كانَ الظلامُ مكدَّساً
مِنْ حول قريتنا الحبيبةْ
في يومِها
ساقَ الجنودُ أبي
وفي عيْنيه أنهارٌ حبيسَهْ
وتَجَمَّعَتْ تِلْك الذِئَابُ الغُبْرُ
فْي طلبِ الفريسَهْ
ورأيتُ جندِّياً يحاصر جسم والدتي
بنظرته المُريبَهْ
مازلتُ أسْمع – يا هلال –
ما زلتُ أسمعْ صوتَ أمِّي
وهي تسْتجدي العروبَهْ
ما زلتُ أبصر نصل خنجرها الكريمْ
صانتْ به الشرَفَ العظيمْ
مسكينةٌ أمِّي
فقد ماتتْ
وما عَلِمتْ بموْتتها العروبَهْ
إنِّي لأَعجب يا هلالْ
يترنَّح المذياعُ من طربٍ
ويَنْتعِشُ القدحْ
وتهيج موسيقى المَرحْ
والمطربون يردِّدون على مسامعنا
ترانيم الفرَحْ
وبرامج التلفاز تعرضُ لوحةً للْتهنئَهْ
( عيدٌ سعيدٌ يا صغارْ )
والطفلُ في لبنانَ يجهل منْشَأهْ
وبراعم الأقصى عرايا جائعونْ
والّلاجئونَ
يصارعوْن الأوْبئَهْ
غِبْ يا هلالْ
قالوْا :
ستجلبُ نحوَنا العيدَ السعيدْ
عيدٌ سعيدٌ ؟؟!
والأرضُ ما زالتْ مبلَّلَةََ الثَّرى
بدمِ الشَّهيدْ
عيدٌ سعيدٌ في قصور المترفينْ
هرمتْ خُطانا يا هلالْ
ومدى السعادةِ لم يزلْ عنّا بعيدْ
غِبْ يا هلالْ
لا تأتِ بالعيد السعيدِ
مع الأَنينْ
أنا لا أريد العيد مقطوعَ الوتينْ
أتظنُ أنَّ العيدَ في حَلْوى
وأثوابٍ جديدَهْ ؟
أتظنُ أنّ العيد تَهنئةٌ
تُسطَّر في جريدهْ
غِبْ يا هلالْ
واطلعْ علينا حين يبتسم الزَّمَنْ
وتموتُ نيرانُ الفِتَنْ
اطلعْ علينا
حين يُورقُ بابتسامتنا المساءْ
ويذوبُ في طرقاتنا ثَلْجُ الشِّتاءْ
اطلع علينا بالشذى
بالعز بالنصر المبينْ
اطلع علينا بالتئام الشَّملِ
بين المسلمينْ
هذا هو العيد السعيدْ
وسواهُ
ليس لنا بِعيدْ
غِبْ يا هلالْ
حتى ترى رايات أمتنا ترفرفُ في شَمَمْ
فهناكَ عيدٌ
أيُّ عيدْ
وهناك يبتسم الشقيُّ مع السعيدْ
****************
هذه القصيدة للشاعر ايليا أبي ماضي
*
لا تَسَلْ أين الهوى والكوثرُ
سَكَتَ الشادي وبُحَّ الوترُ
*
*
فجأةً ... وانقلب العُرسُ إلى(558/26)
مَأتمٍ ...ماذا جرى؟ ما الخبرُ
*
*
ماجتِ الدنيا بمن فيها ، كما
ماج نهرٌ ثائرٌ مُنكدرٌ
*
*
كُلهم مُستَفسِرٌ صَاحبه
كلُّهم يُؤذيه من يَستَفسِر
*
*
هَمَسَ الموتُ بهم همستهُ
إن همس الموت ريحٌُ صَرصَرٌ
*
*
فإذا الحيرةُ في أحداقهم
كيفما مالوا وأنى نظروا
*
*
علِموا ... يا ليتهم ما عَلِموا
أنَّ دنيا من رؤىً تُحتَضَرُ
*
*
والذي أطربهم عن قُدرةٍ
بات لايقوى ولا يقتدرُ
*
*
يَبِسَ الضِّحكُ على أفواههم
فهو كالسُّخرِ وإن لم يسخروا
*
*
وإذا الآسي ... يدٌ مخذولةٌ
ومُحيا اليأسُ فيه أصفرُ
*
*
شاع في الدنياالأسى حتى شكت
أرضُها وطأتَهُ والجَدرُ
*
*
فعلى الأضواء مِنه فترةٌ
وعلى الألوان مِنه أثرُ
*
*
والقناني صُورٌ باهِتَةٌ
والأغاني عَالم مُندثرُ
*
*
ألهنا أُفلِت من أيديهمُ
والأماني ...؟ ..إنها تنتحِرُ
*
*****************
شعر : عبد الرحمن العشماوي
في طريق الحزن. .
واجهت فتاة مسلمة
تحمل الطفل الذي يحمل أعلى الأوسمة
لم يكن يبكي. .
ولا لا مست الشكوى فمه
- غير أني وأنا أنظر
أبصرتُ على الثوب دمه
حينما سلمتُ ردتْ . .
وهي عني محجمه
واستدارتْ وأنا أسمعُ بعض الغمغمه
وسؤالا كاد يجتاح مدى سمعي
ِلمه.؟؟
والصدى يرتد من كل الزوايا المظلمه
صارخاً في وجه إحساسي
ِلمه؟؟
عجباً من أنتِ يا هذي وماذا تقصدين
ولماذا تحجمين!؟
ولماذا هذه العقدة
تبدو في الجبين
حينها. أبصرتُ برقاً
وغزا سمعي رنين
وكأني بنداء جاء ممزوجاً بأصوات الأنين
هذه القدس
أما تبصر آثار السنين
أو ما تبصر في مقلتها خارطة الحزن الدفين؟؟
أو ما تبصر جور الغاصبين؟؟
هذه القدس التي يطفح من أهداب عينيها الضجر
لم تزل تسأل عن مليار مسلم
أو ما يمكن أن تبصر فيهم وجه مقدم!؟
هذه القدس التي أسعدها الطفل الأغر
حينما واجه رشاش الأعادي بالحجر
حينما أقسم أن يقتحم اليوم الخطر
يا جراح الطفل اشعلت جراحي
وقتلت البسمة الخضراء في ثغري
وأحييت نواحي(558/27)
يا جراح الطفل هيضت جناحي
أنت حركت على قارعة الحزن
رياحي
.يا جراح الطفل عذراً
حين أجلتُ كفاحي
وتغافلت عن الليل
فلم أنثر له نور صباحي. .
يا جراح الطفل
يا وصمة عارٍ في جبيني
يا بياناً صارخاً يعلنه دمع حزين
يا جنون الألم القاسي الذي
أذكى جنوني
يا يد الأم التي تلتف حول الطفل
مقتولاً
***************
قصة علي بن الجهم مع المتوكل
نشر في المجلة العربية - عدد ( 250 ) ذو القعدة 1418 ص 58
يشيع بين المتأدبين في مجالسهم وفي بعض منتدياتهم ومحاضراتهم قصة تقول : إن علي بن الجهم كان بدوياً جافياً ، فقدم على المتوكل العباسي ، فأنشده قصيدة ، منها :
أنت كالكلب في حفاظك للود (م) وكالتيس في قِراع الخطوب
أنت كالدلو ، لا عدمناك دلواً من كبار الدلا كثير الذنوب
فعرف المتوكل حسن مقصده وخشونة لفظه ، وأنه ما رأى سوى ما شبهه به ، لعدم المخالطة وملازمة البادية ، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة ، فيها بستان حسن ، يتخلله نسيم لطيف يغذّي الأرواح ، والجسر قريب منه ، وأمر بالغذاء اللطيف أن يتعاهد به ، فكان – أي ابن الجهم – يرى حركة الناس ولطافة الحضر ، فأقام ستة أشهر على ذلك ، والأدباء يتعاهدون مجالسته ومحاضرته ، ثم استدعاه الخليفة بعد مدة لينشده ، فحضر وأنشد :
عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
فقال المتوكل : لقد خشيت عليه أن يذوب رقة ولطافة.
أقول : هكذا وردت القصة – بتصرف يسير – في محاضرات الأبرار ومسامرات الأخيار لابن عربي الصوفي ( 2/3 ) وعنه نقل محمد أحمد جاد المولى وصاحباه في قصص العرب (3/298) وخليل مردم في تحقيقه لديوان علي بن الجهم (حاشية ص 143) فالمصدر واحد لا ثاني له ، وقد حاولت أن أجد لها أصلاً في كتب المتقدمين كالجاحظ وابن قتيبة والمبرد وابن عبد ربه وآخرين فلم أقع على شيء من ذلك ، وهذا وحده كاف في توهينها .(558/28)
فإذا عرفت أن ابن عربي أسند روايتها إلى مجهول فقال:( حكى لنا بعض الأدباء ... ) زاد وهنها عندك ، علما أن بين ابن الجهم ( ت 249هـ) وابن عربي ( ت 638هـ) ما يقارب أربعة قرون ، فأين انزوت هذه القصة الطريفة طوال أربعمائة سنة ؟!
زد إلى ذلك أن ابن عربي نفسه متّهم في دينه ، مطعون في إيمانه ،بل متهم بالكفر ، نقل ذلك فيمن نقل الذهبي (سير أعلام النبلاء : 23/48 ) فقال : إن الشيخ العز بن عبد السلام يقول عن ابن عربي : ( شيخ سوء كذاب ) ، وقال الذهبي نفسه : ( ومن أردأ تواليفه كتاب الفصوص ، فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر ) . فهذا الذي يتهم بالكفر كيف لا يتهم بصناعة قصة طريفة يأنس بها الناس ويهشون إليها ؟
أما وقد تسرّب الشكّ إلى نفسك في صحة هذه القصة - من حيث تفرّد امرئ مغموز في دينه ، متأخّر زمنه بروايتها _ فاعلم أن متن القصة يحوي شيئاّ يكذبها :
قال :( إن علي بن الجهم كان بدوياً جافياً ) ،والتاريخ يقول خلاف هذا ، ففي معجم الشعراء للمرزباني ( ص 286) أن أصله من خراسان ، ولا يعني هذا أنه غير عربي ، ونقل عمر فروخ ( تاريخ الأدب العربي 2/289) أنه ولد ببغداد عام 188هـ ، وفي طبقات الشعراء لابن المعتز (ص 319) ما يدل على أنه حضري لا صلة له بالبادية ، فقد روي أنه حبس في المكتب ، فكتب إلى أمه :
يا أمّنا أفديك من أمّ أشكو إليك فظاظة الجهم
قد سرّح الصبيان كلهم وبقيت محبوساً بلا جرم
وفي تاريخ الطبري ( 9/152) أن علي بن الجهم مدح الواثق بعد أن ولي الخلافة ، وهذا يدلّ على صلته بالخلفاء قبل المتوكل ، وعلى معرفته بما يلائم وما لا يلائم من فنون القول وضروب التشبيه .
وفي هذه القصة لفحة شعوبية تريد تصوير العرب أجلافاً لا يعرفون ذوقاً ، ولا يدركون الحسن من السيئ ، ولذا جاء هذا البدوي فشبه الخليفة بالتيس والكلب والدلو _ على سليقته زعموا _ وعنده أن هذه الأشياء خير ما يشبه به.(558/29)
والتاريخ الأدبي يكذب هذه الفرية ، فالعرب لم تمدح أحداً بتشبيهه بالحمار أو التيس أو الكلب ، وهذا أدبهم بين أيدينا ، إنما شبّهوا بالبحر والقمر والشمس والسماء والجبل وغيرها من المشبهات الحسنة، أما عند الهجاء فلا عجب أن يشبهوا بالكلب أو الدلو أو ما قلّ وحقر في عيونهم.
هذا وقد وصف خليل مردم هذه القصة بأنها خيالية ، وقال : إن أثر الوضع ظاهر عليها (انظر ديوان ابن الجهم ص 117،143) ولكنه لم يبيّن سبب شكّه ، ومع ذلك أثبت البيتين الواردين فيها ضمن الديوان (ص117) واكتفى بقوله : ( والذي نراه - إن صحت نسبة البيتين له - أنه قالهما في أحد مجالس المتوكل يعبث ببعض الندماء أو المضحكين ).
أقول : إذا ثبت فساد القصة - وقد ثبت - فلا يصحّ أن يلحق البيتان بديوان ابن الجهم ؛ لعدم ورودهما في المصادر المتقدمة ، ولو أن مردماً جعلهما في آخر الديوان في ضمن ما ينسب للشاعر مع تحقيق ذلك لكان أولى ، والله أعلم.
--------------------------------------------------------------------------------
2- صوت صفير البلبل
نشر في المجلة العربية - عدد ( 256 ) جمادى الآخرة 1419 ص 94
شاع بين نابتة هذا العصر قصيدة متهافتة المبنى والمعنى ، منسوبة للأصمعي ، صنعت لها قصة أكثر تهافتاً ، وخلاصة تلك القصة أن أبا جعفر المنصور كان يحفظ الشعر من مرة واحدة ، وله مملوك يحفظه من مرتين ، وجارية تحفظه من ثلاث مرات ، فكان إذ ا جاء شاعر بقصيدة يمدحه بها ، حفظها ولو كانت ألف بيت (؟!!) ثم يقول له :إن القصيدة ليست لك ، وهاك اسمعها مني ، ثم ينشدها كاملة ، ثم يردف : وهذا المملوك يحفظها أيضاً – وقد سمعها المملوك مرتين ، مرة من الشاعر ومرة من الخليفة – فينشدها ، ثم يقول الخليفة : وهذه الجارية تحفظها كذلك – وقد سمعتها الجارية ثلاث مرات- فتنشدها ، فيخرج الشاعر مكذباً متهماً .(558/30)
قال الراوي : وكان الأصمعي من جلسائه وندمائه ، فعرف حيلة الخليفة ، فعمد إلى نظم أبيات صعبة ، ثم دخل على الخليفة وقد غيّر هيئته في صفة أعرابي غريب ملثّم لم يبِنْ منه سوى عينيه (!!) فأنشده :
صوت صفير البلبل هيّج قلب الثمل
الماء والزهر معاً مع زهر لحظ المقل
وأنت يا سيددلي وسيددي وموللي (!)
ومنها - وكلها عبث فارغ - :
وقال : لا لا لللا وقد غدا مهرولي (!)
وفتية سقونني (!) قهيوة كالعسل
شممتها في أنففي (!) أزكى من القرنفل
والعود دن دن دنلي والطبل طب طب طبلي (!)
والكل كع كع كعلي (!) خلفي ومن حويللي (!)
وهلمّ شرّا ( بالشين لا بالجيم ) ، فكلها هذر سقيم ، وعبث تافه معنى ومبنى .
ولم ينته العبث بالعقول ، فقد زاد الراوي أن الخليفة والمملوك والجارية لم يحفظوها ، فقال الخليفة للأصمعي : يا أخا العرب ، هات ما كتبتها فيه نعطك وزنه ذهباً ، فأخرج قطعة رخام وقال : إني لم أجد ورقاً أكتبها فيه ، فكتبتها على هذا العمود من الرخام ، فلم يسع الخليفة إلا أن أعطاه وزنه ذهباً ، فنفد ما في خزانته (!!!) .
إنّ هذه القصة السقيمة والنظم الركيك كذب في كذب ، وهي من صنيع قاصّ جاهل بالتاريخ والأدب ، لم يجد ما يملأ به فراغه سوى هذا الافتعال الواهن .
إن القصة المذكورة لم ترد في مصدر موثوق ، ولم أجدها بعد بحث طويل إلا في كتابين ، الأول : إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس ، لمحمد دياب الإتليدي ( ت بعد 1100هـ ) وهو رجل مجهول لم يزد من ترجموا له على ذكر وفاته وأنه من القصّاص ، وليس له سوى هذا الكتاب .(558/31)
والكتاب الآخر : مجاني الأدب من حدائق العرب ، للويس شيخو ( ت 1346هـ ) ،وهو رجل متّهم ظنين ، ويكفي أنه بنى أكثر كتبه على أساس فاسد - والتعبير لعمر فرّوخ ( ت 1408هـ ) - وكانت عنده نزعة عنصرية مذهبية ، جعلته ينقّب وينقّر ويجهد نفسه ، ليثبت أن شاعراً من الجاهليّين كان نصرانياً ( راجع : تاريخ الأدب العربي 1/23) .
ويبدو أن الرجلين قد تلقفا القصة عن النواجي ( ت859هـ ) _ وقد أشار شيخو إلى كتابه ( حلبة الكميت ) على أنه مصدر القصة ، ولم أتمكّن من الاطلاع عليه ، على أن النواجي أديب جمّاع ، لا يبالي أصحّ الخبر أم لم يصحّ ، وإنما مراده الطرفة ، فهو يسير على منهج أغلب الإخباريين من الأدباء ، ولذا زخرت مدوّنات الأدب بكل ما هبّ ودبّ ، بل إن بعضها لم يخلُ من طوامّ وكفريّات .
وتعليقاً على كون الإتليديّ قصّاصاً ، أشير إلى أن للقصّاص في الكذب والوضع والتشويه تاريخاً طويلاً ، جعل جماعة من الأئمة ينهون عن حضور مجالسهم ، وأُلّفت في التحذير منهم عدة مصنّفات ( راجع : تاريخ القصّاص ، للدكتور محمد بن لطفي الصباغ ) .
ثمّ اعلم أيها القارئ الحصيف أن التاريخ يقول : إن صلة الأصمعي كانت بهارون الرشيد لا بأبي جعفر المنصور الذي توفي قبل أن ينبغ الأصمعي ، ويُتّخذ نديماً وجليساً ، ثم إن المنصور كان يلقّب بالدوانيقي ، لشدة حرصه على أموال الدولة ، وهذا مخالف لما جاء في القصة ، ثم إن كان المنصور على هذا القدر العجيب من العبقريّة في الحفظ ، فكيف أهمل المؤرخون والمترجمون الإشارة إليها ؟
أضف إلى ذلك أن هذا النظم الركيك أبعد ما يكون عن الأصمعي وجلالة قدره ، وقد نسب له شيء كثير ، لكثرة رواياته ، وقد يحتاج بعض ما نُسب إليه إلى تأنٍّ في الكشف والتمحيص قبل أن يُقضى بردّه ، غير أن هذه القصة بخاصة تحمل بنفسها تُهَم وضعها ، وكذلك النظم ، وليس هذا بخاف عن اللبيب بل عمّن يملك أدنى مقوّمات التفكير الحرّ .(558/32)
ولم أعرض لها إلاّ لأني رأيت جمهرة من شداة الأدب يحتفون بالنظم الوارد فيها ، ويتماهرون في حفظه ، وهو مفسدة للذوق ، مسلبة للفصاحة ، مأذاة للأسماع .
وبعد : فإنه يصدق على هذه القصّة قول عمر فرّوخ رحمه الله :( إن مثل هذا الهذر السقيم لا يجوز أن يُروى ، ومن العقوق للأدب وللعلم وللفضيلة أن تؤلف الكتب لتذكر أمثال هذا النظم) .
--------------------------------------------------------------------------------
3- "طلع البدر علينا" - مذاكرة تاريخية أدبية
نشر في مجلة المعرفة - ربيع الأول 1422 ص 102
يشيع في الأدبيات التاريخية ، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أبيات مستفيضة الشهرة مختلف في زمن إنشادها، وهي في الأصل بيتان هما :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
وأكثر من يورد قصة الهجرة المباركة يروي هذين البيتين فقط.
قال ابن حجر في الفتح:" وأخرج أبو سعيد في (شرف المصطفى) ورويناه في (فوائد الخلعي) من طريق عبيد الله بن عائشة منقطعاً :
لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جعل الولائد يقلن :] وأورد البيتين[ وهو سند منقطع ، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك " .] فتح الباري : 7/307[(558/33)
فثمة إذاً خلاف في زمن الإنشاد كما ذكر ابن حجر ، وممن ذهب إلى أنها قيلت عند مقدمه صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة : أبو بكر المعري والبيهقي وابن كثير والنويري والمباركفوري ، والثلاثة الأخيرون نقلوا الخبر دون تحقيق ، إلا أن المباركفوري أشار إلى أن ابن القيّم ذهب إلى أن إنشاد هذا الشعر كان عند مرجعه صلى الله عليه وسلم من تبوك ، ووهم من يقول : إنما كان ذلك عند مقدمه المدينة ، وقال - أي المباركفوري - : لكن ابن القيم لم يأت على هذا التوهيم بدليل يشفي ، وقد رجّح العلامة المنصورفوري أن ذلك كان عند مقدمه المدينة، ومعه دلائل لا يمكن ردّها .ا.هـ ] انظر : الرحيق المختوم ص193، وقد أحال إلى : زاد المعاد3/10، ورحمة للعالمين 1/106[ .
وقد تبين من كلام ابن القيم أنه يروي أن زمن إنشاد هذا الشعر كان عند مرجعه صلى الله عليه وسلم من تبوك ، أما ابن حجر ، فأورده بصيغة التمريض :" ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك" .
وذهب آخرون - منهم الجاحظ وياقوت وابن منظور - إلى أنها أُنشدت لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح ، ]ينظر : البيان والتبيين 4/57، ونهاية الأرب 4/190، واللسان (ودع)[.
وأحبّ لفت نظر القارئ إلى أن الرأي الأخير وهو الإنشاد عند فتح مكة لم يذهب إليه _ حسب اطّلاعي _ إلا الأدباء والمنشغلون باللغة ، وهم ليسوا محققين في هذا المقام.
وأبرز من حقّق قصة هذا النشيد _ وهو من مجزوء الرمل _ محمد الصادق عرجون(1321_1400) في كتابه القيم (محمد رسول الله 2/602-611) ،وسوف أنقل بعض كلامه لأهميته:
قال : وهذا النشيد لم نعثر على اسم قائله، ولا وجدناه منسوباً لشاعر صغير أو كبير ، بيد أنه شعر مشهور مُذاع على الألسنة وفي بطون الكتب والدواوين.(558/34)
ومن غريب أمره أن سيرة ابن إسحاق التي بين أيدي الناس - باختصار وتهذيب عبد الملك بن هشام ، وهي العمدة في أحداث السيرة النبوية ، وما يتصل بها من أشعار صحيحة أومنحولة مما بينه الباحثون ، وفي طليعتهم ابن هشام - لم تورد هذه الأبيات ، لا في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة ، ولا في استقباله وهو آيبٌ من غزوة تبوك ، وكلّ قد ذهب إليه طائفة من العلماء الباحثين والمؤلفين في أحداث السيرة النبوية .ا.هـ
وأضيف : ولم يوردها الطبري في تاريخه - وهو من العُمد - ولا خليفة بن خياط ، كما أن جملة من كتب الأدب ودواوينه لم تشر إليها.
ويتعلق ببحث المسألة تحقيق موضع (ثنيات الوداع ) التي اختلط القول فيها ، وهي بحاجة إلى مختص بالبلدانيّات ولا أستبعد أن يكون عاتق البلادي قد أشار إليها، ولكن كتابه ليس في متناول يدي الآن ، فليراجع .
ومما وقفت عليه قول ياقوت :( ثنية الوداع : ثنية مشرفة على المدينة ، يطؤها من يريد مكة ، وقيل : الوداع وادٍ بالمدينة) ]معجم البلدان :2/86[
وفي اللسان: (الوداع : واد بمكة، وثنية الوداع منسوبة إليه" ]مادة: ودع[وهذا اختلاف ظاهر ، ويبدو أن ما ورد في اللسان غير محقق ، إلا إذا أخذ اللفظ على أصل وضعه اللغوي :
فالثنية :هي الطريق في الجبل كالنقب ، وقيل : هي العقبة ، وقيل : هي الجبل نفسه ، وكل عقبة مسلوكة هي ثنية . اللسان (ثني) .
وعلى هذا التعريف اللغوي يصح أن تكون الثنية في كل جبل ، سواء كان بمكة أو المدينة أوغيرهما، والإضافة إلى الوداع واردة أيضاً في كل ثنية يُوَدّع المسافرون عندها ، غير أن المعتبر هنا ما أثبته التاريخ وكتب البلدان التي فيها أن ثنية الوداع في المدينة ، أما كونها بمكة فقول توقف عن الأخذ به بعض المعتنين بتاريخ المدينة ]ينظر : آثار المدينة المنورة لعبد القدوس الأنصاري : ص 160](558/35)
أرجع إلى كتاب الصادق عرجون الذي نقل عن القسطلاني قوله :"وسميت ثنية الوداع لأنه عليه السلام ودّعه بها بعض المقيمين بالمدينة في بعض أسفاره ، وهي غزوة تبوك ... قال الزرقاني : وهذا يعطي أن التسمية – أي تسميتها ثنية الوداع – حادثة" وهو - والكلام لعرجون- أن نشيد : طلع البدر علينا قيل بعد التسمية الحادثه.
وذكر عبد القدوس الأنصاري (1324-1403) أن في المدينة ثنيتيْ وداع ، إحداهما شمال المدينة ، وإحدى الثنيتين هي التي عناها الولائد الأنصاريات في نشيدهن، والدلائل القوية التي ساقها السمهودي تجعلنا نرجح أن الثنية المقصودة هي الثنية الشامية (الشمالية). ا.هـ
ولم يُعلم - كما يقول عرجون - أن أحداً نص على أن ثنيات الوداع خاصة بناحية الشام ، ولا يمنع أن يكون في كل ناحية ثنية أو ثنيات وداع عندها يكون وداع المسافرين وتلقي القادمين.
وإذا جاز هذا فلا مانع قط أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تلقّاه أولاً أهل المدينة وهو قادم من مكة بذلك النشيد ، ثم تلقّوه ثانياً وهو قادم من تبوك . ا.هـ
وأعود إلى النصّ المنشد الذي أسلفت أن أكثر من يرويه يورده هكذا :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
وبعضهم يزيد بيتاً ثالثاً:
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
وقد كان هذا النص منطلقاً لاجتهادات وزيادات ، إذ بنى شوقي ضيف – مثلاً - عليه أن نساء المدينة ألّفن ما يشبه الجوقات ، وغنين بالدف والألحان ] انظر : الشعر والغناء في مكة والمدينة :ص 39[ ، وهذا من التهويم الذي لا يدعمه شاهد ، ولا يقوم به دليل ، والذي رواه أبو داود أن الحبشة لعبوا بحرابهم ، وأن ذوات صعدن على السطوح وأنشدن .
وتبارى بعض من كتبوا سيرة النبي كتابة مسهّلة للناشئة ، تباروا في تضمين هذا النشيد ، كعلي أحمد باكثير في مسرحية (الشيماء شادية الإسلام ص69).
بل إن بعضهم زاد هذا البيت :
جئت شرفت المدينة مرحباً يا خير داع(558/36)
]ينظر : أحمد التاجي ،قصة النبي الأعظم ص46 [، ولا أدري هل الزيادة من التاجي أم أنه نقلها من غيره .
وغيّر بعضهم في النص تغييراً كثيراً ، وهو محمد موفق سليمة ، إذ جعله هكذا :
طلع البدر علينا بالهدى من ثنيات البشائر والوداع
وجب الشكر علينا دائماً مرحباً يا خير ركب خير داع
أيها المبعوث فينا رحمة جئت بالأمر المحبب والمطاع
ينظر : الهجرة ص16 ، وواضح أنها زيادة سقيمة أثقلت المبنى ولم تفد المعنى ، بل إن بعض الكلمات تنطق ساكنة ليستقيم الوزن ، وحسبك بهذا فساداً .
يقول عبد القدوس الأنصاري :" ومن الطرائف ما ذكره صاحب (مرآة الحرمين ) من أن الخدور أنشدن عند مقدم النبي هذين البيتين:
أشرق البدر علينا واختفت منه البدور
مثل حسنك ما رأينا قط يا وجه السرور"
ثم أشار إلى ركاكتها ، وأنه أوردهما اعتماداً على رواية ملفقة لا أصل لها .
والزيادة في الأخبار ونظم الشعر العاضد لها أمر مستفيض ، وأكاد أجزم أنه لا يصحّ من الأبيات التي هي مدار هذه المذاكرة سوى البيتين الأولين ، وماعداهما فمزيد.
هذا ما تسنّى قوله ، وأحسب أن في الموضوع مجالاً للأخذ والرد ، والله المستعان.
; 7/2/1422هـ
النص :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوث فبنا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحباً يا حير داع
نقلا عن الأمانة العامة - موقع المنتدى الأدبي
****************
هذه القصيدة للشاعرعَبْدَةُ بن الطبيب بن عمرو بن وعلة بن أنس
وهوشاعر مجيد ليس بالمكثر ، وهو مخضرم أدرك الإسلام فأسلم
شهد مع المثنى بن حارثة قتال هرمز سنة 13هـ
**
أبَنِي إني قد كَبرتُ ورابني
بصري ، وفيَّ لِمصلحٍ مستمتعُ
**
**
فلئن هَلَكتُ لقد بنيتُ مساعياً
تبقى لكم منها مآثر أربعُ
**
**
ذِكرٌ إذا ذُكِرَ الكرام يزينكم
ووِِراثَةُ الحسب المُقَدَّمٍ تنفعُ
**
**
ومقام أيام لهن فضيلةٌ
عند الحفِيظة والمجامع تجمعُ
**
**(558/37)
ولُهىً من الكسب الذي يغنيكم
يوماً إذا احتصر النفوس المطمع
**
**
ونصيحة في الصدر صادرةٌ لكم
مادمت أبصرُ في الرجال وأسمعُ
**
**
أوصيكم بتقى الإله فإنه
يعطي الرغائب من يشاء ويمنعُ
**
**
وببر والدكم وطاعة أمره
إن الأبر من البنين الأطوعُ
**
**
إن الكبير إذا عصاه أهلُهُ
ضاقت يداه بأمره ما يصنعُ
**
**
ودعوا الضغينة لا تكن من شأنكم
إن الضغائن للقرابة تُوضَع
**
**
واعصوا الذي يزجي النمائم بينكم
متنصحاً ، ذاك السِّمام المُنقَع
**
**
يزجي عقاربه ليبعث بينكم
حرباً كما بعث العُرُوقَ الأخدع
**
**
حران لا يشفي غليل فؤادهِ
عَسَلٌ بماءٍ في الإناء مشعشعُ
**
**
لا تأمنوا قوماً يشب صبيهم
بين القوافل بالعداوة ينشع
**
**
فَضِلَتْ عداوتهم على أحلامهم
وأبت ضباب صدورهم لا تنزع
**
**
قومٌ إذا دمس الظلام عليهم
حدجوا قنافذ بالنميمة تمزعُ
**
**
أمثال زيدٍ حين أفسد رهطه
حتى تشتت أمرهم فتصدعوا
**
**
إن الذين ترونهم إخوانكم
يشفي غليل صُدورهم أن تُصرعوا
**
**
ولقد علمت بأن قصري حفرة
غبراء يحملني إليها شرجع
**
**
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي
والأقربون إلي ، ثم تصدعوا
**
**
وتُرِكت في غبراء يُكرَهُ وٍردها
تسفي علي الريح حين أودعُ
**
**
فإذا مضيت إلى سبيلي فابعثوا
رجلاً له قلبٌ حديدٌ أصمعُ
**
**
إن الحوادث يخترمن ، وإنما
عمر الفتى في إهله مستودعُ
**
**
يسعى ويجمع جاهداً مستهتراً
جداً ، وليس بآكل ما يجمع
**
**
حتى إذا وافى الحِمام لوقته
ولكل جنب لا محالة مصرع
**
**
نبذوا إليه بالسلام فلم يجب
إحداً وصَمَّ عن الدعاء الأسمع
**
*******************
هذه القصيدة للمُثَقِّب العَبدي واسمه عائذ ويقال عائذ الله بن محصن بن ثعلبة
*
لا تَقُولن إذا ما لم تُرِدْ
أن تُتِمَّ الوعد في شيءٍ نعم
*
*
حَسَنٌ قَوْلُ نَعَمْ مِنْ بَعْدِ لا
وقَبِيحٌ قولُ لا بعد نعم
*
*(558/38)
إن لا بَعْدَ نَعَمْ فاحِشَةٌ
فبِ ـــــــلا فابْدأ إذا خِفتَ الندم
*
*
فإذا قلت نعم فاصبر لها
بنجاح القول ، إن الخُلْفَ ذَمّْ
*
*
واعلم أن الذَّمَّ نَقْصٌ للفتى
ومن لا يتقِ الذم يُذَمّْ
*
*
أكرمْ الجارَ وأرعى حَقهُ
إن عرفان الفتى الحقَّ كَرمْ
*
*
أنا بيتي من مَعَدٍّ في الذرى
ولي الهامةُ والفرْعُ الأشم
*
*
لا تَراني راتعاً في مجلسٍ
في لحوم الناس كالسبع الضَّرِمْ
*
*
إن شر الناس من يبسمُ لي
حين يلقاني وإن غبت شَتَمْ
*
*
وَكلامٍ سَيِّيءٍ قَدْ وُقِرَت
أُذُني عنه وما بي من صَمَم
*
*
فتعزيت خَشَاة أن يرى
جاهِلٌ أني كما كان زعمْ
*
*
ولبَعْضُ الصفحِ والإعراض عَنْ
ذي الخنا أبقى وإن كان ظَلَمْ
*
*
إنما جاد بِشَأْسٍ خالدٌ
بعد ما حاقت به إحدى الظُّلَمْ
*
*
من منايا يَتَخَاسَيْنَ به
يبتدرن الشخص من لحم ودم
*
*
مُتْرَعُ الجَفْنَةِ رِبعيُّ النَّدى
حَسَنٌ مجْلِسهُ غَيرُ لطمْ
*
*
يجعل الهَنْءَ عطايا جمةً
إن بعض المال في العِرْضِ أمَمْ
*
*
لا يبالي طيبُ النفسِ بهِ
تَلَفَ المالِ إذ العِرضُ سَلِمْ
*
******************
هذه القصيدة للمُرَقِّش الأكبر واسمه عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة وهو عم المرقش الأصغر
*
سَرَى ليلاً خَيَالٌ من سُلَيْمى
فَأرَّقَني وأصحابي هُجُودُ
*
*
فَبِتُ أُدِيرُ أَمْرِي كلَّ حالٍ
وأرْقُبُ أهْلَهَا وهُمُ بعيدُ
*
*
عَلَى أنْ قَدْ سَمَا طَرْفي لِنَارٍ
يُشَبُّ لها بذِي الأرْطَى وَقُودُ
*
*
حَوَالَيْها مَهاً جُمُّ التَّرَاقي
وأَرْآمٌ وغِزلانٌ رُقُودُ
*
*
نَوَاعِمُ لا تُعالِجُ بُؤْسَ عَيْشٍ
أوَانِسُ لا تُرَاحُ وَلا تَرُودُ
*
*
يَرُحْنَ مَعاً بِطَاءَ المَشْيِ بُدًّا
عليهنَّ المَجَاسِدُ والبُرُودُ
*
*
سَكَنَّ ببلْدَةٍ وسَكَنْتُ أخرى
وقُطِّعَتِ المَوَاثِقُ والعُهُودُ
*
*
فَما بَالي أَفِي ويُخَان عهدي
وما بالي أُصَادُ ولا أَصِيدُ
*
*(558/39)
ورُبَّ أسِيلةِ الخدين بِكْرٍ
مُنَعَّمَةٍ لها فَرْعٌ وجِيدُ
*
*
وذُو أُشُرٍ شَتِيتُ النَّبْتِ عَذْبٌ
نَقِيُّ اللونِ بَرَّاق بَرُودُ
*
*
لَهوْتُ بها زماناً من شبابي
وزارتها النجائبُ والقصيدُ
*
*
أُناسٌ كلما أَخْلَقْتُ وصلاً
عَناني منهُمُ وَصْلٌ جَدِيدُ
*
********************
هذه القصيدة للشاعر المصري محمود سامي البارودي
قليلٌ من يدومُ على الودادِ
فلا تحفلْ بقربٍ أو بعادِ
إذا كان التغير في الليالي
فكيف يدومُ وُدٌّ في فؤادِ
ومنْ لك أن ترى قلباً نقياً
ولمَّا يَخْلُ قلبٌ مٍنْ سَوادِ
فلا تبذُلْ هواك إلى خليلٍ
تظنُّ به الوفاء . ولا تعادِ
وكنْ متوسطاً في كلِ حالٍ
لتأمنَ ما تخافُ من العِنادِ
مداراةُ الرِّجَالِ أخفُ وطْأً
على الإنسان من حرب الفسادِ
يعيشُ المرءُ محبوباً إذا ما
نحا في سيرهِ قصدَ السداد
وما الدنيا سِوى عجزٍ وحِرصٍ
هُما أصلُ الخليقةِ في العبادِ
فلولا العجزُ ماكان التصافي
ولولا الحِرص ما كان التعادي
وما عقد الرجالُ الودَّ إلا
لنفعٍ ، أو لمنعٍ من تعادي
وما كان العِداءُ يخفُ لولا
أذى السلطان،أو خوف المعادِ
قيابنَ أبي ! ولستَ بهِ ،ولكن
كِلانا زرعُ أرضٍ للحصادِ
تأمل ، هل ترى أثراً ؟ فإني
أرى الآثارَ تذهبُ كالرمادِ
حياةُ المرءِ في الدنيا خيالٌ
وعاقبةُ الأمور إلى نفادِ
فطوبى لامرئٍ غلبتْ هواهُ
بصيرتُهُ ، فباتَ على رشاد
***************
للشاعر إيليا أبي ماضي
كن بلسماً إن صار دهرك أرقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً ؟
عُدَّ الكرامَ المحسنين وقِسهمُ
ياصاحِ خُذ علم المحبة عنهما
لو لم تَفُحْ هذي ، وهذا ما شدا ،
فاعمل لإسعاد السِّوى وهنائهم
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا
وحلاوة إن صار غيرك علقما
لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..
أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
أو من يثيبُ البلبل المترنما ؟(558/40)
بهما تجد هذين منهم أكرما
إني وجدتُ الحبَّ علما قيما
عاشتْ مذممةً وعاش مذمما
إن شئت تسعد في الحياة وتنعما
لولا الشعور الناس كانوا كالدمى
***************
اصعد
أحمد مطر
لا.. لَمْ تكُنْ لُعْبَهْ
ولَمْ تكنْ كِذْبَهْ
ولم تكنْ خُلاصةً لِلخوفِ والرّهبَهْ
نِسبةُ تأييدكَ جاءَتْ كلُّها
بمُنتهى الإخلاصِ والرَّغبَهْ.
الشّعبُ كُلُّهُ انحنى
بينَ يَدَيكَ آمِناً ومُؤمِنا
حتّى أنا
وكُلُّ مَن حَوْلي هُنا
في غُربِة الغُربَهْ.
وَكُلُّ مَن في رَِحمِ الأُمّ انثنى
وكُلُّ مَن توسَّدَ التُّربَهْ.
مَلأتَ قلبَ الشّعبِ بالحُبِّ
فلا غَرْوَ إذا
أعطاكَ هذا الشّعبُ
مِن فَرْطِ الهوى.. قَلبَهْ.
أوطافَ مِن حَوْلكَ مَحمومَ الخُطى
أكثَر ممّا طِيفَ بالكعبَهْ !
يا مائةً في مائةٍ
يا غاطِساً في بركَةِ الحُبِّ إلى الرُّكْبَهْ
شعُبكَ أعَطاكَ الذّي
لَمْ يُعْطهِ رَبَّهْ !
ها أنتَ مِنهُ آمِنٌ
وأنتَ فيهِ مُؤتَمَنْ
فاصعَدْ إلى الشّعبِ إذَنْ
مُرتَدياً حُبَّهْ.
ولاتَضَعْ بينكُما حِراسَةٍ
يكفيكَ أن تَحرُسكَ (النِّسْبهْ).
أو دَعْهُ يَتبَعْكَ إلى
سابع أرضٍ
عَلَّهُ.. يَنجو مِنَ الضَّربَهْ!
*************
للطغرائي المتوفي (514هـ - وقيل 515هـ )
وهو العميد مؤيّد الدين ، أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبدالصمد الأصبهاني
أصالةُ الرأي صانتني عن الخطلِ
وحليةُ الفضلِ زانتني لدى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَرعٌ
والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ
فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَكنِي
بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
ناءٍ عن الأهلِ صِفر الكف مُنفردٌ
كالسيفِ عُرِّي مَتناه عن الخلل
فلا صديقَ إليه مشتكى حَزَني
ولا أنيسَ إليه مُنتهى جذلي
طال اغترابي حتى حَنَّ راحلتي
وَرَحْلُها وَقَرَا العَسَّالةَ الذُّبُلِ
وضج من لغبٍ نضوى وعج لما
ألقى ركابي ، ولج الركب في عَذلي
أريدُ بسطةَ كفٍ أستعين بها
على قضاء حقوقٍ للعلى قِبَلي(558/41)
والدهر يعكس آمالي ويُقنعني
من الغنيمة بعد الكدِّ بالقفلِ
وذي شِطاطٍ كصدر الرمحِ معتقل
بمثله غيرُ هيَّابٍ ولا وكلِ
حلو الفُكاهةِ مرُّ الجدِّ قد مزجت
بشدةِ البأسِ منه رقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرح الكرى عن ورد مقلته
والليل أغرى سوام النوم بالمقلِ
والركب ميل على الأكوار من طربٍ
صاح ، وآخر من خمر الكرى ثملِ
فقلتُ : أدعوك للجلَّى لتنصرني
وأنت تخذلني في الحادث الجللِ
تنامُ عيني وعين النجم ساهرةٌ
وتستحيل وصبغ الليل لم يحُلِ
فهل تعينُ على غيٍ همتُ به
والغي يزجر أحياناً عن الفشلِ
إني أريدُ طروقَ الحي من إضمٍ
وقد حماهُ رماةٌ من بني ثُعلِ
يحمون بالبيض والسمر الِّلدان به
سودُ الغدائرِ حمرُ الحلي والحللِ
فسر بنا في ذِمام الليل معتسِفاً
فنفخةُ الطيبِ تهدينا إلى الحللِ
فالحبُّ حيث العدا والأسدُ رابضةٌ
حول الكِناس لها غابٌ من الأسلِ
تؤم ناشئة بالجزم قد سُقيت
نِصالها بمياه الغُنْج والكَحَلِ
قد زاد طيبُ أحاديثِ الكرام بها
مابالكرائم من جبن ومن بخلِ
تبيتُ نار الهوى منهن في كبدِ
حرَّى ونار القرى منهم على القُللِ
يَقْتُلْنَ أنضاءَ حُبِّ لا حِراك بهم
وينحرون كِرام الخيل والإبلِ
يُشفى لديغُ العوالي في بيُوتِهمُ
بِنَهلةٍ من غدير الخمر والعسلِ
لعل إلمامةً بالجزع ثانيةٌ
يدِبُّ منها نسيمُ البُرْءِ في عللي
لا أكرهُ الطعنة النجلاء قد شفِعت
برشقةٍ من نبال الأعين النُّجلِ
ولا أهاب الصفاح البيض تُسعدني
باللمح من خلل الأستار والكللِ
حبُّ السلامةِ يثني هم صاحبهِ
عن المعالي ويغري المرء بالكسلِ
فإن جنحتَ إليه فاتخذ نفقاً
في الأرض أو سلماً في الجوِّ فاعتزلِ
ودع غمار العُلا للمقدمين على
ركوبها واقتنعْ منهن بالبللِ
يرضى الذليلُ بخفض العيشِ مسكنهُ
والعِزُّ عند رسيم الأينق الذّلُلِ
فادرأ بها في نحور البيد جافِلةً
معارضات مثاني اللُّجم بالجدلِ
إن العلا حدثتني وهي صادقةٌ(558/42)
فيما تُحدثُ أن العز في النقلِ
لو أن في شرف المأوى بلوغَ منىً
لم تبرح الشمسُ يوماً دارة الحملِ
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمعاً
والحظُ عني بالجهالِ في شُغلِ
لعله إن بدا فضلي ونَقْصهمُ
لِعينه نام عنهم أو تنبه لي
أعللُ النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل
لم أرتضِ العيشَ والأيام مقبلةٌ
فكيف أرضى وقد ولت على عجلِ
غالى بنفسي عِرْفاني بقينتها
فصنتها عن رخيص القدْرِ مبتذَلِ
وعادة السيف أن يزهى بجوهرهِ
وليس يعملُ إلا في يديْ بطلِ
ماكنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمني
حتى أرى دولة الأوغاد والسفلِ
تقدمتني أناسٌ كان شوطُهمُ
وراءَ خطوي لو أمشي على مهلِ
هذاء جزاء امرىءٍ أقرانهُ درجوا
من قبلهِ فتمنى فسحةَ الأجَلِ
فإن علاني من دوني فلا عَجبٌ
لي أسوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحلِ
فاصبر لها غير محتالٍ ولا ضَجِرِ
في حادث الدهر ما يُغني عن الحِيلِ
أعدى عدوك من وثِقتْ به
فحاذر الناس واصحبهم على دخلِ
فإنما رُجل الدنيا وواحدها
من لايعولُ في الدنيا على رجلِ
وحُسن ظنك بالأيام معجزَةٌ
فَظنَّ شراً وكن منها على وجَلِ
غاض الوفاءُ وفاض الغدر وانفرجت
مسافة الخُلفِ بين القوْل والعملِ
وشان صدقكَ عند الناس كذبهم
وهلْ يُطابق مِعْوجٌ بمعتدلِ
إن كان ينجع شيءٌ في ثباتهمُ
على العهود فسبق السيف للعذلِ
يا وراداً سُؤر عيش كلُّه كدرٌ
أنفقت صفوك في أيامك الأول
فيم اقتحامك لجَّ البحر تركبهُ
وأنت تكفيك منهُ مصة الوشلِ
مُلكُ القناعةِ لا يُخشى عليه ولا
يُحتاجُ فيه إلى الأنصار والخَولِ
ترجو البقاء بدارٍ لاثبات بها
فهل سمعت بظلٍ غير منتقلِ
ويا خبيراً على الإسرار مطلعاً
اصمتْ ففي الصمت منجاةٌ من الزلل
قد رشحوك لأمرٍ إن فطٍنتَ له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ
*****************
من شعر المتنبي 2
التاء
أُنْصُر بِجودِكَ ألفاظًا تَرَكتُ بِها
في الشَّرقِ والغَربِ مَن عاداكَ مَكبوتا(558/43)
سِربٌ مَحاسِنُهُ حُرِمتُ ذَواتِها
داني الصِّفاتِ بَعِيدُ مَوصُوفاتِها
أَرَى مُرْهَفًا مُدهِشَ الصَّيْقَلِينَ
وبَابَةَ كُلِّ غُلامٍ عَتا
رَأَى خَلّتي مِن حَيثُ يَخفَى مَكانُها
فَكانَت قَذَى عَينَيهِ حَتى تَجَلّتِ
فَدَتْكَ الخَيْلُ وَهْيَ مُسوَّماتُ
وبِيْضُ الهِنْدِ وَهْيَ مُجَرَّداتُ
الجيم
لِهَذا اليوم بَعدَ غَدٍ أَرِيجُ
وَنارٌ في العَدُوِّ لَها أَجِيجُ
الحاء
يُقاتِلُني عَلَيْكَ اللَّيْلُ جِدًّا
ومُنْصَرَفي لَهُ أَمْضَى السِّلاحِ
أَباعِثَ كُلِّ مَكرُمةٍ طَمُوحِ
وفارِسَ كُلِّ سَلْهَبةٍ سَبُوحِ
جللاً كَما بي فَليَكُ التَّبريحُ
أَغِذاءُ ذا الرَّشإ الأَغَنِّ الشّيحُ
جاريةٌ ما لِجِسمِها رُوحُ
بالقَلبِ مِن حُبِّها تَباريحُ
أنا عَينُ المُسوّدِ الجَحجاحِ
هَيَّجَتني كِلابُكُم بِالنُّباح
وَطائِرةٍ تَتَبعُها المَنايا
على آثارِها زَجِلُ الجَناحِ
بِأَدنَى ابتِسامٍ مِنكَ تَحيا القَرائِحُ
وتَقوَى مِنَ الجِسمِ الضَّعِيفِ الجَوارحُ
الدال
أَتُنكِرُ ما نَطَقتُ بِهِ بَدِيها
وَلَيسَ بِمُنْكرٍ سَبقُ الجَوادِ
أحُلماً نَرى أمْ زماناً جَديدا
أمِ الخَلْقُ في شَخصِ حَيٍّ أُعِيدَا
أَمِنْ كُلِّ شَيءٍ بَلَغتَ المُرادا
وفي كُلِّ شَأْوٍ شَأَوْتَ العِبادا
وَشامِخٍ مِنَ الجِبالِ أَقوَدِ
فَرْدٍ كيَأْفوخِ البَعِيرِ الأَصيَدِ
نَسِيتُ وما أنسَى عِتاباً على الصَدِّ
ولا خَفَراً زادَت بهِ حُمرَة الخَدِّ
عيدٌ بِأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عِيدُ
بِما مَضَى أَم لأَمْرٍ فِيكَ تجدِيدُ
ما ذا الوَداعُ وَداعُ الوامِقِ الكَمِدِ
هذا الوَداعُ وَداعُ الرُوحِ لِلجَسَدِ
أقْصِرْ فلستَ بِزائدي وُدَّا
بلغَ المدَى وتجاوَزَ الحدَّا
بكُتب الأَنام كِتابٌ وَرد
فَدَت يَدَ كاتبِه كُلُّ يَدْ
وَبَنِيّةٍ من خَيزران ضُمّنَت
بِطِّيخةً نَبَتَت بِنارٍ في يَدِ
أُحادٌ أَم سُداسٌ في أُحادِ
لُيَيْلَتُنا المنوطَةُ بالتَّنادي
إن القوافيَ لم تنمكَ وإِنِّما(558/44)
مَحَقَتْك حَتى صِرْتَ ما لا يُوجَدُ
أَيَا خَدَّدَ اللهُ وَردَ الخُدودِ
وقَدَّ قُدودَ الحِسانِ القُدودِ
يَستَعظِمُونَ أُبَيّاتًا نَأَمتُ بِها
لا تَحسُدُنّ على أَن يَنأَمَ الأَسدا
ما سدكَت علَّةٌ بمَورُودِ
أكرَمَ من تَغلِبَ بْنِ داوُدِ
حَسَم الصُلحُ ما اشتَهَتْه الأَعادِي
وأَذاعَتْهُ أَلسُنُ الحُسَّادِ
جاءَ نيروزنا وأَنتَ مُرادُهْ
ووَرَت بالَّذي أرادَ زنادُهُ
أوَدُّ منَ الأيَّامِ ما لا تَوَدُّهُ
وأشكُو إلَيها بَينَنا وَهْيَ جُندُهُ
أَقَلُّ فَعالي بَلْهَ أَكثَرَهُ مَجدُ
وذا الجِدُّ فيه نِلْتُ أَمْ لم أَنَلْ جَدُّ
أَمَّا الفِراقُ فإِنهُ ما أَعْهدُ
هُوَ تَوْأَمي لَوْ أنَّ بَيْنًا يُولَدُ
كم قَتيل كَما قُتِلتُ شهيدِ
لبياض الطُّلَى ووَرْدِ الخدود
فارَقتُكُم فإذا ما كانَ عِندَكُمُ
قَبلَ الفِراقِ أَذًى بَعْدَ الفِراقِ يَدُ
لَقَدْ حازَني وَجْدٌ بِمَنْ حازَهُ بُعدُ
فَيا لَيْتَنى بُعْدٌ ويا لَيْتَهُ وَجْدُ
لكل امرئٍ من دَهرِهِ ما تَعوَّدا
وَعادةُ سَيفِ الدولةِ الطّعْنُ في العِدَى
عَواذِلُ ذاتِ الخالِ فِيَّ حَواسِدُ
وإِنَّ ضَجِيعَ الخَوَدِ مِنّي لَماجِدُ
وَزِيارَةٍ عَنْ غَيْرِ مَوْعِدْ
كالغُمْضِ في الجَفْنِ المُسَهَّدْ
أزائِرٌ يا خيالُ أمْ عائِدْ
أمْ عِندَ مَولاكَ أنَّني راقِدْ
مُحَمدَ بْنَ زُرَيقٍ ما نَرى أحَدًا
إذا فَقَدناكَ يُعْطي قَبلَ أنْ يَعِدا
يا مَن رأَيتُ الحَلِيمَ وَغْدا
به وحُرَّ المُلوكِ عَبْدا
وَشادنٍ رُوحُ مَن يَهْواهُ في يده
سيفُ الصُّدودِ على أَعْلى مُقلَّدِه
وسَوداءَ مَنظُومٍ عَلَيها لآلئٌ
لَها صُورةُ البِطِّيخِ وَهْي مِنَ النَّدَّ
ما الشّوقُ مُقتَنِعًا مِنِّي بِذا الكَمَدِ
حَتَّى أكونَ بِلا قَلْبٍ ولا كَبِدِ
اَليومَ عَهْدُكُمُ فأَين الموَعِدُ
هَيهاتِ لَيسَ لِيَومِ عَهْدِكُمُ غَدُ
***************
من شعر عنترة 1
.
لقد هان عندي الدهر لما عرفته(558/45)
وإني بما تأتي الملمات أخبرُ
.
.
وليس سباع البرِّ مثل ضباعه
ولا كل من خاض العجاجة عنترُ
.
.
سلي صرف هذا الدهر كم شنّ غارةً
ففرجتها والموتُ فيها مشمرُ
.
.
بصارم عزمٍ لوضربتُ بحدهِ
دجى الليل ولى وهو بالنجم يعثرُ
.
.
دعوني أجد السعي في طلب العلى
فأدركُ سؤلي أو أموت فأعذرُ
.
.
قفي وانظري ، ياعبل ، فعلي وعايني
طعاني إذا ثار العجاج المكدرُ
.
.
تريْ بطلاً يلقى الفوارس ضاحكاً
ويرجع عنهم وهو أشعث أغبر
.
.
ولا ينثني حتى يخلي جماجماً
تمر بها ريحُ الجنوبِ فتصفرُ
.
.
وأجساد قومٍ تسكن الطير حولها
إلى أن يرى وحش الفلاة فينفرُ
من شعر عنترة 2
على أنفس الأبطال والموت يصبرُ أنا الموت إلا أنني غيرُ صابرٍ
أنا الأسد الحامي حمى من يلوذ بي
وفعلي له وصفٌ إلى الدهر يذكر
إذا ما لقيت الموت عمّمتُ رأسَهُ
بسيفٍ على شرب الدما يتجوهرُ
سوادي بياضٌ حين تبدو شمائلي
وفعلي على الأنساب يزهى ويفخرُ
ألا فليعشْ جاري عزيزاً وينثني
عدوي ذليلاً نادماً يتحسرُ
بني عبسَ سودوا في القبائل وافخروا
بعبدٍ له فوق السماكين منبرُ
إذا ما منادي الحي نادى أجبتُهُ
وخيل المنايابالجماجمِ تعثرُ
سلي المشرفي الهندواني في يدي
يخبِّركِ عني أنني أنا عنترُ
من شعر عنترة 4
دعوني في القتال أمت عزيزاً
فموت العز خيرٌ من حياة
.
.
لعمري ما الفخار بكسبِ مالٍ
ولا يُدعى الغني في السراةِ
.
.
ستذكرني المعامع كل وقتٍ
على طول الحياة إلى المماتِ
.
.
فذاك الذكرُ يبقى ليس يفنى
مدى الأيام في ماضٍ وآت
.
.
وإني اليوم أحمي عرض قومي
وأنصرُ آل عبس على العداة
.
.
وآخذ ما لنا منهم بحربٍ
تخرُّ لها متون الراسيات
.
من شعر عنترة
بقلبٍ قُدَّ من زبر الحديد
سأخرج للبراز خلي بالٍ
.
وأطعن بالقنا حتى يراني
عدوي كالشرارة من بعيد
.
.
إذا ما الحرب دارت لي رحاها
وطاب الموت للرجل الشديد
.
.
ترى بيضاً تشعشع في لظاها
قد التصقت بأعضاء الزنود
.
.(558/46)
فأقحمها ولكن مع رجالٍ
كأن قلوبها حجر الصعيد
.
.
وخيلٍ عوِّدت خوض المنايا
تشيِّبُ مفرق الطفل الوليد
.
.
سأحمل بالأسود على أسودٍ
وأخضب ساعدي بدم الأسودِ
.
.
فأما القائلون هزبرُ قومٍ
فذاك الفخرُ ، لا شرف الجدودِ
.
.
وأما القائلون قتيلُ طعنٍ
فذلك مصرع البطل الجليد
.*********************من قصائد المتنبي
حرف الهمزة
الهمزة
عَذْلُ العَواذِلِ حَولَ قَلبي التائِهِ وهَوَى الأَحِبَّةِ منهُ في سودائِهِ
أَسامَرِّيُّ ضُحْكةَ كُلِّ راءِ فَطِنْتَ وكُنْتَ أَغبَى الأََغبِياءِ
أمِنَ ازْدِيارَكِ في الدُّجى الرُّقَباءُ إذْ حَيثُ كُنْت مِنَ الظلامِ ضِياءُ
لَقد نَسَبُوا الخيامَ إلى عَلاءِ أَبَيتُ قَبولَهُ كُلَّ الإباءِ
أَتُنكِر يا ابنَ إِسحقٍ إِخائي وتحسب ماءَ غَيري من إنائي ؟
اَلقَلبُ أعلَمُ يا عذولُ بِدائِهِ وأَحَقُّ مِنكَ بِجَفْنِهِ وبمائِهِ
إنَّما التَهنِئَاتُ لِلأَكْفاءِ ولمَنْ يدَّنِي مِنَ البُعَداءِ
ماذا يَقُولُ الذي يُغَنِّي يا خَيْرَ مَنْ تَحْتَ ذي السَّماءِ
الباء
بِغَيرِكَ راعيًا عَبِثَ الذئابُ وغَيرَكَ صارِمًا ثَلمَ الضِّرابُ
أيدري ما أرابَكَ مَن يُريبُ وهل تَرقَى إلى الفَلكِ الخُطوبُ
خَرَجتُ غَداةَ النَّفْرِ أَعتَرِض الدُمَى فلم أَرَ أَحلَى مِنكَ في العَينِ والقَلبِ
لأَحِبَّتي أَنْ يَملأُوا بالصَّافِياتِ الأَكوُبا
دَمْعٌ جَرى فقضى في الرَّبع ما وَجَبا لأهلهِ وشَفى أنّى ولا كرَبا
يا أخَتَ خَيرِ أخ يا بِنتَ خَيرِ أبِ كِنايةً بِهِما عن أشرَفِ النَسَبِ
أَحسَنُ ما يُخضَب الحَديدُ بهِ وخاضِبَيهِ النّجِيعُ والغَضَبُ
أَلا ما لِسَيفِ الدَولةِ اليَومَ عاتِبَا فَداهُ الوَرَى أَمضى السُيُوفِ مَضارِبا
مَنِ الجاذِرُ في زِيِّ الأَعارِيبِ حُمرَ الحِلَى والمَطايا والجَلابِيب
لأَيِّ صُروفِ الدهرِ فيهِ نعاتِبُ وأيَّ رَزاياهُ بِوِتْرٍ نُطالبُ(558/47)
أغالِبُ فِيكَ الشَوقَ والشَوقُ أَغلَبُ وأعْجَبُ مِن ذا الهَجْر والوَصْلُ أَعجَب
بأَبي الشُّموسُ الجانِحاتُ غَوارِبا اللاَّبِساتُ مِنَ الحَريرِ جَلابِبا
فَدَيناكَ من رَبعٍ وإِنْ زِدتَنا كَرْبا فإِنَّكَ كُنتَ الشَرقَ للشَمسِ والغَرْبا
تجفُّ الأرضُ من هذا الرَبابِ ويخلقُ ما كَساها من ثِيابِ
لِعَيني كُلَّ يَومٍ مِنْكَ حَظٍّ تَحَيَّرُ منهُ في أَمر عُجابِ
إنما بَدرُ بنُ عَمّارٍ سحابُ هَطِلٌ فيهِ ثَوابٌ و عِقابُ
أَلَم تَرَ أيُّها المَلِكُ المُرَجّى عَجائِب ما رَأَيتُ مِنَ السَّحابِ
أَعِيدُوا صَباحِي فَهوَ عِندَ الكَواعِبِ ورُدُّوا رُقادي فَهْو لَحْظُ الحَبائِبِ
أَيا ما أُحيسِنَها مُقلةً ولَوْلا المَلاحةُ لم أَعجَبِ
الطِّيبُ مِمَّا غَنِيتُ عَنْهُ كَفَى بِقُرْبِ الأَميرِ طِيبا
تَعَرَّضَ لي السَّحابُ وقَدْ قَفَلْنا فَقُلْتُ إِلَيْكَ إنَّ مَعِي السَّحابا
يا ذا المَعالي ومَعدِنَ الأَدَبِ سَيِّدَنا وابنَ سيِّدِ العَرَبِ
المَجْلِسانِ على التَّمْييزِ بَيْنَهُما مُقابِلانِ ولكِنْ أَحْسَنا الأَدَبا
ضُرُوبُ الناس عُشَّاقٌ ضُرُوبا فأَعذَرُهُم أَشفُّهُمُ حَبِيبا
لا يُحزِنِ اللهُ الأَميرَ فإِنَّني لآخُذُ من حالاتِه بنَصيبِ
آخرُ ما الملْك مُعزَّى بِهِ هذا الَّذي أثرَ في قَلبِهِ
لَقَد أَصبَحَ الجُرَذ المسَتغيرُ أسيرَ المنَايا صَريع العَطبْ
وأَسوَدَ أَمَّا القَلْبُ مِنهُ فَضَيِّقٌ نَخِيب وأَمَّا بَطنهُ فرَحِيب
أَلا كُلُّ ماشِيَةِ الخيَزَلَى فِدَى كلّ ماشِيَةِ الهَيذَبَى
أبا سَعيدٍ جَنّبِ العِتابا فرُبَّ رأيٍ أخْطَأَ الصَّوابا
مُنًى كُنَّ لي أَنَّ البَياضَ خِضابُ فيَخْفَى بِتَبيضِ القُرُونِ شَبابُ
لَمَّا نُسبتَ فَكنْتَ ابناً لَغيرِ أبِ ثُم اخْتُبِرتَ فَلم تَرْجعْ إلى أدَبِ
***************
للشاعر خيرُ الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزِرِكلي
العينُ بعدَ فِراقِها iiالوطنا(558/48)
لا ساكناً ألِفتْ ولا سكنا
ريانةٌ بالدمع أقلقَها
أن لا تُحِسَّ كَرىِ ولا iiوَسَنا
كانت ترى في كُلِّ سانِحةٍ
حُسْناً ، وباتتْ لا ترى حَسَنا
والقلبُ لولا أنَّةٌ iiصَعِدَتْ
أنكرتهُ وَشَكَكْتُ فيه iiأنا
ليتَ الذين أُحِبُّهمْ iiعَلِموا
وَهُمُ هُنالِك ما لقيتُ iiهُنا
ما كنتُ أَحسَبُني مُفارِقَهُمْ
حتَّى تُفارقَ روحِي iiالبدنا
***
***
يا موطناً عَبثَ الزمانُ iiبهِ
مَن ذا الذي أغرى بك الزَّمنا
قدْ كان لي بكَ عن سِواكَ غِنىً
لا كان لي بِسِواكَ عَنكَ غِنى
ما كنتَ إلا رَوْضَةً أُنُفاً
كَرُمتْ وطابتْ مَغرِساً وَجَنى
عَطَفَوا عَليكَ فأوسَعُوكَ أذىً
وهُمُ يُسَمّونَ الأذى مِننا
وَحَنَوْا عليكَ فَجَرَّدوا قُضَباً
مَسْنونةً وَتَقدَّموا iiبِقَنَا
***
***
يا طائراً غَنّى على iiغُصُنٍ
و ( النيلُ ) يَسقي ذلك الغُصُنا
زدني وَهِجْ ما شِئْتَ مِن شَجَني
إنْ كُنتَ مِثْلِي تَعرِفُ iiالشَّجَنا
أَذْكَرْتَني ما لَستُ ناسِيَهُ
وَلَرُبَّ ذِكرى جَدَّدتْ حَزَنا
أّذْكَرْتَني ( بَرَدى ) وَوادِيَهُ
والطيرَ آحاداً بِهِ وثُنى
وأحبةً أَسْرَرْت من كَلَفي
وَهَواي فيهم لا عجاً كَمَنا
كمْ ذا أُغالِبُهُ iiويَغْلِبُني
دَمْعٌ إذا كَفْكَفْتُهُ هَتَنا
لي ذِكْرَياتٌ في رُبوعِهِمُ
هُنَّ الحياةُ تألقاً وَسَنا!
***
***
إنّ الغَريبَ مُعَذَّبٌ أبداً
إن حَلَّ لَمْ يَنْعَم وإن iiظَعَنا
لو مَثَّلوا لي موطني وَثَناً
******************
هذه القصيدة للشاعر المصري محمود سامي البارودي
قالها في هجاء ( نوبار ) وهو رجل أرمنى الأصل ، له صلة قرابة بـ بوغوص و إرتين وزيري محمد علي دعاه الأول إلى مصر ، فعمل في الترجمة ....
وِصالُكَ لي هَجْرٌ ، وهَجْرُكَ لي وَصلُ
***
***
فزدني صدوداً ما استطعتَ ، ولا تألُ
إذا كان قُربي مِنك بُعداً عن المنى
***
***
فلا حُمَّتِ اللُّقْيا ، ولا اجتَمَعَ الشَّمْلُ(558/49)
وكيفَ أودُّ القرْبَ مِنْ متلوِّنٍ
***
***
كثير خبايا الصدر ، شيمته الختلُ
فليت الذي بيني وبينك ينتهي
***
***
إلى حيثُ لا طَلْحٌ يرِفُّ ولا أثلُ
خبثتَ ، فلو طُهِّرتَ بالماء لا كتسى
***
***
بِك الماءُ خُبثاً لا يحِلُّ بِهِ الغَسْلُ
فوجهك منحوسٌ ، وكعبكَ سافِلٌ
***
***
وقلبكَ مدغولٌ ، وعقلكَ مُخْتَلُّ
بِك اسودتِ الأيام بعدَ ضِيائها
***
***
وأصبح نادي الفضل ليس به أهلُ
فلو لم تكن في ...... ما انقضَّ حادثٌ
***
***
بقومٍ ، ولا زلتْ بِذِي أملٍ نَعْلُ
فما نكبةٌ إلا وأنت رسولها
***
***
ولا خيبةٌ إلا وأنت لها أصلُ
أذُمُّ زماناً أنت فيه ، وبلدةً
***
***
طلعتَ عليها ، إنهُ زَمَنٌ وَغْلُ
ذِمامُكَ مخفورٌ ، وعهدك ضائعٌ
***
***
ورأيك مأفونٌ ، وعقلك مُختلُّ
مخازٍ لو ان النجمَ حُمِّلَ بَعضَها
***
***
لعاجله من دون إشراقهِ أفْلُ
فسرْ غير مأسوفٍ عليك ، فإنما
***
***
قُصارى ذميم العهد أن يقطع الحبلُ
******************
للشاعر الأستاذ / سعود بن حامد الصاعدي - مكة المكرمة
ما لي أطاوع قلبي وهو يدفعني
إلى حياض الردى والعقل ينهاني؟!
إنّي سئمت فقلبي كلما ضحكت
لي الحياةُ بطيب العيش أبكاني!
هذا أنا..أسكب الألحان من شفتي
وليس يسعدني شدوي بألحاني
وأمتطي من أحاديث الدجى لغةً
تطوف بي في فضاء العالم iiالثاني
يحاول القلب أن ينأى بصومعةٍ
عن الحياة فقد أشقته أحزاني
والليل يرسم في عينيّ iiأخيلةً
يشفّها من أحاديثي iiوأشجاني
كأنّ عينيّ في أجفانها شَرَكٌ
والنوم طيرٌ رأى ما بين iiأجفاني
هذا أنا..أشعل الأبيات، في iiلغتي
نارٌ قبَست لها من نور إيماني
هذا أنا..أنتقي للناس فاكهةً
من سلّةٍ ذات أشكالٍ وألوان
وأقطف الورد من أغصان دوحته
فلا تدلّى بغير الورد أغصاني
كأنّني نسمةٌ في الفجر قد عبقت
أو بسمةٌ قد حواها ثغر نيسان
أو أنّني نبضةٌ في القلب قد خفقت
يضمّها في الحنايا صدر إنسان(558/50)
لكنّني في زمانٍ كلما زرعت
أناملي أنكروا وردي وريحاني
هذا أنا.قد كسوت الناس من حللي
لكنّ ثوبي من الأحزان أكفاني
وضقت ذرعا بأرجائي التي iiوسعت
من يملؤون بزرع الشوك ودياني
من أين أبدأ تمزيق الدجى؟ فأنا
نورٌ كليلٌ وليل الهمّ أضواني
وكيف أزرع بيدائي وقد iiيبست
كفّي من الغرس والرمضاءُ iiميداني
إذا تخاصم أهل الحب في وطنٍ
كتبت في دفتري نهجي iiوعنواني:
((بالشام أهلي وبغداد الهوى iiوأنا
بالرقمتين،وبالفسطاط جيراني
وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ
عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني))
* البيتان الأخيران لأبي تمام
*****************
هذه القصيدة للشاعر الدكتور / عبدالرحمن العشماوي
هو رامي أو محمَّد
صورةُ المأساة تشهد:
أنَّ طفلاً مسلمِاً في ساحة الموتِ تمدَّد
أنَّ جنديَّاً يهودياً على الساحةِ عربَد
وتمادى وتوعَّد
ورمى الطفلَ وللقتلِ تعمَّد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ طفلاً وأباً كانا على وعدٍ من الموتِ محدَّد
مات رامي أو محمَّد
مات في حضن الأَب المسكينِ،.
والعالَمُ يشهد
مَشهدٌ أبصرَه الناسُ،.
وكم يخفى عن الأعيُنِ مشهَد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
إنَّ إرهابَ بني صهيونَ،.
في صورته الكبرى تجسَّد
أنَّ حسَّ العالَم المسكونِ بالوَهم تبلَّد
أنَّ شيئا ً اسمُه العطفُ على الأطفالِ،.
في القدس تجمَّد
هو رامي أو محمَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أن لصَّاً دخل الدَّارَ وهدَّد
ورأى الطفلَ على ناصيةِ الدَّرب فسدَّد
وتعالى في نواحي الشارع المشؤومِ صوت القصفِ حيناً،.
وتردَّد
صورة المأساةِ تشهد:
أنَّ جيشاً من بني صهيونَ،.
للإرهابِ يُحشَد
أنَّ نارَ الظلم والطغيانِ تُوقَد
أنَّ آلافَ الخنازير،.
على المنبع تُورَد
هذه الطفلةُ سارةْ
زهرةٌ فيها رُواءٌ ونضارةْ
رَسَمَ الرشّاشُ في جبهتها،.
شَكلَ مَغارة
لم تكن تعلم أن الظالم الغاشمَ أزبَد
وعلى أشلائها جمَّع أشلاءً وأوقَد
هو رامي أ و محمَّد(558/51)
صورة المأساةِ تشهَد:
أنَّ جرحَ الأمةِ النازفَ منها لم يُضَمَّد
أنَّ دَينَ المجد مازال علينا،.
لم يُسَدَّد
أنَّ باب المجدِ مازالَ،.
عن الأمَّةِ يُوصَد
صورة المأساة تشهد:
أنَّ أشجاراً من الزيتونِ تُجتَثُّ،.
وفي موقعها يُغرَسُ غرقَد
أنَّ تمثالاً من الوهمِ،.
على تَلٍّ من الإلحادِ يُعبَد
هو رامي أو محمَّد
صورةُ المأساةِ تشهد:
أنَّ ما أدَلى به التاريخُ،.
من أخبار صهيونَ مؤكَّد
أنَّ ما نعرف من أحقادِ صهيونَ تجدَّد
ما بَنُو صهيونَ إلاَّ الحقدُ،.
في صورةِ إنسانٍ يُجسَّد
أمرُهم في نَسَق الناسِ معقَّد
يا أعاصيرَ البطولاتِ احمليهم
ووراء البحر في مستنقع الذُّلِّ اقذفيهم
وعن القدسِ وطُهر القِبلة الأُولى خذيهم
قرِّبيهم من مخازيهم وعنَّا أبعديهم
هو رامي أو محمَّد
هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومُرشَّد
هي لُبنَى هي سُعدى وابتسامٌ وهيَ سارةْ
هم بواكيرُ زهور المجد في عصر الإثارَةْ
هم شموخٌ في زمانٍ أعلن الذلُّ انكسارة
هم وقود العزم والإقدامِ عنوانُ الجَسَارة
هم جميعاً جيلنا الشامخُ،.
أطفالُ الحجارَة ْ
لو سألناهم لقالوا:
ما الشهيدُ الحرُّ،،.
إلا جَذوَةٌ تُوقِِدُ نارَ العزمِ،.
والرَّأيِ المسدَّد
ما الشهيد الحرُّ إلاَّ،.
شَمعَةٌ تطرد ليلَ اليأسِ،.
والحسِّ المجمَّد
ما الشهيد الحرُّ إلاَّ،.
رايةُ التوحيد في العصر المُعَمَّد
ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ،.
وَثبَةُ الإيمانِ في العصر المهوَّد
ما الشهيدُ الحرُّ إلاَّ،.
فارسٌ كبَّر للهِ ولمَّا حَضَرَ الموتُ تشهَّد
ما الشهيدُ الحُرُّ إلا،.
روح صدِّيقٍ إلى الرحمنِ تصعَد
أيُّها الباكونَ من حزنٍ علينا،.
إنما يُبكَى الذي استسلمَ للذلِّ وأخلَد
نحن لم نُقتل،.
ولكنَّا لقينا الموتَ أعلى همَّةً منكم وأمجد
نحن لم نحزن ولكنا فرحنا ورضينا
فافرحوا أنَّا غسلنَا عنكم الوهمَ الملبَّد
طلِّقوا أوهامكم،.
إنَّا نرى الغايةَ أبعَد
هو رامي أو محمَّد
هو سعدٌ وسعيدٌ ورشيدٌ ومرشَّد(558/52)
ربَّما تختلف الأسماءُ لكن
هَدَفُ التحرير للأقصى موحَّد.
**************
هذه القصيدة للشاعر محمود سامي البارودي
محا البينُ ما أبقتْ عيون المها مني
فشِبتُ ولم أقضِ اللُّبانة من سني
عناءٌ ، ويأسٌ ، واشتياقٌ وغربةٌ
ألا ، شدَّ ما ألقاه في الدهر من غبنِ
فإن أكُ فارقتُ الديار فلي بها
فُؤادٌ أضلتْهُ عيون المها مِني
بعثتُ به يوم النوى إثرَ لَحْظَةٍ
فأوقعه المِقدارُ في شَرَكِ الحُسنِ
فهل من فتى في الدهر يجمع بيننا
فليس كِلانا عن أخيه بمستغنِ
ولما وقفنا لِلوَدَاع ، وأسبَلَتْ
مدامعنا فوق الترائب كالمزن
أهبتُ بصبري أن يعودَ ، فعزني
وناديت حلمي أن يثوب فلم يُغنِ
ولمْ تَمْضِ إلا خَطْرَةٌ ، ثم أقلعت
بنا عن شطوط الحي أجنِحةُ السُّفْنِ
فكم مُهجةٍ من زَفْرَةِ الوجدِ في لظى
وكم مُقْلَةٍ مِنْ غزرة الدمع في دَجْنِ
وما كنتُ جربتُ النوى قبل هذه
فلما دهتني كِدتُ أقضي من الحزن
ولكنني راجعتُ حِلْمِي ، وردني
إلى الحَزْمِ رأيٌ لا يحومُ على أَفْنِ
ولولا بُنياتٌ وشِيبٌ عواطلٌ
لما قَرَعَتْ نفسي على فائِتٍ سِني
فيا قلبُ صبراً إن جزِعتَ ، فربما
جَرَتْ سُنُحاً طَيْرُ الحوادثِ باليُمْنِ
فقد تُورِقُ الأغصان بعد ذبولها
ويبدو ضياء البدر في ظلمةِ الوَهنِ
وأيُ حسامٍ لم تُصِبهُ كهامُةٌ
ولهْذَمُ رُمْحٍ لا يُفَلُ من الطعنِ
ومن شاغب الأيامَ لان مَرِيرُهُ
وأسلمهُ طولُ المِراسِ إلى الوَهْنِ
وما المرءُ في دنياه إلا كسالِكٍ
مناهِجَ لا تخلو من السهل والحَزْنِ
فإن تكن الدنيا تولت بخيرها
فأهون بدنيا لا تدوم على فَنِّ!
تحملتُ خوفُ المَنِّ كلَّ رَزِيئةٍ
وحملُ رزيا الدهر أحلى من المنِّ
وعاشرتُ أخداناً ، فلما بَلَوتُهُمْ
تمنيتُ أن أبقى وحيداً بلا خِدنِ
إذا عرف المرءُ القلوبَ وما انطوتْ
عليه من البغضاءِ - عاش على ضِغْنِ
يرى بصري من لا أودُ لِقاءَهُ
وتسمعُ أذني ما تعافُ مِن اللحنِ
وكيف مُقامي بين أرضٍ أرى بها(558/53)
من الظلم ما أخنى على الدار والسَّكْنِ
فسَمْعُ أنين الجَوْرِ قد شاك مسمعي
ورؤيةُ وجه الغدر حل عُرا جَفني
وصعب على ذي اللُّبِ رئمانُ ذِلةٍ
يَظَلُ بها في قومه واهي المتنِ
إذا المرُ لم يرمِ الهناةَ بمثلها
تخطى إليه الخوف من جانب الأمن
وكن رجلاً ، إن سيمَ خَسْفاُ رمتْ به
حَمِيتُهُ بين الصوارمِ واللُّدنِ
فلا خيْرَ في الدنيا إذا المرءُ لم يعشْ
مهيباُ ، تراه العينُ كالنار في دغْنِ
**************
هذه القصيدة للشاعر عبد قيس بن خفاف البرجمي
أجبيلُ إن أباك كاربُ يومهِ
فإذا دُعيتَ إلى العظَائم فاعجلِ
أوصيكَ إيصاءَ امْرِئٍ لك ناصحٍ
طَبِنٍ بِرَيْبِ الدهرِ غير مُغفَّلِ
الله فاتَقِهِ وأوفِ بنذرِهِ
وإذا حلفت مُمارياً فتَحَلَّلِ
والضيفَ أكرمْهُ فإن مَبِيتَهُ
حقٌّ ، ولا تَكُ لُعْنَةً لِلنُّزَّلِ
واعلم بأنَّ الضيفَ مُخْبِرُ أهْلِهِ
بِمَبيتِ ليلتِهِ وإنْ لم يُسألِ
ودَعِ القوارصَ للصَّديقِ وغيرِهِ
كي لا يَرَوْكَ من اللِّئام العُزَّلِ
وصِلِ المواصِلَ ما صفا لك وُدُّهُ
واحذرْ حِبال الخائنِ المتَبَدِّلِ
واتركْ محل السوءِ لا تَحْلُلْ بهِ
وإذا نَباَ بِكَ منزِلٌ فَتَحَوَّلِ
دارُ الهوانِ لِمن رَآها دَارَهُ
أفراحِلٌ عنها كَمَنْ لم يَرْحَلِ
وإذا هممت بأمرِ شَرٍّ فاتَّئِدْ
وإذا هممتَ بأمرِ خيرٍ فافْعَلِ
وإذا أتتك من العدو قوارصٌ
فاقرصْ كذاك ولا تقُل لم أفْعَلِ
وإذا افتقرت فلا تكن مُتَخشِّعاً
ترجو الفَواضل عندَ غيرِ المُفْضِلِ
وإذا لقيت القومَ فاضرِب فيهمُ
حتى يَرَوكَ طِلاء أجْرَبَ مُهْمَلِ
واستغْنِ ما أغْناكَ ربُّكَ بالغِنى
وإذا تُصِبك خَصاصَةٌ فَتَجَمَّلِ
واستأنِ حلمَكَ في أموركَ كُلِّها
وإذا عَزَمتَ على الهوى فَتَوكَّلِ
وإذا تَشَاجَرَ في فُؤادِكَ مَرَّةً
أمران فاعمِد لِلأعَفِّ الأجملِ
وإذا لقيتَ الباهِشِين إلى الندى
غُبْراً أَكُفُّهُمُ بِقاعٍ مُمْحِلِ(558/54)
فَأعِنْهُمُ وايْسِرْ بما يَسَرْوا بهِ
وإذا هُمُ نَزَلوا بِضَنْكٍ فانزِلِ
****************
هذه القصيدة للشاعر عبدالرحمن العشماوي
يا أبي
هذي روابينا تغشَّاها سكونُ الموتِ ..
أدماها الضجرْ ..
هذه قريتنا تشكو ..
وهذا غصن أحلامي انكسرْ ..
يا أبي ..
وجهك معروق ..
وهذا دمع عينيك انهمرْ ..
هذه قريتنا كاسفة الخدينِ ..
صفراء الشجرْ ..
ما الذي يجري هنا يا أبتي ..
هل نفضَ الموتَ التتَرْ ؟!
يا أبي ..
هذا هو الفجر تدلَّى فوقنا من جانب الأُفُقْ ..
وفي طلعته لون الأسى ..
هاهو المركب في شاطئنا الغالي رَسَى ..
غيرَ أنا ما سمعنا يا أبي ..
صوتَ الأذانْ ..
عجبًا ..
صوتُ الأذانْ ؟؟
منذ أنْ صاحبني الوعيُ بما يحدث في هذا المكانْ ..
منذ أنْ أصغيتُ للجدَّةِ ..
تروي من حكاياتِ الزمانْ :
( كان في الماضي وكان )
منذ أن أدركتُ معنى ما يُقالْ ..
وأنا أسمع تكبيرَ أذان الفجرِ ..
ينساب على هذي التِّلالْ ..
فلماذا سكت اليومَ ..
فلم أسمعْ سوى رَجْعِ السؤالْ ؟؟!
يا أبي ..
هذا هو الفجر ترامى في الأُفُقْ ..
هذه الشمس تمادت في عروق الكونِ ..
ساحت في الطرقْ ..
فلماذا يا أبي لم نسمع اليومَ الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكانْ ؟؟
يا أبي ..
كنا على التكبير نستقبل أفواج الصَّباحْ ..
وعلى التكبير نستقبل أفواج المساءْ ..
وعلى التكبير نغدو ونروحُ ..
وبه تنتعش الأنفس تلتأم الجروحُ ..
وبه عطر أمانينا يفوحُ ..
فلماذا يا أبي لم نسمع اليوم الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكان ؟!
يا بُنَيَّ اسكتْ فقد أحرقني هذا السُّؤالْ ..
أنت لم تسألْ ولكنّك أطلقت النِّبال ..
أوَ تدري لِم لمْ نسمع هنا صوت الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكانْ ؟!
هذه القرية ما عادتْ لنا ..
هذه القرية كانت آمنهْ ..
هي بالأمس لنا ..
وهي اليوم لهم مستوطنَهْ ..
****************
هذه القصيدة للشاعر محمد مهدي الجواهري(558/55)
يا (أم عوفٍ ) عجيباتٌ ليالينا
يُدنينَ أهواءنا القصوى ويُقصينا
في كل يومٍ بلا وعيٍ ولا سببٍ
يُنزلن ناساً على حكمٍ ويعلينا
يَدفن شهدَ ابتسامٍ في مراشفنا
عذباً بعلقم دمعٍ في مآقينا
***
***
يا (أم عوفٍ ) وما يُدريك ما خبأت
لنا المقاديرُ من عُقبى ويدرينا
أنَى وكيف سيرحي من أعنتنا
تَطوافُنا .. ومتى تُلقى مراسينا؟
أزرى بأبيات أشعارٍ تقاذفنا
بيتٌ من ( الشَعَرِ المفتول ) يؤوينا
عِشنا لها حِقباً جُلى ندلَّلُها
فتجتوينا .. ونُعليها فتُدنينا
تقتات من لحمنا غضاً وتُسغِبنا
وتستقي دمنا محضاً وتُظمينا
***
***
يا ( أم عوفٍ ) بلوح الغيب موعدنا
هنا وعندك أضيافنا تَلاقينا
لم يبرح العامُ تِلوَ العامِ يَقذِفنا
في كلِّ يومٍ بموماةٍ ويرمينا
زواحفاً نرتمي آناً .. وآونةً
مصعِّدين بأجواء شواهينا
مُزعزعين كأن الجنَّ تُسلمنا
للريح تنشُرنا حيناً وتطوينا
حتى نزلنا بساحٍ منك مُحتضِنٍ
رأد الضحى والندى والرمل والطينا
مفيئٍ بالجواء الطلق مُنصلتٍ
للشمس تجدع منه الريح عرنينا
خِلتُ السماء بها تهوي لتلثمهُ
والنجم يسمح من أعطافه لينا
فيه عطفنا لميدانِ الصِّبا رسناً
كاد التصرُّمُ يلويه ويلوينا
يا ( أم عوفٍ ) وما آهُ بنافعةٍ
آه على عابثٍ رَخْصٍ لماضينا
على خضيلٍ أعارته طلاقتها
شمس الربيعِ وأهدته الرياحينا
سالتْ لِطافاً به أصباحنا ومشتْ
بالمنِ تنطِفُ والسلوى ليالينا
سمحٍ نجرُ به أذيالنا مرحاً
حِيناً .. ونعثرُ في أذياله حِينا
آهٍ على حائرٍ ساهٍ ويرشدنا
وجائرِ القصدِ ضِلِّيلٍ ويهدينا
آهٍ على ملعبٍ - أن نستبدَّ به
ويستبدَّ بنا - أقصى أمانينا
مثل الطيورِ وما ريشتْ قوادمنا
نطير رهوا بما اسطاعت خوافينا
من ضحكة السَّحَرِ المشبوبِ ضحكتنا
ومن رفيف الصِّبا فيه أغانينا
***
***
يا ( أم عوفٍ ) وكاد الحلمُ يسلبنا
خيرَ الطباعِ وكاد العقل يردينا
خمسون زلت مليئاتٍ حقائبها(558/56)
من التجاريب بِعناها بعشرينا
يا ( أم عوفٍ ) بريئاتٍ جرائرنا
كانت ، وآمنة العقبى مهاوينا
نستلهمُ الأمرَ عفواً لا نخرِجُهُ
من الفحاوي ولا ندري المضامينا
ولا نعاني طوِّياتٍ معقدةً
كما يَحُلُّ تلاميذٌ تمارينا
نأتي المآتي من تلقاء أنفسنا
فيما تصرفنا منها وتُثنينا
إنْ نندفع فبعفوٍ من نوازعنا
أو نرتدعْ فبمحضٍ من نواهينا
لا الأرض كانت مُغواةً تلقفنا
غدراً ..ولا خاتلٌ فيها يداجينا
إذا ارتكسنا أغاثتنا مغاوينا
أو ارتكضنا أقلتنا مذاكينا
أو انصببنا على غايٍ نحاولها
عُدنا غُزاةً ، وإن طاشت مرامينا
كانت محاسننا شتى .. وأعظمُها
أنَّا نخاف عليها من مساوينا
واليومَ لم تألُ تستشري مطامحنا
وتقتفيها على قدْرٍ معاصينا
يا ( أم عوفٍ ) ) أدال الدهرُ دولتنا
وعاد غمْزاً بنا ما كان يزهونا
خبا من العمر نوءٌ كان يَرزُمنا
وغاب نجمُ شبابٍ كان يهدينا
وغاضَ نبعُ صفا كنَّا نلوذ به
في الهاجرات فيروينا ويُصفينا
***
***
يا ( أم عوفٍ ) وقد طال العناء بنا
آهٍ على حقبةٍ كانت تعانينا
آه على أيمنٍ من ربع صبوتنا
كنا نجول ُ به غراً ميامينا
كنا نقول إذا ما فاتنا سَحَرٌ
لا بد من سَحَرٍ ثانٍ يواتينا
لا بد من مطلعٍ للشمس يُفرحنا
ومن أصيلٍ على مهلٍ يحيينا
واليوم نرقبُ في أسحارنا أجلاً
تقومُ من بعده عجلى نواعينا
***************
هذه القصيدة للشاعر سعود بن حامد الصاعدي
ما هزّ قلبي لا وجدٌ ولا غزلُ
ولا رمته بألحاظ الهوى مُقلُ
ذاك امرؤ القيس يبكي في الثرى دمنا
وتلك أفئدة العشاق يا طلل
ما الحبُ إلا أحاديثٌ منمقةٌ
قد حاكها من قميص الليل من غفلوا
ولا الصباباتُ إلا خدُ فاتنةٍ
تصوغها عن أحاديث الهوى القُبَلُ
سحقاً لمن مجده في وصلِ غانيةٍ
تكسو مفاتنها الأثواب والحللُ
***
***
لكن في أضلعي شوقاً أكابدهُ
وليس تسعفُ إلا الشاعر الجملُ
يا حادي الركب في درب العلا شرُفتْ(558/57)
بك المعالي ودرب الدين متصلُ
لم يثنِ سيرك في البيداء ذو ظفر
ولا ثنى العزم لا يأسٌ ولا مللُ
سر فالمطايا بها شوقٌ يسيرها
وفي النفوسِ أزيز الشوق يشتعلُ
سر في رحاب إلى الرحمن ما بقيتْ
بك السنين وما أبقى بك الأجل
سر واطرح كل أرزاء الهوى فلنا
يلوحُ في سبسب الديجورة الأملُ
لا تهمل العيس دعها فهي جامحةٌ
ما صدها في المسير الوهنُ والكللُ
وإن تبدت لك الأضواء في بلدٍ
به الحطيم فقل : يكفيك يا جملُ
وإن رأيت شعاع البيتِ مؤتلقاً
يفيض بالنور والأرواحٌ تبتهلُ
فاقصد بنا البيت واروِ غلتي كرماً
من ماء زمزم فهو الطاهرُ الزللُ
وسر بنا في شعابِ نام سالكها
لعل عيني بأرض الطهر تكتحلُ
***
***
يا حادي الركب ما كلت عزائمنا
ولا تولت بنا الأهواء والمللُ
فليس إلا هدى الرحمن غايتنا
وليس إلا الذي قالت لنا الرسلُ
جئنا نلبي نداء الحق تسبقنا
قلوبنا فهي للرحمن تمتثلُ
جئنا فأرواحنا قد حلقت شرفاً
إلى السماء فلا بدرٌ ولا زحلُ
يا قاصد البيت طب نفساً برؤيتهِ
ويا حجيج بلاد الله فابتهلوا
تعطلتْ لغة الأقوال فانهمري
بالدمع عند مقام الركن يا مقلُ
******************
هذه القصيدة للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي
مالي أراك تقلبُ النظرا
*
*
وكأن عينك لا ترى أثرا ؟
وكأن قلبك لايحس بما
*
*
يجري ولا يستشعر الخطرا
وكأن ما في الكونِ من عبرٍ
*
*
ومن المواعظ واجهت حجرا
مالي أراك عقدتَ ألويةً
*
*
للوهم ساقت نحوك الكدرا ؟
أو ما ترى شمس الضحى وإذا
*
*
جن الظلام ، أما ترى القمرا ؟
أو ما ترى الأرض التي ابتهجت
*
*
أو ما ترى النبع الذي انحدرا ؟
يا هارباً من ثوب فطرته
*
*
أو ما ترى الأشواك والحفرا ؟
أو ما ترى نار الظلال رمت
*
*
لهباً إليك وأرسلت شررا؟
مالي أراك كريشة علقت
*
*
ببنان مرتعشٍ رأى الخطرا ؟
تصغي لقول المصلحين وإن
*
*
فُتِحَ المجال ، تبعتَ من فجرا
إن أحسن الناس اقتديت بهم
*
*(558/58)
وإذا أساؤا تتبع الأثرا
أتظل بين الناس إمعةً
*
*
يسري بك الطوفان حيث سرى؟
عجباً أما لك منهج وسط
*
*
كمحجةٍ نبراسها ظهرا ؟
يا ساكنا في دار غفلته
*
*
متوارياً وتعاتب القدرا
أنسيت أن الأرض حين ترى
*
*
الجفاف تراقب المطرا ؟
أنسيت أن الغصن يسلبه
*
*
فصل الخريف جماله النضرا
مالي أراك مذبذباً قلقا
*
*
حيران يشكو طرفك السهرا ؟
هذا قطار العمر ، ما وقفتْ
*
*
عرباته يوماً ولا انتظرا
فإلى متى تبقى بلا هدفٍ
*
*
اسماً كأنك تجهل السفرا ؟
هبت رياح المرجفين على
*
*
اسلامنا ، فلتحسن النظرا
أو ليس للقرآن جلجلة
*
*
في قلبك الشاكي الذي انفطرا؟
أجزعت ؟ ، كيف وديننا أفق
*
*
رحب وأدنى ما لديك ذرا ؟!
خسر الجزوع وإن سعى سعياً
*
*
نحو المراد ، وفاز من صبرا
الأرض كل الأرض ترقبنا
*
*
وتقول : هذا بابي انكسرا
لم تسلك الدرب الصحيح فهل
*
*
ترجو النجاة وتطلب الظفرا ؟
إن الكريم إذا أساء بلا قصدٍ
*
*
وأخطأ تاب واعتذرا
هذي بلادك ، ذكرها عَطِرٌ
*
*
فبها تسامى المجد وازدهرا
رفعت لواء الحق منذ هوت
*
*
أصنامها وضلالها اندحرا
هي واحة الدنيا فكم نشرت
*
*
ظلاً على من حج واعتمرا
فافخر بها إن المحب إذا
*
*
صدق الهوى ، بحبيبه افتخرا
دع عنك من ماتت مشاعره
*
*
وفؤاده في حقده انصهرا
أرأيت ذا عقلٍ يمد يداً
*
*
نحو التراب ويترك الثمرا ؟
فإلى متى أبقى تدنسني
*
*
مدنية ، وجدانها كفرا ؟
ولديكم الاسلام ينقذني
*
*
مما أعاني يدفع الخطرا
الأرض تدعونا انتركها
*
*
ونكون أول عاشقٍ هجرا ؟
يا واقفاً والركب منطلقٌ
*
*
أو ما ترى الأحداث والعبرا ؟
أو ما ترى في العصر عولمةٌ
*
*
جلبت إليك بنفعها الضررا
ولديك مفتاح الصعود بها
*
*
إن لم تكن ممن بها انبهرا
عد يا أخي فالبحرُ ذو صَلَفٍ
*
*
كم مركبٍ في موجه انغمرا
كن واضحاً كالشمس صافية
*
*
بيضاء يجلو نورها البصرا(558/59)
قصائد عن المدينة المنورة
مطر العشق
أبو الفرج عبد الرحيم عسيلان
شاعر سعودي معاصر من المدينة المنورة
أَمْطَارُ صَوتِكِ في مَسْرَايَ تَشْرَبُنِي
...
... فَيَهْطِلُ الضَّوْءُ خَيرَاتٍ عَلَى مُدُنِي
أَمْطَارُ صَوتِكِ تَرقِينِي تَمَائِمُهَا
...
... بِسُورَةِ العُشْبِ في إِدْلاَجَةِ الدِّمَنِ
تُعِيذُ بِالمُخْصِبَاتِ الخُضْرِ فَاتِحَتِي
...
... مِن نَافِثَاتِ الوُعُودِ الصُّفْرِ وَالعَفَنِ
تَمَاشَجَتْ بِدَمِي المَبْتُورِ عَافِيَةً
...
... طُهْرِيَّةً تَبْذُرُ الإِيمَانَ في مِحَنِي
تَحُفُّنِي .. يَا كِتابًا كنتُ أَقْرَؤُهُ
...
... يُؤَرِّخُ الضوءَ في مَاضِيَّ يَقْرَؤُنِي
أَمْطَارُ صَوتِكِ مَا غَنَّتْ شَوَاطِئُهَا
...
... لَحْنَ الرُّجُوعِ وَلاَ مَرَّتْ عَلَى أُذُنِي
إِلاَّ تَنَاسَلَ في كَفَّيَّ بَارِقُهَا
...
... وَعُدْتُ مِنْهَا إِلَيهَا .. طَيِّعَ الرَّسَنِ
يَا طَيبَةَ الخَيرِ مَا في الجَدْبِ مُؤْتَلَفٌ
...
... للمُخْصِبِينَ وَلاَ في الصَّمْتِ مِن سَكَنِ
...
الصَّادِحِينَ هَوَاكِ الشِّعْرُ يَمْلَؤُهُم
...
... عِشْقًا غَزِيرًا .. وَحَرفًا مُتْرَفَ الشَّجَنِ
أَزْرَى بِهِم عِشْقُهُم للحَرْفِ فَاعْتَسَفَتْ
...
... بِهِمْ دُرُوبُ النَّوَى المَسْفُوحِ وَالَحَزَنِ
تَسَامَقُوا .. عَطَّرَ الرَّيْحَانِ نَكْهَتَهُم
...
... وَقَارَبُوا النَّبْعَ .. وَاسْتَبْقَوا خُطَى الزَّمَنِ
يَا طَيْبَةَ الخَيرِ يَا رُوحِي الَّتِي عَرَفَتْ
...
... عَلَى يَديكِ زَمَانَ الطُّهْرِ وَالسَّكَنِ
أَنْتِ الضِّيَاءُ يَزُفُّ الَخيرَ مُؤْتَلِقاً
...
... إِلَى الدُّنَا وَيُشِعُّ النُّورَ مِن وَطَنِي
دار الحبيب
الإمام أبو محمد عبد الله بن عمر البسكري
شاعر عالم من تونس ، جاور في المدينة ، ومات فيها سنة 713هـ
دَارُ الحَبِيبِ أَحَقُّ أَن تَهْوَاهَا
...
... وَتَحِنَّ مِنْ طَرَبٍ إِلَى ذِكْرَاهَا
مَغْنَى الجَمَالِ ، مُنَى الخَوَاطِرِ وَالَّتِي
...(559/1)
... سَلَبَتْ عُقُولَ العَاشِقِينَ حُلاَهَا
لاَ تَحْسَبِ المِسْكَ الزَّكِيَّ كَتُرْبِهَا
...
... هَيْهَاتَ ؛ أَيْنَ المِسْكُ مِنْ رَيَّاهَا
وَابْشِرْ فَفِي الخَبَرِ الصَّحِيحِ مُقَرَّرٌ
...
... أَنَّ الإِلَهَ بِطَيْبَةٍ سَمَّاهَا
وَاخْتَصَّهَا بِالطَّيِّبِينَ لِطِيبِهَا
...
... وَاخْتَارَهَا وَدَعَا إِلَى سُكْنَاهَا
لاَ كَالمَدِينَةِ مَنْزِلٌ ، وَكَفَى لَهَا
...
... شَرَفًا حُلُولُ مُحَمَّدٍ بِفِنَاهَا
حَظِيَتْ بِهِجْرَةِ خَيرِ مَنْ وَطِئَ الثَّرَى
...
... وَأَجَلِّهِمْ قَدْرًا ، فَكَيفَ ثَرَاهَا ؟
مَا بَينَ قَبْرٍ للنَّبِيِّ وَمِنْبَرٍ
...
... حَيَّا الإِلَهُ رَسُولَهُ وَسَقَاهَا
هَذِي مَحَاسِنُهَا ؛ فَهَلْ مِنْ عَاشِقٍ
...
... كَلِفٍ شَحِيحٍ بَاخِلٍ بِنَوَاهَا
إِنِّي لأَرْهَبُ مِنْ تَوَقُّعِ بَيْنِهَا
...
... فَيَظَلُّ قَلْبِي مُوجَعًا أَوَّاهَا
...
وَلَقَلَّمَا أَبْصَرْتُ حَالَ مُوَدِّعٍ
...
... إِلاَّ رَثَتْ نَفْسِي لَهُ وَشَجَاهَا
فَلَكَمْ أَرَاكُمْ قَافِلِينَ جَمَاعَةً
...
... فِي إِثْرِ أُخْرَى طَالِبِينَ هَوَاهَا
قَسَمًا لَقَدْ أَذْكَى فُؤَادِي بَيْنُكُمْ
...
... نَارًا ، وَفَجَّرَ مُقْلَتَيَّ مِيَاَها
إِنْ كَانَ مُزْعِجُكُمْ طِلاَبُ مَعِيشَةٍ
...
... فَالخَيرُ كُلُّ الَخيِر فِي مَثْوَاهَا
أَو خِفْتُمُ ضُرًّا بِهَا فَتَأَمَّلُوا
...
... بَرَكَاتِ بُلْغَتِهَا ؛ فَمَا أَزْكَاهَا
يَا رَبِّ أَسْأَلُ مِنْكَ فَضْلَ قَنَاعَةٍ
...
... بِيَسِيرِهَا وَتَحَبُّبًا لِحِمَاهَا
وَرِضَاكَ عَنِّي دَائِمًا ، وَلُزُومَهَا
...
... حَتَّى تُوَافِيَ مُهْجَتِي أُخْرَاهَا
فَأَنَا الَّذي أَعْطَيتُ نَفْسِي سُؤْلَهَا
...
... وَقَبِلْتُ دَعْوَتَهَا ، فَيَا بُشْرَاهَا
بِجِوَرِ أَوْفَى العَالَمِينَ بِذِمَّةٍ
...
... وَأَعَزِّ مَنْ بِالقُرْبِ مِنْهُ يُبَاهَى
مَنْ جَاءَ بِالآَيَاتِ وَالنُّورِ الَّذِي
...
... دَاوَى القُلُوبَ مِنَ العَمَى فَشَفَاهَا(559/2)
صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا ؛ فَبِذَلِكُمْ
...
... تُهْدَى النُّفُوسُ لِرُشْدِهَا وَغِنَاهَا
? ? ?(559/3)
الفهرس العام
هو المختارُ صلى ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ... 1
ولد الهدى 1 ... 12
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة ... 17
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا ... 18
يا إمام الرسل يا أحمدْ ... 19
إلا الرسول ... 20
البردة للبوصيري ... 21
الصارم المسلول لشاتمي الرسول ... 27
عاد محمد صلى الله عليه وسلم ... 28
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال ... 29
عائدون يا رسول الله ... 30
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري ... 32
القصيدة المضرية ... 33
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام ... 35
خيرَ البرية نظرة إليَّ ... 36
ربيع الهدى ... 37
رسول الهدى (1) ... 37
سيدي يا رسول الله ...!! ... 40
صلاة الله وسلامه على الهادي ... 43
صلى الإله وسلما ... 44
عذراً.. رسول الله!.. ... 44
فدى لرسول الله ... 46
في ذكرى المولد ... 48
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا ... 51
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ ... 52
أطبق الليل واختفت أضواء ... 52
فجأةً شاعَ الخبرْ ... 53
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ ... 54
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري ... 55
******** مديحك يا مختار ... 56
مولد الهادي ... 56
شعر : منير محمد خلف . سورية ... 56
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... 57
يا حبيبي هاكَ نحري ... 58
من نبع هديك تستقي الأنوار ... 59
إمام المرسلين فداك روحي...61
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم-62
جلَّ من ربَّاك ... 63
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم ... 64
نفحات الهجرة ... ... 68
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ... 69
لك في مهمة التجلي البهاء ... 72
صلى
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ
1
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ *** أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
2
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا *** يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
3
لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً *** يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
4(560/1)
جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي *** جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
5
رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ *** إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
6
يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ *** لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
7
لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ *** وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
8
يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا *** أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
9
أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى *** أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ
10
سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا *** وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ
11
مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا *** اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي
12
السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى *** يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ
13
القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ *** وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ
14
العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما *** أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ
15
المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ *** عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ
16
الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا *** أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ
17
مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا *** لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ
18
يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ *** إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ
19
وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى *** يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ
20
يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ *** أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ
21
ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ *** أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ
22(560/2)
مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ *** وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
23
بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ *** وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
24
لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى *** مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ
25
يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ *** وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
26
فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ *** كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ
27
مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ *** مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ
28
يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها *** جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ
29
لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها *** المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ
30
كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ *** لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ
31
طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ *** وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ
32
كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ *** إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ
33
يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها *** مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ
34
رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما *** أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ
35
هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها *** وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ
36
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ *** فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
37
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ *** وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
38
تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى *** طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
39
إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ *** في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ
40(560/3)
أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى *** مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
41
إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ *** عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
42
وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ *** قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
43
لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن *** يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ
44
فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ *** ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
45
عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ *** في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ
46
يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ *** وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ
47
مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ *** وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
48
وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ *** مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
49
سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً *** فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ
50
قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ *** مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ
51
نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا *** وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي
52
حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ *** نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
53
لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ *** بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ
54
سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما *** مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ
55
كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما *** بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ
56
وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما *** أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
57
يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ *** وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
58
لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ *** فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
59(560/4)
وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ *** غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ
60
مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها *** قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ
61
إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها *** يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ
62
وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها *** لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
63
هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ *** أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
64
فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها *** وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ
65
تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ *** رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ
66
يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ *** هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
67
لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ *** وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
68
فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ *** بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
69
جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ *** وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
70
آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ *** يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
71
يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ *** يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ
72
يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً *** حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
73
حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ *** في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
74
بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ *** تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ
75
سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ *** في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
76
تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ *** وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
77(560/5)
ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ *** مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
78
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ *** إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
79
وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ *** لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ
80
مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ *** وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
81
يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ *** وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
82
وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ *** كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
83
أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ *** وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
84
لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ *** كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
85
صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ *** وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ
86
جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ *** عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
87
رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ *** لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ
88
مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ *** وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
89
حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها *** عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
90
وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ *** وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ
91
خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما *** يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ
92
أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت *** لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ
93
وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ *** بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ
94
سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً *** لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ
95(560/6)
هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا *** هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ
96
وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ *** كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ
97
فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ *** كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
98
لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما *** وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
99
تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا *** وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ
100
يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي *** وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي
101
المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ *** لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ
102
مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى *** وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ
103
اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ *** من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
104
وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ *** يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ
105
هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ *** تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
106
البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ *** وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ
107
شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ *** وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ
108
وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ *** إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي
109
تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها *** في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ
110
مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ *** عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ
111
كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى *** يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ
112
بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ *** كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ
113(560/7)
ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً *** وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ
114
اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ *** وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ
115
إِن قُلتَ في الأَمرِ «لا» أَو قُلتَ فيهِ «نَعَم» *** فَخيرَةُ اللهِ في «لا» مِنكَ أَو «نَعَمِ»
116
أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ *** وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ
117
وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً *** فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ
118
قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا *** لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ
119
جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ *** فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ
120
لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ *** تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ
121
وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ *** ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ
122
سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ *** بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ
123
طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها *** في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ
124
لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها *** بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ
125
لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ *** وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ
126
لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى *** لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ
127
جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ *** إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ
128
أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ *** فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ
129
عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ *** حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ
130
دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ *** وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ
131(560/8)
لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ *** ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ
132
تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ *** في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ
133
بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ *** لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ
134
أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ *** وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ
135
مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها *** تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ
136
عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ *** للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ
137
مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ *** شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ
138
لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى *** بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ
139
بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ *** مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ
140
كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ *** مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ
141
لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما *** تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ
142
شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها *** عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ
143
يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها *** كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ
144
غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى *** وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ
145
نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها *** تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ
146
يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى *** حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ
147
لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ *** مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ
148
وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً *** رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ
149(560/9)
كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها *** في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ
150
لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا *** مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ
151
سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ *** وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ
152
ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ *** إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ
153
لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ *** وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ
154
نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا *** عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ
155
دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا *** كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ
156
وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ *** هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ
157
وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ *** في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ
158
دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ *** دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ
159
ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ *** وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ
160
وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها *** عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ
161
مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ *** تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ
162
وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ *** فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ
163
يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا *** مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ
164
وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ *** وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ
165
خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ *** فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ
166
مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً *** وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ
167(560/10)
وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا *** بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ
168
الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ *** وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ
169
أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ *** يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ
170
وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها *** عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ
171
جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما *** جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي
172
وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ *** بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ
173
بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ *** أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ
174
وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ *** في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ
175
يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ *** في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ
176
لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ *** ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ
177
يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى *** نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
178
مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها *** إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ
179
مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً *** ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ
180
رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا *** وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ
181
وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ *** جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ
182
بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ *** شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى
183
وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً *** في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ
184
الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ *** ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ
185(560/11)
الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ *** الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ
186
يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها *** وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
187
سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ *** تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ
188
رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ *** أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
189
فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا *** وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ
190
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ *** فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ
***************
ولد الهدى 1
وُلد الهدى، فالكائناتُ ضياءُ ...................وفمُ الزّمان تبسُّمٌ وثناءُ
الرُّوحُ والملأُ الملائكُ حَولَهُ ..................للدِّين والدنيا به بُشراءُ
والعرشُ يزهو والحظيرةُ تزدَهي .................والمنتهى والسِّدرَةُ العصماءُ
وحديقةُ الفرقان ضاحكةُ الربى .... ............بالترجمانِ شذيَّةٌ غنَّاءُ
والوحيُ يقطرُ سلسلاً من سلسلٍ .............واللوحُ والقلمُ البديعُ رُواءُ
نُظِمَتْ أسامي الرُّسلِ فهي صحيفة .............في اللوح واسمُ محمدٍ طغراءُ
اسم الجلالة في بديع حروفه ................ألفٌ هنالك ،واسم طه الباءُ
يا خير من جاءَ الوجودَ تحية ............من مُرسلينَ الى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلتقي ......... ...إلا الحنائف فيه والحنفاءُ
خيرُ الأبوةِ حازهم لكَ آدمٌ .............دونَ الأنامِ واحرزتْ حوَّاءُ
هم أدركوا عزَّ النبوَّةِ وانتهت ......... ....فيها إليكَ العزَّةُ القعساءُ
خُلقتْ لبيتك وهو مخلوقٌ لها ......... .....إن العظائِمَ كفؤها العظماءُ
بك بشَّر اللهُ السماء فزُيِّنت ............ .وتضوَّعت مسكاً بك الغبراءُ
وبدا مًحيَّاك الذي قسماتُه .......... ....حقّ وغرَّتُه هُدىً وحياءُ(560/12)
وعليه من نورِ النبوَّةِ رونقٌ .......... ...ومن الخليل وهديِه سيماءُ
أثنى المسيحُ عليه خلف سمائه .............وتهلَّلت واهتزت العذراءُ
يومٌ يتيهُ على الزمان صباحُه ......... ....ومساؤه بمحمدٍ وضَّاءُ
الحقُّ عالي الركن فيه مظفَّر .......... ...في الملكِ لا يعلو عليه لواءُ
ذُعرت عروشُ الظالمين فزلزلت .............وعلتْ على تيجانهم أصداءُ
والنارُ خاوية الجوانب حولهُمْ .......... ..خَمَدَت ذوائبُها وغاض الماءُ
والآيُ تترى والخوارق جمةٌ ........ ....جبريلُ رواح بها غداءُ
نِعمَ اليتيمُ بدت مخايلُ فضله ....... .....واليُتمُ رزقٌ بعضُه وذكاءُ
في المهد يُستسقى الحيا برجائه ......... ...وبقصده تُستدفعُ البأساءُ
بسوى الأمانة في الصبا والصدقِ لم .........يعرفه أهلُ الصدقِ والأمناءُ
يا مَنْ له الأخلاقُ ما تهوى العلا ...... . ....منها وما يتعشَّقُ الكبراءُ
لو لم تُقم ديناً لقامت وحدَها ......... ..ديناً تُضيءُ بنوره الآناءُ
زانتك في الخلقِ العظيم شمائلٌ ....... ....يُغرى بهنَّ ويولعُ الكرماءُ
أما الجمالُ فأنت شمسُ سمائه ....... ....وملاحةُ الصديقِ منك أياءُ
والحسن من كرم الوجوه وخيره ..... ......ما أوتي القوادُ والزعماءُ
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى ...........وفعلت ما لا تفعل الأنواءُ
وإذا عفوت فقادراً ومقدّراً ........ ....لا يستهين بعفوك الجُهلاءُ
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ ........ .......هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ
وإذا غضبت فإنما هي غضبةٌ ........ ...في الحقّ لا ضغنٌ ولا بغضاءُ
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ........ ....ورضى الكثير تحلمٌ ورياءُ
وإذا خطبت فللمنابر هزةٌ ...... ......تعرو النَّديَّ وللقلوب بكاءُ
وإذا قضيت فلا ارتياب كأنّما ......... ....جاء الخصوم من السماء قضاءُ
وإذا حميتَ الماء لم يورد ولو ..... .......أنّ القياصر والملوك ظماءُ(560/13)
وإذا أجرت فأنت بيت الله لم ........ ......يدخل عليه المستجير عداءُ
وإذا ملكت النفس قُمْتَ ببرِّها ....... ...ولو أن ما ملكت يداك الشاءُ
وإذا بنيت فخير زوجٍ عشرةً ....... ...وإذا ابتنيت فدونك الآباءُ
وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما ..........في بردك الأصحابُ والخلطاءُ
وأذا أخذت العهد أو أعطيته ....... ... فجميع عهدك ذمةٌ ووفاءُ
وإذا مشيت الى العدا فغضنفرٌ .... ......وإذا جريت فإنكَ النكباءُ
وتمدُّ حلمكَ للسفيهِ مُدارياً ....... ....حتى يضيق بعرضك السفهاءُ
في كل نفسٍِ من سطاك مهابةٌ ..... ......ولكل نفسٍ في نداك رجاءُ
والرأي لم ينضَ المهَّندُ دونه ....... ......كالسيف لم تضرب به الآراءُ
يأيها الأمِّي حسبكَ رتبةً ..... ....في العلم أن دانت بك العلماءُ
الذكرُ آية ربكَ الكبرى التي ...... ......فيها لباغي المعجزات غناءُ
صدرُ البيانِ له إذا التقت اللُّغى ..... ....وتقدّم البلغاءُ والفصحاءُ
نُسختْ به التوراةُ وهي وضيئةٌ .... ....وتخلف الإنجيلُ وهو ذكاءُ
لما تمشى في الحجاز حكيمهُ .... ....فضَّت عُكاظُ به وقام حِراءُ
أزرى بمنطق أهله وبيانهم ..... .....وحيٌ يقصرُ دونه البلغاءُ
حسدوا فقالواشاعرٌ أو ساحرٌ ... .....ومن الحسود يكون الاستهزاءُ
قد نال بالهادي الكريم وبالهدى ... ......ما لم تنل من سؤدد سيناء
أمسى كأنك من جلالك أمةٌ .... ..........وكأنه من أنسه بيداءُ
يوحي إليك الفوز في ظلماته .... .........متتابعاً تجلى به الظلماءُ
دينٌ يشيد آيةً في آية ........ .لبنائه السوراتُ والأضواءُ
الحق فيه هو الأساس وكيف لا ........ .....والله جلَّ جلاله البناءُ؟
أما حديثُكَ في العقول فمشرعٌ ....... .والعلم والحكمُ الغوالي الماءُ
هو صبغةُ الفرقان نفحة قدسه ...... ....والسين من سوراته والراءُ
جرتِ الفصاحةُ من ينابيع النُّهى .... .....من دوحه وتفجى الإنشاء(560/14)
في بحره للسابحين به على ..... .....أدب الحياة وعلمها إرساءُ
أنت الدهورُ على سُلافته ولم .... ..تَفْنَ السلافُ ولا سلا الندماءُ
بك يا ابن عبد الله قامتْ سَمْحَةٌ .... .....بالحقِّ من مللِ الهدى غراءُ
بنيتْ على التوحيد وهي حقيقةٌ ... .......نادى بها سقراطُ والقدماءُ
وجد الزعافَ من السموم لأجلها . .......كالشهد ثم تتابعَ الشهداءُ
ومشى على وجه الزمان بنورها ...... ....كهانُ وادي النيل والعرفاءُ
إيزيسُ ذاتُ الملك حين توحَّدَتْ .. ......أخذت قوام أمورها الأشياءُ
لما دعوتَ الناسَ لبىَ عاقلٌ .... .....وأصمَّ منك الجاهلين نداءُ
أبوا الخروج إليك من أوهامهم .. ..والناسُ في أوهامهم سجناءُ
ومن العقول جداولٌ وجلامدٌ ... ......ومن النفوس حرائرٌ وإماءُ
داءُ الجماعة من ارسطاليس لم ... .......يوصف له حتى أتيتَ دواءُ
فرسمتَ بعدَك للعبادِ حكومةً .. ..........لا سوقةٌ فيها ولا أمراءُ
الله فوق الخلق فيها وحده ... .....والناسُ تحت لوائها أكفاءُ
والدِّينُ يسرٌ والخلافةُ بيعةٌ . ..والأمرُ شورى والحقوقُ قضاءُ
الاشتراكيون أنتَ إمامهم .. ....لولا دعاوى القوم والغلواءُ
داويت متئداً وداووا طفرةً . ...وأخفُّ من بعض الدواءِ الداءُ
الحربُ في حقٍّ لديك شريعةٌ .. ....ومن السُّمومِ الناقعاتِ دواءُ
والبِرُّ عندك ذمةٌ وفريضةٌ .... .....لا منَّةٌ ممنونةٌ وجباءُ
جاءت فوحدت الزكاةٌ سبيله ... ..حتى التقى الكرماءُ والبخلاءُ
أنصفتَ أهلَ الفقر من أهل الغنى ... .......فالكلُّ في حقِّ الحياة سواءُ
فلو أنَّ إنساناً تخير ملةً ....... .....ما اختار إلا دينكَ الفقراءُ
يأيها المسرى به شرفاً الى ..... ...ما لا تنالُ الشمسُ والجوزاءُ
يتساءلون وأنتَ أطهرُ هيكل .... ......بالروح أو بالهيكل الإسراءُ ؟
بهما سموتُ مطهرين كلاهما .... .........نورٌ وريحانيَّة وبهاءُ
فضلٌ عليك لذي الجلال ومنةٌ ... ........والله يفعل ما يرى ويشاءُ(560/15)
تغشى الغيوب من العوالم كلما ... .......طويتْ سماءُ قلدتْكَ سماءُ
في كل منطقةٍ حواشي نورها .... ........نونٌ وأنت النقطةُ الزهراءُ
أنت الجمالُ بهاوأنت المجتلي ...... ....والكفُّ والمرآةُ والحسناءُ
الله هيأ من حظيرة قدسه .... .......نزلاً لذاتك لم يجزه علاءُ
العرشُ تحتكَ سُدَّةً وقوائماً .... ....ومناكبُ الروح الأمين وطاءُ
والرسلُ دون العرش لم يؤذن لهم ................حاشا لغيرك موعدٌ ولقاءُ
الخيلُ تأبى غير أحمد حامياً ........ .....وبها إذا ذكر اسمه خيلاءُ
شيخُ الفوارس يعلمون مكانه ...... ....إن هيجت آسادها الهيجاءُ
وإذا تصدى للظبي فمهندٌ ....... .....أو للرّماح فصعدةٌ سمراءُ
وإذا رمى عن قوسه فيمينه .... ......قدرٌ وما ترمي اليمينُ قضاءُ
من كل داعي الحق همَّةُ سيفه .. ......فلسيفه في الراسيات مضاءُ
ساقي الجريح ومطعمُ الأسرى ومن .............أمنت سنابكَ خيلهِ الأشلاءُ
إن الشجاعة في الرجال غلاظة ........... .....ما لم تزنها رأفةٌ وسخاءُ
والحرب من شرف الشعوب فإن بغوا ..... .....فالمجد مما يدعون براءُ
والحربُ يبعثها القويُّ تجبُّراً ......... .......وينوءُ تحت بلائها الضعفاءُ
كم من غزاةٍ للرسول كريمةٍ ......... ......فيها رضىً للحقِّ أو إعلاءُ
كانت لجند الله فيها شدةٌ ............ ...في إثرها للعالمين رخاءُ
ضربوا الضلالة ضربةً ذهبت بها ........ ....فعلى الجهالة والضلال عفاءُ
دعموا على الحرب السلام وطالما ............حقنت دماءً في الزمان دماءُ
الحقُّ عرضُ الله كلُّ أبيةٍ ........ ....بين النفوس حمىً له ووقاءُ
هل كان حول محمدٍ من قومه .... .........إلا صبيٌّ واحد ونساءُ؟
فدعا فلبى في القبائل عصبةٌ .... ...........مستضعفون قلائلٌ أنضاءُ
ردوا ببأس العزم عنه من الأذى ...... ......ما لا تردُّ الصخرةُ الصمّاءُ
والحقُّ والإيمان إن صبَّا على ... ........برد ففيه كتيبةٌ خرساءُ(560/16)
نسفوا بناء الشرك، فهو خرائبٌ ... ....واستأصلوا الأصنام فهي هباءُ
يمشون تغضي الأرضُ منهم هيبةً .... ......وبهم حيالَ نعيمها إغضاءُ
حتى إذا فتحت لهم أطرافها ..... ......لم يطغهم ترفٌ ولا نعماءُ
يا من له عزُّ الشفاعة وحدهُ .... .....وهو المنزهُ ما له شفعاءُ
عرش القيامة أنت تحت لوائه ... .......والحوضُ أنتَ حيالهُ السَّقاءُ
تروي وتسقي الصالحين ثوابهم ..... .......والصالحات ذخائرٌ وجزاءُ
ألمثل هذا ذقت في الدنيا الطوى . ........وانشقَّ من خلقٍ عليك رداءُ؟
لي في مديحك يا رسولُ عرائسٌ .. ......تيمنَ فيك وشاقهنَّ جلاءُ
هنَّ الحسانُ فإن قبلت تكرماً .... .......فمهورهنَّ شفاعةٌ حسناءُ
أنت الذي نظمَ البريَّةَ دينُهُ ...... .....ماذا يقول وينظم الشعراءُ؟
المصلحون أصابعٌ جمعت يداً .... ...هي أنت بل أنت اليدُ البيضاءُ
ما جئتُ بابكَ مادحاً بل داعياً ...... ......ومن المديح تضرُّعٌ ودعاءُ
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمةٍ .. .......في مثلها يلقى عليك رجاءُ
أدرى رسول الله أن نفوسهم .... .....ثقةٌ ولا جمع القلوب صفاءُ
رقدوا، وغرهم نعيمٌ باطلٌ ..... .....ونعيمُ قومٍ في القُيود بلاءُ
ظلمُوا شريعتك التي نلنا بها ... ......ما لم ينل في رومة الفقهاءُ
مشتِ الحضارة في سناهاواهتدى ... .....في الدِّين والدُّنيا بها السعداءُ
صلى عليك الله ما صحب الدُّجى .... ........حادٍ وحنَّت بالفلا وجناءُ
واستقبل الرضوان في غرفاتهم ...... .......بجنان عدنٍ آلك السُّمحاءُ
خيرُ الوسائل منْ يقع منهُم على ...... ....سبب إليك فحسبي الزهراءُ
*********************
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة
أي نجوى مخضلة النعماء ... رددتها حناجر الصحراء
سمعتها قريش فا نتفضت غضبى ... وضجت مشبوبة الأهواء
ومشت في حمى الضلال إلى ... الكعبة مشي الطريدة البلهاء
وارتمت خشعة على اللات ... والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء(560/17)
وبدت تنحر القرابين نحرا ... في هوى كل دمية صماء
وانثنت تضرب الرمال اختيالا ... بخطى جاهلية عمياء
عربدي يا قريش وانغمسي ما ... شئت في حمأة المنى النكراء
لن تزيلي ما خطه الله للأرض ... وما صاغه لها من هناء
شاء أن ينبت النبوة في القفر ... ويلقي بالوحي من سيناء
فسلي الربع ما لغربة عبد الله ... تطوى جراحها في العزاء
ما لأقيال هاشم يخلع البشر ... عليها مطارف الخيلاء
انظريها حول اليتيم فراشا ... هزجا حول دافق اللالاء
وأبو طالب على مذبح الأصنام ... يزجي له ضحايا الفداء
هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء ... زاحم مناكب الجوزاء
بسم الطفل للحياة وفي جنبيه ... سر الوديعة العصماء
هب من مهده ودب غريبَ ... الدار في ظل خيمة دكناء
تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو ... وفي ثغرها افترار رضاء
عرفت فيه طلعة اليمن والخير ... إذا أجدبت ربى البيداء
وتجلى لها الفراق فاغضت ... في ذهول وأجهشت بالبكاء
عاد للربع أين آمنةٌ ... والحب والشوق في مجال اللقاء
ما ارتوت منه مقلة طالما شقت ... عليه ستائر الظلماء
يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف ... بعده كل دمعة خرساء
أحمد شب يا قريش فتيهي ... في الغوايات واسرحي في الشقاء
وانفضي الكف من فتى ما تردى ... برداء الأجداد والآباء
أنت سميته الأمين وضمخت ... بذكراه ندوة الشعراء
فدعي عمه فما كان يغريه ... بما في يديك من إغراء
جاءه متعب الخطى شارد الآمال ... مابين خيبة ورجاء
قال هون عنك الأسى يابن عبد ... الله واحقن لنا كريم الدماء
لا تسفه دنيا قريش تبوئك ... من الملك ذروة العلياء
فبكى أحمد وما كان من يبكي ... ولكنها دموع الإباء
فلوى جيده وسار وئيدا ... ثابت العزم مثقل الأعباء
وأتى طوده الموشح بالنور ... وأغفى في ظل غار حراء
وبجفنية من جلال أمانيه ... طيوف علوية الإسراء
وإذا هاتف يصيح به اقرأ ... فيدوي الوجود بالأصداء
وإذا في خشوعه ذلك الأمي ... يتلو رسالة الإيحاء
وإذا الأرض والسماء شفاه ... تتغنى بسيد الأنبياء
جمعت شملها قريش وسلت ... للأذى كل صعدة سمراء
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد ... في جنح ليلة ليلاء(560/18)
ودرى سرها الرهيب علي ... فاشتهى لو يكون كبش الفداء
قال : يا خاتم النبيين أمست ... مكة دار طغمة سفهاء
أنا باق هنا ولست أبالي ... ما ألاقي من كيدها في البقاء
سيروني على فراشك والسيف ... أمامي وكل دنيا ورائي
حسبي الله في دروب رضاه ... أن يرى فيّ أول الشهداء
فتلقاه أحمد باسم الثغر ... عليما بما انطوى في الخفاء
أمر الوحي ان يحث خطاه ... في الدجى للمدينة الزهراء
وسرى واقتفى سراه أبو بكر ... وغابا عن أعين الرقباء
وأقاما في الغار والملأ العلوي ... يرنو إليهما بالرعاء
وقفت دونه قريش حيارى ... وتنزهت جريحة الكبرياء
وانثنت والرياح تجار والرمل ... نثير في الأوجة الربداء
هللي يا ربا المدينة واهمي ... بسخي الأظلال والأنداء
واقذفيها الله أكبر حتى ... ينتشي كل كوكب و ضاء
واجمعي الأوفياء إن رسول الله ... آت لصحبة الأوفياء
وأطلّ النبي فيضا من الرحمة ... يروي الظماء تلو الظماء
*************
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا
الأستاذ الشاعر : خير الدين وانلي رحمه الله
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا وأَشرفُ قدوةٍ للمُهتدينا
إِلهُ العرشِ أَعطاهُ مَقاماً وخلَّد ذكرَه في العاَلمينا
تُحكِّمه قريشٌ في نزاعٍ وقد سَمَّتْه مِنْ قبلُ الأَمينا
دعا الأَقوام َ لمْ يَحفِلْ بصَدٍّ ولم يَأْبَهْ بمنْ ظنّوا الظّنونا
تحمَّلَ منْ مناوِئه عذابا وسخريةً وتضييقاً مُهينا
وأَشفقَ مِنْ دعاءٍ حين سالتْ دماهُ بل دَعا للمعتدينا
ليهديَهم صراطا مُستقيما إلهٌ ناصرٌ للمرسَلينا
وعادَ لفتحِ أَفئدةٍ غلاظٍ فلانَتْ ( مكةٌ ) للفاتحينا
وأَيدهُ على فرسٍ و رومٍ إِلهٌ يكرهُ المُستضعَفينا
وسارتْ خيلُ أَحمدَ في الصحاري ووجَّهَ للمحيطاتِ السَّفينا
فلم يَمْض سوى زمنٍ يسيرٍ ليغزوَ جيشُه هِنداً وصينا
وتلهجَ باسمِه الدنيا نداءً يدوّي في المآذنِ أَجمعينا
ويذكرَه المصلّي في صلاةٍ وإبراهيمَ جدِّ المرسَلينا
ومنْ خطِيءَ الصلاةَ عليه يوْماً يكنْ في الحشرِ بينَ الخاسرينا(560/19)
ومَنْ لًَمْ يتبِّعْه يحدْ شمالاً عنِ الشرعِ المكمَّل أَو يَمينا
فسنتُه هي الأَهدى صِراطاً ومنهجُه هو الأَسمى يَقينا
أَتانا بالكتابِ الحقِّ وحْياً عليهِ لمْ يكنْ يوماً ضَنينا
وعلّمنا الشرائعَ واضحاتٍ وكانَ لجهلِنا النورَ المبينا
فصرنْا مَشعلَ الدنيا علوماً نُنيرُ به دروبَ السالكينا
وأَصبحنا أساتذةً عظاماً ومصباحَ الهُدى دنيا ودينا
وتلكَ ثمارُ جهدٍ واصطبارٍ من المختارِ خيرِ الصّابرينا
فصلّى اللهُ ذو الإكرامِ ربي على خيرِ البريةِ أجمعينا
أَبي الزهراء ما حي كلِّ شرْكٍ ويَنبوعِ الهدى للظامئينا
وسلَّمَ ربُّنا أزكى سلامٍ على آلٍ وصحبٍ خالدينا
***********************
يا إمام الرسل يا أحمدْ
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله
يا إمامَ الرُّسْلِ يا أحمدْ يا لواءَ الخيرِ والرَّحمهْ
أنتَ في ظلمائِها الفَرْقَدْ نِعمةٌ ما فوقها نِعمهْ
يا زعيمَ الأمةِ الأوحدْ جئتَنا بالنورِ والحكمهْ
مَنْ يَسِرْ في دربها يَسْعَدْ إنها النبراسُ للأُمَّهْ
********
أنتَ للأخلاقِ تجسيدُ أنتَ مشكاةُ الهُدى فينا
أنتَ إرشادٌ وتَسديدُ أنتَ للعَلْيا تُنادينا
دينُك الإسلامَ تأكيدُ لرسالاتِ النبيِّينا
شرعُك القرآن تأبيدُ للمعالي نورُ ماضينا
*******
جئتَنا في ظلمةِ الدهرِ فأنرتَ القلبَ والفِكْرا
قدْتَنا باللينِ واليسرِ فاقتلعَت الشرَّ والكفْرا
أنتَ رمزُ الحلمِ والصبرِ ناشرٌ بَين الوَرى بِشْرا
أَيُّ سرٍّ أنت لا أدري فَلْتُسامِحْني أبا الزَّهْرا
*********************
إلا الرسول
غيرَ الحقيقةِ لا أقول*********** قد خابَ مَن شَتَمَ الرسول
شُتِمَ النَّبيُّ مُحمدٌ ************مِن كافرٍ وقِحٍ جَهول
تَباً لقومٍ سُذَّجٍ *************قد أحدثوا أمراً مَهول
خاضوا بِعِرضٍ طاهرٍ********** سُفهاءَ ليس لهم عُقول
قد صَوَّروه بمنظرٍ*********** صوراً أراها بلا أُصُول
شُلَّت يمينُ الراسمينَ*********** المارِقِينَ همُ الذُّيول(560/20)
قالوا لنا حُريةٌ **************والغربُ قد دقَّ الطُّبُول
رباه زَلزلهم*************** ولا تُبقي لهم أبداً فُلُول
يا ويحهم يا ويلهم*********** يومَ التَّفرقِ والذُّهُول
فهُمُ البُغاةُ الحاقدونَ************ من الحُثالةِ والسُّفُول
وتراهُمُ في غَيهم ***********أحفادَ قَيصَرَ والمغُول
هل تَعلمُونَ بأنهم ***********لا يملكونَ سِوى العُجول؟
لا تشتروا أجبانهم*********** واستبدلوها بِالبُقُول
وعصيرُهم وحليبُهم*********** هذا الطَّعامُ من الفُضُول
بل قَاطِعوا إِنتاجَهم*********** نَصراً وحُباً للرسول
إنَّا لَنَطْلُبُ نَصْرَه ***********دوماً بأوقاتِ النُّزول
فالله مُنتقمٌ له ***********والظُّلمُ أبداً لن يطول
فكفاه شرَّ الهازئين*********** العابثينَ ذَوي الغُلُول
ذاك النَّبيُّ المُصْطَفى *********المُتواضِعُ السَّهلُ الوَصُول
الطَّاهِرُ المُتطهِّرُ ***********عنه المَكَارِمُ لا تَزُول
كَرَماً يَجُودُ بِفَضلِه*********** كالسُّحْبِ مِغداقٌٌ هَطُول
يا مُسلمون لِتدفعُوا********** ولتحفظوا عِرضَ الرسول
وامضُوا لنُصْرَةِ دِينِكم ***********وشِعَارُكم إلاَّ الرسول
وأقولُ قَولةَ صادقٍ ******** ***واللهُ يَشْهَدُ ما أقُول
رُوحي فِداءُ مُحمدٍ ***** ******واللهَ أسألُه القَبول
شعر : محمد بن حسن النعمي
الاثنين 6 / 2 / 1427هـ
*************************
البردة للبوصيري
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
أمن تذكر جيرانٍ بذى سلم مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بدم
َمْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا همتا وما لقلبك إن قلت استفق يهم
أيحسب الصب أن الحب منكتم ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ولا أرقت لذكر البانِ والعلمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت به عليك عدول الدمع والسقمِ(560/21)
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضنى مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني والحب يعترض اللذات بالألمِ
يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلمِ
عدتك حالي لا سري بمستتر عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعهُ إن المحب عن العذال في صممِ
إنى اتهمت نصيح الشيب في عذلي والشيب أبعد في نصح عن التهتمِ
في التحذير من هوى النفس
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظت من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى ضيف ألم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره كتمت سراً بدا لي منه بالكتمِ
من لي برِّ جماحٍ من غوايتها كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجُم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النَّهم
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ على حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمالِ سائمةٌ وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلة من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسم
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع فرب مخمصةٍ شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت من المحارم والزم حمية الندمِ
وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتَّهِم
ولا تطع منهما خصماً ولا حكماً فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقُم
أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت به وما استقمت فما قولى لك استقمِ
ولا تزودت قبل الموت نافلةً ولم أصل سوى فرض ولم اصم
في مدح سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشدَّ من سغب أحشاءه وطوى تحت الحجارة كشحاً مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهبٍ عن نفسه فأراها أيما شمم(560/22)
وأكدت زهده فيها ضرورته إن الضرورة لا تعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من لولاه لم تخرج الدنيا من العدمِ
محمد سيد الكونين والثقليـ ن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستسكون به مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تـ ــــــم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعثه النصارى في نبيهم واحكم بماشئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم
لو ناسبت قدره آياته عظماً أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعيا العقول به حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهمِ
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى في القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعُدٍ صغيرةً وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلمِ
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ وأنه خير خلق الله كلهمِ
وكل آيٍ أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضلٍ هم كواكبها يظهرن أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبيّ زانه خلقٌ بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ والبحر في كرمٍ والدهر في همم
كانه وهو فردٌ من جلالته في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمهُ طوبى لمنتشقٍ منه وملتثمِ
في مولده عليه الصلاة والسلام
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم(560/23)
أبان موالده عن طيب عنصره يا طيب مبتدأ منه ومختتم
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهم قد أنذروا بحلول البؤْس والنقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتها ورُد واردها بالغيظ حين ظمي
كأن بالنار ما بالماء من بلل حزناً وبالماء ما بالنار من ضرمِ
والجن تهتف والأنوار ساطعةٌ والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصموا فإعلان البشائر لم تسمع وبارقة الإنذار لم تُشَم
من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُمْ بأن دينهم المعوجَّ لم يقمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحى منهزمٌ من الشياطين يقفو إثر منهزم
كأنهم هرباً أبطال أبرهةٍ أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمى
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهما نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقم
في معجزاته صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة تمشى إليه على ساقٍ بلا قدم
كأنَّما سطرت سطراً لما كتبت فروعها من بديع الخطِّ في اللقم
مثل الغمامة أنَّى سار سائرة تقيه حر وطيسٍ للهجير حَم
أقسمت بالقمر المنشق إن له من قلبه نسبةً مبرورة القسمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرم وكل طرفٍ من الكفار عنه عم
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يرما وهم يقولون ما بالغار من أرم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج ولم تحم
وقاية الله أغنت عن مضاعفةٍ من الدروع وعن عالٍ من الأطُم
ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به إلا ونلت جواراً منه لم يضم
ولا التمست غنى الدارين من يده إلا استلمت الندى من خير مستلم
لا تنكر الوحي من رؤياه إن له قلباً إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغٍ من نبوته فليس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله ما وحيٌ بمكتسبٍ ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهم(560/24)
كم أبرأت وصباً باللمس راحته وأطلقت أرباً من ربقة اللمم
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوته حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
بعارضٍ جاد أو خلت البطاح بها سيبٌ من اليم أو سيلٌ من العرمِ
في شرف القرآن ومدحه
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
دعني ووصفي آيات له ظهرت ظهور نار القرى ليلاً على علم
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظمٌ وليس ينقص قدراً غير منتظم
فما تطاول آمال المديح إلى ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيم
آيات حق من الرحمن محدثةٌ قديمةٌ صفة الموصوف بالقدم
لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنا عن المعادِ وعن عادٍ وعن إِرَم
دامت لدينا ففاقت كلَّ معجزةٍ من النبيين إذ جاءت ولم تدمِ
محكّماتٌ فما تبقين من شبهٍ لذى شقاقٍ وما تبغين من حكم
ما حوربت قط إلا عاد من حَرَبٍ أعدى الأعادي إليها ملقي السلمِ
ردَّتْ بلاغتها دعوى معارضها ردَّ الغيور يد الجاني عن الحرم
لها معانٍ كموج البحر في مددٍ وفوق جوهره في الحسن والقيمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبها ولا تسام على الإكثار بالسأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلت له لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
إن تتلها خيفةً من حر نار لظى أطفأت حر لظى من وردها الشم
كأنها الحوض تبيض الوجوه به من العصاة وقد جاؤوه كالحمم
وكالصراط وكالميزان معدلةً فالقسط من غيرها في الناس لم يقم
لا تعجبن لحسودٍ راح ينكرها تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهم
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماءِ من سقم
في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
يا خير من يمم العافون ساحته سعياً وفوق متون الأينق الرسم
ومن هو الآية الكبرى لمعتبرٍ ومن هو النعمةُ العظمى لمغتنم
سريت من حرمٍ ليلاً إلى حرمٍ كما سرى البدر في داجٍ من الظلم
وبت ترقى إلى أن نلت منزلةً من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
وقدمتك جميع الأنبياء بها والرسل تقديم مخدومٍ على خدم(560/25)
وأنت تخترق السبع الطباق بهم في مركب كنت فيه صاحب العلم
حتى إذا لم تدع شأواً لمستبقٍ من الدنوِّ ولا مرقى لمستنم
خفضت كل مقامٍ بالإضافة إذ نوديت بالرفع مثل المفردِ العلم
كيما تفوز بوصلٍ أي مستترٍ عن العيون وسرٍ أي مكتتم
فحزت كل فخارٍ غير مشتركٍ وجزت كل مقامٍ غير مزدحم
وجل مقدار ما وليت من رتبٍ وعز إدراك ما أوليت من نعمِ
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا من العناية ركناً غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
في جهاد النبي صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
راعت قلوب العدا أنباء بعثته كنبأة أجفلت غفلا من الغنمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتركٍ حتى حكوا بالقنا لحماً على وضم
ودوا الفرار فكادوا يغبطون به أشلاءَ شالت مع العقبان والرخم
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُم
كأنما الدين ضيفٌ حل ساحتهم بكل قرمٍ إلى لحم العدا قرم
يجر بحر خميسٍ فوق سابحةٍ يرمى بموجٍ من الأبطال ملتطم
من كل منتدب لله محتسبٍ يسطو بمستأصلٍ للكفر مصطلمِ
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم من بعد غربتها موصولة الرحم
مكفولةً أبداً منهم بخير أبٍ وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم ماذا رأى منهم في كل مصطدم
وسل حنيناً وسل بدراً وسل أُحداً فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخم
المصدري البيض حمراً بعد ما وردت من العدا كل مسودٍ من اللممِ
والكاتبين بسمر الخط ما تركت أقلامهم حرف جسمٍ غير منعجمِ
شاكي السلاح لهم سيما تميزهم والورد يمتاز بالسيما عن السلم
تهدى إليك رياح النصر نشرهم فتحسب الزهر في الأكمام كل كم
كأنهم في ظهور الخيل نبت رباً من شدة الحَزْمِ لا من شدة الحُزُم
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقاً فما تفرق بين الْبَهْمِ وألْبُهُمِ
ومن تكن برسول الله نصرته إن تلقه الأسد فى آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصرٍ به ولا من عدوّ غير منفصم(560/26)
أحل أمته في حرز ملته كالليث حل مع الأشبال في أجم
كم جدلت كلمات الله من جدلٍ فيه وكم خصم البرهان من خصم
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ معجزةً في الجاهلية والتأديب في اليتم
في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم
خدمته بمديحٍ استقيل به ذنوب عمرٍ مضى في الشعر والخدم
إذ قلداني ما تخشي عواقبه كأنَّني بهما هديٌ من النعم
أطعت غي الصبا في الحالتين وما حصلت إلا على الآثام والندم
فياخسارة نفسٍ في تجارتها لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم
ومن يبع آجلاً منه بعاجلهِ يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي سلمِ
إن آت ذنباً فما عهدي بمنتقض من النبي ولا حبلي بمنصرم
فإن لي ذمةً منه بتسميتي محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدى فضلاً وإلا فقل يا زلة القدمِ
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه أو يرجع الجار منه غير محترمِ
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه وجدته لخلاصي خير ملتزم
ولن يفوت الغنى منه يداً تربت إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت يدا زهيرٍ بما أثنى على هرمِ
في المناجاة وعرض الحاجات
يارب بالمصطفى بلغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلَّى باسم منتقم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
يا نفس لا تقنطي من زلةٍ عظمت إن الكبائر في الغفران كاللمم
لعل رحمة ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيان في القسم
يارب واجعل رجائي غير منعكسٍ لديك واجعل حسابي غير منخرم
والطف بعبدك في الدارين إن له صبراً متى تدعه الأهوال ينهزم
وائذن لسحب صلاةٍ منك دائمةٍ على النبي بمنهلٍ ومنسجم
ما رنّحت عذبات البان ريح صبا وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمرٍ وعن عليٍ وعن عثمان ذي الكرم(560/27)
والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهم أهل التقى والنقا والحلم والكرمِ
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهي لكل المسلمين بما يتلوه في المسجد الأقصى وفي الحرم
بجاه من بيته في طيبةٍ حرمٌ واسمُهُ قسمٌ من أعظم القسم
وهذه بُردةُ المُختار قد خُتمت والحمد لله في بدء وفي ختم
أبياتها قد أتت ستين مع مائةٍ فرِّج بها كربنا يا واسع الكرم
*****************
الصارم المسلول لشاتمي الرسول
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
AMARTHARRAFI@YAHOO.FR
رسول الله خير الخلق يلقى ... من الأعداء في الدنمرك نابا
وأمته الجريحة في شتات ... تراه على صحيفتهم سِبابا
فلا تقوى على التأديب ثأرا ... سوى التنديد بالأقوال نابا وما عبنا
التجهم من حديث ... ولكن حبّذا الأقوى اقتضابا
تفطرت السماء وخرّ صخرُ ... وأرعدت الغيوم صدىً غضابا
وهمّ الأخشبان بدكّ قومٍ ... أساؤوا للحبيب هوىً كِذابا
فلو فعلوا الذي فعلوه قدْما ... وكان العهد في الماضي مهابا
رأيتَ الأسْدَ في البيداء هبّتْ ... تردّ العزّ للهادي غلابا
هنالكَ سهمُ حمزةَ صار برقا ... وسيف ابن الوليد غدا لهابا
وثمة رمح وحشيٍّ قنيص ... لمن شتم الرسول عَدًا وعابا
أيغدو الوهن فينا اليوم يسري ... وقد أغثى بنا الوادي حبابا
فنلقى العجم في خترٍ و وَجرٍ ... أهانوا الدين والنسل العرابا
وهمّوا بالرسول ولم ينالوا ... سوى الآثام تمحقهم يبابا
ترى ماذا جنى المختار طه ... إزاء الناهشين له عقابا ؟!
ألم يكُ في البرية خير إنسٍ ... رحيم عادل يتلو الكتابا ؟
ويعفو في سماح عن أناسٍ ... له كانوا خصوما أو ذئابا !!
ويرفق بالأسارى ..لو سألتم ... هدى التاريخ تلقون الجوابا
هلموا للزمان سلوه حقا ... عن الأخلاق والتزموا الصوابا
شمائله الزكية قد تسامتْ ... إلى العلياء تخترق السحابا
وناطحت النجوم هدىً وصارتْ ... ثرياتٍ جميلاتٍ شهابا
وأخرجنا من الظلمات طرّا ... إلى الأنوار حيث الأنس طابا
كفاكِ صحيفة الدنمرك هزءًا ... وحسبكِ ما فتحتِ اليوم بابا(560/28)
سننفذ منه في ألمٍ وحنقٍ ... ببركان سنسكبه انسكابا
أراكِ الآن في ضحكٍ وزهوٍ ... وقهقهة تنادين الشرابا
مهٍ " يولاندُ " ربّ البيت يصغي ... ويمهلُ ما اجترحتِ غداً حسابا
ستلقين الجزاء المرّ دهرا ... فتحترمي المآذن والقبابا
كذاك القول للنرويج مثلٌ ... " مغازيناتُ " لم ترع الجنابا
وأيمُ الله يأتي اليوم غرّ ... يعم الدين في الأرجا رحابا
*****************
عاد محمد صلى الله عليه وسلم
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
AMARTHARRAFI@YAHOO.FR
أيسخر كف الليل بالنور IIهازئا ... ويضحك في سخفٍ صليبٌ وغرقدُ
أيشتم مشكاة النبوة IIوالهدى ... وفي عرقنا نبض تلألأ IIيوقدُ
أ ترسم أيد حاقدات IIرسولنا ... لها في ذيوع الشر و الكفر IIمقصدُ
تطاول عشاق الدنية فامتطوا ... صحيفة خبث في السخافة تفندُ II!!!
أباحوا حمى الإسلام بالإفك IIجهرة ... على المصطفى عيثا أساؤوا وأفسدوا
وما يرعوي الأوغاد إن صحتَ باكيا ... على الفعلة النكرا تنزّه IIأحمدُ
وما تنتهي الأحقاد ذاكم دفينهم ... تجلّى على مرآى العوالم IIيشهدُ
تصدّع كل الكون من خطب IIراسم ... دَعِيٍّّ سفيهٍ للحصافة IIيفقد
تئنّ مجرا ت الفضاء IIتقطعا ... وتنتحب الذرّات والقلب IIأكمدُ
ويشتعل البركان من حرّ IIغضبةٍ ... وينهمر الطوفان يرغي IIويزبدُ
وتنتفض الحيتان في البحر IIريثما ... قصاصٌ يردّ العزّ يحيي IIوينجدُ
ألا ليت شعري كم تعدّ IIجسومنا ... فنعجز كا لموتور في الردع يزهدُ
أم الغفلة الصماّء طاب وسادها ... على أعذب الأحلام نغفو IIونرقدُ
لعمري هو الإسلام نعرف IIنهجه ... ولكننا نأبى السلالم IIنصعدُ
وما الرفض رفض للعقيدة IIإنما ... كسالى إلى الأهواء نسعى IIونحفدُ
فمن ذا الذي يأبى السعادة IIغاية ... وكل المنى فيها تهيم وتسعدُ
ولكن جنان الله صعب منالها ... غلتْ سلعة تشرى كذا قال IIأحمدُ
هي الصحوة العصماء نور IIبوهجها ... تسير على نهج الحبيب IIوترشدُ
إذا لم تكن منا ففي نسلنا IIالذي ... سنشبعه من حب " طه" IIونعهدُ
سنغرس هذا الحب في كل IIأسرة ... منارة إسلام علينا IIتُشيّدُ(560/29)
ويصبح مولود العيايل IIراضعا ... معين الهدى قد صار بالدين IIيعضدُ
وينمو هزبرا بين كتْفيه IIلبدة ... يرصّع يمناه الحسام المهندُ
ويحمل قلبا لا مثيل IIلعطفه ... صفاء وودا لا يكيد IIويحقدُ
وترجع أسراب الطيور IIبنغمها ... مغردة أحلى التراتيل IIتنشدُ
وتنفتق الأكمام وردا معطّرا ... يضوع أريجا في المساجد IIينفدُ
فيا أيها الغرب الغرير IIتمردا ... على أمة الإسلام تمضي IIتُهدِّدُ
كفاك الغرور قد دنوتَ IIبسفرةٍ ... إلى الموت قد أغواك هذا التعنّدُ
إذا لم تتب هذا المصير مصيركم II: ... " ترابٌ يواري سوءة الغرب IIملحدُ"
ويا أمتي هذا خلاصكِ IIفالزمي ... سفينة نوح قادها الحِبّ IIأحمدُ
بشائركِ الكبرى تلوح من IIالسما ... على الشفق الورديّ :" عاد محمّدُ "
***********************
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
AMARTHARRAFI@YAHOO.FR
يا أمّتي انتبهي فالخطْبُ أهوالُ ... أصمى العروبة َ والإسلامَ جُهّالُ
حقدٌ دفينٌ من الأعداء قد شهروا ... رام الإساءة للمختار أنذالُ
أهان رسمهم المخبول قدوتنا ... في الغيّ مسبحهم يأتيه ضُلاّلُ
من ذا الذي جعلوه اليوم في صُحُفٍ ... رمزا يهدّد بالإرهاب يَغتالُ ؟
هو الحبيبُ رسول الله قد أفكوا ... حوبا عظيما من الأوزار قد نالوا
حاشاه سيّدنا ما جاء منتقما ... في عين شانئه المغرور: قتّالُ!!
بل رحمة وسعتْ ذريّة بقيتْ ... من نسل آدم تترى منه أجيالُ
إن آمنت كفلتْ ما كان يكفلهُ ... الإسلام من كرمٍ، والعزّ ينهالُ
أو أمسكتْ أمِنَتْ بالسلم روعتها ... والمال في الأمن مهما زاد إقلالُ
يا صاحِ كم عِبَرٍ في الحرب بازغةٍ ... من " طه " منبعها فخرٌ وإجلالُ
لا الشيخ يطعنه الفرسان من هَرَمٍ ... لا الطفل في عُمُرِ الأيّام يُغتالُ
لا نسوة قُتلتْ يوما بلا سبب ... والقاصرون كما النسوان أمثالُ
يا من تغشّتْ على عينيه كم سُدُمٍ ... أعمتْ بصيرته بالسفه يحتالُ
إنّ الشمائل في المختار قد جُمعتْ ... غيما ، يَدرّ حشاهُ الثرَّ هطّالُ(560/30)
قف عند مفخرة التاريخ في وجلٍ ... وانظرْ مسيرته فالشهم رئبالُ
حلمٌ وعفوٌ وعدلٌ زانه خلقا ... زهدٌ ، حياءٌ ، جوادٌ منه تصهالُ
تواضعٌ و وفاءٌ حلّ منهمرا، ... قد هابه في وغى الميدان أبطالُ
رؤوفُ قلبٍ ، رحيمٌُ ، طيّبٌ ، عَطُرٌ ... طلْقُ المُحيّا، على المنسيِّ سآالُ
هو النبيّ حباه الله معجزة ... ذكر الحكيم وعذبُ الآي سلسالُ
انشقّ منشطرا يعنو له قمرٌ ... والجذعُ حنّ بشوقٍ ساءه الحالُ
ألقى الجماد له التسليم من حجرٍ ... والمِثْلُ من شجرٍ في ذاك أقوالُ
صلىّ عليه إله الكون من عِظمٍ ... والإنسُ والجنّ والمشكوم بخّالُ
قل للمحبّ له : هل ودّكم عملٌ ؟ ... إنّ المحبّة للمحبوب أشكالُ
إن كان باللفظ ذاك الحبّ منقصة ... مالم تترجمه بالصدق أفعالُ
رتقٌ بسنّتهِ ، جهْرٌ بدعوتهِ ... عزّ بنصرته ، في الساح بَذ ّالُ
هذا الشتات نلمّ اليوم شملتهُ ... إنّا إلى دُرُج العلياء قُفّالُ
طار الذباب عن الأجفان ممتعضا ... ما عاد للنوم بعد الصحْوِإقبالُ
عاد البريق إلى من عاش في صدإ ... و هاجرالخيلَ في الأدواء عُقّالُ
لأم الجراح شَفَاهُ الأوبُ في حُزُمٍ ... نحو الهداية والمختارمفضالُ
ألا وإنّ الحمى في الدين منتهَكٌ ... هبّوا جميعا إلى من جاء يختالُ
إن كان ينقصنا علمٌ وتقنية ٌ ... فالدين ناصرنا والله فعّالُ
*******************
عائدون يا رسول الله
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
AMARTHARRAFI@YAHOO.FR
أيّ رمحٍ رموه جهراً نهارا ؟ ... يحمل الإفك في السنان شعارا
طعنوا المسلمين في صلب دين ... عبثا بالرسول واستهتارا
نقرأ الحقد لاسواه ونرثي ... ذلنا لا يزيد إلاّ انكسارا
يُشتم الشافع المشفع فينا ... ثم نجثو على الصعيد حيارى
كيف تغدو الحياة بعد انبطاح ... مرّغ الأنف في التراب شنارا ؟!
نصرة الدين فوق كلّ هواء ... في رئات المليار يسري مِرارا
أخرس الوهن أمة الخير لما ... نخر الصدّ عظمها فتوارى
كالحلازين رخوة صيّروها ... جرّدوها لتلبس الأخطارا
أعرضتْ عن كتاب ربي فنالتْ ... من جزاء الفِعال خزيا وعارا(560/31)
كيف تقوى على القصاص بردع ... وهي تخطو بمنسمين عِثارا ؟!
كيف ترضى رسولها في هوان ... في رسوم حقيرة تتبارى
حول جاه وعالمية صيتٍ ... وفلوس تضفي لها استكبارا ؟!
حسبنا الشتم بالكلام سبابا ... في خطاب مزخرف أشعارا
حسبنا الشجب والتظاهر سلما ... والصراخ المولول استنكارا
إنما يقظة الشعوب بحبّ ... عارم للرسول يجلي الستارا
بإقتداء واهتداء وسعي ... نحو خطو الدليل ليلا نهارا
عندها يلتقي المحيط فروحا ... بالخليج السعيد رتقا جوارا
ويرى " الدانمركُ " كم كان أغبى ... مابنى هدّموهُ ... صار قفارا !
ويعود " النرويج" يبكي على ما ... فات ... هل نقبل الإعتذارا ؟
تتوالى هزائم الغرب تترى ... ويحها لم تطق علينا اقتدارا
لم تعد أمة الحبيب كما ... كانت بذلّ فقد نفضنا الغبارا
أصبحتْ باتباع أحمد حصنا ... من صياصي الهدى بنت أسوارا
خفقتْ راية الإله بتوحيدٍ ... ترفرفَ ينتشي الإنتصارا
كلنا للفداء نمضي أسودا ... لك يا أكرم الأنام هُصارى
إننا عائدون لله بشرى ... لفلسطين والعراق بشارا
هكذا نصنع الحياة شموسا ... من فتيل الرسوم صرنا منارا
مكروا بالرسول والمكر سمّ ... يقتل الماكرين هودا نصارى
آية المكر في الكتاب دليل ... تصدقُ القول فافتحوا الأبصارا
يا هنانا بالحبيب لما يرانا ... قد رفعنا لواءه أنصارا
وهنانا برفقة منه لمّا ... نلتقي في الجنان صحبا جوارا
*******************
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري
محمد أشرف الأعراب والعجم
محمد خير من يمشي على قدم
محمد باسط المعروف جامعه
محمد صاحب الإحسان والكرم
محمد تاج رسل الله قاطبة
محمد صادق الأقوال والكلم
محمد ثابت الميثاق حافظه
محمد طيب الأخلاق والشيم
محمد رُوِيَت بالنور طينتُهُ
محمد لم يزل نوراً من القِدم
محمد حاكم بالعدل ذو شرفٍ
محمد معدن الأنعام والحكم
محمد خير خلق الله من مضر
محمد خير رسل الله كلهم
محمد دينه حق ندين به
محمد مجملاً حقاً على علم
محمد ذكره روح لأنفسنا
محمد شكره فرض على الأمم
محمد زينة الدنيا وبهجتها (560/32)
محمد كاشف الغمات والظلم
محمد سيد طابت مناقبهُ
محمد صاغه الرحمن بالنعم
محمد صفوة الباري وخيرته
محمد طاهر من سائر التهم
محمد ضاحك للضيف مكرمه
محمد جاره والله لم يضم
محمد طابت الدنيا ببعثته
محمد جاء بالآيات والحكم
محمد يوم بعث الناس شافعنا
محمد نوره الهادي من الظلم
محمد قائم لله ذو همم
محمد خاتم للرسل كلهم
*****************
القصيدة المضرية
في الصلاة على خير البرية للإمام البوصيري
والأنبياء وجميع الرسل ما ذكروا ... يا رب صل على المختار من مضر
وصحبه من لطي الدين قد نشروا ... وصل رب على الهادي وشيعته
وهاجروا وله آووا وقد نصروا ... وجاهدوا معه في الله واجتهدوا
لله واعتصموا بالله فانتصروا ... وبينوا الفرض والمسنون واعتصبوا
يعطر الكون ريًّا نشرها العطرُ ... أزكى صلاة وأنماها وأشرفها
من طيبها أرج الرضوان ينتشر ... معبوقة بعبيق المسك زاكيةً
نجمُ السما ونبات الأرض والمدر ... عدَّ الحصى والثرى والرمل يتعبها
يليه قطر جميع الماء والمطرُ ... وعدّ وزن مثاقيل الجبال كما
وكُلِّ حرفٍ غدا يُتلى ويستطر ... وعد ما حوت الأشجار من ورقٍ
يليهم الجنُّ والأملاكُ والبشرُ ... والوحش والطير والأسماك مع نعم
والشعروالصوفُ والأرياشُ والوبرُ ... والذر والنمل مع جمع الحبوب كذا
جرى به القلمُ المأمورُ والقدرُ ... وما أحاط به العلمُ المُحيط وما
على الخلائقِ مذ كانوا ومذ حُشروا ... وعدَّ نعمائك اللاتي مننت بها
به النبيون والأملاك وافتخروا ... وعدَّ مقدارهِ السامي الذي شرُفت
وما يكون إلى أن تُبعثَ الصورُ ... وعدَّ ما كان في الأكوانِ يا سندي
أهل السماوات والأرضين أو يذروا ... في كل طرفةَ عينٍ يطرفون بها
الفرش والعرش والكرسي وما حصروا ... ملء السماوات والأرضين مع جبل
ـــــدوماً صلاةً دواماً ليس تنحصر ... ما أعدم الله موجوداً وأوجد معـ
تُحيطُ بالحد لا تبقي ولا تذرُ ... تستغرق العد مع جمع الدهور كما
ولا لها أمدٌ يُقضى فيُعتبرُ ... لا غايةً وانتهاءً يا عظيمُ لها(560/33)
مع ضعف أضعافه يامن له القدرُ ... وعدًّ أضعاف ما قد مر من عدد
أمرتنا أن نُصلِّي أنت مقتدرُ ... كما تُحبُّ وترضى سيدي وكما
ربي وضاعفهما والفضل منتشرُ ... مع السلام كما قد مر من عدد
أنفاسِ خلقك إن قلوا وإن كثروا ... وكل ذلك مضروبٌ بحقك في
والمسلمين جميعاً أينما حضرُوا ... يا رب واغفر لقاريها وسامعها
وكلنا سيدي للعفو مفتقر ... ووالدينا وأهلينا وجيرتنا
لكن عفوك لا يُبقي ولا يَذرُ ... وقد أتيت ذنوباً لا عداد لها
وقد أتى خاضعاً والقلبُ منكسرُ ... والهم عن كل ما أبغيه أشغلني
بجاه من في يديه سبح الحجرُ ... أرجوك يارب في الدارين ترحمنا
فإن جودك بحر ليس ينحصرُ ... يا رب أعظم لنا أجراً ومغفرةً
وفرج الكرب عنا أنت مقتدرُ ... واقضِ ديوناً لها الأخلاق ضائقةٌ
لُطفاً جميلاً به الأهوال تنحسرُ ... وكن لطيفاً بنا في كل نازلةً
جلالةً نزلت في مدحه السورُ ... بالمصطفى المجتبى خير الأنام ومن
شمس النهار وما قد شعشع القمرُ ... ثم الصلاةُ على المختار ما طلعت
من قامَ من بعدِهِ للدين ينتصرُ ... ثم الرضا عن أبي بكر خليفته
من قولُهُ الفصلُ في أحكامِهِ عُمَرُ ... وعن أبي حفصٍ الفاروقِ صاحِبِهِ
له المحاسنُ في الدارين والظَّفرُ ... وجُد لعثمان ذي النورين من كمُلت
أهلُ العباءِ كما قد جاءنا الخبرُ ... كذا عليٌّ مع ابنيه وأُمهما
عبيدةٍ وزُبيرٌ سادةٌ غُرَرُ ... سعدٌ سعيدُ بن عوفٍ طلحةٌ وأبُو
ونجلُهُ الحبرُ من زالت به الغيرُ ... وحمزةٌ وكذا العباسُ سيدُنا
ماجن ليلُ الدياجي أو بدا السحرُ ... والآلُ والصحبُ والأتباعُ قاطبةً
***************
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام
عائض القرني ... ... ... ... ... ...
أنصت لميمة من أمم مدادها من معاني نون و القلمِ
سالت قريحة صب في محبتكم فيضاً تدفق مثل الهاطل العممِ
كالسيل كالليل كالفجر اللحوج غدا يطوي الروابي ولا يلوي علي الأكمِ
أجش كالرعد في ليل السعود و لا يشابه الرعد في بطش و في غشمِ
كدمع عيني إذا ما عشت ذكركم أو خفقِ قلبٍ بنار الشوق مضطرمٍ(560/34)
يزري بنابغة النعمان روانقها و مَنْ زهير ؟ و ماذا قال في هرمِ
دع سيف ذي يزنٍ صفحاً ومادحه و تبّعا وبني شداد في إرمِ
و لا تعرّج علي كسرى و دولته وكل أصيد أو ذي هالة و كمي
و انسخْ مدائح أرباب المديح كما كانت شريعته نسخا لدينهمِ
رصّعْ بها هامة التأريخ رائعة كالتاج في مفرق بالمجد مرتسمِ
فالهجر و الوصل و الدنيا وما حملتْ و حبُ مجنونِ ليلى ضلة لعمي
دع المغاني و أطلال الحبيب و لا تلمح بعينك برقاً لاح في أضمِ
و انسَ الخمائلَ و الأفنان مائلة وخيمةً و شويهان بذي سلمِ
هنا ضياء هنا ري هنا أملٌ هنا رواء هنا الرضوان فاستلمِ
لو زُينتْ لامرء القيس انزوى خجلاً ولو رآها لبيدُ الشعرِ لم يقمِ
ميمية لو فتي بوصير أبصرها لعوذوه برب الحل و الحرمِ
سل شعرَ شوقي أيروي مثل قافيتي أو أحمد بن حسين في بني حكمِ
ما زار سوقَ عكاظ مثلُ طلعتِها هامتْ قلوبٌ بها من روعة النغمِ
أُثني علي منْ ؟ أتدري من أبجله ؟ أما علمت بمن أهديته كلمي
في أشجع الناسِ قلباً غير منتقم و أصدق الخلق طراً غير متهمِ
أبهى من البدر في ليل التمام و قل أسخى من البحر بل أرسى من العلمِ
أصفى من الشمسِ في نطق و موعظةٍ أمضى من السيف في حكم و في حكمِ
أغرٌ تشرق من عينيه ملحمةٌ من الضياء لتجلو الظلم و الظلمِ
في همة عصفت كالدهر و اتقدتْ كم مزقت من أبي جهل و من صنمِ
أتي اليتيم أبو الأيتام في قَدَرٍ أنهى لأمته ما كان من يُتمِ
محرر العقل باني المجد باعثنا من رقدة في دثار الشرك و اللممِ
بنور هديك كحلنا محاجرنا لما كتبنا حروفنا صغتها بدمِ
من نحن قبلك إلا نقطةٌ غرقتْ في اليم بل دمعة خرساء في القدمِ
أكاد أقتلع الآهات من حُرقي إذا ذكرتكَ أو أرتاعُ من ندمي
لما مدحتك خلتُ النجمَ يحملني و خاطري بالسنا كالجيش محتدمِ
شجعتُ قلبي أن يشدو بقافية فيك القريض كوجه الصبح مبتسمِ
صه شكسبير من التهريج أسعدنا عن كل إلياذة ما جاء في الحكمِ(560/35)
الفرسُ و الرومُ و اليونان إن ذكروا فعند ذكراه أسمال على قزمِ
هم نمّقوا لوحة للرق هائمةً و أنت لوحك محفوظ من التهمِ
أهديتنا منبر الدنيا و غار حرا و ليلة القَدر و الإسراء للقممِ
و الحوضَ و الكوثرَ الرقراق جئت به أنت المزمل في ثوب الهدى فقمِ
الكونُ يسأل و الأفلاكُ ذاهلة و الجنُ و الإنسُ بين اللاء والنعمِ
و الدهر محتلف و الجو مبتهجٌ و البدر ينشق و الأيام في حلمِ
سربُ الشياطينِ لما جئتنا احترقتْ و نار فارس تخبو منك في ندمِ
و صفد الظُلْم و الأوثان قد سقطت و ماء ساوة لما جئت كالحممِ
قحطان عدنان حازوا منك عزتهم بك التشرّفُ للتأريخ لا بهمِ
عقود نصرك في بدر و في أحد و عدلاً فيك لا في هيئة الأممِ
شادوا بعلمك حمراء و قرطبة لنهرك العذب هب الجيل و هو ظمي
و من عمامتك البيضاء قد لبست دمشق تاج سناها غير منثلمِ
رداء بغداد من برديك تنسجه أيدي رشيد و مأمون و معتصمِ
و سدرة المنتهى أولتك بهجتها علي بساط من التبجيل محترمِ
دارستَ جبريل آيات الكتاب فلم ينس المعلم أو يسهو و لم يهمِ
اقرأ و دفترك الأيام خط به وثيقة العهد يا من بر في القسمِ
قربت للعالم العلوي أنفسنا مسكتنا متن حبل غير منصرمِ
نُصرتَ بالرعب شهراً قبل موقعة كأن خصمك قبل الحرب في صممِ
إذا رأوا طفلاً في الجو أذهلهم ظنوك بين بنود الجيش و الحشمِ
بك استفقنا علي صبح يؤرقه بلال بالنغمة الحرّا على الأطمِ
إن كان أحببت بعد الله مثلك في بدو و حضر و من عرب و من عجمِ
فلا اشتفى ناظري من منظر حسن ولا تفوه بالقول السديد فمي
**************************
خيرَ البرية نظرة إليَّ
خيرَ البرية نظرة إلىَّ ما أنت إلا كنزُ العطية
*********
يا بحرَ فضلٍ وتاج عدلٍ جدْ لي بوصلٍ قبل المنية
**********
حاشاكَ تغفلْ عنا وتبخلْ يا خير مرسل ْ ارحمْ شَجيّة
***********
كم ذا أنادي ياخير َ هاديْ قصدي مرادي عطفاً عليَّ
***********(560/36)
أُهديكَ حِبِّي صلاةَ ربَّي ما دامَ قلبي بالذكرِ حيًّا
**************
ربيع الهدى
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
تجلى مولد "الهادي" علينا فضاء الكون وابتهج الزمان
وعاد البشر يملأ كل قلب كما غمر الهدى وعلى الأذان
ربيعك قد زهت فيه الأماني وطاب الشدو وانطلق اللسان
محبة"أحمد" كنز عظيم ففيها الفوز حقا والجنان
محبته تحقق كل خير ويحلو الود فيها والحنان
تزود من معين الحب تسمو فما لحوادث الدنيا أمان
لقد شرف (الربيع ) وكم تباهى "بأحمد"مثلما شرف الزمان!!
وأنت لنا على خلق عظيم ومنك الفضل والمنن الحسان
وأسوتنا "رسول الله"حقا ففيها عزنا وبها نزان
ولو أنا نهجنا نهج "طه" لكنا مثلما الأجداد كانوا
ولنا سادة الدنيا فلما هجرنا الدين حل بنا الهوان
فهلا عودة ترجى لماض يسود العدل فيها والأمان ؟
"محمد"سيد الكونين طرّ عم وجاء بمدحه السامي القران
*****************
رسول الهدى (1)
محمد صلى الله عليه وسلم
بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي
عَانِقي المجْدَ وَاخْفقي يَا بيدُ ... ... كُلُّ يَوْمٍ عَلى رِمَالِكِ عِيدُ
رَايةٌ بَعْدَ رَايَةٍ وَزُحوفٌ ... ... في مَيَادِينها وَفجْرٌ جَديدُ
لاَ يَزَالُ التّاريخُ يَدْفَعُهُ النَّصْـ ... ... ــرُ ويَبنِيهِ مُؤمِنٌ وشَهيدُ
وَالنُّبُوَّاتُ آيَةُ الله يُجْلَى الحَـ ... ... ـقُّ في نُورِها ويُجْلَى الوُجُودُ
تَصِلُ الأَرْضَ والزَّمَانَ فَتَمتَـ ... ... ــدُّ مَواثِيقُ أُمَّةٍ وَعُهُودُ
يَا لَحَقٍّ جُذُورُهُ ضَرَبَتْ في الأَ ... ... رْض وامْتَدَّ سَاقُهُ والعُودُ
إِنَّهُ جَوْهَرُ الحَيَاةِ وَفَيْضٌ ... عَبْقَرِيٌّ وَفاؤُهُ وَالجُودُ
إِنّهُ الوَحْيُ والرِّسَالةُ لِلنَّا ... ... سِ و هذا رَسُولُها المَشْهودُ
سَيِّدُ النَّاس ! بَيْنَ نَصْرٍ من اللَّـ ... ... ــهِ وَعِزًّ لِوَاؤُه مَعْقُودُ
إِنَّهُ أَحْمَدُ النّبيُّ ! فَبُشْرَى ... ... بَيْنَ آياتِ رَبِّهِ وَوَعِيدُ(560/37)
فَمِنَ اللهِ كُلُّ فَضْلٍ عَلَيهِ ... ... آيَةُ الحقِّ والهُدَى التّوحِيدُ
* * ... * ... * *
يَا جَلالَ الإِسْراء : يحْمله الشـ ... ... ـوْقُ وَجِبْريلُ والبُرَاقُ الشَّديدُ
والفَضَاءُ الممتَدُّ يَنْشُرُ أَنْوا ... ... راً فَتَنَشَقُّ ظُلْمَةٌ وسُدُودُ
أَيُّ نُورٍ يَطُوفُ بالكَوْن تُجلى ... ... مِنْ سَنَاه أَحْنَاؤُنَا و الكُبُودُ
إِنه المُصْطَفَى ! أَطلَّ فَهَبَّتْ ... ... لِلقَاهُ نُبُوَّةٌ وَجُدُودُ
وإِذا السِّيدُ العَظِيمُ إِمَامٌ ... ... وجَلاَلٌ يَحُوطهُ وحُشودُ
وإِذا أَنْتِ يا فِلَسْطِينُ نُورٌ ... ... يَتَلاَلاَ وَجَوْهَرٌ وَعُقُودُ
فاخْشَعي يا رُبَى فهذِي دُرُوبٌ ... ... لجِنانٍ وَمَحشَرٌ وخُلُودُ
وَربَاطُ للهِ تَحْرُسُهُ العَيْـ ... ... ــنُ و قَلَبٌ ووثْبَةٌ وَزُنُودُ
* * ... * ... * *
يَا ظِلاَلَ الأَقْصَى ! نَدَاكِ غَنيُّ ... ... بالرَّجَا ، صَادِقُ الوَفَاءِ ، رَغيدُ
كلُّ شِبْرٍ بِهِ مَوَاقِعُ وَحْيٍ ... وَجِهادٌ عَلَى الزّمَانِ جَديدُ
إِنَّ دَاراً يحَوطُها اللهُ تأْبى ... ... أَنْ يُخَانَ الوَفَا وتُطْوَى الوُعُودُ
إِن أَرضاً لله لاَ يَتَوَلّى ... ... عن حِمَاهَا فتىً أَبَرُّ جَلودُ
مَنْ يَخُنْ عَهْدَهُ مَعَ الله يُرْهِقْـ ... ... ـهُ عَذَابٌ مِنْ ربِّهِ وَصَعُود (2)
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! سَلاَمٌ مِنَ اللَّـ ... ... ـهِ ومِنْ مُؤمِنٍ لَهُ تَرْديدُ
وصَلاةٌ عَلَيْكَ ، تَخْشَعُ فِيها ... ... أَضْلُعٌ أَسْلَمتْ وهذِي الكُبُودُ
كُلُّ فَتْح بَلغْتَهُ هَو آيا ... ... تٌ مِن الله خَيْرُها مَمدودُ
غَيْرَ أَنَّ القُلوبَ أقسى على الفَتْـ ... ... ـحِ وَأغْلى سبيلُها والجهُودُ
فَسَبيلُ القُلوبِ هَدْيٌ من اللـ ... ... ــه ، سَبيلُ البِلادِ سَيْفٌ حَدِيدُ
فإذا مَا التَقى على الحقِّ سَيْفٌ ... ... وَبَلاغٌ فَذَاك فَتحٌ مَجِيدُ
فَبَنَيْتَ الَّذي تُقَصِّرُ عَنْهُ ... ... عَبْقَرِياتُ أَعْصُرٍ وَحُشودُ(560/38)
أُمّةُ لمْ تَزَلْ إِلى الله تَسْعَى ... ... هي فَتْحٌ مِنْهُ وَنَصْرٌ فَريدُ
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! سَلاَمٌ مِن اللَّـ ... ... ـهِ ومِنّا الوَفاءُ والتوحِيدُ
وَصَلاةٌ عَلَيكَ نَعْبُد فِيها اللَّـ ... ... ـهَ نرجو رضاءَه ونُعيدُ
رَحْمةٌ أَنْتَ لِلعِبَادِ مِنَ اللَّـ ... ... ــهِ وفَضْلٌ مُهْدًى وَخَيْرٌ مَدِيدُ
فاذْكُرِي " أُمَّ مَعْبَدٍ " قِصَّة الشَّـ ... ... ـاةِ وَقَدْ جَفَّ ضَرْعُها والوَرِيدُ (3)
مَسَحَ الضَّرْعَ في يَدَيْه رَسُولُ الـ ... ... لَّه فاشَتدَّ دَرُّهَا والجُودُ
رَوي الصَّحْبُ وانْثَنَوا وكأَنّ الضَّـ ... ... ـرعَ تَدْعو : لَئِن ظَمِئتُمْ فعودوا
آيةُ الله في يَدَيْهِ وَذِكْرُ الـ ... ... ـله في قَلْبِهِ خُشُوعُ وَحِيدُ
إِن رَوَى الصَّحْبَ كَفُّهُ فَهُدَاه ... ... يَرْتَوِي منه صَاحِبُ وَبَعيدُ
يَرْتَوي الدَّهْرُ من هُدَاه فَيَدْنُو ... ... مؤمِنُ خَاشِعُ وَيَنْأَى كَنُودُ
* * ... * ... * *
أَيُّها المصطفى ! تَفَرَّدْتَ في الخَلْـ ... ... ـقِ نَبِيّاً عُلاَكُ أُفْقُ فَرِيدُ
أَنْتَ مَعْنَى الوَفَاءِ : ذِكْرُكَ في الأَرْ ... ... ضِ حميدٌ وفي السَّماءِ حَميدُ
زَانَكَ اللهُ ! حُسْنُ وَجْهكَ إِشْرَا ... ... قٌ وإِشْرَاقُهُ جَلاَلٌ وَدُودُ
لا تَكادُ الشُّهُودُ تَملأ عَيْنَيْـ ... ... ـها فَيُغْضِي مِنَ الجَلاَل الشُّهُودُ
ذِرْوَةُ البَأْسِ في فُؤادك في الحَرْ ... ... ب إِذا احْمرَّ بأَسُهُا وَرُعُودُ
لَوْ تَنَادَوا مَن الفَوَارسُ في الدَّهْـ ... ... ــر لَقالُوا : ذا الفَارِسُ المَعْدُودُ
أَنْتَ في الحَرْب يَحْتَمي بِكَ أَبْطا ... ... لٌ وَيأْوي لِظِلِّكَ الصِّنديدُ
حَسْبُكَ المَدْحُ أَنْ تكون عَلَى خُلْـ ... ... ـقٍ عَظيمٍ يُتْلَى بِهِ الكِتابُ المُجيدُ
كُلُّ آيٍ مِنَ الكِتابِ وَذِكْرٍ ... ... هُوَ ذِكْرٌ على الزَّمَانِ جَدِيدُ
* * ... * ... * *
يَا رسُولَ الهُدَى ! حَمَلْتَ إِلى النَّا ... ... سِ سَلاماً يَرْعاه دِينٌ وصِيدُ(560/39)
كم مَسحْتَ الدُّمُوعَ آسيتَ مَحْزَو ... ... ناً فَحَنَّتْ إِليك مِنْهُمْ كبُودُ
وَدَفَعْتَ الأَسَى وَرَعْشَة خَوفٍ ... ... فاطمأَنْت إِلى الوَفاءِ العُهودُ
أَنْتَ أَرجَعْتَ لابنِ آدَمَ حَقّاً ... ... كَمْ أَضاعَتْهُ فِتنةُ وجُحُودُ
وَعُتأةٌ بَغَوا عَلى النّاس حَتَّى ... ... تَاهَ في الدرْب جَائعٌ وطَرِيدُ
يا حُقُوقَ الإِنسان ! هذا هو الحَـ ... ... ـقُّ ! سِواهُ فباطِلٌ مَرْدودُ
إِنَّها مِنْحَةٌ مِن الله ! حَقٌّ ... ... لمْ تُشَرِّعْهُ عُصْبَةٌ وَعَبيدُ
فاسْتَقيموا للهِ نَبْنِ سَلاماً ... ... لمْ تخالِطْهُ فِتْنَةٌ ووعودُ
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! عَدَلْتَ وسَاوَيْـ ... ... ـتَ فَمَا جَارَ سَيِّدٌ ومَسُودُ
جَمَعَ اللَّهُ أُمَّةَ الحَقِّ إِخْوَا ... ... ناً فَهبّتْ عَزائِمٌ وَجُهودُ
غَيْرَ أَنَّ الزَّمَانَ حَالَ فَعَادتْ ... ... للشّياطِين دَولَةٌ وجُنودُ
أَشْعَلُوا الأَرْضَ فَجَّروهَا بَرَاكِيـ ... ... ـنَ فَمَادَتْ ذُراً ومَادَ عَمُودُ
صاحَ من هَوْل مَكْرِهم كُلُّ جَبّا ... ... رٍ وَجُنَّ اللَّهيبُ " والأُخدودُ "
غَيرَ أَنَّ اليقينَ يَبقَى ويمضي ... ... مَوكِبُ الحَقِّ يَجْتَلي وَيَرودُ
* * ... * ... * *
كَيْفَ أَرْقَى إِلى مَديحِكَ لكنْ ... ... غَلَبَ الشَّوقُ والحَنينُ الشّديدُ
غَلَبَ الشوقُ رَهْبَتي ، وصِرَاعٌ ... ... في فُؤادِي يَغيبُ ثُمَّ يَعُودُ
كُلَّما لَجَّ في فُؤادِيَ شَوْقٌ ... ... دَفَعَ الشَّوْقُ رَهْبَتي فَتَزيدُ
وإذا بالخُشُوعِ يَرْفَعُ أَشْوَا ... ... قي فَتَصْفُو وتَرْتَقي فَتَجُودُ
إِنما الله وَ الرَّسُولُ هُمَا الحُـ ... ... ــبُّ وَ لله وَحْدَه التَوحِيِدُ
يا لدَرْبٍ شَقَقَتَهُ " في سَبِيل الـ ... ... ـلَّه " عَهْدٌ عَلَى الزَّمَانِ جديدُ
مَاجَ فِيهِ مِنَ الهِدَاية نُورٌ ... وسَرَايا تتابَعَتْ وحُشوُدُ
* * ... * ... * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((560/40)
1) ألقيت هذه القصيدة في مؤتمر حول ( المدائح النبوية تاريخها وأساليبها ) . أورانج أباد في الهند خلال الفترة : ( 26 ـ 28 )/2/1409هـ الموافق (7ـ9)/أكتوبر 1988م ثم جعلت هذه القصيدة جزءاً من ملحمة الأقصى وديوان مهرجان القصيد . وقدّمت في هذا المؤتمر بحثاً حول ( الإِطار الصحيح والأسلوب الأمثل للمدائح النبوية ) .
