا ــــئد في ربوع صفئنا؟
شبكة مشكاة
الإسلامية ******
فأجبتها - متلطفا - حقا ذكرت ولا عليك
فلكم ركضت وراء أحلامي لألمح مقلتيك
فلقد أرى في الهدب رسم بشائر مما لديك
والقلب – يا من تعتبين عليّ- كم يرنو إليك
ويغار - لا تستنكري ما قلت – حتى من يديك
لما تلامس يا فتاة الحسن وردة وجنتيك
******
لكنني بشريعتي أحيا على درب اليقين
أنا لاأدافع حين أنشد عن قلوب الوالهين
فقلوب أهل الشعر لا تخشى الصبابة والأنين
والقلب حين تناله الأشـ ــــواق يحرقه الحنين
أناعاشق للقمة الشمـ ـــــاء للحبل المتين
لكتابي السامي ويكفيـ ــــني به شرفا ودين
******
فتراجعت والأدمع الخجلى على وجناتها
وعيونها الكحلاء تنظـ ــــــر في سجل حياتها
رسمت أمامي صورة الآلام من زفراتها
وتكلمت والصدق يسبقـ ــــها إلى كلماتها:
شبكة مشكاة
الإسلامية أنعم بقصدك فاسم للعلياء من طرقاتها
وارحم مشاعر أمة تبكي على فلذاتها
******
إنا سنعلنها فما نهـ ـــوى الشباب التائهين
نهوى شبابا أريحيا يرتدي ثوب القين
ويرد عن أوطانه بالعـ ـــزم كيد الخائينين
نهوى شبابا شاعريّ الحـ ـــس موفور الحنين
متوقد العزمات ذا شـ ـــرف وذا خلق ودين
يعلو بدين الله في صف الرجال الخالدين
******
ومضت وفي عينيّ أشتـ ــات من الصور العجيبة
قلبي يهيم بها وعقلي قد سما عن كل ريبة
وظللت يصرع فكري السامي أماني الغريبة
ومشاعر الإيمان تسقي ارض أحلامي الخصيبة
فمضيت أدعو أمتي لترد أوطاني السليبة
يا أمتي ... سيري ، فكـ ــأس النصر دانية قريبة(799/1)
( في مسابقة تحفيظ القرآن للعسكريين تحت رعاية الأمير سلطان )
نفحة من بستان الوحي
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(800/1)
بوح و شكوى إلهى من سناك قبستُ نوري وأنبت المحبة في ضميري
أعوذ بنور وجهك يا إلهي من البلوى ومن سوء المصير
أفرُ إليك من نكدي ويأسي ومن عفن الضلالة في شعوري
فقيراً جئت بابك يا إلاهي ولستُ إلى عبادك بالفقير
شبكة مشكاة
الإسلامية غنى عنهمو بيقين قلبي وأطمع منك في الفضل الكبير
إلهي ما سألت سواك عوناً فحسبي العون من رب قدير
إلهي ما سألت سواك عفواً فحسبي العون من ربق غفور
إلهي ما سألت سواك هديا فحسبي الهدي من رب بصير
إذا لم أستعن بك يا إلهي فمن عوني سواك ومن مجيري
إليك رفعتُ يا ربي دعائي أجود عليه بالدمع الغزير
لأشكو غربتي في ظل عصر ينكس رأسه بين العصور
أرى فيه العداوة بين قومي وأسمع فيه أبواق الشرور
وألمح عزة الأعداد حولي وقومي ، ذلهم يُدمي شعوري
أرى في كل ناحية سؤالاً ملحتاً ، والحقيقة في نفوري
وأسمع في فم الأقصى نداءً ولكن العزائم في فتور
إلهي ما يئسنا إذ شكونا فإن اليأس يفتكُ بالضمير
لنا يا رب إيمان يرينا جلال السير في الدرب العسير
تضيق بنا الحياة وحين نهفو إلى نجواك نحظى بالسرور(801/1)
حوار بيني و بين أميشبكة مشكاة
الإسلامية(802/1)
تألقي يا حروف الشعر
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(803/1)
شبكاة مسكاة
الإسلاميةتسوليما أنت الا مثلٌ من شعبكِ المرحل
مدي يديكِ .. أطلبي لا تخجلي
فربماوجدت كفنا لزوجك المجندلِ
وربما وجدت كسرة من خبزكِ المفضلِ
وربما وجدتِ رقعةٌ لثوبكِ المهلهلِ
وربما وجدتِ آثراً من بيتكِ المزلزلِ
لا تقلقي من رؤية الطائرة المحلقة
وثورة القنبلة المحرقة
لا تقلقي من صحفٌ مأجورةٌ ملفقة
ان هدموا منزلكِ الصغير فاسكتي
لا تصرخي ولا تعاتبي ولا تبكتي
فربما أصبحتي في قائمة الارهاب
اذا صرختي او بكيتي او بالغتي في العتاب
تسولي ياأختنا تسولي
لا تشتكي ولا تولولي
فعندك الرصيف خير منزلِ..نعم
ففي الرصيف راحة من مطبخ وغرفه وغرسة ومكتل
هم يرسمون ياأخيتي وجة الطريق الامثل
فلا تولولي .. لا تغضبي
فانهم لم يقصدوا ان يهدموا البيوت والمساجد
لم يقصدوا ان ينثروا أشلاء ركعٌ وساجدِ
قد يخطىْ الطيار يا اخيتي
وتخطىْ المقاصدِ
وربما ينحرف الصاروخ او يعاندِ
وربما تدحرجت قنبلة بريئة
وأشعلت بيوتكم أجزاؤها المضيئة
وأحدثت مالم يكن في الخطة الجريئة
تسولي يا أختنا تسولي
شبكاة مسكاة
الإسلاميةفحربهم تلاحق الجناة في الجبال
لم يقصدوا ان يقتلوا الاطفالِ
اطفالكم هم الذين ضيقوا المجالِ
فانهم هداهم الالة يلعبون
ويسرحون في ربوعكم ويمرحون
هم يخرجون لحظة الزلزال
يواجهون القصف والاهوال
كم يخطىء الاطفال يا أخيتي
تسولي يا أختنا تسولي
فحربهم تريد ان تزيل عنكم الشقاء
>
لم يقصدوا ان يقتلوا الشيوخ والنساء
شيوخكم قد اخطأوا
وأخطأت نساؤكم فكلكم خطاء
لانكم هداكم الالة تخرجون في العراء
وتهربون حينما تمطركم قنابل الوفاء
نعم قنابل الوفاء
اليس يرمي قبلها او بعدها الغذاء ؟؟
شبكة مشكاة
الإسلاميةكم يخطىء الشيوخ يا أخيتي وتخطىء النساء
تسولي .. يا أختنا تسولي
لابأس ان يموت طفلك الصغير
وان يموت جده الكبير
وان يئن قلبك الكسير
وان تشب في دياركم السعير
لابأس ان تضربكم طائرة تغير
قائدها يمسك علبة عصير(804/1)
جهازها يرقب في جبالكم تحرك الخيول والحمير
لانها وسيلة لنقلكم خطيرة
تحملكم ظهورها في الطرق العسير
هداكم الالة يا أخيتي
فعندكم أسلحةٌ مثيرة
لابأس ان يراقبوا مسيرة الحمارة الثيثة
وحركات القطة الغثيثة
فربما تطلق من اذنها بودرة للجمرة الخبيثة
تسولي .. يا أختنا تسولي
فربما تسللت من أرضكم فراشة
عنيفة قوية الهشاشة
وقطعت مسافة تقصر او تطول
وحينما تحقق الوصول
تفجرت في برجهم والناس في ذهول
ألستِ ياأخيتي في عصرنا العجيب ؟؟
بعقلةِ وفكرةِ الغريب
فربما تحولت فراشةٌ من أرضكم صغيرة
وأصبحت طائرةٌ كبيرة
واصطدمت ببرجِهم وأوقدت سعيرة
وأصبحت فراشةالارهابِ جديرةٌ بالضرب والعقاب
تسولي .. يا أختنا تسولي
فربما وجدت عابراً يمد كف مفضلِ
لا تشتكي ,,!!
شبكة مشكاة
الإسلاميةأتشكين المر يا اخيتي الى نبات حنظل ؟؟
أتشكين هدم منزلِ الى ضمير معولِ
لاتشتكي ورددي أدعية وحوقلي
وسبحي وهللي وأبشري
فالليل مهما طال سوف ينجلى ؟؟؟(804/2)
حاضرة الدمعة يا عينيشبكة مشكاة
الإسلامية(805/1)
حرقة على حال الأمة أطرقت حتى ملني الإطراق وبكيت حتى أحمرت الأحداقُ
سامرت نجم الليل حتى غاب عن عيني وهد عزيمتي الإرهاقُ
شبكة مشكاة
الإسلامية يأتي الظلام وتنجلي أطرافه عنا وما للنوم فيه مذاقُ
سهر يؤرقني ففي قلبي الأسى يغلي وفي أهدابي الحراقُ
سيان عندي ليلنا ونهارنا فالموج في بحريهما صفاقُ
قتل وتشريد وهتك محارم فينا وكأس الحادثات دهاقُ
أنا قصة صاغ الأنين حروفها ولها من الالم الدفين سياقُ
أنا أيها الأحباب مسلمة لها قلب إلى شرع الهدى تواقُ
حتى إذا انكشف الغطاء وغردت آمالنا وبدا لنا الإشراقُ
وقف الصليب على الطريق فلا تسل عما جناه القتل والإحراقُ
وحشية يقف الخيال أمامها متضالا وتمجها الأذواقُ
أطفالنا ناموا على أحلامهم وعلى لهيب القاذفات افاقوا
يبكون كلا بل بكت أعماقهم ولقد تجود بدمعهم الأعماقُ
أوَ ما يحركك الذي يجري لنا أوَ ما يثيرك جرحنا الدفاقُ(806/1)
حسرة في قلب امرأة صومالية( قصيدة على لسان صومالية تخاطب ابنها )
قم يا محمد نامت الأعراب وتقطعت ببلادك الأسباب
جاء الصليب مدججا بسلاحه ووراءه التطبيل والإرهاب
قم يا محمد عرض أمك خائف وأمام كوخي يا بني كلاب
انظر إلى العلج الذي تروعني نظراته فأنا بها أرتاب
ماذا يريد بكوخنا هذا الذي ما فيه زاد يبتغى وشراب
شبكة مشكاة
الإسلامية كوخ حقير فيه شيخ هده سقم وطفل جائع ودلاب
وعباءة سترت بقايا هيكل مني وثوب هالك وحجاب
وبقية من ثوب عرسي ما لها كمٌ وحبر جامد وكتاب
قم يا محمد إن مقديشو على جمر تغلّق دونها الأبواب
هذا أزيز الطائرات يروعها والجند فيها جيئة وذهاب
ما بالهم جاءوا سراعا نحونا وعلى سراييفوا يصيح غراب
هلا حموا أطفالها من صربهم وتبرؤوا مما جنوه وتابوا
أإعادة الأمل الجميل سجية للغرب ، هذا يا بني كلاب
كم علقونا بالوعود وما وفوا وكذاك وعد الكافرين سراب
ساق الغرور جنودهم فعقولهم سكرى وما لعيونهم أهداب
هذي الصفوف من الجنود كأنها نعم وإن عظمت لها الألقاب
أوما تراها لا تصلي ركعة أو ما تراها والقلوب خراب
قالوا لنا سيؤمنون غذاءنا أتؤمن الغنم الجياع ذئاب
قم يا محمد جاءنا مستعمر قد سال منه على البلاد لعاب
عين على الصومال والأخرى على سوداننا فليوقن المرتاب
قم يا بني فإن أمك تشتكي وهنا وجرح فؤادها ثغاب
وبثغرها أطلال أسئلة عفت آثارهن فهل هناك جواب
ما بال إخوان العقيدة فرطوا حتى خلت من مائها الأكواب
حتى تولى المعتدون شؤوننا وجرى القطار وسافر الركاب
شبكة مشكاة
الإسلامية ما بالهم لم يستجيبوا عندما صحنا وحين دعى العدو أجابوا
ما بالهم لما أتى أعداؤنا جاءوا ولو غاب العدو لغابوا
خطأ كبير يا بني وقومنا حلفوا يمينا إنه لصواب
أصواب قومك أن تسلم أرضنا للغاصبين ويحزن المحراب
قم يا بني إلى الجهاد فإنه للعز في عصر المذلة باب
قم يا بني إلى الجهاد وقل معي خسر الطغاة الماكرون وخابوا(807/1)
يا أرض أحلامي جفافك راحل فغدا سيغسل راحتيك سحاب(807/2)
حوار مع التاريخ
أَفقِْ أَيُّها التّاريخُ ، نَبِّهْ رِجالَنَا فَيارُبَّ مَرْموقٍ لهُ أَلْفُ هَفْوَةِ
أِفْق أَيُّها التاريخُ ، أَدْرِكْ حَقيقَتي فَعَنْ نَهْجَ ديني لن تَضِلَّ مَسيرَتي
أَفِق ، و انتَظِر من أُمَّتي وَثَباتِها فَلَن تَقِفَ الأعْداءُ في وَجْهِ وَثبتي
شبكة مشكاة
الإسلامية فَلي من كِتابِ اللهِ أَعظمُ رائدٍ ومِنْ سُنَّةِ العَدْنانِ أَعْظَمُ قُدْوَةِ
أَفِقْ فالفُؤادُ الحُّرِ لا يَعْرِفُ الخنا ولن تَصْلُحَ الأَيامٌ إلا بِسنتي
سَفَحَتْ دَمَ الأَحْقادِ دُونَ شَريعَتي وأَعْدَدْتُ للأَيامِ كامِلَ عُدَّتي
وكَيْفَ يَنالُ اليَأْسُ قَلْبًا مُوَحِّدًا إلى اللهِ يَرْنو مُؤْمِنًا كُل لَحْظَةِ
أُخوتًنا في اللهِ ، مَهْما تَباعَدَتْ مَسافاتُ أَوْطاني مِثالُ الأُخُوَّةِ
عَليها بَنى أَسلافُنا صَرْحَ مَجْدِنا فَكَيْفَ هَدَمْنا صَرْحَنا بالتعَنتِ
وقُلْ لَلعِدى مَهْمَا يَجُورُنَ إننَا حَمَلْنا إلى الدُّنْيا مَعالِمَ نَهْضَةِ
وَإِنّا سَنَمْضي في الطَّريقِ الذي مَضى على نَهْجِهِ أَسْلافُنَا سَيْرَ حِكْمَةِ
وَإِنْ تَكُ أَوْطاني تَشَتَتَ جَمْعُها فَعَمّا قَريب سَوْفَ تَمْضي بِهِمَّةِ
أَيا أُمَّةَ الإِسْلامِ لا زِلْتُ صامِدًا ولا زُلْتُ رَغْمَ الصَّدِّ والهَجْرِ أُمَّتِي
لَكَ اللهُ مازالَ الزَّمانُ مُغَرِّدًا عَلى قِمَّةِ الإِسْلامِ أَعْظَمُ قِمَّةِ
خذُوا كُلَّ ما تَبْغونَ إِلا كَرامَتي فَمَوْتي لَذيذٌ في سَبيلِ عَقيدَتي
بَني أُمَّتِي ، إِنّ الحَياةَ رَخيصَةُ إِذا لَمْ نَقُمْ فيها بإِحْياءِ شِرْعَةِ
أَفِيقُوا ، فَما للذِّئْبِ يا قَوْمُ ذِمَّةُ وأَكْبَرُ عارٍ أَنْ أُضَيِّعَ ذِمَّتي(808/1)
وقفة أمام خيام المبعدين مضى ليل وأعقبه الصباح وما رحلت عن القلب الجراح
أرى عصفور أحلامي أمامي وما غنى ولا خفق الجناح
أشاهد من وراء الغيب وجها تجلى في ملامحه ارتياح
وأطمح للقاء به ولكن متى هذا اللقاء به يتاح
كأني والقوافل ماضيات طريد مات في فمه الصياح
شبكة مشكاة
الإسلامية تلفت يمنة فرأى سرابا وعن يسراه وافاه النباح
فأرخى طرفه وبكى وأبكى ودمع الحر في الشكوى مباح
وقفت على مشارف ذكرياتي أراقب من غدوا عنا وراحوا
خيول الراحلين لها صهيل وقد ضاقت بمن رحلوا البطاح
أسائلهم ولو نطقوا لقالوا من الأحياء موتانا استراحوا
أرى نخل المشاعر باسقات عليها من مهابتها وشاح
أراها لا عذوق لها ولكن لها سعف تغاض به الرماح
وكيف تريد ثمرا من نخيل إذا لم يجر في دمها اللقاح
تسائلني الحبيبة كيف أشدوا بأحزاني أفي الحزن انشراح
فقلت لها لأن الحزن شعر وبينهما انغلاق وانفتاح
وما كل الذين بكوا حزانى وإن نطقوا بشكواهم وباحوا
بكاء البلبل الشادي عناء وشدو حمائم الدوح النواح
ولو أني أبوح بما أعاني لما وفى الأساس ولا الصحاح
رأيت المبعدين ولو رآهم كرؤيتنا لأنجدهم صلاح
لدى رابين مدفأة وبيت يظلله وريحان وراح
وحراس يروح بهم ويغدو وساحات ممهدة فساح
وهم فوق الجليد ولا قريب يناصرهم ولا أمل متاح
إذا سكنوا الخيام شكوا صقيعا وتلطمهم إذا خرجوا الرياح
أحبتنا لكم منا سلام ، لكم من بلبل الشوق الصداح
لكم من وزن شعري ما تساما ومن ألفاظه الغرر الفصاح
شبكة مشكاة
الإسلامية رأيناكم فما للحزن حد ولا للهيبه عنا براح
على أحزاننا نمسي ومنها كون إذا بدا الفجر (الصباح)
تراكم أمتي بعيون حيرى يعطلها عن السير الكساح
تتوق شعوبها للذود عنكم ولكن ما بأيدهم سلاح
شعوب تكره الباغي ولكن من الحكام للباغي السماح
تسائلني فلسطين المآسي وقد دارت بحسرتها القداح
متى تصحو ربوعي ذات يوم على صوت يُفك به السراح
متى أصحو على تكبير جند وتهليل يطيب به الكفاح(809/1)
حبيبتنا اعذرينا إن فينا خضوعاً لا يروق له (اقتماح)
تصاغ من السلام لنا دعاوى وفي الأقصى ولبنان اجتياح
إذا باع الفتى للوهم عقلا ففكرته التي ولدت سفاح
ولولا أن في الدنيا انتكاسا لما عشقت مسيلمةً سجاح(809/2)
في خيمة الحب
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(810/1)
ذات الوشاح
أزهارُ الوادي,.
تَبعَثُ عِطرَ شذاها
ورحيق الطَّلِّ,.
يُسَلسِلُ في الأغصانِ نَداها
أهدابُ الشمس,.
تُراقب خَيط رُؤاها
شبكة مشكاة
الإسلاميةورُؤاها ترسمُ وجهَ هواها
وهواها نارٌ,.
تحرق مَن خَلفِ البابِ,.
تُلَوِّحُ للشمس يَداها
وأمام البابِ عيونٌ,.
تُغمَضُ حين تَراها
قامتُها تسمع وَقع خطاها وخطاها تسمع هَمسَ ثراها
وثراها يُنشد لحن الخِصبِ,.
ويهتف حين يراها
من سرَّبَ في عينيها النومَ,.
ومن أغمض جَفنَ الليلِ عليها,.
مَن غطاها؟؟
ولماذا قبل طلوع الفجر دَعاها؟؟
وأباح لجيش الرُّعبِ حماها؟
مَن أسكنَ فيها الرُّعبَ,.
ومن أغواها؟؟
ولماذا امتص رحيق براءتها,.
ووراء جدار الحسرة ألقاها؟
مَن أطفأ شمعة بسمتها,.
ولماذا انقلبت شفتاها؟
مَن مزَّق فضل عباءتها
وبثوب الاغراء كساها؟
من أحرق قمح بيادرها
وبحب الحنظل غذَّاها؟
شبكة مشكاة
الإسلاميةولماذا عكَّر منبعها
وبكأس الأوهام سقاها؟
ولماذا اغتال محاسنها
بالصمت وعد خطاياها؟
مَن تلك، وكيف تحدِّثنا
عن أنثى نجهل فحواها؟
ولماذا صِرتَ تلاحقنا
بحكايا نجهل مغزاها؟
عمن تسألنا، عن ليلى
فلماذا تبعث ذكراها؟!
ولماذا لا تسأل قيسا
ليصور بعض سجاياها؟!
وليقرع باب قبيلتها
بالحب ليطلب لقياها
عمن تسألنا، عن لُبنَى
أو سُعدى او مَن والاها؟
مهلا,.
فسؤالي عن أخرى
يخفق بالحب جناحاها
حيرني وصف ملامحها
والشعر بعالمها تاها
عيناها,, كيف أصورها
والأفق الحالم عيناها
شبكة مشكاة
الإسلاميةربطت بالسحر ضفائرها
وعليه تلاقى جفناها
فكأن البدر استنسخها
وكأن الحسن تبناها
أسألكم عن ذات وشاحٍ
صبحها الرعب ومساها
تشكو والليل يلاحقها
يدفن في الظلمة شكواها
وأبوها يفتل شاربه
يغمض عينيه ويتباهى
وأخوها الأكبر يتغنى
في بلد الغربة بسواها
وأخوها الأوسط يتلهى
بنوادي الليل ويغشاها
وأخوها الأصغر يتلقى
زيف القنوات وطغواها
أما أبناء عمومتها
فقلوب تطفو بهواها
أسألكم عن أجمل انثى
رُفِعَت للخالق كفاها(811/1)
شجر الزيتون موائدها
والتين المثمر حلواها
تضحك للشمس مآذنها
شبكة مشكاة
الإسلاميةوالبدر يتوق لنجواها
اسألكم عن ذات وشاحٍ
تمسك بالجمرة يُمناها
أنتم أخلفتم موعدها
ونقضتم بالذل عُراها
اسأل عن أجمل فاتنة
صوبها الغدر وأدماها
تشهد بالجرح مآذنها
ويحدِّث عنها أقصاها
والمسرى يسمع صرختها
ويكاد إلينا ينعاها
لو كان لها عين تبكي
لاجتاحت بالدمع رباها
عاشقة أسرف عاشقها
في الهجر، فمن يتولاها؟؟(811/2)
رثاء أب
شبكة مشكاة
الإسلامية
أنا صرخةٌ للجرح
تلطم وجه من خان العهودْ
شبكة مشكاة
الإسلامية
يا ويل أرباب الفتنْ
كم أوقدوا ناراً وكم نسجوا كفنْ
كم أنبتوا شوكاً على طرقات أمتنا
شبكة مشكاة
الإسلامية
ترانيم الفرح
رسمتْ جدائلُها لعين الشمس
خارطة المرَحْ
شبكة مشكاة
الإسلامية
بأسرار الشَّقاء
يتساءل الرمان يا أبتي
ودالية العنب
والخوخ والتفاح يسألُ
والرطبْ
وزهور وادينا تشارك في السؤالْ
ويضجُّ وادينا بأسئلةٍ
شبكة مشكاة
الإسلامية
فالله حيٌّ
شبكة مشكاة
الإسلامية(812/1)
ريحانة القلب
حسبي من الهّم أنّ القلب ينتحبُ وإن بدا فرحي للناس و الطربُ
مسافرٌ في دروب الشوق تحرقني نار انتظاري ووجداني لها لهب
كأنني فارس لاسيفَ في يده والحرب دائرة والناس تضطرب
أو أنني ُمبحر تاهت سفينته والموج يلطم عينيها وينسحب
أو أنني سالكُ الصحراءِ أظَمأه قيظٌ ، وأوقفه عن سيره التعب
شبكة مشكاة
الإسلامية يمد عينيه للأفق البعيد فما يبدو له منقذ في الدرب أو سبب
يا شاعرا ما مشت في ثغره لغةٌ إلا وفي قلبه من أصلها نسب
خيول شعرك تجري في أعنّتها ما نالها في مراقي عزّها نصب
ريحانةَ القلب عين الشعر مبصرةٌ وفجرنا في عروق الكون ينسكب
وأنت كالشمس لولا نورُها لطغى ليل المعاناةِ وازدادت به الحُجب
يا من أبى القلبُ إلا أن يكون لها وفيه مأوى لعينيها ومنقلب
الله يكتب يا ريحانتي فإذا أراد أمضى وعند الناس ما كتبوا
لو اجمعَ الناسُ أمراً في مساءتنا ولم يُقدّر لما فازوا بما طلبوا
ريحانةَ القلب روح الحب ساميةٌ فليس ُيقبل فيها الغدر والكذب
ليس الهوى سلعةً ُتشرى على ملأٍ ولا تباع ولايأتي بها الغَلب
قد يعشق المرءُ من لامالَ في يده ويكره القلبُ من في كفّه الذهب
حقيقةٌ لو وعاها الجاهلون لما تنافسوا في معانيها ولا احتربوا
ما قيمة الناس إلا في مبادئهم لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب(813/1)
حوار في ساحة المطاف
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(814/1)
شاهد التاريخ
شبكة مشكاة
الإسلامية
وَعدُ بِلفُورَ الذي صيَّرني **** كسبايا الفُرسِ عند الخَزَرِ
أيُّها الناسُ أَفيقوا، وارحموا **** أمَلاً في قلبيَ المُنصَهِرِ
ما يَهودُ الغَدر إلا أَنفسٌ **** غُمِسَت في حقدها المُستَعِرِ
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(815/1)
( وقفة وداع شعري لابن عثيمين )شموخ الصابرين لحقَ الشيخُ بركبِ الصالحين فلماذا يا جراحي تنزفين؟
ولماذا يا فؤادي تشتكي و لماذا يا دموعي تَذرفين؟
رحل الشيخ عن الدنيا التي كلُّ ما فيها سوى الذِّكر لَعين
فارقَ الدنيا، وما الدنيا سوى خيمةٍ مَنصوبةٍ للعابرين
فارقَ الدنيا التي تَفَنَى إلى منزلٍ رَحبٍ وجناتٍ، وَعِين
ذاكَ ما نرجو، وهذا ظنُّنا بالذي يغفر للمستغفرين
شبكة مشكاة
الإسلامية رحل الشيخُ على مِثلِ الضُّحَى من صلاحٍ وثباتٍ ويقين
فلماذا أيُّها القلبُ أرى هذه اللَّوعَةَ تسري في الوَتين؟
ولماذا يا حروفَ الشعر عن سرِّ آلام فؤادي تكشفين
أتركي الحسرةَ في موقعها تتغذَّى من أسى قلبي الحزين
وارحلي بي رحلةً مُوغلة في حياةِ العُلماءِ الأكرمين
واسلُكي بي ذلكَ الدَّربَ الذي ظِلُّه يحمي وجوهَ السالكين
يا حروفَ الشعر لا تَصطحبي لغةَ الشعر الى جُرحي الدَّفين
ربما أحرقها الجرحُ فما صار للشعر فَمٌ يَروي الحنين
واتركي لوعةَ قلبي، إنَّها تارةً تقسو ، و تاراتٍ تَلين
وادخلي بي واحةَ العلم التي فُتحت أبوابُها للوافدين
عندها سوف نرى النَّبعَ الذي لم يزل يَشفي غَليلَ الظامئين
شيخُنا ما كانَ إلاَّ عَلَماً يتسامى بخشوع العابدين
عالمُ السنَّةِ والفقهِ الذي هزَمَ اللهُ به المبتدعين
لا نزكّيه ، و لكنَّا نرى صُوراً تُلحِقُه بالصادقين
في خيوط الشمس ما يُغني و إن أنكرتها نظراتُ الغافلين
راحلٌ ما غاب إلا جسمُه و لنا من علمه كنزٌ ثمين
ما لقيناه على دَربِ الهوى بل على دَربِ الهُداةِ المهتدين
لكأني أُبصر الدنيا التي بذلت إغراءَها للناظرين
أقبلت تَعرض من فتنتها صوراً تَسبي عقول الغافلين
رقصَت من حوله، لكنَّها لم تجد إلا سُموَّ الزَّاهدين
أرسل الشيخُ إليها نَظرةً من عُزوف الراكعين الساجدين
فمضت خائبةً خاسرةً تتحاشى نظراتِ الشَّامتين
أخرجَ الدنيا من القلبِ، وفي كفِّه منها بلاغُ الراحلين
شبكة مشكاة(816/1)
الإسلامية لم يكن في عُزلةٍ عنها، ولم يُغلقِ البابَ عن المسترشدين
غيرَ أنَّ القلبَ لم يُشغَل بها كان مشغولاً بربِّ العالمين
أوَ ما أعرض عنها قَبلَه سيِّدُ الخلقِ، إمامُ المرسلين
أيُّها الشيخُ، لقد علَّمتنا كيف نرعى حُرمَةَ المستضعفين
كيف نَستَشعِرُ من أمَّتنا صرخة الثَّكلَى ودَمعَ الَّلاجئين
كيف نبني هِمَّةَ الجيل على منهج التقوى، ووعي الراشدين
كنتَ يا شيخ على علمٍ بما نالنا من غَفلةِ المنهزمين
قومُنا ساروا على درب الرَّدَى فغدوا ألعوبةَ المستعمرين
شرَّقوا حيناً وحيناً غرَّبوا واستُبيحت أرضهم للغاصبين
هجروا الصَّالحَ من أفكارهم فتلقَّتهم يدُ المستشرقين
وارتموا في حضن أرباب الهوى من ذيول الغاصب المستعربين
ضيَّعوا الأقصى وظنُّوا أنَّهم سوف يحظون بِسِلمِ المعتدين
فإذا بالفارس الطفل على أمة المجد ينادي الواهمين
صاغها ملحمةً قُدسيَّةً ذكَّرتنا بشموخ الفاتحين
قالها الطفلُ، وقُلنا معه إنَّ بيعَ القدس بَيعُ الخاسرين
أيُّها الشيخُ الذي أهدى لنا صُوَراً بيضاءَ من علمٍ ودين
لم تكن تغفل عن أمَّتنا وضلالاتِ بَنيها العابثين
كنتَ تدعوها إلى درب الهُدَى وتناديها نداءَ المصلحين
قلتَ للأمةِ، والبؤسُ على وجهها الباكي غبارٌ للأنين
إنما تغسل هذا البوسَ عن وجهكِ الباكي، دموع التائبين
أيها الشيخُ الذي ودَّعَنا عاليَ الهمَّةِ وضَّاح الجبين
شبكة مشكاة
الإسلامية نحن نلقاك وإن فارقتَنا في علومٍ بقيت للرَّاغبين
أنتَ كالشمسِ إذا ما غَربَت أهدتِ البَدرَ ضياءَ المُدلجين
أنتَ ما ودَّعتَنا إلاَّ إلى حيث تُؤويكَ لوبُ المسلمين
إن بكيناكَ فإنّا لم نزل بقضاء الله فينا مُوقنين
في وفاةِ المصطفى سَلوَى لنا وعزاءٌ عن وفاةِ الصالحين
ذلك الرُّزءُ الذي اهتزَّ له عُمَرُ الفاروقُ ذو العقل الرزين
ماتَ خيرُ الناس، هذا خَبَرٌ ترك الناسَ حيارى تائهين
طاشت الألبابُ حتى سمعوا ما تلا الصدِّيقُ من قولٍ مُبين(816/2)
لا يعزِّينا عن الأحبابِ في شدَّةِ الهول سوى مَوتِ الأمين
إنها الرُّوح التي تسمو بنا ويظلُّ الجسم من ماءٍ وطين
يحزن القلب ولكنَّا على حُزنه نَبني شموخ الصابرين
كلُّنا نفنَى ويبقى ربُّنا خالق الكون ملاذُ الخائفين(816/3)
نظرة في شموخ اليتيم أسمى صفاتِكَ أنْ تكون كريما وتكونَ بَراً بالعباد رحيما
أسمى صفاتِكَ أنْ تكونَ مميَّزاً بسداد رأيكَ في الأمور، حكيما
تسعى بكَ الدنيا، وأنتَ تقودُها بالحقِّ، تُسْعِدُ قلبها المهموما
تلقى الخطوبَ وأنتَ أرفَعُ هامةً منها، وتأنَف أنْ تعيش ذَميما
أسمى صفاتكَ أنْ ترى الدنيا بلا غَبَشٍ، وأنْ يبقى الفؤادُ سليما
شبكة مشكاة
الإسلامية أنْ تجعل التاريخَ يَمْلأُ كأسَه وتكونَ أنتَ رحيقَها المختوما
ترمي بسهمكَ، لا لِتَقْتُلَ آمناً لكنْ لتحرُسَ خائفاً محروما
تسعى إلى كَسْبِ العلومِ تقرُّباً للهِ ، لا ليُقَالَ : صار عليما
أسمى صفاتكَ أنْ تحلِّقَ عالياً بجناح عدلكَ، تنصر المظلوما
يا حاملَ الدُّنيا على كتفِ الرِّضا يا من رأيتُكَ للجَفاءِ غَريما
يا ساعياً للخير في العصر الذي ما زال حَبْلُ وفائه مصروما
للخير أغصانٌ تطيب ثمارُها فامنحْ جَناها خائفاً وعَديما
واحملْ إلى أفيائها الطفلَ الذي ما زال في حُفَرِ الشقاء مقيما
فلَرُبَّ ماسحِ أَدْمُعٍ من مقلةٍ تبكي، رأى فضلاً بهنَّ عَميما
انظرْ إلى وجه اليتيمِ، ولا تكنْ إلا صديقاً لليتيمِ حميما
وارسمْ حروفَ العطف حَوْل جبينهِ فالعَطْفُ يمكن أنْ يُرى مرسوما
وامسح بكفِّكَ رأسه، سترى على كفَّيكَ زَهْراً بالشَّذَا مَفْغُوما
ولسوف تُبصر في فؤادكَ واحةً للحبِّ، تجعل نَبْضَه تنغيما
ولسوف تبصر ألفَ ألفِ خميلةٍ تُهديك من زَهْر الحياةِ شَميما
ولسوف تُسعدكَ الرياضُ بنشرها وتريكَ وجهاً للحنانِ وسيما
انظرْ إلى وجه اليتيم وهَبْ له عَطْفاً يعيش به الحياةَ كريما
وافتحْ له كَنْزَ الحنانِ، فإنما يرعى الحنانُ، فؤادَه المكلوما
لولا الحنانُ لَمَا رأيتَ سعادةً لولا السماءُ لَمَا رأيتَ نجوما
لولا الرّياحُ لَمَا رأيتَ لَواقحاً لولا البحارُ لَمَا رأيتَ غيوما
لولا الغصونُ لما رأيتَ ظِلالَها لولا الرعودُ لَمَا سمعتَ هَزيما(817/1)
لولا الربيعُ لما رأيتَ زُهورَه تشدو، ولا لامَسْتَ فيه نَسيما
يا كافلَ الأيتامِ، كأسُكَ أصبحتْ مَلأَى، وصار مزاجُها تسنيما
ما اليُتْمُ إلاَّ ساحةٌ مفتوحةٌ منها نجهِّز للحياةِ عظيما
شبكة مشكاة
الإسلامية ونحوِّل الحرمانَ فيها نعمةً كُبْرى تُزيل عن الفؤادِ هموما
قَسَمَ الإلهُ على العباد حظوظَهم فالكلُّ يأخذ حَظَّه المقسوما
وسعادةُ الإنسانِ أن يرضى بما قَسَمَ الإلهُ، ويُعلنَ التَّسليما
قالوا: اليتيمُ، فقلتُ: أَيْتَمُ مَنْ أرى مَنْ كان للخلُقِ النَّبيل خَصيما
قالوا: اليتيمُ، فقلتُ أَيْتَمُ مَنْ أرى مَنْ عاشَ بين الأكرمينَ لَئيما
كم رافلٍ في نعمةِ الأبويْن، لم يسلكْ طريقاً للهدى معلوما
يا كافلَ الأيتام، كفُّكَ واحةٌ لا تُنْبِتُ الأشواكَ والزَّقُّوما
ما أَنْبَتَتْ إلاَّ الزُّهورَ نديَّةً والشِّيحَ والرَّيحانَ والقيْصُوما
أَبْشِرْ فإنَّ الأَرْضَ تُصبح واحةً للمحسنين، وتُعلن التكريما
أبشرْ بصحبةِ خيرِ مَنْ وَطىءَ الثرى في جَنَّةٍ كمُلَتْ رضاً ونَعيما
قالوا: اليتيمُ، وأرسلوا زَفَراتهم وبكوا كما يبكي الصحيحُ سَقيما
قلت: امنحوه مع الحنانِ كرامةً فلرُبَّ عَطْفٍ يُوْرِثُ التَّحطيما
ولَرُبَّ نَظْرةِ مُشفقٍ بعثتْ أسىً في قَلبه، جَعَلَ الشفيقَ مَلُوما
قالوا: اليتيمُ، فَمَاج عطرُ قصيدتي وتلفَّتتْ كلماتُها تَعظيما
وسمعْتُ منها حكمةً أَزليَّةً أهدتْ إِليَّ كتابَها المرقوما:
حَسْبُ اليتيم سعادةً أنَّ الذي نشرَ الهُدَى في الناسِ عاشَ يَتيما(817/2)
صرخة مرصعة بالإخلاص لا تشعلي ألم الجراح فالحب مكسور الجناح
ما عدت أطرب لابتسام الحب في ثغر الصباح
ما عدت أسعد بالتأمل في ليالي الملاح
ضاقت علي دروب أحلامي وما تعبت جراحي
أنا واحد من أمة أمجادها في كل ساح
شبكة مشكاة
الإسلامية أنا رائد بشريعة الـ إسلام في كل النواحي
فاسأل ضمير الفجر حين اهتز من تلك البطاح
يقظان ينتهب الخطا يسعى إلى الماء القراح
يدعو القوب إلى الهدى لم يخش من وقع الرماح
وإذا بها ترنو إلى الرحمن عن ضرب القداح
ذاكم رسول الله عنوان الهداية والسماح
لن ترتوي يا قلب إلا بالصمود على الكفاح
ويح العدا ، كم ضللوا الـ أفكار كم بعثوا جراحي
هذا نداء الماردين على الكتاب على الصلاح
أما نداء الله يا قلبي فحي على الفلاح
قل للكلاب النابحات : أنا الفتى رغم النباح
واصرخ بها في وجه كل مضلل صعب الجماح
ردوا عليكم ما صنعتم إن قرآني سلاحي
إن الدم الجاري بذكر الله ليس بمستباح
أنظل نبكى مجدنا الـ ماضي ونغرق في النواح
ونعيد ذكرى طارق بن زياد أو ذكرى صلاح
ونحيد عن درب به انتصروا ونطمع في النجاح
لكأنني بظلام غفوتنا يتوق إلى الصباح
وبصرخة المجد العريق تثور في صدر الكفاح
شبكة مسشكاة
الإسلامية يا قمة الإسلام تيهي غردي لن تستباحي
فسننحر الخوف الجبان بخنجر الحق الصراح
من يغتدي بالخير يجني أجره عند الرواح(818/1)
صَبْراً رياضَ الحُبِّ
(( قصيدة فيها نظر ))
شعر الدكتور/ عبد الرحمن بن صالح العشماوي
صَبراً فأُفْقُكِ بالمودَّةِ مُفْعَمُ =مهما تطاول بالخيانةِ مُجرمُ
صبراً رياضَ الحُبِّ أنتِ قويّةٌ =باللهِ، يمنحُكِ الأمانَ ويَعصِمُ
ما دام فيكِ مكبِّرٌ، ومهلِّلٌ =للهِ ربِّ العالمينَ يعظِّمُ
اللهُ أكبرُ مِنْ تآمُرِ غادرٍ =وأَجَلُّ ممَّا دبَّروه ونظَّموا
هذي الحوادثُ يا رياضُ، جريمةٌ =بمياسِمِ الشَّبَحِ المُموَّه تُوْسَمُ
شَبَحٌ غريبٌ لا تراه عيونُنا =يمحو ويكتُب في الظَّلامِ ويُبْرِمُ
ما زال يُرسِلُ من رسائل غدره =مالا تغيب رُؤاه عمَّن يفهَمُ
ما زال يرحل في دروبِ خيانةٍ =إحساسُه كاللّيل فيها مُظْلِمُ
تلك الأساطيلُ الكبيرةُ، عندها =خَبَرٌ، ولكنَّ المبلِّغَ أَبكَمُ
يا سُوءَ ما يجني على أوطاننا =بَغْيٌ مُريبٌ غامضٌ متلثِّمُ
متجاوزٌ لحدودِ شرع إِلهنا =متطاولٌ متحاملٌ مُتكتِّمُ
أين التديُّنُ من فريقٍ واهمٍ =بفم التنطُّع والغلوِّ يُهَمْهِمُ؟
من سوء نيَّته تدفَّقَ بَغْيُه =حُمَماً، بها أفكارُه تتفحَّمُ
صنعتْ به الأَيديْ الخفيَّةُ لُعبَةً =دمويَّةً تهذي بما لا تعلمُ
أَسْمَى مقاصدِه الخروجُ بشُبْهةٍ =رَعْنَاءَ في وُجدانه تتحكَّمُ
يمشي، ونارُ الحقد في أَعماقه =تغلي، وفي دمه العِداءُ يُزَمْزِمُ
رَشَّاشُه لغةٌ تُحدِّث كُلَّ مَنْ =يدنو إليه، وعن هواه تُترجمُ
قُطِعَتْ حبالُ الوُدِّ من إِحساسه =والوُدُّ حَبْلٌ بالقطيعةِ يُصْرَمُ
أينَ المحبَّةُ والوئام من امرئٍ =قاسٍ، إذا حيَّيتَه يتجهَّم؟!
أين التحيَّةُ والسلام من الذي =بتحيَّةِ المتفجِّراتِ يُسلِّم
ياليتَه حيَّا بها الأعداءَ في =حَربٍ يَنال بها الشُّموخَ ويَغْنَمُ
ياليته رفع الغِشاوةَ كي يرى =مالا يراه الغافلُ المتوهِّمُ
أَوَما لديهِ من الضَّمير بقيَّةٌ =تَثني هواه المُسْتَبِدَّ وتَخْطِمُ؟(819/1)
أوليس يفهم سِرَّ قولِ نَبيِّه: =لا يرحم الرحمنُ مَنْ لا يَرْحَمُ؟
أَوَما كفانا غَدْرُ شارونَ الذي =يهتزُّ شوقاً للدِّماءِ ويَبْسِمُ؟!
أوَما كفانا أننا من حقِّنا =في قُدْسنا الغالي علينا نُحْرَمُ؟
أوَما كفانا في العراق جريمةٌ =فيها قوانينُ العَدالةِ تُهْزَمُ؟
أوَما كفانا جُرْحُ أمتنا الذي =أمسى على الجسد الضَّعيف يُقَسَّمُ؟
أوَّاه من نظراتِ طفلٍ خائفٍ =وجدارُ غرفةِ والديه مُحَطَّمُ
في مقلتيه تساؤُلُ الألمِ الذي =جرتْ الدموعُ به إلى مَنْ أجرمواً:
ما ذَنْبُ طفلٍ في حقيبته اِلْتَقَى =قَمَرُ البراءَةٍ صافياً، والأَنْجُمُ
ماتَ الجوابُ على صدى الصوتِ الذي =بِدَوِّيِهِ كُتُبُ الخيانةِ تُخْتَمُ
يا ضيعةَ الإصلاحِ حين يقودُه =قلبٌ بلا حس، وفكرٌ مُعْتِمُ
يا ضيعةَ الإصلاحِ حين تقودُه =كفٌّ تَعوَّذَ من أصابعها الدَّمُ
صَبْراً رياضَ الحبِّ، لّحْنُ قصائدي =يجري إليكِ، وخَيْلُهنَّ تُحَمْحِمُ
صَبْراً، فروضتُكِ الحبيبةُ لم تزلْ =صُوَرُ التلاحُم في ثراها تُرْسَمُ
ما زلتِ للتغريدِ غُصناً يانعاً =مهما بدا فيكِ الغُرابُ الأَسْحَمُ
قولي لمن ركبوا على مَتْن الرَّدَى =هيهاتَ، مَنْ ركبَ الرَّدَى لا يَسْلمُ
توبوا إلى الرحمن تَوْبَةَ صادقٍ =فالله أَرْأَفُ بالعبادِ وأرحَمُ
إنَّ الدَّم المعصومَ يبقى جَذْوَةً =في كلِّ وجهٍ للخيانةِ، تُضْرَم
صَبْراً رياضَ الحُبِّ، إنَّ لُجوءَنا =للهِ سوفَ يَصُدُّ مالا نَعْلَمُ
لا تجزعي ما زال أمنُكِ وارفاً =نحيا به متآلِفيْنَ ونَنْعُمُ(819/2)
في طريق الحزن
شبكة مشكاة
الإسلامية
مقتولاً
وتبكي
ألجمتها شدة الهول فما تستطيع
تحكي
وجهها لوحة آلام وتعبيرات ضنك
أنت يا أم البطل
لملمي حزنك هذا وافتحي باب الأمل
نحن لا نملك تأخير الأجل
ليت لي طولاً
لكي امسح هذا الحزن عنك
يا صغيراً مات في عمر الزهور
يا صغيراً ضم في جنبيه
وجدان كبير
شبكة مشكاة
الإسلامية
أين انتم يا رجال
أنسيم أن باب المجد مفتوح
لمن شدّوا إلى الأقصى الرحال
يا أخا الكعبة والبيت المطهر
شبكة مشكاة
الإسلامية
ذات السلاسل
حطموا تمثال وهم.
ظل يبنيه اليهود
واعلموا أن سلام القوم وهم.
ماله في هذه الدنيا وجود
أيهود وسلام؟؟ وسلام ويهود؟؟
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(820/1)
وقفة أمام عام الحزن
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
بكاكَ المسجدُ القُدْسيُّ
والمدَنيُّ، والحَرَمُ
بكتْكَ سلاسلُ الكتبِ
التي كالدُّرِّ ، تنتظم
فسلسلةُ الأحاديث
التي صحَّتْ لمن فهموا
وسلسلةُ الأحاديث
التي ضَعُفَتْ لمن وَهموا
وتحقيقُ الأسانيد
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(821/1)
عندما يعزف الرصاص
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
الأسماء المذكورة رمز لهؤلاء : طه حسين ، حماد الراوية ، الحسين الحلاج ، سعد حداد (1)شبكة مشكاة
الإسلامية(822/1)
عندما تبكي الفضيلةشبكة مشكاة
الإسلامية(823/1)
غب يا هلال
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(824/1)
غداً يتحدث الرطب
حروف الشعر تنتحب فلا فكر ولا أدب
وأوزاني معلقة فلا زحف ولا خبب
ذوت أغصان روضتنا فلا تين ولا عنب
كأن الأرض ما استمعت إلى ما قالت السحب
تعفر وجه خيمتنا وما شدت لها الطنب
عجبت لأمر أمتنا يقاتل دونها الطرب
شبكة مشكاة
الإسلامية ملابسها مرقعة وبحر جراحها لجب
وفي أفكارها خلل على الإيمان ينسحب
وبعض رجالها بقر ولكن ما لهم قتب
أرى حربا فوا أسفا سيوف رجالنا خشب
أرى الأخطار محدقة وفي أفواهها لهب
تحدثنا بلهجتها وفيها الخوف والرهب
وأمتنا يخدرها الهوى المكشوف واللعب
أسائل أمتي وعلى لساني الملح والقصب
لماذا كلما طلبوا يلبى عندنا الطلب
فنأكل كلما أكلوا ونشرب كلما شربوا
ونفرح كلما فرحوا ونغضب كلما غضبوا
وننزل كلما نزلوا ونركب كلما ركبوا
ونسكت كلما سكتوا ونصخب كلما صخبوا
ونرفض كلما رفضوا ونرغب كلما رغبوا
أقول لأمة قعدت وجيش عدوها يثب
إذا داسوا كرامتنا فماذا ينفع الذهب
وماذا ينفع التلفيق والتضليل والكذب
إذا جفت منابعنا فماذا تنفع القرب
شبكة مشكاة
الإسلامية وكيف ?تكن من مطر بيوت سقفها خرب
أسائل بعض من قرءوا وأسأل بعض من كتبوا
لماذا أمتي احترقت فمنها النار والحطب
حماها يستباح ولم تجرد سيفها العرب
ألا يا أمتي انتفضي فإن الكون يرتقب
ولا تخشي ظلام الليل إن الحر يحسب
فلولا الليل ما رقصت على أهدابنا الشهب
إلا يا جذع نخلتنا غدا يتحدث الرطب(825/1)
غريب
غريب و أوطاني تُداس وأمتي تعاني وموج الظلم يشتد صائله
غريب وهل في هذه الدار منزل؟ لمن في سواها تستقر منازله
شبكة مشكاة
الإسلامية ألا ليت شعري يا بلادي متى أرى خميساً من الأبطال سارت جحافله
يجَّمعنا شرع حكيم وسنّة فيبدوا لنا زيف الضلال و باطله
أقافلة الإسلام هيا تحفزي وسيري فإن الشر سارت قوافله
أيا أمتي قد يأنس المرء بالهوى ويشتاق للدنيا وفيها مشاغلُه
ويمضي مع الأيام يشدو بحبها وفيها ولو يدري تقيم مقاتله
غريب .. اختار الحياض وماؤها غثاء وحوض الدين تصفو مناهله
وكم من صديق تحسب الخير قصده فتبدو على مر الليالي مهازله
ومن سار في الدنيا بغير طريقة فقد بات والأوهام سم يداخله
تناول من الأغصان ما تستطيعه ودعك من الغصن الذي لا تطاوله(826/1)
قالوا تطرف جيلنا صبح تنفس بالضياء وأشرقا الصحوة الكبرى تهز البيرقا
وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا
وقوافل الإيمان تتخذ المدى دربا وتصنع للمحيط الزورقا
وحروف شعري لا تمل توثبا فوق الشفاه وغيب شعري أبرقا
وأنا أقول وقد شرقت بأدمعي فرحا وحق لمن بكى أن يشرقا
ما أمر هذه الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا
هي نخلة طاب الثرى فنما لها جذع قوي في التراب وأعذقا
شبكة مشكاة
الإسلامية هي في رياض قلوبنا زيتونة في جذعها غصن الكرامة أورقا
فجر تدفق من سيحبس نوره أرني يدا سدت علينا المشرقا
يا نهر صحوتنا رأيتك صافيا وعلى الضفاف رأيت أزهار التقى
ورأيت حولك جيلنا الحر الذي فتح المدى بوابة وتألقا
قالوا تطرف جيلنا لما سما قدرا وأعطى للبطولة موثقا
ورموه بالإرهاب حين أبى الخنى ومضى على درب الكرامة وارتقا
أو كان إرهابا جهاد نبينا أم كان حقا بالكتاب مصدقا
أتطرف إيماننا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا
إن التطرف ما نرى من غفلة ملك العدو بها الزمام وأطبقا
إن التطرف ما نرى من ظالم أودى بأحلام الشعوب وأرهقا
لما رأى جريان صحوتنا طغى وأباح أرواح الشباب وأزهقا
ما زال ينسج كل يوم قصة تروى وقولا في الدعاة ملفقا
إن التطرف أن يسافر مسلم في لهوه سفرا طويلا مرهقا
إن التطرف أن نرى من قومنا من صانع الكفر اللئيم وأبرقا
إن التطرف أن نبادل كافرا حبا ونمنحه الولاء محققا
إن التطرف أن نذم محمدا والمقتدين به ونمدح عفلقا
إن التطرف أن نؤمن بطرسا وهو الذي من كأس والده استقى
إن التطرف وصمة في وجه من جعلوا صليبهم الرصاص المحرقا
إن التطرف في اليهود سجية شربوا به كأس العداء معتقا
إن التطرف أن يظل رصاصنا متلعثما ورصاصهم متفيهقا
يا من تسائلني وفي أجفانها فيض من الدمع الغزير ترقرقا
وتقول لي رفقا بنفسك إننا نحتاج منك الآن أن تترفقا
أو ما ترى أهل الضلالة أصبحوا؟ يتعقبون شبابنا المتألقا(827/1)
لا تجزعي إن الفؤاد قد امتطى ظهر اليقين وفي معارجه ارتقى
غذيت قلبي بالكتاب وآيه وجعلت لي في كل حق منطقا
شبكة مشكاة
الإسلامية ووطئت أوهامي فما أسكنتها عقلي وجاوزت الفضاء محلقا
أنا لا أخدر أمتي بقصائد تبني على هام الرياح خورنقا
يسمو بشعري حين أنشد صدقه أخلق بمن عشق الهدى أن يصدقا
أوغلت في حزني وأوغل في دمي حزني وعصفور القصيدة زقزقا
أنا يا قصيدة ما كتبتك عابثا كلا ولا سطرت فيك تملقا
عيني وعينك يا قصيدة أنورا دمعا وشعرا والفؤاد تحرقا
قالوا قسوت ورب قسوة عاشق حفظت لمن يهوى المكان الأعمقا
بعض الرؤوس تظل خاضعة فما؟ تصحو وما تهتز حتى تطرقا
خوان أمته الذي يشدو لها بالزيف والتضليل حتى تغرقا
خوان أمته الذي يرمي لها حبلا من الأوهام حتى تشنقا
كالذئب من يرمي إليك بنظرة مسمومة مهما بدا متأنقا
شتان بين فتى تشرب قلبه بيقينه ومن ادعى وتشدقا
شتان بين النهر يعذب ماؤه والبحر بالملح الأجاج تمذقا
إني لأعجب للفتي متطاولا متباهيا بضلاله متحذلقا
سلك العباد دروبهم وهو الذي ما زال حيران الفؤاد معلقا
الشمس في كبد السماء ولم يزل في الشك في وضح النهار مطوقا
النهر يجري في القلوب وماؤه يزداد في حبل الوريد تدفقا
وأخو الضلالة ما يزال مكابرا يطوي على الأحقاد صدرا ضيقا
يا جيل صحوتنا أعيذك أن أرى في الصف من بعد الإخاء تمزقا
شبكة مشكاة
الإسلامية لك من كتاب الله فجر صادق فاتبع هداه ودعك ممن فرقا
لك في رسولك قدوة فهو الذي بالصدق والخلق الرفيع تخلقا
يا جيل صحوتنا ستبقى شامخا ولسوف تبقى بالتزامك أسمقا
سترى رؤى بدر تلوح فرحة بيمينها ولسوف تبصر خندقا
سترى طريقك مستقيما واضحا وترى سواك مغربا ومشرقا
فتحت لك البوابة الكبرى فما نخشى وإن طال المدى أن تغلقا
إن طال درب السالكين إلى العلا فعلى ضفاف المكرمات الملتقى
وهناك يظهر حين ينقشع الدجا من كان خوانا وكان المشفقا(827/2)
قلعة العلم
مع العزاء الصادق لكل مسلم في وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
خفقان قلب الشعر أم خفقاني
أم أنه لهب من الأحزانِ
ماذا يقول محدثي أحقيقة ما
قال أم ضرب من الهذيان
مالي أرى ألفاظه كحجارة
ترمي بها الأفواه للآذان
الشيخ مات عبارة ما خلتها
إلا كصاعقة على الوجدان
أو أنها موج عنيف جاءني
يقتاد نحوي ثورة البركان
يا ليتني أستوقفت رنه هاتفي
قبل إستماع نداء من نادني
أو أني أغلقت كل خطوطه
متخلصاً من صوته الرنانِ
الشيخ مات أما لديك عباره
أخرى تعيد به إتزان جناني
قلي بربك أي شيء ربما
أنقذتني من هذه الأشجان
قلي بربك أي شيء قال لي
عجباً لأمرك يا فتى الفتيان
أنسيت أن الموت حقاً واقعاً
ونهاية كتبت على الإنسان
انسيت أن الله يبقى وحده
وجميع من خلق المهيمن فاني
أنسيت لا والله لكني إلى باب
الرجاء هربت من أحزاني
الشيخ مات صدقت أني مؤمن
بالله مجبول على الإذعان
الشيخ لا بل قلعة العلم التي
ملأت برأي صائب وبيان
هو قلعة العلم التي بنيت على
ثقة بعون الخالق المنانِ
وأمامها هزمت دعاوى ملحد
وارتد موج البغي والبهتان
وتتطايرت شبه العقول لأنها
وجدت بناءاً ثابت الأركان
أنست بها نجدُُ ومهبط وحينا
واسترشد القاصي بها والداني
هو قلعة ظلت تحاط بروضة
خضراء من ذكر ومن قرآن
صان الإله عقيدة أمة
في عصرنا المتذبذب الحيرانِ
ماذا تقول قصائد الشعر التي
صارت بلا ثغر ولا أوزان
ماذا تقول عن بن باز أنها
ستظل عاجزةً عن التبيان
ماذا تقول عن التواضع شامخاً
وعن الشموخ يحاط بالإيمان
ماذا تقول عن السماحة والنهى
عن فقه هذا العالم الرباني
مات بن باز للقصائد ان ترى
حزن القلوب وادمع الأجفان
في عين طيبة أدمع فياضة
تلقى دموع الطائف الولهان
والخرج تسأل والرياض ومكة
عن قصة مشهورة العنوان
عن قصة الرجل الذي منحت
له كل القلوب مشاعر إطمئنان
ما زالت أذكر صوته يسري
إلى أعماقنا بمودة وحنان(828/1)
يفتي وينصح مرشداً وموجهاً
ومعلماً للناس دون توانِ
نوراً على الدرب ارتوى من فقه
وسرت منابعه إلى الظمآن
يا رب قد أصغت إليك قلوبنا
وتعلقت بك يا عظيم الشان
الشيخ مات عليه أندى رحمه
وأجل مغفرة من الرحمان(828/2)
كاترينا
شعر: عبدالرحمن صالح العشماوي
أقبلتْ والشِّمال تلوي اليمينا
تخلط القادمين بالرَّاحلينا
أرسلتْ طرفَها ومدَّتْ خُطاها
تَطَأ الأَرض توقظ الغافلينا
كشفتْ رأسَها، فلم تُخْفِ وجْهاً
حين سارتْ ولم تُغطِّ الجبينا
مقلتاها تحدِّ ثانِ بسر
كان قبل المجيء سرَّاً دَفينا
شفتاها تُردِّدان حروفاً
وحديثاً عمَّا تُريد مُبينا
قَدَماها تُعلِّمان الفيافي
ما يُريها انطلاقَها ويُرينا
ساقت الموجَ والبحار وساقت
خَلْفها الرِّيح تَطرد الهاربينا
وأدارتْ في كلِّ شيءٍ رحاها
فأحالت ما واجهته طحينا
وأراقت عليه ماءً أُجاجاً
صنعتْ منه للفناءِ العَجينا
لا تبالي بما تقابل مهما
كان ضخماً وكان صلباً متينا
ملأتْ دربها الطويل ضحايا
وصراخاً وادمعاً وأنينا
كيف جاءت وأين تغدو وماذا
تبتغي هذه التي تجتوينا؟!
ما اسمُها؟ ضجَّت الأعاصيرُ لمَّا
سألوها، ورددتْ (كاترينا)
(كاترينا) أما ترون يديها
كيف هزَّتْ قلاعكم والحصونا؟!
أو ما تسمعون وقْع خُطاها
أَورَثَ العقل حيرةً وجنونا؟!
مالكم - ويلكم - وقفتم حيارى
وفغرتم أفواهكم واجمينا؟!
أنتم القوَّة العظيمة هيَّا
حطّموها، وأمّنوا الخائفينا
وجِّهوا نحوها أساطيل جوّ
واملؤوا البحر للدِّفاع سفينا
أمطروها بسائل الغاز حتى
تقتلوها قتلاً فظيعاً مُهينا
حرِّ قوها بناركم، مزِّقوها
كضحايا العراقِ حتى تَلينا
عندكم خبرة القتال، رأينا
في بلاد الأَفغانِ منها فُنونا
ورأينا العراق يجري دماءً
بعد أن صار في يديكم رهينا
(كاترينا) هيَّا اسمُلوا مقلتيها
بالمسامير، أَغمِدُوا السكِّينا
عندكم خِبرَةُ السجون فهيَّا
أَسِكنُوها في (قونتنامو) السُّجونا
أجهزوا - أيها الصقور - عليها
قبل أن يَهزِمَ اليقينُ الظُّنونا
بادروها بجيشكم، واستعدُّوا
قد أتتكم (ريقا) بما تكرهونا
جَنْدِلُوا هذه وتلكَ سريعاً
أولستم بجيشكم قادرينا؟!
نحن - والله - لا نريد هلاكاً(829/1)
للضحايا، ولا نريد فُتونا
غير أنا نقول قوْلَةَ حقّ
يصبح الظنُّ في مداها يقينا
يُمهل الله خلقَه ويُريهم
طُرُق الخير عَلَّهم يَسلكونا
جعل العفو واحةً وغصوناً
وارفاتٍ تظلِّل التائبينا
بابُه مُشرعٌ لكلِّ منيبٍ
بابُ خيرٍ يستوعب العالمينا
فإذا أسرف العباد وجاروا
وتمادوا وروَّعوا الآمنينا
قال: كُنْ، خالقُ العباد فكانتْ
لَمْحَةُ العينِ مُهلَةَ الظالمينا
يا ضحايا غرورهم وهواهم
كم ننادي غروركم فاسمعونا
اسمعونا فربما جاء يومٌ
مُثْقَلٌ يملأُ المسامع طينا
اخرجوا من مغارةِ الوهم إنَّا
لنراكم في ليلها غارقينا
احرسوا شعبكم بعدلٍ، وإلا
فعليكم أوزارُهم أجمعينا
ما دهاكم، أما كفى ما رأيتم
من ملايين شعبكم هائمينا؟!
لحظةٌ من إرادة الله دكَّتْ
ما بنيتم من القلاع سنينا
مَنْ رأى البحر هائجاً، وتمادَى
دوَّنتْه الأمواجُ في الهالكين(829/2)
لغة الحجارة أبتاه ما زالت جراحي تنزفُ والليل أعمى والمدافع تقصفُ
بيني وبين مطامحي ألف يد هذي تريق دمي وهذي تغرفُ
ليل التخاذل سيطرت ظلماته والقلب بالهمّ الثقيل مغلفُ
وتثائب الصمت الطويل ومقلتي ترنو الى الافق البعيد وتذرفُ
وأمام باب الدار يرقبني الردى وعلى النوافذ ما يخيف ويرجفُ
شبكة مشكاة
الإسلامية من أين أخرج يا أبي والى متى أحيا على خدر الوعود وأضعفُ
نشقى وتجار الحروب قلوبهم بلقاء من شربوا دمي تتشرفُ
ويسومنا الاعداء شر عذابهم فإلى متى لعدونا نتلطف ؟
ها نحن يا أبتي نعيد لقومنا شرف الدفاع عن الحمى ونشرّفُ
طال انتظار صغاركم فتحركوا لما رأوا أن الكبار توقفوا
وتلفتوا نحو السلاح فما رأوا إلا الحصى من حولهم تتلهف
عزفوا بها لحن البطولة والحصى في كف من يأبى المذلة تعزف
هذي الحجارة يا أبي لغة لنا لما رأينا أننا لا ننصف
لما رأينا أن حاخاماتهم يتلاعبون بنا فيرضى الأسقف
لما رأينا أن أمتنا على أرض الخلاف قطارها متوقف
ماذا نؤمل يا أبي من فاسق يلهو ومن متدين يتطرف ؟
جيش الحجارة يا أبي متقدم والمعتدي بسلاحه متخلف
أنا لا أتوق الى الفناء وإنما موت الكريم على الشهادة أشرف
بيني وبين حصى بلادي موعد ما كان يعرفه العدو المرجف
يتعوذ الرشاش من طلقاتها ويفر منها المستبد الأجوف
لغة الحجارة يا أبي ، رسمت لنا وعد الإباء ووعدها لا يخلف
وغدت تنادينا نداء صادقا وفؤادها من ضعفنا يتألف
لا تألفوا هذا الركون الى العدا فالمرء مشدود الى ما يألف
هزوا سيوف الحق في زمن على كتفيه من ظلم العدا ما يجحف
عفواً أبي فقصائدي مجروحة تشكو معانيها وتبكي الأحرف
وقلوبنا مشحونة باليأس في زمن يداس به الضعيف ويجرف
يتطلع الاقصى اليّ وحوله عين تراقبه وسمع مرهف
ويد مجمدة على الرشاش لم تغسل بماء منذ ساء الموقف
شبكة مشكاة
الإسلامية في وجه صاحبها نفور صارخ وعلامة للغدر ليست توصف
هذا هو الاقصى وطائر مجده يشدوا بألحان الهدى ويرفرف(830/1)
تتحلق الاعوام في ساحاته حِلَقاً تسبّح للإله وتهتف
ويقبّل التاريخ ظاهر كفه وبثوبه جسد العلا يتلحف
واليوم يرقبنا بطرف ساهر ويداه من هول المصيبة ترجف
ما زال يدعو يا أبي وفؤاده من كل معنى للتخاذل يأنف
يا أمة ما زلت أنشد مجدها شعراً يطاوعني صداه ويسعف
المجد مجدك إنما أزرى به راع يتيه وعالم يتزلف
وشبيبة هجرت مبادئ دينها وغدت لأفكار العدا تتلقف
يا زورق أحلام في بحر الأسى هذي يدي رغم القيود تجدف
وبوارج الأعداء تختزن الردى ربّانها متطاول متعجرف
واجهت يا أبتي الخطوب وعدتي قلب عصاميّ وحسٌ مرهف
وتوجهٌ لله يجعل هامتي أعلى ، وإن جار الطغاة وأسرفوا
أبتاه لن يحمي حمى أوطاننا إلا حسام لا يُفلّ ومصحفُ(830/2)
لك الله يا سامي
شعر الدكتور / عبد الرحمن العشماوي
لك الله يا سامي إذا احتدم الأمرُ = لك الله منه العون للعبد والنَّصْرُ
لك الله في أرضٍ تطاوَل ليلُها = على أهلها حتى شكا الغُرْبةَ الفِجْرُ
وحتى شَكَا القانونُ فيها انتهاكَه = فلم يتَّّسع فيها لظالمها العُذْرُ
لك اللهُ في أرضٍ تباكتْ نجومُها = على سوء ما يجري بها, وبكى البَدْرُ
ولو نطق التمثالُ فيها, لَرُبَّما = تبرَّأ ممَّا جرَّه الظلم والغَدْرُ
ولو أنَّ أمريكا أقامت لنفسها = من العقل نبراساً لما اختلط الأمرُ
وكم يقتل الإحساسَ في القلب = حقدُه ويُفقده معنى بصيرته الكِبْرُ
فيا ليت أربابَ العقول تسلَّقوا = جدار دُعاةِ الوهم, كي يُجْبَرَ الكَسْرُ
وياليت جدرانَ الفواصل تنتهي = ليأمن أطفالٌ أصابهم الذُّعْرُ
نقول لمن ساقوا أباطيلَ بغيهم = أفيقوا, فقد يجني على الساحرالسحرُ
ترى العين في لَمْعِ السَّرابِ نجاتَها = فينقذها عقلٌ ويرشدها فكرُ
لك الله يا سامي, فجسرُكَ لم يَزَلْ = بربِّك موصولاً, ولن يُقطَعَ الجسْرُ
لك الله في بحرٍ ستعبر موجَه = إلى الضّفّة الأخرى, وإنْ زمجر البحرُ
وكيف يخاف البحرَ من خاضَ موجَه = وبحَّارُه التقوى, وزورقُه الصَّبْرُ؟
بإيمانها تسمو القلوب وتزدهي = سعادتُها فيها, وينشرح الصَّدْرُ
وكيف يهُزُّ اليأسُ وجدانَ مسلمٍ = وفي ثغره الميمون قد أورق الذِّكْرُ؟
رأيتُكَ وجهاً فيه للخير صورةٌ = وفي الوجه تعبيرٌ يُزَاحُ به السِّتْرُ
ولو أنَّ مَنْ يسعون للخير أصبحوا = عناصرَ إرهابٍ لما بُذِرَ البَذْرُ
أَيُوصَفُ بالإرهاب من مَدَّ كفَّه = لينقذ محتاجاً أضرَّ به الفَقْرُ؟
أيوصف بالإرهاب مَنْ ردَّ صائلاً = وحارب محتَلاَّ, طبيعتُه المكرُ؟
أتصدقُ دعواهم على كلِّ مسلمٍ = ويسلم من أوزارها القَسُّ والحَبْرُ؟!
لك الله يا سامي, فللحقِّ جولة = سيُنْقَذُ فيها من طواغيته العَصْرُ(831/1)
كأني بك اجتزْت المسافاتِ قادماً = إلى الوطن الغالي, يرافقُك البِشْرُ
ستلقاك يا سامي الخزامى بنشرها = بريئاً, وتلقاك البَواسقُ والسِّدْرُ
سيسعد أطفالٌ وتسعد زوجةٌ = لإخلاصها في كل ناحيةٍ ذكْرُ
لقد سطَّرتْ من عزمها وصمودها = كتاباً لها فيه الكفايةُ والأَجْرُ
ستسعد يا سامي بعُمْرةِ مسلمٍ = يكون بها لله في بيته الشُّكْرُ
لك الله يا سامي فلا تَخشَ,إنه = من العُسْرِ - مهما اشتدَّ - يَنْبثق اليُسْرُ(831/2)
ليس هذا عيدي( إليكِ أيتها الأخت الصغيرة هذه الهدية )
قابَلتني في فرحةٍ بالتحية ولها بسمة على الثغر حيه
خطوها راقص تقول سروراَ هاهو العيد جئت أبغي الهديه
فتمطت في القلب آهة جرح وتساءلت والدموع سخيَّه
أي عيد رقصت شوقاً إليه ؟ أي عيد ذكرته يا أخيه ؟
أهو عيد للقدس عاد إلينا ؟ بعد أن دمَّرته أيد غبيَّه
عجبت أختي الصغيرة من حالي وقالت في دهشة ورديَّه:
إنه عيدنا وعيد رفاقي عيد حلوى وذكريات عنيَّه
قم معي يا أخي نُؤرجح بعضاً في أراجيحنا ونلعب ( فَيّه)
قلت يا أختُ (مرجحي ) وتغنَّي لم تزل نفسك الطهور نقيَّه
كنت طفلاَ يا أخت مثلك خِلواَ من همومي ، وليس في القلب كيَّه
كم غدونا إلى البيوت صباحاَ يوم عيدي نحن الرفاق سويّه
وطلبنا من ربَّة البيت حلوى وسرقنا إذا استطعنا البقيَّه
كم هنئنا بمثل عيدك هذا فاصدحي بالرضى وعيشي هنيَّه
هو عيد الأطفال مثلك يا أختي وعيد الأبطال عيد البريَّه
ليس هذا عيدي ، فإن جراحي لم تزل يا حبيبة القلب حيَّه
ليس هذا عيدي ولكنَّ عيدي أن أرى أمتي تعود أبيَّه(832/1)
( قالها العشماوي عند قدومه إلى المدينة المنورة )مأزر الإيمان
هل أنت في حلم يمر سريعا لما دعاك إليه جئت مطيعا
هذي أمامك طيبة ورحابها قد بوركت في العالمين ربوعا
شبكة مشكاة
الإسلامية هذي المدينة قد تألق فوقها تاج يرصع بالهدى ترصيعا
هذي سقيفتها تلوح أمامنا فنرى بها شمل الرجال جميعا
هي مأرز الإيمان في الزمن الذي يشكو بناء المكرمات صدوعا
هذا قباء ، أما رأيت البدر في ساحاته لما استتم طلوعا
أو ما تشاهد روضة من جنة مخضرة أوما تحس خشوعا
أو ما ترى جذع اليقين قد ازدهى وامتد عبر الكائنات فروعا
أو ما تشم المسك في أرجائها أو ما تشاهد خندقا وبقيعا
مالي أراك وقفت وحدك جامدا ما بال عينك لا تفيض دموعا
هذا هو الوادي المبارك لم يزل في الحب في زمن الجفاف ربيعا
هذا هو الجبل الأشم كأنه يصغي ليسمع شعرك المطبوعا
أحد يحب رسولنا ونحبه ما زال رمزا للوفاء بديعا
ما أنت في حلم فهذي طيبة قد أوقدت للتائهين شموعا(833/1)
مادلين أولبرايت
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(834/1)
ماهي العولمه؟
لنترك شاعرنا يعرفها لنا....فماذا يقول
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشدّدة وهاء
من هاهنا ابتدأ العناء
من هاهنا جرّ السماسرة الرداء
وطغى على النهر الغثاء
عين. وتنتفض العمالة والعناد
لام . ويظهر في ملامح وجه عالمنا الكساد
ميم . ويرفع ملحد علم الفساد
ألف . ويبتدأ الحصاد
نون . وتبدأ نكسة كبرى ويجتاح الجراد
ياء . وتغرق أمتي في اليانصيب
هاء .وتقطع هامة الأمل الحبيب
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
هذي حروف الوهم في زمن الضياع
هذي حروف اليأس في بحر ... يبدد موجه حلم الشراع
هذي حروف الموت في وجدان أمتنا ... .. وقنطرة الصراع
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء .مشددة وهاء
عين .عذاب
لام .لهيب واضطراب
ميم. مجافاة الكتاب
ألف .أسىً
نون .نقيق ضفادع وصدى نعاب
ياء .يد سوداء موحشة الخضاب
هاء .هوى يغتال قلب الحر يلتهم الصواب
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
من أين نخرج أيها الليل البهيم
من أين نبدأ رحلة الأمل العظيم
من أين ... وانكسر السؤال
وسمعت صوتا من وراء الأفق موفور الجلال
يا سائلا في ثغره اشتعل السؤال
هذا الطريق أمام عينك يا غريق
وأمامك الروض المندى والرحيق
وأمامك القرآن زادك في الطريق
وحديث خير الناس والبيت العتيق
سل أيها الشاكي حراء
سل غار ثور حينما التفت الزمان إلى الوراء
ورأى النبي يقول للصديق لا تحزن ... .فربك في السماء
ورأى أبو جهل ... وفي عينيه نبرة كبرياء
مائة من الإبل العتاق فأين عشاق الثراء
أين الرجال الأقوياء
سل يا أبا جهل سراقة عن إمام الأنبياء
وأصغ بسمعك عن للنداء
اسمع صهيل الخيل في بدر
وقعقعة السيوف الراشفات من الدماء
لكأنني بالرمل يصرخ في وجوه الأشقياء
شاهت وجوه القوم خاب الأدعياء
وكأنني بالصوت جلجل في الفضاء
بشراك خير الأنبياء
صهوات خيل المشركين طريقهم نحو الفناء
فاصبر فإن الله يفعل ما يشاء
يا سائلا في ثغره اشتعل السؤال
أوما ترى عيناك وجه الشمس ... ..ناصية الهلال(835/1)
قاف وراء
ألف لها مد ونون
هذي الحروف هي اليقين
هذي الحروف هي اليقين الحق يعصف بالظنون
نبع فأين الواردون
نهر صفا من كل ما لا يستسيغ الشاربون
قرآنكم يا مسلمون
قاف. قيم
راء . رقي في سماء المجد سعي للقيم
ألف . أباء في زمان الذل ... أيمان برب الكون ..إخلاص شمم
نون . نقاء الروح من دنس التذلل للصنم
قاف وراء
ألف لها مد ونون
هذا هو الفجر الذي اكتسح الظلام
وأضاء درب السالكين إلى رحاب الخير في البلد الحرام
قد فاز من سلك الطريق إلى الأمام
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
سيزول هذا الوهم في ظل العقيدة
ولسوف يعرف كل مغرور حدوده
ولسوف تبدأ أمتي بالحق رحلتها السعيد(835/2)
من أين أبدأ رحلتي( تساؤلات طفل شردته الحرب )
الليل مكتئبٌ وقريتنا يضاجعها الخراب
ونساء قريتنا على الطرقات يسدلن الحجاب
يخشين – يا أبتي – على أعراضهن من الذئاب
وبكاؤهن يشيع في آفاق قريتنا اكتئاب
وعويل أطفال يذيب القلب ، قد فقدوا الصواب
وهزيم رعد - يا أبتي – يفضي بآلام السحاب
ووميض برق تستضيء به المشارف والشعاب
وسفينة في البرِّ آمنة وأخرى في العُباب
وغناء عصفور على فننٍ يردده غراب
وأنين أفئدة يمزقها التلهف والعذاب
ويد مكبلة وهذا السيف يلمع كالشهاب
وصراخ أسئلة بلا وعي ، تحن إلى جواب :
ما بالهم يستأسدون ويطحنون رؤى الشباب ؟!
ويعربدون ، وينشرون على الورى قانون غاب ؟!
ما بالهم ، في غيهم يتسلطون على الرقاب ؟
ما بالهم ، شربوا دماء الأبرياء بلا حساب ؟؟
همج .. أليس لهم إلى البشر ، انتماء وانتساب ؟؟
بشر؟؟ نعم لكنهم عند عند الرغائب كالدواب
هم كالوحوش بدا لهم في حربنا ظفرُ وناب
أواه من جور العدو ومن مجافاة الصحاب
من أين أبدأ- يا أبي ؟ والليل يرفده الضباب
من أين ألبس – يا أبي ؟ جسدي يحن إلى الثياب
كل المنابع أصبحت مستنقعات للذباب
صارت وجوه الهاربين دفاتر الأمل المذاب
وعيونهم صارت كهوفا للذهول وللعذاب
من أين أبدأ رحلتي ووجوه أصحابي غضاب ؟
يبست على دربي الخطا وتنابحت حولي الكلاب
ستقول يا- أبتي – تصبر ، سوف نقتحم الصعاب
ستقول : لا تجزع ، فمثلك في الحوادث لا يهاب
أتظن أني لا أرى ما نحن فيه من اضطراب ؟!
أتظن أني لا أرى سجني ، ولا تلك الرحاب ؟!
إني لأسمع ما يقال على المنابر من سباب
إني لأعرف كل وجه يختفي خلف الحجاب
كم من وعود – يا أبي – لكنها مثل السراب
هذا صواب يا بني ، وهل تقول سوى الصواب ؟؟
أعداؤنا مثل الذئاب ونحن نصطاد الذئاب
بيقيننا نمضي ونهزم كل شك وارتياب
وإلى متى هذا السؤال وعندنا نحن الجواب
سنسد باب الظلم يا ولدي ونفتح ألف باب(836/1)
موازين الرجال( تحية فلسطين إلى الأمير عبد الله بن عبد العزيز )
شبكة مشكاة
الإسلامية
تَحذِّرنا من الباغي علينا **** ومن أَتْباع نَهْجِ (أبي رِغالِ)
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(837/1)
نحن أدرى أيها الحادي الذي يحدو القوافل أنت ماضِ ، وجدير أن تواصل
أسمع الصحراء صوتاً أنجشياً صافياً يلهبُ أخفاف الرواحل
وبه تمنحنا الراحة ظلاً وبه تُطوى من الدرب المراحٍل
أيها الحادي ، أدرُ شدوك فينا نغماً يوقظ أحلام الغوافل
صوتك العذب يُرينا كيف تهفو مقل الرمل ، وأهدابُ المنازل
شبكة مشكاة
الإسلامية صوتك العذبُ غناء يتلاشى عنده تغريد أصوات البلابل
كلما أنشدت لحناً ، خلت أني أمسح النجم بأطرف الأنامل
وأناجي قمر الليل وأبني فوقه صرحاً ، وأبراج فضائل
وأرى دائرة النور أمامى غرةً بيضاء في جبهة صاهل
وأرى الأنجم عقداً لؤلؤياً ما له في عالم الدر مماثل
أيها الحادي ، تألقت فرفقاً بالقوارير وربات الخلاخل
خفف اللحن الذي أصبح سحراً يتسامى وصفه عن سحر بابل
أيها الحادي على لحنك سارت خيلنا الدهم الكريمات الأصائل
لم نزل نُركضها في خير أرض صانها الرحمن من ضرب الزلازل
لم نزل نسقي رمال البيد غيثاً من سحاب ، عبرت عنه الجداول
لم نزل في رحلة الحب سوياً نقطع البيد ونجتاز المجاهل
ربما يعذلنا من ليس منا والفتى الواثق لا يخشى العواذل
نحن ما زلنا على درب هُدانا نرشد الناس وندعو ونحاول
لا نبالي بخفافيش ظلام بل نناديها وغيثُ الحب هاطل
يا خفافيش ظلام الليل ، إنا قد عرفنا كل ما تُخفى الحواصل
عجباً كيف وهمتُم ، أنسيتم أن بحر الوهم لا يلقاه ساحل؟
لجةً مظلمة يغرق فيها كل مجنونٍ ومخدوع وعاطل
يا خفافيش ظلام الليل إنا لم نزل نحمل في الليل المشاعل
ما وجدنا حيرة لما انطلقنا بل عرفنا ـيف نمضي ونواصل
نحن لم نجنح عن الحق ولكن جنح الواهم واللص المخاتل
دارتِ الدنيا بنا حتى ثبتنا وورثنا بالهدى مجد الأوائل
وعرفنا لغة التجديد لكن دون أن نفقد روحا أو نجامل
أرضنا مهبط وحي الله فيها جمع الإسلام أشتات القبائل
هذه كعبتنا مهوى قلوب شوقها يغلي كما تغل المراجل
ركنها والحجر الأسود فيها والمصلى والحمامات الزواجل
شبكة مشكاة(838/1)
الإسلامية صورةً تختصرُ الكون وتمحو من قلوب الناس آثار الغوائل
يا خفافيش ظلام الليل مهلاً سرجكم في ساحة الميدان ما ئل
شرقوا أو غربوا إنا ورثنا من تعاليم الهدى خير الشمائل
ورثنا من كتاب الله علماً كل علم بعده تحصيل حاصل
ويلكم كيف نسيتم أن ديني هو نبع الخير والأرض خمائل ؟
انما يحفظ حق الناس دين يَرِدُ الناس به اصفى المناهل
وبه يحفظ حق لضعيفٍ وبه يُطعمُ مسكين وعائل
وبه ترفع راياتُ بلادي وبه تُعرف أحكام النوازل
إن من أعظم ما يرعى حقوقاً لبني الإنسان ان يُقتل قاتل
ان ترى كفُّ الذي يسرق حدا صارماً يحمي من اللص السنابل
أن يرى المجرمُ سيفاً حيدرياً مشرقاً يلمع في قبضة عادل
أن ترى الأمة ما يحمي حماها من هوى باغِ ومن زلة جاهل
أن يرى من يهتك الأعراض ظلما كيف يحمي الرجمُ أعراض الحلائل
ان يرى من يقذف الناس بفحش أن حد القذف يحمي عرضَ غافل
في القصاص الأمنُ من سطوة باغ وبه تُطفأ نيران القلاقل
صورة مُحكمة النسج ودين واضح تسمو به الأرواح كامل
عجباً ممن يرى في التمر جمراً ويساوي بين مجنون وعاقل
ويرى أن العصا مثل حسام ويساوي بين سحبان وباًقل
كيف يرعى من حقوق الناس شيئاً ومن يناديهم إلى وحل الرذائل؟
ويرى حرية الناس انحلالا وانحرفا عن موازين الفضائل
عالم الغرب الذي يُطلق فينا كل يوم صرخة من فم صائل
لم يزل يسبح في بحر المعاصي وعلى شطآنه تجري المهازل
شبكة مشكاة
الإسلامية لم يزل ينهشنا لحماً وعظماً ويُرينا كيف يجتز المفاصل
عالم الغرب اختراعات عقول أصبحت في خالق الكون تجادل
يَزنُ الأمر بميزانين هذا راجح في الوزن والآخر شائل
وكأن الهيئة الشمطاء فيهم ناقة مسمولة العينين حائل
كيف نرجو من فتىً يأبى التزاما بفروض الدين تطبيق النوافل؟
ما قلوب الناس إلا كبقاع بعضها معشوشب والبعض قاحل
كم قلوب كزهور الروض حباً وصفاء وقلوب كالجنادل
أيها الماضون في درب الدعاوى دربنا يُسقى من الخير بوابل(838/2)
نحن أدرى في مملكة أشرق فيها فجر دين الله يجتاز الحوائل
نحن أدرى بحقوق الناس هذا ديننا يدفع عنها ويناضل
ديننا للدين والدنيا نظام جامع مستوعب للكون شامل
ديننا صرح من الخير متين تتهاوى دونه اعتى المعاول
ديننا اثبت من قنة رضوى كل دين غيره في الأرض باطل
راية التوحيد إعلان صريح وجواب عندما يسأل سائل(838/3)
نعزيك في الكلبة الرَّاحلة
بعد أن أعلن المكتب الصحافي في البيت الأبيض
وفاة كلبة الرئيس الأمريكي الراحلة "سبوت بنت ميلي" والتي ترجع أصولها إلى إنجلترا!.
كتب الدكتورر / عبد الرحمن صالح العشماوي هذه ( المواساة )
نعزيك في الكلبة الرَّاحلة =عزاءُ تُسَرُّ به العائلَهْ
نعزيك في كلبةٍ ودَّعت = وغابت عن الأعين الذاهلَهْ
نعزيك فيها وقد فارقت= حياة، برحمتكم حافلَهْ
برحمتكم؟! أينَ؟ لا تعذلوا = سؤالاً، ولا تعذلوا سائلَهْ
لقد فارقت داركم، لم تعد =هنالك خارجة داخلَهْ
فقدتم عزيزاً بفقدانها =فكفكف دموع الأسى الهاطلَهْ
نعزِّيك في حُسْنِ هندامها=وفي شعر"قَصَّتها" المائلَهْ
نعزِّيك في لون أنيابها =وفرشاة" أسنانها الناحلَهْ
وفي أذنيها وفي ذيلها=وضحكة أشداقها الهائلَهْ
نعزِّيك في مربض دافئٍ =إذا ربضت ساعة القائلَهْ
نعزِّيك في جنبها، لم تعد = تحك به أرجل الطاولَهْ
تُعزيك أشلاء أطفالنا =وجدران أوطاننا الفاصلَهْ
تُعزيك أم رأت ابنها=قتيلاً، ودوحتها ذابلَهْ
تُعزِّيك غزة لم تنشغل=بأخلاق غاصبها السافلَهْ
يُعزِّيك طفل العراق الذي =تشَّرد في أرضه القاحلَهْ
يُعزِّيك ماء الفرات الذي =رأى قسوة الضربة القاتلَهْ
رأى القاذفات التي أرسلت =إلى الناس غازاتها السائلَهْ
رأى الطائرات التي أسرفت=غدوًّا، رواحًا إلى الحاملَهْ
رأى الناقلات التي لم تزل =تُلاحقُ ناقلة ناقلَهْ
تُعزِّيك أقفاص أسرى الردى =ببرقية بُعثت عاجلَة
نعزِّيك فيمن فُجعتم بها =وكانت بنعمائكم رافلَهْ
فراق "سُبوت" لأحبابها=فراق تجلَّت به النازلَهْ
فكم زفرة بعدها صُعَّدت =وكم دمعة بعدها هاملَهْ
كريمة أصلٍ فأخوالها =سُلالة إنجلترا الباسلَهْ
و"ميلي"هي الأم جاءت بها =لتصبح مشغولة شاغلَهْ
وأمَّا أبوها وأعمامها =فيُنمَونَ للأسر الخاملهْ
ولا ضير فالأم أولى بمن =تكون بآبائها جاهلَهْ
نعزِّيك فاصبر على فقدها =فدنيا الورى كلها زائلَهْ(839/1)
فإن العزاء لكم واجب =وإن العزاء لنا نافلَهْ
أتأذن بعد العزاء الذي =نظرنا به نظرة عادلَهْ؟
أتأذن لي بالسؤال الذي =تردده الأنفس الجافلَهْ؟
سؤال المساكين في عالمٍ=تداعت أساطيله الصائلَهْ:
أيمكن أن يجدوا لفتة =من العطف كالكلبة الراحلَهْ؟(839/2)
هو المختارُ صلى الله عليه وسلم
د.عبدالرحمن العشماوي 28/12/1426
28/01/2006
هو المختارُ :" اللهم إني أحببتك وأحببت نبيك عليه الصلاة والسلام حباً صادقاً أرجو أن تغفر به الذنب ، وتُسعد به القلب ، اللهم تقبّلْها دفاعاً عن سيِّد الأبرار
***
من نبع هديك تستقي الأنوار * وإلى ضيائك تنتمي الأقمار
رب العباد حباك أعظم نعمة * دينا يعزُّ بعزَّه الأخيار
حُفظت بك الأخلاق بعد ضياعها ** وتسامقت فى روضها الأشجار
وبُعثت للثقلين بعثة سيد* صدقتْ به وبدينه الأخبار
أصغت اليك الجن وانبهرت بما *** تتلو، وعَمَّ قلوبها استبشار
يا خير من وطيءَ الثرى وتشرفت *** بمسيره الكثبان والأحجار
يا من تتوق إلى محاسن وجهه ****** شمسٌ ويفْرَحُ أن يراه نهار
بأبي وأمي أنتَ ، حين تشرَّفت * بك هجرة وتشرَّفَ الأنصار
أنْشَأْتَ مدرسة النبوة فاستقى ***** من علمها ويقينها الأبرار
هي للعلوم قديمها وحديثها *** ولمنهج الدين الحنيف منار
لله درك مرشدا ومعلما ** شَرُفَتْ به وبعلمه الآثار
ربَّيْتَ فيها من رجالك ثُلَّةً **** بالحقِّ طافوا في البلاد وداروا
قوم إذا دعت المطامع أغلقوا *** فمها ، وإن دعت المكارم طاروا
إن واجهوا ظلماً رموه بعدلهم *** وإِذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآناً يسير أمامهم * وبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوا *** إلا وأفئدة العباد عَمَار
لو أطلق الكونُ الفسيحُ لسانه * لسرتْ إليك بمدحه الأشعار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبادِ ، لردَّدتْ ******* أصواتُ مَنْ سمعوا : هو المختارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنتَ أفضلُ مرسلٍ ***** وأعزُّ من رسموا الطريق وساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُها **** آفاقَنا ، مهما أُثيرَ غبار
ما أنت إلا أحمد المحمود فى *** كل الأمور ، بذاك يشهد غار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلما ** شهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير من *** قاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ(840/1)
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤه *** إن لم يتب مما جناه النار
لكأنني بخطاه تأكل بعضها ** وهناً ، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر ** بل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد، فلا يدٌ * وصلت إليك ، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من به *** وبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاك ربك همة ومكانة** فلك السمو وللحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول كافر * ملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل أمةٍ ** يشكو اندحار غثائها المليار
وقفت على باب الخضوع، أمامها *** وهن القلوب، وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارها *** من قبل أن يتحرك الاعصار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا *** *****جيش الرذيلة والهوى جرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولم يزل *** **متخبِّطاً فى موجه البحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى ****** ومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت نذيرهم * نعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوا *** فأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقى ** ** بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهم)؟ ******* يُصغي الرُّعاةُ وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم ***** حتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري مثلما **** يجري (صديدٌ) فى القلوب ،و(قََارُ)
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد جرى *** بك في طريق الموبقاتِ قطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْ **** فلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول ، وللدموع حكايةٌ* عن مثلها تتحدَّث الأمطار:
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّنا ** أسمى ، وأنَّ الشانئينَ صِغَارُ
لكنه ألم المحب يزيده ** شرفاً، وفيه لمن يُحب فخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهم ** ويذوق طعمَ الرَّاحَةِ الأغْيارُ(840/2)
هو رامي أو محمدهو رامي أو محمَّد
صورةُ المأساة تشهد:
أنَّ طفلاً مسلمِاً في ساحة الموتِ تمدَّد
أنَّ جنديَّاً يهودياً على الساحةِ عربَد
وتمادى وتوعَّد
ورمى الطفلَ وللقتلِ تعمَّد
شبكة مشكاة
الإسلاميةهو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ طفلاً وأباً كانا على وعدٍ من الموتِ محدَّد
مات رامي أو محمَّد
مات في حضن الأَب المسكينِ.
والعالَمُ يشهد
مَشهدٌ أبصرَه الناسُ.
وكم يخفى عن الأعيُنِ مشهَد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
إنَّ إرهابَ بني صهيونَ.
في صورته الكبرى تجسَّد
أنَّ حسَّ العالَم المسكونِ بالوَهم تبلَّد
أنَّ شيئا ً اسمُه العطفُ على الأطفالِ.
في القدس تجمَّد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أن لصَّاً دخل الدَّارَ وهدَّد
ورأى الطفلَ على ناصيةِ الدَّرب فسدَّد
وتعالى في نواحي الشارع المشؤوم
ِ صوت القصفِ حيناً.
وتردَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ جيشاً من بني صهيونَ.
شبكة مشكاة
الإسلاميةللإرهابِ يُحشَد
أنَّ نارَ الظلم والطغيانِ تُوقَد
أنَّ آلافَ الخنازير.
على المنبع تُورَد
هذه الطفلةُ سارةْ
زهرةٌ فيها رُواءٌ ونضارةْ
رَسَمَ الرشّاشُ في جبهتها.
شَكلَ مَغارة
لم تكن تعلم أن الظالم الغاشمَ أزبَد
وعلى أشلائها جمَّع أشلاءً وأوقَد
هو رامي أ و محمَّد
صورة المأساةِ تشهَد:
أنَّ جرحَ الأمةِ النازفَ منها لم يُضَمَّد
أنَّ دَينَ المجد مازال علينا.
لم يُسَدَّد
أنَّ باب المجدِ مازالَ.
عن الأمَّةِ يُوصَد
صورة المأساة تشهد:
أنَّ أشجاراً من الزيتونِ تُجتَثُّ.
وفي موقعها يُغرَسُ غرقَد
أنَّ تمثالاً من الوهمِ.
على تَلٍّ من الإلحادِ يُعبَد
هو رامي أو محمَّد
صورةُ المأساةِ تشهد:
شبكة مشكاة
الإسلاميةأنَّ ما أدَلى به التاريخُ.
من أخبار صهيونَ مؤكَّد
أنَّ ما نعرف من أحقادِ صهيونَ تجدَّد
ما بَنُو صهيونَ إلاَّ الحقدُ.
في صورةِ إنسانٍ يُجسَّد
أمرُهم في نَسَق الناسِ معقَّد(841/1)
يا أعاصيرَ البطولاتِ احمليهم
ووراء البحر في مستنقع الذُّلِّ اقذفيهم
وعن القدسِ وطُهر القِبلة الأُولى خذيهم
قرِّبيهم من مخازيهم وعنَّا أبعديهم
هو رامي أو محمَّد
هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومُرشَّد
هي لُبنَى هي سُعدى وابتسامٌ وهيَ سارةْ
هم بواكيرُ زهور المجد في عصر الإثارَةْ
هم شموخٌ في زمانٍ أعلن الذلُّ انكسارة
هم وقود العزم والإقدامِ عنوانُ الجَسَارة
هم جميعاً جيلنا الشامخُ.
أطفالُ الحجارَة ْ
لو سألناهم لقالوا:
ما الشهيدُ الحرُّ.
إلا جَذوَةٌ تُوقِِدُ نارَ العزمِ.
والرَّأيِ المسدَّد
ما الشهيد الحرُّ إلاَّ.
شَمعَةٌ تطرد ليلَ اليأسِ.
شبكة مشكاة
الإسلاميةوالحسِّ المجمَّد
ما الشهيد الحرُّ إلاَّ.
رايةُ التوحيد في العصر المُعَمَّد
ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ.
وَثبَةُ الإيمانِ في العصر المهوَّد
ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ.
فارسٌ كبَّر للهِ ولمَّا حَضَرَ الموتُ تشهَّد
ما الشهيدُ الحُرُّ إلا.
روح صدِّيقٍ إلى الرحمنِ تصعَد
أيُّها الباكونَ من حزنٍ علينا.
إنما يُبكَى الذي استسلمَ للذلِّ وأخلَد
نحن لم نُقتل.
ولكنَّا لقينا الموتَ أعلى همَّةً منكم وأمجد
نحن لم نحزن ولكنا فرحنا ورضينا
فافرحوا أنَّا غسلنَا عنكم الوهمَ الملبَّد
طلِّقوا أوهامكم.
إنَّا نرى الغايةَ أبعَد
هو رامي أو محمَّد
شبكة مشكاة
الإسلاميةهو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومرشَّد
ربَّما تختلف الأسماءُ لكن
هَدَفُ التحرير للأقصى موحَّد.(841/2)
يا ساكنة القلب
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(842/1)
شبكة مشكاة
الإسلاميةيا صديقاً(843/1)
يا فارس الكرسي
هم أكسبوكَ من السِّباقِ رِهانا
فربحتَ أنتَ و أدركوا الخسرانا
هم أوصلوك إلى مُنَاكَ بغدرهم
فأذقتهم فوق الهوانِ هَوانا
إني لأرجو أن تكون بنارهم
لما رموك بها ، بلغتَ جِنانا
غدروا بشيبتك الكريمة جَهْرةً
أَبشرْ فقد أورثتَهم خذلانا
أهل الإساءة هم ، و لكنْ ما دروا
كم قدَّموا لشموخك الإحسانا
لقب الشهادةِ مَطْمَحٌ لم تدَّخر
وُسْعَاً لتحمله فكنتَ و كانا
يا أحمدُ الياسين، كنتَ مفوَّهاً
بالصمت، كان الصَّمْتُ منكَ بيانا
ما كنتَ إلا همّة ًو عزيمة ً
و شموخَ صبرٍ أعجز العدوانا
فرحي بِنَيْلِ مُناك يمزج دمعتي
ببشارتي و يُخفِّف الأحزانا
وثََّقْتَ باللهِ اتصالكَ حينما
صلََّيْتَ فجرك تطلب الغفرانا
و تَلَوْتَ آياتِ الكتاب مرتِّلاً
متأمِّلاً تتدبَّر القرآنا
و وضعت جبهتك الكريمةَ ساجداً
إنَّ السجود ليرفع الإنسانا
و خرجتَ يَتْبَعُكَ الأحبَّة، ما دروا
أنَّ الفراقَ من الأحبةِ حانا
كرسيُّكَ المتحرِّك اختصر المدى
و طوى بك الآفاقَ و الأزمانا
علَّمتَه معنى الإباءِ ، فلم يكن
مِثل الكراسي الراجفاتِ هَوانا
معك استلذ َّ الموتَ ، صار وفاؤه
مَثَلاً ، و صار إِباؤه عنوانا
أشلاءُ كرسيِّ البطولةِ شاهدٌ
عَدْلٌ يُدين الغادرَ الخوَّانا
لكأنني أبصرت في عجلاته
أَلَماً لفقدكَ ، لوعةً و حنانا
حزناً لأنك قد رحلت، ولم تَعُدْ
تمشي به ، كالطود لا تتوانى
إني لَتَسألُني العدالة ُبعد ما
لقيتْ جحود القوم ، و النكرانا
هل أبصرتْ أجفانُ أمريكا اللَّظَى
أم أنَّها لا تملك الأَجفانا ؟
و عيون أوروبا تُراها لم تزلْ
في غفلةٍ لا تُبصر الطغيانا
هل أبصروا جسداً على كرسيِّه
لما تناثَر في الصَّباح عِيانا
أين الحضارة أيها الغربُ الذي
جعل الحضارةَ جمرةً ، و دخانا
عذراً، فما هذا سؤالُ تعطُّفٍ
قد ضلَّ من يستعطف البركانا
هذا سؤالٌ لا يجيد جوابَه
من يعبد الأَهواءَ و الشيطانا
يا أحمدُ الياسين، إن ودَّعتنا(844/1)
فلقد تركتَ الصدق و الإيمانا
أنا إنْ بكيتُ فإنما أبكي على
مليارنا لمَّا غدوا قُطْعانا
أبكي على هذا الشَّتاتِ لأُمتي
أبكي الخلافَ المُرَّ، و الأضغانا
أبكي و لي أملٌ كبيرٌ أن أرى
في أمتي مَنْ يكسر الأوثانا
يا فارسَ الكرسيِّ، وجهُكَ لم يكنْ
إلاَّ ربيعاً بالهدى مُزدانا
في شعر لحيتك الكريمة صورةٌ
للفجر حين يبشِّر الأكوانا
فرحتْ بك الحورُ الحسانُ كأنني
بك عندهنَّ مغرِّداً جَذلانا
قدَّمْتَ في الدنيا المهورَ و ربما
بشموخ صبرك قد عقدتَ قِرانا
هذا رجائي يا ابنَ ياسينَ الذي
شيَّدتُ في قلبي له بنيانا
دمُك الزَّكيُّ هو الينابيع التي
تستقي الجذور وتنعش الأَغصانا
روَّيتَ بستانَ الإباءِ بدفقهِ
ما أجمل الأنهارَ و البستانا
ستظلُّ نجماً في سماءِ جهادنا
يا مُقْعَداً جعل العدوَّ جبانا(844/2)
يا قدس
شبكة مشكاة
الإسلامية
ستقول، أو سأقول، ما هذا الندى **** إلاَّ عطاءٌ ساقه المَنَّانُ
هذا النَّدى، بَذْلُ الذين قلوبُهم **** بوفائها وحنانها تَزْدَانُ
أبناءُ هذي الأرض فيها أَشرقتْ **** حِقَبُ الزمان، وأُنزِل القرآنُ
صنعوا وشاح المجد من إِيمانهم **** نعم الوشاحُ ونِعْمَتِ الأَلوانُ
شبكة مشكاة
الإسلامية
هي حكمةٌ بدويَّة ما أدركتْ **** أَبعادَها في حينها الأَذهانُ
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(845/1)
يا واقفا
مالي أراك تقلبُ النظرا وكأن عينك لا ترى أثرا ؟
و كأن قلبك لايحس بما يجري ولا يستشعر الخطرا
و كأن ما في الكونِ من عبرٍ ومن المواعظ واجهت حجرا
مالي أراك عقدتَ ألويةً للوهم ساقت نحوك الكدرا ؟
أو ما ترى شمس الضحى وإذا جن الظلام، أما ترى القمرا ؟
أو ما ترى الأرض التي ابتهجت أوما ترى النبع الذي انحدرا ؟
يا هارباً من ثوب فطرته أوما ترى الأشواك والحفرا ؟
شبكة مشكاة
الإسلامية أو ما ترى نار الظلال رمت لهباً إليك وأرسلت شررا؟
مالي أراك كريشة علقت ببنان مرتعشٍ رأى الخطرا ؟
تصغي لقول المصلحين وإن فُتِحَ المجال ، تبعتَ من فجرا
إن أحسن الناس اقتديت بهم وإذا أساؤا تتبع الأثرا
أتظل بين الناس إمعةً يسري بك الطوفان حيث سرى؟
عجباً أما لك منهج وسط كمحجةٍ نبراسها ظهرا ؟
يا ساكنا في دار غفلته متوارياً وتعاتب القدرا
أنسيت أن الأرض حين ترى الجفاف تراقب المطرا ؟
أنسيت أن الغصن يسلبه فصل الخريف جماله النضرا
مالي أراك مذبذباً قلقا حيران يشكو طرفك السهرا ؟
هذا قطار العمر ، ما وقفتْ عرباته يوماً ولا انتظرا
فإلى متى تبقى بلا هدفٍ اسماً كأنك تجهل السفرا ؟
هبت رياح المرجفين على إسلامنا ، فلتحسن النظرا
أو ليس للقرآن جلجلة في قلبك الشاكي الذي انفطرا؟
أجزعت ؟ ، كيف وديننا أفق رحب وأدنى ما لديك ذرا ؟!
