كأنّ كِناسَيْ ضَالَةٍ يُكْنِفانِها ... وَأَطْرَ قِسِيِّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَبَّدِ ... 21
لها مِرْفَقَانِ أَفْتَلانِ كأنّها ... تَمُرُّ بِسَلْمَيْ داِلجٍ مُتَشَدِّدِ ... 22
كقَنْطَرَةِ الرُّوِميّ أَقْسَمَ ربّها ... لَتُكْتَنَفَنْ حتى تُشادَ بِقَرْمَدِ ... 23
صُهابِيّةُ الْعُثْنُونِ مُو جَدَةُ الْقَرَا ... بعيدةُ وَخْدِ الرّجْلِ مَوّارَةُ اليَدِ ... 24
أُمِرَّتْ يَدَاها فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَتْ ... لها عَضُداها في سَقيفٍ مُسَنَّدِ ... 25
جَنُوحٌ دِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثمَّ أُفْرِعَتْ ... لها كتِفَاها في مُعالي مُصَعَّدِ ... 26
كأَنَّ عُلوبَ النَّسْعِ في دَأَيَاتِها ... مَوَارِدُ من خَلْقاءَ في ظهرِ قَرْدَدِ ... 27
تَلاقَى وَأَحْياناً تَبينُ كأنّها ... بَنائِقُ غَرِّ في قَميصٍ مُقَدَّدِ ... 28
وَأَتْلَغُ نَهَّاضٌ صَعَّدَتْ بِهِ ... كسُكّانِ بُوِصيِّ بِدْجِلَةَ مُصْعِدِ ... 29
وَجُمْجُمَةٌ مِثْلُ الْعَلاةِ كأنّما ... وَعى الُمْلَتقى منها إِلى حرْفِ مِبْرَدِ ... 30
وَخَد كقِرْطاسِ الشّآمي ومِشْفَرٌ ... كسِبْتِ الْيَماني قَدُّهُ لم يُجَرَّدِ ... 31
وَعَيْنَانِ كالَماوِيَتَيْنِ اسْتَكَنّتا ... بكهفَي حجَاجَي صَخْرَةٍ قلْتِ مَوْرِدِ ... 32
طَحورانِ عُوّارَ الْقَذَى فَتَراهُما ... كمِكْحَلَتَيْ مذعورَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ ... 33
وَصَادِفَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّرى ... لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أَوْ لِصَوْتٍ مُنَدِّدِ ... 34
مُوَلّلتانِ تَعْرِف الْعِتْقَ فيهِما ... كسامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ ... 35
وَأرْوَعُ نَبَّاضٌ أَحدُّ مُلَمْلمٌ ... كمِرْداةِ صَخْرٍ في صَفِيحٍ مُصَمَّدِ ... 36
وَأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ من اْلأَنفِ مارِنٌ ... عَتيقٌ متى تَرْجُمْ به اْلأَرْضَ تَزْددِ ... 37
وَإِنْ شئتُ لم تُرْقِلْ وَإِنْ شئتُ أَرْقَلَتْ ... مَخَافَةَ مَلْوِيِّ مِنَ الْقَدِّ مُحْصَدِ ... 38
وَإِنْ شئتُ سلمى وَاسطَ الكورِ رَأسهَا ... وَعامَتْ بضَبْعَيها نجاءَا الخَفَيْدَدِ ... 39
على مِثْلِهَا أَمْضي إِذَا قالَ صاحبي، ... أَلا لَيْتَني أَفديكَ منها وَأفْتَدي ... 40(335/42)
وَجاشَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ خَوفْاً وَخاَله ... مُصَاباً وَلَوْ أمْسَى على غيرِ مَرْصَدِ ... 41
إِذَا الْقَوْمُ قالوا مَنْ فَتًىِ خلْتُ أَنَّني ... عُنِيتُ فلَم أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّدِ ... 42
أَحلْتُ عَلَيْها بالقطيع فأجِذَمَت ... وَقَدْ خَبَّ آلُ اْلأَمْعَزِ اُلمتوَقِّدَّ ... 43
فَذالتْ كما ذالتْ وَليدَة مَجْلِسٍ ... تُرِي رَبَّهَا أَذيالَ سَحلٍ مَمددِ ... 44
وَلَسْتُ بِحَلاَّلِ التِّلاعِ مَخافَةً ... وَلكِنْ متى يَسْتَرْفِدِ الْقَوْمُ أَرْفِدِ ... 45
فَإِنْ تَبْغِني في حَلْقَةِ القَوْمِ تلِقَني ... وَإِنْ تَلْتَمِسْني في الَحْوَانِيتِ تَصْطَدِ ... 46
وَإِنْ يَلْتَقِ الَحْيُّ الَجْمِيعُ تُلاِقني ... إِلى ذِرْوَةِ البَيْتِ الشَّرِيفِ الُمصَمَّدِ ... 47
نَدَامايَ بيضٌ كالنجوم وَقَيْنَةٌ ... تَرُوحُ عَليْنَا بينَ بُرْدٍ وَمَجْسَدِ ... 48
رَحيبٌ قِطَابُ الَجْيْبِ منْهَا رَقِيقةٌ ... بِجَسِّ النَّدامَى بَضَّةُ اُلمتَجَردِ ... 49
إِذَا نَحْنُ قُلْنَا أَسْمعِينا انْبَرَتْ لَنَا ... على رِسْلِها مَطْرُوقَةً لم تَشَدَّدِ ... 50
إِذَا رَجَعَتْ في صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَها ... تَجاوُبَ أَظْآرٍ على رُبَعٍ رَدِ ... 51
وَمَا زالَ تَشْرابي الُخْمورَ وَلَذَّتي ... وَبَيْعِي وَإِنْفَاقي طَريفي وَمُتْلَدِي ... 52
إِلى أَنْ تَحامَتْني الْعَشيرَةُ كُلّهَا ... وَأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ الْبَعِيرِ الُمعَبَّدِ ... 53
رَأَيتُ بَنِي غَبْراء لا يُنْكِرُونَني ... وَلا أَهْلُ هذاكَ الِّطرافِ الُممَددِ ... 54
فإِنْ كنتَ لا تسْتطِيعُ دَفْعَ مَنِيَّتي ... فَدَعْني أبادِرْهَا بِمَا مَلَكَتْ يَدِي ... 55
ولَولا ثَلاثٌ هُنَّ من عيشةِ الْفَتى ... وَجدِّكَ لم أَحفِلْ مَتى قامَ عُوْدي ... 56
فَمِنْهُنّ سَبْقِي الْعاذِلاتِ بِشَربَةٍ ... كُمَيْتٍ متى ما تُعْلَ باَلماءِ تُزْبِدِ ... 57
وَكَرِّي إِذَا نادَى اُلمضافُ مُحَنَّباً ... كَسِيدِ الْغَضا نَبّهْتَهُ الُمتَوَرِّدِ ... 58(335/43)
وَتقصيرُ يوم الدَّجنِ والدجنُ مُعجِبٌ ... بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الخِباءِ الُمعَمَّدِ ... 59
كَأَنّ الْبُريَنَ وَالدَّماليجَ عُلِّقَتْ ... على عُشَرٍ أو خِروَعٍ لم يُخَضَّدِ ... 60
كَرِيمٌ يروِّي نَفْسَهُ في حَيَاتِه ... سَتَعْلَمُ إِن مُتْنا غَداً أَيّنا الصدي ... 61
أَرَى قَبْرَ نَحّامٍ بَخَيلٍ بِمَاله ... كقَبْرِ غوِيِّ في البطالَةِ مُفْسِدِ ... 62
تَرَىَ جشوَتَيْنِ من تُراب عَلَيْهمَا ... صَفَائحُ صُمِّ من صَفيحٍ مُنَضَّدِ ... 63
أَرى اَلموت يَعْتامُ الكِرَامَ ويَصْطفي ... عَقِيَلةَ مَالِ الْفَاِحشِ اُلمتَشَدِّدِ ... 64
أرَى الْعَيْشَ كنزاً ناقصاً كلّ ليْلَةٍ ... وَمَا تَنْقُصِ الأيَّامُ وَالدّهرُ يَنْفَدِ ... 65
لَعَمْرُكَ إِنّ اَلموَتَ مَا أَخْطأَ الْفَتى ... لكَالطَّوَلِ اُلمرْخَى وثِنْيَاهُ بِاليَدِ ... 66
فمالي أرَاني وَابْنَ عَمِّيَ مَالِكاً ... مَتَى أَدْنُ مِنْه يَنْأَ عَنِّي وَيَبْعُدِ ... 67
يَلُومُ ومَا أَدْرِي عَلاَمَ يَلُوُمني ... كما لامني في الحيّ قُرْطُ بنُ مَعْبدِ ... 68
وأَيْأَسَنيِ من كل خَيْرٍ طَلَبتُهُ ... كأنَّا وَضَعنَاهُ إِلى رَمْسِ مُلْحَدِ ... 69
على غَيْرِ شيءٍ قُلْتُهُ غَيْرَ أَنَّني ... نَشَدْتُ فلم أُغْفِل حَمولَةَ مَعْبَدِ ... 70
وَقَرّبْتُ بالقُرْبَى وَجدَّكَ إِنَّني ... متى يَكُ أَمْرٌ لِلنّكيثَةِ أَشْهَدِ ... 71
وإِنْ أُدْعَ للجُلىَّ أَكنْ مِنْ حُماتِها ... وإِنْ يَأَتِكَ الأَعْدَاءُ بالجَهْدِ أَجْهَدِ ... 72
وإِنْ يَقذِفُوا بالقذعِ عِرْضَك أَسْقِهِمْ ... بكَأْسِ حِيَاضِ الموتِ قبلَ التهدُّدِ ... 73
بِلاَ حدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْدَثٍ ... هِجائي وقَذْفي بالشَّكَاةِ ومُطْرَدِي ... 74
فَلَوْ كان مَوْلايَ أمْرُءٌا هُوَ غَيْرَهُ ... لَفَرَّجَ كَرْبي أَوْ لأنظَرَني غَدِي ... 75
وَلكِنّ مَوْلايَ آمْرُءٌ هُوَ خانقي ... على الشُّكْرِ والتَّسْآل أَوْ أَنَا مُفْتَدِ ... 76
وظُلْمُ ذَوي الْقُرْبَى أَشَدُّ مضاضَةً ... على الَمرءِ مِن وَقْعِ الُحسامِ الُمهَنَّدِ ... 77(335/44)
فَذَرْني وَخُلْقي، إِنَّني لَكَ شَاكِرٌ ... وَلوْ حَلّ بَيْتي نائباً عند ضَرْغَدِ ... 78
فَلَوْ شَاءَ رَبّي كُنتُ قَيسَ بنَ خَالِدٍ ... وَلَوْ شَاءَ رَبي كُنْتُ عَمرو بن مَرْثَدِ ... 79
فأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كثيرٍ وَزَارَني ... بَنونٌ كرامٌ سادَةٌ لُمِسَوَّدِ ... 80
أَنا الرّجُلُ الضَّرْب الَّذِي تَعْرِفُوَنهُ ... خَشاشٌ كرَأْسِ الَحيّة الُمَتَوقّدِ ... 81
فَآليْتُ لا يَنْفَكُّ كشْجِي بطانَةً ... لِعَضْبٍ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ ... 82
حُسَامٍ إِذَا ما قُمتُ مُنتَصِراً به ... كفى الْعَوْدَ منه الْبَدءُ ليسَ بِمعْضَدِ ... 83
أَخِيِ تقَةٍ لا يَنْثَنيِ عَنْ ضَرِيبةٍ ... إِذَا قِيلَ مَهْلاً قالَ حاِجزُهُ قَدِي ... 84
إِذَا ابتدَرَ الْقَوْمُ السِّلاَحَ وَجدْتَني ... مَنيعاً إِذَا بَلّتْ بقَائِمِهِ يَدِي ... 85
وبَرْكُ هُجُودٍ قَد أَثَارتْ مَخَافتي ... بَوَادِيَهَا، أَمشِي بِعَضْبٍ مُجَرَّدِ ... 86
فَمرّتْ كَهاةٌ ذَاتُ خَيْفٍ جُلالَةٌ ... عَقِيلَةُ شَيْخٍ كَالوَبيلِ يَلَنْدَدِ ... 87
يَقُولُ وقَدْ تَرّ اْلوَظِيفُ وَسَاقُهَا ... أَلَستَ تَرى أَن قَد أَتَيْتَ بمؤْيِدِ ... 88
وقَالَ، ألا ماذَا تَرَوْنَ بِشَارِبٍ ... شَدِيدٍ عَلَيْنا بَغْيُهُ مُتَعَمِّدِ ... 89
وقَالَ، ذَرُوهْ إِنَّما نَفْعُها لَهُ ... وإِلاّ تكُفّوا قاصيَ الْبَرْكِ يَزْدَدِ ... 90
فَظَلّ اْلإِماءُ يَمْتَلِلْنَ حُوَارَهَا ... وَيُسْعَى بها بالسّديفِ اُلمسَرْهَدِ ... 91
فإِنْ مِتُّ فانْعِيني بِما أنَا أَهْلُةُ ... وَشُقِّي عَلَيَّ الَجَيْب يَا أبْنَةَ مَعْبَدِ ... 92
وَلا تَجْعَلِيني كامرِىءٍ لَيْسَ هَمُّهُ ... كهَمِّي وَلا يُغْنِي غَنائي ومَشْهَدِي ... 93
بَطِيءٍ عَن الُجْلَّي سَرِيع الى الخَنا ... ذَلُولٍ بأَجماعِ الرِّجَالِ مُلَهَّدِ ... 94
فَلوْ كُنْتُ وَغلاً في الرِّجالِ لَضَرَّني ... عَدَاوَةُ ذِي اْلأَصْحَابِ وَالُمَتوَحِّدِ ... 95
ولكِنْ نَفَى عني الرِّجالَ جَراءَتي ... عَلَيْهِمْ وَإِقْدَامِي وَصِدْفي وَمحْتَدِي ... 96(335/45)
لَعَمْرُكَ ما أمْري عَلَيَّ بغُمَّةٍ ... نَهاري وَلا لَيْلي عَلَيِّ بسَرْمَدِ ... 97
ويَومٍ حَبَسْتْ النَّفْسَ عندَ عراكهِ ... حِفَاظاً عَلى عَوْراتِهِ والتَّهَدُّدِ ... 98
على مَوْطِنٍ يَخْشَى الْفْتَى عِندَهُ الرَّدى ... متى تَعْتَرِكْ فيهِ الْفَراِئصُ تُرْعَدِ ... 99
وَأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ ... على النارِ واستَوْدَعْتُهْ كَفَّ مُجْمِدِ ... 100
ستُبْدِي لكَ الأَيَّامُ ما كُنْتَ جاهِلاً ... وَيَأْتِيكَ باْلأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ ... 101
وَيَأْتِيكَ باْلأَخْبارِ مَنْ لَمْ تَبعْ لَهُ ... بَتَاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعدِ ... 102
*****************
معلقة عبيد بن الأبرص
1. أقفرَ من أهلهِ مَلْحوبُ ... فالقُطبيَّات فالذَّنوبُ
2. فَراكِسٌ فثُعَيلٍباتٌ ... فَذاتَ فَرقَينِ فالقَلِيبُ
3. فَعَرْدةٌ ، فَقَفا حِبِرٍّ ... ... لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ
4. وبُدِّلَتْ مِنْ أهْلِها وُحوشًا ... ... وغًيَّرتْ حالَها الخُطُوبُ
5. أرضٌ تَوارَثَها الجُدوبُ ... ... فَكُلُّ من حَلَّها مَحْروبُ
6. إمَّا قَتيلاً وإمَّا هَلْكًا ... ... والشَّيْبُ شَيْنٌ لِمَنْ يَشِيبُ
7. عَيناكَ دَمْعُهما سَروبٌ ... ... كأنَّ شَأنَيهِما شَعِيبُ
8. واهِيةٌ أو مَعينُ مَعْنٍ ... ... مِنْ هَضْبةٍ دونَها لَهوبُ
9. أو فَلْجُ وادٍ بِبَطْنِ أرضٍ ... ... لِلماءِ مِنْ تَحْتِها قَسيبُ
10. أوْ جَدولٌ في ظِلالِ نَخْلٍ ... ... لِلماءِ مِنْ تَحتِها سَكوبُ
11. تَصْبو وأنَّى لكَ التَّصابي ؟ ... ... أنَّي وقَد راعَكَ المَشيبُ
12. فإنْ يَكُنْ حالَ أجْمَعِها ... ... فلا بَدِيٌّ ولا عَجيبُ
13. أوْ يكُ أقْفَرَ مِنها جَوُّها ... ... وعادَها المَحْلُ والجُدوبُ
14. فكُلُّ ذي نِعْمةٍ مَخلوسٌ ... ... ُلُّ ذي أمَلٍ مَكذوبُ
15. فكُلُّ ذي إبِلٍ مَوْروثٌ ... ... وكُلُّ ذي سَلْبٍ مَسْلوبُ
16. فكُلُّ ذي غَيْبةٍ يَؤوبُ ... ... وغائِبُ المَوْتِ لا يَغيبُ
17. أعاقِرٌ مِثْلُ ذاتِ رَحْمٍ ... ... أوْ غانِمٌ مِثْلُ مَنْ يَخيبُ(335/46)
18. مَنْ يَسْألِ النَّاسَ يَحْرِمُوهُ ... ... وسائِلُ اللهِ لا يَخيبُ
19. باللهِ يُدْرَكُ كُلُّ خَيْرٍ ... والقَوْلُ في بعضِهٍِ تَلغيبُ
20. واللهُ ليسَ لهُ شَريكٌ ... ... علاَّمُ ما أخْفَتِ القُلُوبُ
21. أفْلِحْ بِما شِئْتَ قدْ يَبلُغُ بالضَّعْـ ... ... ـفِ وقَدْ يُخْدَعُ الأرِيبُ
22. يَعِظُ النَّاسُ مَنْ لا يَعِظُ الدْ ... ... دَهْرُ ولا يَنْفَعُ التَّلْبِيبُ
23. إلاَّ سَجِيَّاتُ ما القُلُو ... بُ وكمْ يُصَيِّرْنَ شائنًا حَبِيبُ
24. ساعِدْ بِأرضٍ إنْ كُنتَ فيها ... ولا تَقُلْ إنَّني غَريبُ
25. قدْ يُوصَلُ النَّازِحُ النَّائي وقد ... يُقْطَعُ ذو السُّهْمَةِ القَريبُ
26. والمَرْءُ ما عاشَ في تَكْذيبٍ ... طُولُ الحَياةِ لهُ تَعْذيبُ
27. يا رُبَّ ماءٍ وَرَدتُّ آجِنٍ ... سَبيلُهُ خائفٌ جَدِيبُ
28. رِيشُ الحَمامِ على أرْجائِهِ ... لِلقَلبِ مِنْ خَوْفِهِ وَجِيبُ
29. قَطَعتهُ غُدْوة مُشِيحًا ... وصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ
30. غَيْرانةٌ مُوجَدٌ فَقارُها ... كأنَّ حارِكَها كَثِيبُ
31. أخَلَّفَ بازِلاً سَديسٌ ... لا خُفَّةٌ هِيَ ولا نَيُوبُ
32. كأنَّها مِنْ حَميرِ غاب ... جَوْنٌ بِصَفْحَتِهِ نُدوبُ
33. أوْ شَبَبٌ يَرْتَعي الرُّخامِي ... تَلُطُّهُ شَمْألٌ هَبُوبُ
34. فذاكَ عَصْرٌ وقدْ أراني ... تَحْمِلُني نَهْدَةٌ سَرْحوبُ
35. مُضَبَّرٌ خَلْقُها تَضْبيرًا ... يَنْشَقُّ عَنْ وَجْهِها السَّبيبُ
36. زَيْتِيَّةٌ نائمٌ عُروقُها ... ولَيِّنٌ أسْرُها رَطِيبُ
37. كأنَّها لِقْوَةٌ طَلُوبٌ ... تَيْبَسُ في وَكْرِها القُلُوبُ
38. بَانَتْ علَى إرْمٍ عَذوبًا ... كأنَّها شَيْخةٌ رَقُوبُ
39. فَأَصْبَحَتْ في غَداةِ قُرٍّ ... يَسْقُطُ عَنْ رِيشِها الضَّريبُ
40. فَأبْصَرَتْ ثَعْلَبًا سَريعًا ... ودونَهُ سَبْسَبٌ جَديبُ
41. فَنَفَّضَتْ رِيشَها ووَلَّتْ ... وَهْيَ مِنْ نَهْضَةٍ قَريبُ
42. فاشْتالَ وارْتاعَ مِنْ حَسِيسٍ ... وفِعْلهُ يَفعَلُ المَذْؤوبُ(335/47)
43. فَنَهَضَتْ نَحْوَهُ حَثِيثًا ... وحَرَّدتْ حَرْدَهُ تَسِيبُ
44. فَدَبَّ مِنْ خَلفِها دَبيبًا ... والعَيْنُ حِمْلاقُها مَقْلوبُ
45. فأدْرَكَتْهُ فَطَرَّحَتْهُ ... والصَّيْدُ مِنْ تَحْتِها مَكْروبُ
46. فَجَدَّلَتْهُ فَطَرَّحَتْهُ ... فكَدَّحَتْ وَجْهَهُ الجَبوبُ
47. فعاوَدَتْهُ فَرَفَّعَتْهُ ... فأرْسَلَتْهُ وهُوَ مَكْروبُ
48. يَضغُو ومِخْلَبُها في دَفِهِ ... لا بُدَّ حَيْزومُهُ مَنقُوبُ
**************
معلقة عمرو بن كلثوم
أَلا هُبِّي بصَحْنِكِ فَاصْبَحينا ... وَلا تُبْقِي خُمورَ الأَندَرِينا ... 1
مُشَعْشَعَةً كانَّ الحُصَّ فيها ... إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا ... 2
تَجُورُ بذي اللُّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ ... إِذا مَا ذاقَها حَتَّى يَلِينا ... 3
تَرَى الّلحِزَ الشّحيحَ إِذا أُمِرَّتْ ... عَلَيْهِ لمِالِهِ فيها مُهينا ... 4
صَبَنْتِ الْكَأْسَ عَنّا أُمَّ عَمْرٍو ... وكانَ الْكَأْسُ مَجْراها الْيَمِينا ... 5
وَمَا شَرُّ الثّلاثَةِ أُمَّ عَمْروٍ ... بِصاحِبِكِ الّذِي لا تصْبَحِينا ... 6
وَكَأسٍ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعْلَبَكِّ ... وَأُخْرَى في دِمَشْقَ وَقَاصِرِينا ... 7
وَإِنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنا الَمنَايَا ... مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدِّرِينا ... 8
قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينا ... نُخَبِّرْكِ الْيَقِينَ وَتُخْبِرِينا ... 9
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صِرْماً ... لِوَ شْكِ الْبَيْنِ أَمْ خُنْتِ اْلأَمِينَا ... 10
بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْباً وَطَعْناً ... أَقَرَّ بِهِ مَواليكِ الْعُيُونا ... 11
وَإِنَّ غَداً وإِنَّ الْيَوْمَ رَهْنٌ ... وَبَعْدَ غَدٍ بِما لا تَعْلَمِينا ... 12
تُرِيكَ إِذا دَخَلْتَ عَلى خَلاءٍ ... وَقَدْ أَمِنَتْ عُيُونَ الْكَاشِحِينَا ... 13
ذِرَاعَي عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بَكْرٍ ... هِجَانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِينَا ... 14
وَثَدْياً مِثْلَ حُقِّ الْعَاجِ رَخْصاً ... حَصَاناً مِنْ أَكُفِّ الّلامِسِينا ... 15(335/48)
وَمَتْنَيْ لَدْنَةٍ سَمَقَتْ وَطَالَتْ ... رَوَادِفُها تَنُوءُ بِما وَلِينا ... 16
وَمَأْكَمةً يَضِيقُ الْبَابُ عَنْها ... وَكَشْحاً قَدْ جُنِنْتُ بِهِ جُنُونا ... 17
وَسَارِيَتَيْ بِلَنْطٍ أَوْ رُخامٍ ... يَرِنُّ خَشَاشُ حَلْيِهِما رَنِينا ... 18
فَما وَجَدْتْ كَوَجْدِي أُمُّ َسْقبٍ ... أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعَتِ الَحنِينا ... 19
وَلا شَمْطَاءُ لَمْ يَتْرُكْ شَقاها ... لَها مِنْ تِسْعَةٍ إِلا جَنِينا ... 20
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّا ... رَأَيْتُ حُمُولَهَا أُصُلاً حُدِينا ... 21
فَأَعْرَضَتِ الْيَمامَةُ وَأشْمَخَرَّتْ ... كأَسْيَافٍ بِأَيْدِي مُصْلَتِينَا ... 22
أَبَا هِنْدٍ فَلا تَعْجَلْ عَلَيْنا ... وَأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ الْيَقِينا ... 23
بأَنَّا نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضاً ... وَنُصْدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رَوِينا ... 24
وَأَيَّامِ لَنَا عزِّ طِوَالٍ ... عَصَيْنا الَملْكَ فيهَا أَنْ نَدِينا ... 25
وَسَيِّدِ مَعْشَر قَدْ تَوَّجُوهُ ... بِتَاجِ الُملْكِ يَحْمِي الُمْحَجرِينا ... 26
تَرَكْنا الَخيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْهِ ... مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَها صُفُونا ... 27
وَأَنْزَلْنا الْبُيُوتَ بِذِي طُلُوحٍ ... إِلَى الشَّامَاتِ تَنْفِي الُموِعدِينا ... 28
وَقَدْ هَرَّتْ كلابُ الَحيِّ مِنَّا ... وَشَذَّ ْبنا قَتادَةَ مَنَ يَلِينا ... 29
مَتَى نَنْقُلْ إِلى قَوْمٍ رَحَانا ... يَكُونُوا فِي الِّلقَاءِ لَها طَحِينا ... 30
يَكُونُ ثِفَاُلهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ ... وَلَهْوَتُها قُضاعَةَ أَجْمَعينا ... 31
نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا ... فَأعْجَلْنا الْقِرَى أَنْ تَشْتِمُونا ... 32
قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنا قِرَاكُمْ ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُونا ... 33
نَعُمُّ أُنَاسَنا وَنَعِفُّ عَنْهُمْ ... وَنَحْمِلُ عَنْهُمُ مَا حَمَّلُونا ... 34
نُطَاعِنُ مَا تَراخَى النّاسُ عَنَّا ... وَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ إِذَا غُشِينا ... 35
بِسُمْرٍ مِنْ قَنا الَخطِّيِّ لُدْنٍ ... ذَوَابِلَ أَوْ بِبِيضٍ يَخْتَلِينا ... 36(335/49)
كأَنَّ جَمَاجِمَ الأَبطَالِ فِيها ... وَسُوقٌ بِالأَمَاعِزِ يَرْتَمِينا ... 37
نَشُقُّ بِهَا رُؤُوسَ الْقَوْمِ شَقا ... وَنَخْتَلِبُ الرِّقَابَ فَتَخْتَلينا ... 38
وَإِنُّ الضِّعْنَ بَعْدَ الْضِّعْنِ يَبْدُو ... عَلَيْكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِينا ... 39
وَرِثْنا الَمجْدَ قَدْ عَلَمِتْ مَعَدٌّ ... نُطَاعِنُ دُونَهُ حَتَّى يَبِينا ... 40
وَنَحْنُ إِذا عِمادُ الْحَيِّ خَرَّتْ ... عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلينا ... 41
نَجُدُّ رُؤُوسَهُمْ فِي غَيْرِ بِرٍّ ... فَما يَدْرُونَ مَاذا يَتَّقُونا ... 42
كأَنَّ سُيُوفَنا مِنّا وَمِنْهُم ... مَخَارِيقٌ بِأَيْدِي لاعِبِينا ... 43
كانَّ ثِيابَنا مِنّا وَمِنْهُمُ ... خُضِبْنَ بِأُرْجُوانٍ أَوْ طُلِينا ... 44
إِذا ما عَيَّ بالإِسْنافِ حَيٌّ ... مِنَ الَهوْلِ الُمَشَّبهِ أَنْ يَكُونا ... 45
نَصَبْنا مِثْلَ رَهْوَةَ ذَاتَ حَدِّ ... مُحَافَظَةً وكُنّا الْسّابِقِينا ... 46
بِشُبَّانٍ يَرَوْنَ الْقَتْلَ مَجْداً ... وَشِيبٍ في الُحرُوبِ مُجَرَّبِينا ... 47
حُدَيَّا النّاسِ كُلّهِمُ جَمِيعاً ... مُقَارَعَةً بَنيهِمْ عَنْ بَنِينا ... 48
فَأَمَّا يَوْمَ خَشْيَتِنا عَلَيْهِمْ ... فَتُصْبِحُ خَيْلُنا عُصَباً نُبِينا ... 49
وَأَمَّا يَوْمَ لا نَخْشَى عَلَيْهِمْ ... فَنُمْعِنُ غَارَةً مُتَلَبِّبِينا ... 50
بِرَأْسٍ مِنْ بَني جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ ... نَدُقُّ بِهِ السُّهُولَةَ وَالُحزُونَا ... 51
أَلا لا يَعْلَمُ الأَقْوامُ أَنَّا ... تَضَعْضعْنا وَأَنَّا قَدُ وَنِينا ... 52
أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فَنَجْهَلُ فَوْقَ جَهْلِ الَجاهِلِينا ... 53
بأيِّ مَشِيئَة عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ ... نَكُونُ لِقِيلِكُمْ فيها قَطينا ... 54
بأَيِّ مَشِيئَة عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ ... تُطيع بِنا الْوُشَاةَ وَتَزْدَرِينا ... 55
تَهَدَّدْنا وَأَوْعِدْنَا رُوَيْداً ... مَتى كُنّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا ... 56
فَإِنَّ قَنَاتَنا يا عَمْرُو أَعْيَتْ ... عَلى الأَعْدَاءِ قَبْلَكَ أَنْ تَلِينا ... 57(335/50)
إِذا عَضَّ الثِّقافُ بها اشْمأَزَّتْ ... وَوَلَّتْهُ عَشَوْزَنَةً زَبُونا ... 58
عَشَوْزَنَةً إِذا انْقَلَبَتْ أَرَنَّتْ ... تَشُجُّ قَفَا الُمثَقِّفِ وَالَجبِينا ... 59
فَهَلْ حُدِّثْتَ في جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ ... بِنَقْصٍ في خُطُوبِ الأَوَّلِينا ... 60
وَرِثْنا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بنِ سَيْفٍ ... أَباحَ لَنَا حُصُونَ الَمجْدِ دِينا ... 61
وَرِثْتُ مُهَلْهِلاً وَالْخَيرَ مِنْهُ ... زُهَيْراً نِعْمَ ذُخْرِ الذّاخِرينا ... 62
وَعَتَّاباً وَكُلْثُوماً جَمِيعاً ... بِهِمْ نِلْنا تُراثَ الأكْرَمِينا ... 63
وَذا الْبُرَةِ الَّذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ ... بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي الُمحْجَرينا ... 64
وَمِنَّا قَبْلَةُ الْسّاعِي كُلَيْبٌ ... فأيُّ الَمجْدِ إِلا قَدْ وَلِينا ... 65
مَتَى نَعْقِدْ قَرِينَتَنا بِحَبْلٍ ... تَجُذَّ الْحَبْلَ أَوْ تَقِصِ الْقَرِينا ... 66
وَنُوَجدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَاراً ... وَأَوْفاهُمْ إِذا عَقَدُوا يَمينا ... 67
وَنَحْنُ غَداةَ أُوِقدَ في خَزَازَى ... رَفَدْنَا فَوْقَ رِفْدِ الرافِدِينا ... 68
وَنَحْنُ الَحابِسُونَ بِذِي أَرَاطَى ... تَسَفُّ الجِلّةُ الْخُورُ الدَّرِينا ... 69
وَنَحْنُ الْحَاِكُمونَ إِذا أُطِعْنا ... وَنَحْنُ الْعَازِمُونَ إِذا عُصِينا ... 70
وَنحْنُ التَّارِكُونَ لِما سَخِطْنا ... وَنَحْنُ الآخِذُونَ لِما رَضِينا ... 71
وَكُنَّا الأَيْمَنِينَ إِذا الْتَقَيْنا ... وَكاَنَ الأَيْسَرِينَ بَنُو أَبِينا ... 72
فَصَالُوا صَوْلَةً فِيمَنْ يَلِيهِمْ ... وَصُلْنا صَوْلَةً فيمَنْ يَلِينا ... 73
فآبُوا بالنِّهابِ وبالسَّبايا ... وَإِبْنا بالُمُلوكِ مُصَفَّدِينا ... 74
إِلَيْكُمْ يا بَني بَكْرٍ إِلَيْكُم ... أَلَمَّا تَعْرِفُوا مِنَّا الْيَقِينا ... 75
أَلَمَّا تَعْلَمُوا مِنّا وَمِنْكم ... كَتَائِبَ يَطَّعِنَّ وَيَرْتَمِينا ... 76
عَلَيْنا الْبَيْضُ وَالْيَلَبُ الْيَماني ... وَأَسْيَافٌ يَقُمْنَ وَيَنْحَنِينا ... 77
عَلَيْنا كُلُّ سَابِغَةٍ دِلاصٍ ... تَرَى فَوْقَ النِّطاقِ لها غُضونا ... 78(335/51)
إِذا وُضِعَتْ عَنِ الأَبْطالِ يَوْماً ... رَأَيْتَ لَها جُلودَ الْقَوْمِ جُونا ... 79
كأَنَّ عُضُونَهُنَّ مُتُونُ غَدْر ... تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ إِذا جَرَيْنا ... 80
وَتََحْمِلُنا غَداةَ الرَّوْعِ جُرْدٌ ... عُرِفْنَ لَنا نَقَائِذَ وَافْتُلِينا ... 81
وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثاً ... كامثال الرِّصائِعِ قَدْ بَلِينا ... 82
وَرِثْناهُنَّ عَنْ آبَاءِ صِدْقٍ ... وَنُورِثُها إِذا مُتْنا بَنِيْنا ... 83
عَلى آثَارِنَا بِيضٌ حِسانٌ ... نُحَاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهونا ... 84
أَخذْن عَلى بُعُولَتِهِنَّ عَهْداً ... إِذَا لاقُوْا كَتَائِبَ مُعْلِمِينَا ... 85
لَيَسْتَلِبُنَّ أَفْرَاساً وَبِيضاً ... وَأَسْرَى فِي الْحَدِيدِ مُقَرَّنِيناً ... 86
تَرَانَا بَارِزِينَ وَكُلُّ حَيِّ ... قَدِ اتَّخَذُوا مَخَافَتَنا قَرِينا ... 87
إِذا مارُحْنَ يَمْشِينَ الُهوَيْنَى ... كَما اضْطَرَبَتْ مُتُونُ الشَّارِبِينا ... 88
يَقُتْنَ جِيادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُمْ ... بُعُولَتَنَا إِذَا لَمْ تَمْنَعونا ... 89
ظَعائِنَ مِنْ بَني جشَمِ بِنِ بَكْرٍ ... خَلَطْنَ بِميسَمٍ حَسَباً وَدِينا ... 90
وَمَا مَنَعَ الْظَّعائِنَ مِثْلُ ضَرْبٍ ... تَرَى مِنْهُ الْسَّواعِدَ كالقُلِينا ... 91
كأَنَّا وَالْسُّيُوفُ مُسَلَّلاتٌ ... وَلَدْنا الْنَّاسَ طُرَّا أَجْمَعِينا ... 92
يُدَهْدُونَ الرُّؤُوسَ كما تُدَهْدِي ... حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الْكُرِينا ... 93
وَقَدْ عَلِمَ الْقَبَائِلُ مِنْ مَعَدِّ ... إِذَا قُبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينا ... 94
بِأَنّا الُمطْعِمُونَ إِذَا قَدَرْنَا ... وَأَنَّا الُمهْلِكُونَ إِذَا ابْتُلِينا ... 95
وَأَنَّا الَمانِعُونَ لِما أَرَدْنا ... وَأَنَّا الْنَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينا ... 96
وَأَنّا التَّارِكُونَ إِذَا سَخِطْنَا ... وَأَنّا الآخِذُونَ إِذَا رَضِينا ... 97
وَأَنّا الْعَاصِمُونَ إِذَا أُطِعْنْا ... وَأَنّا الْعازِمُونَ إِذَا عُصِينا ... 98
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا الَماءَ صَفْواً ... وَيَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِينا ... 99(335/52)
أَلا أَبْلِغْ بَني الْطَّمَّاحِ عَنَّا ... وَدُعْمِيًّا فَكَيْفَ وَجَدْتُمونا ... 100
إِذَا مَا الَملْكُ سَامَ الْنَّاسَ خَسْفاً ... أَبَيْنا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينا ... 101
مَلاَنا الْبَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا ... وَمَاءَ الْبَحْرِ نَمَلؤُهُ سَفِينا ... 102
إِذا بَلَغَ الْفِطَامَ لَنا صَبِيٌّ ... تَخِرُّ لَهُ الْجَبابِرُ ساجِدِينا ... 103
معلقة عنترة بن شدّاد
هَلْ غَادَرَ الْشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ ... أمْ هَل عَرَفْتَ الْدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ ... 1
يَا دارَ عَبْلَةَ بِالَجِوَاءِ تَكَلَّمِي ... وَعِمِي صَبَاحاً دارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِي ... 2
فَوَقَفْتُ فِيها نَاقَتي وَكَأَنَّهَا ... فَدَنٌ لاَ قْضِي حَاجَةَ الُمَتَلِّومِ ... 3
وَتَحُلُّ عَبْلَةُ بِالَجوَاءِ وَأَهْلُنَا ... باْلَحزْنِ فَالصَّمَّانِ فَاُلمتَثَلَّمِ ... 4
حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ ... أَقْوَى وَأَقْفَرَ بَعْد أُمِّ الَهيَثْمِ ... 5
حَلَّتْ بِأَرْضِ الزَّائِرِينَ فَأَصْبَحَتْ ... عَسِراً عَلَيَّ طِلاُبكِ ابْنَةَ مَخْرَمِ ... 6
عُلِّقْتُها عَرضَاً وَأَقْتُلُ قَوْمَها ... زَعْماً لَعَمْرُ أَبيكَ لَيْسَ بِمَزْعَمِ ... 7
وَلَقَدْ نَزَلْتِ فلا تَظُنِّي غَيْرَهُ ... مِنِّي بِمَنْزِلَةِ الُمحَبِّ الُمكْرَمِ ... 8
كَيْفَ الَمزَارُ وَقَدْ تَرَبَّعَ أَهْلُها ... بعُنَيْزَتَيْنِ وَأَهْلُنا بِالغَيْلَمِ ... 9
إِنْ كُنْتِ أَزْمَعْتِ الْفِراقَ فإِنَّما ... زَّمتْ رِكابُكُم بلَيْلٍ مُظْلمِ ... 10
مَا راعَنيْ إِلا حَمُولَةُ أَهْلِها ... وَسْطَ الدِّيَارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم ... 11
فيها أثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً ... سُوداً كخَافِيَةِ الْغُرابِ الأَسْحَمِ ... 12
إِذَ تَسْتَبِيكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ ... عَذْبٌ مُقَبَّلُهُ لَذِيذِ الَمطْعَمِ ... 13
وكَأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ ... سَبَقَتْ عَوَارِضَهَا إِلَيْكَ من الْفَمِ ... 14
أَوْ رَوْضَةً أْنُفاً تَضمَّنَ نَبْتَهَا ... غَيْثٌ قَلِيلُ الدِّمْنِ لَيْسَ بِمَعْلَمِ ... 15(335/53)
جادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ بِكْرِ حُرَّةٍ ... فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ ... 16
سَحًّا وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّةٍ ... يَجْرِي عَلَيْهَا الَماءُ لَمْ يَتَصَرَّمِ ... 17
وَخَلا الذبابُ بها فَلَيْسَ بِبارِحٍ ... غَرِداً كفِعْلِ الْشَّارِبِ الُمتَرَنِّمِ ... 18
هَزِجاً يَحُكُّ ذِرَاعَهُ بِذِرَاعِهِ ... قَدْحَ الُمكِبِّ على الزِّنَادِ الأَجْذَمِ ... 19
تُمسِي وَتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشِيَّةٍ ... وَأَبِيتُ فَوْقَ سَراةِ أَدْهَمَ مُلْجَمِ ... 20
وَحَشِيَّي سَرْجٌ على عَبْلِ الْشَّوَى ... نَهْدٍ مَراِكلُهُ نَبِيلِ الَمحْزِمِ ... 21
هَلْ تُبْلِغَنِّي دَارَهَا شَدَنِيَّةٌ ... لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرَابِ مُصَرَّمِ ... 22
خَطَّارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَةٌ ... تَطِسُ الإِكامَ بوَخْدِ خُفِّ ميثمِ ... 23
وكَأَنَّما تَطِسُ الإِكامَ عَشيَّةً ... بقَرِيبِ بَيْنَ الَمنْسِمَيْنِ مُصَلَّمِ ... 24
تَأْوِي لَهُ قُلْصُ الْنّعامِ كما أَوَتْ ... حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ ... 25
يَتْبَعْنَ فُلَّةَ رَأْسِهِ وكَأنَّةُ ... حِدْجٌ على نَعْشٍ لُهنَّ مُخَيَّمِ ... 26
صَعْلٍ يَعُودُ بذي الْعُشَيْرَةِ بَيْضَهُ ... كالعبْدِ ذي اّلفَرْوِ الْطويل الأصْلَمِ ... 27
شَرِبتْ بماءِ الدُّحْرُ ضَيْنِ فأَصْبَحتْ ... زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ ... 28
وكَأَنَّما تَنْأَى بجانِبِ دَفَّهَا الْـ ... وَحْشِيِّ منْ هَزِجِ الْعشِيِّ مُؤَوَّمِ ... 29
هِرِّ جَنِيبٍ كُلمّا عَطَفَتْ لَهُ ... غَضْبَى اتَّقَاهَا باليَدَيْنِ وَبالفَمِ ... 30
بَرَكَتْ على جَنْبِ الرّداع كأنَّما ... بَرَكتْ على قَصَبٍ أجَشَّ مُهَضَّمِ ... 31
وكأنَّ رُبَّاً أَو كُحَيْلاً مُعْقَداً ... حَشَّ الْوَقُودُ بهِ جَواِنبَ قُمقُمِ ... 32
يَنْبَاع مِنْ ذِفْرَى غضوبٍ جَسْرَةٍ ... زَيَّافَةٍ مِثْلَ الْفَنِيقِ الُمكْدَمِ ... 33
إِنْ تُغْدِفي دُوني الْقِناعَ فإِنَّنِي ... طَب بأخْذِ الْفَارِسِ الُمستَلْئِمِ ... 34(335/54)
أَثْنِي عَلَيَّ بما عَلِمْتِ فَإِنَّني ... سَمْحٌ مُخَالَقَتي إِذا لَمْ أُظْلَمِ ... 35
وَإِذَا ظُلِمْتُ فَإِنَّ ظُلْمِي بَاسِلٌ ... مُرٌّ مَذَاقَتُهُ كَطَعْمِ الْعَلْقَمِ ... 36
ولَقَدْ شَرِبْتُ مِنَ الُمدَامةِ بِعدمَا ... رَكَدَ الَهواجِرُ بالَمشُوفِ الُمْعَلمِ ... 37
بِزُجَاجَةٍ صَفْرَاءَ ذَاتِ أَسِرَّةٍ ... قُرِنَت بأَزْهَرَ في الشَّمالِ مُفَدَّمِ ... 38
فَإِذا شَرِبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِكٌ ... مَالي وعِرْضِي وافِرٌ لَمْ يُكْلَمِ ... 39
وإِذا صَحوْتُ فَما أَقَصِّر عن نَدًى ... وكما عَلِمْتِ شَمَائِلي وتَكَرُّمي ... 40
وحَلِيلِ غَانِيَةٍ تَركْتُ مُجَدَّلاً ... تَمكُو فَرِيصَتُهُ كَشِدْقِ الأَعْلَمِ ... 41
سَبَقَتْ يَدَايَ لَهُ بِعاجِلِ طَعنَةٍ ... وَرَشَاشِ نَافِذَةٍ كَلَوْنِ الْعَنْدَمِ ... 42
هَلاَ سأَلْتِ الَخيْلَ يا ابْنَةَ مَالِكٍ ... إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِما لَمْ تَعْلَمِي ... 43
إِذْ لا أَزَالُ على رِحَالَةِ سَابحٍ ... نَهْدٍ تَعاوَرُةُ الْكمُاةُ مُكَلَّمِ ... 44
طَوْراً يُجَرِّدُ للطِّعانِ وَتَارَةً ... يأوِي إِلى حَصْدِ الْقِسيّ عَرَمرَمِ ... 45
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهَدَا لْوقِيعَةَ أَنّني ... أَغْشَى الْوَغَى وَأَعِفُّ عِنْدَ الَمغْنَمِ ... 46
وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الْكُماةُ يِزَالَهُ ... لا مُمْعِنٍ هَرَبَاً وَلا مُسْتَسْلِمِ ... 47
جَادَتْ لَهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنَةٍ ... بُمثَقفٍ صَدْقِ الْكُعوبِ مُقَوَّمِ ... 48
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثيابَهُ ... لَيْسَ الْكَرِيمُ على القَنَا بُمحَرَّمِ ... 49
فَتَرَكتُهُ جَزَرَ الْسٍّبَاعِ يَنُشْنَهُ ... بَقْضُمْنَ حُسْنَ بنانِهِ وَالِمعْصَمِ ... 50
وَمِشَكِّ سابِغَةٍ هَتَكْتُ فُروجَهَا ... بالسَّيْفِ عن حامي الَحقيقَةِ مُعْلِم ... 51
رَبِذٍ يَداهُ بالقِدَاحِ إِذا شَتَا ... هَتَّاكِ غَايَاتِ التِّجَارِ مُلَوَّمِ ... 52
لَمَّا رَآني قَدْ نَزَلْتٌ أُرِيدُهُ ... أَبْدَي نَوَاِجذَهُ لِغَيْرِ تَبَسُّمِ ... 53(335/55)
عَهْدِي بِهِ مَدَّ النّهَارِ كأنَّما ... خُضِبَ الْبَنَانُ وَرَأْسُهُ بالعِظْلِمِ ... 54
فَطَعَنْتُهُ بالرُّمْحِ ثُمَّ عَلَوْتُهُ ... بِمُهَنَّدٍ صَافي الحَدِيدَةِ مْحِذَمِ ... 55
بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيابَهُ في سَرْحَةٍ ... يُحذَى نِعَالَ السَّبْتِ ليْسَ بتَوْأَمِ ... 56
يا شاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلّتْ لَهُ ... حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْرُمِ ... 57
فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فقُلْتُ لها اذْهَبي ... فَتَجَسَّسي أَخْبَارَهَا ليَ وَاعْلَمِي ... 58
قاَلتْ رَأَيْتُ مِنَ الأَعادِي غِرَّةً ... وَالشَّاةُ مُمْكِنَ~ لِمنْ هُوَ مُرْتَمِ ... 59
وكأَنّما الْتَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايَةٍ ... رَشَا منَ الْغِزْلانِ حُرٍّ أَرْثَمِ ... 60
نُبِّئْتُ عمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتي ... وَالْكُفْرُ مَخَبَثَةٌ لِنَفْسِ الُمْنعِمِ ... 61
وَلَقَدْ حَفِظتُ وَصَاةَ عِّميَ بالضُّحى ... إِذ تقلِصُ الشفَتَانِ عن وَضَحِ الْفَمِ ... 62
في حَوْمَةِ اَلجرْبِ الّتي لا تشْتَكي ... غَمراتِهَا الأبْطالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ ... 63
إِذْ يَتَّفُونَ بَي الأَسِنَّةَ لم أخِمْ ... عنها وَلكِنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمي ... 64
لمّا رَأَيْتُ الْقوْمَ أَقْبَلَ جَمْعُهمْ ... يَتَذامَرُونَ كَرَرْتُ غيرَ مُذَّممِ ... 65
يَدُعونَ عَنْتَرَ وَالرِّماحُ كأنّها ... أَشْطانُ بئْرٍ في لَبَانٍ الادْهَمِ ... 66
ما زِلْتُ أَرْمِيهمْ بثُغْرَةِ نَحْرِهِ ... وَلَبَانِهِ حتى تَسَرْ َبَل بالدَّمِ ... 67
فازْوَرَّ مِنْ وَقْع الْقنَا بلَبَانِهِ ... وشَكا إِلَيَّ بِعَبْرَةٍ وَتَحَمْحُمِ ... 68
لَوْ كانَ يَدْرِي مَا اُلمحاوَرَةُ أشْتَكَى ... وَلَكَانَ لَوْ عَلِمَ الْكَلامَ مُكَلِّمِي ... 69
ولَقَدْ شَفَى نَفْسي وَأَذْهَبَ سُقْمَهَا ... قِيلُ الْفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقْدِمِ ... 70
وَالَخيْلُ تَقْتَحِمُ الَخبَارَ عَوَابِساً ... من بينِ شَيْظَمَةٍ وَآخرَ شَيْظَمِ ... 71
ذُلُلٌ رِكابي حَيْثُ شِئْتُ مُشايعِي ... لُبِّي وَأَحْفِزُهُ بأَمْرٍ مُبْرَمِ ... 72(335/56)
وَلَقَدْ خَشِيتُ بأَنْ أَمُوتَ وَلمْ تَدُرْ ... لِلْحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ ... 73
الشَّاتِميْ عِرضِي وَلَمْ أَشْتِمْهُما ... وَالْنَّاذِرَيْنِ إِذا لَمَ الْقَهُما دَمي ... 74
إِنْ يَفْعَلا فَلَقَدْ تَرَكْتُ أَبَاهُمَا ... جَزَرَ السِّبَاعِ وَكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ ... 75
******************
معلقة لبيد بن ربيعة
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلّهَا فَمُقَامُهَا ... بِمِنىً تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فرِجَامُهَا ... 1
فَمَدافِعُ الرّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَا ... خَلَقاً كما ضَمِنَ الوِحيُ سِلامُهَا ... 2
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِها ... حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُها وَحَرامُها ... 3
رُزِقَتْ مَرابِيعَ الْنُّجومِ وَصَابَها ... وَدْقُ الرَّوعِدِ جَوْدُهَا فَرِ هَامُها ... 4
مِنْ كُلِّ سارِيَةٍ وغَادٍ مُدْجِنٍ ... وَعَشِيَّةٍ مُتَجَاوِب إِرزَامُهَا ... 5
فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهَقانِ وَأَطْفَلَتْ ... بالَجلْهَتَيْنِ ظِباؤُها وَنَعامُها ... 6
وَالْعَيْنُ ساكِنَةٌ على أَطْلائِها ... عُوَذاً تَأجَّلُ بالفَضاءِ بِها مُها ... 7
وَجَلا السّيُولُ عَنِ الْطّلولِ كأنّها ... زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَها أَقْلامُها ... 8
أَوْ رَجْعُ وَاشِمَة أُسِفَّ نَوُورهُا ... كِفَفاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وَشامُها ... 9
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُها، وَكيفَ سُؤالُنا ... صُمّاً خَوَالِدَ ما يَبِينُ كلامُها ... 10
عَرِيَتْ وكانَ بها الَجمِيعُ فَأبْكَرُوا ... مِنْها وَغُودِرَ نُؤْيُها وَثُمامُها ... 11
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ حينَ تَحَمَّلوا ... فتَكَنَّسوا قُطُناً تَصِرُّ خِيَامُها ... 12
مِنْ كلُّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّةُ ... زَوْجٌ عَلَيْه كِلةٌ وَقِرَامُها ... 13
زُجُلاً كأَنَّ نِعَاجَ تُوضِحَ فَوْقَها ... وَظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفاً أَرْآمُها ... 14
حُفِزَتْ وَزَايَلَها السَّرَابُ كأْنها ... أَجْرَاعُ بِيشَةَ أَثْلُها وَرِضَامُها ... 15
بَلْ مَا تَذَكّرُ منْ نَوَارَ وَقَدْ نَأَتْ ... وَتَقَصَّعَتْ أَسْبَابُها وَرِمَامُها ... 16(335/57)
مُرِّيَّةٌ حَلّتْ بِفَيْدَ وَجَاوَرَتْ ... أَهْلَ الْحِجَارِ فأْيْنَ مِنْكَ مَرَامُها ... 17
بِمشَارِق الْجَبَلَيْنِ أَوْ بِمُحَجَّر ... فَتَضَمَّنَتْها فَرْدَةٌ فَرُخَامُهَا ... 18
فَصُوَائِقٌ إِنْ أَيْمَنَت فِمظَنَّةٌ ... فبها وَحَافُ الْقَهْرِ أَوْ طِلْخَامُها ... 19
فَاقْطَعْ لُبَانَةَ مَنَ تَعَرَّضَ وَصْلُةُ ... وَلشَرُّ واصِلِ خُلَّةٍ صَرَّامُهَا ... 20
وَأحْبُ الُمجَامِلَ باَلجزيلِ وَصَرْمُهُ ... باقٍ إِذَا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوامُهَا ... 21
بِطَلِيحِ أَسْفَارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّةً ... مِنْها فَأَحْنَقَ صُلْبُهَا وَسَنامُهَا ... 22
وَإِذَا تَغَالَى لَحْمُهَا وَتَحَسَّرَتْ ... وَتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلالِ خِدَامُهَا ... 23
فَلَهَا هِبَابٌ في الزِّمَامِ كأَنَّها ... صَهْبَاءُ خَفَّ مَعَ الْجَنُوبِ جِهَامُهَا ... 24
أَوْ مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأَحْقَبَ لاَحهُ ... طَرْدُ الْفُحُولِ وَضَرْبُهَا وَكِدامُهَا ... 25
يَعْلُو بِهَا حَدَبَ الإِكَامِ مُسَتْحَجٌ ... قَدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحامُهَا ... 26
بِأَجِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَا ... قَفْرَ الَمراقِبِ خَوْفُهَا آرَامُهَا ... 27
حَتَّى إِذَا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّةً ... جَزَآ فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَا ... 28
رَجَعَا بِأَمْرِهِمَا إِلَى ذِي مِرَّةٍ ... حَصِدٍ وَنُجْعُ صَرِيَمةٍ إِبْرَامُهَا ... 29
وَرَمَى دَوابِرَهَا السَّفَا وَتَهَيَّجَتْ ... رِيحُ الَمصَايِفِ سَوْمُهَا وَسِهامُهَا ... 30
فَتَنَازَعَا سَبِطاً يَطِيرُ ظِلالُهُ ... كَدُخَانِ مُشْعَلةً يُشَبُّ ضِرامُهَا ... 31
مَشْمُولَةٍ غُلِئَتْ بِنَابِتِ عَرْفَجِ ... كَدُخَانِ نارٍ ساطِعٍ أَسْنَامُهَا ... 32
فَمضَى وَقَدَّمَهَا وكانَتْ عادَةً ... مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُهَا ... 33
فَتَوَ سَّطا عُرْضَ الْسّرِيِّ وَصَدَّعَا ... مَسْجُورَةً مُتَجَاوِراً قُلاُمها ... 34
مَحْفُوفَةً وَسْطَ الْيَرَاعِ يُظِلّهَا ... مِنْهُ مُصَرَّعُ غابَةٍ وَقِيَامُها ... 35(335/58)
أَفَتِلْكَ أَمْ وَحشِيَّةٌ مَسْبَوعَةٌ ... خَذَلَتْ وَهَادِيَةُ الصِّوَارِ قِوامُهَا ... 36
خَنْسَاءُ ضَيَّعَتِ الْفَرِيرَ فَلَمْ يَرِمْ ... عُرْضَ الْشَّقَائِقِ طَوْفُهَا وَبُغَامُهَا ... 37
لِمعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعُ شِلْوَهُ ... غُبْسٌ كَواِسبُ لا يُمَنَّ طَعامُها ... 38
صَادَفْنَ منهَا غِرَّةً فَأَصَبْنَهَا ... إِنَّ الَمنايَا لا تَطِيشُ سِهَامُها ... 39
بَاَتتْ وَأَسْبَلَ وَاكِفٌ من دِيَمةٍ ... يُرْوِي الْخَمائِلَ دائِماً تَسْجَامُها ... 40
يَعْلُو طَرِيقَةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِرٌ ... فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُها ... 41
تَجَتَافُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً ... بعُجُوبِ أَنْقَاءِ يَميلُ هُيامُها ... 42
وَتُضِيءُ في وَجْهِ الظَّلامِ مُنِيرَةً ... كَجُمَانَةِ الْبَحْرِيِّ سُلَّ نِظامها ... 43
حَتَّى إِذَا انْحَسَرَ الْظلامُ وَأَسْفَرَتْ ... بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَى أَزْلاُمها ... 44
عَلِهَتْ تَرَدَّدُ في نِهاءِ صُعَائِدٍ ... سَبْعاً تُؤاماً كاملاً أَيَّامُها ... 45
حتى إِذا يَئِسَتْ وأَسْحَقَ خَالِقٌ ... لم يُبْلِهِ إِرْضَاعُها وَفِطامُها ... 46
فَتَوَّجستْ رِزَّ الأَنِيسِ فَراعَها ... عنْ ظَهْرِ غَيْبٍ وَالأَنِيسُ سقامُها ... 47
فَغَدَتْ كِلا الْفَرْجَيْنِ تَحْسبُ أَنَّهُ ... مُوْلُى الَمخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُها ... 48
حتى إِذا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسَلُوا ... غُضْفاً دَوَاجِنَ قافِلاً أَعْصامُها ... 49
فَلَحِقْنَ وَاعْتَكَرَتْ لها مَدْرِيَّةٌ ... كالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّهَا وَتَمامُها ... 50
لِتَذُودَهُنَّ وَأَيْقَنَتْ إِنْ لم تُذُدْ ... أَنْ قَدْ أَحَمَّ مِنَ الحُتُوفِ حِمامُها ... 51
فَتَقصَّدَتْ مِنْهَا كَسَابِ فَضُرِّجَتْ ... بِدَمٍ وَغُودِرَ في الَمكَرِّ سُخَامُها ... 52
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوَامعُ بالضُّحى ... وَاجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرابِ إِكامُهَا ... 53
أَقْضِي اللُّبَانَةَ لا أُفَرِّطُ رِيبَةً ... أَوْ أَنْ يَلُومَ بحاجَةٍ لَوَّامُها ... 54(335/59)
أَوَ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارُ بأنَّني ... وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُها ... 55
تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذا لمْ أَرْضَها ... أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حمَامُها ... 56
بلْ أَنْتِ لا تَدْرِينُ كَمْ مِن لَيْلَةٍ ... طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامُهَا ... 57
قَدْ بِتُّ سامِرَها وَغَايَةَ تاجرٍ ... وَافَيْتُ إِذْ رُفِعَتْ وعَزَّ مُدَامُها ... 58
أُغْلي السِّباءَ بكُلِّ أَدْكَنَ عاتِقٍ ... أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وَفُضَّ خِتامُها ... 59
بِصَبُوحِ صَافِيَةٍ وَجَذْبٍ كَرِينَةٍ ... بِمُوَترٍ تَأْتَاُلهُ إِبْهَامُها ... 60
باكَرْتُ حاجَتَها الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ ... لاِ عَلِّ مِنهَا حينَ هَب نِيامُها ... 61
وَغَدَاةَ رِيحٍ قَدْ وَزَعْتُ وقِرَّةٍ ... قد أَصْبَحَتْ بيَدِ الشَّمالِ زِمامُها ... 62
وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحَيَّ تحْمِلُ شِكَّتي ... فُرْطٌ وِشاِحي إِذْ غَدَوْتُ لِجامُها ... 63
فَعَلَوْتُ مُرْتَقَباً على ذِي هَبْوَةٍ ... حَرْجٍ إِلَى أَعْلاَمِهِنَّ قَتامُها ... 64
حتّى إِذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ ... وَأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغورِ ظَلامُها ... 65
أَسْهَلْتُ وَانْتَصَبَت كَجِذْعِ مُنِيفَةٍ ... جَرْداءَ يَحْصَرُ دُونَها جُرَّامُها ... 66
رَفّعْتُها طَرْدَ النّعامِ وَشَلهُ ... حتّى إِذا سَخِنَتْ وَخَفّ عِظامُها ... 67
قَلِقَتْ رِحَالَتُها وَأَسْبَلَ نَحْرُها ... وَابْتَلَّ مِن زَبَدِ الحَمِيمِ حزَامُها ... 68
تَرْقَى وَتَطْعَنُ في الْعِنانِ وَتَنْتَحِي ... ورْدَ الْحَمامَةِ إِذْ أَجَدَّ حمامُها ... 69
وَكَثِيرَةٍ غُربَاؤُها مَجْوُلَةٍ ... تُرْجَى نَوَافِلُها ويُخْشى ذَامُها ... 70
غُلْبٍ تَشَذَّرُ بالدُخولِ كأنّها ... جِنُّ الْبَدِيِّ رَوِاسياً أَقْدَامُها ... 71
أَنْكَرْتُ باطِلَها وُبؤْتُ بِحَقِّها ... عِندِي ولم يَفْخَرْ عَلَيَّ كِرامُها ... 72
وَجزُورِ أَيْسارٍ دَعَوْتُ لِحَتْفِها ... بِمَغَالِقٍ مُتَشابِهٍ أَجْسامُها ... 73
أَدْعُو بِهِنَّ لِعَاقِرٍ أَوْ مُطْفِلٍ ... بُذِلَت لجيرانِ الَجميعِ لحِامُها ... 74(335/60)
فَالضَّيْفَ وَالجارُ الَجنِيبُ كَأَنَّما ... هَبَطَا تَبالَةَ مُخْصِباً أَهْضامُها ... 75
تأوِي إِلى الأطْنابِس كلُّ رِذِيَّةٍ ... مِثْلِ الْبَلِيَّةِ قالِصٍ أَهْدامُها ... 76
وُيكَلِّوُنَ إِذَا الرِّيَاحُ تَناوَحتْ ... خُلُجاً تُمَدُّ شَوارِعاً أَيْتامُها ... 77
إِنّا إِذا الْتَقَتِ المجامِعُ لَمْ يَزلْ ... مِنّا لزِازُ عَظِيمَةٍ جَشَّامُها ... 78
وُمقَسِّمٌ يُعْطِي الْعشِيرةَ حَقَّها ... ومُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِها هَضّامُها ... 79
فَضلاً وذُو كرمٍ يُعِينُ على النَّدى ... سَمْحٌ كَسُوبُ رَغائِبٍ غَنّامُها ... 80
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آباؤهُمْ ... ولِكُلِّ قَوْمٍ سُنّةٌ وإِمامُها ... 81
لا يَطْبَعُون ولا يَبُورُ فَعالُهُمْ ... إِذْ لا يَميلْ مَعَ الْهوى أَحْلامُها ... 82
فَاقْنَعْ بما قَسَمَ الَملِيكُ فإِنّما ... قَسَمَ الَخلائِق بَيْنَنا عَلاُمها ... 83
وَإِذا الأَمانةُ قُسِّمَتْ في مَعْشَر ... أَوْفَى بِأوْفَرِ حَظّنا قَسّامُها ... 84
فَبَني لَنا بَيْتاً رَفِيعاً سَمْكُهُ ... فَسَما إِلَيْهِ كَهْلُها وغُلامُها ... 85
وهُمُ السّعادةُ اذَا الْعَشيرَةُ أُفْظِعَتْ ... وهُمُ فَوارِسُها وَهُمْ حُكّامُها ... 86
وهُمُ رَبيعٌ للْمُجاوِرِ فِيهِمُ ... والُمرْمِلاتِ إِذا تَطاوَلَ عامُها ... 87
وهُمُ الْعَشِيرَةُ أَنْ يُبَطِّىْءَ حاسِدٌ ... أَوْ أَنْ يَميلَ مَعَ الْعَدُوِّ لِئَامُها ... 88
الفهرس
المعلّقات العشر ... 1
معلقة امرئ القيس ... 21
معلقة الأعشى ... 26
معلقة الحارث بن حلزة اليشكري ... 28
معلقة النابغة الذبياني ... 32
معلقة زهير بن أبي سلمة ... 35
معلقة طرفة بن العبد ... 38
معلقة عبيد بن الأبرص ... 43
معلقة عمرو بن كلثوم ... 45
معلقة عنترة بن شدّاد ... 49
معلقة لبيد بن ربيعة ... 54(335/61)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الملحمة الشعرية
الفاصلة بين الفرقة السليمانية والطائفة الأثرية
ليلٌ من الفتنة الدهماء معتَكِرُ ... ومحنةٌ في بلاها يُقْدح الشرر
وصورة ٌ للوا المخضرِّ مزريةٌ ... يعلو سماها الأسى والهمُّ والضجر
عادت سليمى إلى عاداتها وغدت ... أُمُّ الحليس لها عما مضى خبر
حزبٌ جديدٌ وأذنابٌ وأنظمةٌ ... ... تمخَّضتها الليالي السود والحيرُ
ناديت شعري وجيش الليل يحدق بي ... ... أرجو الخلاص ودوني النار تستعرُ
هرعت نحو القوافي أبتغي مدداً ... ... بشمعة في الدجى تبكي وتنصهرُ
دموعها من دمي والنار من ألمي ... ... وأسطري ومدادي الهمُّ والسهرُ
خضت البسيط وما باليت لُجَّته ... ... وحوليَ الليلُ والإعِصار والخضر
رفعت طرفي إلى جوِّ السماء لأرى ... ... نجم السراة فحال الغيمُ والمطر
والبدر آونةً يبدوا وآونةً ... ... يخفى فيعجز عن إدراكه البصر
إن استعذت بربي أن يحيِّرَني ... ... في ذي الأعاصير لا ملجا ولا مفر
فَبتُّ والشعر في سجن وفي ظلمٍ ... ... مصفَّدَين كِلانا موثقٌ أسر
أطرقت حتى رأيت الشرق قد طلعتْ ... ... منه بشائر نصرِ فوْحُها عَِطر
والفجر يزحف في صمتٍ وفي حذر ... ... يجرُه تحت أستار الدجى سحر
فباغت الليل حتى فرَّ منهزماً ... ... يقوده كل من تُذكى به سقر
وأطلق الشعر صيحاتٍ مدويةٍ ... ... مع الآذان وخيل الله تنتشر
هنا عقدْتُ لواء الحرب ممتشقاً ... سيف القوافي ففيها البيض والسمر
سللت شعري سيفاً من يبارزني ... ... فإن من يبارزوني اليوم قد قُبروا
من اجل ديني ومنهاجي ومعتقدي ... ... أَصُولُ صولةَ حسَّانِ ولا فَخَر
أُعِيد ذكرى ارْتجاز الشعر في رهج ... ... وفي احتدام ونار الحرب تستعر
ذكرى حروف على أضوائها لَمَعتْ ... ... نيازك الصين والهندِّية البُتُر
ذكرى نشيد على ألحانة طربت ... ... إلى مقارعة الأبطال مَنْ نفروا
ذكرى قصيد شديد الوقع يعْقُبه ... ... قصف الصواريخ والألغام تنفجر
الله أكبر ما زالت كتائبنا ... ... على لواها يلوح النصر والظفر
أمامها كم هوى من مُحْدِثٍ بدَعاَ ... ... مُدمَّراً ماله ذكر ولا أثر(336/1)
لا لن تزعزعها أذناب مبتدعٍ ... ... ما دام منهاجَهَا القرآن والأثر
هما الأصل والفصل لا تأصيل غيرهما ... ... ولا قواعد غمر تحتها حفر
ولا تَحَرُّج من تحريجِ مبتدعٍ ... ... إنْ قيل فيهِ سفيه كاذبٌ أشِرُ
أو ذاك مبتدعٌ في الدين منحرفٌ ... ... عن درب أحمد حزبيٌّ له ضرر
فالدين جرحٌ وتعديلٌ وليس لنا ... ... إلا التبرؤ ممن صفنا شَطَروا
قد قيل ما قيل في تعديل متَّبع ... أوطعن من أحدثوا في الدين أوكفروا
من عهد حرقوص حتى عصر ذي فتنٍ ... ... وسل سيُخبِرُك التاريخ والسير
إن أغمد العالم السنيُّ حربته ... ... في أي مبتدعٍ قد ضل فاعتبروا
ولا نبالي بأوباشٍ وإن رفعوا ... ... جذر التغطرس فهْو اليوم منقعر
لا منهجٌ أفيحٌ مبنيْ على جرُفٍ ... ... هارٍ ولا دربنا التضليل والسعر
فليس ذا سنةٍ شخصٌ يشاركه ... ... في منهج الأفيح الأحزاب والزمر
لا يستوي سلفيٌ في تمسكه ... ... ومن وله في ادِّعاء سنة وطر
ومن تقمَّص باسم العلم بردَته ... ... إذ أنها فيه أو في آلة غُرَر
أليس يمدح أهل الغيِّ محتقراً ... ... أهل الرشاد فماذا منه منتظر؟
يقول ذاك زمان الخوف قد ذهبت ... ... أيامه اليوم لا خوف ولا حذر
فحلق لحيةِ الشرطيٍّ يجوَّزه ... ... ولاختلاط لديه جاز والصور
وفتح باب لأهل الزيغ يدخلهم ... ... يكون فيه سواءَ الأسْد والحمر
ففاق جل الذي زاغوا بفتنته ... ... كالمسعريِّ ومن في جسره عبروا
وصعتر(1)َ الإفك أو عبد المجيد(2)هنا ... ويوسف(3)الزيغ من ضاقت به قطر
والسبت(4)أهون شراً(5)من أبي حسنٍ ... ... وما جنى مثله سلمان أو سفر
__________
(1) هو المدعو عبد الله صعتر من الأخوان المفلسين في اليمن .