(2) صَعُود : جَبَلُ في جهنم ، عقبة شاقة .
(3) ( أمُّ معبد ) صاحبة الخيمة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسألان لحماً وتمراً يشتريانه منها . فلم يصيبوا شيئاً . فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة خلفها الجهد عن الغنم ودعا وسمى الله تعالى ، فتفاجَت عليه وذرت وروي الجميع . فآمنت وبايعت على الإسلام
. ... *****************
سيدي يا رسول الله ...!!
صالح محمد جرار
ها أنا ذا أقف بين يدي ذكراك المجيدة ، والبيان ضعيف الجناح ، لا يستطيع التحليق عالياً ليبلغ علاك !!
فكيف للهباءة أن تصف الشمس ؟ وكيف للسفح أن يرنو إلى القمة الشماء ؟
وكيف للقطرة أن تتحدث عن المحيط العظيم ؟
بل كيف للإنسان الملطخ برذائل الدنيا أن يقف بين يدي ذكرى سيد الأنبياء والمرسلين ؟
ولكنك ، يا سيدي ، يا رسول الله ، حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وإنك لعلى خلق عظيم !
وهل نحن مثلنا بين يدي ذكراك الكريمة تائبين إلى الله ، مستغفرين ، نرجو شفاعتك يوم الدين، فننال بها – إن شاء الله – دار المتقين !!
وصلى الله عليك وسلم ، يا من بعثت رحمة للعالمين !!
في ذكرى المولد النبوي الشريف
لمن الضياء أطل من علياء ؟ ... لمن البهاء بليلة غرّاءِ ؟!
لمن البشاشة فاض نبع بهائها ... وافترّ ثغر الكون عن لألاءِ ؟!
لمن البشائر في الوجود تراقصت ... ما بين ذي الغبراء والخضراء ِ
لمن البشائر أرّجت كل الدنا ... فتضاءل المعطار في استحياءِ
ولد الحبيب محمد ببهائه ... ميلاد فجرٍ بعد طول رجاءِ!!
ولد الذي غرس الحياة فضائلاً ... واختطّ درب رشادها بحراءِ!(560/41)
ولد الذي لولاه ما خفقت لنا ... هذي القلب بخشية ورجاءِ!
هيّا اشكروا الرّحمن فهو يعمّنا ... بالنعمة المهداةِ والأنداءِ !
هيا اشكروا رب الوجود فإنه ... رحم الوجود بسيد الرّحماءِ!
صلى عليك الله يا علم الهدى ... ما أشرقت شمسٌ من العلياءِ
صلى عليك الله يا خير الورى ... ما أولج الأنْوار في الظّلماءِ
صلى وسلم ما أقام بكونه ... سنناً تقوم بقدرة البناء
قد شاء ربك أن تكون رسوله ... للعالمين ورحمة الأحياءِ
قد شاء ربك أن تكون مبشراً ... للمؤمنين ومنذر السفهاءِ
فرعاك في الأزل المغيب ذرّةً ... حتى ولدت فكنت خير عطاءِ
وحباك من خلق السّماء رفيعها ... حتى عرِفْتَ بأشرف الأسماءِ
وشببت في البلد الحرام مطهّراً ... من كل رجسٍ عمّ في الأرجاءِ
ودعاك قومك بالأمين وإنهم ... بهرتهم الأخلاق بهر ذُكاءِ
لكنهم –يا ويحهم – عبدوا الهوى ... حتى عموا عن أوضح الأشياءِ
فلقد أتيتهم بشرع إلههم ... فتنكّروا للشّرعة السمحاءِ
أسْمَعْتَهُم آيات ربك فانتضوا ... سيفَ الجهالة يا لسوءِ جزاءِ
عرفوك كالشمس المنيرة فوقهم ... لكنهم صدّوا عن الأضواءِ
وصبرت يا خير الأنام على الأذى ... حتى هُدُوا للسّمحةِ البيضاءِ
لو كنت فظاً جافياً لتفرّقوا ... عما دعوتَ إليه من نعماءِ
لكنك المختار من بين الورى ... لتكون فيهم أرحم الرحماءِ
فلقد بذذتَ العالمين مروءةً ... وحباك ربك صفوة الفضلاءِ
قد جاء في التنزيل ذكرك عالياً ... فلأنت مفطور على العلياءِ
علّمتَ صحبك أن، تكون حياتهم ... لله خالصةً بلاأقذاءِ
ووضعتَ في أيمانهم علم الهدى ... كيما يرفرف في سما الأحياءِ
فتركتَ فيهم هاديين على المدى ... ذاك الكتاب وسنةَ المعطاءِ
حملوا الأمانة مخلصين لربهم ... وتجردوا للدعوةِ الغرّاءِ
بالحكمة المثلى وحسن فعالهم ... وبحدّ سيف الحق في الهيجاءِ
دانت لهم دول تتيه ببأسها ... وهوَت عروشُ الكفرِ والظلماءِ
وبدوحةِ الدين الحنيف تفيّأَتْ ... تلك الشعوبُ بنعمةٍ وصفاءِ
ويدور دولاب الزمان فما نرى ... للعزّة القعساءِ أيَّ لواءِ(560/42)
أين الذين بهمّةٍ بلغوا بنا ... كبد السماء وقبة الحوراءِ ؟
أين الألى اعتصموا بحبل إلههم ... حتى غدوا كالطود في النكباءِ؟
أين الألى طاروا نسوراً في العلا ... بجناح إيمانٍ وصدقِ فداءِ؟!
أين الذين فتوحهم شهدت لهم ... بالرحمة المسداة للضعفاءِ؟!
أين الخليفة حين جاء مكبّراً ... من روضة الهادي إلى "إيلياءِ"
لتكون قدس المسلمين على المدى ... وتُذَكّرَ الحنفاءَ بالإسراءِ!
بل أين أنت أيا صلاحُ لكي ترى ... ما حلّ بالأقصى من الأرزاءِ؟!
قد غاب عنه الصادقون فما ترى ... إلا نفاقَ الطغمةِ الحمقاءِ!
وترى شعوباً ذُلّلَت أعناقُها ... بالبطش والتقتيل والإفناءِ !
قد غاب جند الله عن ساح الفدا ... وأتى عبيدُ المالِ والأهواءِ
قد غاب أحرارٌ مَضَوْا بشهامةٍ ... وأتى العبيدُ بذلّةٍ وغباءِ!
فأولئك الأطهارُ فاحَ أريجهم ... واليومَ يخلُفُهُم كريهُ بذاءِ!
ماذا أقول أيا طبيب قلوبنا ... والله يعلمُ ما بِنا من داءِ؟!
ماذا أقول وقد تركنا شرعةً ... هي شِرْعَةُ الرّحمنِ للأحياءِ
فيها لما في الصدرِ طبٌّ ناجعٌ ... لاطبَّ يشفي غيرُ وحي سماءِ
ها قد أضعنا قدسَنا وبلادَنا ... من بعد هجر شريعةٍ سمْحاءِ
ها قد تحوّلنا غثاءً طافياً ... فوق السيولِ بغير ما اسماءِ
لم يبق من شيم الكرام سجيةٌ ... في مدّعي الإسلامِ والعرباءِ
إنا لبسنا عارَنا بجدارةٍ ... حتى غدَوْنا سبّةَ الأحياءِ
مالي أطلْتُ القوْلَ في وصف الدّجى ... ويلوحُ نجمٌ في حشى الظلماءِ؟!
ما النجمُ إلا فتيةٌ نشؤوا على ... حبّ الإلهِ ودينهِ المعطاءِ!
عمروا المساجدَ مخلصين لربّهم ... وتنزّلوا كتنزّلِ الأنداءِ!!
فلقد أضاؤوا ليلنا بشعاعهم ... حتى ارتقبنا دولةَ الأضواءِ
ما ضلّ سعيُ المسلمين إذا اهتدوا ... بشعاع شمسِ المصطفى الوضّاءِ
إني أتيتكَ يا حبيب قلوبنا ... بنجومِ شبّانٍ وضوءِ رجاءِ
إنا أتينا مطرقينَ رؤوسنا ... مما عليه القومُ من غلواءِ
وإلى رياضك جاء يسعى جمعنا ... وإلى رياضكِ رحلةُ السّعَداءِ
أنت الرحيم بنا وصدرك واسعٌ ... فكن الشفيعَ لأمّةِ الغرباءِ(560/43)
غفرانك اللهم فارحم جمعَنا ... وكن النصيرَ لنا على الأعداءِ
***********************
صلاة الله وسلامه على الهادي
الإمام الشيخ صالح الجعفرى
على الهادى رسول الله صلاة الله سَلام الله
للمختار قد زُرْنَا لدار الخلد قد جٍئنا
وشاهدنا رسولَ الله وفى الرّوضات صَلّينا
وبحر الحبَّ أمْواجا رأيتُ الناسَ أفواجَا
لحُبٍ فى رسول الله ودمع الشوق ثجّاجَا
وعطر النّدَّ فواحُ وفى رؤياه أفراحُ
وسامَحَهُم رسولُ الله وأهل الحبَّ قد باحوا
وجاء الخيرُ والبرُّ ولاح النّور والسرُّ
برؤياهم رسولَ الله وأهل الله قد قرّوا
وقد زاروا رسولَ الله حبيب الله يلقاهم
لمن للمصطفى زاروا وغفرانُ و أسرارُ
من الهادى رسول الله عليهم تبدو أنوارٌ
وأقمارُ الهدى هلّت جيوش النفس قد ولّت
لمن زاروا رسولَ الله وسحبُ الخير قد عمّت
إلى الخلاَّق بارينا وشمس الدين تَهدينا
أتينا يا رسولَ الله رسولُ الله داعينا
بإقبال وإسعاد جمالُ المصطفى بادى
و شاهدنا رسولُ الله وعطرُ رَوَّحَ الوادى
بتوفيق بلا حجْب ونلنا غاية القرب
أبا القاسم رسولَ الله وزرنا سيدَ العُرْب
لدى المختار هاديها وهز الروحَ باريها
شهوداً فى رسول الله فنالت من أمانيها
وسلَّمنا على طه رياض الخلد نلناها
بإمدادٍ رسول الله وروح الحبَّ حَيّاها
على المختار ذى الذكر صلاةُ الله كالقطر
و آلٍ من رسول الله وصحبٍ سادةٍ غُرَّ
مديح المصطفى كرَّرْ متى ما الجعفرى حَرّرْ
بنورٍ من رسول الله ووجه الحبَّ قد نوّر
**************************
صلى الإله وسلما
شعر الأستاذ / عبدالسلام المآخذي _ صنعاء
والآل من ورثوا الكتاب المحكما ... صلى الإله على النبي وسلما
سعد المصلي بالنبي وأكرما ... صلوا عليه وسلموا وترحموا
و بآله في دينه مستعصما ... طوبى لمن أضحى بطه مغرما
و توسلاً صلى جوارك محرما ... طوبى لمن قصد المدينة زائراً
تعلو رياضك طيبها يروي الضما ... طه عشقنا قبةً نبويةً
إني لشوق لقائها أبكي دما ... طه عشقنا تربةً قدسيةً(560/44)
يعلو النجوم البدر في كبد السما ... الأنبياءُ علوتهم فضلاً كما
ظهر البراق مشاهداً غيب السما ... هيهات أن يرقى سواك ويعتلي
طابت لنا الدنيا بذكرك دائما ... يارحمة الرحمن يا نور الهدى
لولاك ما صلى التقي وأحرما ... يا حجة الباري على كل الورى
***************
عذراً.. رسول الله!..
عبيد الشحادة
عَجولٌ لا سعادُ ولا طُلولُ ... تُشاغلني وقد أزِفَ الرحيلُ
فَمنْ لي صوَبهُ نُجُب المطايا ... تَغُذُّ السيرَ غايتُها الوصول
أتيتُكَ مرسَلاً بهوانِ قومي ... فرفقاً بالمُرَاسلِ يا رسول!
ولستُ بطالبٍ جاهاً ومالاً ... فأصغرُ همي العَرَضُ القليل
أبوءُ بذنبِ تقصيرٍ عظيم ... وطرفي منه منكسرٌ ذليل
لأسكبَ من دموعي منتهاها ... وحتى لو جرتْ منها سيول
أتغسِلُ عارَ مَنْ هانوا وذَلوا؟ ... وكيف ينظّفُ العارَ الغسيل؟!
رسولَ اللهِ عذراً عن قصورٍ ... وأنّى يُقبَلُ العذرُ الخجول؟!
قعدْنا دون نُصرتكَ انخذالاً ... وما من علة إلا الخمول
شُغلنا بالسفاسفِ من أمور ... وأشغلَ هَمَّنا الهمُّ البديل
فصار السيِّدَ المحسودَ فينا ... كثيرُ المال رابيه.. الكَسول؟
وذو الجاه المزركشُ بالتعالي ... كطاووسٍ له ذيلٌ طويل!
رسولَ الله معذرةً.. فقومي ... لديهم قد تكسّرَتِ النُّصول
وألقَوا بالرماح وكل قوسٍ ... وأُنزِلَ عن مُقلَّدِهِ الصقيل
وما عادت مراكبُهم خيولاً ... يُشَنِّفُ أُذنَهم منها الصّهيلُ
ولا الصّهواتُ تغريهم رُكوباً ... سواءٌ عندهم ثَورٌ وفِيل!
ففرسانُ الخيولِ غدوا عظاماً ... بكتهم في مرابطها الخيول..
إذا رُكبَ الجوادُ بدا جياداً ... كأنَ ظِلالَ واحدها رعيل
تسيرُ مهابةً منهم وفيهم ... فلا حَزَنٌ يُهاب ولا سهول
نفوسٌ تعشق الإقدامَ حتى ... يُحاذر بأسَها الموتُ الذليل
بأطراف الأسنّة مبتغاها ... ويُطربُها من النغمِ الصليل
أولئك من يحامي عن نبيٍ ... ويثبتُ لا يحيد ولا يميل
ويصمدُ والمنايا مُحدقاتٌ ... فإما قاتلٌ هو أو قتيل
ويصدقُ إن يفديه بروحٍ ... قؤولٌ صادقٌ.. بَرٌّ فَعول
رجالٌ أُرضِعوا لبناً صريحاً ... فنِعمَ الأصلُ واللبنُ الأصيل(560/45)
فكانوا كالأسودِ على حماها ... تصولُ عزيزةً وبها تجول
وأما نحنُـ: إمَّا زِيرُ عشقٍ ... وإما مُتخَمٌ شَرِهٌ أكُول
رضيعُ البِيْدِ قَسورةٌ جَسورٌ ... ورُضَّعُنا من (النيدو) عُجول..
رسولَ الله عذراً قد كُنا رؤوساً؟ ... وإنّا الآنَ في الناس الذُيول
وكُنَا أمةً وسطاً كراماً ... يميزُنا بوسْطِ الناس طُول
وكُنّا مضربُ الأمثالِ فينا ... ومنَّا ينبعُ الخُلُقُ النبيل
فيا خجلي إذا بكَ جِيءَ يوماً ... وأنت شهيدُنا وبنا كفيل
ويا خجلي إذا ناديتَ يوماً ... إليه كلُّنا حتماً نؤول
وقلتَ أريدُ أحبابي بقربي ... وقربُك يومها شأنٌ جليل
فكيف نراكَ قُربَ الحوضِ ظَمأى؟! ... وحوضُكَ يرتوي منه الغليل
بماذا ندَّعي زوراً ونذي؟ ... وماذا عن مواقفنا نقول؟!
أكنّا أمةً نَخلاءَ؟ عوداً ... فخارَ بعزمنا الجسَدُ النحيل
أو أنّا أمةً فقراءُ؟ رزقاً ... وجانبَ قوتَنا الخيرُ الجزيل
نَعُولُ عوائلاً وبها انشغلنا ... فأورثنا المذلَّة مَنْ نعولُ
أو إنَّ نساءَنا تخشى علينا ... فبِئسَ غنيمةً تلك البُعول
أم أنا أمةٌ كثُرتْ عداداً ... وتعدادُ الرجالِ بها قليل
تفرَّق أمرُها شيَعاً وأضحى ... لكل في سياسته ميول
ففينا مُرجفٌ خافي النوايا ... وفينا مِنْ أكابرنا عميل
أيعجزُنا سفيهٌ ابنُ بغيٍ؟ ... وما كانتْ لتُعجزَنا النُّغُول
فيهزأُ بالنبيِّ بنشر رسمٍ ... يؤيِّدُه من القوم القبول؟
بداعي أنه حرٌ وأنّا ... تماهت في عواطِفنا العقول
وأنّا نركبُ الإرهابَ درباً ... ويجدرُ مسلكاً عنه العُدول
علوجٌ في زرائبها عجولٌ ... تخورُ.. وليس للبقر الصهيلُ
أيعجزُنا ونحنُ حماةُ دينٍ ... يقومُ به على الناس الدليل
لقد كانتْ قريشُ عتاةَ شِركٍ ... وكانَ الشركُ في دمها يسيل
وكان الرومُ أقوى مَنْ عليها ... وأمكنَ في بلادهم الدُخول
بصدق عقيدةٍ وطلاقِ دنيا ... وقومٍ ما استقرَّ بهم رحيل
يطوفون البلادَ ومستحيلٌ ... يرونَ أمَامهم ما يستحيل
رسولَ اللهِ معذرةً وعذراً ... إذا لم يبقَ عندي ما أقول!!..
**************
فدى لرسول الله
شعر: د.إبراهيم الحريري(560/46)
فدى لرسول الله عرضي iiوتالدي ... وللذود عن عرض الرسول iiقصائدي
نبي كريم ذو وقار iiوهيبة ... حيي يصون النفس عن كل iiفاسد
حبيب إلى الرحمن خصك با iiلهدى ... وأنت بحمد الله فوق iiالمحامد
وأنت الذي بالخير جئت iiمبشرا ... ونبعك فياض ثري الموارد
وأنت الذي عم الخلائق iiفضله ... وأنت شفيع الخلق عند iiالشدائد
بلغت مقاما سامق القدر iiقدره ... وصرت إلى العلياء فوق المعاقد
فإنك شمس الكون في غرة iiالضحى ... وبدر الليالي بين تلك iiالفراقد
فما كان من خلق رفيع له iiانتمى ... به سارت الأمثال في كل iiآمد
وإني وإن أعملت كل iiقصائدي ... بمدحك لن أرقى لنيل iiمقاصدي
وقفت لكم شعري يظل iiمنافحا ... أذود به شر العدو المعاند
وإن رسوم السوء ليست iiجديدة ... على القوم في آدابهم iiوالعوائد
لحى الله ذاك الفعل والدين iiوالهوى ... فقد نسبوا لله فعل iiالتوالد
أساءوا إلى رب العباد بقولهم ... ثلاثة أربابٍ وكلٌّ iiكواحد
فمن سخفهم هذا الصليب iiلربنا ... تنزهت ربي عن شبيه iiمنادد
فقد ضلوا عن علم وقد تاهوا في عمى ... وقد أركسوا في غيهم iiوالمكائد
لقد شرعوا فعل الحرام iiببعضهم ... فهم فيه أحرار الخنا iiوالتسافد
فكم أشعلوا نارا إلى الحرب iiبينهم ... وكم أفسدوا في كلّ حيٍّ iiوجامد
وكم نهبوا خيرات شعب iiوأمة ... فلم يطعموها غير فضل iiالموائد
فهذي حقول النفط في الغرب iiخيرها ... ومن دمنا بترول تلك القواعد
فيا موت زر إن الحياة ذليلة ... ويا نفس عيشي بالأسى iiوالتلاهد
ألسنا الألى جئنا إلى الناس iiبالهدى ... وفي منهج القرآن كل iiالفوائد
فلم يعرف التاريخ مثل فتوحنا ... وألقت لنا الدنيا زمام المقا iiلد
رمونا من الألقاب كل iiنقيصة ... وهم أولى منا باقتراف iiالمفاسد
فمن قتل الأطهار يحي iiوغيره ... ومن نكث الأيمان بعد iiالتعاهد
فمن كيدهم رفع المسيح إلى iiالسما ... ومن رجسهم ضجت عذارى iiالمعابد
أتوا بجيوش أشعل الحقد iiنارها ... وأضغان قسٍّ يرتدي ثوب iiزاهد
جموع من الأوباش لا يدرى قصدها ... سوى أنها جاءت بشر iiالمقاصد(560/47)
لقد حشد الإفرنج كل iiجيوشهم ... ملوك وأجناد بعرض iiالفدافد
فعاثوا فسادا واستحلوا iiبلادنا ... وقد دمروا بالقدس كل iiالمساجد
وقد قتلوا الآلاف منا iiبساحها ... وكم نكلوا في عرضنا iiوالولائد
وعم بلاد الشام حزن iiوذلة ... ومصر دهتها داهيات iiالشدائد
فجاء عماد الدين بالعدل iiوالتقى ... ومن ثم لم الشمل بعد iiالتباعد
وأيقظ روحا للجهاد iiبعزمه ... وأعمل سيف الحق في كل iiجاحد
على نهجه سار الشهيد متابعا ... فكان بحق من سليل الأماجد
فذاك الذي جاء الرسول iiملبيا ... على عجل والقبر أكبر iiشاهد
وكان مقال الصدق منه iiوجنده ... سنحمي نبينا بالسيوف الحدائد
وبعد أتى الميمون يوسف iiمنقذا ... صلاح الذي قد كان خير iiمجاهد
فسار بحمد الله يلقى جموعهم ... بحطين والأيام خير شواهد
أذل ملوك الغرب في ذالك iiاللقا ... وحرر مسرانا بسمر iiالسواعد
ولقنهم درسا من الخلق iiوالوفا ... به سارت الأمثال في عفو iiقائد
ولكن طبع الكفر فيهم iiمؤصل ... حرام وإجرام ونكران iiحاسد
لقد كنا أرقى شرعةً iiوحضارةً ... بأندلسٍ شدنا طوال iiالعمائد
فكانت منار العلم والفكر والهدى ... وقرطبةٌ أضحت هوى كل iiقاصد
إلى أن أتاها دامس الليل فانطفت ... كما يُطفئ الخيرات iiجرذالحواصد
على مثلها تدمى القلوب iiتحسراً ... فما حلّ فيها فوق وصف iiالقصائدِ
فكم سامنا خسفٌ وأعراض iiدُنّست ... وبيعٌ لحرّاتٍ بسوق iiالمرابد
وقسرٌ على تغيير دينٍ iiوكنية ... وقتل وتنكيل على كل iiصاعد
كأن لم يكن بين الحجون إلى iiالصفا ... أنيسٌ وصحبٌ من كريمٍ وماجدِ
فيا لهف نفسي كم أصابنا من iiأذىً ... إلى اليوم والزّوراء أكبر iiشاهد
نُساق إلى ذلّ السجون iiبأرضنا ... ونُسقى من الغصّات سمّ الأساود
إلى أن أتى من جاء يهجو iiنبيّنا ... ويقذفنا بالموبقات iiالعدائد
فاستنسر الطير البغاث iiبأرضنا ... وصرنا لأطماع العدا iiكالطرائد
ويامن رسمت السوء لم تك iiمنصفا ... فما أنت إلا من سلالة حاقد
رقيت مقاما عالي القدر iiشأنه ... بسوء وبهتان وخبث iiالجرائد(560/48)
نبي الهدى يفديك كل رجالنا ... وتفديك منا ناعمات iiالخرائد
رؤوف رحيم فوق كل iiعبارة ... بمدح له بل فوق كل iiالمساند
فمن يقترب من حوض طهرك iiيلقنا ... رجال الحمى صدق الوغى iiوالتجالد
فيا أمة الإسلام يكفينا iiفرقة ... وزاد الذي فينا افتراء iiملاحد
فإن هان قوم في عرين iiبلادهم ... لهانوا بعين الحاقدين iiالأباعد
وما اللوم إلاّ أن قومي iiعالةٌ ... على القوم في إنتاجهم والمقاصد
ونستورد الأجبان واللحم iiوالدوا ... وفيها الذي نخشاه من جلب iiفاسد
وفي أرضنا مخزون خيرٍ iiوثروةٍ ... وفيها بحار النفط جارٍ iiوخامد
تلالٌ من الغلات لا يُحصى iiعدها ... وأنهار ماءٍ رافدٌ إثر iiرافد
ونحن توسّطنا من الأرض iiقبلةً ... ونحن شهود الله يوم iiالتوافد
إلام يظل الغرب يملك iiأمرنا ... بكل الذي نحتاجه من iiموارد
فهلاّ إلى أمجاد ماضٍ iiنعيدها ... خطى نقتفيها في جميع iiالمشاهد
ونعلي لواء الحق في كل iiوجهة ... من الأرض في أتلاعها iiوالمراصد
عسى الله رب الكون يجبر iiكسرنا ... ويشفع فينا المصطفى في الشدائد
ونثأر لا بالقول ممن iiأساءنا ... ولكن بصدق الفعل من كل iiواحد
ونرقى إلى العلياء منّا iiبهمةٍ ... ترد لنا روحا من المجد iiخالد
********************
في ذكرى المولد
هذه القصيدة من قصائد المناسبات الإسلامية ... نظمها الدكتور يوسف القرضاوي في ذكرى المولد النبوي الشريف عام 1370هـ ,1950 م في القاهرة .. وقد نشرت في مجلة الدعوة التي كانت تصدر في القاهرة ... وتبلغ أبيات القصيدة ستة وستين بيتا .
هو الرسول فكن في الشعر حسّانا وصغ من القلب في ذكراه ألحانا
ذكرى النبي الذي أحيا الهدى وكسا بالعلم والنور شعبا كان عريانا
أطل فجر هداه والدجى عمم بات الأنام وظلوا فيه عميانا
هذا يصور تمثالا ويعبده وذاك يعبد أحبارا وكهانا
الكون بحر عميق لا منار به لم يدر فيه بنو الإنسان شطئانا
ويل الصغير !وقد صار الورى سمكا يسطو الكبير عليه غير خشيانا !(560/49)
فدولة الروم حوت فاغر فمه يطغى على تلكم الأسماك طغيانا
ودولة الفرس حوت مثله كشرت أنيابه للورى بغيا وعدوانا
وحشية عمت الدنيا أظافرها ! جهالة أصلت الأكوان نيران !
الليل طال ! ألا فجر يبدده؟ رباه أرسل لنا فلكا وربانا !
هناك لاح سنا المختار مؤتلقا يهدي إلى الله أعجاما وعربانا
يتلو كتاب هدى كان الإخاء له بدءا وكان له التوحيد عنوانا
لا كبر- فالناس إخوانا سواسية لا ذل , إلا لمن سواك إنسانا
يقود دعوته في اليم باخرة تقل من أمها شيبا وشبانا
السلم رايتها والله غايتها لم تبغ , إلا هدى منه ورضوانا
جرت بركبانها لا الريح , زلزلها ولا يد الموج مهما ثار بركانا
وكم أراد العدا إضلالها عبثا وحاولوا خرقها بالعنف أزمانا
واها ! أتخرق والرحمن صانعها ؟ والله حارسها من كل من خانا !
أم هل تضل سفين "بيت أبرتها" وحي من الله يهدي كل حيرانا ؟!
أم كيف لا تصل الشطئان باخرة ربانها خير خلق الله إنسانا ؟َ!
تلك الرواية والهفي ممثلة في العالم اليوم في بلدانه الآنا
إن يختلف الاسم فالموضوع متحد مهما تلونت الأشخاص ألوانا
فالناس قد اتخذوا الأهواء آلة إن كان قد تخذ الماضون أوثانا
الشعب يعبد قوادا تضلله كما يضلل ذو الإفلاس صبيانا
والحاكمون غدا الكرسي ربهم يقدمون له الأوطان قربان
إن ماتت الفرس فالروسيا تمثلها أما ستالين فهو اليوم كسرانا
وان تزل دولة الرومان فالتمسوا في الانجليز وفي الأمريك رومانا
وإن يمت قيصر فانظر لصورته في شخص آتلي ومولاه ترومانا
سياسة الكل إن يبقى الورى سمكا وأن يكونوا همو في البحر حيتانا
* * *
يا خير من ربت الأبطال بعثته ومن بنى بهمو للحق أركانا
خلفت جيلا من الأصحاب سيرتهم تضوع بين الورى روحا وريحانا
كانت فتوحهمو برا ومرحمة كانت سياستهم عدلا وإحسانا
لم يعرفوا الدين أورادا ومسبحة بل اشربوا الدين محرابا وميدانا
فقل لمن ظن أن الدين منفصل عن السياسة: خذ ياغر برهانا(560/50)
هل كان أحمد يوما حلس صومعة ؟ أو كان أصحابه في الدير رهبانا؟
هل كان غير كتاب الله مرجعهم ؟ أو كان غير رسول الله سلطانا؟
لا بل مضى الدين دستورا لدولتهم وأصبح الدين للأشخاص ميزانا
يرضى النبي أبا بكر لدينهمو فيعلن الجمع: نرضاه لدنيانا
* * *
يا سيد الرسل طب نفسا بطائفة باعوا إلى الله أرواحا وأبدانا
قادوا السفين فما ضلوا ولا وقفوا وكيف ولا ! وقد اختاروك ربانا؟!
أعطوا ضريبتهم للدين من دمهم والناس تزعم نصر الدين مجانا
أعطوا ضريبتهم صبرا على محن صاغت بلالا وعمارا وسلمانا
عاشوا على الحب أفواها وأفئدة باتوا على البؤس والنعماء إخوانا
الله يعرفهم أنصار دعوته والناس تعرفهم للخير أعوانا
والليل يعرفهم عباد هجعته والحرب تعرفهم في الروع فرسانا
دستورهم لا فرنسا قننته ولا روما , ولكن قد اختاروه قرآنا
زعيمهم خير خلق الله لا بشر إن يهد حينا يضل القصد أحيانا
"الله اكبر".. مازالت هتافهمو لا يسقطون ولا يحيون إنسان
* * *
نشكو إلى الله أحزابا مضللة كم أوسعونا إشاعات وبهتانا
ما زال فينا ألوف من أبي لهب يؤذون أهل الهدى بغيا ونكرانا
ما زال لابن سلول شيعة كثروا أضحى النفاق لهم وسما وعنوانا
يا رب إنا ظلمنا , فانتصر , وأنر طريقنا , واحبنا بالحق سلطانا
نشكوا إليك حكومات تكيد لنا كيدا, وتفتح للسكسون أحضانا
تبيح للهو حانات وأندية تؤوى ذوي العهر شرابا ومجانا
فما لدور الهدى تبقى مغلقة ؟ يمسي فتاها غريب الدار حيرانا
يا رب نصرك , فالطاغوت أشعلها حربا على الدين إلحادا وكفرانا
* * *يا قوم قد أيد التاريخ حجتنا وحصحص الحق للمستبصر الآنا
إنا أقمنا على إخلاص دعوتنا وصدقها إلف برهان وبرهانا
لقد نفونا فقلنا : الماء أين جرى يحيي الموات ويروي كل ظمآنا
قالوا: إلى السجن, قلنا : شعبة فتحت ليجمعونا بها في الله إخوانا
قالوا: إلى الطور, قلنا: ذاك مؤتمر فيه نقرر ما يخشاه أعدانا!(560/51)
فهو المصلى نزكى فيه أنفسنا وهو المصيف نقوي فيه أبدانا
معسكر صاغنا جندا لمعركة ومعهد زادنا للحق تبيانا
من حرموا الجمع منا فوق أربعة ضموا الألوف بغاب الطور أسدانا!
راموه منفى وتضييقا , فكان لنا بنعمة الحب والإيمان بستانا!
هذا هو الطور شاءوا أن نذوب به وشاء ربك أن نزداد ايمانا
******************
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا *** نُعَانِي تَحْتَ أَهْوَالٍ عِظَامِ
أَمَاتُوا أُمَّةً هَانَتْ وَنَادُوا *** بِأَنَّ سُبَاتَنَا لِلدِّينِ حَامِ
وَهُمْ أَعْدَاؤُنَا سِرّاً وَلَكِنْ *** هُنَاكَ تَفَاوُتٌ عِنْدَ الصِّدَامِ
فَبَعْضٌ فِي التُّرَابِ يَدُسُّ رَأْساً *** وَيَشْمَخُ بِاسْتِهِ مِثْلَ النَّعَامِ
وَآخَرُ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ زَيْفاً *** يَسُوسُ النَّاسَ قَسْراً بِالحُسَامِ
يَرَوْنَ دِمَاءَنَا لِلسَّفْكِ حِلاًّ *** قُسَاةً يَلْهَثُونَ بِلاَ أُوَامِ
غَدَاةَ السِّلْمِ كُلُّهُمُ صُقُورٌ *** وَعِنْدَ الحَرْبِ أَشْبَهُ بِالحَمَامِ
يَدُوسُونَ النُّفُوسَ بِلاَ حَيَاءٍ *** وَقَدْ جُبِلُوا عَلَى سَحْلِ الأَنَامِ
غِثَاءُ السَّيْلِ صَارَ لَنَا شَبِيهاً *** نَهِيمُ بِلاَ هُدَىً مِثْلَ السَّوَامِ
رَسُولَ اللهِ لاَ تَأْبَهْ لِرَسْمٍ *** شَنِيعٍ صَاغَهُ بَعْضُ اللِئَامِ
تَصَدَّى نُورُ وَجْهِكَ دُونَ لأْيٍ *** مَعَ الإِيمَانِ جَهْراً لِلظَّلاَمِ
فَزَالَ الكُفْرُ عَنْ قَيْسٍ وَأَضْحَتْ *** بِكَ الرُّكْبَانُ تَرْفُلُ بِالسَّلاَمِ
وَهَا شَاهَدْتَ فِي الأَجْسَادِ نَزْفِي *** وَقَدْ كَرُّوا عَلَى المَوْتِ الزُّؤَامِ
شَبَابٌ لاَ يَخَافُونَ المَنَايَا *** تَداعُوا لِلَّظَى وَالأُفْقُ دَامِ
فِدَاكَ أَبِي وَرُوحِي دُونَ مَنٍّ *** أُقَدِّمُهَا إِلَى مَرْمَى السِّهَامِ
وَلَوْ قَدْ كَانَ لِي رَهْطٌ وَخَيْلٌ *** لأَسْمَعْتُ الأُلَى خَسِئُوا كَلاَمِي(560/52)
وَلَكِنْ لاَ سِلاَحَ لَهُ نُفُوذٌ *** سِوَى قَلَمِي لإِيقَاظِ النِّيَامِ
فَلَيْتَ لَنَا بِجَوْفِ الغِمْدِِ سَيْفاً *** وَلَيْتَ لَنَا وَرَاءَ القَوْسِ رَامِ
جَمِيلُ الفِعْلِ لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ *** نَزِيهٌ أَنْتَ عَنْ كُلِّ اتِّهَامِ
نِدَائِي يَا رَسُولَ اللهِ يَوْماً *** بِأَنْ أُشْفَى بِحَوْضِكَ مِنْ سَقَامِي
بِمَدْحِكَ أَرْتَجِي وَالوَيْلُ خَلْفِي *** وَقَدْ عَاثَ العِدَى حُسْنَ الخِتَامِ
********* **********************
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ *** وَابكِي عَلَى الفَضلِ وَالأَخلاقِ وَالأَدَبِ
وَاستَفرِغِي الدَّمعَ لا تُبقِيهِ قَد عَظُمَت *** مُصِيبَةُ الكَونِ سُبَّ المُصطَفَى العَرَبي
سَبُّوا نَبيَّ الهُدَى وَاستَهزَؤُوا عَلَنًا *** بِالهَاشِمِيِّ المُفَدَّى طَاهِرِ النَّسَبِ
سَبُّوهُ وَاستَهزَؤُوا وَاستَمطَرُوا غَضَبًا *** فَليَرقُبُوا عَن قَرِيبٍ ثَورَةَ الغَضَبِ
يَا وَيحَهُم أَيُّ جُرمٍ قَد أَتوهُ أَمَا *** لِلحِقدِ حَدٌّ وَزُورِ القَولِ وَالكَذَبِ
يَا وَيحَهُم أَينَ مَا كَانُوا إِلَيهِ دَعَوا *** في مجلِسِ الأَمنِ مِن سِلمٍ وَمِن رَحَبِ
أَينَ الحِوَارَاتُ أَمْ أَينَ القَرَارَاتُ أَمْ *** أَينَ الوُعُودُ التي صِيغَت مِنَ الذَّهَبِ
أَمْ أَنها دُولَةٌ بَينَ اليَهُودِ وَمَنْ *** أَمسَى عَلَى دَربِهِم مِن عَابِدِي الصُّلُبِ
تَبًّا لها مِن حِوَارَاتٍ وَتَبًّا لَهُ *** سِلْمًا يُدَانُ بِهِ إِلا مَعَ العَرَبِ
بِالأَمسِ أَبدَوهُ تحقِيقًا لِمَصلَحَةٍ *** كَانَت تُدَارُ وَأَخفَوا غَيضَ مُرتَقِبِ
وَاليَومَ فَاهُوا بما تُخفِي صُدُورُهُمُ *** مِن إِحنَةٍ زَالَ عَنهَا مُظلِمُ الرِّيَبِ
الحِقدُ قَد بَانَ وَالبَغضَاءُ قَد ظَهَرَت *** وَالكُرهُ قَد شَبَّ في الطَّاغِينَ كَالجَرَبِ(560/53)
يُمسِي بِبَلدَةِ أَوغَادٍ وَيُصبِحُ قَد *** أَلقَى بِأُخرَى رِحَالَ القَصدِ عَن كَثَبِ
أَغرَى بِهِ سَاسَةُ الأَبقَارِ إِخوَتَهُم *** فَاستَجمَعُوا النَّطحَ في هَرجٍ وفي صَخَبِ
لم يَرقُبُوا مَوثِقًا فِينَا وَمَا اكتَرَثُوا *** يَومَ استَخَفُّوا بِدِينٍ أَو بِعِرضِ نَبي
لَكِنْ لَنَا اللهُ مَولانَا نُؤَمِّلُهُ *** عِندَ الرَّخَاءِ وفي الشِّدَّاتِ وَالنُّوَبِ
رَبًّا يَغَارُ وَمَن يَطْلُبْهُ يُدرِكْهُ لا *** أَرضٌ تَقِيهِ وَلا قَصدٌ إِلى هَرَبِ
وَهْوَ الحَسِيبُ وَكَافِينَا وَنَاصِرُنَا *** في كُلِّ خَطبٍ فَلا نَخشَى مِنَ الغَلَبِ
اليَومَ نَبكِي بِدَمعٍ سَاجِمٍ وَغَدًا *** قَد يَضحَكُ الدَّهرُ مِن أُنسٍ وَمِن طَرَبِ
***********************
أطبق الليل واختفت أضواء
أطبق الليل واختفت أضواء *** وتوالى على النفوس البلاء
ودموع همتْ كأمطار مُزْنٍ *** واقْشَعَرَّتْ بسيطة وسماء
وبحار بمائها وجبال *** راسيات جثى عليها الوباء
وسحاب تمر مر غضوب *** ليس ماء يزينها أو هواء
نعم تصطلي برمضاءِ قَحْط *** هي عطشى وما هنالك ماء
وانظر الورد والزهور بروض *** مسها الضر واعتراها الحياء
شجر مذبل ودوح تهاوى *** وزروع من الونى حدباء
ها هي الشمس في السماء اكْفَهَرَّتْ *** وانحنى البدر والْتَوَتْ جوزاء
كل شبر على البسيطة يشكو *** من أناس كما يقال غثاء
دينها يعتدى عليه جهارا *** ورسول يسبه الجهلاء
كيف نرضى مذلة وهوانا *** كيف نرضى الخضوع أين الإباء
أي نصر ونحن في بئر لهو *** أي عز وقد غزانا الرباء
أي نصر ومنتدانا المخازي *** أي نصر وثوبنا الكبرياء
أيها المسلمون في كل قطر *** أيها الأتقياء والأولياء
سددوا السهم فالعدو تمادى *** لا تذلوا فأنتم العلياء
أرشقوا بالنبال كل عتل *** حربه الصالحون والأنبياء
وحدوا صفكم بجد وعزم *** وانصروا الله أيها الأوفياء
قاطعوا المنتجات صبوا عذابا *** لا تلينوا وللرسول أساؤا(560/54)
دانمركي ما رسمت لَرُزْءٌ *** وخطوب وغارة شَعْوَاءُ
دانمركي نلت ذلا وخسفا *** كل عرض لعرض طه فداء
سيد المرسلين خير البرايا *** قائد الغر رحمة وهداء
صل ربي على الرسول وآل *** وصحاب ما غردت ورقاء
***********************************
فجأةً شاعَ الخبرْ
فجأةً شاعَ الخبرْ *** هزَّ قلبي مذْ خَطَرْ
قلتُ في نفسي عسى *** كِذْبُ إعلامٍ عبَرْ
فاستعدتُ الحسَّ منّي *** مُدركاًً فحوى الخبرْ
هزَّني صوتُ المذيعِ *** (آذوا) أحمدْ يا بشرْ
حسرةٌ بانتْ لعيني ***بعدها الدمعُ انهمرْ
قمتُ مذعوراً أنادي *** هلْ بهذا نُختبرْ؟
ياحبيبي هاكَ نحري *** دونكَ القلبُ انفطرْ
يا حبيبي يا شفيعي*** أنتَ قلبي و النظرْ
يا حبيبَ اللهَ صبراًً*** حانَ ميعادُ الظفَرْ
قدْ صحونا منْ رُقادٍ *** وانتبهنا للخطرْ
واجتمعنا بعدَ نأي ٍ *** بعدَ ما كنّا زُمَرْ
ياحماةَ الدينِ هيّا *** فانصروا خيرَ البشرْ
مزّقوا كلّ كفورٍ *** ناشراً ذاكَ الخبرْ
مزّقوهُ كيْ يكونَ *** عِبرةً فيمنْ عبرْ
قاطعوا كلَّ نِتاجٍ *** فيهِ أيدي منْ كفرْ
مزّقوا كلَّ الجرائدْ *** قطّعوا كلَّ الصورْ
واحرقواحتى الهواءَ *** وادفنوهمْ في الحُفرْ
وانصروا خيرَ البرايا *** منْ لهُ انشقَّ القمرْ
منْ لهُ الأفلاكُ دانتْ *** منْ لهُ الكونُ انحسرْ
هلْ جزاءُ التائبينَ *** غيرَ حورٍ و سُرَرْ
هلْ جزاءُ الصابرينَ *** غيرَ طلْحٍ و نَهَرْ
مُنتهى حُبُّ النبيّ *** سجدةٌ عندَ السحرْ
ياجنودَاللهَ ارمي *** واقذفيهمْ بالشرَرْ
كُلُّنا جُندٌ لطهَ *** كُلُّنا أضحى عُمرْ
************************************
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ *** وَرَمْزَ السَّفَاهَةِ رَمْزَ النِّقَمْ
أَلَمْ تَهْجَعُوا مِنْ عَدَاءِ الرَّسُوْلِ *** وَسُوْءِ التَّعَامُلِ مُنْذُ الْقِدَمْ(560/55)
أَمَا آنَ لِلظُّلْمِ أَنْ يَنْتَهِيْ *** أَمَا آنَ لِلشَّرِّ أَنْ يُخْتَرَمْ
سَخِرْتُمْ بِشَخْصِ النَّبِيِّ الْكَرِيْمِ *** وَأَضْرَمْتُمُ النَّارَ بَيْنَ الأُمَمْ
أَتَهْزَأُ يَا غُدْرُ بِالْمُصْطَفَى *** إِمَامُ النَّبِيِّيْنَ طَوْدٌ أَشَمْ
رَسُوْلُ عَلَى خُلُقٍ نَيِّرٍ *** وَدِيْنٍ قَوِيْمٍ وَرَمْزِ الْهِمَمْ
أَنَرْوِيْجُ أَسَّسْتِ مَوْقُوْتَةً *** بَنَيْتِ مِنَ الْجَهْلِ أَعْتَى لَغَمْ
وَكُنْتِ عَنِ الشَّرِّ فِيْ مَعْزِلٍ *** لَبِسْتِ مِنَ السُّخْرِ ثَوْبَ التُّهَمْ
وَالدَّانَمَرْكِيُّ شَيْنُ الْوَرَى *** تَعَدَّى الْحُدُوْدَ بِرَسْمِ الْقَلَمْ
أَسَاءَ إِلَى الْمُصْطَفَى مُعْلِنًا *** رِضَاهُ وَأَوْغَلَ فِيْنَا الأَلَمْ
وَسَدَّدَ سَهْمًا إِلَى أُمَّةٍ *** تَحَلَّتْ بِنُوْرِ الْهُدَى وَالْقِيَمْ
ومَوْجُ الْعُتَاةِ أَتَى مُعْلِنًا *** بِنَقْض الْعُهُوْدِ وَنَكْثِ الْقَسَمْ
************
أَيَا أُمَّةَ الدِّيْنِ مَاذَا الْوَنَى *** فَذُلُّ التَّوَانِيْ بِنَا قَدْ أَلَمّْ
شَبَابٌ تَرَبَّى عَلَى غَفْلَةٍ *** وَرَقْصٍ وَلَهْوٍ وَتَرْكِ الْقِيَمْ
تَرَبَّى عَلَى نَغْمَةِ الْفَاتِنَاتِ *** فَأَيْنَ الإِبَاءُ وَأَيْنَ الشِّيَمْ
أَيَسْخَرُ مِنْ شَرْعِنَا زُمْرَةٌ *** قَدِ اغْتَالَهَا سُوْءُ فِكْرٍ أَصَمَ
وَأَنْتُمْ عَلَى مَوْج بَحْرِ الْهَوَى *** فَأَيْنَ الْعُهُوْدُ وَأَيْنَ الذِّمَمْ
فَتُوْبُوا فَفِي الدِّيْنِ عِزٍّ لَكُمْ *** ونصرٌ وفخرٌ وفضلٌ وكم
************
أَيَا أُمَّةَ الدِّيْنِ مَاذَا أَرَى *** دَيَاجِيْرَ ظُلْمٍ وَلَيْلاً أَطَمّْ
أَرَى مَوْجَةَ الشَّرِّ قَدْ آذَنَتْ *** بِحَرْبٍ عَلَى دِيْنِنَا الْمُحْتَرَمْ
أَرَى مَوْجَةَ الظُّلْمِ قَدْ خَيَّمَتْ *** عَلَى حَافَةِ الدِّيْنِ دِيْنِ الْقِيَمْ
وَنَحْنُ عَلَى جُرُفِ الْهَاوِيَاتِ *** نُغَازِلُ بُرْكَانَ هَمٍّ وَغَمّْ(560/56)
أَمَا آنَ لِلَّيْلِ أَنْ يَنْجَلِيْ *** وَمَا آنَ لِلْبَدْرِ يَبْدُوْ أَتَمّْ
أَفِيْقُوا فَإِنَّ الْعَدُوَّ اعْتَدَى *** عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ مَاحِي الظُّلَمْ
رَسُوْلِ الْهُدَى وَالنَّبِيِّ الْكَرِيْمِ *** وَتَاجِ التُّقَى وَالْوَفَى وَالْكَرَمْ
أَفِيْقُوا فَإِنَّ الْعَدُوَّ اعْتَدَى *** وَأَضْرَمَ نَارًا وَفِي النَّارِ سَمّْ
فَأَعْطُوْهُ مِنْ دَرْسِكُمْ حِصَّةً *** لِتَهْوِيْ بِهِ فِيْ عَمِيْقِ النَّدَمْ
وَحُطُّوا عَنِ النَّفْسِ أَوْزَارَهَا *** بِمَالٍ وَنَفْسٍ وَإِلاَّ فَلَمْ
****************************************
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري *** ذَوّادةً عن سيدِ الأبرارِ
يا قائدَ الأحرار دونك أمةٌ *** فاقذفْ بجندك ساحةَ الكفارِ
واضربْ بنا لججَ المهالكِ غاضباً *** حتى نُركّع سطوةَ التيارِ
وتقحمنّ بنا الحتوفَ تغطرساً *** فهي الحياةُ بشِرعة الأحرارِ
الفرسُ والرومُ العلوجُ تدمروا *** منّا فكيف بـ(إخوة الأبقارِ)
دَنِمَرْكُ قد خضتِ الهلاك حماقةً *** والآن صرتِ بقبضة الجبّارِ
دَنِمَرْكُ يا بنتَ الصليب تجهّزي *** فليخطبنّك قاصفُ الأعمارِ
دَنِمَرْكُ هل تستهزئين بأعظم الـ *** ــعظماء في بَلَهٍ وفي استهتارِ
أو ما علمتِ بأنه قاد الورى *** للمجد للعلياء للإعمارِ
أعلى بناء حضارةٍ قدسيةٍ *** والغربُ كان حبيسَ جُرفٍ هارِ
شهدَ الفلاسفةُ العِظامُ بأنه *** ربُ النهى ومؤدلجُ الأفكارِ
وإذا أتى الأرضَ الخرابَ تزينت *** لقدومه بأطايبِ الأزهارِ
وجرى عليها من نَميرِ عطائه *** ماءُ الحياة زبرجداً ودراري
وإذا تبسّم فالصباحُ بثغرهِ *** سَحَرَ القلوب وليس بالسّحارِ
وإذا غزا فالرفقُ يغزو قبلهُ *** والرفقُ أعتى جحفلٍٍ جرارِ
الفاتحُ الدنيا بأبطال الوغى *** يرمي بهم قُضُب الكفاح عواري
الملبسُ الدنيا ثيابَ تحررٍ *** المُبْدِلُ الظلماءَ بالأنوارِ(560/57)
الواهبُ الدنيا شموس هدايةٍ *** نبويةٍ لألاءة الأفكارِ
تفدي جنابَك ألفُ ألفُ دويلةٍ *** حكمت رباها سلطةُ الفجارِ
تفدي جنابك ألفُ ألفُ عمامةٍ *** مدسوسةٍ خوفاً من الأخطارِ
تفدي جنابك كلُ نفسٍ حرةٍ *** عافت حياة الشر والأشرارِ
تفدي جنابَك يا رسول الله *** يا خير البرية أمةُ المليارِ
**********************************
******** مديحك يا مختار
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
مديحك يا "مختار" حلو وشائق وذكرك مثل المسك في الكون عابق
فما أنت إلا الشمس عم ضياؤه وما أنت إلا للعوالم سابق
مدحتك يا "مختار"أرجو شفاعة وأنت لها في ساحة العرض سامق
فإنك للشمس التي بك نستضي وإنك للبدر المنير المعانق
وانك فخر للوجود ورحمة وإنك للبحر الذي هو دافق
تبسمت الآمال بعد عبوسها وجادت لنا الأيام والمجد شاهق
أعادت لنا ذكر "الحبيب"وطيبة وأيام أنس زينتها الحدائق
بنفسي تلك الذكريات حبيبة وإني لهاتيك المنازل عاشق
هفونا لمرآها البهيّ كما هفا لمحبوبه في حلكة الليل طارق
عواطف قد سجلتها ومشاعر حكت شعر (حسان) ومعناه شائق
إذا الشعر لم يسعفك إلا تكلفا فما هو إلا صنعة وتشادق
وأجمله ما كان ينساب رقة كمثل انسياب الماء, والماء رائق
وما كل من رام المعالي نالها ولا كل شعر في المدائح صادق
وكم قد رأينا من دعاة أكارم وقد حال في التبليغ منهم عوائق
ألا إنما الإسلام دين ودولة وليس كما يحجو الجهول المنافق
ولا يستبين النصح إلا موفق ولا ينكر الإصلاح إلا المنافق
فكونوا جميعا تحت(راية أحمد) فما النصر الا اتباع موافق
ولا بد للإسلام من عودة له وإنا لنرجو أن يسود التوافق
لكم في رسول الله أحسن أسوة عليه سلام الله ما لاح بارق
***************
مولد الهادي
شعر : منير محمد خلف . سورية
mner-l@scs-net.org
البدرُ لولا سناهُ ما ألفناهُ ... والليلةَ البدرُ يشدو ما حفظناهُ
من خالص الحبِّ للمختار سيّدِنا ... محمّدٍ أشرقتْ أحلى مزاياهُ(560/58)
قلبي يبعثرني من فرط لهفته ... إلى لقاء حبيبٍ قد عشقناهُ
وكيف نشقى وهل غير الحبيب هوىً ... يسقي الفؤادَ ويحمي ما بنيناهُ
لولاهُ ما اكتحلتْ ألوانُ فرحتنا ... لولاه ما زفّتِ الأعيادُ لولاهُ
يا حسرة الشعر لا تبدو محاسنه ... إنْ لم يكن عابقاً من طيبِ ذكراهُ
اليومَ مولدُ فجري والهوى تعبٌ ... من شدّة الشوقِ يخشى ما تمنّاهُ
إنّ الحياة غرامٌ في دمي.. ودمي ... مثل البراكينِ لا تطفيه أمواهُ
حبيبيَ المصطفى قلبي يحمِّلني ... آهات شوقٍ وحولي كلُّهُ آهُ
ماذا أقول لفرط النار في جسدي ... والحبُّ لولا ضرامٌ ما عرفناهُ
قد يسلك القلبُ غيرَ الحبِّ منعطفاً ... لكنْ هواهُ غرامٌ ما نسيناهُ
يا أيّها القمر الملتاع من سفرٍ ... خذْني إليهِ فإنّي الدهر أهواهُ
خذْ للحبيب غرامي إنني كلفٌ ... في حبّهِ وخذ التسبيح أحلاهُ
خذْ كلّ ما فيَّ من حزنٍ ومن فرحٍ ... وللحبيب صلاتي حين تلقاهُ
يا خير مَنْ أثمرتْ في كفّه لغةٌ ... ما ازّيّنتْ حولنا الأفلاكُ لولاهُ
آهٍ عليّ..على قلبي وما اقترفتْ ... يداه من إثم ما كنّا زرعناهُ
لا تعجبوا شعريَ المغسول من فرحٍ ... هو السعادةُ لا مالٌ ولا جاهُ
إنْ كان حزني حراماً عند صبِّكمُ ... فأعمق الوحي كان الحزنُ فحواهُ
لا تطفئوا ظمئي فالعشقُ ملتهبٌ ... أيُطفئُ الملحُ جرحاً قد رضعناهُ
الكلُّ يسعى إليه عند رؤيته ... والخيرُ الخيرُ فيما اختارهُ اللّهُ
********************
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
شعر: أحمد القاضي
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَارِي الْكَوْنِ إِحْسَانَا ***** وَمُرْسِلِ الرُّسْلِ بِالْآيَاتِ تِبْيَانَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَآلِهِ******** أُضَمِّنُهَا رَوْحًا وَرَيْحَانَا
نُورٌ تَلَاشَتْ بِهِ الظُّلْمَاتُ وَانْدَثَرَتْ **** بِهِ الْمَآثِمُ وَالشِّرْكُ الَّذِي هَانَا
أَنْعِمْ بِهِ مِنْ رَسُولٍ قَدْ هَدَى أُمَمًا *****كَانُوا بِلَا قَائِدٍ صُمًّا وَعُمْيَانَا(560/59)
زَكَّاهُ رَبِّي عَلَى مَنْ مَرَّ مِنْ رُسُلٍ *****فَفَاقَ كُلَّ الْوَرَى جِنًّا وَإِنْسَانَا
قُلْ لِلَّذِي يَفْتَرِي فِي الرُّسْلِ فِرْيَتَهُ**** تَبًّا لِمِثْلِكَ فَاخْسَأْ زِدْتَ كُفْرَانَا
فَمَا يَضُرُّ عُوَاءُ الْكَلْبِ فِي أَسَدٍ***** وَمَا يَضُرُّ وَضِيعٌ عَابَ سُلْطَانَا
سَبُّوا النَّبِيَّ فَمَاذَا يَرْقُبُونَ سِوَى**** أَنْ يُؤْخَذُوا بَغْتَةً مَثْنَى وَفُرْدَانَا
صَبَّ الْإِلَهُ عَلَيْكُمْ لَعْنَةً تَرَكَتْ****** حَلِيمَكُمْ بَعْدَ طِيبِ الْقَلْبِ حَيْرَانَا
يَا وَيْحَ دِنْمَارْكَ إِنْ أَوْدَى الْإِلَهُ ***بِهَا لَأَصْبَحُوا لِلرَّدَى وَالتِّيهِ عُنْوَانَا
أَوْ يَضْرِبُ اللَّهُ مَأْوَاهُمْ وَشَوْكَتَهُمْ* فَيُصْبِحُ الْمُكْتَسِي فِي الْقَوْمِ عُرْيَانَا
أَوْ يَحْطِمُ اللَّهُ مَرْعَاهُمْ وَمَأْكَلَهُمْ****** أَوْ يَأْخُذَنَّ مِنَ الْبُنْيَانِ أَرْكَانَا
كَلَّا بَلِ اللَّهُ لَوْ شَاءَتْ مَشِيئَتُهُ**** لَأَصْبَحَ الزَّرْعُ فِي النَّرْوِيجِ نِيرَانَا
نَصِيحَةٌ لِلْأُلَى جَرُّوا مُصِيبَتَهُمْ ****** أَنْ جَهِّزُوا لِانْتِقَامِ اللَّهِ أَكْفَانَا
أَوْلَى لَكُمْ مِنْ بَلَايَاكُمْ وَفِرْيَتِكُمْ**** أَنْ تُنْعِمُوا الرَّأْيَ إِفْصَاحًا وَتِبْيَانَا
أَنْ تَعْلَمُوا شِرْعَةَ الْهَادِي وَمَا شَمِلَتْ مِنَ الْكَرَائِمِ وَالْفَضْلَ الَّذِي زَانَ
فَتِلْكَ شِرْعَتُنَا فِي الْأُفْقِ رَاسِخَةً******* وَذَاكَ قُرْآنُنَا وَاللَّهُ مَوْلَانَا
فَسَيِّدِي أَيْ رَسُولَ اللَّهِ دِينُكَ**** فِي قُلُوبِنَا وَعَلَى الْجَبْهَاتِ تِيجَانَا
فِدَاكَ نَفْسِي - وَمَا نَفْسِي تُجَاهَك* بَلْ فِدَاكَ كُلُّ الْوَرَى رُوحًا وَأَبْدَانَا
صُنْتُ اللِّسَانَ عَنِ الْإِفْكِ الَّذِي صَنَعُوا *** أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَجْتَرَّ بُهْتَانَا(560/60)
رَبِّي لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا طَيِّبًا أَبَدًا ***** فَاكْتُبْ لَنَا الْخَيْرَ أُولَانَا وَأُخْرَانَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ صَلَاةً مِنْكَ بَالِغَةً***** عَلَى الْحِبِيبِ بها نَرْجُوكَ رِضْوَانَا
********************
يا حبيبي هاكَ نحري
فجأةً شاعَ الخبرْ *** هزَّ قلبي مذْ خَطَرْ
قلتُ في نفسي عسى *** كِذْبُ إعلامٍ عبَرْ
فاستعدتُ الحسَّ منّي *** مُدركاًً فحوى الخبرْ
هزَّني صوتُ المذيعِ *** (آذوا) أحمدْ يا بشرْ
حسرةٌ بانتْ لعيني ***بعدها الدمعُ انهمرْ
قمتُ مذعوراً أنادي *** هلْ بهذا نُختبرْ؟
ياحبيبي هاكَ نحري *** دونكَ القلبُ انفطرْ
يا حبيبي يا شفيعي*** أنتَ قلبي و النظرْ
يا حبيبَ اللهَ صبراًً*** حانَ ميعادُ الظفَرْ
قدْ صحونا منْ رُقادٍ *** وانتبهنا للخطرْ
واجتمعنا بعدَ نأي ٍ *** بعدَ ما كنّا زُمَرْ
ياحماةَ الدينِ هيّا *** فانصروا خيرَ البشرْ
مزّقوا كلّ كفورٍ *** ناشراً ذاكَ الخبرْ
مزّقوهُ كيْ يكونَ *** عِبرةً فيمنْ عبرْ
قاطعوا كلَّ نِتاجٍ *** فيهِ أيدي منْ كفرْ
مزّقوا كلَّ الجرائدْ *** قطّعوا كلَّ الصورْ
واحرقواحتى الهواءَ *** وادفنوهمْ في الحُفرْ
وانصروا خيرَ البرايا *** منْ لهُ انشقَّ القمرْ
منْ لهُ الأفلاكُ دانتْ *** منْ لهُ الكونُ انحسرْ
هلْ جزاءُ التائبينَ *** غيرَ حورٍ و سُرَرْ
هلْ جزاءُ الصابرينَ *** غيرَ طلْحٍ و نَهَرْ
مُنتهى حُبُّ النبيّ *** سجدةٌ عندَ السحرْ
ياجنودَ اللهِ ارمي *** واقذفيهمْ بالشرَرْ
كُلُّنا جُندٌ لطهَ *** كُلُّنا أضحى عُمرْ
للشاعر الإسلامي عبد الناصر رسلان
******************
من نبع هديك تستقي الأنوار
من نبع هديك تستقي الأنوار * وإلى ضيائك تنتمي الأقمار
رب العباد حباك أعظم نعمة * دينا يعزُّ بعزَّه الأخيار
حُفظت بك الأخلاق بعد ضياعها ** وتسامقت فى روضها الأشجار
وبُعثت للثقلين بعثة سيد* صدقتْ به وبدينه الأخبار(560/61)
أصغت اليك الجن وانبهرت بما *** تتلو، وعَمَّ قلوبها استبشار
يا خير من وطيءَ الثرى وتشرفت *** بمسيره الكثبان والأحجار
يا من تتوق إلى محاسن وجهه ****** شمسٌ ويفْرَحُ أن يراه نهار
بأبي وأمي أنتَ ، حين تشرَّفت * بك هجرة وتشرَّفَ الأنصار
أنْشَأْتَ مدرسة النبوة فاستقى ***** من علمها ويقينها الأبرار
هي للعلوم قديمها وحديثها *** ولمنهج الدين الحنيف منار
لله درك مرشدا ومعلما ** شَرُفَتْ به وبعلمه الآثار
ربَّيْتَ فيها من رجالك ثُلَّةً **** بالحقِّ طافوا في البلاد وداروا
قوم إذا دعت المطامع أغلقوا *** فمها ، وإن دعت المكارم طاروا
إن واجهوا ظلماً رموه بعدلهم *** وإِذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآناً يسير أمامهم * وبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوا *** إلا وأفئدة العباد عَمَار
لو أطلق الكونُ الفسيحُ لسانه * لسرتْ إليك بمدحه الأشعار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبادِ ، لردَّدتْ ******* أصواتُ مَنْ سمعوا : هو المختارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنتَ أفضلُ مرسلٍ ***** وأعزُّ من رسموا الطريق وساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُها **** آفاقَنا ، مهما أُثيرَ غبار
ما أنت إلا أحمد المحمود فى *** كل الأمور ، بذاك يشهد غار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلما ** شهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير من *** قاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤه *** إن لم يتب مما جناه النار
لكأنني بخطاه تأكل بعضها ** وهناً ، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر ** بل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد، فلا يدٌ * وصلت إليك ، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من به *** وبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاك ربك همة ومكانة** فلك السمو وللحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول كافر * ملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل أمةٍ ** يشكو اندحار غثائها المليار(560/62)
وقفت على باب الخضوع، أمامها *** وهن القلوب، وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارها *** من قبل أن يتحرك الاعصار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا *** *****جيش الرذيلة والهوى جرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولم يزل *** **متخبِّطاً فى موجه البحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى ****** ومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت نذيرهم * نعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوا *** فأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقى ** ** بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهم)؟ ******* يُصغي الرُّعاةُ وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم ***** حتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري مثلما **** يجري (صديدٌ) فى القلوب ،و(قََارُ)
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد جرى *** بك في طريق الموبقاتِ قطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْ **** فلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول ، وللدموع حكايةٌ* عن مثلها تتحدَّث الأمطار:
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّنا ** أسمى ، وأنَّ الشانئينَ صِغَارُ
لكنه ألم المحب يزيده ** شرفاً، وفيه لمن يُحب فخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهم ** ويذوق طعمَ الرَّاحَةِ الأغْيار
إمام المرسلين فداك روحي...
ردّا عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقياما ببعض حقّه...
صالح بن علي العمري- الظهران
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحي وأرواحُ الأئمةِ والدُّعاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقاةِ
ويا علم الهدى يفديك عمري ومالي.. يا نبي المكرماتِ!!
ويا تاج التُّقى تفديك نفسي ونفسُ أولي الرئاسةِ والولاةِ
فداكَ الكون يا عَطِرَ السجايا فما للناس دونك من زكاةِ..
فأنتَ قداسة ٌ إمَّا استُحلّتْ فذاكَ الموتُ من قبل الممات!!
ولو جحد البريّةُ منك قولاً لكُبّوا في الجحيم مع العُصاةِ(560/63)
وعرضُك عرضُنا ورؤاكَ فينا بمنزلة الشهادةِ والصلاةِ
رُفِعْتَ منازلاً.. وشُرحت صدرا ودينُكَ ظاهرٌ رغمَ العُداةِ
وذكرُكَ يا رسولَ اللهِ زادٌ تُضاءُ بهِ أسَاريرُ الحَيَاةِ
وغرسُك مُثمرٌ في كلِّ صِقع ٍوهديُكَ مُشرقٌ في كلِّ ذاتِ
ومَا لِجنان ِ عَدنٍ من طريقٍ بغيرِ هُداكَ يا علمَ الهُداةِ
وأعلى اللهُ شأنكَ في البَرَايا وتلكَ اليومَ أجلى المُعجزاتِ
وفي الإسراءِ والمعراج ِ معنى لقدركَ في عناقِ المكرماتِ
ولمْ تنطقْ عنْ الأهواءِ يوما وروحُ القدسِِ مِنكَ على صِلاتِ
بُعثتَ إلى المَلا بِرّاً ونُعمى ورُحمى.. يا نبيَ المَرْحَمَاتِ
رَفَعْتَ عن البريّةِ كلُّ إصرٍ وأنتَ لدائها آسي الأُساةِ
تمنّى الدهرُ قبلك طيفَ نورٍ فكان ضياكَ أغلى الأمنياتِ
يتيمٌ أنقذ َ الدّنيا.. فقير ٌأفاضَ على البريّةِ بالهِبَاتِ
طريدٌ أمّنَ الدنيا.. فشادت على بُنيانِهِ أيدي البُنَاةِ..
رحيمٌ باليتيمة والأُسارى رفيقٌ بالجهولِ وبالجُنَاة ِ
كريمٌ كالسحابِ إذا أهلّت شجاعٌ هدَّ أركانَ البُغَاةِ
بليغٌ علّم الدنيا بوحي ٍولم يقرأ بلوح ٍ أو دواةِ
حكيمٌ.. جاءَ باليُسْرى.. شَفيقٌ فلانتْ منهُ أفئدة ُ القُساةِ
فمنكَ شريعتي.. وسكونُ نفسي ومنكَ هويتي.. وسمو ذاتي
ولي فيكَ اهتداءٌ .. واقتفاءٌ لأخلاقِِ العُلا والمَكْرماتِ
وفيك هدايتي.. وشفاءُ صدري بعلمكَ أو بحلمكَ والأناةِ
ومنك شفاعتي في يومِِ عَرْض ٍومن كفيّكَ إرواءُ الظُّماةِ
ومنك دعاءُ إمسائي وصحوي وإقبالي وغمضي والتفاتي
رسولَ اللهِ قد أسبلتُ دَمْعي ونزَّ القلبُ من لَجَجِ ِ البُغَاةِ
فهذي أمّةُ الإسلام ضجّتْ وقد تُجبى المُنى بالنائباتِ!!
هوانُ السيفِ من هُونِ المُباري ولِينُ الرمحِ من لِينِ القناةِ
وقد تَشفى الجسومُ على الرزايا ويعلو الدينُ من كيدِ الوشاةِ!!
وفي هزِّ اللواءِ رؤى اتحادٍ ولمُّ الشمل ِ من بعد الشتاتِ !!
وقد تصحو القلوبُ إذا اسْتُفزّتْ ولَفحُ التَّارِ يوقظ ُ من سُبَاتِ!!(560/64)
ألا بُترتْ روافدُ كلِّ فضٍّ تمرّغَّ في وحول ِ السيئاتِ
ألا أبْلِغْ بَنِي عِلمان عنّي وقد عُدَّ العميلُ من الجُنَاةِ !!
أراكمْ ترقصونَ على أَسانا وتَسْتَحْلون مَيْلَ الغانياتِ!!
وإن مسَّ العدوَ مَسيسُ قَرح ٍرفعتمْ بيننا صوتَ النُّعاةِ!!
وإنْ عَبستْ لكم "ليزا"* خَنَعْتمْ خُنوع َ المُوفضينَ إلى مَناةِ !!
وإن ما هَاجتْ الشُبُهاتُ خُضْتم ْبألسنةٍ شِحاح ٍ فاجراتِ !!
"حوارُ الآخرِ " استشرى فذبّواعن المعصومِ ألسنةَ الجُفاةِ !!
وصوت "الآخرِ " استعلى فردّوا عن الهادي سهامَ الإفتئاتِ ..
رميتمْ بالغلو دُعاة ديني...فهل من حُجّةٍ نحو الغُلاة ؟!!
أكُرّارٌ على قومي كُماةٌ...وفي عينِ المصيبةِ كالبنات ِ؟!!
ومن يرجو بني علمان عوناً كراجي الروح ِ في الجسدِ الرُّفات!!
رسولَ الحُبِّ في ذكراك قُربىوتحتَ لواكَ أطواقُ النجاةِ
عليك صلاةُ ربِّكَ ما تجلّى ضياءٌ .. واعتلى صوتُ الهُداةِ
يحارُ اللفظُ في نجواكَ عجزا وفي القلب اتقادُ المورياتِ
ولو سُفكتْ دمانا ما قضينا وفاءك والحقوقَ الواجباتِ...
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم-
محمد بن عائض القرني
ما بالُ مكةَ قد ضجت نواحيها؟ ... ودمع طيبةَ يجري من مآقيها؟
ما للجزيرةِ قد مادت بساكنها؟ ... فاهتز شامخُها وارتج واديها!
ما للعروبةِ والإسلامِ روَّعَها ... خَطبٌ ألمَّ وظُلمٌ من أعاديها؟
أيسخرون من الهادي الذي شرفت ... به البريةُ قاصيها ودانيها؟!
أيسخرون من الأنوارِ قد كشفت ... مجاهلَ الظلم فانزاحت غواشيها
أيسخرون من المجدِ الذي خضعت ... له الجبابرُ حتى ذل طاغيها
أيهزؤون به؟ شُلت أكفُّهُمُ ... ودمر الله ما تجني، وجانيها
أعداءُ كلِّ نبي جاء يُنقذُهم ... من الضلالةِ لما أُركسوا فيها
محمدٌ خيرُ من سارت به قدم ... وأكرمُ الناس ماضيها وباقيها
أوْفَى الخليقةِ إيماناً وأكملُها ... ديناً، وأرجحُها في وزن باريها
من مثلُه في الورى بِراً ومرحمةً؟ ... ومن يشابهُه لطفاً وتوجيها؟(560/65)
جاءت رسالتُه للناس خاتمةً ... وجاء بالنعمة المسداةِ يهديها
أحيا الحنيفيةَ الغراءَ متبِعاً ... نهجَ الخليلِ ولم يخطئْ مراميها
وسار في كنفِ الرحمنِ يكلؤه ... إلى الحسانِ من الأخلاقِ يبنيها
هو البشيرُ لمن أصغى لدعوتِه ... هو النذير لمغرور يعاديها
كسرى تَكَسَّرَ إذعاناً لهيبته، ... قصورُُ قيصرَ هُدت من أعاليها!
وأقبلت أممٌ شتى مبايعةً ... تمُد للعدلِ والإحسانِ أيديها
نالت بدعوته نُعمى ومكرُمةً ... وأسعد الله بعد البؤسِ ناديها
في الهندِ والصينِ والقوقازِ طائفةٌ ... تذود عن عرض خير الناس تنزيها
وفي (أُورُبَّةَ) أقوامٌ قلوبُهُمُ ... بدين أحمدَ قد نالت أمانيها
الصامدون بوجهِ الكُفرِ ما ضَعُفُوا ... يجابهون المنايا في تحديها
يفدون عرضَ رسولِ الله ما بخلوا ... وبالنفوس إذا نادى مناديها!
حتى إذا نشر الأنذالُ حقدَهُمُ ... وبارزوا اللهَ من عدوانهم تيها
تؤزُّهم زُمَرٌ ضاقت نفوسُهم ... لهم عيونٌ شُعاعُ الحق يُعشيها
بنو اليهودِ ومن ساءت سريرتُه ... فأبدل الصدقَ تزويراً وتمويها
أيسخرون من المعصومِ ويلهُم؟ ... ويطلبون له ذماً وتشويها؟
من جاء بالملةِ البيضاءِ صافيةً ... نقيةً؛ وبنور الوحي يحييها
أقام بالعدلِ مجداً لا زوال له ... وأمَّةً كنفُ الرحمنِ يحميها
من بئرِ زمزمَ سُقياها ومطعمُها ... من تمر طيبةَ قد طابت مغانيها
أرواحُها بظلالِ البيتِ هائمةٌ ... من دونه تُرخِصُ الدنيا وما فيها!
فداءُ عرضِ رسولِ الله أنفسُنا ... وكلُّ نفس وما تحويه أيديها
وصلِّ يا ربِّ ما هبَّ النسيمُ على ... معلمِ الأممِ الحَيرَى وهاديها
تحيةً لرسولِ الله أبعثُها ... ويومَ هجرتِه الغراءِ أهديها
*******************
جلَّ من ربَّاك
محمد بن عبد الرحمن المقرن
ربَّاكَ ربُّكَ.. جلَّ من ربَّاكا *** ورعاكَ في كنفِ الهدى وحماكا
سبحانه أعطاك فيضَ فضائلٍ *** لم يُعْطها في العالمين سواكا
سوّاك في خلقٍ عظيمٍ وارتقى *** فيك الجمالُ.. فجلّ من سوَّاكا
سبحانه أعطاك خيرَ رسالةٍٍ *** للعالمين بها نشرْتَ هُداكا(560/66)
وحباكَ في يوم الحساب شفاعةً *** محمودةً.. ما نالها إلاّكا
اللهُ أرسلكم إلينا رحمةً *** ما ضلَّ من تَبِعتْ خطاه خُطاكا
كنّا حيارى في الظلامِ فأشْرقتْ *** شمسُ الهدايةِ يومَ لاحَ سناكا
كنّا وربي غارقين بغيِّنا *** حتى ربطنا حَبْلَنا بعُراكا
لولاك كنا ساجدين لصخرةٍ *** أو كوكبٍ.. لا نعرفُ الإشراكا
لولاك لم نعبدْ إلهًا واحدًا *** حتى هدانا اللهُ يومَ هداكا
أنتَ الذي حنَّ الجمادُ لعطفهِ *** وشكا لك الحيوانُ يومَ رآكا
والجذعُ يُسمعُ بالحنين أنينُه *** وبكاؤُه شوقًا إلى لُقياكا
ماذا يزيدُك مدحُنا وثناؤُنا *** واللهُ في القرآنِ قد زكّاكا؟!
ماذا يفيدُ الذّبُّ عنك وربُّنا *** سبحانه بعيونه يرعاكا؟!
"بدرٌ" تحدثنا عن الكفِّ التي *** دمتِ الطغاةُ فبوركت كفّاكا؟!
و"الغارُ" يخبرُنا عن العين التي *** حفظتك يوم غفت به عيناكا
لم أكتبِ الأشعارَ فيك مهابةً *** تغضي حروفي رأسَها لحلاكا
لكنها نارٌ على أعدائكم *** عادى إلهَ العرشِ مَن عاداكا
إني لأرخصُ دون عرضِك مهجتي *** روحٌ تروحُ ولا يُمسُّ حماكا
شُلّتْ يمينٌ صوَّرتك وجُمِّدتْ *** وسطَ العروقِ دماءُ من آذاكا
ويلٌ فويلٌ ثم ويلٌ للذي *** قد خاضَ في العِرضِ الشريفِ ولاكا
يا إخوةَ الأبقارِ هن سباتكم *** "مَن في القطيع سيصبح الأفّاكا؟!"
النارُ يا أهلَ السباقِ مصيرُكم *** وهناك جائزةُ السباقِ هناكا!!
تتدافعون لقعرها زمرًا ولن *** تجدوا هناك عن الجحيمِ فكاكا
هبوا بني الإسلام نكسر أنفهم *** ونكون وسطَ حلوقِهم أشواكا
لك يا رسولَ اللهِ نبضُ قصائدي *** لو كانَ قلبٌ للقصيد فداكا
هم لن يطولوا من مقامك شعرةً *** حتى تطولَ الذّرةُ الأفلاكا!!
والله لن يصلوا إليك ولا إلى *** ذراتِ رملٍ من ترابِ خُطاكا
هم كالخشاش على الثرى ومقامُكم *** مثلُ السماك.. فمن يطولُ سماكا؟!!
روحي وأبنائي وأهلي كلهم *** وجميع ما حوت الحياةُ فداكَ
****************(560/67)
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم
أقولُ فيكَ ودَمعُ العَينِ يَنسَجِمُ *حاشَا لِوَجهِكَ ، لا يَأتي به القََلََم
حاشا لِوَجهٍ كَشَمسِ الأرضِ طالِعَةً *أن تَستَقيمَ بإشراقاتِهِ الرُّسُمُ
حَاشا لِشَخصِكَ أن تَغتابَه صُوَرٌ*حَاشا لِذِكرِكَ أن تَنتابَه التُّهَمُ
كيف استَطابَ يَراعٌ رَسمَ هَيئَتِهِيا* ذلكَ الحَدَثُ المَشنوءُ والجُرُمُ
لو كانَ يَعلَمُ من قد راحَ يَرسُمُهُ* لَقامَ في خَجَلٍ يَذوِي ويَنقَسِمُ
و قامَ عن كلِّ خَطٍّ منه مُعتَذِراً * والحُزنُ يَعصُرُهُ و السُّخطُ والنَّدَمُ
يُنَزَّهُ الجِسمُ عن وصفٍ وعن صُوَر*ٍتُنَزَّهُ الرأسُ و الاردانُ والقَدَمُ
لو كانَ يَعرِفُكَ الكُتّابُ لارتَكَسُوا *و قامَ مُعتَذِراً عنهم يَراعُهُمُ
لو يُنصِفونَكَ قالوا أنتَ سَيِّدَنا*أو يَفهَمونكَ عَزَّ الدِّينَ عِندَهُمُ
قد صَنَّفوكَ عَظيمَ الأرضِ واحِدَها*لكنَّهم جَهِلوا من بعدِ ما عَلِموا
يا وَيلَ ما كَسَبت أقلامُهُم هُزُواً*يا ويلَ ما اكتَسَبَت أيمَانُها العَجَمُ
كَيف استَساغُوا بِأن يَحووهُ في وَرَقٍ *يا قُبحَ ما فَعَلوا يا وَيلَ ما رَسَموا
كُلُّ الشَّمائِلِ قامَت تَحتَ صُورَتِهِ *العَزمُ والفَخرُ والإقدَامُ والهِمَمُ
ما أظلَمَ الغَربَ في إفكٍ يَخوضُ بِهِ *أيُّ البُغاةِ هُمُ .... أيُّ الجُناةِ هُمُ
يا ويحَكُم أبِخَيرِ الخَلقِ لَمزُكُمُ* أما وَجَدتُّم سوى المَعصومِ وَيلَكُمُ
تَخَبَّطَ الغَربُ من مَسِّ الجُنونِ بِهِ *و أوهَنَ الغَربَ في تَخربفِهِ الهَرَمُ
يا سَيِّدَ الناسِ قد غَالَت غوائِلُهُم *فَصَوَّروكَ بما لا تَقبلُ الشِّيَمُ
لكنّ مثلَكَ ما ضَرُّوا بِإظفَرِهِ* مهما رَمَتكَ بِهِ الغربانُ والبُوَمُ
ما ضَرَّهُ البَدرُ سارٍ في مَهَابَتِهِ *إن عارَضَتهُ بإطلالاتِهِ الدِّيَمُ
فالنّورُ أنتَ و أنت النُّورُ مَصدَرُهُزالَ الظَّلامُ بِهِ و الظُّلمُ و الظُّلَمُ(560/68)
لولاكَ يا حِليَةَ الدُّنيا و زِينتَها*ما تَأمَنُ الذِّئبَ في تَسريحِها الغَنمُ
لولاكَ لم تََعرِف الدُّنيا مَكارِمَها *ماالجُودُ ماالنُّبلُ ماالإحسانُ ماالكَرَمُ
لولاكَ يا من بِهِ المَولى تَدَارَكَنا*لَكانَ يُعبَدُ نَجمُ اللّيلِ والصّنَمُ
فَدِينُكَ اليَومَ سارٍ في حَواضِرِنا*تَعاقَبا نَشرَهُ الإصباحُ والغَسَمُ
و كُلِّ أرضٍ بِها من نُورِهِ قَبَسٌ *وَحيٌ بِهِ تُحفَظُ الأعراضُ و الحُرَمُ
لَولاهُ ظَلَّت بِلادُ الغَربِ غَابِرةً *عَصرُ العَبيدِ بِها و الأعصُرُ الدُّهُمُ
إذا ادلَهَمَّت على الأعلامِ مُعضِلَةً* فإنَّ رأيَكَ فيها الفَصلُ و الحَكَمُ
ما الناسُ لولا رَسولُ اللهِ بينَهُمُ *ما الأرضُ لولاهُ ما الإنسانُ ما الأمَمُ
ضَجَّت له الأرضُ والأخلاقُ ثائِرَةً* العُرفُ و النُّبلُ و الأعراقُ و القِيَمُ
تَفديهِ أفئِدَةٌ تَفنى لِنُصرَتِهِ *لا تَشتَفي أبَداً حَتى يُراقَ دَمُ
تَبتَزُّها غَدَراتُ الرّومِ سَيِّدَها *كالمَشرَفِيَّةِ إذ تَبتَزّها اللّجُُمُ
تَحِنُّ للبَشَرِ المَبعوثِ أمَّتُهُ *كَما تَحِنُّ إلى أُمَّاتِها الفُطُمُ
هذي المَسيراتُ في الدُّنيا تُذَكِّرُهُم* بِأنَّهُ حَرَمٌ ، وذِكرُهُ حَرَمُ
يا ابنَ الخِيارِ خِيارِ العُربِ من مُضَرٍ* ساداتِ يَعرُبَ كلٌ سَيِّدٌ عَلَمُ
لمّا أتيتَ وَقد غَنّى الرَّبيعُ رِضىً* و استَبشَرَ النَّخلُ والزُّراعُ والأكَمُ
صاحَت وُحوشُ البراري وانتَشَت فَرَحاً *النَسرُ والصَّقرُ والعُقبانُ والرَّخَمُ
الوَحيُ هَلَّ و هَلَّ الخَيرُ يَعقُبُهُ *النُّورُ والهَديُ والنَّعماءُ والنِّعَمُ
عَزَّت قُريشُ بهذا الأمرِ وافتَخَرَت *فَخرَ المُلوكِ فلا كِندَا ولا لَخَمُ
البَحرُ و البَرُّ في طَه سَعادَتُهُم *الجِنُّ و الإنسُ و الأحيَاءُ و الرِّمَمُ
إنّ الحَضارَةَ بالعَدنانِ مَبدؤُها* فَهوَ المُؤسِّسُ لا عادٌ ولا إرَمُ(560/69)
و كلّ خَيرٍ من الإصلاحِ أصَّلَهُ *في كُلِّ أمرٍ فلا قَيسٌ ولا هَرِمُ
يا سَيِّدَ الناسِِ إني اليومَ أعلِنُها* حَرباً على الشِّركِ فيها الشِّعرُ يَنتَقِم
ما قيلَ فيكَ من المُدَّاحِ مُقتَضَبٌ *ما كان فيكَ يَفيهِ القَولُ و الكَلِمُ
في مثلِ طَه و هَل من مِثلِهِ أحَدٌ *يَحلو النَّشيدُ و يَحلو الشِّعرُ والنَّغَمُ
فكلّ نَظمٍ بِهِ مُستَعذَبٌ حَسَنٌ * فالمَدحُ فيهِ كما الياقوتُ يَنتَظِمُ
فقد أفاضَ أميرُ الشِّعرِ بُردَتَهُ *تَشيبُ منها نواصِي الشَّعرِ واللِّمَمُ
و ثَجَّ من مُعصِراتِ الجَوَى وَدَقاً* كأنّهُ دِيمَةٌ مِدرارَةٌ تَثِمُ
نَفيسَةٌ سَكَنت أصدَافَ لُؤلُؤةٍ *إن النّفائِسَ في أصدَافِها التُّوَمُ
في بَطنِها لُجَجٌ مِن تَحتِها لُجَجٌ *في سَطحِها قِمَمٌ مِن فَوقِها قِمَمُ
فما ذَكَرتُكَ يا طَهَ بِقافِيَةٍ *إلا و قَلبيَ و العَينانُِ تَختَصِمُ
فما يُفَرِّقُ غَيرَ الدَّمعِ بينَهُما *يَجري َ سَخِيناً عَلى الخَدَّينِ يَزدَحِمُ
و النَّفسُ بينَهُما مَقهورَةٌ كَمَداً* ما بينَ مُعتَرَكِ الأعضاءِ تَلتَطِمُ
يا سَيِّدَ النّاسِ قَََسْراً عن أنُوفِهِمُ *إن أخرَجَت أشَراً سَاداتِها الأمَمُ
إني أهَابُكَ في قَولي و قافِيَتي* فالشِّعرُ فيكَ مَنيعُ الجَنبِ مُعتَصِمُ
أقسَمتُ باللّهِ لا أنفَكُّ مُمتَدِحاً* لا يشفَعُ الفِعلُ إن لم يَشفَعِ القَسَمُ
حُبّاً إليكَ رَسولَ اللّهِ قَافِيَتِي* والحُبُّ يُنجِي وَبَعضُ الحُبِّ ما يَصِمُ
جَاهَدتُّ كِتمانَها في مُهجَتي زَمَناً *حَتَّى تأبَّت فليسَ اليومَ تَنكَتِمُ
وَ يَسأَمُ القَلبُ مِن أمرٍ يُسِرُّ بِهِ *يا وَيحَ مُضغَةِ صَدري طَبعُها السَّأمُ
كلُّ الحِبالِ و إن كانت مُغَلَّظَةً *ما كانَ فيها بِغَيرِ الحُبِّ يَنصَرِمُ
لَهُ صُنوفٌ بِأَسبَارِ الجَوَى عَدَدٌ *مِنها الشُّخوصُ و مِنهَا البَانُ والعَلَمُ(560/70)
أقلُّ تَقدِمَتي شِعراً نَقَمتُ بِهِ *و الشِّعرُ يُسعِفُ إن لم تُسعِفِ النِّقَمُ
لا بَارَكَ اللهُ في شِعرٍ تَلوكُ بِهِ *و لم يَكُن بِصِراطِ الحَقِّ يَلتَزِمُ
القولِ بالهَديِ أو لا قُلتَهُ أبَداً *فكلُّ ما قيلَ في غَيرِ الهُدى لَمَمُ
كُلُّ الرِّجالاتِ من عُربٍ ومن عَجَمٍ *بِِبَابِ أحمَدَ حُجَّابٌ لَهُ خَدَمُ
يا أمّةَ الغَربِ صَرحُ الشِّركِ مُهتَرئٌ * و كُل صَرحٍ بِغَيرِ الدِّينِ مُنهَدِمُ
أما قَرأتُم من التَّوراةِ هَيئَتَهٌ* ألم يُبَشِّر بِهِ الإنجيلُ عِندَكُمُ
أما عَلِمتم بأنّ الله ناصِرُهُ* يَكفيهِ هُزوَ شِرارِ النّاسِ مثلَِكُمُ
لَم تَسمَعوهُ وَقَد شُقَّ الهِلالُ لَهُ *و كَيفَ يَسمَعُ من في سَمعِهِ صَمَمُ
إنّ انتِفاشَ حَضاراتِ العِدا عَرَضٌ *و الدّاءُ يَظهَرُ من أعراضِهِ الوًَرَمُ
فاربأ بِبَطنِكَ أن يَقتاتَ حاجَتَهُم *أقلُّ حَربِهُمُ في بَيتِكَ اللُّقَمُ
فَكَيفَ يُفلِحُ قومٌ سُبَّ سَيُّدُهُم *وَ لَم يَثورُوا على هذا وَ يَنتَقِموا
فالزَم تُراثَ رَسولِ اللّهِ سُنَّتَهُ *فالدِّينُ مُعتَصَمٌ و الحَقُّ مُلتَزَمُ
كُلُّ المَبادِئ والأَعرافِ سَائِبَةٌ *من غَيرِ أحمَدَ لا عَهدٌ ولا ذِمَمُ
إن قَامَ قامَ أرِيجُ المِسكِ يَلحَقُهُ* نَوَاشِرُ الطِّيبِ من جَنبَيهِ تُنتَسَمُ
أو قالَ أجمَعَ بالإحكامِ مَنطِقَهُ *فََصلُ الخِطابِ وفَصلُ القَولِ والحِكَمُ
بِه بَيانٌ حَلالُ السِّحرِ فِتنَتُهُ* يُستَنطََقُ الصَّخرُ من مَبناهُ و البُكُمُ
تَفَجَّرَ الماءُ من إبهَامِ إصبَعِهِ *كَأنَّهُ نَهَرٌ أو هَاطِلٌ عَرِمُ
أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرضِ تَذكُرُهُ *و الجِذعُ حَنَّ لَهُ و الحِلُّ و الحَرَمُ
ما قامَ قاصِدُهُ فيما يُؤمِّلُهُ* إلا و تَسبِقُهُ في سُؤلِهِ نَعَمُ
وَ مَا تَحَدَّثَ نَحوَ النَّاسِ مُبتَدِراً *إلا وَ يَظهَرُ نُورُ اللَّوحِ و القَلَمُ(560/71)
يَهديكَ لِلحَقِّ من غيرِ الدُّعاءِ لَهُ *بِبَسمَةِ الوَجهِ حَولَ الثَّغرِ تَرتَسِمُ
قد أسلَمَ ابنَ جَريرٍ طُولُ نَظرَتِهِ* يُقَلِّبُ الطَّرفَ في خَدَّيهِ يَبتَسِمُ
سَالَ الغَمامُ بِهِ من بَعدِ ما قَحَطَت *سَعدُ بنُ بَكرٍ و دَرَّ الشََّاءُ و النَّعَمُ
عَمَّ الرَّضيعُ بَني سَعدٍ بِطَلَّتِهِ* و أقحَطَت مُضَرٌ وأقفَرَت جُشَمُ
قد أثخَنوهُ جِراحَ الحَربِ في أحُدٍ *و هيَ الّتي بِرَسولِ اللّهِ تَلتَئِمُ
يَشفي السَّقيمَ إذا ما جاءَ مُشتَكِياً* بِِريقِهِ فيَزولُ السُّمُّ و السَّقَمُ
كَساهُ سَمتٌ وَقاراً لا عُلُوَّ بِهِ *عَلاهُ حُسنٌ بِسيما الخَيرِ يتَّسِمُ
لَمّا رأَتهُ قُرَيشٌ صَاحَ صَائِحُها* وَتوشِكُ الحَربُ تَضري ثم تَضطَّرِمُ
هذا الأمينُ أمينُ القَومِ نَقبَلُهُ *هذا الصَّدوقُ و هذا الرُّكنُ يَستَلِمُ
بَنى بِهِ الحَجَرَ المُسوَدّ مَوضِعَهُ *بَنى بِهِ قَبلَهُ من بَينَهم رَحِمُ
فلا تَحُدُّ دروسُ العِلمِ سيرَتَهُ *و لا يُحيطُ بِهِ شَرحٌ و لا كَلِمُ
و كلّ ما ذََكَرَ التّاريخُ مُختَصَرٌ *ما خَطَّهُ قَلَمٌ أو قالَ عنهُ فَمُ
في عُقرِ دارِهِمُ نَرنو لِمَلحَمَةٍ *لو كانَ يَقصُدُ شَيخُ الحَربِ دارَهُمُ
حتّى نُعيدَ إلى سِبتِمبَرٍ حِقَباً* كانت رَحَاهَا لَهيبُ النَّارِ و الحِمَمُ
فاغزُ رَعاكَ إلهَ الكَونِ أرضَهُمُ *و ابدأ هَداكَ إلى رَدِّ العِدا بِهِمُ
ما بَالُ صَيدِكَ قد زادَت طَرائَدُهُ *يا ذلكَ اللّيثُ هل ضَاقَت بِك الأجَمُ
لِيَفهمَ الغَربُ أنَّ الحَقَّ مُعتَصِمٌ* و يَفهَمَ الموتَ إن لم يَفهَمِ الفَهِمُ
فَللسِّلاحِِ إلى أجسادِهِم وَلَعٌ *و لِلسُّيوفَ إلى أعناقِهِم قَرَمُ
وَاهاً على زَمَنٍ صُنَّاهُ مُحتَرَماً* فيهِ الكَنائِسُ و الأديانُ تُحتَرَمُ
دَكَّت خُيولُ بَني مَروانَ مَغرِبَهُم* و استَنهَضَتهُم إلى عَليائِها الهِمَمُ(560/72)
الغَافِقِيُّ على أبوَابِهِم وَثِبٌ *و البَربَريُّ الَّذي سارَت بِهِ التُّخُمُ
لَنا مَعادٌ بِلادَ الغَربِ فَارتَقِبوا *لَم يُلهِنا عَنكُمُ بُعدٌ وَ لا قِدَمُ
ما قَصَّرَت عَنهُ خَيلُ المُسلِمينَ مَضَتتَدعُ *وإلَيهِ هُناكَ الأينُقُ الرُّسُمُ
سَارَت قَوافِلُهَا بالدَّينِ تَنشُرُهُ *ما أعجَزَ السَّيفَ لَم يَعجِز لَهُ الأدَمُ
إنا رَضَعنا قَتامَ الحَربِ أغلِمَةً *و البَعضُ يَبلُغُهُ في ساحِها الحُلُمُ
يَشِبُّ ناشِئُنا حتى يَشيبَ بِها* و الموتُ يَفطِمَنا عنها فننفَطِمُ
القابِضونَ على جَمرٍ عَقيدَتَهُم *مُستَمسِكون بِرُكنٍ لَيسَ يَنفَصِمُ
لا يُنصَرُ الحَقُّ إن لم يَحتَرِب زَمَناً* فالحَربُ تَفعَلُ ما لا يَفعلُ السَّلَمُ
أزكَى صَلاةً رَسولَ اللّهِ يَبعَثُها* قَولِي وَقَلبي بِها مُستَعذِبٌ شَبِمُ
مولايَ صلِّ وَسَلِّم دائماً أبَدَاً *على صَفِيِّكَ خَيرِ الخَلقِ كُلِّهِمُ
مولايَ صَلِّ وبارِك ما أرَدتَّ على * مُحَمَّدٍ من بِهِ الأخيارُ قدخُتِموا
******************
نفحات الهجرة ...
صالح بن علي العمري
شعّ الهدى، و البشرُ في بسماتهِ *** و اليُمن و الإيمان في قسماتهِ
و تفجرت فينا ينابيع الهدى *** و استيقظ التأريخ من غفواتهِ
" إقرأ و ربُّك" في حراء تحررت *** و الدهر غافٍ في عميق سباتهِ
جبريل حاملها و أحمد روحها *** إن الحديث موثّقُ برواتهِ
مُهج الملائك بالتلاوة تنتشي *** فتُقَبّل الكلماتِ فوق شفاتهِ
صلى عليك الله يا من ذكره *** قربى . . ونورُ الله من مشكاتهِ
يا من كساه الله حلّة سمته *** و كساهُ بالقرآن حُلّة ذاتهِ
لمّا أضاء الله مهجة قلبه *** هانت عليه الروحُ في مرضاتهِ
غسل الكرى عن أعين الدنيا كما *** يُجلى الدُّجى بالفجر في فلقاتهِ
و أنار بالآيات كلّ بصيرةٍ *** فكأن نور الشمس من قسماتهِ
و اقتاد للجنّات أسمى موكبٍ *** "إياك نعبدُ " تمتماتُ حداتهِ(560/73)
إقرأ معاني الوحي في كلماته *** في نسكهِ و حياتهِ و مماته
لو نُظّمت كلّ النجوم مدائحا *** كانت قلائدهن بعض صفاته
يا من بنى للكون أكرم أمّةٍ *** من علمه . . من حلمه و أناته
صاروا ملوكا للأنام بعيد أن *** كانوا رعاءَ الشاءِ في فلواته
فسل العدالة و الفضيلة و الندى *** وسل المعنّى عن مُلمِّ شتاته
و سل المكارم و المحارم والحيا *** من غضّ عن درب الخنا نظراته؟!
من حطّم الأصنام في تكبيره *** من عانق التوحيد في سجداتهِ
من أطلق الإنسان من أغلاله *** من أخرج الموءود من دركاته؟!
من علّم الحيران درب نجاتهِ *** من أورد العطشان عذب فراتهِ؟!
من هدّ بنيان الجهالة و العمى *** وبنى الأمان على رميم رفاتهِ؟!
فإذا بأخلاق العقيدة تعتلي *** زور التراب و جنسه و لغاتهِ
وإذا لقاء الله يأسر في رضا *** وتشوّقٍ من كان عبد حصاته
ورأى جنان الخلد حقّا فازدرى *** دنياه . . و استعلى على لذّاتهِ
أرأيت إقدام الشهيد و قد سعى *** للحتف معتذراً إلى تمراته !!
حملوا الهدى للكون في جفن الفدا *** فتحرر الوجدان من شهواتهِ
خيّالة المجد المؤثل و العلا *** فكأنما ولدوا على صهواتهِ
سمّارة المحراب في ليل ، وإن *** نادى الجهاد فهم عُتاة كماته
في الهجرة الغراء ذكرى معهدٍ *** نستلهمُ الأمجاد من خطراته
تاريخ أمتنا . . و منبع عزّنا *** و دروبنا تزهو بإشراقاته
فيه الحضارة والبشارة والتقى *** ومُقِيل هذا الكون من عثراته
فتألقي يا نفس في نفحاته *** واستشرفي الغايات من غاياته..
********************
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم
للدكتور ناصر بن مسفر الزهراني
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي * وما دروا أن حبي صغته بدمي
استغفر الله ما ليلي بفاتنتي * ولا سعاد ولا الجيران في أضمِ
لكن قلبي بنار الشوق مضطرم * أف لقلب جمود غير مضطرم
منحت حبي خير الناس قاطبة * برغم من أنفه لا زال في الرغم(560/74)
يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه * وأقرأ بربك مبدأ سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها * على المنائر من عرب ومن عجم
أحيابك الله أرواحاقداندثرت*في تربة الوهم بين الكأس والصنم
نفضت عنها غبار الذل فاتقدت * وأبدعت وروت ما قلت للأمم
ربيت جيلا أبيا مؤمنا يقظا * حسو شريعتك الغراء في نهم
محابر وسجلات وأندية * وأحرف وقواف كن في صمم
فمن أبو بكر قبل الوحي من عمر * ومن على ومن عثمان ذو الرحم
من خالد من صلاح الدين قبلك * من مالك ومن النعمان في القمم
من البخاري ومن أهل الصحاح * ومن سفيان والشافعي الشهم ذو الحكم
من ابن حنبل فينا وابن تيمية *** بل الملايين أهل الفضل والشمم
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا*** أنت الإمام لأهل الفضل كلهم
ينام كسرى على الديباج ممتلئ *** كبرا وطوق بالقينات والخدم
لا هم يحمله لا دين يحكمه *** على كؤوس الخنا في ليل منسجم
أما العروبة أشلاء ممزقة *** من التسلط والأهواء والغشم
فجئت يا منقذ الإنسان من *** خطر كالبدر لما يجلي حالك الظلم
أقبلت بالحق يجتث الضلال *** فلا يلقى عدوك إلا علقم الندم
أنت الشجاع إذا الأبطال ذاهلة *** والهندواني في الأعناق واللمم
فكنت أثبتهم قلبا وأوضحهم *** دربا وأبعدهم عن ريبة التهم
بيت من الطين بالقرآن تعمره *** تبا لقصر منيف بات في نغم
طعامك التمر والخبز الشعير *** وما عيناك تعدو إلى اللذات والنعم
تبيت والجوع يلقى فيك بغيته *** إن بات غيرك عبد الشحم والتخم
لما أتتك "قم الليل" استجبت لها *** العين تغفو وأما القلب لم ينم
تمسى تناجي الذي أولاك نعمته *** حتى تغلغلت الأورام في القدم
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى *** ودمع عينيك مثل الهاطل العمم
الليل تسهره بالوحي تعمره *** وشيبتك بهود آية "استقم"
تسير وفق مراد الله في ثقة *** ترعاك عين إله حافظ حكم
فوضت أمرك للديان مصطبرا *** بصدق نفس وعزم غير منثلم(560/75)
ولىّ أبوك عن الدنيا ولم تره *** وأنت مرتهن لا زلت في الرحم
وماتت الأم لمّا أن أنست بها *** ولم تكن حين ولت بالغ الحلم
ومات جدك من بعد الولوع به *** فكنت من بعدهم في ذروة اليتم
فجاء عمك حصنا تستكن به *** فاختاره الموت والأعداء في الأجم
ترمي وتؤذى بأصناف العذاب *** فما رئيت في كوب جبار ومنتقم
حتى على كتفيك الطاهرين رموا *** سلا الجزور بكف المشرك القزم
أما خديجة من أعطتك بهجتها *** وألبستك ثياب العطف والكرم
عدت إلى جنة الباري ورحمته *** فأسلمتك لجرح غير ملتئم
والقلب أفعم من حب لعائشة *** ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي
وشج وجهك ثم الجيش في أحد *** يعود ما بين مقتول ومنهزم
لما رزقت بإبراهيم وامتلأت به *** حياتك بات الأمر كالعدم
ورغم تلك الرزايا والخطوب وما *** رأيت من لوعة كبرى ومن ألم
ما كنت تحمل إلا قلب محتسب *** في عزم متقد في وجه مبتسم
بنيت بالصبر مجدا لا يماثله *** مجد وغيرك عن نهج الرشاد عمى
يا أمة غفلت عن نهجه ومضت *** تهيم من غير لا هدى ولا علم
تعيش في ظلمات التيه دمرها *** ضعف الأخوة والإيمان والهمم
يوم مشرقة يوم مغربة *** تسعى النيل دواء من ذوي سقم
لن تهتدي أمة في غير منهجه *** مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم
ملح أجاج سراب خادع خور *** ليست كمثل فرات سائغ طعم
إن اقفرت بلدة من نور سنته *** فطائر السعد لم يهوى ولم يحم
غني فؤادي وذابت أحرفي *** خجلا ممن تألق في تبجيله كلمي
يا ليتني كنت فرد من صاحبته *** أو خادم عنده من أصغر الخدم
تجود بالدمع عيني حين أذكره *** أما الفؤاد فللحوض العظيم ظمي
يا رب لا تحرمني من شفاعته *** في موقف مفزع بالهول متسم
ما أعذب الشعر في أجواء سيرته *** أكرم بمبتدأ منه ومختتم
أبدعت ميمية بالحب شاهدة *** أشدوا بها من جوار البيت والحرم
بقدر عمرك ما زادت وما نقصت *** والفضل فيها لرب الجود والكرم
تغنيك رائعتي عن كل رائعة *** مما سيأتي ومما قيل في القدم(560/76)
لأنها من سليل البيت أنشدها *** لجده في بديع الصوت والنغم
إن كان غيري له من حبكم نسب *** فلي أنا نسب الإيمان والرحم
إن حل في القلب أعلى منك منزلة *** في الحب حاشا إلهي بارئ النسم
فمزق الله شرياني وأوردتي *** ولا مشت بي إلي ما أشتهي قدم
*********************
لك في مهمة التجلي البهاء
أبو الهدى الصيادي أندلسي
1. ... لك في مهمة التجلي البهاء ... يانبيا نوابه الأنبياء
2. ... أنت روح القلوب طيا ونشرا ... بك لاذ الأموات والأحياء
3. ... لمعت شمسك المنيرة في الكون فضاءت بنورها الظلماء
4. ... وتدلت آيات هديك للناس ... فسارت بهديها الأتقياء
5. ... كان قبل البروز كوكبك اللماع ... يجلى وكل باد خفاء
6. ... أشرقت منه في زوايا خبايا الغيب ... تلك الفجاج والأنحاء
7. ... واستنارت عوالم الملاء الأعلى ... وضاء الدجنة السوداء
8. ... عنك قد شق في البطون رداء ... حشوة الخارقات ذاك الرداء
9. ... قمت في برجك المشعشع شمسا ... ظل ينحط عن علاها العلاء
10. ... بك طافت أرواحها انبياء الله ... غيبا فبايعوك وجاؤا
11. ... عنك نابوا وبشروا بك اصناف ... البرايا وصحت الأنباء
12. ... جئت ختما لهم فها أنت في النظم ... ختام وفي الكيان ابتداء
13. ... أنت سلطانهم وقد تعرض الجند ... ابتداء وتعقب الأمراء
14. ... ما طووا حكمة من السر إلا ... أنت معراجها وأنت البناء
15. ... شمل الكل من لوائك أمن ... وعليهم ما زال ذاك اللواء
16. ... وتباهى بك الخليل رعاك الله ... إبنا باهت به الآباء
17. ... يا لفرع كسا الأصول فخارا ... أبديا لا يعتريه انقضاء
18. ... نال منه أبوه آدم عزا ... وقبولا وأمه حواء
19. ... وتدلى من حضرة الأفق للأرض ... هبوطا مضمونة الارتقاء
20. ... والعلامات قبل أن جاء جاءت ... بشؤن لاحت لها أضواء
21. ... وتوالت عجائب الغيب يروي ... طورها عنه ما طواه الغطاء
22. ... راقبته القلوب في الكون والأبصار ... من نوره عليها غشاء
23. ... رب نور يغشى العيون بستر ... إنما غاية الظهور الخفاء
24. ... هذه يا أبا البتول معانيك ... التي انشق عن سناها السناء(560/77)
25. ... حير القوم شأن قدسك في مهد ... التجلى فطاشت الآراء
26. ... راح عرافهم لتلك العلامات ... وتعلوه حيرة بحتاء
27. ... صولة من سرادق الغيب للناس ... تدلت برفعها الآلاء
28. ... هي آلاء ربنا والذي يقضيه ... ماض وفاعل ما يشاء
29. ... حققت ذلك الهواتف والأحبار م ... والكاهنون والعرفاء
30. ... وبمر الظهران راهبهم إذ قص ... هذا وللصباح ضياء
31. ... وانقضاض النجوم والنار إذ صاوت ... رمادا وحين غار الماء
32. ... رد أمن المجوس خوفا نذير ... الغيب إذ جاء عكس ما هم شاؤا
33. ... ورمى الغي والضلال شهاب ... اج منه للجاحدين انمحاء
34. ... ضاء والكائنات طمس فعم النور ... واستبصرت به الأشياء
35. ... وتبدت أشكالها بعد أن عنه م ... ببرج الأبراز قام انجلاء
36. ... ملأ الكون هيبة وجلالا ... شأن سلطانه وعم البهاء
37. ... نسجت عنه بالبشارات أمراط ... غبار تثيره الهيجاء
38. ... كتبت للهدى سطورا ببيض ... سال منها على الحواشي الدماء
39. ... جردت ثم أودعت في كنوز ... الغيبم قدما وأهلها الخلصاء
40. ... ورآى الموبذان هذا مناما ... راع كسرى كما قضاه القضاء
41. ... وسطيح لما أتاه ابن عمرو ... وبه من أسقامه إعياء
42. ... نص حكم التورية في الأمر والإنجيل م ... نصا ما شابه ايماء
43. ... ذاكرا صاحب الهراوة والحق ... مبين وما هناك مراء
44. ... ومياها فاضت وغاضت وفي الأمرين م ... للعارفين سين وراء
45. ... ليت شعري هل يجحد الشمس إلا ... مقلة عن شعاعها عمياء
46. ... كل شيء له انتهاء وطه ... فمعاليه ما لهن انتهاء
47. ... نقطة في معالم القدس دارت ... فاستديرت بنمطها العلياء
48. ... برزت في العلى بطالع قدس ... ملئت من أضوائه الخضراء
49. ... فالإشارات أعربت عنه معنى ... والبشارات ما لها استقصاء
50. ... ضجة في محاضر الملكوت انشق م ... عن شمسها الوضاح العماء
51. ... فبدت والاكوان ترقب منها ... سر غيب وما بذاك امتراء
52. ... نشأة الطي حين تبرز في النشر ... يرى ما بطيها النبهاء
53. ... يشهد القوم بالبصائر من كنه ... طواها ما يشهد البصراء
54. ... تلك آيات ربنا وله الحكم م ... وأحكامه لها الإمضاء(560/78)
55. ... كيف لا تشهد العيون ضياء ... من حجاب تلوح فيه ذكاء
56. ... منه مس القلوب وارد خوف ... مد في الأرض ما طوته السماء
57. ... هيبة عمت الوجود فكل ... فوقه من جلالها سيماء
58. ... طرفت مقلة العيان بضوء ... دون نبراس لمعه الأضواء
59. ... دولة تعرب البراهين عنها ... بينات ما نابها إخفاء
60. ... راع كسرى سلطانها ولكسر ... سوف يأتيه قد تداعى البناء
61. ... أيها المستميح بردة عتم ... عن منار له الشموس حذاء
62. ... رحت تستكشف الشؤن من الكهان ... والأمر شمسه بلجاء
63. ... ما قرأت التورية أو ما تدبرت م ... نصوصا أشاعها شعياء
64. ... وفصول الزبور أو ما تلاه ... من نصوص الأنجيل يوحناء
65. ... قول متى ما فيه لو ولا ليت م ... وللحق طلعة وضاء
66. ... أوشككت الشكوك منك بسهم الحق م ... أبصرت والحظوظ عطاء
67. ... نشر الله ذكر أحمد بالآيات م ... قدما فلم يصبه انطواء
68. ... وتدلى من برجه يتجلى ... م بتدل تحقيقه إعلاء
69. ... قلبته الأقدار في الظهر والبطن م ... بقوم هم قادة نجباء
70. ... أنبياء وأولياء وأخيار م ... وشوس وسادة شرفاء
71. ... لم يشنهم كالجاهلية في الحكم م ... سفاح أو خلة شنعاء
72. ... حرستهم عين العناية والعبد م ... إذا صين فالشؤن صفاء
73. ... كلهم سيد حسيب نسيب ... أريحي آباؤه كرماء
74. ... نور شمس الهدى تنقل فيهم ... فأضاءت منهم به الأجزاء
75. ... عمهم نوره لذا أخلصوا التوحيد م ... نهجا فكلهم حنفاء
76. ... بالعمودين أشرف الخلق أصلا ... أمهات النبي والآباء
77. ... خيرة الله هم من الخلق للمختار م ... أهل أعاظم كبراء
78. ... قد حباهم خلاقهم واصطفاهم ... وكذا المصطفى له الإصطفاء
79. ... وانتهى مظهر البروز بمجلى ... بنت وهب فضاءت الأرجاء
80. ... ولدته العذراء آمنة النور م ... أمينا وقومه أمناء
81. ... غبطتها العذراء مريم فيمن ... رزقته وقبلها حواء
82. ... وبوهب الكريم أنجب عبد الله م ... مولى أتباعه النجباء
83. ... يا لحظ مؤيد أعظمته ... للتجلي الخضراء والغبراء
84. ... شب في سدرة الفخار يتيما ... ويد القدس لليتيم وقاء
85. ... لاحظته الأقدار وهو صغير ... ولديه تصاغر الكبراء(560/79)
86. ... زق بالعلم من سرادق غيب الله م ... وهبا فطاب منه النماء
87. ... يا له في محافل الفضل أمي م ... عظيم خدامه العلماء
88. ... أدب يبهر النسيم العراري م ... وبأس تجلى به البأساء
89. ... وجلال تهابه الشمس في قرص م ... سناها غشى علاه الحياء
90. ... وجمال يحيى به الميت إذ يبدو ... وتفنى وجدا له الأحياء
91. ... وكمال تنسقت فيه آيات م ... غيوب ما نالها الأنبياء
92. ... قام والدين مقعد في كمين ... طلسمي وللأعادي اعتداء
93. ... وطريق الأقوام محض ضلال ... وعناد وغلظة وجفاء
94. ... فنفى الشرك والضلال بهدي ... أحكمته المحجة البيضاء
95. ... وانجلى نوره فعم الوجودات م ... وطاب الشعوب والأحياء
96. ... لمع البرق منذرا وبشيرا ... منه فانهد ركنها الرقباء
97. ... قيل جاء النبي بالبعثة الزهراء م ... فاستبشرت به العرفاء
98. ... ملأ الأرض بالهدى وبحق ... كمل الدين تمت النعماء
99. ... وأضاءت بطحاء مكة لما ... قومت من سكانها العوجاء
100. ... وسرى سره ليثرب بالعز م ... فطابت وطاب فيها الثواء
101. ... وأفاض الهدى على ساكني الأقطار م ... والغي نابه إمحاء
102. ... وبدت معجزاته البيض تتلى ... وتباهت بنصها القراء
103. ... حينما انشق في العلا القمر الطالع م ... ليلا شقت قلوب هواء
104. ... وتهادى الركبان سيرا إلى الله م ... مذ امتد ستره الإسراء
105. ... نطق الجذع باسمه سبح الماء م ... بكفيه هلل الحصباء
106. ... وله الظبي قد تكلم والأشجار م ... سارت ولانت الصماء
107. ... وروى جيشه بحفنة ماء ... يا بماء العيون ذاك الماء
108. ... أشبع القوم من قليل طعام ... فانطوى فيه للجميع الشفاء
109. ... بعيوني تراب نعليه للروح ... حياة وللسقام دواء
110. ... قد طوى الله دولة الكون في طية م ... برديه وانجلى الإبداء
111. ... كان ذاك الكساء كنزاً لذرات م ... البرايا يا نعم ذاك الكساء
112. ... علة الخلق في رقائق حكم الطي م ... والنشر حيث كل هباء
113. ... مد بسط الإرشاد لله بالحكمة م ... حتى اهتدت به الحكماء
114. ... أثبت العدل حكمه الفصل إذ فيه م ... تساوى الضعاف والأقوياء(560/80)
115. ... وأتى بالقرآن آية حق ... حين تتلى خرش لها الفصحاء
116. ... عقله سيد العقول وخدام م ... حواشي أعتابه العقلاء
117. ... ومعاليه والأيادي بعد ... وحساب فما لها استيفاء
118. ... نصرته بالرعب غارة قدس ... فأريعت بسرها الأعداء
119. ... أقلق الحاسدين منه شعاع ... ما طووه إلا اجتلاه انجلاء
120. ... يخفض الحاسد العلي خيالا ... ومن الله حظه الإعلاء
121. ... وإذا داركت يد الحفظ عبدا ... فدواء مضمونها الأدواء
122. ... أيد الله عبده الطهر طه ... فانتحت عن طريقه الأسواء
123. ... خدمته الأملاك دارت به الأفلاك م ... غشى الأحلاك منه ضياء
124. ... وقضى الحق أنه علة الخلق ... وطرز الورى لذا إيماء
125. ... هو لولاه ما هي الأرض أرض ... وذووها ولا السماء سماء
126. ... سبب شقت الوجودات عنه ... بانفتاق أرتاقها الطمساء
127. ... فتذكر حديث جابر يبدو ... لك مكنون سره الإبتداء
128. ... يا له من خطير سر ابتداء ... ما لعلياه والفخار انتهاء
129. ... كل أطوار عمره معجزات ... أحمد واتضاعه فاعتلاء
130. ... ذل لله طارحا ما سوى الله م ... فذلت لعزه العظماء
131. ... رحمة للوجود جاء ونورا ... وأمانا إذ تجزع الاصفياء
132. ... عزمه سلم القلوب إلى الله م ... ومن باب دينه الإرتقاء
133. ... والذي حاد عن طريق هداه ... فضلال طريقه وعماء
134. ... يا بروحي أفديه من هاشمي ... شرفت من جنابه الأسماء
135. ... محكمات آياته بينات ... ما عليهن للبصير غطاء
136. ... ألفتها العقول لا منكرات ... عسرات ولا بها إيذاء
137. ... مجملات مفصلات رقاق ... كلهن اليتمية العصماء
138. ... رقرقت كأس حكمة بمعان ... سرهن الساري رحيق صفاء
139. ... ما أحيلا مذاقها فيه للنفس م ... فناء وللفؤاد بقاء
140. ... ونصوص أحكامها باهرات ... أعظمت شأن حقها البعداء
141. ... كم طوى الدهر من شؤون جسام ... ومعانيه ما لهن انطواء
142. ... أبد الله عزه وله الحكم م ... تعالى سلطانه والعلاء
143. ... هو فرد في الملك ذاتا وشأنا ... ما لعالي جنابه نظراء
144. ... أبرز الله مفردا نوره الفياض م ... والمرسلون طين وماء
145. ... هو إخوانه النبيون لكن ... من سناه قبل الكيان استضاؤه(560/81)
146. ... وعليهم له شريف أياد ... ولهم من فيوضه استجداء
147. ... أصلهم آدم ولما دعا الله ... تعالى به استجيب الدعاء
148. ... وغدا حين يذهل الكل طرا ... ترتجيه الشفاعة الشفعاء
149. ... ليت شعري هل تبصر الركب عيناي م ... وللنوق للحجازه رغاء
150. ... وأراها لطيببة تتهادى ... ويرش القيعان مني البكاء
151. ... يثقل السير بالجمال جهارا ... ديمة من مدامعي وطفاء
152. ... فولوه ولوعة وهيام ... وغرام ومهجة حراء
153. ... وأنين وذهلة وحنين ... واصطلام ودمعة حمراء
154. ... وفؤاد يطير قبل نياق الركب ... والعين ما لها إغفاء
155. ... وفناء بحت لشمة أعتاب ... ثراها به الشفا والثراء
156. ... وانقطاع عن الوجود بوصل ... لحمى منه كالسماء الفناء
157. ... آه والوعتي وطول أنيني ... مثقل بالذنوب مني الخطاء
158. ... أتمنى وأين ما أتمناه ... ووزري مؤزري والشقاء
159. ... عل من نفحة الرسول لقيدي ... فك قفل به يتم الرجاء
160. ... وعساها عناية الطهر تجلو ... عن فؤادي ما بث فيه العناء
161. ... وأراني بعد الشقاء سعيدا ... بنبي عبيده السعداء
162. ... وأرى قبره المنير وللسر ... سرور يعد النوى وهناء
163. ... وعلى بابه أرى حر وجهي ... تجتليه من مسه غبراء
164. ... ودموعي تسيل وجدا وشوقا ... ولظهري من الخشوع انحناء
165. ... وقفول العشاق من كل فج ... مثل شأني لهم إليه التواء
166. ... هزهم وأرد الغرام فأرواح ... تناجيه دينها الإلتجاء
167. ... وعقول هامت به فهي إلا ... عن معاني جماله ذهلا
168. ... لم يفتني الإسعاف قط وأني ... لي إليه بالانتساب ارتقاء
169. ... رفعتني له عقود جدود ... عن سوى الله أقلعوا وتناؤا
170. ... رحم واصل بأكرم مولى ... دونه في البرية الرحماء
171. ... كوكب في مطالع القدس منه ... ملأ الكون رونق وضياء
172. ... وإمام للعالمين وهاد ... وولي إذ تنتحي الأولياء
173. ... وحسام قد أصلتته يد القدرة ... بالله باتر مضاء
174. ... وحبيب لله مقبول جاه ... عند مولاه كائن ما يشاء
175. ... يا رسول الرحمن دعوة مغلوب ... يناجيك ما له نصراء
176. ... غيرت حاله الذنوب فوجه ... ذو سواد ولمة بيضاء(560/82)
177. ... فأعتقنه من ربقة الذنب يا من ... كم لسحاج جوده عتقاء
178. ... وتدارك بالغوث عبدا غريبا ... فبعلياك تلجأ الغرباء
179. ... مسني الضر فانتدب لي بعون ... عل تمحو ضرائي السراء
180. ... خذ بثاري يا أغير الخلق من أعدإ ... مجد لي بالتجري أساؤا
181. ... واحم فضلا قرابتي فلعمري ... أنت من يحتمي به الأقرباء
182. ... وإذا مت صل حبالي بقرب ... منك إني صحيفتي سوداء
183. ... لا تدعني رهن السؤال فإني ... عن جوابي قوالتي بكماء
184. ... أنت سيفي وناصري ومعيني ... وأماني إذ تبعد القرباء
185. ... أنا يا سيدي وأهلي ضعاف ... لك آل آذاهم الأدعياء
186. ... أعقوقي يضيع منك حقوقي ... وعطاياك دونها الأنواء
187. ... عجبا للألى لمدحك راموا ... بعض حد ظنا وبالعجز باؤا
188. ... ما لمداحك الكرام سوى نظم ... عقود يفتر عنها الثناء
189. ... وخضوع وذلة وارتباط ... بك تغنى بفيضه الفقراء
190. ... سيدي سيدي بكل حبيب ... لك منهم ساداتنا الأوصياء
191. ... بصحاب علمتهم كل خير ... قام منهم لصوننا الخلفاء
192. ... وزراء الهدى وفي الناس حينا ... ناب عن ذات نورك الوزراء
193. ... بجناب الصديق صاحبك المقبول ... من أحكمت به السمحاء
194. ... والذي بعد أن قضيت ارتضاه ... أمناء الصحابة الأصدقاء
195. ... والذي رد بالسيوف أولي الردة ... حطما مذ هاجت الهيجاء
196. ... برجال من كل ليث كسيف الله ... محو بسيفه الغرماء
197. ... رب فتك فحل أخاضته بالموت ... ضحوكا طمرة جرداء
198. ... مصلتا أبيضا قد احمر تتلوه ... لدى البطش صعدة سمراء
199. ... من أبي بكر اجتلته صباحا ... يد عزم تجلى به الغماء
200. ... أفضل السادة الصحابة والكل ... نجوم وسادة فضلا
201. ... قلب صدق مضمونه الصدق في الله ... وأذن فيها له إصغاء
202. ... سيد العارفين بالله والصحب ... لعمري جميعهم عرفاء
203. ... حب طه خليله صاحب الغار ... الموالي إذ شحت الأسخياء
204. ... باذل الكل في هوى سيد الكل ... ويتلو صدق الغرام السخاء
205. ... شيم تنضح العبير ومنها ... لاح للعين جنة خضراء
206. ... وبجاه الفاروق ثاني الوزيرين ... الذين لذ حبه والولاء(560/83)
207. ... فاتح الأرض ناصر الشرع والدين ... ومن طوره التقى والوفاء
208. ... والذي وافق الكتاب كتاب الله ... من نص قلبه الآراء
209. ... أي غوث للدين أي أمير ... بعض خدام بابه الأمراء
210. ... ما ذكرنا منه المناقب إلا ... أسكرتنا من دورها صهباء
211. ... شرف تخجل الكواكب إذ يبدو ... وتطوى بذيله الجوزاء
212. ... وبجاه الشهيد عثمان ذي النورين ... من زان مشهديه الحياء
213. ... صهر طه على ابنتيه وفي هذا ... اختصاص من ربه وانتقاء
214. ... ذو الأيادي مجهز الجيش في العسرة ... والعسر في الخطوب بلاء
215. ... قرشي زاكي الشمائل وضاح ... محيا مهذب معطاء
216. ... أكتسبته شهادة الدار في الله ... حياة وهكذا الشهداء
217. ... وبجاه الأمير حيدرة الكرار ... من حبه لروحي جلاء
218. ... الوصي السامي الذرى كافل الزهراء ... نعم الوصي والزهراء
219. ... أسد الله سيد الآل مخطوب ... المعالي وللعلي العلاء
220. ... أنبأتنا الأنباء عن قدره العالي ... ويكفي للموقن الأنباء
221. ... كم شهدنا لعزمه خارقات ... شاكل المعجزات منها المضاء
222. ... قال ذو الحقد مادح الصهر أطراه ... ونزر في مدحه الإطراء
223. ... قد رأينا العلياء تعلي رجالا ... وعلي تعلو به العلياء
224. ... حينما استعرض الصفوف ببدر كر من عضبه عليهم وباء
225. ... ودحا الباب يوم خيبر فالحصن ... تداعى وانهز منه البناء
226. ... باب علم الرسول ذخري أو السبطين ... عزمي إذ تثقل الأعباء
227. ... كم أناديه والنوائب ليل ... مدلهم فيعتريها انجلاء
228. ... حسدته أولو الضغائن حقدا ... وكثيرا ما تحسد الحسناء
229. ... وبجاه السبطين شبليه عيني ... عصبة فوقها أستدير العباء
230. ... سيدي سادة الائمة والكل ... لعمري أئمة نجباء
231. ... أمة من بني النبي استظلت ... بحماها الأبدال والنقباء
232. ... حسرتي هم طول المدى ولكم من حسرات ماتت بها كرماء
233. ... آه والوعتي عليهم إذا ما ... خطرت لي البقيع أو كربلاء
234. ... ذو احتراق إذ يذكر النجف الأشرف ... قلبي المضنى وسامراء
235. ... فرقتهم يد التجلي فطوس ... دارهم والبطاح والزوراء(560/84)
236. ... شرفوا كل بقعة قدسوها ... ومع الله صبحهم والمساء
237. ... وبجاه الأمير خالد سيف الله ... من صح لي إليه انتماء
238. ... ألهزبر الفحل الذي أيد الدين ... ولانت بسيفه الأقسياء
239. ... والذي دوخ الألى من أولي الردة فاستسلموا له ثم فاؤا
240. ... والذي عز في فتوحاته الأقطار دين الهدى وطال اللواء
241. ... وبجاه الصحب الكرام جميعا ... نعم جيش النبي والرفقاء
242. ... قلبتهم يد الرسالة نورا ... بعد عتم وهذه الكيمياء
243. ... أسد الله والذي لأجل الله ... منهم طوعا أبيح الدماء
244. ... شيدوا الدين بالمواضي وهدوا ما بناه من الغوى القدماء
245. ... ومضوا إذ قضوا كراما بأصحاب ... النبيين ما لهم أكفاء
246. ... كم ببدر من حزبهم لاح بدر ... يتجلى سماؤه البيداء
247. ... كم حنين لصفهم بحنين ... ناب ظهر العدا به إحناء
248. ... وبحدب لهم مخضبة الأطراف ... بيض كم قومت حدباء
249. ... جاء منهم كالأنبياء رجال ... ما لوتها عن ربها الأشياء
250. ... وبجاه الأئمة الغر من عنهم ... أتتنا الشريعة الغراء
251. ... علماء الكتاب والسنة البيضاء ... أعيان ديننا الفقهاء
252. ... وبجاه المشايخ الزهر من هم ... عظماء الطريقة الأولياء
253. ... سادة هذبوا النفوس بدين الطهر ... طه فانجاب عنها الغطاء
254. ... زهدهم قد زوى الوجودات عنهم ... فلعمري حقا هم العقلاء
255. ... فزعت منهم القلوب إلى الله ... فذكر زمانهم ودعاء
256. ... وصلاة بصدق حال وصوم ... طرق الخوف كله والرجاء
257. ... وبجاه الغوث الكبير الرفاعي ... من تجلت له اليد البيضاء
258. ... سيد ناب عن نبي البرايا ... بشؤن حارت لها النظراء
259. ... علم الشرق كوكب الصدق فياض ... الأيادي والفلذة الخضراء
260. ... مدد يرفع الوضيع وسر ... قد أقيمت بحاله العرجاء
261. ... وخلال حميدة وفيوض ... هي والعارض الملح سواء
262. ... وبأولاده الهداة فهم قوم ... كرام أماجد صلحاء
263. ... بيت مجد إلى علي تعالت ... من ذويه الأبناء والآباء
264. ... شرف ينطح النجوم وصيت ... ملئت من معطاره الأرجاء
265. ... وبجاه انكسار كل محب ... خالص مسه من الحب داء(560/85)
266. ... بمعان على القلوب أضاءت فاستنارت وزيح عنها الغشاء
267. ... بإشارات كل عبد نزيه ... جذبته للصانع الآلاء
268. ... رضي الله كافلا ووليا ... فاطمأنت من سره الأحشاء
269. ... بدموع للعاشقين إذا ... مس فقد كالسحب منها الماء
270. ... بأنين للوالهين لديه ... زفرات تبكي لها الصماء
271. ... بعقول قد أدركت غاية السر ... ومنها لربها إسراء
272. ... بفهوم قد هزها الوجد حتى نطقت من صميمها الخرساء
273. ... بالخفي الجلي ذي الغارة المهدي من عمني به الإهتداء
274. ... مظهر الحق باهر السر من طاب لقلبي بهديه الإقتداء
275. ... وارث المرتضى ومجلى هداه ... من علاه ضمن الظهور الخفاء
276. ... برجال الديوان حيا وميتا ... ولعمري أمواتهم أحياء
277. ... خذ حنانا يا مصطفى بعناني ... فالأعادي لها بشأني اعتناء
278. ... رب إني مدحت عبدك طه ... وبطه يستشفع الفقراء
279. ... نق سري يا رب من كل سوء ... فبسري من زلتي اصداء
280. ... وتدارك عجزي بقدرتك العظمى فإني مطيتي هزلاء
281. ... سار أهل القلوب لله والذنب ... دهاني وهمتي عثراء
282. ... كلما قلت أجتلي النور طمت ... منهجي ظلمة الهوى الظلماء
283. ... تب علي انتصر إلي فإني ... غلبتني الأعداء والأهواء
284. ... وأغثني مما أهم فرأيي ... ضمن سيل الذنوب شيء غثاء
285. ... واجتذبني إلى طريق أمان ... فطريقي فجاجه وعثاء
286. ... أنا عبد قد أثقلتني المعاصي ... وأعنائي وملني النصحاء
287. ... ألغياث الغياث يا رب فالركب ... أمام والعزم مني وراء
288. ... ألغياث الغياث فرج كروبي ... وارض عني فمنك يرجى الرضاء
289. ... يا إلهي هذا الزمان تمادى ... وبدت منه هجمة واعتداء
290. ... كدر الصفو فيه أحقاد قوم ... أقلقتهم بغيها الشحناء
291. ... وقلوب لهم تربع فيها ... قسوة تغلب النهى وجفاء
292. ... ضيق الأرض يا غيور عليهم ... وامض فيهم من القضا ما تشاء
293. ... وأعذني من شر كل حسود ... وقرت في ضميره البغضاء
294. ... واحي قلبي برحمة منك إني ... ما لناري بغيرها إطفاء
295. ... وأفنني بالنبي حتى أراني ... لي فناء بحبه وبقاء
296. ... وأراني له رفيقا وجارا ... منه يجري فضلا علي العطاء(560/86)
297. ... فهو روح الأرواح سرا وجهرا ... هب من نشره عليها شذاء
298. ... نسجت للألباب منه معان ... روضة في طرازها فيحاء
299. ... هو في الكون نقطة الباء يبدو ... حين يجلى ما افتر عنه الباء
300. ... كم أعاد الباري به من أفانين ... علوم لم يبدها الإبداء
301. ... جاء بالحق والقلوب بها موت ... فعاشت وهزها الإحياء
302. ... وبدا نوره فأصبح للحشر ... منيرا بضوءه يستضاء
303. ... يا إلهي يا واسع الجود يا من ... شأنه الوضع جل والإعلاء
304. ... يا عظيم النوال يا واهب الآمال ... يا من لبابه الإلتجاء
305. ... يا مجيب المضطر حين يناجيه ... ولليل عتمة فحماء
306. ... يا مغيثا بلجة البحر إن ما ... هتفت باسم قدسه الغرقاء
307. ... قد رجوناك فاسبل الستر والطف ... عل يروي ظما القلوب الرواء
308. ... وعلى المصطفى فصل وسلم ... ما استمال الغصن الرطيب هواء
309. ... وانطوى بالخفاء نشر ولاحت ... بارقات لها المعاني غطاء
310. ... وعلى آله الذين اصطفاهم ... ربهم للعلى فهم أصفياء
311. ... سادة الناس أكرم الخلق طرا شرفاء الخلائق الأذكياء
312. ... وعلى السادة الصحابة من هم ... سادتي حين تذكر الأسماء
313. ... ما حدا الركب في المهامه حاد ... هيمته الطلول والأرجاء
314. ... وسرى في عوالم الله سر ... وارتقت في المنابر الخطباء
315. ... واستهلت بشرى بحسن ختام وطوى شقة العناء الرضاء
الفهرس العام
الفهرس العام ... 1
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ... 1 ... 1
ولد الهدى 1 ... 12 ... 1
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة ... 17 ... 1
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا ... 18 ... 1
يا إمام الرسل يا أحمدْ ... 19 ... 1
إلا الرسول ... 20 ... 1
البردة للبوصيري ... 21 ... 1
الصارم المسلول لشاتمي الرسول ... 27 ... 1
عاد محمد صلى الله عليه وسلم ... 28 ... 1
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال ... 29 ... 1
عائدون يا رسول الله ... 30 ... 1
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري ... 32 ... 1
القصيدة المضرية ... 33 ... 1
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام ... 35 ... 1
خيرَ البرية نظرة إليَّ ... 36 ... 1
ربيع الهدى ... 37 ... 1
رسول الهدى (1) ... 37 ... 1(560/87)
سيدي يا رسول الله ...!! ... 40 ... 1
صلاة الله وسلامه على الهادي ... 43 ... 1
صلى الإله وسلما ... 44 ... 1
عذراً.. رسول الله!.. ... 44 ... 1
فدى لرسول الله ... 46 ... 1
في ذكرى المولد ... 48 ... 1
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا ... 51 ... 1
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ ... 52 ... 1
أطبق الليل واختفت أضواء ... 52 ... 1
فجأةً شاعَ الخبرْ ... 53 ... 1
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ ... 54 ... 1
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري ... 55 ... 1
******** مديحك يا مختار ... 56 ... 1
مولد الهادي ... 56 ... 1
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... 57 ... 1
يا حبيبي هاكَ نحري ... 58 ... 1
من نبع هديك تستقي الأنوار ... 59 ... 1
إمام المرسلين فداك روحي...61 ... 1
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم-62 ... 1
جلَّ من ربَّاك ... 63 ... 1
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم ... 64 ... 1
نفحات الهجرة ... ... 68 ... 1
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ... 69 ... 1
لك في مهمة التجلي البهاء ... 72 ... 1
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ... 2
ولد الهدى 1 ... 13
ملحمة النبي صلى الله عليه وسلم عمر أبو ريشة ... 18
أبو الزهراء خيرُ المرسَلينا ... 19
يا إمام الرسل يا أحمدْ ... 20
إلا الرسول ... 21
البردة للبوصيري ... 22
الصارم المسلول لشاتمي الرسول ... 28
عاد محمد صلى الله عليه وسلم ... 29
يا أمتي انتبهي فالخطب أهوال ... 30
عائدون يا رسول الله ... 31
القصيدة المحمدية للإمام البوصيري ... 33
القصيدة المضرية ... 34
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام ... 36
خيرَ البرية نظرة إليَّ ... 37
ربيع الهدى ... 38
رسول الهدى (1) ... 38
سيدي يا رسول الله ...!! ... 41
صلاة الله وسلامه على الهادي ... 44
صلى الإله وسلما ... 45
عذراً.. رسول الله!.. ... 45
فدى لرسول الله ... 47
في ذكرى المولد ... 49
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا ... 52
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ ... 53
أطبق الليل واختفت أضواء ... 53
فجأةً شاعَ الخبرْ ... 54
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ ... 55
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري ... 56
********
مديحك يا مختار ... 57
مولد الهادي ... 57(560/88)
نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... 58
يا حبيبي هاكَ نحري ... 59
من نبع هديك تستقي الأنوار ... 60
إمام المرسلين فداك روحي... 62
تحية ودفاع عن عرضه - صلى الله عليه وسلم- ... 63
جلَّ من ربَّاك ... 64
حاشى لوجهك أن يأتي به القلم ... 65
نفحات الهجرة ... ... 69
شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ... 70
لك في مهمة التجلي البهاء ... 73(560/89)
قصائد مختارة في نصرة الرسول الكريم
ِتَعْذِرَنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا *** نُعَانِي تَحْتَ أَهْوَالٍ عِظَامِ
أَمَاتُوا أُمَّةً هَانَتْ وَنَادُوا *** بِأَنَّ سُبَاتَنَا لِلدِّينِ حَامِ
وَهُمْ أَعْدَاؤُنَا سِرّاً وَلَكِنْ *** هُنَاكَ تَفَاوُتٌ عِنْدَ الصِّدَامِ
فَبَعْضٌ فِي التُّرَابِ يَدُسُّ رَأْساً *** وَيَشْمَخُ بِاسْتِهِ مِثْلَ النَّعَامِ
وَآخَرُ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ زَيْفاً *** يَسُوسُ النَّاسَ قَسْراً بِالحُسَامِ
يَرَوْنَ دِمَاءَنَا لِلسَّفْكِ حِلاًّ *** قُسَاةً يَلْهَثُونَ بِلاَ أُوَامِ
غَدَاةَ السِّلْمِ كُلُّهُمُ صُقُورٌ *** وَعِنْدَ الحَرْبِ أَشْبَهُ بِالحَمَامِ
يَدُوسُونَ النُّفُوسَ بِلاَ حَيَاءٍ *** وَقَدْ جُبِلُوا عَلَى سَحْلِ الأَنَامِ
غِثَاءُ السَّيْلِ صَارَ لَنَا شَبِيهاً *** نَهِيمُ بِلاَ هُدَىً مِثْلَ السَّوَامِ
رَسُولَ اللهِ لاَ تَأْبَهْ لِرَسْمٍ *** شَنِيعٍ صَاغَهُ بَعْضُ اللِئَامِ
تَصَدَّى نُورُ وَجْهِكَ دُونَ لأْيٍ *** مَعَ الإِيمَانِ جَهْراً لِلظَّلاَمِ
فَزَالَ الكُفْرُ عَنْ قَيْسٍ وَأَضْحَتْ *** بِكَ الرُّكْبَانُ تَرْفُلُ بِالسَّلاَمِ
وَهَا شَاهَدْتَ فِي الأَجْسَادِ نَزْفِي *** وَقَدْ كَرُّوا عَلَى المَوْتِ الزُّؤَامِ
شَبَابٌ لاَ يَخَافُونَ المَنَايَا *** تَداعُوا لِلَّظَى وَالأُفْقُ دَامِ
فِدَاكَ أَبِي وَرُوحِي دُونَ مَنٍّ *** أُقَدِّمُهَا إِلَى مَرْمَى السِّهَامِ
وَلَوْ قَدْ كَانَ لِي رَهْطٌ وَخَيْلٌ *** لأَسْمَعْتُ الأُلَى خَسِئُوا كَلاَمِي
وَلَكِنْ لاَ سِلاَحَ لَهُ نُفُوذٌ *** سِوَى قَلَمِي لإِيقَاظِ النِّيَامِ
فَلَيْتَ لَنَا بِجَوْفِ الغِمْدِِ سَيْفاً *** وَلَيْتَ لَنَا وَرَاءَ القَوْسِ رَامِ
جَمِيلُ الفِعْلِ لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ *** نَزِيهٌ أَنْتَ عَنْ كُلِّ اتِّهَامِ
نِدَائِي يَا رَسُولَ اللهِ يَوْماً *** بِأَنْ أُشْفَى بِحَوْضِكَ مِنْ سَقَامِي(561/1)
بِمَدْحِكَ أَرْتَجِي وَالوَيْلُ خَلْفِي *** وَقَدْ عَاثَ العِدَى حُسْنَ الخِتَامِ
************************************************** **********************
قصيدة2
يَا عَينُ جُودِي بِدَمعٍ مِنكِ مُنسَكِبِ *** وَابكِي عَلَى الفَضلِ وَالأَخلاقِ وَالأَدَبِ
وَاستَفرِغِي الدَّمعَ لا تُبقِيهِ قَد عَظُمَت *** مُصِيبَةُ الكَونِ سُبَّ المُصطَفَى العَرَبي
سَبُّوا نَبيَّ الهُدَى وَاستَهزَؤُوا عَلَنًا *** بِالهَاشِمِيِّ المُفَدَّى طَاهِرِ النَّسَبِ
سَبُّوهُ وَاستَهزَؤُوا وَاستَمطَرُوا غَضَبًا *** فَليَرقُبُوا عَن قَرِيبٍ ثَورَةَ الغَضَبِ
يَا وَيحَهُم أَيُّ جُرمٍ قَد أَتوهُ أَمَا *** لِلحِقدِ حَدٌّ وَزُورِ القَولِ وَالكَذَبِ
يَا وَيحَهُم أَينَ مَا كَانُوا إِلَيهِ دَعَوا *** في مجلِسِ الأَمنِ مِن سِلمٍ وَمِن رَحَبِ
أَينَ الحِوَارَاتُ أَمْ أَينَ القَرَارَاتُ أَمْ *** أَينَ الوُعُودُ التي صِيغَت مِنَ الذَّهَبِ
أَمْ أَنها دُولَةٌ بَينَ اليَهُودِ وَمَنْ *** أَمسَى عَلَى دَربِهِم مِن عَابِدِي الصُّلُبِ
تَبًّا لها مِن حِوَارَاتٍ وَتَبًّا لَهُ *** سِلْمًا يُدَانُ بِهِ إِلا مَعَ العَرَبِ
بِالأَمسِ أَبدَوهُ تحقِيقًا لِمَصلَحَةٍ *** كَانَت تُدَارُ وَأَخفَوا غَيضَ مُرتَقِبِ
وَاليَومَ فَاهُوا بما تُخفِي صُدُورُهُمُ *** مِن إِحنَةٍ زَالَ عَنهَا مُظلِمُ الرِّيَبِ
الحِقدُ قَد بَانَ وَالبَغضَاءُ قَد ظَهَرَت *** وَالكُرهُ قَد شَبَّ في الطَّاغِينَ كَالجَرَبِ
يُمسِي بِبَلدَةِ أَوغَادٍ وَيُصبِحُ قَد *** أَلقَى بِأُخرَى رِحَالَ القَصدِ عَن كَثَبِ
أَغرَى بِهِ سَاسَةُ الأَبقَارِ إِخوَتَهُم *** فَاستَجمَعُوا النَّطحَ في هَرجٍ وفي صَخَبِ
لم يَرقُبُوا مَوثِقًا فِينَا وَمَا اكتَرَثُوا *** يَومَ استَخَفُّوا بِدِينٍ أَو بِعِرضِ نَبي(561/2)
لَكِنْ لَنَا اللهُ مَولانَا نُؤَمِّلُهُ *** عِندَ الرَّخَاءِ وفي الشِّدَّاتِ وَالنُّوَبِ
رَبًّا يَغَارُ وَمَن يَطْلُبْهُ يُدرِكْهُ لا *** أَرضٌ تَقِيهِ وَلا قَصدٌ إِلى هَرَبِ
وَهْوَ الحَسِيبُ وَكَافِينَا وَنَاصِرُنَا *** في كُلِّ خَطبٍ فَلا نَخشَى مِنَ الغَلَبِ
اليَومَ نَبكِي بِدَمعٍ سَاجِمٍ وَغَدًا *** قَد يَضحَكُ الدَّهرُ مِن أُنسٍ وَمِن طَرَبِ
**********************************
قصيدة3
أطبق الليل واختفت أضواء *** وتوالى على النفوس البلاء
ودموع همتْ كأمطار مُزْنٍ *** واقْشَعَرَّتْ بسيطة وسماء
وبحار بمائها وجبال *** راسيات جثى عليها الوباء
وسحاب تمر مر غضوب *** ليس ماء يزينها أو هواء
نعم تصطلي برمضاءِ قَحْط *** هي عطشى وما هنالك ماء
وانظر الورد والزهور بروض *** مسها الضر واعتراها الحياء
شجر مذبل ودوح تهاوى *** وزروع من الونى حدباء
ها هي الشمس في السماء اكْفَهَرَّتْ *** وانحنى البدر والْتَوَتْ جوزاء
كل شبر على البسيطة يشكو *** من أناس كما يقال غثاء
دينها يعتدى عليه جهارا *** ورسول يسبه الجهلاء
كيف نرضى مذلة وهوانا *** كيف نرضى الخضوع أين الإباء
أي نصر ونحن في بئر لهو *** أي عز وقد غزانا الرباء
أي نصر ومنتدانا المخازي *** أي نصر وثوبنا الكبرياء
أيها المسلمون في كل قطر *** أيها الأتقياء والأولياء
سددوا السهم فالعدو تمادى *** لا تذلوا فأنتم العلياء
أرشقوا بالنبال كل عتل *** حربه الصالحون والأنبياء
وحدوا صفكم بجد وعزم *** وانصروا الله أيها الأوفياء
قاطعوا المنتجات صبوا عذابا *** لا تلينوا وللرسول أساؤا
دانمركي ما رسمت لَرُزْءٌ *** وخطوب وغارة شَعْوَاءُ
دانمركي نلت ذلا وخسفا *** كل عرض لعرض طه فداء
سيد المرسلين خير البرايا *** قائد الغر رحمة وهداء
صل ربي على الرسول وآل *** وصحاب ما غردت ورقاء
***********************************
قصيدة4
فجأةً شاعَ الخبرْ *** هزَّ قلبي مذْ خَطَرْ(561/3)
قلتُ في نفسي عسى *** كِذْبُ إعلامٍ عبَرْ
فاستعدتُ الحسَّ منّي *** مُدركاًً فحوى الخبرْ
هزَّني صوتُ المذيعِ *** (آذوا) أحمدْ يا بشرْ
حسرةٌ بانتْ لعيني ***بعدها الدمعُ انهمرْ
قمتُ مذعوراً أنادي *** هلْ بهذا نُختبرْ؟
ياحبيبي هاكَ نحري *** دونكَ القلبُ انفطرْ
يا حبيبي يا شفيعي*** أنتَ قلبي و النظرْ
يا حبيبَ اللهَ صبراًً*** حانَ ميعادُ الظفَرْ
قدْ صحونا منْ رُقادٍ *** وانتبهنا للخطرْ
واجتمعنا بعدَ نأي ٍ *** بعدَ ما كنّا زُمَرْ
ياحماةَ الدينِ هيّا *** فانصروا خيرَ البشرْ
مزّقوا كلّ كفورٍ *** ناشراً ذاكَ الخبرْ
مزّقوهُ كيْ يكونَ *** عِبرةً فيمنْ عبرْ
قاطعوا كلَّ نِتاجٍ *** فيهِ أيدي منْ كفرْ
مزّقوا كلَّ الجرائدْ *** قطّعوا كلَّ الصورْ
واحرقواحتى الهواءَ *** وادفنوهمْ في الحُفرْ
وانصروا خيرَ البرايا *** منْ لهُ انشقَّ القمرْ
منْ لهُ الأفلاكُ دانتْ *** منْ لهُ الكونُ انحسرْ
هلْ جزاءُ التائبينَ *** غيرَ حورٍ و سُرَرْ
هلْ جزاءُ الصابرينَ *** غيرَ طلْحٍ و نَهَرْ
مُنتهى حُبُّ النبيّ *** سجدةٌ عندَ السحرْ
ياجنودَاللهَ ارمي *** واقذفيهمْ بالشرَرْ
كُلُّنا جُندٌ لطهَ *** كُلُّنا أضحى عُمرْ
************************************
قصيدة5
أَيَا زُمْرَةَ الْكُفْرِ جِيْلَ التُّخَمْ *** وَرَمْزَ السَّفَاهَةِ رَمْزَ النِّقَمْ
أَلَمْ تَهْجَعُوا مِنْ عَدَاءِ الرَّسُوْلِ *** وَسُوْءِ التَّعَامُلِ مُنْذُ الْقِدَمْ
أَمَا آنَ لِلظُّلْمِ أَنْ يَنْتَهِيْ *** أَمَا آنَ لِلشَّرِّ أَنْ يُخْتَرَمْ
سَخِرْتُمْ بِشَخْصِ النَّبِيِّ الْكَرِيْمِ *** وَأَضْرَمْتُمُ النَّارَ بَيْنَ الأُمَمْ
أَتَهْزَأُ يَا غُدْرُ بِالْمُصْطَفَى *** إِمَامُ النَّبِيِّيْنَ طَوْدٌ أَشَمْ
رَسُوْلُ عَلَى خُلُقٍ نَيِّرٍ *** وَدِيْنٍ قَوِيْمٍ وَرَمْزِ الْهِمَمْ
أَنَرْوِيْجُ أَسَّسْتِ مَوْقُوْتَةً *** بَنَيْتِ مِنَ الْجَهْلِ أَعْتَى لَغَمْ(561/4)
وَكُنْتِ عَنِ الشَّرِّ فِيْ مَعْزِلٍ *** لَبِسْتِ مِنَ السُّخْرِ ثَوْبَ التُّهَمْ
وَالدَّانَمَرْكِيُّ شَيْنُ الْوَرَى *** تَعَدَّى الْحُدُوْدَ بِرَسْمِ الْقَلَمْ
أَسَاءَ إِلَى الْمُصْطَفَى مُعْلِنًا *** رِضَاهُ وَأَوْغَلَ فِيْنَا الأَلَمْ
وَسَدَّدَ سَهْمًا إِلَى أُمَّةٍ *** تَحَلَّتْ بِنُوْرِ الْهُدَى وَالْقِيَمْ
ومَوْجُ الْعُتَاةِ أَتَى مُعْلِنًا *** بِنَقْض الْعُهُوْدِ وَنَكْثِ الْقَسَمْ
************
أَيَا أُمَّةَ الدِّيْنِ مَاذَا الْوَنَى *** فَذُلُّ التَّوَانِيْ بِنَا قَدْ أَلَمّْ
شَبَابٌ تَرَبَّى عَلَى غَفْلَةٍ *** وَرَقْصٍ وَلَهْوٍ وَتَرْكِ الْقِيَمْ
تَرَبَّى عَلَى نَغْمَةِ الْفَاتِنَاتِ *** فَأَيْنَ الإِبَاءُ وَأَيْنَ الشِّيَمْ
أَيَسْخَرُ مِنْ شَرْعِنَا زُمْرَةٌ *** قَدِ اغْتَالَهَا سُوْءُ فِكْرٍ أَصَمَ
وَأَنْتُمْ عَلَى مَوْج بَحْرِ الْهَوَى *** فَأَيْنَ الْعُهُوْدُ وَأَيْنَ الذِّمَمْ
فَتُوْبُوا فَفِي الدِّيْنِ عِزٍّ لَكُمْ *** ونصرٌ وفخرٌ وفضلٌ وكم
************
أَيَا أُمَّةَ الدِّيْنِ مَاذَا أَرَى *** دَيَاجِيْرَ ظُلْمٍ وَلَيْلاً أَطَمّْ
أَرَى مَوْجَةَ الشَّرِّ قَدْ آذَنَتْ *** بِحَرْبٍ عَلَى دِيْنِنَا الْمُحْتَرَمْ
أَرَى مَوْجَةَ الظُّلْمِ قَدْ خَيَّمَتْ *** عَلَى حَافَةِ الدِّيْنِ دِيْنِ الْقِيَمْ
وَنَحْنُ عَلَى جُرُفِ الْهَاوِيَاتِ *** نُغَازِلُ بُرْكَانَ هَمٍّ وَغَمّْ
أَمَا آنَ لِلَّيْلِ أَنْ يَنْجَلِيْ *** وَمَا آنَ لِلْبَدْرِ يَبْدُوْ أَتَمّْ
أَفِيْقُوا فَإِنَّ الْعَدُوَّ اعْتَدَى *** عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ مَاحِي الظُّلَمْ
رَسُوْلِ الْهُدَى وَالنَّبِيِّ الْكَرِيْمِ *** وَتَاجِ التُّقَى وَالْوَفَى وَالْكَرَمْ
أَفِيْقُوا فَإِنَّ الْعَدُوَّ اعْتَدَى *** وَأَضْرَمَ نَارًا وَفِي النَّارِ سَمّْ(561/5)
فَأَعْطُوْهُ مِنْ دَرْسِكُمْ حِصَّةً *** لِتَهْوِيْ بِهِ فِيْ عَمِيْقِ النَّدَمْ
وَحُطُّوا عَنِ النَّفْسِ أَوْزَارَهَا *** بِمَالٍ وَنَفْسٍ وَإِلاَّ فَلَمْ
****************************************
قصيدة6
السيّفُ أُشْهِرَ والليوثُ ضواري *** ذَوّادةً عن سيدِ الأبرارِ
يا قائدَ الأحرار دونك أمةٌ *** فاقذفْ بجندك ساحةَ الكفارِ
واضربْ بنا لججَ المهالكِ غاضباً *** حتى نُركّع سطوةَ التيارِ
وتقحمنّ بنا الحتوفَ تغطرساً *** فهي الحياةُ بشِرعة الأحرارِ
الفرسُ والرومُ العلوجُ تدمروا *** منّا فكيف بـ(إخوة الأبقارِ)
دَنِمَرْكُ قد خضتِ الهلاك حماقةً *** والآن صرتِ بقبضة الجبّارِ
دَنِمَرْكُ يا بنتَ الصليب تجهّزي *** فليخطبنّك قاصفُ الأعمارِ
دَنِمَرْكُ هل تستهزئين بأعظم الـ *** ــعظماء في بَلَهٍ وفي استهتارِ
أو ما علمتِ بأنه قاد الورى *** للمجد للعلياء للإعمارِ
أعلى بناء حضارةٍ قدسيةٍ *** والغربُ كان حبيسَ جُرفٍ هارِ
شهدَ الفلاسفةُ العِظامُ بأنه *** ربُ النهى ومؤدلجُ الأفكارِ
وإذا أتى الأرضَ الخرابَ تزينت *** لقدومه بأطايبِ الأزهارِ
وجرى عليها من نَميرِ عطائه *** ماءُ الحياة زبرجداً ودراري
وإذا تبسّم فالصباحُ بثغرهِ *** سَحَرَ القلوب وليس بالسّحارِ
وإذا غزا فالرفقُ يغزو قبلهُ *** والرفقُ أعتى جحفلٍٍ جرارِ
الفاتحُ الدنيا بأبطال الوغى *** يرمي بهم قُضُب الكفاح عواري
الملبسُ الدنيا ثيابَ تحررٍ *** المُبْدِلُ الظلماءَ بالأنوارِ
الواهبُ الدنيا شموس هدايةٍ *** نبويةٍ لألاءة الأفكارِ
تفدي جنابَك ألفُ ألفُ دويلةٍ *** حكمت رباها سلطةُ الفجارِ
تفدي جنابك ألفُ ألفُ عمامةٍ *** مدسوسةٍ خوفاً من الأخطارِ
تفدي جنابك كلُ نفسٍ حرةٍ *** عافت حياة الشر والأشرارِ
تفدي جنابَك يا رسول الله *** يا خير البرية أمةُ المليارِ
**********************************(561/6)
---------------------------------------------------------------------------------------
الصفحه رقم 1
-----------------
1- قصيدة البردة ==== شعر: كعب ابن زهير
2- قصيدة ارك عصي الدمع ==== شعر: ابو فراس الحمداني
3- معلقة قفا نبك ==== شعر:امريء القيس بن حجر
4- معلقة أمن أم أوفى ==== شعر:زهير أبن ابي سلمى
5- معلقة هل غادر الشعراء ==== شعر:عنترة بن شداد
6- معلقة الاهُبي بصحنك ==== شعر:عمرو بن كلثوم
7- معلقة لخولة أطلالٌ ==== شعر:طرفة بن العبد البكري
8- معلقة ودع هريرة ==== شعر:الأعشى ميمون البكري
الصفحة رقم 2
------------------
9- معلقة وقفت اسالها === شعر: لبيد بن ربيعة العامري
10- قصيدة أضحى التنائي === شعر: ابن زيدون الاندلسي
11- قصيدة الدواء === شعر: الحسن ابن هاني (أبونواس)
12- قصيدة دع الوشاة === شعر: البهاء زهير
13- قصيدة فلسفة الحياة === شعر: ايليا ابو ماضي
14- قصيدة اذا الشعب === شعر: ابو القاسم الشابي
15- قصيدة يا ليل الصب === شعر: ابي الحسن الحصري القيرواني
16-قصيدة اذا رمت === شعر: يزيد ابن معاوية
الصفحة رقم3
-----------------
17- قصيدة قذي بعينك === شعر: تماضربنت عمرو (الخنساء)
18- قصيدة ريعان الشباب === شعر: جميل بثينه
19- قصيدة على قدر أهل === شعر: ابو الطيب المتنبي
20- قصيدة لولا الحياء === شعر: جـ ـــــــرير
21- قصيدة إن الذوائب === شعر: حسان ابن ثابت
22- قصيدة هذا الذي === شعر: همام ابن غالب(الفرزدق)
23- قصيدة السيف أصدق === شعر: حبيب بن اوس (ابوتمام)
24- قصيدة السماء كئيبة === شعر: ايليا ابو ماضي
الصفحة رقم 4
------------------
25- قصيدة ضجعة الموت === شعر: ابي العلاء المعري
26- قصيدة وقفة على طلل === شعر: محمود غنيم
27- قصيدة عيون المها === شعر: علي بن الجهم
28- قصيدة عذبة انت === شعر: ابو القاسم الشابي
29- قصيدة رثاء الأندلس === شعر: أبو البقاء الرندي(562/1)
==================
الجز الثاني
==================
الصفحة رقم 5
------------------
30- قصيدة لامية العرب === شعر: الشنـ ــفرى
31- قصيدة لامية العجم === شعر: الطغـ ـرائي
32- قصيدة ياظبية البان=== شعر: الشريف الرضي
33- قصيدة دع الايام=== شعر: الامام الشافعي
34- قصيد ة الطين=== شعر: ايليا ابو ماضي
35- قصيدة خدعوها=== شعر: احمد شوقي
الصفحة رقم 6
----------------
36- قصيدة جاوز الظالمون === شعر: علي محمود طه
37- قصيدة ان تبتدار غاية === شعر:بشامة بن حزن النهشلي
38- قصيدة الاطلال === شعر: الدكتور ابراهيم ناجي
39- قصيدة سأحمل روحي=== شعر: عبد الرحيم محمود
40- قصيدة ليس الغريب=== نظم:زين العابدين علي بن الحسين
41- قصيدة تذكرت ليلى=== شعر: قيس بن الملوح(مجنون ليلى)
42- قصيدة نالت على يدها === شعر: يزيد بن معاوية بن ابي سفيان
43- قصيدة تعلّق قلبى=== شعر:امريء القيس بن حجر الكندي
الصفحة رقم 7
-------------------
44- قصيدة انشودة المطر === شعر: بدر شاكر السياب
45- قصيدة انا وليلي === شعر: حسن المرواني
46- قصيدة لاتعذليه === شعر: ابن زريق البغدادي
47- قصيدة يعطيك من طرف=== شعر:صالح ابن عبد القدوس
الصفحة رقم 8
-------------------
48- قصيدة ردي عليّ فؤادي === شعر: جرير بن الخطفي
49- قصيدة النفسُ تبكي === شعر: على بن ابي طالب
50- قصيدة واحر قلباه === شعر: ابو الطيب المتنبي
51- قصيدة اما لجميل عندكن=== شعر: ابو فراس الحمداني
52- قصيدة ولا تك في القرآن === شعر: ابن أبي داود رحمه الله
53- قصيدة ألا ليت شعري === شعر:مالك بن الريب
الصفحة رقم 9
-------------------
54- قصيدة ركوب الخطر === شعر: صفي الدين الحلي
55- قصيدة نهج البردة === شعر: احمد شوقي
56- قصيدة يشهدالله === شعر: الدكتور غازي القصيبي
57- قصيدة حمامة باكية === شعر: أبو فراس الحمداني
الصفحة رقم 10
-----------------(562/2)
58- قصيدة حمامة باكية === شعر ابو فراس الحمداني
59- قصيدة ذات الوشاح === شعر يزيد بن معاوية
60- قصيدة اصلى فابكي === شعر جميل بينة
61 –قصيدة لا تكذبي === شعر حسين الشناوي
62- قصيدة النهر الخالد === شعر محمود حسن اسماعيل
63- قصيدة ياجارة الوادي=== شعر احمد شوقي
صفحة رقم 11
-----------------
64- قصيدة جفنه علم الغزل ==== شعر الاخطل الصغير
65- قصيدة شهداؤنا ==== شعر فاروق جويدة
66- قصيدة عوى الذئب ==== شعر الاحيمر السعدي
67- قصيدة كلماتنا في الحب === شعر نزار قباني
68- قصيدة مت ستعرف كم === شعر نزار قباني
69- قصيدة اغضب === شعر نزار قباني
70- قصيدة الغابة السوداء === شعر نزار قباني
71- قصيدة الى تلميذة === شعر نزار قباني
صفحة رقم 12
-----------------
72- قصيدة المطر === شعر نزار قباني
73- قصيدة كن بلسماً === شعر إيليا ابي ماضي
74- قصيدة نجوى === شعر خير الدين الزر كلي
75- قصيد بعد الحب === شعر كريم العراقي
76- قصيدة خداع لاماني == شعر ابو العتاهية
77- قصيدة جادك الغيث == شعر لسان الدين الخطيب
78- قصيدة وجد شاعر == شعر حميد بن ثور الهلالي
صفحة رقم 13
-----------------
79- قصيدة وفاة العرب === شعر نزار قباني
80- قصيدة مغترب يرسم === شعر نزار قباني
81- قصيدة ديار نجد === شعر ابن الدمينة
82 – قصيدة اوهيت قلبي === شعر الخنساء
83 – قصيدة فارس الخيل === شعر الخنساء
84- قصيدة أعيني جودا === شعر الخنساء
صفحة رقم 14
------------------
85- قصيدة يا سيدة النساء === شعر فواز سعد العنزي
86- قصيدة أبي القلب === شعر أبو صخر الهذلي
87- قصيدة بكاؤكما يشفي === شعر ابن الرومي
89- قصيدة اغداً القاك === شعر الهادي ادم
90- قصيدة اغالب الشوق === شعر أبو الطيب المتنبي
91- قصيدة بم التعلل === شعر أبو الطيب المتنبي
صفحة رقم 15
---------------------
92- قصيدة ثياب السقم === شعر عائشة التيمورية(562/3)
93- قصيدة بلغوها === شعر الأخطل الصغير
94- قصيدة اتصحو === شعر جرير
صفحة رقم 16
--------------------
95- قصيدة لغير ألعلي ==== شعر الشريف الرضي
96- قصيدة اكسبوك رهاناً ==== شعر د عبدا لرحمن العشماوي
97- قصيدة سل الرماح ==== شعر صفي الدين الحلي
98- قصيدة رثى وبكى ==== شعر عمر بهاء الدين الأميري
صورة عضوية THE_MASTER
تاريخ الانضمام: 03/11/02
محل السكن: NO PAIN NO GAIN-->NO LINUX NO POWER
المشاركات: 531
THE_MASTER is on a distinguished road
...
جزاك الله خيرا اخي نهر الكلمه وابنتظار المزيد ولعلي احفظها في مجلد عندي
تحياااااااتي
__________________
معلومات عنك :
Rev - 01101111 01101011 00100000 01001110 01101111 00100000 01110000 01110010 01101111 01100010 01110011 00100000 00111010 00101001
Offline: ...