خسر الجزوع وإن سعى سعياً نحو المراد ، وفاز من صبرا
الأرض كل الأرض ترقبنا وتقول : هذا بابي انكسرا
لم تسلك الدرب الصحيح فهل ترجو النجاة وتطلب الظفرا ؟
إن الكريم إذا أساء بلا قصدٍ وأخطأ تاب واعتذرا
شبكة مشكاة
الإسلامية هذي بلادك ، ذكرها عَطِرٌ فبها تسامى المجد وازدهرا
رفعت لواء الحق منذ هوت أصنامها وضلالها اندحرا
هي واحة الدنيا فكم نشرت ظلاً على من حج واعتمرا
فافخر بها إن المحب إذا صدق الهوى ، بحبيبه افتخرا
دع عنك من ماتت مشاعره وفؤاده في حقده انصهرا
أرأيت ذا عقلٍ يمد يداً نحو التراب ويترك الثمرا ؟(846/1)
فإلى متى أبقى تدنسني مدنية ، وجدانها كفرا ؟
ولديكم الاسلام ينقذني مما أعاني يدفع الخطرا
الأرض تدعونا انتركها ونكون أول عاشقٍ هجرا ؟
يا واقفاً والركب منطلقٌ أو ما ترى الأحداث والعبرا ؟
أو ما ترى في العصر عولمةٌ جلبت إليك بنفعها الضررا
ولديك مفتاح الصعود بها إن لم تكن ممن بها انبهرا
عد يا أخي فالبحرُ ذو صََفٍ كم مركبٍ في موجه انغمرا
كن واضحاً كالشمس صافية بيضاء يجلو نورها البصرا(846/2)
إلى ياسر عرفات
بعها فأنت لما سواها أبيع لك عارها ولها المقام الأرفع
لك وصمة التاريخ أنت لمثلها أهل ومثلك في المذلة يرتع
شبح مضى والناس بين مكذب ومصدق ويد الكرامة تقطع
ضيعت جهد المخلصين كأنهم لم يبذلوا جهدا ولم يتبرعوا
والله ما أحسنت ظني في الذي تدعو ولا مثلي بمثلك يخدع
شبكة مشكاة
الإسلامية وقرأت في عينيك قصة غادر أمسى على درب الهوى يتسكع
وعلمت أنك ابن اسرائيل لم تفطم وأنك من هواها ترضع
لكن بعض القوم قد خدعوا بما نمّقته فتأثروا وتسرعوا
ظنوك منقذهم ولو علموا بما تخفي وأنك في الرئاسة تطمع
لرماك بالأحجار طفل شامخ ما زال يحرس ما هجرت ويمنع
يا من تزوجت القضية خدعة وحلفت أنك بالحقيقة تصدع
عجبا لزوج لا يغار فقلبه متحجر وعيونه لا تدمع
عجبا لزوج باع ثوب عروسه لا ينزوي خجلا ولا يورع
يا بائع الأوطان بيعك خاسر بيع السفيه لمثله لا يشرع
هذي فلسطين العزيزة لم تزل في كل قلب مسلم تتربع
مسرى النبي بها وأول قبلة فيها وفيها للبطولة مهيع
فيها عقول بالرشاد مضيئة فيها حماس وجهها لا يصفع
هذي فلسطين العزيزة ثوبها من طلعة الفجر المضيئة يصنع
هذي فلسطين العزيزة طفلها متوثب لا يستكين ويخضع
هي أرض كل موحد لا بيع من باعوا يتمّ ولا الدعاوى تسمع
سيجيء يوم حافل بجهادنا لخيل تصهل والصوارم تلمع
قد طال ليل الكفر لكني أرى من خلفه شمس العقيدة تسطع(847/1)
مشاهد من يوم القيامة
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية
وصحوت من حلمي ونفسي بالذي ... شاهدت مؤمنة وعيني تهمل
وشعرت أن مظاهر الدنيا التي ... لهوى ..مظاهر نشوة لا تكمل
شبكة مشكاة
الإسلامية
شبكة مشكاة
الإسلامية(848/1)
أبطال حطين
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
حَيَّ الأَشاوسَ مِنْ كُرْدٍ ومنْ عَرَبِ في يومِ (حطينَ) رمزِ النصرِ في الحِقَبِ
ذُلُّ الصَّليبِ صَلاحُ الدينِ حَقَّقَهُ وعِزَّةُ الحقِّ لا تَخْبو على النُّوَبِ
جيشُ الفَرنْسيسِ والطُّليانِ رايتُهُ تحتَ السنابِكِ يومَ الروْعِ والغَلَب
وتاجُ (بطرسَ) في الأوحالِ منغمسٌ والطيلسانُ يجرُّ الخِزْيَ عَنْ كَثَبِ
سَلاسلُ الجندِ لم تَدْفَعْ هَزيمتَهُمْ فَجَرْجَروها وهمْ ماضونَ في الَهَربِ
فقدرةُ اللهِ أَقْوى مِنْ سوابِغِهم وسيفُ إِسلامِه ما كانَ من خشَبِ
تَدحرجَ الهامُ في (حطينَ) مقبرةِ المستعمرينَ ذَوي الأَطْماع والرَِّغب
ما جاء يوماً إِلى (حطينَ ) مغتصِبٌ إلا وعادَ هَضيماً جِنْحُ مُغتَصِبِ
صَهيونُ سوفَ تَرى من بأْسِ مُسْلِمِنا ما يُذْهِلُ الأُمَّ عن إِرضاعِها لِصَبي
حتّى تكلِّمَنا الأَشجارُ قائِلةً هذا اليَهوديُّ خَلْفي يا أُولي القُضُبِ
بذاكَ بَشَّرنا المختارُ ( أَحمدُنا ) والمُصطفى صادقُ الآياتِ لم تَخِبِ
*****
يا يوم َوقعةِ (حِطّينَ ) الذي شَهِدتْ لهُ الأَعادي و أَحْنَتْ هامةَ الغَلَبِ
لقد تركتَ فؤادَ الغرْبِ مُتَّقِداً بِجَمْرِ حِقْدٍ على الإِسلامِ مُلْتَهِبِ
عارُ الهزيمةِ لا تُمحى مَذَلَّتُهُ وإنْ تَطَاوَلَ مَنْ يَجْثو على الركَبِ
عادَ الفَرنسيسُ و السِكْسونُ يدفَعُهمْ حِقْدٌ قَديمٌ على الإسلامِ والعَرَبِ
لكنهمْ رَجَعوا عنْ أَرضِنا هَرَبا مِنْ ثَورَةِ الشعبِ من نافورةِ اللَّهَبِ
لم تُجْدِهمْ طائراتٌ في أَعِنَّتِها ذوبُ الجَحيمِ و إرصادٌ مِنَ الشَُّهُبِ
لم تُغْنِ عنْهم أَساطيلٌ مدجَّجةٌ ولا جنازيرُ دبّاباتِ مُحْتربْ
في حرِّ إِيمانِنا ذابتْ مدَافِعُهم وقُدرةُ اللهِ فوقَ الشَّكِّ والرِّيَبِ
مِنْ يومِ (حِطّينَ)مِنْ أمجادِ دولتِنا نَسْتَلْهِمُ النَّصْرَ مِنْ آبائِنَا النُّجُبِ(849/1)
عاشوا وماتوا لأَجلِ الدينِ يدفعُهم حُبُّ الشهادةِ أن يَسْعَوا إلى القُضُبِ
قَد أَنْصبوا في سبيلِ اللهِ أَنفُسَهم و أَرْخَصوا كلَّ ما حازوا مِنْ النَّشَبِ
لم يُغْرِهمْ زُخرُفُ الدنيا وزينَتُها ولا اسْتَكانوا إِلى لَهْوٍ ولا لَعِبِ
السيفُ صاحِبهُم والرمحُ سامِرُهُمْ والقوسُ رائِدُهم في وقْعَةِ الرَّهَبِ
كانتْ أُخوَّتُهم نبراسَ عِزَّتِهمْ تَفوقُ رابطةَ القُربَى أَو النَّسَبِ
وكان إِيثارُهُمْ بين الوَرَى عَجَباً يَرتْابُ في صِدْقِهِ الرّاوي مِنْ العَجَبِ
وكان إيمانُهم طَوْداً تَمُرُّ بهِ أَعْتى العَواصِفِ لا تَقَوى على الغَلََبِ
وكان رائدَهمْ في الخيرِ قائِدُهم مُحَمدُ المُصْطفى مِنْ أُمَّةِ العَرَبِ
فحرَّروا الناسَ مَنْ رقٍّ ومنْ عَمَهٍ وأخْرجَوهم إلى الأنوارِ مِنْ حُجُبِ
ولن يَعودَ لنا ماضٍٍ وعِزتُهُ إِلا بَعَوْدتِنا للآيِ والكُتُبِ
حتّى نُعيدَ إلى الدنْيا سَعادتَهَا ويَرْفُلَ الكونُ في أَثوابِهِ القُشُبِ(849/2)
أبطال حطين
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
حَيَّ الأَشاوسَ مِنْ كُرْدٍ ومنْ عَرَبِ في يومِ (حطينَ) رمزِ النصرِ في الحِقَبِ
ذُلُّ الصَّليبِ صَلاحُ الدينِ حَقَّقَهُ وعِزَّةُ الحقِّ لا تَخْبو على النُّوَبِ
جيشُ الفَرنْسيسِ والطُّليانِ رايتُهُ تحتَ السنابِكِ يومَ الروْعِ والغَلَب
وتاجُ (بطرسَ) في الأوحالِ منغمسٌ والطيلسانُ يجرُّ الخِزْيَ عَنْ كَثَبِ
سَلاسلُ الجندِ لم تَدْفَعْ هَزيمتَهُمْ فَجَرْجَروها وهمْ ماضونَ في الَهَربِ
فقدرةُ اللهِ أَقْوى مِنْ سوابِغِهم وسيفُ إِسلامِه ما كانَ من خشَبِ
تَدحرجَ الهامُ في (حطينَ) مقبرةِ المستعمرينَ ذَوي الأَطْماع والرَِّغب
ما جاء يوماً إِلى (حطينَ ) مغتصِبٌ إلا وعادَ هَضيماً جِنْحُ مُغتَصِبِ
صَهيونُ سوفَ تَرى من بأْسِ مُسْلِمِنا ما يُذْهِلُ الأُمَّ عن إِرضاعِها لِصَبي
حتّى تكلِّمَنا الأَشجارُ قائِلةً هذا اليَهوديُّ خَلْفي يا أُولي القُضُبِ
بذاكَ بَشَّرنا المختارُ ( أَحمدُنا ) والمُصطفى صادقُ الآياتِ لم تَخِبِ
*****
يا يوم َوقعةِ (حِطّينَ ) الذي شَهِدتْ لهُ الأَعادي و أَحْنَتْ هامةَ الغَلَبِ
لقد تركتَ فؤادَ الغرْبِ مُتَّقِداً بِجَمْرِ حِقْدٍ على الإِسلامِ مُلْتَهِبِ
عارُ الهزيمةِ لا تُمحى مَذَلَّتُهُ وإنْ تَطَاوَلَ مَنْ يَجْثو على الركَبِ
عادَ الفَرنسيسُ و السِكْسونُ يدفَعُهمْ حِقْدٌ قَديمٌ على الإسلامِ والعَرَبِ
لكنهمْ رَجَعوا عنْ أَرضِنا هَرَبا مِنْ ثَورَةِ الشعبِ من نافورةِ اللَّهَبِ
لم تُجْدِهمْ طائراتٌ في أَعِنَّتِها ذوبُ الجَحيمِ و إرصادٌ مِنَ الشَُّهُبِ
لم تُغْنِ عنْهم أَساطيلٌ مدجَّجةٌ ولا جنازيرُ دبّاباتِ مُحْتربْ
في حرِّ إِيمانِنا ذابتْ مدَافِعُهم وقُدرةُ اللهِ فوقَ الشَّكِّ والرِّيَبِ
مِنْ يومِ (حِطّينَ)مِنْ أمجادِ دولتِنا نَسْتَلْهِمُ النَّصْرَ مِنْ آبائِنَا النُّجُبِ(850/1)
عاشوا وماتوا لأَجلِ الدينِ يدفعُهم حُبُّ الشهادةِ أن يَسْعَوا إلى القُضُبِ
قَد أَنْصبوا في سبيلِ اللهِ أَنفُسَهم و أَرْخَصوا كلَّ ما حازوا مِنْ النَّشَبِ
لم يُغْرِهمْ زُخرُفُ الدنيا وزينَتُها ولا اسْتَكانوا إِلى لَهْوٍ ولا لَعِبِ
السيفُ صاحِبهُم والرمحُ سامِرُهُمْ والقوسُ رائِدُهم في وقْعَةِ الرَّهَبِ
كانتْ أُخوَّتُهم نبراسَ عِزَّتِهمْ تَفوقُ رابطةَ القُربَى أَو النَّسَبِ
وكان إِيثارُهُمْ بين الوَرَى عَجَباً يَرتْابُ في صِدْقِهِ الرّاوي مِنْ العَجَبِ
وكان إيمانُهم طَوْداً تَمُرُّ بهِ أَعْتى العَواصِفِ لا تَقَوى على الغَلََبِ
وكان رائدَهمْ في الخيرِ قائِدُهم مُحَمدُ المُصْطفى مِنْ أُمَّةِ العَرَبِ
فحرَّروا الناسَ مَنْ رقٍّ ومنْ عَمَهٍ وأخْرجَوهم إلى الأنوارِ مِنْ حُجُبِ
ولن يَعودَ لنا ماضٍٍ وعِزتُهُ إِلا بَعَوْدتِنا للآيِ والكُتُبِ
حتّى نُعيدَ إلى الدنْيا سَعادتَهَا ويَرْفُلَ الكونُ في أَثوابِهِ القُشُبِ(850/2)
أبو الزهراء
الأستاذ الشاعر : خير الدين وانلي رحمه الله
? أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا وأَشرفُ قدوةٍ للمُهتدينا
? إِلهُ العرشِ أَعطاهُ مَقاماً وخلَّد ذكرَه في العاَلمينا
? تُحكِّمه قريشٌ في نزاعٍ وقد سَمَّتْه مِنْ قبلُ الأَمينا
? دعا الأَقوام َ لمْ يَحفِلْ بصَدٍّ ولم يَأْبَهْ بمنْ ظنّوا الظّنونا
? تحمَّلَ منْ مناوِئه عذابا وسخريةً وتضييقاً مُهينا
? وأَشفقَ مِنْ دعاءٍ حين سالتْ دماهُ بل دَعا للمعتدينا
? ليهديَهم صراطا مُستقيما إلهٌ ناصرٌ للمرسَلينا
? وعادَ لفتحِ أَفئدةٍ غلاظٍ فلانَتْ ( مكةٌ ) للفاتحينا
? وأَيدهُ على فرسٍ و رومٍ إِلهٌ يكرهُ المُستضعَفينا
? وسارتْ خيلُ أَحمدَ في الصحاري ووجَّهَ للمحيطاتِ السَّفينا
? فلم يَمْض سوى زمنٍ يسيرٍ ليغزوَ جيشُه هِنداً وصينا
? وتلهجَ باسمِه الدنيا نداءً يدوّي في المآذنِ أَجمعينا
? ويذكرَه المصلّي في صلاةٍ وإبراهيمَ جدِّ المرسَلينا
? ومنْ خطِيءَ الصلاةَ عليه يوْماً يكنْ في الحشرِ بينَ الخاسرينا
? ومَنْ لًَمْ يتبِّعْه يحدْ شمالاً عنِ الشرعِ المكمَّل أَو يَمينا
? فسنتُه هي الأَهدى صِراطاً ومنهجُه هو الأَسمى يَقينا
? أَتانا بالكتابِ الحقِّ وحْياً عليهِ لمْ يكنْ يوماً ضَنينا
? وعلّمنا الشرائعَ واضحاتٍ وكانَ لجهلِنا النورَ المبينا
? فصرنْا مَشعلَ الدنيا علوماً نُنيرُ به دروبَ السالكينا
? وأَصبحنا أساتذةً عظاماً ومصباحَ الهُدى دنيا ودينا
? وتلكَ ثمارُ جهدٍ واصطبارٍ من المختارِ خيرِ الصّابرينا
? فصلّى اللهُ ذو الإكرامِ ربي على خيرِ البريةِ أجمعينا
? أَبي الزهراء ما حي كلِّ شرْكٍ ويَنبوعِ الهدى للظامئينا
? وسلَّمَ ربُّنا أزكى سلامٍ على آلٍ وصحبٍ خالدينا(851/1)
أجدادي
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
جَدّي ( أبو بكْرٍ ) رَفيقُ المُصطفى في الغارِ والكفّارُ فَوْقُ الغارِ
جَدّي ( أبو حفصٍ ) وَزيرُ المُصطفى والمُستشارُ وكاتمُ الأسرارِ
جَدّي ( أبو النورين ) صهرُ المُصطفى ومجهِّزُ الفُرْسانِ في الإعسارِ
جَدّي ( أبو الحسنِ ) ابنُ عمِّ المُصطفى مَنْ قد تَدَثَّرَ بُرْدةَ المختارِ
مَنْ عندَهُ جدٌّ كأجدادي وهلْ مِنْ مثلِهِم بَرأَ القَدير الباري ؟
الصدقُ الإخلاصُ نَسْجُ حياتِهم بالطهرِ قد جُبلتْ وبالإيثارِ
مِنْ بحرِ علْمِ المُصطفى عَبّوا ومِنْ نورِ النبيِّ مطالعُ الأنوارِ
هم ثَبّتوا الإسلامَ بعدَ زلازلٍ مِنْ رِدَّةٍ وتأَلُّبِ الأشرارِ
هم قَوّضوا مُلك الأكاسِرِ عَنْوةً وكذاكَ ملكُ القيصرِ الجبارِ
هم علّموا الحكّاَم عَدْلاً خالِصاً وتَعفُّفاً عنْ بارِق الدّينارِ
هم طبّقوا حكمَ الكتابِ وسنةِ المبعوثِ نوراً هادياً للساري
لم تَلْمَسِ الدنيا كرأْفَةِ أولِ.. الخلفاءِ بالمسكينِ ذي الأطمارِ
أو تعرفِ الدنيا كعدْل أميرِنا.. الفاروقِ ذي الإلهامِ والإصرارِ
أو تشهدِ الدنيا كجودِ أميرِنا عثمانَ ذي النورين في الأطْهارِ
أو تبصرِ الدنيا كبأسِ عليِّنا يومَ اللقاءِ وسيفِه البتّارِ
******
لم يحملِ الأجدادُ يوماً إِحنةً مِنْ بعضِهم والفضلُ فضُل الباري
إذ هذّبَ الرحمنُ منهم أنفُساً فََصَفَتْ فعادت دونما أكدارِ
وتأدبتْ بكتابِه ورسولِه حتى غدتْ أُمثولةَ الأبرارِ
ربطَ الرسولُ المُصطفى ما بينَهم بقرابةِ الإصهار والأصهارِ
حتى غدا بيتُ النبوةِ بيتَهم عمّانِ للصِّهْرينِ أولى جارِ
الراشدونَ يُحبُّهمْ أهلُ التُّقى لا يكرَهُ الأخيارَ كالفجارِ
الراشدونَ يَذُمُّهم أهلُ الهوَى والشمسُ لنْ تَهتمَّ للصَّرَارِ
الراشدونَ همُ الهداةُ تَعلّموا خيرَ الهُدى من سنَّةِ المختارِ
الراشدونَ همُ الضياءُ بدرْبِنا لحنُ الخلودِ بهذهِ الأوتارِ(852/1)
همُ قُدوتي وإلى عُلاهم نِسبَتي أكرمْ بأجدادي بتاجِ الغارِ(852/2)
أحب المصطفى صلى الله عليه وسلم
الأستاذ الشاعر خير الدين وانلي رحمه الله
قالوا : تحبُّ المصطفى العَدْناني قلتُ : اشهدوا فهو الحبيبُ الثاني
و الأولُ اللهُ الذي خَصَّه بشفاعةٍ كبرى وبالقرآنِ
******
قالوا : تُتابعُه وتنصرُ دينَه قلتُ : الفداءُ لملَّةِ الفُرقانِ
روحي وأَهلي والعشيرةُ كلُّها وجميعُ ما ملكتْ يَدي مِنْ فانِ
******
قالوا : تجاهدُ في سبيلِ رسالةٍ قلتُ : الجهادُ هو العمادُ الثاني
في دين ِ أحمدَ فالجهادُ فريضةٌ للذَّوْدِ عن شَرْعٍ وعن أَوطانِ
******
قالوا : تُهاجرُ إنْ فُتنتَ وصودرتْ حريَّةُ الإِيمانِ و الأديانِ
قلتُ : البلادُ فسيحةٌ واللهُ لا يذرُ المهاجرَ فاقدَ الأَعوانِ
******
قالوا : الرسالةُ من عهودُ تخلُّفٍ قلتُ : الرسالةُ منْ يدِ الرحمنِ
و بها سَمَوْنا وارتقيْنا سلَّماً للمجدِ أَعلى غايةِ الإِنسانِ
******
قالوا : الرسالةُ قَوَّضَتْ قوميةً عربيةً رُضعتْ مع الأَلبانِ
قلت : الرسالةُ وحَّدت أَقوامَها في ظلِّ رابطةٍ منَ الإِيمانِ
******
قالوا : فأَحْمدُ لم يكنْ مُتَثَقِّفاً بثقافةِ الكلدانِ و اليونانِ
قلت : المؤدبُ ربُّه يا حبّذا تأديبُ ربِّ العرشِ والميزانِ
******
قالوا : الصحابةُ قد تَوَلَّوا بعدَه وتنازَعوا للمالِ والسلطانِ
قلت : الصحابةُ خيرُ مَنْ حَمَلَ الهُدى للناسِ بعد المصطفى العدناني
******
قالوا : فأنتَ تحبُّ آلَ محمدٍ صَحْباً وأَتباعاً ذوي الإِحسانِ
والتابعينَ فقلتُ: هم سَلَفُ الهُدى وعقيدتي سَلَفيَّةُ البُنيانِ
******
قالوا : فأنتَ عدوُّ كلِّ تعصبٍ للرأيِ دونَ نصاعةِ البرهانِ
قلت : التعصبُ بدعةٌ مذمومةٌ والخيرُ هَدْيُ الشرْعِ ذي الفُرقانِ
******
قالوا : فأيَّ الفقهِ تنهجُ مذهباً قلتُ: الذي يحتجُّ بالقرآنِ
وبسنّةِ المختارِ والفهْمِ الذي فَهِمَ الصحابةُ أَهلُ هذا الشأنِ
******
قالوا : وترفضُ ما تراهُ مخالفاً من رأيِ مشهورٍ وذي سُلطانِ(853/1)
قلتُ: الصوابُ أَحقُّ أن أَختارَه دونَ التفاتٍ للجَهولِ الشاني
******
قالوا : ستحيا ما حييتَ بغربةٍ في الأَهلِ والأَصحابُ والجيرانِ
قلتُ : الديانةُ لم تَزَلْ في غربةٍ والخلدُ للغرباءِ في الأكوانِ(853/2)
أحب المصطفى صلى الله عليه وسلم
الأستاذ الشاعر خير الدين وانلي رحمه الله
قالوا : تحبُّ المصطفى العَدْناني قلتُ : اشهدوا فهو الحبيبُ الثاني
و الأولُ اللهُ الذي خَصَّه بشفاعةٍ كبرى وبالقرآنِ
******
قالوا : تُتابعُه وتنصرُ دينَه قلتُ : الفداءُ لملَّةِ الفُرقانِ
روحي وأَهلي والعشيرةُ كلُّها وجميعُ ما ملكتْ يَدي مِنْ فانِ
******
قالوا : تجاهدُ في سبيلِ رسالةٍ قلتُ : الجهادُ هو العمادُ الثاني
في دين ِ أحمدَ فالجهادُ فريضةٌ للذَّوْدِ عن شَرْعٍ وعن أَوطانِ
******
قالوا : تُهاجرُ إنْ فُتنتَ وصودرتْ حريَّةُ الإِيمانِ و الأديانِ
قلتُ : البلادُ فسيحةٌ واللهُ لا يذرُ المهاجرَ فاقدَ الأَعوانِ
******
قالوا : الرسالةُ من عهودُ تخلُّفٍ قلتُ : الرسالةُ منْ يدِ الرحمنِ
و بها سَمَوْنا وارتقيْنا سلَّماً للمجدِ أَعلى غايةِ الإِنسانِ
******
قالوا : الرسالةُ قَوَّضَتْ قوميةً عربيةً رُضعتْ مع الأَلبانِ
قلت : الرسالةُ وحَّدت أَقوامَها في ظلِّ رابطةٍ منَ الإِيمانِ
******
قالوا : فأَحْمدُ لم يكنْ مُتَثَقِّفاً بثقافةِ الكلدانِ و اليونانِ
قلت : المؤدبُ ربُّه يا حبّذا تأديبُ ربِّ العرشِ والميزانِ
******
قالوا : الصحابةُ قد تَوَلَّوا بعدَه وتنازَعوا للمالِ والسلطانِ
قلت : الصحابةُ خيرُ مَنْ حَمَلَ الهُدى للناسِ بعد المصطفى العدناني
******
قالوا : فأنتَ تحبُّ آلَ محمدٍ صَحْباً وأَتباعاً ذوي الإِحسانِ
والتابعينَ فقلتُ: هم سَلَفُ الهُدى وعقيدتي سَلَفيَّةُ البُنيانِ
******
قالوا : فأنتَ عدوُّ كلِّ تعصبٍ للرأيِ دونَ نصاعةِ البرهانِ
قلت : التعصبُ بدعةٌ مذمومةٌ والخيرُ هَدْيُ الشرْعِ ذي الفُرقانِ
******
قالوا : فأيَّ الفقهِ تنهجُ مذهباً قلتُ: الذي يحتجُّ بالقرآنِ
وبسنّةِ المختارِ والفهْمِ الذي فَهِمَ الصحابةُ أَهلُ هذا الشأنِ
******
قالوا : وترفضُ ما تراهُ مخالفاً من رأيِ مشهورٍ وذي سُلطانِ(854/1)
قلتُ: الصوابُ أَحقُّ أن أَختارَه دونَ التفاتٍ للجَهولِ الشاني
******
قالوا : ستحيا ما حييتَ بغربةٍ في الأَهلِ والأَصحابُ والجيرانِ
قلتُ : الديانةُ لم تَزَلْ في غربةٍ والخلدُ للغرباءِ في الأكوانِ(854/2)
أصحاب النار
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
أَصْحاب النّارِ الكُفارُ والمُشْرِكُ ثُمَّ الفُجّارُ
مَنْ كَذَّبَ إِنْذَارَ الرُّسُل وَكَلامَ اللهِ مِنَ الأَزَلِ
مَنْ كَذَّبَ يَوْماً بالقَدرِ وَبِملائِكَةٍ أَوْ بِالنُّذُرِ
مَنْ شَكَّكَ بِاليَوْمِ الآخِرْ وَالمُجْرِمُ والغَاوي الغَادِرْ
وَكَذا الدَّهْرِيُّ وَمَنْ عَادىَ رَبَّاً وَرَسولاً أَوْحَادا
والطَّاغي الفاسقُ والضالُّ والمُسْرِفُ والباغي الغالُّ
والزّاني السِّكِّيرُ الآثِمْ وَمُريدُ العاجِلَةِ الظَّالِمْ
والشَّارِبُ سُمّاً والغاِفْل عِنْ ذِكْرِ المَوْلى والقاتِلْ
والشَّاهِدُ زوراً والخائِنْ وَالكَاتِمُ عِلْمَاً والماجِنْ
والمُتْرَفُ وَالعاصي السَّارِقْ وَمُطَفِّفُ كَيْلاً والآبِقْ
مُؤْذي الجيرانِ المَكَّارُ وَبَذيءُ القَوْلِ الجَبّارُ
والآكِلُ حَقّاً بِالبَاطِلْ والكانِزُ مَالاً والباخِلْ
والسَّاعي في هَدْم المَسْجِدْ والقاسي القَلْبِ المُسْتَبْعَدْ
أَهْلُ الأَهْواءِ وَمَنْ عَبَدوا صَنَماً وَلِرَبٍّ ما سجَدَوا
والظّالِمُ نَفْسا واليائِسْ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّي والماكِسْ
والمَرْأَةُ واصِلَةُ الشَّعْرِ والنَّواحاتُ عَلَى القَبْرِ
والحالِفُ كِذْباً والآمِنْ مِنْ مَكْرِ الموْلى والفَاتِن
وَخَطِيبُ السّوءِ كَذا الزّاني والناهِشُ لَحْمَ الإِخْوانِ
وَعَليمُ لِسانٍ والمانِعْ فَضْلاً مِنْ مَاءٍ وَالخانِعْ
والمُعْرِضُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ والناقِضُ عَهْداً واللاّهي
ومُراءٍ دَيَّوثٌ ساحِرْ وَمُحِبُّ مَديحٍ والماكِرْ
والقَاذِفُ ذاتَ الإِحْصانِ وَرِجالُ شِبْهُ النِّسْوانِ
والآكِلُ مالاً بالباطل لِيَتِيمٍ والمُربي السّافِلْ
والمرتَدْونَ عَنِ الدِّينِ والآكِلُ مالَ المِسْكينِ
والذّابِحُ لَكِنْ للِّصنَم والقاطِعُ مِن سُدْرِ الْحَرَمِ
والمُفْسِدُ في الأَرْضِ القاطِعْ رَحِماً والنَّمامُ الخادِعْ(855/1)
والأَفْاكونَ وَمَنْ جادَلْ بِالباطِلِ أوْ عَنْهُ ناضَلْ
والمُغْتَرّونَ بِدُنْيَاهُمْ والمَنَّانُونَ عَطايَاهُم
والمُؤْذي أَهْلَ الإِيمانِ ومُؤَوِّلُ آيِ القُرآنِ
وَالآتي المَرْأَةَ في الدُّبْرِ وَكَذا اللُّوطِيُّ أخَوا النُّكْرِ
أْهَلُ التَّثْليثِ وَمَن قَتَلوا أَهْلَ الإِصْلاحِ وَمَنْ عَدَلوا
وَإِمامٌ ضَلَّلَ أَتْباعا والشّاري الخَمْرَ ومَنْ بَاعا
مَنْ صَدَّ النَّاسَ عَنِ الدينِ وَتَعالى فَوْقَ المِسْكينِ
مَنْ لَمْ يَسْتَنْزِهْ مِنْ بَوْلِ وَمُنافِقُ فِعْلٍ أَوْ قَوْلِ
مَنْ يَأْكُلُ في صَحْنِ الذَّهَبِ والمُنْتَسِبونَ لِغَيْرِ أَبِ
مَنْ سَبَّ صَحابَةَ أَحْمَدِنا أَوْ عادى أَهْلَ وَلايَتِنا
أَوْ آذى رُسْلَ الرحْمنِ وَأَطاعَ جُنودَ الشَّيْطانِ
مَنْ عَقَّ أَباهُ أَوِ الأُمَّا أَوْ غَيَّرَ مِنْ أَرْضٍ تَخْما
أَوْ قامَرَ أَوْ لَعَنَ الخَلْقا وَتَجَسَّسَ أو جافَى الصِّدْقا
وَمُحَلِّلُ زَوْجاً والهارِبْ مِنْ زَحْفٍ أَوْ عَنْهُ ناكِبْ
وَالمُسْبِلُ ثَوْباً والحاكِمْ بِخِلافِ المُنْزَلِ والظَّالِمْ
مَنْ شابَهَ أَهْلَ التَّوْراةِ وَذَوي الإِنْجيلِ بعاداتِ
مَنْ آوىَ المُحْدِثَ أَوْ ضَلَّلْ أَعْمى أَوْ أَعْرَضَ عَنْ مُنْزَلْ
وَتَوَلَّى أَهْلَ الكُفْرانِ أَوْ مَزَّقَ جَمْعَ الإِيمانِ
وَالكاسِيَةُ كالعُرْيانَةْ وَالزَّوَّاراتُ الجَبَّانَةْ
وَالواشِمَةُ أَوْ مَنْ يَسْأَلْ باللهِ المالَ وَمَنْ يَبْخَلْ
وَأَبو جَهْلٍ وَأَبو لَهَبِ وَخَليلَتُه أُمُّ الحَطَبِ
إِبْليسُ وَفِرْعَونُ الأَكْبَرْ وَالآلُ وَكُلُّ مَنِ اسْتكْبَرْ
وَمُصَدِّقُ ضَرّابِ النَّجْمِ أَوْ صاحبِ رَمْلٍ أَوْ سَهْمِ
وَالآتي البَهْمَةَ والجاني وَالسَّالِكُ دَرْبَ العُدْوانِ
وَصَلاةَ الجُمْعَةِ مَنْ عَطَّلَ وَصَلاةَ جَماعَتِهِ أَهْمَلْ
وَعَلى مَوْلاه مَنْ كَذَّبْ أَوْ عاداهُ أَوْ لَمْ يَرْهَبْ(855/2)
وَالآكِلُ وَالمُعْطيِ الرِّشْوَةْ وَعَلى الضُّعفاءِ لَهُ سَطْوَةْ
ذو الوَجْهَيْنِ أَوْ مَنْ أَغْضَبْ مَوْلاهُ وَذا روحٍ عَذَّبْ
وَالآخِذُ أَجْرَ التَّعْليمِ في قُرْآنٍ ذي تَكْرِيمِ
مُتَبرِّجَةٌ أَوْ مَنْ أَخَّرْ صَلَواتٍ أَوْ فيها قَصَّرْ
مَنْ يَشْهَدُ أَهْلُ الإِسْلامِ بالشَّرِ لَهُ وَالآثامِ
عَبْدُ اللهِ وَأبو طالِبْ وَالمُطَّلِبُ الجَدُّ الحادِبْ
وَمُضَرٌ – إِمّا قَد أَوْصى - بالوارِثِ في شَيْءٍ مُوصَى
وَزكاةً يَمْنَعُ عَنْ غارِمْ وَالراكِنُ يَوْماً للظالِمْ
وَقُضاةُ الباطِلِ والجَهْلِ وَمُعاوِنُ حُكّامِ البُطْلِ
*****
النّارُ زَبائِنُها أَكْثَرْ مِمّا عَدَّدْنا أَوْ أَغْزَرْ
فَجَهَنَّمُ تَفْتَأُ تَسْتَكْثِرْ وَبِأهْلِ الباطِلِ تَسْتَأْثِرْ
وَتَوَدُّ مَزيداً مِنْ حَطَبِ مِمَّنْ ذَبَحوا حَوْلَ النُّصُبِ
أَوْ مِنْ عاص أو من فاجر أَوْ مِنْ مُرْتَدٍّ أَوْ كافِرْ
يَضَعُ الجَبّارُ بِهَا القَدمَا فَتَقُول قَطٍ لَنْ أَحْتَدمِا
*****
ربّاهُ أَجِرْنا مِنْ نارِ في الأُخْرى في تِلْكَ الدَّارِ
وَاحْفَظْنَا مِنْ شَرِّ النَّفْسِ وَمِنَ الوَسْواسِ أَبي الهَمْسِ
وَأَنِلْنا مِنْكَ الرِّضْوانا يا مَنْ كَرَّمْتَ الإِنْسانا
كَيْ يَعْبُدَ رَباً يَرْعاه وَيُكَفِّرُ عَنْهُ خَطاياهُ
مَوْلايَ تَقَبَّلْ طاعَتَنا وَاحْفَظْ مِنْ سوءٍ أُمَّتَنا
لِتَعودَ مَناراً للأُمَمِ وَتُزَلْزِلَ أَرْكانَ الصَّنَمِ
وَيَعُمَّ الدنيا الإِسْلامُ وَتُنَفَّذَ فيها الأَحْكامُ
وَيَسود سَلاَمُ الأَبْرارِ وَالعدلُ بِكُلِّ الأَقْطارِ
لا يُخْلَفُ وَعْدُ الرَّحْمنِ في نَصْرِ جيُوشِ الإِيمانِ
وَالوَعْدُ كتابٌ مُسْتَطَرُ وَالله عزيز مُقْتَدِرُ(855/3)
أعياد وأعياد
ماذا عن عيد المعلم وعيد الأم وعيد العمال ؟
للأستاذ الشاعر : خير الدين وانلي رحمه الله
مِنْ أينَ جاؤوا بعيدِ الأمِّ واخترعوا عيدَ المعلِّمِ أو عيدَ الشجيراتِ
حتى النسيمُ له عيد الفَسيخِ وللعمالِ عيدٌ وعيدٌ للرياضاتِ
في كلِّ يومٍ لهمْ عيد ومحتَفَلٌ يُضيِّعون به بعضَ السُّويعاتِ
هذي التقاليدُ جاءتْ من كنائِسهم ومن صوامعِ قديسٍ وبِيعاتِ
و الناسُ أسرى تقاليدٍ وما علموا أنَّ التقاليدَ قد تأتي بويلاتِ
وشأنُ من غُلبوا تقليدُ غالِبهم في مأكلٍ أو لباسٍ أو بعاداتِ
وقد بُلينا بمنْ في أرضِنا حكموا واستعمروا الشعبَ في كلِّ المجالاتِ
وصارَ تقليدهم فرضاً على أُممٍ مغلوبةٍ نسيتْ أزهى الحضاراتِ
*****
للمسلمين مدارَ العامِ عيدانِ فطرٌ وأضحى فأكرمْ بالعباداتِ
يُعيّدون إذا أدَّوا فَرائضَهم فعيدُهم فرحةٌ منهم بطاعاتِ
ما العيدُ عندَهمُ رقصٌ وفاحشةٌ أو اختلاطُ سُكارى بالمميلاتِ
لكنه نظرةٌ للجارِ حانيةٌ وللقريبِ وأصحابِ المصيباتِ
العيدُ أن تَنصرَ المظلومَ تُنقذَه مِنْ ظلمِ طاغيةٍ مستعبِدٍ عاتِ
العيدُ تجديدُ وَصْلٍ في ذوي رحمٍ فوصْلُها أمرُ رحمانِ السماواتِ
العيدُ عونٌ لأهلِ البؤسِ يَنْشلُهم منْ بؤسهِم وهو تَخفيف لويلاتِ
العيدُ إدخالُ أفراحٍ على أُسرٍ محزونةٍ هدّها ثِقْلِ الملماتِ
العيدُ تفريحُ أطفالٍ وتوسعةً على ذوي العسْرِ أو أهلِ القرباتِ
ما العيدُ تعطيلُ أعمالٍ وتسليةُ فاللهوُ عارٌ لدى أهلِ المروءاتِ
إنْ أدَّ كلُّ امريءٍ في الأرضِ واجبَه يَعِشْ بعيدٍ ويَسْعَدْ في الغَدِ الآتي(856/1)
أم عمر
للشاعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
ليتَها قد أنجبتْ باثنَيْ عَشَرْ كلُّهمْ في البأْسِ والزهْدِ عُمَرْ
كلُّّهم يَدعو إلى إسلامِه دونَ أنْ يَرهْبَ طاغوتَ البَشَرْ
يَجْبَهُ الكفرَ بجأشٍ رابطٍ راغبٍ في الموتِ فالموتُ قَدَرْ
لا يُبالي بصعابٍ عَرَضتْ فطريقُ الخلْدِ حُفَّتْ بالخَطَرْ
يَعبدُ المولى بقلبٍ خاشعٍ ويُناجيه ويَدعو في السَّحَرْ
ويَخافُ اللهَ في خلوتِه ويُطيعُ اللهَ فيما قد أمَرْ
ويَنتهي عنْ كلِّ شرٍّ أو أذى ليسَ في الدينِ ضِرار أو ضَرَرْ
يَغْمُرُ الناسَ بعطفٍ خالصٍ من رياءٍ أو نفاقٍ أو أشَرْ
يملأُ الآفاقَ بِراً ونَدَى وعطاءً إن تَوَلّى أو حَضَرْ
إنه فوقَ ثَراها مَلَكٌ يَلْبَسُ الأثْوابَ أثوابَ البَشَرْ
ليتَ أمَّ الصَّقْرِ في إنْجابِها كبعاثِ الطيرِ لكنْ لا مَفَرْ
قَدَرٌ قَدَّرهُ خلاّقُنا ليسَ للمخلوقِ شأنٌ في القَدَرْ(857/1)
أمجادنا
شعر الأستاذ :خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
سَلِ المواضيَ عَنْ أَمجادِ ماضينا واسأَََََََََََََََََََََلْ عواليَنا ذِكرى مَعالينا
نحنُ الذينَ جمعْنا كلَّ مكرُمةٍ ماسِيمَ عائذُنا ما خابَ راجينا
نحنُ الذين فتحْنا كلَّ مُغلَقَةٍ وفرَّ مِنْ بأْسِنا العاتي مُلاقينا
نحنُ الذين رفعْنا كلَّ مِئذَنَةٍ في مَسْمَعِ الكونِ تكبيراتُ داعينا
الله مقصِدُنا والذكرُ منهجُنا وسنَّةُ المصطفى للنّورِ تَهدينا
وجنةُ الخلْدِ والفردوسُ بغيَتُنا معَ النبييِّن أَكْرِمْ بالنَّبيّينا
آباؤُنا خالدُ اليرموكِ تعرفُهُ جَحافلُ الرومِ مِنْ بينِ المُغيرينا
والفرسُ تَعرفُ سعداً من وقائعِهِ والنيلُ يعرفُ عَمْراً في المجلّينا
والباهليُّ بتركستانَ صولتُهُ معروفةٌ فاسأَََلِ التْركَ الميامينا
فتى ثَقيفٍ بأَرضِ الهندِ جحفلُه يزلزلُ الشرقَ حتَّى يبلغَ الصّينا
وعُقبةُ الخيرِ نحو الغربِ فيلقُهُ يخوضُ في البحرِ يَستَعدي المُلاقينا
والقدسُ سيفُ صلاحِ الدينِ حرّره من الغزاةِ الأُلى جاؤوا فلسْطينا
في كلِّ معتركٍ آباؤُنا كتَبوا صحائفَ المجدِ يتْلوها أَعادينا
فالقادسيةُُ واليرموكُ وَقْعُهما مازالَ في سَمْع جالوتٍ وحِطَّينا
ونفْحةُ النصرِ من بدْرٍ ومن أُحُدٍ تعطِّرُ الصِّيدَ منا والأبيِّينا
***
إمجادُنا في سطورِ العلمِ يقرؤُها مَنْ يطلبُ العلمَ مِنْ أسفارِ ماضينا
في الطبِّ في الجبْرِ في رسْمٍ وفي فلَكٍ في الكيمياءِ وفي عُمرانِ بانينا
في هيئةِ الأرضِ والبلدانِ موقِعِها وفي المعادنِ تَنْقيباً وتعْدينا
وفي الملاحةِ واستخراجِ لُؤْلُئِها وفي الفِلاحةِ أو سُقْيا أراضينا
في الفنِّ في الشْعرِ في نحوٍ وفلسفةٍ وفي الخطابةِ تعْليماً وتلْقينا
في الفقهِ والنقْدِ والتحديثِ عن سَنَدٍ وفي الروايةِ والتفسيرِ تَبْيينا
في كلِّ علْمٍ نبغْنا قبلَ من أخذوا منا علوماً فصاروا اليومَ عالينا
**(858/1)
أَمجادُنا روضةٌ بالطيبِ قد عبِقتْ حَوَتْ وروداً وريْحاناً ونسرينا
مِنْ كلِّ ما تَبْهَجُ العينينِ رؤيتُهُ مِنْ كلِّ ما تَشْتهي نفْسُ المحبّينا
آثارُ أمجادِنا في الأرضِ شاخصةٌ في البرِّ في البحرِ في الوديانِ في المينا
قد أيقنَ الكونُ أنا للعُلى نَسَبٌ وأنَّ أمجادَنا منْ صُنْعِ بارينا
فمُذْ سلكْنا سبيلَ الدّينِ أيَّدنا بنصرهِ وحَبَانا كلَّ ماشِينا
فتحُ القديرِ وما الفْتح ِمنْ عَجَبٍ فقدرةُ الله عوْنُ المستَجيبينا(858/2)
الجار المفقود
الأستاذ الشاعر خير الدين وانلي رحمه الله
من لي بإنسانٍ إذا جاورتُه لم أَشْكُ يَوْماً مِنْ قَبيحِ فِعالِهِ
وإذا نأَيتُ فليسَ ينأَى عهدُه فالودُّ والإخلاصُ بعضُ خِصالِهِ
وإذا افتقرْتُ فلا يقصِّرُ في نَدَىً وإن اغتَنَيْتُ يَزِدْ غِنىً بحلالِهِ
وإذا مرضْتُ يَعودني متأَلِّماً ويَحوطني بحنانِه ودَلالِهِ
تَلْقاهُ مُبْتَسِماً وإنْ خَطْبٌ دَنا فالبِشْرُ سيماهُ وسرُّ جَمالِهِ
القلبُ ممتلئ بكلِّ مودَّةٍ وحديثُهُ شَهْدٌ كنورِ جَلالِهِ
وتراه يُسْرعُ في أموري كلِّها حتى وإنْ بَذَلَ النَّدى مِنْ مالِهِ
مَنْ لي بهذا الجارِ أيْنَ مكانُهُ ؟ لكنني أحْيا بطيْفِ خيالِهِ(859/1)
الحب الأمثل
الأستاذ الشاعر : خير الدين وانلي رحمه الله ... ا
حُبّي لربي ومَعْبودي هو الحُبُّ بهِ حَياتي وفيهِ يَخْفِقُ القلْبُ
الناسُ في حبِّهم أسرى غرائِزهم لكنْ حُبيَ ما مِنْ مثلِهِ حُبُّ
حبُّ البقاءِ وحبُّ الجِنْسِ غايتُهُمْ فنارُ شَهْوتِهمْ للجِنْسِ لا تَخْبو
كَمْ دَنَّسوا الحبَّ في الدنيا بمعصيةٍ ؟ وكم تَعامى عَنِ الخُلْقِ الفَتى الصَّبُّ
وكَمْ أحبّوا لدنيا أو لمصلحةٍ ؟ فعادَ حبُّهم بُغْضاً لمن حَبّوا
كَمْ ضَيّعوا واجِباً مِنْ أجلِ حبِّهِمُ ؟ كَمْ قَصْروا في حقوقٍ سَنَّها الربُّ ؟
لكنَّ حبيَ لا تَأتيه شائِبَةٌ من الشوائبِ أو يَنتابُه الرَّيْبُ
لأنَّ صاحبَه عبدٌ لسيِّدِه يُطيعُهُ في جميعِ الأمرِ لا يَنْبو
إني على الحبِّ يا مَوْلايَ ما طَلَعَتْ شَمْسٌ وما لَمعتْ في كونِنا شُهْبُ
فاقبلْ مُحبّاً أُوارُ الشَّوْقِ أرَّقَهُ والسُّهْدُ دَنَّفَهُ فارْحمْهُ يا رَبُّ ...(860/1)
الشام
شعر : خير الدين وانلي
الشامُ تلكَ الجنةُ الفيحاءُ فالحسْنُ حيثُ الماءُ والخضراءُ
كانتْ وما زالتْ تَفيضُ نضارةً ومن النضارةِ يَنبُعُ الإغراءُ
هي شامةٌ الدنْيا وكلُّ رُوائِها وهي الشَّذى والروضةُ الغََّناءُ
أهلُ الشامِ دَماثةٌ وطلاقةٌ ودُعابةٌ وبَشاشةٌ غَرّاءُ
ونساؤُها طُهْرٌ يَفيضُ لطافةً ويزينُ طهرَ المرأةِ استحياءُ
الفُلُّ والجوريُّ نَبْتُ حقولِها والياسَمينُ نجومُه آلاءُ
الشامُ بابُ الشرقِ من يفتحْ يَلجْ وهي الهواءُ لأرضِنا والماءُ
من رامَها بالسوءِ يرجعْ خائباً سَلْ من طوتْهم أَرضُها الفيحاءُ
أرضُ الرسالاتِ التي ضاءْت بها سُبْلُ الهُدى وانجابتِ الظلماءُ
أرضُ البطولاتِ التي قد حطّمتْ كلَّ الغزاةِ فما لهم أصداءُ
معراجُ أحمدِنا ومَسْرى نورِه منها العروجُ ونحوَها الإِسراءُ
وعلى رُباها سارَ صَحْبُ (محمدٍ) وكتابُهم بيمينِهم وَضاءُ
منها جيوشُ المسلمينَ تحركتْ (للصينِ ) (للأوراسِ )أنى شاءوا
فالشامُ أضحتْ مركزاً لخلافةٍ أُموِيةٍ فَخَرتْ بها الجوزاءُ
فالأمرُ أمرُ الشامِ في سلمٍ وفي حربٍ وشأَنُ العالمِ الأصغاءُ
الأرضُ طوعُ بنانِها إن أومأَتْ خرَّتْ لعزْةِ حكمِها الأرجاءُ
فمتى تَعودُ لمجدِها وفخارِها فلقدْ بَراها الضعفُ والإعياءُ
حتى غَزاها شَرُّ مَنْ فوق الثَّرى فلهمْ على أبنائِها اسْتعلاءُ
لنْ تصلُحَ الشامُ المشتْتُ شملُها إلا إذا اتْبعَ الهْدى الأبناءُ
فالدين أيقظَها فصارتْ دولةْ وبدونه عصفَتْ بها الأهواءُ
يا ربَّنا رُدَّ الشامَ لدينِها المختارِ وهو مَحَجَّةٌ بيضاءُ
ركناهُ قرآنٌ كريمٌ منزَلٌ للعالَمين وسنَّةٌ عَصماءُ
أنتَ المجيبٌ إلهَنا ورجاءَنا ماخابَ راجٍ راغبٌ دَعّاءُ(861/1)
الصائم
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
مَلَكٌ في زِيِّنا أمْ iiبَشَرٌ ... غَضَّ طرْفاً أمْ تُرى لا iiيُبصرُ؟
مالَهُ لا يأْكلُ الحَلوى iiولا ... يَشربُ الماءَ كَدُرٍّ iiيَقْطرُ؟
مالَهُ يُكثرُ مِنْ iiإنفاقِهِ ... في سبيلِ اللهِ لا iiيَستكثرُ؟
مالَهُ أَعرضَ عن iiزينتِها ... واكتفَى بالنَّزْرِ أو ما iiيَستُرُ؟
مالَهُ لا يَشهدُ الزورَ iiولا ... يَنْهشُ الأعراضَ ؟ بل iiيَسْتَنكرُ
أهْوَ منْ كوكَبِنا أمْ iiأَنَّه ... مِنْ نجومٍ قد طَوَتْها iiالأَعْصُرُ؟
غارقٌ في فكرِه iiمسترسلٌ ... يحمدُ الرحمنَ يَرجو iiيَشْكُرُ
إنهُ الصائمُ يَخشى محبِطا ... لصيامٍ فهو دَوْماً يَحذَرُ
ويصلي الخَمسَ في iiمسجِدها ... أوَّلَ الوقْتِ ولا iiيَستأْخِرُ
يقرأُ القرآنَ يَبكي iiخاشِعا ... ويقومُ الليلَ يَدعو يَجْأَرُ
متْقِنٌ في صنعِه iiمُستأْمَنٌ ... حافظٌ عَهْداً بهِ لا iiيَغْدِرُ
صادقٌ في قولِه في iiنصحِهِ ... آمرٌ بالخيْرِ فيهِ يَنْصُرُ
يحمدُ الموْلى على iiنَعْمائِهِ ... وعلى كلِّ البَلايا iiيَصبرُ
ليسَ مُغتاباً ولا مُستهزئاً ... ليسَ مَزْهُواً ولا iiيَستكبرُ
هكذا الصائمُ هذا شأنُهُ ... أينَ منهُ صومُ مَنْ لا iiيُبْصرُ(862/1)
الصديق أبو بكر
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
أَتعبتَ بعدَك من للحُكْمِ قد جاؤوا كذاكَ أَتعبتِ النِّسْوانَ (( أَسماء ))
يا خيرَ أَصحاب رسْلِ الله قاطبةً باهتْ بعائشةَ الحمراءِ حَوّاء
يا صاحبَ الغارِ هلْ في الغارِ ملتَجَأ وفوقَه وقْعُ أَقدامٍ وأَصداء
يا ثاني اثْنينِ لا تحزَنْ فغارُكُما تحفُّه نصرةُ المولى وآلاء
يا أَفضلَ الناسِ بعدَ الرسْلِ صَلِّ بهمْ ما ضرَّ أَنك في الترتيلِ بَكّاء
فأَنتَ أَولُ صِدّيقٍ ومُتَّبِعٍ وقفتَ كالطوِد لما كانَ إسراء
يا مَنْ بذلتَ جميعَ المالِ محتسِباً يَهنيكَ في الخلْدِ إِكرامٌ و إِجْزاء
سبقتَ أقرانَك الأَصحابَ في كرمٍ كما سبقتَ بعزمٍ فيه إِمضاء
فكنتَ أَشبهَ بالمعصومِ تخلُفُه على صلاةٍ إذا نابتْهُ ضَرّاء
وأَنتَ أَولى بهذا الأَمر تحملُه فأَنتَ مختارُه والحكْمُ أَعباء
يا مَنْ حَلبتَ شياهاً كنتَ تحلُبها قبلَ الخلافةِ لم تَفقدْك عَمياء
ظنتْ مشاغلَ هذا الأمرِ صارفةً ذا الأَمر عن شاتِها والشاةُ جرباء
لا تَقلقي فأميرُ القومٍ خادمُهم ما غرَّه منصبٌ عالٍ وإِِِِِِِِِغراء
فالدينُ علَّمه نُصْحاً لأُمتهِ والدينُ للفكرِ والأَخلاقِ إحْياء
والمصطفى تَمَّمَ الأخلاقَ كمّلَها وصاحبُ الغارِ ما شانتْه نكراء
أكرمْ بغارٍ حَوى فضلاً ومكرُمةَ لم تحوِ مثلَهما في الدهرِ غبرْاء
*****
وقفتَ في وجهِ رومانٍ ذوي طمع ضاقتْ بأَطماعِهم بَترا وبَلْقاء
وكنتَ للفرْس مقراضاً ومطرقةً فتلكَ أَفيالُهمِ أَعمى وعرْجاء
وردَّةُ العربْ ما بعثاً بحابسةٍ فابعثْ ((أُسامةَ)) فالبيداءُ أَصداء
وقلْ لمن لانَ - والأَعرابُ مانعةٌ زكاتَها - ليس في الإسلامِ إِغضاء
تاللهِ لو مَنعوا حبْلاً لقاتلَهمْ سَيفي وما غيرَه للشرِك محّاء
لا فرقَ بين زكاةِ المالِ تمنعُها وجحْدِ ركْنٍ وللأَركانِ إِعلاء
إن الزكاةَ من الأركانِ تاركُها مهدِّمٌ دينَه والسيفُ بنّاء(863/1)
شهادةُ اللفظِ لا تكفي فإن تُركتْ أركانُها فهي عندَ اللهِ بَتْراء
ولا تصانُ دماءُ المرءِ قائِلها ما لم تصدقْه أَفعالٌ وآراء
******
مضَى الخليفةُ يُزجي الجيشَ يدفعُه في نحرِ مرتدُهم والجهلُ أَهواء
خاضتْ جيوشُ أَبي بكر معامِعَها فقلَّ في الناسِ كُتّابٌ وقرّاء
فالحربُ قد أَرهقتْ قُرّاءنا بدداً وجمعُ قرآنِنا فرضٌ وإِجراء
فليأمرِ الحاكمُ الصدّيقُ أَقرأَهم بجمعِه وهو في القُرّاءِ جَوْزاء
وحولَه عصبةٌ من خيْرِ أُمتِنا وكلُُّهم كاتبٌ للوحي قَرّاء
وتمَّ جمْعٌ كتابِ اللهِ في صُحُفٍ تضمُّ آياتِه فالحربُ هَوجاء
وقرَّتِ العينُ مِنْ صدَّيقِنا وكذا مِنْ مُلْهَمٍ رأيُهُ الفاروقُ وَضّاء
نعمَ الوزيرُ أَبو حفصٍ ففكرتُه هي الصوابُ وبعضُ الفكرِ خطّاء
******
يا جارَ ((أحمدَ)) في روْضٍ به سعدتْ بطاحُ ((طابَةَ)) فالروضاتُ غنّاء
لأنتَ أكرمُ جارٍ حلَّ ساحتَها طابَ الجوارُ وطابَ الظلُّ والماء
كنتَ الرفيقَ لخيرِ الرسْلِ أَحمدِنا إنْ مَسَّهُ الخيرُ أَو نابتْهُ بأساء
وأنتَ سلواهُ في قبْرٍ وصاحبهُ في برزخٍ وبدار الخلدِ نعماء
ما فوقَ منزلةِ الصدّيقِ منزلةٌ حاشا الَّنبيينَ فالصِّديقُ علياء(863/2)
العالم الإسلامي
الأستاذ الشاعر خير الدين وانلي رحمه الله ... ... ... ...
الصينُ والهندُ والأفغانُ العجمُ والعرْبُ والتُّركُ بالإسلامِ تَعتصمُ
وكلُّهم نحوَ بيتِ اللهِ مُتَّجِهٌ عندَ الصلاةِ وللقرآنِ يَحتكمُ
إنْ فَرَّقَ الغاصبُ المحتلُّ أرضَهمُ فللقلوبِ بحبلِ اللهِ مُعتَصَمُ
لَنْ يَستطيعَ أخو مكرٍ مباعدةً بين الأقاربِ فالقُربى لها ذِمَمُ
الدينُ للناسِ في دنياهمُ نَسَبٌ ما فوقَه صِلةٌ ما مثلُهُ رَحِمُ
إن الإخاء بدين الله مفترض والحب في الله نبراس مُلْتَزَمُ
هذا ( صُهيبٌ) إلى الرومانِ نسبتُه وذا ( بلالٌ ) من الأحباشُ متَّسِمُ
وذاكَ ( سلمانُ) منْ فُرْسٍ وكم وقَفوا ثلاثةً في الوغى والموجُ مُلتَطِمُ
وكم تَزاحمتِ الأقدامُ خاشعةً خلفَ الإمام فذا كهْلٌ وذا هَرِمُ
الأصلُ فرَّقَهم والدينُ جَمَّعَهم أخُوَّةُ الدينِ أمرٌ خَطَّهُ القَلَمُ
لا فضلَ للبيضِ أو للحُمرِ كلُّهُمُ أولادُ آدمَ والتّقوى هي الكَرَمُ
لا يَنْظُرُ اللهُ للأجسادِ فَارِهةً فالقلبُ والسعيُ في فضلَيْهما القِيمُ ...(864/1)
المسلمون اليوم
الأستاذ الشاعر : خير الدين وانلي رحمه الله
لا نَستعيدُ بضرْبِ الشّيشِ مَسجِدنَا في القدسِ أو نَدحرُ العدوانَ والغَدْرا
واللهُ قال ( أعِدّوا ) لمْ يَقُلْ نَغَماً بل قوةً تُرهبُ الكفّار والكفْرا
أجدادنا فَتحوا والسيفُ في يدِهم ومصحفُ العدلِ والتوحيدِ في الأُخرى
فَها بهم قيصرُ الرومانِ وارتعْدتْ فرائصُ الفرْسِ والإيوانُ مِنْ كسرى
وخافَهم ملكُ الصينِ الذي بلغتْ جيوشُه عَدَداً لا يَعرفُ الحَصْرا
ورَفرفتْ رايةُ الإسلامِ مِنْ ( مَلَقا ) إلى ( مراكشَ ) براً كان أو بَحْرا
لم يَفتحوها بزارٍ أو بِدروشةٍ لكنما فتحوها بالقَنا سُمْرا
وجاء مِنْ بعدِهم أنصارُ شعوذةٍ فضيّعوا ما بَنى آباؤُهم دَهْرا
وأصبحوا بينَ خلْقِ اللهِ مهزلةً فالرقصُ مثلَ الغواني قد غدا ذِكْرا
و لا تَعود لهم أفجادُ دولتِهم إلا بتسليمهِم للخالق الأمْرا
وجعلِ شِرْعتِهِ السمحاء منهجَهم في كلِّ أحوالهم في السرِّ أو جَهرا
لترجعَ الأرضُ في ظلِّ الهُدى رَغَدا ويرجعَ الناسُ إخواناً بهِ طُرّا(865/1)
اليهودية
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
عقربٌ بلْ أُخطبوطٌ ماكرُ بل هي الداءُ العَياء الفاقِرُ
ضمّتِ السوآتِ من أَطرافِها كلُّ تعريفٍ ووصفٍ قاصرُ
عنها من كلِّ شرٍّ شَرُّهُ كل ما فيها فسوقٌ سافرُ
أيُّ شعبٍ لم يذقْ ويلاتِها أبُّ شر ما أَتاهُ الفاجرُ
أفسدتْ في الأَرضِ أخلاق الورى ففسادُ الخُْلق فيها غامِرُ
عكّرتْ منْ كلِّ دينٍ نبعَه ما نجا مِنْ ذاك إلاّ النادرُ
ضاربتْ واحتكرتْ كلَّ الربا مَصرفُ الأموالِ كنزٌ حاضرُ
واشترتْ بالمالِ أقْلاماً فكمْ مِنْ إذاعاتٍ شَراها التاجرُ
سَتَّرَ الإعلامُ عن إِجرامِها ومن الإعلامِ سترٌ ساترُ
نََوَّعتْ دورَ الخَنى فارتزقتْ مِنْ مواخيرِ الفسادِ العاهرُ
هَمُّها قتْلُ المروءاتِ التي لم تَزلْ فينا فبشَ الداعرُ
كلُّ ماسونيةٍ من صنَعِها كلُّ سحرٍ قد أَتاهُ الساحرُ
دعوةُ الباطِن من تزيينِها والتقيّاتُ النفاقُ الماهرُ
كلُّ حربٍ ساهمتْ في نسجِها فاقتتالُ الخلْقِ قَصْدٌ ماكرُ
كيْ يظلَّ الهودُ شعباً باقياً حُلمٌ ماضٍ وطيفٌ عابرُ
*******
علُّ الصهيونِ مستعصية ما لها إلا العلاجُ الباترُ
إنهُ الإسلام ُدينُ المصطفى مجدُنا الزاهي التليد ُ الزاهي ُ
(خيبرٌ ) تعرفُ ما إسلامُنا و(قينقاع ) اليهودِ الغابرُ
احرصُ الناسِ على عيشٍ وإنْ حفَّهُ ذلٌ وحظُّ عاثِرُ
قدَّرَ اللهُ جلاءً فانْجلى كلُّ شرٍّ مذْ تَوارى الغادرُ
تنفثُ الأفعى ولكنْ خلسةً سُمَّها واللينُ ثوبٌ ظاهرُ
فإذا ما اشتدَّ يوماً عودُها هاجمتْ والنابُ سُمٌّ قاطِرُ
شدّ كفرُ الأرضِ منها أزرَها طمعاً والمالُ وزْرٌ وازرُ
كَشَّرتْ عَنْ نابِها في أرضِنا وأخو الأعْرابِ ساهٍ ساهرُ
غارِقٌ في لهوهِ مسْترسلٌ في خصوماتٍ وغَيٍّ سادرُ
أحرقتْ مَسجدَه واستَعمرَتْ أرْضَه فالشَّعْبُ عبدٌ صاغرُ
في فلسطينَ الحُبالى أُبقِرَتْ وعلى البَطحاء سالَ الطاهرُ
أُفْسِدَ الحرثُ على أصحابِه هلكَ النسْل وبادَ العامرُ(866/1)
أيُّ بيتٍ لم يُخيمْ فوقَه شَبَحُ اليُتْمِ الرهيبُ الباسرُ
أيُّ جَفْنٍ رَقَأتْ دمعتُه أيُّ جِورٍ لجَّ فيِه الجائرُ
سَبْعُ راياتٍ من العُرْبِ انبرتْ للوَغَى والموتُ فيها دائرُ
والبُطولاتُ وكانتْ جَمَّةً كالأساطيرِ رَواها الناظرُ
أفْسَدَ الحكّام مِنْ بَهْجَتِها بالخياناتِ ليَرضى الآمِرُ
بل تنادتْ دولُ الكفرِ إلى ( مجلسِ الأمنِ ) ليُحمى الخاسرُ
فاستعادَ المعتدي أنفَاسَهُ وشعوبُ الكفرِ عونٌ ناصرُ
أمةُ العرْب تَلاشى جمعُها والخُصوماتُ العدو القاهرُ
ما نِداءُ العِرْقِ يَبني أمةً يَجمعُ الأقوامَ ربٌّ قادرُ
شَعْبُ إسرائيلَ لا تجمعُهم فكرةٌ قوميةٌ أو خاطرُ
إنما تجمعُهم تَوْراتُهم فإخاءُ الدينِ فيهمْ وافِرُ
لا يَفُلُّ الدينَ إلاّ مثلُه لا يُباري الدّارعينَ الحاسِرُ
مِلّةُ التوراةِ لن يَقْمعَها غيرُ دينِ اللهِ فهو الظاهرُ
ليسَ يحَمي الهودَ إلا غرقَدٌ فهو للهود الخباءُ الساتِرُ
إنهُ الإسلامُ يُفْني جمعَهم كل َّ شرٍّ بعدَ ذاكمْ قاصرُ
تَعمرُ الأرضُ إذا ما استؤصِلوا ويَسودُ البيدَ عدلق باهرُ
يملأُ الإسلامُ دنيانا هُدىً وإخاءً ذاكَ شيءٌ صائرُ
إنها بُشرى رسولٍ صادقٍ لا يُماري فيهِ إلا كافرُ(866/2)
تأملات
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله ...
أن أعرف نفسي هل يكفي ؟ أم يكفيني علم الخلق ؟
هل أبدي الحق فلا أخفي ؟ أم أحجم عن قول الحق ؟
*****
الناس لسان لا يرحم والعادة قانون آسر
والبادي بالشر الأظلم والكثرة تخدع بالظاهر
*****
إن كان ضميري مرتاحا والمولى يرضى عن فعلي
فسأمضي أحمل مصباحا لأنير دياجير الجهل
*****
الذئب شريعته عمت والويل لخرفان المرعى
والجهل مخازيه طمت وغدا ذو القربى كالأفعى
*****
عاد الإخوان كأعداء والأنثى صارت كالذكر
والكذبة نشرة أنباء والحق لأرباب الظفر
*****
يطغى الإنسان إذا استغنى والشح عدو الإنسان
والمال كجامعه يفنى لا يبقى غير الإحسان
*****
من رام نجاة فليسلم لله مقاليد الأمر
وليقنع بعطاء المنعم وليمسك عن فعل الشر(867/1)
تجليات شعبان
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
في ليلةِِ النصفِ ربي السامعُ الرائي يَمحو الخطايا سِوى شرْكٍ و شحْناء
اللهُ يعلمُ كمْ للشركِ من سُبُلٍ خفيةٍ كَدبيبٍ تحت ظلماء
مَنْ كانَ يَحلفُ بالمخلوقِ معتقِداً بفضلِه كانَ في شرْكٍ و عمياء
وناذرُ النذْرِ للمخلوق عابدُه كالمستغيثِ بهِ في كلِّ بَلواء
كَمَنْ دعا عندَ قبْرٍ كيْ يوسِّطَه في كشْفِ ضُرٍّ وفي تَخْفيفِ بأْساءِ
كَمَنْ تقرَّبَ للمقبورِ في نُسُكٍ أَو استعانَ بهِ للبُرْءٍ مِنْ داءِ
كَمَنْ توكَّلَ في أَمْرٍ على أَحَدٍ أَو قالَ يعلَمُ غيباً دونَ إِنْباءِ
أَو ظَنَّهُ مالكاً ضُراً ومنفعةً فالنفْعُ والضُّر إظهارٌ لآلاء
لا يَستطيعُ الورى تغييرَ مُسْتَطَرِ من المقاديرِ دانيها أو النائي
من خافَ من ميّتٍ بطْشاً ومُفْجِعَةً كَمَنْ رجاهُ لإِسعادٍ وسرّاء
وَمَنْ تعلَّق شيئاً من تمائِمِهم لدفْعِ عَيْنٍ وحُسّادٍ وإِيذاء
كَمَنْ تعلِّقُ خيْطاً عندَ مقبرةٍ يذكِّرُ الميْتَ إِسْراعاً بإِمضاء
وَمَنْ يعظِّمْ مزاراتٍ وأَضرحةً ويلثمُ القبرَ في ذلٍّ وإِغضاء
الشرْكُ منتشرٌ في كلِّ ناحيةٍ والناسُ من أَمرهِ في شرِّ أَخطاء
ظنّوه أَمراً على الكفّارِ مقتصراً وما دَرَوا أَنه كالملْحِ في الماء
كُفّارُ مكَّةَ ما ضَلّوا وما كفروا إلا بتوسيطِ أمواتٍ وأَحياء
فتلكَ أصنامُهم زُلْفى تقرِّبُهم مِنْ ربِّهم فهو ذو منْعٍ وإِعطاء
همْ وحّدوا اللهَ رباً خالقاً أَحَداً لكنَّ إِشراكَهم تحكيمُ آراء
همْ شبّهوا اللهَ بالمخلوقِ واخترعوا له بناتٍ وأَعواناً بأَسماء
همْ أيقنوا أَنَّ ربَّ الكونِ خالقُهم وأَنه رزاقٌ غفّارُ أَسواء
لكنْ عبادتُهم تقليدُ مَنْ سَبَقوا حتى ولو كان تَقليداً لغوغاء
فسيَّبوا البُدْنَ بالأَهواءِ وابتدعوا ذَبْحاً على النُّصْبِ تقطيعاً لأَشلاء
واستسقموا ثَمَّ بالأَزلامِ واحتكموا لسادنٍ قادهم في ذلَّةِ الشاء(868/1)
والناسُ في عصرِنا صاروا مقلدةً للجاهليّين في فكْرٍ وإجْراء
فالحلْفُ والنذْرُ للمخلوقِ دَيْدَنُهم والاستعانةُ بالموتى لإِبراء
فكيف نُنكِرُ في الكفّارِ شركَهُمُ ومثلهُ واقعٌ في كلِّ أَنحاء
شِرْكُ العبادَةِ كلُّ الناس واقعةٌ فيه سوى من وَقاه الحافظُ الرائي
واللهُ لا يغفرُ الإشراكَ من أَحَدٍ مهما تبَاعَدَ عن سُوءٍ ونكْراء
وليسَ يُجدي مع الإِشراكِ صالحةٌ فكلُّها كهبَاءٍ بيْنَ أَنواء
رأسُ السعادةِ إِيمانٌ له أَثَرٌ في مَسْلَكِ المرْء تَقويماً لأَخطاء
وكلُّ معصيةٍ في الشرْعِ خادشَةٌ إِيمانَ فاعِلِها ويْحاً لخطّاء
وما انتفاعٌ بإيمانٍ بلا عملٍ كالغصْنِ دون ثمارٍ دونَ أَفياء
و ما لسعيٍ ثوابٌ عند خالِقِه بلا يَقينٍ وصبْرٍ عندَ ضَرّاء
فلنسأَلِ اللهَ في شعبانَ مغفرةً في ليلةِ النصْفِ تَمحو كلَّ أَسواء
إنّا نتوبُ من الإِشراكِ قاطبةً ومن قبائحِ شَحْناء وبَغْضاء(868/2)
جريمتنا
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
جريمَتُنا أنّنا نَتَّقي مذلَّةَ دهْرٍ وعارَ الأبَدْ
جريمَتُنا عندَهم أنّنا أبَيْنا خُضوعاً لغيرِ الصمدْ
جريمَتُنا يا أخي عندَهم تَطَلُّعُ عَقْلٍ ونبلٌ و جِدْ
رفضْنا اجتهاداً بلا حُجةٍ ولم نتعبدْ لغيرِ الأحدْ
وما للمشايخِ مِنْ عصمةٍ فيؤخَذُ من قولِهم أو يُرَدْ
أنترك ما صح من سنَّةٍ لقيل وقال وأخذ و رَدْ ؟
أنختارُ مَنْ ليسَ ذا عصمة ٍ ونَنْسى رسولَ الهُدى المعتمَدْ ؟
أينأى عنِ البحرِ ذو فطنةٍ ويأتي السواقيَ كي يَبتَرِدْ ؟
ويُشعلُ عند الضحى شمعةً وشمسُ الضُّحى نورُها متَّقِدْ ؟
لقد طالَ مِنْ غافلٍ نومُه فهلْ آن صحوْ لمن قد هَجَد
وهلا نعودُ إلى سنّةٍ تُوَضِّحُ قرآنَنا ذا الرَّشَدْ
وتَجمعُ شَمْلاً على مَذْهبٍ وتَمحو الطرائقَ ذاتَ القِدَدَ
لنُرجعَ ماضيَ أسلافِنا بناةِ الحضارةِ أهلِ السَّدَدْ(869/1)
جنة الشهيد
شعر : خير الدين وانلي
يا جنةَ الشهيدِ يا روضةَ الخلودِ
نَوَّرْتِ لي قَصيدي يا جنةَ الشهيدِ
*****
نعيمُكِ النعيمُ وفضلُكِ العميمُ
يا فرحةً تَدومُ يا جنةَ الشهيدِ
*****
منْ تحتِكِ الجناتُ ماجَتْ بكِ الآياتُ
أنسامُكِ الحياةُ يا جنةَ الشهيدِ
*****
يا رتبةَ الشهادهْ يا مُنتهى العِبادهْ
حُقَّتْ لكِ السيادهْ يا جنةَ الشهيدِ
*****
يا أيها الشهيدُ في قلبكَ الوجودُ
حفَّتْ بكَ السعودُ يا جنةَ الشهيدِ
*****
ما أروعَ الشهادهْ ما مثلُها سعادَهْ
القربُ والزيادهْ يا جنةَ الشهيدِ
*****
أشتاقُ أن أراكِ يا مُنتهى السِّماكِ
كلُّ النَّدى نَداكِ يا جنةَ الشهيدِ
*****
أضْنانيَ اصطباري يا درةَ الدراري
يا نَضْرَةَ النُّضارِ يا جنةَ الشهيدِ
*****
الخلدُ أنتَ الخلدُ والجَدُّ أنتِ الجدُّ
و المُرتقى والمجدُ يا جنةَ الشهيدِ(870/1)
حقيقة العيد
شعر : خير الدين وانلي
قالوا أتَى العيدُ هلْ في أرْضِنا عيدُ ؟ وحولَ مسجدِنا الأقْصى عرابيدُ
هل زارنا العيدُ (والجَولانُ) مغتَصَبٌ وفوقَ (حَيْفا) و (يافا) يرتَعُ الهودُ
وفي مسامعِ (صيدا) صوتُ قاذفةٍ وللكتائبِ تقسيمٌ وتَهويدُ
الأرضُ ترزحُ تحتَ الظلمِ صارخةً هيهاتَ يَسمعُها الصمُّ الجلاميدُ
الناسُ في لهوهِم غَرقْى وقد غَفَلوا عن الجهادِ فذلَّت منهمُ الجيدُ
فحربُهم خُطَبٌ والعزْفُ معركةٌ وعُدَّةُ القومِ في الهيْجا أناشيدُ
وفي الإذاعةِ تكبيرٌ وجَعْجعةٌ ودَمْدَماتٌ وإيعادٌ وتَهديدُ
فلمسةُ الطفْلِ تَمْحو كلَّ ما صَنَعوا ونفخةُ الريحِ تحويلٌ وتَبْديدُ
هذي المراقصُ والحاناتُ حاشدةٌ وفي البيوتِ على الشاشاتِ تميهدُ
في كلِّ راء من الفحشاء أقبحُها وللتعرّي بطولاتٌ وتمجيدُ
وفي المسابحِ والعوراتُ بارزةٌ للناشئاتِ مع الفتيانِ تَشْريدُ
والخمرُ منْ كلِّ صِنفٍ في متاجرِهم مبذولةٌ ما لها حجْرٌ وتَحديدُ
للفِسْقِ والفحْشِ هيئاتٌ وأندِيةٌ وللقمارِ إذاعاتٌ وتأييدُ
في كلِّ ناحيةٍ عُرْيٌ ومفسدةٌ جُلُّ الوظائفِ تُستحلَى لها الغيدُ
وفي المصايفِ أشلاءٌ مبعثرةٌ للخُلْقِ ... فالدينُ والإيمانُ محصودُ
فكيفَ نأمنُ من خسْفٍ وزلزلةٍ وهذه حالُنا ؟ فلْيَشهدِ العيدُ
*****
العيدُ يا قومِ إعلانٌ لبهجتِنا بصومِنا أو بحجٍّ فهو تأكيدُ
بأننا نعبدُ المولَى ونشكُرهُ على عبادتِهِ فالعيدُ تَحميدُ
فيهِ التفاتٌ إلى المسكينِ يُفرِحُهُ وفيهِ للبائسِ المحرومِ تَسعيدُ
فيه صلاتُ ذوي الأرحامِ بعضَهمُ وفيه لطفٌ وإيناسٌ وتَسديدُ
فيهِ تفقُّدُ جيرانٍ وتقويةٌ لكلِّ وُدٍّ فوُدُّ الجارِ مَحمودُ
ما العيدُ بالرقْصِ والألحانُ صادحةٌ وللملابسِ تطريزٌ وتَجعيدُ
ما العيدُ توزيعُ حَلْوى عندَ مقبُرَةٍ أو وضْعُ آسٍ على لحْدٍ وتَجويدُ
ما العيدُ إتخامُ أمعاءٍ بأطعمةٍ منْ كلِّ لونٍ فللأَنفاسِ تَقييدُ(871/1)
ما العيدُ تسريحةٌ أو نمْصُ حاجِبِها أو نزهةٌ في اختلاطٍ أو مَواعيدُ
تبرأَ الدينُ من عيدٍ بمعصيةٍ فكلُّ معصيةٍ للعيدِ تنكيدُ
*****
طهارةُ العيدِ أغلى من زخارِفهِ فما زخارفُه إلا تقاليدُ
إنَّ المظاهرَ زيْفٌ خادعٌ كذبٌ وتحتَ ألوانِها للحقِّ تَصْفيدُ
كلُّ الخداعِ إلى النيرانِ مرجعُه وللمنافِقِ في النيرانِ تَخليدُ
واللهُ ينظرُ للتقوى ويَقْبلُها وللمخادعِ يومَ العرْضِ تَجريدُ
ويفضحُ اللهُ في الدنيا مخادِعُها وفي القيامةِ تَسفيهٌ وتنْديدُ
*****
ما العيدُ أن نُخفيَ الأضغانَ نستُرُها ببرقُعُ الحبِّ والإخلاصُ مفقودُ
لكنَّهُ باطِّرحِ الحقْدِ عَنْ جُنُبٍ فالحقدُ آثارُه همٌّ وتَسهيدُ
فضائلُ العيدِ لا تُحصى لِكثْرَتِها فالعيدُ للخيرِِ والأخلاقٍ تَجسيدُ
وبعدَ هذا فهلْ حقاً لنا عيدُ أمْ أنَّ ذلكَ عاداتٌ وتقليدُ
ما جئتُ أُنْقِصُ من أفراحِ ذي فَرَحٍ لكنّها نفثةٌ فالقلبُ مَكمودُ(871/2)
دروس بدر
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
(بدرٌ) هي الدرعُ يَحمي حقَّ أُمتنا والحقُ بالسيفِ محفوظٌ من العادي
(بدرٌ) هي العصمةُ الكُبرى لدعوتِنا فالحقُّ قُرآنُهُ يُحمى بأَجنادِ
هي الحياةُ بلا خوْفٍ ولا وجَلٍ على العقيدةِ من طاغٍ وجلاّدِ
الأمنُ للدينِ والدنيا أمانُهما فنعمةُ الأمنِ تتويجٌ لإسعادِ
*****
أقامَ في (مكةَ) المختارُ أحمدُنا في الضيقِ والكرْب في لمزٍ وإيعادِ
فما تهيَّبَ عدْواناً لذي سَفَهٍ بل استهانَ بإرصادٍ و رُصَّادِ
وقالَ شاهتْ وجوهٌ يومَ هجرِته وغُفِّرتْ أوجهٌ كانت بمرِصادِ
وأنقذَ اللهُ خيرَ الرُّسْلِ من فتنٍ ومن براثِنِ أشرارٍ وأَوغادِ
وحصَّنَ اللهُ بالأنصارِ دعوتَه من شرِّ كفرٍ طَغَى في كلِّ أنجادِ
وحقَّقَ الدينُ في الدنيا أُخوَّتَه فحطمتْ كلَّ أضغانٍ وأحقادِ
وعَلَّمَ المصطفى المختارُ أمَّتَهُ بناءَ أمجادِها أكرمْ بأمجادِ
وكان فيهم رسولاً قائداً بَطَلاً وقدوةً سلمتْ من نقْدِ نقادِ
وللجهادِ دعاهُم فاستجابَ له أسْدٌ غضابٌ وأشبالٌ كأطوادِ
ما شاهدَ الكونُ يومَ البأسِ مثلَهُمُ ومالهمْ من نَظيرٍ بينَ عُبّادِ
*****
صَفَّ الرسولُ جنودَ الحقِّ يحفِزُهم لجنةِ الخلدِ نعمَ الصبرُ من زادِ
يقولُ : يا ربِّ إن تُهلِكْ جماعتَنا فلستَ تُعبدُ بعدَ اليومِ يا هادي
يا ربِّ أنجزْ لنا وعْداً بنصْرَتنا فأنتَ حَسْبي ومنكَ الرِيَّ للصادي
يا ربَّ لم تَبقْ أرضٌ دونَما صنمٍ فأدركِ الدينَ منْ كفر وإلحادِ
فأنجزَ اللهُ للمختارِ موعِدَهُ فللملائكِ ضربٌ فوقَ أجيادِ
ومزَّقَ اللهُ كفْراً بعدَ حِدَّتِه وعادَ جيشُ قريشٍ دونما حادي
مخلِّفاً كلَّ صنديدٍ لهُ خطرٌ تنوشُهُ الطيرُ تقطيعاً بأَجسادِ
يخاطبُ المصطفى الأجسادَ يُسمعُها بقدرةِ اللهِ تبكيتاً لأسيادِ
يقولُ : إنا وَجَدْنا خيَر موعدةٍ فهل وجدتُم يَقيناً شرَّ ميعاد ِ؟
وعادَ أَسْرى قريشٍ بعد عزَّتهمْ إلى المدينةِ في خزِيٍ وأصفادِ(872/1)
وهلَّلَ الشيبُ والأطفالُ واجتمعوا حولَ الرسولِ بتكبيرٍ وإنشادِ
وكلُّهم ثقةٌ باللهِ ناصرِهم والنصرُ يؤتَى بتقوى لا إعدادِ
فعِدّةُ الكفر أضعافٌ مضاعفةٌ وعُدَّةُ الكفر فاقَتْ كلَّ إعدادِ
لكنَّ قوةَ ربِّ العرشِ ناصرةٌ جندَ الهُدى بعدَ تَمحيصٍ وإرشادِ
*****
(بدرٌ) أقرَّت لدينِ اللهِ عزَّتَه وحققتْ فخرَ آباءٍ وأجدادِ
فما التَقَى الكفرُ والإيمانُ بعدئذٍ إلاّ و للكفرِ خزْيٌ فاضحٌ بادِ
بالرُّعْب قد نَصر المَولى جحافِلَنا في البرِّ في البحرِ في سهلٍ وفي وادِ
والطيرُ تتبعُ في الهيجاءِ جحفَلنا ففي لحومِ العِدا فيضٌ من الزادِ
(بدرٌ) تعلِّمنا في كلِّ آونةٍ أنَّ الحياةَ صراعٌ بينَ أضدادِ
لا يَرتضي الكفرُ للإيمانِ قائمةً بل يَبتغي سحقَه والظالمُ البادي
واللهُ يَسمعُ للمظلومِ يَنصرُهُ ويقمعُ اللهُ بغْي الجائرِ العادي
(بدرٌ) تعلِّمنا الإخلاصَ في عملٍ وفي جهادٍ وفي بذلٍ وإعدادِ
فالدينُ صفوتُه الإخلاصُ معتَقَداً والدينُ لُحمتُه إخلاصُ عُبّادِ
لا يقبلُ اللهُ إلا كلَّ خالصةٍ من الشوائبِ من إشراكِ أندادِ
إليهِ تُرفَعُ أعمالٌ له خَلَصتْ وما سِواها فَتَلقَى شَرَّ إبعادِ
(بدرٌ)هي الصبرُ والإقدامُ رائدُها وللصبورِ جزاءً كلُ إسعادِ
(بدرٌ) هي المددُ الأعلى لدعوتِنا ولا يتمُّ انتصارٌ دونَ إمدادِ
ولا يُضيِّعُ رُّب العرشِ أُمتَنا إنْ كانَ مِنْ (بدرِها)إشعاعُها الهادي
ومالَها غيرُ دينِ اللهِ يَرفعُها إلى العُلى بعدَ إخفاقٍ وإخلادِ
دروسُ(بدرٌ) عظَاتٌ لا نظيرَ لها لمنْ تجرَّدَ عنْ بَغيْ و أحقادِ
وينفعُ اللهُ بالذكرى ذَوي نظَرٍ ويقمعُ اللهُ فيها كلَّ جَحَّادِ(872/2)
دعاء ليلة القدر
شعر : خير الدين وانلي
في لَيلةِ القدْرِ والأَملاكُ في الأمرِ دعوتُ ربِّيَ حتى مَطْلعِ الفجرِ
سألتُهُ كلَّ عفْوٍ كلُّ عافيةٍ وأَنْ يَحُطَّ جميعَ الوِزْرِ و الإصْرِ
*****
يا ليلةَ القدْرِ هل تَدرين ما كانا من أَمرِ أُمتنا شيباً وشُبّانا ؟
وكيفَ صارتْ زرافاتٍ ووِحْدانا مِنْ بعدِ ما أعرضَتْ عن ليلةِ القدرِ
*****
في ليلةِ القدرِ صيحاتُ العرابيدِ مِنَ المغنّينَ والرقْصاتُ منْ غيدِ
وفي المساجدِ أَنغامُ الأناشيدِ أهكذا قد تجلَّتْ ليلةُ القدرِ ؟
*****
في الناسِ شحٌّ وشحناءُ وبغضاءُ وفي المعاركِ أَنّاتٌ وأَشلاءُ
وفي المتاجرِ حيّاتٌ وحرْباءُ أهكذا الحالُ صارتْ ليلةَ القدْرِ؟
*****
ما حيلتي ليسَ لي في الأمر منْ حَوْلِ ما قُدرتي ليس لي في الناسِ منْ طَوْلِ
في الضيقِ والضنْكِ والضرّاءِ والهوْلِ ما لي سِوى دَعوتي في ليلةِ القدرِ
*****
رباهُ ما لي سوى ديني و إيماني باللهِ والمصطفى من نَسْلِ عَدْنانِ
فإنْ تُشفعْه يا رباهُ في العاني فذاكَ أَقْصى رجائي ليلةَ القدرِ
*****
و الطفْ بأُمةِ خيرِ الرسْلِ راعيها ونجِّها من شرورٍ أَحدَقتْ فيها
وكنْ لها وعلى باغٍ يُعاديها ولا تُخيِّبْ رجائي ليلةَ القدرِ(873/1)
سبيل النصر
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
ألمْ يأْنِ للكفرِ أن يُهزَما ألم يأْنِ للدينِ أن يَحكما ؟
فقدْ طالَ من أمتي نومُها وليلُ الجهالةِ قد خيّما
فلا مَنْ ينبِّهُ من رقْدةٍ ولا مَنْ يُعاقبُ من أجرما
ولا النهيُ عن منكرٍ واردٌ ولا الأمرُ بالعرْف فيهم نَما
مذاهبُ شتى سرتْ بينهمْ وعمَّ التعصُّبُ واستحكما
وكلٌّ يُشيدُ بأَشياخِهِ ويَفدي أقَاويلَهم بالدما
يردُّ الدليلَ ولا يَرعوي منَ البغي مهما يكنْ مُفحما
كأنَّ المشايخَ في عصمةٍ فلا يُخطئُ الشيخُ مهما رَمَى
أهذي تعاليمُ قرآنِنا أهذي مواثيقُ من أسلَما
أهذي سبيلُ انتصاراتِنا أيُمنَحُ نصرٌ لمنْ أحجما؟
****
يحزُّ بنفسيَ ألاّ أرى سوى الجهلِ بالدينِ مُستحكما
وأنظرُ حوليَ في حسرةٍ واستعجلُ النصرَ مُسترحما
فيملأُ سمعيَ صوتٌ رهيب يهزُّ الكيانَ فما أعظما
يُنادي الأنامَ لكي يَرفعوا حجاباً عن العقلِ قد أُحكِما
ليَعلمَ مَنْ لم يزلْ جاهلاً ويُبصرَ مَنْ لم يزلْ في عَمَى
بأنَّ السبيلَ لمستنصر بأن يَنصرَ اللهَ ربَّ السما
وأنَّ الذي لم يزلْ عاصياً حريّ وأجدرُ أن يُهزما
ومنْ لم يقاومْ هَوى نفسِه يَظلَّ أسيرَ الهوى دائماً
ولنْ تَستقيمَ لعودٍ ظلال إذا لم يكنْ جذعُه قائما
يغيِّرُ ربُّ إذا غيّروا ولن ينصرَ اللهُ مستسلما(874/1)
سر القرآن
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
أيُّ سرٍّ سِرُّ ذا القرآنِ؟ كيفَ أرسى كلَّ ذا البُنيانِ؟
كيفَ نجّى العقلَ من أوهامٍ؟ كيفَ نمّى غرسةَ الإيمانِ؟
كيفَ أحيا القلبَ من أمواتٍ؟ كيفَ نقّى النفسَ من أَدْرانِ؟
كيفَ أورى الزنْدَ في بارودٍ ؟ كيفَ صَحَّى غافيَ الوِجدانِ؟
ألَّفَ الأقوامَ من تَشْتيتٍ وحَّدَ الأفكارَ مِنْ إخْوانِ
أرسخَ التوحيدَ في أعماقٍ أخلصتْ للخالِقِ الرحمنِ
هذَّبَ الأخلاقَ من إنسانٍ حرَّرَ الوِجْدانَ من إذعانِ
مدَّنَ الأقوامَ في الصحراءِ شادَ صرْحَ العلمِ والعِرفْانِ
أنقذَ الأحرارَ من إذْلالٍ حطَّمَ الأغلالَ من عُبْدانِ
علّمَ الحكّامَ مَعنى العدْلِ هدَّمَ الأركانَ من طُغْيانِ(875/1)
سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
يا سُنَّةِ المُصطفى خيرِ النبييّنا نحنُ الفداءُ بيومِ الروْعِ فادْعينا
منكِ رَضَعْنا لبَانَ العزِّ فاختلطتْ به دِمانا فأَصبحنا الميامينا
الحربُ تعلمُ والأَبطالُ شاهدةٌ والجارُ يأْمَنُ والضِّيفانُ تَبغينا
إيثارُنا مَضرِبُ الأَمثالِ قدوتُنا فيه الصحابةُ أَنصاراً مُواسينا
والمُصطفى كاملُ الأَخلاقِ أَسوتُنا في الحربِ والسِّلْمِ إِنْ عُسراً وإِنْ لينا
مِنْ هَدْيهِ مِنْ كتابِ اللهِ شِرْعَتُنا زِدْنا بدعوتِها في الأَرضِ تمكينا
*****
البيتُ قبلتُنا و القدسُ مسجدُنا والحقُّ دعوتُنا والمجدُ ماضينا
منَ الرسولِ ورثْنا كلَّ مكرُمَةٍ بأْساً وعدْلاً وإِحسانا لراجينا
نحنُ الأُلى زيَّنَ التاريخَ سالِفُنا وسارَ في هدْيِه المبرورِ تالينا
وسطَّرَ المجدُ أَسفاراً تخلِّدنا على العصورِ بما خطّتْ مواضينا
واستقبلَ الكونُ بالترحابِ دعوتَنا لما تبدَّتْ له أَخلاقُ داعينا
مِنْ سُنَّةِ المصطفى جاءتْ مكارمُنا لأَن أُسوتَنا خيرُ النبيّينا(876/1)
سندنا
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
ما غيرُ الله ِلنا سندُ فعليهِ دَوْماً نعتمدُ
لم نشرِكْ يوماً بالباري فهو الأحدُ الفردُ الصَّمدُ
مَنْ للمضطرِّ إذا نادى كي يكشفَ عنهُ ما يَجِدُ ؟
مَنْ للمحزونِ وللمَكْروب وللملْهوفِ المعتمدُ ؟
مَنْ غيرُ اللهِ يُؤَيِّدُنا بالنصرِ ومن منهُ المَدَدُ ؟
فعلى الرحمنِ توكلَّنا وإليهِ نَجِدُّ ونجتهدُ
وله أسلمنا عنْ طَوْعٍ و بهِ نعتزُّ ونَعتَضِدُ
وإليهِ أنَبْنا في ذلٍّ مِنْ هولِ جهنمَ نَرتعِدُ
نَدعوه نَرجو جنَّتَه فالخلدُ منالٌ مبتعدُ
لكنَّ الرحمةَ واسعة ٌ يُؤْتاها العبدُ المجتهدُ(877/1)
سيد الشهداء حمزة
شعر الأستاذ :خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
يا سيِّدَ الفُرسانِ والشُّجْعانِ نَفْديكَ كلُّ الشِّيبِ والشُّبََانِ
ناداكَ ( عُتْبةُ ) شاهراً بيَمِنه سيفَ الغِوى في ساحةِ المَيْدانِ
فاضْربْ عدوَّ اللهِ واقْطَعْ رأَسَه ليخضِّبَ الأَرضَ النجيعُ القاني
واحملْ على الأَعداءِ حملةً فيْلقٍ واضرِبْ منَ الكُفّار كلَّ بنَانِ
في يومِ ( بدْرٍ) كنتَ أَولَ طاعِنٍ ومَضيْتَ في (أُحُدٍ) إلى الرحمنِ
غالتْ يدُ الغدْرِ الأَثيمةُ مهجةً من بعدِ أَن عَجِزتْ يدُ الشجعانِ
وأَتتهُ (هندٌ) تَبْقَرُ الصدرَ الذي لم يلتفتْ يوماً عنِ الفرسانِ
موتورةً بشقيقِها وبعمِّها وبوالدٍ منْ أكبرِ الأَعيانِ
قد أَقسمتْ باللّاتِ والعزّى لَئِنْ ظفرت به فالأمر للأسنانِ
لاكتْ من الأَسَدِ الهَصورِ مرارةً كي تطفيء المسعور من نيرانِ
لكنَّها لم تَشْفِ حِقْدَ فؤادِها بل زادت الإضرام في البركانِ
ليستْ لحومُ الأَسْدِ طُعمَ ثَعالبٍ تأبى النسور تحدى الغربانِ
**********
يا سيِّدَ الشهداءِ حسبُكَ رفعةً أنْ كنتَ سَبّاقاً إلى الإيمانِ
أدميتَ رأْسَ الظلمِ أجهلَ كافرٍ لما تَمادى الكفرُ في الطّغيانِ
كنتَ الدِعامةَ للرسولِ بمكةٍ تَحميه منْ بَغْيٍ ومن عُدوانِ
وحميتَ رايتَهُ ببدرٍ ثابتاً كالراسياتِ وراسخِ البنيانِ
لم تَشهدِ الهيجاءُ مثلَكَ فارساً مستهزئاً بالموتِ في الميدانِ
فاهنأْ بجنّاتِ النعيمِ و خُلْدِها يا سيدَ الشهداءِ في الأزمانِ(878/1)
سيف الإسلام
للشاعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
يا صلاحَ الدينِ جَرِّدْ ذلكَ السيفَ المتينْ
( قُدْسُنا ) جُحْرُ أَفاعٍ تحملُ السُّمَّ الدَّفينْ
*******
حفْنةُ الشذّاذِ جاءتْ تحملُ الموتَ الزُّؤامْ
دَنَّسْتْ كلَّ طَهورٍ حلَّلتْ كلَّ حرَامْ
*******
أَحرزَتْ حبلاً من المستعمريَن الطامعينْ
فانبرْ تغْصِبُ أرْضَ الشعبِ والشعبُ سجينْ
*******
جاءها الرشَّاشُ والتأْييدُ ... منْ كلَّ مكانْ
دولً الكفرِ تَرى الإسلامَ .... خصْماً منْ زَمانْ
*******
شرَّدتْ أهلَ البلادِ القاطنينَ الآمنينْ
أبَقَرَتْ منهم حَبالى بِئْسَ حِقْدُ الحاقدينْ
*******
نهبتْ خيراتِ أرضٍ منْ ( فلسطينَ ) الأبيهْ
وسقَتْها منْ دماءٍ حرةِ الأصلِ زكيَّهْ
*******
لم يَهنْ للقدسِ عَزْمٌ ما رمَى الشعبُ السلاحْ
أعزلُ الكفينِ لكنْ روحُه رمزُ الكفاحْ
*******
قصَّرتْ عنه أيادي العونِ لكنْ ما اسْتكانْ
إنه الإيمانُ لا يَخبو ... ولا يَرضى الهَوانْ
*******
لنْ يعودَ الحقُّ إلا بالسيوفِ المسلمهْ
و بها تُقطََعُ أيدي .. الآثِمين المجرمهْ(879/1)
سيف الإسلام
للشاعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
يا صلاحَ الدينِ جَرِّدْ ذلكَ السيفَ المتينْ
( قُدْسُنا ) جُحْرُ أَفاعٍ تحملُ السُّمَّ الدَّفينْ
*******
حفْنةُ الشذّاذِ جاءتْ تحملُ الموتَ الزُّؤامْ
دَنَّسْتْ كلَّ طَهورٍ حلَّلتْ كلَّ حرَامْ
*******
أَحرزَتْ حبلاً من المستعمريَن الطامعينْ
فانبرْ تغْصِبُ أرْضَ الشعبِ والشعبُ سجينْ
*******
جاءها الرشَّاشُ والتأْييدُ ... منْ كلَّ مكانْ
دولً الكفرِ تَرى الإسلامَ .... خصْماً منْ زَمانْ
*******
شرَّدتْ أهلَ البلادِ القاطنينَ الآمنينْ
أبَقَرَتْ منهم حَبالى بِئْسَ حِقْدُ الحاقدينْ
*******
نهبتْ خيراتِ أرضٍ منْ ( فلسطينَ ) الأبيهْ
وسقَتْها منْ دماءٍ حرةِ الأصلِ زكيَّهْ
*******
لم يَهنْ للقدسِ عَزْمٌ ما رمَى الشعبُ السلاحْ
أعزلُ الكفينِ لكنْ روحُه رمزُ الكفاحْ
*******
قصَّرتْ عنه أيادي العونِ لكنْ ما اسْتكانْ
إنه الإيمانُ لا يَخبو ... ولا يَرضى الهَوانْ
*******
لنْ يعودَ الحقُّ إلا بالسيوفِ المسلمهْ
و بها تُقطََعُ أيدي .. الآثِمين المجرمهْ(880/1)
سَلِ المواضيَ عَنْ أَمجادِ ماضينا
سَلِ المواضيَ عَنْ أَمجادِ ماضينا *** واسأََلْ عواليَنا ذِكرى مَعالينا
نحنُ الذينَ جمعْنا كلَّ مكرُمةٍ *** ماسِيمَ عائذُنا ما خابَ راجينا
نحنُ الذين فتحْنا كلَّ مُغلَقَةٍ *** وفرَّ مِنْ بأْسِنا العاتي مُلاقينا
نحنُ الذين رفعْنا كلَّ مِئذَنَةٍ *** في مَسْمَعِ الكونِ تكبيراتُ داعينا
الله مقصِدُنا والذكرُ منهجُنا *** وسنَّةُ المصطفى للنّورِ تَهدينا
وجنةُ الخلْدِ والفردوسُ بغيَتُنا *** معَ النبييِّن أَكْرِمْ بالنَّبيّينا
******
آباؤُنا خالدُ اليرموكِ تعرفُهُ ***** جَحافلُ الرومِ مِنْ بينِ المُغيرينا
والفرسُ تَعرفُ سعداً من وقائعِهِ ***** والنيلُ يعرفُ عَمْراً في المجلّينا
والباهليُّ بتركستانَ صولتُهُ ***** معروفةٌ فاسأَََلِ التْركَ الميامينا
فتى ثَقيفٍ بأَرضِ الهندِ جحفلُه ***** يزلزلُ الشرقَ حتَّى يبلغَ الصّينا
وعُقبةُ الخيرِ نحو الغربِ فيلقُهُ ***** يخوضُ في البحرِ يَستَعدي المُلاقينا
والقدسُ سيفُ صلاحِ الدينِ حرّره ***** من الغزاةِ الأُلى جاؤوا فلسْطينا
في كلِّ معتركٍ آباؤُنا كتَبوا ***** صحائفَ المجدِ يتْلوها أَعادينا
فالقادسيةُُ واليرموكُ وَقْعُهما ***** مازالَ في سَمْع جالوتٍ وحِطَّينا
ونفْحةُ النصرِ من بدْرٍ ومن أُحُدٍ ***** تعطِّرُ الصِّيدَ منا والأبيِّينا
*******
إمجادُنا في سطورِ العلمِ يقرؤُها *** مَنْ يطلبُ العلمَ مِنْ أسفارِ ماضينا
في الطبِّ في الجبْرِ في رسْمٍ وفي فلَكٍ *** في الكيمياءِ وفي عُمرانِ بانينا
في هيئةِ الأرضِ والبلدانِ موقِعِها *** وفي المعادنِ تَنْقيباً وتعْدينا
وفي الملاحةِ واستخراجِ لُؤْلُئِها *** وفي الفِلاحةِ أو سُقْيا أراضينا
في الفنِّ في الشْعرِ في نحوٍ وفلسفةٍ *** وفي الخطابةِ تعْليماً وتلْقينا
في الفقهِ والنقْدِ والتحديثِ عن سَنَدٍ *** وفي الروايةِ والتفسيرِ تَبْيينا(881/1)
في كلِّ علْمٍ نبغْنا قبلَ من أخذوا *** منا علوماً فصاروا اليومَ عالينا
*******
أَمجادُنا روضةٌ بالطيبِ قد عبِقتْ *** حَوَتْ وروداً وريْحاناً ونسرينا
مِنْ كلِّ ما تَبْهَجُ العينينِ رؤيتُهُ *** مِنْ كلِّ ما تَشْتهي نفْسُ المحبّينا
آثارُ أمجادِنا في الأرضِ شاخصةٌ *** في البرِّ في البحرِ في الوديانِ في المينا
قد أيقنَ الكونُ أنا للعُلى نَسَبٌ *** وأنَّ أمجادَنا منْ صُنْعِ بارينا
فمُذْ سلكْنا سبيلَ الدّينِ أيَّدنا *** بنصرهِ وحَبَانا كلَّ ماشِينا
فتحُ القديرِ وما الفْتح ِمنْ عَجَبٍ *** فقدرةُ الله عوْنُ المستَجيبينا(881/2)
سَلِ المواضيَ عَنْ أَمجادِ ماضينا
سَلِ المواضيَ عَنْ أَمجادِ ماضينا *** واسأََلْ عواليَنا ذِكرى مَعالينا
نحنُ الذينَ جمعْنا كلَّ مكرُمةٍ *** ماسِيمَ عائذُنا ما خابَ راجينا
نحنُ الذين فتحْنا كلَّ مُغلَقَةٍ *** وفرَّ مِنْ بأْسِنا العاتي مُلاقينا
نحنُ الذين رفعْنا كلَّ مِئذَنَةٍ *** في مَسْمَعِ الكونِ تكبيراتُ داعينا
الله مقصِدُنا والذكرُ منهجُنا *** وسنَّةُ المصطفى للنّورِ تَهدينا
وجنةُ الخلْدِ والفردوسُ بغيَتُنا *** معَ النبييِّن أَكْرِمْ بالنَّبيّينا
******
آباؤُنا خالدُ اليرموكِ تعرفُهُ ***** جَحافلُ الرومِ مِنْ بينِ المُغيرينا
والفرسُ تَعرفُ سعداً من وقائعِهِ ***** والنيلُ يعرفُ عَمْراً في المجلّينا
والباهليُّ بتركستانَ صولتُهُ ***** معروفةٌ فاسأَََلِ التْركَ الميامينا
فتى ثَقيفٍ بأَرضِ الهندِ جحفلُه ***** يزلزلُ الشرقَ حتَّى يبلغَ الصّينا
وعُقبةُ الخيرِ نحو الغربِ فيلقُهُ ***** يخوضُ في البحرِ يَستَعدي المُلاقينا
والقدسُ سيفُ صلاحِ الدينِ حرّره ***** من الغزاةِ الأُلى جاؤوا فلسْطينا
في كلِّ معتركٍ آباؤُنا كتَبوا ***** صحائفَ المجدِ يتْلوها أَعادينا
فالقادسيةُُ واليرموكُ وَقْعُهما ***** مازالَ في سَمْع جالوتٍ وحِطَّينا
ونفْحةُ النصرِ من بدْرٍ ومن أُحُدٍ ***** تعطِّرُ الصِّيدَ منا والأبيِّينا
*******
إمجادُنا في سطورِ العلمِ يقرؤُها ***** مَنْ يطلبُ العلمَ مِنْ أسفارِ ماضينا
في الطبِّ في الجبْرِ في رسْمٍ وفي فلَكٍ ***** في الكيمياءِ وفي عُمرانِ بانينا
في هيئةِ الأرضِ والبلدانِ موقِعِها ***** وفي المعادنِ تَنْقيباً وتعْدينا
وفي الملاحةِ واستخراجِ لُؤْلُئِها ***** وفي الفِلاحةِ أو سُقْيا أراضينا
في الفنِّ في الشْعرِ في نحوٍ وفلسفةٍ ***** وفي الخطابةِ تعْليماً وتلْقينا
في الفقهِ والنقْدِ والتحديثِ عن سَنَدٍ ***** وفي الروايةِ والتفسيرِ تَبْيينا(882/1)
في كلِّ علْمٍ نبغْنا قبلَ من أخذوا ***** منا علوماً فصاروا اليومَ عالينا
*******
أَمجادُنا روضةٌ بالطيبِ قد عبِقتْ ***** حَوَتْ وروداً وريْحاناً ونسرينا
مِنْ كلِّ ما تَبْهَجُ العينينِ رؤيتُهُ ***** مِنْ كلِّ ما تَشْتهي نفْسُ المحبّينا
آثارُ أمجادِنا في الأرضِ شاخصةٌ ***** في البرِّ في البحرِ في الوديانِ في المينا
قد أيقنَ الكونُ أنا للعُلى نَسَبٌ ***** وأنَّ أمجادَنا منْ صُنْعِ بارينا
فمُذْ سلكْنا سبيلَ الدّينِ أيَّدنا ***** بنصرهِ وحَبَانا كلَّ ماشِينا
فتحُ القديرِ وما الفْتح ِمنْ عَجَبٍ ***** فقدرةُ الله عوْنُ المستَجيبينا
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى(882/2)
سَلِمتْ أيادي الفتيةِ الشجعانِ
سَلِمتْ أيادي الفتيةِ الشجعانِ ** والموتُ للطاغوتِ والكفرانِ
أفدي بروحي مَنْ فَدَى إسلامَه ** والروحُ أسمى بُغيةِالإنسانِ
مَنْ باعَ للإسلامِ نَفْساً حَقُّهُ ** مجدٌ وتمجيدٌ مِنَ الأكوانِ
فاللهُ كرَّمَهُ وأعلى شأنَهُ ** وله الخلودُ بجنَّةِ الرضوانِ
إن الشهيدَ مقامُه في أوْجِها ** كالنجمِ يَسمو فوقَ كلَ مكانِ
حيٌّ وكلُّ الناسِ في أجداثِهم ** فالروحُ في الروضاتِ والأفنانِ
في جوفِ خضْرِ الطيرِ تَسرحُ كيفما ** تَهوى وكلُّ الناسِ في الأكفانِ
*****
يا مَنْ تقاعس عنْ جهادٍ خائفاً ** أتظنُّ أنَّ العمرَ ليسَ بفانِ
هل ماتَ ذو الهيجاء قبل أوانِه ** أو طالَ عمرُ الهاربِ الفزْعانِ
الموتُ لا يُدنيهِ خوضٌ للوغَى ** فالعمرُ لا يَزدادُ بضْعَ ثوانِ
والرزقُ محدودٌ فليسَ يَزيدُه ** طولُ البقاءِ وخِشيةُ السلطانِ
ماقد قَضى المولى القديرُ فإنه ** لابُدَّ آتٍ دونَ أيِّ تَوانِ
والناسُ لو جُمعوا لنفْع أو أَذى ** لم يَقدِروا فالأمرُ للرحمنِ
مالم يُقدَّرْ فهو ليسَ بكائنٍ ** جلَّ الإلهُ مدبرُ الأكوانِ
******
يا مَنْ يَخافُ من الظلومِ وبطشِه ** ويهابُ قولَ الحقِّ للسلطانِ
أومَا علمتَ بأَنَّ صمتَكَ زائدٌ ** في ظلمِهِ في البطشِ والطغيانِ
إنَّ السكوتَ عن الضلالِ ضلالةٌ ** ومؤازرُ الشيطانِ كالشيطانِ
من لمْ يقلْ للبغيِ يا بغيُ ارعوِ ** فهو الشريكُ وناصرُ العدوانِ
الجبنُ عارٌ لا يزولُ شنارُه ** ويبوء بالخُسْرانِ كلُّ جبانِ
والخوفُ من غيرِ الإلهِ مذلةٌ ** والذلُّ يُنفي صحةَ الإيمانِ
والنهيُ عن كلِّ المناكِرِ واجبٌ ** بعضُ الجهادِ نصحية ٌ بلسانِ
******
نَصَرَ الإلهُ الصَّحْبَ لما حقَّقوا ** مَعنى الجهادِ ببذلِهم وسنانِ
خاضوا المعاركَ لم يُبالوا بالرَّدى ** والموتُ لا يخشاهُ ذو الإيقانِ
هو يطلبُ الفردوسَ في هيجائِها ** لينالَ إحساناً على الإحسانِ(883/1)
النصرُ إحدى الحُسْنَيَينْ يَحوزُه * لكنه يَهفو لدارِ أمانِ
يَبغي الشهادةَ فهي أسمى طِلْبةٍ * * كالماءِ يُروي غُلَّةَ الظمآنِ
باعَ الدماءَ رخيصةً من أجلِها ** والمهرُ للحُسنى عظيمُ الشانِ
ما فازَ إلا مَنْ يفوزُ بخلدِها ** ما خالدُ الآمالِ مثلَ الفاني
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله تعالى(883/2)
شجاعة المؤمنين
شعر الأستاذ :خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
سَلِمتْ أيادي الفتيةِ الشجعانِ والموتُ للطاغوتِ والكفرانِ
أفدي بروحي مَنْ فَدَى إسلامَه والروحُ أسمى بُغيةِالإنسانِ
مَنْ باعَ للإسلامِ نَفْساً حَقُّهُ مجدٌ وتمجيدٌ مِنَ الأكوانِ
فاللهُ كرَّمَهُ وأعلى شأنَهُ وله الخلودُ بجنَّةِ الرضوانِ
إن الشهيدَ مقامُه في أوْجِها كالنجمِ يَسمو فوقَ كلَ مكانِ
حيٌّ وكلُّ الناسِ في أجداثِهم فالروحُ في الروضاتِ والأفنانِ
في جوفِ خضْرِ الطيرِ تَسرحُ كيفما تَهوى وكلُّ الناسِ في الأكفانِ
*****
يا مَنْ تقاعس عنْ جهادٍ خائفاً أتظنُّ أنَّ العمرَ ليسَ بفانِ
هل ماتَ ذو الهيجاء قبل أوانِه أو طالَ عمرُ الهاربِ الفزْعانِ
الموتُ لا يُدنيهِ خوضٌ للوغَى فالعمرُ لا يَزدادُ بضْعَ ثوانِ
والرزقُ محدودٌ فليسَ يَزيدُه طولُ البقاءِ وخِشيةُ السلطانِ
ماقد قَضى المولى القديرُ فإنه لابُدَّ آتٍ دونَ أيِّ تَوانِ
والناسُ لو جُمعوا لنفْع أو أَذى لم يَقدِروا فالأمرُ للرحمنِ
مالم يُقدَّرْ فهو ليسَ بكائنٍ جلَّ الإلهُ مدبرُ الأكوانِ
******
يا مَنْ يَخافُ من الظلومِ وبطشِه ويهابُ قولَ الحقِّ للسلطانِ
أومَا علمتَ بأَنَّ صمتَكَ زائدٌ في ظلمِهِ في البطشِ والطغيانِ
إنَّ السكوتَ عن الضلالِ ضلالةٌ ومؤازرُ الشيطانِ كالشيطانِ
من لمْ يقلْ للبغيِ يا بغيُ ارعوِ فهو الشريكُ وناصرُ العدوانِ
الجبنُ عارٌ لا يزولُ شنارُه ويبوء بالخُسْرانِ كلُّ جبانِ
والخوفُ من غيرِ الإلهِ مذلةٌ والذلُّ يُنفي صحةَ الإيمانِ
والنهيُ عن كلِّ المناكِرِ واجبٌ بعضُ الجهادِ نصحية ٌ بلسانِ
******
نَصَرَ الإلهُ الصَّحْبَ لما حقَّقوا مَعنى الجهادِ ببذلِهم وسنانِ
خاضوا المعاركَ لم يُبالوا بالرَّدى والموتُ لا يخشاهُ ذو الإيقانِ
هو يطلبُ الفردوسَ في هيجائِها لينالَ إحساناً على الإحسانِ
النصرُ إحدى الحُسْنَيَينْ يَحوزُه لكنه يَهفو لدارِ أمانِ(884/1)
يَبغي الشهادةَ فهي أسمى طِلْبةٍ كالماءِ يُروي غُلَّةَ الظمآنِ
باعَ الدماءَ رخيصةً من أجلِها والمهرُ للحُسنى عظيمُ الشانِ
ما فازَ إلا مَنْ يفوزُ بخلدِها ما خالدُ الآمالِ مثلَ الفاني(884/2)
صفة المؤمنين
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
إنما الإنسانُ مَخلوقٌ هَلوعْ فإِِذا ما مَسَّهُ الشَّرُ جَزوعْ
وإذا ما مَسَّهُ الخيرُ مَنوعْ غيرَ مَنْ يَختارُ نَهْجَ المُؤْمِنينا
******
ذلكَ المُؤْتَي حقوقَ السائلينا والذي يَخْشى إلهَ العالمَينا
والذي للفْرجِ مِمَّنْ يَحفَظُونا ومنَ النيرانِ حَقاً يُشْفِقونا
وعلى فَرْضِ الصلاةِ دائمونا وبيومِ الدينِ ذاكمْ يُؤْمنونا
وشهاداتٍ بها لا يَجْحدونَ وأَماناتٍ وعهداً حافظونا
في جنانٍ خالداتٍ يُكرمونا وإلى ربٍّ كريمٍ يَنْظُرونا
بجوارِ المُصطفى يَسْتَبشرونا ومنَ الحوْضِ رَحيقاُ يَشْربونا(885/1)
صيام رجب
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
ما صحَّ شيء في رَجَبْ كما بَتَبْيينِ العَجَبْ
مَنْ صامَهُ مُعَظِّما فقدْ أتَى مُحَرَّما
لكنهُ شَهْرٌ حرَامْ فيهِ القتالُ لا الطعامْ
ومثلُهُ ذو القِعدةِ شهرُ النَّدى والنَّجدةِ
فالصومُ فيهِ مُبتدَعْ وكلُّ شَرٍّ في البِدَعْ
إلا صيامَ مَنْ يَصومْ صيامَ داودَ الرَّؤومْ
أو غيرَه مَنْ الصِّيامْ مما ارْتَضَى خيرُ الأنامْ
كالبيضِ أو يَوْمِ الخَميسْ أو يَوْمِ اثْنينٍ نَفيسْ
لأنَّهُ يَوْمٌ وُلِدْ فيه الرسولُ وافْتُقِدْ
وشهرُ شَعبانَ المَجيدْ شهرٌ لمن شَاءَ المَزيدْ
وفَوْقَهُ شهرُ الصِّيامْ فيه اعتكافٌ أو قِيامْ
والخيرُ فيما قَدْ شَرَعْ محمدٌ فلمْ يَدَعْ
فاحذَرْ فِعالُ الجاهلينْ والزَمْ إمامَ المُرْسلينْ(886/1)
عثمان بن عفان
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
عثمانُ ذو النّورين في العَلْياءِ ودمُ الشهيدِ مُعطِّرُ الأجواءِ
شيخُ الصحابةِ سابقٌ إسلامُه وأخو الحياءِ مبجَّلُ الأحياء
منهُ الملائكُ تَستَحي وبجودِه تتحدَّثُ الركبانُ في البيداء
مَنْ مثلُه في علْمِه أو حِلْمِه ؟ مَنْ مثلُ ذي النورينِ في القرّاء؟
صانَ الكتابَ عن التلاعبِ مصحفٌ في كلِّ مِصْرٍ مرجعُ الخطّاء
ما ذمَّهُ إلا الروافضُ بئْسَهُمْ صهرُ الرسولِ عن الدنايا ناء
قالوا يُولّي أهلَه ما أهلُه إلا الجديرُ بتلكمُ الأعباء
وصلتْ جيوشُ المسلمين بأمرهِ للأطلسيِّ وللشمالِ النائي
وغزتْ بحارَ الرومِ وانقضَّتْ على شُطآنِهم كالبرقِ كالأنوار
هابتْ ملوكُ الأرضِ دولةَ أحمدٍ وخليفةَ البَكْرْينِ في الهيجاء
وتحقَّقتْ للمسلمينَ بحكمِهِ أسمى معَاني العزَّةِ العصماء
اللهُ أكبرُ فوقَ كلِّ هضابِها خفاقةُ الراياتِ والأصداء
فالدينُ إسلامٌ عزيزٌ ظاهرٌ والمسلمون أشاوسُ الغبرْاء
ظلم الملوك تقوضت اركانه وعبادة الطاغوت والأهواء
ومشتْ ذئابُ الغابِ جَنْبَ رئالِهِ والظعنُ قد أمنتْ أذى الصحراء
أهلُ الكتابِ بذمةٍ مأمونةٍ وحقوقُهم جلّت عن الإيذاء
والناسُ في رغَدِ الحياةِ تنعّموا وتمتّعوا بالأمنِ والسَّراء
لكن إبليس اللعين وجنده لم يَهنؤوا والهُودُ أصْلُ الداء
فَسَعَوا لتقويضِ البناء بهمةٍ وتستّروا بالنصْحِ للدهماء
أغرَوا ذَوي الأغراضِ أن يتملْملوا ومَضَوا لزرعِ الحقْدِ في الغوغاء
ذمّوا الخليفةَ وهو أَنبلُ مسلمٍ حاشا رفيقيْ صاحبِ الإسراء
وتجمَّعَ الغوغاءُ ثم تَألّبوا وتَسوَّروا الجدرانَ في الظلماء
وجرتْ دماءُ الحبْرِ فوق كتابِهِ والخلْدُ للمظلومِ في العَلياء
وتصدَّعتْ بعدَ الخليفةِ أمةٌ وتناثرتْ كتناثرِ الأشلاء
وَوَهى البناءُ وكان سَدّاً محكَماً في وجهِ ذي الأغراض و الأسْواء
وغدا القميصُ لذي المآربِ حجةً والخَرقُ قد أعيا يدَ الرفّاء(887/1)
فإلى الإلهِ المُشتكى من فتنةٍ تَدَعُ الحليمَ بحيرْةِ الآراء
لن يُصلحَ الأحوالَ إلا عودةٌ لكتابِنا وإخائِنا الوضّاء(887/2)
عزة الإسلام
الذلُّ والإيمانُ مُختصمانِ *****لا يَرتضي بالذلُّ غيرُ جَبانِ
للهِ كلُّ العزِّ جَلَّ جلالُهُ ****** فهو العزيزُ وصاحبُ السلطانِ
وهو المعزُّ لمنْ يَشاءُ بفضلِه**** وهو المذلُّ لكلِّ ذي كُفْرانِ
بالعروةِ الوثْقى تمسَّكُ تَغتنمْ ***والعروةُ الوثقى هُدَى القرآنِ
عَزَّ الأنامُ بشرعِه وتعَاونوا *****وتَقدّموا في العلْمِ والعُمرانِ
واهتزَّ عرشُ الكفر تحتَ ملوكِه*وارتاعَ كِسْرى صاحبُ الإيوانِ
والرومُ قصيرُهم غشَتْه رِعْدَةٌ **** فلقد أَحسَّ بثورةِ البركانِ
اللهُ أكبرُ ملْءَ كلِّ مسامعٍ ********لما أُزيلَ الوقرُ من آذانِ
وتطلعتْ نحو المآذِنِ أعينٌ *****سئمتْ من الإذلالِ والإذعانِ
هي عزَّةُ الإسلامِ عَمَّتْ أرضَنا**وسمتْ بمن فيها من الإنسانِ
حتى غدا البدويُّ في أَسْمالِه *****يطأُ العروشَ بعزَّةِ الإيمانِ
ويهدِّدُ الفرسَ الأكاسرةَ الأُلى**دكّوا حصونَ القيصرِ الروماني
هي نُصرَةُ المولى العزيزِ لجندِه**والنصرُ بالإِيمانِ لا السلطانِ
من ذلَّ للهِ القديرِ عَنَتْ له********كلُّ الطغاةِ بقدْرِة الرحمنِ
من قامَ في وجهِ الظلومِ مجاهداً *فهو الشهيدُ شَهادةَ الشجعانِ
من قالَ: لا للظلمِ دونَ تردُّدٍ *****فهو الجديرُ بِجَنَّةِ الرِّضوانِ
المؤمنونَ عزيزةٌ راياتُهم *****سحقَتْ صَغارَ الكفْرِ والأوثانِ
ومشتْ جحافلُهم عل بطحائِها **وجرتْ سفائنُهم على الخِلجانِ
أورتْ سنابكُ خيلِهم نيرانَها*******فتوقَّدَ الجُلمودَ بالنيرانِ
ذابَ الهوانُ على سعيرِ لهيبِها**وتساقطَ الطاغوتُ ذو الكفرانِ
وتسلَّمَ المستضعفونَ قيادةً **** كانت بأيدي الظلْمِ والطغيانِ
رضَعوا مِنَ الإسلامِ عِزّاً فارْتَوَوا ** وتخلّقوا بمكارمِ الإحسانِ
حتى غَدَوا مِشكاةَ كلِّ فضيلةٍ **** والفضلُ محمودٌ بكلِّ لسانِ
من عزَّةِ الإسلامِ عِزُّ نفوسِنا ****** فنفوسُنا تعتزُّ بالإيمان ِ(888/1)
ولقد نَهَلْنا فارتَوَينا عزَّةً ******* وكرامةً من منهَلِ القرآنِ
ما فازَ مَنْ لم يَسْتَنِرْ بمنارة*** كالشمسِ تَنْثُرُ واضحَ البرهانِ
قرآنُنا تاريخُنا ومحمدٌ ******* باني الحضارةِ قدوةُ الإنسانِ
لم يحنِ رأساً للعواصفِ حولَه ** في وجهِ أَهلِ البغْيِ والعدوانِ
إنْ كان فرْداً فالملائكُ جيشُهُ * تَفَْري رؤوسَ الكفْرِ في الميْدانِ
أوْ كانَ أصحابُ النبيِّ قليلةً ****** أعدادُهم فالنصرُ بالإيمانِ
ما صادَفَ الإيمانُ كفْراً في الوغَى***إلا وللكفرانِ كلُّ الهوانِ
هي سنَّةُ الربِّ العظيمِ تقدَّسَتْ*** أسماءُ مَنْ يُعطي بلا حُسبانِ
يا خالقَ الأكوانِ صرْنا أُمةً **** مسلوبةَ الخيراتِ والأَوطانِ
أفكارُها من أُعْطياتِ خصومِها*** ما أقبحَ التقليدَ في السَّعْدانِ
والبأسُ فيما بينهما مستحكم ٌ* والأمرُ فوْضى والشعوبُ تُعاني
ما ذاكَ إلا بعدَ نَأْيٍ واضحٍ **** عن محكَمِ التشريعِ والفُرْقانِ
لا يُرجِعُ الأَمجادَ إلا رجعة ٌ ******** للهِ في سًّر وفي إعلانِ
فهو العزيزُ أَعزّنا بكتابِه ****** لنقيمَ شرْعَ اللهِ في الأكوانِ
ويعمَّ نورُ اللهِ في أَرجائِها ****** ويسودَ دينُ اللهِ في الأَديانِ
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى(888/2)
عزة الإسلام
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
الذلُّ والإيمانُ مُختصمانِ لا يَرتضي بالذلُّ غيرُ جَبانِ
للهِ كلُّ العزِّ جَلَّ جلالُهُ فهو العزيزُ وصاحبُ السلطانِ
وهو المعزُّ لمنْ يَشاءُ بفضلِه وهو المذلُّ لكلِّ ذي كُفْرانِ
بالعروةِ الوثْقى تمسَّكُ تَغتنمْ والعروةُ الوثقى هُدَى القرآنِ
عَزَّ الأنامُ بشرعِه وتعَاونوا وتَقدّموا في العلْمِ والعُمرانِ
واهتزَّ عرشُ الكفر تحتَ ملوكِهِ وارتاعَ كِسْرى صاحبُ الإيوانِ
والرومُ قصيرُهم غشَتْه رِعْدَةٌ فلقد أَحسَّ بثورةِ البركانِ
اللهُ أكبرُ ملْءَ كلِّ مسامعٍ لما أُزيلَ الوقرُ من آذانِ
وتطلعتْ نحو المآذِنِ أعينٌ سئمتْ من الإذلالِ والإذعانِ
هي عزَّةُ الإسلامِ عَمَّتْ أرضَنا وسمتْ بمن فيها من الإنسانِ
حتى غدا البدويُّ في أَسْمالِه يطأُ العروشَ بعزَّةِ الإيمانِ
ويهدِّدُ الفرسَ الأكاسرةَ الأُلى دكّوا حصونَ القيصرِ الروماني
هي نُصرَةُ المولى العزيزِ لجندِه والنصرُ بالإِيمانِ لا السلطانِ
من ذلَّ للهِ القديرِ عَنَتْ له كلُّ الطغاةِ بقدْرِة الرحمنِ
من قامَ في وجهِ الظلومِ مجاهداً فهو الشهيدُ شَهادةَ الشجعانِ
من قالَ: لا للظلمِ دونَ تردُّدٍ فهو الجديرُ بِجَنَّةِ الرِّضوانِ
المؤمنونَ عزيزةٌ راياتُهم سحقَتْ صَغارَ الكفْرِ والأوثانِ
ومشتْ جحافلُهم عل بطحائِها وجرتْ سفائنُهم على الخِلجانِ
أورتْ سنابكُ خيلِهم نيرانَها فتوقَّدَ الجُلمودَ بالنيرانِ
ذابَ الهوانُ على سعيرِ لهيبِها وتساقطَ الطاغوتُ ذو الكفرانِ
وتسلَّمَ المستضعفونَ قيادةً كانت بأيدي الظلْمِ والطغيانِ
رضَعوا مِنَ الإسلامِ عِزّاً فارْتَوَوا وتخلّقوا بمكارمِ الإحسانِ
حتى غَدَوا مِشكاةَ كلِّ فضيلةٍ والفضلُ محمودٌ بكلِّ لسانِ
* * *
من عزَّةِ الإسلامِ عِزُّ نفوسِنا فنفوسُنا تعتزُّ بالإيمان ِ
ولقد نَهَلْنا فارتَوَينا عزَّةً وكرامةً من منهَلِ القرآنِ(889/1)
ما فازَ مَنْ لم يَسْتَنِرْ بمنارةٍ كالشمسِ تَنْثُرُ واضحَ البرهانِ
قرآنُنا تاريخُنا ومحمدٌ باني الحضارةِ قدوةُ الإنسانِ
لم يحنِ رأساً للعواصفِ حولَه في وجهِ أَهلِ البغْيِ والعدوانِ
إنْ كان فرْداً فالملائكُ جيشُهُ تَفَْري رؤوسَ الكفْرِ في الميْدانِ
أوْ كانَ أصحابُ النبيِّ قليلةً أعدادُهم فالنصرُ بالإيمانِ
ما صادَفَ الإيمانُ كفْراً في الوغَى إلا وللكفرانِ كلُّ الهوانِ
هي سنَّةُ الربِّ العظيمِ تقدَّسَتْ أسماءُ مَنْ يُعطي بلا حُسبانِ
* * *
يا خالقَ الأكوانِ صرْنا أُمةً مسلوبةَ الخيراتِ والأَوطانِ
أفكارُها من أُعْطياتِ خصومِها ما أقبحَ التقليدَ في السَّعْدانِ
والبأسُ فيما بينهما مستحكم ٌ والأمرُ فوْضى والشعوبُ تُعاني
ما ذاكَ إلا بعدَ نَأْيٍ واضحٍ عن محكَمِ التشريعِ والفُرْقانِ
لا يُرجِعُ الأَمجادَ إلا رجعة ٌ للهِ في سًّر وفي إعلانِ
فهو العزيزُ أَعزّنا بكتابِه لنقيمَ شرْعَ اللهِ في الأكوانِ
ويعمَّ نورُ اللهِ في أَرجائِها ويسودَ دينُ اللهِ في الأَديانِ(889/2)
عظمة الكون
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
بديعٌ كلُّ ما في الكونِ ... خَلْقُ المبدعِ القادرْ
جميلٌ كل ّما في الكونِ للمُستَمتعِ الشاعرْ
تأمّلْ هل تَرى عيْباً بصنعِ المتقِنِ الفاطرْ
تَعالى اللَّهُ ربُّ العرشِ جلَّ الباطنُ الظاهِرْ
*******
تأمَّلْ زهْرةَ التفاحِ ذاتَ السِّحْرِ والعِطْرِ
وتابِعْ شدْوَ شحرورٍ يُناجي بَسْمَة الفجْرِ
و راقبْْ نملةً تَسعى ونحلاً عاصَ في الزْهر
ونهْراً فضةً يَجري على حصباءَ كالدُّرِّ
*******
تَأَمَّلْ طائراً يَسعى على أَفراخِهِ الزُّغْبِ
وبطاً سابحاً يَجري مع التيّارِ في حرْبِ
وشاةً طفلَها تَدعو ثغاءً مفرحَ القلْبِ
ومُهراً قافزاً يَلهو على بُسْطٍ من العشْبِ(890/1)
عقوق الوالدين
خير الدين وانلي
عقوقُ الوالدينِ هو الجحيمُ وبرُّ الوالدينِ هو النَّعيمُ
ومَنْ للوالديْنِ يقولُ: أْفٍّ ففي سَقَرٍ على جمرْ مُقيمُ
فكم سَهرا عليكَ وأَنتَ طفْلٌ وكم رعَياكَ والمولَى عليمُ
وكم جاعا لتشبعَ دونَ مَنٍّ وكم تَعبا ليرتاحَ السَّقيمُ
أَتجزي صانعَ المعروفِ سوءاً ويَجزي الخيرَ بالشرِّ اللئيمُ
أَلْم تعلمْ بأَنَّ الدهرَ دَوْرٌ وأَنكَ مثلما تَبغي ظَليمُ
فمَنْ يزرعْ عقوقاً يجْنِ شَراً مِنَ الأَبناءِ والبادي أَثيمُ
ومن يجحدْ صنيعَ الناسِ يجحدْ عطاءَ اللهِ والباري حَكيمُ
ومن أَبدى لوالدِه عقوقاً فللغرباءِ مرتعُهُ وَخيمُ
فمنْ لا خيرَ للأَبوينِ فيه فما للناسِ فيهِ ما تَشيمُ
ومن يكنِ العقوقُ له شِعاراً فما في طبْعِه شىءٌ سَليمُ
فبادرْ واغتنمْ بِراً بأْمٍّ سقَتْك حليبَها وأَبٍ يَهيمُ
فما في الأَرضِ أًَولى من رحيمٍ بِبرٍّ والإِلهُ بهِ رَحيمُ
وما في الكونِ أَزرى من عقوقٍ فذاكَ كبيرةٌ وله الجحيمُ(891/1)
عمر بن الخطاب
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
عمرُ الفاروقُ ثاني الخلفاءْ مُلْهَمُ الأُمةِ فخرُ الأَولياء
فاتحُ ((القدْسِ )) وماحي ((قيصر)) قاهرُ الفرسِ وحامي الأَبرياء
هزَّتِ الدِّرةُ أَركانَ الغِوى فهَوى الطاغوتُ بعدَ الكبرياء
إِنَّ سيفَ الحقِّ سيفٌ صارمٌ وهو أَمْضى في أَيادي الأَقوياء
***
يا أَبا العدْلِ ويا فخْرَ الحِمى صنتَ بالعدلِ حقوقَ الضعفاء
أنتَ للإسلامِ درعٌ سابغٌ حُزْتَ بالإسلامِ عزَّ الأنبياء
فارتمتْ فوقَ الثَّرى في ذِلَّةٍ كلُّ أصنامِ الهوَى والأَغبياء
وامَّحى الإشراكُ وانزاحَ الغِوى فالهُدى يَغْمُرُ أَرضَ الأَتقياء
***
نَمْ قَريرَ العينِ يا فاروقَنا حلَّ عدلُ الدينِ في دانٍ وناء
دولةُ الحقِّ استقرتْ وانتهى ظلْمُ طاغوتٍ وعسْفُ الأَسْرياء
لم يعدْ ثَمَّةَ حقدٌ عارمٌ بين ذي فقْرٍ وبينَ الأغنياء
فجميعُ الناسِ في بَحبوحةٍ وغِنى النفْسِ أسَاسٌ في الغَناء
****
نعمةُ الإسلامِ حَلَّتْ أَرضَنا فصراطُ اللهِ شرعُ الأسوياء
شرعة الرحمن للارض الهدى ليسَ منْ هَدْيٍ سوى هَدْيِ السماء
نفذَّتْهُ عصبةٌ مختارةٌ كأبي حفصٍ زعيمِ الأوفياء
فإذا الدنْيا سلامٌ رافلٌ بنعيمِ الحبِّ زاهٍ بالإِخاء
******
يا شهيدَ الحقِّ والعدْلِ ويا مُلْهَمَ الخيرِ ويا رمزَ الفداء
قَبْلَكَ الإِسلاُم في البلوى وفي دعوةِ الأفرادِ سرّاً في الخَفاء
بعدَكَ الإسلامُ في عزَّتِه يتّحدّى كلَّ كفْرٍ في إباء
هجرةٌ منكَ أَتتْ جهراً ولمْ تأتِ من غيرك إِلا في اختفاء
****
كان جمعُ الآي من قرآنِنا بعضَ ما خصَّك ربّي منْ عطاء
لكَ في الأَسرى ببدرٍ خطةٌ خصَّها الملى بمدْحٍ واصْطفاء
واحتجابٌ لنساءِ المصطفى فكرةٌ جالتْ فخُصَّتْ بالبَقاء
فأبو حفصٍ أَبو بَجْدَتِها وإلهُ العرشِ عونُ الأَصفياء
****
يا أنيسَ المصطفى في حجرةٍ أنتَ كالصدّيق بعدَ الأنبياء
كنتَ في الدنيا رفيقَ المُجتَبى تبذلُ الغاليَ تَسخو في العطاء(892/1)
نمْ قريراً في جوارٍ طيبٍ نعمَ جارُ المصطفَينْ الكرماء
دُمْ معَ الصدّيقِ جارَ المُصطفى في نعيمِ الخلدِ في دارِ الهناء(892/2)
قادة العالم
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
يا سِّيدَ الرُّسْلِ قَدْ خَلَّفْتَ أَصحابا باعوا النفوسَ لرحمنِ السماواتِ
لم يَعرفوا الدينَ إِنْشاداً وسُبَّحَةً بل مارسوا الدينَ مَيْداناً وغَزْواتِ
كانتْ فتوحاتُهم للأَرضِ مرحَمةً فأَنقذَتُها مِنَ الطاغوتِ والعاتي
وسجَّلوا عدلَهم بالنورِ خالدةً سطورُه في جبينِ الدهرِ آياتِ
سادوا وقادوا وشادوا كلَّ باقيةٍ فذكرهُم عاطرٌ في كلِّ أَوقاتِ
هم عَلَّموا الناسَ تَوْحيداً لخالِقهم وحَطَّموا كلَّ إِشْراكٍ وسَوْءاتِ
باعوا دماهُم وبالجناتِ قد رَغبوا كانتْ تجارتُهم خيرَ التجاراتِ
فسارَعوا للوَغَى والخلْدُ طِلْبَتُه أَكرمْ بِفِرْدَوْسِها منْ بيْنِ جَنّاتِ
ما حكّموا الرأْيَ في الأحكامِ بل خَضَعوا لشِرْعَةِ اللهِ في طوْعٍ وإِخْباتِ
ما عَطَّلوا صفةً للهِ واردةً بل سَلَّموا في صفاتِ اللهِ والذاتِ
ما شَبَّهوا الخلقَ بالمخلوقِ وابتَدعَوا في الدينِ بل تابعوا وحْيَ السماواتِ
فما أَتاهمْ بهِ قرآنُهم أَخذوا وما نَهاهمْ فعنهُ يَنتْهي الآتي
( اللهُ أَكبرُ ) في الهيجاءِ صرختُهم لهولها يَرجُفُ العاتي بساحاتِ
وفي المآذنِ إِنْ دَوَّتْ فدعوتُهم إلى الصلاةِ وإخلاصِ العباداتِ(893/1)
قَوْمِي
الشاعر الأستاذ :خير الدين وانلي رحمه الله
إن قومي صحبُ الأنبياءْ مَنْ بهم طاوَلَتِ الأرضُ السماءْ
فتيةٌ باعوا دماهُم واشتَرَوا جنةً فيها نعيمٌ لا انتهاءْ
عَمَّموا بالمجدِ هاماتِهُمُ بوركتْ هاماتُ قومٍ أتقياءْ
إنهمْ في الأرضِ أملاكٌ على صورةِ الإنسانِ إنسانِ العَلاءْ
لم ترَ الدنيا قديماً مثلَهم خيرُ قرْنٍ جُنْدُ زَيْنِ الأنبياءْ
زَلزلوا كسرى على إيوانِهِ فارتَمى الطاغوتُ بعدَ الكبرياءْ
واحتَمَى القيصرُ في قلعتِهِ دولةُ الرومانِ مالتْ للعَفاءْ
وامَّحى الهندِ عرشٌ وانْحنى صاحبُ الصينِ لأمرِ الأقوياءْ
واستكانَ البحرُ بحرٌ مُظلِمٌ تحتَ وطءِ الخْيلِ خيلِ الأولياءْ
إنهم واللهِ آبائي فهلْ مثلُهم في الكونِ آباءٌ سواءْ
تَزدهي الدنيا بهمْ بلْ فاخرَتْ هذه الأرضُ بهم شمسَ الضِّياءْ
مدَّنوا الأقوامَ لما أيقظوا كلَّ عقْلٍ من دَياجير العَماءْ
عدلُهم للعدلِ قِسطاسٌ فهم قِمَّةٌ في كلََّ حكْمٍ أو قَضَاءْ
لم يَزلْ إيثارُهم أُسطورةٌ عندَ مَنْ لم يُدركوا نُبْلَ العَطاءْ
قِسمةُ الإخوانِ صارتْ عادةً عندَهم أكرمْ بمَنْ سَنَّ الإخاءْ
حاتِمُ الجودِ إليهمْ يَنتَمي جودُه أنعمْ بقومٍ أسخياءْ
والفروسياتُ فيهم لم تَزلْ عزةُ الإسلامِ يَنبوعُ المَضاءْ
زانتِ التقوى خِلالاً بَرَّةً هذَّبَ الإيمانُ منها كيفَ شاءْ
صارتِ الأملاكُ في عَليائها تحسُدُ الدنيا عليهمْ في السَّماءْ
ربُّنا باهى بهمْ جبريلَه وهو روحُ القدْس أصفَى الأصفياءْ
أَيُّ علمٍ لم يكونوا أصْلَه أو يشيدوا الركْنَ منه والبِناءْ
أَيُّ فنٍّ لم يكونوا أهلَه دَلْوهُم أَوسعُ منْ كلِّ الدِلاءْ
هذه آثارُهم مبثوثةً في بقاعِ الأرضِ منْ دانٍ وناءْ
سَطّرتْ أقلامُهم أَسفارَهم أَدهشتْ مَنْ بَعدَهم مِنْ علماءْ
دُرِّسَتْ في الغرْبِ في معهدِه قِمَّةٌ في كلِّ حكْمٍ أو قَضَاءْ
ذكرُ آبائي على كلِّ فمٍ إنهم كالماءِ فيها والهواءْ(894/1)
نحنُ مُذْ حِدْنا عن النهجِ الذي خطَّه المولى لنا حُمَّ القَضاءْ
فارتكَسْنا في ظلامٍ دامسٍ بعد نورٍ دياجينا أضاءْ
لا يُعيدُ المجدَ إلا عودةٌ لكتابِ الله ذي النْهجِ السواءْ
لا يعزُّ اللهُ إلاّ مؤمناً باذلاً روحاً ومالاً في سَخاءْ(894/2)
لأجل إسلامي
شعر الأستاذ خير الدين وانلي رحمه الله
أعيشُ لأجلِ إسلامي أموتُ لأجلِ إسلامي
*****
نذرتُ الروحَ للباري له جَهْري وإسلامي
وديني شمسُ أنوارِ أموتُ لأجلِ إسلامي
*****
بهِ قد عَزَّ أجدادي وفيه مجدُ أحفادي
فأَموالي وأولادي فدى ديني وإسلامي
*****
منَ الإسلام أفكاري وللإسلام أشعاري
وفي الإسلامِ آثاري أعيشُ لأجلِ إسلامي
*****
هو التشريعُ و الشرعُ وفيه الأصلُ والفرعُ
وفيه الخفضُ والرفعُ ضياءُ الكونِ إسلامي
*****
منَ القرآنِ تَشريعي ومنهُ كلُّ تَفريعِ
ولن أرضى بتنويعِ فحسبي شرْعُ إسلامي
*****
صلاحُ الفردِ والأمةْ بآيِ اللهِ والحكمهْ
وكشفُ الكرْبِ والغمَّه بعودتِنا لإسلام
*****
فتحْنا كلَّ معمورِ نشرْنا كلَّ دُستورِ
وما الإظلامُ كالنورِ ومادينٌ كإسلامي
*****
إلى القرآنِ إخواني على تَقْوى وإيمانِ
فنصر إلهنا دانِ إذا عُدنا لإسلامِ(895/1)
مجد الآباء
صغت القوافي لا زلفى ولا ملقا
شعرا نظمت به أمجاد من سبقا
من صحب أحمد من طابت سرائرهم
فطاب منزلهم ظلا ومرتفقا
من علموا الناس قرآنايطهرهم
ويرفع الإصر والأغلال والرهقا
من زلزلوا الفرس والرومان زلزلة
وحطموا الظلم والطغيان والنزقا
هم الأشاوس ما لانت عريكتهم
هم الفوارس لو أبصرتهم نسفا
من مثل ( حمزة ) و ( القعقاع ) إن حزبت
ومن لها ( كالمثنى ) إن غدت زلقا
ومن ( كسعد ) ومن ( كابن الوليد) إذا
ماالبيض قد لمعت أو أومضت ألقا
يا قاهري فارس والروم حسبكما
فخرا فذكركما في الكون قد عبقا
وحسب من حرك الأبطال مكرمة
عدل به أمن ( الفاروق ) من فرقا
خليفة كان للصديق تابعه
في حرب من فارق الإسلام وانزلقا
ومن ( كعثمان ) ذي النورين في كرم
يجهز الجيش يعطي ماله غدقا
ومن ترى ( كعلي ) الرأي إن صعبت
ومن ترى كأمين المال إن برقا
أو ( كابن زيد ) و ( كابن عوف ) منقبة
( وطلحة ) و ( ابن العوام ) ومن صدقا
من عنده مثل آبائي ؟ وأين هم
كم مثلهم خالق الأكوان قد خلقا
فلنحمد الله أن كنا لهم خلفا
أكرم بهم سلفا أعظم بهم صدقا
***
صغت القوافي من أصحاب سيدنا
محمد سيد الإنسان مذ خلقا
لكن مدحي للأصحاب مجتمع
في شخص قائدهم من للسماء رقى
فجاوز السبع لم يلحق به بشر
فكلهم دونه قدرا ومستبقا
ما قال فيه أخو شعر فرائده
إلا وقصر في وصف فما لحقا
محمد فضله في الكون مؤتلق
وذكره بعد ذكر الله ما افترقا
محمد قدوة للناس قاطبة
ما بعده مرسل ما مثله خلقا
تقاصر الشعر عن وصف لجوهره
فليس في الشعر ما يكفي وإن نطقا
إن كنت قصرت لا عيا ولا خورا
فحسب شعري أن في بحره غرقا
الشمس قد بهرت عيني فما وصفت
شمسا وما جاوزت في وصفها شفقا
لكنني واثق ألا يضيع سدى
شعر نظمت به أمجاد من سبقا(896/1)
نور الدين الشهيد
شعر : خير الدين وانلي رحمه الله
لم يبقَ مِنْ نورِ الشهيدِ السامي في الشامِ غيرُ القبرِ والحمّامِ
هذا الذي عمَّ البرايا فَضلُهُ وجهادُه في سالفِ الأيامِ
هذا الذي جمعَ القبائلَ عَنوةً حتى توحَّدَ أمْرُها في الشامِ
هذا الذي قادَ الجحافلَ عزْمُه ليَصُدَّ عُدوانَ الصليبِ الظامي
الشامُ تشهَدُ للشهيدِ فأرضُها بدمائِهِ جُبِلَتْ فنِعمَ الدامي
واسألْ (صلاحَ الدينِ) ينبئْكَ النَّبا عنْ فضلِهِ وجهادِهِ البَسّامِ
أذكى الشهيدُ العزْمَ في قُوّادِهِ فصلاحُ دينِ اللهِ غرْسٌ نامِ
والفضلُ للأُستاذِ إنْ طلاّبُهُ نَبَغوا فأكرمْ بالشهيدِ السامي
أينَ المعاهدُ للقتالِ تَضَخَّمَتْ باسمِ الشهيدِ الفاتحِ المقدامِ ؟
أينَ الشوارعُ والمدارسُ باسمِهِ أينَ المساجدُ رافعاتُ الهامِ ؟
أوَهكذا تَنسى الشآمُ رجالَها وجهادَهم في خِدْمِة الإسلامِ ؟
أوَهكذا حفْظُ العهودِ لأهلِها أوَهكذا التكريمُ للأعْلامِ ؟
بئسَ الصنعُ تنكُّرٌ لذوي النُّهى والعزمِ والإخلاصِ والإقدامِ
*****
لو كانَ نورُ الدينِ غَرْبيّاً لما بَخِلوا على ذِكراهُ بالإكرامِ
ولَخَلَّدوا أعمالَه في شعرِهم وعلى مسارِحهم وفي الأنغامِ
ولَصوَّروا في كلِّ ساحٍ شخصَهُ ليراهُ كلُّ الناسِ طولَ العامِ
*****
أنا لا أقولُ بنصْبِ تمثالٍ لهُ كيْ تَسلَحَ الأطيارُ فوقَ الهامِ
لكنْ بأنْ يَحيا بجوفِ قلوبِنا ليمدَّنا بمحامِدِ الإلهامِ
ويكونَ نبْراساً يُنيرُ جهادَنا لنعيدَ مجدَ الدينِ والإسلامِ(897/1)
نور الفلق
إنْ طالَ بالظلمِ الغَسَقِ *** لاُبدَّ مْن نوِر الَفلَقْ
الحقُّ منتصرٌ ولو *** طالَ المدى فالحقُّ حَقْ
نورُ الحقيقةِ نافذٌ *** لا يحجُبُ الغيمُ الشَّفَقْ
كم مرَّ فوق أديمِنا *** مِنْ ظالمٍ ثم انمَحَقْ
إنَّ الفَراشَ إذا دنا *** من شعلةِ النورِ احترقْ
سلْ عن قياصرةٍ وكم***جاروا وزادوا في الخَرَقْ
وأسألْ أكاسرةً عتَوا *** ماذا جَنَوا مما سَبَقْ
فلقدْ تمزَّقَ ملكُهم *** وتفرقتْ منه المُزَقْ
داستْ سنابكُ خيلِنا *** تلكَ الجحافلَ والفِرَقْ
وتقوّضَتْ أَحلامُهم *** وتناثرتْ مثلَ الورقْ
خفاقةٌ راياتُنا *** ما فوقَها بندٌ خفقْ
واللهُ يحفظُ دينَه *** ويَخيبُ كفّارٌ أَبَقْ
جلَّ الحكيمُ بخلقِه *** في كلِّ ماجلَّ ودَقْ
لنْ يُهملَ الظالمَ مهما *** طالَ بالظلْمِ الرمَقْ
لا يُعجزُ الخلّاقَ فانٍ *** أصلُهُ ماءٌ دفَقْ
لنْ يخرقَ الأرضَ ولنْ *** يُطاولَ النجمَ العلقْ
إنسانُ هذي الأرضِ في الكـ *** ـونِ هباءٌ مُختلَقْ
لا يعلمُ الأكوانَ حقَّ العلـ *** ـمِ إّلاِ مَنْ خَلَقْ
ربٌّ بديعٌ دبَّر الأَمـ *** ـرَ على أعلى نَسقْ
لن يتركَ المؤمنَ في هـ *** ـمًّ وغمٍ وأرقْ
فالدينُ شرعُ اللهِ والإِيمـ *** ـانُ أسمى منطَلَقْ
واللهُ يَجزي صابراً *** والعجزُ عنوانُ الخرَقْ
وَضَحَ الطريقُ أمامَ كلِّ *** الحائرين بمفْتَرَقْ
لا عذْرَ بَعدَ اليوم للمسـ *** ـتنكفينَ منَ الفِرَقْ
مَن يركبِ الأمواجَ لا *** يَخْشَ على النفْسِ الغرقْ
فتقدّموا أهلَ الحِجى *** فالخلدُ نعمَ المرتَفَقْ
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي(898/1)
نور الفلق
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
إنْ طالَ بالظلمِ الغَسَقِ لاُبدَّ مْن نوِر الَفلَقْ
الحقُّ منتصرٌ ولو طالَ المدى فالحقُّ حَقْ
نورُ الحقيقةِ نافذٌ لا يحجُبُ الغيمُ الشَّفَقْ
كم مرَّ فوق أديمِنا مِنْ ظالمٍ ثم انمَحَقْ
إنَّ الفَراشَ إذا دنا من شعلةِ النورِ احترقْ
سلْ عن قياصرةٍ وكم جاروا وزادوا في الخَرَقْ
وأسألْ أكاسرةً عتَوا ماذا جَنَوا مما سَبَقْ
فلقدْ تمزَّقَ ملكُهم وتفرقتْ منه المُزَقْ
داستْ سنابكُ خيلِنا تلكَ الجحافلَ والفِرَقْ
وتقوّضَتْ أَحلامُهم وتناثرتْ مثلَ الورقْ
خفاقةٌ راياتُنا ما فوقَها بندٌ خفقْ
واللهُ يحفظُ دينَه ويَخيبُ كفّارٌ أَبَقْ
جلَّ الحكيمُ بخلقِه في كلِّ ماجلَّ ودَقْ
لنْ يُهملَ الظالمَ مهما طالَ بالظلْمِ الرمَقْ
لا يُعجزُ الخلّاقَ فانٍ أصلُهُ ماءٌ دفَقْ
لنْ يخرقَ الأرضَ ولنْ يُطاولَ النجمَ العلقْ
إنسانُ هذي الأرضِ في الكـ ـونِ هباءٌ مُختلَقْ
لا يعلمُ الأكوانَ حقَّ العلـ ـمِ إّلاِ مَنْ خَلَقْ
ربٌّ بديعٌ دبَّر الأَمـ ـرَ على أعلى نَسقْ
لن يتركَ المؤمنَ في هـ ـمًّ وغمٍ وأرقْ
فالدينُ شرعُ اللهِ والإِيمـ ـانُ أسمى منطَلَقْ
واللهُ يَجزي صابراً والعجزُ عنوانُ الخرَقْ
وَضَحَ الطريقُ أمامَ كلِّ الحائرين بمفْتَرَقْ
لا عذْرَ بَعدَ اليوم للمسـ ـتنكفينَ منَ الفِرَقْ
مَن يركبِ الأمواجَ لا يَخْشَ على النفْسِ الغرقْ
فتقدّموا أهلَ الحِجى فالخلدُ نعمَ المرتَفَقْ(899/1)
هبوا من النوم
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
باللهِ يا قَوْمي هُبّوا منَ النومِ
واستَبْدِلوا الإقدامْ بالنومِ والأحلامْ
فالدينُ ناداكمْ واللهُ يَرعاكُمْ
والحقُّ بالقوةْ والبغيُ للهُوَّهْ
والمجدُ أعباءُ والحزْمُ إمضاءُ
ما خابَ مَنْ يَسْعى في صالحِ المَسْعى
فالجُهْدُ مشكورُ والأجرُ مذْخورُ
واللهُ ذو المِنَّهْ يدعو إلى الجَنَّهْ
والمُصطفى أحمدْ متبوعُنا الأوحَدْ
في دينِه الأقومْ نهجُ الهُدى الأسلمْ
في دربِه العِصمَهْ في هديهِ الرَّحْمهْ
مَنْ زاغ عنهُ عادْ للكفرِ والإلحادْ
يا ربَّنا زِدْنا عِلْماٌ وسَدِّدْنا
كي نحفظَ العهدا كي نُرجعَ المجدا(900/1)
يا إمام الرسل
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
يا إمامَ الرُّسْلِ يا أحمدْ يا لواءَ الخيرِ والرَّحمهْ
أنتَ في ظلمائِها الفَرْقَدْ نِعمةٌ ما فوقها نِعمهْ
يا زعيمَ الأمةِ الأوحدْ جئتَنا بالنورِ والحكمهْ
مَنْ يَسِرْ في دربها يَسْعَدْ إنها النبراسُ للأُمَّهْ
********
أنتَ للأخلاقِ تجسيدُ أنتَ مشكاةُ الهُدى فينا
أنتَ إرشادٌ وتَسديدُ أنتَ للعَلْيا تُنادينا
دينُك الإسلامَ تأكيدُ لرسالاتِ النبيِّينا
شرعُك القرآن تأبيدُ للمعالي نورُ ماضينا
*******
جئتَنا في ظلمةِ الدهرِ فأنرتَ القلبَ والفِكْرا
قدْتَنا باللينِ واليسرِ فاقتلعَت الشرَّ والكفْرا
أنتَ رمزُ الحلمِ والصبرِ ناشرٌ بَين الوَرى بِشْرا
أَيُّ سرٍّ أنت لا أدري فَلْتُسامِحْني أبا الزَّهْرا(901/1)
الجمال
خَلَقْتَ الجَمَالَ لَنَا آيَةً ... تَطُوفُ القُلوبُ بهَا وَ العَيُونْ
وَأَبْدَعْتَ في الكَوْن مَا تَجْتَلي ... عُيُونٌ وَمَا هُوَ سِرٌّ دَفِينْ
وَزيَّنْتَهُ ! يَا لَهَذا الجَمَالِ ... وَهذا الجَلاَلِ وهذا الحنين
فَتَخْشَعُ في نُورِه أَضْلُعٌ ... وتَخْفُقُ أَشْوَاقُهَا و الشُّجُونْ
فهذي السَّمَاءُ وآفَاقُها ... بُرُوجٌ تُزَيَّنُ للنَّاظِرينْ
فَكَمْ بَصَرٍ عَادَ مِنْهَا حَسْيراً ... عَلى خَشيَةٍ وَهُمُ مُشْفِقُونُ
وَ غَيْبٌ وراءَ وثوب الخيالِ ... عَصَيٌّ عَليْهِ و سَقفٌ مَتِينْ
فُطُفْ حَيْثُ شِئتَ فآيَاتُهَا ... جَلاَلُ المَدَى و جَلال القرونْ
وهذي هي الأرضْ كَمْ جَنَّةٍ ... تَفَجَّرُ بين جَنَاها العُيُونْ
ورَوْضٍ تَنَفَّسَ عَنْهُ الصَّبَاحُ ... شَذاً من وُرُودٍ و مِنْ يَاسَمِينْ
وطَيْرٍ كَأْنّ رَفيفَ جَنَاحَيْـ ... ـهِ رفُّ البكُورِ وهمْسُ الغُصُونْ
يُسَبِّح لله في مَوْكِبٍ ... جَليلٍ وحَشْدٍ من الخاشِعِينْ
وكَمْ مِن جِبالٍ تَشقُّ ذُرَاهَا ... عنانَ السَّماءِ و سَهْلٍ يَلينْ
وَكَمْ أَبْحُرٍ غَيَّبَ الله فِيهَا ... غُيُوباً وأَطْلَقَ فيها السَّفِينْ
وَنَهْرٍ .. تَدَفَّقُ أَمْواهُه ... يُرَوِّي الحَيَاةَ ويُغْني القُرونْ
يُزَيِّنُها الله كَيْفَ يشاءُ ... وَيَمْنَحُهَا عَبْقَرِيَّ الفُنُونْ
وأنْشَأتَ مِنْ زِينَةٍ في الحياةِ ... لِتَبْلُوَ مِنَّا الهَوَى و اليَقِينْ
وَتَبْلوَ مِنَّا خَبَايَا الصُّدُورِ ... ونَجْوَى القُلُوبِ و هَمْس الجُفُونْ
فَكَمْ زِينَةٍ سَعَّرَتْ فِتْنَةً ... تلظَّتْ عَلَى شَهْوَةٍ أَو مُجُونْ
وكمْ زِينَةٍ رفَّ فيها الجَمّالُ ... يُطَهِّرُ أَشْوَاقَنا والحَنِين
فَزِينَةُ هذِي الحَيَاةِ رِيَاشٌ ... وزهْوَةُ مَالٍ وَ شَوْقُ البَنِيْنْ
يُبَدِّلُهَا النَّاسُ في سَعْيِهِمْ ... شُكُورَ التُّقَى أو جُحُودَ الفُتُونْ
فَكَمْ جَاهِلٍ ضَلَّ في غَيِّه ... فَظنَّ الجَمَالَ هَوَى المُعْتَدِينْ(902/1)
وَلهْوَ الحَرَام عَلَى شَهْوَةٍ ... تَوَاثَبُ بَيْنَ غَوَانٍ و عِينْ
رَفِيفُ الجَمَالِ نَوَالُ الحَلالِ ... وصِدْقُ الوَفَاءِ وعَهْدٌ أَمينْ
وأَجْمَلُ آيَاتِهِ أَنَّهُ ... هُوَ الحَقُّ والطُّهْرُ أنّى يكُونْ
ونورٌ تَدفّقَ مِلءَ الوُجُودِ ... يُزيحُ الظّلاَمَ و يَنْفي الظّنُونْ
وَحُرِّيّةٌ أَطْلَقَتْ أَنْفُساً ... لِتَمْضِيَ في مَوْكِبِ العَابِدينْ
سَيَبْقَى الجَمالُ لَنَا آيَةً ... يَرَى اللّهَ في صِدْقِها العَالمونْ
ويَبْقى هَوَانَا هوى الصَّادقينَ ... فَمَا الحُبُّ إِلا هَوَى الصَّادقِينْ
وَمَا الحُبُّ إلا زكيُّ الجَمَالِ ... نَقِيُّ الفعَال وَ فَاءٌ وَ دينْ
وَمَنْ عَرَفَ الحُبَّ للّـ ... ـهِ عَلّمَهُ الحبُّ تَرْكَ المُجُونْ
ففي كُلِّ ناحِيَةٍ آيَةٌ ... مِنَ الحُسْنِ تُجْلَى و حَقٌّ يَبِينْ
تَدُلُّ عَلَى أَنَّكَ اللّـ ... ــه رَبُّ الخَلائِقِ و العَالمينْ
وَلَيْسَ يَرَاها سِوَى مُؤمِنٍ ... وَلَيْسَ يَرَاهَا سَوَى المتَّقين
وأَنْتَ جَميلٌ تُحِبُّ الجَمالَ ... فَقُلْتَ لَنَا يا عِبَادِي اتَّقُونْ(902/2)
السهم الأخير وفتىًُ يفَجَّر نفسَهَّ
ماذا أَقول و أيَّ شيءٍ أكْتُبُ ... السَّاحُ تَنْأى والمَنازلُ تَغْربُ
لَهْفي على تلك الدِّماءِ تَدَفَّقَتْ ... والنَّاسُ في لَهْوٍ يَضجُّ و يصْخَبُ
الرّاقِصون على الدِّماءِ على الأنيـ ... ـن، على الجَماجِم ! والغِناءُ الأعْجَبُ
الغيدُ تَلْهو بالقُلوب و حَوْلَها ... سَكْرَى! وأَنغَامُ الضّياعِ تَسَرَّبُ
لله در ُّ فتىً يُفجِّرُ نَفْسَهُ ... ويْحي ! وأُمّتُهُ غُفَاةٌ غُيَّبُ
فكأنّما مُلِئَتْ جَوانبُهُ أسىً ... غَضَباً ! ولم يَرَ حَوْلَهُ مَنْ يَغْضَبُ
وفؤادُه لَهَبُ العزيمة وَقْدُه ... عَزْمٌ وإِيثارٌ وحقٌّ أَغْلَبُ
وعلى مُحَيَّاهُ البشائرُ أَشْرَقتْ ... أَملاً يُضيء ولَهْفَةً تترقَّبُ
***
وتلفَّتتْ عَيْناه! حِين بَدَا لَهُ ... زَحْفٌ ونِيرانٌ تُصَبّ و تُسْكَبُ
ومدافعٌ وقنابلٌ والطائرا ... تُ تحومُ تُلْقي بالجحيمِ وتضْرِبُ
ويحي! ودّباباتُه انْطَلقَتْ على ... قَصْفٍ أَشَدَّ، لَهِيْبُهُ لا يُحْجَبُ
فمنازلٌ تَهْوي عَلى أصْحابِها ... ومصانِعٌ تُطْوى وأَهْلٌ نُحَّبُ
ودَمٌ تفجَّرَ في المَرابِعِ كُلِّها ... دَوّى هُناك ! فَمنْ يُجِيبُ ويُعْرِبُ ؟
وَدمُ الطّفولةِ يسْتَغيثُ ! وأنَّةُ ... الثكْلى تُنادي! والدّموعُ تَشَعَّبُ
وتلفّتتْ عَيْناه ! هل مِنْ مُشْفِقٍ ... في الأَرْض يَحْنوُ ؟ أو يَلين فيحدُبُ
فالناس والدّنْيا كأنّ بِهمْ عَمىً ... وقلوبُهُمْ شتَّى المسَالكِ تذْهَبُ
أَو أنّهم صُمٌّ وبُكْمٌ ويْحَهُمْ ... لا مَشْرِقٌ يُصْغي لهمْ أو مَغرِبُ
***
وتلفَّتتْ عيناهُ تنطقُ بالأسى ... تقول يا دنيا أطلّوا وارقُبوا
أين النِّظامُ العَالميّ ؟ ! وأيْن كُـ ... ـلُّ لجانِهِ ؟ أيْنَ المُنى والمطْلبُ
أين الشّعاراتُ التي غَنَّوا بِها ... زَمَناً فَغَاب غِناؤهم والمُطْرِبُ
أيْنَ الأُخُوّةُ والعَدالةُ والمُسَا ... واة التي تُطْوى هُنَاكَ وتَكْذِبُ
***
وتلفّتت عيناهُ واْلتَفَتَ الفؤا ... دُ : فأيْن أهْلي و الهَوَى والمأربُ ؟!(903/1)
أيْنَ العُروبةُ والسّلامُ و أيْنَ أرْ ... حامٌ تَقَطَّعُ والوِدادُ الأَقْرَبُ ؟!