(2) هو عبد المجيد الزنداني من منظري الأخوان المفلسين في اليمن.
(3) هو المدعو يوسف بن عبد الله القرضاوي من كبار الأخوان المفلسين في العالم.
(4) هو المدعو عبد الله السبت التراثي من كان السبب في إدخال الجمعيات لليمن .
(5) وليس بهيّن ( وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم ) إلا أن شر أبي الحسن فاق الجميع ممن ذكروا .(336/2)
وأهل جمعية الحكمَى وجمعية الـ ... ... إحسان من في سجون المال قد أُسِرُوا
مَنِ الإمارات والبحرين كعبتُهم ... ... في كل عام إذا حجوا أو اعتمروا(1)
هُمُ أخف من المصريِّ ذا ضرراً ... ... إذا كلهم في صعيدٍ(2)واحد حُشِرُوا
غوى وأغوى بتلبيس وجمعيَةٍ ... ... عميَّاً وبكماً وصماً منهمُ الوتر
قالوا سننصر مظلومَّاً وما نصروا ... ... إلا الظلوم الذي في كفه دُثُر
رأوا أباطيله برّاقة وعموا ... ... عن البراهين يا بئس الذي نصروا
هي البراءة من نهج الرسول ومِن ... ... أهل الحديث وأهل الحق لو شعروا
غدوا ثمانين ذيلاً تحته ولهم ... ... من العضاريط أذيال لهم كُثُر
سِيقوا إليه بيوم أسودٍ زمراً ... ... كما تُساق إلى جزارها البقر
يسبُّ يشتم أهل العلم في سَفَهٍ ... ... وخسةٍ مُستعيناً بالذي نصروا
وإن مشى تلفت الأنظار هيئته ... ... كأنه الفيل أو من حوله هرر
فهم غواةٌ حيارى لا دليل لهم ... ... ولا براهين إلا الخلط والهذر
كانوا على سنة الرحمن فانحرفوا ... ... كمن مضى يا أولي الأبصار فاعتبروا
سل أهل بعدان من غذاهمُ شبهاً ... ... حتى ادلهمَّت بهم بعدان والشعر
بل أهلَ إبٍّ جميعَاً ثَمَّ إنهمُ ... ... بنكسة الوتر الموتور قد وتُروا
أهكذا أيها النعمان مصرعكم ... ... أين العقيدة والتوحيد والأثر
قد كنت فيما مضى الهنديَّ منجرداً ... ... على محمد المهدي ومن مكروا
واليوم أنتم وهم رُضَّاع جمعية ... ... من ثديها دُرَّ في أفواهكم كدر
هل خفَّ عقلك يا نعمان أم ذهبت ... ... عنك العقيدة قل لي ويك ما الخبر؟
بالأمس ذو حججٍ واليوم ذو لججٍ ... ... تغري وتغرق يا نعمان من عثروا
زللت في شُبَهةٍ من أجل ذي سفهٍ ... ... تصطاد وسط غدير ماءه عكر
رغبت من منهج الأسلاف منتهجاً ... ... درب الضلال وكم أَضللت يا وتر
رأوك ذا خُلُقٍ فيهم وما عرفوا ... ... نعومة الحية الرقطاء إذ سحروا
__________
(1) وأنا لا أريد بهذا البيت تكفيرهم ولكن أردت شدة التحقير لمن هذه الأماكن بسبب الحرص على جمع الأموال .
(2) وهو صعيد الحزبية والعداوة لأهل السنة .(336/3)
تُنكس الرأس في سمتٍ وفي فمك السـ ... مُّ الزعاف وفي أجحارك الخطر
فأنت ذو حَمَقٍ في زي ذي خُلُقٍ ... ... وأنت ذو السمت لكن دونه الشُفُرُ
فأنت تحمل أوزار الذين غووا ... ... وشبهةٍ أنت منشيها ومبتكر
إن لم تتب عن دفاعٍ عن أبي حسنٍ ... ... ومن بيانات فيها الخرط والهذر
فابشر برشق سهامٍ من هنا وهنا ... ... وإن فررت فما للمفتري مفر
تفيد فيك القنا إنْ نحوك انطلقت ... ... إن لم تفد معك الآيات والنذر
وما صبيغٌ تخلى عن تشكُّكِه ... ... في الوحي حتى سقاه علقماً عمر
علاه بالدرة الفاروق فانصرفت ... ... من رأسه شبهة التلبيس والفكر
فتب إلى الله من دنيا فُتِنتَ بها ... ... فأنت من أجلها مستعبد خَوِرُ
ترى أبا الحسن المصريَّ مبتدعاً ... ... فتدفع الجرح عنه ثم تعتذر
وأنت تعرفه من قبل في زلل ... ... وفي انحطاط فمن أرداك يا وتر
فانسج لكل دليل دامغ شُبهاً ... ... وإن عجزت وقد ضاقت بك الأطر
فاجمع بمركزك الحمقى وقل لهمُ ... ... أنتم على مزلق المصري فاصطبروا
مزالقٌ تحتها أموال جمعيةٍ ... ... وإن تخطفكم سلمان أو سفر
دع الإمام أيا نومان وامض إلى ... ... فرشٍ ونَم هادئاً فالليلة القمر
دع النجوم لقوم يهتدون بها ... ... في دربهم وارْثِ من واليت يا وتر
لا لا ترم نفخها حمقاً لتطفئها ... ... فليس تُطَفأ قطُّ الأنجم الزهر
متى رأينا صبياً مصَّ في فمه ... ... رضَّاعةً طعنه في النجم معتبر
أما ابن منصور(1)في أرض العدين غدا ... ... أضحوكة بين من بانوا ومن حضروا
سل العدين أيا من رمت تسألُني ... ... عنه تُجابُ بما قد حُقِّق الخبر
هو الذي في عماه ضل بعد هُدىً ... ... وزاغ من بعد رشد وهو مفتخر
ورافعٌ رأسه فرحان مبتهجاً ... ... بمنهجٍ خاضه من قبله سفر
هي الدراهم تترا من أبي حسنٍ ... ... وكل يوم له من أجلها خبر
أغراه بالمال حتى صار منتكساً ... ... وهكذا أي لعمري تنكس الفِطَر
فإن رأى الحق أخفاه وأظهر ما ... ... رآه في صالح النَّوْكى وإن فجروا
__________
(1) يعني أحمد بن منصور صاحب كتاب رفع اللثام(336/4)
فكم أباطيل للمصري روجها ... ... بلا حياء لأن الغاية الصُرَرُ(1)
قال البيان فتاوى فيه جائرة ... ... وأنَّ من وقَّعوا في الهجر قد خسروا
وما الخلاف الذي قد صار بينهمُ ... ... يُردي أبا حسن كلٌّ له نظر
أما المخازيْ التي في وسط سبعته(2) ... ... فإنها الحق والزلات تُغتَفر
فهكذا من أراد الله فتنته ... ... لا يملكون هداه من به وُتِروا
نقول هذا دليل قال إنكُمُ ... ... مقلدون فمن ذا شيخكم عمر
هذي البراهين للرائين واضحة ... ... وهذه الشمس تجلي الشكَ والقمر
فما المقلد إلا من غدا ذنباً ... ... لمصطفاه الذي تقليده غَرَرُ
فذا ابن منصور ذيل الغيِّ متصلٌّ ... ... لكنه عن هدى المختار مُنبَتر
قد كان صلباً ولكن ذاب في تفهٍ ... ... كمثل شمع إذا ما حُمَّ ينصهر
أغتاظ لما رأى إخوانه زهدوا ... ... فيه وقد ثأروا للحق وانتصروا
فمت بغيظك أو ذق علقماً صَبِراً ... ... إن كان قلبك من ذا الغيظ يستعر
فما العدين ستبكي عنك إنَّ بها ... ... حماة دين إذا ما واجهوا صبروا
فلا يغرُك أوباشٌ قد انخدعوا ... بما انخدعت فهم أذنابك الغمر
وما ابن راجح(3)إلا طفل ليلته ... ... يغُرُّه أي شيءِ شكله نضر
قد كان من قبل للمهدي معترضاً ... ... واليوم ليس له من لؤمه ضرر
تشابهت عندما زاغت قلوبهمُ ... ... كما تشابهت الأشكال والصور
محمدان هما لا فرق بينهما ... ... فالجرح ملتئمٌ والكسر منجبر
هما رفيقان في درب الغِوا اتفقا ... ... أشقاهما مبتدأ والآخر الجبر
جمعية ترضع الوَغْدين واحدةٌ ... ... أصولها والفروع الجبن والخوَر
والإنتماء لزيد أو لعمرهمُ ... ... والشحذ والسحت والتزوير والشطر
وضل يحياهم الشاميُّ حين رأى ... ... تلك الدراهم فيها ليس تنحصر
__________
(1) جمع صرة وهي ما تصر فيها النقود
(2) أي أشرطته السبعة المسماة بالقول الأمين وهي ليست كذلك
(3) هو المدعو محمد بن راجح أبو الفاروق وقد كان شديداً على جمعية الحكمة ورجالها وهو الآن متراجع عن ذلك المعروف والحق الذي كان فيه(336/5)
فهذا أبو الحسن المصري صيره ... ... عبداً له(1)سامعاً يُنْهَي فيأتمر
أبعد ما انتنت في إب جيفتُه ... ... ... ينال شبوة منها الخبث القذر
يا أهل شبوة إن تنفوه تنتفعوا ... ... ... فإن إخراجه من أرضكم طُهر
وذاك باموسَ في أرض الحديدة قد ... ... تفيأ الظل في نيران من سَعَروا
مثواه آلة حلاق يَجُزُّ بها ... ... شعر الرؤوس وهاهُ الآن منكسر
وذاك با بحر في بحر الظلام غدا ... ... ... مُحيِّراً ماله نور ولا بصر
يغشاه موج وموج فوقه سحبٌ ... ... وظلمةُ فوقها والليل منتشر
وقاسمٌ كان ذا زهد ومعرفة ... ... ... في الخير واليوم في دنياه يتجر
والبيع في الشرع حلٌ جائز وله ... ... شروطٌ جاء بها القرآن والأثر
فقاسمٌ ما كفاه بيعه فإلى ... ... ... جمعية البر والمصري يفتقر
من أجل ذا صار ضلِّيلاً ومنحرفاً ... ... يلوث في رأسه خزياً ويأتزر
والعيزري وسعد(2)والفقير(3)ومن ... ... يدعى أبا حاتم(4)هم صبيةٌ غُمر
وذا ابن قاسم منهم قد تمركز في ... ... رداع بالعلم ما زكاه مُعْتَبر
وإن في عدنٍ أذناب ذي فتنٍ ... ... ... قد زُلزلوا والدراورديُّ مندحر
ذاك البليد اللئيم الوغد أكبرهم ... ... المنتن المخبت المستقبح القذر
أما المجاهيل من أهل البراءة إن ... ... ... ذكرتهم في حواشي الأحرف اشتهروا
فضلاً عن الذكر في شطر القصيد أو ... ... في عجزها فهمُ أذناب من ذكروا
ظنوا إذا الشيخ مات انقضَّ شيخهمُ ... ... على الدعاة انقضاض الباز إن ظهروا
فخاب ظنهم واجْتُثَّ شيخهم ... ... ... وانقضَّ جمعهم وانهدَّ ما عمروا
كأني بالشيخ عالٍ فوق منبره ... ... ... وحوله الجمع من طلابه كُثُر
يقول: ياليت من هذي الجموع لنا ... ... يبقى لنا الثْلثُ أو يصفوا لنا العشرُ
صدقت يا شيخنا فاليوم لو شهدت ... ... عيناك لا نهلَّ منك الدمع ينهمر
فرحمة الله يا شيخي عليك فما ... ... ... زالت بدربك تجري أنجم زهر
__________
(1) إشارة إلى حديث (تعس عبد الدرهم .........)
(2) هو سعد النزيلي صهر الأدريسي الأفاك
(3) هو صالح الفير من شابه أبا الحسن صورة ومخبر
(4) هو أبو حاتم الفاضلي صهر نعمان الوتر(336/6)
والزائغون تهاووا باسم رفْعِهمُ ... ... ... للظلم والفتنة الهماء تختبر
تنكروا لرياض العلم واحتقروا ... ... ... دار الحديث بدماج وما شكروا
تكالبوا ضد أهل العلم واتَّحدوا ... ... ضد الدعاة وظنوا أنهم عقروا
وما دروا أن أهل العلم شامخةٌ ... ... ... رؤوسهم وهمُ أُسدٌ إذا زأروا
والأسد ليس إذا صالت يخوِّفها ... ... نبحُ الكلاب ومهما تنهق الحُمُر
فهذا ربيعٌ وذاك العبدليُّ وذا ... ... ... يحيى الحجوريُّ فينا صارم ذكر
ونجم معبر والنجميُّ ساطعةٌ ... ... أنوارهم وكذا زيدٌ هو القمر
فهم دعائم هذا الدين هم شهبٌ ... ... ضد الشياطين هم نار لمن مكروا
قولوا لأذناب من يُدعى أبا حسنٍ ... ... بأن أقوالهم في نهجنا بَعر
فإن همُ فرحوا بالمال وافتخروا ... ... فنحن بالسنة الغراء نفتخر
وإن همُ اتبَّعوا جهلاً أبا حسنٍ ... ... فنحن نتبع المختار لا نذر
همُ الذين أثاروا نار ملحمةٍ ... ... دارت عليهم وأهل السنة انتصروا
بقلم / أبي عبد الله حمود بن قائد البعداني
ألقيت ليلة الخميس 23/شعبان /1423هـ
بدار الحديث بدماج(336/7)
الملحمة العراقية
أبو القاسم
فلوجةَ العزِّ زانَت جيدَك الدررُ***وازدان في ناظريك البؤبؤ الذئِر(1)
فلوجةَ المجدِ يا أمَّ الرجالِ ألا *** ياليتَ شعري أيحسِنُ وصفَك الشعرُ؟!
لله درك قد شافيت أفئدةً *** مذ ضاعت القدس لم يهنأ لها وَطَرُ
واحرَّ قلبي بلاد الرافدين غدت *** مرعى الخنازيرِ في أنفاسها القَذََرُ
وللمآسي شهودٌ ليس آخرَهم *** أبو غريب وأنسابٌ له كثرُ
وفي العراق سيوف من عراقتها ***لا غِمد يكفرُها عن صدر من كفروا
حتى استحالت لهم بغداد مقبرةً ***وفي الرَّمَادي رمادُ العلج ينتشرُ
لمّا دنا الرتل منهم في ترقبِه *** أتاهُ من وابلِ الأقدار مُزدَجرُ
وهل يعيش غراب البين في دَعَةٍ *** إذا دهاهُ من الفلوجة النَّمِرُ ؟!
لقد سطَرتُم على التاريخ ملحمة *** مِدادُها بسخيّ الدمّ مختصرُ
ما ضرّهم أن يقول الخُبرَ مرتزقٌ *** إذا أراد "شهيدًا" قال "منتحرُ"
أو غرَّهم أن يكيل المدحَ ذو ولهٍ *** مستبشرٌ أبدا في وجهه الظفرُ (2)
فهم وقوف على الحالين في جَلَدٍ *** قرآنهم بيد.. والزند ينتظر
وهم ليوث على الأهوال مقبلة *** إن أدبر الصحبُ والخلانُ والبشر
بغدادُ يا وطنا من غير خارطةٍ *** يحدّه القلبُ والتاريخُ والعِبرُ (3)
ويا خريطةَ أوطانٍ بها دَرَجَت *** سحابة المجدِ في العلياء تفتخرُ
فيها رجالٌ يحاكون الذين مَضَوا *** عزمًا وسيرتهم تحكي الذي غَبَروا
رداؤها العزُّ من عزِّ الإله لها *** والكبرياء قميصٌ فيه تتّزر
ولي بلادٌ حدود الشرق تغرُبُها *** وشرقها بحدود الغربِ ينحسِرُ
إن كنتَ تحسب للتاريخ خاتمةً *** فللزمانِ ثيابٌ كلها غِيَرُ
قد ظن في دمنا ابنُ العلقميِّ فنا (4)*** لكن برحمةِ ربي أسلم التترُ
الله أكبر دوّت فوق بهرَجِهِم *** بُشراً فما أغنَت الأهوَالُ و النُّذُرُ
الله أكبر فتيانٌ بلا مددٍ *** وهم عن القاذِفاتِ الضَّارياتِ عَرُوا
الله أكبر كم جادو بِمُعتَصِمٍ *** إذا أَتَاهُم مِن المَلهُوفَةِ الخبرُ(337/1)
الله أكبر تَعْلُوا فَوْقَ أَكبَرِهِم *** بَأْسًا وأعظمِهم جندا وإن كثروا
إن يسقطوا كِسَفًا من كل قاصفة *** فالله أكبر لا تبقي ولا تذر
الله أكبر كم طيارةٍ سقطت *** بطلقة من سلاح هدِّه الكبرُ
وفي العراق رجال كلهم نُجُبٌ *** كأنهم في جيوش ابن الوليد ضَرُوا(5)
فللمعنّى من الأحفادِ كوكبةٌ *** وللمُثَنَّى طريقٌ فوقه عبروا (6)
لا يخطىء العلجَ حتى في محصّنةٍ *** كأنه مَلَكٌ في قوسه القدرُ
وهاهم العُربُ أشلاءٌ ممزعةٌ***وكلّ شلوٍ إذا عاينتَ مبتترُ
قد أجمعوا أمرَهم في كل داهيةٍ *** أصابتِ الغربَ أن الحلَّ مؤتمرُ
أفتى لهم عالمٌ من مراجِعِه *** ((جهلٌ))و أهواؤه والحاكمُ الزُّمِرُ (7)
إرهابهم جائزٌ شرعا ومذهبنا *** في غمرة الذَّبِّ عن أوطاننا نُكُرُ
تهوي علينا فتاواهم معلَّبة *** من مدفع بثقيل الخزيِ ينفجرُ
إن كان موطنُكم كرسيَّ مقعدِكم *** فللكراسي مساميرٌ لها عُمُر
أو كان بلّد إحساسا لكم هلع *** من الصليب فأين اللهُ يامُضَرُ؟ ( 8
)
يا أمتي لَمْلِمِي الأعضاءَ في جسدٍ *** إذا اشتكى منه عضو عمّه السَّهرُ
فكم وكم أنشأ التاريخ يذكرنا *** وكلما عزّ نصرٌ بزّ منتصر (9)
وكلما شاب مّنا مفرق نبَتَت *** مكانه شعَراتٌ كلها سُمُر
فلا يسؤكِ ابتدار الليل من غدِنا *** فما بعيدَ الليالي غيرُه الفجرُ
ويا صلاحًا له الأمصار خاضعةٌ *** أبشر فقد فرّ من تكريتٍ الصفُرُ(10)
ما ألف صارخةٍ أو ألف بارجةٍ *** وفي ذخيرتِنا الأرواح تُدَّخر ؟
أو ألف كاسحة أو ألف قاذفة *** أو ألف طائرة في بطنها غُدَرْ ؟؟(11)
ورب نافِثَةٍ تهوي مصّرعة *** برميةٍ من فتى في كفه حَجَرُ
وربّ أشعثَ في ليلاءَ حالكة***يدعو فتهوي بسهمٍ اسمه "القدَرُ"
وإن يغيروا بإذفنشٍ لهم قذرٍ *** فحسبنا تاشفينٌ وجهه القَمَرُ (12)
يا ويح حوراءَ في الفردوس يفتنها *** عينا شهيدٍ وقد فاح الشّذا العَطِرُ(337/2)
حتى كأني أرى غيراءَ في بلدي *** غزِّية العينِ في أهدابِها الحَوَرُ (13)
فنحن موردُناهدي النبي وهم *** صُليِّب والغِنا والخَمْرُ و العَهَرُ
بغداد دونك من دمي بمغرفة *** إذ كان حِبْرُ يراعي ليس يعتذرُ
الله أكبر لا نلوي على أحدٍ *** بغيرها فانظرونا يوم ننتصرُ
"إن تنصروا الله ينصركم" كذا نَزَلت *** فلا يُغَرُّ بما قد قاله الأشِرُ(14)
توضيح معاني الكلمات يتبع بإذن الله
http://www.sabeely.net/8(337/3)
الملحمة النونية للقرضاوي
شعر وأدب : مختارات من قصيدة ملحمة الابتلاء
مختارات من قصيدة ملحمة الابتلاء- الملحمة النونية
ملحمة ألفت داخل السجن الحربي في القاهرة عام 1955م وهي تحكي قصة سجين قضى نحو عشرين شهراً في السجن الحربي ... إنها تصوير بسيط لبعض ما قاساه المسلمون الذين عذبوا في هذا السجن الرهيب.
وتبلغ عدد أبياتها أربعة وتسعين ومائتين - ونورد هنا جزءاً منها
شعر الشيخ: يوسف القرضاوي.
ثار القريض بخاطري فدعوني
أفضي لكم بفجائعي وشجوني
فالشعر دمعي حين يعصرني الأسى
والشعر عودي يوم عزف لحوني
كم قال صحبي أين غر قصائدي
تشجي القلوب بلحنها المحزون
وتخلّد الذكرى الأليمة للورى
تتلى على الأجيال بعد قرون
ما حيلتي والشعر فيض خواطرٍ
ما دمت أبغيه ولا يبغيني ؟
واليوم عاودني الملاك فهزني
طرباً إلى الإنشاد والتلحين
ألهمتها عصماء تنبع من دمي
ويمدها قلبي وماء عيوني
نونية والنون تحلو في فمي
أبداً فكدت يقال لي ذو النونِ
صورت فيها ما استطعت بريشتي
وتركت للأيام ما يعييني
أحداث عهد عصابة حكموا بني
مصرَ بلا خلقٍ ولا قانون
أنست مظالمهم مظالم من خلوا
حتى ترحمنا على نيرون
حسبوا الزمان أصمّ أعمى عنهم
قد نوّموه بخطبةٍ وطنين
ويراعة التاريخ تسخر منهمو
وتقوم بالتسجيل والتدوين
وكفى بربك للخليقة محصياً
في لوحه وكتابه المكنون
يا سائلي عن قصتي اسمع إنها
قصص من الأهوال ذات شجون
أمسك بقلبك أن يطير مفزعاً
وتولّ عن دنياك حتى حين
فالهول عاتٍ والحقائق مرةٌ
تسمو على التصوير والتبيين
والخطب ليس بخطب مصر وحدها
بل خطب هذا المشرق المسكين
في ليلة ليلاء من نوفمبرٍ
فزعت من نومي لصوت رنين
فإذا كلاب الصيد تهجم بغتةً
وتحوطني عن شمألٍ ويمين
فتخطفوني من ذوي وأقبلوا
فرحاً بصيدٍ للطغاة سمين
وعزلت عن بصر الحياة وسمعها
وقذفت في قفص العذاب الهون
في ساحة (الحربي) حسبك باسمه
من باعث للرعب قد طرحوني(338/1)
ما كدت أدخل بابه حتى رأت
عيناي ما لم تحتسبه ظنوني
في كل شبر للعذاب مناظرٌ
يندى لها -والله - كل جبين
فترى العساكر والكلاب معدة
للنهش طوع القائد المفتون
هذي تعض بنابها وزميلها
يعدو عليك بسوطه المسنون
ومضت علي دقائق وكأنها
مما لقيت بهن بضع سنين
يا ليت شعري ما دهانِ؟ وما جرى؟
لا زلت حياً أم لقيت منوني؟
عجباً أسجن ذاك أم هو غابةٌ
برزت كواسرها جياع بطون ؟
أأرى بناء أم أرى شقي رحى
جبارة للمؤمنين طحونِ؟
واهاً أفي حلم أنا أم يقظةً
أم تلك دار خيالة وفتون ؟
لا لا أشك هي الحقيقة حية
أأشك في ذاتي وعين يقيني ؟
هذي مقدمة الكتاب فكيف ما
تحوي الفصول السود من مضمون ؟
هذا هو (الحربي) معقل ثورة
تدعو إلى التحرير والنكوين
فيه زبانية أعدوا للأذى
وتخصصوا في فنه الملعون
متبلدون عقولهم بأكفهم
وأكفهم للشر ذات حنين
لا فرق بينهمو وبين سياطهم
كل أداة في يدي مأفون
يتلقفون القادمين كأنهم
عثروا على كنزٍ لديك ثمين
بالرجل بالكرباج باليد بالعصا
وبكل أسلوبٍ خسيسسٍ دونِ
لا يقدرون مفكراً ولو أنه
في عقل سقراط وأفلاطون
لا يعبئون بصالحٍ ولو أنه
في زهد عيسى أو تقى هارون
لا يرحمون الشيخ وهومحطمٌ
والظهر منه تراه كالعرجون
لا يشفقون على المريض وطالما
زادوا أذاه بقسوةٍ وجنون
كم عالمٍ ذي هيبة وعمامةٍ
وطئوا عمامته بكل مجون
لو لم تكن بيضاء ما عبثوا بها
لكنها هانت هوان الدين
وكبيرِ قومٍ زينته لحيةٌ
أغرتهمو بالسبِّ والتلعين
قالوا له :انتفها -بكل وقاحةٍ
لم يعبأوا بسنينه الستين
فإذا تقاعس أو أبى يا ويله
مما يلاقي من أذىً وفتون
أترى أولئك ينتمون لآدمٍ
أم هم ملاعينٌ بنو ملعون ؟
تالله أين الآدمية منهمو
من مثل محمودٍ ومن ياسين
من جودة أو من دياب ومصطفى
وحمادةٍ وعطية وأمين
لا تحسبوهم مسلمين من اسمهم
لا دين فيهم غير سبّ الدين
لا دين يردع لا ضمير محاسبٌ
لا خوف شعبٍٍ لا حمى قانون
من ظن قانوناً هناك فإنما(338/2)
قانوننا هو حمزة البسيوني
جلاد ثورتهم وسوط عذابهم
سموه زوراً قائداً لسجون
وجه عبوس قمطرير حاقدُ
مستكبر القسمات والعرنين
في خده شجٌ ترى من خلفه
نفساً معقدةً وقلب لعين
متعطشٍ للسوءِ في الدم والغٍ
في الشرّ منقوعٍ به معجونِ
هذا هو الحربي معقل ثورة
تدعو إلى التطوير والتحسين
هو صورة صغرى استعيرت من لظى
في ضيقها وعذابها الملعون
هو مصنع للهول كم أهدى لنا
صوراً تذكرنا بيوم الدين
هو فتنة في الدين لولا نفحةٌ
من فيض إيمانٍ وبرد يقين
قل للعواذل إن رميتم مصرنا
بتخلف التصنيع والتعدين
مصر الحديثة قد علت وتقدمت
في صنعة التعذيب والتقرين
وتفننت - كي لا يمل معذَّبٌ
في العرض والإخراج والتلوين
أرأيت بالإنسان يُنفخ بطنه
حتى يُرى في هيئة البالون ؟
أسمعت بالإنسان يُضغط رأسُه
بالطوق حتى ينتهي لجنون ؟
أسمعت بالإنسان يُشعل جسمُه
ناراً وقد صبغوه بالفزلين ؟
أسمعت ما يلقى البرئ ويصطلي
حتى يقول: أنا المسئُ خذوني
أسمعت بالآهات تخترق الدجى
رباه عدلك .. إنهم قتلوني
إن كنت لم تسمع فسل عمّا جرى
مثلي ولا ينبيك مثل سجين
واسأل ثرى الحربي أو جدرانه
كم من كسير فيه أو مطعون
وسل السياط السود كم شربت دماً
حتى غدت حمراً بلا تلوين
وسل (العروسة) قبحت من عاهرٍ
كم من جريحٍ عندها وطعين
كم فتية زفوا إليها عنوة
سقطوا من التعذيب والتوهين
واسأل (زنازين) الجليد تجبك عن
فن العذاب وصنعة التلقين
بالنار أو بالزمهرير فتلك في
حينٍ وهذا الزمهرير بحين
يُلقى الفتنى فيها ليالي عارياً
أو شبه عارٍ في شتا كانون
وهناك يملي الاعتراف كما اشتهوا
أو لا فويل مخالفٍ وحرون
وسل (المقطم) وهو أعدل شاهدٍ
كم من شهيدٍ في التلال دفين
قتلته طغمة مصر أبشع قتلةٍ
لا بالرصاص ولا القنا المسنون
بل علقوه كالذبيحة هيئت
للقطع والتمزيق بالسكين
وتهجدوا فيه ليالي كلها
جلدٌ وهم في الجلد أهل فنون
فإذا السياط عجزن عن إنطاقه(338/3)
فالكي بالنيران خير ضمين
ومضت ليالٍ والعذاب مسجّرٌ
لفتى بأيدي المجرمين رهين
لم يعبؤوا بجراحه وصديدها
لم يسمعوا لتأوهٍ وحنين
قالوا اعترف أو مت فأنت مخيّرٌ
فأبى الفتى إلا اختيار منون
وجرى الدم الدفاق يسطر في الثرى
يا إخوتي استشهدت فاحتسبوني
لا تحزنوا إني لربي ذاهبٌ
أحيا حياة الحر لا المسجونِ
وامضوا على درب الهدى لا تيأسوا
فاليأس أصل الضعف والتهوين
قل للذي جعل الكنانة كلها
سجناً وبات الشعب شر سجين
يا أيها المغرور في سلطانه
أمن النضار خلقت أم من طين ؟
يا من أسأت لكل من قد أحسنوا
لك دائنين فكنت شر مدين
يا ذئب غدرٍ نصبوه راعياً
والذئب لم يك ساعة بأمين
يا من زرعت الشر لن تجني سوى
شرٍ وحقدٍ في الصدور دفين
سيزول حكمك يا ظلوم كما انقضت
دول أولات عساكر وحصون
ستهب عاصفةٌ تدك بناءه
دكاً وركن الطلم غير ركين
ماذا كسبت وقد بذلت من القوى
والمال بالآلاف والمليون ؟
أرهقت أعصاب البلاد ومالها
ورجالها في الهدم لا التكوين
وأدرت معركة تأجج نارها
مع غير (جون بولٍ) ولا كوهين
هل عدت إلا بالهزيمة مرّةٍ
وربحت غير خسارة المغبون ؟
وحفرت في كل القلوب مغاوراً
تهوي بها سفلاً إلى سجّين
وبنيت من أشلائنا وعظامنا
جسراً به نرقى لعليين
وصنعت باليد نعش عهدك طائعاً
ودققت إسفيناً إلى إسفين
وظننت دعوتنا تموت بضربةٍ
خابت ظنونك فهي شر ظنون
بليت سياطك والعزائم لم تزل
منّا كحدّ الصارم المسنون
إنا لعمري إن صمتنا برهةً
فالنار في البركان ذات كمون
تا لله ما الطغيان يهزم دعوةً
يوماً وفي التاريخ برُّ يميني
ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي
بالسوط ضع عنقي على السكّين
لن تستطيع حصار فكري ساعةً
أو نزع إيماني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يديْ
ربّي .. وربّي ناصري ومعيني
سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي
وأموت مبتسماً ليحيا ديني(338/4)
المنتخب من الشعر والبيانالمنتخب من الشعر والبيانالمنتخب من الشعر والبيان
مكتبة الخطيب والداعية من الشعر
... ...
http://www.saaid.net/
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
بحمد الله نستفتح أقوالنا وأعمالنا، وبذكره نستنجح طلباتنا وآمالنا، إياه نستخير وبعدله نستجير، وبحبله نعتصم، ولأمره نستسلم وإليه نجأر، وفضله نشكر، وعفوه نرجو، وسطوه نرهب، وعقابه نخشى، وثوابه نأمل، وإياه نستعين، عليه نتوكل.
احمده وهو المحمود على كل ما قدره وقضاه واستعينه استعانة من يعلم انه لا رب له غيره ولا إله له سواه واستهديه سبل الذين انعم عليهم ممن اختاره لقبول الحق وارتضاه واشكره والشكر كفيل بالمزيد من عطاياه واستغفره من الذنوب التي تحول بين القلب وهداه
واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة اشهد بها مع الشاهدين واتحملها عن الجاحدين وأدخرها عند الله عدة ليوم الدين واشهد ان الحلال ما حلله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور
واشهد ان محمدا عبده المصطفى ونبيه المرتضى ورسوله الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ارسله رحمة للعالمين وحجة للسالكين وحجة على العباد اجمعين
وبعد
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا)
وكان العرب يسمّون الشعر الجميل السَحر الحلال.
وذكر بعضُ الرُواة أنه لما اسْتُخْلِفَ عمرُ بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه، قَدِمَ عليه وُفُودُ أهلِ كلِّ بلد؛ فتقدَّم إليه وَفْدُ أهلِ الحجاز، فأشْرَأب منهم غلامٌ للكلام، فقال عمر: يا غلام، ليتكلمْ مَنْ هو أَسَن منك! فقال الغلام: يا أمير المؤمنين، إنّما المرءُ بأَصغريه، قلبهِ ولسانِهِ، فإذا مَنَح اللَّهُ عبدَه لساناً لافظاً، وقلباً حافظاً، فقد أجاد له الاختيار؛ ولو أن الأمور بالسن لكان هاهنا مَنْ هو أحق بمجلسك منك.(339/1)
فقال عمر: صدقت، تكلّم؛ فهذا السحْرُ الحلال! فقال: يا أمير المؤمنين، نحن وفد التهنئة لا وَفْدُ الْمَرْزِئة، ولم تُقْدِمْنا إليك رغبةٌ ولا رهبة؛ لأنا قد أمِنا في أيامك ما خِفْنا، وأدركْنا ما طلبنا! فسأل عمر عَنْ سِنّ الغلام، فقيل: عشر سنين.
وقال علي بن العباس، يَصِفُ حديثَ امرأةٍ الكامل كما ذكر صاحب كتابزهر الاداب وثمار الالباب:
وحديثها السحْرُ الحلالُ لَوَ أنه ... ... لم يَجْنِ قتلَ المسلم المتحرَزِ
إن طال لم يُملَلْ، وإنْ هي أَوْجزَتْ ... ... ودَّ المحدَثُ أنَّها لم تُوجِز
شَرَك العقولِ، ونزهةٌ ما مِثْلُها ... ... للمطمئنِّ، وعقلَةُ المستوفِز
وإن من أولى الناس بهذه الحكمة وهذا السحر الحلال الخطيب والداعية ، فهو يحتاج من الشعر ما يناسب موضوعه ويتفق مع عناصره ، كما يحتاج الى الشعر الذي يكتمل به المعنى ببيت أو بيتين أو ثلاثة .
يحتاج الى الشعر الذي يجري مجرى الأمثال كقول طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك من الاخبار مالم تزود
وقول عبد الله بن معاوية :
كلانا غني عن اخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا
وقول القائل :
إذا تضايق أمر فانتظر فرجاً فأضيق الأمر أدناه من الفرج
وأما مقدار ما يأخذ الخطيب من الشعر فهو قدر ما يأخذ الطعام من الملح أو الشاي من السكر ، حتى لا يكون الخطيب شاعراً وتكون الخطبة كلها إثارة .
ولقد اهتمت الدعوة الإسلامية منذ أيامها الأولى بالشعر والشعراء و أحلّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الشعراء مكانا بارزا في الإعلام الإسلامي فأدّى الشعراء الرسالة التي أنيطت بهم وتصدوا لشعراء المعسكرات المناوئة للدعوة آنذاك من المشركين واليهود والمنافقين فأبطلوا باطلهم وردوا افتراءهم.(339/2)
وقد واكب الشعر الإسلامي أيضاً مراحل الفتوحات والحرب والجهاد منذ بدايتها وعاش معها في كل مراحلها وتطوراتها المختلفة وحمل الشعراء على عواتقهم عبء الدعوة ومقاومة المحتلين وتوحيد الجهود الإسلامية المشتتة .
ومن أجل هذا كله أحببت أن أجمع لأخواني المسلمين وخاصة الخطباء والدعاة بعض ما يلزمهم من الشعر والبيان في دعوتهم الى الله ، جمعته من هنا وهناك ،بعض ما قيل حديثاً أو قديماً ، وقد جعلته أبواباً نيَّفت على المائة والله أسأل أن ينفع به ،وأن يجعله ذخراً ليوم الدين والله وحده الموفق والمعين ، وهو حسبنا ونعم الوكيل..
وأتمنى أن لا تنسوا كاتب هذه السطور من دعوة بظهر الغيب
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الايمان /اليمن /عمران
ت/ 00967711423239
المحتويات
1) مع الله جل جلاله ... 25) الخوف من الله
2) مع المصطفى صلى الله عليه وسلم ... 26) العقل والحكمة
3) الانفاق والكرم ... 27) ذكر الله
4) البخل والبخلاء ... 28) الصالحين
5) الشكر ... 29) القرآن
6) الضيف والضيافة ... 30) الجنة
7) المراقبة ... 31) القناعة
8) حب الصحابة وآل البيت ... 32) النصر
9) الدعوة الى الله والتضحية ... 33) الثبات على الحق
10) أحوال أهل الجاهلية ... 34) الرزق والتوكل
11) الشورى ... 35) صلة الرحم
12) الموت ... 36) ذم الحرص
13) الفراق والوداع ... 37) الجهاد
14) القبر ... 38) الدعاء والذل لله
15) ترك الذنوب ... 39) ذم سؤال المخلوق
16) الاخلاص والعمل بالقول ... 40) التغيير
17) ذم من يضرب النساء ... 41) ارضاء الناس
18) فضل الطاعة ... 42) العافية
19) علو الهمة ... 43) غض البصر
20) قيام الليل ... 44) الصداقة والصحبة
21) الصلاة ... 45) ذم الشبع
22) أكل الحرام ... 46) التأمل والتفكر
23) البكاء من خشية الله ... 47) طلب العلم
24) التواضع ... 48) التوحيد
49) النفاق ... 77) التوبة والاستغفار
50) الحب والاخوة ... 78) اتباع الهوى
51) الهدية ... 79) النفوس
52) حفظ اللسان ... 80) الرجاء(339/3)
53) حفظ السمع ... 81) الحسد
54) حب النبي عليه الصلاة والسلام ... 82) الزنا
55) الصدق والكذب ... 83) الوقت والفراغ
56) ذا الوجهين ... 84) رمضان وفراقه
57) النميمة ... 85) اليوم الاخر
58) الغيبة ... 86) الخطبة والزواج
59) الحياء ... 87) المسارعة الى الخيرات
60) الدنيا والزهد فيها ... 88) التقوى
61) نحن المسلمين ... 89) الايمان
62) الحج ... 90) المحاسبة
63) مآسي ... 91) الظلم
64) العودة الى دين الله ... 92) فاطمة رضي الله عنها
65) الشباب ودوره ... 93) الكبر
66) الصبر وانتظار الفرج ... 94) المشورة
67) دلائل حب العبد لله ... 95) كتمان السر
68) البنات والنساء ... 96) الشجاعة
69) التربية الاسلامية ... 97) الوفاء
70) العرض والمال ... 98) الرضا
71) طاعة الوالدين ... 99) الجار والجيران
72) حسن الخلق ... 100) عمر بن الخطاب
73) الادب ... 101) عائشة ام المؤمنين
74) الحلم والصفح ... 102) الوحدة
75) النصر قادم ... 103) العيد
76) السفر ... 104) ابيات سارت امثالاً
1)مع الله :-
قال الشاعر:-
يا ربي حمداً ليس غيرك يحمد يا من له كل الخلائق تصمدُ
أبواب كل ملّكٍ قد أوصدت ورأيت بابك واسعاً لا يوصدُ
******************
وقال آخر:-
ومما زادنى فخراً وتيها ... ... وكدت بأخمصى أطأ الثُّريَّا
دخولى تحت قولك ياعبادى ... ... وأَنْ أرسلت أحمدَ لى نبيا
****************
وقال آخر:--
فلا العرش يحمله ولا الكرسى يسنده ... بل العرش وحملته والكرسى وعظمته
الكل محمول بلطف قدرته ... مقهور بجلال قبضته
******************
وقال آخر:-
مع الله في سبحات الفكر مع الله في لمحات البصر
مع الله في مطمئن الكرى مع الله عند امتداد السهر
مع الله والقلب في نشوة مع الله والنفس تشكو الضجر
مع الله في امسنا المنقضي مع الله في غدنا المنتظر
مع الله في عنفوان الصبا مع الله في الضعف عند الكبر
مع الله في الجد من امرنا مع الله في جلسات السمر
مع الله في حب اهل التقى مع الله في في كره من قد فجر ******************
وقال آخر:-(339/4)
أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنما وجوارا
لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو نصب المنايا حولنا أسوارا
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
******************
وقال آخر:-
الحمد لله حمداً طاب وانتشرا ... على ترادف جود في الوجود سرى
الحمد لله حمداً سرمداً أبدا ما أضحك الغيث وجه الأرض حين جرى
حمدا كثيرا به أرقى لحضرته ... على منابر أنس أبلغ الوطرا
ثم الصلاة على ختم النبوة من ... إذا تقدم كان الأولون ورا
مع السلام الذي يهدى لحضرته ... يعم آلاً وصحباً سادة غررا
ونسأل الله توفيقاً لطاعته ... ورحمة لم نجد من بعدها كدرا
******************
وقال آخر:-
سهر الهيون لغير وجهك ضائع ورضي النفوس بغير حبك باطل
******************
وقال آخر:-
لو لم ترد نيل ما أرجو واطلبه من جود كفك ما علمتني الطلبا
******************
وقال آخر:-
كم نطلب الله في ضر يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن رجعنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة وما سقطنا لإن الحافظ الله
******************
وقال آخر:-
أحسن الظن بمن قد عودك ... حسناً أمس وسوى أودك
إن رباً كان يكفيك الذي ... كان بالأمس سيكفيك غدك
******************
وقال أبو العتاهية أيضاً:
فيا عجباً كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
والله في كل تحريكةٍ ... وفي كل تسكينةٍ شاهد
وفي كل شيءٍ له آية ... تدل على أنه الواحد
******************
وقال الشافعي:
أنت حسبي وفيك للقلب حسب ... وبحسبي إن صح لي فيك حسب
لا أبالي متى ودادك لي صح ... من الدهر ما تعرض لي خطب
******************
وقال ابو نواس
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك
******************
وقال ابن أبي الدنيا: أنشدني الحسين بن عبد الرحمن:
لوكنت أعرف فوق الشُّكر منزلةً ... أعلى من الشكر عند الله في الثَّمن(339/5)
إذا منحتكها منِّي مهنَّدةً ... شكراً على صنع ما أوليت من حسن
******************
وقال أبي محمد الأندلسي القحطاني
إليك وإلا لا تشد الركائب ومنك وإلا فالمؤل خائبُ
وفيك وإلا فالغرام مضيّع وعنك وإلا فالمحدث كاذبُ
******************
وقال عبدالله بن المبارك:
أيا رب ذا العرش أنت رحيم وأنت بما تخفي الصدور عليم
فيا رب هل لي منك حلما فإنني أرى الحلم لم يندم عليه حليم
ويارب هب لي منك عزما على التقي أقيم به في الناس حيث أقيم
ألا إن تقوى الله أكرم نسبة ... يسامى بها عند الفخار كريم
إذا أنت نافست الرجال على التقى خرجت من الدنيا وأنت سليم
أراك امرأ ترجو الناس عفوه وأنت على مالا يحب مقيم
وإنّ امرأ لا يرتجي الناس عفوه ... ولم يأمنوا منه الأذى للئيم
فحتى متى تعصي الاله؟ الى متى؟ ... تبارز ربي إنه لرحيم!