THE_MASTER
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى THE_MASTER
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة THE_MASTER
قديم 24/12/02, 03 :39 03:39:10 PM ... #5
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
معلقة امريء القيس بن حجر بن الحارث الكندي توفي عام 74 قبل الهجرة
========================= ==========
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ و منزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها من جنوبٍ و شمأل
رخاء تسح الريح في جنباتها ... كساها الصبا سحق الملاء المذيل
ترى بعر الآرام في عرصاتها ... وقيعانها كأنه حب فلفل
كأني غداة البين يوم تحملوا ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل
وقوفاً بها صحبي علي مطيهم ... يقولون لا تهلك أسىً و تجمل
فدع عنك شيئاً قد مضى لسبيله ... و لكن على ما غالك اليوم أقبل
وقفت بها حتى إذا ما ترددت ... عماية محزونٍ بشوقٍ موكل(562/4)
و إن شفائي عبرة مهراقةٌ ... فهل عند رسمٍ دارسٍ من معول
كدأبك من أم الحويرث قبلها ... و جارتها أم الرباب بمأسل
إذا قامتا تضوع المسك منهما ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
ففاضت دموع العين مني صبابةً ... على النحر حتى بل دمعي محملي
ألا رب يومٍ لك منهن صالحٍ ... و لا سيما يوم بدارة جلجل
و يوم عقرت للعذاري مطيتي ... فيا عجبا من كورها المتحمل
و يا عجباً من حلها بعد رحلها ... و يا عجبا للجازر المتبذل
فظل العذارى يرتمين بلحمها ... و شحمٍ كهداب الدمقس المفتل
تدار علينا بالسيف صحافنا ... و يؤتى إلينا بالعبيط المثمل
تقول و قد مال الغبيط بنا معاً ... عقرت بعيري يا أمرأ القيس فانزل
فقلت لها سيري و أرخي زقاقه ... و لا تبعديني من جناك المعلل
دعي البكر ، لا ترثي له من ردافنا ... و هاتي أذيقينا جناة القرنفل
بثغرٍ كمثل الأقحوان منورٍ ... نقي الثنايا أشنبٍ غير أثعل
فمثلك حبلى قد طرقت و مرضعٍ ... فألهيتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له ... بشق و تحتي شقها لم يحول
و يوماً على ظهر الكثيب تعذرت ... علي و آلت حلفةً لم تحلل
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل ... و إن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
و إن كنت قد ساءتك مني خليقةٌ ... فسلي ثيابي من ثيايك تغسل
أغرك مني أن حبك قاتلي ... و أنك مهما تأمري القلب يفعل
و أنك قسمت الفؤاد فنصفه ... قتيلٌ و نصفٌ بالحديد مكبل
و ما ذرفت عيناك إلا لتضربي ... بسهمك في أعشار قلب مقتل
و بيضة خدرٍ لا يرام خباؤها ... تمتعت من لهو بها غير معجل
تجاوزت أحراساً إليها و معشراً ... علي حراصاً لو يسرون مقتلي
فجئت ، و قد نضت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضل
فقالت يمين الله ، ما لك حيلةٌ ... و ما إن أرى عنك الغواية تنجلي
خرجت بها أمشي تجر وراءنا ... على أثرينا ذيل مرطٍ مرحل
فلما أجزنا ساحة الحي و انتحى ... بنا بطن خبتٍ ذي قفافٍ عقنقل(562/5)
هصرت بفودي رأسها فتمايلت ... علي هضيم الكشح ريا المخلخل
إذا التقتت نحوي تضوع ريحها ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
إذا قلت هاتي نوليني تمايلت ... علي هضيم الكشح ريا المخلخل
مهفهفة بيضاء غير مفاضةٍ ... ترائبها مصقولة كالسجنجل
كبكر المقاناة البياض بصفرة ... غذاها نمير الماء غير محلل
تصد و تبدي عن أسيلٍ و تتقي ... بناظرةٍ من وحش وجرة مطفل
وجيدٍ كجيد الريم ليس بفاحشٍ ... إذا هي نصته و لا بمعطل
وجيدٍ كجيد الريم ليس بفاحشٍ ... إذا هي نصته و لا بمعطل
و فرع يزين المتن أسود فاحمٍ ... أثيثٍ كقنو النخلة المتعثكل
غدائرة مستشزرًات إلى العلا ... تضل العقاصٌ في مثنى و مرسل
وكشحٍ لطيف كالجديل مخصر ... و ساقٍ كأنبوب السقي المذلل
و يضحي فتيت المسك فوق فراشها ... نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
و تعطو برخصٍ غير شثنٍ كأنه ... أساريع ظبي أو مساويك إسحل
تضيء الظلام بالعشاء كأنها ... منارة ممس راهب متبتل
إلى مثلها يرنو الحليم صبابةً ... إذا ما اسبكرت بين درعٍ و مجول
تسلت عمايات الرجال عن الصبا ... و ليس فؤادي عن هواك بمنسل
ألا رب خصمٍ فيك ألوى رددته ... نصيحٍ على تعذاله غير مؤتلي
و ليلٍ كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه ... و أردف أعجازاً و ناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبحٍ و ما الإصباح منك بأمثل
فيا لك من ليلٍ كأن نجومه ... بكل مغار الفتل شدت بيذبل
كأن الثريا علقت في مصامها ... بأمراس كتانٍ إلى صم جندل
و قربة أقوامٍ جعلت عصامها ... على كاهلٍ مني ذلولٍ مرحل
و وادٍ كجوف العير قفرٍ قطعته ... به الذئب يعوي كالخليع المعيل
فقلت له لما عوى : إن شأننا ... قليل الغنى ، إن كنت لما تمول
كلانا إذا ما نال شيئاً أفاته ... ومن يحترث حرثي و حرثك يهزل
و قد أغتدي و الطير في وكناتها ... بمنجردٍ قيد الأوابد هيكل(562/6)
و قد أغتدي و الطير في وكناتها ... بمنجردٍ قيد الأوابد هيكل
مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مدبرٍ معاً ... كجلمود صخرٍ حطه السيل من عل
كميتٍ يزل اللبد عن حال متنه ... كما زلت الصفواء بالمتنزل
على الذبل جياش كأن اهتزامه ... إذا جاش فيه حميه غلي مرجل
مسحٍ إذا ما السابحات على الوبى ... أثرن الغبار بالكديد المٌركل
يزل الغلام الخف عن صهواته ... و يلوي بأثواب العنيف المثقل
دريرٌ كخذروف الوليد أمره ... تتابع كفيه بخيطٍ موصل
له أيطلا ظبيٍ ، و ساقا نعامةٍ ... و إرخاءٍ سرحانٍ ، و تقريب تنقل
ضليعٌ إذا استد سد فرجه ... بضافٍ فويق الأض ليس بأعزل
كأن على المتنين منه إذا انتحى ... مداك عروسٍ ، أو صلاية حنظل
كأن دماء الهاديات بنحره ... عصارة حنًاءٍ بشيبٍ مرجل
فعن لنا سربٌ ، كأن نعاجه ... عذارى دوارٍ في ملاءٍ مذبل
فأدبرن كالجزع المفصل بينه ... بجيد معمٍ في العشيرة مخول
فألحقنا بالهاديات و دونه ... جواحرها في صرةٍ لم تزيل
فعادى عداء بين ثورٍ و نعجةٍ ... دراكاً و لم ينضح بماءٍ فيغسل
فظل طهاه اللحم من بين منضج ... صفيف شواءٍ أو قديرٍ معجل
ورحنا يكاد الطرف يقصر دونه ... متى ما ترق العين فيه تسهل
فبات عليه سرجه و لجامه ... و بات بعيني قائماً غير مرسل
أصاح ترى برقاً أريك وميضه ... كلمع اليدين في حبيٍ مكلل
يضيء سناه ، أو مصابيح راهبٍ ... أمال السليط بالذبال المفتل
قعدت له و صحبتي بين ضارجٍ ... و بين العذيب بعد ما متأملي
علاً قطناً بالشيم أيمن صوبه ... و أيسره على الستار فيذبل
فأضحى يسح الماء حول كتيفةٍ ... يكب على الأذقان دوح الكنهبل
ومر على القنان من نفيانه ... فأنزل منه العصم من كل منزل
و تيماء لم يترك بها جذع نخلةٍ ... و لا أجماً إلا مشيداً بجندل
كأن ثبيراً في عرانين وبله ... كبير أناسٍ في بجادٍ مزمل
كأن ذرى رأس المجيمر غدوةً ... من السيل و الأغثاء فلكه مغزل(562/7)
و ألقى بصحراء الغبيط بعاعه ... نزول اليماني ، ذي العياب المحمل
كأن مكاكي الجواء غديةً ... صبحن سلافاً من رحيقٍ مفلفل
كأن السباع فيه غرقى عشيةً ... بأرجائه القصوى أنابيش عنصل
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/12/02, 03 :45 03:45:33 PM ... #6
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
معلقة زهير بن أبي سلمى المزني توفي سنة 14 قبل الهجرة
========================= ========
أمن أم أوفى دمنةٌ لم تكلم ... بحومانة الدراج فالمتثلم
و دارٌ لها بالرقمتين كأنها ... مراجع وشمٍ في نواشر معصم
بها العين و الآرام يمشين خلفةً ... و أطلاؤها ينهضن من كل مجثم
وقفت بها من بعد عشرين حجةً ... فلأياً عرفت الدار بعد توهم
أثافي سفعاً في معرس مرجلٍ ... و نؤياً كجذم الحوض لم يتثلم
فلما عرفت الدار لربعها ... ألا انعم صباحاً أيها الربع و اسلم
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... تحملن بالعلياء من فوق جرثم
علون بأنماط عتاقٍ و كلة ... وراد حواشيها مشاكهة الدم
و فيهن ملهىً للطيف و منظرٌ ... أنيقٌ لعين الناظر المتوسم
بكرن بكوراً و استحرن بسحرة ... فهن و وادي الرس كاليد للفم
جعلن القنان عن يمين و حزنه ... و كم بالقنان من محلٍ و محرم
ظهرن من السوبان ثم جزعنه ... على كل قينيٍ قشيبٍ مفأم
و وركن في السبان يعلون متنه ... عليهن دل الناعم المتنعم
كأن فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم
فلما وردن الماء زرقاً جمامه ... وضعن عصي الحاضر المتخيم
سعى ساعيا غيظ بن مرة بعدما ... تبزل ما بين العشيرة بالدم
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله ... رجالٌ بنوه من قريشٍ و جرهمٍ(562/8)
يميناً لنعم السيدان وجدتما ... على كل حالٍ من سحيل و مبرم
تداركتما عبساً و ذبيان بعدما ... تفانوا و دقوا بينهم عطر منشم
وقد قلتما : إن ندرك السلم واسعاً ... بمالٍ و معروفٍ من الأمر تسلم
فأصبحتما منها على خير موطنٍ ... بعيدين فيها من عقوقٍ و مأثم
عظيمين في عليا معدٍ هديتما ... و من يستبح كنزاً من المجد يعظم
فأصبح يجري فيهم من تلادكم ... مغانم شتى من إفال المزنم
تعفى الكلوم بالمئين فأصبحت ... ينجمها من ليس فيها بمجرم
ينجمها قومٌ لقومٍ غرامةً ... و لم يهريقوا بينهم ملء محجم
فمن مبلغ الأحلاف عني رسالةً ... و ذبيان هل أقسمتم كل مقسم
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم ... ليخفى و مهما يكتم الله يعلم
يؤخر فيوضع في كتابٍ فيدخر ... ليوم الحساب أو يعجل فينقم
و ما الحرب إلا ما علمتم و ذقتم ... و ما هو عنها بالحديث الرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً ... و تضر إذا ضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحى بثفالها ... و تلقح كشافاً ثم تنتج فتتئمٍ
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
فتغلل لكم ما لا تغل لأهلها ... قرىً بالعراق من قفيز و درهم
لعمري لنعم الحي جر عليهم ... بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم
و كان طوى كشحاً على مستكنةٍ ... فلا هو أبداها و لم يتجمجم
و قال سأقضي حاجتي ثم أتقي ... عدوي بألفٍ من ورائي ملجم
فشد و لم يفزع بيوتاً كثيرةً ... لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم
لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذفٍ ... له لبدٌ أظفاره لم تقلم
جريءٍ متى يظلم يعاقب بظلمه ... سريعاً و إلا يبد بالظلم يظلم
جريءٍ متى يظلم يعاقب بظلمه ... سريعاً و إلا يبد بالظلم يظلم
رعوا ظمأهم حتى إذا تم أوردوا ... غماراً تفرى بالسلاح و بالدم
فقضوا منايا بينهم ثم أصدروا ... إلى كلأٍ مستوبلٍ متوخم
لعمرك ما جرت عليهم رماحهم ... دم ابن نهيك أو قتيل المثلم(562/9)
و لا شاركت في الحرب في دم نوفلٍ ... و لا وهبٍ منها ولا ابن المخزم
فكلاً أراهم أصبحوا يعقلونه ... علالة ألف بعد ألف مصتم
تساق إلى قومٍ لقومٍ غرامةً ... صحيحات مالٍ طالعاتٍ بمخرم
لحيٍ حلالٍ يعصم الناس أمرهم ... إذا طرقت إحدى الليالي بمعظم
كرامٍ فلا ذو التبل يدرك تبله ... لديهم و لا الجاني عليهم بمسلم
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولاً ـ لا أبالك ـ يسأم
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته و من يخطئ يعمر فيهرم
و أعلم ما في اليوم و الأمس قبله ... و لكنني عن علم ما في غد عم
ومن لا يصانع في أمورٍ كثيرةٍ ... يضرس بأنيابٍ و يوطأ بمنسم
و من يك ذا فضلٍ و يبخل بفضله ... على قممه يستغن عنه و يذمم
و من يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره و من لا يتق الشتم يشتم
و من لا يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم و من لا يظلم الناس يظلم
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... و لو نال أسباب السماء بسلم
و من يعص أطراف الزجاج فإنه ... يطيع العوالي ركبت كل لهذم
و من يوف لا يذمم و من يفض قلبه ... إلى مطمئن البر لا يتجمجم
و من يغترب يحسب عدواً صديقه ... و من لا يكرم نفسه لا يكرم
و مهما تكن عند امرىءٍ من خليقةٍ ... و إن خالها تخفى على الناس تعلم
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/12/02, 03 :54 03:54:49 PM ... #7
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
معلقة عنترة بن شداد العبسي توفي سنة 22 قبل الهجرة
========================= =======
هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي ... و عمي صباحاً دار عبلة و اسلمي
فوقفت فيها ناقتي و كأنها ... فدنٌ لأقضي حاجة المتلوم(562/10)
و تحل عبلة بالجواء و أهلنا ... بالحزن فالصمان فالمتثلم
حييت من طللٍ تقادم عهده ... أقوى و أقفر بعد أم الهيثم
حلت بأرض الزائرين فأصبحت ... عسراً علي طلابك ابنة محرمٍ
علقتها عرضاً و أقتل قومها ... زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم
و لقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم
كيف المزار و قد تربع أهلها ... بعنيزتين ، و أهلنا بالغيلم
إن كنت أزمعت الفراق فإنما ... زمت ركابكم بليلٍ مظلم
إن كنت أزمعت الفراق فإنما ... زمت ركابكم بليلٍ مظلم
ما راعني إلا حمولة أهلها ... وسط الديار تسف حب الخمخم
فيها اثنتان و أربعون حلوبةً ... سوداً كخافية الغراب الأسحم
إذ تستبيك بذي غروبٍ واضحٍ ... عذبٍ مقبله لذيذ المطعم
و كأن فارة تاجرٍ بقسيمةٍ ... سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضةً أنفاً تضمن نبتها ... غيثٌ قليل الدمن ليس بمعلم
جادت عليه كل بكرٍ حرةٍ ... فتركن كل قرارةٍ كالدرهم
سحاً و تسكاباً فكل عشيةٍ ... يجري عليها الماء لم يتصرم
و خلا الذباب بها فليس ببارحٍ ... غرداً كفعل الشارب المترنم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم
تمسي و تصبح فوق ظهر حشيةٍ ... و أبيت فوق سراة أدهم ملجم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشوى ... نهدٍ مراكله نبيل المخرم
هل تبلغني دارها شدنيةٌ ... لعنت بمحروم الشراب مصرم
خطارةٌ غب السرى زيافةٌ ... تطس الإكام بوخد خفٍ ميتم
و كأنما تطس الإكام عشيةً ... بقريب بين المنسمين مصلم
تأوي له قلص النعام كما أوت ... حذقٌ يمانيةٌ لأعجم طمطم
يتبعن قلة رأسه و كأنه ... حدجٌ على نعشٍ لهن مخيم
صعلٍ يعود بذي العشيرة بيضه ... كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
شربت بماء الدحرضين فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الديلم
وكأنما تنأى بجانب دفها الـ ... ـوحشي من هزج العشي مؤوم
هرٍ جنيبٍ كلما عطفت له ... غضبى اتقاها باليدين وبالفم
بركت على جنب الرداع كأنما ... بركت على قصبٍ أجش مهضم(562/11)
بركت على جنب الرداع كأنما ... بركت على قصبٍ أجش مهضم
وكأن رباً أو كحيلاً معقداً ... حش الوقود به جوانب قمقم
ينباع من ذفرى غضوبٍ جسرةٍ ... زيافةٍ مثل الفنيق المكدم
إن تغدفي دوني القناع فإنني ... طبٌ بأخذ الفارس المستلئم
أثني علي بما علمت فإنني ... سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلم
وإذا ظلمت فإن ظلمي باسلٌ ... مرٌ مذاقه كطعم العلقم
ولقد شربت من المدامة بعدما ... ركد الهواجر بالمشوف المعلم
بزجاجةٍ صفراء ذات أسرةٍ ... قرنت بأزهر في الشمال مفدم
فإذا شربت فإنني مستهلكٌ ... مالي وعرضي وافرٌ لم يكلم
وإذا صحوت فما أقصر عن ندىً ... وكما علمت شمائلي وتكرمي
وحليل غانيةٍ تركت مجدلاً ... تمكو فريصته كشدقٍ الأعلم
سبقت له كفي بعاجل طعنةٍ ... ورشاش نافذةٍ كلون العندم
هلا سألت الخيل يا بنة مالكٍ ... إن كنت جاهلةً بما لم تعلمي
إذ لا أزال على رحالة سابحٍ ... نهدٍ تعاوره الكماة مكلم
إذ لا أزال على رحالة سابحٍ ... نهدٍ تعاوره الكماة مكلم
طوراً يجرد للطعان وتارةً ... يأوي إلى حصد القسي عرمرم
يخبرك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغى وأعف عند المغنم
ومدجج كره الكماة نزاله ... لا ممعنٍ هرباً ولا مستسلم
جادت له كفي بعاجل طعنةٍ ... بمثقفٍ صدق الكعوب مقوم
جادت له كفي بعاجل طعنةٍ ... بمثقفٍ صدق الكعوب مقوم
فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
فتركته جزر السباع ينشنه ... يقضمن حسن بنانه والمعصم
ومسك سابغةٍ هتكت فروجها ... بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
ربذ يداه بالقداح إذا شتا ... هتاك غايات التجار ملوم
لما رآني قد نزلت أريده ... أبدى نواجذه لغير تبسم
عهدي به مد النهار كأنما ... خضب البنان ورأسه بالعظلم
فطعنته بالرمح ثم علوته ... بمهندٍ صافي الحديدة مخذم
بطلٍ كأن ثيابه في سرحةٍ ... يحذى نعال السبت ليس بتوءم
يا شاة ما قنصٍ لمن حلت له ... حرمت علي و ليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي ... فتجسسي أخبارها لي و اعلم(562/12)
قالت رأيت من الأعادي غرةً ... و الشاة ممكنةٌ لمن هو مرتم
قالت رأيت من الأعادي غرةً ... و الشاة ممكنةٌ لمن هو مرتم
و كأنما التفتت بجيد جدايةٍ ... رشأٍ من الغزلان حرٍ أرثم
نبئت عمراً غير شاكر نعمتي ... و الكفر مخبثةٌ لنفس المنعم
و لقد حفظت وصاة عمي بالضحا ... إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
في حومة الحرب التي لا تشتكي ... غمراتها الأبطال غير تغمغم
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم ... عنها و لكني تضايق مقدمي
لما رأيت القوم أقبل جمعهم ... يتذامرون كررت غير مذمم
يدعون عنتر و الرماح كأنها ... أشطان بئرٍ في لبان الأدهم
ما زلت أرميهم بثغرة نحره ... و لبانه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه ... و شكا إلي بعبرةٍ و تحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ... و لكان لو علم الكلام مكلمي
و لقد شفى نفسي و أبرأ سقمها ... قبل الفوارس ويك عنتر أقدم
= =======
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/12/02, 04 :01 04:01:40 PM ... #8
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي توفي سنة 52 قبل الهجرة
========================= ======
ألا هُبي بصحنك فاصبحينا ... و لاُ تبقي خمور الأندرينا
مشعشةً كأن الجُص فيها ... إذا ما الماءُ خالطها سخينا
تجورُ بذي اللُبانة عن هواهُ ... إذا ما ذاقها حتى يلينا
ترى اللحز الشحيح إذا أُمرت ... عليه لماله فيها مُهينا
صنبت الكأس عنا أم عمرو ... و كان الكأسُ مجراها اليمينا
و ما شرُ الثلاثة أم عمروٍ ... بصاحبك الذي لا تصبحينا
و كأسٍ قد شربتُ ببعلبك ... و أخرى في دمشق و قاصرينا
و أنا سوف تدركُنا المنايا ... مقدرةً لنا و مقدرينا
قفي قبل التفرق يا ظعينا ... نخبرك اليقين و تُخبرينا(562/13)
قفي نسألك هل أحدثت صرماً ... لوشك البين أم خنت الأمنيا
بيومٍ كريهةٍ ضرباً و طعناً ... أمر به مواليك العُيونا
و إن غداً و إن اليوم رهن ... و بعد غدٍ بما لا تعلمينا
تُريك إذا دخلت على خلاءٍ ... و قد أمنت عيون الكاشحينا
ذراعي عيطلٍ أدماء بكرٍ ... هجان اللون لم تقرأ جنينا
وثدياً مثل حُق رخصاً ... حصاناً من أكف اللامسينا
و متني كدنةٍ سمقت و طالت ... روادفُهُا تنُوءُ بما ولينا
ومأكمةً يضيقُ البابُ عنها ... و كشحاً قد جُننتُ بها جنونا
وساريتي بلنطٍ أو رُخامٍ ... يرنُ خشاشُ حليهما رنينا
فما وجدت كوجدي أمُ سقبٍ ... أضلته فرجعت الحنينا
ولا شمطاءُ لم يترك شقاها ... لها من تسعةٍ إلا جنينا
تذكرتُ الصبا و اشتقتُ لما ... رأيتُ حموكها أصلاً حُدينا
فأعرضت اليمامةُ واشمخرت ... كأسيافٍ بأيدي مُصليتنا
أبا هندٍ فلا تعجل علينا ... و أنظرنا نخبرك اليقينا
بأنا نوردُ الرايات بيضاً ... و نصدرُهُن حُمرا قد روينا
و أيامٍ لنا غُرٍ طوالٍ ... عصينا الملك منها أن ندينا
وسيد معشرٍ قد توجوهُ ... بتاج الملك يحمي المحجرينا
تركنا الخيل عاكفةً عليه ... مقلدةً أعنتها صفونا
و أنزلنا البيوت بذي طُلوح ... إلى الشامات تنفي الموعدينا
و قد هرت كلابُ الحي منا ... و شذبنا قتادة من يلينا
متى ننقل إلى قومٍ رحانا ... يكونوا في اللقاء لها طحينا
يكونُ ثفالُها شرقي نجدٍ ... و لهوتُها قُضاعةُ أجمعينا
نزلتُم منزل الأضياف منا ... فأعجلنا القرى أن تشتمونا
قريناكمُ فعجلنا قراكم ... قبيل الصُبح مرداةً طحُونا
نعُمُ أُناسنا و نعفُ عنهُم ... و نحملُ عنهُمُ ما حملونا
نُطاعنُ ما تراخى الناسُ عنا ... و نضربُ بالسُيُوف إذا غُشينا
بسُمرٍ من قنا الخطي لُدنٍ ... ذوابل أو ببيضٍ يختلينا
كأن جماجم الأبطال فيها ... و سُوقٌ بالأماعز يرتمينا
نشُقُ بها رُؤوس القوم شقاً ... و نختلبُ الرقاب فتختلينا(562/14)
و إن الضغن بعد الضغن يبدُو ... عليك و يُخرجُ الداء الدفينا
ورثنا المجد قد علمت معدٌ ... نطاعنُ دونهُ حتى يبينا
و نحنُ إذا عمادُ الحي خرت ... عن الأحفاض نمنعُ من يلينا
نجذُ رؤوسهم في غير بر ... فما يدرون ماذا يتقونا
كأن سُيُوفنا منا و منهُم ... مخاريقٌ بأيدي لاعبينا
كأن ثيابنا منا و منهُم ... خُضبن بأُرجوانٍ أو طلينا
إذا ماعي بالأسناف حيُ ... من الهول المشبه أن يكوُنا
نصبنا مثل رهوة ذات حدٍ ... محافظةً و كنا السابقينا
بُشبانٍ يرون القتل مجداً ... و شيبٍ في الحروب مُجربينا
حُديا الناس كلهم جميعاً ... مُقارعةً بنيهم عن بنينا
فأما يوم خشيتنا عليهم ... فتُصبحُ خيلنُا عُصباً بثُينا
و أما يوم لا نخشى عليهم ... فنُمعنُ غارةً مُتلببينا
برأسٍ من بني جُشم بن بكرٍ ... ندُفُ به السُهولة و الحُزُونا
ألا لا يعلمُ الأقوامُ أنا ... تضعضعنا و أنا قد ونينا
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
بأي مشيئةٍ عمر بن هندٍ ... نكونُ لقيلكم فيها قطينا
بأي مشيئةٍ عمر بن هندٍ ... تُطيعُ بنا الوُشاة و تزدرينا
تهددُنا و أوعدنا رُويداً ... متى كُنا لأمك مُقتوينا
فإن قناتنا يا عمرُو أعيت ... على الأعداء قبلك أن تلينا
إذا عض الثقاف بها اشمأزت ... وولتهُ عشوزنةً زبُونا
عشوزنةً إذا انقلبت أرنت ... تشجُ قفا المُثقف و الجبينا
فهل حُدثت في جُشم بن بكرٍ ... بنقصٍ في خُطوب الأولينا
ورثنا مجد علقمة بن سيفٍ ... أباح لنا حُصون المجد دينا
ورثتُ مُهلهلاً و الخير منهُ ... زُهيراً نعم ذُخرُ الذاخرينا
و عتاباً و كلثوماً جميعاً ... بهم نلنا تُراث الأكرمينا
و ذا البُرة الذي حُدثت عنهُ ... به نُحمى و نحمي المُححرينا
و منا قبلهُ الساعي كليبٌ ... فأيُ المجد إلا قد ولينا
متى نعقد قرينتنا بجبلٍ ... تجذ الحبل أو تقص القرينا
و نوجدُ نحنُ أمنعهُم ذماراً ... و أوفاهُم إذا عقدُوا يمينا(562/15)
و نحن غداة أُوقد في خزارى ... رفدنا فوق رفد الرافدينا
و نحنُ الحابسُون بذي أراطى ... تسفُ الجلةُ الخُورا الدرينا
و نحنُ الحاكمُون إذا أُطعنا ... و نحنُ العازمُون إذا عُصينا
و نحنُ العاركون لما سخطنا ... و نحنُ الآخذُون لما رضينا
و كُنا الأيمنين إذا التقينا ... و كان الأيسرين بنُو أبينا
فصالُوا صولةً فيمن يليهم ... و صُلنا صولةً فيمن يلينا
فآبُوا بالنهاب و بالسبايا ... و إبنا بالمُلوك مُصفدينا
إليكُم يا بني بكرٍ إليكُم ... ألما تعرفُوا منا اليقينا
ألما تعلموا منا و منكُم ... كتائب يطعن و يرتمينا
علينا البيضُ و اليلبُ اليماني ... و أسيافٌ يقُمن و ينحنينا
علينا كُلُ سابغةٍ دلاصٍ ... ترى فوق النطاق لها غُضُونا
إذا وُضعت عن الأبطال يوماً ... رأيت لها جلود القوم جُونا
كأنً غُضُونهُن متونُ غدرٍ ... تُصفقُها الرياحُ إذا جرينا
و تحملُنا غداة الروع جُروٌ ... عُرفن لنا نفائذ وافتُلينا
و ردن دوارعاً و خرجن شُعثاً ... كأمثال الرصائع قد بلينا
و رثناهُن عن آباء صدقٍ ... و نُورثُها إذا مُتنا بنينا
على آثارنا بيضٌ حسانُ ... تُحاذرُ أن تقسم أو تهوُنا
أخذن على بُعُولتهن عهداً ... إذا لاقوا كتائب مُعلمينا
ليستلبُن أفراساً و بيضاً ... و أُسرى في الحديد مُقرنينا
ترانا بارزين و كلُ حيٍ ... قد اتخذوا مخافتنا قرينا
إذا ما رُحنا يمشين الهُوينى ... كما اضطربت مُتُونُ الشاربينا
يقُتن جيادنا و يقُلن لستُم ... بُعُولتنا إذا لم تمنعونا
ظعائن من بني جُشمٍ بن بكرٍ ... خلطن بميسم حسباً و دينا
و ما منع الظعائن مثلُ ضربٍ ... ترى منهُ السواعد كالقلينا
كأنا و السُيُوف مُسللاتٌ ... ولدنا الناس طُراً أجمعينا
يُدهدون الرُؤوس كما تُدهدي ... حزاورةٌ بأبطحها الكُرينا
و قد علم القبائلُ من معدٍ ... إذا قُببٌ بأبطحها بنينا
بأنا المطعمُون إذا قدرنا ... و أنا المُهلكون إذا ابتُلينا(562/16)
و أنا المانعوُن لما أردنا ... و أنا النازلون بحيثُ شينا
و أنا التاركون إذا سخطنا ... و أنا الآخذون إذا رضينا
و أنا العاصمون إذا أُطعنا ... و أنا العازمون إذا عُصينا
و نشربُ إن وردنا الماء صفواً ... و يشربُ غيرُنا كدراً و طينا
ألا أبلغ بني الطماح عنا ... و دُعمياً فكيف وجد يموُنا
إذا ما الملكُ سام الناس خسفاً ... أبينا أن نُقر الذل فينا
ملأنا البر حتى ضاق عنا ... وماءُ البحر نملؤه سفينا
إذا بلغ الفطام لنا صبيٌ ... تخرُ لهُ الجبابرُ ساجدينا
==========
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/12/02, 04 :09 04:09:33 PM ... #9
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
معلقة طرفة بن العبد البكري توفي سنة 70 قبل الهجرة
========================= ========
لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد ... تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
بروضة دعميٍ فأكناف حائلٍ ... ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد
وقوفاً بها صحبي علي مطيهم ... يقولون لا تهلك أسىً وتجلد
كأن حدوج المالكية غدوةً ... خلايا سفينٍ بالنواصف من دد
عدوليةٌ أو من سفين ابن يامنٍ ... يجور بها الملاح طوراً ويهتدي
يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المفايل باليد
وفي الحي أحوى ينقض المرد شادنٌ ... مظاهر سمطي لؤلؤٍ وزبرجد
خذولٌ تراعى ربرباً بخميلةٍ ... تناول أطراف البرير وترتدي
وتبسم عن ألمى كأن منوراً ... تخلل حر الرمل دعصٌ له ند
سقته إياة الشمس إلا لثاثه ... أسف ولم تكدم عليه بإثمد
ووجهٍ كأن الشمس ألقت رداءها ... عليه نقي اللون لم يتخدد
وإني لأقضي الهم عند احتضاره ... بعوجاء مرقالٍ تروح وتغتدي
أمونٍ كألواح الإران نسأتها ... على لاحبٍ كأنه ظهر برجد(562/17)
جماليةٌ وجناء تردي كأنها ... سفنجةٌ تبري لأزعر أربد
تباري عتاقاً ناجياتٍ وأتبعت ... وظيفاً وظيفاً فوق مورٍ معبد
تربعت القفين في الشول ترتعي ... حدائق موليٍ الأسرة أغيد
تريع إلى صوت المهيب وتتقي ... بذي خصلٍ روعات أكتف ملبد
كأن جناحي مضرجيٍ تكنفا ... حفافيه شكا في العسيب بمسرد
فطوراً به خلف الزميل وتارةً ... على حشفٍ كالشن ذاوٍ مجدد
لها فخذان أكمل النحض فيهما ... كأنهما بابا منيفٍ ممرد
وطيٌ محاٍل كالحني خلوقه ... وأجرنةٌ لزت بدأيٍ منضد
كأن كناسي ضالةٍ يكنفانها ... و أطر قسيٍ تحت صلبٍ مؤيد
لها مرفقان أفتلان كأنها ... يمر بسلمي دالجٍ متشدد
كقنطرة الرومي أقسم ربها ... لتكتنفن حتى تشاد بقرقد
صهابية العثنون موجدة الفرا ... بعيدة وخد الرجل موارة اليد
أمرت يداها فتل شزرٍ و أجنحت ... لها عضداها في سقيفٍ مسند
جنوحٌ دفاقٌ عندك ثم أفرغت ... لها كتفاها في معالى مصعد
كأن علوب النسع في و أياتها ... موارد من خلقاء في ظهر قردد
تلاقى و أحياناً تبين كأنها ... بنائق غر في قميصٍ مقدد
و أتلع نهاضٌ إذا صعدت به ... كسكان بوصيٍ بدجلة مصعد
و جمجمةٍ مثل الفلاة كأنما ... وعى الملتقى منها إلى حرف مبرد
وخد كقرطاس الشآمي و مشفرٌ ... كسبت اليماني قده لم يجرد
و عينان كالماويتين استكنتا ... بلهفي حجاجي صخرةٍ قلت مورد
طحوران عوار القذى فتراهما ... كمكحولتي مذعورةٍ أم فرقد
و صادقتا سمع التوجس للسرى ... لهجس خفيٍ أو لصوت مندد
مؤللتان تعرف العتق فيهما ... كسامعتي شاةٍ بحومل مفرد
مؤللتان تعرف العتق فيهما ... كسامعتي شاةٍ بحومل مفرد
و أروع نباضٌ أحد ململمٌ ... كمرداة صخرٍ في صفيحٍ مصمد
و إن شئت سامى واسط الكور رأسها ... و عامت بضبعيها نجاء الحفيدد
و إن شئت لم ترقل و إن شئت أرقلت ... مخافة ملوي من العد محصد
و أعلم محزوتٌ من الأنف مارنٌ ... عتيق متى ترجم به الأرض تزدد(562/18)
إذا أقبلت قالوا تأخر رحلها ... وإن أدبرت قالوا تقدم فاشدد
وتضحي الجبال الحمر خلفي كأنها ... من البعد حفت بالملاء المعضد
وتشرب بالقعب الصغير وإن تقد ... بمشفرها يوماً إلى الليل تنقد
على مثلها أمضي إذا قال صاحبي ... ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
وجاشت إليه النفس خوفاً وخاله ... مصاباً ولو أمسى على غير مرصد
إذا القوم قالوا من فتىً ؟خلت أنني ... عنيت فكم أكسل ولم أتبلد
أحلت عليها بالقطيع فأجذمت ... وقد خب آل الأمعز المتوقد
فذالت كما ذالت وليدة مجلسٍ ... تري ربها أذيال سحلٍ معدد
ولست بحلال التلاع مخافةً ... ولكن متى يسترفد القوم أرفد
وإن تبغني في حلقة القوم تلقني ... وإن تقتنصني في الحوانيت تصطد
متى تأتني أصبحك كأساً رويةً ... وإن كنت عنها غانياً فاغن وازدد
وإن يلتق الحي الجميع تلاقني ... إلى ذروة البيت الكريم المصمد
نداماي بيض كالنجوم وقينةٌ ... تروح علينا بين بردٍ ومجسد
رحيب قطاب الجيب منها رقيقةٌ ... بجس الندامى بضة المتجرد
إذا نحن قلنا أسمعينا انبرت لنا ... على رسلها مطروقةً لم تشدد
إذا رجعت في صوتها خلت صوتها ... تجاوب آظآرٍ على ربعٍ رد
وما زال تشرابي الخمور ولذتي ... وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
إلى أن تحامتني العشيرة كلها ... وأفردت إفراد البعير المعبد
رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولا أهل هذاك الطراف الممدد
ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
فإن كنت لا تسطيع دفع منيتي ... فدعني أبادرها بما ملكت يدي
ولولا ثلاثٌ هن من عيشة الفتى ... وجدك لم أحفل متى قام عودي
ومنهن سبقي العاذلات بشربةٍ ... كميتٍ متى ما تعل بالماء تزبد
ومنهن سبقي العاذلات بشربةٍ ... كميتٍ متى ما تعل بالماء تزبد
وكريٌ إذا نادى المضاف محنباً ... كسيد الفضا بنهته المتورد
و تقصير يوم الدجن و الدجن معجبٌ ... ببهكنةٍ تحت الخباء المعمد(562/19)
كأن البرين و الدماليج غلقت ... على عشرٍ أو خروعٍ لم يحضد
ذريني أروي هامتي في حياتها ... مخافة شربٍ في الحياة مصرد
كريمٌ يروي نفسه في حياته ... ستعلم : إن متنا غداً أينا الصدي
أرى قبر نخامٍ بخيلٍ بماله ... كقبر غويٍ في البطالة مفسد
فما لي أراني و ابن عمي مالكاً ... متى أدن منه نيأ عني و يبعد
أرى الموت يعتام الكرام و يصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد
أرى الموت يعتاد النفوس و لا أرى ... بعيداً غداً ما أقرب اليوم من غد
أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلةٍ ... و ما تنقص الأيام و الدهر ينفد
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى و ثنياه باليد
متى ما يشأ يوماً يقده لحتفه ... و من يك في حبل المنية ينقد
ترى جثوتين من ترابٍ عليهما ... صفائح صمٌ من صفيحٍ منضد
يلوم و ما أدري علام يلومني ... كما لامني في الحي قرط بن معبد
و أيأسني من كل خيرٍ طلبته ... كأنا وضعناه إلى رمس ملحد
على غير ذنبٍ قلته غير أنني ... نشدت فلم أغفل حمولة معبد
و قربت بالقربى و جدك إنني ... متى يك أمرٌ للنكيثة أشهد
و إن أدع للجلى أكن من حماتها ... و إن يأتك الأعداء بالجهد أجهد
و إن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم ... بكأس حياض الموت قبل التهدد
بلا حدثٍ أحدثته و كمحدثٍ ... هجائي و قذفي بالشكاة و مطردي
فلو كان مولاي امرءاً هو غيره ... لفرج كربي أو لأنظرني غدي
و لكن مولاي امرؤ هو خانقي ... على السكر و التسآل أو أنا مفتد
و ظلم ذوي القربى أشد مضاضةً ... على المرء من وقع الحسام المهند
فذرني و خلقي إنني لك شاكرٌ ... و لو حل بيتي نائياً عند ضرغد
فلو شاء ربي كنت قيس بن خالدٍ ... و لو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
فأصبحت ذا مالٍ كثيٍر و زارني ... بنونٌ كرامٌ سادةٌ لمسود
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه ... خشاشٌ كرأس الحية المتوقد
فآليت لا ينفك كشحي بطانةً ... لعضبٍ رقيقٍ الشفرتين مًهند(562/20)
حسامٌ إذا ما قمت منتصراً به ... كفى العوذ فيه البدء ليس بمعضد
ولا تجعليني كامريء ليس همه ... كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي
إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني ... منيعاً إذا ابتلت بقائمه يدي
وبرك هجودٍ قد أثارت مخافتي ... بواديها أمشي بعضبٍ مجرد
فمرت كهاة ذات خيفٍ جلالةٌ ... عقيلة شيخٍ كالوبيل بلندد
يقول وقد ثر الوظيف وساقها ... ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد
وقال : ألا ماذا ؟ ترون بشاربٍ ... شديدٍ علينا بغيه متعمد
وقال ذروه إنما نفعها له ... وإلا تكفوا قاصي البرك يزدد
فظل الإماء يمتللن حوارها ... ويسعى بها بالسديف المسرهد
فإن مت فانعني بما أنا أهله ... وشقي علي الجيب يا ابنة معبد
أخي ثقةٍ لا ينثني عن ضريبةٍ ... إذا قيل مهلاً قال حاجزه قدي
تبطيء عن الجلى سريعٍ إلى الخنا ... ذلولٍ بأجماع الرجال ملهد
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له ... بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد
لعمرك ما الأيام إلا معارةٌ ... فما اسطعت من معروفها فتزود
ولا خير في خيرٍ ترى الشر دونه ... ولا نائلٍ يأتيك بعد التلدد
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدي
لعمرك ما أدري و إني لواجل ... أفي اليوم إقدام المنية أم غد ؟
فإن تك خلفي لا يفتها سواديا ... و إن تك قدامي أجدها بمرصد
إذا أنت لم تنفع بودك أهله ... و لم تنك بالبؤسى عدوك فابعد
لا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ... و لا أختني من صولةٍ المتهدد
و إني و إن أوعدته أو وعدته ... لمختلفٌ إيعادي و منجز موعدي
ولو كنت وغلاً في الرجال لضرني ... عداوة ذي الأصحاب والمتوحد
ولكن نفى الأعادي جرأتي ... عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي
لعمرك ما أمري علي بغمةٍ ... نهاري ولا ليلي علي بسرمد
ويومٍ حبست النفس عند عراكه ... حفاظاً على عوراته والتهدد(562/21)
على موطنٍ يخشى الفتى عنده الردى ... متى تعترك فيه الفرائض ترعد
أرى الموت لا يرعى على ذي جلالةٍ ... وإن كان في الدنيا عزيزاً بمقعد
وأصفر مضبوحٍ نظرت حواره ... على النار واستودعته كف مجمد
=======
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/12/02, 04 :16 04:16:28 PM ... #10
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
معلقة الأعشى ميمون البكري توفي سنة 7 هـ ولم يسلم
========================= =======
ودع هريرة إن الركب مرتحل ... و هل تطيق وداعاً أيها الرجل
غراء فرعاء مصقولٌ عوارضها .. تمشي الهوينىكمايمشي الوجي الوحل
كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحابة لا ريثٌ و لا عجل
تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفت ... كما استعان بريحٍ عشرقٌ زجل
ليست كمن يكره الجيران طلعتها ... و لا تراها لسر الجار تختتل
يكاد يصرعها لولا تشددها ... إذا تقوم إلى جاراتها الكسل
إذا تلاعب قرناً ساعةً فترت ... و ارتج منها ذنوب المتن و الكفل
صفر الوشاح و ملء الدرع بهكنةٌ ... إذا تأتى يكاد الخصر ينخزل
نعم الضجيع غداة الدجن يصرعها ... للذة المرء لا جافٍ و لا تفل
هركولةٌ ، فنقٌ ، درمٌ مرافقها ... كأن أخمصها بالشوك ينتعل
إذا تقوم يضوع المسك أصورةً ... و الزنبق الورد من أردانها شمل
ما روضةٌ من رياض الحزن معشبةٌ ... خضراء جاد عليها مسبلٌ هطل
يضاحك الشمس منها كوكبٌ شرقٌ ... مؤزرٌ بعميم النبت مكتهل
يوماً بأطيب منها نشر رائحةٍ ... و لا بأحسن منها إذ دنا الأصل
علقتها عرضاً و علقت رجلاً ... غيري و علق أخرى غيرها الرجل
و علقته فتاة ما يحاولها ... و من بني عمها ميت بها وهل
و علقتني أخيرى ما تلائمني ... فاجتمع الحب ، حبٌ كله تبل(562/22)
فكلنا مغرمٌ يهذي بصاحبه ... ناءٍ و دانٍ و مخبولٌ و مختبل
صدت هريرة عنا ما تكلمنا ... جهلاً بأم خليدٍ حبل من تصل
أ أن رأت رجلاً أعشى أضر به ... ريب المنون و دهرٌ مفندٌ خبل
قالت هريرة لما جئت طالبها ... ويلي عليك و ويلي منك يا رجل
إما ترينا حفاةً لانعال لنا ... إنا كذلك ما نحفى و ننتعل
و قد أخالس رب البيت غفلته ... و قد يحاذر مني ثم ما يئل
وقد أقود الصبا يوماً فيتبعني ... وقد يصاحبني ذو الشرة الغزل
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني ... شاوٍ مشلٌ شلولٌ شلشلٌ شول
في فتيةٍ كسيوف الهند قد علموا ... أن هالكٌ كل من يحفى و ينتعل
نازعتهم قضب الريحان متكئاً ... و قهوةً مزةً راووقها خضل
لا يستفيقون منها و هي راهنةٌ ... إلا بهات و إن علوا و إن نهلوا
يسعى بها ذو زجاجاتٍ له نطفٌ ... مقلصٌ أسفل السربال معتمل
و مستجيبٍ تخال الصنج يسمعه ... إذا ترجع فيه القينة الفضل
الساحبات ذيول الريط آونةً ... و الرافعات على أعجازها العجل
من كل ذلك يومٌ قد لهوت به ... و في التجارب طول اللهو و الغزل
و بلدةٍ مثل ظهر الترس موحشةٍ ... للجن بالليل في حافاتها زجل
لا يتنمى لها بالقيظ يركبها ... إلا الذين لهم فيها أتوا مهل
جاوزتها بطليحٍ جسرةٍ سرحٍ ... في مرفقيها ـ إذا استعرضتها ـ فتل
بل هل ترى عارضاً قد بت أرمقه ... كأنما البرق في حافاته شعل
له ردافٌ و جوزٌ مفأمٌ عملٌ ... منطقٌ بسجال الماء متصل
لم يلهني اللهو عنه حين أرقبه ... و لا اللذاذة في كأس و لا شغل
فقلت للشرب في درنا و قد ثملوا ... شيموا و كيف يشيم الشارب الثمل
قالوا نمارٌ ، فبطن الخال جادهما ... فالعسجديةٌ فالأبلاء فالرجل
فالسفح يجري فخنزيرٌ فبرقته ... حتى تدافع منه الربو فالحبل
حتى تحمل منه الماء تكلفةً ... روض القطا فكثيب الغينة السهل
يسقي دياراً لها قد أصبحت غرضاً ... زوراً تجانف عنها القود و الرسل(562/23)
أبلغ يزيد بني شيبان مألكةً ... أبا ثبيتٍ أما تنفك تأتكل
ألست منتهياً عن نحت أثلتنا ... و لست ضائرها ما أطت الإبل
كناطح صخرةً يوماً ليوهنها ... فلم يضرها و أوهن قرنه الوعل
تغري بنا رهط مسعودٍ و إخوته ... يوم للقاء فتردي ثم تعتزل
تلحم أبناء ذي الجدين إن غضبوا ... أرماحنا ثم تلقاهم و تعتزل
لا تقعدن وقد أكلتها خطباً ... تعوذ من شرها يوماً و تبتهل
سائل بني أسدٍ عنا فقد علموا ... أن سوف يأتيك من أبنائنا شكل
و اسأل قشيراً و عبد الله كلهم ... و اسأل ربيعة عنا كيف نفتعل
إنا نقاتلهم حتى نقتلهم ... عند اللقاء و إن جاروا و إن جهلوا
قد كان في آل كهفٍ إن هم احتربوا ... و الجاشرية من يسعى و ينتضل
لئن قتلتم عميداً لم يكن صدداً ... لنقتلن مثله منكم فنمتثل
لئن منيت بنا عن غب معركةٍ ... لا تلفنا عن دماء القوم ننتقل
لا تنتهون و لن ينهى ذوي شططٍ ... كالطعن يذهب فيه الزيت و الفتل
حتى يظل عميد القوم مرتفقاً ... يدفع بالراح عنه نسوةٌ عجل
أصابه هندوانٌي فأقصده ... أو ذابلٌ من رماح الخط معتدل
كلا زعمتم بأنا لا نقاتلكم ... إنا لأمثالكم يا قومنا قتل
نحن الفوارس يوم الحنو ضاحيةً ... جنبي فطيمة لا ميلٌ و لا عزل
قالوا الطعان فقلنا تلك عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشرٌ نزل
قد نخضب العير في مكنون فائله ... و قد يشيط على أرماحنا البطل
معلقة لبيد بن ربيعة العامري وهو صحابي توفي سنة 40 هـ
========================= =======
فوقفت أسألها و كيف سؤالنا ... صماً خوالد ما بين كلامها
فمدافع الريان عري رسمها ... خلقاً كما ضمن الوحي سلامها
دمنٌ تجرم بعد عهد أنيسها ... حججٌ خلون حلالها و حرامها
رزمت مرابيع النجوم و صابها ... ودق الرواعد جودها فرهامها
من كل ساريةٍ و غادٍ مدجنٍ ... و عشيةٍ متجاوبٍ إرزامها
فعلا فروع الأبهقان و أطفلت ... بالجهلتين ظباؤها و نعامها(562/24)
و العين ساكنةٌ على أطلائها ... عوذاً تأجل بالفضاء بهامها
و جلا السيول عن الطلول كأنها ... زبرٌ تجد متونها أقلامها
أو رجع واشمةٍ أسف نؤورها ... كففاً تعرض فوقهن و شامها
عريت و كان بها الجميع فأبكروا ... منها و غودر نؤيها و ثمامها
شاقتك ظعن الحي حين تحملوا ... فتكنسوا قطناً تصر خيامها
من كل محفوفٍ يظل عصيه ... زوجٌ عليه كلةٌ و قرامها
زجلاً كأن يغاج توضح فوقها ... و ظباء وجرة عطفاً آرامها
حفزت و زايلها السراب كأنها ... أجزاع بيشةً أثلها و رضامها
بل ما تذكر من نوار و قد نأت ... و تقطعت أسبابها و رمامها
مرية حلت بفيدٍ و جاورت ... أهل الحجاز فأين منك مرامها
بمشارق الجبلين أو بمحجرٍ ... فتضمنتها فردةٌ فرخامها
فصوائق إن أيمنت فمظنةً ... فيها و حاف القهر أو طلحامها
فاقطع لبانة من تعرض وصله ... و لشر واصل خلةٍ صرامها
و احب المجامل بالجزيل و صرمه ... باقٍ إذا ظلعت و زاغ قوامها
بطليح أسفار تركن بقية منها ... فأحنق صلبها و سنامها
و إذا تغالى لحمها و تحسرت ... و تقطعت بعد الكلال خدامها
فلها هبابٌ في الزمام كأنها ... صهباء خف مع الجنوب جهامها
أو ملمعٍ وسقت لأحقب لاحه ... طرد الفحول و ضربها و كدامها
يعلو بها حدب الإكام مسحجٌ ... قد رابه عصيانها و وحامها
بأحزة الثلبوت يربأ فوقها ... قفر المراقب خوفها آرامها
حتى إذا سلخا جمادى ستةً ... جزأا فطال صيامه و صيامها
رجعا بأمرهما إلى ذي مرةٍ ... حصدٍ و نجع صريمةٍ إبرامها
و رمى دوابرها السفا و تهيجت ... ريح المصايف سومها وسهامها
فتنازعا سبطاً يطير ظلاله ... كدخان مشعلةٍ يشب ضرامها
مشمولةٍ غليت بنابت عرفجٍ ... كدخان نارٍ ساطعٍ أسنامها
فمضى و قدمها و كانت عادةً ... منه إذا هي عردت إقدامها
فتوسطا عرض السري و صدعا ... مسجورةً متجاوراً قلامها
محفوفةً وسط اليراع يظلها ... منه مصرع غايةٍ و قيامها(562/25)
أفتلك أم وحشية مسبوعةٌ ... خذلت و هادية الصوار قوامها
خنساء ضبعت الفرير فلم يرم ... عرض الشقائق طوقها و بغامها
لمعفرٍ قهدٍ تنازع شلوه ... عبسٌ كواسب لا يمن طعامها
صادفن منها غرةً فأصبنها ... إن المنايا لا تطيش سهامها
باتت و أسبل واكفٌ من ديمةٍ ... يروي الخمائل دائماً تسجامها
يعلو طريقة متنها متواترٌ ... في ليلةٍ كفر النجوم غمامها
تجتاف أصلاً قالصاً متنبذاً ... بعجوب أتقاءٍ يميل هيامها
و تضيء في وجه الظلام منيرةٍ ... كجمانة البحري سل نظامها
حتى إذا انحسر الظلام و أسفرت ... بكرت تزل عن الثرى أزلامها
علهت تردد في نهاء صعائدٍ ... سبعاً تواماً كاملاً أيامها
حتى إذا يئست و أسحق خالقٌ ... لم يبله إرضاعها و فطامها
فتوجست رز الأنيس فراعها ... عن ظهر غيبٍ و الأنيس سقامها
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه ... مولى المخافة خلفها و أمامها
حتى إذا يئس الرماة و أرسلوا ... غضفاً دواجن فأفلاً أعصامها
فلحقن و اعتكرت لها مدريةٌ ... كالسمهرية حدها و تمامها
لتذودهن و أيقنت إن لم تذد ... أن قد أحم من الحتوف حمامها
فتقصدت منها كساب فضرجت ... بدمٍ و غودر في المكر سخامها
فبتلك إذ رقص اللوامع بالضحى ... و اجتاب أردية السراب إكامها
أقضي اللبانة لا أفرط ريبةً ... أو أن يلوم بحاجةٍ لوامها
أو لم تكن تدري نوار بأنني ... وصال عقد حبائلٍ جذامها
تراك أمكنةٍ إذا لم أرضها ... أو يعتلق بعض النفوس حمامها
بل أنت لا تدرين كم من ليلةٍ ... طلقٍ لذيذٍ كهوها و ندامها
قد بت سامرها و غاية تاجرٍ ... وافيت إذ رفعت و عز مدامها
أغلي السباء بكل أدكن عاتقٍ ... أو جونةٍ قدحت و فض ختامها
بصبوحٍ صافيةٍ و جذب كرنيةٍ ... بموترٍ تأتاله إبهامها
باكرت حاجتها الدجاج سجرةٍ ... لأعل منها حين هيت نيامها
و غداةً ريحٍ قد وزعت وقرةٍ ... قد أصبحت بيد الشمال زمامها
و لقد حميت الحي تحمل شكتي ... فرطٌ و شاحي إذ غدوت لجامها(562/26)
فعلوت مرتقباً على ذي هبوة ... حرجٍ إلى أعلامهن قتامها
حتى إذا ألقت يداً في كافرٍ ... و أجن عورات الثغور ظلامها
أسهلت و انتصبت كجذع منيفةٍ ... جرداء يحصر دونها جرامها
رفعتها طرد النعام و شله ... حتى إذا سخنت و خف عظامها
قلقت رحالتها و أسبل نحرها ... و ابتل من زبد الحميم حزامها
ترقى و تطعن في العنان و تنتحي ... ورد الحمامة إذ أجد حمامها
و كثيرةٍ غرباؤها مجهولةٍ ... ترجى نوافلها و يخشى ذامها
غلبٍ تشذر بالذحول كأنها ... جن البدي رواسياً أقدامها
أنكرت باطلها و بؤت بحقها ... عندي و لم يفخر علي كرامها
و جزور أيسارٍ دعوت لحتفها ... بمغالقٍ متشابهٍ أجسامها
أدعو بهن لعاقرٍ أو مطفلٍ ... بذلت لجيران الجميع لحامها
أدعو بهن لعاقرٍ أو مطفلٍ ... بذلت لجيران الجميع لحامها
فالضيف و الجار الجنيب كأنما ... هبطا بتالة مخصباً أهضامها
تأوي إلى الأطناب كل رذية ... مثل البلية قالص أهدامها
و يكللون إذا الرياح تناوحت ... خلجاً تمد شوارعاً أيتامها
إنا إذا التقت المجامع لم يزل ... منا لزاز عظيمةٍ جشامها
و مقسمٌ يعطي العشيرة حقها ... ومغذمرٌ لحقٌوقها هضامها
فضلاً و ذو كرمٍ يعين على الندى ... سمحٌ كسوب رغائبٍ غنامها
من معشرٍ سنت لهم آباؤهم ... و لكل قومٍ سنةٌ و إمامها
لا يطبعون و لا يبور فعالهم ... إذ لا يميل مع الهوى أحلامها
فاقنع بما قسم المليك فإنما ... قسم الخلائق بيننا علامها
و إذا الأمانة قسمت في معشرٍ ... أوفى بأوفر حظنا مسامها
فبنى لنا بيتاً رفيعاً سمكه ... فسما إليه كهلها و غلامها
و هم السعاة إذا العشيرة أفظعت ... و هم فوارسها و هم حكامها
و هم ربيعٌ للمجاور فيهم ... و المرملات إذا تطاول عامها
و هم العشيرة أن يبطئ حاسدٌ ... أو أن يميل مع العدو لئامها
=========
__________________
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة(562/27)
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/12/02, 05 :14 05:14:08 PM ... #12
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
ابن زيدون هو أبو الوليد أحمد بن زيدون المخزومي الأندلسي، ولد في قرطبة سنة 394هـ أقام ابن زيدون علاقة وثيقة بشاعرة العصر وسيدة الظرف والأناقة ولادة بنت المستكفي أحد ملوك بني أمية، وكانت قد جعلت منزلها منتدى لرجال السياسة والأدب، وإلى مجلسها كان يتردد ابن زيدون، فقوي بينهما الحب، وملأت أخبارهما وأشعارهما كتب الأدب، وتعددت مراسلاتهما الشعرية. ومات سنة 463 هـ / 1069 م.
ومن بين تلك القصائد هذه القصيدة (النونية) المشهورة والتي يقول فيها
========================= =========
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا && وناب عن طيب لقيانا تجافينا
ألا ، وقد حان صبحُ البينِ صبّحنا && حينٌ ، فقام بنا للحين ناعينا
من مبلغ الملبسينا بانتزاحهمو && حُزناً مع الدهر لا يبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يضحكنا && أُنساً بقربهمو قد عاد يُبكينا
غيظ العدا من تساقينا الهوى فدعوا&& بأن نغصّ فقال الدهرُ آمينا
فانحلّ ما كان معقوداً بأنفسنا && وانبتّ ما كان موصولاً بأيدينا
وقد نكون وما يخشى تفرُّقنا && فاليوم نحنُ وما يُرجى تلاقينا
يا ليت شعري ، ولم نعتب أعاديكم && هل نال حظاً من العتبى أعادينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم && رأياً ، ولم نتقلد غيره دينا
ما حقُّنا أن تُقرّوا عين ذي حسدٍ && بنا ، ولا أن تسرُّوا كاشحاً فينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضه && وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا
بنتم وبنّا ، فما ابتلّت جوانحنا && شوقاً إليكم ولا جفّت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا && يقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا
حالت لفقدكمو أيامنا فغدت && سوداً ،وكانت بكم بيضاً ليالينا(562/28)
إذ جانب العيش طَلقٌ من تآلفنا && ومورد اللهو صافٍ من تصافينا
وإذ هصرنا فنون الوصل دانيةً && قطافها، فجنينا منه ما شينا
ليسق عهدكمو،عهد السرور فما && كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا && إن طالما غيّر النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً && منكم ، ولا انصرفت عنكم أمانينا
ولا استفدنا خليلاً عنكِ يشغلنا && ولا اتخذنا بديلاً منكِ يُسلينا
يا ساريَ البرق غادِ القصر واسقِ به&&من كان صِرف الهوى والود يسقينا
واسأل هنالك هل عنى تذكرُّنا && إلفاً تذكرُّه أمسى يُعنيِّنا
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا && من لو على البعد حيّا كان يحيينا
فهل أرى الدهر يقضينا مساعفةً && منه ، وإن لم يكن غِبّا تقاضينا
ربيبُ مُلكٍ كأن الله أنشأه && مِسكاً ، وقدّر إنشاء الورى طينا
أو صاغه ورقاً محضاً وتوجه && من ناصع التبر إبداعاً وتحسينا
إذا تأوّد آدته رفاهيةً && تُومُ العقود ، وأدمته البُرى لينا
كانت له الشمس ظِئراً في أكِلتّهِ && بل ما تجلّى لها إلا أحايينا
كأنما أُثبتت في صحنِ وجنته && زُهرُ الكواكب تعويذاً وتزيينا
ما ضر إن لم نكن أكفاءه شرفاً && وفي المودة كافٍ من تكافينا
يا روضة طالما أجنت لواحظُنا && ورداً جلاه الصبا غضّاً ونسرينا
ويا حياة تمليّنا بزهرتها && منى ضروباً ولذاتٍ أفانينا
ويا نعيماً خطرنا من غضارته && في وشي نُعمى سحبنا ذيله حينا
لسنا نسميك إجلالاً وتكرمةً && وقدرُك المعتلى عن ذاك يغنينا
إذا انفردت وما شوركت في صفة && فحسبنا الوصف إيضاحاً وتبيينا
يا جنة الخلد أُبدلنا بسدرتها && والكوثر العذب زقوماً وغِسلينا
كأننا لم نبت والوصلُ ثالثنا && والسعد قد غضَّ من أجفان واشينا
إن كان قدعزَّ في الدنيااللقاء بكم && في موقف الحشر نلقاكم ويكفينا
سرّانِ في خاطر الظلماء يكتمنا && حتى يكادَ لسانُ الصبح يفشينا(562/29)
لاغرو في أن ذكرنا الحزن حين نهت && عنه النُهى وتركنا الصبر ناسينا
إنا قرأنا الأسى يوم النوى سُوراً && مكتوبةً وأخذنا الصبر تَلقينا
أما هواك فلم نعدل بمنهله && شِربا ، وإن كان يروينا فيظمينا
لم نجف أفق جمالٍ أنت كوكبُه && سالين عنه ولم نهجره قالينا
ولا اختياراً تجنبناه عن كثبٍ && لكن عدتنا على كرهٍ عوادينا
نأسى عليك إذا حُثَّت مشعشة && فينا الشمولُ وغنّانا مغنينا
لا أكؤس الراح تبدي من شمائلنا && سيما ارتياحٍ ، ولا الأوتار تلهينا
دومي على العهد(ما دمنا)محافظة && فالحرُّ من دان إنصافاً كما دينا
فما استعضنا خليلاً منك يحبسنا && ولا استفدنا حبيباً عنك يثنينا
ولو صبا نحونا من عُلوِ مطلعه && بدر الدجى لم يكن حاشاكِ يُصبينا
أولي وفاءً وإن لم تبذلي صلة && فالذكرُ يقنعنا ، والطيف يكفينا
وفي الجواب متاع إن شفعتِ به && بيض الأيادي ، التي ما زلتِ تولينا
عليك منّا سلام الله ما بقيت && صبابة بك نُخفيها ، فتخفينا
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/12/02, 11 :41 11:41:17 PM ... #13
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة الدواء للحسن ابن هاني المعروف با أبو نواس
========================= ==========
دع عنك لومي فإن اللوم أغراء
------------------------------------وداوني بالتي كانت هي الداء
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها
------------------------------------لو مسها حجر مسته سراء
قامت بإبريقها والليل معتكر
------------------------------------فلاح من ضوئها في البيت لألاء
طافت على فتية ذل الزمان لهم
-------------------------------------فلا تصيبهم إلا بما شاؤوا
فقل لمن يدعي بالعلم معرفة(562/30)
-------------------------------------حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/12/02, 11 :54 11:54:26 PM ... #14
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة دع الوشاة للبهاء زهير
========================= ===========
دع الوشاة وما قالوا وما نقلوا ****** بيني وبينكم ما ليس ينفصلُ
لكم سرائر في قلبي مخبأةً **** لا الكتب تنفعني فيها ولا الرُسُل
رسائل الشوق عندي لو بعثت بها *** إليكم لم تسعها الطرق والسبل
وأستلذ نسيماً من دياركم ******* كأن أنفاسهُ من نشركم قبلُ
وارحمتاه لصب قل ناصرهُ ******* فيكم وضاق عليه السهل والجبل
يزداد شعري حُسناً حين أذكركم **** إن المليحة فيها يحسن الغزل
يا غائبين وفي قلبي أشاهدهم **** وكلما انفصلوا عن ناظري اتصلوا
قد جدد البعد قرباً في الفؤاد لهم **** حتى كأنهم يوم النوى وصلوا
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 25/12/02, 12 :52 12:52:32 AM ... #15
ريم الصحاري
طائر فيروزي
تاريخ الانضمام: 26/10/02
محل السكن: صحراء الربع الخالي
المشاركات: 836
ريم الصحاري is on a distinguished road
...
السلااام عليكم
اهلا اخي نهر الكلمه
دائما تمتعني بجديدك
يسلموو على المجهود اللي مبين انك تعبت فيه
تحياتي
اختك: ريم الصحاري
__________________
Offline: ...
ريم الصحاري
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى ريم الصحاري
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة ريم الصحاري
قديم 25/12/02, 02 :32 02:32:49 AM ... #16
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله(562/31)
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
فلسفة الحياة : ايليا ابو ماضي
========================= ===
ايهذا الشاكي وما بك داء &&& كيف تغدو اذا غدوت عليلا
ان شر الجناة في الارض نفس &&& تتوقى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتغمى &&& ان ترى فوقها الندى اكليلا
هو عب ء على الحياة ثقيل &&& من يظن الحياة عب ء ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال &&& لا يرى في الحياة شيئا جميلا
فتمتع بالصبح ما دمت فيه &&& لا تخف ان يزول حتى يزولا
ايهذا الشاكي وما بك داء &&& كن جميلا ترى الوجود جميلا
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 25/12/02, 06 :00 06:00:19 PM ... #17
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
ابو القاسم الشابي ذلك الشاعر الذي مات في ريعان الشباب حيث توفى ولم يبلغ الثامنة والعشرون ولكنه خالد ذكره بكثير من الروائع الشعرية ومنها هذه القصيده
=========================
إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة &&& فلا بُدّ أن يَستجيبَ القَدَر
ولا بد للّيل أن ينجلي &&& ولا بُدّ للقيدِ أن ينكسر
ومن لم يعانِقْه شوق الحياةِ &&& تَبَخَّر في جَوِّها واندثر
كذلك قالت لي الكائناتُ &&& وحَدَّثَني روحُها المُستَتِر
ودمدمةُ الريحِ بين الفِجاجِ &&& وفوق الجبالِ وتحت الشجر
ْإذا ما طَمَحْتُ إلى غايةٍ &&& لبستُ المُنَى وخلعتُ الحَذَر
ولم أَتَخوَّف وعورَ الشِّعاب &&& ولا كبَّة اللَّهبِ المُسْتَعِر
ومن لا يُحِبُّ صعودَ الجبال &&& يَعِشْ أبدَ الدهر بين الحُفَر
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة(562/32)
قديم 26/12/02, 06 :58 06:58:27 PM ... #18
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
يا ليل الصب لأبي الحسن الحصري القيرواني
========================
يا ليلَ الصبِّ متى غده؟ && أقيام الساعة موعده؟
رقد السمار فأرقه && أسف للبين يردده
فبكاه النجم ورق له && مما يرعاه ويرصده
كلف بغزال ذي هيف && خوف الواشين يشرده
نصبت عيناي له شركا && في النوم فعز تصيده
وكفى عجبا أني قنص && للسرب سباني أغيده
صنم للفتنة منتصب && أهواه ولا أتعبده
صاح والخمر جنى فمه && سكران اللحظ معربده
ينضو من مقتله سيفا && وكأن نعاسا يغمده
فيريق دم العشاق به && والويل لمن يتقلده
كلا لا ذنب لمن قتلت && عيناه ولم تقتل يده
يا من جحدت عيناه دمي && وعلى خديه تورده
خداك قد اعترفا بدمي && فعلام جفونك تجحده؟
إني لأعيذك من قتلي && وأضنك لا تتعمده
بالله هب المشتاق كرى && فلعل خيالك يسعده
ما ضرك لو داويت ضنى && صبٍّ يهواك وتعبده
لم يُبق هواك له رمقا && فليبك عليه عُوَّده
وغداً يقضي أو بعد غد && هل من نظر يتزوده
يا أهل الشَرْقِ لنا شَرَقٌ && بالدمع يفيض مُوَرَّدُه
يهوى المشاقُ لقاءكمُ && وصروف الدهر تُبَعِّدُه
ما أحلى الوصل وأعذبه && لولا الأيام تنكده
بالبين وبالهجران فيا && لفؤادي كيف تَجَلُّدُهُ قصيدة ( ضجعة الموت ) وهي لشاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء أبي العلاء المعري [HR]
غَيْرُ مُجْدٍ، في مِلّتي واعْتِقادي ***** نَوْحُ باكٍ، ولا تَرَنّمُ شادِ
وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعِيّ، إذا قِيـ ***** ــسَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ
أبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ، أمْ غَـ ***** ـنّتْ عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ؟
صَاحِ! هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْـ ***** ـبَ، فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ(562/33)
خَفّفِ الوَطْءَ! ما أظُنّ أدِيمَ الْـ ***** ـأرْضِ إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ
وقَبيحٌ بنَا، وإنْ قَدُمَ العَهْـ***** ـدُ، هَوَانُ الآبَاءِ وَالأجْدادِ
سِرْ إنِ اسْطَعت في الهَوَاءِ رُوَيداً*****لا اخْتِيالاً عَلى رُفَاتِ العِبادِ
رُبّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْداً مراراً*****ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُممِ الأضْدادِ
وَدَفِينٍ عَلى بَقايا دَفِينٍ***** في طَويلِ الأزْمانِ وَالآبادِ
فاسْألِ الفَرْقَدَينِ عَمّنْ أحَسّا*****مِنْ قلٍ، وآنسا من بلادِ
كَمْ أقامَا على زَوالِ نَهارٍ***** وَأنارا لِمُدْلِجٍ في سَوَادِ
تَعَبٌ كُلّها الحَياةُ، فَما أعْـ*****ـجَبُ إلاّ مِنْ راغبٍ في ازْدِيادِ
إنّ حُزْناً، في ساعةِ المَوْتِ أضْعَا*****فُ سُرُورٍ في ساعَةِ الميلادِ
خُلِقَ النّاسُُ للبَقَاءِ، فضَلّتْ *****أُمّةٌ يَحْسَبُونَهُمْ للنّفَادِ
إنّمَا يُنْقَلُونَ مِنْ دارِ أعْما*****لٍ إلى دارِ شِقوَةٍ أوْ رَشَادِ
ضَجْعَةُ المَوْتِ رَقْدَةٌ يَستريحُ الـ*****ـجِسْمُ فيها والعَيشُ مِثلُ السّهادِ
أبَناتِ الهَديلِ! أسْعِدْنَ أوْ عِدْ*****نَ قَليلَ العَزاءِ بالإسْعَادِ
إيهِ! للّه دَرّكُنّ، فأنْتنّ الـ*****ـلوَاتي تُحْسِنّ حِفْظَ الوِدادِ
ما نَسيتُنّ هالِكاً في الأوانِ الـ*****ـخَالِ أوْدَى مِنْ قَبلِ هُهُلكِ إيادِ
بَيْدَ أنّي لا أرْتَضِي مَا فَعَلْتُـ*****ـنّ، وَأطْوَاقُكُنّ في الأجْيَادِ
فَتَسَلّبْنَ، وَاسْتَعِرْنَ، جَمياً*****منْ قَميصِ الدّجَى، ثيابَ حِدادِ
ثُمّ غَرِّدْنَ في المَآتِمِ، وَانْدُبْـ*****ـنَ بِشَجْوٍ مَعَ الغَواني الخِرادِ
قَصَد الدّهْرُ، من أبي حَمزَةَ الأوّ*****ابِ، مَوْلى حِجىً، وخِدنَ اقتصَادِ
وفَقيهاً، أفكارهُ شِدْنَ، للنَعْـ*****ـمانِ، مَا لم يَشِهُ شعرُ زِيادِ
فالعِراقيُّ، بَعْدَهُ، للحِجازِ*****يّ، قليلُ الخِلافِ سَهْلُ القِيادِ(562/34)
وخَطيباً، لو قامَ بَينَ وُحُوشٍ*****عَلّمَ الضّارِياتِ بِرَّ النِّقَادِ
رَاوِياً للحَديثِ، لم يُحْوِجِ المَعْـ*****ـرُوفَ مِنْ صِدْقِهِ إلى الأسْنادِ
أنْفَقَ العُمرَ ناسِكاً، يَطْلُبُ العِلْـ*****ـمَ بكَشْفٍ عَن أصْلِهِ، وَانْتِقادِ
مُستَقي الكَفّ مِنْ قَليبِ زُجاجٍ*****بِغُرُوبِ الياعِ، ماءَ مِدادِ
ذا بَنَانٍ، لا تَلْمُسُ الذّهَبَ الأحْـ***ـمَرَ زُهْداً في العَسجَدِ المُستَفادِ
وَدِّعا، أيّها الحَفيّانِ، ذاكَ الـ*****ـشّخْصَ إنّ الوَداعَ أيسَرُ زَادِ
وَاغْسِلاهُ بالدّمعِ، إنْ كانَ طُهْراً*****وَادْفِناهُ بَيْنَ الحَشَ وَالفُؤادِ
وَاحْبُوَاهُ الأكْفانَ مِنْ وَرَقِ المُصْـ*****ـحَفِ، كِبْراً عن أنْفَسِ الأبْرادِ
وَاتْلُوَا النّعْشَ بالقِرةِ وَالتّسْـ*****ـبِيحِ لا بالنّحيبِ وَالتّعْدادِ
أسَفٌ غَيْرُ نافِعٍ، وَاجْتِهادٌ*****لا يُؤدّي إلى غَنَاءِ اجْتِهادِ
طالا أخْرَجَ الحَزينُ جَوَى الحُزْ*****نِ إلى غَيْرِ لائِقٍ بالسَّدادِ
مِثْلَ ما فاتَتِ الصّلاةُ سُلَيْمَا*****نَ، فَأنْحَى عَلى رِقابِ الجِيادِ
وهوَ مَنْ سُخّرَتْ لهُ الإنْسُ والجِـ*****ـنّ، بما صَحّ من شَهادَةِ صَادِ
خافَ غَدْرَ الأنامِ، فاستَوْدَع الرّيـ*****ـحَ سَليلاً، تَغْذُوهُ دَرَّ العِهَادِ
وَتَوَخَىّ لَهُ النّجاةَ، وَقَدْ أيْـ*****ـقَنَ أنّ الحِمَامَ بالمِرْصَادِ
فَرَمَتْهُ بهِ، على جانِبِ الكُرْ*****سِيّ، أُمُّ اللُّهَيْمِ، أُخْتُ النّآدِ
كيفَ أصْبَحتَ، في محَلّكَ، بعدي***يا جَديرا منّي بحُسْنِ افتِقادِ
قد أقَرّ الطّبيبُ عَنْكَ بِعَجْزٍ*****وَتَقَضىّ تَرَدّدُ العُوّادِ
وَانتَهَى اليأسُ مِنكَ،وَاستشعر الوَجـ***ـدُ بأنْ لا مَعادَ، حتى المعادِ
هَجَدَ السّاهرُونَ، حَوْلَكَ، للتمْـ*****ـريضِ؛ وَيحٌ لأعْيُنِ الهُجّادِ
أنتَ مِن ن أُسْرَةٍ مَضَوْا غَيرَ مَغْرُو*****رينَ مِنْ عيشَةٍ بِذاتِ ضِمادِ(562/35)
لا يُغَيّرْكُمُ الصّعيدُ، وكونوا*****فيهِ مثلَ السّيوفِ في الأغمادِ
فَعَزيزٌ عَليّ خَلْطُ اللّيالي*****رِمَّ أقدامِكُمُ بِرِمّ الهَوَادي
كُنتَ خِلّ الصِّبا، فلَمّا أرادَ الـ*****ـبَينَ وَافَقتَ رأيَهُ في المُرادِ
ورأيتَ الوَفاءَ، للصّاحِبِ الأ*****وّلِ، مِنْ شيمَةِ الكَريمِ الجَوادِ
وَخَلَعْتَ الشّبابَ غَضّاً،فَيا لَيْـ*****ـتَكَ أبْلَيْتَهُ مَعَ الأنْدادِ
فاذْهَبا خَيرَ ذاهبَينِ، حقيقَيْـ*****ـنِ بِسُقْيا رَوائِحٍ وَغَوَادِ
ومَراث لَوْ أنّهُنّ دُمُوعٌ*****لمَحَوْنَ السّطُورَ في الإنْشَادِ
زُحَلٌ أشرَفُ الكَواكبِ داراً*****مِنْ لِقاءِ الرّدَى، على ميعادِ
ولِنارِ المِرّيخِ مِن حَدَثانِ الدّهَـ*****ـرِ مُطْفٍ، وَإنْ عَلَتْ في اتّقَادِ
وَالثّرَيّا رِهينَةٌ بِافْتِراقِ الـ*****ـشّمْلِ، حَتّى تُعَدّ في الأفرادِ
فليَكُنْ للْمُحَسِّنِ الأجلُ المَمْـ*****ـدود، رغماً لآنُفِ الحُسِّادِ
وَلْيَطِبْ عَنْ أخهِ نَفساً،وأبْنا*****ء أخيهِ، جَرائحِ الأكبادِ
وإذا البَحْرُ غاضَ عَنّي، ولم أرْ*****وَ، فلا رِيّ بادّخارِ الثِّمادِ
كُلُّ بتٍ للْهَدْمِ، ما تَبْتَني الوَرْ*****قاءُ، والسّيّدُ الرّفيعُ العِمادِ
والفَتى ظاعِنٌ، ويَكفيهِ ظِلُّ الـ*****ـسّدْرِ ضَرْبَ الأظْنابِ وَالأوْتادِ
بانَ أمْرُ الإلَهِ، وَاختَلَفَ النّا*****سُ، فَداعٍ إلى ضَلالٍ وَهَادِ
وَالّذي حارَتِ البَرِيّةُ فيهِ*****حَيَوَانٌ مُسْتَحْدَثٌ مِن جَمادِ
وَاللّبيبُ اللّبيبُ مَنْ لَيسَ يَغْتَـ*****ـرّ بِكَوْنٍ، مَصيرُهُ للفَسادِ
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 30/12/02 الساعة 02 :57 02:57:43 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 31/12/02, 01 :57 01:57:55 AM ... #33
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله(562/36)
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة وقفة على طلل ..
احد اجمل القصائد للشاعر : محمود غنيم
[HR]
مالي وللنجم يرعاني وأرعاهُ *** أمسى كلانا يعافُ الغمضَ جفناهُ
لي فيك يا ليل آهات أرددها *** أواه لو أجدت المحزون أواه
لا تحسبني محباً أشتكي وصباً ***أهْوِنْ بما في سبيل الحب ألقاه
إني تذكرت والذكرى مؤرقة *** مجداً تليداً بأيدينا أضعناه
ويح العروبة كان الكون مسرحها *** فأصبحت تتوارى في زواياه
أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلد *** تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرّفتنا يدٌ كنا نُصرّفها *** وبات يملكنا شعب ملكناه
هل تطلبون من المختار معجزة *** يكفيه شعب من الأجداث أحياه
من وحَّدَ العُرْب حتى صار واترهم *** إذا رأى ولد الموتور آخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكة *** ما ساسها قيصر من قبل أو شاه
يا من رأى عُمَراً تكسوه بردته *** والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً *** من بأسه وملوك الروم تخشاه
هي الحنيفة عين الله تكلؤها *** فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
سل المعانيَ عنا إننا عرب *** شعارنا المجد يهوانا ونهواه
استرشد الغرب بالماضي فأرشده *** ونحن كان لنا ماض نسيناه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب *** بالأمس كانوا هنا.. ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراء عن كثب *** فسائل الصرح أين المجد والجاه ؟!
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها *** عمن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها *** علّ امرأً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به *** فحين جاوزا بغداداً تحداه ؟!
هذي معالمُ خرسٌ كل واحدة *** منهن قامت خطيباً فاغراً فاه
الله يشهد ما قلبت سيرتهم *** يوماً وأخطأ دمع العين مجراه
ماضٍ نعيشُ على أنقاضه أمماً *** ونستمد القوى من وحيِ ذكراه
أرواحنا تتلاقى فيه خافقة *** كالنحل إذ يتلاقى في خلاياه
دستوره الوحي والمختار عاهله *** والمسلمون وإن شتّوا رعاياه(562/37)
يا رب قد أصبحت أهواؤنا شيعاً *** فامنن علينا براع أنت ترضاه
راع يعيد إلى الإسلام سيرته *** يرعى بنيه وعين الله ترعاه
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 31/12/02, 09 :43 09:43:13 AM ... #34
تواقة إلى الجنة
وسام هدهد سليمان الاول(إداري)
صورة عضوية تواقة إلى الجنة
تاريخ الانضمام: 15/05/02
محل السكن: اليوم فوق الثرى وغداً تحته
المشاركات: 11,467
تواقة إلى الجنة is on a distinguished road
...
اخي العزيز نهر الكلمه
موضوع قمة في الروعة
وفكرة أكثر من رائعه
انت تستحق الاسم الذي تحمله بجداره
فموضوعك الرائع سيبقى كالنهر بيننا نستقي منه اجمل وأعذب القصائد
تسلم على هذا الجهد الجبار
ويعطيك العافيه
__________________
منتديات هدهد سليمان
هي وطني
الذي يعني لي الكثير
هي الموقع الذي احتضنني
بكل هواجسي--- طموحي --- همومي --- آمالي --- اهتماماتي
لاأحس أني أبنة هذا الموقع----
أحس أني أمه التي تخاف عليه من نسمة الهواء
الى منتدى هدهد سليمان:
ستبقى طفلاً في حنايا الروح ----
وستبقى في القلب كبيراً-----
-------------------------
Offline: ...
تواقة إلى الجنة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى تواقة إلى الجنة
زيارة الرئيسية للمستخدم تواقة إلى الجنة!
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة تواقة إلى الجنة
قديم 01/01/03, 02 :17 02:17:21 AM ... #35
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
شكر لك يا غاليه على مرورك الكريم
وكلماتك وسام اضعة على صدري
فلك خالص تحياتي واحترمي
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة(562/38)
قديم 01/01/03, 03 :23 03:23:02 PM ... #36
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة عيون المها من اجمل روائع الشاعر علي بن الجهم[HR]
عيون المها بين الرصافة والجسر && جلبن الهوىمن حيث أدري ولا أدري
خليلي ما أحلى الهوى وأمره && أعرفني بالحلو منه وبالمرَّ
كفى بالهوى شغلاً وبالشيب زاجراً && لو أن الهوى مما ينهنه بالزجر
بما بيننا من حرمة هل علمتما && أرق من الشكوى وأقسى من الهجر
و أفضح من عين المحب لسّره && ولا سيما إن طلقت دمعة تجري
وإن أنست للأشياء لاأنسى قولها && جارتها ما أولع الحب بالحر
فقالت لها الأخرى : فما لصديقنا && معنى وهل في قتله لك من عذر
صليه لعل الوصل يحييه وأعلمي && بأن أسير الحب في أعظم الأسر
فقالت أذود الناس عنه وقلما && يطيب الهوى إلا لمنهتك الستر
و ايقنتا أن قد سمعت فقالتا && من الطارق المصغي إلينا وما ندري
فقلت فتى إن شئتما كتم الهوى && وإلا فخلاع الأعنة والغدر
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 02/01/03, 06 :12 06:12:30 AM ... #37
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة عذبة انت
من روائع ابو القاسم الشابي
[HR]
عذبة أنت ، كالطفولة ، كالأحلام ، كاللحن ، كالصباحٍ الجديد
كالسماء الضحوك ، كالليلة القمراء ، كالوردِ ، كابتسام الوليد
يا لها من وداعةٍْ وجمال وشباب منعم أملودِ
يا لها من طهارة تبعث التقديس في مهجة الشقي العنيد
يا لها رقةً تكاد يرف الورد منها في الصخرة الجلمود
أيً شيء تراك ؟ هل أنت "فينوس" تهادت بين الورى من جديد
لتعيد الشباب والفرح المعسول للعالم التعيس العميد(562/39)
أم ملاك الفردوس جاء إلى الأرض ، ليحي روح السلام العهيد
أنت ... ما أنتِ ؟ رسم جميل عبقري من فن هذا الوجودِ
فيكِ ما فيه من غموضِ وعمق وجمال مقدَس معبودِ
أنتِ ... ما أنت ؟ أنت فجر من السحرِ ، تجلَى لقلبي المعمود
فأراه الحياة في موفق الحسنِ ، وجلًى له خفايا الخلود
أنت روح الربيع ، تختال في الدنيا فتهتزً رائعات الورود
وتهب الحياة سكرى من العطر ويدوي الوجود بالتغريد
كلما أبصرتك عيناي تمشين بخطو موقع كالنشيد
خفق القلب للحياة ، ورف الزهر في حقل عمري المجرود
وانتشت روحي الكئيبة بالحب وغنت كالبلبل الغريد
أنت تحيين في فؤادي ما قد مات في أمسي السعيد الفقيد
وتشيدين في خرائب روحي ما تلاشى في عهدي المحدود
من طموح إلى الجمال إلى الفن إلى ذلك الفضاء البعيد
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 03/01/03, 04 :28 04:28:02 AM ... #38
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة رثاء الأندلس
قيلت بعد ضائع الاندلس من ايدي المسلمين
قالها الشاعر: أبو البقاء الرندي
والابيات الاخيره من هذه القصيدة كانها تحكي حال المسلمين اليوم
[HR]
لكل شيء إذا ما تم نقصان ++++++ فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول ++++++ من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد ++++++ ولا يدوم على حال لها شان
أين الملوك ذوي التيجان من يمن ++++++ وأين منهم أكاليل وتيجان
وأين ما شاده شداد في إرم ++++++ وأين ماساسه في الفرس ساسان
وأين ما حازه قارون من ذهب ++++++ وأين عاد وشداد وقحطان
أتى على الكل أمر لا مرد له ++++++ حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من ملك ومن ملك ++++++ كما حكى عن خيال الطيف وسنان(562/40)
كأنما الصعب لم يسهل له ++++++ سبب يوما ولا ملك الدنيا سليمان
فجائع الدنيا أنواع منوعة ++++++ وللزمان مسرات وأحزان
وللحوادث سلوان يسهلها ++++++ وما لما حل بالإسلام سلوان
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له ++++++ هوى له أحد وانهد ثهلان
أصابها العين في الإسلام ++++++ فارتزأت حتى خلت منه أقطار وبلدان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية ++++++ وأين شاطبة أم أين جيان
وأين قرطبة دار العلوم فكم ++++++ من عالم قد سما فيها له شان
وأين حمص وما نحويه من نزه ++++++ ونهرها العذب فياض وملآن
قواعد كن أركان البلاد فما ++++++ عسى البقاء إذا لم تبق أركان
تبكي الحنيفية البيضاء من أسف ++++++ كما بكى لفراق الإلف هيمان
على ديار من الإسلام خالية ++++++ قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ++++++ ما فيهن إلا نواقيس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة ++++++ حتى المنابر تبكي وهي عيدان
يا غافلا وله في الدهر موعظة ++++++ إن كنت في سنة فالدهر يقظان
وماشيا مرحا يلهيه موطنه ++++++ أبعد حمص تغر المرء أوطان
تلك المصيبة أنست ما تقدمها ++++++ ومالها من طوال الدهر نسيان
يا راكبين عتاق الخيل ضامرة ++++++ كأنها في مجال السبق عقبان
وحاملين سيوف الهند مرهفة ++++++ كأنها في ظلام النقع نيران
وراتعين وراء البحر في دعة ++++++ لهم بأوطانهم عز وسلطان
أعندكم نبأ من أهل أندلس ++++++ فقد سرى بحديث القوم ركبان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم ++++++ قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
ماذا التقاطع في الإسلام بينكم ++++++ وأنتم يا عباد الله أخوان
يا من لذلة قوم بعد عزتهم ++++++ أحال حالهم جور وطغيان
بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم ++++++ واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
فلو تراهم حيارى لا دليل لهم ++++++ عليهم في ثياب الذل ألوان
يا رب أم وطفل حيل بينهما ++++++ كما تفرق أرواح وأبدان
وطفلة مثل حسن الشمس إذ ++++++ طلعت كأنما هي ياقوت ومرجان(562/41)
يقودها العلج للمكروه مكرهة ++++++ والعين باكية والقلب حيران
لمثل هذا يبكي القلب من كمد ++++++ إن كان في القلب إسلام وإيمان
لامية العرب
للشنفرى المتوفي نحو 70 قبل الهجرة
وهو ثابت بن أوس الأزدي الملقب بالشنفرى ، نشأ بين بني سلامان من بني فهم الذين أسروه وهو صغير ، فلما عرف بالقصة حلف أن يقتل منهم مائة رجل ، وقد تمكن من قتل تسعة وتسعين منهم ، وأما المائة فقيل إنه رفس جمجمة الشنفرى بعد موته فكانت سبباً في موته
وهو - أي الشنفرى - من أشهر عدَّائي الصعاليك كتأبط شراً وعمرو بن براقة ، ومن أشهرهم جرأة وقد عاش في البراري والجبال
[HR]
أقيموا بني أمي ، صدورَ مَطِيكم && فإني إلى قومٍ سِوا كم لأميلُ
فقد حمت الحاجاتُ ، والليلُ مقمرٌ && وشُدت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛
وفي الأرض مَنْأىً ، للكريم ، عن الأذى && وفيها ، لمن خاف القِلى ، مُتعزَّلُ
لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضيقٌ على أمرئٍ && سَرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ
ولي ، دونكم ، أهلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ && وأرقطُ زُهلول وَعَرفاءُ جيألُ
هم الأهلُ . لا مستودعُ السرِّ ذائعٌ && لديهم ، ولا الجاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ
وكلٌّ أبيٌّ ، باسـ ـــــلٌ . غير أنني && إذا عرضت أولى الطرائدِ أبسلُ
وإن مدتْ الأيدي إلى الزاد لم أكن && بأعجلهم ، إذ أجْشَعُ القومِ أعجل
وماذاك إلا بَسْطَةٌ عن تفضلٍ && عَلَيهِم ، وكان الأفضلَ المتفضِّلُ
وإني كفاني فَقْدُ من ليس جازياً && بِحُسنى ، ولا في قربه مُتَعَلَّلُ
ثلاثةُ أصحا بٍ : فؤادٌ مشيعٌ && وأبيضُ إصليتٌ ، وصفراءُ عيطلُ
هَتوفٌ ، من المُلْسِ المُتُونِ ، يزينها && رصائ عُ قد نيطت إليها ، ومِحْمَلُ
إذا زلّ عنها السه مُ ، حَنَّتْ كأنها && مُرَزَّأةٌ ، ثكلى ، ترِنُ وتُعْوِلُ
ولستُ بمهيافِ ، يُعَشِّى سَوامهُ && مُجَدَعَةً سُقبانها ، وهي بُهَّلُ
ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسِـ ــــــــــهِ && يُطالعها في شأنه كيف يفعلُ(562/42)
ولا خَرِقٍ هَيْقٍ ، كأن فُؤَادهُ && يَظَلُّ به الكَّاءُ يعلو ويَسْفُلُ
ولا خـ ــــــــالفِ داريَّةٍ ، مُتغَزِّلٍ && يروحُ ويغدو ، داهناً ، يتكحلُ
ولستُ بِعَلٍّ شَـ ـــــرُّهُ دُونَ خَيرهِ && ألفَّ ، إذا ما رُعَته اهتاجَ ، أعزلُ
ولستُ بمحيار الظَّلامِ ، إذا انتحت && هدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجَلُ
إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناسم ي && تطاير منه قادحٌ ومُفَلَّلُ
أُدِيمُ مِطالَ الجـ ــوعِ حتى أُمِيتهُ && وأضربُ عنه الذِّكرَ صفحاً ، فأذهَلُ
وأستفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ && عَليَّ ، من الطَّـ ـوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ
ولولا اجتناب الذأم ، لم يُلْفَ مَشربٌ && يُعـ ــــــاش به ، إلا لديِّ ، ومأكلُ
ولكنَّ نفسـ ـــــــاً مُرةً لا تقيمُ بي && على الضـ ــــيم ، إلا ريثما أتحولُ
وأطوِي على الخُمص الحوايا ، كما انطوتْ && خُيُوطَـ ــــــــــــــةُ ماريّ تُغارُ وتفتلُ
وأغدو على القوتِ الزهيدِ كما غدا && أزلُّ تهاداه التَّنائِفُ ، أطحلُ
غدا طَاوياً ، يعارضُ الرِّيحَ ، هافياً && يخُوتُ بأذناب الشِّعَاب ، ويعْسِلُ
فلمَّا لواهُ القُـ ــــوتُ من حيث أمَّهُ && دعا فأجابته نظائرُ نُحَّلُ
مُهَلْهَلَةٌ ، شِيبُ الوجـ ــوهِ ، كأنها && قِداحٌ بكفيَّ ياسِـ ــــــــرٍ ، تتَقَلْقَلُ
أو الخَشْـ ـرَمُ المبعوثُ حثحَثَ دَبْرَهُ && مَحَابيضُ أرداهُنَّ سَا مٍ مُعَسِّلُ
مُهَرَّتَةٌ ، فُوهٌ ، كأن شُـ ــــــدُوقها && شُقُوقُ العِصِيِّ ، كالحاتٌ وَبُسَّـ ـــلُ
فَضَجَّ وضَجَّتْ ، بِالبَرَاحِ ، كأنَّها && وإياهُ ، نوْحٌ فوقَ علياء ثُكَّلُ
وأغضى وأغضتْ واتسى واتَّستْ بهِ && مَرَاميلُ عَزَّاها ، وعَزَّتهُ مُرْمِلُ
شَكا وشكَتْ ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت && ولَلصَّبرُ ، إن لم ينفع الشكوُ أجملُ
وَفَاءَ وفاءتْ بادِراتٍ ، وكُلُّها && على نَكَظٍ مِمَّا يُكاتِمُ ، مُجْمِلُ(562/43)
وتشربُ أسآرِي القطا الكُدْرُ ؛ بعدما && سرت قرباً ، أحناؤها تتصلصلُ
هَمَمْتُ وَهَمَّتْ ، وابتدرنا ، وأسْدَلَت ْ && وَشَمَّرَ مِني فَارِطٌ مُتَمَهِّلُ
فَوَلَّيْتُ عنها ، وهي تكبو لِعَقْرهِ && يُباشرُهُ منها ذُقونٌ وحَوْصَلُ
كأن وغاها ، حجرتيهِ وحولهُ && أضاميمُ من سَفْرِ القبائلِ ، نُزَّلُ ،
توافينَ مِن شَتَّى إليهِ ، فضَمَّها && كما ضَمَّ أذواد الأصاريم مَنْهَل
فَعَبَّتْ غشاشاً ثُمَّ مَرَّتْ كأنها && مع الصُّبْحِ ركبٌ من أُحَاظة مُجْفِلُ
وآلف وجه الأرض عند افتراشها && بأ هْدَأ تُنبيه سَناسِنُ قُحَّلُ
وأعدلُ مَنحوضاً كأن فصُوصَهُ && كِعَابٌ دحاها لاعبٌ فهي مُثَّلُ
فإن تبتئس بالشنفرى أم قسطلِ && لما اغتبطتْ بالشنفرى قبلُ ، أطولُ
طَرِيدُ جِناياتٍ تياسرنَ لَحْمَهُ && عَقِيرَتُ هُ في أيِّها حُمَّ أولُ
تنامُ إذا ما نام ، يقظى عُيُونُها && حِثاثاً إلى مكروههِ تَتَغَلْغَلُ
وإلفُ همومٍ ما تزال تَعُودهُ && عِياداً ، كحمى الرَّبعِ ، أوهي أثقلُ
إذا وردتْ أصدرتُـ ها ، ثُمَّ إنها && تثوبُ ، فتأتي من تُحَيْتُ ومن عَلُ
فإما تريني كابنة الرَّمْلِ ، ضاحياً && على رقةٍ ، أحفى ، ولا أتنعلُ
فأني لمولى الصبر ، أجتابُ بَزَّه && على مِثل قلب السَّمْع ، والحزم أنعلُ
وأُعدمُ أحْياناً ، وأُغنى ، وإنما && ينالُ الغِنى ذو البُعْدَةِ المتبَذِّلُ
فلا جَز َعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ && ولا مَرِحٌ تحت الغِنى أتخيلُ
ولا تزدهي الأجهال حِلمي ، ولا أُرى && سـ ـؤولاً بأعقاب الأقاويلِ أُنمِلُ
وليلةِ نحسٍ ، يصطلي القوس ربها && وأقطعهُ اللاتي بها يتنبلُ
دعستُ على غطْشٍ وبغشٍ ، وصحبتي && سُـ ـعارٌ وإرزيزٌ وَوَجْرٌ وأفكُلُ
فأيَّمتُ نِسواناً وأيتمتُ وِلْدَةً && وعُـ ـدْتُ كما أبْدَأتُ ، والليل أليَلُ
وأصبح عني بالغُميصاءِ ، جالساً&& فريقان : مسؤولٌ وآخرُ يسألُ(562/44)
فقالوا : لقد هَرَّتْ بِليلٍ كِلابُنا && فقلنا : أذِئبٌ عسَّ أم عسَّ فُرعُلُ
فلمْ تَكُ إلا نبأةٌ ، ثم هوَّمَتْ && فقلنا قطاةٌ رِيعَ ، أم ريعَ أجْدَلُ
فإن يَكُ من جنٍّ ، لأبرحَ طَارقاً && وإن يَكُ إنساً ، مَاكها الإنسُ تَفعَلُ
ويومٍ من الشِّعرى يذوبُ لُعابهُ && أفاعيه ، في رمضـ ــائهِ تتملْمَلُ
نَصَبْتُ له وجهي ولاكنَّ دُونَهُ && ولا سـ تر إلا الأتحميُّ المُرَعْبَلُ
وضافٍ إذا هبتْ له الريحُ ، طيَّرتْ && لبائدَ عن أعطافهِ ما ترجَّلُ
بعيدٍ بمسِّ الدِّهـ ــنِ والفَلْى عُهْدُهُ && له عَبَسٌ عافٍ من الغسْل مُحْوَلُ
وخَرقٍ كظهر الترسِ قَفْرٍ قطعتهُ && بِعَامِلتين ، ظهـ ـــرهُ ليس يعملُ
وألحقتُ أولاهُ بأخراه ، مُوفياً && على قُنَّةٍ ، أُقعي مِراراً وأمثُلُ
تَرُودُ الأراوي الصحمُ حولي ، كأنَّها && عَذارى عليهنَّ الملاءُ المُذَيَّلُ
ويركُدْنَ بالآصالٍ حولي ، كأنني && مِن العُصْمِ ، أدفى ينتحي الكيحَ أعقلُ
__________________
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 04/01/03, 01 :23 01:23:08 AM ... #42
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
لامية العجم
للطغرائي المتوفي (514هـ - وقيل 515هـ )
وهو العميد مؤيّد الدين ، أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبدالصمد الأصبهاني
[HR]
أصالةُ الرأي صانتني عن الخطلِ @@ وحليةُ الفضلِ زانتني لدى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَـ رعٌ @@ والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ
فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَـ ــــكنِي @@ بها ولا ناقـ ـتي فيها ولا جملي
ناءٍ عن الأهلِ صِفر الكف مُنفردٌ @@ كالسي فِ عُرِّي مَتناه عن الخلل
فلا صديقَ إليه مشتكى حَزَني @@ ولا أنيسَ إليه مُنتهى جـ ـذلي(562/45)
طال اغترابي حتى حَنَّ راحلتي @@ وَرَحْلُها وَقَرَا العَسَّـ ـــــــالةَ الذُّبُلِ
وضج من لغبٍ نضوى وعج لما @@ ألقى ركابي ، ولج الركب في عَذلي
أريدُ بسطةَ كفٍ أستعين بها @@ على قضاء حقوقٍ للعلى قِبَلي
والدهر يعكس آمالي ويُقنعني @@ من الغنيمة بعد الكدِّ بالقفلِ
وذي شِطاطٍ كصدر الرمحِ معتقل @@ بمثله غيرُ هـ ـــيَّابٍ ولا وكلِ
حلو الفُكاهةِ مرُّ الجدِّ قد مزجت @@ بشـ ـدةِ البأسِ منه رقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرح الكرى عن ورد مقلته @@ والليل أغرى سوام النوم بالمقلِ
والركب ميل على الأكوار من طربٍ @@ صاح وآخر من خمر الكرى ثملِ
فقلتُ : أدعوك للجلَّى لتنصرني @@ وأنت تخذلني في الحادث الجللِ
تنامُ عيني وعين النجم سـ ـاهرةٌ @@ وتست حيل وصبغ الليل لم يحُلِ
فهل تعينُ على غيٍ همتُ به @@ والغي يزجر أحياناً عن الفشلِ
إني أريدُ طروقَ الحي من إضمٍ @@ وقد حماهُ رماةٌ من بني ثُعلِ
يحمون بالبيض والسمر الِّلدان به @@ سودُ الغدائرِ حمرُ الحلي والحللِ
فسر بنا في ذِمام الليل معتسِفاً @@ فنفخةُ الطيبِ تهدي نا إلى الحللِ
فالحبُّ حيث العدا والأسدُ رابضةٌ @@ حول الكِناس لها غابٌ من الأسلِ
تؤم ناشـ ــــــئة بالجزم قد سُقيت @@ نِصالها بمياه الغُنْج والكَحَلِ
قد زاد طيبُ أحاديثِ الكرام بها @@ مابالكرائم من جبن ومن بخلِ
تبيتُ نار الهـ ــ وى منهن في كبدِ @@ حرَّى ونار القرى منهم على القُللِ
يَقْتُلْنَ أنضـ اءَ حُبِّ لا حِراك بهم @@ وينحرون كِرام الخيل والإبلِ
يُشفى لديغُ العـ ــوالي في بيُوتِهمُ @@ بِنَهلةٍ من غدير الخمر والعسلِ
لعل إلمامةً بالجزع ثانيةٌ @@ يدِبُّ منها نسيمُ البُرْءِ في عللي
لا أكرهُ الطعنة النجلاء قد شفِعت @@ برشـ قةٍ من نبال الأعين النُّجلِ
ولا أهاب الصفاح البيض تُسعدني @@ باللمح من خلل الأسـ تار والكللِ
حبُّ السلامةِ يثني هم صاحبهِ @@ عن المعالي ويغري المرء بالكسلِ(562/46)
فإن جنحتَ إليه فاتخذ نفقاً @@ في الأرض أو سلماً في الجوِّ فاعتزلِ
ودع غمار العُلا للمقدمين على @@ ركوبها واقتنعْ منهن بالبللِ
يرضى الذليلُ بخفض العيشِ مسكنهُ @@ والعِزُّ عند رسيم الأينق الذّلُلِ
فادرأ بها في نحور البيد جافِلةً @@ معارضـ ـات مثاني اللُّجم بالجدلِ
إن العلا حدثتني وهي صادقةٌ @@ فيما تُحـ ـــدثُ أن العز في النقلِ
لو أن في شرف المأوى بلوغَ منىً @@ لم تبرح الشمسُ يوماً دارة الحملِ
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمعاً@ @ والحظُ عني بالجهالِ في شُغلِ
لعله إن بدا فضلي ونَقْصهمُ @@ لِعينه نام عنهم أو تنبه لي
أعللُ النفس بالآمال أرقبها @@ ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل
لم أرتضِ العيشَ والأيام مقبلةٌ @@ فكيف أرضى وقد ولت على عجلِ
غالى بنفسي عِرْفاني بقينتها @@ فصنته ا عن رخيص القدْرِ مبتذَلِ
وعادة السيف أن يزهى بجوهرهِ @@ وليس يعملُ إلا في يديْ بطلِ
ماكنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمني @@ حتى أرى دولة الأوغاد والسفل ِ
تقدمتني أناسٌ كان شوطُهمُ @@ وراءَ خطوي لو أمشي على مهلِ
هذاء جزاء امرىءٍ أقرانهُ درجوا @@ من قبلهِ فتمنى فسحةَ الأجَلِ
فإن علاني من دوني فلا عَجبٌ @@ لي أسوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحلِ
فاصبر لها غير محتالٍ ولا ضَجِرِ@@ في حادث الدهر ما يُغني عن الحِيلِ
أعدى عدوك من وثِقتْ به @@ فحاذر الناس واصحبهم على دخلِ
فإنما رُجل الدنيا وواحدها@@ من لايعولُ في الدنيا على رجلِ
وحُسـ ـــــن ظنك بالأيام معجزَةٌ@@ فَظنَّ شراً وكن منها على وجَلِ
غاض الوفاءُ وفاض الغدر وانفرجت @@ مسافة الخُلفِ بين القوْل والعملِ
وشان صدقكَ عند الناس كذبهم @@ وهلْ يُطابق مِعْوجٌ بمعتدلِ
إن كان ينجع شيءٌ في ثباتهمُ @@ على العهود فسبق السيف للعذلِ
يا وراداً سُؤ ر عيش كلُّه كدرٌ @@ أنفقت صفوك في أيامك الأول
فيم اقتحامك لجَّ البحر تركبهُ @@ وأنت تكفيك منهُ مصة الوشلِ(562/47)
مُلكُ القناعةِ لا يُخشى عليه ولا @@ يُحتاجُ فيه إلى الأنصا ر والخَولِ
ترجـ ــو البقاء بدارٍ لاثبات بها@@ فهل سمعت بظلٍ غير منتقلِ
ويا خبيراً على الإسرا ر مطلعاً @@ اصمتْ ففي الصمت منجاةٌ من الزلل
قد رشحوك لأمرٍ إن فطٍنتَ له @@ فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 04/01/03, 01 :36 01:36:15 AM ... #43
ريم الصحاري
طائر فيروزي
تاريخ الانضمام: 26/10/02
محل السكن: صحراء الربع الخالي
المشاركات: 836
ريم الصحاري is on a distinguished road
...
ماشالله عليك
ويعطيك الله الف عافيه
مشكور على مجهودك
تحياتي
اختكم: ريم الصحاري
__________________
Offline: ...
ريم الصحاري
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى ريم الصحاري
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة ريم الصحاري
قديم 04/01/03, 04 :39 04:39:26 PM ... #44
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
ريمالصحاري
الفشكرلمرورك
مشكورهعلياهتمامك
وتحياتي
لك
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 06/01/03 الساعة 06 :03 06:03:47 PM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 06/01/03, 05 :57 05:57:13 PM ... #45
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة ياظبية البان وهي احدى اروع قصائد الشريف الرضي
[HR]
يا ظبية البان ترعى في خمائله** ليهنك اليوم أن القلب مرعاك
الماء عندك مبذول لشاربه** وليس يرويك إلا مدمعي الباكي
هبت لنا من رياح الغور رائحة** بعد الرقاد عرفناها برياك(562/48)
انثنينا إذا ما هزنا طرب** على الرحال تعللنا بذكراك
سهم أصاب وراميه بذي سلم** من بالعراق لقد أبعدت مرماك
وعد لعينيك عندي ما وفيت به** يا قرب ما كذبت عيني عيناك
حكت لحاظك ما في الريم من ملح** يوم اللقاء فكان الفضل للحاكي
كان طرفك يوم الجزع يخبرنا** بما طوى عنك من أسماء قتلاك
أنت النعيم لقلبي والعذاب له** فما أمرّك في قلبي وأحلاك
عندي رسائل شوق لست أذكرها** لولا الرقيب لقد بلغتها فاك
سقى منى وليالي الخيف ما شربت** من الغمام وحياها وحياك
إذ يلتقي كل ذي دين وما طله** منا ويجتمع المشكو والشاكي
لما غدا السرب يعطو بين أرحلنا** ما كان فيه غريم القلب الأَّك
هامت بك العين لم تتبع سواك هوى** من علم البين أن القلب يهواك
حتى دنا السرب ما أحييت من كمد** قتلى هواك ولا فاديت أسراك
يا حبذا نفحة مرت بفيك لنا** ونطفة غمست فيها ثناياك
وحبذا وقفة والركب مغتفل** على ثرى وخدت فيه مطاياك
لو كانت اللمة السوداء من عددي** يوم الغميم لما أفلتّ إشراكي
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 10/01/03, 06 :59 06:59:57 PM ... #46
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة دع الايام من شعر الامام الشافعي
[HR]
دع الايام تفعل ما تشاء && وطب نفسا اذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي && فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الاهوال جلدا && وشيمتك السماحة والوفاء
وان كثرت عيوبك في البرايا && وسرك ان يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب && يغطيه كما قيل السخاء
ولا تري للأعادي قط ذلا && فان شماتة الأعداء بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل && فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني && وليس يزيد في الرزق العناء(562/49)
ولا حزن يدوم ولا سرور && ولا بؤس عليك ولا رخاء
اذا ما كنت ذا قلب قنوع && فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا && فلا أرض تقيه ولا سماء
وارض الله واسعة ولكن && اذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الايام تغدر كل حين && فما يغني عن الموت الدواء
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 10/01/03, 07 :25 07:25:47 PM ... #47
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيد ة الطين احدى اجمل قصائد شاعر المهجر ايليا ابو ماضي
[HR]
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 10/01/03 الساعة 07 :31 07:31:31 PM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 10/01/03, 10 :06 10:06:34 PM ... #48
بحر الكلمة
طائر محلق
تاريخ الانضمام: 17/12/02
المشاركات: 3
بحر الكلمة is on a distinguished road
...
جميل جدآ وفكرة رائعة
شكرآ لك حبيبى نهر الكلمة
Offline: ...
بحر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بحر الكلمة
قديم 11/01/03, 06 :14 06:14:09 PM ... #49
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
بحر الكلمة
شكراً لمروورك الكريم
سؤال من وين جبت الاسم شكله مو غريب ههههه
حياك الله ضيف جديد ولي الشرف ان تكون اول مشاركاتك
في مجنون ليلي بموضوعي
تحياتي لك
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 12/01/03, 12 :46 12:46:11 PM ... #50
نهر الكلمة
طائر الماسي(562/50)
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة خدعوها لامير الشعراء احمد شوقي
[HR]
خدعوها بقولهم حسناءُ && والغواني يغرهن الثناءُ
أتراها تناسب اسمي لما && كثرت في غرامها الأسماءُ
إن رأتني تميل عني كأن لم && تك بيني وبينها أشياءُ
نظرة فابتسامة فسلامٌ && فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ
يوم كنا ولا تسل كيف كنا && نتهادى من الهوى ما نشاءُ
وعلينا من العفافِ رقيبٌ && تعبت في مراسه الأهواءُ
جاذبتني ثوبي العصي وقالت && أنتم الناس أيها الشعراءُ
فاتقوا الله في قلوب العذارى && فالعذارى قلوبهن هواءُ
قصيدة جاوز الظالمون المدىللشاعر علي محمود طه[HR]
أخي جاوز الظالمون المدى &&& فحق الجهاد وحق الفداء
أنتركهم يغصبون العروبة &&& مجد الأبوة والسؤددا
وليسوا بغير صليل السيوف &&& يجيبون صرخا لنا أو صدى
فجرد حسامك من غمده &&& فليس له بعد أن يغمدا
أخي أيها العربي الأبي &&& أرى اليوم موعدنا لا الغدا
أخي أقبل الشرق في أمة &&& ترد الضلال وتحي الهدى
صبرنا على غدرهم صامدين &&& وكنا لهم قدرا مرصدا
طلعنا عليم طلوع المنون &&& فطاروا هباء وصاروا سدى
أفيقوا إلى قبة المشرقين &&& لنحمى ....... .....والمسجدا
أخي أن جرى في ثراها دمى &&& وأطبقت فوق حصاها ايدا
ففتش على مهجة حرة &&& أبت أن يمر عليها العدا
وقبل شهيدا على أرضها &&& دعا باسمها الله واستشهدا
فلسطين يفدى حماك الشباب &&& وجل الفدائي والمفتدى
فلسطين تحميك منا الصدور &&& فأما الحياة وأما الردى
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 17/01/03, 05 :22 05:22:34 PM ... #54
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...(562/51)
قصيدة ان تبتدار من شعر بشامة بن حزن النهشلي
و هو من قيس بن ثعلبة وتعتبر من اجمل قصايد الفخر التى قالتها العرب
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,5,white,bold,norma l" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="ridge,5,indigo" type=2 line=350% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
إنا محيوك يا سلمى فحيينا = وإن سقيت كرام الناس فاسقينا
وإن دعوت إلى جلى ومكرمة = يوما سراة كرام الناس فادعينا
إنا بني نهشل لا ندعي لأب = عنه ولا هو بالأبناء بشرينا
إن تبتدر غاية يوما لمكرمة = تلق السوابق منا والمصلينا
وليس يهلك منا سيد أبدا = إلا افتدينا غلاما سيدا فينا
إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا = ولو نسام بها في الأمن أغلينا
بيض مفارقنا تغلى مراجلنا = نأسوا بأموالنا آثار أيدينا
إني لمن معشر أفنى أوائلهم = قيل الكماة ألا أين المحامونا
لو كان في الألف منا واحد = فدعوا من فارس خالهم إياه يعنونا
إ ذا الكماة تنحوا أن يصيبهم = حد الظباة وصلناها بأيدينا
ولا تراهم وإن جلت مصيبتهم = مع البكاة على من مات يبكونا
ونركب الكره أحيانا فيفرجه = عنا الحفاظ وأسياف تواتينا
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 20/01/03, 04 :53 04:53:34 AM ... #55
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة الاطلال احدى روائع الدكتور ابراهيم ناجي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,5,white,bold,norma l" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="ridge,5,indigo" type=2 line=350% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحاً من خيال فهوى(562/52)
اسقني واشرب على أطلاله
وارو عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمس خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطا من ندامى حلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى
يارياحا ليس يهدا عصفها
نضب الزيت ومصباحي انطفا
وأنا أقتات من وهم عفا
وأفي العمر لناس ما وفى
كم تقبلت على خنجره
لا الهوى مال ولا الجفن غفا
وإذا القلب على غفرانه
كلما غاربه النصل عفا
ياغراما كان مني في دمي
قدراً كالموت أو في طعمه
ما قضينا ساعة في عرسه
وقضينا العمر في مأتمه
ما انتزعي دمعة من عينه
واغتصابي بسمة من فمه
ليت شعري أين منه مهربي
أين يمضي هارب من دمه
******
لست أنساك وقد أغريتني
بفم عذب المناداة رقيق
ويد تمتد نحوي كيدٍ
من خلال الموج مدت لغريق
آه ياقبلة أقدامي إذا
شكت الأقدام أشواك الطريق
وبريقاً يظمأ الساري له
أين في عينيك ذياك البريق
*******
لست أنساك وقد أغريتني
بالذرى الشم فأدمنت الطموح
أنت روح في سمائي وأنا
لك أعلو فكأني محض روح
يالها من قمم كنا بها
نتلاقى وبسرينا نبوح
نستشف الغيب من أبراجها
ونرى الناس ظلالاً في السفوح
******
أنت حسن في ضحاه لم يزل
وأنا عندي أحزان الطفل
وبقايا الظل من ركب رحل
وخيوط النور من نجمٍ أفل
ألمح الدنيا بعيني سئم
وأرى حولي أشباح الملل
راقصات فوق أشلاء الهوى
معولات فوق أجداث الأمل
*******
ذهب العمر هباء فاذهبي
لم يكن وعدك إلا شبحا
صفحة قد ذهب الدهر بها
أثبت الحب عليها ومحا
انظري ضحكي واقصى فرحا
وأنا أحمل قلباً ذبحا
ويراني الناس روحاً طائراً
والجوى يطحنني طحن الرحى؟
******
كنت تمثال خيالي فهوى
المقادير أرادت لا يدي
ويحها لم تدر ماذا حطمت
حطمت تاجي وهدت معبدي
ياحياة اليائس المنفرد
يايبابأ ما به من أحد
يا قفاراً لافحات ما بها
من نجي .. ياسكون الأبد
*****
أين من عيني حبيب ساحر
فيه نبل وجلال وحياة
واثق الخطوة يمشي ملكاً
ظالم الحسن شهي الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربى
ساهم الطرف كأحلام المساء(562/53)
مشرق الطلعة في منطقة
لغة النور وتعبير السماء
******
أين مني مجلس أنت به
فتنة تمت سناء وسنى
وأنا حب وقلب ودم
وفراش حائر منك دنا
ومن الشوق رسول بيننا
ونديم قدم الكأس لنا
وسقانا فانتفضنا لحظة
لغبرآدمي مسنا
قد عرفنا صولة الجسم التي
تحكم الحي وتطغي في دماه
وسمعنا صرخة في رعدها
صوت جلاد وتعذيب آله
أمرتنا فعصينا أمرها
وأبينا الذل أن يغشى الجباه
حكم الطاغي فكنا في العصاه
وطردنا خلف أسوار الحياة
******
يا لمنفيين ظل في الوعور
دميه بالشوك والصخور
كلما تقسوه الليالي عرفاه
روعة الآلام في المنفى الطهور
طرد من ذلك الحلم الكبير
للحضوض السود والليل الضرير
يقبسان النور من روحيهما
كلما قد ظنت الدنيا بنور
******
أنت قد صيرت أمري عجباه
كثرت حولي أطيار الربى
فإذا قلت لقلبي ساعة
قم نغرد لسوء ليلي آبى
حجبت تأبى لعيني مآربا
غير عينيك ولا مطلبى
أنت من أسدلها لا تدعي
أنني أسدلت هذي الحجبا
ولكم صاح بي الياس أنتزعها
فيرد القدر الساخر : دعها
يالها من خطة عمياء لو
أنني أبصر شيئاً لم أطعها
ولي الويل إذا لبيتها
ولي الويل إذا لم اتبعها
قد حنت رأسي ولو كل القوى
نشتري عزة نفسي لم أبعها
******
ياحبيبا زرت يوما أيكه
طائر الشوق أغني آلمي
لك أبطاء الدلال المنعم
وتجني القادر المحتكم
وحنيني لك يكوي أعظمي
والثواني جمرات في دمي
وأنا مرتقب في موضعي
مرهف السمع لوقع القدم
[/poet]
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 20/01/03 الساعة 04 :56 04:56:16 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 21/01/03, 05 :29 05:29:18 AM ... #56
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة الشهيد للشاعر عبد الرحيم محمود(562/54)
المولود سنة 1913م في بلدة عنبتا التي تقع قرب طولكرم، ويلقّب بالشاعر الفلسطيني الشهيد حيث انه استشهد في معركة الشجرة عام 1948م [HR]
[poet font="Tahoma,4,darkblue,n ormal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/5.gif" border="ridge,4,indigo" type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
فإمّا حياة تسرّ الصديق
وإمّا مماتٌ يغيظ العدى
ونفسُ الشريف لها غايتان
ورود المنايا ونيلُ المنى
وما العيشُ؟ لاعشتُ إن لم أكن
مخوف الجناب حرام الحمى
إذا قلتُ أصغى لي العالمون
ودوّى مقالي بين الورى
لعمرك إنّي أرى مصرعي
ولكن أغذّ إليه الخطى
أرى مصرعي دون حقّي السليب
ودون بلادي هو المبتغى
يلذّ لأذني سماع الصليل
ويبهجُ نفسي مسيل الدما
وجسمٌ تجدّل في الصحصحان(*)
تناوشُهُ جارحاتُ الفلا
فمنه نصيبٌ لأسد السماء
ومنه نصيبٌ لأسد الشّرى
كسا دمه الأرض بالأرجوان
وأثقل بالعطر ريح الصّبا
وعفّر منه بهيّ الجبين
ولكن عُفاراً يزيد البها
وبان على شفتيه ابتسامٌ
معانيه هزءٌ بهذي الدّنا
ونام ليحلم َ حلم الخلود
ويهنأُ فيه بأحلى الرؤى
لعمرك هذا مماتُ الرجال
ومن رام موتاً شريفاً فذا
فكيف اصطباري لكيد الحقود
وكيف احتمالي لسوم الأذى
أخوفاً وعندي تهونُ الحياة
وذُلاّ وإنّي لربّ الإبا
بقلبي سأرمي وجوه العداة
فقلبي حديدٌ وناري لظى
وأحمي حياضي بحدّ الحسام
فيعلم قومي أنّي الفتى.
.
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 23/01/03, 04 :26 04:26:32 AM ... #57
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...(562/55)
قصيدة ليس الغريب وهي من اجمل قصائد الزهد في الدنيا ووصف الحال بعد الممات وهي من نظم الامام زين العابدين علي بن الحسين ابن على بن ابي طالب رضي الله عنهم اجمعين
[HR][poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/16.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشام واليَمَنِ *إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ * على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني * وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والموتُ يَطلُبُني
وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها * الله يَعْلَمُها في السِّرِ والعَلَنِ
مَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني * وقَدْ تَمادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي
تَمُرُّ ساعاتُ أَيَّامي بِلا نَدَمٍ * ولا بُكاءٍ وَلاخَوْفٍ ولا حَزَنِ
أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً * عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُني
يَا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ * يَا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُها * وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيرِ وَالحَزَنِ
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحَاً * عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُني
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني * وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هذا اليومَ يَنْفَعُني
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها * مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها * وصَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا * بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ(562/56)
وَقامَ مَنْ كانَ حِبَّ النّاسِ في عَجَلٍ * نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتيني يُغَسِّلُني
وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً * حُراً أَرِيباً لَبِيباً عَارِفاً فَطِنِ
فَجاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني * مِنَ الثِّيابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً * وَصَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني * غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ
وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لها * وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فَوا أَسَفاً * عَلى رَحِيلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُني
وَحَمَّلوني على الأْكتافِ أَربَعَةٌ * مِنَ الرِّجالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا * خَلْفَ الإِمَامِ فَصَلَّى ثمّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لها * ولا سُجودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلوني إلى قَبري على مَهَلٍ * وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهم يُلَحِّدُني
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني * وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِماً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً * وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا * حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هناك ولا * أَبٌ شَفيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني
فَرِيدٌ .. وَحِيدُ القبرِ، يا أَسَفاً * عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُني
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ * مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ ما أَقولُ لهم * قَدْ هَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهِمُ * مَالِي سِوَاكَ إِلهي مَنْ يُخَلِّصُنِي(562/57)
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يا أَمَلي * فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا * وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لها بَدَلي * وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَها * وَصَارَ مَالي لهم حِلاً بِلا ثَمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيا وَزِينَتُها * وانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها * هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
خُذِ القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها * لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً * يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي * فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً * عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختارِ سَيِّدِنا * مَا وَضّأ البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَا وَمُصْبِحِنَا * بِالخَيْرِ والعَفْووالإِحْسانِ وَالمِنَنِ
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 25/01/03, 04 :34 04:34:48 PM ... #58
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة تذكرت ليلى لـ قيس بن الملوح او مجنون ليلى
شكراُ للاخت شوق القلوب التي سمحة لنا باقتباس هذه القصيده من احدى مشاركاتها في نفس القاعة
[HR]
[(562/58)
poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/20.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
تذكرت ليلى والسنين الخواليا ... وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا
ويوم كظل الرمح قصرت ظله ... بليلى فلهاني وما كنت لاهيا
بثمدين لاحت نار ليلى وصحبتي ... بذات الغضى تزجى المطي النواجيا
فقال بصير القوم : لمحة كوكب ... بدا في سواد الليل فردا يمانيا
فقلت له : بل نار ليلى توقدت ... بعليا تسامى ضوءها فبداليا
فليت ركاب القوم لم تقطع الغضى ...وليت الغضى ماشي الركاب لياليا
فيا ليل كم من حاجة لي مهمة ... إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
لحا الله أقواما يقولون : إنني ... وجدت طوال الدهر للحب شافيا
فشب بنو ليلى وشب بنو ابنها ... وأعلاق ليلى في فؤادي كما هيا
ولم ينسني ليلى افتقار ولا غنى ... ولا توبة حتى احتظنت السواريا
خليلي لا والله ما أملك الذي ... قضى الله في ليلى و لا ما قضى ليا
قضاها لغيري وابتلاني بحبها ... فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت ... فما للنوى ترمي بليلى المراميا
فلو كان واش باليمامة داره ... وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
أعد الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهرا لا أعد اللياليا
وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالليل خاليا
أراني إذا صليت يممت نحوها ... بوجهي وإن كان المصلى ورائيا
وما بي إشراك ولكن حبها ... وعظم الجوى أعيا الطبيب المداويا
أحب من الأسماء ما وافق اسمها ... أو أشبهه أو كان منه مدانيا
خليلي ما أرجو من العيش بعدما ... أرى حاجتي تشرى ولا تشترى ليا
خليلي إن ضنوا بليلى فقربا ... النعش والأكفان واستغفرا ليا
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة(562/59)
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 27/01/03, 03 :26 03:26:32 AM ... #59
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة نالت على يدها
من شعر يزيد ابن معاوية ثاني خلفاء الدولة الاموية
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/12.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
نالت على يدها ما لم تنله يدي**نقشا على معصم أوهت به جلدي
كانه طرق نمل في اناملها**أو روضة رصعتها السحب بالبرد
و قوس حاجبها من كل ناحية**ونبل مقلتها ترمي به كبدي
مدت مواشطها في كفها شركا**تصيد قلبي به من داخل الجسد
أنيسة لو رأتها الشمس ما طلعت**من بعد رؤيتها يوما على أحد
سالتها الوصل قالت لاتغر بنا**من رام منا وصالا مات بالكمد
فكم قتيل لنا بالحب مات جوى**من الغرام ولم يبدي ولم يعد
فقلت : استغفر الرحمن من زلل**إن المحب قليل الصبر والجلد
قد خلفتني طريحا وهي قائلة**تاملوا كيف فعل الظبي بالأسد
قالت لطيف خيال زارني ومضى**بالله صفه ولا تنقص ولا تزد
فقال : خلفته لو مات من ظمأ**وقلت : قفا عن ورود الماء لم يرد
قالت صدقت الوفا فى الحب شيمتة**يا برد ذاك الذي قالت على كبدي!
واسترجعت سالت عني فقيل لها**مافيه من رمق دقت يدا بيد
وأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت**وردا وعضا على العناب بالبرد
وأنشئت بلسان الحال قائلة**من غير كره ولا مطل ولا مدد
و الله ما حزنت أخت لفقد أخ**حزني عليه ولا ام على ولد
إن يحسدوني على موتي فوا أسفي**حتي على الموت لا أخلو من الحسد
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة(562/60)
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 28/01/03, 07 :46 07:46:29 PM ... #60
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة تعلّق قلبى طفلةً عربيّةً
وهي مما ينسب الى امريء القيس بن حجر بن الحارث الكندي المتوفي عام 74 قبل الهجرة
لمن طللٌ بين الجديةِ والجبل **محلّ قديم العهد طالت به الطول
عفا غير مرتادٍ ومرّ كسر حوبٍ**ومنخفِض طامٍ تنكّر واضمحل
تنطّح بالأطلالِ منه مجلجل **أحمّ إذا احمومت سحائبه انسجل
فأنبت فيه من غشنض وغشنض**ورونق رندٍ والصلنددِ والأسل
وفيه القطا والبوم وابن حبوكل**وطير القطاطى واليلندد والحجل
وعنثلة والخيوان وبرسل**وفرخ فريق والرفلة والرّفل
وهام وهمهام وطالِع أنجدٍ **ومنحبِك الرّوقينِ في سيره ميل
فلماّ عرفت الداّر بعد توهّمىِ **تكفكف دمعي فوق خدّىّ وانهمل
فقلت لها يا دار سلمى وما الذي ** تمتّعتِ لا بدّلتِ يا دار بالبدل
لقد طالما أضحيتِ قفراً ومألفاً **ومنتظراً للحىّ من حلّ أو رحل
ومأوًى لأبكارٍ حسانٍ أوانٍس **وربّ فتى كالليث مشتهر بطل
لقد كنت أسبى الغِيد أمرد ناشئاً **ويسبيننى منهنّ بالدّلّ والمقل
ليالِى أسبِى الغانياتِ بجمّة **معثكلةٍ سوداء زيّنها رجل
كأنّ قطير البانِ فى عكناتِها **على منثنًى والمنكبين على رطل
تعلّق قلبى طفلةً عربيّةً ** تنعّم فى الديباجِ والحلى والحلل
لها مقلة لو أنهّا نظرت بها ** إلى راهبٍ قد صام لِلهِ وابتهل
لأصبح مفتوناً معنّى بحبّها ** كأن لم يصم لله يوماً ولم يصل
ألاربّ يومٍ قد لهوت بدلّها **إذا ما أبوها ليلةً غاب أو غفل
فقالت لأترابٍ لها قد رميته **فكيف به إن مات أو كيف يحتبل
أيخفى لنا إن كان في الليل دفنه **فقلن وهل يخفى الهلال إذا أفل
قتلتِ الفتى الكندِىّ والشاعر الذّى **أقرّت له الشّعّار طرا فيا لعل(562/61)
لِمه تقتلى المشهور والشاعر الذى **يفلق هامات الرجال بلا وجل
كحلتِ له بسحر عينيك مقلةً **وأسبلتِ فرعاً فاق مسكاً إذا انسبل
ألا يابن غيلان اقتلوا بابن خالِكم **وإلاّ فما أنتم قبيل ولا خول
قتيل بوادى الحبّ من غير قاتلٍ **ولا ميّت يعزى نهاك ولا زمل
فتلك التي هام الفؤاد بحبّها **مهفهفة بيضاء دٌرّية القٌبل
ولى ولها في الناس قول وسمعة **ولى ولها في كلّ ناحية مثل
رداح صموت الحِجل تمشى تحيّراً **وصرّاخة الحِجلين يصرخن في زجل
غموض غضوض الحِجل لو أنها مشت**به عند باب السبسبين للانفصل
ألا لا ألا إلاّ لآِلاء لابِثٍ**ولا لا ألا إلاّ لآِلاء من رحل
فكم كم وكم كم ثم كم كم وكم كم **قطعت الفيافىِ والمهامه لم أمل
وكاف وكفكاف وكفّى بكفّها **وكاف كفوف الودق من كفّها انهمل
فلو لو ولو لو ثم لو لو ولو لو **دنا دار سلمى كنت أوّل من وصل
وفى فى وفى فى ثم فى فى وفى فى **وفى وجنتى سلمى أٌقّبل لم أمل
وسل سل وسل سل ثم سل سل وسل سل **وسل دار سلمى والربوع فكم أسل
وشصنل وشصنل ثم شصنل عشصنلٍ **على حاجبى سلمى يزين مع المٌقل
حجازية العينين مكّية الحشى **عراقيّة الأطراف روميّة الكفل
تِهاميّة الأبدانِ عبسيّة اللّمى **خزاعية الأسنانِ دٌرّية القبل
فقلت لها أيّ القبائل تنسبِى **لعّلى بين الناِس في الشّعر كي أسل
فقالت أنا كنديّة عربيّة **فقلت لها حاشا وكلاّ وهل وبل
فقالت أنا روميّة عجمية **فقلت لها ورخيز بياخوش من قزل
ولاعبتها الشّطرنج خيلى ترادفت **ورخّى عليها دار بالشاه بالعجل
فقالت وما هذا شطارة لاعبٍ **ولكنّ قتل النفس بالفيل هو الأجل
فناصبتها منصوب بالفيل عاجلاً **من اثنين في تسع بِسرع فلم أمل
وقد كان لعبى كلّ دستٍ بقبلةٍ **أقبّل ثغراً كالهلال إذا أفل
فقبّلتها تسعاً وتسعين قبلةً **وواحدةً أيضا وكنت على عجل
وعانقتها حتى تقطّع عقدها **وحتى فصوص الطّوق من جيدها انفصل(562/62)
كأن فصوص الطوق لما تناثرت **ضياء مصابيحٍ تطايرن عن شعل
وآخر قولى مثل ما قلت أوّلاً **لمن طلل بين الجديّة والجبل
انشودة المطر وهي من اروع ماكتب الشاعر العرقي بدر شاكر السياب
( تم حذف بعض الفاظها مع التحفظ على بعض كلماتها الموجوده)
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/18.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
عيناك غابتا نخيل ٍ ساعة السحر،
أو شُرفتان راح ينأ عنهما القمر.
عيناك تبسمان تتورق الكرم
وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهر
يرجّه المجداف وهناً ساعة السَّحر
كأنما تنبض في غوريهما، النُّجوم ...
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحر سرح اليدين فوق المساء،
دفٍ الشتاء فيه وارتعاشا الخريف،
والموت، والميلاد، والظلام، والضياء’
فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إذا خاف من القمر !
كان أقواس السحاب تشرب الغيوم
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...
وكركر الأطفال في عرائش الكروم،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودة المطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
تثاءب المساء، والغيوم ما تزال
تسحُّ ما تسحُّ من دموعها الثقال.
كأنّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام:
بأن أمه – التي أفاق منذ عام
فلم يجدها، ثم حين لجّ في السؤال
قالوا له : " بعد غدٍ تعود ... " –
لا بدّ أن تعود
وإن تهامس الرفاق أنها هناك
في جانب التل تنام نومة اللحود
تسف من ترابها وتشرب المطر،
كان صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه (*)
وينثر الغناء حيث يأفل القمر .
مطر ...
مطر ...
أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعث المطر؟
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع،
بلا انتهاء – كالدّم المراق، كالجياع،
كالحبّ، - كالأطفال، كالموتى – هو المطر !
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر(562/63)
وعبر أمواج الخليج تسمح البروق
وسواحل العراق بالنجوم والمحار،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحب الليل عليها من دمٍ دثار
أصيح بالخليج : ((يا خليج
يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!))
فيرجع الصدى
كأنّه النشيج :
((يا خليج يا واهب المحار والردى ... ))
أكاد أسمع العراق يذخر الرعود
ويخزن البروق في السهول والجبال،
حتى إذا ما فض عنها ختمها الجبال
لم تترك الرياح من ثمود
في الوادي من اثر.
أكاد اسمع النخيل يشرب المطر
وأسمع القرى تئن ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاديف وبالقلوع،
عواصف الخليج، والرعود، منشدين:
((مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي العراق جوع
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
ورحىً تدور في الحقول ... حولها بشر
مطر ...
مطر ...
مطر ...
وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموع
ثم اعتللنا – خوف أن نلام – بالمطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
ومنذ أن كنا صغار ، كانت السماء
تغيم في الشتاء
ويهطل المطر،
وكلّ عام – حين يعشب الثرى – نجوع
ما مر عام والعراق ليس فيه جوع.
مطر ...
مطر ...
مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراء أو صفراء من أجنة الزهور.
وكلّ دمعة ٍ من الجياع والعراة
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حلمة توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتي، واهب الحياة !
مطر ...
مطر ...
مطر ...
سيعيش العراق بالمطر ... ))
أصبح بالخليج : ((يا خليج
يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!))
فيرجع الصدى
كأنّه النشيج :
((يا خليج
يا واهب المحار والردى.))
وينثر الخليج من هباته الكثار ،
على الرمال ، : رغوه الأجاج، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ضل يشرب الردى
من لجة الخليج والقرار،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرّحيق
من زهرة يربها الفرات بالندى.
واسمع الصدى
يرن في الخليج
((مطر ...
مطر ... .
مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراء أو صفراء من أجنَّة الزهور.
وكل دمعة من الجياع والعراة
وكل دمعة من الجياع والعراة
وكل قطرة تراق من دم العبيد(562/64)
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتى، واهب الحياة .))
ويهطل المطر ..
[/poet]
__________________
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 02/02/03, 03 :26 03:26:09 AM ... #62
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة انا وليلي (النص الكامل )وهي احدى روائع الأدب العربي في العصر الحديث
كتبها الشاعر العراقي حسن المرواني وهو من شعراء العصر الحديث
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,2,black,bold,norma l" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/2.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
دع عنك لومي واعزف عن ملاماتي ** إني هويت سريعا من معاناتي
ديني الغرام ودار العشق مملكتي ** قيس أنا وكتاب الشعر توراتي
ما حرم الله حبا في شريعته ** بل بارك الله أحلام البريئات
أنا لمن طينة والله أودعها ** روحا ترق لها عذب المناجاة
دع العقاب ولا تعذل بفاتنة ** ما كان قلبي نحيتا في حجارات
إني بلا هوى أخشاب يابسة ** إني بغير الهوى أشباه أموات
إني لفي بلدي أمسي بسيرها ** ثوب الشريعة في مخرق عادات
يا للتعاسة من دعوى مدينتنا ** فيها الهوى يعد كبر الخطيئات
نبض القلوب مورق عن قداستها ** تسمع احاديثا اقاويل الخرافات
عبارة علقت على كل منعطف ** أعوذ بالله من تلك الحماقات
عشق البنات حرام في مدينتنا ** عشق البنات طريق للغوايات
إياك أن تلقي يوما بامرأة ** إياك إياك أن تغري الحبيبات
إن الصبابة عار في مدينتنا ** فكيف كان حبي للأميرات
سمراء ما حزني عمرا أضيعه ** ولكنني عاشق والحب مأساتي(562/65)
الصبح قد أهدى إلى الأزهار قبلته ** والعلقم المر قد أمسى بكاساتي
يا قبلة الحب يا من جئت انشدها ** شعرا لعل الهوى يشفي جراحاتي
داوت أزهار روحي وهي يابسة ** ماتت أغاني الهوى ماتت حكاياتي
ماتت بمحراب عينيك ابتهالاتي ** واستسلمت لرياح اليأس راياتي
جفت على بابك الموصود أزمنتي ليلى ** وما أثمرت شيئا نداءاتي
أنا الذي ضاع لي عامان من عمري ** وباركت وهمي وصدقت افتراضاتي عامان ما رف لي لحن على وتر ** ولا استفاقت على نور سماواتي
اعتق الحب في قلبي واعصره ** فأرشف الهم في مغبر كاساتي
وأودع الورد أتعابي وازرعه ** فيورق الورد وينمو في حشاشاتي
ما ضر لو عانق النور غاباتي ** أو صافح الورد أوراقي الحزينات
ما ضر لو أن كفا منك جثيما** تحقد تنفض آلامي المريرات
سنين تسع مضت والأحزان تسحقني ** ومت حتى تناستني صباباتي
تسعى على مركب الأشواق في سفن ** والريح تعصف في عنف شراعاتي
طال انتظاري متى أحبيبتي تفتح لي ** دروبا إليها أطفئ نار آهاتي
متى سأجد إلى كفيك يا حبيبتي ** متى ترفرف يا عشاق راياتي
غدا سأذبح أحزاني وادفنها ** غدا سأطلق أنغامي الضحوكات
ولكن ولكن للعشاق قاتلتي ** إذا أعقب فرحتي شلال حيراتي
فعدت احمل نعش الحب مكتئبا ** وامضي البوادي واسماري قصيداتي
ممزق أنا لا جاه ولا ترف ** يغريك فيّ فخليني وآهاتي
لو تعصرين سنين العمر أكملها ** لسال منها نزيف في جراحاتي
كل القناديل عذب نورها ** وأنا تظل تشكو نضوب الزيت مشكاتي
لو كنت ذا ترف ما كنت رافضة حبي ** ولكن عسر الحال مأساتي
فليمضغ اليأس آمالي التي يبست ** وليغرق الموج يا ليلى بضاعاتي
عانيت لا حزني أبوح به ** ولست تدرين شيئا عن معاناتي
امشي واضحك يا ليلى مكابرة ** علي أخبي عن الناس احتضاراتي
لا الناس تعرف ما أمري فتعذرني ** ولا سبيل لديهم في مواساتي
لاموا افتتاني بسوداء العيون ** ولو رأوا جمال عينيك ما لاموا افتتاناتي(562/66)
لو لم يكن اجمل أسودها ** لما اختارها الله لونا لجراحاتي
يرسو بجفني حرمان يمص دمي ** ويستبيح إذا شاء ابتساماتي
عندي أحاديث حزن كيف اسطرها؟ ** تضيق ذرعا بي أو بعباراتي
يفر من حرقتي الذل فأسأله ** لمن أبت بتاريخ المريضات؟
معذورة أنت إن أجهضت لي أملى ** لا الذنب ذنبك بل كانت حماقاتي
أضعت في عرض الصحراء قافلتي ** فمضيت ابحث في عينيك عن ذاتي
وجئت أحضانك الخضراء منتشيا ** كالطفل احمل أحلامي البريئات
أتيت احمل في كفي أغنية ** اجترها كلما طالت مسافاتي
حتى إذا إنبلجت عيناك في أفق ** وطرز الفجر أيامي الكئيبات
غرست كفك تجتثين أوردتي ** وتسحقين بلا رفق مسراتي
واغربتاه مضاع هاجرت مدني عني ** وما أبحرت منها شراعاتي
نفيت واستوطن الأغراب في بلدي **ودمروا كل أشيائي الحبيبات
خانتك عيناك في زيف وفي كذب ** أم غرك البهرج الخداع مولاتي
توغلي يا رياح الحقد في جسدي ** ومزقي ما تبقى من حشاشاتي
فراشة جئت القي كحل اجنحتي ** لديك فاحترقت ظلما جناحاتي
أصيح والسيف مزروع بخاصرتي ** والغدر حطم آمال العريضات
هل ينمحي طيفك السحري من خلدي؟ ** وهل ستشرق عن صبح جناتي
ها أنت أيضا كيف السبيل إلى أهلي ** ودونهم قفر المفازات
كتبت في كوكب المريخ لافتة ** أشكو بها للطائر المحزون آهاتي
وأنت أيضا ألا تبت يداك ** إذا آثرت قتلي واستعذبت أناتي
من لي بحذف اسمك الشفاف من لغتي ** إذا ستمسي بلا ليلى حكاياتي
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 02/02/03, 06 :41 06:41:21 PM ... #63
جمانه
طائر سفير
تاريخ الانضمام: 21/08/02
محل السكن: الشرقيه والنعم
المشاركات: 75
جمانه is on a distinguished road
...
مشكور على القصائد الحلوة ومشكور على مشاركاتك وتميزك ماشالله عليك في كل جديد
__________________(562/67)
اكتب عزائى على ورق 000اكتب فيه عن قصه قلب زارة القلق
Offline: ...
جمانه
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى جمانه
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة جمانه
قديم 04/02/03, 02 :41 02:41:55 AM ... #64
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
جمانه
شكراً لتوصلك
لك تحياتي
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/02/03, 04 :00 04:00:05 AM ... #65
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة لاتعذليه فان العذل يولعه من شعر ابن زريق البغدادي
وهو من بغداد سفر الى الاندلس طلباً للرزق ووجدة هذه القصيده تحت راسه عند وفاته
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/5.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
لا تعذليه فإن العذل يولعه&& قد قلت حقاً ، ولكن ليس يسمعه
جاوزت في لومه حداً أضر به &&من حيث قدرتِ أن اللوم ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً&&من عذله، فهو مضنى القلب موجعه
قد كان مضطلعاً بالخطب يحمله &&فضيِّقت بخطوب الدهر أضلعه
يكفيه من لوعة التشتيت أن له &&من النوى كلَّ يوم ما يروّعه
ما آب من سفر ٍ إلا وأزعجه &&رأي إلى سفر ٍ بالعزم يزمعه
كأنما هو في حل ٍ ومرتحل &&موكّل بفضاء الله يذرعه
إن الزمان أراه في الرحيل غنىً &&ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه
وما مجاهدة الإنسان توصله &&رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه
قد وزع الله بين الخلق رزقهمو &&لم يخلق اللهُ من خلق ٍ يضيّعه(562/68)
لكنهم كلِفوا حرصاً ، فلست ترى &&مسترزقاً ، وسوى الغايات تقنعه
والحرص في الرزق والأرزاق قد قُسمت بغي ، ألا إن بغي المرء يصرعه
والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه &&إرثاً ، ويمنعه من حيث يطمعه
استودع الله في بغداد لي قمراً &&بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودعته وبودّي لو يودعني &&صفو الحياة وأني لا أودعه
وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحىً&&وأدمعي مستهلات وأدمعه
لا أكذب الله ، ثوب الصبر منخرقٌ &&عني بفرقته ، لكن أرقّعه
إني أوسع عذري في جنايته &&بالبين عنه ، وجرمي لا يوسعه
رُزقت ملكاً فلم أحسن سياسته &&وكلُّ من لا يسوس المُلك يخلعه
ومن غدا لابساً ثوب النعيم بلا &&شكر ٍ عليه ، فإن الله ينزعه
اعتضتُ من وجه خلي بعد فرقته && كأساً أُجرّع منها ما أجرّعه
كم قائلٍ لي ذقت البين ، قلت له:&& الذنبُ ذنبي لست أدفعه
ألا أقمت فكان الرشد أجمعه &&لو أنني يوم بان الرشد أتبعه
إني لأقطع أيامي وأنفدها&&بحسرةٍ منه في قلبي تُقطّعه
بمن إذا هجع النوّام بتُ له &&بلوعةٍ منه ليلي، لست أهجعه
لا يطمئن لجنبي مضجعٌ ، وكذا&& لا يطمئن له مذ بِنتُ مضجعه
ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني&&به ، ولا أن بي الأيام تفجعه
حتى جرى البين فيما بيننا بيدٍ&&عسراء ، تمنعني حظي وتمنعه
قد كنت من ريب دهري جازعاً فرِقاً&&فلم أوقَّ الذي قد كنت أجزعه
بالله يا منزل العيش الذي درست&& آثاره ، وعفت مذ بنتُ أربعه
هل الزمان مُعيد فيك لذتنا&& أم الليالي التي أمضته تُرجعه
في ذمة الله من أصبحت منزله &&وجاد غيث على مغناك يُمرعه
من عنده لي عهد لا يضيعه &&كما له عهد صدقٍ لا أضيّعه
ومن يصدّع قلبي ذكره ، وإذا &&جرى على قلبه ذكري يصدّعه
لأصبرن لدهر ٍ لا يمتعني&& به ، ولا بي في حال ٍ يمتعه
علماً بأن اصطباري مُعقبٌ فرجاً&&فأضيق الأمر إن فكرت أوسعه
عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا&&جسمي ، ستجمعني يوما وتجمعه
وإن تغل أحداً منا منيته &&فما الذي بقضاء الله يصنعه
[/poet](562/69)
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 26/02/03, 04 :29 04:29:17 AM ... #66
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة يعطيك من طرف السان وهي اروع قصيد الشاعر صالح ابن عبد القدوس التي احتوت على الكثير من المعني الحكيمة
[HR]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 26/02/03, 04 :33 04:33:06 AM ... #67
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة يعطيك من طرف السان وهي اروع قصيد الشاعر صالح ابن عبد القدوس التي احتوت على الكثير من المعني الحكيمة
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/6.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
صَرمتْ حبالك بعد وصلك زينب = والدهرُ فيه تصرّم وتقلبُ
وكذاك وصلُ الغانياتِ فإنه = آل ببلقعة وبرقٌ خُلبُ
فدع الصّبا فلقد عداك زمانهُ = واجهد ، فعمرك مر منه الأطيب
ذهب الشبابُ فما له من عودة = وأتى المشيبُ فأينَ منه المهرَب
دع عنك ما قد فات في زَمنِ الصبّا = واذكُر ذنوبك وابكها يا مُذنب
واخشَ مُناقشة الحساب فإنه = لا بُد يحصي ما حنيتَ ويُكتب
والليلَ ، فاعلم ، والنهار كلاهما = أنفاسنا فيه تُعدّ وتحسب
لم ينسه الملكانِ حينَ نسيته = بل اثبتاه ، وأنتَ لاهٍ تلعب
والروح فيك وديعةٌ أُودعتها = سترُدها بالرغم منكَ وتُسلب
وغُرورُ دنياكَ التي تَسعى لها = دارٌ حقيقتها مَتاعٌ يذهب(562/70)
وجميعُ ما حَصلته وجمعتهُ = حقاً يقينا بعدَ موتكَ يُنهب
تُبّا لدارٍ لا يددوم نعيمها = ومشيدها عما قليلٍ يخرب
لا تأمنِ الدهر الخؤونَ لأنه = ما زالَ قدماً للرجالِ يُهذب
وكذلكَ الأيامُ في غصّاتها = مضضٌ يذلُ له الأعز الأنجب
ويفوزُ بالمال الحقيرُ مكانةً = فتراهُ يُرجى مالديه ويُرغب
ويُسرّ بالترحيب عند قُدومه = ويُقامُ عند سَلامهِ ويقُرّب
لا تحرصنْ فالحرص ليس بزائد = في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب
كم عاجز في الناسِ يأتي رزقه = رغداً ويُحرم كيّس ويخيب
فعليك تقوى اللهِ فالزمها تفُز = إن التقيّ هو البهي الأهيب واعمل بطاعتهِ تنلْ منه الرَّضا = إن المطيعَ لَربه لمقرّب
أدّ الأمانة ، والخيانةَ فاجتنب = واعدل ولا تظلم يطيب المكسب
واحذر من المظلوم سهماً صائباً = واعلم بأن دُعاءه لا يُحجب
وإذا أصابك في زَمانك شدّة = وأصابك الخطب الكريه الأصعب
فادع لرَبك إنه أدنى لمنْ = يدعوه من حَبل الوريد وأقرب
واحذر مؤاخاة الدّني لأنه = يعدي الصحيح الأجرب
واختر صديقك واصطفيه تفاخراً = إن القَرين إلى المقارنِ يُنسب
ودع الكذوبَ ولا يكنْ لكَ صاحباً = إن الكذوبَ لبئس خلاً يصحب
وذر الحسود وإن تقادم عَهده = فالحقد باق في الصدورِ مغيَّب
واحفظ لِسانك واحترز من لفظه = فالمرء يسلم باللسان ويعطَب
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن = ثرثارةً في كلّ ناد تخطب
والسرّ فاكتمه ولا تنطق به = فهو الأسير لديك إذ لا يَنشب
واحرص على حفظ القلوب من الأذى = فرجُوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوبَ إذا تنافر ودها = شبه الزجاجة كسرها لا يشعب
واحذر عدوك إذ تراه باسماً = فالليث يبدو نابه إذ يغضب
لا خيرَ في وُدّ امرىء متملق = حلو اللسان وقلبه يتلهب
يعطيكَ من طرفِ اللسان حلاوةً = ويَروغ منكَ كما يَروغ الثعلب
يلقاكَ يحلف أنه بكَ واثق = وإذا توارى عنك فهو العقرَب
وإذا رأيت الرزق ضاق ببلدة = وخشيتَ فيها أن يضيقَ المكسِب(562/71)
فارْحَل فأرض الله واسعة الفضا = طولاً وعرضاً شرقها والمغرِب
... ... ...
قصيدة ردي عليّ فؤادي
القصيدة لجرير بن الخطفي الشاعر الأموي
وهي من عيون شعر الغزل التي نظمها العرب ويقال ان اجمل بيت شعر قالته العرب في الغزل هو بيت جرير الوارد في القصيدة والذي يقول فيه
إن العيون التي في طرفها حَوَرٌ =قَتَلْننا ثم لم يحيين قتلانا[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,red,normal,norma l" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
يا أم عَمْروٍ جزاك الله مغفِرةً = رُدي عليَّ فُؤادي كالذي كانا
أَلَسْتِ أمْلَحَ مَنْ يمشي على قَدَمٍ = يا أملح الناسِ كُلِّ الناس إنسانا
يلقى غَريمكُمُ مِنْ غَيرِ عُسرَتِكُمْ = بالبذل بُخلاً وبالإحسان حِرمانا
قد خُنتِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَخْشى خِيانتكُمْ = ماكنتِ أول موثوقٍ بهِ خانا
لقد كَتَمْتُ الهوى حتى تَهيَّمَني = لا أستطيعُ لهذا الحُبِّ كِتمانا
كاد الهوى يومَ سَلْمانَيْنِ يقتلني = وكاد يقتلني يوماً ببيدانا
لا بارك الله فيمن كان يَحْسَبُكُمْ = إلا على العهدِ حتى كان ما كانا
لا بارك الله في الدنيا إذا انقطعت = أسباب دُنياك من أسباب دنيانا
ما أحدثَ الدهرُ مِمَّا تعلمين لكم = لِلحبل صرماً ولا للعهد نسيانا
إن العيون التي في طرفها حَوَرٌ =قَتَلْننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حراكَ بهِ = وَهُنَّ أضعفُ خلقِ الله أركانا
يا حبذا جبلُ الريان من جبلٍ = وحبذا ساكنُ الريانِ من كانا
وحبذا نفحاتٌ مِن يمانيةٍ = تأتيك مِنْ قِبَلِ الريان أحيانا
[/poet]
__________________
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 04/03/03, 11 :22 11:22:55 PM ... #72
الراسيه
طائر ذهبي
صورة عضوية الراسيه(562/72)
تاريخ الانضمام: 01/02/03
محل السكن: الكرة الأرضية
المشاركات: 347
الراسيه is on a distinguished road
...
أخي نهرالكلمه ..
هذه قصيده عسى ان تعجبكم ........
ذهب رجل إلى علي بن أبي طالب ليكتب له عقد بيت ، فنظر علي إلى الرجل
فوجد أن الدنيا متربعة عَلَى قلبه فكتب : اشترى ميت من ميت بيتا في دار المذنبين له أربعة حدود،
الحد الأول يؤدي إلى الموت ، والحد الثاني يؤدي إلى القبر والحد الثالث يؤدي إلى الحساب والحد
الرابع يؤدي إما للجنة وإما للنار. فقال الرجل لعلي : ما هذا يَا عَلْي ،
جئت تكتب لي عقد بيت ، كتبت لي عقد مقبرة ، فقال له علي :
النفسُ تبكي على الدنيا وقدعلمت...ان السعادة فيها ترك مافيها
لا دار للمرءِ بعد الموت يسكُنها...إلا التي كان قَبلَ الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طابَ مسكنُه...وإن بناها بشرٍّ خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها...ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنةً..حتى سقاها بكاْسِ الموت ساقيها
فكم مدائن فِي الأفاق قد بنيت..أمست خراباَ وأفنى الموتُ أهليها
لا تركنن إلى الدنيا وما فيها...فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها
لكلِ نفس وإن كانت على وجلٍ..من المنيةٍ آمال تُقويهَا
المرء يَبسطها وَالدَّهر يقبضُها..والنفسُ تنشرها والموتُ يطويها
إنما المكارم أخلاق مطهرة...الدينُ أولُها والعقلُ ثانيها
والعلمُ ثالثها والحلمُ رابُعها...والجودُ خامسُها والفضلُ ساديها
والبّرُ سابعُها والشكرُ ثامنُها...والصبرُ تاسُعها واللينُ باقيها
والنفسُ تعلمُ أني لا أصادقها...ولستُ أرشدُ إلا حين أعصيها
وأعمل لدار غداَ رضوانُ خازنُها...والجارُ أحمدُ والرحمنُ ناشيها
قصورُها ذهب والمسكُ طينتُها...والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسل...والخمرُ يجري رحيقا في مجاريها
والطيرُ تجري على الأغصان عاكفة..تُسبّحُ اللّه جهراً في مغانيها(562/73)
من يشتري الدارَ في الفردوس يعمُرها..بركعة في ظلام الليلِ يُحييها
فقال الرجل لعلي أشهد أني جعلتها لله ورسوله
__________________
Offline: ...
الراسيه
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى الراسيه
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة الراسيه
قديم 05/03/03, 05 :00 05:00:46 AM ... #73
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الراسية
سلمت يدك على المشاركة الرائعة التى انارة الموضوع وزدتة جمال وبانتظار المزيد من الروائع
=======
والان مع شعر الدنياء مع الشعر الذي حير الادباء والنقاد واشغل الدنيا ء بشعره
مع شعر السيف والقلم مع من يكاد يكون اشهر شعراء العربية
مع ابو الطيب المتنبي
وقصيدة واحر قلباه والتي القاها بين يدي سيف الدوله الحمداني عندما وشاء به البعض الى سيف الدولة
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,darkred,normal,n ormal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
وَاحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلْبُهُ شَبِمُ= ومَن بِجِسمي وَحالي عِنْدَهُ سَقَمُ
ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قد بَرَى جَسَدي= وتَدَّعِي حُبَّ سَيفِ الدَولةِ الأُمَمُ
إِنْ كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ= فَلَيتَ أَنَّا بِقَدْرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
قد زُرتُه وسُيُوفُ الهِندِ مُغمَدة= وقد نَظَرتُ إليهِ والسُيُوفُ دَمُ
وَكانَ أَحسَنَ خَلقِ الله كُلِّهِمِ = وكانَ أَحْسَنَ ما في الأَحسَنِ الشِيَمُ
فَوتُ العَدُوِّ الِّذي يَمَّمْتَهُ ظَفَر = في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شَدِيدُ الخَوفِ واصطَنَعَت = لَكَ المَهابةُ ما لا تَصْنعُ البُهَمُ
أَلزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئاً لَيسَ يَلْزَمُها = أَنْ لا يُوارِيَهُم أرضٌ ولا عَلَمُ(562/74)
أَكلما رُمتَ جَيشاً فانثَنَى هَرَباً = تَصَرَّفَتْ بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ
علَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعْتَرَكٍ = وما عَلَيكَ بِهِمْ عارٌ إِذا انهَزَموا
أَما تَرَى ظَفَراً حُلواً سِوَى ظَفَرٍ = تَصافَحَت ْفيهِ بيضُ الهِنْدِ والِلمَمُ
يا أَعدَلَ الناسِ إِلاَّ في مُعامَلَتي = فيكَ الخِصامُ وأَنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ
أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً = أَنْ تَحْسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ
وما انتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظرِهِ = إِذا استَوَتْ عِندَهُ الأَنوارُ والظُلَمُ
سَيَعْلَمُ الجَمْعُ مِمَّن ضَمَّ مَجْلِسُنا = بِأنَّني خَيْرُ مَن تَسْعَى بِهِ قدَمُ
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمَى إلى أَدَبي = وأَسمَعَتْ كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
أَنامُ مِلءَ جُفُوفي عن شَوارِدِها = ويَسْهَرُ الخَلْقُ جَرَّاها ويَختَصِمُ
وَجَاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكِي = حَتَّى أَتَتْهُ يَدٌ فَرَّاسةٌ وفَمُ
إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً = فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَ يَبْتَسِمُ
ومُهجةٍ مُهجتي مِن هَمِّ صاحِبِها = أَدرَكْتُها بِجَوادٍ ظَهْرُهُ حَرَمُ
رِجلاهُ في الرَكضِ رِجْلٌ واليَدانِ يَدٌ = وفِعْلُهُ ما تُريدُ الكَفُّ والقَدَمُ
ومُرهَفٍ سِرتُ بَينَ الجَحْفَلَينِ بِهِ = حتَّى ضَرَبْتُ ومَوجُ المَوتِ يَلْتَطِمُ
الخَيْلُ واللّيلُ والبَيداءُ تَعرِفُني = والسَيفُ والرُمْحُ والقِرطاسُ والقَلَمُ
صَحِبتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ مُنْفَرِداً = حتَّى تَعَجَّبَ منَّي القُورُ والأَكَمُ
يا مَن يَعِزُّ عَلَينا أن نُفارِقَهم = وَجداننا كُلَّ شَيءٍ بَعدَكُمْ عَدَمُ
ما كانَ أَخلَقَنا مِنكُم بِتَكرِمة = لَو أَن أَمرَكُمُ مِن أَمرِنا أَمَمُ
إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا = فَما لِجُرْحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ
وبَينَنا لَو رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفةٌ = إِنَّ المَعارِفَ في أَهلِ النُهَى ذِمَمُ(562/75)
كَم تَطلُبُونَ لَنا عَيباً فيُعجِزُكم = ويَكرَهُ الله ما تأْتُونَ والكَرَمُ
ما أَبعَدَ العَيْبَ والنُقصانَ من شَرَفي = أَنا الثُرَيَّا وَذانِ الشَيبُ والهَرَمُ
لَيتَ الغَمامَ الذي عِندِي صَواعِقُهُ = يُزِيلُهُنَّ إلى مَن عِندَه الدِيَمُ
أَرَى النَوَى يَقْتَضِيني كُلَّ مَرْحَلةٍ = لا تَستَقِلُّ بِها الوَخَّادةُ الرُسُمُ
لَئِن تَرَكْنَ ضُمَيراً عن مَيامِنِنا = لَيَحْدُثَنَّ لِمَنْ ودَّعْتُهُمْ نَدَمُ
إذا تَرَحَّلْتَ عن قَومٍ وقد قَدَروا = أَن لا تُفارِقَهم فالراحِلُونَ هُمُ
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بهِ = وشَرُّ ما يَكْسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
وشَرُّ ما قَنَصَتْهُ راحَتي قَنَصٌ = شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَخَمُ
بأَيَّ لَفْظٍ تَقُولُ الشِعْرَ زِعْنِفةٌ = تجُوزْ عِندَكَ لا عُرْبٌ وِلا عَجَمُ
هذا عِتابكَ إِلاَّ أَنَّهُ مِقَةٌ = قد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلاَّ أَنَّهُ كَلِمُ
[/poet]
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 05/03/03 الساعة 05 :05 05:05:58 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 06/03/03, 01 :08 01:08:17 AM ... #74
الراسيه
طائر ذهبي
صورة عضوية الراسيه
تاريخ الانضمام: 01/02/03
محل السكن: الكرة الأرضية
المشاركات: 347
الراسيه is on a distinguished road
...
أخي نهر الكلمة ...
اشكرك على كلماتك الرقيقه والمشجعه ..
فما أنا إلا نقطة في بحرك الكبير .
Offline: ...
الراسيه
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى الراسيه
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة الراسيه
قديم 06/03/03, 07 :53 07:53:54 AM ... #75
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الراسيه اشكر لك مشاركاتك وردودك(562/76)
====================
قصيدة اما لجميل عندكن ثواب
وهي من شعر ابو فراس الحمدني نظمها في الاعتذار الى ابن عمة سيف الدوله الحمدني
والبيت الخير من القصيدة لم ثتبت نسبتة الىالقصيدة وان كان هناك بعض المرجع التي اضفته اليها لتنسب الوزن والقافية والمعاني
========
[poet font="Simplified Arabic,4,sienna,bold,norm al" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/1.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
اما لجميل عندكن ثواب
ولالمسيء عندكن متاب
ولقد ضل من تحوي هواه خريدة
وقد ذل من تقضي عليه كعاب
ولكنني والحمدلله حازم
اعز اذا ذلت لهن رقاب
ولاتملك الحسناء قلبي كله
وان شملتها رقة وشباب
وأجري فلا اعطي الهوي فضل مقودي
واهفو ولا يخفى علي صواب
اذا الخل لم يهجرك الا ملالة
فليس له الا الفرق عتاب
اذا لم اجد من خلة ما أريده
فعندي لاخرى عزمة وركاب
وليس فراق ما استطعت فان يكن
فراق على حال فليس اياب
صبور ولو لم تبق مني بقية
قؤول ولو ان السيوف جواب
وقور واحداث الزمان تنوشني
وللموت حولي جيئة وذهاب
والحظ احوال الزمان بمقلة
بها الصدق صدق والكذاب كذاب
بمن يثق الانسان فيما ينوبه
ومن اين للحر الكريم صحاب
وقد صار هذا الناس الا اقلهم
ذئابا على اجسادهن ثياب
تغابيت عن قومي فظنوا غباوتي
بمفرق اغبانا حصى وتراب
ولو عرفوني حق معرفتي بهم
اذا علموا اني شهدت وغابوا
وما كل فعال يجازى بفعله
ولا كل قوال لدي يجاب
ورب كلام مر فوق مسامعي
كما طن في لوح الهجير ذباب
الى الله اشكو اننا بمنازل
تحكم في اسادهن كلاب
تمر الليالي ليس للنفع موضع
لدي ولا للمعتفين جناب
ولا شد لي سرج على ظهر سابح
ولا ضربت لي بالعراء قباب
ولا برقت لي في اللقاء قواطع
ولا لمعت لي في الحروب حراب
ستذكر ايامي نمير وعامر
وكعب على علاتها وكلاب
انا الجار لازادي بطيء عليهم
ولا دون مالي للحوادث باب(562/77)
ولا اطلب العوراء منهم اصيبها
ولا عورتي للطالبين تصاب
واسطو وحبي ثابت في صدورهم
واحلم عن جهالهم واهاب
بني عمنا ما يصنع السيف في الوغى
اذا فل منه مضرب وذباب
بني عمنا لا تنكروا الحق اننا
شداد على غير الهوان صلاب
بني عمنا نحن السواعد والظبى
ويوشك يوما ان يكون ضراب
وان رجالا ما ابنكم كابن اختهم
حريون ان يقضى لهم ويهابوا
فعن اي عذر ان دعوا ودعيتم
ابيتم بني اعمامنا واجابوا
وما ادعي مايعلم الله غيره
رحاب علي للعفاة رحاب
وافعاله للراغبين كريمة
وامواله للطالبين نهاب
ولكن نبا منه بكفي صارم
واظلم في عيني منه شهاب
وابطا عني والمنايا سريعة
وللموت ظفر قد اطل وناب
فان لم يكن ود قديم نعده
ولا نسب بين الرجال قراب
فاحوط للاسلام ان لا يضيعني
ولي عنك فيه حوطة ومناب
ولكنني راض على كل حالة
ليعلم اي الحالتين سراب
وما زلت ارضى بالقليل محبة
لديك وما دون الكثير حجاب
واطلب ابقاء على الود ارضه
وذكري منى في غيرها وطلاب
كذاك الوداد المحض لايرتجى له
ثواب ولا يخشى عليه عقاب
وقد كنت اخشى الهجر والشمل جامع
وفي كل يوم لفتة وخطاب
فكيف وفيما بيننا ملك قيصر
وللبحر حولي زخرة وعباب
امن بعد بذل النفس فيما تريده
اثاب بمر العتب حين اثاب
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والانام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هينٌ
وكل الذي فوق التراب ترابُ
[/poet]
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 10/03/03 الساعة 04 :42 04:42:30 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 06/03/03, 08 :41 08:41:04 PM ... #76
أم أحمد
طائر الماسي
صورة عضوية أم أحمد
تاريخ الانضمام: 19/05/02
محل السكن: أنا كويتي أنا ..أنا قول وفعل ..وعزومي قوية
المشاركات: 1,231
أم أحمد is on a distinguished road
...
أحي نهر الكلمة ...(562/78)
بارك الله فيك ..وجزاك الله خيراً ....ويعطيك ألف ألف عافية على المجهود الواضح واعتقد أن القصيدة الأخيرة هي رسالة عتاب من أبو فراس الحمداني ينادي ويستصرخ بها سيف الدولة ابن عمه ليخلصه من الأسر بعد أن طال به السجن عند الروم وليست إعتذار
مشكور مرة أخرى ..والله لايحرمنا من إبداعاتك
__________________
أجبرتني الحياة أن أفارق من أحب...وعلمتني الأصالة أن لا أنسى من أفارق
Offline: ...
أم أحمد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى أم أحمد
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة أم أحمد
قديم 08/03/03, 08 :47 08:47:18 PM ... #77
الراسيه
طائر ذهبي
صورة عضوية الراسيه
تاريخ الانضمام: 01/02/03
محل السكن: الكرة الأرضية
المشاركات: 347
الراسيه is on a distinguished road
...
ولا تك في القرآن بالوقف قائلا *** كما قال أتباع لجهم وأسجحوا
قصيدة ابن أبي داود رحمه الله
وفيها بيان لعقيدة أهل السنة والجماعة
قال ابن بطة وإبن شاهين وإبن شاذان قال لنا ابو بكر ابن أبي داود رحمه الله هذا قولي وقول أبي
وقول أحمد بن حنبل رحمه الله وقول من أدركنا من أهل العلم وقول
من لم ندرك ممن بلغنا قوله عنه فمن قال علي غير هذا فقد كذب.
قال أبوبكر ابن أبي داود رحمه الله تعالى:
تمسك بحبل الله واتبع الهدى *** ولا تك بدعيا لعلك تفلح
ودن بكتاب الله والسنن التي *** أتت عن رسول الله تنجو وتربح
وقل غير مخلوق كلام مليكنا *** بذلك دان الأتقياء وأفصحوا
ولا تك في القرآن بالوقف قائلا *** كما قال أتباع لجهم وأسجحوا
ولا تقل القرآن خلق قرانه *** فإن كلام الله باللفظ يوضح
وقل يتجلى الله للخلق جهرة *** كما البدر لا يخفى وربك أوضح
وليس بمولود وليس بوالد *** وليس له شبه تعالى المسبح
وقد ينكر الجهمي هذا وعندنا *** بمصداق ما قلنا حديث مصرح
رواه جرير عن مقال محمد *** فقل مثل ما قد قال في ذاك تنجح(562/79)
وقد ينكر الجهمي أيضا يمينه *** وكلتا يديه بالفواضل تنفح
وقل ينزل الجبار في كل ليلة *** بلا كيف جل الواحد المتمدح
الى طبق الدنيا يمن بفضله *** فتفرج أبواب السماء وتفتح
يقول ألا مستغفر يلق غافرا *** ومستمنح خيرا ورزقا فيمنح
روى ذاك قوم لا يرد حديثهم *** ألا خاب قوم كذبوهم وقبحوا
وقل إن خير الناس بعد محمد *** وزيراه قدما ثم عثمان الأرجح
ورابعهم خير البرية بعدهم *** علي حليف الخير بالخير منجح
وإنهم الرهط لا ريب فيهم *** على نجب الفردوس في الخلد تسرح
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة *** وعامر فهر والزبير الممدح
وسبطي رسول الله وابني خديجة *** وفاطمة ذات النقاء تبحبحوا
وعائشة أم المؤمنين وخالنا *** معاوية أكرم به ثم امنح
وأنصاره والمهاجرون ديارهم *** بنصرتهم عن كية النار زحزحوا
ومن بعدهم فالتابعون لحسن مآخذ *** وأفعالهم قولا وفعلا فأفلحوا
ومالك والثوري ثم أخوهم *** أبو عمرو الأوزاعي ذاك المسبح
ومن بعدهم فالشافعي وأحمد *** إماما هدى من يتبع الحق ينصح
أولئك قوم قد عفا الله عنهم *** فاحببهم فإنك تفرح
وقل خير قول في الصحابة كلهم *** ولاتك طعانا تعيب وتجرح
فقد نطق الوحي المبين بفضلهم *** وفي الفتح آي للصحابة تمدح
وبالقدر المقدور أيقن فإنه *** دعامة عقد الدين والدين أفيح
ولا تنكرن جهلا نكيرا ومنكرا *** ولا الحوض والميزان إنك تنصح
وقل يخرج الله العظيم بفضله *** من النار أجسادا من الفحم تطرح
على النهر في الفردوس تحيى بمائه *** كحبة حمل السيل إذا جاء يطفح
وإن رسول الله للخلق شافع *** وقل في عذاب القبر حق موضح
ولا تكفرن أهل الصلاة وإن عصوا *** فكلهم يعصى وذو العرش يصفح
ولا تعتقد رأي الخوارج إنه *** مقال لمن يهواه يردي ويفضح
ولاتك مرجيا لعوبا بدينه *** ألا إنما المرجي بالدين يمزح
وقل إنما الإيمان قول ونية *** وفعل على قول النبي مصبح(562/80)
وينقص طورا بالمعاصي وتارة *** بطاعته ينمى وفي الوزن يرجح
ودع عنك آراء الرجال وقولهم *** فقول رسول الله أزكى وأشرح
ولاتك من قوم تلهو بدينهم *** فتطعن في أهل الحديث وتقدح
إذا ما اعتقدت الدهر يا صاح هذه *** فأنت على خير تبيت وتصبح
Offline: ...
الراسيه
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى الراسيه
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة الراسيه
قديم 10/03/03, 06 :09 06:09:49 AM ... #78
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
[color=crimson]الاخت ام احمد حفظها الله
لادعي للشكر فالحمد لله اننى استطعت نشر القصيدة لتوفر ديوان الشاعر لدي
ولقد صدقت فعندما رجعت للديوان وجدة ان القصيدة قصيدة استعطاف وعتاب للامير سيف الدولة الحمداني للمساعدة في اطلاق سراح الشاعر من الاسر
والقصيدة من قصيائد ابو فراس المعروفة بالروميات ( الروميات هي القصائد التي نظمها الشاعر عندما كان اسيراً في بلاد الروم )[/COLOR]
============
الاخت الراسية
شكراً لمشاركاتك الرائعة
ولحسن اختيارتك
التى زادت من تالق الموضوع
لك تحياتي وتقديري
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 10/03/03 الساعة 06 :29 06:29:47 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 10/03/03, 06 :33 06:33:20 AM ... #79
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
رثاء نفس
قصيدة ألا ليت شعري من شعر مالك بن الريب(562/81)
وكان مالك شابا شجاع فاتكاً لا ينام الليل إلا متوحشاً سيفه ولكنه استغل قوته في قطع الطريق هو وثلاثة من أصدقائه . وفي يوم مر عليه سعيد بن عثمان بن عفان وهو متوجه لإخماد تمرّد في خُرسان فأغراه بالجهاد في سبيل الله بدلاّ من قطع الطريق، فاستجاب مالك لنصح سعيد وذهب معه وأبلى بلاءً حسناً ، وفي عودته إلى وادي الغضا في نجد وهو مسكن أهله ، مرض مرضاً شديداً ، فقال هذه القصيدة الرائعة الفريدة يرثي بها نفسه.
وقد كانت وفاة مالك بعيد نظمه لهذه القصيدة في خلافة معاوية سنة 56هـ.
وهذه القصيدة تعتبر من قصيائد رثاء النفس وهي من اجمل ماقيل في هذا الباب
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,white,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/22.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة = بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه = وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى = مزار ولكن الغضى ليس دانيا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى = وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
وأصبحت في أرض الأعاديّ بعدما = أرانيَ عن أرض الأعاديّ قاصيا
دعاني الهوى من أهل أُودَ وصحبتي = بذي الطبسين فالتفتُّ ورائيا
أجيت الهوى لما دعني بزفرة = تقنعت منها أن أُلامَ ردائيا
أقول وقد حالت قرى الكرد دوننا = جزى الله عمرواً خير ما كان جازيا
إن الله يرجعني من الغزو لا أُرى = وإن قل مالي طالباً ما ورائيا
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي = سفارك هذا تاركي لا أبا ليا
لعمري لئن غالت خراسان هامتي = لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فإن أنج من بابي خراسان لا أعد = إليها وإن منيتموني الأمانيا
فلله دري يو أترك طائعاً = بني بأعلى الرقمتين وماليا
ودرُّ الظباء السانحات عشيةً = يخبرن أني هالك من ورائيا(562/82)
ودرُّ كبيري اللذين كلاهما= عليّ شفيق ناصح لو نهانيا
ودرّ الرجال الشاهدين تفتكي = بأمريَ ألا يَقصُروا من وثاقيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابه = ودرّ لجاجاتي ودرّ انتهائيا
تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد = سوى السيف والرمح الردينيّ باكيا
وأشقرَ محبوكٍ يجُرُّ لجامه = إلى الماء لم يترك له الموتُ ساقيا
ولكن بأكناف السُمينةِ نسوة = عزيز عليهن العشية ما بيا
صريعٌ على أيدي الرجال بقفرةٍ = يسوّون لحدي حيث حُمَّ قضائيا
ولما تراءت عند مروَ منيتي = وخَلَّ بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي ارفعوني فإنه = يَقَرُّ بعيني أن سهيلٌ بدا ليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا = برابية إني مقيم لياليا
أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة = ولا تعجلاني قد تبين شانيا
وقوما إذا ما استل روحي فهيئا = لي السدر والأكفان عند فنائيا
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي = ورُدّا على عيني فضل ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما = من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجراني ببردي إليكما = فقد كنت قبل اليوم صعباً قياديا
وقد كنت عطّافاً إذا الخيل أدبرت = سريعاً إلى الهيجا إلى من دعانيا
وقد كنت صبّاراً على القرن في الوغى = وعن شتميَ ابنَ العمّ والجار وانيا
فَطَوراً تراني في ظلال ونعمة = ويوماً تراني والعتاقُ ركابيا
ويوماً تراني في رحىً مستديرة = تُخرّقُ أطرافُ الرماح ثيابيا
وقوما على بئر السُمينة أسمعا = بها الغُرَّ والبيض الحسان الروانيا
بأنكما خلفتماني بقفرة = تَهيلُ عليّ الريحُ فيها السوافيا
ولا تنسيا عهدِي خليليّ بعدما = تقطًع أوصالي وتبلى عظاميا
ولن يَعدم الوالون بَثّاً يصيبهم = ولن يعدم الميراث مني المَواليا
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني = وأين مكان البعد إلا مكانيا
غداةَ غدٍ يالهف نفسي على غدٍ = إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا
وأصبح مالي من طريف وتالد = لغيري وكان المال بالأمس ماليا(562/83)
فياليت شعري هل تغيرت الرحى = رحى المثل أو أمست بفَلْجٍ كما هي
إذا الحي حلّوها جميعاً وأنزلوا = بها بَقراً حُمَّ العيونِ سواجيا
وعيناً وقد كاد الظلام يُجنها = يَسُفْنَ الخزامى مرةً والأقاحيا
وهل أترك العيس الغوالي بالضحى = بركبانها تعلو المتان القيافيا
إذا عُصَبُ الكبان بين عنيرةٍ = وبولانَ عاجوا المنقيات النواجيا
فياليت شعري هل بكت أم مالك = كما كنتُ لو عالوا نَعِيَّكِ باكيا
إذا مِتُّ فاعتادي القبور فسلمي = على الرَمس أُسقيتِ السحاب الغواديا
على جدثٍ قد حرت الريح فوقه = تراباً كسَحْقِ المَرنُبانيِّ هابِيا
رهينةَ أحجارٍ وتُربٍ تضمنت = قرارتُها مني العظامَ البواليا
فيا صاحبي إما عرضت فبلغن = بني مازن والريب أن لا تلاقيا
وعطّل قَلوصي في الركاب فإنها = ستفلقُ أكباداً وتُبكي بواكيا
وأبصرتُ نار المازنيات مَوهناً = بعلياءَ يُثنى دونها الطرف وانيا
بعُدي ألنجوجٍ أضاء وقودُها = مهاً في ظلال السدر حُوراً جوازيا
بعيدٌ غريبُ الدار ثاوٍ بقفرةٍ = يدَ الدهر معروفاً بأن لا تدانيا
أُقلّب طرفي حول رحلي فلا أرى = به من عيون المؤنسات مُراعيا
وبالرمل منا نسوة لو شهدنني = بكين وفدّين الطبيب المداويا
وما كان عهد الرمل عندي وأهلِه = ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قاليا
فمنهن أُمي وابنتاها وخالتي = وباكيةٌ أخرى تَهيجُ البواكيا
من قصائد الحكمة قصيدة ركوب الخطر
للشاعر/ صفي الدين الحلي وهو شاعر من العصر الأيوبي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/6.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا = ولا ينال العلا من قدَّم الحذَرَا
ومن أراد العلا عفواً بِلا تعبٍ = قضى ولم يقضِ من إدراكها وطرا(562/84)
لابُدَّ للشهد من نحلٍ يُمَنِّعُهُ = لا يجتني النفع من لم يحمل الضررا
لا يُبلَغُ السُّؤْلُ إلا بعد مُؤلمةٍ = ولا يتم المنى إلا لمن صبرا
وأحزم الناس من لو مات من ظمأٍ = لايقربُ الوِردَ حتى يعرف الصَّدَرا
وأغزر الناس عقلاً من إذا نظرتْ = عيناه أمراً غدا بالغير معتبرا
فقد يُقال عِثارُ الرِّجل إن عَثَرتْ = ولا يقال عثارٌ الرأي إنْ عَثَرا
من دَبّر العيش بالآراء دام له = صفواً وجاء إليه الخّطْبُ مُعتذرا
يهونُ بالرأي ما يجري القضاء به = من أخطأ الرأيَ لا يستذنبُ القدرا
من فاته العز بالأقلام أدركه = بالبيض يقدحُ من أطرفها الشررا
بكل أبيضَ قد أجرى الفرِندُ به = ماء الردى فلو استقطرتهُ قَطرا
خاض العجَاجةَ عُرياناً فما انقشعتْ = حتى أتى بدم الأبطال مُؤتزرا
لا يَحسُنُ الحلمُ إلا في مواطنهِ = ولا يليق الوفا إلا لمن شكرا
[/poet]
__________________
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 12/03/03 الساعة 03 :35 03:35:20 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 16/03/03, 01 :09 01:09:25 PM ... #83
happy smile
طائر سفير
صورة عضوية happy smile
تاريخ الانضمام: 22/05/02
المشاركات: 75
happy smile is on a distinguished road
...
شكرا لكل من ساهم في اثراء هذا الموضوع بأجمل القصائد ونتمنى ان يستمر هذا الجهد المبارك في حفظ ونشر المزيد من هذه الابداعات
وأحاول مشاركتكم في نشر القصائد على نظام صورة ولكنني لا أتمكن من هذا ..فالرجاء المساعدة
وتقبلواتحياتي
__________________
ووفقنا الله لما يحبه و يرضاه
Offline: ...
happy smile
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى happy smile
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة happy smile
قديم 30/03/03, 03 :38 03:38:48 AM ... #84
memo5500
طائر محلق
تاريخ الانضمام: 12/02/03(562/85)
محل السكن: سوريا
المشاركات: 11
memo5500 is on a distinguished road
...
أخي العزيز نهر الكلمة كان الله في عونك على هذا المجهود وأتمنى أن يكون عملك بداية لحفظ الشعر العربي في هذا المنتدى ليسهل على كل قارئ تحصيل غايته
__________________
:0100
Offline: ...
memo5500
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى memo5500
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة memo5500
قديم 24/04/03, 06 :52 06:52:19 AM ... #85
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الاخوان
happy smile
memo5500
الف شكر لمروركم الكريم
الاخ happy smile
ارجو الايضاح اكثر
هل القصيد لديك بشكل صوره وتريد نشرها
ام انك تريد نشر القصيدة بشكل صوره
لك تحياتي
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 24/04/03 الساعة 07 :03 07:03:44 PM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/04/03, 12 :02 12:02:30 PM ... #86
happy smile
طائر سفير
صورة عضوية happy smile
تاريخ الانضمام: 22/05/02
المشاركات: 75
happy smile is on a distinguished road
...
الاخ نهر الكلمة...شكرا لك على استجابتك لطلبي
القصيدة لدي على شكل صورة ولا اعرف ان انزلها..فهل من مساعدة
وتقبلوا تحياتي
Offline: ...
happy smile
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى happy smile
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة happy smile
قديم 30/04/03, 01 :47 01:47:12 AM ... #87
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الاخhappy smile
اليك الطريقة
1- ضع مؤشّر الفأرة على الصورة التي تريدها ، ثم اضغط الزر الأيمن في الفأرة(562/86)
2- اضغط على Properties أو "خصائص"
3- انسخ عنوان الصورة والذي يبدأ بـ "http"
4- اذهب الى " اضف رد وتحت كلمة لون هناك مربع صغير لو وضعت علية الفارة ستظهر كلمة صوره اضغط عليه وسوف يفتح معك اطار جديد قم بالصق العنوان الذي نسخته دخل الاطار الجديد ثم اظغط موفق
اذا لم تنجح الطريقة السابقة ضع رابط الصواره في مشاركة (اضافة رد ) وسوف اقوم انا بتعديل المشاركة لكى تظهر الصوره
لك تحياتي
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 22/05/03, 05 :18 05:18:03 AM ... #88
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة نهج البردة
وهي من شعر امير الشعراء احمد شوقي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,white,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/2.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
ريم على القاع بين البان والعلم = أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
لما رنا حدثتني النفس قائلة = يا ويح جنبك بالسهم المصيب رمى
جحدتها وكتمت السهم في كبدي = جرح الأحبة عندي غير ذي ألم
يا لائمي في هواه والهوى قدر = لو شفك الوجد لم تعذل ولم تلم
لقد أنلتك أذنا غير واعية = ورب مستمع والقلب في صمم
يا ناعس الطرف لا ذقت الهوى أبدا = أسهرت مضناك في حفظ الهوى فنم
يا نفس دنياك تخفي كل مبكية = وإن بدا لك منها حسن مبتسم
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه = فقوم النفس بالأخلاق تستقم
وللنفس من خيرها في خير عافية = والنفس من شرها في مرتع وخم
إن جل ذنبي عن الغفران لي أمل = في الله يجعلني في خير معتصم
ألقى رجائي إذا عز المجير على = مفرج الكرب في الدارين والغمم(562/87)
إذا خفضت جناح الذل أسأله = عز الشفاعة لم أسال سوى أمم
وإن تقدم ذو تقوى بصالحة = قدمت بين يديه عبرة الندم
لزمت باب أمير الأنبياء ومن = يمسك بمفتاح باب الله يغتنم
محمد صفوة الباري ورحمته = وبغية الله من الخلق ومن نسم
ونودي اقرأ تعالى الله قائلها = لم تتصل قبل من قيلت له بفم
هناك أذن للرحمن فامتلأت = أسماع مكة من قدسية النغم
سرت بشائر بالهادي ومولده في الشرق = والغرب مسرى النور في ظلم
أتيت والناس فوضى لا تمر بهم = إلا على صنم قد هام في صنم
أسرى بك الله ليلا إذ ملائكة = والرسل في المسجد الأقصى على قدم
لما خطرت به التفوا بسيدهم = كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم
صلى وراءك منهم كل ذي خطر = ومن يفز بحبيب الله يأتمم
جبت السماوات أو ما فوقهن بهم = على منورة درية اللجم
مشيئة الخالق الباري وصنعته = وقدرة الله فوق الشك والتهم
حتى بلغت سماء لا يطار لها = على جناح ولا يسعى على قدم
وقيل كل نبي عند رتبته = ويا محمد هذا العرش فاستلم
يا رب هبت شعوب من منيتها = واستيقظت أمم من رقدة العدم
رأى قضاؤك فينا رأى حكمته = أكرم بوجهك من قاض ومنتقم
فالطف لأجل رسول العالمين بنا = ولا تزد قومه خسفا ولا تسم
يا رب أحسنت بدء المسلمين به = فتمم الفضل وامنح حسن مختتم
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 24/05/03, 06 :56 06:56:51 PM ... #89
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة يشهدالله للدكتور غازي القصيبي
وهي في من يقومون بالعمليات الاستشهادية في الارضي المحتلة [HR]
[(562/88)
poet font="Simplified Arabic,4,orange,normal,no rmal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/22.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
.يشهد الله أنكم شهداء = يشهد الانبياء.. والاولياء
متم كي تعز كلمة ربي = في ربوع أعزها الاسراء
انتحرتم؟! نحن الذين انتحرنا = بحياة .. أمواتها الاحياء
ايها القوم! نحن متنا ... فهيا = نستمع ما يقول فينا الرثاء
قد عجزنا.. حتى شكا العجز منا = وبكينا.. حتى ازدرانا البكاء
وركعنا.. حتى اشمأز ركوع = ورجونا.. حتى استغاث الرجاء
وشكونا الى طواغيت بيت = أبيض .. ملء قلبه الظلماء
ولثمنا حذاء (شارون)..حتى = صاح (مهلا! قطعتموني!) الحذاء
أيها القوم! نحن متنا.. ولكن = أنفت أن تضمنا الغبراء
قل (لأيات) : ياعروس العوالي! = كل حسن لمقلتيك الفداء
حين يخصى الفحول صفوة قومي = تتصدى للمجرم الحسناء
تلثم الموت وهي تضحك بشراً = ومن الموت يهرب الزعماء
فتحت بابها الجنان.. وحيت = وتلقتك فاطم الزهراء
قل لمن دبّجوا الفتاوى : رويداً! = رب فتوى تضج منها السماء
حين يدعو الجهاد.. يصمت حبر = ويراع.. والكتبُ.. والفقهاء
حين يدعو الجهاد..لا استفتاءُ = الفتاوى، يوم الجهاد ، الدماء
قصيدة حمامة باكية
شعر أبي فراس الحمداني
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,6,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/10.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أقول وقد ناحت بقربي حمامة
أيا جارتا لو تشعرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى
و لا خطرت منك الهموم ببالي
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا
تعالي أقاسمك الهموم تعالي
أيضحك مأسور وتبكي طليقة
ويسكت محزون ويندب سالي
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة
ولكن دمعي في الحوداث غالي
[/poet]
Offline: ...(562/89)
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 10/06/03, 10 :49 10:49:24 AM ... #93
تواقة إلى الجنة
وسام هدهد سليمان الاول(إداري)
صورة عضوية تواقة إلى الجنة
تاريخ الانضمام: 15/05/02
محل السكن: اليوم فوق الثرى وغداً تحته
المشاركات: 11,467
تواقة إلى الجنة is on a distinguished road
...
شكرا لك اخي نهر الكلمه العذبه
موضوعك أكثر من رائع
ويستحق المتابعه
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا
تعالي أقاسمك الهموم تعالي
أيضحك مأسور وتبكي طليقة
ويسكت محزون ويندب سالي
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة
ولكن دمعي في الحوداث غالي
راااااااااااااااااااااائع ه
__________________
منتديات هدهد سليمان
هي وطني
الذي يعني لي الكثير
هي الموقع الذي احتضنني
بكل هواجسي--- طموحي --- همومي --- آمالي --- اهتماماتي
لاأحس أني أبنة هذا الموقع----
أحس أني أمه التي تخاف عليه من نسمة الهواء
الى منتدى هدهد سليمان:
ستبقى طفلاً في حنايا الروح ----
وستبقى في القلب كبيراً-----
-------------------------
Offline: ...
تواقة إلى الجنة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى تواقة إلى الجنة
زيارة الرئيسية للمستخدم تواقة إلى الجنة!
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة تواقة إلى الجنة
قديم 13/06/03, 06 :14 06:14:16 AM ... #94
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الاخت الغالية الف شكر للتوصلك مع الموضوع واهتمامك به
واليك هذه القصيدة وهي
[HR]
قصيدة ذات الوشاح وهي من أعذب قصائد امير المومنين يزيد ابن معاوية بن ابو سفيان رضي الله عنهم وهو ثاني خلفاء الدولة الاموية
[HR]
[(562/90)
poet font="Simplified Arabic,5,deeppink,bold,no rmal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/2.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
خذوا بدمي ذات الوشاح فأنني
رأيت بعيني في أناملها دمي
ولا تقتلوها أن ظفرتم بقتلها
بل خبروها بعد موتي ومأتمي
وقولوا لها يا منية النفس إنني
قتيل الهوى والعشق لو كنت تعلمي
لها حكم لقمان وصورة يوسف
ونغمة داود وعفة مريم
ولى حزن يعقوب ووحشة يونس
و آلام أيوب وحسرة أدم
ولما تلاقينا وجدت بنانها
مخضبة تحكى عصارة عندم
فقلت خضبت الكف بعدي وهكذا
يكون جزاء المستهام المتيم
فقالت و أبدت في الحشا حرقة الهوى
مقالة من في القول لم يتبرم
وعيشك ما هذا خضاباً عرفته
فلا تك بالبهتان والزور متهمي
ولكنني لما رايتك نائيا
وقد كنت لي كفى وزندي ومعصمي
بكيت دماً يوم النوى فمسحتها
بكفي وهذا الأثر من ذاك الدم
[/poet]
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 13/06/03 الساعة 06 :17 06:17:00 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 13/06/03, 01 :23 01:23:44 PM ... #95
تواقة إلى الجنة
وسام هدهد سليمان الاول(إداري)
صورة عضوية تواقة إلى الجنة
تاريخ الانضمام: 15/05/02
محل السكن: اليوم فوق الثرى وغداً تحته
المشاركات: 11,467
تواقة إلى الجنة is on a distinguished road
...
راااااااااااااااااااااااا ااائع نهر الكلمه العذبه
ألف شكر
Offline: ...
تواقة إلى الجنة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى تواقة إلى الجنة
زيارة الرئيسية للمستخدم تواقة إلى الجنة!