أيْنَ الشِعارات التي دوّى بها ... حَشْدٌ وأين سَبيلُها والمذْهَبُ ؟!
والمسْلمون ! وأَيْنَ هُمْ ؟! أيْنَ الوعُو ... دُ ؟! وكَمْ تُبَدَّل، ويْحَهم، وتُقَلَّبُ
نَادَوْا شُعُوبَ الأرض! قَادتَها! اسْتَغا ... ثُوا بالعدُوِّ وبالصّديقِ وأوْعَبُوا
وتَوسَّلوا! وتَضرَّعوا! و تَذلَّلوا! ... من ذا يُجيبُ نِداءَهُمْ أو يَصْحَب ؟!
قالوا قَلِقْنا! أوقفوا الإرهاب! ويْـ ... لكُمُ ! فمن ذاك الذي هُو يُرْهِبُ ؟!
مَنْ قَتَّل الأَطْفَالَ ؟! مَنْ قَدْ أشعل الـ ... نَّيران؟! مَنْ يَطْغَى هناكَ ويُلْهِبُ ؟!
قالوا : سنبعَثُ بالوسيط لكي يُعا ... لِجَ ما يَرى من مُشْكِلٍ و يُقَرِّبُ
كمْ من وسيطٍ يا فلَسْطِينُ ارْتَدى ... ثوبَ السّلام يَنالُ مِنْكِ ويَنْهَبُ
المجْرِمونَ عِصَابَةٌ جَمَعَتْهُمُ ... فِتَنُ الهَوى صفّاً يَشُدُّ ويدأَبُ
***
وتَلفَّتَتْ عَيْناهُ : أيْنَ مُفاوِضٌ ... يَسْعى ؟ ! وأيْنَ الفارس المتَوَثِّبُ
كم قَاعةٍ قَد زُيِّنتْ لمفَاوُضٍ ... لاهٍ يُمَثّلُ أو يُراوغُ ثَعْلَبُ
وتَدورُ فيها الشاةُ تَثغو، دونَها ... نابٌ يُقَطَِّع أو يُمزِّقُ مخْلبُ
***
وتلفّتَتْ عَيْناهُ! ويْحي لم يَعُدْ ... في السّاحِ مِنْ حَجَرٍ يَطيرُ ويُرْعِبُ
وتَلفّتَتْ عيْناهُ ! ويْحيَ لم يَعُدْ ... حَشْدُ السلاح يَصُدُّ أو يتصَبَّبُ
وتلفّتَتْ عَيْناهُ ! والأَقْصى يَئـ ... ـنُّ وقَيْدُه قاسٍ عليه مُجَرّبُ
وتلفّتَتْ عَيْناهُ! وامْتلأَتْ جوا ... نِبُه أسىً ينْمو لديْه و يَغلِبُ
وإذا الهوان يلفُّ أُمَّتَهُ وهَلْ ... يَبْقَى الأَبيُّ على الهوان ويَرْغَبُ
فإذا به متواثِبٌ ! أحناؤه ... غَضَبٌ يَفُُورُ مع الضُّلوع ويُلْهبُ
وخُطاه تَسْتَبِقُ الرّدى! حتّى إذا ... بلغَ الميادين التي تتقلّبُ
فَتَفَجّرتْ أحْناؤه وتطايرت ... أشْلاؤه والأُفْقُ مِنْهُ مُخَضّبُ(903/2)
ليظَلَّ يَشْهَدُ أن أمّتنا هَوَتْ ... وغَفَتْ وأطْبَقَ فوْقَ ذلك غيْهَبُ
ويَقولُ : إنْ أخطأتُ، إنّ هَوان مَنْ ... تَرَ كَ الجِهاد أشدُّ منهُ وأصْعبُ
أهلكتُ نَفْسي؟ غَيْر أنّ سِوايَ أهـ ... لَكَ أُمّةً ومَضَى يَهونُ ويُغلَبُ
فالله يَغْفِر ما يَشاء لمنْ يشا ... ءُ بِرَحْمَةٍ تُرجَى وفضْلٍ يُوْهَبُ
ما كان يَغْفِر للّذي يمْضي على ... شِرْكٍ و يُمْعِنُ في هَوَاه و يُغْرِبُ
كَثُرَ الذين رَأَيْتُهُمْ يُفْتُونَ في ... أمْري ! وأمْرُهمُ أشدُّ وأَعْجَبُ
ما بَالُهُمْ لا يَنْهَضُون إلى الّذي ... أفْتَوا به، أو للّذي هو أقْرَبُ
ما عَاد يَنْفَعُني الفتاوى! إنّني ... في عَالَم الحقِّ الّذي لا يُكْذَبُ
فالله يَحْكُم وحده بِعبادِه ... فيه، وحُكْمُ الله حقٌّ مُوْجِبُ
فدَعُوْا أُمُوريَ وانْهَضوا لأُمُورِكُمْ ... وافْتُوا ! فذلك لو عَلمْتُمْ أصْوَبُ
الخُلْفُ بيْنَكُمُ أضَرُّ عَلَيْكُمُ ... واشَدُّ من مَكْرِ العَدوِّ وأصْعَبُ
فِرَقاً تَمَزَّقُ كَمْ تَرَوْن خِلالَها ... شَرّاً يُدَارُ وفتنةً تَتَسرّبُ
***
فجّرْتُ نَفْسِيَ! هل فَتَحْتُمْ بَعْدَه ... دَرْباً إلى النَّصْرِ العزيِزِ يُقرِّبُ
هلاَّ جمعتُم أُمَّة الإسلام صَفّـ ... ـاً يَجْتَلي صُوَرَ الجِهاد ويَطْلبُ
إنْ لمْ تَقُمْ في الأرضِ أُمَّة أحمد ... ضاعَتْ جُهودُكُمُ وتاهَ المَذْهَبُ(903/3)
الفجر الدامي
دَوّى الأَذَانُ ! فَيَا منَابِرُ أَوِّبي ... شَوقاً إلى خُضْرِ الجِنَانِ وَرَدّدي
خَشَعَتْ لَهُ الدّنيا ! فَيا لَجَلالِهِ ... وجَمَاله وجَلالِ ذاكَ المشْهَدِ
كلُّ المرابعِ أَخْبتَتْ لِلّه خا ... شِعَةً فمِنْ وَادٍ يَرفُّ وأَنْجُدِ
ونَسَائم الفَجْر البَليل سَرَتْ به ... عَبَقاً وأَنداءً وآيَ محمَّد
وكأَنَّ شقشقَة الطيور ِ نَدَاوَةٌ ... رفَّتْ وتسْبيحُ الرُّبى والأوهُدِ
وكأَنَّ شقشقَة الزهور تظلَّ تَسْـ ... ـأَلُ ما يُخبَّأُ يا مَرابعُ في غدِ
وتنفَّسَ الورْدُ الغَنِيُّ كَأَنّهَ ... عَبَقٌ يجودُ بِعطره المُتَورِّدِ
يُلْقي عَلى السَّاحَات مِنْ دَمِه دَماً ... لِيَقُول: يا دُنْيا أَطِلِّي واشُهَدي
فَهُنا مَيَادينُ الجهادِ نَمْدُّها ... دَفْقاً بأمواجِ الدَّم المتجدِّدِ
وهنا رباطُ المؤمنينَ وسَاحَةٌ ... لجِهادِهمْ أو آيةٌ للمهتدي
تَتَلَفَّتُ الآفَاقُ ، لا تَلْقَى سِوَى ... سَاعٍ يُجيبُ نِدَاءَهُ أو مُغْتد
* * *
وتَنفَّسَ الصُّبحُ النَّديُّ و حَوَّمَتْ ... بَيْنَ الدّيار مُنى وطلعةُ شُهَّدِ
يَسْعَون للبَيْتِ المنَوَّر بالهُدى ... مُستبْشِرين بِجَولةٍ أو مَوِعِدِ
فرُبُوعُها سَاحُ الرّباط لمؤمِنٍ ... متَواثِبٍ أَو مؤمِنٍ مُتَهجِّدِ
يتواصَل التَّاريخُ في سَاحاتِها ... بنُبُوة الإسْلاَم و العَهْد النَّدي
يَسْعَون للحَرمِ الطّهور خُطاهُمُ ... نُورٌ يشُقُّ ظلامَ لَيْلٍ أَسُودِ
نِعمَ البُكورُ وتِلْكَ عَزْمة مؤمِنٍ ... والجُمْعَةُ الزَّهراءُ لهْفَةُ أَرْشدِ
والنورُ مِنْ رَمَضَان مُنبَلجٌ عَلى ... سَاحاتِهَا فَيْضاً غَنيَّ المورِدِ
يَا للفضَائل ! كُلّها قَدْ جُمّعَتْ ... للصَّائمين القائمينَ السُّهَّدِ
* * *
لِلّه درُّ البَيْتِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ ... وَشَهادَةٍ صَدَقَتْ وطَلْعةِ رُوَّدِ
وكَأَنّ إبراهيمَ، يا لَدُعَائِه ! ... نادَى وقالَ: هُنَا وَفَاءُ مُحَمَّدِ
الصّائِمون العَابدون خُطاهُمُ ... شَوقٌ يُلحُّ ولهفَةُ المُتعَبِّدِ(904/1)
فَكّأَنّها أَبدَاً تحِنُّ لجَنَّةٍ ... خَضْراءَ زاهِيةٍ وبِرٍّ أخلدِ
وأَتَوالِبَيْتِ اللهِ يَخْشَعُ عِنْدهَ ... قَلْبٌ أَبَرُ وخفْقَة مِنْ أَكبُدِ
فَتَرى مَواكِبَهمْ هُناكَ كأَنّهم ... زُهْرُ الكَواكِبِ أَو مَطَالِعُ فَرقَدِ
رُفِعُ الأَذَان فأقْبَلُوا وصُفُوفُهمْ ... مَرْصُوصَةٌ وَقلوبُهُمْ شَوْقُ الغَدِ
اللَّهُ أَكْبَرُ! فانْحَنَوا لرِكُوعِهمْ ... واللَّهُ يَسْمعُ خَفْقَةَ المتَوَجِّدِ
رَفَعُوا وأهْوَوا للسُّجودِ فلا تَرَى ... إلا خُشَوعَ العابِدين السُّجَّدِ
دَوَّى الرّصَاصُ! وخلف كلِّ رصاصةٍ ... عاتٍ تمرَّسَ في الضّلال الأنْكدِ
المجرمون ! فيا لِهَوْلِ جَريمةٍ ... كُبْرَى ! ويا لِلْمُجْرِمِ المتَرصِّدِ
كمْ مُجْرِمٍ في الأَرض لم يَقْنُتْ ولمْ ... يخشعْ لخَالِقِهِ وَلمْ يتَعبَّدِ
دَوَّى الرصاصُ فمن شَهيدٍ فُجِّرتْ ... أَضلاعُهُ و مُجنْدل لم يُرْفَدِ
تَتَطايَرُ الأَشْلاءُ كُلُّ ضحية ... تَشْكُو لِبَارئِهَا هوانَ الهُجَّدِ
وتلاقَتِ الأَشلاَءُ عَبْرَ فَضَائِهَا ... مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ تُبَاحُ لمُعْتَدِي
مِنْ أرض " كَشميرٍ " نداءُ دِمَائِها ... مِنْ أَرض "بُوسْنة" صرخَةٌ لم تُنْجَدِ
مِنْ كُلِّ مَجْزَرَةٍ بَقَايا أُمَّةٍ ... تُلْقَى وتُنْشَر في الفَضْاء الأَربدِ
أضْحتْ دِمَاءُ المسْلمينَ مُباحَةً ... لِلمُجْرمين ! لِكُلِّ عَادٍ مُفْسِدِ
وديارُنا أضحتُ مُفتَّحةً لَهُمْ ... وقلوبُنَا فُتِحَتْ لفِتْنة مُلْحِدِ
المُجْرِمُونَ عِصَابةٌ مُمْتَدَّةٌ ... في الأَرْض عَنْ جَشَعِ الهَوى المُتَمرِّدِ
يا لِلْيهَودِ ! وخَلْفِ كُلِّ مُصِيبةٍ ... فِتَنُ لَهُمْ ويَدٌ ! فَيا شَرَّ اليَدِ !
جَمَعُوا مِنَ الأَحلافِ بينَ حِبَالهمْ ... دُوَلاً فماجُوا بِالبَلاءِ المُرْعِدِ
مَنْ كّانَ يَحْلُم بالسَّلاَمِ مَعَ اليَهو ... دِ فَذاكَ حُلْمُ الجَاهِلِ المتزَيِّدِ
طَمِعُوا ،كما طَمِعَ الضَّلالُ جَميعُه، ... بِالمُسْلِمين ، بِدَارِهِمْ ، بالأَنْجُدِ(904/2)
لا ! لا يُريدون السَّلامَ ولا يُريـ ... دُ الأَمْرِكانُ ولا طبائع مُعْتَدي
جَعَلُوا السَّلام خَديعةً نَصَبُوا بِهَا ... شركاً يُمَدُّ لحائِرٍ مُتَردِّدِ
* * *
أَيْنَ النّظامُ العالميُّ وأَيْن يا ... دُنيا حُقوقُ مُقَتَّلٍ ومطَرَّدِ ؟!
أَينَ العَدَالةُ والوُعُودُ وكَيفَ يُرْ ... جى العَدْلُ منْ ذئْبٍ يَجُولُ وأَسْودِ؟!
يا أُمَّتي إنْ لَمْ تُفِيقي فَاشُهَدي ... أَمْواجَ لَيلٍ زَاحِفٍ مُتَمَدِّدِ
لُمِّي صُفَوفَك ، أَمّة الإِسلام ، كالـ ... بُنْيانِ مَشْدوداً بِعَهْدٍ آكَدِ
خُوضِي مَيَادينَ الجهادِ وَرَجِّعي ... شَوْق الشَّهادة دونَ ذلك وانْهَدِي
يا أُمَّةَ الإسلام تلك أَمانَةٌ ... وشَهادةٌ للَّهِ ! قُومي فاشْهَدي
يا أُمّةَ الإِسلامِ يا أمَلَ الشّعو ... بِ جَميعِها ! أَوفي بَعْهدِكِ ! أَنْجدي
لا ! لَنْ يُقيمَ العدْلَ إلا مُؤمِنٌ ... صَدَق الإِلهَ وقال: يَا نَفْسي رِدِي
* * *
دارَ الخليل تحيّةٌ مِنْ مُهْجَةٍ ... عَرفَتْ جَلال جِهادِك المُتوقِّدِ
قد كُنتِ بالأَمس القريب غَنيّةً ... بالبذْل زاهيَةً بِجُودِكِ واليَدِ
طَهَّرتِ أَرْضَكِ مِنْ تَدفُّقِ رجْسِهِمْ ... ورَوَيْتِها بالطُّهر من دَمِكِ النَّدي
واليومَ أَعْلَيْتِ الوفَاءَ فهذه ... زُمَرٌ تَواثَبُ للشَّهادة فاسْعَدي
وَغداً تَرَيْنَ مَوَاكِباً مَوْصُولةً ... للّه زاحفةً وطلْعَةَ رُوَّدِ
والنَّصْرُ كالفجْرِ المُنوِّرِ مُقْبِلٌ ... بُشرى إليكِ و آيةً للمُهْتَدِي
ميلي إِلى الأقْصَى ! حَنينُكِ لمْ يَزَلْ ... صَفْواً وعَهْدُك لَمْ يَزَلْ أَمَلَ الغَدِ
مِيلي هُناكَ وَجَدِّدا عَهْداً أَبَرَّ ... لجِوْلَةٍ تُوفي بِصدْق الموعِدِ(904/3)
القدس في خطر
القُدْسُ في خَطرٍ؟! وَيْحي ! ويُفزِعُني ... طولُ الشكاةِ وطولُ العَتْبِ والصّخَبُ
فالناسُ بيْنَ مغاني اللّهو تَصْرَعهمْ ... أهواؤُهم وأماني العجْزِ و الرّغَبُ
أنّى تلفّتَّ أنغامٌ مُخَدٍّرَةً ... ونشوَةٌ وليالٍ هَزّها الطّرَبُ
والقومُ في غفْوَةٍ ! في التيه ! في ظُلَم ... يَلقُّهمْ مِنْ دياجيرِ الهوى حُجُبُ
عواصِفٌ مِنْ شتاتِ الأمرِ نازلةٌ ... فيهمْ وثائرةُ الإعصار تقتربُ
تمزَّقوا فِرَقاً شتّى يَدور بِهمْ ... مرُّ الصِّراع وهوْلُ الشرِّ والحَرَبُ
أَلقَى العَدُوُّ فُتَاتاً فَانْبَرَوْا فِرقاً ... تَنَافَسُوهَا فأَلهَاهُمْ هَوىً كَذِبُ
مَاليْ أَلومُ عَدوّي كُلّما نَزَلتْ ... بِيَ الهَزَائِمُ أو حَلّتْ بِنا النُّوَبُ
نحنُ الملومون ! عَهْدُ اللهِ نَحْملهُ ... وقد تَخَلَّفَ منا العَزْمُ و السببُ
* * *
القُدْسُ في خَطَرٍ؟! الآن ؟! واعجباً ... أيْنَ السّنُونَ التي مَرّت بها الكُرَبُ ؟!
أَين المواعظُ دوّت في مسامِعنا؟ ... أين النَّذير و أين الآيُ و الكُتُبُ؟!
أَيْنَ القَوارع هزّتْ كُلَّ ذي صَممٍ ... ولمْ يُهَزَّ لنا عزْمٌ ولا قُضُبُ ؟!
وخُطّةُ القوِم تَمضي بَيْنَنَا زَمناً ... تَطولُ فيهِ دَواعي المكْرِ و الرّيَبُ
ونَحنُ نمضي على أحْلامِنا وَهَناً ... تُنازُلاً في دُروبِ التّيهِ نَضْطَربُ
مسلسلٌ ! كمْ نزلْنا فيه مُنْحَدَراً ... يَهْوي بنا! هان فيه العزْم والطّلَبُ
دوَّتْ شِعَاراتُنا ! بُحَّتْ حَناجِرُنا! ... جُنّتْ عواطِفُنَا! تَعْلو وتلْتَهبُ
ضجّتْ شِكايتُنَا في كُلِّ مُعْتَرَكٍ ... مَعَ الهَزيمة تُطْوَى ثمَّ تَحْتَجِبُ
لهَيْئةٍ مُزِّقتْ في ساحِها أمُمٌ ... يا سوءَ ما فَعلوا في الأرض و ارتكبوا
لقد ركنّا لكيْدِ الظالمينَ ولمْ ... نَزَلْ على كَيْدهم نشْقَى و نَنْقَلبُ
لم نشْكُ لله ! لم نلجأ ْلرحمتِه ... فما استقام على نهجِ الهُدى أرَبُ
أعطاكُمُ اللهُ ما يُرْجى بهِ أمَلٌ ... وَمَا يُعَزُّ به الإحسانُ و الدأبُ(905/1)
هذي الملايينُ فَوْقَ الأرض قد نُثِروا ... وَوَفْرةٌ من كنوزِ الأرض والذهبُ
وموقعٌ وَسَطٌ في الأرضِ متّصلٌ ... يَضمُّ ذلك حَبْلُ الدِّينِ والسببُ
فبدَّلوا بعطاء الله ما قَذَفَتْ ... به أيادي عدّوٍ جودُه عَطَبُ
وبَدّلوا العهدَ ! ويحي ! لم يعدْ لهمُ ... إلا الشِعارات دوّتْ عندها العُصَبُ
فأصبحوا شِيَعاً شتَّى ممزَّقة ... وساحُها في يد الأعداء تُنْتَهَبُ
* * *
القدسُ في خَطَرٍ ؟! ما زال يُذهِلُني ... حقّاً ويُفزِعُني من أمرِنا عَجَبُ
القدسُ يا أُمّتي ليْسَتْ بِمنْعَزَلٍ ... عن الديار، ولا الخطْبُ الذي خَطبُوا
القُدْسُ يا أمّتي موصولةٌ بِعُرا ... وبالحبالِ التي يزكو بها النَّسَبُ
بالبيتِ , بالكعبة الغرّاء ! عُروَتُها ... شُدَّت بِها ، بِغَنيِّ النّور تأتَشِبُ
وبالمدينة حَبْلٌ غير منفَصمٍ ... عَهْداً مع الله حّقاً ليس ينقَضِبُ
عَهْداً إلى أُمَّةِ الإسلام ما صدقت ... أمانةَ العهدِ والحقِّ الذي يَجِبُ
* * *
من مكة وظلالِ الكعبةِ انطلقتْ ... ركائبُ الحقِّ يحدوها الهوىالعَذِبُ
مَسْرى الرسولِ ! وجِبريلُ الأمينُ به ... ودفقةُ النّور في الآفاقِ تنسِكبُ
يَطْوي البُراقُ على أشواقه أملاً ... إليك يا قُدْسُ يهفو قلبُه الوَجِبُ
تطوي الزّمانَ وتطوي البيَد وْثبَتُه ... تراجَعَتْ دونه الساحات ُوالحقَبُ
المصطفى ! وجلال الوحي يَحْرُسُه ... والكونُ من حوله يرنو و يرتَقِبُ
أرخى البراقُ جَناحيه بساحته ... فانشَقَّ فجْرٌ مع الأيام مُرْتَقَبُ
هذا النبيُّ ! وهبَّ الأنبياء له ... من عالم الغيب ! تُغضي عنده الهُدُبُ
هنا التقي عالَم الغيبِ الذي طلَعتْ ... رؤاه والمشهَدُ الحقُّ الذي صَحِبوا
فأمَّهم ! وجنودُ الحقّ شاهِدةٌ ... بأن تلك الرّبى للحقّ تنتسبُ
أمانةً في رِقاب المسلمين لهمْ ... يوم الحساب أمور غير ما احتسبوا
مَضى البُراقُ يَشقُّ الأُفْق منطلقاً ... بومضة للسموات العُلا يَثبُ
ومن رُبى طيبَةٍ فوحُ العصور سَرى ... مسكاً غنيّاً ونشراً ليس يُجْتلَبُ
* * *(905/2)
يا قُدسُ ! يالَهْفَةَ الأكْبَاد صادقةً ... ولهفَةً عمَّها الإعصارُ والغَضَبُ
يا طلعةَ الشوق والأقْصى يُرَجّعُها ... مع العصورِ وحدٌّ صارِم ذرِبُ
القدْسُ يا أُمَّتي فوحُ العصور بها ... صَبّتْ مجامِرها الساحاتُ والحِقَبُ
القدس يا قومُ تاريخ تجودُ به ... أرضُ الرسالاتِ! ما أزكى الذي تَهَبُ !
أرض الرسالات كم مدّت ملاحمها ... دماً على ساحِها بالمسكِ ينسكبُ
القدسُ زَهْرةُ تاريخ مُعَطَّرةٌ ... جُذورها في بطون الأرض تحتجبُ
فإن تقَطّعت الأحبال وانفصَمتْ ... تلك العرا جَفّت العيدان والقَصَبُ
وإن تُرى قُطّعَتْ تلك الجُذُورُ فهلْ ... تظلَّ تَعبقُ في ساحاتها الكُثُبُ
تقول : كلاّ ! فقد خبّأت كلَّ شذى ... عندي لكل شهيد كنتُ أرتَقِبُ
خبّأت كلَّ عطوري في مجامِرها ... نديَّةً لزحوفٍ ليسَ تنْقَلبُ
* * *
يا قومُ ! كلُّ رَوابينا عَلى خَطَرٍ ... وقد تَكسَّرَتِ الأسياف والقُضُبُ
وسدَّ كلَّ سبيل للجهاد بها ... أين السبيل؟! واين الفتية النُجُبُ
المجرمون طغاةُ الأرض قد زحفوا ... زحفاً يموجُ به جَيْشٌ لهمْ لَجِبُ
* * *
القدسُ في خطر ؟! ويحي ! أَيرفَعُه ... عنّا القصيد ويشفي صدرنا الخُطَبُ
كم مهرجان وكم من ندوةٍ طَلَعَتْ ... يدورُ فيها بيانُ الشعر والأدبُ
ما أجمل الأدب الفوّاح تتطلقه ... حُمْرُ النِّصالِ وفي الميدانِ يَخْتضِبُ
ولليهودِ ميادين القنا فُتِحتْ ... كلٌّ بأُهبَتِه في ساحها يَثِبُ
شادُوا من العلم ما هَابَتْهُم أُمَمَ ... بِه وما عزّ فيه القاطع الذربُ
عزائم ٌ لم تزلْ تبني مصانِعَها ... من السلاحِ الذي يُرْجى به الغَلَبُ
فهذه الصين تَسعى في مودَّتِهمْ ... مهابةً، وسواها مُقْبِل حَدِبُ
قوموا إلى ساحها ياقوم وانتصروا ... لله في جولة يُجلَى الدمُ السَّرِبُ(905/3)
المسجد الأقصى
المسجدُ الأقصى رفيفُ حَنِينِه ... رَيَّا نَسِيمٍ بالأًرِيج مُحَمَّل
المسْجِدُ الأقْصَى على رَبواتِه ... ورحَابِه قَصص الهُدى المتنَزِّلِ
نورٌ مع التاريخ مُؤْتَلِقُ به ... يَغْنى بلألأة الهُداةِ وينجلي
مَهْوى قُلوبِ المؤمنين و قِبْلَةٌ ... أولى على حَقٍّ نَدِيٍّ مُخْضَلِ
وربى ملألِئَةُ يَشعّ بها الهُدى ... من كلِّ رُكْن بالبَهاءِ مُجَلَّلِ
شَعَّتْ بأنوار النبُوَّة و ازدَهَتْ ... بمكبِّرٍ في سَاحها و مهلِّل
ضَمّت ميادين الجِهادِ و فوّحَت ... بالعطِر مِنْ دمِ صادقٍ مُسْتبْسِلِ
هي ملكُ أُمّةِ أحمدٍ و جنودِه ... والسائرين على هُداهُ الأمْثَلِ
صفّاً بَنَتْهُ رسالةٌ فعلا بها ... للهِ ما تبني بذاك وتعتلي
***
وتلفَّتَ الأقصى و بيْنَ أنينِه ... وحنينِهِ شكوى و صرْخةُ أعْزَلِ
وكأنَّ صرخَتَه تغيبُ مع المَدَى ... يُطْوى الصّدى ويغيبُ كلُّ مؤمَّل
ودمٌ يسيلُ كأنّه عَبقُ الجنا ... نِ ونفْحَةُ الأمَلِ النديّ الأجْملِ
ودمٌ يسيل! ودمعةٌ تنسَابُ في ... عُتبى على صمتٍ مُبينٍ مُذهِلِ
ودمٌ يَسِيلُ ! ولَفْتَةٌ ! فأَشَاحَ عَنْ ... سَاحٍ تَمُوجُ على هَوَانٍ مُخْجِل
المسجِدُ الأقْصَى ! فيا لأَنينِه ... وحنينهِ وإِسارِه المتذَلَّل
***
وتلفّتَ الأقْصى! و مكّةُ بالهوى ... ترْنو وطيبةُ، بالحنينِ الأوَّلِ
لله درُّ منائرٍ طَلَعَ الهُدى ... منْها وعمَّ الكوْنَ بالنورِ الجلي
المسجدُ الأقصى! ولهْفَةُ مكّةٍ ... وحنينُ طيْبَةَ! يا منائر أقْبِلي
شُدِّي على العَهْدِ الموثّقِ و انهضي ... للهِ في زحْفٍ أبَرَّ مُعَجَّل
زحفٍ يَضمُّ المؤمنين! يشقُّ دَرْ ... بَ النّصر ! يجْلو من مناهُ و يجْتَلي
الكون كلُّ الكونِ فوْقَ قبابها ... نورٌ يموجُ وآية الله العَلي(906/1)
الهند .. تقاوم الاحتلال البريطاني
المُجْرمون اسْتَكْبروا في الأرض مَنْ ... سَيَرُدُّ كَيْدَ المُجْرِمِينَ الجُحَّدِ
فِئةٌ مُعَطَّرَةُ الجِهَادِ غَنِيَّةٌ ... لله تَنْهَجُ بِالسَّبيل الأَقْصَد
لله ظاهِرةُ تُقاتِلُ مَنْ طَغَى ... في الأرضِ أَو تُعْلي لِواءَ مُحَمَّدِ
مِنْ كُلِّ أَرْوعَ في الجِهَادِ مُجَرَّبٍ ... مَاضٍ وكُلِّ مُصَدِّقٍ مُتَجَرِّدِ
أَغْنى الحَيَاةَ بصدْقِه وَوَلائِهِ ... لله ، لم يُشْرِكْ وَلَمْ يَتَردَّدِ
مَنَحَ الحَيَاةَ جَمَالها بوفائِهِ ... وَرَوَى المرابع بالدَّم المتَوَقِّدِ
وَمضَى لإِحْدَى الحُسْنَيَيْن يَشُدُّه ... شَوْقُ إِلى أَوفى النَّعيم وأخلدِ
* * *
المُجْرمُون اسْتَكْبَروا في الأرضِ مَنْ ... سَيَرُدُّ مَكْرَ المُجْرِم المُترَصِّدِ
سَتَرُدُّه فِئةُ وَفَاءُ رِجَالِهَا ... بِرُ وإِحْسَانُ وخفقُ مُهَنَّدِ
فِئةٌ تُقِيمُ عَلَى الزَّمانِ مَنَائِراً ... مِنْ هَدْيِهَا ومَلاَحِماً مِنْ أَزْنُدِ
وتُعِيدُ للإِنسَانِ عِزَّتَهُ التي ... ديسَتْ وتُوقُظ شَوْقَه مِنْ مَرْقدِ
وتُحَطّمُ الأغلالَ عَنْهُ فَكَمْ مَضَى الإِ ... نْسَان بَيْنَ مُضَلَّلٍ و مُصَفَّدِ
وَتَمدُّ للمُسْتَضْعَفين يَدَ الهُدَى ... مَدَداً ونَجْدَة صَادِقٍ مُتَوجِّدِ
فِئةٌ كأنَّ المِسْكَ مِنْ أنفاسِهَا ... مَلأَ الزَّمَانَ وَعطَّرَ الأُفقَ النَّدِي
تمضي فَيَهْتَزُّ الرَّبيعُ بها إِذا ... طَلَعتْ ويغنى كُلُّ وادٍ أجْرَدِ
يُشْرَى رَسُولِ الله آية رَبِّهِ ... للعَالمينَ رَحْمة للمُجْهَدِ
* * *
لله دَرُّ الهِنْدِ ! كَمْ مِنْ عالِمٍ ... دَفَعَتْ لسَاحَتِها وَكَمْ مِنْ مُنْجِدِ
بَذَلوا مِنَ العِلْمِ الزَّكيِّ ونُورِهِ ... مُهَجاً إلى صِدقِ العَزِيمةِ واليَدِ
ومَضَوا يَحثُّونَ الخُطى لَهباً عَلى ... دَرْبٍ إلى صِدْقِ الجِهَادِ مُمَهَّدِ
عَبَقُ الأئمَّةِ والمُلُوكِ عَلَى الرُّبى ... نَفْحُ الجِنَانِ وعِطرِها المُتَجَدِّدِ(907/1)
يمضي " مُعِينُ الدِّين " في جَوْلاتِهِ ... نُوراً أَطَلَّ لُمدْلجٍ وَمُشَرَّدِ
ويَظلُّ " بختيارٌ " أَعزَّ فتنحَني ... هامُ الملوكِ له وكِبْرُ الأَصْيَدِ
و" الدَّهلويُّ " وَيَا لَعزَّةِ دينه ... ردَّ الملوكَ ويَا هَوانَ السُؤدُدِ
والعالمُ " السّرْ هَندِ " يَا لجِهَادِه ... بَذْلاً وَيَا لَلزَّاهِدِ المتَعَبِّدِ
ردَّ الزّنادِقَةَ العُصَاةَ وكَيْدَهُمْ ... ردّا وأخمدَ فِتنَةً مِنْ مُلحدِ
وانْظر " لعرفانَ الشَّهِيدِ " كأنَّهُ ... جيشٌ تواثَبَ في الذُّرا والأوهُد
فَتَحَ القُلوبَ بِغَيْر سَيْف مُصْلتٍ ... فَهَوى الفسادُ وسَيفه لَمْ يُغمد
يا " ندوةَ العُلماءِ " ! يا نَفْحَ الشَّذا ... يا لَهْفَةَ القُصَّادِ شَوْقَ العُوَّدِ
نَسَبُ أَبَرُّ عَلى التُقَى فكأنَّه ... رَحِمُ يَصونُ ولُحمةُ مِنْ مَولِدِ
زَكَتَ الرِّجالُ عَلَى الجِهَادِ ونُورِهِ ... يَا عزَّ مُنْتَسبٍ وَعِزَّة مَحِتْدِ
* * *
لله دَرُّ الهِنْدِ ! نورُ كواكِبٍ ... زُهْرٍ ودفقُ مجاهدٍ ومُسدِّدِ
دُرَرُ مِنْ العُلمَاءِ كَيف أَعُدُّهم ... أَعيتْ حُشُودُهمُ خَيَالَ مُعدِّدِ
مَهَدوا الدُّروب لكلِّ يومٍ أبلجٍ ... دَامٍ و يَومِ شهادةٍ متفرِّدِ(907/2)
حب ووفاء 2
الأوَّل :
بَحَثْتُ عَنِ الوَفاءِ فَلمْ أَجِدْهُ ... عَلَى شَرَفٍ ولا في بَطْنِ وَادي
ولا بيْنَ السّهولِ ولا الرَّوابي ... ولا بَيْنَ الحَواضِرِ والبَوَادي
ولا بَيْنَ المنازِلِ والحَوَاري ... على طول المرابعِ والبلادِ
عجِبْتُ وكُلمّا صادَقْتُ خِلاٍّ ... سأَلتُ أصاحِبٌ ذا أم مُعَادي
وَحِرتُ مَعَ المُنافِق ، كَمْ جَهولٍ ... يَظنُّ نِفاقَهُ فِطَنَ الرَّشَادِ
ومَهْما جُدتَ بالمعروفِ سَمْحاً ... تُسَوَّدُ عِنْدَه بيضُ الأَيادي
فَلا حَذَرٌ ولا الإِحْسَانُ يُجْدي ... ولا صَفْوُ المحبَّة والوِدادِ
يُجمِّع مِنْ سَوادِ اللَّيْلِ مكْراً ... ويَنْشُر في الصَّبَاح مِنَ السّوادِ
عَجِبْتُ وكُلمَّا آنسْتُ ودَّاً ... وشِمْتُ بَوَادِرَ الرَّجُلِ الجَوادِ
رَجعْتُ وخِنجَرٌ مِنْه بظهري ... يُمَزِّقُ في الضّلُوعِ وفي الفُؤَادِ
الثاني :
روَيدَكَ يا أَخي ! بَالغْتَ حَقّاً ... وتُهْتَ عَنِ الحَقيقَة والسَّدَادِ
أيُعْقَلُ أَنْ تكون الأَرْضُ خِلْواً ... مِن الأَبْرَارِ أوْ أنْوارِ هَادي
ويَعْبَثُ في مَحارِمِها ذِئابٌ ... ويَعْبَثُ في المرابِع كُلُّ عَادِ
ألم تعْلَمْ بأنّ الله أبْقَى ... رِجالاً للهدايَةِ والرَّشادِ
وطائفةً مَعَ الأيامِ تَمْضي ... عَلى عَبَقٍ مُظَفّرَةَ الجِهادِ
كأنَّ المسكَ بعضُ شذى هُداها ... أزاهِرُ فوّحَتْ في كلِّ نادِ
هُمُ الغَيثُ المنَزَّلُ في الرَّوابي ... إِذا ما أَجْدَبَتْ خُضرُ النِّجادِ
فتهتَزُّ الرُّبَى زَهَراً وتَغْنَى ... وتزْخَرُ بالعَطَاءِ وبالحصَادِ
هُمُ الأَمَل المنوِّرُ ما ادْلهِّمتْ ... لَيالٍ بالنوازِل والعَوَادي
هُمُ البُشْرى إِذا يَئِستْ نُفُوسٌ ... وغَابَتْ في التعلُّلِ والرُّقادِ
كَأنَّ وفاءَهم غَيْثٌ مُغِيثٌ ... تُرَوَّى منه أكْبادٌ صَوَادِي
أولئك جُودُهم ودٌّ مصفّى ... أَبَرُّ فلا يُخالَطُ بالفَسَادِ
لَقَدْ أوفَوْا مَعَ الرحمن عَهْداً ... فطابَ وَفاؤهُمْ بَيْنَ العِبادِ(908/1)
فكيفَ تَرُومُ مِن قومٍ وَفاءً ... وتطلبُ مِنْهُمُ صفْوَ الوِدادِ
وقد نكَثُوا العُهودَ وضَيَّعُوها ... وَمَا صَدَقوا بِهاربَّ العِبادِ
الأول :
صَدَقْتَ أَخِي ! نَصَحْتَ وقُلْتَ حقَّاً ... وجِئتَ إِليَّ بالدُّرَرِ الجِيادِ
جَزَاك الله عَنّا كُلَّ خَيْرٍ ... وزادَكَ مِنْ هُداهُ بِخَيْر زَادِ
سَيْبقَى في الحَياة أَخُو وَفاءٍ ... يُمْحَّصُ بَيْنَ أحداثٍ شِدادِ
ويَبْقَى في الحياة رِجَالُ غدر ... وأَهْلُ خَديِعة وحُشودُ عادِ
ليُبْلَى بَعضُهُمْ حقّاً ببعضٍ ... ويُعْلَمَ كلُّ مخْفِيٍّ وبادِ
فيُوْخَذَ خائِنٌ حيناً ويُمْلَى ... لهُ حِيناً ليَهْلِكَ بالتمادي
وتمضِيَ سُنّةٌ للهِ فِينَا ... وَحكمةُ خالِقٍ وسَبيلُ هادِ
ونُطْوَى بَعْدُ في ظُلماتِ قَبْرٍ ... لنُنْشَر للحِسَابِ وللمَعَادِ
ليومٍ تُفصَل الأَحكامُ فِيه ... وتَعظُمُ فيْه أَهْوالُ التَّنَادي
فينْعَم بالجِنانِ أخو وَفاءٍ ... ويُلْقَى خَائنٌ في قَعْرِ وادِ
أَخي حُسْنُ الوَفاءِ صَفَاءُ دِيْنٍ : ... جَمالُ في الحياةِ وطِيبُ زَادِ
ومن نَكَثَ العُهُودَ يَضلّ سَعْياً ... ويَشْقَى في هَوى فِتَنٍ شِدادِ
يُزَيِّنُها له الشَّيطانُ حَتّى ... يُقادَ بِغَيِّها شَرَّ انْقيادِ
جَمالُ حَياتِنا صِدْقٌ وحبٌّ ... هما صَفْوُ الوَفاءِ أو المَبَادي
وهل تُجْزَى يَدُ الإحسان إلاّ ... بإحْسانٍ يَفيضُ مِنَ الفُؤادِ(908/2)
حب ووفاء
حَنَانَيْك ! ما أَحْلى الوَفَاءَ وعِطْرَهُ ... إِذا نَشَرَتْهُ مُهْجَةٌ وسَرَائِرُ
وما أَجْمَلَ الأيَّامَ زهْوُ عَطائِها ... حَنانٌ وأَشْوَاقٌ زَهَتْ وبَوَادرُ
وما أَحْسَنَ الدُّنْيَا إِذَا الحُبُّ نَفْحَة ... يَمُوجُ بهَا بِرٌّ غَنيٌّ وطاهِرُ
وما أَعظَمَ الحبَّ الغَنيَّ ، ونبْعُهُ ... يَقينٌ وإِيمانٌ جَلَتْهُ المآثِرُ
هو الحُبُّ نَبعٌ لا يَغيضُ فتَرْتَوي ... نُفُوسٌ وتُروَى لهْفَةٌ ومَشاعِرُ
هو النّبْعُ : حُبُّ الله ، حُبُّ رَسُوِلِهِ ... إِذَا صَحَّ روَّى الكونَ والنّبْعُ زَاخِرُ
فَتُرْوَى بِهِ خُضْرُ الرِّياضِ وَوَرْدَةٌ ... وتُرْوَى بَوادٍ بعدها وحواضرُ
وتمْضِي به حُلْوْ النَّسَائم والنَّدى ... ويَنْشُرُه في سَاحِرِ اللّحْنِ طائِرُ
حَنَانَيْك ! هذا الحبُّ بِّرٌّ ورَحْمَةٌ ... ولُحْمَةُ أَرْحَامٍ نَمَتْ وأواصِرُ
وصُحْبَةُ إِخْوانٍ تَدُومُ مَعَ التُّقى ... وعَدْلٌ مَعَ الإِنْسَانِ مَاضٍ وقادرُ
وأَجْمَلُهُ بَيْتٌ عُرَاهُ مَوَدَّةٌ ... لَهَا سَكُنٌ حانٍ عَلَيْهِ وناشِرُ
تُظلِّلُهُ الأَنْداءُ رَيّاً ورَحْمَةً ... ويَحْفَظُه خَيرٌ مِنَ الله عَامِرُ
تَمُوجُ به الأَنْوارُ بَيْنَ رِحَابِهِ ... فَتَنْشَأُ فِتيانٌ به وحَرائِرُ
شَبابٌ أَشِدّاءٌ كأَنَّ وجوهَهم ... من النُّور صُبْحٌ مَشْرِقُ الأُفْقِ ظاهِرُ
وتُتْلَى به الآيَاتُ نُوراً وحكمةً ... فتنشأ فِيه حانِياتٌ نَوَاضِرُ
هي الأُمُّ يَرعَى لَهْفَة الشَّوق بَعْلها ... وبيتاً وأَجْيالاً رَعَتْها المَفَاخِرُ
هو الأَبُ قوَّامٌ مَعَ الرشْدِ بَذلُهُ ... ولِلأبِ حَقٌّ بالقِوامَةِ ظَاهِرُ
ويَجْمَعُهُمْ في البَيْتِ حُبٌّ كَأَنَّه ... رَفِيقُ النَّدى ظِلٌّ هِنيءٌ ووافِرُ
هو الحُبُّ أَشواقٌ هُناكَ ولَهْفَةٌ ... يموجُ بِهَا قَلْبٌ وفيٌّ وَخَاطرُ
نَقِيٌّ كأنْفَاسِ الصَّباحِ ، رَفِيفُه ... غَنِيٌّ كَدَفْقِ النُّور ، في القَلْب عَامِرُ(909/1)
كَأَنّ فَتِيتَ المِسْكِ مِنْه ، أو أنَّهُ ... من الْعَبَقِ الفَوّاحِ ورْدٌ وزَاهِرُ
كأَنّ النّسيم الحُلْوَ خفْقُ حَنينه ... ورفُّ النَّدَى مِنْهُ غَنيٌّ وناضِرُ
هو البيْتُ ! إِن أَعْدَدْته كان أُمَّةً ... لها في مَيَادينِ الحَيَاةِ البشائِرُ
مَضَينَا نَشُقُ الدّربَ شَقّاً ونعتَلي ... صُخُوراً ونمضي دُونَها ونُغَامِرُ
يَعَضُّ عليْنا الشوكُ تَدْمي به الخُطا ... وتَدْمي به أَكبَادُنُا والنَّواظِرُ
يَقودُ خُطانَا مِنْ هُدَى الحقِّ دِينُنَا ... وأفئِدةٌ تُجْلَى به وبَصَائِرُ
وعَهْدٌ مَعَ الرَّحْمن أَبْلَجُ نورهُ ... تَدَفَّقَ فانْزاحَتْ بِذاك الدّياجِرُ
تدورُ بِنَا الآفَاقُ حَيْرَى يَروعُهَا ... دماءٌ على سَاحَاتِهَا ومَجَازرُ
فتلك دِيارُ المُسْلمين تَواثبَتْ ... ذئابٌ عَليْها أو وُحُوشٌ كَواسِرُ
تُمزِّقُ أرضاً أَو تُمزِّقُ أُمَّةً ... وأَشلاؤُها في الخافقين تَنَاثَرُ
تَنوَّعَتِ الآلام : أحْزَانُ أُمَّةٍ ... وأَهواءُ قومٍ لوَّثَتْهم مَعَايِرُ
فكم غَادَرَ الدّرْبَ السَّويَّ أَخُو هوىً ... يُطاردُ أشْبَاحَ الهَوىَ وهو سَادِرُ
وظَلَّ على العَهْدِ النَّقيِّ أَجِلَّةُ ... لآلئُ مِنْ صَفْو الوَفَاءِ جَواهِرُ
حنانَيْك ! هذا الدَّرب نحْملُ دُونَهُ ... رسَالَةَ تَوحِيد جَلَتْها المقادِرُ
سنَمْضي بإذن الله نُوفي بِعَهْدنا ... مَعَ الله مَهْمَا رَوَّعَتْنَا المخاطِرُ
يُضيء لَنَا نُورُ اليَقِين سَبيلَنَا ... فَتَنْزاحُ عَنَّا غُمَّةٌ وعَوَاثِرُ
هُوَ الحُبِّ مِنْ نَبْعِ الصَّفَاءِ رُوَاؤه ... تَمُوجُ بِه أَحْناؤنا والضمائِرُ
فهذا جَمَالُ الحُبِّ هذا جَلالُه ... رَعَاهُ وزكَّاهُ الجِهادُ المثابِرُ
فما العُمْرُ إلاَّ رَوْضَةُ وغراسها ... جِهادٌ غَنيُّ بالعطاءِ وناشرُ
حَنَانيكِ ! كَمْ جُرح ضَمَدتِ وأنَّةٍ ... مَسَحْتِ وهَمٍّ في الفؤادِ يُدَاورُ
وكَمْ كَان مِنْ رأي رشيدٍ بَذَلِتِه ... فأطْلَقَه ُ قَلْبُ ذَكيُّ وخَاطِرُ(909/2)
وَكمْ لَيْلَةٍ قد بِتُّ أَرعى نَجْومها ... فيطْرُقُني هَمّ وهَمُّ وآخَرُ
فَشَارَكتني همّي حَناناً وحكْمِةً ... وقُمنا بِذكر الله تُجلى الخَوَاطِرُ
ضَرَعْنا إلى الرَّحمن سِرّاً وجهرةً ... فَقَلبٌ يُنَاجِي أو لِسَانٌ يُجِاهِرُ
فَزَعْنا إِلى أَمن الصلاة وأَمْنُها ... خُشوعٌ وهاتِيكَ الدّمُوع المواطِرُ
مَضينا نشُقُّ الدَرْبَ والصَّخْرُ دونَنَا ... وأَشواكُهُ ، والله حَامٍ وناصِرُ
ومَنْ يتَّقِ الرَّحمن يَنْجُ ومَنْ يَخُنْ ... مَعَ الله عهْداً لَمْ تَدَعْهُ الفواقِرُ
ولا يَصْدُقُ الإيمَانُ إِلاَّ إِذا جرى ... هواه لِيَرْعَى الحقَّ والحقَُّ ظاهِرُ
وَهَذا جَلالُ الحُبِّ يَمضي به الفَتى ... فَتُرْوَى به الدُّنْيا وتُرْوَى الضّمائِرُ(909/3)
درّة الأقصى مُحمَّد الدرّة وأبوه جمال الدرّة
ضُمَّني يا أبي إِلَيْكَ ! فَإِني ... خائفٌ ! والرصاص حولي شديدُ
ضُمّني ! و احمني ! فما زالَ يَنصَـ ... ـبُّ علينا رَصَاصُهُمْ و يَزيدُ
لا أرى في يَدَيكَ أَيَّ سلاح ... لا ولا في يَدِيْ سلاحٌ يُفيدُ
كيف نلقى عدوّنا عُزَّلاً و هْـ ... ـوَ لديه سلاحُه والحشودُ
ضُمَّني ! ضُمَّني ! ولسْتُ جباناً ... إنّ عزمي ، كما علمتَ ، حديدُ
أنا من أُمّة بَناها رسول اللّـ ... ـه والوحيُ والكتاب المجيدُ
غيرَ أنّ الهَوَان رُعْبٌ فَفِيه ... نُذُرٌ وَ لْوَلَتْ وفيه وَعيد
نَزَع الذُلُّ عن مَحَيّايَ آما ... لاً وغابَتْ مَعَ الفَضاءِ الوعودُ
هاهم المجرمون ! ويحي ! وحوشٌ ... نَفَرتْ أم جحافِلٌ وجنودُ
أقبلوا يا أبي ! و دوّى رصاصٌ ... كلُّ ساحٍ عواصفٌ ورعودُ
* * *
لا تخفْ يا بُني! صبراً! فإن اللّـ ... ـه يقْضي مِنْ أمره ما يُريدُ
وحْدَنا نحنُ يا بُنيَّ ! فَصَبْراً ... كلُّ ركنٍ نَرْجُو حِماهُ بَعيدُ
كيفَ جِئنا هُنا! و كيفَ حُصِرنا ... لا أرى ملجأً إليه نَعودُ
إنّه الله وحْدَه ملجأ الخا ... ئف يأوي إلى حماه الشريدُ
* * *
عجباً يا أبي لَديْهِمْ سِلاحٌ ... فاتِكٌ نارُه لظىً و وَقُودُ
جَرَّدونا بُنيَّ منه ! رَمَوْنا ... ثمَّ دارَتْ بنا ليالٍ سُودُ
قلتَ لي يا أبي : مَلايينُ هُمْ في الـ ... أرض ، نْحنُ المليارُ أوقَد نَزيدُ
هل يَرانا الأرحام في الأرض ؟ هل هَـ ... ـبَّ أبيٌّ أو مُشْفِق ،أو نجيدُ
أين إخواننا ؟! وأين بنو العَمِّ ؟! ... وأيْنَ الأَخوال ؟! أين الجدود ُ؟!
* * *
وتوالى الرّصاص ! و الموتُ دفّا ... قٌ و دوّى نداؤه المفؤودُ
شَدَّهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ واستغاثتْ ... أضلُعٌ أو حناجِرٌ أو زُنُودُ
* * *
يا أبي ..! يا .. .. ! وغابَ منه نِداءٌ ... و طوتهُ عَنّا فيافٍ و بيدُ
أسْكَتَتْهُ رصَاصَة ورماه ... في ذراعَيْ أبيه قلبٌ حقودُ
ضمَّه ضمة المودّع ! والدمْعُ ... لهيبٌ على الهوان شَهيدُ(910/1)
أسكتتْهُ رصَاصَةٌ ثمَّ أُخْرى ... وطوى صَوَتَه النّديَّ حدودُ
رجّعَتْهُ كلُّ الرّوابي دوِيّاً ... وصداه على الزّمانِ جَديدُ
غيرَ أن الآذانَ صُمَّتْ فأغْفَتْ ... أعْيُنٌ دُونها ونامَتْ جُهودُ
ضمّه ضَمّةً إلى الصدْرِ يَسْـ ... ـكُب فيها حَنانَه ويجودُ
الحنانُ الندي ! والأمَلُ الضا ... ئعُ ! تيهٌ أمامه ممدودُ
كلُّ ساحٍ مع الضجيج خلاءٌ ... كلُّ دْربٍ أمامَهُ مَسْدودُ
أفرغَ الشوق َ فوقَهُ فَجَرتْ ... بالشَّوقِ منهُ دماؤه والوريدُ
* * *
وابلُ من رصاصهم صُبّ! لكن ... رَمَق لم يَزَلْ لديه يجودُ
مالَ للخَلْفِ وارتخى ساعِداهُ ... وارتخى مِنْه عزمُه المشهودُ(910/2)
دعاء وابتهال : إلهي
إلهي ! وفي جَنْبيّ خَفْقَةُ وامِقٍ ... وإنِّيَ أوَّابٌ إِليكَ و خَائِفُ
وَفي الدَّار أَهْوالٌ تَمورُ و فِتْنةٌ ... تَدُورُ ودَمْعٌ بين ذلكَ نازِفُ
ودَفْقُ دماءٍ والضَّحَايا تَنَاثَرَتْ ... زَلازِلُ جُنّتْ حَوْلَنَا وَرَواجِفُ
تَصَدَّعَ بُنَيانٌ فأهْوَى وهذِه ... أَعَاصِيرُ مازَالَت به وعَواصِفُ
تهافَتَتِ الدُّنْيا عَلَينَا فَأَقْبَلِتْ ... حُشودٌ تَوَالتْ في الدّيار زَوَاحِفُ
كأنَّهُمُ مَالَوا إلى قَصْعَةٍ لَهْمُ ... فَضجّتْ لها أحشادُهم والطوائفُ
وحُوشٌ عَلَى أنْيَابِها المَوْتُ مُقْبِلٌ ... وكُلُّ فُؤادٍ دُونَ ذلك وَاجفُ
كَأَنّ الرّدَى بَيْن المخالِبِ رَابضٌ ... فإن وثَبَتْ فالمَوتُ ماضٍ وخاطفُ
* * *
إلهي ! وهذي أُمَّتي مَزَّق الهَوى ... قُوَاها وغَشّاهَا هِوىً وزخارفُ
يقود خُطاها في الدَّياجير تائهٌ ... ويَدْفَعُها بَين الأعاصير واكفُ
فُهُنَّا وداستْنَا زُحُوفٌ ومُرِّغِتْ ... جِباهٌ وأهوى في الوُحول غُطارفُ
ومالوا على أَعرَاضِنا فاستباحها ... لِئامٌ فَلمْ يلقَوا كُماةً تُخَالفُ
فكم مِنْ فَتَاةٍ مَزَّقَ القَهْرُ سِتْرَها ... وروَّعها في النائِبات الكواشِفُ
هُناكَ على " البُوسْنا " دَواهٍ وفتنةٌ ... وفي أَرْض " كشميرٍ " لظىً و قذائِفُ
وهذي فِلسْطِينُ المُدَمّاةُ وَيْلَنا ... يَغِيبُ تَلِيدُ المجْدِ مِنْها وطارفُ
تَغيبُ وراءَ الأفق مِنْها مَعَالِمٌ ... نَديُّ ظِلالٍ مِنْ رُباها ووارفُ
تطير قُلوبُ المؤمنين لِسَاحِها ... فَتنْهضُ لِلّقيا رُبى ومشارفُ
وللمَسجدِ الأَقْصَى حَنينٌ ولهفةٌ ... تجيشُ بهَا أشْواقُنَا والعَواطِفُ
وفي كُلِّ أرْضٍ فِتْنَةٌ بعد فِتْنَةٍ ... ويَومٌ عَبُوسُ الشَرِّ والهَوْل كَاسِفُ
وَقَدْ كُشِفَتْ عَوْراتُنا وتَقَطّعَتْ ... عُرَانا وهانَتْ سَاحَةٌ ومَوَاقِفُ
تَمُّر بِنَا الأحْداثُ حَتَّى كَأَنَّها ... أَحَاديثُ لَهْوٍ تَنْطَوي وَسَوالِفُ(911/1)
إِلهي ! فَمَنْ لِلْمُسْلِمينَ وَقَدْ غَفَوْا ... وما أَيَقظَتْهُمْ آيةٌ وَمَصَاحِفُ
إِلهي ! أَعِنَّا واسْكُب النُّور بَيْننا ... بأَفْئدَةٍ ضَاقَت عَلَيْها المَصَارفُ
وأَلِّفْ قُلوباً فَرَّق الحِقْدُ بَينها ... وقَدْ يَجْمعُ الأضْدَادَ يوماً تآلفُ
وَهَبْنَا يَقِيناً في القُلوبِ لَعَلَّنَا ... نَهُبُّ إلى سَاحَاتنا ونُشارِفُ
وأَنْزل عَلَيْنا رَحْمةً تغسل الذي ... نَهُمُّ به من مأثَمٍ ونُقَارفُ
ونَنْزعُ عَنْ آثامِنا ، عَلَّ تَوْبةً ... يُفيقُ بِهَا لاَهٍ عن الأمْرِ عازِفُ
فَتدْفُقُ في المَيْدَان مِنّا جَحافِلٌ ... يَمُوجُ بِهَا شَاكي السّلاحِ وعاطِفُ
ونَحْمِلُ للدّنيا رسَالةَ ربِّنا ... نُخاصِمُ في هَدْيٍ لها ونُعَاطِفُ
ونَمْضي بِهَا صَفّاً كَأَنَّ جُنودَه ... قواعدُ بُنيانٍ ، فَداعٍ وزَاحفُ
فَتنزلُ نَصْراً يا إلهي ورَحْمةً ... إِذا صَحَّ عَزْمٌ في الميادين عاكِفُ
* * *
الجمعة 23/11/1413هـ(911/2)
رسالة المسجد الأَقصى إلى المسلمين
أنا المسجدُ الأَقصى ! وهذي المرابعُ ... بقايا ! وذكرى ! والأَسى والفواجعُ
لقد كنتُ بين المؤمنين وديعةً ... على الدّهرِ ما هبّوا إِليَّ وسارعوا
يَضمُّون أَحناءً عليًّ وأعْيُناً ... وتحرُسني مِنْهم سيوفٌ قواطعُ
زُحوفٌ مع الأَيامِ موصولةُ العُرا ... فترتجُّ من عزْم الزُّحوف المرابع
إِذا أعوزَ القومَ السلاحُ تواثُبوا ... تجودُ قُلوبٌ بالوفا وأضالعُ
وعَهْدٌ مع الله العليِّ يشدُّهُ ... يقينٌ بأنَّ المرءَ لله راجِعُ
وأنّ جِنانَ الخُلد بالحقّ تُجْتَلَى ... وبالدَّم تُجْلَى ساحةٌ ووقائِعُ
مواكبُ نورٍ يملأ الدهرَ زحْفُها ... فيُشرقُ منها غَيْهَبٌ ومطالِعُ
وتَنشُرُ في الدنيا رسالةَ ربِّها ... فَتُصغِيْ لها في الخافِقَين المسامعُ
وتنشُرُ أنداءً وتَسْكُبُ وابلاً ... فتخضّرُّ ساحاتٌ ذَوَتْ وبَلاقعُ
* * *
فما بالُ قومي اليوم غابُوا وَغُيِّبوا ... وما عادَ في الآفاقِ منهمْ طلائعُ
وما بال قومي بدَّلوا ساحَةَ الوغى ... فغابَتْ ميادينٌ لهم ومصانِعُ
وما بَالُهمْ تَاهوا عن الدرب،ويَحَهمْ ! ... فجالتْ بهم أهواؤهمْ و المطامعُ
فغابَ نداءٌ ما أجلَّ عَطاءَه ... تُردّدُهُ في كل أفقٍ مجامِعُ
وكانتْ ميادينُ الشّهادةِ ساحَهم ... فصارَ لَهُمْ ملءَ الدّيارِ مَرَاتعُ
وفي كلِّ يومٍ مَهْرَجَانٌ يَضُمُّني ... وتَنْدُبُني بين القصيد المدامِعُ
وكانت دماءُ المؤمنين غنيّةً ... تُصَبُّ وأرواحُ الشهودِ تدافِعُ
فأصبَحْتُ ، يا ويحي ،أَحاديثَ مَجْلسٍ ... وأدمعَ بكَّاءٍ حَوتْه المضاجِعُ
وكان يُدوّي في الميادين جولةٌ ... فصارَ يُدوّي بالشعاراتِ ذائعُ
وَكمْ كنْتُ أَرجو أن تكون دُموعُهمْ ... دِماءً تُرَوّى مِن غِناها البَلاقِعُ
* * *
أَيذْبَحُني أهُلي ويَبكونَ بَعْدَها ... عليَّ ؟ ! لقد سَاءتْ بذاك الصنائِعُ
فَكَمْ تاجرٍ أَلقى بِلَحْميَ سِلْعَةً ... وقَدْ عَزَّ في الأسواقِ منها البَضائِعُ
فهذا يُنادِي بالتجارة جَهْرَةً ... وذاك يُواريه شِعارٌ مخادِعُ(912/1)
فغاصُوا جميعاً بِالوُحُولِ وَغُيَّبوا ... بتيهٍ ودارَتْ بَيْنَ ذاكَ المصَارعُ
* * *
فما أَنا جُدْرانٌ تَدورُ وسَاحَهٌ ... ولكنّني أُفْقٌ غَنيُّ وواسِعُ
يَمُدُّ لِيَ الآفاقَ وحيُ رسالةٍ ... وحَبْلٌ متينٌ للمنازِلِ جامِعُ
رياضٌ يَرِفُّ الطيبُ منها وتَغْتَني ... مِنَ الطّيب سَاحَاتٌ بها ومَرَابعُ
فِمنْ مُهْجَةِ الإِسْلام مَكّةَ خفقتي ... ومِنْ طيبَةٍ وحيٌ إلى الحقِّ دافعُ
ومن كلِّ دارٍ مِنَبرٌ ومآذِنٌ ... بيوتٌ تدَوِّي بالنّداء جَوامِعُ
قُلوبٌ لها خفقُ الحياةِ وأضْلُعٌ ... تجيشُ وآمالٌ غَلَتْ وَوَدائِعُ
تظلُّ عُروقي بالحياةِ غنيَّةً ... إذا اتّصلتْ بين الدّيار الشرائِعُ
وأَيُّ حَياةٍ دونَ ذلك تُرْتَجى ... إذا انتزَعْتني مِنْ ضُلوعي المطَامِعُ
* * *
ونادَى مُنادٍ حَسْبُنَا كِسرةٌ هنا ... ونَادَى سِوَاهُ نَرْتَجي ونُصانِعُ
وطافتْ على الدُّنيا الهزائمُ كلُّها ... شعارٌ يُدَوّي أو ذليلٌ وضارعُ
تَشُدُّ عليَّ اليوْمَ قبْضَةُ مُجْرِمِ ... وَيَجْتَالُني مَكرٌ لهُ وأصابعُ
وفي كلّ يوم ، وَيْحَ نَفْسي، مَسَارحٌ ... تُدَارُ وأَهْواءٌ عَليْها تَنازَعً
تُدَارُ خيوطُ المكْر خَلْفَ ستارها ... ىوتُعْلَنُ آمالُ عَليْها لَوامِعُ
ويَطْوِي عَلى هُوْنٍ أسايَ وذِلتي ... شِعَارٌ يُدَوّي أو أمانٍ روائعُ
تُمزَّقَ أَوصَالي وتُنْزَعُ مُهْجتي ... ويُطلَبُ نَصْرٌ والنُّفوس خَواضِعُ
يقولون " تحريرٌ " ويُجْرون صَفْقَةً ... عَليْها شُهودٌ ضِامنون وبائعُ
يقولون " تقرير المصير " ! وإنّه ... لَتدميرُ آمالٍ : فَمُعْطٍ ومانِعُ
يفاوضُ فيه الشاةَ ذئبٌ وثعلبٌ ... وقد مَهَّدَتْ عَبْر السنينَ الوقائعُ
يقولونَ : أهلُ الدار أدرى بِحالِها ... وأين هُمُ ؟ ! إني إلى الله ضارعُ
وأهليْ ! وما أهلي سوى أُمَّةٍ لها ... من الله عزمٌ في الميادين جامع
وصفٌّ يشدُّ المؤمنين جميعهُم ... كأَنَّهُمُ البُنْيانُ : عالٍ ومانعُ(912/2)
إذا لمْ تَقُمْ في الأرض أمَّةُ أَحمدٍ ... فكلِّ الذي يُرْجَى عَلى السّاحِ ضائعُ
حنانيكَ يا أَقصَى ! حنانَيك كُلَّما ... خَطَرْتَ وشدَّتني إليكَ النّوازعُ(912/3)
صِدْقُ الوَفَاءِ
ما كان لِله مِنْ وُدٍّ ومِنْ صِلَةٍ ... يَظلُّ في زَحْمَةِ الأَيَّامِ مَوْصُولا
يظلُّ ريّانَ مِنْ صِدقِ الوَفاءِ بِه ... يُغْني الحياةَ هُدىً قد كان مأمولا
كأنّه الزّهَرُ الفوَّاحُ روضتُه ... هذي الحَياةُ يَمُدُّ العُمْر تجميلا
ما أَجْملَ العُمرَ في بِرّ الوفاءِ وما ... أَحْلى أَمانيه تقديراً وتفعيلا
وما يكون لِغَيْر الله لا عَجَبٌ ... إِذا تَغَيَّرَ تقطيعاً وتبْديلا
لا يُفسِد الودّ مِثْلُ الظنِّ يَفْتَحُ مِنْ ... شَرٍّ ولا يَرْتضي للخَيْر تَعْليلا
يَظَلُّ يُغلِقُ أَبوابَ الرضا غضباً ... جَهْلاً وينشُر إِفساداً وتَضْليلا
تُبْنَى المودَّةُ مِنْ جُهْدِ السّنينَ رضاً ... ويَهْدِمُ الظنُّ ما نَبْنِيه تَعْجِيلا
وتُشْرِقُ النَّفسُ من نُور الهُدى أَملاً ... حقّاً ويمْلؤُهُا ظنُّ الهوى قَيلا
يَظلُّ بالظنِّ صَدْرُ المرءِ مُضطرباً ... " بالقيل والقال " تَحْويراً و تأوِيلا
يَجْلو التَّبَيُّنُ ما في الصَّدرِ من رِيَبٍ ... ويحفظُ الودَّ مَجْلوّاً ومأمولا
يَبْني التُّقى النُّصحَ بين الناس نَهْجَ وَفَا ... ويَحْسب الظنُّ نهجَ النصح تجهيلا
يظَلُّ بِالنُّصْحِ حَبْلُ الوُدِّ مُتَّصِلاً ... بِراً وصَفْواً وإحساناً وتنْوِيلا
كمْ مَزّق الظنُّ مَنْ قَدْ كَانَ يجمعهم ... صدقُ الهُدى ووفاءً كان مبذولاً
حَالتْ بِهِمْ صُورُ الأيّام واخْتلفَتْ ... بِهِمْ ليالٍ وعاد الحبْل مَبْتُولا
وكيف يَصْدقُ ظَنٌ دُونَ بَيِّنَةٍ ... تردُّ من شُبْهةٍ ،تَنْفي الأقَاويلا
هذا هو الدِّين والإِيمانُ بَيَّنَهُ ... لنا الكتابُ بياناً ليس مجهولاً
فأيْنَ ، ويْحيَ ، أنْداءُ الظِّلال وقَدْ ... سَرَى النَّسيمُ بها بُشرى وتهْليلا
تُلقي النَّميمةُ أَلوانَ الفسادِ وقد ... تُخْفي الحقيقةَ تزويراً وتهويلاً
تُزَيِّنَ الشرَّ بين الناسِ ! تَقْطَعُ من ... وشائجٍ ! تَقْتُل الإنسانَ تقتيلاَ
ما بين غِيْبةِ مُغْتابٍ وفِرْيَتِهِ ... تفرّقَ الناسُ تشتيتاً وتضليلا(913/1)
تمزَّقت رِحمٌ مَوْصُولةٌ بِهِمِ ... فَبَاتَ لحْمُهُمُ مَيْتاً ومأكولا
نُعْمى مِن الله !حُسْنُ الظنّ بابُ تُقىً ... يُدني الحقيقْة أو يَنْفي الأباطيلا
وإِنَّه الصِّدقُ يَجْلو كُلَّ خَافيةٍ ... ويُنْزِلُ الحقَّ في الأَحْناءِ تَنْزيلا
صدقٌ ونُصْحٌ وصَفْوٌ في النفوس بَدَا ... عَزْماً يَظَلُّ مَعَ الإيمانِ مَبْذولا
لا يَربْطُ النَّاسَ في الإسلام غَيْر عُرى ... عَهْدٍ توثَّقَ تكريماً وتفضيلا
عَهْدٍ مع الله شَدَّتهُ النّفوسُ تُقىً ... جيلاً يَمُدُّ على حَبْل الوفا جيلا(913/2)
طوفان تسونامي
زَلْزِلي يا " بِحَار " وابْتَلِعي الأرْ ... ضَ وأَلْقي مِنْ جَوْفِكَ الأَهْوالا
أطْلقي الموْجَ كالجبال تَدَافعْـ ... ـنَ جِبالاً تَعْلُو وتَهْوي جِبالا
واعْصفي يا " بِحَارُ " بالموتِ هُبِّي ... بالأعاصير تَسْحقُ الأجْْيالا
هاهُنا أمْسِ كان خلْقٌ كثيرٌ ... أينَ غابوا ؟! فكلّ شيءٍ زالا
* * **** * *
فاجَأتْهُمْ عواصِفٌ فاسْتَداروا ... لِنَجاةٍ فَمَا أَصَابُوا مَنَالا
والتطامُ الأمْواج ! يَجْرُفُ دُنْيَا ... هُمْ ! وعَصْفُ الآفاق هاجَ وجالا
ودويٌّ تَراهُ يَزْحَفُ بالْمَوْ ... تِ فَيُلْقِي الهلاكَ والأَوْجالا
أيّ زَحْفٍ تَرَاُه يَقْتَلِعُ البُنْيَـ ... ــانَ والأهْلَ ! يَخْطَفُ الآجَالا
يا لَهَوْلٍ تَرَاهُ يَجْتَاحُ أَقْطا ... راً وَيَمْتدّ فِتْنَةً ونَكَالا
مَلأَ الهَوْلُ كُلَّ دارٍ أَتَاها ... أَنْدُنِسْيا والهِنْدَ والصُّومالا
ورَوابِي سِرْلَنْك ! تيْلندَ ! تَبْكِي ... كُلُّها الدَّارَ والرُّبَى والرِّجالا
فُجِّرَتْ تِلْكُمُ البِحارُ وجُنَّتْ ... غَضَباً جَاوزَ الرُؤى والخَيالا
ورَمَى جَوْفُها القذائِفَ أَمْوا ... جاً تَوالَتْ وَ أَعْوَلَتْ إِعْوالا
وَعَلَتْ في الفضاءِ أيّ عُلوٍّ ... حَمَلتْ في عُلُوِّها الأحْمَالا
وَهَوَتْ تَنْشُر البلاء بَلاءً ... حيث تَهْوي وتَنْثُُرُ الأطْلالا
وتَراها كَأنَّها البَرْقُ مرَّت ... تَخْطفُ الخَلْقَ والنُّفوسَ اغتيالا
تَنْزِعُ النَّاسَ للفضاءِ وترميْ ... يا لَهْولٍ يُرَوِّعُ الأهْوالا
مُزِّقِوا ثُمَّ غُيِّبِوا بين أَطْلا ... لٍ يُنَاجُون تِلْكُمُ الأطلالا
وأَمَانٍ تَنَاثَرَتْ وتَنَاءَتْ ... وهي تَبْكي دِيَارها والآلا
وطُلُولٍ مَن المنازِل ألْقَتْ ... بَيْنها ما حَوتْه والأثْقَالا
وبَقاياالأجسام! واخْتَلط الشـ ... ـيء مع الشيء ! لا ترى أَشْكالا
وزوايا مِن الأثاث ، وأحْْجَا ... رٌ ، وشيء تَظَنُّه أَسْمالا
مِنْظر يَخْطَفُ النُّفوس ويُلْقي ... بين أحَنَائها أسىً وابْتهالا(914/1)
وخُشَوعاً وخَشْيةً يَرْجفُ القلـ ... ـبُ لديْها وعَبْرةً تَتَوالى
* * **** * *
لَهفَ نفسي ! على المناظِرِ تَطْوي ... شَبَحَ الموتِ رَهْبَةً وجَلالا
هَا هُنا كَانت الدُّروب ضَجيجاً ... بيْنَها النَّاس يَلْهثُون عِجالا
ويحَ نفسي كَأنَّهمْ في سباقٍ ... أَطْلقوا فيه للهوى الآمالا
ها هنا كانت العمائر تَعْلُو ... ناطحاتٍ تَتِيهُ فيه اختيالا
جَهِلوا أنَّ في الحياة غيوباً ... تفجأُ النَّاسَ رهْبَةً ووَبَالا
كلُّ أَمْرٍ يدورُ في الكَوْن يَمْضي ... قَدراً غَالِباً وأوفى منَالا(1)
* * **** * *
ها هُنا كانتِ الحياةُ رِغَاباً ... هَائِجَاتٍ وشَهْوَةً تَتَوالى
مُتَعٌ في الحياةِ هَيَّجْنَها أشـ ... ـعَلْنَ فيها أَشواقَها إشعالا
أسْكَرتْهُمْ مَعَ الهَوى شَهَواتٌ ... وَرَمَتْهمْ في تِيِهها جُهَّالا
فَنَسُوا غايةَ الحياة وضجُّوا ... بَيْنَ سَاحاتِ لَهْوِهمْ أَرْتَالا
فإذا حُمَّ في الدِّيارِ قَضاءٌ ... أَخذَ الصَّالحين والضُّلالا
أخذَ الصَّالحين لمَّا تغَافَوْا ... عن وَفاءٍ وَأَغْفَلُوا إِغْفَالا
* * **** * *
أَقْبلَ المَوْجُ بالهلاك وضَجّتْ ... مِنهُ سَاحٌ وزُلْزِلَتْ زِلْزالا
لَمْ يَدَعْ دونَه على الأرض شيئاً ... خَلَّفَ الأرضَ كَوْمةً وَتِلالا
ودَنَا زَحْفُهُ هُنالكَ حَتَّى ... بَان لله مِسْجدٌ يَتَعالى
مِسْجدٌ مُشْرِقٌ على الأرض آيٌ ... يَنْشُر النُّور والهُدى والجَمالا
كُلُّ شَيءٍ سِواه أَضْحَى يَبَاباً ... وهُو بالحقِّ نُورُه يتَلالا
هَدَأتْ دونه الأعاصيرُ والمَوْ ... جُ وأَهْوَتْ أَمَاَمَه إجْلالا
وتنحَّتْ عَنْه هُنَاك وَ غَابَتْ ... ثُمَّ رَاحَتْ تُحدِّثُ الأَجْيالا
إنَّها آيةٌ من الله حقَّاً ... صَدقَتْ عِبْرَةً وصَحَّتْ مقالا
* * **** * *
حَدَِّثي " إتشُ " ما دهاكِ فَأْلقى ... فيك شرَّاً يَسْتفْحِل استفحالا
أَينَ أبْناؤكِ الذين تَولَّوا ... ثُمَّ غَابُوا واسْتُؤْصِلوا اسْتِئْصالا
أَمِئاتُ الألوف غَابُوا مَعَ الموْ ... جِ شُيوخاً ونِسْوةً ورجالا(914/2)
وشَباباً ! والموت يَبْتلعُ النَّا ... سَ ويُرْدِي الشَّباب والأطْفَالا
كَمْ يتيمٍ يتيهُ في الأرض يَلْقَى ... دونَهُ يُتَّماً قَضَوْا وثكالى
* * **** * *
وَرَضيعٌ مَضى تَقاذَفَهُ الموْ ... جُ ! وأُمُّ تُصَارِعُ الأَهْوالا
حَمَلَتْه الأَمْواجُ حتَّى رَمَتْه ... فوقَ لوحٍ فَظلََّ آمَنَ حالا
ثُمَّ أَلْقَتْهُ للشَّواطئ ! لا يَدْ ... ري أَيَلْقى أُمَومةً أو آلا
قد رَعَتْهُ عِنايةُ الله ! تَرْعَى ... كُلُّ شيءٍ إذا غَفَا أو جَالا
إنَّها آيةٌ من الله تُلْقِي ... نُذُرَاً لِلْوَرَى وتُوقِظُ بالا
* * **** * *
لو تَرى الطَّفلَ كَيْف يَقْذِفُه الموْ ... جُ فَيَلْقى من الحياة مَجالا
حَمَلتْهُ عِنايةُ الله حَتَّى ... أَسْكَنَتْهُ بينَ الغُصونِ ظِلالا
آيةٌ بعدَ آيةٍ في السَّموا ... تِ وفي الأرض لم تَزَلْ تَتَوالى
قَدَرٌ غالبٌ وحكمةُ خَلا ... قٍ وعدْلٌ يُقَدِّرُ الأحْوالا
سُنَّةُ اللهِ في الحياة تراها ... كَمْ تسوقُ الآياتِ والأمثالا
* * **** * *
ذِكْرياتُ الطُّوفان غابتْ كأنْ لَمْ ... يَذُقِ النَّاسُ عِنْدَها الأنْكالا
خَدَرٌ في العُروقِ يُنْسِي ولَهْوٌ ... يَطْرَحُ النَّاسَ نُوَّماً وكُسَالى
يَنْزِعُ العَزْمَ مِنْ نُفوسٍ ويُبْقي ... بَيْنَ أَحْنائِها الهَوانَ وَبَالا
أيُّ شيءٍ أشَدُّ هَوْلاً أَطُوْفا ... نٌ يَبُثُّ الدَّمارَ والأطلالا ؟!
أمْ تُراه الطُّوفانُ يَنْشُر في الأرْ ... ضِ فَسَاداً وفِتْنَةً وضَلالا ؟!
فِتْنَةُ النَّاسِ عن هُدى اللهِ تُلْقي ... فيهِمُ فِتْنَةً أشدَّ نَكَالا
* * **** * *
مَنْ تُرَاهُ يَهُبُّ للنَّاس يُلْقي ... فَيْضَ أَحْنَائِهِ يَداً ونَوالا
مَنْ يُغيثُ الملْهُوفَ في خَشْيَةٍ للّـ ... ـهِ يَرْجُو إلى النَّجَاةِ مَآلا
مَنْ تُراهُ يَردُّ دَمْعةَ طِفْلٍ ... أوْ يَتيمٍ مُشَرَّدٍ قَدْ عَالا
مَنْ تُراهُ يَسُدُّ جوع فَقيرٍ ... أَوْ يُدَواي القلُوبَ والأحْوالا
ليسَ كالمؤمن التقيِّ مُغيثاً ... لِعيال الرَّحْمَنِ يُصْلِحُ بَالا(914/3)
إِنَّما الخَلْقُ كُلُّهُمْ أَيُّها النَّا ... سُ عِيالٌ للهِ فَارْعَوْا عِيالا
كَيْفَ تدعو للهِ تُغْدِقُ بالْوَعْـ ... ـظِ ولا تُوهِبُ النُّفوسَ وِصَالا
كَيْفَ لا تكْسب القلوبَ بِمَعْرُو ... فٍ وإِحْسَانٍ يَفْتَحُ الأقْفَالا
أَيُّها المؤمنونَ أَنْتُمْ أَحَقُّ النْـ ... ـناسِ أوفُوا العُهودَ والآمالا
* * **** * *
الرياض
1/1/1426هـ
10/2/2005م(914/4)
فلق الصباح
رَجِّعْ دَوِيَّكَ في البطاح ودَمْدِمِ ... وانهض لَملْحَمةِ الجِهَادِ وأقْدِمِ
رَجِّعْ نِداءَكَ في الوِهَاد وفي الذُّرَى ... وبكُلِّ مُنْعَطَفٍ يَحنُّ إِلى كَمِي
واطْرُق بِصَيْحِتِك الفضاء فهاهنا ... خَنَقُوْا النداءَ وأطْبَقُوا فوقَ الفَمِ
وارْفَعْ نِداءَكَ في السماء يطُفْ على ... أَفْلاكها حُرّاً وَبَيْنَ الأنْجُمِ
مَنْ ذا يُجيبُكَ والدُّنا قَدْ سَكَّرَتْ ... أسْمَاعَها والدَّارُ قبضةُ مُجْرِمِ ؟ !
فَارْفَعْهُ للرَّحمن خَفْقة مُوقِنٍ ... بالله لا غِرٍّ وَ لا مُتَوهِّمِ
وَاْلجَأْ إِليْه فَلَم تَزَلْ أبْوَابُهُ ... مفْتُوحَةً للسَّائِلِ المُتَوسِّمِ
المُشْرَعاتُ عَلَى الرُّبى ما بالُهَا ... طُوِيَتْ وما بَالُ الفتَى لْم يَحْزمِ
مَا بالُهُمْ وَقَفُوا وأضْحى زَحْفُهُمْ ... كالبرق مِنْ أُفقٍ شحِيحٍ مُظْلِمِ
هَلاَّ نَشَرْتَ الفَجر في جنباتِه ... ونشرت مِنْ بَرْقِ العزائم والدَّمِ
فانْهضْ ! فَهَاتِيكَ الرُّبى قد فوَّحتْ ... بالعطْرِ مِنْ عَبق الجِهَادِ المُلْهِمِ
أَمجَادُ تاريخ وَوحيُ نُبُوة ... وَجَلالُ إِسْراءٍ وَعِزَّةُ مُسْلِمِ
وَرَفيقُ آيَاتٍ تمُوجُ بِساحِهَا ... نُوراً فَيَغْمُرُ مِنْ رُبىً أو مَعلَمِ
قُدْسِيَّةُ الأنوار يَخشَعُ عنْدَها ... قَلبي ويطْهرُ مِنْ هَوىً أو مأْثَمِ
* * *
يَا رَبْوةَ الأقْصَى حَنِينُكِ أدْمُعٌ ... وأنينُ صَدْرِكِ مِنْ جَوىً لَمْ يُكْتَمِ
تَتَلَفَّتين ! وأَيْنَ إعصارُ الفتى ... يُنْجيك مِنْ رَهَقِ الإِسَارِ المُحكَمِ
تَتَلفَّتِين ! وَ كُلُّ يوم ثورْةٌ ... عَصفَتْ وَقَيْدُك في الوغَى لَمْ يُحْطمِ
أيْن الفَتَى لله يَدْفَعُ خطوَهُ ... وثْباً كَبَارقٍ صَارِم أو لَهْذَمِ ؟!
ويَدُقُّ أبْوابَ الجِنَانِ علَى دَمٍ ... حُرِّ وَعهْدٍ في الوَغَى لَم يُثْلَمِ
* * *
فانْهَضْ إذا أَوْفَيْتَ خُطةَ مُؤمن ... وصَدَقْتْ نَهْجَ الفَارِس المُتَرَسِّمِ(915/1)
وَتَحفَّزَتْ كُلُّ الرُّبى ! يَا حُسْنَها ... والغَارُ فَوقَ جَبِيِنهَا والمِعْصَمِ
وازّيَّنَتْ بالزّاحفين كَأنَّهم ... فَلَقُ الصَّبَاحِ جَلاَ عَبيرَ العَنْدَمِ
كُلُّ المَيَادِيْنِ التي هَيّجْتَها ... هَبَّاتُ خَطَّارٍ ولَهْفْةُ مُعْلَمِ
* * *
أمَلٌ عَلى أجْفَانِنا وكُبُودِنا ... وعَلى مُحَيَّانَا وَفَوقَ المبْسمِ
أمَلٌ كَأَنَّ الفَجْر في بسَمَاته ... ورَفيفُهُ بَيْن الطُّيوف الحُوَّمِ
وَنَضُمُّ في أَحْنائِنا شَرَف الهَوَى ... والشَّوْقُ بَيْنَ مُجَنَّحِ و مُكَتَّمٍ
لله ما تَهْفُو القُلُوبُ إلى غَدٍ ... زَاهٍ عَلى مَرِّ الزَّمَان مُوَسَّمِ
ومَواكِبُ الإِيَمان تَجْلو نَصْرَهَا ... لتُعيدَ لأْلأَةَ الفُتُوحِ اليُتَّمِ
وَمَجَامِعُ الدُّنيا تُرَدِّدُ حَوْلها ... الله أكْبَر ُ أقبِلي وَتَقَدَّمِي
لا تَنْثَني إِلا وفَتْحٌ مُشْرقٌ ... وَكَريمُ عِرْضِكِ في الْوَغَى لْم يُكْلَمِ
دَارُ مَبَاركةٌ وسَاحُ رباطهَا ... بَابُ الجنَان وآيةُ الشِّوقِ الظَّمِي
يَا يَومَ أنْ ثَارَتْ هُناك قَوَافِل ... تَتَرَى تَشُقُّ منَ العَجَاج الأَقْتمِ
ما صَدَّهُمْ فَقْرُ العَتاد ولا أسَى ... ذاكَ الإِسارِ ولا فَدَاحَةُ مُغْرَمِ
مَا صَدَّهُمْ خَدَرُ القَرِيبِ ولَهْوُهِ ... وَهَوانُ أحْلامِ الغُفَاةِ النُّوَّمِ
شدُّوا أكُفَّهُمُ كأنَّ زِنَادَها ... وقْدُ العَزيمَة في لَهِيب مُضْرَمِ
مَا كَان فِيها لو نظرُتَ سوَى الحَصى ... قد أرْعَدَتْ في الأُفْقِ إرْعَادَ الكمِي
وكَأنَّهَا قَصْفُ المَدافَع ولْوَلَتْ ... ما بَيْنَ أعْراسِ الجِهَادِ وَمَأْتِمِ
وَحَناجِرٍ خَفَقَتْ كَأَنَّ دَويَّهَا ... رَعْدٌ يُجَلْجِلُ أُو زَئِيرُ الضِّرْغَمِ
تركَتْ قِلاعَ الغَاصبين كأنَّها ... تَهْوي بِمُنْصَدعِ الجِدَار مُهَدَّمِ
* * *
أمَلٌ يُدَاعِبُهُ الخَيالُ فَهلْ تُرى ... صدَقَ الخيَالُ وَجَدَّ بَعْدَ تَوَهُّمَ ؟!
أمْ أنّهُ بَرْقٌ ! فيا لعَزائمٍ ... هبَّتْ على نهْجٍ أدقَّ وَأَحْزمِ
* * *(915/2)
يَا خُطَّةَ الإِيَمانِ ! إِنَّ جَلاءَها ... بَيْنَ النّزال وبينَ رأْيٍ مُحْكَمِ
شَرَفُ الفَعالِ يُصَانُ بَيْنَ أسنَّةٍ ... تَجْلُو عَلَى المَيْدَانِ نَهْجَ المُسْلِمِ
تَمْضِي السنُونَ وَكُلُّ يَوْمٍ خِدْعةٌ ... بَيْنَ " الحُلُول " وأَنَّهُ المتَظَلِّمِ
وَنَكَادُ لاَ تَرْضَى هَوَانَ خديعَةٍ ... إِلاَّ طَوَينَاهَا بحَلٍّ أشْأَم
يَا أُمَّةَ الإِسلاَمِ دَرْبُكِ مُقْفرٌ ... ما بَيْنَ أوهَامٍ تَدُورُ و مَزْعَمِ
فَدُرُوبُها شَوْكٌ أَشَدُّ عليك مِنْ ... خَرْط القَتَادِ ومِنْ مَذاَق العَلْقَمِ
شَرَكُ المُسَاومَة التي تَرْجينها ... شَرَكُ يَمُدُّ إِليك نَابَ الأرْقم
هَلاَّ أفَقْتِ عَلى المَيَادين التي ... تَهْدي إِلى وَضَح السّبِيِل الأقْوَمِ
حَقُّ الشُعُوبِ يَنَالُه خَطْفُ القَنَا ... والرَّأيُ رأيُ المُؤمِنِ المتَقَدِّم
فرِدي حِيَاضَ المَوْتَ حَتى تُوهَبي ... عِزَّ الحَيَاةِ وأقْدِمي لا تُحْجِمي(915/3)
لآلئ الشِّعر
يَقولُ : تَرْتَجِلُ الأَشْعَار تُنْشِدُها ... وَزْناً وَقَافِيةٍ قَيْداً وإِعسارا
دَعِ القْوافيَ والأَوْزَانَ ! إِنَّ بِهَا ... رَجْعَ التُّراثِ وأَغلالاً وأَوضارا
ودَعْ بَلاغَةَ أَجْدَادٍ وقَدْ غَبَروا ... واتْبَعْ هواكَ ومَا قَدْ شاءَ واخْتارا
و " اغْسلْ " كَلامَك أو "طهّره" إِنّ به ... مِنْ السِّنين، مِنَ التّاريخ ، وإِغبارا
واتْركْ قَواعِدَهمْ واهْدِمْ دَعائِهُمْ ... واجعل " حديثك " بينَ الناس أَسرارا
واجْعَلْ مِنَ الشّعرِ ألغازاً تدورُ بِهِمْ ... لا يَفْقَهُ القومُ ما قَدْ قِيلَ أو دارا
حُرّاً يُعِيدُ أَساطيرَ الخَيالِ بِهِ ... ويَنتَشي بِضَلالٍ حَيْثُما سَارا
يَهيمُ في كلِّ وادٍ مِنْ ضلالَتِه ... مَعَ الشياطينِ إِقْبَالاً وإِدْبَارا
كُلُّ القَدِيم قَدِيمٌ لا يُبَالِ بِهِ ... وجَدِّدِ اليوم أَهْوَاءً وأَفْكارا
ومَزِّقِ "الشَّكلَ" لَيْسَ "الشَّكْلُ" ذا صِلَةٍ ... بالدِّينِ ! أَنْشِبْ بهِ ناباً وأَظفَاراً
كلُّ الشياطين جَالَتْ في مَنَازِلِهِ ... تُغْري وتُطلِقُ أَعواناً وأَنْصَارا
فَكَمْ جَذَبْنَا بأَلْوانِ الخِدَاع فَتىً ... هَوَى يُرَدِّدُ أعذاراً وإِعْذارا
فَقُلْتُ : وَيْحَكَ ما قَدْ قُلْتَ إِنَّ بِهِ ... مِنْ فِتْنَةِ الشَّرِّ أو مِنْ وقْدِه نارا
الشِّعْرُ حُرُّ بِأَوْزَانٍ وقَافِيةٍ ... ملءَ المَيَادينِ دفَّاقاً وزَخَّاراً
إذا تَجَرَّدَ مِنْها غابَ في ظُلُمٍ ... بَيْنَ المَجَاهِل إِجْداباً وإِقْفارا
كَأَنَّهُ هَذَرٌ لمُ يُبْقِ آصِرَةٍ ... لَهُ مَعَ الشِّعْرِ لا صَحْباً ولا جَارا
لَمَ يَتْرُكُوا نَسَباً للشِّعْرِ أَو رحِماً ... يَاوَيْلَ مَنْ قطَّعَ الأرْحام أَو جَارا
لاّلئُ الشِّعْرِ أَوْزانٌ وقافِيةٌ ... تَشِعُّ مِنْ وَهَجِ الإِبْداعَ أَنْوارا
الشِّعْرُ فَنُّ وآلافُ السِّنين بَنَتْ ... لآلئَ الوزنِ أو صَاغَتْ لَه الغَارا
لِسَانُهُ لُغةُ القُرْآنِ آيَتُها ... إِعْجازُه دَارَ إِجْلالاً وإِكْبارا(916/1)
وَعَبْقَرِيُّ عَطاءِ الشعْرِ قَافِيةٌ ... تَجْري مَعَ " البَحْر " إِنشاداً وإِبْحارا
الشِّعْرُ فنُّ إّذا ما قُلْتُه انتفَضَتْ ... مِنْكَ الجَوارح تَحْنَاناً وَتَذْكَارا
في صُورةٍ جَمَعَتْ أَلْوانَها فَزَهتْ ... وحرّكَتْ من بَدِيع اللَّحْنِ أوتارا
وخفقَةٍ عَبْقرِيُّ الفَنِّ يُطلِقُها ... رَوائِعاً مِنْ غَنِيِّ الشعْر أَبْكارا
كَأَنْها اسْتَلْهَمَتْ مِنْ كُلِّ قَافِيةٍ ... لَحْناً تموحُ به الأَشْعَارُ أَشْعارا
وعطّرَتْ بالقوافي كلَّ رَابِيَةٍ ... وزيَّنَتْ بالقوافي السَّاح والدَّارا
وأَطْلَقَتْ في سَماء الشِّعْر أَنْجُمَهَا ... لآلِئاً وعَلى الآفاقِ أقْمارا
كَأنّما اتَّسَعَتْ للشِّعْر سَاحَتُه ... فَكَانَ بَحْراً وهِاجَ البَحْرُ إِعْصارا
لا يرْكَبَنَّ غَبَابَ البَحْرْ غيرُ فتىً ... جَلْدٍ تمرَّس إِقلاعاً وإِبحارا
يَخُوضُهُ كُلُّ ذي عَزمٍ وموهِبَةٍ ... ويَنْثَي العَاجِزُ المضطرُّ إِدْبارا
يَغُوصُ يَطْلُبُ مِنْ أَعْماقِه دُرَراً ... ويَعْتَلي ظَهْرَهُ جُوْداً وإصْدارا
هذي " البُحورُ "بُحُورُ الشِّعْرِ ، واهِبَةٌ ... للصَّادقين عُلاً يَزهو وأَعْمارا
وإِنّ فِيها لأَصْدافاً تُصَانُ بِهاَ ... لآلِئُ الشِّعْرِ أوْزانا وَأقْدَارا
الشعْرُ بَابَانِ : بَابٌ منْ أَبالِسَةٍ ... يُوحُون بالشَعْر آثاماً وأَوزَاَرا
وزُخْرُفاً لم تَزَلْ تَرْضَاه أَفْئدَةٌ ... تَلقَى به النَّارَ أو تَلْقى به العارا
وشاعَرٌ من هُدى الرَّحْمنِ خَفْقَتُه ... مَعْنى ولفظاً وأشْواقاً وإيثارا
يَطُوفُ في الكوْنِ يَلقَى مِنْ عَجائبه ... آياً تُفَتِّح للأَلْبَابِ أَسْفارا
يهتزُّ من شَوْقِهِ للحقِّ ، يَخْشَعُ في ... جَلاَلِه رَهَباً يَغْشَى وأَذكَارا
ويُطلِقُ الشِّعْرَ أَنداءً مضمّخة ... كالرّوضِ تلقاهُ أَنواراً وأَثْمارا
يَفيضُ فِيه الجَنى في ظِلِّ وارِفةٍ ... تُفجِّرُ الماء يَنبُوعاً وَ أَنْهَارا
هذا هو الشّعْرُ !شِعْرُ المُؤمنين جَرَى ... يَرْوي مَعَ الدَّهْر أَمثالاً وأَخْبارا(916/2)
كَأنَّه يَهَبُ الأَحْداثَ خَفْقَتها ... يَجْرِي فَيَمْلأُ أَسْماَعَا وأَبصاراً
حتَّى إِذا سَمِعَ الأَشعارَ أُطْلِقُها ... رَوْضاً تفتَّح أوْراداً وأَزْهارا
فعادَ عن غَيِّه وارتَدَّ من عَجَبٍ ... يُرَجّع الشّعرِ إِعْجاباً وإِكْباراً
يَقُولُ هذا هُو الشّعْرُ الحَلالُ جَرَى ... عِطراً يَمُوجُ وسِحْراً بَيْنَهُ دارا(916/3)
لغتي الجميلة
مالي خَلَعْتُ ثيابي وانْطَلَقْتُ إِلى ... سِواي أَسأَلهُ الأثوابَ و الحُلَلا
قَدْ كانَ لي حُلَلٌ أزْهو بِبْهجَتها ... عِزّاً وَيزْهو بِها مَنْ حَلَّ وارْتحَلا
أَغْنى بِها ، وَتمدُّ الدفْءَ في بَدَني ... أَمْناً وتُطْلِقُ مِنّي العزْمَ والأَمَلا
تموجُ فيها الّلآلي مِنْ مآثِرها ... نوراً وتبْعَثُ مِنْ لآلاِئها الشُّعَلا
حتى أفاءتْ شُعوبُ الأرْضِ تَسألُها ... ثوباً لتستُرَ مِنْها السُّوءَ و العِلَلا
مدَّت يَدَ الجودِ كَنْزاً مِنْ جَواهِرها ... فَزَيَّنتْهُم وكانوا قبلها عُطُلا
جادتْ عليهم وأوفَتْ كلَّ مسْألةٍ ... بِرّاً تَوالى ، وأوْفَتْ كلَّ مَنْ سَألا
هذا البيانُ وقدْ صاغتْهُ معْجِزةً ... تمضي مع الدّهرِ مجْداً ظلَّ مُتَّصلا
تكسو مِنَ الهدْيِ ، مِنْ إعجازِهِ حُللاّ ... أو جَوْهَراً زيَّنَ الأعطافَ والعُطَلا
نسيجُه لغةُ القَرآنِ ، جَوْهرُهُ ... آيٌ منَ اللهِ حقّاً جَلّ واكْتَملا
نبعٌ يفيضُ على الدّنيا فيملؤُها ... رَيّاً وَيُطلقُ مِنْ أحواضِهِ الحَفَلا
أو أنه الروّضُ يُغْني الأرْضَ مِنْ عَبَقٍ ... مِلْءَ الزَّمانِ نديّاً عودُهُ خَضِلا
تَرِفُّ مِنْ هَدْيِهِ أنداءُ خافِقَةٍ ... معَ البكورِ تَمُدُّ الفَيْءَ و الظُّلَلا
وكلُّ مَنْ لوّحتْه حَرُّ هاجِرةٍ ... أوى إليه ليلْقى الرّيَّ و البَلَلا
عجبتُ !! ما بالُ قومي أدْبَروا وجَرَوْا ... يرْجونَ ساقطةَ الغاياتِ والهَمَلا
لمْ يأخذوا مِنْ ديارِ الغرْبِ مكرُمةً ... مِنَ القناعةِ أوْ علماً نَما وَعَلا
لكنّهمْ أخذوا لَيَّ اللّسانِ وقدْ ... حباهُمُ اللهُ حُسْنَ النُّطْقِ مُعْتدِلا
يا ويحهمْ بدَّلوا عيّاً بِفصحِهمُ ... وبالبيانِ الغنيِّ استبدلوا الزَّلَلا
إن اللّسانَ غذاءُ الفكرِ يحْملُهُ ... عِلْماً وفنّاً صواباً كانَ أو خَطَلا
يظلُّ ينسلُّ منه الزّادُ في فِطَرٍ ... تلقى به الخَيْرَ أو تلقى بِهِ الزَّللا
الأَعْجَمِيُّ لِسانٌ زادُهُ عَجَبٌ ... تَراهُ يَخْلطُ في أَوْشابِهِ الجدَلا(917/1)
لمْ يَحْمِلِ الهدْيَ نوراً في مَصادِرِهِ ... ولا الحقيقة إلا كانت الوَشلا
فحسبُنا مِنْ لِسانِ الضّادِ أنّ له ... فيضاً من النّور أو نبعاً صَفا وجَلا
وأنه اللغة الفصحى نمت وزهتْ ... تنزّلتْ وبلاغاً بالهُدى نزلا
وأنه ، ورسول الله يُبلغه ... ضمَّ الزمان وضمَّ الآيَ وَالرُّسلا
وأنه الكنزُ لا تفنى جواهرهُ ... يُغْني اللياليَ ما أغْنى بِهِ الأُوَلا
يظلُّ يُطْلِقُ من لأْلائِهِ دُرراً ... على الزمان غنيَّ الجودِ متصلا
فعُدْ إلى لغةِ القرآنِ صافيَة ... تَجْلو لكَ الدَّربَ سهْلاً كانَ أو جبلا
تجلو صراطاً سويّاً لا ترى عِوجاً ... فيه ولا فتنةً تَلْقى ولا خَللا
تجلو سبيلاً تراهُ واحداً أبداً ... وللمُضلّين تْلقى عندهُمْ سُبُلا(917/2)
مواكب بدر
طَوِّفي حَيْثُ شِئتِ هذي المَغَاني ... زَهَرَتْ بالقَصيدِ والمهْرَجَانِ
يا لَنَفْح الإِيمان يَنْشُرُ طِيباً ... مِنْ فَعَالٍ ورَفّةً مِنْ بَيَانِ
يا لَنُورٍ يَشُقُّ مِنْ ظُلْمةِ اللّيْـ ... ـلِ وَيَسْري بَينَ الضُلُوع الحَوَانَي
يَا لَهَا خَفْقَةٌ مِنَ الكَبِدِ الحَـ ... ــرَّى وَدَفْقٌ مِنْ رَحْمَةٍ وَحَنانٍ
أَسْعِفينَا فكمْ ضَلَلْنا و تاهَتْ ... في الدَّياجير خُطْوةُ الإِنسانِ
أَسعِفينَا بآيةٍ مِنْ بَيَانٍ ... شَعَّ مِنْ جَوهَرٍ كَرِيم المَعَاني
كُلُّ حُرِّيَةٍ تَمُوتُ إذا لَمْ ... تَكُ حُرِّيَّةً لصدقِ لِسَانِ
كُلُّ حُسنٍ يَمُوتُ فِينا إِذا لمْ ... يَكُ أَغْلاهُ آيَةً مِنْ بَيَانِ
كمْ سَقَطْنا وَمَا نهضنا فَأْهْوتْ ... بَيْنَ أَوْحالنا خُطَا الفُرْسَانِ
كمْ خَنَقْنَا عَلى الحَنَاجرِ أَصْوَا ... تاً فماتَتْ في غُصَّةٍ وَهَوَانِ
الحُرُوفُ الخَرْسَاءُ ذُلٌّ ومَوتٌ ... دُفِنَتْ بَيْنَ مُجْرمٍ وَجَبَانِ
لَهْفَةُ الشَوْق لَمْ تَزَلْ تَتَعَالَى ... بَيْنَ أَحْنائِنَا ، وصَفْوُ الأمَاني
أَسعِفِينَا بِرَوْعَةِ الحَرْفِ يَجْلُو ... عِزّةً أو يُعِيدُ مِنْ إِيمانِ
كمْ عَدُوٍّ تَرَاهُ يَقْتُلُ فِينَا ... وَمْضَةَ الحَرْف من هُدًى وجِنانِ
يَالِذُلّ الإِنْسَانِ يَطْرَحُه الكُفْـ ... ــرُ شَتِيتَ الأهْوَاءِ والأشجانِ
يَا عَبيداً يَسُوقُها السوطُ في الأرْ ... ضِ فَتَمضِي هُناكَ كالقِطْعَانِ
سَرَقُوا الوَمْضَةَ الغَنِيَّة لكنْ ... أشرقتْ رغم ذاك منها اليدانِ
سرقوا العطر ثمَّ ولَّوْا ولكن ... نَثَرَتْهُ الخُطا بِكُلِّ مَكَانِ
كُلَّمَا أَوغَل الجبَانُ بِظُلمٍ ... جَعَل اللهُ فُرْجةً مِنْ أَمَان
يَا لِذُلِّ العَبيدِ تَرْكَعُ في دُنـ ... ـيا " أَبُولُّو " في زحمَةِ الأوِثانِ
كُلَّ يَوْمٍ لهُمْ إِلهٌ جَديدٌ ... يا لِذُلّ الأَرْبَابِ والعُبْدَانِ
نَحَتُوه مِنَ الخُرَافَةِ والجَهْـ ... ـل وصَاغوهُ مِنْ هوىً فَتّانِ(918/1)
كُلَّ يَوْمٍ لَهْمُ مَذاهبُ شتَّى ... مِنْ ضَلالِ اليُونانِ والرُّومَانِ
ثُمَّ سَمَّوهُ فلسَفَاتٍ وفِكْراً ... بين جُورِ الضَّلالِ والبُهْتَانِ
فِتْنَةٌ أشْعَلَتْ أَبَالسةُ الأَرْ ... ض لَظَاهَا تَمُدُّ مِنْ نِيرَانِ
فَدَعُوهَا يَا قوم ! أَيُّ فَسادِ ... لِبُناةِ الأَجْيَالِ والأَوْطانِ
لا تُرَاعي يَا نَفْسُ ! هُم جُبَناءٌ ... مَا أَذَلَّ الجَبَانَ عِنْدَ الجَبانِ
ها هُنا نَفْحَةُ النُّبُوَّة مِنْ بدْ ... رٍ وهذي مَلاحِمُ الفُرْقانِ
ها هُنا تُصْنَعُ الرّجَالُ وتُبْنَى ... أُمَّةٌ بينَ آيَةٍ وَسِنَانِ
يَا لَبَدْرٍ ! وَيَا لَمَعْرَكَةٍ تَمْـ ... ـضي مضيَّ الدُّهُورِ و الأزْمَانِ
يَنْحَنِي عِنْدَها الزّمَانُ فَيَلْقَى ... شُعَلاً مِنْ عَزائِمِ الإِيمانِ
في مَيَادِيِنهَا تَمُوجُ اللَّيالي ... و دَوِيٌ مِنْ أيَةٍ و أَذَانِ
والتْطامُ الزُّحُوفِ ، حَمْحَمةُ الخَيْـ ... ــلِ ، نِداءُ الرَّحمن للإِنْسانِ
عَبْقَريُّ الجِهَادِ مِنْ عَزْمةِ الشّوْ ... قِ ، ومِنْ مُهْجَةٍ ، ومِنْ إِحْسَانِ
عَبَقُ المجْدِ كُلُّهُ في الثَّنَايَا ... في ذُراً أشْرَقَتْ وفي وُدْيانِ
كُلُّ شِبْرٍ مُضَمَّخٌ بِدِماءٍ ... كُلُّ سَاحٍ زَهْوُ الرُّبى والمَغَاني
ها هُنَا يُرْفَعَ القَصِيدُ ويُبْنى ... أَدَبٌ مُلْهِمٌ وفيضُ مَعَاني
أَدَبٌ يَرْتَوي البَيَانُ لَدَيِه ... مِنْ حَديثِ الرَّسُول ، مِنْ قرْآنِ
هُو نَبْعٌ مِنَ الهِدَايةِ ، فَيضٌ ... مِنْ وَفَاءٍ ، وخَفْقَةٌ مِنْ جَنَانِ
طَابَ ليْ عِطرُها ! فَكَمْ رَفَّ مِنْها ... عَبَقُ الصِّدْق أَو شَذَا الإِحْسَانِ
خَشَعَتْ أَضْلُعي لآيَتِها الكبْـ ... ـرَى وإِشْراقِ جَوْلةٍ وطعَانِ
هَاجَني الشّوْقُ مِنْ هَوىً فَتلـ ... ــفَّتُّ ! ونَادَيْتُ : أَيْنَ عَزْمُ البَاني
أَيْنَ أَمْجَادُ أُمَّتي ؟ ! كيف تَرْضَـ ... ـون " أبُولّو" ودعوةً مِنْ هَوَانِ
ها هُنَا تَزْخَرُ البُطُولاَتُ في التَّا ... ريخ مِنْ صَادِق الوَفَاءِ و حَانِ(918/2)
فَتَنَاوَلتُ مِنْ هُنَاكَ مِنَ التّا ... ريخ ، مِنْ رَوضَةٍ وَمِنْ بُسْتَانِ
جَوْهَرَ المجْدِ أَوْ لآليءَ فَتْحٍ ... أَوْ عُقُوداً مَنْظُومَةً مِنْ جُمَانِ
وَوُرُوداً تَفَتَّحَتْ وَزُهُوراً ... عَبَقَتْ بالشَّذَا ، ونَفْحَ جِنَانِ
فَإِذَا كُلُّها تَجَمَّعُ آياً ... في فُؤادٍ حَانٍ وفي وِجْدَانِ
لَمْحَةٌ تَجْمعُ الفَرَائِدِ مِنْ بَدْ ... رٍ ومِنْ وثْبَةٍ وزَهْو يَمَانِ
لا تَغِيبي عَنَّا مَيَادينَ بَدْرٍ ... أَطْلِقي مِنْ مَواكبٍ وعِنانِ
وَثبِي يا مَوَاكِبَ الحَقِّ طُوفي ... بَينَ نَصْرٍ وبَيْن صِدْقِ الأمَاني
وَاصْدُقي الله واطْلُبي الجَنَّة لا الدُّنـ ... ـيَا ولا زُخْرُفَ الحَياةِ الفاني
إِنَّ أَعْلَى البَيَانِ دَفْقُ دِمَاءٍ ... فَجّرَتْها مَوَاقِعُ الإِيمانِ
كُلُّ حَرْفٍ يَصُوغُه دَمُ حُرٍّ ... هُوَ نُورٌ يَسْري مَعَ الأزْمانِ
لَفتةٌ مِنْكَ يا أَخي رفَّ منْها الـ ... ـشَوْقُ للحقِّ أو نَقَيُّ الأماني
لفْتةٌ حُلْوةُ ومَدْرَسَةٌ كُبْـ ... ــرى ودارٌ مَشْدُودةُ الأركانِ
وكَأَنّي أَرَاكَ قمْتَ ! تَلَفَّـ ... ـتَّ ! ونَادَيْتَ يَا رِجال البَيانِ
انْهَضُوا ! أَدركوا البَيَانَ وصُونُوا ... لغة الحَقِّ مِنْ عَدُوٍّ جَانِي
ودَعي أُمَّتي مَذَاهِبَ يُونا ... نٍ وأَوْهَام جَاهِلٍ مُتَوانِ
وانْهضي ! هذه مَدْارِسُ بَدْرٍ ... أطلِقي مِنْ مواكِبِ الفُرسانِ
كِمْ رَمَى الحِقْدُ والتّحاسُدُ فينا ... خَيْلنا في مَتَاهَةٍ وَهَوَانِ
لَكَ مِنّي تَحِيَّةٌ يا أخي أَحْـ ... ـمَدُ ! صفْوُ الدُّعَاءِ والإِحسانِ(918/3)
مهرجان القصيد (1)
" مَهْرَجَانَ القَصيد " غَنِّ قَصِيْدِي ... بَيْنَ زُهْرِ المُنَى وحُلْوِ النَّشِيدِ
فالمَعَاني انتَقَيْتُها مِنْ جِنَانٍ ... والهَوَى صُغْتُه مَآثِرَ صيدِ
والقَوَافِي كَأَنها عَبَقُ الرَّوْ ... ضِ وَنفْحُ الوُرُودِ بَيْنَ الوُرُودِ
هَاهَنا نَفْحَةٌ مِنَ الأَمَلِ الحُلْـ ... ـو وفَيْضٌ من خَيره الْممدُودِ
وَلقَاءٌ يَمُوْجُ بالنُّورِ يَجْلو ... مَكرُمَات ِ البَيَانِ دَفْقَ الجُودِ
إِيْهِ " لَكْنُو " فَكَمْ ضَمَمْتِ نَديًّا ... مِنْ شُيُوخٍ وَمِنْ شَبابٍ نَجيْدِ
يَا حَنانَ الهَوَى وصَفْوَ ودادٍ ... غَرِّدي مِنْ قَصِيدِك المَعْهُودِ
زَيِّني دَارَكِ الغَنيَّةَ بالشَّوْ ... ق ، بِمَجْدٍ ، بِمَلحَمَات الجُدُودِ
كَمْ دَعَوْتُ القَصِيدَ من دَمْعَة الذُلِّ ... فَأَلْوَى إلى مَكَانٍ بَعيدِ
كمْ تَلَفَّتُّ في دُرُوب هَوَانٍ ... وَحَوَالَيَّ ألفُ خَطْوٍ شريدِ
وَبقَايَا قَواَفِلٍ مَزَّقَتْها ... عَضّةُ الرِّيح والتطامُ النُّجُودِ
زَحَمَتْها عَلَى الدُّرُوب زَوَايا ... وَرَمَتْها في غَيْهَبٍ وسُدُودِ
أَفْلَتَتْ مِنْ يَدَيَّ زُهْرُ القوَافي ... وَنَأى اللحْنُ في بطونِ البيْدِ
وَالمَعَاني تَنَاثَرَتْ في فَضَاءٍ ... واخْتَفَتْ خَلْفَ أُفْقِهِ المسْدُودِ
كِبْرياءُ القَصِيدِ يَشْمُسُ عَنْ ذُلٍّ ... ويَنْأَى عَن الهَوَى والجُحودِ
عِزّةٌ فِيه ، إِنَّهُ أدَبُ الإِسْـ ... ـلاَمِ غَرْسُ الإِيمانِ ، رَيُّ العُهودِ
يَا إِبَاءَ القَصِيدِ يَرْفَعُهُ الصّدْ ... قُ فَيَرْقَى إلى مَطَافِ خُلُودِ
لاَ يَسِفُّ الهَوَى وَلاَ يَهْبطُ الحسُّ ... وَلاَ ينحني لعَضّ قُيودِ
شَرَفُ القَوْلِ مِنْ هُدَى الحقِ ... وسِحْرُ البَيَانِ بالتَوْحيدِ
أَدَبٌ يَرْتَوي البَيَانُ لَدَيه ... مِنْ حَديثٍ ، مِنَ الكتاب المَجيدِ
رَفَّ بالطَّيْبِ عُودُهُ فَتَمنَّى ... كُلُّ رَوْضٍ نَدَاوَةً مِنْ عُودِ
يَنْشُرُ الجَوْهَرَ الكَرِيْم عَلَى الدَّهْـ ... ـرِ غَنِيّاً باللؤلؤ المنضودِ(919/1)
فأتى الشاعرُ المدلُّ عليه ... صاغه من أساورٍ و عقودِ
فَتَمَنَّتْ مُهَفْهَفَاتُ الغَوَاني ... حِلْيَةً حَوْلَ مِعْصَمٍ أَوْجِيدِ
هُوَ رَفُّ النَّدَى عَلَى الوَرَق اليَا ... بِسِ يَهْتَزُّ في رَبيعٍ جَدِيدِ
هُوَ خَفْقُ الأوْتَارِ بالنَّغَم الحَا ... نيْ عَلَى بَهْجَةٍ وَفَرْحَةِ عِيدِ
هُوَ زَهْوُ الصِّبَا التَّقيِّ وَشَوْقٌ ... مَنْ عَفافٍ وَزِيْنَةٌ في بُرُودِ
هُوَ في الكَوْنِ آيَةٌ حَوَّم المَجْـ ... ـدُ عَلَيْهَا رَوائِعاً مِنْ نشيْدِ
يَا حَنَانَ القَصيدِ ، يَا لمْسَةَ الإِسْـ ... ـلاَم سَلْوَى الحَزين مَأْوى الطَّريدِ
يَا رِحَابَ الأمَان يَمْسَحُ ذُلاًّ ... عَنْ جُفُونٍ وَدَمْعَةً عَنْ خُدُودِ
يَا حِمىً يَفْزَعُ الضَّعِيفُ إليْهِ ... فإذَا فيه قُوَّةٌ مِنْ أُسُودِ
يا غَنَاءَ الفَقِير في مَنْهَج الحق ... وَفي دَرْبِهِ الأمِين الرَّشيدِ
يا لَنُعْمَى الإِنسَانِ يَحْمِلُ مِنْهُ ... مِشْعَلاً شَقَّ مِنْ لَيَالٍ سُوْدِ
رَفْرَفَ الشَّوْقُ فانْتَقَى أَدَبُ الإِسـ ... ـلاَمِ مِنْهُ قُمْريَّةَ التَغْريدِ
وَهَبَ الحُبُّ عِنْدَه الآيَةَ الكُبْـ ... ـرى وأَغْنَى قُدْسِيَّةَ التَرْدِيد
فَهُوَ الله لاَ إله سِواهُ ... هِيَ أَعْلَى هَوىً وَأَحْلى نَشِيدِ
رَجِّعي يَا دُنا جَلاَلَ هَوَانا ... واسْجُدي وانْعَمي بهذا السُّجودِ
أنا عَبْدٌ لله مَا أَعظَمَ الحُبَّ ... ـب وَ أَغْنَاهُ باليقيَن الشَّديد
يَا أَهازِيجُ يَا نَشيدَ اللَّيَالي ... رَجِّعي اللحْنَ أَو أعيدي قَصِيدي
أنا بالحبّ نَشْوَةٌ في فَمِ الدّهْـ ... ـرِ وَلْحنٌ مِنَ الهَوَى المنْشُودِ
يَا عَطَاءَ الإِسْلاَم يَا نَفْحَةَ الإِيـ ... ـمَان يَادُرَّةَ العَطَاءِ الفَرِيدِ
أَدَبٌ شَعَّ في اللّيالي مَعَ العَزْ ... م زَكَا عِطْرُهُ دَماً مِنْ شهيدِ
كَمْ جَلاهُ عَلَى المَيادين فُرْسَا ... نٌ وَغَنَّتْهُ وَثْبَةٌ مِنْ صِيدِ
فانْهَضِي يَا رَوَائعَ الشِّعْرِ هذي ... سَاحَةٌ زَغْردي لَهَا وَ أَعيدي(919/2)
أَنْت في ذِرْوَةِ البَيَانِ عَطَاءٌ ... زَاخِرٌ بالهُدَى وأَبْحُرُ جُودِ
يَا دِيِارَ الإِسْلاَمِ جُنَّتْ رُبَاهَا ... بَيْنْ عَادٍ مَرَوِّعٍ وَحَسُودِ
أَطْلقي دُونَهُ البَراكِينَ ، صُبِّي ... حِمماً ، زَلْزلي القَوَاعِدَ ، مِيْدي
وَاعصِفي غَضْبَةَ الأعَاصِير ، وارْمي ... فَوْقَهُ مِنْ قَنابلٍ و حَديدِ
لسْتُ بِالشَّاعِرِ المُدِلِّ إذا لَمْ ... يَكُ شِعْري قَذَائِفاً مِنْ وَقُودِ
وَإِذا مَا انْطَوى عَلَى الغِمد سَيْفٌ ... أَو خَلاَ السَّاحُ من هَوَى صِنديدِ
سَوفَ يَمْضي عَلَى الطّرِيقِ قَصِيدِي ... كالنَّدَى رَفَّ في رَبِيعٍ جَدِيد
يا أَديبَ الإِسْلامِ أَيْنَ السَّرَايا ... نَزَعَتْ عن مَضَاجِعٍ وَ مُهُودِ
أَيْقَظَتْهَا صَوَاعِقٌ مِنْ نِداءٍ ... خاطِفَاتٌ بَقيَّةً مِنْ كُبُودِ
دَفَعَتْها إلى النِّزَال أَهَازِيْـ ... ـجُ فَمَاجَتْ عَلى لهيب النَّشيدِ
وَجَلتْهَا عَلَى بِطَاح " فِلَسْطْيـ ... ـنَ " دَويّاً في يَوْمِهَا المَشْهُودِ
وَعَلَى " كَابُلٍ " ، وَزَمْزَمَتِ الأرْ ... ضُ لَهِيْباً وَ أَرْعَدَتْ بالجُنُودِ
أَدَبُ التَّائِهينَ لَيْلٌ و َخَمْرٌ ... بَيْنَ كَأَسٍ مُحطَّمٍ أَوْ غيدِ
حِينَ يَغْفُو القَصِيدُ في خَدَرِ السُّكْـ ... ـرِ لخَصْرٍ مُهَفْهَفٍ وَنُهُودِ
أَدَبٌ ذَلَّ في الفُجُورُ و نَامَتْ ... بَيْنَ أحْضَانِهِ جُفُونُ العَبيدِ
يَتَوَارَوْنَ خَلْفَ سِحْرِ شِعَارٍ ... كاذبٍ أَوْ زَخَارِفٍ ووُعُودِ
سَمِّ مَا شِئْت مِنْ مِثالٍ فَهَذا ... أَدَبُ الضَّائع الشَقيِّ الجَحُودِ
سَوفَ يَفنَى مَعَ الزّمَان وَيَبْقَى ... أَدَبُ الحقِّ شُعْلَةً في الوُجُودِ(919/3)
نبذة حول الشاعر: عدنان النحوي
الاسم : الدكتور / عدنان بن علي رضا بن محمّد النحوي .
الجنسية : سعودي .
الميلاد : صفد ـ فلسطين ـ 23/7/1346هـ الموافق 15/1/1928م
•دبلوم في التربية والتعليم و أصول التدريس من فلسطين ، وانترميديت فلسطين .
•بكالوريوس في هندسة الاتصالات الكهربائية من مصر بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف الثانية .
•الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص من أمريكا .
•درجة الزمالة من معهد المهندسين الكهربائيين ـ انكلترا F.I.E.E .(920/1)
يا قُدسُ !
يا قُدسُ! يَا نجْوى الزَّمان و لَهْفةَ الـ ... أُفُقِ اُلمُطِلِّ على رُبَاكِ ! فأجْملي
يَا قُدسُ ! يَا إشراقة الفَجْر النَّدِ ... يِّ وبسمةً طَلَعتْ مَع الصُّبْحِ الجَلِي
يَا قُدسُ! يَا عِطرَ الدُّهور ونفحةً ... مَا جَت على الأمَلِ الغنيِّ المرفِلِ
يا قُدسُ! يا رفَّ الحَنين وخَفْقةً ... مِن كلِّ قَلبٍ خَاشعٍ متبتِّلِ
يا قُدسُ! يَا عَبَقَ الفُتُوحِ ونسمةً ... سَارَتْ بريَّا المِسْكِ فوحَ قُرنْفُلِ
يا قُدسُ ! يا نُورَ النُّبوَّةِ أشرقَتْ ... في الدَّاجياتِ ويَا صَفاء المَنْهَلِ
كلُّ النُّبُواتِ التِي بُعِثَتْ سَعَتْ ... شَوقاً إِليكِ بِنُورِهَا المُتَهلِّلِ
كمَ أشرَقَتْ في كلِّ ساحٍ آيةٌْ ... للهِ تُنْبِئُ بالنَّبي ِّ الأَكْمَلِ
فَإِليكِ أُسْريَ بالنَّبيِّ مُحَمَّدٍ ... لِيَؤُمَّهُمْ! يَا للإِمامِ الأعدلِ
ثُمَّ ارتَقَى لمعارِجٍ موصُولةٍ ... بَلَغتْ بهِ أَعلى رُؤَى أو مَنْزِلِ
دارٌ مبارَكَةٌ و أنفاسُ الهُدى ... فيها على رَوْضٍ أَغَنَّ مُظَلَّلِ
المسْجد الأقْصَى بِساحك! يا له ... من مَسْجِدٍ بِهُدَى العُصُور مُجَلَّل
بالحقِّ بالإسلام بالدين الذي ... حَمَلتْهَ كلُّ نُبُوَّة أو مُرْسَل
طاف الجَمال بكلِّ أرضٍِ وانْتَهى ... لرُبَاكِ مَجْلوّاً ! فَقِيل هُنا انْزِلِ
وإذا رباك غَنيَّةٌ خَفقَ الهوى ... في كلِّ ركنٍ بالجلال مُكلَّل
أرضَ الملاحِم حدّثي عن أُمَّةٍ ... تركَتْك في أسْرٍ شَدِيد مُثْقِلِ
أرض الملاحِم حدِّثي عَنْ غافِلٍ ... مُسْتَسْلمٍ أو جاهِلٍ مُتَنَصِّل
طيبي فلسطينُ الحبيبَة أشْرقي ... أملاً تجَدِّده الدّماء وهلِّلي
ستَظلُّ أرضُك بالملاحم ساحَةً ... للمؤمنين وعَهْدَ يوم مُقْبِل
سَتَظَلُّ أرضُكِ بالملاحم شُعْلَةً ... لتَشُقَّ مِنْ ظُلُماتِ لَيْلٍ ألْيَلِ
لا تيأسي! فالأُفْقُ مزْدَحِمٌ بطلْـ ... ــعَةِ أُمَّةٍ موصولةٍ لمْ تُجْهَل
وكتائبٍ مَرْصُوصَةٍ لا تَنْثني ... إلا على نَصْرٍ أعزَّ و أجْمَلِ(921/1)
أمتي هل لك بين الأمم
أمتي هل لك بين الأمم ... منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي ..... مطرق ... خجلا من أمسك المنصرم
ويكاد الدمع يهمي عابثا ... ببقايا ..... كبرياء ..... الألم
أين دنياك التي أوحت إلى ... وتري كل يتيم النغم
كم تخطيت على أصدائه ... ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني ..... ساحب ... مئزري فوق جباه الأنجم
أمتي كم غصة دامية ... خنقت نجوى علاك في فمي
أي جرح في إبائي راعف ... فاته الآسي فلم يلتئم
ألاسرائيل ..... تعلو ..... راية ... في حمى المهد وظل الحرم !؟
كيف أغضيت على الذل ولم ... تنفضي عنك غبار التهم ؟
أوما كنت إذا البغي اعتدى ... موجة من لهب أو من دم !؟
كيف أقدمت وأحجمت ولم ... يشتف الثأر ولم تنتقمي ؟
اسمعي نوح الحزانى واطرب ... وانظري دمع اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها ... تتفانى في خسيس المغنم
رب وامعتصماه انطلقت ... ملء أفواه البنات اليتم
لامست أسماعهم ..... لكنها ... لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجدته ... لم يكن يحمل طهر الصنم
لايلام الذئب في عدوانه ... إن يك الراعي عدوَّ الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما ... كان في الحكم عبيدُ الدرهم
أيها الجندي يا كبش الفدا ... يا شعاع الأمل المبتسم
ما عرفت البخل بالروح إذا ... طلبتها غصص المجد الظمي
بورك الجرح الذي تحمله ... شرفا تحت ظلال العلم(922/1)
أمتي هل لك بين الأمم
عمر أبو ريشة
1.- أمتي هل لك بين الأمم *** منبر للسيف أو للقلم
2. - أتلقاك وطرفي مطرق *** خجلاً من أمسك المنصرم
3.- أين دنياك التي أوحت إلى *** وترى كل يتيم النغم ؟
4.- كم تخطيت على أصدائه *** ملعب العز ومغنى الشمم
5.-وتهاديت كأني ساحب *** مئزري فوق جباه الأنجم
6.-أمتي كم غصة دامية *** خنقت نجوى علاك في فمي
7.- ألإسرائيل تعلو راية *** في حمى المهد وظل الحرم ؟
8.- كيف أغضيت على الذل ولم ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
9.- أو ما كنت إذا البغي اعتدى *** موجة من لهب أو دم ؟
10.- اسمعي نوح الحزانى واطربي وانظري دم اليتامى وابسمي
11.- ودعي القادة في أهوائها *** تتفانى في خسيس المغنم
12.- رب وامعتصماه انطلقت *** ملء أفواه الصبايا اليتّم
13.- لامست أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوة المعتصم
14.- أمتي كم صنم مجدته *** لم يكن يحمل طهر الصنم
15.- لا يلام الذئب في عدوانه *** إن يك الراعي عدو الغنم
16.- فاحبسي الشكوى فلولاك لما *** كان في الحكم عبيد الدرهم(923/1)
أنا في موئل النبوة يا دنيا
كان الشاعر عمر أبو ريشة من محبي الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود وهو من لا ينكر دوره ومواقفه الأصيلة تجاه فلسطين وقضيتها فلقد استطاع أن يخضع الغرب بقرار لم يسبق بقطع النفط فكان له بالغ الأثر على القضية الفلسطينية إذ ذاك فك الله أسر فلسطين وأعادها إلى المسلمين
والشاعر يروي أنه رافق الملك فيصل مرة وهو يغسل الكعبة فقال له الملك فيصل تكلم يا عمر ، فقال هذه القصيدة وختمها ببيتين جميلين عن الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله
أنا في موئل النبوة يا دنيا ****** أؤدي فرائض الأيمان
أسأل النفس خاشعا أترى ***** طهرت بردي من لوثة الأدران
كم صلاة صليت لم يتجاوز ***** قدس آياتها حدود لساني!