ولو قد توسّدت الثرى وافترشته صرعت ولا يلوي عليك حميم
******************
وقال آخر:-
معشر الناس ما جننت ولكن أ نا سكرانة وقلبي صاحي
لم غللتم يدي ولم آت ذنبا . غير هتكي في حبه وافتضاحي
أنا مفتونة بحب حبيب لست أبغي عن بابه من براح
ما على من أحب مولى الموالى وارتضاه لنفسه من جناح
******************
وقال آخر:-
يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدائد كلها ... يا من إليه المشتكى والمفزع
يا من خزائن رزقه في قول كن ... أمنن فإن الخير عندك أجمع
مالي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالافتقار إليك فقري أدفع
مالي سوى قرعي لبابك حيلة ... فلئن رددت فأي باب أقرع
ومن الذي أدعو وأهتف باسمه ... إن كان فضلك عن فقيرك يمنع
حاشا لجودك أن تقنط عاصيا ... الفضل أجزل والمواهب أوسع
ثم الصلاة على النبي وآله ... خير الأنام ومن به يتشفع
******************
وقال آخر
يا خالق الخلق يارب العباد ومن .. قد قال في محكم التنزيل أدعوني
إني دعوتك مضطرا فخذ بيدي ... يا جاعل الأمر بين الكاف والنون(339/6)
نجيت أيوب من بلواه حين دعا ... بصير أيوب يا ذا اللطف نجيني واطلق سراحي وامنن بالخلاص كما نجيت من ظلمات البحر ذا النون
******************
وقال بعضهم
يارب ما زال لطف منك يشملني ... وقد تجدد بي ما أنت تعلمه
فاصرفه عني كما عودتني كرما ... فمن سواك لهذا العبد يرحمه
******************
وقال آخر:-
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
وليست الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
******************
وقال آخر:-
يا منزل الآيات والفرقان بيني وبينك حرمة القرآن
إشرح به صدري لمعرفة الهدى واعصم به قلبي من الشيطان
يسر به أمري وأقض مآربي وأجر به جسدي من النيران
واحطط به وزري وأخلص نيتي واشدد به أزري وأصلح شاني
واكشف به ضري وحقق توبتي واربح به بيعي بلا خسراني
طهر به قلبي وصف سريرتي أجمل به ذكري واعل مكاني
واقطع به طمعي وشرف همتي كثر به ورعي واحي جناني
أسهر به ليلي وأظم جوارحي أسبل بفيض دموعها أجفاني
أمزجه يا رب بلحمي مع دمي واغسل به قلبي من الأضغاني
أنت الذي صورتني وخلقتني وهديتني لشرائع الإيمان
أنت الذي علمتني ورحمتني وجعلت صدري واعي القرآن
أنت الذي أطعمتني وسقيتني من غير كسب يد ولا دكان
وجبرتني وسترتني ونصرتني وغمرتني بالفضل والإحسان
أنت الذي آويتني وحبوتني وهديتني من حيرة الخذلان
وزرعت لي بين القلوب مودة والعطف منك برحمة وحنان
ونشرت لي في العالمين محاسنا وسترت عن أبصارهم عصياني
وجعلت ذكري في البرية شائعا حتى جعلت جميعهم إخواني
والله لو علموا قبيح سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني
ولأعرضوا عني وملوا صحبتي ولبؤت بعد كرامة بهوان
لكن سترت معايبي ومثالبي وحلمت عن سقطي وعن طغياني
فلك المحامد والمدائح كلها بخواطري وجوارحي ولساني
******************
وقال آخر:-
سبحان من لو سجدنا بالجباه له على لظى الجمر والمحمى من الأبرِ(339/7)
لم نبلغ العشر من مقدار نعمته ولا العشير ولو عشر من العشرِ ******************
وقال آخر:-
يا رب أول شيء قاله خلدي أني ذكرتك في سري وإعلاني
فوالذي قد هدى قلبي لطاعته لأُذهبن بوحي منك أحزاني
******************
وقال آخر:-
مهما كتبنا في علاك قصائداً بالدمع خطت أو دم الأجفان
فلأنت أعظم من مديحي كله وأجل مما دار في الحسبان
******************
وقال آخر:-
وكل اجتهاد في سواك مضيّع ... وكلّ كلام لا بذكرك آفات
وكل اشتغال لا بحبك باطل ... وكل سماع لا لقولك زلات
وكل وقوف لا لبابك خيبة ... وكل عكوف لا إليك جنايات
وكل اهتمام دون وصلك ضائع ... وكل اتجاه لا إليك ضلالات
وكل رجاء دون فضلك آيس ... وكل حديث عن سواك خطيئات
******************
وقال آخر:-
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرًا ثقالاً
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تَحمل عذبًا زلالاً
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الريح تصرف حالاً فحالاً
******************
وقال آخر:-
إلهي وجاهي إليك اتجاهي ... وطيدًا مديدًا لترضى فأرضى
فأنت قوامي وأنت انسجامي ... مع الكون والأمر لولاك فوضى
******************
وقال آخر:-
مسنا الضر أو ضاقت بنا الحيل فلن يخيب لنا في ربنا أمل
الله في كل خطب حسبنا وكفى ... إليه نرفع شكوانا ونبتهل
من ذا نلوذ به في كشف كربتنا ومن عليه سوى الرحمن نتكل
فافزع إلى الله واقرع باب رحمته فهو الرجاء لمن أعيت به السبل
******************
وقال آخر:-
إذا كنت تغدو في الذنوب بعيدا وتخاف في يوم المعاد وعيدا
فلقد أتاك من المهيمن عفوه وافاض من نعمه عليك مزيدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا في بطن أمك مضغة ووليدا
ولو شاء أن تصلى جهنم خالدا ماكان الهم قلبك التوحيدا
******************
وقال آخر
يا من تحل بذكره ... عقد النوائب والشدائد
يا من إليه المشتكى ... وإليه أمر الخلق عائد
يا حي يا قيوم يا ... صمد تنزه عن مضادد
أنت الرقيب على العباد ... وأنت في الملكوت واحد(339/8)
أنت المعز لمن أطاعك ... والمذل لكل جاحد
إني دعوتك والهموم ... جيوشها نحوي تطارد
فافرج بحولك كربتي ... يا من له حسن العوائد
فخفي لطفك يستعان ... به على الزمن المعاند
أنت الميسر والمسبب ... والمسهل والمساعد
يسر لنا فرجا قريبا ... يا إلهي لا تباعد
كن راحمي فلقد يئست ... من الأقارب والأباعد
ثم الصلاة على النبي ... وآله الغر الأماجد
وعلى الصحابة كلهم ... ما خر للرحمن ساجد
******************
وقال آخر:-
على شفرات السيف مزقت مهجتي لترضى وإن ترضى عليّ كفاني
فلو كتبتْ منّا الدماء رسالةً لخطَّت بحب الله كل جناني
******************
وقال غيره
( كل ما ترتقي إليه بوهم ... من جلال وقدرة وسناء )
( فالذي أبدع البرية أعلى ... منه سبحان مبدع الأشياء
******************
أنا حامد أنا شاكر أنا ذاكر ... أنا جائع أنا ضائع أنا عارى )
( هي ستة وأنا الضمين لنصفها ... فكن الضمين لنصفها يا بارى
( مدحي لغيرك لهب نار خضتها ... فأجر عبيدك من لهيب النار )
******************
وقال آخر:
ما زلت أُعرف بالإساءة دائماً ويكون منك العفووالغفران
لم تنتقصني إن أسأت وزدتني حتى كأن إساءتي إحسان
منك التفضل والتكرم والرضا أنت الاله المنعم المنّان
******************
وقال الزمخشري في تفسير سورة البقرة في ذلك
( يا من يرى مد البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليل )
( ويرى مناط عروقها في نحرها ... والمخ من تلك العظام النحل )
( ويرى خرير الدم في أوداجها ... متنقلا من مفصل في مفصل )
( ويرى وصول إذا الجنين ببطنها ... في ظلمة الأحشا بغير تمقل )
( ويرى مكان الوطء من أقدامها ... في سيرها وحثيثها المستعجل)
( ويرى ويسمع حس ما هو دونها ... في قاع بحر مظلم متهول )
( امنن علي بتوبة تمحو بها ... ما كان مني في الزمان الأول
******************
وقال آخر:-
يا من ألوذ به فيما أؤمله *** وأستعيذ به مما أحاذره(339/9)
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره *** ولا يهيضون عظما أنت جابره
******************
وقال آخر:-
سبحان من يعفو ونهفو دائمًا *** ولا يزل مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخطي ولا يمنعه *** جلاله عن العطا لذي الخَطَا
*****************
وقال آخر:-
وهو العلي فكل أنواع العلو له ثابتة بلا نكران
وهو العظيم بكل معنىً يوجب التعظيم لا يحصيه من إنسان
وهو الجليل فكل أوصاف الجلال له محققةٌ بلا بطلان
******************
وقال آخر:-
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه
كم نطلب الله في ضر يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله
2)مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
يقول الشاعر:
لو أن أنفاس العباد قصائد حفلت بمدحك في جلال علاكا
ما أدركت ما تستحق وقصّرت عن مجدك الأسما وحسن سناكا
******************
وقال آخر:-
صلى عليك الله يا علم الهدى واستبشرت بقدومك الأيامُ
هتفت لك الأرواح من أشواقها وازينت بحديثك الأقلامُ
******************
ومن أحسن ما مدحه به حسان رضي الله عنه قوله
( وأحسن منك لم تر قط عيني ... وأجمل منك لم تلد النساء )
( خلقت مبرأ من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء )
ومن احسن ما مدحه به عبدالله بن رواحة الانصاري رضي الله عنه قوله
( لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر )
******************
وقال آخر:-
أنت الذي من نورك البدر اكتسى ... والشمس مشرقة بنور بهاكا )
( أنت الذي لما رفعت إلى السما ... بك قد سمت وتزينت لسراكا )
( أنت الذي ناداك ربك مرحبا ... ولقد دعاك لقربه وحباكا )
******************
قالت فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة ابيها المصطفى:
اغبرَّ آفاقُ السماءِ، وكُوِّرَتْ ... ... شمسُ النهار، وأَظْلَم العصرانِ
فالأرضُ من بعد النبي كئيبةٌ ... ... أسفاً عليه كثيرةُ الرجَفَان(339/10)
فَليَبْكِهِ شَرْقُ البلاد وغَرْبُها ... ... وليبكه مُضَرٌ وكل يَمَانِ
وليبكه الطور المعظم جَوُهُ ... ... والبيتُ ذو الأسْتَار والأَركانِ
يا خاتم الرسل المبارك ضوءُهُ ... ... صلَى عليك منزِّلُ الفُرقان
******************
وقال آخر:-
بالشرق أو بالغرب لست بمقتدي أنا قدوتي ما عشت شرع محمد
حاشا يثنيني سراب خادع ومعي كتاب الله يسطع في يدي
******************
وقال آخر:-
ولقيت في حبك ما لم يلقه في حب ليلى قيسها المجنون
لكنني لم أتبع وحش الفلا كفعال قيس والجنون فنون
******************
وقال آخر:-
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لا تفعل الكرماء
وإذا عفوت فقادراً ومقدراً لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا غضبت فإنما هي غضبة ... للحق لا ضغن ولا بغضاء
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ورضى الكثير تحلم ورياء
وإذا خطبت فللمنابر هزة ترعو النديَّ وللقلوب بكاء
******************
ومن أجمل ماقيل في الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ما ذكره صاحب كتاب نزهة المجالس ومنتخب النفائس
يا نفس نلت المنى فاستبشري رسلي ... هذا الحبيب وهذا سيد الرسل
هذا الذي ملأت قلبي محبته ... هذا الذي سهرت من أجله مقلى
هذا الذي كنت أهواه وفزت به ... يا فرحتى انفصلى يا فرحتى اتصلى
هذا الذي الخلق من أشواقه هجروا ... للأهل والصحب والأبناء والطلل
هذا الذي للهدى والدين أرشدنا ... لملة شرعها يسمو على الملل
هذا الذي انشق إكراما له قمر ... لما أشار له في محفل حفل
هذا الذي رد عينا بعدما قلعت ... وريقه قد شفى الإمام علي
هذا الذي بن مشى في الرمل لا أثر ... يرى له ويرى في الصخر والجبل
هذا الذي حن جذع عند فرقته ... له أنين شبيه الوالد الثكل
هذا الذي جاء بئرا وهي مالحة ... ومج فيها فعاد الماء كالعسل
هذا الذي فار ماء من أصابعه ... مثل الزلازل حكى الأنهار في السبل
هذا الذي إن دعا جاءت له شجر ... تجر أصلالها سعيا على عجل(339/11)
هذا الذي سبح الحصى براحته ... والضب كلمه جهرا مع الحمل
هذا الذي شد من جوع حجرا ... أكرم بمولى غدا بالزهد مشتمل
هذا الذي راودته الشم من ذهب ... فردها وإلى الدنيا فلم يمل
هذا الذي في مقام العرض شافعنا ... إذا استغثنا به من شدة الوجل
هنا الذي روضة ما بين منبره ... وقبره من رياض الخلد لم تزل
ياسيد الخلق يا من حاز مرتبة ... عليا وقد جل عن شبه وعن مثل
يا درة الأنبياء يا روضة العلا ... ... يا ملجأ الغربا يا سيد الرسل
العبد عبد الرحمن جليل أتى ... إليك وهو من الأوزار في خجل
يرجو بمدحته غفران زلته ... مع الرضا وحلول الخلد والحلل
صلى عليك إله العرش خالقنا ... في الليل والصبح والأبكار والأصل
واخصص أبا بكر ثم الحق به عمرا ... كذلك عثمان ذا النورين ثم علي
والآل والصحب والأتباع أجمعهم أولي النهى والفخار السادة النجل
والسابقين إلى الإسلام قاطبة ... والتابعين بإحسان وكل ولى
******************
وقال آخر:-
أثني على منْ أتدري منْ أبجلةُ؟ أما علمتَ بمنْ أهديتُه كلمي
في أشجعِ الناسِ قلباً غيرَ منمِ وأصدقِ الخلقِ طراً غيرَ متهم أبهى منْ البدرِ في ليلِ التمامِ وقلْ أسخى منْ البحرِ بلْ أرسى منْ العلمِ أصفى منْ الشمسِ في نطقٍ وموعظةٍ أمضى منْ السيفِ في حكم وفي حكمِ
أغرَّ تشرقُ منْ عينيهِ ملحمةٌ منْ الضياءِ لتجلو الظلمَ والظلمِ
في همةٍ عصفتْ كالدهرِ واتقدتْ كمْ مزقتْ منْ أبي جهلٍ ومنْ صنمِ
محررُ العقلِ باني المجدِ باعثنا منْ رقدةٍ في دثارِ الشركِ واللممِ
بنورِ هديكَ كحلنا محاجرَنا لما كتبنا حروفاً صغتُها بدم
منْ نحنُ قبلكَ إلا نقطةٌ غرقتْ في اليمِ بلْ دمعةٌ خرساءُ في القدمِ
إنْ كانَ أحببتُ بعدَ اللهِ مثلكَ في بدوٍ وحضرٍ ومنْ عربٍ ومن عجمِ
فلا اشتفى ناظري منْ منظرٍ حسنٍ ولا تفوهَ بالقولِ السديدِ فمي
******************
وقال آخر:-
إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدّل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها(339/12)
لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز فكسّرت أعلامها
لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها
******************
وقال آخر:-
هل تطلبون من المختار معجزة ... يكفيه شعب من الأجداث أحياه
من وحد العرب حتى صار واترهم ... إذا رأى ولد الموتور اخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكة ... ما ساسها قيصر من قبل أو شاه
ورحب الناس بالإسلام حين رأوا ... ان الإخاء وأن العدل مغزاه
******************
وقال آخر:-
عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الاطم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسج و لم تحم
إن كنت احببيت بعد الله مثلك في بدو وحضر ومن عرب ومن عجم
فلا اشتفي ناظري من منظر حسن ولا تفوه بالقول السديد فمي
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيب تلك القاع والأكمُ
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ
أخوك عيسى دعا ميْتاً فقام له وأنت أحييت أجيالاً من الرممِ
قحطان عدنان حازوا منك عزّتهم بك التشرف للتاريخ لا بهمِ
******************
وقال آخر:-
قد فقت يا طه جميع الانبيا ... نورا فسبحان الذي سواكا )
( والله يا ياسين مثلك لم يكن ... في العالمين وحق من نباكا )
ماذا يقول المادحون وما عسى ... أن يجمع الكتاب من معناكا )
فاجعل قراي شفاعة لي في غد فعسى ارى في الحشر تحت لواكا )
( صلى عليك الله يا خير الورى ... ما حن مشتاق إلي مثواكا )
( وعلى صحابتك الكرام جميعهم ... والتابعين وكل من والاكا )
3)الإنفاق والكرم
قال ربيعه الرقي:
شتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد بن عمرو والأغر بن حاتمِ
فهمُّ الفتى الأزدي إتلاف ماله وهمُّ الفتى القيسيّ جمع الدراهمِ
فلا يحسب القيسي أني هجوته ... ولكنني فضلت أهل المكارم
******************
وقال شمس الدين البديوي
إذا المرء وافى منزلا منك قاصدا ... قراك وأرمته لديك المسالك )
( فكن باسما في وجهه متهللا ... وقل مرحبا أهلا ويوم مبارك )
((339/13)
وقدم له ما تستطيع من القرى ... عجولا ولا تبخل بما هو هالك )
( فقد قيل بيت سالف متقدم ... تداوله زيد وعمرو ومالك )
( بشاشة وجه المرء خير من القرى ... فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك )
******************
وقال آخر:-
الله أعطاك فابذل من عطيته فالمال عاريّة والعمْر رحالُ
المال كالماء إِنْ تحبس سواقِيَه يأسن وإن يجرِ يعذب منه سلسالُ
******************
وقال الشافعي:-
يا لهف نفسي على مال أفرقه ... على المقلَّين من أهل المروءات
إن اعتذاري إلى من جاء يسألني ... ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات
*****************
وقال أيضاً
وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء
******************
ومن الأسخياء من تَسْمُو به الحال، فيرى أن الفضل والمنَّة إنما هي لمن جاء يستجديه ويسأله؛ حيث أحسن الظنَّ به، وتكرَّم عليه؛ فهذا من غرائب السخاء.
ينسب لابن عباس _رضي الله عنهما_ أنه قال:
إذا طارِقَاتُ الهمِّ ضَاجعت الفتى *** وأعْمل فكرَ الليلِ والليلُ عاكرُ
وباكرني في حاجة لم يجدْ بها *** سواي ولا مِنْ نكبة الدهرِ ناصرُ
فَرَجتُ بمالي همَّهُ من مقامه *** وزايله همٌّ طروقٌ مسامرُ
وكان له فضل عليَّ بظنه *** بي الخير إني للذي ظنَّ شاكرُ
******************
وقال آخر:-
أخو البشر محمود على كلّ حالةٍ ... ولن يعدم البغضاء من كان عابساً
ويسرع بخل المرء في هتك عرضه ... ولم أر مثل الجود للعرض حارساً
******************
وقال آخر:-
إذا حال حول لم تجد في دياره ... من المال إلا ذكرة وجمائله )
( تراه إذا ما جئته متهللا ... تأنك تعطيه الذي انت نائله )
( تعود بسط الكف حتى لو أنه ... أراد انقباضا لم تطعه أنامله )
( فلو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله )
******************
وقال أحدهم :
أبيت خميص البطن عريان طاويا وأوثر بالزاد الرفيق على نفسي(339/14)
وامنحه فرشي وافترش الثرى واجعل ستر الليل من دونه لبسي
******************
وعد من الرحمن فضلا ونعمة ... عليك إذا ما جاء للخير طالب )
( ولا تمنعن ذا حاجة جاء راغبا ... فإنك لا تدرى متى انت راغب )
******************
ويقول حاتم الطائي:
( أماوي إن المال غاد ورائح ... ويبقي من المال الأحاديث والذكر )
وقد علم الأقوام لو أن حاتما ... أراد ثراء المال كان له وفر )
******************
وقال آخر:-
كريم كريم الأمهات مهذب ... تدفق يمناه الندى وشمائله )
( هو البحر من أى الجهات أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحلة )
( جواد بسيط الكف حتى لو أنه ... دعاها لقبض لم تجبه أنامله )
******************
4)البخل والبخلاء:-
يقول الشاعر:
وهبني جمعت المال ثم خزنته ... وحانت وفاتي هل أزاد به عمرا )
( إذا خزن المال البخيل فإنه ... سيورثه غما ويعقبه وزرا
******************
وقال آخر:-
ذريني وإتلافي لمالى فإنني ... أحب من ألأخلاق ما هو أجمل )
( وإن أحق الناس باللوم شاعر ... يلوم على البخل الرجال ويبخل )
******************
وقال آخر:-
يفنى البخيل يجمع ماله مدته وللحوادث وللوارث ما يدع ُ
كدودة القز ما تبنيه يهدمها وغيرها بالذي تبنيه ينتفعُ
******************
وقال الشاعر يخاطب بخيل:
لو أن دارك أنبتت لك واحتشت ... ابرا يضيق بها فناء المنزل )
( وأتاك يوسف يستعيرك ابرة ... ليخيط قد قميصه لم تفعل
******************
وقال آخر:-
بخيل يرى في الجود عار وإنما ... يرى المرء عارا أن يضن ويبخلا )
( إذ المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا )
******************
وقال آخر
( وآمرة بالبخل قلت لها اقصري ... فليس إليه ما حييت سبيل )
( ارى الناس اخوان الكريم وما أرى ... بخيلا له في العالمين خليل )
******************
وقال ربعي الهمذاني
( جمعت صنوف المال من كل وجهة ... وما نلتها إلا بكف كريم )
((339/15)
وإني لارجو أن أموت وتنقضي ... حياتي وما عندي يد للئيم )
******************
وقالوا في البخلاء :-
قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم ... واستوثقوا من رتاج الباب والدار )
( قوم إذا استنبح الضيفان كلبهم ... قالوا لأمهم بولي على النار )
فتمنع البول شحا أن تجود به ... وما تبول لهم إلا بمقدار )
( والخبز كالعنبر الهندي عندهم ... والقمح خمسون إردبا بدينار )
******************
وقال آخر:-
لا تبخلن بدنيا وهى مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسرف )
( فإن تولت فأحرى أن تجود بها ... فليس تبقي ولكن شكرها خلف
******************
وقال آخر:-
( تراهم خشية الأضياف خرسا ... يقيمون الصلاة بلا أذان )
******************
وقال آخر وقد بات عند بخيل
( فبتنا كأنا بينهم أهل مأتم ... على ميت مستودع بطن ملحد )
( يحدث بعضا بعضنا بمصابه ... ويأمر بعضا بعضنا بالتجلد )
******************
وقال آخر:-
لكل هم من الهموم سعه ... والبخل واللؤم لا فلاح معه ..
. قد يجمع المال غير آكله ... ويأكل المال غير من جمعه ...
أقبل من الدهر ما أتاك به ... من قر عينا بعيشه نفعه
*****************
وقال آخر:-
( وجيرة لا ترى في الناس مثلهم ... يكون لهم عيد وافطار )
أن يوقدوا يوسعونا من دخانهم ... وليس يبلغنا ما تطبخ النار )
******************
وقال آخر
( من كعب اعينا أخاكما ... على دهره إن الكريم معين )
( ولا تبخلا بخل ابن قزعة إنه ... مخافة أن يرجى نداء حزين )
( إذا جئته في حاجة سد بابه ... فلم تلقه إلا وأنت كمين )
******************
وقال آخر
( لو عبرالبحر بأمواجه ... في ليلة مظلمة باردة )
( وكفه مملوءة خردلا ... ما سقطت من كفه واحدة )
******************
وقال آخر
( يا قائما في داره قاعدا ... من غير معنى لا ولا فائدة )
( قد مات أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عليهم سورة المائدة )
******************
وقال آخر
((339/16)
نوالك دونه شوك القتاد ... وخبزك كالثريا في البعاد )
( فلو أبصرت ضيفا في منام ... لحرمت الرقاد إلى العباد )
5)الشكر:-
يقول محمود الوراق
( إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... علي له في مثلها يجب الشكر )
( فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الايام واتصل العمر )
( إذا مس بالسراء عم سرورها ... وإن مس بالضراء أعقبها الاجر )
( فما منهما إلا له فيه نعمة ... تضيق بها الأوهام والسر والجهر )
******************
وقال أبي العتاهية:
أحمد اللَهِ فَهوَ ألهمني الحم ... دَ على الحمد والمزيدُ لَدَيْه
كم زمانٍ بَكَيْتُ فيه فلمَّا ... صِرْتُ في غيره بكيتُ عليهِ
******************
وقال آخر:-
وما مرَّ يوم أرتجي فيه راحة ... فأفْقدُهُ إلاّ بكيتُ على أمسِ
*****************
وقال آخر
ولو ان لي في كل منبت شعرة ... لسانا يطيل الشكر كنت مقصرا )
******************
وقال آخر:-
والناس في هذه الدنيا على رُتبٍ ... هذا يُحطُّ وذا يعلو فيرتفع
فأخلِصِ الشكرَ فيما قد حبيتَ به ... وآثرِ الصبرَ كلٌّ سوف ينقطع
******************
وقال آخر:-
لأشكرن لك معروفا هممت به ... فإن همك بالمعروف معروف )
( ولاألومك إن لم يمضه قدر ... فالشر بالقدر المحتوم مصروف )
******************
وقال آخر:-
سأشكر لا أني أجازيك منعما ... بشكري ولكن كي يزاد لك الشكر )
( واذكر أياما لدي اصطنعتها ... وآخر ما يبقى على الشاكر الذكر )
******************
وقال آخر:-
إذا المرء لم يشكر قليلا أصابه ... فليس له عند الكثير شكور ..
. ومن يشكر المخلوق يشكر لربه ... ومن يكفر المخلوق فهو كفور
******************
وقال آخر:-
حافظ على الشكر كي تستجزل القسما ...من ضيع الشكر لم يستكمل النعما ... الشكر لله كنز لا نفاد له ... من يلزم الشكر لم يكسب به ندما
******************
وقال آخر
( أوليتني نعما أبوح بشكرها ... وكفيتني كل الامور بأسرها )
((339/17)
فلأشكرنك ما حييت وإن أمت ... فلتشكرنك أعظمي في قبرها )
******************
وقال آخر:-
لأشكرنك معروفا هممت به ... إن اهتمامك بالمعروف معروف
... ولا ألومك إن لم يمضه قدر ... فالشيء بالقدر المجلوب مصروف
******************
وقال آخر
( أيا رب قد احسنت عودا وبدأة ... إلي فلم ينهض بإحسانك الشكر )
( فمن كان ذا عذر لديك وحجة ... فعذري إقراري بأن ليس لي عذر )
******************
وقال محمود الوراق
( إلهي لك الحمد الذي أنت أهله ... على نعم ما كنت قط لها أهلا )
( إن زدت تقصيرا تزدني تفضلا ... كأني بالتقصير أستوجب الفضلا )
******************
وقال آخر
لشكر افضل ما حاولت ملتمسا ... به الزيادة عند الله والناس )
******************
وقال آخر:-
ومن يسدِ معروفًا إليك فكن له شكورًا يكن معروفه غيرَ ضائع
ولا تبخلنّ بالشكر والقَرض فاجزه تكن خير مصنوع إليه وصانع
******************
وقال ابن عباس
( إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وسمعي منهما نور )
( فهمي ذكي وقلبي غير ذي غفل ... وفي فمي صارم كالسيف مشهور )
******************
6)الضيف والضيافة:-
قال شمس الدين البديوي
إذا المرء وافى منزلا منك قاصدا ... قراك وأرمته لديك المسالك )
( فكن باسما في وجهه متهللا ... وقل مرحبا أهلا ويوم مبارك )
( وقدم له ما تستطيع من القرى ... عجولا ولا تبخل بما هو هالك )
( فقد قيل بيت سالف متقدم ... تداوله زيد وعمرو ومالك )
( بشاشة وجه المرء خير من القرى ... فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك
******************
وقال آخر:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا ... نحن الضيوف وأنت رب المنزل )
******************
وما أحسن ما قال سيف الدولة بن حمدان
( منزلنا رحب لمن زاره ... نحن سواء فيه والطارق )
وكل ما فيه حلال له ... إلا الذي حرمه الخالق )
******************
قال عاصم بن وائل
( وإنا لنقري الضيف قبل نزوله ... ونشبعه بالبشر من وجه ضاحك )(339/18)
******************
وقال بعض الكرام
( أضاحك ضيفي قبل أن أنزل رحله ... ويخصب عندي والمحل جديب )
( وما الخصب للاضياف أن تكثر القرى ... ولكنما وجه الكريم خصيب
******************
وقال آخر
( عودت نفسي إذا ما الضيف نبهني ... عقر العشار على عسر وإيسار )
ومن آداب الضيف أن يتفقد دابة ضيفه ويكرمها قبل إكرام الضيف
******************
7)المراقبة :-
يقول الشاعر:-
هب أن نظرتك التي أرسلتها عادت إليك مع الهوى بغزال
من فيك أسرع موقعاً نظر المهي فخف العظيم الواحد المتعالي
******************
وقال آخر:-
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
******************
وقال آخر:-
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ... خلوت ولكن قل على رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما تخفيه عنه يغيب
******************
وقال عبدالله بن المبارك:
حسبي بعلمي إن نفع ... ... ما الذل إلا في الطمع
من راقب الله رجع ... ... عن سوء ما صنع
ما طار طير وارتفع ... ... إلا كما طار وقع
8)حب الصحابة وآل البيت :-
قال الشاعر:-
إني أُحب أبا حفص وشيعته ... كما أحب عتيقا صاحب الغار )
( وقد رضيت عليا قدوة علما ... وما رضيت بقتل الشيخ في الدار
( كل الصحابة ساداتى ومعتقدي ... فهل علي بهذا القول من عار )
******************
يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن انزله
يكفيكم من عظيم الفخر انكم من لم يصل عليكم لا صلاة له
******************
وقال آخر:-
بلغ الأشواق والحب الصحابة سادة القوم وأرباب النجابه
هم حماة الدين أبطال الردى بل غيوث البذل بل آساد غابه
حبهم دين ومن يبغضهم ربنا في ناره الآخر أذابه
ذب عن أعراضهم إن كنت من ضربهم لا تعتدي كل ذبابه
وأطلب الآثار منهم إنهم علماء الدين فتواهم إصابه
******************
قال بعض الشعراء يمدح أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم :(339/19)
وقاتلت معنا الأملاك في أحد تحت العجاجة ما حادوا وما انكشفوا
سعد وسلمان والقعقاع قد عبروا إياك نعبد من سلسألها رشقوا
أملاك ربي بماء المزن قد غسلوا جثمان حنظلة والروح تختطف
وكلم الله من أوس شهيدهم من غير ترجمة زيحت له السجف
******************
وقال آخر:-
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
ولا يستطيع الفاعلون كفعلهم وإن حاولوا في النازلات وأجملوا
******************
وقال آخر:-
روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل ... إذا نحن فضلنا عليا فإننا
رميت بنصب عند ذكري للفضل ... وفضل أبي بكر إذا ما ذكرته
بحبيهما حتى أوسد في الرمل ... فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما
وقال آخر:-
ومن عجب أني أحن إليهم وأسأل عنهم من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
وقال آخر:-
أنا مسلم وأقولها مِلء الورى وعقيدتي نور الحياة وسؤددي
سلمانفيها مثل عمر لا ترى جنساً على جنس يفوق بمحتدي
وبلال بالإيمان يشمخ عزة ويدق تيجان العنيد الملحد
وخبيب أخمد في القنا أنفاسه لكن صوت الحق ليس بمُخْمدِ
ورمى صهيب بكل مال للعدا ولغير ربح عقيدة لم يقصد
إن العقيدة في قلوب رجالها من ذرة أقوى وألف مهند
****************
ومن أشعار بعض الصحابة ما روي أن ابو بكر قال لما
قُتل أمية بن خلف وقد كان يَسُومُه سوء العذاب بمكة فيخرجه إلى الرَّمْضاء، فيلقي عليه الصخرة العظيمة ليفارقَ دينَ الإسلام فيعصمه اللّه من ذلك:
هَنئياً زادك الرحمنُ خيراً ... ... فقد أدركْت، ثأرك يا بلالُ
فلا نِكْسا وُجِدْتَ ولا جباناً ... ... غداة تنوشُكَ الأسَل الطوالُ
إذا هاب الرّجال ثبتَّ حتى ... ... تخلِط أنْتَ ما هابَ الرّجالُ
على مضض الكُلُوم بمشرفيٍّ ... ... جَلاَ أطرافَ مَتْنَيْهِ الصِّقَالُ
*****************
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح مكة:
ألم تر أن اللَّهَ أظهر دِينَهُ ... ... على كل دينٍ قبل ذلك حائدِ(339/20)
وأمكنه من أهل مكة بعدما ... ... تدَاعَوْا إلى أمرٍ من الغي فاسدِ
غداةَ أجَالَ الخيلَ في عَرَصاتها ... ... مسوَمةً بين الزبير وخالد
فأمسى رسولُ الله قد عَزَّ نَصْرُهُ ... ... وأمْسى عدَاه مِنْ قتيل وشارِد
يريد الزبير بن العوام حَوَارِيّ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم، وخالِدَ ابن الوليد سيفَ الله تعالى في الأرض.
*****************
ولما قتله أبو لُؤُلُؤَة غلامُ المغيرةِ بن شُعْبَة، قالت عاتِكة بنت زيد بن عمرو ابن نفَيل زوجته ترثيه: الخفيف:
عَيْنُ جُودي بِعَبْرَةٍ ونَحِيبِ ... ... لا تملي على الأمين النجِيب
فجَعَتْني المنونُ بالفارسِ الْمُع ... ... لَم يوم الهياج والتثويبِ
عصْمَةُ الناس والمعينُ على الدَه ... ... ر وغيثُ المحروم والمحروبِ
قل لأهْلِ الضراءِ والبُؤس موتوا ... ... قد سقته المنُونُ كأسَ شعَوبِ
وقالت أيضاً ترثيه:
وفَجعني فيْرُوز لا دَرَّ درُه ... ... بأبيضَ تالٍ لِلْكِتابِ مُنِيبِ
رؤوف على الأدنى غليظ على العِدَا ... ... أخي ثقة في النائبات نجيبِ
متى ما يَقُلْ لا يكذب القولَ فِعلُه ... ... سريع إلى الخيرات غير قَطوبِ
وعاتكة هذه، هي أخت سعيد بن زيد، أحدِ العشرة الذين شهد لهم النبي، صلى الله عليه وسلم، بالجنَّة، وكانت تحت عبد اللّه بن أبي بكر، فأصابه سهْمٌ في غَزوَة الطائف فمات منه، فتزوجها عمر، رضي اللّه عنه، فقُتِل عنها، فتزوجها الزبير ابن العوام فقُتِلَ عنها، فكان علي، رضي الله عنه يقول: من أحبَّ الشهادة الحاضرة فليتزوج بعاتِكة.
*****************
ويروى عنه أنه قال بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها: الطويل:
أرى عِلَلَ الدنيا عليَّ كثيرةً ... ... وصاحِبُها حتى المماتِ عليلُ
لكل اجتماع من خليلين فُرْقَةٌ ... ... وإن الذي دُون المماتِ قليل
وإنْ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ ... ... دليل على ألاَ يدومَ خَليلُ
*****************(339/21)
وحجَ هشام بن عبد الملك، أو الوليد أخوه، فطافَ بالبيتِ وأرادَ استلامَ الْحَجَر فلم يقدر، فنُصِب له مِنبَرٌ فجلس عليه؛ فبينا هو كذلك إذْ أَقْبَلَ عليُ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في إزارِ ورِدَاء، وكان أحسنَ الناس وَجْهاً، وأعطرهم رائحة، وأكثرَهم خشوعاً، وبين عينيه سَجادة، كأنها رُكبة عنز، وطاف بالبيت، وأتى ليَسْتَلم الحجرَ، فتنحّى له الناسُ هيبة وإجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً؛ فقال رجلٌ من أهل الشام: مَن الَّذي أكرمه الناس هذا الإكرام، وأعظموه هذا الإعظام؟ فقال هشام: لا أعْرفه، لئلا يَعْظُمَ في صدور أهل الشام؛ فقال الفرزدق وكان حاضراً: البسيط:
هذا ابنُ خير عبادِ الله كلهِمُ ... ... هذا النقيُّ التقيُ الطاهرُ العَلَمُ
هذا الذي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وطأتُه ... ... والبيتُ يعرفُه والحل والحَرَمُ
إذا رأتْه قريشٌ قال قائلُها: ... ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرَمُ
يكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ راحتهِ ... ... رُكنُ الحطيم إذا ما جاء يستلم
*****************
مُشتقَّة من رسول اللّه نَبْعَتُهُ ... ... طابتْ عناصِرُه والخِيم والشِّيَم
يُنْمَى إلى ذِرْوة العزّ التي قصُرت ... ... عن نَيْلها عَرَبُ الإسلامِ والعَجَمُ
*****************
هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهِلَهُ ... ... بجدِّه أنبياءُ اللّه قد خُتِموا
اللَّهُ فضّله قِدْماً وشرّفَهُ ... ... جرى بذَاك له في لَوْحهِ القَلَمُ
مَنْ جدُهُ دانَ فَضْلُ الأنبياء لهُ ... ... وفَضْلُ أمّته دانَتْ له الأُمَمُ
عَمَ البريّةَ بالإحسان فانقشعتْ ... ... عنها الغيابةُ والإملاقُ والظُلمُ
*****************
ويقول الشيخ عائض القرني :
هم صفوة الأقوام فاعرف قدرهم ... وعلى هداهم يا موفق فاهتدِ
واحفظ وصية أحمد في صحبه ... واقطع لأجلهم لسان المفسدِ
عرضي لعرضهموا الفداء وإنهم ... أزكى وأطهر من غمام أبردِ
فالله زكاهم وشرّف قدرهم ... وأحلهم بالدين أعلى مقعدِ
شهدوا نزول الوحي بل كانوا له ... نعم الحماة من البغيض الملحدِ(339/22)
بذلوا النفوس وأرخصوا أموالهم ... في نصرة الإسلام دون ترددِ
ما سبهم إلا حقيرٌ تافهٌ ... نذلٌ يشوههم بحقدٍ أسودِ
لغبارُ أقدام الصحابة في الردى ... أغلى وأعلى من جبين الأبعدِ
ما نال أصحابَ الرسول سوى امرء ... تمت خسارته لسوء المقصدِ
9)الدعوة الى الله والنصيحة:-
وأنشد الأصمعي
( النصح أرخص ما باع الرجال فلا ... تردد على ناصح نصحا ولا تلم )
( إن النصائح لا تخفى مناهلها ... على الرجال ذوي الألباب والفهم )
******************
وقال آخر:-
تغمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فان النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا ارضي استماعه
فان خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
******************
وقال عائض القرني :–
أيا داعيا لله هاك وصيتي عليك بتقوى الله يا صاح أولا
وكن طلباً للعلم في كل ساعة حريصاً عليه مجملا ومفصلا
وبالحكمة أنصح لا تكن ذا شراسة غليظاً وفظاً صاخباً متعجلا
عليك بأمر الرفق فهو محبب وكن لا لاهي ذاكراً متبلا
وكن طيباً كالنحل يخرج طيباً وتخرج شهداً صافياً ومعسلا
ولا تك نذلاً كالذباب مجثماً علي كل جرح للمحاسن مغفلا
وغض عن الزلات واستر معائبا وسامح عن التقصير وأعف تفضلا
رحيما قريباً خاشعاً ذا عزيمة قوياً حليماً صامتاً متهللا
تقياً عفيفاً خاشعاًُ ذا عزيمة قوياً بأمر الله للناس موئلا
ولا تنه عن شي وتأتيه ظالماً فتستوجب المقت المعجل والقلا
وتابع رسول الله في كل خلة فسنته أغلي وأحلي وأنبلا
*****************
وقال آخر:-
فكم من عدو معلن لك نصحه ... علانية والغش تحت الأضالع .
.. وكم من صديق مرشد قد عصيته ... فكنت له في الرشد غير مطاوع .
.. وما الأمر إلا بالعواقب إنها ... سيبدو عليها كل سر وذائع
*****************
وقال آخر:-
إذا نصحت لذي عجب لترشده ... فلم يطعك فلا تنصح له أبدا ...
فإن ذا العجب لا يعطيك طاعته ... ولا يجيب الى إرشاده أحدا .
..(339/23)
وما عليك وإن غاو غوى حقبا ... إن لم يكن لك قربى أو يكن ولدا
10)أحوال أهل الجاهلية:-
يقول قائلهم:-
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشدِ
******************
وقال آخر:-
ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
******************
وقال آخر:-
ونشرب إن وردنا الماء صفوا ملأنا البر حتى ضاق عنا
إذا بلغ الرضيع لنا فطاماويشرب غيرنا كدرا وطينا
ونحن البحر نملأه سفيناتخر له الجبابر ساجدينا
******************
ويقول أحدهم في الخمر:
إذا ما مت فادفني إلى جنب كرمة ولاتدفني بالفلاة فإنني
تروي عظامي بعد موت عروقها أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
11)الشورى:-
قال الشاعر:-
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن يترددا
******************
فأضاف إليه آخر:
( وإن كنت ذا عزم فانفذه عاجلا ... فإن فساد العزم أن يتقيدا
******************
وقال آخر:-
إن اللبيب إذا تفرق أمره ... فتق الأمور مناظرا ومشاورا )
( وأخو الجهالة يستبد برأيه ... فتراه يعتسف الأمور مخاطرا
******************
وقال آخر:-
إذا بلغ الرأيُ المَشُورَةَ فاستَعِنْ ... ... بعَزْم نصيحٍ أو مشورةِ حازمِ
ولا تحسَبِ الشُّورى عليك غَضاضةً ... ... فإنّ الخوَافِي قوة للقوادمِ
وما خيرُ كَفٍّ أمسكَ الغُل أُخْتَها ... ... وما خيرُ سيفٍ لم يُؤَيَّدْ بقائمِ
12)الموت:-
قال الشاعر:-
حتى سليمان ما تم الخلود له والريح تخدمه والبدو والحضر
دانت له الأرض والأجناد تحرسه فزاره الموت لا عين ولا أثر
****************
وقال آخر:-
أبداً تصرُّ على الذنوب ولا تعي وتكثر العصيان منك وتدَّعي
أبداً ولا تبكي كأنك خالد وأراك بين مودِّعٍ ومشيِّعِ
******************
وقال أبو العتاهية:
لِدوا للموت وابنوا للخراب ... ... فكلكم يصير إلى تباب
لمن نبني ونحن إلى ترابٍ ... ... نصير كما خلقنا للتراب
ألا يا موت لم تقبل فداءً ... ... أتيت فما تحيف ولا تحابي(339/24)
كأنك قد هجمت على مشيبي ... ... كما هجم المشيب على شبابي
******************
وقال آخر:-
فكم من صحيحٍ بات للموت آمناً ... ... أتته المنايا بغتةً بعد ما هجع
فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتةً ... ... فراراً ولا منه بحيلةٍ امتنع
ولا يترك الموت الغنى لماله ... ... ولا معدماً في المال ذا حاجةٍ يدع
******************
وقال آخر:-
هو الموت ما منته ملاذ ومهرب متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالاً ونرجوا نتاجها وعل الردى مما نرجيه أقرب
ونبني القصور المشمخرات في الهوا وفي علمنا أنا نموت وتخرب
******************
وقال أبو العتاهية:
لا تَأْمَنِ الموتَ في طَرْف وفي نَفَس ... ... ولو تَمَنَعْتَ بالحُجَّابِ والحَرَسِ
فما تزالُ سِهَامُ الموتِ نافذةً ... ... في جَنبِ مُدَّرعٍ منّا ومُتَّرسِ
ما بالُ دينكَ تَرْضَى أن تُدَنِّسَهُ ... ... وثوبُك الدهر مَغسولٌ من الدَّنَسِ
ترجو النَجاةَ ولم تَسْلُكْ مسَالِكَها ... ... إن السفينةَ لا تجرِي على يَبَس
******************
وقال آخر:-
الموت لاشك آتٍ فاستعد له إن اللبيب بذكر الموت مشغول
فكيف يلهو بعيشٍ أو يلذ به من التراب عليه عينيه مجعول
******************
و أنشدوا :
أذكر الموت و لا أرهبه إن قلبي لغليظ كالحجر
أطلب الدنيا كأني خالد و ورائي الموت يقفو بالأثر
و كفى بالموت فاعلم واعظاً لمن الموت عليه قد قدر
و المنايا حوله ترصده ليس ينجي المرء منهن المفر
******************
و قال آخر :
بينا الفتى مرح الخطا فرح بما يسع له إذ قيل : قد مرض الفتى
إذ قيل : بات بليلة ما نامها إذ قيل : أصبح مثخناً ما يرتجى
إذ قيل : أصبح شاخصاً و موجها و معللاً . إذ قيل : أصبح قد قضى
******************
وقال آخر
يا مغرماً بوصال عيشٍ ناعم ستصد عنه طائعاً أو كارها
إن المنية تزعج الأحرار عن أوطانهم والطير عن أوكارها
******************
وقال آخر
تيَّقظ للذي لا بد منه فإن الموت ميقات العباد
يسرُّك أن تكون رفيق قوم لهم زادٌ وانت بغير زاد(339/25)
******************
وقال آخر:-
و لدتك إذ ولدتك أمك باكياً و القوم حولك يضحكون سروراً
فاعمل ليوم أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
******************
وقال آخر:-
يا ابن آدم لا تغررك عافية عليك شاملة فالعمر معدود
ما أنت إلا كزرع عند خضرته بكل شيء من الأوقات مقصود
فإن سلمت من الآفات أجمعها فأنت عند كمال الأمر محصود
******************
وقال آخر:-
أرى المرء يبكي للذي مات قبله ومةت الذي يبكي عليه قريب
وما الموت إلا في كتابٍ مؤجل الى ساعةٍ يُدعى لها فيُجيب
******************
وقال آخر:-
الليل مهما طال فلا بُد من طلوع الفجر
والعمر مهما طال فلا بد من دخول القبر
******************
وقال آخر:-
الموت باب وكل الناس داخله ياليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم ان عملت بما بما يرضي الاله وان فرطت فالنار
وقال آخر:-
إذا الرجال ولدت أولادها ... وبليت من كبر أجسادها
وأصبحت أمراضها تعتادها ... تلك زروع قد دنا حصادها
******************
وقال آخر:-
أين المفر من القضا ء مشرقًا ومغربا
انظر ترى لك مذهبًا أو ملجأً أو مهربا
سلّم لأمر الله وارض به وكن مترقبا
فلقد نعاك الشيب يوم رأيت رأسك أشيبا
******************
وكان عمر بن الخطاب يتمثل:
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ... ... يبقى الإله ويودي المال والولد
لم تغن عن هرمزٍ يوماً خزائنه ... ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له ... ... والإنس والجن فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت لعزتها ... ... من كل أوبٍ إليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كذبٍ ... ... لابد من ورده يوماً كما وردوا
******************
وقال آخر:-
لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ * من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد * ولا يدوم على حال لها شانُ
******************
وقال آخر:-
إذا تم أمر بدا نقصه ... ترقب زوالا إذا قيل تم )(339/26)
******************
وقال آخر:-
و بينما المرءُ أمسى ناعماً جذلاً **** في أهله معجباً بالعيش ذا أنَقِ
غِرّاً ، أتيح له من حَينِهِ عَرَضِ **** فَمَا تَلبّثَ حتى مات كالصَّعِقِ
ثُمّتَ أضحى ضحى من غِبَّ ثالثة ****مُقنّعاً غير ذي روحٍ ولا رَمَقِ
يُبكي عليه و أَدنوهُ لمُظلِمَةٍ **** تُعلى جوانبها بالتُرب و الفِلَقِ
فما تَزَوَّدَ مما كان يَجمعُهُ **** إلا حَنوطاً و ما واراهُ مِن خِرَقِ
و غيرُ نَفْحَةِ أعوادٍ تُشَبُّ له **** وقلَّ ذلك من زادٍ لمُنطِلقِ
******************
وقال آخر:-
وكأن بالداعِ قد يبكي **** عليه اقربوهُ
و كأن القوم قد قاموا **** فقالوا : أدركوهُ
سائلوه ، كلموهُ ****حرّكوه ، لقنوهُ
حرِّفوه ، وجِّهوهُ **** مدِّدوه ، غمضوهُ
عجَّلوه لرحيلٍ **** عجّلوا لا تحبسوهُ
ارفعوه ، غسلوهُ **** كفِّنوه ، حنّطوهُ
فإذا ما لُفَّ في الأكفان **** قالوا : فاحملوهُ
أخرجوه فوق أعواد **** المنايا شيّعوهُ
فإذا صلوا عليه ****قيل : هاتوا و اقبروهُ
فإذا ما استودعوه **** الأرض رهناً تركوهُ
خلّفوه تحت رمسٍ **** أو قروهُ ، أثقلوهُ
أَبعدوهُ ، أَسحَقوه **** أوحَدوه ، افردوهُ
ودّعوه ، فارقوه **** اسلَموه ، خلَّفوه
و انثنوا عنه و خلّوه **** كأن لم يعرفوهُ
( أين الذي الهرمان من بنيانه ... ما قومه ما يومه ما المصرع )
( تتخلف الآثار عن سكانها ... حينا ويدركها الفناء فتصرع )
******************
وقال آخر:-
للموت فينا سهام وهي صائبة ... من فاته اليوم سهم لم يفته غد
******************
وقال أبو البقاء الرندي:-
فلا تنس يوماً تسجَّى على **** سريرك فوق رقاب النَفَر
أترجو البقاء وهذا محال ... ... ولله عز وجل البقاء
فلو كان للفضل يبقى كريم ... ... لما مات من خلقه الأنبياء
تموت النفوس وتبقى الشخوص ... ... وعند الحساب يكون الجزاء
وقال لبيد:-
المرء يأمل أن يعي ... ... ش وطول عيشٍ قد يضره
تفني بشاشته ويبقى ... ... بعد حلو العيش مره(339/27)
وتخونه الأيام حتى ... ... لا يرى شيئاً يسره
... ******************
وقال آخر:-
إذا الرجال ولدت أولادها واضطربت من كبرٍ أعضادها
وجعلت أسقامها تعتادها فهي زروع قددنا حصادها ...
...
******************
وقال آخر:-
كنك بالمضي إلى سبيلك وقد جد المجهز في رحيلك
وجيء بغاسل فاستعجلوه بقولهم له أفرغ من غسيلك
ولم تحمل سوى كفن وقطن إليهم من كثيرك أو قليلك
وقد مد الرجال إليك نعشاً فأنت عليه ممدود بطولك
وَصَلوا ثم إنهم تداعوا لحملك في بكورك أو أصيلك
ولما أسلموك نزلت قبرك ومن لك بالسلامة في نزولك
أعانك يوم تدخله رحيم رؤف بالعباد على دخولك
فسوف تجاور الموتى طويلاً فدعني من قصيرك أو طويلك
أخي إني نصحتك فاستمع لي وبالله استعنت على قبولك
ألست ترى المنايا كل يوم تصيبك في أخيك وفي خليلك
******************
ولأبي العتاهية، ويروى لغيره:
إنَّ الطَّبيب بطبِّه ودوائه ... ... لا يستطيع دفاع مكروهٍ أتى
ماللطَّبيب يموت بالدَّاء الذي ... ... قد كان يبرئ مثله فيما مضى
******************
وقال آخر:-
كم من عليلٍ قد تخطَّاه الرَّدى ... ... فنجا ومات طبيبه والعوَّد
******************
وقال آخر:-
هلك المداوي والمداوى والذي ... جلب الدواء وباعه والمشتري )
******************
وقال آخر:-
كل باك فسَيُبكَى
كل مَذْكور سَيُنْسَى ... ...
وكل ناعٍ فَسَيُنعَى
ليس غيرُ الله يبقى
من علا فالله أعلى
وقال آخر:-
مشيناها خُطا كُتبت علينا ومن كُنبت عليه خُطاً مشاها
ومن كانت ميته بأرضٍ فليس يموت في أرضٍ سواها
******************
وقال آخر:-
ضعوا خدي على لحدي ضعوه **** و مِن عَفْر التراب فوسٍّدوه
وشُقوا عنه أكفاناً رقاقاً **** وفي الرمْس البعيد فغيّبوه
فلو أبصرتموهُ إذا تقضت **** صبيحة ثالثٍ : أنكرتموه
وقد مالت نواظرُ مقلتيه ***على وَجَناته ، فرفضتموه
******************
وقال أخر:-
وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفر منها الأنامل
******************
وقال آخر:-(339/28)
أشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك
ولا تجزع من الموت إذا حل بواديك
13)الفراق والوداع :-
قال الشاعر:-
أاحبابنا بنتم عن الدار فاشتكت ... لبعدكم آصالها وضحاها )
( وفارقتم الدار الأنيسة فاستوت ... رسوم مبانيها وفاح كلاها )
( كأنكم يوم الفراق رحلتم ... بنومي فعيني لا تصيب كراها )
( وكنت شحيحا من دموعي بقطرة ... فقد صرت سمحا بعدكم بدماها )
( يراني بساما خليلي يظن بي ... سرورا وأحشائي السقام ملاها )
( وكم ضحكه في القلب منها حرارة ... يشب لظاها لو كشفت غطاها )
( رعى الله أياما بطيب حديثكم ... تقضت و حياها الحيا وسقاها )
( فما قلت إيها بعدها لمسامر ... من الناس إلا قال قلبي آها )
******************
وقال آخر:-
بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الود إلا ما رجعتم إلى وصلي )
( ولا تحرمونى نظرة من جمالكم ... فلن تجدوا عبدا ذليلا لكم مثلي )
( فوالله ما يهوى فؤادي سواكم ... ولو رشقوه بالأسنة والنبل )
******************
وقال آخر:-
بكت عيني غداة البين حزناً ... ... والأخرى بالبكا بخلت علينا
فجازيت التي جادت بدمع ... ... بأن أقررتها بالوصل عينا
وجازيت التي جادت بدمعٍ ... ... بأن غمّضتها يوم التقينا
******************
وقال آخر:
أقول له حين ودَّعته ... ... وكلٌّ بعشرته مبلس
لئن رجعت عنك أجسامنا ... ... لقد سافرت معك الأنفس
******************
وقال آخر:
أحجَّاج بيت الله في أيِّ هودجٍ ... ... وفي أيِّ خدرٍ من خدوركم قلبي
أأبقى نحيل الجسم في أرض غربةٍ ... ... وحاديكم يحدو بقلبي مع الرَّكب
******************
وقال آخر:-
ودعت قلبي حين ودعتهم وقلت يا قلبي عليك السلامُ
وصحتُ بالنوم انصرف راشداً فإن عيني بعدهم لا تنامُ
******************
قال الشافغي:
يعيشها بعد أودائه ... واحسرة للفتى ساعة
رمى به بعد أحبابه ... عمر الفتى لو كان في كفه
14) القبر:-
وكل ابن أنثى لو تطاول عمره ... إلى الغاية القصوى فللقبر آيل
******************
وقال آخر:-(339/29)
غيرت موضع مرقدي ... يوما ففارقني السكون )
( قل لي فأول ليلتي ... في حفرتي أني أكون
******************
وقال آخر:-
أتيت القبور فناديتها أين المعظم والمحتقر
تفانوا جميعا وماتوا جميعا ومات الخبر
تروح وتغدو بنات الثرى فتمحو محاسن تلك الصور
فياسائلي عن اناس مضو أما لك في مامضى معتبر
******************
وقال أخر:-
والله لو عاش الفتى من عمره الفاًمن الاعوام مالك أمره
متنعماً فيها بكل نفيسة متنعما فيها بنعمى عصره
لا يعتريه الهم طول حياته أبدا ولا تجري الهموم بباله
ما كان ذلك كله في أن يفي بمبيت أول ليلة في قبره
******************
وقال آخر:-
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم ... غلب الرجال فلم تنفعهم القلل )
( واستنزلوا من أعالي عز معقلهم ... فأسكنوا حفرة يا بئس ما نزلوا )
( فإذا همو صارخ من بعد ما دفنوا ... أين الاسرة والتيجان والحلل )
( أين الوجوه التي كانت محجبة ... وكان من دونها الاستار والكلل )
فافصح القبر عنهم حين ساءلهم ... تلك الوجوه عليها الدود يقتتل )
( قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا .. فأصبحوا بعد ذاك الأكل قد اكلوا
******************
وقال آخر:-
يا كثير الرقاد والغفلات ... ... كثرة النوم تورث الحسرات
إن في القبر إذ نزلت إليه ... ... لرقادا يطول بعد الممات
أأمنت الثبات من ملك المو ... ... ت أم أنادي مناد بالبينات
******************
وقال آخر:-
ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعى لديه ضائع
إن عذبوا فبعد له أونعموا فبفضله وهو الكريم الواسع
******************
ولأبي العتاهية:
سألت الدار تخبرني عن الأحباب ما فعلوا
فقالت لي أناخ القوم أياماً وقد رحلوا
قلت فأين أطلبهم؟ وأيّ منازلٍ نزلوا
فقالت بالقبور وقد لقوا والله ما فعلوا
أناسٌ غرّهم أملٌ فبادرهم به الأجل
فنوا وبقي على الأيام ما قالوا وما عملوا
وأثبت في صحائفهم قبيح الفعل والزلل
فلا يستعتبون ولا لهم ملجأ ولا حيل
ندامى في قبورهم وما يغني وقد حصلوا(339/30)
******************
وقال آخر
خرجت من الدنيا وقامت قيامتي ... ... غدا يثقل الأشخاص حمل جنازتي
وتضحك أهلي حول قبري وصيروا ... ... خروجي وتعجيلي إليه كرامتي
كأنهم لم يعرفوا قط صورتي ... ... عليهم غدا يأتي كيومي وساعتي
******************
وقال آخر:=
هب أنك قد ملكت الأرض ... ودان لك العبادُ فكان ماذا
أليس إذن مصيرك جوف قبر ... ويحثي التُرب هذا ثم هذا
******************
ولبعضهم:-
( قف بالديار فهذه آثارهم ... تبكي الأحبة حسرة وتشوقا )
( كم قد وقفت بها اسائل أهلها ... عن حالها مترحما أو مشفقا )
( فأجابني داعي الهوى في رسمها ... فارقت من تهوى وعز الملتقى )
وقال آخر:-
لاه بدنياه والأيام تنعاه والقبر غايته واللحد مثواه
يلهو ول كان يدري ما أعد له إذا لأحزنه ما كان ألهاه
أو ما جنت يده لو كنت تعرفه ويلاه مما جنت كفاه ويلاه
******************
وقال آخر:-
وما هي إلا ليلة ثم يومها ويوم إلى يوم وشهر إلى شهر
مطايا يقربن الجديد إلى البلى ويدنين أشلاء الصحيح إلى القبر
ويتركن أزواج الغيور لغيره ويقسمن ما يحوي الشحيح من الوفر
******************
وقال آخر:-
قف بالقبور وقل على ساحاتها من منكم المغمور في ظلماتها
ومن المكرم منكم في قعرها قد ذاق برد الأمن من روعاتها
أما السكون لذي العيون فواحد لا يستبين الفضل في درجاتها
لو جاوبوك لأخبروك بألسن تصف الحقائق بعد من حالاتها
أما المطيع فنازل في روضة يفضي إلى ما شاء من دوحاتها
والمجرم الطاغي بها متقلب في حفرة يأوى إلى حياتها
وعقارب تسعى إليه فروحه في شدة التعذيب من لدغاتها
15)ترك الذنوب:-
قال ابن المعتز :
خلى الذنوب صغيرها ... ... وكبيرها فهو التقى
واصنع كماش فوق ... ... أرض الشوك يحذر مايرى
ولاتحقرن صغيرة ... ... إن الجبال من الحصى
******************
وقال عبدالله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب ... ويتبعها الذلّ إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها(339/31)
وهل بدلّ الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها
وباعوا النفوس فلم يربحوا ولم تغل في البيع أثمانها
لقد رتع القوم في جيفة ... يبين لذي العقل إنتانها
******************
وقال آخر:-
تفنى اللذاذة ممن نال لذتها
من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبّتها
لاخير في لذة من بعدها النار
******************
وقال آخر:-
قد سودت وجهي المعاصي ... ... وأثقلت ظهري الذنوب
وأورثني ذكرها سقاماً ... ... وليس لي في الورى طبيبُ
يا شؤم نفسي غداة عرضي ... ... إذا أحاطت بي الكروب
والداعي لما دعاني باسمي ... ... أنت تقرأ وما يجيب
هذا كتاب الذنوب فاقرأ ... ... فعندها تظهر العيوب
******************
وقال آخر:
أتفرح بالذنوب وبالمعاصي ... ... وتنسى يوم يؤخذ بالنواصي
وتأتي الذنب عمداً لا تبالي ... ... ورب العالمين عليك حاصي
*****************
وقال آخر:-
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... ... درك الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدما ... ... منها إلى الدنيا بذنب واحد
16)الاخلاص والعمل بما يقول:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً ... ... إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها
كالملبس الثوب من عريٍ وعورته ... ... للناس بادية ما إن يواريها
وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه ... ... في كل نفسٍ عماها عن مساويها
عرفانها بعيوب الناس تبصرها ... ... منهم، ولا تبصر العيب الذي فيها
******************
وقال آخر:-
ماأقبح التَّزهيد من واعظٍ ... ... يزهِّد النَّاس ولا يزهد
لو كان في تزهيده صادقاً ... ... أصحى وأمسى بيته المسجد
إن رفض الدنيا فما باله ... ... يكتنز المال ويسترفد
يخاف أن تنفد أرزاقه ... ... والرزق عند الله لا تنفد
الرزق مقسومٌ على من ترى ... ... يسعى له الأبيض والأسود
******************
وقال عبدالله بن المبارك:
مابال دينك ترضى أن تدنسه ... وثوبك الدهر مغسول من الدنس
ترجو النجاة ولم تسلك طريقتها ... إن السفينة لا تجري على اليبس
******************
وقال آخر:-
لو صدقت الله فيما زعمته لعاديت من بالله ويحك يكفرُ(339/32)
وواليت أهل الحق سراً وجهرة ولما تعاديهم وللكفر تنصرُ
فما كل من قد قال ما قلت مسلم ولكن بأشراط هناك تذكرُ
مباينة الكفار فى كل موطن بنا جاءنا النص الصحيح المقرر
وتخضع بالتوحيد بين ظهورهم تدعوهم لذاك وتجهر
******************
وقال آخر:-
( يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم )
( تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى . كيما يصح به وأنت سقيم )
( ونراك تصلح بالرشاد عقولنا ... أبدا وأنت من الرشاد عديم )
( فابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم )
( فهناك يقبل ما تقول ويهتدى ... بالقول منك وينفع التعليم )
( لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
******************
وقال آخر:-
أتحب أعداء الحبيب وتدّعي ... حباً ما ذاك في إمكان
وكذا تعادي جاهداً أحبابه ... ... أين المحبةُ يا أخا الشيطان؟
شرط المحبة أن توافق من تحبُّ ... على محبته بلا عصيان
فإذا ادّعيت له المحبة مع خلافك ... ما يحب فأنت ذو بهتان
******************
وقال آخر:-
تلم المرء على فعله وأنت منسوب إلى مثله
من ذم شيئا وأتى مثله فإنما يزرى على عقله
17)ذم من يضرب النساء
قال الشاعر:-
رأيت رجالا يضربون نساءهم ... فشلت يميني يوم تضرب زينب )
( أأضربها من غير ذنب أتت به . فما العدل مني ضرب من ليس يذنب )
( فزينب شمس والنساء كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب )
18)فضل الطاعة:
يقول محمود الوراق:
هاكّ الدَّليل لمن أرا ... ... د غنىً يدوم بغير مال
وأراد عزَّاً لم توطِّ ... ... ده العشائر بالقتال
ومهابةً من غير سل ... ... طانٍ وجاهاً في الرِّجال
فليعتصم بدخوله ... ... في عزِّ طاعة ذي الجلال
وخروجه من ذلة ال ... ... عا صي له في كلِّ حال
******************
وقال آخر:-
تعصي الإله وأنت تظهر حبَّه ... ... هذا محالٌ في القياس بديع
لو كان حبُّك صادقاً لأطعته ... ... إن المحبَّ لمن يحبُّ مطيع
في كل يوم يبتديك بنعمةٍ ... ... منه وأنت لشكر ذاك مضيع
******************(339/33)
وقال أبو العتاهية:
أراك امرءاً ترجو من الله عفوه ... ... وأنت على مالا يحبُّ مقيم
فحتّى متى تعصي ويعفو إلى متى ... ... تبارك ربِّي إنَّه لرحيم
******************
وقال عبد الله بن المبارك:_
أيضمن لي فتى ترك المعاصي ... ... وأرهنه الكفالة بالخلاص
أطاع الله قوم فاستراحوا ... ... ولم يتجرّعوا غضض المعاصي ديوان
19)علو الهمة
يقول الشاعر:-
لا تحقرنَّ صغير الجسم تحسبه بالجسم يبلغ آفاقا وأمجادا
لكنها همم تسمو بصاحبها وهمتي ذكرت بي الدهر أحفادا
******************
وقال آخر:-
لا يدرك المجد إلا سيد فطن بما يشق على السادات فعال
لولا المشقة سادَ الناس كلهمو الجود يفقر والإقدام قتال
******************
وقال آخر:-
... ...