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة تواقة إلى الجنة
قديم 15/06/03, 03 :23 03:23:06 AM ... #96
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله(562/91)
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الغالية شكر لك مرة اخر واتمنى ان ارى بعض روائع مشاركاتك في الموضوع والان مع قصيدة جديدة
[HR]
عندما يملك الحب الالباب ويشتغل فكر المحب بمحبوبته وتملا عليه ليله ونهاره لايجد وسائلة يعبر بها عما يدور في خاطره سوى كلمات اشعاره وهذا مافعله جميل بثينة في قصيدته أصلي فأبكي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,orangered,normal ,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/6.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أرى كل معشوقين غيري و غيرها = يلذان في الدنيا و يغتطبان
و أمشي و نمشي في البلاد كأننا = أسيران للأعداء مرتهنان
أصلي فأبكي في الصلاة لذكرها = لي الويل مما يكتب الملكان
ضمنت لها أن لا أهتم بغيرها = و قد وثقت مني بغير ضمان
ألا يا عباد الله قوموا لتسمعوا = خصومة معشوقين تختصمان
و في كل عامٍ يستجدان مرةً = عتاباً و هجراً ثم يصطلحان
يعيشان في الدنيا غريبين أينما = أقاما و في الأعوام يلتقيان
و ما صادياتٌ حمن يوماً و ليلةً = على الماء يغشين العصي حواني
لواغب لا يصدرن عنه لوجهةٍ = و لا هن من برد الحياض دواني
يرين حباب الماء و الموت دونه = هن لأصوات السقاة رواني
بأكثر مني غلةً و صبابةً = إليك و لكن العدو عداني
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 16/06/03, 07 :05 07:05:08 AM ... #97
سيسرا
الوسام الذهبي
صورة عضوية سيسرا
تاريخ الانضمام: 10/09/02
محل السكن: سكاكا الجوف
المشاركات: 4,610
سيسرا is on a distinguished road
...
مجهود رائع أخي نهر الكلمة
تسلم يمينك والله يعطيك العافية
لك خالص تقديري
Offline: ...
سيسرا
عرض الملف الشخصي العام(562/92)
زيارة الرئيسية للمستخدم سيسرا!
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة سيسرا
قديم 17/06/03, 07 :14 07:14:08 PM ... #98
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
قصيدة لا تكذبي للشاعر: حسين الشناوي
لا تكذبي ..
إني رأيتكما معاً
ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا
ما أهون الدمع الجسور إذا جرى
من عين كاذبة فأنكر وادعى
إني رأيتكما ..
إني سمعتكما ..
عيناك في عينيه
في شفتيه ، في كفيه، في قدميه
ويداك ضارعتان
ترتعشان من لهف عليه
لا تكذبي ..
تتحديان الشوق بالقبلات
تلسعني بصوت من لهيب
بالهمس .. بالآهات
بالنظرات .. باللفتات ..
بالصمت الرهيب
ويشب في قلبي حريق
ويضيع من قدمي الطريق
وتطل من رأسي الظنون
تلموني وتشد أذني
فلطالما باركت كذبك كله
ولعنت ظني .
لا تكذبي ..
ماذا أقول لادمع سفحتها أشواقي إليك ؟
ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفا عليك ؟
أأقول هانت ؟
أأقول هانت ؟
أأقولها ..
لو قلتها أشفي غليلي
يا ويلتي .. لالن أقول أنا ، فقولي
لا تخجلي . لا تفزعي مني فلست بثائر
أنقذتني من زيف أحلامي
وغدر مشاعري
فرأيت أنك كنت لي قيدا
حرصت العمر ألا أكسره
فكسرته
ورأيت أنك كنت لي ذنبا
سألت الله ألا يغفره
فغفرته
لا تكذبي ..
كوني كما تبغين
لكن لا تكوني
فأنا صنعتك من هواي
ومن جنوني
ولقد برئت من الهوى ومن الجنون
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 17/06/03, 07 :16 07:16:51 PM ... #99
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
النهر الخالد / كلمات : محمود حسن اسماعيل (1954)
مسافر زاده الخيال والسحر والعطر والظلال(562/93)
ظمآن والكأس في يديه والحب والفن والجمال
شابت على أرضه الليالي وضيعت عمرها الجبال
ولم يزل ينشد الديارا ويسأل الليل والنهارا
والناس في حبه سكارى هاموا على أفقه الرحيب
آه علي سرك الرهيب وموجك التائه الغريب
يا نيل يا ساحر الغيوب
يا واهب الخلد للزمان يا ساقي الحب والأغاني
هات اسقني ودعني أهيم كالطير في الجنان
يا لينتي موجة فأحكي إلى لياليك ما شجاني
وأغتدي للرياح جارا وأحمل النور للحياري
فإن كواني الهوى وطارا كانت رياح الدجى نصيبي
آه على سرك الرهيب وموجك التائه الغريب
يا نيل يا ساحر الغيوب
سمعت في شطك الجميل ما قالت الريح للنخيل
يسبح الطير أم يغني ويشرح الحب للخميل
وأغصن تلك أم صبايا شربن من خمرة الأصيل
وزورق بالحنين سارا أم هذه فرحة العذارى
يجري وتجري هناك نارا حملت من سحرها نصيبي
آه علي سرك الرهيب وموجك التائه الغريب
يا نيل يا ساحر
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 17/06/03, 07 :18 07:18:24 PM ... #100
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
ياجارة الوادي / احمد شوقي (1928)
يا جارة الوادي طربت وعادني ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى والذكريات صدي السنين الحاكي
ولقد مررت على الرياض بربوة غناء كنت حيالها ألقاك
لم أدر ما طيب العناق على الهوى حتى ترفق ساعدي فطواك
وتأودت أعطاف بانك في يدى واحمر من خفريهما خداك
ودخلت في ليلين فرعك والدجى ولثمت كالصبح المنور فاك
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني عي لغة الهوى عيناك
لا أمس من عمر الزمان ولا غد جمع الزمان فكان يوم رضاك
جفنه علم الغزل / كلمات : الاخطل الصغير
جفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل
فحرقنا نفوسنا في جحيم من القبل(562/94)
ونشدنا ، ولم نزل ، حلم الحب والشباب
حلم الزهر والندى حلم اللهو والشراب
هاتها من يد الرضى جرعة تبعث الجنون
كيف يشكو من الظما من له هذه العيون
يا حبيبي ، أكلما ضمنا للهوي مكان
أشعلوا النار حولنا فغدونا لها دخان
قل لمن لام في الهوي ، هكذا أحسن قد أمر
إن عشيقنا ... فعذرنا أن في وجهنا نظر
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 17/06/03, 08 :00 08:00:17 PM ... #102
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
قصيدة حب للرسول الكريم في صيغة معاصرة..نازك الملائكة
تم تحريره من قبل الغاليه
القصيده صوفيه وبها الكثير من المعاني الغير مقبوله
وبعد التشاور مع كاتب الموضوع اخي نهر الكلمه
اعذريني اختي بيان لحذفها
آخر تحرير بواسطة تواقة إلى الجنة : 19/06/03 الساعة 10 :38 10:38:59 PM.
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 17/06/03, 08 :28 08:28:28 PM ... #103
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
شهداؤنا / الشاعر فاروق جويدة
شهداؤنا بين المقابر يهمسون..
والله إنا قادمون..
في الأرض ترتفع الأيادي..
تنبُت الأصوات في صمت السكون..
والله إنا راجعون..
تتساقط الأحجار يرتفع الغبار..
تضيء كالشمس العيون..
والله إنا راجعون..
شهداؤنا بين المقابر يهمسون..
والله إنا قادمون..
في الأرض ترتفع الأيادي..
تنبُت الأصوات في صمت السكون..
والله إنا راجعون..
تتساقط الأحجار يرتفع الغبار..
تضيء كالشمس العيون..
والله إنا راجعون..
شهداؤنا خرجوا من الأكفان..
وانتفضوا صفوفًا، ثم راحوا يصرخون..(562/95)
عارٌ عليكم أيها المستسلمون..
وطنٌ يُباع وأمةٌ تنساق قطعانا..
وأنتم نائمون..
شهداؤنا فوق المنابر يخطبون..
قاموا إلى لبنان صلوا في كنائسها..
وزاروا المسجد الأقصى..
وطافوا في رحاب القدس..
واقتحموا السجون..
في كل شبر..
من ثرى الوطن المكبل ينبتون..
من كل ركن في ربوع الأمة الثكلى..
أراهم يخرجونْ..
شهداؤنا وسط المجازر يهتفونْ..
الله أكبر منك يا زمن الجنونْ..
الله أكبر منك يا زمن الجنونْ..
الله أكبر منك يا زمن الجنونْ..
****
شهداؤنا يتقدمونْ..
أصواتهم تعلو على أسوار بيروت الحزينة..
في الشوارع في المفارق يهدرونْ..
إني أراهم في الظلام يُحاربونْ..
رغم انكسار الضوء..
في الوطن المكبل بالمهانة..
والدمامة.. والمجون..
والله إنا عائدون..
أكفاننا ستضيء يومًا في رحاب القدسِ..
سوف تعود تقتحم المعاقل والحصونْ..
****
شهداؤنا في كل شبر يصرخونْ..
يا أيها المتنطعونْ..
كيف ارتضيتم أن ينام الذئب..
في وسط القطيع وتأمنونْ؟
وطن بعرْض الكون يُعرض في المزاد..
وطعمة الجرذان..
في الوطن الجريح يتاجرون..
أحياؤنا الموتى على الشاشات..
في صخب النهاية يسكرون..
من أجهض الوطن العريق..
وكبل الأحلام في كل العيون..
يا أيها المتشرذمون..
سنخلص الموتى من الأحياء..
من سفه الزمان العابث المجنون..
والله إنا قادمون..
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا
بل أحياء عند ربهم يرزقون"
****
شهداؤنا في كل شبر..
في البلاد يزمجرونْ..
جاءوا صفوفًا يسألونْ..
يا أيها الأحياء ماذا تفعلونْ..
في كل يوم كالقطيع على المذابح تصلبونْ..
تتنازلون على جناح الليل..
كالفئران سرًّا للذئاب تهرولونْ..
وأمام أمريكا..
تُقام صلاتكم فتسبحونْ..
وتطوف أعينكم على الدولارِ..
فوق ربوعه الخضراء يبكي الساجدونْ..
صور على الشاشاتِ..
جرذان تصافح بعضها..
والناس من ألم الفجيعة يضحكونْ..(562/96)
في صورتين تُباع أوطان، وتسقط أمةٌ..
ورؤوسكم تحت النعالِ.. وتركعونْ..
في صورتين..
تُسلَّم القدس العريقة للذئاب..
ويسكر المتآمرون..
****
شهداؤنا في كل شبر يصرخونْ..
بيروت تسبح في الدماء وفوقها
الطاغوت يهدر في جنونْ..
بيروت تسألكم أليس لعرضها
حق عليكم؟ أين فر الرافضونْ؟
وأين غاب البائعونْ؟
وأين راح.. الهاربونْ؟
الصامتون.. الغافلون.. الكاذبونْ..
صمتوا جميعًا..
والرصاص الآن يخترق العيونْ..
وإذا سألت سمعتَهم يتصايحونْ..
هذا الزمان زمانهم..
في كل شيء في الورى يتحكمونْ..
****
لا تسرعوا في موكب البيع الرخيص فإنكم
في كل شيء خاسرونْ..
لن يترك الطوفان شيئًا كلكمْ
في اليم يومًا غارقون..
تجرون خلف الموتِ
والنخَّاس يجري خلفكم..
وغدًا بأسواق النخاسة تُعرضونْ..
لن يرحم التاريخ يومًا..
من يفرِّط أو يخونْ..
كهاننا يترنحونْ..
فوق الكراسي هائمونْ..
في نشوة السلطان والطغيانِ..
راحوا يسكرونْ..
وشعوبنا ارتاحت ونامتْ..
في غيابات السجونْ..
نام الجميع وكلهم يتثاءبونْ..
فمتى يفيق النائمونْ؟
متى يفيق النائمون؟.
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 21/06/03, 01 :00 01:00:26 AM ... #104
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الاخت بيان
ماشاء الله عليك وعلى نشاطك
تسلم يداك على المشاركات الرائعة
تقبلي تحياتي
وبانتظار المزيد
__________________
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 21/06/03, 07 :24 07:24:30 PM ... #105
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...(562/97)
قصيدة عوى الذئب للأُحيمر السعدي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,darkred,bold,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/6.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى = وصوّتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ
يرى الله أني للأنيس لكارهٌ = وتُبغضهم لي مُقلةٌ وضميرُ
فلليل إن وارنيَ الليلُ حكمه = وللشمس إن غابت عليّ نُذورُ
وإني لأستحيي من الله أن أُرى = أُجرّرُ حبلاً ليس فيه بعيرُ
وأن أسأل المرء اللئيم بعيره = وبعران ربي في البلاد كثيرُ
لئن طال ليلي بالعراق لربّما = أتى ليَ ليلٌ بالشآم قصير
معي فتيةٌ بيض الوجوه كأنهم = على الرحل فوقَ الناعجاتِ بُدورُ
أيا نخلات الكرم لا زال رائحاً = عليكن مُنهلُّ الغمام مَطيرُ
سُقيتُنّ ما دامت بكرمان نخلةٌ = عوامرَ تجري بينكن بُحور
سقيتنّ ما دامت بنجدٍ وشيجةٌ = ولا زال يسعى بينكن غدير
ألا حبّذا الماء الذي قابل الحمى = ومُرتبعٌ من أهلنا ومصيرُ
وأيامنا بالمالكية إنني = لهنّ على العهد القديم ذكور
ويا نخلات الكرخ لا زال ماطرٌ = عليكن مستنّ الرياح ذَرورُ
ومل زالتِ الأيامُ حتى رأيتني = بِدورقٍ مُلقىً بينهنّ أدور
تُذكّرني أظلالكنّ إذا دجت = عليّ ظلال الدوم وهي هجير
ونُبّئتُ أنّ الحيّ سعداً تخاذلوا = حماهم وهم لو يعصبون كثير
أطاعوا لفتيان الصباح لئامهم = فذوقوا هوانَ الحرب حيث تدور
خلا الجوفُ من قتّال سعدٍ فما بها = لمستصرخٍ يدعو الثبور نصير
نظرتُ بقصر الأبرشيّةِ نظرةً = وطرفي وراء الناظرين بصير
فردّ عليّ العينَ أن أنظر القُرى = قرى الجوف نخلٌ مُعرضٌ وبحور
وتيهاء يزورّ القطا عن فلاتها = إذا عسبلت فوق المتان حرور
كفى حَزَناً أنّ الحمار بن بحدلٍ = عليّ بأكناف الستار أمير
وأنّ ابن موسى بائعَ البقل بالنوى = له بين بابٍ والستار خطير(562/98)
وإني أرى وجه البغاة مقاتلاً = أديرةَ يَسدي أمرنا وينير
هنيئاً لمحفوظٍ على ذات بيننا = ولابن لزازٍ مغنمٌ وسرور
أناعيمُ يَحويهنّ بالجَرَع الغَضا = جعابيب فيها رثّة ودثورُ
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 21/06/03, 10 :42 10:42:03 PM ... #106
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
كلماتنا في الحب / نزار قباني
كلماتنا في الحب تقتل حبنا
إن الحروف تموت حين تقال
الحب ليس روايةً شرقيةً
بختامها تتزوج الأبطال
لكنه الإبحار دون سفينةٍ
وشعورنا أن الوصول محال
هو أن تظل على الأصابع رعشةٌ
وعلى الشفاه المطبقات سؤال
هو جدول الأحزان في أعماقنا
تنمو كرومٌ حوله وغلال
هو هذه الأزمات تسحقنا معاً
فنموت نحن ، وتزهر الآمال
هو أن نثور لأيّ شيءٍ تافه
هو يأسنا ... هو شكنا القتال
هو هذه الكف التي تغتالنا
ونقبل الكف التي تغتال
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 21/06/03, 10 :43 10:43:51 PM ... #107
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
متى ستعرف كم أهواك؟ / نزار قباني
متى ستعرف كم أهواك يا رجلا
أبيع من أجله الدنيا وما فيها
يا من تحديت في حبي له مدنا
بحالها وسأمضي في تحديها
لو تطلب البحر في عينيك أسكبه
أو تطلب الشمس في كفيك أرميها
أنا أحبك فوق الغيم أكتبها
وللعصافير والأشجار أحكيها
أنا أحبك فوق الماء أنقشها
وللعناقيد والأقداح أسقيها
أنا أحبك يا سيفا أسال دمي
يا قصة لست أدري ما أسميها
أنا أحبك حاول أن تساعدني(562/99)
فإن من بدأ المأساة ينهيها
وإن من فتح الأبواب يغلقها
وإن من أشعل النيران يطفيها
يا من يدخن في صمت ويتركني
في البحر أرفع مرساتي وألقيها
ألا تراني ببحر الحب غارقة
والموج يمضغ آمالي ويرميها
إنزل قليلا عن الأهداب يا رجلا
ما زال يقتل أحلامي ويحييها
كفاك تلعب دور العاشقين معي
وتنتقي كلمات لست تعنيها
كم اخترعت مكاتيبا سترسلها
وأسعدتني ورودا سوف تهديها
وكم ذهبت لوعد لا وجود له
وكم حلمت بأثواب سأشريها
وكم تمنيت لو للرقص تطلبني
وحيرتني ذراعي أين ألقيها
ارجع إلي فإن الأرض واقفة
كأنما فرت من ثوانيها
إرجع فبعدك لا عقد أعلقه
ولا لمست عطوري في أوانيها
لمن جمالي لمن شال الحرير لمن
ضفائري منذ أعوام أربيها
إرجع كما أنت صحوا كنت أم مطرا
فما حياتي أنا إن لم تكن فيها
آخر تحرير بواسطة بيان : 21/06/03 الساعة 10 :47 10:47:01 PM.
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 21/06/03, 10 :45 10:45:52 PM ... #108
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
اغضب / نزار قباني
اغضب كما تشاء
واجرح احاسيسي كما تشاء
حطم اواني الزهر والمرايا
هدد بحب امراءة سوايا
فكل ماتفعله سواء
وكل ماتقوله سواء
فانت كالاطفال ياحبيبي
نحبهم مهما لنا اساؤا
اغضب فانت رائعا حقا متي تثور
اغضب فلولا الموج
ماتكونت بحور
كن عاصفا
كن ممطرا
فان القلب دائما غفور
اغضب
فلن اجيب بالتحد
فانت طفل عابث ملجئه الغفور
وكيف من صغارها تنتقم الطيور
اذهب اذا يوما مللت عني
واتهم الاقدار واتهمني
اما انا فانا فساكتفي بدمعتى وحزني
فالصمت كبرياء
والحزن كبرياء
اذهب اذا اتعبك البقاء
فالارض فيها العطر والنساء
وعندما تحتاج كالطفل الي حنان
فعد الي قلبي متي تشاء
فانت في حياتي الهواء(562/100)
وانت عندي الارض والسماء
اغضب كما تشاء
لابد ان تعود يوما
وقد عرفت ما معني
الوفاء
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 21/06/03, 10 :48 10:48:30 PM ... #109
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
الغابة السوداء / نزار قباني
عيناك
مجهولان نائمان في عباءة المجهول
وغابة مقفلة
لا احد يعرف مايحدث بداخلها
فبعضهم
يقول فيها امم منسيه
وبعضهم
يقول في اعماقها جنيه
وبعضهم
يقول فيها غول
لا احد يعرف ما يحدث في الغاؤة من عجائب
لا احد يجرؤ أن يقول
فالليل فيها ضائع
والذئب فيها جائع
!! والرجل الأبيض فوق رمحه مقتول .. متقول
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 21/06/03, 10 :51 10:51:09 PM ... #110
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
إلى تلميذه / نزار قباني
قل لي ولو كذبا كلاما ناعما
قد كاد يقتلني بك التمثال
مازلت في فن المحبة طفلة
بيني وبينك أبحر وجبال
لم تستطيعي بعد ان تتفهمي
ان الرجال جميعهم أطفال
إني لأرفض ان أكون مهرجا
قزما على كلماته يحتال
فإذا وقفت امام حسنك صامتا
فالصمت في حرم الجمال جمال
كلماتنا في الحب تقتل حبنا
ان الحروف تموت حين تقال
قصص الهوى قد أفسدتك فكلها
غيبوبة وخرافة وخيال
الحب ليس رواية شرقيه
بختامها يتزوج الابطال
لكنه الابحار دون سفينه
وشعورنا ان الوصول محال
هو أن تظل على الاصابع رعشة
وعلى الشفاة المطبقات سؤال
هو جدول الأحزان في أعماقنا
تنمو كروم حوله وغلال
هو هذه الازمات تسحقنا معا
فنموت نحن , وتزهر الامال
هو أن نثور لاي شئ تافه(562/101)
هو يأسنا .. هو شكنا القتّال
هو هذه الكف التي تغتالنا
ونقبل الكف الي تغتال
لا تجرحي التمثال في احساسه
فلكم بكى في صمته تمثال
قد يطلع الحجر الصغير براعما
وتسيل منه جداول وظلال
حسبي وحسبك ان تظلي دائما
سرا يمزقني .. وليس يقال
لمطر / مزار قباني
أخافُ أن تُمطِرَ الدنيا , ولستِ معي
فمنذ رُحتِ, وعندي عقدة المطرِ
كان الشتاءُ يغطيني بمعطفه
فلا أفكر في برد ولا ضَجَرِ
وكانت الريحُ تعوي خلف نافذتي
" فتهمسين : " تمسك .. ها هُنا شعري
والآن أجلسُ , والأمطار تجلدني
على ذراعي , على وجهي , على ظهري
فمن يدافع عني , يا مسافرة؟
مثل اليمامة , بين العين والبصرِ
وكيفَ أمحوكِ من اوراق ذاكرتي؟
وأنتِ في القلب مثل النقش في الحجرِ
أنا أحبكِ .. يامن تسكنينَ دمي
أن كنت في الصين , أو كنتِ في القمرِ
ففيكِ شئ من المجهول أدخُلُهُ
وفيكِ شئ من التاريخ والقدرِ
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 24/06/03, 12 :32 12:32:24 AM ... #112
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة كن بلسماً
للشاعر إيليا أبي ماضي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,red,normal,norma l" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/22.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
كن بلسماً إن صار دهرك أرقما = وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها = لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا = أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً = أو من يثيبُ البلبل المترنما
عُدَّ الكرامَ المحسنين وقِسهمُ = أو من يثيبُ البلبل المترنما
ياصاحِ خُذ علم المحبة عنهما = إني وجدتُ الحبَّ علما قيما(562/102)
لو لم تَفُحْ هذي وهذا ما شدا = عاشتْ مذممةً وعاش مذمما
فاعمل لإسعاد السِّوى وهنائهم = إن شئت تسعد في الحياة وتنعما
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا = لولا الشعور الناس كانوا كالدمى
[/poet]
[HR]
__________________
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 24/06/03 الساعة 12 :34 12:34:56 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 25/06/03, 08 :51 08:51:29 AM ... #113
راعي مشاعر
طائر سفير
تاريخ الانضمام: 08/06/03
المشاركات: 35
راعي مشاعر is on a distinguished road
...
قصيدة العين بعد فراقها الوطنا ..
مشكور أخوي نهر الكلمة مجهود تشكر عليه .. وعندي إقتراح إذا ممكن تسويه وهو وضع فهرس حسب الحروف بأسماء الشعراء في الصفحة الأولى ووضع الرابط للقصيدة على نفس عنوان القصيدة الموجود بالفهرس . وهكذا
والحين مع مشاركتي ..
نجوى
للشاعر خيرُ الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزِرِكلي
[poet font="onaizah-ayman,6,darkblue,normal,n ormal" bkcolor="skyblue" bkimage="backgrounds/18.gif" border="outset,8,royalblu e" type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=" glow(color=white,strength =2)"]
العينُ بعدَ فِراقِها الوطنا=لا ساكناً ألِفتْ ولا سكنا
ريانةٌ بالدمع أقلقَها=أن لا تُحِسَّ كَرىِ ولا وَسَنا
كانت ترى في كُلِّ سانِحةٍ=حُسْناً ، وباتتْ لا ترى حَسَنا
والقلبُ لولا أنَّةٌ صَعِدَتْ=أنكرتهُ وَشَكَكْتُ فيه أنا
ليتَ الذين أُحِبُّهمْ عَلِموا=وَهُمُ هُنالِك ما لقيتُ هُنا
ما كنتُ أَحسَبُني مُفارِقَهُمْ=حتَّى تُفارقَ روحِي البدنا
*** ***
يا موطناً عَبثَ الزمانُ بهِ=مَن ذا الذي أغرى بك الزَّمنا
قدْ كان لي بكَ عن سِواكَ غِنىً=لا كان لي بِسِواكَ عَنكَ غِنى(562/103)
ما كنتَ إلا رَوْضَةً أُنُفاً=كَرُمتْ وطابتْ مَغرِساً وَجَنى
عَطَفَوا عَليكَ فأوسَعُوكَ أذىً=وهُمُ يُسَمّونَ الأذى مِننا
وَحَنَوْا عليكَ فَجَرَّدوا قُضَباً=مَسْنونةً وَتَقدَّموا بِقَنَا
*** ***
يا طائراً غَنّى على غُصُنٍ=و ( النيلُ ) يَسقي ذلك الغُصُنا
زدني وَهِجْ ما شِئْتَ مِن شَجَني=إنْ كُنتَ مِثْلِي تَعرِفُ الشَّجَنا
أَذْكَرْتَني ما لَستُ ناسِيَهُ=وَلَرُبَّ ذِكرى جَدَّدتْ حَزَنا
أّذْكَرْتَني ( بَرَدى ) وَوادِيَهُ=والطيرَ آحاداً بِهِ وثُنى
وأحبةً أَسْرَرْت من كَلَفي=وَهَواي فيهم لا عجاً كَمَنا
كمْ ذا أُغالِبُهُ ويَغْلِبُني=دَمْعٌ إذا كَفْكَفْتُهُ هَتَنا
لي ذِكْرَياتٌ في رُبوعِهِمُ=هُنَّ الحياةُ تألقاً وَسَنا!
*** ***
إنّ الغَريبَ مُعَذَّبٌ أبداً=إن حَلَّ لَمْ يَنْعَم وإن ظَعَنا
لو مَثَّلوا لي موطني وَثَنا=لَهَمَمْتُ أعبُدُ ذلك الوَثَنا
[/poet]
راعي مشاعر
__________________
Offline: ...
راعي مشاعر
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى راعي مشاعر
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة راعي مشاعر
قديم 25/06/03, 09 :03 09:03:25 AM ... #114
الحب المستحيل
محرر هدهد سليمان
صورة عضوية الحب المستحيل
تاريخ الانضمام: 09/10/02
المشاركات: 1,636
الحب المستحيل is on a distinguished road
...
بعد الحبـ
بعد الحب وبعد العشره نلتقي مثل الأغراب
واحدنا ما يعرف الثاني ولا كأنا كنا أحباب
ماتت لهفتنا المجنونة ما أقساه وما أقساني
أتسأل وحدي وأتألم يا ترى من فينا الجاني
الزمن أتغير لو أحنا بينا عيوب وبينا أخطاء
أحنا مجرد هيكل فارغ وأخذتنا الموجة العمياء
مات الحب مات الإحساس مات النور الل نهتدي بيه
مات الإنسان الل داخلنا كلنا بدم خل نبكي عليه
يوم الل سافرت وودعتك
خدودي بنار دموعي احترقت
لكن في موعد رجوعك في كل برود استقبلتك
وين دموعي وين دموعك
وين التنهيدة الل بضلوعك(562/104)
من كنت تضمني وأتحسس جمر أنفاسك ويا أنفاسي
طاير بيك وطاير بيه يا عمق إحساسك وإحساسي
وين الحب الل هز العالم وين إخلاصك وين إخلاصي
حبيبي .. سابقاً لا أكثر .. أحس كل شي فينا أتغير
اختلفت كل المقاييس حتى أنت وحتى آني
عاطفتنا انتهت بينا وبردت أحلى الأحاسيس
بمبدأ المنفعة صرنا نقرأ طالعنا التعيس
والتقينا بموعد آخر من جديد
كراسينا من حديد .. كلماتنا من جليد
من غزلنا المفتعل .. وردك ووردي ذبل
صرنا نتصنع الضحكة وعلى شفايفنا الخجل
يالله خل ننهي اللقاء .. كافي تمثيل ورياء
وشربنا كاسك يا ملل
ننهض نودع بعضنا ويدفع الفاتورة عنا
بطل قصتنا الفشل
آه .. آه .. آه .. آه
كريم العراقي
Offline: ...
الحب المستحيل
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة الحب المستحيل
قديم 01/07/03, 03 :13 03:13:47 AM ... #115
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
اخي / راعي مشاعر
الف شكر لك على كلماتك الجميلة
اما بشان اقتراحك فا الامر بابدي مشرفي القاعة اذا رغبو في تنفيذه
وشكراً لمشاركاتك الاكثر من رائعة
تقبل تحياتي
----------
الحب المستحيل
سلمت يداك على المشاركة
لك تحياتي
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 03/07/03, 08 :39 08:39:49 PM ... #116
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة خداع الاماني
القصيدة لأبي العتاهية
وهو إسماعيل بن القاسم بن سويد العَنَزي من قبيلة عنزة بالولاء
[HR]
[(562/105)
poet font="Simplified Arabic,4,white,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
الدَّهْرُ ذو دُولٍ والموتُ ذو عِلَلٍ = والمرءُ ذو أملٍ والناسُ أشباهُ
ولم تزل عِبَرٌ فِيهنَّ مُعْتَبرٌ = يجري بها قدرٌ والله أجراهُ
يبكي ويضحكُ ذو نفسٍ مُصَرَّفَةٍ = والله أضحكهُ والله أبكاهُ
والمُبتلى فهوَ المهجور جانبه =ُ والناسُ حيثُ يكونُ المالُ والجاهُ
والخَلْقُ مِنْ خَلْقِ ربي قد يُدَبِّرُهُ = كُلٌّ فمستعبدٌ والله مولاهُ
طُوبى لعبدٍ لِمولاهُ إنابتهُ = قد فاز عبدٌ مُنيبُ القلبِ أواهُ
يا بائع الدين بالدنيا وباطِلها = ترضى بِدينك شيئاً ليس يَسْواهُ
حتى متى أنت في لهوٍ وفي لعبِ = والموتُ نحوك يهوي فاغراً فاهُ
ما كلُ ما يتمنى المرءُ يدرِكهُ = رُبَّ امرىءٍ حَتفُهُ فيما تمناهُ
إن المنى لَغُرورٌ ضِلةً وَهَوىً = لعل حتفَ امرىءٍ في الشيءِ يَهواهُ
تَغْتَرُّ لِلجهل بالدنيا وَزُخرفها = إن الشقيَّ لَمَنْ غرته دنياهُ
كأنَّ حَيًّا وقد طالتْ سلامتُهُ = قد صار في سكراتِ الموت تغشاهُ
والناسُ في رَقْدَةٍ عما يُرادُ بهم = ولِلحوادثِ تَحْريكٌ وإنباهُ
أنصفْ هُدِيتَ إذا ما كنتَ مُنتصفاً = لا ترضَ لِلناس شيئاً لستَ ترضاهُ
يارُبَّ يوْمٍ أتت بُشراهُ مُقْبِلةً = ثم استحالت بصوتِ النَّعيِ بُشْراه
لا تحقرنَّ من المعروف أصغرهُ = أحسنْ فعاقِبَةُ الإحسانِ حُسناهُ
وكُلُّ أمرٍ لهُ لابُدَّ عاقِبةٌ = وخيرُ أمركَ ما أحمدتَ عَقباهُ
تلهو وللموت مُمسانا ومُصبحنا = من لم يُصبِّحْهُ وَجْهُ الموتِ مَسَّاهُ
كم من فتىً قد دنت للموت رِحلتُهُ = وخيرُ زاد الفتى للموت تقواهُ
ما أقرب الموتَ في الدنيا وأفظَعَهُ = وما أمَرَّ جنى الدنيا وأحلاهُ
كم نافسَ المرءُ في شيءٍ وكايدَ فِيـ = ــهِ الناسَ ثُم مضى عنهُ وخلاهُ(562/106)
بينا الشفيقُ على إلْفٍ يُسّرُّ بهِ =إذ صار أغمضهُ يوماً وسجا
يبكي عليه قليلاً ثم يخرجهُ = فَيُمْكِنُ الأرضَ مِنهُ ثم ينساهُ
وكلُ ذِي أجلٍ يوماً سيبلغهُ = وكُلُّ ذِي عملٍ يوماً سيلقاهُ
[/poet]
[HR]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 07/07/03, 06 :43 06:43:31 AM ... #117
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة جادك الغيث
وهي من اروع شعر الوزير لسان الدين الخطيب المولود سنة 1313 والمتوفي سنة 1374
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/18.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
جادك الغيث إذا الغيث هما = يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلا حلما = في الكرى أو خلسة المختلس
في ليالٍ كتمت سر الهوى = بالدجى لولا شموس الغرر
مال نجم الكاس فيها وهوى = مستقيم السير سعد الأثر
وطرٌ ما فيه من عيبٍ سوى = أنه مر كلمح البصر
حيث لذ الأنس شيئاً أو كما = هجم الصبح هجوم الحرس
غارت الشهب بنا أو ربما = أثرت فينا عيون النرجس
يا أهيل الحي من وادي الغضا = وبقلبي مسكن أنتم به
ضاق عن وجدي بكم رحب = الفضا لا أبالي شرقه من غربه
فأعيدوا عهد أنسٍ قد مضى = تعتقوا عبدكُمُ من كربهِ
واتّقوا الله وأحيوا مُغرما = يتلاشى نفسا في نفس
حبس القلب عليكم كَرَما = أَفتَرْضَون عفاءَ الحَبَسِ؟
وبقلبي منكمُ مقتربُ = بأحاديث المنى وهو بعيدْ
قمرٌ أطلعَ منه المغربُ = شقوةَ المُغرى به وهو سعيدْ
قد تساوى محسنٌ أ ومذنبُ = في هواهُ بين وعدٍ ووعيدْ
ساحر المقلة معسول اللمى = جال في النفس مجال النفس(562/107)
سدد السهم فأصمى إذ رمى = بفؤادي نبلة المفترس
إن يكنْ جارَ وخابَ الأملُ = ففؤادُ الصّبِّ بالشوق يذوب
فهو للنفس حبيبٌ أولُ = ليس في الحبَّ لمحبوبٍ ذُنوبْ
أمرُه مُعتملٌ مُمتثلُ = في ضلوعٍ قد براها وقلوبْ
حكمَ اللحظُ بها فاحتكَما = لم يراقب في ضعاف الأنفسِ
ما لقلبي كلّما هبَّت صبا = عادةُ عيدٌ من الشوق جديدْ
جلب الهمَّ له والوصَبا = فهو للأشجان في جُهدٍ جهيدْ
كان في اللوح له مكتَتبا = قولُه: إنّ عذابي لشديدْ
لاعجٌ في أضلعي قد أُضرِما = فهْيَ نارٌ في هشيم اليبَسِ
لم يدع في مهجتي إلا الدِّما = كبَقاء الصبحِ بعد الغَلَسِ
[/poet]
[HR]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 14/07/03, 12 :07 12:07:56 AM ... #118
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة وجد شاعر لحميد بن ثور الهلالي
من وهي من ارق القصائد التى نظمها
ومن اسهلها لفظاً
ومن واعذابه معناً
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,orange,bold,norm al" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/14.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
سَلِ الرَّبْعَ أَنَّى يَمَّمَتْ أُمّ سَالِم = وَهَلْ عَادةٌ لِلرَّبْعِ أنْ يَتكلما
عَجِبتُ لها أنى يكون غِنَاؤُها= فَصِيحاً ولمْ تَفْغَرْ بِمَنطِقها فَمَا
فَلَمْ أرَ مَحزوناً لَهُ مِثلُ صَوتِها = ولا عربياً شاقهُ صَوتُ أعْجَمَا
كمثلي إذا غَنَّتْ ؛ ولكنَّ صَوْتَها = لهُ عَوْلَةٌ لو يَفْهم العَوْدُ أرْزَمَا
خَلِيليَّ إني مشتكٍ ما أصابني = لِتستيقنا ما قدْ لقيتُ وتعلما
أُمَلِّيكُما إنَّ الأمانةَ مَنْ يَخُنْ = بِهَا يَحْتَمِلْ يوماً من الله مأثما(562/108)
فَلا تُفشيا سِري ولا تَخْذُلا أخاً = أبُثكُما مِنه الحديثَ المُكتما
لِتَتَّخِذا لي بارك الله فِيكما = إلى آل لَيلى العامريةِ سُلما
وقولا لها : ما تأمرين بِصاحبٍ = لنا قد تَركتِ القلبَ مِنهُ مُتيما ؟
أبيني لَنا إنا رَحَلنا مَطِينا = إليكِ وَمَا نرجوه إلا تلوُّمَا
فجاءا وَلما يَقضِيا لي حاجةً = إليَّ ولمَّا يُبرِما الأمر مُبْرما
ألمْ تعلما أني مصابٌ فَتَذْكُرا = بلائي إذا ما جُرفُ قومٍ تَهَدَّما
ألا هل صدى أمِّ الوليدِ مُكَلِّمٌ = صّداي إذا ما كنتُ رَمْساً وأعْظُما
متى يعلنون وفاة العرب لنزار قباني
انا ... بعد خمسين عاما
....احاول تسجيل ماقد رأيت
رأيت شعوبا تظن بأن رجال المباحث
.... امر من الله ... مثل الصداع ... ومثل الزكام
... ومثل الجذام ... ومثل الجرب
... رأيت العروبة معروضة في مزاد الاثاث القديم
.... ولكني ... ما رأيت العرب
نزار قباني ،،، شاعر عجائبي في تنضيد ورسم الكلمات وتصوير الحال باحرف الشعر ،،، وان كنت كرهته وحقدت عليه لتعصبه وحقده الاعمى ضد الخليج وعرب الخليج والنفط وبالطبع ضد السعودية خصوصا ،، الا انه لايمكنني ان اتجاهل عبقريته الشعرية التي عشقها الملايين من العرب وشباب العرب
خلال مسيرة السلام بعد مؤتمر مدريد نظم شاعرنا قصيدتين شهيرتين
الاولى اسماها متى يعلنون وفاة العرب ،، وقد حجبت في العديد من الدول العربية ومن ضمنها السعودية ،، وقد نظمها بعد شيئا من عجرفة البغوث الصهيوني ،، ان البغوث بأرضنا يستنسر
وفيما يلي قصيدة متى يعلنون وفاة العرب
1
احاول منذ الطفولة رسم بلاد
تسمى مجازا بلاد العرب
....تسامحني ان كسرت زجاج القمر
وتشكرني ان كتبت قصيدة حب
وتسمح لي ان امارس فعل الهوى
...ككل العصافير فوق الشجر
احاول رسم بلاد
تعلمني ان اكون على مستوى العشق دوما
فافرش تحتك صيفا عباءة حبي
...واعصر ثوبك عند هطول المطر
2
... احاول رسم بلاد(562/109)
لها برلمان من الياسمين
تنام حمائمها فوق رأسي
وتبكي مآذنها في عيوني
احاول رسم بلاد تكون صديقة شعري
ولاتتدخل بيني وبين ظنوني
ولا يتجول فيها العساكر فوق جبيني
...احاول رسم بلاد
تكافئني ان كتبت قصيدة شعر
وتصفح اعني اذا فاض نهر جنوني
3
... احاول رسم مدينة حب
.... تكون محررة من جميع العقد
...فلا يذبحون الانوثة فيها
... ولايقمعون الجسد
4
...رحلت جنوبا ..رحلت شمالا
... ولافائدة
...فقهوة كل المقاهي ، لها نكهة واحدة
وكل النساء لهن اذا ماتعرين
...رائحة واحدة
وكل رجال القبيلة لايمضغون الطعام
ويلتهمون النساء بثانية واحدة
5
...احاول منذ البدايات
...ان لاأكون شبيها بأي احد
رفضت الكلام المعلب دوما
...رفضت عبادة اي وثن
6
احاول احراق كل النصوص التي ارتديها
فبعض القصائد قبر
وبعض اللغات كفن
.... وواعدت آخر أنثى
... ولكنني جئت بعد مرور الزمن
7
احاول ان أتبرأ من مفرداتي
... ومن لعنة المبتدأ والخبر
وانفض عني غباري
... واغسل وجهي بماء المطر
...احاول من سلطة الرمل ان استقيل
....وداعا قريش
...وداعا كليب
...وداعا مضر
8
احاول رسم بلاد
تسمى مجازا بلاد العرب
سريري بها ثابت
ورأسي بها ثابت
...لكي اعرف الفرق بين البلاد والسفن
ولكنهم .. اخذوا علبة الرسم مني
...ولم يسمحوا لي بتصوير وجه الوطن
9
احاول منذ الطفولة
فتح فضاء من الياسمين
... واسست اول فندق حب
...بتاريخ كل العرب
...ليستقبل العاشقين
...والغيت كل الحروب القديمة
...بين الرجال...وبين النساء
...وبين الحمام...ومن يذبحون الحمام
..وبين الرخام...ومن يجرحون بياض الرخام
...ولكنهم ...اغلقوا فندقي
...وقالوا بأن الهوى لايليق بماضي العرب
...وطهر العرب
...وأرث العرب
!!!فياللعجب
10
؟؟احاول ان اتصور ماهو شكل الوطن
احاول ان استعيد مكاني في بطن أمي
...واسبح ضد مياه الزمن
واسرق تينا ، ولوزا، وخوخا،(562/110)
واركض مثل العصافير خلف السفن
احاول ان اتخيل جنة عدن
...وكيف ساقضي الاجازة بين نهور العقيق
...وبين نهور اللبن
وحين افقت ...اكتشفت هشاشة حلمي
...فلاقمر في سماء اريحا
...ولاسمك في نهر الفرات
...ولاقهوة في عدن
11
...احاول بالشعر...ان امسك المستحيل
...وازرع نخلا
....ولكنهم في بلادي ، يقصون شعر النخيل
احاول ان جعل الخيل اعلى صهيلا
!!!!ولكن اهل المدينة يحتقرون الصهيل
12
... احاول سيدتي ان احبك
... خارج كل الطقوس
...وخارج كل النصوص
....وخارج كل الشرائع والانظمة
...احاول سيدتي ان احبك
...في اي منفى ذهبت اليه
لاشعر حين اضمك يوما لصدري
...بأني اضم تراب الوطن
13
احاول مذ كنت طفلا قراءة اي كتاب
تحدث عن انبياء العرب
...وعن حكماء العرب..وعن شعراء العرب
فلم ار الا قصائد تلحس رجل الخليفة
...من اجل حفنة رز ...وخمسين درهم
!!! فياللعجب
... ولم ار الا قبائل ليست تفرق بين مابين لحم النساء...
.... وبين الرطب
!!! فيا للعجب
.... ولم ار الا جرائد تخلع اثوابها الداخلية
... لاي رئيس من الغيب يأتي
... واي عقيد على جثة الشعب يمشي
... وأي مراب يكدس في راحتيه الذهب
!!! فيا للعجب
14
انا منذ خمسين عاما
... اراقب حال العرب
... وهم يرعدون ، ولا يمطرون
... وهم يدخلون الحروب ، ولايخرجون
وهم يعلكون جلود البلاغة علكا
... ولايهضمون
15
انا منذ خمسين عاما
احاول رسم بلاد
تسمى مجازا بلاد العرب
رسمت بلون الشرايين حينا
وحينا رسمت بلون الغضب
وحين انتهى الرسم سألت نفسي
... اذا اعلنوا ذات يوم وفاة العرب
ففي اي مقبرة يدفنون؟
ومن سوف يبكي عليهم؟؟
... وليس لديهم بنات
... وليس لديهم بنون
وليس هنالك حزن
!! وليس هنالك من يحزنون
16
احاول منذ بدأت كتابة شعري
قياس المسافة بيني وبين جدودي العرب
.... رأيت جيوشا .. ولا من جيوش
.... رأيت فتوحا ... ولا من فتوح
....(562/111)
وتابعت كل الحروب على شاشة التلفزة
.... فقتلى على شاشة التلفزة
....وجرحي على شاشة التلفزة
....ونصر من الله يأتي الينا ... على شاشة التلفزة
17
ايا وطني ..جعلوك مسلسل رعب
نتابع احداثه في المساء
فكيف نراك اذا قطعوا الكهرباء ؟؟؟
18
انا ... بعد خمسين عاما
....احاول تسجيل ماقد رأيت
رأيت شعوبا تظن بأن رجال المباحث
.... امر من الله ... مثل الصداع ... ومثل الزكام
... ومثل الجذام ... ومثل الجرب
... رأيت العروبة معروضة في مزاد الاثاث القديم
.... ولكني ... ما رأيت العرب
لندن 1994
... ...
... ... ... ... ... ... ... ...
...
...
الدعم الفني ومشاكل دخول الأعضاء اضغط هنا
القسم المتميز في هدهد سليمان
قسم المهرة
...
...
المشرف المتميز لهذا الشهر في هدهد سليمان
العقد الفريد
...
...
العضو المتميز في هدهد سليمان
el_hazeen
...
...
أفضل موضوع في هدهد سليمان
مجلة طاب الخاطر
العودة ... ... منتديات هدهدسليمان > أرشيف المواضيع المميزة > قاعة الفخامة
إعادة تحميل هذه الصفحة فهرس الهدهد لاجمل قصائد العرب
...
اسم المستخدم ... ... تذكرني؟
كلمة المرور ... ...
التسجيل ... الأسئلة الشائعة ... قائمة الأعضاء ... التقويم
الذهاب إلى الصفحة...
...
الصفحة 14 من 16 ... < ... 1 ... 2 ... 3 ... 4 ... 5 ... 6 ... 7 ... 8 ... 9 ... 10 ... 11 ... 12 ... 13 ... 14 ... 15 ... 16 ... > ...
... أدوات الموضوع ... أنماط العرض
قديم 23/07/03, 11 :09 11:09:31 AM ... #131
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
ياسيدة النساء
هذه قصيدة رائعة.
وجدتها في احد مواقع الانترنت لكاتبها فواز سعد العنزي
ياسيدة النساء
ياساعية للبقاء
هاانذا امامك
ابحث عن نفسي من جديد
فاسألي الزوايا عن هذا
المخلوق العجيب
انا الانسان الفريد
لم اولد من رحم امي
جئت من رأسها
لم تطعمني حليبا وعصيرا
بل نارا وبارودا
ليس لدي قرار واضح
اكشفي
عن سري الغامض
اقرئي كفي(562/112)
فسري عن موقفي
ستجدين الغرائب
ولكن ارجوك لاتسألي
فأنا الطفل الغرير
الذي يجهل الكثير
لا اعرف كل النساء
لا افقه في الجنس والسرير
ولم اسمع يوما صوت الصرير
او النهد المستدير
كل مااعرفه ان لا اخرج عن القانون
فالمرأة قضية
والاقتراب منها
جريمة سياسية
لقد علمتني التجارب
ان اتجنب عشق النساء
الم اقل لك ياسيدة النساء
انك معي تدخلين معركة خاسرة؟
الا يتعبك هذا الحمق
الا يحزنك هذا الجهل
الم اقل لك لاتسألي
فأفكاري محاصرة
وارائي مصادرة
كل شىء مستعار
اسير وفق خريطة معدة بأحكام
اكل الدهر عليها وشرب ونام
خريطة تحوي تفاصيل الاشياء
مثل اجساد النساء
اشعر اني اخون الحقيقة
لو قلت لك اعرف اجساد النساء
فلا تطرحي الاسئلة
ستسقطين في التحدي الكبير
لانني لا املك التفاسير
مهما حاولت ان اتذكر الكلام الجميل
اجده من ضروب المستحيل
سأبحث في كتب السحر
وسأذهب للعرافين
واقرأ كتب الشعر
واقطف الورد والياسمين
سأعيد ترتيب الاشياء
واستقبل الحب بلا استئذان
سأعشق كل النساء
وسأكبح جماح الضياع والحرمان
ياسيدة النساء هذه حكايتي
فهل اقتنعتي
هذه معاناتي
شرحتها بالتفصيل
من شرخ ذاكرتي
اودعك على امل اللقاء
ياسيدة كل النساء
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 23/07/03, 11 :13 11:13:03 AM ... #132
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
كانت احبائي تلكم مجموعة مختارة من أجمل ماقرأت من قصائد لشعراء العرب .. وأعدكم قريبا بمختارات من ديوان شوقيات لأمير الشعراء أحمد شوقي حيث انني عاكفة هذان اليومان على قراءته والتمعن في مايحويه من معان لا ينضب معينها مهما طال به الزمان ..
لكم تحياتي والشكر للأخ نهر الكلمة لهذا المجهود المشكور عليه ......
اختكم بيان
Offline: ...
بيان(562/113)
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 29/09/03, 04 :19 04:19:33 AM ... #133
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الاخت بيان
شكراً على مجموعة المشاركات الرائعة التي زادت جمل الموضوع
وبانتظار ما وعدتي به
لك تحياتي وتقديري
__________________
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 29/09/03, 04 :28 04:28:08 AM ... #134
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
والان عودة من جديد للقصائد
والقصيده اليوم بعنوان ابي القلب وهي اجمل قصيد أبو صخر الهذلي
وان كان البعض ينسبها خطاً الى مجنون ليلي
وتعتبر هذه القصيدة بحق احدى اروع قصيد العاشقين في الشاعر العربي
على مر العصوار (حسب اعتقادي ) لما تمتز به من قوة في المعاني وعذوبه في الالفاظ وتصويراً للمعانه
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/11.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أما والذي أبكى وأضحك والذي = أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد كنت آتيها وفي النفس هجرها = بتاتا لأخرى الدهر ما طلع الفجر
فما هو إلا أن أراها فجاءة = فأبهت لا عرفٌ لدى ولا نكر
وأنسى الذي قد كنت فيه هجرتها = كما قد تنسّي لب شاربها الخمر
و ما تركت لي من شدا أهتدي به = ولا ضلع الا وفي عظمها وقر
وقد تركتني أغبط الوحش أن أرى = أليفين منها لا يروعهما الذعر
ويمنعني من بعض إنكسار ظلمها = إذا ظلمت يوماً ، و إن كان لي عذر(562/114)
مخافة أن قد علمت لئن بدا = لي الهجر منها ما على هجرها صبر
و اني لا أدري اذا النفس أشرقت = على هجرها : ما يبلغن بي الهجر
أبى القلب الا حبها عامرية = لها كنية عمرو ، و ليس لها عمرو
تكاد يدي تندى اذا ما لمستها = و ينبت في أطرافها الورق النضر
وإني لتعروني لذكراك هزة = كما انتفض العصفور بلله القطر
تمنيت من حبيب علية أننا = على رمث في البحر ، ليس لنا وفر
على دائمٍ لا يعبر الفلك موجه = ومن دوننا الأهوال واللجج الخضر
فنقضي هم النفس في غير رقبة = ويغرق من تخشى نميمته البحر
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها = فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
فياحب ليلى قد بلغت بي المدى = وزدت علي ما ليس يبلغه الهجر
ويا حبها زدني جوى كل ليلة = ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
هجرتك حتى قلت لا يعرف القلى = وزرتك حتى قلت : ليس له صبر
صدقت أنا الصب المصاب الذي به = تباريح حب خامر القلب ، أو سحر
فيا حبذا الأحياء ما دمت فيهم = ويا حبذا الأموات ما ضمك القبر
[/poet]
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 29/09/03 الساعة 04 :37 04:37:54 AM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 04/10/03, 05 :13 05:13:10 AM ... #135
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
وهذه قصيدة ابن الرومي في رثاء ابنه محمد وهو أوسط صبيته وهي من اجمل ماقيل في الرثاء حسب رأيي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,white,bold,norma l" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/2.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
بكاؤكما يُشفي وإن كان لا يُجدي = فجودا فقد أودى نظيركما عندي(562/115)
بُنيّ الذي أهدتهُ كفّاي للثرى = فياعِزّة المُهدَى ويا حسرة المُهدِي
ألا قاتل الله المنايا ورميها = من القوم حبات القلوب على عمدِ
توخّى حمامُ الموت أوسط صبيتي = فلله كيف اختار واسطة العقدِ ؟؟؟
على حين شِمتُ الخيرَ من لمَحاتهِ = وآنستُ من أفعاله آية الرّشدِ
طواهُ الردى عني فأضحى مزارهُ = بعيداً على قربٍ ، قريباً على بُعدِ
لقد انجزَتْ فيه المنايا وعيدها = وأخلفت الآمالُ ما كان من وعدِ
لقد قلّ بين المهدِ واللحدِ لُبثه = فلم ينسَ عهدَ المهدِ إذ ضُمّ في اللحدِ
ألَحّ عليه النزفُ حتى أحاله = إلى صُفرةِ الجاديّ عن حُمرة الوردِ
وظلّ على الأيدي تَسَاقط نفسُهُ = ويذوي كما يذوي القضيبُ من الرندِ
فيا لك من نفس تَسَاقَط أنفساً = تَسَاقُط درٍّ من نظامٍ بلا عِقدِ
عجبتُ لقلبي كيف لم ينفطر له = ولو انّه أقسى من الحجر الصلدِ
بودّيَ أنّي كنتُ قد متُّ قبله = وأنّ المنايا دونه صمدت صمدي
ولكنّ ربي شاء غير مشيئتي = وللرب إمضاءُ المشيئةِ لا العبدِ
وما سرّني أنْ بعتهُ بثوابهِ = ولو أنّهُ التخليدُ في جنة الخُلدِ
ولا بعتهُ طوعاً ، ولكنْ غُصِبْتُهُ = وليس على ظلم الحوادث من مُعدِ
وإني وإنْ مُتِّعْتُ بابنيّ بعدهُ = لَذَاكرهُ ما حنّتِ النّيبُ في نجدِ
وأولادنا مثلُ الجوارح ، أيها = فقدناهُ كان الفاجعَ البيِّن الفقدِ
لكلٍّ مكانٌ لا يسدُّ اختلالَه = مكانَ أخيهِ في جَزُوعٍ ولا جَلْدِ
هل العينُ بعد السمعِ تكفي مكانه = أم السمعُ بعد العين يهدي كما تَهدي؟؟
لَعَمري لقد حالت بي الحالُ بعدهُ = فيا ليت شعري كيف حالت به بعدي
ثكلتُ سروري كلّهُ إذ ثكلتُهُ = وأصبحتُ في لذات عيشي أخا زُهدِ
أريحانةَ العينين والأنف والحشا = ألا ليت شعري هل تغيّرتَ عن عهدي
سأسقيكَ ماء العين ما أسعَدَتْ بهِ = وإن كانت السّقيا من العين لا تُجدي
أعينيّ جودا لي ، فقد جُدتُ للثرى = بأنفسَ مما تسألانِ من الرّفدِ(562/116)
أقُرةَ عيني ، قد أطلتَ بكاءها = وغادرتَها أقذى من الأعين الرُّمْدِ
أقرةَ عيني ، لو فدى الحيُّ ميتاً = فديتك بالحوباءِ أوّل من يفدي
كأنّيَ ما استمتعتُ منكَ بضمةٍ = ولا شمّةٍ في ملعبٍ لكَ أو مهدِ
أُلامُ لما أُبدي عليك من الأسى = وإنّيْ لأُخفي منهُ أضعافَ ما أُبدي
محمدُ ، ما شيءٌ تُوُهّمَ سَلوةً = لقلبيَ إلا زادَ قلبيْ من الوجدِ
أرى أَخوَيْكَ الباقيين كليهما = يكونان للأحزان أورى من الزندِ
إذا لعبا في ملعبٍ لك لذّعا = فؤاديْ بمثلِ النار عن غيرما قصدِ
فما فيهما لي سلوةٌ بل حزازةٌ = يهيجانها دوني ، وأشقى بها وحدي
وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دار وحشةٍ = فإني بدار الأنسِ في وحشة الفردِ
أودُّ إذا ما الموتُ أوفَدَ معشراً = إلى عسكر الأموات ، أنّيْ من الوفدِ
ومن كان يستهدي حبيباً هديةً = فطيفَ خيالٍ منكَ في النوم أستهدي
عليك سلامُ الله مني تحيةً = ومن كل غيثٍ صادقَ البرقِ والرعدِ
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 05/10/03, 05 :14 05:14:39 AM ... #136
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة اغداً القاك
من كلمات الهادي ادم
من شعراء العصر الحديث من السودان
وتتميز الفاظها بالعذوبه ورقة المعانى
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أغداً القاك؟ ياخوف فؤادي من غدِ!
يا شوقي واحتراقي بانتظار الموعد
آه! كم اخشى غدي هذا ، وأرجوه اقترابا
كنت استدنيه، لكن، هبته لما اهابا
وأهلت فرحة القرب به حين استجابا
هكذا احتمل العمر نعيماً وعذابا(562/117)
مهجة حرى وقلباً مسه الشوق فذابا
أنت يا جنة حبي وأشتياقي وجنوني
أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني
أغداً تشرق اضواؤك في ليلِ عيوني؟
آه من فرحة احلامي، ومن خوف ظنوني
كم أناديك، وفي لحني حنين ودعاء
يا رجائي أنا، كم عذبني طولُ الرجاء
كم أناديك، وفي لحني حنين ودعاء
يا رجائي انا، كم عذبني طول الرجاء
انا لولا انت لم احفل بمن راح وجاء
انا احيا في غدي الان باحلام اللقاء
فأتْ ، او لا تاتِ، او فأفعل بقلبي ما تشاء
هذه الدنيا كتاب انت فيه الفكرُ
هذه الدنيا ليال انت فيها العمرُ
هذه الدنيا عيونٌ انت فيها البصرُ
هذه الدنيا سماءٌ انت فيها القمرُ
فارحم القلب الذي يصبو اليك
فغذاً تملكه بين يديك
وغداً تأتلق الجنة أنهاراً وظلا
وغداً تنسى ، فلا تأسى على ماضٍ تولى
وغداً نسمو فلا نعرف للغيب محلا
وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس الا
قد يكون الغيب حلواً ، انما الحاضر احلى.....
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 14/10/03, 08 :25 08:25:27 PM ... #137
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة أغالب فيك الشوق و الشوق أغلب وهي من جيد شعر ابو الطيب المتنبي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,2,white,bold,norma l" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أغالب فيك الشوق و الشوق أغلب = و أعجب من ذا الهجر و الوصل أعجب
أما تغلط الأيام في بأن أرى = بغيضاً تنائي أو حبيباً تقرب
و لله سيري ما أقل تئيةً = عشية شرقيي الحدالى و غرب
عشية أحفى الناس بي من جفوته = و أهدى الطريقين التي أتجنب(562/118)
و كم لظلام الليل عندك من يدٍ = تخبر أن المانوية تكذب
و قاك ردى الأعداء تسري إليهم = و زارك فيك ذو الدلال المحجب
و يومٍ كليل العاشقين كمنته = أراقب فيه الشمس أيان تغرب
و عيني إلى أذني أغر كأنه = من الليل باقٍ بين عينيه كوكب
له فضلةٌ عن جسمه في إرهابه = تجيئ على صدرٍ رحيبٍ و تذهب
شققت به الظلماء أدني عنانه = فيطغى و أرخيه مراراً فيلعب
و أصرع أي الوحش قفيته به = و أنزل عنه مثله حين أركب
و ما الخيل إلا كالصديق قليلةٌ = و إن كثرت في عين من لا يجرب
إذا لم تشاهد غير حسن شياتها = و أعضائها فالحسن عنك مغيب
لحا الله ذي الدنيا مناخاً لراكبٍ = فكل بعيد الهم فيها معذب
ألا ليت شعري هل أقول قصيدة = فلا أشتكي فيها و لا أتعتب
و بي ما يذود الشعر عني أقله = و لكن قلبي يا بنة القوم قلب
و أخلاق كافورٍ إذا شئت مدحه = و إن لم أشأ تملي علي فأكتب
إذا ترك الإنسان أهلاً وراءه = و يمم كافوراً فما يتغرب
فتى يملأ الأفعال رأياً و حكمةً = و نادرةً أحيان يرضى و يغضب
إذا ضربت في الحرب بالسيف كفه = تبينت أن السيف بالكف يضرب
تزيد عطاياه على اللبث كثرةً = و تلبث أمواه السحاب فتنضب
أبا المسك هل في الكأس فضلٌ أناله = فإني أغني منذ حينٍ و تشرب
وهبت على مقدار كفي زماننا = و نفسي على مقدار كفيك تطلب
إذا لم تنط بي ضيعةً أو ولايةً = فجودك يكسوني و سفلك يسلب
يضاحك في ذا العيد كل حبيبه = حذائي و أبكي من أحب و أندب
أحن إلى أهلي و أهوى لقاءهم = و أين من المشتاق عنقاء مغرب
فإن لم يكن إلا أبو المسك أوهم = فإنك أحلى في فؤادي و أعذب
و كل امرئٍ يولي الجميل محبب = و كل مكانٍ ينبت العز طيب
يريد بك الحساد ما الله دافعٌ = و سمر العوالي و الحديد المذرب
و دون الذي يبغون ما لو تخلصوا = إلى الموت منه عشت و الطفل أشيب
إذا طلبوا جدواك أعطوا و حكموا = و إن طلبوا الفضل الذي فيك خيبوا(562/119)
و لو جاز أن يحووا علاك وهبتها = و لكن من الأشياء ما ليس يوهب
و أظلم أهل الأرض من بات حاسداً = لمن بات في نعمائه يتقلب
و أنت الذي ربيت ذا الملك مرضعاً = و ليس له أمٌ سواك و لا أب
و كنت له ليت العرين لشبله = و ما لك إلا الهندواني مخلب
لقيت القنا عنه بنفسٍ كريمةٍ = إلى الموت في الهيجا من العار تهرب
و قد يترك النفس التي لا تهابه = و يخترم النفس التي تتهيب
و ما عدم اللاقوك بأساً و شدةً = و لكن من لاقوا أشد و أنجب
ثناهم و برق البيض في البيض صادقٌ = عليهم و برق البيض في البيض خلب
سللت سيوفاً علمت كل خاطبٍ = على كل عودٍ كيف يدعو و يخطب
و يغنيك عما ينسب الناس أنه = إليك تناهى المكرمات و تنسب
و أي قبيلٍ يستحقك قدره = معد بن عدنانٍ فداك و يعرب
و ما طربي لما رأيتك بدعةً = لقد كنت أرجو أن أراك فأطرب
و تعذلني فيك القوافي و همتي = كأني بمدحٍ قبل مدحك مذنب
و لكنه طال الطريق و لم أزل = أفتش عن هذا الكلام و ينهب
فشرق حتى ليس للشرق مشرقٌ = و غرب حتى ليس للغرب مغرب
إذا قلته لم يمتنع من وصوله = جدارٌ معلًى أو خباءٌ مطنب
[/poet]
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 14/10/03 الساعة 08 :32 08:32:01 PM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 22/10/03, 04 :33 04:33:54 AM ... #138
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة بِمَ التعلل
وهي من روائع شعر المتنبي
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,orange,bold,norm al" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
بِمَ التعللُ لا أهل ولا وطنُ
ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سكنُ(562/120)
أريدُ من زمني ذا أن يبلغني
ما ليس يَبْلُغُه من نفسه الزمنُ
لا تلقَ دهرك إلا غير مكترثٍ
مادام يصحب فيه رٌوحَك البدنٌ
فما يُديم سُرورٌ ما سُرِرتَ به
ولا يرد عليك الفائت الحَزَنُ
مما أضر بأهل العشق أنهمُ
هووا وما عرفوا الدنيا ولا فَطَنُوا
تفنى عُيُنُهُمُ دمعاً وأنفسهم
في إثرِ كُلِّ قَبِيحٍ وجهُهُ حَسَنُ
تحملوا حَمَلَتْكُمْ كُلُّ ناجيةٍ
فكلُّ بَيْنٍ عليَّ اليومَ مؤتمنُ
ما في هوادجكم مِن مُهجتي عِوَضٌ
إن متُ شوقاً ولا فيها لها ثمنُ
يا من نُعِيتُ على بُعْدٍ بمجلسهِ
كُلٌّ بما زعم الناعون مُرتَهَنُ
كم قد قُتِلْتُ وكم قد مِتُ عِنْدَكُمُ
ثم انتفضت فزال القبرُ والكفنُ
يحكي الهاشمي في جواهر الأدب أن عائشة التيمورية الشاعرة الأديبة كانت لها بنت ربيت في بيت العز والدلال، قد جمع الله لها جمال الخلق وسمو الخلق، فياضة الأنوثة، ساحرة الطرف، بليغة النطق ، مهذبة الحواشي، ما رآها أحد إلا أحبها، وفجأة أصابها مرض مفاجىء فما لبثت أن ماتت وهي بنت ثماني عشرة سنة، وروعت الصدمة كل من شاهدها وعرفها، وذهلت أمها ورثتها بقصائد تبكي الصخر وتحرك الجماد، لعلك تريد أن تقف على شيء منها:
لبست ثياب السقم في صغر وقد *** ذاقت شراب الموت وهو مرير
جاء الطبيب ضحى وبشر بالشفا *** إن الطبيب بطبه مغرور
وصف التجرع وهو يزعم أنه *** بالبرء من كل السقام بشير
فتنفست للحزن قائلة له *** عجل ببرئي حيث أنت خبير
وارحم شبابي إن والدتي غدت *** ثكلى يشير لها الجوى وتشير
لما رأت يأس الطبيب وعجزه *** قالت ودمع المقلتين غزير
أماه قد كل الطبيب وفاتني *** مما أؤمل في الحياة نصير
أماه قد عز اللقاء وفي غد *** سترين نعشي كالعروس يسير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي *** هو منزلي وله الجموع تصير
قولي لرب اللحد رفقا بابنتي *** جاءت عروساً ساقها التقدير
وتجلدي بإزاء لحدي برهة *** فتراك روح راعها المقدور(562/121)
أماه قد سلفت لنا أمنية *** يا حسنها لو ساقها التيسير
كانت كأحلام مضت وتخلفت *** مذ بان يوم البين وهو عسير
جرت مصائب فرقتي لك بعد ذا *** لبس السواد ونفذ المسطور
أماه لا تنسي بحق بنوتي *** قبري لئلا يحزن المقبور
وهذا جواب الأم:
بنتاه يا كبدي ولوعة مهجتي ***قد زال صفو شأنه التكدير
لا توصي ثكلي قد أذاب فؤادها *** حزن عليك وحسرة وزفير
وبقبلتي ثغراً تقضي نحبه *** فحرمت طيب شذاه وهو عطير
والله لا أسلو التلاوة والدعا *** ما غردت فوق الغصون طيور
كلا ولا أنسى زفير توجعي *** والقد منك لدي الثرى مدثور
إني ألفت الحزن حتى أنني *** لو غاب عني ساءني التأخير
قد كنت لا أرضى التباعد برهة *** كيف التصبر والبعاد دهور
أبكيك حتى نلتقي في جنة *** برياض خلد زينتها الحور
Offline: ...
الراسيه
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى الراسيه
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة الراسيه
قديم 09/11/03, 11 :22 11:22:40 PM ... #143
تواقة إلى الجنة
وسام هدهد سليمان الاول(إداري)
صورة عضوية تواقة إلى الجنة
تاريخ الانضمام: 15/05/02
محل السكن: اليوم فوق الثرى وغداً تحته
المشاركات: 11,467
تواقة إلى الجنة is on a distinguished road
...
بارك الله في جهودكم اخي نهر الكلمه
وشكرا للراسيه
اهدائنا هذه القصيده
على الرغم من الحزن الذي تبعثه في نفوسنا
الا ان كلمة رائعه قليله بحقها
__________________
منتديات هدهد سليمان
هي وطني
الذي يعني لي الكثير
هي الموقع الذي احتضنني
بكل هواجسي--- طموحي --- همومي --- آمالي --- اهتماماتي
لاأحس أني أبنة هذا الموقع----
أحس أني أمه التي تخاف عليه من نسمة الهواء
الى منتدى هدهد سليمان:
ستبقى طفلاً في حنايا الروح ----
وستبقى في القلب كبيراً-----
-------------------------
Offline: ...
تواقة إلى الجنة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى تواقة إلى الجنة(562/122)
زيارة الرئيسية للمستخدم تواقة إلى الجنة!
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة تواقة إلى الجنة
قديم 11/11/03, 08 :49 08:49:38 PM ... #144
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
الراسية
سيستمر الموضوع ان شاء الله بروعة مشاركاتك
ومشاركات الاعضاء
واشكر لك روعة اختيارك لقصيدة عائشة التيمورية
الاخت الفاضلة الغالية
اشكر لك مرورك الكريم
تحياتي للجميع
__________________
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 13/11/03, 05 :34 05:34:47 AM ... #145
الراسيه
طائر ذهبي
صورة عضوية الراسيه
تاريخ الانضمام: 01/02/03
محل السكن: الكرة الأرضية
المشاركات: 347
الراسيه is on a distinguished road
...
اشكرك أخي نهر الكلمة
ولكن الروعة في هذا النهر المتدفق
الذي لا ينضب من روائع الكلم ..
Offline: ...
الراسيه
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى الراسيه
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة الراسيه
قديم 13/11/03, 05 :40 05:40:25 AM ... #146
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
اشكرك
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 13/11/03, 12 :07 12:07:19 PM ... #147
بيان
وسام هدهد سليمان الاول
صورة عضوية بيان
تاريخ الانضمام: 21/01/03
محل السكن: إمـ الوفا ـــارات
المشاركات: 10,750
بيان is on a distinguished road
...
جهدك الكبير في هذا الموضوع يجعلك من أبرز رواد موقعنا أخي نهر الكلمة ...... أعتذر على حضوري الموعود ..... ولكني سأعود قريبا بجميل الابيات ........(562/123)
اختك بيان
Offline: ...
بيان
عرض الملف الشخصي العام
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة بيان
قديم 13/11/03, 08 :21 08:21:08 PM ... #148
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
بيان
اشكرك من كل قلبي
وبانتظار روائعك
تحياتي
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 13/11/03, 08 :38 08:38:44 PM ... #149
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة بلغوها
وهي من روائع الشعر العربي في العصر الحديث رغم الغلو في بعض الفاظها
من شعر
الاخطل الصغير ( بشارة الخوري) وهو من شعراء المهجر واحد اعضاء الربطة القلمية
[poet font="Simplified Arabic,4,darkred,bold,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/20.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
بلغوها إذا أتيتم حماها = أنني مت في الغرام فداها
وأذكروني لها بكل جميل = فعساها تبكي علي عساها
واصحبوها لتربتي ، فعظامي = تشتهي أن تدوسها قدماها
لم يشقني يوم القيامة لولا = أملي أنني هناك أراها
ولو أن النعيم كان جزائي = في جهادي والنار كانت جزاها
لأتيت الإلهَ زحفاً ، وعفرت = جبيني كي أستميل الإلها
وملأت السماء شكوى غرامي = فشغلت الأبرار عن تقوها
ومشى الحب السماء شكوى غرامي = فشغلت الابرار عن تقواها
ومشى الحب في الملائك حتى = خاف جبريل منهم عقباها
قلت : يا رب أي ذنب جنته = أي ذنب ؟ لقد ظلمت صباها
أنت ذويت في محاجرها السحر = ورصعْت بالآلئ فاها
أنت عسلت ثغرها ، فقلوب = الناس نحل أكمامها شفتاها(562/124)
أنت من لحظها شهرت حساماً = فبراءُ من الدماءِ يداها
رحمة ربي ،لست أسأل عدلاً = رب خذني إن أخطأت بخطاها
دع سليمي تكونُ حيث تراني = أو فدعني أكون حيث أراها
[/poet]
آخر تحرير بواسطة نهر الكلمة : 13/11/03 الساعة 08 :42 08:42:56 PM.
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 18/11/03, 08 :16 08:16:47 PM ... #150
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة أتصحو أم فؤادك غير صاح
وهي من جيد شعر جرير في مدح بعض خلفاء بني امية
ويرى كثير من النقاد ان قول جرير
ألستم خير من ركب المطايا = و أندى العالمين بطون راح
الذي هو احد ابيات القصيدة اجمل ما قيل في المديح
[poet font="Tahoma,4,blue,bold, normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/13.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أتصحو أم فؤادك غير صاح = عشية هم صحبك بالرواح
يقول العاذلات علاك شيب = أهذا الشيب يمنعني مراحي
يكلفني فؤادي ، من هواه = ظعائن يجتزعن على رماح
ظعائن لم يدن مع النصارى = و لا يدرين ما سمك القراح
فبعض الماء ماء رباب مزنٍ = و بعض الماء من سبخٍ ملاح
سيكفيك العواذل أرحبيٌ = هجان اللون كالفرد اللياح
يعز على الطريق بمنكبيه = كما ابترك الخليع على القداح
تعزت أم حزرة ثم قالت = رأيت الواردين ذوي امتناح
تعلل و هي ساغبة بنيها = بأنفاسٍ من الشبم القراح
سأمتاح البحور فجنبيني = أذاة اللوم و انتظري امتياحي
ثقي بالله ليس له شريكٌ = و من عند الخليفة بالنجاح
أغثني يا فداك أبي و أمي = بسيبٍ منك إنك ذو ارتياح
فإني قد رأيت علي حقاً = زيارتي الخليفة و امتداحي(562/125)
سأشكر أن رددت علي ريشي = و أثبت القوادم في جناحي
ألستم خير من ركب المطايا = و أندى العالمين بطون راح
و قومٍ قد سموت لهم فدانوا = بدهمٍ في ململمةٍ رداح
أبحت حمى تهامة بعد نجدٍ = و ما شيءٌ حميت بمستباح
لكم شم الجبال من الرواسي = و أعظم سيل معتلج البطاح
دعوت الملحدين أبا خبيبٍ = جماحاً ، هل شفيت من الجماح
فقد وجدوا الخليفة هبرزياً = ألف العيص ، ليس من النواحي
فما شجرات عيصك في قريشٍ = بعشات الفروع و لا ضواحي
رأى الناسٌ البصيرة فاستقاموا = و بينت المراص من الصحاح
قصيدة لغير العُلى مني القلى والتجنبُ وهي من جيد شعر الشريف الرضى
[HR]
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/23.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
لغير العُلى مني القلى والتجنبُ = ولولا العلى ما كنت في الحب أرغب
إذا اللهُ لم يعذرك فيما ترومه = فما الناسُ إلا عاذلٌ ومؤذنبُ
ملكت بحلمي فرصة ما استرقها = من الدهر مفتول الذراعين أغلب
لئن تكُ كفي ما تطاول باعُها = فلي من وراء الكف قلبٌ مُدرّب
فحسبي أني في الأعادي مبغض = وأني إلى عزّ المعالي محبب
وللحلم أوقات وللجهل مثلها = ولكن أوقاتي إلى الحلم أقرب
يصولُ عليّ الجاهلونَ وأعتلي = ويُعجم فيّ القائلون وأعرب
يرون احتمالي غصة ويزيدهم = لواعجَ ضغن أنني لستُ أغضبُ
وأعرض عن كأس النديم كأنها = وميض غمام غائر المزن خلب
وقور فلا الألحانُ تأسر عزمتي = ولا تمكر الصهباء بي حين أشرب
ولا أعرفُ الفحشاء إلا بوصفها = ولا أنطق العوراء والقلب مُغضب
تحلم عن كرّ القوارض شيمتي = كأن معيد المدح بالذم مطنب
لساني حصاةٌ يقرع الجهل بالحجا = اذا نال مني العاضهُ المتوثب
ولست براض أن تمسّ عزائمي = فضالاتُ ما يعطي الزمان ويسلب(562/126)
عرائبُ آداب حباني بحفظها = زماني وصرف الدهر نعم المؤدب
تعلم فإن الجود في الناس فطنة = تقوم بها الأحرار والطبع أغلب
[/poet]
__________________
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 25/03/04, 11 :48 11:48:41 PM ... #152
ابومعاذ
طائر الماسي
صورة عضوية ابومعاذ
تاريخ الانضمام: 16/05/02
محل السكن: من كل بقاع الدنيا
المشاركات: 1,026
ابومعاذ is on a distinguished road
...
عبدالرحمن العشماوي في رثاء الشهيد احمد ياسين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا بك اخي نهر الكلمه
هذه قصيدة بعنوان "أكسبوك من السباق رهاناً"
للشاعر المبدع والرائع عبدالرحمن العشماوي
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أكسبوكَ من السِّباقِ رِهانا= فربحتَ أنتَ وأدركوا الخسرانا
هم أوصلوك إلى مُنَاكَ بغدرهم= فأذقتهم فوق الهوانِ هَوانا
إني لأرجو أن تكون بنارهم= لما رموك بها، بلغتَ جِنانا
غدروا بشيبتك الكريمة جَهْرةً= أَبشرْ فقد أورثتَهم خذلانا
أهل الإساءة هم، ولكنْ ما دروا= كم قدَّموا لشموخك الإحسانا
لقب الشهادةِ مَطْمَحٌ لم تدَّخر= وُسْعَاً لتحمله فكنتَ وكانا
يا أحمدُ الياسين، كنتَ مفوَّها=ً بالصمت؛كان الصَّمْتُ منكَ بيانا
ما كنتَ إلا همّةً وعزيمةً= وشموخَ صبرٍ أعجز العدوانا
فرحي بِنَيْلِ مُناك يمزج دمعتي= ببشارتي ويُخفِّف الأحزانا
وثََّقْتَ باللهِ اتصالكَ حينما= صلََّيْتَ فجرك تطلب الغفرانا
وتَلَوْتَ آياتِ الكتاب مرتِّلاً= متأمِّلاً تتدبَّر القرآنا
ووضعت جبهتك الكريمةَ ساجداً= إنَّ السجود ليرفع الإنسانا
وخرجتَ يَتْبَعُكَ الأحبَّة، ما دروا= أنَّ الفراقَ من الأحبةِ حانا(562/127)
كرسيُّكَ المتحرِّك اختصر المدى = وطوى بك الآفاقَ والأزمانا
علَّمتَه معنى الإباءِ، فلم يكن= مِثل الكراسي الراجفاتِ هَوانا
معك استلذَّ الموتَ، صار وفاؤه= مَثَلاً، وصار إِباؤه عنوانا
أشلاءُ كرسيِّ البطولةِ شاهدٌ= عَدْلٌ يُدين الغادرَ الخوَّانا
لكأنني أبصرت في عجلاته= أَلَماً لفقدكَ، لوعةً وحنانا
حزناً لأنك قد رحلت، ولم تَعُد=ْ تمشي به، كالطود لا تتوانى
إني لَتَسألُني العدالةُ بعد= ما لقيتْ جحود القوم، والنكرانا
هل أبصرتْ أجفانُ أمريكا اللَّظَى= أم أنَّها لا تملك الأَجفانا؟
وعيون أوروبا تُراها لم تزلْ= في غفلةٍ لا تُبصر الطغيانا
هل أبصروا جسداً على كرسيِّه= لما تناثَر في الصَّباح عِيانا
أين الحضارة أيها الغربُ الذي= جعل الحضارةَ جمرةً، ودخانا
عذراً، فما هذا سؤالُ تعطُّفٍ= قد ضلَّ من يستعطف البركانا
هذا سؤالٌ لا يجيد جوابَه= من يعبد الأَهواءَ والشيطانا
يا أحمدُ الياسين، إن ودَّعتنا= فلقد تركتَ الصدق والإيمانا
أنا إنْ بكيتُ فإنما أبكي= على مليارنا لمَّا غدوا قُطْعانا
أبكي على هذا الشَّتاتِ لأُمتي= أبكي الخلافَ المُرَّ، والأضغانا
أبكي ولي أملٌ كبيرٌ أن أرى= في أمتي مَنْ يكسر الأوثانا
يا فارسَ الكرسيِّ، وجهُكَ لم يكنْ= إلاَّ ربيعاً بالهدى مُزدانا
في شعر لحيتك الكريمة صورةٌ= للفجر حين يبشِّر الأكوانا
فرحتْ بك الحورُ الحسانُ كأنني= بك عندهنَّ مغرِّداً جَذْلانا
قدَّمْتَ في الدنيا المهورَ وربما= بشموخ صبرك قد عقدتَ قِرانا
هذا رجائي يا ابنَ ياسينَ =الذي شيَّدتُ في قلبي له بنيانا
دمُك الزَّكيُّ هو الينابيع التي= تستقي الجذور وتنعش الأَغصانا
روَّيتَ بستانَ الإباءِ بدفقهِ= ما أجمل الأنهارَ والبستانا
ستظلُّ نجماً في سماءِ جهادنا= يا مُقْعَداً جعل العدوَّ جبانا
[/poet]
__________________
قيل لوهب بن منبه .. إن فلانً شتمك .... قال له ما وجد الشيطان بريداً غيرك(562/128)
ويقول أبو معاذ معلقاً كم من بريد لدى الشيطان اليوم
آخر تحرير بواسطة ابومعاذ : 25/03/04 الساعة 11 :57 11:57:30 PM.
Offline: ...
ابومعاذ
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى ابومعاذ
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة ابومعاذ
قديم 26/03/04, 01 :41 01:41:54 PM ... #153
تواقة إلى الجنة
وسام هدهد سليمان الاول(إداري)
صورة عضوية تواقة إلى الجنة
تاريخ الانضمام: 15/05/02
محل السكن: اليوم فوق الثرى وغداً تحته
المشاركات: 11,467
تواقة إلى الجنة is on a distinguished road
...
هل هو توارد خواطر اخي نهر الكلمه عودة الموضوع لينير القاعه من جديد؟!
يعلم الله اني كنت افكر بالأمس في موضوعك هذا تحديدا
ولم انسى الوعد المؤجل بخصوصه
قصائد منتقاه بعنايه فائقه
لانستغربها منكم اخي الكريم
وفقكم الله
وسعيده برؤية مشاركه لاخي الحاضر الغائب ابو معاذ وفقه الله
__________________
منتديات هدهد سليمان
هي وطني
الذي يعني لي الكثير
هي الموقع الذي احتضنني
بكل هواجسي--- طموحي --- همومي --- آمالي --- اهتماماتي
لاأحس أني أبنة هذا الموقع----
أحس أني أمه التي تخاف عليه من نسمة الهواء
الى منتدى هدهد سليمان:
ستبقى طفلاً في حنايا الروح ----
وستبقى في القلب كبيراً-----
-------------------------
Offline: ...
تواقة إلى الجنة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى تواقة إلى الجنة
زيارة الرئيسية للمستخدم تواقة إلى الجنة!
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة تواقة إلى الجنة
قديم 22/11/04, 02 :35 02:35:00 AM ... #154
نهر الكلمة
طائر الماسي
تاريخ الانضمام: 07/05/02
محل السكن: ارض الله
المشاركات: 1,449
نهر الكلمة is on a distinguished road
...
قصيدة سل الرماح العوالى وهي من جيد شعر صفي الدين الحلّى :-
[HR]
[(562/129)
poet font="Simplified Arabic,4,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
سل الرّماح العوالى عن معالينا = واستشهد البيض هل خاب الرّجا فينا
وسائل العرب والا تراك ما فعلت = فى أرض قبر عبيد الله أيدنيا
لقد سعينا فلم تضعف عزائمنا = عمّا نروم ولا خابت مساعينا
يا بوم وقعة زوراء العراق وقد = دنا الأعادي كما كانوا يدينونا
بضمير ما ربطناها مسوّمة = إلا لنغزو بها من بات يغزونا
وفتية إن نقل أصغوا مسامعهم = لقولنا أو دعوناهم أجابونا
قوم اذا استخصموا كانوا فراعنة = يوما وإن حكموا كانوا موازينا
تدرّعوا العقل جلبابا فان حميت = نار الوغى خلتهم فيها مجانينا
اذا ادّعوا جاءت الدنيا مصدّقة = وإن دعوا قالت الايام آمينا
إن الزرازير لمّا قام قائمها = توهّمت أنها صارت شواهينا
ظنت تأنى البزاة الشهب عن جزع = وما درت أنه قد كان تهوينا
ذلوا بأسيافنا طول الزمان فمذ = تحكموا أظهروا أحقادهم فينا
لم يغنهم مالنا عن نهب أنفسنا = كأنهم في أمان من تقاضينا
أخلوا المساجد من أشياخنا وبغوا = حتى حملنا فأخلينا الدّواوينا
ثم انثنينا وقد ظلت صوارمنا = تميس عجبا وتهتز القنا لينا
وللدّماء على أثوابنا علق = بنشره عن عبير المسك يغنينا
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا = أن نبتدى بالأذى من ليس يؤذينا
بيض صنائعنا سود وقائعنا = خضر مرابعنا حمر مواضينا
لا يظهر العجز منّا دون نيل منى = ولو رأينا المنايا فى أمانينا
[/poet]
Offline: ...
نهر الكلمة
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى نهر الكلمة
البحث عن المزيد من المشاركات بواسطة نهر الكلمة
قديم 26/11/04, 02 :23 02:23:22 PM ... #155
الراسيه
طائر ذهبي
صورة عضوية الراسيه
تاريخ الانضمام: 01/02/03
محل السكن: الكرة الأرضية
المشاركات: 347(562/130)
الراسيه is on a distinguished road
...
من أجمل من رثى وبكى والديه الشاعر عمر بهاء الدين الأميري
وما قالَه في والدَيْه
أبتي وأمي موئلي ومَناري= بكما اعتزازي في الورى وفَخَاري
يا شعلتين منيرتين أضاءتا = قلبي الفَتِيَّ بأبهجِ الأنوارِ
يا مقلتينِ من الكرى قد فَرّتا = سهراً عليّ مخافةَ الأكدار
ما كنت أحسَبُ قبل تركِ = حِماكُما أني أحبُّكما بذا المقدار
وقال في شأن أمِّه
أنتِ التي داريتِني فَنَمَوتُ في = أحضان عطفِكِ خاليَ الأكدار
أنتِ التي أنشدتِني لحنَ الوفا = وسهرتِ من أجلي إلى الأسحار
أنتِ التي قبّلتِني وبَسَمتِ لي = وضممتِني وأنا الصغير العاري
أنت التي لقَّنتِني آي الهدى = والحبَّ والإحسانِ واسمَ الباري
أرشدتِنِي ونصحتِني ومنعتِني = وعدلتِ بي عن منهج الأشرار
ولما ماتتْ أمُّه بكاها ورثاها ، فلامُه بعضُ أصحابه ، فقال
يا صحبُ لا تعذلوني في البكاء وقدْ = فقدتُ أمي ، فقلبي ليس من حجرِ
قلبي قد انتزعت منه حشاشتُه = في فجأةٍ ، والردى لونٌ من القدرِ
ودّعتُها قبل شهرٍ في ارتقابِ غدِ = اللقيا وعِشنا معاً بالروحِ في سفري
وعدتُ في لهفةٍ حرّى لأصحبَها = فما لها لا تُناديني : هلا عُمري
ولا تمدُّ يداً نحوي تُعانِقني = ولا تُساءل عما جدَّ من خَبري
...
...(562/131)
لا تقنع بما دون النجوم
---
إِذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ
فَلا تَقْنَعْ بِما دُونَ النُّجومِ
فطَعْمُ المَوتِ في أَمرٍ حَقِيرٍ
كطَعْمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظِيمِ
ستَبكِي شَجوَها فَرَسي ومُهري
صَفائحُ دمعُها ماءُ الجُسُومِ
قُرين النار ثُمّ نَشَأنَ فيها
كَما نَشأَ العَذارَى في النّعِيمِ
وَفارَقنَ الصَياقِلَ مخلَصاتٍ
وأَيدِيِها كَثِيراتُ الكُلُومِ
يَرَى الجُبَناءُ أَن العجز عَقلٌ
وتلكَ خديعةُ الطّبع اللئيمِ
وكُلُّ شَجاعةٍ في المَرء تُغنِي
ولا مِثلَ الشّجاعة في الحَكِيمِ
وكم من عائِبٍ قَولاً صَحيحًا
وآفَتهُ مِنَ الفَهمِ السّقِيمِ
ولكِنْ تَأخذُ الآذان منهُ
على قَدَرِ القَرائِحِ والعُلُومِ(563/1)
قصيدة (حماس الجهاد)
ربي احلل لساني .. واسالك بالثبات
قبل عقلي يطيش .. وقبل قلبي يلين
القدر حكم ربي .. والسنن ماضيات
وابن ادم يغره كل عجف و سمين
لو تبصر عبرها .. لو نظر فالعضات
كانت احلى صورها في عيونه تشين
جعل عودٍ تسجى وسط ذيك العبات
واندفن عقب موته بين لبن وطين
يلقى عقبى جهاده ..عيضته والنجات
والجنان الوساع وصحبة الخالدين
يا رفيق المساجد .. يا حبيب الصلاة
يا دعاء الحناجر .. يادموع الحنين
يا جميل المحيا .. يا كريم الصفات
يا شموخ المنائر .. وانكسار السنين
ياسحابة سماهم .. يا طلوع النبات
يا اسد وسط غابه ضاع عنه العرين
يا معاقٍ تحدى كبرياء الطغات
يابقايا الصحابة يوم بدر وحنين
كل مجد ومكانه ..في عيونك فتات
وكل ذكرٍ وسجده في فؤادك ثمين
انت في يد اطفال الحجارة حصاة
وانت نهج وحكاية لاهلك الصامدين
لاهل غزة ..امير .. يا امير الغزاة
يا جنين الكرامة .. و كرامة جِنين
علم اهل السياسة والكراسي الثِبات
ان كرسي اعاقة .. كاد بالمعتدين
وان حماس الجهاد يصنع المعجزات
وان ذل العرب من هود مستعربين
وعلم اهل السياسة كيف الاربع جهات
تبكي من موت مؤمن في فؤاده يقين
يالله اغفر ذنوبه .. واسقي ذاك الرفات
في جنان وسيعه .. لذة الشاربين
واسالك بالشهاده .. واسالك بالثبات
قبل عقلي يطيش .. وقبل قلبي يلين(564/1)
قصيدة ابن زيدون
1. أضحى التنائي بديلاً من تدانينا === وحادث الدهر بالتفريق يثنينا
2. إنا لبسنا الضنا بعد انتزاحهم === ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلين
3. نكاد حين تناجيكم ضمائرنا === يقضي علينا الأسى لولا تآسينا
4. إن الزمان الذي ما زال يضحكنا === أنسا بقربكم قد عاد يبكينا
5. وقد نكون وما يخشى تفرقنا === فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا
6. لا نملك الدمع والأحزان تملكنا === والهم صيّر طيب العيش غسلينا
7. يا ليت شعري ولم يُسعد أعادينا === هل نال حظاً من العتبى أعادينا
8. لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم === رأياً ولم نتقلد غيره دينا
9. كنا نرى اليأس تسلينا عوارضه === وقد يئسنا فما لليأس يغرينا
10. حالت لفقدكم أيامنا فغدت === سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
11. ليسق عهد السرور عهدكم فما=== كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
12. لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا === أن طالما غير النأي المحبينا
13. والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً === منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
14. ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا === من لو على البعد حيا كان يحينا
15. إن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم === ففي الجنان سنلقاكم ويكفينا
16. عليك منا سلام الله ما بقيت === صبابة بك نذكيها فتحيينا
17. تكاد حين تناجيكم ضمائرنا * يقضي علينا الأسى لو لا تأسينا
18. حالت لبعدكم أيامنا فغدت * سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
19. من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم * ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلينا
20. إن الزمان الذي قد كان يضحكنا * أنسا بقربكم قد كان يبكينا
21. فانحل ما كان معقودا بأنفسنا * وانبت ما كان موصولا بأيدينا
22. بالأمس كنا وما يخشى تفرقنا * واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا
23. لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا * إذ طالما غير النأي المحبينا
24. والله ما طلبت أرواحنا بدلا * عنكم ولا انصرفت فيكم أمانينا(565/1)
خمسون بيتاً )) في (( إسلام رافضي )) .. !! ]
الكاتب : [ الواضح ] 31-08-1999 01:46 PM خاص بالمشرف
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد :
فبين آونة وأختها أسمع من ثقات عن إسلام رافضي وتركه لدين
الشرك والكفر .. والمهتدون منهم قليل .. بل قليل جداً ..
فقلت في زمن ٍ مضى أبياتاً على لسان أحدهم يحكي فيها بعض واقعه السابق ويذكر فيها نعمة الهداية للإسلام ..!!
ولعل المعاني تجبر بعض كسور المباني فيها ..!!
ــــــــــــــــــــــــــــ
(( إسلام رافضي ))
لماذا أصر على مذهبي *** وبطلانه واضح للعيان
وماذا أقول لخير نبي *** إذا الأمر يوم القيامة بان
إذا قال تشتم أهل النبي *** أزواجه الطاهرات الحسان
وتلعن دوماً بلا سبب ِ *** أصحابه ذوا التقى والجنان
وتعبد قبراً بلا طلبي *** وترجوا إجابته والأمان
وتزعم أنك منّي وبي *** وأنك منّي أخذت الأمان
وتنسب لي كل زور وبي *** تعضّد ديناً ضلاله بان
تعضّد دين الروافض بي *** وتغري ذوي الجهل والإفتتان
وتسند للآل كفراً جبي *** وأقوال بهت ورأي الهوان
وتقضي الحياة بذاالكذبي *** وصدق الحديث لديك مهان
وهذي الجنان بلا تعبي *** وصك نجاتك لعن فلان
ولذة نفسك والطربي *** بجلد العفيفة كيما تهان
أتؤذي نبيك خير نبي *** بلعن الشريفة ذات المكان
أتؤذي نبيك خير نبي *** بتكفير أزواجه في الجنان
تعادي النبي وآل النبي *** باسم المحبة والميلان
وحبك عار عليهم وذي *** شهادة حق وصدق تصان
إذ الآل قاموا لذاالسببي *** بنبذ الروافض بعد البيان
وقالوا الصحيح بلا نصبي *** قتل الروافض قطع اليدان
وهذا المثبت في الكتبي *** وكتب الروافض فيها تدان
فماذاأجاوب هذا النبي *** وزادي وديني هما هذيان
وكيف أواجه وجه النبي *** وأصحابه عندنا كافران
وماذا أدافع عند النبي *** وقد قال حقاً وصدقاً أبان
وكيف النجاة من العطبي *** ووقت الهداية ولى وكان(566/1)
أيا نفس توبي ولا تلعبي *** ولا تتبعي آيةً فِ إيران
ولا تتبعي آية عربي *** فكلهمُ للحقيقة خان
وكفي عن الغيّ لا تُحرقي *** فكفر وجهل هما شائعان
وحب المناصب والرتبي *** وحب الدراهم فالعذر..بان
عقول تقاد بلا تعب ِ *** بنهر من الزور بل فيضان
بحور تساق لذهن غبي *** وتسكب فيه من الأذنان
وتشحن فيه مع الغضبي *** وتمييزه قد عفاه الزمان
أيا نفس توبي ولا تلعبي *** وحسبي الحقيقة ربي هدان
وحسبي الهداية لا تقربي *** دين الروافض كفر وزان
نفاق صريح فلا تحسبي *** بأن الديانة شيء يهان
فتقيتهم كذب عجبي *** من الزور يكسى لباساً حسان
برئت إلى الله من مذهبي *** وهاجرت لله ذي الإمتنان
وصيرت وقتي لمن برّ بي *** وأعلنت أني وليدٌ لآِن
وصرت أقول لمن مرّ بي *** في كل ربع وفي كل آن
لماذا أصر على مذهبي *** وبطلانه واضح للعيان
وأحمد ربي وذا واجبي *** فربي رؤوف رحيم هدان
لقد كان في دينهم عطبي *** وفيه الهلاك وفيه الهوان
وفيه الشقاوة والكربي *** وكل فساد حواه وصان
وفيه الخساسة كالجربي *** تغذى وتعلوا مقاماً وشان
وفيه الخيانة والسلبي *** وخمساً يغذي شرار الزمان
وفيه اللئامة والكذبي *** حليباً يغذى به التابعان
حماراليهودي هو الرافضي *** وأحمد ربي الذي قد هدان
فقد كدت أهلك في مشربي *** وأغرق لولا سماعي الأذان
أذان الهداية يأخذ بي *** وينقلني للهدى والأمان
شمس الهداية لا تغربي *** أشعي علىالكون نور البيان
وقولوا لمن حلّ في يثرب *** صلاة سلاماً هما الأكملان
ورضواعلى كل صحب النبي *** وأزواجه وزد الصاحبان
اللهم صلّ وسلّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه
وأصحابه أجمعين ..(566/2)
طلب العلم والحرص عليه
قصيدة أبي إسحاق الألبيريى والتي يوصي فيها ابنه بطلب العلم والحرص عليه وهى من أجمل ما ألف في هذا الباب ..
قال رحمه الله تعالى: ... ... ...
... ... ... ... ... ...
تفت فؤادك الأيام فتا ... ... وتنحت جسمك الساعات نحتا ...
وتدعوك المنون دعاء صدق ... ... ألا يا صاح أنت أريد أنتا ...
أراك تحب عرسا ذات خدر ... ... أبتَّ طلاقها الأكياس بتا ...
تنام الدهر ويحك في غطيط ... ... بها حتى إذا مت انتبهتا ...
فكم ذا أنت مخدوع وحتى ... ... متى لا ترعوي عنها وحتى ...
أبا بكر دعوتك لو أجبتا ... ... إلى ما فيه حظك لو عقلتا ...
إلى علم تكون به إماما ... ... مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا ...
ويجلو ما بعينك من غشاها ... ... ويهديك الطرق إذا ضللتا ...
وتحمل منه في ناديك تاجا ... ... ويكسوك الجمال إذا عريتا ...
ينالك نفعه ما دمت حيا ... ... ويبقى ذكره لك إن ذهبتا ...
هو العضب المهند ليس ينبو ... ... تصيب به مقاتل من أردتا ...
وكنز لا تخاف عليه لصا ... ... خفيف الحمل يوجد حيث كنتا ...
يزيد بكثرة الإنفاق منه ... ... وينقص إن به كفا شددتا ...
فلو قد ذقت من حلواه طعما ... ... لآثرت التعلم واجتهدتا ...
ولم يشغلك عنه هوى مطاعٌ ... ... ولا دنيا بزخرفها فُتنتا ...
ولا ألهاك عنه أنيق روضٍ ... ... ولا دنيا بزينتها كلفتا ...
فقوت الروح أرواح المعاني ... ... وليس بأن طعمت ولا شربتا ...
فواظبه وخذ بالجد فيه ... ... فإن أعطاكه الله انتفعتا ...
وإن أعطيت فيه طويل باعٍ ... ... وقال الناس إنك قد علمتا ...
فلا تأمن سؤال الله عنه ... ... بتوبيخ : علمتَ فما عملتا ...
فرأس العلم تقوى الله حقا ... ... وليس بأن يقال لقد رأستا ...
وأفضل ثوبك الإحسان لكن ... ... نرى ثوب الإساءة قد لبستا ...
إذا ما لم يفدك العلم خيرا ... ... فخير منه أن لو قد جهلتا ...
وإن ألقاك فهمك في مهاوٍ ... ... فليتك ثم ليتك ما فهمتا ...
ستجني من ثمار العجز جهلا ... ... وتصغر في العيون إذا كبرتا ...
وتُفقد إن جهلت وأنت باق ... ... وتوجد إن علمت ولو فُقدتا ...
وتذكر قولتي لك بعد حين ... ... إذا حقا بها يوما عملتا ...
وإن أهملتها ونبذت نصحا ... ... وملت إلى حطام قد جمعتا ...(567/1)
فسوف تعض من ندم عليها ... ... وما تغني الندامة إن ندمتا ...
إذا أبصرت صحبك في سماء ... ... قد ارتفعوا عليك وقد سفلتا ...
فراجعها ودع عنك الهوينى ... ... فما بالبطء تدرك ما طلبتا ...
ولا تختَل بمالك والهُ عنه ... ... فليس المال إلا ما علمتا ...
وليس لجاهل في الناس مغن ... ... ولو مُلك العراق له تأتا ...
سينطق عنك علمك في ملاءٍ ... ... ويكتب عنك يوما إن كتمتا ...
وما يغنيك تشييد المباني ... ... إذا بالجهل نفسك قد هدمتا ...
جعلت المال فوق العلم جهلا ... ... لعمرك في القضية ما عدلتا ...
وبينهما بنص الوحي بون ... ... ستعلمه إذا طه قرأتا ...
لئن رفع الغني لواء مال ... ... لأنت لواء علمك قد رفعتا ...
لئن جلس الغني على الحشايا ... ... لأنت على الكواكب قد جلستا ...
وإن ركب الجياد مسومات ... ... لأنت مناهج التقوى ركبتا ...
ومهما افتض أبكار الغواني ... ... فكم بكر من الحِكم افتضضتا ...
وليس يضرك الإقتار شيئا ... ... إذا ما أنت ربك قد عرفتا ...
فماذا عنده لك من جميل ... ... إذا بفناء طاعته أنختا ...
فقابل بالقبول لنصح قولي ... ... فإن أعرضت عنه فقد خسرتا ...
وإن راعيته قولا وفعلا ... ... وتاجرت الإله به ربحتا ...
فليست هذه الدنيا بشيءٍ ... ... تسوؤك حقبة وتسر وقتا ...
وغايتها إذا فكرت فيها ... ... كفيئك أو كحلمك إذ حلُمتا ...
سجنتَ بها وأنت لها محب ... ... فكيف تحب ما فيه سجنتا ...
وتطعمك الطعام وعن قريب ... ... ستطعم منك ما فيها طعمتا ...
وتعرى إن لبست بها ثيابا ... ... وتكسى إن ملابسها خلعتا ...
وتشهد كل يوم دفن خل ... ... كأنك لا تراد لما شهدتا ...
ولم تخلق لتعمرها ولكن ... ... لتعبرها فجد لما خلقتا ...
وإن هدمت فزدها أنت هدما ... ... وحصن أمر دينك ما استطعتا ...
ولا تحزن على ما فات منها ... ... إذا ما أنت في أخراك فزتا ...
فليس بنافع ما نلت منها ... ... من الفاني إذا الباقي حرمتا ...
ولا تضحك مع السفهاء يوما ... ... فإنك سوف تبكي إن ضحكتا ...
ومن لك بالسرور وأنت رهن ... ... وما تدري أتُفدى أم غللتا ...
وسل من ربك التوفيق فيها ... ... وأخلص في السؤال إذا سألتا ...
وناد إذا سجدت له اعترافا ... ... بما نادا ذو النون ابن متى ...(567/2)
ولازم بابه قرعا عساه ... ... سيفتح بابه لك إن قرعتا ...
وأكثر ذكره في الأرض دأبا ... ... لتُذكر في السماء إذا ذكرتا ...
ولا تقل الصبا فيه امتهال ... ... ونكر كم صغير قد دفنتا ...
وقل يا ناصحي بل أنت أولى ... ... بنصحك لو لفعلك قد نظرتا ...
تقطعني على التفريط لوما ... ... وبالتفريط دهرك قد قطعتا ...
وفي صغري تخوفني المنايا ... ... وما تدري بحالك حيث شختا ...
وكنت مع الصبا أهدى سبيلا ... ... فما لك بعد شيبك قد نكثتا ...
وها أنا لم أخض بحر الخطايا ... ... كما قد خضته حتى غرقتا ...
ولم أشرب حُميا أم دفرٍ ... ... وأنت شربتها حتى سكرتا ...
ولم أنشأ بعصر فيه نفع ... ... وأنت نشأت فيه وما انتفعتا ...
ولم أحلل بواد فيه ظلم ... ... وأنت حللت فيه وانتهكتا ...
لقد صاحبتَ أعلاما كبارا ... ... ولم أرك اقتديت بمن صحبتا ...
وناداك الكتاب فلم تجبه ... ... ونبهك المشيب فما انتبهتا ...
ويقبح بالفتى فعل التصابي ... ... وأقبح منه شيخ قد تفتا ...
ونفسك ذم لا تذمم سواها ... ... لعيب فهي أجدر من ذممتا ...
وأنت أحق بالتفنيد من ... ... ولو كنت اللبيب لما نطقتا ...
ولو بكت الدما عيناك خوفا ... ... لذنبك لم أقل لك قد أمنتا ...
ومن لك بالأمان وأنت عبد ... ... أُمرت فما ائتمرت ولا أطعتا ...
ثقلت من الذنوب ولست تخشى ... ... لجهلك أن تخف إذا وزنتا ...
وتشفق للمصر على المعاصي ... ... وترحمه ونفسك ما رحمتا ...
رجعت القهقرى وخبطت عشوى ... ... لعمرك لو وصلت لما رجعتا ...
ولو وافيت ربك دون ذنب ... ... ونوقشت الحساب إذاً هلكتا ...
ولم يظلمك في عمل ولكن ... ... عسير أن تقوم بما حملتا ...
ولو قد جئت يوم الحشر فردا ... ... وأبصرت المنازل فيه شتى ...
لأعظمت الندامة فيه لهفا ... ... على ما في حيتك قد أضعتا ...
تفر من الهجير وتتقيه ... ... فهلا من جهنم قد فررتا ...
ولست تطيق أهونها عذابا ... ... ولو كنت الحديد به لذبتا ...
ولا تنكر فإن الأمر جد ... ... وليس كما حسبت ولا ظننتا ...
أبا بكر كشفت أقل عيبي ... ... وأكثره ومعظمه سترتا ...
فقل ما شئت في من المخازي ... ... وضاعفها فإنك قد صدقتا ...
ومهما عبتني فلفرط علمي ... ... بباطنه كأنك قد مدحتا ...(567/3)
فلا ترض المعايب فهو عار ... ... عظيم يورث المحبوب مقتا ...
وتهوي بالوجيه من الثريا ... ... ويبدله مكان الفوق تحتا ...
كما الطاعات تبلك الدراري ... ... وتجعلك القريب وإن بعدتا ...
وتنشر عنك في الدنيا جميلا ... ... وتلقى البر فيها حيث شئتا ...
وتمشي في مناكبها عزيزا ... ... وتجني الحمد فيما قد غرستا ...
وأنت ان لم تُعرف بعيبٍ ... ... ولا دنست ثوبك مذ نشأتا ...
ولا سابقت في ميدان زورٍ ... ... ولا أوضعتَ فيه ولا خببتا ...
فإن لم تنأ عنه نشبت فيه ... ... ومن لك بالخلاص إذا نشبتا ...
تدنس ما تطهر منك حتى ... ... كأنك قبل ذلك ما طهرتا ...
وصرت أسير ذنبك في وثاق ... ... وكيف لك الفكاك وقد أُسرتا ...
فخف أبناء جنسك واخش منهم ... ... كما تخشى الضراغم والسبنتا ...
وخالطهم وزايلهم حِذارا ... ... وكن كالسامري إذا لُمستا ...
وإن جهلوا عليك فقل سلام ... ... لعلك سوف تسلم إن فعلتا ...
ومن لك بالسلامة في زمان ... ... تنال العصم إلا إن عصمتا ...
ولا تلبث بحي فيه ضيمٌ ... ... يميت القلب إلا إن كُبلتا ...
وغرب فالتغرب فيه خير ... ... وشرق إن بريقك قد شرقتا ...
فليس الزهد في الدنيا خمولا ... ... لأنت بها الأمير إذا زهدتا ...
ولو فوق الأمير تكون فيها ... ... سموا وارتفاعا كنت أنتا ...
فإن فارقتها وخرجت منها ... ... إلى دار السلام فقد سلمتا ...
وإن أكرمتها ونظرت فيها ... ... لإكرام فنفسك قد أهنتا ...
جمعتُ لك النصائح فامتثلها ... ... حياتك فهي أفضل ما امتثلتا ...
وطولتُ العتاب وزدت فيه ... ... لأنك في البطالة قد أطلتا ...
ولا يغررك تقصيري وسهوي ... ... وخذ بوصيتي لك إن رشدتا ...
وقد أردفتها تسعا حسانا ... ... وكانت قبل ذا مائة وستا ...
وصلى على تمام الرسل ربي ... ... وعترته الكريمة ما ذكرتا ...(567/4)
قصيدة البردة للإمام البوصيري رحمه الله
الفصل الأول : في الغزل وشكوى الغرام
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
أمن تذكر جيرانٍ بذى سلمٍ ... مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بدمِ
أَمْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ ... وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضمِ
فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتا ... وما لقلبك إن قلت استفق يهمِ
أيحسب الصب أن الحب منكتمٌ ... ما بين منسجم منه ومضطرمِ
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ... ولا أرقت لذكر البانِ والعلمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت ... به عليك عدول الدمع والسقمِ
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضنى ... مثل البهار على خديك والعنمِ
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني ... والحب يعترض اللذات بالألمِ
يا لائمي في الهوى العذري معذرة ... مني إليك ولو أنصفت لم تلمِ
عدتك حالي لا سري بمستترٍ ... عن الوشاة ولا دائي بمنحسمِ
محضتني النصح لكن لست أسمعهُ ... إن المحب عن العذال في صممِ
إنى اتهمت نصيح الشيب في عذلي ... والشيب أبعد في نصح عن التهتمِ
الفصل الثاني : في التحذير من هوى النفس
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظت ... من جهلها بنذير الشيب والهرمِ
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى ... ضيف ألم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره ... كتمت سراً بدا لي منه بالكتمِ
من لي برِّ جماحٍ من غوايتها ... كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجُمِ
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها ... إن الطعام يقوي شهوة النَّهمِ
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ على ... حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطمِ
فاصرف هواها وحاذر أن توليه ... إن الهوى ما تولى يصم أو يصمِ
وراعها وهي في الأعمالِ سائمةٌ ... وإن هي استحلت المرعى فلا تسمِ
كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلةً ... من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسمِ
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع ... فرب مخمصةٍ شر من التخمِ
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت ... من المحارم والزم حمية الندمِ
وخالف النفس والشيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النصح فاتَّهِمِ(568/1)
ولا تطع منهما خصماً ولا حكماً ... فأنت تعرف كيد الخصم والحكمِ
أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ ... لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقُمِ
أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت به ... وما استقمت فما قولى لك استقمِ
ولا تزودت قبل الموت نافلةً ... ولم أصل سوى فرض ولم اصمِ
الفصل الثالث : في مدح سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم http://www.alnabee.com/Saound/burda_3.ram
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى ... أن اشتكت قدماه الضر من ورمِ
وشدَّ من سغب أحشاءه وطوى ... تحت الحجارة كشحاً مترف الأدمِ
وراودته الجبال الشم من ذهبٍ ... عن نفسه فأراها أيما شممِ
وأكدت زهده فيها ضرورته ... إن الضرورة لا تعدو على العصمِ
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من ... لولاه لم تخرج الدنيا من العدمِ
محمد سيد الكونين والثقليـ ... ـن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ ... أبر في قولِ لا منه ولا نعمِ
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته ... لكل هولٍ من الأهوال مقتحمِ
دعا إلى الله فالمستسكون به ... مستمسكون بحبلٍ غير منفصمِ
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ ... ولم يدانوه في علمٍ ولا كرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ ... غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم ... من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ
فهو الذي تم معناه وصورته ... ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسمِ
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه ... فجوهر الحسن فيه غير منقسمِ
دع ما ادعثه النصارى في نبيهم ... واحكم بماشئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ
فإن فضل رسول الله ليس له ... حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفمِ
لو ناسبت قدره آياته عظماً ... أحيا اسمه حين يدعى دارس الرممِ
لم يمتحنا بما تعيا العقول به ... حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهمِ
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى ... في القرب والبعد فيه غير منفحمِ
كالشمس تظهر للعينين من بعُدٍ ... صغيرةً وتكل الطرف من أممِ(568/2)
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته ... قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلمِ
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ ... وأنه خير خلق الله كلهمِ
وكل آيٍ أتى الرسل الكرام بها ... فإنما اتصلت من نوره بهمِ
فإنه شمس فضلٍ هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للناس في الظلمِ
أكرم بخلق نبيّ زانه خلقٌ ... بالحسن مشتمل بالبشر متسمِ
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ ... والبحر في كرمٍ والدهر في هممِ
كانه وهو فردٌ من جلالته ... في عسكر حين تلقاه وفي حشمِ
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ ... من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمهُ ... طوبى لمنتشقٍ منه وملتثمِ
الفصل الرابع : في مولده عليه الصلاة والسلام
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
أبان موالده عن طيب عنصره ... يا طيب مبتدأ منه ومختتمِ
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهمُ ... قد أنذروا بحلول البؤْس والنقمِ
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ ... كشمل أصحاب كسرى غير ملتئمِ
والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ ... عليه والنهر ساهي العين من سدمِ
وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتها ... ورُد واردها بالغيظ حين ظمي
كأن بالنار ما بالماء من بلل ... حزناً وبالماء ما بالنار من ضرمِ
والجن تهتف والأنوار ساطعةٌ ... والحق يظهر من معنى ومن كلمِ
عموا وصموا فإعلان البشائر لم ... تسمع وبارقة الإنذار لم تُشَمِ
من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُمْ ... بأن دينهم المعوجَّ لم يقمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب ... منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ
حتى غدا عن طريق الوحى منهزمٌ ... من الشياطين يقفو إثر منهزمِ
كأنهم هرباً أبطال أبرهةٍ ... أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمىِ
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهما ... نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقمِ
الفصل الخامس : في معجزاته صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدةً ... تمشى إليه على ساقٍ بلا قدمِ
كأنَّما سطرت سطراً لما كتبت ... فروعها من بديع الخطِّ في اللقمِ
مثل الغمامة أنَّى سار سائرة ... تقيه حر وطيسٍ للهجير حَمِ(568/3)
أقسمت بالقمر المنشق إن له ... من قلبه نسبةً مبرورة القسمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرمٍ ... وكل طرفٍ من الكفار عنه عمِ
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يرما ... وهم يقولون ما بالغار من أرمِ
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على ... خير البرية لم تنسج ولم تحمِ
وقاية الله أغنت عن مضاعفةٍ ... من الدروع وعن عالٍ من الأطُمِ
ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به ... إلا ونلت جواراً منه لم يضمِ
ولا التمست غنى الدارين من يده ... إلا استلمت الندى من خير مستلمِ
لا تنكر الوحي من رؤياه إن له ... قلباً إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغٍ من نبوته ... فليس ينكر فيه حال محتلمِ
تبارك الله ما وحيٌ بمكتسبٍ ... ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهمِ
كم أبرأت وصباً باللمس راحته ... وأطلقت أرباً من ربقة اللممِ
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوته ... حتى حكت غرة في الأعصر الدهمِ
بعارضٍ جاد أو خلت البطاح بها ... سيبٌ من اليم أو سيلٌ من العرمِ
الفصل السادس : في شرف القرآن ومدحه http://www.alnabee.com/Saound/burda_6.ram
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
دعني ووصفي آيات له ظهرت ... ظهور نار القرى ليلاً على علمِ
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظمٌ ... وليس ينقص قدراً غير منتظمِ
فما تطاول آمال المديح إلى ... ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيمِ
آيات حق من الرحمن محدثةٌ ... قديمةٌ صفة الموصوف بالقدمِ
لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنا ... عن المعادِ وعن عادٍ وعن إِرَمِ
دامت لدينا ففاقت كلَّ معجزةٍ ... من النبيين إذ جاءت ولم تدمِ
محكّماتٌ فما تبقين من شبهٍ ... لذى شقاقٍ وما تبغين من حكمِ
ما حوربت قط إلا عاد من حَرَبٍ ... أعدى الأعادي إليها ملقي السلمِ
ردَّتْ بلاغتها دعوى معارضها ... ردَّ الغيور يد الجاني عن الحرمِ
لها معانٍ كموج البحر في مددٍ ... وفوق جوهره في الحسن والقيمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الإكثار بالسأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلت له ... لقد ظفرت بحبل الله فاعتصمِ(568/4)
إن تتلها خيفةً من حر نار لظى ... أطفأت حر لظى من وردها الشمِ
كأنها الحوض تبيض الوجوه به ... من العصاة وقد جاؤوه كالحممِ
وكالصراط وكالميزان معدلةً ... فالقسط من غيرها في الناس لم يقمِ
لا تعجبن لحسودٍ راح ينكرها ... تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهمِ
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماءِ من سقمِ
الفصل السابع : في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم http://www.alnabee.com/Saound/burda_7.ram
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
يا خير من يمم العافون ساحته ... سعياً وفوق متون الأينق الرسمِ
ومن هو الآية الكبرى لمعتبرٍ ... ومن هو النعمةُ العظمى لمغتنمِ
سريت من حرمٍ ليلاً إلى حرمٍ ... كما سرى البدر في داجٍ من الظلمِ
وبت ترقى إلى أن نلت منزلةً ... من قاب قوسين لم تدرك ولم ترمِ
وقدمتك جميع الأنبياء بها ... والرسل تقديم مخدومٍ على خدمِ
وأنت تخترق السبع الطباق بهم ... في مركب كنت فيه صاحب العلمِ
حتى إذا لم تدع شأواً لمستبقٍ ... من الدنوِّ ولا مرقى لمستنمِ
خفضت كل مقامٍ بالإضافة إذ ... نوديت بالرفع مثل المفردِ العلمِ
كيما تفوز بوصلٍ أي مستترٍ ... عن العيون وسرٍ أي مكتتمِ
فحزت كل فخارٍ غير مشتركٍ ... وجزت كل مقامٍ غير مزدحمِ
وجل مقدار ما وليت من رتبٍ ... وعز إدراك ما أوليت من نعمِ
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا ... من العناية ركناً غير منهدمِ
لما دعا الله داعينا لطاعته ... بأكرم الرسل كنا أكرم الأممِ
الفصل الثامن : في جهاد النبي صلى الله عليه وسلم http://www.alnabee.com/Saound/burda_8.ram
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
راعت قلوب العدا أنباء بعثته ... كنبأة أجفلت غفلا من الغنمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتركٍ ... حتى حكوا بالقنا لحماً على وضمِ
ودوا الفرار فكادوا يغبطون به ... أشلاءَ شالت مع العقبان والرخمِ
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها ... ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُمِ
كأنما الدين ضيفٌ حل ساحتهم ... بكل قرمٍ إلى لحم العدا قرمِ(568/5)
يجر بحر خميسٍ فوق سابحةٍ ... يرمى بموجٍ من الأبطال ملتطمِ
من كل منتدب لله محتسبٍ ... يسطو بمستأصلٍ للكفر مصطلمِ
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم ... من بعد غربتها موصولة الرحمِ
مكفولةً أبداً منهم بخير أبٍ ... وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم ... ماذا رأى منهم في كل مصطدمِ
وسل حنيناً وسل بدراً وسل أُحداً ... فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ
المصدري البيض حمراً بعد ما وردت ... من العدا كل مسودٍ من اللممِ
والكاتبين بسمر الخط ما تركت ... أقلامهم حرف جسمٍ غير منعجمِ
شاكي السلاح لهم سيما تميزهم ... والورد يمتاز بالسيما عن السلمِ
تهدى إليك رياح النصر نشرهم ... فتحسب الزهر في الأكمام كل كمِ
كأنهم في ظهور الخيل نبت رباً ... من شدة الحَزْمِ لا من شدة الحُزُمِ
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقاً ... فما تفرق بين الْبَهْمِ وألْبُهُمِ
ومن تكن برسول الله نصرته ... إن تلقه الأسد فى آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصرٍ ... به ولا من عدوّ غير منفصمِ
أحل أمته في حرز ملته ... كالليث حل مع الأشبال في أجمِ
كم جدلت كلمات الله من جدلٍ ... فيه وكم خصم البرهان من خصمِ
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ معجزةً ... في الجاهلية والتأديب في اليتمِ
الفصل التاسع : في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
مولاي صلي وسلم دائماً أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
خدمته بمديحٍ استقيل به ... ذنوب عمرٍ مضى في الشعر والخدمِ
إذ قلداني ما تخشي عواقبه ... كأنَّني بهما هديٌ من النعمِ
أطعت غي الصبا في الحالتين وما ... حصلت إلا على الآثام والندمِ
فياخسارة نفسٍ في تجارتها ... لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسمِ
ومن يبع آجلاً منه بعاجلهِ ... يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي سلمِ
إن آت ذنباً فما عهدي بمنتقض ... من النبي ولا حبلي بمنصرمِ
فإن لي ذمةً منه بتسميتي ... محمداً وهو أوفى الخلق بالذممِ
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدى ... فضلاً وإلا فقل يا زلة القدمِ
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه ... أو يرجع الجار منه غير محترمِ(568/6)
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه ... وجدته لخلاصي خير ملتزمِ
ولن يفوت الغنى منه يداً تربت ... إن الحيا ينبت الأزهار في الأكمِ
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت ... يدا زهيرٍ بما أثنى على هرمِ
الفصل العاشر : في المناجاة وعرض الحاجات http://www.alnabee.com/Saound/yamani/burdaa_10.rm
يارب بالمصطفى بلغ مقاصدنا ... واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العممِ
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تجلَّى باسم منتقمِ
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلمِ
يا نفس لا تقنطي من زلةٍ عظمت ... إن الكبائر في الغفران كاللممِ
لعل رحمة ربي حين يقسمها ... تأتي على حسب العصيان في القسمِ
يارب واجعل رجائي غير منعكسٍ ... لديك واجعل حسابي غير منخرمِ
والطف بعبدك في الدارين إن له ... صبراً متى تدعه الأهوال ينهزمِ
وائذن لسحب صلاةٍ منك دائمةٍ ... على النبي بمنهلٍ ومنسجمِ
ما رنّحت عذبات البان ريح صباً ... وأطرب العيس حادي العيس بالنغمِ
ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمرٍ ... وعن عليٍ وعن عثمان ذي الكرمِ
والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهم ... أهل التقى والنقا والحلم والكرمِ
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا ... واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهي لكل المسلمين بما ... يتلوه في المسجد الأقصى وفي الحرم
بجاه من بيته في طيبةٍ حرمٌ ... واسمُهُ قسمٌ من أعظم القسم
وهذه بُردةُ المُختار قد خُتمت ... والحمد لله في بدء وفي ختم
أبياتها قد أتت ستين مع مائةٍ ... فرِّج بها كربنا يا واسع الكرم
فاحفظ بها شيخنا يا واسع الكرم ... فاحفظ بها شيخنا يا واسع الكرم(568/7)
قصيدة التحدي
للشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
أحيوا ضمائركم أما بقيت ضمائر فتجارة الأوطان من كبرى الكبائر
عودوا إلى أطفال غزة تسمعوا عن مولد الأصباح من رحم الدياجر
عودوا إلى القسام يسلخ من ظلام الليل بالأكفان مجداً للأواخر
ونراه يغزل في الدجى المسكون بالآهات من خيط الأصيل مدى الخناجر
عودوا إلى المشلول ياسين العلا بحماسه دارت على البغي الدوائر
من جوف بطن النون يهتف غاضباً لا سلم أو يجلو عن الأقصى الكوافر
عودوا إلى الخنساء تكظم غيظها لتثور بركاناً يزلزل كل خائر
عودوا إلى الرشاش تخضله اللحى بخنادق الإخوان بصور باهر
عودوا إلى يبنا إلى يافا إلى بيسان ترقب من يزف لها البشائر
للمجدل المحزون يسكب في الدجى عبراته الحرّى على أطلال عاقر
لجبالنا الشماء ترفع هامها لمروجنا الخضراء تنتظر الحرائر
عودوا إلى آثارها آبارنا أشجارنا الخضراء تنتظر الحرائر
عودوا إلى مرج الزهور لتعلموا أن المبادئ لا تذل إلى مكابر
يا زمرة الأقزام كيف ترونها أرضاً بلا شعب فتعساً للمغائر
فلمن فلسطين الرباط ومن له المسرى وحتى النصر أين وأين ثائر
أين الشعارات التي قد ظللت منا الألوف وزيفت فيض المشاعر
كم أزكمت منا الأنوف ترى وكم قد بح من فرط النباح بها حناجر
النصر آت !!! أين هو ؟ فالعين لا تعمى ولكن يا لها تعمى البصائر
فالنصر يهدى للتقاة تفضلاً والله لا يُعلى سنام النصر فاجر
يا أيها المهزوم لم يسلم لنا وطن ولا بقيت تلملمنا أوامر
لكنني والحق يشهد أنني آبي القنوط فذاك من شيم الكوافر
فغدا تعود لنا الديار تبثنا أشواقها ونقيل في ظل البيادر(569/1)
قصيدة الحجرة النبوية الشريفة
للسلطان عبد الحميد خان بن السلطان أحمد خان عام 1191هـ
نقشت على الحجرة النبوية الشريفة
وأنت سر الندى يا خير معتمد
وأنت هادي الورى لله ذي المدد
للواحد الفرد لم يولد ولم يلد
من إصبعيه فروّي الجيش ذا العدد
أقول ياسيد السادات ياسندي
وامنن علي بمالا كان في خلدي
واستربفضلك تقصيري مدى الأمد
فإنني عنك يا مولاي لم أحدِ
رقَى السموات سرالواحد الأحد
فمثله في جميع الخلق لم أجد
ذخر الأنام وهاديهم إلى الرشد
هذا الذي هو ظني ومعتقدي
وحبه عند رب العرش مستندي
مع السلام بلا حصر ولا عدد
بحر السماح وأهل الجود والمدد ... فأنت نور الهدى في كل كائنة
وأنت حقا غياث الخلق أجمعهم
يامن يقوم مقام الحمد منفردا
يا من تفجرت الأنهار نابعة
إني إذا سامني ضيم يروعني
كن لي شفيعا إلىالرحمن من زللي
وانظر بعين الرضا لي دائما أبداً
واعطف علي بعفوٍ منك يشملني
إني توسلت بالمختار أشرف من
رب الجمال تعالى الله خالقه
خير الخلائق أعلى المرسلين ذُرىَ
به التجأتُ لعل الله يغفر لي
فمدحه لم يزل دأبي مدى عمري
عليه أزكى صلاة لم تزل أبدا
والآل والصحب أهل المجد قاطبة ...(570/1)
قصيدة الحسناء / البحتري الطائي
يا من رأى البركةَ الحسناءَ رُؤيتَهُا.... والآنساتِ إذا لاحتْ مَغانِيها
يَحسَبُهَا أنها مِن فَضْلِ رُتْبَتِها .... تُعدُّ واحدةً و البحرُ ثانيها
ما بالُ دجلَة كالغَيْرَى تُنافسها .... في الحُسنِ طَوْرَاً و أطواراً تُباهيها
كأنَّ جِنَّ سُليمانَ الذين وُلوُا .... إبداعها فأدَّقوا في معانيها
تَنصبّ فيها وفودُ الماءِ مُعْجِلَةً .... كالخيل خارجة من حبل مجُريها
كأَنَّما الفضةُ البيضاءُ سائلةً .... من السبائكِ تجَرْي في مجاريها
فرَونَقُ الشمسِ أحياناً يُضاحِكُها .... وَرَيِّقُ الغَيثِ أحياناً يُبَاكِيها
إذا النّجومُ تراءَتْ في جوانبها.... ليلاً حَسِبْتَ سماءً رُكِّبَت فيها
لا يبلغُ السَّمَكُ المحصورُ غايتَها .... لِبُعد ما بَين قاصيها و دانيها
صورٌ إلى صورة الدُّلفين يؤنسها .... منه انزواءٌ بعينه يوازيها
مَحفوفةٌ برياضٍ لا تزالُ تَرَى .... ريشَ الطّواويسِ تَحكيها(571/1)
قصيدة السراج المنير
ذكر شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم للدكتور ناصر بن مسفر الزهراني
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي *** وما دروا أن حبي صغته بدمي
استغفر الله ما ليلي بفاتنتي *** ولا سعاد ولا الجيران في أضم
لكن قلبي بنار الشوق مضطرم *** أف لقلب جمود غير مضطرم
منحت حبي خير الناس قاطبة *** برغم من أنفه لا زال في الرغم
يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه *** وأقرأ بربك مبدأ سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها *** على المنائر من عرب ومن عجم
أحيا بك الله أرواحا قد اندثرت *** في تربة الوهم بين الكأس والصنم
نفضت عنها غبار الذل فاتقدت *** وأبدعت وروت ما قلت للأمم
ربيت جيلا أبيا مؤمنا يقظا *** حسو شريعتك الغراء في نهم
محابر وسجلات وأندية *** وأحرف وقواف كن في صمم
فمن أبو بكر قبل الوحي من عمر *** ومن على ومن عثمان ذو الرحم
من خالد من صلاح الدين قبلك *** من مالك ومن النعمان في القمم
من البخاري ومن أهل الصحاح *** ومن سفيان والشافعي الشهم ذو الحكم
من ابن حنبل فينا وابن تيمية *** بل الملايين أهل الفضل والشمم
من نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا*** أنت الإمام لأهل الفضل كلهم
ينام كسرى على الديباج ممتلئ *** كبرا وطوق بالقينات والخدم
لا هم يحمله لا دين يحكمه *** على كؤوس الخنا في ليل منسجم
أما العروبة أشلاء ممزقة *** من التسلط والأهواء والغشم
فجئت يا منقذ الإنسان من *** خطر كالبدر لما يجلي حالك الظلم
أقبلت بالحق يجتث الضلال *** فلا يلقى عدوك إلا علقم الندم
أنت الشجاع إذا الأبطال ذاهلة *** والهندواني في الأعناق واللمم
فكنت أثبتهم قلبا وأوضحهم *** دربا وأبعدهم عن ريبة التهم
بيت من الطين بالقرآن تعمره *** تبا لقصر منيف بات في نغم
طعامك التمر والخبز الشعير *** وما عيناك تعدو إلى اللذات والنعم
تبيت والجوع يلقى فيك بغيته *** إن بات غيرك عبد الشحم والتخم(572/1)
لما أتتك "قم الليل" استجبت لها *** العين تغفو وأما القلب لم ينم
تمسى تناجي الذي أولاك نعمته *** حتى تغلغلت الأورام في القدم
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى *** ودمع عينيك مثل الهاطل العمم
الليل تسهره بالوحي تعمره *** وشيبتك بهود آية "استقم"
تسير وفق مراد الله في ثقة *** ترعاك عين إله حافظ حكم
فوضت أمرك للديان مصطبرا *** بصدق نفس وعزم غير منثلم
ولىّ أبوك عن الدنيا ولم تره *** وأنت مرتهن لا زلت في الرحم
وماتت الأم لمّا أن أنست بها *** ولم تكن حين ولت بالغ الحلم
ومات جدك من بعد الولوع به *** فكنت من بعدهم في ذروة اليتم
فجاء عمك حصنا تستكن به *** فاختاره الموت والأعداء في الأجم
ترمي وتؤذى بأصناف العذاب *** فما رئيت في كوب جبار ومنتقم
حتى على كتفيك الطاهرين رموا *** سلا الجزور بكف المشرك القزم
أما خديجة من أعطتك بهجتها *** وألبستك ثياب العطف والكرم
عدت إلى جنة الباري ورحمته *** فأسلمتك لجرح غير ملتئم
والقلب أفعم من حب لعائشة *** ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي
وشج وجهك ثم الجيش في أحد *** يعود ما بين مقتول ومنهزم
لما رزقت بإبراهيم وامتلأت به *** حياتك بات الأمر كالعدم
ورغم تلك الرزايا والخطوب وما *** رأيت من لوعة كبرى ومن ألم
ما كنت تحمل إلا قلب محتسب *** في عزم متقد في وجه مبتسم
بنيت بالصبر مجدا لا يماثله *** مجد وغيرك عن نهج الرشاد عمى
يا أمة غفلت عن نهجه ومضت *** تهيم من غير لا هدى ولا علم
تعيش في ظلمات التيه دمرها *** ضعف الأخوة والإيمان والهمم
يوم مشرقة يوم مغربة *** تسعى النيل دواء من ذوي سقم
لن تهتدي أمة في غير منهجه *** مهما ارتضت من بديع الرأي والنظم
ملح أجاج سراب خادع خور *** ليست كمثل فرات سائغ طعم
إن اقفرت بلدة من نور سنته *** فطائر السعد لم يهوى ولم يحم
غني فؤادي وذابت أحرفي *** خجلا ممن تألق في تبجيله كلمي
يا ليتني كنت فرد من صاحبته *** أو خادم عنده من أصغر الخدم(572/2)
تجود بالدمع عيني حين أذكره *** أما الفؤاد فللحوض العظيم ظمي
يا رب لا تحرمني من شفاعته *** في موقف مفزع بالهول متسم
ما أعذب الشعر في أجواء سيرته *** أكرم بمبتدأ منه ومختتم
أبدعت ميمية بالحب شاهدة *** أشدوا بها من جوار البيت والحرم
بقدر عمرك ما زادت وما نقصت *** والفضل فيها لرب الجود والكرم
تغنيك رائعتي عن كل رائعة *** مما سيأتي ومما قيل في القدم
لأنها من سليل البيت أنشدها *** لجده في بديع الصوت والنغم
إن كان غيري له من حبكم نسب *** فلي أنا نسب الإيمان والرحم
إن حل في القلب أعلى منك منزلة *** في الحب حاشا إلهي بارئ النسم
فمزق الله شرياني وأوردتي *** ولا مشت بي إلي ما أشتهي قدم(572/3)
قصيدة الشيخ محمد الفراج يعبر عن فرحته بخروج العلماء
القصيده من نظم الشيخ الداعية الشاعر المفوه محمد الفراج والتي يعبر فيها عن فرحته بخروج المشائخ سفر الحوالي وسلمان العوده وناصر العمر حفظ الله علمائنا والتي اعتقل على إثرها وأمضى بضعة أشهر في السجن - جعل الله محنة دعاتنا ذخرا لهم يوم لا ينفع مال ولا بنونه
ولا يفوتنا ان ننوه الى ان الشيخ سعيد بن زعير "حنبلي الصمود و المواقف" لا يزال يقبع في سجون الجزيره العربيه مع ثلة من طلبة العلم، نسأل الله أن يفك أسر الشيخ سعيد بن زعير وكل مسلم موحد أسر ظلما في قبضة الظالمينه ه ه ه
قطع الصمت معلنا ان أمرا ~~~ جللا في الزمان فردا اغرا
حاملا بعد نافذ الصبر بشرى ~~~ ناشرا بعد غاسق الليل فجرا
طاردا في النفوس يأسا أضرا ~~~ منعشا ربعنا الذي كان قفرا
نبأ اطرب الحجاز ونجدا ~~~وفلسطين والعراق ومصرا
ملأ الكون فاستنم سرورا ~~~ وطوى الأرض فهي تهتز بشرا
انا ان قلت فالمقال عزيز ~~~ اعجز الحادث الحديث فعذرا
يذهل اللب واللسان كليل~~~ لا يحير الجواب فالصمت أحرى
وسواء أرحت انشد شعرا~~~ في مرادي وترجع النفس حسرى
سطري يا يراعة العز أمجا~~~ داً وخطي في صفحة النور سطرا
يا شيوخ الهدى سلاما سلاما~~~ وسلاما مع الجديدين كرا
اخلف الله صبركم وجزاكم~~~ ربكم ايها الثلاثة اجرا
وارانا من عزكم ما انتظرنا~~~وعلوتم على السماكين قدرا
يا بن فهد حللت أهلا وسهلا~~~ ولك الحب والتحيات تترا
نحن لا أنت يا إمام المعالي~~~ بدل الله عسرنا اليوم يسرا
حين قرت بك العيون طليقا~~~ وبك الحق قبل ذلك قرا
ما رأيناك مذ عرفناك إلا~~~ هم دين ودمعة منه حرى
غرة في جبيننا وطرازا~~~ووسام به نطاول فخرا
ولشيخ الحجاز ألف سلام~~~ سفرا ظل للفضائل سفرا
سفر في غياهب الجهل مصـ ~~~ـباح إذا جحفل الظلام اكفهرا
أسد في مواقع الحق مقـ~~~ ـدام إذا أحجم الصناديد كرا(573/1)
وفصيح إن احكم القول نثرا~~~وبليغ إن اجزل النظم شعرا
وعزيز يرى المهانة موت~~~ وحجيج له الخصيم أقرا
بكتاب وسنة ودليل~~~ ليس بالراي والقياس المعرى
ولمن تلتقي الفضائل فيه~~~ ناصر زاده المهيمن نصرا
الذي تستحي أعاديه منه~~~ إذا على الصفح والحياء استمرا
مؤمن بربه إذ دعاه~~~مؤمن روع عبده لن يضرا
كلما ابصرت ابا البدر عين~~~من جلال تسبح الله سرا
منطق ساحر ووجه طليق~~~ وضمير لم يطو للخلق شرا
هكذا حسبنا باشياخ صديق~~~ وحسيب الجميع ربك ادرى
يا ابا البدر بعد طول انتظار~~~ حين حار الدليل اشرقت بدرا
اقلعت من سمائنا ظلمات~~~ وبدت انجم المجرة غرا
فرحة عمت الوجود جميعا~~~ يوم جاء البشير يعلن بشرى
وابتهجنا وكنت خير بشير~~~ ياابن بهلال زادك الله برا
أي بشرى زففتها افلح الوجـ~~~ـه فزالت بها الشدائد طرا
تتهادى بها الجموع التهاني~~~ فكانا نعيش أضحى وفطرا
ما كأن النفوس من قبل ذاقت~~~ حسرات وجرعت قبل مرا
أين من كادهم ولفق إفكاً~~~ وسعى للولاة يوغر صدرا
رب من أوقدوا الجحيم فكانوا~~~ قبل من أوقدوا له النار جمرا
وقع الحق وانجلى كل ريب~~~ ومحت اية النبوة سحرا
رجع السهم نحو من فوقوه~~~خذل المفتري ولم يلق خيرا
فهمو بين فاشل وذليل~~~ وغوي وهالك حل قبرا
غير إنا نرجو الصلاح لحي~~~ولمن مات نسال الله غفرا
يا الهي لك الثناء والمثنى~~~فاقبل الحمد خالصا ثم شكرا
لم تزل منعما بعبدك برا~~~ ومجيبا وكاشفا عنه ضرا
ولعيش ثابت على الحق حرا~~~وليمت شانئ المشايخ قهرا(573/2)
قصيدة الفلوجة
يا خاطري كل ضيقة مبروجة
والله على جيش التحالف قاوي
لولا السنين الماحلات العوجة
ماكان ميزنا الملي والخاوي
و(البيت الابيض) وان على ببروجه
ينهد فوق الغاوي ابن الغاوي
اللي تحكم فالدول بعلوجه
رش الذباب يرش بالكيماوي
يا هيه ياللي راكب المسروجه
بالله وين من المنازل ناوي
بالله اذا انك رايح (الفلوجة)
سلم على (ابو مصعب الزرقاوي)
واهل الجهاد اللي ذوو في فوجه
اهل اللثايم والسلاح الطاوي
نور القتال وشعلته وسروجه
قبر الصليب وجيشة المتهاوي
لبى عيون الماجده المغنوجه
بنتٍ نسيبه واخت ذيبٍ عاوي
فلت جدايلها كما المرجوجه
وطلت بوجه لكل زين حاوي
تلفح عبايتها بوسط الهوجه
بين النشامى والرصاص الضاوي
تهيض رجال وسيوفٍ عوجه
لبى العزاوي والجديل الراوي
ولبى العراق ونخله ومنتوجه
ونهرٍ الى منه جرف ما ياوي
وارض غدت برجالها مسيوجه
لاهل العدا سم وطريق لاوي
ولاهل الهدى وادٍ وساع فجوجه
مرقاب راسه والشرف متساوي
واسمائهم فوق االسما مدروجه
ولهم عليها عزوةٍ ونخاوي
واللي تسلط واعتزى بنعوجه
ماله سوى ضرب الشطير الكاوي
لو يعجبك بمزبرقات هروجه
فلنا مع كل الجروح مداوي
رجال توطا رجله العروجه
غارب جيوش البيرق المتهاوي
لكل جيش عندنا (فلوجه)
ولكل بوش عندنا (زرقاوي)!!
ياسعدهم اللي ذوو في فوجه
وياخيبة اللي قايده (علاوي)(574/1)
قصيدة المرحوم محمد حسن الكناوي ( أبو عاصم ) ...
البارحة بالقلب _ محمد حسن الكناوي
هذه القصيدة مهداة للغوالي احسان عاصم الكناوي ( أبو أشرف ) ومحمد عاصم الكناوي
عام 1945م أواخر الحكم الفرنسي في سوريا وقع صدام مسلح بين ضباط فرنسيين وحامية سورية في ثكنة العشائر
في الضمير شمال شرق دمشق وكان تصدي الحامية للغطرسة الفرنسية باسلاًَ شجاعاً فقد صمد رجالها غير هيابين
نتج عنه قتل عدد من الضباط الفرنسيين فاعتقل عدد من رجال الحامية وحكم عليهم بالإعدام ومن هؤلاء من القريتين
محمد حسن الكناوي ومحمد الدخول وبخيت الخضير ومحمد درويش الدراوشة وقبيل تنفيذ حكم الإعدام رفع السيد
محمد حسن الكناوي قصيدة استعطاف الى أمير قبيلة الرولة السيد فواز الشعلان وكانت علاقة هذا مع فرنسا حميمة
وهذه أغلب أبيات القصيدة :
البارحَة بالقلب ثارَت هواجيس لولا ضلوعي فرّفرّة حمام
من حادثٍ أدعَى بعقلي نواقيص العيون تسهر والفكر ما ينام
امراُ جرى يا ناس ما به مخاليص يدعي لَوٍرع الُحضن شايب قام
قضيت مدة وأنا بسجن المحابيس أمضّي ليالٍ معبساتٍ ظلامي
حولي عساكر كلًّهم لي حواريس محضرين سلاحهم بالمرامي
أكتب كلامي على بيض القراطيس وَا وِن وَنًّة مَن غداها غلامِ
ولا صويباً مَضرَبَة بالمحاويس بديار قَفرة ما بها مِن عمام
يالله يا رازق العِصيان اللي مع ابليس وداعيه بالدنيا عزيزَ المقام
يا معلم سليمان هَرجَ الخواريس حتى على النملة يفهم كلام
يا مظهرٍ آدم من جنان الفراديس ومهبطه عالأرض حالاً قوامي
واغفرت ذَنبَه عقب طغوة ابليس واسكنته الجنة بعالي مقام ِ
تسعى لنا يا رب باقرب مخاليص يا جايبَ الدعيان عند اللزام
قلتها من قلب خالي الوساويس مؤمناً بالله محي العظام ِ
جسمي غدا يا ناس باكثر نواقيص حتى عيوني حَرّمَت ما تنام
أفقد ربوعاً كلّهم لي مخاليص من بعدهم عيني دَعَت بالسقام ِ(575/1)
أبكي على عز الاخوان الفواريس أههل الشرف والدين نسل الكرام
ِ
يا حيف فعل الطيب عند المخاسيس الطيب ما ينفع عند كُل شامي
الياجاك يتباهى بزين ِ الملابيس يغويك من زَينَه وقَضي الكلام ِ
أما الفعل مخطيه وقت الفواريس لا يقرِيَ الضيفان كود َ السلام ِ
يا الله يا عالماً بالنفس ما به هواديس يا رازق لا دريس عالي مقام
تسعى لنا يا رب باقرب مخاليص يا محضّر القيعان عقبَ العِدام
عقب طلبتي للرب عالي المجاليس إلهاً عظيماً نعبدَه بالظلام ِ
قلت يا هيه يا للي فوق عوصٍٍٍٍٍ خواريس و مقتضيات عسافهن بالتمام ِ
مرباعهن برياض وادي مداسيس وَ يرِدن على غدران ماء زمامي
مقياضهن ما بين عادَة ومغاطيس اليامىَ تساوى مخهن بالعظام ِ
شدّوا الركايب وزينوهن ملابيس وارموا عليهن قشّهن بالتمام ِ
اليامى قضّيتوا من اللوازم مخاليص ريّضوا ما بين خطَّ القلام ِ
ناديت يا درويش هات القراطيس واكتب على القرطاس أفخر سلام
اكتب سلاماً من قلوب مخاليص ريّضوا ما بين خط القلام ِ
فواز بن شعلان عزّ الفواريس يا راعي العليا بوقت اللزام ِ
وين أبو دحام شيخ الجواليس الحر مثلك فاهم بالموام ِ
من عادتك فك الرجال المحابيس اشفع لنا من ضيق سجن الظلام ِ
من قبلك الشيخان ما جوا بنواقيص الكل منهم جاهدوا بالتمام ِِ
يسلم لنا راكان راعي النواميس أنا أشهد إنّه مروياً كل ظامي
قدّم من المجهود راعي المحاسيس زوداً على حقّه ونعم َ الغلام ِ
وطراد قدّم واجَبه بالمخاليص خلى الدواير حايرة من كلام
الكل منهم زاهيا ً بالمجاليس و الكل منهم حافظاًَ للمقام ِ
ناديت يا اهل الجيش عقب المخاليص قوموا اعتلوا من فوقهن بالسلام ِ
تلفوا على نزلِ القروم الفواريس بديار عذرا نازلين المقام ِ
الياجيتهم تلقى بيوتاً مكابيس تلقى عليهم لايحات الكرام ِ
تسمع كما الرشاش دوي المحاميس ودلال صفر رابيات عيام
انص المسوبع غاصا بالجواليس تلقى ولد نواف بأعلى مقام ِ(575/2)
اسلم وسلم على راعي النواميس واتلُ عليه رسالتي بالتمام ِ
اصبر عليه اليامى يقضي مخاليص يعطيك بردّ كتابنا واللزام ِ
وصلاة ربي عدد ريش الطواويس على النبي المختار بدر التما(575/3)
قصيدة النبي المنصور
محمدُ يا إِمَامَ الرّسْلِ قاطِبة .... وإسمٌ جاءَ في الإنجيلِ مسطُورُ
وفي التوراةِ وصفُك َمالهُ شَبَه .... نبيٌ صادقٌ بالعفوِّ مشهُورُ
حبيبي أنت إعجازٌ ومفخرة .... ونورٌ مشرق ٌكالدّرِ منثورُ
حبيبي أنت آياتٌ منزلة ٌ .... وخيرٌ ظاهرٌ للناس موفورُ
حبيبي أنت للظمآن ِواحتُهُ .... وظلٌ وارفٌ للخلق مبرورُ
رسولاً جئتَ للأكوان تصلحُها .... فكان الخيرُ في كفيكَ ممطورُ
فإن كانت عيون الكفرِ قد عَميَت .... فمن يهدي قلوبا حَشوُها زورُ
عقولٌ غالها العصيانُ فاجترأت .... ولم تعلم بأنّ حصادها بُورُ
وأن الحقّ في العلياءِ منتصرٌ .... وأنك سيّدي باللهِ منصورُ
وأنكَ سامقٌ في العلياءِ مرتفعٌ .... وبين الخلْقِ بالإحسان مذكُورُ
فدتكَ الروحُ يا ماحي جهالتها .... وعُمْري في فِداءِ الحقِّ منذُورُ
وشُلَّتْ كفُّ من يبغي أذيتُكُم .... غبيٌّ خاسرٌ في الجَهلِ مطْمُورُ
عليه لعائنُ الجبار مرسلة .... ويوم الحَشْر ِفي النيرانِ مسجورُ
وباتَ القلبُ بالتقصير معتَرفاً .... فجُلُّ صنيعُنا لهوٌ وتقصيرُ
عليكَ صلاة ُربي دائماً أبداً .... أيا نوراً بهِ يُستجْلبُ النُّورُ
المستشار / محمد أحمد الحمادي - وزارة العدل ـ أبوظبي(576/1)
قصيدة إلى شيخ المجاهدين أحمد يا سين
المرسل : سدرة..
24/3/2004
شعر: الدكتور جابر قميحة**
1- قم عطر الفجر بالإسرا وياسينا ورتل الفتح والأنفال والتينا
2- وعانق الفجر في شوقٍ وفي لهفٍ واكتب على الشفق الوردي "يا سينا"
3- واجعل مدادك من ماء القلوب وصغ حروف "ياسين" ريحاناً ويسمينا
4- وأطر اللوحة الشماء من مهجٍ تزينها، وبنور من مآقينا
5- "أحمد ياسين" سمي المصطفى شرفت به العروبة، واخضرت بوادينا
6- شيخ قعيد وفي الإيمان قوته لم يعرف العجز والإذعان واللينا
7- يحقق النصر من "كرسيه" أبداً فأين منه "كراسٍ" حكمت فينا؟!
8- عروش ظلمٍ تولاها أباطرة على الهزيمة ما زالوا مقيمينا
9- تفديك يا سيدي الدنيا وما جمعت وصفوة الناس من قومي وأهلينا
10- لانت عظامك يا "ياسين" من هرمٍ ومن جهاد على درب النبيينا
11- فخذ لعظمك عظمي كي تشد به عظماً وهي منك حتى تأسو اللينا
12- ولو قبلت دمائي سقتها مدداً تنساب في جسمك الواني شرايينا
13- لانت عظامك، لكن لم تلن أبداً قناة عزمك في لقيا أعادينا
14- وابيض شعرك لكن قد جعلت لهم من النهار سواداً حالكاً طينا
15- فما وهنت بسجنٍ ساوموك به وما استجبت لهم كي تقبل الدونا
16- فعشت فيه مهيباً شامخاً أبداً وكنت سجانهم إذ كنت مسجوناً
17- يخشون طيفك في الأحلام يفزعهم حتى غدا ليلهم بالسهد مشحوناً
18- هم أحرص الناس من جبن ومن ضعةٍ على حياةٍ، ولو ذاقوا بها الهونا
19- سمعت صوتك في طنطا يُشْنَفُنا عبر الأثير كنورٍ قد سرى فينا
20- "يا أهل مصر- وفي الذكرى لنا عبر فلتذكرونا، ولا تنسوا فلسطينا
21- إنا على العهد ما جفت عزائمنا عن الجهاد، ولا كلت أيادينا"
22- فهز صوتك منا كل خالجةٍ وأصبح الألفُ والألفان مليونا
23- لا بل ملايين ذابت في محبتكم من الصعيد تحييكم إلى سينا
24- ها هم أسوُدك يا يسين قد نهضوا يُفدُون مسرى رسول الله والدينا(577/1)
25- همُو "حماسٌ" بروح الله قد زحفوا "لبيك لبيك يا أقصى لقد جينا"
26- فامضي حماسٌ بخيل الله واقتحمي فلن يعيد الحمى إلا المضحّونا
27-امضي سعيراً، وخوضي الهولَ،وانتصري فالنصر حقٌ لمن باللهِ يمضونا
28- ولتزرعي الرعبَ جمراً في مضاجِعهم حتى يعيشوا حيارى لا ينامونا
29- يا فتيةٌ رصدوا للِه أنفسَهم فبايعوا ربهم غراً ميامينا
30- قالوا "الجهادُ سبيلٌ لا بديلَ له والموتُ في اللٍه من أسَمى أمانينا"
31- هانت جُسومُهمُو في الله فانطلقوا وفجّروها براكينا براكينا
32- فمادت الأرضُ حتى غصّ جانبُها بما تمزّق من أبناء صهيونا
33- فما عليها سوَى أشلاء من هتكوا عرض الطهارة والأوطان باغينا
34- أما الشهيد ففي الجنات منزلةٌ طوبى له حين يلقى حُورها العينا
35- يا أحمدَ المجدِ يا يسينُ معذرة فالقلب من حُزنه قد بات مطعونا
36- فلتعفُ عنا فإنّ العفو مكرمةٌ لما بدا من قصورٍ مؤسفٍ فينا
37- فقد بُلينا بحكامٍ غدوا أسُداً على الشعوب نعاماً في أعادينا
38- الآمرونَ بلا أمرٍ يُطاعُ لهم فالأمرُ أضحى لأمريكا وشارونا
39- لا تذكرن بهم إلا جبابرة من البغاة كفرعون وقارونا
40- قد أنكروا الحقّ والأجدادَ من سفهٍ وحقّروا عين جالوت وحطينا
41- واستعبدوا الشعب واجتاحوا كرامته وصادروا الفكرَ واغتالوا القوانينا
42- ثم ازدَهوا ببطولاتٍ مزيفةٍ بها انتكسْنا وعِشنا في مآسينا
43- قالوا "السياسة فنٌ نحن سادتُه وقد صنعنا لنا منها أفانينا"
44 - قالوا "الزعامة فينا" قلتُ "ويلكُمو سحقًا لذئب غدا بالنابِ راعينا"
45- فانهض "يسين" وعلمهم فقد جهلوا أن الزعامة ليست لهوَ لاهينا
46- أن الزعامةَ إصرارٌ بلا وهنٍ لا أن تكون بما جمّعت مفتونا
47- أن الزعامةَ إيمانٌ وتضحيةٌ وقدوةٌ بكتابِ الله تهدينا
48- أن الزعامة إيثار ومرحمةٌ وأن تجوع لكي تُقري المساكينا
49- "أحمدُ يسينُ" وأنتَ اليوم مفخرةٌ يشدو بها اليومَ دانينا وقاصِينا(577/2)
50- أنت الزعيمُ بحق لا الألي فرضوازعامةَ القهرِ تُغمينا وتُردينا
51- فالكلُ من ظلمِهم قد بات مغترباً والحرُ في أرضِه قد عاش مطحوناً
52- ولا كرامةَ إلا للألَي سجدوا وهللوا للزعيم "الأنْسِ" آمينا
53- أنتَ الزعيمُ بحق لا الألي خضعوا وسلموا الأرض منكوسين راضينا
54- قالوا "الدنَّيةُ خيرٌ من منى بعدت منالها مستحيلٌ أن يدانينا
55- "مقابلُ السلم أرضٌ كيْ نقيمَ بها" فما رأينا لهم في الأرضِ تمكينا
56- واستمرءوا الذلَّ في ضعفٍ وفي خورٍ وآثروا أن يكونوا في الأذلينا
57- يا ليتهم نهجوا نهجاً دعوتَ له إذن لعزُّوا وكان النصرُ مضمونا
58- لكنهم آثروا الدنيا وزينَتها وليأكل الشعبُ زقُّوماً وغِسلينا
59- اتركهْمُو لمصيرٍ سوف يبغتهم يأتي عليهم ولو كانوا شياطينا
60- واللهُ إذ ما يشأ تنفذ مشيئته فأمره ليس يعدو "الكاف والنونا"
61- هذا نذير قضاءٍ لا مردَّ له "خاب الذين افتروا واستبعدوا الدينا
62- يا سيدي، وعبيرُ الفجر يغْمرنا وقد كتبْنا على الآفاقِ "ياسينا"
63-فانسابَ منها تباشيرٌ تناجينا وتجعلُ الجدب من حبِّ بساتينا
64- إني أرى النصرَ من قربٍ ينادينا واللهُ ناصرُنا، لا عبدِّ يخزينا
65- -نظمتُ ذلك من عامين قد مضيا واليوم صرتَ شهيدًا في أراضينا
66- ودعتَ دنياكَ والمحرابَ مبتسمًا وأنتَ تمضي إلى الجناتِ ميمونًا
67- غالوك بالغدر لا تعجب فقد جُبلوا على النذالة فاغتالوا النبينا
68- حكامنا يا نَشَامَي العارِ واأسفا بُوءوا بدمِ يسين مثل شارون
69- هنتمْ وخنتمْ وسالمتم عدوّكمُوا وصار ظلمكموا طبعا وقانونًا
70- واليوم ننْعَى إلى الدنيا رجولتكم وما استحقتْ من الأشعار تأبينا
71-فوحدوا الزي في جلسات قمتكم حتى تغيظوا به أبناءَ صهيونا
72-فوحدة الزي رمزٌ من توحدكم هيا ارتدوه فساتينا فساتينا(577/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة حسان
في مدح النبي العدنان
صلى الله عليه وسلم
سلوا الدهر ذا الوجه العبوس بصرفه ... بميلاد خير الخلق كيف تبسما
يمين على نفسي ولست بحانث ... أتانا رسول الله للداء بلسما
بشير نذير في حنان و رحمة ... يوجه شعبا كي يحن ويرحما
أجل إن إبراهيم عَزَّ مُقامه ... وكنت على الباري أعز وأكرما
فإن كلم الرحمن موسى بطوره ... محمد حار الفكر أين تكلما
وإن جاء عيسى بالسلام مبشرا ... فشرعك يبدو بالمساواة أسلما
وإن كان أحيا الميت في محض دعوة ... فأنت على الأجيال أحييت رمما
و إن جملت بالحسن صورة يوسف ... لكنت بحق منه أحلى و أحلما
و إن جاء لقمان الحكيم بحكمة ... لكنت بوحي الله أحكى وأحكما
و إن قيل في داود نغمة صوته ... تلوت من القرآن أنقى و أنغما
و إن وصف الرسل الكرام بعلمهم ... برزت على العرفان أعلى وأعلما
وإن تذكر الشجعان في محض قوة ... برزت إلى الميدان أقوى و أقوما
وإن أضرم الباغون حربا تخوضها ... لإصلاحهم بل كنت أضرى وأضرما
و إن قيل إن الزهد من أنفس الغنى ... رأيناك في الزهاد أغنى و أغنما
و إن وصفت بالجود أفذاذ أمة ... رأيناك في المحتاج أندى أكرما
بربك قل لي كيف خرج أمة ... وصير منها خامل القوم ملهما
طراز من الأبطال لم يلق فردهم ... ذرى المجد إلا وارتقى و تسنما
تذكرني القدس السليبة أمسها ... وكانت لدى الفاروق بالأمس مغنما
جدير بمن يمشي و يركب عبده ... بأن تخضع الدنيا له وتسلما
رأته يخوض النهر للنعل حاملا ... على كتف ترعاه بالعزة السما
و بادره الجراح هلا بظهر ... يشرفنا والروم تهوى التعظما
فثارت من الفاروق ثورة مؤمن ... أكنت أمين الأمة المتكلما
فإنا لقوم و الإله أعزنا بدين ... خصصنا فيه كيما نكرما
و مهما ابتغينا العز في غير نهجه ... نذل و لا يعتز من يعبد الدمى
وكنا بهذا الدين أرحم فاتح ... وكنا بهذا الدين أمهر من رمى
وكنا بهذا الدين أعدل حاكم ... وكنا بهذا الدين في الناس أنجما
وكنا بهذا الدين إن قال قائلٌ ... ملكتم جميع الأرض ما قيل ربما(578/1)
فعقبة دون الأطلسي رأيته ... تأخر عن خوض المحيط وأحجما
مناجاته : رباه لولا عبابه ... لثابرت سيري فاتحا متقدما
و يجتازه فوق الزوارق طارق ... على خطر لكنه الله سلما
بإحراقها و الفتح طوع بنانه ... على كل من خاض المعارك قد سما
ويعرض موسى في دمشق قياصراً ... ملوكا من الإسبان أسراه قدما
وطأنا تراب الصين حتى ملوكها ... تلوذ حمى ابن الباهلي لتحتما
أبو قاسم بالهند والسند فاتح ... وكان لأبطال الفتوح مزاحما
و سر صلاح الدين ما كان خافيا ... بحطين إلا أنه كان مسلما
ومحمود في جالوت كان بدينه ... جديراً بأن ندعوه يا حامي الحمى
طراز من الأبطال عمم فرقهم ... من العز بالإسلام تاجاً موسما
لئن عدتم للدن فالنصر طوعكم ... وإلا فإن الذل والموت خيما
رسول الهدى إني محب متيم ... أردد ذكراً من علاك ترنما
صفات بها أفردت دون منازع ٍ ... فليس يفي وصفي و مدحي وإنما
يقولون إني مادح ٌ و يطيب لي ... بوصل انتسابي فيك ألا يصرَّما
نسيم الصبا بلغ تحية مجلس ... وصل عليه حيث كان مسلماً
فإن نحن صلينا عليك فإنما ... عليك إله العرش صلى وسلما
...
التوقيع : ...
باسم حسان كم اهتز من طرب ... لأنني أقتفي آثار حسان
...
...(578/2)
وداعا حبيبى - قصيدة قالها الشيخ سلمان العودة في رثاء ابنه عبد الرحمن
وداعا حبيبي لا التقاء إلى الحشر ......... وإن كان في قلبي عليك مثل لظى الجمر
صبرت لأتي لم أجد لي مخلصا............إليك وما من حيلة لي سوى الصبر
تراءاك عيني في السرير موشحا...... على وجهك المكدوم أوسمة الطهر
براءة عينيك استثارت مشاعري......... وفاضت بأنهار من الدمع في شعري
وكفاك حينما تعبثان بلحيتي............وحينا على كتفي وحينا على صدري
أرى فمك الحلو المعطر في فمي............كما اعتدت في هذا الحب من أول البر
تحاصرني ذكراك يا ساكن القبر............وتجتاج أعماقي وإن كنت في الأسر
أراك جميلا رافلا في جزيرة............بمعشبة فيحاء طيبة النشر
وتفرحني أطيافك الخضر إن بدت...............مضمخة شكرا لأطيافك الخضر
وألعابك اشتاقت إليك وهالها...............غيابك عنها ميتا وهي لا تدري
يتامى يكسرن القلوب هوامد............... ولما يصل أسماعها فاجع السر
حبيبي في شعبان ألفيت زائرا......... طروبا إلى لقياي مبتسم الثغر
فعدت بحجري والسرور يلفني......... وشنفت سمعي تاليا سورة العصر
أراك تعزيني بها وتلومني على............ جزع تخشاه من جانب الدهر
تمنيت لو تغني الأماني نظرة............إلى جسد ذاو يغرغر بالسدر
تمنيت حتى وقفة عند نعشه............ترد إلى نفسي الذي ضاع من صبري
تمنيت ما نالت ألوف توجهت......... إلى ربها صلت عليك مع العصر
تمنيت كفا من تراب أحثها.........على قبرك الميمون طيب من القبر
أبا طارق جل المصاب لفقدكم......... ثمانية زهر كما الأنجم الزهر
كأنكم اخترتم زمان رحيلكم......... بعيد صلاة الليل والصوم والذكر
غسلتم بصافي الدمع صافي قلوبكم............يشعشع فيها النور كالكوكب الدر
و قد كتب أحد الشعراء قصيدة للشيخ سلمان بعنوان نحبك يا سلمان يقول فيها:(579/1)
نحبك يا سلمان فى العسر و اليسر... ... ... ... ...... فروحى لكم تسرى و أنتم لدى الأسر
فقل للطغاة الواقفين ببابكم......................................بانى مزار كل يوم بلا نكر
فلولا منعتم زائرى فإنهم ألوف.....................................و لكن لا يردون بالقهر
و إن كنت فى دار يضيق فناؤها.........................و قد حرمت عيناك من بسمة البدر
فأنت طليق إذ تركت مشاعلا........................... من العلم بين الناس بالقول و الحبر
و أنت نزيل السجن حر و مطلق. ... ...................و أعداؤكم في قبضة الأسر بالقصر
يعيشون عمرا في الحياة منغصا........ ... ... ...............و هذا جزاء المعرضين عن الذكر
فو الله ما زاد الطغاة بسجنكم... ... ... ..........سوى رفعة - رغما عن الأنف - فى القدر
و هذا طريق الصادقين فإنهم..............................يكيد لهم أهل الضلالات و الكفر
و لا سيما فى هذا الزمان الذى أتى.... ... ... ........... به الكفر ألوانا من الخبث و المكر
ففى وجه أهل الزيغ قام ابن حنبل........................... كما قام للأعداء يوما أبو بكر
و لم يثنه عن قولة الحق ضربهم.............................. و قد ناله من سوطهم أيما شر
و لكنه حاز الإمامة بعد ذا.................................... فعنا جزاه الله بالخير و الأجر
فمن رامها خلف المناصب قل له.............. ... ... .........لتلك و ربى لهى قاصمة الظهر
فلا تبتئس يوما بحالك إنما................................... تصبر فإن النصر يأتى مع الصبر
و قد هيجت نفسى بما قد كتبته.... ... ....................."وداعا حبيبى لا لقاء الى الحشر"
و أهدى سلامى في الختام إليكم....... ... ... ... ......و من وقعوا فى قبضة الكفر و الغدر(579/2)
قصيدة سياسية
---
كلُ ما أعرِفهُ .. أني مواطنْ
وبلاديَ من أغنى بلادِ العالمينْ
و أنا جائعْ ..
وأطفاليْ حُفاة ٌ..
و بيتيْ مؤجرْ
وبراميلُ النفطِ تُهدرْ ..
كل حينْ
والملايين تُبّذرْ ..
في حياضِ ِالآخرينْ
وأنا إبنُ الأرض ِ
مَدْينْ ..
وطَعَامٌ منْ غِسْلينْ
كلما زادَ وليُ الأمرِغنى ٍ ..
صرتُ أفقرْ
وإذا إزدادَ مُحيايَ شحوباً ..
فوجهُ مولايَ أنضَرْ
فأنا في رأيهِ لست ُسوى ..
ذرةٍ من غُبارٍ ..
ليسَ أكثرْ !
أزيدُ وداعة ً.. و يزيد ظلماً ..
أذوبُ عذوبة ً.. فيصيرُ أعكرْ
الاجانبُ في بلاديْ ..
من كبار ِالمْودِعينْ
و الملايينُ على الجوع ِتنامْ
ثم ُتقهرْ ..
وتُحّقَرْ
واذا صاحَ فقيرٌ: أين حقي ؟
فهو في شرع ِبلادي ..
من عُتاة المُفسدينْ
حكمهُ قتلاً يعزّرْ
ليسَ في الدين ِ.. ولكنْ ..
هكذا في شرع حكامي تقررْ
وعلى ذلك فتوى ..
فتصوّرْ !!
من كبير ِالفقهاء
شرّعت من غير ِ وحي ٍ ..
نهبَ مالِ المسلمينْ
و فسوقٌ إذا الشعبُ تذمرْ
وهو في شرع الولاةِ خروجٌ ..
وخروج الولاة ِعن الشرع يبررْ
فالخروجُ على الظالم ِكُفرٌ ..
والخنوع على النعل ِيُقدّرْ
فتقكّرْ ..
و تحّيرْ ..
وأنكمش وتمدد ثم عد فتكّورْ
منطقُ الفقهاء ِبالمالِ يحّورْ
إذا بعينيك رأيت جحشاً ..
جعلوه رغم عينيك غضنفر !
حتى الصراط ُالمستقيمِ إذا شاؤا ..
جعلوهُ رغْمَ أنف النّص ِمدوّرْ
هكذا في كل أمر ٍ ..
هكذا فقهُ السلاطين ِ يزوّر
أنتَ يا ربُ براءٌ ..
من مقالات ِفقيهِ مُسّيرْ
إذا بتُّ جوَعَاناً ..
فذاكَ قضَاءٌ
وإن يسْرِقُ الواليْ ..
فذاكَ مُقدّرْ
فأنا الشعبُ ..
في الحالين ِخُسْرٌٌٌٌٌ
ووليُ الأمر ِ ..
في الحالين ِعنترْ
فتمخطر أيها الوالي تمخطرْ ..
وتبخترْ ..
قد أُبيحَ لكَ الطُغيانَ فافجُرْ ..
وتجبّرْ
واغتسل إن نحنُ لامسنا يديكَ ..
فأنت قدّيسٌ مُطهّرْ
وأستبح أموالنا فنحن أسرى ..
وأنت الشرعُ والمْخفرَ ْ
وأسفك لحمرة وجنتيك دماءنا
وأرسم بفحم عظامنا منظر(580/1)
وأغتصبنا وأفترش أزواجنا
فنحن خصيان ..
وأنت أجدر
ولي وطنٌ شرّدَ الوالي بنيه ِ
ووطّنَ الاغرابَ بخطِ مِحْبَرْ
وينأى عن سلالتهِ َشكُوكاً
ويستدنى حفاةَ الدارِ عسكّرْ
فيطعمُ أهلهُ قيداً و حنضّلْ
ويطعمُ الاغرابَ دُرّاقاً و سُكّرْ
فذا "الفرائضي" و "الحريري"
وذاك "خاشقجي" و "بصفر"
لهم المغانمُ ليس لنا شفيعٌ
سياستهُ (لا تشبعُ الكلبَ يبطرْ)
فصَارَغريبُ الدارِ كالفعل ِالمضارعْ
وأضحى "الخُزامى" كفاصلةٍ بدفترْ
فتبّاً لشيخ ٍ يقال له جليلٌ ..
لديهِ ُكتّابٌ وطلابٌ ومحْضَرْ
يبديكَ في فقهِ النساء نجابة ً
ولسانهُ في "المُعْلِفينَ" مُخدّرْ
فسْلهُ عن "المخصصاتِ" متى أُحِلّتْ؟
وأبصق بوجهي لو أسمعت أو أخبر
جعلوا من الدين لحية و "شِمَاغ ٌ"..
وحجابٌ وثوبٌ مُقْصّرْ
فلا حدٌ قطْ يقامُ على أمير ٍ..
ولا قطْ يجلدُ "بالصفا" أشقرْ
إذا سرَقَ الضعيفُ فُتاتَ مال ٍ ..
وجدتَ رِخِامَ الضبع ِتزأرْ
وإن يسرقْ السلطانُ شعباً ..
فأُسْدُ الصبح ِ عروسٌ تُخفَرْ
فهل مَنْ يسِرقُ مُعدَماً لمَماً ..
كمن يسرقُ مُتخماً جوْهَرْ ؟
فبئسَ فقيهِ المال ِيزعمُ واهماً
جوازَ تفّقُهٍ يمليهِ قيصرْ
فما أبقوا لنا يابساً بالشرع ِ ..
ولا أبقوا لنا بالشرع ِأخضَرْ
فسُبْحَانَ الذي زيّنْ
وسبحان الذي صّورْ
وسبحان الذي من صديد ٍنحنُ سوانا
و سبحان الذي سواهُ من َعنبرْ(580/2)
قصيدة عشماوية
.......................الطلب............
قالوا أرح عينيك من طول السهر...... وأرح فؤادك من أنينك والضجر
قالوا أقم للشعر مملكة بها........ من كل غانية منعمة أثر
وارسم لنا من جسم ليلى لوحة........ تتنافس الألوان فيها والصور
وازرع لنا في كل حرف واحة........ فيها الندى يهمي فينتعش الشجر
علق لنا فيها قناديل الهوى........ وانثر على الجنبات أصناف*الزهر
لقن نجوم الليل أغنية الهوى........ واسكب رحيق العشق في أذن السحر
أثخنت شعرك بالجراح كأنما........ تسعى الى تغيير ما صنع البشر
هذا هو الأقصى ملأت قلوبنا........ حزنا عليه ولم يزل قيد النظر
هذي ربا لبنان أمحل روضها........ فهل استعادالشعر منهامااندثر؟
هذا الخليج مضرج بدمائه........ أترى القصائد سوف تجبر ما انكسر
أتريد أن تحيي رفاة ابائنا........ بالشعر أو ترقى اليك بما انحدر؟
خدر مشاعرنا بأنغام الهوى........ فلقد تعودت النفوس على الخدر
.....................الرد ......................
عفوا بني قومي فلست بشاعر........ يملي على الكلمات أمزجة البشر
هذي جراحكم التي أصلى بها........ أشدو بها شدوا يخالطه كدر
سأظل أعزفها على وتر الأسى........ حتى أرى في الأفق تلويح الظفر
من أين تبتسم القصائد في فمي........ والحزن يملؤها بأصناف العبر
أنا لست زمارا اذا نادى الهوى........ لبى وان نادى منادي الحق فر
أنا لاأريد لأمتي في دربها........ الا سموا عن مهازل من كفر
أنا لاأريد لأمتي الا مدى........ رحبا وبعدا عن مضاجعة الحفر
أنا أيها الأحباب قلب نابض ....... أنا لست تمثالا ولا قلبي حجر
كم طفلة في أرض لبنان اشتكت........ يتما وكم عين مدامعها مطر
أوما ترون يد الحوادث لم تزل ....... فوق الرؤوس تدق ناقوس الخطر
أوما ترون الليل يغمر أمتي ....... لا نجمه غنى ولا رقص القمر(581/1)
أوما ترون الأقربين استخدموا........ فينا سلاحا ليس يبقي أو يذر
كم غابة تبكي على العرض الذي........ لعبت به أيدي قراصنة البشر
لو أنني سخرت شعري للهوى........ لجعلت صخر الحب في أرضي مدر
وجعلت اعراض الصبايا رغبة........ ولويت بالإصرار أعناق الحذر
وبنيت من شعري لكل مليحة ....... قصرا من الأشواق فيه لها مقر
لكن لي قلبا اذا سليته........ ألوى العنان وراح يخفق بالضجر
هاتوا فؤادا لايحس بما جرى........ هاتوا عيونا لا يؤرقها السهر
وخذوا أرق الشعر مني واسمعوا........ أخبار من وصل الحبيب ومن هجر
لا تطلبوا مني اغتيال مشاعري........ لا تمنعوني من مواصلة السفر
لا تسألوني عن طعم حزني انه........ كالصبر بل هو من مرارته أمر
لا تسألوا عن نار حزني انها........ سقر أما تدرون ما معنى سقر؟؟
عفوا بني قومي فان قصائدي........ جسر الى أمل قريب منتظر
أدعوا الى الايمان دعوة شاعر........ شرب الأسى من أجلكم وبه انصهر
بيني وبين الشعر عهد صادق........ أن نجعل الاسلام موعدنا الأغر(581/2)
قصيدة على نهج البردة لعبد الرحمن السقاف(582/1)
قصيدة عنوان الحكم
للشاعر الأديب أبي الفتح البستي 330-400هـ
لقد انتشرت هذه القصيدة في العالم الإسلامي وذاعت لاهتمام المعلمين و مربي النشء بها لما فيها من الدعوة للفضائل والأخلاق ... 2/6/1423
مكتبة موقع المفكرة الدعوية
زيادة المرء في دنياه نقصان
وربحه غير محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لا ثبات له
فإن معناه في التحقيق فقدان
يا عامرا لخراب الدار مجتهدا
بالله هل لخراب العمر عمران؟
ويا حريصا على الأموال تجمعها
أنسيت أن سرور المال أحزان؟
زعِ الفؤاد عن الدنيا وزينتها
فصفوها كدر والوصل هجران
وأرع سمعك أمثالا أفصلها
كما يفصل ياقوت ومرجان
***
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسان
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته
أتطلب الربح فيما فيه خسران؟
أقبل على النفس واستكمل فضائلها
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
وإن أساء مسيء فليكن لك في
عروض زلته صفح وغفران
وكن على الدهر معوانا لذي أما
يرجو نداك فإن الحر معوان
واشدد يديك بحبل الله معتصما
فإنه الركن إن خانتك أركان
***
من يتق الله يحمد في عواقبه
ويكفه شر من عزّوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب
فإن ناصره عجز وخذلان
من كان للخير مناعا فليس له
على الحقيقة إخوان وأخدان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة
إليه والمال للإنسان فتان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم
وعاش وهو قرير العين جذلان
من كان للعقل سلطان عليه غدا
وما على نفسه للحرص سلطان
***
من مد طرفا لفرط الجهل نحو هوى
أغضى على الحق يوما وهو خزيان
من عاشر الناس لاقى منهم نصبا
لأن سوسهم بغي وعدوان
ومن يفتش عن الإخوان يقلهم
فجل إخوان هذا العصر خوان
من استشار صروف الدهر قام له
على حقيقة طبع الدهر برهان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه
ندامة ولحصد الزرع إبان
من استنام إلى الأشرار نام
وفي قميصه صِلٌّ وثعبان
***
كن ريق البشر إن الحر همته
صحيفة وعليها البشر عنوان(583/1)
ورافق الرفق في كل الأمور فلم
يندم رفيق ولم يذممه إنسان
ولا يغرَّنَّك حظ جرَّه خَرَق
فالخُرْقُ هدم ورفق المرء بنيان
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة
فلن يدوم على الإحسان إمكان
فالروض يزدان بالأنوار فاغمة
والحر بالعدل والإحسان يزدان
صن حر وجهك لا تهتك غلالته
فكل حر لحرِّ الوجه صوان
فإن لقيت عدوا فالقه أبدا
والوجه بالبشر والإشراق غضان
***
دع التكاسل في الخيرات تطلبها
فليس يسعد بالخيرات كسلان
لا ظل للمرء يعرى من تقى ونهى
وإن أظلته أوراق وأفنان
والناس أعوان من والته دولته
وهم عليه إذا عادته أعوان
(سحبان) من غير مال (باقل) حصر
و (باقل) في ثراء المال (سحبان)
لا تودع السر وشاء يبوح به
فما رعى غنما في الدو سرحان
لا تحسب الناس طبعا واحدا فلهم
غرائز لست تحصيهن ألوان
ما كل ماء كصدَّاءٍ لوارِدِهِ
نعم ، ولا كل نبت فهو سعدان
لا تخدشن بمطل وجه عارفه
فالبر يخدشه مطلُ وَليَّان
لا تستشر غير ندب حازم يقظ
قد استوى فيه إسرار وإعلان
فللتدابير فرسان إذا ركضوا
فيها أبرُّ ، كما للحرب فرسان
وللأمور مواقيت مقدرة
وكل أمر له حد وميزان
فلا تكن عجلا بالأمر تطلبه
فليس يحمد قبل النضج بحران
كفى من العيش ما قد سد من عوز
ففيه للحر إن حققت غنيان
وذو القناعة راض من معيشته
وصاحب الحرص إن أثرى فغضبان
حسب الفتى عقله خلّاً يعاشره
إذا تحاماه إخوان وخلان
***
هما رضيعان لبان : حكمة وتقى
وساكنا وطن : مال وطغيان
إذا نبا بكريم موطن فله
وراءه في بسيط الأرض أوطان
يا ظالما فرحا بالعز ساعده
إن كنت في سنة فالدهر يقضان
ما استمرأ الظلم لو أنصفت آكله
وهل يلذ مذاق المرء خطبان
***
يا أيها العالم المرضي سيرته
أبشر فأنت بغير الماء ريان
ويا أخا الجهل لو أصبحت في لجج
فأنت ما بينها لا شك ظمآن
***
لا تحسبن سرورا دائما أبدا
من سره زمن ساءته أزمان
إذا جفاك خليل كنت تألفه
فاطلب سواه فكل الناس إخوان(583/2)
وإن نبت بك أوطان نشأت بها
فارحل فكل بلاد الله أوطان
***
يا رافلا في الشباب الرحب منتشيا
من كأسه ، هل أصاب الرشد نشوان
لا تغترر بشباب رائق نضر
فكم تقدم قبل الشيب شبان
ويا أخا الشيب لو ناصحت نفسك لم
يكن لمثلك في اللذات إمعان
هب الشبيبة يبدي عذر صاحبها
ما عذر أشيب يستهويه شيطان
***
كل الذنوب فإن الله يغفرها
إن شيع المرء إخلاص وإيمان
وكل كسر فإن الدين يجبره
وما لكسر قناة الدين جبران
***
خذها سوائر أمثال مهذبة
فيها لمن يبتغي التبيان تبيان
ما ضر حسَّانها – والطبع صائغها-
أن لم يصغها قريع الشعر حسان(583/3)
قصيدة غرناطة
لنزار قباني
في مدخل " الحمراء " كان لقاؤنا..