كم صيام عانيت جوعي فيه ***** ونسيت الجياع من إخواني!
كم رجمت الشيطان والقلب مني **** مرهق في حبائل الشيطان!
رب عفوا إن عشت ديني ألفاظا **** عجافا ولم أعشه معاني
أنا من أمة تجوس حماها **** جاهلياتها بلا استئذان
مزقت شملنا شعائر شتى **** وقيادات طغمة عبدان
مرنتنا على الهزيمة والجبن **** وبعض الحياة بعض مران
فاستكنا لا بارك الله في **** صبر ذليل ولا بكاء جبان
يا بن عبد العزيز وانتفض العز **** وأصغى وقال : من ناداني ؟
قلت : ذاك الجريح في القدس **** في سيناء في الضفتين في الجولان
من موقع عمر أبو ريشة(924/1)
أوراق ميت
إنها حجرتي لقد صدئ النسيانفيها وشاخ فيها السكوت
أدخلي بالشموع فهي من الظلمةوكر في صدرها منحوت
وانقلي الخطو باتئاد فقد يجفلمنك الغبار والعنكبوت
عند كأسي المكسور حزمة أوراقوعمر في دفتيها شتيت
احمليها ماضي شبابك فيهاوالفتون الذي عليه شقيت
اقرئيها لا تحجب الخلد عنيانشريها لا تتركيني أموت(925/1)
اقرئيها ( اوراق ميت )
إنها حجرتي لقد صدئ النسيان ... فيها وشاخ فيها السكوت
أدخلي بالشموع فهي من الظلمة ... وكر في صدرها منحوت
وانقلي الخطو باتئاد فقد يجفل ... منك الغبار والعنكبوت
عند كأسي المكسور حزمة أوراق ... وعمر في دفتيها شتيت
احمليها ماضي شبابك فيها ... والفتون الذي عليه شقيت
اقرئيها لا تحجب الخلد عني ... انشريها لا تتركيني أموت(926/1)
الأشقياء
تتساءلين علام يحيا هؤلاء الأشقياء ؟ المتعبون ودربهم قفر ومرماهم هباء
الواجمون الذاهلون أمام نعش الكبرياء الصابرون على الجراح المطرقون على الحياء
أنستهم الأيام ما ضحك الحياة وما البكاء أزرت بدنياهم ولم تترك لهم فيها رجاء
تتساءلين وكيف ادري ما يرون على البقاء ؟ لشأنك اسكتي أنا واحد من هؤلاء(927/1)
جبل
معاذ خلال الكبر ما كنت حاقدا ... ولا غاضبا إن عاب مسراي عائب
فكم جبل يغفو على النجم خده ... وأذياله للسائمات ملاعب
نظرت إلى الدنيا فلم ألف عندها ... كبيرا أداري أو صغيرا أعاتب
وما هان لي في موقف العز موقف ... ولا لان لي في جانب الحق جانب
فيا غربة الأحرار ما أطول السرى ... وملء غيابات الدروب غياهب(928/1)
حسبي
لك ما أردت فلن أسائل ... كيف انتهت أعراس بابل
حسبي مررت بخاطر النعمى ... هنيهات قلائل
كم قلتها لك ما حييت و ... وكم ختمت بها الرسائل
أنا ما حقدت على الشفاه ... ولا عتبت على الأنامل(929/1)
حنين
لا تغني فإن حشرجة الميت ... وجهش النعاة في مسمعيّا
أتغنين ذكرياتي وكانت ... كوثرا في فم الزمان شهيا
يوم أسقى من راحة الوحي خمري ... وأصوغ الحياة شعرا نديا
وأرى توبة الزمان بعينيك ... فأنسى ما قد أساء إليّا
أسمعيني على أنين الأماني ... من عثار الشباب لحنا شجيا
أوجوم فيم الوجوم منى النفس ... وفيم الذهول يكسو المحيا
أترامت عليك أشباح ذكرى ... تترك الحب يا هلوك حييّا
حولي ناظريك عني فما أسطيع ... أجلو سرا هناك خفيا
ويح نفسي ما للعواصف تخبو ... ويفت الخذلان في ساعديّا
أنا طفل الحياة يا ضلة الروح ... فعفوا إن جئت أمرا فريا
فبليني فقد شعرت بروحي ... وثبت وارتمت على شفتيّا
لست أنت التي أضمك بل ... دنيا فتون وعالما علويا
أتبسمت بعد صمت رهيب ... كان يدوي في مسمعيا دويا؟
خدريني بنغمة تقتل اليأس ... وتهمي بالمسكرات عليا
حسنا تفعلين غني أعيدي ... اخفضي الصوت تمتميه إليّا
اتركيني على ذراعك أغفو ... وأذيبي الأصداء شيا فشيا(930/1)
خطُ أختي لم أكن أجهله
لوعة ..............
الشاعر الكبير عمر أبو ريشة
خطُ أختي لم أكن أجهله
إن أختي دائماً تكتب لي *
حدثتني أمس عن أهلي وعن
مضض الشوق وبُعد المنزل *
ماعساها اليوم لي قائلة؟
أيُّ شيءٍ يا ترى لم تقلِ *
وفضضت الطرس ..لم أعثر على
غير سطرٍ واحدٍ ..مختزلِ *
وتهجيت بجهدٍ بعضه
إن أختي كتبت في عجل *
فيه شيءٌ...عن عليٍ مبهمٌ
ربما بعد قليل ينجلي *
وتوقفتُ ..ولم أتممْ..وبي
رعشاتُ الخائف المبتهل *
وترآءى لي عليٌّ كاسياً
من خيوط الفجر أسنى حُلَلِ *
مَرِحَ اللفتةِ مزهو الخطى
سلس اللهجة حلو الخجل *
تسأل البسمةُ في مرشفه
عن مواعيد انسكاب القُبَلِ *
طلعةٌ استقبل الدنيا بها
ناعم البال بعيد المأمل *
كم أتى يشرح لي أحلامه
وأمانيه على المستقبل *
قال لي في كبرياء إنه
يعرف الدرب لعيش أفضل *
إنه يكره أغلالي التي
أوهنت عزمي وأدمت أرجلي *
سوف يعطي في غدٍ قريته
خبرة العلم وجهد العمل *
وسيبني بيته في غايةٍ
تترامى فوق سفح الجبل *
وسأعتز به في غده
وأراه مثلاً للرجل *
عدت للطرس الذي ليس به
غير سطرٍ .. واحدٍ .. مختزلِ *
وتجالدت .. لعلي واجد
فيه ما يبعد عني وجلي *
وإذا أقفل معناه على
وهمي الضارع ..كل السبل *
غرقت عيناي في أحرفه
وتهاوى مِزقاً عن أنملي *
قلبُ أختي ..لم أكن أجهله
إن أختي دائماً تحسن لي *
ما لها تنحرني نحراً على
قولها ..مات ابنها.. مات علي *(931/1)
رب ضاقت ملاعبي
رب ضاقت ملاعبي في الدروب المقيدة
أنا عمر مخضب وأمانٍ مشردة
ونشيد خنقت في كبريائي تنهده
رب ما زلت ضاربا من زماني تمرده
صغر اليأس لن يرى بين عيني مقصده
بسماتي سخية وجراحي مضمدة(932/1)
رب ضاقت ملاعبي
أبو ريشة
رب ضاقت ملاعبي في الدروب المقيدة
أنا عمر مخضب وأمانٍ مشردة
ونشيد خنقت في كبريائي تنهده
رب ما زلت ضاربا من زماني تمرده
صغر اليأس لن يرى بين عيني مقصده
بسماتي سخية وجراحي مضمدة(933/1)
رسالتها المترجمة
وتلاقينا غريبين هنا ... لم تكن أنتَ ولا كنتُ أنا
بدلت منا الليالي وانتهى ... عبث الكأس وإغراء الجنى
موسم الورد أخذنا عطره ... وتركنا فيه غصنا لينا
وافترقنا ونأى العهد بنا ... ونسينا وتناستنا المنى
لا تثر ذكرى هوانا ربما ... نفرت عن مقلتيّ الوسنا
آن للنعش الذي أودعته ... كل أشلاء الصبا ان يدفنا
امض من دربي فما أحسبه ... في خريف العمر إلا هينا(934/1)
رسالتها المترجمة
وتلاقينا غريبين هنا = لم تكن أنتَ ولا كنتُ أنا
بدلت منا الليالي وانتهى = عبث الكأس وإغراء الجنى
موسم الورد أخذنا عطره = وتركنا فيه غصنا لينا
وافترقنا ونأى العهد بنا = ونسينا وتناستنا المنى
لا تثر ذكرى هوانا ربما = نفرت عن مقلتيّ الوسنا
آن للنعش الذي أودعته = كل أشلاء الصبا ان يدفنا
امض من دربي فما أحسبه = في خريف العمر إلا هينا(935/1)
سر السراب
1. كم جئت أحمل من جراحات الهوى نجوى ، يرددها الضمير ترنُّما
2. سالتْ مع الأمل الشهي لترتمي في مسمعيكِ , فما غمزتِ لها فما
3. فخنقتها في خاطري ! فتساقطتْ في أدمعي ، فشربتها متلعثما
4. ورجعتُ أدراجي أصيدُ من المنى حلماً ، أنام بأفقه متوهما
5. أختاهُ ! قد أزف النوى فتنعمي بعدي فإن الحب لن يتكلما
6. لا تحسبيني سالياً ، إن تلمحي في ناظري ، هذا الذهول المبهما
7. إن تهتكي سر السرابِ وجدتِهِ حلم الرمالِ الهاجعاتِ على الظما!!(936/1)
سر السراب
عمر أبو ريشة
كم جئت أحمل من جراحات الهوى
نجوى ، يرددها الضمير ترنُّما
سالتْ مع الأمل الشهي لترتمي
في مسمعيكِ ، فما غمزتِ لها فما
فخنقتها في خاطري ! فتساقطتْ
في أدمعي ، فشربتها متلعثما
ورجعتُ أدراجي أصيدُ من المنى
حلماً ، أنام بأفقه متوهما
أختاهُ ! قد أزف النوى فتنعمي
بعدي فإن الحب لن يتكلما
لا تحسبيني سالياً ، إن تلمحي
في ناظري ، هذا الذهول المبهما
إن تهتكي سر السرابِ وجدتِهِ
حلم الرمالِ الهاجعاتِ على الظما(937/1)
طلل
قفي قدمي ! إن هذا المكان يغيبُ به المرء عن حسه
رمالٌ وأنقاضُ صرحٍ هوت أعاليه تبحثُ عن أُسه
أقلِّبُ طرفي به ذاهِلاً وأسألُ يومي عن أمسِه
أكانت تسيلُ عليه الحياةُ وتغفو الجفونُ على أنسه
وتشدو البلابلُ في سعده وتجري المقاديرُ في نحسه
أأستنطقُ الصخرَ عن ناحِتيه وأستنهضُ الميتَ من رمسه ؟
حوافر خيل الزمان المشت تكاد تُحدِّثُ عن بؤسه
فما يرضع الشوكُ من صدرهِ ولا ينعبُ البومُ في رأسه
وتلك العناكبُ مذعورةٌ تريدُ التفلُّتَ من حبسهِ
لقد تعبتْ منه كفُّ الدمار وباتت تخاف أذى لمسهِ
هنا ينفض الوهمُ أشباحهُ وينتحرُ الموتُ في يأسه(938/1)
طهر
ألفيتها ساهمة ... شاردة تأملا
طيف على أهدابها ... كسرها تنقلا
شق وشاح فجرها ... خميلة وجدولا
وما ج فيها رعشة ... حرى وشوقا منزلا
ناديتها فالتفتت ... نهدا وشعرا مرسلا
واللحظ في ذهوله ... مغرورق تململا
طوقتها يا للشذا ... مطوقا مقبلا
فما انثنت حائرة ... ولا رنت تدللا
ولا درت وجنتها ... من خجل تبدلا
كأنها في طهرها ... أطهر من أن تخجلا(939/1)
عرس المجد
1. ... يا عروسَ المجدِ تيهي واسحبي في مغانينا ذيولَ الشّهب
2. ... لن ترَي حبّةَ رملٍ فوقَها لم تُعطَّر بدما حرٍّ أبي
3. ... درجَ البغيُ عليها حقبةً وهوى دونَ بلوغِ الأربِ
4. ... وارتمى كِبرُ الليالي دونَها ليّنَ النابِ ، كليلَ المخلبِ
5. ... لا يموتُ الحقُّ مهما لطمتْ عارضيهِ قبضةُ المغتصبِ!
6. ... من هُنا شقَّ الهدى أكمامهُ وتهادى موكباً في موكبِ
7. ... وأتى الدنيا فرفّتْ طرباً وانتشتْ من عبقهِ المنسكبِ
8. ... وتغنّت بالمروءاتِ التي عرفتها في فتاها العربي
9. ... أصيدٌ ، ضاقتْ بهِ صحراؤهُ فأعدّته لأفقٍ أرحبِ
10. ... هبَّ للفتح ِ، فأدمى تحتهُ حافرُ المهرِ جبينَ الكوكبِ!
11. ... وأمانيه انتفاضُ الأرضِ من غيهبِ الذل ِّ، وذلِّ الغيهبِ
12. ... وانطلاقُ النورِ حتّى يرتوي كلُّ جفنٍ بالثرى مختضبِ
13. ... حلمٌ ولّى ، و لم يُجرحْ بهِ شرفُ المسعى ونبلُ المطلبِ
14. ... يا عروسَ المجدِ، طالَ المُلتقى بعدما طالَ جوى المغتربِ
15. ... سكرتْ أجيالنا في زهوها وغفتْ عن كيدِ دهرٍ قُلّبِ
16. ... و صحَونا ، فإذا أعناقُنا مثقلاتٌ بقيودِ الأجنبي
17. ... فدعوناكِ فلم نسمعْ سوى زفرةٍ من صدركِ المكتئبِ
18. ... قد عرفنا مهركِ الغالي فلم نرخص ِ المهرَ و لم نحتسبِ
19. ... فحملنا لكِ إكليلَ الوفا ومشينا فوقَ هامِ النوبِ
20. ... وأرقناها دماءً حرّةً فاغرُفي ما شئتِ منها واشربي!
21. ... نحن ُ من ضعفٍ بنينا قوةً لم تلنْ للمارجِ الملتهبِ
22. ... كم لنا من ميسلونٍ نفضتْ عن جناحيها غبارَ التعبِ
23. ... كم نَبتْ أسيافُنا في ملعبٍ وكبتْ أفراسُنا في ملعبِ
24. ... من نضالٍ عاثرٍ مصطخبٍ لنضالٍ عاثرٍ مصطخبِ
25. ... شرفُ الوثبةِ أن تُرضي العُلى غلبَ الـ واثبُ أم لم يغلبِ!
26. ... فالتفِت من كوّةِ الفردوسِ يا فيصلَ العلياءَ وانظرْ واعجبِ
27. ... أترى كيفَ اشتفى الثأرُ من الـ ـفاتحِ المسترقِ المستلبِ ؟
28. ... و طوى ما طالَ من راياته في ثنايا نجمهِ المحتجبِ(940/1)
29. ... ما نسينا دمعةً عاصيتَها في وداعِ الأملِ المرتقبِ
30. ... رجفتْ بالأمسِ سكرى ألمٍ فأسلها اليومَ سكرى طربِ !
31. ... يا لنعمى خفَّ في أظلالها ما حملنا في ركابِ الحقبِ
32. ... أينما جالَ بنا الطرفُ انثنى وطيوفُ الزهوِ فوقَ الهدبِ
33. ... هذه تربتُنا لن تزدهي بسوانا من حُماةٍ نُدبِ
34. ... فلنصنْ مَن حَرَمَ الملكَ لها منبرَ الحقدِ وسيفَ الغضبِ
35. ... و لنُسلْ حنجرةَ الشدوِ بها بينَ أطلالِ الضحايا الغيّبِ
36. ... ضلّت الأمّةُ إن أرختْ على جرحِ ماضيها كثيفَ الحجبِ !
37. ... ما بلغنا بعدُ من أحلامنا ذلكَ الحلمَ الكريمَ الذهبي
38. ... أينَ في القدسِ ضلوعٌ غضّةٌ لم تلامسها ذنابى عقربِ؟
39. ... وقفَ التاريخُ في محرابها وقفةَ المرتجفِ المضطربِ
40. ... كم روى عنها أناشيدَ النّهى في سماعِ العالمِ المستغربِ؟
41. ... أيُّ أنشودةِ خزيٍ غصَّ في بثّها بينَ الأسى والكربِ
42. ... من لأبناءِ السبايا ركبوا للأماني البيضِ أشهى مركبِ
43. ... و متى هزّوا علينا رايةً ما انطوتْ بينَ رخيصِ السَّلَبِ؟
44. ... ومَنِ الطاغي الذي مدَّ لهم من سرابِ الحقِّ أوهى سببِ؟
45. ... أو ما كنّا له في خطبهِ معقلَ الأمن ِ وجسرَ الهربِ؟
46. ... ما لنا نلمحُ في مشيتهِ مخلبَ الذئبِ وجلدَ الثعلبِ؟
47. ... يا لذلِّ العهدِ إن أغضى أسىً فوقَ صدرِ الشرفِ المنتحبِ!
48. ... يا روابي القدسِ يا مجلى السّنا يا رؤى عيسى على جفنِ النبي
49. ... دونَ عليائكِ في الرحبِ المدى صهلةُ الخيلِ ووهجُ القضُبِ !
50. ... لمّتِ الآمالُ منّا شملنا ونمتْ ما بيننا من نسبِ
51. ... فإذا مصرُ أغاني جلّقٍ وإذا بغدادُ نجوى يثربِ
52. ... ذهبتْ أعلامُها خافقةً والتقى مشرقُها بالمغربِ
53. ... كلّما انقضَّ عليها عاصفٌ دفنتهُ في ضلوعِ السّحبِ
54. ... بوركَ الخطبُ، فكم لفَّ على سهمهِ أشتاتَ شعبٍ مغضبِ
55. ... يا عروسَ المجدِ حسبي عزّةً أن أرى المجدَ انثنى يعتزُّ بي
56. ... أنا لولاهُ لما طوّفتُ في كلِّ قفرٍ مترامٍ مجدبِ(940/2)
57. ... ربَّ لحنٍ سالَ عن قيثارتي هزَّ أعطافَ الجهادِ الأشيبِ(940/3)
عروس المجد عمر أبو ريشة
يا عروس المجد تيهي واسحبي ... في مغانينا ذيول الشهب
لن تري حفنة رمل فوقها ... لم تعطر بدما حر أبيّ
درج البغي عليها حقبة ... وهو ى دون بلوغ الأرب
وارتمى كبر الليالي دونها ... لين الناب كليل المخلب
لا يموت الحق مهما لطمت ... عارضيه قبضة المغتصب
من هنا شق الهدى أكمامه ... وتهادى موكبا في موكب
وأتى الدنيا فرقت طربا ... وانتشت من عبقه المنسكب
وتغنت بالمروءات التي ... عرفتها في فتاها العربي
أصيد ضاقت به صحراؤه ... فأعدته لأفق أرحب
هب للفتح فأدمى تحته ... حافرُ المهر جبينَ الكوكب
وأمانيه انتفاض الأرض من ... غيهب الذل وذل الغيهب
وانطلاق النور حتى يرتوي ... كل جفن بالثرى مختضب
حلم ولى ولم يُجرح به ... شرفُ المسعى ونبلُ المطلب
يا عروس المجد طال الملتقى ... بعدما طال جوى المغترب
سكرت أجيالنا في زهوها ... وغفت عن كيد دهر قلّب
وصحونا فإذا أعناقنا ... مثقلات بقيود الأجنبي
فدعوناكِ فلم نسمع سوى ... زفرة من صدرك المكتئب
قد عرفنا مهرك الغالي فلم ... نرخص المهر ولم نحتسب
فحملنا كل إكليل الوفا ... ومشينا فوق هام النوب
وأرقناها دماء حرة ... فاغرفي ما شئت منها واشربي
وامسحي دمع اليتامى وابسمي ... والمسي جرح الحزانى واطربي
نحن من ضعف بنينا قوة ... لم تلن للمارد الملتهب
كم لنا من ميسلون نفضت ... عن جناحيها غبار التعب
كم نبت أسيافنا في ملعب ... وكبت أفراسنا في ملعب
من نضال عاثر مصطخب ... لنضال عاثر مصطخب
شرف الوثبة أن ترضي العلى ... غلب الواثبُ أم لم يغلب(941/1)
عمر أبو ريشة و القدس
بقلم الدكتور أحمد زياد محبك
الثلاثاء 1 شباط (فبراير) 2005
-1-
اشتهر الشاعر عمر أبو ريشة (1910- 1990) بمواقفه الوطنية والقومية الجريئة، فقد قارع المستعمر الفرنسي إبان احتلاله لسورية (1920- 1946)، كما ندّد ببعض المواقف للحكومة السورية بعد الاستقلال (1946)، وكان موقفه الوطني لاينفصل عن موقفه القومي، بل كان شعوره القومي يطغى في كثير من الحالات على شعوره الوطني.
ولقد حظيت القدس من اهتماماته ومشاعره وعواطفه، مثلما حظيت من شعره وقصائده بأكثر مما حظيت به أي مدينة عربية أخرى، حتى مدينته حلب نفسها، التي فيها نشأ وترعرع وأمضى معظم سني شبابه، وفيها دفن (1990).
عمر أبو ريشة لقد كانت القدس بالنسبة إليه طوال حياته المنطلق الذي يقوّم من خلاله أي موقف، فهي القيمة التي تثبت مقدار الإيمان بالإسلام، والتمسكِ بالعروبة، والإخلاصِ لهما، والموقفُ منها هو الموقف الذي يثبت مقدار الوفاءِ للشعب، وتحقيقِ أهدافه وأحلامه في الحرية.
وكان الشاعر في كل مناسبة وطنية أو قومية، يذكر القدس، لأنها حاضرة دائماً في وجدانه، وفي وجدان كل عربي، ولأنها اللحمة والسدى أيضاً في كل مناسبة، لأن قضيتها لاتنفصل عن أي قضية عربية أخرى.
وليس ذلك الموقف من القدس بغريب، فالقدس هي قلب العرب النابض، وعاصمة فلسطين، ومهد السيد المسيح عليه السلام، ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وهي التي دخلها عمر بن الخطاب، فجعلها ملتقى الأديان، وأرسى فيها قواعد السلام، بل جعلها مدينة السلام، ثم غزاها من بعد الصليبيون، وظلوا فيها مئتي عام، حتى حررها فيما بعد صلاح الدين الأيوبي.
فالشاعر يتغنى ببطولات الشعب العربي في سورية، وعلى رأسه المجاهد إبراهيم هنانو وهو يقارع المحتل الفرنسي، وينشد في حفل تكريمه قصيدة مطولة عنوانها قيود (1937)، وفيها يقول (ص552):
وطن عليه من الزمان وقار(942/1)
تغفو أساطير البطولة فوقه
فتطل من أفق الجهاد قوافلٌ
النور ملء شعابه والنار
ويهزها من مهدها التذكار
مضر يشدّ ركابها ونزار
-2-
وفي سياق الفخار بالبطولة وربط الماضي بالحاضر، ينعطف الشاعر إلى القدس، ليندد بالمستعمر الإنكليزي، ويقرنَه بالغزو الصليبي، ويصورَ ماألحقَ بالشعب العربي في فلسطين من أذى، فيقول (ص557- 559):
والقدسُ ما للقدسِ يخترق الدِّمَا
أيُّ العصور هوى عليه وليس في
عهد الصليبيين لم يبرح له
وشراعُه الآثامُ والأوزار
جنبيه من أنيابه آثار
في مسمع الدنيا صدى دوار
صف الملوك فما استباح إباؤهم
ناموا على الحلم الأبي فنفّرت
صلبوا على جشع الحياة وفاءهم
وبكل كفٍّ غضة سكينة
شرف القتال ولا أهين جوار
منه الطيوف بُنَوّةٌ فجار
ومشواعلى أخشابه وأغاروا
وبكل عرق نابض مسمار
ثم يتحدث عن دعم الإنكليز لليهود وتشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين وإقامة كيان لهم، ويندد بخيانة الإنكليز للعهود التي قطعوها للعرب، ثم يؤكد أهمية الحفاظ على الحق، ويحذّر من الضعف، فيقول (ص559- 560):
مدّوا الأكف إلى شراذم أمة
ورمَوا بها البلدَ الحرامَ كما رمت
وبنوا لها وطناً وعبق محمد
أين العهود البيض ترقب فجرَها
ولّت وفي حلق العروبة بُحَّةٌ
إن الضعيفَ على عريق فخارِه
ضجّت بنَتْنِ جسومِها الأمصار
بالجيفة الشطَّ الحرامَ بِحَارُ
وابن البتول بأفقه زخّار
بتلهُّفٍ صيّابةٌ أبرار
وعلى مراشفها العطاش غبار
حَمَلٌ يشدُّ بعنقه جزار
وواضح أن الشاعر يحذّر في البيت الأخير من خطورة الاستكانة والتواكل والنوم على المجد الغابر، لأن الحق لاتحميه إلا القوة، وصاحب الحق من غير قوة حمل ضعيف يقاد إلى حتفه.
- 3 –(942/2)
ويستشهد في جبل النار بفلسطين المناضل سعيد العاص، وهو ابن حماه، مما يؤكد وحدة الشعب العربي، ووحدة النضال ضد المستعمر، أيّاً كان، وأينما كان، سوءا في سورية أم فلسطين، فهما بلد واحد، والشعب شعب واحد، وتقام له في دمشق وحماه حفلات التأبين، ويقف فيها عمر أبو ريشة ليرثيه بقصيدة مطولة عنوانها شهيد (1937) وفيها يقول (ص569- 571):
ياشهيد الجهاد ياصرخة الهول
كلما لاح للكفاح صريخ
تحمل الحملة القوية والإيمان
فكأن الحياة لم تلق فيها
هبةً في يديك كانت ولما
إذا الخيل حمحمت في الساح
صحت لبيك ياصريخ الكفاح
أقوى في قلبك المفراح
مايروّي تعطش الملتاح
رامها المجد عفتها بسماح
ويذكر بوعود الحلفاء للعرب، ووقوف العرب إلى جانبهم في الحرب العالمية الأولى، وتقديم العون لهم، على أمل نيل الحرية والاستقلال، ثم يندّد بنكث الحلفاء لتلك الوعود، وما جرّ على العرب من احتلال أقطارهم، وسلبهم الحرية، يقول مخاطباً سعيد العاص (ص 572- 574):
أي فتى المجد، إنه العمر، يومٌ
إن من سامك المنون لقوم
خفروا ذمة العهود وصمُّوا
كم وعود معسولة سكبوها
فحشدنا لهم جيوش ولاء
وسفكنا الدم الزكي وزيّنّا
وأردنا الأسلاب منهم فكنا
لخسار وآخرٌ لرباح
لم يحيوا على الحجا والفلاح
الأذن عن صرخة الهضيم اللاحي
في فؤاد العروبة المسماح
ومددنا أكفنا للصفاح
جبين الرحى بغار النجاح
نحن أسلابهم ونحن الأضاحي
والشاعر لايضعف، ولا يدخل اليأس إلى قلبه، بل يظل متمسكاً بالحق، وهو يؤكد أن العرب لن يتخلوا عن فلسطين، حيث استشهد سعيد العاص في جبل النار، بل يؤكد أن مأساة فلسطين ستظل منارة تضيء للعرب طريق الكفاح، حيث يقول (ص 574-575):
جبلَ النارِ لن ننام كما نمتَ
لك حبٌّ في قاسيونَ وصنينَ
أنت للعرب كالمنارة في الساحل
جريحَ العلى كسيحَ الطِّماح
وسَيْناء مالَهُ من براح
لاحت لأعين الملاح(942/3)
والشاعر يبدع في القصيدة نفسها تصوير الصراع بين العرب في فلسطين والعداة المحتلين، ويقدم لوحة فنية متميزة، إذ يصور جبل النار في فلسطين يهتز غضباً من ظلام الطغاة، وتنطلق النسور العربية، تاركة فراخها، لتصارع قوى الظلام، ولكن هذه القوى تسلط نيرانها على النسور، فتحترق أجنحتها، وهي تنشب مخالبها في جسد الظالم، وتأبى إلا أن تسلم الروح وتروي الأرض بدمائها. يقول (ص 564- 568):
ياظلام الأجيال قصَّ جناحيك
مرود كحّل الجفون الكسالى
فصحا من عليائه الجبل الهاجع
وتعالى صياحه يتوالى
تركت في الوكون أفراخها الزغب
وتبارت عصائبا فالفضا الرحب
غضب البغي فانبرى يحشد الهول
شقّ فكّي جهنمٍ فأسالت
فاقشعرت من وهجة القلل الصمّ
وتدجّى الدخان يحجب عين الشمس
فتهاوت تلك النسور وأزرت
تنشب المخلب المعقّف في البغي
ولسان اللهيب يلعب بالريش
غضبة للنسور لا النصر فيها
لم تُزَحْزَحْ تلك المخالب إلا
فتلاشى الدخان عن وَثَبَات البغي
وسرى الليل مالئاً جبل النار
يادماء النسور تجري سخاء
أنبتي العز سرحة يتفيا
أنت دمع السماء إن لهث الحقل
فهذي طلائع الإصباح
فأفاقت على السنا اللمّاح
واهتزّ مفعم الأتراح
فاشرأبت نسوره للصياح
وهبت على أزيز الرياح
بساط من مخلب وجناح
ويرنو إلى الأذى بارتياح
في الروابي لعابَها والبطاح
وأجّت شوامخ الأدواح
عن مأتم الثرى المستباح
بالمنايا على اللظى المجتاح
وتزجي المنقار في إلحاح
ويطوي الجراح فوق الجراح
بمتاح ولا الونى بمباح
بعدما جُرِّدَتْ من الأرواح
في بركة الدم النضاح
سكوناً لولا نشيد الأضاحي
بغرام البطولة الفضاح
بأظاليلها شتيت النواحي
وجفت سنابل وأقاحي(942/4)
فالشاعر يبدع في تصوير الصراع بين قوى الحق والباطل، الخير والشر، العرب والصهاينة، وهو يستعير صورة الليل والظلام والنيران تغالبها النسور وتنشب فيها مخالبها وتبذل الروح والدم لتسقي الأرض العطشى، والشاعر يؤكد أن قوى الحق على استعداد دائم للتضحية والفداء، وإن كانت تعلم أن الغلبة لن تكون لها، وحسبها فخراً وشرفاً أنها تثبت بطولتها، وتؤكد حقها، كما يؤكد الشاعر أن هذا الدم لن يضيع عبثاً فهو الذي سينبت شجرة العزة.
وصورة الصراع مبتكرة، وهي حافلة بالصور الجزئية البديعة، فالبغي يشق فكي جهنم، والثرى في مأتم مستباح، والنسور تنشب المخلب في البغي وتزجي المنقار، والعز بعد ذلك سرحة، والدماء دمع السماء يروي الحقل الظامئ.
إن القصيدة مبنية على فنية عالية، وصور جديدة، ومعان بعيدة، وليس فيها إلا قدر قليل من المباشرة والخطابة ، على الرغم من أنها قيلت في مناسبة، وأنشدت في حفل، وكانت موجهة إلى جمهور حاشد من المتلقين.
وإذا دلَّ هذا على شيء، فإنه يدل على أن الشاعر يأبى إلا أن يجوِّد فنه، ولو كانت قصيدته في مناسبة، فهي تصدر عن موهبة، لايمكن إلا أن تعبر عن ذاتها،أقوى مايكون التعبير.
- 4 -
وفي عام 1945 قبل أن يتم لسورية الاستقلال، تفتتح دار اكتب الوطنية بحلب، وفي حفل الافتتاح يلقي الشاعر قصيدة مطولة عنوانها " هذه أمتي " (1945)، وفيها يعتز بالعروبة وقدرتها على نفض غبار الأيام، والنهوض ثانية لتصنع العزة، ثم يلتفت إلى القدس، ليشير إلى غدر الأحلاف بالعرب، ونكثهم بعهودهم لهم، وتشجيعهم اليهود على الهجرة إلى فلسطين، فيقول (ص526- 527):
وسلوا القدس هل غفا الشرق عنها
أهتاف خلف البحار بصهيونٍ
ومن الهاتف الملح؟ أحرٌّ ؟
أين ميثاقه؟ أتنحسر الرحمة
يالذل العهود في فم من
أو طوى دونها شبا مُرّانه
وحدب على بناء كيانه
أين صدق الأحرار من بهتانهِ
في دفتيه عن عدوانه ؟
أجرى على عزّها دما فرسانه(942/5)
ثم يشيد بطهر الأرض المقدسة، ويستنكر تدنيسها بالعدوان، ويؤكد أن الحق لابد سينتصر، وأن الباطل سيدحر وينهزم، فيقول: (ص725- 528):
أي فلسطين يا ابتسامة عيسى
ياتثني البراق في ليلة
لاتنامي خضيبة الحلم خوفا
إنّ للبيت ربّه فدعيه
لجراح الأذى على جثمانه
الإسراء والوحي ممسك بعنانه
من غريب الحمى ومن أعوانه
ربّ حاو رَدَاه في ثعبانه
ومما لاشك فيه أن الشاعر لايرفع دعوة التسليم حين يقول إن للبيت ربه فدعيه، بل يعبر عن ثقة بأن الباطل سينهزم من غير شك لأنه يحمل في داخله بذور فنائه بسبب اعتماده على الزيف والباطل، كالحاوي الذي يعتمد على الأفعى في كسب عيشه. - 5 – وأقيمت حفلة ثانية في دار الكتب الوطنية بحلب، عام 1947 في ذكرى جلاء المستعمر عن سورية، فيلقي عمر أبو ريشة قصيدة مطولة عنوانها: "عرس المجد" (1947) يفخر فيها بمجد العرب، ويعبر عن فرحة كبيرة بالاستقلال، يقول في مطلعها (ص 437):
ياعروس المجد تيهي واسحبي
لن تري حفنة رمل فوقها
درج البغي عليها حقبة
في مغانينا ذيول الشهب
لم تعطر بدما حرّ أبي
وهوى دون بلوغ الأرب
ثم يخاطب في تضاعيف القصيدة القدس الشريف فيتغنّى بطهر أرضه ثم يؤكد أن المصاب في فلسطين قد وحّد العرب ولمَّ شملهم وأنهم جميعاً لن يتخلوا عن الحق، فيقول (ص447- 448) :
ياروابي القدس يامجلى السنا
دون عليائك في الرحب المدى
لمت الآلام منا شملنا
فإذا مصر أغاني جلّقٍ
ذهبت أعلامها خافقة
كلما انقضّ عليها عاصف
بورك الخطب فكم لف على
يارؤى عيسى على جفن النبي
صهلة الخيل ووهج القضب
ونمت مابيننا من نسب
وإذا بغداد نجوى يثرب
والتقى مشرقها بالمغرب
دفنته في ضلوع السحب
سهمه أشتات شعب مغضب
والشاعر بذلك يدل على رؤية تتمسك بالحق، وتثق بالمستقبل، وترى في المصيبة نفسها مايحقق الخلاص، ولكن من خلال وحدة العرب.
- 6 –(942/6)
ولكن هذه الرؤية الواثقة المتفائلة، ماتلبث أن تصاب بفاجعة كبيرة، عندما ترتد القوى العربية على أعقابها عام 1947، ويعلن الكيان الصهيوني في 15 أيار 1948 عن قيام دولة إسرائيل، فينفجر الغضب في قلب الشاعر، ويعاتب أمته بقسوة، منكراً عليها تقصيرها في الدفاع عن الحق في قصيدة له شهيرة عنوانها " أمتي " (1947) يقول في مطلعها (ص7):
أمتي، هل لك بين الأمم
أتلقاك وطرفي مطرق
ألإسرائيل تعلو راية
كيف أغفيت على الذل ولم
منبر للسيف أو للقلم
خجلاً من أمسك المنصرم
في حمى المهد وظل الحرم
تنفضي عنك غبار التهم
وسرعان مايصب الشاعر نقمته على القادة العرب آنئذ ويحملهم المسؤولية، ويعاتبهم بحدّة بالغة، فيقول عنهم: (ص10)
ربّ وامعتصماه انطلقت
لامست أسماعهم لكنها
ملء أفواه البنات اليتم
لم تلامس نخوة المعتصم
ثم يلتفت إلى الشعب العربي ليحمله المسؤولية كلها، ويلومه على سكوته عن حكامه، فيقول (ص10- 11):
أمتي كم صنم عبدته
لايلام الذئب في عدوانه
فاحبسي الشكوى فلولاك لما
لم يكن يحمل طهر الصنم
إن يك الراعي عدو الغنم
كان في الحكم عبيد الدرهم
والقصيدة مفعمة بالحدة وشدة الانفعال، وهي تضج بالأسئلة والنداءات، وقد عني الشاعر فيها بالطرافة والإدهاش، وتعدّ إحدى قصائده المتميزة، وقد لقيت في حينها رواجاً كبيراً، وحسبها أنه استهل بها ديوانه الذي أصدره عام 1971.
- 7 -
وينتاب الشاعر بعد ذلك قدر غير قليل من الاكتئاب والحزن، وهو يرى القدس تنتهك، وقوافل اللاجئين تجرّ خطا الألم والشقاء والعذاب، والعرب لاهون عنهم عابثون، فيطلق قصيدة مطولة عنوانها " حماة الضيم" (1948)، وفيها يقول (ص17-20):
هل في روابي القدس كهف عبادة
خشب الصليب على الرمال مخضب
فإذا سبيل الحق منفض الصوى
وإذا قوافله العجاف طريدة
كم متعب جرّ السنين وراءه
متلفتاً صوب الديار مودّعا
كم حرّة لم تدر عين الشمس ما
وبناتها وجلى تضج أمامها
بمن استجارت هذه الزمر التي(942/7)
العري ينشرها على أنيابه
تحنو جوانبه على أحبارِهِ
بدماء من نعموا بطيب جوارهِ
تاهت به الطلقاء من زوارهِ
والبغي يقذفها بمارج ناره
ومشيبه يبكي جلال وقاره
وخطاه بين نهوضه وعثاره
في خدرها أغضت بطرف كاره
والرجس يدفعها إلى أوكاره
مد الزمان لها يد استهتاره
والجوع يطويها على أظفاره
فلربّ سكير شدا مترنّحا
ولربّ متلاف أشاح بوجهه
حسبت بناء العرب مسموك الذرى
فإذا البناة على ذليل وسادها
ودموعها ممزوجة بعقاره
عنها وملء البيد سيل نضاره
تتحطم الأحداث دون جداره
تغفو عن الشرف الذبيح وثاره
وعلى الرغم من هذا الألم، وما يراه الشاعر من مظاهر الضعف والبؤس والتشرد، فإنه لايفقد الأمل، ويظل على ثقة بأن فجر الخلاص قادم، فيقول (ص20):
مهلاً حماة الضيم إن لليلنا
مانام جفن الحقد عنك وإنما
فجراً سيطوي الضيم في أطماره
هي هدأة الرئبال قبل نفاره
ومما لاشك فيه أن هذه الثقة بالنهوض إنما هي مستمدة من التمسك بالحق العربي، ومن قوة هذا الحق نفسه.
- 8 –
وها هو ذا العيد يمرّ بالشاعر، فلا يهنأ به، ولا يحس فيه بسعادة، لأن روابي القدس مستباحة، ولكنه يثق بأن خلاصها قادم، ويعبّر عن ذلك في قصيدة " ياعيد " (1949) وفيها يقول: (ص 93- 95):
ياعيد، ماافترّ ثغر المجد، ياعيد
فكيف تلقاك بالبشرى الزغاريد
طالعْتَنا وجراح البغي راعفة
فتلك راياتنا خجلى منكسة
ياعيدكم في روابي القدس من كبد
سالت على العز إرواء لعفته
سينجلي ليلنا عن فجر معترك
وما لها من أساة الحي تضميد
فأين من دونها تلك الصناديد
لها على الرفرف العلوي تعبيد
والعز عند أباة الضيم معبود
ونحن في فمه المشبوب تغريد
والقصيدة تدل على حزن يحزّ في أعماق الشاعر، لما نال القدس من عدوان، ولما هو عليه حال العرب من تقصير تجاهها، كما تدل القصيدة على تضحيات العرب في فلسطين ونيلهم الشهادة، والشاعر يمجّد أرواحهم، ومن خلال هذه التضحيات يمتلك الثقة بالنصر.(942/8)
إن الحزن حالة لابدّ منها، تزيد الحسّ رهافة، والوعي قوة، ولا تعدم الرجاء، ولا تفني الأمل، بل لعل تلك الحالة تزيد الأمل قوة.
- 9 –
وتمر على النكبة عشر سنوات، ويطل العام الجديد 1959، فيجد الشاعر المأساة ماتزال كما هي، احتلال، وتشريد، وقهر، فلا يهنأ الشاعر بقدوم العام الجديد، ويجد غرفته كئيبة خاوية، على الرغم من امتلائها ببطاقات التهنئة التي يراها فارغة من معناها، وهذا مايعبر عنه في قصيدة عنوانها "عام جديد" (1959) وفيها يقول (ص64):
وحدي هنا في حجرتي
والليل والعام الوليد
وحدي، وأشباح السنين
كم حطّمَتْ مني ومن
وقفت لتنثر كل جرح
من صيحة الوطن الطعين
وكآبة الشيخ الطريد
وتململ الأحرار في
وتكالب الأقزام فوق
وحدي هنا في حجرتي
ورسائل شتّى تقول
العشر ماثلة الوعيدْ
زهوي ومن مجدي التليدْ
كان في صدري وئيدْ
ورقدة الوطن الشهيد
ودمعة الطفل الشريد
أغلال حكام عبيد
ذيول عملاق عنيد
والجرح والفجر الجديد
جميعها عاماً سعيد
إن حزن الشاعر في العيد، وإحساسه بما يعانيه وطنه وأمته من هوان الاحتلال والتشريد والقهر، لهو دليل على أن الشاعر يحمل الوطن والأمة في وجدانه دائماً، وأن فرحة الإنسان لاتكتمل إلا بفرحة الوطن، وتلك هي في الحقيقة معاناة كل مواطن عربي.
إن ذلك كله يؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية كل عربي، يعيش نبضها كل يوم، ويحس بمأساتها، ولا يهنأ في عيشه، والأرض المقدسة مدنسة، والقدس الشريف منتهك، والشقيق الفلسطيني يعاني من التشريد أو الاحتلال.
- 10 –
ولذلك يصعب على الشاعر أن يسمع أن أحد الأغنياء العرب قد أنفق مبلغاً كبيراً على ملذاته، في الوقت الذي تعاني فيه القدس من جراحها فيثور غضب الشاعر، وينقم، ويمضي ليرسم لوحة لذلك الغني، يسخر فيها منه، ويهزأ، في قصيدة له عنوانها "هكذا" (1954) وفيها يصور جود ذلك الغني وإنفاقه على ملذاته، فيقول (ص26-27):
قال: ياحسناء ماشئت فاطلبي
أختك الشقراء مدت كفها(942/9)
فانتقى أكرم مايهفو له
وتلاشى الطيب من مخدعه
فكلانا بالغوالي مولع
فاكتسى من كل نجم إصبع
معصم غضٌّ وجيد أتلع
وتولاه السبات الممتع
ثم يعلّق على موقف الغني، ساخراً، في تفجع مرّ، فيقول في ختام القصيدة (ص27):
هكذا تقتحم القدس على
غاصبيها هكذا تسترجع
وفي هذا الختام مايحزّ في الأعماق، ويثير الشعور بالمرارة والألم، بالإضافة إلى مافيه من سخرية وإدانة.
- 11 –
وفي كل مناسبة، ينعطف الشاعر إلى القدس، ليعبر عن واقعها المؤلم، ففي حفل تأبين الشاعر اللبناني الأخطل الصغير عام 1969 يلقي أبو ريشة قصيدة مطولة، عنوانها "بنات الشاعر"، يرثي فيها الشاعر، ويأبى إلا أن ينطق بما في نفسه من حزن وأمل، حزن على واقع فلسطين، والأمة العربية، وأمل في المقاومة الفلسطينية وحركتها فتح التي أعلن عنها عام 1965.
وهاهو ذا يخاطب الشاعر الأخطل الصغير ويبوح له بما في جوانحه من ألم على أمته، فيقول: (ص75- 76):
ياراقداً في حمى النعمى ومضجعه
نجيُّك اليوم من أزرى الزمان به
جناحه بعدما طال المطاف به
يمشي الهوينا على صحراء رحلته
كانت له في هضاب الشرق ألوية
يسائل القدر المحموم في خجل
مازال يندىعليه العشب والزهر
وردّه عن مدى آفاقه الكِبَرُ
مخضّب من شظاياالشهب منكسر
وصحبه الليل والأشباح والسهر
نَسْج الكرامة معقود بها الظفر
عنها فيغضي على استحيائه القدر
وهذا البوح الحزين لايعبر عن مشاعر فردية خاصة، إنما يعبر عن مشاعر وطنية قومية شاملة، مرجعها الحزن على واقع الأمة العربية وما نالها من ضيم، ولكن الشاعر لايفقد الأمل، فعزاؤه في كتائب الفتح، وأمله في رجال المقاومة، الذين يصنعون المستقبل، يقول الشاعر (ص76-77):
كتائبُ الفتح في إعصار عاصفة
من كلّ أمرد ما أدمى مراشفَه
وكلِّ حسناءَ ماباعت أساورها
كتائبٌ بالنضال الحق مؤمنة
بالحقد والغضب العلوي تنفجر
في رعشةالشوق إلا الوحلُ والمدر
إلا لتشتري بها ما الموتُ يدّخر(942/10)
إذا الطواغيت من إيمانها سخروا
ولكن، على الرغم من هذا الأمل برجال الفداء والتضحية، يظل الشاعر حزيناً، بسبب يأسه من الحكام العرب، وهو يدين في القصيدة نفسها مؤتمر القمة الذي عقدوه آنئذ في الرباط، ثم يعلن في الختام عن ألمه الشديد لأنه لم يقل كل ماكان يريد أن يقول، فما تزال في الصدر غصة، يقول (ص 78):
عفواً بشارة بعض البوح ضقت به
خنقت بالدمعة الخرساء أكثره
فسال فوق فمي حرّان يستعر
وأقتل الدمع مالا يلمح البصر
- 12 –
ولذلك يعلّق الشاعر الأمل على الملك فيصل عندما يعلن عام 1975 عن عزمه على تحرير القدس، فيتمثل فيه صلاح الدين محرّر القدس، ويتوجه إليه في قصيدة مطولة عنوانها " أنا في مكة "، فيقول في مجموعة " أمرك يارب " (ص 57):
ربعُ حطينَ موحش ياصلاح الدين
سِرْ بنا صوبه وصلّ بنا في القدس
إلا من ذكريات غوال
واضرب حرامه بالحلال
- 13 –
ولكن فجأة يغتال الملك فيصل عام 1975، فيرثيه الشاعر بقصيدة مطولة عنوانها "أمرك يارب" (1395هـ 1975م)، وهما الكلمتان اللتان نطق بهما الملك فيصل وهو يجود بروحه، وقد جعل الشاعر القصيدة على لسان الملك، وصوره وهو يودّع الدنيا، ويتوجه إلى ربه بالنداء، معبراً عن أمنيته الأخيرة، وهي تحرير القدس، فيقول في المجموعة نفسها (ص14):
لي بعدُ ياربّ من دنياي أمنيةٌ
أردت أختم فيها العمر مقتحما
وأن أصلِّي وكف القدس تحمل لي
ماكان أكرمها في العمر أمنية
تقتات بالوعد منها كلّ أشجاني
أحقادَ حطين في مضمارها الثاني
رضاك في المسجدالأقصىوترعاني
ماكنت أحسبها تمضي وتنساني
والشاعر يدرك أن الملك فيصل لم يفقد الأمل، كما أن الشاعر نفسه لم يفقد الأمل فكلاهما يثق بالشعب، ويعرف أن القوم لن يتخلوا عن الحق، ولن ينسوا الأمانة، ولا بد من تحرير القدس، ولو طال الأمد، يقول الشاعر على لسان الملك فيصل وهو يجود بروحه (ص16):
يارب ماضاع عهد القدس إن له
أمانة لك لن يرموا بحرمتها
أكاد ألمحهمْ في ظل مسجدها(942/11)
قومي الأباةَ أعادي كلِّ عدوانِ
ولن يجروا عليها ذيل نسيانِ
وخالدٌ من سنا محرابه دان
وبذلك يعبر الشاعر عن رؤية قوامها التمسك بالحق، والثقة بالشعب، والتفاؤل بالمستقبل، والأمل بتحقيق النصر.
- 14 –
وتلك الرؤية، هي رؤية كل عربي يؤمن بالحق ويتمسك به ويناضل لأجله، وتلك المعاناة هي معاناة الشعب العربي كله، من المحيط إلى الخليج. وهي معاناة شعب، ورؤية شعب، تعدّ قضية فلسطين بالنسبة إليه قضية حق ووجود، وهي قضية حاضر ومستقبل، ولذلك لايفقد المرء الأمل، ولو وافاه الأجل، لأنها قضية شعب وتاريخ ووطن.
ولعل في هذا كله مايؤكد انتساب الشاعر إلى أمته وشعبه وتاريخه، بل مايؤكد عمق ذلك الانتساب وقوته ورسوخه وصدقه، فهو انتساب شاعر وعى القضية، وعاش تاريخها، وعرف أبعادها، ذاق فيها المرّ، ورأى النكبة والنكسة، ولكنه لم يقنط، وظل متعلقاً بالقضية.
- 15 –
ومثلما أخلص أبو ريشة للقضية في فكره ووجدانه ومواقفه، كذلك أخلص لها في فنّه، فكان يجوّد شعره، ويتقنه، ويعنى بصوره، ويجدّدها، وينتقي ألفاظه، ويجوّدها.
ولعلّ أهم ماسيذكر له جرأته في انتقاد الحكام العرب، وتحميلهم مسؤولية ضياع القدس وفلسطين، والتنديد بحرصهم على عروشهم، كما سيذكر له دائماً ثقته بشعبه، وأمته، وتعليقه الأمل دائماً على الجندي والمقاتل والفدائي، وحماة الوطن، وإدراكه أن القوة دائماً هي السبيل إلى النصر.
ومن أهم المعاني التي كان يردّدها طهر القدس ونقاؤها، وإشارته إلى مكانتها لدى المسيحيين والمسلمين، فهي مهد عيسى ومسرى محمد، عليهما السلام، وكان يراهما دائماً متعانقين.
كما كان يرى في الصهاينة دائماً شرذمة من اليهود الكاذبين الظالمين الطغاة صانعي الأكاذيب مدنسي الحرم المقدس.
وفي هذا السياق كان يندّد دائماً بالإنكليز، لنكثهم وعودهم للعرب، ومنحهم العهود لليهود.(942/12)
وكان مايفتأ يمجد الشهداء، ويأسى لآلام المشرّدين، واللاجئين، ويؤكد انتصار الحق بالقوة. وما كان يهنأ بعيد بل كان في كل عيد يذكر القدس، كما يذكرها في كل مناسبة، لأنه كان يحمل القضية في وجدانه.
وأمل الشاعر بالمستقبل، وثقته بالشعب، وتفاؤله بالنصر، ماكان ليمحو نغمة حزن كانت تشيع في كل ماقاله عن القدس وفلسطين، مثلما هي شائعة في شعره كله. كذلك لايغيب التاريخ عن شعره في القدس، ففي كل حين تأتلق أسماء خالد وصلاح الدين وكتائب الفتح، مثلما تألقت في شعره قصائده عن محمد وخالد والمتنبي والمعري. وإذا دلّ شيوع الحزن في شعره كله وتألق التاريخ على نزوع رومانتيكي، فإنه يدل على ماهو أهم من ذلك، ألا إنه الصدق والأصالة وتميز الصوت وخصوصيته.
ويلاحظ أخيراً أنه كان يعالج تلك المعاني بلغة شعرية راقية، فيها قوة وفيها متانة، وفيها صور جديدة، وإشارات بعيدة، شفيفة، حتى في القصائد التي يعرف أنه سيلقيها في مناسبة، وأمام جماهير حاشدة. لقد كانت المناسبات تقدح زناد قريحته، وتثير فيه شاعريته، وتحرضه على القول، فيجود فيها مثلما يجوّد في غيرها، فإذا هو مجوّد في قصيدة المناسبة مثلما هو مجوّد في غيرها، وإذا دلّ هذا على شيء، فإنه يدل على شاعر صادق، مخلص لشعره وفنه، في الحالات كلّها.
- 16 –(942/13)
ويبقى عمر أبو ريشة بعد ذلك كله واحداً من مئات الشعراء العرب، الذين اعتنقوا القضية الفلسطينية، وعشقوا القدس، وتمسكوا بالحق العربي، وناضلوا بشعرهم وفنهم، وأحياناً بدمهم وأرواحهم، في سبيل النصر، ولم يكن أبو ريشة الصوت الفرد الوحيد. ولا بد من القول أيضاً إن أولئك الشعراء أيضاً هم ضمير الشعب، وصوت الأمة، وما التزام الشعراء القضية الفلسطينية إلا جزء من التزام الشعب العربي في كل مكان وكل قطر لهذه القضية، التي هي قضية العرب والمسلمين، ومقياس انتمائهم إلى أمتهم وأرضهم وشعبهم وتاريخهم. وإذا كان الشاعر يمتلك الأمل، ويحمل الثقة والتفاؤل، فلأنه يرى الشعب كله يضحي ويناضل، من أجل تحقيق ذلك الأمل.
المصادر
أبو ريشة، عمر، من عمر أبو ريشة شعر، دار الكشاف، بيروت، 1947. أبو ريشة، عمر، ديوان عمر أبو ريشة، دار العودة، بيروت، 1971. أبو ريشة، غنيت في مأتمي، دار العودة، بيروت، 1972. أبو ريشة، عمر، أمرك يارب، دار الأصفهاني، جدّة، 1398.
القصائد وفق تاريخ كتابتها 1- قيود، (1937)، ألقيت في حفلة الذكرى للمجاهد إبراهيم هنانو، شعر 136/142 الديوان ص 552- 561، من البحر الكامل، مطلعها:
وطن عليه من الزمان وقار
النور ملء شعابه والنار
2- شهيد، (1937) ألقيت في الحفلة التذكارية في حماه ودمشق للشهيد البطل سعيد العاص الذي استشهد في جبل النار بفلسطين ، الديوان ص 562- 575 شعرص 199- 208 من البحر الخفيف، مطلعها:
نام في غيهب الزمان الماحي
جبل المجد والندى والسماح
3- هذه أمتي، (1945)، ألقيت في حفلة افتتاح دار الكتب الوطنية في حلب بعد العدوان الفرنسي، وخروج الشاعر من السجن، شعر ص154- 163 الديوان، (ص 516- 528)، من البحر الخفيف، ومطلعها :
ماصحا بعد من خمار زمانه
فليرفّه بالشدو عن أشجانه(942/14)
4- عرس المجد: (1947) ألقيت في الحفلة التذكارية التي أقيمت في حلب، ابتهاجاً بجلاء الفرنسيين عن سورية، شعر 145- 153 الديوان (ص 437- 449)، من البحر الخفيف، ومطلعها:
ياعروس المجد تيهي واسحبي
في مغانينا ذيول الشهب
5- بعد النكبة (1948)، ألقاها بعد نكبة 1948 في حفل ضم رئيس الوزراء في عهده وهو جميل مردم بك، وقد هجاه ببيتين لم يثبتهما في الديوان، ولكن الناس يتناقلونهما شفاها، يقول فيهما:
كيف تبغي أمة عزتها
إن أرحام البغايا لم تلد
وبها شبه جميل المردم
مجرماً في شكل هذا المجرم
والقصيدة في الديوان ص (7-11) وهي من البحر الرمل، ومطلعها:
أمتي هل لك بين الأمم
منبر للسيف أو للقلم
6- حماة الضيم: (1948) الديوان ص14- 20، من البحر الكامل ومطلعها:
عاتبته ونسيتِ طيب نجاره
وأبيتِ أن تصغي إلى أعذاره
7- ياعيد، (1949) الديوان ص 93- 95، من البحر البسيط، ومطلعها:
ياعيد ما افتر ثغر المجد ياعيد
فكيف تلقاك بالبشرى الزغاريد
8- عام جديد (1959) الديوان ص 64- 66، من مجزوء الكامل، ومطلعها:
وحدي هنا في حجرتي
والليل والعام الوليد
9- هكذا : (1954) الديوان، ص(25- 27)، من البحر الخفيف، ومطلعها:
صاحَ يا عبد فرفّ الطيب
واستعر الكأس وضج المضجع
10- بنات الشاعر: (1969) ألقيت في حفل تأبين الشاعر اللبناني الأخطل الصغير (الديوان 67-78) من البحر البسيط، ومطلعها:
نديك السمح له يخنق له وتر
ولم يغب عن حواشي ليله سمر
11- أنا في مكة، بلا تاريخ، مجموعة أمرك يارب، 1398هـ، ص 37- 57، من البحر الخفيف، مطلعها :
لم تزالي على ممرّ الليالي
موئل الحقّ ياعروس الرمال
12- أمرك يارب، 1395هـ، مجموعة أمرك يارب، 1398هـ، ص 9-19، ومطلعها:
يا ربّ أمرك هذا لاأطيق له
ردّاً فأمرك ياربي تولاّني(942/15)
عمر أبو ريشة
من أنت ِ هوعمر أبو ريشة أبوه شافع ولد عمر في منبج عام 1910م وفيها ترعرع ودرج وانتقل منها إلى حلب فدخل مدارسها الابتدائية ثم أدخله أبوه الجامعة الأمريكية في بيروت ثم سافر إلى انكلترا عام 1930 ليدرس في جامعتها على الكيمياء الصناعية وهناك زاد تعلقه بالدين الإسلامي وأراد أن يعمل للدعاية له في لندن ، وراح يتردد على جامع لندن يصاحب من يصاحب ويكتب المقالات الكثيرة في هذا الميدان ، ثم انقلب عمر إلى باريس وعاد إلى حلب عام 1932 ولم يعد بعدها إلى انكلترا، اشترك في الحركة الوطنية في سوريا إيام الاحتلال وسجن عدة مرات وفر من الأضطهاد الفرنسي ، كما ثار على الأوضاع في سوريا بعد حصولها على الاستقلال وقد آمن بوحدة الوطن العربي وانفعل بأحداث الأمة الاسلامية
ولقد كانت كارثة فلسطين بعيدة الأثر في نفسه فله شعر في نكبة فلسطين كثير وله ديوان باسم ( بيت وبيتان ) وديوان باسم ( نساء ) وله مسرحية باسم ( علي ) ولأخرى باسم ( الحسين ) ومسرحية باسم ( تاج محل )وله ديوان باسم ( كاجوراو )ومجموعة قصائد باسم ( حب ) ومجموعة شعرية باسم ( غنيت في مأتمي )، وله مسرحية شعرية سمها ( رايات ذي قار ) أنشأها قبيل عشرين سنة وجعلها في أربعة فصول وله مسرحية باسم ( الطوفان ) وله ملحمة ( ملاحم البطولة في التاريخ الإسلامي ) وهي اثني عشر ألف بيت وله ديوان شعر باللغة الانكليزية 0توفي عام 1410هـ في الرياض(943/1)
عناد
هذي الربى كم ضاق في فضاؤها ... مالي على جنباتها أتعثر
شب الحصى فيها ودون زحامه ... درب يغيب و آخر يتكسر
وملاعبي ومجر أذيالي بها ... بعدت فما ترقى إليها الأنسر
ما كنت أحسب أنها تتغير
وأرى الشتاء تطاولت أيامه ... وازداد عسفا قلبه المتحجر
كم زارني وكشفت عن صدري له ... فأقام لا يزهو ولا يتكبر
ما زلت أذكر كيف كان لهاثه ... من دفء أضلاعي يذوب ويقطر
ما كنت أحسب انه يتغير
وأتيت مرآتي وعطري في يدي ... فبصرت ما لا كنت فيها أبصر
فخفضت طرفي ذاهلا متوجعا ... ونفرت منها غاضبا استنكر
خانت عهود مودتي فتغيرت ... ما كنت أحسب أنها تتغير(944/1)
عودي
عمر أبو ريشة
القصيدة (عودي)
عمر أبو ريشة
قالتْ مللتُكَ . إذهبْ . لستُ نادِمةًعلى فِراقِكَ .. إن الحبَّ ليس لنا
سقيتُكَ المرَّ من كأسي . شفيتُ بهاحقدي عليك .. ومالي عن شقاكَ غنى !
لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنيةًلقد حملتُ إليها النعش والكفنا ...
قالتْ .. وقالتْ .. ولم أهمسْ بمسمعهاما ثار من غُصصي الحرى وما سَكنا
تركْتُ حجرتها .. والدفءَ منسرحاًوالعطرَ منسكباً .. والعمر مُرتهنا
وسرتُ في وحشتي .. والليل ملتحفٌبالزمهرير . وما في الأفق ومضُ سنا
ولم أكد أجتلي دربي على حدسِوأستلينُ عليه المركبَ الخشِنا ..
حتى .. سمعتُ .. ورائي رجعَ زفرتهاحتى لمستُ حيالي قدَّها اللدنا
نسيتُ مابي ... هزتني فجاءتُهاوفجَّرَتْ من حناني كلَّ ما كَمُنا
وصِحتُ .. يا فتنتي ! ما تفعلين هنا ؟؟ألبردُ يؤذيك عودي ... لن أعود أنا !(945/1)
عودي
1. قالتْ مللتُكَ . إذهبْ . لستُ نادِمةً على فِراقِكَ .. إن الحبَّ ليس لنا
2. سقيتُكَ المرَّ من كأسي . شفيتُ بها حقدي عليك .. ومالي عن شقاكَ غنى !
3. لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنيةً لقد حملتُ إليها النعش والكفنا ...
4. قالتْ .. وقالتْ .. ولم أهمسْ بمسمعها ما ثار من غُصصي الحرى وما سَكنا
5. تركْتُ حجرتها .. والدفءَ منسرحاً والعطرَ منسكباً .. والعمر مُرتهنا
6. وسرتُ في وحشتي .. والليل ملتحفٌ بالزمهرير . وما في الأفق ومضُ سنا
7. ولم أكد أجتلي دربي على حدسِ وأستلينُ عليه المركبَ الخشِنا ..
8. حتى .. سمعتُ .. ورائي رجعَ زفرتها حتى لمستُ حيالي قدَّها اللدنا
9. نسيتُ مابي ... هزتني فجاءتُها وفجَّرَتْ من حناني كلَّ ما كَمُنا
10. وصِحتُ .. يا فتنتي ! ما تفعلين هنا ؟؟ البردُ يؤذيك عودي ... لن أعود أنا !(946/1)
غادة من الأندلس
وثبتْ تَستقربُ النجم مجالا وتهادتْ تسحبُ الذيلَ اختيالا
وحِيالي غادةٌ تلعب في شعرها المائجِ غُنجًا ودلالا
طلعةٌ ريّا وشيءٌ باهرٌ أجمالٌ ؟ جَلَّ أن يسمى جمالا
فتبسمتُ لها فابتسمتْ وأجالتْ فيَّ ألحاظًا كُسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما انخفضت حِسًا ولا سَفَّتْ خيالا
كلُّ حرفٍ زلّ عن مَرْشَفِها نثر الطِّيبَ يميناً وشمالا
قلتُ يا حسناءُ مَن أنتِ ومِن أيّ دوحٍ أفرع الغصن وطالا ؟
فَرَنت شامخةً أحسبها فوق أنساب البرايا تتعالى
وأجابتْ : أنا من أندلسٍ جنةِ الدنيا سهولاً وجبالا
وجدودي ، ألمح الدهرُ على ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ بالمروءات رِياحاً ورمالا
حملوا الشرقَ سناءً وسنى وتخطوا ملعب الغرب نِضالا
فنما المجدُ على آثارهم وتحدى ، بعد ما زالوا الزوالا
هؤلاء الصِّيد قومي فانتسبْ إن تجد أكرمَ من قومي رجالا
أطرق القلبُ ، وغامتْ أعيني برؤاها ، وتجاهلتُ السؤالا(947/1)
غادة من الأندلس
أبو ريشة
1. ... وثبتْ تَستقربُ النجم مجالا وتهادتْ تسحبُ الذيلَ اختيالا
2. ... وحِيالي غادةٌ تلعب في شعرها المائجِ غُنجًا ودلالا
3. ... طلعةٌ ريّا وشيءٌ باهرٌ أجمالٌ ؟ جَلَّ أن يسمى جمالا
4. ... فتبسمتُ لها فابتسمتْ وأجالتْ فيَّ ألحاظًا كُسالى
5. ... وتجاذبنا الأحاديث فما انخفضت حِسًا ولا سَفَّتْ خيالا
6. ... كلُّ حرفٍ زلّ عن مَرْشَفِها نثر الطِّيبَ يميناً وشمالا
7. ... قلتُ يا حسناءُ مَن أنتِ ومِن أيّ دوحٍ أفرع الغصن وطالا ؟
8. ... فَرَنت شامخةً أحسبها فوق أنساب البرايا تتعالى
9. ... وأجابتْ : أنا من أندلسٍ جنةِ الدنيا سهولاً وجبالا
10. ... وجدودي ، ألمح الدهرُ على ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
11. ... بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ بالمروءات رِياحاً ورمالا
12. ... حملوا الشرقَ سناءً وسنى وتخطوا ملعب الغرب نِضالا
13. ... فنما المجدُ على آثارهم وتحدى ، بعد ما زالوا الزوالا
14. ... هؤلاء الصِّيد قومي فانتسبْ إن تجد أكرمَ من قومي رجالا
15. ... أطرق القلبُ ، وغامتْ أعيني برؤاها ، وتجاهلتُ السؤالا(948/1)
في طائرة
وثبت تستقرب النجم مجالا ... وتهادت تسحب الذيل اختيالا
وحيالي غادة تلعب في ... شعرها المائج غنجا ودلالا
طلعة ريا وشيء باهر ... أجمال جل ان يسمى جمالا
فتبسمت لها فابتسمت ... وأجالت في ألحاظا كسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما ... انخفضت حسا ولا سفت خيالا
كل حرف زل عن مرشفها ... نثر الطيب يمينا وشمالا
قلت يا حسناء من أنت ... ومن أي دوح أفرع الغصن وطالا
فرنت شامخة احسبها ... فوق انساب البرايا تتعالى
وأجابت أنا من أندلس ... جنة الدنيا سهولا وجبالا
وجدودي المح الدهر على ... ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركت صحراؤهم كم زخرت ... بالمروءات رياحا ورمالا
حملوا الشرق سناء وسنى ... وتخطوا ملعب الغرب نضالا
فنما المجد على آثارهم ... وتخطى بعدما زالوا الزوالا
هؤلاء الصيد قومي فانتسب ... إن تجد أكرم من قومي رجالا
أطرق الطرف و غامت أعيني ... برؤاها وتجاهلت السؤالا(949/1)
في موسم الورد
هنا في موسم الوردِ
تلاقَيْنا بلا وَعْدِ
وسِرْنا في جلال الصمتِ
فوق مناكبِ الخُلْدِ
وفي ألحاظنا جوعٌ
على الحرمان يستجدي!
وأهوى جيدكِ الريان
متكئاً على زِندي
فكُنا غفوةً خرساء
بين الخَدِّ والخَدِّ
مُنى قلبي أرى قلبكِ
لا يبقى على عَهْدِ
أسائلُ عنكِ أحلامي
وأُسكتُها عن الرَدِّ
أردتِ فنلتِ ما أمَّلتِ
مَن عِزّي ومن مجدي
فأنتِ اليوم ألحاني
وألحان الدُّنى بَعْدي
فما أقصرَه حُبَّا
تلاشى وهو في المَهْدِ
ولم أبرحْ هنا،
في ظل هذا المّلتقى وحدي(950/1)
قصيدة أمتي
عمر أبو ريشة
1.-أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم
2.-أتلقاك وطرفي مطرق خجلاً من أمسك المنصرم
3.-ويكاد الدمع يهمي عابثاً ببقايا كبرياء الألم
4.-أين دنياك التي أوحت إلى وتري كل يتيم النغم
5.-كم تخطيت على أصدائه ملعب العز ومغنى الشمم
6.-وتهاديت كأني ساحب مئزري فوق جباه الأنجم
7.-أمتي كم غصة دامية خنقت نجوى علاك في فمي
8.-أي جرح في إبائي راعف فاته الآسي فلم يلتئم
9.-ألإسرائيل تعلو راية في حمى المهد وظل الحرم !؟
10.-كيف أغضيت على الذل ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
11.-أوما كنت إذا البغي اعتدى موجة من لهب أو من دم !؟
12.-كيف أقدمت وأحجمت ولم يشتف الثأر ولم تنتقمي ؟
13.-اسمعي نوح الحزانى واطربي وانظري دمع اليتامى وابسمي
14.-ودعي القادة في أهوائها تتفانى في خسيس المغنم
15.-ربَّ وامعتصماه انطلقت ملء أفواه البنات اليتم
16.-لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
17.-أمتي كم صنم مجّدتِه لم يكن يحمل طهر الصنم
18.-لايلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدوَّ الغنم
19.-فاحبسي الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيدُ الدرهم
20.-أيها الجندي يا كبش الفدا يا شعاع الأمل المبتسم
21.-ما عرفت البخل بالروح إذا طلبتها غصص المجد الظمي
22.-بورك الجرح الذي تحمله شرفاً تحت ظلال العلم(951/1)
قصيدة طهر
أبو ريشة
ألفيتها ساهمة شاردة تأملا
طيف على أهدابها كسرها تنقلا
شق وشاح فجرها خميلة وجدولا
وما ج فيها رعشة حرى وشوقا منزلا
ناديتها فالتفتت نهدا وشعرا مرسلا
واللحظ في ذهوله مغرورق تململا
طوقتها يا للشذ امطوقا مقبلا
فما انثنت حائرة ولا رنت تدللا
ولا درت وجنتها من خجل تبدلا
كأنها في طهرها أطهر من أن تخجلا(952/1)
قصيدة عناد
هذي الربى كم ضاق في فضاؤها = مالي على جنباتها أتعثر
شب الحصى فيها ودون زحامه = درب يغيب و آخر يتكسر
وملاعبي ومجر أذيالي بها = بعدت فما ترقى إليها الأنسر
ما كنت أحسب أنها تتغير
وأرى الشتاء تطاولت أيامه =وازداد عسفا قلبه المتحجر
كم زارني وكشفت عن صدري له = فأقام لا يزهو ولا يتكبر
ما زلت أذكر كيف كان لهاثه = من دفء أضلاعي يذوب ويقطر
ما كنت أحسب انه يتغير
وأتيت مرآتي وعطري في يدي =فبصرت ما لا كنت فيها أبصر
فخفضت طرفي ذاهلا متوجعا =ونفرت منها غاضبا استنكر
خانت عهود مودتي فتغيرت= ما كنت أحسب أنها تتغير(953/1)
قصيدة سر السراب
عمر أبو ريشة
1. كم جئت أحمل من جراحات الهوى نجوى ، يرددها الضمير ترنُّما
2. سالتْ مع الأمل الشهي لترتمي في مسمعيكِ ، فما غمزتِ لها فما
3. فخنقتها في خاطري ! فتساقطتْ في أدمعي ، فشربتها متلعثما
4. ورجعتُ أدراجي أصيدُ من المنى حلماً ، أنام بأفقه متوهما
5. أختاهُ ! قد أزف النوى فتنعمي بعدي فإن الحب لن يتكلما
6. لا تحسبيني سالياً ، إن تلمحي في ناظري ، هذا الذهول المبهما
7. إن تهتكي سر السرابِ وجدتِهِ حلم الرمالِ الهاجعاتِ على الظما(954/1)
قصيدة عناد)أبو ريشة
هذي الربى كم ضاق في فضاؤها = مالي على جنباتها أتعثر
شب الحصى فيها ودون زحامه = درب يغيب و آخر يتكسر
وملاعبي ومجر أذيالي بها = بعدت فما ترقى إليها الأنسر
ما كنت أحسب أنها تتغير
وأرى الشتاء تطاولت أيامه = وازداد عسفا قلبه المتحجر
كم زارني وكشفت عن صدري له = فأقام لا يزهو ولا يتكبر
ما زلت أذكر كيف كان لهاثه = من دفء أضلاعي يذوب ويقطر
ما كنت أحسب انه يتغير
وأتيت مرآتي وعطري في يدي = فبصرت ما لا كنت فيها أبصر
فخفضت طرفي ذاهلا متوجعا = ونفرت منها غاضبا استنكر
خانت عهود مودتي فتغيرت = ما كنت أحسب أنها تتغير(955/1)
لوعة
خطُ أختي لم أكن أجهله إن أختي دائماً تكتب لي
* *
حدثتني أمس عن أهلي وعن مضض الشوق وبُعد المنزل
* *
ماعساها اليوم لي قائلة؟ أيُّ شيءٍ يا ترى لم تقلِ
* *
وفضضت الطرس ..لم أعثر على غير سطرٍ واحدٍ ..مختزلِ
* *
وتهجيت بجهدٍ بعضه إن أختي كتبت في عجل
* *
فيه شيءٌ...عن عليٍ مبهمٌ ربما بعد قليل ينجلي
* *
وتوقفتُ ..ولم أتممْ..وبي رعشاتُ الخائف المبتهل
* *
وترآءى لي عليٌّ كاسياً من خيوط الفجر أسنى حُلَلِ
* *
مرِحَ اللفتةِ مزهو الخطى سلس اللهجة حلو الخجل
* *
تسأل البسمةُ في مرشفه عن مواعيد انسكاب القُبَلِ
* *
طلعةٌ استقبل الدنيا بها ناعم البال بعيد المأمل
* *
كم أتى يشرح لي أحلامه وأمانيه على المستقبل
* *
قال لي في كبرياء إنه يعرف الدرب لعيش أفضل
* *
إنه يكره أغلالي التي أوهنت عزمي وأدمت أرجلي
* *
سوف يعطي في غدٍ قريته خبرة العلم وجهد العمل
* *
وسيبني بيته في غايةٍ تترامى فوق سفح الجبل
* *
وسأعتز به في غده وأراه مثلاً للرجل
* *
عدت للطرس الذي ليس به غير سطرٍ .. واحدٍ .. مختزلِ
* *
وتجالدت .. لعلي واجد فيه ما يبعد عني وجلي
* *
وإذا أقفل معناه على وهمي الضارع ..كل السبل
* *
غرقت عيناي في أحرفه وتهاوى مِزقاً عن أنملي
* *
قلبُ أختي ..لم أكن أجهله إن أختي دائماً تحسن لي
* *
ما لها تنحرني نحراً على قولها ..مات ابنها.. مات علي(956/1)
مع الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود
أنا في موئل النبوة يا دنيا ... أؤدي فرائض الأيمان
أسأل النفس خاشعا أترى ... طهرت بردي من لوثة الأدران
كم صلاة صليت لم يتجاوز ... قدس آياتها حدود لساني!
كم صيام عانيت جوعي فيه ... ونسيت الجياع من إخواني!
كم رجمت الشيطان والقلب مني ... مرهق في حبائل الشيطان!
رب عفوا إن عشت ديني ألفاظا ... عجافا ولم أعشه معاني
أنا من أمة تجوس حماها ... جاهلياتها بلا استئذان
مزقت شملنا شعائر شتى ... وقيادات طغمة عبدان
مرنتنا على الهزيمة والجبن ... وبعض الحياة بعض مران
فاستكنا لا بارك الله في ... صبر ذليل ولا بكاء جبان
يا بن عبد العزيز وانتفض العز ... وأصغى وقال : من ناداني ؟
قلت : ذاك الجريح في القدس ... في سيناء في الضفتين في الجولان(957/1)
ملحمة النبي رائعة أبو ريشة
1. أي نجوى مخضلة النعماء رددتها حناجر الصحراء
2. سمعتها قريش فانتفضت غضبى وضجت مشبوبة الأهواء
3. ومشت في حمى الضلال إلى الكعبة مشي الطريدة البلهاء
4. وارتمت خشعة على اللات والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء
5. وبدت تنحر القرابين نحرا في هوى كل دمية صماء
6. وانثنت تضرب الرمال اختيالا بخطى جاهلية عمياء
7. عربدي يا قريش وانغمسي ما شئت في حمأة المنى النكراء
8. لن تزيلي ما خطه الله للأرض وما صاغه لها من هناء
9. شاء أن ينبت النبوة في القفر ويلقي بالوحي من سيناء
10. فسلي الربع ما لغربة عبد الله تطوى جراحها في العزاء
11. ما لأقيال هاشم يخلع البشر عليها مطارف الخيلاء
12. انظريها حول اليتيم فراشاً هزجاً حول دافق اللألاء
13. وأبو طالب على مذبح الأصنام يزجي له ضحايا الفداء
14. هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء زاحم مناكب الجوزاء
15. بسم الطفل للحياة وفي جنبيه سر الوديعة العصماء
16. هبَّ من مهده ودبَّ غريبَ الدار في ظل خيمة دكناء
17. تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو وفي ثغرها افترار رضاء
18. عرفت فيه طلعة اليمن والخير إذا أجدبت ربى البيداء
19. وتجلَّى لها الفراق فأغضت في ذهول وأجهشت بالبكاء
20. عاد للربع أين آمنةٌ والحب والشوق في مجال اللقاء
21. ما ارتوت منه مقلة طالما شقت عليه ستائر الظلماء
22. يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف بعده كل دمعة خرساء
23. أحمد شبَّ يا قريش فتيهي في الغوايات واسرحي في الشقاء
24. وانفضي الكف من فتى ما تردَّى برداء الأجداد والآباء
25. أنت سميته الأمين وضمخت بذكراه ندوة الشعراء
26. فدعي عمه فما كان يغريه بما في يديك من إغراء
27. جاءه متعب الخطى شارد الآمال ما بين خيبة ورجاء
28. قال هوِّنْ عنك الأسى يابن عبد الله واحقن لنا كريم الدماء
29. لا تسفّهْ دنيا قريش تبوِّئْك من الملك ذروة العلياء(958/1)
30. فبكى أحمد وما كان من يبكي ولكنها دموع الإباء
31. فلوى جيده وسار وئيداً ثابت العزم مثقل الأعباء
32. وأتى طوده الموشح بالنور وأغفى في ظل غار حراء
33. وبجفنيه من جلال أمانيه طيوف علوية الإسراء
34. وإذا هاتف يصيح به اقرأ فيدوّي الوجود بالأصداء
35. وإذا في خشوعه ذلك الأمي يتلو رسالة الإيحاء
36. وإذا الأرض والسماء شفاه تتغنى بسيد الأنبياء
37. جمعت شملها قريش وسلَّتْ للأذى كلَّ صعدة سمراء
38. وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد في جنح ليلة ليلاء
39. ودرى سرَّها الرهيب عليٌّ فاشتهى لو يكون كبش الفداء
40. قال : يا خاتم النبيين أمست مكة دار طغمة سفهاء
41. أنا باق هنا ولست أبالي ما ألاقي من كيدها في البقاء
42. سيروني على فراشك والسيف أمامي وكل دنيا ورائي
43. حسبي الله في دروب رضاه أن يرى فيّ أول الشهداء
44. فتلقاه أحمد باسم الثغر عليماً بما انطوى في الخفاء
45. أمر الوحي أن يحثَّ خطاه في الدجى للمدينة الزهراء
46. وسرى واقتفى سراه أبو بكر وغابا عن أعين الرقباء
47. وأقاما في الغار والملأ العلوي يرنو إليهما بالرعاء
48. وقفت دونه قريش حيارى وتنزَّت جريحة الكبرياء
49. وانثنت والرياح تجأر والرمل نثير في الأوجه الربداء
50. هللي يا رُبا المدينة واهمي بسخيِّ الأظلال والأنداء
51. واقذفيها الله أكبر حتى ينتشي كل كوكب وضاء
52. واجمعي الأوفياء إن رسول الله آت لصحبه الأوفياء
53. وأطلّ النبي فيضاً من الرحمة يروي الظماء تلو الظماء(958/2)
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة
أي نجوى مخضلة النعماء ... رددتها حناجر الصحراء
سمعتها قريش فا نتفضت غضبى ... وضجت مشبوبة الأهواء
ومشت في حمى الضلال إلى ... الكعبة مشي الطريدة البلهاء
وارتمت خشعة على اللات ... والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء
وبدت تنحر القرابين نحرا ... في هوى كل دمية صماء
وانثنت تضرب الرمال اختيالا ... بخطى جاهلية عمياء
عربدي يا قريش وانغمسي ما ... شئت في حمأة المنى النكراء
لن تزيلي ما خطه الله للأرض ... وما صاغه لها من هناء
شاء أن ينبت النبوة في القفر ... ويلقي بالوحي من سيناء
فسلي الربع ما لغربة عبد الله ... تطوى جراحها في العزاء
ما لأقيال هاشم يخلع البشر ... عليها مطارف الخيلاء
انظريها حول اليتيم فراشا ... هزجا حول دافق اللالاء
وأبو طالب على مذبح الأصنام ... يزجي له ضحايا الفداء
هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء ... زاحم مناكب الجوزاء
بسم الطفل للحياة وفي جنبيه ... سر الوديعة العصماء
هب من مهده ودب غريبَ ... الدار في ظل خيمة دكناء
تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو ... وفي ثغرها افترار رضاء
عرفت فيه طلعة اليمن والخير ... إذا أجدبت ربى البيداء
وتجلى لها الفراق فاغضت ... في ذهول وأجهشت بالبكاء
عاد للربع أين آمنةٌ ... والحب والشوق في مجال اللقاء
ما ارتوت منه مقلة طالما شقت ... عليه ستائر الظلماء
يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف ... بعده كل دمعة خرساء
أحمد شب يا قريش فتيهي ... في الغوايات واسرحي في الشقاء
وانفضي الكف من فتى ما تردى ... برداء الأجداد والآباء
أنت سميته الأمين وضمخت ... بذكراه ندوة الشعراء
فدعي عمه فما كان يغريه ... بما في يديك من إغراء
جاءه متعب الخطى شارد الآمال ... مابين خيبة ورجاء
قال هون عنك الأسى يابن عبد ... الله واحقن لنا كريم الدماء
لا تسفه دنيا قريش تبوئك ... من الملك ذروة العلياء
فبكى أحمد وما كان من يبكي ... ولكنها دموع الإباء
فلوى جيده وسار وئيدا ... ثابت العزم مثقل الأعباء
وأتى طوده الموشح بالنور ... وأغفى في ظل غار حراء
وبجفنية من جلال أمانيه ... طيوف علوية الإسراء(959/1)
وإذا هاتف يصيح به اقرأ ... فيدوي الوجود بالأصداء
وإذا في خشوعه ذلك الأمي ... يتلو رسالة الإيحاء
وإذا الأرض والسماء شفاه ... تتغنى بسيد الأنبياء
جمعت شملها قريش وسلت ... للأذى كل صعدة سمراء
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد ... في جنح ليلة ليلاء
ودرى سرها الرهيب علي ... فاشتهى لو يكون كبش الفداء
قال : يا خاتم النبيين أمست ... مكة دار طغمة سفهاء
أنا باق هنا ولست أبالي ... ما ألاقي من كيدها في البقاء
سيروني على فراشك والسيف ... أمامي وكل دنيا ورائي
حسبي الله في دروب رضاه ... أن يرى فيّ أول الشهداء
فتلقاه أحمد باسم الثغر ... عليما بما انطوى في الخفاء
أمر الوحي ان يحث خطاه ... في الدجى للمدينة الزهراء
وسرى واقتفى سراه أبو بكر ... وغابا عن أعين الرقباء
وأقاما في الغار والملأ العلوي ... يرنو إليهما بالرعاء
وقفت دونه قريش حيارى ... وتنزهت جريحة الكبرياء
وانثنت والرياح تجار والرمل ... نثير في الأوجة الربداء
هللي يا ربا المدينة واهمي ... بسخي الأظلال والأنداء
واقذفيها الله أكبر حتى ... ينتشي كل كوكب و ضاء
واجمعي الأوفياء إن رسول الله ... آت لصحبة الأوفياء
وأطلّ النبي فيضا من الرحمة ... يروي الظماء تلو الظماء(959/2)
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم
1. أي نجوى مخضلة النعماء رددتها حناجر الصحراء
2. سمعتها قريش فانتفضت غضبى وضجت مشبوبة الأهواء
3. ومشت في حمى الضلال إلى الكعبة مشي الطريدة البلهاء
4. وارتمت خشعة على اللات والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء
5. وبدت تنحر القرابين نحرا في هوى كل دمية صماء
6. وانثنت تضرب الرمال اختيالا بخطى جاهلية عمياء
7. عربدي يا قريش وانغمسي ما شئت في حمأة المنى النكراء
8. لن تزيلي ما خطه الله للأرض وما صاغه لها من هناء
9. شاء أن ينبت النبوة في القفر ويلقي بالوحي من سيناء
10. فسلي الربع ما لغربة عبد الله تطوى جراحها في العزاء
11. ما لأقيال هاشم يخلع البشر عليها مطارف الخيلاء
12. انظريها حول اليتيم فراشاً هزجاً حول دافق اللألاء
13. وأبو طالب على مذبح الأصنام يزجي له ضحايا الفداء
14. هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء زاحم مناكب الجوزاء
15. بسم الطفل للحياة وفي جنبيه سر الوديعة العصماء
16. هبَّ من مهده ودبَّ غريبَ الدار في ظل خيمة دكناء
17. تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو وفي ثغرها افترار رضاء
18. عرفت فيه طلعة اليمن والخير إذا أجدبت ربى البيداء
19. وتجلَّى لها الفراق فأغضت في ذهول وأجهشت بالبكاء
20. عاد للربع أين آمنةٌ والحب والشوق في مجال اللقاء
21. ما ارتوت منه مقلة طالما شقت عليه ستائر الظلماء
22. يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف بعده كل دمعة خرساء
23. أحمد شبَّ يا قريش فتيهي في الغوايات واسرحي في الشقاء
24. وانفضي الكف من فتى ما تردَّى برداء الأجداد والآباء
25. أنت سميته الأمين وضمخت بذكراه ندوة الشعراء
26. فدعي عمه فما كان يغريه بما في يديك من إغراء
27. جاءه متعب الخطى شارد الآمال ما بين خيبة ورجاء
28. قال هوِّنْ عنك الأسى يابن عبد الله واحقن لنا كريم الدماء
29. لا تسفّهْ دنيا قريش تبوِّئْك من الملك ذروة العلياء(960/1)
30. فبكى أحمد وما كان من يبكي ولكنها دموع الإباء
31. فلوى جيده وسار وئيداً ثابت العزم مثقل الأعباء
32. وأتى طوده الموشح بالنور وأغفى في ظل غار حراء
33. وبجفنيه من جلال أمانيه طيوف علوية الإسراء
34. وإذا هاتف يصيح به اقرأ فيدوّي الوجود بالأصداء
35. وإذا في خشوعه ذلك الأمي يتلو رسالة الإيحاء
36. وإذا الأرض والسماء شفاه تتغنى بسيد الأنبياء
37. جمعت شملها قريش وسلَّتْ للأذى كلَّ صعدة سمراء
38. وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد في جنح ليلة ليلاء
39. ودرى سرَّها الرهيب عليٌّ فاشتهى لو يكون كبش الفداء
40. قال : يا خاتم النبيين أمست مكة دار طغمة سفهاء
41. أنا باق هنا ولست أبالي ما ألاقي من كيدها في البقاء
42. سيروني على فراشك والسيف أمامي وكل دنيا ورائي
43. حسبي الله في دروب رضاه أن يرى فيّ أول الشهداء
44. فتلقاه أحمد باسم الثغر عليماً بما انطوى في الخفاء
45. أمر الوحي أن يحثَّ خطاه في الدجى للمدينة الزهراء
46. وسرى واقتفى سراه أبو بكر وغابا عن أعين الرقباء
47. وأقاما في الغار والملأ العلوي يرنو إليهما بالرعاء
48. وقفت دونه قريش حيارى وتنزَّت جريحة الكبرياء
49. وانثنت والرياح تجأر والرمل نثير في الأوجه الربداء
50. هللي يا رُبا المدينة واهمي بسخيِّ الأظلال والأنداء
51. واقذفيها الله أكبر حتى ينتشي كل كوكب وضاء
52. واجمعي الأوفياء إن رسول الله آت لصحبه الأوفياء
53. وأطلّ النبي فيضاً من الرحمة يروي الظماء تلو الظماء(960/2)
من أنتِ ؟
من أنت كيف طلعت في دنياي ما أبصرت فيا
في مقلتيك أرى الحياة تفيض ينبوعا سخيا
وأرى الوجود تلفتا سمحا وإيماء شهيا
ألممت أحلام الصبا وخلعت أكرمها عليا
مهلا فداك الوهم لا ترمي بمئزرك الثريّا
أنا في جديب العمر أنثر ما تبقى في يديّا
عودي إلى دنياك واجني زهرها غضا زكيا
يكفيك مني أن تكوني في فمي لحنا شجيّا(961/1)
نسر
أصبح السفح ملعبا للنسور ... فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري
إن للجرح صيحة فابعثيها ... في سماع الدنى فحيح سعير
واطرحي الكبرياء شلوا مدمى ... تحت أقدام دهرك السكير
لملمي يا ذرا الجبال بقايا النسر ... وارمي بها صدور العصور
إنه لم يعد يكحل جفن النجم ... تيها بريشة المنثور
هجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه ... شيء من الوداع الأخير
تاركا خلفه مواكب سحب ... تتهاوى من افقها المسحور
كم اكبت عليه وهي تندي ... فوقه قبلة الضحى المخمور
هبط السفح طاويا من جناحيه ... على كل مطمح مقبور
فتبارت عصائب الطير ما بين ... شرود من الأذى ونفور
لا تطيري جوابة السفح فالنسر ... إذا ما خبرته لم تطيري
نسل الوهن مخلبيه وأدمت ... منكبيه عواصف المقدور
والوقار الذي يشيع عليه ... فضلة الإرث من سحيق الدهور
وقف النسر جائعا يتلوى ... فوق شلو على الرمال نثير
وعجاف البغاث تدفعه ... بالمخلب الغض والجناح القصير
فسرت فيه رعشة من جنون ... الكبر واهتز هزة المقرور
ومضى ساحبا على الأفق الأغبر ... أنقاض هيكل منخور
وإذا ما أتى الغياهب واجتاز ... مدى الظن من ضمير الأثير
جلجلت منه زعقة نشت الآفاق ... حرى من وهجها المستطير
وهوى جثة على الذروة الشماء ... في حضن وهجها المستطير
أيها النسر هل أعود كم عدت ... أم السفح قد أمات شعوري(962/1)
هكذا تقتحم القدس
صاح يا عبد فرف الطيب ... واستعر الكأس وضج المضجع
منتهى دنياه نهد شرس ... وفم سمح وخصر طيع
بدوي أورق الصخر له ... وجرى بالسلسبيل البلقع
فإذا النخوة والكبر على ... ترف الأيام جرح موجع
هانت الخيل على فرسانها ... وانطوت تلك السيوف القطع
والخيام الشم مالت وهوت ... وعوت فيها الرياح الأربع
قال يا حسناء ما شئت اطلبي ... فكلانا بالغوالي مولع
أختك الشقراء مدت كفها ... فاكتسى من كل نجم إصبع
فانتقي أكرم ما يهفو له ... معصم غض وجيد أتلع
وتلاشى الطيب من مخدعه ... وتولاه السبات الممتع
والذليل العبد دون الباب لا ... يغمض الطرف ولا يضطجع
والبطولات على غربتها ... في مغانينا جياع خشع
هكذا تقتحم القدس على ... غاصبيها هكذا تسترجع(963/1)
هكذا تقتحم القدس
1. صاح يا عبد فرف الطيب =واستعر الكأس وضج المضجع
2. منتهى دنياه نهد شرس = وفم سمح وخصر طيع
3. بدوي أورق الصخر له = وجرى بالسلسبيل البلقع
4. فإذا النخوة والكبر على = ترف الأيام جرح موجع
5. هانت الخيل على فرسانها = وانطوت تلك السيوف القطع
6. والخيام الشم مالت وهوت =وعوت فيها الرياح الأربع
7. قال يا حسناء ما شئت اطلبي = فكلانا بالغوالي مولع
8. أختك الشقراء مدت كفها = فاكتسى من كل نجم إصبع
9. فانتقي أكرم ما يهفو له = معصم غض وجيد أتلع
10. وتلاشى الطيب من مخدعه = وتولاه السبات الممتع
11. والذليل العبد دون الباب لا = يغمض الطرف ولا يضطجع
12. والبطولات على غربتها = في مغانينا جياع خشع
13. هكذا تقتحم القدس على = غاصبيها هكذا تسترجع(964/1)
هي والدنيا
هي والدنيا وما بينهما ... غصصي الحرى وأهوائي العنيدة
رحلة للشوق لم أبلغ بها ... ما أرتني من فراديس بعيدة
طال دربي وانتهى زادي له ... ومضى عمري على ظهر قصيدة(965/1)
وداع
قفي ، لا تخجلي مني فما أشقاك أشقاني
كلانا مرَّ بالنعمى مرور المُتعَبِ الواني
وغادرها .. كومض الشوق في أحداق سكرانِ
قفي ، لن تسمعي مني عتاب المُدْنَفِ العاني
فبعد اليوم ، لن أسأل عن كأسي وندماني
خذي ما سطرتْ كفاكِ من وجدٍ وأشجانِ
صحائفُ ... طالما هزتْ بوحيٍ منك ألحاني
خلعتُ بها على قدميك حُلم العالم الفاني!
لنطوٍ الأمسَ ، ولنسدلْ عليه ذيل نسيانِ
فإن أبصرتني ابتسمي وحييني بتحنانِ
وسيري ، سير حالمةٍ وقولي .... كان يهواني!(966/1)
ي اشعب
يا شعب لا تشك الشقاء ولا تطل فيه نواحك
لو لم تكن بيديك مجروحا لضمدنا جراحك
أنت انتقيت رجال أمرك وارتقبت بهم صلاحك
فإذا بهم يرخون فوق خسيس دنياهم وشاحك
كم مرة خفروا عهودك واستقوا برضاك راحك
أيسيل صدرك من جراحتهم وتعطيهم سلاحك
لهفي عليك أهكذا تطوي على ذل جناحك
لو لم تُبح لهواك علياءَ الحياة لما استباحك(967/1)
يا شعب
أبو ريشة
يا شعب لا تشك الشقاء ولا تطل فيه نواحك
لو لم تكن بيديك مجروحا لضمدنا جراحك
أنت انتقيت رجال أمرك وارتقبت بهم صلاحك
فإذا بهم يرخون فوق خسيس دنياهم وشاحك
كم مرة خفروا عهودك واستقوا برضاك راحك
أيسيل صدرك من جراحتهم وتعطيهم سلاحك
لهفي عليك أهكذا تطوي على ذل جناحك
لو لم تُبح لهواك علياءَ الحياة لما استباحك(968/1)
يا عروسَ المجدِ تيهي
1. يا عروسَ المجدِ تيهي واسحبي في مغانينا ذيولَ الشّهبِ
2. لن ترَي حبّةَ رملٍ فوقَها لم تُعطَّر بدما حرٍّ أبي
3. درجَ البغيُ عليها حقبةً وهوى دونَ بلوغِ الأربِ
4. وارتمى كِبرُ الليالي دونَها ليّنَ النابِ ، كليلَ المخلبِ
5. لا يموتُ الحقُّ مهما لطمتْ عارضيهِ قبضةُ المغتصبِ!
6. من هُنا شقَّ الهدى أكمامهُ وتهادى موكباً في موكبِ
7. وأتى الدنيا فرفّتْ طرباً وانتشتْ من عبقهِ المنسكبِ
8. وتغنّت بالمروءاتِ التي عرفتها في فتاها العربي
9. أصيدٌ ، ضاقتْ بهِ صحراؤهُ فأعدّته لأفقٍ أرحبِ
10. هبَّ للفتح ِ، فأدمى تحتهُ حافرُ المهرِ جبينَ الكوكبِ!
11. وأمانيه انتفاضُ الأرضِ من غيهبِ الذل ِّ، وذلِّ الغيهبِ
12. وانطلاقُ النورِ حتّى يرتوي كلُّ جفنٍ بالثرى مختضبِ
13. حلمٌ ولّى ، و لم يُجرحْ بهِ شرفُ المسعى ونبلُ المطلبِ
14. يا عروسَ المجدِ، طالَ المُلتقى بعدما طالَ جوى المغتربِ
15. سكرتْ أجيالنا في زهوها وغفتْ عن كيدِ دهرٍ قُلّبِ
16. و صحَونا ، فإذا أعناقُنا مثقلاتٌ بقيودِ الأجنبي
17. فدعوناكِ فلم نسمعْ سوى زفرةٍ من صدركِ المكتئبِ
18. قد عرفنا مهركِ الغالي فلم نرخص ِ المهرَ و لم نحتسبِ
19. فحملنا لكِ إكليلَ الوفا ومشينا فوقَ هامِ النوبِ
20. وأرقناها دماءً حرّةً فاغرُفي ما شئتِ منها واشربي!
21. نحن ُ من ضعفٍ بنينا قوةً لم تلنْ للمارجِ الملتهبِ
22. كم لنا من ميسلونٍ نفضتْ عن جناحيها غبارَ التعبِ
23. كم نَبتْ أسيافُنا في ملعبٍ وكبتْ أفراسُنا في ملعبِ
24. من نضالٍ عاثرٍ مصطخبٍ لنضالٍ عاثرٍ مصطخبِ
25. شرفُ الوثبةِ أن تُرضي العُلى غلبَ الـ واثبُ أم لم يغلبِ!
26. فالتفِت من كوّةِ الفردوسِ يا فيصلَ العلياءَ وانظرْ واعجبِ
27. أترى كيفَ اشتفى الثأرُ من الـ ـفاتحِ المسترقِ المستلبِ ؟
28. و طوى ما طالَ من راياته في ثنايا نجمهِ المحتجبِ(969/1)
29. ما نسينا دمعةً عاصيتَها في وداعِ الأملِ المرتقبِ
30. رجفتْ بالأمسِ سكرى ألمٍ فأسلها اليومَ سكرى طربِ !
31. يا لنعمى خفَّ في أظلالها ما حملنا في ركابِ الحقبِ
32. أينما جالَ بنا الطرفُ انثنى وطيوفُ الزهوِ فوقَ الهدبِ
33. هذه تربتُنا لن تزدهي بسوانا من حُماةٍ نُدبِ
34. فلنصنْ مَن حَرَمَ الملكَ لها منبرَ الحقدِ وسيفَ الغضبِ
35. و لنُسلْ حنجرةَ الشدوِ بها بينَ أطلالِ الضحايا الغيّبِ
36. ضلّت الأمّةُ إن أرختْ على جرحِ ماضيها كثيفَ الحجبِ !
37. ما بلغنا بعدُ من أحلامنا ذلكَ الحلمَ الكريمَ الذهبي
38. أينَ في القدسِ ضلوعٌ غضّةٌ لم تلامسها ذنابى عقربِ؟
39. وقفَ التاريخُ في محرابها وقفةَ المرتجفِ المضطربِ
40. كم روى عنها أناشيدَ النّهى في سماعِ العالمِ المستغربِ؟
41. أيُّ أنشودةِ خزيٍ غصَّ في بثّها بينَ الأسى والكربِ
42. من لأبناءِ السبايا ركبوا للأماني البيضِ أشهى مركبِ
43. و متى هزّوا علينا رايةً ما انطوتْ بينَ رخيصِ السَّلَبِ؟
44. ومَنِ الطاغي الذي مدَّ لهم من سرابِ الحقِّ أوهى سببِ؟
45. أو ما كنّا له في خطبهِ معقلَ الأمن ِ وجسرَ الهربِ؟
46. ما لنا نلمحُ في مشيتهِ مخلبَ الذئبِ وجلدَ الثعلبِ؟
47. يا لذلِّ العهدِ إن أغضى أسىً فوقَ صدرِ الشرفِ المنتحبِ!
48. يا روابي القدسِ يا مجلى السّنا يا رؤى عيسى على جفنِ النبي
49. دونَ عليائكِ في الرحبِ المدى صهلةُ الخيلِ ووهجُ القضُبِ !
50. لمّتِ الآمالُ منّا شملنا ونمتْ ما بيننا من نسبِ
51. فإذا مصرُ أغاني جلّقٍ وإذا بغدادُ نجوى يثربِ
52. ذهبتْ أعلامُها خافقةً والتقى مشرقُها بالمغربِ
53. كلّما انقضَّ عليها عاصفٌ دفنتهُ في ضلوعِ السّحبِ
54. بوركَ الخطبُ، فكم لفَّ على سهمهِ أشتاتَ شعبٍ مغضبِ
55. يا عروسَ المجدِ حسبي عزّةً أن أرى المجدَ انثنى يعتزُّ بي
56. أنا لولاهُ لما طوّفتُ في كلِّ قفرٍ مترامٍ مجدبِ(969/2)
57. ربَّ لحنٍ سالَ عن قيثارتي هزَّ أعطافَ الجهادِ الأشيبِ
58. لبلادي ولروّادِ السّنا كلُّ ما ألهمتِني من أدبِ(969/3)
يا عيدُ
عمر أبو ريشة
يا عيد ما افترّ ثغر المجد ياعيدُ فكيف تلقاك بالبشرى الزغاريدُ
وكيف ينشق عن أطياف أمتنا حلم وراء جفون الحق موؤودُ
طالعتنا وجراح البغي راعفةٌ وما لها من أساة الحي تضميد
فللفجيعة في الأفواه غمغمةٌ وللرجولة في الأسماع تنديد
فتلك راياتنا خجلى منكسة فأين من دونها تلك الصناديد
ما بالها وثبت للثأر وانكفأت وسيفها في قراب الذل مغمود
يا للشعوب التي قادت أزمتها على الليالي عبابيد رعاديد
يا عيد كم في روابي القدس من كبد لها على الرفرف العلويّ تعييد
سالت على العز إرواءً لغصته والعز عند أباة الضيم معبود
هيهات لن يشتكي ما طُلّ من دمها فالحقد مضطرم والعزم مشدود
سينجلي ليلنا عن فجر معترك ونحن في فمه المشبوب تغريدُ(970/1)
إلى الأميري في قبره
عمر بهاء الدين الأميري ... عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
" ممرض هاو للشعر"
amartharrafi@yahoo.fr
شققتَ الصدور بالرحيل ولم تزل ... تشقّ فؤادا قد أحبّكمو iiحقا
وماذا عساه القلب يفعل لو iiبكتْ ... عيوني وقد حنتْ لرؤيتكم شوقا
سوى أن يفيض الوجد وجد صبابتي ... فيخفقُ بالتحنان للطاهر iiالأتقى
وما كنتُ أدري حين لفكمو iiالردى ... بأني سألقى كلّ هذا الذي iiألقى
كآبات قلب واهتياجا iiلأضلعٍ ... و لوعة وجدان ودمعا همى iiدفقا
فكلّ زفير شبّ في الصّدر iiباللظى ... وكلّ خيال هبّ يسحقني سحقا
يقولون قد مات " الأميريّ ُ" iiيافتى ... وقد سمقتْ أزهار دمنته سمقا
فكفكفْ دراريك الحزينة واعلمنْ ... بأنّ بكاك المرّ لم يعرف iiالسبقا
تأخر في حق "الأميريّ " iiرثوكم ... ومثل " الأميري " بئس من يهضم iiالحقا
فقلتُ لذاكم قد لقيتُ iiأسنة ... لها في حنايا الجسم خلساتها iiخرقا
سيعذرني قومي ولستُ بطالب ... سوى من " أميري " العذرَ أجلي به الربقا
ولو يعلم الشهمُ الكبيرُ iiبراءتي ... من الشعر قرضا قبل أن يعرج iiالأفقا
و إني حديث العهد بالنظم iiليتني ... نظمتُ قبيل الموت حلّ بكم iiبرقا
و قالوا " الأميري " أبدع َالنظمَ حلة ... كستْ أدب الإسلام من نورها iiألقا
فلما تلوتُ من نظيم iiبيانهِ ... سُحرتُ بشعرٍ فاض من نبعه iiالأنقى
و ألفيت في الديوان ما أبهج iiالورى ... مشاعرَ إنسانٍ أصيلٍ سما iiفوقا
ندمتُ و أمسى الذنب يُوخزُ iiمهجتي ... على كلّ يوم قد جهلتكمو حمقا
ومما يزيد القلب نارا iiوحرقة ... ويَضرمُ في الوجدان ما فاتني iiحرقا
تجاورُني في العيش في أرض " مغربٍ ii" ... سنينا ولم أدر الجوار الذي iiأبقى
فضيلتكم خمسا وعشرة iiحجّةٍ ... تنال عطاء الجود من خيرها رزقا
عفا الله عني ما عرفتُ iiبذلكم ... فلما عرفتُ صرتُ من موتكم iiأشقى
ولو كان لي علمٌ قبيل iiمماتكم ... شددتُ الرّحال كي أرى شخصكم حقا
أجالسكم والسّعد يَألق iiبهجة ... وأقتبسُ الأنوار من عروةٍ iiوثقى(971/1)
تقولُ وقد أفضى لك القلبُ iiسرّه ... بنيَّ سُررْتُ بالذي رمته iiنطقا
أحبّكَ ربّي ذو الجلال وذو iiالرضى ... ومن أجله ذا الحبّ ننشقه iiنشقا
أترغب في نصحي ؟.. فثمة iiناصح ... يقول : اعملوا من بعد.. ذاك الذي iiيبقى
هو الأدب الورديّ يقطر iiبالندى ... يزّينه الإسلام من طهره يُسقى
وما دونه عكر المياه iiمشوبة ... مروقا وهجنا لا يساغُ لها ذوقا
ضلالٌ وزيغٌ و اتباعٌ لأنفسٍ ... تدبق أجفانا برمّتها دبقا
وفي أدب الإسلام حصنُ iiاستقامةٍ ... وعزّة إيمانٍ نغوص بها iiعمقا
فلا تنظمنّ الشعرَ إلاّ iiسبرته ... أيرضاه مولانا ؟ وهل يجلب العتقا ii؟
وكن مثل حسّانٍ يصدّ iiبشعره ... نبالا ويرمي بالنظيم الذي iiدقا
تزوّد بأشعار القدامى iiفنظمهم ... بديعُ المتون في فضائهمو iiترقى
وثابرْ بنيّ أن تكون iiمجاهدا ... وما اسطعتَ من جهدٍ فأنفق له الطوقا
جهاد اليراع لا يقلّ iiحماسة ... عن الخيل في الهيجا يسابقها iiسبقا
ومن قلبك الفيّاض دُرّ iiعواطفا ... من الحبّ و الإخلاص للناس ما تلقى
فلسنا عداة للأنام على الذي ... يراه ضعاف اللبّ من قصْرهم غدقا ii!!!
ولكن حماة للشريعة مذ iiبدتْ ... تحاط أحابيلا تروم لها iiشنقا
و لو علم الأعداءُ شرعة iiربّنا ... و أخلاقها غيثا لقلّ العدى iiخنقا
مروءة ُإنسان وعطفُ سماحةٍ ... وحِلمٌ جميلٌ زاد عفوا فما iiأبقى
محضتُ بنيّ النصحَ و الحبّ سائقي ... يسوق إليكم ما ذكرت لكم iiسوقا
فهل قد وعيت القول ياابن iiعروبتي ... لترجمة الأقوال فعلا تلا iiنطقا
فلم أتمالكْ أن أبوس iiجبينه ... و أسكب من شكري دموعا جرتْ iiهرقا
وقلت : يمين الله هذي iiعزيمتي ... ستبحرُ في يمّ الذي قلته iiصدقا
أخوض غمار الفكر و الدين iiرائدي ... أذود به عمّن يكيد لنا فرقا
فلا تخش منّي رَدّ نصْحٍ iiمحضته ... إليّ فلستُ بالذي لك قد عقا
تهلل بالإشراق وجه " أميرنا " ... وضمّ ضلوعي في حنوّ حلا iiرفقا
وغاب إلى الأرواح في عالم الردى ... وأصبح حزني لا يفارقني iiرتقا
خذوني إلى قبر" الأميريِّ " ساعة ... عساه سلامي كفكف المقلة iiالغرقى(971/2)
فأدعو رحيما كم تضرّع iiعبده ... ( مع الله ) يرجو من شآبيبه ودقا
و أرفع في كبْد السماء iiأناملا ... أسائل ربي أن يجود له iiعتقا
من النار يوم الحرّ إنّ iiعذابه ... شديدٌ أليمٌ أفزعَ الكون والخلقا
و أن يهب الفنان في الشعر جنة ... إلى ذروة الفردوس في المنتهى iiالأرقى(971/3)
إني عدوّ الغاشمين
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
أيّ المعاني قد فقهتَ القول ياابن الأكرمينْ ii؟
هل قد ظننتَ مودّة ألقي بها للحاقدينْ ii؟
هلْ قد وأدتُ مبادئي خوف اليهود الكائدينْ ii؟
أبدا و ما كان الحديث يصبّ في الجبن المهينْ
إنْ كنتُ قد آثرتُ كشف الودّ من ديني الحنونْ
من نجدةٍ ومروءةٍ وسماحةٍ وصفًى iiولينْ
فلأنّ أصل الدين فينا رحمة iiللعالمينْ
أنا لم أقل من ضعفنا هيّا نوادّ iiالظالمينْ!!!
من حاربوا المولى فقد باؤوا بخسران iiمبينْ
غمدي سأشهر سيفه... إني عدوّ iiالغاشمينْ
أنا ما نسيتُ مذابحا بالأمس تزفر iiبالأنينْ
في " ديرَ ياسين " وفي " صبرا, شتيلا " في " جنينْ "
و " حماة " في الشام التي تبكي على مرّ السنينْ
و السجن ما أدراك ما السجن الرهيب بما iiيُهينْ
إنا سمعنا بل رأينا الظلم ينشب ُ في iiالسجونْ
في سجن " حربيٍّ " وسجن " أبي غريبٍ" ذا iiيكونْ
في سجن " تدمر " لا يزال حديث قوم ذا iiشجونْ
جلاّدنا , جلاّدهم سيّان عندي في العيونْ ii!
رُقْط ُ الأفاعي و الصليب ُ وعظمة الكلب iiالخؤونْ
سيّان سيّان الثلاثة في الفجور وفي iiالدهونْ
إنّ الجهاد هو السبيل لقصمة الظهر iiالبدينْ
أتخالني لمّا ذكرتُ يراعتي لاح الأفونْ ii؟
لمّا جعلتُ الخيل و الأقلام في حضن المنونْ
تتعادلان شهادة ً ؟! .. كلاّ فهذا لن iiيكونْ
لكن رأيتُ حماسة الشجعان من شعرٍ رنين iiْ
يذكيه فيهم شاعرٌ بالقول بالفصح iiالمبينْ
أمسوا جميعا كالشهاب لردع جَوْر iiالمعتدينْ
من قطعةٍ أو خطبةٍ خرّ الظلام على iiالجبينْ
تالله إني ما خشيت الموتَ ياابن iiالأكرمينْ
من رام نحري قد هداني السعد سعد iiالخالدينْ
لكنْ جهاد الدرب فقهٌ قبل حرب iiالمارقينْ(972/1)
الصارم المسلول لشاتمي الرسول
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
رسول الله خير الخلق iiيلقى ... من الأعداء في الدنمرك iiنابا
وأمته الجريحة في iiشتات ... تراه على صحيفتهم سِبابا
فلا تقوى على التأديب iiثأرا ... سوى التنديد بالأقوال نابا وما عبنا
التجهم من حديث ... ولكن حبّذا الأقوى اقتضابا
تفطرت السماء وخرّ iiصخرُ ... وأرعدت الغيوم صدىً iiغضابا
وهمّ الأخشبان بدكّ iiقومٍ ... أساؤوا للحبيب هوىً iiكِذابا
فلو فعلوا الذي فعلوه iiقدْما ... وكان العهد في الماضي iiمهابا
رأيتَ الأسْدَ في البيداء هبّتْ ... تردّ العزّ للهادي iiغلابا
هنالكَ سهمُ حمزةَ صار iiبرقا ... وسيف ابن الوليد غدا iiلهابا
وثمة رمح وحشيٍّ iiقنيص ... لمن شتم الرسول عَدًا iiوعابا
أيغدو الوهن فينا اليوم iiيسري ... وقد أغثى بنا الوادي iiحبابا
فنلقى العجم في خترٍ و وَجرٍ ... أهانوا الدين والنسل iiالعرابا
وهمّوا بالرسول ولم iiينالوا ... سوى الآثام تمحقهم iiيبابا
ترى ماذا جنى المختار iiطه ... إزاء الناهشين له عقابا ii؟!
ألم يكُ في البرية خير iiإنسٍ ... رحيم عادل يتلو الكتابا ii؟
ويعفو في سماح عن أناسٍ ... له كانوا خصوما أو ذئابا ii!!
ويرفق بالأسارى ..لو iiسألتم ... هدى التاريخ تلقون iiالجوابا
هلموا للزمان سلوه iiحقا ... عن الأخلاق والتزموا الصوابا
شمائله الزكية قد تسامتْ ... إلى العلياء تخترق السحابا
وناطحت النجوم هدىً iiوصارتْ ... ثرياتٍ جميلاتٍ iiشهابا
وأخرجنا من الظلمات iiطرّا ... إلى الأنوار حيث الأنس iiطابا
كفاكِ صحيفة الدنمرك iiهزءًا ... وحسبكِ ما فتحتِ اليوم iiبابا
سننفذ منه في ألمٍ iiوحنقٍ ... ببركان سنسكبه iiانسكابا
أراكِ الآن في ضحكٍ iiوزهوٍ ... وقهقهة تنادين iiالشرابا
مهٍ " يولاندُ " ربّ البيت iiيصغي ... ويمهلُ ما اجترحتِ غداً iiحسابا
ستلقين الجزاء المرّ دهرا ... فتحترمي المآذن iiوالقبابا
كذاك القول للنرويج iiمثلٌ ... " مغازيناتُ " لم ترع iiالجنابا(973/1)
وأيمُ الله يأتي اليوم iiغرّ ... يعم الدين في الأرجا iiرحابا(973/2)
انتصار العرب
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
عدوّ السماءْ ..
ستركع يوما قريبا
وتأتي ذليلا كئيبا
وتلقى الهوانْ
ويسودّ وجهك بالخزي
حتّى تذوبْ
وترحل حمْر الكرياتِ
نحو المقابرِ
صوب الطحالْ
هناك ستشكو من الجسم شلوا
تضخم حجما
يفوق الجبالْ
وتمسي عليلا
بداء عضالْ
وتهتف في الكون هل من طبيبٍ
يردّ إليك المهابة والجبروتْ ؟
تظلّ تنادي
ولا من مجيب
طبيب الطواغيت لفظ ٌ
تدمّر بعد انتصار العربْ
وما عاد إلاّ " ابن سينا " رسول الشفاءِ
يجلّي الكربْ
فتأتي إليه
وتنشده ـ مذعنا ـ بلسم العافيه
وتطلب منه يدا شافيه
فياللعجب !!
لماذا تحاول أن تتناسى
جراح العربْ ؟!
وجمر اللهبْ ؟!
وسوط الرهبْ ؟!
ألم تك " نمرود " كلّ البشر ؟!
ألم تك " فرعون " ربّا سحر ؟!
ألم تك " قارون ملك بهر " ؟!
فما بالك اليوم تشكو
وتخشى الحفر؟!
ستجثو ذليلا أمام الطبيبْ
وتلثم أقدامه بالنحيبْ
وترثي القدرْ
وتمتثل الذكرياتُ
شريطا يدورْ
فترنو لسؤددك الضائع اليوم
خلف البحورْ
وترمق عيناك عرش الجبابرِ
كيف يفرّ ُ
وكيف يكرّ ُ
وكيف يغورْ
ويوطأ بالمنسم اليعربي
هنا تحت أخمص أقدام كلّ العربْ
ويأتي العراقْ
وجرحه لم يلتئم من دماء المآقْ
وفي قشرة المخّ ذاكرة الأمس ِ
تبكي الرفاقْ
وتحمل عبئا ثقيلا من الذكرياتْ
يجرّ السنين الخواليَ
عاما فعاما
وشهرا فشهرا
ويوما فيوما
لعهد الشتاتْ
وتقدُمُ سيّدة القدس والشهداءِ
مضمّخة في بحار الدماءْ
ومكسورة في مرايا الإباء
فتأوي بقرب العراق الحبيبْ
ويمتثلان أمام الطبيبْ
يقولان في لهجة واحدهْ
حكيم العروبةِ
لا تنتصر للذئابْ !
ومكر ابن آوى ونبح الكلابْ
ولو أفصح الطبّ يوما بأن يُستطبّ الذبابْ !!
فهذي مآسي العراق
تؤجج جذوة نار القلوبْ
وتوقظ نخوة شمس العروبْ
وحسبك وصمة عار ٍ
ونقش شنار ٍ
تلطّخ في سجن " بغداد " بالأخبثينْ
نعم يا حكيمْ
تلطخ بالأخبثينْ !!
وسيّدة الشهداء تلقت
طعان النيوبْ
ونهك الحروبْ(974/1)
ودنّس في قلبها مسجدا للرسولْ
ودنّس بيت المسيح وعذرا البتولْ
فإيّاك إيّاك
لا تخدعنك دموع التماسيح ِ
وانظر لما أحدثته الخنازير بعدك تحت الحقولْ
وما نهشته ذئاب البشرْ
تفطّر قلب " ابن سينا " وقال :
قضيتُ بأن لا أداوي الوحوش من الكائناتْ
إليكم به للقضاء الرشيدْ
أشيروا على " سعد " أمّتنا
كي يحكِّم بالقولة الخالده
على ما جنته " قريظة " في حقبة تالده
ويحيا العربْ
29/03/2005
الموافق لـ 19 صفر 1426هـ(974/2)
تذكرة أخوية
إلى إخوتي في كل مكان ، إلى من رآني أو لم ير ،
إلى من عرفني أو من لم يعرف ، بحر أخوّتي يسعهم جميعا
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
" ممرض هاو للشعر"
amartharrafi@yahoo.fr
أخي يا حبيب الروح في الدين و iiالتقى ... إليكَ أحنّ و السواكب تهمعُ
أخي هذا قلب الودّ أهديك iiصفوه ... جنىً ساغ شهْدا بالمؤاخاة iiينصعُ
أخي رحمُ الإسلام تجمع iiشملنا ... و تسمو بنا فوق الشموس و iiترفعُ
و تنثرُ في الأرواح زهر iiمحبّةٍ ... و ألفة قلبٍ بالنضارة تبدعُ
هنيئا أخى الإيمان منبر iiلؤلؤ ... يرصّعه الياقوت بالنور iiيسطعُ
هنيئا لك الظل الظليل إذا جثتْ ... على الخلق شمسٌ بالحرارة تقبعُ
تعال أ ُخيّ نذكر الله iiساعة ... و ننأى عن الدنيا بعيدا و نقطعُ
وصالا يتيه المرءُ في خوض iiبحره ... وراء بريق لاح في العمق iiيلمعُ
و ما يملأ الجوف الشغوف ثرىً iiسوى ... ثرىً من أديم الأرض سفا iiيُجرّعُ
فهاك أخي مني هدية iiناصح ... وذكرْ شعاري إنّ ذكراك تنفعُ
أخي إن بلوتَ العمر ألفيتَ شأنه ... سويعاتُ يوم بعدها حلّ iiمصرعُ
وإن أنت أبصرتَ الحياة وجدتها ... متاعا قليلا زائلا iiيتضعضعُ
فما بالنا نرجو النعيم iiسعادة ... و إنْ ذ ُكِر الموتُ المحققُ iiنفزعُ
ولو أننا عشنا بقرءان iiربّنا ... رجونا لقاء الله و الشوق iiيدفعُ
تأمّلْ خليلي نعمة حُقّ iiشكرها ... لها حجرتان في الوجوه iiومرتعُ
و ميزانها يذري الجبال iiنخالها ... ستنجي من الأهوال يومَ iiنروّعُ
هما مقلتا الإبصار نورُ iiحياتنا ... فكيف إذا كنا أضِرّاءَ نصنعُ ii؟
أخي هبْ بأنّ السمعَ قد ضاع iiفجأة ... و صرتَـ عفاك الله لاشيءَ iiتسمعُ
تراك تعيش العمر دون iiإصاخةٍ ... ل" بابا " وقد كانتْ طبولك تقرعُ ii1
أخي نعمة الإسلام أعظم iiنعمة ... على المسلمين من حبيب iiيُشفعُ
و لو يفعل الإنسان خيرا مقنطرا ... بدون هدىً ما كان ذلك iiينفعُ
فهيا أخي لله نسلك iiدربه ... نناجيه ليلا و السرائر iiخشّعُ
و في غدوة الإصباح نبقي iiلساننا ... على الذكر رطبا و الشجيرات نزرعُ 2(975/1)
نديمُ وصالا للجليل بلا iiونى ... بوصل فؤادٍ تاقَ لله iiيَرجعُ
أخي قد محضتُ النصح و الحبّ دافعي ... و أنصحُ نفسي ثمّ دورَك أ iiُتبعُ
و إني لإخواني حبيبٌ iiأزورهم ... بطيفي ولكنْ جثة الجسم iiتمنعُ
و حسبي بأنّ الله يحشر iiزمرة ... تآخت على الإسلام و الودّ iiيجمعُ
بشارة خير من رحيمٍ iiيحفنا ... بتحنانه الفياض و الله iiموسعُ
و أختم تسليما عليكم أحبتي ... و شوقي من العينين درّ iiومدمعُ
تمت بعون الله يوم :19 / 5 / 2005 م
1: الطبول المقصودة هي طبلات الأذن
2: كلما هرع الإنسان المسلم للتسبيح والذكر بدأ في غرس أشجار جنانه .(975/2)
تكبيرة الحق
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
" ممرض هاو للشعر"
amartharrafi@yahoo.fr
أشرق العيد في ربوع البلادِ ... ينثر النور في قلوب iiالعبادِ
عطر الكونَ من شذاه رحيقا ... فانتشى المسلمون نسمة الأعيادِ
نسمة ٌ غار منهل السحْر iiمنها ... تسحرُ العبد بانشراح iiالفؤادِ
جلْ بعينيكَ صاحِ في الأرض وانظرْ ... هل ترى غيرَ درّة iiالأجياد
هو ذا العيد لا سواه iiيوشي ... بردة الأرض فهو خير iiجوادِ
غنت الكائنات عذب الأناشيد ... فهبتْ بشارة iiالإسعادِ
ثمّ دوّتْ مآذن الإنس iiتعلي ... صيحة الحقّ فوق كل iiالعمادِ
كلّ تكبيرة تشق ّ iiأثيرا ... تخرق الصمت في سكون iiالرقادِ
طيّها الكبرياء و iiالعزّة ... الزهراء و المنتهى لدحر iiالفسادِ
حملتها على الهواء iiحبيباتٌ ... تطير إلى ذرا iiالأوتادِ
فإذا بالجبال أضحتْ iiحطاما ... صفصفا قاعها حضيض iiالوهادِ
ثمّ طارت تكبيرة الحق ترقى ... سلما في السماء دون اتئادِ
دكت اللفظتان صخر iiالرواسي ... وانبرت للطباق خرقَ iiالشدادِ
خفّ نطق اللسان باللفظ iiلكن ... إن وزنتم ففوق كلّ iiالأيادي
منهما ترجف iiالسماوات ... و الأرض فهل يفقه الحديث أعادي ii؟
كم حصون وكم قلاع iiتهاوت ... خرّ بنيانها هدى iiالاعتقادِ
ثمّ شيدت منابر النور iiفيها ... من سنا " الله أكبر" iiالوقادِ
أين مقداد ُ ؟ أين سعدٌ ii؟ ... وقعقاع السرايا ؟ وخالدُ الأمجادِ ii؟
أين عمرو؟ وعقبة iiالمغرب ... الأقصى ؟ وموسى وطارقُ بن زياد ؟
كلهم جلجلوا براية iiتوحيد ... الإله العظيم في كل iiوادي
من وطيسٍ إلى iiوطيسٍ ... يتوقون إلى نصرة أو iiاستشهاد
دُقّ نعش النصارى iiبالأمس ... و اليوم الصليب الحقود جهْرا iiيعادي
وفحيح اليهود في جحر iiضبّ ... صادق الأفعوان في كلّ iiنادي
يوم كانت طوائف الغدر iiتعنو ... للرسول العظيم iiبالإبعاد
يوم كانت تكبيرة الحقّ تجلي ... كلّ قرد يخون ختم iiالمداد
صار صلّ اليهود يرسي iiكيانا ... رغم أنف العروبة الأسياد
حالف الضبّ والضِباب iiدروعٌ ... بل ضروعٌ بقوّة iiالإمدادِ(976/1)
هاهما يعبثان iiبالقدس ... و القدس فؤاد العروبة iiالوقادِ
هاهما في العراق عاثا iiفسادا ... أشهرا من دفينة iiالأحقادِ
و الملايين و الملايين iiمن ... أمة طه بكت على iiبغدادِ
لعبٌ نحن كالدمى ليت شعري ... هل أفقنا من غفلة iiورقادِ
هل خلقنا لوصمة الذلّ iiكلاّ ... لا لضيم العباد و iiالإضطهادِ
كبرِالله ..أيّها الحرّ iiواهتفْ ... في الدنا : يا حثالة الأوغادِ
إنني قادمٌ لعزّي iiقريبا ... فأنا عازم على استعدادِ
ليس قبل النهوض iiبالعلم ... والإيمان حقا فذاك عين iiالسدادِ
ما ضللتُ الطريق إني عليم ... بالهدى في الكتاب و الحِبّ iiهادي
و الصِحابُ الكرام في الدرب iiصحبي ... قدوتي كالنجوم نبع iiالرشادِ
ها هنا النور شلة َ العرْب iiفامضوا ... حيث تقوى معادن iiالأجسادِ
واذكروا الله وحدوه iiكثيرا ... يؤتكم أجركم على iiميعادِ
كبّروه ووحدوا الصفّ iiإنا ... سائرون على خطى الأمجادِ(976/2)
زغردي زغردي فإني شهيد
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
بهجة القلب دثرتْ كلّ iiنفسي ... بالحنان الدفوق يسري بهمس
نبعُ حبّ همى قراحا iiزُلالا ... فاض تحنانه بنفحة iiقدس
وحريرٌ على فراش حرير ... صدرها الرحبُ من نعوم iiالدمقس
هي أمي وما أ ُحيلاكِ iiأمّي ... ليس في الكون بعد أمّي iiكشمسي
أنتِ عطرٌ يضوع بالمسك ريا ... و ورودٌ جميلة ٌ زهرُ iiأنسي
بل نجومٌ تكللُ الأفقَ iiعقدا ... ببهاءٍ سناهُ من نور iiقبس
أنتِ روحُ الهوى ومعبدُ iiشوق ... وجوى الصبّ بالحشاشة يمسي
أنتِ في الكائناتِ طهرٌ iiتبدّى ... يققا بالنقاء في رسم iiإنسي
أنتِ درّة ُلؤلؤٍ غاص iiعمقا ... في بحار الوجود في عتم iiمَلس
ليس يلقى نفيسها المرء iiيوما ... إن جثتْ بالسكون في قعر iiرمس
أبدع الخالق المصوّر iiأمي ... آية ٌ في القلوب من فرط iiحسّ
غرستْ مكرمات حسن iiالسجايا ... في كياني فأثمرتْ بعدَ غرس
أدّبتني فأحسنتْ iiتأديبي ... ثمّ أروتْ بدعوة الخير iiنفسي
مسحتْ كلّ دمعة من iiخدودي ... حينَ مَضّ الزمان حالي iiببؤس
كلّ ُ صمتٍ تراه أمي iiجروحا ... دامياتٍ تروم نحري iiورأسي
والأسى حسكُ الوجوم إذا ما ... قد رَنتهُ على محيايَ يغسي
لغة الصمت والفراسة تلقى ... عند أمي فنونها ألف iiدرس
خير يوم ستطلعُ الشمس iiفيهِ ... أن تزُفّ العروسَ أمي iiلعرسي
كي ترى وهبة الإله iiحفيدا ... يثلج الصدر من حلاوة أنس
إيه أمّي وما أرقكِ iiأمي ... هل ستبكين إن عصيتُ بنكس ii؟
إنني اخترتُ في الجهاد iiطريقا ... حين عاث الفساد من كلّ iiرجس
أمة ُ الحقّ داسها المارد iiالجبار ... والوطأ زاد في شرّ iiدوس
لفها الأخطبوط في كلّ iiقطرٍ ... أذرعا خانقات شعبٍ iiببأس
والنعام الجبان يحكم قوما ... همه القصرُ و الجلالة كرسي ii!
مثلُ أ ُسد ٍ على القناع iiهصارى ... ونعاجٌـ خلف القناع iiبمسّ
إن ّ ديني أماه يأبى iiخنوعا ... للطغاة العتاة ذلوا iiبدعس
سوف أ ُلقي على الحياة iiنشيدي ... ربّ موتٍ على الدنية ينسي
سوف أبقى على الشهادة هيمانا ... وتبقى مآملي فجر iiشمس(977/1)
راية رفرفتْ على أمة الحقّ ... تعيد الشريط من أمس iiأمس
فإذا متّ يا أميمة iiروحي ... ثمّ شقوا ضريح قبري بفأس
زغردي زغردي.. فإني شهيدٌ ... هذه فرحتي وبهجة iiعرسي
زوجةٌ في الجنان من حور فردوس ... المعالي عذراءُ من طهر iiجنس
نجمة في البهاء يا أمّ هذا ... ما ترومين منذ أوّل iiحرسي
سامحيني فلستُ أقوى على ... كفكفة الدمع من مآقيكِ ii ... شمسي
إنما هذه الحياة iiغرورٌ ... وخداعٌ على الغرير iiالأخسّ
كلنا عائدون لله يا iiأماه ... في ساعة النشور iiبخنس
والسعيد السعيد يرجو لقاءًَ ... للحبيب الكبير أيان يمسي ؟
شغفا قد أحبّ قلبي iiإلهي ... طار شوقي وزاد تحليق نفسي
فاسئلي الله لي شهادة iiحبّ ... واضرعي بالدعاء في كلّ iiخمس
والحقي في الجنان يا أمّ iiإني ... سوف اشتاق للحنان iiبلمس(977/2)
صهوات من قلب في رمضان
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
" ممرض هاو للشعر"
amartharrafi@yahoo.fr
هبّ الأريج وطابت النسماتُ ... بقدوم شهر بدرُه iiالبسماتُ
شهرٌ حبيبٌ لا يزال iiفراقه ... في القلب تذكي نارَه الجمراتُ
واليوم بشر اليوم عاد iiيزورنا ... وافرحتا.. قد عادت iiالنفحاتُ
كم أسلم العبدُ الأسير إلى iiالهوى ... فعمى عيونَ الغافلين سباتُ
الكلّ يركن للحضيض iiويرتجي ... دنيا تزيد بنهمها iiاللذاتُ
غاب التكافل و التراحم أين iiمن ... يحيي معان نبعها الرحماتُ
أين الرسالة؟ أين دعوة أحمدٍ ii؟ ... أين الشكيمة ؟ أينها العزمات ؟
شغل القلوبَ و مسّ عمق iiشغافها ... المال و الأولادُ و iiالزوجاتُ
إن يُذكر الرحمن في iiجنباتها ... ذي تشمئزّ وتنفرُ الجنباتُ ii!!!