وكُلُّ شَجاعةٍ في المرء تُغنِي ... ولا مِثلَ الشّجاعة في الحَكِيمِ
وكم من عائِبٍ قَولاً صَحيحًا ... وآفَتهُ مِنَ الفَهمِ السّقِيمِ
ولكِنْ تَأخذُ الآذان منهُ ... على قَدَرِ القَرائِحِ والعُلُومِ
******************
وقال آخر:-
وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام
******************
وقال آخر:-
موت التقي حياة لا نفاد لها ... قد مات قوم وهم في الناس أحياء )
******************
وقال آخر:-
تأخرتُ أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
وليس على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما
******************
وقال آخر:-
قل للذي بصروف الدهر عيّرنا هل حارب الدهرُ إلا من له خطرُ
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف وتستقر بأقصى قعره دررُ
وفي السماء نجوم لا عداد لها وليس يكسف إلا الشمس والقمر
******************
وقال آخر:-
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ فهي الشهادة لي بأني كاملُ
******************
وقال آخر:-
سأترك ماءكم من غير ورد ... وذاك لكثرة الوراد فيه )
( إذا سقط الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه )
وتجتنب الأسود ورود ماء ... إذا كان الكلاب ولغن فيه )
( ويرتجع الكريم خميص بطن ... ولا يرضى مساهمة السفيه )(339/34)
******************
وقال آخر:-
هل أشرق الفجر إلا من مآذننا وهل همى الغيث إلا من مآقينا
حتى النجوم على هاماتنا سجدت والشمس في حسنها قامت تحيينا
******************
وقال آخر:-
دعنا نسافر في دروب آبائنا ... ... و لنا من الهمم العظيمة زاد
ميعادنا النصر المبين فإن يكن ... ... موت فعند إلهنا الميعاد
دعنا نمت حتى ننال شهادة ... ... فالموت في درب الهدى ميلاد
******************
وقالت إمرأة تزوجت الحجاج:-
وما هند إلا مهرة عربية ... سليلة أفراس تحللها بغل )
( فإن ولدت فحلا فلله درها ... وإن ولدت بغلا فجاء به البغل
******************
وقال آخر:-
فحيهلا إن كنت ذا همة فقد **حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا
ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد **و دعه فإن العزم يكفيك حاملا
******************
وقال محمد إقبال:-
وخل الهوينا للضعيف ولا تكن **** نؤوما فإن الحزم ليس بنائم
همم الأحرار تحيي الرمما **** نفخة الأبرار تحيي الأمما
******************
وقال عبد الوهاب عزام:-
قلت للصقر وهو في الجو عال : **** اهبط الأرض فالهواء جديب
قال لي الصقر : في جناحي وعزمي **** وعنان السماء مرعى خصيب
******************
وقال وليد الأعظمي:-
قد نهضنا للمعالي و مضى عنا الجمود ورسمناها خطى للعز و النصر تقود
فتقدم يا أخا الإسلام قد سار الجنود ومضوا للمجد إن المجد بالعزم يعود
******************
وقال آخر:-
خذوا كل دنياكم واتركوا
فؤادي حرا طليقا غريبا
فاني أعظمكم ثروة و إن
خلتموني وحيدا سليبا
*****************
وقال آخر:-
في ضميري دائماً صوت النبي **** آمراً : جاهد و كابد و اتعب
صائحاً : غالب و طالب و ادأب **** صارخاً : كن أبداً حراً أبي
*****************
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
*****************
وقال آخر:-
علي قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتى علي قدر الكرم المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم(339/35)
*****************
وقال آخر:-
إذا غامرت في شرف مرومٍ ... فلا تقنع بما دون النجوم
وقال آخر:-
هيأوك لأمر لو فطنت له * فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
*****************
وقال آخر:-
فلا تحسبوا أن المعالي رخيصة ولا أن إدراك العلى هين سهل
فما كل من يسعى إلى المجد ناله ولا كل من يهوى العلا نفسه تعلو
*****************
وقال آخر:-
فكن رجلاً رجله في الثرى وهامة همته في الثريا
*****************
وقال آخر:-
لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ
*****************
وقال آخر:-
اطلب ولا تضجر من مطلبٍ فآفة الطالب أن يضجرا
****************
أما ترى الحبل بطول المدى على صليب الصخر قد أثرا
****************
وقال آخر:-
ولم أرَ في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمامِ
****************
وقال آخر::
ومن تكن العلياء همة نفسه فكل الذي يلقاه فيها محببُ
****************
وقال آخر:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابرِ
***************
وقال المتنبي:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ
وقال آخر:-
تراه من الذكاء نحيل جسمٍ عليه من توقده دليلُ
إذا كان الفتى ضخم المعالي فليس يضيره الجسم النحيلُ
20)قيام الليل
قال الشاعر:-
قلت يا ليل هل بجوفك سرُّ عامر بالحديث والأسرارِ
قال لم ألق في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسحارِ
*****************
وسئل عبدالله بن المبارك عن صفة الخائفين فقال:
إذا ما الليل أظلم كابدوه ... ... فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا ... ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود ... أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت عليهم من سكينتهم خشوع
*****************
وقال آخر:-
يا أيها الراقد كم ترقد ... قم يا حبيبي قد دنا الموعد )
( وخذ من الليل ولو ساعة ... تحظى إذا ما هجع الرقد )
( من نام حتى ينقضي ليله ... لم يبلغ المنزل لو يجهد )(339/36)
قل لذوي الألباب أهل التقى ... قنطرة الحشر لكم موعد
*****************
وقال آخر:-
يارجال الليل جدوا **** رب صوت لا يرد
ما يقوم الليل إلا **** من له عزم وجِدُّ
*****************
وقال آخر:-
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا **** ( الله أكبر ) في شوق وفي جذل
أرواحهم خشعت لله في أدب **** قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم : ربنا جئناك طائعة **** نفوسنا ، وعصينا خادع الأمل
إذا سجى الليل قاموه و أعينهم **** من خشية الله مثل الجائد الهطل
هم الرجال فلا يلهيهم لعب **** عن الصلاة ، ولا أكذوبة الكسل
****************
وقال عبد الوهاب عزام:-
قلت لليل : كم بصدرك سر **** أنبئني ما أروع الأسرار ؟
قال : ما ضاء في ظلامي سر **** كدموع المنيب في الأسحار
*****************
وقال آخر:-
تتجافى جنوبهم عن المضاجع
كلهم مابين خائف متهجد وطامع
تركوا لذة الكرى للعيون الهواجع
وأستهلّت عيونهم فائضات المدامع
ودعوا ياربنا ياجميل الصنائع
*****************
وقال آخر:-
يا مطولاً بالقيام مستلذاً بالمنام
قم فقد فاتك يا مغبون أرباح الكرام
وخلوا دونك بالمو لى وفازوا بالمرام
وكذا تسبقك القو م إلى دار السلام
*****************
وقال آخر:-
( يا راقدا والجليل يحفظه ... من كل سوء يكون في الظلم )
( كيف تنام العيون عن ملك ... يأتيك منه فوائد النعم )
*****************
و إنها تجربة إقبال يوجزها فيقول :
نائح والليل ساج سادل **** يهجع الناس و دمعي هاطل
تصطلي روحي بحزن وألم **** ورد ( يا قوم ) أنسي في الظلم
*****************
وقال آخر:-
أنا كالشمع دموعي غسلي **** في ظلام الليل أذكي شعلي
محفل الناس بنوري يشرق **** أنشر النور و نفسي أحرق
*****************
وقال وليد الاعظمي:-
ياليل قيامك مدرسة **** فيها القرآن يدرسني
معنى الإخلاص فألزمه **** نهجاً بالجنة يجلسني
و يبصرني كيف الدنيا **** بالأمل الكاذب تغمسني(339/37)
مثل الحرباء تلونها **** بالإثم تحاول تطمسنى
فأباعدها و أعاندها **** و أراقبها تتهجسني
فأشد القلب بخالقه **** والذكر الدائم يحرسني
*****************
وقال آخر:-
أألهتك الذائذ والاماني عن البيض الاوانس في الجنانِ
تعيش مخلَّداً لا موت فيها وتلهو في الجنان مع الحِسانِ
تنبه من منامك إنَّ خيراً من النوم التهجد بالقرآن ِ
*****************
وقال آخر:-
امنع جفونك أن تذوق مناما وذر الدموع على الخدود سجاما
وأعلم بأنك ميَّتٌ ومحاسب يا من على سخط الجليل قد أقاما
لله قومٌ أخلصوا في حبه فرضي بهم واختصهم خُداما
قومٌ إذا جنَّ الظلام عليهم باتوا هنالك سُجدا وقياما
****************
21)الصلاة:-
خسر الذي ترك الصلاة وخابا ... وأبى معادا صالحا ومآبا )
إن كان يجحدها فحسبك أنه ... أضحى بربك كافرا مرتابا )
( أو كان يتركها لنوع تكاسل ... غطى على وجه الصواب حجابا )
( فالشافعي ومالك رأيا له ... إن لم يتب حد الحسام عقابا )
( والرأي عندي للإمام عذابه ... بجميع تأديب يراه صوابا
*****************
22)أكل الحرام:-
يحجون بالمال الذي يجمعونه ... حراما إلى البيت العتيق المحرم )
( ويزعم كل منهمو أن وزره ... يحط ولكن فوقه في جهنم )
*****************
وقال آخر:-
إذا حججت بمال أصله دنس ... فما حجت ولكن حجت العير )
( ما يقبل الله إلا كل طيبة ... ما كل من حج بيت الله مبرور
23)البكاء من خشية الله :-
قال الشاعر:-
أنام على سهو و تبكي الحمائم **** وليس لها جرم ومني الجرائم
كذبت لعمرو الله لو كنت عاقلاً **** لما سبقتني بالبكاء الحمائم
*****************
وقال آخر:-
فاز من سبح والناس هجوع
يدفن الرغبة ما بين الضلوع
و يغشيه سكون و خشوع
ذاكراً لله والدمع هموع
سوف يغدو ذلك الدمع شموع
*****************
وقال آخر:-
عد إلى الله بقلب خاشع
وادعه ليلاً بطرف دامع
يتولاك بعفو واسع
24)التواضع :-(339/38)
تواضع لرب العرش علّك تُرفعُ فما خاب عبدٌ للمهيمن يخضعُ
وداوِ بذكر الله قلبك إنه لأشفى دواءٍ للقلب وأنفعُ
*****************
وقال آخر:-
تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يرفع نفسه الى طبقات الجو وهووضيعُ
*****************
وقال آخر:-
تواضع إذا ما نلت في الناس رفعةً فإن رفيع القوم من يتواضع
*****************
وقال آخر:-
ولا تمشِ فوق الارض إلا تواضعاً فكم تحتها قومٌ هُمُوا منك أرفعُ
وإن كنت في عزٍ رفيعٍ ومنعةٍ فكم مات من قومٍ هُمُوا منك أمنعُ
*****************
25)الخوف من الله :-
قال الشاعر:-
نوح الحمامك على الغصون شجاني ورأى العزول صبابتي فبكاني
إن الحمام ينوح من خوف النوى وأنا أنوح مخافة الرحمن
*****************
وقال رجل لابن المبارك: صف لي الوالهين بالله فقال: هم كما أقول لك:
مستوفدين على رحل كأنهم ... ركب يريدون أن يمضوا وينتقلوا
عفّت جوارحهم عن كل فاحشة ... فالصّدق مذهبهم والخوف والوجل
*****************
وقال آخر:-
خف الله وارجوه لكلِّ عظيمةٍ ... ... ولا تطع النَّفس الّلجوج فتندما
وكن بين هاتين من الخوف والرَّجا ... ... وأبشر بعفو الله إن كنت مسلما
*****************
وسئل عبدالله بن المبارك عن صفة الخائفين فقال:
إذا ما الليل أظلم كابدوه ... ... فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا ... ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود ... ... أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت ... ... عليهم من سكينتهم خشوع
26)العقل والحكمة:-
قال الشاعر:-
ألم تر أن العقل زين لأهله ... ولكن تمام العقل طول التجارب
*****************
وقال آخر:-
إذا طال عمر المرء في غير آفة ... أفادت له الأيام في كرها عقلا
*****************
وقال آخر:-
إذا لم يكن للمرء عقل فإنه ... وإن كان ذا بيت على الناس هين )
( ومن كان ذا عقل أجل لعقله ... وأفضل عقل من يتدين )
*****************
وقال الشاعر:-(339/39)
إني لآمن من عدو عاقل وأخاف خلا يعتريه جنون
فالعقل فن واحد وطريقه أدرى فأرصد و الجنون فنون
27)ذكر الله :-
يقول الشاعر:-
إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحياناً فننتكسُ
*****************
وقال آخر:-
وكن ذاكراً لله في كل حالةٍ فليس لذكر الله وقتٌ مُقيدُ
فذكر اله العرش سراً ومعلنا يُزيل الشفاء والهم عنك ويطردُ
ويجلب للخيرات دنيا وآجلا وإن يأتك الوسواس يوماً يشردُ
فقد أخبر المختار يوماً لصحبه بأن كثير الذكر في السبق المفردُ
*****************
وقال آخر:-
حنين قلوب العارفين إلى الذكر وتذكارهم وقت المناجاة للسر
أديرت كؤوس للمنايا عليهم فأغفوا عن الدنيا كإغفاء ذي الشكر
همومهم جوالة بمعسكر به أهل ود الله كالأنجم الزهر
فأجسامهم في الأرض قتلى بحبه وأرواحهم في الحجب نحو العلاتسري
فما عرسوا إلا بقرب حبيبهم وما عرجوا من مس بؤس ولا ضر
28)الصالحين:-
قال الشاعر:-
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا **** ( الله أكبر ) في شوق وفي جذل
أرواحهم خشعت لله في أدب **** قلوبهم من جلال الله في وجل
نجواهم : ربنا جئناك طائعة **** نفوسنا ، وعصينا خادع الأمل
إذا سجى الليل قاموه و أعينهم **** من خشية الله مثل الجائد الهطل
هم الرجال فلا يلهيهم لعب **** عن الصلاة ، ولا أكذوبة الكسل
*****************
ولم يقل ابن القيم باطلاً في وصفه لهم بأنهم :
يحيون ليلهم بطاعة ربهم **** بتلاوة ، وتضرع و سؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم **** مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان ، وعند جهادهم **** لعدوهم من أشجع الأبطال
بوجوههم أثر السجود لربهم **** وبها أشعة نوره المتلالي
*****************
وقال آخريصف المومن:-
واضح المنهج يسعى دون غش أو نفاقِ
راضي النفس، كبير القلب، يدعو للوفاقِ
قلبه المؤمن بالخالق مشدودَ الوثاقِ
نبضه الذاكر يمتد إلى السبع الطباقِ
*****************
ولسان كل واحد منهم يقول:-(339/40)
أنا لست إلاّ مؤمناً بالله في سري وجهري
أنا نبضة في صدر هذا الكون كيف يضيق صدري؟
أنا نطفة أصبحت إنساناً فكيف جهلت قدري؟
ولم الترفع عن تراب منه يكون قبري
إني لأعجب للفتى في لهوه، أو ليس يدري؟
أن الحياة قصيرة، والعمر كالأحلام يسري.
*****************
وقال آخر:-
أولئك قوم شيّد الله فخرهم ... فما فوقه فخر وإن عظم الفخر
29)القرآن:-
قال الشاعر:_
نعم السمير كتاب الله إن له حلاوة هي أحلى من جنيك الضرب
به فنون المعاني قد جمعن فما تفتر من عجب إلا إلى عجب
أمر ونهي وأمثال وموعظة وحكمة أودعت في أفصح الكتب
لطائف يجتليها كل ذي بصر وروضة يجتنيها كل ذي أدب
*****************
وقال آخر:-
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا كفى لمطايانا بنورك هاديا
ألفاظه كعقود الدر ساطعة وآيه لظلام الجهل أقمار
رقت معانيه إذ دقت لطائفه فأمعنت فيه ألباب وأفكار
كفى به لأولي الألباب تبصرة أن أنصفوا وبحكم العقل ما جاروا
به هدى الله أقواما وأيدهم فأصبحوا وعلى المنهاج قد ساروا
*****************
وقال آخر:-
سمعتك يا قرآن والليل واجم سريت تهز الكون سبحان من أسرى
فتحنا بك الدنيا فأشرق نورها وسرنا على الأفلاك نملؤها أجرا
*****************
وقال ابْنَ رَوَاحَةَ رضي الله عنه:
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ *** إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ من الْفَجْرِ سَاطِعُ
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا *** بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ *** إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ
*****************
وقال آخر:-
جميع الكتب يُدرك من قراها مِِِلالٌ أو فتورٌ أوسآمة
سِوى القرآن فافهم واستمع لي وقول المصطفى ياذا الشهامة
وقال آخر:-
أعد ذكر قال الله قال رسوله هما المسك ما كررته يتضوَّع
*****************
30)الجنة:-
يا حبذا الجنة واقترابها
طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها(339/41)
كافرة بعيدة أنسابها
على إن لاقيتها ضرابها
*****************
ويقول ابن القيم في وصف الجنة:-
ياخاطب الحور الحسان وطالبا لوصالهن بجنة الحيوان *
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبت * بذلت ما تحوي من الأئمان
أو كنت تعرف أين مسكنها جعلت * السعي منك لها على الأجفان أسرع وحث السير جهدك إنما * مسراك هذا ساعة لزمان
فاعشق وحدث بالوصال النفس وابذل * مهرها ما دمت ذا إمكان واجعل صيامك دون لقياها ويو * م الوصل يوم الفطر من رمضان واجعل نعوت جمالها الحادي وسر * نحو الحبيب ولست بالمتواني
واسمع إذن أوصافها ووصالها * واجعل حديثك ربة الإحسان
يا من يطوف بكعبة الحسن التي * حفت بذاك الحجر والأركان
ويظل يسعى دائما حول الصفا * ومحسر مسعاه كل أوان
ويروم قربان الوصال على منى * والخيف يحجبه عن القربان
فلذا تراه محرما أبدا ومو * ضع حلة منه فليس بدان
يبغي التمتع مفردا عن حبه * متجردا يبغي شفيع قران
ويظل بالجمرات يرمي قلبه * هذي مناسكه بكل زمان
الكراهة قد قضوا مناسكهم وقد * حثوا ركائبهم إلى الأوطان
وحدت بهم همم لهم وعزائم * نحو المنازل ربة الإحسان
رفعت لهم في السير أعلام الوصا * ل فشمروا يا خيبة الكسلان
ورأوا على بعد خياما مشرفا * ت مشرقات النور والبرهان
فتيمموا تلك الخيام فآنسوا * فيهن أقمارا بلا نقصان
من قاصرات الطرف لا تبغي سوى * محبوبها من سائر الشبان
قصرت عليه طرفها من حسنه * والطرف منه مطلق بأمان
ويحار منه الطرف في الحسن الذي * فالطرف كالحيران
ويقول لما أن يشاهد حسنها * سبحان معطي الحسن والإحسان
والطرف يشرب من كؤوس جمالها * فتراه مثل الشارب النشوان
كملت خلائقها وأكمل حسنها * كالبدر ليل الست بعد ثمان
والشمس تجري في محاسن وجهها * والليل تحت ذوائب الأغصان
فيظل يععجب وهو موضع ذاك من * ليل وشمس كيف يجتمعان
ويقول سبحان الذي ذا صنعه * سبحان متقن صنعة الإنسان(339/42)
لا الليل يدرك شمسها فتغيب عند * مجيئه حتى الصباح الثاني
والشمس لا تأتي بطرد الليل بل * يتصاحبان كلاهما أخوان
وكلاهما مرآة صاحبه إذا * ما شاء يبصر وجهه يريان
فيرى محاسن وجهه في وجهها * وترى محاسنها به بعيان
حمر الخدود ثغورهن لآلئ * سود العيون فواتر الأجفان
والبرق يبدو حين يبسم ثغرها * فيضيء سقف القصر بالجدران
ريانة الأعطاف من ماء الشبا * ب فغصنها بالماء ذو جريان
لما جرى ماء النعيم بغصنها * حمل الثمار كثيرة الألوان
فالورد والتفاح والرمان في * غصن تعالى غارس البستان
والقد منها كالقضيب اللدن في * حسن القوام كأوسط القضبان
في مغرس كالعاج تحسب أنه * عالي النقا أو واحد الكثبان
لا الظهر يلحقه وليس ثديها * بلواحق للبطن أو بدوان
*****************
لكنهن كواعب ونواهد * فثديهن كأحسن الرمان
والجيد ذو طول وحسن في بيا * ض واعتدال ليس ذا نكران
يشكو الحلي بعاده فله مدى السأيام ! * وسواس من الهجران والمعصمان فإن تشأ شبههما * بسبيكتين عليهما كفان
كالزبد لينا في نعومة ملمس * أصداف در دورت بوزان
والصدر متسع على بطن لها * والخصر منهما مغرم بثمان
وعليه أحسن سرة هي زينة * للبطن قد غارت من الأعكان
حق من العاج استدار وحشوه * حبات مسك جل ذو الإتقان
وإذا نزلت رأيت أمرا هائلا * ما للصفات عليه من سلطان
لا الحيض يغشاه ولا بول ولا * شيء من الآفات في النسوان
فخذان قد حفا به حرسا له * فجنابه في عزة وصبيان
قاما بخدمته هو السلطان بينهما * وحق طاعة السلطان
وهو المطاع إذا هو استدعى الحبيب * أتاه طوعا وهو غير جبان
وجماعها فهو الشفاء لصبها * فالصب منه ليس بالضجران
وإذا أتاها عادت الحسناء بكرا * مثل ما كانت مدى الأزمان
وهو الشهي ألذ شيء هكذا * قال الرسول لمن له أذنان
يا رب غفرا قد طغت أقلامنا * يا رب معذرة من الطغيان
أقدامها من فضة قد ركبت * من فوقها ساقان ملتفان(339/43)
والساق مثل العاج ملموم به * كراهة العظام تناله العينان
والريح مسك والجسوم نواعم * واللون كالياقوت والمرجان
وكلامها يسبي العقول بنغمة * زادت على الأوتار والعيدان
وهي العروب بشكلها وبدلها * وتحبب للزوج كل أوان
فاجمع قواك لما هنا وغض من * ك الطرف واصبر ساعة لزمان
ما هاهنا والله ما يسوى قلا * مة ظفر واحدة من النسوان
ونصيفها خير من الدنيا وما * فيها إذا كانت من الأثمان
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فإن * تفعل رجعت بذلة وهوان
وإذا بدت في حلة من لبسها * وتمايلت كتمايل النشوان
تهتز كالغصن الرطيب وحمله * ورد وتفاح على رمان
وتبخترت في مشيها ويحق ذا * ك لمثلها في جنة الرضوان
*****************
ووصائف من خلفها وأمامها * وعلى شمائلها وعن أيمان
كالبدر ليلة تمه قد حف في * غسق الدجى بكواكب الميزان
فلسانه وفؤاده والطرف في * دهش وإعجاب وفي سبحان
تستنطق الأفواه بالتسبيح إذ * تبدو فسبحان العظيم الشان
والقلب قبل زفافها في عرسه * والعرس إثر العرس متصلان
حتى إذا واجهته تقابلا * أرأيت إذ يتقابل القمران
فسل المتيم الشياطين يحل الصبر عن * ضم وتقبيل وعن فلتان
حمار المتيم أين خلف صبره * في أي واد أم بأي مكان
حمار المتيم كيف حالته وقد * ملئت له الأذنان والعينان
من منطق رقت حواشيه ووج * ه كم به للشمس من جريان
حمار المتيم كيف عيشته إذا * وهما على فرشيهما خلوان
يتساقطان لآلئا منثورة * من بين منظوم كنظم جمان
حمار المتيم كيف مجلسه مع ال * محبوب في روح وفي ريحان
وتدور كاسات الرحيق عليهما * بأكف أقمار من الولدان
يتنازعان الكأس هذا مرة * والخود أخرى ثم يتكئان
فيضمها وتضمه أرأيت مع * شوقين بعد البعد يلتقيان
غاب الرقيب وغاب كل منكد * وهما بثوب الوصل مشتملان
أتراهما ضجرين من ذا العيش لا * وحياة ربك ما هما ضجران
يا عاشقا هانت عليه نفسه * إذ باعها غبنا بكل هوان
أترى يليق بعاقل بيع الذي * يبقى وهذا وصفه بالفاني(339/44)
*****************
وقل آخر:-
لا تأسفن على الدنيا وما فيها ... ... فالموت لاشك يفنينا ويفنيها
وأعمل لدار البقاء رضوان خازنها ... ... والجار أحمد والجبار بانيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
يامن يشتري الفردوس يعمرها بركعة في ظلام الليل يحييها
*****************
31)القناعة :
يقول الشافعي:-
اذا ما كنت ذا قلب قنوع ... ... فأنت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا ... ... فلا أرض تقيه ولا سماء
وارض الله واسعة ولكن ... ... اذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الايام تغدر كل حين ... ... فما يغني عن الموت الدواء
*****************
وقال الأضبط بن قريع:
اقنع من الدهر ما أتاك به ... ... من قر عيناً بعيشه نفعه
قد يجمع المال غير آكله ... ... ويأكل المال غير من جمعه
*****************
ولأبي عبد الله الصُّوري:
لمَّا رأيت النَّاس قد أصبحوا ... ... وهمَّة الإنسان ما يجمع
قنعت بالقوت فنلت المنى ... ... والفاضل العاقل من يقنع
ولم أنافس في طلاب الغنى ... ... علماً بأنَّ الحرص لا ينفع
*****************
وقال آخر:-
النفس تجزع أن تكون فقيرة ... والفقر خير من غناً يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت ... فجميع ما فى الأرض لا يكفيها
هى القناعة فالزمها تكن ... ملكا لو لم تكن لك إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير الطيب والكفن
*****************
وقال آخر:-
ولحم الضأن تأكله الكلاب ... تموت الأسد في الغابات جوعا
وذو نسب مفارشه التراب ... وعبد قد ينام على حرير
*****************
ما ذاق طعم الغنى من لا قنوع له ... ولن ترى قانعا ما عاش مفتقرا
والعرف من يأته تحمد عواقبه ... ما ضاع عرف وإن أوليته حجرا
*****************
وقال عبد الله بن المبارك
لله درّ القنوع من خلق! ... ... كم من وضيع به ارتفعا؟!
يضيق الفتى بحاجته ... ... ومن تأسى بدونه اتسعا
*****************
وقال آخر
( اقنع بأيسر رزق أنت نائله ... واحذر ولا تتعرض للإرادات )
( فما صفا البحر إلا وهو منتقص ... ولا تعكر إلا في الزيادات )(339/45)
*****************
وقال آخر:-
( هي القناعة فالزمها تعش ملكا ... لو لم يكن منك إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير القطن والكفن )
*****************
وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه
( قنعت بالقوت من زماني ... وصنت نفسي عن الهوان )
( خوفا من الناس أن يقولوا ... فضل فلان على فلان )
( من كنت عن ماله غنيا ... فلا أبالي إذا جفاني )
( ومن رآني بعين نقص ... رأيته بالتي رآني )
( ومن رآني بعين تم ... رأيته كامل المعاني )
*****************
وها هي ميسون بنت بحدل الكلبيّة أم يزيد بن معاوية تنفر من قصور معاوية بن أبي سفيان ومن مظاهر الأبّهة فيها، وتحنّ إلى مسقط رأسها في البادية، وتنشد قائلة:
لبيت تخفق الأرواح فيه ... أحبّ إليّ من قصر منيف
ولبس عباءة وتقرّ عيني ... أحبّ إليّ من لبس الشفوف
وأكل كسيرة في كسر بيتي ... أحبّ إليّ من أكل الرغيف
وكلب ينبح الطراق دوني ... أحبّ إليّ من قط ألوف
وأصوات الرياح بكل فجّ ... أحبّ إليّ من نقر الدفوف
وخرق من بني عمي نحيف ... أحبّ إليّ من علج عليف
خشونة عيشتي في البدو أشهى ... إلى نفسي من العيش الظريف
فلما سمع معاوية الأبيات قال لها: ما رضيت ـ يا ابنة بحدل ـ حتى جعلتني علجًا عليفا، وقال لها: كنت فبنت، فقالت: لا والله، ما سررنا إذا كنا، ولا أسفنا إذا بنّا.
*****************
وقال آخر:-
رغيف خبز يابس تأكله في عافية
وكوز ماء بارد تشربه من صافية
وغرفة ضيقة نفسك فيها راضية
ومصحف تدرسه مستندًا لسارية
*****************
وقال آخر:-
يا جامعا مانعا والدهر يرمقه مقدرا أى باب منه يغلقه
مفكرا كيف تأتيه منيته أغاديا أم بها يسرى فتطرقه
جمعت مالا فقل لى هل جمعت له يا جامع المال أياما تفرقه
المال عندك مخزون لوارثه ما المال مالك إلا يوم تنفقه
أرفه ببال فتى يغدو على ثقة أن الذى قسم الأرزاق يرزقه
فالعرض منه مصون مايدنسه والوجه منه جديد ليس يخلقه(339/46)
إن القناعة من يحلل بساحتها لم يبق فى ظلها هم يؤرقه.
32)النصر :-
قال أبو محمد المقدسي:-
أخي إننا ما أسأنا الظنون بوعد الإله القوي المتين
وما زادنا القيد إلا ثباتاً وما زادنا السجن إلا يقين
وما زاد تعذيب إخواننا وقتل الدعاة ولو بالمئين
سوى رفع راية إيماننا وإظهار توحيد حق ودين
سنسقي غراسك توحيدنا ببذل الدماء وقطع الوتين
ونُعلي لواءك إسلامنا بهام الرجال وصبر متين
لتظهر رغم أنوف الطغاة وتعلو وتُنشر في العالمين
ولن ننثني عن جهاد الطغاة ولن ننحرف عن سبيل الأمين
فمادام نور الإله المبين يشع بأفئدة المؤمنين
فلن نخذل الحق مهما لقينا ولن نضعفنّ ولن نستكين
ولن ننحرف عن طريق الكفاح ولن نتضرّر بالمرجفين
سنمضي على الدرب رغم الجراح ورغم الدماء ورغم الأنين
لنا أسوةٌ في رجالٍ مضوا على الدرب كانوا به شامخين
فهذا بلالٌ مضى للجنان ولم ينحرف خشية المشركين
وذاك صهيبٌ أخو المتقين يبيع الحياة ليربح دين
ومصعب يترك عيش النعيم ويأبى يظل مع المترفين
يعيش لينصر ديناً عظيماً ويمضي شهيداً مع الخالدين
مئات ألوف من الصادقين قضوا في ثباتٍ مضوا في يقين
فريق قضى وفريق مقيم وما بدّلوا بل بقوا ثابتين
ونحن على إثرهم سائرون بعون الإله لنصرة دين
فهذي الطريق طريق الأباة وهذي معالم دين متين
ومن رام حقاً دخول الجنان وشاء العناق لحورٍ وعين
فلا بد من تبعات الطريق ولابد من بذل مهرٍ ثمين
*****************
33)الثبات وقول الحق :
قال الشاعرجمال فوزي:-
سأظلّ حراّ ما حييت مندّدا بالبطش بالجبروت والطغيان
روحي على كفّي فداء عقيدة في ظلّها الوافي اتخذت مكاني
ويظلّ صوتي ما حييت مجلجلا ذوق المهانة ليس في إمكاني
*****************
وقال أحمد فرح:-
لهفي على العرب أعلاما ممزقة وراءها كل طبّال و زمّار
تقسّمتنا شعارات يروّجها في شعبنا كل طاغوت وغدّار
و صوّروه عدوا متّهما وسلّطوا كل هتّاف و ثرثار(339/47)
إن الشعوب إذا ضلّت حقيقتها أمسى بها العبد نخّاسا لأحرار
والجيش من دون إيمان ومعتقد ظأن يساق إلى حانوت جزّار
*****************
وقال محمد محمود الزبيري:-
علت بروحي هموم الشعب وارتفعت بها إلى فوق ما كنت ابغيه
وخوّلتني الملايين التي قتلت حق القصاص على الجلاّد أمضيه
أحارب الظلم مهما كان طابعه البرّاق أو كيفما كانت أساميه
سيّان من جاء باسم الشعب يظلمه أو جاء من- لندن- بالبغي يبغيه(
*****************
وقال محمد حمود الصديق:-
يا دعوة الحقّ سيري رغم أنفهم وجلجلي في الورى فخرا وإيمانا
لن نستكين لمغرور يحاربنا مهما تطاول إلحادا و نكرانا
*****************
وقال جمال فوزي:-
أيها الناس أجيبوا دعوة الحق المبين
إنها دعوة إيمان برب العالمين
شرعت ما يسعد الإنسان في دنيا ودين
أطلقت فيه قوى الخير وروح الطامحين
ارجعوا لله للحق ... وكونوا مسلمين
*****************
ويقول هاشم الرفاعي في قصيدته الرائعة ( رسالة في ليلة التنفيذ ) والتي صوّر فيها محكوماً بالإعدام يخاطب أباه في أخر ليلة من عمره قبل تنفيذ حكم الإعدام .. والتي مطلعها :-
*****************
أبتاه ماذا قد يخطُّ بَنَاني ... ... والحبل والجلاد ينتظراني
هذا الكتاب إليك من زنزانة مقرورة صخرية الجدرانِ
لم تبق إلا ليلة أحيَا بها وأَحسّ أنّ ظلامها أكفاني
قد عشت أُوقن بالإله ولم أذق إلا أخيراً لذة الإيمان
إلى الى أن يقول:
والصمت يقطعه رنين سلاسل عبثت بهنّ أصابع السجّان
من كوّةٍ في الباب يرقب صيده ويعود في أمن إلى الدورانِ
أنا لا أحس بأي حقدٍ نحوه
ماذا جنى فتمسه أضغاني
*****************
وقال خبيب بن عدي رضي الله عنه والكفار يحاولوا صلبه:-
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وكلهم مبدي العداوة جاهرٌ ... عليّ لأنِّي فِي وصالٍ بمضبع
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم ... وقربت من جذع طويل مُمنع
إلَى الله أشكو غربتي ثم كربتي وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي(339/48)
فيا رب صبرنِي على ما يراد بِي فقد بضعوا لحمي وقد يئس مطمعي
وقد خيروني الكفر والموت دونه وقد هَملت عيناي من غيْر مجزع
وما بِي حذار الموت إنِّي لميت ولكن حذار جسم نار ملفع
ولست أبالي حين أقتَل مسلمًاعلى أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك فِي ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
ولست بِمبدٍ للعدو تَخشّعًاولا جزعًا إنِّي إلى الله مرجعي
*****************
وقال آخر:-
لا تسقني ماء الحياة بذلة ... بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
*****************
وقال آخر:-
أماه لا تجزعي فالحافظ الله إنا سلكنا طريقًا قد خبرناه
على حفافيه يا أماه مرقدنا ... ومن جماجمنا ترسو زواياه
أماه هذا طريق الحق فابتهجي بسلم باع للرحمن دنياه
هزأت بالأرض والشيطان يعرضها في زيفها ببريق الذل حلاه
عشقت موكب رسْل الله فانطلقت روحي تحوم في آفاق رؤياه
لا راحة دون تحليق بساحتهم ولا هناءَ لقلبي دون مغناه
*****************
وقال آخر:-
ولا تري للأعادي قط ذلا ... ... فان شماتة الأعداء بلاء
ولا ترج السماحة من بخيل ... ... فما في النار للظمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التأني ... ... وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور ... ... ولا بؤس عليك ولا رخاء
*****************
وقال آخر:-
كلوا اليوم من رزق الإ له وأبشروا ... فإن على الخلاق رزقكم غدا )
*****************
وقال آخر:-
قالوا? العروبة. قلت ? دين محمد إنّا به لا بالعروبة نهتدي
هي قالب الإسلام إمّا أفرغت منه فقد صارت مطيّة ملحد
يا من يريد الجاهلية منهجا يدعو إليه ويا لسوء المورد
أيقال إنّك نابه متقدّم كذبوا عليك ... لقد نصحتك فاقعد
بل أنت في رجعية مذمومة وتقهقر نحو المتاه الأبعد
*****************
وقال عصام العطار:-
يا دعوة الحق إنّا لا نزال على درب العقيدة لم نحجم ولم نخب
نغدو على ساحة الإسلام عن ثقة ولو صلبنا على الأعواد والقصب
*****************
وقال آخر:-
من عتمة السجن بل من نور إيماني) ومن فؤادي بل من نزف شرياني(339/49)
أخط دعوتي بدمي على ورق (أعددته في غد الأيام أكفاني)
أتعرفين جريمتي يا أم أو تهمي تلك التي من أجلها زجوا بجثماني
ومزقوا جسدي من بعد ما يئسوا عن دحر دعوتي أو من نزع إيماني
لأنني عشت لا أرضى بطاغية ولا أذل لطاغوت وخوان
لأنني لم أرتض صمتا يخلصني من بطش جلادهم أو ظلم سجان
جريمتي أنني لا زلت أعلنها براءتي من كفرهم جهرا بأوطاني
فلا تقولي أضعت العمر في محن فإنها منح من فضل رحمن
ولا تقولي صغارك لست ترحمهم فالله يرحمهم والله يرعاني
*****************
وقال آخر:
أخي قد سرت من يديك الدماء ... ... أبت أن تُشلّ بقيد الإماء
سترفعُ قُربانها للسماء ... ... مخضبة بدماء الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح ... ... وألقيت عن كاهليك السلاح
فمن للضحأيا يواسي الجراح ... ... ويرفع راياتها من جديد
*****************
وقال آخر:
ما يضر البحر أمسى زاخراً ... ... أن رمى فيه غلام بحجر
*****************
وقال آخر:-
أنا الحسام بريق الشمس في طرفٍ مني وشفرة سيف الهند في طرفٍ
فلا أبالي بأشواك ولا مِحَن *** على طريقي ولي عزمي ولي شغفي
ماض فلو كنت وحدي والدُّنَا صرخت بي قف لسرت فلم أُبطئ ولم أقفِ
*****************
وقال آخر:-
كل بذل إذا العقيدة ريعَتْ *** دون بذل النفوس نذر زهيد
مسلم يا صعاب لن تقهريني *** في فؤادي زمازم ورعود
لا أبالي ولو أُقيمت بدربي *** وطريقي حواجز وسدود
من دمائي في مقفرات البراري *** يطلع الزهر والحياة والورود
*****************
وقال آخر:-
أخي إن ذرفت علىّ الدموع ... ... وبللّت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع ... ... وسيروا بها نحو مجد تليد
أخي إن نمُتْ نلقَ أحبابنا ... ... فروْضاتُ ربي أعدت لنا
وأطيارُها رفرفت حولنا ... ... فطوبى لنا في ديار الخلود
*****************
وقال آخر:-
أخي أخذوك على إثرنا ... ... وفوج على إثر فجرٍ جديد
فإن أنا مُتّ فإني شهيد ... ... وأنت ستمضي بنصر مجيد
قد اختارنا الله في دعوته ... ... وإناسنمضي على سُنته(339/50)
فمنا الذين قضوا نحبهم ... ... ومنا الحفيظ على ذِمته
أخي فامض لا تلتفت للوراء ... ... طريقك قد خضبته الدماء
ولا تلتفت ههنا أو هناك ... ... ولاتتطلع لغير السماء
***************
وقال وليد الاعظمي:
مهما عتا الأقزام والأعبد
و لوحوا بالقيد أو هددوا
عن نصرة الإسلام هل أقعد
لا ، سوف أبقى دائماً أنشد
بفجره لا بد يأتي الغد
33)الرزق والتوكل :-
أنشد ابن أبي الدنيا:
ومن ظنّ أنَّ الرِّزق يأتي بحيلةٍ فقد كذَّبته نفسه وهو آثم
يفوت الغنى من لا ينام عن السُّرى وآخر يأتي رزقه وهو نائم
فما الفقر في ضعف احتيالٍ ولا الغنى بكدٍّ وللأرزاق في النَّاس قاسم
سأصبر إن دهرٌ أناخ بكلكلٍ وأرضى بحكم الله ما الله حاكم
لقد عشت في ضيقٍ من الدَّهر مدَّةً وفي سعةٍ والعرض منِّي سالم
*****************
ومما يروي لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وفيه نظر:
لو كان صخرةٍ في البحر راسيةٍ ... ... صمَّاء ملمومةٍ ملسٍ نواحيها
رزقٌ لعبدٍ يراه الله لانفلقت ... ... حتَّى يؤدَّي إليه كلُّ ما فيها
أو كان تحت طباق السَّبع مطلبها ... ... لسهَّل الله في المرقى مراقيها
حتَّى تؤدَّي الَّذي في الَّلوح خطّ له ... ... إن هي أتته وإلاَّ سوف يأتيها
*****************
وأنشد ابن الأعرابي:
الحمد لله ليس الرِّزق بالطَّلب ... ... ولا العطايا لذي عقلٍ ولا أدب
إن قدّر الله شيئاً أنت طالبه ... يوماً وجدت إليه أقرب السبب
وإن أبى الله ما تهوى فلا طلبٌ ... ... يجدي عليك ولو حاولت من كثب
وقد أقول لنفسي وهي ضيِّقةٌ ... وقد أناخ عليها الدَّهر بالعجب
صبراً على ضيقة الأيَّام إنّ لها ... فتحاً وما الصَّبر إلاّ عند ذي الأدب
سيفتح الله أبواب العطاء بما ... ... فيه لنفسك راحاتٌ من التّعب
ولو يكون كلامي حين أنشره ... من الُّلجين لكان الصَّمت من ذهب
****************
وقال آخر:
كم من قويٍّ قويٍ في تقلُّبه ... ... مهذّب الرأي عنه الرِّزق منحرف
وكم ضعيفٍ ضعيف الرأي تبصره ... ... كأنه من خليج البحر يغترف
*****************
وقال آخر:(339/51)
لاَ تَطْلُبَنَّ مَعِيشَةً بِتَذَلُّلٍ فَلَيَأْتِيَنَّكَ رِزْقُك الْمَقْدُورُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّك آخِذٌ كُلَّ الَّذِي لَك فِي الْكِتَابِ مُقَدَّرٌ مَسْطُورُ
*****************
وقال آخر:
توكَّل على الرَّحمن في كلِّ حاجةٍ ... ولا تؤثرنّ العجز يوماً على الطّلب
ألم تر أن الله قال لمريم ... إليك فهزِّي الجذع يسَّاقط الرُّطب
ولو شاء أن تجنيه من غير هزِّها ... جنته ولكن كلُّ شيءٍ له سبب
*****************
وقال آخر:
ما يغلق الله باب الرِّزق عن أحدٍ ... ... إلاَّ سيفتح دون الباب أبوابا
*****************
وقال آخر:
الرّزق يأتي قدراً على مهل ... ... والمرء مطبوعٌ على حبّ العجل
*****************
وقال آخر:
يا راكب الهول والآفات والهلكة ... ... لا تعجلنَّ فليس الرِّزق بالحركة
من غير ربَّك في السَّبع العلى ملكاً ... ... ومن أدار على أرجائها فلكه
أما ترى البحر والصَّيَّاد تضربه ... ... أمواجه ونجوم الَّليل مشتبكة
يجرّ أذياله والموج يلطمه ... ... وعقله بين عينه كلكل السَّمكة
حتَّى إذا راح مسروراً بها فرحاً ... ... والحوت قد شكّ سفُّود الرَّدى حنكة
أتى إليك به رزقاً بلا تعبٍ ... ... فصرت تملك منه مثل ما ملكه
لطفاً من الله يعطي ذا بحيلته ... ... هذا يصيد وهذا يأكل السَّمكة
*****************
وقال آخر:-
لاتخضعنَّّ لمخلوق على طمع ... ... فإن ذاك مضرّ منك بالدين
واسترزق الله مما في خزائنه ... ... فإنما هي بين الكاف والنون
ألا ترى: كلّ من ترجو وتأمله ... ... من البريّة مسكين بن مسكين
****************
وقال آخر:-
إني رأيتك قاعدا مستقبلي ... فعلمت أنك للهموم قرين )
( هون عليك وكن بربك واثقا ... فأخو التوكل شأنه التهوين )
( طرح الآذى عن نفسه في رزقه ... لما تيقن أنه مضمون
*****************
وقال آخر:-
توكلت في رزقي على الله خالقي وأيقنت بأن الله لاشك رازقي
وما يك من رزقٍ فليس يفوتني ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله ولو لم يكن مني اللسان بناطق(339/52)
ففي أي شيءٍ تذهب النفس حسرةً وقد قسَّم الرحمن رزق الخلائق
34)صلة الرحم:-
قال بعضهم
( وإذا رزقت من النوافل ثروة ... فامنح عشيرتك الأداني فضلها )
( واعلم بأنك لم تسود فيهم ... حتى ترى دمث الخلائق سهلها )
*****************
وقال آخر:-
وحَسْبُكَ من ذلٍّ وسوءِ صنيعةٍ *** مناواةُ ذي القربى وإن قيل: قاطعُ
ولكنْ أواسيه وأنسى عيوبَه *** لِتُرْجِعَهُ يوماً إليَّ الرواجعُ
ولا يستوي في الحكِم عبدانِ: *** واصلٌ وعبدٌ لأرحامِ القرابةِ قاطعُ
****************
وقال المقنع الكندي :
وإن الذي بيني وبين بني أبي *** وبين بني عمِّي لَمُختلفٌ جِدّا
إذا قدحوا لي نارَ حربٍ بزندهم *** قدحت لهم في كلِّ مكرمةٍ زندا
وإن أكلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهُمْ *** وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا
ولا أَحْمِل الحقدَ القديمَ عليهمُ *** وليس رئيسُ القومِ مَنْ يَحْمِلُ الحقدا
وأعطيهمُ مالي إذا كنت واجداً *** وإن قلّ مالي لم أكَلّفْهمُ رِفْدا
*****************
وقال آخر:-
رَأَيْت صَلاَحَ الْمَرْءِ يُصْلِحُ أَهْلَهُ وَيُعْدِيهِمْ عِنْدَ الْفَسَادِ إذَا فَسَدْ
يُعَظَّمُ فِي الدُّنْيَا بِفَضْلِ صَلاَحِهِ وَيُحْفَظُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الاهْلِ وَالْوَلَدْ
*****************
وقال آخر:-
مَنْ كان يَحْلُم أن يسودَ عشيرةً *** فعليه بالتقوى ولينِ الجانب
ويغضَّ طرفاً عن مساوي من أسا *** منهم ويحلم عند جهل الصاحب
35)ذم الحرص :
قال الشاعر
لا تحمدنَّ أخا حرصٍ على سعةٍ ... ... وانظر إليه بعين الماقت القالي
إنّ الحريص لمشغول بشوقته ... ... عن السُّرور بما يحوي من المال
***************
وقال محمود الوراق أيضاً:
علام يشقى الحريص في طلب الرِّز ... ... ق بطول الرَّواح والدَّلج
يا قارع الباب ربّ مجتهدٍ ... ... قد أدمن القرع ثم لم يلج
وربّ مستولجٍ على مهلٍ ... ... لم يشق من قرعه ولم يهج
فاطو على الهمِّ كشح مصطبرٍ ... ... فآخر الهمِّ أول الفرج
وكان المأمون يعجبه قول أبي العتاهية:(339/53)
تعالى الله يا سلم بن عمرٍو ... ... أذلَّ الحرص أعناق الرِّجال
أخذه أبو الفتح الملقب بكشاجم فقال:
بالحرص في الرِّزق ذّل الفتى ... ... وفي القنوع الشَّرف الشَّامخ
قال أبو عمر: وشعر أبي العتاهية الذي فيه هذا البيت الذي أعجب المأمون:
نعى نفسي إليّ من الَّليالي ... ... تصرُّفهنَّ حالاً بعد حال
فما لي لست مشغولاً بنفسي ... ... ومالي لا أخاف الموت مالي
لقد أيقنت أنِّي غير باقٍ ... ... ولكنِّي أراني لا أبالي
تعالى الله يا سلم بن عمرٍو ... ... أذلّ الحرص أعناق الرِّجال
هب الدُّنيا تساق إليك عفواً ... ... أليس مصير ذاك إلى زوال
فما ترجو بشيءٍ ليس يبقى ... ... وشيكاً ما تغيِّره الَّليالي
*****************
وقال ابن الرومي:
لعمرُك ما الدُّنيا بدارِ إقامةٍ ... إذا زال عن عَيْنِ البصيرِ غِطاؤها
وكيف بقاءُ الناسِ فيها وإنما ... يُنال بأسْبَاب الفَنَاء بقاؤها؟
*****************
وقال الشاعر:-
قد شاب رأسي ورأس الدهر لم يشب إن الحريص على الدنيا لفي تعب
*****************
وقال محمد بن نصر المديني
. .. يا كثير الحرص مشغولا ... بدنيا ليس تبقى ...
مارأيت الحرص أدنى ... من حريص قط رزقا ..
. لا ولكن في قضاء الله ... أن يعيا ويشقى ..
. تعرف الحق ولكن ... لا ترى للحق حقا
*****************
وقال الشاعر:
وذي حرص تراه يلم وفرا ... لوارثه ويدفع عن حماه )
( ككلب الصيد يمسك وهو طاو ... فريسته ليأكلها سواه )
*****************
وقال الشاعر:-
إذا ما نازعتك النفس حرصا ... فأمسكها عن الشهوات أمسك )
( ولا تحرص ليوم أنت فيه ... وعد فرزق يومك رزق أمسك )
*****************
وقال آخر:-
حتى متى أنا في حل وترحال وطول سعي وإدبار وإقبال
ونازح الدار لا أنفك مغتربا عن الأحبة لا يدرون ما حالي
بمشرق الأرض طورا ثم مغربها لا يخطر الموت من حرصي على بالي
ولو قنعت أتاني الرزق في دعه إن القنوع الغني لا كثرة المال
*****************
وقال آخر
((339/54)
يفنى الحريص بجمع المال مدته ... وللحوادث ما يبقى وما يدع )
( كدودة القز ما تبنيه يهلكها ... وغيرها بالذي تبنيه ينتفع )
****************
وقال آخر:-
أراك يزيدك الإثراء حرصا على الدنيا كأنك لا تموت
فهل لك غاية إن صرت يوما إليها قلت حسبي قد رضيت
36)الجهاد
:
كتب عبد الله بن المبارك وكان يرابط في ثغر من ثغور المسلمين إلى الفضيل بن عياض يقول:-
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... ... لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه ... ... فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ... ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم، ونحن عبيرنا ... ... رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ... ... قول صحيح صادقٌ... لا يكذب
لا يستوي وغبار أهل الله في ... ... أنف امرىء ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بيننا ... ... ليس الشهيد بميت لا يكذب
*****************
وقال آخر:-
لا خيرَ في حقٍّ إذا لم تَحْمِه *** حِلقُ الحديدِ وألسنُ النيرانِِ
*****************
وقال الشاعر:-
وكان أبو محجن الثقفي قد حبس وقُيّد في القصر، فأتى سلمى بنت خَصفة امرأة سعد، فقال لها: هل لك إلى خير؟! قالت: وما ذاك؟ قال: تخلين عنّي وتعيرينني البلقاء ـ وهو فرس سعد ـ فللَّه عليّ إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في قيدي، وإن أُصِبت فما أكثر من أن أفلت، فقالت: ما أنا وذاك، فقال حزينًا على نفسه والأبطال في حلبة القادسية وهو مقيّد:
كفى حُزنًا أن تُرد الخيل بالقنا ... وأُترك مشدودًا عليَّ وثاقيا
إذا قُمت عنّاني الحديد وغُلقت مصاريع دونِي قد تصمّ المناديا
وقد كنت ذا مالٍ كثيرٍ وإخوة فقد تركونِي واحدًا لا أخا لِيا
وقد شق جسمي أنني كلَّ شارفٍ أعالِج كبلاً مصمتًا قد برانيا
فللَّه درّي يوم أُتركَ موثقًا ويذهل عنّي أُسرتي ورجاليا
حبست عن الحرب العوان وقد بدت أعمال غيْري يوم ذاك العواليا
وللَّه عهد لا أخيس بعهده لئن فُرّجت أن لا أزور الحوانيا(339/55)
فسمعت سلمى زوجة سعد بن أبي وقاص منه وهو يردد هذه الأبيات فقالت: إني استخرت الله، ورضيت بعهدك، فأطلقته
قال سعد بعد أن راه في المعركة ابلى بلاء حسنا لولا أني تركت أبا محجن في القيود لقلت: إنها بعض شمائل أبي محجن، فقالت: والله، إنه لأبو محجن، كان من أمره كذا وكذا، فقصت عليه قصته. فدعا به، فحلّ قيوده، وقال: لا نجلدك على الخمر أبدا، قال أبو محجن: وأنا ـ والله ـ لا أشربها أبدًا.
*****************
وقال آخر:
يا بني قومنا سراعاً إلى الله فقد فاز من يموت شهيدا
سارعوا سارعوا إلى جنة قد فاز من جاءها شهيداً سعيدا
والبسوا حلة من الكفن الغا لي وبيعوا الحياة بيعاً مجيدا
*****************
وإلى كل مجاهد يجاهد لإعلاء كلمة الله ، إلى المرابطين على ثغور الإسلام ، إلى كل داعية يدعو إلى الله سبحانه وتعالى . نهديه هذه القصيدة للشهيد سيد قطب - نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكيه على الله- :
أخي أنت حرٌّ وراء السدود ..... أخي أنت حرٌّ بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما .... فماذا يضيرك كيد العبيد؟!!
أخي:ستُبيد جيوش الظلام .... ويُشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها .... ترى الفجر يرمقنا من بعيد
أخي: قد أصابك سهم ذليل .... وغدرا رماك ذراع كليل
ستُبتَر يوماً فصبرٌ جميل .... ولم يدمَ بعدُ عرين الأسود
أخي: قد سرت من يديك الدماء .... أبت أن تُشلَّ بقيد الإماء
سترفع قربانها للسماء ...... مخضبة بوسام الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح ؟ .... وألقيتَ عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح ؟..... ويرفع راياتها من جديد
أخي: إنني اليوم صلب المراس ... أدكُّ صخور الجبال الرواسي
غدا سأشيحُ بفأسي الخلاص ... رؤوس الأفاعي إلى أن تبيد
أخي: إن ذرفت عليَّ الدموع ... وبللت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع ... وسيروا بها نحو مجد تليد
أخي: إنْ نمتْ نلقَ أحبابنا .... فروضات ربي اُعدَّت لنا(339/56)
وأطيارها رفرفت حولنا ... فطوبى لنا في ديار الخلود
أخي إنني ما سئمتُ الكفاح ... ولا أنا ألقيتُ عني السلاح
فإنْ انا متُّ فإني شهيد ..... وأنت ستمضي بنصر مجيد
ساثار ولكن لرب ودين ... وأمضي على سنتي في يقين
فإما إلى النصر فوق الأنام ... وإما إلى الله في الخالدين .