ما أطيب اللقيا بلا ميعاد
عينان سوداوان.. في حجريهما
تتوالد الأبعاد من أبعاد
هل أنت إسبانية؟ .. ساءلتها
قالت: وفي غرناطة ميلادي
غرناطة! وصحت قرون سبعة
في تينك العينين.. بعد رقاد
وأمية .. راياتها مرفوعة
وجيادها موصولة بجياد
ما أغرب التاريخ.. كيف أعادني
لحفيدة سمراء.. من أحفادي
وجه دمشقي .. رأيت خلاله
أجفان بلقيس .. وجيد سعاد
ورأيت منزلنا القديم .. وحجرة
كانت بها أمي تمد وسادي
والياسمينة، رصعت بنجومها
والبركة الذهبية الإنشاد
ودمشق .. أين تكون؟ قلت : ترينها
في شعرك المنساب نهر سواد
في وجهك العربي، في الثغر الذي
ما زال مختزنا شموس بلادي
في طيب " جنات العريف " ومائها
في الفل ، في الريحان، في الكباد
سارت معي .. والشعر يلهث خلفها
كسنابل تركت بغير حصاد
يتألق القرط الطويل بجيدها
مثل الشموع بليلة الميلاد
ومشيت مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي التاريخ .. كوم رماد
الزخرفات أكاد أسمع نبضها
والزركشات على السقوف تنادي
قالت : هنا الحمراء .. زهو جدودنا
فأقرأ على جدرانها أمجادي
أمجادها!! ومسحت جرحا نازفا
ومسحت جرحا ثانيا بفؤادي
يا ليت وارثتي الجميلة أدركت
أن الذين عنتهم أجدادي
عانقت فيها عندما ودعتها
رجلا يسمى " طارق بن زياد "(584/1)
قصيدة غزلية في ألقاب الحديث
[الكاتب؛ شهاب الدين الإشبيلي]
غرامي (صحيح) والرجاء فيك (معضل) وحزني ودمعي (مرسل ومسلسل)
وصبريَ عنكم يشهد العقل أنه (ضعيف ومتروك) وذليَ أجمل
ولا(حَسَن) إلاّ سماع حديثكم مشافهة يُمْلى علّيّ فأنقل
وأمريَ (موقوف) عليك وليس لي على أحد إلا عليك المعول
ولو كان (مرفوعا) إليك لكنت لي على رغْم عذّالي ترق وتعدل
وعذلُ عذُولي (منكر) لا أسيغه (وزور وتدليس) يُردّ ويهمل
أقضّي زماني فيك (متصل) الأسى (ومنقطعا) عما به أتوصل
وها أنا في أكفان هجرك (مدرج) تكلفني ما لا أطيق فأحمل
وأجريت دمعي فوق خدي (مدبجا) وما هي إلا مهجتي تتحلل
(فمتفِق) جسمي وسُهدي وعبرتي (ومفترِق) صبري وقلبي المبلبل
(ومؤتلف) وجدي وشجوي ولوعتي (ومختلف) حظي وما منك آمل
خذ الوجد مني (مسندا ومعنعنا) فغيري (بموضوع) الهوى يتحلل
وذي نُبَذً من (مبهم) الحب فاعتبر (وغامضه) إن رمت شرحا أُطوّل
(عزيز) بكم صب ذليل لعزكم (ومشهور) أوصاف المحب التذلل
(غريب) يقاسي البعد عنك وما له وحقك عن دار القلى متحَوّل
فرفقا (بمقطوع) الوسائل ما له إليك سبيل لا ولا عنك معدل
فلا زلت في عز منيعٍ ورفعة ولا زلت تعلو بالتجني فانزل
أواري بسعدى والرباب وزينب وأنت الذي تعنى وأنت المؤمل
فخذ أولا من آخر ثم أولا من النصف منه فهو فيه مكَمّل
أبَرّ إذا أقسمت أني بحبه أهيم وقلبي بالصبابة مشعل
(*) قوله: " فخذ أولا من آخر " أي خذ أول كلمة من البيت الأخير وهي " أبر " ثم أول كلمة من نصفه الأخير " أهيم " فتصير ابراهيم ولعله ابنه أوبعض أحبته .(585/1)
أهل الخليج ! أيرضى المؤمنون بأن + تحميهم اليوم إفرنج وصلبان
أهل الخليج وأهل الدين ويحتكموا + دِيس الحِمى أين أحرار وشجعان
أين التعاون ؟ يأهل التهاون ! كم + أضاع قوماً فما صانوا ولا زانو
ويح الجزيرة والعوجاء إن ذهبت + نهباً مضاعاً لمن داسوا ومن هانوا
أضعتموها بإعلام يهددنا + حتى غفونا فنام اليوم قبطان
ألا تعلمنا الأحداث موعظة ؟ + أليس يوقظنا قصف وبركان
أمن البلاد رجالُ دُربوا فغدوا + أسود غاب فما هانوا ولا لانو ا
فهم صواريخ جوٍ كالنجوم علوا + وهم مناطيد في بحر وحيتان
أمن البلاد شباب مسلمٌ وهموا + درع الجزيرة لاشركٌ وكفران
وما الشجاعة تخزين السلاح سُدى + إن الشجاعة تدريبٌ وميدان
أحيوا شعوبكمو بالجد إن به + سبق الحظارة لامالٌ وأطيان
دعوا الملاعب لليونان تعمرها + ماذا جنت من مغاني اللعب يونان ؟
هاتوا الرياضية أعمالاٌ وتقنيةٌ + مالروح مالعقل أقدامٌ وسيقانٌ
فليس يُجدي إذا أرواحنا هزلت + إذا تزخرف بنيانٌ وميدانٌ
إنا ظمئنا إلى نهر الكرامة من + يُسقي العِطاش ودون اشطِ قضبان؟
لقد ركعنا أمام الغرب في وجلٍ + ومرقتنا أساطيلٌ ورومان
بالأمس في دارنا للإنجليز حمىّ + واليوم بيتٌ لأمريكا وبنيانٌ
بالأمس كانت حماياتٌ مسترةٌ + واليوم هلت مطاراتٌ وبيبان
إنا تمزقنا البلوى تحيق بنا + أنى أتجهنا لنا الآلام أجفان
إخواننا في رحى الصومال قد طُحنوا + وكلنا نائمٌ كاسٌ وشبعانٌ
والغرب يطعمهم والكفر ينصرهم + وقومنا الشمُّ لا يقضي بهم شان
إخواننا في ديار الرافدين لهم قتلٌ + وقصفٌ حدته اليوم ظهران
ونحن في لُجة للغرب قد كُسرت + فيها المراكب لما ضاع رُبان
بالأمس قلنا لعل الأمر ملتبسٌ + واليوم تفتح للعُميان أعيان(586/1)
قصيدة في نقد (طاش ماطاش ) ]
الكاتب : [ صبي التوحيد ] ... 26-12-1999 05:12 AM الملف الشخصي لـ صبي التوحيد التعديل خاص بـ صبي التوحيد ... خاص بالمشرف
هذه القصيدة قالها أحد الشعراء في نقد ( طاش ماطاش ) وهي قصيدة نبطية
الله من همٍ بصدري بدا يجيش 000 يزفر كما البركان بصدري ليا جاش
لو يضرب جبال الهدا طيّره ريش 000 وخلا الوطا من تحت الأقدام تنخاش
وفكرت في دنيا بها الخلق ماتعيش 000 واخذت أنا في بحرالأفكار مطراش
يقطعك يا دنيا تزعمبها الدّ يش 000 وقت تغير وأصبح الرأس منداش
ولد الحموله ذ ل وزمّر حتيريش 000 وقامت اتمخشنا سلق طاش ماطاش
ناسٍ مثل وصف الهلايم قرافيش 000 ولوجبتهم للبيع عيفوا بلياش
ولو قمت أفتشهم عن الطيب تفتيش 000 للقا دواخلهم خثاريب وقشاش
ليا قام يمد حلك بنفسه بدا يطيش 000 ماكنه الاّ اللي يسمون هتاش
وهو حثال من حثايل دراويش 000 عايش مع الطيٍّب سوى مثل من عاش
أحب أنا الطيب ولوما عطانيش 000 والاّ الردي لو يملك المال حتاش
يارايح يم القصبجي وابوخيش 000 وزميله السدحان للكذب محواش
قل له عليكم من هل الفكر تفتيش 000 وبيّن خطاكم وماعلى الناس يخفاش
تمثيلكم كله سبايب وتمخيش 000 تجار هرج مابكم عز وعراش
الهزو في ( دينا ) والغلط ليش 000 وش الهدف واللي تريدون يا خياش
والقصيدة أطول من ذلك(587/1)
قصيدة ليس الغريب للإمام زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِ ***إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ *** على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني** * وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والموتُ يَطلُبُني
وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها** * الله يَعْلَمُها في السِّرِ والعَلَنِ
مَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني**** وقَدْ تَمادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي
تَمُرُّ ساعاتُ أَيَّامي بِلا نَدَمٍ *** ولا بُكاءٍ وَلاخَوْفٍ ولا حَزَنِ
أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً **** عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُني
يَا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ *** يَا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُها*** * وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيرِ وَالحَزَنِ
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحَاً **** عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُني
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني **** وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هذا اليومَ يَنْفَعُني
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها **** مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها **** وصَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا *** بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
وَقامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ*** * نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتيني يُغَسِّلُني
وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً **** حُراً أَرِيباً لَبِيباً عَارِفاً فَطِنِ
فَجاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني** * مِنَ الثِّيابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً **** وَصَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني(588/1)
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني*** * غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ
وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لها **** وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فَوا أَسَفاً *** عَلى رَحِيلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُني
وَحَمَّلوني على الأْكتافِ أَربَعَةٌ *** مِنَ الرِّجالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا **** خَلْفَ الإِمَامِ فَصَلَّى ثمّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لها **** ولا سُجودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلوني إلى قَبري على مَهَلٍ **** وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهم يُلَحِّدُني
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني **** وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِماً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً **** وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا **** حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هناك ولا*** * أَبٌ شَفيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني
فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يا أَسَفاً **** عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُني
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ **** مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ ما أَقولُ لهم **** قَدْ هَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهِمُ **** مَالِي سِوَاكَ إِلهي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يا أَمَلي **** فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا **** وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لها بَدَلي *** وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَها ***** وَصَارَ مَالي لهم حِلاً بِلا ثَمَنِ(588/2)
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيا وَزِينَتُها ***** وانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها** * هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
خُذِ القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها *** لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً*** * يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي **** فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً**** * عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختارِ سَيِّدِنا **** مَا وَصَّا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَا وَمُصْبِحِنَا ***** بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْسانِ وَالمِنَنِ(588/3)
قصيدة مجنون ليلى
خليلي مرا بي على الأبرق الفرد ......وعهدي بليلى حبذا ذاك من عهد
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد. لقد زادني مسراك وجدا على وجدي
أإن هتفت ورقاء في رونق الضحى......... على فنن غض النبات من الرند
بكيت كما يبكي الوليد ولم أزل ............جليدا وأبديت الذي لم أكن أبدي
وأصبحت قد قضيت كل لبانة ................تهامية واشتاق قلبي إلى نجد
إذا وعدت زاد الهوى لانتظارها............وإن بخلت بالوعد مت على الوعد
وإن قربت دارا بكيت وإن نأت ...............كلفت فلا للقرب أسلو ولا البعد
ففي كل حب لا محالة فرحة ............وحبك ما فيه سوى محكم الجهد
أحن إلى نجد فيا ليت أنني ............سقيت على سلوانه من هوى نجد
ألا حبذا نجد وطيب ترابه ...................وأرواحه إن كان نجد على العهد
وقد زعموا أن المحب إذا دنا ..............يمل وأن النأي يشفي من الوجد
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ..............على أن قرب الدار خير من البعد
على أن قرب الدار ليس بنافع .............إذا كان من تهواه ليس بذي ود(589/1)
قصيدة معروف الرصافي في أهل الفلوجة
أيها الإنكليز لن نتناسى بغيكم في مساكن 'الفلوجة' ... ...
ذاك بغي لن يشفي الله إلا بالمواضي جريحه و شجيجه
هو كرب تأبى الحمية أنا بسوى السيف نبتغي تفريجه ... ...
هو خطب أبكى العراقيين والشام وركن البنية المحجوجه
حلها جيشكم يريد انتقاماً وهو مُغرٍ بالساكنين علوجه ... ...
فاستهانت بالمسلمين سَفاهاً واتخذتم من اليهود وليجه
و أدرتم فيها على العُزْل كأساً من دماء بالغدر كانت مزيجه ... ...
واستبحتم أموالها وقطعتم بين أهل الديار كل وشيجه
أم سكرتم لما غلبتم بحرب لم تكن في انبعاثها بنضيجه ... ...
قد نتجنا لقوحها عن خِداج فلذاك انتهت بسوء النتيجه
لا تغرنكم شِباكْ كبارٌ أصبحت لاصطيادنا منسوجه ... ...
لستم اليوم في المسالك إلا جملاً تحت صدره دُحروجه
وطن عشت فيه غير سعيد عيش حر يأبى على الدهر عوجه ... ...
أتمنى فيه السعادة لكن ليس لي فيه ناقة منتوجه
أخصب الله أرضه ولو أني لست أرعى رياضه ومروجه ... ...
كل يوم بعزّه أتغنىّ جاعلاً ذكر عزّه أمزوجه
ما حياة الإنسان بالذل إلا مرة عند حَسْوِها ممجوجه ... ...
فثناءً [ للرافدين ] وشكراً وسلاماً عليك يا 'فلوجه'(590/1)
قصيدة نهج البردة
في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ( أحمد شوقي)
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُر الحُرُمِ
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُم
ِلَقَد أَنَلتُكَ أُذناً غَيرَ واعِيَةٍ وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَداً أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
أَفديكَ إِلفاً وَلا آلو الخَيالَ فِدىً أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ
سَرى فَصادَفَ جُرحاً دامِياً فَأَسا وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ
مَنِ المَوائِسُ باناً بِالرُبى وَقَناً اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي
السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحىً يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ
القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ
العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ
المُضرِماتُ خُدوداً أَسفَرَت وَجَلَت عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ
الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفاً أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ
مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ
يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالغَنَمِ
وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبيً يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ(591/1)
يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَمّى جانِبُهُ أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ
ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ
مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَر وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
لَم أَغشَ مَغناكِ إِلّا في غُضونِ كِرىً مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ
يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ
فُضّي بِتَقواكِ فاهاً كُلَّما ضَحِكَت كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ
مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ
يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ
لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ
كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ
طَوراً تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ
كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَماً يَسُمُ
يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ
رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ
هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوىً طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ
إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ(591/2)
أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ
إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ
وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ
لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللَهِ يَغتَنِمِ
فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُحَمِ
يُزري قَريضي زُهَيراً حينَ أَمدَحُهُ وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ
مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ وَبُغيَةُ اللَهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ
قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ
نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفاً وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي
حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
لَمّا رَآهُ بَحيرا قالَ نَعرِفُهُ بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ
سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ
كَم جيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَت بِهِما بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ
وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ
يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ
لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ
وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ(591/3)
مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ
إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها يُغرى المادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ
وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللَهُ قائِلُها لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ
هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلَأَت أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ
فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ
تَساءَلواعَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِم رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ
ياجاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ
لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ
فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَم بِالخُلقِ والخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ
جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَت وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ
آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ
يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ
يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جيدَ البَيانِ بِهِ في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ تُحييِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ
سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ في الشَرقِ والغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
تَخَطَّفَت مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَت مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِم إِلّا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَوراً مُسَخَّرَةٌ لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ(591/4)
مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُم بِأَضعَفِهِم كَاللَيثِ بِالبَهمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ والرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ
لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِم كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ
صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذي خَطَرٍ وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللَهِ يَأتَمِمِ
جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِم عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ
رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ
مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ وَقُدرَةُ اللَهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ
حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ
وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاِستَلِمِ
خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ
أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَاِنكَشَفَت لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ
وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ
سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ
هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ
وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُم كَالغابِ وَالحائِماتُ وَالزُغبُ كَالرُخَمِ
فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُم كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ
لَولا يَدُ اللَهِ بِالجارَينَ ما سَلِما وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ
تَوارَيا بِجَناحِ اللَهِ وَاِستَتَرا وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللَهِ لا يُضَمِ(591/5)
يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي
المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ
مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوىً وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ
اللَهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ
وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَن يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ
هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ
البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ
شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها اِنخَفَضَت وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ
وَاللَيثُ دونَكَ بَأساً عِندَ وَثبَتِهِ إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي
تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ
مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ
كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجىً يُضيءُ مُلتَثِماً أَو غَيرَ مُلتَثِمِ
بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ
ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ
اللَهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ وأنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ
إِن قُلتَ في الأَمرِ لا أَو قُلتَ فيهِ نَعَم فَخيرَةُ اللَهِ في لا مِنكَ أَو نَعَمِ
أَخوكَ عيسى دَعا مَيتاً فَقامَ لَهُ وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزِمَمِ
وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً َاِبعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَاِبعَث مِنَ الرَجَمِ
قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا لِقَتلِ نَفسٍ وَلاجاؤوا لِسَفكِ دَمِ
جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ(591/6)
لَمّا أَتى لَكَ عَفواً كُلُّ ذي حَسَبٍ تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَم
ِوَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ ذَرعاً وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ
سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَت بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ
طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ
لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها بِالسَيفِ ما اِنتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ
لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ
لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهرُ الشَريفُ عَلى لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ
جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ
أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللَهِ في نُتزُلٍ فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَترَمِ
عَلَّمتَهُم كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِمَمِ
دَعَوتَهُم لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُم وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَتتتونِ وَالأُمَمِ
لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ
تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ
بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاِعتَلَت سُرُرٌ لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَم وَلَم تَصُمِ
أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ وَلَم نُعِدُّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ
مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها تَرمي بِأُسدٍ وَيَرمي اللَهُ بِالرُجُمِ
عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ لِلَّهِ مُستَقتِلٍ في اللَهِ مُعتَزِمِ
مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللَهِ مُضطَرِمٍ شَوقاً عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ
لَوصادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ
بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِم مِن أَسيُفِ اللَهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ(591/7)
كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ
لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ
شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ
يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ
غَرّاءُ حامَت عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهىً وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ
نورُ السَبيلِ يُساسُ العالِمونَ بِها تَكَفَّلَت بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ
يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ
لَمّا اِعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاِتَّسَعَت مَشَت مَمالِكُهُ في نورِها التَمَمِ
وَعَلَّمَت أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ
كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكاً باذِخَ العِظَمِ
لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ
سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِم وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ
ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِم إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ
لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكناً شادَ عَدلَهُمُ وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ
نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ
دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ
وَخَلِّ كِسرى وَإيواناً يَدِلُّ بِهِ هَوىً عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ
وَاِترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ في نهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ
دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَت دارُ السَلامِ لَها أَلقَت يَدَ السَلَمِ
ما ضارَعَتها بَياناً عِندَ مُلتَأَمٍ وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ(591/8)
وَلا اِحتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ
مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُم تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ
وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ
يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ
وَيُمطِرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ
خَلائِفُ اللَهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ
مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً وَكَاِبنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ
وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِماً بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ
الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَ وَالناصِرُ النَدبِ في حَربٍ وَفي سَلَمِ
أَو كَاِبنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ
وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيباً وَيَنظُمُها عِقداً بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ
جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي
وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ
بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ
وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ
يُجادِلُ القَومَ مُستَلّاً مُهَنَّدَهُ في أَعظَمِ الرُسلِ قَدراً كَيفَ لَم يَدُمِ
لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ
يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ
مُسَبِّحاً لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً ضُرّاً مِنَ السُهدِ أَو ضُرّاً مِنَ الوَرَمِ(591/9)
رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَماً وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ
وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ
بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى
وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ
الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِم ماهالَ مِن جَلَلٍ وَاِشتَدَّ مِن عَمَم
الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ
يارَبِّ هَبَّت شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها وَاِستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ
سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ
رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
فَاِلطُف لِأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفاً وَلا تُسِمِ
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ(591/10)
قصيدة نهج البردة لأحمد شوقي
1. ريمٌ على القاعِ بين البانِ والعلَمِ أَحَلّ سفْكَ دمي في الأَشهر الحُرُمِ
2. رمى القضاءُ بعيْني جُؤذَر أَسدًا يا ساكنَ القاعِ, أَدرِكْ ساكن الأَجمِ
3. لما رَنا حدّثتني النفسُ قائلةً يا وَيْحَ جنبِكَ, بالسهم المُصيب رُمِي
4. جحدتها, وكتمت السهمَ في كبدي جُرْحُ الأَحبة عندي غيرُ ذي أَلمِ
5. رزقتَ أَسمح ما في الناس من خُلق إِذا رُزقتَ التماس العذْر في الشِّيَمِ
6. يا لائمي في هواه - والهوى قدَرٌ - لو شفَّك الوجدُ لم تَعذِل ولم تلُمِِ
7. لقد أَنلْتُك أُذْنًا غير واعيةٍ ورُبَّ منتصتٍ والقلبُ في صَممِ
8. يا ناعس الطَّرْفِ; لاذقْتَ الهوى أَبدًا أَسهرْتَ مُضناك في حفظِ الهوى, فنمِ
9. أَفْديك إِلفًا, ولا آلو الخيال َفِدًى أَغراك بالبخلِ مَن أَغراه بالكرمِ
10. سرَى, فصادف جُرحًا داميًا, فأَسَا ورُبَّ فضلٍ على العشاقِ للحُلُمِ
11. مَن الموائسُ بانًا بالرُّبى وقَنًا اللاعباتُ برُوحي, السافحات دمِي؟
12. السافِراتُ كأَمثالِ البُدُور ضُحًى يُغِرْنَ شمسَ الضُّحى بالحَلْي والعِصَمِ
13. القاتلاتُ بأَجفانٍ بها سَقَمٌ وللمنيةِ أَسبابٌ من السّقَمِ
14. العاثراتُ بأَلبابِ الرجال, وما أُقِلنَ من عثراتِ الدَّلِّ في الرَّسمِ
15. المضرماتُ خُدودًا, أسفرت, وَجَلتْ عن فِتنة, تُسلِمُ الأَكبادَ للضرَمِ
16. الحاملاتُ لواءَ الحسنِ مختلفًا أَشكالُه, وهو فردٌ غير منقسِمِ
17. من كل بيضاء او سمراء زينتا للعينِ, والحُسنُ في الآرامِ كالعُصُمِ
18. يُرَعْنَ للبصرِ السامي, ومن عجبٍ إِذا أَشَرن أَسرن الليثَ بالعَنمِ
19. وضعتُ خدِّي, وقسَّمتُ الفؤادَ ربًى يَرتَعنَ في كُنُسٍ منه وفي أَكمِ
20. يا بنت ذي اللِّبَدِ المحمي ِّجانِبُه أَلقاكِ في الغاب, أَم أَلقاكِ في الأطُمِ؟
21. ما كنتُ أَعلم حتى عنَّ مسكنُه أَن المُنى والمنايا مضرِب ُالخِيمِ(592/1)
22. مَنْ أَنبتَ الغصنَ مِنْ صَمصامةٍ ذكرٍ؟ وأَخرج الريمَ مِن ضِرغامة قرِمِ؟
23. بيني وبينكِ من سُمْرِ القَنا حُجُب ومثلُها عِفَّةٌ عُذرِيةُ العِصَمِ
24. لم أَغش مغناكِ إِلا في غضونِ كَرًى مَغناك أَبعدُ للمشتاقِ من إِرَمِ
25. يا نفسُ, دنياكِ تُخْفي كلَّ مُبكيةٍ وإِن بدا لكِ منها حُسنُ مُبتسَمِ
26. فُضِّي بتقواكِ فاهًا كلما ضَحكتْ كما يُفضُّ أَذَى الرقشاءِ بالثَّرَمِ
27. مخطوبةٌ - منذُ كان الناسُ - خاطبَةٌ من أَولِ الدهر لم تُرْمِل, ولمتَئمِ
28. يَفنى الزّمانُ, ويبقى من إِساءَتِها جرْحٌ بآدم يَبكي منه في الأَدمِ
29. لا تحفلي بجناها, أَو جنايتها الموتُ بالزَّهْر مثلُ الموت بالفَحَمِ
30. كم نائمٍ لا يَراها, وهي ساهرةٌ لولا الأَمانيُّ والأَحلامُ لم ينمِ
31. طورًا تمدّك في نُعْمى وعافيةٍ وتارةً في قرَار البؤس والوَصَمِ
32. كم ضلَّلتكَ, وَمَن تُحْجَبْ بصيرتُه إِن يلقَ صابا يَرِد, أَو عَلْقما يَسُمِ
33. يا ويلتاهُ لنفسي! راعَها ودَها مُسْوَدَّةُ الصُّحْفِ في مُبْيَضَّةِ اللّمَمِ
34. ركَضْتها في مَرِيع المعصياتِ, وما أَخذتُ من حِمْيَةِ الطاعات للتُّخَمِ
35. هامت على أَثَرِ اللَّذات ِتطلبُها والنفسُ إِن يَدْعُها داعي الصِّبا تَهمِ
36. صلاحُ أَمرِك للأَخلاقِ مرجِعُه فقوِّم النفسَ بالأَخلاقِ تستقمِ
37. والنفسُ من خيرِها في خيرِ عافيةٍ والنفسُ من شرها في مَرْتَعٍ وَخِمِ
38. تطغى إِذا مُكِّنَتْ من لذَّةٍ وهوًى طَغْيَ الجيادِ إِذا عَضَّت على الشُّكُمِ
39. إِنْ جَلَّ ذَنبي عن الغُفران ليأَملٌ في اللهِ يجعلني في خيرِ مُعتصَمِ
40. أُلقي رجائي إِذا عزَّ المُجيرُ على مُفرِّج الكرب في الدارينِ والغمَمِ
41. إِذا خفضتُ جَناحَ الذُّلِّ أَسأَله عِزَّ الشفاعةِ; لم أَسأَل سوى أَمَمِ
42. وإِن تقدّم ذو تقوى بصالحةٍ قدّمتُ بين يديه عَبْرَةَ الندَمِ(592/2)
43. لزِمتُ بابَ أَمير الأَنبياءِ, ومَنْ يُمْسِكْ بمِفتاح باب الله يغتنِمِ
44. فكلُّ فضلٍ, وإِحسانٍ, وعارفةٍ ما بين مستلمٍ منه ومُلتزمِ
45. علقتُ من مدحهِ حبلاً أعزُّبه في يوم لا عِزَّ بالأَنسابِ واللُّحَمِ
46. يُزرِي قَرِيضِي زُهَيْرًا حين أَمدحُه ولا يقاسُ إِلى جودي لدَى هَرِمِ
47. محمدٌ صفوةُ الباري, ورحمتُه وبغيَةُ الله من خَلْقٍ ومن نَسَمِ
48. وصاحبُ الحوض يومَ الرُّسْلُ سائلةٌ متى الورودُ? وجبريلُ الأَمين ظَمي
49. سناؤه وسناهُ الشمسُ طالعةً فالجِرمُ في فلكٍ, والضوءُ في عَلَمِ
50. قد أَخطأَ النجمَ ما نالت أُبوَّتُه من سؤددٍ باذخ في مظهَرٍ سَنِم
51. نُمُوا إِليه, فزادوا في الورَى شرَفًا ورُبَّ أَصلٍ لفرع في الفخارِ نُمي
52. حَوَاه في سُبُحاتِ الطُّهرِ قبلهم نوران قاما مقام الصُّلبِ والرَّحِم
53. لما رآه بَحيرا قال: نعرِفُه بما حفظنا من الأَسماءِ والسِّيمِ
54. سائلْ حِراءَ, وروحَ القدس: هلع َلما مَصونَ سِرٍّ عن الإِدراكِ مُنْكَتِمِ؟
55. كم جيئةٍ وذهابٍ شُرِّفتْ بهما بَطحاءُ مكة في الإِصباح والغَسَمِ
56. ووحشةٍ لابنِ عبد الله بينهما أَشهى من الأُنس بالأَحباب والحشَمِ
57. يُسامِر الوحيَ فيها قبل مهبِطه ومَن يبشِّرْ بسِيمَى الخير يَتَّسِمِ
58. لما دعا الصَّحْبُ يستسقونَ من ظمإٍ فاضتْ يداه من التسنيم بالسَّنِمِ
59. وظلَّلَته, فصارت تستظلُّ به غمامةٌ جذَبَتْها خِيرةُ الديَمِ
60. محبةٌ لرسولِ اللهِ أُشرِبَها قعائدُ الدَّيْرِ, والرُّهبانُ في القِممِ
61. إِنّ الشمائلَ إِن رَقَّتْ يكاد بها يُغْرَى الجَمادُ, ويُغْرَى كلُّ ذي نَسَمِ
62. ونودِيَ: اقرأْ. تعالى اللهُ قائلُها لم تتصلْ قبل مَن قيلتْ له بفمِ
63. هناك أَذَّنَ للرحمنِ, فامتلأَت أَسماعُ مكَّةَ مِن قُدسيّة النَّغمِ
64. فلا تسلْ عن قريش كيف حَيْرتُها؟ وكيف نُفْرتُها في السهل والعَلمِ؟(592/3)
65. تساءَلوا عن عظيمٍ قد أَلمَّ بهم رمَى المشايخَ والولدانَ باللَّممِ
66. يا جاهلين على الهادي ودعوتِه هل تجهلون مكانَ الصادِقِ العَلمِ؟
67. لقَّبتموهُ أَمينَ القومِ في صِغرٍ وما الأَمينُ على قوْلٍ بمتّهَمِ
68. فاق البدورَ, وفاق الأَنبياءَ, فكمْ بالخُلْق والخَلق مِن حسْنٍ ومِن عِظمِ
69. جاءَ النبيون بالآياتِ, فانصرمت وجئتنا بحكيمٍ غيرِ مُنصَرمِ
70. آياتُه كلّما طالَ المدَى جُدُدٌ يَزِينُهنّ جلالُ العِتق والقِدمِ
71. يكاد في لفظةٍ منه مشرَّفةٍ يوصِيك بالحق, والتقوى, وبالرحمِ
72. يا أَفصحَ الناطقين الضادَ قاطبةً حديثُك الشّهدُ عند الذائقِ الفهِمِ
73. حَلَّيتَ من عَطَلٍ جِيدَ البيانِ به في كلِّ مُنتَثِر في حسن مُنتظِمِ
74. بكلِّ قولٍ كريمٍ أَنت قائلُه تُحْيي القلوبَ, وتُحْيي ميِّتَ الهِممِ
75. سَرَتْ بشائِرُ بالهادي ومولِده في الشرق والغرب مَسْرى النور في الظلمِ
76. تخطَّفتْ مُهَجَ الطاغين من عربٍ وطيَّرت أَنفُسَ الباغين من عجمِ
77. رِيعت لها شُرَفُ الإِيوان, فانصدعت من صدمة الحق, لا من صدمة القُدمِ
78. أَتيتَ والناسُ فَوْضَى لا تمرُّ بهم إِلاّ على صَنم, قد هام في صنمِ
79. والأَرض مملوءَةٌ جورًا, مُسَخَّرَةٌ لكلّ طاغيةٍ في الخَلْق مُحتكِمِ
80. مُسَيْطِرُ الفرْسِ يبغى في رعيّتهِ وقيصرُ الروم من كِبْرٍ أَصمُّ عَمِ
81. يُعذِّبان عبادَ اللهِ في شُبهٍ ويذبَحان كما ضحَّيت َبالغَنَمِ
82. والخلقُ يَفْتِك أَقواهم بأَضعفِهم كاللَّيث بالبَهْم, أَو كالحوتِ بالبَلَمِ
83. أَسرَى بك اللهُ ليلاً, إِذ ملائكُه والرُّسْلُ في المسجد الأَقصى على قدَمِ
84. لما خطرتَ به التفُّوا بسيدِهم كالشُّهْبِ بالبدرِ, أَو كالجُند بالعَلمِ
85. صلى وراءَك منهم كلُّ ذي خطرٍ ومن يفُز بحبيبِ الله يأْتممِ
86. جُبْتَ السمواتِ أَو ما فوقهن بهم على منوّرةٍ دُرِّيَّةِ اللُّجُمِ(592/4)
87. رَكوبة لك من عزٍّ ومن شرفٍ لا في الجيادِ, ولا في الأَيْنُق الرسُمِ
88. مَشِيئةُ الخالق الباري, وصَنعتُه وقدرةُ الله فوق الشك والتُّهَمِ(592/5)
يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ
أبو القاسم الشابيّ
يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ والمُنَى بَيْنَ لَوْعة ٍ وَتَأَسِّ
هذه سُنَّة ُ الحياة ، ونفسي لا تَوَدُّ الرَّحيقَ فِي كَأْسِ رِجْسِ
مُلِىء الدهر بالخداعِ، فكم قد ضلَّلَ الناسَ من إمام وقَسِّ
كلَّما أَسْأَلُ الحياة َ عَنِ الحقِّ تكُفُّ الحياة ُ عن كل هَمْسِ
لمْ أجِدْ في الحياة ِ لحناً بديعاً يَسْتَبِيني سِوى سَكِينَة ِ نَفْسي
فَسَئِمْتُ الحياة َ، إلا غِرَاراً تتلاشى بِهِ أَناشِيدُ يَأْسِي
ناولتني الحياة ُ كأساً دِهاقاً بالأماني، فما تناولْتُ كأسِي
وسقتْني من التعاسَة أكواباً تجرعْتُها، فيأشدّ تُعْسي
إنّ في روضة ِ الحياة ِ لأشواكاً بها مُزِّقتْ زَنابِقُ نفسي
ضَاعَ أمسي! وأينَ مِنِّي أَمْسِي؟ وقضى الدهرُ أن أعيش بيأسي
وقضى الحبُّ في سكون مريعٍ سَاعَة َ الموتِ بين سُخْط وَبُؤْسِ
لم تُخَلِّفْ ليَ الحياة من الأمس سِوَى لَوْعَة ٍ، تَهُبُّ وَتُرسي
تتهادى ما بين غصّات قلبي بِسُكونٍ وبين أوجاعِ نَفْسي
كخيال من عالم الموْت، ينْساب بِصَمْتٍ ما بينَ رَمْسٍ وَرَمْسِ
تلك أوجاعُ مهجة ٍ، عذَّبتْها في جحيم الحياة أطيافُ نحسِ(593/1)
قضيدة ابن زيدون
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا === وحادث الدهر بالتفريق يثنينا
إنا لبسنا الضنا بعد انتزاحهم === ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلين
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا === يقضي علينا الأسى لولا تآسينا
إن الزمان الذي ما زال يضحكنا === انساً بقربكم قد عاد يبكينا
وقد نكون وما يخشى تفرقنا === فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا
لا نملك الدمع والأحزان تملكنا === والهم صيّر طيب العيش غسلينا
يا ليت شعري ولم يُسعد أعادينا === هل نال حظاً من العتبى أعادينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم === رأياً ولم نتقلد غيره دينا
كنا نرى اليأس تسلينا عوارضه === وقد يئسنا فما لليأس يغرينا
حالت لفقدكم أيامنا فغدت === سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
ليسق عهد السرور عهدكم فما=== كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا === أن طالما غير النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً === منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا === من لو على البعد حيا كان يحينا
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم === ففي الجنان سنلقاكم ويكفينا
عليك منا سلام الله ما بقيت === صبابة بك نذكيها فتحيينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا * يقضي علينا الاسى لو لا تأسينا
حالت لبعدكم ايامنا فغدت * سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم * ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلينا
إن الزمان الذي قد كان يضحكنا * أنسا بقربكم قد كان يبكينا
فانحل ما كان معقودا بأنفسنا * وانبت ما كان موصولا بأيدينا
بالامس كنا وما يخشى تفرقنا * واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا * إذ طالما غير النائى المحبينا
والله ما طلبت ارواحنا بدلا * عنكم ولا انصرفت فيكم امانينا(594/1)
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ
امرؤ القيس
العصر ... جاهلي
عدد الأبيات ... 77
البحر ... طويل
الروي ... لام
الغرض ... وصف
مصدر القصيدة ... الديوان (8-26)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم
تنبيه ... هذه معلقة امرئ القيس، وهي برواية الأصمعي
1
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ *** بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ وحَوْمَلِ
2
فَتُوْضِحَ فَالمِقْرَاةِ لم يَعْفُ رَسْمُهَا *** لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ
3
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصَاتِهَا *** وَقِيْعَانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
4
كَأَنِّيْ غَدَاة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا *** لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
5
وُقُوْفًا بِهَا صَحْبِيْ عَليََّ مَطِيَّهُمْ *** يَقُولُونَ لا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ
6
وَإِنَّ شِفَائِيْ عَبْرَةٌ إِنْ سَفَحْتُهَا *** وَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
7
كَدَيْنِكَ مِنْ أُمِّ الحُويَرِثِ قَبْلَهَا *** وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ
8
فَفَاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنِّيْ صَبَابَةً *** عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلِي
9
أَلا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ *** وَلا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جُلْجُلِ
10
وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيَّتِيْ *** فَيَا عَجَبًا مِنْ رَحْلِهَا المُتَحَمَّلِ
11
يَظَلُّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَا *** وَشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ
12
وَيَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ *** فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي
13
تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعًا *** عَقَرْتَ بَعِيْرِيْ يَا امْرَأَ القَيْسِ فَانْزِلِ
14
فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِيْ وَأَرْخِي زِمَامَهُ *** وَلا تُبْعِدِيني مِنْ جَنَاكِ المُعَلِّلِ
15(595/1)
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعًا *** فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِيْ تَمَائِمَ مُغْيَلِ
16
إذا ما بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْحَرَفَتْ لَهُ *** بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لم يُحَوَّلِ
17
وَيَوْمًا عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَذَّرَتْ *** عَلَيَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ
18
أَفَاطِمُ مَهْلاً بَعْضَ هذا التَّدَلُّلِ *** وَإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ صَرْمِيْ فَأَجْمِلِي
19
وَإنْ تَكُ قَدْ سَاءَتْكِ مِنِّيْ خَليْقَةٌ *** فَسُلِّيْ ثِيَابِيْ مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ
20
أَغَرَّكِ مِنِّيْ أَنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي *** وَأَنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ
21
وَمَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقْدَحِي *** بِسَهْمَيْكِ في أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ
22
وَبَيْضَةِِ خِدْرٍ لا يُرَامُ خِبَاؤُهَا *** تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَلِ
23
تَجَاوَزْتُ أَحْرَاسًا وَأَهْوَالَ مَعْشَرٍ *** عَلَيَّ حِرَاصٍ لَوْ يُشِرُّونَ مَقْتَلِي
24
إذا ما الثُّرَيَّا في السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ *** تَعَرُّضَ أَثْنَاءِ الوِشَاحِ المُفَصَّلِ
25
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَتْ لنَوْمٍ ثِيَابَهَا *** لَدَى السِّتْرِ إِلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ
26
فَقَالَتْ يَمُيْنَ اللهَ ما لَكَ حِيْلَةٌ *** وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ العَمَايَةَ تَنْجَلِي
27
خَرَجْتُ بِهَا تَمْشِيْ تَجُرُّ وَرَاءَنَا *** عَلَى أثَرَيْنَا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
28
فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وَانْتَحَى *** بِنَا بَطْنُ حِقْفٍ ذِيْ رُكَامٍ عَقَنْقَلِ
29
إِذَا التَفَتَتْ نَحْوِيْ تَضَوَّعَ رِيْحُهَا *** نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ
30
إِذَا قُلْتُ هَاتِيْ نَوِّلِيْنِيْ تَمَايَلَتْ *** عَلَيَّ هَضِيْمَ الكَشَحِ رَيَّا المُخَلْخَلِ
31(595/2)
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفاضَةٍ *** تَرَائِبُهَا مَصْقُوْلَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ
32
كِبِكْرِ مُقَانَاةِ البَيَاضِ بِصُفْرَةٍ *** غَذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرِ المُحَلَّلِِ
33
تَصُدُّ وَتُبْدِيْ عَنْ أَسِيْلٍ وَتَتَّقِيْ *** بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِلِ
34
وَجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ *** إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلا بِمُعَطَّلِ
35
وَفَرْعٍ يُغَشِّي المَتْنَ أَسْودَ فَاحِمٍ *** أَثِيْثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ
36
غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلى العُلا *** تَضِلُّ المَدَارَى في مُثَنًى وَمُرْسَلِ
37
وَكَشْحٍ لَطِيْفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّرٍ *** وَسَاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ
38
وَتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرِ شَثْنٍ كَأَنَّهُ *** أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاوِيْكُ إِسْحِلِ
39
تُضِيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَا *** مَنَارَةُ مُمْسَى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ
40
وَتُضْحِيْ فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا *** نَؤُوْمُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ
41
إِلى مِثْلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَةً *** إِذَا ما اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ
42
تسلت عمايات الرجالِ عن الصّبا *** وليسَ صِبايَ عن هواها بمنسل
43
ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه *** نصيح على تعذَاله غير مؤتل
44
وليل كموج البحر أرخى سدولهُ *** عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
45
فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بجوزه *** وأردف أعجازا وناء بكلكل
46
ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي *** بصُبْحٍ وما الإصْباحَ فيك بأمثَلِ
47
فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ *** بكل مغار الفتل شدت بيذبل
48
كأنَّ الثريا علقت في مصمامها *** بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ
49
وَقَدْ أغْتَدي وَالطّيرُ في وُكنُاتُها *** بمنجردٍ قيدِ الأوابدِ هيكلِ
50(595/3)
مِكَرٍّ مفرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معًا *** كجلمودِ صخْر حطه السيل من علِ
51
كميت يزل اللبد عن حال متنه *** كما زَلّتِ الصَّفْواءُ بالمُتَنَزّلِ
52
مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى *** أثرنَ غبارًا بالكديد المركل
53
على العقبِ جيَّاش كأن اهتزامهُ *** إذا جاش فيه حميُه غَليُ مِرْجلِ
54
يطيرُ الغلامُ الخفُّ عن صهواته *** وَيُلْوي بأثْوابِ العَنيفِ المُثقَّلِ
55
دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرّهُ *** تقلبُ كفيهِ بخيطٍ مُوصلِ
56
لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة *** وإرخاء سرحانٍ وتقريبُ تتفلِ
57
كأن على الكتفين منه إذا انتحى *** مَداكَ عَروسٍ أوْ صَرية َ حنظلِ
58
وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ *** وباتَ بعيني قائمًا غير مرسل
59
فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجَه *** عَذارَى دَوارٍ في المُلاءِ المُذَيَّلِ
60
فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه *** بجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلِ
61
فألحَقَنا بالهادِياتِ وَدُونَهُ *** جواحِرها في صرة ٍ لم تزيَّل
62
فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَة ٍ *** دِراكًا ولم يَنْضَحْ بماءٍ فيُغسَلِ
63
فظلّ طُهاة ُ اللّحمِ من بينِ مُنْضِجٍ *** صَفيفَ شِواءٍ أوْ قَديرٍ مُعَجَّلِ
64
ورُحنا راحَ الطرفُ ينفض رأسه *** متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تسهل
65
كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحره *** عُصارة ُ حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُرْجّلِ
66
وأنتَ إذا استدبرتُه سدَّ فرجه *** بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
67
أحار ترى برقًا كأن وميضه *** كلمع اليدينِ في حبي مُكلل
68
يُضيءُ سَناهُ أوْ مَصَابيحُ راهِبٍ *** أهان السليط في الذَّبال المفتَّل
69
قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتي بينَ حامر *** وبين إكام بعد ما متأمل
70
وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة *** يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل
71
وتيماءَ لم يترُك بها جِذع نخلة *** وَلا أُطُمًا إلا مَشيدًا بجَنْدَلِ
72(595/4)
كأن طمية المجيمر غدوةً *** من السَّيلِ والغثاء فَلكة ُ مِغزَلِ
73
كأنَّ أبانًا في أفانينِ ودقهِ *** كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
74
وَألْقى بصَحْراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ *** نزول اليماني ذي العياب المخوَّل
75
كأنّ سباعًا فيهِ غَرْقَى غدية *** بِأرْجائِهِ القُصْوى أنابيشُ عُنْصُلِ
76
على قَطَنٍ بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبهِ *** وَأيْسَرُهُ عَلى السّتارِ فَيَذْبُلِ
77
وألقى ببسيان مع الليل بركه *** فانزل منه العصم من كل منزل(595/5)
قم يا أخي أكمل كفاحي
مروان حديد
قم يا أخي أكمل كفاحي ... قم لا تنم واحمل سلاحي
إني وفيت لربنا ... ولديننا فاسأل جراحي
عاهدت ربي والدّما ... تروي أزاهير البطاح
ألا أغادر أرضنا ... نهباً، وفي كفر بواح
وجعلت رزقي دائماً ... في ظل سيفي والرماح
وعبدت ربي خاشعاً ... متبتلاً حتى الصباح
وبمدفعي وقنابلي ... حاربت جيش الانبطاح
لغة الرصاص ومدفعي ... خير من اللسن الفصاح
والحقّ حق إنما ... نعليه بالبيض الصّفاح
عار عليكم أن تعيشوا ... في العويل وفي النّواح
وخصومكم قد أرهبوكم ... بالنباح وبالصّياح
أنتم أسود ضيعت ... بقعودها شرف الكفاح
حتى عرتها ذلّة ... فتقاعست خوف النباح
يكفيكم أن تعلنوا ... عن دينكم دين الفلاح
وتقاتلوا أعداءكم ... فالكفر آذن بالرواح
إني شهيد يا أخي ... والقتل عذب كالقراح
وغداً أكون وإخوتي ... عند المليك مع الملاح
فاحمل سلاحك يا أخي ... تشعر بروح وارتياح
فالحور دوماً مهرها ... بذل لروح بانشراح(596/1)
قٌمْ للمغنِّيْ وفِّهِ التصفيرا
بسم الله الرحمن الرحيم
ريوف الشمري
--- * ---
قٌمْ للمغنِّيْ وفِّهِ التصفيرا
كاد المغنِّيْ أن يكون سفيرا
يا جاهلاً قدر الغناء و أهلِهِ
اسمع فإنك قد جَهِلتَ كثيرا
أرأيتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
غنَّا فرقَّصَ أرجُلاً و خُصُيرا
يكفيهِ شرفاً أن يخدرَ صوتُهُ
أبناء أُمة أحمدٍ تخديرا
يمشي و يحمل بالغناء رسالةً
من ذا يرى لها في الحياة نظيرا
يُنسي الشبابَ همومَهم حتى غدوا
لا يعرفون قضيةً و مصيرا
الله أكبر حين يحيي حفلةً
فيها يُجعِّرُ لاهياً مغرورا
من حوله تجدِ الشباب تجمهروا
أرأيت مثل شبابنا جمهورا؟!!
يا حسرةً سكنت فؤاديَ و ارتوتْ
حتى غَدَتْ بين الضلوعِ سعيرا
يا عين نوحي حُقَّ لي و لكِ البُكا
ابكي شبابا بالغنا مسحورا
يا لائمي لا تحسبنّي أُبالغُ
فالأمرُ كان و ما يزالُ خطيرا
أُنظر إلى بعض الشبابِ فإنك
ستراهُ في قيد الغناءِ أسيرا
يا ليت شعري لو تراهُ إذا مشى
متهزهزاً لظننتهُ مخمورا
ما سُكرُهُ خمرٌ و لكنَّ الفتى
من كأسِ أُغنيةٍ غدا سِكّيرا
أقْبِح بهِ يمشي يُدندنُ راقصاً
قتلَ الرجولةَ فيهِ و التفكيرا
لولا الحياءُ لصحتُ قائلةً لهُ
(يَخْلف على امٍ) قد رعتكَ صغيرا
في السوقِ في الحمامِ أو في دارهِ
دوماً لكأس الأُغنياتِ مُديرا
إنَّ الذي ألِفَ الغناءَ لسانُهُ
لا يعرفُ التهليلا و التكبيرا
حاورهُ لكنْ خُذْ مناديلاً معك
خُذها فإنك سوف تبكي كثيرا
مما ستلقى من ضحالةِ فكرهِ
و قليلِ علمٍ لا يُفيدُ نقيرا
أما إذا كان الحوارُ عن الغنا
و سألتَ عنْ (أحلامَ) أو (شاكيرا)
أو قلت أُكتب سيرةً عن مطربٍ
لوجدتِهُ علماً بذاك خبيرا
أو قلتَ كمْ منْ أُغنياتٍ تحفظُ
سترى أمامك حافظاً نحريرا
أما كتابُ الله جلَّ جلاله
فرصيدُ حفظهِ ما يزالُ يسيرا
لا بيتَ للقرآن في قلبٍ إذا
سكن الغناءُ به و صار أميرا
أيلومني من بعد هذا لائمٌ
إنْ سال دمعُ المقلتين غزيرا
بلْ كيف لا أبكي و هذي أمتي(597/1)
تبكي بكاءً حارقاً و مريرا
تبكي شبابا علَّقتْ فيهِ الرجا
ليكونَ عند النائباتِ نصيرا
وجَدَتْهُ بالتطريبِ عنها لاهياً
فطوتْ فؤاداً في الحشا مكسورا
آهٍ..و آهٍ لا تداوي لوعتي
و العيشُ مما أراه صار مريرا
فاليومَ فاقتْ مهرجاناتُ الغنا
عَدِّي فأضحى عَدُّهنَّ عسيرا
في كل عامٍ مهرجانٌ يُولدُ
يشدوا العدا فرحاً بهِ و سرورا
أضحتْ ولادةُ مطربٍ في أُمتي
مجداً بكلِ المعجزاتِ بشيرا
و غدا تَقدُمُنا و مخترعاتُنا
أمراً بشغلِ القومِ ليس جديرا
ما سادَ أجدادي الأوائلُ بالغنا
يوماً و لا اتخذوا الغناء سميرا
سادوا بدينِ محمدٍ و بَنَتْ لهمْ
أخلاقُهمْ فوقَ النجومِ قُصُورا
و بصارمٍ في الحرب يُعجِبُ باسلاً
ثَبْتَ الجنانِ مغامرا و جسورا
مزمارُ إبليس الغناءُ و إنهُ
في القلبِ ينسجُ للخرابِ سُتُورا
صاحبْتُهُ زمناً فلما تَرَكْتُه
ُأضحى ظلامُ القلبِ بعدَهُ نورا
تباً و تباً للغناءِ و أهلِهِ
قد أفسدوا في المسلمين كثيرا
يا ربِّ إهدِهِمُ أو ادفع شَرَّهُمْ
إنَّا نراك لنا إلهي نصيرا(597/2)
قمة ٌ عربية ٌ بقرارتٍ يهوديةٍ/أمريكيه
بقلم كمال محمود علي اليماني
أصحابنا ..
تلملموا... تجمّعوا
تفرّقوا .. توزعوا
أصحابنا ..
تصافحوا.. تصالحوا
لحيظة ً تناصحوا
وبعدها أصحابنا
في شدة ٍ تناطحوا
أصحابنا ..
تطامنوا.. تهادنوا
وفجأة ً.. تلاسنوا
تلاعنوا
كعادة ٍأصيلة ٍ
أصحابنا ..تشاحنوا
تسيدوا .. تشددوا
تقدموا .. ترددوا
لحيظة ً.. تماوتوا
وفجأة ً.. تزايدوا
أصحابنا لبعضهم تملقا ً
ترققوا ..
وفجأة ً.. ثعملقوا..
وقطّعوا .. ومزّقوا
تبرأوا .. تشدّقوا
أصحابنا في جمعهم
تفكّروا..وأطرقوا
تبصّروا.. وحدّقوا
وزمجروا .. وزلزلوا
تكلموا .. وطوّلوا
لحيظة ً .. وولولوا
وبعدها من قِبلة ٍ
لقِبلةٍ تحولوا
أصحابنا.. تقاربوا
أصحابنا.. تباعدوا
تهددوا.. توعدوا
وفجأة ً.. أ صحابنا
من بعد ما قد أزبدوا
وأستنكروا..ونددوا
وزمجروا .. وبددوا
أصحابنا في لحظة ٍ
تفكّروا.. تذكّروا
أسيادهم فقرروا
وبدّلوا.. وحوّلوا
لاتعجبي ياأمّتي
جاء َ القرار ُ واضحا ً
كان َ الفرارُ فاضحا ً
أصحابنا في جمعهم
تكوّموا.. تكمموا
تجمّعوا.. تلملموا
أصحابنا في لحظة ٍ
خلعوا قناعات ِ الكذب
لحيظة.ً. تفذلكوا
ورتّبوا..وفبركوا
ووسوسوا..وشككوا
وبعدما تهددوا.. ودككوا
أصحابنا في خسّة ٍتهودوا
..في ذلّةٍ تأمركوا(598/1)
قمر في بغداد
لابن زريق البغدادي(599/1)
قوانين الصوارم
كُتِبَتْ هذه القصيدة اليوم:السبت 11/3/2006م عصراً
وُألْقِيتْ عشاءً في الحفل الذي أقامته
(الحركة السلفية) في الكويت على شرف براءة خمسة
من الأخوة الذين سجنوا في (غوانتناموا) بحضور
شيخينا الجليلين: د.عبدالله النفيسي ود.حامد العلي
صبرُ الرجال وهمةُ الأبطالِ
صنعا دروبَ العز للأجيالِ
قم يا قصيدي للكرام مقدّماً
تيجانَ مدحٍ رصِّعت بلآلي
واكتبْ على صُحُفِ الإباء قصيدةً
خُطّت بحبر المدمع السيّالِ
يا أيها السادات في زمن العب
وديات للأنذال للأوغالِ
أبقاكم الرحمن رمز حميةٍ
دينيةٍ أهلَ المقام العالي
لم ينقموا منكم سوى إيمانكم
أن المهندَ صانع الآمالِ
هو للعقيدة حارسٌ مستبسلٌ
إن كان في يد أروعٍ قتّالِ
هو للكرامة عالمٌ متبحرٌ
قد سطّر الأقوالَ بالأفعالِ
خِدْنُ الأباة على الطغاة زئيره
قد فاق صولة ضيغمٍ رئبالِ
لولا قوانين الصوارم في الورى
لم يبتني الأحرار صرح معالي
لولا قوانين الصوارم في الورى
ما خاض أحمد لجة الأهوالِ
لولا قوانين الصوارم في الورى
غدت المساجد ملعب الخيّالِ
لولا قوانين الصوارم في الورى
نبعت بزمزم خمرةُ الجريالِ
لولا قوانين الصوارم في الورى
لتذلل العلماء للجُهّالِ
لولا قوانين الصوارم في الورى
لتساوت الظبياء بالرئبالِ
لولا قوانين الصوارم هَدّمَ
البيتَ العتيقَ صويحبُ الأفيالِ
لولا قوانين الصوارم لم تَقُمْ
في أرض يثرب دولة الأبطالِ
لولا قوانين الصوارم لم تكن
بدرٌ منارَ هداية الأجيالِ
لولا قوانين الصوارم ما تكلّمَ
ذو الجلال بسورة الأنفالِ
لولا قوانين الصوارم ما علا
شوسُ الصحابة أسرج الصهّالِ
لولا قوانين الصوارم ما علت
(اللهُ أكبرُ) كلَّ صرحٍ عالي
لولا قوانين الصوارم لاشتهى ال
بانُ الرقيقُ قساوةَ العَسّالِ
لولا قوانين الصوارم لانبرت
خرساءُ تخطب في جموع رجالِ
لولا قوانين الصوارم لاشترت
ذممَ الكرام كنوزُ أهل المالِ
لولا قوانين الصوارم أصبحت
سُرُجُ الصوافن حليةً لبغالِ(600/1)
لولا قوانين الصوارم ما تَسَمّى
المصطفى بالضاحك القتّالِ
بقلم:سعد بن ثقل العجمي
عضو الحركة السلفية
في الكويت(600/2)
قومي و أنتفضي عني و أرحلي
قومي و أنتفضي عني و أرحلي____ كيف أعشق و دماءٌ تنزف من أهلي
فإن الفرح و البهجة محرمةٌ علّيَ ____طالما هم في حالٍ من الدمارٍ و التبلي
فإن لم أهب لنجدتهم و نصرتهم _______كأنني محوت و أنكرت علي أصلي
كيف ارقص و أغني و أحتفل __________و غيري من أجلهم يدعو و يصلي
قوموا و صلوا و أدعوا ثلث الليل____عسى أن يستجاب لنا في لحظة تجلي
إنهم تحت شمس حارقة يعانون________و نحن جالسون هاهنا ننعم بالظلِ
كيف نرضى لنا عيش الكرامة ___________و أمهات لنا و أخواتٌ يعانون الذلِ
شرفهم شرفنا و دمائهم دماؤنا _______و إن التغاضي عن ذلك لبؤس الفعلِ
فإن صمتنا و استكنا و رضينا ______فسيأتي يومٌ سنقاسي ما بهم من حالِ
دماءٌ زكية تسقي جنة الفردوس ______و ربنا شهيدٌ على جراحهم في العالِ
رزقهم الله جنات الفردوس نزلاً ________فإنه حقاً إنصافٌ من الحق ذو العدلِ
فأشهد علي اللهم أنني لم أستكن ____و أنا من ذنب المتقاعسين في حلِّ
قضيت ليالٍ أتضرع لرب الكون ___________أن يجيرهم و ذرفت الدمع الوابلِ
قد تعاضدت قوى الشر عليهم ____________فيا عربُ انهزموا هل من حلِ
شغلت أمتنا برقصٍ و مجونٍ وغناءٍ _________و عربدة ٍ و كل أمرٍ تافهٍ مسلِ
ثكلتني أمي إن لم أصرخ بهذا ___________و بكلامٍ مؤرقٍ للنائم في الليلِ
كيف تنام عيناي نوماً هنيئاً ______________و أعين أمهاتٍ تبكي من الثكلِ
لا استجيرُ بقومٍ باعوا شرفهم ________بالدرهمِ البخسِ إنما استنجد بالأولِ
أشهدك اللهم على فعل ذي القربى___فانصرني على عدوي بجندك يا وليِّ
غدر بهم خلانهم و سلموهم________لعدوهم فحسبهم الله و نعم الوكيلِ
قد أتوا لإثارة الغوغاءِ و الطائفيةِ ________و سرقتهم للنفطِ و الآثارِ أكبرُ دليلِ
قد نقضوا ميثاق الأمم و مذهبها________و فعلوا القبيحة و كلَّ شيءٍ مخلِ
سجونٌ أفرغت من المجرمين و ملئت_______شيوخاً و نساءً و حتى الطفلِ(601/1)
أختاه أخواتٌ لنا هتكت أعراضهن_________فاليومٍ ضعي عنكِ فكرةَ التجملِ
و اقنطي لله و تضرعي و أدعي لهم___عسى أن يستجيب دعائك ربٌ جليلِ
خيلٌ لسباقات الرهان قد دربت ___________فبئس خيل القمار تلك الخيلِ
و خيلٌ رفثها و طعامها في ميزانٍ ________فيا خيل الجهادِ صولي و جولي
خيلٌ غرٍ محجلين للجهاد قد نذرت ___فلا تقل إن ذلك كان في عهد الرسولِ
أيتها الخنساء يا رمز الشهامة أين___أنت أخوتي في الدماء مضرجين قولي
يقولون سنبحث أمرهم في قمةٍ و ندين___هل حررت أرض بكلامٍ معسولِ
أين أمة باعت أصلها و تنكرت____________قل لي الفروع خيرٌ أم الأصولِ
قد نبت الشعر على لساني فأنبئني_______هل أخاطب أجسادً بلا عقولِ
حلول الأمم الشرعية قد نقضوها ________من أين نأتي الآن لهم بالحلولِ
و الله لأطبقن قراركم يا عرب _____________و لكن أعطوني حلً معقولِ
قد دنسوا مسجدك فأعمي أعينهم _____ربٌ عرشه على ثمانيةٍ محمولِ
نجم العرب ليس في لبنان راقصٌ ____بل ينزفُ مناضلاً ظلم و غدر المحتلِ
قومٌ انشغلوا بتضميدِ جراحِ أبنائهم __و انشغلنا برسائل حبٍ بئس الشغلِ
قد ينقض أحدهم وزن شعري _______فهل هذا ما يجعلك مشغولَ البالِ
لم ألقِ بالاً على أن أزنه لأنني______بقضية نصرة إخواني مشغولٌ خيالي
تبكون دراهم قد فقدت و تنسون_____كرامةً أتبكون بعد أن ذهب الغالي
قومٌ ادّعوا الإيمان و حب الله _______و هم وراء ربح دنيوي في انشغالِ
إنهم يشردون بلا مأوى هناك________و أنتم مشغولون بنصبٍ و احتيالِ
فلا بارك الله في قومٍ ارتموا_______________في حضن دنيا خيرها بالِ
قد كنت أحب بعضاً منهم لكن ______انكشفت حقيقتهم و تبددت الآمالِ
يذبحون تحت أعيننا و نحن شاهدين _قلبي يتفطر عليهم في الغدو و الآصالِ
قد ضاعت النخوة العربية و اضمحلت _____عندما تعلقت بارتفاعِ سعر الريالِ
قد دعمنا صناعة الأعداء و أحببناها_________أيجب أن يكون أمريكاً سروالي(601/2)
و فد نسينا أن الصناعة ولدت هاهنا_______و جرينا لنشتري الحذاء الإيطالي
أخت لكم بسجن بعقوبة تستغيثكم _____هل من بعد هتك عرضي من جللِ
ردوا كرامتها و انتقموا لشرفها _________فهي ليست بما تتصدقون بمحتفلِ
اللهم أهلك أعدائك و أفنهم ____________و أمطر عليهم حجارةً من سجيلِ
أنصر اللهم أهلنا في بلاد الرافدين ____و بيت المقدسِ على الغاصبِ المحتلِ
أحدهم يبكي خيانة خليلتهِ ______________و دموع الثكالى كالمطرِ الهاطلِ
تصدح الأغاني الخليعة هاهنا _______________و في العراقِ صرخةٌ و عويلِ
اللهم أجعل نيران أعدائهم __________برداً و سلاماً كما جعلتها على الخليلِ
يقاومون ببندقيةٍ و قاذفٍ، توجهم ____________بالنصر على رأسهم كالإكليلِ
و إن رزقتهم الشهادة فبلغهم ________________الفردوس الأعلى ربٌ عليِّ
إخوانٌ على سررٍ من ذهبٍ متقابلين _______عطرهم بالمسكِ و العنبر و الفلِ
ثكلتكم أمهاتكم إن لم تهبوا ______________و تتعاونوا من أجل صالحِ العملِ
اللهم أشدد على عزائمهم و آزرهم _____و أنصرهم و أتهم فرجك على عجلِ
ما بال اليهود و الأمريكان يسنون ______________قوانينهم و لكل قانونٍ تأويلِ
قد يظهر قانونهم غير ما يبطنه ___________________و تفصيله للعالمِ مضلِ
يظنهم الرائي دعاة عدلٍ و حقٍ_____________لكنهم يطمسون الحق بالباطلِ
سياستهم الكذب و أكل حق الضعيف_________يظنون الله عما يفعلون بغافلِ
اتقدت مشاعرهم لانتخابِ مطربٍ ___________فهل لإيقاد نخوتهم من سبيلِ
أم لم تعد هناك نخوة في أمة ___________أميرها على الغانيات ينعم بالبذلِ
فاصحوا من غفوتكم و انصروهم_____فإن لم تفعلوا فحسبي الله و نعم الوكيلِ
و في ختام قصيدتي أدعوا لكم ____________بالهداية و أتمنى من الله القبولِ(601/3)
قيام الليل
قال الشاعر:
قلت يا ليل هل بجوفك سرُّ عامر بالحديث والأسرارِ
قال لم ألق في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسحارِ
*****************
وسئل عبدالله بن المبارك عن صفة الخائفين فقال:
إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت عليهم من سكينتهم خشوع
*****************
وقال آخر:
يا أيها الراقد كم ترقد قم يا حبيبي قد دنا الموعد
وخذ من الليل ولو ساعة تحظى إذا ما هجع الرقد
من نام حتى ينقضي ليله لم يبلغ المنزل لو يجهد
قل لذوي الألباب أهل التقى قنطرة الحشر لكم موعد
*****************
وقال آخر:
يا رجال الليل جدوا رب صوت لا يرد
ما يقوم الليل إلا من له عزم وجِدُّ
*****************
وقال آخر:
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا ( الله أكبر ) في شوق وفي جذل
أرواحهم خشعت لله في أدب قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم : ربنا جئناك طائعة نفوسنا ، وعصينا خادع الأمل
إذا سجى الليل قاموه وأعينهم من خشية الله مثل الجائد الهطل
هم الرجال فلا يلهيهم لعب عن الصلاة ، ولا أكذوبة الكسل
****************
وقال عبد الوهاب عزام:
قلت لليل : كم بصدرك سر أنبئني ما أروع الأسرار ؟
قال : ما ضاء في ظلامي سر كدموع المنيب في الأسحار
****************
وقال آخر:-
تتجافى جنوبهم عن المضاجع
كلهم مابين خائف متهجد وطامع
تركوا لذة الكرى للعيون الهواجع
وأستهلّت عيونهم فائضات المدامع
ودعوا يا ربنا يا جميل الصنائع
*****************
وقال آخر:
يا مطولاً بالقيام مستلذاً بالمنام
قم فقد فاتك يا مغبون أرباح الكرام
وخلوا دونك بالمو لى وفازوا بالمرام
وكذا تسبقك القو م إلى دار السلام
*****************
وقال آخر:
يا راقداً والجليل يحفظه من كل سوء يكون في الظلم
كيف تنام العيون عن ملك يأتيك منه فوائد النعم
*****************(602/1)
وقال محمد إقبال:
نائح والليل ساج سادل يهجع الناس و دمعي هاطل
تصطلي روحي بحزن وألم ورد ( يا قوم ) أنسي في الظلم
*****************
وقال آخر:
أنا كالشمع دموعي غسلي في ظلام الليل أذكي شعلي
محفل الناس بنوري يشرق أنشر النور و نفسي أحرق
*****************
وقال وليد الاعظمي:
يا ليل قيامك مدرسة فيها القرآن يدرسني
معنى الإخلاص فألزمه نهجاً بالجنة يجلسني
ويبصرني كيف الدنيا بالأمل الكاذب تغمسني
مثل الحرباء تلونها بالإثم تحاول تطمسنى
فأباعدها و أعاندها وأراقبها تتهجسني
فأشد القلب بخالقه والذكر الدائم يحرسني
*****************
وقال آخر:
أألهتك اللذائذ والأماني عن البيض الأوانس في الجنانِ
تعيش مخلَّداً لا موت فيها وتلهو في الجنان مع الحِسانِ
تنبه من منامك إنَّ خيراً من النوم التهجد بالقرآن ِ
*****************
وقال آخر:
امنع جفونك أن تذوق مناماً وذر الدموع على الخدود سجاما
وأعلم بأنك ميَّتٌ ومحاسب يا من على سخط الجليل أقاما
لله قومٌ أخلصوا في حبه فرضي بهم واختصهم خُداما
قومٌ إذا جنَّ الظلام عليهم باتوا هنالك سُجداً وقياما
****************(602/2)
كأنّ نجوماً أومضت في الغياهب
عيون الأفاعي
حسن إبراهيم الأفندي
1. عيون الأفاعي
كأنّ نجوماً أومضت في الغياهب عيون الأفاعي أو رؤوس العقارب
إذا كان قلب المرء في الأمر iiحائراً فأضيق من تسعين رحب iiالسباسب
وتشغلني عني وعن كل راحتي مصائب تقفوا مثلها في المصائب
إذا ما أتتني أزمة مدلهمة تحيط بنفسي من جميع الجوانب
تطلبت هل من ناصر أو مساعد ألوذ به من خوف سوء العواقب
فلست أرى الا الذي فلق النوى هو الواحد المعطي كثير المواهب
ومعتصم المكروب في كل غمرة ومنتجع الغفران من كل هائب
مجيب دعا المضطر عند دعائه ومنقذه من معضلات النوائب
معيد الورى في زجرة بعد موتهم لفصل حقوق بينهم ومطالب
ففي ذلك اليوم العصيب ترى الورى سكارى ولا سكر بهم من مشارب
حفاة عراة خاشعين لربهم فيا ويح ذي ظلم رهين المطالب
فيأتوا لنوح والخليل وآدم وموسى وعيسى عند تلك المتاعب
لعلهمُ أن يشفعوا عند ربهم لتخليصهم من معضلات المصاعب
فما كان يغني عنهموا عند هذه نبي ولم يظفرهمُ بالمآرب Œ
**********
2. هناك رسول الله :
هناك رسول الله يأتي لربه ليشفع لتخليص الورى من متاعب
فيرجع مسرورا ً بنيل طلابه أصاب من الرحمن أعلى iiالمراتب
سلالة إسماعيل والعرق نازع وأشرف بيت من لؤي بن غالب
بشارة عيسى والذي عنه عبروا بشدة بأس بالضحوك المحارب
ومن أخبروا عنه بأن ليس iiخلقه بفظ وفي الأسواق ليس بصاخب
ودعوة إبراهيم عند بنائه بمكة بيتا فيه نيل الرغائب
جميل المحيا أبيض الوجه iiربعة جليل كراديس أزج الحواجب
صبيح مليح أدعج العين أشكل فصيح له الاعجام ليس بشائب Œ
************
3. وأحسن خلق الله :
وأحسن خلق الله خلقا وخلقة وأنفعهم للناس عند النوائب
وأجود خلق الله صدراً ونائلا ً وأبسطهم كفا على كل طالب
وأعظم حر للمعالي نهوضه إلى المجد سام للعظائم خاطب
ترى أشجع الفرسان لاذ بظهره إذا احمرّ بأس في بئيس المواجب
وآذه قوم من سفاهة عقلهم ولم يذهبوا من دينه بمذاهب(603/1)
فما زال يدعو ربه لهداهم وإن كان قد قاسى أشد المتاعب
وما زال يعفو قادراً عن مسيئهم كما كان منه عند جبذة جاذب
وما زال طول العمر لله معرضاً عن البسط في الدنيا وعيش المزارب
بديع كمال في المعالي فلا امرء يكون له مثلا ولا بمقارب
أتانا مقيم الدين من بعد فترة وتحريف أديان وطول مشاغب Œ
****************
4. ويل قوم :
فيا ويل قوم يشركون بربهم وفيهم صنوف من وخيم المثالب
ودينهمُ ما يفترون برئيهم كتحريم حام واختراع السوائب
ويا ويل قوم حرفوا دين ربهم وأفتوا بمصنوع لحفظ المناصب
ويا ويل قوم من أطرى بوصف فسماه رب الخلق إطراء خائب
ويا ويل قوم قد أبار نفوسهم تكلف تزويق وحب الملاعب
ويا ويل قوم قد أخف عقولهم تجبر كسرى واصطلام الضرائب
فأدركهم في ذاك رحمة ربنا وقد أوجبوا منه أشد المعائب
فأرسل من عليا قريش نبيه ولم يك فيما قد بلوه بكاذب
ومن قبل هذا لم يخالط مداس أل يهود ولم يقرأ لهم خط كاتب Œ
***************
5. منهاج الهدى :
فأوضح منهاج الهدى لمن iiاهتدى ومنّ بتعليم على كل راغب
وأخبر عن بدء السماء لهم iiوعن مقام مخوف بين أيدي iiالمحاسب
وعن حكم رب العرش فيما يعينهم وعن حكم تروى بحكم iiالتجارب
وأبطل أصناف الخنى وأبادها وأصناف بغي للعقوبة جالب
وبشر من أعطى الرسول قياده بجنة تنعيم وحور كواعب
وأوعد من يأبى عبادة ربه عقوبة ميزان وعيشة قاطب
فأنجى به من شاء ربي نجاته ومن خاب فلتندبه شر النوادب Œ
**********
6. فأشهد :
فأشهد أن الله أرسل عبده بحق ولا شيء هناك برائب
وقد كان نورالله فينا لمهتد وصمصام تدمير على كل ناكب
وأقوى دليل عند من تم عقله على أن شرب الشرع أصفى المشارب
تواطىء عقول في سلامة فكره على كل ما يأتي به من مطالب
سماحة شرع في رزانة شرعة وتحقيق حق في إشارة حاجب
مكارم أخلاق وإتمام نعمة نبوة تأليف وسلطان غالب
نصدق دين المصطفى بقلوبنا على بينات فهمها من غرائب Œ
**********
7. براهين :(603/2)
براهين حق أوضحت صدق قوله رواها ويروي كل شب وشائب
ومن ذاك كم أعطى الطعام iiلجائع وكم مرة أسقى الشراب لشارب
وكم من مريض قد شفي من دعائه وإن كان قد أشفى لوجبة واجب
ودرت له شاة لدى أم معبد حليبا ولا تسطاع حلبة حالب
وقد ساخ في أرض حصان iiسراقة وفيه حديث عن براء بن iiعازب
وقد فاح طيبا كف من مس كفه وماحلّ رأسا جنس شيب iiالذوائب
وألقى شقي القوم فرث iiجزورهم على ظهره والله ليس بعازب
فألقوا ببدر في قليب مخبث وعم جميع القوم شؤم المداعب
وأخبر أن أعطاه مولاه نصرة ورعبا الى شهر مسيرة سارب
فأوفاه وعد الرعب والنصر iiعاجلا وأعطى له فتح التبوك ومآرب
وأخبر عنه أن سيبلغ ملكه إلى ما رأى من مشرق iiومغارب
فأسبل رب الأرض بعد نبيه فتوحا تواري مالها من مناكب Œ
*********
8. فراق الحب :
وكلمه الأحجار والعجم والحصى وتكليم هذا النوع ليس برائب
وحن له الجذع القديم تحزنا فإن فراق الحب أدهى المصائب
وأعجب تلك البدر ينشق عنده وما هو في إعجازه من عجائب
وشق له جبريل باطن صدره لغسل سواد بالسويداء لازب
وأسرى على متن البراق إلى السما فيا خير مركوب ويا خير راكب
وراعت بليغ الآي كل مجادل خصيم تمادى في مراء المطالب
براعة أسلوب وعجز معارض بلاغة أقوال وأخبار غائب
وسمّاه رب الخلق أسماء مدحة تبيّن ما أعطى له من مناقب
رؤوف رحيم أحمد ومحمد مقفى ومفضال يسمى بعاقب
إذا ما أثاروا فتنة جاهلية يقود ببحر زاخر من كتائب
يقوم لدفع البأس أسرع قومه بجيش من الأبطال غر iiالسلاهب
أشداء يوم البأس من كل باسل ومن كل قرم بالأسنة لاعب
توارث إقداما ونبلا وجرأة نفوسهمُ من أمهات نجائب Œ
************
9. جزى الله :
جزى الله أصحاب النبي محمد جميعا كما كانوا له خير صاحب
وآل رسول الله لازال أمرهم قويما على إرغام أنف iiالنواصب
ثلاث خصال من تعاجيب ربنا نجابة أعقاب لوالد طالب
خلافة عباس ودين نبينا تزايد في الأقطار من كل جانب(603/3)
يؤيد دين الله في كل دورة عصائب تتلو مثلها من عصائب
فمنهم رجال يدفعون عدوهم بسمر القنا والمرهفات iiالقواضب
ومنهم رجال يغلبون عدوهم بأقوى دليل مفحم للمغاضب
ومنهم رجال بينوا شرع ربنا وما كان فيه من حرام وواجب
ومنهم رجال يدرسون كتابه بتجويد ترتيل وحفظ مراتب
ومنهم رجال فسروه بعلمهم وهم علمونا ما به من غرائب
ومنهم رجال بالحديث تولعوا وما كان فيه من صحيح وذاهب
ومنهم رجال مخلصون لربهم بأنفسهم خصب البلاد الأجادب
ومنهم رجال يهتدى بعظاتهم قيام إلى دين من الله واصب
على الله رب الناس حسن جزاءهم بما لا يوافي عده ذهن حاسب Œ
************
10. خاتم الرسل :
فمن شاء فليذكر جمال بثينة ومن شاء فليغزل بحب iiالربائب
سأذكر حبي للحبيب محمد إذا وصف العشاق حب الحبائب
ويبدو محياه لعيني في الكرى بنفسي أفدّيه إذاً والأقارب
وتدركني في ذكره قشعريرة من الوجد لا يحويه علم iiالأجانب
وألفي لروحي عند ذلك هزة وأنسا وروحا فيه وثبة واثب
وإنك أعلى المرسلين مكانة وأنت لهم شمس وهم iiكالثواقب
وصل إلهي كلما ذرّ شارق على خاتم الرسل الكرام الأطايب Œ(603/4)
كتمان السر
قال الشافعي:
إذا المرء أفشى سره بلسانه ولام به غيره فهو أحمق
فعدر الّذى يستودع السّرّ أضيق إذا ضاق صدر المرء عن سرّ نفسه
****************
قال الأصمعي:أنشدنى أعرابي:
لا أكتم الأسرار لكن أبثّها ولا أدع الأسرار تقتلني غمّا
وإنّ سخيف الرّأى من بات ليله حريباً بكتمان كأنّ به حمّى
وفي بثّك الأسرار للقلب راحةٌ وتكشف بالإفشاء عن قلبك الهمّا
****************
وقال آخر:
إذا ما ضاق صدرك عن حديثٍ فأفشته الرّجال فمن تلوم
إذا عاتبت من أفشى حديثى وسرّى عنده فأنا الظّلوم
****************
وقال آخر:
إذا أنت لم تحفظ لنفسك سرّها فسرّك عند النّاس أفشى وأضيع
****************
وقال آخر
ضع السِّرَّ في صمَّاء ليست بصخرةٍ صلودٍ كما عاينت من سائر الصَّخر
ولكنَّها قلب امرئٍ حفيظةٍ يرى ضيعة الأسرار شراً من الشَّرِّ
يموت وما ماتت كرائم فعله فيبلى وما يبلى ثناه على الدَّهر
****************
وقال كعب بن سعد الغنوي:
ولست بمبد للرجال سريرتي ولا أنا عن أسرارهم بسئول
****************
وقال أبو مسلم صاحب الدولة:
أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت عنه ملوك بني مروان إذ جهدوا
ما زلت أسعى عليم في ديارهم والقوم في غفلة بالشام قد رقدوا
حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا من نومة لم ينمها قبلهم أحد
ومن رعا غنما في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد
****************
وقال آخر:
ومستودعي سراً تبوأت كتمه فأودعته صدري فصار له قبرا
****************
وقال شمس الدين البدوي:
إني كتمت حديث ليلى لم أبح يوما بظاهره ولا بخفيه
وحفظت عهد ودادها متمسكاً في حبها برشاده أو غيه
ولها سرائر في الضمير طويتها نسي الضمير بأنها في طيه
****************
وقال آخر:
وما السر في صدري كثاوٍ بقبره لأني أرى المقبور ينتظر النشرا
ولكنني أنساه حتى كأنني بما كان منه لم أحط ساعة خبرا
ولو جاز كتم السر بيني وبينه عن السر والأحشاء لم تعلم السرا
****************(604/1)
وقال آخر:
إذا ما المرء أخطأه ثلاث فبعه ولو بكف من رماد
سلامة صدره والصدق منه وكتمان السرائر في الفؤاد
****************
قال آخر:
ومستودعي سراً كتمت مكانه عن الحس خوفا أن ينم به الحس
وخففت عنه من هوى النفس شهوة فأودعته من حيث لا يبلغ الحس
****************
وقال جعفر بن عثمان:
يا ذا الذي أودعني سره لا ترج أن تسمعه مني
لم أجره قط علي فكرتي كأنه لم يجر في أذني
****************
وقال آخر:
لا يكتم السر إلا من له شرف والسر عند كرام الناس مكتوم
السر عندي في بيت له غلق ضلت مفاتيحه والباب مختوم
****************
وقال المتنبي:
وللسر مني موضع لا يناله نديم ولا يفضي إليه شراب(604/2)
كشف الرأس
يقول ابن نباتة
فاياكم أن تكشفوا عن رءوسكم ألا إن مغناطيسهن الذوائب
************************(605/1)
محمود سامي البارودي
1255-1322 هـ / 1839-1904 م
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري، أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).
نسبته إلى (إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.
ورحل إلى الآستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.
الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.
ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.
حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317هفعاد إلى مصر.
أما شعره فيصح اتخاذه فاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.
له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.
كشف الغمة في مدح سيد الأمة
يا رَائِدَ البَرقِ يَمّمْ دارَةَ العَلَمِ ... وَاحْدُ الغَمامَ إِلى حَيٍّ بِذِي سَلَمِ
وَإِن مَرَرتَ عَلى الرَّوحَاءِ فَامْرِ لَها ... أَخلافَ سارِيَةٍ هَتّانَةِ الدِّيَمِ
مِنَ الغِزارِ اللَّواتي في حَوالِبِها ... رِيُّ النَّواهِلِ مِن زَرعٍ وَمِن نَعَمِ
إِذا استَهَلَّت بِأَرضٍ نَمْنَمَتْ يَدُهَا ... بُرْداً مِنَ النَّوْرِ يَكسُو عارِيَ الأَكَمِ
تَرى النَّباتَ بِها خُضْراً سَنابِلُهُ ... يَختَالُ في حُلَّةٍ مَوشِيَّةِ العَلَمِ
أَدعُو إِلى الدَّارِ بِالسُّقيا وَبِي ظَمَأٌ ... أَحَقُّ بِالرِّيِّ لَكِنّي أَخُو كَرَمِ(606/1)
مَنازِلٌ لِهَواها بَينَ جانِحَتي ... وَدِيعَةٌ سِرُّها لَمْ يَتَّصِلْ بِفَمِي
إِذا تَنَسَّمتُ مِنها نَفحَةً لَعِبَت ... بِيَ الصَبابَةُ لِعبَ الريحِ بِالعَلَمِ
أَدِر عَلى السَّمعِ ذِكراها فَإِنَّ لَها ... في القَلبِ مَنزِلَةً مَرعِيَّةَ الذِمَمِ
عَهدٌ تَوَلّى وَأَبقى في الفُؤادِ لَهُ ... شَوقاً يَفُلُّ شَباةَ الرَأيِ وَالهِمَمِ
إِذا تَذَكَّرتُهُ لاحَت مَخائِلُهُ ... لِلعَينِ حَتّى كَأَنّي مِنهُ في حُلُمِ
فَما عَلى الدَّهرِ لَو رَقَّت شَمائِلُهُ ... فَعادَ بِالوَصل أَو أَلقَى يَدَ السَّلَمِ
تَكاءَدَتني خُطُوبٌ لَو رَمَيتُ بِها ... مَناكِبَ الأَرض لَم تَثبُتْ عَلى قَدَمِ
في بَلدَةٍ مِثلِ جَوفِ العَير لَستُ أَرى ... فيها سِوَى أُمَمٍ تَحنُو عَلَى صَنَمِ
لا أَستَقِرُّ بِها إِلاّ عَلى قَلَقٍ ... وَلا أَلَذُّ بِها إِلاّ عَلَى أَلَمِ
إِذا تَلَفَّتُّ حَولي لَم أَجد أَثَراً ... إِلا خَيالي وَلَم أَسمَع سِوى كَلِمي
فَمَن يَرُدُّ عَلى نَفسي لُبانَتَها ... أَو مَن يُجيرُ فُؤادِي مِن يَدِ السَّقَمِ
لَيتَ القَطا حِينَ سارَت غُدوَةً حَمَلَت ... عَنّي رَسائِلَ أَشواقي إِلى إِضَمِ
مَرَّت عَلَينا خِمَاصاً وَهيَ قارِبَةٌ ... مَرَّ العَواصِفِ لا تَلوي عَلى إِرَمِ
لا تُدركُ العَينُ مِنها حينَ تَلمَحُها ... إِلا مِثالاً كَلَمْعِ البَرقِ في الظُّلَمِ
كَأَنَّها أَحرُفٌ بَرقِيَّةٌ نَبَضَت ... بِالسِّلكِ فَانتَشَرَت فِي السَّهل وَالعَلَمِ
لا شَيءَ يَسبِقُها إِلاّ إِذا اِعتَقَلَت ... بَنانَتي في مَديحِ المُصطَفى قَلَمِي
مُحَمَّدٌ خاتَمُ الرُسلِ الَّذي خَضَعَت ... لَهُ البَرِيَّةُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ
سَميرُ وَحيٍ وَمَجنى حِكمَةٍ وَنَدى ... سَماحَةٍ وَقِرى عافٍ وَرِيُّ ظَمِ
قَد أَبلَغَ الوَحيُ عَنهُ قَبلَ بِعثَتِهِ ... مَسامِعَ الرُسلِ قَولاً غَيرَ مُنكَتِمِ
فَذاكَ دَعوَةُ إِبراهيمَ خالِقَهُ ... وَسِرُّ ما قالَهُ عِيسى مِنَ القِدَمِ(606/2)
أَكرِم بِهِ وَبِآباءٍ مُحَجَّلَةٍ ... جاءَت بِهِ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُمِ
قَد كانَ في مَلَكوتِ اللهِ مُدَّخراً ... لِدَعوَةٍ كانَ فيها صاحِبَ العَلَمِ
نُورٌ تَنَقَّلَ في الأَكوانِ ساطِعُهُ ... تَنَقُّلَ البَدرِ مِن صُلبٍ إِلى رَحِمِ
حَتّى اسْتَقَرَّ بِعَبدِ اللهِ فَاِنبَلَجَت ... أَنوارُ غُرَّتِهِ كَالبَدرِ في البُهُمِ
وَاختارَ آمِنَةَ العَذراءَ صاحِبَةً ... لِفَضلِها بَينَ أَهلِ الحِلِّ وَالحَرَمِ
كِلاهُما فِي العُلا كُفءٌ لِصاحِبِهِ ... وَالكُفءُ في المَجدِ لا يُستامُ بِالقِيَمِ
فَأَصبَحَت عِندَهُ في بَيتِ مَكرُمَةٍ ... شِيدَت دَعائِمُهُ في مَنصِبٍ سِنمِ
وَحِينما حَمَلَت بِالمُصطَفى وَضَعَت ... يَدُ المَشيئَةِ عَنها كُلفَةَ الوَجَمِ
وَلاحَ مِن جِسمِها نُورٌ أَضاءَ لَها ... قُصُورَ بُصرى بِأَرضِ الشَّأمِ مِن أمَمِ
وَمُذ أَتى الوَضعُ وَهوَ الرَّفعُ مَنزِلَةً ... جاءَت بِرُوحٍ بِنُورِ اللهِ مُتَّسِمِ
ضاءَت بِهِ غُرَّةُ الإِثنَينِ وَابتَسَمَت ... عَن حُسنِهِ في رَبيعٍ رَوضَةُ الحَرَمِ
وَأَرضَعَتهُ وَلَم تَيأَس حَليمَةُ مِن ... قَولِ المَراضِعِ إِنَّ البُؤسَ في اليَتَمِ
فَفاضَ بِالدَّرِّ ثَدياها وَقَد غَنِيَت ... لَيالياً وَهيَ لَم تطعَم وَلَم تَنَمِ
وَاِنهَلَّ بَعدَ اِنقِطاعٍ رِسْلُ شارِفِها ... حَتّى غَدَت مِن رَفِيهِ العَيشِ في طُعَمِ
فَيَمَّمَت أَهلَها مَملُوءَةً فَرَحاً ... بِما أُتيحَ لَها مِن أَوفَرِ النِّعَمِ
وَقَلَّصَ الجَدبُ عَنها فَهيَ طاعِمَةٌ ... مِن خَيرِ ما رَفَدَتها ثَلَّةُ الغَنَمِ
وَكَيفَ تَمحَلُ أَرضٌ حَلَّ ساحَتَها ... مُحَمَّدٌ وَهوَ غَيثُ الجُودِ وَالكَرَمِ
فَلَم يَزَل عِندَها يَنمُو وَتَكلَؤُهُ ... رِعايَةُ اللهِ مِن سُوءٍ وَمِن وَصَمِ
حَتّى إِذا تَمَّ مِيقاتُ الرَّضاعِ لَهُ ... حَولَينِ أَصبَحَ ذا أَيدٍ عَلَى الفُطُمِ
وَجاءَ كَالغُصنِ مَجدُولاً تَرِفُّ عَلى ... جَبِينِهِ لَمحاتُ المَجدِ وَالفَهَمِ(606/3)
قَد تَمَّ عَقلاً وَما تَمَّت رَضاعَتُهُ ... وَفاضَ حِلماً وَلَم يَبلُغ مَدى الحُلُمِ
فَبَينَما هُوَ يَرعى البَهْمَ طافَ بِهِ ... شَخصانِ مِن مَلَكوتِ اللهِ ذي العِظَمِ
فَأَضجَعاهُ وَشَقّا صَدرَهُ بِيَدٍ ... رَفِيقَةٍ لَم يَبِت مِنها عَلى أَلَمِ
وَبَعدَ ما قَضَيا مِن قَلبِهِ وَطَراً ... تَوَلَّيا غَسلَهُ بِالسَّلسَلِ الشَّبِمِ
ما عالَجا قَلبَهُ إِلا لِيَخلُصَ مِن ... شَوبِ الهَوى وَيَعِي قُدسِيَّةَ الحِكَمِ
فَيا لَها نِعمَةً للهِ خَصَّ بِها ... حَبيبَهُ وَهوَ طِفلٌ غَيرُ مُحتَلِمِ
وَقالَ عَنهُ بَحِيرا حِينَ أَبصَرَهُ ... بِأَرْضِ بُصرى مَقالاً غَيرَ مُتَّهَمِ
إِذ ظَلَّلَتهُ الغَمامُ الغُرُّ وَانهَصَرَت ... عَطفاً عَلَيهِ فُروعُ الضَّالِ وَالسَّلَمِ
بِأَنَّهُ خاتَمُ الرُّسلِ الكِرامِ وَمَن ... بِهِ تَزُولُ صُرُوفُ البُؤسِ وَالنِّقَمِ
هَذا وَكَم آيَةٍ سارَت لَهُ فَمَحَت ... بِنُورِها ظُلمَةَ الأَهوالِ وَالقُحَمِ
ما مَرَّ يَومٌ لَهُ إِلا وَقَلَّدَهُ ... صَنائِعاً لَم تَزَل فِي الدَّهرِ كَالعَلَمِ
حَتّى اسْتَتَمَّ وَلا نُقصانَ يَلحَقُهُ ... خَمساً وَعِشرِينَ سِنُّ البارِعِ الفَهِمِ
وَلَقَّبَتهُ قُرَيشٌ بِالأَمينِ عَلى ... صِدقِ الأَمانَةِ وَالإِيفاءِ بِالذِّمَمِ
وَدَّت خَديجَةُ أَن يَرعى تِجارَتَها ... وِدادَ مُنتَهِزٍ لِلخَيرِ مُغتَنِمِ
فَشَدَّ عَزمَتَها مِنهُ بِمُقتَدِرٍ ... ماضِي الجِنانِ إِذا ما هَمَّ لَم يخمِ
وَسارَ مُعتَزِماً لِلشَّأمِ يَصحَبُهُ ... في السَّيرِ مَيسُرَةُ المَرضِيُّ فِي الحَشَمِ
فَما أَناخَ بِها حَتّى قَضى وَطَراً ... مِن كُلِّ ما رَامَهُ في البَيعِ وَالسَّلَمِ
وَكَيفَ يَخسَرُ مَن لَولاهُ ما رَبِحَت ... تِجارَةُ الدِّينِ في سَهلٍ وَفِي عَلَمِ
فَقَصَّ مَيسُرَةُ المَأمونُ قِصَّتَهُ ... عَلَى خَديجَةَ سَرداً غَيرَ مُنعَجِمِ
وَما رَواهُ لَهُ كَهلٌ بِصَومَعَةٍ ... مِنَ الرَّهابينِ عَن أَسلافِهِ القُدُمِ(606/4)
في دَوحَةٍ عاجَ خَيرُ المُرسَلينَ بِها ... مِن قَبل بعثَتِهِ لِلعُربِ وَالعَجَمِ
هَذا نَبِيٌّ وَلَم يَنزِل بِساحَتِها ... إِلا نَبيٌّ كَريمُ النَّفسِ وَالشِّيَمِ
وَسِيرَةَ المَلَكَينِ الحائِمَينِ عَلى ... جَبِينِهِ لِيُظِلاَّهُ مِنَ التّهَمِ
فَكانَ ما قَصَّهُ أَصلاً لِما وَصَلَت ... بِهِ إِلى الخَيرِ مِن قَصدٍ وَمُعتَزَمِ
أَحسِن بِها وصلَةً في اللَّهِ قَد أَخَذَت ... بِها عَلى الدَّهرِ عَقداً غَيرَ مُنفَصِمِ
فَأَصبَحا في صَفاءٍ غَير مُنقَطِعٍ ... عَلى الزَّمانِ وَوِدٍّ غَير مُنصَرِمِ
وَحِينَما أَجمَعَت أَمراً قُرَيشُ عَلى ... بِنايَةِ البَيتِ ذي الحُجّابِ وَالخَدَمِ
تَجَمَّعَت فِرَقُ الأَحلافِ وَاقتَسَمَت ... بِناءَهُ عَن تَراضٍ خَيرَ مُقتَسَمِ
حَتّى إِذا بَلَغَ البُنيانُ غايَتَهُ ... مِن مَوضِعِ الرُّكنِ بَعدَ الكَدِّ وَالجشَمِ
تَسابَقوا طَلَباً لِلأَجرِ وَاِختَصَمُوا ... فِيمَن يَشُدُّ بِناهُ كُلَّ مُختَصَمِ
وَأَقسَمَ القَومُ أَن لا صُلحَ يَعصِمُهُم ... مِن اقتِحامِ المَنايا أَيّما قَسَمِ
وَأَدخَلوا حينَ جَدَّ الأَمرُ أَيدِيَهُم ... لِلشَرِّ في جَفنَةٍ مَملُوءَةٍ بِدَمِ
فَقالَ ذُو رَأيِهِم لا تَعجَلُوا وَخُذُوا ... بِالحَزم فَهوَ الَّذي يَشفِي مِنَ الحَزَمِ
لِيَرضَ كُلُّ امرِئٍ مِنّا بِأَوَّلِ مَن ... يَأتي فَيَقسِطُ فِينا قِسطَ مُحتَكِمِ
فَقالَ كُلٌّ رَضينا بِالأَمينِ عَلَى ... عِلمٍ فَأَكرِم بِهِ مِن عادِلٍ حَكَمِ
فَكانَ أَوَّلَ آتٍ بَعدَما اتَّفَقُوا ... مُحَمَّدٌ وَهوَ في الخَيراتِ ذُو قَدَمِ
فَأَعلَمُوهُ بِما قَد كانَ وَاِحتَكَمُوا ... إِلَيهِ في حَلِّ هَذا المُشكِلِ العَمَمِ
فَمَدَّ ثَوباً وَحَطَّ الرُّكنَ في وَسَطٍ ... مِنهُ وَقالَ اِرفَعُوهُ جانِبَ الرَّضَمِ
فَنالَ كُلُّ امرِئٍ حَظّاً بِما حَمَلَت ... يَداهُ مِنهُ وَلَم يَعتِب عَلى القِسَمِ
حَتّى إِذا اِقتَرَبوا تِلقاءَ مَوضِعِهِ ... مِن جانب البَيتِ ذي الأَركان وَالدّعمِ(606/5)
مَدَّ الرَّسُولُ يَداً مِنهُ مُبارَكَةً ... بَنَتهُ في صَدَفٍ مِن باذِخٍ سَنِمِ
فَليَزدَدِ الرُّكنُ تِيهاً حَيثُ نالَ بِهِ ... فَخراً أَقامَ لَهُ الدُّنيا عَلَى قَدَمِ
لَو لَم تَكُن يَدُهُ مَسَّتهُ حِينَ بَنَى ... ما كانَ أَصبَحَ مَلثُوماً بِكُلِّ فَمِ
يا لَيتَنِي وَالأَمانِي رُبَّما صَدَقَت ... أَحْظَى بِمُعتَنَقٍ مِنهُ وَمُلتَزَمِ
يا حَبَّذا صِبغَةٌ مِن حُسنِهِ أَخَذَت ... مِنْهَا الشَّبِيبَةُ لَونَ العُذرِ وَاللَّمَمِ
كَالخالِ في وَجنَةٍ زِيدَت مَحاسِنُها ... بِنُقطَةٍ مِنهُ أَضعافاً مِنَ القِيَمِ
وَكَيفَ لا يَفخَرُ البَيتُ العَتيقُ بِهِ ... وَقَد بَنَتهُ يَدٌ فَيّاضَةُ النِّعَمِ
أَكرِم بِهِ وازِعاً لَولا هِدايَتُهُ ... لَم يَظهَرِ العَدلُ في أَرضٍ وَلَم يَقُمِ
هَذا الَّذي عَصَمَ اللَّهُ الأَنامَ بِهِ ... مِن كُلِّ هَولٍ مِنَ الأَهوالِ مُختَرِمِ
وَحِينَ أَدرَكَ سِنَّ الأَربَعينَ وَما ... مِن قَبلِهِ مَبلَغٌ لِلعِلمِ وَالحِكَمِ
حَباهُ ذُو العَرشِ بُرهاناً أَراهُ بِهِ ... آيات حِكمَتِهِ في عالَمِ الحُلُمِ
فَكانَ يَمضي لِيَرعى أُنسَ وَحشَتِهِ ... في شاسِعٍ ما بِهِ لِلخَلقِ مِن أَرَمِ
فَما يمُرُّ عَلى صَخرٍ وَلا شَجَرٍ ... إِلّا وَحَيّاهُ بِالتَّسليمِ مِن أَمَمِ
حَتّى إِذا حانَ أَمرُ الغَيبِ وَانحَسَرَت ... أَستارُهُ عَن ضَميرِ اللَوحِ وَالقَلَمِ
نادى بِدَعوَتِهِ جَهراً فَأَسمَعَها ... في كُلِّ ناحِيةٍ مَن كانَ ذا صَمَمِ
فَكانَ أَوَّلُ مَن في الدِّين تابَعَهُ ... خَدِيجَةٌ وَعَلِيٌّ ثابِتُ القَدَمِ
ثُمَّ استَجابَت رِجالٌ دُونَ أُسرَتِهِ ... وَفي الأَباعِدِ ما يُغني عَنِ الرَّحِمِ
وَمَن أَرادَ بِهِ الرَّحمنُ مَكرُمَةً ... هَداهُ لِلرُّشدِ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ
ثُمَّ استَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ مُعتَزِماً ... يَدعُو إلى رَبِّهِ في كُلِّ مُلتَأَمِ
وَالنّاسُ مِنهُم رَشيدٌ يَستَجِيبُ لَهُ ... طَوعاً وَمِنهُم غَوِيٌّ غَيرُ مُحتَشِمِ(606/6)
حَتّى استَرابَت قُرَيشٌ وَاِستَبَدَّ بِها ... جَهلٌ تَرَدَّت بِهِ في مارِجٍ ضَرِمِ
وَعَذَّبوا أَهلَ دِينِ اللَّهِ وَاِنتَهَكوا ... مَحارِماً أَعقَبَتهُم لَهفَةَ النَّدَمِ
وَقامَ يَدعُو أَبو جَهلٍ عَشِيرَتَهُ ... إِلى الضَّلالِ وَلَم يَجنَح إِلى سَلَمِ
يُبدِي خِدَاعاً ويُخفِي ما تَضَمَّنَهُ ... ضَمِيرُهُ مِن غَراةِ الحِقد وَالسَّدَمِ
لا يَسلَمُ القَلبُ مِن غِلٍّ أَلَمَّ بِهِ ... يَنقى الأَدِيمُ وَيَبقى مَوضِعُ الحَلَمِ
وَالحِقدُ كَالنّارِ إِن أَخفَيتَهُ ظَهَرَت ... مِنهُ عَلائِمُ فَوقَ الوَجهِ كَالحُمَمِ
لا يُبصِرُ الحَقَّ مَن جَهلٌ أَحاطَ بِهِ ... وَكَيفَ يُبصِرُ نُورَ الحَقِّ وَهوَ عَمِ
كُلُّ امرِئٍ وَاجِدٌ ما قَدَّمَت يَدُهُ ... إِذا اِستَوى قائِماً مِن هُوَّةِ الأَدَمِ
وَالخَيرُ وَالشَّرُّ في الدُّنيا مُكافَأَةٌ ... وَالنَّفسُ مَسؤولَةٌ عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
فَلا يَنَم ظالِمٌ عَمّا جَنَت يَدُهُ ... عَلى العِبادِ فَعَينُ اللَّهِ لَم تَنَمِ
وَلَم يَزَل أَهلُ دِين اللَّهِ في نَصَبٍ ... مِمّا يُلاقُونَ مِن كَربٍ وَمِن زَأَمِ
حَتّى إِذا لَم يَعُد في الأَمر مَنزَعَةٌ ... وَأَصبَحَ الشَّرُّ جَهراً غَيرَ مُنكَتِمِ
سارُوا إِلى الهِجرَةِ الأُولى وَما قَصَدوا ... غَيرَ النَّجاشِيِّ مَلكاً صادِقَ الذِّمَمِ
فَأَصبَحُوا عِندَهُ في ظِلِّ مَملَكَةٍ ... حَصِينَةٍ وذِمامٍ غَيرِ مُنجَذِمِ
مَن أَنكَرَ الضَّيمَ لَم يَأنَس بِصُحبَتِهِ ... وَمَن أَحاطَت بِهِ الأَهوالُ لَم يُقِمِ
وَمُذ رَأى المُشرِكون الدّين قَد وضَحَت ... سَماؤُهُ وَاِنجَلَت عَن صِمَّةِ الصِّمَمِ
تَأَلَّبُوا رَغبَةً في الشَّرِّ وَائتَمَرُوا ... عَلى الصَّحيفَةِ مِن غَيظٍ وَمِن وَغَمِ
صَحِيفَةٌ وَسَمَت بِالغَدرِ أَوجُهَهُم ... وَالغَدرُ يَعلَقُ بِالأَعراضِ كَالدَّسَمِ
فَكَشَّفَ اللَّهُ مِنها غُمَّةً نَزَلَت ... بِالمُؤمِنينَ وَرَبِّي كاشِفُ الغُمَمِ(606/7)
مَن أَضمَرَ السُّوءَ جازاهُ الإِلَهُ بِهِ ... وَمَن رَعى البَغْيَ لَم يَسْلَم مِنَ النِّقَمِ
كَفى الطُّفَيلَ بنَ عَمرٍو لُمعَةٌ ظَهَرَت ... فِي سَوطِهِ فَأَنارَت سُدْفَةَ القَتَمِ
هَدى بِها اللَّهُ دَوساً مِن ضَلالَتِها ... فَتابَعَت أَمرَ داعِيها وَلَم تَهِمِ
وَفِي الإِراشِيِّ لِلأَقوامِ مُعتَبَرٌ ... إِذْ جاءَ مَكَّةَ فِي ذَودٍ مِنَ النَّعَمِ
فَباعَها مِن أَبي جَهلٍ فَماطَلَهُ ... بِحَقِّهِ وَتَمادى غَيرَ مُحتَشِمِ
فَجاءَ مُنتَصِراً يَشكُو ظُلامَتَهُ ... إِلى النَّبِيِّ ونِعمَ العَونُ في الإِزَمِ
فَقامَ مُبتَدِراً يَسعى لِنُصرَتِهِ ... وَنُصرَةُ الحَقِّ شَأنُ المَرءِ ذِي الهِمَمِ
فَدَقَّ بابَ أَبي جَهلٍ فَجاءَ لَهُ ... طَوعاً يَجُرُّ عِنانَ الخائِفِ الزَّرِمِ
فَحِينَ لاَقَى رَسُولَ اللَّهِ لاَحَ لَهُ ... فَحْلٌ يَحُدُّ إِلَيهِ النَّابَ مِن أَطَمِ
فَهالَهُ ما رَأى فَارتَدَّ مُنزَعِجاً ... وَعادَ بِالنَّقدِ بَعدَ المَطلِ عَن رَغَمِ
أَتِلكَ أَمْ حِينَ نادى سَرْحَةً فَأَتَت ... إِلَيهِ مَنشُورَةَ الأَغصانِ كَالجُمَمِ
حَنَّت عَلَيهِ حُنُوَّ الأُمِّ مِن شَفَقٍ ... وَرَفرَفَت فَوقَ ذاكَ الحُسنِ مِن رَخَمِ
جاءَتهُ طَوعاً وَعادَت حينَ قالَ لَها ... عُودِي وَلو خُلِّيَتْ لِلشَّوقِ لَم تَرِمِ
وَحَبَّذا لَيلَةُ الإِسراءِ حِينَ سَرى ... لَيلاً إِلى المَسجِدِ الأَقصى بِلا أَتَمِ
رَأَى بِهِ مِن كِرامِ الرُّسلِ طائِفَةً ... فَأَمَّهُم ثُمَّ صَلَّى خاشِعاً بِهِمِ
بَل حَبَّذا نَهضَةُ المِعراجِ حينَ سَما ... بِهِ إِلى مَشهَدٍ في العزِّ لَم يُرَمِ
سَما إِلى الفَلَك الأَعلى فَنالَ بِهِ ... قَدراً يَجِلُّ عَن التَّشبيهِ في العِظَمِ
وَسارَ في سُبُحاتِ النُّورِ مُرتَقِياً ... إِلى مَدارِجَ أَعيَت كُلَّ مُعتَزِمِ
وَفازَ بِالجَوهَرِ المَكنونِ مِن كَلِمٍ ... لَيسَت إِذا قُرِنَت بِالوَصفِ كَالكَلِمِ(606/8)
سِرٌّ تَحارُ بِهِ الأَلبابُ قاصِرَةً ... وَنِعمَةٌ لَم تَكُن في الدَّهرِ كَالنِّعَمِ
هَيهاتَ يَبلُغُ فَهمٌ كُنهَ ما بَلَغَت ... قُرباهُ مِنهُ وَقَد ناجاهُ مِن أَمَمِ
فَيا لَها وصلَةً نالَ الحَبيبُ بِها ... ما لَم يَنَلهُ مِنَ التَّكريمِ ذُو نَسَمِ
فاقَت جَميعَ اللَّيالي فَهيَ زاهِرَةٌ ... بِحُسنِها كَزُهُورِ النّارِ في العَلَمِ
هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلى ... عِبادِهِ وَهَداهُم واضِحَ اللَّقَمِ
فَسارَعُوا نَحوَ دِينِ اللَّهِ وَانتَصَبُوا ... إِلى العِبادَةِ لا يَألُونَ مِن سَأَمِ
وَلَم يَزَل سَيِّدُ الكَونَينِ مُنتَصِباً ... لِدَعوَةِ الدِّين لَم يَفتر وَلَم يَجِمِ
يَستَقبِلُ النّاسَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ ... وَيَنشُرُ الدِّينَ في سَهلٍ وَفي عَلَمِ
حَتّى اسْتَجابَت لَهُ الأَنصارُ وَاعْتَصَمُوا ... بِحَبلِهِ عَن تَراضٍ خَيرَ مُعتَصمِ
فَاستَكمَلَت بِهِمُ الدُنيا نَضارَتَها ... وَأَصبَحَ الدينُ في جَمعٍ بِهِم تَمَمِ
قَومٌ أَقَرُّوا عِمادَ الحَقِّ وَاصطَلَمُوا ... بِيَأسِهِم كُلَّ جَبَّارٍ وَمُصطَلِمِ
فَكَم بِهِم أَشرَقَت أَستارُ داجِيَةٍ ... وَكَم بِهِم خَمَدَت أَنفاسُ مُختَصِمِ
فَحينَ وافى قُرَيشاً ذِكرُ بَيعَتِهِم ... ثارُوا إِلى الشَّرِّ فِعلَ الجاهِلِ العَرِمِ
وَبادَهُوا أَهلَ دِينِ اللَهِ وَاهتَضَمُوا ... حُقُوقَهُم بِالتَّمادِي شَرَّ مُهتَضَمِ
فَكَم تَرى مِن أَسيرٍ لا حِراكَ بِهِ ... وَشارِدٍ سارَ مِن فَجٍّ إِلى أَكَمِ
فَهاجَرَ الصَّحبُ إِذ قالَ الرَّسُولُ لَهُم ... سيرُوا إِلى طَيْبَةَ المَرعِيَّةِ الحُرَمِ
وَظَلَّ في مَكَّةَ المُختارُ مُنتَظِراً ... إِذْناً مِنَ اللهِ في سَيرٍ وَمُعتَزَمِ
فَأَوجَسَت خيفَةً مِنهُ قُرَيشُ وَلَم ... تَقبَلْ نَصِيحاً وَلَم تَرجِعْ إِلى فَهَمِ
فَاستَجمَعَت عُصَباً في دارِ نَدوَتِها ... تَبغي بِهِ الشَّرَّ مِن حِقدٍ وَمِن أَضَمِ(606/9)
وَلَو دَرَتْ أَنَّها فِيما تُحاوِلُهُ ... مَخذولَةٌ لَم تَسُمْ في مَرتَعٍ وَخِمِ
أَولى لَها ثُمَ أَولى أَن يَحيقَ بِها ... ما أَضمَرَتهُ مِنَ البَأساءِ وَالشَّجَمِ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ أُولي فِطَنٍ ... بَاعُوا النُّهَى بِالعَمَى وَالسَّمْعَ بِالصَّمَمِ
يَعْصُونَ خالِقَهُم جَهلاً بِقُدرَتِهِ ... وَيَعكُفُونَ عَلَى الطَّاغُوتِ وَالصَّنَمِ
فَأَجمَعُوا أَمرَهُم أَن يَبْغتُوهُ إِذا ... جَنَّ الظَّلامُ وَخَفَّت وَطْأَةُ القَدَمِ
وَأَقبَلُوا مَوهِناً في عُصبَةٍ غُدُرٍ ... مِنَ القَبائِلِ باعُوا النَّفسَ بِالزَّعَمِ
فَجاءَ جِبريلُ لِلهادِي فَأَنبأَهُ ... بِما أَسَرُّوهُ بَعدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
فَمُذ رَآهُم قِياماً حَولَ مَأمَنِهِ ... يَبغُونَ ساحَتَهُ بِالشَّرِّ وَالفَقَمِ
نادى عَلِيّاً فَأَوصاهُ وَقالَ لَهُ ... لا تَخشَ وَالبَس رِدائي آمِناً وَنَمِ
وَمَرَّ بِالقَومِ يَتْلُو وَهْوَ مُنصَرِفٌ ... يَس وَهيَ شِفاءُ النَّفسِ مِن وَصَمِ
فَلَم يَرَوهُ وَزاغَت عَنهُ أَعيُنُهُم ... وَهَل تَرى الشَّمس جَهراً أَعيُنُ الحَنَمِ
وَجاءَهُ الوَحيُ إِيذاناً بِهِجرَتِهِ ... فَيَمَّمَ الغارَ بِالصِّدِّيقِ في الغَسَمِ
فَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ حَتّى تَبَوَّأَهُ ... مِنَ الحَمائِمِ زَوجٌ بارِعُ الرَّنَمِ
بَنى بِهِ عُشَّهُ وَاحْتَلَّهُ سَكَناً ... يَأوي إِلَيهِ غَداةَ الرِّيحِ وَالرَّهَمِ
إِلفانِ ما جَمَعَ المِقدارُ بَينَهُما ... إِلّا لِسِرٍّ بِصَدرِ الغَارِ مُكْتَتَمِ
كِلاهُما دَيدَبانٌ فَوقَ مَربأَةٍ ... يَرعَى المَسالِكَ مِن بُعدٍ وَلَم يَنَمِ
إِن حَنَّ هَذا غَراماً أَو دَعا طَرَباً ... بِاسمِ الهَديلِ أَجابَت تِلكَ بِالنَّغَمِ
يَخالُها مَن يَراها وَهيَ جاثِمَةٌ ... في وَكرِها كُرَةً مَلساءَ مِن أَدَمِ
إِن رَفرَفَت سَكَنَت ظِلّاً وَإِن هَبَطَت ... رَوَت غَليلَ الصَّدى مِن حائِرٍ شَبِمِ
مَرقُومَةُ الجِيدِ مِن مِسكٍ وَغالِيَةٍ ... مَخضُوبَةُ الساقِ وَالكَفَّينِ بِالعَنَمِ(606/10)
كَأَنَّما شَرَعَت في قانِئٍ سربٍ ... مِن أَدمُعِي فَغَدَت مُحمَرَّةَ القَدَمِ
وَسَجفَ العَنكَبُوتُ الغارَ مُحتَفِياً ... بِخَيمَةٍ حاكَها مِن أَبدَعِ الخِيَمِ
قَد شَدَّ أَطنابَها فَاِستَحكَمَت وَرَسَت ... بِالأَرضِ لَكِنَّها قامَت بِلا دِعَمِ
كَأَنَّها سابِريٌّ حاكَهُ لَبِقٌ ... بِأَرضِ سابُورَ في بحبُوحَةِ العَجَمِ
وَارَت فَمَ الغارِ عَن عَينٍ تُلِمُّ بِهِ ... فَصارَ يَحكي خَفاءً وَجهَ مُلتَثِمِ
فَيا لَهُ مِن سِتارٍ دُونَهُ قَمَرٌ ... يَجلُو البَصائِرَ مِن ظُلمٍ وَمِن ظُلَمِ
فَظَلَّ فيهِ رَسولُ اللَّهِ مُعتَكِفاً ... كَالدُرِّ في البَحر أَو كَالشَّمْسِ في الغَسَمِ
حَتّى إِذا سَكَنَ الإِرْجَافِ وَاحْتَرقَت ... أَكْبَادُ قَومٍ بِنَارِ اليَأسِ وَالوَغَمِ
أَوحى الرَّسولُ بِإِعدادِ الرَّحيلِ إِلى ... مَن عِندَهُ السِّرُّ مِن خِلٍّ وَمِن حَشَمِ
وَسارَ بَعدَ ثَلاثٍ مِن مَباءَتِهِ ... يَؤُمُّ طَيْبَةَ مَأوى كُلِّ مُعتَصِمِ
فَحِينَ وَافى قُدَيداً حَلَّ مَوكِبُهُ ... بِأُمِّ مَعبَدَ ذاتِ الشَّاءِ وَالغَنَمِ
فَلَم تَجِد لِقِراهُ غَيرَ ضائِنَةٍ ... قَدِ اقشَعَرَّت مَراعِيها فَلَم تَسُمِ
فَما أَمَرَّ عَلَيها داعِياً يَدَهُ ... حَتّى اسْتَهَلَّت بِذِي شَخبَيْنِ كَالدِّيَمِ
ثُمَّ استَقَلَّ وَأَبقى في الزَّمانِ لَها ... ذِكراً يَسيرُ عَلَى الآفاق كَالنَّسَمِ
فَبَينَما هُوَ يَطوي البِيدَ أَدرَكَهُ ... رَكضاً سُراقَةُ مِثلَ القَشعَمِ الضَّرِمِ
حَتَّى إِذا ما دَنَا سَاخَ الجَوادُ بِهِ ... في بُرقَةٍ فَهَوَى لِلسَّاقِ وَالقَدَمِ
فَصَاحَ مُبتَهِلاً يَرجُو الأَمانَ وَلَو ... مَضَى عَلَى عَزْمِهِ لانْهَارَ في رَجَمِ
وَكَيفَ يَبلُغُ أَمراً دُونَهُ وَزَرٌ ... مِنَ العِنايةِ لَم يَبلُغهُ ذُو نَسَمِ
فَكَفَّ عَنهُ رَسولُ اللَّهِ وَهْوَ بِهِ ... أَدْرَى وَكَمْ نِقَمٍ تفتَرُّ عَن نِعَمِ
وَلَم يَزَل سائِراً حَتّى أَنافَ عَلى ... أَعلامِ طَيبَةَ ذاتِ المَنظَرِ العَمَمِ(606/11)
أَعظِم بِمَقدَمِهِ فَخراً وَمَنقبَةً ... لِمَعشَرِ الأَوسِ وَالأَحياءِ مِن جُشَمِ
فَخرٌ يَدُومُ لَهُم فَضلٌ بِذِكرَتِهِ ... ما سارَت العِيسُ بِالزُّوّارِ لِلحَرَمِ
يَومٌ بِهِ أَرَّخَ الإِسلامُ غُرَّتَهُ ... وَأَدرَكَ الدِّينُ فيهِ ذِروَةَ النُّجُمِ
ثُمَّ ابتَنَى سَيِّدُ الكَونَينِ مَسْجِدَهُ ... بُنيانَ عِزٍّ فَأَضحى قائِمَ الدّعَمِ
وَاخْتَصَّ فيهِ بِلالاً بِالأَذانِ وَما ... يُلفى نَظيرٌ لَهُ في نَبرَةِ النَّغَمِ
حَتّى إِذا تَمَّ أَمرُ اللهِ وَاجْتَمَعَت ... لَهُ القبَائِلُ مِن بُعْدٍ وَمِن زَمَمِ
قامَ النَّبِيُّ خَطيباً فيهِمُ فَأَرى ... نَهجَ الهُدى وَنَهى عَن كُلِّ مُجتَرَمِ
وَعَمَّهم بِكِتابٍ حَضَّ فيهِ عَلى ... مَحاسِنِ الفَضلِ وَالآدابِ وَالشِّيمِ
فَأَصبَحُوا في إِخاءٍ غَيرِ مُنصَدِعٍ ... عَلى الزَّمانِ وَعِزٍّ غَيرِ مُنهَدِمِ
وَحِينَ آخى رَسُولُ اللَّهِ بَينَهُمُ ... آخى عَلِيّاً وَنِعمَ العَونُ في القُحَمِ
هُوَ الَّذي هَزَمَ اللَّهُ الطُغاةَ بِهِ ... في كُلِّ مُعتَرَكٍ بِالبِيضِ مُحتَدِمِ
فَاسْتَحْكَمَ الدِّينُ وَاشْتَدَّت دَعائِمُهُ ... حَتّى غَدا واضِحَ العِرنينِ ذا شَمَمِ
وَأَصبَحَ النَّاسُ إِخواناً وَعَمَّهُمُ ... فَضلٌ مِنَ اللهِ أَحياهُم مِنَ العَدَمِ
هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّهُ الجِهادَ عَلى ... رَسُولِهِ لِيَبُثَّ الدِّينَ في الأُمَمِ
فَكانَ أَوَّلُ غَزوٍ سارَ فيهِ إِلى ... وَدّانَ ثُمَّ أَتى مِن غَيرِ مُصطَدَمِ
ثُمَّ اسْتَمَرَّت سَرايا الدِّينِ سابِحَةً ... بِالخَيلِ جامِحَةً تَستَنُّ بِاللُّجُمِ
سَرِيَّةٌ كانَ يَرعاها عُبَيدَةُ في ... صَوبٍ وَحَمزَةُ في أُخرى إِلى التَّهَمِ
وَغَزوَةٌ سارَ فيها المُصطَفى قُدُماً ... إِلى بُواطٍ بِجَمعٍ ساطِعِ القَتَمِ
وَمِثلَها يَمَّمَت ذاتَ العُشيرَةِ في ... جَيشٍ لُهامٍ كَمَوجِ البَحرِ مُلتَطِمِ
وَسارَ سَعدٌ إِلى الخَرّارِ يَقدُمُهُ ... سَعدٌ وَلَم يَلقَ في مَسراهُ مِن بَشَمِ(606/12)
وَيَمَّمَت سَفَوان الخَيلُ سابِحَةً ... بِكُلِّ مُعتَزِمٍ لِلقَرنِ مُلتَزِمِ
وَتابَعَ السَّيرَ عَبدُ اللَّهِ مُتَّجِهاً ... تِلقاءَ نَخلَةَ مَصحُوباً بِكُلِّ كَمِي
وَحُوّلَت قِبلَةُ الإِسلامِ وَقتَئِذٍ ... عَن وِجهَةِ القُدسِ نَحوَ البَيتِ ذي العِظَمِ
وَيَمَّمَ المُصطَفى بَدراً فَلاحَ لَهُ ... بَدرٌ مِنَ النَّصرِ جَلَّى ظُلمَةَ الوَخَمِ
يَومٌ تَبَسَّمَ فيهِ الدِّينُ وَانهَمَلَت ... عَلَى الضَّلالِ عُيونُ الشِّركِ بِالسَّجَمِ
أَبلَى عَلِيٌّ بِهِ خَيرَ البَلاءِ بِما ... حَباهُ ذُو العَرشِ مِن بَأسٍ وَمِن هِمَمِ
وَجالَ حَمزَةُ بِالصَّمصامِ يَكسؤُهُم ... كَسأً يُفَرِّقُ مِنهُم كُلَّ مُزدَحَمِ
وَغادَرَ الصَّحبُ وَالأَنصارُ جَمعَهُمُ ... وَلَيسَ فيهِ كَمِيٌّ غَيرُ مَنهَزِمِ
تَقَسَّمَتهُم يَدُ الهَيجاءِ عادِلَةً ... فَالهامُ لِلبِيض وَالأَبدانُ لِلرَّخَمِ
كَأَنَّما البِيضُ بِالأَيدي صَوالِجَةٌ ... يَلعَبنَ في ساحَةِ الهَيجاءِ بِالقِمَمِ
لَم يَبقَ مِنهُم كَمِيٌّ غَيرُ مُنجَدِلٍ ... عَلى الرّغامِ وَعُضوٌ غَيرُ مُنحَطِمِ
فَما مَضَت ساعَةٌ وَالحَربُ مُسعَرَةٌ ... حَتّى غَدا جَمعُهُم نَهباً لِمُقتَسِمِ
قَد أَمطَرَتهُم سَماءُ الحَربِ صائِبَةً ... بِالمَشرَفِيَّةِ وَالمُرّانِ كَالرُّجُمِ
فَأَينَ ما كانَ مِن زَهوٍ وَمِن صَلَفٍ ... وَأَينَ ما كانَ مِن فَخرٍ وَمِن شَمَمِ
جاؤُوا وِللشَّرِّ وَسمٌ في مَعاطِسِهِم ... فَأُرغِمُوا وَالرَّدى في هَذِهِ السِّيَمِ
مَن عارَضَ الحَقَّ لَم تَسلَم مَقاتِلُهُ ... وَمَن تَعَرَّضَ لِلأَخطارِ لَم يَنَمِ
فَما اِنقَضى يَومُ بَدرٍ بِالَّتي عَظُمَت ... حَتّى مَضى غازِياً بِالخَيلِ في الشُّكُمِ
فَيَمَّمَ الكُدرَ بِالأَبطالِ مُنتَحِياً ... بَني سُلَيمٍ فَوَلَّت عَنهُ بِالرَّغَمِ
وَسارَ في غَزوَةٍ تُدعى السَّويقَ بِما ... أَلقاهُ أَعداؤُهُ مِن عُظمِ زادِهِمِ
ثُمَّ انتَحى بِوُجُوهِ الخَيل ذَا أَمرٍ ... فَفَرَّ ساكِنُهُ رُعباً إِلى الرَّقَمِ(606/13)
وَأَمَّ فرعاً فَلَم يَثقَف بِهِ أَحَداً ... وَمَن يُقيمُ أَمامَ العارِضِ الهَزِمِ
وَلَفَّ بِالجَيشِ حَيَّي قَينُقاعَ بِما ... جَنَوا فَتَعساً لَهُم مِن مَعشَرٍ قَزَمِ
وَسارَ زَيدٌ بِجَمعٍ نَحوَ قَردَةَ مِن ... مِياهِ نَجدٍ فَلَم يَثقَف سِوى النَّعَمِ
ثُمَّ اِستَدارَت رَحا الهَيجاءِ في أُحُدٍ ... بِكُلِّ مُفتَرِسٍ لِلقِرنِ مُلتَهِمِ
يَومٌ تَبَيَّنَ فيهِ الجِدُّ وَاِتَّضَحَت ... جَلِيَّةُ الأَمرِ بَعدَ الجَهدِ وَالسَّأَمِ
قَد كانَ خُبراً وَتَمحيصاً وَمَغفِرَةً ... لِلمُؤمِنينَ وَهَل بُرءٌ بِلا سَقَمِ
مَضى عَلِيٌّ بِهِ قُدماً فَزَلزَلَهُم ... بِحَملَةٍ أَورَدَتهُم مَورِدَ الشَّجَمِ
وَأَظهَرَ الصَّحبُ وَالأَنصارُ بَأسَهم ... وَالبَأسُ في الفِعلِ غَيرُ البَأسِ فِي الكَلِمِ
خاضُوا المَنايا فَنالُوا عِيشَةً رَغَداً ... وَلَذَّةُ النَّفسِ لا تَأتِي بِلا أَلَمِ
مَن يَلزَمِ الصَّبرَ يَستَحسِن عَواقِبَهُ ... وَالماءُ يَحسُنُ وَقعاً عِندَ كُلِّ ظَمِ
لَو لَم يَكُن فِي اِحتِمالِ الصَّبرِ مَنقَبةٌ ... لَم يَظهَرِ الفَرقُ بَينَ اللُّؤمِ وَالكَرَمِ
فَكانَ يَوماً عَتِيدَ البَأسِ نالَ بِهِ ... كِلا الفَريقَينِ جَهداً وَارِيَ الحَدَمِ
أَودى بِهِ حَمزَةُ الصِّندِيدُ فِي نَفَرٍ ... نالوا الشَّهادَةَ تَحتَ العارِضِ الرَّزِمِ
أَحسِن بِها مَيتَةً أَحيَوا بِها شَرَفاً ... وَالمَوتُ في الحَربِ فَخرُ السّادَةِ القُدُمِ
لا عارَ بِالقَومِ مِن مَوتٍ وَمِن سَلَبٍ ... وَهَل رَأَيتَ حُساماً غَيرَ مُنثَلِمِ
فَكانَ يَوم جَزاءٍ بَعدَ مُختَبَرٍ ... لِمَن وَفا وَجَفا بِالعِزِّ وَالرَّغَمِ
قامَ النَّبِيُّ بِهِ في مَأزِقٍ حَرِج ... تَرعى المَناصِلُ فيهِ مَنبِتَ الجُمَمِ
فَلَم يَزَل صابِراً في الحَربِ يَفثَؤُها ... بِالبِيضِ حَتّى اِكتَسَت ثَوباً مِنَ العَنَمِ
وَرَدَّ عَينَ اِبنِ نُعمان قَتادَةَ إِذ ... سالَت فَعادَت كَما كانَت بِلا لَتمِ(606/14)
وَقَد أَتى بَعدَ ذا يَومُ الرَّجِيعِ بِما ... فِيهِ مِنَ الغَدرِ بَعدَ العَهدِ وَالقَسَمِ
وَثارَ نَقعُ المَنايا في مَعُونَةَ مِن ... بَني سُلَيمٍ بِأَهلِ الفَضلِ وَالحِكَمِ
ثُمَّ اشْرَأَبَّت لِخَفرِ العَهدِ مِن سَفَهٍ ... بَنُو النَّضيرِ فَأَجلاهُم عَنِ الأُطُمِ
وَسارَ مُنتَحِياً ذاتَ الرِّقاعِ فَلَم ... تَلقَ الكَتائِبُ فيها كَيدَ مُصطَدَمِ
وَحَلَّ مِن بَعدِها بَدراً لِوَعدِ أَبِي ... سُفيانَ لَكِنَّهُ وَلّى وَلَم يَحُمِ
وَأَمَّ دَومَةَ في جَمعٍ وَعادَ إِلى ... مَكانِهِ وَسَماءُ النَّقعِ لَم تَغِمِ
ثُمَّ اسْتَثارَت قُرَيشٌ وَهيَ ظالِمَةٌ ... أَحلافَها وَأَتَت في جَحفَلٍ لَهِمِ
تَستَمرِئُ البَغيَ مِن جَهلٍ وَما عَلِمَت ... أَنَّ الجَهالَة مَدعاةٌ إِلى الثَّلَمِ
وَقامَ فيهم أَبُو سُفيانَ مِن حَنَقٍ ... يَدعُو إِلى الشَّرِّ مثلَ الفَحلِ ذِي القَطَمِ
فَخَندَقَ المُؤمِنُونَ الدّارَ وَاِنتَصَبُوا ... لِحَربِهِم كَضَواري الأُسدِ في الأَجَمِ
فَما استَطاعَت قُرَيشٌ نَيلَ ما طَلَبَت ... وَهَل تَنالُ الثُّرَيّا كَفُّ مُستَلِمِ
رامَت بِجَهلَتِها أَمراً وَلَو عَلِمَت ... ماذَا أُعِدَّ لَها في الغَيبِ لَم تَرُمِ
فَخَيَّبَ اللَّهُ مَسعاها وَغادَرَها ... نَهبَ الرَّدى وَالصَّدى وَالرِّيحِ وَالطَّسَمِ
فَقوَّضَت عُمُدَ التَّرحالِ وَاِنصَرَفَت ... لَيلاً إِلى حَيثُ لَم تَسرَح وَلَم تَسُمِ
وَكَيفَ تَحمَدُ عُقبى ماجَنَت يَدُها ... بَغياً وَقَد سَرَحَت في مَرتَعٍ وَخِمِ
قَد أَقبَلَت وَهيَ في فَخرٍ وَفي جَذَلٍ ... وَأَدبَرَت وَهيَ في خِزيٍ وَفي سَدَمِ
مَن يَركَبِ الغَيَّ لا يَحمَد عَواقِبَهُ ... وَمَن يُطِع قَلبُهُ أَمرَ الهَوى يَهِمِ
ثُمَّ اِنتَحى بِوُجُوهِ الخَيلِ ساهِمَةً ... بَني قُرَيظَةَ في رَجراجَةٍ حُطَمِ
خانُوا الرَّسُولَ فَجازاهُم بِما كَسَبُوا ... وَفِي الخِيانَةِ مَدعاةٌ إِلى النِّقَمِ(606/15)
وَسارَ يَنحُو بَني لِحيانَ فَاِعتَصَمُوا ... خَوفَ الرَّدى بِالعَوالي كُلَّ مُعتَصَمِ
وَأَمَّ ذا قَرَدٍ في جَحفَلٍ لَجِبٍ ... يَستَنُّ في لاحِبٍ بادٍ وَفي نَسَمِ
وَزارَ بِالجَيشِ غَزواً أَرضَ مُصطَلِقٍ ... فَما اتَّقُوهُ بِغَيرِ البِيضِ في الخَدَمِ
وَفي الحُدَيبِيَةِ الصُّلحُ اِستَتَبَّ إِلى ... عَشرٍ وَلَم يَجرِ فيها مِن دَمٍ هَدَمِ
وَجاءَ خَيبَرَ في جَأواءَ كَالِحَةٍ ... بِالخَيلِ كَالسَّيلِ وَالأَسيافِ كَالضَّرَمِ
حَتّى إِذا اِمتَنَعَت شُمُّ الحُصونِ عَلى ... مَن رامَها بَعدَ إِيغالٍ وَمُقتَحَمِ
قالَ النَّبِيُّ سَأُعطِي رايَتِي رَجُلاً ... يُحِبُّنِي وَيُحِبُّ اللَّهَ ذا الكَرَمِ
ذا مِرَّةٍ يَفتَحُ اللَّهُ الحُصونَ عَلَى ... يَدَيهِ لَيسَ بِفَرّارٍ وَلا بَرِمِ
فَما بَدا الفَجرُ إِلّا وَالزَّعيمُ عَلى ... جَيشِ القِتالِ عَلِيٌّ رافِعُ العَلَمِ
وَكانَ ذا رَمَدٍ فَارْتَدَّ ذا بَصَرٍ ... بِنَفثَةٍ أَبرَأَت عَينَيهِ مِن وَرَمِ
فَسارَ مُعتَزِماً حَتّى أَنافَ عَلى ... حُصُونِ خَيبَرَ بِالمَسلُولَةِ الخُذُمِ
يَمضِي بِمُنصُلِهِ قُدماً فَيَلحَمُهُ ... مَجرى الوَريدِ مِنَ الأَعناقِ وَاللِّمَمِ
حَتّى إِذا طاحَ مِنهُ التُّرسُ تاحَ لَهُ ... بابٌ فَكانَ لَهُ تُرساً إِلى العَتَمِ
بابٌ أَبَت قَلبَهُ جَهداً ثَمانِيَةٌ ... مِنَ الصَّحابَةِ أَهلِ الجِدِّ وَالعَزَمِ
فَلَم يَزَل صائِلاً في الحَربِ مُقتَحِماً ... غَيابَةَ النَّقعِ مِثلَ الحَيدَرِ القَرِمِ
حَتّى تَبَلَّجَ فَجرُ النَّصرِ وَاِنتَشَرَت ... بِهِ البَشائِرُ بَينَ السَّهلِ وَالعَلَمِ
أَبشِر بِهِ يَومَ فَتحٍ قَد أَضاءَ بِهِ ... وَجهُ الزَّمانِ فَأَبدى بِشرَ مُبتَسِمِ
أَتى بِهِ جَعفَرُ الطَّيّارُ فَاِبتَهَجَت ... بِعَودِهِ أَنفُسُ الأَصحابِ وَالعُزَمِ
فَكانَ يَوماً حَوى عِيدَينِ في نَسَقٍ ... فَتحاً وَعَود كَرِيمٍ طاهِرِ الشِّيَمِ(606/16)
وَعادَ بِالنَّصرِ مَولى الدِّينِ مُنصَرِفاً ... يَؤُمُّ طَيبَةَ فِي عِزٍّ وَفِي نِعَمِ
ثُمَّ اسْتَقامَ لِبَيتِ اللَّهِ مُعتَمِراً ... لِنَيلِ ما فاتَهُ بِالهَديِ لِلحَرَمِ
وَسارَ زَيدٌ أَميراً نَحوَ مُؤتَةَ في ... بَعثٍ فَلاقى بِها الأَعداءَ مِن كَثَمِ
فَعَبَّأَ المُسلِمُونَ الجُندَ وَاِقتَتَلُوا ... قِتالَ مُنتَصِرٍ لِلحَقِّ مُنتَقِمِ
فَطاحَ زَيدٌ وَأَودى جَعفَرٌ وَقَضى ... تَحتَ العَجاجَةِ عَبدُ اللَّهِ في قُدُمِ
لا عارَ بِالمَوتِ فَالشَّهمُ الجَرِيءُ يَرى ... أَنَّ الرَّدى في المَعالي خَيرُ مُغتَنَمِ
وَحِينَ خاسَت قُرَيشٌ بِالعُهُودِ وَلَم ... تُنصِف وَسارَت مِن الأَهواءِ في نَقَمِ
وَظاهَرَت مِن بَني بَكرٍ حَليفَتَها ... عَلى خُزاعَةَ أَهلِ الصِّدقِ فِي الذِّمَمِ
قامَ النَّبِيُّ لِنَصرِ الحَقِّ مُعتَزِماً ... بِجَحفَلٍ لِجُمُوعِ الشِّركِ مُختَرِمِ
تَبدُو بِهِ البِيضُ وَالقَسطالُ مُنتَشِرٌ ... كَالشُّهبِ في اللَّيلِ أَو كَالنّارِ فِي الفَحَمِ
لَمعُ السُّيُوفِ وَتَصهالُ الخُيولِ بِهِ ... كَالبَرقِ وَالرَّعدِ في مُغدَودِقٍ هَزِمِ
عَرمرَمٌ يَنسِفُ الأَرضَ الفَضاءَ إِذا ... سَرى بِها وَيَدُكُّ الهَضبَ مِن خِيَمِ
فِيهِ الكُماةُ الَّتي ذَلَّت لِعِزَّتِها ... مَعاطِسٌ لَم تُذَلَّل قَبلُ بِالخُطُمِ
مِن كُلِّ مُعتَزِمٍ بِالصَّبرِ مُحتَزِمٍ ... لِلقِرنِ مُلتَزِمٍ في البَأسِ مُهتَزِمِ
طالَت بِهِم هِمَمٌ نالُوا السِّماكَ بِها ... عَن قُدرَةٍ وَعُلُوُّ النَّفسِ بِالهِمَمِ
بِيضٌ أَساوِرَةٌ غُلبٌ قَساوِرَةٌ ... شُكسٌ لَدى الحَربِ مِطعامونَ في الأُزُمِ
طابَت نُفُوسُهُمُ بِالمَوتِ إِذ عَلِمُوا ... أَنَّ الحَياةَ الَّتي يَبغُونَ في العَدَمِ
ساسُوا الجِيادَ فَظَلَّت في أَعِنَّتِها ... طَوعَ البَنانَةِ في كَرٍّ وَمُقتَحَمِ
تَكادُ تَفقَهُ لَحنَ القَولِ مِن أَدَبٍ ... وَتَسبِقُ الوَحيَ وَالإِيماءَ مِن فَهَمِ(606/17)
كَأَنَّ أَذنابَها في الكَرِّ أَلوِيَةٌ ... عَلَى سَفِينٍ لِأَمرِ الرِّيحِ مُرتَسِمِ
مِن كُلِّ مُنجَرِدٍ يَهوي بِصاحِبِهِ ... بَينَ العَجاجِ هوِيَّ الأَجدَلِ اللَّحِمِ
وَالبِيضُ تَرجُفُ في الأَغمادِ مِن ظَمَأٍ ... وَالسُّمرُ تَرعدُ في الأَيمانِ مِن قَرَمِ
مِن كُلِّ مُطَّرِدٍ لَولا عَلائِقُهُ ... لَسابَقَ المَوتَ نَحوَ القِرنِ مِن ضَرَمِ
كَأَنَّهُ أَرقَمٌ في رَأسِهِ حُمَةٌ ... يَستَلُّ كَيدَ الأَعادي بِابنَةِ الرَّقَمِ
فَلَم يَزَل سائِراً حَتّى أَنافَ عَلى ... أَرباضِ مَكّةَ بِالفُرسانِ وَالبُهَمِ
وَلَفَّهم بِخَمِيسٍ لَو يَشُدُّ عَلى ... أَركانِ رَضوى لَأَضحى مائِلَ الدِّعَمِ
فَأَقبَلوا يَسأَلُونَ الصَّفحَ حِينَ رَأَوا ... أَنَّ اللَّجاجَةَ مَدعاةٌ إِلى النَّدَمِ
رِيعُوا فَذَلُّوا وَلَو طاشُوا لَوَقَّرَهُم ... ضَربٌ يُفَرِّقُ مِنهُم مَجمَعَ اللِّمَمِ
ذاقُوا الرَّدى جُرَعاً فَاِستَسلَمُوا جَزَعاً ... لِلصُّلحِ وَالحَربُ مَرقاةٌ إِلى السَّلَمِ
وَأَقبَلَ النَّصرُ يَتلُو وَهوَ مُبتَسِمٌ ... المَجدُ لِلسَّيفِ لَيسَ المَجدُ لِلقَلَمِ
يا حائِرَ اللُّبِّ هَذا الحَقُّ فَامضِ لَهُ ... تَسلَم وَهَذا سَبِيلُ الرُّشدِ فَاِستَقِمِ
لا يَصرَعَنَّكَ وَهمٌ بِتَّ تَرقُبُهُ ... إِنَّ التَّوَهُّمَ حَتفُ العاجِزِ الوَخِمِ
هَذا النَّبيُّ وَذاكَ الجَيشُ مُنتَشِرٌ ... مِلءَ الفَضا فَاِستَبق لِلخَيرِ تَغتَنِمِ
فَالزَم حِماهُ تَجِد ما شِئتَ مِن أَرَبٍ ... وَشِم نَداهُ إِذا ما البَرقُ لَم يُشَمِ
وَاحلُل رِحالَكَ وَانزِل نَحوَ سُدَّتِهِ ... فَإِنَّها عصمَةٌ مِن أَوثَقِ العِصمِ
أَحيا بِهِ اللَّهُ أَمواتَ القُلوبِ كَما ... أَحيا النَّباتَ بِفَيضِ الوابِلِ الرَّذِمِ
حَتّى إِذا تَمَّ أَمرُ الصُلحِ وَاِنتَظَمَت ... بِهِ عُقودُ الأَماني أَيَّ مُنتَظَمِ
قامَ النَّبِيُّ بِشُكرِ اللَّهِ مُنتَصِباً ... وَالشُّكرُ فِي كُلِّ حالٍ كافِلُ النِّعَمِ(606/18)
وَطافَ بِالبَيتِ سبعاً فَوقَ راحِلَةٍ ... قَوداءَ ناجِيَةٍ أَمضى مِنَ النَّسَمِ
فَما أَشارَ إِلى بُدٍّ بِمِحجَنِهِ ... إِلّا هوَى لِيَدٍ مَغلُولَةٍ وَفَمِ
وَفِي حُنَينٍ إِذ اِرتَدَّت هَوازِنُ عَن ... قَصدِ السَّبيلِ وَلَم تَرجِع إِلى الحَكَمِ
سَرى إِلَيها بِبَحرٍ مِن مُلَملَمَةٍ ... طامي السّراة بِمَوجِ البِيضِ مُلتَطِمِ
حَتّى اِستَذَلَّت وَعادَت بَعدَ نَخوَتِها ... تُلقي إِلى كُلِّ مَن تَلقاهُ بِالسَّلَمِ
وَيَمَّمَ الطّائِفَ الغَنّاءَ ثُمَّ مَضى ... عَنها إلى أَجَلٍ في الغَيبِ مُكتَتَمِ
وَحِينَ أَوفى عَلى وادِي تَبُوكَ سَعى ... إِلَيهِ ساكِنُها طَوعاً بِلا رَغَمِ
فَصالَحُوهُ وَأَدَّوا جِزيَةً وَرَضُوا ... بِحُكمِهِ وَتَبيعُ الرُشد لَم يَهِمِ
أَلفى بِها عَينَ ماءٍ لا تَبِضُّ فَمُذ ... دَعا لَها اِنفَجَرَت عَن سائِغٍ سَنِمِ
وَراوَدَ الغَيثَ فَاِنهَلَّت بَوادِرُهُ ... بَعدَ الجُمودِ بِمُنهَلٍّ وَمُنسَجِمِ
وَأَمَّ طَيبَةَ مَسْروراً بِعَودَتِهِ ... يَطوي المَنازِلَ بِالوَخّادَةِ الرُّسُمِ
ثُمَّ استَهَلَّت وُفُودُ الناسِ قاطِبَةً ... إِلى حِماهُ فَلاقَت وافِرَ الكَرَمِ
فَكانَ عامَ وُفودٍ كُلَّما اِنصَرَفَت ... عِصابَةٌ أَقبَلَت أُخرى عَلى قَدَمِ
وَأَرسَلَ الرُّسلَ تَترى لِلمُلوكِ بِما ... فِيهِ بَلاغٌ لِأَهلِ الذِّكرِ وَالفَهَمِ
وَأَمَّ غالِبُ أَكنافَ الكَديدِ إِلى ... بَني المُلَوَّحِ فَاِستَولى عَلى النَّعَمِ
وَحِينَ خانَت جُذامٌ فَلَّ شَوكَتَها ... زَيدٌ بِجَمعٍ لِرَهطِ الشِّركِ مُقتَثِمِ
وَسارَ مُنتَحِياً وادي القُرى فَمَحا ... بَني فَزارَةَ أَصلَ اللُّؤمِ وَالقَزَمِ
وَأَمَّ خَيبَرَ عَبدُ اللَّهِ في نَفَرٍ ... إِلى اليَسِير فَأَرداهُ بِلا أَتَمِ
وَيَمَّمَ اِبنُ أُنَيسٍ عُرضَ نَخلَةَ إِذ ... طَغا اِبنُ ثَورٍ فَاصماهُ وَلَم يَخِمِ
ثُمَّ استَقَلَّ اِبنُ حِصنٍ فَاحْتَوَت يَدُهُ ... عَلى بَني العَنبَرِ الطُّرّارِ وَالشُّجُمِ(606/19)
وَسارَ عَمرو إِلى ذاتِ السَّلاسِلِ في ... جَمعٍ لُهامٍ لِجَيشِ الشِّركِ مُصطَلِمِ
وَغَزوَتانِ لِعَبدِ اللَّهِ واجِدَةٌ ... إِلى رِفاعَةَ وَالأُخرى إِلى إِضَمِ
وَسارَ جَمعُ اِبنِ عَوفٍ نَحوَ دَومَةَ كَي ... يَفُلَّ سَورَةَ أَهلِ الزُّورِ وَالتُّهَمِ
وَأَمَّ بِالخَيلِ سيفَ البَحرِ مُعتَزِماً ... أَبُو عُبَيدَةَ في صُيّابَةٍ حُشُمِ
وَسارَ عَمرو إِلى أُمِّ القُرى لِأَبي ... سُفيانَ لَكِن عَدَتهُ مُهلَةُ القِسَمِ
وَأَمَّ مَديَنَ زَيدٌ فَاِستَوَت يَدُهُ ... عَلى العَدُوِّ وَساقَ السَّبيَ كَالغَنَمِ
وَقامَ سالِمُ بِالعَضبِ الجُرازِ إِلى ... أَبي عُفَيكٍ فَأَرداهُ وَلَم يَجِمِ
وَانقَضَّ لَيلاً عُمَيرٌ بِالحُسامِ عَلى ... عَصماءَ حَتّى سَقاها عَلقَمَ العَدَمِ
وَسارَ بَعثٌ فَلَم يُخطِئ ثُمامَةَ إِذ ... رَآهُ فَاحتازَهُ غُنماً وَلَم يُلَمِ
ذاكَ الهُمامُ الَّذي لَبّى بِمَكَّة إِذ ... أَتى بِها مُعلِناً في الأَشهُرِ الحُرُمِ
وَبَعثُ عَلقَمَةَ اِستَقرى العَدُوَّ ضُحىً ... فَلَم يَجِد في خِلالِ الحَيِّ مِن أَرمِ
وَرَدَّ كُرزٌ إِلى العَذراءِ مَن غَدَرُوا ... يَسارَ حَتّى لَقَوا بَرحاً مِنَ الشَّجَمِ
وَسارَ بَعثُ اِبنِ زَيدٍ لِلشَّآمِ فَلَم ... يَلبَث أَنِ انقَضَّ كَالبازي عَلى اليَمَمِ
فَهَذِهِ الغَزَواتُ الغُرُّ شامِلَةً ... جَمعَ البُعُوثِ كَدُرٍّ لاحَ في نُظُمِ
نَظَمتُها راجِياً نَيلَ الشَّفاعَةِ مِن ... خَيرِ البَرايا وَمَولى العُربِ وَالعَجَمِ
هُوَ النَّبِيُّ الَّذي لَولاهُ ما قُبِلَت ... رَجاةُ آدمَ لَمّا زَلَّ في القِدَمِ
حَسبِي بِطَلعَتِهِ الغَرّاءِ مَفخَرَةً ... لَمّا اِلتَقَيتُ بِهِ في عالَمِ الحُلُمِ
وَقَد حَباني عَصاهُ فَاِعتَصَمتُ بِها ... في كُلِّ هَولٍ فَلم أَفزَع وَلَم أَهِمِ
فَهيَ الَّتي كانَ يَحبُو مِثلَها كَرَماً ... لِمَن يَوَدُّ وَحَسبِي نسبَةً بِهِمِ
لَم أَخشَ مِن بَعدِها ما كُنتُ أَحذَرُهُ ... وَكَيفَ وَهيَ الَّتي تُنجي مِنَ الغُمَمِ(606/20)
كَفى بِها نِعمَةً تَعلُو بِقيمَتِها ... نَفسِي وَإِن كُنتُ مَسلوباً مِنَ القِيَمِ
وَما أُبَرِّئُ نَفسي وَهيَ آمِرَةٌ ... بِالسُوءِ ما لَم تَعُقها خيفَةُ النَّدَمِ
فَيا نَدامَةَ نَفسي في المَعادِ إِذا ... تَعَوَّذَ المَرءُ خَوفَ النُطقِ بِالبَكمِ
لَكِنَّني وَاثِقٌ بِالعَفو مِن مَلِكٍ ... يَعفُو بِرَحمَتِهِ عَن كُلِّ مُجتَرِمِ
وَسَوفَ أَبلُغُ آمالي وَإِن عَظُمَت ... جَرائِمي يَومَ أَلقى صاحِبَ العَلَمِ
هُوَ الَّذي يَنعَشُ المَكرُوبَ إِذ عَلِقَت ... بِهِ الرَّزايا وَيُغني كُلَّ ذي عَدَمِ
هَيهاتَ يَخذُلُ مَولاهُ وَشاعِرَهُ ... في الحَشرِ وَهوَ كَريمُ النَّفسِ وَالشِّيَمِ
فَمَدحُهُ رَأسُ مالي يَومَ مُفتَقَرِي ... وَحُبُّهُ عِزُّ نَفسي عِندَ مُهتَضَمِي
وَهَبتُ نَفسِي لَهُ حُبّا وَتَكرِمَة ... فَهَل تَراني بَلَغتُ السُّؤلَ مِن سَلَمي
إِنِّي وَإِن مالَ بي دَهري وَبَرَّحَ بي ... ضَيمٌ أَشاطَ عَلى جَمرِ النَّوى أَدَمي
لثابِتُ العَهدِ لَم يَحلُل قُوى أَمَلِي ... يَأسٌ وَلَم تَخطُ بِي في سَلوَةٍ قَدَمي
لَم يَترُكِ الدَّهرُ لي ما أَستَعِينُ بِهِ ... عَلى التَّجَمُّلِ إِلّا ساعِدي وَفَمِي
هَذا يُحَبِّرُ مَدحي في الرَّسولِ وَذا ... يَتلُو عَلى الناسِ ما أُوحيهِ مِن كَلِمِي
يا سَيِّدَ الكَونِ عَفواً إِن أَثِمتُ فَلي ... بِحُبِّكُم صِلَةٌ تُغنِي عَنِ الرَّحِمِ
كَفى بِسَلمانَ لِي فَخراً إِذا انتَسَبَت ... نَفسي لَكُم مِثلَهُ في زُمرَةِ الحَشَمِ
وَحسنُ ظَنِّي بِكُم إِن مُتُّ يَكلَؤُني ... مِن هَولِ ما أَتَّقي فِي ظُلمَةِ الرَّجَمِ
تَاللَّهِ ما عاقَني عَن حَيِّكُم شَجَنٌ ... لَكِنَّنِي مُوثَقٌ في رِبقَةِ السَّلَمِ
فَهَل إِلى زَورَةٍ يَحيا الفُؤادُ بِها ... ذَرِيعَةٌ أَبتَغيها قَبلَ مُختَرَمِي
شَكَوتُ بَثِّي إِلى رَبِّي لِيُنصِفَني ... مِن كُلِّ باغٍ عَتِيدِ الجَورِ أَوهكمِ
وَكَيفَ أَرهَبُ حَيفا وَهوَ مُنتَقِمٌ ... يَهابُهُ كُلُّ جَبّارٍ وَمُنتَقِمِ(606/21)
لا غَروَ إِن نِلتُ ما أَمَّلتُ مِنهُ فَقَد ... أَنزَلتُ مُعظَمَ آمالي بِذي كَرَمِ
يا مالِكَ المُلكِ هَب لِي مِنكَ مَغفِرَةً ... تَمحُو ذُنُوبي غَداةَ الخَوفِ وَالنَّدَمِ
وَامْنُن عَلَيَّ بِلُطفٍ مِنكَ يَعصِمُني ... زَيغَ النُّهى يَومَ أَخذِ المَوتِ بِالكَظَمِ
لَم أَدعُ غَيرَكَ فِيما نابَني فَقِني ... شَرَّ العَواقِبِ وَاِحفَظنِي مِنَ التُّهَمِ
حاشا لِراجيكَ أَن يَخشى العِثارَ وَما ... بَعدَ الرَّجاءِ سِوى التَّوفيقِ لِلسَّلَمِ
وَكَيفَ أَخشى ضَلالاً بَعدَما سَلَكَت ... نَفسِي بِنُورِ الهُدى في مَسلَكٍ قِيَمِ
وَلِي بِحُبِّ رَسُولِ اللَّهِ مَنزِلَةٌ ... أَرجُو بِها الصَّفحَ يَومَ الدِّينِ عَن جُرُمِي
لا أَدَّعي عِصمَةً لَكِن يَدِي عَلِقَت ... بِسَيِّدٍ مَن يَرِد مَرعاتَهُ يَسُمِ
خَدَمتُهُ بِمَديحي فَاعتَلَوتُ عَلى ... هامِ السِّماكِ وَصارَ السَّعدُ مِن خَدَمِي
وَكَيفَ أَرهَبُ ضَيماً بَعدَ خِدمَتِهِ ... وَخادِمُ السَّادَةِ الأَجوادِ لَم يُضَمِ
أَم كَيفَ يَخذُلُنِي مِن بَعدِ تَسمِيَتِي ... بِاسمٍ لَهُ في سَماءِ العَرشِ مُحتَرَمِ
أَبكانِيَ الدَّهرُ حَتّى إِذ لَجِئتُ بِهِ ... حَنا عَلَيَّ وَأَبدى ثَغرَ مُبتَسِمِ
فَهوَ الَّذي يَمنَحُ العافِينَ ما سَأَلُوا ... فَضلاً وَيَشفَعُ يَومَ الدِّينِ في الأُمَمِ
نُورٌ لِمُقتَبِسٍ ذُخرٌ لِمُلتَمِسٍ ... حِرزٌ لِمُبتَئِسٍ كَهفٌ لِمُعتَصِمِ
بَثَّ الرَّدى وَالنَّدى شَطرَينِ فَانبَعَثا ... فِيمَن غَوى وَهَدى بِالبُؤسِ وَالنِّعَمِ
فَالكُفرُ مِن بَأسِهِ المَشهورِ في حَرَبٍ ... وَالدِّينُ مِن عَدلِهِ المَأثُورِ في حَرَمِ
هَذا ثَنائِي وَإِن قَصَّرتُ فيهِ فَلي ... عُذرٌ وَأَينَ السُّها مِن كَفِّ مُستَلِمِ
هَيهاتَ أَبلُغُ بِالأَشعارِ مدَحتَهُ ... وَإِن سَلَكتُ سَبيلَ القالَةِ القُدُمِ
ماذا عَسى أَن يَقُولَ المادِحُونَ وَقَد ... أَثنى عَلَيهِ بِفَضلٍ مُنزلُ الكَلِمِ(606/22)
فَهاكَها يا رَسُولَ اللَّهِ زاهِرَةً ... تُهدِي إِلى النَّفسِ رَيّا الآسِ وَالبَرَمِ
وَسمتُها بِاسمِكَ العَالي فَأَلبَسنَها ... ثَوباً مِنَ الفَخرِ لا يَبلى عَلى القِدَمِ
غَرِيبَةٌ في إِسارِ البَينِ لَو أَنِسَت ... بِنَظرَةٍ مِنكَ لاستغنَت عَنِ النَّسَمِ
لَم أَلتَزِم نَظمَ حَبّاتِ البَديعِ بِها ... إِذ كانَ صَوغُ المَعانِي الغُرِّ مُلتَزمِي
وَإِنَّما هِيَ أَبياتٌ رَجَوتُ بِها ... نَيلَ المُنى يَومَ تَحيا بَذَّةُ الرِّمَمِ
نَثَرتُ فِيها فَرِيدَ المَدحِ فَاِنتَظَمَت ... أَحسِن بِمُنتَثِرٍ مِنها وَمُنتَظِمِ
صَدَّرتُها بِنَسِيبٍ شَفَّ باطِنُهُ ... عَن عِفَّةٍ لَم يَشِنها قَولُ مُتَّهِمِ
لَم أَتَّخِذهُ جُزافاً بَل سَلَكتُ بِهِ ... فِي القَولِ مَسلَكَ أَقوامٍ ذَوي قَدَمِ
تابَعتُ كَعباً وَحَسّاناً وَلِي بِهِما ... في القَولِ أُسوَةُ بَرٍّ غَيرِ مُتَّهَمِ
وَالشِّعرُ مَعرَضُ أَلبابٍ يُروجُ بِهِ ... ما نَمَّقَتهُ يَدُ الآدابِ وَالحِكَمِ
فَلا يَلُمنِي عَلى التَّشبِيبِ ذُو عَنَتٍ ... فَبُلبُلُ الرَّوضِ مَطبُوعٌ عَلَى النَّغَمِ
وَلَيسَ لِي رَوضَةٌ أَلهُو بِزَهرَتِها ... في مَعرَضِ القَولِ إِلّا رَوضَةُ الحَرَمِ
فَهيَ الَّتِي تَيَّمَت قَلبي وَهِمتُ بِهَا ... وَجْداً وَإِن كُنتُ عَفَّ النَّفسِ لَم أَهِمِ
مَعاهِدٌ نَقَشَت في وَجنَتيَّ لَها ... أَيدِي الهَوى أَسطُراً مِن عَبرَتِي بِدَمِ
يا حادِيَ العِيسِ إِن بَلَّغتَني أَمَلي ... مِن قَصدِهِ فَاقتَرِحْ مَا شِئتَ وَاِحتَكِمِ
سِر بِالمَطايا وَلا تَرفَق فَلَيسَ فَتىً ... أَولى بِهَذا السُّرَى مِنْ سَائِقٍ حُطَمِ
وَلا تَخَف ضَلَّةً وَاِنظُر فَسَوفَ تَرى ... نُوراً يُريكَ مَدَبَّ الذَّرِ فِي الأَكَمِ
وَكَيفَ يَخشى ضَلالاً مَن يَؤُمُّ حِمى ... مُحَمَّدٍ وَهوَ مِشكاةٌ عَلَى عَلَمِ
هَذِي مُنايَ وَحَسبي أَن أَفوزَ بِها ... بِنِعمَةِ اللَّهِ قَبلَ الشَّيبِ وَالهَرَمِ(606/23)
وَمَن يَكُن راجِياً مَولاهُ نالَ بِهِ ... ما لَم يَنَلهُ بِفَضلِ الجِدِّ وَالهِمَمِ
فاسجُد لَهُ وَاِقترِب تَبلُغ بِطاعَتِهِ ... ما شِئتَ في الدَّهرِ مِن جاهٍ وَمِن عِظَمِ
هَوَ المَليكُ الَّذي ذَلَّت لِعِزَّتِهِ ... أَهلُ المَصانِعِ مِن عادٍ وَمِن إِرَمِ
يُحيي البَرايا إِذا حانَ المَعادُ كَما ... يُحيي النَّباتَ بِشُؤبُوبٍ مِنَ الدِّيَمِ
يا غافِرَ الذَّنبِ وَالأَلبابُ حائِرَةٌ ... في الحَشرِ وَالنارُ تَرمِي الجَوَّ بِالضَّرَمِ
حَاشَا لِفَضلِكَ وَهوَ الْمُسْتَعاذُ بِهِ ... أَن لا تَمُنَّ عَلى ذِي خَلَّةٍ عَدِمِ
إِنّي لَمُستَشفِعٌ بِالمُصطَفى وَكَفى ... بِهِ شَفِيعاً لَدَى الأَهْوَالِ وَالقُحَمِ
فَاقبَل رَجائِي فَما لي مَن أَلوذُ بِهِ ... سِواكَ في كُلِّ ما أَخشَاهُ مِن فَقَمِ
وَصَلِّ رَبِّ عَلى المُختارِ ما طَلَعَت ... شَمسُ النَّهارِ وَلاَحَتْ أَنجُمُ الظُّلَمِ
وَالآلِ وَالصَّحبِ وَالأَنصارِ مَن تَبِعُوا ... هُداهُ وَاعْتَرَفوا بِالعَهدِ وَالذِّمَمِ
وَامنُن عَلى عَبدِكَ العانِي بِمَغفِرَةٍ ... تَمحُو خَطاياهُ في بَدءٍ وَمُختَتَمِ(606/24)
كف الشر
يقول سليمان بن عبد العزيز الشقحاء
عرضي عفيف عن الأدناس أحفظه لا يؤمن الذئب كي يرعى مع الغنم
أكف شري فلا أوذي به أحدا والخير أزجيه في قولي وفي قلمي
************************(607/1)
عذراً رسول الهدى
الشاعر / عبد الله بن غالب الحميري
اليمن ـ 27/ 12/ 1426 هـ
كفر تنفس عنه الغرب لاكانا تكاد تنهدُّ منه الأرض أركانا
وقُبْح وجه أزاحوا عن صفافته زيف الستار فبان اليوم عريانا
شلت يداه بما خطت وما رسمت في حق أكرم خلق الله إنسانا
وقُبِّحَت أمة فاهت صحافتها بالنيل من شخصه المعصوم عدوانا
بني العقيدة لا كانت مواقفكم حتى تُفَجَّر نحو الغرب بركان
ولا استقر لنا عيش ولا اكتحلت بالنوم عين إذا ما جانب لانا
أيُزْدَرَى برسول الله بينكمُ جهراً ويمتهن القرآن إعلانا
ويشتم الله في وضْح النهار فلا تثور ثائرة منّا لمولانا
ورغم ذلك نستبقي مودتهم ونجتبي سلع الكفار أطنانا
هيا انهضوا أمة التوحيد وانتصروا لله واتحدوا في الدين إخوانا
وأسمعوا " دنمركًا" في وقاحتها ما يردع الكافر الموتور أزمانا
حتى تُدين كلاب الغرب فعلتها ويذعن الصاغر المأفون إذعانا
ألا نغار على عرض الرسول فهل نرجو الشفاعة يوم الحشر مجانا
ومن أبى وادعى منا محبته فإنه مُدّعٍ زوراً وبهتانا
ماذا نؤمل من قومٍ عداوتهم معلومة قد بدت سرًّا وإعلانا
وما اتخاذهم الإسلام مسخرة إلا على ما حكاه الله برهانا
إن العلاقة لا تُبنى مجردة من الثوابت في شيء وإن هانا
فلا تسامح إن مُسّت عقيدتنا أو اقتضى الأمر إيماناً وكفرانا
عذراً رسول الهدى المختار إن وهنت منا العزائم شبّانا وشيبانا
فلم يعد يرهب الأعداء صولتنا وما أقاموا لنا وزناً ولا شانا
ولوا أطعناك ما هنَّا وما اجترءوا على مقامك أو كان الذي كانا
لكن عصيناك في جل الأمور فلم نفلح بشيء ولا حُلّت قضايانا
عذراً, فداك رسول الله أنفسنا وما ملكناه أرواحاً وأبدانا
عذراً, فداك خليلَ الله كل أبٍ وكل أم بما أسديت عرفانا
فدىً لك الأهل والأبناء قاطبة وسائر الناس عجماناً وعربانا
فداك كل كفور في الدّنا عميت عيناه عنك وقد أُرسلت تبيانا
فداك كل يهود والدنا معها وأمة ألّهت في الأرض صلبانا(608/1)
فدى تراب نعال كنت تلبسها عند الأذى أمة الدنمرك قربانا
حاشاك حاشاك يا خير الورى رتباً مما رموك به ظلماً وعدوانا
وأنت أكرم من يمشي على قدم وأرجح الرسل عند الله ميزانا
وأطهر الخلق من عيب ومن دنس وإنّ شانئك المبتور لا كانا(608/2)
كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
المتنبي
العصر ... عباسي
عدد الأبيات ... 47
البحر ... طويل
الروي ... ياء
الغرض ... مدح
مصدر القصيدة ... التبيان في شرح الديوان (4/281-294)
تنبيه ... يمدح كافورا
1
كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا *** وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا
2
تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى *** صَديقًا فَأَعيا أَو عَدُوًّا مُداجِيا
3
إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ *** فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا
4
وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ *** وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا
5
فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى *** وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا
6
حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى *** وَقَد كانَ غَدّارًا فَكُن أَنتَ وافِيا
7
وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ *** فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا
8
فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها *** إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا
9
إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصًا مِنَ الأَذى *** فَلا الحَمدُ مَكسوبًا وَلا المالُ باقِيا
10
وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى *** أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا
11
أَقِلَّ اِشتِياقًا أَيُّها القَلبُ رُبَّما *** رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا
12
خُلِقتُ أَلوفًا لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا *** لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا
13
وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحراً أَزَرتُهُ *** حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا
14
وَجُردًا مَدَدنا بَينَ آذانِها القَنا *** فَبِتنَ خِفافًا يَتَّبِعنَ العَوالِيا
15
تَماشى بِأَيدٍ كُلَّما وافَتِ الصَفا *** نَقَشنَ بِهِ صَدرَ البُزاةِ حَوافِيا
16
وَينظُرْنَ مِن سودٍ صَوادِقَ في الدُجى *** يَرَينَ بَعيداتِ الشُخوصِ كَما هِيَا
17
وَتَنصِبُ لِلجَرسِ الخَفيِّ سَوامِعًا *** يَخَلنَ مُناجاةَ الضَميرِ تَنادِيا
18(609/1)
تُجاذِبُ فُرسانَ الصَباحِ أَعِنَّةً *** كَأَنَّ عَلى الأَعناقِ مِنها أَفاعِيا
19
بِعَزمٍ يَسيرُ الجِسمُ في السَرجِ راكِبًا *** بِهِ وَيَسيرُ القَلبُ في الجِسمِ ماشِيا
20
قَواصِدَ كافورٍ تَوارِكَ غَيرِهِ *** وَمَن قَصَدَ البَحرَ اِستَقَلُّ السَواقِيا
21
فَجاءَت بِنا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ *** وَخَلَّت بَياضًا خَلفَها وَمَآقِيا
22
نَجوزَ عَلَيها المُحسِنينَ إِلى الَّذي *** نَرى عِندَهُمْ إِحسانَهُ وَالأَيادِيا
23
فَتىً ما سَرَينا في ظُهورِ جُدودِنا *** إِلى عَصرِهِ إِلاَّ نُرَجّي التَلاقِيا
24
تَرَفَّعَ عَن عَونِ المَكارِمِ قَدرُهُ *** فَما يَفعَلُ الفَعْلاتِ إِلا عَذارِيا
25
يُبيدُ عَداواتِ البُغاةِ بِلُطفِهِ *** فَإِن لَم تَبِدْ مِنهُمْ أَبادَ الأَعادِيا
26
أَبا المِسكِ ذا الوَجهُ الَّذي كُنتُ تائِقًا *** إِلَيهِ وَذا الوَقتُ الَّذي كُنتُ راجِيا
27
لَقيتُ المَرَورى وَالشَناخيبَ دونَهُ *** وَجُبتُ هَجيرًا يَترُكُ الماءَ صادِيا
28
أَبا كُلِّ طيبٍ لا أَبا المِسكِ وَحدَهُ *** وَكُلَّ سَحابٍ لا أَخَصُّ الغَوادِيا
29
يَدِلُّ بِمَعنًى واحِدٍ كُلَّ فاخِرٍ *** وَقَد جَمَعَ الرَحمَنُ فيكَ المَعانِيا
30
إِذا كَسَبَ الناسُ المَعالِيَ بِالنَدى *** فَإِنَّكَ تُعطي في نَداكَ المَعالِيا
31
وَغَيرُ كَثيرٍ أَن يَزورَكَ راجِلٌ *** فَيَرجِعَ مَلْكًا لِلعِراقَينِ والِيا
32
فَقَد تَهَبَ الجَيشَ الَّذي جاءَ غازِيًا *** لِسائِلِكَ الفَردِ الَّذي جاءَ عافِيا
33
وَتَحتَقِرُ الدُنيا اِحتِقارَ مُجَرِّبٍ *** يَرى كُلَّ ما فيها وَحاشاكَ فانِيا
34
وَما كُنتَ مِمَّن أَدرَكَ المُلكَ بِالمُنى *** وَلَكِن بِأَيّامٍ أَشَبنَ النَواصِيا
35
عِداكَ تَراها في البِلادِ مَساعِيًا *** وَأَنتَ تَراها في السَماءِ مَراقِيا
36
لَبِستَ لَها كُدْرَ العَجاجِ كَأَنَّما *** تَرى غَيرَ صافٍ أَن تَرى الجَوَّ صافِيا
37(609/2)
وَقُدتَ إِلَيها كُلَّ أَجرَدَ سابِحٍ *** يُؤَدِّيكَ غَضبانًا وَيَثنِكَ راضِيا
38
وَمُختَرَطٍ ماضٍ يُطيعُكَ آمِرًا *** وَيَعصي إِذا اِستَثنَيتَ لَو كُنتَ ناهِيا
39
وَأَسمَرَ ذي عِشرينَ تَرضاهُ وارِدًا *** وَيَرضاكَ في إيرادِهِ الخَيلَ ساقِيا
40
كَتائِبَ ما انفَكَّت تَجوسُ عَمائِرًا *** مِنَ الأَرضِ قَد جاسَت إِلَيها فَيافِيا
41
غَزَوتَ بِها دورَ المُلوكِ فَباشَرَتْ *** سَنابِكُها هاماتِهِمْ وَالمَغانِيا
42
وَأَنتَ الَّذي تَغشى الأَسِنَّةَ أَوَّلاً *** وَتَأنَفُ أَن تَغشى الأَسِنَّةَ ثانِيا
43
إِذا الهِندُ سَوَّت بَينَ سَيفَي كَريهَةٍ *** فَسَيفُكَ في كَفٍّ تُزيلُ التَساوِيا
44
وَمِن قَولِ سامٍ لَو رَآكَ لِنَسلِهِ *** فِدَى اِبنِ أَخي نَسلِي وَنَفسي وَمالِيا
45
مَدًى بَلَّغَ الأُستاذَ أَقصاهُ رَبُّهُ *** وَنَفسٌ لَهُ لَم تَرضَ إِلاَّ التَناهِيا
46
دَعَتهُ فَلَبّاها إِلى المَجدِ وَالعُلا *** وَقَد خالَفَ الناسُ النُفوسَ الدَواعِيا
47
فَأَصبَحَ فَوقَ العالَمينَ يَرَونَهُ *** وَإِن كانَ يُدنيهِ التَكَرُّمُ نائِيا(609/3)
...
كلمةُ حقٍّ تُقال
بقلم عبد المنعم محمّد خير إسبير
... ... ...
استهلال :
آياتٌ بيّنات في الجهاد وفيمن تخلّف عنه، أستهلّ بها قصيدتي: (إنّ في ذلك لذِكرى لمن كان له قلبٌ يسمعْ أو ألقى السّمْعَ وهو شهيد) شرحها في (تفسير ابنِ كثير"" أي : إنّ في ذلك لعبرة لِمَنِ استمع الكلام فوعاه وتعقّله بعقلهِ وتفهّمه.) "
الآيات
1ـ( فرِحَ المخَلّفونَ بمَقعدهمْ خلاف رسول الله "أي تخلّفوا عن الجهاد "وكرِهوا أنْ يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لاتنفِروا في الحرِّ قلْ نارُ جهنّم أشدّ حرّاً لو كانوا يفقهون) آية 81 من سورة التوبة. 2ـ (فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً جزاءً بما كانوا يكسبون) آية 82 سورة التوبة. 3ـ (فإنْ رجَعَكَ الله إلى طائفةٍ منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدوّاً إنّكم رضيتم بالقعودِ أوّل مرّةٍ فاقعدوا مع الخالفين) آية 83 سورة التّوبة. 4ـ (ولاتُصَلِّ على أحدٍٍ منهم مات أبداً ولاتقم على قبرهِ إنّهم كفروا بالله ورسولهِ وماتوا وهم فاسقون) آية 84 سورة التوبة. 4ـ (ولاتعجِبْكَ أموالهم وأولادهم إنّما يريد الله أنْ يعذّبهم بها في الدّنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) آية 85 سورة التوبة. 5ـ وإذا أُنزِلَتْ سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطَّوْلِ منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين) آية 86 سورة التوبة. القصيدة:
ياطالِبَ السِّلْمِ مِنْ هُودٍ ومنْ سُفُلِ
لاتَحْجُبِ السّاحَ عَنْ طِفْلِ وعنْ رَجُلِ
قارَفْتَ(1) ذَنْباً بِما سَيَّسْتَنَخْوَتنا
طَوْعاً لِتُبَّعِ هُودٍ قاتِليِ الرُّسُلِ
فَما السِّياسةُ تُجْدي في مُنازَلَةٍ
مَعَ الطُّغاةِ ، عُتاةِ الحِقْدِ والدّجَلِ
وإنَّ سَيْفَ جِهادِ العِزِّ يُغْمِدُهُ
كَيْدُ المجالِسِ والهَيْئاتِ مِنْ دُوَلِ
فكَمْ أضَعْتَ حقوقاً في مُفاوَضَةٍ
وكمْ خَسِرنا بِضَيْعِ (2) الوقْتِ في الجَدَلِ(610/1)
فلا يَغُرَّكَ ماقدْ جاءَ مِنْ سَلَمٍ
لِبَعْضِ قَوْمِكَ، سِلْمُ الهُودِ مِنْ كبَلِ(3)
ولَسْتَ تَسْلَمُ (بعد السِّلْم!) في ندَمٍ
فما يُفيدُكَ صَحْوُ العُزْلِ(4) والعَزَلِ(5)
فارْفُضْ سَلاماً ينالُ الهودُ زَهْرتَهُ
ولَنْ يُنيلَكَ غَيْرَ الشَّوْكِ والعِلَلِ
لاتأمَنِ الذِّئبَ في وَعْدٍ يُزيّنُهُ
فالوعدُ فيه وعيدُ الرّوع والوَهَلِ (6)
فكُلُّ حَقٍّ بِتَفريطٍ تُقايِضُهُ
فإنَّ قَيْضَهُ(7)، بُطْلُ القَوْلِ والعَمَلِ
الأرْضُ أرضُكَ ، واسمُ الأرْضِ تلبَسُهُ
فكيفَ تَرْضَى كياناً مِنْ ذوي الخَتَلِ!!
يامانِعَ الثّأرِ رَغْباً في سَلامَتِهِ
إنَّ السّلامَةَ لاتأتي لِمُنْعَزِلِ
فأنْتَ تَسألُ أمْنَ الحُكْمِ مِنْ غُرُبٍ
وعَنْ أمانَةِ قُدْسِ اللهِ لَمْ تَسَلِ!
فَحَرْبُ هُودٍ مِنَ (التَّوراةِ..) مُطْلَقَةٌ
وأنْتَ توْثِقُ حَرْبَ اللهِ بالعُقَلِ(8)
فلِمْ تُعَظِّمُ أشعاراً تُعَلِّمُها
جِيلَ العُروبَةِ في الإقدامِ والمُثُلِ
ولِمْ تُمَجّدُ تاريخاً لأمَّتِنا
فيهِ(صَلاحُ)(9) وأمْثالٌ مِنَ الأُوَلِ
قادوا الجِهادَ بِتيجانٍ وما حَمَلوا
هَمَّ الخَسارِ بِحَرْبٍ جِدُّ مُحْتَمَلِ
فعُدْ لِشَعْبِكَ طِفْلَ السّاحِ، لارجُلاً
في مَنْصِبِ الذُّلِّ والإذلالِ والزَّلَلِ
وافتَحْ سبيلاً لأحْرارٍ تُمانِعُهُمْ
مِنَ الجِهادِ ، وحَطِّمْ بابَ مُعْتَقَلِ
وَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ القُدْسِ مُنتَفِضاً
وانْشَقْ طَهورَ دِماءِ الطِّفْلِ واغْتَسِلِ
الهوامش
(1) قارَفَ ذَنْباً:داناه. (2)الضَّيْع:الضَّياع. (3)الكَبَل أي الكَبْل:القيد . (4)العُزْلِ:الضَّعْف.(5)العَزَلِ:اِسمٌ من الأعزَل.(6) الوَهَل: الرّعب. (7)القَيْض: المُساوي .(8) العُقَل: جمْعُ عُقْلة : مايُربَطُ بهِ كالقَيْد. (9) صلاح الدّين الأيّوبي.(610/2)
كِلِينِي لِهَمِّ يا أُمَيْمَةَ ناصِب
النابغة الذبياني
كِلِينِي لِهَمِّ يا أُمَيْمَةَ ناصِب ... ولَيْلٍ أُقاسِيهِ بَطِيءِ الكَواكِبِ
تَقاعَسَ، حتَّى قلتُ: لَيْس بمُنْقَض ... ى ولَيْس الذي يَرْعَى النُّجومَ بآيبِ
وصَدْرٍ أَرَاحَ الليلُ عازِبَ هَمِّهِ ... تَضاعَفَ فيه الحُزْنُ مِنْ كُلِّ جانِب
عَلَيَّ لعَمْرٍو نِعْمَةٌ بَعْدَ نِعْمَةٍ ... لِوالِدِهِ لَيْسَتْ بِذاتِ عَقاربِ
لَهُمْ شِيَمٌ لَمْ يُعْطِها اللّهُ غَيْرَهُمْ ... مِن النَّاسِ، والأَحْلامُ غَيْرُ عَوازب
بَنُو عَمِّهِ دِنْياً وعَمْرِو بن عامِرٍ ... أُولئكَ قَوْمٌ بَأَسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
إِذا ما غَزْوا بالجَيْشِ حَلَّقَ فَوْقَهُمْ ... عَصائِبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بعَصائِبِ
يُصاحِبْنَهُمْ حتَّى يُغِرْنَ مَغارَهُمْ ... مِن الضَّارِياتِ بالدِّماءِ الدَّوارِبِ
تَراهُنَّ خَلْفَ القَوْمِ خُزْراً عُيُونُها ... جُلُوسَ الشُّيُوخِ في مُسُوكِ الأَرانِب
جَوانحُ، قد أَيْقَنَّ أَنَّ قَبيلَهُ ... إِذا ما الْتَقَى الجَمْعان أَولُ غالِب
لَهُنَّ عَلَيْهمْ عادَةٌ قد عَرَفْنَها ... إِذا عُرِّضَ الخَطِّيُّ فَوْقَ الكَوالب
على عارفاتٍ للطِّعان عَوابس ... بهنَّ كُلُومٌ بَيْنَ دامٍ وجالِب
إِذا اسْتُنْزِلُوا عَنْهُنَّ لِلطَّعْنِ أَرْقَلُواإِلى المَوْتِ إِرْقالَ الجِمالِ المَصاعِب
ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بهِنَّ فُلُولٌ مِن قِراعِ الكَتائِب
تَقُدَّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُهُ ... ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ
ولا يَحْسِبُونَ الخَيْرَ لا شَرَّ بَعْدَهُ ... ولا يَحْسِبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لازب(611/1)
كيف السلوّ ؟
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
أهواك (طيبة ) أنت الحب والغزل
فيك السرور وفيك الوصل والأمل
إذا ذكرت يهيج الشوق في كبدي
أهيم شوقا كأني شارب ثمل
وكيف أسلو ؟ وقلبي هائم طربا
والشوق يحفزني والوجد يعتمل
ودعتها وفؤادي كله لهب
(وهل تطيق وداعا أيها الرجل)؟
إني لأذكرها والقلب مضطرم
والوجد ملتهب والدمع منهمل
ما كان أجمل أياما لنا سلفت
في (طيبة) حيث نار الشوق تشتعل!
أحببت (طيبة) حبا لا يماثله
حب, وزاد جواه مدمع خضل
هي المحبة ما أحلى مواردها
والقلب في نشوة التذكار يبتهل!
يا ليتني لم أفارقها مدى عمري
حتى يوافيني في روضها الأجل
قالوا: شغفت بها حتى نسبت لها
ولست تصغي لمن لاموا ومن عذلوا
فقلت: والحب قد ثارت كوانمه
هواي (طيبة) ما لي عنه مرتحل
إذا تذكرتها أذوب من كمد
بوح العواطف والآمال والقبل
الذكر يغرقني والبعد يقلقني
والوجد يحرقني والقلب ينفعل
والحب فجر في الأعماق جذوته
فإنه النار في الاحشاء تنتقل
وكيف لا؟ ولهيب الوجد يعصف بي
والفكر مضطرب والقلب مشتعل
النور في جنبات الروض منتشر
والمسك يعبق والأشذاء والظلل
وهذه الروضة الغناء حافلة
وكم تزول بها الأسقام والعلل!