يا ويحها صارت كجلمد iiصخرةٍ ... صمّاءَ لا تسري بها iiالمهجاتُ
هو ذا الزمان بأصرمَيْه iiمخادعٌ ... غرّ الأنامَ على الحياة iiفماتوا
كم دُسّ في قلب التراب iiشمائلٌ ... لليعربيِّ الحرِّ هنّ iiصفاتُ
سقطتْ على أرض المذلة iiبذلة ... من جسمنا فتكشّفت iiعوراتُ
ضحك العدوّ على التجرّد iiبعدما ... علمَ العروبة َ هدّها الولاّة ُ ii!
لم يبق في عرق المروءة iiنخوة ... لم يبق أنفٌ كلهم iiأمواتُ
إلاّك يا رمضان تبعث iiصحوة ... في القلب تردف سيرها iiالحركاتُ
فتطهّر الأدران و الران الذي ... قد أصدأتْ جدرانه iiالغفلاتُ
وتعيدُ عزما في سبيل iiدفاعنا ... عن ديننا كي لا تلين قناة iiُ
* * ii* ... * * ii*
رمضان كم باتتْ تهدّ iiجوانحي ... وتفتّ عظمي في دمي iiالحسراتُ
سوطُ اللهيب من المعاصي قد كوى ... صدْرا ضعيفا عجه iiالزفراتُ
و العين تبكي بالدّماء و iiتشتكي ... قهر الذنوب فصاحت iiالأناتُ
زلل اللسان يكبّ كهف iiمناخري ... قد جرّت الويلاتِ ذي iiالزلاّتُ
و القلب ويح القلب يلفح iiباللظى ... عمّا تغافل لم يحطه iiثباتُ
يا حسرتا... فرّطتُ في جنب الذي ... سوّى فقدّر و النفوس عتاة iiُ
فرّطتُ في جنب الذي أسدى الهدى ... لولا الهداية عمّتِ iiالظلماتُ(978/1)
كم في الشدائد قد سألته iiحاجتي ... فعصيتُ لمّا انجابتِ iiالشدّاتُ
وذكرتُ عطفكَ يا إلهي iiرأفة ... زادت على تحنانها iiالرحماتُ
فخجلتُ واستحييتُ أن أدعوك iiلا ... تهمي على وجْناتِيَ العبراتُ
إني خشيتُ الفيح فيح iiجهنم ... من حوليَ النيرانُ iiوالحيّاتُ
يا مالكٌ... فليقض ربّك iiحتفنا ... قال امكثوا.. فازدادت iiالشهقاتُ
يا ويلتا .. جسدي النحيل iiتحفه ... نارٌ وحلقي ملؤه iiالغصّاتُ
بلغت ذنوبي في السماء iiعنانَها ... ترقى ، وتسفل جثتي iiالدركاتُ
لولا الرؤوف يقول في iiآياته ... " قل يا عبادي " حلّت اللعناتُ
* * ii* ... * * ii*
رمضان نعم الشهر في iiأيّامه ... من لم يتب هبّتْ له iiالتوباتُ
هو في التزوّد و الورود محطة ... للعبد تملأ زاده iiالحسناتُ
هو جنة علوية iiقدسية ... قد أزهرتْ في روضها البركاتُ
هو نفحة مسكية عبقت iiشذىً ... تسري بها في المسلمين صلاة ُ
ذكرى الألى فيه الفتوح تهللتْ ... بدرٌ وفتحٌ والتتارُ عُناة iiُ
آمنتُ أنّ النصر عزّ iiقادمٌ ... رغم الجراح فأمتي iiأشتاتُ
لابدّ من يوم قريب iiينجلي ... فيه الظلام وتمّحي iiالعقباتُ
الخير ماض عند أمّة iiأحمدٍ ... حتى تقوم لمجدنا مشكاة iiُ
و ليبشر الشهر الكريم بأننا ... بعد الإنابة للجليل هداة iiُ(978/2)
طيف أمي
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
متع الله أمي بالصحة و العافية وطول العمر
وهذه قصيدة نظمتها لمن توارت أمه تحت التراب وبقيت ذكراها الغالية تحزّ في نفسه
يسير الدهر والأيام تمسي ... على أمّي الحبيبةِ ليلِ iiأنسي
براها الشوق يخبرني iiفؤادي ... بموجات الحنين فهزّ iiنفسي
وشوق الأمّ يرسله الأثيرُ ... وإن كانت ممدّدة iiبرمس
أشمّ أريجه ...أمّي ! ii...أراكِ ... بطيفكِ قد دنوتِ بزيّ iiشمس
أطيفٌ أم نشورٌ ؟ صِحْتُ iiبشرًا ... حياتكِ من جديدٍ يوم iiعرسي
بناتكِ و البنينُ أتوكِ iiتوًّا ... لذكراكِ العزيزة وردِ iiأمسي
تعالي..أقبلي.. إنا iiاجتمعنا ... فقد طال الغيابُ وشدّ بؤسي
هلمّي دثرينا من iiحنان ... تلاشى مذ رحلتِ وحلّ iiتعسي
على يمناكِ ألثم ُ طهرَ iiأيدٍ ... لكمْ قد أرْبتتْ شعْري بمسّ
ومن دفء المودّة قد iiرجونا ... حرارة صدرها من برْدِ iiقرس
ومن نبع الحديث لنا iiاشتياقٌ ... لرشْفِ الأحجياتِ بألف iiكأس
لقد جلستْ بقعدة iiقرفصاءٍ ... توسّدُ حِجرها من تحت iiرأسي
ركبنا البحر و الكلمات iiتجري ... وعطرُ حديثها يسري iiبهمس
أذكرها سخاءً فاض سحا ... وكيف تجود بالإيثار تنسي
وكيف تدرّ من رحمات iiقلبٍ ... سفينة عطفها بالحبّ iiترسي
أحدّثها عن الأيام iiتغدو ... بلا أمّ كمن هو رهن iiحبس
وطعمٌ مثل حنظلة iiبذوق ... يمجُّ بعكس ذوق الأمّ iiسلسِ
وتهنا في حديثٍ iiمستفيضٍ ... حلاوته كشهدِ الرطب iiدبسِ
و أزمعتِ الرحيل فهدّ iiقلبي ... وزادَ وجيبهُ نبضا iiبجسِّ
أيا أمّي رويدكُ لستُ أقوى ... على مرّ الفراق وشؤم iiنحسي
أيا أمّي إلينا iiفلتعودي ... فنجلكِ لا يطيق لظى iiالتأسّي
أيا أمّي أنا ابنكِ ليس iiإلاّ ... من الأفلاذ كبْدة ذات iiنفس
سأدعو الله أن يسقيكِ iiغيثا ... من الرحمات كلّ شروق iiشمس
و أن يرضى عليك كما رضيتِ ... علينا دائما من أمس أمس(979/1)
عائدون يا رسول الله
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
أيّ رمحٍ رموه جهراً نهارا ii؟ ... يحمل الإفك في السنان iiشعارا
طعنوا المسلمين في صلب iiدين ... عبثا بالرسول iiواستهتارا
نقرأ الحقد لاسواه iiونرثي ... ذلنا لا يزيد إلاّ iiانكسارا
يُشتم الشافع المشفع فينا ... ثم نجثو على الصعيد iiحيارى
كيف تغدو الحياة بعد iiانبطاح ... مرّغ الأنف في التراب شنارا ii؟!
نصرة الدين فوق كلّ iiهواء ... في رئات المليار يسري iiمِرارا
أخرس الوهن أمة الخير iiلما ... نخر الصدّ عظمها iiفتوارى
كالحلازين رخوة iiصيّروها ... جرّدوها لتلبس الأخطارا
أعرضتْ عن كتاب ربي iiفنالتْ ... من جزاء الفِعال خزيا iiوعارا
كيف تقوى على القصاص iiبردع ... وهي تخطو بمنسمين عِثارا ؟!
كيف ترضى رسولها في iiهوان ... في رسوم حقيرة iiتتبارى
حول جاه وعالمية iiصيتٍ ... وفلوس تضفي لها استكبارا ii؟!
حسبنا الشتم بالكلام iiسبابا ... في خطاب مزخرف iiأشعارا
حسبنا الشجب والتظاهر iiسلما ... والصراخ المولول iiاستنكارا
إنما يقظة الشعوب iiبحبّ ... عارم للرسول يجلي الستارا
بإقتداء واهتداء iiوسعي ... نحو خطو الدليل ليلا iiنهارا
عندها يلتقي المحيط iiفروحا ... بالخليج السعيد رتقا iiجوارا
ويرى " الدانمركُ " كم كان أغبى ... مابنى هدّموهُ ... صار قفارا ii!
ويعود " النرويج" يبكي على iiما ... فات ... هل نقبل الإعتذارا ii؟
تتوالى هزائم الغرب iiتترى ... ويحها لم تطق علينا iiاقتدارا
لم تعد أمة الحبيب iiكما ... كانت بذلّ فقد نفضنا iiالغبارا
أصبحتْ باتباع أحمد حصنا ... من صياصي الهدى بنت iiأسوارا
خفقتْ راية الإله iiبتوحيدٍ ... ترفرفَ ينتشي iiالإنتصارا
كلنا للفداء نمضي iiأسودا ... لك يا أكرم الأنام iiهُصارى
إننا عائدون لله iiبشرى ... لفلسطين والعراق iiبشارا
هكذا نصنع الحياة شموسا ... من فتيل الرسوم صرنا iiمنارا
مكروا بالرسول والمكر iiسمّ ... يقتل الماكرين هودا iiنصارى
آية المكر في الكتاب iiدليل ... تصدقُ القول فافتحوا الأبصارا(980/1)
يا هنانا بالحبيب لما iiيرانا ... قد رفعنا لواءه iiأنصارا
وهنانا برفقة منه iiلمّا ... نلتقي في الجنان صحبا iiجوارا(980/2)
عاد محمد صلى الله عليه وسلم
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
أيسخر كف الليل بالنور iiهازئا ... ويضحك في سخفٍ صليبٌ وغرقدُ
أيشتم مشكاة النبوة iiوالهدى ... وفي عرقنا نبض تلألأ iiيوقدُ
أ ترسم أيد حاقدات iiرسولنا ... لها في ذيوع الشر و الكفر iiمقصدُ
تطاول عشاق الدنية فامتطوا ... صحيفة خبث في السخافة تفندُ ii!!!
أباحوا حمى الإسلام بالإفك iiجهرة ... على المصطفى عيثا أساؤوا وأفسدوا
وما يرعوي الأوغاد إن صحتَ باكيا ... على الفعلة النكرا تنزّه iiأحمدُ
وما تنتهي الأحقاد ذاكم دفينهم ... تجلّى على مرآى العوالم iiيشهدُ
تصدّع كل الكون من خطب iiراسم ... دَعِيٍّّ سفيهٍ للحصافة iiيفقد
تئنّ مجرا ت الفضاء iiتقطعا ... وتنتحب الذرّات والقلب iiأكمدُ
ويشتعل البركان من حرّ iiغضبةٍ ... وينهمر الطوفان يرغي iiويزبدُ
وتنتفض الحيتان في البحر iiريثما ... قصاصٌ يردّ العزّ يحيي iiوينجدُ
ألا ليت شعري كم تعدّ iiجسومنا ... فنعجز كا لموتور في الردع يزهدُ
أم الغفلة الصماّء طاب وسادها ... على أعذب الأحلام نغفو iiونرقدُ
لعمري هو الإسلام نعرف iiنهجه ... ولكننا نأبى السلالم iiنصعدُ
وما الرفض رفض للعقيدة iiإنما ... كسالى إلى الأهواء نسعى iiونحفدُ
فمن ذا الذي يأبى السعادة iiغاية ... وكل المنى فيها تهيم وتسعدُ
ولكن جنان الله صعب منالها ... غلتْ سلعة تشرى كذا قال iiأحمدُ
هي الصحوة العصماء نور iiبوهجها ... تسير على نهج الحبيب iiوترشدُ
إذا لم تكن منا ففي نسلنا iiالذي ... سنشبعه من حب " طه" iiونعهدُ
سنغرس هذا الحب في كل iiأسرة ... منارة إسلام علينا iiتُشيّدُ
ويصبح مولود العيايل iiراضعا ... معين الهدى قد صار بالدين iiيعضدُ
وينمو هزبرا بين كتْفيه iiلبدة ... يرصّع يمناه الحسام المهندُ
ويحمل قلبا لا مثيل iiلعطفه ... صفاء وودا لا يكيد iiويحقدُ
وترجع أسراب الطيور iiبنغمها ... مغردة أحلى التراتيل iiتنشدُ
وتنفتق الأكمام وردا معطّرا ... يضوع أريجا في المساجد iiينفدُ(981/1)
فيا أيها الغرب الغرير iiتمردا ... على أمة الإسلام تمضي iiتُهدِّدُ
كفاك الغرور قد دنوتَ iiبسفرةٍ ... إلى الموت قد أغواك هذا التعنّدُ
إذا لم تتب هذا المصير مصيركم ii: ... " ترابٌ يواري سوءة الغرب iiملحدُ"
ويا أمتي هذا خلاصكِ iiفالزمي ... سفينة نوح قادها الحِبّ iiأحمدُ
بشائركِ الكبرى تلوح من iiالسما ... على الشفق الورديّ :" عاد محمّدُ "(981/2)
عصيّ الدمع
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
تماديتِ في العصيان يا نفس iiفارقبي ... جحيما من النيران شبّ حواليا
ألم ترمقي تلك الكلالب لم تزل iiْ ... مقاريضها هبّتْ تسير حِياليا ؟
أما راعكِ الزقوم جوفي به iiامتلا ... وأسنُ الحميم من غساقٍ iiسقانيا؟
وجلدي عراه النضج هذا iiشواظهُ ... وغسلينهُ قد سال من حرّ ما iiبيا
أنادي ولكنْ لا مجيبَ iiلدعوتي ... : أفيضوا عليَّ الماء قدْ مِتّ ُ iiصاديا
وجمرةُ قعر النار تجذب iiمنسمي ... تطير بلبّي من عقاب بدا iiليا
أصيح و أبكي كا لثكالى iiودمعتي ... تقطّع أنفاسي شهيقا iiتتاليا
ولي في البُكا ندبُ العويل وصرخة iiٌ ... تمزّق في دار الكلام iiحباليا
زبانيةُ الأهوال هاهم iiترينهم ... يجرّونني في النار ندْمانَ iiباكيا
ألا فاشفقي يا نفسُ لستُ iiبقادرٍ ... على أن تشاكي كيف لو عشتِ حاليا ؟!
وإني أراكِ تعرضينَ عن iiالتقى ... كأنكِ لا تدرين جهلا مآليا ii!
تطيعينَ شيطانا أحبكِ iiعنوة ... فراح يدسّ السمّ يُغوي iiفؤاديا
سقاكِ بمعسول الحديث تزلفا ... فلبيتُ ما أملى هياما iiبرانيا
وإنْ لم تكفي عن هواكِ iiلكيدهِ ... جنيتُ المعاصي بالتستّر iiخافيا
أ ثمَّ إذا ما قد زللتُ iiمنعتني ... عذابا عسيرا ..هل ذكرتِ قوافيا ii؟
إذا كان سلطان الهوى زيف iiواعدٍ ... فميعاد ربي قد تبرّأ iiخاليا
ووعد الجليل جنة ٌ طال iiعرضها ... كخطين سارا في السطوح iiتوازيا
هنالكَ ما لا يمكنُ العين iiوصفهُ ... ولا أذُنٌ صاختْ لمن كان iiصاغيا
ملاط القصور أذفر المسك نفحة iiً ... وحيطانها الإبريز معْ فضةٍ iiهيا
وحصباؤها الياقوت أنعمْ iiبتربةٍ ... منَ الزعفران قد أهاجتْ iiخياليا
و أنهارها ماءٌ فراتٌ مرجرجٌ ... وأنهار خمرٍ تنعشُ الآنَ iiباليا
ومن لبنٍ أخرى عظيم iiمذاقها ... ومن عسلٍ تلكم ، حلا الشهد iiصافيا
وحور الجنان في الخيام iiتقصّرتْ ... لأزواجهنّ اشتقنَ عشنَ صواديا
وفيها ..وفيها من مسرّات iiأنفسٍ ... عديدٌ من اللذات أروتْ iiأمانيا(982/1)
و إن شئتِ يا نفسُ الزيادة iiبهجةً ... ترينَ إلهي للعباد iiمدانيا
وما قد أحبّ العبدُ شيئا iiكنظرةٍ ... إلى الله ما أحلاهُ هذا iiالتلاقيا
أسائل نفسي في القرارة iiأدمعا ... فتأبى وتبقى في الإباء كما هيا
تقول : عصيَّ الدمع ..مالكَ حيلة ... إذا لم تجاهدْني غدا الحوبُ iiدائيا
لعمري جهاد النفس صعبٌ iiمراسهُ ... بديمومة الأفعال نلتَ iiدوائيا
فكن عاملا لله سرّا iiوجهرةً ... وكن عابدا تحيي قياما iiلياليا
وكن عالما مااسْطعتَ فالعلم سؤددٌ ... تصير سخيَّ الدمع بالكلّ iiهاميا
وحسبكَ أنّ الله يقبلُ iiتوبةً ... إذا صدقتْ عيناك تبكي iiالخواليا(982/2)
على درب الرّنتيسي
الشهيد القائد الدكتور ... عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
عبد العزيز الرّنتيسي ... amartharrafi@yahoo.fr
شمس رنتيسي في قرار iiالقلوبِ
بيد أنّ الممات في الخطب نصر
يا شهيدا في أرضه قد تسامى
امتطيت البراق تشدو iiنشيدا
عارجا في مدارج المجد iiتجلي
كلّما سرت هبّ ريح ضحوك
والسّماء تزيّنت في ابتهاج
والملائك من حواليك iiترنو
أيّ عرس يحفّ روح iiالشّهيد
ويح نفسي فعالم الأرض iiشأن
قصف "رنتيسي" بالرّكات جبان
ذي فلسطين أثكلت في iiضناها
قطرات الدّماء صارت iiحديدا
قطرة من دم الشّهيد تروّي
قطرة من دم الشّهيد iiتدوّي
قل لشارون من ضباب iiاليهود
ما هبوب الرّياح إلاّ نذير
فاضحكا قليلا على حرز iiحرب
واذكرا بأنّ الرّزايا iiسجال
ذاك وعد من الإله iiعظيم
يا شهيد الوغى رحلت iiبعيدا
هل دريت بأنّك كنت iiفي
ذاك قلب أحبّك iiبافتخار
ومضى يقتفي وراءك أثرا
حركاتك صولة في iiجهاد
كاتب بارع لنصرة iiحقّ
قائد ثائر لدكّ iiالأعادي
أيّها القائد المظفّر عذرا
قد رجت خلاصا من الأسر تشكو
بيد أنّ قلوبها في iiفلسطين
ليتني كنت قيد أنملة iiفي
يا حبيب الفؤاد زرني iiفإنّي
أنت حيّ فطف بطيفك iiعنّي
ستظلّ تعيش في iiخاطري ...
... تستجيش البكا بدمع سكوبِ
والشّهادة ظفر تلك iiالخطوب
للمعالي بروحه iiالمحبوب
سابحا في علا الفضاء iiالرّحيب
للعوالم من خفى iiالمحجوب
داعب النّور بابتسام iiالهبوب
باللآليء بالجمان الخلوب
موكب العرس في عروج iiالدّروب
أيّ فخر أدرّه iiللعروب
غير ذاك الذّي جرى في iiالغيوب
رجّت الأرض باقتراف iiذنوب
فجّعت في صنديدها iiالمغصوب
كلّها صوّغت إلى iiألهوب
كلّ ربعـ من أرضنا iiالمجدوب
في الدّنا لقد آن وقت iiالوثوب
واسمعن خلفهم عطاء iiالحلوب
للعواصف بعد شجب iiالهبوب
وابكيا كثيرا بدلع iiالحروب
بيننا وبين صائر iiمغلوب
كي نذود عن حقّنا iiالمسلوب
هل رحمت فؤادي المشبوب؟
قلب الحزين بفقدك المنكوب؟
وترعرع رغم بعد iiالحبيب(983/1)
يرتجي أسوة من iiالمطلوب
سكناتك فكرة iiللنشوب
وطبيب معالج iiللكروب
باسل انبرى على iiالمغضوب
فالشّعوب في قيدها المرعوب
وطأة الحاكم مليء iiالجيوب
وفي غاسق العراق iiالعصيب
جسم هذا الحصيف عين iiالأريب
لشعارك حامل في iiدروبي
واطفئن جمرة كوت في iiالقلوب
كلّ صباح وحين وقت الغروب(983/2)
لم يقصفوك ...
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
قصفوا قلوب العاشقين بجمرةٍ حمراءَ من لهب الفراقْ
فتضرّمت نيران لوعة فقد " رنتيسي "على قلب الرفاقْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
قصفوا فلسطين الحبيبة في الفؤاد بثكلها أسد الأسودْ
فتفطّرت أكبادها وتصعّدت زفراتها عن ليثها : صقر الخلودْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
قصفوا عضيّات التراب فتلك في الجسم المكبّل قد تموتْ
والروح في معراجها لله قد أمست تسبّح في قنوتْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
أوَ يقصف الطود الأشمّ شهامة في عزّه رسخ الإباءْ ؟!
أيضيع وهج الشمس خلف غمامةٍ سوداء من كرب الشتاء ؟!
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
من هؤلاء السافلون العابثون إذا دجى جنح الظلامْ ؟
المرعبَون بجبنهم قد أضجروا ليلا معالينا الهمامْ ؟
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
***
ها أزعجتْكَ بعوضتان عنيدتان فقمتَ تخرس ُ ما أثارا منْ طنينْ
ورحلتَ من ضجر المكان إلى الجنان فثمّة الأطيار أعذبتِ الرنينْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
أبدا وما امتدّتْ إليك سيوفهم وجها لوجهٍ حين يشتدّ الصليلْ
لكنهم من جبنهم وهلوعهم قد قاتلوا عن ألف أمتار وميلْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
يا شامة للكبرياء أمام جحفل عدّهم وعتادهم لم ترتض السلم الخؤون ْ
يوما و لا أفن الحصيف برأيه عند التّحدث في مصير القدس شريان العيونْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
يا موجة البحر الفسيح تهللت من غزّة الشمّاء عزّة يعربِ
أمست تهوج بسُحرةٍ وغدت تموج ببكرةٍ وفق السداد لمأربِ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
يا زهرة الأنوار والقمح المذهّب والنّخيل تهدّلت منه الثِّمارْ
لم ترض كشكوت التطفّل يبتغي من روضة البستان زهر الجلّنارْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..(984/1)
لم يقصفوكْ
***
ها قد رحلتَ وفي المآقي من لهيب البين أخدود الدموعْ
وأنا الرقيق المرهف الحسّاس لا أقوى على كبت الضلوعْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
كم من حنينٍ راود القلب المؤمّل نظرة شوقا إليكْ
أصمى السويداءَ الرحيلُ فكيف إن هاجرتَ لا أبكي عليكْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
وبقيتُ مفجوع الفؤاد بفقد " رنتيسي " الحبيبْ
هدّتْ حوانيني رياح الصمت من حزني الجديبْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
كذب اليهود بزعمهم إنّا قصفنا الصقر وانتهتِ الرواية بالشجبْ
فلقد رسمتَ الدرب للأجيال كي تتلو من الأنفال ما يذكي اللهبْ
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
سأظلّ أذكر ما حييتُ جهادك البطل الأبيّ مدى الحياهْ
وسأقتفي نور الشهادة بالتعطّر من أريجك في الجباه
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
لن يطفئ اللهب المؤجّج في دمي إلاّ بأن أدعو اللحوق بصاحبي
ربّاه ألحقني به في جنّة الرضوان أشفِ لواعجا لترائبي
لكنّهم لم يقصفوكْ
إي إي نعم ..
لم يقصفوكْ
12/03/2005م(984/2)
نهضة العزّ
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
" ممرض هاو للشعر"
amartharrafi@yahoo.fr
دويّ الرصاص ...
يلعلع في خيمة الباديه
ولغم القصاص
تخبّئه في السجون الضباع
ويحرسه الجند خوف الضياع
بعدّ النجوم !!
ومن يقترف يلق حتفا يحوم
تسلّل يوما فتىً تحت جنح الظلام
على حين غفلة أهل الغرام
لبنت الدنان
وقام بشقّ الثرى خندقا للدخول
وعاد وفي بطنه اللغم
قد لفّه بالنطاق...
أخيرا .. بدا قنس رأس الهمام
تلاه القفا مشرئبّا من الفوهة الخانقه
ولكنْ ...
أظافر كفٍّ مباغتةٍ طوّقتْ جيده ُ
تلفّ بإحكامِ قبضتها لحدهُ
أدار محيّاه صوب الحراك
و زمجر ينوي نشوب العراك
فألفى الضباع بتيجانها
تحملق فيه بنار الغضبْ
ـ إلى أين تأخذ لغم القصاص ؟
تكلّمْ ..
سنخنق أنفاس إرهابك الآن
هيّا تكلّمْ ..
ولا ملجأ اليوم منا
ولا من مناص
أجاب الهمام :
ـ إلى حيث أثأر للشرف اليعربي
فأنصر ديني وقوميّتي
أما قد رأيتم جسوم العروبة عارية ً تغتصبْ ؟ !!
أما عاين الضبع منكم كتاب الجليل
يُدنَّس في قرية العالم المطبقه
إلام السكوت ؟ !
متى سوف نكسر صمت المرايا ؟
ونحن عرايا !!
ونحن نذ َلّ ُ لهم في قنوت ؟ !
متى تضبح العاديات لتجلب نصر الشروق ؟
ويلمع في أفق الكون برقُ السيوف ؟
متى تطلع الشمس فوق المرابع
في أرضنا ؟
فيخضرّ زرع ٌ
ويُحلَبُ ضرعٌ
وينتشر العطر من زهرة الياسمين .
متى سوف نلقى نوارس شطآن ضاد العروب ؟
ضمئتُ إلى نسمة البحر من خدرها
ورعشة جسمي على العوم في مائها
وشوقي إلى الغوص في عمقها
لأجمع منها لآلي المحار
ضمئتُ إلى كحل عيني
بتبر السنابل و الإزهرار
وحنّتْ مسامع قلبي
لنغم الهزار
لماذا اختفت قدس شمس الشموس ؟
وأين عراق القمر ؟
أجيبوا بربّ السماء ؟
أما اغتالهم بالغيوم الظلام ؟ !!
فلم تتكلم شفاه الضباع
ولكنّ حبّ الرياسة و الجبروت
تململ في صدرهم أجمعين
فقالوا :
ـ علمتَ بأنّا عشقنا الكراسي
لحدّ الجنون
ومرماك يا لعنة الدهر حتف الملوك
خذوه فغلّوه(985/1)
ثمّ الجحيم فصلّوه
إنه يعبث بالعرش فوق الظنون
فهبّ الجنود لجلد الغلام
وصبّوا على رأسه من غساق الحميم
وقالوا : لأنك أنت العزيز الكريم !!
تذوّق عذاب الجحيم ...
وزجّوا به صوب زنزانة مظلمه
ليلبث في السجن بضع سنين
وذات مساء ...
أطلّ الهمام من الكوّة الضيّقه
وراح يناجي ضياء القمر
يحدّثه عن شجون الحفاة
وسوط القضاة
وبجْر البغاة
حيال البتول الحَصان الرزان
وصعّد زفرة بركانه الحارقه
و أسبل دمعة طوفانه الغارقه
و أنّ الأنين
فهبّ النسيم يكفكف دمع الفتى
إلى أن تجلّت غيوم الجفون
وثمّة أبصر ثغر القمر
يبث ّ المشفّرَ عبر الأثير
تفرّس لبّ الغلام على ماحوته الرموز
فألفى خطابا من البدر شعّت بتبر الضياء
ـ هو الكون يسري بسنّة خالقه في الحياة
إذا رام عبّاده نهضة العزّ يوما
فلا بدّ أن يفقهوا سنّة النصر
كيف تقوم
وكيف تدوم
وكيف تُدَاولُ عند الشتات
إذا ضاع منهم شعاع العلوم ...(985/2)
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
يا أمّتي انتبهي فالخطْبُ iiأهوالُ ... أصمى العروبة َ والإسلامَ iiجُهّالُ
حقدٌ دفينٌ من الأعداء قد iiشهروا ... رام الإساءة للمختار iiأنذالُ
أهان رسمهم المخبول قدوتنا ... في الغيّ مسبحهم يأتيه iiضُلاّلُ
من ذا الذي جعلوه اليوم في صُحُفٍ ... رمزا يهدّد بالإرهاب يَغتالُ ii؟
هو الحبيبُ رسول الله قد iiأفكوا ... حوبا عظيما من الأوزار قد iiنالوا
حاشاه سيّدنا ما جاء منتقما ... في عين شانئه المغرور: iiقتّالُ!!
بل رحمة وسعتْ ذريّة iiبقيتْ ... من نسل آدم تترى منه iiأجيالُ
إن آمنت كفلتْ ما كان يكفلهُ ... الإسلام من كرمٍ، والعزّ iiينهالُ
أو أمسكتْ أمِنَتْ بالسلم iiروعتها ... والمال في الأمن مهما زاد iiإقلالُ
يا صاحِ كم عِبَرٍ في الحرب iiبازغةٍ ... من " طه " منبعها فخرٌ iiوإجلالُ
لا الشيخ يطعنه الفرسان من هَرَمٍ ... لا الطفل في عُمُرِ الأيّام iiيُغتالُ
لا نسوة قُتلتْ يوما بلا سبب ... والقاصرون كما النسوان iiأمثالُ
يا من تغشّتْ على عينيه كم iiسُدُمٍ ... أعمتْ بصيرته بالسفه iiيحتالُ
إنّ الشمائل في المختار قد iiجُمعتْ ... غيما ، يَدرّ حشاهُ الثرَّ iiهطّالُ
قف عند مفخرة التاريخ في iiوجلٍ ... وانظرْ مسيرته فالشهم iiرئبالُ
حلمٌ وعفوٌ وعدلٌ زانه iiخلقا ... زهدٌ ، حياءٌ ، جوادٌ منه iiتصهالُ
تواضعٌ و وفاءٌ حلّ iiمنهمرا، ... قد هابه في وغى الميدان iiأبطالُ
رؤوفُ قلبٍ ، رحيمٌُ ، طيّبٌ ، عَطُرٌ ... طلْقُ المُحيّا، على المنسيِّ iiسآالُ
هو النبيّ حباه الله iiمعجزة ... ذكر الحكيم وعذبُ الآي iiسلسالُ
انشقّ منشطرا يعنو له iiقمرٌ ... والجذعُ حنّ بشوقٍ ساءه iiالحالُ
ألقى الجماد له التسليم من iiحجرٍ ... والمِثْلُ من شجرٍ في ذاك iiأقوالُ
صلىّ عليه إله الكون من iiعِظمٍ ... والإنسُ والجنّ والمشكوم iiبخّالُ
قل للمحبّ له : هل ودّكم عملٌ ii؟ ... إنّ المحبّة للمحبوب iiأشكالُ(986/1)
إن كان باللفظ ذاك الحبّ iiمنقصة ... مالم تترجمه بالصدق iiأفعالُ
رتقٌ بسنّتهِ ، جهْرٌ iiبدعوتهِ ... عزّ بنصرته ، في الساح بَذ iiّالُ
هذا الشتات نلمّ اليوم شملتهُ ... إنّا إلى دُرُج العلياء iiقُفّالُ
طار الذباب عن الأجفان iiممتعضا ... ما عاد للنوم بعد iiالصحْوِإقبالُ
عاد البريق إلى من عاش في iiصدإ ... و هاجرالخيلَ في الأدواء iiعُقّالُ
لأم الجراح شَفَاهُ الأوبُ في حُزُمٍ ... نحو الهداية والمختارمفضالُ
ألا وإنّ الحمى في الدين iiمنتهَكٌ ... هبّوا جميعا إلى من جاء iiيختالُ
إن كان ينقصنا علمٌ وتقنية iiٌ ... فالدين ناصرنا والله iiفعّالُ(986/2)
إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيرُ نَفَلْ
1
إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيرُ نَفَلْ *** وبإذْنِ اللّهِ رَيْثي وعَجَلْ
2
أحْمَدُ اللّهَ فَلا نِدَّ لَهُ *** بيَدَيْهِ الخَيرُ ما شاء فَعَلْ
3
مَنْ هَداهُ سُبُلَ الخَيرِ اهْتَدَى *** ناعِمَ البَالِ ومَنْ شَاءَ أضَلّْ
4
ورَقاقٍ عُصَبٍ ظُلْمَانُهُ *** كحَزيقِ الحَبَشيِيِّنَ الزُّجَلْ
5
قَدْ تَجاوَزْتُ وتحْتي جَسْرَةٌ *** حَرَجٌ في مِرْفَقَيْها كالفَتَلْ
6
تَسلُبُ الكانِسَ لمْ يُوأرْ بِهَا *** شُعْبَةَ السّاقِ إذا الظَلُّ عَقَلْ
7
وتَصُكُّ المَرْوَ لمّا هَجَّرَتْ *** بنَكِيبٍ مَعِرٍ دامي الأظَلّْ
8
وَإذا حَرَّكْتُ غَرْزي أجمَرَتْ *** أوْ قَرَا بي عَدْوُ جَوْنٍ قَد أبَلّْ
9
بِالغُراباتِ فَزَرَّافَاتِهَا *** فبِخِنْزِيرٍ فَأطْرَافِ حُبَلْ
10
يُسْئِدُ السّيرَ عَلَيها راكِبٌ *** رابِطُ الجأشِ على كُلِّ وَجَلْ
11
حالَفَ الفَرْقَدَ شِرْكًا في السُّرَى *** خَلَّةً باقِيَةً دُونَ الخلَلْ
12
اعْقلِي إنْ كُنْتِ لَمّا تَعْقِلي *** وَلَقَدْ أفْلَحَ مَنْ كانَ عَقَلْ
13
إنْ تَرَيْ رأسيَ أمْسى واضِحًا *** سُلِّطَ الشَّيْبُ عَلَيْهِ فاشْتَعَلْ
14
فَلَقَدْ أُعْوِصُ بالخَصْمِ وَقَدْ *** أملأ الجَفنَةَ مِن شَحْمِ القُلَلْ
15
وَلَقَدْ تَحْمَدُ لمّا فارَقَتْ *** جارَتي والحَمدُ مِن خيرِ خَوَلْ
16
وغُلامٍ أرْسَلَتْهُ أمُّهُ *** بِألُوكٍ فبَذَلْنَا مَا سَألْ
17
أوْ نَهَتْهُ فأتَاهُ رِزْقُهُ *** فاشْتَوَى لَيْلَةَ ريحٍ واجتَمَلْ
18
مِنْ شِواءٍ لَيسَ مِنْ عارِضَةٍ *** بيَدَيْ كُلِّ هَضُومٍ ذي نَزَلْ
19
فإذا جُوزِيتَ قَرْضًا فاجْزِهِ *** إنّما يَجْزي الفَتَى لَيسَ الجمَلْ
20
أعْمِلِ العِيسَ على عِلاَّتِهَا *** إنّما يُنْجِحُ أصحابُ العَمَلْ
21
وَإذا رُمْتَ رَحيِلاً فارْتَحِلْ *** واعصِ ما يأمُرُ تَوْصِيمُ الكَسَلْ
22(987/1)
واكذِبِ النّفْسَ إذا حَدَّثْتَها *** إنَّ صِدْقَ النّفسِ يُزْري بالأملْ
23
غَيرَ أنْ لا تَكذِبَنْها في التُّقَى *** وَاخْزُها بالبرِّ للّهِ الأجَلّْ
24
واضبطِ اللّيْلِ إذا طالَ السُّرَى *** وتَدَجَّى بَعدَ فَوْرٍ واعتَدَلْ
25
يَرْهَبُ العاجِزُ مِنْ لُجَّتِهِ *** فَيُدَعِّي في مَبِيتٍ ومحَلّْ
26
طالَ قَرْنُ الشّمْسِ لمّا طَلَعَتْ *** فإذا ما حَضَرَ اللّيلُ اضمَحَلّْ
27
وَأخُو القَفْرَةِ ماضٍ هَمُّهُ *** كُلّما شاءَ على الأينِ ارْتحلْ
28
ومَجُودٍ مِنْ صُبابتِ الكَرَى *** عاطِفِ النُّمرُقِ صَدقِ المُبتذلْ
29
قالَ هَجِّدْنا فَقَدْ طالَ السُّرَى *** وقَدَرْنا إنْ خَنَى دَهْرٍ غَفَلْ
30
يَتَّقي الأرْضَ بدَفٍّ شَاسِفٍ *** وضُلوعٍ تحتَ صُلْبٍ قد نَحَلْ
31
قَلّمَا عَرَّسَ حَتّى هِجْتُهُ *** بالتّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ
32
يَلْمَسُ الأحْلاسَ في مَنزِلِهِ *** بيَدَيْهِ كاليَهُوديِّ المُصَلّْ
33
يَتَمَارَى في الذي قُلْتُ لَهُ *** ولَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّهَلْ
34
فَوَرَدْنَا قَبْلَ فُرَّاطِ القَطَا *** إنَّ مِنْ وِرْديَ تَغْليسَ النَّهَلْ
35
طاميَ العَرْمَضِ لا عَهْدَ لَهُ *** بأنِيسٍ بَعدَ حَوْلٍ قد كَمَلْ
36
فهَرَقْنَا لَهُمَا في داثِرٍ *** لَضواحيهِ نَشِيشٌ بالبَلَلْ
37
راسِخُ الدِّمْنِ على أعْضَادِهِ *** ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ
38
عافَتَا الماءَ فَلَمْ نُعْطِنْهُمَا *** إنّما يُعْطِنُ مَنْ يَرْجُو العِللْ
39
ثُمَّ أصدَرْناهُما في وارِدٍ *** صادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قَدْ مَثَلْ
40
تَرْزُمُ الشّارِفُ مِنْ عِرْفانِهِ *** كُلَّما لاحَ بنَجْدٍ وَاحتَفَلْ
41
فَمَضَيْنا فَقَضَيْنا ناجِحًا *** مَوْطِنًا يُسْألُ عَنْهُ ما فَعَلْ
42
ولَقَدْ يَعْلَمُ صَحْبي كُلُّهُمْ *** بِعَدانِ السّيِفِ صَبْري ونَقَلْ
43
رابِطُ الجأشِ على فَرْجِهِمُ *** أعْطِفُ الجَوْنِ بمَرْبُوعٍ مِتَلّْ
44(987/2)
ولَقَدْ أغْدو وما يَعْدَمُني *** صاحِبٌ غَيرُ طَويلِ المُحتَبَلْ
45
ساهِمُ الوَجْهِ شَديدٌ أسْرُهُ *** مُغبَطُ الحارِكِ مَحبوكُ الكَفَلْ
46
بأجَشِّ الصَّوْتِ يَعْبُوبٍ إذا *** طَرَقَ الحَيَّ منَ الغَزْوِ صَهَلْ
47
يَطْرُدُ الزُّجَّ يُباري ظِلَّهُ *** بأسِيلٍ كالسِّنانِ المُنْتَخَلْ
48
وعَلاهُ زَبَدُ المَحْضِ كَمَا *** زَلَّ عَن ظَهرِ الصَّفا ماءُ الوَشَلْ
49
وكَأنِّي مُلْجِمٌ سُوذَانِقًا *** أجْدَلِيًّا كَرُّهُ غَيرُ وَكَلْ
50
يُغْرِقُ الثَّعْلَبَ في شِرَّتِهِ *** صائِبُ الجِذْمَةِ في غَيرِ فَشَلْ
51
مِنْ نَسا النّاشِطِ إذْ ثَوَّرْتهُ *** أوْ رَئِيسِ الأخدَرِيّاتِ الأُوَلْ
52
يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجًا في النَّدَى *** مِنْ مَرابيعِ رِياضٍ ورِجَلْ
53
فَهْوَ شَحّاجٌ مُدِلٌّ سَنِقٌ *** لاحِقُ البَطنِ إذا يَعدو زَمَلْ
54
فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْهِ قافِلاً *** وعلى الأرْضِ غَيَاياتُ الطَّفَلْ
55
وتَأيَّبْتُ عَلَيْهِ ثانيًا *** يَتَّقيني بتَليلٍ ذي خُصَلْ
56
لمْ أقِلْ إلاَّ عَلَيهِ أوْ عَلى *** مَرْقَبٍ يَفْرَعُ أطْرَافَ الجَبَلْ
57
ومَعي حامِيَةٌ مِنْ جَعْفَرٍ *** كُلَّ يَوْمٍ تَبْتَلَي ما في الخِلَلْ
58
وقَبيلٌ مِنْ عُقَيلٍ صادِقٌ *** كَلُيُوثٍ بَينَ غابٍ وعَصَلْ
59
فَمَتَى يَنقَعْ صُراخٌ صادِقٌ *** يُحْلِبوهُ ذاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ
60
فَخمَةً ذَفراءَ تُرْتَى بالعُرَى *** قُرْدَمانِيًّا وتَرْكًا كالبَصَلْ
61
أحْكَمَ الجِنثيُّ مِنْ عَوْراتِهَا *** كلَّ حِرْباءٍ إذا أُكْرِهَ صَلّْ
62
كُلَّ يَوْمٍ مَنَعوا جامِلَهُمْ *** ومُرِنّاتٍ كآرَامِ تُبَلْ
63
قَدَّموا إذْ قالَ: قَيسٌ قَدِّموا *** واحفَظوا المَجدَ بأطرَافِ الأسَلْ
64
بَينَ إرْقاصٍ وعَدْوٍ صادِقٍ *** ثمَّ إقدامٌ إذا النِّكسُ نَكَلْ
65
فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقَةً *** وصُداءٍ ألحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ
66(987/3)
لَيْلَةَ العُرْقُوبِ لَمّا غامَرَتْ *** جَعفرٌ تُدعى ورَهطُ ابنِ شَكَلْ
67
ثُمَّ أنْعَمْنا على سَيِّدِهِمْ *** بَعْدَما أطْلَعَ نَجْدًا وأبَلْ
68
وَمَقامٍ ضَيِّقٍ فَرَّجْتُهُ *** بِمَقَامي ولِساني وَجَدَلْ
69
لَوْ يَقُومُ الفِيلُ أوْ فَيّالُهُ *** زَلَّ عَنْ مِثلِ مَقَامي وَزَحَلْ
70
وَلَدَى النُّعْمانِ مِنّي مَوْطِنٌ *** بَينَ فاثُورِ أُفَاقٍ فالدَّحَلْ
71
إذْ دَعَتْني عامِرٌ أنْصُرُهَا *** فالتَقى الألسُنُ كالنَّبْلِ الدُّوَلْ
72
فرَمَيْتُ القَوْمَ رِشْقًا صائِبًا *** لَيسَ بالعُصْلِ وَلا بالمُقتْعِلْ
73
رَقَمِيَّاتٍ عَلَيْها نَاهِضٌ *** تُكْلِحُ الأرْوَقَ منهُمْ والأيَلْ
74
فانتَضَلْنا وابنُ سَلمَى قاعِدٌ *** كعَتِيقِ الطّيرِ يُغضي ويُجَلّْ
75
والهَبانِيقُ قِيَامٌ مَعَهُمْ *** كلُّ مَحْجُومٍ إذا صُبَّ هَمَلْ
76
تَحْسُرُ الدِّيباجَ عَنْ أذْرُعِهِمْ *** عِندَ ذي تاجٍ إذا قالَ فَعَلْ
77
فَتَوَلَّوْا فاتِرًا مَشْيُهُمُ *** كَروايا الطِّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ
78
فمَتَى أهْلِكْ فَلا أحْفِلُهُ *** بَجَلي الآنَ مِنَ العَيشِ بَجَلْ
79
مِنْ حَياةٍ قَدْ مَلِلْنا طُولَهَا *** وجَديرٌ طُولُ عَيشٍ أنْ يُمَلّْ
80
وأرَى أرْبَدَ قَدْ فارَقَني *** وَمِنَ الأرْزاءِ رُزْءٌ ذو جَلَلْ
81
مُمْقِرٌ مُرٌّ على أعْدائِهِ *** وعلى الأدْنَينَ حُلْوٌ كالعَسَلْ
82
في قُرُومٍ سادَةٍ مِنْ قَوْمِهِ *** نَظَرَ الدَّهْرُ إلَيهمْ فابْتَهَلْ
83
فأخي إنْ شَرِبُوا مِنْ خَيرِهِمْ *** وأبُو الحَزَّازِ مِنْ أهلِ النَّفَلْ
84
يَذْعَرُ البَرْكَ فَقَدْ أفْزَعَهُ *** ناهضٌ يَنهَضُ نَهضَ المُختَزَلْ
85
مُدْمِنٌ يَجْلُو بأطْرَافِ الذُّرَى *** دَنَسَ الأسْؤُقِ بالعَضْبِ الأفَلّْ(987/4)
دَرَسَ المَنَا بمُتَالِعٍ فأبَانِ
1
دَرَسَ المَنَا بمُتَالِعٍ فأبَانِ *** وَتَقَادَمَتْ بالحُبْسِ فالسُّوبَانِ
2
فنعافِ صارةَ فالقَنَانِ كأنَّها *** زُبُرٌ يُرَجِّعها وليدُ يَمَانِ
3
مُتَعَوِّدٌ لَحِنٌ يُعيدُ بِكَفِّهِ *** قَلَمًا على عُسُبٍ ذَبُلْنَ وَبانِ
4
أو مُسْلَمٌ عَمِلَتْ له عُلْوِيَّةٌ *** رَصَنَتْ ظُهُورَ رَوَاجِبٍ وَبَنَانِ
5
لِلْحَنْظَلِيّةِ أصْبَحَتْ آياتُهَا *** يَبْرُقْنَ تحتَ كَنَهْبُل الغُلاّنِ
6
خَلَدَتْ ولم يَخْلُدْ بها مَنْ حَلَّها *** وَتَبَدَّلَتْ خَيْطًا مِن الأُحْدَانِ
7
والخَاذِلاتُ مَعَ الجآذِرِ خِلْفَةً *** والأُدْمُ حانيةٌ مَعَ الغِزْلانِ
8
فصَددْتُ عَنْ أطْلالِهنَّ بجَسْرَةٍ *** عَيْرَانَةٍ كالعَقْرِ ذِي البُنْيانِ
9
فقَدَرْتُ لِلْوِرْدِ المُغَلِّسِ غُدْوَةً *** فَوَرَدْتَ قَبْلَ تَبَيُّنِ الألْوانِ
10
سُدُمًا قَديمًا عَهْدُه بأنيسِهِ *** مِنْ بينِ أصْفرَ ناصعٍ وَدِفَانِ
11
فَهَرَقْتُ أذْنِبَةً على مُتَثَلِّمٍ *** خَلقٍ بِمُعْتَدِلٍ مِنَ الأَصْفَانِ
12
فتَغمَّرَتْ نَفسًا وَأدْركَ شَأْوُهَا *** عُصَبَ القَطا يَهْوِينَ للأذْقانِ
13
فثنيتُ كفّي والقرابَ ونُمْرُقي *** ومكانَهُنَّ الكورُ والنِّسْعَانِ
14
كسَفينَةِ الهنديِّ طابقَ دَرْءَهَا *** بسَقائفٍ مَشْبُوحَةٍ وَدِهَانِ
15
فالتَامَ طائقُها القديمُ فأصْبَحَتْ *** ما إنْ يُقَوِّمُ دَرْءَهَا رِدْفَانِ
16
فكأنَّها هي يَوْمَ غِبِّ كَلاَلِهَا *** أوْ أسْفَعُ الخدّيْنِ شاةُ إرَانِ
17
حَرِجٌ إلى أرْطَاتِهِ وتَغَيَّبَتْ *** عَنْهُ كواكبُ ليلةٍ مِدْجَانِ
18
يَزَعُ الهَيَامُ عن الثَّرى وَيَمُدُّهُ *** بُطْحٌ تَهَايُلُهُ على الكُثْبَانِ
19
فَتَدارَكَ الإشراقُ باقيَ نَفْسِهِ *** مُتَجَرِّدًا كالمائح العُرْيَانِ
20
لَوْ كانَ يَزْجُرُها لَقَدْ سَنَحتْ له *** طَيْرُ الشِّياحِ بِغَمْرَةٍ وَطِعَانِ
21(988/1)
فَعَدَا على حَذَرٍ مُوَرَّثُ عُدَّةٍ *** يَهْتَزُّ فَوْقَ جَبِيِنِهِ رُمْحَانِ
22
حتّى أُشِبَّ له ضِرَاءُ مُكَلِّبٍ *** يَسْعَى بهنَّ أقَبُّ كالسِّرْحَانِ
23
فَحَمَى مَقَاتِلَهُ وذادَ بِرَوْقِهِ *** حَمْيَ المُحارِبِ عَوْرَةَ الصُّحْبَانِ
24
شَزْرًا على نَبْضِ القلوب وَمُقْدِمًا *** فَكأنَّما يَخْتَلُّهَا بِسِنَانِ
25
حتّى انجلَتْ عَنْهُ عَمَايَةُ نَفْرِهِ *** فكأنَّ صَرْعَاها ظُرُوفُ دِنَانِ
26
فاجتازَ مُنْقَطَعَ الكثيبِ كأنَّهُ *** نِصْعٌ جَلَتْهُ الشمسُ بَعْدَ صِوانِ
27
يَمْتَلُّ مَوْفورًا وَيَمْشِي جانِبًا *** رَبذًا يُسَلَّى حاجَةَ الخَشْيَانِ
28
أفَذَاكَ أمْ صَعْلٌ كأنّ عِفَاءَهُ *** أوزاعُ ألقَاءٍ على أغْصَانِ
29
يُلْقِي سَقِيطَ عِفَائِهِ مُتَقَاصِرًا *** للشدِّ عَاقِدَ مَنْكِبٍ وَجِرَانِ
30
صَعْلٌ كَسَافِلَةِ القَنَاةِ وَظِيفُهُ *** وكأنَّ جُؤْجُؤهُ صَفِيحُ كِرَانِ
31
كَلِفٌ بعارِيَةِ الوَظِيفِ شِمِلَّةٍ *** يَمْشِي خِلالَ الشَّرْيِ في خِيطانِ
32
ظلَّتْ تتبَّع مِن نِهاءِ صَعَائِدٍ *** بَيْنَ السَّليل وَمَدْفَع السُّلاَّنِ
33
سَبَدًا مِن التَّنُّومِ يَخْبِطُهُ النّدَى *** وَنَوادِرًا مِنْ حَنْظَلِ الخُطْبانِ
34
حتى إذَا أفِدَ العَشِيُّ تَرَوَّحَا *** لِمَبِيِتِ رِبْعِيِّ النِّتاج هجَانِ
35
طالَتْ إقامَتُهُ وَغَيَّرَ عَهْدَهُ *** رِهَمُ الرَّبيع بِبُرْقَةِ الكَبَوَانِ(988/2)
راحَ القَطينُ بِهَجْرٍ بَعدَ ما ابتَكرُوا
1
راحَ القَطينُ بِهَجْرٍ بَعدَ ما ابتَكرُوا *** فمَا تُواصِلُهُ سَلْمَى ومَا تَذرُ
2
مَنْأى الفَرُورِ فَما يأتي المُريدَ ومَا *** يَسْلُو الصُّدودَ إذاما كانَ يَقتَدِرُ
3
كأنَّ أظْعانَهُمْ في الصُّبْحِ غادِيَةً *** طَلحُ السَّلائلِ وَسطَ الرَّوْضِ أوْ عُشَرُ
4
أوْ بارِدُ الصَّيفِ مَسجورٌ مَزَارِعُهُ *** سُودُ الذَّوائِبِ ممّا مَتّعَتْ هَجَرُ
5
جَعْلٌ قِصَارٌ وعَيْدانٌ يَنُوءُ بِهِ *** مِنَ الكَوافِرِ مَكْمُومٌ ومُهْتَصِرُ
6
يَشربَنَ رفْهًا عِراكًا غيرَ صادِرَةٍ *** فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ
7
بَينَ الصَّفا وخَليجِ العَينِ ساكِنَةٌ *** غُلْبٌ سواجدُ لم يدخُلْ بها الحَصَرُ
8
وَفي الحُدوجِ عَرُوبٌ غَيرُ فاحِشَةٍ *** رَيّا الرَّوادِفِ يَعشَى دُونَها البَصَرُ
9
كأنَّ فاها إذا ما اللّيلُ ألْبَسَهَا *** سَيَابَةٌ ما بِها عَيْبٌ وَلا أثَرُ
10
قالتْ غداةَ انتَجَيْنا عندَ جارَتها: *** أنتَ الذي كنتَ لوْلا الشّيبُ وَالكِبرُ
11
فقلتُ: ليسَ بَياضُ الرَّأسِ مِن كِبَرٍ *** لوْ تَعَلمَينَ وَعندَ العالِمِ الخَبرُ
12
لوْ كانَ غَيري سليمى اليوْمَ غيَّرَهُ *** وَقعُ الحوادِثِ إلاَّ الصَّارِمُ الذَّكرُ
13
ما يَمْنَعُ اللّيْلُ مِنّي ما هَمَمْتُ بِهِ *** وَلا أحارُ إذا ما اعتادَني السَّفَرُ
14
إنَي أُقاسي خُطوبًا ما يَقُومُ لَهَا *** إلاَّ الكِرامُ على أمْثالِها الصُّبُرُ
15
مِن فَقدِ مولًى تَصُورُ الحيَّ جَفنَتُهُ *** أوْ رُزْء مالٍ ورُزْءُ المالِ يُجْتَبَرُ
16
والنِّيبُ إنْ تَعْرُ مِنّي رمَّةً خَلَقًا *** بَعْدَ المَمَاتِ فإنّي كنتُ أثَّئِرُ
17
وَلا أضِنُّ بمَعروفِ السَّنَامِ إذا *** كانَ القُتارُ كمَا يُسْتَرْوَحُ القُطُرُ
18
ولا أقُولُ إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ *** يا وَيْحَ نَفْسيَ مِمّا أحدَثَ القَدَرُ
19(989/1)
وَلا أضِلُّ بأصْحابٍ هَدَيْتُهُمُ *** إذا المُعَبَّدُ في الظّلْماء يَنتَشِرُ
20
وأُرْبِحُ التَّجْرَ إن عَزَّتْ فِضالُهُمُ *** حتى يَعُودَ سُليمَى حوْلَهُ نفَرُ
21
غَرْبُ المَصَبَّةِ مَحْمُودٌ مَصَارِعُهُ *** لاهي النّهارِ لسَيرِ اللّيلِ مُحتَقِرُ
22
يُرْوي قَوَامِحَ قَبْلَ اللّيْلِ صادِقَةً *** أشبَاهَ جِنٍّ عَلَيها الرَّيْطُ والأُزُرُ
23
إنْ يُتْلِفوا يُخلِفوا في كلِّ مَنْقَصًةٍ *** ما أتلَفوا لابتغاء الحَمدِ أوْ عَقَرُوا
24
نُعطي حُقوقًا على الأحسابِ ضامِنةً *** حَتّى يُنَوِّرَ في قُرْيانِهِ الزَّهَرُ
25
وأقطَعُ الخَرْقَ قد بادَتْ مَعَالِمُهُ *** فَمَا يُحَسُّ بهِ عَينٌ وَلا أثَرُ
26
بِجَسْرَةٍ تَنْجُلُ الظُّرَّانَ ناجِيَةَ *** إذا تَوَقَّدَ في الدَّيمُومَةِ الظُّرَرُ
27
كأنّهَا بَعْدَما أفْنَيْتُ جُبْلتها *** خَنْساءُ مَسْبُوعَةٌ قَد فاتَها بَقَرُ
28
تَنْجُو نَجَاءَ ظَلِيمِ الجَوِّ أفْزَعَهُ *** ريحُ الشَّمَالِ وشَفّانٌ لها دِرَرُ
29
باتَتْ إلى دَفِّ أرْطاةٍ تُحَفِّرُهُ *** في نَفْسِها مِنْ حَبيبٍ فاقِدٍ ذِكَرُ
30
إذا اطمَأنَّتْ قَليلاً بَعدَما حَفَرَتْ *** لا تَطْمَئِنُّ إلى أرطاتِها الحُفَرُ
31
تَبْني بُيُوتًا على قَفْرٍ يُهَدِّمُها *** جَعْدُ الثّرَى مُصْعَبٌ في دَفِّهِ زَوَرُ
32
لَيْلَتَها كُلَّها حتى إذا حَسَرَتْ *** عَنها النّجومُ وكادَ الصُّبحُ يَنسَفِرُ
33
غَدَتْ على عَجَلٍ والنّفسُ خائفَةٌ *** وآيَةٌ مِنْ غُدُوِّ الخائِفِ البُكَرُ
34
لاقَتْ أخَا قَنَصٍ يَسْعَى بأكْلُبِهِ *** شَثْنَ البَنانِ لدَيْهِ أكلُبٌ جُسُرُ
35
وَلَّتْ فَأدْرَكَهَا أُولَى سَوَابِقِها *** فأقْبَلَتْ ما بِها رَوْعٌ وَلا بَهَرُ
36
فقاتَلَتْ في ظِلالِ الرَّوْعِ واعتكَرَتْ *** إِنَّ المُحاميَ بَعدَ الرَّوْعِ يَعْتَكِرُ(989/2)
سَفَهًا عَذَلْتِ وقلتِ غَيْرَ مُليمِ
1
سَفَهًا عَذَلْتِ وقلتِ غَيْرَ مُليمِ *** وَبُكَاكِ قِدْمًا غَيرُ جِدِّ حَكِيمِ
2
أُمَّ الوَلِيدِ وَمَنْ تكوني هَمَّهُ *** يُصْبِحْ وليسَ لِشأنِهِ بحلِيمِ
3
آتي السَّدادَ فإن كرهتِ جَنَابَنَا *** فَتَنَقَّلِي في عامرٍ وتَمِيمِ
4
لا تَأْمُرِيني أنْ أُلاَمَ فإنَّني *** آبَى وأكْرهُ أمْرَ كلِّ مُليمِ
5
أوَلَمْ تَرَيْ أنَّ الحوادثَ أهلكتْ *** إرَمًا ورامَتْ حِمْيَرًا بِعَظِيمِ
6
لو كان حيٌّ في الحياةِ مُخَلَّدًا *** في الدهر ألْفَاهُ أبُو يَكْسُومِ
7
والحارِثانِ كِلاهُما وَمُحَرِّقٌ *** والتُّبَّعَانِ وفارسُ اليَحْمُومِ
8
والصَّعْبُ ذو القرنين أصبَحَ ثاويًا *** بِالحِنوِ في جَدَثٍ أُمَيْمَ مُقيمِ
9
وَنَزَعْنَ مِن داودَ أحْسَنَ صُنْعِهِ *** ولقَد يَكونُ بِقُوَّةٍ وَنَعيمِ
10
صَنَعَ الحديدَ لِحِفْظِهِ أسْرَادَهُ *** لِينَالَ طُولَ العيشِ غَيْرَ مَرُومِ
11
فكأنَّما صادَفْنَهُ بِمُضِيعَةٍ *** سَلَمًا لهنَّ بِواجِبٍ مَعْزُومِ
12
فَدَعِي الملامةَ وَيْبَ غيرِكِ إنَّهُ *** ليسَ النّوالُ بِلَوْمِ كلِّ كريمِ
13
ولقَد بَلَوْتُكِ وابْتَلَيْتِ خَلِيقَتي *** ولقَد كفَاكِ مُعَلِّمي تَعْليمي
14
وَعَظيمةٍ دافَعْتُهَا فَتَحوَّلَتْ *** عنِّي فَلَمْ أدْنَس وَصَحَّ أديمي
15
في يومِ هَيْجَا فاصطَليتُ بِحَرِّها *** أوْ في غَدَاةِ تَحَافُظٍ وَخُصُومِ
16
وَمُبَلِّغٍ يَوْمَ الصُّرَاخِ مُنَدَّدٍ *** بِعِنَانِ دَاميةِ الفُروج كَلِيمِ
17
فرَّجتُ كُرْبَتَهُ بِضَرْبَةِ فَيْصَلٍ *** أو ذاتِ فَرْغٍ بالدِّماءِ رَذُومُ
18
أوْ عازبٍ جادَتْ عَلى أرْوَاقِهِ *** خَلْقَاءُ عاملةٌ وَرَكْضُ نُجُومِ
19
مَرَتِ الجنوبُ لَهُ الغَمامَ بوابلٍ *** وَمُجَلْجَلٍ قَرِدِ الرَّبَابِ مُدِيمِ
20
حتَى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بِفَاخِرٍ *** قَصِفٍ كألوانِ الرِّحَال عَميمِ
21(990/1)
هَمَلٌ عَشَائِرُهُ على أوْلادِهَا *** مِن راشحٍ مُتَقَوِّبٍ وَفَطِيمِ
22
أُدْمٌ مُوَشَّمَةٌ وَجُونٌ خِلْفَةً *** وَمَتى تَشأْ تَسْمَعْ عِرَارَ ظَلِيمِ
23
بِكَثيبِ رابيةٍ قليلٍ وَطْؤهُ *** يعتادُ بَيْتَ مُوَضَّعٍ مَرْكُومِ
24
وَيَظَلُّ مُرْتَقِبًا يُقَلِّبُ طَرْفَهُ *** كعريشِ أهل الثَّلَّةِ المَهْدُومِ
25
باكَرْتُ في غَلَسِ الظَّلامِ بِصُنْتُعٍ *** طِرْفٍ كَعَالِية القَنَاةِ سَليمِ
26
ولقَد قَطَعْتُ وَصِيلةً مَجْرُودَةً *** يَبْكِي الصَّدَى فيها لِشَجْوِ البُومِ
27
بِخَطِيرةٍ تُوفي الجديلَ سَرِيحَةٍ *** مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْتَهُ بعَصِيمِ
28
أُجُدِ المَرَافِقِ حُرَّةٍ عَيْرَانةٍ *** حَرَجٍ كَجَفنِ السيفِ غيرِ سؤومِ
29
تَعْدُو إذا قَلِقَتْ عَلى مُتَنَصِّبٍ *** كالسَّحْلِ في عاديَّةٍ دَيْمُومِ
30
سَبْطٍ كأعناقِ الظِّباء إذا انْتَحَتْ *** ينسَلُّ بين مَخَارِمٍ وَصَرِيمِ
31
يَهْوِي إلى قَصَبٍ كأنَّ جِمَامَهُ *** سَمَلاتُ بَوْلٍ أُغْلِيَتْ لِسَقِيمِ
32
وجناءُ تُرْقِلُ بَعْد طُول هِبَابِها *** إرقالَ جأْبٍ مُعْلَمٍ بِكُدُومِ
33
جَوْنٍ تَرَبَّعَ في خَلَى وَسْمِيَّةٍ *** رَشَفَ المناهِلَ ليس بالمظلُومِ(990/2)
طَلَلٌ لِخَوْلَةَ بالرُّسَيْسِ قديمُ
1
طَلَلٌ لِخَوْلَةَ بالرُّسَيْسِ قديمُ *** فبِعاقلٍ فَالأنْعَمَيْنِ رُسُومُ
2
فكأنَّ مَعْرُوفَ الدِّيارِ بِقَادِمٍ *** فَبُرَاقِ غَوْلٍ فالرِّجَامِ وُشُومُ
3
أوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ على ألْوَاحِهِ *** نَّ الناطقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
4
دِمَنٌ تَلاعبتِ الرّياحُ بِرَسْمِها *** حتى تَنَكَّر نُؤْيُهَا المَهْدومُ
5
أضْحَتْ مُعطَّلةً وأصْبَحَ أهْلُها *** ظَعَنُوا ولكنَّ الفُؤادَ سَقيمُ
6
فكأنَّ ظُعْنَ الحيِّ لما أشْرَفَتْ *** بالآلِ وارْتَفَعَتْ بهنَّ حُزُومُ
7
نَخْلُ كَوَارِعُ في خليجِ مُحَلِّمٍ *** حمَلَتْ فمنها مُوقِرٌ مَكْمُومُ
8
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا وَسَرِيُّهُ *** عُمٌّ نَوَاعِمُ بينهنَّ كُرُومُ
9
زُجَلٌ ورُفِّعَ في ظِلالِ حُدُوجِها *** بِيضُ الخُدود حديثُهنَّ رخيمُ
10
بَقَرٌ مَساكِنُهَا مَسارِبُ عَازِبٍ *** وَارْتَبَّهُنَّ شَقَائِقٌ وَصَرِيمُ
11
فصرَفْتُ قَصْرًا والشؤونُ كأنَّها *** غَرْبٌ تَحُثُّ به القَلوصُ هزيمُ
12
بَكَرَتْ به جُرْشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ *** تُرْوي المحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
13
دهماءُ قد دَجَنَتْ وأحْنَقَ صُلْبُها *** وأحالَ فيها الرَّضْحُ والتَّصْرِيمُ
14
تَسْنُو وَيَعْجِلُ كَرَّها مُتَبَذِّلٌ *** شَثْنٌ به دَنَسُ الهناءِ دَميمُ
15
بِمُقابِلٍ سَرِبِ المخارِزِ عِدْلُهُ *** قَلِقُ المَحَالَةِ جارنٌ مَسْلُومُ
16
حَتَّى تَحَيَّرَتِ الدِّبَارُ كأنَّها *** زَلَفٌ وأُلْقِيَ قِتْبُها المحْزُومُ
17
لولا تُسَلِّيكَ اللبَانَةَ حُرَّةٌ *** حَرَجٌ كأحناءِ الغَبيطِ عَقيمُ
18
حَرْفٌ أضرَّ بها السِّفَارُ كأنَّها *** بعد الكَلالِ مُسَدَّمٌ مَحْجُومُ
19
أو مِسْحلٍ سَنِقٍ عِضَادةَ سَمحجٍ *** بِسَراتِها نَدَبٌ له وكُلُومُ
20
جَوْنٍ بِصَارةَ أقْفَرَتْ لِمَرَادهِ *** وخَلا له السُّؤبَانُ فالبُرْعُومُ
21(991/1)
وَتَصَيَّفَا بَعد الرّبيع وأحْنَقَا *** وَعَلاهُما مَوْقُودُهُ المَسْمُومُ
22
مِنْ كُلِّ أبْطَحَ يَخْفَيَانِ غميرَهُ *** أوْ يَرْتَعَانِ فَبَارِضٌ وَجَميمُ
23
حتَى إذا انْجَرَدَ النَّسيلُ كأنَّهُ *** زَغَبٌ يَطيرُ وَكُرْسُفٌ مَجْلُومُ
24
ظَلَّتْ تُخالجُهُ وَظَلَّ يحُوطُهَا *** طَوْرًا ويَرْبَأُ فَوقَها ويَحُومُ
25
يُوفِي وَيَرْتَقِبُ النِّجَادَ كأنَّهُ *** ذو إرْبَةٍ كلَّ المَرَامِ يَرُومُ
26
حتّى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ وَهَاجَهُ *** طلبُ المُعَقِّبِ حَقَّهُ المَظْلُومُ
27
قَرِبًا يَشُجُّ بها الخُرُوقَ عَشِيَّةً *** رَبِذٌ كمِقْلاَةِ الوليدِ شَتِيمُ
28
وَإذا تُرِيدُ الشأوَ يُدْرِكُ شَأْوَهَا *** مُعْجٌ كأنَّ رجِيعَهُنَّ عَصِيمُ
29
شدًّا وَمَرفوعًا يُقرّبُ مِثلُهُ *** لِلْوَرْدِ لا نَفِقٌ ولا مَسْؤومُ
30
فَتَضَيَّفَا ماءً بِدَحْلٍ سَاكنًا *** يَسْتَنُّ فوْقَ سَرَاتِهِ العُلْجُومُ
31
غَلَلاً تَضَمَّنَهُ ظِلالُ يَرَاعَةٍ *** غَرْقَى ضَفَادِعُهُ لهنَّ نَئِيمُ
32
فَمَضَى وَضَاحِي الماءِ فَوْقَ لَبَانِهِ *** وَرَمى بها عُرْضَ السَّرِيّ يَعُومُ
33
فَبِتِلْكَ أقْضي الهمَّ إنَّ خِلاجَهُ *** سَقَمٌ وإنّي لِلْخِلاجِ صَرُومُ
34
طَعنٌ إذا خِفْتُ الهوانَ بِبَلْدَةٍ *** وَأخُو المضَاعِفِ لا يَكَادُ يَرِيمُ
35
وَمَسَارِبٍ كالزَّوْجِ رَشَّحَ بَقْلَها *** صُهْبٌ دوَاجنُ صَوْبَهُنَّ مُديمُ
36
قدْ قُدتُ في غَلَسِ الظلام وطيرُهُ *** عُصَبٌ على فَنَنِ العِضَاهِ جُثُومُ
37
غَرْبًا لَجُوجًا في العِنَانِ إذا انتحى *** زَبَدٌ على أقْرابِهِ وَحَمِيمُ
38
إنّي امرؤٌ مَنَعَتْ أرُومَةُ عامرٍ *** ضَيْمي وقد جَنَفَتْ عليَّ خُصُومُ
39
جَهَدُوا العداوةَ كلَّها فأصَدَّها *** عنَي مَنَاكِبُ عِزُّها معلُومُ
40
منها حُوَيٌّ والذُّهابُ وَقَبْلَهُ *** يَوْمٌ بِبُرْقَة رَحْرَحَانَ كريمُ
41(991/2)
وَغَداةَ قَاعِ القُرْنَتَيْنِ أتَيْنَهُمْ *** رَهْوًا يلُوحُ خِلالَهَا التَّسْويمُ
42
بِكَتائِبٍ تَرْدِي تَعَوَّدَ كَبْشُها *** نَطْحَ الكِبَاشِ كأنَّهنَّ نُجُومُ
43
نَمْضِي بها حتى تُصِيبَ عَدُوَّنا *** وَتُرَدَّ منها غانِمٌ وَكَليمُ
44
وترى المسوَّمَ في القِيادِ كأنَّهُ *** صَعْلٌ إذا فَقَدَ السِّباقَ يَصُومُ
45
وكتيبةُ الأحْلافِ قد لاقَيْتُهُمْ *** حيث استفاضَ دَكادِكٌ وقَصِيمُ
46
وَعَشِيَّةَ الحَوْمَانِ أسْلَمَ جُنْدَهُ *** قَيْسٌ وَأيْقَنَ أنَّهُ مَهْزُومُ
47
وَلَقد بَلَتْ يَوْمَ النُّخَيْلِ وَقبْلَهُ *** مَرَّانُ من أيّامنا وَحَرِيمُ
48
مِنَّا حُماةُ الشِّعْبِ يوْمَ تَوَاكلتْ *** أسَدٌ وّذُبْيانُ الصَّفا وتَمِيمُ
49
فارتَثَّ كَلْماهُمْ عَشيَّة هَزْمِهِمْ *** حيٌّ بِمُنْعَرَجِ المَسيلِ مُقيمُ
50
قَوْمي أوُلئك إنْ سألتِ بِخيمِهِمْ *** ولكلِّ قومٍ في النوائبِ خِيمُ
51
وإذا شَتَوا عادَتْ على جيرانِهِمْ *** رُجُحٌ تُوَفِّيها مَرَابِعُ كُومُ
52
لا يَجْتَوِيها ضَيْفُهُمْ وفقيرُهُمْ *** ومُدَفَّعٌ طَرَقَ النُّبُوحَ يتيمُ
53
ولهمْ حُلُوم كالجبالِ وَسَادةٌ *** نُجُبٌ وَفَرْعٌ ماجِدٌ وأرومُ
54
وإذا تواكلتِ المقانبُ لم يَزَلْ *** بالثَّغر منّا مِنْسَرٌ وَعَظِيمُ
55
نَسْمُو بِهِ وَنَفُلُّ حَدَّ عَدُوِّنا *** حتى نَؤوبَ وفي الوُجوه سُهومُ(991/3)
عفَا الرَّسْمُ أمْ لا بَعْدَ حَوْلٍ تَجَرَّمَا
1
عفَا الرَّسْمُ أمْ لا بَعْدَ حَوْلٍ تَجَرَّمَا *** لأسْماءَ رَسْمٌ كالصَّحِيفَةِ أعْجَمَا
2
لأسماءَ إذْ لمّا تَفُتْنَا دِيَارُهَا *** ولم نَخْشَ مِنْ أسْبابِهَا أنْ تَجَذَّمَا
3
فَدَعْ ذا وَبَلِّغْ قَوْمَنَا إنْ لَقِيتَهُمْ *** وهل يُخْطِئنَ اللومُ مَنْ كانَ ألْوَما
4
مَوَالِيَنَا الأحْلافَ عَمْرَو بنَ عامرٍ *** وآلَ الصموتِ أنْ نُفَاثَةُ أحْجَمَا
5
كلا أخَوَيْنَا قَدْ تَخَيَّرَ مَحْضرًا *** من المُنْحَنَى مِنْ عَاقِلٍ ثمَّ خَيَّمَا
6
وَفَرَّ الوحيدُ بَعْدَ حَرْسٍ وَيَوْمِهِ *** وَحَلَّ الضَّبَابُ في عليِّ بنِ أسْلَما
7
وودَّعنَا بالجَلْهَتَيْنِ مُسَاحِقٌ *** وصاحَبَ سيّارٌ حِمارًا وَهَيْثَما
8
وَحَيَّ السَّوَاري إنْ أقُولُ لِجَمْعِهِم *** على النأْيِ إلاَّ أنْ يُحَيَّا وَيَسْلَمَا
9
فلمّا رأيْنَا أنْ تُرِكْنَا لأمْرِنَا *** أتيْنَا التي كانَتْ أحَقَّ وَأكْرَما
10
وقُلْنا انتظارٌ وائتِمَارٌ وَقُوَّةٌ *** وَجُرْثُومَةٌ عاديَّةٌ لَنْ تَهَدَّمَا
11
بحمدِ الإلَهِ مَا اجْتَبَاهَا وأهْلَهَا *** حميدًا وقبلَ اليوم مَنَّ وَأنْعَمَا
12
وَقُلْ لابنِ عمرٍو ما ترى رَأْيَ قَوْمِكمْ *** أبا مُدْرِكٍ لَوْ يَأْخُذُونَ المُزَنَّما
13
وَنَحْنُ أُناسٌ عُودُنَا عُودُ نَبْعَةٍ *** صَليبٌ إذا مَا الدهرُ أجشَم مُعْظِمَا
14
وَنَحْنُ سَعَيْنا ثمّ أدْرَكَ سَعْيَنَا *** حُصَيْنُ بنُ عَوْفٍ بعدما كانَ أشْأَما
15
وفكَّ أبَا الجَوَّابِ عمرُو بنُ خالدٍ *** ومَا كانَ عَنْهُ ناكِلاً حيثُ يَمَّمَا
16
وَيَوْمَ أتَانا حيُّ عُرْوَةَ وابنِه *** إلى فاتكٍ ذي جُرْأةٍ قَدْ تَحَتَّمَا
17
غَدَاةَ دَعَاهُ الحَارِثانِ وَمُسْهِرٌ *** فَلاقَى خَلِيجًا واسعًا غَيْرَ أخْرَما
18
فإن تذكروا حُسنَ الفُرُوضِ فإنَّنَا *** أبَأْنَا بأنواح القُرَيْطَين مَأتَمَا
19(992/1)
وَإمّا تَعُدُّوا الصالِحاتِ فإنَّني *** أقُولُ بها حتى أمَلَّ وأسْأمَا
20
وإنْ لم يَكُنْ إلا القِتَالُ فإنَّنَا *** نُقاتِلُ مَنْ بين العَرُوضِ وَخَثْعَمَا
21
أبى خَسْفَنَا أنْ لا تَزَالُ رُوَاتُنَا *** وأفراسُنَا يَتْبَعْنَ غَوْجًا مُحَرَّمَا
22
يَنُبْنَ عَدُوًّا أوْ رَوَاجعَ منهُمُ *** بَوَانيَ مَجْدًا أو كَوَاسبَ مَغْنَمَا
23
وَإنّا أُناسٌ لا تَزَالُ جيَادُنَا *** تَخُبُّ بأعْضَاد المَطيِّ مُخَدَّمَا
24
تَكُرُّ أحَاليبُ اللَّديد عَلَيْهمُ *** وَتُوفى جِفانُ الضَّيْف مَحْضًا مُعَمَّما
25
لَنَا مَنْسَرٌ صَعْبُ المَقَادَة فَاتِكٌ *** شُجَاعٌ إذا ما آنسَ السِّرْبَ ألْجَمَا
26
نُغيرُ بهِ طَوْرًا وطورًا نَضُمّهُ *** إلى كُلِّ مَحبوك من السَّرْو أيْهَمَا
27
وَنَحْنُ أزَلْنَا طيِّئًا عَنْ بلاَدنَا *** وَحلْفَ مُرَادٍ منْ مَذَانب تَحْتمَا
28
ونَحْنُ أتَيْنَا حَنْبَشًا بابن عَمِّه *** أبا الحصْن إذْ عافَ الشَّرَابَ وَأقْسَمَا
29
فأبْلِغْ بَني بكرٍ إذا مَا لَقيتَهَا *** عَلى خَيرَ ما يُلْقَى به مَنْ تَزَغَّمَا
30
أبُونَا أبُوكُمْ والأواصِرُ بَيْنَنَا *** قريبٌ ولم نَأْمُرْ مَنيعًا ليَأْثَمَا
31
فإن تَقْبلُوا المعْرُوفَ نَصبرْ لحَقِّكُمْ *** ولن يَعدَمَ المعروفُ خُفًّا وَمَنْسِمَا
32
وإلاّ فَمَا بالمَوت ضُرٌّ لأهْلِه *** ولم يُبْقِ هذا الدهرُ في العَيْش مَنْدَمَا(992/2)
عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا
1
عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا *** بمنًى تأبَّدَ غَوْلُها فَرِجَامُهَا
2
فمَدافعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَا *** خَلَقًا كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلاَمُها
3
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعدَ عَهْدِ أنِيسِهَا *** حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وحَرَامُهَا
4
رُزِقَتْ مَرابيعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا *** وَدْقُ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُها
5
مِنْ كلِّ سَارِيَةٍ وغادٍ مُدْجِنٍ *** وَعَشِيَّةٍ مُتجاوبٍ إرْزَامُهَا
6
فَعَلا فُرُوعُ الأيْهُقَانِ وَأطْفَلَتْ *** بالجَلهَتين ظِبَاؤهَا ونَعَامُهَا
7
والعِينُ ساكِنَةٌ على أطْلائِهَا *** عُوذًا تَأجَّلُ بالفضَاءِ بِهَامُها
8
وجَلا السُّيولُ عن الطُّلُولِ كأنّها *** زُبُرٌ تُجِدّ مُتُونَهَا أقْلامُها
9
أوْ رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤورُهَا *** كِفَفًا تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُها
10
فوقفتُ أسْألُهَا وكيفَ سُؤالُنَا *** صُمًّا خَوالدَ ما يَبِينُ كَلامُهَا
11
عَرِيَتْ وكان بها الجميعُ فأبْكَرُوا *** منها وَغُودرَ نُؤيُهَا وَثُمَامُها
12
شاقَتْكَ ظُعْنُ الحيِّ حينَ تَحَمّلُوا *** فتكنسُوا قُطُنًا تَصِرُّ خِيَامُها
13
مِن كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ *** زَوْجٌ عليه كِلَّةٌ وَقِرَامُهَا
14
زُجَلاً كأنَّ نِعَاجَ تُوضِحَ فَوْقَهَا *** وظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفًا أَرْآمُهَا
15
حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كأنها *** أجْزَاعُ بِيشةَ أثْلُهَا وَرُضَامُهَا
16
بَلْ ما تَذَكَّرُ مِنْ نَوَارَ وقد نَأتْ *** وَتَقَطَّعَتْ أسْبَابُهَا وَرِمَامُهَا
17
مُرِّيَّةٌ حَلَّتْ بِفَيْدَ وَجَاوَرَتْ *** أهْلَ الحِجَازِ فأيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا
18
بمشارقِ الجبلين أو بِمُحَجَّرٍ *** فَتَضَمَّنَتْهَا فَرْدَةٌ فَرُخَامُهَا
19
فَصُوَائقٌ إنْ أيْمَنَتْ فَمَظِنَّةٌ *** فيها وِحَافُ القَهْرِ أوْ طِلْحَامُهَا
20(993/1)
فاقطعْ لُبانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ *** ولَشرُّ واصلِ خُلَّةٍ صَرَّامُها
21
وَاحْبُ المُجَامِلَ بالجزيلِ وَصَرْمُهُ *** باقٍ إذا ضَلَعَتْ وزاغَ قِوَامُهَا
22
بِطَليحِ أسْفَارٍ تَرَكْنَ بقيَّةً *** منها فأحْنَقَ صُلْبُها وسَنَامُها
23
وإذا تغالى لَحْمُهَا وتَحَسَّرَتْ *** وتَقَطَّعَتْ بعد الكَلالِ خِدَامُهَا
24
فلها هِبَابٌ في الزِّمامِ كأنَّها *** صهباءُ خَفَّ مع الجنوبِ جَهَامُها
25
أو مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأحْقَبَ لاحَهُ *** طَرْدُ الفُحول وَضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا
26
يَعْلُو بها حَدَبَ الإكامِ مُسَحَّجٌ *** قَد رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحَامُهَا
27
بأحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَا *** قَفْرَ المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرامُهَا
28
حتى إذا سَلَخَا جُمَادَى ستَّةً *** جَزءًا فطالَ صِيامُهُ وَصِيَامُها
29
رَجَعَا بأمرهما إلى ذي مِرَّةٍ *** حَصِدٍ وَنُجْحُ صَريمةٍ إبْرَامُهَا
30
وَرَمَى دوابِرَهَا السَّفَا وَتَهَيَّجَتْ *** ريحُ المصايِفِ سَوْمُهَا وسِهامُهَا
31
فتنازعا سَبِطًا يَطيرُ ظِلالُهُ *** كدخانِ مُشْعَلةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا
32
مَشْمُولةٍ غُلِثَتْ بنابِت عَرْفَجٍ *** كَدُخَانِ نارٍ سَاطِعٍ أسْنَامُها
33
فمضى وَقَدَّمَهَا وكانتْ عادةً *** منه إذا هِيَ عَرَّدَتْ إقدامُها
34
فتوسَّطا عُرْضَ السَّرِيِّ وَصَدَّعَا *** مسجورةً مُتَجَاورًا قُلاَّمُهَا
35
مَحْفُوفَةً وَسْطَ اليَرَاعِ يُظِلُّها *** مِنه مُصَرَّعُ غَابةٍ وقِيامُها
36
أفَتِلْكَ أم وَحْشِيَّةٌ مَسْبُوعَةٌ *** خَذَلَتْ وهاديةُ الصِّوارِ قِوَامُها
37
خَنْساءُ ضَيَّعَتِ الفَريرَ فلمْ يَرِمْ *** عُرْضَ الشَّقَائِقِ طَوْفُها وَبُغامُها
38
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ *** غُبْسٌ كواسِبُ لا يُمَنُّ طَعَامُها
39
صَادَفْنَ منها غِرَّةً فَأصَبْنَهَا *** إنَّ المَنايا لا تَطيشُ سِهَامُهَا
40(993/2)
باتَتْ وَأسْبَلَ واكفٌ مِن ديمةٍ *** يُرْوِي الخمائلَ دائِمًا تَسْجَامُها
41
يَعْلُو طريقةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِرٌ *** في ليلةٍ كَفَرَ النُّجومَ غَمَامُهَا
42
تَجْتَافُ أصْلاً قَالِصًا مُتَنَبِّذًا *** بِعُجُوبِ أنْقاءٍ يَميلُ هَيَامُها
43
وتُضيءُ في وَجْهِ الظلام مُنِيرةً *** كَجُمَانَةِ البحريِّ سُلَّ نِظامُها
44
حتى إذا انحسَرَ الظلامُ وَأسْفَرَتْ *** بَكَرَتْ تزلُّ عن الثَّرَى أزْلامُها
45
عَلِهَتْ تَرّدَّدُ في نِهاءِ صَعَائِدٍ *** سَبْعًا تُؤامًا كاملاً أيَّامُها
46
حتى إذا يَئسَتْ وأسْحَقَ حَالِقٌ *** لم يُبْلِهِ إرْضَاعُها وفِطَامُها
47
وَتَوَجَّستْ رِزَّ الأنيسِ فَرَاعهَا *** عن ظهرِ غَيْبٍ والأنيسُ سَقَامُها
48
فَغَدَتْ كلا الفَرجَينِ تَحْسَبُ أنَّهُ *** مَوْلى المخافة خلفُها وأمامُها
49
حتى إذا يئسَ الرُّماةُ وأرْسَلُوا *** غُضْفًا دواجِنَ قَافِلاً أعْصامُها
50
فَلَحِقْنَ واعتكرتْ لها مَدْرِيَّةٌ *** كالسَّمهريَّةِ حَدُّهَا وتَمَامُهَا
51
لِتذَودَهُنَّ وَأيقنتْ إن لم تَذُدْ *** أن قد أُحِمَّ من الحُتُوفِ حِمَامُها
52
فَتَقَصَّدَتْ منها كَسابِ فَضُرِّجتْ *** بدمٍ وغُودرَ في المَكَرِّ سُخَامُها
53
فَبِتِلْكَ إذْ رَقَصَ اللوامعُ بالضُّحى *** واجتابَ أرديةَ السَّرابِ إكامُها
54
أقضي اللُّبانةَ لا أفرِّطُ ريبةً *** أو أن يلومَ بحاجةٍ لُوَّامُهَا
55
أوَلم تكنْ تدري نَوَارُ بأنَّني *** وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُها
56
تَرَّاكُ أمكنةٍ إذا لم أرْضَهَا *** أوْ يعتلقْ بعضَ النفوسِ حِمامُها
57
بل أنتِ لا تدرين كم مِنْ ليلةٍ *** طَلْقٍ لذيذٍ لَهْوُها ونِدَامُها
58
قَد بِتُّ سامِرَها وغَايةِ تاجرٍ *** وافيتُ إذ رُفِعَتْ وَعَزَّ مُدَامُها
59
أُغْلي السِّباءَ بكلِّ أدْكَنَ عاتقٍ *** أو جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها
60(993/3)
وصَبوح صافيةٍ وجذبِ كرينةٍ *** بِمُوَتَّرٍ تَأتالُهُ إبهامُهَا
61
بادرتُ حَاجَتَهَا الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ *** لأُعَلَّ منها حينَ هَبّ نيامُها
62
وغداةِ ريحٍ قَدْ وزعتُ وَقِرَّةٍ *** إذ أصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمالِ زمامُها
63
ولقد حَمَيْتُ الحيَّ تَحملُ شِكَّتي *** فُرُطٌ وشاحي إذْ غدوتُ لجامُها
64
فعَلوتُ مرتقبًا عَلى ذي هَبْوَةٍ *** حَرِجٍ إلى أعلامِهِنَّ قَتَامُها
65
حتى إذا ألْقَتْ يدًا في كافِرٍ *** وَأجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
66
أسْهَلْتُ وانْتَصَبتْ كجذعِ مُنِيفَةٍ *** جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دونها جُرَّامُها
67
رَفَّعْتُهَا طَرَدَ النَّعامِ وَشَلَّهُ *** حتى إذا سَخِنَتْ وَخَفَّ عظامُها
68
قَلِقَتْ رِحَالَتُهَا وَأسْبَلَ نَحْرُهَا *** وابتلَّ من زَبَدِ الحمِيمِ حِزَامُهَا
69
تَرْقَى وَتَطَعْنُ في العِنَانِ وتَنْتَحي *** وِرْدَ الحمَامة إذ أجَدَّ حَمَامُها
70
وكثيرةٍ غُرَباؤهَا مَجْهُولَةٍ *** تُرْجَى نوافِلُها ويُخْشَى ذَامُها
71
غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولِ كأنَّهَا *** جِنُّ البَديِّ رواسيًا أقْدَامُها
72
أنكرتُ باطلَها وَبُؤْتُ بحقِّها *** عندي ولم يَفْخَرْ عليَّ كرامُها
73
وَجزَورِ أيْسَارٍ دَعَوْتُ لحتفِها *** بِمَغَالِقٍ مُتَشَابهٍ أجسامُها
74
أدعُو بهنَّ لِعَاقِرٍ أوْ مُطْفِلٍ *** بُذِلَتْ لجيرانِ الجميعِ لِحَامُها
75
فالضَّيْفُ والجارُ الجنيبُ كأنّما *** هَبَطا تبالَةَ مُخْصِبًا أهْضَامُها
76
تأوِي إلى الأطْنَابِ كلُّ رَذِيَّةٍ *** مِثْلُ البَلِيّةِ قَالصٌ أهدَامُها
77
وَيُكَلِّلُونَ إذا الرياحُ تَنَاوَحَتْ *** خُلُجًا تُمَدُّ شَوارعًا أيْتَامُها
78
إنّا إذا التقتِ المجَامِعُ لم يَزَلْ *** منّا لِزَازُ عظيمةٍ جَشّامُها
79
وَمُقَسِّمٌ يُعْطِي العشيرةَ حَقَّهَا *** وَمُغَذْمِرٌ لحقوقِها هَضَّامُها
80(993/4)
فَضْلاً وذو كَرَمٍ يُعينُ على النَّدى *** سَمْحٌ كَسُوبُ رَغَائِبٍ غَنّامُهَا
81
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لهمْ آباؤهُمْ *** ولكلِّ قومٍ سُنَّةٌ وإمامُهَا
82
لا يَطْبَعُونَ ولا يَبُورُ فَعَالُهُمْ *** إذ لا يميلُ معَ الهَوى أحلامُها
83
فاقْنَعْ بما قَسَمَ المليكُ فإنّمَا *** قَسَمَ الخَلائقَ بينَنا عَلاَّمُها
84
وإذا الأمانةُ قُسِّمَتْ في مَعْشَرٍ *** أوْفَى بأوْفَرِ حَظِّنَا قَسّامُهَا
85
فبنى لنا بيتًا رفيعًا سَمْكُهُ *** فَسَما إليه كَهْلُهَا وَغُلامُها
86
وَهُمُ السُّعَاةُ إذا العشيرةُ أُفْظِعَتْ *** وَهُمُ فوارِسُهَا وَهُمْ حُكّامُهَا
87
وهمُ رَبيعٌ للمُجَاورِ فيهمُ *** والمرملاتِ إذا تَطَاوَلَ عَامُها
88
وَهُمُ العَشيرةُ أنْ يُبَطِّئَ حاسدٌ *** أو أن يميلَ معَ العدوِّ لئامُها(993/5)
كُبَيْشَةُ حَلَّتْ بَعْدَ عَهْدِكَ عاقلا
1
كُبَيْشَةُ حَلَّتْ بَعْدَ عَهْدِكَ عاقلا *** وكانَتْ لهُ خَبْلاً على النّأيِ خابِلا
2
تَرَبَّعَتِ الأشْرَافَ ثُمَّ تَصَيَّفَتْ *** حَسَاءَ البُطاحِ وانتَجَعْنَ المَسَايلا
3
تَخَيَّرُ ما بَينَ الرِّجَامِ وَوَاسِطٍ *** إلى سِدْرَةِ الرَّسَّينِ تَرْعى السَّوَابلا
4
يُغَنّي الحَمامُ فَوْقَها كُلَّ شارِقٍ *** على الطَّلح يَصْدحنَ الضُّحى وَالأصائلا
5
فكَلَّفْتُها وَهْمًا كأنَّ نَحِيزَهُ *** شَقَائِقُ نَسّاجٍ يَؤُمُّ المَنَاهِلا
6
فَعَدَّيْتُها فِيهِ تُباري زِمَامَها *** تُنَازِعُ أطْرَافَ الإكامِ النَّقائِلا
7
مُنِيفًا كَسَحْلِ الهاجريّ تَضُمُّهُ *** إكامٌ ويَعْرَوري النِّجَادَ الغَوائِلا
8
فَسَافَتْ قَديمًا عَهْدُهُ بأنِيسِهِ *** كمَا خالَطَ الخَلُّ العَتيقُ التَّوابِلا
9
سَلَبْتُ بها هَجْرًا بُيُوتَ نِعَاجِهِ *** ورُعْتُ قَطاهُ في المَبيتِ وقَائِلا
10
بحَرْفٍ بَرَاها الرَّحْلُ إلاَّ شَظِيَّةً *** تَرَى صُلْبَها تحتَ الوَلِيَّةِ نَاحِلا
11
على أنَّ ألْواحًا تُرَى في جَديلِهَا *** إذا عاوَدَتْ جَنانَها وَالأفَاكِلا
12
وغادَرْتُ مَرْهُوبًا كأنَّ سِباعَهُ *** لُصُوصٌ تَصَدَّى للكَسَوبِ المَحاوِلا
13
كأنَّ قَتُودي فَوْقَ جأبٍ مُطَرَّدٍ *** يُفِزُّ نَحُوصًا بالبراعيمِ حائِلا
14
رَعاها مَصَابَ المُزْنِ حتى تَصَيَّفَا *** نِعَافَ القَنَانِ ساكِنًا فالأجاوِلا
15
فكَانَ لَهُ بَرْدُ السِّماكِ وغَيمُهُ *** خَليطًا غَدا صُبحَ الحرامِ مُزاَيِلا
16
فَلَمّا اعْتَقَاهُ الصَّيْفُ ماءَ ثِمَادِهِ *** وقد زايلَ البُهمى سَفا العِرْبِ ناصِلا
17
ولمْ يَتَذَكَّرْ مِنْ بَقِيَّةِ عَهْدِهِ *** منَ الحَوْضِ والسُّؤبانِ إلاَّ صَلاصِلا
18
فأجْمادَ ذي رَقْدٍ فأكْنافَ ثادِقٍ *** فصارَةَ يُوفي فَوْقَها فالأعابِلا
19(994/1)
وزالَ النَّسيلُ عَن زَحاليفِ مَتْنِهِ *** فأصْبَحَ مُمْتَدَّ الطّريَقَةِ قافِلا
20
يُقَلِّبُ أطْرافَ الأُمورِ تَخالُهُ *** بأحْنَاءِ ساقٍ آخرَ اللّيلِ، ماثِلا
21
فَهَيَّجَها بَعدَ الخِلاجِ فَسامَحَتْ *** وأنْشَأ جَوْنًا كالضَّبابَةِ جَائِلا
22
يَفُلُّ الصَّفيحَ الصُّمَّ تَحْتَ ظِلالِهِ *** مِنَ الوَقعِ لا ضَحْلاً وَلا مُتضَائِلا
23
فبَيَّتَ زُرْقًا مِن سَرارٍ بسُحرَةٍ *** وَمِنْ دَحْلَ لا يخشَى بهنَّ الحَبائِلا
24
فَعَامَا جُنُوحَ الهَالِكيِّ كِلاهُمَا *** وقَحَّمَ آذيَّ السَّرِيِّ الجَحافِلا
25
أذَلِكَ أمْ نَزْرُ المَراتِعِ فَادِرٌ *** أحَسَّ قَنِيصًا بالبَراعيمِ خَاتِلا
26
فبَاتَ إلى أرْطاةِ حِقْفٍ تَضُمُّهُ *** شآمِيَةٌ تُزْجي الرَّبَابَ الهَوَاطِلا
27
وباتَ يُريدُ الكِنَّ لَوْ يَسْتَطيعُهُ *** يُعالِجُ رَجّافًا منَ التُّرْبِ غَائِلا
28
فأصْبَحَ وانْشّقَّ الضَّبَابُ وهَاجَهُ *** أخُو قَفْرَةٍ يُشْلي رَكاحًا وسَائِلا
29
عَوَابِسَ كالنُّشَّابِ تَدمى نُحورُها *** يَرَينَ دِماءَ الهَادِياتِ نَوَافِلا
30
فجَالَ ولمْ يَعْكِمْ لغُضْفٍ كأنَّها *** دِقاقُ الشَّعيلِ يَبْتَدِرْنَ الجَعَائِلا
31
لصَائِدِهَا في الصَّيْدِ حَقٌّ وطُعْمَةٌ *** ويَخْشَى العَذابَ أنْ يُعَرِّدَ نَاكِلا
32
قِتالَ كَمِيٍّ غَابَ أنْصَارُ ظَهْرِهِ *** وَلاقَى الوُجُوهَ المُنكَراتِ البَوَاسِلا
33
يَسُرْنَ إلى عَوْراتِهِ فَكَأنَّمَا *** لِلبَّاتِهَا يُنْحي سِنَانًا وعَامِلا
34
فَغادَرَهَا صَرْعى لدَى كُلِّ مَزْحَفٍ *** تَرَى القَدَّ في أعْناقِهِنَّ قَوَافِلا
35
تَخَيَّرْنَ مِنْ غَوْلٍ عِذابًا رَوِيَّةً *** وَمن مَنعِجٍ بِيضَ الجِمامِ عَدامِلا
36
وَقد زَوَّدَتْ مِنَا على النّأيِ حاجَةً *** وَشَوْقًا لوَ انَّ الشَوْقَ أصْبحَ عادِلا
37
كحاجَةِ يَوْمٍ قَبلَ ذلكَ مِنهُمُ *** عَشِيَّةَ رَدُّوا بالكُلابِ الجَمَائِلا(994/2)
38
فرُحْنَ كأنَّ النّادِياتِ منَ الصَّفا *** مَذارِعَها والكَارِعاتِ الحَوَامِلا
39
بذي شَطَبٍ أحداجُها إذْ تَحَمَّلُوا *** وحَثَّ الحُداةُ النَّاعِجاتِ الذَّوامِلا
40
بذي الرِّمْثِ والطَّرْفاءِ لمّا تَحَمَّلُوا *** أصِيلاً وعالَينَ الحُمُولَ الجَوَافِلا
41
كأنَّ نِعَاجًا مِنْ هَجائِنِ عَازِفٍ *** عَلَيها وآرامَ السُّلِيِّ الخَواذِلا
42
جَعَلْنَ حِراجَ القُرْنَتَينِ وَنَاعِتًا *** يَمِينًا ونَكَّبنَ البَدِيَّ شَمَائِلا
43
وَعالَينَ مَضْعُوفًا وفَرْدًا سُمُوطُهُ *** جُمَانٌ وَمَرْجانٌ يَشُدُّ المَفاصِلا
44
يَرُضْنَ صِعَابَ الدُّرِّ في كلِّ حِجَّةٍ *** وَلوْ لمْ تَكُنْ أعْناقُهُنَّ عَوَاطِلا
45
غَرائِرُ أبْكارٌ عَلَيْها مَهَابَةٌ *** وَعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ الوَصَائِلا
46
كأنَّ الشَّمُولَ خَالَطَتْ في كَلامِهَا *** جِنِيًّا مِنَ الرُّمّانِ لَدْنًا وذابِلا
47
لَذيذًا ومَنْقُوفًا بصافي مَخيِلَةٍ *** منَ النّاصعِ المَختومِ مِن خَمرِ بابلا
48
يُشَنُّ عَلَيها مِنْ سُلافَةِ بَارِقٍ *** سَنًا رَصَفًا مِنْ آخِرِ اللّيلِ سائِلا
49
تُضَمَّنُ بِيضًا كالإوَزِّ ظُرُوفُهَا *** إذا أتْاقُوا أعْناقَها والحَواصِلا
50
لهَا غَلَلٌ مِنْ رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ *** بأيْمَانِ عُجْمٍ يَنْصُفُونَ المَقاوِلا
51
إذا صُفِّقَتْ يَوْمًا لأرْبابِ رَبِّهَا *** سمعتَ لها من واكِفِ العُطبِ وَاشِلا
52
فإنْ تَنَأ دارٌ أوْ يَطُلْ عَهْدُ خُلَّةٍ *** بعاقِبَةٍ أوْ يُصبِحِ الشّيْبُ شامِلا
53
فَقَدْ نَرْتَعي سَبْتًا ولَسْنا بجِيرةٍ *** مَحَلَّ المُلُوكِ نُقْدَةً فالمَغاسِلا
54
لَياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْيُ مُصِيفَةٍ *** منَ الأدْمِ تَرْتادُ الشُّرُوجَ القَوَابلا
55
أنامتْ غَضِيضَ الطَّرْفِ رَخصًا ظُلوفُهُ *** بِذاتِ السُّلَيمِ من دُحَيضَةَ جادِلا
56(994/3)
مَدَى العَينِ مِنْها أنْ يُراعَ بنَجْوَةٍ *** كقَدْرِ النَّجيثِ ما يَبُذُّ المُنَاضِلا
57
فَعادَتْ عَوَادٍ بَيننَا وتَنَكَّرَتْ *** وقالَتْ كَفَى بالشَّيبِ للمَرْءِ قاتِلا
58
تَلُومُ على الإهْلاكِ في غَيرِ ضَلَّةٍ *** وهَلْ ليَ ما أمسكْتُ إنْ كنتُ باخلا
59
رَأيتُ التُّقَى والحَمدَ خَيرَ تجارَةٍ *** رَباحًا إذا ما المَرْءُ أصْبَحَ ثَاقِلا
60
وهَلْ هوَ إلاَّ ما ابتَنَى في حَياتِهِ *** إذا قَذَفُوا فَوْقَ الضّريحِ الجَنادِلا
61
وأثْنَوْا عَلَيْهِ بالذي كانَ عِنْدَهُ *** وَعَضَّ عَلَيْهِ العائداتُ الأنامِلا
62
فَدَعْ عَنْكَ هذا قد مَضَى لسبيلِهِ *** وكَلِّفْ نجيَّ الهَمِّ إنْ كنتَ رَاحِلا
63
طليحَ سفَارٍ عُرِّيَتْ بَعْد بَذْلَةٍ *** رَبِيعًا وصَيْفًا بالمَضاجعِ كاملا
64
فجَازَيْتُها ما عُرِّيَتْ وتأبَّدَتْ *** وكانَتْ تُسامي بالغَريفِ الجَمائلا
65
وَوَلّى كنَصْلِ السَّيْفِ يَبْرُقُ مَتْنُهُ *** على كُلِّ إجْريَّا يَشُقُّ الخَمَائِلا
66
فنَكَّبَ حَوْضَى ما يَهُمُّ بوِرْدِهَا *** يَمِيلُ بصَحْراءِ القَنَانَينِ جَاذِلا
67
بِتلْكَ أُسَلِّي حاجَةً إنْ ضَمِنْتُها *** وأُبْرئُ هَمًّا كانَ في الصَّدرِ داخلا
68
أُجازي وأُعْطي ذا الدِّلالِ بحُكْمِهِ *** إذا كانَ أهْلاً للكَرامَةِ وَاصِلا
69
وإنْ آتِهِ أصْرِفْ إذا خِفتُ نَبوَةً *** وَأحبسْ قَلوص الشُّحِّ إن كان باخِلا
70
بنو عامِرٍ مِنْ خَيرِ حَيٍّ عَلِمتُهمْ *** وَلوْ نَطَقَ الأعداءُ زُورًا وَبَاطِلا
71
لهُمْ مَجلِسٌ لا يحصَرُونَ عن النَّدى *** وَلا يزْدَهيهمْ جَهلُ من كانَ جاهلا
72
وَبِيضٌ على النّيرانِ في كلِّ شَتوَةٍ *** سَرَاةَ العِشاءِ يَزْجُرُونَ المَسَابِلا
73
وَأعْطَوْا حُقُوقًا ضُمِّنُوها وِرَاثَةً *** عِظَامَ الجِفَانِ والصِّيامَ الحَوَافِلا
74
تُوَزِّعُ صُرّادَ الشَّمالِ جِفَانُهُمْ *** إذا أصْبَحَتْ نَجدٌ تَسوقُ الأفائلا
75(994/4)
كِرامٌ إذا نَابَ التَّجَارُ ألِذَّةٌ *** مَخارِيقُ لاَيَرْجُونَ للخَمرِ وَاغِلا
76
إذا شَرِبُوا صَدُّوا العَوَاذِلَ عَنهُمُ *** وكانُوا قَديمًا يُسْكِتُونَ العَوَاذِلا
77
فَلا تَسألِينَا واسْألي عَنْ بَلائِنَا *** إيَادًا وكَلْبًا مِنْ مَعَدٍّ وَوَائِلا
78
وَقَيْسًا ومَنْ لَفَّتْ تَميمٌ ومَذْحِجًا *** وكِندَةَ إذ وَافَتْ عَلَيكَ المَنَازِلا
79
لأحْسَابِنا فيهِمْ بَلاءٌ ونِعْمَةٌ *** وَلمْ يَكُ ساعِينَا عَنِ المَجْدِ غافِلا
80
أُولئِكَ قَوْمي إنْ تُلاقِ سَرَاتَهُمْ *** تَجِدْهُمْ يَؤمُّونَ العُلا والفَوَاضِلا
81
وَلَنْ يَعدَمُوا في الحَرْبِ لَيثًا مُجرَّبًا *** وَذا نَزَلٍ عِندَ الرَّزِيّةِ باذِلا
82
وأبْيَضَ يَجتابُ الخُرُوقَ على الوَجى *** خَطيبًا إذا التَفَّ المجامعُ فاصِلا
83
وَعانٍ فَكَكْنَاهُ بغَيرِ سِوَامِهِ *** فاصْبَحَ يَمْشِي في المَحَلَّةِ جاذِلا
84
ومُشْعِلَةً رَهْوًا كأنَّ جِيادَها *** حَمَامٌ تُبَاري بالعشيِّ سَوافِلا
85
لَهُمْ فَخمَةٌ فِيها الحَديدُ كَثيفَةٌ *** تَرى البيضَ في أعناقِهمْ والمَعَابِلا
86
ضَرَبْنَا سَرَاةَ القَوْمِ حتى تَوَجّهُوا *** سِراعًا وقَد بَلَّ النّجيعُ المَحَامِلا
87
نُؤَدِّي العَظيمَ للجِوارِ ونَبْتَني *** فَعَالاً وَقَد نُنْكي العَدُوَّ المُساجِلا
88
لَنَا سُنَّةٌ عادِيَّةٌ نَقْتَدي بِهَا *** وَسَنَّتْ لأُخْرانَا وَفاءً ونَائِلا
89
يُذَبْذِبُ أقْوامًا يُريدونَ هَدْمَهَا *** نِيَافٌ يَبُذُّ الوَاسِعَ المُتَطاوِلا
90
صَبَرْنا لَهُمْ في كُلِّ يَوْمِ عَظيمَةٍ *** بأسْيافِنَا حتى عَلَوْنا المَنَاقِلا
91
وَإنْ تسألُوا عنهُمْ لدى كلِّ غارَةٍ *** فَقَدْ يُنْبأُ الأخبارَ مَنْ كانَ سائِلا
92
أُولِئِكَ قَوْمي إنْ سألْتَ بخِيمِهمْ *** وَقد يُخْبَرُ الأنْباءَ مَن كانَ جَاهلا(994/5)
أبشروا بمحمد
محمود سامي البارودي
أَبَنيِ الكنانةَ أبشِروا بِمحمَّدٍ
وثِقوا براعٍ فِي المكارم أَوحدِ
فَهُو الزَّعيمُ لَكمْ بِكلِّ فَضيلةٍ
تَبقَى مآثِرُها ، وعيشٍ أَرغدِ
مَلِكٌ نَمتهُ أرومةٌ علويَّةٌ
ملكَت بسؤدُدِها عنانَ الفرقدِ
يقظُ البصيرةِ لو سرَت فِي عينهِ
سِنَة الرِّقادِ ، فقلبهُ لَمْ يرقدِ
بدهاتهُ قيدُ الصوابِ ، وعَزمهُ
شرُكُ الفوارسِ فِي العجاجُ الأربدِ
فَإذا تنمَّرَ فَهُو (زيدٌ) فِي الوَغَى
وإذا تكلَّم فَهُو (قيسٌ) فِي الندي
متقسَّمٌ ما بينَ حنكةِ أشيبٍ
صدَقت محيلَتهُ ، وحليةِ أمردِ
لا يستريحُ إلى الفراغِ ، ولا يَرَى
عَيشاً يلذُّ بِهِ إذا لَمْ يَجهَدِ
فَنَهارهُ غَيثُ اللَّهيفِ ، وليلهُ
فِي طاعَةِ الرَّحمنِ لَيلُ العبَّدِ
لَهجٌ بِحبِّ الصَّالِحاتِ ، فكلما
بَلغَ النهايةَ من صنيعٍ يبتدي
خُلُقٌ تَميَّزَ عن سِواهُ بفضلهِ
والفضلُ فِي الأخلاقِ إرثُ المُحتدِ
إقليدٌ معضلةٍ ، ومعقِلُ عائذٍ
وسماءُ منتجعٍ ، وقبلةُ مهتدِ
حسُنَت بهِ الأيامُ حتَّى أسفرَتْ
عَن وجهِ معشوقِ الشَّمائلِ أغيَدِ
وصفت مواردُ مصرَ حتى أصبحَتْ
بعدَ الكدورةِ شرعةً للورَّدِ
فالعدلُ يرعاها برأفةِ والدٍ
والبأسُ يَحمِيهَا بصولةِ أصيَدِ
بلغت بفضلِ (مُحمَّدٍ) ما أملت
من عيشةٍ رغدٍ وجدٍّ أسعدِ
هو ذلكَ الملكُ الذي أوصافهُ
فِي الشعر حليةُ راجزٍ ومقصِّدِ
فَبِنورهِ فِي كلِّ جنحٍ نَهتَدي
وبِهَديهِ فِي كلِّ خطبٍ نقتدي
سنَّ المشورةَ ، وهي أكرمُ خطَّةٍ
يَجري عَلَيها كلَّ راعٍ مرشدِ
هي عصمةُ الدِّين الَّتِي أَوحَى بِها
رَبُّ العِبادِ إلى النَّبِي مُحمَّدِ
فَمن استَعانَ بِها تأيَّدَ مُلكهُ
ومن استَهانَ بِأمرها لَمْ يَرشُدِ
أمرانِ ما اجتمعا لقائدِ أمةٍ
إلاَّ جَنَى بِهما ثِمارَ السؤددِ
جَمعٌ يكونُ الأمر فِيمَا بَينَهم
شورى ، وجندٌ للعدو بِمرصدِ
هَيهَاتَ يَحيا المُلكَ دونَ مشورةٍ
ويعزُّ ركنَ المَجدِ ما لَمْ يعمدِ(995/1)
فَالسَّيفُ لا يَمضي بدونِ رويَّةٍ
والرَّأي لا يَمضي بغيرِ مهنَّدِ
فاعكفْ على الشورى تَجد فِي طيِّها
من بينات الحكمِ ما لَمْ يوجدِ
لا غرو إن أبصرتَ فِي صفحاتها
صورَ الحوادثِ ، فهي مرآةُ الغدِ
فالعقل كالمنظارِ يبصرُ ما نأى
عنه قريباً ، دونَ لمسٍ باليدِ
وكفاكَ علمُكِ بالأمورِ، وليسَ من
سلكَ السَّبيل كحائرٍ لَمْ يَهتَدِ
فلا أنتَ أولَ من أفادَ بعدلهِ
حريةَ الأخلاقِ بعدَ تعبُّدِ
أطلقتَ كلَّ مقيَّدٍ ، وحلَّلتَ
كُلَّ معقَّدٍ ، وجَمعتَ كلَّ مبدَّدِ
وتَمتَّعتْ بالعدلِ منكَ رعيَّةٌ
كانت فريسةَ كلِّ باغٍ معتدِ
فاسلم لِخَير ولايةٍ عزَّت بِهَا
نفسُ النصيحِ ، وذلَّ كلُّ مفنَّدِ
ضرحت قذاةَ الغيِّ عن جفنِ الهدى
وسرت قناعَ اليأسِ عن أملٍ ندِ
ضمت إليكَ زمامَ كلِّ مثلِّثٍ
وثنت إليكَ عنانَ كلِّ موحِّدِ
وتألَفتْ بَعدَ العداوةِ أنفسٌ
سكنت بعدلكَ فِي نعيمٍ سرمدِ
فحباكَ ربُّكَ بالجميلِ كرامةً
لجزيلِ ما أوليتَ أمَّةَ أَحمدِ
وتَهنَّ بالملكِ الَّذي ألبستهُ
شرفاً بِمثلِ ردائهِ لَمْ يَرتدِ
بزغت بِهِ شَمسُ الهدايةِ بعدَ ما
أفلَت ، وأبصرَ كلُّ طرفٍ أرمدِ
لَمْ يَبقَ من ذي خلةٍ إلاَّ اغتدى
بِجَميلِ صنعِكَ مصدراً للوفَّدِ
بَلَغَتْ بِكَ الآمالَ أبعدَ غايةٍ
قصرَت على الإغضاءِ طرفَ الحسَّدِ
فَاسعَد وَدمْ واغنم وجُدْ وانعمْ وسُد
وابدأ وعُد وتَهنَّ واسلم وازدَدِ
لا زالَ عدلكَ فِي الأنامِ مُخَلداً
فالعدلُ فِي الأيامِ خيرُ مُخَلَّدِ(995/2)
أترى ستنفع في القلوب عظات؟!
سليمان بن أحمد بن عبد العزيز الدويش
أترى ستنفعُ في القلوبِ iiعظاتُ؟ أم هل ستحسم أمرنا العبرات؟
أم سوف يرفعنا من الذل الذي عشنا به التنديد والآهات؟
الأرض منا قد علتها تخمة أعدادنا ضاقت بها الجنبات
يا ألف مليون وخمس مئينها ولهم بكل فجاجها أنَّات
يا ألف مليون غثاءٌ كلهم متشتتون مع الشتات سبات
موتى إذا عبث العدو بدينهم أحياء هم لكنهم أموات
وتراهمُ عند الحطام ضياغما وكأنها في فتكها الحيات
الذل فيهم ضاربٌ أطنابه وله بهم ياويحه صولات
والوهن شاه الوهن بئس ضجيعهم من بطشه يتعذر الإفلات
هم ألف مليون ولكن ليت لي من كل ألف واحد إن فاتوا
يا ألف مليون تسنّم ظهره الأوغاد والأنذال والعاهات
حتَّام ترضون الدناءة والردى؟ وإلام َ هذا الذل والإخبات؟
لا خير في عيش بغير كرامة لا خير في دنيا بها أقتات
شمخت فراخ البغي فوق رؤوسنا ولهم بوسط جباهنا بصمات
سخروا من القرآن أي مهانة خير لحرٍ دون ذاك ممات
بل صوّروا المختار أقبح iiصورة أوّاه مما ضمّت الصفحات
جعلوه رمزا للتخلف والردى شتموه حتى بُحَّتِ الأصوات
وعلى بني الإسلام صَبُّوا حقدهم غَزَوُا البلاد وهددوا بالناتو
والمسلمون عن المكائد غُيبوا الدين يجمعهم وهم أشتات
وحِمَاهُمُ كلأٌ مباحٌ للعدا وكأن حق حماهمُ اللعنات
جالَ العدو به وصالَ ولم يجد إلا الهوى والتيه والقنوات
بالأمس أفغان الكرامة دُمّرت واليوم بغداد لنا وفرات
يا أمة الإسلام هل من عودة عجلى فما فوق الرفات رفات
هبوا فدين الله خير تجارة أما الحطام فما عليه فوات Œ(996/1)
أطلقيني يا مدينة
د.عبد المعطي الدالاتي
أطلقيني يا مدينةُ من حدودي ثم زيدي في انطلاقي.. ثم زيدي
ذوِّبيني بالنجاوى زلزليني كلما زُلزلتُ حقّقتُ وجودي
إنّ روحي بالنجاوى حلّقتْ واستحمَّتْ ثم عادت من جديد
كدتُ والأعضاءُ مني سُجَّدٌ أملكُ الأكوانَ في رِقِّ السجودِ
أَجتلي الأفكارَ ، أَرتادُ السَّنا أرشفُ الأنوارَ من نبعِ الخلودِ
أَيُّ نورٍ في علاكِ قد سباني أيُّ طهرٍ.. أيُّ عطرٍ.. أيُّ جودِ؟!
طبتِ بالمختارِ في هجرتهِ طبتِ يا طيبةُ في يومِ السعودِ
حَبَّذا الأنصارُ من أهلٍ.. ويا حَبَّذا المختارُ من جارٍ جديدِ
حلّقي بي يا مدينةُ وارفعيني أطلقيني.. أَعتقيني من قيودي Œ(997/1)
ألم تغتمض عيناك ليلةأرمدا
شعره في مدح الرسول عند مقدمه عليه
أعشى بني قيس بن ثعلبة
قال ابن هشام : حدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي وغيره من مشايخ بكر بن وائل من أهل العلم أن أعشى بني قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الإسلام فقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مسهدا
وما ذاك من عشق النساء وإنما تناسيت قبل اليوم صحبة مهددا
ولكن أرى الدهر الذي هو خائن إذا أصلحت كفاي عاد فأفسدا
كهولا وشبانا فقدت وثروة فلله هذا الدهر كيف ترددا
وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع وليدا وكهلا حين شبت وأمردا
وأبتذل العيس المراقيل تغتلي مسافة ما بين النجير فصرخدا
ألا أيهذا السائلي أين يممت فإن لها في أهل يثرب موعدا
فإن تسألي عني فيا رب سائل حفي عن الأعشى به حيث iiأصعدا
أجدت برجليها النجاء وراجعت يداها خنافا لينا غير أحردا
وفيها إذا ما هجرت عجرفية إذا خلت حرباء الظهيرة أصيدا
وآليت لا آوي لها من كلالة ولا من حفى حتى تلاقي محمدا
متى ما تناخي عند باب ابن هاشم تراحي وتلقي من فواضله ندى
نبيا يرى ما لا ترون وذكره أغار لعمري في البلاد وأنجدا
له صدقات ما تغب ونائل وليس عطاء اليوم مانعه غدا
أجدك لم تسمع وصاة محمد نبي الإله حيث أوصى وأشهدا
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله فترصد للأمر الذي كان أرصدا
فإياك والميتات لا تقربنها ولا تأخذن سهما حديدا لتفصدا
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا
ولا تقربن حرة كان سرها عليك حراما فانكحن أو تأبدا
وذا الرحم القربى فلا تقطعنه لعاقبة ولا الأسير المقيدا
وسبح على حين العشيات والضحى ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا
ولا تسخرا من بائس ذي iiضرارة ولا تحسبن المال للمرء مخلدا Œ(998/1)
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ
البوصيري
أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ = مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ
أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمة ٍ = وأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا = ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ = ما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ = ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَ ِ
فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ = بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم
وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْرَة ٍ وضَنًى = مِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ والعَنَمِ
نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني = والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَة ً =منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ
عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍ = عن الوُشاة ِ ولادائي بمنحسمِ
مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ = إنَّ المُحِبَّ عَن العُذَّالِ في صَمَمِ
إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ في عذلٍ = والشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَم
فإنَّ أمَّارَتي بالسوءِ مااتعظتْ = من جهلها بنذيرِ الشيبِ والهرمِ
ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى =ضيفٍ المَّ برأسي غير محتشمِ
لو كنتُ أَعْلَمُ أنِّي ما أوَقِّرُهُ = كتمتُ سِراً بدا لي منهُ بالكتمِ
من لي بِرَدِّ جماحٍ ٍ من غوايتها = كما يُرَدُّ جماحُ الخيلِ باللجمِ
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها = إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شهوة َ النهمِ
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على = حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ = إنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ
وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمة ٌ = وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم(999/1)
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّة ٍ لِلْمَرءِ قاتِلَة ً = من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع = فَرُبَّ مَخْمَصَة ٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ
واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ = مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَة َ النَّدَمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما = وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً = فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ
أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ = لقد نسبتُ به نسلاً لذي عقمِ
أمرتكَ الخيرَ لكنْ ماائتمرتُ بهِ = وما استقمتُ فماقولي لك استقمِ
ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلة ً = ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ
ظلمتُ سُنَّة َ منْ أحيا الظلامَ إلى = أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَم
وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى = تحتَ الحجارة ِ كشحاً مترفَ الأدمِ
وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍ = عن نفسهِ فأراها أيما شممِ
وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُ = إنَّ الضرورة َ لاتعدو على العصمِ
وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُ مَنْ = لولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ
محمدٌسيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْـ = ـينِ والفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ
نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ = أبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْهُ وَلا «نَعَمِ»
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفاعَتُهُ = دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ
مستمسكونَ بحبلٍ غيرِ منفصمِ = فاقَ النبيينَ في خلْقٍ وفي خُلُقٍ
ولمْ يدانوهُ في علمٍ ولا كَرَمِ = وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ
غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ = وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِ
من نقطة ِ العلمِ أومنْ شكلة ِ الحكمِ = فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه
ثمَّ اصطفاهُ حبيباً بارىء ُ النَّسمِ = مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ(999/2)
فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ = دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ
وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ = دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ
وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ = وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ = فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ
حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بفَمِ = لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماً
أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّممِ = حرصاً علينا فلم نرتبْ ولم نهمِ
أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرى = في القُرْبِ والبعدِ فيهِ غير منفحِمِ
كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍ = صَغِيرَة ٍ وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أممٍ
وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ = قومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ
فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ = وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ
وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها = فإنما اتَّصلتْ من نورهِ بهمِ
فإنهُ شمسٌ فضلٍ همْ كواكبها = يُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ في الظُلَم
أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ = بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ
كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍ = والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ في هِمَمِ
كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِ = في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفي حَشَمِ
كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِ = من معدني منطقٍ منهُ ومبتسمِ
لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُ = طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ ومُلْتَئِم
أبان مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِ = يا طِيبَ مُبْتَدَإٍ منه ومُخْتَتَمِ
يومٌ تفرَّسَ فيهِ الفرسُ أنهم ُ = قد أنذروا بحلولِ البؤسِ والنقمِ
وباتَ إيوانُ كسرى وهو منصدعٌ = كشملِ أصحابِ كسرى غيرَ ملتئمِ
والنَّارُ خامِدَة ُ الأنفاس مِنْ أَسَفٍ = عليه والنَّهرُ ساهي العين من سدمِ(999/3)
وساء سلوة َ أن غاضتْ بحيرتها = ورُدَّ واردها بالغيظِ حين ظمى َ
كأنَّ بالنارِ مابالماء من بللٍ = حُزْناً وبالماءِ ما بالنَّارِ من ضرمِ
والجنُّ تهتفُ والأنوار ساطعة ٌ = والحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنى ً ومِنْ كَلِم
عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لمْ = تُسْمَعْ وَبارِقَة ُ الإِنْذارِ لَمْ تُشَم
مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ = بأَنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُبٍ = منقضة ٍ وفقَ مافي الأرضِ من صنمِ
حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌ = من الشياطينِ يقفو إثرَ منهزمِ
كأَنُهُمْ هَرَباً أبطالُ أَبْرَهَة ٍ = أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذاً بهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهما = نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَة ً = تَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ = فروعها من بديعِ الخطِّ في اللقمِ
مثلَ الغمامة ِ أنى َسارَ سائرة ٌ = تقيهِ حرَّ وطيسٍ للهجيرِ حمي
أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُ = مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَة ً مَبْرُورَة َ القَسَمِ
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَرَم = وكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنه عمي
فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما = وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على = خيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وقاية ُ اللهِ أغنتْ عن مضاعفة ٍ = من الدروعِ وعن عالٍ من الأطمِ
ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُبهِ = إلاَّ ونلتُ جواراً منهُ لم يضمِ
ولا الْتَمَسْتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِنْ يَدِهِ = إلاَّ استلمتُ الندى من خيرِ مُستلمِ
لاتنكرُ الوحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ = قَلْباً إذا نامَتِ العَيْنانِ لَمْ يَنمِ
وذاكَ حينَ بُلوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ = فليسَ يُنْكَرُ فيهِ حالُ مُحْتَلِمِ(999/4)
تَبَارَكَ الله ما وحْيٌ بمُكْتَسَبٍ = وَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبا باللَّمْسِ راحَتهُ = وأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَة ِ اللَّمَمِ
وأحْيَتِ السنَة َ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُ = حتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطاحَ بها = سيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ من العرمِ
دعني ووصفي آياتٍ له ظهرتْ = ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ
فالدرُّ يزدادُ حُسناً وهو منتظمٌ = وليسَ ينقصُ قدراً غير منتظمِ
فما تَطاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى = ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ والشِّيَمِ
آياتُ حقٍّ من الرحمنِ محدثة ٌ = قَدِيمَة ٌ صِفَة ُ المَوْصوفِ بالقِدَم
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تخبرنا = عَن المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَة ٍ = مِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءتْ ولَمْ تَدُمِ
مُحَكَّماتٌ فما تبقينَ من شبهٍ = لذي شقاقٍ وما تبغينَ من حكمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَرَبٍ = أَعْدَى الأعادي إليها مُلقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بلاغَتُها دَعْوى مُعارِضِها = ردَّ الغيور يدَ الجاني عن الحُرمِ
لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْر في مَدَدٍ = وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ
فما تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَجَائبُها = ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ
قرَّتْ بها عينُ قاريها فقلت له = لقد ظفِرتَ بِحَبْلِ الله فاعْتَصِمِ
إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نارِ لَظَى = أطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّجمِ
كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجوه به = مِنَ العُصاة ِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ
وَكالصِّراطِ وكالمِيزانِ مَعدِلَة ً = فالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ
لا تعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُها = تَجاهُلاً وهْوَ عَينُ الحاذِقِ الفَهِمِ
قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ = ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم(999/5)
ياخيرَ من يَمَّمَ لعافونَ ساحتَهُ = سَعْياً وفَوْقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ = وَمَنْ هُوَ النِّعْمَة ُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ
سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ = كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَة ً = من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ
وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها = والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم
وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ = في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ
حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْواً لمُسْتَبِقٍ = من الدنوِّ ولا مرقيً لمستنمِ
خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذ = نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَم
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مستترٍ = عن العيونِ وسرٍّ أيِ مُكتتمِ
فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشْتَرَكٍ = وجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ
وَجَلَّ مِقْدارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ = وعزَّ إدْراكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ
بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسلامِ إنَّ لنا = من العناية ِ رُكناً غيرَمنهدمِ
لمَّادعا الله داعينا لطاعتهِ = بأكرمِ الرُّسلِ كنَّا أكرمَ الأممِ
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتهِ = كَنَبْأَة ٍ أَجْفَلَتْ غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ
ما زالَ يلقاهمُ في كلِّ معتركٍ = حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً على وضَم
ودوا الفرار فكادوا يغبطونَ بهِ = أشلاءَ شالتْ مع العقبانِ والرَّخمِ
تمضي الليالي ولا يدرونَ عدتها = ما لَمْ تَكُنْ مِنْ ليالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ = بِكلِّ قَرْمٍ إلَى لحْمِ العِدا قَرِم
يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَة ٍ = يرمي بموجٍ من الأبطالِ ملتطمِ
من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍ = يَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصطَلِم
حتَّى غَدَتْ مِلَّة ُ الإسلام وهْيَ بِهِمْ = مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَة َ الرَّحِم(999/6)
مكفولة ً أبداً منهم بخيرٍ أبٍ = وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْ = ماذا رأى مِنْهُمُ في كلِّ مُصطَدَم
وسل حُنيناً وسل بدراً وسلْ أُحُداً = فُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ أدْهَى مِنَ الوَخَم
المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردت = من العدا كلَّ مُسْوَّدٍ من اللممِ
وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْ = أقلامهمْ حرفَجسمٍ غبرَ منعجمِ
شاكي السِّلاحِ لهم سيمى تميزهمْ = والوردُ يمتازُ بالسيمى عن السلمِ
تُهدى إليكَ رياحُ النصرِ نشرهمُ = فتحسبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كلَّ كمي
كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُباً = مِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُزُم
طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقاً = فما تُفَرِّقُ بين البهمش والبُهمِ
ومن تكنْ برسول الله ونصرتُه = إن تلقهُ الأُسدُ في آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍّ غير منتصرِ = بهِ ولا مِنْ عَدُوّ غَيْرَ مُنْعَجِمِ
أحلَّ أمَّتَهُ في حرزِ ملَّتهِ = كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبال في أجَم
كمْ جدَّلَتْ كلماتُ اللهِ من جدلٍ = فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِنْ خَصِمِ
كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَة ً = في الجاهلية ِ والتأديبِ في اليتمِ
خَدَمْتُهُ بِمَديحٍ أسْتَقِيلُ بِهِ = ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَم
إذ قلداني ما تُخشى عواقبهُ = كَأنَّني بهما هَدْيٌ مِنَ النَّعَم
أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَا = حصلتُ إلاَّ على الآثامِ والندمِ
فياخسارة َ نفسٍ في تجارتها = لم تشترِ الدِّينَ بالدنيا ولم تَسُمِ
وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِ = يَبِنْ لهُ الغَبْنُ في بَيْعِ وَفي سَلَمِ
إن آتِ ذنباً فما عهدي بمنتقضٍ = من النبي ولا حبلي بمنصرم
فإنَّ لي ذمة ً منهُ بتسميتي = مُحمداً وَهُوَ الخَلْيقِ بالذِّمَمِ
إنْ لَمْ يَكُن في مَعادِي آخِذاً بِيَدِي= فضلاً وإلا فقلْ يازَلَّة َ القدمِ(999/7)
حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجي مكارمهُ =أو يرجعَ الجارُ منهُ غيرَ محترمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحهُ = وَجَدْتُهُ لِخَلاصِي خيرَ مُلْتَزِم
وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْهُ يداً تَرِبَتْ = إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَة َ الدُّنْيا التي اقتطَفَتْ = يدا زُهيرٍ بما أثنى على هرمِ
يا أكرَمَ الرُّسْلِ مالي مَنْ أَلُوذُ به = سِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُكَ بي = إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَ ضَرَّتها = ومن علومكَ علمَ اللوحِ والقلمِ
يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّة ٍ عَظُمَتْ = إنَّ الكَبائرَ في الغُفرانِ كاللَّمَمِ
لعلَّ رحمة َ ربي حين يقسمها = تأتي على حسب العصيانِ في القسمِ
ياربِّ واجعل رجائي غير منعكسٍ = لَدَيْكَ وَاجعَلْ حِسابِي غَيرَ مُنْخَزِمِ
والطفْ بعبدكَ في الدارينِ إنَّ لهُ = صبراً متى تدعهُ الأهوالُ ينهزمِ
وائذنْ لِسُحْبِ صلاة ٍ منكَ دائمة ٍ = على النبيِّ بمنهلٍّ ومنسجمِ(999/8)
الدكتور ثامر القحطاني: دفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, دفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أيطيبُ ممْسىً أو يروقُ صَباحُ وجَنابُ أحمدَ للطَّغامِ مُتاحُ؟
كُتبَ الصيامُ عن المُزاح فما لنا بعد السباب تفكّهٌ ومُزاح
إنا إذا سِيمَ الرسولُ أذيةً تلفى لدينا أُهبةٌ وكفاحُ
وإلى المنيةِ مُسلمين نُفوسَنا نُلْفى وللجُرْدِ العِتَاقِ ضُبَاحُ
هذى جحافلُ خالد قد أقبَلتْ فيها لجُند الكافرين ذُباحُ
تَفدِى الرسولَ طِرافُنا وتِلادُنا وحَريمنا دون الرسول مُباحُ
ودماؤنا دون الرسول رخيصةٌ ففداؤه المُهَجاتُ والأرواحُ
قل للذي شتمَ الرسولَ محمداً ستَنالُ منكَ أسنةٌ ورماحُ
وتداسُ بالأَقدامِ دونَ هَوادةٍ وتُزالُ منكَ قَوَادمٌ وجَناحُ
أفَبَعْدَ شَتْمِ الكافرينَ محمَّداً يُرجى السَّلامُ ويُبْتَغى الإصلاحُ؟
هيهاتَ ليس سِوى الأَسِنَّةِ iiمَركَبٌ سَيْفٌ يُسَلُّ وغَارَةٌ مِلْحَاحُ
وطِرادُ يومِ كريهةٍ يُخزَى بهِ حِزْبُ الصَّليبِ فَمَقْتلٌ وجِراحُ
يا أيها البلدُ الحقيرُ تُراثُهُ ورجالُه الأقْزَامُ والأشباحُ
ونِساؤُهُ الرجْسُ الخبائثُ طينةً أعمارُهنَّ قَذارةٌ وسِفاحُ
أتَطاولَ الأوْغادُ فيكَ على الذي ملأ الوجودَ عَبِيرُه الفَوّاحُ؟
وأنارَ ضوءُ كتابِه وصراطِه كلَّ البرَى فيه الظَّلامُ مُزاحُ
مَنْ جاءَ بالدينِ الحَنيفِ مُخَلِّصاً فَلَنَا بِقَفْوِ سَبِيلهِ إِنْجاحُ
هذا الكتابُ المُسْتبِينُ ومِثلُهُ سُنَنٌ حِسانٌ تُحْتَذَى وصِحَاحُ
خيرُ البريَّةِ كُلِّها وإِمَامُها وسراجُها الوَهَّاجُ والمِصْباحُ
والرحمةُ المُهْداةُ والعَلَمُ الذي بمَقامه يوْمَ النُّشُورِ نُراحُ
يا بُؤْرَةً للخِزْيِ ساءَ قرارُها للكَوْنِ منها أَنَّةٌ وصِيَاحُ
أتقِرُّ شَتْمَ الهاشِمِيِّ دِيَانَةٌ؟!! لا سِفْرَ يَرْضاهُ ولا إِصْحاحُ(1000/1)
لا عقْلَ يقبله ُ ولا مَدَنِيّةٌ إلا لديكِ فَلَيْسَ فيهِ جُناحُ
والدانمرك بُلَيْدَةٌ ملعونة فيها لمجتمع الكلاب نباحُ
خُبْثٌ تأصلَ في النفوسِ جِبِلّةً قِدْماً وكُفْرٌ فوقَ ذاك بَواحُ
وخلائقٌ وصفَتْ حقارةَ معدِنٍ ما إنْ لهمْ عنها الزمانَ براحُ
ليس الجزاءُ فحسْبُ حَظْرَ iiبضائعٍ مِنهنَّ تُجْنَى فيكمُ الأَرْباحُ
بل سوف تَلْقَون النَّكالَ مُعَجّلاً وتسيلُ منكمْ بالدماء بِطاحُ
وتغَصُّ بالأشْلاءِ مِنْكمْ بُقْعةٌ لَخِنَتْ وساءَ غُدوُّها ورَواحُ
وتُبَدَّلُ الأفْراحُ فيكم مأْتَمًا يَغْشاهُ مِنْ ليلِ المُصابِ جَناحُ
خطب ٌٌ يُجلِّلُ جَمعكمْ ويُذيقكمْ خِزْياً يَظَلُّ على المَدى يَنْداحُ
أيَطيبُ نَومٌ أو يَلَذُّ لمسلمٍ عَيشٌ وعِرْضُ الهاشميِّ مُباحُ؟!