قد اختارنا الله في دعوته .... وإنا سنمضي على سنته
فمنا الذين قضوا نحبهم .... ومنا الحفيظ على ذمته
أخي: فامضِ لاتلتقت للوراء ... طريقك قد خضبته الدماء
ولا تلتفت هنا أو هناك .... ولا تتطلع لغير السماء
37)الدعاء والذل لله :
أنشد عبد الله بن محمد بن يوسف رحمه الله لنفسه:
أسير الخطايا عند بابك واقف ... على وجلٍ ممَّا به أنت عارف
يخاف ذنوباً لم يغب عنك غيبها ... ويرجوك فيها فهو راجٍ وخائف
فمن ذا الّذي يرجو سواك ويتَّقي ... ومالك من فصل القضاء مخالف
فياسيّدي لا تخزني في صحيفتي ... إذا نشرت يوم الحساب الصَّحائف
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما ... يصدُّ ذوو ودِّي ويجفو المؤالف
لئن ضاق عنِّي عفوك الواسع الَّذي ... أرجِّى لإسرافي فإنِّي لتالف
*****************
وقال آخر:-
واحسرتي ، واشِقوتي **** من يوم نشر كتابيه
وأطولَ حُزني إن أكن **** أوتيته بشماليه
وإذا سُئلت عن الخَطأ **** ماذا يكون جوابيه ؟
و احَرَّ قلبي أن يكونَ **** مع القلوب القاسية
كلا ولا قدمت لي **** عملاً ليوم حسابية
بل إنني لشقاوتي **** وقساوتي و عذابيه
بارزت بالزلات في **** أيام دهرٍ خاليه
من ليس يخفى عنه من *** قُبح المعاصي خافية
*****************
وقال آخر:-
وإني لأدعو اللهَ والأمرُ ضيّقٌ *** عليَّ فما ينفك أن يتفرّجا
وربَّ فتىً ضاقتْ عليه وجوهُهُ *** أصاب له في دعوة الله مَخْرَجا
*****************
وقال آخر:-
يا مالكي يا خالقي يا رازقي ... يا من إليه تحركي وسكوني
إني ضعيف عن عذابك سيدي ... ومقصر عن حمل قبيح ذنوبي
*****************
ولله در الشيخِ المَكُّوديَّ إذ يقول:(339/57)
إذا عرضت لي في زمانيَ حاجةٌ *** وقد أشكلت فيها عليَّ المقاصدُ
وقفت بباب الله وقفةَ ضارعٍ *** وقلت: إلهي إنني لك قاصدُ
ولست تراني واقفاً عند باب مَنْ *** يقول فتاهُ: سيديْ اليومَ راقدُ
*****************
وقال آخر:-
اطلب ولا تضجر من مطلب فآفة الطالب أن يضجرا
أما ترى الحبل بطول المدى على صليب الصخر قد أثرا
*****************
وقال بعضهم في وصف دعوة:
وربَّ ظلومٍ قد كُفِيتُ بحربهِ *** فَأَوقعَه المقدورُ أيَّ وقوعِ
فَما كان ليْ الإسلامُ إلا تَعَبُّداً *** وأدعيةً لا تُتَّقى بدروعِ
وحسبك أن ينجو الظلومُ وَخَلْفَهُ *** سهامُ دعاءٍ من قِسِيِّ ركوعِ
مُرَيَّشةً بالهدب من كل ساهرٍ *** ومنهلةً أطرافها بدموعِ
*****************
وقال آخر:-
أيا من ليس لي منه مجيرُ بعفوك من عذابك أستجيرُ
أنا العبد المقر بكل ذنبٍ وأنت السيد الصمد الغفورُ
فإن عذبتني فبسوء فعلي وإن تغفر فأنت به جديرُ
أفر إليك منك وأين إلا يفر إليك منك المستجيرُ
*****************
وقال آخر:
يا عظيم الجلال أنت ملاذي ... حين أحيى وغايتي لمعادي
بك أرجو النجاة من كل كرب ... فارحم اليوم عبرتي وسهادي
لست أدري ماذا تحاول ... نفسي من فساد يا منقذي من فسادي
*****************
وقال آخر:
إلهي لا تعذبني فإني ... مقر بالذي قد كان مني
ومالي حيلة إلا رجائي ... وعفوك إن عفوت وحسن ظني
وكم من زلة لي في الخطايا ... وأنت علي ذو فضل ومن
إذا فكرت في جرمي عليها ... قرعت أناملي غيظا بسني
يظن الناس بي خيراً وإني ... أشر الناس إن لم تعف عني
****************
وأنشد أعرابي
( أيا مالك لا تسأل الناس والتمس ... بكفيك فضل الله فالله أوسع )
( ولو تسأل الناس التراب لأوشكوا . إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا )
*****************
وقال آخر:-
وإذا شكوت إلى العباد فإنما
تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
*****************
وقال آخر:-
الهي فاز من ناداك ربي أتاه الخير حقاً والقبول(339/58)
الهي قلت أدعوني أُجبكم فهاك العبد يدعو يا وكيل
*****************
وقال آخر:-
لقد مددت يدي بالذل مُفتقراً إليك ياخير من مُدت اليه يدي
فلا تدنها يارب خائبةً فبحر جودك يروي بحر كل من يرد
*****************
وقال آخر:-
من لاذ بالله نجا فيمن نجا ... من كل ما يخشى ونال ما رجا )
( سبحان من نهفوا ويعفوا دائما ... ولم يزل مهما هفا العبد عفا )
( يعطي الذي يخطي ولا يمنعه ... جلاله من العطا لذي الخطا
*****************
وقال الأصمعي بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذ رأيت شابا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم يا كاشف الضر والبلوى مع السقم
( قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا ... وأنت يا حي يا قيوم لم تنم )
( أدعوك ربي حزينا هائما قلقا ... فارحم بكائي بحق البيت والحرم )
إن كان جودك لا يرجوه ذو سفه .. فمن يجود على العاصين بالكرم )
ثم بكى بكاء شديدا وأنشد يقول
( ألا أيها المقصود في كل حاجتي . شكوت اليك الضر فارحم شكايتي )
( ألا يارجائي أنت تكشف كربتي . فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي )
( أتيت بأعمال قباح رديئة ... وما في الورى عبد جنى كجنايتي )
( أتحرقني بالنار يا غاية المنى ... فأين رجائي ثم أين مخافتي )
ثم سقط على الارض مغشيا عليه فدنوت منه فاذا هو زين العابدين ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم أجمعين
*****************
وقال آخر:-
إن الملوك إذا شابت عبيدهمو في رقهم عتقوهم عتق أبرار
وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً قد شبت في الرق فاعتقني من النار
*****************
وقال سلم الخاسر
( إذا أذن الله في حاجة ... أتاك النجاح على رسله )
( فلا تسأل الناس من فضلهم ... ولكن سل الله من فضله )
*****************
وقال محمود الوراق
( شاد الملوك قصورهم وتحصنوا ... من كل طالب حاجة أو راغب )
( فارغب إلى ملك الملوك ولا تكن ... يا ذا الضراعة طالبا من طالب )
*****************(339/59)
وقال آخر:-
وإذا رُميت من الزمان بشدة وأصابك الامر الاشق الاصعب
فأضرع لربك إنه أدنى لمن يدعوه من حبل الوريد وأقربُ
*****************
ومن أجمل ماقيل في هذا الشأن:-
بك استجير ومن يجير سواكا فأجرضعيفاً يحتمي بحماكا
إني ضعيف استعين على قوى ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
أذنبت يا ربي وآذتني ذنوبٌ مالها من غافر إلا كا
أنا كنت يا ربي أسير غشاوةٍ رانت على قلبي فضل سناكا
واليوم يا ربي مسحت غشاوتي وبدأت بالقلب البصير أراكا
يا غافر الذنب العظيم وقابلاً للتوب قلب تائبٌ ناجاكا
أترده وترد صادق توبتي حاشاكا ترفض تائباً حاشاكا
يا رب جئتك نادماً أبكي على ما قدمتهُ يداي لا أتباكا
أخشى من العرض الرهيب عليك ربي وأخشى منك إذ ألقاكا
يا ربِ عدت إلى رحابك تائباً مستسلماً مستمسكاً بعراكا
مالي وما للأغنياء وأنت يا رب الغني ولا يحد غناكا
ومالي و ما للأقوياء وأنت يا ربي ورب الناس ما أقواكا
مالي وأبواب الملوك وأنت من خلق الملوك وقسم الأملاكا
إني أويت لكل مأوى في الحياة فما رأيت أعز من مأواكا
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة فلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سر السعادة جاهداً فوجدت هذا السر في تقواكا
فليرض عني الناس أوفليسخطوا أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا
أدعوك يا ربي لتغفرحوبتي وتعينني وتمدني بهداكا
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي ما خاب يوماً من دعاورجاك
*****************
وقال آخر:-
عجبًا للزمان في حالتيه ... ولأمر دُفعت منه إليه
رب يوم بكيت منه فلما ... صرت في غيره بكيت عليه
*****************
38)ذم سؤال المخلوق:-
قال الشاعر:-
لا تسألن من ابن آدم حاجة ... وسل الذي أبوابه لا تحجب )
( الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبني آدم حين يسئل يغضب
*****************
وقال آخر
( لا تحسبن الموت موت البلى ... إنما الموت سؤال الرجال )
( كلاهما موت ولكن ذا ... أخف من ذاك لذل السؤال )
*****************
وقال آخر
((339/60)
لا تسألن إلى صديق حاجة ... فيحول عنك كما الزمان يحول )
( واستغن بالشيء القليل فانه ... ما صان عرضك لا يقال قليل )
( من عف خف على الصديق لقاؤه ... وأخو الحوائج وجهه مملول )
( وأخوك من وفرت ما في كفه ... ومتى علقت به فأنت ثقيل
*****************
39)التغيير:-
قال الشاعر
( يقولون الزمان به فساد ... وهم فسدوا وما فسد الزمان )
*****************
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
40)إرضاء الناس غاية لا تُدرك :
أياربّ إنّ الناس لا ينصفونني ... وإن أنا لم أنصفهم ظلموني
وإن كان لي شيْ تصدّوا لأخذه ... وإن جئت أبغي شيئهم منعوني
وإن نالهم بذلي فلا شكر عندهم ... وإن أنا لم أبذل لهم شتموني
وإن طرقتني نكبةٌ فرحوا بها ... وإن صحبتني نعمةٌ حسدوني
سأمنع قلبي أن يحنّ إليهم ... وأحجب عنهم ناظري وجفوني
41)العافية:
قال منصور الفقيه:
رأيت البلاء كقطر السَّماء ... وما تنبت الأرض من ناميه
فلا تسألنّ: إذا ما سألت ... إلهك شيئاً سوى العافية
*****************
وقال بشار بن برد:
إنِّي وإن كان جمع المال يعجبني ... فليس يعدل عندي صحَّة الجسد
في المال زينٌ وفي الأولاد مكرمةٌ ... والسُّقم ينسيك ذكر المال والولد
*****************
وقال آخر:
فإذا رأيت أخا البليّة فاستعذ ... بالله من شرِّ البلاء النَّازل
42)غض البصر :
قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشررِ
كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهام بلا قوس ولا وترِ؟
والعبد مادام ذا عين يقلبها *** في أعين الغيد موقوفاً على الخطرِ
يُسِر مقلته ما ضر مهجته *** لا مرحباً بسرورٍ عاد بالضررِ
****************
وقال الشاعر:
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً *** لقلبك يوماً أتبعك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وقال الشاعر:
يا رامياً بسهام اللحظ مجتهداً *** أنت القتيل بما ترمي فلا تصب(339/61)
وباعث الطرف يرتاد الشفاء له *** طوقه إنه يأتيك بالعطب
*****************
قال الشاعر:
ألم تر أن العين للقلب رائد؟ *** فما تألف العينان فالقلب آلف
*****************
وقال آخر:-
وأنا الذي اجتلب المنيةَ طرفُهُ *** فَمَنِ المطالبُ والقتيلُ القاتلُ
*****************
وقال آخر:-
مرآةُ قلبِكَ لا تُريكَ صلاحَهُ *** والنَّفسُ فيها دائماً تتنفسُ
43)الصداقة والصحبة:
قال الشاعر:
تكثّر من الإخوان ما استطعت أنّهم ... بطونٌ إذا استنجدتهم وظهور
وليس كثيراً ألف خلًّ وصاحبٍ ... وإن عدواً واحداً لكثير
فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطّعام أو الشراب
وإنّك قلّما استكثرت إلاّ ... وقعت على ذئابٍ في ثياب
فدع عنك الكثير فكم كثيرٍ ... يعاب وكم قليلٍ مستطاب
*****************
وأنشد الإمام أحمد بن يحيى ثعلب رحمه الله:
من عفّ خفّ على الصديق *** لقاؤه وأخو الحوائج وجهه مبذول
وأخوك مَنْ وفَّرْتَ ما في كيسه *** فإذا استعنت به فأنت ثقيل
*****************
وقال آخر:-
تجنب صديق السوء واصرم حباله ... وإن لم تجد عنه محيصا فداره ... وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه ... تنل منه صفو الود ما لم تماره
*****************
وقال الخوارزمي :
لا تصحب الكسلان في حاجاته ... كم صالحٍ بفساد آخر يفسد
عدوي البليد إلى الجليد سريعةٌ ... والجمر يوضع في الرماد فيخمد
*****************
وقال صالح بن جناح :
وصاحب إذا صاحبت حراً مبرّزا ... يزين ويزرى بالفتى قرناؤه
*****************
وقال منصور بن محمد الكريزي :-
... أغمض عيني عن صديقي كأنني ... لديه بما يأتي من القبح جاهل ..
. وما بي جهل غير أن خليقتي ... تطيق احتمال الكره فيما أحاول ..
. متى ما يريني مفصل فقطعته ... بقيت ومالي في نهوضي مفاصل ..
. ولكن أداريه وإن صح شدني ... فإن هو أعيا كان فيه تحامل
*****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا مَا حَالَ عَهْدُ أَخِيك يَوْمًا وَحَادَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ(339/62)
فَلاَ تَعْجَلْ بِلَوْمِك وَاسْتَدِمْهُ فَإِنَّ أَخَا الْحِفَاظِ الْمُسْتَدِيمُ
فَإِنْ تَكُ زَلَّةٌ مِنْهُ وَالا فَلاَ تَبْعُدْ عَنْ الْخُلُقِ الْكَرِيمِ
*****************
قال علي رضي الله عنه :
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى حليما حين آخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ما شاه
و للشيء من الشيء مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب دليل حين يلقاه
*****************
وقال آخر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكلّ قرينٍ بالمقارن مقتدى
*****************
وقال آخر:
إذا ما بدت من صاحب لك زلة **** فكن أنت محتالاً لزلته عذراً
أحب الفتى ينفي الفواحشَ سمعُه **** كأن به عن كل فاحشة وقرا
سليم دواعي الصدر لا باسط أذى ** ولا مانع خيراً ، ولا قائل هجرا
*****************
وقال آخر:-
وما بقيت من اللذات إلا ... محادثة الرجال ذوى العقول )
( وقد كنا نعد هم قليلا ... فقد صاروا أقل من القليل )
*****************
بلوت الناس قرنا بعد قرن ... فلم أر غير خيال وقال )
( ولم أر في الخطوب أشد وقعا ... وأمضي من معاداة الرجال )
( وذقت مرارة الأشياء طرا ... فما شيء أمر من السؤال )
*****************
وقال آخر:-
وكنت إذا الصديق أراد غيظي ... وشرقني على ظمإ بريقي )
( غفرت ذنوبه وكظمت غيظي ... مخافة أن أعيش بلا صديق )
وقال آخر
إذا لم أجد خلاً تقياً يؤانسني فوحدتي خيرٌ وأشهى من غويٌ أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمناً أقرَّ لعيني من جليسٌ أحاذره
*****************
وقال آخر
( إذا ما أتت من صاحب لك زلة ... فكن أنت محتالا لزلته عذرا )
*****************
وقال آخر:-
إن أخاك الصديق من يسعي معك ... ومن يضر نفسه لينفعك )
( ومن إذا ريب الزمان صدعك ... شتت فيك شمله ليجمعك )
( وليس أخي من ودني بلسانه ولكن أخي من ودني وهو غائب )
( ومن ماله مالى إذا كنت معدما ... ومالي له إن أعوزته النوائب )
*****************
وقال أبو تمام
((339/63)
من لى بإنسان إذا أغضبته ... وجهلت كان الحلم رد جوابه )
( وإذا صبوت إلى المدام شربت من ... أخلاقه وسكرت من آدابه )
( وتراه يصغي للحديث بطرفه ... وبقلبه ولعله أدري به )
فاذا ظفرتَ بذي الوفاء فحُط رحلكَ في رِحابهْ
فأخوك مَن إن غاب عنك رعى ودادك في غيابهْ
وإذا أصابك ما يسوءُ رأى مصابكَ من مصابهْ
ونراه يَيْجَعُ إن شكوتَ كأن مابك بعض مابهْ
*****************
وقال عبدالله بن المبارك:
وإذا صاحبت فاصحب ماجدا ... ... ذا حياء وعفاف وكرم
قوله للشيء: لا، إن قلت لا ... ... إذا قلت: نعم قال: نعم
*****************
وقال آخر:-
أنت في الناس تقاس **** بالذي اخترت خليلاً
فاصحب الأخيار تعلو **** و تنل ذكراً جميلاً
*****************
وقال آخر:-
( ومن لم يغمض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب *****************
وقال آخر
إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحداً أو صل أخاك فإنه مقارف ذنبٍ مرةً ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ظمئت وأيّ الناس تصفو مشاربه
*****************
وقال آخر:-
نافس ، إذا نافست في حكمة **** آخ ، إذا آخيت ، أهل التقى
ما خير من لا يرتجي نفعه **** يوماً ، ولا يؤمن منه الأذى
*****************
وقال آخر:-
ومن يكن الغراب له دليلا ... يمر به على جيف الكلاب
*****************
وقال آخر:-
فما كثر الأصحاب حين نعدهم ... ولكنهم في النائبات قليل )
*****************
وقال آخر:-
خليلي جربت الزمان وأهله ... فما نالني منهم سوى الهم والعنا )
( وعاشرت أبناء الزمان فلم أجد ... خليلا يوفي بالعهود ولا أنا )
*****************
وقال آخر:-
اذا كنت في قومٍ فاصحب خيارهم ولا تصحب الاردى فتردى مع الردي
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي
واحذر مؤاخاة الدنيء لأنه يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب
واختر صديقك واصطفيه تفاخراً إن القرين الى المقارن يُنسب
*****************(339/64)
وقال آخر:-
مجالسة السفيه سفاه رأيٍ ... ومن عقلٍ مجالسة الحكيم
فإنك والقرين معاً سواءٌ ... كما قُدَّ الأديمُ من الأديمِ
وقال الشافعي:
إذا المرء لم يرعاك إلا تكلفا ... فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة ... وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه ... ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ... فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله ... ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده ... ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها ... صديق صدوق صادق الوعد منصفا
44)ذم الشبع :-
ثلاثٌ مُهلكات للانامِ وداعية الصحيح الى السقام
دوام منامة ٍ ودوام وطءٍ وإدخال الطعام على الطعام ِ
*****************
وقال آخر:-
يُميت الطعام القلب إن زاد كثرةً كزرع ٍ إذا بالماء قد زاد سقيُه
وإن لبيبا يرتضي نقص عقله يأكل لقيمات ٍقد ضلَّ سعيه
*****************
45)التأمل والتفكر:-
قال الشاعر:-
اقرأ التأريخ إذ فيه العبر ضل قوم ليس يدرون الخبر
وتأمل كيف أفنى ملكهم من على الملك تولَّى وقهر
*****************
وقال آخر:-
من لم يرى هذا الوجود بقلبه خسر الجمال ولم ترى عيناه
فافتح كتاب الكون تقرأ قصة هل في الوجود حقيقة إلا هو
*****************
وقال آخر:-
انظر لتلك الشجرة ... ذات الغصون النضرة
كيف نمت من حبة ... وكيف صارت شجرة
ابحث وقل
من ذا الذى يخرج منها ... الثمرة؟! ذاك هو الله
الذى أنعمه منهرة ذو حكمة ... بالغة وقدرة مقتدرة
وانظر إلى الشمس التى جذوتها مستعرة ... فيها ضياء وبها حرارة منتشرة
ابحث وقل
من ذا الذى يخرج منها ... الشررة؟! ذاك هو الله
الذى أنعمه منهمرة ذو حكمة ... بالغة وقدرة مقتدرة
وقال آخر:-
الشمس والبدر من آيات قدرته ... والبر والبحر فيض من عطاياه
الطير سبحه والوحش مجده ... والموج كبره والحوت ناجاه
والنمل تحت الصخور الصم قدسه ... والنحل يهتف له حمداً فى خلاياه(339/65)
والناس يعصونه جهرا فيسترهم ... والعبد ينسى وربى ليس ينساه
*****************
وقال آخر:-
أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم ؟! ... وذكرهم فى الورى ظلم وطغيان
هل أبقى الموت ذا عز لعزته ... أونجى منه بالسلطان انسان
لا والذى خلق الأكوان من عدم ... الكل يفنى فلا إنس ولا جان
وقال آخر:-
لله في الآفاق آيات لعلّ أقلَّها هو ما إليه هداكا
ولعلّ ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا حاولت تفسيرًا لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى ... ياشافى الأمراض من أرداك ؟
قل للمريض نجى وعوفى بعد ما ... عجزت فنون الطب من عافاك؟
قل للصحيح مات لا من علة ... من يا صحيح بالمنايا دهاك ؟
بل سل الأعمى خطاً وسط الزحام ... بلا صدام من ياأعمى يقود خطاك؟
بل سل البصير كان يحذر حفرةً ... فهوى بها من ذا الذى أهواك ؟
وسل الجنين يعيش معزولاً بلا ... راع ولا مرعى من ذا الذى يرعاك ؟
وسل الوليد أجهش بالبكاء لدى ... الولادة من الذى أبكاك ؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه ... فسله من يا ثعبان بالسموم حشاك ؟
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو تحيا ... وهذا السم يملأ فاك ؟
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت ... شهداً وقل للشهد من حلاك ؟
بل سائل اللبن الْمُصَفَّى كان ... بين دم وفرث ما الذي صفَّاك؟!
وإذا رأيت الْحي يَخرج من ... حَنَايا ميتٍ فاسأله من أحياك؟!!
قل للهواء تَحثُّه الأيدي ويخفى ... عن عيون الناس من أخفاك؟!
قل للنبات يَجفُّ بعد تعهُّدٍ ... ورعاية من بالجفاف رَمَاك؟!!
وإذا رأيت النَّبت في الصحراء ... يربو وحده فاسأله من أَرْبَاكَ؟!!
وإذا رأيت البدر يسري ناشرًا ... أنواره فاسأله من أسْرَاك؟!
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي ... أبعد كل شيء ما الذي أدناك؟!
قل للمرير من الثمار من الذي ... بالمرِّ من دون الثمار غذاك؟!
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى ... فاسأله من يا نَخل شقَّ نواك؟!
وإذا رأيت النار شبَّ لَهيبها ... فاسأل لهيب النار من أوراك؟!
وإذا ترى الجبل الأشَمَّ مناطحًا ... قِمم السَّحاب فسَلْه من أرساك(339/66)
وإذا ترى صخرًا تفجر بالْمياه ... فسله من بالماء شقَّ صَفَاك؟!!
وإذا رأيت النهر بالعذب الزُّلال ... جرى فسَلْه من الذي أجراك؟!
وإذا رأيت البحر بالملح الأُجاج ... طغى فسَلْه من الذي أطغاك؟!!
وإذا رأيت الليل يغشى داجيًا ... فاسأله من يا ليل حاك دُجاك؟!
وإذا رأيت الصُّبح يسفر ضاحيًا ... فاسأله من يا صبح صاغ ضُحَاك
يا أيها الإنسان مهلاً ما الذي ... بالله جل جلاله أغراكا؟
سيجيب ما في الكون من آياته ... عجب عجاب لو ترى عيناكا
ربِّ لك الحمد العظيم لذاتك ... حمدًا وليس لواحد إلاَّكا
*****************
وقال آخر:-
وتزعم أنك جرم صغير ... ... وفيك انطوى العالم الأكبر
وقال آخر:-
والمرء مثل هلالٍ عند طلعته يبدو ضئيلاً لطيفاً ثم يتسق
يزداد حتى إذا ما تم أعقبه كر الجديدين نقصا ثم ينمحق
كان الشباب رداءً قد بهجت به فقد تطاير منه للبلى خرق
وبات منشمراً يحدو المشيب به كالليل ينهض في أعجازه الفلق
عجبتُ والدهر لا تفنى عجائبه للراكنين إلى الدنيا وقد صدقوا
وطال ما نغصوا بالفجع ضاحية وطال بالفجع والتنغيص ما طرقوا
دار تغر بها الآمال مهلكة وذو التجارب فيها خائف فرق
يا للرجال لمخدوع بزخرفها بعد البيان ومغرور بها يثق
أقول والنفس تدعوني لباطلها أين الملوك ملوك الناس والسوق
أين الذين إلى لذاتها ركنوا قد كان فيها لهم عيش ومرتفق
أمست مساكنهم قفراً معطلة كأنهم لم يكونوا قبلها خلقوا
يا أهل لذات دار لا بقاء لها إن اغتراراً بظل زايل حمق
*****************
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر........ والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر يعلو فوقه جيف.......وتستقر بأقصى قاعه الدرر
وفي السماء نجوما لا عداد لها....... وليس يكسف إلا الشمس والقمر.
****************
وقال آخر:
فلم أر كالأيام للمرء واعظا ... ولا كصروف الدهر للمرء هاديا
*****************
وقال آخر:-
قد يجمع المال غير آكله ... ويأكل المال غير من جمعه
وقال آخر:-(339/67)
لا ترقدن لعينك السهر وانظر إلى ما تصنع العبرُ
انظر إلى عبر مصرفة ما دام يمكن طرفك النظرُ
فإذا جهلت ولم تجد أحداً فسل الزمان فعنده الخبرُ
فإذا نظرت تريد معتبراً فانظر إليك ففيك معتبرُ
أنت الذي تنعاه خلقته ينعاه منه الشعر والبشرُ
يا من يؤمل أنت منتظر أملاً يطول ولست تنتظرُ
ماذا تقول وأنت في غصصٍ ماذا تقول وذوقك المدرُ
ماذا تقول وقد لحقت بما يجري عليه الريح والمطرُ
كم قد عفتْ عين لها أثر درستْ ويُدرس بعدها الأثرُ
*****************
وقال آخر:-
دع الدور و اطلب فسيح البراري **** و انظر إلى صفحات الجمال
على حافة الماء دون ملال **** تأمل ترقق ماء زلال
وحدق إلى نرجس ذي دلال **** وقبِّل عيوناً له كاللآلي
*****************
وقال آخر:-
أما والله لو علم الأنام ... لما خلقوا لما هجعوا وناموا
لقد خلقوا ليوم لو رأته ... عيون قلوبهم ساحوا وهاموا
ممات ثم حشر ثم نشر ... وتوبيخ وأهوالٌ عظام
ليوم الحشر قد عملت أناس ... فصلوا من مخافته وصاموا
ونحن إذا أمرنا أو نهينا ... كأهل الكهف أيقاظ نيام
*****************
وقال آخر:-
كأنك لم تسمع بأخبار من مضى ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر
فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم محاها مجال الريح بعدك والقطر
على ذاك مروا أجمعون وهكذا يمرون حتى يستردهم الحشر
فحتام لا تصحو وقد قرب المدى وحتام لا ينجاب عن قلبك السكر
بل سوف تصحو حين ينكشف الغطا وتذكر قولي حين لا ينفع الذكر
*****************
وقال عبد الوهاب عزام:-
لست أخلو لغفلة و سكون **** وفرار من الورى و ارتياح
إنما خلوتي لفكر و ذكر **** فهي زادي وعُدّتي لكفاحي
*****************
وقال آخر:-
كل صفو إلى كَدَر **** كل أمنٍ إلى حَذر
ومصير الشباب للموت **** فيه أو الكَبِر
أيها الآمل الذي**** تاه في لُجّة الغَرَر
أين من كان قبلنا **** دَرَسَ الشخصُ والأثر
سيردُ المعارَ من **** عمرُه كله خَطر
ربّ أني ذخرت عندك **** أرجوك مُدّخر(339/68)
إنني مؤمن بما **** بين الوحي في السوَر
و اعترافي بترك نفعي **** وإيثاري الضَرر
رب فاغفر لي الخطيئة **** يا خَيرَ من غَفَر
*****************
وقال آخر:-
هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنا فجايعه تبقى ولذاته تفنى
إذا أمكنت فيه مسرة ساعة تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا
إلى تبعات في المعاد وموقف نود لديه أننا لم نكن كنا
حصلنا على هم وإثم وحسرة وفات الذي كنا نلذ به عنا
كأن الذي كنا نسر بكونه إذا حققته النفس لفظ بلا معنى
*****************
وقال آخر:-
كفى زاجرا للمرء أيام دهره ... تروح له بالواعظات وتغتدي
*****************
وقال آخر:-
نزهة الْمؤمن الفكر ... لذة الْمؤمن العبَر
نحمد الله وحده ... نَحن كل على خطر
رُبَّ لاه و عمره ... قد تقَضَّى و ما شعر
ربَّ عيش قد كان ... فوق المنى مورق الزهر
فِي خرير من العيون ... و ظلّ من الشجر
وسرور من النبات ... و طيب من الثمر
غيَّرته و أهله ... سرعة الدهر بالغيَر
نَحمد الله وحده ... إن فِي ذا لَمعتبر
إن في ذا لعبرة ... للبيب إن اعتبَر
*****************
وقال آخر:-
سل الواحة الخضراء والماء جاريا وهذه الصحاري والجبال الرواسي
سل الروض مزدانًا سل الزهر والندى سل الليل والإصباح والطيْر شاديا
وسل هذه الأنسام والأرض والسماوسل كل شيءٍ تسمع الحمد ساريا
فلو جم هذا الليل وامتد سرمدًافمن غير ربِّي يرجع الصبح ثانيا؟!
*****************
وقال آخر:-
وحدثتك الليالي أن شيمتها تفريق ما جمعته فاسمع الخبرا
وكن على حذر منها فقد نصحت وانظر إليها تر الآيات والعبرا
فهل رأيت جديداً لم يعد خلقاً وهل سمعت بصفو لم يعد كدرا
سل الأيام ما فعلت بكسرى وقيصر والقصور وساكنيها
أما استدعتهم للموت طراً فلم تدع الحليم ولا السفيها
دنت نحو الدنى بسهم خطب فأصمته وواجهت الوجيها
أما لو بيعت الدنيا بفلس أنفت لعاقل أن يشتريها
*****************
46)طلب العلم
مللت كل جليس كنت آلفه إلا الكتاب فلا يعدله إنسانُ(339/69)
عاشرته فأَراني كل مكرمة له عليَّ رعاه الله إحسانُ
*****************
وقال آخر:-
أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الأنام كتابُ
*****************
وقال أبي إسحاق الألبيريى والتي يوصي في هذه الابيات ابنه بطلب العلم والحرص عليه وهى من أجمل ما ألف في هذا الباب ..
قال رحمه الله تعالى:
تفت فؤادك الأيام فتا ... وتنحت جسمك الساعات نحتا
وتدعوك المنون دعاء صدق ... ... ألا يا صاح أنت أريد أنتا
أراك تحب عرسا ذات خدر ... ... أبتَّ طلاقها الأكياس بتا
تنام الدهر ويحك في غطيط ... ... بها حتى إذا مت انتبهتا
فكم ذا أنت مخدوع وحتى ... ... متى لا ترعوي عنها وحتى
أبا بكر دعوتك لو أجبتا ... ... إلى ما فيه حظك لو عقلتا
إلى علم تكون به إماما ... ... مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا
ويجلو ما بعينك من غشاها ... ويهديك الطرق إذا ضللتا
وتحمل منه في ناديك تاجا ... ... ويكسوك الجمال إذا عريتا
ينالك نفعه ما دمت حيا ... ... ويبقى ذكره لك إن ذهبتا
هو العضب المهند ليس ينبو ... تصيب به مقاتل من أردتا
وكنز لا تخاف عليه لصا ... خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيد بكثرة الإنفاق منه ... وينقص إن به كفا شددتا
فلو قد ذقت من حلواه طعما لآثرت التعلم واجتهدتا
*****************
وقال آخر:-
يكفيك أن رفيق العلم منزله
بين السماكين مرفوعا علي زحل
تهفو له الشمس والجوزاء تحسده
يبيت فوق حشايا الجد في قلل
استشهد الله أهل العلم فضلهم
علي جميع البرايا من بني الدول
وميز الله حتى في البهائم ما
منها يعلم في صيد وذي جهل
والهدهد اجتث بلقيسا وهدهطها
بالعلم جاء سليماناً علي عجل
ذو العلم حي ولو ذابت حشاشته
له الجلالة عن حاف ومنتعل
حتى الملائكة الأبرار تذكره
والنمل يدعو له في السهل والجبل
مداده كرم جاد الشهيد به
في حومة الهول بين البيض والأسل
أقلامه تعمر الدنيا إذا نطقت
ألواحه صحف الرضوان والأمل
كلامه درر أحكامه عبر
أفعاله أثر لله من حلل
يقضي ويمضي وكل الناس تقبله
في ساعة الجد أو في ساعة الهزل(339/70)
والله لو وزنوا الدنيا بزخرفها
ما عادلت كلمة من لفظه الجزل
أو قدموها قناطيراً مقنطرة
ما وازنت حرف علم صافي النهل
مات الملوك وأهل العلم ذكرهمو
كالمسك في الناس ند عشرق جزل
لو أن عبداً حقير الأصل ممتهناً
أصك مفتولة أذناه كالثعل
ممزق الثوب عار الظهر مشفرة
كمشفر الضب والكفان في شلل
أثط أفطس قد طالت ضفائره
طعامه من رخيص البقل والدقل
وعنده من علوم الوحي لانصدعت
له القلوب وصار الكون في جزل
ووقرته ملوك الأرض وارتجفت
له المنابر في عز وفي جلل
وقربت نعله الأشراف وافتخرت
به المدائن من سهل ومن جبل
*****************
وقال أبو الفتح كشاجم:
لا تمنع العلم أمرأً ... والعلمُ يمنعُ جانبَهْ
أمّا الغبي فليس يف ... هم لطْفَهُ وغَرائبهْ
وتكون حاضرةُ الفوا ... ئد عنده كالغائبهْ
وأخو الحصافة مُسْتَحِق ... أَن ينالَ مَطَالبهْ
فبحقَه أعطيتهُ ... مِنْ فَضْلِ علمك وَاجِبَهْ
*****************
وقال آخر:-
قل للذي غَرَّتهُ عِزَّةُ مُلْكِه ... حتى أخَل بطاعةِ النصحاءِ
شرفُ الملوكِ بعلمهم وبرأيهم ... وكذاك أوْجُ الشمسِ في الجوزاء
*****************
وقال أبو الفتح البستي:
إذا أقسم الأبطالُ يوماً بسيفهم ... وعدّوه ممّا يُكْسِبُ المجدَ والكرمْ
كفى قَلَمُ الكتاب مَجْداً ورفعةً ... مدَى الدَّهرِ أنّ اللَه أقْسَم بالقَلَمْ
*****************
وقال آخر:-
العلم أشرف مطلوب وطالبه *** لله أكرم من يمشي على قدم
فقدِّس العلم واعرف قدر حرمته *** في القول والفعل والآدابَ فالتزم
يا طالب العلم لا تبغِ به بدلاً *** فقد ظفرت ورب اللَّوح والقلم
واجهد بعزم قوي لا انثناء له *** لو يعلم المرء قدر العلم لم ينمِ
والنية تجعل لوجه الله خالصة *** إن البناء بدون الأصل لم يقمِ
*****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا لَمْ يُذَاكِرْ ذُو الْعُلُومِ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَسْتَفِدْ عِلْمًا نَسِيَ مَا تَعَلَّمَا(339/71)
فَكَمْ جَامِعٍ لِلْكُتُبِ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ يَزِيدُ مَعَ الايَّامِ فِي جَمْعِهِ عَمَى
*****************
وقال آخر:-
ومن لم يذُقْ مر التعلم ساعة *** تجرَّع ذُل الجهل طول حياته
*****************
وقال آخر:-
وَفِي الْجَهْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ مَوْتٌ لِأَهْلِهِ فَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَإِنْ امْرَأً لَمْ يَحْيَ بِالْعِلْمِ مَيِّتٌ فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ
*****************
وقال آخر:-
قوموا اقرعوا بالعلم أبواب العلا *** لا تقصروا عن همة القرَّاع
واستعذبوا شوك المنايا في اجتنا *** ورد الأماني رائق الإيناع
وتعلموا فالعلم معراج العلا *** ومفاتح الإخصاب والإمراع
وإذا علمتم فاعملوا فالعلم *** لا يجدي بلا عمل بحسن زمام
*****************
هو العلم كما يقول أبي إسحاق الألبيريى
فواظبه وخذ بالجد فيه ... ... فإن أعطاكه الله انتفعتا
وإن أعطيت فيه طويل باعٍ ... وقال الناس إنك قد علمتا
فلا تأمن سؤال الله عنه ... ... بتوبيخ : علمتَ فما عملتا
فرأس العلم تقوى الله حقا ... ... وليس بأن يقال لقد رأستا
وأفضل ثوبك الإحسان لكن ... نرى ثوب الإساءة قد لبستا
ويقول أيضاً
إذا ما لم يفدك العلم خيرا ... ... فخير منه أن لو قد جهلتا
وإن ألقاك فهمك في مهاوٍ ... ... فليتك ثم ليتك ما فهمتا
ستجني من ثمار العجز جهلا ... وتصغر في العيون إذا كبرتا
وتُفقد إن جهلت وأنت باق ... وتوجد إن علمت ولو فُقدتا
وتذكر قولتي لك بعد حين ... ... إذا حقا بها يوما عملتا
وإن أهملتها ونبذت نصحا ... ... وملت إلى حطام قد جمعتا
فسوف تعض من ندم عليها ... وما تغني الندامة إن ندمتا
*****************
وقال آخر:-
لنا جلساءٌ ما نملّ حديثهم=ألّباء مأمونون غيباً ومشهدا
يفيدوننا من علمهم علم ما مضى ... وعقلاً وتأديباً ورأياً مسدّدا
بلا فتنةٍ تخشى ولا سوء عشرةٍ ... ولا نتّقي منهم لساناً ولا يدا
فإن قلت أمواتٌ فلست بكاذبٍ ... وإن قلت أحياءٌ فلست مفنّدا
*****************(339/72)
وقال أبي محمد الأندلسي القحطاني
كن طالبا للعلم واعمل صالحا فهما إلى سبل الهدى سببان
لا تتبع علم النجوم فإنه متعلق بزخارف الكهان
علم النجوم وعلم شرع محمد في قلب عبد ليس يجتمعان
*****************
وقال آخر:-
العلم زين للرجال مروءةٌ ... والعلم أنفع من كنوز الجوهر
أأخي إن من الرجال بهيمةً ... في صورة الرجل السميع المبصر
فطن لكلّ مصيبة في ماله ... وإذا يصاب بدينه لم يشعر
*****************
وقال عبد الله بن المبارك
العلم كنز وذخره لا تعادله ... نعم القرين إذا ما عاقل صحبا
ياجامع العلم نعم الذخر تجمعه ... ... لاتعدلن به دارا ولا ذهبا
اشدد يديك به تحمد مغبته ... ... به تنال الغنى والدين والحسبا
قد يجمع المرء مالا ثم يسلبه ... عما قليل فيلقى الذل والحربا
*****************
وقال عبدالله بن المبارك أيضاً:
تعلّم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإنّ كبير القوم لا علم عندهصغير إذا التفّت عليه المحافل
*****************
وقال آخر:-
الْعِلْمُ نورٌ وَفِي الأجْوَاءِ مُنْتَشِرُ وَالْفَخْرُ بِالْعِلْمِ لا بِالْمَالِ نَفْتَخِرُ
هُوَ الضِّيَاءُ وَ أَهْلُ الْعِلْمِ نُوْرُ هُدًى هُمُ النُّجُوْمُ وفي أَنْفَاسهِمْ دُرَرُ
*****************
وقال آخر:-
لو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما )
( ولكن أهانوه فهونوا ودنسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهما
*****************
وقال آخر:-
العلم أنفس شيء أنت داخره ... من يدرس العلم لم تدرس مفاخره )
( أقبل على العلم واستقبل مقاصده ... فأول العلم إقبال وآخره
*****************
وقال آخر:-
إذا لم يزد علم الفتى قلبه هدى ... وسيرته عدلا وأخلاقه حسنا )
( فبشره أن الله أولاه فتنة ... تغشيه حرمانا وتوسعه حزنا
*****************
وقال آخر:-
تعلم إذا ما كنت لست بعالم ... فما العلم إلا عند أهل التعلم )
( تعلم فإن العلم أزين للفتى ... من الحلة الحسناء عند التكلم )
*****************(339/73)
وقال آخر:-
لا تدخر غير العلوم ... م فإنها نعم الذخائر )
( فالمرء لو ربح البقاء ... ء مع الجهالة كان خاسر
ويقول الشافعي رضي الله تعالى عنه
( أخي لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ... وصحبة أستاذ وطول زمان
*****************
وقال آخر:-
كن عالما وارض بصف النعال ... ولا تكن صدرا بغير الكمال )
( فإن تصدرت بلا آلة ... صيرت ذاك الصدر صف النعال
47)التوحيد:-
قال الشاعر:
فيا عباد المسيح لنا سؤال ... نريد جوابه ممن وعاه
إذا مات الإلهُ بصنع ... قوم أماتوه فهل هذا إله ؟!
ويا عجب لقبر ضم رباً ... وأعجب منه بطن قد حواه
أقام هناك تسعاً من شهور ... لدى الظلمات من حيض غزاه
وشق الفرج مولداً صغيراً ... ضعيفاً فاتحاً للثدى فاه
ويأكل ثم يشرب ثم يأتى ... بلازم ذاك فهل هذا إله ؟!
تعالى الله عن إفك النصارى ... سيسألوا كلهم عما افتراه
*****************
وقال آخر:-
رب يبول الثعلبان برأسه ... لقد ذل من بالت عليه الثعالب
لو كان ربا كان يمنع نفسه ... فلا خير فى ربٍ نأته المطالب
برئت من الأصنام فىالأرض كلها ... و آمنت بالله الذى هو غالب
48)النفاق:-
قال الشاعر:-
إنما المكر الخديعة في النار وهما من خصال أهل النفاقِ
*****************
وقال آخر:-
يلقاك يُقسم أنه بك واثقٌ وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب
*****************
وقال آخر:-
ملكٌ كريمُ في مظهره شيطانٌ رجيم في مخبره
49)الحب والأخوة:-
مرض الحبيب فزرته فمرضت من خوفي عليه
وأتى الحبيب يزورني فشفيت من نظري إليه
*****************
وقال آخر:-
أبى الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ إذا افتخروا بقيسٍ أوتميمِ
*****************
وقال آخر:-
وما المرء إلا بإخوانه ... كما يقبض الكف بالمعصم )
( ولا خير في الكف مقطوعة ... ولا خير في الساعد الأجذم )
*****************
وقال علي رضي الله عنه(339/74)
عليك بأخوان الصفاء فإنهم ... عماد إذا استنجدتهم وظهور )
( وإن قليلا ألف خل وصاحب ... وإن عدوا واحدا لكثير )
*****************
وقال آخر:-
ومن عجب أني أحن إليهم
وأسأل عنهم من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها
ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
*****************
قال مجنون بني عامر :-
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
وقال آخر:-
والله ما طلعت شمس ولا غربت
إلا وأنت مني قلبي ووسواسي
ولا جلست إلى قوم أحدثهم
إلا وأنت حديثي بين جلاسي
ولا هممت بشرب الماء من عطش
إلا رأيت خيالاً منك في الكاس
*****************
وقال آخر:-
والله لو أحرقوني في الهوى حمما ما اخترت غيركمو في الون إنسانا
منكم دوائي ودائي صرت عبدكمو أرى بلاءكمو في الجسم إحسانا
*****************
وقال آخر:-
أخوك أخوك من يدنو وترجو ... مودته وإن دعي استجابا )
( إذا حاربت حارب من تعادى ... وزاد سلاحه منك اقترابا )
*****************
وقال آخر:-
إذا كان حب الهائمين من الورى بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى أن يصنع الهائم الذي سرى قلبُه شوقاً إلى العالم الأعلى
*****************
وقال آخر:-
إن يفترق ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد
*****************
وقال آخر:-
الحب ليس رواية شرقية بأريجها يتزوّج الأبطالُ
الحب مبدأ دعوة قدسية فيها من النور العظيم جلالُ
*****************
وقال آخر:-
فما أكثر الأصحاب حين تعدهم ... ولكنهم في النائبات قليل
*****************
وقال آخر:-
كم من أخ لك لم يلده أبوكا ... وأخ أبوه أبوك قد يجفوكا ..
. صاف الكرام إذا أردت إخاءهم ... وأعلم بأن أخا الحفاظ أخوكا ..
. كم إخوة لك لم يلدك أبوهم ... وكأنما آباءهم ولدوكا ..
. لو كنت تحملهم على مكروهة ... تخشى الحتوف بها لما خذلوكا .
..(339/75)
وأقارب لو أبصروك معلقا ... بنياط قلبك ثم ما نصروكا
... الناس ما استغنيت كنت أخالهم ... وإذا افتقرت اليهم فضحوكا
*****************
وقال آخر:-
وأينما ذكر اسم الله في بلدٍ عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
*****************
وقال آخر:-
نسينا في ودادك كل غال
فأنت اليوم اغلي ما لدينا
نلام على محبتكم ويكفي
لنا شرف نلام وما علينا
و لما نلقكم لكن شوقا
يذكرنا فكيف إذا التقينا
تسلي الناس بالدنيا و إنا
لعمر الله بعدك ما سلينا
*****************
وقال آخر:-
فإن كانت الأجسام منا تباعدت ... فإن المدى بين القلوب قريب )
*****************
وقال آخر:-
خليلي إن الحب صعب مراسه ... وإن عزيز القوم فيه يهان
*****************
وقال منصور بن محمد الكريزي :-
... إذا أنت عاديت أمرءا بعد خلة ... فدع في غد للعود والصلح موضعا ... فإنك إن نابذت من زل زلة ... ظللت وحيدا لم تجد لك مفزعا
*****************
وقال آخر:-
تبسم الثغر عن أوصافكم فغدا ... من طيب ذكركم نشرا فأحيانا )
( فمن هناك عشقناكم ولم نركم ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا )
*****************
وقال آخر:-
إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا
*****************
وقال آخر:-
والله ما لمحت عيني منازلكم إلا توقد جمر الشوق في خلدي
ولا تذكرت مغناكم وأرضكموا إلا كأن فؤادي طار من جسدي
*****************
وقال آخر:-
لعمرك ما مال الفتى بذخيرة **** و لكن اخوان الثقات الذخائر
*****************
وقال آخر:-
بنتُم وبنّا فما ابتلت جوانحنا ... ... شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا ... ... يقضي علينا الأسى لولا تأسّينا
إن كان قد عزّ في الدنيا اللقاء ... ... ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا
50)الهدية:-
قال الشاعر:-
هدايا الناس بعضهم لبعض تولد في قلوبهم الوصال
وتزرع في الضمير هوى وودًا وتلبسهم إذا حضروا جمالًا(339/76)
51)حفظ اللسان:
ألم تر مفتاح الفؤاد لسانه ... إذا هو أبدى ما يقول من الفم
وكائن ترى من صاحبٍ لك معجبٍ ... زيادته أو نقصه في التّكلم
لسان الفتى نصفٌ و نصفٌ فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللّحم والدَّم
وقال منصور الفقيه:
عليك السُّكوت فإن لم يكن ... من القول بدٌّ فقل أحسنه
فرَّبتما فارقت بالّذي ... تقول أماكنها الألسنة
*****************
وأنشد ابن المبارك أخاً له كان يصحبه:
واغتنم ركعتين زلفى إلى الل ... ه إذا كنت فارغاً مستريحا
وإذا ما هممت بالمنطق البا ... طل فاجعل مكانه تسبيحا
إنّ بعض السكوت خيرٌ من النط ... ق وإن كنت بالكلام فصيحا
*****************
وفي ذم الجدال يقول ابن الرومي:
لذوي الجدال إذا غَدَوا لجدالهم ... حُجَجٌ تضلُّ عن الهدى وتَجُورُ
وُهُنٌ كآنيةِ الزُّجاج تَصَادمتْ ... فهوَت، وكلٌّ كاسرٌ مَكْسورُ
فالقاتِلُ المقتولُ ثَمَّ لِضَعْفه ... ولوهيِه، والآسرُ المَأْسُورُ
*****************
وقال آخر:-
إذا ما ذكرت الناس فاترك عيوبهم ... فلا عيب إلا دون ما منك يذكر ..
. فإن عبت قوما بالذي ليس فيهم ... فذلك عند الله والناس أكبر ..
. وإن عبت قوما بالذي فيك مثله ... فكيف يعيب العور من هو أعور ... وكيف يعيب الناس من عيب نفسه ... أشد إذا عد العيوب وأنكر ...
متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم ... عيوبا ولكن الذي فيك أكثر
فسالمهم بالكف عنهم فإنهم ... بعيبك من عينيك أهدى وأبصر
*****************
وقال نصر بن أحمد:
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل ... وكلّ امرئ ما بين فكَّيه مقتل
وكم فاتحٍ أبواب شرٍّ لنفسه ... إذا لم يكن قفلٌ على فيه مقفل
إذا ما لسان المرء أكثر هذره ... فذاك لسانٌ بالبلاء موكّل
إذا شئت أن تحيا سعيداً مسلَّماً ... فدبّر وميّز ما تقول وتفعل
*****************
وقال صالح بن جناح:
أقلل كلامك واستعذ من شرّه ... إنّ البلاء ببعضه مقرون
واحفظ لسانك واحتفظ من غيّه ... حتّى يكون كأنَّه مسجون
وكِّل فؤادك باللِّسان وقل له ... إنّ الكلام عليكما موزون(339/77)
فزناه وليك محكماً في قلّةٍ ... إنّ البلاغة في القليل تكون
*****************
وقال آخر:
عوّد لسانك قول الصِّدق تحظ به ... إنّ الِّلسان لما عوّدت معتاد
موكل بتقاضي ما سننت له ... فاختر لنفسك وانظر كيف ترتاد *****************
وقال غيره:
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه ... وليس يموت الرَّجل من عثرة الرِّجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه ... وعثرته بالرِّجل تبرا على مهل
*****************
وقال آخر:
والصمتُ عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفُ....... وفيه أيضاً لصونِ العرض إصلاحُ
أما ترى الأسدَ تخشى وهي صامتةٌ ........ والكلبُ يخزى لعمرُ اللهِ نباحُ
*****************
وقال المنتصر بن بلال الأنصاري ...
لا تلتمس من مساوي الناس ماستروا ... فيهتك الناس سترا من مساويكا ... واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ... ولا تعب أحدا عيبا بما فيكا
****************
وقال آخر:-
كم من حسيب كريم كان ذا شرف ... قد شانه الكذب وسط الحي إن عمدا ... وآخر كان صعلوكا فشرفه ... صدق الحديث وقول جانب الفندا .
.. فصار هذا شريفا فوق صاحبه ... وصار هذا وضيعا تحته أبدا
*****************
وقال آخر:-
الكذب مرديك وإن لم تخف ... والصدق منجيك على كل حال ...
فانطق بما شئت تجد غبه ... لم تبتخس وزنه مثقال
*****************
وقال آخر:-
كذبت ومن يكذب فإن جزاءه ... إذا ما أتى بالصدق أن لا يصدقا ...
إذا عرف الكذاب بالكذب لم يزل ... لدى الناس كذابا وإن كان صادقا .
.. ومن آفة الكذاب نسيان كذبه ... وتلقاه إذا فقه اذا كان حاذقا
*****************
وقال آخر:-
الصدق يعقد فوق رأس ... حليفه بالصدق تاجا ...
والصدق يقدح زنده ... في كل ناحية سراجا
*****************
وقال المنتصر بن بلال ..
. تحدث بصدق إن تحدثت وليكن ... لكل حديث من حديثك حين ..
. فما القول إلا كالثياب فبعضها ... عليك وبعض في التخوت مصون
*****************
وقال آخر:-(339/78)
أوجع من وخزة السنانِ * * * لذي الحِجا: وخزة اللسانِ
*****************
وقال آخر:-
( رأيت لسان المرء آية عقله ... وعنوانه فانظر بماذا تعنون
ولا تعد إصلاح اللسان فإنه ... يخبر عما عنده ويبين )
( ويعجبني زي الفتى وجماله ... فيسقط من عيني ساعة يلحن
*****************
وقال آخر:-
إذا ما المرء أخطأه ثلاث ... فبعه ولو بكف من رماد .
.. سلامة صدره والصدق منه ... وكتمان السرائر في الفؤاد
****************
وقال آخر:-
تَحَفّط من لسانك ليسى شيء * * * أحق بطول سجن من لسانِ
*****************
وقال آخر:-
ان اللسان اذا حَللتَ عِقاله * * * ألقاك في شنعاءَ ليس تُقالُ
*****************
وقال آخر:-
احفظ لسانك أيها الأنسان ... لا يلدغنك إنه ثعبان )
( كم في المقابر من قتيل لسانه ... كانت تهاب لقاءه الشجعان )
*****************
وقال آخر:-
احفظ لسانك لا تقول فتبتلي ... إن البلاء موكل بالمنطق )
*****************
وقال آخر:-
إذا شئت أن تحيا سليماً من الاذى وحظك موفورٌ وعرضك صيَّنُ
لسانك لا تذكر به عورة امريءٍ فكلك عوراتٌ وللناس السنُ
وعينك إن أبدت إليك مساوئاً فصنها وقل ياعين للناس أعينُ
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفارق ولكن بالتي هي أحسنُ
*****************
وقال آخر:-
حفظ اللسان عن القبيح أمانُ يزكو به الاسلام والإيمانُ
وإذا جِنايات الجوارح عُددت فأشدها يجني عليك لسانُ
من كف كف الناس عنه إلا الخنا فكما تدين تُدانُ
*****************
وقال آخر:-
وزن الكلام إذا نطقت فإنما ... يبدي عقول ذوي العقول المنطق
*****************
وقال آخر:-
وإن لسان المرء ما لم تكن له ... حصاة على عوراته لدليل
*****************
فإن عبت قوما بالذي فيك مثلُه..........فكيف يعيبُ من الناسَ من هو أعورُ
وإن عبتَ قوما بالذي ليسَ فيهمُ....... فذلك عند اللهِ والناسِ أكبرُ
52)حفظ السمع :-
وسمعك صن عن سماع القبيح ... كصون اللسان عن النطق به )(339/79)
فإنك عند سماع القبيح ... شريك لقائله فانتبه
53)حب النبي :-
أتحب أعداء الحبيب وتدعى حباً له ، ما ذاك فى الإمكان
وكذا تعادى جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان ؟!