فأنت سيدة البلدان بهجتها
فهل تعود لنا أيامنا الاول ؟
ولي (بطيبة)أحباب عرفتهم
قلوبهم بـ"رسول الله" تتصل
يا أهل (طيبة) حيا الله عنصركم
أنتم كرام وفيكم يضرب المثل
هل تذكرون محبّا شفّه كمد
والعين بالدمعة الخرساء تكتحل؟
عللت نفسي في اللقيا فواأسفا
والقوم في الحب كم علوا وكم نهلوا!
يا سيدي يا "رسول الله" معذرة
إذا تناءت أو ضاقت بي السبل
فإن لي مهجة حرّى ملذّعة
لكنها برداء الحب تشتمل
طوبى لكم فلقد نلتم شفاعته
بشرى الاحبة من زاروا ومن وصلوا
ان تحتفل امة في ذكرى قائدها
فإننا بـ"رسول الله" نحتفل
صلى الإله على "طه" وعترته
والأل, ما دامت الأيام تنتقل(612/1)
كيف ينسى أفق النور المبين
كيف ينسى أفق النور المبين ...... وضياء الفجر في وجه حزين
واكتمال البدر في حلته ...... عبق فاح بروح الياسمين
أترى مما سروري قد بدا ...... النور ساطع وسط الجبين
أم لأقمار تباهوا ليلة ...... أكملوا دين رسول العالمين
يانسيم البحر ياغيث السمآ ...... قد أتى السعد فكن مبتسما
وأتاك الشوق كالريح تطوف ...... عانقت وجد فؤادي فرتما
ولقد طال امتدادي في الثرى ...... وبدا ذاك لجرحي بلسما
هكذا يبدي حبيبي المثل ...... آهكذا يسرد شوقي القلما
غرد الطير بشجو في الصباح ...... صوت تكبير ودعوى للفلاح
وصدى الصوت أتى كل الدنا ...... ذا رسول الله لدين امتناح
من سمى بالدين يوما فارتقى ...... وبدا بدر ليالينا الملآح
قد عرفنا الحق في سيرته ...... لك غنى الطير تغريدا وصاح
قد أتاك البحر فانساب غريقا ...... عشقتك الشمس فازدادت بريقا
أي نور قد علا شهب السما ...... أي بحر قد بدا فيك عميقا
قد وهبت الأرض أمجاد الهنا ...... بهناك قد بدا الكل عشيقا
قد عشقناك رسولا وأبا ...... ونصير الحق منهاجا وثيقا
ونعيد الطرف نستاف الغزل ...... فلذكراك حبيبي نشوات وأمل
عذلوني في هواكم فصرخت ...... أتركوني أغلقوا باب العذل
بل أحبوا واعشقوا الوجه المليح ...... فالهوى درب ومن سار وصل
ليلة ألقى حبيبي باسما ...... قمر الليل برؤياه أكتمل
أسمر والوصف قد يبدو محال ...... ليس نجما بالسما ليس هلال
بل كذا الشمس بدت في حيرة ...... كل شيء فيك رمز للجمال
وكذا نفسك يا روح الإباء ...... أحقيق أنت أم أنت الخيال
وستبقى بين أصناف الورى ...... دوحة الحب ومعيار الكمال(613/1)
لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ المتنبي
العصر ... عباسي
عدد الأبيات ... 46
البحر ... بسيط
الروي ... لام
الغرض ... مدح
مصدر القصيدة ... التبيان (3/276-288)
1
لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ *** فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ
2
وَاِجزِ الأَميرَ الَّذي نُعماهُ فاجِئَةٌ *** بِغَيرِ قَولِ وَنُعمى الناسِ أَقوالُ
3
فَرُبَّما جَزِيَ الإِحسانَ مُولِيَهُ *** خَريدَةٌ مِن عَذارى الحَيِّ مِكسالُ
4
وَإِن تَكُن مُحكَماتُ الشُكلِ تَمنَعُني *** ظُهورَ جَريٍ فَلي فيهِنَّ تَصهالُ
5
وَما شَكَرتُ لِأَنَّ المالَ فَرَّحَني *** سِيّانَ عِندِيَ إِكثارٌ وَإِقلالُ
6
لَكِن رَأَيتُ قَبيحًا أَن يُجادَلَنا *** وَأَنَّنا بِقَضاءِ الحَقِّ بُخّالُ
7
فَكُنتُ مَنبِتَ رَوضِ الحُزنِ باكَرَهُ *** غَيثٌ بِغَيرِ سِباخِ الأَرضِ هَطّالُ
8
غَيثٌ يُبَيِّنُ لِلنُظّارِ مَوقِعَهُ *** إنَّ الغُيوثَ بِما تَأتيهِ جُهّالُ
9
لا يُدرِكُ المَجدَ إِلا سَيِّدٌ فَطِنٌ *** لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ
10
لا وارِثٌ جَهِلَتْ يُمناهُ ما وَهَبَتْ *** وَلا كَسوبٌ بِغَيرِ السَيفِ سَآلُ
11
قالَ الزَمانُ لَهُ قَولا فَأَفهَمَهُ *** إِنَّ الزَمانَ عَلى الإِمساكِ عَذّالُ
12
تَدري القَناةُ إِذا اهتَزَّت بِراحَتِهِ *** أَنَّ الشَقِيَّ بِها خَيلٌ وَأَبطالُ
13
كَفاتِكٍ وَدُخولُ الكافِ مَنقَصَةٌ *** كَالشَمسِ قُلتُ وَما لِلشَمسِ أَمثالُ
14
القائِدِ الأُسدَ غَذَّتها بَراثِنُهُ *** بِمِثلِها مِن عِداهُ وَهيَ أَشبالُ
15
القاتِلِ السَيفَ في جِسمِ القَتيلِ بِهِ *** وَلِلسُيوفِ كَما لِلناسِ آجالُ
16
تُغيرُ عَنهُ عَلى الغاراتِ هَيبَتُهُ *** وَمالُهُ بِأَقاصي الأَرضِ أَهمالُ
17
لَهُ مِنَ الوَحشِ ما اختارَت أَسِنَّتُهُ *** عَيرٌ وَهَيقٌ وَخَنساءٌ وَذَيّالُ
18
تُمسي الضُيوفُ مُشَهّاةً بِعَقوَتِهِ *** كَأَنَّ أَوقاتَها في الطيبِ آصالُ
19(614/1)
لَوِ اشتَهَتْ لَحمَ قاريها لَبادَرَها *** خَرادِلٌ مِنهُ في الشيزى وَأَوصالُ
20
لا يَعرِفُ الرُزءَ في مالٍ وَلا وَلَدٍ *** إِلا إِذا حَفَزَ الأَضيافَ تَرحالُ
21
يُروي صَدى الأَرضِ مِن فَضلاتِ ما شَرِبوا *** مَحضُ اللِقاحِ وَصافي اللَونِ سَلسالُ
22
يَقري صَوارِمُهُ الساعاتِ عَبطَ دَمٍ *** كَأَنَّما الساعُ نُزّالٌ وَقُفّالُ
23
تَجري النُفوسُ حَوالَيهِ مُخَلَّطَةً *** مِنها عُداةٌ وَأَغنامٌ وَآبالُ
24
لا يَحرِمُ البُعدُ أَهلَ البُعدِ نائِلَهُ *** وَغَيرُ عاجِزَةٍ عَنهُ الأُطَيفالُ
25
أَمضى الفَريقَينِ في أَقرانِهِ ظُبَةً *** وَالبيضُ هادِيَةً وَالسُمرُ ضُلاّلُ
26
يُريكَ مَخبَرُهُ أَضعافَ مَنظَرِهِ *** بَينَ الرِجالِ وَفيها الماءُ وَالآلُ
27
وَقَد يُلَقِّبُهُ المَجنونَ حاسِدُهُ *** إِذا اختَلَطنَ وَبَعضُ العَقلِ عُقّالُ
28
يَرمي بِها الجَيشَ لا بُدٌّ لَهُ وَلَها *** مِن شَقِّهِ وَلَوَ انَّ الجَيشَ أَجبالُ
29
إِذا العِدى نَشِبَت فيهِمْ مَخالِبُهُ *** لَم يَجتَمِع لَهُمُ حِلمٌ وَرِئبالُ
30
يَروعُهُمْ مِنهُ دَهرٌ صَرفُهُ أَبَدًا *** مُجاهِرٌ وَصُروفُ الدَهرِ تَغتالُ
31
أَنالَهُ الشَرَفَ الأَعلى تَقَدُّمُهُ *** فَما الَّذي بِتَوَقّي ما أَتى نالوا
32
إِذا المُلوكُ تَحَلَّتْ كانَ حِليَتَهُ *** مُهَنَّدٌ وَأَضَمُّ الكَعبِ عَسّالُ
33
أَبو شُجاعٍ أَبو الشُجعانِ قاطِبَةً *** هَولٌ نَمَتهُ مِنَ الهَيجاءِ أَهوالُ
34
تَمَلَّكَ الحَمدَ حَتّى ما لِمُفتَخِرٍ *** في الحَمدِ حاءٌ وَلا ميمٌ وَلا دالُ
35
عَلَيهِ مِنهُ سَرابيلٌ مُضاعَفَةٌ *** وَقَد كَفاهُ مِنَ الماذِيِّ سِربالُ
36
وَكَيفَ أَستُرُ ما أولَيتَ مِن حَسَنٍ *** وَقَد غَمَرتَ نَوالاً أَيُّها النَّالُ
37
لَطَّفتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكرِمَتي *** إِنَّ الكَريمَ عَلى العَلياءِ يَحتالُ
38(614/2)
حَتّى غَدَوتَ وَلِلأَخبارِ تَجوالُ *** وَلِلكَواكِبِ في كَفَّيكَ آمالُ
39
وَقَد أَطالَ ثَنائي طولُ لابِسِهِ *** إِنَّ الثَناءَ عَلى التِّنبالِ تّنبالُ
40
إِن كُنتَ تَكبُرُ أَن تَختالَ في بَشَرٍ *** فَإِنَّ قَدرَكَ في الأَقدارِ يَختالُ
41
كَأَنَّ نَفسَكَ لا تَرضاكَ صاحِبَها *** إِلا وَأَنتَ عَلى المِفضالِ مِفضالُ
42
وَلا تَعُدُّكَ صَوّانًا لِمُهجَتِها *** إِلا وَأَنتَ لَها في الرَوعِ بَذّالُ
43
لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ *** الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ
44
وَإِنَّما يَبلُغُ الإِنسانُ طاقَتُهُ *** ما كُلُّ ماشِيَةٍ بِالرَحلِ شِملالُ
45
إِنّا لَفي زَمَنٍ تَركُ القَبيحِ بِهِ *** مِن أَكثَرِ الناسِ إِحسانٌ وَإِجمالُ
46
ذِكرُ الفَتى عُمرُهُ الثاني وَحاجَتُهُ *** ما قاتَهُ وَفُضولُ العَيشِ أَشغالُ(614/3)
لا تحزن على ما فاتَ
يقول ابن المقري:
لا تجزعنَّ على ما فاتَ حيثُ مضى ولا على فَوْتِ أمرٍ حيثُ لمْ تنل
************************(615/1)
لا تسقني ماء الحياة بذلة
(عنترة العبسي
حكم سيوفك في رقاب العذل وإذا نزلت بدار ذل فارحل
وإذا بليت بظالم كن ظالماً وإذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل
وإذا الجبان نهاك يوم كريهة خوفاً عليك من ازدحام الجحفل
فاعص مقالته ولا تجفل بها وأقدم إذا حق اللقا في الأول
واختر لنفسك منزلا تعلو به أو مت كريماً تحت ظل القسطل
فالموت لا ينجيك من آفاته حصنُ ولو شيدته بالجندل
موت في الفتى في عزه خير له من أن يبيت أسيرّ طرفٍ أكحل
إن كنت في عدد العبيد فهمتي فوق الثريا والسماك الأعزل
أو أنكرت فرسان عبس نسبتي فسنان رمحي والحسام يقر لي
وبذابلي وبمهندي نلت العلا لا بالقرابة والعديد الأجزل
ورميت رمحي في العجاج فخاضة والنار تقدح من شفار الأنصل
خاض العجاج محجلاً حتى إذا شهد الوقيعة عاد غير محجل
ولقد نكبت بني حريقه نكبة لما طعنت صميم قلب الأخيل
وقتلت فارسهم ربيعة عنوة والهيذبان وجابر بن مهلهل
وابني ربيعة والحريش ومالكاً والزربقانُ غدا طريح الجندل
وأنا ابن سوداء الجبينِ كأنَّها ضبع ترعرع في رسوم المنزل
الساق منها مثل ساق نعامة والشعر منها مثل حب الفلفل
والثغر من تحت اللثام كأنه برق تلألأ في الظلام المسدل
يا نازلين على الحمى وديارهِ هلا رأيتم في الديار تقلقلي ؟
قد طال عزكم وذلي في الهوى ومن العجائب عزكم وتذللي
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ
ماء الحياة بذلة كجهنم وجهنم بالعز أطيب منزل(616/1)
لا تطلب جزاء من الناس
يقول الشاعر:
كن بلسماً إن صار دهرك أرقما وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً؟ أو من يثيبُ البلبل المترنما
************************
يقول سليمان بن عبد العزيز الشقحاء:
وإن أتاني من يرجو مساعدتي أعطيه دونما من ولا ندم
************************(617/1)
لا تلمني
---
لاتَلُمْني حين ناصرتُ الجهادَا
أنا ما ناصرتُه إلاَّ جهادا
أنا أبصرتُ الضُّحى'، والليلُ داجٍ
فتيممتُ الضُّحى' أبغي الرشادا
ورأيتُ الجسر ممتداً أمامي
كلَّما لامستُه زاد امتدادا
أنا أبصرتُ رجالاً علَّمونا
لغةً تأبى خضوعاً وانقياداً
وجدْتهم روسيا سداً منيعاً
منعوا طوفانها أنْ يتمادى
نفروا في نصرةِ الحقِّ رجالاً
ونساء، وجموعاً وفُرادى
فرأينا صورة تطفحُ نوراً
ورأينا مجدنا الماضي مُعادا
حينما أشرق في "باميرَ" فجرٌ
وعلا التكبيرُ في الكون ونادى
وغدونا لا نرى' إلا رجالاً
في رُباها، حصدوا الباغي حصادا
وشباباً فتحوا باب المعالي
وأحالوا لَهَبَ الباغي رمادا
ورأيناهم صفوفاً في صلاةٍ
وعيوناً نفَضَتْ عنها الرُّقادا
تَخِذُوا من منهج الإسلام نَبْعاً
ومن القرآن والسنة زادا
جالدوا الطغيانَ حتى صار يخشى
بعدما لاقى من الهَوْلِ جلادا
حينها أرسلتُ للشعر عِناناً
وجعلتُ اللغةَ الفصحى جوادا
وامتشقْتُ الأحرفَ البيضاءَ سيفاً
"هُندوانيّاً" وأَوْرَيتُ الزِّنادا
وَبَثَثْتُ الودَّ للأحبابِ حتَّى'
خِلْتُ أنّي أكتب الشعرَ وِدَادا
أيُّها اللائمُ هل تنكرُ منِّي
فرحة لمَّا رأيتُ الحقّ سادا
ورأيتُ الماردَ الروسيَّ يطوي
ثوبَهُ المصبوغَ بالظلم سوادا
ورأينا فكره يغدو هباء
بعد أنْ كان به يُغوي العبادا
أيُّها اللائمُ هل تنكرُ منِّي
أنني واجهتُ بالخير الفسادا
وبعثتُ الشعر للحقِّ سفيراً
يعبر الكونَ ويرتاد البلادا
وبه ناصرتُ أيتاماً وأمَّاً
بدأتْ في ظُلْمةِ الحربِ الحِدادا
وبه نافحتُ عن عرض الصَّبايا
وعن الشيخ الذي يشكو السُّهادا
أيُّها اللائمُ مهلاً لستُ جسماً
دونما روح، ولا كنتُ جمادا
أبصرتْ عينايَ شمساً ونهاراً
ضاحك الثغر فسيَّلتُ المِدَادا
وبه أجريتُ أنهارَ وفاءٍ
جعلتْ للخِصْبِ في الأرضِ احتشادا
أيُّها اللائمُ، أبراجُ القوافي
أتعبتْ غيري صعوداً وارتيادا
أنا ليَّنتُ لها أقسى المعاني(618/1)
ولها وطَّأتُ أكنافاً شِدادا
وبها واجهتُ في غابةِ عَصري
ماردَ الوَهْمِ الذي استشرى وزادا
هو يتلو قولَ روَّادِ الملاهي
وأنا أتلو له "قافاً" و"صادا"
ليسَ مَنْ يُبصر أفعى تتمطَّى'
كالذي يُبصر ظَبْياً يتهادى'
قد رفعتُ الرأسَ بالإسلام ديناً
لا بقوميَّات مَنْ ضلَّ وحادا
وبه أعطيتُ للشعر مكاناً
في زمانٍ يجعل الشِّعر مَزادا
وبه سهَّلْتُ صَعْبَ الشعر حتى
صار عندي الجبلُ العالي وِهَادا
ديننا أوضحُ من شمسِ نهارٍ
زادَها الصَّحْوُ وضوحاً واتِّقادا
أيُّها اللائمُ، مهلاً إنَّ قلبي
يكره اللّوْمَ اعتسافاً وعنادا
لا تلمني حينما أنشدتُ شعراً
بدعاةِ الحقِّ والخيرِ أشادا
أنا لم أكشفْ قلوبَ الناسِ حتى
أعرف المخبوءَ فيها والمُرَادا
إنَّما يعلم ربُّ الكونِ منها
كلَّ ما تُخفيه غيَّاً أو رشادا
كلُّ ما أعرفهُ أني محبٌّ
للّذي انقاد إلى الدين وقادا
عندنا وَعْدٌ من الله أكيدٌ
لم يزلْ يحمله القلبُ اعتقادا
سوف يبقى للجهاد الحقِّ دربٌ
ورجالاتٌ يعدُّون العتادا
مَنْ يُذيع الحقَّ في الناسِ إذا لم
يكنِ الحقُّ المنادي والمنادى'؟!(618/2)
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله
خزانة الأدب - (ج 3 / ص 276)
والمشهور أنه من قصيدةٍ لأبي الأسود الدؤلي. قال اللخمي في شرح أبيات الجمل: الصحيح أنه لأبي الأسود. فإن صح ما ذكر عن المتوكل فإنما أخذ البيت من شعر أبي الأسود. والشعراء كثيراً ما تفعل ذلك. وهذه هي قصيدة أبي الأسود، سقناها برمتها لجودتها:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالقوم أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسداً وبغياً إنه لدميم
والوجه يشرق في الظلام كأنه ... بدرٌ منيرٌ والنساء نجوم
وترى اللبيب محسداً لم يجترم ... شتم الرجال وعرضه مشتوم
وكذاك من عظمت عليه نعمةٌ ... حساده سيفٌ عليه صروم
فاترك محاورة السفيه فإنها ... ندمٌ وغبٌّ بعد ذاك وخيم
وإذا جريت مع السفيه كما جرى ... فكلاكما في جريه مذموم
وإذا عتبت على السفيه ولمته ... في مثل ما تأتي فأنت ظلوم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك وانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى ... بالعلم منك وينفع التعليم
ويل الخلي من الشجي فإنه ... نصب الفؤاد بشجوه مغموم
وترى الخلي قرير عين لاهياً ... وعلى الشجي كآبةٌ وهموم
ويقول: ما لك لا تقول مقالتي ... ولسان ذا طلقٌ وذا مكظوم
لا تكلمن عرض ابن عمك ظالماً ... فإذا فعلت فعرضك المكلوم
وحريمه أيضاً حريمك فاحمه ... كي لا يباع لديك منه حريم
وإذا اقتصصت من ابن عمك كلمةً ... فكلومه لك إن عقلت كلوم
وإذا طلبت إلى كريمٍ حاجةٌ ... فلقاؤه يكفيك والتسليم
فإذا رآك مسلماً ذكر الذي ... كلمته فكأنه ملزوم
ورأى عواقب حمد ذاك وذمه ... للمرء تبقى والعظام رميم
فارج الكريم وإن رأيت جفاءه ... فالعتب منه والكرام كريم
إن كنت مضطراً وإلا فاتخذ ... نفقاً كأنك خائفٌ مهزوم
واتركه واحذر أن تمر ببابه ... دهراً وعرضك إن فعلت سليم
فالناس قد صاروا بهائم كلهم ... ومن البهائم قائلٌ وزعيم(619/1)
عميٌ وبكم ليس يرجى نفعهم ... وزعيمهم في النائبات مليم
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجةً ... فألح في رفقٍ وأنت مديم
والزم قبالة بيته وفناءه ... بأشد ما لزم الغريم غريم
وعجبت للدنيا ورغبة أهلها ... والرزق فيما بينهم مقسوم
والأحمق المرزوق أعجب من أرى ... من أهلها والعاقل المحروم
ثم انقضى عجبي لعلمي أنه ... رزقٌ موافٍ وقته معلوم(619/2)
لأجله فقط ...
ريوف الشمري
الشمس تاهت وغيم الدمع حاجبها والطير ما عاد يطرِب لحنه أسماعي
فوقي سما ضاع كوكب من كواكبها و أطى على تراب مثل الجمر لذَّاعِ
أجرت عيوني من اللوعات ساكبها و أفشى ضميري لنجمٍ ساير أوجاعي
يا ليت روحي معي بالضحك أغالبها و ياليت قلبي على النسيان مطواعِ
أرض (الدنمارك) لا طابت ملاعبها كثر العنا و العذاب الساكن أضلاعي
يوم أطلقت ريشة الراسم عقاربها على الرسول الأمين الخاتم الداعي
من باب حرية الفكره و صاحبها لبْست عرايا الجرايم ثوب الإبداعِ
الله على مجرم الرسمة و كاتبها و الله على من سعى في نشره و باعِ
يكرم رسول الهدى عن كذب كاذبها النجم عالي و دود القاع بالقاعِ
يا خير من لا بكى الدنيا و ذاهبها وأعزّ من حاز بالفردوس مرباعِ
يا صاحب الحوض.. يروى دوم شاربها يا أول الخلق عند الله شفَّاعِ
يا أعظم الناس راجلها و راكبها يا من لحبه عنيد القلب خضَّاعِ
النفس ضاقت من الحسره مذاهبها ما بان ردٍ يبرّد قلب ملتاعِ
أحس أنا الشمس تصرخ في مغاربها (إلا محمد) و من للشمس سمَّاعِ
هو وين ملياااار أعاجمها و أعاربها و ين الزعامات من حكام و أتباعِ
نرسل تواقيع ... بالتوبه نطالبها نحسب عِدانا من التوقيع ترتاعِ!!!
وقِّع ... و عَبّ الورق و إملا جوانبها و ابصم بعد فوقها وبعشر الأصباعِ
الشمس ما ردّت كفوفك لواهبها و الذيب يغنم إذا ما بالحمى راعي Œ(620/1)
لامية الطغراني
الكشكول - (ج 1 / ص 147)
القصيدة اللامية للطغرائي الأصفهاني
أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحيلة الفضل زانتني لدى العطل
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
ناء عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالسيف عرى متناه عن الخلل
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا أنيس إليه منتهى جذلي
طال اغترابي حتى حن راحلتي ... ورحلها وقرى العسالة الذبل
وضج من لغب نضوى وعج لما ... ألقى ركابي ولج الركب في عذلي
أريد بسطة كفٍّ أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلى قبلي
والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الكد بالقفل
وذي شطاط كصدر الرمح معتقل ... بمثله غير هياب ولا وكل
حولوا الفكاهة مر الجد قد مرجت ... بشدة البأس منه رقة الغزل
طردت سرح الكرى عن ورد مقتله ... والليل أغرى سوام النوم بالمقل
والركيب ميل على الأكوار من طرب ... صاح وآخر من خمر الهوى ثمل
فقلت أدعوك للجلى لتنصرني ... وأنت تخذلني في الحادث الجلل
تنام عيني وعين النجم ساهرة ... وتستحيل وصبغ الليل لم يحل
فهل تعين على غي هممت به؟ ... والغي يزجر أحياناً عن الفشل
إني أريد طروق الحي من أضم ... وقد حماه رماة من بني ثعل
يحمون بالبيض والسمر اللدان به ... سود الغدائر حمر الحلي والحلل
فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً ... فنفحة الطيب تهدينا إلى الحلل
فالحب حيث العدى والأسد رابضة ... حول الكناس لها غاب من الأسل
نؤم ناشية بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكحل
قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرائم من جبن ومن بخل
تبينت نار الهوى منهن في كبد ... حرى ونار القرى منهم على القلل
يقتلن أنضاء حبٍّ لا حراك به ... وينحرون كرام الخيل والإبل
يشفى لذيع العوالي في بيوتهم ... بنهلة من غدير الخمر والعسل
لعل إلمامة بالجزع ثانية ... يدب منها نسيم البرء من عللي(621/1)
لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشقة من نبال الأعين النجل
ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الأستار والكلل
ولا أخل بغزلان أغازلها ... ولو دهتني أسود الغاب بالغيل
حب السلامة يثني عزم صاحبه ... عن المعاني ويغري المرء بالكسل
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً ... في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل
ودع غمار العلى للمقدمين على ... ركوبها واقتنع منهن بالبلل
رضى الذليل بخفض العيش مسكنة ... والعز عند رسوم الأنيق الذلل
فادرأ بها في نحور البيد حافلة ... معارضات متون اللجم بالجدل
إن العلى حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث أن العز في النقل
لو أن في شرف المأوى بلوغ منى ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل
أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال في شغل
لعله إن بدا فضلي ونقصهم ... لعينه نام عنهم أو تنبه لي
أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العمر لولا فسحة الأمل
لم أرض بالعيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى؟ وقد ولت على عجل
غالي بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل
وعادة النصل السيف أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل
ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي لو أمشي على مهل
هذا جزاء امرء أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأمل
وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدي عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل
فإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل
وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شراً وكن منها على وجل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل
وشأن صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل؟
إن كان ينجع شيئاً في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل(621/2)
يا وارداً سؤر عيش صفوه كدر ... أنفقت عمرك في أيامك الأول
فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت تكفيك منه مصة الوشل
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأعوان والخول
إقنع تجل ولا تطمع تذل ولا ... تعجل تزل ولا تغتر بالمهل
ترجو البقاء بدار لا ثبات لها ... وهل سمعت بظل غير منتقل؟
ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... اصمت ففي اصمت منجاة من الزلل
قد رشحوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
=============
معجم الأدباء - (ج 1 / ص 412)
بلامية العجم، وقد رأيت أن أوردها بتمامها إعجاباً بها قال:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
ناءٍ عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالسيف عري متناه عن الخلل
فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا أنيس إليه منتهى جذلي
طال اغترابي حتى حن راحلتي ... ورحلها وقرا العسالة الذبل
وضج من لغبٍ نضوى وعج لما ... يلقى ركابي ولج الركب في عذلي
أريد بسطة كفٍ أستعين بها ... على قضاء حقوقٍ للعلا قبلي
والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الجد بالقفل
وذي شطاطٍ كصدر الرمح معتقلٍ ... لمثله غير هيابٍ ولا وكل
حلو الفكاهة مر الجد قد مزجت ... بشدة البأس منه رقة الغزل
طردت سرح الكرى عن ورد مقلته ... والليل أغرى سوام النوم بالمقل
والركب ميل على الأكوار من طربٍ ... صاحٍ وآخر من خمر الهوى ثمل
فقلت أدعوك للجلى لتنصرني ... وأنت تخذلني في الحادث الجلل
تنام عيني وعين النجم ساهرة ... وتستحيل وصبغ الليل لم تحل
فهل تعين على غيٍ هممت به ... والغي يزجر أحياناً عن الفشل
إني أريد طروق الحي من إضيمٍ ... وقد حماه رماة من بني ثعل
يحمون بالبيض والسمر اللدان به ... سود الغدائر حمر الحلي والحلل(621/3)
فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً ... فنفخة الطيب تهدينا إلى الحلل
فالحب حيث العدا والأسد رابضة ... حول الكناس لها غاب من الأسل
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكحل
قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرائم من جبنٍ ومن بخل
تبيت نار الهوى منهن في كبدٍ ... حرى ونار القرى منهم على القلل
يقتلن أنضاء حبٍ لا حراك به ... ويحتوين كرام الخيل والإبل
يشفى لديغ العوالي في بيوتهم ... بنهلةٍ من غدير الخمر والعسل
لعل إلمامةً بالجزع ثانيةً ... يدب منها نسيم البرء في عللي
ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الأستار والكلل
ولا أخل بغزلانٍ تغازلني ... ولو دهتني أسود الغيل بالغيل
حب السلامة يثني هم صاحبه ... عن المعالي ويغري المرء بالكسل
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً ... في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل
ودع غمار العلا للمقدمين على ... ركوبها واقتنع منهن بالبلل
يرضى الذليل بخفض العيش مسكنةً ... والعز تحت رسيم الأينق الذلل
فادرأ بها في نحور البيد جافلةً ... معارضاتٍ مثاني اللجم بالجدل
إن العلا حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث أن العز في التنقل
لو أن في شرف المأوى بلوغ منىً ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل
أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال في شغل
لعله إن بدا فضلي ونقصه ... لعينه نام عنهم أو تنبه لي
أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
لم أرض بالعيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى وقد ولت على عجل؟
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذلي
وعادة النصل أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل
ما كنت أؤثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي إذ أمشي على مهل
هذا جزاء امرئٍ لأقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل
وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل(621/4)
فاصبرلها غير محتال ولا ضجرٍ ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدى عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل
وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل
وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شراً وكن منها على وجل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل
وشان صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل
إن كان ينجع شيءٍ في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل
يا وارداً سؤر عيشٍ كله كدر ... أنفقت صفوك في أيامك الأول
فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت يكفيك منه مصة الوشل؟
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والخول
ترجو البقاء بدارٍ لا ثبات لها ... فهل سمعت بظلٍ غير منتقل؟
ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... اصمت ففي الصمت منجاة من الزلل
قد رشحوك لأمرٍ لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
وقال يسلي معين الملك فضل الله في نكبته ويحضه على الصبر:
تصدى وللحي المنيع ... غزال أحم المقلتين كحيل
تصدى وأمر البين قد جد جده ... وزمت جمال واستقل حمول
وفي الصدر من نار الصبابة جاحم ... وفي الخد من ماء الجفون مسيل
غزال له مرعى من القلب مخصب ... وظل صفيق الجانبين ظليل
تناصف فيه الحسن أما قوامه ... فشطب وأما خصره فنحيل
قريب من الرائين يطمع قربه ... وليس إليه للمحب سبيل
إذا سار لحظ المرء في وجناته ... تضاءل عند الطرف وهو كليل
ولما استقل الحي وانصدعت به ... نوىً عن وداع الظاعنين عجول
تراءى لنا وجه من الخد نير ... وضاءت علينا نضرة وقبول
فصبراً معين الملك إن عن حادث ... فعاقبة الصبر الجميل جميل
ولا تيأسن من صنع ربك إنه ... ضمين بأن الله سوف يديل
فإن الليالي إذ يزول نعيمها ... تبشر أن النائبات تزول
ألم تر أن الشمس بعد كسوفها ... لها منظر يغشي العيون صقيل
وأن الهلال النضو يغمر بعدما ... بدا وهو شخت الجانبين ضئيل(621/5)
ولا تحسبن السيف يقصر كلما ... تعاوده بعد المضاء كلول
ولا تحسبن الدوح يقلع كلما ... يمر به نفح الصبا فيميل
فقد يعطف الدهر الأبي عنانه ... فيشفي عليل أو يبل غليل
ويرتاش مقصوص الجناحين بعدما ... تساقط ريش واستطار نسيل
ويستأنف الغصن السليب نضارةً ... فيورق ما لم يعتوره ذبول
وللنجم من بعد الرجوع استقامة ... وللحظ من بعد الذهاب قفول
وبعض الرزايا يوجب الشكر وقعها ... عليك وأحداث الزمان شكول
ولا غرو إن أخنت عليك فإنما ... يصادم بالخطب الجليل جليل
وأي قناةٍ لم ترنح كعوبها ... وأي حسامٍ لم يصبه فلول؟
أسأت إلى الأيام حتى وترتها ... فعندك أضغان بها وذحول
وصارفتها فيما أرادت صروفها ... ولولاك كانت تنتحي وتصول
وما أنت السيف يسكن غمده ... ليردى به يوم النزال قتيل
أمالك بالصديق يوسف أسوة ... فتحمل وطء الدهر وهو ثقيل؟
وما غض منك الحبس والذكر سائر ... طليق له في الخافقين زميل
فلا تذعنن للخطب آدك ثقله ... فمثلك للأمر العظيم حمول
ولا تجزعن للكبل مسك وقعه ... فإن خلاخيل الرجال كبول
وصنع الليالي ما عدتك سهامها ... وإن أجحفت بالعالمين جميل
وإن امرأً تعدو الحوادث عرضه ... ويأسى لما يأخذنه لبخيل
=================
ومن شعر مؤيد الدين الطغرائي قصيدته التي تداولها الرواة وتناقلتها الألسن
المعروفة بـ"لاميّة العجم"، وقد رأيت أن أوردها بتمامها إعجاباً بها
قال الطغرائي:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل**وحلية الفضل زانتني لدى العطل
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَرَعٌ**والشمس رأد الضحى كالشمس في الطَفَل
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني**بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
ناءٍ عن الأهل صفر الكف منفردٌ**كالسيف عُرِّي متناه عن الخلل
فلا صديق إليه مشتكى حزني**ولا أنيس إليه منتهى جذلي
طال اغترابي حتى حن راحلتي**ورحلها وقرا العسالة الذبل
وضج من لغبٍ نضوى وعج لما**يلقى ركابي ولج الركب في عذلي(621/6)
أريد بسطة كفٍ أستعين بها**على قضاء حقوقٍ للعلا قبلي
والدهر يعكس آمالي ويقنعني**من الغنيمة بعد الجد بالقَفَل
وذي شطاطٍ كصدر الرمح معتقلٍ**لمثله غير هيابٍ ولا وكَل
حلو الفكاهة مر الجد قد مزجت**بشدة البأس منه رقة الغزل
طردت سرح الكرى عن ورد مقلته**والليل أغرى سوام النوم بالمقل
والركب ميل على الأكوار من طربٍ**صاحٍ وآخر من خمر الهوى ثمل
فقلت أدعوك للجلى لتنصرني**وأنت تخذلني في الحادث الجلل
تنام عيني وعين النجم ساهرة**وتستحيل وصبغ الليل لم تحل
فهل تعين على غيٍ هممت به**والغي يزجر أحياناً عن الفشل
إني أريد طروق الحي من أضَمٍ**وقد حماه رماة من بني ثُعَل
يحمون بالبيض والسمر اللدان بهسود الغدائر حمر الحلي والحلل
فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً**فنفخة الطيب تهدينا إلى الحلل
فالحب حيث العدا والأسد رابضة**حول الكناس لها غاب من الأسل
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت**نصالها بمياه الغنج والكَحَل
قد زاد طيب أحاديث الكرام بها**ما بالكرائم من جبنٍ ومن بخل
تبيت نار الهوى منهن في كبدٍ**حرى ونار القرى منهم على القُلل
يقتلن أنضاء حبٍ لا حراك بهويحتوين كرام الخيل والإبل
يشفى لديغ العوالي في بيوتهم**بنهلةٍ من غدير الخمر والعسل
لعل إلمامةً بالجزع ثانيةً**يدب منها نسيم البرء في عللي
لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت**برشقةٍ من نبال الأعين النجل
ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني**باللمح من خلل الأستار والكلل
ولا أخل بغزلانٍ تغازلنـ**يولو دهتني أسود الغيل بالغِيَل
حب السلامة يثني هم صاحبه**عن المعالي ويغري المرء بالكسل
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً**في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل
ودع غمار العلا للمقدمين على**ركوبها واقتنع منهن بالبلل
يرضى الذليل بخفض العيش مسكنةً**والعز تحت رسيم الأينق الذلل
فادرأ بها في نحور البيد جافلةً**معارضاتٍ مثاني اللجم بالجدل
إن العلا حدثتني وهي صادقة**فيما تحدث أن العز في التنقل(621/7)
لو أن في شرف المأوى بلوغ منىً**لم تبرح الشمس يوماً دارة الحَمَل
أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً**والحظ عني بالجهال في شغل
لعله إن بدا فضلي ونقصه**لعينه نام عنهم أو تنبه لي
أعلل النفس بالآمال أرقبها**ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
لم أرض بالعيش والأيام مقبلة**فكيف أرضى وقد ولت على عجل؟
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها**فصنتها عن رخيص القدر مبتذلي
وعادة النصل أن يزهى بجوهره**وليس يعمل إلا في يدي بطل
ما كنت أؤثر أن يمتد بي زمني**حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تقدمتني أناس كان شوطهم**وراء خطوي إذ أمشي على مهل
هذا جزاء امرئٍ أقرانه درجوا**من قبله فتمنى فسحة الأجل
وإن علاني من دوني فلا عجب**لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
فاصبرلها غير محتال ولا ضجرٍ**في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدى عدوك أدنى من وثقت به**فحاذر الناس واصحبهم على دخل
وإنما رجل الدنيا وواحدها**من لا يعول في الدنيا على رجل
وحسن ظنك بالأيام معجزة**فظن شراً وكن منها على وجل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت**مسافة الخلف بين القول والعمل
وشان صدقك عند الناس كذبهم**وهل يطابق معوج بمعتدل
إن كان ينجع شيءٍ في ثباتهم**على العهود فسبق السيف للعذل
يا وارداً سؤر عيشٍ كله كدرأ**نفقت صفوك في أيامك الأول
فيم اقتحامك لج البحر تركبه**وأنت يكفيك منه مصة الوشل؟
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا**يحتاج فيه إلى الأنصار والخول
ترجو البقاء بدارٍ لا ثبات لها**فهل سمعت بظلٍ غير منتقل؟
ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً**اصمت ففي الصمت منجاة من الزلل
قد رشحوك لأمرٍ لو فطنت له**فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل(621/8)
لامية العرب لللشنفرى
أقيموا بني أمي ، صدورَ مَطِيكم *** فإني ، إلى قومٍ سِواكم لأميلُ !
فقد حمت الحاجاتُ ، والليلُ مقمرٌ *** وشُدت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛
وفي الأرض مَنْأىً ، للكريم ، عن الأذى *** وفيها ، لمن خاف القِلى ، مُتعزَّلُ
لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضيقٌ على أمرئٍ *** سَرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ
ولي ، دونكم ، أهلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ *** وأرقطُ زُهلول وَعَرفاءُ جيألُ
هم الأهلُ . لا مستودعُ السرِّ ذائعٌ *** لديهم ، ولا الجاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ
وكلٌّ أبيٌّ ، باسلٌ . غير أنني *** إذا عرضت أولى الطرائدِ أبسلُ
وإن مدتْ الأيدي إلى الزاد لم أكن *** بأعجلهم ، إذ أجْشَعُ القومِ أعجل
وماذاك إلا بَسْطَةٌ عن تفضلٍ *** عَلَيهِم ، وكان الأفضلَ المتفضِّلُ
وإني كفاني فَقْدُ من ليس جازياً **** بِحُسنى ، ولا في قربه مُتَعَلَّلُ
ثلاثةُ أصحابٍ : فؤادٌ مشيعٌ ، *** وأبيضُ إصليتٌ ، وصفراءُ عيطلُ
هَتوفٌ ، من المُلْسِ المُتُونِ ، يزينها *** رصائعُ قد نيطت إليها ، ومِحْمَلُ
إذا زلّ عنها السهمُ ، حَنَّتْ كأنها *** مُرَزَّأةٌ ، ثكلى ، ترِنُ وتُعْوِلُ
ولستُ بمهيافِ ، يُعَشِّى سَوامهُ *** مُجَدَعَةً سُقبانها ، وهي بُهَّلُ
ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسِهِ *** يُطالعها في شأنه كيف يفعلُ
ولا خَرِقٍ هَيْقٍ ، كأن فُؤَادهُ *** يَظَلُّ به الكَّاءُ يعلو ويَسْفُلُ ،
ولا خالفِ داريَّةٍ ، مُتغَزِّلٍ ، *** يروحُ ويغدو ، داهناً ، يتكحلُ
ولستُ بِعَلٍّ شَرُّهُ دُونَ خَيرهِ *** ألفَّ ، إذا ما رُعَته اهتاجَ ، أعزلُ
ولستُ بمحيار الظَّلامِ ، إذا انتحت *** هدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجَلُ
إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناسمي *** تطاير منه قادحٌ ومُفَلَّلُ
أُدِيمُ مِطالَ الجوعِ حتى أُمِيتهُ ، *** وأضربُ عنه الذِّكرَ صفحاً ، فأذهَلُ
وأستفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ *** عَليَّ ، من الطَّوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ(622/1)
ولولا اجتناب الذأم ، لم يُلْفَ مَشربٌ *** يُعاش به ، إلا لديِّ ، ومأكلُ
ولكنَّ نفساً مُرةً لا تقيمُ بي *** على الضيم ، إلا ريثما أتحولُ
وأطوِي على الخُمص الحوايا ، كما انطوتْ *** خُيُوطَةُ ماريّ تُغارُ وتفتلُ
وأغدو على القوتِ الزهيدِ كما غدا *** أزلُّ تهاداه التَّنائِفُ ، أطحلُ
غدا طَاوياً ، يعارضُ الرِّيحَ ، هافياً *** يخُوتُ بأذناب الشِّعَاب ، ويعْسِلُ
فلمَّا لواهُ القُوتُ من حيث أمَّهُ *** دعا ؛ فأجابته نظائرُ نُحَّلُ
مُهَلْهَلَةٌ ، شِيبُ الوجوهِ ، كأنها *** قِداحٌ بكفيَّ ياسِرٍ ، تتَقَلْقَلُ
أو الخَشْرَمُ المبعوثُ حثحَثَ دَبْرَهُ *** مَحَابيضُ أرداهُنَّ سَامٍ مُعَسِّلُ ؛
مُهَرَّتَةٌ ، فُوهٌ ، كأن شُدُوقها *** شُقُوقُ العِصِيِّ ، كالحاتٌ وَبُسَّلُ
فَضَجَّ ، وضَجَّتْ ، بِالبَرَاحِ ، كأنَّها *** وإياهُ ، نوْحٌ فوقَ علياء ، ثُكَّلُ ؛
وأغضى وأغضتْ ، واتسى واتَّستْ بهِ *** مَرَاميلُ عَزَّاها ، وعَزَّتهُ مُرْمِلُ
شَكا وشكَتْ ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت *** ولَلصَّبرُ ، إن لم ينفع الشكوُ أجملُ!
وَفَاءَ وفاءتْ بادِراتٍ ، وكُلُّها ، *** على نَكَظٍ مِمَّا يُكاتِمُ ، مُجْمِلُ
وتشربُ أسآرِي القطا الكُدْرُ ؛ بعدما *** سرت قرباً ، أحناؤها تتصلصلُ
هَمَمْتُ وَهَمَّتْ ، وابتدرنا ، وأسْدَلَتْ *** وَشَمَّرَ مِني فَارِطٌ مُتَمَهِّلُ
فَوَلَّيْتُ عنها ، وهي تكبو لِعَقْرهِ *** يُباشرُهُ منها ذُقونٌ وحَوْصَلُ
كأن وغاها ، حجرتيهِ وحولهُ *** أضاميمُ من سَفْرِ القبائلِ ، نُزَّلُ ،
توافينَ مِن شَتَّى إليهِ ، فضَمَّها *** كما ضَمَّ أذواد الأصاريم مَنْهَل
فَعَبَّتْ غشاشاً ، ثُمَّ مَرَّتْ كأنها ، *** مع الصُّبْحِ ، ركبٌ ، من أُحَاظة مُجْفِلُ
وآلف وجه الأرض عند افتراشها *** بأهْدَأ تُنبيه سَناسِنُ قُحَّلُ ؛
وأعدلُ مَنحوضاً كأن فصُوصَهُ *** كِعَابٌ دحاها لاعبٌ ، فهي مُثَّلُ(622/2)
فإن تبتئس بالشنفرى أم قسطلِ *** لما اغتبطتْ بالشنفرى قبلُ ، أطولُ !
طَرِيدُ جِناياتٍ تياسرنَ لَحْمَهُ، *** عَقِيرَتُهُ في أيِّها حُمَّ أولُ ،
تنامُ إذا ما نام ، يقظى عُيُونُها ، *** حِثاثاً إلى مكروههِ تَتَغَلْغَلُ
وإلفُ همومٍ ما تزال تَعُودهُ *** عِياداً ، كحمى الرَّبعِ ، أوهي أثقلُ
إذا وردتْ أصدرتُها ، ثُمَّ إنها *** تثوبُ ، فتأتي مِن تُحَيْتُ ومن عَلُ
فإما تريني كابنة الرَّمْلِ ، ضاحياً *** على رقةٍ ، أحفى ، ولا أتنعلُ
فأني لمولى الصبر ، أجتابُ بَزَّه *** على مِثل قلب السَّمْع ، والحزم أنعلُ
وأُعدمُ أحْياناً ، وأُغنى ، وإنما *** ينالُ الغِنى ذو البُعْدَةِ المتبَذِّلُ
فلا جَزَعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ *** ولا مَرِحٌ تحت الغِنى أتخيلُ
ولا تزدهي الأجهال حِلمي ، ولا أُرى *** سؤولاً بأعقاب الأقاويلِ أُنمِلُ
وليلةِ نحسٍ ، يصطلي القوس ربها *** وأقطعهُ اللاتي بها يتنبلُ
دعستُ على غطْشٍ وبغشٍ ، وصحبتي *** سُعارٌ ، وإرزيزٌ ، وَوَجْرٌ ، وأفكُلُ
فأيَّمتُ نِسواناً ، وأيتمتُ وِلْدَةً *** وعُدْتُ كما أبْدَأتُ ، والليل أليَلُ
وأصبح ، عني ، بالغُميصاءِ ، جالساً *** فريقان : مسؤولٌ ، وآخرُ يسألُ
فقالوا : لقد هَرَّتْ بِليلٍ كِلابُنا *** فقلنا : أذِئبٌ عسَّ ؟ أم عسَّ فُرعُلُ
فلمْ تَكُ إلا نبأةٌ ، ثم هوَّمَتْ *** فقلنا قطاةٌ رِيعَ ، أم ريعَ أجْدَلُ
فإن يَكُ من جنٍّ ، لأبرحَ طَارقاً *** وإن يَكُ إنساً ، مَاكها الإنسُ تَفعَلُ
ويومٍ من الشِّعرى ، يذوبُ لُعابهُ ، *** أفاعيه ، في رمضائهِ ، تتملْمَلُ
نَصَبْتُ له وجهي ، ولاكنَّ دُونَهُ *** ولا ستر إلا الأتحميُّ المُرَعْبَلُ
وضافٍ ، إذا هبتْ له الريحُ ، طيَّرتْ *** لبائدَ عن أعطافهِ ما ترجَّلُ
بعيدٍ بمسِّ الدِّهنِ والفَلْى عُهْدُهُ *** له عَبَسٌ ، عافٍ من الغسْل مُحْوَلُ
وخَرقٍ كظهر الترسِ ، قَفْرٍ قطعتهُ *** بِعَامِلتين ، ظهرهُ ليس يعملُ(622/3)
وألحقتُ أولاهُ بأخراه ، مُوفياً *** على قُنَّةٍ ، أُقعي مِراراً وأمثُلُ
تَرُودُ الأراوي الصحمُ حولي ، كأنَّها *** عَذارى عليهنَّ الملاءُ المُذَيَّلُ
ويركُدْنَ بالآصالٍ حولي ، كأنني *** مِن العُصْمِ ، أدفى ينتحي الكيحَ أعقلُ(622/4)
لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
بسم الله الرحمن الرحيم
رحمه الله تعالى
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسْأَل
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه ... لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ ... وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ ... لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل
وأُقِرُّ بِالقُرآنِ ما جاءَتْ بِهً ... آياتُهُ فَهُوَ القَديمُ المُنْزَلُ
وجميعُ آياتِ الصِّفاتِ أُمِرُّها حَقاً كما نَقَلَ الطِّرازُ الأَوَّلُ
وأَرُدُّ عُقْبَتَها إلى نُقَّالِها ... وأصونُها عن كُلِّ ما يُتَخَيَّلُ
قُبْحاً لِمَنْ نَبَذَ الكِّتابَ وراءَهُ ... وإذا اسْتَدَلَّ يقولُ قالَ الأخطَلُ
والمؤمنون يَرَوْنَ حقاً ربَّهُمْ ... وإلى السَّماءِ بِغَيْرِ كَيْفٍ يَنْزِلُ
وأُقِرُ بالميزانِ والحَوضِ الذي أَرجو بأنِّي مِنْهُ رَيّاً أَنْهَلُ
وكذا الصِّراطُ يُمَدُّ فوقَ جَهَنَّمٍ ... فَمُوَحِّدٌ نَاجٍ وآخَرَ مُهْمِلُ
والنَّارُ يَصْلاها الشَّقيُّ بِحِكْمَةٍ ... وكذا التَّقِيُّ إلى الجِنَانِ سَيَدْخُلُ
ولِكُلِّ حَيٍّ عاقلٍ في قَبرِهِ ... عَمَلٌ يُقارِنُهُ هناك وَيُسْأَلُ
هذا اعتقادُ الشافِعيِّ ومالكٍ ... وأبي حنيفةَ ثم أحمدَ يَنْقِلُ
فإِنِ اتَّبَعْتَ سبيلَهُمْ فَمُوَحِّدٌ ... وإنِ ابْتَدَعْتَ فَما عَلَيْكَ مُعَوَّلًًًً(623/1)
لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ
طرفة بن العبد
العصر ... جاهلي
عدد الأبيات ... 104
البحر ... طويل
الروي ... حاء
الغرض ... فخر
مصدر القصيدة ... ديوان طرفة بن العبد (6-48) بشرح الأعلم الشنتمري، تحقيق درية الخطيب ولطفي الصقال، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 1395هـ-1975م
1
لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ *** تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ
2
وُقوفًا بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُمْ *** يَقولونَ لا تَهلِك أَسًى وَتَجَلَّدِ
3
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً *** خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ
4
عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ *** يَجورُ بِها المَلّاحُ طَورًا وَيَهتَدي
5
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها *** كَما قَسَمَ التُرْبَ المُفايِلُ بِاليَدِ
6
وَفي الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ *** مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
7
خَذولٌ تُراعي رَبرَبًا بِخَميلَةٍ *** تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي
8
وَتَبسِمُ عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّرًا *** تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي
9
سَقَتهُ إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ *** أُسِفَّ وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ
10
وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها *** عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ
11
وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِهِ *** بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي
12
أَمونٍ كَأَلواحِ الإرانِ نَسَأتُها *** عَلى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهرُ بُرجُدِ
13
جَماليَّةٍ وَجناءَ تَردي كَأَنَّها *** سَفَنَّجَةٌ تَبري لِأَزعَرَ أَربَدِ
14
تُباري عِتاقًا ناجِياتٍ وَأَتبَعَتْ *** وَظيفًا وَظيفًا فَوقَ مَورٍ مُعَبَّدِ
15
تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَولِ تَرتَعي *** حَدائِقَ مَوليِّ الأَسِرَّةِ أَغيَدِ
16
تَريعُ إِلى صَوتِ المُهيبِ وَتَتَّقي *** بِذي خُصَلٍ رَوعاتِ أَكلَفَ مُلبِدِ
17(624/1)
كَأَنَّ جَناحَي مَضرَحيٍّ تَكَنَّفا *** حِفافَيهِ شُكّا في العَسيبِ بِمَسرَدِ
18
فَطَورًا بِهِ خَلفَ الزَميلِ وَتارَةً *** عَلى حَشَفٍ كَالشَنِّ ذاوٍ مُجَدَّدِ
19
لَها فَخِذانِ أُكمِلَ النَحضُ فيهِما *** كَأَنَّهُما بابا مُنيفٍ مُمَرَّدِ
20
وَطَيُّ مَحالٍ كَالحَنيِّ خُلوفُهُ *** وَأَجرِنَةٌ لُزَّت بِدَأيٍ مُنَضَّدِ
21
كَأَنَّ كِناسَي ضالَةٍ يَكْنُفانِها *** وَأَطرَقِسيٍّ تَحتَ صُلبٍ مُؤَيَّدِ
22
لَها مِرفَقانِ أَفتَلانِ كَأَنَّها *** تَمُرُّ بِسَلمَي دالِجٍ مُتَشَدَّدِ
23
كَقَنطَرَةِ الروميِّ أَقسَمَ رَبُّها *** لَتُكتَنَفَن حَتّى تُشادَ بِقَرمَدِ
24
صُهابيَّةُ العُثنونِ موجَدَةُ القَرا *** بَعيدَةُ وَخدِ الرِجلِ مَوّارَةُ اليَدِ
25
أُمِرَّت يَداها فَتلَ شَزرٍ وَأُجنِحَتْ *** لَها عَضُداها في سَقيفٍ مُسَنَّدِ
26
جُنوحٌ دِفاقٌ عَندَلٌ ثُمَّ أُفرِعَتْ *** لَها كَتِفاها في مُعالًى مُصَعَّدِ
27
كَأَنَّ عُلوبَ النِسعِ في دَأَياتِها *** مَوارِدُ مِن خَلقاءَ في ظَهرِ قَردَدِ
28
تَلاقى وَأَحيانًا تَبينُ كَأَنَّها *** بَنائِقُ غُرٌّ في قَميصٍ مُقَدَّدِ
29
وَأَتلَعُ نَهّاضٌ إِذا صَعَّدَت بِهِ *** كَسُكّانِ بوصيٍّ بِدِجلَةَ مُصعِدِ
30
وَجُمجُمَةٌ مِثلُ العَلاةِ كَأَنَّما *** وَعى المُلتَقى مِنها إِلى حَرفِ مِبرَدِ
31
وَعَينانِ كَالماوَيَّتَينِ اِستَكَنَّتا *** بِكَهفَي حِجاجَي صَخرَةٍ قَلتِ مَورِدِ
32
طَحورانِ عُوّارَ القَذى فَتَراهُما *** كَمَكحولَتَي مَذعورَةٍ أُمِّ فَرقَدِ
33
وَخَدٌّ كَقِرطاسِ الشَآمي وَمِشفَرٌ *** كَسِبتِ اليَماني قَدُّهُ لَم يُجَرَّدِ
34
وَصادِقَتا سَمعِ التَوَجُّسِ لِلسُرى *** لِهَجسٍ خَفِيٍّ أَو لِصَوتٍ مُنَدَّدِ
35
مُؤَلَّلَتانِ تَعرِفُ العِتقَ فيهِما *** كَسامِعَتَي شاةٍ بِحَومَلَ مُفرَدِ
36(624/2)
وَأَروَعُ نَبّاضٌ أَحَذُّ مُلَملَمٌ *** كَمِرداةِ صَخرٍ في صَفيحٍ مُصَمَّدِ
37
وَإِن شِئتُ سامى واسِطَ الكورِ رَأسُها *** وَعامَتْ بِضَبعَيها نَجاءَ الخَفَيدَدِ
38
وَإِن شِئتُ لَم تُرقِل وَإِن شِئتُ أَرقَلَتْ *** مَخافَةَ مَلويٍّ مِنَ القَدِّ مُحصَدِ
39
وَأَعلَمُ مَخروتٌ مِنَ الأَنفِ مارِنٌ *** عَتيقٌ مَتى تَرجُم بِهِ الأَرضَ تَزدَدِ
40
عَلى مِثلِها أَمضي إِذا قالَ صاحِبي *** أَلا لَيتَني أَفديكَ مِنها وَأَفتَدي
41
وَجاشَت إِلَيهِ النَفسُ خَوفًا وَخالَهُ *** مُصابًا وَلَو أَمسى عَلى غَيرِ مَرصَدِ
42
إِذا القَومُ قالوا مَن فَتىً خِلتُ أَنَّني *** عُنيتُ فَلَم أَكسَل وَلَم أَتَبَلَّدِ
43
أَحَلتُ عَلَيها بِالقَطيعِ فَأَجذَمَتْ *** وَقَد خَبَّ آلُ الأَمعَزِ المُتَوَقِّدِ
44
وذالَتْ كَما ذالَتْ وَليدَةُ مَجلِسٍ *** تُري رَبَّها أَذيالَ سَحلٍ مُمَدَّدِ
45
وَلَستُ بِحَلّالِ التِلاعِ مَخافَةً *** وَلَكِن مَتى يَستَرفِدِ القَومُ أَرفِدِ
46
وإِن تَبغِني في حَلقَةِ القَومِ تَلقَني *** وَإِن تَقتَنِصني في الحَوانيتِ تَصطَدِ
47
مَتى تَأتِني أُصبِحكَ كَأسًا رَويَّةً *** وَإِن كُنتَ عَنها ذا غِنًى فَاِغنَ وَاِزدَدِ
48
وَإِن يَلتَقِ الحَيُّ الجَميعُ تُلاقِني *** إِلى ذِروَةِ البَيتِ الرَفيعِ المُصَمَّدِ
49
نَدامايَ بيضٌ كَالنُجومِ وَقَينَةٌ *** تَروحُ عَلَينا بَينَ بُردٍ وَمَجسَدِ
50
رَحيبٌ قِطابُ الجَيبِ مِنها رَقيقَةٌ *** بِجَسِّ النَدامى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
51
إِذا نَحنُ قُلنا أَسمِعينا اِنبَرَت لَنا *** عَلى رِسلِها مَطروقَةً لَم تَشَدَّدِ
52
وَما زالَ تَشرابي الخُمورَ وَلَذَّتي *** وَبَيعي وَإِنفاقي طَريفي وَمُتلَدي
53
إِلى أَن تَحامَتني العَشيرَةُ كُلُّها *** وَأُفرِدتُ إِفرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ
54
رَأَيتُ بَني غَبراءَ لا يُنكِرونَني *** وَلا أَهلُ هَذاكَ الطِرافِ المُمَدَّدِ(624/3)
55
أَلا أَيُّهَذا الزاجري أَحضُرَ الوَغى *** وَأَن أَشهَدَ اللَذّاتِ هَل أَنتَ مُخلِدي
56
فَإِن كُنتَ لا تَسطيعُ دَفعَ مَنيَّتي *** فَدَعني أُبادِرها بِما مَلَكَت يَدي
57
وَلَولا ثَلاثٌ هُنَّ مِن عيشَةِ الفَتى *** وَجَدِّكَ لَم أَحفِل مَتى قامَ عُوَّدي
58
فَمِنهُنَّ سَبقي العاذِلاتِ بِشَربَةٍ *** كُمَيتٍ مَتى ما تُعلَ بِالماءِ تُزبِدِ
59
وَكَرّي إِذا نادى المُضافُ مُحَنَّبًا *** كَسيدِ الغَضا نَبَّهتَهُ المُتَوَرِّدِ
60
وَتَقصيرُ يَومَ الدَجنِ وَالدَجنُ مُعجِبٌ *** بِبَهكَنَةٍ تَحتَ الطِرافِ المُعَمَّدِ
61
كَأَنَّ البُرينَ وَالدَماليجَ عُلِّقَت *** عَلى عُشَرٍ أَو خِروَعٍ لَم يُخَضَّدِ
62
فَذَرْنِي أُرَوِّي هَامَتِي في حَيَاتِها *** مَخَافَةَ شُرْبٍ في الحياةِ مُصَرَّدِ
63
كَريمٌ يُرَوّي نَفسَهُ في حَياتِهِ *** سَتَعلَمُ إِن مُتنا صدى أَيُّنا الصَدي
64
أَرى قَبرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بِمالِهِ *** كَقَبرِ غَويٍّ في البَطالَةِ مُفسِدِ
65
تَرى جُثوَتَينِ مِن تُرابٍ عَلَيهِما *** صَفائِحُ صُمٌّ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدِ
66
أَرى المَوتَ يَعتامُ الكِرامَ وَيَصطَفي *** عَقيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ
67
أَرى العَيشَ كَنزًا ناقِصًا كُلَّ لَيلَةٍ *** وَما تَنقُصِ الأَيّامُ وَالدَهرُ يَنفَدِ
68
لَعَمرُكَ إِنَّ المَوتَ ما أَخطَأَ الفَتى *** لَكَالطِوَلِ المُرخى وَثِنياهُ بِاليَدِ
69
فَما لي أَراني وَاِبنَ عَمِّيَ مالِكًا *** مَتى أَدنُ مِنهُ يَنأَ عَنّي وَيَبعُدِ
70
يَلومُ وَما أَدري عَلامَ يَلومُني *** كَما لامَني في الحَيِّ قُرطُ بنُ مَعبَدِ
71
وَأَيأَسَني مِن كُلِّ خَيرٍ طَلَبتُهُ *** كَأَنّا وَضَعناهُ إِلى رَمسِ مُلحَدِ
72
عَلى غَيرِ ذَنبٍ قُلتُهُ غَيرَ أَنَّني *** نَشَدتُ فَلَم أُغفِل حَمولَةَ مَعبَدِ
73
وَقَرَّبتُ بِالقُربى وَجَدِّكَ إِنَّني *** مَتى يَكُ أَمرٌ لِلنَكيثَةِ أَشهَدِ
74(624/4)
وَإِن أُدعَ لِلجُلّى أَكُن مِن حُماتِها *** وَإِن يَأتِكَ الأَعداءُ بِالجَهدِ أَجهَدِ
75
وَإِن يَقذِفوا بِالقَذعِ عِرضَكَ أَسقِهِمْ *** بِشُرْبِ حِياضِ المَوتِ قَبلَ التَهَدُّدِ
76
بِلا حَدَثٍ أَحدَثتُهُ وَكَمُحدِثٍ *** هِجائي وَقَذفي بِالشَكاةِ وَمُطرَدي
77
فَلَو كانَ مَولايَ اِمرَأً هُوَ غَيرَهُ *** لَفَرَّجَ كَربي أَو لَأَنظَرَني غَدي
78
وَلَكِنَّ مَولايَ اِمرُؤٌ هُوَ خانِقي *** عَلى الشُكرِ وَالتَسآلِ أَو أَنا مُفتَدِ
79
وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً *** عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ
80
فَذَرني وَعِرْضِي إِنَّني لَكَ شاكِرٌ *** وَلَو حَلَّ بَيتي نائِيًا عِندَ ضَرغَدِ
81
فَلَو شاءَ رَبّي كُنتُ قَيسَ بنَ خالِدٍ *** وَلَو شاءَ رَبّي كُنتُ عَمروَ بنَ مَرثَدِ
82
فَأَصبَحتُ ذا مالٍ كَثيرٍ وَزارَني *** بَنونَ كِرامٌ سادَةٌ لِمُسَوَّدِ
83
أَنا الرَجُلُ الضَربُ الَّذي تَعرِفونَهُ *** خِشاشًا كَرَأسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
84
وآلَيتُ لا يَنفَكُّ كَشحي بِطانَةً *** لِعَضبٍ رَقيقِ الشَفرَتَينِ مُهَنَّدِ
85
أَخي ثِقَةٍ لا يَنثَني عَن ضَريبَةٍ *** إِذا قيلَ مَهلًا قالَ حاجِزُهُ قَدّي
86
حُسامٍ إِذا ما قُمتُ مُنتَصِرًا بِهِ *** كَفى العَودَ مِنهُ البَدءُ لَيسَ بِمِعضَدِ
87
إِذا اِبتَدَرَ القَومُ السِلاحَ وَجَدتَني *** مَنيعًا إِذا بَلَّت بِقائِمِهِ يَدي
88
وَبَركٍ هُجودٍ قَد أَثارَت مَخافَتي *** بَوادِيَها أَمشي بِعَضبٍ مُجَرَّدِ
89
فَمَرَّت كَهاةٌ ذاتُ خَيفٍ جُلالَةٌ *** عَقيلَةُ شَيخٍ كَالوَبيلِ يَلَندَدِ
90
يَقولُ وَقَد تَرَّ الوَظيفُ وَسَاقُها *** أَلَستَ تَرى أَن قَد أَتَيتَ بِمُؤيِدِ
91
وَقالَ أَلا ماذا تَرَونَ بِشارِبٍ *** شَديدٍ عَلَينا بَغيُهُ مُتَعَمِّدِ
92
فَقالَ ذَروهُ إِنَّما نَفعُها لَهُ *** وَإِلّا تَكُفّوا قاصِيَ البَركِ يَزدَدِ
93(624/5)
فَظَلَّ الإِماءُ يَمتَلِلنَ حُوارَها *** وَيُسعى عَلَينا بِالسَديفِ المُسَرهَدِ
94
فَإِن مُتُّ فَاِنعيني بِما أَنا أَهلُهُ *** وَشُقّي عَلَيَّ الجَيبَ يا اِبنَةَ مَعبَدِ
95
وَلا تَجعَليني كَاِمرِئٍ لَيسَ هَمُّهُ *** كَهَمّي وَلا يُغني غَنائي وَمَشهَدي
96
بَطيءٍ عَنِ الجُلّى سَريعٍ إِلى الخَنى *** ذَلولٍ بِأَجماعِ الرِجالِ مُلَهَّدِ
97
فَلَو كُنتُ وَغلًا في الرِجالِ لَضَرَّني *** عَداوَةُ ذي الأَصحابِ وَالمُتَوَحِّدِ
98
وَلَكِن نَفى عَنّي الرِجالَ جَراءَتي *** عَلَيهِمْ وَإِقدامي وَصِدقي وَمَحتِدي
99
لَعَمرُكَ ما أَمري عَلَيَّ بِغُمَّةٍ *** نَهاري وَلا لَيلي عَلَيَّ بِسَرمَدِ
100
وَيَومٍ حَبَستُ النَفسَ عِندَ عِراكِهاِ *** حِفاظًا عَلى عَوراتِهِ وَالتَهَدُّدِ
101
عَلى مَوطِنٍ يَخشى الفَتى عِندَهُ الرَدى *** مَتى تَعتَرِك فيهِ الفَرائِصُ تُرعِدِ
102
أَرَى الموتَ أَعْدَادَ النُّفوسِ ولا أَرَى *** بَعِيدًا غدًا ما أقربَ اليومَ مِن غَدِ
103
سَتُبدي لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ جاهِلًا *** وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّدِ
104
وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تَبِع لَهُ *** بَتاتًا وَلَم تَضرِب لَهُ وَقتَ مَوعِدِ(624/6)
لَعَمْرُكَ ما ضاقَتْ بِلاَدٌ بأَهْلِهَا
زهر الأكم في الأمثال و الحكم - (ج 1 / ص 196) ولباب الآداب للثعالبي - (ج 1 / ص 43) وزهر الآداب وثمر الألباب - (ج 1 / ص 3) ومحاضرات الأدباء - (ج 1 / ص 321) والمفضليات - (ج 1 / ص 20) والشعر والشعراء - (ج 1 / ص 137) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 67 / ص 290) وتاج العروس - (ج 1 / ص 6436)
عمرو بن أهتم بن سمى السعدي المنقري
أَلاَ طَرَقَتْ أَسْماءُ وَهْيَ طَرُوقُ ... وبانَتْ على أَنَّ الخَيالَ يَشُوقُ
بِحاجَةِ مَحْزُونٍ كأَنَّ فؤادَهُ ... جَناحٌ وَهَى عَظْماهُ فَهْوَ خَفُوقُ
وهانَ على أَسماءَ أَنْ شَطَّتِ النَّوَى ... يَحِنُّ اليها وَالِهٌ ويَتُوقُ
ذَرينِي فإِنَّ البُخْلَ يَا أُمَّ هَيثْمٍ ... لِصَالِحِ أَخلاقِ الرِّجالِ سَرُوقُ
ذَرينِي وحُطِّي في هَوَاى فإِنَّنِي ... علي الحَسَبِ الزَّاكِي الرَّفِيعِ شَفِيقُ
وإِنِّي كريمٌ ذُو عِيالٍ تهِمُّنِي ... نَوَائِبُ يَغْشَى رُزْؤُها وحُقُوقُ
ومُسْتنْبِحٍ بعدَ الهُدُوءِ دَعْوَتُهُ ... وقد حانَ من نَجْم الشِّتاءِ خُفُوقُ
يُعالِجُ عِرْنيناً منَ اللَّيلِ بارداً ... تَلُفُّ رِياحٌ ثَوْبَهُ وبُرُوقُ
تَأَلَّقُ في عَيْنٍ منَ المُزْنِ وادِقٍ ... لهُ هَيْدَبٌ دَانِي السَّحَابِ دَفُوقُ
أَضَفْتُ فلم أُفْحِشْ عليهِ ولم أَقُلْ ... لأَِحْرِمَهُ: إِنَّ المكانَ مَضِيقُ
فَقلْتُ لهُ: أَهلاً وسهلاً ومَرحباً ... فهذا صَبُوحٌ راهِنٌ وصَدِيقُ
وقُمتُ إِلى البَرْكِ الهَواجِدِ فاتَّقَتْ ... مَقاحِيدُ كُومٌ كالمَجَادِلِ رُوقُ
بأَدْماءَ مِرْباعِ النِّتاجِ كأَنَّها ... إِذَا عَرَضَتْ دُونَ العِشارِ فَنِيقِ
بِضَرْبةِ ساقٍ أَو بِنَجْلاَءَ ثَرَّةٍ ... لهَا مِن أَمامِ المَنْكَبَيْنِ فَتِيقُ
وقامَ إِليها الجَازِرَانِ فأَوْفَدَا ... يُطِيرَانِ عَنها الجِلْدَ وَهْيَ تَفْوقُ(625/1)
فَجُرَّ إِلينا ضَرْعُها وسَنَامُها ... وأَزْهَرُ يَحْبُو لِلقيامِ عَتِيقُ
بَقِيرٌ جَلاَ بالسَّيفِ عنهُ غِشَاءَهُ ... أَخٌ بإِخاءِ الصَّالِحِينَ رَفيقُ
فَباتَ لَنَا منها وللِضَّيْفِ مَوْهِنا ... شِوَاءٌ سَمِينٌ زَاهِقٌ وغَبوقُ
وبَاتَ لهُ دُونَ الصَّبَا وهْيَ قَرَّةٌ ... لِحَافٌ ومَصْقُولُ الكِسَاءِ رَقِيقُ
وكلُّ كَرِيم يَتَّقِي الذَّمَّ بالقِرَى ... ولِلخَيْرِ بينَ الصّالحينَ طَريقُ
لَعَمْرُكَ ما ضاقَتْ بِلاَدٌ بأَهْلِهَا ... ولكنَّ أَخلاقَ الرِّجالِ تَضيقُ
نَمَتْنِي عُرُوقٌ من زُرَارَةَ لِلْعُلَى ... ومنْ فَدَكِيٍّ والأَشَدِّ عُرُوقُ
مكارِمُ يَجْعَلْنَ الفَتَى في أَرومَةٍ ... يَفَاعٍ، وبعضُ الوالِدِينَ دَقِيقُ(625/2)
لَعَمْرِي وما دَهْرِي بِتَأْبِينِ هَالِكٍ
متمم بن نويرة اليربوعي
العصر ... إسلامي
عدد الأبيات ... 51
البحر ... طويل
الروي ... عين
الغرض ... رثاء
مصدر القصيدة ... المفضليات (263-270)
م ... الملقي ... حجم الملف ... استماع ... حفظ
1 ... عبد الرحمن السعيد ... 957 ... حجم الملف (957)
1
لَعَمْرِي وما دَهْرِي بِتَأْبِينِ هَالِكٍ *** ولا جَزَعٍ مِمَّا أَصَابَ فَأَوْجَعَا
2
لَقَدْ كَفَّنَ المِنْهَالُ تحتَ رِدَائِهِ *** فَتًى غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّاتِ أَرْوَعَا
3
ولا بَرَمًا تُهْدِي النِّساءُ لِعِرْسِهِ *** إذا القَشْعُ مِن حَسِّ الشِّتَاءِ تَقَعْقَعَا
4
لَبِيبٌ أَعَانَ الُّلبَ مِنهُ سَمَاحَةٌ *** خَصِيبٌ إذاما رَاكِبُ الجَدْبِ أَوْضَعَا
5
تَرَاهُ كَصَدْرِ السَّيفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدَى *** إذا لم تَجِدْ عندَ امرئِ السَّوْءِ مَطْمَعَا
6
ويومًا إذاما كَظَّكَ الخَصْمُ إِنْ يَكُنْ *** نَصيرَكَ منهمْ لا تكنْ أنتَ أَضْيَعَا
7
وَإِنْ تَلْقَهُ في الشَّرْبِ لا تَلْقَ فَاحِشًا *** على الكأسِ ذا قَاذُورَةٍ مُتَزَبِّعَا
8
وَإِنْ ضَرَّسَ الغزوُ الرِّجالَ رَأَيْتَهُ *** أَخَا الحربِ صَدْقًا في الِّلقاءِ سَمَيْدَعَا
9
وما كان وَقَّافًا إذا الخيلُ أَجْمَحَتْ *** ولا طَائِشًا عندَ الِّلقاءِ مُدَفَّعَا
10
ولا بِكَهَامٍ بَزُّهُ عن عَدُوِّهِ *** إذا هو لاقى حَاسِرًا أو مُقَنَّعَا
11
فَعَيْنَيَّ هَلاَّ تَبْكِيانِ لِمَالِكٍ *** إذا أَذْرَتِ الرِّيحُ الكَنِيفَ المُرَفَّعَا
12
ولِلشَّرْبِ فابْكِي مَالِكًا وَلِبُهْمَةٍ *** شَدِيدٍ نَوَاحِيهِ على مَن تَشَجَّعا
13
وَضَيْفٍ إذا أَرْغَى طُرُوقًا بَعيرَهُ *** وعانٍ ثَوَى في القِدِّ حتى تَكَنَّعَا
14
وأَرْمَلَةٍ تَمْشِي بأشعثَ مُحْثَلٍ *** كَفَرْخِ الحُبَارَى رَأْسُهُ قدْ تَضَوَّعَا
15
إذا جَرَّدَ القومُ القِدَاحَ وَأُوقِدَتْ *** لهمْ نَارُ أَيْسَارٍ كَفَى مَن تَضَجَّعَا
16(626/1)
وَإِنْ شَهِدَ الأَيسارَ لم يُلْفَ مَالِكٌ *** على الفَرْثِ يَحْمِي الَّلحمَ أَنْ يَتَمَزَّعَا
17
أَبَى الصَّبْرَ آياتٌ أَرَاها وَأَنَّنِي *** أَرَى كلَّ حَبْلٍ بعدَ حَبْلِكَ أَقْطَعَا
18
وَأَنِّي متى ما أَدْعُ بِاسْمِكَ لا تُجِبْ *** وكنتَ جَدِيرًا أَنْ تُجِيبَ وتُسْمِعَا
19
وَعِشْنَا بِخَيْرٍ في الحياةِ وَقَبْلَنَا *** أصابَ المَنَايَا رَهْطَ كِسْرَى وَتُبَّعَا
20
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا *** لِطُولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا
21
وكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيْمَةَ حِقْبَةً *** مِن الدَّهرِ حتى قيلَ لنْ يَتَصَدَّعَا
22
فإِنْ تَكنِ الأيَّامُ فَرَّقْنَا بَيْنَنَا *** فقدَ بانَ مَحْمُودًا أَخِي حينَ وَدَّعَا
23
أَقولُ وقدْ طارَ السَّنَا في رَبَابِهِ *** وَجَوْنٌ يَسُحُّ الماءَ حتى تَرَيَّعَا
24
سَقَى اللهُ أَرْضًا حَلَّها قَبْرُ مَالِكٍ *** ذِهَابَ الغَوَادِي المُدْجِنَاتِ فَأَمْرَعَا
25
فَآثرَ سَيْلَ الوَادِيَيْنِ بِدِيْمَةٍ *** تُرَشِّحُ وَسْمِيًّا مِن النَّبْتِ خِرْوعَا
26
فَمَجْتَمَعَ الأَسْدَامِ مِن حَوْلِ شَارِعٍ *** فَرَوَّى جِبَالَ القَرْيَتَيْنِ فَضَلْفَعَا
27
فَواللهِ ما أُسْقِي البلادَ لِحُبِّها *** ولكنَّني أُسْقِي الحبيبَ المُوَدَّعَا
28
تَحِيَّتُهُ مِنِّي وَإِنْ كانَ نَائِيًا *** وأمسى تُرَابًا فَوْقَهُ الأَرْضُ بَلْقَعَا
29
تقولُ ابنةُ العَمْرِيِّ مَا لَكَ بعدَما *** أراكَ حَدِيثًا نَاعِمَ البالَ أَفْرَعَا
30
فقلتُ لها : طولُ الأَسَى إِذْ سَأَلْتِنِي *** وَلَوْعَةُ حُزْنٍ تَتْرُكُ الوَجْهَ أَسْفَعَا
31
وفَقْدُ بَنِي أُمٍّ تَدَاعَوا فلمْ أَكُنْ *** خِلافَهُمُ أَنْ أَسْتَكِينَ وَأَضْرَعَا
32
ولكنَّني أَمْضِي على ذاك مُقْدِمًا *** إذا بعضُ مَن يَلْقَى الحروبَ تَكَعْكَعَا
33(626/2)
وغَيَّرَنِي ما غالَ قَيْسًا وَمَالِكًا *** وَعَمْرًا وَجَزْءًا بالمُشَقَّرِ أَلْمَعَا
34
وما غالَ نَدَمَانِي يَزيدَ وَلَيْتَنِي *** تَمَلَّّيْتُهُ بالأهلِ والمالِ أَجْمَعَا
35
وَإِنِّي وَإِنْ هَازَلْتِنِي قدْ أَصَابَنِي *** مِن البَثِّ ما يُبْكِي الحَزِينَ المُفَجَّعَا
36
ولستُ إذا ما الدَّهرُ أَحْدَثَ نَكْبَةً *** وَرُزْءًا بِزَوَّارِ القَرَائبِ أَخْضَعَا
37
قَعِيدَكَ أَلاَّّ تُسْمِعِيني مَلامَةً *** ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ فَيَيْجَعَا
38
فَقَصْرَكِ إِنِّي قدْ شَهِدْتُ فَلَمْ أَجِدْ *** بِكَفِّيَ عَنْهمْ لِلْمَنِيَّةِ مَدْفَعَا
39
فلا فَرِحًا إِنْ كنتُ يومًا بِغِبْطَةٍ *** ولا جَزِعًا مِمَّا أَصَابَ فَأَوْجَعَا
40
فلو أَنْ ما أَلْقَى يُصِيبُ مُتَالِعًا *** أوِ الرُّكْنَ مِن سَلْمَى إِذن لَتَضَعْضَعَا
41
وما وَجْدُ أَظْآرٍ ثَلاثٍ رَوَائِمٍ *** أَصَبْنِ مَجَرًّا مِن حُوَارٍ وَمَصْرَعَا
42
يُذَكِّرْنَ ذا البَثِّ الحَزِينِ بِبَثِّهِ *** إذا حَنَّتِ الأُولى سَجَعْنَ لَهَا مَعَا
43
إذا شَارِفٌ مِنهنَّ قَامَتْ فَرَجَّعَتْ *** حَنِينًا فَأَبْكَى شَجْوُهَا البَرْكَ أَجْمَعَا
44
بَأَوْجَدَ مِنِّي يومَ قامَ بِمَالِكٍ *** مُنَادٍ بَصِيرٌ بالفِرَاقِ فَأَسْمَعَا
45
ألمْ تَأْتِ أَخْبَارُ المُحِلِّ سَرَاتَكمْ *** فَيَغْضَبَ منكمْ كلُّ مَن كان مُوجَعَا
46
بِمَشْمَتِهِ إِذْ صَادَفَ الحَتْفُ مَالِكًا *** وَمشْهَدِهِ ما قَدْ رَأَى ثمَّ ضَيَّعَا
47
أآثَرْتَ هِدْمًا بَالِيًا وَسَوِيَّةً *** وَجِئْتَ بِهَا تَعْدُو بَرِيدًا مُقَزَّعَا
48
فلا تَفْرَحَنْ يومًا بنفسِك إِنَّنِي *** أَرَى المَوْتَ وَقَّاعًا على مَنْ تَشَجَّعَا
49
لَعَلَّك يومًا أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ *** عليكَ مَن الَّلائِي يَدَعْنَكَ أَجْدَعَا
50(626/3)
نَعَيْتَ امْرَأً لو كانَ لَحْمُكَ عندَه *** لآوَاهُ مَجْمُوعًا لَهُ أَو مُمَزَّعَا
51
فلا يَهْنِئِ الوَاشِينَ مَقْتَلُ مَالِكٍ *** فقدَ آبَ شَانِيهِ إِيَابًا فَوَدَّعَا(626/4)
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - (ج 4 / ص 487)
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شان
يمزق الدهر حتماً كل سابغة إذا نبت مشرفيات وخرصان
وينتضي كل سيف للفناء ولو كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمن وأين منهم أكاليل وتيجان
وأين ما شاده شداد في إرم وأين ما ساسه في الفرس ساسان
وأين ما حازه قارون من ذهب وأين عاد وشداد وقحطان
أتى على الكل أمر لا مرد له حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من ملك ومن ملك كما حكى عن خيال الطيف وسنان
دار الزمان على دارا وقاتله وأم كسرى فما آواه إيوان
كأنما الصعب لم يسهل له سبب يوماً ولا ملك الدنيا سليمان
فجائع الدهر أنواع منوعة وللزمان مسرات وأحزان
وللحوادث سلوان يسهلها وما لما حل بالإسلام سلوان
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له هوى له أحد وانهد ثهلان
أصابها العين في الإسلام فامتحنت حتى خلت منه أقطار وبلدان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية وأين شاطبة أم أين جيان
وأين قرطبة دار العلوم، فكم من عالم قد سما فيها له شان
وأين حمص وما تحويه من نزه ونهرها العذب فياض وملآن
قواعد كن أركان البلاد فما عسى البقاء إذا لم تبق أركان
تبكي الحنيفية البيضاء من أسف كما بكى لفراق الإلف هيمان
على ديار من الإسلام خالية قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلا نواقيس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة حتى المنابر ترثي وهي عيدان
يا غافلاً وله في الدهر موعظة إن كنت في سنة فالدهر يقظان
وماشياً مرحاً يلهيه موطنه أبعد حمص تغر المرء أوطان
تلك المصيبة أنست ما تقدمها وما لها مع طول الدهر نسيان
يا راكبين عتاق الخيل ضامرة كأنها في مجال السبق عقبان
وحاملين سيوف الهند مرهفة كأنها في ظلام النقع نيران(627/1)
وراتعين وراء البحر في دعة لهم بأوطانهم عز وسلطان
أعندكم نبأ من أهل أندلس فقد سرى بحديث القوم ركبان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
ماذا التقاطع في الإسلام بينكم وأنتم يا عباد الله إخوان
ألا نفوس أبيات لها همم أما على الخير أنصار وأعوان
يا من لذلة قوم بعد عزهم أحال حالهم كفر وطغيان
بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
فلو تراهم حيارى لا دليل لهم عليهم من ثياب الذل ألوان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم لهالك الأمر واستهوتك أحزان
يا رب أم وطفل حيل بينهما كما تفرق أرواح وأبدان
وطفلة مثل حسن الشمس إذ طلعت كأنما هي ياقوت ومرجان
يقودها العلج للمكروه مكرهة والعين باكية والقلب حيران
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان
انتهت القصيدة الفريدة، ويوجد بأيدي الناس زيادات فيها ذكر غرناطة وبسطة وغيرهما مما أخذ من البلاد بعد موت صالح بن شريف، وما اعتمدته منها نقلته من خط من يوثق به على ما كتبته، ومن له أدنى ذوق علم أن ما يزيدون فيها من الأبيات ليست تقاربها في البلاغة، وغالب ظني أن تلك الزيادة لما أخذت غرناطة وجميع بلاد الأندلس إذ كان أهلها يستنهضون همم الملوك بالمشرق والمغرب، فكأن بعضهم لما أعجبته قصيدة صالح بن شريف زاد فيها تلك الزيادات، وقد بينت ذلك في " أزهار الرياض " (1) فليراجع.(1) أزهار الرياض 1: 47.
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 49 / ص 268)
العصر الأندلسي >> أبو البقاء الرندي >> لكل شيء اذا ماتمّ ( رثاء الأندلس )
لكل شيء اذا ماتمّ ( رثاء الأندلس ) رقم القصيدة : 719
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ
فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ
مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد
ولا يدوم على حالٍ لها شان
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ
إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ(627/2)
كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ
وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب
وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَرد له
حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك
كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه
وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ
يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة
وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادث سُلوان يسهلها
وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له
هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ
حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً)
وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم
من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ
ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما
عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من ! ;أسفٍ
كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
على ديار من الإسلام خالية
قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما
فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ
حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ
إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ
أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها
وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً
كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ
كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ
لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ
فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم(627/3)
قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
ماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ
وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟
ألا نفوسٌ أبَّاتٌ لها هممٌ
أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ
أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم
واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ
عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ
لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما
كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت
كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً
والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ
إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ(627/4)
لكننا رغم هذا الذل نعلنها
فليسمع الحر وليصغي لنا البشر
إن طال ليل الأسى واحتد خالبةُ
وأرق الأمة المجروحة السهر
فالفجر آتٍ وشمس العز مشرقةٍ
عما قريبٍ وليل الذل مندحرُ
سنستعيد حياة العز ثانيةّ
وسوف نغلب من حادوا ومن كفروا
وسوف نبني قصور المجد عاليةً
قوامها السنةٍ الغراء و السورُ
وسوف نفخر بالقرآن في زمنٍ
شعوبهُ في الخنا والفسق تفتخرُ
وسوف نرسم للإسلام خارطةً
حدودها العز والتمكين و الظفرُ
بصحوةٍ ألبس القرآن فتيتها
ثوب الشجاعةِ لا جبنُُ ُ ولا خورُ
يرددون وفي ألفاظهم هممُُُ
ويهتفون وبأقوالهم عبرُ
من كان يفخر إن الغرب قدوتهُ
فنحن قدوتنا عثمان أو عمرُ
أو كان يفخر بالألحان ينشدها
فنحن ألحاننا الأنفالُ والزمرُ
درب الجهاد لِزاماً في عقيدتنا
والناصر الله منه العون نتتظرُ(628/1)
للعشماوي....(.... نحن أدرى....)
هؤلاء الذين يتشدَّقون بالدفاع عن حقوق الإنسان مع تفريطهم فيها، يعيشون غيبوبة الجهل برعاية حقوق الإنسان في ديننا العظيم، وبمعنى تطبيق حدود الشرع تطبيقاً يرعى حقوق الإنسان خير رعاية .
---
ــــ نحن أدرَى ــــ
---
---
أيها الحادي الذي يحدو القوافلْ ... + ... أنت ماضٍ، وجديرٌ أن تواصلْ
---
أسمِعِْ الصحراء صوتاً أنْجشيّاً ... + ... صافياً يُلهبُ أخفافَ الرواحلْ
---
وبه تمنحنا الراحة ظلاً ... + ... وبه تُطوى من الدرب المراحلْ
---
أيها الحادي، أدر شَدوكَ فينا ... + ... نغماً يوقظ أحلامَ الغوافلْ
---
صوتك العذب يُرينا كيف تهفو ... + ... مُقلُ الرمل، وأهدابُ المنازلْ
---
صوتك العذب غناءٌ يتلاشى ... + ... عنده تغريدُ أصواتِ البلابلْ
---
كلّما أنشدتُ لحناً، خِلتُ أني ... + ... أمسح النجمَ بأطراف الأناملْ
---
وأناجي قمر الليل وأبني ... + ... فوقه صرحاً، وأبراجَ فضائلْ
---
وأرى دائرة النور أمامي ... + ... غُرّةً بيضاء في جبهةِ صاهلْ
---
وأرى الأنجم عقداً لؤلؤياً ... + ... ما له في عالم الدِّر مُماثلْ
---
أيّها الحادي، تألقتَ فرفقاً ... + ... بالقوارير وربَّات الخلاخلْ
---
خفِّف اللحنَ الذي أصبح سحراً ... + ... يتسامى وَصفُه عن سحر بابلْ
---
أيها الحادي، على لحنك سارتْ ... + ... خيلُنا الدُّهمُ الكريماتُ الأصائلْ
---
لمْ نزل نُركِضُها في خير أرضٍ ... + ... صانها الرحمن من ضَربِ الزلازلْ
---
لم نزل نسقي رمال البيد غيثاً ... + ... من سحابٍ، عبّرت عنه الجداولْ
---
لمْ نزل في رحلة الحب سويّاً ... + ... نقطع البيدَ ونجتاز المجاهلْ
---
ربما يعذُلنا من ليس منّا ... + ... والفتى الواثقُ لايخشى العواذلْ
---
نحن مازلنا على درب هُدانا ... + ... نرشد الناس وندعو ونحاولْ
---
لا نبالي بخفافيش ظلامٍ ... + ... بل نناديها وغيثُ الحبِّ هاطلْ
---
يا خفافيشَ ظلام الليل، إنّا ... + ... قد عرفنا كلَّ ما تُخفي الحواصلْ
---
عجباً، كيف وهمتم، أنسيتمْ ... + ... نّ بحر الوهم لا يلقاه ساحل؟
---
لجّةٌ مظلمةٌ يغرق فيها ... + ... كل مجنونٍ ومخدوعٍ وعاطلْ
---(629/1)
يا خفافيش ظلام الليل إنّا ... + ... لمْ نزل نحملُ في الليل المشاعلْ
---
ما وجدنا حَيرةً لما انطلقنا ... + ... بل عرفنا كيف نمضي ونواصلْ
---
نحن لم نجنحْ عن الحق ولكن ... + ... جنحَ الواهم واللِّصُ المخاتلْ
---
دارت الدنيا بنا حتى ثبتْنا ... + ... وورثنا بالهدى مجدَ الأوائلْ
---
وعرفنا لغة التجديد، لكن ... + ... دون أن نفقد روحاً أو نجاملْ
---
أرضنا مهبط وحي الله، فيها ... + ... جمَّع الإسلامُ أشتاتَ القبائلْ
---
هذه كعبتُنا مهوى قلوبٍ ... + ... شوقُها يغلي كما تغلي المراجلْ
---
ركنُها والحجر الأسود فيها ... + ... والمصلّى والحماماتُ الزواجلْ
---
صورةٌ تختصر الكونَ وتمحو ... + ... من قلوب الناس آثارَ الغوائلْ
---
يا خفافيش ظلامِ الليل، مهلاً ... + ... سرجُكم في ساحة الميدان مائلْ
---
شرِّقوا أو غرِّبوا إنّا ورثنا ... + ... من تعاليم الهدى خيرَ الشمائلْ
---
وورثنا من كتاب الله علماً ... + ... كلُّ علمٍ بعده تحصيلُ حاصلْ
---
ويلكم، كيف نسيتم أن ديني ... + ... هو نبع الخير والأرضُ خمائل؟!
---
إنما يحفظ حق الناس دينٌ ... + ... يرِدُ الناس به أصفى المناهلْ
---
وبه يُحفَظ حقٌّ لضعيفٍ ... + ... وبه يُطعم مسكينٌ وعائلْ
---
وبه تُرفع راياتُ بلادي ... + ... وبه تُعرف أحكام النوازلْ
---
إن من أعظم ما يرعى حقوقاً ... + ... لبني الإنسان أن يُقتل قاتلْ
---
أن ترى كفُّ الذي يسرق حدّاً ... + ... صارماً يحمي من اللص السنابلْ
---
ان يرى المجرم سيفاً حيدرياً ... + ... مشرقاً يلمع في قبضة عادلْ
---
أن ترى الأمةُ ما يحمي حماها ... + ... من هوى باغٍ ومن زلة جاهلْ
---
أن يرى من يهتك الأعراض ظلماً ... + ... كيف يحمي الرجمُ أعراضَ الحلائلْ
---
أن يرى من يقذف الناس بفُحشٍ ... + ... أن حدَّ القذف يحمي عِرض غافلْ
---
في القصاص الأمنُ من سطوة باغٍ ... + ... وبه تُطفأ نيرانُ القلاقلْ
---
صورة محكمة النسج، ودين ... + ... واضحٌ تسمو به الأرواح كاملْ
---
عجباً ممن يرى في التمر جمراً ... + ... ويساوي بين مجنون وعاقلْ
---
ويرى أن العصا مثل حسام ... + ... ويساوي بين سَحبَانٍ وباقلْ
---(629/2)
كيف يرعى من حقوق الناس شيئاً ... + ... مَن يناديهم إلى وحل الرذائل؟
---
ويرى حرية الناس انحلالاً ... + ... وانحرافاً عن موازين الفضائلْ
---
عالَم الغربِ الذي يطلق فينا ... + ... كلَّ يومٍ صرخةً من فم صائلْ
---
لم يزل يسبح في بحر المعاصي ... + ... وعلى شطآنه تجري المهازلْ
---
لم يزل ينهشنا لحماً وعظماً ... + ... ويُرينا كيف يَحتَزُّ المفاصلْ
---
عالَم الغرب اختراعاتُ عقولٍ ... + ... أصبحت في خالق الكون تجادلْ
---
يزنُ الأمر بميزانين، هذا ... + ... راجحٌ في الوزن والآخر شائلْ
---
كيف نرجو من فتى يأبى التزاماً ... + ... بفروض الدين تطبيقَ النوافل؟!
---
ما قلوب الناس إلا كبقاعٍ ... + ... بعضها معشوشبٌ والبعض قاحلْ
---
كم قلوبٍ كزهور الروض حبّاً ... + ... وصفاءً، وقلوبٍ كالجنادلْ
---
أيّها الماضون في درب الدعاوى ... + ... دربُنا يُسقى من الخير بوابلْ
---
نحن في مملكة أشرق فيها ... + ... فجرُ دين الله يجتاز الحوائلْ
---
نحن أدرى بحقوق الناس، هذا ... + ... ديننا يدفع عنها ويناضلْ
---
ديننا للدين والدنيا نظامٌ ... + ... جامعٌ مستوعبٌ للكون شاملْ
---
ديننا صرحٌ من الخير متينٌ ... + ... تتهاوى دونه أعتى المعاولْ
---
ديننا أثبتُ من قُنّةِ رضوى ... + ... كلُّ دينٍ غيره في الأرض باطلْ
---
رايةُ التوحيد إعلانٌ صريحٌ ... + ... وجوابٌ عندما يسأل سائلْ
---
الدكتور/ عبدالرحمن بن صالح العشماوي(629/3)
لم أمتي لا تسمعي
أبيات موءثرة,تبكي الشيخ الزنداني)
إخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
) يحدثنا طلاب السكن الداخلي في جامعة الإيمان, أن الشيخ ( عبد المجيد الزنداني ) كان في زيارة تفقدية لطلاب السكن, وعند دخوله إلى إحدى العمارات مر على أول غرفة وكان الطلاب موجودين في تلك اللحظة, فدخل عليهم وهم يذاكرون
على صوت إحدى الأناشيد .المعبرة, فهموا بإ غلاقها تأدبا مع الشيخ, فأشار إليهم بيده أن دعوها, وكأن الشيخ تعجبه تلك الانشودة, فمكث قليلا يسمعها فإذا بعينيه, تذرفان تأثرا بكلمات الانشودة ,وهي حقيقة مشهورة, إلا أننا لا نتمعن فيها لأننا تعودنا أن نسمعها كلمات ملحنة ,لا كلمات معبرة,( واليك أخي كلمات هذه الانشودة)
لم أمتي لا تسمعي--------------------- وبها تزاد توجعي
ناقوس أخطاري يدق-------------------- يكاد يغلق مسعي
وجراحك الحمراء تنزف----------------- انهرا كي ترتعي
الكل يجري في سباق المجد---------- لكن في مكانك ترتعي
والكل ينهش حاقدا---------------- كي قي الوجود توزعي
لم أمتي لا تسمعي------------------- والقلب شق بمبضعي
لم يبق من شرف الكرامة----------------- أي حرف لامعي
راسي سيطرق ما بقيت---------------- لصرختي لا تسمعي
قد ضاع مجدك في-------------------- سبات دائم لا ينفعي
أنسيت انك في------------------ ذرى الأمجاد كنت تربعي
أنسيت عهد الراشدين------------------ وعرش عز مبدعي
لم أمتي لا تسمعي-------------------- والنار بين الأضلعي
ناشدتك الله القدير---------------------- لصرٍختي فلتسمعي
فإذا سمعت لصرختي------------------- وأزحت كل الأقنع
فإلى جهاد صادق--------------------- حتى مكانك ترجعي(630/1)
لمن أصرخ ؟
21/10/2001
محمد علي– 30 عامًا– مصر
لمن أصرخ
أدمي المسفوح يرضيكم؟
ولا يبكي مآقيكم؟
وصوت صراخ أطفالي
أيرضيكم..؟؟
أيشجيكم؟
لمن أصرخ؟
أيا قومي.. أناديكم
أفيقوا اليوم وانتبهوا فيوما سوف يأتيكم
ومن غيري.. سيفديكم..؟؟
ومن دمه سيعطيكم؟
أفيقوا اليوم وانتبهوا ولبوا صرختي فيكم..
ولن أصرخ
http://www.islamonline.net/Arabic/mawahb/2001/poems/10/Article9.shtml - top
---
النقد والتعليق:
الشاعر صلاح جلال:
العزيز محمد، يبدو أنك ستظل تصرخ وسيطول صراخك؛ لأنك في الحقيقة لا تُسمع غير نفسك، والباقون من حولك بين صارخ مثلك وبين نائم قد أبى أن يسمع، وصدى كلماتك لا يرتد إلا إليك.
لقد أسمعت إذ ناديت حيًّا.. ولكن لا حياة لمن تنادي..!!
أخي الحبيب، كلماتك أدبية جميلة، وأسلوبك بليغ لا شك، لكن تجربتك تحتاج لمزيد من القراءة والتحري في بحور الشعر وأدوات الشاعر.. فقد حاولت الإبحار في بحر الوافر عبر الشعر الحر أو التفعيلة لكنك أخفقت كثيرًا رغم صغر مقطوعتك، ولن أقول قصيدة؛ لأنها بالكاد مقطوعة شعرية.
تحتاج مقطوعتك أخي الحبيب إلى بعض البديع والبيان وكذا الخيال؛ فلا تأتينا فيها صورة ولا تستوقفنا، كما تشعر فيها بالخطابية وعلو النبرة.
أخي الحبيب، تملك الموهبة لا شك، وتملك قسطاً من الثروة اللغوية، ولديك فكر وقضية؛ فلا تبخل علينا وعلى نفسك بالاطلاع والمحاولة تلو المحاولة. وتقبل تحياتي..(631/1)
لن تطيروا في سمائي
---
اقتلوني مزقوني
أغرقوني في دمائي
لن تعيشوا فوق أرضي
لن تطيروا في سمائي
أنتم رجس وفسق
أنتم سر البلاء
أنتم كفر وغدر
نهجكم حجب الضياء
سمكم ما زال يسري
كأفاع في خفاء
حقدكم يبدو لعيني
حقد رقطاء العراء
قتلكم فيه شفائي
لن تعيشوا في صفاء
كنتم للشعب داء
يوم أمسى في عماء
حزبكم أضحى غثاءً
أو قريبا من غثاء
حزبكم أمسى كريها
ريحه كالخنفساء
جيشكم أضحى ذليلا
لم يعد فيه فدائي
جيشكم راضٍ بظلم
من غباء أو رياء
حكمكم دوما خؤون
باع أرضي و فضائي
بعتم الجولان سلما
دون سفك للدماء
قبلها كنتم أسودا
وسيوفا ذات داء
يوم حاربتم شعوبا
دينها رمز العطاء
يوم هاجمتم بيوتا
قد أقيمت للدعاء
وسمحتم ليهود
بعد في تحويل ماء
يا سيوف الله هبوا
من سبات لضياء
لقنوا الباغين درسا
واقذفوهم للفناء
أشبعوا الأتباع ضربا
شردوهم في العراء
وارفعوا رايات دين
حكموا شرع السماء(632/1)
لن تنحني .. يا أمتي
عبدالناصر منذر رسلان
(إنَّ الرماحَ إذا افترقنَ حُطامُ) *** ولَكَمْ يُفَّلُ معَ الحسامُ حُسام
يا أمة ًَّ الإسلامِ يا خيرَ الورى *** وبنوكِ أحفادَ الكرامِ كرامُ
يا أمة َّ المليارِ لا لنْ تنحني *** فاليأسُ جُبنٌ .. والقنوطُ حرامُ
يا أمة َّ المبعوثِ فينا رحمةً *** خدعتكمُ بضيائها الأحلامُ
ناداكمُ اتّحدوا فكنتمْ مثلما *** شرَدَتْ أمامَ ذئابها الأغنامُ
وأرادكمْ جسداً فصارتْ بينكمْ *** تتباينُ الأصواتُ والأجسامُ
ياأمة َّ الإسلامِ كيفَ المُلتقى *** وجُموعكمْ عاثتْ بها الأقزامُ؟؟
والغربُ يفتكُ بالعقولِ وأنتمُ *** قدْ عربدتْ في سمعكمْ أنغامُ
يتربصُ الأعداءُ منكمْ خيفة ً *** فالغدرُ طبعٌ .. هكذا الأيامُ
يا أمة َّ الإسلامِ دونكِ كيدهمْ *** فالصمتُ يأسٌ .. والجهادُ وسامُ
والماكرونَ وإنْ تطاولَ مكرهمْ *** فحبالهمْ .. تحتَ الرُغامِ رُغامُ
والدينُ يحفظهُ الإلهُ بجندهِ *** وإلى عُلاهُ .. تنتهي الأحكامُ
يا قدسُ لا تهني وأنتِ حبيبة ٌ *** يا قدسُ صبراً..فالخطوبُ جسامُ
أنرومُ عزّاً دونكِ نرقى بهِ *** والعزُّ دونَ القدسِ.. كيفَ يُرامُ ؟
صبراً على مكرِ اليهودِ وحقدهمْ *** وامضوا .. فلا خوفٌ ولا إحجامُ
هذا التراجعُ .. ليسَ إلا كبوةً *** عَبَرَتْ .. وهلْ يُثني الخيولَ لثامُ؟
لا يبرحُ الليثُ الشجاعُ إن انثنى *** أنْ يستعيدَ الصيدَ وهوَ هُمامُ
أينَ الرجالُ وما تزالُ عِراقنا *** يزدادُ في أنهارها الإضرامُ
أينَ الرجالُ وما تزالُ جبالها *** يهوي عليها الموتُ وهوَ زُؤامُ
أينَ الرجالُ وفي السجونِ أحبة ٌ *** ذاقوا الأسى .. والغادرونَ لِئامُ
أننامُ ملءَ العينِ وهيَ سليبة *** والصحبُ في حَزَنٍ ..فكيفَ ننامُ
لغة ُ الجهادِ بأنْ تقولَ سُيوفنا *** لا ليسَ في عُرفِ الجهادِ كلامُ
عودوا إلى الدينِ الحنيفِ وأثبتوا *** للجاحدينَ بأنكمْ أهرامُ(633/1)
بوابة ُ التاريخِ قدْ فرحتْ بكمْ *** لمّا انحنتْ في ظلها الأقلامُ
عودوا إلى ظلِّ الحبيبِ وهديهِ *** في عالم ٍ ماجتْ بهِ الآثامُ
عودوا كما كنتمْ بقلبٍ واحدٍ *** فإذا اشتكى عمروٌ حماهُ هشامُ
سأظلُّ منْ خوفي أردِّدُ صارخاً *** (إنَّ الرماحَ إذا افترقنَ حُطامُ)(633/2)
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ
زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِ *إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ * على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَني * وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والموتُ يَطلُبُني
وَلي بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها * الله يَعْلَمُها في السِّرِ والعَلَنِ
مَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني * وقَدْ تَمادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي
تَمُرُّ ساعاتُ أَيَّامي بِلا نَدَمٍ * ولا بُكاءٍ وَلاخَوْفٍ ولا حَزَنِ
أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً * عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُني
يَا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ * يَا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُها * وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيرِ وَالحَزَنِ
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحَاً * عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُني
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَيْ يُعالِجَني * وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هذا اليومَ يَنْفَعُني
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها * مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها * وصَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا * بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
وَقامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ * نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتيني يُغَسِّلُني
وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً * حُراً أَرِيباً لَبِيباً عَارِفاً فَطِنِ
فَجاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني * مِنَ الثِّيابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحاً * وَصَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني(634/1)
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني * غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ
وَأَلْبَسُوني ثِياباً لا كِمامَ لها * وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَني
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيا فَوا أَسَفاً * عَلى رَحِيلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُني
وَحَمَّلوني على الأْكتافِ أَربَعَةٌ * مِنَ الرِّجالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا * خَلْفَ الإِمَامِ فَصَلَّى ثمّ وَدَّعَني
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لها * ولا سُجودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُني
وَأَنْزَلوني إلى قَبري على مَهَلٍ * وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهم يُلَحِّدُني
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني * وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِماً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً * وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَني
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا * حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هناك ولا * أَبٌ شَفيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُني
فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يا أَسَفاً * عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُني
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ * مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ ما أَقولُ لهم * قَدْ هَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهِمُ * مَالِي سِوَاكَ إِلهي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يا أَمَلي * فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهَنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا * وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لها بَدَلي * وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَها * وَصَارَ مَالي لهم حِلاً بِلا ثَمَنِ(634/2)
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيا وَزِينَتُها * وانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها * هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ
خُذِ القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها * لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً * يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي * فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً * عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختارِ سَيِّدِنا * مَا وَصَّا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَا وَمُصْبِحِنَا * بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْسانِ وَالمِنَنِ
***************************(634/3)
ما بين الهجرة والهجمة
سيد سليم سلمي *
sayed_saleem@hotmail.com
( مما قلته للأحباب في خطبة الجمعة ولا زلت أردده : نصر الله حبيبه ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ـ بعد ضيق في مكة وفي مكان ضَيِّقِ ( غار ثور) {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم } 40التوبة
) وها نحن نعيش في غار فسيح ، يحاصرنا الضيق رغم السعة ، ويعمنا العسر رغم اليسر ، ويلفنا الظلام ؛ بسبب بعدنا عن النورين) كتاب الله وسنة نبيه ) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ) مما أغرى شرار الناس بنا ، وسلط علينا أخس البشر وأسوأ الناس ، فبعد أن فعلوا ما فعلوه بأمتنا هاهم يختبرون إحساسنا عن طريق السخرية بأعظم الرسل وسيد الكائنات ـ صلى الله عليه وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى جميع عباد الله الصالحين ـ وإذا كانت آية الغار قد بينت حال ما حدث من نصر في الضيق داخل الغار ، فإن هذه الآية ـ آية اتخاذ أهل البغضاء بطانة قد بينت وتبين ما يحدث لحكامنا ولنا الآن ـ أتمنى من الجميع حفظها وتمعنها ـ وهي قوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودُّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } ( 118 ـ آل عمران (
والله أكبر والنصر قادم ، وإذا جاء رد الحكام ضعيفا ، فقد جاء رد الشعوب قوياً والحمد لله { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}(8-9 الصف ) صدق الله العظيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) .(635/1)
ما بين عامٍ قد مضى iiوينادي ... عام أتى مستنطقاً لفؤادي
ويهزني نحو المدينة iiذاكراً ... ما شاده المختار من iiأمجاد
يا يوم هجرة أحمد زنت iiالدنا ... وغدوت أصل العيد iiللأعياد
قد ودع المختار مكة iiقاصداً ... أرض السلام وموطن iiالرُوَّاد
في الغار نصر الله رافق iiعبده ... والوعد وعد الله خير iiعتاد
فانظر إلى جند العزيز iiتسابقت ... لتكون عوناً للحبيب iiالهادي
أوحي الإله أن ادفعوا كيد iiالعدا ... ولْتمنعوا الكفار نيل iiمراد
العنكبوت تجيد نسج خيوطها ... كحديد صلب في يد السراد
وحمائم باضت لتجعل iiبيضها ... للماكرين يفوق كل iiعناد
إنا رفيق الغار في كنف iiالذي ... أوحى فأغشى أعين iiالأرصاد
اثنان والله المهيمن iiثالث ... بمعيةٍ هي أعظم iiالأجناد
لما أتى المختار طيبة iiداعيا ... للسلم والتوحيد iiوالإسعاد
خرج الجميع مصدق iiومكذبٌ ... كغرام موعودٍ على ميعاد
هذا هو المختار يبني iiأمةً ... في طَيْبة تسعى إلى iiالأمجاد
يبني حضارتها على أسس iiالهدى ... لا فرق بين أكابرٍ وسواد
دين بنى صرح العدالة iiشامخاً ... لا فرق بين أحبة iiوأعادي
يا من بنيت على السماحة iiدولةً ... فيها من الأخلاق خير iiالزاد
ورحمت كل العالمين بمنهجٍ ... كم حرر الإنسان من iiأصفاد
وصنعت من دنيا الرجال iiأماجداً ... أنعم بهم من سادةٍ iiرواد
رهبان ليل في عبادة iiربهم ... ولدى الوغى في قوة iiالآساد
ما بالنا صرنا شتاتاً iiبعدما ... كان التوحد شيمة iiالأجداد
الغرب يسخر من طبيب iiقلوبنا ... ويبث ما ينبي عن iiالأحقاد
يا سيد الهادين عذراً iiإننا ... صرنا بأعينهم كذر iiرماد
لما تركنا نبعك الصافي iiإلى ... بئر العدو كأسوأ iiالوراد
يا أمة الإسلام هذا iiدينكم ... نبع الهدى والنور iiوالإرشاد
وصموه بالإرهاب حاشا iiإنما ... فيه الجهاد لرد كيد العادي
قد غلَّفوا باسم التحرر iiخبثهم ... أين التحرر صانعي الأصفاد ii؟
نقد اليهود جريمةٌ حتى iiوإن ... قد جاء بالتحقيق iiوالإسناد
يا قادة الإسلام طال سباتكم ... هبُّوا فليس الوقت وقت iiرقاد(635/2)
واستقبلوا كيد العدو iiبوحدةٍ ... مدعومةٍ بتآلفٍ iiووداد
إن العدو وإن بدا iiمتبسماً ... فالخبث والإجرام طي فؤاد
بدت العداوة في تفلِّت iiلفظهم ... وقلوبهم محشوة iiبسواد
والله كاشف ما تكن iiصدورهم ... في سقطةٍ أو ما تخط iiأيادي
إن رمتم إطفاء نور iiنبينا ... خبتم فرب العرش iiبالمرصاد
الله ناصره ومظهِر دينه ... ومؤيدٌ بالعون iiوالأجناد
ما ضر بدر التم في عليائه ... نبح الكلاب وهجمة iiالأوغاد
لن تطفئوا شمس الضحى لن تخسفوا ... بدر الدجى يا أسوأ iiالحساد
مولاي صل على النبي iiوآله ... مشفوعةً بسلام دون iiنفاد
*عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
عضو رابطة الأدب الحديث(635/3)
ما للجَديدَينِ لا يبْلَى اخْتِلافُهُما
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 6 / ص 429)
العصر العباسي >> أبو العتاهية >> ما للجَديدَينِ لا يبْلَى اخْتِلافُهُما،
ما للجَديدَينِ لا يبْلَى اخْتِلافُهُما،
رقم القصيدة : 12052
-----------------------------------
ما للجَديدَينِ لا يبْلَى اخْتِلافُهُما، وَكُلُّ غَضٍّ جَديدٍ فيهِما بَالِ
يا مَنْ سَلا عَن حَبيبٍ بَعدَ مِيتَتِهِ، كم بعدَ موتكَ أيضاً عنكَ من سالِ
كأنّ كُلّ نَعيمٍ أنْتَ ذائِقُهُ، مِنْ لَذّة ِ العَيشِ، يحكي لمعة َ الآلِ
لا تَلْعَبَنّ بكَ الدّنْيا، وَأنتَ تَرى ما شئتَ من غِيَرٍ فيهَا وأمثالِ
ما حلة ُ الموتِ إلا كُلُّ صالحة ٍ أو لا فما حيلة ٌ فيهِ لمحتالِ
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 6 / ص 438)
العصر العباسي >> أبو العتاهية >> يا نَفْسِ! ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ،
يا نَفْسِ! ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ،
رقم القصيدة : 12060
-----------------------------------
يا نَفْسِ! ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ،
يا نَفْسِ! ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ، كأنَّ لَذَّاتِهَا أضغاثُ أحلامِ
يا نَفسِ! ما ليَ لا أنْفَكّ مِنْ طمعٍ طرفِي غليهِ سريعٌ طامحٌ سامِ
يا نَفْسِ! كوني، عن الدّنيا، مُبعدة ً، وَخَلّفّيها، فإنّ الخَيرَ قُدّامي
يا نَفْسِ! ما الذُّخرُ إلاّ ما انتَفَعتِ به بالقَبرِ، يَوْمَ يكونُ الدّفنُ إكرامي
وَللزّمانِ وَعيدٌ في تَصَرّفِهِ، إن الزمانَ لذو نَقْضٍ وإبرامِ
أمّا المَشيبُ فقَد أدّى نَذارَتَهُ، وَقَدْ قَضَى ما عَلَيْهِ مُنذُ أيّامِ
إنّي لأستَكْثِرُ الدّنْيا، وأعْظِمُها جهلاً ولم أرَهَا أهلاً لإعظامِ
فَلَوْ عَلا بِكَ أقْوامٌ مَناكِبَهُمْ، حثُّوا بنعشكَ إسراعاً بأقدامِ
في يومِ آخرِ توديعٍ تودعهُ تهدي إلى حيث لا فادٍ ولا حامِ
ما الناسُ إلا كنفسٍ في تقاربهِمْ لولا تفاوتُ أرزاقٍ وأقسامِ
كَمْ لابنِ آدَمَ من لهوٍ، وَمن لَعبٍ، وللحوادِثِ من شدٍّ وإقدامِ(636/1)
كمْ قد نعتْ لهمُ الدنيَا الحلولَ بِهَا لوْ أنّهُمْ سَمِعوا مِنْها بأفْهامِ
وكمْ تحرمتِ الأيامُ من بشرٍ كانُوا ذوِي قوة ٍ فيهَا وأجسامِ
يا ساكِنَ الدّارِ تَبْنيها، وَتَعمُرُها، والدارُ دارُ منيَّاتٍ وأسْقامِ
لا تَلْعَبَنّ بكَ الدّنيا وَخُدْعَتُها، فكَمْ تَلاعَبَتِ الدّنْيا بأقْوامِ
يا رُبَّ مُقتصدٍ من غيرِ تجربة ٍ وَمُعْتَدٍ، بَعدَ تجريبٍ، وَإحكامِ
وربَّ مُكتسبٍ بالحكْمِ رامِيَهُ وربَّ مُستهدِفٍ بالبغيِ للرامِي(636/2)
مَاذَا تقول لأِفْراخٍ بذي مَرَخٍ
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 19 / ص 43)
العصر الإسلامي >> الحطيئة >> مَاذَا تقول لأِفْراخٍ بذي مَرَخٍ
مَاذَا تقول لأِفْراخٍ بذي مَرَخٍ
رقم القصيدة : 18471
-----------------------------------
مَاذَا تقول لأِفْراخٍ بذي مَرَخٍ حمرِ الحواصل لا ماءٌ ولا شجرُ
غَيَّبْتَ كَاسِبَهُمْ في قَعْرِ مُظْلِمَة ٍ فاغْفِرْ عَلَيْكَ سلامُ اللّه ياعُمَرُ
أنتَ الأمِينُ الذي مِنْ بَعْدِ صَاحِبهِ ألْقَتْ إليْكَ مَقَالِيدَ النُّهَى البَشَرُ
لم يؤثروك بها إذْ قدَّموك لها لَكِنْ لأنفُسِهِم كانت بها الإثَرُ(637/1)
مآسي
يقول الشاعر:
أطفال يافا يصرخون وما لهم عمرو ولا سعد ولا خطابُ
يا رب يا رحمن فانصر أمة قد أُغلقت من دونها أبوابُ
*****************
يقول الشاعر:
نساء فلسطين تكحلن بالأسى وفي بيت لحم قاصرات وقُصّر
وليمون يافا يبس في حقوله وهل شجر في قبضة الظلم يُثمر
رفيق صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهَى وتأمر
رفاقك في الأغوار شدُّوا سروجهم وجندك في حطين صلوا وكبّروا
تناديك من شوق مآذن مكة وتبكيك بدر يا حبيبي وخيبر
ويبكيك صفصاف الشّام ووردها ويبكيك زهر الغَوطتين وتدمر
تعال إلينا فالمروءات أَطرقت وموطن آبائي زجاج مكسّر
هُزمنا وما زلنا شتاتُ قبائل تعيش على الحقد الدفين وتزأر
يُحاصرنا كالموت بليون كافر ففي الشرق هولاكو وفي الغرب قيصر
*****************
وقال الدكتور عبدالرحمن العشماوي:
يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا أو مالنا سعد ولا مقداد ؟
نامت ليالي الغافلين و ليلنا أرق يذيب قلوبنا وسهاد
سلت سيوف المعتدين و عربدت وسيوفنا ضاقت بها الأغماد
هذا هو الأقصى يلوك جراحه والمسلمون جموعهم آحاد
دمع اليتامى فيه شاهد ذلة وسواد أعينهن فيه حداد
أواه يا أبتي على أمجادنا يختال فوق رفاتها الجلاد
أجدادنا كتبوا مآثر عزها فمحا مآثر عزها الأحفاد
يا ليل أمتنا الطويل متى نرى فجراً تغرد فوقه الأمجاد
ومتى نرى بوابة مفتوحة للحق تقصر عندها الآماد
أنا يا أبي طفل ولكن همتي فجر به يحلو لي استشهاد
لا تخش يا أبتي علي فربما قامت على عزم الصغير بلاد
ولربما مات القوي بسيفه وقضى على مال الغني كساد
*****************
يقول الشاعر عن الأندلس:
يا من ينوح فؤادي خلف موكبه ومن ترفرف روحي حول مغناه
ماذا تركت بقلبي بعدما نسجت كف الخريف له حرى بلاياه
هلا ذكرت زمانًا ظل يسعدنا نقضى حياة المنى فِي ظل دنياه
تسعى إلينا الأماني في ظلاله وتستخف بنا أحلام دنياه
ما زلت أذكره في كل آونة رغم الصدود وأنت اليوم تنساه
*****************
وقال آخر:(638/1)
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خال
*****************
وقال محمود غنيم:
إني تذكرت والذكرى مؤرقة مجداً تليداً بأيدينا أضعناه
ويح العروبة كان الكون مسرحها فأصبحت تتوارى في زواياه
أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرفتنا يد كنا نصرفها وبات يحكمنا شعب ملكناه
كنا أسوداً ملوك الأرض ترهبنا والآن أصبح فأر الدار نخشاه
يا من رأى عمر تكسوه بردته والزيت ادم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من بأسه وملوك الروم تخشاه
استرشد الغرب في الماضي فأرشده ونحن كان لنا ماض نسيناه
إنا مشينا وراء الغرب نقتبس من ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها عمن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها عل امرءاً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به فحين جاوز بغداد تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة منهن قامت خطيباً فاغراً فاه
الله يشهد ما قلبت سيرتهم يوماً وأخطأ دمع العين مجراه
*****************
وقال آخر:
فلسطين ضاعت يوم ضاعت عقيدة وبات فساد الحال أقبح مقتنى
أيجحد دين العرب سؤدداً وينقض ما شاد النبي وما بنى ؟؟
ليرضى علينا الغرب حينا ويحتفي بنا الشرق أحيانا ... ونفقد ذاتنا
و ما زادنا هذا التذبذب عزّة ولكن حصدنا دونه الشوك والعنا
*****************
وقال آخر:
ما هم بأمة أحمد لا والذي فطر السماءا
ما هم بأمة خير خلق الله بدعا و انتهاءا
ما هم بأمة سيدي حاشا.. فليسوا الاكفياءا
ما هم بأمة على الأفلاك قد ركزوا اللواءا
من حطّم الأصنام من أرسى العدالة والاخاءا
من قال أن الله ربُ ّ الناس خالقهم سواءا
لا فضل إلا للصلاح فلا انتساب و لا ادعاءا
*****************
وقال آخر:
أما فلسطين فسيل دمائها لم ينقطع وعيونها لم ترقد(638/2)
اللاجئون وهذه أكواخهم كالعار عن أنظارنا لم يبعد
في كل كوخ لوعة ومناحة من طفلة تبكي وشيخ مقعد
ويتيمة تلوي إليك بجيدها تشكو الهوان بحسرة وتنهّد
وكريمة لعب اليهود بطهرها وبها تمتع رائح أو معتد
*****************
وقال الدكتور : عبد الرحمن العشماوي يصف العيد مع الاحتلال :-
أقبلت يا عيد والأحزان أحزان وفي ضمير القوافي ثار بركان
أقبلت يا عيد والرمضاء تلفحني وقد شكت من غبار الدرب أجفان
أقبلت يا عيد هذي أرض حسرتنا تموج موجاً وأرض الإنس قيعان
أقبلت يا عيد والظلماء كاشفة عن رأسها وفؤاد البدر حيران
من أين والمسجد الأقصى محطمة آماله وفؤاده القدس ولهان
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي دروبنا جدر قامت وكثبان
*****************
وقال آخر:
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي مطرق خجلاً من أمسك المنصرم
أين دنياك التي أوحت إلى وترى كل يتيم النغم ؟
كم تخطيت على أصدائه ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني ساحب مئزري فوق جباه الأنجم
*****************
وقال آخر:
سأكتب شعري الباكي بدمع القلب لا الحبر
أسطّره على كبدي وأترك دفتر الشعر
جراح أحبتي في الأرض تبعث عاصف الفكر
فيا لله هل يبقى هنا صبر لذي صبر؟!
أحقاًّ أن سيف الحِقد تُشهره يد الكفر؟!
وأن دماء إخواني على طرقاتهم تجري؟!
أحقاًّ أن آلافاً تشرّدهم يد الفقر؟!
وأن الطفل لا يدري عن الأم ولا تدري؟!
أحقاًّ أن مسلمة بها كبراءة الزهر
تبيت عفيفة والليل يهتك سترة الطهر؟!
أحقاًّ قصة الإحراق والتجويع والكسر؟!
أحقاًّ قصة التمثيل في الوجه وفي الظهر؟!
أحقاًّ أن رأس المرء يُجعل لعبة تجري؟!
أحقاًّ أن عينيه تُقلع دونما أمر؟!
أحقاًّ ذلكم حقاًّ فما للقلب كالصخر؟!
لئن ماتوا فقد ماتت قلوب الناس في الصدر!!
*****************
وقال عمر أبو ريشة:
أمتي كم غصة دامية خنقت نجوى علاك في فمي
ألإسرائيل تعلو راية في حمى المهد وظل الحرم(638/3)
كيف أغضيت على الذل ولم ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
أو ما كنت إذا البغي اعتدى موجة من لهب أو دم
اسمعي نوح الحزانى واطربي وانظري دم اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها تتفانى في خسيس المغنم
*****************
وقال أيضاً
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتّم
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجدته لم يكن يحمل طهر الصنم
لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيد الدرهم
*****************
وقال آخر:-
غبْ يا هلالْ..
إني أخاف عليك من قهر الرجالْ
قِف من وراء الغيم
لا تنشر ضياءك فوق أعناق التلالْ
غِبْ يا هلالْ..
إني لأخشى أن يُصيبك
- حين تلمحنا- الخَبَالْ
أنا - يا هلالْ
أنا طفلةٌ عربيةٌ فارقت أسرتنا الكريمةْ
لي قصةٌ
دمويةُ الأحداث باكية أليمةْْ
أنا - يا هلالْ
أنا من ضحايا الاحتلالْ
أنا من وُلدت
وفي فمي ثَدْيُ الهزيمةْ
شاهدتُ يومًا عند منزِلِنا كتيبةْ
في يومِها
كان الظلامُ مكدسًا
من حول قريتنا الحبيبةْ
في يومِها
ساق الجنودُ أبي
وفي عينيه أنهارٌ حبيسةْ
وتجمعت تلك الذئابُ الغُبْرُ
في طلب الفريسَةْ
ورأيت جنديًا يحاصر جسم والدتي
بنظرته المريبةْ
ما زلت أسمع - يا هلالْ-
ما زلت أسمع صوت أمِّي
وهْي تسْتجدي العروبةْ
ما زلت أبصر نصل خنجرها الكريمْ
صانتْ به الشرفَ العظيم
مسكينةٌ أمِّي
فقد ماتتْ
وما عَلِمَتْ بموْتتها العروبةْ
إني لأعجب يا هلال
يترنَّح المذياعُ من طرب!!
وينتعش القدحْ!!
وتهيج موسيقى المرحْ!!
والمطربون يرددون على مسامعنا
ترانيم الفرحْ!!
وبرامج التلفاز تعرضُ لوحة للتهنئةْ
"عيدٌ سعيدٌ يا صغارْ"..!!
غِبْ يا هلالْ
لا تأتِ بالعيد السعيد
مع الأنينْ
أنا لا أريد العيد مقطوعَ الوتينْ
أتظنُ أن العيدَ في حلوى
وأثواب جديدةْ؟!
أتظنُ أنَّ العيد تهنئةٌ
تُسطَّر في جريدةْ؟
غِبْ يا هلالْ
واطلعْ علينا حين يبتسم الزمنْ(638/4)
وتموت نيران الفتنْ
اطلع علينا
حين يُورق بابتسامتنا المساءْ
ويذوب في طرقاتنا ثلج الشتاءْ
اطلعْ علينا بالشذا
بالعز بالنصر المبينْ
اطلعْ علينا بالتئام الشمل
بين المسلمينْ
هذا هو العيدُ السعيدْ
وسواهُ
ليس لنا بِعيدْ
غِبْ يا هلالْ
*****************
وقال آخر:
لك في البرية حكمة ومشيئة أعيت مذاهبها أولي الألباب
إن شئت أجريت الصحاري أنهراً أو شئت فالأمواج فيض سراب
ماذا دهى الإسلام في أبنائه حتى انطووا في محنة وعذاب
فغناهُمُ فقر ودولة مجدهم في الأرض نهب ثعالب وذئاب
*****************(638/5)
ماضٍ وأعرف ما دربي وما هدفي
---
ماضٍ ، وأعرف ما دربي وما هدفي
والموت يرقص لي في كل منعطف
وما أبالي به حتى أحاذره
فخشية الموت عندي أبرد الطرف
ولا أبالي بأشواكٍ ولا محنٍ
على طريقي وبي عزمي ، ولي شغفي
أنا الحسام ، بريق الشمس في طرفٍ مني
وشفرة سيف الهند في طرف
ورب سيل لحون سال من كلمي
ورب سيل جحيم سال من صحفي
أهفو إلى جنة الفردوس محترقاً
بنار شوقي إلى الأوفياء والغرف
---
يا دهر ! ماذا من الأيام أطمع
في سعودهن ؟ وما فيهن يطمع في ؟
مضى الذين شغاف القلب يعشقهم
من الأحبة ، من حولي ، فوا لهفي !
وصرت حقل هشيم غربة وأسىً
يجتاحني شرر التحنان والأسف
وا حر شوقي إليهم كلما هجست نفسي
ونفسي بهم مجنونة الكلف
إني سئمت هوى الدنيا وزهرتها
ومل قلبي ذرا روضاتها الأنف
وقد بلوت لياليها وأنهرها
فتىً وحزت لآليها من الصدف
فلم أجد غير درب الله درب هدىً
وغير ينبوعها نبعاً لمغترفِ
فطرت أسعى إليه أبتغي تلفي به
ورب خلودٍ كان في تلفِ
والناس تصرخ أجحم ، والوغى نشبتْ
والله يهتف بي : أقدم ولا تخفِ
ماضٍ ، فلو كنتُ وحدي والدنا صرختْ بي
قِفْ ، لسرتُ فلم أبطئ ولم أقِفِ(639/1)
مالك بن الريب يرثي نفسه
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ****** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه ****** وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى ****** مزار ولكن الغضى ليس دانيا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى ****** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
وأصبحت في أرض الأعاديّ بعدما ****** أرانيَ عن أرض الأعاديّ قاصيا
دعاني الهوى من أهل أُودَ وصحبتي ****** بذي الطبسين فالتفتُّ ورائيا
أجيت الهوى لما دعني بزفرة ****** تقنعت منها أن أُلامَ ردائيا
أقول وقد حالت قرى الكرد دوننا ****** جزى الله عمرواً خير ما كان جازيا
إن الله يرجعني من الغزو لا أُرى ****** وإن قل مالي طالباً ما ورائيا
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي ****** سفارك هذا تاركي لا أبا ليا
لعمري لئن غالت خراسان هامتي ****** لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فإن أنج من بابي خراسان لا أعد ****** إليها وإن منيتموني الأمانيا
فلله دري يو أترك طائعاً ****** بني بأعلى الرقمتين وماليا
ودرُّ الظباء السانحات عشيةً ****** يخبرن أني هالك من ورائيا
ودرُّ كبيري اللذين كلاهما ****** عليّ شفيق ناصح لو نهانيا
ودرّ الرجال الشاهدين تفتكي ****** بأمريَ ألا يَقصُروا من وثاقيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابه ****** ودرّ لجاجاتي ودرّ انتهائيا
تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد ****** سوى السيف والرمح الردينيّ باكيا
وأشقرَ محبوكٍ يجُرُّ لجامه ****** إلى الماء لم يترك له الموتُ ساقيا
ولكن بأكناف السُمينةِ نسوة ****** عزيز عليهن العشية ما بيا
صريعٌ على أيدي الرجال بقفرةٍ ****** يسوّون لحدي حيث حُمَّ قضائيا
ولما تراءت عند مروَ منيتي ****** وخَلَّ بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي ارفعوني فإنه ****** يَقَرُّ بعيني أن سهيلٌ بدا ليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا ****** برابية إني مقيم لياليا(640/1)
أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة ****** ولا تعجلاني قد تبين شانيا
وقوما إذا ما استل روحي فهيئا ****** لي السدر والأكفان عند فنائيا
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي ****** ورُدّا على عيني فضل ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما ****** من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجراني ببردي إليكما ****** فقد كنت قبل اليوم صعباً قياديا
وقد كنت عطّافاً إذا الخيل أدبرت ****** سريعاً إلى الهيجا إلى من دعانيا
وقد كنت صبّاراً على القرن في الوغى ****** وعن شتميَ ابنَ العمّ والجار وانيا
فَطَوراً تراني في ظلال ونعمة ****** ويوماً تراني والعتاقُ ركابيا
ويوماً تراني في رحىً مستديرة ****** تُخرّقُ أطرافُ الرماح ثيابيا
وقوما على بئر السُمينة أسمعا ****** بها الغُرَّ والبيض الحسان الروانيا
بأنكما خلفتماني بقفرة ****** تَهيلُ عليّ الريحُ فيها السوافيا
ولا تنسيا عهدِي خليليّ بعدما ****** تقطًع أوصالي وتبلى عظاميا
ولن يَعدم الوالون بَثّاً يصيبهم ****** ولن يعدم الميراث مني المَواليا
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني ****** وأين مكان البعد إلا مكانيا
غداةَ غدٍ يالهف نفسي على غدٍ ****** إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا
وأصبح مالي من طريف وتالد ****** لغيري وكان المال بالأمس ماليا
فياليت شعري هل تغيرت الرحى ****** رحى المثل أو أمست بفَلْجٍ كما هي
إذا الحي حلّوها جميعاً وأنزلوا ****** بها بَقراً حُمَّ العيونِ سواجيا
وعيناً وقد كاد الظلام يُجنها ****** يَسُفْنَ الخزامى مرةً والأقاحيا
وهل أترك العيس الغوالي بالضحى ****** بركبانها تعلو المتان القيافيا
إذا عُصَبُ الكبان بين عنيرةٍ ****** وبولانَ عاجوا المنقيات النواجيا
فياليت شعري هل بكت أم مالك ****** كما كنتُ لو عالوا نَعِيَّكِ باكيا
إذا مِتُّ فاعتادي القبور فسلمي ****** على الرَمس أُسقيتِ السحاب الغواديا
على جدثٍ قد حرت الريح فوقه ****** تراباً كسَحْقِ المَرنُبانيِّ هابِيا(640/2)
رهينةَ أحجارٍ وتُربٍ تضمنت ****** قرارتُها مني العظامَ البواليا
فيا صاحبي إما عرضت فبلغن ****** بني مازن والريب أن لا تلاقيا
وعطّل قَلوصي في الركاب فإنها ****** ستفلقُ أكباداً وتُبكي بواكيا
وأبصرتُ نار المازنيات مَوهناً ****** بعلياءَ يُثنى دونها الطرف وانيا
بعُدي ألنجوجٍ أضاء وقودُها ****** مهاً في ظلال السدر حُوراً جوازيا
بعيدٌ غريبُ الدار ثاوٍ بقفرةٍ ****** يدَ الدهر معروفاً بأن لا تدانيا
أُقلّب طرفي حول رحلي فلا أرى ****** به من عيون المؤنسات مُراعيا
وبالرمل منا نسوة لو شهدنني ****** بكين وفدّين الطبيب المداويا
وما كان عهد الرمل عندي وأهلِه ****** ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قاليا
فمنهن أُمي وابنتاها وخالتي ****** وباكيةٌ أخرى تَهيجُ البواكيا
===========
أمالي المرزوقي - (ج 1 / ص 48)
وقال مالك بن الريب يذكر غربته ومرضه ويرثي نفسه:
ألا ليتَ شعري هل أبيتنَّ ليلةً ... بجنبِ الغضى أزجي القلاصَ النَّواجيا
فليتَ الغضى لم يقطعِ الرَّكبُ عرضهُ ... وليتَ الغضى ماشى الرِّكابَ لياليا
أقولُ لزيدٍ وهو مثلي به جوى ... أرى الرأيَ منَّا أن نزورَ المعاويا
وكيفَ زيارٌ للمعاويّ بعدما ... وجدنا طبيبا دون ذاك مداويا
فباتَ يعلّلني بمن يسكنُ الغضى ... وإن لم يكنْ يا زيدُ إلاّ الأمانيا
أراني من حبِّ الغضى لاحقاً بهِ ... فيمسكهُ أهلي وراعيه ماليا
لقد كانَ في أهل الغضى لو دنا الغضى ... مزارٌ ولكنَّ الغضى ليسَ دانيا
خليليَّ من عليا ربيعةَ مازنٍ ... بسمنانَ هل يغنيكما ما غنانيا
حسبتُ الغضى يشفي الهيامَ فلم أجدْ ... شميمَ الغضى يشفي الهيام هياميا
وكنتُ حسبتُ الحنَّ قد مات فانقضى ... فقضَّيتُ عن حنِّ النّساءِ لياليا
فلمَّا هبطنا أرضَ عمرٍو من الغضى ... دماثِ الروابي والحقوقِ المخابيا
إذاً في الغضى يا سقيَ من يسكنُ الغضى . شبيهةُ سوداءَ التي لستُ ناسيا(640/3)
ألمْ ترني بعتُ الضَّلالةَ بالهدى ... وأصبحتُ في جيشِ ابنِ عفَّانَ غازيا
وأصبحتُ في أرضِ الأعاجمِ بعدما ... أرانيَ عن أرضِ الأعاجم قاصيا
دعاني الهوى من أهلِ أوْدَ وصحبتي ... بذي الطِّبسينِ فالتفتُّ ورائيا
أجبتُ الهوى لما دعاني بعبرةٍ ... تقنَّعتُ منها أن ألامَ ردائيا
أقولُ وقد حالتْ قرى الكردِ دوننا ... جزى الله عمراً خيرَ ما كانَ جازيا
إنِ اللهُ يرجعني من الغزو لا أرى ... وإن قلَّ مالي طالباً ما ورائيا
لعمري لئنْ غالتْ خراسان هامتي ... لقد كنتُ عن بابيْ خراسانَ نائيا
فلله درِّي يومَ أتركُ طائعا ... بنيَّ بأعلى الرَّقمتينِ وماليا
ودرُّ الظِّباءِ السَّانحاتِ عشيَّةً ... يخبِّرنَ أنّي هالكٌ من أماميا
ودرُّ كبيريَّ اللَّذيْن كلاهما ... عليَّ شفيقٌ ناصحٌ لو نهانيا
ودرُّ الرِّجالِ الشَّاهدينَ تفتُّكي ... بأمريَ ألاَّ يقصروا من وثاقيا
ودرُّ الهوى من حيثُ يدعو صحابهُ ... ودرٌّ لحاجاتي ودرُّ انتهائيا
تذكرتُ من يبكي عليَّ فلم أجدْ ... سوى السيفِ والرُّمحِ الرُّدينيِّ باكيا
وأشقرَ محذوفٍ يجرُّ عنانهُ ... إلى الماءِ لم يتركْ لهُ الدَّهرَ ساقيا
يقوِّدهُ قومٌ وقد ماتَ ربُّهُ ... يباعُ بوكسٍ بعدَ ما كان غاليا
ولكن بأكنافِ السُّمينةِ نسوةٌ ... عزيزٌ عليهنَّ العشيَّةَ ما بيا
عجوزي وبنتايَ اللَّتانِ هما ليا ... وبنتٌ لأيوبٍ تبكِّي البواكيا
صريعٌ على أيدي الرِّجالِ بقفرةٍ ... يسوُّونَ خدِّي حيثُ حمَّ قضائيا
ولمَّا تراءتْ عندَ مروَ منيَّتي ... وخلَّ بها جسمي وحانتْ وفاتيا
أقولُ لأصحابي ارقبوني فإنَّني ... يقرُّ بعيني أنْ سهيلٌ بدا ليا
فيا صاحبيْ رحلي دنا الموتُ وانزلا ... برابيةٍ إنِّي مقيمٌ لياليا
أقيما عليَّ اليومَ أو بعضَ ليلةٍ ... ولا تُعجلاني قد تبيَّنَ شانيا
وقوما إذا ما استلَّ روحي وهيِّئا ... ليَ السِّدرَ والأكفانَ عند فنائيا(640/4)
وخُطَّا بأطرافِ الرّماحِ مضجعي ... وردَّا على عينيَّ فضلَ ردائيا
ولا تحسداني باركَ اللهُ فيكُما ... من الأرضِ ذاتِ العرضِ أنْ توسعا ليا
خُذاني فجرَّاني ببُردي إليكما ... فقد كنتُ قبلَ اليومِ صعباً قياديا
وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخيلُ أدبرتْ ... سريعاً لدى الهيجا إلى ما دعانيا
وقد كنتُ محموداً لذي الزَّادِ والقرى ... ثقيلاً على الأعداءِ عضبٌ لسانيا
وقد كنتُ صبَّاراً على القرنِ في الوغى ... وعن شتمي ابنَ الغمِّ والجارِ وانيا
فطوْراً تراني في ظلالٍ ونعمةٍ ... ويوماً تراني والعتاقُ ركابيا
ويوماً تراني في رحاً مستديرةٍ ... تخرِّقُ أطرافَ الرِّماحِ ثيابيا
وقوماً على بئرِ السُّمينةِ أسمِعا ... بها الغرَّ والبيضَ الحسانَ الرَّوانيا
بأنَّكما خلَّفتماني بقفرةٍ ... تهيلُ عليَّ الرِّيحُ فيها السَّواقيا
ولا تنسيا عهدي خليليَّ بعدما ... تقطَّعُ أوصالي وتبلى عظاميا
ولنْ يعدمَ الوالونَ بثَّاً يصيبهمْ ... ولنْ يعدمَ الميراثَ منِّي المواليا
يقولونَ لا تبعدْ وهم يدفنونني ... وأينَ مكانُ البعدِ إلاّ مكانيا
غداةَ غدٍ يا لهفَ نفسي على غدٍ ... إذا أدلجوا عنِّي وأصبحتُ ثاويا
وأصبحَ مالي من طريفٍ وتالدٍ ... لغيري وكانَ المالُ بالأمسِ ماليا
أرجِّي شباباً مُطرهمَّاً وصحةً ... وكيفَ رجاءُ الشَّيخِ ما ليسَ لاقيا
خزانة الأدب - (ج 1 / ص 227)
وأما قصيدة مالك بن الريب فهي ثمانية وخمسون بيتاً، وهي هذه:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً ... بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه ... وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى ... مزارٌ ولكن الغضى ليس دانيا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى ... وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
وأصبحت في أرض الأعادي بعيد ما ... أراني عن أرض الأعادي قاصيا
دعاني الهوى من أهل أودٍ وصحبتي ... بذي الطبسين فالتفت ورائيا(640/5)
أجبت الهوى لما دعاني بزفرةٍ ... تقنعت منها، أن ألام، ردائيا
أقول وقد حالت قرى الكرد دوننا: ... جزى الله عمراً خير ما كان جازيا
إن الله يرجعني من الغزو لا أرى ... وإن قل مالي طالباً ما ورائيا
تقول ابنتي، لما رأت طول رحلتي ... سفارك هذا تاركي لا أبا لي
لعمري، لئن غالت خراسان هامتي ... لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فإن أنج من بابي خراسان لا أعد ... إليها، وإن منيتموني الأمانيا
فلله دري، يوم أترك طائعاً ... بني بأعلى الرقمتين، وماليا
ودر الظباء السانحات عشيةً ... يخبرن، أني هالكٌ، من ورائيا
ودر كبيري اللذين كلاهما ... علي شفيقٌ ناصحٌ لو نهانيا
ودر الرجال الشاهدين تفتكي ... بأمري ألا يقصروا من وثاقيا
ودر الهوى من حيث يدعو صحابه ... ودر لجاجاتي ودر انتهائيا
تذكرت من يبكي علي فلم أجد ... سوى السيف والرمح الرديني باكيا
وأشقر محبوكٍ يجر لجامه ... إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
ولكن بأكناف السمينة نسوةٌ ... عزيزٌ عليهن العشية ما بيا
صريعٌ على أيدي الرجال بقفرة ... يسوون لحدي حيث حم قضائيا
ولما تراءت عند مرو منيتي ... وخل بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي: ارفعوني فإنه ... يقر بعيني أن سهيلٌ بدا ليا
فيا صاحبي رحلي، دنا الموت فانزلا ... برابيةٍ، إني مقيمٌ لياليا
أقيما علي اليوم أو بعض ليلةٍ ... ولا تعجلاني، قد تبين شانيا
وقوما، إذا ما استل روحي، فهيئا ... لي السدر والأكفان عند فنائيا
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي ... وردا على عيني فضل ردائيا
ولا تحسداني، بارك الله فيكما، ... من الأرض ذات العرض أن توسعاليا
خذاني فجراني ببردي إليكما ... فقد كان قبل اليوم صعباً قياديا
وقد كنت عطافاً إذا الخيل أدبرت ... سريعاً إلى الهيجا إلى من دعانيا
وقد كنت صباراً على القرن في الوغى ... وعن شتمي ابن العم والجار وانيا
فطوراً تراني في ظلالٍ ونعمةٍ ... ويوماً تراني والعتاق ركابيا(640/6)
ويوماً تراني في رحى مستديرة ... تخرق أطراف الرماح ثيابيا
وقوماً على بئر السمينة أسمعا ... بها الغر والبيض الحسان الروانيا
بأنكما خلفتماني بقفرةٍ ... تهيل علي الريح فيها السوافيا
ولا تنسيا عهدي خليلي بعدما ... تقطع أوصالي وتبلى عظاميا
ولن يعدم الوالون بثاً يصيبهم ... ولن يعدم الميراث مني المواليا
يقولون: لا تبعد، وهم يدفنونني، ... وأين مكان البعد إلا مكانيا!
غداة غدٍ يا لهف نفسي على غدٍ ... إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا
وأصبح مالي من طريفٍ وتالد ... لغيري، وكان المال بالأمس ماليا
فيا ليت شعري هل تغيرت الرحى ... رحى المثل أو أمست بفلج كما هيا
إذا الحي حلوها جميعاً، وأنزلوا ... بها بقراً حم العيون سواجيا
وعين وقد كان الظلام يجنها ... يسفن الخزامى مرة والأقاحيا
وهل أترك العيس العبالي بالضحى ... بركبانها تعلو المتان الديافيا
إذا عصب الركبان بين عنيزة ... وبولان عاجوا المبقيات النواجيا
فيا ليت شعري، هل بكت أم مالكٍ ... كما كنت لو عالوا بنعيك باكيا!
إذا مت فاعتادي القبور فسلمي ... على الرمس أسقيت السحاب الغواديا
على جدث قد جرت الريح فوقه ... تراباً كسحق المرنباني هابيا
رهينة أحجارٍ وترب تضمنت ... قراراتها مني العظام البواليا
فيا صاحبي، إما عرضت فبلغن ... بني مازنٍ والريب أن لا تلاقيا
وعطل قلوصي في الركاب فإنها ... ستفلق أكباداً وتبكي بواكيا
وأبصرت نار المازنيات موهناً ... بعلياء يثنى دونها الطرف وانيا
بعودي النجوج أضاء وقودها ... مهاً في ظلال السدر حوراً جوازيا
بعيدٌ غريب الدار ثاوٍ بقفرةٍ ... يد الدهر، معروفاً بأن لا تدانيا
أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى ... به من عيون المؤنسات مراعيا
وبالرمل منا نسوةٌ لو شهدنني ... بكين وفدين الطبيب المداويا
وما كان عهد الرمل عندي وأهله ... ذميماً ولا ودعت بالرمل قاليا
فمنهن أمي وابنتاها وخالتي ... وباكيةٌ أخرى تهيج البواكيا(640/7)
وهذا تفسير ما فيها على الإجمال: " الغضى " : شجر ينبت في الرمل، ولا يكون غضى إلا في رمل. و " أزجي " : أسوق، يقال أزجاه إزجاء، وزجاه تزجية. و " النواجي " : السراع. وقوله: " فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه " : أي: ليته طال عليهم الاسترواح إليه والشوق. و " الركاب " : الإبل، جمع راحلة من غير لفظه. وقوله: " وليت الغضى ماشى الركاب " أي " ليت الغضى طاولهم. وقوله: " لقد كان في أهل الغضى " يعني بعت ما كنت فيه من الفتك في الضلالة، بأن صرت في جيش سعيد بن عثمان بن عفان. وقوله: " دعاني الهوى " ، " أود " بضم الهمزة قال البكري: موضع ببلاد مازن.. وأنشد هذا البيت؛ وقال: الطبسان: كورتان بخراسان. يقول: دعاني هواي وتشوقي من ذلك الموضع، وأصحابي بالموضع الآخر.
وقوله: " أجبت الهوى " يقول: لما ذكرت ذلك الموضع استعبرت فاستحييت فتقنعت بردائي، لكي لا يرى ذلك مني .. قال الشاعر:
فكائن ترى في القوم من متقنع ... على عبرة كادت بها العين تسفح
وقوله: " لا أبا ليا " ، قال القالي: روى " أباً " بالتنوين وبغير تنوين. وقوله: " لئن غالت خراسان هامتي " ، يريد. أهلكت هامتي. وقوله: " فلله دري " ، تعجب من نفسه كيف تغرب عن ولده وماله. قال ابن أحمر:
بان الشباب وأفنى ضعفه العمر ... لله دري، فأي العيش أنتظر!
تعجب من نفسه، أي عيش ينتظر. ويريد بالسانحات: الظباء سنحت له فتطير منها. ووراء بمعنى قدام. قوله: " تفتكي " ، يروى تفنكي بالنون؛ يقال: فنك في الشيء: إذا تمادى فيه، قال الشاعر:
ودع لميس وداع الصارم اللاحي ... إذ فنكت في فسادٍ بعد إصلاح
وقوله: " تذكرت من يبكي علي " ، يقول: كنت أستعمل السيف والرمح فهما لي خليلان، وأنا هنا غريب فليس أحد يبكي علي غيرهما.
و " المحبوك " : الفرس القوي. وقوله: " ولكن بأكناف السمينة " ، بلفظ مصغر السمنة؛ وهو موضع قريب من أود المذكور. و " مرو " : مدينة بخراسان.(640/8)
وقوله: " وخل بها جسمي " : أي: اختل واضطرب. وقوله: " يقر بعيني أن سهيل بدا ليا " ، يريد أن سهيلاً لا يرى بناحية خراسان، فيقول: ارفعوني لعلي أراه فتقر عيني؛ لأنه يرى في بلده.
=============
اهذه القصيدة من عيون اشعر العربي في الرثاء
قالها مالك ابن الريب وهو في خراسان يحتضر
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * * * * * بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه * * * * * وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى (لو دنا الغضا) * * * * * مرار ولكن الغضى ليس دانيا
ألم تراني بعت الضلالة بالهدى * * * * ******* وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
لعمري لئن غالت خراسان هامتي * * * * * لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فلله درّي يوم أترك طائعاً * * * * * بنيّ بأعلى الرقمتين وماليا
ودرّ الظباء السانحات عشية * * * * * يخبِّرن أني هالك من ورائيا
ودرّ كبيريّ اللذين كلاهما * * * * * عليّ شفيق ناصح لو نهانيا
تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد * * * * * سوى السيف والرمح الردينيّ باكيا
وأشقر خنذيذ يجرَّ عنانه * * * * * إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيا
ولما تراءت عند مرو منيّتي * * * * * وخلَّ بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي: ارفعوني فإنني * * * * * يقرّ لعيني أن سُهيلٌ بدا ليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموتُ فانزلا * * * * * برابية ؛ إني مقيم لياليا
أقيما علي اليوم أو بعض ليلة * * * * * ولا تعجلاني؛ وقد تبيّن ما بيا
وقوما إذا ما استُلّ روحي وهيئا * * * * * لي السَّدر والاكفان ثم ابكيا ليا
وخطّا بأطراف الأسنّة مَضْجَعي * * * * * ورُدّا على عيني فضْلَ ردائيا
ولا تحسداني – بارك الله فيكما - * * * * * من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجراني ببُردي إليكما * * * * * فقد كنت قبل اليوم صعباً قياديا
وقد كنت عطّافاً إذا الخيل أدبرت * * * * * سريعاً إلى الهَيْجا إلى من دعانيا(640/9)
وقد كنت محموداً لدى الزاد والقرى * * * * * وعن شتمي ابن العم والجار وانيا
وقد كنت صبّاراً على القرن في الوغى * * * * * ثقيلاً على الأعداء عَضْباً لسانيا
غذاة غد يالَهْف نفسي على غد * * * * * إذا أدلجوا عني وخُلّفت ثاويا
وأصبح مالي من طريف وتالد * * * * * لغيري وكان المال بالأمس ماليا
وقوما على بئر الشُّبَيك فأسمعا * * * * * بها الوحش والبيض الحسان الروانيا
بأنكما خَلّفتُماني بِقَفْرَةٍ * * * * * تهيل عليّ الريحُ فيها السوافيا
ولا تنسيا عهدي خليليّ إنني * * * * * تَقَطّعُ أوصالي وتبلى عظاميا
فلن يعدم الوالون بيتاً يُجنُّني * * * * * ولن يعدم الميراث مني المواليا
ويا ليت شعري هل تغيرت الرحى * * * * * رحى المثل أو أضحت بفلج كما هيا
إذا مت فاعتادي القبور فسلمي * * * * * على الرّيم أسقيتِ الغمام الغواديا
قلِّب طرْفي فوق رحلي فلا أرى * * * * * به من عيون المؤنسات مراعيا
وبالرمل منا نسوة شَهِدنني * * * * * بكَين فَدينَ ا لطبيب المداويا
فمنهن أمي وابنتاها وخالتي * * * * * وباكية أخرى تهيج البواكيا
وما كان عهد الرّمل مني وأهله * * * * * ذميما ولا بالرمل ودّعتُ قاليا(640/10)
مالي أراكَ كسيرَ الطّرفِ يا قمرُ؟
مالي أراكَ كسيرَ الطّرفِ يا قمرُ؟ وأدمعُ العينِ تهمي منكَ تنهمِرُ؟
ما لي أرى السحُبَ السوداءَ تجعلها كمن يريدُ بها سِتراً فتستَتِرُ؟
ما لي أراكَ حزينَ القلبِ منكسراً تكادُ من هولِ ما تشكوهُ تنشطِرُ؟
ما للطيورِ تجوبُ الأفْقَ غاضبةً؟ وكيف باتَ بلا أوراقِهِ الشجرُ؟
ما للجبالِ كأنّ اللهَ زلزلها ترى الصخورَ بها تهوي وتنحدِرُ؟
وما لشمسِ الضحى تاهتْ أشعّتُها فليس يسعدُ في أنوارِها الزّهَرُ؟
فصَدّ عني كأني لا أحادِثُهُ وظلّ من هول ما يُخفيهِ يعتصِرُ
وقال لي – وحروفُ الحزنِ باكيةٌ الوهنُ بادٍ بها والضعْفُ والخوَرُ
تملّكَ الضيمُ قلبي لا يفارقُهُ إني أكادُ من الأحزانِ أنتحِرُ
وفَلَّ صبْريَ أمرٌ لا عزاءَ لهُ فلا أكادُ لهولِ الأمرِ أصطبِرُ
الهمّ طوّحَ بي والغمّ أرّقَني فقلتُ:ماذا جرى؟ ما الخطبُ؟ ما الخَبَرُ؟
دهى العقيدةَ أمرٌ لو تدبّرَهُ قلبُ التّقيِّ لكادَ القلبُ ينفطِرُ
فقلتُ:حسبي إلهي ما الذي نطَقَتْ بهِ شِفاهُك؟ أفصِحْ أيها القمَرُ
فقالَ:عِرضُ الرسولِ البَرِّ دنّسَهُ علوجُ كفرٍ هُمُ الأرزاءُ والقَذَرُ
هُمُ العلوجُ فلا عِزٌّ ولا كرمٌ وكيفَ يكرُمُ من أسيادُهُمْ بَقَرُ؟
ترى الكِلابَ إذا شبّهْتَها بِهِمُ تثورُ تصرُخُ لا نرضى فذا جَوَرُ
"قومٌ لِئامٌ أقلَّ اللهُ عِدّتَهمْ كما تناثَرَ حولَ الفقحَةِ البَعَرُ"(1)
لَوَ انّهُمْ ذُكروا عندَ الحميرِ ترى الـ حميرَ تخجَلُ منهم ثمّ تستَتِرُ
سَبُّوا الرسولَ فيا قومي أليسَ بكمْ من يُلقِمُ الكفرَ أحجاراً ويبتَدِرُ؟
سَبُّوا الذي لو تناسَتْهُ القلوبُ قَسَتْ وحينَ تذكُرُهُ تزهو وتزدَهِرُ
لم يبقَ غيرُ علوجِ الكفرِ تنهش من عِرضِ الرسولِ بِهِ تهزا وتحتَقِرُ؟!!
لا باركَ الله في أعراضِنا أبداً إذا قُضِي بحبيبي دونَهَا الوَطَرُ
إنّ الرسولَ لنورٌ فازَ قابِسُهُ إنّا بشِرْعَتِهِ نسمو ونفتَخِرُ(641/1)
إنّ الرسولَ سماءٌ لو لها جمعوا كلَّ الغبارِ لما ضَرُّوا وما كَدِروا
صلّى عليكَ إلهُ الكونِ خالِقُنا فداكَ روحي فداكَ السمعُ والبَصَرُ
فداكَ عِرضي وعِرضُ الناسِ كُلِّهِمُ فداكَ أهلي فداكَ الخلقُ والبَشَرُ
أسامة العتيك ( بريدة )
الأحد
22/12/1426 هـ
(1) وجدتُ بيتَ حسانَ بنِ ثابتٍ -رضي الله عنه - هذا مناسباً لهذا الموضع - أجلّكمُ الله !(641/2)
متنا قرونا والمحاق الأعمي يليه محاق
أي شيئ في عالم الغاب نحن أدميون أم نعاج تساق
قد هوينا لما هوت وأعدوا وأعدوا من الرضا ترياق
واقتلعنا الإيمان فاسودت الدنياعلينا واسودت الاعماق
واذا الجذر مات في باطن الأرض تموت معه الأغصان والأوراق
كما اجتثونا iiوديننا ومتنا إختناقا
يتطاول الأقزام على نبينا وينال السفهاء من سيد الأنبياء
كلف الذئاب برعي الأغنام
في زمن الردة والبهتان
ارسم ما شئت ولا تخجل فالكفر مباح يا فنان
في زمن الردة والبهتان
ارسم ما شئت ولا تخجل فالكفر مباح يا فنان
فزمان الردة نعرفه زمن المعصية بلا نكران
إن ضل القلب فلا تعجب أن يسكن فيه iiالشيطان
لن يشرق ضوء من قلب لا يعرف طعم الإيمان
فارسم ما شئت ولا تخجل فالكل مهان
واكتب ما شئت ولا تخجل فالكل جبان
فالكل جبان
الكل جبان
الكل جبان
لا تخش خيول أبي بكر قد أجهضها جبن الفرسان
وبلال الصامد فوق المسجد أسكته سيف السجان
أتراه يؤذن بين الناس بلا استئذان
أتراه يرتل بسم الله ولا يخشى بطش الكهان
فارسم ما شئت ولا تخجل فالكفر مباح يا فنان
واكتب ما شئت ولاتخجل فالكل iiمهان
والكل جبان
اسئلك بربك يافنان
هل تجرؤ يوما أن تكسر أحد الصلبان
أن تسخر يوما من عيسى أو تقذف مريم بالبهتان
خبرني يوما يا فنان حين تفيق من الهذيان
هل هذا حق الإنسان
أن تشعل حقدك في الإسلام
أن تشعل نارا في القرآن
أن تسخر بحبيب الرحمن
خبرني يوما يا فنان حين تفيق من الهذيان
هل هذا حق الإنسان
أن تغرس شوكا في الإسلام
أم تقذف بنبي الإسلام
ارسم ما شئت ولا تخجل فالكفر مباح يافنان
واكتب ما شئت ولا تخجل فالكل iiمهان
لكن دع باب المسجد يا زنديق وقم واسكر بين الأوثان
سيجيئك صوت أبي بكر ويصيح بخالد
قم واقطع رأس الشيطان
فمحمد باق ما بقيت دنيا الرحمن
وسيعلو قول الله في كل زمان ومكان
فسيعلو قول الله في كل زمان ومكان
ارسم ما شئت ولا تخجل فالكفر مباح يا فنان(642/1)
واكتب ما شئت ولا تخجل فالكل مهان
والكل iiجبان
فسيعلو قول الله في كل زمان ومكان
==============
لقد كتبت هذة القصيدة لله عز وجل ولله الأجر
وأرجو أن تدعو لي جميعا لعل الله يستجيب أحدكم وأوفق في إمتحاناتي
واتمنى ان تبعثوا بهذة القصيدة إلى كل من تعرفوهم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
_________________
عندما تشعر بانك محبوس ومقيد داخل نفسك تذكر رضا الله عز وجل وحاول أن ترض على الله فسيرضى عليك
دكتور مرحوم(642/2)
مجدد عام 2000
حسن بن فرحان المالكي
لم التباكي على التوحيد يا حسنُ ... ... وفي ديارك جهراً يعبد الوثن
يا أيها المدّعي علماً وفلسفة ... ... والناس – غيرك – أجرام لها رطنُ
نجداً تعلمها توحيد خالقها!! ... ... كأن نجداً – ترى – صنعاء أو عدنُ
يا نجدُ عذراً لأقزامٍ يلمعها ... ... على صحافتنا إعلامنا العفنُ
يا أيها المنقذ الجبار عشت لنا ... ... روحاً وقبلك كان القبر والكفنُ!!
مؤرخٌ ؟ أم فقيهٌ ؟ أم محدثنا ؟ ... ... أم فيلسوف ؟ تعالى الله يا حسنُ
إذا يشاء جميع الخلق يجمعه ... ... في شخص مثلك فالأضداد تقترنُ
أبا المواهب لا تأخذ على نفرٍ ... ... لم ينصفوك ولم يضررك إن حبنوا
فأنت من دوّخ الدنيا بمنطقه ... ... قل يسمعوك ، إذ الدنيا لكم أذن
ما أنت إلا مثال من أخي سبأٍ ... ... وإن تعددت الأسماء واللكن
تبدي – تقاة – أموراً لست تضمرها ... ... مهما تطيبت يفضح جلدك النتنُ
زخرفت إفكاً بثوب الحق تظهره ... ... سماً زعافاً ويخفي طعمه اللبنُ
بدأت أمرك بالتشكيك في كتبٍ ... ... على عقائدنا في الدين تؤتمنُ
زعمت صحب رسول الله أهل هوى ... ... ومنهمُ كانت الأهواء والفتنُ
وكل ما ذبّ عن أصحاب سيدنا ... ... شوهته بمقالات لمن ضغنوا
حتى الإمام تقي الدين تشتمه ... ... هذا مقالك فيه ظاهر علنُ
وصفته بإمام النصب مفترياً ... ... أحياه بعد مماتٍ أيها الفطنُ
إن كان نصباً –أبا العباس – مذهبكم ... ... فليشهد الكون أن النصب لي سنن
والبربهاري وابن القيم اندرجا ... ... في الهالكين ، فمن أبقيت يا حسنُ؟
كل الأئمة حادوا عن سبيل هدى ... ... وأنت ماضٍ على البيضاء متزنُ!
أفض علينا وميضاً من سنائك يا ... ... مجدد الألف ! تفنى عنده الدُجُنُ
وجُد علينا برشف من خِضَمِّك يا ... ... بحر العلوم ، ولا تغدق فيفتتنوا
حقّق ودقّق وفتّق واستحق وأحق ... ... طرّق وعلّق وسبّق سير من حرنوا
قرّر وحبّر وفسّر واستنر وأنر ... ... برّر وسطّر وعبّر أيها اللسنُ
فلو تجزا جُزَيء من مواهبكم ... ... وكان بين جميع المفلسين غَنُوا!
وما رأيت مسمى ضد تسمية ... ... حتى رأيتك ، كم ذا الحسنُ يمتهنُ!(643/1)
مسكينة هذه الأسماء كم ظلمت! ... ... إذ بالأراذل والأوباش تمتحنُ
نامت ضراغم نجدٍ عن ثعالبها ... ... فاستيقظت ، وعرى آسادها الوسنُ
جاست خلال نواحيها وحُق لها ... ... لما رأته خلا من أهله الوطنُ
يا من عذيري بزيديٍّ يجهِّلنا ... ... وهو الذي بركام الجهل مندفن
خلع السراويل أحلى ما يدين به!(1) ... ... وأعذب الوجد إذ بالقات يختزنُ!
من معشرٍ كان سب الصحب قربتهم ... ... حمقٌ رعاعٌ سوى التخريف ما لقنوا
سخف العقول خفاف الرأي لو وزنوا ... ... بذرةٍ من هباء الجو ما وَزَنوا
إن لبّت الناس رباً لا شريك له ... ... لبوا علياً ، ويا عباسُ ، يا حسنُ!
من علّم الأحمق الزيدي مكرمة؟ ... ... أجداده ذو على أوثانهم سدنُ
أم مجده الفذُّ لما قام منتصباً(1) ... ... عاري العجيزة بين الخلق يختتنُ؟
أم شمةٌ بين اشداقٍ يُعَلْوِجُها؟ ... ... أم السويكة ؟ مسواك له نتنُ
ما زال يُعمل فينا حدَّ مضطغنٍ ... ... حتى ألحت بنا الأوتار والإحنُ
فهل فتى من بني التوحيد يكعمه؟ ... ... يشفي الصدور ، ويمحي الرجس والدرنُ
حتى متى أيها الزيدي تشتمنا ؟ ... ... هلا كففت ! وإلا كفّك الكفنُ
تثيرها فتنة عمياء نائمة ... ... فلا يُلامَنَّ أهل الحق إن لعنوا
إذا رأيت ليوث الغاب صامتة ... ... فلا تظن بني العوجاء قد دُفِنوا
هذا الكتابة دينٌ أنت غارمه ... ... كلٌ بما سطرت يمناه مرتهنُ
من بالبداوة والصحرا يعيّرنا!(2) ... ... وهي التي كلَّ شاكي الناب تحتضن
نعم ! ونحن بنو الصحراء ما منعت ... ... حِماك منا الجبال الشم والحصُنُ
وهل أتاك حديث الرفض ما وجدوا ... ... بكربلا ، إذ بشر الحادثات مُنُوا؟!
دكَّت أسود الشرى منّا مشاهدهم ... ... على الرؤوس فما قاموا ولا طعنوا
(نجديةٌ) منهج الأسلاف شرعتها ... ... طوعاً تذلّ لها أوقادك الرسنُ
(نجديةٌ) ليس فخراً ، إنما شرفت ... ... نجدٌ بدعوة توحيد هي الثمنُ
أئمة الدين قد أرسوا دعائمها ... ... آل السعود وآل الشيخ ما وهنوا
محمدان (3)إماما الحق وجههما ... ... الأحمدان (4)وكلٌ وجهه السننُ
ومَنْ على نصرة التوحيد شايعهم ... ... من كل فذٍّ على الأهوال قد مرِنوا(643/2)
المصلتين سيوف الهند باترة ... ... والمشرعين رماح العز ما جبنوا
والممتطين ظهور الخيل صافنة ... ... في كل صقع لهم من أرضه ثكنُ
خمص البطون سرى البيداء ضمّرها ... ... تطوى لها البيد بالإدلاج والزمنُ
توري شراراً إذا صكّت سنابكها ... ... صُمَّ الحصى فله من قدحها دَخَنُ
يقاذف الروعُ منها كل سابحة ... ... قذف البحار على أمواجها السفن
يحفها جحفلا نيق وتمطرها ... ... حمر الغمام إذا الأبطال تطَّعِنُ
رواحها من ربى نجدٍ إذا عقدت ... ... لواءها ، وبكور الغارة اليمنُ
فما حمتك سراة من براثنها ... ... ولا وقاك ظباها جلدك الخشنُ
إذا بدا فلق الإصباح صبحكم ... ... وفيلق يفلق الهامات قد كمنوا
من كلِّ أصيد طول الغزو علّمه ... ... أن البسيطة ما منها له سكنُ
لا يعرفون سوى صهْواتها سكناً ... ... كأنهم لأديم الأرض ما سكنوا
تلقى الزيود علاها الذل خاسئة ... ... مع الحمير حيارى لزّها القرنُ
يا نجد لا عاشت الأزلام أجمعها ... ... أنت العيون ونحن الجفن والوجنُ
يمامة الخير هل ضنّت أماثلكم؟ ... ... أين الرجال ؟ فقد أودى بنا الشجنُ
إن يأس قلبي فلن يطفا له أملٌ ... ... إن الهموم تَفضَّى حين تحتقنُ
كتبه / همّام اليمامي
--------------------------------------------------------------------------------
(1) يقال : إن الزيود يخلعون السراويل عند الصلاة تعبداً .
(1) ويختتنون كباراً أمام الملأ ، ويعدونه فخراً .
(2) يكتب المالكي وأصحابه في الإنترنت ويحطون على السلفية النجدية ويعير بالفقه البدوي والصحراوي .
(3) ابن عبد الوهاب وابن سعود رحمهما الله. (4) ابن حنبل وابن تيمية رحمهما الله .(643/3)
أبكيك
أحقاً؟
أمحمدٌ..
الزيارة الأخيرة..
المؤمن و الشقي
انظر إليّ
بكل رجاء..
قصاصات ورق
قلب بالألوان!!
هدى
و عيون تنظر للصورة
وداعاً..
أبكيك
أبكيك يا أقصى بلادي كلّما
رجم الحجارة في الربا أطفالُ
فمدينة الاسلام تبكي حظّها
حين اختفى عن أرضها الأبطال
لم تٌبق أيام الهزيمة والردى
غير الكلام ينوحها و يقال
شعبُ يموت و مسجد حرماته
صارت على قلب الشقيّ وبال!
"ما شأننا" قال الجبان و عينه
نامت و شعبُ كاملً يٌغتال
هو حالنا خوف و بخل فيهما
لا تبذل الأرواح و الأموالُ
أحقاً؟
نظرت إلى الشمس و قت الغروب
و ساءلت نفسي: أحقاً يتوب؟
أحقاً يعود الحبيب إليّ
و يشعل في النفس مالا يذوب
سألت المغيب و كلّي شقاء
أحقاً يتوب المسيء الغضوب؟
* * *
سألت النجوم التي ساهرتني
و ذكّرتها بالذي قد مضى
حبيب الفؤاد القريب البعيد
و من عشقه عم كل الفضا
مضى حبه من فؤادي و تهت
و ها ليل حبي مضى وانقضى
* * *
سألت الزهور لماذا يعود؟
و هل بعد هجر يفي بالوعود؟
أبعد الخيانة يا زهرُ يأتي
و يرجع عهداً مضى و يعود؟
أبعد المعاصي يتوب الشقي؟
و تبدو عليه علامُ السجود؟
--------------------------------------------------------------------------------
أمحمدٌ..
أمحمّدٌ لا تسأل الأيام في زمن العتاب
كيف الأماني في محبتنا يغطّيها اكتئاب
و لم العيون الظامئات إلى اللقاء رأت سراب!
لا تسأل الأيام و اسألني، سأعطيك الجواب.
***
أنا يا محمد قد أماتتني القيود الجائرة
كم ألف آه في فؤادي و دموعٌ حائرة
في القلب أحزان و انّات الليالي الغابرة
أنا يا حبيب القلب يا زهر الروابي الناضرة
حلمٌ تكسّره الليالي.. أو بقايا شاعرة!
--------------------------------------------------------------------------------
الزيارة الأخيرة..
قد تهت حبيبي في الدنيا
أتعبني اللف مع الدوران
والآن أسير و لا أدري
و كرهت "الأمس" كرهت "الآن"
في جسدي نفس ثائرة(644/1)
في قلبي زلزال، بركان
قد جئت اليك مودعة..
أخبرني لماذا أتيتُ الآن؟
أو جئت اليك لتنقذني
من قلبٍ محزون حيران
لا شيئ يهم فسيّانٌ
أن آتي من طي النسيان
لأذكر قلبك بوجودي
لأذكر نفسي و الوجدان
فأنا قد جئت مودعة
و سأرحل يا حبي بأمان
سأتوه و أحيا في الدنيا
يكفيني أنّك في الوجدان
يكفيني صوتك في الدنيا
يكفيني حبّك لي عنوان.
--------------------------------------------------------------------------------
المؤمن و الشقي
كم مؤمن قد زاد من ايمانه
حب الإله و نصرة الإخوان
فيجاهد النفس التي كادت له
و يبر والدهُ بجمّ حنان
إن ضاقت الدنيا تبسّم وجهه
يغدو بقلبٍ شاكرٍ و لسان
وازداد عشقاً للذي خلق الورى
و ازداد صبراً ضارعاً لجنان
أما الشقي فلاهثاً يجري وقد
زانت له الدنيا بسحرٍ فانِ
مثل الغريق و قد أراد نجاته
فتعلّق الدنيا بخيطِ دخان
ان ضاقت الدنيا يعود منافقاً
ويقول:"رب الكون لا تنساني"
فيكفّر الله الكريم ذنوبه
و يعيده للسعد بالاحسان
فيعود للدنيا سراعاً باسماً
متناسياً ماقد جرى بثواني
فيموت ذاك مكللاً بنقائه
و يموت ذاك بذلة و هوان
--------------------------------------------------------------------------------
انظر إليّ
انظر الي أولست تعرف من أنا؟..
أنا عاشقاً..
قد صار كوماً من ورق
أنا يا حبيبي ماضياًx
أنا من أضاع خطى الهوى ما بين درب مفترق..
و تزاحمت أفكاره في حلقه حتى اختنق..
انظر الي..
أولست تعرف من أنا؟
أنا يا حبيبي تائه
ضل الطريق و ما نزق..
أنا طائر في كل صوب.. ليس يوقفني أفق..
أنا يا حبيب القلب حباً..
عاش عمراً.. و احترق!
بكل رجاء..
و خاطبت ربّي و كلّي رجاء
و بين السجود و همس الدعاء
رجوت إلهي إله السماء
دخول الجنان و حلو القدر!
دعوت و حولي دمار عنيف
فاسلامنا في حصار مخيف
و لو كنت أحيا بقصر منيف
فمن يسعف القلب إن يحتضر؟
دعوت و في قلبي نبض السكون
دعوت الإله بدمع العيون(644/2)
و جئت إليه و كلّي شجون
لأحلم في الغد أن ننتصر :-)
قصاصات ورق
ستبقى بعدما نرحل قصاصاتٌ لأوراقي
كتبنا حبنا فيها
و بعد العمر والميثاق يا عمري سننهيها
سنغلق باب خلوتنا
و نمضي في سبيل الأمس نجرع كأس وحدتنا
سندفن في خبايا الأرض أحزان و آهات
و نُسقط في دجى الأحزان فرحتنا و ضحكتنا..
و ماذا بعد يا عمري..
و كم يبقى من العمر..
إذا تاهت بنا الأحزان
سوى شعرٌ و أوراق.. و بضع طرائف الأفكار
مجمعة لتنثرها رياح الهجر والنسيان..
قلب بالألوان!!
الكون مليئ بالألوان
و الواقع مشبوب فتّان
وأنا إذ ذبت و لا أدريّ
تتشابه في عيني الألوان
و تساءلني و تجادلني:
"اعترفي بحبك، قولي الآن"
الحب عزيزي يملؤني!
يحتل فؤادي والوجدان
لكن الحب بلا أمل
كالفرحة يطويها النسيان!
أن كان يهمّك لا تسأل
واغمض عينيك لبضع ثوان!
أو تسمع مثلي أصواتاً
تصدر عن قلبٍ بالألوان!؟
هدى
ان يطلقوا النيران ألقت سيفها
و استقبلت نيرانهم بوقار
هم يهربون من الممات و إنما
تجري هدى للموت كالإعصار
في عينها دمعٌ غزيرٌ صامتٌ
و ترى الشفاة تزم بالاصرار
هي طفلة ما بين جند دججوا
تحمي بلاد المسلمين بنار
واحسرتاه على شعوب اكتفت
بالصمت في قتلٍ بها و حصار
و عيون تنظر للصورة
في القلب اناجي المعمورة..
بلسان القدس المأسورة..
بعيون تبكي ظامئة..
لربا حطين المشهورة
أطفال بلادك قد ناموا..
و الطفل بأرضي اسطورة!
أحلام الطفل بمقدسنا
كالليل المظلم مقهورة..
القلب ينادي يا وطني
أغنيتي تبكي من شجني
و كفاح الشعب بلا وطن
كزجاج الكأس المكسورة!
في القلب تُفجّر نافورة..
من دمه الطاهر مسحورة..
و حجارة ارضي اذ تُرمى..
و صغير يُطعم عصفورة..
في القدس تباع مساجدنا
و هناك تباع كرامتنا
ما بقيت غير بقايانا
و عيونٌ تنظر للصورة!
وداعاً..
وداعاً يا حبيب القلب، يامن قد سكنت الروح..
وداعاً دع دموع العين تبكيها لكم و تنوح..
وداعاً، هل سعادتنا ستبقى ام تظل جروح؟..(644/3)
وداعاً نغمة حرّى تناجيكم و تبكيني..
وداعاً دمعة حيرى كمثل الليل تؤويني
افارقكم و لا أدري ستنسى ام ستبكيني؟
وداعاً واللقاءُ غداً ولكن مثلما الأغراب..
وبعد السعد يا عمري سنخفي عشقنا بعذاب..
أقول اليوم: "يا حبي" لتُغلق بعدها الأبواب!
احبك يا عديل الروح يا احساسي الباقي
فكم سطّرت اشعاراً، و كم بعثرت اوراقي..
فمن في الأرض يسعفني و ملء الكون اشواقي؟(644/4)
محبة الصحابة وآل البيت
قال الشاعر:
إني أُحب أبا حفص وشيعته كما أحب عتيقاً صاحب الغار
وقد رضيت عليا قدوة علماً وما رضيت بقتل الشيخ في الدار
كل الصحابة ساداتي ومعتقدي ِِ فهل علي بهذا القول من عار
******************
وقال آخر:
يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن انزله
يكفيكم من عظيم الفخر إنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له
******************
وقال آخر:
بلغ الأشواق والحب الصحابة سادة القوم وأرباب النجابة
هم حماة الدين أبطال الردى بل غيوث البذل بل أساد غابه
حبهم دين ومن يبغضهم ربنا في نار الآخرة أذابه
ذب عن أعراضهم إن كنت من ضربهم لا تعتدي كل ذبابه
وأطلب الآثار منهم إنهم علماء الدين فتواهم إصابة
******************
قال الشاعر يمدح أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم :
وقاتلت معنا الأملاك في أحد تحت العجاجة ما حادوا وما انكشفوا
سعد وسلمان والقعقاع قد عبروا إياك نعبد من سلسالها رشقوا
أملاك ربي بماء المزن قد غسلوا جثمان حنظله والروح تختطف
وكلم الله من أوس شهيدهم من غير ترجمة زيحت له السجف
******************
وقال آخر:
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
ولا يستطيع الفاعلون كفعلهم وإن حاولوا في النازلات وأجملوا
******************
وقال آخر:
ومن عجب أني أحن إليهم وأسأل عنهم من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشتقاهم قلبي وهم بين أضلعي
******************
وقال آخر:
أنا مسلم وأقولها مِلء الورى وعقيدتي نور الحياة وسؤددي
سلمان فيها مثل عمر لا ترى جنساً على جنس يفوق بمحتدي
وبلال بالإيمان يشمخ عزة ويدق تيجان العنيد الملحد
وخبيب أخمد في القنا أنفاسه لكن صوت الحق ليس بمُخْمدِ
ورمى صهيب بكل مال للعدا ولغير ربح عقيدة لم يقصد
إن العقيدة في قلوب رجالها من ذرة أقوى وألف مهند
****************(645/1)
ومن أشعار بعض الصحابة ما روي أن أبا بكر قال لما قُتل أمية بن خلف وقد كان يَسُومُ بلالاً سوء العذاب بمكة فيخرجه إلى الرَّمْضاء، فيلقي عليه الصخرة العظيمة ليفارقَ دينَ الإسلام فيعصمه اللّه من ذلك:
هنيئاً زادك الرحمنُ خيراً فقد أدركْت، ثأرك يا بلالُ
فلا نِكْساً وُجِدْتَ ولا جباناً غداة تنوشُكَ الأسَل الطوالُ
إذا هاب الرّجال ثبتَّ حتى تخلِط أنْتَ ما هابَ الرّجالُ
على مضض الكُلُوم بمشرفيٍّ جَلاَ أطرافَ مَتْنَيْهِ الصِّقَالُ
*****************
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم فتح مكة:
ألم تر أن اللَّهَ أظهر دِينَهُ على كل دينٍ قبل ذلك حائدِ
وأمكنه من أهل مكة بعدما تدَاعَوْا إلى أمرٍ من الغي فاسدِ
غداةَ أجَالَ الخيلَ في عَرَصاتها مسوَمةً بين الزبير وخالد
فأمسى رسولُ الله قد عَزَّ نَصْرُهُ وأمْسى عدَاه مِنْ قتيل وشارِد
يريد الزبير بن العوام حَوَارِيّ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم، وخالِدَ ابن الوليد سيفَ الله تعالى في الأرض.