لعبتْ به بينَ الأنامِ أصابعٌ فلهنّ فيهِ مَسْرحٌ ومُراح
يا مسلمون كفاكمُ نوماً فقدْ صاح النذير وصَرَّحَ الإصباحُ
أوَما كَفاكُمْ أنَّهمْ قد دَنَّسُوا عَلنًا مَصاحفَ حَشْوهنَّ فَلاحُ!!
واليوم صالوا صَوْلةً هَمجيَّةً هُزْءًا بمَنْ هُوَ للهُدى مِفتاحُ
تاللهِ لن يصِلوا إليهِ بِكيدهمْ ما للكلابِ سوى النِّباحِ سلاحُ
يا خيرَ مَنْ وَطِئَ الحصى وأجَلَّ مَنْ بَرأَ الإلهُ ومنْ هداهُ صلاحُ
يا منْ تكِلُّ عن الوفاءِ بحقِّهِ دُرَرُ البديعِ وتعْجِزُ الأمْداحُ
يا قُرةَ العينينِ يا بَرْدَ الحَشا يا منْ تُزاحُ بوجههِ الأتراح
إنا كذلك لا نزالُ على الذي تَرضى وإنْ مكَرَ العُداةُ وصاحُوا
نحنُ الفداءُ وقلَّ ذلك عندنا المالُ والمُهَجَاتُ والأرواحُ
ستحطِّمُ الطاغوتَ خيلُك عاجلاً وتَهُبُّ للنَّصر ِالمبين رياح
Œ(1000/2)
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل: أيها المسلمون في كل قطر
أطبق الليل واختفت أضواء وتوالى على النفوس البلاء
ودموع همتْ كأمطار مُزْنٍ واقْشَعَرَّتْ بسيطة iiوسماء
وبحار بمائها وجبال راسيات جثى عليها الوباء
وسحاب تمر مر غضوب ليس ماء يزينها أو iiهواء
نعمٌ تصطلي برمضاءِ قَحْط هي عطشى وما هنالك ماء
وانظر الورد والزهور iiبروض مسها الضر واعتراها iiالحياء
شجر مذبل ودوح تهاوى وزروع من الونى حدباء
ها هي الشمس في السماء اكْفَهَرَّتْ وانحنى البدر والْتَوَتْ جوزاء
كل شبر على البسيطة يشكو من أناس كما يقال غثاء
دينها يعتدى عليه جهارًا ورسول يسبه الجهلاء
كيف نرضى مذلة وهوانًا كيف نرضى الخضوع أين الإباء
أي نصر ونحن في بئر لهو أي عز وقد غزانا iiالرباء
أي نصر ومنتدانا المخازي أي نصر وثوبنا الكبرياء
أيها المسلمون في كل iiقطر أيها الأتقياء والأولياء
سددوا السهم فالعدو تمادى لا تذلوا فأنتم العلياء
ارشقوا بالنبال كل iiعتل حربه الصالحون والأنبياء
وحّدوا صفكم بجد وعزم وانصروا الله أيها الأوفياء
قاطعوا المنتجات صبوا iiعذابًا لا تلينوا وللرسول أساءوا
دانمركي ما رسمت لَرُزْءٌ وخطوب وغارة شَعْوَاءُ
دانمركي نلت ذلاً وخسفًا كل عرض لعرض طَهَ فداء
سيد المرسلين خير البرايا قائد الغر رحمة وهداء
صلِ ربي على الرسول iiوآل وصحاب ما غردت ورقاء Œ(1001/1)
أَتَسْخَرُ مِنْ شَخْصِ النَّبِيِّ
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل
أَتَهْزَأُ بِالْمُخْتَارِ يَا سَوَءَةَ الدَّهْرِ وَيَا قِمَّةَ التَّضْلِيْلِ وَالْخُبْثِ وَالْغَدْرِ
أَتَسْخَرُ مِنْ شَخْصِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ رَسُوْلٌ أَتَى بِالْحَقِّ وَالْخَيْرِ وَالْيُسْرِ
رَسُوْلٌ حَبَاهُ اللهُ نُوْرًا وَحِكْمَةً وَأَيَّدَهُ بِالنَّصْرِ فِيْ سَاعَةِ الْعُسْرِ
تَحَلَّى بِأَخْلاَقِ الْكِرَامِ وَإِنَّهُ رَؤُوْفٌ رَحِيْمٌ مَنْبَعُ الْفَضْلِ وَالصَّبْرِ
مَحَا ظُلُمَةَ الطُّغْيَانِ وَالْجَهْلِ وَالْهَوَى بِعَدْلٍ وَإِحْسَانٍ وَبِالرِّفْقِ فِي الأَمْرِ
وَمَا الصَّفْحُ إِلاَّ شِرْعَةٌ وَسَجِيَّةٌ لَدَى الْمُصْطَفَى مِنْ دُوْنِ مَنٍّ وَلاَ كِبْرِ
كَرِيْمٌ حَلِيْمٌ مَا تَوَانَى عَنِ الْوَفَى وَلاَ ضَاقَ ذَرْعًا مِنْ عَنَاءٍ وَلاَ فَقْرِ
عَلَيْهِ صَلاَةُ اللهِ ثُمَّ سَلاَمُهُ وَأَخْزَاكَ رَبُّ الْعَرْشِ يَاخِنْزَبَ الْعَصْرِ
رَكِبْتَ عَلَى مَوْجٍ مِنَ الْخِزْيِ فَارْتَقِبْ دُوَيْهِيَةً سَوْدَاءَ غُوْلِيَّةَ الْقَعْرِ
حَيَاتُكَ فِيْ ذُلٍّ وَوَقْتُكَ جَمْرَةٌ وَفِكْرُكَ لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الدَّاءِ وَالضُّرِّ
فَمَنْ رَامَ نَقْصَ الْمُصْطَفَى قَذَفَتْ بِهِ خُطُوْبُ الرَّزَايَا فِيْ سُجُوْنٍ مِنَ الذُّعْرِ
وَزَجَّتْ بِهِ الآَفَاتُ فِيْ كُلِّ مِحْنَةٍ وَصَارَ عَلَى دَرْبٍ مِنَ الذُّلِّ وَالْقَهْرِ
خَسِرْتَ وَلَمْ تَكْسَبْ سوى الضيم iiوَالرَّدَى خَسِئْتَ فَأَنْتَ الشَّيْنُ وَالْمَيْنُ لَوْ تَدْرِيْ
وَأَنْتَ سَقِيْمُ الْفِكْرِ وَالْقَلْبُ مَيِّتٌ وَأَنْتَ لَئِيْمُ الطَّبْعِ تَرْتَاحُ لِلْوِزْرِ
أَتَاكُمْ رَسُوْلُ اللهِ بِالنُّوْرِ وَالْهُدَى وَأَنْذَرَ مَنْ يَعْصِيْهِ بِالْوَيْلِ فِي الْحَشْرِ
وَعَلَّمَكُمْ دَرْبَ النَّجَاةِ مُبَيِّنًا لِمَا جَاءَ فِي التَّنْزِيْلِ سَطْرًا عَلَى سَطْرِ(1002/1)
ضَلَلْتُمْ وَحَرَّفْتُمْ كِتَابَ هِدَايَةٍ وَمِلْتُمْ وَأَسْرَعْتُمْ عِنَادًا إِلَى الشَّرِّ
وَآمَنَ مِنْكُمْ بِالنَّبِيِّ أُولُوا النُّهَى أَولُوا الْعَدْلِ وَالإِنْصَافِ وَالْفَهْمِ وَالْفِكْرِ
وَكَمْ شَهِدَتْ مِنْكُمْ رِجَالٌ بِنُبْلِهِ وَأَخْلاَقِهِ الْعَلْيَاءِ عَاطِرَةِ النَّشْرِ
فَهَلاَّ تَأَمَّلْتُمْ بِعَيْنٍ بَصِيْرَةٍ وَفِكْرٍ مُنِيْرٍ مُنْصِفٍ بَاسِمِ الثَّغْرِ
وَرَاجَعْتُمُ التَّارِيْخَ فِيْ نَعْتِ أَحْمَدٍ فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ كَالشَّمْسِ وَالْبَدْرِ
مُضِيْئًا مُنِيْرًا هَادِيًا وَمُبَشِّرًا هَدَانَا بِفَضْلِ اللهِ لِلْخَيْرِ وَالأَجْرِ
وَأَنْقَذَنَا مِنْ ظُلْمَةِ الظُّلْمِ وَالْهَوَى بِدِيْنٍ قَوِيْمٍ مَنْبَعِ الصِّدْقِ وَالطُّهْرِ
أَلَمْ تَقْرَإِ الْقُرْآنَ مُعْجِزَةَ الْوَرَى أَلَمْ تَسْتَمِعْ يَوْمًا لآيٍ مِنَ الذِّكْرِ
أَلَمْ تَتَأَمَّلْ فِيْ ثَنَايَا سُطُوْرِهِ وَمَاحَمَلَتْهُ الآيُ مِنْ سَالِفِ الدَّهْرِ
فَفِيْهِ نِظَامٌ شَامِلٌ مُتَكَامِلٌ يَفِيْ بِاحْتِيَاجِ الْخَلْقِ يَكْفِيْ مَدَى الْعُمْرِ
وَفِيْهِ عُلُوْمُ الأَوَّلِيْنَ وَيَنْطَوِيْ عَلَى كُلِّ آتٍ فِيْ فَلاَةٍ وَفِيْ بَحْرِ
تَلاَهُ رَسُوْلُ اللهِ فِيْ كُلِّ مَجْمَعٍ وَكَانَ هُوَ الأُمِّيُّ فِيْ مَعْشَرِ الْكُفْرِ
فَمَاحَادَ عَنْ آيٍ وَلاَ كَانَ لاَحِنًا وَلَكِنَّهُ وَحْيٌ أَتَى النَّاسَ بِالْبِشْرِ
فَصَدَّقَهُ قَوْمٌ لِصِدْقِ حَدِيْثِهِ وَعَانَدَهُ قَوْمٌ فَمَاتُوا عَلَى الْخُسْرِ
وَيَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ أُمَّةَ أَحْمَدٍ قِفُوا وَقْفَةَ الآسَادِ فَالْكُفْرُ مُسْتَشْرِيْ
أَيَسْخَرُ أَهْلُ الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ وَالْقَذَى بِسَيِّدِنَا الْمُخْتَارِ يَا أُمَّةَ الذِّكْرِ
أَلَمْ تَعْلَمُوا أنَّ احْتِقَارَ نَبِيِّنَا هُوَ الطَّعْنُ فِي التَّشْرِيْعِ فِي الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ(1002/2)
وَأَيُّ حَيَاةٍ وَالشَّرِيْعَةُ تُرْتَمَى بِسَهْمٍ مِنَ التَّشْكِيْكِ وَالْهُزْءِ وَالسُّخْرِ
فَسُدُّوا عَلَى الأَعْدَاءِ بَابَ سَفَاهَةٍ وَبُشْرَاكُمُ يَا قَوْمُ بِالْفَوْزِ وَالنَّصْرِ
وَصَلُّوا عَلَى طَهَ الْمُشَفَّعِ فِي الْوَرَى وآلٍ وَأَصْحَابٍ شَفَى بَأْسُهُمْ صَدْرِيْ
Œ(1002/3)
د.عبد المعطي الدالاتي: إشراق دمعة
د.عبد المعطي الدالاتي
يشرقُ دمعي فأواريهِ يخفقُ قلبي فأداريهِ
تشهدُ عيني أنكَ iiفيها يشهدُ قلبي أنك فيهِ
سأكلمُ صحبي عن حبي سأكلم.. يا رحمةَ iiربي
يشهدُ قلبي أنكَ قلبي أنكَ عمري و أمانيهِ
يا منْ قد أرسله اللهُ يا من لا أتبعُ إلا هو
وهداهُ قد شعّ سناهُ يَشغَلُ فكري بمعانيهِ
سُنتُكَ العصماءُ iiدليلي تهديني في كل سبيل ِ
جيلٌ يتعلمُ من جيل iiِ ويُعلمُ سيرتكَ بنيهِ Œ(1003/1)
إلى الأنصار قد وصل الرسولُ
د.عبد المعطي الدالاتي
(ووصل المهاجرون إلى الأنصار، يحملون لهم الهِداية لا الهَدايا ..
فاستقبلوهم بالحب والإيثار..
ولولا الأنصار، لما عُرف معنى الإيثار..
ولولا الهجرة ، لكان محمدٌ من الأنصار..
وقبل الهجرة في الأرض، كان المعراج في السماء ..
وبهما يتعلم المسلم من المهاجر الأكرم صلى الله عليه وسلم ،
كيف يهاجر على كافة المحاور).
إلى الأنصار ترتحلُ الحُمولُ مهاجرةً ، وقائدُها الرسولُ
فيثربُ تنتشي السّعَفاتُ فيها ومكةُ تشتكي فيها الطلولُ
أيرحلُ بدرُها في الليل منها؟! سَلوا التاريخَ عن هادٍ يقولُ
لصاحبه:(أبا بكرٍ! تصبّرْ ولا تحزنْ، فثالثنا الجليلُ )
دليلُ الدرب في البيداء يسري مع المختارِ في دربٍ تطولُ
دليلَ الدرب! تدري، لستَ iiتدري بهذا الدربِ أيّكما الدليلُ !
ألم تبصرْ ؟!.. له الآفاقُ ترنو وبين يديهِ تَرتعشُ السبيلُ !
خُطى القَصواء في الصحراء تحكي بُراقاً في سماواتٍ يجولُ
خُطى التاريخ قد وطأتْ خُطاها ليبدأ بعدها عهدٌ جميلُ
همُ الأنصارُ .. قائلُهم يقولُ: أيا بُشرى لقد وصل الرسولُ
همُ الأنصارُ .. إيثارٌ وحبٌ وأحمدُ في قلوبهمُ نزيلُ
همُ الأنصارُ .. قائلُهم يقولُ : ( وربِّك يا محمدُ لا نقيلُ.. )
همُ الأنصارُ .. إيمانٌ ونصرٌ وراياتٌ.. وتاريخٌ يطولُ
وحولَ محمدٍ حامتْ قلوبٌ و طافتْ حول ناقتهِ الخيولُ
وها إنّا و إنْ كنا غفلنا فإنّا بعد صحوتنا نقولُ:
هو الإسلامُ دينُ الله يبقى ويحمل صرحَه جيلٌ فجيلُ
وإنّا في العقيدة قد غُرسنا كما غُرستْ بطيبتنا النخيلُ
مع الهادي وصُحبتِه هوانا وشرحُ الحبِّ أمرٌ يستحيلُ
مهاجرةً وأنصاراً سنحيا رعيلُ الفتحِ يتبعُهُ الرعيلُ Œ(1004/1)
إمام المرسلين فداك روحي...
صالح بن علي العمري
ردّا عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقياما ببعض حقّه...
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحي وأرواحُ الأئمةِ والدُّعاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقاةِ
ويا علم الهدى يفديك عمري ومالي.. يا نبي المكرماتِ!!
ويا تاج التُّقى تفديك نفسي ونفسُ أولي الرئاسةِ والولاةِ
فداكَ الكون يا عَطِرَ السجايا فما للناس دونك من زكاةِ..
فأنتَ قداسة ٌ إمَّا استُحلّتْ فذاكَ الموتُ من قبل الممات!!
ولو جحد البريّةُ منك قولاً لكُبّوا في الجحيم مع العُصاةِ
وعرضُك عرضُنا ورؤاكَ فينا بمنزلة الشهادةِ والصلاةِ
رُفِعْتَ منازلاً.. وشُرحت صدرا ودينُكَ ظاهرٌ رغمَ العُداةِ
وذكرُكَ يا رسولَ اللهِ زادٌ تُضاءُ بهِ أسَاريرُ الحَيَاةِ
وغرسُك مُثمرٌ في كلِّ صِقعٍ وهديُكَ مُشرقٌ في كلِّ ذاتِ
ومَا لِجنان ِ عَدنٍ من طريقٍ بغيرِ هُداكَ يا علمَ الهُداةِ
وأعلى اللهُ شأنكَ في البَرَايا وتلكَ اليومَ أجلى المُعجزاتِ
وفي الإسراءِ والمعراج ِ معنى لقدركَ في عناقِ المكرماتِ
ولمْ تنطقْ عنْ الأهواءِ يوما وروحُ القدسِِ مِنكَ على صِلاتِ
بُعثتَ إلى المَلا بِرّاً ونُعمى ورُحمى.. يا نبيَ المَرْحَمَاتِ
رَفَعْتَ عن البريّةِ كلُّ إصرٍ وأنتَ لدائها آسي الأُساةِ
تمنّى الدهرُ قبلك طيفَ نورٍ فكان ضياكَ أغلى الأمنياتِ
يتيمٌ أنقذ َ الدّنيا.. فقيرٌ أفاضَ على البريّةِ بالهِبَاتِ
طريدٌ أمّنَ الدنيا.. فشادت على بُنيانِهِ أيدي البُنَاةِ..
رحيمٌ باليتيمة والأُسارى رفيقٌ بالجهولِ وبالجُنَاة ِ
كريمٌ كالسحابِ إذا أهلّت شجاعٌ هدَّ أركانَ البُغَاةِ
بليغٌ علّم الدنيا بوحي ٍ ولم يقرأ بلوح ٍ أو دواةِ
حكيمٌ.. جاءَ باليُسْرى.. شَفيقٌ فلانتْ منهُ أفئدة ُ القُساةِ
فمنكَ شريعتي.. وسكونُ نفسي ومنكَ هويتي.. وسمو ذاتي
ولي فيكَ اهتداءٌ .. واقتفاءٌ لأخلاقِِ العُلا والمَكْرماتِ(1005/1)
وفيك هدايتي.. وشفاءُ صدري بعلمكَ أو بحلمكَ والأناةِ
ومنك شفاعتي في يومِِ عَرْض ٍ ومن كفيّكَ إرواءُ الظُّماةِ
ومنك دعاءُ إمسائي وصحوي وإقبالي وغمضي والتفاتي
رسولَ اللهِ قد أسبلتُ دَمْعي ونزَّ القلبُ من لَجَجِ ِ البُغَاةِ
فهذي أمّةُ الإسلام ضجّتْ وقد تُجبى المُنى بالنائباتِ!!
هوانُ السيفِ من هُونِ المُباري ولِينُ الرمحِ من لِينِ القناةِ
وقد تَشفى الجسومُ على الرزايا ويعلو الدينُ من كيدِ الوشاةِ!!
وفي هزِّ اللواءِ رؤى اتحادٍ ولمُّ الشمل ِ من بعد الشتاتِ !!
وقد تصحو القلوبُ إذا اسْتُفزّتْ ولَفحُ التَّارِ يوقظ ُ من سُبَاتِ!!
ألا بُترتْ روافدُ كلِّ فضٍّ تمرّغَّ في وحول ِ السيئاتِ
ألا أبْلِغْ بَنِي عِلمان عنّي وقد عُدَّ العميلُ من الجُنَاةِ !!
أراكمْ ترقصونَ على أَسانا وتَسْتَحْلون مَيْلَ الغانياتِ!!
وإن مسَّ العدوَ مَسيسُ قَرح ٍ رفعتمْ بيننا صوتَ النُّعاةِ!!
وإنْ عَبستْ لكم "ليزا"* خَنَعْتمْ خُنوع َ المُوفضينَ إلى مَناةِ !!
وإن ما هَاجتْ الشُبُهاتُ خُضْتم ْ بألسنةٍ شِحاح ٍ فاجراتِ !!
"حوارُ الآخرِ " استشرى فذبّوا عن المعصومِ ألسنةَ الجُفاةِ !!
وصوت "الآخرِ " استعلى فردّوا عن الهادي سهامَ الإفتئاتِ ..
رميتمْ بالغلو دُعاة ديني فهل من حُجّةٍ نحو الغُلاة ؟!!
أكُرّارٌ على قومي كُماة وفي عينِ المصيبةِ كالبنات ِ؟!!
ومن يرجو بني علمان عوناً كراجي الروح ِ في الجسدِ الرُّفات!!
رسولَ الحُبِّ في ذكراك قُربى وتحتَ لواكَ أطواقُ النجاةِ
عليك صلاةُ ربِّكَ ما تجلى ضياءٌ .. واعتلى صوتُ الهُداةِ
يحارُ اللفظُ في نجواكَ عجزا وفي القلب اتقادُ المورياتِ
ولو سُفكتْ دمانا ما قضينا وفاءك والحقوقَ الواجباتِ... Œ(1005/2)
إن كانَ فيكم نخوةٌ ومروءةٌ
قرأت موضوعاً يدعو لنصرة المصطفى عليه وآله وصحبه أفضل الصلاة والسلام
أحسست ناراً تحرق قلبي فكانت هذه القصيدة
هبِّي عذاباً يا رياحُ iiوهدِّمي بالثَّأرِ دار َالفسقِ والفجَّار
لا تتركي أثراً لأيِّ رذيلةٍ وتفنَّني بمواكبِ الإعصارِ
هدماً وقتلاً بالصواعق فانزلي وزلازلاً ومقامعًا من نارِ
ودعي البحارَ تشدُّ في هيجانِها لتدكَ كلَّ شواطئِ iiالأشرارِ
آن الأوانُ لسحقِهم هيَّا iiافزعي لرسولِ ربِّكِ كاملِ الأنوارِ
فمحمدٌ خيرُ الأنامِ على المدى متعرضٌّ للشَّتمِ من iiكفارِ
ينشقُّ قلبي صارخاً ومنادياً أهلَ الأمانةِ ثلَّةَ iiالأخيارِ
أن دافعوا عن حبِّنا وشفيعِنا وتكاتفوا في ثورةِ الأحرارِ
إن كانَ فيكم نخوةٌ ومروءةٌ لا تحجموا عن نُصرةِ المختارِ Œ(1006/1)
الدفاع عن داعية السلام "صلى الله عليه وسلم"
محمد عبد الله ولد محمد سالم ولد محمد ببَّاه:
تبوَّأتَ العُلوَّ من المقام وأسْبغْتَ السَّلامَ على الأنامِ
وألَّفْتَ القلوب بكل حُبٍّ وما قصَّرْت في صنع الكرامِ
زَرَعْت السِّلم في الثَّقلَيْن طُرًّا فعاشَا في أمانٍ واحترامِ
وحاربْتَ الغُلُوَّ وكنْتَ سَمْحًا تُرَبِّي بالمودَّةِ iiوالوِئامِ
ولم تكُ قطُّ في الأفعال فظًّا ولا مُتغلِّظًا وقْت iiالكلامِ
بِحَسْبِكَ ما رَسَمت من المعالي ظَفرتَ وخابَ رَسَّام iiالظَّلامِ
طَغَى بِرُسُومه شُلَّتْ يَداهُ وشُلَّ الغربُ عَامًا بعْد عَامِ
حبيبي يا رسول الله إنَّا فِداكَ ودون عِرضِكَ iiكالسِّهامِ
فلن نرضى المذلَّةَ في حياةٍ ولن نرضى الدَّنِيَّةَ في iiمُقامِ
فكلُّ مُوَحِدٍ صَحَّتْ وتَمَّتْ عَقِيدَتُهُ فِدَاكَ على iiالدَّوامِ
ستبْقى رغْمَ أنْفِ الغرْبِ طُرًّا على الأعْداءِ والحُسَّادِ iiسَامي
جَزاك الله عنَّا كلَّ iiخيْرٍ فقد كنْتَ المُبَشِّرَ iiبالتَّمامِ
وأحْيَيْتَ الأنام وكنت iiحَقًّا بِحَمْدِ اللهِ داعِيَةَ ا لسَّلاَمِ Œ(1007/1)
الردّ المبكي للمجرم الدانماركي
الشيخ / محمد بن علي آدم "حفظه الله"
"المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة"
1/1/1427هـ
لَقَدْ سَاءَنِي جُرْمٌ أَتَانِيَ خُبْرُهُ مِنَ الدَّوْلَةِ الْبَغْضَاءِ قَدْ حَاقَهَا الظُّلَمْ
لَقَدْ سَاءَنِي وَسَاءَ مَنْ كَانَ iiقَلْبُهُ مُحِبًّا لِخَيْرِ الْخَلْقِ مَنْ سَادَ بِالْحِكَمْ
صَنِيعٌ أَتَى بِهِ شَيَاطِينُ iiدَوْلَةٍ تَعِيشُ عَلَى الْفَسَادِ وَالْكُفْرِ وَالأَضَمْ [1]
فَيَا لَيْتَهُمْ شُلَّتْ يَمِينٌ بِهَا iiافْتَرَوْا وَآذَانُهُمْ صُمَّتْ وَأَعْمَاهُمُ الْغُمَمْ
فِدَاءً لَهُ أَبِي وَأُمِّي وَمُهْجَتِي فَمَنْ مِثْلُهُ فِي النَّاسِ قَدْ حَاطَهُ iiالْكَرَمْ
فَيَا مَنْ كَفَى الْمُسْتَهْزِئِينَ حَبِيبَهُ لِتُنْزِلْ عَلَيْهِمُ عَذَابًا قَدِ اصْطَلَمْ
يَعُمُّهُمُ وَمَنْ غَدَا نَاصِرًا لَهُمْ وَيَضْحَكُ مَعْهُمُ إِذِ الْكُلُّ قَدْ ظَلَمْ
فَسُنَّتُكَ الَّتِي خَلَتْ قَبْلُ تَنْزِلُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَبْغِي وَيُؤْذِي أُولِي iiالْقِيَمْ
فَيَا أُمَّةَ الإِسْلاَمِ قُومُوا عَلَى iiالْعِدَا بِكُلِّ الَّذِي لَكُمْ لِسَانًا أَوِ الْقَلَمْ
فَقَدْ نَزَلَتْ فِيكُمْ مُصَائِبُ لَوْ أَتَتْ عَلَى الرَّاسِيَاتِ الشُّمِّ أَرْكَانُهَا انْهَدَمْ
فَإِنْ لَمْ تَرَوْا هَذِي مُصَابًا مُجَلَّلاً فَإِنَّكُمُ مَوْتَى وَإِنَّ الْهُدَى انْصَرَمْ
وَإِنْ تَسْكُتُوا بِالْعِلْمِ فَالْوَيْلُ قَادِمٌ وَقَدْ ضَلَّتِ الآمَالُ وَالشَّرُّ قَدْ نَجَمْ
وَلاَ شَكَّ أَنَّهَا مَضَى قَبْلُ مِثْلُهَا تَوَلَّى قِيَادَهَا أُولُو الْحِقِدِ وَالسَّقَمْ
تَعَدَّى أَبُو جَهْلٍ وحَمَّالَةٌ طَغَتْ وَمَنْ تَبَّتِ الْيَدَانِ مِنْهُ قَدِ اضْطَرَمْ ii[2]
فَذِي سُنَّةُ الإِلَهِ فِي الْخَلْقِ قَدْ جَرَتْ فَيَمْتَحِنُ الأَخْيَارَ بِالْفِرْقَةِ اللَّوَمْ [3](1008/1)
لِيَرْفَعَ قَدْرَهُمْ وَيُعْلِيَ ذِكْرَهُمْ وَيَعْرِفَ فَضْلَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الأُمَمْ
فَلَوْلاَ اشْتِعَالُ النَّارِ فِي الْعُودِ لَمْ يَفُحْ لَهُ عَرْفُهُ الشَّذِي لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَشَمْ
وَلَيْسَ احْتِجَابُ الْعُمْيِ للشَّمْسِ ضَائِرًا فَرِفْعَةُ قَدْرِهَا لِذِي الْبَصَرِ ارْتَسَمْ
فَقَدْرُ رَسُولِ اللهِ فِي الْخَلْقِ iiظَاهِرٌ فَمَا ضَرَّهُ قَوْمٌ أَضَلُّ مِنَ الْبَهَمْ [4]
لَقَدْ رَفَعَ الإِلَهُ قَدْرَ مُحَمَّدٍ فَقَرَّبَهُ زُلْفَى وَحَلاَّهُ بِالنِّعَمْ
وَيَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعًا لِفَصْلِ الْقَضَا بِهَا فَمَا أَعْظَمَ الْكَرَمْ
وَقَدْ شَرَحَ اللَّطِيفُ صَدْرًا وَأَوْدَعَهْ بَدَائِعَ حِكْمَةٍ فَيَا وَيْلَ مَنْ هَضَمْ ii[5]
وَشَقَّ لَهُ الْبَدْرَ الْمُنِيرَ مِنَ السَّمَا وَشَاهَدَهُ كُلٌّ بِلَيْلٍ قَدِ ادْلَهَمّْ
وَحَنَّ إِلَيْهِ الْجِذْعُ لَوْلاَ iiاحْتِضَانُهُ لَمَا فَارَقَ الْبُكَا إِلَى سَاعَةِ النَّدَمْ
شَكَى الْعِيرُ ضُرَّهُ وَسَلَّمَهُ الصَّفَ [6] فَيَا وَيْلَ أَقْوَامٍ أَضَلُّ مِنَ النَّعَمْ
رَسُولُ الْهُدَى أَحْيَى الْقُلُوبَ بِذِكْرِهِ قُلُوبَ ذَوِي الأَلْبَابِ وَالنُّورِ وَالشِّيَمْ
هُوَ الرَّحْمَةُ الْمُهْدَاةُ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ كَمَا أَخْبَرَ اللهُ الْكَرِيمُ فَلْيُغْتَنَمْ
فَمِنْ تَبِعَ الرَّسُولَ كَانَ iiمُعَزَّزًا بِذِي الدَّارِ وَالأُخْرَى مُعَافًى مِنَ iiالنِّقَمْ
وَمَنْ لَمْ يَرَ الْهُدَى لَدَيْهِ فَقَدْ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ الْوَبَالَ قَدْ نَالَهُ الْغُمَمْ
فَيَا رَبِّ أَحْيِنَا عَلَى حُبِّهِ إِلَى مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا وَنَحْنُ عَلَى النِّعَمْ
وَيَا رَبِّ أَهِّلْنَا لإِحْيَاءِ شَرْعِهِ وَنَنْشُرُهُ فِي الْعُرْبِ أَيْضًا وَفِي الْعَجَمْ
وَنَدْفَعُ عَنْ حَرِيمِهِ كُلَّ مُفْتَرٍ مَرِيدٍ مُعَانِدٍ وَبِالْفُحْشِ قَدْ جَرَمْ(1008/2)
صَلاَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ ثُمَّ سَلاَمُهُ عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ الْمُحَبَّبِ فِي الأُمَمْ
وَآلٍ لَهُ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ وَالْهُدَى وَأَصْحَابِهِ أُولِي الْمَعَارِفِ وَالْكَرَمْ
يَقُولُ مُحَمَّدٌ أَيَارَبِّيَ ارْحَمَا إِذَا الأَجَلُ انْقَضَى وَحَبْلِي قَدِ iiانْصَرَمْ
------------------------------------------------
[1] ـ محركة الحقد والحسد والغضب اهـ "ق".
[2] ـ أي التهب.
[3] ـ اللَّوَمُ محرّكةً: كثرة العذل، وهو هنا على حذف مضاف، أي ذوي اللوم، أو وُصفوا به مبالغة.
[4] ـ محرّكةَ، تُسكّن هاؤه أيضًا: أولاد الضأن والمعز والبقر، أفاده في "القاموس".
[5] ـ هَضَم من باب قتل: إذا كسر، ويقال: هضمه: إذا دفعه، وكسره، أفاده في "المصباح"، والمراد هنا انتهك حرمة النبيّ، ودنّس عرضه، وانتهكه.
[6] ـ جمع صَفَاة، وهو الحجر الصَّلْد. Œ(1008/3)
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري
بقلم: أبي عبد الله سعد بن ثقل العجمي
فجر الجمعة
27/ذو الحجة/1426
27/ يناير /2006
ذوداً عن حياض المصطفى بأبي هو وأمي
التي ولغت فيها كلاب الدانمارك
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري ذَوّادةً عن سيدِ الأبرارِ
يا قائدَ الأحرار دونك أمةٌ فاقذفْ بجندك ساحةَ الكفارِ
واضربْ بنا لججَ المهالكِ غاضباً حتى نُركّع سطوةَ التيارِ
وتقحمنّ بنا الحتوفَ تغطرسا فهي الحياةُ بشِرعة الأحرارِ
الفرسُ والرومُ العلوجُ تدمروا منّا فكيف ب(إخوة الأبقارِ)
دَنِمَرْكُ قد خضتِ الهلاك حماقة والآن صرتِ بقبضة الجبّارِ
دَنِمَرْكُ يا بنتَ الصليب iiتجهّزي فليخطبنك قاصفُ الأعمارِ
دَنِمَرْكُ هل تستهزئين بأعظم الـ عظماء في بَلَهٍ وفي استهتارِ
أو ما علمتِ بأنه قاد الورى للمجد للعلياء للإعمارِ
أعلى بناء حضارةٍ قدسيةٍ والغربُ كان حبيسَ جرفٍ هارِ
شهدَ الفلاسفةُ العِظامُ بأنه ربُ النهى ومؤدلجُ الأفكارِ
وإذا أتى الأرضَ الخرابَ تزيّنت لقدومه بأطايبِ الأزهارِ
وجرى عليها من نَميرِ عطائه ماءُ الحياة زبرجداً ودراري
وإذا تبسّم فالصباحُ بثغرهِ سَحَرَ القلوب وليس بالسّحارِ
وإذا غزا فالرفقُ يغزو قبلهُ والرفقُ أعتى جحفلٍٍ جرارِ
الفاتحُ الدنيا بأبطال الوغى يرمي بهم قُضُب الكفاح عواري
الملبسُ الدنيا ثيابَ تحررٍ المُبْدِلُ الظلماءَ بالأنوارِ
الواهبُ الدنيا شموس هدايةٍ نبويةٍ لألاءة الأفكارِ
تفدي جنابَك ألفُ ألفُ دويلةٍ حكمت رباها سلطةُ الفجارِ
تفدي جنابك ألفُ ألفُ عمامةٍ مدسوسةٍ خوفاً من الأخطارِ
تفدي جنابك كلُ نفسٍ حرةٍ عافت حياة الشر والأشرارِ
تفدي جنابَك يا رسول الله يا خير البرية أمةُ المليارِ Œ(1009/1)
الشمس تاهت وغيم الدمع حاجبها
الشمس تاهت و غيم الدمع حاجبها ....... و الطير ما عاد يطرِب لحنه أسماعي
فوقي سما ضاع كوكب من كواكبها ....... و أطى على تراب مثل الجمر لذَّاعِ
أجرت عيوني من اللوعات ساكبها ....... و أفشى ضميري لنجمٍ ساير أوجاعي
يا ليت روحي معي بالضحك أغالبها ....... و ياليت قلبي على النسيان مطواعِ
أرض (الدنمارك) لا طابت ملاعبها ....... كثر العنا و العذاب الساكن أضلاعي
يوم أطلقت ريشة الراسم عقاربها ....... على الرسول الأمين الخاتم الداعي
من باب حرية الفكره و صاحبها ....... لبْست عرايا الجرايم ثوب الإبداعِ
الله على مجرم الرسمة و كاتبها ....... والله على من سعى في نشره و باعِ
يكرم رسول الهدى عن كذب كاذبها ....... النجم عالي و دود القاع بالقاعِ
يا خير من لا بكى الدنيا و ذاهبها ....... و أعزّ من حاز بالفردوس مرباعِ
يا صاحب الحوض .. يروى دوم شاربها ....... يا أول الخلق عند الله شفَّاعِ
يا أعظم الناس راجلها و راكبها ....... يا من لحبه عنيد القلب خضَّاعِ
النفس ضاقت من الحسره مذاهبها ....... ما بان ردٍ يبرّد قلب ملتاعِ
أحس أنا الشمس تصرخ في مغاربها ....... (إلا محمد) و من للشمس سمَّاعِ
هو وين ملياااار أعاجمها و أعاربها ....... و ين الزعامات من حكام و أتباعِ
نرسل تواقيع ... بالتوبه نطالبها ....... نحسب عِدانا من التوقيع ترتاعِ!!!
وقِّع ... و عَبّ الورق و إملا جوانبها ....... و ابصم بعد فوقها وبعشر الأصباعِ
الشمس ما ردّت كفوفك لواهبها ....... و الذيب يغنم إذا ما بالحمى راعي
السيد جعفر بن صادق بن عبدالله الياسين(1010/1)
المختار يا أمة المليار!
يوسف مسعود :
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ أَيْنَ رِجالُكِ أيْنَ النَّفيرُ وأيْنَ صَوْتُ الحادِي؟
فَالنَّذْلُ يَهْزَأُ بالنَّبِيِّ وما انْتَهَى رُغْمَ النَّكيرِ فَيا لَهُ مِنْ عَادِي!!
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ مَنْ أَغْرَى بِنَا أبناءَ قِرْدٍ حِفْنَةَ الأوْغادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ أَيْن أُسودُكِ الْغَضْبَى لِتَثْأَرَ لِلنَّبِيِّ الهادِي؟
يا أُمَّةَ المِلْيارِ أَيْنَ شَبِيبَةٌ تَهْفُو لِحَمْزَةَ أَوْ خُطَى الْمِقْدَادِ؟
يَا أُمَّة المِلْيارِ أَيْنَ صَفِيَّةٌ أَيْنَ بَنُو الخَنْسَاءِ لِلأَحْفَادِ؟
لَوْ كَانَ فِينَا خَالِدٌ أَوْ طَارِقٌ لأَتَى السَّفيهُ يُريدُ لَثْمَ أَيَادِي
***************************
يَا أُمَّةَ المِلْيَارِ تِلْكَ رُبُوعُنا لَبِسَتْ لِعَهْدِ الْعِزِّ ثَوْبَ حِدَادِ
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ هَلْ مِنْ عِبْرَةٍ مِنْ حَالِ أَنْدَلُسٍ وَمِنْ بَغْدَادِ؟
عَجَباً نَرى أهلَ الضلالِ تَحالَفوا وَالخُلْفُ مَزَّقَ سَهْلَنَا والوَادِي!
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ هَلْ مِنْ وَقْفَةٍ؟ فَالْكُفْرُ أَظْهَرَ كَامِنَ الأَحْقادِ
يا أُمَّةَ المِلْيارِ أَيْنَ نَبِيُّنا فِي قَلْبِ حَاضِرِ قَوْمِنا وَالْبَادِي؟
حب النبي فريضة وبدونها ركن العقيدة ذاهب كرماد
عَجَباً نَقولُ نُحِبُّهُ وَنُجِلُّهُ وَالفِعْلُ يَرْمِي قَوْلَنا بِفَسادِ!
يا أُمَّةَ المِلْيارِ كَيْفَ مَحَبَّةٌ وَالقَلْبُ هامَ بِمَوْقِعٍ وَنَوَادِي؟
يا أَمَّةَ المِلْيارِ كَيْفَ مَحَبَّةٌ وَقَدِ اشْتَكَى المِحْرَابُ هَجْرَ عِبَادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ كَيْفَ مَحَبَّةٌ وَالْمَالُ يَشْكُو مِن رباً وَفَسَادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ أَيْنَ فَقِيرُنَا أَحَبَاهُ جَمْعُ المُوسِرِينَ بِزَادِ؟
أَيْنَ النِّسَاءُ حِجَابُهَا وَعَفَافُهَا؟ قَذَفَتْ بِها نَحْوَ الضَّيَاعِ عَوَادِي(1011/1)
يا أُمَّةَ المِلْيارِ يَبْكِي طِفْلُنَا أُمَّاً تَخَلَّتْ عَنْهُ بَيْنَ بَوادِي!
يا أُمَّةَ المِلْيارِ أَيْنَ سُجُودُنَا بِالليْلِ بَيْنَ قَوَافِلِ العُبَّادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيارِ أَيْنَ صِيَامُنَا نَفْلاًً نُحَاكِي مَوْكِبَ الزُّهَّادِ؟
يا أُمَّةَ القُرْآنِ أَيْنَ كِتَابُكِ أَلْهَتْكِ عَنْهُ رَبَابَةٌ أَمْ شَادِي؟
يا أُمَّةَ المُخْتَارِ أَيْنَ عُلُومُهُ؟ هُجِرَتْ وَبَاءَتْ سُوقُهَا بِكَسَاد!
مَنْ كَانَ حِبّاً للرَّسُولِ فَكُلُّهُ بُغْضٌ لِخَصْمٍ للرسول يُعَادِي
مَن رامَ نَصْراً للرَّسُولِ فَمَا لَهُ غَيْرُ الرَّسُولِ وَهَدْيُهُ مِنْ حَادِي
**************************
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ أَيْنَ حِسَابُنَا للنَّفْسِ قَبْلَ رَحِيلِنَا وَمَعَادِ؟
كَثُرَ الكَلامُ فَأَيْنَ فِعْلٌ حَازِمٌ لِيَلُوذَ جَمْعٌ آبِقٌ بِرَشَادِ؟
طَالَ الشِّقَاقُ فَأَيْنَ صَفٌّ وَاحِدٌ لِيَفُلَّ حَدَّ عِصَابَةِ الإِلْحَادِ؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ فالحَقُّ يَدْعُو وَالرَّسُولُ يُنَادِي؟
يا أُمَّةَ المِلْيَارِ هَلْ مِنْ نَهْضَةٍ أَوْ صَحْوَةٍ مِنْ غَفْلَةٍ وَرُقَادِ؟
يا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ مِنْ هِمَّةٍ نَحْوَ الفَلاحِ وَعِزَّةٍ وَرِيَادِ؟
يا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ مِنْ عَوْدَةٍ لِهُدَى الرَّسُولِ بِقُوَّةٍ وَسَدَادِ؟؟
Œ(1011/2)
بأبي وأمي أنت يا رسول الله
بقلم/ إشراقة الدعوة
ويحهم..سفهاء..
كتبوا هُراءً ما به إلا الشقاء..
ظنوا ظنوناً أننا لن نستبيح لهم دماء..
أو أننا سنظلُّ نبكي في الخفاء..
أو نستظلُّ بظلِّ أشجار العناء..
أو أننا من فرط عجب نفوسنا نُثني عليهم في المساء..
سفهاء..
قد هيجوا والله فينا غيرةً..ما لهيجتها فناء..
فلنحنُّ موجٌ ثائرٌ..لن يدوم على سواء..
ولقد عجبنا من قبيح صنيعهم..
إذ رسموا الحبيب بلا حياء..
تباً لهم ضحكوا..وعن قريبٍ لن يدوم لهم بقاء..
وتقهقروا وعزيزهم فينا ذليل..
لن ينال سوى الشقاء..
ما عاش من شتم الحبيب ومن أساء..
( شاهت وجوه قد بدا منها العداء)
عظم البلاء على مُحبيِّ محمدٍ عظم البلاء..
واشتد غضب المسلمين عليهمُ.. وما لشدته رخاء..
إني لأشعر أنهم من بعد فعلتهم غثاء..
وجميع ما صنعوا هباء..
فأرنا اللهم فيهم.. من عجائب قدرتك..
داءً ليس له دواء..
( وما ضرَّ محمدًا ما صنعوا)
............
نعم والله.. فلقد ترك وراءه أمة.. لها همة وإباء..
وعزم وفداء..
ما يعيقها أمثال هؤلاء الجهلة السفهاء..
(يا حبيبي يا رسول الله)..
ما أطيبك حياً وما أطيبك ميتًا..
اللهم إنا نبرأ إليك مما فعلوا..فأبرئ ذمم المسلمين منهم..
اللهم إنهم قد آذونا في أحب الخلق إلينا..
فأذقهم من طين الخبال واخزهم وأذلهم ورد كيدهم عليهم..
وخذهم يا ربي أخذ عزيز مقتدر..
وأقرَّ أعيننا بالنصر عليهم إن نصرك قريب..(1012/1)
في مرثيته الرسول
وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حدثنا ابن هشام ، عن أبي زيد الأنصاري
بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
ولا تمتحي الآيات من دار iiحرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آثار وباقي معالم وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها أتاها البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وعهده وقبرا بها واراه في الترب iiملحد
ظللت بها أبكي الرسول iiفأسعدت عيون ومثلاها من الجفن تسعد
يذكرن آلاء الرسول وما أرى لها محصيا نفسي فنفسي تبلد
مفجعة قد شفها فقد أحمد فظلت لآلاء الرسول تعدد
وما بلغت من كل أمر عشيره ولكن لنفسي بعد ما قد توجد
أطالت وقوفا تذرف العين iiجهدها على طلل الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول iiوبوركت بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا عليه بناء من صفيح منضد
تهيل عليه الترب أيد وأعين عليه وقد غارت بذلك أسعد
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السماوات iiيومه ومن قد بكته الأرض فالناس iiأكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك رزية يوم مات فيه محمد
تقطع فيه منزل الوحي عنهم وقد كان ذا نور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدي به وينقذ من هول الخزايا ويرشد
إمام لهم يهديهم الحق جاهدا معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
عفو عن الزلات يقبل عذرهم وإن يحسنوا فالله بالخير أجود
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله فمن عنده تيسير ما يتشدد
فبينا هم في نعمة الله بينهم دليل به نهج الطريقة يقصد
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثنى جناحه إلى كنف يحنو عليهم ويمهد
فبينا هم في ذلك النور إذ غدا إلى نورهم سهم من الموت iiمقصد
فأصبح محمودا إلى الله راجعا يبكيه حق المرسلات ويحمد(1013/1)
وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها فقيد يبكيه بلاط وغرقد
ومسجده فالموحشات لفقده خلاء له فيه مقام ومقعد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت ديار وعرصات وربع ومولد
فبكى رسول الله يا عين عبرة ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد
وما لك لا تبكين ذا النعمة التي على الناس منها سابغ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد
وما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
أعف وأوفى ذمة بعد ذمة وأقرب منه نائلا لا ينكد
وأبذل منه للطريف وتالد إذا ضن معطاء بما كان يتلد
وأكرم صيتا في البيوت إذا iiانتمى وأكرم جدا أبطحيا يسود
وأمنع ذروات وأثبت في العلا دعائم عز شاهقات تشيد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا وعودا غذاه المزن فالعود أغيد
رباه وليدا فاستتم تمامه على أكرم الخيرات رب ممجد
تناهت وصاة المسلمين بكفه فلا العلم محبوس ولا الرأي يفند
أقول ولا يلقى لقولي عائب من الناس إلا عازب العقل iiمبعد
وليس هواي نازعا عن ثنائه لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك iiجواره وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد Œ(1013/2)
تحية ودفاع عن عرضه صلى الله عليه وسلم
محمد بن عائض القرني :
ما بالُ مكةَ قد ضجت iiنواحيها؟! ودمع طيبةَ يجري من مآقيها؟
ما للجزيرةِ قد مادت بساكنها؟! فاهتز شامخُها وارتج واديها!
ما للعروبةِ والإسلامِ روَّعَها خَطبٌ ألمَّ وظُلمٌ من أعاديها؟!
أيسخرون من الهادي الذي iiشرفت به البريةُ قاصيها ودانيها؟!
أيسخرون من الأنوارِ قد كشفت مجاهلَ الظلم فانزاحت غواشيها
أيسخرون من المجدِ الذي خضعت له الجبابرُ حتى ذل طاغيها
أيهزءون به؟! شُلت أكفُّهُمُ ودمر الله ما تجني، وجانيها
أعداءُ كلِّ نبي جاء يُنقذُهم من الضلالةِ لما أُركسوا فيها
محمدٌ خيرُ من سارت به قدم وأكرمُ الناس ماضيها وباقيها
أوْفَى الخليقةِ إيماناً وأكملُها ديناً، وأرجحُها في وزن باريها
من مثلُه في الورى بِراً ومرحمةً؟! ومن يشابهُه لطفاً وتوجيها؟!
جاءت رسالتُه للناس خاتمةً وجاء بالنعمة المسداةِ يهديها
أحيا الحنيفيةَ الغراءَ متبِعاً نهجَ الخليلِ ولم يخطئْ مراميها
وسار في كنفِ الرحمنِ يكلؤه إلى الحسانِ من الأخلاقِ يبنيها
هو البشيرُ لمن أصغى لدعوتِه هو النذير لمغرور يعاديها
كسرى تَكَسَّرَ إذعاناً لهيبته قصورُ قيصرَ هُدت من أعاليها!
وأقبلت أممٌ شتى مبايعةً تمُد للعدلِ والإحسانِ أيديها
نالت بدعوته نُعمى ومكرُمةً وأسعد الله بعد البؤسِ ناديها
في الهندِ والصينِ والقوقازِ طائفةٌ تذود عن عرض خير الناس تنزيها
وفي (أُورُبَّةَ) أقوامٌ قلوبُهُمُ بدين أحمدَ قد نالت أمانيها
الصامدون بوجهِ الكُفرِ ما iiضَعُفُوا يجابهون المنايا في تحديها
يفدون عرضَ رسولِ الله ما iiبخلوا وبالنفوس إذا نادى مناديها!
حتى إذا نشر الأنذالُ حقدَهُمُ وبارزوا اللهَ من عدوانهم تيها
تؤزُّهم زُمَرٌ ضاقت نفوسُهم لهم عيونٌ شُعاعُ الحق يُعشيها
بنو اليهودِ ومن ساءت سريرتُه فأبدل الصدقَ تزويراً وتمويها
أيسخرون من المعصومِ ويلهُم؟! ويطلبون له ذماً وتشويها؟!(1014/1)
من جاء بالملةِ البيضاءِ صافيةً نقيةً؛ وبنور الوحي يحييها
أقام بالعدلِ مجداً لا زوال له وأمَّةً كنفُ الرحمنِ يحميها
من بئرِ زمزمَ سُقياها ومطعمُها من تمر طيبةَ قد طابت مغانيها
أرواحُها بظلالِ البيتِ هائمةٌ من دونه تُرخِصُ الدنيا وما فيها!
فداءُ عرضِ رسولِ الله أنفسُنا وكلُّ نفس وما تحويه أيديها
وصلِّ يا ربِّ ما هبَّ النسيمُ على معلمِ الأممِ الحَيرَى وهاديها
تحيةً لرسولِ الله أبعثُها ويومَ هجرتِه الغراءِ أهديها
Œ(1014/2)
. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل: تشطير قصيدة د. عبد المعطي الدالاتي
وقد تميزت قصيدة د. الدالاتي أن جعلت بين قوسين
( أُهدي إليكَ نشيداً رحتُ أخفيهِ ) فخالص الحب مَرُّ الطيف يؤذيه
ذاب الفؤاد كمزن الماء مستترا ( بين الدموعِ .. حلاواتُ الهوى فيهِ )
( أهدي إليك فؤاداً راح يسكنهُ ) محض من الود روح الصدق ترويه
تَضَوُّع المسك في الآفاق يغلبه ( عطرُ الحبيبِ فما أزكى معانيهِ )
( لو كنتُ أدري حديثَ الركب إذ رحلوا ) لطرت شوقا وحزن الأرض أطويه
سرت بهم نجب لو أدر حين سروا ( نحو الحجاز هوىً لو كنت أدريهِ )
( شَدّوا الرحالَ وفي أرواحهم طرَبٌ ) والشوق مشتعل والدمع يذكيه
والفكر صاغ قصيد السير حين غدا ( يحدو الجِمالَ فيطوي الدربَ حاديهِ )
( ساروا إليكَ وكان الشوقُ يحملهمْ ) والشوق إن حرَّ بالآمال نطفيه
وكم من الشوق خفت منه شعلته ( لكنّ شوقي أنا حارتْ أمانيهِ )
( ساروا إليكَ وراح القلبُ يسألهمْ ) طريقَ طيبة قد لا حت خوافيه
مرت ليال وقلبي حائر قلق ( لو يعلمُ القلبُ أن الدربَ يبغيهِ )
( أوْ يعلمُ الركبُ أن الروحَ تَسبقهمْ ) إلى نبي الهدى بالروح نفديه
يا حاديا إن سرت روحي على عجل ( نحو الحبيبِ فهل حقاً تلاقيهِ )
( روحي تطير وتهوي عند مسجدهِ ) أمانيا أن نصلي في أراضيه
أرى الفؤاد طروبا عند مسجده ( من أخبرَ الروحَ أن المصطفى فيهِ )
Œ(1015/1)
جئنا إليكَ رسولَ اللهِ نعتذرُ!!
ماجد بن عبد الله الغامدي.. الخبر
جئنا إليكَ رسولَ اللهِ نعتذرُ
ممّا تجرّأ ذاكَ الفاجرُ الأشِرُ
فأنتَ مؤتمنُ الرحمنِ إذ خُتمت
بكَ الرسالاتُ واستهدت بك البشرُ
جاهدْتَ في اللهِ إذ بلّغتَ دعوَتَهُ
فالكفرُ مندحرٌ والشركُ منكسرُ
صلّيتَ بالرُسلِ في مسراكَ كنتَ بهم
كما يزيّنُ ضوءَ الأنجمِ القمرُ
تركتَ فينا كتابَ اللهِ ننهجهُ
وسُنّةً فُسّرَتْ في ضوئِها السُوَرُ
ففي جبينكَ "نورٌ يُشرقُ القمرُ"
وفي حديثِكَ ذاكَ الهديُ ينهمرُ
وفي سجاياكَ يا خيرَ الورى مثَلٌ
وفي حياتِكَ ذاكَ المقتدى الأثرُ
قد كنتَ قلباً لنشرِ الدينِ مجتهداً
وكنتَ كفّاً لبذلِ الخيرِ تبتدرُ
إذا وهبتَ فلا مَنٌّ ولا قَتَرٌ
وإن دُعيتَ فلا مَطْلٌ ولا ضجرُ
وكنتَ قرءاننا يمشي بخيرِ هدىً
ماذا نقولُ وماذا فيكَ نختصرُ؟!
يا ناصرَ الدينِ.. يا وحيَ الإلهِ بهِ
يرفرفُ القلبُ والأرواحُ والفِكَرُ
يا أشرفَ الخلقِ لن نرضى بما اقترفوا
هذي القلوبُ تكادُ اليومَ تنفطرُ
وجداننا في جحيمِ الغيظِ مشتعلٌ
قلوبُنا بلهيبِ الإفكِ تستعرُ
يا مَن أضاءَ بنورِ اللهِ سنّتَهُ
للمقتدينَ فتلكَ الأنجمُ الزُهرُ
مناقبُ النصرِ في أرجاءِ دعوتِهِ الـ
ـغرّاءِ فيها قلوبُ الشركِ تنبهرُ
ما بينَ مستترٍ عنها ومنكسرٍ
تلكَ الفلولُ بعونِ اللهِ تندثرُ
هُداكَ زلزلَ كسرى في مدائنِهِ
وخرَّ قيصرُ إذ لم تُغنِهِ النُذرُ
يا خاتمَ الرسلِ لم نجزعْ لِما كتبوا
فالجهلُ يُغوي وهذا شأنُ مَن كفروا
غُلّتْ أياديهمُ إذ صدّقوا خَرِفاً
شُلّتْ يداهُ.. وتبّاً للذي نشروا
يقينُنا أننا نفدي بما مَلَكت
أيمانُنا إن توالت حولَكَ الزُمَرُ
بل تفتديكَ وايمُ اللهِ أفئدةٌ
لِنُصرةِ الحقِ والقرءانِ تعتصرُ
أرواحُنا ودمانا فيك نبذلُها
نذودُ عنْكَ.. بقولِ اللهِ نأتمرُ
لا نرتضي قولَهم.. كلاّ وما فَتئتْ
ضراغمُ الحقِ لا جُبنٌ ولا خَوَرُ
فكم لَقينا ولم تضعفْ عزائمُنا(1016/1)
وكم تغيّرَتِ الأفلاكُ والسِّيَرُ
لكنَّ إيمانَنا باقٍ وما ضَعُفَت
مّنا العزائمُ إن ضجّوا وإن سخروا
فالنّورُ إيمانُنا.. والنارُ نِقمتُنا
نارٌ تُبيدُ فلا تُبقي ولا تذرُ!!
جئنا نلبّيك لا لن ننثني أبداً
جئنا نفدّيك لا خوفٌ ولا حذرُ!
إيمانُنا أنَّ وعدَ اللهِ مدرِكُهم
وأنَّ موعدَ ذاكَ المُفتري سَقَرُ
وأنّكَ المصطفى البشرى النذيرُ وقد
ذُكرتَ إذ أُنزلَ الإنجيلُ والزُبرُ
أدّيتَ فينا أماناتٍ وقد شهدت
لكَ القلوبُ وذاكَ السمعُ والبصرُ
عزاؤنا أنَّ عقبى الدارِ موعدُنا
طوبى لمَن آمنوا.. بُشرى لِمَن صبروا
صلّى عليكَ إلهُ الكونِ ـ نسألهُ
لكَ الوسيلةَ ـ والشيطانُ مندحرُ(1016/2)
جلَّ من ربَّاك
محمد بن عبد الرحمن المقرن
ربَّاكَ ربُّكَ.. جلَّ من ربَّاكا ورعاكَ في كنفِ الهدى وحماكا
سبحانه أعطاك فيضَ فضائلٍ لم يُعْطها في العالمين سواكا
سوّاك في خلقٍ عظيمٍ وارتقى فيك الجمالُ.. فجلّ من سوَّاكا
سبحانه أعطاك خيرَ رسالةٍٍ للعالمين بها نشرْتَ هُداكا
وحباكَ في يوم الحساب شفاعةً محمودةً.. ما نالها إلاّكا
اللهُ أرسلكم إلينا رحمةً ما ضلَّ من تَبِعتْ خطاه خُطاكا
كنّا حيارى في الظلامِ فأشْرقتْ شمسُ الهدايةِ يومَ لاحَ سناكا
كنّا وربي غارقين بغيِّنا حتى ربطنا حَبْلَنا بعُراكا
لولاك كنا ساجدين لصخرةٍ أو كوكبٍ.. لا نعرفُ الإشراكا
لولاك لم نعبدْ إلهًا واحدًا حتى هدانا اللهُ يومَ هداكا
أنتَ الذي حنَّ الجمادُ لعطفهِ وشكا لك الحيوانُ يومَ رآكا
والجذعُ يُسمعُ بالحنين أنينُه وبكاؤُه شوقًا إلى لُقياكا
ماذا يزيدُك مدحُنا وثناؤُنا واللهُ في القرآنِ قد زكّاكا؟!
ماذا يفيدُ الذّبُّ عنك وربُّنا سبحانه بعيونه يرعاكا؟!
"بدرٌ" تحدثنا عن الكفِّ التي دمتِ الطغاةُ فبوركت كفّاكا؟!
و"الغارُ" يخبرُنا عن العين التي حفظتك يوم غفت به عيناكا
لم أكتبِ الأشعارَ فيك مهابةً تغضي حروفي رأسَها لحلاكا
لكنها نارٌ على أعدائكم عادى إلهَ العرشِ مَن عاداكا
إني لأرخصُ دون عرضِك iiمهجتي روحٌ تروحُ ولا يُمسُّ حماكا
شُلّتْ يمينٌ صوَّرتك وجُمِّدتْ وسطَ العروقِ دماءُ من آذاكا
ويلٌ فويلٌ ثم ويلٌ للذي قد خاضَ في العِرضِ الشريفِ ولاكا
يا إخوةَ الأبقارِ هن سباتكم "مَن في القطيع سيصبح الأفّاكا؟!"
النارُ يا أهلَ السباقِ مصيرُكم وهناك جائزةُ السباقِ هناكا!!
تتدافعون لقعرها زمرًا ولن تجدوا هناك عن الجحيمِ فكاكا
هبوا بني الإسلام نكسر أنفهم ونكون وسطَ حلوقِهم أشواكا
لك يا رسولَ اللهِ نبضُ قصائدي لو كانَ قلبٌ للقصيد فداكا
هم لن يطولوا من مقامك شعرةً حتى تطولَ الذّرةُ الأفلاكا!!(1017/1)
والله لن يصلوا إليك ولا إلى ذراتِ رملٍ من ترابِ خُطاكا
هم كالخشاش على الثرى ومقامُكم مثلُ السماك.. فمن يطولُ iiسماكا؟!!
روحي وأبنائي وأهلي كلهم وجميع ما حوت الحياةُ فداكَ Œ(1017/2)
حوار بين سلعة دانمركية وأخرى أمريكية
لفضيلة الشيخ / حامد بن عبد الله العلي
قالتْ سلعةُ الدنمركِ وهي على الرفّ تبكيِ..
لأختِها الحسينةِ البهيهْ بضاعةٍ بالقربِ أمريكيهْ ..
أختاه أنّي سوفَ أُحْرق عمّا قليلٍ بعدما أُمزّقُ
ماذا جنيتُ قولي يا شقراءُ أجاءني لوحديَ الشقاءُ ؟!..
فقالت تلكُمُ الذكيّهْ برقة تهتزّ كالصبيّهْ..
أمَا علمتِ أنّكمْ رسمتمْ جنايةً عظيمةً جَنيمْ ..
ثم ألقت بشعرها كذا كذا بغُنْجها ضاحكةً قالت: وذا
تطاولٌ على نبيّ أمةٍ عظيمةٍ بفعلة لئيمةٍ!
وسوف يعلنون قعقعهْ! ويضربون شعبكم مقاطعهْ ii..
قالت تلكمُ الشقيهْ فأنتِ يا عاهرةٌ دنيهْ ..
ما بالهُمُ تركوكِ لا عقابُ ينالكِ اليومَ ولا سبابُ؟!..
قالتْ ويحَكِ ويحَ أمُّكِ أمريكيّة أنا ما أَلمكِ؟!
نحن الذين مزّقُوا المصاحفَ وبالكلاب تلحسُ الصحائفَ ..
في "باغرام" نفعل ما نشاءُ وهاهنا في (غونتنامو) لا مراءُ
وقد شتمنا ربّهمْ ودينهمْ عرضهمْ تراثهمْ نبيّهمْ!
وفي العراق نقصف iiالمساجدَ نذيقهم من بأسنا الشدائدَ.
ومن عقودٍ ندعم الصهاينهْ بنجدة دائمةٍ وبائنهْ
ليقتلوهم يهتكوا نساءهم وبالصَّغار يحكموا فضاءهم!
مساجدُ قد حُوِّلتْ مراقصا والمسجد الأقصى بدا iiمُنكَّصا
وكلّ يومٍ نشتم الرسولا ونُظهر التوراة والإنجيلا..
نحاربُ الشريعة المطهّرهْ سياسةً محكمةً مقررهْ
وننشر الفسادَ في الأخلاقِ ونحنُ واليهود في سباقِ
ويشترون منّا ما نحبُّ وعندنا أموالهمْ تُصبُّ !!
ورضخُوا للجزية الجليه.. منظمة التجارة الدوليه..
قالت تلك السلعة الدنمركيهْ ويحكِ فكيف أصيرُ iiأمريكيهْ
فهزّت الأُخرى خصرها: لن تعدوَ الدنمرك قدرَها
فغضبت الأولى عليها iiحاقدهْ: سلط الله عليك القاعدهْ Œ(1018/1)
شّهِدَتْ بِفَضْلِ مَقَامِكَ الأَكْوَانُ
الشيخ/ حامد بن عبد الله العلي
شّهِدَتْ بِفَضْلِ مَقَامِكَ الأَكْوَانُ وَتَرَنّمتْ فَرَحاً بِكَ الأَزْمَانُ
وَتَبَاشَرَتْ كُلّ السّمَاءِ وَكَبّرتْ وَالأرْضُ فِي عُرْسٍ كَذاً الأَرْكَانُ
وَتَزَلْزَلَ الطّغْيَانُ فٍي أَرْجَاءِهَا فَبْسَيْفِ دِينِكِ يٌهْزَمُ الطّغْيّانُ
وَتَثَقّفَ الإنْسَانُ أَعْلاَمَ الهُدَى لَوْلاَكَ ضَلّ بِجَهْلِهِ الإنْسَانُ
كَمُلَتْ صِفَاتُكَ فٍي الأنَامِ iiفَكُلّهَا نُورٌ تُضِيءُ يَمُدّها الإِيْمَانُ
سَبْحَانَ مَنْ أَلْقَى إِلَيْكَ مَحَاسِناً منْ نُوُرِ نُورِكَ يَنْبُعُ السّبْحًانُ
وَعَلاَ بِذِكْرِكَ حَامِداً وَمُحَمّداً وَبِاسْمِ أَحْمَدَ تَشْهَدُ الرّهْبَانُ
جِبْريلُ يَشْهَدُ وَالملائِكَةُ العُلاَ وَالأَنْبِيَاءُ بِصِدْقِهْمْ قَدْ دَانوا
أَنْتَ الّذِيِ أُوُتِيتَ كُلّ فَضَيِلةٍ وَالمُعْجِزُاتِ عَظِيْمُها القُرْآنُ
أَنْتَ المُقَرّبُ وَالمُشَفّعُ للوَرَى يَوْمُ الشّفّاعّةِ أَحْمَدُ العُنْوَانُ
أَنْتَ الخَلِيلُ وَأنْتَ أَعْظَمُ نِعْمَةً وَالآيَةُ العُظْمَىَ كذَا الفُرْقَانُ
وَبِنورِ وِجْهِكَ تُمْطُِرُنَا السّمَا وَبِفْضْلِ جُودِكَ عَمّنا الإحْسَانُ
عَرْشُ الإلَهِ يَرَى مَقَامِكَ عَالِياً أَدْنَاكَ مِنْهُ بِفَضْلِهِ الرّحْمَنُ
مَا ضَرّ تّاجُ الكَوْنِ فِيِ عِلْيائه مَا ضَرّهُ أنْ يَنْبَحَ الشّيْطانُ
وَتَطاوِلِ (الدنمرك)فِيِ أَحْقَادِهِمْ سَتُذِيقُهُمْ حَر اللّظّىَ النّيِرانُ
سَيُصِيبُهُمْ مِنّا لّهِيبٌ حَارِق فَيَدُكّهمْ وَتَلَفُّهُمْ أَحْزَانُ
Œ(1019/1)
صلّى عليك الله
ميسون قصاص :
ريح الصّبا تزكي الصّبابة في الحشا عند الهبوب
وتحرّك الأشواق تطوي بالمنى بُعدَ الدّروب
فإذا الحياة بمرّها تحلو وتنساها الكروب
وتهون في الدّرب الصّعاب وينجلي ليل الخطوب
يا أحمدَ الهادي ويا نوراً أطلّ على القلوب
من كلِّ شيءٍ حُسنَهُ آتاك علام الغيوب
فالشّمسُ حُزْتَ ضياءها والغيمُ مدمعَه السّكوب
والطّيرُ أهدت شدوها والزّهرُ أهداك الطّيوب
أهدى الصّباح حياته وسكينةً أهدى الغروب
يا منذراً ومبشّراً من عند علام الغيوب
يا داعياً وسراجَ نورٍ قد أضاء لنا الدّروب
ذكراك تحيينا وحبّك غيثنا يروي القلوب
وحديثك الهادي رياض ليس فيها من لغوب
صلّى عليك الله يا من ذكره يمحو الذّنوب(1020/1)
في مدح حبيبي رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
ابن جابر الأندلسي
قصيدة للشاعر أبو عبد الله شمس الدين محمد بن احمد بن غلي الهواري المالكي الأندلسي النحوي المعروف بابن جابر الأندلسي ، و قد كانت من أجمل ما كتب على الإطلاق في مدح حبيبي رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم و يكمن سحرها بوجود التورية بسور القرآن الكريم
في كل فاتحة للقول معتبرة حق الثناء على المبعوث بالبقرة
في آل عمران قدما شاع مبعثه رجالهم و النساء استوضحوا خبره
من مد للناس من نعماء مائدة عمت فليست على الأنعام مقتصرة
أعرف نعماه ما حل الرجاء بها إلا و أنفال ذاك الجود مبتدره
به توسل إذ نادى بتوبته في البحر يونس و الظلماء معتكره
هود و يوسف كم خوف به أمنا و لن يروع صوت الرعد من iiذكره
مضمون دعوه إبراهيم كان و في بيت الإله و في الحجر التمس iiأثره
ذو أمه كدوي النحل ذكرهم في كل قطر فسبحان الذي فطره
بكهف رحماه قد لاذ الورى و به بشرى ابن مريم في الإنجيل iiمشتهرة
سمّاه طه و حض الأنبياء على حج المكان الذي من أجله عمره
قد افلح الناس بالنور الذي عمروا من نور فرقانه لما جلا غرره
أكابر الشعراء اللسن قد عجزوا كالنمل إذا سمعت آذانهم سوره
و حسبه قصص للعنكبوت أتى إذ حاك نسجا بباب الغار قد ستره
في الروم قد شاع قدما أمره و به لقمان وفق للدر الذي نثره
كم سجدة في طلى الأحزاب قد سجدت سيوفه فأراهم به عبره
سباهم فاطر السبع العلا كرما لمن بياسين بين الرسل قد شهره
في الحرب قد صفت الأملاك iiتنصره فصار جمع الأعادي هازما زمره
لغافر الذنب في تفصيله سور قد فصلت لمعان غير منحصره
شوراه أن تهجر الدنيا فزخرفها مثل الدخان فيعشي عين من نظره
عزت شريعته البيضاء حين أتى أحقاف بدر و جند الله قد نصره
فجاء بعد القتال الفتح متصلا و أصبحت حجرات الدين منتصرة
بقاف و الذاريات الله أقسم في أن الذي قاله حق كما ذكره(1021/1)
في الطور أبصر موسى نجم سؤدده و الأفق قد شق إجلالا له قمره
أسرى فنال من الرحمن واقعة في القرب ثبت فيه ربه بصره
أراه أشياء لا يقوى الحديد لها و في مجادله الكفار قد أزره
في الحشر يوم امتحان الخلق يقبل iiفي صف من الرسل كل تابع أثره
كف يسبح لله الحصاة بها فاقبل إذا جاءك الحق الذي قدره
قد أبصرت عنه الدنيا تغابنها نالت طلاقا و لم يصرف لها نظره
تحريمه الحب للدنيا و رغبته عن زهرة الملك حقا عندما نظره
في نون قد حقت الأمداح فيه بما أثنى به الله إذ أبدى لنا سيره
بجاهه سال نوح في سفينته سفن النجاة و موج لبحر قد غمره
و قالت الجن: جاء الحق فاتبعوا مزملا تابعا للحق لن يذره
مدثرا شافعا يوم القيامة هل أتى نبي له هذا العلا زخره؟
في المرسلات من الكتب انجلى نبأ عن بعثه سائر الأخبار قد سطره
ألطافه النازعات اليم في زمن يوم به عبس العاصي لما ذعره
إذ كورت شمس ذات اليوم و انفطرت سماؤه و دعت ويل به الفجرة
و للسماء انشقاق و البروج خلت من طارق الشهب و الأفلاك iiمستترة
فسبح اسم الذي في الخلق شفعه و هل أتاك حديث الحوض إذ iiنهره
كالفجر في البلد المحروس غرته و الشمس من نوره الوضاح iiمستنره
و الليل مثل الضحى إذ لاح فيه ألم نشرح لك القول في أخباره العطرة
و لو دعا التين و الزيتون لا ابتدرا إليه في الحين و اقرأ تستبن خبره
في ليله القدر كم قد حاز من شرف في الفجر لم يكن الإنسان قد قدره
كم زلزلت بالجياد العاديات له أرض بقارعه التخويف منتشرة
له تكاثر آيات قد اشتهرت في كل عصر فويل للذي كفره
ألم تر الشمس تصديقا له حبست على قريش و جاء الروح إذ أمره
أرأيت أن إله العرش كرمه بكوثر مرسل في حوضه نهره
و الكافرون إذا جاء الورى طردوا عن حوضه فلقد تبت يدا الكفرة
إخلاص أمداحه شغلي فكم فلق للصبح أسمعت فيه الناس مفتخرة
أزكى صلاتي على الهادي و iiعترته و صحبه و خصوصا منهم عشره Œ(1021/2)
في نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
أحمد محمد سعد
أمطرينا يا سماء الله جمرًا واحرقي الإحساس منا.. قد تبلد
وارجمينا يا جبال الأرض صخرًا وارجمي منا لسانًا قد تجمد
كيف يهنينا الطعام وقد صرعنا واستبيح القدس والصرح iiالممرد
كيف ينعشنا النسيم وقد سمعنا مَن بأرض الكفر يسخر من محمد
أي ضيم فاق ضيم الناس طرًّا أي كفر صار يحمي أو يمجد؟!
ألف مليون بلا وزن ترانا ما ترى فينا صليلاً يتردد
يدفع الباغين عن عرض نبي نوره يهدي إلى الخير المسدد
جاء للدنيا فأشرق في رباها فاستقت منه الهدى دومًا لتسعد
أدب الشرك وأرداه طريدًا دون مأوى في البراري يتشرد
علم الناس السعادة كيف تهدى لفقير من لظى الفقر مهدد
وسرى في روحنا يروي قلوبًا من ظلام الكفر والإجرام جلمد
يوم مكة في رؤى التاريخ يوم رحمة الهادي الحبيب به تجدد
حين قال لمن بغى يومًا قريبًا "أنتم الطلقاء" في الأرض تردد
يا بلاد الله هل شاهدت يومًا في جبين الدهر إنسانًا كأحمد؟!
من تبارى فيه أهل الحب جمعًا عشقه للصب أمجادٌ وسؤدد
حين تنسى الروح أن الحب يروي نستقي من حبه حبًا يمدد
والليالي في محبته ضياء والضياء بحبه خُلد وسرمد
يا نبيًا شُلَّ كلُ الجسم مني إن سكتُّ على الإساءة يا محمد!
ما الذي يبقى لنا بعد رسولي ليس تنفعنا صلاة إن تهدد
يا رجال الحق بالإيمان قوموا واقطعوا الكفر الجبان بلا تردد
ذاك عرض المصطفى يُجتاح جهرًا ذاك عرض المجتبى الهادي محمد
إن صمت الناس خزيًا وانكسارًا منه كل الكون والأحياء تفسد
Œ(1022/1)
أولاً: التعريف بالناظم.
قال أحمد بن القاضي المكناسي في جذوة الاقتباس في ذكر من حلّ من الأعلام مدينة فاس (2/453) ما نصه:
((عبدالعزيز بن عبدالواحد اللمطي المكناسي الميموني الفقيه المؤلف، ألف ألفيته في النحو ضاهى بها ألفية ابن مالك في النحو، وله تقاييد على مختصر خليل، وهو من أهل مدينة فاس، ونزل المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
توفي بها قرب الثمانين وثمانمئة)).
ثانياً: طبعاتها: طبعة هذه المنظومة مفردة بتحقيق وتعليق الأستاذ عبدالله ولد إسلم ولد فتى، عام1418هـ.
ثالثاً: شروحها:
(1) سلم الأنوار شرح قرة الأبصار، لـ:محمد بن إياه.
(2) بغية الأبرار من شرح قرة الأبصار، لـ: محمد الحسن الخديم.
(3) مرتع الأبرار في التعليق على قرة الأبصار، لـ: غالي محمد الأمين الشنقيطي.
قرة الأبصار في سيرة المشفع المختار
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
الحمدُ للهِ الذي بأحمدا ... 1 ... هدى إلى أقومِ نَهْجٍ مَنْ هَدَى
حمداً جديداً دائِمَ البقاءِ ... 2 ... مكافئاً ترادُفَ الآلاءِ
ثم الصلاةُ والسلامُ تَتْرَى ... 3 ... على أجَلِّ المرسلينَ قَدْرَا
وآلهِ وصَحْبِهِ ومَنْ سَلَكْ ... 4 ... سبيلَهم مادارَ نَجْمٌ في فَلَكْ
وبَعْدُ فاعْلَمْ أنَّ خيرَ ما اقتفَى ... 5 ... ذو همةٍ سيرةُ خيرِ مقتفَى
وها أنا أذكر في هذا الرجزْ ... 6 ... من ذاك ما فيه سِدادٌ من عَوَزْ
لمبتغي التحصيلِ من أُوِلي الهدَى ... 7 ... عسى بنفعهم به أَنْ أُرْشَدا
سميته بقرة الأبصارِ ... 8 ... في سيرة المشفع المختارِ
مُرتباً له على الأبوابِ ... 9 ... مقرباً مقاصدَ الطلابِ
ومِنْ مُمِدِّ الكون في إنعامهِ ... 10 ... استوهبُ العَوْنَ على إتمامهِ
والنفعَ للراوي وللمرويِّ ... 11 ... عنه بجاه المصطفى النبيِّ(1)
عليه أزكى صلوات البارِي ... 12 ... وآله وصحبه الأبرارِ
__________
(1) أصلحته بقولي: والنفع للراوي وللمروي عنه بحب المصطفى النبي، لأن التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز.(1023/1)
بيان نسبة النبي المصطفى ... 13 ... صلى عليه ربنا وشرفا
ونسبُ المختارِ محفوظٌ إلى ... 14 ... عدنانَ بالإجماعِ عند الفضَلا
وها أنا أشير لاسم كُلِّ ... 15 ... منهم بحرفٍ منه مستقلِّ
مَعٍ شَهٍ عَقٍ كَمٍ كُلْغَفَمِنْ(1) ... 16 ... كَخْمٍ أمن مَعٍ إلى هنا زُكِنْ
وشيبةٌ إذ بير زمزمَ حفرْ ... 17 ... همةْ بمنعه قريشٌ فنذرْ
إن جاءه من البنينَ عشرهْ ... 18 ... يحمونه من البغاة الفجرهْ
لينحرن واحداً تقربا ... 19 ... به فلما رام نحره أبى
منه قريشٌ فمضى لخيبرا ... 20 ... مستأمراً كاهنها فأمرا
إن استهم عليه والإبالِ ... 21 ... فإن عليه خرجت في الحالِ
فزد عليها عشرة واقترعا ... 22 ... حتى إذا السهمُ عليها وقعا
فانحر فإن ربه قد رضيا ... 23 ... بأنها له فداءٌ فعيا
ففعل الذي به قد أُمِرا ... 24 ... حتى انتهت لمائة فنحرا
من بعد ضَرْبها ثلاثاً وهْي لا ... 25 ... تعدو العشار الكُومَ فيما نُقِلا(2)
وكان والد النبي المفتدى ... 26 ... بمائة فداؤه من الردى
وكان ذاك سنةً في أمته ... 27 ... عن نفس كل مؤمن في فديته
والخلف في ثاني الذبيحين وردُ ... 28 ... فجلهم إسحاقُ وهْوَ المُعْتَمَدْ
وقال قومٌ هو إسماعيلُ ... 29 ... وكلُّ قول فله دليلُ
ثالثها الوقف عن الزجاج ... 30 ... فاسلك سبيلاً غيرَ ذي اعوجاج
بيان مولد النبي المجتبى ... 31 ... صلى عليه الله ما هبَّ الصَّبا
وحملةْ آمنة الزُّهرية ... 32 ... طوبى لها بأكمل البرية
في رجب الفرد بدار وهبِ ... 33 ... والدِها وقيل بل في الشِّعْبِ
وكان مولد النبي الهادي ... 34 ... صلى عليه خالقُ العباد
عامَ قدوم الفيل للأقوام ... 35 ... بإثر خمسين من الأيام
في يوم الاثنين من الشهر الأغر ... 36 ... في ثالث الشهر أو الثاني عشر
أو لثمان من ربيع الأول ... 37 ... موافق النيسان عند الأُوَّل
__________
(1) م محمد/ع عبدالله/ش شيبة(عبدالمطلب)/هـ هاشم/ع عبدمناف/ق قصي/ك كلاب/م مرة/ك كعب/ل لؤي/غ غالب/ف فهر/م مالك/ن النضر/ ك كنانة/خ خزيمة/م مدركة/أ إلياس/م مضر/ن نزار/م معد/ع عدنان.
(2) العشار: جمع عشراء، وهي التي على حملها عشرة أشهر أو ثمانية، والكوم: جمع كوماء، وهي عظيمة السنام.(1023/2)
في عام (جفظ)(1)من سني الإسكندر ... 36 ... بطالع الجدي وكان المشتري
883
مع زحلٍ في وسط السماء ... 37 ... تقارنا بالعقربِ الغراء
فغاضتِ المياهُ والنيرانُ ... 38 ... قد خمدتْ وانصدعَ الإيوانُ
وخرسَ الملوكُ والأصنامُ ... 39 ... تناكست فما لها قيامُ
بيان موت والد المختار ... 40 ... وكم له كان من الاظئار
ومات عبدالله وهو حَمْلُ ... 41 ... وكم حوت من شرف هُذيلُ(2)
لما غدت بنتهم السعديةْ ... 42 ... من أمهات أشرف البريه
وكم رأت له من الآيات ... 43 ... حليمةٌ منها درور الشاة
وشُقَّ صدر أكرم الأنامِ ... 44 ... وهْو ابنُ عامين وسُدْسِ عامِ(3)
وشُقَّ للبعث وللإسراء ... 45 ... أيضاً كما قد جاءَ في الأنباء
وكم حوت ثويبةٌ من بركهْ ... 46 ... لما غدت ظئراً له وبركه
إذ حَضَنَتْهُ ثُمَّ بعد الأمِّ ... 47 ... غدا كفيلَ الجد ثم العم
وخلفتْهُ أمُّه ابنَ أربعِ ... 48 ... سنينَ والجدُّ ابنَ ضعفها فعِي(4)
ثم إلى الشام مع العم ارتحلْ ... 49 ... والعمرُ في ثالثةِ العشر دخلْ
فردَّه خوفاً منَ اليهودِ ... 50 ... عليه أهلِ المكرِ والجحودِ
وعاد مع ميسرةٍ للشام ... 51 ... وهْو منَ الرحمنِ في إكرامِ
تُظِلُّهُ الأملاكُ في المسيرِ ... 52 ... حين اشتدادِ الحرِّ في الهجيرِ
وإذ إلى مكة عادَ وافتتحْ ... 53 ... ستاً وعشرينَ من العمر نكحْ
خديجةً من بعد أربعينا ... 54 ... مضتْ لها من عمرها سنينا
خيرَُ نساء الناسِ أجمعينا ... 55 ... وقد أقامت معه عشرينا
وأربعاً ورُزقَ البنينا ... 56 ... منها سوى أحدهم يقينا
ثم ابنَ خمسٍ وثلاثين حضرْ ... 57 ... بناءَ بيت الله إذ بنا الحجرْ
بيدهِ الكريمةِ الزكيهْ ... 58 ... صلى عليه بارئ البريهْ
__________
(1) حساب الجمل هنا وفق الترتيب المغربي.
(2) صححه في سلم الأنوار بقوله: ومات عبدالله وهو كامن * وكم حوت من شرف هوازن.
وصححه في بغية الأبرار بقوله: ومات عبدالله قبل المولد * وكم حوت هوازنٌ من سؤدد.
(3) سدس عام أي شهرين، وأصلحه في بغية الأبرار بقوله:
وشق صدر أكرم الأنام * وكان ذا في رابع الأعوام.
(4) كفله أربع سنين، ومات عنه وهو ابن ثمان سنين.(1023/3)
بيانُ مبعث النبي الهادي ... 59 ... صلى عليه خالق العباد
وجاءَه جبريلُ في غار حِرا ... 60 ... من بعد أربعين عاماً غَبرا
في يوم الاثنين بسورة العلقْ ... 61 ... صلى عليه الله فالِقُ الفلقْ
فقامَ يدعو الإنسَ والجن إلى ... 62 ... توحيد رب العالمين مُرْسَلا
مؤيداً منه بما أعيا البشر ... 63 ... إحصاؤه من معجزات كالمطر
نفعاً وكثرة وكالسراج ... 64 ... نوراً ورفعةً مع ابتهاج
ومع ذا حاصَرَهُ الفجَّار ... 65 ... كما أتتْ بذلك الأخبارُ
وكان قادراً على التدمير ... 66 ... لو شاءَ لكن جاد بالتأخير
حتى هدى الله به من شاء ... 67 ... منهم ومن أصلابهم أبناء
ثم أعزَّ دينه ونصره ... 68 ... وأيَّد الحق به وأظهره
وأبطلَ الباطل والأعداء ... 69 ... كبتاً وخزيا لهمُ جزاء
وأَمَدُ الحصارِ في الشِّعبِ على ... 70 ... حولين أرْبا لا ثلاثاً وصلا(1)
وعندما انقضى الحصارُ عمرُهْ ... 71 ... ستاً وأربعين كان قدرُهْ
وبعد ما أكمل خمسين سنهْ ... 72 ... جنُّ نَصِيبين أتته مُذْعِنَهْ
وبعد واحد معَ الخمسينا ... 73 ... وأشهرٍ مضتْ له يقينا
شرَّفَهُ الرحمن بالإسراء ... 74 ... وبعروجه إلى السماء
حتى أراه أكبرَ الآيات ... 75 ... وعاد بعد الفرض للصلاة
صلى عليه ربنا وسلما ... 76 ... وآله وصحبه وكرما
بيان هجرة النبي المختار ... 77 ... والغزو والحج والاعتمار
وهاجر المختار لما أن وصلْ ... 78 ... خمسينَ مع ثلاثةٍ حتى نزلْ
بطيبة الغراء حيث أُمِرا ... 79 ... ثم بها أقام حتى احْتُضِرا
فيها فكانت أشرفَ البقاع ... 80 ... أما ضريحه فبالإجماع
ومدة اللبث بها في العِدَّهْ ... 81 ... عشرُ سنين يالها من مُدَّهْ
لقد غزا عشرين بعد خمس ... 82 ... فيها وفي سبع بغير لَبْس
قاتلَ بدرٍ أحدٍ والخندقِ ... 83 ... بني قريظةَ بني المصطلقِ
وغزوةِ الطائف مع حنين ... 84 ... وضعفها البعوثُ دون مين
وقيل في النضير مع وادي القرى ... 85 ... قاتلَ والغابةُ أيضاً ذكرا
وحج حجتين ثم الفرضا ... 86 ... واعتمر الأربع قالوا أيضا
وقال مالك ثلاثاً اعتمر ... 87 ... وحج مفرداً فحقق الخبر
__________
(1) أصلحه في بغية الأبرار بقوله:
وأمد الحصار في الشعب إلى * حولين والأقوى ثلاثاً وصلا.(1023/4)
وكلهن كن في ذي القِعْده ... 88 ... على الذي صححه من عدده
بيان أزواج النبي المصطفى ... 89 ... صلى عليه ربنا وشرفا
وعدةُ الأزواج باتفاق ... 90 ... (أيٌ) أتى وجاء في البواقي
11
خلفٌ تركنا ذكره فالمتفقْ ... 91 ... عليه أولاهن ذكرها سبق
بنتُ خويلد التي قد صَدَّقَتْ ... 92 ... قبل النساءِ بالنبي فارتقت
وما تزوج عليها أحدا ... 93 ... حياتَها من النساء أبدا
ثم تزوج ابنةَ الصديق ... 94 ... وعمرُها ستٌّ على التحقيق
بالبلد الحرام قبل الهجره ... 95 ... بسنتين عند أهل الخبره
ثم بنا بها بعيد ما ارتحل ... 96 ... لطيبة وعمرها تسعاً وصل
ومات عنها وهي بنت (حيِّ) ... 97 ... صلى عليه رب كل شيِّ
18
ولم يكن تزوج المختار ... 98 ... بكراً سواها فلها الفخار
وكم حوت في مدة يسيرة ... 99 ... من العلوم الجمة الغزيرة
وبالبقيع دفنت في (حنِّ) ... 100 ... ليلاً وسودةُ سمت في السن
58
فوهبت ليلتها لها لكي ... 101 ... تحشر في أزواجه بنت لؤي
وبعد موت زوجها السكران ... 102 ... تزوجت خيرَ بني عدنان
صلى عليه ربنا وسلما ... 103 ... وآله وصحبه وكرما
وهاجرا في الدين هجرتين ... 104 ... جزاهما الرحمن جنتين
وعام (ند) أو في خلافة عمر ... 105 ... توفيت بطيبةٍ فاقفُ الأثر(1)
وحفصةٌ تزوجت خير البشر ... 106 ... بعد خنيس ثم لما أن صدر
طلاقها منه بردها أمر ... 107 ... وموتها عام الجماعة ذكر
وزينبٌ أمُّ المساكين قتل ... 108 ... بأحد عنها ابن جحش فَقُبِلْ
تزوجت خيرَ نبي وثوت ... 109 ... شهرين أو ثلاثة ثم توت
ولم يمت حياتَه من النسا ... 110 ... إلا خديجةٌ وذي فاقتبسا
وبنت جحش بنتُ عمة الرسول ... 111 ... زوجها الرحمن بارئُ العقول
خيرَ نبي إذ قضى منها الوطر ... 112 ... زيدٌ وماتت في خلافة عمر
إذ فُتِحَتْ مصرُ وكانت أطولا ... 113 ... نسائِه يداً كما قد نقلا
وهندُ وهي كما لها من فضل ... 114 ... تزوجت من بعد موت البعل
خيرَ الورى وفي خلافة يزيد ... 115 ... في عام ستين قضت بلا مزيد
وبالبقيع دفنت وهاجرا ... 116 ... ثنتين في أول من قد هاجرا
__________
(1) أصلحه في بغية الأبرار بقوله:
54 ... والموتُ آخرَ خلافة عمر * بطيبةٍ أو عام(ندٍّ) استمر.(1023/5)
ومن نساء المصطفى جويريه ... 117 ... توفيت في عام(نو) لتدريه
56
وقد سباها في غزاة المصطلق ... 118 ... من بعلها مسافعٍ بالمندلق
ودفع النجوم لابن قيس ... 119 ... عنها فما أبركها من عرس
إذ أرسل الناسُ السبايا طرا ... 120 ... لما غدا المصطلقي صهرا
للمصطفى عليه من رب الأنام ... 121 ... وآله أزكى الصلاة والسلام
ورملةٌ بنت أبي سفيانا ... 122 ... تزوجت خير الورى وكانا
وليُّها خالداً أو عثمانا ... 123 ... عند النجاشيِّ كما أتانا
فسلم المهرَ إليها أجمعا ... 124 ... من الدنانير مآتٍ أربعا
وعام سبع أهديت لأحمدا ... وموتها في عام (مد) قد بدا
44
وكم حوت من شرف صفيه ... 125 ... لما غدت لأكرم البريه
زوجا وكانت سُبيت في خيبرا ... 126 ... فاختارَها لنفسه خير الورى
وعتقها مهراً لها حقا جَعَلْ ... 127 ... وعام خمسين بها الموت نزل
وعام سبع بعد فتح خيبرا ... 128 ... ميمونةٌ نكحها معتمرا
وبعد عوده بها كان البنا ... 129 ... بسَرِفٍ وكان ذاك مدفِنا
لها وكانت آخرَ النساء ... 130 ... تزوجاً له بلا امتراء
عليه أزكى صلوات ربه ... 131 ... والآل والأزواج ثم صحبه
وعام خمسين وواحد نزل ... بها الحِمام عندما حان الأجل
ومهرُ كلٍّ كان خمسماية ... 132 ... من الدراهم سوى صفية
ورملةٍ فإنه تقدما ... 133 ... بيانُ ما أصدق كلا منهما
بيان أولاد النبي أحمدا ... 134 ... صلى عليه ربنا ومجدا
أبناؤه أربعة فيما ورد ... 135 ... على اختلاف جاء في هذا العدد
فالقاسمُ الذي به قد كُنِّيا ... 136 ... وبعد عبدالله أيضاً دُعيا
بالطيب الطاهر فاللفظان ... 137 ... ترادفا وقبل بل غيران
ورابع البنين إبراهيمُ ... 138 ... عليهم الرضوان والتسليمُ
ميلادُه بطيبة المرضيه ... 139 ... وأمُّه ماريةُ القبطيه
كانت لخير مرسل سرية ... 140 ... صلى عليه خالقُ البريه
وكلهمْ قبل البلوغ ماتوا ... 141 ... حياتَه كما روى الثقات
أما بناتُه فأربعٌ بلا ... 142 ... خلفٍ وفي الكبرى خلافٌ نقلا
أصحُّه زينب ثم اختلفوا ... 143 ... فيها معَ القاسم فيما وصفوا
فقال قومٌ هي منه أكبرُ ... 144 ... وقال قومٌ آخرون أصغر
ورُتَبُ الثلاث في الميلاد ... 145 ... (رأفٌ) وأسلمنا بلا عناد(1023/6)
وفي ثلاثين لعام الفيل ... 146 ... قد ولدت زينب للرسول
وابنَ الربيع انكحت فلما ... 147 ... أرسل خيرُ مرسل ألمَّا
به قريشٌ في فراق زينبا ... 148 ... فلم يجبهم للفراق بل أبى
وأسلمت وهاجرت وهاجرا ... 149 ... من بعدها فردَّها خيرُ الورى
إليه بالعقد الذي قد سبقا ... 150 ... على الأصح لا بثان لحقا
وولدت أمامة عليا ... 151 ... له ومات عام(ح) وفيا
8
وأنكحت رقية عتيبه ... 152 ... وأم كلثوم أخاه عتبه
فطلقاهما معاً إذ نزلا ... 153 ... تبت فتبا لهما إذ فعلا
ثم تزوج ابن عفان الرضى ... 154 ... رقية أتت بنجل فقضى
وهو عام ست بعد موت الأم ... 155 ... في سنة اثنين بغير وهم
وأنكح الأخرى بدون مين ... 156 ... ومن هنا لقب ذا النورين
ولم تلد له وعام تسع ... 157 ... توفيت كما أتى في السمع
وبنت خير المرسلين الصغرى ... 158 ... اسما نساء العالمين قدرا
مولدُها في عام (آم) كانا ... 159 ... من مقدم الفيل ولما بانا
41
لها من الأعوام خمسةَ عشر ... 160 ... زوجها حيدرةً خيرُ البشر
فولدت له من الأولاد ... 161 ... بنتين وابنين بلا عناد
الحسن الحسين ثم زينب ... 162 ... وأم كلثوم إليهم تنسب
وولدت رقية ومحسنا ... 163 ... أيضاً وماتا في الصبا ودفنا
ثم ابن جعفر بنا بزينب ... 164 ... وولدت له عليا وحُبي
بأختها الفاروق حتى ولدت ... 165 ... زيدا له وبعده تزوجت
محمد بن جعفر وإذ مضى ... 166 ... تزوجت عوناً أخاه وقضى
فنكحت أخاه عبدالله ... 167 ... وعنده ماتت بلا اشتباه
مع ابنها زيد بوقت واحد ... 168 ... وكان فيه سنن للناقد
وبعد موت المصطفى بأشهر ... 169 ... ثلاثة أو ستة في الأشهر
توفيت بنت الحبيب المجتبا ... 170 ... فاطمة أم الكرام النجبا
بيان أعمام النبي المصطفى ... 171 ... وذكر عماتِ الحبيب المقتفى
أعمامُه اثنان وعشرةٌ تُعَدْ(1) ... 172 ... وقيل تسعةٌ وعشرةٌ وَرَدْ
الحارثُ الزبيرُ والمُقَوِّمُ(2) ... 173 ... وعبدُ كعبةٍ ضرارٌ قُثَمُ
كذا المغيرةُ مع الغَيْدَاقِ ... 174 ... لم يدركوا الإسلام باتفاق(3)
وحمزةُ العباسُ عند العلما ... 175 ... قد أدركا البعثة ثم أسلما
__________
(1) وهو الأشهر.
(2) يجوز في الواو الكسر والفتح.
(3) الذين تقدم ذكرهم.(1023/7)
لكن أبو طالبَ مَعْ أبي لَهَبْ ... 176 ... قد أدركا البعثَ وما نالا الأربْ
عمَّاتُه(1)صفيةُ المَبَرَّهْ ... 177 ... أميمةٌ عاتكةٌ وبرَّهْ
وهكذا أمُّ حكيمٍ أروى ... 178 ... وعنهمُ إسلام الأولى يُرْوَى
بيانُ ماله من الموالي ... 179 ... والخدم الأحرار باحتفال
زيدٌ أسامةُ ابنُه ثوبانُ ... 180 ... أَنَسَةٌ فضالةٌ شُقرانُ
ثم رباحٌ ويسارٌ واردُ ... 181 ... طَهْمَانُ مأبورٌ عبيدٌ واقدُ
وأبواهما ورافعٌ هشامْ ... 182 ... حنينُ أحمرُ سليمٌ ذو اهتمامْ
كِرْكِرَةُ النوبيُّ زيدٌ أسلمُ ... 183 ... سفينةٌ أنجشةٌ ومِدعمُ
أبو لبابةَ أبو هندَ أبو ... 184 ... ضمرةَ والإماءُ حين تحسبُ
ماريةٌ سَلْمَى وأمُّ رافعِ(2) ... 185 ... بركةٌ كانت لخير شافعِ
حاضنةً ميمونةٌ ريحانهْ ... 186 ... خَضِرَةٌ رضوى فعو حُسبانهْ
وكان من خُدَّامه الأحرارِ ... 187 ... أنسٌ بن مالكِ الأنصاري
ثم ابنُ مسعودٍ بلالٌ وأبو ... 188 ... ذرٍّ ربيعةَ بن كعبٍ حسبوا
وعقبةُ بنُ عامرٍ وسعدُ ... 189 ... ذو مِخْمَرٍ أسماءُ ثم هندُ
بيان حراس النبي المصطفى ... 190 ... صلى عليه ربنا وشرفا
حرسَه في يوم بدر سعدُ ... 191 ... فتى معاذٍ وامرآن بعدُ
في أحدٍ محمدٌ ذكوانُ ... 192 ... عليهما الرحمةُ والرضوانُ
والحارسُ الزبيرُ يومَ الخندقِ ... 193 ... وابنُ أبي وقاصَ خيرَ مشفقِ
ثم أبو أيوبَ وابن بشرِ ... 194 ... في خيبرَ المشهود دون نكرِ
قد حرسوه ثم في وادي القُرى ... 195 ... كان بلالٌ حارساً بلا امترا
وترك الحُرَّاسَ لما أُخبرا ... 196 ... بعصمة الله له خيرُ الورى
وكان حادياً له البراءُ ... 197 ... أنجشةٌ جاءت بذا الأنباءُ
صلى عليه ربنا وسلما ... 198 ... والآل والأصحاب خير من سما
بيان رسل المصطفى لمن ملك ... 199 ... صلى عليه الله ما دار الفلك
إلى النجاشيِّ النبيُّ أرسلا ... 200 ... عمراً فبجَّل الكتابَ وتلا
ومات مُسلماً وصلى المصطفى ... 201 ... عليه معْ أصحابه أولي الصفا
ودحيةً إلى هرقلٍ أرسلا ... 202 ... فشحَّ ثم ابنَ حذافةٍ إلى
__________
(1) ست بلا خلاف.
(2) قال في بغية الأبرار: صوابه: مارية سلمى أي أم رافع....(1023/8)
كسرى فمزَّقَ الكتابَ مُزِّقا ... 203 ... وحاطبا إلى المقوقس ارتقا
فقاربَ الإسلام حتى أهْدى ... 204 ... جاريتين دلدلاً وعبدا
ثم إلى من ملكا عمانا ... 205 ... عمراً فأسلما له ودانا
ولليمامة سَلِيطاً أرسلا ... 206 ... فلم يفز صاحبُها إذ سألا
من النبي جعلَ بعض الأمر لهْ ... 207 ... ثم إلى البلقا شجاعاً أرسله
وأرسلَ العلا إلى البحرين ... 208 ... فأسلم المنذرُ دون مين
والأشعريَّ ومعاذاً لليمنْ ... 209 ... فأسلموا دون قتال وفتنْ
بيان من كان من الكتاب له ... 210 ... صلى عليه ربنا وفضله
زيدٌ أبيٌّ والزبيرُ والعلا ... 211 ... والخالدان الخلفاءُ الفضلا
وثابتٌ وعامرٌ وعمرُو ... 212 ... عمارُ سلمانٌ بلالُ الصدرُ
وابنُ أبي سفيانَ معْ أبانِ ... 213 ... وابنُ الربيع فاستمع بياني
ثم ابنُ مسعود أخو الودادِ ... 214 ... وحمزةٌ منهمْ معَ المقدادِ
وكان ممن يضربُ الأعناقا ... 215 ... بين يديه إن رأى شقاقا
عليُّ والزبيرُ وابنُ مسلمهْ ... 216 ... وعاصمُ بنُ ثابتٍ لِتعلمهْ
ثم ابنُ سفيانَ مع المقدادِ ... 217 ... أصحاب ما اختار من العبادِ
بيان من يقطع بالجنان ... 217 ... لهم ومن أذّن للعدنان
يقطع بالجنة والإكرام ... 218 ... لعشرة للخلفا الأعلام
وللزبير وابن عوف وسعيدْ ... 219 ... وعامر سعدٍ وطلحةَ السعيدْ
وعمرٌو أوسٌ وبلالٌ سعدُ ... 220 ... زيادٌ المؤذنونَ عُدُّوا
رضوان ربنا عليهم طرا ... 221 ... ومن تلا منهاجهم وبرَّا
ذكر دوابه عليه أفضلُ ... 222 ... صلاة ربي دائماً وأكملُ
له من الخيل العتاق عشَرَهْ ... 223 ... أو سبعةٌ كما حكاه المهَرَهْ
أولها السكبُ المحجلُ الأغرْ ... 224 ... الطلقُ ذو السبق الذي به اشتهرْ
أول ما غزا عليه المجتبا ... 225 ... بأحدٍ فلم يزل مهذَّبا
والوردُ والمرتجزُ الذي شَهدْ ... 226 ... له به خزيمةٌ حين جُحِدْ
والطِّرفُ واللحيفُ والمُلاوِحْ ... 227 ... والضَرسُ واللِزازُ ذاك السابحْ
ثم البغالُ كلها مرويهْ ... 228 ... فضةُ والدُلدُلُ والإيليهْ
ثم حمارٌ اسمُه يعفورُ ... 229 ... والناقةُ القصوى فقطْ مأثورُ
وهي التي امتطى بلا امتراء ... 230 ... نبيُّنا في الهجرة الغرَّاء(1023/9)
وكان لا يحملُه إن نزلا ... 231 ... عليه وحيٌ غيرُها ونُقِلا
أن اسمَها الجدعاءُ والعضباءُ ... 232 ... فقد ترادفتْ لها الأسماء
ومائةٌ كانت له من الغنمْ ... 233 ... ومعها عشرون لَقحة تُلمْ
وكان يختصُّ بشرب شاةِ(1) ... 234 ... تدعى بغيثةَ لدى الرواةِ
وديكُه الأبيضُ جاء في الخبرْ ... 235 ... ولم يجىءْ فيه اقتناؤُه البقرْ
بيان ماله من السلاح ... 236 ... صلى عليه واهب الفلاح
له من الأسيافِ تسعةٌ فقطْ ... 237 ... اسماؤُها مرويةٌ عن من فرطْ
منها الذي أصابه من بدرِ ... 238 ... وكان يُدعى ذا الفقار فادرِ
ومثلُه القَلْعِيُّ والبتَّارُ ... 239 ... والحتفُ قد جاءت به الأخبارُ
كذلك المِخْذَمُ والقضيبُ ... 240 ... والعضبُ والرَّسوبُ يالبيبُ
وكان عنده من الرماح ... 241 ... أربعةٌ تُعدُّ للكفاحِ
ومثلُها قِسِيُّه في العدِّ ... 242 ... والتُّرسُ والجعبةُ فيما أبدِي
وأدرعٌ كانت له بهيَّهْ ... 243 ... أسماؤها فضةُ والسغديهْ(2)
ثالثُها ذاتَ الفضول تُدعى ... 244 ... كانت له يوم حنين درعا
ومِغفرٌ يدعى السبوغ كان لهْ ... 245 ... ونحوه مِنطقة مجمَّلهْ
ورايةٌ سوداء بالعقابِ ... 246 ... تدعى هداك الله للصوابِ
وكان أيضاً عنده لواءُ ... 247 ... أبيض قد فشتْ بذا الأنباءُ
بيان ماله من الثياب ... 248 ... ومن أثاث فاستمع خطابي
كان له من الثيابِ اثنا عشرْ ... 249 ... على الذي نقله أهلُ السيرْ
منها قميصان له شِعارُ ... 250 ... ثم كساءان له دثارُ
وجبتان وإزارٌ وثيابْ ... 251 ... أربعةٌ ثم العمامةُ السحابْ
أعني التي وهبَهَا عليَّا ... 252 ... فلا تكن بعلمها غبيا
ثم قلانسُ صغارٌ لاطيَهْ ... 253 ... وهي ثلاث فاغتنم بيانيهْ
والمشطُ من عاج له والمُكحُلَهْ ... 254 ... مرآتُه المِقراضُ والسواكُ لهْ
ثم فراشُ أُدُمٍ قد حُشِيا ... 255 ... بالليفِ ثم قدحانِ فعيا
فواحدٌ بفضةٍ مُضببُ ... 256 ... والتورُ من حجارةٍ ومخضبُ
ومن زجاج قدحٌ ومُغتسلْ ... 257 ... له من الصفر وقصعةٌ تُملْ
__________
(1) أصلحه أباه بقوله: كانت منائح له كشاة... الخ، لأن من عادته صلى الله عليه وسلم الإيثار لا الاستئثار.