إن المحبة أن توافق من تحب على محبته بلا نقصانِ
فلئن ادعيت له المحبة مع خلاف ما يحب فأنت ذو بهتان
*****************
وقال آخر:-
من يَدَّعِ حُبَّ النبى ولم ... يفد من هديه فسفاهةُُ وهراءُ
فالحب أول شرطه وفروضه ... إن كان صادقاً طاعةُُ ووفاءُ
*****************
54)الصدق والكذب:-
لا يكذب المرء إلاّ من مهانته ... أو عادة السّوء او من قلّة الأدب
لبعض جيفة كلبٍ خير رائحةٍ من كذبة المرء في جدٍ وفي لعب
*****************
وقال محمود الوراق
( الصدق منجاة لأربابه ... وقربة تدني من الرب )
*****************
ولبعضهم
( حسب الكذوب من البلية ... بعض ما يحكى عليه )
( فمتى سمعت بكذبة ... من غيره نسبت إليه )
*****************
وقال آخر:
إذا السر والإعلان في المؤمن استوى فقد عز في الدارين واستوجب الثنا
فإن خالف الإعلان سرا فما له على سعيه فضل سوى الكد والعنا
فما خالص الدينار في السوق نافق ومغشوشه المردود لا يقتضى المنا
55)ذا الوجهين:-
قل للذي لست أدري من تلونه ... أنا صح أم على غش يناجيني )
( إني لأكثر مما سمتني عجبا ... يد تشح وأخرى منك تأسوني )
( تغتابني عند أقوام وتمدحني ... في آخرين وكل عنك يأتيني )
( هذان شيئان قد نافيت بينهما ... فأكفف لسانك عن شتمي وتزييني )
*****************
وقال آخر:-
ويوم كأخلاق الملوك تلونا ... فصحو وتغييم وطل وابل )
( أشبهه إياك من صفاته ... دنو وإعراض ومنع ونائل )
56)النميمة:-
من نم في الناس لم تؤمن عقاربه ... على الصديق ولم تؤمن أفاعيه )
( كالسيل بالليل لا يدرى به أحد ... من أين جاء ولا من أين يأيته )
( الويل للعهد منه كيف ينقضه ... والويل للود منه كيف يفنيه )
*****************
وقال آخر
((339/80)
يسعى عليك كما يسعى إليك فلا ... تأمن غوائل ذي وجهين كياد
تنحّ عن النميمة واجتنبها فإن النم يُحبطُ كلَّ أجرٍ
يُثير أخو النميمةِ كلّ شر ويكشف للخلائق كل سرٍ
ويقتل نفسه وسواه ظلماً وليس النمُّ من أفعال حر
****************
وقال آخر:
ولا تقل الصبا فيه مجال وفكركم صبي قد دفنتا
تفر من الهجير وتتقيه فهلاَّ من جهنم قد فررتا
****************
وقال آخر:-
وصاحب النمِّ كالداء العياء إذا ما ارفض في الجلد هاهنا وهنا
يبدي ويخبر عن عورات صاحبه وما يرى عنده من صالحٍ دفنا
57)الغيبة:-
( إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا )
( صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا )
ولم يرخّص العلماء في شيءٍ من الغيبة سوى ستّة صُوَرٍ مستثناةٍ من التحريم للحاجة إليها في جلب المصالح ودرء المفاسد، وقد أحسَن من نظَمَها في قوله:
القدْحُ ليس بغيبة في ستة: ... متظلمٍ ومعرِّف ومحذر
ومجاهرٍ فسقًا ومستفتٍ ومَن ... طلب الإعانة في إزالة مُنكرٍ
58)الحياء:-
قال حبيب بن أوس :
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستحي فاصنع ما تشاء
فلا واللّه ما في العيش خيرٌ ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ... ويبقى العود ما بقى اللحاء
*****************
وقال أبو دلف العجلى :
إذا لم تصن عرضاً ولم تخش خالقاً ... ولم ترع مخلوقاً فما شئت فاصنع
*****************
وقال صالح بن جناح :
إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
*****************
وقال أمية بن أبي الصّلت في ابن جد عان التيمى :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء
كريمٌ لا يغيّره صباحٌ ... عن الفعل الجميل ولا مساء
إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرضه الثناء
*****************
وقال آخر:-
( إذا رزق الفتي وجها وقاحا ... تقلب في الأمور كما يشاء )
ولم يك للدواء ولا لشيء ... يعالجه به فيه غناء ...(339/81)
فما لك في معاتبة الذي لا ... حياء لوجهه إلا العناء
*****************
وقال آخر:-
ورُب قبيحةٍ ما حال بيني وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الداء لها ولكن إذا ذهب الحياء فلا دواء
*****************
وقال آخر:-
هب البعث لم تأتنا رسله *** وحاطمة النار لم تضرم
أليس من الواجب المستحق *** حياء العباد من المنعم
59)الدنيا والزهد فيها:-
بكيتُ على الشباب بدمع عيني فما نفع البكاءُ ولا النَّحيبُ
فيا أسفاً أسفتُ على شبابٍ نعاه الشيبُ والرأس الخضيبُ
عَريتُ من الشباب وكان غضا كما يَعْرَى من الورق القضيبُ
ألا ليت الشبابَ يعود يوما فأخبره بما فعل المشيبُ
*****************
وقال آخر:-
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
فطوبى لعبدٍ آثر الله ربه ... وجاد بدنياه لما يتوقع
*****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
خَلِّ دُنْيَاك إنَّهَا يَعْقُبُ الْخَيْرَ شَرُّهَا هِيَ أُمٌّ تَعُقُّ مِنْ نَسْلِهَا
مَنْ يَبَرُّهَا كُلُّ نَفْسٍ فَإِنَّهَا تَبْتَغِي مَا يَسُرُّهَا وَالْمَنَايَا تَسُوقُهَا وَالامَانِي تَغُرُّهَا
فَإِذَا اسْتَحْلَتْ الْجَنَى أَعْقَبَ الْحُلْوَ مُرُّهَا يَسْتَوِي فِي ضَرِيحِهِ عَبْدُ أَرْضٍ وَحُرُّهَا
*****************
وقال آخر:-
ما دار دنيا للمقيم بدار
وبها النفوس فريسة الأقدار
ما بين ليل عاكف ونهاره
نفسان مرتشفان للأعمار
طول الحياة إذا مضى كقصيرها
واليسر للإنسان كالإعسار
والعيش يعقب بالمرارة حلوه
والصفو فيه مخلف الأكدار
وكأنما تقضي بنيات الردى
لفنائنا وطراً من الأوطار
ويروقنا زهر الأماني نضرة
هدم الأماني عادة المقدار
والمرء كالطيف المطيف وعمره
كالنوم بين الفجر والأسحار
خطب تضاءلت الخطوب لهوله
أخطاره تعلو على الأخطار
تلقى الصوارم والرماح لهوله
ونلوذ من حرب إلى استشعار
إن الذين بنوا مشيداً وانثنوا
يسعون سعي الفاتك الجبار
سلبوا النضارة والنعيم فأصبحوا
متوسدين وسائد الأحجار(339/82)
تركوا ديارهم على أعدائهم
وتوسدوا مدراً بغير دثار
خلط الحمام قويهم بضعيفهم
وغنيهم ساوى بذي الإقتار
*****************
وقال آخر:-
ومن يحمد الدنيا لعيش يسره فسوف لعمري عن قليل يلومها
إذا أدبرت كانت على المرء حسرة وإن أقبلت كانت كثيرا همومها
*****************
وقال آخر:-
أرى طالب الدنيا وإن طال عمره ونال من الدنيا سرورا وأنعما
كبان بنى بنيانه فأقامه فلما استوى ما قد بناه تهدما
*****************
وقال آخر:-
أنت في دار شتات
فتأهب لشتاتك
واجعل الدنيا كيومٍ
صمته عن شهواتك
وليكن فطرك عند
الله في يوم وفاتك
*****************
وقال آخر:-
غَرسَ الزهدُ بقلبي شجره **** بعد أن نقّى بجهدٍ حَجَرَه
وسَقاها إثرَ ما أَودَعها **** كَبِدَ الأرضِ بدمعٍ فَجَّرّه
ومتى أبصرَ طيراً مُفسداً **** حائماً حول حِماها زَجَرَه
نمتُ في ظلٍ ظليلٍ تحتَها **** رَوّح القلبُ و نَحى ضَجَره
تم بايعت إلهي وكذا **** بيعة الرضوان تحت الشجرة
*****************
وقال آخر:-
أرى أشقياء الناس لا يسأمونها على انهم فيها عراة وجوع
أراها وإن كانت تسر فإنها سحابة صيف عن قليل تقشع
*****************
الدنيا:
ميزت بين جمالها وفعالها ... فإذا الملاحة بالقباحة لا تفي
حلفت لنا أن لا تخون عهودنا ... فكأنما حلفت أن لا تفي
*****************
قال الثعلبي في وصف الدنيا :
تنح عن الدنيا فلا تخطبنها ولا تخطبن قتالة من تناكح
فليس يفي مرجوها بمخوفها ومكروهها أما تأملت راجح
لقد قال فيها الواصفون فأكثروا وعندي لها وصف لعمري صالح
سلاف قصاراها زعاف ومركب شهى إذا استذللته فهو جامح
وشخص جميل يؤثر الناس حسنه ولكن له أسرار سوء قبائح
*****************
وقال آخر:-
تعجب من صبري على ألوانها
في وصلها طوراً وفي هجرانها
ورهاء من كلفها وثيقة
كلّفها ما ليس من أديانها
تسلط البلوى على عشاقها
تسلُّط الحِنثِ على أيمانها
الود في القلب ودعوى ودِّها
لا يتعدى طرفَيْ لسانها(339/83)
فكما أعطتك في محبة
زيادةً فاقطع على نقصانها
وقفتُ أسترجع يومَ بينها
قلباً شجاعاً طاح في أظعانها
ولم يكن مني إلا ضلّة
نِشدانُ شيءٍ وهو في ضمانها
*****************
وقال بعضهم
( وغاية هذي الدار لذة ساعة ... ويعقبها الأحزان والهم والندم )
( وهاتيك دار الأمن والعز والتقى ... ورحمة رب الناس والجود والكرم
وقال آخر:-
لقد نصحت لأقوام وقلت لهم ... إني النذير فلا يغرركم أحد )
( لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ... إلا الإله ويردى المال والولد )
لم تغن عن هرمز يوما ذخائره ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا )
*****************
وقال آخر:-
لا تركننّ إلى القصور الفاخرة ... واذكر عظامك حين تمسي ناخِرة
وإذا رأيت زخارف الدنيا فقل ... يا رب إنّ العيشَ عيشُ الآخرة
*****************
وقال آخر:-
يا عامراً لخراب الدار مجتهدا بالله هل لخراب الدار عمران
*****************
وقال حاتم الطائي:
لعمرك ما يغني الثَّراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصَّدر
أماويّ إنَّ المال غادٍ ورائح ... ويبقى من المال الأحاديث والذِّكر
*****************
وقال آخر:-
إنما الدنيا بلاء
ليس لدينا ثبوتُ
إنما الدنيا كبيتٍ
نسجته العنكبوتُ
إنما يكفيك منها
أيها الراغب قوتُ
*****************
وقال آخر:-
ما أنت إلا كزرع عند خُضرته **** بكلِ شيء من الآفات مقصودُ
فإن سَلِمتَ من الآفات أجمعها **** فأنت عند كمال الأمر محصودُ
*****************
وقال آخر:-
أيا من عاش في الدنيا طويلا ... وأفنى العمر في قيل وقال )
( وأتعب نفسه فيما سيفنى ... وجمع من حرام أو حلال )
( هب الدنيا تقاد إليك عفوا ... أليس مصير ذلك للزوال )
*****************
وقال آخر:-
المنية في البرية جاري ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا حتى يرى خبراً من الأخبار
طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار(339/84)
فإذا أردت المستحيل فإنما تبني الرجاء على شفير هار
فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال سار
والنفس إن رضيت بذلك أو أبت منقادة بأزمة المقدار
فاقضوا مآربكم عجالى إنما عماركم سفر من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا أن تسترد فإنهن عواري
*****************
وقال آخر:-
هب الدنيا تساق إليك عفوا أليس مصير ذاك إلى انتقال
وما دنياك إلا مثل فيء أظلك ثم آذن بالزوال
*****************
وقال آخر:-
تروح لنا الدنيا بغير الذي غدت وتحدث من بعد الأمور أمورُ
وتجري الليالي باجتماع وفرقة وتطلع فيها أنجم وتغورُ
وتطمع أن يبقى السرور لأهله وهذا محال أن يدوم سرورُ
*****************
وقال آخر:
يا خاطب الدنيا إلى نفسها تنح عن خطبتها تسلم
إن التي تخطب غدارة قريبة العرس من المأتم
*****************
وقيل أيضا :-
يا راقد الليل مسرورا بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
أفنى القرون التي كانت منعمة كر الجديدين إقبالا وإدبارا
كم قد أبادت صروف الدهر من ملك قد كان في الدهر نفاعا وضرارا يا من يعانق دنيا لا بقاء لها يمسي ويصبح في دنياه سفارا
هلا تركت من الدنيا معانقة حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها فينبغي لك أن لا تأمن النارا
*****************
وقال آخر:-
من مال إلى الدنيا وصبا
قد أمعن في الفاني طلبا
خذ ما يبقى كيلا تشقى
واتبع حقاً ودع اللعبا
وذر الدنيا فلكم قتلتْ
مكراً بسهام هوى وصبا
برت ورعت فإذا اجتمعت
خدعت حتى قطعت إربا
يا عاشقها كم قد نصبت
لهلاكك فاحذرها سببا
يا آمنها كم قد سلبت
ولداً براً أماً وأبا
*****************
الدنيا
كم ثغر ملتثم ثلمت
قد كان لراشفه ضربا
فسقته المر لدى جدث
وكذاك الدهر إذا ضربا
وأتت قصراً يحوي نصراً
فغدا وقصاراه خربا
ومليكاً في صولة دولته
أضحى في الحفرة مغتربا
عرج بأمدار على الآثار
وسل طللاً أمسى شجبا
ينبيك بأنهم رحلوا
وثوى من بعدهم الغربا(339/85)
*****************
الدنيا:-
فتأمل عاقبة الدنيا
فلعلك تصبح مجتنبا
وتدبر ما صنعت فلقد
أبدت بصنايعها عجبا
ينساك الأهل إذا رجعوا
عن قبرك لا تسمع كذبا
تركوك أسيراً إذ ذهبوا
بتراب ضريحك محتجبا
وغدوا فرحين بما أخذوا
وغدوت باتمك محتقبا
*****************
وقال آخر:-
يا محب الدنيا الغرور اغترارا
راكباً في طلابها الأخطارا
يبتغي وصلها فتأبى عليه
وترى أنسه فتبدي نفارا
خابَ من يبتغي الوصال لديها
جارةٌ لم تزل تسيء الجوارا
كم محبٍّ أرته أنساً فلما
حاول الزور صيرته ازورارا
شيب حلو اللذات منها بمر
إن حلت مرة أمرت مرارا
في اكتساب الحلال منها حساب
واكتساب الحرام يصلي النارا
ولباغي الأوطار منها عناءٌ
سوف يقضي وما قضى الأوطارا
*****************
الدنيا:-
كل لذاتها منغصة العيش
وأرباحها تعود خسارا
وليالي الهموم فيها طوال
وليالي السرور تمضي قصارا
وإذا ما سقت خمور الأماني
صيرت بعدها المنايا خمارا
كم مليك مسلط ذللته
بعد عز فما أطاق انتصارا
ونعيم قد أعقبته ببوس
ومغان قد غادرتها قفارا
*****************
ولأبي نواس:
ألا كلُّ حي هالك وابن هالك
وذو نسب في الهالكين عريق
فقل لغريب الدار إنك راحلُ
إلى منزل نأى المحل سحيق
وما تعدم الدنيا الدنية أهلها
شواظ حريق أو دخان حريق
تجرع فيها هالكاً فقد هالك
وتشجى فريقاً منهم بفريق
فلا تحسب الدنيا إذا ما سكنتها
قراراً فما دنياك غير طريق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت له
عن عدو في ثياب صديق
عليك بدار لا يزال ظلالها
ولا يتأذى أهلها بمضيق
فما يبلغ الراضي رضاه ببلغة
ولا ينفع الصادي صداه بريق
*****************
الدنيا:-
أيها المستعير منها متاعاً
عن قليل تسترجع المستعارا
عد عن وصل من يعيرك ما
يفنى ويبقى إثماً ويكسب عارا
قد أرتك الأمثال في سالف الد
هر وما قدراتك فيك اعتبارا
وجدير بالعذر من قدم الأ
عذار فيما جناه والإنذارا
فتعوض منها بخلة صدق
والتمس غير هذه الدار دارا(339/86)
والبدار البدار بالعمل الصا
لح ما دمت تستطيع البدارا
*****************
وقال آخر:-
ذهب العمر وفات
يا أسير الشهوات
ومضى وقتك في لهو
وسهو وسبات
بينما أنت على غيك
حتى قيل مات
*****************
60)نحن المسلمين :-
يقول محمد إقبال :-
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبروا في مسمع الكون العظيم وكبرا
كنا جبالاً في الجبال وربما سرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا بل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنس إفريقيا ولا صحراؤها
سجداتنا والأرض تقذف نارا
كنا نقدم للسيوف صدورنا
لم نخش يوما غاشما جبارا
وقال آخر:-
نحن الذين ملأنا جونا كرماً وقد بعثنا على قرآننا أمما
والعالم الآخر المشبوه في ظلمٍ من يعبد الجنس أو من يعبد الصنما
*****************
وقال وليد الأعظمي:-
قوم إذا داعي الجهاد دعاهم هبّوا إلى الداعي بغير توان
وبنعمة الإسلام عاشوا إخوة شركاء في الأفراح والأحزان
... محرابهم بالليل معمور بهم يتضرّعون تضرّع الرهبان
وإذا انقضى الليل البهيم وجدتهم بنهارهم يا صاح كالفرسان
و هتافهم الله أكبر إنهم لم يهتفوا بحياة شخص فان
*****************
وقال آخر:-
أتقول المسلمون انهزموا أمة المختار في حرز الصمد
إنما تلك مُسوخ ورثت نسبة الإسلام عن أم وجد
فإذا ذلت لباغٍ فكما يعبث الفأر بتمثال الأسد
*****************
وقال آخر:-
أمَّة الصحراء يا شعب الخلود من سواكم حل أغلال الورى
أي داعٍ قبلكم في ذا الوجود صاح لا كسرى هنا لا قيصرا
من سواكم في قديم أو حديث أطلع القرآن صبحاً للرشاد
هاتفاً في مسمع الكون العظيم ليس غير الله رباً للعباد
****************
وقال هاشم الرفاعي:
ملكنا هذه الدنيا قرونا********** وأخضعها جدود خالدونا
وسطرنا صحائف من ضياء **********فما نسى الزمان ولا نسينا
حملناها سيوفا لامعات **********غداة الروع تأبى أن تلينا(339/87)
إذا خرجت من الأغماد يوما********** رأيت الهول والفتح المبينا
وكنا حين يرمينا أناس **********نؤدبهم أباة قادرينا
وكنا حين يأخذنا ولي **********بطغيان ندوس له الجبينا
تفيض قلوبنا بالهدي بأسا********** فما نغضي عن الظلم الجفونا
وما فتئ الزمان يدور حت**********ى مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي **********وقد عاشوا أئمته سنينا
وآلمني وآلم كل حر********** سؤال الدهر : أين المسلمون ؟
ترى هل يرجع الماضي ؟ فإني********** أذوب لذلك الماضي حنينا
بنينا حقبة في الأرض ملكا **********يدعمه شباب طامحونا
*****************
61)الحج:-
قال ابن القيم رحمه الله يصف حال الحجيج في بيت الله الحرام:
فلله كم من عبرة مهراقة ... وأخرى على آثارها لا تقدم
وقد شرقت عين المحب بدمعها ... فينظر من بين الدموع ويسحمُ
وراحوا إلى التعريف يرجون رحمته ... ومغفرة ممن يجود ويكرم
فلله ذاك الموقف الأعظم الذي ... كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم
ويدنو به الجبار جل جلاله ... يباهي بهم أملاكه فهو أكرم
يقول عبادي قد أتوني محبةً ... وإني بهم بر أجود وأكرم
فأشهدكم أني غفرت ذنوبهم ... وأعطيهم ما أملوه وأنعم
فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي ... به يغفر الله الذنوب ويرحم
فكم من عتيق فيه كمُّل عتقه ... وآخر يستسعي وربك أكرم
*****************
ويتمنى الشاعر لو كان ممن حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فيقول:-
أحبتي عاد ذهني إلى زمنٍ ... معظمٍ في سويدا القلب مستطر
كأنني برسول الله مرتدياً ... ملابس الطهر بين الناس كالقمر
نور وعن جانبيه من صحابته ... فيالقٌ وألوف الناس بالأثر
ساروا برفقة أزكى مهجةٍ درجت ... وخير مشتملٍ ثوباً ومؤتزر
ملبياً رافعاً كفيه في وجل ... لله في ثوبِ أوّابٍ ومفتقر
مُرنماً بجلال الحق تغلبه ... دموعه مثل وابل العارض المطر
يمضي ينادي خذو عني مناسككم ... لعل هذا ختام العهد والعمُر
وقام في عرفات الله ممتطياً ... قصواءه ياله من موقف نضِر(339/88)
تأمل الموقف الأسمى فما نظرت ... عيناه إلا لأمواج من البشر
فينحني شاكراً لله منّتَه ... وفضله من تمام الدين والظفر
يشدو بخطبته العصماء زاكيةً ... كالشهد كالسلسبيل العذب كالدرر
مجلياً روعة الإسلام في جملٍ ... من رائع من بديع القول مختصر
داعٍ إلى العدل والتقوى وأن بها ... تفاضل الناس لا بالجنس والصور
مبيناً أن للإنسان حرمته ... ممرغاً سيّء العادات بالمدر
يا ليتني كنت بين القوم إذ حضروا ... مُمَتَّعُ القلب والأسماع والبصر
وأنبري لرسول الله ألثُمُهُ ... على جبينٍ نقي طاهر عطر
أقبِّل الكف كف الجود كم بذلت ... سحّاء بالخير مثل السلسل الهدر
ألوذ بالرّحل أمشي في معيته ... وأرتوي من رسول الله بالنظر
أُسّر بالمشي وإن طال المسير بنا وما انقضى من لقاء المصطفى وطري
أما الرداء الذي حج الحبيب به ... يا ليته كفن لي في دجى الحُفر
يا غافلاً من مزاياه وروعتها ... يَمّم إلى كتُبِ التاريخ والسير
يا رب لا تحرمنا من شفاعته وحوضه العذب يوم الموقف العَسِرِ
*****************
وقال الأديب أبي بكر محمد بن محمد بن عبد الله بن رشد البغدادي في ذكر البيت والطواف :-
ففي ربعهم لله بيت مبارك *** إليه قلوب الخلق تهوى وتهواه
يطوف به الجاني فيغفر ذنبه *** ويسقط عنه جرمه وخطاياه
فكم لذة كم فرحة لطوافه *** فلله ما أحلى الطواف وأهناه
نطوف كأنا في الجنان نطوفها *** ولا هم لا غم فذاك نفيناه
فواشوقنا نحو الطواف وطيبه *** فذلك شوق لا يعبر معناه
فمن لم يذقه لم يذق قط لذة *** فذقه تذق يا صاح ما قد أذقناه
فوالله ما ننسى الحمى فقلوبنا *** هناك تركناها فيا كيف ننساه
ترى رجعة هل عودة لطوافنا *** وذاك الحمى قبل المنية نغشاه
*****************
وقال أيضاً في رؤية البيت :-
وما زال وفد الله يقصد مكة *** إلى أن بدا البيت العتيق وركناه
فضجت ضيوف الله بالذكر والدعا *** وكبرت الحجاج حين رأيناه
وقد كادت الأرواح تزهق فرحة *** لما نحن من عظم السرور وجدناه(339/89)
تصافحنا الأملاك من كان راكبا *** وتعتنق الماشي إذا تتلقاه
****************
وقال ايضاً :
فمن كان بالمال المحرم حجه *** فعن حجه والله ما كان أغناه
إذا هو لبى الله كان جوابه *** من الله لا لبيك حج رددناه
كذلك جانا في الحديث مسطرا *** ففي الحج أجر وافر قد سمعناه
****************
وقال آخرمناجاة وتوجع :
إليك إلهي قد أتيت مُلَبيا *** فبارك إلهي حجتي ودعائيا
قصدتك مضطراً وجئتك باكيا *** وحاشاك ربي أن ترد بكائيا
كفاني فخراً أنني لك عابد *** فيافرحتي إن صرت عبداً مواليا
إلهي فأنت الله لا شيء مثله *** فأفعم فؤادي حكمة ومعانيا
أتيت بلا زاد ، وجودك مطعمي *** وما خاب من يهفو لجودك ساعيا
إليك إلهي قد حضرت مؤملا *** خلاص فؤادي من ذنوبي ملبيا
وكيف يرىالإنسان في الأرض متعة *** وقد أصبح القدس الشريف ملاهيا
يجوس به الأنذال من كل جانب *** وقد كان للأطهار قدساً وناديا
معالم إسراء ، ومهبط حكمة *** وروضة قرآن تعطر واديا
****************
وذكروا في التاريخ العربي ان البرعي في حجه الأخير أخذ محمولا على جمل فلما قطع الصحراء مع الحج الشامي
وأصبح على بعد خمسين ميلاً من المدينة هب النسيم رطباً عليلاً معطرا برائحة الأماكن المقدسة فازداد شوقه للوصول لكن المرض أعاقه عن المأمول فأنشأ قصيدة لفظ مع آخر بيت منها نفسه الأخير .. يقول فيها:
يا راحلين إلى منى بقيادي *** هيجتموا يوم الرحيل فؤادي
سرتم وسار دليلكم يا وحشتي *** الشوق أقلقني وصوت الحادي
وحرمتموا جفني المنام ببعدكمي *** ا ساكنين المنحنى والوادي
ويلوح لي مابين زمزم والصفا *** عند المقام سمعت صوت منادي
ويقول لي يانائما جد السُرى *** عرفات تجلو كل قلب صادي
من نال من عرفات نظرة ساعة *** نال السرور ونال كل مرادي
تالله ما أحلى المبيت على منى *** في ليل عيد أبرك الأعيادي
ضحوا ضحاياهم ثم سال دماؤها *** وأنا المتيم قد نحرت فؤادي(339/90)
لبسوا ثياب البيض شارات اللقاء *** وأنا الملوع قد لبست سوادي
يارب أنت وصلتهم صلني بهم *** فبحقهم يا رب فُك قيادي
فإذا وصلتم سالمين فبلغوا *** مني السلام أُهيل ذاك الوادي
قولوا لهم عبد الرحيم متيم *** ومفارق الأحباب والأولاد
صلى عليك الله يا علم الهدى *** ما سار ركب أو ترنم حادي
62)مآسي :-
يقول الشاعر:-
أطفال يافا يصرخون وما لهم عمرو ولا سعد ولا خطابُ
يا رب يا رحمن فانصر أمة قد أُغلقت من دونها أبوابُ
*****************
ألا ما أشد شوق بلاد المسلمين الآن إلى أمثال عز الدين القسام، وصلاح الدين.
نساء فلسطين تكحلن بالأسى ... وفي بيت لحم قاصرات وقُصّر
وليمون يافا يبس في حقوله ... وهل شجر في قبضة الظالم يُثمر
رفيق صلاح الدين هل لك عودة ... فإن جيوش الروم تنهَى وتأمر
رفاقك في الأغوار شدُّوا سروجهم ... وجندك في حطين صلوا وكبّروا
تناديك من شوق مآذن مكة ... وتبكيك بدر يا حبيبي وخيبر
ويبكيك صفصاف الشّام ووردها ... ويبكيك زهر الغَوطتين وتدمر
تعال إلينا فالمروءات أَطرقت وموطن آبائي زجاج مكسّر
هُزمنا وما زلنا شتاتُ قبائل تعيش على الحقد الدفين وتزأر
يُحاصرنا كالموت بليون كافر ففي الشرق هولاكو وفي الغرب قيصر
*****************
ولكن الفرج بإذن الله قريب، ونصر الله آت، فكونوا من الذين ينصرون دين الله...
وقال آخر:-
يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا ... أو مالنا سعد و لا مقداد ؟
نامت ليالي الغافلين و ليلنا ... أرق يذيب قلوبنا و سهاد
سلت سيوف المعتدين و عربدت ... و سيوفنا ضاقت بها الأغماد
هذا هو الأقصي يلوك جراحه ... و المسلمون جموعهم آحاد
دمع اليتامى فيه شاهد ذلة ... و سواد أعينهن فيه حداد
أواه يا أبتي على أمجادنا ... يختال فوق رفاتها الجلاد
أجدادنا كتبوا مآثر عزها ... فمحا مآثر عزها الأحفاد
يا ليل أمتنا الطويل متى نرى ... فجرا تغرد فوقه الأمجاد
و متى نرى بوابة مفتوحة ... للحق تقصر عندها الآماد
أنا يا أبي طفل و لكن همتي ... فجر به يحلو لي إستشهاد(339/91)
لا تخش يا أبتي علي فربما ... قامت على عزم الصغير بلاد
و لربما مات القوي بسيفه ... و قضى على مال الغني كساد
*****************
ذكرى الاندلس الذي عبر عنها الشاعر وهو يقول:
يا من ينوح فؤادي خلف موكبه ... ومن ترفرف روحي حول مغناه
ماذا تركت بقلبي بعدما نسجت ... كف الخريف له حرّى بلاياه
هلا ذكرت زمانًا ظل يسعدنا ... نقضى حياة المنى فِي ظل دنياه
تسعى إلينا الأماني في ظلاله ... وتستخف بنا أحلام دنياه
ما زلت أذكره في كل آونة ... رغم الصدود وأنت اليوم تنساه
*****************
وقال آخر:-
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خال
*****************
وقال محمود غنيم:-
إني تذكرت والذكرى مؤرقة ... مجداً تليداً بايدينا أضعناه
ويح العروبة كان الكون مسرحها ... فأصبحت تتوارى في زواياه
أنى أتجهت إلى الإسلام في بلد ... تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
كم صرفتنا يد كنا نصرفها ... وبات يحكمنا شعب ملكناه
كنا أسوداً ملوك الأرض ترهبنا والآن أصبح فأر الدار نخشاه
*****************
وقال آخر:-
فلسطين ضاعت يوم ضاعت عقيدة وبات فساد الحال اقبح مقتنى
أيجحد دين العرب سؤددا وينقض ما شاد النبي وما بنى ؟؟
ليرضى علينا الغرب حينا ويحتفي بنا الشرق أحيانا ... ونفقد ذاتنا
و ما زادنا هذا التذبذب عزّة ولكن حصدنا دونه الشوك والعنا
*****************
وقال آخر:-
ما هم بأمة أحمد ... لا والذي فطر السماءا
ما هم بأمة خير خلق الله بدعا و انتهاءا
ما هم بأمة سيدي ... حاشا.. فليسوا الاكفياءا
ما هم بأمة على الأفلاك قد ركزوا اللواءا
من حطّم الأصنام من أرسى العدالة والاخاءا
من قال أن الله رب ّ الناس خالقهم سواءا
لا فضل إلا للصلاح فلا انتساب و لا ادعاءا
*****************
وقال آخر:-
أما فلسطين فسيل دمائها لم ينقطع وعيونها لم ترقد
اللاجئون وهذه أكواخهم كالعار عن أنظارنا لم يبعد
في كل كوخ لوعة ومناحة من طفلة تبكي وشيخ مقعد(339/92)
ويتيمة تلوي إليك بجيدها تشكو الهوان بحسرة وتنهّد
وكريمة لعب اليهود بطهرها وبها تمتّع رائح أو معتد
*****************
وقال الدكتور : عبد الرحمن العشماوي يصف العيد مع الاحتلال :-
أقبلت ياعيد والاحزان أحزان وفي ضمير القوافي ثار بركان
أقبلت ياعيد والرمضاء تلفحني وقد شكت من غبار الدرب أجفان
أقبلت ياعيد هذي أرض حسرتنا تموج موجا وأرض الانس قيعان
أقبلت ياعيد والظلماء كاشفة عن رأسها وفؤاد البدر حيران
من أين والمسجد الاقصى محطمة آماله وفؤاده القدس ولهان
من أين نفرح ياعيد الجراح وفي دروبنا جدر قامت وكثبان
*****************
وقال محمود غنيم:-
يا من رأى عمر تكسوه بردته ... والزيت ادم له والكوخ ماواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً ... من بأسه وملوك الروم تخشاه
استرشد الغرب في الماضي فأرشده ... ونحن كان لنا ماض نسيناه
إنا مشينا وراء الغرب نقتبس من ... ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب ... بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها ... عمن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها ... عل امرءاً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به ... فحين جاوزا بغداد تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة ... منهن قامت خطيباً فاغراً فاه
الله يشهد ما قلبت سيرتهم ... يوماً وأخطأ دمع العين مجراه
*****************
وقال آخر:-
أمتي هل لك بين الأمم ... منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي مطرق ... خجلاً من أمسك المنصرم
أين دنياك التي أوحت إلى ... وترى كل يتيم النغم ؟
كم تخطيت على أصدائه ... ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني ساحب ... مئزري فوق جباه الأنجم
وقال آخر:-
سأكتب شعري الباكي بدمع القلب لا الحبر
أسطّره على كبدي وأترك دفتر الشعر
جراح أحبتي في الأرض تبعث عاصف الفكر
فيا لله هل يبقى هنا صبر لذي صبر؟!
أحقاًّ أن سيف الحِقد تُشهره يد الكفر؟!
وأن دماء إخواني على طرقاتهم تجري؟!
أحقاًّ أن آلافاً تشرّدهم يد الفقر؟!(339/93)
وأن الطفل لا يدري عن الأم ولا تدري؟!
أحقاًّ أن مسلمة بها كبراءة الزهر
تبيت عفيفة والليل يهتك سترة الطهر؟!
أحقاًّ قصة الإحراق والتجويع والكسر؟!
أحقاًّ قصة التمثيل في الوجه وفي الظهر؟!
أحقاًّ أن رأس المرء يُجعل لعبة تجري؟!
أحقاًّ أن عينيه تُقلع دونما أمر؟!
أحقاًّ ذلكم حقاًّ فما للقلب كالصخر؟!
لئن ماتوا فقد ماتت قلوب الناس في الصدر!!
*****************
وقال عمر أبو ريشة:-
أمتي كم غصة دامية ... خنقت نجوى علاك في فمي
الإسرائيل تعلو راية ... في حمى المهد وظل الحرم
كيف أغضيت على الذل ولم ... ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
أو ما كنت إذا البغي اعتدى ... موجة من لهب أو دم
اسمعي نوح الحزانى واطربي ... وانظري دم اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها ... تتفانى في خسيس المغنم
*****************
وقال أيضاً
رب وامعتصماه انطلقت ... ملء أفواه الصبايا اليتّم
لامست أسماعهم لكنها ... لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجدته ... لم يكن يحمل طهر الصنم
لا يلام الذئب في عدوانه ... إن يك الراعي عدو الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما ... كان في الحكم عبيد الدرهم
وقال آخر:-
غبْ يا هلالْ..
إني أخاف عليك من قهر الرجالْ
قِف من وراء الغيم
لا تنشر ضياءك فوق أعناق التلالْ
غِبْ يا هلالْ..
إني لأخشى أن يُصيبك
- حين تلمحنا- الخَبَالْ
أنا - يا هلالْ
أنا طفلةٌ عربيةٌ فارقت أسرتنا الكريمهْ
لي قصةٌ
دمويةُ الأحداث باكية أليمهْ
أنا - يا هلالْ
أنا من ضحايا الاحتلالْ
أنا من وُلدت
وفي فمي ثَدْيُ الهزيمهْ
شاهدتُ يومًا عند منزِلِنا كتيبهْ
في يومِها
كان الظلامُ مكدسًا
من حول قريتنا الحبيبهْ
في يومِها
ساق الجنودُ أبي
وفي عينيه أنهارٌ حبيسهْ
وتجمعت تلك الذئابُ الغُبْرُ
في طلب الفريسَهْ
ورأيت جنديًا يحاصر جسم والدتي
بنظرته المريبهْ
ما زلت أسمع - يا هلالْ-
ما زلت أسمع صوت أمِّي
وهْي تسْتجدي العروبهْ
ما زلت أبصر نصل خنجرها الكريمْ
صانتْ به الشرفَ العظيم
مسكينةٌ أمِّي(339/94)
فقد ماتتْ
وما عَلِمَتْ بموْتتها العروبهْ
إني لأعجب يا هلال
يترنَّح المذياعُ من طرب!!
وينتعش القدحْ!!
وتهيج موسيقى المرحْ!!
والمطربون يرددون على مسامعنا
ترانيم الفرحْ!!
وبرامج التلفاز تعرضُ لوحة للتهنئهْ
"عيدٌ سعيدٌ يا صغارْ"..!!
غِبْ يا هلالْ
لا تأتِ بالعيد السعيد
مع الأنينْ
أنا لا أريد العيد مقطوعَ الوتينْ
أتظنُ أن العيدَ في حلوى
وأثواب جديدهْ؟!
أتظنُ أنَّ العيد تهنئهْ
تُسطَّر في جريدهْ؟
غِبْ يا هلالْ
واطلعْ علينا حين يبتسم الزمنْ
وتموت نيران الفتنْ
اطلع علينا
حين يُورق بابتسامتنا المساءْ
ويذوب في طرقاتنا ثلج الشتاءْ
اطلعْ علينا بالشذا
بالعز بالنصر المبينْ
اطلعْ علينا بالتئام الشمل
بين المسلمينْ
هذا هو العيدُ السعيدْ
وسواهُ
ليس لنا بِعيدْ
غِبْ يا هلالْ
*****************
وقال آخر:-
لك في البرية حكمة ومشيئة أعيت مذاهبها أولي الألباب
إن شئت أجريت الصحاري أنهراً أو شئت فالأمواج فيض سراب
ماذا دهى الإسلام في أبنائه حتى انطووا في محنة وعذاب
فغناهُمُ فقر ودولة مجدهم في الأرض نهب ثعالب وذئاب
*****************
63)العودة الدين الله :
يقول الشاعر محمود أبو النجاة:
يا سادة الحقل للإسلام قاعدة إذا رعينا حقوق الله يرعانا
شتّان ما بين تشريع السماء لنا وبين تشريع أهل الأرض شتّانا
روّضوا على منهج القرآن أنفسكم يمدد لكم ربّكم عزا و سلطانا
يا أيها الناس فلتنجوا بأنفسكم ولا تكونوا كمن ضلّت مساعيه
*****************
وقال آخر:
العقل والحق والتاريخ أعلنها ما في سوى دينكم حظّ لمختار
*****************
وقال الشيخ محمد صيام:-
عودوا إلى الله ينقذكم برحمته من الشقاء الذي بتنا نعانيه
ولتستقوا من كتاب الله منهجكم فليس في الأرض منهاج يدانيه
64)الشباب ودوره :-
يقول الشاعر:-
شباب الحق للإسلام عودوا فأنتم مجده وبكم يسود
وأنتم سرّ نهضته قديماً وأنتم فجره الباهي الجديد
****************(339/95)
شباب ذللوا سبل المعالي........ وما عرفوا سوى الإسلام دين
إذا شهدوا الوغى كانوا حماة.... يدكون المعاقل والحصون
وإن جن المساء فلا تراهم........ من الإشفاق إلا ساجدين
شباب لم تحطمه الليالي......... ولم يسلم إلى الخصم العرين
وما عرفوا الأغاني مائعات...... ولكن العلا صيغة لحون
ولم يتشدقوا بقشور علم....... ولم يتقلبوا في الملحدين
ولم يتبجحوا في كل أمر....... خطير كي يقال مثقفون
كذلك أخر الإسلام قومي...... شبابا مخلصا حرا أمين
وعلمه الكرامة كيف تبنى........ فيأب أن يذل وأن يهون
65)الصبر وانتظارالفرج :-
يقول الشاعر:-
إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر نفعاً وما أجدى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت فموصول بها فرج قريب
*****************
وقال بشار بن برد:-
اذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه )
*****************
وقال آخر:-
أيا صاحبي إن رمت أن تكسب العلا ... وترقى إلى العلياء غير مزاحم )
( عليك بحسن الصبر في كل حالة ... فما صابر فيما يروم بنادم )
*****************
وقال آخر:-
إذا المرء لم يتركْ طعاماً يُحِبُّهُ *** ولم يَنْهَ قلباً غاوياً حيث يمما
فيوشك أن تلقى له الدهرَ سُبَّةً *** إذا ذُكِرَتْ أمثالهُا تملأ الفما
*****************
وقال آخر:-
ومَنْ هجر اللذات نال المنى ومن *** أكبَّ على اللذات عضَّ على اليد
*****************
وقال آخر:-
صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا ... ... من راقب الله في الأمر نجا
من صدق الله لم ينله أذى ... ... ومن رجاه يكون حيث رجا
وقال آخر:-
عناية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الأطم
*****************
وقال آخر:-
وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالحوادث كلهن أمان
*****************
وقال آخر:-(339/96)
ولا تجزع إذا أعسرت يوما ... فقد أيسرت في الزمن الطويل )
( ولا تظنن بربك ظن سوء ... فإن الله أولى بالجميل )
( وإن العسر يتبعه يسار ... وقول الله أصدق كل قيل )
( فلو أن العقول تسوق رزقا ... لكان المال عند ذوي العقول )
*****************
وقال آخر:-
استعمل الصبر تجني بعده العسلا ... ولازم الباب حتى تبلغ الأملا )
( لا ومرغ الخد في اعتابه سحرا ... واحمل لمرضاته في الحب كل بلا )
( فما يفوز بوصل يا أخي سوى ... صب لثقل الهوى والوجد قد حملا )
( هذا الحبيب ينادى في الدجي سحرا ... فانهض وكن رجلا بالسعي قد وصلا
*****************
وقال آخر:-
( إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر )
( وقل من جد في أمر يحاوله ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر )
*****************
ولابن نباتة
( صبرا على نوب الزمان ... وإن أبي القلب الجريح )
( فلكل شيء آخر ... إما جميل أو قبيح )
*****************
وقال آخر:-
فالصبر مثل اسمه مر مذاقته
لكن عواقبه أحلى من العسل
*****************
وقال آخر:-
وكل شيء ينتهي إلى مدى ... والشيء يرجى كشفه إذا انتهى )
( لطائف الله وإن طال المدى ... كلمحة الطرف إذا الطرف رمى )
( كم فرج بعد إياس قد أتى ... وكم سرور قد أتى بعد الأسى
*****************
وقال آخر:-
فصبر جميل إن في اليأس راحة ... إذا الغيث لم يمطر بلادك ماطره )
*****************
قد يدرك المتأني نجح حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل
*****************
إذا ثارت خطوب الدهر يوما ... عليك فكن لها ثبت الجنان )
*****************
وقال إبراهيم بن العباس
( ولرب نازلة يضيق بها الفتى ... ذرعا وعند الله منها المخرج )
( ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ... فرجت وكان يظنها لا تفرج
*****************
لطائف الله وإن طال المدى كلمحة الطرف إذا الطرف سجى
كم فرج بعد إياس قد أتى وكم سرور قد أتى بعد الأسى
*****************(339/97)
ويروىأن رجلا ركب البحر فكسر به فوقع في جزيرة من جزائر البحر فمكث فيها ثلاثا لا يرى أحدا ولا يأكل طعاما ولا يشرب شرابا فأيس من الحياة فتمثل ..
. إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب
فأجابه مجيب يقول .
.. عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب ...
فنظر فإذا سفينة في البحر فلوح لهم فأتوه فحملوه وأصاب معهم خيرا ورجع الى أهله سالما
*****************
ويروى لأبي محجن الثقفي:
عسى فرجٌ يأتي به الله إنَّه ... له كلَّ يومٍ في خليقته أمر
عسى ما ترى ألاَّ يدوم وأن ترى ... له فرجاً ممَّا ألحّ به الدَّهر
إذا اشتدَّ عسرٌ فارج يسراً فإنَّه ... قضى الله أنَّ العسر يتبعه اليسر
*****************
وقال منصور الفقيه:
إذا الحادثات بلغن المدى ... وكادت لهنَّ تذوب المهج
وحلّ البلاء وقلّ الوفا ... فعند التَّناهي يكون الفرج
*****************
وقال آخر:-
صبرا جميلا على ما ناب من حدث ... والصبر ينفع أحيانا إذا صبروا .
.. الصبر أفضل شيء تستعين به ... على الزمان إذا مامسك الضرر
*****************
وقال آخر:-
تعز بحسن الصبر عن كل هالك ... ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازم ...
إذا أنت لم تسل اصطبارا وخشية ... سلوت على الأيام مثل البهائم ..
. وليس يذود النفس عن شهواتها ... من الناس إلا كل ماضي العزائم
*****************
وقال آخر:-
فلا تجزع إذا حملت هماً يقطع النفسا فأقرب ما يكون المرء من فرج إذا يئسا
*****************
وقال آخر:
كن عن همومك معرضاً ... وكل الأمور إلى القضا
وابشر بخيرٍ عاجلٍ ... تنسى به ما قد مضى
فلربَّ أمرٍ مسخطٍ ... لك في عواقبه الرِّضا
*****************
وقال آخر:-
صبرت ومن يصبر يجد غب صبره ... ألذ وأحلى من جنى النحل في الفم ..
ومن لا يطب نفسا ويستبق صاحبا ... ويغفر لأهل الود يضرم ويصرم
*****************
وقال آخر:-
وكم من ليلة بت في كربة يكاد الرضيع لها يشيب(339/98)
فما أصبح الصبح الا أتى من الله نصرٌ وفتح ٌ قريب
*****************
وقال آخر:-
دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالي البالي
ما بين غمضة عين وانتباهتها يغيّر الله من حال إلى حالي
*****************
وقال آخر:-
كن لما لا ترجو من الأمر أرجى ... منك يوماً لما له أنت راج
إنَّ موسى مضى ليطلب ناراً ... من ضياء رآه والَّليل داج
فأتى أهله وقد كلَّم الل ... ه وناجاه وهو خير مناج
وكذا الأمر كلَّما ضاق بالنَّا ... س أتى الله فيه ساعةً بالانفراج
*****************
وقال آخر:-
لا تعجلن فربما عجل الفتى فيما يضره
فالعيش أحلاه يعو د على حلاوته بمره
ولربما كره الفتى أمراً عواقبه تسره
*****************
وقال أحمد بن محمود، وقيل إنها لأحمد بن صالح:
إذا اشتملت على النَّاس الخطوب ... وضاق لما به الصَّدر الرَّحيب
وأوطنت المكاره واطمأنَّت ... وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانفراج الضِّيق وجهاً ... وقد أعيى بحيلته الأريب
أتاك على قنوطٍ منك غوثٌ ... يمنّ به الَّلطيف المستجيب
وكلُّ الحادثات إذا تناهت ... فموصولٌ بها الفرج القريب
ومولانا الإله فخير مولى ... له إحسانه ولنا الذُّنوب
*****************
وقال آخر:-
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ
*****************
وقال آخر:-
فإذا أتتك مصيبة فاصبر لها ... عظمت مصيبة مبتلىّ لا يصبر
*****************
وقال أبو العتاهية:
النَّاس في الدِّين والدُّنيا ذوو درجٍ ... والمال ما بين موقوفٍ ومختلج
من صاق عنك فأرض الله واسعةٌ ... في كلّ وجه مضيقٍ وجه منفرج
قد يدرك الرَّاقد الهادي برقدته ... وقد يخيب أبو الرَّوحات والدُّلج
خير المذاهب في الحاجات أنجحها ... وأضيق الأمر أدناه من الفرج
*****************
وقال آخر:
سأصبر للزَّمان وإن رماني ... بأحداثٍ تضيق بها الصُّدور
وأعلم أنَّ بعد العسر يسراً ... يدور به القضاء المستدير
*****************
وقال آخر:-
سيفتح باب إذا سد باب ... نعم وتهون الامورالصعاب(339/99)
ويتسع العيش من بعد ما ... تضيق المذاهب فيها الرحاب
مع الهم يسران هون عليك ... فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب
فكم ضقت ذرعا بما هبته ... فلم ير من ذاك قدر يهاب
وكم برد خفته من سحاب ... فعوفيت وانجاب عنك السحاب
ورزق اتاك ولم تاته ... ولا ارق العين منه الطلاب
وناء عن الاهل من بعدما ... علاه من الموج طام عباب
اذا احتجب الناس عن سائل ... فما دون سائل ربي حجاب
يعود بفضل على من رجاه ... وراجيه في كل حين يجاب
فلا تاس يوما على فائت ... وعندك منه رضاء واحتساب
فلا بد من كون ما خط في ... كتابك , تحبى به او تصاب
فمن حائل دون ما في الكتاب ... ومن مرسل ما اباه الكتاب
اذا لم تكن تاركا زينة ... اذا المرء جاء بها يستراب
تقع في مواقع تردى بها ... وتهوي اليك السهام الصياب
تبين زمانك ذا واقتصد ... فان زمانك هذا عذاب
واققل عتابا فما فيه من ... يعاتب حين يحق العتاب
مضى الناس طرا وبادو سوى ... اراذل عنهم تجل الكلاب
يلاقيك بالبشر دهمائهم ... وتسليم من رق منهم سباب
فاحسن وما الحر مستحسن ... صيان لهم عنهم واجتناب
فدع ما هويت فان الهوى ... يقود النفوس الى ما يعاب
وميز كلامك قبل الكلام ... فان لكل كلام جواب
فرب كلام يمص الحشاء ... وفيه من المزح ما يستطاب
****************
وقال محمود الوراق:
تعز بحسن الصبر عن كل هالك ... ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازم
إذا أنت لم تسل اصطباراً وحسبة ... سلوت على الأيام مثل البهائم
وليس يذود النفس عن شهواتها ... من الناس إلا كل ماضي العزائم
*****************
قال أبو العتاهية:
اصبر لكل مصيبةٍ وتجلد ... واعلم بأن المرء غير مخلد
أو ما ترى أن المصائب جمة ... وترى المنية للعباد بمرصد
من لم يصب ممن ترى بمصيبةٍ? ... هذا قبيل لست فيه بأوحد
وإذا أتتك مصيبة تشجي بها ... فاذكر مصابك بالنبي محمد
*****************
وقال آخر:-
إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً ** ** ** فما حيلة المضطر إلا ركوبها؟
*****************
وقال آخر:-
ومن عاش في الدنيا فلا بد أن يرى ... من العيش ما يصفو وما يتكدر(339/100)
*****************
وقال محمود الوراق
( إني رأيت الصبر خير معول ... في النائبات لمن أراد معولا )
( ورأيت أسباب القناعة أكدت ... بعرى الغنى فجعلتها لي معقلا )
( فاذا نبا بي منزل جاوزته ... وجعلت منه غيره لي منزلا )
( وإذا غلا شيء علي تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا )
*****************
وقال بعضهم
( إذا ما أتاك الدهر يوما بنكبة ... فافرغ لها صبرا ووسع لها صدرا )
( فان تصاريف الزمان عجيبة ... فيوما ترى يسرا ويوما ترى عسرا )
*****************
أما والذي لا يعلم الغيب غيره ... ومن ليس في كل الأمور له كفو
( لئن كان بدء الصبر مرا مذاقه ... لقد يجتني من بعده الثمر الحلو )
*****************
عسي فرج يكون عسي
نعلل نفسنا بعسى
فلا تجزع إذا قابلـ
ـت هماً يقطع النفسا
فأقرب ما يكون المر
ء من فرج إذا يئسا
****************
66)دلائل حب العبد لله :
قال أبو تراب النخشبى في علامات المحبة:
لا تخدعن فللحبيب دلائل ولديه من تحف الحبيب وسائل
منها تنعمه بمر بلائه وسروره في كل ما هو فاعل
فالمنع منه عطية مقبولة والفقر إكرام وبر عاجل
ومن الدلائل أى ترى من عزمه طوع الحبيب وإن ألح العاذل
ومن الدلائل أن يرى متبسما والقلب فيه من الحبيب بلابل
ومن الدلائل أن يرى متفهما لكلام من يحظى لديه السائل
ومن الدلائل أن يرى متقشفا متحفظا من كل ما هو قائل
****************
وقال يحيى بن معاذ:
ومن الدلائل أن تراه مشمرا في خرقتين على شطوط الساحل
ومن الدلائل حزنه ونحيبه جوف الظلام فما له من عاذل
ومن الدلائل أن تراه مسافرا نحو الجهاد وكل فعل فاضل
ومن الدلائل زهده فيما يرى من دار ذل والنعيم الزائل
ومن الدلائل أن تراه باكيا أن قد رآه على قبيح فعائل
ومن االدلائل أن تراه مسلما كل الأمور إلى المليك العادل
ومن الدلائل أن تراه راضيا مليكه في كل حكم نازل ومن
الدلائل ضحكه بين الورى والقلب محزون كقلب الثاكل.
****************(339/101)
67)البنات والنساء:
يقول منصور الفقيه:
أحبّ البنات ،فحبّ البنات ... فرضٌ على كلّ نفسٍ كريمه
لأن شعيباً لأجل البنات ... أخدمه الله موسى كليمه
*****************
ولأبي محمد الحسن بن عبيدة الريحاني :
حبذا من نعمة الل ... ه البنات الصالحات
هن للنسل وللأ ... نس وهن الشجرات
وبالاحسان إليهنّ تكون البركات
إنّما الأهلون أرضو ... ن لنا محترثات
ٍفعلينا الزرع فيها ... وعلى الله النّبات
*****************
كان لأبي حمزة الأعرابيّ زوجتان فولدت إحداهما ابنة ،فعزّ عليه ،واجتنبها وصار في بيت ضرتها إلى جنبها فأحست به يوماً في بيت صاحبتها ،فجعلت ترقّص ابنتها الطفلة وتقول :
ما لأبي حمزة لا يأتينا ... يظلّ في البيت الذي يلينا
غضبان ألاّ نلد البنينا ... تا الله ما ذلك في أيدينا
بل نحن كالأرض لزارعينا ... يلبث ما قد زرعوه فينا
وإنما نأخذ ما أعطينا
فعرف أبو حمزة قبح ما فعل ، وراجع امراته.
*****************
مر شاعر بنسوة فأنشد يقول :
إن النساء شياطينٌ خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشياطين
فأجابته واحدة منهن قائلة :-
إن النّساءَ رياحينٌ خلقنَ لَكم ... وكلكم يَشتهى شمَّ الرَّيَاحِينِ
*****************
قال الشافعي:-
أكثر الناس في النساء وقالوا ... إن حب النساء جهد البلاء
ليس حب النساء جهدا ولكن ... قرب من لا تحب جهد البلاء
****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَرَى صَاحِبَ النِّسْوَانِ يَحْسَبُ أَنَّهَا سُوءٌ وَبَوْنٌ بَيْنَهُنَّ بَعِيدُ
فَمِنْهُنَّ جَنَّاتٌ يَفِيءُ ظِلاَلُهَا وَمِنْهُنَّ نِيرَانٌ لَهُنَّ وَقُودُ
****************
وقال آخر:-
إنَّ النِّسَاءَ كَأَشْجَارٍ نَبَتْنَ مَعًا مِنْهُنَّ مُرٌّ وَبَعْضُ الْمَرِّ مَأْكُولُ
إنَّ النِّسَاءَ وَلَوْ صُوِّرْنَ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِنَّ مِنْ هَفَوَاتِ الْجَهْلِ تَخْيِيلُ
إنَّ النِّسَاءَ مَتَى يُنْهَيْنَ عَنْ خُلُق فَإِنَّهُ وَاجِبٌ لاَ بُدَّ مَفْعُولُ(339/102)
وَمَا وَعَدْنَك مِنْ شَرٍّ وَفَيْنَ بِهِ و َمَا وَعَدْنَك مِنْ خَيْرٍ فَمَمْطُولُ
****************
وقال آخر:
ونحن بَنْو الدُّنْيَا وهنّ بَنَاتُها ... وعيشُ بنى الدُّنيا لقاءُ بَناتِها
*****************
وقال آخر:-
هي الضلع العوجاء لست تُقيمها ألا إن تقويم الضلوع انكسارها
فيجمعن ضعفاً واقتداراً على الفتى أليس عجيباً ضعفها واقتدارها
*****************
وقالت إمرأة تمدح البنات:-
( وما علي أن تكون جارية ... تغسل رأسي وتكون الفالية )
( وترفع الساقط من خمارية ... حتى إذا ما بلغت ثمانية )
( أزرتها بنقبة يمانية ... أنكحتها مروان أو معاوية )
( أصهار صدق ومهور غالية ... )
*****************
... 68) ... النساء:-
دخل أعرابي على الحجاج فسمعه يقول: لا تكمل النعمة على المرء حتى ينكح أربع نسوة يجتمعن عنده، فانصرف الأعرابي فباع متاع بيته، وتزوج أربع نسوة، فلم توافقه منهن واحدة، خرجت واحدة حمقاء رعناء، والثانية متبرجة، والثالثة فارك أو قال فروك، والرابعة مذكرة، فدخل على الحجاج فقال: أصلح الله الأمير، سمعت منك كلاماً أردت أن تتم لي به قرة عين؛ فبعت جميع ما أملك، حتى تزوجت أربع نسوةٍ، فلم توافقني منهن واحدة، وقد قلت فيهن شعراً، فاسمع مني، قال: قُل. فقال:
تزوجتُ أبغي قُرّةَ العينِ أربَعا ... فياليتَ أنّى لم أكن أتزوَّجُ
وياليتنى أَعْمَى أصمُّ ولم أكُنْ ... تزوجتُ بل ياليت أنى مُخَدَّجُ
فواخدةٌ ما تعرفُ الله ربَّها ... ولا ما التُّقَى تدري وَلا ما التَّحرُّج
وثانيةٌ ما إن تقرَّ ببيتها ... مذكّرة مشهورة تتبرَّجُ
وثالثة حمقاءُ رَعْنَا سخيفةٌ ... فكل الذي تأتي من الأمر أعوجُ
ورا ورابعةمفروكةٌ ذاتُ شِرَّةٍ ... فليستْ بها نفسي مَدَى الدهر تُبْهَجُ
فهنَّ طلاقٌ كلُّهُن بوائنُ ... ثلاثاً ثلاثاً فاسْهَدُوا لا تلجلجوا
فضحك الحجاج حتى كاد يسقط من سريره، ثم قال له: كم مهورهنّ? قال: أربعة آلاف درهم. فأمر له بثمانية آلاف درهم.
****************(339/103)
قال الأصمعي:قيل لأعرابي: من لم يتزوج امرأتين لم يذق لذة العيش، فتزوج امرأتين ثم ندم، فقال:
تزوجتُ اثنتين لفرطِ جَهْلي ... بما يَشْقَى به زوجُ اثنتين
فقلتُ أصِيرُ بينهما خروفاً ... أنَّعم بين أَكرمِ نعجتينِ
فصرتُ كنعجةٍ تُمْسِى وتُضْحِى ... تَرَدَّدُ بين أخبثِ ذئبتينِ
رضى هَذِى يهيّجُ سُخطْ هذى ... فما أعْرَى من إحدى السّخْطتينِ
وأَلْقَى في المعيشة كلَّ بُوسٍ ... كذاك المرءُ بين الضّرَّتينِ
لَهذِى ليلةُ ولتلك أُخرْى ... عِتابٌ دائمٌ في الليلتينِ
****************
ضرب عبد الملك بن مروان بعثاً إلى اليمن، فأقاموا سنين، جنى إذا كان ذات ليلة وهو بدمشق، قال: والله لأعسن الليلة مدينة دمشق، ولأسمعن ما يقول الناس في البعث الذي غربت فيه رجالهم، وغرمت فيه أموالهم. فبينما هو في بعض أزقتها إذا هو بصوت امرأة قائمة تصلي، فتسمع إليها، فلما انصرفت إلى مضجعها قالت: اللهم يا غليظ الحجب، ويا منزل الكتب، ويا معطي الرغب، ويا مؤدي الغرب. أسألك أن ترد غائبي، فتكشف به همي، وتصفي به لذتي، وتقر به عيني، وأسألك أن تحكم بيني وبين عبد الملك بن مروان الذي فعل بي هذا، فقد صير الرجل نازحاً عن وطنه، والمرأة مقلقةً على فراشها، ثم أنشأت تقول:
تطاول هذا اللّيلُ فالعينُ تدمَعُ ... وأَرّقني حُزْنِي وقلبِيَ مُوجَعُ
فبتّ أقاسي الليلَ أرعَى نجومَهُ ... وباتَ فؤادي هامداً يتفزّعُ
إذا غابَ منها كوكبٌ في مغيِبهِ ... لمحتُ بعيني آخراً حين يطلعُ
إذا ما تذكرتُ الذي كان بينَنَا ... وجدتُ فؤادي للهَوَى يتقطّعُ
وكلُّ حبيبٍ ذاكرٌ لحبيبِهِ ... يرَجِّى لِقاهُ كلّ يومٍ ويطمعُ
فذا العرشِ فُرج ما ترى من صَبابتي ... فأنت الذي ترعى أموري وتسمعُ
دعوتُك في السّراءِ وَالضُّرِّ دعوةً ... على غُلة بين الشراشيف تلْذَعُ(339/104)
فقال عبد الملك لحاجبه: تعرف لمن هذا المنزل? قال: نعم، هذا منزل زيد بن سنان. قال: فما المرأة منه? قال: زوجته. فلما أصبح سأل كم تصبر المرأة عن زوجها? قالوا: ستة أشهر. فأمر ألا يمكث العسكر أكثر من ثلاثة أشهر.
****************
عجوز تُرَجّى أن تكونَ صبيهً ... وقد شابَ منها الرأسُ واحدودب الظهر
تَدُسُّ إلى العطار ميرةَ أَهلِهَا ... وَهَلْ يصلح العطارُ ما أفسد الدهر?