*****************
لما قتل أبو لُؤُلُؤَة غلامُ المغيرةِ بن شُعْبَة، قالت زوجه عاتِكة بنت زيد بن عمرو ابن نفَيل ترثيه:
عَيْنُ جُودي بِعَبْرَةٍ ونَحِيبِ لا تملي على الأمين النجِيب
فجَعَتْني المنونُ بالفارسِ الْمُعـ ـلَم يوم الهياج والتثويبِ
عصْمَةُ الناس والمعينُ على الدَهـ ـر وغيثُ المحروم والمحروبِ
قل لأهْلِ الضراءِ والبُؤس موتوا قد سقته المنُونُ كأسَ شعَوبِ
*****************
وقالت أيضاً ترثيه:
وفَجعني فيْرُوز لا دَرَّ درُه بأبيضَ تالٍ لِلْكِتابِ مُنِيبِ
رؤوف على الأدنى غليظ على العِدَا أخي ثقة في النائبات نجيبِ
متى ما يَقُلْ لا يكذب القولَ فِعلُه سريع إلى الخيرات غير قَطوبِ(645/2)
وعاتكة هذه، هي أخت سعيد بن زيد، أحدِ العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم، بالجنَّة، وكانت تحت عبد اللّه بن أبي بكر، فأصابه سهْمٌ في غَزوَة الطائف فمات منه، فتزوجها عمر، رضي اللّه عنه، فقُتِل عنها، فتزوجها الزبير ابن العوام فقُتِلَ عنها، فكان علي، رضي الله عنه يقول: من أحبَّ الشهادة الحاضرة فليتزوج بعاتِكة.
*****************
يروى أن علياً رضي الله عنه قال بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها:
أرى عِلَلَ الدنيا عليَّ كثيرةً وصاحِبُها حتى المماتِ عليلُ
لكل اجتماع من خليلين فُرْقَةٌ وإن الذي دُون المماتِ قليل
وإنْ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليل على ألاَ يدومَ خَليلُ
*****************
وحجَ هشام بن عبد الملك، أو الوليد أخوه، فطافَ بالبيتِ وأرادَ استلامَ الْحَجَر فلم يقدر، فنُصِب له مِنبَرٌ فجلس عليه، فبينا هو كذلك إذْ أَقْبَلَ عليُ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في إزارِ ورِدَاء، وكان أحسنَ الناس وَجْهاً، وأعطرهم رائحة، وأكثرَهم خشوعاً، وبين عينيه سَجادة، كأنها رُكبة عنز، وطاف بالبيت، وأتى ليَسْتَلم الحجرَ، فتنحّى له الناسُ هيبة وإجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً؛ فقال رجلٌ من أهل الشام: مَن الَّذي أكرمه الناس هذا الإكرام، وأعظموه هذا الإعظام؟ فقال هشام: لا أعْرفه، لئلا يَعْظُمَ في صدور أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضراً:
هذا ابنُ خير عبادِ الله كلهِمُ هذا النقيُّ التقيُ الطاهرُ العَلَمُ
هذا الذي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وطأتُه والبيتُ يعرفُه والحل والحَرَمُ
إذا رأتْه قريشٌ قال قائلُها: إلى مكارم هذا ينتهي الكرَمُ
يكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ راحتهِ رُكنُ الحطيم إذا ما جاء يستلم
*****************
مُشتقَّة من رسول اللّه نَبْعَتُهُ طابتْ عناصِرُه والخِيم والشِّيَم
يُنْمَى إلى ذِرْوة العزّ التي قصُرت عن نَيْلها عَرَبُ الإسلامِ والعَجَمُ
*****************(645/3)
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهِلَهُ بجدِّه أنبياءُ اللّه قد خُتِموا
اللَّهُ فضّله قِدْماً وشرّفَهُ جرى بذَاك له في لَوْحهِ القَلَمُ
مَنْ جدُهُ دانَ فَضْلُ الأنبياء لهُ وفَضْلُ أمّته دانَتْ له الأُمَمُ
عَمَ البريّةَ بالإحسان فانقشعتْ عنها الغيابةُ والإملاقُ والظُلمُ
*****************
ويقول الشيخ عائض القرني :
هم صفوة الأقوام فاعرف قدرهم وعلى هداهم يا موفق فاهتدِ
واحفظ وصية أحمد في صحبه واقطع لأجلهم لسان المفسدِ
عرضي لعرضهموا الفداء وإنهم أزكى وأطهر من غمام أبردِ
فالله زكاهم وشرّف قدرهم وأحلهم بالدين أعلى مقعدِ
شهدوا نزول الوحي بل كانوا له نعم الحماة من البغيض الملحدِ
بذلوا النفوس وأرخصوا أموالهم في نصرة الإسلام دون ترددِ
ما سبهم إلا حقيرٌ تافهٌ ذلٌ يشوههم بحقدٍ أسودِ
لغبارُ أقدام الصحابة في الردى أغلى وأعلى من جبين الأبعدِ
ما نال أصحابَ الرسول سوى امرءٍ تمت خسارته لسوء المقصدِ(645/4)
محبة الله
قال أبو تراب النخشبى في علامات المحبة:
لا تخدعن فللحبيب دلائل ولديه من تحف الحبيب وسائل
منها تنعمه بمر بلائه وسروره في كل ما هو فاعل
فالمنع منه عطية مقبولة والفقر إكرام وبر عاجل
ومن الدلائل أى ترى من عزمه طوع الحبيب وإن ألح العاذل
ومن الدلائل أن يرى متبسما والقلب فيه من الحبيب بلابل
ومن الدلائل أن يرى متفهما لكلام من يحظى لديه السائل
ومن الدلائل أن يرى متقشفا متحفظا من كل ما هو قائل
****************
وقال يحيى بن معاذ:
ومن الدلائل أن تراه مشمرا في خرقتين على شطوط الساحل
ومن الدلائل حزنه ونحيبه جوف الظلام فما له من عاذل
ومن الدلائل أن تراه مسافرا نحو الجهاد وكل فعل فاضل
ومن الدلائل زهده فيما يرى من دار ذل والنعيم الزائل
ومن الدلائل أن تراه باكيا أن قد رآه على قبيح فعائل
ومن االدلائل أن تراه مسلما كل الأمور إلى المليك العادل
ومن الدلائل أن تراه راضيا مليكه في كل حكم نازل ومن
الدلائل ضحكه بين الورى والقلب محزون كقلب الثاكل.
****************(646/1)
محبة النبي صلى الله عليه وسلم
قال الشاعر:
أتحب أعداء الحبيب وتدعى حباً له ، ما ذاك في الإمكان
وكذا تعادى جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان ؟!
إن المحبة أن توافق من تحب على محبته بلا نقصانِ
فلئن ادعيت له المحبة مع خلاف ما يحب فأنت ذو بهتان
*****************
وقال آخر:
من يَدَّعِ حُبَّ النبي ولم يفد من هديه فسفاهةُُ وهراءُ
فالحب أول شرطه وفروضه إن كان صادقاً طاعةُُ ووفاءُ
*****************(647/1)
محمد المبعوث للناس iiرحمةً
مدح الرسول
الشيخ جمال الدين الصرصري
يقول الشيخ جمال الدين الصرصري والذي قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية ج6ص299 : الصرصري المادح , الماهر , ذو المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , يشبه في عصره بحسان بن ثابت رضي الله عنه وقد قتله التتار حينما دخلوا بغداد سنة 656هـ. يقول:
محمد المبعوث للناس IIرحمةً يشيِّد ما أوهى الضلال ويصلح
لئن سبَّحت صُمُّ الجبال IIمجيبةً لداود أو لان الحديد المصفح
فإن الصخور الصمَّ لانت بكفه وإن الحصا في كفه ليُسَبِّح
وإن كان موسى أنبع الماء IIبالعصا فمن كفه قد أصبح الماء IIيَطفح
وإن كانت الريح الرُّخاءُ مطيعةً سليمان لا تألو تروح وتسرح
فإن الصبا كانت لنصر نبينا ورعبُ على شهر به الخصم IIيكلح
وإن أوتي الملكَ العظيم IIوسخِّرت له الجن تسعى في رضاه وتكدح
فإن مفاتيح الكنوز بأسرها أتته فرَدَّ الزاهد المترجِّح
وإن كان إبراهيم أُعطي خُلةً وموسى بتكليم على الطور IIيُمنح
فهذا حبيب بل خليل مكلَّم وخصِّص بالرؤيا وبالحق IIأشرح
وخصص بالحوض الرَّواء IIوباللِّوا ويشفع للعاصين والنار تَلْفح
وبالمقعد الأعلى المقرَّب ناله عطاءً لعينيه أَقرُّ وأفرح
وبالرتبة العليا الوسيلة دونها مراتب أرباب المواهب تَلمح
ولَهْوَ إلى الجنات أولُ داخلٍ له بابها قبل الخلائق يُفْتَح Œ(648/1)
محمد رسول الله
يقول الشاعر:
لو أن أنفاس العباد قصائد فلت بمدحك في جلال علاكا
ما أدركت ما تستحق وقصّرت عن مجدك الأسما وحن سناكا
******************
وقال آخر:
صلى عليك الله يا علم الهدى واستبشرت بقدومك الأيامُ
هتفت لك الأرواح من أشواقها وازينت بحديثك الأقلامُ
******************
وقال الشاعر :
وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
******************
وقال آخر:
لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تنبيك بالخبر
******************
وقال آخر:
أنت الذي من نورك البدر اكتسى والشمس مشرقة بنور بهاكا
أنت الذي لما رفعت إلى السما بك قد سمت وتزينت لسراكا
أنت الذي ناداك ربك مرحباً ولقد دعاك لقربه وحباكا
******************
قالت فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة أبيها المصطفى:
اغبرَّ آفاقُ السماءِ، وكُوِّرَتْ شمسُ النهار، وأَظْلَم العصرانِ
فالأرضُ من بعد النبي كئيبةٌ أسفاً عليه كثيرةُ الرجَفَان
فَليَبْكِهِ شَرْقُ البلاد وغَرْبُها وليبكه مُضَرٌ وكل يَمَانِ
وليبكه الطور المعظم جَوُهُ والبيتُ ذو الأسْتَار والأَركانِ
يا خاتم الرسل المبارك ضوءُهُ صلَى عليك منزِّلُ الفُرقان
******************
وقال آخر:
بالشرق أو بالغرب لست بمقتدي أنا قدوتي ما عشت شرع محمد
حاشاي يثنيني سراب خادع ومعي كتاب الله يسطع في يدي
******************
وقال آخر:
ولقيت في حبك ما لم يلقه في حب ليلى قيسها المجنون
لكنني لم أتبع وحش الفلا كفعال قيس والجنون فنون
******************
وقال آخر:
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لا تفعل الكرماء
وإذا عفوت فقادراً ومقدراً لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا غضبت فإنما هي غضبة للحق لا ضغن ولا بغضاء
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ورضى الكثير تحلم ورياء
وإذا خطبت فللمنابر هزة ترعو النديَّ وللقلوب بكاء(649/1)
******************
ومن أجمل ما قيل في الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ما ذكره صاحب كتاب نزهة لمجالس ومنتخب النفائس
يا نفس نلت المنى فاستبشري رسلي هذا الحبيب وهذا سيد الرسل
هذا الذي ملأت قلبي محبته هذا الذي سهرت من أجله مقلي
هذا الذي كنت أهواه وفزت به يا فرحتي انفصلي يا فرحتي اتصلي
هذا الذي الخلق من أشواقه هجروا للأهل والصحب والأبناء والطلل
هذا الذي للهدى والدين أرشدنا لملة شرعها يسمو على الملل
هذا الذي انشق إكراما له قمر لما أشار له في محفل حفل
هذا الذي رد عيناً بعدما قلعت وريقه قد شفى الإمام علي
هذا الذي بن مشى في الرمل لا أثرٌ يرى له ويرى في الصخر والجبل
هذا الذي حن جذع عند فرقته له أنين شبيه الوالد الثكل
هذا الذي جاء بئراً وهي مالحةً ومج فيها فعاد الماء كالعسل
هذا الذي فار ماء من أصابعه مثل الزلازل حكى الأنهار في السبل
هذا الذي إن دعا جاءت له شجر تجر أصلاً لها سعياً على عجل
هذا الذي سبح الحصى براحته والضب كلمه جهراً مع الحمل
هذا الذي شد من جوعه حجراً أكرم بمولى غداً بالزهد مشتمل
هذا الذي راودته الشم من ذهب فردها وإلى الدنيا فلم يمل
هذا الذي في مقام العرض شافعنا إذا استغثنا به من شدة الوجل
هنا الذي روضة ما بين منبره وقبره من رياض الخلد لم تزل
يا سيد الخلق يا من حاز مرتبة عليا وقد جل عن شبه وعن مثل
يا درة الأنبياء يا روضة العلا يا ملجأ الغربا يا سيد الرسل
العبد عبد الرحمن جليل أتى إليك وهو من الأوزار في خجل
يرجو بمدحته غفران زلته مع الرضا وحلول الخلد والحلل
صلى عليك إله العرش خالقنا في الليل والصبح والأبكار والأصل
واخصص أبا بكر ثم ألحق به عمراً كذلك عثمان ذا النورين ثم علي
والآل والصحب والأتباع أجمعهم أولي النهى والفخار السادة النجل
والسابقين إلى الإسلام قاطبة والتابعين بإحسان وكل ولى
******************
وقال آخر:
أثني على منْ أتدري منْ أبجلةُ؟ أما علمتَ بمنْ أهديتُه كلمي(649/2)
أبهى منْ البدرِ في ليلِ التمامِ وقلْ أسخى منْ البحرِ بلْ أرسى منْ العلمِ
أصفى منْ الشمسِ في نطقٍ وموعظةٍ أمضى منْ السيفِ في حكم وفي حكمِ
أغرَّ تشرقُ منْ عينيهِ ملحمةٌ منْ الضياءِ لتجلو الظلمَ والظلمِ
في همةٍ عصفتْ كالدهرِ واتقدتْ كمْ مزقتْ منْ أبي جهلٍ ومنْ صنمِ
محررُ العقلِ باني المجدِ باعثنا منْ رقدةٍ في دثارِ الشركِ واللممِ
بنورِ هديكَ كحلنا محاجرَنا لما كتبنا حروفاً صغتُها بدم
منْ نحنُ قبلكَ إلا نقطةٌ غرقتْ في اليمِ بلْ دمعةٌ خرساءُ في القدمِ
إنْ كانَ أحببتُ بعدَ اللهِ مثلكَ في بدوٍ وحضرٍ ومنْ عربٍ ومن عجمِ
فلا اشتفى ناظري منْ منظرٍ حسنٍ ولا تفوهَ بالقولِ السديدِ فمي
******************
وقال آخر:
إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدّل حالها
كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها
لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز فكسّرت أعلامها
لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها
******************
وقال آخر:
هل تطلبون من المختار معجزة يكفيه شعب من الأجداث أحياه
من وحد العرب حتى صار واترهم إذا رأى ولد الموتور آخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكة ما ساسها قيصر من قبل أو شاه
ورحب الناس بالإسلام حين رأوا أن الإخاء وأن العدل مغزاه
******************
وقال آخر:
عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الأطم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج و لم تحم
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيب تلك القاع والأكمُ
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ
قحطان عدنان حازوا منك عزّتهم بك التشرف للتاريخ لا بهمِ
******************
وقال آخر:
قد فقت يا طه جميع الأنبياء نورا فسبحان الذي سواكا
والله يا ياسين مثلك لم يكن في العالمين وحق من نباكا
ماذا يقول المادحون وما عسى أن يجمع الكتاب من معناكا(649/3)
فاجعل قراي شفاعة لي في غدٍ فعسى أرى في الحشر تحت لواكا
صلى عليك الله يا خير الورى ما حن مشتاق إلي مثواكا
وعلى صحابتك الكرام جميعهم والتابعين وكل من والاكا(649/4)
مداراة السفهاء
يقول زهير بن أبي سلمى:
ومن لم يصانع في أمورٍ كثيرةٍ يُضَرّس بأنيابٍ ويوطأ بمنسم
ومن يجعل المعروف من دون عرضهِ يفره , ومن لا يتقي الشتم يُشتمِ
******************(650/1)
مدح
النابغة الذبياني:
فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
************************
جاء أحد الأعراب يمدح أحد الخلفاء و كان من أهل البادية فقال له:
أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو ما عددناك دلواً من كبار الدلى كثير الذنوب
************************
و قال الفرزدق مادحا - في مكة المكرّمة - الإمام زين العابدين علي ابن الحسين
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
************************(651/1)
مديحك يا مختار
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
مديحك يا "مختار" حلو وشائق
وذكرك مثل المسك في الكون عابق
فما انت الا الشمس عم ضياؤه
وما أنت الا للعوالم سابق
مدحتك يا "مختار"أرجو شفاعة
وأنت لها في ساحة العرض سامق
فإنك للشمس التي بك نستضي
وإنك للبدر المنير المعانق
وانك فخر للوجود ورحمة
وإنك للبحر الذي هو دافق
تبسمت الآمال بعد عبوسها
وجادت لنا الايام والمجد شاهق
أعادت لنا ذكر "الحبيب"وطيبة
وايام أنس زينتها الحدائق
بنفسي تلك الذكريات حبيبة
واني لهاتيك المنازل عاشق
هفونا لمرآها البهيّ كما هفا
لمحبوبه في حلكة الليل طارق
عواطف قد سجلتها ومشاعر
حكت شعر (حسان) ومعناه شائق
اذا الشعر لم يسعفك الا تكلفا
فما هو الا صنعة وتشادق
وأجمله ما كان ينساب رقة
كمثل انسياب الماء, والماء رائق
وما كل من رام المعالي نالها
ولا كل شعر في المدائح صادق
وكم قد رأينا من دعاة اكارم
وقد حال في التبليغ منهم عوائق
ألا انما الاسلام دين ودولة
وليس كما يحجو الجهول المنافق
ولا يستبين النصح الا موفق
ولا ينكر الاصلاح الا المنافق
فكونوا جميعا تحت(راية أحمد)
فما النصر الا اتباع موافق
ولا بد للاسلام من عودة له
وانا لنرجو أن يسود التوافق
لكم في رسول الله أحسن أسوة
عليه سلام الله ما لاح بارق(652/1)
مربية الفتح أم مربية الطرب
مربية الفتح أم مربية الطرب ****** وموئل المجد أم مستنقع العرب
عادت عليك الليالي وهي قاسية ****** فصرت ممسوخة الأخلاق والنسب
هذي القوارب من ذا اليوم يركبها ****** أهل الجهاد أو الأقداح واللعب
ما بالهم ويحهم ضاعت شمائلهم ****** وأفسد الوهن منهم كل مرتقب
كأنهم لم يقيموا أمس قرطبة ****** ولا أناروا صروح العلم والأدب
كأنهم لم يمدوا للجهاد يداً ****** ولا تخطوا مدى الأيام والحقب
غرناطة الخير هل حي فيخبرنا ****** ماذا جرى بعد عهد العز والغلب
كم مسجد عامر بالحق روعه ****** جان وأدرك منه غاية الأرب
نادى فلم يستجب للصوت معتصم ****** فبات يندب والصلبان في طرب
كم حرة هتك العادون حرمتها ****** وكم ضعيف شواه المكر باللهب
غرناطة الخير والحمراء شاهدنا ****** قولي بربك ماذا حل بالعرب
ماذا أصاب بني الإسلام كلهم ****** كيف اشتروا منتن الأخشاب بالذهب
غرناطة الخير هل حي فنخبره ****** أنا على العهد رغم البعد والنصب
مازال يازينة الأمصار في دمنا ****** نار تأجج بالإيمان والغضب
نحن الوجود وإن غابت كواكبنا ****** نحن العلا والهدى في حالك الكرب
نحن الوفاء إذا ضن الزمان به ****** نحن النقاء بدنيا الزيف والكذب
نحن الأماني للإسلام مشرقة ****** نحن المقام الذي يعلو على الرتب
لا تحزني ياربيع الأرض إن لنا ****** فجراً سيشرق رغم الليل والحجب(653/1)
مصر
يقول أحمد شوقي
أحبُّك مصر من أعماق قلبي وحبُّك في صميم القلب نامي
سيجمعُني بك التاريخُ يومًا إذا ظهر الكرامُ على اللئام
لأجلك رحتُ بالدنيا شقيًّا أصدُّ الوجهَ والدنيا أمامي
وأنظر جَنَّةً جمعتْ ذِئابًا فيصرُفُني الإباءُ عن الزحام
************************
يقول أيضاً في أيام صباه بمصر:
اذكرا لي الصِّبا وأيام أُنْسي وسلا مصر هل سلا القلب عنها
أو أسي جرحه الزمان المؤسي كلما مرت الليالي عليها
************************
يقول أيضاً:
يا أرض سيناء عانقي حرية جاءتك من أبنائك الأحرار
المارد المصري هب مزمجراً مستهزئاً بالموت والأخطار
أرأيت كيف يصب غضبه بلا رفق و يلقي الموت باستبشار
************************(654/1)
مَضَى لِسَبِيلِهِ مَعْنٌ وأبْقَى
الحماسة البصرية - (ج 1 / ص 85) وطبقات الشعراء - (ج 1 / ص 11) تراجم شعراء موقع أدب - (ج 37 / ص 368)
العصر الإسلامي >> مروان ابن أبي حفصة >> مَضَى لِسَبِيلِهِ مَعْنٌ وأبْقَى
مَضَى لِسَبِيلِهِ مَعْنٌ وأبْقَى
رقم القصيدة : 27900
-----------------------------------
مَضَى لِسَبِيلِهِ مَعْنٌ وأبْقَى
مَكارِمَ لَنْ تَبِيدَ ولَنْ تُنَالاَ
كأنَّ الشَّمْسَ يَوْمَ أُصِيبَ مَعْنٌ
من الإظلام ملبسة ٌ جلالاَ
هُو الجَبَلُ الذي كَانَتْ نِزَارٌ
تهد منَ العدو به الجبالاَ
وعطلتِ الثغور لفقد وأرثتها
مصيبتهُ المجللة ُ اختلالا
وظل الشام يرجغ جانباه
لركن العز حين وهي فمالا
وكادت من تهانة كا أرضٍ
تَرَى فِيهنَّ لِيناً واعْتِدَالاَ
فإن يعل البلاد له خشوعٌ
فقد كانت تطول بهِ اختيالاَ
أصاب الموت يومَ اصابَ معناً
مِنَ الأحْياءِ أكْرَمَهُمْ فَعَالاَ
وكانَ الناسُ كلهم لمعنٍ
إلى أن زار حفرتهُ عيالا
ولم يكُ طالٌ للعرف ينوي
إلَى غَيرِ ابنِ زَائِدَة َ ارْتِحَالاَ
مَضَى مَنْ كَانَ يَحْملُ كُلَّ ثِقْلٍ
ويسبق فضل نائله السؤلا
ومَا عَمَدَ الوُفُودُ لِمَثْلِ مَعْنٍ
ولا حَطُّوا بِسَاحَتِهِ الرِّحَالاَ
وَلاَ بَلَغَتْ أكُفُّ ذَوي العَطَايا
يميناً منْ يديه ولا شمالاَ
وما كانت تجف له حياضٌ
منَ المعروف مترعة ٌ سجالاَ
لأبْيَضَ لاَ يَعُدُّ المَالَ حَتَّى
يَعُمَّ بِهِ بُغَاة َ الخَيْرِ مَالاَ
فلبيتَ الشامتين بهِ فدوه
وَلَيْتَ العُمْرَ مُدَّ لَهُ فَطَالاَ
وَلَمْ يَكُ كَنْزُه ذَهَباً ولكِنْ
سيوفَ الهندِة الحلقَ المذالا
وَذَابلَة ً مِنَ الخَطِّيِّ سُمْراً
وذخراً منْ محامد باقياتٍ
وفضل تقى بهِ التفضيلَ نالاَ
لئن أمستْ رويداً قدْ أذيلت
جياداً كانَ يكرهُ أنْ تذالاَ
لَقَدْ كَانَتْ تُصابُ بِهِ وَيَسْمُو
بها عَقْباً ويُرْجِعها حَبَالَى
وقد حوتِ النهاب فاحرزتهُ
وَقَدْ غَشِيتْ مِنَ المَوْتِ الطِّلالاَ(655/1)
مَضَى لِسَبِيلِهِ مَنْ كُنْتَ تَرْجُو
بهش عثراتُ دهركَ أنْ تقالاَ
فلست بمالك عبرات عين
أبَتْ بِدُمُوعِها إلاَّ انْهِمَالاَ
وفي الأحشاء منك غليل حزن
كَحَرِّ النَّارِ يَشْتَعِلُ اشْتِعَالاَ
كأن الليل واصل بعد معنٍ
ليلي قد قرن به فطالا
لَقَدْ أوْرَثْتَني وَبَنيَّ هَمّاً
وأحْزاناً نُطِيلُ بها اشْتِغَالاَ
وقائلة رأت جسمي ولوني
مَعاً عَنْ عَهْدِهَا قُلِبا فَحَالاَ
رَأتْ رَجُلاً بَراهُ الحُزْنُ حَتَّى
أضر بهِ وارورثهُ خبالاَ
لفجع مصيبة ٍ انكى وعالاَ
وايامُ المنونِ لها صروف
تقلبُ بالفتى حالاً فحالا
يرانا الناسُ بعدكَ فل دهرٍ
أبى لِجُدُودِنا إلاَّ اغْتِيالاَ
فنحن كأسهمٍ لم يبقِ ريشاً
لَها رَيْبُ الزَّمانِ ولا نِصَالاَ
وَقَدْ كُنَّا بِحَوْضِكَ ذَاكَ نَرْوَي
ولاَ نَرِدُ المُصَرَّدَة َ السّحالاَ
فلهفُ أبي عليكَ إذا العطايا
جُعِلْنَ مُنى ً كَواذِبَ واعْتِلاَلاَ
وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ إذا الأسَارَى
شَكَوْا حَلَقاً بأسْوُقِهِمْ ثِقَالاَ
وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ إذا اليتَامى
غدوا شعثاً كأن بهم هزالا
وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ لِكُلِّ هَيْجَا
لها تلقى حواماها السخالا
وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ إذَا القَوافي
لِمُمْتَدَحٍ بها ذَهَبَتْ ضَلاَلاَ
وَلَهْفُ أبي عَلَيْكَ لِكُلِّ أمْرٍ
يقول له النجي إلا احتيالا
أقمنا باليمامة ِ إذ ئيسنا
مُقَاماً لاَ نُرِيدُ لَهُ زِيَالاَ
وَقُلْنَا أيْنَ نَرْحَلُ بَعْدَ مَعْنٍ
وقد ذهب النوال فلا نوالا
فإن تذهب فرب رعال خيلٍ
عوابس قد كففتَ بها رعالا
وَقَوْمٍ قَدْ جُعِلْتَ لَهُمْ ربيعاً
وَقَوْمٍ قَدْ جُعِلْتَ لَهُمْ نَكَالاَ
فما شهدَ الوقائع منكَ أمضى
وَأكرَمُ محْتداً وأشدُّ بَالاَ
سَيَذْكُرُكَ الخَلِيفَة غَيْرَ قَالٍ
إذا هوفي الأمور بلا الرجالاَ
ولا ينسى وقائعكَ اللواتي
عَلَى أعْدَائِهِ جُعِلَتْ وبَالاَ
وَمُعْتَرَكاً شَهِدْتَ بِهِ حِفَاظاً
ووقدْ كرهتْ فوارسهُ النزالاَ(655/2)
حَبَاك أخُو أُميَّة َ بالمَراثي
مَعَ المِدَحِ اللَّواتي كَانَ قَالاَ
أقامَ وكانَ نحوكَ كلَّ عامٍ
يُطِيلُ بَوَاسِطِ الرَّحْلِ اعْتِقَالاَ
وألقَى رَحْلَهُ أسَفاً وآلَى
يميناً لا يشدُّ لهُ حبالا
مَضَى لِسَبِيلِهِ مَعْنٌ وأبْقَى ... مَحامِدَ لَنْ تَبِيدَ ولَنْ تُنالا
هَوَى الجَبَلُ الذي كانَتْ نِزارٌ ... تَهُدُّ مِن العَدُوِّ به جِبالا
فإن يَعْلُ البِلادَ به خُشُوعٌ ... فقَدْ كانَتْ تَطُولُ به اخْتِيالا
ولَمْ يَكُ طالِبُ المَعْرُوفِ يَنْوِي ... إلى غَيْرِ ابنِ زائِدَة ارْتِحالا
وكانَ النّاسُ كلُّهُمُ، لمَعْنٍ ... إلى أنْ زارَ حُفْرَتَهُ، عِيالا
ثَوَى مَنْ كانَ يَحْمِلُ كُلَّ ثِقْلٍ ... ويَسْبِقُ قَيْضُ راحَتِهِ السُّؤَالا
مَضَى لِسَبيلِهِ مَنْ كنتَ تَرْجُو ... بهِ عَثَراتُ دَهْرِكَ أَنْ تُقالا
فَلسْتُ بمالِكٍ عَبَراتِ عَيْنِي ... أَبَتْ بدُمُوعِها إلاَّ انْهِمالا
كَأَنَّ الشَّمْسَ يومَ أُصِيبَ مَعْنٌ ... مِن الإظْلامِ مُلْبَسَةٌ جلالا
يَرانا النّاسُ بَعْدَكَ فَلَّ دَهْرِ ... أَبَى لجُدُودنِا إلاَّ اغْتِيالا
فَلَهْفَ أبِي عليكَ إذا العطَايا ... جُعِلْنَ مُنىً كَواذِبَ واعْتِلالا
ولَهْفَ أبي عليكَ إذا الأُسارَى ... شَكَوْا حَلَقاً بأَسْوُقِهمْ ثِقالا
ولَهْفَ أبِي عليكَ إذا القَوافِي ... لِمُمتَدَحٍ بِها ذَهَبَتْ ضَلالا
أقمْنا باليمَامةِ بَعْدَ مَعْنٍ ... مُقاماً لا نُرِيدُ به زِيالا
وقُلْنا: أَيْنَ نَذْهَبُ بُعْدَ مَعْنِ، ... وقَدْ ذَهَبَ النَّوال فلا نَوالا
فما بَلَغَتْ أَكُفُّ ذَوِي العَطايا ... يَمِيناً مِن يَدَيْكَ ولا شِمالا(655/3)
مظاهر الغلو في قصائد المديح
سليمان بن عبد العزيز الفريجي
منذ أن انتشر الإسلام أقبل الأدباء على مدح نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- بمدائح كثيرة، حفظ لنا التاريخ شيئًا منها، ومن أقدمها ماجاء عن أم معبد -رضي الله عنها- من وصفها للنبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما حل بخيمتها في طريق هجرته إلى المدينة، وكان من وصفها: «إن صَمَتَ فعليه الوقارُ، وإن تكلَّم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق، لا نزر ولا هزر»[1] .
كما كان لشعراء الرسول -صلى الله عليه وسلم- كحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك، والعباس بن مرداس.. وغيرهم قصائد عدة في مدحه ورثائه، منها قصيدة حسان بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- التي مطلعها:
بطيبة رَسمٌ للرسول ومعهد منيرٌ، وقد تعفو الرسوم وتهْمَدُ
ولا تنمحي الآيات من دار حُرمة بها منبرُ الهادي الذي كان يصعدُ
ومنها قصيدة كعب بن زهير -رضي الله تعالى عنه- التي قالها عند إسلامه، واعتذر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وألقاها بين يديه في مسجده وسط صحابته، ومطلعها:
بانت سعادُ فقلبي اليوم متبولُ مُتَيَّم إثرها لم يُجزْ مكبولُ
وفيها يقول:
أنبئت أن رسول الله أوعدني والعفوُ عند رسول الله مأمولُ
مهلًا هداك الذي أعطاك نافلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيلُ
لذاك هيب عندي إذ أكلمه وقيل إنك مسبور ومسؤولُ
من ضيغم من ضِراء الأُسد مُخْدرة ببطن عثَّر غيل دونه غيلُ
إن الرسولَ لنور يُستضاءُ به مهند من سيوف الله مسلولُ
بل إن هناك من شعراء الكفار من مدحه وأثنى على أخلاقه الكريمة، كعمه أبي طالب في قصيدته المشهورة، ومنها قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمالُ اليتامى، عصمةٌ للأراملِ(656/1)
وكالأعشى الكبير ميمون بن قيس الذي مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بقصيدة رائعة، وجاء بها لِيُسلِمَ عنده ويلقيها بين يديه، ولكن قريشًا أغرته بالدنيا فعاد ومات كافرًا. ومن قصيدته قوله:
نبي يرى ما لا ترون، وذكره أغار –لعمري- في البلاد وأنجدَا
له صَدَقاتٌ ما تُغِبُّ ونائل وليس عطاءُ اليوم مانعه غدا
وهكذا اتصل مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، ورثاؤه بعد مماته،وذكر أخلاقه وأوصافه عند أصحابه والتابعين دون غلو أو تجاوز لحدود المشروع.
وبعد قيام دولة بني أمية والحوادث التي جرت لآل بيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنها- وتشيُّع من تشيَّع لهم بدأت المبالغة في مدحهم والثناءعليهم، حتى اشهتر شعراء بذلك، وأكثروا منه، كالكميت الأسدي، ودعبل الخزاعي، والشريف الرضى، ومهيار الديلمي، وهؤلاء جاءت مبالغتهم من غلوهم في رجالات آل البيت، وتفضيلهم على من يرونهم أعداء لهم من الأمويين وغيرهم، فموقفهم في الحقيقة سياسي أكثر من كونه معتمدًا على إقناعاتهم الشرعية، فلهذا جاء كلامهم على آل علي بن أبي طالب -رضي الله عنها- دون غيرهم، حتى النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل قليل مديحهم له في مقابل لآل بيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنها-.
ومن أشعارهم هاشميات الكميت وأشهرها: البائيتان واللامية والميمية، يقول في إحدى البائيتين:
إلى النفر البيض الذين بحبِّهم إلى الله فيما نالني أتقرب
بني هاشم رهط النبي فإنني بهم ولهم أرضى مرارًا وأغضب
وما جاء عن هؤلاء من المدح الخاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يكاد يكون مدحًا معتادًا لا نجد فيه ما سنجده في مدائح الصوفية في القرن السابع، ومن ذلك قول الكميت:
وأنت أمين الله في الناس كلهم عليها وفيها احتار شرق ومغرب
فبُوركت مولودًا وبوركت ناشئًا وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيب
وبورك قبرٌ أنت فيه وبوركت به وله أهل لذلك يثربُ(656/2)
لقد غيَّبوا بِراً وصدقًا ونائلًا عشيةَ واراك الصفيح المنصَّبُ
ومع ذلك كان مدح من مضى لآل البيت أكثره صادقًا، لأنهم يمدحونهم والدنيا ليست بأيديهم خلاف شعراء الدولة العبيدية المنتسبة –زورًا- إلى فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- التي كان الشعراء يتزلفون إلى حكامهم بمدحهم ومدح آل البيت ومنه مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا المدح غير داخل في حقيقته في المدائح النبوية، لأنه مدح من أجل الدنيا، لا لحبهم أو التقرب إلى الله بمدحهم، ولهذا وصل الأمر ببعضهم إلى حد الشرك كابن هانيء الأندلسي، حيث يقول في مدح المعز لدين الله الفاطمي:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
ويقول:
ولك الجواري المنشآت مواخرًا تجري بأمرك والرياح رخاء
ولهذا كان مدح هؤلاء مُنصبًا على حكام الدولة العبيدية ومن يزعم هؤلاء الحكام مجتهم من رجالات آل البيت، ويقل فيه مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- .
وتستمر المدائح النبوية دائرة حول أوصاف النبي -صلى الله عليه وسلم- الخُلُقية والخَلْقية المعروفة، ولا نجد ذلك الغلو الذي يخرج بالمدائح النبوية إلى رفع النبي -صلى الله عليه وسلم- فوق مقامه البشري، وإضفاء بعض الصفات الإلهية عليه إلا في القرن السابع الذي يعرف –في التاريخ الإسلامي- بانتشار التصوف فيه إلى حد كبير، مما أثر تأثيرا كبيرا على الشعراء الذين تسابقوا في مضمار المدائح النبوية، بنفس يخالف المدائح السابقة، ويوافق الفكر التصوفي.
وكانت البداية الفعلية لهذه المدائح بهذا النفس الصوفي المتميز على يد محمد ابن سعيد البوصيري، المتوفي في الإسكندرية سنة 695هـ، فقد نظم عدة قصائد في المدائح النبوية، وأشهرها قصيدتان:
الأولى الميمية، وهي على رواية الديوان «160» بيتا، ومطلعها:
أمن تذكر جيران بذي سلم مزجت دمعًا جرى من مقلة بدم
والأخرى الهمزية، ومطلعها:
كيف ترقى رقيك الأنبياء يا سماء ما طاولتها سماء(656/3)
والميمية أشهر وأذيع عند عامة المتصوفين ومقلديهم، وقد نسجت حولها المنامات والأساطير، ابتداء بناظمها الذي جاء عنه أنه بسبب استشفاعه بهذه القصيدة مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام عليه فبريء من فالج كان أبطل نصفه وألقى عليه بردة، فسميت القصيدة لذلك بالبردة، ونسجت الأساطير لكل بيت من أبياتها، وشاع البترك والاستسقاء بها، فصارت تسمى أيضا: البرأة، والبروة، وقصيدة الشدائد، وغالى المتصوفة وأتباعهم فيها «حتى عملوها تميمة تعلق على الرؤوس، وزعموا فيها مزاعم كثيرة من أنواع البركة،وهم على ذلك إلى يومنا هذا»[2] .
ويظهر أن كل هذه التسميات كانت بعد موت البوصيري، أما هو فسماها «الكواكب الدرية في مدح خير البرية».
وقد أجمع معظم الباحثين على أن ميمية البوصيري أفضل قصيدة في المديح النبوي من الناحية الفنية الأدبية –لا الشرعية- إذ استثنينا لامية كعب بن مالك «البردة الأم»، حتى قيل: إنها أشهر قصيدة في الشعر العربي بين العامة والخاصة.
ومهما يكن من أمر فقد أثرت ميمية البوصيري في المدائح النبوية تأثيرًا عميقًا، حيث نقلتها مضمونًا وقالبًا.
أما من حيث المضمون فقد نقلت المدائح النبوية من المدح المعتاد للنبي -صلى الله عليه وسلم- بأوصافه المشهورة المعروفة إلى أوصاف غلو ومبالغة «على نحو إعجازي خارق، بالغ المثالية، بالغ الكمال، وبالغ الجلال... يرقى بالنبي إلى درجة ربانية»[3]، ويسمون هذه الأوصاف: «الحقيقة المحمدية» التي يدعي المتصوفة أن غيرهم لا يعرفونها، ولهذا فهم يحملون كل غلو في ميمية البوصيري وغيره ممن سار على دربه على أنه من الحقيقة المحمدية التي ينفردون بمعرفتها للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
أما من حيث القالب فقد جعل المدائح النبوية تتكون من ثلاثة أجزاء:(656/4)
الأول: يسمى النسيب النبوي، وهو التشوق إلى المدينة النبوية التي تضم قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيها جرى أغلب أحداث سيرته، ويتلو هذا النسيب بعض الحكم التي تحذر من الدنيا وأهواء النفس، وهذا الجزء يمثل من ميمية البوصيري الأبيات من «1-33»، ومن أجملها قوله:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم
وقوله:
وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصف فاتهم
ولا تطع منهما خصمًا ولا حكمًا فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
والجزء الثاني: مديح النبي -صلى الله عليه وسلم- وعرض سيرته، وهذا الجزء هو غرض القصيدة، وفيه يذكر الشاعر سيرته من مولده إلى وفاته -صلى الله عليه وسلم- ويتكلم على معجزاته وخصائصه... ويمثل هذا الجزء أغلب الغلو المشار إليه من قبل وكان بعض المتأخرين عن البوصيري أحس شدة هذا الغلو فأراد أن يخففه فزاد في القصيدة –وما أكثر ما زيد عليها- بيتا ناشزا ألقاه في مكان غير مناسب في القصيدة، وهو قوله:
فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم
ولم يرض كثير من الصوفية هذا البيت للنص فيه على بشريته وأنها منتهى العلم فيه، فغيروه إلى:
مولاي صل وسلم دائمًا أبدًا على حبيبك خير الخلق كلهم
ونسبوا فيه منامًا خاصًا للبوصيري، فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي ألقى بشطره الثاني على البوصيري.
والجزء الثالث: هو إقرار الشاعر بذنوبه وطلب العفو عنها، ويشمل هذا الجزء الأبيات من «140-160» ويبدأ إقراره بقوله:
خدمته بمديح أستقيل به ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم
ثم يقول:
فيا خسارة نفس في تجارتها لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم
ولكن طلبه للعفو كان موجهًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا من أكبر انحرافات البوصيري، وقد كرر هذا في عدة أبيات، منها:
إن آت ذنبًا فما عهدي بمنتقض من النبي، ولا حبلى بمنصرم
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمدًا ،وهو أوفى الخلق بالذمم(656/5)
إن لم يكن في معادي آخذًا بيدي فضلًا فقل يا ذلة القدم
ياأكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
وعندما ذكر العفو والرحمة من الله رجا أن تكون الرحمة مقسومة حسب العصيان لا الإحسان، فقال:
لعل رحمة ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيان في القسم
وفي آخر هذا الجزء يختم القصيدة بالصلاة والسلام الدائمين على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهذ الجزء يكثر فيه الدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- والاستغاثة به، وإضافة صفات ربانية إليه، وإن كان الجزءان السابقان لا يخلوان من مثل ذلك كقوله:
أقسمت بالقمر المنشق إن له من قلبه نسبة مبرورة القسم
وقوله:
ما سامني الدهر ضيمًا واستجرت به إلا ونلت جوارًا منه لم يضم
هذه هي ميمية البوصيري التي كان لها أعظم الأثر في المديح النبوي، وتحويلها من مسار السليم إلى مسار مليء بالانحرافات الشرعية، وقد ساعد المتصوفة وأصحاب الطرق على نشرها بغنائها وإنشادها وتلحينها في كل مناسبة حتي الحروب فضلا عن الأفراح والأحزان والموالد المبتدعة واحتفالات الحجيج.
ولم يقتصر أثرها على العامة، بل تعداه إلى الخاصة، إذ تزاحم الشعراء العرب وغير العرب على تقليدها، وتفننوا في ذلك حتى أنشؤوا فيها فنونا أدبية منها:
أ- البديعيات التي تسير على نهجها وزنًا ورويًا ومضمونًا وأجزاء، ويكون كل بيت من أبياتها خاصة بلون من ألوان علم البديع في البلاغة كبديعية صفي الدين الحلي -750هـ- ومطلعها:
إن جئت سَلعًا فسل عن جيرة العلم واقرا السلام على عرب بذي سَلَم
وبديعية عز الدين الموصلي ومطلعها:
براعة تستهل الدمع في العلم عبارة عن نداء المفرد العلم
ب- المدائح النبوية التي فيها التورية بكل سور القرآن، ومن أشهرها قصيدة ابن جابر الأندلسي -780هـ-، ومطلعها:
في كل فاتحة للقول معتبرة حق الثناء على المبعوث بالبقرة(656/6)
وقد عارض ابن جابر في قصيدته هذه عدة شعراء حتى ألف فيها كتاب مستقل وهو كتاب: «المدائح النبوية المتضمنة لسور القرآن الكريم، لهاشم الخطيب».
ج- معارضتها وتشطيرها وتخميسها وتسبيعها... ومن أشهر من عارضها من المحدثين: محمود سامي البارودي بمطولة بلغت «447بيتا» هي: «كشف الغمة في مدح سيد الأمة» ومطلعها:
يارائد البرق يمم دارة العلم واحد الغمام إلى حي بذي سلم
وأحمد شوقي في قصيدة في «190 بيتا» سماها: «نهج البردة»، مطلعها:
ريم على القاع بين البان والعلم أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
وقد زاد الغلو في المدائح النبوية منذ عهد البوصيري إلى بدايات العهد الحديث، ومن أمثلة هذ الغلو والمغالين محمد بن أبي بكر البغدادي الذي صنف ديوانًا كاملًا باسم: «القصائد الوترية في مدح خير البرية» نظم فيه «29 قصيدة»، وكل قصيدة منها «21 بيتا»، بحيث تبدأ أبيات كل قصيدة بحرف وتنتهي به نفسه، ومن مدحه الغالي قوله:
أغثني أجرني، ضاع عمري إلى متى بأثقال أوزاري أراني أُرزأ
وقوله:
ذهابًا ذهابًا يا عصاة لأحمد ولوذوا به مما جرى وتعوذوا
ذنوبكم تمحى وتعطون جنة بها درر حصباؤها وزمرذ
ومن أشد الغالين: عبد الرحيم البرعي اليماني، فله ديوان شعر أكثره مدائح نبوية، ومن مدحه الغالي قوله:
سيد السادات من مضر غوث أهل البدو والحضر
وقوله:
يا سيدي يا رسول الله يا أملي يا موئلي، يا ملاذي، يوم تلقاني
هب لي بجاهك ما قدمت من زلل جودا ورجح بفضل منك ميزاني
واسمع دعائي واكشف ما يساورني من الخطوب ونفس كل أحزاني
وكذلك أكثر من عارض البردة قديمًا وحديثًا –وما أكثرهم- تأثرًا بما فيها من غلو.
وقد تأثر كذلك المتأخرون بهذا الغلو، فمستكثر ومستقل، فهذا البارودي يقول:
أبكاني الدهر حتى إذ لجأت به حنا علي وأبدى ثعر مبتسم
وهذا أحمد شوقي يقول:
فالطف لأجل رسول العالمين بنا ولا تزد قومك خسفًا ولا تَسم
ويقول في أحد المدائح الخديوية(656/7)
إذ زرت يا مولاي قبر محمد وقبلت مثوى الأعظم العطرات
فقل لرسول الله: يا خير مرسل أبثك ما تدري من الحسرات
وهذه شاعرة معاصرة ألفت كتابًا كاملًا في شعر التفعلية باسم : «البردة الرسول » من أجل أن تشفى من مرض عانت منه طويلًا، ملأته بالغلو، ومن مثل قولها:
يا سيدي، اسمع دعائي. كن معين وأجب رجائي، يا محمدنا الأمين
أما هذا الغلو عند شعراء الصوفية ومقلديهم فأشهر من أن أشير إليه هنا.
ومما سبق نستخلص أن المدائح النبوية الغالية منذ البوصيري ومن قلده لا علاقة لها بالمدائح النبوية قبلها، لأنه «شتان بين التصور الواقعي البشري كما صوره شعراء المديح النبوي الأوائل من أمثال كعب بن زهير، وكعب بن مالك وحسان بن ثابت، ومعاصريهم، وبين التصور المتأخر للرسول -عليه الصلاة والسلام- عند شعراء المديح النبوي المتأخرين الذين أحالوا شخية الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى سلسلة طويلة من الخوارق والمعجزات والقدرات فوق الطبيعية، حتى بات النبي -صلى الله عليه وسلم- ذا طبيعة إلهية لا بشرية»[4] .
ومع هذا فقد بقي كثير من الشعراء قديما وحديثا بمعزل عن هذا الغلو،ولكن الحديث الآن ليس عنهم، والله أعلم.
[1]المستدرك على الصحيحين: 9/ 3، وغريب الحديث لابن قتيبة: 1/ 463، وانظر الإصابة في ترجمة أم معبد.
[2]دراسة محمد النجارة لبردة البوصيري، ص 62 عن كتاب المقفي للمقريزي.
[3]دراسة محمد النجار للبردة، ص11.
[4]دراسة النجار، ص26.(656/8)
معلقة النابغة الذبياني
يا دارَ ميَّةَ بالعَلياءِ فالسَّندِ أقوَت وطالَ عليها سالِفُ الأبَدِ
وقفتُ بها أصَيلاً كي أُسائلَها عيَّت جَواباً وما بالرَّبع من أحدِ
إلاّ الأَوارِيَّ لَأياً ما أبيّنُها والنُؤيَ كالحوضِ بالمظلومةِ الجلَدِ
رَدّت عليهِ أقاسيهِ ولَبَّدَهُ ضَربُ الوَليدَةِ بالمِسحاةِ في الثَّأَدِ
خَلَّتْ سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحْبِسُهُ ورفَّعَتهُ إلى السَّجفَين، فالنَّضَد
أَمْستْ خَلاءً، وأَمسَى أَهلُها احتَمَلُوا أَخْنى عَليها الّذي أَخْنى على لُبَدِ
فَعَدِّ عَمَّا ترى، إذ لا ارتجاعَ لهُ وانْمِ القُتُودَ على عيْرانَةٍ أُجُدِ
مَقذوفَةٍ بِدَخيسِ النَّحضِ، بازِلُها له صريفٌ، صَريفُ القَعْوِ بالمَسَدِ
كأَنَّ رَحْلي، وقدْ زالَ النَّهارُ بنا يومَ الجليلِ، على مُستأنِسٍ وحِدِ
مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ، مَوْشِيٍّ أَكارِعُهُ طاوي المصيرِ، كسيفِ الصَّيقل الفَرَدِ
سَرتْ عليهِ، مِنَ الجَوزاءِ، ساريَةُ تَزجِي الشَّمَالُ عليهِ جامدَ البَرَدِ
فارتاعَ مِنْ صَوتِ كَلَّابٍ، فَبَاتَ لَهُ طَوعَ الشَّوَامتِ منْ خوفٍ ومنْ صَرَدِ
فبَّهُنَّ عليهِ، واستَمَرَّ بهِ صُمْع الكُعُوبِ بَريئاتٌ منَ الحَرَدِ
وكانَ ضُمْرانُ مِنهُ حَيثُ يُوزِعُهُ طَعْنَ المُعارِكِ عندَ المُحْجَرِ النَّجُدِ
شَكَّ الفَريصةَ بالمِدْرَى، فأننفذها طَعْنَ المُبَيطِرِ، إذْ يَشفي من العضَدِ
كأَنَّه، خارجا منْ جنب صَفْحَتِهِ سَفّودُ شِرْبٍ نَسُوهُ عندَ مُفْتَأَدِ
فَظلّ يَعْجُمُ أَعلى الرَّوْقِ، مُنقبضاً في حالِكِ اللّنِ صَدْقٍ، غَيرِ ذي أَوَدِ
لَمَّا رَأَى واشِقٌ إِقعَاصَ صاحِبِهِ ولا سَبيلَ إلى عَقْلٍ، ولا قَوَدِ
قالتْ لهُ النَّفسُ: إنِّي لا أرَى طَمَعاً وإنَّ مولاكَ لَمْ نَسلَمْ، ولَمْ يَصِدِ
فتلكَ تُبْلغُني النُّعمانَ، إنَّ لهُ فَضلاً على النّاس في الأَدنى، وفي البَعَدِ(657/1)
ولا أَرى فاعِلاً، في النّاس، يُشبهُهُ ولا أُحاشي، منَ الأَقوامِ، من أحدِ
إلَّا سُليمانَ، إذْ قالَ الإلهُ لهُ قُمْ في البَريَّة، فاحْدُدْها عنِ الفَنَدِ
وخيّسِ الجنّ! إنِّي قدْ أَذنتُ لهم يبنونَ تدْمُرَ بالصُّفّاحِ والعمدِ
فمن أطاعكَ، فانفعهُ بطاعتهِ كما أطاعكَ، وادلُلهُ على الرَّشَدِ
ومن عصاكَ، فعاقبهُ معاقبةً تنهى اللظَّلومَ، ولا تقعد على ضَمَدِ
إلَّا لمثلكَ، أو من أنت سابقُهُ
سَبقَ الجوادِ، إذا اشتولى على الأَمَدِ
أعطى لفارهةٍ، حُلوٍ توابعها
من المواهبِ لا تُعطى على نَكَدِ
الواهِبُ المائَةِ المَعْكاءِ، زَيَّنها
سَعدانُ تُضِحَ في أَوبارِها اللِّبَدِ
والأُدمَ قدْ خُيِّستْ فُتلاَ مَرافِقُها
مشدودةَ برحالِ الحيرةِ الجُدُدِ
والرَّاكضاتِ ذُيولَ الرّيْطِ، فانَقَها
بَرْدُ الهواجرِ، كالغِزْلانِ بالجَرَدِ
والخيلَ تمزَعُ غرباً في أعِنَّتها كالطَّيرِ
تنجو من الشّؤبوبِ ذي البَرَدِ
احكُمْ كحُكمِ فتاةِ الحيِّ، إذْ نظرَت
إلى حَمامِ شِراعٍ، وارِدِ الثَّمَدِ
يَحُفّهُ جانبا نيقٍ، وتُتْبِعُهُ
مِثلَ الزُّجاجةِ، لم تُكحَل من الرَّمَدِ
قالت: ألا ليتما هذا الحمامُ لنا
إلى حمامتنا ونصفُهُ، فَقَدِ
فحَسَّبوهُ، فألفوهُ، كما حَسَبَتْ
تِسعاً وتسعينَ لم تَنقُصْ ولم تَزِدِ
فكمَّلَتْ مائَةً فيها حَمامَتُها
وأسرعت حِسبةً في ذلك العَددِ
فلا لَعمرُ الذي مسَّحتُ كعبَتَهُ وما
هُريقَ، على الأَنصابِ، من جَسَدِ
والمؤمنِ العائذاتِ الطَّيرَ، تمسحُها
رُكبانُ مكَّةَ بينَ الغيْلِ والسَّعَدِ
ما قُلتُ من سيّءٍ ممّا أُتيتَ بهِ
إذاً فلا رفَعَتْ سوطي إلىَّ يدي
إلاّ مَقالة أقوامٍ شقيتُ بها
كانتْ مقالَتُهُم قرعاً على الكبِدِ
إذاً فعاقَبَني ربّي مُعاقَبةً
قَرَّتْ بها عينُ من يأبيكَ بالفَنَدِ
أُنبئتُ أنَّ أبا قابوسَ أوعدّني
ولا قَرارَ على زأرٍ من الأسَدِ
مهلاً، فداءٌ لك الأقوامُ كلّهُمُ
وما أثَمّرُ من مالٍ ومن ولدِ(657/2)
لا تقْذِفَنّي بُركْنٍ لا كِفاءَ له
وإن تأثّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ
فَما الفُراتُ إذا هبَّ الرِّياحُ له
ترمي أواذيُّهُ العِبْرينِ بالزَّبدِ
يمُدّهُ كلّ وادِ مُتْرَعٍ، لجبٍ
فيه رِكامٌ من الينبوبِ والخَضَدِ
يظلُّ من خوفِهِ، الملاَّحُ مُعتَصِماً
بالخَيزُرانَة، بعد الأينِ والنَّجَدِ
يوماً، بأجوَدَ منهُ سيْبَ نافِلَةٍ
ولا يَحولُ عطاءُ اليومِ دونَ غدِ
هذا الثَّناءُ، فإنْ تسمع به حَسَناً
فلمْ أُعرِّض، أبَيتَ اللّعنَ، بالصَّفدِ
ها إنَّ ذي عِذرَةٌ إلَّا تكن نَفَعَتْ
فإنَّ صاحبها مشاركُ النَّكَدِ(657/3)
معلقة امرئ القيس
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ ...
... بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها ...
... لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَا ...
... وَقِيْعَانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ...
... لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُمُ ...
... يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّلِ
وإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهْرَاقَةٌ ...
... فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا ...
... وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ
إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا ...
... نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً ...
... عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ ...
... وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُلِ
ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِي ...
... فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّلِ
فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَا ...
... وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ
ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ ...
... فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي
تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعاً ...
... عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ
فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَهُ ...
... ولاَ تُبْعِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّلِ
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ ...
... فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ ...
... بِشَقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَوَّلِ
ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَذَّرَتْ ...(658/1)
... عَلَيَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ
أفاطِمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ ...
... وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي
أغَرَّكِ مِنِّي أنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي ...
... وأنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ
وإِنْ تَكُ قَدْ سَاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَةٌ ...
... فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ
وَمَا ذَرَفَتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِي ...
... بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ
وبَيْضَةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَا ...
... تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَلِ
تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَراً ...
... عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِي
إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ ...
... تَعَرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّلِ
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا ...
... لَدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ
فَقَالَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ ...
... وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِي
خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا ...
... عَلَى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى ...
... بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ
هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَتْ ...
... عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَلِ
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ ...
... تَرَائِبُهَا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ
كَبِكْرِ المُقَانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْرَةٍ ...
... غَذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّلِ
تَصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقِي ...
... بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِلِ
وجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ ...
... إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلاَ بِمُعَطَّلِ
وفَرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِمٍ ...
... أثِيْثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ
غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُلاَ ...(658/2)
... تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَلِ
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّرٍ ...
... وسَاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ
وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَا ...
... نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ
وتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّهُ ...
... أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِلِ
تُضِيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَا ...
... مَنَارَةُ مُمْسَى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ
إِلَى مِثْلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَةً ...
... إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ
تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَا ...
... ولَيْسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَلِ
ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُهُ ...
... نَصِيْحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَلِ
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَهُ ...
... عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الهُمُوْمِ لِيَبْتَلِي
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ ...
... وأَرْدَفَ أَعْجَازاً وَنَاءَ بِكَلْكَلِ
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِي ...
... بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَلِ
فَيَا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَهُ ...
... بِأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْدَلِ
وقِرْبَةِ أَقْوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَا ...
... عَلَى كَاهِلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّلِ
وَوَادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُهُ ...
... بِهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّلِ
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا عَوَى : إِنَّ شَأْنَنَا ...
... قَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَوَّلِ
كِلاَنَا إِذَا مَا نَالَ شَيْئَاً أَفَاتَهُ ...
... ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْزَلِ
وَقَدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا ...
... بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً ...
... كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْدُ عَنْ حَالِ مَتْنِهِ ...(658/3)
... كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالمُتَنَزَّلِ
عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِزَامَهُ ...
... إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَلِ
مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَى ...
... أَثَرْنَ الغُبَارَ بِالكَدِيْدِ المُرَكَّلِ
يُزِلُّ الغُلاَمُ الخِفَّ عَنْ صَهَوَاتِهِ ...
... وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْفِ المُثَقَّلِ
دَرِيْرٍ كَخُذْرُوفِ الوَلِيْدِ أمَرَّهُ ...
... تَتَابُعُ كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
لَهُ أيْطَلا ظَبْيٍ وَسَاقَا نَعَامَةٍ ...
... وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ وَتَقْرِيْبُ تَتْفُلِ
ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ ...
... بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ
كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَى ...
... مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَلِ
كَأَنَّ دِمَاءَ الهَادِيَاتِ بِنَحْرِهِ ...
... عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجَّلِ
فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَهُ ...
... عَذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّلِ
فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّلِ بَيْنَهُ ...
... بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْوَلِ
فَأَلْحَقَنَا بِالهَادِيَاتِ ودُوْنَهُ ...
... جَوَاحِرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّلِ
فَعَادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ ...
... دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَلِ
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ ...
... صَفِيفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّلِ
ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَهُ ...
... مَتَى تَرَقَّ العَيْنُ فِيْهِ تَسَفَّلِ
فَبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ ولِجَامُهُ ...
... وَبَاتَ بِعَيْنِي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَلِ
أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَهُ ...
... كَلَمْعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِبٍ ...
... أَمَالَ السَّلِيْطَ بِالذُّبَالِ المُفَتَّلِ
قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَارِجٍ ...
... وبَيْنَ العُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّلِ(658/4)
عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِهِ ...
... وَأَيْسَرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُلِ
فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ ...
... يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ
ومَرَّ عَلَى القَنَانِ مِنْ نَفَيَانِهِ ...
... فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْزِلِ
وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَةٍ ...
... وَلاَ أُطُماً إِلاَّ مَشِيْداً بِجِنْدَلِ
كَأَنَّ ثَبِيْراً فِي عَرَانِيْنِ وَبْلِهِ ...
... كَبِيْرُ أُنَاسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ
كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُدْوَةً ...
... مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْزَلِ
وأَلْقَى بِصَحْرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَهُ ...
... نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ
كَأَنَّ مَكَاكِيَّ الجِوَاءِ غُدَّبَةً ...
... صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَلِ
كَأَنَّ السِّبَاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّةً ...
... بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُلِ(658/5)
معلقة زهير بن أبي سلمى 1
أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ
بِحَوْمَانَةِ الدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدَارٌ لَهَا بِالرَّقْمَتَيْنِ كَأَنَّهَا
مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَمِ
بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَةً
وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ
وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً
فَلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
أَثَافِيَ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَلِ
وَنُؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّمِ
فَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَا
أَلاَ أَنْعِمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَمِ
تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ
تَحَمَّلْنَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُمِ
جَعَلْنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَهُ
وَكَمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْرِمِ
عَلَوْنَ بِأَنْمَاطٍ عِتَاقٍ وكِلَّةٍ
وِرَادٍ حَوَاشِيْهَا مُشَاكِهَةُ الدَّمِ
وَوَرَّكْنَ فِي السُّوبَانِ يَعْلُوْنَ مَتْنَهُ
عَلَيْهِنَّ دَلُّ النَّاعِمِ المُتَنَعِّمِ
بَكَرْنَ بُكُورًا وَاسْتَحْرَنَ بِسُحْرَةٍ
فَهُنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَمِ
وَفِيْهِنَّ مَلْهَىً لِلَّطِيْفِ وَمَنْظَرٌ
أَنِيْقٌ لِعَيْنِ النَّاظِرِ المُتَوَسِّمِ
كَأَنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ
نَزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّمِ
فَلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُهُ
وَضَعْنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّمِ
ظَهَرْنَ مِنْ السُّوْبَانِ ثُمَّ جَزَعْنَهُ
عَلَى كُلِّ قَيْنِيٍّ قَشِيْبٍ وَمُفْأَمِ
فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الذِّي طَافَ حَوْلَهُ
رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُمِ
يَمِيناً لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجِدْتُمَا
عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْرَمِ
تَدَارَكْتُمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَا(659/1)
تَفَانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَمِ
وَقَدْ قُلْتُمَا إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعاً
بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَمِ
فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِنٍ
بَعِيدَيْنِ فِيْهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَمِ
عَظِيمَيْنِ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيْتُمَا
وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاً مِنَ المَجْدِ يَعْظُمِ
تُعَفِّى الكُلُومُ بِالمِئينَ فَأَصْبَحَتْ
يُنَجِّمُهَا مَنْ لَيْسَ فِيْهَا بِمُجْرِمِ
يُنَجِّمُهَا قَوْمٌ لِقَوْمٍ غَرَامَةً
وَلَمْ يَهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَمِ
فَأَصْبَحَ يَجْرِي فِيْهِمُ مِنْ تِلاَدِكُمْ
مَغَانِمُ شَتَّى مِنْ إِفَالٍ مُزَنَّمِ
أَلاَ أَبْلِغِ الأَحْلاَفَ عَنِّى رِسَالَةً
وَذُبْيَانَ هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَمِ
فَلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُمْ
لِيَخْفَى وَمَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ
يُؤَخَّرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَرْ
لِيَوْمِ الحِسَابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ
وَمَا الحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ
وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالحَدِيثِ المُرَجَّمِ
مَتَى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيْمَةً
وَتَضْرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُوهَا فَتَضْرَمِ
فَتَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَا
وَتَلْقَحْ كِشَافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِمِ
فَتُنْتِجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُمْ
كَأَحْمَرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ
فَتُغْلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِلُّ لأَهْلِهَا
قُرَىً بِالْعِرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَمِ
لَعَمْرِي لَنِعْمَ الحَيِّ جَرَّ عَلَيْهِمُ
بِمَا لاَ يُؤَاتِيْهِم حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَمِ
وَكَانَ طَوَى كَشْحاً عَلَى مُسْتَكِنَّةٍ
فَلاَ هُوَ أَبْدَاهَا وَلَمْ يَتَقَدَّمِ
وَقَالَ سَأَقْضِي حَاجَتِي ثُمَّ أَتَّقِي
عَدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرَائِيَ مُلْجَمِ
فَشَدَّ فَلَمْ يُفْزِعْ بُيُوتاً كَثِيرَةً(659/2)
لَدَى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ
لَدَى أَسَدٍ شَاكِي السِلاحِ مُقَذَّفٍ
لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ
جَريءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقَبْ بِظُلْمِهِ
سَرِيْعاً وَإِلاَّ يُبْدِ بِالظُّلْمِ يَظْلِمِ
دَعَوْا ظِمْئهُمْ حَتَى إِذَا تَمَّ أَوْرَدُوا
غِمَاراً تَفَرَّى بِالسِّلاحِ وَبِالدَّمِ
فَقَضَّوْا مَنَايَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَصْدَرُوا
إِلَى كَلَأٍ مُسْتَوْبَلٍ مُتَوَخِّمِ
لَعَمْرُكَ مَا جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُمْ
دَمَ ابْنِ نَهِيْكٍ أَوْ قَتِيْلِ المُثَلَّمِ
وَلاَ شَارَكَتْ فِي المَوْتِ فِي دَمِ نَوْفَلٍ
وَلاَ وَهَبٍ مِنْهَا وَلا ابْنِ المُخَزَّمِ
فَكُلاً أَرَاهُمْ أَصْبَحُوا يَعْقِلُونَهُ
صَحِيْحَاتِ مَالٍ طَالِعَاتٍ بِمَخْرِمِ
لِحَيِّ حَلالٍ يَعْصِمُ النَّاسَ أَمْرَهُمْ
إِذَا طَرَقَتْ إِحْدَى اللَّيَالِي بِمُعْظَمِ
كِرَامٍ فَلاَ ذُو الضِّغْنِ يُدْرِكُ تَبْلَهُ
وَلا الجَارِمُ الجَانِي عَلَيْهِمْ بِمُسْلَمِ
سَئِمْتُ تَكَالِيْفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشُ
ثَمَانِينَ حَوْلاً لا أَبَا لَكَ يَسْأَمِ
وأَعْلَمُ مَا فِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَهُ
وَلكِنَّنِي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِ
رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ
تُمِتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
وَمَنْ لَمْ يُصَانِعْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ
يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُوْطَأ بِمَنْسِمِ
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْروفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ
يَفِرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ
وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ
عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيُذْمَمِ
وَمَنْ يُوْفِ لا يُذْمَمْ وَمَنْ يُهْدَ قَلْبُهُ
إِلَى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ
وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ
وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ(659/3)
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ
يَكُنْ حَمْدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَنْدَمِ
وَمَنْ يَعْصِ أَطْرَافَ الزُّجَاجِ فَإِنَّهُ
يُطِيعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْذَمِ
وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ
يُهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَمِ
وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُواً صَدِيقَهُ
وَمَنْ لَم يُكَرِّمْ نَفْسَهُ لَم يُكَرَّمِ
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مَنْ خَلِيقَةٍ
وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
وَكَاءٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ
زِيَادَتُهُ أَو نَقْصُهُ فِي التَّكَلُّمِ
لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ
فَلَمْ يَبْقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ
وَإَنَّ سَفَاهَ الشَّيْخِ لا حِلْمَ بَعْدَهُ
وَإِنَّ الفَتَى بَعْدَ السَّفَاهَةِ يَحْلُمِ
سَألْنَا فَأَعْطَيْتُمْ وَعُداً فَعُدْتُمُ
وَمَنْ أَكْثَرَ التّسْآلَ يَوْماً سَيُحْرَمِ(659/4)
معلقة زهير وشرحها
...
1 ... بِحَوْمَانَةِ الدَّرَّاجِ فَالُمتَثَلّمِ ... أَمِنْ أُمِّ أَوْفَي دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ
2 ... مَرَاجِيعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَمِ ... وَدَارٌ لها بالرَّقْمتَيْنِ كأَنَّهَا
3 ... وَأَطْلاَؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ ... بِهَا الْعَيْنُ وَالأَرْآمُ يْمَشِينَ خِلْفَةً
4 ... فَلأْياً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ ... وَقَفْتُ بِهَا من بعْدَ عِشْرِينَ حِجَّةً
5 ... وَنُؤْياً كَجِذْمِ الْحوْضِ لم يتَثَلَّمِ ... أَثَافِي سُفْعًا فِي مُعَرَّسِ مِرْجَلٍ
6 ... أَلا أنْعِمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَمِ ... فَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَا
7 ... تَحَمَّلْنَ بالعَلْيَاءِ من فَوْقِ جُرْثُمِ ... تَبَصَّر خَلِيلي هَلْ تَرَى من ظَعائِنٍ
8 ... وكَمْ بِالقنانِ مِن مُحِلِّ وَمُحْرِمِ ... جَعَلْنَ الْقنانَ عَنْ يَمينٍ وَحَزْنَهُ
9 ... ورَادٍ حَوَاشِيهَا مُشَاكهةَ الدَّمِ ... عَلَوْنَ بأَنْماطٍ عِتَاقٍ وَكِلَّةٍ
10 ... عَلَيْهِنَّ دَلُّ النَّاعِمِ المتَنَعِّمِ ... وَوَرَّكْنَ فِي الْسُّوبانِ يَعْلُونَ مَتْنَهُ
11 ... فَهُنَّ وَوَادِى الرَّسِّ كاليَدِ لِلْفَمِ ... بَكًرْنَ بُكُوراً وَاسْتَحَزْنَ بِسُحْرةٍ
12 ... أَنِيقٌ لِعَيْنِ الْنَّاظِرِ الُمتَرَسِّمِ ... وَفيهِنَّ مَلْهَىً لَّلطِيفِ وَمَنْظَرٌ
13 ... نَزَلْنَ بهِ حَبُّ الْفَنَا لم يحَطمِ ... كَأَنَّ فتَاتَ الْعِهْنِ في كلِّ مَنْزِلٍ
14 ... وَضَعْنَ عِصِيّ الْحَاضِرِ الُمتَخَيِّمِ ... فَلَمَّا وَرَدْنَ الَماءَ زُرْقاً جِمَامُهُ
15 ... على كلِّ قَيْنيِّ قَشِيبٍ وَمُفْأَمِ ... ظَهَرْنَ مِنَ السُّوبانِ ثُمَّ جَزْعْنَهُ
16 ... رِجالُ بَنَوْهُ مِن قُرَيشٍ وَجُرْهُمِ ... فَأَقْسَمْتُ بالبَيْتِ الّذِي طافَ حوْلَهُ
17 ... على كلِّ حالٍ من سَحيلٍ وَمُبْرَمِ ... يَميناً لَنِعْمَ الْسَّيِّدانِ وُجِدْتَما(660/1)
18 ... تَفَانَوْا وَدُّقوا بَيْنَهُمْ عِطْر مَنْشِمِ ... تَدَارَ كُتما عَبْساً وَذُبْيَانَ بَعْدمَا
19 ... بمالٍ ومَعْروفٍ من الْقَوْلِ نَسْلَمِ ... وقَدْ قُلْتُما: إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ واسِعاً
20 ... بَعِيدَيْن فيها مِنْ عُقُوقٍ ومَأْثَمِ ... فَأَصْبَحْتُما منها على خَيرِ مَوْطِنٍ
21 ... ومَنْ يَسْتَبِحْ كنزاً من الَمجدِ يَعْظُمِ ... عَظِيمْينِ فِي عُلْيَا مَعدِّ هُديِتُما
22 ... يُنَجِّمُهَا مَنْ لَيْسَ فِيهَا بِمُجْرِمِ ... تُعَفَّى الكُلُومُ بالِمئينَ فأصْبَحَتْ
23 ... وَلم يُهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَمِ ... يُنَجِّمُهَا قَوْمٌ لِقَوْمٍ غَرامَةً
24 ... مَغَانمُ شَىَّ مِنْ إِفَالٍ مُزَنّمِ ... فأصْبَحَ يَجَرِي فيهمُ منِ تلادِكُمْ
25 ... وَذُبيَانَ هل أَقْسَمْتُم كلَّ مُقْسَمِ ... أَلا أَبْلِغِ الأَحْلافَ عني رِسَالَةً
26 ... لِيَخْفَى ومَهْما يُكْتمِ اللهُ يَعْلَمِ ... فَلا تَكْتُمُنَّ اللهَ ما في نُفُوسِكمْ
27 ... لِيَوْمِ الحِسابِ أَوْ يُعَجَّلْ فيُنْقَمِ ... يُؤَخَّرْ فيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَرْ
28 ... ومَا ُهَو عَنْهَا بالحَديثِ الُمرَجَّمِ ... وَمَا الحَرْبُ إِلا ما عَلِمْتُم وَذُقْتُمُ
29 ... وَتَضْرَ إِذا ضَرَّيْتُمُوها فَتَضْرَم ... مَتَى تَبْعَثُوها تَبْعَثُوها ذَميمَةً
30 ... وَتَلْقَحْ كِشَافاً ثمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِمِ ... فَتَعْرُكُكْم عرْكَ الرّحى بثِقالها
31 ... كأَحْمَرِ عادٍ ثمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ ... فَتُنْتِجْ لَكُمْ غلْمانَ أَشأَمَ كّلهمْ
32 ... قُرًى بالعرَاقِ من قَفِيزٍ وَدِرْهَمِ ... فتُغْلِلْ لكُمْ مَا لا تُغِلُّ لأهْلِهَا
33 ... بمالا يُؤاتِيهمْ حَصينُ بنُ ضَمضمِ ... لَعَمْرِي لَنِعْمَ الحَيِّ جَرَّ عليهِمُ
34 ... فَلا هُوَ أَبْداها ولَمْ يَتَقَدَّمِ ... وكانَ طوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنّةِ
35 ... عَدُوِّي بأَلْفٍ مِنْ وَرَائِيَ مُلَجَمِ ... وقَالَ سأقْضِي حاجتي ثُمَّ أَتَّقِي(660/2)
36 ... لدى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَها أَمُّ قَشْعَمِ ... فَشَدَّ فَلَمْ يُفْزِعْ بُيُوتاً كثيرةً
37 ... لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ ... لدى أَسَدٍ شاكي السِّلاحِ مُقَذَّفٍ
38 ... سَريعاً، وَإِلا يُبْدَ بالظلمِ يَظْلِمِ ... جَرِيءِ مَتى يُظْلَمْ يُعَاقِبْ بِظْلمِهِ
39 ... غِماراً تَفَرَّى بالسِّلاحِ وبالدَّمِ ... دعوا ظِمأَهْم حتَّى إِذا تَم أوْرَدُوا
40 ... إِلى كلإِ مُسْتَوْبِلٍ مُتَوَخِّمِ ... فَقَضَّوا مَنايا بَيْنَهُم ثمَّ أَصْدَروا
41 ... دَمَ ابْنِ نَهِيكٍ أَوْ قَتِيلِ الُمثَلّمِ ... لَعَمرُكَ ما جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهمْ
42 ... وَلا وَهَبِ مِنْها وَلا ابنِ الُمَخَّزمِ ... وَلا شَاركَتْ في الَموْتِ فِي دَمِ نَوْفَل
43 ... صَحِيحاتِ مالٍ طالِعاتٍ بِمَخْرِمِ ... فكُلاَّ أَرَاهُمْ أَصْبَحُوا يَعْقِلُونَهُ
44 ... إِذَا طَرَقَتْ إِحْدى اللَّيالي بُمعْظَمِ ... لِحَيِّ حِلالٍ يَعصِمُ الْنَّاسَ أَمْرُهُمْ
45 ... وَلا الَجارِمُ الجَاني عَلَيْهم بُمسْلَمِ ... كِرامٍ فَلاذُو الضِّغْنِ يُدْرِكُ تَبْلَهُ
46 ... ثَمانِينَ حَولاً لا أَبا لَكِ يَسأمِ ... سَئِمْتُ تَكالِيفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشْ
47 ... وَلكِنَّني عن عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِ ... وَأَعْلَمُ مَا فِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَهُ
48 ... تُمِتْهُ وَمِنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ ... رَأَيْتُ الَمنايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَن تُصِبْ
49 ... يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُوطَأْ بِمَنْسِمِ ... وَمَنْ لم يُصانِعْ في أْمُورٍ كَثِيرَةٍ
50 ... يَفِرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ ... وَمَنْ يَجْعلِ المعْروفَ مِن دُونِ عِرْضِهِ
51 ... على قَوْمِهِ يُسْتَعْنَ عنْهُ وَيُذْمَمِ ... وَمَنْ يَكُ ذا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بفَضلِهِ
52 ... إِلى مُطْمَئِنِّ الْبِرِّ لا يَتَجَمْجمِ ... وَمَنْ يُوفِ لا يُذْمَمْ وَمن يُهدَ قلبُهُ
53 ... وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ ... وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الَمنَايَا يَنَلْنَهُ(660/3)
54 ... يَكُنْ حَمْدُهُ ذَمّاً عَلَيْهِ وَيَنْدَمِ ... وَمَنْ يَجْعَلِ الَمعْرُوفَ في غَيْرِ أَهْلِهِ
55 ... يُطيعُ الْعَواِلي رُكِّبَتْ كلَّ لَهْذَمِ ... وَمَن يَعْضِ أَطْرَافَ الزِّجاج فإِنَّهُ
56 ... يُهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظلمِ الْنّاسَ يُظَلمِ ... وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاِحهِ
57 ... وَمَنْ لَمْ يُكَرِّمْ نَفْسَهُ لم يكَرَّمِ ... وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسِبْ عدُوَّا صَدِيقَهُ
58 ... وَإِنْ خَالَها تَخْفَى على النّاسِ تُعْلَمِ ... وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِىءِ مِنْ خْلِيقَةٍ
59 ... زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَّكَلّمِ ... وكائنْ تَرَى من صامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ
60 ... فلَمْ يَبْقَ إِلا صورَةُ اللَّحْمِ والدَّمِ ... لسانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فؤَادُهُ
61 ... وَإِنَّ الْفَتَى بَعْدَ الْسَّفَاهَةِ يَحْلُمِ ... وَإِنَّ سَفَاهَ الْشَّيْخِ لا حِلْمَ بَعْدَهُ
62 ... وَمَنْ أَكْثَرَ التّسآلَ يَوماً سَيُحْرَمِ ... سأَلْنا فَأَعْطَيْتُمْ وَعُدْنَا فَعُدْتُمْ
******************
الدمنة : ما اسود من آثار الدار بالعبر والرماد وغيرهما ، والجمع الدمن ، والدمنة الحقد ، والدمنة السرجين وهي في البيت بمعنى الأول ، حومانة الدراج والمتلثم : موضعان . وقوله : أمن أم أوفى ، يعني أمن منازل الحبيبة المكناة بأم أوفي دمنة لا تجيب ؟ وقوله : لم تكلم ، جزم بلم ثم حرك الميم بالكسر لأن الساكن إذا حرك كان الأحرى تحريكه بالكسر ولم يكن بد ههنا من تحريكه ليستقيم الوزن ويثبت السجع ثم أشبعت الكسرة بالاطلاق لأن القصيدة مطلقة القوافي . يقول : أمن منازل الحبيبة المكناة بأم أوفى دمنة لا تجيب سؤالها بهذين الموضعين . أخرج الشاعر الكلام في معرض الشك ليدل بذلك على أنه لبعد عهده بالدمنة وفرط تغيرها لم يعرفها معرفة قطع وتحقيق ... 1(660/4)
الرقمتان : حرتان إحداهما قريبة من البصرة والاخرى قريبة من المدينة ، المراجيع : جمع المرجوع ، من قولهم : رجعه رجعا ، أراد الوشم المجدد والمردد ، نواشر المعصم : عروقه ، الواحد : ناشر ن وقيل ناشرة ، والمعصم : موضع السوار من اليد ، والجمع المعاصم يقول : أمن منازلها دار بالرقمتين ؟ يريد أنها تحل الموضعين عند الانتجاع ولم يرد انها تسكنهما جميعا لان بينهما مسافة بعيدة ، ثم شبه رسوم دار بهما بوشم في المعصم قد رمم وجدد بعد انمحائه ، شبه رسوم الدار عند تجديد السيول إياها بكشف التراب عنها بتجديد الوشم ؛ وتلخيص المعنى : أنه أخرج الكلام في معرض الشك في هذه الدار أهي لها أم لا ، ثم شبه رسومها بالوشم المجدد في المعصم ؛ وقوله ، ودار لها بالرقمتين ، يريد : وداران لها بهما ، فاجتزأ بالواحد عن التثنية لزوال اللبس إذ لا ريب في أن الدار الواحدة لا تكون قريبة من البصرة والمدينة ؛ وقوله كأنها ، أراد كأن رسومها وأطلالها ، فحذف المضاف ... 2
قوله : بها العين ، أي البقر العين ، فحذف الموصوف لدلالة الصفة عليه ، والعين : الواسعات العيون ، والعين سعة العين ، الأرآم : جمع رئم وهو الظبي الابيض خالص البياض ، وقوله : خلفه ، أي يخلف بعضها بعضا إذا مضى قطيع منها جاء قطيع آخر ، ومنه قوله تعالى :"وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة" الاطلاء : جمع الطلا وهو ولد الظبية والبقرة الوحشية ويستعار لولد الإنسان . ، الجثوم للناس والطير والوحوش ، والفعل جثم يجثم ، والمجثم : موضع الجثوم ، والمجثم الجثوم ، فالمفعل من باب فعل يفعل ، إذا كان مفتوح العين كان مصدرا ، وإذا كان مكسور العين كان موضعا ، المضرب بالفتح والمضرب بالكسر يقول : بهذه الدار بقر وحش واسعات العيون وظباء بيض يمشين بها خالفات بعضها بعضا وتنهض اولادها من مرابضها لترضعها أمهاتها ... 3(660/5)
الحجة : السنة ، والجمع الحجج ، اللأي : الجهد والمشقة يقول : وقفت بدار أم أوفى بعد مضي عشرين سنة من بينها ، وعرفت دارها بعد التوهم بمقاساة جهد ومعاناة مشقة ، يريد أنه لم يثبتها إلا بعد جهد ومشقة لبعد العهد بها ودروس أعلامها ... 4
الأثافية : جمعها الأثافي بتثقيل الياء وتخفيفها ، وهي حجارة توضع القدر عليها ، ثم إن كان من الحديد سمي منصبا ، والجمع المناصب ، ولا يسمى أثفية ، السفع : السود ، والأسفع مثل الأسود ، والسفاع مثل السواد ، المعرس : أصله المنزل ، من التعريس وهو النزول في وقت السحر ، ثم استعير للمكان الذي تنصب فيه القدر ، المرجل : القدر عند ثعلب من أي صنف من المعادن كانت ، النؤي : نهير يحفر حول البيت ليجري فيه الماء الذي ينصب من البيت عند المطر ولا يدخل البيت ، والجمع الآناء ، الجذم : الأصل ، ويروى: كحوض الجد ، والجد : البئر القريبة من الكلا ، وقيل بل هي البئر القديمة يقول : عرفت حجارة سودا تنصب عليها القدر ، وعرفت نهيرا كان حول بيت أم أوفى بقي غير متلثم كأنه حوض وقد نصب أثافي على البدل من الدار في قوله عرفت الدار ، يريد أن هذه الأشياء دلته على أنها دار أم أوفى ... 5(660/6)
كانت العرب تقول في تحيتها : أنعم صباحا أي نعمت صباحا ، أي طاب عيشك في صباحك ، من النعمة وهي طيب العيش ، وخص الصباح بهذا الدعاء لأن الغارات والكرائه تقع صباحا ، وفيها أربع لغات : أنعم صباحا ، بفتح العين ، من نعم ينعم مثل علم يعلم . والثانية أنعم ، بكسر العين ، من نعم ينعم مثل حسب يحسب ، ولم يات على فعل يفعل من الصحيح غيرهما ، وقد ذكر سيبويه أن بعض العرب أنشده قول أمرئ القيس : ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي وهل ينعمن منن كان في العصرالخالي؟ بكسر العين من ينعم . والثالثة عم صباحا من وعم يعم مثل وضع يضع ، والرابعة عم صباحا من وعم يعم مثل وعد يعد يقول : وقفت بدار أم أوفى فقلت لدارها محييا إياها وداعيا لها : طاب عيشك في صباحك وسلمت ... 6
الظعائن : جمع ظعينة ، لأنها تظعن مع زوجها ، من الظعن وهو الارتحال ، بالعلياء: أي بالأرض العلياء أي المرتفعة ، جرثم : ماء بعينه يقول : فقلت لخليلي : أنظر ياخليلي هل بالأرض العالية من فوق هذا الماء نساء في هوادج على إبل ؟ يريد أن الوجد يرح به والصبابة ألحت عليه حتى ظن المحال لفرظ ولهه ، لأن كونهن بحيث يراهن خليله بعد مضي عشرين سنة محال ، التبصر : النظر ، التحمل : الترحل ... 7
الفنان : جبل لبني أسد ، عن يمين ، يريد الظعائن ، الحزن : ما غلظ من الارض وكان مستويا . والحزن ما غلظ من الارض وكان مرتفعا ، من محل ومحرم ، يقال : حل الرجل من إحرامه وأحل ، وقال الاصمعي : من محل ومحرم ، يريد من له حرمة ومن لا حرمة له ، وقال غيره : ويريد دخل في أشهر الحل ودخل فى أشهر الحرم يقول مررت بهم أشهر الحل ودخل وأشهر الحرم ... 8(660/7)
الباء في قوله علون بأنماط للتعدية ن ويروى : وأعلين وهما بمعنى واحد ، والمعالاة قد تكون بمعنى الإعلاء ومنه قول الشاعر : عاليت أنساعي وجلب الكور على سراة رائح ممطور أنماط : جمع نمط وهو ما يبسط من صنوف الثياب ، العتاق : الكرام الواحد عتيق ، الكلة : الستر الرقيق ، والجمع الكلل ، الوارد : جمع ورد وهو الاحمر والذي يضربلونه إلى الحمرة ، المشاكهة : المشابهة ، ويروى وارد الحواشي لونها لون عندم ، العندم : البقم ، والعندم دم الاخوين يقول : وأعلين أنماطا كراما ذات أخطار وسترا رقيقا ، أي القينها على الهوادج وغشين بها . ثم وصف تلك الثياب بأنها حمر الحواشي يشبه الوانها الدم في شدة الحمرة أو البقم أو دم الأخوين ... 9
السوبان : الارض المرتفعة اسم علم لها ، التوريك : ركوب أوراك الدواب ، الدل والدلال والداله واحد ، وقد أدلت المرأة وتدللت ، النعمة: طيب العيش والنتعم : تكلف النعمة يقول : وركبت هؤلاء النسوة أوراك ركابهن في حال علوهن متن السوبان وعليهن دلال الانسان الطيب العيش الذي يتكلف ذلك ... 10
بكر وابتكر وبكر وأبكر : ساربكرة ، استحر: سار سحرا سحرة : اسم للسحر ، لاتصرف سحرة وسحر إذا عنيتهما من يومك الذي أنت فيه . وان عنيت سحرا من الاسحار صرفتهما ، وادي الرس : واد بعينه يقول : ابتدأن السير وسرن سحرا وهن قاصدات لوادي الرس لا يخطئنه كاليد القاصدة الفم لا تخطئه ... 11(660/8)
الملهى : اللهو وموضعه ، اللطيف : المتأنق الحسن المنظر ، الانيق : المعجب ، فعيل بمعنى المفعل كالحكيم بمعنى المحكم والسميع بمعنى المسمع والاليم بمعنى المؤلم ، ومنه قوله عز وجل:"عذاب أليم" ، ومنه قول الشاعر ابن معديكرب: أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع أي المسمع ، والإيناق : الإعجاب ، التوسم : التفرس ، ومنه قوله تعالى:"وإن في ذلك لآيات للمتوسمين" وأصله من الوسامة وهما الحسن كأن التوسم تتبع محاسن الشيئ ، وقد يكون من الوسم فيكون تتبع علامات الشيئ وسماته يقول : وفي هؤلاء النسوة لهو للمتأنق الحسن المنظر ومناظر معجبة لعين الناظر المتتبع محاسنهن وسمات جمالهن ... 12
الفتات : اسم لما انفت من الشيئ أي تقطع وتفرق ، وأصله من الفت وهو التقطع والتفريق ، والفعل منه فت يفت ، والمبالغة التفتيت والمطاوع الانفتات والتفتت ، الفنا : عنب الثعلب ، التحطم : التكسر ، والحطم التكسر ، العهن : الصوف المصبوغ ، والجمع العهون يقول : كأن قطع الصوف المصبوغ الذي زينت به الهوادج في كل منزل نزلته هؤلاء النسوة حب عنب الثعلب في حال كونه غير محطم ، لانه إذا حطم زايله لونه ، شبه الصوف الاحمر بحب عنب الثعلب قبل تحطيمه ... 13
الزرقة : شدة الصفاء ، ونصل أزرق وماء أزرق إذا اشتد صفاؤهما والجمع زرق ، ومنه زرقة العين ، العين الجمام : جمع جم الماء وجمته ، وهو ما اجتمع منه في البئر والحوض أو غيرهما ، وضع العصي : كناية عن الإقامة ، لأن المسافرين إذا أقاموا وضعوا عصيهم ، التخييم : ابتناء الخيمة . فلما وردت هؤلاء الظعائن الماء وقد اشتد صفاء ما جمع منه في الآبار والحياض عزمن على الإقامة كالحاضر المبتني الخيمة ... 14(660/9)
الجزع : قطع الوادي ، والفعل جزع يجزع ، ومنه قول امرئ القيس : وآخر منهم جازع نجد كبكب أي قاطع ، القين : كل صانع عند العرب ، فالحداد قين ، والجزار قين ، فالقين هنا الرحال ، وجمع العين قيون مثل بيت وبيوت ، وأصل القين الإصلاح ، والفعل منه قان يقين ، ثم وضع المصدر موضع اسم الفاعل وجعل كل صانع قينا لانه مصلح ؛ ومنه قول الشاعر : ولي كبد مجروحة قد بدا بها صدوع الهوى لو أن قينا يقينها أي لو أن مصلحا يصلحها . ويروى : على كل حيري ، منسوب إلى الحيرة ، وهي بلدة ، القشيب: الجديد ، المفأم : الموسع يقول : علون من وادي السوبان ثم قطعته مرة اخرى لانه اعترض لهن في طريقهن مرتين وهن على كل رحل حيري أو قيني جديد موسع ... 15
يقول: حلفت بالكعبة التي طاف حولها من بناها من القبيلتين ، جرهم قبيلة قديمة تزوج فيهم إسماعيل ، عليه السلام ، فغلبوا على الكعبة والحرم بعد وفاته ، عليه السلام ، وضعف أمر أولاده ، ثم استولت عليها بعد جرهم ، خزاعة ، إلى أن عادت إلى قريش ، وقريش اسم لولد النضرين ابن كنانة ... 16
السحيل : المفتول على قوة واحدة ، المبرم : المفتول على قوتين أو أكثر ، ثم يستعار السحيل للضعيف والمبرم القوي يقول : حلفت يمينا ، أي حلفت حلفا ، نعم السيدان وجدتما على كل حال ضعيفة وحال قوية ، لقد وجدتما كاملين مستوفيين لخلال الشرف في حال يحتاج فيها إلى ممارسة الشدائد وحال يفتقر فيها إلى معاناة النوائب ، وأراد بالسيدين هرم بن سنان والحارث بن عوف ، مدحهما لإتمامهما الصلح بين عبس وذبيان وتحملهما أعباء ديات القتلى ... 17(660/10)
التدارك : التلافي ، أي تداركتما امرهما ، التفاني : التشارك في الفناء ، منثم : قيل فيه انه اسم امرأة عطارة اشترى قوم منها جفنه من العطر ، وتعاقدوا وتحالفوا وجعلوا آية الحلف غمسهم الايدي في ذلك العطر، فقاتلوا العدو الذي تحالفوا على قتاله فقتلوا عن آخرهم ، فتطير العرب بعطر منثم وسار المثل به ، وقيل : بل كان عطارا يشترى منه ما يحنط به الموتى فسار المثل به يقول ، تلافيتما امر هاتين القبيلتين بعدما أفنى القتال رجالهما وبعد دقهم عطر هذه المرأة ، أي بعد إتيان القتال على آخرهم كما أتى على آخر المتعطرين بعطر من ... 18
السلم : الصلح ، يذكر ويؤنث يقول : وقد قلتما ، إن أدركنا الصلح واسعا ، أي أن اتفق لنا إتمام الصلح بين القبيلتين ببذل المال واسداء المعروف من الخير سلمنا من تفاني العشائر ... 19
العقوق : العصيان ، ومنه قوله ، عليه السلام ، "لايدخل الجنة عاق لابويه" ، المأثم ، الاثم ، يقال أثم الرجل يأثم أذا أقدم على إثم ، وأثمة الله يأثمه إثاما وإثما إذا جازاه بإثمه ، وأثمه إيثاما صيره ذا إثم ، وتأثم الرجل تأثما إذا تجنب الاثم ، مثل تحرج وتحنث وتحوب اذا تجنب الحرج والحنث والحوب يقول : فأصبحنا على خير موطن من الصلح بعيدين في إتمامه من عقوق الاقارب والاثم بقطيعة الرحم ؛ وتلخيص المعنى ، انكما طلبتما الصلح بين العشائر ببذل الاعلاق وظفرتما به وبعدتما عن قطيعة الرحم . والضمير في منها يعود إلى السلم ، يذكر ويؤنث ... 20(660/11)
العليا ، تأنيث الاعلى ، وجمعها العليات والعلى مثل الكبرى في تأنيث الاكبر والكبريات والكبر في جمعها ، وكذلك قياس الباب ، وقوله هديتما ، دعاء لهما ، الاستباحة : وجود الشيء مباح ، والاستباحة الاستئصال . ويروى يعظم من الاعظام بمعنى التعظيم ، ونصب عظيمين على الحال يقول : ظفرتما بالصلح في حال عظمتكما في الرتبة العليا من شرف معد وحسبها ، ثم دعا لهما فقال : هديتما إلى طريق الصلاح والنجاح والفلاح ، ثم قال : ومن وجد كنزا من المجد مباحا واستأصله عظم أمره أو عظم فيما بين الكرام ... 21
الكلوم والكلام : جمع كلم وهو الجرح ، وقد يكون مصدرا كالجرح ، التعفيه : التمحية ، من قولهم : عفا الشيئ يعفو اذا انمحى ودرس وعفاه غيره ويعفيه وعفاه أيضا عفوا ، ينجمها أي يعطيها نجوما . يقول : تمحى وتزال الجراح بالمئين من الإبل فأصبحت الإبل يعطيها نجوما من هو بريء الساحة بعيد عن الجرم في هذه الحروب ، يريد أنهما بمعزل عن إراقة الدماء وقد ضمنا إعطاء الديات وأخرجاها نجوما ، وكذلك نعطى الديات ... 22
أراق الماء والدم يريقه ، وهرقه يهريقه ، وأهراقه يهريقه لغات ، والأصل اللغة الأولى ، والهاء في الثانية بدل من الهمزة في الأولى ، وجمع في الثالثة بين البدل والمبدل توهما أن همزة أفعل لم تلحقه بعد ، المحجم : آلة الحجام ، والجمع المحاجم يقول : ينجم الإبل قوم غرامة لقوم ، أي ينجمها هذان السيدان غرامة للقتلى ، لأن الديات تلزمهم دونهما ، ثم قال : هؤلاء الذين ينجمون الديات لم يريقوا مقدار ما يملأ محجما من الدماء ، والملء مصدر ملأت الشيء ، والملء مقدار الشيء الذي يملأ الإناء وغيره ، وجمعه أملأ ، يقال : أعطني ملء القدح ومليئة وثلاثة أملائه ... 23(660/12)
التلاد والتليد : المال القديم الموروث ، المغانم جمع المغنم وهو الغنيمة ، شتى أي متفرقة ، الإفال : جمع أفيل وهو الصغير السن من الإبل ، المزنم : المعلم بزنمه يقول : فأصبح يجري في أولياء المقتولين من نفائس أموالكم القديمة الموروثة غنائم متفرقة من إبل صغار معلمة ، وخص الصغار لأن الديات تعطى من بنات اللبون والحقاق ولأجذاع ، ولم يقل المزنمة وإن كان وصفه الإفال حملا على اللفظ لأن فعالا من الأبنية التي اشترك فيها الآحاد والجموع وكل بناء انخرط في هذا السلك ساغ تذكيره حملا على اللفظ ... 24
الأحلاف والحلفاء : الجيران ، جمع حليف على أحلاف كما جمع نجيب على أنجاب وشريف على أشراف وشهيد على أشهاد ، أنشد يعقوب : قد أغتدي بقينة أنجاب وجهمة الليل إلى ذهاب أقسم أي حلف ، وتقاسم القوم أي تحالفوا ، والقسم الحلف ، والجمع الأقسام ، وكذلك القسيمة ، هل أقسمتم أي قد أقسمتم ، ومنه قوله تعالى : " هل أتى على الأنسان" أي قد أتى ، وأنشد سيبويه : سائل فوارس يربوع بشدتنا أهل رأونا بسفح القف ذي الأكم أي قد رأونا ، لأن حرف الاستفهام لا يلحق حرف الاستفهام يقول : أبلغ ذبيان وحلفاءها وقل لهم قد حلفتم على إبرام حبل الصلح كل حف فتحرجوا الحنث وتجنبوا ... 25
يقول : لا تخفوا من الله ما تضمرون من الغدر ونقض العهد ليخفى على الله ومهما يكتم من شيء يعلمه الله ، يريد أن الله عالم بالخفيات والسرائر ولا يخفى عليه شيئ من ضمائر العباد ، فلا تضمروا الغدر ونقض العهد فإنكم إن أضمرتموه علمه الله ، وقوله يكتم الله أي يكتم من الله ... 26
أي يؤخر عقابه في كتاب فيدخر ليوم الحساب أو يعجل العقاب في الدنيا قبل المصير إلى الآخرة فينتقم من صاحبه ، يريد لا مخلص من عقاب آجلا أو عاجلا ... 27(660/13)
الذوق : التجربة ، الحديث المرجم : الذي يرجم فيه بالظنون أي يحكم فيه بظنونها يقول : ليست الحرب إلا ما عهدتموها وجربتموها ومارستم كراهتها وما هذا الذي أقوله بحديث مرجم عن الحرب ، أي هذا ما شهدت عليه الشواهد الصادقة من التجارب وليس من أحكام الظنون ... 28
الضرى : شدة الحرب واستعار نارها ، وكذلك الضراوة ، والفعل ضري بضرى ، والإضراء والتضرية الحمل على الضراوة ، ضرمت النار تضرم ضرما واضطرمت وتضرمت : التهبت ، وأضرمتها وضرمتها : ألهبتها يقول : متى تبعثوا الحرب مذمومة أي تذمون على إثارتها ، وشتد ضرمها إذ حملتموها على شدة الضرى فتلتهب نيرانها ، وتلخيص المعنى : إنكم إذ أوقدتم نار الحرب ذممتم ومتى أثرتموها ثارت وهيجتموها فهو يحثهم على التمسك بالصلح ويعلمهم سوء عاقبة إيقاد نار الحرب ... 29
ثفال الرحى : خرقة أو جلدة تبسط تحتها ليقع الطحين . والباء في قوله بثفالها بمعنى مع ، اللقح واللقاح حمل الولد ، يقال : لقحت الناقة والإقاح جعلها كذلك ، الكشاف : أن تلقح نعجة في السنة مرتين أنتجت الناقة إنتاجا إذا ولدت عندي ن ونتجت الناقة تنتج ، الاتآم : أن تلد الأنثى توأمين ، وامرأة متآم إذا كان ذلك دأبها ، والتوأم ، بجمع على التؤام يقول : وتعرككم الحرب عرك الرحى الحب مع ثفاله ، وخص تلك الحالة لأنه لا يبسط إلا عند الطحن ، ثم قال ك وتلقح الحرب في السنة مرتين وتلد توأمين ، جعل إنفاء الحرب إياهم بمنزلة طحن الرحى الحب وجعل صنوف الشر تتولد من تلك الحروب بمنزلة الأولاد الناشئة من الأمهات ، وبالغ في وصفها باستتباع الشر شيئين : احدهما جعله إياها لاقحة كشافا ، والآخر إتآمها ... 30(660/14)
الشؤم : ضد اليمن ، ويقا رجل مشؤوم ورجال مشائيم كما يقال رجل ميمون ورجال ميامين ، الأشأم أفعل من الشؤم ، وهو مبالغة المشؤوم وكذلك الأيمن مبالغة الميمون ، وجمعه الأشائم ، وأراد بأحمر عاد أحمر ثمود وهو عاقر الناقة ، واسمه قدار بن سالف يقول : فتولد لكم أبناء في أثناء تلك الحروب كل واحد منهم بضاهي في الشؤم عاقر الناقة ، ثم ترضعهم الحروب وتقطعهم ، أي تكون ولادتهم ونشؤهم في الحرب فيصبحون مشائيم على آبائهم ... 31
أغلت الأرض تغل إذا كانت لها غلة ، أظهر تضعيف المضاعف في محل الجزم والبناء على الوقف ، يتهكم ويهزأ بهم يقول : فتغل لكم الحروب حينئذ ضروبا من الغلات لا يكون مثلها لقرى من العراق التي تغل الدراهم بالقفيزات ، وتلخيص المعنى أن المضار المتولدة من هذه الحروب تربي على المنافع المتولدة من هذه القرى كل هذا حث منه لهم على الاعتصام بحبل الصلح وزجر لهم عن الغدر بإيقاد نار الحرب يقول : لم يتقدم بما أخفى فيعجل به ولكن أخره حتى يمكنه ... 32
جر عليهم : جنى عليهم ، والجريرة الجناية ، والجمع الجرائر ، يؤاتيهم : يوافقهم ، وهذه المؤاتاة هي قتل ورد بن حابس العبسي هرم بن ضمضم قبل هذا الصلح ، فلما اصطلحت القبيلتان عبس وذبيان استتر وتوارى حصين بن ضمضم لئلا يطالب بالدخول في الصلح ، وكان ينتهز الفرصة حتى ظفر برجل من عبس فشد عليه فقتله فركبت عبس فاستقر الأمر بين القبيلتين عل عقل القتيل يقول : أقسم بحياتي لنعمت القبيلة جنى عليهم حصين بن ضمضم وإن لم يوافقوه في إضمار الغدر ونقض العهد ... 33(660/15)
الكشح منقطع الأضلاع ، والجمع كشوح ، والكاشح المضمر العداوة في كشحه ، وقيل نبل هو من وقولهم : كشح يكشح كشحا إذا أدبر وولى وإنما سمي العدو كاشحا لإعراضه عن الود والوفاق ، ويقال طوى كشحه على كذا أي أضمر في صدره ، الاستكنان : طلب الكن ، والاستكنان الاستتار ، وهو في البيت على العنى الثاني ، فلا هو أبداها أي فلم يبدها وليكون لا مع الفعل الماضي بمنزلة لم مع الفعل المستقبل في المعنى ، كقوله تعال "فلا صدق ولا صلى" أي فلم يصدق ولم يصل ، وقوله تعالى :"فلا اقتحم العقبة" أي لم يقتحمها يقول : وكان حصين أضمر في صدره حقدا وطوى كشحه على نية مستترة فيه ولم يظهرها لأحد قبل ولم يتقد عليها قبل إمكانه الفرصة ... 34
يقول : وقال حصين في نفسه : سأقضي حاجتي من قتل قاتل أخي أو قتل كفؤ له ثم أجعل بيني وبين عدوي الف فارس ملجم فرسه أو ألفا من الخيل ملجما ... 35
الشدة : الحملة ، وقد شد عليه يشد شدا ، الإفزاع : الاخافة أم قشعم : كنية الموت يقول : فحمل حصين على الرجل الذي رام أن يقتله بأخيه ولم يفزع بيوتا كثيرة ، أي لم يتعرض لغيره عند ملقى رحل المنية ، وملقى الرحل : المنزل ، لأن المسافر يلقي به رحله ، اراد عند منزل المنية ... 36
شاكي السلاح وشائك السلاح وشاك السلاح ، أي تام السلاح ، كله من الشوكة وهي العدة والقوة ، مقذف : أي يقذف به كثيرا إلى الوقائع ، والتقذيف القذف ، اللبد : جمع لبدة الآسد وهي ما تلبد من شعر على منكبيه يقول : عند أسد تام السلاح يصلح لان يرمى به إلى الحروب . فالرجل يشبه أسدا له لبدتان لم تقلم براثنه ، يريد أنه لا يعتريه ضعف ولا يعييه عدم شوكة كما أن الاسد لا يقل براثنه ، والبيت كله من صفة حصين ... 37(660/16)
الجرأة والجراءة : الشجاعة ، والفعل جرؤ يجرؤ وقد جرأته عليه ن بدأت بالشيء أبدأ به مهموز فقلبت الهمزة ألفا ثم حذفت للجازم يقول : وهو شجاع منى ظلم عاقب الظالم بظلمه سريعا ، وإن لم يظلمه أحد ظلم الناس إظهارا لغنائه وحسن بلائه ، والبيت من صفة أسد في البيت الذي قبله وعنى به حصينا ، ثم اضرب عن قصته ورجع إلى تقبيح صورة الحرب والحث على الاعتصام بالصلح ... 38
الرعي يقتصر على مفعول واحد : رعت الماشية الكلأ ، وقد يتعدى الى مفعولين نحو : رعيت الماشية الكلأ ورعى الكلأ نفسه الظمء : ما بين موردين ،والجمع الاظماء ، الغمار: جمع غمر وهو الماء الكمثير ، التفري : التشقق يقول: رعوا إبلهم الكلأ حتى إذا تم الظمء اوردوها مياها كثيرة ، وهذا كله استعارة ، والمعنى أنهم كفوا عن القتال وأقلعوا عن النزال مدة معلومة كما ترعى الابل مدة معلومة ثم عاودوا الوقائع كما تورد الابل بعد الرعي فالحروب بمنزلة الغمار ولكنها تنشق عنهم باستعمال السلاح وسفك الدماء ... 39
قضيت الشيء وقضيته : أحكمته وأتممته أصدرت : ضد أوردت ، استوبلت الشيء : وجدته وبيلا ، واستوخمته وتوخمته : وجدته وخيما ، والوبيل والوخيم : الذي لا يستمرا يقول : فأحكموا وتمموا منايا بينهم أي قتل كل واحد من الحيين صنفا من الآخر فكأنهم تمموا منايا قتلاهم ثم أصدروا إبلهم بعد كلإ وبيل وخيم أي ، ثم أقلعوا عن القتال والقراع واشتغلوا بالاستعداد له ثانيا كما تصدر الإبل فترعى إلى أن تورد ثانيا ، وجعل اعتزامهم على الحرب ثانية والاستعداد لها بمنزلة كلإ وبيل وخيم ، كما جعل استعدادهم للحرب أولا وخوضهم غمراتها وإقلاعهم عنها زمنا وخوضهم إياها ثانية بمنزلة رعي الإبل أولا ، وإيرادها وإصدارها ورعيها ثانيا ، وشبه تلك الحال بهذه الحال ، ثم أضرب عن هذا الكلام وعاد إلى مدح الذين يعقلون القتلى ويدفعون الديات ... 40(660/17)
يقول : أقسم ببقائك وحياتهم أن رماحهم لم تجن عليهم دماء هؤلاء ، أي لم يسفكوها ولم يشاركوا قاتليهم في سفك دمائهم ، والتأنيث في شاركت الرماح يبين براءة ذممهم عن سفك دمهم ليكون ذلك أبلغ في مدحهم بعقلهم القتلى ... 41
مضى شرح هذا البيت في أثناء شرح البيت الذي قبله ... 42
عقلت القتيل : وديته ، وعقلت عن الرجل أعقل عنه ، أديت عنه الدية التي لزمته ، وسميت الدية عقلا لأنها تعقل الدم عن السفك أي تحقنه وتحبسه ، وقيل بل سميت عقلا لأن الوادي كان يأتي بالإبل إلى أقنية القتيل فيعقلها هناك بعقلها ، فعقل على هذا القول بمعنى المعقول ، ثم سميت الدية عقلا وإن كانت دنانير ودراهم ، والأصل ما ذكرنا ، طلعت الثنية وأطلعتها : علوتها ، المخرم : منقطع أنف الجبل والطريق فيه ، والجمع المخارم يقول : فكل واحد من القتلى أرى العاقلين يعقلونه بصحيحات ابل تعلو في طرق الجبال عند سوقها إلى أولياء المقتولين ... 43
حلال : جمع حال ، مثل صاحب وصحاب ، وصائم وصيام ، وقائم وقيام ، يعصم : يمنع ، الطروق : الإتيان ليلا ، والباء في قوله بمعظم يجوز كونه بمعنى مع وكونه للتعدية ، أعظم الأمر أي سار إلى حال العظم ، كقولهم : أجز البر وأجد التمر وأقطف العنب ، أي يعقلون القتلى لأجل حي نازلين يعصم أمرهم جيرانهم وحلفاءهم إذا اتت إحدى الليالي بأمر فظيع وخطب عظيم ، أي إذا نابتهم عصموهم ومنعوهم ... 44
الضغن والضغينة واحد : وهو ما استكن في القلب من العداوة ، والجمع الأضغان والضغائن ، التبل : الحقد ، والجمع التبول . الجارم والجاني واحد ، والجارم : ذو الجرم كاللابن والتامر يمعنى ، ذي اللبن وذي التمر ، الإسلام : الخذلان يقول : لحي كرام لا يدرك ذو الوتر وتره عندهم ولا يقدر على الانتقام منهم من ظلموه وجنى عليه بعض فتيانهم وحلفائهم وجيرانهم ... 45(660/18)
سئمت الشيئ سآمة : مللته ، التكاليف : المشاق والشدائد ، لا أبالك : كلمه جافية لا يراد بها هنا الجفاء وإنما يراد بها التنبيه والإعلام يقول : مللت مشاق الحياة وشدائدها ، ومن عاش ثمانين سنة مل الكبر لا محالة ... 46
يقول : وقد يحيط علمي بما مضى وما حضر ولكني عمي القلب عن الإحاطة بما هو منتظر و متوقع ... 47
الخبط : الضرب باليد ، والفعل خبط يخبط ، العشواء : تأنيث الأعشى ، والياء في عشي منقلبة عن الواو كما كانت في رضي منقلبة عنها ، والعشواء : الناقة التي لا تبصر ليلا ، ويقال في المثل : هو خابط خبط عشواء ، أي قد ركب رأسه في الضلالة كالناقة التي لا تبصر ليلا فتخبط بيديها على عمى فربما تردت في مهواة وربما وطئت سبعا أو حية أو غير ذلك قوله : ومن تخطئ ، أي ومن تخطئه ، فحذف المفعول ، وحذفه سائغ كثير في الكلام والشعر والتنزيل ، التعمير : تطويل العمر يقول : رأيت المنايا تصيب الناس على غير نسق وترتيب وبصيرة كما أن هذه الناقة تطأ على غير بصيرة ، ثم قال : من أصابته المنايا أهلكته ومن أخطأته أبقته فبلغ الهرم ... 48
يقول : ومن لم يصانع الناس ولم يدارهم في كثير من الأمور قهروه وأذلوه وربما قتلوه كالذي يضرس بالناب ويوطأ بالمنسم ، الضرس : العض على الشيئ بالضرس ، والتضريس مبالغة ، المنسم للبعير : بمنزلة السنبك للفرس ، والجمع المناسم ... 49
يقول : ومن جعل معروفه ذابا ذم الرجال عن عرضه وجعل إحسانه واقيا عرضه - وفر مكارمه ، ومن لا يتق شتم الناس إياه شتم : يريد أن من بذل معروفه صان عرضه ، ومن بخل بمعروفه عرض عرضه للذم والشتم ، وفرت الشيء أفره وفرا : أكثرته ؛ ووفرته فوفر وفورا ... 50
يقول : من كان ذا فضل ومال فبخل به استغني عنه وذم ، فأظهر التضعيف على لغة أهل الحجاز ، لأن لغتهم إظهار التضعيف في محل الجزم والبناء على الوقف ... 51(660/19)
وفيت بالعهد أفي به وفاء وأوفيت به إيفاء ، لغتان جيدتان والثانية أجودهما لأنها لغة القرآن ، قال الله تعالى :"وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم" ، ويقال هديته الطريق وهديته إلى الطريق وهديته للطريق يقول : ومن أوفى بعهده لم يلحقه ذم ، ومن هدى قلبه إلى بر يطمئن القلب إلى حسنه ويسكن إلى وقوعه موقعه لم يتمتع في إسدائه وإيلائه ... 52
يقول : من خاف وهاب أسباب المنايا نالته ولم يجد عليه خوفه وهيبته إياها نفعا ولو رام الصعود إلى السماء فرارا منها ... 53
يقول : ومن وضع اياديه في غير من استحقها ، أي من أحسن إلى من لم يكن اهلا للاحسان إليه والامتنان عليه ، ذمه الذي أحسن اليه ولم يحمده وندم المحسن الواضع إحسانه في غير موضعه ... 54
الزجاج ، جمع زج الرمح : وهو الحديد المركب في اسفله ، وإذا قيل : زج الرمح ، عني به ذلك الحديد والسنان ، اللهذم : السنان الطويل ، عالية الرمح ضد سافلته والجمع العوالي ، إذا التقت فئتان من العرب سددت كل واحدة منهما زجاج الرماح نحو صاحبتها وسعى الساعون في الصلح ، فإن أبتا إلا التمادي في القتال قلبت كل واحدة منهما للرماح واقتتلتا بالأسنة يقول : ومن عنصى أطراف الزجاج أطاع عوالي الرماح التي ركبت فيها الأسنة الطوال ، وتحرير المعنى: من أبى الصلح ذللته الحرب ولينته ، وقوله يطيع العوالي ، كان حقه أن يقول : يطيع العوالي ، بفتح الياء ، ولكنه سكن الياء لإقامة الوزن وحمل النصب على الرفع والجر لأن هذه الياء مسكنة فيهما ، ومثله قول الراجز : كأن أيديهن بالقاع الفرق أيدي جوار يتعاطين الورق ... 55
الذود : الكف والردع يقول : ومن لا يكف اعداءه عن حوضه بسلاحه هدم حوضه ، ومن كف عن ظلم الناس ظلمه الناس ، يعني من لم يحم حريمه استبيح حريمه واستعار الحوض للحريم ... 56
يقول : من سافر واغترب حسب الأعداء أصدقاء لأنه لم يجريهم فتوقفه التجارب على ضمائر صدورهم ، ومن لم يكرم نفسه بتجنب الدنايا لم يكرمه الناس ... 57(660/20)
يقول : ومهما كان للانسان من خلق فظن انه يخفى على الناس علم ولم يخف ، والخلق والخليقة واحد ، والجمع الأخلاق والخلائق . وتحرير المعنى : أن الاخلاق لا تخفى والتخلق لا يبقى ... 58
في كائن ثلاث لغات : كأين وكائن وكئن ، مثل كعين وكاعن وكع ، الصمت والصمات والصموت واحد ، والفعل صمت يصمت يقول : وكم صامت يعجبك صمته فتستحسنه وإنما تظهر زيادته على غيره ونقصانه عن غيره عند تكلمه ... 59
هذا كقول العرب : المرء بأصغريه لسانه وجنانه ... 60
إذا كان الشيخ سفيها لم يرج حلمه لأنه لا حال بعد الشيب إلا الموت ، والفتى إن كان نزقا سفيها أكسبه شيبه حلما ووقارا ، ومثله قوله صالح بن عبد القدوس : والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يوارى في ثرى رمسه ... 61
يقول : سألناكم رفدكم ومعروفكم فجدتم بهما فعدنا الى السؤال وعدتم الى النوال ، ومن أكثر السؤال حرم يوما لا محالة ، والتسآل : السؤال ، تفعال من ابنية المصادر ... 62(660/21)
معلقة عمرو بن كلثوم
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِينَا وَلاَ تُبْقِي خُمُورَ الأَنْدَرِينَا
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الْحُصَّ فِيهَا إِذَا مَا الْمَاءُ خَالَطَهَا سَخِينَا
تَجُورُ بِذِي اللُّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ إِذَا مَا ذَاقَهَا حَتَّى يَلِينَا
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ إِذَا أُمِرَّتْ عَلَيْهِ لِمَالِهِ فِيهَا مُهِينَا
صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْرٍو وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا الْيَمِينَا
وَمَا شَرُّ الثَّلاَثَةِ أُمَّ عَمْروٍ بِصَاحِبِكِ الَّذِي لاَ تَصْبَحِينَا
وَكَأْسٍ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعْلَبَكَّ وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصِرِينَا
وَإِنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنَا الْمَنَايَا مُقَدَّرَةً لَنَا وَمُقَدَّرِينَا
قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينَا نُخَبِّرْكِ الْيَقِينَ وَتُخْبِرِينَا
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْمَاً لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِينَا
بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْبَاً وَطَعْنَاً أَقَرَّ بِهِ مَوَالِيكِ العُيُونَا
وَإِنَّ غَدَاً وَإِنَّ اليَوْمَ رَهْنٌ وَبَعْدَ غَدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِينَا
تُرِيكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى خَلاَءٍ وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُونَ الكَاشِحِينَا
ذِرَاعَي عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بِكْرٍ هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينَا
وَثَدْيَاً مِثْلَ حُقِّ العَاجِ رَخْصَاً حَصَانَاً مِنْ أَكُفِّ اللاَمِسِينَا
وَمَتْنَيْ لَدْنَةٍ سَمَقَتْ وَطَالَتْ رَوَادِفُهَا تَنُوءُ بِمَا وَلِينَا
وَمأْكَمَةً يَضِيقُ البَابُ عَنْهَا وَكَشْحَاً قَدْ جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَا
وَسَارِيَتَيْ بِلَنْطٍ أَوْ رُخَامٍ يَرِنُّ خَشَاشُ حَلْيِهِمَا رَنِينَا
فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقْبٍ أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعَتِ الْحَنِينَا
وَلاَ شَمْطَاءُ لَمْ يَتْرُكْ شَقَاهَا لَهَا مِنْ تِسْعَةٍ إلاَّ جَنِينَا(661/1)
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّا رَأَيْتُ حُمُولَهَا أُصُلاً حُدِينَا
فَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ وَاشْمَخَرَّتْ كَأَسْيَافٍ بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا
أَبَا هِنْدٍ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْنَا وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ اليَقِينَا
بِأَنَّا نُوْرِدُ الرَّايَاتِ بِيضَاً وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْرَاً قَدْ رَوِينَا
وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍّ طِوَالٍ عَصَيْنَا المَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِينَا
وَسَيِّدِ مَعْشَرٍ قَدْ تَوَّجُوهُ بِتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِينَا
تَرَكْنَا الْخَيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْهِ مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَهَا صُفُونَا
وَأَنْزَلْنَا البُيُوتَ بِذِي طُلُوحٍ إِلَى الشَامَاتِ تَنْفِي المُوعِدِينَا
وَقَدْ هَرَّتْ كِلاَبُ الحَيِّ مِنَّا وَشَذَّبْنَا قَتَادَةَ مَنْ يَلِينَا
مَتَى نَنْقُلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَا يَكُونُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِينَا
يَكُونُ ثِفَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ وَلُهْوَتُهَا قُضَاعَةَ أَجْمَعِينَا
نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا فَأَعْجَلْنَا الْقِرَى أَنْ تَشْتِمُونَا
قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنَا قِرَاكُمْ قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُونَا
نَعُمُّ أُنَاسَنَا وَنَعِفُّ عَنْهُمْ وَنَحْمِلُ عَنْهُمُ مَا حَمَّلُونَا
نُطَاعِنُ مَا تَرَاخَى النَّاسُ عَنَّا وَنَضْرِبُ بِالسِّيُوفِ إِذَا غُشِينَا
بِسُمْرٍ مِنْ قَنَا الخَطِّيِّ لُدْنٍ ذَوَابِلَ أَوْ بِبِيضٍ يَخْتَلِينَا
كَأَنَّ جَمَاجِمَ الأَبْطَالِ فِيهَا وُسُوقٌ بِالأَمَاعِزِ يَرْتَمِينَا
نَشُقُّ بِهَا رُؤُوسَ القَوْمِ شَقًّاً وَنَخْتَلِبُ الرِّقَابَ فَتَخْتَلِينَا
وَإِنَّ الضِّغْنَ بَعْدَ الضِّغْنِ يَبْدُو عَلَيْكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِينَا
وَرِثْنَا المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ نُطَاعِنُ دُونَهُ حَتَّى يَبِينَا
وَنَحْنُ إِذَا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّتْ عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِينَا(661/2)
نَجُذُّ رُؤُوسَهُمْ فِي غَيْرِ بِرٍّ فَمَا يَدْرُونَ مَاذَا يَتَّقُونَا
كَأَنَّ سُيُوفَنَا فِينَا وَفِيهِمْ مَخَارِيقٌ بِأَيْدِي لاَعِبِينَا
كَأَنَّ ثِيَابَنَا مِنَّا وَمِنْهُمْ خُضِبْنَ بِأُرْجُوَانٍ أَوْ طُلِينَا
إِذَا مَا عَيَّ بِالإِسْنَافِ حَيٌّ مِنَ الهَوْلِ المُشَبَّهِ أَنْ يَكُونَا
نَصَبْنَا مِثْلَ رَهْوَةَ ذَاتَ حَدٍّ مُحَافَظَةً وَكُنَّا السَّابِقِينَا
بِشُبَّانٍ يَرَوْنَ القَتْلَ مَجْدَاً وَشِيبٍ فِي الحُرُوبِ مُجَرَّبِينَا
حُدَيَّا النَّاسِ كُلِّهِمُ جَمِيعَاً مُقَارَعَةً بَنِيهِمْ عَنْ بَنِينَا
فَأَمَّا يَوْمَ خَشْيَتِنَا عَلَيْهِمْ فَتُصْبِحُ خَيْلُنَا عُصَبَاً ثُبِينَا
وَأَمَّا يَوْمَ لاَ نَخْشَى عَلَيْهِمْ فَنُمْعِنُ غَارَةً مُتَلَبِّبِينَا
بِرَأْسٍ مِنْ بَنِي جُشَمِ بن بَكْرٍ نَدُقُّ بِهِ السُّهُولَةَ وَالحُزُونَا
أَلاَ لاَ يَعْلَمُ الأَقْوَامُ أَنَّا تَضَعْضَعْنَا وَأَنَّا قَدْ وَنِينَا
أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينَا
بِأَيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ نَكُونُ لِقَيْلِكُمْ فِيهَا قَطِينَا
بِأَيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ تُطِيْعُ بِنَا الوُشَاةَ وَتَزْدَرِينَا
تَهَدَّدْنَا وَأَوْعِدْنَا رُوَيْدَاً مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينَا
فَإِنَّ قَنَاتَنَا يَا عَمْرُو أَعْيَتْ عَلَى الأَعْدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِينَا
إِذَا عَضَّ الثِّقَافُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ وَوَلَّتْهُ عَشَوْزَنَةً زَبُونَا
عَشَوْزَنَةً إِذَا انْقَلَبَتْ أَرَنَّتْ تَشُجُّ قَفَا المُثَقَّفِ وَالجَبِينَا
فَهَلْ حُدِّثْتَ فِي جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ بِنَقْصٍ فِي خُطُوبِ الأَوَّلِينَا
وَرِثْنَا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بْنِ سَيْفٍ أَبَاحَ لَنَا حُصُونَ المَجْدِ دِينَا
وَرِثْتُ مُهَلْهِلاً وَالخَيْرَ مِنْهُ زُهَيْرَاً نِعْمَ ذُخْرُ الذَّاخِرِينَا(661/3)
وَعَتَّابَاً وَكُلْثُومَاً جَمِيعَاً بِهِمْ نِلْنَا تُرَاثَ الأَكْرَمِينَا
وَذَا البُرَةِ الذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي المُحْجَرِينَا
وَمِنَّا قَبْلَهُ السَّاعِي كُلَيْبٌ فَأَيُّ المَجْدِ إِلاَّ قَدْ وَلِينَا
مَتَى نَعْقِدْ قَرِينَتَنَا بِحَبْلٍ تَجُذُّ الحَبْلَ أَوْ تَقْصِ القَرِينَا
وَنُوجَدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَارَاً وَأَوْفَاهُمْ إِذَا عَقَدُوا يَمِينَا
وَنَحْنُ غَدَاةَ أُوقِدَ فِي خَزَازَى رَفَدْنَا فَوْقَ رَفْدِ الرَّافِدِينَا
وَنَحْنُ الحَابِسُونَ بِذِي أَرَاطَى تَسَفُّ الجِلَّةُ الخُورُ الدَّرِينَا
وَنَحْنُ الحَاكِمُونَ إِذَا أُطِعْنَا وَنَحْنُ العَازِمُونَ إِذَا عُصِينَا
وَنَحْنُ التَّارِكُونَ لِمَا سَخِطْنَا وَنَحْنُ الآخِذُونَ بِمَا رَضِينَا
وَكُنَّا الأَيْمَنِينَ إِذَا التَقَيْنَا وَكَانَ الأَيْسَرِينَ بَنُو أَبِينَا
فَصَالُوا صَوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيهِمْ وَصُلْنَا صَوْلَةً فِيْمَنْ يَلِينَا
فَآبُوا بِالنِّهَابِ وَبِالسَّبَايَا وَأُبْنَا بِالمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا
إِلَيْكُمْ يَا بَنِي بَكْرٍ إِلَيْكُمْ أَلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا اليَقِينَا
أَلَمَّا تَعْلَمُوا مِنَّا وَمِنْكُمْ كَتَائِبَ يَطَّعِنَّ وَيَرْتَمِينَا
عَلَيْنَا البَيْضُ وَاليَلَبُ اليَمَانِي وَأسْيَافٌ يَقُمْنَ وَيَنْحَنِينَا
عَلَيْنَا كُلُّ سَابِغَةٍ دِلاَصٍ تَرَى فَوْقَ النِّطَاقِ لَهَا غُضُوناً
إِذَا وُضِعَتْ عَنِ الأَبْطَالِ يَوْمَاً رَأَيْتَ لَهَا جُلُودَ القَوْمِ جُونَا
كَأَنَّ غُضُونَهُنَّ مُتُونُ غُدْرٍ تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ إِذَا جَرَيْنَا
وَتَحْمِلُنَا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُرْدٌ عُرِفْنَ لَنَا نَقَائِذَ وَافْتُلِينَا
وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثَاً كَأَمْثَالِ الرَّصَائِعِ قَدْ بَلِينَا
وَرِثْنَاهُنَّ عَنْ آبَاءِ صِدْقٍ وَنُورِثُهَا إِذَا مُتْنَا بَنِينَا(661/4)
عَلَى آثَارِنَا بِيضٌ حِسَانٌ نُحَاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهُونَا
أَخَذْنَ عَلَى بُعُولَتِهِنَّ عَهْدَاً إِذَا لاَقَوْا كَتَائِبَ مُعْلِمِينَا
لَيَسْتَلِبُنَّ أَفْرَاسَاً وَبِيضَاً وَأَسْرَى فِي الحَدِيدِ مُقَرَّنِينَا
تَرَانَا بَارِزِينَ وَكُلُّ حَيٍّ قَدِ اتَّخَذُوا مَخَافَتَنَا قَرِينَا
إِذَا مَا رُحْنَ يَمْشِينَ الهُوَيْنَا كَمَا اضْطَرَبَتْ مُتُونُ الشَّارِبِينَا
يَقُتْنَ جِيَادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُمْ بُعُولَتَنَا إِذَا لَمْ تَمْنَعُونَا
ظَعَائِنَ مِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ خَلَطْنَ بِمِيسَمٍ حَسَبَاً وَدِينَا
وَمَا مَنَعَ الظَّعَائِنَ مِثْلُ ضَرْبٍ تَرَى مِنْهُ السَّوَاعِدَ كَالقُلِينَا
كَأَنَّا وَالسُّيُوفُ مُسَلَّلاَتٌ وَلَدْنَا النَّاسَ طُرَّاً أَجْمَعِينَا
يُدَهْدُونَ الرُّؤُوسَ كَمَا تُدَهْدَي حَزَاوِرَةٌ بِأَبْطَحِهَا الكُرِينَا
وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ مِنْ مَعَدٍّ إِذَا قُبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينَا
بِأَنَّا المُطْعِمُونَ إِذَا قَدَرْنَا وَأَنَّا المُهْلِكُونَ إِذَا ابْتُلِينَا
وَأَنَّا المَانِعُونَ لِمَا أَرَدْنَا وَأَنَّا النَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينَا
وَأَنَّا التَارِكُونَ إِذَا سَخِطْنَا وَأَنَّا الآخِذُونَ إِذَا رَضِينَا
وَأَنَّا العَاصِمُونَ إِذَا أُطِعْنَا وَأَنَّا العَازِمُونَ إِذَا عُصِينَا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْواً وَيَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدِرَاً وَطِينَا
أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي الطَّمَّاحِ عَنَّا وَدُعْمِيَّاً فَكَيْفَ وَجَدْتُمُونَا
إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفَاً أَبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينَا
مَلأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا وَمَاءَ البَحْرِ نَمْلَؤُهُ سَفِينَا
إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِيٌّ تَخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجِدِينَا(661/5)
معلقة عمرو بن كلثوم
أَلا هُبِّي بصَحْنِكِ فَاصْبَحينا ... وَلا تُبْقِي خُمورَ الأَندَرِينا ... 1
مُشَعْشَعَةً كانَّ الحُصَّ فيها ... إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا
تَجُورُ بذي اللُّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ ... إِذا مَا ذاقَها حَتَّى يَلِينا
تَرَى الّلحِزَ الشّحيحَ إِذا أُمِرَّتْ ... عَلَيْهِ لمِالِهِ فيها مُهينا
صَبَنْتِ الْكَأْسَ عَنّا أُمَّ عَمْرٍو ... وكانَ الْكَأْسُ مَجْراها الْيَمِينا
وَمَا شَرُّ الثّلاثَةِ أُمَّ عَمْروٍ ... بِصاحِبِكِ الّذِي لا تصْبَحِينا
وَكَأسٍ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعْلَبَكِّ ... وَأُخْرَى في دِمَشْقَ وَقَاصِرِينا
وَإِنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنا الَمنَايَا ... مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدِّرِينا
قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينا ... نُخَبِّرْكِ الْيَقِينَ وَتُخْبِرِينا
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صِرْماً ... لِوَ شْكِ الْبَيْنِ أَمْ خُنْتِ اْلأَمِينَا
بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْباً وَطَعْناً ... أَقَرَّ بِهِ مَواليكِ الْعُيُونا
وَإِنَّ غَداً وإِنَّ الْيَوْمَ رَهْنٌ ... وَبَعْدَ غَدٍ بِما لا تَعْلَمِينا
تُرِيكَ إِذا دَخَلْتَ عَلى خَلاءٍ ... وَقَدْ أَمِنَتْ عُيُونَ الْكَاشِحِينَا
ذِرَاعَي عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بَكْرٍ ... هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِينَا
وَثَدْياً مِثْلَ حُقِّ الْعَاجِ رَخْصاً ... حَصَاناً مِنْ أَكُفِّ الّلامِسِينا
وَمَتْنَيْ لَدْنَةٍ سَمَقَتْ وَطَالَتْ ... رَوَادِفُها تَنُوءُ بِما وَلِينا
وَمَأْكَمةً يَضِيقُ الْبَابُ عَنْها ... وَكَشْحاً قَدْ جُنِنْتُ بِهِ جُنُونا
وَسَارِيَتَيْ بِلَنْطٍ أَوْ رُخامٍ ... يَرِنُّ خَشَاشُ حَلْيِهِما رَنِينا
فَما وَجَدْتْ كَوَجْدِي أُمُّ َسْقبٍ ... أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعَتِ الَحنِينا
وَلا شَمْطَاءُ لَمْ يَتْرُكْ شَقاها ... لَها مِنْ تِسْعَةٍ إِلا جَنِينا
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّا ... رَأَيْتُ حُمُولَهَا أُصُلاً حُدِينا(662/1)
فَأَعْرَضَتِ الْيَمامَةُ وَأشْمَخَرَّتْ ... كأَسْيَافٍ بِأَيْدِي مُصْلَتِينَا
أَبَا هِنْدٍ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْنا ... وَأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ الْيَقِينا
بأَنَّا نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضاً ... وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رَوِينا
وَأَيَّامِ لَنَا عزِّ طِوَالٍ ... عَصَيْنا الَملْكَ فيهَا أَنْ نَدِينا
وَسَيِّدِ مَعْشَر قَدْ تَوَّجُوهُ ... بِتَاجِ الُملْكِ يَحْمِي الُمْحَجرِينا
تَرَكْنا الَخيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْهِ ... مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَها صُفُونا
وَأَنْزَلْنا الْبُيُوتَ بِذِي طُلُوحٍ ... إِلَى الشَّامَاتِ تَنْفِي الُموِعدِينا
وَقَدْ هَرَّتْ كلابُ الَحيِّ مِنَّا ... وَشَذَّ ْبنا قَتادَةَ مَنَ يَلِينا
مَتَى نَنْقُلْ إِلى قَوْمٍ رَحَانا ... يَكُونُوا فِي الِّلقَاءِ لَها طَحِينا
يَكُونُ ثِفَاُلهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ ... وَلَهْوَتُها قُضاعَةَ أَجْمَعينا
نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا ... فَأعْجَلْنا الْقِرَى أَنْ تَشْتِمُونا
قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنا قِرَاكُمْ ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُونا
نَعُمُّ أُنَاسَنا وَنَعِفُّ عَنْهُمْ ... وَنَحْمِلُ عَنْهُمُ مَا حَمَّلُونا
نُطَاعِنُ مَا تَراخَى النّاسُ عَنَّا ... وَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ إِذَا غُشِينا
بِسُمْرٍ مِنْ قَنا الَخطِّيِّ لُدْنٍ ... ذَوَابِلَ أَوْ بِبِيضٍ يَخْتَلِينا
كأَنَّ جَمَاجِمَ الأَبطَالِ فِيها ... وَسُوقٌ بِالأَمَاعِزِ يَرْتَمِينا
نَشُقُّ بِهَا رُؤُوسَ الْقَوْمِ شَقا ... وَنَخْتَلِبُ الرِّقَابَ فَتَخْتَلينا
وَإِنُّ الضِّعْنَ بَعْدَ الْضِّعْنِ يَبْدُو ... عَلَيْكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِينا
وَرِثْنا الَمجْدَ قَدْ عَلَمِتْ مَعَدٌّ ... نُطَاعِنُ دُونَهُ حَتَّى يَبِينا
وَنَحْنُ إِذا عِمادُ الْحَيِّ خَرَّتْ ... عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلينا
نَجُدُّ رُؤُوسَهُمْ فِي غَيْرِ بِرٍّ ... فَما يَدْرُونَ مَاذا يَتَّقُونا
كأَنَّ سُيُوفَنا مِنّا وَمِنْهُم ... مَخَارِيقٌ بِأَيْدِي لاعِبِينا(662/2)
كانَّ ثِيابَنا مِنّا وَمِنْهُمُ ... خُضِبْنَ بِأُرْجُوانٍ أَوْ طُلِينا
إِذا ما عَيَّ بالإِسْنافِ حَيٌّ ... مِنَ الَهوْلِ الُمَشَّبهِ أَنْ يَكُونا
نَصَبْنا مِثْلَ رَهْوَةَ ذَاتَ حَدِّ ... مُحَافَظَةً وكُنّا الْسّابِقِينا
بِشُبَّانٍ يَرَوْنَ الْقَتْلَ مَجْداً ... وَشِيبٍ في الُحرُوبِ مُجَرَّبِينا
حُدَيَّا النّاسِ كُلّهِمُ جَمِيعاً ... مُقَارَعَةً بَنيهِمْ عَنْ بَنِينا
فَأَمَّا يَوْمَ خَشْيَتِنا عَلَيْهِمْ ... فَتُصْبِحُ خَيْلُنا عُصَباً نُبِينا
وَأَمَّا يَوْمَ لا نَخْشَى عَلَيْهِمْ ... فَنُمْعِنُ غَارَةً مُتَلَبِّبِينا
بِرَأْسٍ مِنْ بَني جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ ... نَدُقُّ بِهِ السُّهُولَةَ وَالُحزُونَا
أَلا لا يَعْلَمُ الأَقْوامُ أَنَّا ... تَضَعْضعْنا وَأَنَّا قَدُ وَنِينا
أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فَنَجْهَلُ فَوْقَ جَهْلِ الَجاهِلِينا
بأيِّ مَشِيئَة عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ ... نَكُونُ لِقِيلِكُمْ فيها قَطينا
بأَيِّ مَشِيئَة عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ ... تُطيع بِنا الْوُشَاةَ وَتَزْدَرِينا
تَهَدَّدْنا وَأَوْعِدْنَا رُوَيْداً ... مَتى كُنّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا
فَإِنَّ قَنَاتَنا يا عَمْرُو أَعْيَتْ ... عَلى الأَعْدَاءِ قَبْلَكَ أَنْ تَلِينا
إِذا عَضَّ الثِّقافُ بها اشْمأَزَّتْ ... وَوَلَّتْهُ عَشَوْزَنَةً زَبُونا
عَشَوْزَنَةً إِذا انْقَلَبَتْ أَرَنَّتْ ... تَشُجُّ قَفَا الُمثَقِّفِ وَالَجبِينا
فَهَلْ حُدِّثْتَ في جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ ... بِنَقْصٍ في خُطُوبِ الأَوَّلِينا
وَرِثْنا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بنِ سَيْفٍ ... أَباحَ لَنَا حُصُونَ الَمجْدِ دِينا
وَرِثْتُ مُهَلْهِلاً وَالْخَيرَ مِنْهُ ... زُهَيْراً نِعْمَ ذُخْرِ الذّاخِرينا
وَعَتَّاباً وَكُلْثُوماً جَمِيعاً ... بِهِمْ نِلْنا تُراثَ الأكْرَمِينا
وَذا الْبُرَةِ الَّذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ ... بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي الُمحْجَرينا
وَمِنَّا قَبْلَةُ الْسّاعِي كُلَيْبٌ ... فأيُّ الَمجْدِ إِلا قَدْ وَلِينا(662/3)
مَتَى نَعْقِدْ قَرِينَتَنا بِحَبْلٍ ... تَجُذَّ الْحَبْلَ أَوْ تَقِصِ الْقَرِينا
وَنُوَجدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَاراً ... وَأَوْفاهُمْ إِذا عَقَدُوا يَمينا
وَنَحْنُ غَداةَ أُوِقدَ في خَزَازَى ... رَفَدْنَا فَوْقَ رِفْدِ الرافِدِينا
وَنَحْنُ الَحابِسُونَ بِذِي أَرَاطَى ... تَسَفُّ الجِلّةُ الْخُورُ الدَّرِينا
وَنَحْنُ الْحَاِكُمونَ إِذا أُطِعْنا ... وَنَحْنُ الْعَازِمُونَ إِذا عُصِينا
وَنحْنُ التَّارِكُونَ لِما سَخِطْنا ... وَنَحْنُ الآخِذُونَ لِما رَضِينا
وَكُنَّا الأَيْمَنِينَ إِذا الْتَقَيْنا ... وَكاَنَ الأَيْسَرِينَ بَنُو أَبِينا
فَصَالُوا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِيهِمْ ... وَصُلْنا صَوْلَةً فيمَنْ يَلِينا
فآبُوا بالنِّهابِ وبالسَّبايا ... وَإِبْنا بالُمُلوكِ مُصَفَّدِينا
إِلَيْكُمْ يا بَني بَكْرٍ إِلَيْكُم ... أَلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا الْيَقِينا
أَلَمَّا تَعْلَمُوا مِنّا وَمِنْكم ... كَتَائِبَ يَطَّعِنَّ وَيَرْتَمِينا
عَلَيْنا الْبَيْضُ وَالْيَلَبُ الْيَماني ... وَأَسْيَافٌ يَقُمْنَ وَيَنْحَنِينا
عَلَيْنا كُلُّ سَابِغَةٍ دِلاصٍ ... تَرَى فَوْقَ النِّطاقِ لها غُضونا
إِذا وُضِعَتْ عَنِ الأَبْطالِ يَوْماً ... رَأَيْتَ لَها جُلودَ الْقَوْمِ جُونا
كأَنَّ عُضُونَهُنَّ مُتُونُ غَدْر ... تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ إِذا جَرَيْنا
وَتََحْمِلُنا غَداةَ الرَّوْعِ جُرْدٌ ... عُرِفْنَ لَنا نَقَائِذَ وَافْتُلِينا
وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثاً ... كامثال الرِّصائِعِ قَدْ بَلِينا
وَرِثْناهُنَّ عَنْ آبَاءِ صِدْقٍ ... وَنُورِثُها إِذا مُتْنا بَنِيْنا
عَلى آثَارِنَا بِيضٌ حِسانٌ ... نُحَاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهونا
أَخذْن عَلى بُعُولَتِهِنَّ عَهْداً ... إِذَا لاقُوْا كَتَائِبَ مُعْلِمِينَا
لَيَسْتَلِبُنَّ أَفْرَاساً وَبِيضاً ... وَأَسْرَى فِي الْحَدِيدِ مُقَرَّنِيناً
تَرَانَا بَارِزِينَ وَكُلُّ حَيِّ ... قَدِ اتَّخَذُوا مَخَافَتَنا قَرِينا(662/4)
إِذا مارُحْنَ يَمْشِينَ الُهوَيْنَى ... كَما اضْطَرَبَتْ مُتُونُ الشَّارِبِينا
يَقُتْنَ جِيادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُمْ ... بُعُولَتَنَا إِذَا لَمْ تَمْنَعونا
ظَعائِنَ مِنْ بَني جشَمِ بِنِ بَكْرٍ ... خَلَطْنَ بِميسَمٍ حَسَباً وَدِينا
وَمَا مَنَعَ الْظَّعائِنَ مِثْلُ ضَرْبٍ ... تَرَى مِنْهُ الْسَّواعِدَ كالقُلِينا
كأَنَّا وَالْسُّيُوفُ مُسَلَّلاتٌ ... وَلَدْنا الْنَّاسَ طُرَّا أَجْمَعِينا
يُدَهْدُونَ الرُّؤُوسَ كما تُدَهْدِي ... حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الْكُرِينا
وَقَدْ عَلِمَ الْقَبَائِلُ مِنْ مَعَدِّ ... إِذَا قُبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينا
بِأَنّا الُمطْعِمُونَ إِذَا قَدَرْنَا ... وَأَنَّا الُمهْلِكُونَ إِذَا ابْتُلِينا
وَأَنَّا الَمانِعُونَ لِما أَرَدْنا ... وَأَنَّا الْنَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينا
وَأَنّا التَّارِكُونَ إِذَا سَخِطْنَا ... وَأَنّا الآخِذُونَ إِذَا رَضِينا
وَأَنّا الْعَاصِمُونَ إِذَا أُطِعْنْا ... وَأَنّا الْعازِمُونَ إِذَا عُصِينا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا الَماءَ صَفْواً ... وَيَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِينا
أَلا أَبْلِغْ بَني الْطَّمَّاحِ عَنَّا ... وَدُعْمِيًّا فَكَيْفَ وَجَدْتُمونا
إِذَا مَا الَملْكُ سَامَ الْنَّاسَ خَسْفاً ... أَبَيْنا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينا
مَلاَنا الْبَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا ... وَمَاءَ الْبَحْرِ نَمَلؤُهُ سَفِينا
إِذا بَلَغَ الْفِطَامَ لَنا صَبِيٌّ ... تَخِرُّ لَهُ الْجَبابِرُ ساجِدِينا ... 103(662/5)
معلقة عمرو بن كلثوم وشرحها
أَلا هُبِّي بصَحْنِكِ فَاصْبَحينا ... وَلا تُبْقِي خُمورَ الأَندَرِينا ... 1
مُشَعْشَعَةً كانَّ الحُصَّ فيها ... إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا ... 2
تَجُورُ بذي اللُّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ ... إِذا مَا ذاقَها حَتَّى يَلِينا ... 3
تَرَى الّلحِزَ الشّحيحَ إِذا أُمِرَّتْ ... عَلَيْهِ لمِالِهِ فيها مُهينا ... 4
صَبَنْتِ الْكَأْسَ عَنّا أُمَّ عَمْرٍو ... وكانَ الْكَأْسُ مَجْراها الْيَمِينا ... 5
وَمَا شَرُّ الثّلاثَةِ أُمَّ عَمْروٍ ... بِصاحِبِكِ الّذِي لا تصْبَحِينا ... 6
وَكَأسٍ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعْلَبَكِّ ... وَأُخْرَى في دِمَشْقَ وَقَاصِرِينا ... 7
وَإِنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنا الَمنَايَا ... مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدِّرِينا ... 8
قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينا ... نُخَبِّرْكِ الْيَقِينَ وَتُخْبِرِينا ... 9
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صِرْماً ... لِوَ شْكِ الْبَيْنِ أَمْ خُنْتِ اْلأَمِينَا ... 10
بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْباً وَطَعْناً ... أَقَرَّ بِهِ مَواليكِ الْعُيُونا ... 11
وَإِنَّ غَداً وإِنَّ الْيَوْمَ رَهْنٌ ... وَبَعْدَ غَدٍ بِما لا تَعْلَمِينا ... 12
تُرِيكَ إِذا دَخَلْتَ عَلى خَلاءٍ ... وَقَدْ أَمِنَتْ عُيُونَ الْكَاشِحِينَا ... 13
ذِرَاعَي عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بَكْرٍ ... هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِينَا ... 14
وَثَدْياً مِثْلَ حُقِّ الْعَاجِ رَخْصاً ... حَصَاناً مِنْ أَكُفِّ الّلامِسِينا ... 15
وَمَتْنَيْ لَدْنَةٍ سَمَقَتْ وَطَالَتْ ... رَوَادِفُها تَنُوءُ بِما وَلِينا ... 16
وَمَأْكَمةً يَضِيقُ الْبَابُ عَنْها ... وَكَشْحاً قَدْ جُنِنْتُ بِهِ جُنُونا ... 17
وَسَارِيَتَيْ بِلَنْطٍ أَوْ رُخامٍ ... يَرِنُّ خَشَاشُ حَلْيِهِما رَنِينا ... 18
فَما وَجَدْتْ كَوَجْدِي أُمُّ َسْقبٍ ... أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعَتِ الَحنِينا ... 19
وَلا شَمْطَاءُ لَمْ يَتْرُكْ شَقاها ... لَها مِنْ تِسْعَةٍ إِلا جَنِينا ... 20
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّا ... رَأَيْتُ حُمُولَهَا أُصُلاً حُدِينا ... 21(663/1)
فَأَعْرَضَتِ الْيَمامَةُ وَأشْمَخَرَّتْ ... كأَسْيَافٍ بِأَيْدِي مُصْلَتِينَا ... 22
أَبَا هِنْدٍ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْنا ... وَأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ الْيَقِينا ... 23
بأَنَّا نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضاً ... وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رَوِينا ... 24
وَأَيَّامِ لَنَا عزِّ طِوَالٍ ... عَصَيْنا الَملْكَ فيهَا أَنْ نَدِينا ... 25
وَسَيِّدِ مَعْشَر قَدْ تَوَّجُوهُ ... بِتَاجِ الُملْكِ يَحْمِي الُمْحَجرِينا ... 26
تَرَكْنا الَخيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْهِ ... مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَها صُفُونا ... 27
وَأَنْزَلْنا الْبُيُوتَ بِذِي طُلُوحٍ ... إِلَى الشَّامَاتِ تَنْفِي الُموِعدِينا ... 28
وَقَدْ هَرَّتْ كلابُ الَحيِّ مِنَّا ... وَشَذَّ ْبنا قَتادَةَ مَنَ يَلِينا ... 29
مَتَى نَنْقُلْ إِلى قَوْمٍ رَحَانا ... يَكُونُوا فِي الِّلقَاءِ لَها طَحِينا ... 30
يَكُونُ ثِفَاُلهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ ... وَلَهْوَتُها قُضاعَةَ أَجْمَعينا ... 31
نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا ... فَأعْجَلْنا الْقِرَى أَنْ تَشْتِمُونا ... 32
قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنا قِرَاكُمْ ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُونا ... 33
نَعُمُّ أُنَاسَنا وَنَعِفُّ عَنْهُمْ ... وَنَحْمِلُ عَنْهُمُ مَا حَمَّلُونا ... 34
نُطَاعِنُ مَا تَراخَى النّاسُ عَنَّا ... وَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ إِذَا غُشِينا ... 35
بِسُمْرٍ مِنْ قَنا الَخطِّيِّ لُدْنٍ ... ذَوَابِلَ أَوْ بِبِيضٍ يَخْتَلِينا ... 36
كأَنَّ جَمَاجِمَ الأَبطَالِ فِيها ... وَسُوقٌ بِالأَمَاعِزِ يَرْتَمِينا ... 37
نَشُقُّ بِهَا رُؤُوسَ الْقَوْمِ شَقا ... وَنَخْتَلِبُ الرِّقَابَ فَتَخْتَلينا ... 38
وَإِنُّ الضِّعْنَ بَعْدَ الْضِّعْنِ يَبْدُو ... عَلَيْكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِينا ... 39
وَرِثْنا الَمجْدَ قَدْ عَلَمِتْ مَعَدٌّ ... نُطَاعِنُ دُونَهُ حَتَّى يَبِينا ... 40
وَنَحْنُ إِذا عِمادُ الْحَيِّ خَرَّتْ ... عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلينا ... 41
نَجُدُّ رُؤُوسَهُمْ فِي غَيْرِ بِرٍّ ... فَما يَدْرُونَ مَاذا يَتَّقُونا ... 42(663/2)
كأَنَّ سُيُوفَنا مِنّا وَمِنْهُم ... مَخَارِيقٌ بِأَيْدِي لاعِبِينا ... 43
كانَّ ثِيابَنا مِنّا وَمِنْهُمُ ... خُضِبْنَ بِأُرْجُوانٍ أَوْ طُلِينا ... 44
إِذا ما عَيَّ بالإِسْنافِ حَيٌّ ... مِنَ الَهوْلِ الُمَشَّبهِ أَنْ يَكُونا ... 45
نَصَبْنا مِثْلَ رَهْوَةَ ذَاتَ حَدِّ ... مُحَافَظَةً وكُنّا الْسّابِقِينا ... 46
بِشُبَّانٍ يَرَوْنَ الْقَتْلَ مَجْداً ... وَشِيبٍ في الُحرُوبِ مُجَرَّبِينا ... 47
حُدَيَّا النّاسِ كُلّهِمُ جَمِيعاً ... مُقَارَعَةً بَنيهِمْ عَنْ بَنِينا ... 48
فَأَمَّا يَوْمَ خَشْيَتِنا عَلَيْهِمْ ... فَتُصْبِحُ خَيْلُنا عُصَباً نُبِينا ... 49
وَأَمَّا يَوْمَ لا نَخْشَى عَلَيْهِمْ ... فَنُمْعِنُ غَارَةً مُتَلَبِّبِينا ... 50
بِرَأْسٍ مِنْ بَني جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ ... نَدُقُّ بِهِ السُّهُولَةَ وَالُحزُونَا ... 51
أَلا لا يَعْلَمُ الأَقْوامُ أَنَّا ... تَضَعْضعْنا وَأَنَّا قَدُ وَنِينا ... 52
أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فَنَجْهَلُ فَوْقَ جَهْلِ الَجاهِلِينا ... 53
بأيِّ مَشِيئَة عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ ... نَكُونُ لِقِيلِكُمْ فيها قَطينا ... 54
بأَيِّ مَشِيئَة عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ ... تُطيع بِنا الْوُشَاةَ وَتَزْدَرِينا ... 55
تَهَدَّدْنا وَأَوْعِدْنَا رُوَيْداً ... مَتى كُنّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا ... 56
فَإِنَّ قَنَاتَنا يا عَمْرُو أَعْيَتْ ... عَلى الأَعْدَاءِ قَبْلَكَ أَنْ تَلِينا ... 57
إِذا عَضَّ الثِّقافُ بها اشْمأَزَّتْ ... وَوَلَّتْهُ عَشَوْزَنَةً زَبُونا ... 58
عَشَوْزَنَةً إِذا انْقَلَبَتْ أَرَنَّتْ ... تَشُجُّ قَفَا الُمثَقِّفِ وَالَجبِينا ... 59
فَهَلْ حُدِّثْتَ في جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ ... بِنَقْصٍ في خُطُوبِ الأَوَّلِينا ... 60
وَرِثْنا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بنِ سَيْفٍ ... أَباحَ لَنَا حُصُونَ الَمجْدِ دِينا ... 61
وَرِثْتُ مُهَلْهِلاً وَالْخَيرَ مِنْهُ ... زُهَيْراً نِعْمَ ذُخْرِ الذّاخِرينا ... 62
وَعَتَّاباً وَكُلْثُوماً جَمِيعاً ... بِهِمْ نِلْنا تُراثَ الأكْرَمِينا ... 63(663/3)
وَذا الْبُرَةِ الَّذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ ... بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي الُمحْجَرينا ... 64
وَمِنَّا قَبْلَةُ الْسّاعِي كُلَيْبٌ ... فأيُّ الَمجْدِ إِلا قَدْ وَلِينا ... 65
مَتَى نَعْقِدْ قَرِينَتَنا بِحَبْلٍ ... تَجُذَّ الْحَبْلَ أَوْ تَقِصِ الْقَرِينا ... 66
وَنُوَجدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَاراً ... وَأَوْفاهُمْ إِذا عَقَدُوا يَمينا ... 67
وَنَحْنُ غَداةَ أُوِقدَ في خَزَازَى ... رَفَدْنَا فَوْقَ رِفْدِ الرافِدِينا ... 68
وَنَحْنُ الَحابِسُونَ بِذِي أَرَاطَى ... تَسَفُّ الجِلّةُ الْخُورُ الدَّرِينا ... 69
وَنَحْنُ الْحَاِكُمونَ إِذا أُطِعْنا ... وَنَحْنُ الْعَازِمُونَ إِذا عُصِينا ... 70
وَنحْنُ التَّارِكُونَ لِما سَخِطْنا ... وَنَحْنُ الآخِذُونَ لِما رَضِينا ... 71
وَكُنَّا الأَيْمَنِينَ إِذا الْتَقَيْنا ... وَكاَنَ الأَيْسَرِينَ بَنُو أَبِينا ... 72
فَصَالُوا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِيهِمْ ... وَصُلْنا صَوْلَةً فيمَنْ يَلِينا ... 73
فآبُوا بالنِّهابِ وبالسَّبايا ... وَإِبْنا بالُمُلوكِ مُصَفَّدِينا ... 74
إِلَيْكُمْ يا بَني بَكْرٍ إِلَيْكُم ... أَلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا الْيَقِينا ... 75
أَلَمَّا تَعْلَمُوا مِنّا وَمِنْكم ... كَتَائِبَ يَطَّعِنَّ وَيَرْتَمِينا ... 76
عَلَيْنا الْبَيْضُ وَالْيَلَبُ الْيَماني ... وَأَسْيَافٌ يَقُمْنَ وَيَنْحَنِينا ... 77
عَلَيْنا كُلُّ سَابِغَةٍ دِلاصٍ ... تَرَى فَوْقَ النِّطاقِ لها غُضونا ... 78
إِذا وُضِعَتْ عَنِ الأَبْطالِ يَوْماً ... رَأَيْتَ لَها جُلودَ الْقَوْمِ جُونا ... 79
كأَنَّ عُضُونَهُنَّ مُتُونُ غَدْر ... تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ إِذا جَرَيْنا ... 80
وَتََحْمِلُنا غَداةَ الرَّوْعِ جُرْدٌ ... عُرِفْنَ لَنا نَقَائِذَ وَافْتُلِينا ... 81
وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثاً ... كامثال الرِّصائِعِ قَدْ بَلِينا ... 82
وَرِثْناهُنَّ عَنْ آبَاءِ صِدْقٍ ... وَنُورِثُها إِذا مُتْنا بَنِيْنا ... 83
عَلى آثَارِنَا بِيضٌ حِسانٌ ... نُحَاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهونا ... 84(663/4)
أَخذْن عَلى بُعُولَتِهِنَّ عَهْداً ... إِذَا لاقُوْا كَتَائِبَ مُعْلِمِينَا ... 85
لَيَسْتَلِبُنَّ أَفْرَاساً وَبِيضاً ... وَأَسْرَى فِي الْحَدِيدِ مُقَرَّنِيناً ... 86
تَرَانَا بَارِزِينَ وَكُلُّ حَيِّ ... قَدِ اتَّخَذُوا مَخَافَتَنا قَرِينا ... 87
إِذا مارُحْنَ يَمْشِينَ الُهوَيْنَى ... كَما اضْطَرَبَتْ مُتُونُ الشَّارِبِينا ... 88
يَقُتْنَ جِيادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُمْ ... بُعُولَتَنَا إِذَا لَمْ تَمْنَعونا ... 89
ظَعائِنَ مِنْ بَني جشَمِ بِنِ بَكْرٍ ... خَلَطْنَ بِميسَمٍ حَسَباً وَدِينا ... 90
وَمَا مَنَعَ الْظَّعائِنَ مِثْلُ ضَرْبٍ ... تَرَى مِنْهُ الْسَّواعِدَ كالقُلِينا ... 91
كأَنَّا وَالْسُّيُوفُ مُسَلَّلاتٌ ... وَلَدْنا الْنَّاسَ طُرَّا أَجْمَعِينا ... 92
يُدَهْدُونَ الرُّؤُوسَ كما تُدَهْدِي ... حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الْكُرِينا ... 93
وَقَدْ عَلِمَ الْقَبَائِلُ مِنْ مَعَدِّ ... إِذَا قُبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينا ... 94
بِأَنّا الُمطْعِمُونَ إِذَا قَدَرْنَا ... وَأَنَّا الُمهْلِكُونَ إِذَا ابْتُلِينا ... 95
وَأَنَّا الَمانِعُونَ لِما أَرَدْنا ... وَأَنَّا الْنَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينا ... 96
وَأَنّا التَّارِكُونَ إِذَا سَخِطْنَا ... وَأَنّا الآخِذُونَ إِذَا رَضِينا ... 97
وَأَنّا الْعَاصِمُونَ إِذَا أُطِعْنْا ... وَأَنّا الْعازِمُونَ إِذَا عُصِينا ... 98
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا الَماءَ صَفْواًوَيَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِينا ... 99
أَلا أَبْلِغْ بَني الْطَّمَّاحِ عَنَّا ... وَدُعْمِيًّا فَكَيْفَ وَجَدْتُمونا ... 100
إِذَا مَا الَملْكُ سَامَ الْنَّاسَ خَسْفاً ... أَبَيْنا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينا ... 101
مَلاَنا الْبَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا ... وَمَاءَ الْبَحْرِ نَمَلؤُهُ سَفِينا ... 102
إِذا بَلَغَ الْفِطَامَ لَنا صَبِيٌّ ... تَخِرُّ لَهُ الْجَبابِرُ ساجِدِينا ... 103(663/5)
هب من نومه يهب هبا : إذا استيقظ ، الصحن : القدح العظيم والجمع الصحون ، الصبح: سقي الصبوح ، والفعل صبح يصبح ، أبقيت الشيء وبقيته بمعنى ، الأندرون : قرى بالشام يقول : ألا استيقظي من نومك أيتها الساقية واسقيني الصبوح بقدحك العظيم ولا تدخري خمر هذه القرى ... 1
شعشعت الشراب : مزجته بالماء ، الحص : الورس ، وهونبت في نوار أحمر يشقه الزعفران . ومنهم من جعل سخينا صفة ومعناه الحار ، من سخن يسخن سخونة ، ومنهم من جعله فعلا من سخي يسخى سخاء ، وفيه ثلاث لغات : إحداهن ما ذكرنا ، والثانية سخو يسخو ، والثالثة سخا يسخو سخاوة يقول : اسقنيها ممزوجة بالماء كأنها من شدة حمرتها بعد امتزاجها بالماء ألقي فيها نور هذا النبت الأحمر ، وإذا خالطها الماء وشربناها وسكرنا جدنا بعقائل أموالنا وسمحنا بذخائر أعلاقنا ، هذا إذا جعلنا سخينا فعلا وإذا جعلناه صفة كان المعنى : كأنها حال امتزاجها بالماء وكون الماء حارا نور هذا النبت . ويروي شحينا ، بالشين المعجمة ، أي إذا خالطها الماء مملوءة به . والشحن : الملء ، والفعل شحن يشحن ، والشحين بمعنى المشحون كالقتيل بمعنى المقتول ، يريد أنها حال امتزاجها بالماء وكون الماء كثيرا تشبه هذا النور ... 2
يمدح الخمر ويقول : انها تميل صاحب الحاجة عن حاجته وهواه إذا ذاقها حتى يلين ، أي إنها تنسي الهموم والحوائج أصحابها فاذا شربوها لانوا ونسوا أحزانهم وحوائجهم ... 3
اللحز : الضيق الصدر ، الشحيح البخيل الحريص ، والجمع الأشحة الأشحاء ، الشحاح أيضا مثل الشحيح ، والفعل شح يشح والمصدر الشح وهو البخل معه حرص يقول : ترى الانسان الضيق الصدر البخيل الحريص مهينا لماله فيها ، أي في شرائها ، إذا أمرت الخمر عليه ، أي إذا أديرت عليه ... 4
الصبن : الصرف ، والفعل صبن يصبن يقول : صرفت الكأس عنا يا أم عمرو وكان مجرى الكأس على اليمين فأجريتها على اليسار ... 5(663/6)
يقول : ليس بصاحبك الذي لا تسقينه الصبوح هو شر هؤلاء الثلاثة الذين تسقيهم ، أي لست شر أصحابي فكيف أخرتني وتركت سقيي الصبوح ... 6
يقول : ورب كأس شربتها بهذه البلدة ورب كأس شربتها بتينك البلدتين ... 7
يقول : سوف تدركنا مقادير موتنا وقد قدرت تلك المقادير لنا وقدرنا لها ، المنايا : جمع المنية وهي تقدير الموت ... 8
أراد يا ظعينة فرخم ، والظغينة : المرأة في الهودج ، سميت بذلك لظعنها مع زوجها ، فهي ، فعيلة بمعنى فاعلة ، ثم أكثر استعمال هذا الأسم للمرأة حتى يقال لها ظعينة وهي في بيت زوجها يقول : فقي مطيتك أيتها الحبيبة الظاعنة نخبرك بما قاسينا بعدك وتخبرينا بما لاقيت بعدنا ... 9
الصرم : القطيعة ، الوشك : السرعة ، والوشيك : السريع ، الأمين : بمعنى المأمون يقول : فقي مطيتك نسألك هل أحدثت قطيعة لسرعة الفراق أم هل خنت حبيبك الذي نؤمن خيانته ؟ أي هل دعتك سرعة الفراق إلى القطيعة أو الخيانة في مودة من لا يخونك في مودته إياك ... 10(663/7)
الكريهة : من أسماء الحرب ، والجمع الكرائه ، سميت بها لأن النفوس تكرهها ، وإنما لحقتها التاء لأنها أخرجت مخرج الأسماء مثل : النطيحة والذبيحة ، ولم تخرج مخرج النعوت مثل : امرأة قتيل وكف خضيب . ونصب ضربا وطعنا على المصدر أي يضرب فيه ضربا ويطعن فيه طعنا قولهم : أقر الله عينك ، قال الأصمعي : معناه أبرد الله دمعك ، أي سرك غاية السرور ، وزعم أن دمع السرور بارد عليه أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب هذا القول وقال : الدمع كله حار جلبه فرح أو ترح. وقال أبو عمرو الشيباني : معناه أنام الله عينك وأزال سهرها لأن أستيلاء الحزن داع إلى السهر ، فالإقرار عل قوله إفعال من قر يقر إقرارا ن لأن العيون تقر في النوم وتطرف في السهر . وحكى ثعلب عن جماعة من الأئمة أن معناه : أعطاك الله مناك ومبتغاك حتى تقر عينك عن الطموح إلى غيره وتحرير المعنى : أرضاك الله ، لأن المترقب للشيئ يطمح ببصره اليه فاذا ظفر به قرت عينه عن الطموع إليه يقول : تخبرك بيوم حرب كثر فيه الضرب والطعن فأقر بنو أعمامك عيونهم في ذلك اليوم ، أي فازوا ببغيتهم وظفروا بمناهم من قهر الأعداء ... 11
أي بما لا تعلمين من الحوادث يقول : فان الأيام رهن بما لا يحيط علمك به أي ملازمة له ... 12
الكاشح : المضمر العداوة في كشحه ، وخصت العرب الكشح بالعداوة لأنه موضع الكبد ، والعداوة عندهم تكون في الكبد ، وقيل بل سمي العدو كاشحا لأنه يكشح عن عدوه فيوليه كشحه ، يقال : كشح عنه يكشح كشحا يقول : تريك هذه المرأة إذا أتيتها خالبة وأمنت عيون أعدائها ... 13(663/8)
العيطل : الطويل العنق من النوق ، الادماء : البيضاء منها ، والأدمة البياض في الإبل ، البكر : الناقة التي حملت بطنا واحدا ، ويروى بكر بفتح الباء ، وهو الفتي من الإبل ، وبكسر الباء على الروايتين ، ويروى : تربعت رعت ربيعا ، الأرجاع : جمع الأجرع وهو والمكان الذي فيه جرع ، والجرع : جمع جرعه ، وهي دعص من الرمل . المتون : جمع متن وهو الظهر من الأرض ، الهجان : الابيض الخالص البياض يستوي فيها الواحد والتثنية والجمع ، وينعت به الابل والرجال وغيرهما ، لم تقرأ جنينا : لم تضم في رحمها ولدا يقول : تزيل ذراعين ممتلئتين لحما كذراعي ناقة طويلة العنق لم تلد بعد أو رعت ايام الربيع في مثل هذا الموضع ، ذكر هذا مبالغة في سمنها ، أي ناقة سمينة لم تحمل ولدا قط بيضاء اللون ... 14
رخصا : لينا ، حصانا: عفيفة يقول : وتريك ثديا مثل حق من عاج بياضا واستدارة محرزة من أكف من يلمسها ... 15
اللدن : اللين ، والجمع لدن ، أي تريك متني قامة لدنة ، السموق : الطول ، والفعل سمق يسمق ، الرادفتان والرانفتان : فرعا الأليتين ، والجمع الروادف والورانف ، النوء : النهوض في تثاقل ، الولى : القرب ، والفعل ولي يلي يقول : وتريك متني قامة طويلة لينة تثقل أردافها مع ما يقرب منها وبذ لك وصفها بطول القامة وثقل الأرداف ... 16
المأكمه : رأس الورك ، والجمع المآكم يقول : وتريك وركا يضيق الباب عنها لعظمها وضخمها وامتلائها باللحم ، وكشحا قد جننت بحسنه جنونا ... 17
البلنط : العاج ، السارية : الاسطوانة ، والجمع السواري ، الرنين : الصوت يقول : وتريك ساقين كاسطوانتين من عاج أو رخام بياضا وضخما يصوت حليهما ، أي خلاخيلهما ، تصويتا ... 18(663/9)
قال القاضي أبو سعيد السيرافي : البعير بمنزلة الانسان والجمل بمنزلة الرجل والناقة بمنزلة المرأة : والسقب بمنزلة الصبي ، والحائل بمنزلة الصبية ، والحوار بمنزلة الولد ، والبكر بمنزلة الفتى ، والقلوص بمنزلة الجارية الوجد : الحزن ، والفعل وجد يجد ، الترجيع : ترديد الصوت ، الحنين : صوت المتوجع يقول : فما حزنت حزنا مثل حزني ناقة أضلت ولدها فرددت صوتها مع توجعها في طلبها ، يريد أن حزن هذه الناقة دون حزنه لفراق حبيبته ... 19
الشمط : بياض الشعر ، الجنين : المستور في القبر هنا يقول : ولا حزنت كحزني عجوز لم يترك شقاء حظها لها من تسعة أبناء إلا مدفونا في قبره ، أي ماتوا كلهم ودفنوا ، يريد أن حزن العجوز التي فقدت تسعة بنين دون حزنه عند فراق عشيقته ... 20
الحمول : جمع حامل ، يريد إبلها يقول : تذكرت العشق والهوى واشتقت إلى العشيقة لما رأيت حمول أبلها سيقت عشيا ... 21
أعرضت : ظهرت ، وعرضت الشيئ أظهرته ، ومنه قوله عز وجل :"وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا" وهذا من النوادر ، عرضت الشيئ فأعرض ، ومثله كببته فأكب ، ولا ثالث لهما فيما سمعنا ، اشمخرت : ارتفعت ، أصلت السيف : سللته يقول: فظهرت لنا قرى اليمامة وارتفعت في أعيننا كأسياف بأيدي رجال سالين سيوفهم .. شبه الشاعر ظهور قراها بظهور أسياف مسلولة من أغمادها ... 22
يقول : يا أبا هند لا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك باليقين من أمرنا وشرفنا ، يريد عمرو بن هند فكناه ... 23
االراية : العلم ، والجمع الرايات والراي يقول نخبرك باليقين من أمرنا بأنا نورد أعلامنا الحروب بيضا ونرجعها منها حمرا قد روين من دماء الابطال . هذا البيت تفسير اليقين من البيت الأول ... 24(663/10)
يقول : نخبرك بوقائع لنا مشاهير كالغر من الخيل عصينا فيها الملك فيها كراهية أن نطيعه ونتذلل له ، الأيام : الوقائع ، الغر بمعنى المشاهير كالخيل الغر لا شتهارها فيما بين الخيل . قوله أن ندين ، أي كراهية أن ندين فحذف المضاف ، هذا على قول البصريين ، وقال الكوفيون : تقديره أن لا ندين ، أي لئلا ندين ، فحذف لا ... 25
يقول ورب سيد قوم متوج بتاج الملك حام للاحجئين اليه قهرناه ، أحجرته : الجأته ... 26
العكوف : الاقامة ، والفعل عكف يعكف ، الصفون : جمع صافن ، وقد صفن الفرس يصفن صفونا إذا قام على ثلاثة قوائم وثنى سنبكه الرابع يقول : قتلناه وحبسنا خيلنا عليه وقد قلدناه أعنتها في حال صفونها عنده ... 27
يقول : وأنزلنا بيوتنا بمكان يعرف بذي طلوح إلى الشامات تنفي من هذه الأماكن أعداءنا الذين كانوا يوعدوننا ... 28
القتاد : شجر ذو شوك ، والواحدة منها قتادة ، التشذيب : نفي الشوك والأغصان الزائدة والليف عن الشجر . يلينا : أي يقرب منا يقول : وقد لبسنا الأسلحة حتى أنكرتنا الكلاب وهرت لانكارها إيانا وقد كسرنا شوكة من يقرب منا من أعدائنا ، استعار لفل الغرب وكسر الشوكة تشذيب القتادة ... 29
أراد بالمرحى رحى الحرب وهي معظمها يقول : مت حاربنا قوم قتلناهم ، لما استعار للحرب اسم الرحى استعار لقتلاها اسم الطحين ... 30
الثفال : خرقة أو جلدة تبسط تحت الرحى ليقع عليها الدقيق ، اللهوة : القبضة من الحب تلقى في فم الرحى ، وقد ألهيت الرحى أي القيت فيها لهوة يقول تكون معركتنا الجانب الشرقي من نجد وتكون قبضتنا قضاعة أجمعين ، فستعار للمعركة اسم الثفال ، وللقتلى اسم اللهوة .. ليشاكل الرحى والطحين ... 31(663/11)
يقول : نزلتم منزلة الأضياف فعجلنا لكم قراكم كراهية أن تشتمونا ولكي لا تشتمونا ، والمعنى : تعرضتم لمعاداتنا كما يتعرض الضيف للقرى فقتلناكم عجالا كما يحمد تعجيل قرى الضيف ، ثم قال تهكما بهم واستهزاء : وذلك خشية ان تشتمونا ، أي قريناكم على عجلة كراهية شتمكم إيانا إن اخرنا قراكم ... 32
المرداة : الصخرة التي يكسر بها الصخور ، والمرادة ايضا الصخرة التي يرمى بها ، والردى الرمي والفعل ردى يردي ، فاستعار المرداة للحرب ، الطحون : فعول من الطحن . مرداة طحونا أي حربا اهلكتهم اشد إهلاك ... 33
يقول : نعم عشائرنا بنوالنا وسبيلنا ونعف عن اموالهم ونحمل عنهم ما حملونا من أثقال حقوقهم ومؤنتهم ، والله أعلم ... 34
التراخي : البعد ، الغشيان : الإتيان يقول : نطاعن الابطال ما تباعدوا عنا ، أي وقت تباعدهم عنا ، ونضربهم بالسيوف إذا اتينا أي اتونا ، فقربوا منا ، يريد ان شأننا طعن من لاتناله سيوفنا ... 35
اللدن : اللين ، والجمع لدن يقول : نطاعنهم برماح سمر لينة من رماح الرجل الخطي ، يريد سمهرا أي نضاربهم بسيوف بيض يقطعن ما ضرب بها ، توصف الرماح بالسمهرة لأن سمهرتها دالة على نضحها في منابتها ... 36
الأبطال : جمع بطل وهو الشجاع ، الوسوق : جمع وسق وهو حمل بعير ، الأماعز : جمع الأمعز وهو المكان الذي تكثر حجارته يقول : كأن جماجم الشجعان منهم أحمال ابل تسقط في الأماكن الكثيرة الحجارة ، شبه رؤوسهم في عظمها باحمال الأبل ، والارتماء لازم ومتعد ، وهو في البيت لازم ... 37
الاختلاب : قطع الشيء بالمخلب وهو المنجل الذي لا أسنان له ، الاختلاء : قطع الخلا وهو رطب الحشيش يقول : نشق بها رؤوس الأعداء شقا ونقطع بها رقابهم فيقطعن ... 38
يقول : وان الضغن بعد الضغن تفشو آثاره ويخرج الداء المدفون من الافئدة ، أي يبعث على الانتقام ... 39
يقول : ورثنا شرف آبائنا قد علمت ذلك معد فنحن نطاعن الأعداء دون شرفنا حتى يظهر الشرف لنا ... 40(663/12)
الحفض : متاع البيت ، والجمع أحفاض ، والحفض البعير الذي يحمل متاع البيت ، من روى في البيت : على الأحفاض ، أراد بها الأمتعة ، ومن روى : عن الأحفاض ، اراد بها الابل يقول : ونحن إذا قوضت الخيام فخرت على أمتعتها نمنع ونحمي من يقرب منا من جيراننا ، أو ونحن إذا سقطت الخيام عن الابل للاسراع في الهرب نمنع ونحمي جيراننا إذا هرب غيرنا حمينا غيرنا ... 41
الجذ : القطع يقول : نقطع رؤوسهم في غير بر ، أي في عقوق ، ولا يدرون ماذا يحذرون منا من القتل وسبي الحرم واستباحة الأموال ... 42
المخراق : معروف ، والمخراق أيضا سيف من خشب يقول : كنا لا نحفل بالضرب بالسيوف كما لايحفل اللاعبون بالضرب بالمخاريق أو كنا نضرب بها في سرعة كما يضرب بالمخاريق في سرعة ... 43
يقول : كأن ثيابنا وثياب أقراننا خضبت بأرجوان أو طليت ... 44
الاسناف : الاقدام يقول : إذا عجز عن التقدم قوم مخافة هول منتظر متوقع يشبه ان يكون ويمكن ... 45
يقول : نصبنا خيلا مثل هذا الجبل أو كتيبة ذات شوكة محافظة على أحسابنا وسبقنا خصومنا ، أي غلبناهم . وتحرير المعنى : إذا فزع غيرنا من التقدم أقدمنا مع كتيبة ذات شوكة وغلبنا ، وإنما نفعل هذا محافظة على أحسابنا ... 46
يقول : نسبق ونغلب بشبان يعدون القتال في الحروب مجدا وشيب قد تمرنوا على الحروب ... 47
حديا : اسم جاء على صيغة التصغير مثل ثريا وحميا وهي بمعنى التحدي يقول : نتحدى الناس كلهم بمثل مجدنا وشرفنا ونقارع أبناءهم ذابين عن أبنائنا ، أي نضاربهم بالسيوف حماية للحريم وذبا عن الحوزة ... 48
. العصب : جمع عصبة وهي ما بين العشرة والأربعين ، الثبة : الجماعة ، والجمع الثبات ، والثبون في الرفع ، والثبين في النصب والجر يقول : فأما يوم نخشى على أبنائنا وحرمنا من الأعداء تصبح خيلنا جماعات ، أي تتفرق في كل وجه لذب الأعداء عن الحرم ... 49(663/13)
الإمعان : الإسراع والمبالغة في الشيء ، التلبب : لبس السلاح يقول : وأما يوم لانخشى على حرمنا من أعدائنا فنمعن في الاغارة على الأعداء لابسين أسلحتنا ... 50
الرأس . الرئيس والسيد يقول : نغير عليهم مع سيد من هؤلاء القوم ندق به السهل ، أي نهزم الضعاف والأشداء ... 51
التضعضع : التكسر والتذلل ، ضعضعه فتضعضع أي كسرته لسنا بهذه الصفة فتعلمنا الأقوام بها ... 52
أي لا يسعفهن احد علينا فنسفه عليم فوق سفههم ، أي نجازيهم بسفههم جزاء يربي عليه ، فسمي جزاء الجهل جهلا لازدواج الكلام وحسن تجانس اللفظ ، كما قال الله تعالى :"الله يستهزئ بهم" وقال الله تعالى : "وجزاء سيئة سيئة مثلها" وقال جل ذكره :"ومكروا ومكر الله" وقال جل وعلا :"يخادعون الله وهو خادعهم" . سمي جزاء الاستهزاء والسيئة والمكر والخداع استهزاء وسيئة ومكرا وخداعا لما ذكرنا ... 53
القطين : الخدم ، القيل : الملك دون الملك الأعظم يقول : كيف تشاء يا عمرو بن هند أن نكون خدما لمن وليتموه أمرنا من الملوك الذين وليتموهم ؟ أي شئ دعاك إلى هذه المشيئة المحال؟ يريد أنه لم يظهر منهم ضعف يطمع الملك في إذلالهم باستخدام قيله إياهم ... 54
إدراه وازدرى به : قصر به واحتقره يقول : كيف تشاء أن تطيع الوشاة بنا إليك وتحتقرنا وتقصر بنا؟ أي : أي شيء دعاك إلى هذه المشيئة ؟ أي لم يظهر منا ضعف يطمع الملك فينا حتى يصغي إلى من يشي بنا إليه ويغريه بنا فيحتقرنا ... 55(663/14)
القتو : خدمة الملوك ، والفعل قتا يقتو ، والقتي مصدر كالقتو ، تنسب إليه فتقول مقتوي ، ثم يجمع مع طرح ياه النسبة فيقال مقتوون في الرفع ، ومقتوين في الجر والنصب ، كما يجمع الأعجمي بطرح ياء النسبة فيقال أعجمون في الرفع : وأعجمين في النصب والجر يقال : ترفق في تهددنا وإبعادنا ولا تمعن فيهما ، فمتى كنا خدما لأمك ؟ أي لم نكن خدما لها حتى نعبأ بتهديدك ووعيدك إيانا . ومن روى : تهددنا وتوعدنا ، كان إخبارا ، ثم قال : رويدا أي دع الوعيد والتهديد وأمهله ... 56
العرب تستعير للعز أسم القناة يقول : فإن قناتنا أبت أن تلين لأعدائنا قبلك ، يريد أن عزمهم أبي أن يزول بمحاربة أعدائهم ومخاصمتهم ومكايدتهم ، يريد أن عزمهم منيع لايرام ... 57
الثقاف : الحديدة التي يقوم بها الرمح ، وقد ثقفته : قومته ، العشوزنة : الصلبة الشديدة ، الزبون : الدفوع ، وأصله من قولهم : زبنت الناقة حالبها ، إذا ضربته بثفنات رجليها أي بكبتيها ، ومنه الزبانية لزبنهم أهل النار أي لدفعهم يقول : إذا أخذها الثفاف لتقويمها نفرت من التقويم وولت . الثقاف قناة صلبة شديدة دفوعا ، جعل القناة التي لا يتهيأ تقويمها مثلا لعزتهم التي لا تضعضع ، وجعل قهرها من تعرض لهدمها كنفار القناة من التقويم والاعتدال ... 58
أرنت : صوتت ، والإرنان هنا لازم قد يكون متعديا . ثم بالغ في وصف القناة بأنها تصوت إذا أريد تثقيفها ولم تطاوع الغامز بل تشج قفاه وجبينه ، وكذلك عزتهم لا نضعضع لمن رامها بل تهلكه وتقهره ... 59
يقول : هل أخبرت بنقص كان من هؤلاء في أمور القرون الماضية أو بنقص في عهد سلف ... 60
الدين : القهر ، ومنه قوله عز وجل :"فلولا أن كنتم غير مدينين" أي غير مقهورين يقولون : ورثنا مجد هذا الرجل الشريف من أسلافنا وقد جعل لنا حصون المجد مباحة قهرا وعنوة ، أي غلب أقرانه على المجد ثم أورثنا مجده ذلك ... 61(663/15)
يقول : ورثت مجد مهلهل ومجد الرجل الذي هو خير منه وهو زهير فنعم ذخر الذاخرين هو ، أي مجده وشرفه للافتخار به ... 62
يقول : وورثنا مجد عتاب وكلثوم وبهم بلغنا ميراث الأكارم أي حزنا مآثرهم ومفاخرهم فشرفنا بها وكرمنا ... 63
ذو البرة : من بني تغلب ، سمي به لشعر على أنفه يستدير كالحلقة يقول : ورثت مجد ذي البرة الذي اشتهر وعرف وحدثت عنه أيها المخاطب وبمجده يحمينا سيدنا وبه نحمي الفقراء الملجئين إلى الاستجارة بغيرهم ... 64
يقول : ومنا قبل ذي البرة الساعي للمعالي كليب ، يعني كليب وائل ، ثم قال : وأي المجد إلا قد ولينا ، أي قربنا منه فحويناه ... 65
يقول : متى قرنا ناقتنا بأخرى قطعت الحبل أو كسرت عنق القرين ، والمعنى : متى قرنا بقوم في قتال أو جدال غلبناهم وقهرناهم ، الجذ : القطع ، والفعل جذ يجذ ، الوقص : دق العنق ، والفعل وقص يقص ... 66
يقول : تجدنا أيها المخاطب أمنعهم ذمة وجوارا وحلفا وأوفاهم باليمين عند عقدهم ، الذمار : العهد والحلف والذمة ، سمي به لأنه يتذمر له أي يتغصب لمراعاته ... 67
الرفد : الإعانة ، والرفد الاسم يقول : ونحن غداة أوقدت نار الحرب في خزازي أعنا نزارا فوق إعانة المعينين ، يفتخر باعانة قومه بني نزار في محاربتهم اليمن ... 68
تسف أي تأكل يابسا ، والمصدر السفوف ، الجلة : الكبار من الإبل ، الخور : الكثيرة الألبان . وقيل الخور الغزار من الإبل ، والناقة خوراء ، الدزين: ما أسود من النبت وقدم يقول : ونحن حبسنا أموالنا بهذا الموضع حتى سفت النوق الغزار قديم النبت وأسوده لإعانة قومنا ومساعدتهم على قتال أعدائنا ... 71-69
يقول : كنا حماة الميمنة إذا لقينا الأعداء وكان إخواننا حماة الميسرة ، يصف غناءهم في حرب نزار اليمن عندما قتل كليب وائل لبيد ابن عنق الغساني عامل ملك غسان على تغلب حين لطم أخت كليب وكانت تحته ... 72
يقول : فحمل بنو بكر على من يليهم من الأعداء وحملنا على من يلينا ... 73(663/16)
النهاب : الغنائم ، الواحد نهب ، الأوب : الرجوع ، التصفيد : التقييد ، يقال : صفدته أي قيدته وأوثقته يقول : فرجع بنو بكر بالغنائم والسبايا ورجعنا مع الملوك مقيدين ، أي اغتنموا الأموال وأسرنا الملوك ... 74
يقول : تنحوا وتباعدوا عن مساماتنا ومباراتنا يا بنى بكر ، ألم تعلموا من نجدتنا وبأسنا اليقين ؟ بلى ، وقد علمتم ذلك لنا فلا تتعرضوا لنا ، يقال : إليك إليك ، أي تنح ... 75
يقول : ألم تعلموا كتائب منا ومنكم يطعن بعضهن بعضا ويرمي بعضهن بعضا ؟ وما في قول ألما صلة زائدة ، الإطعان والارتماء : مثل التطاعن والترامي ... 76
اليلب : نسيجة من سيور تلبس تحت البيض يقول : وكان علينا البيض واليلب اليماني وأسياف يقمن وينحنين لطول الضرائب بها ... 77
السابغة : الدرع الواسعة التامة، الدلاص : البراقة ، الغضون : جمع غضن وهو التشنج في الشيء يقول : وكانت علينا كل درع واسعة براقة ترى أيها المخاطب فوق المنطقة لها غضونا لسعتها وسبوغها ... 78
الجُون : الأسود ، والجَون الأبيض ، والجمع الجُون يقول : اذا خلعها الأبطال يوما رأيت جلودهم سودا للبسهم اياها ، قوله : لها ، أي للبسها ... 79
الغدر: مخفض غدر وهو جمع غدير ، تصفقه : تضربه ، شبه غضون الدرع بمتون الغدران اذا ضربتها الرياح في جريها ، والطرائق التي ترى في الدروع بالني تراها في الماء اذا ضربته الريح ... 80
الروع : الفزع ويريد به الحرب هنا ، الجرد : التي رق شعر جسدها وقصر ، والواحد أجرد والواحدة جرداء ، النقائذ : المخلصات من أيدي الأعداء ، واحدتها نقيذة ن وهي فعيلة بمعنى مفعلة ، يقال : أنقذتها أي خلصتها ، فهي ونقيذة ، الفلو والافتلاء : القطام يقول : وتحملنا في الحرب خيل رقاق الشعور قصارها عرفن لنا وفطمت عندنا وخلصناها من أيدي أعدائنا بعد استيلائهم عليها ... 81(663/17)
رجل دارع: عليه درع ، ودروع الخيل تجافيفها ، الرصائع : جمع الرصيعة وهي عقدة العنان على قذال الفرس يقول : وردت خيلنا وعليها تجافيفها وخرجن منها شعثا قد بلين ، كما بلي عقد الأعنة ، لما نالها من الكلال والمشاق فيها ... 82
يقول : ورثنا خيلنا من آباء كرام شأنهم الصدق في الفعال والمقال ونورثها أبناءنا اذا متنا ، يريد أنها تناتجت وتناسلت عندهم قديما ... 83
يقول : على آثارنا في الحرب نساء بيض حسان نحاذر عليها أن تسبيها الأعداء فتقسمها وتهينها ، وكانت العرب تشهد نساءها الحروب وتقيمها خلف الرجال ليقاتل الرجال ذبا عن حرمها فلا تفشل مخافة العار بسبي الحرم ... 84
يقول قد عاهدن أزواجهن اذا قاتلوا كتائب من الأعداء قد أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها في الحرب أن يثبتوا في حومة القتال ولا يفروا والبعول والبعولة جمع بعل ، يقال للرجل : هو بعل المرأة ، وللمرأة هي بعله وبعلته ، كما يقال . هو زوجها وهي زوجها وهي زوجة وزوجته ... 85
أي ليستلب رجالنا أفراس الأعداء وبيضهم وأسرى منهم قد قرنوا في الحديد ... 86
يقول : ترانا خارجين إلى الأرض البراز ، وهي الصحراء التي لا جبل بها ، لثقتنا بنجدتنا وشوكتنا ، وكل قبيلة تستجير وتعتصم بغيرها مخافة سطوتنا بها ... 87
الهوبنى تصغير الهونى وهي تأنيث الأهون ، مثل الأكبر والكبرى يقول : إذا مشين يمشين مشيا رفيقا لثقل أردافهن وكثرة لحومهن ، ثم شبههن في تبخترهن بالسكارى في مشيهم ... 88
القوت : الاطعام بقدر الحاجة ، والفعل قات يقوت ، والاسم القوت ، والجمع الاقوات يقول : يعلفن خيلنا الجياد ويقلن : لستم أزواجنا إذا لم تمنعونا من سبي الأعداء إيانا ... 89(663/18)
الميسم : الحسن وهو من الوسام والوسامة وهما الحسن والجمال ، والفعل وسم يوسم ، والنعت وسيم ، الحسب : ما يحسب من مكارم الانسان ومكارم أسلافه ، فهو فعل في معنى مفعول مثل النفض والخبط والقبض واللقط في معنى المنفوض والمخبوط والمقبوض والملقوط ، فالحسب إذن في معنى المحسوب من مكارم آبائه يقول : هن نساء من هذه القبيلة جمعن إلى الجمال الكرم والدين ... 90
يقول : ما منع النساء من سبي الأعداء إياهن شيء مثل ضرب تطير منه سواعد المضروبين كما تطير القلة إذا ضربت بالمقلى ... 91
يقول : كأنا حال استلال السيوف من أغمادها ، أي حال الحرب ، ولدنا جميع الناس ، أي نحميهم حماية الوالد لولده ... 92
الحزور : الغلام الغليظ الشديد ، والجمع الحزاورة يقول : يدحرجون رؤوس أقرانهم كما يدحرج الغلمان الغلاظ الشداد الكرات في مكان مطمئن من الأرض ... 93
يقول : وقد علمت قبائل معد إذا بنيت قبابها بمكان أبطح ، القبب والقباب جمعا قبة ... 94
يقول : قد علمت هذه القبائل أنا نطعم الضيفان اذا قدرنا عليه ونهلك أعداءنا إذا اختبروا قتالنا ... 95
يقول : ونحن نمنع الناس ما اردنا منعه إياهم وننزل حيث شئنان من بلاد العرب ... 96
يقول : وأنا نترك ما نسخط عليه ونأخذ إذا رضينا ، أي لا نقبل عطايا من سخطنا عليه ونقبل هدايا من رضينا عليه ... 97
يقول ونحن نعصم ونمنع جيراننا إذا اطاعونا ونعزم عليهم بالعدوان إذا عصونا ... 98
يقول : ونأخذ من كل شيء أفضله وندع لغيرنا أرذله ، يريد أنهم السادة والقادة وغيرهم أتباع لهم ... 99
يقول : سل هؤلاء كيف وجدونا ، شجعانا أم جبناء ... 100
الخسف والخسف ، بفتح الخاء وضمها : الذل ، السوم : أن تجشم إنسانا مشقة وشرا ، يقال : سامة خسفا ، أي حمله وكلفه ما فيه ذله يقول : إذا أكره الملك الناس على ما فيه ذلهم أبينا الانقياد له ... 101
يقول : ملأنا الدنيا برا وبحرا فضاق البر عن بيوتنا والبحر عن سفننا ... 102(663/19)
يقول : إذا بلغ صبياننا وقت الفطام سجدت لهم الجبابرة من غيرنا ...(663/20)
معلقة عنترة بن شداد
العبسي المسماة بـ ( المذهبة )
هلْ غادرَ الشعراءُ منْ متردَّمِ ***** أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
أعياكَ رسمُ الدار لم يتكلم ***** حتى تكلَّم كالأصمِّ الأعجم
ولقد حبستُ بها طويلاً ناقتي ***** أشكو الى سفعٍ رواكدَ جثمَّ
يادارَ عبلةَ بالجواءِ تكلمي ***** وعمي صباحاً دار عبلةَ واسلمي
دارٌ لآنسةٍ غضيضٍ طرفهُا ***** طوعَ العناق لذيذةِ المتبسَّم
فوقفتُ فيها ناقتي وكأنها ***** فدنٌ لأقضي حاجةَ المتلوم
وتحلُّ عبلةُ بالجواءِ وأهلنا ***** بالحزن فالصَّمانِ فالمتاثم
حييت منْ طللٍ تقادم عهدهُ ***** أقوى وأقفر بعد أمِّ الهيثم
شطتْ مزارَ العاشقينَ فأصبحتْ ***** عسراً عليَّ طلابكِ ابنة مخرم
علقتها عرضاً واقتل قومها ***** زعماً وربِّ البيت ليس بمزعم
ولقد نزلتِ فلا تظنّي غيره ***** مني بمنزلةِ المحب المكرم
كيفَ المزارُ وقد ترَّبع أهلها ***** بعنيزتين وأهلنا بالغيلم
إنْ كنتِ أزمعتِ الفراقَ فإنما ***** زمَّت ركائبكم بليلٍ مظلم
ما راعني إلاّ حمولةُ أهلها ***** وسط الديار تسفُّ حبَّ الخمخم
فيها اثنتانِ وأربعونَ حلوبةً ***** سوداً كخافيةِ الغراب الأسحم
إذ تستبيكَ بذي غروب واضح ***** عذبٍ مقبلهُ لذيذُ المطعم
وكأنما نظرتْ بعينيْ شادنِ ***** رشأٍ من الغزلانِ ليس بتوأم
وكأنَّ فأرةَ تاجرٍ بقسيمةٍ ***** سبقتْ عوارضها اليكَ من الفمْ
أو روضة أنفاً تضمنَ نبتهَا ***** غيثٌ قليلُ الدَّمن ليس بمعلمِ
جادتْ عليها كلُّ عينٍ ثرَّةٍ ***** فتركنَ كلَّ حديقةٍ كالدرهم
سحّاً وتسكاباً فكلُّ عشيةٍ ***** يجري عليها الماءُ لم يتصرَّم
فترى الذبابَ بها يغني وحدهُ ***** هزجاً كفعل الشاربِ المترنم
غرداً يسنُّ ذراعه بذراعهِ ***** فعل المكبِّ على الزنادِ الأجذم
تمسي وتصبحُ فوق ظهر حشيةٍ ***** وأبيتُ فوق سراةِ أدهم ملجَم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشَّوى ***** نهدٍ مراكلهُ نبيل المحزِم(664/1)
هل تبلغنى دارها شدنية ***** لعنتْ بمحروم الشَّرابِ مصرَّم
خطارةٌ غبَّ السُّرى موارةٌ ***** تطسُ الإكامَ بذاتِ خفِّ ميثم
فكأنما أقصُ الإكام عشيةً ***** بقريبِ بين المنسمين مصلم
تأوي له قلصُ النَّعام كما أوتْ ***** حزقٌ يمانيةٌ لأعجمَ طمطمِ
يتبعنَ قلة رأسهِ وكأنهُ ***** حرجٌ على نعش لهنَّ مخيَّم
صعلٍ يعودُ بذي العشيرةِ بيضهُ ***** كالعبد ذي الفروْ الطويل الأصلمْ
شربتْ بماءٍ الدُّحرضينِ فأصبحت ***** زوراءَ تنفرُ عن حياض الدَّيلم
وكأنما ينأى بجانبِ دفّها الـ ***** وحشيِّ منْ هزْج العشيِّ مؤوّم
هرُّ جنيبٌ كلما غطفتْ له ***** غضبى اتقاها باليدين وبالفم
أبقى لها طولُ السّفار مقرمداً ***** سنداً ومثلَ دعائمِ المتخيم
بركتْ على ماءِ الرداع كأنما ***** بركت على قصبٍ أجشَّ مهضَّم
وكأن ربا أوْ كحيلاً مقعداً ***** حشَّ القيانُ به جوانبَ قمقم
ينباعُ منْ ذفرى غضوبٍ جسرةٍ ***** زيافةٍ مثل الفنيق المكدمِ
إنْ تغدفي دوني القناع فانني ***** طبٌّ بأخذ الفارسٍ المتسلئم
أثنى عليَّ بما علمتِ فانني ***** سمحٌ مخالطتي إذا لم أظلم
فاذا ظلمتُ فانَّ ظلمي باسلٌ ***** مرٌّ مذاقتهُ كطعم العلقمْ
ولقد شربتُ من المدامة بعد ما ***** ركد الهواجرُ بالمشوفِ المعلم
بزجاجةٍ صفراءَ ذاتِ أسرَّةٍ ***** قرنتْ بأزهر في الشمالِ مفدَّم
فإذا شربتُ فانني مستهلكٌ ***** مالي وعرضي وافرٌ لم يُكلم
وإذا صحوتُ فما أقصرُ عنْ ندىَ ***** وكما علمتِ شمائلي وتكرُّمي
وحليل غانيةٍ تركتُ مجدلاً ***** تمكو فريصتهُ كشدقِ الأعلم
سبقتْ يدايَ له بعاجل طعنةٍ ***** ورشاشِ نافذةٍ كلوْن العندم
هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ ***** إنْ كنتِ جاهلةً بما لم تعلمي
إذ لا أزالُ على رحالةِ سابح ***** نهدٍ تعاودهُ الكماةُ مكلم
طوراً يجرَّدُ للطعانِ وتارةً ***** يأوي الى حصدِ القسيِّ عرمرمِ
يخبركَ من شهدَ الوقيعةَ أنني ***** أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنم(664/2)
ولقد ذكرتكِ والرِّماحُ نواهلٌ ***** مني وبيضُ الهندِ تقطر من دمي
فوددتُ تقبيل السيوفِ لأنها ***** لمعت كبارق ثغركِ المتبسِّم
ومدَّجج كره الكماةُ نزالهُ ***** لا ممعنٍ هرباً ولا مستسلم
جادتْ له كفي بعاجل طعنةٍ ***** بمثقفِ صدق الكعوب مقوَّم
برحيبةِ الفرعين يهدي جرسُها ***** بالليل معتسَّ الذئابِ الضرَّم
فشككتُ بالرمحِ الأصمِّ ثيابهُ ***** ليسَ الكريمُ على القنا بمحرَّم
فتركتهُ جزرَ السباع ينشنهُ ***** يقضمنَ حسنَ بنانهِ والمعصم
ومشكّ سابغةٍ هتكتُ فروجها ***** بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
زبدٍ يداهُ بالقداح إذا شتا ***** هتَّاك غايات التجار ملوَّم
لما رآني قد نزلتُ أريدهُ ***** أبدى نواجذهُ لغير تبسُّم
فطعنتهُ بالرُّمح ثم علوتهُ ***** بمهندٍ صافيِ الحديد مخذَم
عهدي به شدَّ النهار كأنما ***** خضبَ اللبان ورأسهُ بالعظلم
بطلٌ كأنَّ ثيابهُ في سرحةٍ ***** يحذى نعالَ السبتِ ليس بتوأم
يا شاةَ ما قنصٍ لمن حلتْ له ***** حرمتْ عليَّ وليتها لم تحرُم
فبعثتُ جاريتى فقلتُ لها اذهبي ***** فتجسسَّي أخبارها لي واعلمى
قالتْ رأيتُ منْ الأعادي غرَّةً ***** والشاةُ ممكنةٌ لمنْ هو مرتميْ
وكأنما التفتتْ بجيدِ جدايةٍ ***** رشاٌْ من الغزلانِ حرٍ أرثم
نبئتُ عمراً غيرَ شاكر نعمتي ***** والكفر مخبئةٌ لنفس المنعم
ولقد حفظتُ وصاة عمّي بالضحى ***** إذ تقلصُ الشفتانِ عنْ وضح الفم
في حومةِ الحربِ التى لا تشتكي ***** غمراتها الأبطالُ غير تغمغم
إذْ يتقُون بي الأسَّنة لم أخمْ ***** عنها ولكني تضايق مُقدَمي
ولقد هممتُ بغارةٍ في ليلةٍ ***** سوداءَ حالكةٍ كلونِ الأدلم
لما رأيتُ القومَ أقبلَ جمعهُم ***** يتذامرون كررتُ غير مذمّم
يدعون عنترَ والرِّماحُ كأنها ***** أشطانُ بئرٍ في لبانِ الأدهم
ما زلتُ أرميهمْ بثغرةِ نحره ***** ولبانهِ حتى تسربلَ بالدّم
فازورّ من وقع القنا بلبانهِ ***** وشكى إليّ بعبرةٍ وتحمحمْ(664/3)
لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى ***** ولكان لو علم الكلامَ مكلمي
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ***** قيلُ الفوارس ويكَ عنتر أقدم
والخيلُ تقتحمُ الغبار عوابساً ***** ما بين شيظمةِ وأجرد شيظم
ذللٌ ركابي حيثُ شئتُ مشايعي ***** لبي وأحفزهُ بأمر مبرم
إني عداني أنْ أزوركِ فاعلمي ***** ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم ***** وزرتْ جواني الحربِ منْ لم يجرم
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ ***** للحربِ دائرةٌ على ابني ضمضَم
الشَّاتمي عرضي ولم أشتمهمُا ***** والناذرين إذا لقيتهمُا دمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما ***** جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم(664/4)
مقامك يا سيدي صينٌ
لشاعرنا الرائع/ عبدالرحمن العديني
**
دمانا فداك وآباؤنا وأبناؤنا يا رسولَ الهُدى
نذَرنا لأجلكَ أرواحَنا فما غيرك اليوم مِن مُفتدى
هو الله كمّل أوصافَهُ وسمّاه بين الوَرى أحمدا
فما مُنْقصٌ فَضْلَه جاحدٌ ومَن يَحجُب النُور مما بَدَا
مقامُك يا سيّدي صيّنٌ وعَنك الإلهُ يَكفُّ العِدا
*
وشَاهَت وجوه الذين اعْتدوا وبالسوء والشرِّ مَدّوا اليدا
ألمْ يأتهم ما جرى قبلَهم لمَن عاثَ في الأرض أو أفْسَدا
لفرعونَ لمّا هَوى غارقاً وقد عَاب موسى فهلْ أُنجدا
*
هُمُ أظّهروا لِلدُّنَا حُبّنا لمَنْ كان فينا السَّناَ المُفردا
وإنّا وربُّ الوَرى شاهدٌ لَنارٌ على مَنْ عليكَ اعتدى
هي الرُّوحُ ذَابتْ بأشواقِها وغَنّى الحنينُ بها مُنشِدا
وفيكَ اسْتطَابَ الفؤادُ الهَوى ودمْعيَ من مُقلتي غَرّدا
**(665/1)
مقتل بزَرْ جمَهْر
لخليل مطران
سجدوا لكسرى إذ بدا إجلالا ****** كسجودهم للشمس إذ تتلالا
يا أمة الفرس العريقة في العلى ****** ماذا أحال بك الأسود سخالا ؟
كنتم كباراً في الحروب أعزةً ****** واليوم بتم صاغرين ضئالا
عُبّادَ "كسرى" مانحيه نفوسكم ****** ورقابكم والعرض والأموالا
تستقبلون نعاله بوجوهكم ****** وتعفّرون أذلةً وصغارا
التبرُ "كسرى" وحده في فارس ****** ويَعُدُّ أمة فارس أرذالا
شرُّ العيال عليهمُ وأعقُّهم ****** لهمُ ويزعمهمْ عليه عيالا
إن يؤتهمْ فضلا يَمُنُّ وإن يرم ****** ثأراً يُبدهم بالعدو قتالا
وإذا قضى يوماً قضاءً عادلاً ****** ضرب الأنام بعدله الأمثالا
**************************
يا يوم قتل " بُزَرْجُمُهْرَ " وقد أتوا ****** فيه يلبون النداء عجالا
متألبين ليشهدوا موت الذي ****** أحيا البلاد عدالة ونوالا
يبدون بشراً والنفوس كظيمة ****** يجفلن بين ضلوعهم إجفالا
تجلو أسرتَهم بروقُ مسرة ****** وقلوبهم تدمى بهن نصالا
وإذا سمعت صياحهم ودويهم ****** لم تدره فرحاً ولا إعوالا
**************************
ويلوح " كسرى " مشرفاً من قصره ****** شمساً تضيء مهابة وجلالا
شبحاً " لأرموز " العظيم ممثلاً ****** ملكاً يضم رداؤه رئبالا
يزهو به العرشُ الرفيع كأنه ****** بسنا الجواهر مشعلٌ إشعالا
وكأن شرفته مقام عبادة ****** نُصِبَ التكبر في ذُراه مثالا
وكأن لؤلؤة بقائم سيفه ****** عين تَعُدُّ عليهمُ الآجالا
**************************
ما كان " كسرى " إذ طغى في قومه ****** إلا لما خَلُقُوا به فعّالا
همْ حكّموهُ فاستبدّ تحكماً ****** وهمُ أرادوا أن يصول فصالا
والجهل داء قد تقادم عهده ****** في العالمين ولا يزال عضالا
لولا الجهالة لم يكونوا كلهمْ ****** إلا خلائقَ إخوةً أمثالا
لكن خفض الأكثرين جناحهم ****** رفع الملوك وسوّد الأبطالا
وإذا رأيت الموج سفُلُ بعضُه ****** ألفيت تاليَه طغى وتعالا(666/1)
نقصٌ لفطرة كل حيٍّ لازمٌ ****** لا يرتجي معه الحكيمُ كمالا
**************************
وإذا استوى "كسرى" وأجلس دونه ****** قوّاده البسلاء والأقيالا
صعدت إليه من الجماعة صيحة ****** كادت تزلزل قصره زلزالا
وإذا الوزير " بُزَرْجُمُهْرُ " يسوقه ****** جلاده متهادياً مختالا
وتروح حولهما الجموع وتغتدي ****** كالموج وهو مُدافَعٌ يتتالى
سخط المليك عليه إثر نصيحةٍ ****** فاقتص منه غواية وضلالا
"أبُزَرْجُمُهْرُ " حكيم فارس والورى ****** يطأ السجون ويحمل الأغلالا؟
"كسرى" أتبقي كل فدم غاشم ****** حياً وتردي العادل المفضالا ؟
وتدقَ في مرأى الرعية عنْقَهُ ****** ليموت موت المجرمين مُذالا
أين التفرد من مشورة صادق ****** والحكم أعدلُ ما يكون جدالا ؟
إن تستطع فاشرب من الدم خمرةً ****** واجعل جماجم عابديك نعالا
واذبح ودمّر واستبح أعراضهم ****** واملأ بلادهمُ أسىً ونكالا
فلأنت كسرى ما ترى تحريمهُ ****** كان الحرامَ وما تحلُّ حلالا
وليذكرنّ الدهرَ عدلك باهراً ****** ولتُحْمَدَنَّ خلائقاً وفعالا
لو كان في تلك النعاج مقاوم ****** لك لم تجئ ما جئته استفحالا
لكن أرادتْ ما تريد مطيعةً ****** وتناولت منك الأذى مفضالا
**************************
نادهم الجلاد هل من شافع ****** لـ " بُزَرْجُمُهْرَ " ؟ فقال كلٌ : لالا
وأدار كسرى في الجماعة طرفه ****** فرأى فتاة كالصباح جمالا
تسبي محاسنها القلوب وتنثني ****** عنها عيون الناظرين كلالا
بنت الوزير أتت لتشهد قتله ****** وترى السفاه من الرشاد مُدالا
تفري الصفوف خفيّة منظورة ****** فري السفينة للحَباب جبالا
بادٍ مُحياها فأين قناعها ****** وعلا م شاءت أن يزول فزالا
لا عار عندهمُ كخلع نسائهم ****** أستارهن ولو فعلن ثكالى
**************************
فأشار كسرى أن يُرى في أمرها ****** فمضى الرسول إلى الفتاة وقالا:(666/2)
مولاي يعجب كيف لم تتقنعي ****** قالت له أتعجباً وسؤالا؟
انظر وقد قُتل الحكيم فهل ترى ****** إلا رسوماً حوله وظلالا؟
فارجع إلى الملك العظيم وقل له ****** مات النصيح وعشتَ أنعم بالا
وبقيتَ وحدك بعده رجلا فسُدْ ****** وارع النساء ودبّر الأطفالا
ما كانت الحسناء ترفع سترها ****** لو أن في هذي الجموع رجالا
أليست هذه القصة مناسبة لهذا الوقت ، بين قوم غير الفرس ؟(666/3)
ملأ الظالمون أرضَك يا دارُ ...