(2) بإهمال العين وإعجامها.(1023/10)
والصاعُ والسريرُ ثم الُمدُّ ... 258 ... وخاتمٌ من فضة يُعَدُّ
وكان قد أهدى له خفينِ ... 259 ... أصحمةٌ أيضاً بدون مينِ
وكان ثوبان له للجُمعهْ ... 260 ... غيرُ ثيابِ لُبسه المرتفعهْ
وكان منديلٌ له ليمسحا ... 261 ... به على الوجه المنير الأصبحا
صلى عليه ربنا وسلما ... 262 ... وآله وصحبه وكرَّما
بيان بعض معجزات المصطفى ... 263 ... صلى عليه ربنا وشرفا
منها القرآنُ المعجزُ الذي بهرْ ... 264 ... إعجازُه كلَّ العقول وقهرْ
فلم يجىءْ بمثله ولن يجي ... 265 ... إنسٌ ولا جنٌ وكمْ من مُزْعجِ
لهمْ مقرِّع على الإتيانِ ... 266 ... به وهم فرسانُ هذا الشانِ
قد امتطوا منه جوادَ السبْقِ ... 267 ... واحرزوا عنانَه في النطقِ
بل أخرسوا وهمْ ألدُّ اللددِ ... 268 ... إلا عن الدعوى ومحض الجحدِ
فعند ذاك أمرَ القرآنُ ... 269 ... أن تُضربَ الأعناقُ والبنانُ
لله ما حواه من عجائبِ ... 270 ... جلت عن الحصر ومن غرائبِ
لو لم يجئ بآية سواه ... 271 ... صلى عليه ربنا كفاه
لكنه أتى بما أعيى البشرْ ... 272 ... من معجزات بينات كالقمرْ
وغسلِ قلبه وشقِّ الصدرِ ... 273 ... وحشوهِ بسرٍّ أيِّ سِرِّ
وجيءَ بالبراق للإسراءِ ... 274 ... به إلى الأقصى من السماءِ
بل لم يزلْ يرقى إلى أن نالا ... 275 ... منزلةً جلت فلن تُنالا
حباهُ ذو العزة بالمقامِ ... 276 ... فيها وبالرؤيةِ والكلامِ
وفرضَ الخمسينَ ثم خَفَّفَا ... 277 ... عنا به لخمسةٍ وضعَّفا
ثوابَها إذ كثَّر الأمدادا ... 278 ... تفضُّلاً وقللَ الأعدادا
وأمَّ خيرُ مرسلٍ للرُّسْلِ ... 279 ... وعاد من بعد انقضاء الليلِ
فأخبر الناسَ بما قد أطلعْ ... 280 ... عليه في مسراه لمَّا أن رجعْ
فمن سعيدٍ مؤمن بما ذَكَرْ ... 281 ... ومِنْ شقي خاسر به كَفَرْ
والشمسُ بالصَّهباء للمُختارِ ... 282 ... رُدَّتْ ويومَ العير في الأخبارِ
وإذ أتى الفُجَّارُ نحوَ البابِ ... 283 ... لقتلِه فقام بالترابِ
وذرَّهُ على رؤوسِ القومِ ... 284 ... فسقطت أذقانهم بالنومِ
وقال شاهتِ الوجوه ودعا ... 285 ... فمن أجابه ببدر صُرِعا
وفي حنينٍ إذ رمى الأقواما ... 286 ... بقَبضةٍ فانهزموا انهزاما(1023/11)
وفي حمام الغار والعناكبِ ... 287 ... حاكتْ وباضتْ أبدعُ العجائبِ
وإذ رأى سراقةُ الهلاكا ... 288 ... بك استغاثَ فنجا هُناكا
ودرَّتِ الألبانُ إذ مسحتا ... 289 ... على ضروع من شياهٍ شتى
كشاةِ عبدالله والمقدادِ ... 290 ... وأمِّ معبد من الأفرادِ
وكم من الأعيان قلبُها انجلى ... 291 ... بلمْس يمناك بمشهدِ الملا
كآيةِ العرجون إذ أضاءَ ... 292 ... لولدِ النعمان في سوداءَ
مطيرةٍ عشوا إلى أن ولجا ... 293 ... فضربَ الشيطانَ حتى خرجا
وإذ دفعت لابن جحش بأحدْ ... 294 ... عسيب نخل فغدا سيفاً يجدْ
والجذلَ لابن محصن ببدرِ ... 295 ... دفعته فعاد سيفاً يفري
ولم يزل لديه حتى استشهدا ... 296 ... عونا به يضرب أعناقَ العدا
والماءَ قد زودت قوماً رفدا ... 297 ... فعاد أيضاً لبنا وزُبدا
وأخبرتك الشاةُ بعد الشيِّ ... 298 ... بأنها سُمَّتْ فداك حييِّ
والطفلُ في المهد بتصديقك يا ... 299 ... أزكى الورى قد فاهَ فيما رُويا
وكم جماداتٍ وعجماواتِ ... 300 ... فاهت بتصديقك في آياتِ
وقبضةُ التمر التي قد أطعما ... 301 ... منها جميعَ الجيش وهْي نحوُ ما
كانت بل أربى منه بل قد أنفقا ... 302 ... من ذلك التمر ابنُ صخر أوسُقا
ولم يزل لديه حتى نهبا ... 303 ... مقتلَ ذي النورين فيما نُهبا
وكم من القليل قد كثرتا ... 304 ... زكم من الأموات قد أحييتا
وكم من الأشجار قد دعوتا ... 305 ... أتت مطيعة لما أمرتا
والجذعُ قد حنَّ حنين الثكلى ... 306 ... إليك حتى نال منك وصْلا
لو لم ينلْه لم يزل كئيبا ... 307 ... عليك ما لاح سناً غريبا
وكم عمى وعمهٍ أذهبتا ... 308 ... عن أعين وعن قلوب حتى
أدركتِ الأبصارُ والبصائرُ ... 309 ... ما لم تكن تظنه الضمائرُ
وكم من الأدواء قد أبرأتا ... 310 ... في الحال بالراحة إذ لمستا
بل فار منها الماءُ لما ضمئوا ... 311 ... حتى ارتوى الأصحابُ بل توضئوا
ومطروا سبتاً إذ استسقيتا ... 312 ... بها وأقلعتْ إذا استصحيتا
ومن عليه أو له دعوتا ... 313 ... أصاب في الحالين ما سألتا
وكم من الغيوبِ قد نبأتا ... 314 ... به فلم تعدُ الذي ذكرتا(1023/12)
فكلُّ ذي علم وذي عرفان ... 315 ... منك استمده سوى الرحمن(1)
هذا وكم من آية لا تحصى ... 316 ... عداً مُنحتها ولا تستقصى
فالحمدُ لله الذي أعطاكا ... 317 ... مالم ينله أحدٌ سواكا
ذكر وفاته صلاة ربه ... 318 ... عليه ثم آله وصحبه
توفي المختارُ عامَ (أيِّ) ... 319 ... وعمرُه (صجٌّ) على المرضيِّ
11 ... 63
وقتَ الضحى في مثل يومَ وُلِدَا ... 320 ... فيه عليه الله صلى أبدا
وخُيِّرَ المختارُ في البقاءِ ... 321 ... في هذه الدار وفي اللقاءِ
لربه فاختار أن يلقاهُ ... 322 ... صلى عليه الله ما أرقاهُ
ومدَّةُ السقم (يدٌ) وقد دُفِنْ ... 323 ... ليلةَ الاربعاءِ خيرُ من أُمِنْ
14
ودُهِشَ الأصحابُ إذ مات النبي ... 324 ... ولم يكن أثبتُ فيهم من أبي
بكر وعمِّه الرضى العباسِ ... 325 ... فخطب الصديقُ خيرُ الناسِ
وثبت القومَ وجاء الخضِرُ ... 326 ... معزياً لهمْ على ما أَثروا
وغُسِّلَ المختارُ في الثيابِ ... 327 ... ووليَ الغسلَ من الأصحابِ
عليُّ والعباسُ ثم ابناهُ ... 328 ... قُثَمُ والفضلُ ومولياهُ
شُقرانُ مع أسامةٍ وذُكرا ... 329 ... أنَّ ابنَ خَوْلِيٍّ معهم قد حضرا
وكفن المختار في أثوابِ ... 330 ... ثلاثةٍ بيض بلا ارتيابِ
دون عمامة ولا قميص ... 331 ... ولا خياطة على المنصوص
بل جُعلت لفائفاً وأُدرجا ... 332 ... فيها عليه الله صلى مُدرجا
وفُرِشَتْ للمصطفى في القبر ... 333 ... قطيفةٌ حمراءُ دون نُكر
وكان في طيبة حافران ... 334 ... ذو الشق واللحد فجاء الثاني
وألحدَ القبرَ له وأطبقا ... 335 ... عليه تسع لبنات مطبقا
في بيت عائشةَ والصديقُ ... 336 ... يليه ثم حولَه الفاروقُ
صلى عليه ربنا وسلما ... 337 ... والآل والأصحاب أنجم السما
قد تم نظم قرة الأبصار ... 338 ... بحول هاد ماجد غفار
في غرة الشهر الأغر مولد ... 339 ... اسمى الورى نبينا محمد
بطيبة الغراء دار المصطفى ... 340 ... صلى عليه ربنا وشرفا
__________
(1) قال في بغية الأبرار (ص129): (سوى الرحمن) لا حاجة لهذا الاستثناء لأنه تعالى لا يوصف علمه بأنه مستمد لقدمه؛ فالصواب حذفه ويقول مثلا: فكل ذي علم وذي عرفان* منك استمده مدى الأزمان.(1023/13)
وآله وصحبه ومن تلا ... 341 ... منهاجه من الأنام مسجلا(1023/14)
الفهرس العام
هو المختارُ صلى ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ... 1
ولد الهدى 1 ... 12
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة ... 17
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا ... 18
يا إمام الرسل يا أحمدْ ... 19
إلا الرسول ... 20
البردة للبوصيري ... 21
الصارم المسلول لشاتمي الرسول ... 27
عاد محمد صلى الله عليه وسلم ... 28
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال ... 29
عائدون يا رسول الله ... 30
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري ... 32
القصيدة المضرية ... 33
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام ... 35
خيرَ البرية نظرة إليَّ ... 36
ربيع الهدى ... 37
رسول الهدى (1) ... 37
سيدي يا رسول الله ...!! ... 40
صلاة الله وسلامه على الهادي ... 43
صلى الإله وسلما ... 44
عذراً.. رسول الله!.. ... 44
فدى لرسول الله ... 46
في ذكرى المولد ... 48
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا ... 51
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ ... 52
أطبق الليل واختفت أضواء ... 52
فجأةً شاعَ الخبرْ ... 53
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ ... 54
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري ... 55
******** مديحك يا مختار ... 56
مولد الهادي ... 56
شعر : منير محمد خلف . سورية ... 56
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... 57
يا حبيبي هاكَ نحري ... 58
من نبع هديك تستقي الأنوار ... 59
إمام المرسلين فداك روحي...61
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم-62
جلَّ من ربَّاك ... 63
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم ... 64
نفحات الهجرة ... ... 68
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ... 69
لك في مهمة التجلي البهاء ... 72
صلى
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ
1
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ *** أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
2
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا *** يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
3
لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً *** يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
4(1024/1)
جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي *** جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
5
رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ *** إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
6
يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ *** لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
7
لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ *** وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
8
يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا *** أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
9
أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى *** أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ
10
سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا *** وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ
11
مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا *** اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي
12
السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى *** يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ
13
القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ *** وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ
14
العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما *** أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ
15
المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ *** عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ
16
الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا *** أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ
17
مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا *** لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ
18
يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ *** إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ
19
وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى *** يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ
20
يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ *** أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ
21
ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ *** أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ
22(1024/2)
مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ *** وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
23
بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ *** وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
24
لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى *** مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ
25
يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ *** وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
26
فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ *** كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ
27
مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ *** مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ
28
يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها *** جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ
29
لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها *** المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ
30
كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ *** لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ
31
طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ *** وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ
32
كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ *** إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ
33
يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها *** مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ
34
رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما *** أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ
35
هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها *** وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ
36
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ *** فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
37
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ *** وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
38
تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى *** طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
39
إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ *** في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ
40(1024/3)
أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى *** مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
41
إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ *** عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
42
وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ *** قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
43
لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن *** يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ
44
فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ *** ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
45
عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ *** في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ
46
يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ *** وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ
47
مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ *** وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
48
وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ *** مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
49
سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً *** فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ
50
قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ *** مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ
51
نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا *** وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي
52
حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ *** نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
53
لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ *** بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ
54
سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما *** مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ
55
كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما *** بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ
56
وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما *** أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
57
يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ *** وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
58
لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ *** فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
59(1024/4)
وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ *** غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ
60
مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها *** قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ
61
إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها *** يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ
62
وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها *** لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
63
هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ *** أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
64
فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها *** وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ
65
تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ *** رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ
66
يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ *** هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
67
لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ *** وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
68
فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ *** بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
69
جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ *** وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
70
آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ *** يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
71
يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ *** يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ
72
يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً *** حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
73
حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ *** في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
74
بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ *** تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ
75
سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ *** في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
76
تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ *** وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
77(1024/5)
ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ *** مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
78
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ *** إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
79
وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ *** لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ
80
مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ *** وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
81
يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ *** وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
82
وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ *** كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
83
أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ *** وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
84
لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ *** كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
85
صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ *** وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ
86
جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ *** عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
87
رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ *** لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ
88
مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ *** وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
89
حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها *** عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
90
وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ *** وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ
91
خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما *** يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ
92
أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت *** لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ
93
وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ *** بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ
94
سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً *** لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ
95(1024/6)
هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا *** هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ
96
وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ *** كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ
97
فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ *** كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
98
لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما *** وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
99
تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا *** وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ
100
يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي *** وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي
101
المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ *** لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ
102
مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى *** وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ
103
اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ *** من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
104
وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ *** يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ
105
هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ *** تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
106
البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ *** وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ
107
شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ *** وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ
108
وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ *** إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي
109
تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها *** في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ
110
مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ *** عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ
111
كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى *** يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ
112
بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ *** كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ
113(1024/7)
ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً *** وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ
114
اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ *** وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ
115
إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم» *** فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ»
116
أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ *** وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ
117
وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً *** فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ
118
قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا *** لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ
119
جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ *** فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ
120
لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ *** تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ
121
وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ *** ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ
122
سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ *** بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ
123
طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها *** في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ
124
لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها *** بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ
125
لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ *** وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ
126
لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى *** لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ
127
جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ *** إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ
128
أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ *** فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ
129
عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ *** حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ
130
دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ *** وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ
131(1024/8)
لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ *** ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ
132
تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ *** في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ
133
بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ *** لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ
134
أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ *** وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ
135
مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها *** تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ
136
عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ *** للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ
137
مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ *** شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ
138
لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى *** بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ
139
بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ *** مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ
140
كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ *** مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ
141
لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما *** تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ
142
شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها *** عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ
143
يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها *** كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ
144
غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى *** وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ
145
نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها *** تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ
146
يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى *** حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ
147
لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ *** مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ
148
وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً *** رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ
149(1024/9)
كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها *** في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ
150
لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا *** مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ
151
سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ *** وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ
152
ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ *** إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ
153
لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ *** وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ
154
نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا *** عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ
155
دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا *** كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ
156
وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ *** هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ
157
وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ *** في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ
158
دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ *** دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ
159
ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ *** وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ
160
وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها *** عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ
161
مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ *** تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ
162
وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ *** فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ
163
يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا *** مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ
164
وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ *** وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ
165
خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ *** فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ
166
مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً *** وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ
167(1024/10)
وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا *** بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ
168
الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ *** وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ
169
أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ *** يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ
170
وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها *** عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ
171
جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما *** جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي
172
وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ *** بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ
173
بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ *** أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ
174
وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ *** في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ
175
يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ *** في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ
176
لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ *** ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ
177
يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى *** نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
178
مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها *** إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ
179
مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً *** ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ
180
رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا *** وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ
181
وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ *** جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ
182
بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ *** شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى
183
وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً *** في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ
184
الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ *** ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ
185(1024/11)
الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ *** الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ
186
يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها *** وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
187
سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ *** تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ
188
رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ *** أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
189
فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا *** وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ
190
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ *** فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ
***************
ولد الهدى 1
وُلد الهدى، فالكائناتُ ضياءُ ...................وفمُ الزّمان تبسُّمٌ وثناءُ
الرُّوحُ والملأُ الملائكُ حَولَهُ ..................للدِّين والدنيا به بُشراءُ
والعرشُ يزهو والحظيرةُ تزدَهي .................والمنتهى والسِّدرَةُ العصماءُ
وحديقةُ الفرقان ضاحكةُ الربى .... ............بالترجمانِ شذيَّةٌ غنَّاءُ
والوحيُ يقطرُ سلسلاً من سلسلٍ .............واللوحُ والقلمُ البديعُ رُواءُ
نُظِمَتْ أسامي الرُّسلِ فهي صحيفة .............في اللوح واسمُ محمدٍ طغراءُ
اسم الجلالة في بديع حروفه ................ألفٌ هنالك ،واسم طه الباءُ
يا خير من جاءَ الوجودَ تحية ............من مُرسلينَ الى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلتقي ......... ...إلا الحنائف فيه والحنفاءُ
خيرُ الأبوةِ حازهم لكَ آدمٌ .............دونَ الأنامِ واحرزتْ حوَّاءُ
هم أدركوا عزَّ النبوَّةِ وانتهت ......... ....فيها إليكَ العزَّةُ القعساءُ
خُلقتْ لبيتك وهو مخلوقٌ لها ......... .....إن العظائِمَ كفؤها العظماءُ
بك بشَّر اللهُ السماء فزُيِّنت ............ .وتضوَّعت مسكاً بك الغبراءُ
وبدا مًحيَّاك الذي قسماتُه .......... ....حقّ وغرَّتُه هُدىً وحياءُ(1024/12)
وعليه من نورِ النبوَّةِ رونقٌ .......... ...ومن الخليل وهديِه سيماءُ
أثنى المسيحُ عليه خلف سمائه .............وتهلَّلت واهتزت العذراءُ
يومٌ يتيهُ على الزمان صباحُه ......... ....ومساؤه بمحمدٍ وضَّاءُ
الحقُّ عالي الركن فيه مظفَّر .......... ...في الملكِ لا يعلو عليه لواءُ
ذُعرت عروشُ الظالمين فزلزلت .............وعلتْ على تيجانهم أصداءُ
والنارُ خاوية الجوانب حولهُمْ .......... ..خَمَدَت ذوائبُها وغاض الماءُ
والآيُ تترى والخوارق جمةٌ ........ ....جبريلُ رواح بها غداءُ
نِعمَ اليتيمُ بدت مخايلُ فضله ....... .....واليُتمُ رزقٌ بعضُه وذكاءُ
في المهد يُستسقى الحيا برجائه ......... ...وبقصده تُستدفعُ البأساءُ
بسوى الأمانة في الصبا والصدقِ لم .........يعرفه أهلُ الصدقِ والأمناءُ
يا مَنْ له الأخلاقُ ما تهوى العلا ...... . ....منها وما يتعشَّقُ الكبراءُ
لو لم تُقم ديناً لقامت وحدَها ......... ..ديناً تُضيءُ بنوره الآناءُ
زانتك في الخلقِ العظيم شمائلٌ ....... ....يُغرى بهنَّ ويولعُ الكرماءُ
أما الجمالُ فأنت شمسُ سمائه ....... ....وملاحةُ الصديقِ منك أياءُ
والحسن من كرم الوجوه وخيره ..... ......ما أوتي القوادُ والزعماءُ
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى ...........وفعلت ما لا تفعل الأنواءُ
وإذا عفوت فقادراً ومقدّراً ........ ....لا يستهين بعفوك الجُهلاءُ
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ ........ .......هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ
وإذا غضبت فإنما هي غضبةٌ ........ ...في الحقّ لا ضغنٌ ولا بغضاءُ
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ........ ....ورضى الكثير تحلمٌ ورياءُ
وإذا خطبت فللمنابر هزةٌ ...... ......تعرو النَّديَّ وللقلوب بكاءُ
وإذا قضيت فلا ارتياب كأنّما ......... ....جاء الخصوم من السماء قضاءُ
وإذا حميتَ الماء لم يورد ولو ..... .......أنّ القياصر والملوك ظماءُ(1024/13)
وإذا أجرت فأنت بيت الله لم ........ ......يدخل عليه المستجير عداءُ
وإذا ملكت النفس قُمْتَ ببرِّها ....... ...ولو أن ما ملكت يداك الشاءُ
وإذا بنيت فخير زوجٍ عشرةً ....... ...وإذا ابتنيت فدونك الآباءُ
وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما ..........في بردك الأصحابُ والخلطاءُ
وأذا أخذت العهد أو أعطيته ....... ... فجميع عهدك ذمةٌ ووفاءُ
وإذا مشيت الى العدا فغضنفرٌ .... ......وإذا جريت فإنكَ النكباءُ
وتمدُّ حلمكَ للسفيهِ مُدارياً ....... ....حتى يضيق بعرضك السفهاءُ
في كل نفسٍِ من سطاك مهابةٌ ..... ......ولكل نفسٍ في نداك رجاءُ
والرأي لم ينضَ المهَّندُ دونه ....... ......كالسيف لم تضرب به الآراءُ
يأيها الأمِّي حسبكَ رتبةً ..... ....في العلم أن دانت بك العلماءُ
الذكرُ آية ربكَ الكبرى التي ...... ......فيها لباغي المعجزات غناءُ
صدرُ البيانِ له إذا التقت اللُّغى ..... ....وتقدّم البلغاءُ والفصحاءُ
نُسختْ به التوراةُ وهي وضيئةٌ .... ....وتخلف الإنجيلُ وهو ذكاءُ
لما تمشى في الحجاز حكيمهُ .... ....فضَّت عُكاظُ به وقام حِراءُ
أزرى بمنطق أهله وبيانهم ..... .....وحيٌ يقصرُ دونه البلغاءُ
حسدوا فقالواشاعرٌ أو ساحرٌ ... .....ومن الحسود يكون الاستهزاءُ
قد نال بالهادي الكريم وبالهدى ... ......ما لم تنل من سؤدد سيناء
أمسى كأنك من جلالك أمةٌ .... ..........وكأنه من أنسه بيداءُ
يوحي إليك الفوز في ظلماته .... .........متتابعاً تجلى به الظلماءُ
دينٌ يشيد آيةً في آية ........ .لبنائه السوراتُ والأضواءُ
الحق فيه هو الأساس وكيف لا ........ .....والله جلَّ جلاله البناءُ؟
أما حديثُكَ في العقول فمشرعٌ ....... .والعلم والحكمُ الغوالي الماءُ
هو صبغةُ الفرقان نفحة قدسه ...... ....والسين من سوراته والراءُ
جرتِ الفصاحةُ من ينابيع النُّهى .... .....من دوحه وتفجى الإنشاء(1024/14)
في بحره للسابحين به على ..... .....أدب الحياة وعلمها إرساءُ
أنت الدهورُ على سُلافته ولم .... ..تَفْنَ السلافُ ولا سلا الندماءُ
بك يا ابن عبد الله قامتْ سَمْحَةٌ .... .....بالحقِّ من مللِ الهدى غراءُ
بنيتْ على التوحيد وهي حقيقةٌ ... .......نادى بها سقراطُ والقدماءُ
وجد الزعافَ من السموم لأجلها . .......كالشهد ثم تتابعَ الشهداءُ
ومشى على وجه الزمان بنورها ...... ....كهانُ وادي النيل والعرفاءُ
إيزيسُ ذاتُ الملك حين توحَّدَتْ .. ......أخذت قوام أمورها الأشياءُ
لما دعوتَ الناسَ لبىَ عاقلٌ .... .....وأصمَّ منك الجاهلين نداءُ
أبوا الخروج إليك من أوهامهم .. ..والناسُ في أوهامهم سجناءُ
ومن العقول جداولٌ وجلامدٌ ... ......ومن النفوس حرائرٌ وإماءُ
داءُ الجماعة من ارسطاليس لم ... .......يوصف له حتى أتيتَ دواءُ
فرسمتَ بعدَك للعبادِ حكومةً .. ..........لا سوقةٌ فيها ولا أمراءُ
الله فوق الخلق فيها وحده ... .....والناسُ تحت لوائها أكفاءُ
والدِّينُ يسرٌ والخلافةُ بيعةٌ . ..والأمرُ شورى والحقوقُ قضاءُ
الاشتراكيون أنتَ إمامهم .. ....لولا دعاوى القوم والغلواءُ
داويت متئداً وداووا طفرةً . ...وأخفُّ من بعض الدواءِ الداءُ
الحربُ في حقٍّ لديك شريعةٌ .. ....ومن السُّمومِ الناقعاتِ دواءُ
والبِرُّ عندك ذمةٌ وفريضةٌ .... .....لا منَّةٌ ممنونةٌ وجباءُ
جاءت فوحدت الزكاةٌ سبيله ... ..حتى التقى الكرماءُ والبخلاءُ
أنصفتَ أهلَ الفقر من أهل الغنى ... .......فالكلُّ في حقِّ الحياة سواءُ
فلو أنَّ إنساناً تخير ملةً ....... .....ما اختار إلا دينكَ الفقراءُ
يأيها المسرى به شرفاً الى ..... ...ما لا تنالُ الشمسُ والجوزاءُ
يتساءلون وأنتَ أطهرُ هيكل .... ......بالروح أو بالهيكل الإسراءُ ؟
بهما سموتُ مطهرين كلاهما .... .........نورٌ وريحانيَّة وبهاءُ
فضلٌ عليك لذي الجلال ومنةٌ ... ........والله يفعل ما يرى ويشاءُ(1024/15)
تغشى الغيوب من العوالم كلما ... .......طويتْ سماءُ قلدتْكَ سماءُ
في كل منطقةٍ حواشي نورها .... ........نونٌ وأنت النقطةُ الزهراءُ
أنت الجمالُ بهاوأنت المجتلي ...... ....والكفُّ والمرآةُ والحسناءُ
الله هيأ من حظيرة قدسه .... .......نزلاً لذاتك لم يجزه علاءُ
العرشُ تحتكَ سُدَّةً وقوائماً .... ....ومناكبُ الروح الأمين وطاءُ
والرسلُ دون العرش لم يؤذن لهم ................حاشا لغيرك موعدٌ ولقاءُ
الخيلُ تأبى غير أحمد حامياً ........ .....وبها إذا ذكر اسمه خيلاءُ
شيخُ الفوارس يعلمون مكانه ...... ....إن هيجت آسادها الهيجاءُ
وإذا تصدى للظبي فمهندٌ ....... .....أو للرّماح فصعدةٌ سمراءُ
وإذا رمى عن قوسه فيمينه .... ......قدرٌ وما ترمي اليمينُ قضاءُ
من كل داعي الحق همَّةُ سيفه .. ......فلسيفه في الراسيات مضاءُ
ساقي الجريح ومطعمُ الأسرى ومن .............أمنت سنابكَ خيلهِ الأشلاءُ
إن الشجاعة في الرجال غلاظة ........... .....ما لم تزنها رأفةٌ وسخاءُ
والحرب من شرف الشعوب فإن بغوا ..... .....فالمجد مما يدعون براءُ
والحربُ يبعثها القويُّ تجبُّراً ......... .......وينوءُ تحت بلائها الضعفاءُ
كم من غزاةٍ للرسول كريمةٍ ......... ......فيها رضىً للحقِّ أو إعلاءُ
كانت لجند الله فيها شدةٌ ............ ...في إثرها للعالمين رخاءُ
ضربوا الضلالة ضربةً ذهبت بها ........ ....فعلى الجهالة والضلال عفاءُ
دعموا على الحرب السلام وطالما ............حقنت دماءً في الزمان دماءُ
الحقُّ عرضُ الله كلُّ أبيةٍ ........ ....بين النفوس حمىً له ووقاءُ
هل كان حول محمدٍ من قومه .... .........إلا صبيٌّ واحد ونساءُ؟
فدعا فلبى في القبائل عصبةٌ .... ...........مستضعفون قلائلٌ أنضاءُ
ردوا ببأس العزم عنه من الأذى ...... ......ما لا تردُّ الصخرةُ الصمّاءُ
والحقُّ والإيمان إن صبَّا على ... ........برد ففيه كتيبةٌ خرساءُ(1024/16)
نسفوا بناء الشرك، فهو خرائبٌ ... ....واستأصلوا الأصنام فهي هباءُ
يمشون تغضي الأرضُ منهم هيبةً .... ......وبهم حيالَ نعيمها إغضاءُ
حتى إذا فتحت لهم أطرافها ..... ......لم يطغهم ترفٌ ولا نعماءُ
يا من له عزُّ الشفاعة وحدهُ .... .....وهو المنزهُ ما له شفعاءُ
عرش القيامة أنت تحت لوائه ... .......والحوضُ أنتَ حيالهُ السَّقاءُ
تروي وتسقي الصالحين ثوابهم ..... .......والصالحات ذخائرٌ وجزاءُ
ألمثل هذا ذقت في الدنيا الطوى . ........وانشقَّ من خلقٍ عليك رداءُ؟
لي في مديحك يا رسولُ عرائسٌ .. ......تيمنَ فيك وشاقهنَّ جلاءُ
هنَّ الحسانُ فإن قبلت تكرماً .... .......فمهورهنَّ شفاعةٌ حسناءُ
أنت الذي نظمَ البريَّةَ دينُهُ ...... .....ماذا يقول وينظم الشعراءُ؟
المصلحون أصابعٌ جمعت يداً .... ...هي أنت بل أنت اليدُ البيضاءُ
ما جئتُ بابكَ مادحاً بل داعياً ...... ......ومن المديح تضرُّعٌ ودعاءُ
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمةٍ .. .......في مثلها يلقى عليك رجاءُ
أدرى رسول الله أن نفوسهم .... .....ثقةٌ ولا جمع القلوب صفاءُ
رقدوا، وغرهم نعيمٌ باطلٌ ..... .....ونعيمُ قومٍ في القُيود بلاءُ
ظلمُوا شريعتك التي نلنا بها ... ......ما لم ينل في رومة الفقهاءُ
مشتِ الحضارة في سناهاواهتدى ... .....في الدِّين والدُّنيا بها السعداءُ
صلى عليك الله ما صحب الدُّجى .... ........حادٍ وحنَّت بالفلا وجناءُ
واستقبل الرضوان في غرفاتهم ...... .......بجنان عدنٍ آلك السُّمحاءُ
خيرُ الوسائل منْ يقع منهُم على ...... ....سبب إليك فحسبي الزهراءُ
*********************
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة
أي نجوى مخضلة النعماء ... رددتها حناجر الصحراء
سمعتها قريش فا نتفضت غضبى ... وضجت مشبوبة الأهواء
ومشت في حمى الضلال إلى ... الكعبة مشي الطريدة البلهاء
وارتمت خشعة على اللات ... والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء(1024/17)
وبدت تنحر القرابين نحرا ... في هوى كل دمية صماء
وانثنت تضرب الرمال اختيالا ... بخطى جاهلية عمياء
عربدي يا قريش وانغمسي ما ... شئت في حمأة المنى النكراء
لن تزيلي ما خطه الله للأرض ... وما صاغه لها من هناء
شاء أن ينبت النبوة في القفر ... ويلقي بالوحي من سيناء
فسلي الربع ما لغربة عبد الله ... تطوى جراحها في العزاء
ما لأقيال هاشم يخلع البشر ... عليها مطارف الخيلاء
انظريها حول اليتيم فراشا ... هزجا حول دافق اللالاء
وأبو طالب على مذبح الأصنام ... يزجي له ضحايا الفداء
هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء ... زاحم مناكب الجوزاء
بسم الطفل للحياة وفي جنبيه ... سر الوديعة العصماء
هب من مهده ودب غريبَ ... الدار في ظل خيمة دكناء
تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو ... وفي ثغرها افترار رضاء
عرفت فيه طلعة اليمن والخير ... إذا أجدبت ربى البيداء
وتجلى لها الفراق فاغضت ... في ذهول وأجهشت بالبكاء
عاد للربع أين آمنةٌ ... والحب والشوق في مجال اللقاء
ما ارتوت منه مقلة طالما شقت ... عليه ستائر الظلماء
يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف ... بعده كل دمعة خرساء
أحمد شب يا قريش فتيهي ... في الغوايات واسرحي في الشقاء
وانفضي الكف من فتى ما تردى ... برداء الأجداد والآباء
أنت سميته الأمين وضمخت ... بذكراه ندوة الشعراء
فدعي عمه فما كان يغريه ... بما في يديك من إغراء
جاءه متعب الخطى شارد الآمال ... مابين خيبة ورجاء
قال هون عنك الأسى يابن عبد ... الله واحقن لنا كريم الدماء
لا تسفه دنيا قريش تبوئك ... من الملك ذروة العلياء
فبكى أحمد وما كان من يبكي ... ولكنها دموع الإباء
فلوى جيده وسار وئيدا ... ثابت العزم مثقل الأعباء
وأتى طوده الموشح بالنور ... وأغفى في ظل غار حراء
وبجفنية من جلال أمانيه ... طيوف علوية الإسراء
وإذا هاتف يصيح به اقرأ ... فيدوي الوجود بالأصداء
وإذا في خشوعه ذلك الأمي ... يتلو رسالة الإيحاء
وإذا الأرض والسماء شفاه ... تتغنى بسيد الأنبياء
جمعت شملها قريش وسلت ... للأذى كل صعدة سمراء
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد ... في جنح ليلة ليلاء(1024/18)
ودرى سرها الرهيب علي ... فاشتهى لو يكون كبش الفداء
قال : يا خاتم النبيين أمست ... مكة دار طغمة سفهاء
أنا باق هنا ولست أبالي ... ما ألاقي من كيدها في البقاء
سيروني على فراشك والسيف ... أمامي وكل دنيا ورائي
حسبي الله في دروب رضاه ... أن يرى فيّ أول الشهداء
فتلقاه أحمد باسم الثغر ... عليما بما انطوى في الخفاء
أمر الوحي ان يحث خطاه ... في الدجى للمدينة الزهراء
وسرى واقتفى سراه أبو بكر ... وغابا عن أعين الرقباء
وأقاما في الغار والملأ العلوي ... يرنو إليهما بالرعاء
وقفت دونه قريش حيارى ... وتنزهت جريحة الكبرياء
وانثنت والرياح تجار والرمل ... نثير في الأوجة الربداء
هللي يا ربا المدينة واهمي ... بسخي الأظلال والأنداء
واقذفيها الله أكبر حتى ... ينتشي كل كوكب و ضاء
واجمعي الأوفياء إن رسول الله ... آت لصحبة الأوفياء
وأطلّ النبي فيضا من الرحمة ... يروي الظماء تلو الظماء
*************
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا
الأستاذ الشاعر : خير الدين وانلي رحمه الله
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا وأَشرفُ قدوةٍ للمُهتدينا
إِلهُ العرشِ أَعطاهُ مَقاماً وخلَّد ذكرَه في العاَلمينا
تُحكِّمه قريشٌ في نزاعٍ وقد سَمَّتْه مِنْ قبلُ الأَمينا
دعا الأَقوام َ لمْ يَحفِلْ بصَدٍّ ولم يَأْبَهْ بمنْ ظنّوا الظّنونا
تحمَّلَ منْ مناوِئه عذابا وسخريةً وتضييقاً مُهينا
وأَشفقَ مِنْ دعاءٍ حين سالتْ دماهُ بل دَعا للمعتدينا
ليهديَهم صراطا مُستقيما إلهٌ ناصرٌ للمرسَلينا
وعادَ لفتحِ أَفئدةٍ غلاظٍ فلانَتْ ( مكةٌ ) للفاتحينا
وأَيدهُ على فرسٍ و رومٍ إِلهٌ يكرهُ المُستضعَفينا
وسارتْ خيلُ أَحمدَ في الصحاري ووجَّهَ للمحيطاتِ السَّفينا
فلم يَمْض سوى زمنٍ يسيرٍ ليغزوَ جيشُه هِنداً وصينا
وتلهجَ باسمِه الدنيا نداءً يدوّي في المآذنِ أَجمعينا
ويذكرَه المصلّي في صلاةٍ وإبراهيمَ جدِّ المرسَلينا
ومنْ خطِيءَ الصلاةَ عليه يوْماً يكنْ في الحشرِ بينَ الخاسرينا(1024/19)
ومَنْ لًَمْ يتبِّعْه يحدْ شمالاً عنِ الشرعِ المكمَّل أَو يَمينا
فسنتُه هي الأَهدى صِراطاً ومنهجُه هو الأَسمى يَقينا
أَتانا بالكتابِ الحقِّ وحْياً عليهِ لمْ يكنْ يوماً ضَنينا
وعلّمنا الشرائعَ واضحاتٍ وكانَ لجهلِنا النورَ المبينا
فصرنْا مَشعلَ الدنيا علوماً نُنيرُ به دروبَ السالكينا
وأَصبحنا أساتذةً عظاماً ومصباحَ الهُدى دنيا ودينا
وتلكَ ثمارُ جهدٍ واصطبارٍ من المختارِ خيرِ الصّابرينا
فصلّى اللهُ ذو الإكرامِ ربي على خيرِ البريةِ أجمعينا
أَبي الزهراء ما حي كلِّ شرْكٍ ويَنبوعِ الهدى للظامئينا
وسلَّمَ ربُّنا أزكى سلامٍ على آلٍ وصحبٍ خالدينا
***********************
يا إمام الرسل يا أحمدْ
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
يا إمامَ الرُّسْلِ يا أحمدْ يا لواءَ الخيرِ والرَّحمهْ
أنتَ في ظلمائِها الفَرْقَدْ نِعمةٌ ما فوقها نِعمهْ
يا زعيمَ الأمةِ الأوحدْ جئتَنا بالنورِ والحكمهْ
مَنْ يَسِرْ في دربها يَسْعَدْ إنها النبراسُ للأُمَّهْ
********
أنتَ للأخلاقِ تجسيدُ أنتَ مشكاةُ الهُدى فينا
أنتَ إرشادٌ وتَسديدُ أنتَ للعَلْيا تُنادينا
دينُك الإسلامَ تأكيدُ لرسالاتِ النبيِّينا
شرعُك القرآن تأبيدُ للمعالي نورُ ماضينا
*******
جئتَنا في ظلمةِ الدهرِ فأنرتَ القلبَ والفِكْرا
قدْتَنا باللينِ واليسرِ فاقتلعَت الشرَّ والكفْرا
أنتَ رمزُ الحلمِ والصبرِ ناشرٌ بَين الوَرى بِشْرا
أَيُّ سرٍّ أنت لا أدري فَلْتُسامِحْني أبا الزَّهْرا
*********************
إلا الرسول
غيرَ الحقيقةِ لا أقول*********** قد خابَ مَن شَتَمَ الرسول
شُتِمَ النَّبيُّ مُحمدٌ ************مِن كافرٍ وقِحٍ جَهول
تَباً لقومٍ سُذَّجٍ *************قد أحدثوا أمراً مَهول
خاضوا بِعِرضٍ طاهرٍ********** سُفهاءَ ليس لهم عُقول
قد صَوَّروه بمنظرٍ*********** صوراً أراها بلا أُصُول
شُلَّت يمينُ الراسمينَ*********** المارِقِينَ همُ الذُّيول(1024/20)
قالوا لنا حُريةٌ **************والغربُ قد دقَّ الطُّبُول
رباه زَلزلهم*************** ولا تُبقي لهم أبداً فُلُول
يا ويحهم يا ويلهم*********** يومَ التَّفرقِ والذُّهُول
فهُمُ البُغاةُ الحاقدونَ************ من الحُثالةِ والسُّفُول
وتراهُمُ في غَيهم ***********أحفادَ قَيصَرَ والمغُول
هل تَعلمُونَ بأنهم ***********لا يملكونَ سِوى العُجول؟
لا تشتروا أجبانهم*********** واستبدلوها بِالبُقُول
وعصيرُهم وحليبُهم*********** هذا الطَّعامُ من الفُضُول
بل قَاطِعوا إِنتاجَهم*********** نَصراً وحُباً للرسول
إنَّا لَنَطْلُبُ نَصْرَه ***********دوماً بأوقاتِ النُّزول
فالله مُنتقمٌ له ***********والظُّلمُ أبداً لن يطول
فكفاه شرَّ الهازئين*********** العابثينَ ذَوي الغُلُول
ذاك النَّبيُّ المُصْطَفى *********المُتواضِعُ السَّهلُ الوَصُول
الطَّاهِرُ المُتطهِّرُ ***********عنه المَكَارِمُ لا تَزُول
كَرَماً يَجُودُ بِفَضلِه*********** كالسُّحْبِ مِغداقٌٌ هَطُول
يا مُسلمون لِتدفعُوا********** ولتحفظوا عِرضَ الرسول
وامضُوا لنُصْرَةِ دِينِكم ***********وشِعَارُكم إلاَّ الرسول
وأقولُ قَولةَ صادقٍ ******** ***واللهُ يَشْهَدُ ما أقُول
رُوحي فِداءُ مُحمدٍ ***** ******واللهَ أسألُه القَبول
شعر : محمد بن حسن النعمي
الاثنين 6 / 2 / 1427هـ
*************************
البردة للبوصيري
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
أمن تذكر جيرانٍ بذى سلم مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بدم
َمْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا همتا وما لقلبك إن قلت استفق يهم
أيحسب الصب أن الحب منكتم ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ولا أرقت لذكر البانِ والعلمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت به عليك عدول الدمع والسقمِ(1024/21)
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضنى مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني والحب يعترض اللذات بالألمِ
يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلمِ
عدتك حالي لا سري بمستتر عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعهُ إن المحب عن العذال في صممِ
إنى اتهمت نصيح الشيب في عذلي والشيب أبعد في نصح عن التهتمِ
في التحذير من هوى النفس
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظت من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى ضيف ألم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره كتمت سراً بدا لي منه بالكتمِ
من لي برِّ جماحٍ من غوايتها كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجُم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النَّهم
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ على حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمالِ سائمةٌ وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلة من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسم
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع فرب مخمصةٍ شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت من المحارم والزم حمية الندمِ
وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتَّهِم
ولا تطع منهما خصماً ولا حكماً فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقُم
أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت به وما استقمت فما قولى لك استقمِ
ولا تزودت قبل الموت نافلةً ولم أصل سوى فرض ولم اصم
في مدح سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشدَّ من سغب أحشاءه وطوى تحت الحجارة كشحاً مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهبٍ عن نفسه فأراها أيما شمم(1024/22)
وأكدت زهده فيها ضرورته إن الضرورة لا تعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من لولاه لم تخرج الدنيا من العدمِ
محمد سيد الكونين والثقليـ ن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستسكون به مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تـ ــــــم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعثه النصارى في نبيهم واحكم بماشئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم
لو ناسبت قدره آياته عظماً أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعيا العقول به حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهمِ
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى في القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعُدٍ صغيرةً وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلمِ
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ وأنه خير خلق الله كلهمِ
وكل آيٍ أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضلٍ هم كواكبها يظهرن أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبيّ زانه خلقٌ بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ والبحر في كرمٍ والدهر في همم
كانه وهو فردٌ من جلالته في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمهُ طوبى لمنتشقٍ منه وملتثمِ
في مولده عليه الصلاة والسلام
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم(1024/23)
أبان موالده عن طيب عنصره يا طيب مبتدأ منه ومختتم
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهم قد أنذروا بحلول البؤْس والنقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتها ورُد واردها بالغيظ حين ظمي
كأن بالنار ما بالماء من بلل حزناً وبالماء ما بالنار من ضرمِ
والجن تهتف والأنوار ساطعةٌ والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصموا فإعلان البشائر لم تسمع وبارقة الإنذار لم تُشَم
من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُمْ بأن دينهم المعوجَّ لم يقمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحى منهزمٌ من الشياطين يقفو إثر منهزم
كأنهم هرباً أبطال أبرهةٍ أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمى
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهما نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقم
في معجزاته صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة تمشى إليه على ساقٍ بلا قدم
كأنَّما سطرت سطراً لما كتبت فروعها من بديع الخطِّ في اللقم
مثل الغمامة أنَّى سار سائرة تقيه حر وطيسٍ للهجير حَم
أقسمت بالقمر المنشق إن له من قلبه نسبةً مبرورة القسمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرم وكل طرفٍ من الكفار عنه عم
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يرما وهم يقولون ما بالغار من أرم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم
وقاية الله أغنت عن مضاعفةٍ من الدروع وعن عالٍ من الأطُم
ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به إلا ونلت جواراً منه لم يضم
ولا التمست غنى الدارين من يده إلا استلمت الندى من خير مستلم
لا تنكر الوحي من رؤياه إن له قلباً إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغٍ من نبوته فليس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله ما وحيٌ بمكتسبٍ ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهم(1024/24)
كم أبرأت وصباً باللمس راحته وأطلقت أرباً من ربقة اللمم
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوته حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
بعارضٍ جاد أو خلت البطاح بها سيبٌ من اليم أو سيلٌ من العرمِ
في شرف القرآن ومدحه
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
دعني ووصفي آيات له ظهرت ظهور نار القرى ليلاً على علم
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظمٌ وليس ينقص قدراً غير منتظم
فما تطاول آمال المديح إلى ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيم
آيات حق من الرحمن محدثةٌ قديمةٌ صفة الموصوف بالقدم
لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنا عن المعادِ وعن عادٍ وعن إِرَم
دامت لدينا ففاقت كلَّ معجزةٍ من النبيين إذ جاءت ولم تدمِ
محكّماتٌ فما تبقين من شبهٍ لذى شقاقٍ وما تبغين من حكم
ما حوربت قط إلا عاد من حَرَبٍ أعدى الأعادي إليها ملقي السلمِ
ردَّتْ بلاغتها دعوى معارضها ردَّ الغيور يد الجاني عن الحرم
لها معانٍ كموج البحر في مددٍ وفوق جوهره في الحسن والقيمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبها ولا تسام على الإكثار بالسأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلت له لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
إن تتلها خيفةً من حر نار لظى أطفأت حر لظى من وردها الشم
كأنها الحوض تبيض الوجوه به من العصاة وقد جاؤوه كالحمم
وكالصراط وكالميزان معدلةً فالقسط من غيرها في الناس لم يقم
لا تعجبن لحسودٍ راح ينكرها تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهم
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماءِ من سقم
في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
يا خير من يمم العافون ساحته سعياً وفوق متون الأينق الرسم
ومن هو الآية الكبرى لمعتبرٍ ومن هو النعمةُ العظمى لمغتنم
سريت من حرمٍ ليلاً إلى حرمٍ كما سرى البدر في داجٍ من الظلم
وبت ترقى إلى أن نلت منزلةً من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
وقدمتك جميع الأنبياء بها والرسل تقديم مخدومٍ على خدم(1024/25)
وأنت تخترق السبع الطباق بهم في مركب كنت فيه صاحب العلم
حتى إذا لم تدع شأواً لمستبقٍ من الدنوِّ ولا مرقى لمستنم
خفضت كل مقامٍ بالإضافة إذ نوديت بالرفع مثل المفردِ العلم
كيما تفوز بوصلٍ أي مستترٍ عن العيون وسرٍ أي مكتتم
فحزت كل فخارٍ غير مشتركٍ وجزت كل مقامٍ غير مزدحم
وجل مقدار ما وليت من رتبٍ وعز إدراك ما أوليت من نعمِ
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا من العناية ركناً غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
في جهاد النبي صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
راعت قلوب العدا أنباء بعثته كنبأة أجفلت غفلا من الغنمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتركٍ حتى حكوا بالقنا لحماً على وضم
ودوا الفرار فكادوا يغبطون به أشلاءَ شالت مع العقبان والرخم
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُم
كأنما الدين ضيفٌ حل ساحتهم بكل قرمٍ إلى لحم العدا قرم
يجر بحر خميسٍ فوق سابحةٍ يرمى بموجٍ من الأبطال ملتطم
من كل منتدب لله محتسبٍ يسطو بمستأصلٍ للكفر مصطلمِ
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم من بعد غربتها موصولة الرحم
مكفولةً أبداً منهم بخير أبٍ وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم ماذا رأى منهم في كل مصطدم
وسل حنيناً وسل بدراً وسل أُحداً فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخم
المصدري البيض حمراً بعد ما وردت من العدا كل مسودٍ من اللممِ
والكاتبين بسمر الخط ما تركت أقلامهم حرف جسمٍ غير منعجمِ
شاكي السلاح لهم سيما تميزهم والورد يمتاز بالسيما عن السلم
تهدى إليك رياح النصر نشرهم فتحسب الزهر في الأكمام كل كم
كأنهم في ظهور الخيل نبت رباً من شدة الحَزْمِ لا من شدة الحُزُم
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقاً فما تفرق بين الْبَهْمِ وألْبُهُمِ
ومن تكن برسول الله نصرته إن تلقه الأسد فى آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصرٍ به ولا من عدوّ غير منفصم(1024/26)
أحل أمته في حرز ملته كالليث حل مع الأشبال في أجم
كم جدلت كلمات الله من جدلٍ فيه وكم خصم البرهان من خصم
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ معجزةً في الجاهلية والتأديب في اليتم
في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
خدمته بمديحٍ استقيل به ذنوب عمرٍ مضى في الشعر والخدم
إذ قلداني ما تخشي عواقبه كأنَّني بهما هديٌ من النعم
أطعت غي الصبا في الحالتين وما حصلت إلا على الآثام والندم
فياخسارة نفسٍ في تجارتها لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم
ومن يبع آجلاً منه بعاجلهِ يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي سلمِ
إن آت ذنباً فما عهدي بمنتقض من النبي ولا حبلي بمنصرم
فإن لي ذمةً منه بتسميتي محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدى فضلاً وإلا فقل يا زلة القدمِ
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه أو يرجع الجار منه غير محترمِ
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه وجدته لخلاصي خير ملتزم
ولن يفوت الغنى منه يداً تربت إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت يدا زهيرٍ بما أثنى على هرمِ
في المناجاة وعرض الحاجات
يارب بالمصطفى بلغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلَّى باسم منتقم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
يا نفس لا تقنطي من زلةٍ عظمت إن الكبائر في الغفران كاللمم
لعل رحمة ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيان في القسم
يارب واجعل رجائي غير منعكسٍ لديك واجعل حسابي غير منخرم
والطف بعبدك في الدارين إن له صبراً متى تدعه الأهوال ينهزم
وائذن لسحب صلاةٍ منك دائمةٍ على النبي بمنهلٍ ومنسجم
ما رنّحت عذبات البان ريح صبا وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمرٍ وعن عليٍ وعن عثمان ذي الكرم(1024/27)
والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهم أهل التقى والنقا والحلم والكرمِ
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهي لكل المسلمين بما يتلوه في المسجد الأقصى وفي الحرم
بجاه من بيته في طيبةٍ حرمٌ واسمُهُ قسمٌ من أعظم القسم
وهذه بُردةُ المُختار قد خُتمت والحمد لله في بدء وفي ختم
أبياتها قد أتت ستين مع مائةٍ فرِّج بها كربنا يا واسع الكرم
*****************
الصارم المسلول لشاتمي الرسول
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
رسول الله خير الخلق يلقى ... من الأعداء في الدنمرك نابا
وأمته الجريحة في شتات ... تراه على صحيفتهم سِبابا
فلا تقوى على التأديب ثأرا ... سوى التنديد بالأقوال نابا وما عبنا
التجهم من حديث ... ولكن حبّذا الأقوى اقتضابا
تفطرت السماء وخرّ صخرُ ... وأرعدت الغيوم صدىً غضابا
وهمّ الأخشبان بدكّ قومٍ ... أساؤوا للحبيب هوىً كِذابا
فلو فعلوا الذي فعلوه قدْما ... وكان العهد في الماضي مهابا
رأيتَ الأسْدَ في البيداء هبّتْ ... تردّ العزّ للهادي غلابا
هنالكَ سهمُ حمزةَ صار برقا ... وسيف ابن الوليد غدا لهابا
وثمة رمح وحشيٍّ قنيص ... لمن شتم الرسول عَدًا وعابا
أيغدو الوهن فينا اليوم يسري ... وقد أغثى بنا الوادي حبابا
فنلقى العجم في خترٍ و وَجرٍ ... أهانوا الدين والنسل العرابا
وهمّوا بالرسول ولم ينالوا ... سوى الآثام تمحقهم يبابا
ترى ماذا جنى المختار طه ... إزاء الناهشين له عقابا ؟!
ألم يكُ في البرية خير إنسٍ ... رحيم عادل يتلو الكتابا ؟
ويعفو في سماح عن أناسٍ ... له كانوا خصوما أو ذئابا !!
ويرفق بالأسارى ..لو سألتم ... هدى التاريخ تلقون الجوابا
هلموا للزمان سلوه حقا ... عن الأخلاق والتزموا الصوابا
شمائله الزكية قد تسامتْ ... إلى العلياء تخترق السحابا
وناطحت النجوم هدىً وصارتْ ... ثرياتٍ جميلاتٍ شهابا
وأخرجنا من الظلمات طرّا ... إلى الأنوار حيث الأنس طابا
كفاكِ صحيفة الدنمرك هزءًا ... وحسبكِ ما فتحتِ اليوم بابا(1024/28)
سننفذ منه في ألمٍ وحنقٍ ... ببركان سنسكبه انسكابا
أراكِ الآن في ضحكٍ وزهوٍ ... وقهقهة تنادين الشرابا
مهٍ " يولاندُ " ربّ البيت يصغي ... ويمهلُ ما اجترحتِ غداً حسابا
ستلقين الجزاء المرّ دهرا ... فتحترمي المآذن والقبابا
كذاك القول للنرويج مثلٌ ... " مغازيناتُ " لم ترع الجنابا
وأيمُ الله يأتي اليوم غرّ ... يعم الدين في الأرجا رحابا
*****************
عاد محمد صلى الله عليه وسلم
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
أيسخر كف الليل بالنور iiهازئا ... ويضحك في سخفٍ صليبٌ وغرقدُ
أيشتم مشكاة النبوة iiوالهدى ... وفي عرقنا نبض تلألأ iiيوقدُ
أ ترسم أيد حاقدات iiرسولنا ... لها في ذيوع الشر و الكفر iiمقصدُ
تطاول عشاق الدنية فامتطوا ... صحيفة خبث في السخافة تفندُ ii!!!
أباحوا حمى الإسلام بالإفك iiجهرة ... على المصطفى عيثا أساؤوا وأفسدوا
وما يرعوي الأوغاد إن صحتَ باكيا ... على الفعلة النكرا تنزّه iiأحمدُ
وما تنتهي الأحقاد ذاكم دفينهم ... تجلّى على مرآى العوالم iiيشهدُ
تصدّع كل الكون من خطب iiراسم ... دَعِيٍّّ سفيهٍ للحصافة iiيفقد
تئنّ مجرا ت الفضاء iiتقطعا ... وتنتحب الذرّات والقلب iiأكمدُ
ويشتعل البركان من حرّ iiغضبةٍ ... وينهمر الطوفان يرغي iiويزبدُ
وتنتفض الحيتان في البحر iiريثما ... قصاصٌ يردّ العزّ يحيي iiوينجدُ
ألا ليت شعري كم تعدّ iiجسومنا ... فنعجز كا لموتور في الردع يزهدُ
أم الغفلة الصماّء طاب وسادها ... على أعذب الأحلام نغفو iiونرقدُ
لعمري هو الإسلام نعرف iiنهجه ... ولكننا نأبى السلالم iiنصعدُ
وما الرفض رفض للعقيدة iiإنما ... كسالى إلى الأهواء نسعى iiونحفدُ
فمن ذا الذي يأبى السعادة iiغاية ... وكل المنى فيها تهيم وتسعدُ
ولكن جنان الله صعب منالها ... غلتْ سلعة تشرى كذا قال iiأحمدُ
هي الصحوة العصماء نور iiبوهجها ... تسير على نهج الحبيب iiوترشدُ
إذا لم تكن منا ففي نسلنا iiالذي ... سنشبعه من حب " طه" iiونعهدُ
سنغرس هذا الحب في كل iiأسرة ... منارة إسلام علينا iiتُشيّدُ(1024/29)
ويصبح مولود العيايل iiراضعا ... معين الهدى قد صار بالدين iiيعضدُ
وينمو هزبرا بين كتْفيه iiلبدة ... يرصّع يمناه الحسام المهندُ
ويحمل قلبا لا مثيل iiلعطفه ... صفاء وودا لا يكيد iiويحقدُ
وترجع أسراب الطيور iiبنغمها ... مغردة أحلى التراتيل iiتنشدُ
وتنفتق الأكمام وردا معطّرا ... يضوع أريجا في المساجد iiينفدُ
فيا أيها الغرب الغرير iiتمردا ... على أمة الإسلام تمضي iiتُهدِّدُ
كفاك الغرور قد دنوتَ iiبسفرةٍ ... إلى الموت قد أغواك هذا التعنّدُ
إذا لم تتب هذا المصير مصيركم ii: ... " ترابٌ يواري سوءة الغرب iiملحدُ"
ويا أمتي هذا خلاصكِ iiفالزمي ... سفينة نوح قادها الحِبّ iiأحمدُ
بشائركِ الكبرى تلوح من iiالسما ... على الشفق الورديّ :" عاد محمّدُ "
***********************
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
يا أمّتي انتبهي فالخطْبُ أهوالُ ... أصمى العروبة َ والإسلامَ جُهّالُ
حقدٌ دفينٌ من الأعداء قد شهروا ... رام الإساءة للمختار أنذالُ
أهان رسمهم المخبول قدوتنا ... في الغيّ مسبحهم يأتيه ضُلاّلُ
من ذا الذي جعلوه اليوم في صُحُفٍ ... رمزا يهدّد بالإرهاب يَغتالُ ؟
هو الحبيبُ رسول الله قد أفكوا ... حوبا عظيما من الأوزار قد نالوا
حاشاه سيّدنا ما جاء منتقما ... في عين شانئه المغرور: قتّالُ!!
بل رحمة وسعتْ ذريّة بقيتْ ... من نسل آدم تترى منه أجيالُ
إن آمنت كفلتْ ما كان يكفلهُ ... الإسلام من كرمٍ، والعزّ ينهالُ
أو أمسكتْ أمِنَتْ بالسلم روعتها ... والمال في الأمن مهما زاد إقلالُ
يا صاحِ كم عِبَرٍ في الحرب بازغةٍ ... من " طه " منبعها فخرٌ وإجلالُ
لا الشيخ يطعنه الفرسان من هَرَمٍ ... لا الطفل في عُمُرِ الأيّام يُغتالُ
لا نسوة قُتلتْ يوما بلا سبب ... والقاصرون كما النسوان أمثالُ
يا من تغشّتْ على عينيه كم سُدُمٍ ... أعمتْ بصيرته بالسفه يحتالُ
إنّ الشمائل في المختار قد جُمعتْ ... غيما ، يَدرّ حشاهُ الثرَّ هطّالُ(1024/30)
قف عند مفخرة التاريخ في وجلٍ ... وانظرْ مسيرته فالشهم رئبالُ
حلمٌ وعفوٌ وعدلٌ زانه خلقا ... زهدٌ ، حياءٌ ، جوادٌ منه تصهالُ
تواضعٌ و وفاءٌ حلّ منهمرا، ... قد هابه في وغى الميدان أبطالُ
رؤوفُ قلبٍ ، رحيمٌُ ، طيّبٌ ، عَطُرٌ ... طلْقُ المُحيّا، على المنسيِّ سآالُ
هو النبيّ حباه الله معجزة ... ذكر الحكيم وعذبُ الآي سلسالُ
انشقّ منشطرا يعنو له قمرٌ ... والجذعُ حنّ بشوقٍ ساءه الحالُ
ألقى الجماد له التسليم من حجرٍ ... والمِثْلُ من شجرٍ في ذاك أقوالُ
صلىّ عليه إله الكون من عِظمٍ ... والإنسُ والجنّ والمشكوم بخّالُ
قل للمحبّ له : هل ودّكم عملٌ ؟ ... إنّ المحبّة للمحبوب أشكالُ
إن كان باللفظ ذاك الحبّ منقصة ... مالم تترجمه بالصدق أفعالُ
رتقٌ بسنّتهِ ، جهْرٌ بدعوتهِ ... عزّ بنصرته ، في الساح بَذ ّالُ
هذا الشتات نلمّ اليوم شملتهُ ... إنّا إلى دُرُج العلياء قُفّالُ
طار الذباب عن الأجفان ممتعضا ... ما عاد للنوم بعد الصحْوِإقبالُ
عاد البريق إلى من عاش في صدإ ... و هاجرالخيلَ في الأدواء عُقّالُ
لأم الجراح شَفَاهُ الأوبُ في حُزُمٍ ... نحو الهداية والمختارمفضالُ
ألا وإنّ الحمى في الدين منتهَكٌ ... هبّوا جميعا إلى من جاء يختالُ
إن كان ينقصنا علمٌ وتقنية ٌ ... فالدين ناصرنا والله فعّالُ
*******************
عائدون يا رسول الله
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
أيّ رمحٍ رموه جهراً نهارا ؟ ... يحمل الإفك في السنان شعارا
طعنوا المسلمين في صلب دين ... عبثا بالرسول واستهتارا
نقرأ الحقد لاسواه ونرثي ... ذلنا لا يزيد إلاّ انكسارا
يُشتم الشافع المشفع فينا ... ثم نجثو على الصعيد حيارى
كيف تغدو الحياة بعد انبطاح ... مرّغ الأنف في التراب شنارا ؟!
نصرة الدين فوق كلّ هواء ... في رئات المليار يسري مِرارا
أخرس الوهن أمة الخير لما ... نخر الصدّ عظمها فتوارى
كالحلازين رخوة صيّروها ... جرّدوها لتلبس الأخطارا
أعرضتْ عن كتاب ربي فنالتْ ... من جزاء الفِعال خزيا وعارا(1024/31)
كيف تقوى على القصاص بردع ... وهي تخطو بمنسمين عِثارا ؟!
كيف ترضى رسولها في هوان ... في رسوم حقيرة تتبارى
حول جاه وعالمية صيتٍ ... وفلوس تضفي لها استكبارا ؟!
حسبنا الشتم بالكلام سبابا ... في خطاب مزخرف أشعارا
حسبنا الشجب والتظاهر سلما ... والصراخ المولول استنكارا
إنما يقظة الشعوب بحبّ ... عارم للرسول يجلي الستارا
بإقتداء واهتداء وسعي ... نحو خطو الدليل ليلا نهارا
عندها يلتقي المحيط فروحا ... بالخليج السعيد رتقا جوارا
ويرى " الدانمركُ " كم كان أغبى ... مابنى هدّموهُ ... صار قفارا !
ويعود " النرويج" يبكي على ما ... فات ... هل نقبل الإعتذارا ؟
تتوالى هزائم الغرب تترى ... ويحها لم تطق علينا اقتدارا
لم تعد أمة الحبيب كما ... كانت بذلّ فقد نفضنا الغبارا
أصبحتْ باتباع أحمد حصنا ... من صياصي الهدى بنت أسوارا
خفقتْ راية الإله بتوحيدٍ ... ترفرفَ ينتشي الإنتصارا
كلنا للفداء نمضي أسودا ... لك يا أكرم الأنام هُصارى
إننا عائدون لله بشرى ... لفلسطين والعراق بشارا
هكذا نصنع الحياة شموسا ... من فتيل الرسوم صرنا منارا
مكروا بالرسول والمكر سمّ ... يقتل الماكرين هودا نصارى
آية المكر في الكتاب دليل ... تصدقُ القول فافتحوا الأبصارا
يا هنانا بالحبيب لما يرانا ... قد رفعنا لواءه أنصارا
وهنانا برفقة منه لمّا ... نلتقي في الجنان صحبا جوارا
*******************
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري
محمد أشرف الأعراب والعجم
محمد خير من يمشي على قدم
محمد باسط المعروف جامعه
محمد صاحب الإحسان والكرم
محمد تاج رسل الله قاطبة
محمد صادق الأقوال والكلم
محمد ثابت الميثاق حافظه
محمد طيب الأخلاق والشيم
محمد رُوِيَت بالنور طينتُهُ
محمد لم يزل نوراً من القِدم
محمد حاكم بالعدل ذو شرفٍ
محمد معدن الأنعام والحكم
محمد خير خلق الله من مضر
محمد خير رسل الله كلهم
محمد دينه حق ندين به
محمد مجملاً حقاً على علم
محمد ذكره روح لأنفسنا
محمد شكره فرض على الأمم
محمد زينة الدنيا وبهجتها (1024/32)
محمد كاشف الغمات والظلم
محمد سيد طابت مناقبهُ
محمد صاغه الرحمن بالنعم
محمد صفوة الباري وخيرته
محمد طاهر من سائر التهم
محمد ضاحك للضيف مكرمه
محمد جاره والله لم يضم
محمد طابت الدنيا ببعثته
محمد جاء بالآيات والحكم
محمد يوم بعث الناس شافعنا
محمد نوره الهادي من الظلم
محمد قائم لله ذو همم
محمد خاتم للرسل كلهم
*****************
القصيدة المضرية
في الصلاة على خير البرية للإمام البوصيري
والأنبياء وجميع الرسل ما ذكروا ... يا رب صل على المختار من مضر
وصحبه من لطي الدين قد نشروا ... وصل رب على الهادي وشيعته
وهاجروا وله آووا وقد نصروا ... وجاهدوا معه في الله واجتهدوا
لله واعتصموا بالله فانتصروا ... وبينوا الفرض والمسنون واعتصبوا
يعطر الكون ريًّا نشرها العطرُ ... أزكى صلاة وأنماها وأشرفها
من طيبها أرج الرضوان ينتشر ... معبوقة بعبيق المسك زاكيةً
نجمُ السما ونبات الأرض والمدر ... عدَّ الحصى والثرى والرمل يتعبها
يليه قطر جميع الماء والمطرُ ... وعدّ وزن مثاقيل الجبال كما
وكُلِّ حرفٍ غدا يُتلى ويستطر ... وعد ما حوت الأشجار من ورقٍ
يليهم الجنُّ والأملاكُ والبشرُ ... والوحش والطير والأسماك مع نعم
والشعروالصوفُ والأرياشُ والوبرُ ... والذر والنمل مع جمع الحبوب كذا
جرى به القلمُ المأمورُ والقدرُ ... وما أحاط به العلمُ المُحيط وما
على الخلائقِ مذ كانوا ومذ حُشروا ... وعدَّ نعمائك اللاتي مننت بها
به النبيون والأملاك وافتخروا ... وعدَّ مقدارهِ السامي الذي شرُفت
وما يكون إلى أن تُبعثَ الصورُ ... وعدَّ ما كان في الأكوانِ يا سندي
أهل السماوات والأرضين أو يذروا ... في كل طرفةَ عينٍ يطرفون بها
الفرش والعرش والكرسي وما حصروا ... ملء السماوات والأرضين مع جبل
ـــــدوماً صلاةً دواماً ليس تنحصر ... ما أعدم الله موجوداً وأوجد معـ
تُحيطُ بالحد لا تبقي ولا تذرُ ... تستغرق العد مع جمع الدهور كما
ولا لها أمدٌ يُقضى فيُعتبرُ ... لا غايةً وانتهاءً يا عظيمُ لها(1024/33)
مع ضعف أضعافه يامن له القدرُ ... وعدًّ أضعاف ما قد مر من عدد
أمرتنا أن نُصلِّي أنت مقتدرُ ... كما تُحبُّ وترضى سيدي وكما
ربي وضاعفهما والفضل منتشرُ ... مع السلام كما قد مر من عدد
أنفاسِ خلقك إن قلوا وإن كثروا ... وكل ذلك مضروبٌ بحقك في
والمسلمين جميعاً أينما حضرُوا ... يا رب واغفر لقاريها وسامعها
وكلنا سيدي للعفو مفتقر ... ووالدينا وأهلينا وجيرتنا
لكن عفوك لا يُبقي ولا يَذرُ ... وقد أتيت ذنوباً لا عداد لها
وقد أتى خاضعاً والقلبُ منكسرُ ... والهم عن كل ما أبغيه أشغلني
بجاه من في يديه سبح الحجرُ ... أرجوك يارب في الدارين ترحمنا
فإن جودك بحر ليس ينحصرُ ... يا رب أعظم لنا أجراً ومغفرةً
وفرج الكرب عنا أنت مقتدرُ ... واقضِ ديوناً لها الأخلاق ضائقةٌ
لُطفاً جميلاً به الأهوال تنحسرُ ... وكن لطيفاً بنا في كل نازلةً
جلالةً نزلت في مدحه السورُ ... بالمصطفى المجتبى خير الأنام ومن
شمس النهار وما قد شعشع القمرُ ... ثم الصلاةُ على المختار ما طلعت
من قامَ من بعدِهِ للدين ينتصرُ ... ثم الرضا عن أبي بكر خليفته
من قولُهُ الفصلُ في أحكامِهِ عُمَرُ ... وعن أبي حفصٍ الفاروقِ صاحِبِهِ
له المحاسنُ في الدارين والظَّفرُ ... وجُد لعثمان ذي النورين من كمُلت
أهلُ العباءِ كما قد جاءنا الخبرُ ... كذا عليٌّ مع ابنيه وأُمهما
عبيدةٍ وزُبيرٌ سادةٌ غُرَرُ ... سعدٌ سعيدُ بن عوفٍ طلحةٌ وأبُو
ونجلُهُ الحبرُ من زالت به الغيرُ ... وحمزةٌ وكذا العباسُ سيدُنا
ماجن ليلُ الدياجي أو بدا السحرُ ... والآلُ والصحبُ والأتباعُ قاطبةً
***************
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام
عائض القرني ... ... ... ... ... ...
أنصت لميمة من أمم مدادها من معاني نون و القلمِ
سالت قريحة صب في محبتكم فيضاً تدفق مثل الهاطل العممِ
كالسيل كالليل كالفجر اللحوج غدا يطوي الروابي ولا يلوي علي الأكمِ
أجش كالرعد في ليل السعود و لا يشابه الرعد في بطش و في غشمِ
كدمع عيني إذا ما عشت ذكركم أو خفقِ قلبٍ بنار الشوق مضطرمٍ(1024/34)
يزري بنابغة النعمان روانقها و مَنْ زهير ؟ و ماذا قال في هرمِ
دع سيف ذي يزنٍ صفحاً ومادحه و تبّعا وبني شداد في إرمِ
و لا تعرّج علي كسرى و دولته وكل أصيد أو ذي هالة و كمي
و انسخْ مدائح أرباب المديح كما كانت شريعته نسخا لدينهمِ
رصّعْ بها هامة التأريخ رائعة كالتاج في مفرق بالمجد مرتسمِ
فالهجر و الوصل و الدنيا وما حملتْ و حبُ مجنونِ ليلى ضلة لعمي
دع المغاني و أطلال الحبيب و لا تلمح بعينك برقاً لاح في أضمِ
و انسَ الخمائلَ و الأفنان مائلة وخيمةً و شويهان بذي سلمِ
هنا ضياء هنا ري هنا أملٌ هنا رواء هنا الرضوان فاستلمِ
لو زُينتْ لامرء القيس انزوى خجلاً ولو رآها لبيدُ الشعرِ لم يقمِ
ميمية لو فتي بوصير أبصرها لعوذوه برب الحل و الحرمِ
سل شعرَ شوقي أيروي مثل قافيتي أو أحمد بن حسين في بني حكمِ
ما زار سوقَ عكاظ مثلُ طلعتِها هامتْ قلوبٌ بها من روعة النغمِ
أُثني علي منْ ؟ أتدري من أبجله ؟ أما علمت بمن أهديته كلمي
في أشجع الناسِ قلباً غير منتقم و أصدق الخلق طراً غير متهمِ
أبهى من البدر في ليل التمام و قل أسخى من البحر بل أرسى من العلمِ
أصفى من الشمسِ في نطق و موعظةٍ أمضى من السيف في حكم و في حكمِ
أغرٌ تشرق من عينيه ملحمةٌ من الضياء لتجلو الظلم و الظلمِ
في همة عصفت كالدهر و اتقدتْ كم مزقت من أبي جهل و من صنمِ
أتي اليتيم أبو الأيتام في قَدَرٍ أنهى لأمته ما كان من يُتمِ
محرر العقل باني المجد باعثنا من رقدة في دثار الشرك و اللممِ
بنور هديك كحلنا محاجرنا لما كتبنا حروفنا صغتها بدمِ
من نحن قبلك إلا نقطةٌ غرقتْ في اليم بل دمعة خرساء في القدمِ
أكاد أقتلع الآهات من حُرقي إذا ذكرتكَ أو أرتاعُ من ندمي
لما مدحتك خلتُ النجمَ يحملني و خاطري بالسنا كالجيش محتدمِ
شجعتُ قلبي أن يشدو بقافية فيك القريض كوجه الصبح مبتسمِ
صه شكسبير من التهريج أسعدنا عن كل إلياذة ما جاء في الحكمِ(1024/35)
الفرسُ و الرومُ و اليونان إن ذكروا فعند ذكراه أسمال على قزمِ
هم نمّقوا لوحة للرق هائمةً و أنت لوحك محفوظ من التهمِ
أهديتنا منبر الدنيا و غار حرا و ليلة القَدر و الإسراء للقممِ
و الحوضَ و الكوثرَ الرقراق جئت به أنت المزمل في ثوب الهدى فقمِ
الكونُ يسأل و الأفلاكُ ذاهلة و الجنُ و الإنسُ بين اللاء والنعمِ
و الدهر محتلف و الجو مبتهجٌ و البدر ينشق و الأيام في حلمِ
سربُ الشياطينِ لما جئتنا احترقتْ و نار فارس تخبو منك في ندمِ
و صفد الظُلْم و الأوثان قد سقطت و ماء ساوة لما جئت كالحممِ
قحطان عدنان حازوا منك عزتهم بك التشرّفُ للتأريخ لا بهمِ
عقود نصرك في بدر و في أحد و عدلاً فيك لا في هيئة الأممِ
شادوا بعلمك حمراء و قرطبة لنهرك العذب هب الجيل و هو ظمي
و من عمامتك البيضاء قد لبست دمشق تاج سناها غير منثلمِ
رداء بغداد من برديك تنسجه أيدي رشيد و مأمون و معتصمِ
و سدرة المنتهى أولتك بهجتها علي بساط من التبجيل محترمِ
دارستَ جبريل آيات الكتاب فلم ينس المعلم أو يسهو و لم يهمِ
اقرأ و دفترك الأيام خط به وثيقة العهد يا من بر في القسمِ
قربت للعالم العلوي أنفسنا مسكتنا متن حبل غير منصرمِ
نُصرتَ بالرعب شهراً قبل موقعة كأن خصمك قبل الحرب في صممِ
إذا رأوا طفلاً في الجو أذهلهم ظنوك بين بنود الجيش و الحشمِ
بك استفقنا علي صبح يؤرقه بلال بالنغمة الحرّا على الأطمِ
إن كان أحببت بعد الله مثلك في بدو و حضر و من عرب و من عجمِ
فلا اشتفى ناظري من منظر حسن ولا تفوه بالقول السديد فمي
**************************
خيرَ البرية نظرة إليَّ
خيرَ البرية نظرة إلىَّ ما أنت إلا كنزُ العطية
*********
يا بحرَ فضلٍ وتاج عدلٍ جدْ لي بوصلٍ قبل المنية
**********
حاشاكَ تغفلْ عنا وتبخلْ يا خير مرسل ْ ارحمْ شَجيّة
***********
كم ذا أنادي ياخير َ هاديْ قصدي مرادي عطفاً عليَّ
***********(1024/36)
أُهديكَ حِبِّي صلاةَ ربَّي ما دامَ قلبي بالذكرِ حيًّا
**************
ربيع الهدى
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
تجلى مولد "الهادي" علينا فضاء الكون وابتهج الزمان
وعاد البشر يملأ كل قلب كما غمر الهدى وعلى الأذان
ربيعك قد زهت فيه الأماني وطاب الشدو وانطلق اللسان
محبة"أحمد" كنز عظيم ففيها الفوز حقا والجنان
محبته تحقق كل خير ويحلو الود فيها والحنان
تزود من معين الحب تسمو فما لحوادث الدنيا أمان
لقد شرف (الربيع ) وكم تباهى "بأحمد"مثلما شرف الزمان!!
وأنت لنا على خلق عظيم ومنك الفضل والمنن الحسان
وأسوتنا "رسول الله"حقا ففيها عزنا وبها نزان
ولو أنا نهجنا نهج "طه" لكنا مثلما الأجداد كانوا
ولنا سادة الدنيا فلما هجرنا الدين حل بنا الهوان
فهلا عودة ترجى لماض يسود العدل فيها والأمان ؟
"محمد"سيد الكونين طرّ عم وجاء بمدحه السامي القران
*****************
رسول الهدى (1)
محمد صلى الله عليه وسلم
بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي
عَانِقي المجْدَ وَاخْفقي يَا بيدُ ... ... كُلُّ يَوْمٍ عَلى رِمَالِكِ عِيدُ
رَايةٌ بَعْدَ رَايَةٍ وَزُحوفٌ ... ... في مَيَادِينها وَفجْرٌ جَديدُ
لاَ يَزَالُ التّاريخُ يَدْفَعُهُ النَّصْـ ... ... ــرُ ويَبنِيهِ مُؤمِنٌ وشَهيدُ
وَالنُّبُوَّاتُ آيَةُ الله يُجْلَى الحَـ ... ... ـقُّ في نُورِها ويُجْلَى الوُجُودُ
تَصِلُ الأَرْضَ والزَّمَانَ فَتَمتَـ ... ... ــدُّ مَواثِيقُ أُمَّةٍ وَعُهُودُ
يَا لَحَقٍّ جُذُورُهُ ضَرَبَتْ في الأَ ... ... رْض وامْتَدَّ سَاقُهُ والعُودُ
إِنَّهُ جَوْهَرُ الحَيَاةِ وَفَيْضٌ ... عَبْقَرِيٌّ وَفاؤُهُ وَالجُودُ
إِنّهُ الوَحْيُ والرِّسَالةُ لِلنَّا ... ... سِ و هذا رَسُولُها المَشْهودُ
سَيِّدُ النَّاس ! بَيْنَ نَصْرٍ من اللَّـ ... ... ــهِ وَعِزًّ لِوَاؤُه مَعْقُودُ
إِنَّهُ أَحْمَدُ النّبيُّ ! فَبُشْرَى ... ... بَيْنَ آياتِ رَبِّهِ وَوَعِيدُ(1024/37)
فَمِنَ اللهِ كُلُّ فَضْلٍ عَلَيهِ ... ... آيَةُ الحقِّ والهُدَى التّوحِيدُ
* * ... * ... * *
يَا جَلالَ الإِسْراء : يحْمله الشـ ... ... ـوْقُ وَجِبْريلُ والبُرَاقُ الشَّديدُ
والفَضَاءُ الممتَدُّ يَنْشُرُ أَنْوا ... ... راً فَتَنَشَقُّ ظُلْمَةٌ وسُدُودُ
أَيُّ نُورٍ يَطُوفُ بالكَوْن تُجلى ... ... مِنْ سَنَاه أَحْنَاؤُنَا و الكُبُودُ
إِنه المُصْطَفَى ! أَطلَّ فَهَبَّتْ ... ... لِلقَاهُ نُبُوَّةٌ وَجُدُودُ
وإِذا السِّيدُ العَظِيمُ إِمَامٌ ... ... وجَلاَلٌ يَحُوطهُ وحُشودُ
وإِذا أَنْتِ يا فِلَسْطِينُ نُورٌ ... ... يَتَلاَلاَ وَجَوْهَرٌ وَعُقُودُ
فاخْشَعي يا رُبَى فهذِي دُرُوبٌ ... ... لجِنانٍ وَمَحشَرٌ وخُلُودُ
وَربَاطُ للهِ تَحْرُسُهُ العَيْـ ... ... ــنُ و قَلَبٌ ووثْبَةٌ وَزُنُودُ
* * ... * ... * *
يَا ظِلاَلَ الأَقْصَى ! نَدَاكِ غَنيُّ ... ... بالرَّجَا ، صَادِقُ الوَفَاءِ ، رَغيدُ
كلُّ شِبْرٍ بِهِ مَوَاقِعُ وَحْيٍ ... وَجِهادٌ عَلَى الزّمَانِ جَديدُ
إِنَّ دَاراً يحَوطُها اللهُ تأْبى ... ... أَنْ يُخَانَ الوَفَا وتُطْوَى الوُعُودُ
إِن أَرضاً لله لاَ يَتَوَلّى ... ... عن حِمَاهَا فتىً أَبَرُّ جَلودُ
مَنْ يَخُنْ عَهْدَهُ مَعَ الله يُرْهِقْـ ... ... ـهُ عَذَابٌ مِنْ ربِّهِ وَصَعُود (2)
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! سَلاَمٌ مِنَ اللَّـ ... ... ـهِ ومِنْ مُؤمِنٍ لَهُ تَرْديدُ
وصَلاةٌ عَلَيْكَ ، تَخْشَعُ فِيها ... ... أَضْلُعٌ أَسْلَمتْ وهذِي الكُبُودُ
كُلُّ فَتْح بَلغْتَهُ هَو آيا ... ... تٌ مِن الله خَيْرُها مَمدودُ
غَيْرَ أَنَّ القُلوبَ أقسى على الفَتْـ ... ... ـحِ وَأغْلى سبيلُها والجهُودُ
فَسَبيلُ القُلوبِ هَدْيٌ من اللـ ... ... ــه ، سَبيلُ البِلادِ سَيْفٌ حَدِيدُ
فإذا مَا التَقى على الحقِّ سَيْفٌ ... ... وَبَلاغٌ فَذَاك فَتحٌ مَجِيدُ
فَبَنَيْتَ الَّذي تُقَصِّرُ عَنْهُ ... ... عَبْقَرِياتُ أَعْصُرٍ وَحُشودُ(1024/38)
أُمّةُ لمْ تَزَلْ إِلى الله تَسْعَى ... ... هي فَتْحٌ مِنْهُ وَنَصْرٌ فَريدُ
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! سَلاَمٌ مِن اللَّـ ... ... ـهِ ومِنّا الوَفاءُ والتوحِيدُ
وَصَلاةٌ عَلَيكَ نَعْبُد فِيها اللَّـ ... ... ـهَ نرجو رضاءَه ونُعيدُ
رَحْمةٌ أَنْتَ لِلعِبَادِ مِنَ اللَّـ ... ... ــهِ وفَضْلٌ مُهْدًى وَخَيْرٌ مَدِيدُ
فاذْكُرِي " أُمَّ مَعْبَدٍ " قِصَّة الشَّـ ... ... ـاةِ وَقَدْ جَفَّ ضَرْعُها والوَرِيدُ (3)
مَسَحَ الضَّرْعَ في يَدَيْه رَسُولُ الـ ... ... لَّه فاشَتدَّ دَرُّهَا والجُودُ
رَوي الصَّحْبُ وانْثَنَوا وكأَنّ الضَّـ ... ... ـرعَ تَدْعو : لَئِن ظَمِئتُمْ فعودوا
آيةُ الله في يَدَيْهِ وَذِكْرُ الـ ... ... ـله في قَلْبِهِ خُشُوعُ وَحِيدُ
إِن رَوَى الصَّحْبَ كَفُّهُ فَهُدَاه ... ... يَرْتَوِي منه صَاحِبُ وَبَعيدُ
يَرْتَوي الدَّهْرُ من هُدَاه فَيَدْنُو ... ... مؤمِنُ خَاشِعُ وَيَنْأَى كَنُودُ
* * ... * ... * *
أَيُّها المصطفى ! تَفَرَّدْتَ في الخَلْـ ... ... ـقِ نَبِيّاً عُلاَكُ أُفْقُ فَرِيدُ
أَنْتَ مَعْنَى الوَفَاءِ : ذِكْرُكَ في الأَرْ ... ... ضِ حميدٌ وفي السَّماءِ حَميدُ
زَانَكَ اللهُ ! حُسْنُ وَجْهكَ إِشْرَا ... ... قٌ وإِشْرَاقُهُ جَلاَلٌ وَدُودُ
لا تَكادُ الشُّهُودُ تَملأ عَيْنَيْـ ... ... ـها فَيُغْضِي مِنَ الجَلاَل الشُّهُودُ
ذِرْوَةُ البَأْسِ في فُؤادك في الحَرْ ... ... ب إِذا احْمرَّ بأَسُهُا وَرُعُودُ
لَوْ تَنَادَوا مَن الفَوَارسُ في الدَّهْـ ... ... ــر لَقالُوا : ذا الفَارِسُ المَعْدُودُ
أَنْتَ في الحَرْب يَحْتَمي بِكَ أَبْطا ... ... لٌ وَيأْوي لِظِلِّكَ الصِّنديدُ
حَسْبُكَ المَدْحُ أَنْ تكون عَلَى خُلْـ ... ... ـقٍ عَظيمٍ يُتْلَى بِهِ الكِتابُ المُجيدُ
كُلُّ آيٍ مِنَ الكِتابِ وَذِكْرٍ ... ... هُوَ ذِكْرٌ على الزَّمَانِ جَدِيدُ
* * ... * ... * *
يَا رسُولَ الهُدَى ! حَمَلْتَ إِلى النَّا ... ... سِ سَلاماً يَرْعاه دِينٌ وصِيدُ(1024/39)
كم مَسحْتَ الدُّمُوعَ آسيتَ مَحْزَو ... ... ناً فَحَنَّتْ إِليك مِنْهُمْ كبُودُ
وَدَفَعْتَ الأَسَى وَرَعْشَة خَوفٍ ... ... فاطمأَنْت إِلى الوَفاءِ العُهودُ
أَنْتَ أَرجَعْتَ لابنِ آدَمَ حَقّاً ... ... كَمْ أَضاعَتْهُ فِتنةُ وجُحُودُ
وَعُتأةٌ بَغَوا عَلى النّاس حَتَّى ... ... تَاهَ في الدرْب جَائعٌ وطَرِيدُ
يا حُقُوقَ الإِنسان ! هذا هو الحَـ ... ... ـقُّ ! سِواهُ فباطِلٌ مَرْدودُ
إِنَّها مِنْحَةٌ مِن الله ! حَقٌّ ... ... لمْ تُشَرِّعْهُ عُصْبَةٌ وَعَبيدُ
فاسْتَقيموا للهِ نَبْنِ سَلاماً ... ... لمْ تخالِطْهُ فِتْنَةٌ ووعودُ
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! عَدَلْتَ وسَاوَيْـ ... ... ـتَ فَمَا جَارَ سَيِّدٌ ومَسُودُ
جَمَعَ اللَّهُ أُمَّةَ الحَقِّ إِخْوَا ... ... ناً فَهبّتْ عَزائِمٌ وَجُهودُ
غَيْرَ أَنَّ الزَّمَانَ حَالَ فَعَادتْ ... ... للشّياطِين دَولَةٌ وجُنودُ
أَشْعَلُوا الأَرْضَ فَجَّروهَا بَرَاكِيـ ... ... ـنَ فَمَادَتْ ذُراً ومَادَ عَمُودُ
صاحَ من هَوْل مَكْرِهم كُلُّ جَبّا ... ... رٍ وَجُنَّ اللَّهيبُ " والأُخدودُ "
غَيرَ أَنَّ اليقينَ يَبقَى ويمضي ... ... مَوكِبُ الحَقِّ يَجْتَلي وَيَرودُ
* * ... * ... * *
كَيْفَ أَرْقَى إِلى مَديحِكَ لكنْ ... ... غَلَبَ الشَّوقُ والحَنينُ الشّديدُ
غَلَبَ الشوقُ رَهْبَتي ، وصِرَاعٌ ... ... في فُؤادِي يَغيبُ ثُمَّ يَعُودُ
كُلَّما لَجَّ في فُؤادِيَ شَوْقٌ ... ... دَفَعَ الشَّوْقُ رَهْبَتي فَتَزيدُ
وإذا بالخُشُوعِ يَرْفَعُ أَشْوَا ... ... قي فَتَصْفُو وتَرْتَقي فَتَجُودُ
إِنما الله وَ الرَّسُولُ هُمَا الحُـ ... ... ــبُّ وَ لله وَحْدَه التَوحِيِدُ
يا لدَرْبٍ شَقَقَتَهُ " في سَبِيل الـ ... ... ـلَّه " عَهْدٌ عَلَى الزَّمَانِ جديدُ
مَاجَ فِيهِ مِنَ الهِدَاية نُورٌ ... وسَرَايا تتابَعَتْ وحُشوُدُ
* * ... * ... * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((1024/40)
1) ألقيت هذه القصيدة في مؤتمر حول ( المدائح النبوية تاريخها وأساليبها ) . أورانج أباد في الهند خلال الفترة : ( 26 ـ 28 )/2/1409هـ الموافق (7ـ9)/أكتوبر 1988م ثم جعلت هذه القصيدة جزءاً من ملحمة الأقصى وديوان مهرجان القصيد . وقدّمت في هذا المؤتمر بحثاً حول ( الإِطار الصحيح والأسلوب الأمثل للمدائح النبوية ) .
(2) صَعُود : جَبَلُ في جهنم ، عقبة شاقة .
(3) ( أمُّ معبد ) صاحبة الخيمة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسألان لحماً وتمراً يشتريانه منها . فلم يصيبوا شيئاً . فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة خلفها الجهد عن الغنم ودعا وسمى الله تعالى ، فتفاجَت عليه وذرت وروي الجميع . فآمنت وبايعت على الإسلام
. ... *****************
سيدي يا رسول الله ...!!
صالح محمد جرار
ها أنا ذا أقف بين يدي ذكراك المجيدة ، والبيان ضعيف الجناح ، لا يستطيع التحليق عالياً ليبلغ علاك !!
فكيف للهباءة أن تصف الشمس ؟ وكيف للسفح أن يرنو إلى القمة الشماء ؟
وكيف للقطرة أن تتحدث عن المحيط العظيم ؟
بل كيف للإنسان الملطخ برذائل الدنيا أن يقف بين يدي ذكرى سيد الأنبياء والمرسلين ؟
ولكنك ، يا سيدي ، يا رسول الله ، حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وإنك لعلى خلق عظيم !
وهل نحن مثلنا بين يدي ذكراك الكريمة تائبين إلى الله ، مستغفرين ، نرجو شفاعتك يوم الدين، فننال بها – إن شاء الله – دار المتقين !!
وصلى الله عليك وسلم ، يا من بعثت رحمة للعالمين !!
في ذكرى المولد النبوي الشريف
لمن الضياء أطل من علياء ؟ ... لمن البهاء بليلة غرّاءِ ؟!
لمن البشاشة فاض نبع بهائها ... وافترّ ثغر الكون عن لألاءِ ؟!
لمن البشائر في الوجود تراقصت ... ما بين ذي الغبراء والخضراء ِ
لمن البشائر أرّجت كل الدنا ... فتضاءل المعطار في استحياءِ
ولد الحبيب محمد ببهائه ... ميلاد فجرٍ بعد طول رجاءِ!!
ولد الذي غرس الحياة فضائلاً ... واختطّ درب رشادها بحراءِ!(1024/41)
ولد الذي لولاه ما خفقت لنا ... هذي القلب بخشية ورجاءِ!
هيّا اشكروا الرّحمن فهو يعمّنا ... بالنعمة المهداةِ والأنداءِ !
هيا اشكروا رب الوجود فإنه ... رحم الوجود بسيد الرّحماءِ!
صلى عليك الله يا علم الهدى ... ما أشرقت شمسٌ من العلياءِ
صلى عليك الله يا خير الورى ... ما أولج الأنْوار في الظّلماءِ
صلى وسلم ما أقام بكونه ... سنناً تقوم بقدرة البناء
قد شاء ربك أن تكون رسوله ... للعالمين ورحمة الأحياءِ
قد شاء ربك أن تكون مبشراً ... للمؤمنين ومنذر السفهاءِ
فرعاك في الأزل المغيب ذرّةً ... حتى ولدت فكنت خير عطاءِ
وحباك من خلق السّماء رفيعها ... حتى عرِفْتَ بأشرف الأسماءِ
وشببت في البلد الحرام مطهّراً ... من كل رجسٍ عمّ في الأرجاءِ
ودعاك قومك بالأمين وإنهم ... بهرتهم الأخلاق بهر ذُكاءِ
لكنهم –يا ويحهم – عبدوا الهوى ... حتى عموا عن أوضح الأشياءِ
فلقد أتيتهم بشرع إلههم ... فتنكّروا للشّرعة السمحاءِ
أسْمَعْتَهُم آيات ربك فانتضوا ... سيفَ الجهالة يا لسوءِ جزاءِ
عرفوك كالشمس المنيرة فوقهم ... لكنهم صدّوا عن الأضواءِ
وصبرت يا خير الأنام على الأذى ... حتى هُدُوا للسّمحةِ البيضاءِ
لو كنت فظاً جافياً لتفرّقوا ... عما دعوتَ إليه من نعماءِ
لكنك المختار من بين الورى ... لتكون فيهم أرحم الرحماءِ
فلقد بذذتَ العالمين مروءةً ... وحباك ربك صفوة الفضلاءِ
قد جاء في التنزيل ذكرك عالياً ... فلأنت مفطور على العلياءِ
علّمتَ صحبك أن، تكون حياتهم ... لله خالصةً بلاأقذاءِ
ووضعتَ في أيمانهم علم الهدى ... كيما يرفرف في سما الأحياءِ
فتركتَ فيهم هاديين على المدى ... ذاك الكتاب وسنةَ المعطاءِ
حملوا الأمانة مخلصين لربهم ... وتجردوا للدعوةِ الغرّاءِ
بالحكمة المثلى وحسن فعالهم ... وبحدّ سيف الحق في الهيجاءِ
دانت لهم دول تتيه ببأسها ... وهوَت عروشُ الكفرِ والظلماءِ
وبدوحةِ الدين الحنيف تفيّأَتْ ... تلك الشعوبُ بنعمةٍ وصفاءِ
ويدور دولاب الزمان فما نرى ... للعزّة القعساءِ أيَّ لواءِ(1024/42)
أين الذين بهمّةٍ بلغوا بنا ... كبد السماء وقبة الحوراءِ ؟
أين الألى اعتصموا بحبل إلههم ... حتى غدوا كالطود في النكباءِ؟
أين الألى طاروا نسوراً في العلا ... بجناح إيمانٍ وصدقِ فداءِ؟!
أين الذين فتوحهم شهدت لهم ... بالرحمة المسداة للضعفاءِ؟!
أين الخليفة حين جاء مكبّراً ... من روضة الهادي إلى "إيلياءِ"
لتكون قدس المسلمين على المدى ... وتُذَكّرَ الحنفاءَ بالإسراءِ!
بل أين أنت أيا صلاحُ لكي ترى ... ما حلّ بالأقصى من الأرزاءِ؟!
قد غاب عنه الصادقون فما ترى ... إلا نفاقَ الطغمةِ الحمقاءِ!
وترى شعوباً ذُلّلَت أعناقُها ... بالبطش والتقتيل والإفناءِ !
قد غاب جند الله عن ساح الفدا ... وأتى عبيدُ المالِ والأهواءِ
قد غاب أحرارٌ مَضَوْا بشهامةٍ ... وأتى العبيدُ بذلّةٍ وغباءِ!
فأولئك الأطهارُ فاحَ أريجهم ... واليومَ يخلُفُهُم كريهُ بذاءِ!
ماذا أقول أيا طبيب قلوبنا ... والله يعلمُ ما بِنا من داءِ؟!
ماذا أقول وقد تركنا شرعةً ... هي شِرْعَةُ الرّحمنِ للأحياءِ
فيها لما في الصدرِ طبٌّ ناجعٌ ... لاطبَّ يشفي غيرُ وحي سماءِ
ها قد أضعنا قدسَنا وبلادَنا ... من بعد هجر شريعةٍ سمْحاءِ
ها قد تحوّلنا غثاءً طافياً ... فوق السيولِ بغير ما اسماءِ
لم يبق من شيم الكرام سجيةٌ ... في مدّعي الإسلامِ والعرباءِ
إنا لبسنا عارَنا بجدارةٍ ... حتى غدَوْنا سبّةَ الأحياءِ
مالي أطلْتُ القوْلَ في وصف الدّجى ... ويلوحُ نجمٌ في حشى الظلماءِ؟!
ما النجمُ إلا فتيةٌ نشؤوا على ... حبّ الإلهِ ودينهِ المعطاءِ!
عمروا المساجدَ مخلصين لربّهم ... وتنزّلوا كتنزّلِ الأنداءِ!!
فلقد أضاؤوا ليلنا بشعاعهم ... حتى ارتقبنا دولةَ الأضواءِ
ما ضلّ سعيُ المسلمين إذا اهتدوا ... بشعاع شمسِ المصطفى الوضّاءِ
إني أتيتكَ يا حبيب قلوبنا ... بنجومِ شبّانٍ وضوءِ رجاءِ
إنا أتينا مطرقينَ رؤوسنا ... مما عليه القومُ من غلواءِ
وإلى رياضك جاء يسعى جمعنا ... وإلى رياضكِ رحلةُ السّعَداءِ
أنت الرحيم بنا وصدرك واسعٌ ... فكن الشفيعَ لأمّةِ الغرباءِ(1024/43)
غفرانك اللهم فارحم جمعَنا ... وكن النصيرَ لنا على الأعداءِ
***********************
صلاة الله وسلامه على الهادي
الإمام الشيخ صالح الجعفرى
على الهادى رسول الله صلاة الله سَلام الله
للمختار قد زُرْنَا لدار الخلد قد جٍئنا
وشاهدنا رسولَ الله وفى الرّوضات صَلّينا
وبحر الحبَّ أمْواجا رأيتُ الناسَ أفواجَا
لحُبٍ فى رسول الله ودمع الشوق ثجّاجَا
وعطر النّدَّ فواحُ وفى رؤياه أفراحُ
وسامَحَهُم رسولُ الله وأهل الحبَّ قد باحوا
وجاء الخيرُ والبرُّ ولاح النّور والسرُّ
برؤياهم رسولَ الله وأهل الله قد قرّوا
وقد زاروا رسولَ الله حبيب الله يلقاهم
لمن للمصطفى زاروا وغفرانُ و أسرارُ
من الهادى رسول الله عليهم تبدو أنوارٌ
وأقمارُ الهدى هلّت جيوش النفس قد ولّت
لمن زاروا رسولَ الله وسحبُ الخير قد عمّت
إلى الخلاَّق بارينا وشمس الدين تَهدينا
أتينا يا رسولَ الله رسولُ الله داعينا
بإقبال وإسعاد جمالُ المصطفى بادى
و شاهدنا رسولُ الله وعطرُ رَوَّحَ الوادى
بتوفيق بلا حجْب ونلنا غاية القرب
أبا القاسم رسولَ الله وزرنا سيدَ العُرْب
لدى المختار هاديها وهز الروحَ باريها
شهوداً فى رسول الله فنالت من أمانيها
وسلَّمنا على طه رياض الخلد نلناها
بإمدادٍ رسول الله وروح الحبَّ حَيّاها
على المختار ذى الذكر صلاةُ الله كالقطر
و آلٍ من رسول الله وصحبٍ سادةٍ غُرَّ
مديح المصطفى كرَّرْ متى ما الجعفرى حَرّرْ
بنورٍ من رسول الله ووجه الحبَّ قد نوّر
**************************
صلى الإله وسلما
شعر الأستاذ / عبدالسلام المآخذي _ صنعاء
والآل من ورثوا الكتاب المحكما ... صلى الإله على النبي وسلما
سعد المصلي بالنبي وأكرما ... صلوا عليه وسلموا وترحموا
و بآله في دينه مستعصما ... طوبى لمن أضحى بطه مغرما
و توسلاً صلى جوارك محرما ... طوبى لمن قصد المدينة زائراً
تعلو رياضك طيبها يروي الضما ... طه عشقنا قبةً نبويةً
إني لشوق لقائها أبكي دما ... طه عشقنا تربةً قدسيةً(1024/44)
يعلو النجوم البدر في كبد السما ... الأنبياءُ علوتهم فضلاً كما
ظهر البراق مشاهداً غيب السما ... هيهات أن يرقى سواك ويعتلي
طابت لنا الدنيا بذكرك دائما ... يارحمة الرحمن يا نور الهدى
لولاك ما صلى التقي وأحرما ... يا حجة الباري على كل الورى
***************
عذراً.. رسول الله!..
عبيد الشحادة
عَجولٌ لا سعادُ ولا طُلولُ ... تُشاغلني وقد أزِفَ الرحيلُ
فَمنْ لي صوَبهُ نُجُب المطايا ... تَغُذُّ السيرَ غايتُها الوصول
أتيتُكَ مرسَلاً بهوانِ قومي ... فرفقاً بالمُرَاسلِ يا رسول!
ولستُ بطالبٍ جاهاً ومالاً ... فأصغرُ همي العَرَضُ القليل
أبوءُ بذنبِ تقصيرٍ عظيم ... وطرفي منه منكسرٌ ذليل
لأسكبَ من دموعي منتهاها ... وحتى لو جرتْ منها سيول
أتغسِلُ عارَ مَنْ هانوا وذَلوا؟ ... وكيف ينظّفُ العارَ الغسيل؟!
رسولَ اللهِ عذراً عن قصورٍ ... وأنّى يُقبَلُ العذرُ الخجول؟!
قعدْنا دون نُصرتكَ انخذالاً ... وما من علة إلا الخمول
شُغلنا بالسفاسفِ من أمور ... وأشغلَ هَمَّنا الهمُّ البديل
فصار السيِّدَ المحسودَ فينا ... كثيرُ المال رابيه.. الكَسول؟
وذو الجاه المزركشُ بالتعالي ... كطاووسٍ له ذيلٌ طويل!
رسولَ الله معذرةً.. فقومي ... لديهم قد تكسّرَتِ النُّصول
وألقَوا بالرماح وكل قوسٍ ... وأُنزِلَ عن مُقلَّدِهِ الصقيل
وما عادت مراكبُهم خيولاً ... يُشَنِّفُ أُذنَهم منها الصّهيلُ
ولا الصّهواتُ تغريهم رُكوباً ... سواءٌ عندهم ثَورٌ وفِيل!
ففرسانُ الخيولِ غدوا عظاماً ... بكتهم في مرابطها الخيول..
إذا رُكبَ الجوادُ بدا جياداً ... كأنَ ظِلالَ واحدها رعيل
تسيرُ مهابةً منهم وفيهم ... فلا حَزَنٌ يُهاب ولا سهول
نفوسٌ تعشق الإقدامَ حتى ... يُحاذر بأسَها الموتُ الذليل
بأطراف الأسنّة مبتغاها ... ويُطربُها من النغمِ الصليل
أولئك من يحامي عن نبيٍ ... ويثبتُ لا يحيد ولا يميل
ويصمدُ والمنايا مُحدقاتٌ ... فإما قاتلٌ هو أو قتيل
ويصدقُ إن يفديه بروحٍ ... قؤولٌ صادقٌ.. بَرٌّ فَعول
رجالٌ أُرضِعوا لبناً صريحاً ... فنِعمَ الأصلُ واللبنُ الأصيل(1024/45)
فكانوا كالأسودِ على حماها ... تصولُ عزيزةً وبها تجول
وأما نحنُـ: إمَّا زِيرُ عشقٍ ... وإما مُتخَمٌ شَرِهٌ أكُول
رضيعُ البِيْدِ قَسورةٌ جَسورٌ ... ورُضَّعُنا من (النيدو) عُجول..
رسولَ الله عذراً قد كُنا رؤوساً؟ ... وإنّا الآنَ في الناس الذُيول
وكُنَا أمةً وسطاً كراماً ... يميزُنا بوسْطِ الناس طُول
وكُنّا مضربُ الأمثالِ فينا ... ومنَّا ينبعُ الخُلُقُ النبيل
فيا خجلي إذا بكَ جِيءَ يوماً ... وأنت شهيدُنا وبنا كفيل
ويا خجلي إذا ناديتَ يوماً ... إليه كلُّنا حتماً نؤول
وقلتَ أريدُ أحبابي بقربي ... وقربُك يومها شأنٌ جليل
فكيف نراكَ قُربَ الحوضِ ظَمأى؟! ... وحوضُكَ يرتوي منه الغليل
بماذا ندَّعي زوراً ونذي؟ ... وماذا عن مواقفنا نقول؟!
أكنّا أمةً نَخلاءَ؟ عوداً ... فخارَ بعزمنا الجسَدُ النحيل
أو أنّا أمةً فقراءُ؟ رزقاً ... وجانبَ قوتَنا الخيرُ الجزيل
نَعُولُ عوائلاً وبها انشغلنا ... فأورثنا المذلَّة مَنْ نعولُ
أو إنَّ نساءَنا تخشى علينا ... فبِئسَ غنيمةً تلك البُعول
أم أنا أمةٌ كثُرتْ عداداً ... وتعدادُ الرجالِ بها قليل
تفرَّق أمرُها شيَعاً وأضحى ... لكل في سياسته ميول
ففينا مُرجفٌ خافي النوايا ... وفينا مِنْ أكابرنا عميل
أيعجزُنا سفيهٌ ابنُ بغيٍ؟ ... وما كانتْ لتُعجزَنا النُّغُول
فيهزأُ بالنبيِّ بنشر رسمٍ ... يؤيِّدُه من القوم القبول؟
بداعي أنه حرٌ وأنّا ... تماهت في عواطِفنا العقول
وأنّا نركبُ الإرهابَ درباً ... ويجدرُ مسلكاً عنه العُدول
علوجٌ في زرائبها عجولٌ ... تخورُ.. وليس للبقر الصهيلُ
أيعجزُنا ونحنُ حماةُ دينٍ ... يقومُ به على الناس الدليل
لقد كانتْ قريشُ عتاةَ شِركٍ ... وكانَ الشركُ في دمها يسيل
وكان الرومُ أقوى مَنْ عليها ... وأمكنَ في بلادهم الدُخول
بصدق عقيدةٍ وطلاقِ دنيا ... وقومٍ ما استقرَّ بهم رحيل
يطوفون البلادَ ومستحيلٌ ... يرونَ أمَامهم ما يستحيل
رسولَ اللهِ معذرةً وعذراً ... إذا لم يبقَ عندي ما أقول!!..
**************
فدى لرسول الله
شعر: د.إبراهيم الحريري(1024/46)
فدى لرسول الله عرضي iiوتالدي ... وللذود عن عرض الرسول iiقصائدي
نبي كريم ذو وقار iiوهيبة ... حيي يصون النفس عن كل iiفاسد
حبيب إلى الرحمن خصك با iiلهدى ... وأنت بحمد الله فوق iiالمحامد
وأنت الذي بالخير جئت iiمبشرا ... ونبعك فياض ثري الموارد
وأنت الذي عم الخلائق iiفضله ... وأنت شفيع الخلق عند iiالشدائد
بلغت مقاما سامق القدر iiقدره ... وصرت إلى العلياء فوق المعاقد
فإنك شمس الكون في غرة iiالضحى ... وبدر الليالي بين تلك iiالفراقد
فما كان من خلق رفيع له iiانتمى ... به سارت الأمثال في كل iiآمد
وإني وإن أعملت كل iiقصائدي ... بمدحك لن أرقى لنيل iiمقاصدي
وقفت لكم شعري يظل iiمنافحا ... أذود به شر العدو المعاند
وإن رسوم السوء ليست iiجديدة ... على القوم في آدابهم iiوالعوائد
لحى الله ذاك الفعل والدين iiوالهوى ... فقد نسبوا لله فعل iiالتوالد
أساءوا إلى رب العباد بقولهم ... ثلاثة أربابٍ وكلٌّ iiكواحد
فمن سخفهم هذا الصليب iiلربنا ... تنزهت ربي عن شبيه iiمنادد
فقد ضلوا عن علم وقد تاهوا في عمى ... وقد أركسوا في غيهم iiوالمكائد
لقد شرعوا فعل الحرام iiببعضهم ... فهم فيه أحرار الخنا iiوالتسافد
فكم أشعلوا نارا إلى الحرب iiبينهم ... وكم أفسدوا في كلّ حيٍّ iiوجامد
وكم نهبوا خيرات شعب iiوأمة ... فلم يطعموها غير فضل iiالموائد
فهذي حقول النفط في الغرب iiخيرها ... ومن دمنا بترول تلك القواعد
فيا موت زر إن الحياة ذليلة ... ويا نفس عيشي بالأسى iiوالتلاهد
ألسنا الألى جئنا إلى الناس iiبالهدى ... وفي منهج القرآن كل iiالفوائد
فلم يعرف التاريخ مثل فتوحنا ... وألقت لنا الدنيا زمام المقا iiلد
رمونا من الألقاب كل iiنقيصة ... وهم أولى منا باقتراف iiالمفاسد
فمن قتل الأطهار يحي iiوغيره ... ومن نكث الأيمان بعد iiالتعاهد
فمن كيدهم رفع المسيح إلى iiالسما ... ومن رجسهم ضجت عذارى iiالمعابد
أتوا بجيوش أشعل الحقد iiنارها ... وأضغان قسٍّ يرتدي ثوب iiزاهد
جموع من الأوباش لا يدرى قصدها ... سوى أنها جاءت بشر iiالمقاصد(1024/47)
لقد حشد الإفرنج كل iiجيوشهم ... ملوك وأجناد بعرض iiالفدافد
فعاثوا فسادا واستحلوا iiبلادنا ... وقد دمروا بالقدس كل iiالمساجد
وقد قتلوا الآلاف منا iiبساحها ... وكم نكلوا في عرضنا iiوالولائد
وعم بلاد الشام حزن iiوذلة ... ومصر دهتها داهيات iiالشدائد
فجاء عماد الدين بالعدل iiوالتقى ... ومن ثم لم الشمل بعد iiالتباعد
وأيقظ روحا للجهاد iiبعزمه ... وأعمل سيف الحق في كل iiجاحد
على نهجه سار الشهيد متابعا ... فكان بحق من سليل الأماجد
فذاك الذي جاء الرسول iiملبيا ... على عجل والقبر أكبر iiشاهد
وكان مقال الصدق منه iiوجنده ... سنحمي نبينا بالسيوف الحدائد
وبعد أتى الميمون يوسف iiمنقذا ... صلاح الذي قد كان خير iiمجاهد
فسار بحمد الله يلقى جموعهم ... بحطين والأيام خير شواهد
أذل ملوك الغرب في ذالك iiاللقا ... وحرر مسرانا بسمر iiالسواعد
ولقنهم درسا من الخلق iiوالوفا ... به سارت الأمثال في عفو iiقائد
ولكن طبع الكفر فيهم iiمؤصل ... حرام وإجرام ونكران iiحاسد
لقد كنا أرقى شرعةً iiوحضارةً ... بأندلسٍ شدنا طوال iiالعمائد
فكانت منار العلم والفكر والهدى ... وقرطبةٌ أضحت هوى كل iiقاصد
إلى أن أتاها دامس الليل فانطفت ... كما يُطفئ الخيرات iiجرذالحواصد
على مثلها تدمى القلوب iiتحسراً ... فما حلّ فيها فوق وصف iiالقصائدِ
فكم سامنا خسفٌ وأعراض iiدُنّست ... وبيعٌ لحرّاتٍ بسوق iiالمرابد
وقسرٌ على تغيير دينٍ iiوكنية ... وقتل وتنكيل على كل iiصاعد
كأن لم يكن بين الحجون إلى iiالصفا ... أنيسٌ وصحبٌ من كريمٍ وماجدِ
فيا لهف نفسي كم أصابنا من iiأذىً ... إلى اليوم والزّوراء أكبر iiشاهد
نُساق إلى ذلّ السجون iiبأرضنا ... ونُسقى من الغصّات سمّ الأساود
إلى أن أتى من جاء يهجو iiنبيّنا ... ويقذفنا بالموبقات iiالعدائد
فاستنسر الطير البغاث iiبأرضنا ... وصرنا لأطماع العدا iiكالطرائد
ويامن رسمت السوء لم تك iiمنصفا ... فما أنت إلا من سلالة حاقد
رقيت مقاما عالي القدر iiشأنه ... بسوء وبهتان وخبث iiالجرائد(1024/48)
نبي الهدى يفديك كل رجالنا ... وتفديك منا ناعمات iiالخرائد
رؤوف رحيم فوق كل iiعبارة ... بمدح له بل فوق كل iiالمساند
فمن يقترب من حوض طهرك iiيلقنا ... رجال الحمى صدق الوغى iiوالتجالد
فيا أمة الإسلام يكفينا iiفرقة ... وزاد الذي فينا افتراء iiملاحد
فإن هان قوم في عرين iiبلادهم ... لهانوا بعين الحاقدين iiالأباعد
وما اللوم إلاّ أن قومي iiعالةٌ ... على القوم في إنتاجهم والمقاصد
ونستورد الأجبان واللحم iiوالدوا ... وفيها الذي نخشاه من جلب iiفاسد
وفي أرضنا مخزون خيرٍ iiوثروةٍ ... وفيها بحار النفط جارٍ iiوخامد
تلالٌ من الغلات لا يُحصى iiعدها ... وأنهار ماءٍ رافدٌ إثر iiرافد
ونحن توسّطنا من الأرض iiقبلةً ... ونحن شهود الله يوم iiالتوافد
إلام يظل الغرب يملك iiأمرنا ... بكل الذي نحتاجه من iiموارد
فهلاّ إلى أمجاد ماضٍ iiنعيدها ... خطى نقتفيها في جميع iiالمشاهد
ونعلي لواء الحق في كل iiوجهة ... من الأرض في أتلاعها iiوالمراصد
عسى الله رب الكون يجبر iiكسرنا ... ويشفع فينا المصطفى في الشدائد
ونثأر لا بالقول ممن iiأساءنا ... ولكن بصدق الفعل من كل iiواحد
ونرقى إلى العلياء منّا iiبهمةٍ ... ترد لنا روحا من المجد iiخالد
********************
في ذكرى المولد
هذه القصيدة من قصائد المناسبات الإسلامية ... نظمها الدكتور يوسف القرضاوي في ذكرى المولد النبوي الشريف عام 1370هـ ,1950 م في القاهرة .. وقد نشرت في مجلة الدعوة التي كانت تصدر في القاهرة ... وتبلغ أبيات القصيدة ستة وستين بيتا .
هو الرسول فكن في الشعر حسّانا وصغ من القلب في ذكراه ألحانا
ذكرى النبي الذي أحيا الهدى وكسا بالعلم والنور شعبا كان عريانا
أطل فجر هداه والدجى عمم بات الأنام وظلوا فيه عميانا
هذا يصور تمثالا ويعبده وذاك يعبد أحبارا وكهانا
الكون بحر عميق لا منار به لم يدر فيه بنو الإنسان شطئانا
ويل الصغير !وقد صار الورى سمكا يسطو الكبير عليه غير خشيانا !(1024/49)
فدولة الروم حوت فاغر فمه يطغى على تلكم الأسماك طغيانا
ودولة الفرس حوت مثله كشرت أنيابه للورى بغيا وعدوانا
وحشية عمت الدنيا أظافرها ! جهالة أصلت الأكوان نيران !
الليل طال ! ألا فجر يبدده؟ رباه أرسل لنا فلكا وربانا !
هناك لاح سنا المختار مؤتلقا يهدي إلى الله أعجاما وعربانا
يتلو كتاب هدى كان الإخاء له بدءا وكان له التوحيد عنوانا
لا كبر- فالناس إخوانا سواسية لا ذل , إلا لمن سواك إنسانا
يقود دعوته في اليم باخرة تقل من أمها شيبا وشبانا
السلم رايتها والله غايتها لم تبغ , إلا هدى منه ورضوانا
جرت بركبانها لا الريح , زلزلها ولا يد الموج مهما ثار بركانا
وكم أراد العدا إضلالها عبثا وحاولوا خرقها بالعنف أزمانا
واها ! أتخرق والرحمن صانعها ؟ والله حارسها من كل من خانا !
أم هل تضل سفين "بيت أبرتها" وحي من الله يهدي كل حيرانا ؟!
أم كيف لا تصل الشطئان باخرة ربانها خير خلق الله إنسانا ؟َ!
تلك الرواية والهفي ممثلة في العالم اليوم في بلدانه الآنا
إن يختلف الاسم فالموضوع متحد مهما تلونت الأشخاص ألوانا
فالناس قد اتخذوا الأهواء آلة إن كان قد تخذ الماضون أوثانا
الشعب يعبد قوادا تضلله كما يضلل ذو الإفلاس صبيانا
والحاكمون غدا الكرسي ربهم يقدمون له الأوطان قربان
إن ماتت الفرس فالروسيا تمثلها أما ستالين فهو اليوم كسرانا
وان تزل دولة الرومان فالتمسوا في الانجليز وفي الأمريك رومانا
وإن يمت قيصر فانظر لصورته في شخص آتلي ومولاه ترومانا
سياسة الكل إن يبقى الورى سمكا وأن يكونوا همو في البحر حيتانا
* * *
يا خير من ربت الأبطال بعثته ومن بنى بهمو للحق أركانا
خلفت جيلا من الأصحاب سيرتهم تضوع بين الورى روحا وريحانا
كانت فتوحهمو برا ومرحمة كانت سياستهم عدلا وإحسانا
لم يعرفوا الدين أورادا ومسبحة بل اشربوا الدين محرابا وميدانا
فقل لمن ظن أن الدين منفصل عن السياسة: خذ ياغر برهانا(1024/50)
هل كان أحمد يوما حلس صومعة ؟ أو كان أصحابه في الدير رهبانا؟
هل كان غير كتاب الله مرجعهم ؟ أو كان غير رسول الله سلطانا؟
لا بل مضى الدين دستورا لدولتهم وأصبح الدين للأشخاص ميزانا
يرضى النبي أبا بكر لدينهمو فيعلن الجمع: نرضاه لدنيانا
* * *
يا سيد الرسل طب نفسا بطائفة باعوا إلى الله أرواحا وأبدانا
قادوا السفين فما ضلوا ولا وقفوا وكيف ولا ! وقد اختاروك ربانا؟!
أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم والناس تزعم نصر الدين مجانا
أعطوا ضريبتهم صبرا على محن صاغت بلالا وعمارا وسلمانا
عاشوا على الحب أفواها وأفئدة باتوا على البؤس والنعماء إخوانا
الله يعرفهم أنصار دعوته والناس تعرفهم للخير أعوانا
والليل يعرفهم عباد هجعته والحرب تعرفهم في الروع فرسانا
دستورهم لا فرنسا قننته ولا روما , ولكن قد اختاروه قرآنا
زعيمهم خير خلق الله لا بشر إن يهد حينا يضل القصد أحيانا
"الله اكبر".. مازالت هتافهمو لا يسقطون ولا يحيون إنسان
* * *
نشكو إلى الله أحزابا مضللة كم أوسعونا إشاعات وبهتانا
ما زال فينا ألوف من أبي لهب يؤذون أهل الهدى بغيا ونكرانا
ما زال لابن سلول شيعة كثروا أضحى النفاق لهم وسما وعنوانا
يا رب إنا ظلمنا , فانتصر , وأنر طريقنا , واحبنا بالحق سلطانا
نشكوا إليك حكومات تكيد لنا كيدا, وتفتح للسكسون أحضانا
تبيح للهو حانات وأندية تؤوى ذوي العهر شرابا ومجانا
فما لدور الهدى تبقى مغلقة ؟ يمسي فتاها غريب الدار حيرانا
يا رب نصرك , فالطاغوت أشعلها حربا على الدين إلحادا وكفرانا
* * *يا قوم قد أيد التاريخ حجتنا وحصحص الحق للمستبصر الآنا
إنا أقمنا على إخلاص دعوتنا وصدقها إلف برهان وبرهانا
لقد نفونا فقلنا : الماء أين جرى يحيي الموات ويروي كل ظمآنا
قالوا: إلى السجن, قلنا : شعبة فتحت ليجمعونا بها في الله إخوانا
قالوا: إلى الطور, قلنا: ذاك مؤتمر فيه نقرر ما يخشاه أعدانا!(1024/51)
فهو المصلى نزكى فيه أنفسنا وهو المصيف نقوي فيه أبدانا
معسكر صاغنا جندا لمعركة ومعهد زادنا للحق تبيانا
من حرموا الجمع منا فوق أربعة ضموا الألوف بغاب الطور أسدانا!
راموه منفى وتضييقا , فكان لنا بنعمة الحب والإيمان بستانا!
هذا هو الطور شاءوا أن نذوب به وشاء ربك أن نزداد ايمانا
******************
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا *** نُعَانِي تَحْتَ أَهْوَالٍ عِظَامِ
أَمَاتُوا أُمَّةً هَانَتْ وَنَادُوا *** بِأَنَّ سُبَاتَنَا لِلدِّينِ حَامِ
وَهُمْ أَعْدَاؤُنَا سِرّاً وَلَكِنْ *** هُنَاكَ تَفَاوُتٌ عِنْدَ الصِّدَامِ
فَبَعْضٌ فِي التُّرَابِ يَدُسُّ رَأْساً *** وَيَشْمَخُ بِاسْتِهِ مِثْلَ النَّعَامِ
وَآخَرُ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ زَيْفاً *** يَسُوسُ النَّاسَ قَسْراً بِالحُسَامِ
يَرَوْنَ دِمَاءَنَا لِلسَّفْكِ حِلاًّ *** قُسَاةً يَلْهَثُونَ بِلاَ أُوَامِ
غَدَاةَ السِّلْمِ كُلُّهُمُ صُقُورٌ *** وَعِنْدَ الحَرْبِ أَشْبَهُ بِالحَمَامِ
يَدُوسُونَ النُّفُوسَ بِلاَ حَيَاءٍ *** وَقَدْ جُبِلُوا عَلَى سَحْلِ الأَنَامِ
غِثَاءُ السَّيْلِ صَارَ لَنَا شَبِيهاً *** نَهِيمُ بِلاَ هُدَىً مِثْلَ السَّوَامِ
رَسُولَ اللهِ لاَ تَأْبَهْ لِرَسْمٍ *** شَنِيعٍ صَاغَهُ بَعْضُ اللِئَامِ
تَصَدَّى نُورُ وَجْهِكَ دُونَ لأْيٍ *** مَعَ الإِيمَانِ جَهْراً لِلظَّلاَمِ
فَزَالَ الكُفْرُ عَنْ قَيْسٍ وَأَضْحَتْ *** بِكَ الرُّكْبَانُ تَرْفُلُ بِالسَّلاَمِ
وَهَا شَاهَدْتَ فِي الأَجْسَادِ نَزْفِي *** وَقَدْ كَرُّوا عَلَى المَوْتِ الزُّؤَامِ
شَبَابٌ لاَ يَخَافُونَ المَنَايَا *** تَداعُوا لِلَّظَى وَالأُفْقُ دَامِ
فِدَاكَ أَبِي وَرُوحِي دُونَ مَنٍّ *** أُقَدِّمُهَا إِلَى مَرْمَى السِّهَامِ
وَلَوْ قَدْ كَانَ لِي رَهْطٌ وَخَيْلٌ *** لأَسْمَعْتُ الأُلَى خَسِئُوا كَلاَمِي(1024/52)
وَلَكِنْ لاَ سِلاَحَ لَهُ نُفُوذٌ *** سِوَى قَلَمِي لإِيقَاظِ النِّيَامِ
فَلَيْتَ لَنَا بِجَوْفِ الغِمْدِِ سَيْفاً *** وَلَيْتَ لَنَا وَرَاءَ القَوْسِ رَامِ
جَمِيلُ الفِعْلِ لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ *** نَزِيهٌ أَنْتَ عَنْ كُلِّ اتِّهَامِ
نِدَائِي يَا رَسُولَ اللهِ يَوْماً *** بِأَنْ أُشْفَى بِحَوْضِكَ مِنْ سَقَامِي
بِمَدْحِكَ أَرْتَجِي وَالوَيْلُ خَلْفِي *** وَقَدْ عَاثَ العِدَى حُسْنَ الخِتَامِ
********* **********************
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ *** وَابكِي عَلَى الفَضلِ وَالأَخلاقِ وَالأَدَبِ
وَاستَفرِغِي الدَّمعَ لا تُبقِيهِ قَد عَظُمَت *** مُصِيبَةُ الكَونِ سُبَّ المُصطَفَى العَرَبي
سَبُّوا نَبيَّ الهُدَى وَاستَهزَؤُوا عَلَنًا *** بِالهَاشِمِيِّ المُفَدَّى طَاهِرِ النَّسَبِ
سَبُّوهُ وَاستَهزَؤُوا وَاستَمطَرُوا غَضَبًا *** فَليَرقُبُوا عَن قَرِيبٍ ثَورَةَ الغَضَبِ
يَا وَيحَهُم أَيُّ جُرمٍ قَد أَتوهُ أَمَا *** لِلحِقدِ حَدٌّ وَزُورِ القَولِ وَالكَذَبِ
يَا وَيحَهُم أَينَ مَا كَانُوا إِلَيهِ دَعَوا *** في مجلِسِ الأَمنِ مِن سِلمٍ وَمِن رَحَبِ
أَينَ الحِوَارَاتُ أَمْ أَينَ القَرَارَاتُ أَمْ *** أَينَ الوُعُودُ التي صِيغَت مِنَ الذَّهَبِ
أَمْ أَنها دُولَةٌ بَينَ اليَهُودِ وَمَنْ *** أَمسَى عَلَى دَربِهِم مِن عَابِدِي الصُّلُبِ
تَبًّا لها مِن حِوَارَاتٍ وَتَبًّا لَهُ *** سِلْمًا يُدَانُ بِهِ إِلا مَعَ العَرَبِ
بِالأَمسِ أَبدَوهُ تحقِيقًا لِمَصلَحَةٍ *** كَانَت تُدَارُ وَأَخفَوا غَيضَ مُرتَقِبِ
وَاليَومَ فَاهُوا بما تُخفِي صُدُورُهُمُ *** مِن إِحنَةٍ زَالَ عَنهَا مُظلِمُ الرِّيَبِ
الحِقدُ قَد بَانَ وَالبَغضَاءُ قَد ظَهَرَت *** وَالكُرهُ قَد شَبَّ في الطَّاغِينَ كَالجَرَبِ(1024/53)
يُمسِي بِبَلدَةِ أَوغَادٍ وَيُصبِحُ قَد *** أَلقَى بِأُخرَى رِحَالَ القَصدِ عَن كَثَبِ
أَغرَى بِهِ سَاسَةُ الأَبقَارِ إِخوَتَهُم *** فَاستَجمَعُوا النَّطحَ في هَرجٍ وفي صَخَبِ
لم يَرقُبُوا مَوثِقًا فِينَا وَمَا اكتَرَثُوا *** يَومَ استَخَفُّوا بِدِينٍ أَو بِعِرضِ نَبي
لَكِنْ لَنَا اللهُ مَولانَا نُؤَمِّلُهُ *** عِندَ الرَّخَاءِ وفي الشِّدَّاتِ وَالنُّوَبِ
رَبًّا يَغَارُ وَمَن يَطْلُبْهُ يُدرِكْهُ لا *** أَرضٌ تَقِيهِ وَلا قَصدٌ إِلى هَرَبِ
وَهْوَ الحَسِيبُ وَكَافِينَا وَنَاصِرُنَا *** في كُلِّ خَطبٍ فَلا نَخشَى مِنَ الغَلَبِ
اليَومَ نَبكِي بِدَمعٍ سَاجِمٍ وَغَدًا *** قَد يَضحَكُ الدَّهرُ مِن أُنسٍ وَمِن طَرَبِ
***********************
أطبق الليل واختفت أضواء
أطبق الليل واختفت أضواء *** وتوالى على النفوس البلاء
ودموع همتْ كأمطار مُزْنٍ *** واقْشَعَرَّتْ بسيطة وسماء
وبحار بمائها وجبال *** راسيات جثى عليها الوباء
وسحاب تمر مر غضوب *** ليس ماء يزينها أو هواء
نعم تصطلي برمضاءِ قَحْط *** هي عطشى وما هنالك ماء
وانظر الورد والزهور بروض *** مسها الضر واعتراها الحياء
شجر مذبل ودوح تهاوى *** وزروع من الونى حدباء
ها هي الشمس في السماء اكْفَهَرَّتْ *** وانحنى البدر والْتَوَتْ جوزاء
كل شبر على البسيطة يشكو *** من أناس كما يقال غثاء
دينها يعتدى عليه جهارا *** ورسول يسبه الجهلاء
كيف نرضى مذلة وهوانا *** كيف نرضى الخضوع أين الإباء
أي نصر ونحن في بئر لهو *** أي عز وقد غزانا الرباء
أي نصر ومنتدانا المخازي *** أي نصر وثوبنا الكبرياء
أيها المسلمون في كل قطر *** أيها الأتقياء والأولياء
سددوا السهم فالعدو تمادى *** لا تذلوا فأنتم العلياء
أرشقوا بالنبال كل عتل *** حربه الصالحون والأنبياء
وحدوا صفكم بجد وعزم *** وانصروا الله أيها الأوفياء
قاطعوا المنتجات صبوا عذابا *** لا تلينوا وللرسول أساؤا(1024/54)
دانمركي ما رسمت لَرُزْءٌ *** وخطوب وغارة شَعْوَاءُ
دانمركي نلت ذلا وخسفا *** كل عرض لعرض طه فداء
سيد المرسلين خير البرايا *** قائد الغر رحمة وهداء
صل ربي على الرسول وآل *** وصحاب ما غردت ورقاء
***********************************
فجأةً شاعَ الخبرْ
فجأةً شاعَ الخبرْ *** هزَّ قلبي مذْ خَطَرْ
قلتُ في نفسي عسى *** كِذْبُ إعلامٍ عبَرْ
فاستعدتُ الحسَّ منّي *** مُدركاًً فحوى الخبرْ
هزَّني صوتُ المذيعِ *** (آذوا) أحمدْ يا بشرْ
حسرةٌ بانتْ لعيني ***بعدها الدمعُ انهمرْ
قمتُ مذعوراً أنادي *** هلْ بهذا نُختبرْ؟
ياحبيبي هاكَ نحري *** دونكَ القلبُ انفطرْ
يا حبيبي يا شفيعي*** أنتَ قلبي و النظرْ
يا حبيبَ اللهَ صبراًً*** حانَ ميعادُ الظفَرْ
قدْ صحونا منْ رُقادٍ *** وانتبهنا للخطرْ
واجتمعنا بعدَ نأي ٍ *** بعدَ ما كنّا زُمَرْ
ياحماةَ الدينِ هيّا *** فانصروا خيرَ البشرْ
مزّقوا كلّ كفورٍ *** ناشراً ذاكَ الخبرْ
مزّقوهُ كيْ يكونَ *** عِبرةً فيمنْ عبرْ
قاطعوا كلَّ نِتاجٍ *** فيهِ أيدي منْ كفرْ
مزّقوا كلَّ الجرائدْ *** قطّعوا كلَّ الصورْ
واحرقواحتى الهواءَ *** وادفنوهمْ في الحُفرْ
وانصروا خيرَ البرايا *** منْ لهُ انشقَّ القمرْ
منْ لهُ الأفلاكُ دانتْ *** منْ لهُ الكونُ انحسرْ
هلْ جزاءُ التائبينَ *** غيرَ حورٍ و سُرَرْ
هلْ جزاءُ الصابرينَ *** غيرَ طلْحٍ و نَهَرْ
مُنتهى حُبُّ النبيّ *** سجدةٌ عندَ السحرْ
ياجنودَاللهَ ارمي *** واقذفيهمْ بالشرَرْ
كُلُّنا جُندٌ لطهَ *** كُلُّنا أضحى عُمرْ
************************************
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ *** وَرَمْزَ السَّفَاهَةِ رَمْزَ النِّقَمْ
أَلَمْ تَهْجَعُوا مِنْ عَدَاءِ الرَّسُوْلِ *** وَسُوْءِ التَّعَامُلِ مُنْذُ الْقِدَمْ(1024/55)
أَمَا آنَ لِلظُّلْمِ أَنْ يَنْتَهِيْ *** أَمَا آنَ لِلشَّرِّ أَنْ يُخْتَرَمْ
سَخِرْتُمْ بِشَخْصِ النَّبِيِّ الْكَرِيْمِ *** وَأَضْرَمْتُمُ النَّارَ بَيْنَ الأُمَمْ
أَتَهْزَأُ يَا غُدْرُ بِالْمُصْطَفَى *** إِمَامُ النَّبِيِّيْنَ طَوْدٌ أَشَمْ
رَسُوْلُ عَلَى خُلُقٍ نَيِّرٍ *** وَدِيْنٍ قَوِيْمٍ وَرَمْزِ الْهِمَمْ
أَنَرْوِيْجُ أَسَّسْتِ مَوْقُوْتَةً *** بَنَيْتِ مِنَ الْجَهْلِ أَعْتَى لَغَمْ
وَكُنْتِ عَنِ الشَّرِّ فِيْ مَعْزِلٍ *** لَبِسْتِ مِنَ السُّخْرِ ثَوْبَ التُّهَمْ
وَالدَّانَمَرْكِيُّ شَيْنُ الْوَرَى *** تَعَدَّى الْحُدُوْدَ بِرَسْمِ الْقَلَمْ
أَسَاءَ إِلَى الْمُصْطَفَى مُعْلِنًا *** رِضَاهُ وَأَوْغَلَ فِيْنَا الأَلَمْ
وَسَدَّدَ سَهْمًا إِلَى أُمَّةٍ *** تَحَلَّتْ بِنُوْرِ الْهُدَى وَالْقِيَمْ
ومَوْجُ الْعُتَاةِ أَتَى مُعْلِنًا *** بِنَقْض الْعُهُوْدِ وَنَكْثِ الْقَسَمْ
************
أَيَا أُمَّةَ الدِّيْنِ مَاذَا الْوَنَى *** فَذُلُّ التَّوَانِيْ بِنَا قَدْ أَلَمّْ
شَبَابٌ تَرَبَّى عَلَى غَفْلَةٍ *** وَرَقْصٍ وَلَهْوٍ وَتَرْكِ الْقِيَمْ
تَرَبَّى عَلَى نَغْمَةِ الْفَاتِنَاتِ *** فَأَيْنَ الإِبَاءُ وَأَيْنَ الشِّيَمْ
أَيَسْخَرُ مِنْ شَرْعِنَا زُمْرَةٌ *** قَدِ اغْتَالَهَا سُوْءُ فِكْرٍ أَصَمَ
وَأَنْتُمْ عَلَى مَوْج بَحْرِ الْهَوَى *** فَأَيْنَ الْعُهُوْدُ وَأَيْنَ الذِّمَمْ
فَتُوْبُوا فَفِي الدِّيْنِ عِزٍّ لَكُمْ *** ونصرٌ وفخرٌ وفضلٌ وكم
************
أَيَا أُمَّةَ الدِّيْنِ مَاذَا أَرَى *** دَيَاجِيْرَ ظُلْمٍ وَلَيْلاً أَطَمّْ
أَرَى مَوْجَةَ الشَّرِّ قَدْ آذَنَتْ *** بِحَرْبٍ عَلَى دِيْنِنَا الْمُحْتَرَمْ
أَرَى مَوْجَةَ الظُّلْمِ قَدْ خَيَّمَتْ *** عَلَى حَافَةِ الدِّيْنِ دِيْنِ الْقِيَمْ
وَنَحْنُ عَلَى جُرُفِ الْهَاوِيَاتِ *** نُغَازِلُ بُرْكَانَ هَمٍّ وَغَمّْ(1024/56)
أَمَا آنَ لِلَّيْلِ أَنْ يَنْجَلِيْ *** وَمَا آنَ لِلْبَدْرِ يَبْدُوْ أَتَمّْ
أَفِيْقُوا فَإِنَّ الْعَدُوَّ اعْتَدَى *** عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ مَاحِي الظُّلَمْ
رَسُوْلِ الْهُدَى وَالنَّبِيِّ الْكَرِيْمِ *** وَتَاجِ التُّقَى وَالْوَفَى وَالْكَرَمْ
أَفِيْقُوا فَإِنَّ الْعَدُوَّ اعْتَدَى *** وَأَضْرَمَ نَارًا وَفِي النَّارِ سَمّْ
فَأَعْطُوْهُ مِنْ دَرْسِكُمْ حِصَّةً *** لِتَهْوِيْ بِهِ فِيْ عَمِيْقِ النَّدَمْ
وَحُطُّوا عَنِ النَّفْسِ أَوْزَارَهَا *** بِمَالٍ وَنَفْسٍ وَإِلاَّ فَلَمْ
****************************************
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري *** ذَوّادةً عن سيدِ الأبرارِ
يا قائدَ الأحرار دونك أمةٌ *** فاقذفْ بجندك ساحةَ الكفارِ
واضربْ بنا لججَ المهالكِ غاضباً *** حتى نُركّع سطوةَ التيارِ
وتقحمنّ بنا الحتوفَ تغطرساً *** فهي الحياةُ بشِرعة الأحرارِ
الفرسُ والرومُ العلوجُ تدمروا *** منّا فكيف بـ(إخوة الأبقارِ)
دَنِمَرْكُ قد خضتِ الهلاك حماقةً *** والآن صرتِ بقبضة الجبّارِ
دَنِمَرْكُ يا بنتَ الصليب تجهّزي *** فليخطبنّك قاصفُ الأعمارِ
دَنِمَرْكُ هل تستهزئين بأعظم الـ *** ــعظماء في بَلَهٍ وفي استهتارِ
أو ما علمتِ بأنه قاد الورى *** للمجد للعلياء للإعمارِ
أعلى بناء حضارةٍ قدسيةٍ *** والغربُ كان حبيسَ جُرفٍ هارِ
شهدَ الفلاسفةُ العِظامُ بأنه *** ربُ النهى ومؤدلجُ الأفكارِ
وإذا أتى الأرضَ الخرابَ تزينت *** لقدومه بأطايبِ الأزهارِ
وجرى عليها من نَميرِ عطائه *** ماءُ الحياة زبرجداً ودراري
وإذا تبسّم فالصباحُ بثغرهِ *** سَحَرَ القلوب وليس بالسّحارِ
وإذا غزا فالرفقُ يغزو قبلهُ *** والرفقُ أعتى جحفلٍٍ جرارِ
الفاتحُ الدنيا بأبطال الوغى *** يرمي بهم قُضُب الكفاح عواري
الملبسُ الدنيا ثيابَ تحررٍ *** المُبْدِلُ الظلماءَ بالأنوارِ(1024/57)
الواهبُ الدنيا شموس هدايةٍ *** نبويةٍ لألاءة الأفكارِ
تفدي جنابَك ألفُ ألفُ دويلةٍ *** حكمت رباها سلطةُ الفجارِ
تفدي جنابك ألفُ ألفُ عمامةٍ *** مدسوسةٍ خوفاً من الأخطارِ
تفدي جنابك كلُ نفسٍ حرةٍ *** عافت حياة الشر والأشرارِ
تفدي جنابَك يا رسول الله *** يا خير البرية أمةُ المليارِ
**********************************
******** مديحك يا مختار
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
مديحك يا "مختار" حلو وشائق وذكرك مثل المسك في الكون عابق
فما أنت إلا الشمس عم ضياؤه وما أنت إلا للعوالم سابق
مدحتك يا "مختار"أرجو شفاعة وأنت لها في ساحة العرض سامق
فإنك للشمس التي بك نستضي وإنك للبدر المنير المعانق
وانك فخر للوجود ورحمة وإنك للبحر الذي هو دافق
تبسمت الآمال بعد عبوسها وجادت لنا الأيام والمجد شاهق
أعادت لنا ذكر "الحبيب"وطيبة وأيام أنس زينتها الحدائق
بنفسي تلك الذكريات حبيبة وإني لهاتيك المنازل عاشق
هفونا لمرآها البهيّ كما هفا لمحبوبه في حلكة الليل طارق
عواطف قد سجلتها ومشاعر حكت شعر (حسان) ومعناه شائق
إذا الشعر لم يسعفك إلا تكلفا فما هو إلا صنعة وتشادق
وأجمله ما كان ينساب رقة كمثل انسياب الماء, والماء رائق
وما كل من رام المعالي نالها ولا كل شعر في المدائح صادق
وكم قد رأينا من دعاة أكارم وقد حال في التبليغ منهم عوائق
ألا إنما الإسلام دين ودولة وليس كما يحجو الجهول المنافق
ولا يستبين النصح إلا موفق ولا ينكر الإصلاح إلا المنافق
فكونوا جميعا تحت(راية أحمد) فما النصر الا اتباع موافق
ولا بد للإسلام من عودة له وإنا لنرجو أن يسود التوافق
لكم في رسول الله أحسن أسوة عليه سلام الله ما لاح بارق
***************
مولد الهادي
شعر : منير محمد خلف . سورية
mner-l@scs-net.org
البدرُ لولا سناهُ ما ألفناهُ ... والليلةَ البدرُ يشدو ما حفظناهُ
من خالص الحبِّ للمختار سيّدِنا ... محمّدٍ أشرقتْ أحلى مزاياهُ(1024/58)
قلبي يبعثرني من فرط لهفته ... إلى لقاء حبيبٍ قد عشقناهُ
وكيف نشقى وهل غير الحبيب هوىً ... يسقي الفؤادَ ويحمي ما بنيناهُ
لولاهُ ما اكتحلتْ ألوانُ فرحتنا ... لولاه ما زفّتِ الأعيادُ لولاهُ
يا حسرة الشعر لا تبدو محاسنه ... إنْ لم يكن عابقاً من طيبِ ذكراهُ
اليومَ مولدُ فجري والهوى تعبٌ ... من شدّة الشوقِ يخشى ما تمنّاهُ
إنّ الحياة غرامٌ في دمي.. ودمي ... مثل البراكينِ لا تطفيه أمواهُ
حبيبيَ المصطفى قلبي يحمِّلني ... آهات شوقٍ وحولي كلُّهُ آهُ
ماذا أقول لفرط النار في جسدي ... والحبُّ لولا ضرامٌ ما عرفناهُ
قد يسلك القلبُ غيرَ الحبِّ منعطفاً ... لكنْ هواهُ غرامٌ ما نسيناهُ
يا أيّها القمر الملتاع من سفرٍ ... خذْني إليهِ فإنّي الدهر أهواهُ
خذْ للحبيب غرامي إنني كلفٌ ... في حبّهِ وخذ التسبيح أحلاهُ
خذْ كلّ ما فيَّ من حزنٍ ومن فرحٍ ... وللحبيب صلاتي حين تلقاهُ
يا خير مَنْ أثمرتْ في كفّه لغةٌ ... ما ازّيّنتْ حولنا الأفلاكُ لولاهُ
آهٍ عليّ..على قلبي وما اقترفتْ ... يداه من إثم ما كنّا زرعناهُ
لا تعجبوا شعريَ المغسول من فرحٍ ... هو السعادةُ لا مالٌ ولا جاهُ
إنْ كان حزني حراماً عند صبِّكمُ ... فأعمق الوحي كان الحزنُ فحواهُ
لا تطفئوا ظمئي فالعشقُ ملتهبٌ ... أيُطفئُ الملحُ جرحاً قد رضعناهُ
الكلُّ يسعى إليه عند رؤيته ... والخيرُ الخيرُ فيما اختارهُ اللّهُ
********************
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
شعر: أحمد القاضي
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَارِي الْكَوْنِ إِحْسَانَا ***** وَمُرْسِلِ الرُّسْلِ بِالْآيَاتِ تِبْيَانَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَآلِهِ******** أُضَمِّنُهَا رَوْحًا وَرَيْحَانَا
نُورٌ تَلَاشَتْ بِهِ الظُّلْمَاتُ وَانْدَثَرَتْ **** بِهِ الْمَآثِمُ وَالشِّرْكُ الَّذِي هَانَا
أَنْعِمْ بِهِ مِنْ رَسُولٍ قَدْ هَدَى أُمَمًا *****كَانُوا بِلَا قَائِدٍ صُمًّا وَعُمْيَانَا(1024/59)
زَكَّاهُ رَبِّي عَلَى مَنْ مَرَّ مِنْ رُسُلٍ *****فَفَاقَ كُلَّ الْوَرَى جِنًّا وَإِنْسَانَا
قُلْ لِلَّذِي يَفْتَرِي فِي الرُّسْلِ فِرْيَتَهُ**** تَبًّا لِمِثْلِكَ فَاخْسَأْ زِدْتَ كُفْرَانَا
فَمَا يَضُرُّ عُوَاءُ الْكَلْبِ فِي أَسَدٍ***** وَمَا يَضُرُّ وَضِيعٌ عَابَ سُلْطَانَا
سَبُّوا النَّبِيَّ فَمَاذَا يَرْقُبُونَ سِوَى**** أَنْ يُؤْخَذُوا بَغْتَةً مَثْنَى وَفُرْدَانَا
صَبَّ الْإِلَهُ عَلَيْكُمْ لَعْنَةً تَرَكَتْ****** حَلِيمَكُمْ بَعْدَ طِيبِ الْقَلْبِ حَيْرَانَا
يَا وَيْحَ دِنْمَارْكَ إِنْ أَوْدَى الْإِلَهُ ***بِهَا لَأَصْبَحُوا لِلرَّدَى وَالتِّيهِ عُنْوَانَا
أَوْ يَضْرِبُ اللَّهُ مَأْوَاهُمْ وَشَوْكَتَهُمْ* فَيُصْبِحُ الْمُكْتَسِي فِي الْقَوْمِ عُرْيَانَا
أَوْ يَحْطِمُ اللَّهُ مَرْعَاهُمْ وَمَأْكَلَهُمْ****** أَوْ يَأْخُذَنَّ مِنَ الْبُنْيَانِ أَرْكَانَا
كَلَّا بَلِ اللَّهُ لَوْ شَاءَتْ مَشِيئَتُهُ**** لَأَصْبَحَ الزَّرْعُ فِي النَّرْوِيجِ نِيرَانَا
نَصِيحَةٌ لِلْأُلَى جَرُّوا مُصِيبَتَهُمْ ****** أَنْ جَهِّزُوا لِانْتِقَامِ اللَّهِ أَكْفَانَا
أَوْلَى لَكُمْ مِنْ بَلَايَاكُمْ وَفِرْيَتِكُمْ**** أَنْ تُنْعِمُوا الرَّأْيَ إِفْصَاحًا وَتِبْيَانَا
أَنْ تَعْلَمُوا شِرْعَةَ الْهَادِي وَمَا شَمِلَتْ مِنَ الْكَرَائِمِ وَالْفَضْلَ الَّذِي زَانَ
فَتِلْكَ شِرْعَتُنَا فِي الْأُفْقِ رَاسِخَةً******* وَذَاكَ قُرْآنُنَا وَاللَّهُ مَوْلَانَا
فَسَيِّدِي أَيْ رَسُولَ اللَّهِ دِينُكَ**** فِي قُلُوبِنَا وَعَلَى الْجَبْهَاتِ تِيجَانَا
فِدَاكَ نَفْسِي - وَمَا نَفْسِي تُجَاهَك* بَلْ فِدَاكَ كُلُّ الْوَرَى رُوحًا وَأَبْدَانَا
صُنْتُ اللِّسَانَ عَنِ الْإِفْكِ الَّذِي صَنَعُوا *** أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَجْتَرَّ بُهْتَانَا(1024/60)
رَبِّي لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا طَيِّبًا أَبَدًا ***** فَاكْتُبْ لَنَا الْخَيْرَ أُولَانَا وَأُخْرَانَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ صَلَاةً مِنْكَ بَالِغَةً***** عَلَى الْحِبِيبِ بها نَرْجُوكَ رِضْوَانَا
********************
يا حبيبي هاكَ نحري
فجأةً شاعَ الخبرْ *** هزَّ قلبي مذْ خَطَرْ
قلتُ في نفسي عسى *** كِذْبُ إعلامٍ عبَرْ
فاستعدتُ الحسَّ منّي *** مُدركاًً فحوى الخبرْ
هزَّني صوتُ المذيعِ *** (آذوا) أحمدْ يا بشرْ
حسرةٌ بانتْ لعيني ***بعدها الدمعُ انهمرْ
قمتُ مذعوراً أنادي *** هلْ بهذا نُختبرْ؟
ياحبيبي هاكَ نحري *** دونكَ القلبُ انفطرْ
يا حبيبي يا شفيعي*** أنتَ قلبي و النظرْ
يا حبيبَ اللهَ صبراًً*** حانَ ميعادُ الظفَرْ
قدْ صحونا منْ رُقادٍ *** وانتبهنا للخطرْ
واجتمعنا بعدَ نأي ٍ *** بعدَ ما كنّا زُمَرْ
ياحماةَ الدينِ هيّا *** فانصروا خيرَ البشرْ
مزّقوا كلّ كفورٍ *** ناشراً ذاكَ الخبرْ
مزّقوهُ كيْ يكونَ *** عِبرةً فيمنْ عبرْ
قاطعوا كلَّ نِتاجٍ *** فيهِ أيدي منْ كفرْ
مزّقوا كلَّ الجرائدْ *** قطّعوا كلَّ الصورْ
واحرقواحتى الهواءَ *** وادفنوهمْ في الحُفرْ
وانصروا خيرَ البرايا *** منْ لهُ انشقَّ القمرْ
منْ لهُ الأفلاكُ دانتْ *** منْ لهُ الكونُ انحسرْ
هلْ جزاءُ التائبينَ *** غيرَ حورٍ و سُرَرْ
هلْ جزاءُ الصابرينَ *** غيرَ طلْحٍ و نَهَرْ
مُنتهى حُبُّ النبيّ *** سجدةٌ عندَ السحرْ
ياجنودَ اللهِ ارمي *** واقذفيهمْ بالشرَرْ
كُلُّنا جُندٌ لطهَ *** كُلُّنا أضحى عُمرْ
للشاعر الإسلامي عبد الناصر رسلان
******************
من نبع هديك تستقي الأنوار
من نبع هديك تستقي الأنوار * وإلى ضيائك تنتمي الأقمار
رب العباد حباك أعظم نعمة * دينا يعزُّ بعزَّه الأخيار
حُفظت بك الأخلاق بعد ضياعها ** وتسامقت فى روضها الأشجار
وبُعثت للثقلين بعثة سيد* صدقتْ به وبدينه الأخبار(1024/61)
أصغت اليك الجن وانبهرت بما *** تتلو، وعَمَّ قلوبها استبشار
يا خير من وطيءَ الثرى وتشرفت *** بمسيره الكثبان والأحجار
يا من تتوق إلى محاسن وجهه ****** شمسٌ ويفْرَحُ أن يراه نهار
بأبي وأمي أنتَ ، حين تشرَّفت * بك هجرة وتشرَّفَ الأنصار
أنْشَأْتَ مدرسة النبوة فاستقى ***** من علمها ويقينها الأبرار
هي للعلوم قديمها وحديثها *** ولمنهج الدين الحنيف منار
لله درك مرشدا ومعلما ** شَرُفَتْ به وبعلمه الآثار
ربَّيْتَ فيها من رجالك ثُلَّةً **** بالحقِّ طافوا في البلاد وداروا
قوم إذا دعت المطامع أغلقوا *** فمها ، وإن دعت المكارم طاروا
إن واجهوا ظلماً رموه بعدلهم *** وإِذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآناً يسير أمامهم * وبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوا *** إلا وأفئدة العباد عَمَار
لو أطلق الكونُ الفسيحُ لسانه * لسرتْ إليك بمدحه الأشعار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبادِ ، لردَّدتْ ******* أصواتُ مَنْ سمعوا : هو المختارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنتَ أفضلُ مرسلٍ ***** وأعزُّ من رسموا الطريق وساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُها **** آفاقَنا ، مهما أُثيرَ غبار
ما أنت إلا أحمد المحمود فى *** كل الأمور ، بذاك يشهد غار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلما ** شهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير من *** قاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤه *** إن لم يتب مما جناه النار
لكأنني بخطاه تأكل بعضها ** وهناً ، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر ** بل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد، فلا يدٌ * وصلت إليك ، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من به *** وبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاك ربك همة ومكانة** فلك السمو وللحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول كافر * ملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل أمةٍ ** يشكو اندحار غثائها المليار(1024/62)
وقفت على باب الخضوع، أمامها *** وهن القلوب، وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارها *** من قبل أن يتحرك الاعصار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا *** *****جيش الرذيلة والهوى جرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولم يزل *** **متخبِّطاً فى موجه البحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى ****** ومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت نذيرهم * نعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوا *** فأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقى ** ** بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهم)؟ ******* يُصغي الرُّعاةُ وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم ***** حتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري مثلما **** يجري (صديدٌ) فى القلوب ،و(قََارُ)
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد جرى *** بك في طريق الموبقاتِ قطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْ **** فلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول ، وللدموع حكايةٌ* عن مثلها تتحدَّث الأمطار:
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّنا ** أسمى ، وأنَّ الشانئينَ صِغَارُ
لكنه ألم المحب يزيده ** شرفاً، وفيه لمن يُحب فخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهم ** ويذوق طعمَ الرَّاحَةِ الأغْيار
إمام المرسلين فداك روحي...