****************
69)التربية الاسلامية :
خير ما ورّث الرجال بنيهم ... أدبٌ صالح وحسن الثناء
ذاك خيرٌ من الدنانير والأو ... راق يوم شدةٍ أو رخاء
****************
يقول احمد شوقي:
من لي بتربية البنات فإنها في الشّرق علّة ذلك الإخفاق
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيّب الأعراق
الام روضٌ إن تعهده الحيا بالري أورق أيما إيراق
****************
يقول محمد صيام:-
يا أخت أنت رعاك الله عدّتنا لخلق جيل قويّ غير مشبوه
فلقّني طفلك الإسلام فهو له كالمنهل العذب ما ينفكّ يرويه
وأبعديه عن الشيطان يفتنه بجنده الكثر في الدنيا ويغويه
وسلّحيه بما في الدين من أدب ومن محبّته البيضاء فاسقيه
ونشئيه على هدى الكتاب ومن آياته الغرّ يا أختاه غذّيه
****************
وقال
خير ما ورَّث الرّجال بنيهم ... أدبٌ صالحٌ وحسن الثّناء
هو خيرٌ من الدََّنانير والأو ... راق في يوم شدَّةٍ أو رخاء
تلك تفنى والدِّين والأدب الصَّ ... الح لا تفنيان حتَّى البقاء
إن تأدَّبت يا بنيّ صغيراً ... كنت يوماً تعدّ في الكبراء
وإذا ما أضعت نفسك ألفي ... ت كبيراً في زمرةالغوغاء
****************
وقال آخر:-
إذا نكبات الدَّهر لم تعظ الفتى ... عن الجهل يوماً لم تعظه أنامله
ومن لم يؤدّبه أبوه وأمّه ... تؤدِّبه روعات الرَّدى وزلازله
فدع عنك ما لا تستطيع ولا تطع ... هواك ولا يذهب بحقّك باطله
****************
وقال سابق البربريّ:
قد ينفع الأدب الأحداث في مهلٍ
وليس ينفع بعد الكبرة الأدب
إنَّ الغصون إذا قوَّمتها اعتدلت(339/105)
ولن تلين إذا قوّمتها الخشب
****************
وقال آخر:-
مشى الطاووس يوماً باختيالٍ فقلد مشيته بنوه
قال : علام تختالون ؟ قالوا لقد بدأت ونحن مقلدوه
يشب ناشىء الفتيان منا على ما كان قد عَوَّده أبوه
****************
وقال آخر:-
ليس اليتيم من انتهى أبواه وخلفاه فى هم الحياة ذليلاً
إن اليتيم هو الذى ترى له أم تخلت وأبا مشغولاً
****************
وقال آخر:-
إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الارض
لو هبَّت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمضِ
****************
وقال آخر:-
والبيت لا يُبتنى إلا له عُمُدُ ... ... ولا عماد إذا لم ترسَ أوتادُ
****************
وقال آخر:-
عود بنيك على الاداب في الصغر كيما تقر بهم عيناك في الكبر
فإنما مثل الآداب تجمعها في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
هي الكنوز التي تنمو ذخائرها ولا يخاف عليها حادث العبر
****************
70)العرض والمال :
وفيه يقول الشاعر:-:
أصون عرضي بمالي لا أدنِّسه ... لا بارك الله بعد العرض في المال
****************
وقال آخر:
إذا قلَّ مال المرء قلَّ صفاؤه ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه
وأصبح لا يدري وإن كان حازماً ... أقدَّامه خيرٌ له أم وراؤه
إذا قلَّ مال المرء لم يرض عقله ... بنوه ولم يغضب له أولياؤه
فإن مات لم يفقد ولم يحزنوا له ... وإن عاش لم يسرر صديقاً بقاؤه
****************
وقال محمود الوراق:
أرى دهرنا فيه عجائب جمَّةٌ ... إذا استعرضت بالعقل ضلَّ لها العقل
أرى كلَّ ذي مالٍ يسود بماله ... وإن كان لا أصلٌ هناك ولا فصل
وآخر منسوباً إلى الرَّأي خاملاً ... وأنوك مخبولاً له الجاه والنُّبل
وما الفضل في هذا الزمان لأهله ... ولكنَّ ذا المال الكثير له الفضل
فشرِّف ذوي الأموال حيث لقيتهم ... فقولهم قولٌ وفعلهم فعل
****************
71)طاعة الوالدين :-
قال أمية بن أبي الصلت ،وهو قد عتب على ابنه :
غذوتك مولوداً وغلتك يافعا ... تعلّ بما أسعى عليك وتنهل(339/106)
إذا ليلةٌ جاءتك بالشكو لم أكن ... بشكواك إلاّ ساهراً أتملتل
كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طرقت به دوني عيني تهمل
تخاف الرّدى نفسي عليك وإنها ... لتعلم أن الموت وقتٌ مؤجل
فلما بلغت السنّ والغاية التي ... إليها مدى ما كنت قبل أؤمل
جعلت جزائي غلظةً وفظاظةً ... كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حقّ أبوّتي ... كما يفعل الجار المجاور تفعل
فأوليتني حقّ الْجوار ولَم تكن ... عليّ بِمالي دونَ مالِكَ تبخل
****************
وقال آخر:-
إن للوالدين حقٌ علينا بعد حق الاله في الاحترامِ
أو جدانا وربيانا صغارا فاستحقا نهاية الاكرام
****************
وقال آخر:-
لأمك حق لو علمت كبير ... كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلةٍ باتت بثقلك تشتكي ... لَها من جواها أنَّةٌ وزفير
وفِي الوضع لو تدري عليك مشقة ... فكم غُصصٍ منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها ... ومن ثديها شُربٌ لديك نَمِير
وكم مرّة جاعت وأعطتك قوتَها ... حُنُوًّا وإشفاقًا وأنت صغير
فضيّعتها لَما أسنّت جهالة ... وطال عليك الأمر وهو قصير
فدونك فارغب فِي عميم دعائها ... فأنت لِما تدعو إليه فقير
****************
ذُكِر أن شابًا اسمه مُنازِل كان مُكبًّا على اللهو واللعب لا يفيق عنه، وكان له والدٌ صاحب دين، كثيرًا ما يعظ هذا الابن ويقول له: يا بني، احذر هفوات الشباب وعثراته، فإن لله سطوات ونقمات ما هي من الظالمين ببعيد، وكان إذا ألَحّ عليه زاد في العقوق، ولما كان يوم من الأيام ألَحّ على ابنه بالنصح على عادته، فمدّ الولد يده على أبيه، فحلف الأب بالله مجتهدًا ليأتينّ بيت الله الحرام فيتعلق بأستار الكعبة ويدعو على ولده، فخرج حتى انتهى إلى البيت الحرام فتعلق بأستار الكعبة وأنشأ يقول:
يا مَن إليه أتى الحجّاج قد قطعوا ... عَرضَ المَهامِهِ من قُربٍ ومن بُعدِ
إنِّي أتيتك يا مَن لا يُخيِّبُ مَن ... يدعوه مبتهلاً بالواحد الصمَد
هذا مُنازِلُ لا يرتدُّ من عَقَقِي ... فخذ بحقّيَ يا رحمن من ولدي(339/107)
وشُلَّ منه بحولٍ منك جانبه ... يا من تقدَّس لم يولَد ولم يلِد
فقيل: إنه ما استتمّ كلامه حتى يبس شِقُّ ولده الأيمن، نعوذ بالله من العقوق.
****************
72)حسن الخلق وأهميته :-
ليس الجمال بمئزرٍ فاعلم وإن رُدّيت بُرْدا
إن الجمال مآثرٌ ومناقبٌ أورثن حمدا
****************
وقال يعقوب الخريمي:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ... ويخضب عندي والمحلُّ جديب
وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى ... ولكنَّما وجه الكريم خصيب
****************
لعمرك ما ضاقت بلادٌ بأهلها ... ولكن أخلاق الرجال تضيق
****************
وقال آخر:-
ولم أر كالمعروف أمَّا مذاقه ... فحلوٌ وأمَّا وجهه فجميل
****************
وقال آخر:-
إذا صاحبت قوماً أهل فضل فكن لهموا كذي الرحم الشفيق
ولا تأخذ بزلة كل قوم فتبقى في الزمان بلا رفيق
****************
وقال آخر:-
من يزرع الخير يحصد ما يسرُّ به ... وزارع الشَّرِّ منكوسٌ على الرَّأس
****************
وقال الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
****************
ولابن دريد وقيل إنه أنشدها:
وماهذه الأيَّام معارةٌ ... فما اسطعت من معروفها فتزوَّد
فإنَّك لا تدري بأيَّة بلدةٍ ... تموت ولاما يحدث الله في غد
****************
قال الشافعي -رحمه الله- :
المرءُ إن كان مؤمناً ورِعاً *** أشغله عن عيوب الورى ورعُهْ
كما السقيمِ العليلِ أشغله *** عن وجع الناس كلِّهم وجعُهْ
****************
قال المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت الَّلئيم تمرَّدا
****************
وقال أبو العتاهية :
عامل الناس بوجهٍ طليق ... والق من تلقى ببشر رفيق
فإذا أنت جميل الثنا ... وإذا أنت كثير الصّديق
****************
وقال الحسن
( وإني لألقي المرء أعلم أنه ... عدو وفي أحشائه الضغن كامن )
( فأمنحه بشرا فيرجع قلبه ... سليما وقد ماتت لديه الضغائن )
****************
وقال آخر:-(339/108)
لا تحسبن العلم ينفع وحده مل لم يتوج ربُّه بخلاق
فإذا رزقت خليقةًمحمودة ً فقد اصطفاك مُقسم الارزاقِ
****************
لا تسأل الناس ما مالي وكثرته ... وسائل الناس ما جودي وما خلقي )
( أعطي الحسام غداة الروع حصته ... وعامل الرمح أرويه من العلق )
( وأطعن الطعنة النجلاء عن عرض ... وأكتم السر فيه ضربة العنق )
****************
وقال ابن وكيع :
لاق بالبشر من لقيت من النا ... س وعاشر بأحسن الإنصاف
لا تخالف وإن أتوا بخلافٍ ... تستدم ودهم بترك الخلاف
وإذا خفت فرط غيظك فانهض ... مسرعاً عنهم إلى الإنصراف
إنما الناس إن تأملت داءٌ ... ماله غير أن تداويه شافي
****************
وقال آخر:-
الق بالبشر من لقيت من الناس ... جميعا ولاقهم بالطلاقة ...
تجن منهم حنى ثمار فخذها ... طيبا طعمه لذيذ المذاقه
****************
وقال حبيب الطائي :
إذا جاريت في خلق دنيّا ... فأنت ومن تجاريه سواء
****************
وقال المرّار بن سعيد :
إذا شئت يوماً أن تسود قبيلة ... فبا لحلم سد لا بالسّفاهة والشّتم
****************
وقال آخر:-
إن المكارم أخلاق مطهرة ... فالعقل أولها والدين ثانيها )
( والعلم ثالثها والحلم رابعها ... والجود خامسها والعرف ساديها )
( والبر سابعها والصبر ثامنها ... والشكر تاسعها واللين عاشيها )
( والعين تعلم من عيني محدثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها )
( والنفس تعلم أني لا أصدقها ... ولست أرشد إلا حين أعصيها )
****************
وقال آخر:-
وإنما الامم الاخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
****************
وقال آخر:-
إذا لم تتسع أخلاق قومٍ تضيق بهم فسيحات البلاد ِ
إذا المرء لم يُخلق لبيباً فليس اللبُّ عن قِدم الولادِ
****************
وقال آخر:-
وإذا أُصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلا
وليس بعامرٍ بنيان قومٍ إذا أخلاقهم كانت خرابا
****************
وقال آخر:-(339/109)
فتى مثل صفو الماء أما لقاؤه ... فبشر وأما وعده فجميل ..
. يسرك مفترا ويشرق وجهه ... إذا اعتل مذموم الفعال بخيل ..
. عيى عن الفحشاء أما لسانه ... فعف وأما طرفه فكليل
73)الادب :-
وقال آخر:-
كن ابن من شئت واكتسب أدبا ... يغنيك محموده عن النسب )
( إن الفتى من يقول ها أناذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي )
****************
وقال آخر:-
لكل شيء زينة في الورى ... وزينة المرء تمام الأدب )
( قد يشرف المرء بآدابه ... فينا وإن كان وضيع الأدب
****************
وقال آخر:-
مالي عقلي وهمتي حسبي ... ما أنا مولى وما أنا عربي )
( إذا انتمى منتم إلى أحد ... فإنني منتم إلى أدبي )
****************
وقال آخر:-
في الناس قوم أضاعو مجد أولهم ... ما في المكارم والتقوى لهم أرب )
( سوء التأدب أرداهم وأرذلهم ... وقد يزين صحيح المنصب الأدب
****************
وقال آخر:-
ليس المسود بالمال سؤدده ... بل المسود من قد ساد بالأدب ..
. لأن من ساد بالأموال سؤدده ... ما دام في جمع ذا الأموال والنشب ..
. إن قل يوما له مال يصير الى ... هون من الأمر في ذل وفي تعب
****************
وقال آخر:-
ليس الفتى كل الفتى ... إلا الفتى في أدبه ...
وبعض أخلاق الفتى ..أولى به من نسبه ...
حتف امريء لسانه ... في جده أو لعبه .
.. بين اللهي مقتله ... ركب في مركبه
***************
وقال آخر:-
ما وهب الله لامرئ هبة * أحسن من عقله ومن أدبه
هما جمال الفتى فإن فقدا * ففقده للحياة أجمل به
****************
وقال آخر:-
للخير أهل لا تزال ... وجوههم تدعو اليه ...
طوبى لمن جرت الأمور ... الصالحات على يديه ..
. مالم يضق خلق الفتى ... فالأرض واسعة عليه
****************
وقال آخر:-(339/110)
أكرم بذى أدب أكرم بذي حسب ... فإنما العزم في الأحساب والأدب ... والناس صنفان ذو عقل وذو أدب ... كمعدن الفضة البيضاء والذهب ... وسائر الناس من بين الورى همج ... كانوا موالى أو كانوا من العرب
****************
وهذا مسعر بن كدام يقول لابنه كدام .
. إني نخلتك ياكدام نصيحتي ... فاسمع مقال أب عليك شفيق
أما المزاحة والمراء فدعهما ... خلقان لا أرضاهما لصديق ...
إني بلوتهما فلم أحمدهما ... لمحاور جارا ولا لشفيق ...
والجهل يزري بالفتى في قومه ... وعروقه في الناس أي عروق
****************
74)الحلم والصفح:-
قال أبو العتاهية :
فياربّ هب لي منك حلماً فإنني ... أرى الحلم لم يندم عليه حليم
ويارب هب لي منك عزماً على التقي ... أقيم به ما عشت حيث أقيم
ألا إنّ تقوى الله أكرم نسبةٍ ... تسامى بها عند الفخار كريم
****************
وقال الخريمي :
أرى الحلم في بعض المواطن ذلّةً ... وفي بعضها عزّاً يسودّ فاعله
****************
وقال صالح بن جناح
( إذا كنت بين الجهل والحلم قاعدا ... وخيرت أني شئت فالحلم أفضل )
( ولكن إذا أنصفت من ليس منصفا ... ولم يرض منك الحلم فالجهل أمثل
****************
وقال آخر:-
ألم تر أ، الحلم زينٌ مسود لصاحبه والجهل للمرء شائنُ
فكن دافناً للجهل بالحلم تسترح من الجهل إن الحلم للجهل دافنُ
****************
وقال محمود الوراق
( سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب ... وإن عظمت منه علي الجرائم )
( فما الناس إلا واحد من ثلاثة ... شريف ومشروف ومثل مقاوم )
( فأما الذي فوقي فاعرف قدره ... وأتبع فيه الحق والحق لازم )
( وأما الذي دوني فان قال صنت عن ... إجابته نفسي وإن لام لائم )
( وأما الذي مثلي فان زل أو هفا ... تفضلت إن الحر بالفضل حاكم )
****************
وقال آخر:-
التيه مفسدة للدين منقصة ... للعقل مهتكة للعرض فانتبه ..
. لا تشرهن فإن الذل في الشره ... والعز في الحلم لا في البطش والسفه
****************(339/111)
وقال الشافعي رحمه الله :
يخاطبني السفيه بكل قبحٍ فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهةً فأزيد حلماً كعودٍ زاده الإحراق طيبا
****************
وقال آخر
( وجهل رددناه بفضل حلومنا ... ولو أننا شئنا رددناه بالجهل )
****************
إذ سبني نذلٌ تزايدتُ رفعةً .......... وما العيبُ إلا أن أكونَ مساببُه
ولو لم تكن نفسي عليَ عزيزةً ....... لمكنتُها من كلِ نذلٍ تحاربُه
****************
وقال آخر
( قل ما بدا لك من صدق ومن كذب حلمي أصم وأذني غير صماء )
****************
قال آخر
إذا نطق السفيه فلا تجبه........ فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنه......... وإن خليته كمدا يموت
وقال آخر
( وإذا بغى باغ عليك بجهله ... فاقتله بالمعروف لا بالمنكر )
****************
قال آخر
واصفح عن سباب الناس حِلماً وشرُّ الناس من يهوي السبابا
ومن هاب الرجال تهيبوه ومن حقَّر الرجال فلن يُهابا
****************
وقال الشافعي:
أرحت نفسي من هم العداوات ... لما عفوت ولم أحقد على أحد
لأدفع الشر عني بالتحيات ... إني أحيّي عدوي عند رؤيته
كما إن قد حشا قلبي محبات ... وأظهر البشر لإنسان أبغضه
وفي اعتزالهم قطع المودات ... الناس داء ،وداء الناس قربهم
****************
وقال آخر:-
احفظ لسانك إن لقيت مشاتما ... لا تجرين مع اللئيم إذا جرى ..
. من يشترى عرض اللئيم بعرضه ... يحوي الندامة حين يقبض ما اشترى
****************
وقال آخر:-
ألا إن حلم المرء أكبر نسبةٍ يساميى بها عند الفخار كريمُ
فيارب هب لي منك حِلماً أرى الحِلم لم يندم عليه حليمُ
***************
قال الحكيم العربي:
والحلمُ أعظمُ ناصرٍ تَدْعُونه *** فالزمْهُ يَكْفِكَ قلةَ الأنصا
75)النصر قادم:-
ولأن عرف التاريخ أوساً وخزرجا فلله أوس قادمون وخزرجَ
وإن كنوز الغيب تخفي طلائع حرة رغم المكائد تخرجَ
صبح تنفس بالضياء وأشرقا وهذه الصحوة الكبرى تهز البيرقا(339/112)
وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا
و قوافل الإيمان تتخذى المدى ضرباً و تصنع للمحيط الزورقا
وما أمر هذه الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا
هى نخلة طاب الثرى فنمى لها جذع طويل في التراب وأعذقا
هى في رياض قلوبنا زيتونة في جزعها غصن الكرامة أورقا
فجر تدفق من سيحبس نوره ؟! أرنى يداً سدت علينا المشرقا
***************
76)السفر:-
من راحة فدع الأوطان واغترب ما في المقام لذي عقل وذي أدب
وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب ... سافر تجد عوضا عمن تفارقه
إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب ... إني رأيت ركود الماء يفسده
والسهم لولا فراق القوس لم يصب ... والأسدلولا فراق الغاب ماافترست
لملَّها الناس من عجم ومن عرب ... والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
والعود في أرضه نوع من الحطب ... والتِّبرُ كالتُّرب مُلقى في أماكنه
وإن تغرب ذاك عزّ كالذهب ... فإن تغرّب هذا عَزّ مطلبه
***************
وقال الشافعي:
أنال مرادي أو أموت غريبا ... سأضرب في طول البلاد وعرضها
وإن سلمت كان الرجوع قريبا ... فإن تلفت نفسي فلله درها
وسافر ففي السفار خمس فوائد ... تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وعلم وآداب ، وصحبة ماجد ... تَفَرُّجُ هم ، واكتساب معيشة
***************
وقال آخر:
ليس ارتحالُكَ تَرْتَادُ الغِنَى سفراً ... بَلِ المُقَامُ على خَسْفٍ هو السفرُ
***************
وقال المتنبي :-
إذا تَرَحَلْتَ عن قوم وقد قَدرُوا ... ألاَ تُفارِقَهُمْ فالرَاحِلونَ هُمُ
***************
وقال آخر:-
ارحل بنفسك من أرض تضام بها ... ولا تكن من فراق الأهل في حرق
فالعنبر الخام روث في موطنه ... وفي التغرب محمول على العنق
والكحل نوع من الأحجار تنظره ... في أرضه وهو مرمى على الطرق
لما تغرب حاز الفضل أجمعه ... فصار يحمل بين الجفن والحدق
78)التوبة والاستغفار :-
شكوت إلى إلهي سوء حالي ... فقد فاقت مصيباتي احتمالي
فقلتُ وقد دنا فجرٌ جديدٌ : ... ألا رفقاً إلهي ذا الجلالِ(339/113)
فمرَّ بخاطري شيءٌ يقولُ : ... ألم تذ كر ذنوباً كالجبالِ
فكم يومٍ عصيتَ الله جهراً، ... بإتيان المحرَّم لم تُبالِ
وترجو بعدها عيشاً هنيئاً ... بلا تَوبٍ ولا تغييرِ حالِ
وقال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب ... وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها
وهل بدل الدين غير الملوك ... وأحبار سوءٍ ورهبانها
****************
وقال آخر:-
و انته من رقدة الغفلة **** فالعمر قليل
و اطّرح سوف وحتى **** فهما داء دخيل
****************
وقال آخر:-
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي )
( وذلك أن حفظ العلم فضل ... وفضل الله لا يؤتى لعاصي )
****************
وقال علي بن ابي طالب
إذا كنت في نعمةٍ فأرعها فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بتقوى الاله فإن الاله سريع النقم
فإن تعط نفسك آمالها فعند مناها يحل النقم
فأين القرون ومن حولهم تفانوا جميعاً وربي الحكم
وقال آخر:-
فكم من معصية قد كنت نسيتها ... ذكرك الله إياها
وكم من مصيبة قد كنت أخفيتها ... أظهرها الله لك وأبداها
****************
وقال آخر:-
فَتُب لله حقاً ثُمَّ أقبِل ... بُعيد التّوب والدّمع المسالِ
ستلقى الله توّاباً رحيماً ... مجيباً للدعاءِ وللسؤالِ
فيا ربّي أنَبْتُ إليك طَوعاً ... تقبّل تَوبتي والطف بحالي
فَعهداً أن أُلازمَ كُلَّ وقتٍ ... دُروبَ الخير، غيرك لا أوالي
فثبِّتني على التَّقوى فإنِّي ... لأرجو مِنكَ حُسناً في المآلِ
بادر شبابك أن تهرما ... وصحة جسمك أن تسقما
وأيام عيشك قبل الممات ... فما قصر من عاش أن يسلما
ووقت فراغك بادر به ... ليالي شغلك في بعض ما
فقدر فكل امرئٍ قادم ... على علم ما كان قد قدما
توضأ بماء التوبة اليوم نادمًا *** به ترأى أبواب الجنان الثماني
****************
إلهي لست للفردوس أهلاً
ولا أقوى على نار الجحيم
فهب لي توبةًواغفر ذنوبي
فإنك غافر الذنب العظيم
****************
وقال آخر:-(339/114)
ذنوبي وإن فكرت فيها عظيمة ... ورحمة ربي من ذنوبي أوسع
وما طمعي في صالح قد عملته ... ولكنني في رحمة الله أطمع
وقال آخر:
إلهي أنت ذو فضل ومنّ ... وإني ذو الخطايا فاعف عني
فظني فيك يا ربي جميل ... فحقق يا إلهي فيك ظني
يظن الناس بي خيرا وإني ... أشر الناس إن لم تعف عني
وقال آخر:-
قل للذي ألف الذنوب وأجرما وغَدَ على زلاَّته متندما
لا تيأسنَّ واطلب كريماً دائما يُولي الجميل تفضُّلاً وتكرما
يامعشر العاصين جودٌ واسع عند الاله لمن يتوب ويندما
ياأيها العبد المسيء الى متى تُفني زمانك في عسى ولربما
بادر الى مولاك يامن عمره قد ضاع في عصيانه وتصرَّما
واسأله توفيقاً وعفوا ثم قل يارب بصَّرني وزل عمي العمى
****************
وقال آخر:-
فقد روى الثقات عن خير الملا *** بأنه عز وجل وعلا
في ثلث الليل الأخير ينزل *** يقول هل من تائب فيُقبِل
هل من مسيء طالب للمغفرة *** يجد كريمًا قابلاً للمعذرة
يَمُنُّ بالخيرات والفضائل *** ويستر العيب ويعطي السائل.
****************
وقال آخر:-
إن كنت تغدو في الذنوب جليدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيدا
فلقد أتاك من المهيمن عفوه ... وأفاض من نعم عليك مزيدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا ... في بطن أمك مضغة ووليدا
لو شاء أن تصلى جهنم خالدا ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيدا
****************
وقال آخر:-
يا نفس توبي قبل أن لا تستطيعي أن تتوبي
واستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب
إن المنايا كالرياح عليك دائمة الهبوب
****************
وقال آخر:-
الهي انت الذي تهب الكثير
وتجبر القلب الكسيروتغفر الزلات
وتقول هل من تائبٍ مستغفرٍ
أو سائل ٍأقضي له الحاجات
****************
وقال آخر:-
يامن عدا ثم اعتدى ثم اقترف ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشر بقول الله في تنزيله إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
****************
وقال آخر:-
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن ... فمن الذي يدعو إليه المجرم(339/115)
أدعوك رب كما أمرت تضرعاً ... فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا ... وجميل ظني ثم أني مسلم
****************
وقال محمود الوراق:
قدم لنفسك توبةً مرجوةً ... قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها علق النفوس فإنها ... ذخر وغنم للمنيب المحسن
****************
وقال آخر:-
يا نفس قد أزف الرحيل ... وأظلك الخطب الجليلُ
فتأهبى يا نفس لا ... يلعب بك الأمل الطويلُ
فلتنزن بمنزل ... ينسى الخليلَ به الخليلُ
وليركبن علك فيه ... من الثَّرَى حمل ثقيلُ
قرن الفناء با جميعا ... فلا يبقى العزيز ولا الذليلُ
****************
وقال آخر:-
أيا عبدُ كَمْ يراك الله عاصياً ... حريصاً على الدنيا وللموت ناسيا
أنسيت لقاء الله واللحد والثرى ... ويوما عبوساً تشيب فيه النواصِيَا
لو أن المرء لم يلبس ثياب التقى ... تجرد عُرْياناً ولو كان كاسيا
ولو أن الدنيا تدوم لأهلها ... لكان رسول الله حيا وباقيا
ولكنها تفنى ويفنى نعيمها ... وتبقى الذنوب كما هى
****************
ولقد أحسن من قال
( أسيء فيجزي بالإساءة إفضالا ... وأعصي فيوليني برا وإمهالا )
( فحتى متى أجفوه وهو يبرني ... وأبعد عنه وهو يبدل إيصالا )
( وكم مرة قد عن نهج طاعة ... ولا حال عن ستر القبيح ولا زالا
****************
وقال آخر:-
دع عنك ما قد فات فى زمن الصبا ... و اذكر ذنوبك وأبكها يا مذنب
لم ينسه الملكان حين نسيته ... بل أثبتاه وأنت لاه تلعب
والروح منك وديعة أودعتها ... ستردها بالرغم منك وتسلب
وغرور دنياك التى تسعى لها ... دار حقيقتها متاع يذهب
الليل فاعلم و النهار كلاهما ... أنفاسنا فيهما تعد وتحسب
****************
وقال آخر:-
أبت نفسى أن تتوب فما إحتيالى ... اذا برز العباد لذى الجلال
وقاموا من قبورهم سكارى ... برزوا كأمثال الجبال
وقد نصب الصراط كى يجوز ... فمنهم من يكب على الشمال
ومنهم من يسير لدار عدن ... تلقاه العرائس بالغوانى
يقول له المهيمن ياولى ... غفرت لك الذنوب فلا تبالى
****************(339/116)
إلهى لا تعذبنى فإن مقر بالذى قد كان منى
فكم من زلة لى فى البريا وأنت على ذو فضل ومنِّ
يظن الناس بى خيراً وإن لشر الناس إن لم تعفو عنى
****************
رئى على قبر عبدالله بن المبارك مكتوبا:
الموت بحر طافح موجه ... ... يذهب فيه حبله السابح
يانفس إني قائل فاسمعي ... ... مقالة من مشفق ناصح
لا ينفع الانسان في قبره ... إلا التقى والعمل الصالح
ولا ينال الفوز من دهره ... إلا فتى ميزانه راجح
****************
وقال آخر:-
إلى كم أقول ولا أفعلُ **** و كم ذا أحوم ولا أنزِلُ
وأزجر عيني فلا ترعوي **** وأنصح نفسي فلا تَقبلُ
و كم ذا تعلّل لي ، ويحَها **** بِعَلَّ وسوف وكم تمطل ؟
وكم ذا أُؤمل طول البقا **** وأغفل والموت لا يغفلُ ؟
و في كل يوم يُنادي بنا **** منادي الرحيل : ألا فارحلوا
كأن بي وشيكاً إلى مصرعي **** يُساق بنعشي ولا أُمهلُ
****************
وقال آخر:-
وعزى الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه صديقا له فقال
إنا نعزيك لا أنا على ثقة ... من الحياة ولكن سنة الدين )
( فما المعزى بباق بعد ميته ... ولا المعزي ولو شاعا إلى حين
****************
وقال آخر:-
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا
واعصي الهوى فالهوى ما زال فتّانا
أما ترين المنايا كيف تلقطنا
لقطاً وتُلحق أُخرانا بأولانا
في كل يوم لنا ميت نشيعه
نرى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس ما لي وللأموال أتركها
خلفي وأخرج من دنياي عريانا
ما بالنا نتعامى عن مصائرنا
ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا
أين الملوك وأبناء الملوك ومن
كانت تخرّ له الأذقان إذعانا
صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا
مستبدلين من الأوطان أوطانا
خلوا مدائن كان العز مفرشها
واستفرشوا حفراً غُبراً وقيعانا
يا راكضاً في ميادين الهوى مرحاً
ورافلاً في ثياب الغيّ نشوانا
مضى الزمان وولى العمر في لعبٍ
يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا
****************
وَقَالَ الشَّاعِرُ:(339/117)
نَرُوحُ وَنَغْدُو لِحَاجَاتِنَا وَحَاجَةُ مَنْ عَاشَ لاَ تَنْقَضِي
تَمُوتُ مَعَ الْمَرْءِ حَاجَاتُهُ وَتَبْقَى لَهُ حَاجَةٌ مَا بَقِيَ
****************
وقال آخر:-
أنا إن بكيت فلن ألام على البكا فلطالما استغرقت في العصيان ِ
يارب إن لم ترضى إلا ذا تُقى من للمسيء المذنب الحيرانِ
****************
وقال آخر:-
يا أيهذا الذي قد غره الأمل
ودون ما يأمل التنغيص والأجل
ألا ترى أنما الدنيا وزينتها
كمنزل الركب حلوا ثمت ارتحلوا
حتوفها رصد وعيشها نكد
وصفوها كدر وملكها دول
تظل تفزع بالروعات ساكنها
فما يسوغ له عيش ولا جذل
كأنه للمنايا والردى غرض
تظل فيه سهام الدهر تنتضل
والنفس هاربة والموت يتبعها
وكل عثرة رجل عندها جلل
والمرء يسعى بما يسعى لوارثه
والقبر وارث ما يسعى له الرجل
****************
79)اتباع الهوى:-
يقول الشاعر:-
يا آمناً معَ قبحِ الفعل منه
هل أتاك توقيعُ أمن أنت تملكه
جمعت شيئين أمناً واتباع هوى
هذا وإحداهما في المرء تهلكه
****************
وقال آخر:-
والمحسنون على درب الخوف قد ساروا
و ذلك درب لست تسلكه
فرطت في الزرع وقت البذر من سفه
فكيف عند حصاد الناس تدركه
هذا وأعجب شيء فيك زهدك في
دار البقاء بعيش سوف تتركه
****************
وقال آخر:-
ومن يك ذا فم مريض
يجد مراً به الماء الزلالا
****************
ولأن عين رشده بها رمد:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وقال آخر:-
وينكر الفم كعم الماء من سقم
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
****************
وقال آخر:-
وصدق ما يعتاده من توهم
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
****************
وقال آخر:-
إبليس يغريني ونفسي والهوي
ما حيلتي في هذه أو ذاكا
****************
وقال آخر:-
لا باس بالقوم من طول ومن عظم
جسم البغال وأحلام العصافير
****************
وقال آخر:-
إذا حار أمرك في معنيين ... ولم تدر حيث الخطا والصواب(339/118)
فخالف هواك فإن الهوى ... يقود النفس إلى ما يعاب
****************
وقال آخر-
خالف هواك إذا دعاك لريبة *** فلا خير في مخالفة الهوى
حتى متى لا ترعوي يا صاحبي ***حتى متى وإلى متى وإلى متى
****************
وقال آخر-
يا راكضاً في ميادين الهوى مرحاً
ورافلاً في ثياب الغيّ نشوانا
مضى الزمان وولى العمر في لعبٍ
يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا
****************
وقال آخر:-
إذَا مَا رَأَيْت الْمَرْءَ يَعْتَادُهُ الْهَوَى فَقَدْ ثَكِلَتْهُ عِنْدَ ذَاكَ ثَوَاكِلُهْ
وَقَدْ أَشْمَتَ الاعْدَاءَ جَهْلاً بِنَفْسِهِ وَقَدْ وَجَدَتْ فِيهِ مَقَالا عَوَاذِلُهْ
وَمَا يَرْدَعُ النَّفْسَ اللَّجُوجَ عَنْ الْهَوَى مِنْ النَّاسِ الا حَازِمُ الرَّأْيِ كَامِلُهْ
****************
وقال آخر-
قد بقينا من الذنوب حيارى فدعاوى الهوى تَخفُ علينا
نطلب الصدق ما إليه سبيل وخلاف الهوى علينا ثقيل
****************
وقال آخر:-
إنَّ الْهَوَانَ هُوَ الْهَوَى قُلِبَ اسْمُهُ فَإِذَا هَوِيتَ فَقَدْ لَقِيت هَوَانَا
****************
وقال آخر:-
كيف لا أبكي على عيش مضى
بعت عمري بحقير الثمن
كيف أرجو البرء من داء الهوى
وطبيبي في الهوى أمرضني
****************
وقال آخر:-
قَدْ يُدْرِكُ الْحَازِمُ ذُو الرَّأْيِ الْمُنَى بِطَاعَةِ الْحَزْمِ وَعِصْيَانِ الْهَوَى
80)النفوس:-
يقول الشاعر:-
ففي قمع أهواء النفوس اعتزازها *** وفي نيلها ما تشتهي ذلُّ سرمدِ
فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا *** ولا ترضَ للنفس النفيسة بالرَّدِي
****************
وقال آخر:-
والنفس كالطفل إن تهمله شب على *** حب الرضاع وإن تفطمْه ينفطمِ
فجاهد النفس والشيطان واعصهما *** وإن هما محَّضاك النصح فاتهمِ
****************
وقال آخر:-
يا ويح نفسي من تتابع حوبتي
لو قد دعاني للحساب حسيبي
فاستيقظي يا نفس ويحك واحذري
حذراً يهيج عبرتي ونحيبي
واستدركي ما فات منك وسأبقى
سطوات موت للنفوس طلوب(339/119)
وابكي بكاء المستغيث واعولي
إعوال عان في الوثاق غريب
هذا الشباب قد اعتللت بلهوه
أفليس ذا يا نفس حين مشيبي
هذا رقيب ليس عني غافلاً
يحصي علي ولو غفلت ذنوبي
أوليس من جهل بأني نائم
نوم السفيه وما ينام رقيبي
***************
وقال آخر:-
يا نفس كم تبيتين من مرة ... وكم تقولين ولا تفعلين
وكم تنادي فلا تسمعي ... وكم تقالين فلا ترجعين
حتى متى يا نفس حتى متى ... يراك مولاك مع الغافلين
فاستغفري الله لما قد مضى ثم ... أستحي من خالق العالمين
***************
وقال آخر:-
وَلِلنُّفُوسِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَجَلٍ مِنْ الْمَنِيَّةِ آمَالٌ تُقَوِّيهَا
فَالْمَرْءُ يَبْسُطُهَا وَالدَّهْرُ يَقْبِضُهَا وَالنَّفْسُ تَنْشُرُهَا وَالْمَوْتُ يَطْوِيهَا
وقال آخر:-
والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبتها *** وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقنع
وقال آخر:-
ومَنْ يطعمُ النفسَ ما تشتهي *** كمن يُطْعِمُ النارَ جزلَ الحطبْ 81)الرجاء :-
يقول الشاعر:-
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن ... فمن الذي يدعو إليه المجرم
****************
وقال آخر:-
حاسبت نفسي لم أجد لي
صالحاً إلا رجاءي رحمة الرحمن
ووزنت أعمالي فلم أجد
في الأمر إلا خفة الميزان
****************
وقال آخر:-
قصدت باب الرجاء والناس قد رقدوا وبتُّ أشكوا الى مولاي ما أجدُ
فقلت يا أملي في كل نائبةٍ ومن عليه لكشف الضر أعتمدُ
أشكو اليك أموراً انت تعلمها ما لي على حِملها صبرٌ ولا جلدُ
لقد مددت يدي بالذل مُفتقراً إليك ياخير من مُدت اليه يدي
فلا تدنها يارب خائبةً فبحر جودك يروي بحر كل من ير
****************
يقول الشافعي:-
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي
جعلت رجاءي نحو عفوك ربي سلما
تعاضمني ذنبي فلما قرنته
بعفوك ربي كان عفوك اعضما
فما زلت ذا عفوعن الذنب
لم تزل تجود وتعفومنَة وتكرما
****************
82)الحسد:-
كتب ابن المبارك الى علي بن بسر المروزي هذه الأبيات:(339/120)
كل العداوة قد ترجى إماتتها ... إلا عداوة من عاداك من حسد
فإن في القلب منها عقدة عقدت ... وليس يفتحها راق الى الأبد
إلا الإله فإن يرحم تحلّ به ... وإن أباه فلا ترجوه من أحد
****************
وقال البحتري فقال:
ولَنْ تَسْتَبِينَ الدهرَ مَوْضعَ نِعْمَةٍ ... إذَا أنْتَ لم تُدْلَلْ عليها بحَاسِدِ
****************
ولقد أحسنَ القائل:
إن يحسدوني فإني غيرُ لائمِهِمْ ... قَبْلي من الناس أهْلِ الفضلِ قد حُسِدوا
فدام لي ولَهُمْ ما بي وما بهمُ ... وماتَ أكثرُنا غَيْظاً بما يَجِدُ
أنا الذي يَجِدُوني في صدورِهمُ ... لا أرْتَقي صَدَراً عنها ولا أَرِدُ
****************
وقال آخر:-
هم يحسدوني على موتي فواحزني ... حتى على الموت لا أخلو من الحسد )
****************
وقال آخر:-
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل )
83)الزنا:-
يقول الشافعي:
يا هاتكاً الرجال وتابع طرق الفساد فأنت غير مكرم
من يزنى فى قوم بألفى درهم فى بيته يزنى بربع الدرهم
إن الزنا دين إذا استقرضته الوفاء من أهل بيتك فاعلم
****************
وقال آخر:-
أيا حاسدا لي على نعمتي ... أتدري على من أسات الادب )
( أسأت على الله في حكمه ... لأنك لم ترض لي ما وهب )
( فأخزاك ربي بأن زادني ... وسد عليك وجوه الطلب )
****************
وقال الشاعر
( يا طالب العيش في أمن وفي دعة ... رغدا بلا قتر صفوا بلا رنق )
( خلص فؤادك من غل ومن حسد ... فالغل في القلب مثل الغل في العنق )
****************
وقال آخر
( اصبر على حسد الحسود ... د فإن صبرك قاتله )
( كالنار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله )
****************
وقال نصار بن سيار
( إني نشأت وحسادي ذوو عدد ... يا ذا المعارج لاتنقص لهم عددا )
( إن يحسدوني على ما بي لما بهم ... فمثل ما بي مما يجلب الحسدا )
****************
وقال آخر:-
وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ طويت أتاح لها لسان حسود(339/121)
لولا اشتعال النار في جزل العصا ما كان يُعرف طيب ريح العود
لولا التخوُّف للعواقب لم يزل للحاسد النُّعمى على المحسود
84)الوقت والفراغ :
وقال آخر:
اغتنم في الفراغ فضل ركوعٍ ... فعسى أن يكون موتك بغته
كم صحيحٍ رأيت من غير سقمٍ ... ذهبت نفسه العزيزة فلته
****************
وقال آخر:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع
****************
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
****************
وقال آخر:
نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوح
لست بالباق وإن عمّرت كنوح
****************
وقال آخر:
أتسمع الطير أطال الصياح وقد بدا في الافق نور الصباح
ما صاح إلا باكياً ليلةً ولّضت من العمرالسريع الرواح
****************
وقال آخر:
أذان المرء حين الطفل يأتي وتأخيرك الصلاة ألى الممات
دليلٌ على أن محياه يسيرٌ كما بين الأذان الى الصلاة
****************
وقال آخر:
إنَّ الفراغ والشبابَ والجِده ... مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسده
****************
وقال آخر:-
يا أيها الغافل جد في الرحيل ... وأنت في لهو وزاد قليل
لو كنت تدري ما تلاقي غدا ... لذبت من فيض البكاء والعويل
فاخلص التوبة تحظى بها ... فما بقي في العمر إلا القليل
ولا تنم إن كنت ذا غبطة ... فإن قدامك نوم طويل
85) رمضان وفراقه :-
فيا عين جودى بالدمع من أسف على فراق ليالى ذات أنوارِ
على ليالى لشهر الصوم ما جعلت إلا لتمحيص آثام وأوزارِ
ما كان أحسننا والشمل مجتمع منا المصلى و منا القانط القارى
فابكوا على ما مضى فى الشهر و اغتنموا ما قد بقى إخوانى من فضل أعمارى
86)اليوم الاخر:-
يقول الشاعر:-
مثل وقوفك يوم العرض عريانا مستوحشاً قلق الأحشاء حيراناَ
النار تلهب من غيظٍ ومن حنقٍ على العصاةِ ورب العرش غَضباناَ
اقرأ كتابك يا عبدُ على مَهَل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا
فلما قرأت ولم تنكر قراءته إقرار من عرف الأشياء عرفانا(339/122)
نادى الجليل خذوه يا ملائكتى وامضوا بعبدٍ عصا للنار عطشانا
المشركون غداً فى النار يلتهبوا والمؤمنون بدار الخلد سكانا
****************
وقال آخر:
مثل لنفسك أيها المغرور ... يومالقيامةوالسماءتمور
إذا كورت شمس النهار وأُدْنِيَت ... حتى على رأس العباد تسير
وإذا النجوم تساقطت وتناثرت ... وتبدلت بعد الضياء كدور
وإذا الجبال تقلعت بأصولها ... فرأيتها مثل السحاب تسير
وإذا العشار تعطلت وتخربت ... خلت الديار فما بها معمور
وإذاالوحوش لدىالقيامة أحشرت ... وتقول للأفلاك أين نسير
وإذا الجليل طوى السماء بيمينه ... طَىَّ السجل كتابه المنشور
وإذاالصحائف نشرت وتطايرت ... وتهتكت للعالمين ستور
وإذا الجنين بأمه متعلق يخشى ... القصاص وقلبه مذعور
هذا بلا ذنب يخاف جناية ... كيف المصر على الذنوب دهور
وإذا الجحيم تسعرت نيرانها ... ولها على أهل الذنوب زفير
وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت ... لفتى على طول البلاء صبور
****************
وقال آخر:
غداً توفى النفوس ما كسبت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
87)النار:-
أخاف وراء القر إن لم يعافني أشد من القبر التهابا واضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائدٌ عنيفٌ وسوَّاقٌ يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى الى النار مغلول القلادة أزرقا
يُساق الى نار الجحيم مسربلا سرابيل قطرانلباسا مُحرقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتهم يذوبون من حر الصديد تمزَّقا
****************
وقال آخر:
لو أبصرت عيناك أهل الشقا سِيقوا الى النار قد أُحرقوا
يصلونها حين عصوا ربهم وخالفوا الرسل وما صدَّقوا
تقول أُخراهم لأولاهم في لجج المُهل وقد أُغرقوا
قد كنتم حُذرتم حرَّها لكن من النيرلن لم يتفرقوا
وقيل للنيران أن أحرقي وقيل للخُزان أن أطبقوا
****************
وقال آخر:
إذا برزت ليوم العرض نار لها المناس الوقود مع الحجارة
يفر المرء حقا من أخيه ويُنكر في المعاد من استزاره(339/123)
فلا الخل الحميم يُغيث خلاً ولا الجار المجير يُجير جاره
إذا جاء الجليل لفصل حكمٍٍ ونُشرت الصحائف مستطارة
فيفتضح المسيء بقبح فعله ومن يك مُحسناً فله البشارة
****************
وقال آخر:
لو يعلم الخلق ما يراد بهم ... وأيما مورد غدا يردوا
ما استعذبوا لذة الحياة ولا ... طاب لهم عيشهم ولا رقدوا
خوفا من العرض والصراط على ... نار تلظي وحرها يقد
88)
****************
89)الخطبة والزواج:-
إذا تزوجت فكن حاذقاً وأسأل عن الغصن وعن منبته
****************
وقال آخر:-
وأول خبث المرء خُبث تُرابه وأول خبث القوم خبث المناكح
وقال آخر:-
صفات من يُستحبُّ الشرع خطبتها جَلَوتها لأولي الأباب مختصراً
صبيَّةٌ ذات دينٍ زانه أدبٌ بكرٌ ولو حكت في نفسها القمرا
غريبةٌ لم تكن من أهل خاطبها تلك الصفات التي أجلو لمن نظرا
90)المسارعة في الخيرات:-
إن لله عباداً فطنا ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا ... أنها ليست لِحَىٍّ وطناً
جعلوها لُجَّة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سُفْنا
****************
وقال آخر:-
الأمرُ جدُ وهو غيرُ مزاح.............. فأعمل لنفسك صالحا ياصاح
كيف البقاءُ مع اختلافِ طبائعٍ......... وكرورُ ليلٍ دائمٍ وصباح
تجري بنا الدنيا على خطرٍ كما.......... تجري عليه سفينةُ الملاح
تجري بنا في لجِ بحرٍ ماله................ من ساحلٍ أبدا ولا ضحضاح
****************
وقال آخر:-
يا ابن سبعين وعشر وثمان كاملات غرضاً للموت مشغولاً ببث القنوات
وَيْكَ لا تعلم ما تُلقى به بعد الممات من صغارٍ موبقات وكبارٍ مهلكات
يا بن من قد مات من آبائه والأمهات هل ترى من خالد من بين أهل الشهوات
إن من يبتاع بالدين خسيس الشهوات لغبي الرأي محفوف بطول الحسرات
****************
وقال آخر:-
فصاحة سحبانٍ وخط ابن مقلة وحكمة لقمانٍ وزهد ابن أدهمِ
إذا اجتمعت في المرء والمرء مفلس ونوديْ عليه لا يباع بدرهمِ
****************
وقال آخر:-(339/124)
ركضاً الى الله بغير زاد ٍ إلا التقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد وكل زادٍ عرضة للنفاد ِ
غير التقى والبر والرشاد
****************
وقال آخر:-
وسل من ربك التوفيق فيها ... ... وأخلص في السؤال إذا سألتا
وناد إذا سجدت له اعترافا ... ... بما نادا ذو النون ابن متى
ولازم بابه قرعا عساه ... ... سيفتح بابه لك إن قرعتا
وأكثر ذكره في الأرض دأبا ... ... لتُذكر في السماء إذا ذكرتا
ولا تقل الصبا فيه امتهال ... ونكر كم صغير قد دفنتا
****************
وقال آخر:-
يا ساهيا يا غافلاً عما يراد له ... حان الرحيل فما أعددت من زاد
تضن أنك تبقى سرمدا أبداً ... هيهات أنت غدا فيمن غدا غادي
مالي سوى أنني أرجو الإله لما ... أهمني فهو أرجو يوم ميعاد
****************
وقال آخر:-
إذا هبت رياحك فاغتنمها........ فإن لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها....... فلا تدري السكون متى يكون
وإن درت نياقك فاحتلبها..........فلا تدري الفصيل لم يكون
****************
وقال آخر:-
يا من يعد غداً لتوبته
أعلى يقين من بلوغ غد
المرء في زلل على أمل
ومنية الإنسان بالرصد
أيام عمرك كلها عدد
ولعل يومك آخر العدد
****************
وقال آخر:-
وكل امرىء يوما سيعرف سعيه ... إذا حصلت عند الإله الحصائل
****************
وقال آخر:-
أترجُ أن تكونَ وأنت شيخٌ ......كما قد كنتَ أيامَ الشبابِ
لقد خدعتك نفسُك ليسَ ثوبٌ.... دريس كالجديدِ من الثيابِ
****************
وقال آخر:-
يا غادياً في غفلة ورائحا
إلى متى تستحسن القبائحا
وكم إلى كم لا تخاف موقفا
يستنطق اللهُ به الجوارحا
يا عجباً منك وأنت مبصر
كيف تجنبت الطريقَ الواضحا
كيف تكون حين تقرأ في غد
صحيفة قد حوت الفضائحا
وكيف ترضى أن تكون خاسراً
يوم يفوز من يكون رابحا
****************
وقال آخر:-
لعمرك ما الأيام إلا معارة ... فما استطعت من معروفها فتزود
متى يبلغ البنيان يوما تمامه ... إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
****************(339/125)
وقال آخر:-
نخطو وما خطونا إلا إلى الأجل
وننقضي وكأن العمر لم يطل
والعيش يوذِننا بالموت أوله
ونحن نرغب في الأيام والدول
يأتي الحمام فينسى المرء منيته
ونستقر وقد أمسكن بالطول
****************
وقال آخر:-
أعماركم تمضى بسوف وربما *** لا تغنمون سوى عسى ولعلما
فاقضوا مشاربكم عجالى إنما *** أعماركم سِفْر من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تُسْترد فإنهن عوارِ
****************
وقال آخر:-
إذا هبت رياحك فاغتمنها *** فإن لكل خافقة سكونًا
ولا تغفل عن الإحسان فيها *** فلا تدرى السكون متى يكون
****************
وقال آخر:-
ستندم أن رحلت بغير زاد *** وتشقى إذ يناديك المنادي
فما لك ليس يعمل فيك وعظ *** ولا زجر كأنك من جمادي
فتب عما جنيت وأنت حي *** وكن متيقظا قبل الرقاد
أترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد وأنت بغير زاد
****************
وقال آخر:-
مضى امسك الماضي عليك معدلاً *** وأعقبه يوم عليك جديد
فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة *** فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد *** لعل غداً يأتي وأنت فقيد
****************
قم يا حبيبي قد دنا الموعد
وخذ من الليل وساعاته
حظاً إذا ما هجع الرقد
من نام حتى ينقضي ليله
لم يبلغ المنزل أو يجهد
قل لذوي الألباب أهل التقى
قنطرة الأرض لكم موعد
****************
وقال آخر:-
مضى أمسك الماضي شهيداً معدلا
واتبعه يوم عليك شهيد
فإن تك بالأمس اقترفت إساءة
فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد
لعل غداً يأتي وأنت فقيد
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت
حميمك فاعلم أنها ستعود
****************
وقال آخر:-
أيا من يَدَّعِ الفهم ... إلى كم يا أخى الوهم
تعب الذنب والذنب ... وتخطئ الخطأ الجم
أما بان لك العيب؟ ... أما أنذرك الشيب
وما فى نصحه ريب
أما أسمعك الصوت ... أما نادى بك الموت
أما تخشى من الفَوْت ... فتحتاط وتهتم
فكم تسير فى الهوى ... وتختال من الزهو(339/126)
كأنى بك تنحط ... إلى اللحد وتنغط
وقد أسلمك الرهط ... إلى أضيق من سم
هناك الجسم ممدود ... ليستأكله الدود
إلى أن ينخر العود ... فيمسى العظم قد رم
فزود نفسك الخير ... ودع ما يعقب الضير
وهيأ مركب السير ... وخاف من لجة اليم
بذا أوصيك يا صاح ... وقد بحتك من باح
فطوبى لفتى راح ... بقرآن الرب يهتم
وبآداب محمد يأتم
****************
وقال آخر:-
أهل القبور أحبتِي **** بعد الجذالة و السرور
بعد الغَضارة و النضارة **** و التنعّم و الحُبور
بعد الحِسان المؤنسات **** و بعد ربّات الخدور
أصبحتم تحت الثرى **** بين الصفائح و الصخور
****************
وللمتنبئ:
إلى كم ذا التواني في التواني؟
وكم هذا التمادي في التمادي؟
وما ماضي الشباب بمستردٍّ
ولا يومٌ يمر بمستعار
متى لحظتْ بياض الشيب عيني
فقد وجدته منها في السواد
متى ما ازددت من بعد التناهي
فقد وقع انتفاضي في ازدياد
****************
وقال عبد الله بن المعتز
( نسير إلى الآجال في كل ساعة ... فأيامنا تطوى وهن مراحل )
( ولم أر مثل الموت حتى كأنه ... إذا ما تخطته الأماني باطل )
وما أقبح التفريط في زمن الصبا ... فيكف به والشيب في الرأس شاعل )
( ترحل من الدنيا بزاد من التقى ... فعمرك أيام تعد قلائل
****************
وقال آخر:-
من كان يعلم أن الموت يدركه ... والقبر مسكنه والبعث يخرجه )
( وأنه بين جنات مزخرفة ... يوم القيامة أو نار ستنضجه )
( فكل شيء سوى التقوى به سمج ... ومن أقام عليه منه أسمجه )
( ترى الذي اتخذ الدنيا له وطنا ... لم يدر أن المنايا سوف تزعجه
****************
وقال آخر:-
فأحسن إن أوتيت جاهاً فإنه سحابة صيفٍ عن قليلٍ تنقشع ُ
وكن شافعاً ما كنت في الدهر قادرا وخير زمانِِ المرء ما فيه يشفع ُ
****************
وقال آخر:-
يا غافلاً عن ساعة مقرونة بنوادب وصوارخ وثواكل
قدِّم لنفسك قبل موتك صالحًا فالموت أسرع من نزول الهاطل
حتّام سمعُك لا يعي لمذكر وصميم قلبك لا يلين لعاذل(339/127)
تبغي من الدنيا الكثيرَ وإنما يكفيك من دنياك زاد الراحل
آي الكتاب تهزُّ سمعك دائمًا وتصم عنها معرضًا كالغافل
كم للإله عليك من نعم ترى ومواهب وفوائد وفواضل
كم قد أنالك من موانح طوله فاسأله عفوًا فهو غوث السائل
***************
وقال آخر:-
يا متعب الجسم كم تشقى لراحته ... أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها ... فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
يا عامراً لخراب الدار مجتهداً ... بالله هل لخراب الدار عمران
****************
وللشريف الرضي:
تفوز بنا المنون وتستبد
ويأخذنا الزمان ولا يَرُد
وانظر ماضياً في أثر ماضٍ
لقد أيقنتُ أن الأمر جد
رويداً بالفرار من المنايا
فليس يفوتها الساري المُجِدُّ
فأين ملوكنا الماضون قِدماً
أعدوا للنوائب واستعدوا
أعارهم الزمانُ نعيم عيش
فيا سرعان ما استلبوا وردوا
هم فرطٌ لنا في كل يوم
نمدهمُ وإن لم يستمدو
****************
وقال آخر:-
فيا ساهياً في غمرة الجهل والهوى صريع الأماني عن قليل ستندم
أَفِقْ قد دنا الموت الذي ليس بعده سوى جنة أو حر نار تَضَّرم
وتشهد أعضاء المسيء بما جنى كذاك على فِيهِ المهيمن يختم
فحيَّ على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيَّم
وحيَّ على روضاتها وخيامها وحيَّ على عيشٍ بها ليس يُسْأَم
91)التقوى:-
يقول الشاعر:-
لا تقل أصلي وفصلي يا فتى إنما أصل الفتى ما قد حصل
ليس من يقطع طرقاً بطلاً إنما من يتقي الله البطل
****************
وقال ابن المعتمر:
خلّ الذنوبَ صغيرها وكبيرها فهو التُّقى
واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرنّ صغيرة إن الجبال من الحصى
****************
وقال آخر:-
من يتق الله يحمد في عواقبه
ويكفه شر منعزواو من هانوا
من استجار بغير الله في فزع
فإن ناصره عجز وخذلان
فالزم يديك بحبل الله معتصما
فإنه الركن إن خانتك أركان .