بقلم الدكتورعدنان علي رضا النحوي
يَا دِيارَ الإسلام ! أَنى تَلَفَّـ ... ... ـتُّ تَجَرَّعْتُ غُصَّةً وَجُزُوعا (1)
وخِيامُ اللّجُوءِ تَقْذِفُها الآفا ... ... قُ ! تَرمي أَفْواجَها والجُموعَا
غَصَّتِ الدَّرْبُ والشّعابُ ومَاج الـ ... ... ـمَوْتُ فِيها جَمَاجِماً وضُلُوعَا
* * ... ... * *
أَيْنَ لُبْنانُ ؟ ! والدَّماءُ التي كا ... ... نَتْ تُنَادِي وَمَا تُلاقي سَمِيعا
فَجَّرَ المُجْرِمونَ فيها البَرَاكِيـ ... ... ـنَ فَمَادَتْ زلازِلاً وصُدُوعا
يَالهَوْلِ الإجرام ! صَبَّ على السَّا ... ... حاتِ دَمْعاً مُرَوَّعاً ونجيعَا
* * ... ... * *
يا رَوابي الأَفْغَان قصِّي عَلينَا ... ... وأَعيدي المَلاَمَ والتّقْريعا
كمْ شَقِيٍّ بَغَى عَلَيْك فَوَلَّى ... ... راضِياً بالإِيابِ عَنْكِ قَنُوعا
آيَةٌ مِنْ مَلاحِمٍ يَسْطعُ الصُّـ ... ... ـبْحُ عَلَيْها كما رأَيتِ سُطُوعَا
* * ... ... * *
يا حَنينَ الأَقْصَى ! وَيالَهْفَةَ الشّو ... ... قِ ! وَيَا خفْقَةً تَهزُّ الضُّلُوعا
الحَمامُ الذَّي عَهِدْنَاهُ فِيهِ ... ... غَابَ يَرْجُو مَع الحَنينِ رُجُوعَا
لم تَزَلْ أَنَّةُ اللّجُوء تُدَوِّي ... ... بَيْنَ أَحْنَائِنا دَويّاً فَظيعا
* * ... ... * *
الهَوَانُ الذَّليل خَلَّى رُبَاها ... ... عن خُطىَ أَهْلِهَا حِمىً مَمْنوعَا
لا يَزَال الغَرِيبُ يَضْربُ في الأَرْ ... ... ضِ ليلقَى أُصُولَهُ والفُروعاَ
حِين يَلْقَى حِماهُ في أُمَّةِ الإِسْ ... ... ـلاَم تُغْني رُبُوعَها والجُموعَا
يا ظِلالَ الزَّيتُون ! أَيْنَ حديث الأَمْـ ... ... ـسِ ؟ ! هَاتِ الحديثَ و التْرجِيعَا
أَيْنَ عِطرُ اللّيمون يَنْشُر تَاريـ ... ... ـخاً ويَرْوِي مَلاَحِماً وصَنيعَا
وطُيوفُ الأَقْصىَ تُنادِي : أَبَيْنَا ... ... أَنْ نَسُومَ الدِّيارَ أَو أَنْ نَبيعَا
* * ... ... * *
أَيْنَ يا قَلْبُ أَسكُب الدّمْع ؟ ! أَنَّى ... ... طُفْتُ أَلْقَى مَذَلَّةً وخُنُوعا
أَعلى دَجْلةٍ أَصُبُّ دُمُوعي ... ... وأُعِيدُ الأَحْزان والتّقْرِيعا(667/1)
يالهولِ المُصَابِ فيها وقلبي ... ... لم يَزلْ راجفاً يَدُقُّ هلُوعا
* * ... ... * *
أَم على النِّيل ؟ ! كَمْ أَرادوكَ يا نِيـ ... ... ـلُ جَنيّاً يُرَاوِدُ التَّطويعا
وَأَرادُوكَ أَنْ تَضِيع مَعَ الشِّرْ ... ... كِ وتأبى عَلَيْهِمُ أَن تَضيعا
* * ... ... * *
أَم على الشّام والعَدُوُّ حوَالَيْـ ... ... ـها يَمدُّ السّكِّينَ والتقطيعا
يا رُبى الشام ! يالعْهدِك ياشَا ... ... مُ أَطلتِ الفراقَ والتّودِيعا
* * ... ... * *
أَم على الهِنْد ؟! لهفَ نَفْسي ! تَراهُمْ ... ... نَزَعوا للفسادِ فيها نُزُوعا
مَلأوا الأرْضَ مِنْ جَرَائِم هِنْدُو ... ... سٍ وسِيخٍ وصَدَّعوا تصدِيعا
وأَحَاطوا بالمُسْلِمين وهَزّوا ... ... مِنْ قناةٍ وجَمّعوا تَجْمِيعا
هَدَمُوا المسْجِدَ الغَنِيّ بأَمْجا ... ... دٍ فأَهْوَى التَّارِيخُ مِنْهُ خُشوعا
لمْ يُرَاعُوا للمُسْلِمينَ يَدَ الإِحْـ ... ... ـسَانِ فِيهِمْ ولمْ يَهَابُوا الجُمُوعا
مَسْجدُ البابريّ أَصْبَحَ ذِكري ... ... لهَوانٍ ، وغُصّة ودُموعَا
* * ... ... * *
يا " لِكَشْمير " والدِّمَاءُ عَلَيها ... ... صَبَغّتْها رِيعاً يَموجُ فريعَا (2)
كُلَّ يَومٍ تمُرُّ فِيها اللّيَالي ... ... وصَرِيعٌ يَرْثي عَلَيْها صرِيعَا
أُمَّةٌ تَدْفَعُ الكتائِبَ لِلحـ ... ... ـقِّ وتحْيِي جِهَادَها المَشْروعا
* * ... ... * *
يالأَرْض " الصُّومَالِ " يَجْرِفُها المَوْ ... ... تُ فَتَلْقَى به الهَلاَكَ المُريعَا
جُنّ في أَرْضِها الشَّيَاطينُ بالمَكْـ ... ... ـرِ فَصَبُّوا الفَنَاءَ والتَّجْوِيعَا
* * ... ... * *
كُلُّها سَاحَةٌ يُخَيّمُ فِيهَا الليّـ ... ... ـلُ يَطْوي فَضَاءَها و الرُّبوعا
الضَّلالُ البَعيدُ والمكْرُ والمَوْ ... ... تُ ظلالٌ يَرُوعُها تَرْويعَا
وَظَلامُ السُّجُون يَطْوي أَنيناً ... ... وصراخاً من الضّحَايا مُريعا
بَيْنَ آلاتِه تُمَزَّقُ أَجْسَا ... ... مٌ وتأبى نفوسُهَا أَن تُطيعا
سَاحَةٌ يَلْعَبُ الشَقِيُّ عَلَيها ... ... مُجْرِماً ضَلَّ أَو سَفيهاً خلِيعَا(667/2)
مَلأَ الظّالِمونَ أَرضَكِ يادا ... ... رُ وكَانَتْ حمىً أَبَرَّ منيعا
* * ... ... * *
... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ...
... • ملحمة البوسنة والهرسك .
(1) جزع : جزعاً وجزوعاً وهو ضد الصبر .
(2) الريع : المرتفع من الأرض . ...(667/3)
امسك بقلبي واستمد من قهره وارسم بضلعي صرخة الوجدان
اصرخ وزمجر في الشعوب مدويا هز المنابر في ربا الأوطان
واشهد على قولي وسجل يا زمان إن العراق عقيدة الإيمان
إن كنت يا أمريكا تقوين انتزاع إيماننا فليشهد الميدان
إن العراق كعرق أمتنا الذي يحيي الحشا في الجسم بالريان
والعز عز في الفلوجة ساطعاً بل حجةً بجبين كل جبان
أنعم بهم ...بشيوخهم وشبابهم قد صاروا حقاً للعلى أقران
قد خلدوا الذكرى كتاباً خالداً وتقلد الفخر لهم عنوان
لا تستكينو يا رجال محمد فالنصر آت في القريب الدان
هيا انفرو لا عيش إلا عزةً او جنةً وعد من الديان
إن كانت الدنيا حياة أذلةٍ فالموت في الغارات أسمى أمان
فلتصبرو ياروح أمتنا ولا ترموا السلاحْ...فالذل بالخذلان
إنا معاكم سائرون قوافلاً نبغي الشهادة من رضى الرحمان
يدّاً بيدٍّ والقلوب مبايعة والموت غايتنا بدون هوان
فالحور تنتظر الرجال المخلصين وتزينت بالطيب والألوان
ويداعب الشعر نسيماً منعشاً والشهد يملئ ثغرها الفتان
فتبسمت والحسن يرسم وجهها فأضاءت الدنيا وكل مكان
والخصر يحكي رقة وعذوبة ويميل حتى يدنو كالقنوان
وتمددت أعلى الفراش بلهفة طال انتظارك هيا يا بن فلان
وزيادة أعددن يبغين اللقاء سبعون... هيا زلزل الميدان
والعفو عند الدفقة الأولى مِنَ الدم ... ويصفح ربي بالغفران
سترى في قبرك مقعداً حُفَّ لك يسحر عيوناً تخرق الأجفان
أبشر فلا فزعاً ولا ضنكاً ولا ضيراً فهذه نعمة المنان
سبعون من أهل الشهيد منالهم كرم الشفاعة ... يسبغ العرفان
وعليه تاج بالوقار مميزٌ ياقوته .... بالدنيا والأزمان
هذا جزاء للشهيد مبين وعطاء ربي يذهل العقلاني
شمر وكشر واحزم القول الأبي لا ترتجى الجنات للحيران
احمل سلاح الموت لا ترجع به اهجم وزلزل قادة الأركان
اصنع سهام الموت واقذفهم بها لا تبقي فيهم كائناً في مكان
أرسل صواعقك التي يخشونها مزق عدو الله بالأحزان(668/1)
فجر ودمر بالقنابل حزبهم أعلن بعزمك ثورة البركان
اسقط بالأربيجيّ طائرة العدو واضحك على علمٍ يخور مهان
ازحف بجمع يعشقون منيةً وانذر جموع الكفر بالطوفان
اشعل جهنم في معسكرهم ولا تأس على عفن و أمريكان
إشفي غليل المسلمين وغلكم واقضي على المتقاعس الخوان
اصنع بدم العز تاريخ الفخر وارفع بعظمك راية القرآن
وابني قبور الغاشمين بأرضك زدهم من التنكيل والحرمان
ولتنذر الطاغين في أرض البشر أرض الفلوجة تلحد الطمعان
أبطش بهم وليعرفو إرهابنا وليتركو التقويل في الإعلان
وليجمعو ساداتهم ورؤوسهم بوش ورامسفيلد والشيطان
وليسكبو دمع الهزيمة والأسى وليلطمو خد العجوز (أنان)
وليعرفو أن الجهاد فريضةً والدم يروي ريقنا الظمآن
والأرض أرض الله يورثها له وعباده الأخيار والشجعان
وليفهمو أن الشريعة عزنا قرآننا دستورنا الربان
ومحمد الأمي قدوتنا الذي رسم طريق الحق بالتبيان
هذا بيان للجميع مراده لن ينعم الغازي بطعم أمان
وختام قولي بالدعاء فأمنو علّ الدعاء يجيبه الحنان
يا ربي أرحم ضعف أمتنا التي قاست قروناً ظلمة الأزمان
وارسم دروب العز وانصر جندنا باعو الحياة بأرخص الأثمان
ارسل مداداً للجنود يمدهم من كل شيء يدحر العدوان
ياربي أسألك الشهادة مخلصاً ياربي يا رحمان يا منان
نرجو لقاء محمد مع صحبه في دار خلد جمعنا بجنان
ثم الصلاة على الحبيب بعينه ماغرد الرشاش في الميدان
نظم: أبوعبدالله(668/2)
مَنْ كانَ مِنَي جاهِلاً أو مُغَمَّرًا
لبيد ربن ربيعة العامري
1
مَنْ كانَ مِنَي جاهِلاً أو مُغَمَّرًا *** فَما كانَ بِدْعًا مِنْ بَلائيَ عامِرُ
2
ألِفْتُكَ حتّى أخْمَرَ القوْمُ ظِنَّةً *** عَليَّ بَنُو أُمِّ البَنينَ الأكابِرُ
3
ودافَعتُ عنكَ الصِّيدَ مِن آل دارِمٍ *** ومِنهُمْ قَبيلٌ في السُّرادِقِ فاخِرُ
4
فُقَيْمٌ وعَبْدُ اللّهِ في عِزِّ نَهْشَلٍ *** بِثَيْتَلَ كُلٌّ حاضِرٌ مُتَناصِرُ
5
فَذُدْتُ مَعَدًّا والعِبادَ وطَيِّئًا *** وكَلبًا كَمَا ذِيدَ الخِماسُ البَوَاكِرُ
6
على حينَ مَنْ تَلْبَثْ عَلَيهِ ذَنُوبُهُ *** يَجِدْ فَقْدَها وفي الذِّنابِ تَداثُرُ
7
وسُقْتُ رَبِيعًا بالفنَاءِ كأنّهُ *** قَريعُ هِجانٍ يَبتَغي مَنْ يُخاطِرُ
8
فَأفْحَمْتُهُ حَتّى استَكانَ كأنّهُ *** قَريحُ سُلالٍ يَكتَفُ المَشيَ فَاتِرُ
9
ويَوْمَ ظَعَنتمْ فاصْمعَدَّتْ وفُودُكُمْ *** بأجْمادِ فاثُورٍ كَريمٌ مُصَابِرُ
10
ويَوْمَ مَنَعْتُ الحَيَّ أنْ يَتَفَرَّقُوا *** بنَجرانَ فَقْري ذلك اليوْمَ فاقِرُ
11
ويَوْمًا بصَحراءِ الغَبيطِ وَشاهِدي ال *** مُلُوكُ وأرْدافُ المُلوكِ العَراعِرُ
12
وفي كلِّ يَوْمٍ ذي حِفاظٍ بَلَوْتَني *** فقُمتُ مَقامًا لم تَقُمْهُ العَواوِرُ
13
ليَ النَّصْرُ مِنْهُمْ والوَلاءُ عَلَيكُمُ *** وما كنتُ فَقْعًا أنْبَتَتْهُ القَرَاقِرُ
14
وأنتَ فَقيرٌ لمْ تُبَدَّلْ خَلِيفَةً *** سِوايَ وَلمْ يَلْحَقْ بَنُوكَ الأصاغرُ
15
فقُلتُ ازدَجِرْ أحْناءَ طَيرِكَ واعلمنْ *** بأنّكَ إنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ عاثِرُ
16
وإنَّ هوانَ الجَارِ للجَارِ مُؤلِمٌ *** وفاقِرةٌ تَأوي إليْها الفَوَاقِرُ
17
فأصْبَحْتَ أنَّى تأتِها تَبْتَئِسْ بِها *** كلا مَرْكَبَيْها تحتَ رِجليكَ شاجِرُ
18
فإنْ تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدَّمًا *** عَظيمًا وإنْ أخّرتَ فالكِفلُ فاجِرُ
19(669/1)
ومَا يكُ مِنْ شيءٍ فقَدْ رُعتَ رَوْعةً *** أبا مالِكٍ تَبيَضُّ مِنها الغَدائِرُ
20
فلَوْ كانَ مَوْلايَ امرأً ذا حَفِيظَةٍ *** إذن زَفَّ راعي البَهْمَ والبَهمُ نافِرُ
21
فَلا تَبْغِيَنّي إنْ أخَذْتَ وَسِيقَةً *** مِنَ الأرْضِ إلاَّ حَيثُ تُبغى الجَعافرُ
22
أُولئِكَ أدْنَى لي وَلاءً ونَصْرُهُمْ *** قَريبٌ إذا ما صَدَّ عَنّي المَعَاشِرُ
23
متى تَعْدُ أفْراسي وَرَاءَ وَسِيقَتي *** يَصِرْ مَعْقِلَ الحَقِّ الذي هوَ صَائِرُ
24
فَجَمَّعْتُها بَعْدَ الشَّتاتِ فأصْبَحَتْ *** لَدَى ابنِ أسيدٍ مؤنِقاتٌ خَنَاجِرُ(669/2)
هو المختارُ " صلى الله عليه وسلم "
د.عبدالرحمن العشماوي
هو المختارُ :" اللهم إني أحببتك وأحببت نبيك عليه الصلاة والسلام حباً صادقاً أرجو أن تغفر به الذنب ، وتُسعد به القلب ، اللهم تقبّلْها دفاعاً عن سيِّد الأبرار "
من نبع هديك تستقي iiالأنوار وإلى ضيائك تنتمي الأقمار
رب العباد حباك أعظم نعمة دينا يعزُّ بعزَّه الأخيار
حُفظت بك الأخلاق بعد iiضياعها وتسامقت فى روضها iiالأشجار
وبُعثت للثقلين بعثة سيدٍ صدقتْ به وبدينه iiالأخبار
أصغت اليك الجن وانبهرت iiبما تتلو، وعَمَّ قلوبها iiاستبشار
يا خير من وطيءَ الثرى iiوتشرفت بمسيره الكثبان iiوالأحجار
يا من تتوق إلى محاسن وجهه شمسٌ ويفْرَحُ أن يراه نهار
بأبي وأمي أنتَ ، حين تشرَّفت بك هجرة وتشرَّفَ iiالأنصار
أنْشَأْتَ مدرسة النبوة فاستقى من علمها ويقينها الأبرار
هي للعلوم قديمها iiوحديثها ولمنهج الدين الحنيف iiمنار
لله درك مرشدا ومعلما شَرُفَتْ به وبعلمه iiالآثار
ربَّيْتَ فيها من رجالك iiثُلَّةً بالحقِّ طافوا في البلاد وداروا
قوم إذا دعت المطامع iiأغلقوا فمها، وإن دعت المكارم طاروا
إن واجهوا ظلماً رموه بعدلهم وإِذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآناً يسير أمامهم وبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما iiمضوا إلا وأفئدة العباد iiعَمَار
لو أطلق الكونُ الفسيحُ لسانه لسرتْ إليك بمدحه الأشعار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبادِ ، لردَّدتْ أصواتُ مَنْ سمعوا : هو المختارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنتَ أفضلُ iiمرسلٍ وأعزُّ من رسموا الطريق iiوساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُها آفاقَنا ، مهما أُثيرَ غبار
ما أنت إلا أحمد المحمود iiفى كل الأمور ، بذاك يشهد iiغار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلما شهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير من قاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤه إن لم يتب مما جناه النار(670/1)
لكأنني بخطاه تأكل iiبعضها وهناً ، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر بل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد، فلا iiيدٌ وصلت إليك ، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من iiبه وبدينه يتكفَّل iiالقهَّار
أعلاك ربك همة ومكانة فلك السمو وللحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول iiكافر ملأت مشارب نفسه iiالأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل iiأمةٍ يشكو اندحار غثائها المليار
وقفت على باب الخضوع، أمامها وهن القلوب، وخلفها iiالكفار
يا ليتها صانت محارم دارها من قبل أن يتحرك iiالاعصار
يا خير من وطيء الثرى، فى عصرنا جيش الرذيلة والهوى جرَّار
فى عصرنا احتدم المحيط ولم iiيزل متخبِّطاً فى موجه iiالبحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى ومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت iiنذيرهم نعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس iiتشربوا فأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقى بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ iiالمَكَّارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهم)؟ يُصغي الرُّعاةُ وتفهم iiالأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم حتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري iiمثلما يجري (صديدٌ) فى القلوب ii،و(قََارُ)
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد iiجرى بك في طريق الموبقاتِ iiقطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْ فلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول ، وللدموع حكايةٌ عن مثلها تتحدَّث iiالأمطار:
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّنا أسمى ، وأنَّ الشانئينَ iiصِغَارُ
لكنه ألم المحب iiيزيده شرفاً، وفيه لمن يُحب iiفخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهم ويذوق طعمَ الرَّاحَةِ iiالأغْيارُ Œ(670/2)
مَنِ الجاذِرُ في زِيِّ الأَعارِيبِ
1 مَنِ الجاذِرُ في زِيِّ الأَعارِيبِ حُمرَ الحِلَى والمَطايا والجَلابِيب
2 إنْ كُنتَ تَسأَلُ شَكّاً في مَعارِفِها فمَنْ بَلاكَ بِتَسْهِيدٍ وتَعْذِيبِ
3 لا تَجْزِني بِضَنىً بي بَعدَها بَقَرٌ تَجزي دُمُوعيَ مَسكُوباً بِمَسكُوبِ
4 سوَائِرٌ رُبَّما سارَتْ هَوادِجُها مَنِيعةً بَينَ مَطعُونٍ ومَضرُوب
5 ورُبَّما وَخَدَت أيدِي المَطِيِّ بِها على نَجِيعٍ منَ الفُرسانِ مَصْبوُبِ
6 كم زَورةٍ لَكَ في الأعرابِ خافِيةٍ أدهَى وقد رَقَدُوا من زورةِ الذِيبِ
7 أزُورُهُمْ وسَوادُ اللَيلٍ يَشفَعُ لي وأَنثَني وبَياضُ الصُبْح يُغْرِي بي
8 قد وافَقُوا الوَحْشَ في سُكْنَى مَراتِعها وخالَفُوها بِتقْويضٍ وتَطْنِيب
9 جِيرانُها وهمُ شَرُّ الجِوارِ لَها وصَحْبُها وهمُ شَرُّ الأصاحِيبِ
10 فُؤادُ كلِّ مُحبًّ في بُيُوتهِمِ ومالُ كُلِّ أخِيذ المالِ مَحروبِ
11 ما أوجُهُ الحَضَرِ المُسْتحسَناتُ بهِ كأوجُهِ البَدَويَّاتِ الرَعابيبِ
12 حُسْنَ الحِضارةِ مَجلُوبٌ بِتَطْرِيٍة وفي البِداوةِ حُسْنٌ غَيرُ مَجلُوبِ
13 أَيْنَ المَعِيزُ مِنَ الآرامِ ناظِرَةً وغَيْرَ ناظِرةٍ في الحُسْنِ والطِّيبِ
14 أَفدِي ظِباءَ فَلاةٍ ما عَرَفْنَ بِها مَضْغَ الكَلامِ ولا صَبْغَ الحَواجِيبِ
15 وَلا بَرَزْنَ مِنَ الحَمَّامِ ماثِلةً أَوراكُهُنَّ صَقِيلاتِ العَراقِيبِ
16 ومِن هَوَى كُلِّ مَن لَيْسَتْ مُموِّهةً تَرَكْتُ لَوْنَ مَشِيبي غَيْرَ مَخضُوبِ
17 ومن هَوَى الصِّدْق في قَولي وعَادتِه رَغِبْتُ عن شَعَرٍ في الرأْسِ مَكذُوبِ
18 لَيتَ الحَوادِثَ باعَتْنِي الَّذي أَخَذَتْ مِنّي بحلْمي الَّذِي أَعْطَتْ وتَجريبي
19 فَما الحَداثةُ من حِلْمٍ بِمانِعةٍ قد يُوجَدُ الحِلْمُ في الشُبَّانِ والشِيبِ
20 تَرَعْرَع المَلِكُ الأستاذُ مُكْتَهِلاً قَبْلَ اكْتِهالٍ أَدِيباً قَبْلَ تَأْديبِ(671/1)
21 مُجرَّباً فَهَماً مِن قَبْل تَجرِبةٍ مُهذَّباً كَرَماً مِن غَيْرِ تَهذِيب
22 حَتَّى أَصابَ مِنَ الدُنيا نِهايَتَها وهَمُّهُ في ابتِداءاتٍ وتَشْبِيب
23 يُدَبِّرُ المُلْكَ مِن مِصْرٍ إلى عَدَنٍ إلى العِراقِ فَأَرضِ الزُومِ فالنُّوبِ
24 إِذا أَتَتْها الرِياحُ النُكْبُ من بَلَدٍ فَما تَهُبُّ بِها إِلاَّ بتَرتِيبِ
25 وَلا تُجاوِزها شَمْسٌ إِذا شَرَقَتْ إِلاَّ ومنهُ لَها إِذْنٌ بِتَغرِيبٍ
26 يُصَرِّفُ الأَمْرَ فِيها طِينُ خاتَمِهِ ولَو تَطَلَّسَ مِنْهُ كُلُّ مَكتُوبِ
27 يَحُطُّ كُل طَوِيلِ الرُمْحِ حامِلُه مِن سَرْجِ كُلِّ طَوِيلِ الباعِ يَعبُوبِ
28 كأَنَّ كُلَّ سُؤَال في مَسامِعِهِ قَمِيصُ يُوسُفَ في أجفانِ يعْقُوبِ
29 إذا غَزَتْهُ أَعادِيه بِمَسْأَلةٍ فَقَدْ غَزَتْهُ بِجيْشٍ غَيْرِ مَغلُوبِ
30 أو حارَبَتْهُ فَما تَنجُو بِتَقدِمةٍ مِمَّا أَرادَ وَلا تَنْجُو بِتَجْبِيبِ
31 أَضْرَت شَجاعَتُهُ أَقصَى كَتائِبِهِ على الحِمامِ فَما مَوْتٌ بمَرهُوبِ
32 قالُوا هَجَرْتَ إِلَيه الغيْثَ قُلْتُ لَهُم إِلى غُيُوثِ يَديْهِ والشَآبِيبِ
33 إلى الَّذي تَهَبُ الدَوْلاتِ راحَتُهُ وَلا يَمُنُّ على آثارِ مَوْهُوبِ
34 وَلا يَرُوعُ بِمَغدُورٍ بِهِ أَحَداً وَلا يُفّزِّعُ مَوفُوراً بمَنكُوبِ
35 بَلَى يُرُوعُ بِذِي جَيْشٍ يُجْدِّلُهُ ذا مِثْلِهِ في أَحَمِّ النَّقْعِ غِرْبيبِ
36 وَجَدْتُ أنْفَعَ مالٍ كُنْتُ أَذْخَرُهُ ما في السَوابِقِ من جَرْيٍ وتَقْرِيبِ
37 لَمَّا رَأَينَ صُرُوفَ الدَهْرِ تَغدُرُ بي وَفيْنَ لي ووَفَتْ صُمُّ الأَنابِيبِ
38 فُتْنَ المَهالِكَ حَتَّى قالَ قائِلُها ماذا لَقِينا مِنَ الجُرْدِ السَراحِيبِ
39 تهْوِي بِمُنْجَرِد لَيْسَت مَذاهِبُهُ لِلَبسِ ثَوْبٍ ومَأْكُولٍ ومَشرُوبِ
40 يَرَى النُجومَ بعَيْنَيْ مَن يُحاولُها كأَنَّها سَلَبٌ في عَيْنِ مَسْلُوبِ(671/2)
41 حَتَّى وَصَلْتُ إلى نَفْسٍ مُحَجَّبَةٍ تَلْقَى النُفُوسَ بِفَضْل غَيْرِ مَحجُوبِ
42 في جَسْمِ أوْرَعَ صافي العَقْلِ تُضحِكُهُ خَلائِقُ الناسِ إِضحاكَ الأَعاجيبِ
43 فالحَمْدُ قبْلُ لَهُ والحَمْدُ بَعْدُ لَها ولِلْقَنا وَلإِدّلاجي وتَأوِيبي
44 وكَيْفَ أَكْفُرُ يا كافُورُ نِعْمَتَها وقَد بَلَغْنّكَ بي يَا كُلَّ مَطْلُوبي
45 يا أيُّها الملَكُ الغاني بِتَسمِيةٍ في الشَرقِ والغَربِ عن وَصفٍ وتَلقِيبِ
46 أنتَ الحبَيبُ ولكنِّي أَعُوذُ بِهِ مِن أَنْ أكُونَ مُحِبّاً غَيرَ مَحبُوبِ(671/3)
من دوحة الشعر
قام بجمعها : محمد عبد الرحمن شمسي باشا
يقول الشاعر في غنى النفس :
علي ثياب لو تباع جميعها ... بفلس لكان الفلس منهن أكثرا
فيهن نفس لو تقاس ببعضها ... نفوس الورى كانت أجل وأجبرا
ما ضر نصل السيف إخلاف غمده ... إذا كان عضبا حيث وَجهتُه فرى
يقول الشاعر في التذكير بالفناء :
أخي ما بال قلبك ليس ينقى ... كأنك لا تظن الموت حقا
ألا يا بن الذين فنَوا وبادوا ... أما والله ما ذهبوا لتبقى
وما أحد بزاد منك أحظى ... وما أحد بزادك منك أشقى
ولا لك غير تقوى الله زاد ... إذا جعلت إلى اللهوات ترقى
يقول الشاعر في مدحه للنبي صلى الله عليه وسلم :
يممت طيبة والفؤاد طروب ... فأحفَّني وجدٌ بها و طيوب
سلَّمت والعبرات تُلهب دمعي ... والنفس من شوق إليه تذوب
يا خير مبعوث وأكرم مرسل ... تهفو إليك جوانح وقلوب
يا رب ما اقترفت يداي سترته ... أنت العفو متى علي تتوب
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في ابتهال :
يا مَن له تعنو الوجوهُ وتخشعُ ... ولأمرهِ كل الخلائق تخضعُ
أعنو إليك بجبهة لم أحنِها يوما ... لغير سؤالك ساجدا أتضرع
أنا من علمتَ المذنب العاصي الذي ... عظُمت خطاياه فجاءك يهرع
كم من ساعة فرطت فيها مسرفا ... وأضعتها في زائل لا ينفع
إن لم أقف بالباب راجي رحمة ... فلأي باب غير بابك أقرع
هذا أوان العفو فاعف تفضلا ... يا من له تعنو الوجوه وتخشع
يقول الشاعر في معاملة الناس :
كن في الأنام بلا عين ولا أُذنٍ ... أو لا فعش أبد الأيام مصدورا
الناس أُسدٌ تحامي عن فريستها ... إما عقرتَ وإما كنت معقورا
كم وحدة هي خير من مصاحبة ... ينسى الجميع ويغدو الفذ مذكورا
مَن كاشفَ الناس لم يسلم له أحد ... والناس داءٌ فخَلِّ الداء مستورا
يقول الشاعر في قدرة الله تعالى :(672/1)
انظر لتلك الشجرة .. ذات الغصون النضرة .. كيف نمت من حبة .. وكيف صارت شجرة .. فانظر وقل من ذا الذي يخرج منها الثمرة .. ذاك هو الله .. الله الذي أنعمه منهمرة .. ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة .. انظر إلى الشمس التي جذوتها مستعرة .. فيها ضياء وبها حرارة منتشرة .. من ذا الذي أوجدها في الجو مثل الشررة .. ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة .. ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة .. انظر إلى الليل فمن أوجد فيه قمره .. وزانه بأنجم كالدر المنتثرة .. ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة .. ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة .. انظر إلى المرء وقل من شق فيه بصره .. من ذا الذي جهزه بقدرة مبتكرة .. ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة .. ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة
يقول رسول كسرى في وصف عمر :
وراع صاحب كسرى أن رأى عمرا ... بين الرعية عطلا وهو راعيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا ... ببردة كاد طول العهد يبليها
وعهده بملوك الفرس أن لها ... سورا من الجند والحراس يحميها
رآه مستغرقا في نومه ، فرأى ... فيه الجلالة في أسمى معانيها
فقال قولة حق أصبحت مثلا ... وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهم ... فنمت نوم قرير العين هانيها
يقول الشاعر في الاستعداد للآخرة :
تزود من التقوى فإنك لا تدري ... إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا ... وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم من صغار يرتجى طول عمرهم ... وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علة ... وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
==================================================================
يقول الشاعر في تفويض الأمر لله :
يا صاحب الهم إن الهم منفرج ... أبشر بخير فإن الفارج الله
اليأس يقطع أحيانا بصاحبه ... لا تيأسن فإن الكافي الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة ... لا تجزعن فإن الصانع الله
إذا بليت فثق بالله وارض به ... إن الذي يكشف البلوى هو الله
والله ما لك غير الله من أحد ... فحسبك الله في كل لك الله(672/2)
صناعة الحياة
كم يسأل الوجدان .. في غمرة الأحزان .. هل أنزل القرآن .. ونحن المسملين .. حياتنا رجاء .. وعمرنا دعاء
ليملأ الرفوف .. أو يسكب الألحان .. إذ تنقر الدفوف .. فالعين في السماء .. والقلب في السماء
بل أنزل القرآن .. ليحكم الصفوف .. في واحة الصلاة .. لكن رفضنا أن نغادر الحياة
في ساحة الحياة ..
* * *
نبينا يا إخوتي فثي سجدة طويلة لربه القدير لم ينس فيها طفله فداعب الصغير
نبينا يا إخواتي قد قال في الوصية إن قامت القيامة .. وفي اليد فسيلة .. فلتغرس الحياة
ما قال دع ما في اليد واهرع إلى النجاة وهكذا الإسلام .. غرس على الدوام ..
غرس كريم طيب مبارك النماء الأصل فيه ثابت والفرع في السماء
صلى عليه الله .. ما غرد العصفور .. في صحوة البكور .. أنشودة الحياة .. صلى عليه الله(672/3)
من غزل الفقهاء
قال لي شيخ من المشايخ المتزمتين، وقد سقط إليه عدد من الرسالة، فيه مقالة لي في الحب.
مالك والحب، وأنت شيخ وأنت قاض، وليس يليق بالشيوخ والقضاة أن يتكلموا في الحب، أو يعرضوا للغزل؟! إنما يليق ذلك بالشعراء، وقد نزه الله نبيّه عن الشعر، وترفع العلماء وهم ورثة الأنبياء عنه، وصرح الشافعي أنه يزري بهم، ولولا ذلك كان أشعر من لبيد.
فضحكت، وقلت له.
أما قمت مرة في السحر، فأحسست نسيم الليل الناعش، وسكونه الناطق... وجماله الفاتن، فشعرت بعاطفة لا عهد لك بمثلها، ولا طاقة لك على وصفها؟
أما سمعت مرة في صفاء الليل نغمة عذبة، من مغنّ حاذق قد خرجت من قلبه، فهزّت منك وتر القلب، ومسّت حبّة الفؤاد؟
أما خلوت مرة بنفسك تفكر في الماضي فتذكر أفراحه وأتراحه، وإخوانا كانوا زينة الحياة فطواهم الثرى، وعهدا كان ربيع العمر فتصرم الربيع، فوجدت فراغا في نفسك، فتلفت تفتش عن هذا الماضي الذي ذهب ولن يعود؟
أما قرأت مرة قصة من قصص الحب، أو خبراً من أخبار البطولة فأحسست بمثل النار تمشي في أعصابك، وبمثل جناح الطير يخفق في صدرك؟
أما رأيت في الحياة مشاهد البؤس؟ أما أبصرت في الكون روائع الجمال؟ فمن هو الذي يصور مشاعرك هذه؟ من الذي يصف لذائذك النفسية وآلامك، وبؤسك ونعماءك؟ لن يصورها اللغويون ولا الفقهاء ولا المحدثون، ولا الأطباء ولا المهندسون. كل أولئك يعيشون مع الجسد والعقل، محبوسين في معقلهما، لا يسرحون في فضاء الأحلام، ولا يوغلون في أودية القلب، ولا يلجون عالم النفس... فمن هم أهل القلوب؟
إنهم الشعراء يا سيدي، وذلك هو الشعر!ـ(673/1)
إن البشر يكدّون ويسعون، ويسيرون في صحراء الحياة، وقيد نواظرهم كواكب ثلاثة، هي هدفهم وإليها المسير، ومنها الهدي وهي السراج المنير، وهي الحقيقة والخير والجمال، وإن كوكب الجمال أزهاها وأبهاها، إن خفي صاحباه عن بعض الناس فما يخفى على أحد، وإن قصرت عن دركهما عيون فهو ملء كل عين، والجمال بعد أسّ الحقائق وأصل الفضائل، فلولا جمال الحقيقة ما طلبها العلماء، ولولا جمال الخير ما دعا إليه المصلحون. وهل ينازع في تفضيل الجمال إنسان؟ هل في الدنيا من يؤثر الدمنة المقفرة على الجنة المزهرة؟ والعجوز الشوهاء على الصبية الحسناء؟ والأسمال البالية على الحلل الغالية؟
فكيف يكون فيها من يكره الشعر (أعني الشعر الحق، الذي يجمع سمو المعنى، وموسيقى اللفظ، لا هذا الهذيان الذي نقرؤه الآن -الذي يدعونه الشعر الحديث- شعر الحدأثة أي الحدث الأكبر الذي لا يتطهر منه صاحبه إلا بالغسل)، وهو جمال القول، وفتنة الكلام؟ وهو لغة القلب فمن لم يفهمه لم يكن من ذوي القلوب. وهو صورة النفس، فمن لم يجد فيه صورته لم يكن إلا جماداً. وهو حديث الذكريات والآمال، فمن لم يذكر ماضيا، ولم يرج مستقبلا، ولم يعرف من نفسه لذة ولا ألما، فليس بإنسان.
ومن قال لك يا سيدي إن الله نزه نبيه صلى الله عليه وسلم عن الشعر لأن الشعر قبيح؟ إنما نفى عنه أن يكون شاعرا كمن عرف العرب من الشعراء ورد عليهم قولهم: "إنه شاعر" لأن الشاعر يأتيه الوحي من داخل نفسه، والنبي يجيئه من السماء، وهذا الذي لم تدركه العرب، فقالوا قولتهم التي ردها الله عليهم!.ـ
وأين وجدت حرمة الشعر، أو مذمته من حيث هو كلام جميل، يصف شعورا نبيلا؟ إنما يقبح إذا اشتمل على الباطل، كما يقبح كل كلام يشتمل عليه.ـ
ومن أين عرفت أن العلماء قد ترفعوا عنه، والكتب مملوءة بالجيد من أشعارهم، في الحب والغزل ووصف النساء؟(673/2)
أو ما سمعت بأن النبي صلى الله عليه وسلم أصغى إلى كعب وهو يهدر في قصيدته التي يتغزل فيها بسعاد ... ويصفها بما لو ألقي عليك مثله لتورّعت عن سماعه ... وتصاممت عنه ، وحسبت أن التقى يمنعك منه وذهبت تلوم عليه، وتنصح بالإقلاع عن قائله...ـ
وما سعاد غدة البين إذ برزت * * * كأنها منهل بالراح معلول
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة * * * لا يشتكي قصر منها ولا طول
وأن عمر كان يتمثّل بما تكره أنت.. من الشعر، وأن ابن عباس كان يصغي إلى إمام الغزلين عمر بن أبي ربيعة، ويروي شعره؟ وأن الحسن البصري كان يستشهد في مجلس وعظه، بقول الشاعر:ـ
اليوم عندك دلها وحديثها * * * وغدا لغيرك كفها والمعصم
وأن سعيد بن المسيب سمع مغنيا يغني:ـ
تضوع مسكا بطن نعمان إن مشت * * * به زينب في نسوة خفرات
فضرب برجله وقال: هذا والله مما يلذ استماعه، ثم قال:ـ
وليست كأخرى أوسعت جيب درعها * * * وأبدت بنان الكف للجمرات
وعالت فتات المسد وخفاً مرجّلا * * * على مثل بدر لاح في الظلمات
وقامت تراءى يوم جمع فأفتنت * * * برؤيتها من راح من عرفات
فكانوا يرون هذا الشعر لسعيد بن المسيب!.
من غزل الفقهاء
وما لي أدور وأسوق لك الأخبار، وعندنا شعراء كان شعرهم أرق من النسيم إذا أسرى، وأصفى من شعاع القمر، وأعذب من ماء الوصال، وهم كانوا أئمة الدين وأعلام الهدى.ـ
هذا عروة بن أذينة الفقيه المحدث شيخ الإمام مالك يقول:ـ
إن التي زعمت فؤادك ملها * * * خلقت هواك كما خلقت هوى لها
فبك الذي زعمت بها وكلاكما * * * يبدي لصاحبه الصبابة كلها
ويبيت بين جوانحي حبٌّ لها * * * لو كان تحت فراشها لأقلها
ولعمرها لو كان حبك فوقها * * * يوماً وقد ضحيت إذن لأظلها
وإذا وجدت لها وساوس سلوة * * * شفع الفؤاد إلى الضمير فسلها
بيضاء باكرها النعيم فصاغها * * * بلباقة فأدقها وأجلها
منعت تحيتها فقلت لصاحبي * * * ما كان أكثرها لنا وأقلها!(673/3)
فدنا فقال ، لعلها معذورة * * * من أجل رقبتها، فقلت : لعلها
هذه الأبيات التي بلغ من إعجاب الناس بها أن أبا السائب المخزومي لما سمعها حلف أنه لا يأكل بها طعاما إلى الليل!.ـ
وهو القائل، وهذا من أروع الشعر وأحلاه، وهذا شعر شاعر لم ينطق بالشعر تقليدا، وإنما قال عن شعور، ونطق عن حب، فما يخفى كلام المحبين:ـ
قالت ( وأبثثتها وجدي فبحت به ): * * * قد كنت عندي تحب الستر، فاستتر
ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها: * * * غطى هواك وما ألقى على بصري
هذا الشاعر الفقيه الذي أوقد الحب في قلبه نارا لا يطفئها إلا الوصال:ـ
إذا وجدت أوار الحب في كبدي * * * عمدت نحو سقاء الماء أبترد
هبني بردت ببرد الماء ظاهره * * * فمن لحر على الأحشاء يتّقد!؟
وهذا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد فقهاء المدينة السبعة الذين انتهى إليهم العلم، وكان عمر بن عبد العزيز يقول في خلافته: لمجلس من عبيد الله لو كان حيا، أحب إلي من الدنيا وما فيها. وإني لأشتري ليلة من ليالي عبيد الله بألف دينار من بيت المال، فقالوا: يا أمير المؤمنين، تقول هذا مع شدة تحريك وشدة تحفظك؟ قال: أين يذهب بكم؟ والله إني لأعود برأيه ونصيحته ومشورته على بيت المال بألوف وألوف. وكان الزهري يقول: سمعت من العلم شيئا كثيرا، فظننت أني اكتفيت حتى لقيت عبيد الله فإذا كأني ليس في يدي شيء!.ـ
وهو مع ذلك الشاعر الغزل الذي يقول:ـ
شققت القلب ثم ذررت فيه * * * هواك فليم فالتمام الفطور
تغلغل حب عشمة في فؤادي * * * فباديه مع الخافي يسير
تغلغل حيث لم يبلغ شراب * * * ولا حزن ولم يبلغ سرور
أفسمعت بأعمق من هذا الحب وأعلق منه بالقلب؟ ولم يكن يخفي ما في قلبه، بل كان إذا لقيه ابن المسيب فسأله: أأنت الفقيه الشاعر؟ يقول: "لا بد للمصدور من أن ينفث" فلا ينكر عليه ابن المسيب. وهو القائل:ـ
كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم * * * ولامك أقوام ولومهم ظلم(673/4)
ونمّ عليك الكاشحون و قبلهم * * * عليك الهوى قد نم لو نفع النم
وزادك إغراء بها طول بخلها * * * عليك وأبلى لحم أعظمك الهم
فأصبحت كالنهدي إذ مات حسرة * * * على إثر هند أو كمن سقي السم
ألا من لنفس لا تموت فينقضي * * * شقاها ولا تحيا حياة لها طعم
تجنبت إتيان الحبيب تأثما * * * ألا إن هجران الحبيب هو الإثم
فذق هجرها إن كنت تزعم أنه * * * رشاد ألا يا ربما كذب الزعم
ألا إن هذا هو الشعر!.ـ
واسمع يا سيدي أنشدك ما يحضرني من غزل الفقهاء، لا أستقصي ولا أعمد إلى الترتيب، وإنما أروي لك ما يجيئني، وما يدنو مني مصدره. هذا أبو السعادات أسعد بن يحيى السنجاري الفقيه الشافعي المتوفى سنة 622 هـ فاسمع من شعره ما ترقص منه القلوب، وتطرب الألباب: حلاوة ألفاظ، وبراعة معنى، وحسن أسلوب، قال من قصيدة له:ـ
وهواك ما خطر السلو بباله * * * ولأنت أعلم في الغرام بحاله
ومتى وشى واش إليك بأنه * * * سال هواك فذاك من عذاله
أوليس للكلف المعنى شاهد * * * من حاله يغنيك عن تسآله
جددت ثوب سقامه، وهتكت * * * ستر غرامه، وصرمت حبل وصاله
أفزلة سبقت له أم خلة * * * مألوفة من تيهه ودلاله
أوما سمعت شعر الشيخ الشهرزوري الصوفي هاك منه قوله:ـ
فعاودت قلبي أسأل الصبر وقفة * * * عليها فلا قلبي وجدت ولا صبري
وغابت شموس الوصل عني وأظلمت * * * مسالكه حتى تحيرت في أمري
وهاك قول ظهير الدين الأهوازي الوزير الفقيه، تلميذ أبي أسحق الشيرازي:ـ
وإني لأبدي في هواك تجلدا * * * وفي القلب مني لوعة وغليل
فلا تحسبن أني سلوت فربما * * * ترى صحة بالمرء وهو عليل
وقول أبي القاسم القشيري الإمام الصوفي العلم:ـ
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا * * * ورأيت كيف تكرر التوديعا
لعلمت أن من الدموع محدثا * * * وعلمت أن من الحديث دموعا
والبيت الثاني من مرقصات الشعر.ـ(673/5)
وكان مع ذلك علامة في الفقه والتفسير والحديث ومن فقهاء الشافعية الكبار، وهو صاحب الرسالة التي يعتدها الصوفية ككتاب سيبويه عند النحويين، ولا ينصرف الإطلاق إلا لها، ومن شعره:ـ
ومن كان في طول الهوى ذاق لذة * * * فإني من ليلى لها غير ذائق
وأكثر شيء نلته من وصالها * * * أماني لم تصدق كخطفة بارق
ومن شعر القاضي عبد الوهاب المالكي الفقيه المشهور المتوفى سنة 422 والمدفون في قرافة مصر، وصاحب الخبر المستفيض لما خرج من بغداد وخرج أهلها لوداعه وهم يبكون ويعولون وهو يقول: والله يا أهل بغداد، لو وجدت عندكم رغيفا كل يوم ما فارقتكم. ويقول:ـ
سلام على بغداد في كل موطن * * * وحق لها مني سلام مضاعف
فوا الله ما فارقتها عن قلى لها * * * وإني بشطي جانبيها لعارف
ولكنها ضاقت علي بأسرها * * * ولم تكن الأرزاق فيها تساعف
وكانت كخل كنت أهوى دنوه * * * وأخلاقه تنأى به وتخالف
ويقول فيها:ـ
بغداد دار لأهل المال طيبة * * * وللمفاليس دار الضنك والضيق
ظللت حيران أمشي في أزقتها * * * كأنني مصحف في بيت زنديق
وهو معنى جيد وتشبيه عجيب. وهو القائل:ـ
متى يصل العطاش إلى ارتواء * * * إذا استقت البحار من الركايا
ومن يثني الأصاغر عن مراد * * * وقد جلس الأكابر في الزوايا
وإنَّ ترفع الوضعاء يوما * * * على الرفعاء من إحدى الرزايا
إذا استوت الأسافل والأعالي * * * فقد طابت منادمة المنايا
ومن غزله الذي يتغزل فيه بلغة الفقه والقضاء، فيأتي فيه بالمرقص المطرب قوله:ـ
ونائمة قبّلتها فتنبهت * * * وقالت تعالوا واطلبوا اللص بالحد
فقلت لها إني (فديتك) غاصب * * * وما حكموا في غاصب بسوى الرد
خذيها وكفي عن أثيم ظلامة * * * وإن أنت لم ترضي فألفا على العد
فقالت قصاص يشهد العقل أنه * * * على كبد الجاني ألذ من الشهد
فباتت يميني وهي هميان خصرها! * * * وباتت يساري وهي واسطة العقد(673/6)
فقالت ألم تخبر بأنك زاهد؟ * * * فقلت: بلى ما زلت أزهد في الزهد
وهاك القاضي الجرجاني مؤلف (الوساطة) علي بن عبد العزيز الفقيه الشافعي، الذي ذكره الشيرازي في طبقات الفقهاء صاحب الأبيات المعلمة المشهورة:ـ
يقولون: لي فيك انقباض، وإنما * * * رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم * * * ومن أكرمته عزة النفس أكرما
وما كل برق لاح لي يستفزني * * * ولا كل من لاقيت أرضاه منعما
وإني إذا فاتني الأمر لم أبت * * * أقلب طرفي إثره متندما
ولكنه إن جاء عفواً قبلته * * * وإن مال لم أتبعه لولا وربما
وأقبض خطوي عن أمور كثيرة * * * إذا لم أنلها وافر العرض مكرما
وأكرم نفسي أن أضاحك عابساً * * * وأن أتلقى بالمديح مذمما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم * * * ولو عظموه في النفوس لعَظّما
ولكن أهانوه فهان ودنسوا * * * محياه بالأطماع حتى تجهما
أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة؟ * * * إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما
ويا ليت كل عالم ينقش هذه الأبيات في صدر مجلسه، وعلى صفحة قلبه، ويجعلها دستوره في حياته، وإمامه في خلائقه!.ـ
والأبيات الأخرى:ـ
وقالوا: توصل بالخضوع إلى الغنى * * * وما علموا أن الخضوع هو الفقر
وبيني وبين المال شيئان حرما * * * عليّ الغنى: نفسي الأبية والدهر
إذا قيل هذا اليسر أبصرت دونه * * * مواقف خير من وقوفي بها العسر
وله في هذا المعنى الشعر الكثير الجيد، أما غزله فسهل حلو ومنه قوله:ـ
ما لي وما لك يا فراق * * * أبداً رحيل وانطلاق
يا نفس موتي بعدهم * * * فكذا يكون الاشتياق
وقوله:ـ
قد برح الحب بمشتاقك * * * فأَوْلِهِ أحسن أخلاقك
لا تجفه وارع له حقه * * * فإنه آخر عشاقك
وهاك القاضي سوار (الأصغر) بن عبد الله من أهل القرن الثالث الذي يقول:ـ
سلبت عظامي لحمها فتركتها * * * عوارى في أجلادها تتكسر
وأخليت منها مخّها فكأنها * * * أنابيب في أجوافها الريح تصفر(673/7)
إذا سمعت باسم الفراق ترعّدت * * * مفاصلها من هول ما تتحذر
خذي بيدي ثم اكشفي الثوب فانظري * * * بلى جسدي لكنني أتستر !
وليس الذي يجري من العين ماءها * * * ولكنها روح تذوب فتقطر
وهاك قاضي القضاة ابن خلكان المشهور، وكان يعشق ابن الملك المسعود بن المظفر، وكان قد تيمه حبه، قال القاضي التبريزي: كنت عنده في العادلية (دار المجمع العلمي اليوم) في بعض الليالي، فلما انصرف الناس من عنده قال لي: نم أنت ههنا. وألقى علي فروة، وقام يدور حول البركة، ويكرر هذين البيتين إلى أن أصبحنا فتوضأنا وصلينا، والبيتان هما:ـ
أنا والله هالك * * * آيس من سلامتي
أو أرى القامة التي * * * قد أقامت قيامتي
ولما فشا أمره، منع الملك ابنه من الركوب، فاشتد ذلك على ابن خلكان، فكان مما قال:ـ
إن لم تجودوا بالوصال تعطفاً * * * ورأيتم هجري وفرط تجنبي
لا تمنعوا عيني القريحة أن ترى * * * يوم الخميس جمالكم في الموكب
لو كنت تعلم يا حبيبي ما الذي * * * ألقاه من كمد إذا لم تركب
لرحمتني ورثيت لي من حالة * * * لولاك لم يك حملها من مذهبي
ومن البلية والرزية أنني * * * أقضي ولا تدري الذي قد حل بي*
قسماً بوجهك وهو بدر طالع * * * وبليل طرَّتك التي كالغيهب
لو لم أكن في رتبة أرعى لها * * * العهد القديم صيانة للمنصب
لهتكت ستري في هواك ولذ لي * * * خلع العذار ولو ألح مؤنبي
لكن خشيت بأن يقول عواذلي * * * قد جن هذا الشيخ في هذا الصبي
ـ((*بل البلية والله أن يكون قاضيا ويعشق الغلمان، هذا مع الثقة بدينه، وأنه لا يطلب حراما ولا يأتيه مختارا -غفر له الله))ـ
فارحم فديتك حرقة قد قاربت * * * كشف القناع بحق ذِيَّاك النبي
لا تفضحن بحبك الصبَّ الذي * * * جرعته في الحب أكدر مشرب
وله فيه شعر كثير جدا.ـ
ومن شعر محمد بن داوود الظاهري، مؤلف كتاب (الزهرة) في الحب، وكان فقيها على مذهب أبيه داوود وكان شاعرا:ـ(673/8)
أنزه في روض المحاسن مقلتي * * * وأمنع نفسي أن تنال محرما
وأحمل من ثقل الهوى ما لو أنه * * * يصب على الصخر الأصم تهدما
ومن شعر أبي الفضل الحصكفي الفقيه الشافعي:ـ
أشكو إلى الله من نارين: واحدة * * * في وجنتيه وأخرى منه في كبدي
ومن سقامين: سقم قد أحل دمي * * * من الجفون وسقم حل في جسدي
ومن نمومين: دمعي حين أذكره * * * يذيع سري وواش منه بالرصد
ومن ضعيفين: صبري حين أبصره * * * ووده ويراه الناس طوع يدي
ولو ابتغيت الاستقصاء، وتتبعت المراجع، لجمعت من غزل الفقهاء كتابا، فأين هذا مما يزعمون أن الفقهاء كرهوا الشعر، وتنزهوا عنه؟
أما إنها لم تفل ألسنة علمائنا، ولم تكل أقلامهم، ولم تخفت أصواتهم، إلا حين أضاعوا ملكة البيان، وزهدوا في الأدب، وحقروا الشعر... فهل لعلمائنا عودة إلى ما هم أخلق به، وأدنى إليه، وأقدر لو أرادوه عليه؟! مع الديانة والصيانة وأنهم (يقولون ما لا يفعلون) وما لا يدفع إلى ما يأباه الدين(673/9)
مَن لِلأقصى؟!
د.محمد إياد العكاري 30/2/1426
09/04/2005
أَننعى الحالَ نستفُّ التُّرابا؟! ونلقى الخطْب بالصَّبر احتسابا!!
أننأى والدَّواهي سافراتٌ؟! وبُحَّ الطُّهرُ في الأقصى خطابا!!
أنلهو والمنايا شاخصاتٌ؟! ولا مرأى سوى الجُلَّى مُصابا!!
أنغفو والشَّراذم في نفيرٍ بساح القدس والمسرى انتهابا!؟
وننشد للسَّلام لنا دروباً!! ونتبع في الحياة سدًى سرابا!!
كفانا خدعةً وكفى جنوحاً وواقعنا على النَّطع استتابا!!
ونقْع الذُّل بات شرابَ قومي!! وزَقُّوم السَّلام لهم رغابا!!
وبات الحالُ مذموماً بئيساً!! تخلَّينا وجافيْنا الكتابا!!
فأين الهديُ؟ أين مضى وولَّى؟؟ وأين سناه لا يلقى جوابا ؟؟
أغُمَّ الفكرُ والأبصارُ عُميٌ؟! كأنَّ العقلَ قد فقد الصّوابا!!
وأُمتنا بلا ربَّانَ تمضي!! رؤوس القوم في الجُلَّى غِيابا!!
ولا أصداءَ في النَّكباتِ حِساً!! ولا استنفارَ حين الخطبُ قابا!!
فلا نلقى سوى الغربان سوداً!! نعيقُ البومِ قد ملأَ الرِّحابا!!
وأرضُ الطهر للقطعان مرعى!! وأقصانا غدا لهم احتطابا!!
تنادَوْا واستعدّوا دون خوفٍ.. وشاع القتلُ والحالُ اغتصابا!!
وكُبِّلَ بالعهودِ وفودُ قومي!! ولستَ ترى عتاداً أو حِرابا!!
وهرولَ جمعُهم والحال يُرثى!! مضَوْا يرجون في الغرب الثَّوابا!!
فمَنْ للجامع المحزون نلقى؟! ومَنْ للمسجد الأقصى طِلابا؟!
ومَنْ للقدس تفديها نحورٌ؟؟ ونبضُ الرُّوحِ نجعلهُ قِِرابا
فعَوْداً للعقيدةِ شمس عزٍّ تُنيرُ الدَّربَ تُنجِدُهُ إِهابا
فنيلُ الحقّ بالعزمات بذلاً وليس السِّلمُ يا قومي استلابا
ولا استسلامَ فالأقصى عزيزٌ ولا تفريطَ مهما القِسطُ غابا
سيمضي للنَّفيرِ كرامُ قومي لنلقاهم بها أُسْداً غِضابا
ونشهدُ نصرةَ الأقصى خميساً فجندُ الحقِّ كالشَّمس التهابا
منقول من موقع إسلام اليوم(674/1)
من ملحمة النواعير
يحيى البشيري
(1)
هل أرق عينك لي جرح؟؟
فأنا أرق بجراحاتي
وعيوني الدامعة اكتحلت
بالحزن وهول المأساة
قد مر الرعب بذاكرتي
تاريخاً أسود ينتحب
فهنا في "الحاضر" أشلاء
وهناك يحاصرهم لهب
وأنا و(شباط) والماضي
وألوف من جثث القتلى..
لم نسمع معتصماً لبى..
لم نبصر خيلاً في الوادي
لم يأت إلينا ذو رحم
بقصائد حب ورثاء
وبريد المحنة لم يحمل
لحماة بطاقة تعزية
لكأن جراحي ما كانت
لكأن دمائي ما سالت
لكأن حماة بعافية
تغفو في أحضان الأمن
(2)
مرفوض عذر المعتذر
مرفوض ودمائي تجري
ونواعيري تشدو ألماً
هو بعض مما في الصدر
مرفوض عذر المعتذر
و(شباط) يشهد مأساتي
مرفوض، لست (بنعمان)
يرضى أعذار (الذبياني)
فأنا ما عشت بديباج
ما نمت على سرر الخز
فحياتي جد وجهاد
وصليل سيوف وطعان
ولحوني شدو نواعير
دفقت بنشيد الأحزان
* * *
صور من المأساة
(1)
عندما يرتسم الحزن على وجه الطفولة
عندما تذرف دمعات على أم قتيلة
عندما يبحث في الأنقاض عن ثدي رضيع
عندما يصرخ من جوع، وآهات تضيع
أي خير أيها العالم يبقى؟
أي خير بعدما يزوي الربيع؟
(2)
عندما يذبح طفل بالحراب
عندما يرمى لأظفار وناب
عندما ينقل من باب لباب
و(حماة) في جليلات المصاب
أي خير أيها العالم يبقى
وحمانا قد غدت شلواً بغاب؟
(3)
عندما تترك أجساد النساء
في عراء البؤس، في حزن الشتاء
عندما يمتص عربيد دماء الأبرياء
والأيامى واليتامى هائمات في العراء
أي خير أيها العالم يبقى
عندما ينقل شعب من بلاء لبلاء
(4)
عندما يرسل مأفون جنوداً في الظلام
ويباح الوطن المصفود شهراً للئام
عندما ينبعث الأحياء من بين الركام
عندما تمسي الجماهير نزيلات الخيام
أي خير أيها العالم يبقى؟!
ولماذا الصمت في وقت الكلام؟!
(5)
عندما يهدم محراب وسور
عندما ينبش أموات، وتجتاح القبور
عندما نمسي لنصبح، والمعاناة شرور
ويلف الصمت دنيانا فلا يصحو شعور
أي خير أيها العالم يبقى(675/1)
عندما تخلو من الإنسان أو يغفو الضمير؟!(675/2)
من مناقب الحبيب الأعظم
محمد عبد الرحمن باجرش
bajaresh@pbad.sbg.com.sa
تضيئُ بأنوارِ االحبيبِ المناقبُ ... وتهْفو لها إثْرَ القلوبِ iiالقوالبُ
ويرقى إلى غاياتها ما iiيعينها ... لتحيا ، وتصفو من جديدٍ iiمشاربُ
حبيبٌ إذا ما القلبُ لبّى نداءَ iiه ... توالت من الفيض الكريم iiالمواهبُ
فيغدو سعيداً مشرقاً iiبضيائه ... حريصاً على روض الجنان يواضبُ
يُسرُّ بذكرِ المصطفى من iiيحبُّهُ ... و يهتزُّ شوقاً للّقاء iiالأطايبُ
على حبهِ نحيا و بالهدي iiنقتدي ... وإن فرقت أهلَ الظلالِ iiالمذاهبُ
كريمُ السجايا دونه الوصفُ iiعاجزٌ ... وبالدهر فوجُ المادحين iiمواكبُ
حبيبٌ الى الرحمنِ خلٌ iiمقرّبٌ ... عظيم المزايا سيدٌ و iiمأدّبُ
يسيرُ لهُ المجدُ المأثّلُ iiمعجباً ... وفي الملأ الأعلى له المجدُ ,أوجبُ
فقد فاق كلَّ المرسلين بخُلْقِهِ ... وفي كل ميدانٍ له الفضلُ iiيغلبُ
صبورٌ وذو عزمٍ وبالحقِّ ثابتٌ ... شديدٌ على الكفار شهمٌ iiمحاربُ
معينٌ لأرباب الحوائج و iiالبلا ... حنونٌ لألباب الصغار مداعبُ
ولأهلِهِ سهْلٌ جوادٌ iiمقدِّمٌ ... سخيٌّ وفيٌّ للعشيرِ iiمحببُ
يلين إذا ما القوم ولّوا iiبغلظةٍ ... ويدعو لديهم بالتي هي iiأطيبُ
وفي صحبِهِ بسّامُ ثغرٍ iiمعظمٌ ... كثيرُ العطايا بالحديث iiمهذبُ
وقد زاد من حُسْنِ الصفات iiتواضعٌ ... لتمتاز في قَدْر الحبيبِ iiالمراتبُ
عفوٌ لزلات الجهولِ و iiلَغْوِهِ ... وما كان في غير الحدود iiيعاتبُ
وفي سيرة المختار ذكرى و عبرةً ... وفي السنة الغراء منجى iiومكسبُ
يزيدُ الفتى اليُتْمُ العظيمُ iiمكانةً ... وقد كان بعد اليتم في الخلق iiأنجبُ
ومن بعثةِ الهادي توالت iiعجائب ... الى أن تعودت الفتوحَ iiالكتائبُ
و مازال بالتقوى إماماً و أمّةً ... حكيماً رحيماً للسماحة iiأقربُ
به فخرُنا من كلِّ عِزٍّ يمُدّنا ... وفي جنده خيرُ الرجال iiتدربوا
تآخوا ا به في الله قلباً iiوقالبا ... وفي زمرة الإيمان يحلو iiالتعصبُ(676/1)
سرى ببرا ق الخير ليلاُ iiليرتقي ... إلى عالم القدسِ، و جبريلُ iiيصحبُ
وما كان من شأن الأمين وقد رأى ... من الخير إلا جاء بالصدق iiيعربُ
وكذّبهُ قومٌ توالت iiشرورُهم ... وما كان من حلم الحبيب iiمجرّبُ
فيدعو بأفواج الحجيج iiلربِهِ ... وقد أعرضت عن ما لديه iiالأعاربُ
سوى رحلُ فضلٍ من أهاليَ iiيثربٍ ... لهم في رسول الله مغزى iiومأربُ
ومن شعلةِ الأيمانِ أضْحَت iiديارُهم ... بحب رسول الله تزهو iiوتطربُ
بأنواره ِ كلُّ البقاعِ iiتشرفت ... و ظلّته من حر الهجير السحائب ُ
و في دولةِ الإسلام عدلٌ و iiمأمنٌ ... ونصحٌ وأخلاقٌ لها الدين ينسبُ
أيا أمّةَ الإسلام ، الأمسُ أمسُكم ... و حاضرُ كم قد جاء للود يَخطبُ
فمن يصْدق الحسناءَ يحضى iiبقربها ... وتصفو لركب المتقين iiالعواقبُ
فإن كان قدوتُنا كمالاً وعصمةً ... فكلٌّ صعابِ الدهر تُطوى iiوتُغلبُ(676/2)
من نبع هديك تستقي الأنوار
قصيدة /هو المختار عدد القراء : 64 . عامر المدرس
من نبع هديك تستقي الأنوار *** والى ضيائك تنتمي الأقمار
رب العباد حباك أعظم نعمة *** دينا يعز بعزه الأخيار
حفظت بك أخلاق بعد ضياعها *** وتسامقت في روضها الأشجار
وبعثت للثقلين بعثة سيد *** صدقت به وبدينه الأخبار
أصغت اليك الجن وانبهرت بما *** تتلو وعم قلوبها استبشار
يا خير من وطئ الثرى وتشرفت *** بمثيره الكثبان والأحجار
يامن تتوق الى محاسن وجهه *** شمس ويفرح أن يراه نهار
بأبي وأمي انت حين تشرفت *** بك هجرة وتشرف الأنصار
أنشأت مدرسة النبوة فاستقى *** من علمها ويقينها الأبرار
هي للعلوم قديمها وحديثها *** ولمنهج الدين الحنيف منار
لله درك مرشدا ومعلما *** شرفت به وبعلمه الآثار
ربيت فيها من رجالك ثلة *** بالحق طافوا في البلاد وداروا
قوم اذا دعت المطامع أغلقوا *** فمها ، وان دعت المكارم طاروا
وان واجهوا ظلما رموه بعدلهم *** واذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآنا يسير أمامهم *** وبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عمرت فما مضوا *** الا وأفئدة العباد عمار
لو أطلق الكون الفسيح لسانه *** لسرت اليك بمدحه الأشعار
لو قيل : من خير العباد ، لرددت *** أصوات من سمعوا : هوالمختار
لم لا تكون ؟ وأنت أفضل مرسل *** وأعز من رسموا الطريق وساروا
ما أنت الا الشمس يملأ نورها *** آفاقنا ، مهما أثير غبار
ما أنت الا أحمد المحمود في *** كل الأمور ، بذاك يشهد غار
يا خير من صلى وصام وخير من *** قاد الحجيج وخير من يستشار
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤه *** ان لم يتب مما جناه النار
لكأنني بخطاه تأكل بعضها *** وهنا ، وقد ثقلت به الأوزار
ما نال منك منافق أو كافر *** بل منه نالت ذلة وصغار
حلقت في الأفق البعيد فلا يد *** وصلت اليك ، ولا فم مهذار
وسكنت في الفردوس سكنى من به*** وبدينه يتكفل القهار(677/1)
أعلاك ربك همة ومكانة *** فلك السمو وللحسود بوار
انا ليؤلمنا تطاول كل كافر *** ملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألما تخاذل أمة *** يشكو انحدار غثائها المليار
وقفت على باب الخضوع ، أمامها *** وهن القلوب،وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارها *** من قبل أن يتحرك الاعصار
يا خير من وطئ الثرى في عصرنا *** جيش الرذيلة والهوى جرار
في عصرنا احتدم المحيط ولم يزل *** متخبطا في موجة البحار
جمحت عقول الناس ،طاش بها الهوى *** ومن الهوى تسربت اظل خطار
أنت البشير لهم وأنت نذيرهم *** نعم البشارة منك والانذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوا *** فأصابهم غبش الظنون وحاروا
صبغوا الحضارة بالرذيلة ، فالتقى *** بالذئب فيها الثعلب المكار
ما (دنمارك)القوم وما (نرويجهم)؟ *** يصغي الرعاة وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهم *** حتى تمادى الشر والأشرار
عجبا لهذا الحقد يجري مثلما *** يجري(صديد) في القلوب ،و(قار)
يا عصر الحاد العقول ،لقد جرى *** بك في طريق الموبقات قطار
قربت خطاك من النهاية،فانتبه *** فلربما تتحطم الأسوار
اني أقول ، وللدموع حكاية *** عن مثلها تتحدث الأمطار
انا لنعلم أن قدر نبينا *** أسمى ، وأن الشانئين صغار
لكنه ألم المحب يزيده *** شرفا ،وفيه لمن يحب فخار
يشقى غفاة القوم موت قلوبهم *** ويذوق طعم الراحة الأغيار(677/2)
من هو العالم ؟
(أخي يا أخي من هو العالم أذاك الذي في الدجى نائم؟)(1)
أذاك الذي للهدى ثالم وعند الطغاة يُرى الجاثم ؟
أذاك الذي للعدى سالم وفي حرب أهل التقى قائم ؟
ويقتات دوماً بذاك الفتات على عتبات قصور الطغاة
ويمكر دوماً لكيد الدعاة فلا تقفنْ خلفه للصلاة
ويخفي بثوب التقاة الهداة حقيقة كلب الطغاة العتاة
أذاك الذي بايع الظالمين؟ ويضحك ذاك المهين اللعين
ويفتي ليلبس كفراً بدين ويخلط حقاً بظلمٍ مهين
يضلّل خلقاً يُهدّم دين ويملأ بطناً وكرشاً سمين
ويمضي يشرّع في البرلمان بصرح الضرار وشرك الزمان
ويحشد إنساً ويحشر جان ليحرز كرسيّ زورٍ مهان
ويضحك مبتهجاً بالهوان ليجمع قرشاً ويعليَ شان
ويبلع ملتهماً للصحون وأبناء إخواننا جائعون
ويضحك قهقهة في مجون وإخواننا زُنزنوا في السجون
فتبّاً وسحقاً لكل خؤون يبيع الجنان بما هو دون.
وكتب أبو محمد المقدسي
__________
(1) البيت الأول لمروان حديد رحمه الله تعالى والباقي كتبته في سجن معان في عيد الفطر
سنة 1415 . أبو محمد .(678/1)
من وحي الإسراء والمعراج
شعر :صالح احمد
هجع الحبيب وبعد طول عناء ... يدعوا اليّ, ولم ين بدعائي
الحزن والآلام تعصر قلبه ... والقوم يحتكمون للأهوء
ما بين كفّار عصي ظالم ... ومنافق ذهب الفتون, مراء
وسفيه قوم يستبد برأيه ... صلفا, لطول جهالة وغباء
فيسد أبواب النجاة بجهله ... يهوى الظلام, يلوذ بالأفياء
ويصد عن نهج الرسالة قاصدا ... نور الهدى, وبعزة وصفاء
حتى غدا قلب الحبيب معذبا ... يشكو الجراح, وقلة الرفقاء
سكنت جراح المصطفى هيا أنطلق ... يا روح عجّل بالهدى للقاء
يشقى الحبيب المصطفى برسالتي ... لا ما أردت محمدا بشقاء
فعلى البراق الآن قم أسر به ... يا روح للأقصى محط شفائي
وعلى ثرى الأقصى المبارك فليقم ... بالأولين مقدما بعطائي
ويصافح الأطهار من أخوانه ... من بشروا بالأحمد الأسماء
ثم أدنه مني, ولا تعجب إذا ... سجدت له الأجرام في العلياء
وإذا تشققت السماء لنوره ... وحنت غصون الدوحة الفيحاء
وأترك حبيبي عند سابعة العلى ... يدنو وحيدا من مدى عليائي
وليبصر النور الذي خلق الورى ... وينال مني رتبتي عصمائي
طه محمد سدرتي, لا تبتئس ... وأقبض بكفك رايتي ولوائي
وانظر مكانك في الذرى من جنتي ... في روض نور ساطع الأضواء
أليوم مكانك, وأنت مشفع ... فاشفع لقوم أحسنوا بدعائي
وإليك خمس من يقوم مقامها ... في الخلق نال محبتي ورضائي
يا الصادق المصدوق يا علم الورى ... أو كذبوا, فلهم عظيم بلائي(679/1)
مناجاة
يقول أبو الهدى الصيادي:
ضارعت زفرة الذنوب بكائي يا لسقمي ويا لطول عنائي
سهم الشيب لمتي ببياض وخدودي بدمعة حمراء
صيرتني الأيام يا نعم قوساً والليالي قد قومت عوجائي
وأحبائي الذين عليهم طويت يوماً أزمعوا أحشائي
نال مني فراقهم ما أرادت لفؤادي ولوعتي أعدائي
وزمان صعب العراك تساوى فيه بين الطغاة والكرماء
مفعم بالهموم تلهب فيه زفرة النار في لفيف الماء
************************
يقول أبو محمد الأندلسي:
يا منزل الآيات والفرقان بيني وبينك حرمة القرآن
اشرح به صدري لمعرفة الهدى واعصم به قلبي من الشيطان
يسر به أمري وأقض مآربي وأجر به جسدي من النيران
واحطط به وزري وأخلص نيتي واشدد به أزري وأصلح شاني
واكشف به ضري وحقق توبتي وأربح به بيعي بلا خسراني
طهر به قلبي وصف سريرتي أجمل به ذكري واعل مكاني
************************
يقول د. عبد المعطي الدالاتي
كلُّ يومٍ لم أَذُبْ فيه نشيداً ليسَ عمري
كلُّ شعرٍ لم أمُتْ فيه شهيداً ليس شعري
كلُّ فكرٍ لم يكنْ فيه شعورٌ كيف يُغري!
**
يا إلهي باسمكَ الأعلى يناجي كلُّ حُرِّ
كلُّ قلبٍ لك يشدو بابتهالٍ ...كلُّ ثغرِ
حبُّكَ اللهمّ يسري في حنايا كلِّ صدرِ
نحوكَ الأكوانُ ولَّتْ وجهَها في كلِّ أمرِ
**
كلُّ جهدي ليس يُجدي إنْ أكنْ يا ربِّ وَحدي
كلُّ أفراحِ حياتي ..كلُّ أحزاني وسُهْدي
وسكوني وشجوني واضطرابي حين بُعدي
وصلاتي وحياتي ومَماتي يوم لحْدي
**
كلُّ لحنٍ قد توارى في فؤادي ..كلُّ وجدِ
كُلُّ فكرٍ..كُلُّ شعرٍ..كلُّ بَوْح ٍ كانَ عندي
كلُّ هذا - يا إلهي- ساجدٌ مُذ قلتَ :عبدي
********************************
ويقول أيضاً:
لكَ أسلمتُ كِياني لكَ أخلصتُ هوايا
باسمكَ اللهمّ يشدو خافقي بين الحنايا
باسمكَ اللهمّ رفّتْ بابتهالاتي رُؤايا
ساجداتٍ ..حامداتٍ عائداتٍ بالهدايا
أنتَ أجزلتَ عطائي يوم قدَّرتَ العطايا
أنت قدّرتَ هُدايَ بعدَ أنْ حارتْ خُطايا(680/1)
أنتَ رحمنٌ رحيمٌ أنت غفّارُ الخطايا
********************************(680/2)
ترجمة الشيخ
مولده ونشأته
ولد الشيخ حافظ الحكمي لأربع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان المبارك من سنة 1342هـ بقرية ( السلام ) التابعة لمدينة (المضايا ) - الواقعة في الجنوب الشرقي من مدينة (جازان ) حاضرة المنطقة ، على الساحل ، قريبة منها - حيث قبيلته التي إليها ينتسب
ثم انتقل مع والده أحمد إلى قرية ( الجاضع ) التابعة لمدينة ( صامطة ) في نفس المنطقة ، وهو ما يزال صغيراً ؛ لأن أكثر مصالح والده - من أراض زراعية ومواش ونحوهما - كانت هناك ، وإن بقيت أسرته الصغيرة تنتقل بين قريتي ( السلام ) و ( الجاضع ) لظروفها المعيشية
ونشأ حافظ في كنف والديه نشأة صالحة طيبة تربى فيها على العفاف والطهارة وحسن الخلق ، وكان قبل بلوغه يقوم برعي غنم والديه التي كانت أهم ثروة لديهم آنذاك جرياً على عادة المجتمع في ذلك الوقت ، إلا أن حافظاً لم يكن كغيره من فتيان مجتمعه ؛ فقد كان آية في الذكاء وسرعة الحفظ والفهم ، فلقد ختم القرآن وحفظ الكثير منه وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة بعد ، وكذلك تعلم الخط وأحسن الكتابة منذ الصغر
الرجوع إلى أعلى الصفحة
طلبه للعلم
عندما بلغ الشيخ حافظ من العمر سبع سنوات أدخله والده مع شقيقه الأكبر محمد مدرسة لتعليم القرآن الكريم بقرية ( الجاضع ) فقرأ على مدرِّسه بها جزأي ) عم ، وتبارك ) ؛ ثم واصل قراءته مع أخيه حتى أتم قراءة القرآن مجوَّدة خلا أشهر معدودة ، ثم أكمل حفظه حفظاً تاماً بعيد ذلك
اشتغل بعدئذ بتحسين الخط فأولاه أكبر جهوده حتى أتقنه ، وكان ينسخ من مصحف مكتوب بخط ممتاز ، إلى جانب اشتغاله مع أخيه بقراءة بعض كتب الفقه والفرائض والحديث والتفسير والتوحيد مطالعة وحفظاً بمنزل والده إذ لم يكن بالقرية عالم يوثق بعلمه فُيتتلمذ على يديه(681/1)
وفي مطلع سنة 1358هـ قدم من (نجد ) الشيخ الداعية المصلح عبد الله بن محمد بن حمد القرعاوي إلى منطقة (تهامة ) في جنوب المملكة ، بعد أن سمع عما كان فيها من الجهل والبدع - شأن كل منطقة يقلًّ فيها الدعاة والمصلحون أو ينعدمون - ونذر نفسه مخلصاً على أن يقوم بالدعوة إلى الدين القويم ، وتصحيح العقيدة الإسلامية في النفوس ، وإلى إصلاح المجتمع وإزاحة ما كان عالقاً في أذهان الجهال من اعتقادات فاسدة وخرافات مضلة
وفي سنة 1359هـ قدم شقيق حافظ عٍّمي ) محمد بن أحمد ) برساله منه ومن أخيه حافظ يطلبان فيها من الشيخ القرعاوي كتباً في التوحيد ، ويعتذران عن عدم القدرة على المجيء إليه لانشغالهما بخدمة والديهما والعناية بشؤونهما ، كما يطلبان منه - إن كان في استطاعته - أن يتوجه إليهما بقريتهما ليسمعا من بعض ما يلقي من دروس ، وفعلاً لبى الشيخ طلبهما وذهب إلى قريتهما ، وهناك التقى بحافظ وعرفه عن كثب ، وتوسم فيه النجابة والذكاء ، وقد صدقت فيه فراسته
ومكث الشيخ عدة أيام في ( الجاضع ) ألقى فيها بعض دروسه العلمية التي حضرها مجموعة من شيوخ القرية وشبابها ومن بينهم الشيخ حافظ الذي كان أصغرهم سناً ، لكنه كان أسرعهم فهماً وأكثرهم حفظاً واستيعاباً لما يلقى الشيخ من معلومات ، يقول عنه (الشيخ عبد الله القرعاوي : ( وهكذا جلست عدة أيام في الجاضع ، وحافظ يأخذ الدروس وإن فاته شيء نقله من زملائه ، فهو على اسمه ( حافظ ) يحفظ بقلبه وخطه ، والطلبة الكبار كانوا يراجعونه في كل ما يشكل عليهم في المعنى والكتابة ، لأني كنت أملي عليهم إملاء ثم أشرحه لهم(681/2)
وعندما أراد الشيخ العودة إلى مدينة ) صامطة ) التي جعلها مقراً له ومركزاً لدعوته ، طلب من والدي حافظ أن يرسلاه معه ليطلب العلم على يديه في ( صامطة ( على أن يجعل لهما من يرعى غنمهما بدلاً عنه ، ولكنهما رفضا طلب الشيخ أول الأمر وأصرَّا على أن يبقى ابنهما الصغير في خدمتهما لحاجتهما الكبيرة إليه
وتشاء إرادة الله أن لا تطول حياة والدته بعد ذلك إذ توفيت في شهر رجب سنة 1360هـ فيسمح والده له ولأخيه محمد بأن يذهبا إلى الشيخ للدراسة لمدة يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع ثم يعودا إليه ، فكان حافظ لذلك يذهب إلى الشيخ في ( صامطة ) فيملي عليه الدروس ، ثم يعود إلى قريته ، وكان ملهماً يفهم ويعي كل ما يقرأ أو يسمع من معلومات
ولم يعمر والده بعد ذلك إذ انتقل إلى جوار ربه وهو عائد من حجٍّ سنة 1360هـ رحمه الله - فتفرغ حافظ للدراسة والتحصيل ، وذهب إلى شيخه ولازمه ملازمة دائمة يقرأ عليه ويستفيد منه
وكان حافظ في كل دراساته على شيخه مبرزاً ونابغة ، فأثمر في العلم بسرعة فائقة ، وأجاد قول الشعر والنثر معاً ، وألف مؤلفات عديدة في كثير من العلوم والفنون الإسلامية ، ولقد كان كما قال عنه شيخه : (( لم يكن له نظير في التحصيل والتأليف والتعليم والإدارة في وقت قصير ((
الرجوع إلى أعلى الصفحة
علمه
مكث حافظ يطلب العلم على يد شيخه الجليل عبد الله القرعاوي ، ويعمل على تحصيله ، ويقتني الكتب القيمة والنادرة من أمهات المصادر الدينية واللغوية والتاريخية وغيرها يستوعبها قراءة وفهماً(681/3)
وعندما بلغ التاسعة عشرة من عمره - ومع صغر سنه - طلب منه شيخه أن يؤلف كتاباً في توحيد الله ، يشتمل على عقيدة السلف الصالح ، ويكون نظماً ليسهل حفظه على الطلاب ، يعدّ بمثابة اختبار له يدل على القدر الذي استفاد من قراءاته وتحصيله العلمي ؛ فصنف منظومته ( سلم الوصول إلى علم الأصول - في التوحيد ) التي انتهى من تسويدها في سنة 1362هـ وقد أجاد فيها ، ولاقت استحسان شيخه والعلماء المعاصرين له
ثم تابع تصنيف الكتب بعد ذلك ، فألَّف في التوحيد ، وفي مصطلح الحديث ، وفي الفقه وأصوله ، وفي الفرائض ، وفي السيرة النبوية ، وفي الوصايا والآداب العلمية ، وغير ذلك نظماً ونثراً ، وقد طبعت جميعها طبعتها الأولى على نفقة المغفور له جلالة الملك سعود بن عبد العزيز
ويتضح لنا من آثاره العلمية أن أبرز مقروءاته ذات الأثر في منهجه العلمي ومؤلفاته هي تلك الكتب التي ألّفها علماء السلف الصالح من أهل السنة في العلوم الإسلامية من تفسير وحديث وفقه وأصوله ، أما في مجال العقيدة فقدا بدا شديد التأثر بشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كثير الاستفادة من مؤلفاتهما والأخذ عنها ، هذا إلى جانب استيعابه لكثير من مصادر التاريخ والأدب واللغة والنحو والبيان المؤلفة في مختلف العصور الإسلامية
ولقد كان - رحمه الله - عميق الفهم سريع الحفظ لما يقرأ ، وقد مر بنا قول لشيخه يشيد فيه بتلميذه حافظ ، الذي كان يحفظ بقلبه وخطه - على حد تعبير الشيخ - وكان زملاؤه الكبار يراجعونه في كل ما يشكل عليهم منذ مراحل تعليمه الأولى
الرجوع إلى أعلى الصفحة
أدبه
يُعدُّ الشيخ حافظ من أجل علماء منطقة تهامة وأقدرهم على قول الشعر ، فقد كان يعشق الشعر منذ صغره ويحفظه ويقوله سليقة دون تكلف ، فلا غرابة إذ رأيناه يُخرج أكثر مؤلفاته نظماً(681/4)
ولقد كان أكثر ما يقول الشعر - في غير ما كتبه من منظومات - إما نصيحة أو مساجلة لصديق أو وصفاً أو خاطرة ، إلا أنه لم يدون جلَّ ما قال إن لم يكن كله ، وما بأيدينا منه الآن نزر يسير جداً حفظه عنه بعض تلاميذه
ومن أهم قصائد شعر تلك الميمية التي أنشأها في الوصايا والآداب العلمية ، وهي طويلة جداً نختار منها هذه الأبيات التي يصف فيها العلم ومنزلته
العلم أغلى وأحلى ماله استمعتْ ... أذُنٌ ، وأعرب عنه ناطق بفمِ
العلم غايته القصوى ورتبته الـ ... ـعلياء فاسعوا إليه يا أولي الهمم
العلم أشرف مطلوب وطالبُه ... لله أكرم من يمشي على قدم
العلم نور مبين يستضيء به ... أهل السعادة والجهال في الظلم
العلم أعلى حياة للعباد ، كما ... أهل الجهالة أموات بجهلهم
ثم يقول مرغباً في العلم ، وحاضاً طالبه على الحرص عليه ، والسعي قدر المستطاع لنيل أكبر قسط منه ، وعدم الرضا بغيره عوضاً عنه ، فمن حصل عليه فقد ظفر . ويوصي طلبة العلم بمساعدة غيرهم في تحصيله وتقريب مباحثه ، ويشير عليهم قبل ذلك كله بأن يخلصوا نياتهم - في طلبه - لوجه الله الكريم
فقد ظفرت ورب اللوح والقلم ... يا طالب العلم لا تبغي به بدلا
في القول والفعل ، والآدابَ فالتزم ... وقدِّس العلم واعرف قدر حرمته
واجهد بعزم قوي لا انثناء له ... لو يعلم المرء قدر العلم لم ينم
والنصحَ فابذله للطلاب محتسباً ... في السر والجهر والأستاذ فاحترم
ومرحباً قل لمن يأتيك يطلبه ... وفيهمُ احفظ وصايا المصطفى بهم
والنية اجعل لوجه الله خالص ... إن البناء بدون الأصل لم يقُم(681/5)
وهناك أيضاً قصيدته الهمزية التي قالها في تشجيع الإسلام وأهله والدعوة إلى التمسك بأساسه وأصله ، وهي لا تزال مخطوطة لم تنشر من قبل ، وتقع في أكثر من مائتي بيت ، من بحر الكامل على رويِّ الهمزة . استعرض فيها ماضي المِسلمين وحاضرهم وما ينبغي أن يكونوا عليه في مستقبلهم ، كل ذلك بأسلوب قوي رصين ، وتعبير جزل ، بالإضافة إلى ما تفجَّر في جوانب أبياتها من شعور فياض ، ومعان سامية ، وأهداف نبيلة ، وروح عالية ؛ تحدث في أولها عن الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وقيامه بالدعوة إلى الله ، فقال
ويعز ربي رسله والمؤمنين ... جميعهم بالنصر والإنجاء
حتى استتمَّ بناءهم بمحمد ... أكرم به للرسل ختم بناء
فهو الرسول إلى الخلائق كلهم ... ممن تُقِل بسيطة الغبراء
ما لامرىء أبداً خروج عن شريـ ... ـعته ونهج طريقه البيضاء
لم يقبض المولى تعالى روحه ... حتى أشاد الدين بالإعلاء
وأتمَّ نعمته وأكمل دينه ... ولخلقه أداه أيِّ أداء
ومضى وأمته بأقوم منهج ... وعلى محجِّة هدية البيضاء
ثم تحدث عن الخلفاء الراشدين ومناهجهم في الحكم ، وانتقل بعدهم يصف واقع المسلمين في العصور التي تلت عصر الخلفاء الراشدين ، وعندما وصل إلى القرن السابع الهجري عصر شيخ الإسلام ( ابن تيمية ) وجدناه يقول
وأتى بقرنٍ سابع من هجرة ... عَلم به يؤتمُّ في الظلماء
أعني بذاك الحبر أحمد من إلى ... عبد الحليم نمى بلا استثناء
كم َ هاجم البدعَ الضلال وأهلها ... بدلائل الوحيين خير ضياء
وقواعدَ التحريف هدَّ أصولها ... أعظِم به هدماً لشرِّ بناء
وله جهاد ليس يُعهد مثله ... إلا بعهد السادة الخلفاء
وبعد أن ذكر ما قام به ابن تيمية من قمع للفتن وإبادة للطغيان ، تابع المسيرة إلى العصور الإسلامية التالية ، مصوراً طبيعة الحياة التي كان يعيشها المسلمون في تلك الأزمنة ، مشيراً إلى بعض المصلحين الذين سعوا لتصحيح الأوضاع في بلادهم كالشيخ محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر الهجري وغيره(681/6)
ثم ذهب يوجِّه الخطاب إلى العلماء وطلاب العلم في عصره ، مستنهضاً هممهم للدعوة إلى الله والإخلاص في العمل ، والقيام بالواجب الملقى على عواتقهم نحو إخوانهم المسلمين في كل مكان قائلاً
هل تسمعون معاشر العلما ، ألا ... تصغون نحو مقالتي وندائي ؟
يا طالبي علم الشريعة فانهضوا ... وادعوا عباد الله باستهداء
انحوا بهم نحو الصراط المستقيـ ... ـم ورفض كل طريقة عوجاء
كيف انتصار المسلمين وجلّهم ... عن دينهم في غفلة عمياء
وقد أطال في ذلك ، وبهذا نكتفي
ولعل في هذه المقتطفات من هاتين القصيدتين كفاية كنماذج حية من شعر الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - والتي تدل على تدفق شاعريته ، وجودة شعره الإسلامي وسمو غاياته
الرجوع إلى أعلى الصفحة
أعماله
عندما لمس الشيخ عبد الله القرعاوي تفوُّق تلميذه حافظ ونبوغه العلمي أقامه مدرِّساً لزملائه والمستجدين من التلاميذ ، فألقى عليهم دروساً نافعة استفادوا منها فائدة كبرى
ثم عيَّنه شيخه في سنة 1363هـ مديراً لمدرسة (صامطة ) السلفية - أول مدرسة افتتحها الشيخ في المنطقة لطلاب العلم - ، وأسند ‘ليه أمر الإشراف على مدارس القرى المجاورة
واتسعت بعد ذلك مدارس الشيخ في منطقتي (تهامة وعسير ) فما من مدينة أو قرية إلا وأسس بها مدرسة أو أكثر تدرس العلوم الإسلامية ، وجعل بها من تلاميذه من يقوم بالتدريس فيها ويتولى شؤون إدارتها . ولما كان الشيخ يقوم في فترات متعددة بجولات على مئات المدارس التي كان قد أسسها في المنطقة جعل تلميذه الأول الشيخ حافظاً الحكمي مساعداً له يتولى الإشراف على سير التعليم وأمور الإدارة أثناء تجوال الشيخ على مدارسه ، فنهض حافظ بالعبء الملقى على عاتقه وأدى الأمانة خير الأداء(681/7)
ثم تنقل الشيخ حافظ - للقيام بواجبه مع شيخه - في عدة أماكن منها قرية (السلامة العليا ) ومدينة ( بيش : أم الخشب ) في الجزء الشمالي من منطقة ( جازان ) وغيرهما ، عاد بعدها إلى مدينة ( صامطة ) مرة أخرى يدير مدارسها ويساعد شيخه في تحمل المسؤولية والإشراف على سير التعليم ومواصلة تدعيم مهام الدعوة والإصلاح
وهكذا مضى الشيخ حافظ يؤدي واجباته في سبيل النهوض بأبناء منطقته ، وليرفع من مستواهم الثقافي والاجتماعي ، وليفيدهم من علمه قدر ما يستطيع ، فقد كان يجتمع إليه طلبة العلم من كل مكان للتتلمذ على يديه فيستفيدون منه فائدة عظمى ، ومن طلبته الآن علماء أفاضل يتولون مناصب القضاء والتدريس والوعظ والإرشاد في جميع أنحاء المنطقة الجنوبية وغيرها
وفي سنة 1373هـ افتتحت وزارة المعارف السعودية مدرسة ثانوية بـ ( جازان ) عاصمة المنطقة ، فعين الشيخ حافظ أول مدير لها في ذلك العام
ثم افتتح معهد علمي تابع للإدارة العامة للكليات والمعاهد العلمية آنذاك ( جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حالياً ) بمدينة ( صامطة ) في عام 1374هـ فعين الشيخ حافظ مديراً له ؛ فقام بعمله هذا خير قيام ، وكان يلقي فيه بعض المحاضرات ويملي على تلاميذه الكثير من المعلومات الشرعية واللغوية المفيدة ، ويضع لهم المذكرات الدراسية للفنون التي لم تقرَّر لها كتب علمية وفق المناهج المحددة ، كان يمليها أحياناً بنفسه ، وقد يمليها عن طريق المدرسين بالمعهد أحياناً أخرى
الرجوع إلى أعلى الصفحة
صفاته
كان الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - مثالاً يحتذي لكل طالب علم يريد التحصيل والعلم النافع ، ومثالاً لكل عالم جليل متواضع يحب لتلاميذه وزملائه كل خير وصلاح
ويكفي أن أورد هنا ماقاله عنه شقيقه الأكبر الشيخ محمد بن أحمد الحكمي - رحمه الله - في رسالة كتبها إليَّ إجابة لطلبي
(((681/8)
كان رحمه الله على جانب كبير من الورع والكرم والعفة والتقوى ، قويّ الإيمان ، شديد التمسك ، صداعاً بالحق ، يأمر بالمعروف ويأتيه ، وينهى عن المنكر ويبتعد عنه ، لا تأخذه في الله لومة لائم ))
(( كانت مجالسه دائماً عامرة بالدرس والمذاكرة وتحصيل العلم ، تغص بطلابه في البيت والمسجد والمدرسة ، لا يملّ حديثه ، ولا يسأم جليسه ))
(( كان جلّ أوقاته ملازماً لتلاوة القرآن الكريم ، ومطالعة الكتب العلمية ، بالإضافة إلى التدريس والتأليف والمذاكرة ))
(( وكان خفيف النفس يحب الرياضة والدعابة والمزاح مع زملائه وطلابه وزوَّاره ، مما يجذب قلوب الناس إليه ، ويحبب إليهم مجالسته والاستفادة منه((
الرجوع إلى أعلى الصفحة
وفاته
لم يزل الشيخ حافظ مديراً لمعهد صامطة العلمي حتى حجَّ في سنة 1377هـ ، وبعد انتهائه من أداء مناسك الحج لبى نداء ربه في يوم السبت الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 1377هـ بمكة المكرمة على إثر مرض ألمَّ به ، وهو في ريعان شبابه ، إذ كان عمره آنذاك خمساً وثلاثين سنة ونحو ثلاثة أشهر ، ودفن بمكة المكرمة ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
وقد كان وقع خبر وفاته على شيخه وعلى أهله وزملائه وأصدقائه وتلاميذه شديداً ، والمصيبة به فادحة ، وقد رثاه بعض تلاميذه رثاء حاراً يعكس مدى الفاجعة التي أصابتهم بموته ، من ذلك قصيدة +للشيخ الدكتور زاهر بن عواض الألمعي "، يقول في أولها
لقد دوَّى على ( المخلاف ) صوتٌ ... نعى النحرير عالمها الهماما
تفجَّعت الجنوب وساكنوها ... على بدر بها يمحو الظلاما
وذاعت في الدنا صيحات خطب ... فهزَّت من فجائعها الأناما
فكفكفت الدموع على فقيد ... على الإسلام شمَّر واستقاما
وأحيا في الربوع بيوت علمٍ ... وواسى مقعداً ورعى يتامى
أ ( حافظ ) كنت للعلياء قطباً ... وللإسلام طوداً لا يسامى
وبحراً في العلوم بعيد غور ... كثير النفع قوَّاماً إماما
وما مُتُّم فمنهجكم منار ... يضيء دروبنا وبها أقاما(681/9)
وممن رثاه أيضاً تلميذه الأستاذ إبراهيم حسن الشعبي بقصيدة ، نقتطف منها قوله
وخلف حسرة لي في الفؤاد ... توفِّي ( حافظ ) ركن البلاد
بما رحبت ولم تسع البوادي ... وقد ضاقت عليَّ الأرض ذرعاً
بنا نعي الفتى البطل العماد ... وساء الحال مني حين وافى
من الخيرات يا قطب النوادي ... لقد كنت المقدم في المزايا
فمن تختار بعدك للقياد ؟ ... وكنت القائد المدعوَّ فينا
ومصباح البحوث بكل وادي ... سلاح للمشاكل كنت قدماً
وهمتك العلية في ازدياد ... وفي كل العلوم مددتَ باعاً
وقد خلَّف الشيخ - رحمه الله - بعد رحيله مكتبة علمية كبيرة عامرة بكل علم وفن ، أوصى بأن تكون وقفاً على طلاب العلم ورواد المعرفة ، فضمَّت إلى معهد صامطة العلمي لينتفع بها المدرسون والطلاب ، ولتبقى تحت إشراف إدارة المعهد
كما خلَّف من تأليفه آثاراً علمية نافعة في كثير من الفنون الإسلامية ، لا يستغني عنها كل طالب علم
وله من الأبناء أربعة هم أحمد - كاتب هذه الأسطر - ، وعبد الله ، ومحمد ، وعبد الرحمن ، وفقهم الله جميعاً وسدد خطاهم ، وأخذ بأيديهم لما فيه خيرهم وصلاحهم
الرجوع إلى أعلى الصفحة
مؤلفاته
??في التوحيد
??في المصطلح
??في الفقه
??في أصول الفقه
??في الفرائض
??في التاريخ والسيرة النبوية http:///
??في النصائح والوصايا والآداب العلمية http:///
الرجوع إلى أعلى الصفحة
? في التوحيد
( سلم الوصول ، إلى علم الأصول ، في توحيد الله و اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم) - أرجوزة في أصول الدين ، انتهى من تسويدها في سنة 1362هـ ، وهي أوَّل ما ألف . طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ ( في 16 صفح
) معارج القبول ، بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول - في التوحيد) وهو شرح مطول لأرجوزة (سلم الوصول (- المتقدم ذكرها - ، انتهى من تسويدة في سنة 1366هـ ، ويقع في مجلدين كبيرين تزيد صفحاتهما في طبعته الأولى عن ألف ومائة صفحة(681/10)
) أعلام السنة المنشورة ، لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة) كتاب مؤلَّف على طريقة السؤال والجواب ، انتهى من تسويدة في غرة شهر شعبان سنة 1365هـ ، و طبع طبعته الأولى بمكة المكرمة ( في 67 صفحة
) الجوهرة الفريدة ، في تحقيق العقيدة (منظومة دالية ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ (في 19 صفحة
الرجوع إلى القائمة
? في المصطلح
) دليل أرباب الفلاح ، لتحقيق فن الاصطلاح (كتاب جليل حافل في مصطلح الحديث ، طبع طبعته الأولى بمكة المكرمة سنة 1374هـ (في 174صفحة
) اللؤلؤ المكنون ، في أحوال الأسانيد والمتون) منظومة ، انتهى من نظمها في سنة 1366هـ ، وطبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 18 صفحة
الرجوع إلى القائمة
? في الفقه
) السبل السوية ، لفقه السنن المروية (منظومة طويلة في الفقه وفق أبوابه المعروفة ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 134صفحة
الرجوع إلى القائمة
? في أصول الفقه
) وسيلة الحصول ، إلى مهمات الأصول (منظومة في أصول الفقه ، انتهى من كتابتها في سنة 1373هـ ، وتقع في 640 بيتاً. طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 35 صفحة
متن ( لامية المنسوخ ) منظومة لامية الروى في النسخ وما يدخله من الكتب الفقهية ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة ( في 10 صفحات
الرجوع إلى القائمة
? في الفرائض
) النور الفائض ، من شمس الوحي ، في علم الفرائض) رسالة منثورة في علم الفرائض ، انتهى من كتابتها في 15-8-1365هـ وطبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ ( في 46 صفحة)
الرجوع إلى القائمة
? في التاريخ والسيرة النبوية
( نيل السول ، من تاريخ الأمم وسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) منظومة تاريخية ، تزيد أبياتها عن ( 950 بيتاً ) ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة ( في 52 صفحة
الرجوع إلى القائمة
? في النصائح والوصايا والآداب العلم(681/11)
نصيحة الإخوان المشهورة بـ ( القاتية ) ، وعنوانها : ( هذا سؤال بشأن القات والدخان والشمة ) ، وهي قصيدة تائية ، وقد طبع معها رد عليها لأحد أهل اليمن ، ثم جواب الشيخ عليه ، وفي الجواب الأخير فوائد جليلة . وقد طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1374هـ ( في 15 صفحة
( المنظومة الميمية ، في الوصايا والآداب العلمية ) قصيدة ميمية رائعة في الحث على العلم وطلبه والتمسك بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة في - 14 صفحة -
وقد طبعت جميع هذه الكتب من مؤلفات الوالد الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - طبعتها الأولى - ما أرِّخ منها وما لم يؤرخ - في سنتي 1373هـ -1374هـ على نقفة جلالة المغفور له الملك سعود بن عبد العزيز بمطابع البلاد السعودية بمكة المكرمة ، عدا كتاب معارج القبول الذي طبع طبعته الأولى ( نحو سنة 1377هـ ) في المطبعة السلفية بمصر
وللوالد الشيخ - من بعد - بعض الرسائل والمنظومات المخطوطة التي لم تطبع بعد ، أهمها
1- (مفتاح دار السلام ، بتحقيق شهادتي الإسلام)
2- (شرح الورقات ، في أصول الفقه - لأبي المعالي الجويني)
3- (همزية الإصلاح ، في تشجيع الإسلام وأهله ، والتمسك كل التمسك بأساسه وأصله (
4- ) مجموعة خطب للجمع والمناسبات الدينية)(681/12)
وكل مؤلفاته - رحمه الله - تعطيك الدليل الواضح على مكانته العلمية ، وعلى تعمقه في كثير من جوانب المعرفة ، وهي كتب قيمة يكفي للدلالة على جودتها وقيمتها أن بعضها عرض على فضيلة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - مفتي الديار السعودية آنذاك ، فاستحسنها واستجادها وأشار إلى الحكومة بطبعها وتوزيعها حتى يستفيد منها الخاصة والعامة على السواء ، لما فيها من فوائد جمَّة ، ونصائح عامة نافعة لجميع المسلمين في دينهم ودنياهم ، ولأنها تحضهم على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله الأمين - صلى الله عليه وسلم - ، وعلى اتباع السلف الصالح والأئمة المبرزين من علماء المسلمين
رحم الله الشيخ حافظاً الحكمي رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته ، وجزاه عما قدم خير الجزاء ، وغفر له ولوالديه ولشيخه ولجميع المسلمين
منظومة السبل السوية في الفقه |منظومة نيل السول في السيرة |منظومة اللؤلؤ المكنون في المصطلح |أرجوزة سلم الوصول في التوحيد |أرجوزة ملحة الإعراب في النحو |
} 1 { منظومةالسبل السوية في الفقة
باب المساجد
تلك بيوت أذن الله بأن ... ترفع نصافى الكتاب والسنن
وهي رياض كرياض الجنة ... فاردع هديت لا تباع السنة
ومن بنى لله مسجداً بنى ... بيتاً له في دار عدن ربنا
وفي البيوت يشرع اتخاذها ... فتلك سنة أتى النص بها
أما اتخاذها على القبور ... فاحذر فذاك أقبح المحظور
وصونها أوجب وان توقرا ... وسن تنظيف وإن تبخرا
ويكره التحمير والتصفير ... بل فتنة عنه أتى التحذير
كذلك التشييد والتباهي ... فيها أتت عن فعلها النواهي
كذاك لا تتخذا طريقاً ... ولا لبيع وشراء سوقا
والنشد والمقتاد يتقيها ... كذا الحدود لا تقام فيها
كذا بها أسلحة لا تشهر ... ومن بها يرفع صوتاً يزجر
وفي دخولك اليمين قدم ... وفي الخروج عكس ذاك فاعلم
وسم واستغفر وصل فيها ... على رسول الله نصصاً علما
والرحمة اسأل في الدخول واسأل ... مع الخروج فضل مولاك العلى
وصلين تحية للمسجد ... قبل الجلوس فادر واعمل تهتد(681/13)
وكل وجه الأرض مسجد لنا ... فضيلة خص بها نبينا
واستثنين ما النهى عنه قد نقل ... من ذاك حمام بها وأعطان الإبل
قارعة الطريق ثم المقبرة ... ومثلها مزبلة ومجزرة
كذاك فوق ظهر بيت الله ... وكل ما صح من المناهى
باب ما تصح فيه الصلاة من اللباس
تصح في ثوب بلا ارتياب ... و الفضل في ثوبين أو أثواب
والثوب إن ضاق به فليتزر ... والواسع التحف به كما أثر
وفي القميص لو بلا إزار ... معه ولا بد ن الزرار
ولو بشوكة أو احتزام ... عليه وليته عن التثام
كذاك عن سدل وعن إسبال ... كذا عن الصما من اشتمال
وسابغ الدرع مع الخمار ... جاز لأنثى لو بلا إزار
وصحت الصلاة في النعلين ... بل سنة فيها وفي الخفين
ولا يصلى في لباس قد نهى ... عنه ويأتي بحثه في بابه
باب استقبال القبلة
يستقبل القبلة من لها اهتدى ... وتائه عليه أن يجتهدا
وحيث بان مخطئاً فليستدر ... وليمض في صلاته كما أثر
واستقبل العين قريب والجهه ... يجعل ناء شطرها توجهه
إن رمت نصباً فاتل قول ربك ... وحيث ما كنت فول وجهك
وللمسافر صح فعل النافلة ... لأي وجه فوق ظهر الراحلة
لكن مع الإحرام فليستقبل ... كما روى فعل النبي المرسل
باب سترة المصلي
وتشرع السترة للمصلى ... نحو عصاً ينصبها أو رحل
أو اسطوانة تكن أو راحلة ... فريضة صلاته أو نافلة
وليدن من سترته كما أمر ... وفي أمامه المرور قد حظر
ومن أراد أن يمر بينه ... وبينها دافع ما أمكنه
وسترة الإمام سترة لمن ... وراءه فعل الرسول المؤتمن
وجائز قل إن يقم من ليله ... صلاته على فراش أهله
ولو مع اعتراضها في قبلته ... كما روى الجعفي في ترجمته
أبواب صفة الصلاة
باب افتتاح الصلاة والعمل في القيام
بعد تطهر وستر العورة ... قام لها مستقبلاً للقبلة
وعندك السواك سن مثل ما ... قدمت في الوضوء نصاً محكما
بالقلب ناوياً لها مستحضرا ... ولليدين رافعاً متكبرا
بحيث كفاه تحاذى منكبيه ... وحادت إبهامه فرعى أذنيه
وليضع اليمنى على اليسرى على ... صدر كماله ابن حجر نقلا
واستفتحن بما أتى في النقل ... ثم استعذ بنحو ما في النحل(681/14)
ثم اقرأ أن أم الكتاب إنها ... بالنص لا تجزى صلاة دونها
فرضع على الإمام والمنفرد ... محتم واختلفوا في المقتدي
والنص فيه وارد فهو السبب ... فكيف لا يناله يا للعجب
وهي من الآيات سبع مكملة ... وهي المثانى السبع ثم البسملة
واحدة منها بلا تردد ... والجهر للإمام والمنفرد
في أولى المغرب والعشاء ... والفجر والجمعة الاستسقاء
عيد وفي الكسوف خلف جاري ... وفي صلاة الليل بالخيار
وغير ذي يقرأ فيها سرا ... والمقتدى في كلها أسرَّا
وعند ختمها بجهر فاجهر ... بلفظ آمين لنص الخبر
وليجهر المأمون كالامام ... به لنص سيد الأنام
وجاء في البسملة الأسرار ... كذاك بالجهر أتت أخبار
وقد أسرها النبي وقد جهر ... بها وكل قد روى لما حضر
وأنس قد شاهد الحالين ... ثم رواهما مفصلين
وسورتين بعدها في الفجر ... والأولين من سواها فادر
وعند آى الوعد قف واسأل وفى ... وآى الوعيد عذ مع التخويف
وراع في التطويل والتقصير ... طاقة مأمون بلا تنفير
وسكتة قبل القراءة اجعل ... وبين آمين وسورة تلي
وبعدها قبل الركوع فافصل ... بسكتة سنة خير الرسل
ولينصت المأمون وليستمع ... قراءة الإمام فاحفظه وع
باب الركوع والاعتدال منه
ثم تكبر ليديك رافعا ... وراكع إلى أن تطمئن راكعا
وجافين يديك عن جنبيكا ... و ألقمن كفيك ركبتيكا
وفرجن عليهما الأصابعا ... وظهرك اهصرنه لا مقنعا
للرأس لا ولا مصوباً له ... بل بين ذين وسطاً تجعله
وفي الركوع والسجود يمتنع ... تلاوة القرآن نصاً قد رفع
فسبح الله العظيم راكعا ... واجتهدن حال السجود في الدعا
حتى إذا اطمأننت منه فاعتدل ... وارفع يديك ثالثاً كما نقل
وفي اعتدال قم إلى أن تستوي ... مسعملاً ومثنياً بما روى
باب السجود والجلسة بين السجدتين
ينحط ساجداً مع التكبير ... له ولا يبرك كالبعير
وليسجدن مقدماً يديه ... وفي رواية لركبتيه
واسجد على السبعة الأعضاء التي ... قد ثبت الأمر بها في السنة
الأنف والجبهة اليدين ... والركبتين قل مع الرجلين
ونحين يديك عن جنبيكا ... مفرجاً وأبدين ضبعيكا
وجافين بطنك عن فخذيكا ... ومرفقيك ارفع وضع كفيكا(681/15)
ووجهن للقبلة الأصابعا ... مضمومة كما قضاه الشارع
كذا رؤوس القدمين استقبل ... بها وسبح باسم ربك العلى
حتى إذا اطمأننت في السجود ... فرأسك ارفعنه للقعود
مكبراً واجلس على يسراكا ... مفترشاً وناصباً يمناكا
ثم على فخذيك كفيك ضع ... مبسوطة منشورة الأصابع
وإن تشأ فقدميك فانصب ... واجلس بلا إنكار فوق العقب
فإنها قد ثبتت في السنة ... حقاً كما رواه حبر الأمة
حتى إذا اعتدلت باطمئنان ... فعد وكبر للسجود الثاني
ووصفه والذكر فيه فافعل ... كما فعلت في السجود الأول
وكبرن في الرفع منه مثلما ... كبرت فيما قبله تقدما
واجعل جميع هذه الأركان ... قريبة السواء في اطمئنان
وكلما لها من الأذكار ... مما روى عن سيد الأخيار
في كتب السنة خذها منها ... وافرة إذا ضاق نظمى عنها
فهذه صفات ركعة خذا ... وافعل بباقى الركعات هكذا
باب بقية أعمال الصلاة إلى السلام
وسن جلسة استراحة لمن ... يقوم من وتر بثابت السنن
ويشرع التشهد الأول في ... غير صلاة الفجر نصاً ما نفى
ويجزىء العبد إذا تشهدا ... بأي لفظ كان مما وردا
واجلس له مفترشاً واجعل على ... فخذيك كفيك كما قد نقلا
واقبض أصابع اليمين ما خلا ... سباحة ثم أشربها إلى
توحيد مولاك مع الإثبات من ... شهادة الإخلاص فافهمه ودن
ولتنشرن أصابع اليسار ... وصلين فيه على المختار
وآله وإذ تقوم كبرا ... وارفع يديك رابعاً للخير
والثان واجب لكل فرض ... صح دليله بدون نقض
ثم تورك فيه وافعل مثلما ... فعلت فيما قبله تقدما
وواجب به بلا جدال ... صلاتنا على النبي والآل
وليدع بعده بما أحبا ... مما له نبينا استحبا
وبعد ذا سلم وكالتكبير ... فاحذف كما يروى عن النذير
لأيمن وأيسر حتى يرى ... لصحفتى خديه من كان ورا
ثم الإمام ينصرف منتفلا ... بوجهه من خلفه مستقبلا
ودم على الذكر الذي قد أثرا ... وفي دواوين الحديث سطر
( 2 ( منظومة نيل السول في السيرة
كتاب سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أبد الآبدين
ذكر نسبه الشريف المطهر
هو الرسول الهاشمي المصطفى ... خير الأنام محتداً وشرفا(681/16)
أبوه عبد الله عبد المطلب ... فهاشم عبد مناف ينتسب
ابن قصي بن كلاب وانسب ... مرة كعب بن لؤي غالب
هو ابن فهر بن مالك إلى ... نضر كنانة خزيمة علا
مدركة الياس وهو بن مضر ... ابن نزار بن معد اشتهر
هو ابن عدنان إلى الذبيح ... ينسب قطعاً وهو في الصحيح
وأمه آمنة تنتسب ... لوهب من عبد مناف نسبوا
لزهرة ابن كلاب اتصلا ... بالنسب الذي ذكرنا أولا
وقد حمى الله أصول المصطفى ... من السفاح الجاهلي حتى صفا
ذكر مولده – صلى الله عليه وسلم -
مولده كان بعام الفيل ... ونقل الخلاف عن قليل
ثاني عشر من ربيع الأول ... في يوم الاثنين بلا تحول
مات أبوه في زمان حمله ... على أصح ما أتى في نقله
وكم بدا في ليلة الميلاد ... من آية في سائر البلاد
منها سطوع النور في الأقطار ... إضاءة كذا خمود النار
وارتج إيوان لكسرى وسقط ... منه الشرافات إلى الأرض تحط
ذكر حواضنه – صلى الله عليه وسلم – وكفالته ونشأته
له ثويبة من الحواضن ... مولاة عمه وأم أيمن
وظره بعد بدون ريب ... حليمة بنت أبي ذؤيب
حتى أقام عندها حولين أو ... أكثر من ذلك أقوال رووا
وشق صدره هناك وغسل ... ثم ملي بحكمة نصاً نقل
ثم لأمه أعيد آمنا ... ينبته الله نباتاً حسنا
وقبضت وهو ابن ست ونقل ... ابن ثمان الاموى وهو معل
ثم ربى في حجر جده إلى ... أن مات وهو ابن ثمان كملا
لما قضى أوصى أبا طالب به ... فلم يزل أحنى عليه من أبه
حتى إذا جاء بحيرا الراهب ... حار لما رأى من المواهب
إذ نزلوا مال إليه الظل ... كذا له غمامة تظل
وقد رأى فيه من الصفات ... ما جاء في الإنجيل والتورات
وقد خشى عليه من حسده ... ولم يزل مناشداً برده
وكان سنه اثنتي عشرة في ... سفرته تلك بلا توقف
وكان حرب الأمة الفجار ... وهو لدى العشرين في آثار
وجاء عنه أنه قد شهدا ... حلف الفضول وبذاك شهدا
تحالفت قريش سكان الحرم ... أن ينصفوا المظلوم ممن قد ظلم
وثانياً سفرته متجرا ... للشام مع خديجة مستأجرا
وهو ابن عشرين وخمس عمره ... ومعه كان الغلام ميسرة
وقد رأي له من الآيات ما ... يزيد عما قبله تقدما(681/17)
وبعد أن قد آب إياها خطب ... وهي من أوسط قريش في النسب
وهي اللتي قد بادرت تصديقه ... عن ربه وكانت الصديقة
وهي اللتي منها جميع من ولد ... ما غير إبراهيم فافهم ما ورد
وقد بنت قريش البيت وله ... إذ ذا ثلاثون وخمس كاملة
واختلفوا في شأن وضع الحجر ... فحكموه فيه نص الأثر
بحيث في ردائه قد وضعه ... وكلهم بطرف قد رفعه
وبينهم كان اسمه الأمينا ... لخلق قد حازه مبينا
ذكر بدء الوحي إليه – صلى الله عليه وسلم -
قد بشرت به جميع الرسل ... كذاك في كل كتاب منزل
عناه بالدعوة إبراهيم ... كذا به قد بشر الكليم
ثم به عيسى المسيح بشرا ... بأنه من بعده بلا مرا
وفي الكتابين صفاته أتى ... تفصيلها بلا ارتياب ثبتا
وأخبر الأحبار والرهبان ... عنه بما جاء به التبيان
هواتف الجن به قد نطقوا ... وقد رمي بالشهب المسترق
كذا عليه سلم الأحجار ... من قبل أن يبعث والأشجار
وكان في غار حراء يعبد ... مولاه مدة لها يزود
حتى أتاه الحق في غار حراء ... وهو على ذاك وكان لا يرى
رؤيا لدي المنام إلا تأتي ... كفلق الصبح على استثبات
ثم أتى جبريل بالتنزيل ... إليه تبليغا عن الجليل
أول ما أنزل صدر القلم ... إلى انتها آية ما لم يعلم
فعاد راجفا فؤاده بها ... إلى خديجة فإذ أنبأها
فصدقت بادئ بدء خبره ... ولابن نوفل غدت مبشرة
ثم دعا به فلما أن تلا ... قال أبشرن هذا الذي قد أنزلا
على الكليم والذي نجزم به ... إيمانه بالوحي حقاً فانتبه
وبعد ذا فالوحي عنه فترا ... في سنتين أو ثلاث أثرا
وبعدها أرسل بالمدثر ... للناس كلاً جنهم والبشر
فقام بالتبليغ للرسالة ... بالحق منذراً أولى الضلالة
مبشراً لمن أطاعه بأن ... يسعد في الدارين فضل ذي المنن
أول مؤمن من الرجال ... به أبو بكر ومن موالي
زيد ومن غلمانهم علي ... بلال من رقيقهم ولي
كذا خديجة من النساء ... أول من حاز ذرى العلياء
وامنوا بدعوة الصديق ... لله قوم من أولى التوفيق
كسعد والزبير طلحة كذا ... عثمان وابن عوف ثم بعد ذا
أبو عبيدة وغيرهم إلى ... أن كان في الإسلام جمع دخلا
وكانت الدعوة سراً أولا ... نحو ثلاث من سنين كملا(681/18)
ذكر جهره – صلى الله عليه وسلم – بالدعوة إلى الله تعالى وما ناله من الأذى من أجل ذلك ومن آمن به
وبعدها بالصدع جهراً أمراً ... فقام بين الأقربين منذرا
حتى إذا جاء الصفا وصعدا ... أعلاه ناداهم بأبلغ الندا
فعم ثم خص بالتحذير ... نذارة من نقمة القدير
ولم يكن أسوأ من أبي لهب ... رداً على ابن أخيه المنتخب
وبالغ الكفار في أذيته ... وفي إذا مستجيب دعوته
ضرباً وحبساً وإهانة وقد ... حماه ذو العرش المهيمن الصمد
هذا ولما ازداد ظلم الظلمة ... آذن أن يهاجروا لأصحمه
هو النجاشي فسار منهمو ... إليه من فوق الثمانين هم
وقد تمالئت قريش أجمعا ... أن يقتلوا النبي فلما اجتمعا
شعبا بني هاشم والمطلب ... مع عمه على حماية النبي
أجمع كلهم على قطعهمو ... فمكثوا ثلاث في شعبهمو
فاشتد جدابهم البلاء ... والجهد والغلاء والعناء
فقام رهط هم من الكرام ... وأنكروا قطيعة الأرحام
ومزقوا صحيفة الظلم اللتي ... قد أجمعوا فيها على القطيعة
وذاك عام العشر بعد بعثته ... وفيه قد كان وفاة زوجته
كذا وفاة عمه الذي به ... قد حاطه الرحمن من طلابه
وقد تلا النجم فلما سجدا ... تابعه مسلمهم ومن عدا
وحينما قد شاع ذلك النبا ... آب إليه بعض من قد غربا
ودخلوا مكة بالجوار ... وبعضهم معذب في الباري
|
} 3 { منظومة اللؤلؤ المكنون في المصطلح
اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون
وأربع مراتب المقبول ... بينها أئمة النقول
صحيحهم لذاته أو غيره ... ومثل ذين حسن فلتدركه
وكلها في عمل به اشترك ... وبينها تفاوت بدون شك
فما روى العدل عن العدل ... وتم ضبط الكل للمنقول
متصلاً ولم يشذ أو يعل ... فهو لذاته صحيح قد حصل
والعدل من يلزم تقى الخلاق ... مجتنباً مساوىء الأخلاق
والضبط ظبطان بصدر وقلم ... فالأول لذى متى يسمعه ولم
ينس فحيثما يشا أداه ... متحضر اللفظ الذى وعاه
والثاني من في سفره قد جمعه ... وصانه لديه منذ سمعه
حتى يؤدى منه أي وقت ... وسم ما يجمعه بالثبت
والاتصال كون كل سمعا ... عن شيخه من الرواة ووعى
وما التاذ من التعريف ... وللمعل يأت في تعريفي(681/19)
وقد تفاوت رتب الصحيح ... بحسب الموجب للتصحيح
من أجل ذا قالوا أصح سند ... أصح سنة لأهل البلد
وما روى الشيخان فيه قدموا ... ثم الباري يليه ومسلم
فما على شرطهما فما على ... شرط البخاري شرط مسلم تلا
يعنون أن ينقل عن رجال ... قد نقلا لهم مع اتصال
وما يماثله وكان للضبط خف ... فحن لذاته فان يحف
بمثله صحح بالمجموع ... واكتسب القوة بالجموع
ويطلق الوصفان لتردد ... إن أطلقوها مع التفرد
ويطلقان با ستبار الطرق ... في غير فرد فادره وحقق
واقبل زيادة بها تفردا ... راويهما مالم ينافي الأجودا
وما روى المستور أو من دلسا ... والمرسل الخفي ومن في الحفظ سا
عند اجتماع الطرق المعتبرة ... فحسن لغيره فاعتبره
وقولهم أصح شئ فيه أو ... أحسنه ليسوا ثبوته عنوا
بل زعموا أشبه شئ وأشف ... وأنه أقل ضعفا وأخف
وليس في القبول شرطا الدد ... بل اشتراط ذاك بدعة ترد
ويقسم المقبول من حيث العمل ... إلى معارض ومحكم استقل
فالمحكم النص الذي ما عارضه ... نص كمثله بحيث ناقصه
فمن أتته سنة صحيحه ... عن النبي ثابتة صريحة
فماله عنها عدول الابد ... لأي قول كان من أي أحد
وغيره معارض إن امكنا ... بينهما الجمع فقد تعينا
كالأمر إن عورض بالجواز في ... ترك المأمور إلى الندب اصرف
ومثله النهي لكره صرفا ... بحل إتيان وحظره انتقى
واخصص بما خص عموما وردا ... والمطاق احمله على ما قيدا
وهكذا فاجمع بلا تعسف ... بل بين مدلوليهما فألف
ولا يجوز ردك المعارضا ... ما أمكن الجمع بوجه يرتضى
وحيث لم يمكن وسابق درى ... عين نسخ حكمه بالآخر
ويعرف النسخ بنص الشارع ... أو صحبه ثم بتأريخ فع
وليس الاجماع على ترك العمل ... بناسخ لكن على الناسخ دل
وعند فقد العلم بالمقدم ... فأرجح النصين فليقدم
ككونه أشهر أو أصح أو ... ناقله أجل عند من رووا
أو حكمه فيمن رواه قد أتى ... ومن نفى قدم عليه المثبتا
كذاك ما خص على العموم ... وقدم المنطوق عن مفهوم
أن لم تجد من هذه شيئاً فقف ... في شأنه حتى على الحق تقف
ودون برهان بنص لا ترد ... نصاً فإن بعضها بعضا يشد
ولا تسئ الظن بالشرع ولا ... تحكمن العقل فيما نقلا(681/20)
إياك والقول على الله بلا ... علم فلا أعظم منه زللا
وكلما شرط قبول فقدا ... فهو من المردود لن يعتمدا
والطعن في الراوي وسقط في السند ... ضدان للقبول أصلان لرد
وجملة الأسباب منها تحصر ... خمسة عشر فادر ما اسطر
فخمسة تخرج بالعدالة ... أسوأها الكذب لا محاله
فذاك موضوع ومن به اتهم ... ولم يبن عنه فمتروك وسم
ومن على النبي تعمدا كذب ... فليرتد ليقعد من ذات لهب
ومن يحدث بحديث يعلم ... تكذيبه عليه منه قسم
والثالث الفسق بدون المعتقد ... والرابع البدعة عند من نقد
فما رواه فاسق فقد دخل ... في منكر في رأى بعض من نقل
وفي قبول خبر المبتدع ... خلاصة البحث سأمليه فع
من لم تكن بدعته مكفره ... وليسس داعياً لها فاعتبره
مع حفظ دينه وصدق لهجته ... لا إن روى مقويا لبدعته
خامسها المجهول وهو يقسم ... مجهول عين ويسمى المبهم
وسبب الإبهام أن لا يذكرا ... أو ذكره بما به ما اشتهرا
ولا يضر مبهم الصحابي ... لثقة الكل بلا ارتياب
ثانيهما من حاله قد جهلا ... وذاك مستور وفي الذكر خلا
وأصله قلة من عنه نقل ... لكونه من الروايات أقل
وخمسة تخرج بالظبط وتى ... وهم وفحش غلط وغفلة
وكثرة الخلاف للثقات ... وسوء حفظ فادر تفصيلاتي
فالوهم أن يروي على التوهم ... وهو المعلّ عندهم فليفهم
علته طورا بالإسناد تقع ... كرفع موقوف ووصل ما انقطع
وتارة في المتن حيث أدخلا ... في المتن لفظ من سواه نقلا
وقسم الحاكم عشرا العلل ... مرجعها هذين من دون خلل
وفاحش الغفلة حيث ينفرد ... كفاحش الاغلاط منكر يرد
وفي المخالفات أقسام تعد ... من ذاك شذ ومنكر يرد
ومدرج المتن ومدرج السند ... والقلب والمزيد فيه قد ورد
ومنه ما بالاضطراب يعرف ... كذلك التصحيف والمحرف
فالشاذ ما خالفهم به الثقة ... قابله محفوظهم فحققه
وما يخالطهم به الضعيف ... فمنكر قابله المعروف
ومدرج المتن كلام أجنبى ... يدخله الناقل في لفظ النبي
فغالبا يكون في آخره ... وقل في أثنائه أو صدره
يعرف بالبيان ممن قد نقل ... أو استحال أو من المتن انفصل
وما بتغير سياقات السند ... خافهم فذاك مدرج السند(681/21)
كأن يكون المتن عن جمع نقل ... كل له فيه طريف مستقل
فيجمع الكل على طريق ... من غير تبيين ولا تفريق
ومنه مروى بعض متن بسند ... لا طرفا فمن سواه قد ورد
رواه بالاول بالتمام ... ثم أضاف الزيد للإتمام
ومنه متنان باء سنادين ... رواهما بواحد من ذين
مقتصراً أو زاد ذا الآخر ... في ذاك لفظا كان منه قد برى
ومنه أن يعرض آخر السند ... قول يظن متن ذلك السند
وما بالانعكاس والإبدال ... فذاك مقلوب بلا جدال
فمنه قلب سند دون مرا ... أب يبدل الراوي براو آخر
ومنه بالتقديم والتأخير في ... الاسما كجعل الأب ابنا فاعرف
وقلب متن وهو أن يجعل ما ... يختص بالشئ لضد علما
كقوله فيما رواه مسلم ... في أحد سبعة من لا تعلم
يمينه ما بالشمال أنفقا ... والبذل من شان اليمين مطلنا
ومنه أن يجعل متنا لسند ... وقلب متنه لذلك السند
وسوغوا هذا للاختبار ... لحاجة من دونها إصرار
وإن يزد في السند المتصل ... روا فذا المزيد فيه فصّل
فإن يكن من لم يزده أقتنا ... وقال قد سمعت أو حدثنا
ترجح الاسقاط لا شك وإن ... كان الذي قد زاده أتقن من
مسقطه لا سيما عن عنعنا ... فليك ترجيح المزيد أبينا
ويستوى الأمران حيث احتملا ... إن كان عن كليهما قد نقلا
وإن يكن روا برا وأبدلا ... كذاك مروىّ بمروي ولا
جمع وترجيح فيه حصلا ... فإنه مضطرب لا جدلا
في سند تلفيه أو متن وقد ... يكون قي كليهما وهو أشد
وليس قدحا خلفهم في اسم الثقة ... أو في صحابي له فحققه
{ ?4 } أرجوزة سلم الوصول الي علم الاصول في التوحيد
فصل في كون التوحيد
ينقسم إلى نوعين ، وبيان النوع الأول ، وهو توحيد المعرفة والإثبات
أول واجب على العبيد ... معرفة الرحمن بالتوحيد
إذ هو من كل الأوامر أعظم ... وهو نوعان أيا من يفهم
إثبات ذاة الرب جل وعلى ... أسماءه الحسنى صفاته العلى
وأنه الرب الجليل الأكبر ... الخالق البارئ المصور
باري البرايا منشى الخلائق ... مبدعهم بلا مثال سابق
الأول المبدي بلا إبتداء ... والآخر الباقي بلا إنتها
الاحد الفرد القدير الأزلى ... الصمد البر المهيمن العلى(681/22)
علو قهر وعلو الشأن ... جل عن الأضداد والأعوان
كذا له العلو والفوقية ... على عباده بلا كيفية
ومع ذا مطلع اليهمو ... بعلمه مهيمن عليهمو
وذكره للقرب والمعية ... لم ينف للعلو والفوقية
فإنه العلي في دنوه ... وهو القريب جل في علوه
حي قيوم فلا ينام ... وجل أن يشبه الأنام
لا تبلغ اأوهام كنه ذاته ... ولا تكيف الحجا صفاته
باق فلا يفنى ولا يبيد ... ولا يكون غير ما يريد
منفرد بالخلق ولاإرادة ... وحاكم جل بما أراده
فمن يشأ وفه بفضله ... ومن يشأ أضله بعدله
فمنهم الشقي والسعيد ... ومنهم مقرب وذا طريد
لحكمة بالغة قضاها ... يستوجب اتلحمد على إقتضاها
هو الذي يرى دبيب الذر ... في الظلمات فوق صم الصخر
وعلمه بما بدا وما خفى ... أحاط علماً بالجلي والخفى
وسامع للجهر والخفات ... يسمعه الواسع للأصوات
وهو الغني بذاته سبحانه ... جل ثناؤه تعالى شأنه
وكا شيء رزقه عليه ... وكلنا مفتقر إليه
كام موسى عبده تكليما ... وهو لم يزل بخلقه عليما
كلامه جل عن الإحصاء ... والحصر والنفاد زالفناء
لوصار أقلاماًجميع الشجر ... والبحر تلقى فيه سبعة أبحر
والخلق تكتبه بكا آن ... فنت وليس القول منه فان
والقول في كتابه المفصل ... بأنه كلامه المنزل
على الرسول المصطفى خير الورى ... ليس بمخلوق ولا مفترى
يحفظ بالقلب واللسان ... يتلى كما بسمع الأذان
كذا بالأبصار إليه ينظر ... وباالأيادي خطه يسطر
وكل ذى مخلوق حقيقة ... دون كلام باري الخليقة
جلت صفة ربنا الرحمن ... عن وصفها بالخلق والحدثان
فالصوت والألحان صوت القارئ ... لكنما المتلو قول البارئ
مافاله لا يقبل التبديلا ... كلا ولا أصدق منه قيلا
وقد روى الثقات عن خير الملا ... بأنه عز وجل وعلا
فى ثلث الليل الأخير ينزل ... يقول هل من تائب فيقبل
هل من مسى طالب المغفرة ... يجد كريم قابلا للمعذرة
يمن بالخيرات والفضائل ... ويستر العيب ويعطى السائل
وأنه يجىْ يوم الفصل ... كما يشاء للقضاء العدل
وأنه يرى بلاإنكار ... فى جنة الفردوس با الأبصار
كل يراه رؤية العيان ... كما أتى في محكم التنزيل
في حديث سيد الأنام ... من غير ما شك ولا إيهام(681/23)
رؤية حق ليس يمترونها ... كالشمس صحو لا سحاب دونها
وخص بالرؤية أوليائه ... فضيلة وحجبوا أعدائه
وكل ماله مكن الصفات ... أثبتها في محكم الآيات
أو صح فيما قاله الرسول ... فحقه التسليم والقبول
نمرها صحيحة كما أتت ... مع اعتقادنا لما له اقتضت
من غير تحريف ولا تعطيل ... وغير تكيف ولا تمثيل
بل قولنا قول أئمة الهدى ... طوبى لمن بهديهم قد اهتدى
وسم ذا النوع من التوحيد ... توحيد إثبات بلا ترديد
قد أفصح الوحي المبين عنه ... فالتمس الهدى المنير منه
لا تتبع أقوال كل مارد ... غاو مضل مارق معاند
فليس بعد رد ذا التبيان ... مثقال ذرة من الإيمان
فصل في بيان النوع الثاني من التوحيد
وهو توحيد الطلب والقصد وأنه هو معنى لا إله إلا الله
هذا وثاني نوع التوحيد ... إفراد رب العرش عن نديد
أن تعبد الله إلهاً واحدا ... معترفا بحقه لا جاحدا
وهو الذي به الإله أرسل ... رسله يدعون إليه أولا
وأنزل الكتاب والتبيانا ... من أجله وفرق الفرقانا
وكلف الرسول المجتبى ... قتال من عنه تولى وأبى
حتى يكون الدين خالصا له ... سرا وجهرا دقه وجهله
وهكذا أمته قد كلفوا ... به وفي نص الكتاب وصفوا
وقد حوته لفظة الشهادة ... فهي سبيل الفوز والسعادة
من قلها معتقداً معناها ... وكان عاملاً بمقتضاها
في القول والفعل ومات مؤمناً ... يبعث يوم الحشر ناج آمنا
فإن معناها الذي عليه ... دلت يقينا وهدت إليه
أن ليس بالحق إلهاً يعبد ... إلا الإله الواحد المنفرد
بالخلق والرزق والتدبير ... جل عن الشريك والنظير
وبشرط سبعة قد قيدت ... وفي نصوص الوحي حقا وردت
فانه لا بنفع قائلها ... بالنطق إلا حين يستكملها
العلم واليقين والقبول ... والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبة ... وفقك الله لما أحبه
فصل في تعريف العبادة
وذكر بعض أنواعها وأن من صرف منها شيئاً لغير الله فقد أشرك
ثم العبادة هي اسم جامع ... لكل ما يرضي الإله السامع
وفي الحديث مخها الدعاء ... خوف توكل كذا الرجاء
ورغبة ورهبة خشوع ... وخشية إنابة خضوع
والاستعاذة والاستعانة ... كذا استغاثة به سبحانه(681/24)
والذبح والنذر وغير ذلك ... فافهم هديت أوضح المسالك
وصرف بعضها لغير الله ... شرك وذاك أقبح الناهي
فصل في بيان ضد التوحيد
وهو الشرك وأنه ينقسم إلى أصغر وأكبر وبيان كل منهما
والشرك نوعان فشرك أكبر ... به خلود النار إذ لا يغفر
وهو اتخاذ العبد غير الله ... ندا به مسوياً مضاهى
يقصده عند نزول الضر ... لجلب نغع أو لدفع شر
أو عند أي غرض لا يفدر ... عليه إلا المالك المقتدر
مع جعله لذلك المدعو ... أو العظم أو المرجو
في الغيب به سلطاناً يطلع ... على ضمير من إليه يفزع
والثان شرك أصغر هو الريا ... فسره به خاتم الأنبياء
ومنه إقسام بغير الباري ... كما أتى في محكم الأخبار
فصل في بيان أمور يفعلها العامة منها
ما هو شرك ومنها ما هو قريب منه وبيان حكم الرقى والتمائم
ومن يتق بودعة أو ناب ... أو حلقة أو أعين الذئاب
أو خيطاً أو عضوا من النسور ... أو وتراً أو تربةً من القبور
لأي أمر كائن تعلقه ... وكله الله إلى ماعلقه
ثم الرقي من حمة أو عين ... فإن تكن فمنم خالص الوحيين
فذاك من هدي النبي وشرعته ... وذاك لاإختلاف في سنيته
أما الرقي المجهولة المعاني ... فذاك وسواس من الشيطان
وفيه قد جاء الحديث أنه ... شرك بلا مرية فاحذرنه
إذ كل ناطق به لا يدري ... لعله يكون محض الكفر
أو هو من سحر اليهود مقتبس ... على العوام لبسوه فالتبس
فحذراً ثم حذار منه ... لا تعرف الحق وتنأى عته
وفي التمائم المعلقات ... إن تك آيات مبينات
فالاختلاف واقع بين السلف ... فبعضهم أجازاها وبعضهم كف
وإن تك مما سوى الوحيين ... فإنها شرك من غير مين
بل إنها قسيمة الأزلام ... في البعد عن سيما الإسلام
{ 5 } أرجوزة ملحة الإعراب في النحو
ملحة الإعراب
?
أقول من بعد افتتاح القول ... بحمد ذي الطول شديد الحول
وبعده فأفضل السلام ... على النبي سيد الأنام
وآله الأطهار خير آل ... فافهم كلامي واستمع مقالي
يا سائلي عن الكلام المنتظم ... حداً ونوعاً إلى كم ينقسم
اسمع هديت الرشد ما أقول ... وافهمه فهم من له معقول
( باب الكلام )(681/25)
حد الكلام ما أفاد المستمع ... نحو سعى زيد وعمر متبع
ونوعه الذي عليه يبنى ... اسم وفعل ثم حرف معنى
فالاسم ما يدخله من وإلى ... أو كان مجروراً بحتى وعلى
مثاله زيد وخيل وغنم ... وإذا وأنت والذي ومن وكم
( باب الفعل )
والفعل ما يدخله قد والسين ... عليه مثل بان أو يبين
أو لحقته تاء من يحدث ... كقولهم في ليس لست أنفث
أو كان أمراً ذا اشتقاق نحو قل ... ومثله ادخل وانبسط واشرب وكل
( باب الحرف )
و الحرف ما ليس له علامة ... فقس على الحرف تكن علامة
مثاله حتى ولا وثما ... وهل وبل ولو ولم ولما
( باب النكرة والمعرفة )
والاسم ضربان فضرب نكرة ... و الآخر المعرفة المشتهرة
فكل مارب عليه تدخل ... فإنه منكر يا رجل
نحو كتاب وغلام وطبق ... كقولهم رب غلام لي أبق
وما عدا ذلك فهو معرفة ... لا يمتري فيه الصحيح المعرفة
مثاله الدار وزيد وأنا ... وذا وتلك والذي وذو الغنا
وآلة التعريف أل فمن يرد ... تعريف كبد مبهم قال الكبد
وقال قوم إنها اللام فقط ... إذ ألف الوصل متى تدرج سقط
( باب قسمة الأفعال )
وإن أردت قسمة الأفعال ... لينجلي عنك صدا الإشكال
فهي ثلاث مالهن رابع ... ماض وفعل الأمر والمضارع
فكل ما يصلح فيه أمس ... فإنه ماض بغير لبس
وحكمه فتح الأخير منه ... كقولهم سار وبان عنه
والأمر مبني على السكون ... مثاله احذر صفقة المغبون
وإن تلاه ألف ولام ... فاكسر وقل ليقم الغلام
وإن أمرت من سعى ومن غدا ... فأسقط الحرف الأخير أبدا
تقول يا زيد اغد في يوم الأحد ... واسع إلى الخيرات لقيت الرشد
وهكذا قولك في ارم من رمى ... فاخذ على ذلك فيما استبهما
والأمر من خاف خف العقابا ... ومن أجاد أجد الجوابا
وإن يكن أمرك للمؤنث ... فقل لها خافي رجال العبث
وإن وجدت همزة أو تاء ... أو نون جمع مخبر أو ياء
قد ألحقت أول كل فعل ... فإنه المضارع المستعلى
وليس في الأفعال فعل يعرب ... سواه والتمثيل فيه يضرب
والأحرف الأربعة المتابعه ... مسميات أحرف المضارعه
وسمطها الحاوي لها نأيت ... فاسمع وع القول كما وعيت
وضمها من أصلها الرباعي ... مثل يجيب من أجاب وزنا أم رجح(681/26)
وما سواها فهي منه تفتح ... ولا تبل أخف وزنا أم رجح
مثاله يذهب زيد ويجي ... ويستجيش تارة ويلتجي
( باب الإعراب )
وإن ترد أن تعرف الإعرابا ... لتقتفي في نطقك الصوابا
فإنه بالرفع ثم الجر ... والنصب والجزم جميعاً يجري
فالرفع والنصب بلا ممانع ... قد دخلا في الاسم والمضارع
والجر يستأثر بالأسماء ... والجزم بالفعل بلا امتراء
فالرفع ضم آخر الحروف ... والنصب بالفتح بلا وقوف
والجر بالكسرة للتبيين ... والجزم في السالم بالتسكين
( إعراب الاسم المفرد المنصرف )
ونون الاسم الفريد المنصرف ... إذا درجت قائلاً ولم تقف
وقف على المنصوب منه بالألف ... كمثل ما تكتبه لا يختلف
تقول عمرو قد أضاف زيداً ... وخالد صاد الغداة صيدا
وتسقط التنوين إن أضفته ... أو إن تكن باللام قد عرفته
مثاله جاء غلام الوالي ... وأقبل الغلام كالغزال
( فصل الأسماء الستة المعتلة المضافة )
وستة ترفعها بالواو ... في قول كل عالم وراوي
والنصب فيها يا أخي بالألف ... وجرها بالياء فاعرف واعترف
وهي أخوك وأبو عمرانا ... وذو وفوك وحمو عثمانا
ثم هنوك سادس الأسماء ... فاحفظ مقالي ذي الذكاء
( باب حروف العلة )
والواو والياء جميعاً والألف ... هن حروف الاعتدال المعتكف
( إعراب الاسم المنقوص )
والياء في القاضي وفي المستشري ... ساكنة في رفعها والجر
وتفتح الياء إذا ما نصبا ... نحو لقيت القاضي المهذبا
ونون المنكر والمنقوصا ... في رفعه وجره خصوصا
تقول هذا مشتر مخادع ... وافرغ إلى حام حماه مانع
وهكذا تفعل في ياء الشجى ... وكل ياء بعد مكسور تجي
هذا إذا ما وردت مخففه ... فافهمه عني فهم صافي المعرفة
( إعراب الاسم المقصور )
وليس للإعراب فيما قد قصر ... من الأسامي أثر إذا ذكر
مثاله يحيى وموسى والعصا ... أو كحيا أو كرجى أو كحصى
فهذه آخرها لا يختلف ... على تصاريف الكلام المؤتلف
( إعراب المثنى )
ورفع ما تثنيه بالأف ... كقولك الزيدان كانا مألفي
ونصبه وجره بالياء ... بغير إشكال ولا مراء
تقول زيد لابس بردين ... وخالد منطلق اليدين(681/27)
وتلحق النون بما قد ثنى ... من المفاريد لجبر الوهن
( إعراب جمع التصحيح )
وكل جمع صح فيه واحده ... ثم أتى بعد التناهي زائده
فرفعه بالواو والنون تبع ... مثل شجاني الخاطبون في الجمع
ونصبه وجره بالياء ... عند جميع العرب العرباء
تقول حي النازلين في منى ... وسل عن الزيدين هل كانوا هنا
ونونه مفتوحة إذ تذكر ... والنون في كل مثنى تكسر
وتسقط النونان في الإضافة ... نحو رأيت ساكني الرصافه
وقد لقيت صاحبى أخينا ... فاعلمه في حذفهما يقينا
( إعراب جمع المؤنث )
وكل جمع فيه تاء زائدة ... فارفعه بالضم كرفع حامده
ونصبه وجره بالكسر ... نحو كفيت المسلمات شرى
( إعراب جمع التكسير )
وكل ما كسر في الجموع ... كالأسد والأبيات والربوع
فهو نظير الفرد في الإعراب ... فاسمع مقالي واتبع صوابي
( باب حروف الجر )
والجر في الاسم الصحيح المنصرف ... بأحرف هن إذا ما قيل صف
من وإلى وفي وحتى وعلى ... وعن ومنذ ثم حاشا وخلا
والباء والكاف إذا ما زيدا ... واللام فاحفظها تكن رشيدا
ورب أيضاً مذ فيما حضر ... من الزمان دون ما منه غبر
تقول ما رأيته مذ يومنا ... ورب عبد كيس مر بنا
ورب تأتي أبداً مصدره ... ولا يليها الاسم إلا نكره
وتارة تضمر بعد الواو ... كقولهم وراكب بجاوي
( حروف القسم )
ثم يجر الإسم باء القسم ... وواوه والتاء أيضاً فاعلم
لكن تخص التاء باسم الله ... إذا تعجبت بلا اشتباه
( باب الإضافة )
وقد يجر الإسم بالإضافة ... كقولهم دار أبي قحافه
فتارة تأتي بمعنى اللام ... نحو أتى عبد أبي تمام
وتارة تأتي بمعنى من إذا ... نلت منازيت فقس ذاك وذا
وفي المضاف ما يجر أبدا ... مثل لدن زيد وإن شئت لدى
ومنه سبحان وذو ومثل ... ومع وعند وأولوا وكل
ثم الجهات الست فوق وورا ... ويمنة وعكسها بلا مرا
وهكذا غير وبعض وسوى ... في كلم شتى رواها من روى
( كم الخبرية )
واجرر بكم ما كنت عنه مخبرا ... معظماً لقدره مكبرا
تقول كم مال أفادته يدي ... وكم إماء ملكت وأعبد
( باب المبتدأ والخبر )
وإن فتحت النطق باسم مبتدا ... فارفعه والإخبار عنه أبدا(681/28)
تقول من ذلك زيد عاقل ... والصلح خير والأمير عادل
ولا يحول حكمه متى دخل ... لكن على جملته وهل وبل
( فصل تقدم الخبر )
وقدم الأخبار إذ تستفهم ... كقولهم أين الكريم المنعم
ومثله كيف المريض المدنف ... وأيها الغادي متى المنصرف
وإن يكن بعض الظروف الخبرا ... فأوله النصب ودع عنك المرا
تقول زيد خلف عمرو قعدا ... والصوم يوم السبت والسير غدا
وإن تقل أين الأمير جالس ... وفي فناء الدار بشر مائس
فجالس ومائس قد رفعا ... وقد أجيز الرفع والنصب معا(681/29)
يا نفس توبي
لأبي محمد القاسم بن علي الحريري
خل ادركار الأربعِ ******** والمعهد المرتبع
والظاعن المودعِ ******** وعَدِّ عنه ودع
واندب زماناً سلفا ******** سودت فيه الصحفا
ولم تزل معتكفا ******** على القبيح الشنع
كم ليلة أودعتها ******** مآثماً أبدعتها
لشهوة أطعتها ******** في مرقد ومضجع
وكم خُطاً حثثتها ******** في خزية أحدثتها
وتوبة نكثتها ******** لملعب ومرتع
وكم تجرأت على ******** رب السماوات العلى
ولم تراقبه ولا ******** صدقت فيما تدعي
وكم غمضت بره ******** وكم أمنت مكره
وكم نبذت أمره ******** نبذ الحذا المرقع
وكم ركضت في اللعب ******** وفهت عمداً بالكذب
ولم تراع ما يجب ******** من عهده المتبع
فالبس شعار الندم ******** واسكب شآبيب الدم
قبل زوال القدم ******** وقبل سوء المصرع
واخضع خضوع المعترف ******** ولذ ملاذ المقترف
واعص هواك وانحرف ******** عنه انحراف المقلع
إلام تسهو وتني ******** ومعظم العمر فني
فيما يضر المقتني ******** ولست بالمرتدع
أما ترى الشيب وخط ******** وخط في الرأس خطط
ويحك يا نفس احرصي ******** على ارتياد المخلص
وطاوعي وأخلصي ******** واستمعي النص وعي
واعتبري بمن مضى ******** من القرون وانقضى
واخشي مفاجاة القضا ******** وحاذري أن تخدعي
وانتهجي سبل الهدى ******** وادكري وشك الردى
وإن مثواك غدا ******** في قعر لحد بلقع
آهاً له بيت البلى ******** والمنزل القفر الخلا
ومورد السفر الأولى ******** واللاحق المتبع
بيت يرى من أودعه ******** قد ضمه واستودعه
بعد الفضاء والسعة ******** قيد ثلاث أذرع
لافرق أن يحله ******** داهية أو أبله
أو معسر أو من له ******** ملك كملك تبع
وبعده العرض الذي ******** يحوي الحيي والبذي
والمبتذي والمحتذي ******** ومن رعى ومن رعي
فيا مفاز المتقي ******** وربح عبد قد وقي
سوء الحساب الموبق ******** وهول يوم المفزع(682/1)
ويا خسار من بغى ******** ومن تعدى وطغى
وشب نيران الوغى ******** لمطعم أو مطمع
يا من عليه المتكل ******** قد زاد ما بي من وجل
لما اجترحت من زلل ******** في عمري المضيع
فاغفر لعبد مجترم ********وارحم بكاه المنسجم
فأنت أولى من رحم ******** وخير مدعو دعي(682/2)
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا
المدهش - (ج 1 / ص 121)
الدهر خطيب كاف، والفكر طبيب شاف، كم قطع زرع قبل التمام فما ظن المستحصد، من عرف الستين أنكر نفسه، من بلغ السبعين اختلفت إليه رسل المنية، عواري الزمان في ضمان الارتجاع، يوسف العقل ينظر في العواقب، وزليخا الهوى تتلمح العاجل، يا مقدمين على الحرام أنتم بعين من حرم، ينبغي لمن أُلبس ثوب العافية أن لا يدنسه بوسخ الزلل، زرع النعم مفتقر إلى دوران دولاب الشكر، فإذا فتح القلب سكر الاعتراف بالعجز صار السقي سبحاً.
هذا اليوم يقول: ارضني وعلى رضا أمس، السكون بالبلادة أصعب من التحريك بالهوى، إذا رآك عقلك، وقد تولى حسُّك تدبيرك تولى، ويحك لا تأمن حسك على عقلك فإنه عكس الحكمة، العقل نور والحس ظلمة، الحس أعشى والعقل عين الهدهد، الحس طفل والعقل بالغ، العقل يدخل في المضائق والحس أبله، الحس لا يرى إلا الحاضر والعقل يتلمح الآخر، الصبر عن الأغراض صبر غير أن الحازم يجعل مراقبة العواقب تقوية، ما خلا قط وجه سرور من تعبس مكروه، ولا سلمت كأس لذة، من شائبة نغصة: للمتنبي:
فذي الدار أخونُ من مومس ... وأخدعُ من كِفةِ الحابل
تفانى الرجال على حبّها ... وما يحصلون على طائل
كل صاف من الدنيا، مقرون بكدر، حتى أنه في الغيث عيث، أتريد أن لا ينعكس لك غرض؟ فما هذا موضعه، الهبات ذاهبات، والليل مناهبات، الدنيا قنطرة واستيطان القناطير بله.
هل نجد إلا منزل مفارق ... ووطن في غيره يقضي الوطر(683/1)