ردّا عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقياما ببعض حقّه...
صالح بن علي العمري- الظهران
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحي وأرواحُ الأئمةِ والدُّعاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقاةِ
ويا علم الهدى يفديك عمري ومالي.. يا نبي المكرماتِ!!
ويا تاج التُّقى تفديك نفسي ونفسُ أولي الرئاسةِ والولاةِ
فداكَ الكون يا عَطِرَ السجايا فما للناس دونك من زكاةِ..
فأنتَ قداسة ٌ إمَّا استُحلّتْ فذاكَ الموتُ من قبل الممات!!
ولو جحد البريّةُ منك قولاً لكُبّوا في الجحيم مع العُصاةِ(1024/63)
وعرضُك عرضُنا ورؤاكَ فينا بمنزلة الشهادةِ والصلاةِ
رُفِعْتَ منازلاً.. وشُرحت صدرا ودينُكَ ظاهرٌ رغمَ العُداةِ
وذكرُكَ يا رسولَ اللهِ زادٌ تُضاءُ بهِ أسَاريرُ الحَيَاةِ
وغرسُك مُثمرٌ في كلِّ صِقع ٍوهديُكَ مُشرقٌ في كلِّ ذاتِ
ومَا لِجنان ِ عَدنٍ من طريقٍ بغيرِ هُداكَ يا علمَ الهُداةِ
وأعلى اللهُ شأنكَ في البَرَايا وتلكَ اليومَ أجلى المُعجزاتِ
وفي الإسراءِ والمعراج ِ معنى لقدركَ في عناقِ المكرماتِ
ولمْ تنطقْ عنْ الأهواءِ يوما وروحُ القدسِِ مِنكَ على صِلاتِ
بُعثتَ إلى المَلا بِرّاً ونُعمى ورُحمى.. يا نبيَ المَرْحَمَاتِ
رَفَعْتَ عن البريّةِ كلُّ إصرٍ وأنتَ لدائها آسي الأُساةِ
تمنّى الدهرُ قبلك طيفَ نورٍ فكان ضياكَ أغلى الأمنياتِ
يتيمٌ أنقذ َ الدّنيا.. فقير ٌأفاضَ على البريّةِ بالهِبَاتِ
طريدٌ أمّنَ الدنيا.. فشادت على بُنيانِهِ أيدي البُنَاةِ..
رحيمٌ باليتيمة والأُسارى رفيقٌ بالجهولِ وبالجُنَاة ِ
كريمٌ كالسحابِ إذا أهلّت شجاعٌ هدَّ أركانَ البُغَاةِ
بليغٌ علّم الدنيا بوحي ٍولم يقرأ بلوح ٍ أو دواةِ
حكيمٌ.. جاءَ باليُسْرى.. شَفيقٌ فلانتْ منهُ أفئدة ُ القُساةِ
فمنكَ شريعتي.. وسكونُ نفسي ومنكَ هويتي.. وسمو ذاتي
ولي فيكَ اهتداءٌ .. واقتفاءٌ لأخلاقِِ العُلا والمَكْرماتِ
وفيك هدايتي.. وشفاءُ صدري بعلمكَ أو بحلمكَ والأناةِ
ومنك شفاعتي في يومِِ عَرْض ٍومن كفيّكَ إرواءُ الظُّماةِ
ومنك دعاءُ إمسائي وصحوي وإقبالي وغمضي والتفاتي
رسولَ اللهِ قد أسبلتُ دَمْعي ونزَّ القلبُ من لَجَجِ ِ البُغَاةِ
فهذي أمّةُ الإسلام ضجّتْ وقد تُجبى المُنى بالنائباتِ!!
هوانُ السيفِ من هُونِ المُباري ولِينُ الرمحِ من لِينِ القناةِ
وقد تَشفى الجسومُ على الرزايا ويعلو الدينُ من كيدِ الوشاةِ!!
وفي هزِّ اللواءِ رؤى اتحادٍ ولمُّ الشمل ِ من بعد الشتاتِ !!
وقد تصحو القلوبُ إذا اسْتُفزّتْ ولَفحُ التَّارِ يوقظ ُ من سُبَاتِ!!(1024/64)
ألا بُترتْ روافدُ كلِّ فضٍّ تمرّغَّ في وحول ِ السيئاتِ
ألا أبْلِغْ بَنِي عِلمان عنّي وقد عُدَّ العميلُ من الجُنَاةِ !!
أراكمْ ترقصونَ على أَسانا وتَسْتَحْلون مَيْلَ الغانياتِ!!
وإن مسَّ العدوَ مَسيسُ قَرح ٍرفعتمْ بيننا صوتَ النُّعاةِ!!
وإنْ عَبستْ لكم "ليزا"* خَنَعْتمْ خُنوع َ المُوفضينَ إلى مَناةِ !!
وإن ما هَاجتْ الشُبُهاتُ خُضْتم ْبألسنةٍ شِحاح ٍ فاجراتِ !!
"حوارُ الآخرِ " استشرى فذبّواعن المعصومِ ألسنةَ الجُفاةِ !!
وصوت "الآخرِ " استعلى فردّوا عن الهادي سهامَ الإفتئاتِ ..
رميتمْ بالغلو دُعاة ديني...فهل من حُجّةٍ نحو الغُلاة ؟!!
أكُرّارٌ على قومي كُماةٌ...وفي عينِ المصيبةِ كالبنات ِ؟!!
ومن يرجو بني علمان عوناً كراجي الروح ِ في الجسدِ الرُّفات!!
رسولَ الحُبِّ في ذكراك قُربىوتحتَ لواكَ أطواقُ النجاةِ
عليك صلاةُ ربِّكَ ما تجلّى ضياءٌ .. واعتلى صوتُ الهُداةِ
يحارُ اللفظُ في نجواكَ عجزا وفي القلب اتقادُ المورياتِ
ولو سُفكتْ دمانا ما قضينا وفاءك والحقوقَ الواجباتِ...
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم-
محمد بن عائض القرني
ما بالُ مكةَ قد ضجت نواحيها؟ ... ودمع طيبةَ يجري من مآقيها؟
ما للجزيرةِ قد مادت بساكنها؟ ... فاهتز شامخُها وارتج واديها!
ما للعروبةِ والإسلامِ روَّعَها ... خَطبٌ ألمَّ وظُلمٌ من أعاديها؟
أيسخرون من الهادي الذي شرفت ... به البريةُ قاصيها ودانيها؟!
أيسخرون من الأنوارِ قد كشفت ... مجاهلَ الظلم فانزاحت غواشيها
أيسخرون من المجدِ الذي خضعت ... له الجبابرُ حتى ذل طاغيها
أيهزؤون به؟ شُلت أكفُّهُمُ ... ودمر الله ما تجني، وجانيها
أعداءُ كلِّ نبي جاء يُنقذُهم ... من الضلالةِ لما أُركسوا فيها
محمدٌ خيرُ من سارت به قدم ... وأكرمُ الناس ماضيها وباقيها
أوْفَى الخليقةِ إيماناً وأكملُها ... ديناً، وأرجحُها في وزن باريها
من مثلُه في الورى بِراً ومرحمةً؟ ... ومن يشابهُه لطفاً وتوجيها؟(1024/65)
جاءت رسالتُه للناس خاتمةً ... وجاء بالنعمة المسداةِ يهديها
أحيا الحنيفيةَ الغراءَ متبِعاً ... نهجَ الخليلِ ولم يخطئْ مراميها
وسار في كنفِ الرحمنِ يكلؤه ... إلى الحسانِ من الأخلاقِ يبنيها
هو البشيرُ لمن أصغى لدعوتِه ... هو النذير لمغرور يعاديها
كسرى تَكَسَّرَ إذعاناً لهيبته، ... قصورُُ قيصرَ هُدت من أعاليها!
وأقبلت أممٌ شتى مبايعةً ... تمُد للعدلِ والإحسانِ أيديها
نالت بدعوته نُعمى ومكرُمةً ... وأسعد الله بعد البؤسِ ناديها
في الهندِ والصينِ والقوقازِ طائفةٌ ... تذود عن عرض خير الناس تنزيها
وفي (أُورُبَّةَ) أقوامٌ قلوبُهُمُ ... بدين أحمدَ قد نالت أمانيها
الصامدون بوجهِ الكُفرِ ما ضَعُفُوا ... يجابهون المنايا في تحديها
يفدون عرضَ رسولِ الله ما بخلوا ... وبالنفوس إذا نادى مناديها!
حتى إذا نشر الأنذالُ حقدَهُمُ ... وبارزوا اللهَ من عدوانهم تيها
تؤزُّهم زُمَرٌ ضاقت نفوسُهم ... لهم عيونٌ شُعاعُ الحق يُعشيها
بنو اليهودِ ومن ساءت سريرتُه ... فأبدل الصدقَ تزويراً وتمويها
أيسخرون من المعصومِ ويلهُم؟ ... ويطلبون له ذماً وتشويها؟
من جاء بالملةِ البيضاءِ صافيةً ... نقيةً؛ وبنور الوحي يحييها
أقام بالعدلِ مجداً لا زوال له ... وأمَّةً كنفُ الرحمنِ يحميها
من بئرِ زمزمَ سُقياها ومطعمُها ... من تمر طيبةَ قد طابت مغانيها
أرواحُها بظلالِ البيتِ هائمةٌ ... من دونه تُرخِصُ الدنيا وما فيها!
فداءُ عرضِ رسولِ الله أنفسُنا ... وكلُّ نفس وما تحويه أيديها
وصلِّ يا ربِّ ما هبَّ النسيمُ على ... معلمِ الأممِ الحَيرَى وهاديها
تحيةً لرسولِ الله أبعثُها ... ويومَ هجرتِه الغراءِ أهديها
*******************
جلَّ من ربَّاك
محمد بن عبد الرحمن المقرن
ربَّاكَ ربُّكَ.. جلَّ من ربَّاكا *** ورعاكَ في كنفِ الهدى وحماكا
سبحانه أعطاك فيضَ فضائلٍ *** لم يُعْطها في العالمين سواكا
سوّاك في خلقٍ عظيمٍ وارتقى *** فيك الجمالُ.. فجلّ من سوَّاكا
سبحانه أعطاك خيرَ رسالةٍٍ *** للعالمين بها نشرْتَ هُداكا(1024/66)
وحباكَ في يوم الحساب شفاعةً *** محمودةً.. ما نالها إلاّكا
اللهُ أرسلكم إلينا رحمةً *** ما ضلَّ من تَبِعتْ خطاه خُطاكا
كنّا حيارى في الظلامِ فأشْرقتْ *** شمسُ الهدايةِ يومَ لاحَ سناكا
كنّا وربي غارقين بغيِّنا *** حتى ربطنا حَبْلَنا بعُراكا
لولاك كنا ساجدين لصخرةٍ *** أو كوكبٍ.. لا نعرفُ الإشراكا
لولاك لم نعبدْ إلهًا واحدًا *** حتى هدانا اللهُ يومَ هداكا
أنتَ الذي حنَّ الجمادُ لعطفهِ *** وشكا لك الحيوانُ يومَ رآكا
والجذعُ يُسمعُ بالحنين أنينُه *** وبكاؤُه شوقًا إلى لُقياكا
ماذا يزيدُك مدحُنا وثناؤُنا *** واللهُ في القرآنِ قد زكّاكا؟!
ماذا يفيدُ الذّبُّ عنك وربُّنا *** سبحانه بعيونه يرعاكا؟!
"بدرٌ" تحدثنا عن الكفِّ التي *** دمتِ الطغاةُ فبوركت كفّاكا؟!
و"الغارُ" يخبرُنا عن العين التي *** حفظتك يوم غفت به عيناكا
لم أكتبِ الأشعارَ فيك مهابةً *** تغضي حروفي رأسَها لحلاكا
لكنها نارٌ على أعدائكم *** عادى إلهَ العرشِ مَن عاداكا
إني لأرخصُ دون عرضِك مهجتي *** روحٌ تروحُ ولا يُمسُّ حماكا
شُلّتْ يمينٌ صوَّرتك وجُمِّدتْ *** وسطَ العروقِ دماءُ من آذاكا
ويلٌ فويلٌ ثم ويلٌ للذي *** قد خاضَ في العِرضِ الشريفِ ولاكا
يا إخوةَ الأبقارِ هن سباتكم *** "مَن في القطيع سيصبح الأفّاكا؟!"
النارُ يا أهلَ السباقِ مصيرُكم *** وهناك جائزةُ السباقِ هناكا!!
تتدافعون لقعرها زمرًا ولن *** تجدوا هناك عن الجحيمِ فكاكا
هبوا بني الإسلام نكسر أنفهم *** ونكون وسطَ حلوقِهم أشواكا
لك يا رسولَ اللهِ نبضُ قصائدي *** لو كانَ قلبٌ للقصيد فداكا
هم لن يطولوا من مقامك شعرةً *** حتى تطولَ الذّرةُ الأفلاكا!!
والله لن يصلوا إليك ولا إلى *** ذراتِ رملٍ من ترابِ خُطاكا
هم كالخشاش على الثرى ومقامُكم *** مثلُ السماك.. فمن يطولُ سماكا؟!!
روحي وأبنائي وأهلي كلهم *** وجميع ما حوت الحياةُ فداكَ
****************(1024/67)
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم
أقولُ فيكَ ودَمعُ العَينِ يَنسَجِمُ *حاشَا لِوَجهِكَ ، لا يَأتي به القََلََم
حاشا لِوَجهٍ كَشَمسِ الأرضِ طالِعَةً *أن تَستَقيمَ بإشراقاتِهِ الرُّسُمُ
حَاشا لِشَخصِكَ أن تَغتابَه صُوَرٌ*حَاشا لِذِكرِكَ أن تَنتابَه التُّهَمُ
كيف استَطابَ يَراعٌ رَسمَ هَيئَتِهِيا* ذلكَ الحَدَثُ المَشنوءُ والجُرُمُ
لو كانَ يَعلَمُ من قد راحَ يَرسُمُهُ* لَقامَ في خَجَلٍ يَذوِي ويَنقَسِمُ
و قامَ عن كلِّ خَطٍّ منه مُعتَذِراً * والحُزنُ يَعصُرُهُ و السُّخطُ والنَّدَمُ
يُنَزَّهُ الجِسمُ عن وصفٍ وعن صُوَر*ٍتُنَزَّهُ الرأسُ و الاردانُ والقَدَمُ
لو كانَ يَعرِفُكَ الكُتّابُ لارتَكَسُوا *و قامَ مُعتَذِراً عنهم يَراعُهُمُ
لو يُنصِفونَكَ قالوا أنتَ سَيِّدَنا*أو يَفهَمونكَ عَزَّ الدِّينَ عِندَهُمُ
قد صَنَّفوكَ عَظيمَ الأرضِ واحِدَها*لكنَّهم جَهِلوا من بعدِ ما عَلِموا
يا وَيلَ ما كَسَبت أقلامُهُم هُزُواً*يا ويلَ ما اكتَسَبَت أيمَانُها العَجَمُ
كَيف استَساغُوا بِأن يَحووهُ في وَرَقٍ *يا قُبحَ ما فَعَلوا يا وَيلَ ما رَسَموا
كُلُّ الشَّمائِلِ قامَت تَحتَ صُورَتِهِ *العَزمُ والفَخرُ والإقدَامُ والهِمَمُ
ما أظلَمَ الغَربَ في إفكٍ يَخوضُ بِهِ *أيُّ البُغاةِ هُمُ .... أيُّ الجُناةِ هُمُ
يا ويحَكُم أبِخَيرِ الخَلقِ لَمزُكُمُ* أما وَجَدتُّم سوى المَعصومِ وَيلَكُمُ
تَخَبَّطَ الغَربُ من مَسِّ الجُنونِ بِهِ *و أوهَنَ الغَربَ في تَخربفِهِ الهَرَمُ
يا سَيِّدَ الناسِ قد غَالَت غوائِلُهُم *فَصَوَّروكَ بما لا تَقبلُ الشِّيَمُ
لكنّ مثلَكَ ما ضَرُّوا بِإظفَرِهِ* مهما رَمَتكَ بِهِ الغربانُ والبُوَمُ
ما ضَرَّهُ البَدرُ سارٍ في مَهَابَتِهِ *إن عارَضَتهُ بإطلالاتِهِ الدِّيَمُ
فالنّورُ أنتَ و أنت النُّورُ مَصدَرُهُزالَ الظَّلامُ بِهِ و الظُّلمُ و الظُّلَمُ(1024/68)
لولاكَ يا حِليَةَ الدُّنيا و زِينتَها*ما تَأمَنُ الذِّئبَ في تَسريحِها الغَنمُ
لولاكَ لم تََعرِف الدُّنيا مَكارِمَها *ماالجُودُ ماالنُّبلُ ماالإحسانُ ماالكَرَمُ
لولاكَ يا من بِهِ المَولى تَدَارَكَنا*لَكانَ يُعبَدُ نَجمُ اللّيلِ والصّنَمُ
فَدِينُكَ اليَومَ سارٍ في حَواضِرِنا*تَعاقَبا نَشرَهُ الإصباحُ والغَسَمُ
و كُلِّ أرضٍ بِها من نُورِهِ قَبَسٌ *وَحيٌ بِهِ تُحفَظُ الأعراضُ و الحُرَمُ
لَولاهُ ظَلَّت بِلادُ الغَربِ غَابِرةً *عَصرُ العَبيدِ بِها و الأعصُرُ الدُّهُمُ
إذا ادلَهَمَّت على الأعلامِ مُعضِلَةً* فإنَّ رأيَكَ فيها الفَصلُ و الحَكَمُ
ما الناسُ لولا رَسولُ اللهِ بينَهُمُ *ما الأرضُ لولاهُ ما الإنسانُ ما الأمَمُ
ضَجَّت له الأرضُ والأخلاقُ ثائِرَةً* العُرفُ و النُّبلُ و الأعراقُ و القِيَمُ
تَفديهِ أفئِدَةٌ تَفنى لِنُصرَتِهِ *لا تَشتَفي أبَداً حَتى يُراقَ دَمُ
تَبتَزُّها غَدَراتُ الرّومِ سَيِّدَها *كالمَشرَفِيَّةِ إذ تَبتَزّها اللّجُُمُ
تَحِنُّ للبَشَرِ المَبعوثِ أمَّتُهُ *كَما تَحِنُّ إلى أُمَّاتِها الفُطُمُ
هذي المَسيراتُ في الدُّنيا تُذَكِّرُهُم* بِأنَّهُ حَرَمٌ ، وذِكرُهُ حَرَمُ
يا ابنَ الخِيارِ خِيارِ العُربِ من مُضَرٍ* ساداتِ يَعرُبَ كلٌ سَيِّدٌ عَلَمُ
لمّا أتيتَ وَقد غَنّى الرَّبيعُ رِضىً* و استَبشَرَ النَّخلُ والزُّراعُ والأكَمُ
صاحَت وُحوشُ البراري وانتَشَت فَرَحاً *النَسرُ والصَّقرُ والعُقبانُ والرَّخَمُ
الوَحيُ هَلَّ و هَلَّ الخَيرُ يَعقُبُهُ *النُّورُ والهَديُ والنَّعماءُ والنِّعَمُ
عَزَّت قُريشُ بهذا الأمرِ وافتَخَرَت *فَخرَ المُلوكِ فلا كِندَا ولا لَخَمُ
البَحرُ و البَرُّ في طَه سَعادَتُهُم *الجِنُّ و الإنسُ و الأحيَاءُ و الرِّمَمُ
إنّ الحَضارَةَ بالعَدنانِ مَبدؤُها* فَهوَ المُؤسِّسُ لا عادٌ ولا إرَمُ(1024/69)
و كلّ خَيرٍ من الإصلاحِ أصَّلَهُ *في كُلِّ أمرٍ فلا قَيسٌ ولا هَرِمُ
يا سَيِّدَ الناسِِ إني اليومَ أعلِنُها* حَرباً على الشِّركِ فيها الشِّعرُ يَنتَقِم
ما قيلَ فيكَ من المُدَّاحِ مُقتَضَبٌ *ما كان فيكَ يَفيهِ القَولُ و الكَلِمُ
في مثلِ طَه و هَل من مِثلِهِ أحَدٌ *يَحلو النَّشيدُ و يَحلو الشِّعرُ والنَّغَمُ
فكلّ نَظمٍ بِهِ مُستَعذَبٌ حَسَنٌ * فالمَدحُ فيهِ كما الياقوتُ يَنتَظِمُ
فقد أفاضَ أميرُ الشِّعرِ بُردَتَهُ *تَشيبُ منها نواصِي الشَّعرِ واللِّمَمُ
و ثَجَّ من مُعصِراتِ الجَوَى وَدَقاً* كأنّهُ دِيمَةٌ مِدرارَةٌ تَثِمُ
نَفيسَةٌ سَكَنت أصدَافَ لُؤلُؤةٍ *إن النّفائِسَ في أصدَافِها التُّوَمُ
في بَطنِها لُجَجٌ مِن تَحتِها لُجَجٌ *في سَطحِها قِمَمٌ مِن فَوقِها قِمَمُ
فما ذَكَرتُكَ يا طَهَ بِقافِيَةٍ *إلا و قَلبيَ و العَينانُِ تَختَصِمُ
فما يُفَرِّقُ غَيرَ الدَّمعِ بينَهُما *يَجري َ سَخِيناً عَلى الخَدَّينِ يَزدَحِمُ
و النَّفسُ بينَهُما مَقهورَةٌ كَمَداً* ما بينَ مُعتَرَكِ الأعضاءِ تَلتَطِمُ
يا سَيِّدَ النّاسِ قَََسْراً عن أنُوفِهِمُ *إن أخرَجَت أشَراً سَاداتِها الأمَمُ
إني أهَابُكَ في قَولي و قافِيَتي* فالشِّعرُ فيكَ مَنيعُ الجَنبِ مُعتَصِمُ
أقسَمتُ باللّهِ لا أنفَكُّ مُمتَدِحاً* لا يشفَعُ الفِعلُ إن لم يَشفَعِ القَسَمُ
حُبّاً إليكَ رَسولَ اللّهِ قَافِيَتِي* والحُبُّ يُنجِي وَبَعضُ الحُبِّ ما يَصِمُ
جَاهَدتُّ كِتمانَها في مُهجَتي زَمَناً *حَتَّى تأبَّت فليسَ اليومَ تَنكَتِمُ
وَ يَسأَمُ القَلبُ مِن أمرٍ يُسِرُّ بِهِ *يا وَيحَ مُضغَةِ صَدري طَبعُها السَّأمُ
كلُّ الحِبالِ و إن كانت مُغَلَّظَةً *ما كانَ فيها بِغَيرِ الحُبِّ يَنصَرِمُ
لَهُ صُنوفٌ بِأَسبَارِ الجَوَى عَدَدٌ *مِنها الشُّخوصُ و مِنهَا البَانُ والعَلَمُ(1024/70)
أقلُّ تَقدِمَتي شِعراً نَقَمتُ بِهِ *و الشِّعرُ يُسعِفُ إن لم تُسعِفِ النِّقَمُ
لا بَارَكَ اللهُ في شِعرٍ تَلوكُ بِهِ *و لم يَكُن بِصِراطِ الحَقِّ يَلتَزِمُ
القولِ بالهَديِ أو لا قُلتَهُ أبَداً *فكلُّ ما قيلَ في غَيرِ الهُدى لَمَمُ
كُلُّ الرِّجالاتِ من عُربٍ ومن عَجَمٍ *بِِبَابِ أحمَدَ حُجَّابٌ لَهُ خَدَمُ
يا أمّةَ الغَربِ صَرحُ الشِّركِ مُهتَرئٌ * و كُل صَرحٍ بِغَيرِ الدِّينِ مُنهَدِمُ
أما قَرأتُم من التَّوراةِ هَيئَتَهٌ* ألم يُبَشِّر بِهِ الإنجيلُ عِندَكُمُ
أما عَلِمتم بأنّ الله ناصِرُهُ* يَكفيهِ هُزوَ شِرارِ النّاسِ مثلَِكُمُ
لَم تَسمَعوهُ وَقَد شُقَّ الهِلالُ لَهُ *و كَيفَ يَسمَعُ من في سَمعِهِ صَمَمُ
إنّ انتِفاشَ حَضاراتِ العِدا عَرَضٌ *و الدّاءُ يَظهَرُ من أعراضِهِ الوًَرَمُ
فاربأ بِبَطنِكَ أن يَقتاتَ حاجَتَهُم *أقلُّ حَربِهُمُ في بَيتِكَ اللُّقَمُ
فَكَيفَ يُفلِحُ قومٌ سُبَّ سَيُّدُهُم *وَ لَم يَثورُوا على هذا وَ يَنتَقِموا
فالزَم تُراثَ رَسولِ اللّهِ سُنَّتَهُ *فالدِّينُ مُعتَصَمٌ و الحَقُّ مُلتَزَمُ
كُلُّ المَبادِئ والأَعرافِ سَائِبَةٌ *من غَيرِ أحمَدَ لا عَهدٌ ولا ذِمَمُ
إن قَامَ قامَ أرِيجُ المِسكِ يَلحَقُهُ* نَوَاشِرُ الطِّيبِ من جَنبَيهِ تُنتَسَمُ
أو قالَ أجمَعَ بالإحكامِ مَنطِقَهُ *فََصلُ الخِطابِ وفَصلُ القَولِ والحِكَمُ
بِه بَيانٌ حَلالُ السِّحرِ فِتنَتُهُ* يُستَنطََقُ الصَّخرُ من مَبناهُ و البُكُمُ
تَفَجَّرَ الماءُ من إبهَامِ إصبَعِهِ *كَأنَّهُ نَهَرٌ أو هَاطِلٌ عَرِمُ
أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرضِ تَذكُرُهُ *و الجِذعُ حَنَّ لَهُ و الحِلُّ و الحَرَمُ
ما قامَ قاصِدُهُ فيما يُؤمِّلُهُ* إلا و تَسبِقُهُ في سُؤلِهِ نَعَمُ
وَ مَا تَحَدَّثَ نَحوَ النَّاسِ مُبتَدِراً *إلا وَ يَظهَرُ نُورُ اللَّوحِ و القَلَمُ(1024/71)
يَهديكَ لِلحَقِّ من غيرِ الدُّعاءِ لَهُ *بِبَسمَةِ الوَجهِ حَولَ الثَّغرِ تَرتَسِمُ
قد أسلَمَ ابنَ جَريرٍ طُولُ نَظرَتِهِ* يُقَلِّبُ الطَّرفَ في خَدَّيهِ يَبتَسِمُ
سَالَ الغَمامُ بِهِ من بَعدِ ما قَحَطَت *سَعدُ بنُ بَكرٍ و دَرَّ الشََّاءُ و النَّعَمُ
عَمَّ الرَّضيعُ بَني سَعدٍ بِطَلَّتِهِ* و أقحَطَت مُضَرٌ وأقفَرَت جُشَمُ
قد أثخَنوهُ جِراحَ الحَربِ في أحُدٍ *و هيَ الّتي بِرَسولِ اللّهِ تَلتَئِمُ
يَشفي السَّقيمَ إذا ما جاءَ مُشتَكِياً* بِِريقِهِ فيَزولُ السُّمُّ و السَّقَمُ
كَساهُ سَمتٌ وَقاراً لا عُلُوَّ بِهِ *عَلاهُ حُسنٌ بِسيما الخَيرِ يتَّسِمُ
لَمّا رأَتهُ قُرَيشٌ صَاحَ صَائِحُها* وَتوشِكُ الحَربُ تَضري ثم تَضطَّرِمُ
هذا الأمينُ أمينُ القَومِ نَقبَلُهُ *هذا الصَّدوقُ و هذا الرُّكنُ يَستَلِمُ
بَنى بِهِ الحَجَرَ المُسوَدّ مَوضِعَهُ *بَنى بِهِ قَبلَهُ من بَينَهم رَحِمُ
فلا تَحُدُّ دروسُ العِلمِ سيرَتَهُ *و لا يُحيطُ بِهِ شَرحٌ و لا كَلِمُ
و كلّ ما ذََكَرَ التّاريخُ مُختَصَرٌ *ما خَطَّهُ قَلَمٌ أو قالَ عنهُ فَمُ
في عُقرِ دارِهِمُ نَرنو لِمَلحَمَةٍ *لو كانَ يَقصُدُ شَيخُ الحَربِ دارَهُمُ
حتّى نُعيدَ إلى سِبتِمبَرٍ حِقَباً* كانت رَحَاهَا لَهيبُ النَّارِ و الحِمَمُ
فاغزُ رَعاكَ إلهَ الكَونِ أرضَهُمُ *و ابدأ هَداكَ إلى رَدِّ العِدا بِهِمُ
ما بَالُ صَيدِكَ قد زادَت طَرائَدُهُ *يا ذلكَ اللّيثُ هل ضَاقَت بِك الأجَمُ
لِيَفهمَ الغَربُ أنَّ الحَقَّ مُعتَصِمٌ* و يَفهَمَ الموتَ إن لم يَفهَمِ الفَهِمُ
فَللسِّلاحِِ إلى أجسادِهِم وَلَعٌ *و لِلسُّيوفَ إلى أعناقِهِم قَرَمُ
وَاهاً على زَمَنٍ صُنَّاهُ مُحتَرَماً* فيهِ الكَنائِسُ و الأديانُ تُحتَرَمُ
دَكَّت خُيولُ بَني مَروانَ مَغرِبَهُم* و استَنهَضَتهُم إلى عَليائِها الهِمَمُ(1024/72)
الغَافِقِيُّ على أبوَابِهِم وَثِبٌ *و البَربَريُّ الَّذي سارَت بِهِ التُّخُمُ
لَنا مَعادٌ بِلادَ الغَربِ فَارتَقِبوا *لَم يُلهِنا عَنكُمُ بُعدٌ وَ لا قِدَمُ
ما قَصَّرَت عَنهُ خَيلُ المُسلِمينَ مَضَتتَدعُ *وإلَيهِ هُناكَ الأينُقُ الرُّسُمُ
سَارَت قَوافِلُهَا بالدَّينِ تَنشُرُهُ *ما أعجَزَ السَّيفَ لَم يَعجِز لَهُ الأدَمُ
إنا رَضَعنا قَتامَ الحَربِ أغلِمَةً *و البَعضُ يَبلُغُهُ في ساحِها الحُلُمُ
يَشِبُّ ناشِئُنا حتى يَشيبَ بِها* و الموتُ يَفطِمَنا عنها فننفَطِمُ
القابِضونَ على جَمرٍ عَقيدَتَهُم *مُستَمسِكون بِرُكنٍ لَيسَ يَنفَصِمُ
لا يُنصَرُ الحَقُّ إن لم يَحتَرِب زَمَناً* فالحَربُ تَفعَلُ ما لا يَفعلُ السَّلَمُ
أزكَى صَلاةً رَسولَ اللّهِ يَبعَثُها* قَولِي وَقَلبي بِها مُستَعذِبٌ شَبِمُ
مولايَ صلِّ وَسَلِّم دائماً أبَدَاً *على صَفِيِّكَ خَيرِ الخَلقِ كُلِّهِمُ
مولايَ صَلِّ وبارِك ما أرَدتَّ على * مُحَمَّدٍ من بِهِ الأخيارُ قدخُتِموا
******************
نفحات الهجرة ...
صالح بن علي العمري
شعّ الهدى، و البشرُ في بسماتهِ *** و اليُمن و الإيمان في قسماتهِ
و تفجرت فينا ينابيع الهدى *** و استيقظ التأريخ من غفواتهِ
" إقرأ و ربُّك" في حراء تحررت *** و الدهر غافٍ في عميق سباتهِ
جبريل حاملها و أحمد روحها *** إن الحديث موثّقُ برواتهِ
مُهج الملائك بالتلاوة تنتشي *** فتُقَبّل الكلماتِ فوق شفاتهِ
صلى عليك الله يا من ذكره *** قربى . . ونورُ الله من مشكاتهِ
يا من كساه الله حلّة سمته *** و كساهُ بالقرآن حُلّة ذاتهِ
لمّا أضاء الله مهجة قلبه *** هانت عليه الروحُ في مرضاتهِ
غسل الكرى عن أعين الدنيا كما *** يُجلى الدُّجى بالفجر في فلقاتهِ
و أنار بالآيات كلّ بصيرةٍ *** فكأن نور الشمس من قسماتهِ
و اقتاد للجنّات أسمى موكبٍ *** "إياك نعبدُ " تمتماتُ حداتهِ(1024/73)
إقرأ معاني الوحي في كلماته *** في نسكهِ و حياتهِ و مماته
لو نُظّمت كلّ النجوم مدائحا *** كانت قلائدهن بعض صفاته
يا من بنى للكون أكرم أمّةٍ *** من علمه . . من حلمه و أناته
صاروا ملوكا للأنام بعيد أن *** كانوا رعاءَ الشاءِ في فلواته
فسل العدالة و الفضيلة و الندى *** وسل المعنّى عن مُلمِّ شتاته
و سل المكارم و المحارم والحيا *** من غضّ عن درب الخنا نظراته؟!
من حطّم الأصنام في تكبيره *** من عانق التوحيد في سجداتهِ
من أطلق الإنسان من أغلاله *** من أخرج الموءود من دركاته؟!
من علّم الحيران درب نجاتهِ *** من أورد العطشان عذب فراتهِ؟!
من هدّ بنيان الجهالة و العمى *** وبنى الأمان على رميم رفاتهِ؟!
فإذا بأخلاق العقيدة تعتلي *** زور التراب و جنسه و لغاتهِ
وإذا لقاء الله يأسر في رضا *** وتشوّقٍ من كان عبد حصاته
ورأى جنان الخلد حقّا فازدرى *** دنياه . . و استعلى على لذّاتهِ
أرأيت إقدام الشهيد و قد سعى *** للحتف معتذراً إلى تمراته !!
حملوا الهدى للكون في جفن الفدا *** فتحرر الوجدان من شهواتهِ
خيّالة المجد المؤثل و العلا *** فكأنما ولدوا على صهواتهِ
سمّارة المحراب في ليل ، وإن *** نادى الجهاد فهم عُتاة كماته
في الهجرة الغراء ذكرى معهدٍ *** نستلهمُ الأمجاد من خطراته
تاريخ أمتنا . . و منبع عزّنا *** و دروبنا تزهو بإشراقاته
فيه الحضارة والبشارة والتقى *** ومُقِيل هذا الكون من عثراته
فتألقي يا نفس في نفحاته *** واستشرفي الغايات من غاياته..
********************
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم
للدكتور ناصر بن مسفر الزهراني
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي * وما دروا أن حبي صغته بدمي
استغفر الله ما ليلي بفاتنتي * ولا سعاد ولا الجيران في أضمِ
لكن قلبي بنار الشوق مضطرم * أف لقلب جمود غير مضطرم
منحت حبي خير الناس قاطبة * برغم من أنفه لا زال في الرغم(1024/74)
يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه * وأقرأ بربك مبدأ سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها * على المنائر من عرب ومن عجم
أحيابك الله أرواحاقداندثرت*في تربة الوهم بين الكأس والصنم
نفضت عنها غبار الذل فاتقدت * وأبدعت وروت ما قلت للأمم
ربيت جيلا أبيا مؤمنا يقظا * حسو شريعتك الغراء في نهم
محابر وسجلات وأندية * وأحرف وقواف كن في صمم
فمن أبو بكر قبل الوحي من عمر * ومن على ومن عثمان ذو الرحم
من خالد من صلاح الدين قبلك * من مالك ومن النعمان في القمم
من البخاري ومن أهل الصحاح * ومن سفيان والشافعي الشهم ذو الحكم
من ابن حنبل فينا وابن تيمية *** بل الملايين أهل الفضل والشمم
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا*** أنت الإمام لأهل الفضل كلهم
ينام كسرى على الديباج ممتلئ *** كبرا وطوق بالقينات والخدم
لا هم يحمله لا دين يحكمه *** على كؤوس الخنا في ليل منسجم
أما العروبة أشلاء ممزقة *** من التسلط والأهواء والغشم
فجئت يا منقذ الإنسان من *** خطر كالبدر لما يجلي حالك الظلم
أقبلت بالحق يجتث الضلال *** فلا يلقى عدوك إلا علقم الندم
أنت الشجاع إذا الأبطال ذاهلة *** والهندواني في الأعناق واللمم
فكنت أثبتهم قلبا وأوضحهم *** دربا وأبعدهم عن ريبة التهم
بيت من الطين بالقرآن تعمره *** تبا لقصر منيف بات في نغم
طعامك التمر والخبز الشعير *** وما عيناك تعدو إلى اللذات والنعم
تبيت والجوع يلقى فيك بغيته *** إن بات غيرك عبد الشحم والتخم
لما أتتك "قم الليل" استجبت لها *** العين تغفو وأما القلب لم ينم
تمسى تناجي الذي أولاك نعمته *** حتى تغلغلت الأورام في القدم
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى *** ودمع عينيك مثل الهاطل العمم
الليل تسهره بالوحي تعمره *** وشيبتك بهود آية "استقم"
تسير وفق مراد الله في ثقة *** ترعاك عين إله حافظ حكم
فوضت أمرك للديان مصطبرا *** بصدق نفس وعزم غير منثلم(1024/75)
ولىّ أبوك عن الدنيا ولم تره *** وأنت مرتهن لا زلت في الرحم
وماتت الأم لمّا أن أنست بها *** ولم تكن حين ولت بالغ الحلم
ومات جدك من بعد الولوع به *** فكنت من بعدهم في ذروة اليتم
فجاء عمك حصنا تستكن به *** فاختاره الموت والأعداء في الأجم
ترمي وتؤذى بأصناف العذاب *** فما رئيت في كوب جبار ومنتقم
حتى على كتفيك الطاهرين رموا *** سلا الجزور بكف المشرك القزم
أما خديجة من أعطتك بهجتها *** وألبستك ثياب العطف والكرم
عدت إلى جنة الباري ورحمته *** فأسلمتك لجرح غير ملتئم
والقلب أفعم من حب لعائشة *** ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي
وشج وجهك ثم الجيش في أحد *** يعود ما بين مقتول ومنهزم
لما رزقت بإبراهيم وامتلأت به *** حياتك بات الأمر كالعدم
ورغم تلك الرزايا والخطوب وما *** رأيت من لوعة كبرى ومن ألم
ما كنت تحمل إلا قلب محتسب *** في عزم متقد في وجه مبتسم
بنيت بالصبر مجدا لا يماثله *** مجد وغيرك عن نهج الرشاد عمى
يا أمة غفلت عن نهجه ومضت *** تهيم من غير لا هدى ولا علم
تعيش في ظلمات التيه دمرها *** ضعف الأخوة والإيمان والهمم
يوم مشرقة يوم مغربة *** تسعى النيل دواء من ذوي سقم
لن تهتدي أمة في غير منهجه *** مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم
ملح أجاج سراب خادع خور *** ليست كمثل فرات سائغ طعم
إن اقفرت بلدة من نور سنته *** فطائر السعد لم يهوى ولم يحم
غني فؤادي وذابت أحرفي *** خجلا ممن تألق في تبجيله كلمي
يا ليتني كنت فرد من صاحبته *** أو خادم عنده من أصغر الخدم
تجود بالدمع عيني حين أذكره *** أما الفؤاد فللحوض العظيم ظمي
يا رب لا تحرمني من شفاعته *** في موقف مفزع بالهول متسم
ما أعذب الشعر في أجواء سيرته *** أكرم بمبتدأ منه ومختتم
أبدعت ميمية بالحب شاهدة *** أشدوا بها من جوار البيت والحرم
بقدر عمرك ما زادت وما نقصت *** والفضل فيها لرب الجود والكرم
تغنيك رائعتي عن كل رائعة *** مما سيأتي ومما قيل في القدم(1024/76)
لأنها من سليل البيت أنشدها *** لجده في بديع الصوت والنغم
إن كان غيري له من حبكم نسب *** فلي أنا نسب الإيمان والرحم
إن حل في القلب أعلى منك منزلة *** في الحب حاشا إلهي بارئ النسم
فمزق الله شرياني وأوردتي *** ولا مشت بي إلي ما أشتهي قدم
*********************
لك في مهمة التجلي البهاء
أبو الهدى الصيادي أندلسي
1. ... لك في مهمة التجلي البهاء ... يانبيا نوابه الأنبياء
2. ... أنت روح القلوب طيا ونشرا ... بك لاذ الأموات والأحياء
3. ... لمعت شمسك المنيرة في الكون فضاءت بنورها الظلماء
4. ... وتدلت آيات هديك للناس ... فسارت بهديها الأتقياء
5. ... كان قبل البروز كوكبك اللماع ... يجلى وكل باد خفاء
6. ... أشرقت منه في زوايا خبايا الغيب ... تلك الفجاج والأنحاء
7. ... واستنارت عوالم الملاء الأعلى ... وضاء الدجنة السوداء
8. ... عنك قد شق في البطون رداء ... حشوة الخارقات ذاك الرداء
9. ... قمت في برجك المشعشع شمسا ... ظل ينحط عن علاها العلاء
10. ... بك طافت أرواحها انبياء الله ... غيبا فبايعوك وجاؤا
11. ... عنك نابوا وبشروا بك اصناف ... البرايا وصحت الأنباء
12. ... جئت ختما لهم فها أنت في النظم ... ختام وفي الكيان ابتداء
13. ... أنت سلطانهم وقد تعرض الجند ... ابتداء وتعقب الأمراء
14. ... ما طووا حكمة من السر إلا ... أنت معراجها وأنت البناء
15. ... شمل الكل من لوائك أمن ... وعليهم ما زال ذاك اللواء
16. ... وتباهى بك الخليل رعاك الله ... إبنا باهت به الآباء
17. ... يا لفرع كسا الأصول فخارا ... أبديا لا يعتريه انقضاء
18. ... نال منه أبوه آدم عزا ... وقبولا وأمه حواء
19. ... وتدلى من حضرة الأفق للأرض ... هبوطا مضمونة الارتقاء
20. ... والعلامات قبل أن جاء جاءت ... بشؤن لاحت لها أضواء
21. ... وتوالت عجائب الغيب يروي ... طورها عنه ما طواه الغطاء
22. ... راقبته القلوب في الكون والأبصار ... من نوره عليها غشاء
23. ... رب نور يغشى العيون بستر ... إنما غاية الظهور الخفاء
24. ... هذه يا أبا البتول معانيك ... التي انشق عن سناها السناء(1024/77)
25. ... حير القوم شأن قدسك في مهد ... التجلى فطاشت الآراء
26. ... راح عرافهم لتلك العلامات ... وتعلوه حيرة بحتاء
27. ... صولة من سرادق الغيب للناس ... تدلت برفعها الآلاء
28. ... هي آلاء ربنا والذي يقضيه ... ماض وفاعل ما يشاء
29. ... حققت ذلك الهواتف والأحبار م ... والكاهنون والعرفاء
30. ... وبمر الظهران راهبهم إذ قص ... هذا وللصباح ضياء
31. ... وانقضاض النجوم والنار إذ صاوت ... رمادا وحين غار الماء
32. ... رد أمن المجوس خوفا نذير ... الغيب إذ جاء عكس ما هم شاؤا
33. ... ورمى الغي والضلال شهاب ... اج منه للجاحدين انمحاء
34. ... ضاء والكائنات طمس فعم النور ... واستبصرت به الأشياء
35. ... وتبدت أشكالها بعد أن عنه م ... ببرج الأبراز قام انجلاء
36. ... ملأ الكون هيبة وجلالا ... شأن سلطانه وعم البهاء
37. ... نسجت عنه بالبشارات أمراط ... غبار تثيره الهيجاء
38. ... كتبت للهدى سطورا ببيض ... سال منها على الحواشي الدماء
39. ... جردت ثم أودعت في كنوز ... الغيبم قدما وأهلها الخلصاء
40. ... ورآى الموبذان هذا مناما ... راع كسرى كما قضاه القضاء
41. ... وسطيح لما أتاه ابن عمرو ... وبه من أسقامه إعياء
42. ... نص حكم التورية في الأمر والإنجيل م ... نصا ما شابه ايماء
43. ... ذاكرا صاحب الهراوة والحق ... مبين وما هناك مراء
44. ... ومياها فاضت وغاضت وفي الأمرين م ... للعارفين سين وراء
45. ... ليت شعري هل يجحد الشمس إلا ... مقلة عن شعاعها عمياء
46. ... كل شيء له انتهاء وطه ... فمعاليه ما لهن انتهاء
47. ... نقطة في معالم القدس دارت ... فاستديرت بنمطها العلياء
48. ... برزت في العلى بطالع قدس ... ملئت من أضوائه الخضراء
49. ... فالإشارات أعربت عنه معنى ... والبشارات ما لها استقصاء
50. ... ضجة في محاضر الملكوت انشق م ... عن شمسها الوضاح العماء
51. ... فبدت والاكوان ترقب منها ... سر غيب وما بذاك امتراء
52. ... نشأة الطي حين تبرز في النشر ... يرى ما بطيها النبهاء
53. ... يشهد القوم بالبصائر من كنه ... طواها ما يشهد البصراء
54. ... تلك آيات ربنا وله الحكم م ... وأحكامه لها الإمضاء(1024/78)
55. ... كيف لا تشهد العيون ضياء ... من حجاب تلوح فيه ذكاء
56. ... منه مس القلوب وارد خوف ... مد في الأرض ما طوته السماء
57. ... هيبة عمت الوجود فكل ... فوقه من جلالها سيماء
58. ... طرفت مقلة العيان بضوء ... دون نبراس لمعه الأضواء
59. ... دولة تعرب البراهين عنها ... بينات ما نابها إخفاء
60. ... راع كسرى سلطانها ولكسر ... سوف يأتيه قد تداعى البناء
61. ... أيها المستميح بردة عتم ... عن منار له الشموس حذاء
62. ... رحت تستكشف الشؤن من الكهان ... والأمر شمسه بلجاء
63. ... ما قرأت التورية أو ما تدبرت م ... نصوصا أشاعها شعياء
64. ... وفصول الزبور أو ما تلاه ... من نصوص الأنجيل يوحناء
65. ... قول متى ما فيه لو ولا ليت م ... وللحق طلعة وضاء
66. ... أوشككت الشكوك منك بسهم الحق م ... أبصرت والحظوظ عطاء
67. ... نشر الله ذكر أحمد بالآيات م ... قدما فلم يصبه انطواء
68. ... وتدلى من برجه يتجلى ... م بتدل تحقيقه إعلاء
69. ... قلبته الأقدار في الظهر والبطن م ... بقوم هم قادة نجباء
70. ... أنبياء وأولياء وأخيار م ... وشوس وسادة شرفاء
71. ... لم يشنهم كالجاهلية في الحكم م ... سفاح أو خلة شنعاء
72. ... حرستهم عين العناية والعبد م ... إذا صين فالشؤن صفاء
73. ... كلهم سيد حسيب نسيب ... أريحي آباؤه كرماء
74. ... نور شمس الهدى تنقل فيهم ... فأضاءت منهم به الأجزاء
75. ... عمهم نوره لذا أخلصوا التوحيد م ... نهجا فكلهم حنفاء
76. ... بالعمودين أشرف الخلق أصلا ... أمهات النبي والآباء
77. ... خيرة الله هم من الخلق للمختار م ... أهل أعاظم كبراء
78. ... قد حباهم خلاقهم واصطفاهم ... وكذا المصطفى له الإصطفاء
79. ... وانتهى مظهر البروز بمجلى ... بنت وهب فضاءت الأرجاء
80. ... ولدته العذراء آمنة النور م ... أمينا وقومه أمناء
81. ... غبطتها العذراء مريم فيمن ... رزقته وقبلها حواء
82. ... وبوهب الكريم أنجب عبد الله م ... مولى أتباعه النجباء
83. ... يا لحظ مؤيد أعظمته ... للتجلي الخضراء والغبراء
84. ... شب في سدرة الفخار يتيما ... ويد القدس لليتيم وقاء
85. ... لاحظته الأقدار وهو صغير ... ولديه تصاغر الكبراء(1024/79)
86. ... زق بالعلم من سرادق غيب الله م ... وهبا فطاب منه النماء
87. ... يا له في محافل الفضل أمي م ... عظيم خدامه العلماء
88. ... أدب يبهر النسيم العراري م ... وبأس تجلى به البأساء
89. ... وجلال تهابه الشمس في قرص م ... سناها غشى علاه الحياء
90. ... وجمال يحيى به الميت إذ يبدو ... وتفنى وجدا له الأحياء
91. ... وكمال تنسقت فيه آيات م ... غيوب ما نالها الأنبياء
92. ... قام والدين مقعد في كمين ... طلسمي وللأعادي اعتداء
93. ... وطريق الأقوام محض ضلال ... وعناد وغلظة وجفاء
94. ... فنفى الشرك والضلال بهدي ... أحكمته المحجة البيضاء
95. ... وانجلى نوره فعم الوجودات م ... وطاب الشعوب والأحياء
96. ... لمع البرق منذرا وبشيرا ... منه فانهد ركنها الرقباء
97. ... قيل جاء النبي بالبعثة الزهراء م ... فاستبشرت به العرفاء
98. ... ملأ الأرض بالهدى وبحق ... كمل الدين تمت النعماء
99. ... وأضاءت بطحاء مكة لما ... قومت من سكانها العوجاء
100. ... وسرى سره ليثرب بالعز م ... فطابت وطاب فيها الثواء
101. ... وأفاض الهدى على ساكني الأقطار م ... والغي نابه إمحاء
102. ... وبدت معجزاته البيض تتلى ... وتباهت بنصها القراء
103. ... حينما انشق في العلا القمر الطالع م ... ليلا شقت قلوب هواء
104. ... وتهادى الركبان سيرا إلى الله م ... مذ امتد ستره الإسراء
105. ... نطق الجذع باسمه سبح الماء م ... بكفيه هلل الحصباء
106. ... وله الظبي قد تكلم والأشجار م ... سارت ولانت الصماء
107. ... وروى جيشه بحفنة ماء ... يا بماء العيون ذاك الماء
108. ... أشبع القوم من قليل طعام ... فانطوى فيه للجميع الشفاء
109. ... بعيوني تراب نعليه للروح ... حياة وللسقام دواء
110. ... قد طوى الله دولة الكون في طية م ... برديه وانجلى الإبداء
111. ... كان ذاك الكساء كنزاً لذرات م ... البرايا يا نعم ذاك الكساء
112. ... علة الخلق في رقائق حكم الطي م ... والنشر حيث كل هباء
113. ... مد بسط الإرشاد لله بالحكمة م ... حتى اهتدت به الحكماء
114. ... أثبت العدل حكمه الفصل إذ فيه م ... تساوى الضعاف والأقوياء(1024/80)
115. ... وأتى بالقرآن آية حق ... حين تتلى خرش لها الفصحاء
116. ... عقله سيد العقول وخدام م ... حواشي أعتابه العقلاء
117. ... ومعاليه والأيادي بعد ... وحساب فما لها استيفاء
118. ... نصرته بالرعب غارة قدس ... فأريعت بسرها الأعداء
119. ... أقلق الحاسدين منه شعاع ... ما طووه إلا اجتلاه انجلاء
120. ... يخفض الحاسد العلي خيالا ... ومن الله حظه الإعلاء
121. ... وإذا داركت يد الحفظ عبدا ... فدواء مضمونها الأدواء
122. ... أيد الله عبده الطهر طه ... فانتحت عن طريقه الأسواء
123. ... خدمته الأملاك دارت به الأفلاك م ... غشى الأحلاك منه ضياء
124. ... وقضى الحق أنه علة الخلق ... وطرز الورى لذا إيماء
125. ... هو لولاه ما هي الأرض أرض ... وذووها ولا السماء سماء
126. ... سبب شقت الوجودات عنه ... بانفتاق أرتاقها الطمساء
127. ... فتذكر حديث جابر يبدو ... لك مكنون سره الإبتداء
128. ... يا له من خطير سر ابتداء ... ما لعلياه والفخار انتهاء
129. ... كل أطوار عمره معجزات ... أحمد واتضاعه فاعتلاء
130. ... ذل لله طارحا ما سوى الله م ... فذلت لعزه العظماء
131. ... رحمة للوجود جاء ونورا ... وأمانا إذ تجزع الاصفياء
132. ... عزمه سلم القلوب إلى الله م ... ومن باب دينه الإرتقاء
133. ... والذي حاد عن طريق هداه ... فضلال طريقه وعماء
134. ... يا بروحي أفديه من هاشمي ... شرفت من جنابه الأسماء
135. ... محكمات آياته بينات ... ما عليهن للبصير غطاء
136. ... ألفتها العقول لا منكرات ... عسرات ولا بها إيذاء
137. ... مجملات مفصلات رقاق ... كلهن اليتمية العصماء
138. ... رقرقت كأس حكمة بمعان ... سرهن الساري رحيق صفاء
139. ... ما أحيلا مذاقها فيه للنفس م ... فناء وللفؤاد بقاء
140. ... ونصوص أحكامها باهرات ... أعظمت شأن حقها البعداء
141. ... كم طوى الدهر من شؤون جسام ... ومعانيه ما لهن انطواء
142. ... أبد الله عزه وله الحكم م ... تعالى سلطانه والعلاء
143. ... هو فرد في الملك ذاتا وشأنا ... ما لعالي جنابه نظراء
144. ... أبرز الله مفردا نوره الفياض م ... والمرسلون طين وماء
145. ... هو إخوانه النبيون لكن ... من سناه قبل الكيان استضاؤه(1024/81)
146. ... وعليهم له شريف أياد ... ولهم من فيوضه استجداء
147. ... أصلهم آدم ولما دعا الله ... تعالى به استجيب الدعاء
148. ... وغدا حين يذهل الكل طرا ... ترتجيه الشفاعة الشفعاء
149. ... ليت شعري هل تبصر الركب عيناي م ... وللنوق للحجازه رغاء
150. ... وأراها لطيببة تتهادى ... ويرش القيعان مني البكاء
151. ... يثقل السير بالجمال جهارا ... ديمة من مدامعي وطفاء
152. ... فولوه ولوعة وهيام ... وغرام ومهجة حراء
153. ... وأنين وذهلة وحنين ... واصطلام ودمعة حمراء
154. ... وفؤاد يطير قبل نياق الركب ... والعين ما لها إغفاء
155. ... وفناء بحت لشمة أعتاب ... ثراها به الشفا والثراء
156. ... وانقطاع عن الوجود بوصل ... لحمى منه كالسماء الفناء
157. ... آه والوعتي وطول أنيني ... مثقل بالذنوب مني الخطاء
158. ... أتمنى وأين ما أتمناه ... ووزري مؤزري والشقاء
159. ... عل من نفحة الرسول لقيدي ... فك قفل به يتم الرجاء
160. ... وعساها عناية الطهر تجلو ... عن فؤادي ما بث فيه العناء
161. ... وأراني بعد الشقاء سعيدا ... بنبي عبيده السعداء
162. ... وأرى قبره المنير وللسر ... سرور يعد النوى وهناء
163. ... وعلى بابه أرى حر وجهي ... تجتليه من مسه غبراء
164. ... ودموعي تسيل وجدا وشوقا ... ولظهري من الخشوع انحناء
165. ... وقفول العشاق من كل فج ... مثل شأني لهم إليه التواء
166. ... هزهم وأرد الغرام فأرواح ... تناجيه دينها الإلتجاء
167. ... وعقول هامت به فهي إلا ... عن معاني جماله ذهلا
168. ... لم يفتني الإسعاف قط وأني ... لي إليه بالانتساب ارتقاء
169. ... رفعتني له عقود جدود ... عن سوى الله أقلعوا وتناؤا
170. ... رحم واصل بأكرم مولى ... دونه في البرية الرحماء
171. ... كوكب في مطالع القدس منه ... ملأ الكون رونق وضياء
172. ... وإمام للعالمين وهاد ... وولي إذ تنتحي الأولياء
173. ... وحسام قد أصلتته يد القدرة ... بالله باتر مضاء
174. ... وحبيب لله مقبول جاه ... عند مولاه كائن ما يشاء
175. ... يا رسول الرحمن دعوة مغلوب ... يناجيك ما له نصراء
176. ... غيرت حاله الذنوب فوجه ... ذو سواد ولمة بيضاء(1024/82)
177. ... فأعتقنه من ربقة الذنب يا من ... كم لسحاج جوده عتقاء
178. ... وتدارك بالغوث عبدا غريبا ... فبعلياك تلجأ الغرباء
179. ... مسني الضر فانتدب لي بعون ... عل تمحو ضرائي السراء
180. ... خذ بثاري يا أغير الخلق من أعدإ ... مجد لي بالتجري أساؤا
181. ... واحم فضلا قرابتي فلعمري ... أنت من يحتمي به الأقرباء
182. ... وإذا مت صل حبالي بقرب ... منك إني صحيفتي سوداء
183. ... لا تدعني رهن السؤال فإني ... عن جوابي قوالتي بكماء
184. ... أنت سيفي وناصري ومعيني ... وأماني إذ تبعد القرباء
185. ... أنا يا سيدي وأهلي ضعاف ... لك آل آذاهم الأدعياء
186. ... أعقوقي يضيع منك حقوقي ... وعطاياك دونها الأنواء
187. ... عجبا للألى لمدحك راموا ... بعض حد ظنا وبالعجز باؤا
188. ... ما لمداحك الكرام سوى نظم ... عقود يفتر عنها الثناء
189. ... وخضوع وذلة وارتباط ... بك تغنى بفيضه الفقراء
190. ... سيدي سيدي بكل حبيب ... لك منهم ساداتنا الأوصياء
191. ... بصحاب علمتهم كل خير ... قام منهم لصوننا الخلفاء
192. ... وزراء الهدى وفي الناس حينا ... ناب عن ذات نورك الوزراء
193. ... بجناب الصديق صاحبك المقبول ... من أحكمت به السمحاء
194. ... والذي بعد أن قضيت ارتضاه ... أمناء الصحابة الأصدقاء
195. ... والذي رد بالسيوف أولي الردة ... حطما مذ هاجت الهيجاء
196. ... برجال من كل ليث كسيف الله ... محو بسيفه الغرماء
197. ... رب فتك فحل أخاضته بالموت ... ضحوكا طمرة جرداء
198. ... مصلتا أبيضا قد احمر تتلوه ... لدى البطش صعدة سمراء
199. ... من أبي بكر اجتلته صباحا ... يد عزم تجلى به الغماء
200. ... أفضل السادة الصحابة والكل ... نجوم وسادة فضلا
201. ... قلب صدق مضمونه الصدق في الله ... وأذن فيها له إصغاء
202. ... سيد العارفين بالله والصحب ... لعمري جميعهم عرفاء
203. ... حب طه خليله صاحب الغار ... الموالي إذ شحت الأسخياء
204. ... باذل الكل في هوى سيد الكل ... ويتلو صدق الغرام السخاء
205. ... شيم تنضح العبير ومنها ... لاح للعين جنة خضراء
206. ... وبجاه الفاروق ثاني الوزيرين ... الذين لذ حبه والولاء(1024/83)
207. ... فاتح الأرض ناصر الشرع والدين ... ومن طوره التقى والوفاء
208. ... والذي وافق الكتاب كتاب الله ... من نص قلبه الآراء
209. ... أي غوث للدين أي أمير ... بعض خدام بابه الأمراء
210. ... ما ذكرنا منه المناقب إلا ... أسكرتنا من دورها صهباء
211. ... شرف تخجل الكواكب إذ يبدو ... وتطوى بذيله الجوزاء
212. ... وبجاه الشهيد عثمان ذي النورين ... من زان مشهديه الحياء
213. ... صهر طه على ابنتيه وفي هذا ... اختصاص من ربه وانتقاء
214. ... ذو الأيادي مجهز الجيش في العسرة ... والعسر في الخطوب بلاء
215. ... قرشي زاكي الشمائل وضاح ... محيا مهذب معطاء
216. ... أكتسبته شهادة الدار في الله ... حياة وهكذا الشهداء
217. ... وبجاه الأمير حيدرة الكرار ... من حبه لروحي جلاء
218. ... الوصي السامي الذرى كافل الزهراء ... نعم الوصي والزهراء
219. ... أسد الله سيد الآل مخطوب ... المعالي وللعلي العلاء
220. ... أنبأتنا الأنباء عن قدره العالي ... ويكفي للموقن الأنباء
221. ... كم شهدنا لعزمه خارقات ... شاكل المعجزات منها المضاء
222. ... قال ذو الحقد مادح الصهر أطراه ... ونزر في مدحه الإطراء
223. ... قد رأينا العلياء تعلي رجالا ... وعلي تعلو به العلياء
224. ... حينما استعرض الصفوف ببدر كر من عضبه عليهم وباء
225. ... ودحا الباب يوم خيبر فالحصن ... تداعى وانهز منه البناء
226. ... باب علم الرسول ذخري أو السبطين ... عزمي إذ تثقل الأعباء
227. ... كم أناديه والنوائب ليل ... مدلهم فيعتريها انجلاء
228. ... حسدته أولو الضغائن حقدا ... وكثيرا ما تحسد الحسناء
229. ... وبجاه السبطين شبليه عيني ... عصبة فوقها أستدير العباء
230. ... سيدي سادة الائمة والكل ... لعمري أئمة نجباء
231. ... أمة من بني النبي استظلت ... بحماها الأبدال والنقباء
232. ... حسرتي هم طول المدى ولكم من حسرات ماتت بها كرماء
233. ... آه والوعتي عليهم إذا ما ... خطرت لي البقيع أو كربلاء
234. ... ذو احتراق إذ يذكر النجف الأشرف ... قلبي المضنى وسامراء
235. ... فرقتهم يد التجلي فطوس ... دارهم والبطاح والزوراء(1024/84)
236. ... شرفوا كل بقعة قدسوها ... ومع الله صبحهم والمساء
237. ... وبجاه الأمير خالد سيف الله ... من صح لي إليه انتماء
238. ... ألهزبر الفحل الذي أيد الدين ... ولانت بسيفه الأقسياء
239. ... والذي دوخ الألى من أولي الردة فاستسلموا له ثم فاؤا
240. ... والذي عز في فتوحاته الأقطار دين الهدى وطال اللواء
241. ... وبجاه الصحب الكرام جميعا ... نعم جيش النبي والرفقاء
242. ... قلبتهم يد الرسالة نورا ... بعد عتم وهذه الكيمياء
243. ... أسد الله والذي لأجل الله ... منهم طوعا أبيح الدماء
244. ... شيدوا الدين بالمواضي وهدوا ما بناه من الغوى القدماء
245. ... ومضوا إذ قضوا كراما بأصحاب ... النبيين ما لهم أكفاء
246. ... كم ببدر من حزبهم لاح بدر ... يتجلى سماؤه البيداء
247. ... كم حنين لصفهم بحنين ... ناب ظهر العدا به إحناء
248. ... وبحدب لهم مخضبة الأطراف ... بيض كم قومت حدباء
249. ... جاء منهم كالأنبياء رجال ... ما لوتها عن ربها الأشياء
250. ... وبجاه الأئمة الغر من عنهم ... أتتنا الشريعة الغراء
251. ... علماء الكتاب والسنة البيضاء ... أعيان ديننا الفقهاء
252. ... وبجاه المشايخ الزهر من هم ... عظماء الطريقة الأولياء
253. ... سادة هذبوا النفوس بدين الطهر ... طه فانجاب عنها الغطاء
254. ... زهدهم قد زوى الوجودات عنهم ... فلعمري حقا هم العقلاء
255. ... فزعت منهم القلوب إلى الله ... فذكر زمانهم ودعاء
256. ... وصلاة بصدق حال وصوم ... طرق الخوف كله والرجاء
257. ... وبجاه الغوث الكبير الرفاعي ... من تجلت له اليد البيضاء
258. ... سيد ناب عن نبي البرايا ... بشؤن حارت لها النظراء
259. ... علم الشرق كوكب الصدق فياض ... الأيادي والفلذة الخضراء
260. ... مدد يرفع الوضيع وسر ... قد أقيمت بحاله العرجاء
261. ... وخلال حميدة وفيوض ... هي والعارض الملح سواء
262. ... وبأولاده الهداة فهم قوم ... كرام أماجد صلحاء
263. ... بيت مجد إلى علي تعالت ... من ذويه الأبناء والآباء
264. ... شرف ينطح النجوم وصيت ... ملئت من معطاره الأرجاء
265. ... وبجاه انكسار كل محب ... خالص مسه من الحب داء(1024/85)
266. ... بمعان على القلوب أضاءت فاستنارت وزيح عنها الغشاء
267. ... بإشارات كل عبد نزيه ... جذبته للصانع الآلاء
268. ... رضي الله كافلا ووليا ... فاطمأنت من سره الأحشاء
269. ... بدموع للعاشقين إذا ... مس فقد كالسحب منها الماء
270. ... بأنين للوالهين لديه ... زفرات تبكي لها الصماء
271. ... بعقول قد أدركت غاية السر ... ومنها لربها إسراء
272. ... بفهوم قد هزها الوجد حتى نطقت من صميمها الخرساء
273. ... بالخفي الجلي ذي الغارة المهدي من عمني به الإهتداء
274. ... مظهر الحق باهر السر من طاب لقلبي بهديه الإقتداء
275. ... وارث المرتضى ومجلى هداه ... من علاه ضمن الظهور الخفاء
276. ... برجال الديوان حيا وميتا ... ولعمري أمواتهم أحياء
277. ... خذ حنانا يا مصطفى بعناني ... فالأعادي لها بشأني اعتناء
278. ... رب إني مدحت عبدك طه ... وبطه يستشفع الفقراء
279. ... نق سري يا رب من كل سوء ... فبسري من زلتي اصداء
280. ... وتدارك عجزي بقدرتك العظمى فإني مطيتي هزلاء
281. ... سار أهل القلوب لله والذنب ... دهاني وهمتي عثراء
282. ... كلما قلت أجتلي النور طمت ... منهجي ظلمة الهوى الظلماء
283. ... تب علي انتصر إلي فإني ... غلبتني الأعداء والأهواء
284. ... وأغثني مما أهم فرأيي ... ضمن سيل الذنوب شيء غثاء
285. ... واجتذبني إلى طريق أمان ... فطريقي فجاجه وعثاء
286. ... أنا عبد قد أثقلتني المعاصي ... وأعنائي وملني النصحاء
287. ... ألغياث الغياث يا رب فالركب ... أمام والعزم مني وراء
288. ... ألغياث الغياث فرج كروبي ... وارض عني فمنك يرجى الرضاء
289. ... يا إلهي هذا الزمان تمادى ... وبدت منه هجمة واعتداء
290. ... كدر الصفو فيه أحقاد قوم ... أقلقتهم بغيها الشحناء
291. ... وقلوب لهم تربع فيها ... قسوة تغلب النهى وجفاء
292. ... ضيق الأرض يا غيور عليهم ... وامض فيهم من القضا ما تشاء
293. ... وأعذني من شر كل حسود ... وقرت في ضميره البغضاء
294. ... واحي قلبي برحمة منك إني ... ما لناري بغيرها إطفاء
295. ... وأفنني بالنبي حتى أراني ... لي فناء بحبه وبقاء
296. ... وأراني له رفيقا وجارا ... منه يجري فضلا علي العطاء(1024/86)
297. ... فهو روح الأرواح سرا وجهرا ... هب من نشره عليها شذاء
298. ... نسجت للألباب منه معان ... روضة في طرازها فيحاء
299. ... هو في الكون نقطة الباء يبدو ... حين يجلى ما افتر عنه الباء
300. ... كم أعاد الباري به من أفانين ... علوم لم يبدها الإبداء
301. ... جاء بالحق والقلوب بها موت ... فعاشت وهزها الإحياء
302. ... وبدا نوره فأصبح للحشر ... منيرا بضوءه يستضاء
303. ... يا إلهي يا واسع الجود يا من ... شأنه الوضع جل والإعلاء
304. ... يا عظيم النوال يا واهب الآمال ... يا من لبابه الإلتجاء
305. ... يا مجيب المضطر حين يناجيه ... ولليل عتمة فحماء
306. ... يا مغيثا بلجة البحر إن ما ... هتفت باسم قدسه الغرقاء
307. ... قد رجوناك فاسبل الستر والطف ... عل يروي ظما القلوب الرواء
308. ... وعلى المصطفى فصل وسلم ... ما استمال الغصن الرطيب هواء
309. ... وانطوى بالخفاء نشر ولاحت ... بارقات لها المعاني غطاء
310. ... وعلى آله الذين اصطفاهم ... ربهم للعلى فهم أصفياء
311. ... سادة الناس أكرم الخلق طرا شرفاء الخلائق الأذكياء
312. ... وعلى السادة الصحابة من هم ... سادتي حين تذكر الأسماء
313. ... ما حدا الركب في المهامه حاد ... هيمته الطلول والأرجاء
314. ... وسرى في عوالم الله سر ... وارتقت في المنابر الخطباء
315. ... واستهلت بشرى بحسن ختام وطوى شقة العناء الرضاء
الفهرس العام
الفهرس العام ... 1
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ... 1 ... 1
ولد الهدى 1 ... 12 ... 1
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة ... 17 ... 1
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا ... 18 ... 1
يا إمام الرسل يا أحمدْ ... 19 ... 1
إلا الرسول ... 20 ... 1
البردة للبوصيري ... 21 ... 1
الصارم المسلول لشاتمي الرسول ... 27 ... 1
عاد محمد صلى الله عليه وسلم ... 28 ... 1
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال ... 29 ... 1
عائدون يا رسول الله ... 30 ... 1
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري ... 32 ... 1
القصيدة المضرية ... 33 ... 1
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام ... 35 ... 1
خيرَ البرية نظرة إليَّ ... 36 ... 1
ربيع الهدى ... 37 ... 1
رسول الهدى (1) ... 37 ... 1(1024/87)
سيدي يا رسول الله ...!! ... 40 ... 1
صلاة الله وسلامه على الهادي ... 43 ... 1
صلى الإله وسلما ... 44 ... 1
عذراً.. رسول الله!.. ... 44 ... 1
فدى لرسول الله ... 46 ... 1
في ذكرى المولد ... 48 ... 1
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا ... 51 ... 1
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ ... 52 ... 1
أطبق الليل واختفت أضواء ... 52 ... 1
فجأةً شاعَ الخبرْ ... 53 ... 1
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ ... 54 ... 1
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري ... 55 ... 1
******** مديحك يا مختار ... 56 ... 1
مولد الهادي ... 56 ... 1
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... 57 ... 1
يا حبيبي هاكَ نحري ... 58 ... 1
من نبع هديك تستقي الأنوار ... 59 ... 1
إمام المرسلين فداك روحي...61 ... 1
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم-62 ... 1
جلَّ من ربَّاك ... 63 ... 1
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم ... 64 ... 1
نفحات الهجرة ... ... 68 ... 1
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ... 69 ... 1
لك في مهمة التجلي البهاء ... 72 ... 1
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ... 2
ولد الهدى 1 ... 13
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة ... 18
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا ... 19
يا إمام الرسل يا أحمدْ ... 20
إلا الرسول ... 21
البردة للبوصيري ... 22
الصارم المسلول لشاتمي الرسول ... 28
عاد محمد صلى الله عليه وسلم ... 29
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال ... 30
عائدون يا رسول الله ... 31
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري ... 33
القصيدة المضرية ... 34
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام ... 36
خيرَ البرية نظرة إليَّ ... 37
ربيع الهدى ... 38
رسول الهدى (1) ... 38
سيدي يا رسول الله ...!! ... 41
صلاة الله وسلامه على الهادي ... 44
صلى الإله وسلما ... 45
عذراً.. رسول الله!.. ... 45
فدى لرسول الله ... 47
في ذكرى المولد ... 49
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا ... 52
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ ... 53
أطبق الليل واختفت أضواء ... 53
فجأةً شاعَ الخبرْ ... 54
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ ... 55
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري ... 56
********
مديحك يا مختار ... 57
مولد الهادي ... 57(1024/88)
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... 58
يا حبيبي هاكَ نحري ... 59
من نبع هديك تستقي الأنوار ... 60
إمام المرسلين فداك روحي... 62
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم- ... 63
جلَّ من ربَّاك ... 64
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم ... 65
نفحات الهجرة ... ... 69
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ... 70
لك في مهمة التجلي البهاء ... 73(1024/89)
قصيدة النبي المنصور
محمدُ يا إِمَامَ الرّسْلِ قاطِبة .... وإسمٌ جاءَ في الإنجيلِ مسطُورُ
وفي التوراةِ وصفُك َمالهُ شَبَه .... نبيٌ صادقٌ بالعفوِّ مشهُورُ
حبيبي أنت إعجازٌ ومفخرة .... ونورٌ مشرق ٌكالدّرِ منثورُ
حبيبي أنت آياتٌ منزلة ٌ .... وخيرٌ ظاهرٌ للناس موفورُ
حبيبي أنت للظمآن ِواحتُهُ .... وظلٌ وارفٌ للخلق مبرورُ
رسولاً جئتَ للأكوان تصلحُها .... فكان الخيرُ في كفيكَ ممطورُ
فإن كانت عيون الكفرِ قد عَميَت .... فمن يهدي قلوبا حَشوُها زورُ
عقولٌ غالها العصيانُ فاجترأت .... ولم تعلم بأنّ حصادها بُورُ
وأن الحقّ في العلياءِ منتصرٌ .... وأنك سيّدي باللهِ منصورُ
وأنكَ سامقٌ في العلياءِ مرتفعٌ .... وبين الخلْقِ بالإحسان مذكُورُ
فدتكَ الروحُ يا ماحي جهالتها .... وعُمْري في فِداءِ الحقِّ منذُورُ
وشُلَّتْ كفُّ من يبغي أذيتُكُم .... غبيٌّ خاسرٌ في الجَهلِ مطْمُورُ
عليه لعائنُ الجبار مرسلة .... ويوم الحَشْر ِفي النيرانِ مسجورُ
وباتَ القلبُ بالتقصير معتَرفاً .... فجُلُّ صنيعُنا لهوٌ وتقصيرُ
عليكَ صلاة ُربي دائماً أبداً .... أيا نوراً بهِ يُستجْلبُ النُّورُ
المستشار / محمد أحمد الحمادي - وزارة العدل ـ أبوظبي(1025/1)
كأنّ نجوماً أومضت في الغياهب
عيون الأفاعي
حسن إبراهيم الأفندي
1. عيون الأفاعي
كأنّ نجوماً أومضت في الغياهب عيون الأفاعي أو رؤوس العقارب
إذا كان قلب المرء في الأمر iiحائراً فأضيق من تسعين رحب iiالسباسب
وتشغلني عني وعن كل راحتي مصائب تقفوا مثلها في المصائب
إذا ما أتتني أزمة مدلهمة تحيط بنفسي من جميع الجوانب
تطلبت هل من ناصر أو مساعد ألوذ به من خوف سوء العواقب
فلست أرى الا الذي فلق النوى هو الواحد المعطي كثير المواهب
ومعتصم المكروب في كل غمرة ومنتجع الغفران من كل هائب
مجيب دعا المضطر عند دعائه ومنقذه من معضلات النوائب
معيد الورى في زجرة بعد موتهم لفصل حقوق بينهم ومطالب
ففي ذلك اليوم العصيب ترى الورى سكارى ولا سكر بهم من مشارب
حفاة عراة خاشعين لربهم فيا ويح ذي ظلم رهين المطالب
فيأتوا لنوح والخليل وآدم وموسى وعيسى عند تلك المتاعب
لعلهمُ أن يشفعوا عند ربهم لتخليصهم من معضلات المصاعب
فما كان يغني عنهموا عند هذه نبي ولم يظفرهمُ بالمآرب Œ
**********
2. هناك رسول الله :
هناك رسول الله يأتي لربه ليشفع لتخليص الورى من متاعب
فيرجع مسرورا ً بنيل طلابه أصاب من الرحمن أعلى iiالمراتب
سلالة إسماعيل والعرق نازع وأشرف بيت من لؤي بن غالب
بشارة عيسى والذي عنه عبروا بشدة بأس بالضحوك المحارب
ومن أخبروا عنه بأن ليس iiخلقه بفظ وفي الأسواق ليس بصاخب
ودعوة إبراهيم عند بنائه بمكة بيتا فيه نيل الرغائب
جميل المحيا أبيض الوجه iiربعة جليل كراديس أزج الحواجب
صبيح مليح أدعج العين أشكل فصيح له الاعجام ليس بشائب Œ
************
3. وأحسن خلق الله :
وأحسن خلق الله خلقا وخلقة وأنفعهم للناس عند النوائب
وأجود خلق الله صدراً ونائلا ً وأبسطهم كفا على كل طالب
وأعظم حر للمعالي نهوضه إلى المجد سام للعظائم خاطب
ترى أشجع الفرسان لاذ بظهره إذا احمرّ بأس في بئيس المواجب
وآذه قوم من سفاهة عقلهم ولم يذهبوا من دينه بمذاهب(1026/1)
فما زال يدعو ربه لهداهم وإن كان قد قاسى أشد المتاعب
وما زال يعفو قادراً عن مسيئهم كما كان منه عند جبذة جاذب
وما زال طول العمر لله معرضاً عن البسط في الدنيا وعيش المزارب
بديع كمال في المعالي فلا امرء يكون له مثلا ولا بمقارب
أتانا مقيم الدين من بعد فترة وتحريف أديان وطول مشاغب Œ
****************
4. ويل قوم :
فيا ويل قوم يشركون بربهم وفيهم صنوف من وخيم المثالب
ودينهمُ ما يفترون برئيهم كتحريم حام واختراع السوائب
ويا ويل قوم حرفوا دين ربهم وأفتوا بمصنوع لحفظ المناصب
ويا ويل قوم من أطرى بوصف فسماه رب الخلق إطراء خائب
ويا ويل قوم قد أبار نفوسهم تكلف تزويق وحب الملاعب
ويا ويل قوم قد أخف عقولهم تجبر كسرى واصطلام الضرائب
فأدركهم في ذاك رحمة ربنا وقد أوجبوا منه أشد المعائب
فأرسل من عليا قريش نبيه ولم يك فيما قد بلوه بكاذب
ومن قبل هذا لم يخالط مداس أل يهود ولم يقرأ لهم خط كاتب Œ
***************
5. منهاج الهدى :
فأوضح منهاج الهدى لمن iiاهتدى ومنّ بتعليم على كل راغب
وأخبر عن بدء السماء لهم iiوعن مقام مخوف بين أيدي iiالمحاسب
وعن حكم رب العرش فيما يعينهم وعن حكم تروى بحكم iiالتجارب
وأبطل أصناف الخنى وأبادها وأصناف بغي للعقوبة جالب
وبشر من أعطى الرسول قياده بجنة تنعيم وحور كواعب
وأوعد من يأبى عبادة ربه عقوبة ميزان وعيشة قاطب
فأنجى به من شاء ربي نجاته ومن خاب فلتندبه شر النوادب Œ
**********
6. فأشهد :
فأشهد أن الله أرسل عبده بحق ولا شيء هناك برائب
وقد كان نورالله فينا لمهتد وصمصام تدمير على كل ناكب
وأقوى دليل عند من تم عقله على أن شرب الشرع أصفى المشارب
تواطىء عقول في سلامة فكره على كل ما يأتي به من مطالب
سماحة شرع في رزانة شرعة وتحقيق حق في إشارة حاجب
مكارم أخلاق وإتمام نعمة نبوة تأليف وسلطان غالب
نصدق دين المصطفى بقلوبنا على بينات فهمها من غرائب Œ
**********
7. براهين :(1026/2)
براهين حق أوضحت صدق قوله رواها ويروي كل شب وشائب
ومن ذاك كم أعطى الطعام iiلجائع وكم مرة أسقى الشراب لشارب
وكم من مريض قد شفي من دعائه وإن كان قد أشفى لوجبة واجب
ودرت له شاة لدى أم معبد حليبا ولا تسطاع حلبة حالب
وقد ساخ في أرض حصان iiسراقة وفيه حديث عن براء بن iiعازب
وقد فاح طيبا كف من مس كفه وماحلّ رأسا جنس شيب iiالذوائب
وألقى شقي القوم فرث iiجزورهم على ظهره والله ليس بعازب
فألقوا ببدر في قليب مخبث وعم جميع القوم شؤم المداعب
وأخبر أن أعطاه مولاه نصرة ورعبا الى شهر مسيرة سارب
فأوفاه وعد الرعب والنصر iiعاجلا وأعطى له فتح التبوك ومآرب
وأخبر عنه أن سيبلغ ملكه إلى ما رأى من مشرق iiومغارب
فأسبل رب الأرض بعد نبيه فتوحا تواري مالها من مناكب Œ
*********
8. فراق الحب :
وكلمه الأحجار والعجم والحصى وتكليم هذا النوع ليس برائب
وحن له الجذع القديم تحزنا فإن فراق الحب أدهى المصائب
وأعجب تلك البدر ينشق عنده وما هو في إعجازه من عجائب
وشق له جبريل باطن صدره لغسل سواد بالسويداء لازب
وأسرى على متن البراق إلى السما فيا خير مركوب ويا خير راكب
وراعت بليغ الآي كل مجادل خصيم تمادى في مراء المطالب
براعة أسلوب وعجز معارض بلاغة أقوال وأخبار غائب
وسمّاه رب الخلق أسماء مدحة تبيّن ما أعطى له من مناقب
رؤوف رحيم أحمد ومحمد مقفى ومفضال يسمى بعاقب
إذا ما أثاروا فتنة جاهلية يقود ببحر زاخر من كتائب
يقوم لدفع البأس أسرع قومه بجيش من الأبطال غر iiالسلاهب
أشداء يوم البأس من كل باسل ومن كل قرم بالأسنة لاعب
توارث إقداما ونبلا وجرأة نفوسهمُ من أمهات نجائب Œ
************
9. جزى الله :
جزى الله أصحاب النبي محمد جميعا كما كانوا له خير صاحب
وآل رسول الله لازال أمرهم قويما على إرغام أنف iiالنواصب
ثلاث خصال من تعاجيب ربنا نجابة أعقاب لوالد طالب
خلافة عباس ودين نبينا تزايد في الأقطار من كل جانب(1026/3)
يؤيد دين الله في كل دورة عصائب تتلو مثلها من عصائب
فمنهم رجال يدفعون عدوهم بسمر القنا والمرهفات iiالقواضب
ومنهم رجال يغلبون عدوهم بأقوى دليل مفحم للمغاضب
ومنهم رجال بينوا شرع ربنا وما كان فيه من حرام وواجب
ومنهم رجال يدرسون كتابه بتجويد ترتيل وحفظ مراتب
ومنهم رجال فسروه بعلمهم وهم علمونا ما به من غرائب
ومنهم رجال بالحديث تولعوا وما كان فيه من صحيح وذاهب
ومنهم رجال مخلصون لربهم بأنفسهم خصب البلاد الأجادب
ومنهم رجال يهتدى بعظاتهم قيام إلى دين من الله واصب
على الله رب الناس حسن جزاءهم بما لا يوافي عده ذهن حاسب Œ
************
10. خاتم الرسل :
فمن شاء فليذكر جمال بثينة ومن شاء فليغزل بحب iiالربائب
سأذكر حبي للحبيب محمد إذا وصف العشاق حب الحبائب
ويبدو محياه لعيني في الكرى بنفسي أفدّيه إذاً والأقارب
وتدركني في ذكره قشعريرة من الوجد لا يحويه علم iiالأجانب
وألفي لروحي عند ذلك هزة وأنسا وروحا فيه وثبة واثب
وإنك أعلى المرسلين مكانة وأنت لهم شمس وهم iiكالثواقب
وصل إلهي كلما ذرّ شارق على خاتم الرسل الكرام الأطايب Œ(1026/4)
محمود سامي البارودي
1255-1322 هـ / 1839-1904 م
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري، أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).
نسبته إلى (إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.
ورحل إلى الآستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.
الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.
ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.
حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317هفعاد إلى مصر.
أما شعره فيصح اتخاذه فاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.
له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.
كشف الغمة في مدح سيد الأمة
يا رَائِدَ البَرقِ يَمّمْ دارَةَ العَلَمِ ... وَاحْدُ الغَمامَ إِلى حَيٍّ بِذِي سَلَمِ
وَإِن مَرَرتَ عَلى الرَّوحَاءِ فَامْرِ لَها ... أَخلافَ سارِيَةٍ هَتّانَةِ الدِّيَمِ
مِنَ الغِزارِ اللَّواتي في حَوالِبِها ... رِيُّ النَّواهِلِ مِن زَرعٍ وَمِن نَعَمِ
إِذا استَهَلَّت بِأَرضٍ نَمْنَمَتْ يَدُهَا ... بُرْداً مِنَ النَّوْرِ يَكسُو عارِيَ الأَكَمِ
تَرى النَّباتَ بِها خُضْراً سَنابِلُهُ ... يَختَالُ في حُلَّةٍ مَوشِيَّةِ العَلَمِ
أَدعُو إِلى الدَّارِ بِالسُّقيا وَبِي ظَمَأٌ ... أَحَقُّ بِالرِّيِّ لَكِنّي أَخُو كَرَمِ(1027/1)
مَنازِلٌ لِهَواها بَينَ جانِحَتي ... وَدِيعَةٌ سِرُّها لَمْ يَتَّصِلْ بِفَمِي
إِذا تَنَسَّمتُ مِنها نَفحَةً لَعِبَت ... بِيَ الصَبابَةُ لِعبَ الريحِ بِالعَلَمِ
أَدِر عَلى السَّمعِ ذِكراها فَإِنَّ لَها ... في القَلبِ مَنزِلَةً مَرعِيَّةَ الذِمَمِ
عَهدٌ تَوَلّى وَأَبقى في الفُؤادِ لَهُ ... شَوقاً يَفُلُّ شَباةَ الرَأيِ وَالهِمَمِ
إِذا تَذَكَّرتُهُ لاحَت مَخائِلُهُ ... لِلعَينِ حَتّى كَأَنّي مِنهُ في حُلُمِ
فَما عَلى الدَّهرِ لَو رَقَّت شَمائِلُهُ ... فَعادَ بِالوَصل أَو أَلقَى يَدَ السَّلَمِ
تَكاءَدَتني خُطُوبٌ لَو رَمَيتُ بِها ... مَناكِبَ الأَرض لَم تَثبُتْ عَلى قَدَمِ
في بَلدَةٍ مِثلِ جَوفِ العَير لَستُ أَرى ... فيها سِوَى أُمَمٍ تَحنُو عَلَى صَنَمِ
لا أَستَقِرُّ بِها إِلاّ عَلى قَلَقٍ ... وَلا أَلَذُّ بِها إِلاّ عَلَى أَلَمِ
إِذا تَلَفَّتُّ حَولي لَم أَجد أَثَراً ... إِلا خَيالي وَلَم أَسمَع سِوى كَلِمي
فَمَن يَرُدُّ عَلى نَفسي لُبانَتَها ... أَو مَن يُجيرُ فُؤادِي مِن يَدِ السَّقَمِ
لَيتَ القَطا حِينَ سارَت غُدوَةً حَمَلَت ... عَنّي رَسائِلَ أَشواقي إِلى إِضَمِ
مَرَّت عَلَينا خِمَاصاً وَهيَ قارِبَةٌ ... مَرَّ العَواصِفِ لا تَلوي عَلى إِرَمِ
لا تُدركُ العَينُ مِنها حينَ تَلمَحُها ... إِلا مِثالاً كَلَمْعِ البَرقِ في الظُّلَمِ
كَأَنَّها أَحرُفٌ بَرقِيَّةٌ نَبَضَت ... بِالسِّلكِ فَانتَشَرَت فِي السَّهل وَالعَلَمِ
لا شَيءَ يَسبِقُها إِلاّ إِذا اِعتَقَلَت ... بَنانَتي في مَديحِ المُصطَفى قَلَمِي
مُحَمَّدٌ خاتَمُ الرُسلِ الَّذي خَضَعَت ... لَهُ البَرِيَّةُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ
سَميرُ وَحيٍ وَمَجنى حِكمَةٍ وَنَدى ... سَماحَةٍ وَقِرى عافٍ وَرِيُّ ظَمِ
قَد أَبلَغَ الوَحيُ عَنهُ قَبلَ بِعثَتِهِ ... مَسامِعَ الرُسلِ قَولاً غَيرَ مُنكَتِمِ
فَذاكَ دَعوَةُ إِبراهيمَ خالِقَهُ ... وَسِرُّ ما قالَهُ عِيسى مِنَ القِدَمِ(1027/2)
أَكرِم بِهِ وَبِآباءٍ مُحَجَّلَةٍ ... جاءَت بِهِ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُمِ
قَد كانَ في مَلَكوتِ اللهِ مُدَّخراً ... لِدَعوَةٍ كانَ فيها صاحِبَ العَلَمِ
نُورٌ تَنَقَّلَ في الأَكوانِ ساطِعُهُ ... تَنَقُّلَ البَدرِ مِن صُلبٍ إِلى رَحِمِ
حَتّى اسْتَقَرَّ بِعَبدِ اللهِ فَاِنبَلَجَت ... أَنوارُ غُرَّتِهِ كَالبَدرِ في البُهُمِ
وَاختارَ آمِنَةَ العَذراءَ صاحِبَةً ... لِفَضلِها بَينَ أَهلِ الحِلِّ وَالحَرَمِ
كِلاهُما فِي العُلا كُفءٌ لِصاحِبِهِ ... وَالكُفءُ في المَجدِ لا يُستامُ بِالقِيَمِ
فَأَصبَحَت عِندَهُ في بَيتِ مَكرُمَةٍ ... شِيدَت دَعائِمُهُ في مَنصِبٍ سِنمِ
وَحِينما حَمَلَت بِالمُصطَفى وَضَعَت ... يَدُ المَشيئَةِ عَنها كُلفَةَ الوَجَمِ
وَلاحَ مِن جِسمِها نُورٌ أَضاءَ لَها ... قُصُورَ بُصرى بِأَرضِ الشَّأمِ مِن أمَمِ
وَمُذ أَتى الوَضعُ وَهوَ الرَّفعُ مَنزِلَةً ... جاءَت بِرُوحٍ بِنُورِ اللهِ مُتَّسِمِ
ضاءَت بِهِ غُرَّةُ الإِثنَينِ وَابتَسَمَت ... عَن حُسنِهِ في رَبيعٍ رَوضَةُ الحَرَمِ
وَأَرضَعَتهُ وَلَم تَيأَس حَليمَةُ مِن ... قَولِ المَراضِعِ إِنَّ البُؤسَ في اليَتَمِ
فَفاضَ بِالدَّرِّ ثَدياها وَقَد غَنِيَت ... لَيالياً وَهيَ لَم تطعَم وَلَم تَنَمِ
وَاِنهَلَّ بَعدَ اِنقِطاعٍ رِسْلُ شارِفِها ... حَتّى غَدَت مِن رَفِيهِ العَيشِ في طُعَمِ
فَيَمَّمَت أَهلَها مَملُوءَةً فَرَحاً ... بِما أُتيحَ لَها مِن أَوفَرِ النِّعَمِ
وَقَلَّصَ الجَدبُ عَنها فَهيَ طاعِمَةٌ ... مِن خَيرِ ما رَفَدَتها ثَلَّةُ الغَنَمِ
وَكَيفَ تَمحَلُ أَرضٌ حَلَّ ساحَتَها ... مُحَمَّدٌ وَهوَ غَيثُ الجُودِ وَالكَرَمِ
فَلَم يَزَل عِندَها يَنمُو وَتَكلَؤُهُ ... رِعايَةُ اللهِ مِن سُوءٍ وَمِن وَصَمِ
حَتّى إِذا تَمَّ مِيقاتُ الرَّضاعِ لَهُ ... حَولَينِ أَصبَحَ ذا أَيدٍ عَلَى الفُطُمِ
وَجاءَ كَالغُصنِ مَجدُولاً تَرِفُّ عَلى ... جَبِينِهِ لَمحاتُ المَجدِ وَالفَهَمِ(1027/3)
قَد تَمَّ عَقلاً وَما تَمَّت رَضاعَتُهُ ... وَفاضَ حِلماً وَلَم يَبلُغ مَدى الحُلُمِ
فَبَينَما هُوَ يَرعى البَهْمَ طافَ بِهِ ... شَخصانِ مِن مَلَكوتِ اللهِ ذي العِظَمِ
فَأَضجَعاهُ وَشَقّا صَدرَهُ بِيَدٍ ... رَفِيقَةٍ لَم يَبِت مِنها عَلى أَلَمِ
وَبَعدَ ما قَضَيا مِن قَلبِهِ وَطَراً ... تَوَلَّيا غَسلَهُ بِالسَّلسَلِ الشَّبِمِ
ما عالَجا قَلبَهُ إِلا لِيَخلُصَ مِن ... شَوبِ الهَوى وَيَعِي قُدسِيَّةَ الحِكَمِ
فَيا لَها نِعمَةً للهِ خَصَّ بِها ... حَبيبَهُ وَهوَ طِفلٌ غَيرُ مُحتَلِمِ
وَقالَ عَنهُ بَحِيرا حِينَ أَبصَرَهُ ... بِأَرْضِ بُصرى مَقالاً غَيرَ مُتَّهَمِ
إِذ ظَلَّلَتهُ الغَمامُ الغُرُّ وَانهَصَرَت ... عَطفاً عَلَيهِ فُروعُ الضَّالِ وَالسَّلَمِ
بِأَنَّهُ خاتَمُ الرُّسلِ الكِرامِ وَمَن ... بِهِ تَزُولُ صُرُوفُ البُؤسِ وَالنِّقَمِ
هَذا وَكَم آيَةٍ سارَت لَهُ فَمَحَت ... بِنُورِها ظُلمَةَ الأَهوالِ وَالقُحَمِ
ما مَرَّ يَومٌ لَهُ إِلا وَقَلَّدَهُ ... صَنائِعاً لَم تَزَل فِي الدَّهرِ كَالعَلَمِ
حَتّى اسْتَتَمَّ وَلا نُقصانَ يَلحَقُهُ ... خَمساً وَعِشرِينَ سِنُّ البارِعِ الفَهِمِ
وَلَقَّبَتهُ قُرَيشٌ بِالأَمينِ عَلى ... صِدقِ الأَمانَةِ وَالإِيفاءِ بِالذِّمَمِ
وَدَّت خَديجَةُ أَن يَرعى تِجارَتَها ... وِدادَ مُنتَهِزٍ لِلخَيرِ مُغتَنِمِ
فَشَدَّ عَزمَتَها مِنهُ بِمُقتَدِرٍ ... ماضِي الجِنانِ إِذا ما هَمَّ لَم يخمِ
وَسارَ مُعتَزِماً لِلشَّأمِ يَصحَبُهُ ... في السَّيرِ مَيسُرَةُ المَرضِيُّ فِي الحَشَمِ
فَما أَناخَ بِها حَتّى قَضى وَطَراً ... مِن كُلِّ ما رَامَهُ في البَيعِ وَالسَّلَمِ
وَكَيفَ يَخسَرُ مَن لَولاهُ ما رَبِحَت ... تِجارَةُ الدِّينِ في سَهلٍ وَفِي عَلَمِ
فَقَصَّ مَيسُرَةُ المَأمونُ قِصَّتَهُ ... عَلَى خَديجَةَ سَرداً غَيرَ مُنعَجِمِ
وَما رَواهُ لَهُ كَهلٌ بِصَومَعَةٍ ... مِنَ الرَّهابينِ عَن أَسلافِهِ القُدُمِ(1027/4)
في دَوحَةٍ عاجَ خَيرُ المُرسَلينَ بِها ... مِن قَبل بعثَتِهِ لِلعُربِ وَالعَجَمِ
هَذا نَبِيٌّ وَلَم يَنزِل بِساحَتِها ... إِلا نَبيٌّ كَريمُ النَّفسِ وَالشِّيَمِ
وَسِيرَةَ المَلَكَينِ الحائِمَينِ عَلى ... جَبِينِهِ لِيُظِلاَّهُ مِنَ التّهَمِ
فَكانَ ما قَصَّهُ أَصلاً لِما وَصَلَت ... بِهِ إِلى الخَيرِ مِن قَصدٍ وَمُعتَزَمِ
أَحسِن بِها وصلَةً في اللَّهِ قَد أَخَذَت ... بِها عَلى الدَّهرِ عَقداً غَيرَ مُنفَصِمِ
فَأَصبَحا في صَفاءٍ غَير مُنقَطِعٍ ... عَلى الزَّمانِ وَوِدٍّ غَير مُنصَرِمِ
وَحِينَما أَجمَعَت أَمراً قُرَيشُ عَلى ... بِنايَةِ البَيتِ ذي الحُجّابِ وَالخَدَمِ
تَجَمَّعَت فِرَقُ الأَحلافِ وَاقتَسَمَت ... بِناءَهُ عَن تَراضٍ خَيرَ مُقتَسَمِ
حَتّى إِذا بَلَغَ البُنيانُ غايَتَهُ ... مِن مَوضِعِ الرُّكنِ بَعدَ الكَدِّ وَالجشَمِ
تَسابَقوا طَلَباً لِلأَجرِ وَاِختَصَمُوا ... فِيمَن يَشُدُّ بِناهُ كُلَّ مُختَصَمِ
وَأَقسَمَ القَومُ أَن لا صُلحَ يَعصِمُهُم ... مِن اقتِحامِ المَنايا أَيّما قَسَمِ
وَأَدخَلوا حينَ جَدَّ الأَمرُ أَيدِيَهُم ... لِلشَرِّ في جَفنَةٍ مَملُوءَةٍ بِدَمِ
فَقالَ ذُو رَأيِهِم لا تَعجَلُوا وَخُذُوا ... بِالحَزم فَهوَ الَّذي يَشفِي مِنَ الحَزَمِ
لِيَرضَ كُلُّ امرِئٍ مِنّا بِأَوَّلِ مَن ... يَأتي فَيَقسِطُ فِينا قِسطَ مُحتَكِمِ
فَقالَ كُلٌّ رَضينا بِالأَمينِ عَلَى ... عِلمٍ فَأَكرِم بِهِ مِن عادِلٍ حَكَمِ
فَكانَ أَوَّلَ آتٍ بَعدَما اتَّفَقُوا ... مُحَمَّدٌ وَهوَ في الخَيراتِ ذُو قَدَمِ
فَأَعلَمُوهُ بِما قَد كانَ وَاِحتَكَمُوا ... إِلَيهِ في حَلِّ هَذا المُشكِلِ العَمَمِ
فَمَدَّ ثَوباً وَحَطَّ الرُّكنَ في وَسَطٍ ... مِنهُ وَقالَ اِرفَعُوهُ جانِبَ الرَّضَمِ
فَنالَ كُلُّ امرِئٍ حَظّاً بِما حَمَلَت ... يَداهُ مِنهُ وَلَم يَعتِب عَلى القِسَمِ
حَتّى إِذا اِقتَرَبوا تِلقاءَ مَوضِعِهِ ... مِن جانب البَيتِ ذي الأَركان وَالدّعمِ(1027/5)
مَدَّ الرَّسُولُ يَداً مِنهُ مُبارَكَةً ... بَنَتهُ في صَدَفٍ مِن باذِخٍ سَنِمِ
فَليَزدَدِ الرُّكنُ تِيهاً حَيثُ نالَ بِهِ ... فَخراً أَقامَ لَهُ الدُّنيا عَلَى قَدَمِ
لَو لَم تَكُن يَدُهُ مَسَّتهُ حِينَ بَنَى ... ما كانَ أَصبَحَ مَلثُوماً بِكُلِّ فَمِ
يا لَيتَنِي وَالأَمانِي رُبَّما صَدَقَت ... أَحْظَى بِمُعتَنَقٍ مِنهُ وَمُلتَزَمِ
يا حَبَّذا صِبغَةٌ مِن حُسنِهِ أَخَذَت ... مِنْهَا الشَّبِيبَةُ لَونَ العُذرِ وَاللَّمَمِ
كَالخالِ في وَجنَةٍ زِيدَت مَحاسِنُها ... بِنُقطَةٍ مِنهُ أَضعافاً مِنَ القِيَمِ
وَكَيفَ لا يَفخَرُ البَيتُ العَتيقُ بِهِ ... وَقَد بَنَتهُ يَدٌ فَيّاضَةُ النِّعَمِ
أَكرِم بِهِ وازِعاً لَولا هِدايَتُهُ ... لَم يَظهَرِ العَدلُ في أَرضٍ وَلَم يَقُمِ
هَذا الَّذي عَصَمَ اللَّهُ الأَنامَ بِهِ ... مِن كُلِّ هَولٍ مِنَ الأَهوالِ مُختَرِمِ
وَحِينَ أَدرَكَ سِنَّ الأَربَعينَ وَما ... مِن قَبلِهِ مَبلَغٌ لِلعِلمِ وَالحِكَمِ
حَباهُ ذُو العَرشِ بُرهاناً أَراهُ بِهِ ... آيات حِكمَتِهِ في عالَمِ الحُلُمِ
فَكانَ يَمضي لِيَرعى أُنسَ وَحشَتِهِ ... في شاسِعٍ ما بِهِ لِلخَلقِ مِن أَرَمِ
فَما يمُرُّ عَلى صَخرٍ وَلا شَجَرٍ ... إِلّا وَحَيّاهُ بِالتَّسليمِ مِن أَمَمِ
حَتّى إِذا حانَ أَمرُ الغَيبِ وَانحَسَرَت ... أَستارُهُ عَن ضَميرِ اللَوحِ وَالقَلَمِ
نادى بِدَعوَتِهِ جَهراً فَأَسمَعَها ... في كُلِّ ناحِيةٍ مَن كانَ ذا صَمَمِ
فَكانَ أَوَّلُ مَن في الدِّين تابَعَهُ ... خَدِيجَةٌ وَعَلِيٌّ ثابِتُ القَدَمِ
ثُمَّ استَجابَت رِجالٌ دُونَ أُسرَتِهِ ... وَفي الأَباعِدِ ما يُغني عَنِ الرَّحِمِ
وَمَن أَرادَ بِهِ الرَّحمنُ مَكرُمَةً ... هَداهُ لِلرُّشدِ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ
ثُمَّ استَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ مُعتَزِماً ... يَدعُو إلى رَبِّهِ في كُلِّ مُلتَأَمِ
وَالنّاسُ مِنهُم رَشيدٌ يَستَجِيبُ لَهُ ... طَوعاً وَمِنهُم غَوِيٌّ غَيرُ مُحتَشِمِ(1027/6)
حَتّى استَرابَت قُرَيشٌ وَاِستَبَدَّ بِها ... جَهلٌ تَرَدَّت بِهِ في مارِجٍ ضَرِمِ
وَعَذَّبوا أَهلَ دِينِ اللَّهِ وَاِنتَهَكوا ... مَحارِماً أَعقَبَتهُم لَهفَةَ النَّدَمِ
وَقامَ يَدعُو أَبو جَهلٍ عَشِيرَتَهُ ... إِلى الضَّلالِ وَلَم يَجنَح إِلى سَلَمِ
يُبدِي خِدَاعاً ويُخفِي ما تَضَمَّنَهُ ... ضَمِيرُهُ مِن غَراةِ الحِقد وَالسَّدَمِ
لا يَسلَمُ القَلبُ مِن غِلٍّ أَلَمَّ بِهِ ... يَنقى الأَدِيمُ وَيَبقى مَوضِعُ الحَلَمِ
وَالحِقدُ كَالنّارِ إِن أَخفَيتَهُ ظَهَرَت ... مِنهُ عَلائِمُ فَوقَ الوَجهِ كَالحُمَمِ
لا يُبصِرُ الحَقَّ مَن جَهلٌ أَحاطَ بِهِ ... وَكَيفَ يُبصِرُ نُورَ الحَقِّ وَهوَ عَمِ
كُلُّ امرِئٍ وَاجِدٌ ما قَدَّمَت يَدُهُ ... إِذا اِستَوى قائِماً مِن هُوَّةِ الأَدَمِ
وَالخَيرُ وَالشَّرُّ في الدُّنيا مُكافَأَةٌ ... وَالنَّفسُ مَسؤولَةٌ عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
فَلا يَنَم ظالِمٌ عَمّا جَنَت يَدُهُ ... عَلى العِبادِ فَعَينُ اللَّهِ لَم تَنَمِ
وَلَم يَزَل أَهلُ دِين اللَّهِ في نَصَبٍ ... مِمّا يُلاقُونَ مِن كَربٍ وَمِن زَأَمِ
حَتّى إِذا لَم يَعُد في الأَمر مَنزَعَةٌ ... وَأَصبَحَ الشَّرُّ جَهراً غَيرَ مُنكَتِمِ
سارُوا إِلى الهِجرَةِ الأُولى وَما قَصَدوا ... غَيرَ النَّجاشِيِّ مَلكاً صادِقَ الذِّمَمِ
فَأَصبَحُوا عِندَهُ في ظِلِّ مَملَكَةٍ ... حَصِينَةٍ وذِمامٍ غَيرِ مُنجَذِمِ
مَن أَنكَرَ الضَّيمَ لَم يَأنَس بِصُحبَتِهِ ... وَمَن أَحاطَت بِهِ الأَهوالُ لَم يُقِمِ
وَمُذ رَأى المُشرِكون الدّين قَد وضَحَت ... سَماؤُهُ وَاِنجَلَت عَن صِمَّةِ الصِّمَمِ
تَأَلَّبُوا رَغبَةً في الشَّرِّ وَائتَمَرُوا ... عَلى الصَّحيفَةِ مِن غَيظٍ وَمِن وَغَمِ
صَحِيفَةٌ وَسَمَت بِالغَدرِ أَوجُهَهُم ... وَالغَدرُ يَعلَقُ بِالأَعراضِ كَالدَّسَمِ
فَكَشَّفَ اللَّهُ مِنها غُمَّةً نَزَلَت ... بِالمُؤمِنينَ وَرَبِّي كاشِفُ الغُمَمِ(1027/7)
مَن أَضمَرَ السُّوءَ جازاهُ الإِلَهُ بِهِ ... وَمَن رَعى البَغْيَ لَم يَسْلَم مِنَ النِّقَمِ
كَفى الطُّفَيلَ بنَ عَمرٍو لُمعَةٌ ظَهَرَت ... فِي سَوطِهِ فَأَنارَت سُدْفَةَ القَتَمِ
هَدى بِها اللَّهُ دَوساً مِن ضَلالَتِها ... فَتابَعَت أَمرَ داعِيها وَلَم تَهِمِ
وَفِي الإِراشِيِّ لِلأَقوامِ مُعتَبَرٌ ... إِذْ جاءَ مَكَّةَ فِي ذَودٍ مِنَ النَّعَمِ
فَباعَها مِن أَبي جَهلٍ فَماطَلَهُ ... بِحَقِّهِ وَتَمادى غَيرَ مُحتَشِمِ
فَجاءَ مُنتَصِراً يَشكُو ظُلامَتَهُ ... إِلى النَّبِيِّ ونِعمَ العَونُ في الإِزَمِ
فَقامَ مُبتَدِراً يَسعى لِنُصرَتِهِ ... وَنُصرَةُ الحَقِّ شَأنُ المَرءِ ذِي الهِمَمِ
فَدَقَّ بابَ أَبي جَهلٍ فَجاءَ لَهُ ... طَوعاً يَجُرُّ عِنانَ الخائِفِ الزَّرِمِ
فَحِينَ لاَقَى رَسُولَ اللَّهِ لاَحَ لَهُ ... فَحْلٌ يَحُدُّ إِلَيهِ النَّابَ مِن أَطَمِ
فَهالَهُ ما رَأى فَارتَدَّ مُنزَعِجاً ... وَعادَ بِالنَّقدِ بَعدَ المَطلِ عَن رَغَمِ
أَتِلكَ أَمْ حِينَ نادى سَرْحَةً فَأَتَت ... إِلَيهِ مَنشُورَةَ الأَغصانِ كَالجُمَمِ
حَنَّت عَلَيهِ حُنُوَّ الأُمِّ مِن شَفَقٍ ... وَرَفرَفَت فَوقَ ذاكَ الحُسنِ مِن رَخَمِ
جاءَتهُ طَوعاً وَعادَت حينَ قالَ لَها ... عُودِي وَلو خُلِّيَتْ لِلشَّوقِ لَم تَرِمِ
وَحَبَّذا لَيلَةُ الإِسراءِ حِينَ سَرى ... لَيلاً إِلى المَسجِدِ الأَقصى بِلا أَتَمِ
رَأَى بِهِ مِن كِرامِ الرُّسلِ طائِفَةً ... فَأَمَّهُم ثُمَّ صَلَّى خاشِعاً بِهِمِ
بَل حَبَّذا نَهضَةُ المِعراجِ حينَ سَما ... بِهِ إِلى مَشهَدٍ في العزِّ لَم يُرَمِ
سَما إِلى الفَلَك الأَعلى فَنالَ بِهِ ... قَدراً يَجِلُّ عَن التَّشبيهِ في العِظَمِ
وَسارَ في سُبُحاتِ النُّورِ مُرتَقِياً ... إِلى مَدارِجَ أَعيَت كُلَّ مُعتَزِمِ
وَفازَ بِالجَوهَرِ المَكنونِ مِن كَلِمٍ ... لَيسَت إِذا قُرِنَت بِالوَصفِ كَالكَلِمِ(1027/8)
سِرٌّ تَحارُ بِهِ الأَلبابُ قاصِرَةً ... وَنِعمَةٌ لَم تَكُن في الدَّهرِ كَالنِّعَمِ
هَيهاتَ يَبلُغُ فَهمٌ كُنهَ ما بَلَغَت ... قُرباهُ مِنهُ وَقَد ناجاهُ مِن أَمَمِ
فَيا لَها وصلَةً نالَ الحَبيبُ بِها ... ما لَم يَنَلهُ مِنَ التَّكريمِ ذُو نَسَمِ
فاقَت جَميعَ اللَّيالي فَهيَ زاهِرَةٌ ... بِحُسنِها كَزُهُورِ النّارِ في العَلَمِ
هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلى ... عِبادِهِ وَهَداهُم واضِحَ اللَّقَمِ
فَسارَعُوا نَحوَ دِينِ اللَّهِ وَانتَصَبُوا ... إِلى العِبادَةِ لا يَألُونَ مِن سَأَمِ
وَلَم يَزَل سَيِّدُ الكَونَينِ مُنتَصِباً ... لِدَعوَةِ الدِّين لَم يَفتر وَلَم يَجِمِ
يَستَقبِلُ النّاسَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ ... وَيَنشُرُ الدِّينَ في سَهلٍ وَفي عَلَمِ
حَتّى اسْتَجابَت لَهُ الأَنصارُ وَاعْتَصَمُوا ... بِحَبلِهِ عَن تَراضٍ خَيرَ مُعتَصمِ
فَاستَكمَلَت بِهِمُ الدُنيا نَضارَتَها ... وَأَصبَحَ الدينُ في جَمعٍ بِهِم تَمَمِ
قَومٌ أَقَرُّوا عِمادَ الحَقِّ وَاصطَلَمُوا ... بِيَأسِهِم كُلَّ جَبَّارٍ وَمُصطَلِمِ
فَكَم بِهِم أَشرَقَت أَستارُ داجِيَةٍ ... وَكَم بِهِم خَمَدَت أَنفاسُ مُختَصِمِ
فَحينَ وافى قُرَيشاً ذِكرُ بَيعَتِهِم ... ثارُوا إِلى الشَّرِّ فِعلَ الجاهِلِ العَرِمِ
وَبادَهُوا أَهلَ دِينِ اللَهِ وَاهتَضَمُوا ... حُقُوقَهُم بِالتَّمادِي شَرَّ مُهتَضَمِ
فَكَم تَرى مِن أَسيرٍ لا حِراكَ بِهِ ... وَشارِدٍ سارَ مِن فَجٍّ إِلى أَكَمِ
فَهاجَرَ الصَّحبُ إِذ قالَ الرَّسُولُ لَهُم ... سيرُوا إِلى طَيْبَةَ المَرعِيَّةِ الحُرَمِ
وَظَلَّ في مَكَّةَ المُختارُ مُنتَظِراً ... إِذْناً مِنَ اللهِ في سَيرٍ وَمُعتَزَمِ
فَأَوجَسَت خيفَةً مِنهُ قُرَيشُ وَلَم ... تَقبَلْ نَصِيحاً وَلَم تَرجِعْ إِلى فَهَمِ
فَاستَجمَعَت عُصَباً في دارِ نَدوَتِها ... تَبغي بِهِ الشَّرَّ مِن حِقدٍ وَمِن أَضَمِ(1027/9)
وَلَو دَرَتْ أَنَّها فِيما تُحاوِلُهُ ... مَخذولَةٌ لَم تَسُمْ في مَرتَعٍ وَخِمِ
أَولى لَها ثُمَ أَولى أَن يَحيقَ بِها ... ما أَضمَرَتهُ مِنَ البَأساءِ وَالشَّجَمِ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ أُولي فِطَنٍ ... بَاعُوا النُّهَى بِالعَمَى وَالسَّمْعَ بِالصَّمَمِ
يَعْصُونَ خالِقَهُم جَهلاً بِقُدرَتِهِ ... وَيَعكُفُونَ عَلَى الطَّاغُوتِ وَالصَّنَمِ
فَأَجمَعُوا أَمرَهُم أَن يَبْغتُوهُ إِذا ... جَنَّ الظَّلامُ وَخَفَّت وَطْأَةُ القَدَمِ
وَأَقبَلُوا مَوهِناً في عُصبَةٍ غُدُرٍ ... مِنَ القَبائِلِ باعُوا النَّفسَ بِالزَّعَمِ
فَجاءَ جِبريلُ لِلهادِي فَأَنبأَهُ ... بِما أَسَرُّوهُ بَعدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
فَمُذ رَآهُم قِياماً حَولَ مَأمَنِهِ ... يَبغُونَ ساحَتَهُ بِالشَّرِّ وَالفَقَمِ
نادى عَلِيّاً فَأَوصاهُ وَقالَ لَهُ ... لا تَخشَ وَالبَس رِدائي آمِناً وَنَمِ
وَمَرَّ بِالقَومِ يَتْلُو وَهْوَ مُنصَرِفٌ ... يَس وَهيَ شِفاءُ النَّفسِ مِن وَصَمِ
فَلَم يَرَوهُ وَزاغَت عَنهُ أَعيُنُهُم ... وَهَل تَرى الشَّمس جَهراً أَعيُنُ الحَنَمِ
وَجاءَهُ الوَحيُ إِيذاناً بِهِجرَتِهِ ... فَيَمَّمَ الغارَ بِالصِّدِّيقِ في الغَسَمِ
فَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ حَتّى تَبَوَّأَهُ ... مِنَ الحَمائِمِ زَوجٌ بارِعُ الرَّنَمِ
بَنى بِهِ عُشَّهُ وَاحْتَلَّهُ سَكَناً ... يَأوي إِلَيهِ غَداةَ الرِّيحِ وَالرَّهَمِ
إِلفانِ ما جَمَعَ المِقدارُ بَينَهُما ... إِلّا لِسِرٍّ بِصَدرِ الغَارِ مُكْتَتَمِ
كِلاهُما دَيدَبانٌ فَوقَ مَربأَةٍ ... يَرعَى المَسالِكَ مِن بُعدٍ وَلَم يَنَمِ
إِن حَنَّ هَذا غَراماً أَو دَعا طَرَباً ... بِاسمِ الهَديلِ أَجابَت تِلكَ بِالنَّغَمِ
يَخالُها مَن يَراها وَهيَ جاثِمَةٌ ... في وَكرِها كُرَةً مَلساءَ مِن أَدَمِ
إِن رَفرَفَت سَكَنَت ظِلّاً وَإِن هَبَطَت ... رَوَت غَليلَ الصَّدى مِن حائِرٍ شَبِمِ
مَرقُومَةُ الجِيدِ مِن مِسكٍ وَغالِيَةٍ ... مَخضُوبَةُ الساقِ وَالكَفَّينِ بِالعَنَمِ(1027/10)
كَأَنَّما شَرَعَت في قانِئٍ سربٍ ... مِن أَدمُعِي فَغَدَت مُحمَرَّةَ القَدَمِ
وَسَجفَ العَنكَبُوتُ الغارَ مُحتَفِياً ... بِخَيمَةٍ حاكَها مِن أَبدَعِ الخِيَمِ
قَد شَدَّ أَطنابَها فَاِستَحكَمَت وَرَسَت ... بِالأَرضِ لَكِنَّها قامَت بِلا دِعَمِ
كَأَنَّها سابِريٌّ حاكَهُ لَبِقٌ ... بِأَرضِ سابُورَ في بحبُوحَةِ العَجَمِ
وَارَت فَمَ الغارِ عَن عَينٍ تُلِمُّ بِهِ ... فَصارَ يَحكي خَفاءً وَجهَ مُلتَثِمِ
فَيا لَهُ مِن سِتارٍ دُونَهُ قَمَرٌ ... يَجلُو البَصائِرَ مِن ظُلمٍ وَمِن ظُلَمِ
فَظَلَّ فيهِ رَسولُ اللَّهِ مُعتَكِفاً ... كَالدُرِّ في البَحر أَو كَالشَّمْسِ في الغَسَمِ
حَتّى إِذا سَكَنَ الإِرْجَافِ وَاحْتَرقَت ... أَكْبَادُ قَومٍ بِنَارِ اليَأسِ وَالوَغَمِ
أَوحى الرَّسولُ بِإِعدادِ الرَّحيلِ إِلى ... مَن عِندَهُ السِّرُّ مِن خِلٍّ وَمِن حَشَمِ
وَسارَ بَعدَ ثَلاثٍ مِن مَباءَتِهِ ... يَؤُمُّ طَيْبَةَ مَأوى كُلِّ مُعتَصِمِ
فَحِينَ وَافى قُدَيداً حَلَّ مَوكِبُهُ ... بِأُمِّ مَعبَدَ ذاتِ الشَّاءِ وَالغَنَمِ
فَلَم تَجِد لِقِراهُ غَيرَ ضائِنَةٍ ... قَدِ اقشَعَرَّت مَراعِيها فَلَم تَسُمِ
فَما أَمَرَّ عَلَيها داعِياً يَدَهُ ... حَتّى اسْتَهَلَّت بِذِي شَخبَيْنِ كَالدِّيَمِ
ثُمَّ استَقَلَّ وَأَبقى في الزَّمانِ لَها ... ذِكراً يَسيرُ عَلَى الآفاق كَالنَّسَمِ
فَبَينَما هُوَ يَطوي البِيدَ أَدرَكَهُ ... رَكضاً سُراقَةُ مِثلَ القَشعَمِ الضَّرِمِ
حَتَّى إِذا ما دَنَا سَاخَ الجَوادُ بِهِ ... في بُرقَةٍ فَهَوَى لِلسَّاقِ وَالقَدَمِ
فَصَاحَ مُبتَهِلاً يَرجُو الأَمانَ وَلَو ... مَضَى عَلَى عَزْمِهِ لانْهَارَ في رَجَمِ
وَكَيفَ يَبلُغُ أَمراً دُونَهُ وَزَرٌ ... مِنَ العِنايةِ لَم يَبلُغهُ ذُو نَسَمِ
فَكَفَّ عَنهُ رَسولُ اللَّهِ وَهْوَ بِهِ ... أَدْرَى وَكَمْ نِقَمٍ تفتَرُّ عَن نِعَمِ
وَلَم يَزَل سائِراً حَتّى أَنافَ عَلى ... أَعلامِ طَيبَةَ ذاتِ المَنظَرِ العَمَمِ(1027/11)
أَعظِم بِمَقدَمِهِ فَخراً وَمَنقبَةً ... لِمَعشَرِ الأَوسِ وَالأَحياءِ مِن جُشَمِ
فَخرٌ يَدُومُ لَهُم فَضلٌ بِذِكرَتِهِ ... ما سارَت العِيسُ بِالزُّوّارِ لِلحَرَمِ
يَومٌ بِهِ أَرَّخَ الإِسلامُ غُرَّتَهُ ... وَأَدرَكَ الدِّينُ فيهِ ذِروَةَ النُّجُمِ
ثُمَّ ابتَنَى سَيِّدُ الكَونَينِ مَسْجِدَهُ ... بُنيانَ عِزٍّ فَأَضحى قائِمَ الدّعَمِ
وَاخْتَصَّ فيهِ بِلالاً بِالأَذانِ وَما ... يُلفى نَظيرٌ لَهُ في نَبرَةِ النَّغَمِ
حَتّى إِذا تَمَّ أَمرُ اللهِ وَاجْتَمَعَت ... لَهُ القبَائِلُ مِن بُعْدٍ وَمِن زَمَمِ
قامَ النَّبِيُّ خَطيباً فيهِمُ فَأَرى ... نَهجَ الهُدى وَنَهى عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
وَعَمَّهم بِكِتابٍ حَضَّ فيهِ عَلى ... مَحاسِنِ الفَضلِ وَالآدابِ وَالشِّيمِ
فَأَصبَحُوا في إِخاءٍ غَيرِ مُنصَدِعٍ ... عَلى الزَّمانِ وَعِزٍّ غَيرِ مُنهَدِمِ
وَحِينَ آخى رَسُولُ اللَّهِ بَينَهُمُ ... آخى عَلِيّاً وَنِعمَ العَونُ في القُحَمِ
هُوَ الَّذي هَزَمَ اللَّهُ الطُغاةَ بِهِ ... في كُلِّ مُعتَرَكٍ بِالبِيضِ مُحتَدِمِ
فَاسْتَحْكَمَ الدِّينُ وَاشْتَدَّت دَعائِمُهُ ... حَتّى غَدا واضِحَ العِرنينِ ذا شَمَمِ
وَأَصبَحَ النَّاسُ إِخواناً وَعَمَّهُمُ ... فَضلٌ مِنَ اللهِ أَحياهُم مِنَ العَدَمِ
هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّهُ الجِهادَ عَلى ... رَسُولِهِ لِيَبُثَّ الدِّينَ في الأُمَمِ
فَكانَ أَوَّلُ غَزوٍ سارَ فيهِ إِلى ... وَدّانَ ثُمَّ أَتى مِن غَيرِ مُصطَدَمِ
ثُمَّ اسْتَمَرَّت سَرايا الدِّينِ سابِحَةً ... بِالخَيلِ جامِحَةً تَستَنُّ بِاللُّجُمِ
سَرِيَّةٌ كانَ يَرعاها عُبَيدَةُ في ... صَوبٍ وَحَمزَةُ في أُخرى إِلى التَّهَمِ
وَغَزوَةٌ سارَ فيها المُصطَفى قُدُماً ... إِلى بُواطٍ بِجَمعٍ ساطِعِ القَتَمِ
وَمِثلَها يَمَّمَت ذاتَ العُشيرَةِ في ... جَيشٍ لُهامٍ كَمَوجِ البَحرِ مُلتَطِمِ
وَسارَ سَعدٌ إِلى الخَرّارِ يَقدُمُهُ ... سَعدٌ وَلَم يَلقَ في مَسراهُ مِن بَشَمِ(1027/12)
وَيَمَّمَت سَفَوان الخَيلُ سابِحَةً ... بِكُلِّ مُعتَزِمٍ لِلقَرنِ مُلتَزِمِ
وَتابَعَ السَّيرَ عَبدُ اللَّهِ مُتَّجِهاً ... تِلقاءَ نَخلَةَ مَصحُوباً بِكُلِّ كَمِي
وَحُوّلَت قِبلَةُ الإِسلامِ وَقتَئِذٍ ... عَن وِجهَةِ القُدسِ نَحوَ البَيتِ ذي العِظَمِ
وَيَمَّمَ المُصطَفى بَدراً فَلاحَ لَهُ ... بَدرٌ مِنَ النَّصرِ جَلَّى ظُلمَةَ الوَخَمِ
يَومٌ تَبَسَّمَ فيهِ الدِّينُ وَانهَمَلَت ... عَلَى الضَّلالِ عُيونُ الشِّركِ بِالسَّجَمِ
أَبلَى عَلِيٌّ بِهِ خَيرَ البَلاءِ بِما ... حَباهُ ذُو العَرشِ مِن بَأسٍ وَمِن هِمَمِ
وَجالَ حَمزَةُ بِالصَّمصامِ يَكسؤُهُم ... كَسأً يُفَرِّقُ مِنهُم كُلَّ مُزدَحَمِ
وَغادَرَ الصَّحبُ وَالأَنصارُ جَمعَهُمُ ... وَلَيسَ فيهِ كَمِيٌّ غَيرُ مَنهَزِمِ
تَقَسَّمَتهُم يَدُ الهَيجاءِ عادِلَةً ... فَالهامُ لِلبِيض وَالأَبدانُ لِلرَّخَمِ
كَأَنَّما البِيضُ بِالأَيدي صَوالِجَةٌ ... يَلعَبنَ في ساحَةِ الهَيجاءِ بِالقِمَمِ
لَم يَبقَ مِنهُم كَمِيٌّ غَيرُ مُنجَدِلٍ ... عَلى الرّغامِ وَعُضوٌ غَيرُ مُنحَطِمِ
فَما مَضَت ساعَةٌ وَالحَربُ مُسعَرَةٌ ... حَتّى غَدا جَمعُهُم نَهباً لِمُقتَسِمِ
قَد أَمطَرَتهُم سَماءُ الحَربِ صائِبَةً ... بِالمَشرَفِيَّةِ وَالمُرّانِ كَالرُّجُمِ
فَأَينَ ما كانَ مِن زَهوٍ وَمِن صَلَفٍ ... وَأَينَ ما كانَ مِن فَخرٍ وَمِن شَمَمِ
جاؤُوا وِللشَّرِّ وَسمٌ في مَعاطِسِهِم ... فَأُرغِمُوا وَالرَّدى في هَذِهِ السِّيَمِ
مَن عارَضَ الحَقَّ لَم تَسلَم مَقاتِلُهُ ... وَمَن تَعَرَّضَ لِلأَخطارِ لَم يَنَمِ
فَما اِنقَضى يَومُ بَدرٍ بِالَّتي عَظُمَت ... حَتّى مَضى غازِياً بِالخَيلِ في الشُّكُمِ
فَيَمَّمَ الكُدرَ بِالأَبطالِ مُنتَحِياً ... بَني سُلَيمٍ فَوَلَّت عَنهُ بِالرَّغَمِ
وَسارَ في غَزوَةٍ تُدعى السَّويقَ بِما ... أَلقاهُ أَعداؤُهُ مِن عُظمِ زادِهِمِ
ثُمَّ انتَحى بِوُجُوهِ الخَيل ذَا أَمرٍ ... فَفَرَّ ساكِنُهُ رُعباً إِلى الرَّقَمِ(1027/13)
وَأَمَّ فرعاً فَلَم يَثقَف بِهِ أَحَداً ... وَمَن يُقيمُ أَمامَ العارِضِ الهَزِمِ
وَلَفَّ بِالجَيشِ حَيَّي قَينُقاعَ بِما ... جَنَوا فَتَعساً لَهُم مِن مَعشَرٍ قَزَمِ
وَسارَ زَيدٌ بِجَمعٍ نَحوَ قَردَةَ مِن ... مِياهِ نَجدٍ فَلَم يَثقَف سِوى النَّعَمِ
ثُمَّ اِستَدارَت رَحا الهَيجاءِ في أُحُدٍ ... بِكُلِّ مُفتَرِسٍ لِلقِرنِ مُلتَهِمِ
يَومٌ تَبَيَّنَ فيهِ الجِدُّ وَاِتَّضَحَت ... جَلِيَّةُ الأَمرِ بَعدَ الجَهدِ وَالسَّأَمِ
قَد كانَ خُبراً وَتَمحيصاً وَمَغفِرَةً ... لِلمُؤمِنينَ وَهَل بُرءٌ بِلا سَقَمِ
مَضى عَلِيٌّ بِهِ قُدماً فَزَلزَلَهُم ... بِحَملَةٍ أَورَدَتهُم مَورِدَ الشَّجَمِ
وَأَظهَرَ الصَّحبُ وَالأَنصارُ بَأسَهم ... وَالبَأسُ في الفِعلِ غَيرُ البَأسِ فِي الكَلِمِ
خاضُوا المَنايا فَنالُوا عِيشَةً رَغَداً ... وَلَذَّةُ النَّفسِ لا تَأتِي بِلا أَلَمِ
مَن يَلزَمِ الصَّبرَ يَستَحسِن عَواقِبَهُ ... وَالماءُ يَحسُنُ وَقعاً عِندَ كُلِّ ظَمِ
لَو لَم يَكُن فِي اِحتِمالِ الصَّبرِ مَنقَبةٌ ... لَم يَظهَرِ الفَرقُ بَينَ اللُّؤمِ وَالكَرَمِ
فَكانَ يَوماً عَتِيدَ البَأسِ نالَ بِهِ ... كِلا الفَريقَينِ جَهداً وَارِيَ الحَدَمِ
أَودى بِهِ حَمزَةُ الصِّندِيدُ فِي نَفَرٍ ... نالوا الشَّهادَةَ تَحتَ العارِضِ الرَّزِمِ
أَحسِن بِها مَيتَةً أَحيَوا بِها شَرَفاً ... وَالمَوتُ في الحَربِ فَخرُ السّادَةِ القُدُمِ
لا عارَ بِالقَومِ مِن مَوتٍ وَمِن سَلَبٍ ... وَهَل رَأَيتَ حُساماً غَيرَ مُنثَلِمِ
فَكانَ يَوم جَزاءٍ بَعدَ مُختَبَرٍ ... لِمَن وَفا وَجَفا بِالعِزِّ وَالرَّغَمِ
قامَ النَّبِيُّ بِهِ في مَأزِقٍ حَرِج ... تَرعى المَناصِلُ فيهِ مَنبِتَ الجُمَمِ
فَلَم يَزَل صابِراً في الحَربِ يَفثَؤُها ... بِالبِيضِ حَتّى اِكتَسَت ثَوباً مِنَ العَنَمِ
وَرَدَّ عَينَ اِبنِ نُعمان قَتادَةَ إِذ ... سالَت فَعادَت كَما كانَت بِلا لَتمِ(1027/14)