****************
وقال آخر:
من عامل الله بتقواه ... وكان في الخلوات يخشاه(339/128)
سقاه كأس من لذيذ المنى ... يغنيه عن لذة دنياه
****************
وقال آخر:-
عليك بتقوى الله في كل أمره تجد غُبَّه يوم الحساب المطوَّلِ
ألا إن تقوى الله خير مغبةٍ وأفضل زاد الطاعن المترحَّلِ
****************
وقال آخر:-
تزود من التقوى فإنك راحل وسارع الى الخيرات فيمن يسارعُ
فما المال والاهلون إلا ودائع ولا بد يوماً أن تُرد الودائع
****************
وقال آخر:-
ولست أرى السعادة جمع مال ٍ ولكن التقي هو السعيد ُ
وتقوى الله خير الزاد ذخراً وعند الله للأتقى مزيد
****************
وقال آخر:-
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى
ولاقيت يوم الحشر من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله
وأنك لم تُرصد كما كان أرصدا
****************
وقال آخر:-
تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليلٌ هل تعيش الى الفجرِ
فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري
وكم من عروسٍ زينوها لزوجها وقد قُبضت أرواحهم ليلة القدر
ِوكم من صحيحٍ مات من غير علَّةٍ وكم من سقيمٍ عاش حيناً من الدهر
****************
وقال آخر:-
تجهز إلى الأجداث ويحك والرمس
جهازاً من التقوى لا طول ما حبس
فإنك ما تدري إذا كنت مصبحاً
بأحسن ما ترجو لعلك لا تمسي
سأتعب نفسي أو أصادف راحة
فإن هوان النفس أكرم للنفس
وازهد في الدنيا فإن مقيمها
كظاعنها ما أشبه اليوم بالأمس
****************
وقال آخر:-
ألا إن تقوى الله خير مغبة ... وأفضل زاد الطاعن المترحل
92)الايمان :-
الايمان إذا ضاع فلا أمان ُ ولا دنيا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين ٍ فقد جعل الفناء لها قرينا
****************
وقال آخر:-
إذا المرء لم يلبس ثياباً من التُّقى تقلَّب عُرياناً ولو كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان لله عاصيا
****************
وقال آخر:-
تَمَتَّعْ مِنْ الايَّامِ إنْ كُنْت حَازِمًا فَإِنَّك مِنْهَا بَيْنَ نَاهٍ وَآمِرِ(339/129)
إذَا أَبْقَتْ الدُّنْيَا عَلَى الْمَرْءِ دِينَهُ فَمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِضَائِر
ِ فَلَنْ تَعْدِلَ الدُّنْيَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَلاَ وَزْنَ ذَرٍّ مِنْ جَنَاحٍ لِطَائِر
ِ فَمَا رَضِيَ الدُّنْيَا ثَوَابًا لِمُؤْمِنٍ وَلاَ رَضِيَ الدُّنْيَا جَزَاءً لِكَافِرِ
وقال آخر:-
الفضل عند الله ليس بصورة الـ أعمال بل بحقائق الإيمان
القصد وجه الله بالـ أقوال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العبد من حسراته ويصير حقاً عابد الرحمن
****************
93)المحاسبة:-
يقول الشاعر:-
حاسبت نفسي لم أجد لي
صالحاً إلا رجاءي رحمة الرحمن
ووزنت أعمالي فلم أجد
في الأمر إلا خفة الميزان
****************
وها هو عبدا لله بن رواحه لما قتل جعفر بن أبي طالب في معركة مؤته قام بن رواحه وأخذ القيادة ولم يكن قد ذاق طعاماً قبل ذلك ثم تقدم وقاتل فأصيبت إصبعية فارتجز وجعل يقول
هل أنت إلا إصبع دميت
وفي سبيل الله ما لاقيت
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت
إن تفعلي فعلهما هديت
وإن تأخرت فقد شقيت
ثم قال يا نفس إلى أي شيء تتشوقين إلى فلانة فهي طالقة ثلاثة إلى فلان وفلان العبيد هم أحرار لوجه الله إلى البيت الفلاني هو لله ولرسوله
يا نفس مالك تكرهين الجنة أقسم بالله لتنزلنه
طائعة أو لتكرهنه فطالما قد كنت مطمئنة
هل أنت إلا نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنه
****************
وقال آخر:-
انا العبد الذي كسب الذنوبا وصدته المنايا ان يتوبا
انا العبد الذي اضحى حزينا على زلاته قلقا كئيبا
انا المضطر ارجو منك عفوا ومن يرجو رضاك لن يخيبا
فيأسفى على عمر تقضى ولم أ كسب به الذنوب
ويا حزناه من حشري ونشري بيوم يجعل الولدان شيبا
فيامن مد في كسب الخطايا خطاه أما ان الاوان ان تتوبا
****************
94)الظلم :-
يقول الشاعر:-
إذا جار الوزير وكاتباه وقاضي الأرض أجحف في القضاءِ(339/130)
فويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماءِ
****************
وقال أبو العتاهية:
ستعلم يا نؤم إذا التقينا ... غدا عند الإله من الظلوم
أماوالله إنَّ الظُّلم شؤمٌ ... وما زال المسيء هو الظَّلوم
إلى دياَّن يوم الدّين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا ... غداً عند الإله من الملوم
ويقول الشافعي:-
بلوت بني الدنيا فلم أر فيهم ... سوى من غدا والبخل ملء إهابه
فجردت من غمد القناعة صارما ... قطعت رجائي منهم بذبابه
فلا ذا يراني واقفا في طريقه ... ولا ذا يراني قاعدا عند بابه
غني بلا مال عن الناس كلهم ... وليس الغني إلا عن الشيء لا به
إذا ما الظالم استحسن الظلم مذهبا ... ولج عتوا في قبيح اكتسابه
فكِلهإلى صرف الليالي فإنها ... ستدعي له ما لم يكن في حسابه
فكم رأينا ظالما متمردا ... يرى النجم تحت ظل ركابه
فعما قليل وهو في غفلاته ... أناخت صروف الحادثات ببابه
فأصبح لا مال ولا جاه يرتجى ... ولا حسنات تلتقى في كتابه
وجوزي بالأمر الذي كان فاعلا ... وصب عليه الله سوط عذابه
****************
وقال آخر:-
فلا تأمنن الدهر حرا ظلمته ... فما ليل حر إن ظلمت بنائم )
****************
وقال آخر:-
لا تظلمن إذا كنت مقتدرا ... فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين الله لم تنم
****************
وقال آخر:-
( حتى متى لا نرى عدلا نسر به ... ولا نرى لولاة الحق أعوانا )
( مستمسكين بحق قائمين به ... إذا تلون أهل الجور ألوانا )
( يا للرجال لداء لا دواء له ... وقائد ذي عمى يقتاد عميانا )
****************
وقال محمود الوراق:
إني وَهَبْتُ لظالمي ظُلْمي ... وشكرْتُ ذَاكَ له على عِلْمِي
ورأيته أسْدَى إليَ يداً ... لَمَّا أبان بجَهْلِهِ حِلْمِي
رَجَعَتْ إساءتُهُ عليه، وَلِي ... فَضْل فعادَ مُضاعَفَ الْجُرْم
فكأنما الإحْسَانُ كان لهُ ... وأنا المسيءُ إليه في الزعْمِ
ما زال يَظْلِمُني وأرحمهُ ... حتى رَثَيْتُ له من الظلم(339/131)
95)فاطمة رضي الله عنها:-
هي بنت مَنْ هي أم مَنْ من ذا يساوي في الأنام علاها
أما أبوها فهو أشرف مرسلٍ جبريل بالتوحيد قد ربّاها
وعليُّ زوجٌ لا تسلْ عنه سوى سيفٌ غدا بيمينه تيَّاها
فلو كان النساء كمن ذكرنا *** لفَضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب *** وما التذكير فخر للهلال
96)الكبر:
يامظهر الكبر إعجاباً بصورته ... أبصر خلاءك إنّ المين تثريب
لو فكر النّاس فيما في بطونهم ... ما استشعر الكبر شبّانٌ ولا شيب
****************
وقال أبو العتاهية :
ما بال من أوّله نطفةٌ ... وجيفة آخره يفخر
أصبح لا يملك تقديم ما ... يرجو ولا تأخير ما يحذر
وأصبح الأمر إلى غيره ... في كل ما يقضى وما يقدر
****************
وقال آخر:-
قل لمن فاخر بالدنيا وحامى
قتلت قبلك ساماً ثم حاما
ندفن الخِلَّ وما في دفننا
بعده شك ولكن نتعامى
إن قدامك يوماً لو به
هددت شمس الضحى عادت ظلاما
فانتبه من رقدة اللهو وقم
وانف عن عين تماديك المناما
صاح صح بالقبر يخبرك بما
قد حوى واقرأ على القوم السلاما
فالعظيم القدر لو شاهدته
لم تجد في قبره إلا العظاما
****************
و لقد أحسن أبو العتاهية حيث يقول :
ياعجباً للناس لو فكروا و حاسبوا أنفسهم أبصروا
و عبروا الدنيا إلى غيرها فإنما الدنيا لهم معبر
لا فخر إلا فخر أهل التقى غداً إذا ضمهم المحشر
ليعلمن الناس أن التقي و البر كانا خير ما يدخر
عجبت للإنسان في فخره و هو غداً في قبره يقبر
ما بال من أوله نطفة و جيفة آخره يفجر
أصبح لا يملك تقديم ما يرجو و لا تأخير ما يحذر
و أصبح الأمر إلى غيره في كل ما يقضي و ما يقدر
97)المشورة :-
إذا الأمر أشكل إنفاذه ... ولم تر منه سبيلا فسيحا
فشاور بأمرك في سترةٍ ... أخاك اللبيب المحبّ النّصيحا
فربّتما فرّج النّاصحون ... وأبدوا من الرّأى رأياً صحيحا
ولا يلبث المستشير الرّجال ... إذا هو شاور أن يستريحا
****************
وقال آخر:-(339/132)
أطع الحليم إذا الحليم عصاكا ... إن الحليم إذا عصاك هداكا ..
. وإذا أستشارك من تود فقل له ... أطع الحليم إذا الحليم نهاكا ..
. ولئن أبيت لتأتين خلافه ... أربا يحوطك أو يكون هلاكا ..
. وأعلم بأنك لن تسود ولن ترى ... سبل الرشاد إذا أطعت هواكا
****************
وقال آخر:-
الهم مالم تمضه لسبيله ... سقم القلوب وآفة الأبدان ..
. ومعول الرجل الموفق رأيه ... عند اعتراض طوارق الأحزان ..
وإذا الحوادث سددت أسبابه ... كان التبصر أنجد الأعوان ...
وإذا أضل سبيله تدبيره ... طلب الهدى بتشاور الإخوان
****************
وقال آخر :
إنَّ الَّلبِيب إذا تفرّق أمره ... فتق الأمور مناظراً ومشاور
أخو الجهالة يستبدّ برأيه ... فتراه يعتسف الأمور مخاطرا
98)كتمان السر:-
قال الشافعي:-
إذا المرء أفشى سره بلسانه ... ولام به غيره فهو أحمق )
إذا ضاق صدر المرء عن سرّ نفسه ... فعدر الّذى يستودع السّرّ أضيق
****************
وأنشد الأصمعى قال :أنشدنى أعرابي :
لا أكتم الأسرار لكن أبثّها ... ولا أدع الأسرار تقتلنى غمّا
وإنّ سخيف الرّأى من بات ليله ... حريباً بكتمان كأنّ به حمّى
وفي بثّك الأسرار للقلب راحةٌ ... وتكشف بالإنشاء عن قلبك الهمّا
****************
وقال آخر:-
إذا ما ضاق صدرك عن حديثٍ ... فأفشته الرّجال فمن تلوم
إذا عاتبت من أفشى حديثى ... وسرّى عنده فأنا الظّلوم
****************
وقال آخر:-
إذا أنت لم تحفظ لنفسك سرّها ... فسرّك عند النّاس أفشى وأضيع
****************
وقال آخر:-
ضع السِّرَّ في صمَّاء ليست بصخرةٍ ... صلودٍ كما عاينت من سائر الصَّخر
ولكنَّها قلب امرئٍ حفيظةٍ ... يرى ضيعة الأسرار شراً من الشَّرِّ
يموت وما ماتت كرائم فعله ... فيبلى وما يبلى ثناه على الدَّهر
****************
وقال كعب بن سعد الغنوي
( ولست بمبد للرجال سريرتي ... ولا أنا عن أسرارهم بسئول
وقال أبو مسلم صاحب الدولة
((339/133)
أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذ جهدوا )
( ما زلت أسعى عليم في ديارهم ... والقوم في غفلة بالشام قد رقدوا )
( حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا ... من نومه لم ينمها قبلهم أحد )
( ومن رعا غنما في أرض مسبعة ... ونام عنها تولى رعيها الاسد )
****************
وقال آخر:
ومستودعى سرا تبوأت كتمه فأودعته صدري فصار له قبرا
****************
شمس الدين البدوي وقال
( إني كتمت حديث ليلى لم أبح ... يوما بظاهره ولا بخفيه )
( وحفظت عهد ودادها متمسكا ... في حبها برشاده أو غيه )
ولها سرائر في الضمير طويتها ... نسي الضمير بأنها في طيه )
****************
وما السر في صدري كثاو بقبره لأني أرى المقبور ينتظر النشرا
ولكنني أنساه حتى كأنني بما كان منه لم أحط ساعة خبرا
ولو جاز كتم السر بيني وبينه عن السر و الأحشاء لم تعلم السرا
****************
وقال آخر:-
إذا ما المرء أخطأه ثلاث ... فبعه ولو بكف من رماد .
.. سلامة صدره والصدق منه ... وكتمان السرائر في الفؤاد
****************
قال آخر:-
( ومستودعي سرا كتمت مكانه ... عن الحس خوفا أن ينم به الحس )
( وخففت عنه من هوى النفس شهوة ... فأودعته من حيث لا يبلغ الحس
****************
وقال جعفر بن عثمان
( يا ذا الذي أودعني سره ... لا ترج أن تسمعه مني )
( لم أجره قط علي فكرتي ... كأنه لم يجر في أذني
****************
وقال آخر:-
لا يكتم السر إلا من له شرف ... والسر عند كرام الناس مكتوم ..
. السر عندي في بيت له غلق ... ضلت مفاتيحه والباب مختوم
****************
ولله در المتنبي حيث قال
( وللسر مني موضع لا يناله ... نديم ولا يفضي إليه شراب )
99)الشجاعة :-
يقول قطرى بن الفجاءة التميمى الخارجي :
أقول لها وقد طارت شعاعاً ... من الأبطال ويحك لن تراعى
فإنك لو سألت بقاء يوم ... على الأجل الذي لك لم تطاعي
فصبراً في مجال الموت صبراً ... فما نيل الخلود بمستطاع(339/134)
ولا ثوب البقاء بثوب عزّ ... فيطوي عن أخي الخنع اليراع
سبيل الموت غاية كلّ حيّ ... وداعيه لأهل الأرض داعي
ومن لم يعتبط يهرم ويسقم ... وتسلمه المنون إلى انقطاع
****************
وقال أعشى همدان :
أبلغ يزيد بنى شيبان مالكه ... أنّ الكتائب لا يهزمن بالكتب
إنّ الوعيد بظهر الغيب معجزةٌ ... فإن أردت قتال القوم فاقترب
****************
السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حدّه الحدّ بين الجدّ واللّعب
وقال أبو الطيب المتنبي:
وإذا ما خَلاَ الْجَبانُ بأَرْضٍ ... طَلَبَ الطعْنَ وَحْدَه والنّزالاَ
100)الوفاء:-
يقول الشاعر:-
إذا قلت في شئٍ نعم فأتمّه ... فإنّ نعم دين على الحرّ واجب
وإلا فقل لا واسترح وأرح بها ... لئلا يقول النّاس إنّك كاذب
وقال آخر :
إنّ الكريم إذا حباك بموعدٍ ... أطاكه سلساً بغير مطال
وقال آخر
( لا كلف الله نفسا فوق طاقتها ... ولا تجود يد إلا بما تجد )
( فلا تعد عدة إلا وفيت بها ... واحذر خلاف مقال للذي تعد )
****************
وقال صالح اللخمي
( لئن جمع الآفات فالبخل شرها ... وشر من البخل المواعيد والمطل )
( ولا خير في وعد إذا كان كاذبا ... ولا خير في قول إذا لم يكن فعل )
****************
وقال الشاعر
( تعجيل وعد المرء أكرومة ... تنشر عنه أطيب الذكر )
( والحر لا يمطل معروفه ... ولا يليق المطل بالحر )
****************
وقال آخر
( ولقد وعدت وأنت أكرم واعد ... لا خير في وعد بغير تمام )
( أنعم علي بما وعدت تكرما ... فالمطل يذهب بهجة الإنعام )
****************
وقال آخر
( وميعاد الكريم عليه دين ... فلا تزد الكريم على السلام )
( يذكره سلامك ما عليه ... ويغنيك السلام عن الكلام )
****************
وقال آخر
( شكاك لساني ثم أمسكت نصفه ... فنصف لساني بامتداحك ينطق )
( فان لم تنجر ما وعدت تركتني ... وباقي لساني بالمذمة مطلق )
101)الرضا :-
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء(339/135)
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا وشيمتك السماحة والوفاء
****************
وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ ... طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النَّار فما جاورت ... ما كان يعرف فضل عرف العود
****************
وقال آخر:-
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصَّدق ما يعتاده من توهُّم
وقال أبو الأسود وأجاد
( وإن امرء قد جرب الدهر لم يخف ... تقلب عصريه لغير لبيب )
( وما الدهر والأيام إلا كما ترى ... رزية مال أو فراق حبيب
****************
وقال آخر:-
يا صاحب الهم إن الهم منفرجٌ أبشر بخير ٍ فإن الفارج الله
( اليأس يقطع أحيانا بصاحبه ... لا تيأسن فإن الصانع الله )
الله يُحدث بعد العسر ميسرةً لا تجزعنَّ فإن المانع الله
إذا ابتليت فثق بالله وارض به ... إن الذي يكشف البلوى هو الله )
( إذا قضى الله فاستسلم لقدرته ... فما ترى حيلة فيما قضى الله )
والله مالك غير الله من أحدٍ فحسبك الله في كلٍ لك الله
****************
وقال آخر:-
سبحان من قسم الحظوظ
فلا اعتراض ولا ملامة .
أعمى وأعشى وبصير
ورزقاء اليمامة
****************
يارب
ما مسني قدرٌ بكرهٍ أو رضا إلا اهتديت به اليك طريقا
أمضى القضاء على الرضا منّي به إني عرفتك في البلاء رفيقا
****************
وقال آخر:-
جُبلت على كدرٍ وانت تُريدها صفواً من الالام والاكدارِ
ومكلّف الايام ضد طباعها مُتطلبٌ في الماء جذوة نار ِ
****************
وقال آخر:-
كُن عن همومك مُعرضا وكِل الامور الى القضا
وانعم بطول سلامة تُسليك عمّا قد مضا
فلربما اتسع المضيق وربما ضاق الفضا
ولرب أمر مسخط لك في عواقبه رضا
الله يفعل ما يشاء فلا تكن مُتعرضا
****************
وقال آخر:-
قد جرت الأقلام في ذي الورى بالختم من أمر الحكيم العليم
فمن سعيد و شقي و من مثر من المال و عار عديم
و من عزيز رأسه في السها و من ذليل وجهه في التخوم(339/136)
و من صحيح شيدت أركانه و آخر واهي المباني سقيم
كل على منهاجه سالك ذلك تقدير العزيز العليم
****************
وقال آخر:-
رضيت بما قسمَ الله لي ... وفوّضتُ أمري إلى خالقي
كما أحسن الله فيما مضى ... كذلك يُحسن فيما بَقِي
102)الجاروالجيران:-
ولقد كان العرب يتمدحون بكف الأذى عن الجار، قال هُدْبَةُ بنُ الخَشْرم:
ولا نَخْذِلُ المولى ولا نرفع العصا *** عليه ولا نزجي إلى الجار عقربا
****************
وقال لبيد:
وإن هوانَ الجارِ للجار مؤلمٌ *** وفاقرةٌ تأوي إليها الفواقر
***************
وقال عنترة:
وإني لأحمي الجارَ من كل ذلّة *** وأفرحُ بالضيف المقيم وأَبْهَجُ
****************
وقالت الخنساءُ تمدح أخاها بحمايته جارَه:
وجارُكَ مَحْفُوظٌ منيعٌ بنجوة *** من الضيم لا يُؤذى ولا يتذللُ
103)عمر بن الخطاب:
في إسلامه يقول حافظ ابراهيم:
رأيت في الدين آراء موفقة **** فأنزل الله قرآنا يزكيها
و كنت أول من قرت بصحبته **** عين الحنيفة و اجتازت أمانيها
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها **** بنعمة الله حصنا من أعاديها
خرجت تبغي أذاها في محمدها **** و للحنيفة جبار يواليها
فلم تكد تسمع الايات بالغة **** حتى انكفأت تناوي من يناويها
سمعت سورة طه من مرتلها **** فزلزلت نية قد كنت تنويها
و قلت فيها مقالا لا يطاوله **** قول المحب الذي قد بات يطريها
و يوم أسلمت عز الحق و ارتفعت **** عن كاهل الدين أثقالا يعانيها
و صاح فيها بلال صيحة خشعت **** لها القلوب ولبت أمر باريها
فأنت في زمن المختار منجدها **** و أنت في زمن الصديق منجيها
كم استراك رسول الله مغتبطا **** بحكمة لك عند الرأي يلفيها
****************
وقال في عمر أيضاً عندما جاءه رسول كسرى:
و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا**** بين الرعية عطلا و هو راعيها
و عهده بملوك الفرس أن لها **** سورا من الجند و الأحراس يحميها
رآه مستغرقا في نومه فرأى **** فيه الجلالة في أسمى معانيها(339/137)
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا **** ببردة كاد طول العهد يبليها
فهان في عينه ما كان يكبره **** من الأكاسر والدنيا بأيديها
و قال قولة حق أصبحت مثلا **** و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهم **** فنمت نوم قرير العين هانيها
****************
عمر الزاهد
يا من صدفت عن الدنيا و زينتها **** فلم يغرك من دنياك مغريها
ماذا رأيت بباب الشام حين رأوا **** أن يلبسوك من الأثواب زاهيها
و يركبوك على البرذون تقدمه **** خيل مطهمة تحلو مرائيها
مشى فهملج مختالا براكبه **** و في البراذين ما تزها بعاليها
فصحت يا قوم كاد الزهو يقتلني **** و داخلتني حال لست أدريها
و كاد يصبو إلى دنياكم عمر **** و يرتضي بيع باقيه بفانيها
ردوا ركابي فلا أبغي به بدلا **** ردوا ثيابي فحسبي اليوم باليها
****************
مثال من تقشفه و ورعه )
إن جاع في شدة قومٌ شركتهم **** في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها
جوع الخليفة و الدنيا بقبضته **** في الزهد منزلة سبحان موليها
فمن يباري أبا حفص و سيرته **** أو من يحاول للفاروق تشبيها
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها **** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
لا تمتطي شهوات النفس جامحة **** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها
و هل يفي بيت مال المسلمين بما **** توحي إليك إذا طاوعت موحيها
قالت لك الله إني لست أرزؤه **** مالا لحاجة نفس كنت أبغيها
لكن أجنب شيأ من وظيفتنا **** في كل يوم على حال أسويها
حتى إذا ما ملكنا ما يكافئها **** شريتها ثم إني لا أثنيها
قال اذهبي و اعلمي إن كنت جاهلة **** أن القناعة تغني نفس كاسيها
و أقبلت بعد خمس و هي حاملة **** دريهمات لتقضي من تشهيها
فقال نبهت مني غافلا فدعي **** هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها
ويلي على عمر يرضى بموفية **** على الكفاف و ينهى مستزيدها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به **** أولى فقومي لبيت المال رديها(339/138)
كذاك أخلاقه كانت و ما عهدت **** بعد النبوة أخلاق تحاكيها
****************
104)عائشة ابنة الصديق أم المؤمنين:-
يقول أبي عمران موسى بن محمد بن عبدالله الواعظ الأندلسي – رحمه الله - :
ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي *** هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِه *** ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ *** فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ *** بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّه *** فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي *** فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ *** اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي *** فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ *** وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ(1)
وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي *** وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
واللهُ خَفَّرَنِي(2) وعَظَّمَ حُرْمَتِي *** وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي *** بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي *** إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي(3)
إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ *** ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي
واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ رُسْلِهِ *** وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ *** مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْتَ ثِيابِهِ *** فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني(339/139)
مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي *** ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ *** وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي *** حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ *** وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ
****************
105)الوحدة
يقول الشاعر:-
حرموا هداية دينهم وعقولهم ... ... هذا وربك غاية الخسران
تركوا هداية ربهم، فإذا بهم ... ... غرقى من الآراء في طوفان
وتفرقوا شيعاً بها نهجهم ... ... من أجلها صاروا إلى شنآن
****************
ورحم الله ابن المبارك حيث قال:
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا ... ... منه بعروته الوثقى لمن دانا
****************
وقال آخر:-
وفي كثرة الأيدي عن الظلم زاجر ... إذا حضرت أيدي الرجال بمشهد
****************
وآخر يوصي أبناءه عند وفاته بقوله:
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى ... ... خطب ولا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ... ... وإذا افترقن تكسرت آحادا
****************
وقال آخر:
ألم تر أن جمع القوم يخشى ... ... وأن حريم واحدهم مباح
****************
وقال آخر:-
كل يرى رأيا وينصر قوله ... وله يعادي سائر الإخوان
ولو أنهم عند التنازع وفقوا ... لتحاكموا لله دون توان
ولأصبحوا بعد الخصام أحبة ... غيظ العدا ومذلة الشيطان
****************
وقال آخر:-
حبذا العيش حين قومي جميعا ... لم تفرق أمورها الأهواء
106)العيد
يقول الشاعرعبد المعطي الدالاتي:-
يعودُ العيدُ ياأحبابْ *** سعيداً يقرعُ الأبوابْ
يُحَيّينا .. ويُحْيينا *** ويدعونا إلى المحرابْ
يعودُ الحبُّ للقلبِ *** وهل أحلى من الحبِّ؟!
فنَهنا بالجنَا العذبِ *** وندعو الله َ: يا توابْ
***(339/140)
نرى الفقراءَ قد ناموا *** وفي الأكبادِ آلام ُ
وقبلَ الصوم قد صاموا *** وأنتَ الرازق الوهّابْ
فكبِّر يا أخا الإسلامْ *** فهذا أسعدُ الأيامْ
وهيّا نمسح الآلامْ ***ونسقي الخير َبالأكوابْ
***************
دموعُ القدس خلف النارْ *** تنادي موكب الأحرارْ
فكبّرْ .. دمِّر الأسوارْ *** فربُّك هازمُ الأحزابْ
****************
أيا عيدُ متى النصرُ؟ *** متى حطينُ أو بدرُ؟
تُرى هل يشرقُ الفجرُ ؟ *** ونفرحُ فرحةَ الأصحابْ
****************
وفي ختام رمضان واستقبال عيد الفطر:
من ذلك قول ابن الرومي:
ولما انقضى شهر الصيام بفضله *** تجلَّى هلالُ العيدِ من جانبِ الغربِ
كحاجبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه * يشيرُ لنا بالرمز للأكْلِ والشُّرْبِ
****************
وقول ابن المعتز:
أهلاً بفِطْرٍ قد أضاء هلالُه **** فالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّرِ
وانظرْ إليه كزورقٍ من فِضَّةٍ *** قد أثقلتْهُ حمولةٌ من عَنْبَرِ
****************
ويستغل الشاعر محمد الأسمر فرصة العيد ليذكر بالخير و الحث على الصدقة فيه تخفيفًا من معاناة الفقراء والمعوزين في يوم العيد؛ فيقول:
هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به *** وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر تزرعه *** وعند ربي يخبي المرء ما زرعا
فتعهدوا الناس فيه:من أضر به ** ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهم *** دعا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم *** بدراً رآه ظلام الليل فانقشعا
****************
وهذا الشاعر الجمبلاطي يستبشر خيراً بقدوم العيد، ويأمل أن يكون فرصة لمساعدة الفقراء والمكروبين حين يقول:
طاف البشير بنا مذ أقبل العيد *** فالبشر مرتقب والبذل محمود
يا عيد كل فقير هز راحته *** شوقاً وكل غني هزه الجود
****************
وللشاعر يحيى حسن توفيق قصيدة بعنوان «ليلة العيد» يستبشر في مطلعها بقوله:(339/141)
بشائر العيد تترا غنية الصور *** وطابع البشر يكسو أوجه البشر
وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً *** في عين وامقة أو قلب منتظر
****************
ويستمر في وصفه حتى يختمها بقوله:
ياليلة العيد كم في العيد من عبر *** لمن أراد رشاد العقل والبشر
****************
والعيد ما هو إلا تعبير عن السعادة التي تغمر الصائمين بنعمة الله التي أنعمها عليهم باكتمال صيام الشهر الفضيل يقول محمد بن سعد المشعان:
والعيد أقبل مزهوًا بطلعته *** كأنه فارس في حلة رفلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم *** كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا
فليهنأ الصائم المنهي تعبده *** بمقدم العيد إن الصوم قد كملا
****************
وما قيل في ذلك دالية المتنبي في وصف حاله بمصر والتي يقول في مطلعها:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ جِئْتَ يا عيدُ *** بما مضى أم بأمْرٍ فيكَ تجديدُ
أمّا الأحِبة فالبيداءُ دونَهم *** فليت دونك بيداً دونهم بيدُ
****************
وشكوى المعتمدُ بن عباد بعد زوال ملكه، وحبسه في (أغمات) بخافية على أي متصفح لكتب الأدب العربي؛ حين قال وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** وكان عيدك باللّذات معمورا
وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ *** فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً *** في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا
معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ *** يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه *** ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا
وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَجٌ *** فعاد فطرك للأكباد تفطيرا
****************
ويبث الشاعر العراقي السيد مصطفى جمال الدين شكوى أيام صباه الأولي في قصيدة رائعة قال فيها:
العيدُ أقبلَ تُسْعِدُ الأطفالَ ما حملتْ يداه
لُعَباً وأثواباً وأنغاماً تَضِجُّ بها الشِّفاه
وفتاكَ يبحثُ بينَ أسرابِ الطفولةِ عن (نِداه)
فيعودُ في أهدابه دَمْعٌ ، وفي شفتيه (آه)(339/142)
****************
ويقول في قصيدة أخرى:
هذا هو العيدُ ، أينَ الأهلُ والفرحُ
ضاقتْ بهِ النَّفْسُ ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ؟!
وأينَ أحبابُنا ضاعتْ ملامحُهم
مَنْ في البلاد بقي منهم ، ومن نزحوا؟!
****************
وفي قصيدة ثالثة يقول:
يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ *** تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبا
يا عيدُ عُدنْا أعِدْنا للذي فرِحَتْ *** به الصغيراتُ من أحلامنا فخبا
مَنْ غيّبَ الضحكةَ البيضاءَ من غَدِنا *** مَنْ فَرَّ بالفرحِ السهرانِ مَنْ هَربَا
لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ *** لنا يداهُ وما أعطى وما وَهَبا
من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها *** فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبا
يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَذَتْ *** منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا
وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُم *** يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا
هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمسِ تملؤُهُ *** بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟..قد ذَهَبا
****************
أما الأهل في خارج السجن فلم يكن حالهم بأفضل من حال من بداخله حيث يصف الطاهر إبراهيم ذلك حين يقول:
يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجون
لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشرون
بجديد أحذية وأثواب لهم يتبخترون
ولذيذ حلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفون
وهناك خلف الباب أطفال لنا يتساءلون
أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنون؟
إنا توضأنا -كعادتنا - وعند الباب (أمي) واقفون
زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألم الدفين
ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيون
العيد ليس لكم أحبائي فوالدكم سجين
***************
ولقد وصف الشعراء مآسي الأمة وأحزانها خصوصًا كلما عاد العيد ومن ذلك قول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري:
يقولونَ لي: عيدٌ سعيدٌ، وإنَّهُ *** ليومُ حسابٍ لو نحسُّ ونشعرُ
أعيدٌ سعيدٌ !! يالها من سعادةٍ *** وأوطانُنا فيها الشقاءُ يزمجرُ
وقوله:(339/143)
يمرُّ علينا العيدُ مُرَّا مضرَّجاً *** بأكبادنا والقدسُ في الأسْرِ تصرخُ
عسى أنْ يعودَ العيدُ باللهِ عزّةً *** ونَصْراً، ويُمْحى العارُ عنّا ويُنْسَخُ
****************
وشكوى الشاعر عمر أبو الريشة :
يا عيدُ ما افْتَرَّ ثغْرُ المجدِ يا عيد *** فكيف تلقاكَ بالبِشْرِ الزغاريدُ؟
يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ *** لها على الرَّفْرَفِ العُلْوِيِّ تَعْييدُ؟
سينجلي لَيْلُنا عن فَجْرِ مُعْتَرَكٍ *** ونحنُ في فمه المشْبوبِ تَغْريدُ
****************
أما الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي فيقول في قصيدته (عندما يحزن العيد) راثيًا حال الأمة الإسلامية بما يشاهده من معاناتها:
أقبلت يا عيد والأحزان نائمة *** على فراشي وطرف الشوق سهران
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي *** قلوبنا من صنوف الهمِّ ألوان؟
من أين نفرح والأحداث عاصفة *** وللدُّمى مقل ترنو وآذان؟
****************
ثم ينتقل إلى الجرح الذي لم يندمل، والذي يؤرق الأمة الإسلامية ألا وهو جراحات مقدساتها العظيمة التي سلبها عدوّها لما نام عنها راعيها من المسلمين فقال:
من أين والمسجد الأقصى محطمة
آماله وفؤاد القدس ولها؟
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي
دروبنا جدر قامت وكثبان؟
****************
وبعدها يشتاق قلب الشاعر إلى إخوانه وأحبائه وأهله إلى كل من لم يطعم الراحة والهناء تحت ظل الأمة الإسلامية ليواسيهم، ويواسي جراحات قلبه وآلام نفسه فيقول:
أصبحت في يوم عيدي والسؤال على ** ثغري يئن وفي الأحشاء نيران
أين الأحبة وارتد السؤال إلى *** صدري سهامًا لها في الطعن إمعان؟
****************
وعندما سُئل الشاعر محمد المشعانُ عن العيد ماذا يقول له ؟ أجاب سائله وهو يتحسر على ما آل إليه حال أمته الإسلامية من التفرق والخصام قائلاً:
ماذا تقول لهذا العيد يا شاعر؟ *** أقول: يا عيد ألق الرحل أو غادر
ما أنت يا عيد والأتراح جاثمة *** إلا سؤال سخيف مرَّ بالخاطر(339/144)
ما أنت يا عيد والعربان قد ثكلوا *** جمالهم والمراعي وانتهى الماطر ؟
ما أنت يا عيد في قوم يمر بهم ** ركب الشعوب وهم في دهشة الحائر
****************
وتتفاعل الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان مع أخواتها اللاجئات الفلسطينيات بين الخيام لتصور مأساتهن وما يعانينه من آلام التشرد واللجوء في يوم العيد فتقول:
أختاه, هذا العيد رفَّ سناه في روح الوجودْ
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيدْ
وأراك ما بين الخيام قبعتِ تمثالاً شقيًّا
متهالكاً, يطوي وراء جموده ألماً عتيًّا
يرنو إلى اللاشيء.. منسرحاً مع الأفق البعيدْ
أختاه, مالك إن نظرت إلى جموع العابرينْ
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفينْ
من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطيرُ
العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرورُ
أطرقتِ واجمة كأنك صورة الألم الدفينْ?
****************
وتذكر الشاعرة أخواتها بالعيد أيام الطفولة حيث المرح واللهو الطفولي في يافا وغيرها من مدن فلسطين التي استولى عليها المحتل الغاصب، وحرم أهلها من الابتسامة وفرحة العيد:
أترى ذكرتِ مباهج الأعياد في (يافا) الجميلهْ?
أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولهْ?
إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غريرِ
والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير
والشعر منسدلٌ على الكتفين, محلول الجديلهْ?
إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيبِ
تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروبِ
طوراً إلى أرجوحة نُصبت هناك على الرمالِ
طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقالِ
والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوبِ?
وقبل الختام أُعرِّج معك مع أبيات سارت أمثالاً وحكما تسري في كل مكان
أنقلها لك أخي القاريء من كتاب المختار من شواهد الاشعار
1- إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ *** فلا أدبٌ يفيد ولا أديبُ
2- إذا جاء موسى وألقى العصى *** فقد بطل السحر والساحرُ
3- إذا رضيتْ عني كرام عشيرتي *** فلا زال غضباناً عليَّ لئامُها(339/145)
4- إذا لم تكن إلا الأسنةُ مركباً *** فما حيلةُ المضطر إلا ركوبها
5- إذا ما أتيت الأمر من غير بابه *** ضللت وإن تقصد إلى الباب تهتدي
6- إن العدو وإن أبدى مسالمةً *** إذا راى منك يوماً غرّة وثبا
7- إذا ملكٌ لم يكن ذا هبهْ *** فدعه فدولته ذاهبهْ
8- إذا كان رب البيت بالدف ضارباً *** فشيمة من في الدار كلهمُ الرقصُ
9- إذا كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ *** وإن كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ
10- إذا ما أراد الله إهلاك نملةٍ *** سمت بجناحيها إلى الجو تصعدُ
11- إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنا *** أصبت حليماً أو أصابك جاهلُ
12- إذا قالت حذامُ فصدقوها *** فإن القول ما قالتْ حذامُ
13- إذا لم تستطع شيئاً فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيعُ
14- إذا محاسنيَ اللاتي أُدِلُّ بها *** عُدَّتْ ذنوباً فقل لي كيف أعتذرُ
15- إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأيسر ما يمر به الوحولُ
16- إذا كنتَ ذا رأي فكن ذا عزيمةٍ *** فإن فسادَ الرأي أن تترددا
17- إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى *** فأولُ ما يجني عليه اجتهادُهُ
18- إذا ما الجرحُ رمَّ على فسادٍ *** تبين فيه تفريطُ الطبيبِ
19- إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا *** كفى لمطايانا برؤياك هاديا
20- أسدٌ عليَّ وفي الحروبِ نعامةٌ *** ربداءُ تجفُلُ من صفير الصافرِ
21- أعمى يقود بصيراً لا أبا لكمُ *** قد ضل من كانت العميان تهديهِ
22- أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمُ من *** اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
23- ألم تر أن المرء تدوي يمينه *** فيقطعها عمداً ليسلم سائرهْ
24- ألم تر أن السيف ينقص قدرُه *** إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
25- ألا رُبَّ باغٍ حاجةً لا ينالُها *** وآخرُ قد تُقضى له وهو جالسُ
26- إن الرياح إذا اشتدتْ عواصفها *** فليس ترمي سوى العالي من الشجرِ
27- إن الأفاعي وإن لانتْ ملامسُها *** عند التقلبِ في أنيابها العطبُ(339/146)
28- أوردها سعدٌ وسعد مشتملْ *** ما هكذا يا سعدُ تُورَد الإبلْ
29- بأبهِ اقتدى عدىٌ بالكرمْ *** ومن يشابهْ أبَه فما ظلمْ
30- بدأتم فأحسنتم فأثنيتُ جاهدا *** وإن عدتمو ثنيتُ والعودُ أحمدُ
31- بذا قضت الأيامُ ما بين أهلها *** مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ
32- بالملح نُصلح ما نخشى تغيرهُ *** فكيف بالملح إن حلت به الغِيَرُ
33- ترى الرجلَ النحيل فتزدريهِ ***وفي أثوابه أسدٌ حصورُ
ويعجبك الطريرُ فتبتليهِ *** فيخلف ظنك الرجلُ الطريرُ
34- تعشَّقتُها شمطاءَ شاب وليدُها *** وللناس فيما يعشقون مذاهِبُ
35- تقولُ هذا مِجاجُ النحلِ تمدحُهُ *** وإن تشأ قلتَ ذا قيءُ الزنابيرِ
مدحاً وذماً وما جاوزتَ وصفهما *** والحق قد يعتريهِ سوءُ تعبيرِ
36- ترجوا النجاةَ ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبسِ
37- تضاحكتُ بينهمو معجَبا *** وشرُّ البليةِ ما يُضْحِكُ
38- تكاثرت الظباءُ على خراشٍ *** فما يدري خراشٌ ما يصيدُ
39- حياك من لم تكن ترجو تحيته *** لولا الدراهمُ ما حياك إنسانُ
40- خذ ما تراه ودع شيئاً سمعتَ به *** في طلعةِ الشمسِ ما يغنيك عن زُحَلِ
41- خلا للِ الجو فبيضي واصفري *** ونقِّري ما شئتِ أن تنقري
وعارضها بعضهم بقوله :
42- خلا لكِ الجو فغني واطربي *** وخرِّبي ما شئتِ أن تُخَرِّبي
43- الخير لا يأتيك متصلاً *** والشر يسبق سيلَه مطرُهْ
44- ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ***وأخو الجهالة في الشقاء منعَّمُ
45- رُبَّ يومٍ بكيتُ منه فلما *** صرتُ في غيره بكيتُ عليهِ
46- رضيتُ ببعض الذل خوف جميعه ***كذلك بعضُ الشر أهونُ من بعضِ
47- زعم الفرزدقُ أن سيقتل مِربَعاً *** أبشرْ بطولِ سلامةٍ يا مِربعُ
48- زعم المسفّه أن يغالِبَ ربَّهُ *** ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالبُ الغلاّبِ
49- ستبدي لك الأيامُ ما كنتَ جاهلاً *** ويأتيك بالأخبار من لم تُزَوِّدِ
50- ستذكرني إذا جربت غيري *** وتعلم أنني نعم الصديقُ(339/147)
51- ستورُ الضمائرِ مهتوكةٌ *** إذا ما تلاحظت الأعينُ
52- سيذكرني قومي إذا جد جدهم *** وفي الليلة الظلماءِ يُفتَقدُ البدرُ
53- شكوتُ وما الشكوى لمثليَ عادة *** ولكن تفيضُ العينُ عند امتلائها
54- طفح السرورُ عليَّ حتى أنه *** من كُثْرِ ما قد سرني أبكاني
55- ظننتُ بهم ظناً جميلاً فخيبوا *** رجائي وما كل الظنونِ تُصيبُ
56- عتبتُ على عمروٍ فلما تركته *** وجربتُ أقواماً بكيتُ على عمروِ
57- العبدُ يُقرعُ بالعصا *** والحرُّ تكفيه الإشاره
58- أُعلل النفس بالآمالِ أرقُبُها ما *** أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأملِ
59- فلم أر كالأيام للمرءِ واعظاً *** و لا كصروف الدهر للمرءِ هاديا
60- فما أكثرُ الأصحابِ حين تعدُّهم *** ولكنهم في النائبات قليلُ
61- فلو لبس الحمارُ ثياب خزٍ *** لقال الناس يالك من حمارِ
62- فإن كانت الأجسامُ منا تباعدت *** فإن المدى بين القلوب قريبُ
63- فإن يكُ صدرُ هذا اليومِ ولى *** فإن غداً لناظره قريبُ
64- قد تُنكر العينُ ضوءَ الشمسِ من رمدٍ *** وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من سَقَمِ
65- قد زال ملكُ سليمان وعاوده *** والشمسُ تنحطُّ في المجرى وترتفعُ
66- قد يجمعُ المالَ غيرُ آكلِهِ *** ويأكلُ المالَ غيرُ من جمعهْ
67- قد يرك المتأني بعض حاجتهِ ***وقد يكون من المستعجل الزللُ
68- قد يدرك الشرفَ الفتى ورداؤه *** خَلَقٌ وجيبُ قميصِهِ مرقوعُ
69- كشقي مقصٍ تجمعتا *** على غير شيءٍ سوى التفرقهْ
70- كعصفورة في كف طفلٍ يسومها *** ورود حياض الموت والطفلُ يلعبُ
71- كالعيسِ في البيداء يقتُلُها الظما ***والماءُ فوق ظهورِها محمولُ
72- كل المصائب قد تمر على الفتى *** فتهون غيرَ شماتةِ الأعداء
73- كأنك من كل النفوس مركبٌ *** فأنت إلى كل الأنام حبيبُ
74- كالكلب إن جاع لم يمنعك بصبصة *** وإن ينل شبعاً ينبحْ من الأشرِ
75- لا تمدحنَّ امرأً حتى تجربه *** و لا تذمنّه من غير تجريبِ(339/148)
76- لعمرك ما ضاقت بلادٌ بأهلها *** ولكنَّ أخلاق الرجال تضيقُ
77- لعل عتبك محمودٌ عواقُبهُ *** وربما صحَّت الأجسامُ بالعللِ
78- لِلموت فينا سهامٌ وهي صائبةٌ *** من فاته اليوم سهمٌ لم يفته غدا
79- ليس الغبيّ بسيدٍ في قومه *** لكنَّ سيدَ قومه المتغابيْ
80- وإن عناءً أن تُفَهِّم جاهلاً *** فيحسب جهلاً أنه منك أعلمُ
81- متى يبلغ البنيانُ يوماً تمامَه *** إذا كنتَ تبنيهِ وغيرُك يهدمُ
82- ما حكَّ جلدك مثلُ ظفركْ *** فتولَّ أنت جميعَ أمرِكْ
83- مِكَرٍ مِفَرٍ مقبلٍ مدبرٍ معاً *** كجلمودِ صخرٍ حطَّه السيلُ من علِ
84- من كان فوق محل الشمس رتبته *** فليس يرفعه شيءٌ و لا يضعُ
85- من الناس مَنْ يغشى الأباعدَ نفعُه ***ويشقى به حتى المماتِ أقاربهْ
86- موتُ النفوس حياتها *** من شاء أن يحيا يموتْ
87- المستجيرُ بعمروٍ عند كربته *** كالمستجيرِ من الرمضاءِ بالنارِ
88- من يهن يسهلُ الهوانُ عليهِ *** ما لُجرحٍ بميتٍ إيلامُ
89- الناسُ للناسِ من بدوٍ وحاضرةٍ *** بعض لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ
90- هب الدنيا تقاد إليك عفواً *** أليس مصير ذاك إلى زوالِ
91- هل يضر البحر أمسى زاخراً *** أن رمى فيه صبيٌ بحجرْ
92- ولو كل كلبٍ عوى ألقمته حجراً *** لأصبح الصخرُ مثقالاً بدينارِ
93- ولم أر كالمعروف أما مذاقه *** فحلوٌ وأمل وجهه فجميلُ
94- وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ *** فهي الشهادةُ لي بأني فاضلُ
95- وتجلُّدي للشامتين أُريهمُ *** أني لريب الدهر لا أتضعضعُ
96- وإذا المنيةُ أنشبتْ أظفارَها *** ألفيت كل تميمةٍ لا تنفعُ
97- وعاجزُ الرأي مضياعٌ لفرصتهِ *** حتى إذا فاتَ أمرٌ عاتب القدرا
98- وفي السماء نجومٌ لا عِدادَ لها *** وليس يكسف إلا الشمس والقمرُ
99- وكأسٌ شرِبتُ على لذةٍ *** وأخرى تداويتُ منها بها
100- وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظرهِ *** إذا استوتْ عنده الأنوارُ والظُلَمُ(339/149)
101- وما المرءُ إلا حيث يجعل نفسهُ *** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل
102- وما طلبُ المعيشةِ بالتمني *** ولكن ألقِ دلوك في الدلاءِ
103- ومن يكن الغرابُ له دليلاً *** يمر به على جيف الكلابِ
104- وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة *** كما أن عين السخط تبدي اساوي
105- و لا بد من شكوى إلى ذي مروأةٍ ***يواسيك أو يسليك أو يتوجعُ
106- ولكل شيءٍ آفةٌ من جنسهِ *** حتى الحديد سطا عليه المبردُ
107- وليس يصحُّ في الأذهان شيءٌ *** إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ
108- وما الناسُ بالناس الذين عرفتهم *** ولا الدارُ بالدار التي كنتُ أعهدُ
109- ومن العجائبِ والعجائبُ جمةٌ *** أن يلهج الأعمى بعيبِ الأعورِ
110- ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى *** عدواً له ما من صداقته بدُّ
111- وكلٌ يميلُ إلى شكلهِ *** كميلِ الخنافسِ للعقربِ
112- وكم مرةٍ أتبعتكم بنصيحتي *** وقد يستفيد البغضةَ المتنصَّحُ
113- و يأبى الذي في القلبِ إلا تبيُّنا *** وكل إناء بالذي فيه ينضحُ
114- لا يسكن المرءُ في أرضٍ يهان بها *** إلا من العجز أو من قلة الحِيَلِ
115- يا ناطح الجبلَ العالي ليَكْلِمَه *** أَشفق على الرأسِ لا تُشْفِق على الجبلِ
116- كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنَها *** فلم يَضِرْها وأوهى قرنَه الوعِلُ
117- يبقى الثناءُ وتذهبُ الأموالُ *** ولكل دهرٍ دولةٌ ورجالُ
118- يريك البشاشة عند اللقا *** ويبريك في السر بري القلمْ
119- يريد المرءُ أن يُعطى مُناه *** ويأبى اللهُ إلا ما يشاءُ
120- يُقضى على المرء في أيام محنتهِ *** حتى يرى حسناً ما ليس بالحسنِ
الخاتمة
هذا ما وسعنا جمعه بعون الله وتوفيقه
فان وقع على الحال التي أردنا وبالمنزلة التي أملنا فذلك بتوفيق الله وحسن تأييده وان وقع بخلافها فما قصرنا في الاجتهاد ولكن حرمنا التوفيق والله سبحانه وتعالى اعلم
أسأل الله أن ينفع به وأن يجعله ذخراً ليوم القيامة(339/150)
ولا تنسى أخي القاريء كاتب هذه السطور من دعوة بظهر الغيب.
أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الايمان –اليمن -عمران
ت/0096711423239
المراجع :
1) المستطرف في كل فن مستطرف للابشيهي
2) في مرآة الشعر الإسلامي المعاصر/ عبد القادر عبار
3) الرقائق /محمد احمد الراشد
4) التذكرة في أحوال الموتى والاخرة للقرطبي
5) إحياء علوم الدين للغزالي
6) ديوان الشافعي
7) في رحاب الاخوة /عائض القرني
8) ترانيم موحد /عائض القرني
9) في رحاب الاخوة/ عائض القرني
10)المعجزة الخالدة/ عائض القرني
11)الزهر الفاتح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح/ ابن الجزري
12)خطب الشيخ محمد حسان
13)روضة العقلاء لابن حبان
14)أدب الدنيا والدين للماوردي
15)نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري
16)ديوان حافظ ابراهيم
17)ديوان المتنبي
18)مع الله – بهاء الدين الاميري
19)روضة المحبين ونزهة المشتاقين لابن القيم
20)البيان والتبيين للجاحظ
21)بهجة المجالس وأنس الجالس لابن عبد البر
22)الاداب الشرعية لابن مفلح
23)المنطلق /محمد احمد الراشد
24)العوائق /محمد احمد الراشد
25)المدهش لابن الجوزي
26)اللطف في الوعظ لابن الجوزي(339/151)
المنظومة الفقهية
لمراد شكري سويدان في 500بيت
المقدمة
الله أحمد دائم الأزمان**ملء السماء وملء كل مكان
ثم الصلاة مع السلام على الذي**نزلت عليه هداية الفرقان
والفقه في شرع النبي محمد**حثت عليه أدلة القران
من شاء ربي أن يسدد دربه**أعطاه من فقه مع الإيمان
والفقه آيات بإحكام أتت**مع سنة صحت تمام بيان
ولقد نويت على اختصار طريقة**تحوي لباب الفقه في غنيان
هذبتها منظومة بوضوحها**نونية للحافظين تداني
تحوي من الفقه المنخل زبدة**للطالبين الحفظ بالإمكان
والله أسأل أن تتم على الذي**يرجوه ربي دونما حيصان
كتاب الطهارات
باب في أقسام المياه
الماء قسمه الدليل ثلاثة**من طاهر ثم المطهر ثاني
والنجس ثالثها النجاسة غيرت**من طعمه والريح والألوان
ومطهر وهو الذي قد أطلقت**أوصافه عن كل قيد جاني
والطاهر الموصوف ذاك مخالط**لطهارة كالترب دون تواني
والشرط في هذا المخالط انه**ذو كثرة لا باليسير الشان
باب في الاستنجاء وأحكام التخلي
حرم التبول في الطريق وظله**وسط المقابر سنة الشيطان
كره التبول في قبالة قبلة ** مستدبرا أيضا من الهجران
بثلاثة الأحجار نجو أو بما**لا العظم لا روث من الحيوان
باب في النجاسات وأحكام التطهير
ونجاسة تعدادها الخنزير مع **بول لإنسان أو الحيوان
والمذي ريق الكلب مع دم حيضة**مع ميتة تطهيرها نوعان
بالماء وهو الأصل عند طهارة**أو رخصة جاءت من الرحمان
كالدلك طهر بالتراب نعالنا**أو ذيل ثوب جاء للنسوان
شرط النجاسة أن نزيل وجودها**في أي شيء طاهر الأركان
باب في فرائض الوضوء وسننه
ثم الوضوء بنية فابدأ بها**واغسل لوجهك تنق من أدران
واغسل يديك إلى المرافق عارفا** برواية جاءتك عن عثمان
مضمض كذا استنشق لرأسك فام**سحن للكعب تغسل عندنا الرجلان
رتب وضوءك باحتياط ظاهر**وال الوضوء وذاك بالبرهان
وعلى الجوارب فامسحن وعمامة**في سنة زد يمسح الخفان
يوم وليلته لأهل إقامة**وثلاثة لمسافر لا تاني(340/1)
والمسح فوق الخف لا من تحته**قول على الفقه الصحيح الداني
ثم السواك فسنة لوضوئنا**وصلاتنا وتيقظ النومان
باب في نواقض الوضوء
ونواقض لوضوئنا قد بينت**بالمذي أو نوم مع الميلان
حدث ومس الفرج كان بشهوة**مع أكلنا من لحمة البعران
لا ليس لمس للنساء بناقض**لا قيء لا دم دام في سيلان
باب في الأغسال الواجبة والمستحبة وأركان الغسل
والغسل يوجبه احتلام ظاهر**وخروج مني شهوة الإنسان
ومع انقطاع الحيض أو لنفاسه**والموت من بعد التقاء ختان
ومغسل ميتا كذلك من نوى **الإسلام فافهم شرعة الإحسان
أركانه هي نية وإفاضة**للماء تمت ذاك خير بيان
هو يستحب لمحرم ولجمعة**زد بعد إغماء مع الغشيان
ولمن أراد دخول مكة إنه** بدليله والحق مقترنان
باب في شروط التيمم وأحكامه
إن التيمم ضربة قد أفردت**الوجه يمسح قبله الكفان
بترابها أو بالصعيد وجوبه**فقد المياه وعجزنا سببان
وبه تصلي ما تشاء لأنه **بدل لغسل مع وضوء ثاني
لا تنس نيته وكن متنبها**لنواقض في فهمها بعيان
هي ناقضات وضوئنا بزيادة**لقياك ماء ممكن الوجدان
إن الصلاة تأكدت حتى وإن**جنبا تكون ويفقد الطهران
باب في أحكام الحيض والاستحاضة والنفاس
وتحكمت في الحيض عادات النسا**إذ لا دليل معين لزمان
دمه السواد مميز إذ غيره**هي الاستحاضة عند ذي عرفان
والمستحاضة للصلاة توضأت**مع كل وقت دونما روغان
إن الصلاة مع الصيام لحائض**ثم الجماع محرم الإتيان
إلا إذا اغتسلت بعيد طهارة**والصوم تقضيه هدى الديان
حكم النساء كحكم حيض إنما**لأقله حد بلحظ ثواني
مع أربعين لحد أكثره أتت**ودليله يعلوا على البطلان
وعلى المجامع حائضا كفارة**نصف من الدينار أو نصفان
ويحل منها للمباشر كلها**إلا النكاح ودبرها كفران
باب في تطهير الجلود وأحكام الأواني
كل الجلود إذا دبغن تطهرت**خنزيرها وكلابها سيان
أوك السقاء وسم مع إيكائه**غط الإناء بسنة العدناني
حرمت أواني فضة أو عسجد**والمستحل مجرجر النيران(340/2)
باب في الأذان وأوقات الصلاة
وصف المؤذن بالأمانة وارد**وإقامة وجبت وجوب أّذان
فاعرف لأوقات الصلاة كما أتت**بحديث حق صادق التبيان
يرويه مسلم في الصحيح وغيره**فاحفظه واقطف من جناه الداني
واعرف لأوقات الكراهة إذ بها**حرمت صلاة العبد بالبرهان
من بع فجر لارتفاع الشمس زد**عند استواء الشمس في الأكوان
من بعد عصر قيده بنزولها**قبل الغروب بساعة الأصلان
باب في الجمع بين الصلاتين وقضاء الصلاة
والجمع من حرج يجوز كما روى**الحبر ابن عباس على الرجحان
من نام أو نسي الصلاة فوقتها**عند التذكر في مقال صيان
لا تقض ما قد فات ترك تعمد**واجبر بنفل وارج من غفران
باب في شروط الصلاة وأركانها
إن الصلاة شروطها معروفة**والواجبات كذاك مع أركان
فشروطها وقت يحل ونية**وتوضؤ مع قبلة الرحمان
أركانها تكبيرة الإحرام مع**فرض القيام بقدرة الإمكان
ثم الركوع مع السجود وجلسة**وجميعها ردفت بالاطمئنان
وقراءة أم الكتاب ورتبن**وختامها التسليم يا إخواني
باب في سجود السهو
فرض السجود لمن سها بثلاثة**بزيادة والشك والنقصان
وسجود سهو هاك من تفصيله**قبل السلام وبعده صنفان
إن جاء نص قبل تسليم فخذ**أو بعده خذه بلا نقصان
وسواه أنت مخير في فعله**من قبله أو بعده حالان
باب في واجبات الصلاة
والواجبات أعدهن لعارف**فاعلم وحقق كنت غير مهان
الإبتداء بسترة فادنوا لها**وضع الشمائل تحت ذي الأيمان
اسجد عل سبع:أصابع رجلكم**والركبتان وجبهة ويدان
قدم يديك إذا سجدت كذا الصلا**ةعلى النبي مبلغ الفرقان
ثم التشهد واجب بأدلة**إذ حكم أولها كحكم الثاني
من أربع:فتن الحيا والموت عذ**والقبر والدجال والنيران
طهر لثوبك مع مكان,واستروا**العورات ثم طهارة الأبدان
باب في سنن الصلاة
وسوى الذي قدمته سنن أتت**فاعرف لها بالعلم و الإتقان
باب في مبطلات الصلاة
والمبطلات كلامنا بتعمد**أو ترك شرط حق بالإتيان
أو ترك ركن عامدا وصلاة منف**فرد وراء الصف ياإخواني(340/3)
أوشغل مشتغل يزيح نظامها**كالأكل أو شرب هما خطان
باب في نواهي الصلاة
هاكم نواهي للصلاة تنكرت**سدل وسبل نقرة الغربان
كف لشعر ثم ثوب رفعنا**بصرا لأعلى غاية الخسران
وفم يغطى ثم كشفك عاتقا**إقعاء كلب ,نزلة البعران
ثم افتراش السبع,لبس محرم**وتلفت العينين في الروغان
من يفعل النهي المحرم اثم**لكن تصح صلاته ببيان
باب في أحكام الجماعة و الإمامة
ثم الجماعة وهي واجبة على** من كان ذا التكليف من ذكران
إلا لذي عذر,وتعقد عندنا**بمقال حق عقدها إثنان
خطأ الإمام إذا جنى بصلاته**فعليه ليس عليك أي ضمان
ذو النفل جاز يؤم مفترضا أتى**رص الصفوف وسوها فرضان
باب في الجمعة وأحكامها
والجمعة الغراء فرضا أوجبت**والوقت وقت الظهر خير زمان
هي خطبتان على المسافر لم تجب**طفل مريض مرأة عبدان
هي كالجماعة في عداد رجالها**هي ركعتان فدع مقال لسان
بكر تطيب لا تخط مصليا**أنصت لما قال الخطيب وداني
إن تجتمع والعيد تصبح رخصة**والمستحب صلاتها ياحاني
لا سنة من قبلها بل بعدها**ظهرا غدت إن فات تسليمان
باب في صلاة العيدين
وصلاة عيد ركعتان وكبرن**سبعا بأولى خمسة في الثاني
هي في المصلى وقتها وقت الضحى**بعد الصلاة اخطب بغير أذان
في الفطركل قبل الصلاة,وفيهما**خالف طريقك حبذا الهديان
باب في صلاة الخوف
وصلاة خوف بالصفات تعددت**و الكل حق جائز الاتيان
وتجوز بالايماء لا مع قبلة**في الرعب للماشين والركبان
ان ركعة صليتها جازت هنا** كالركعتين يصحح القولان
باب في صلاة المسافر
قصر الصلاة على المسافر واجب**والجمع رخصته بلا تيهان
واذا قمت على التردد فاقصرن**عشراوعشرا صح بالبرهان
ويتم ان شاء الاقامة زائدا**عن أربع فقه النصوص الغاني
باب في صلاة الكسوف
ان الكسوف له صلاة بينت**هي ركعتان بأطول القران
في كل واحدة ركوع زائد ** وسواه شذ وسار دون عنان
ذكر الاله مع التصدق سنة**وكذا الدعاء ومطلب الغفران
باب في صلاة الاستسقاء(340/4)
وصلاة الاستسقا بقحط سنة**هي ركعتا جهر بغير أذان
قلب الرداء وخطبة ثم الدعا**ولقبلة فاستقبلن بأمان
باب في غسل الميت وتكفينه وحمل الجنازة
فقه الجنازة خذه لب خلاصة** نصعت مع التحقيق و التبيان
ابدأ ولقن ذا احتضار كلمة الت**وحيد خير الختم بالاحسان
ولتغمضوا عينيه عند وفاته**ثم الغطا بالثوب للأبدان
ثم اغسلوه وأوتروا في غسله**بالماء مع طيب مع الاشنان
في الغسل سن لنا ابتداء مواضع**لوضوئنا والبدء بالأيمان
غسل النساء لزوجهن مجوز**وكذاك غسل الزوج للنسوان
كفنه في كفن بياض محسن**أو بردة من جائز الاكفان
عدد الثياب ثلاثة لا تسرفوا**لا فضل للانثى على الذكران
كفن لميت محرم في ثوبه**مثل الشهيد وبورك الميتان
حمل الجنائز والصلاة عليهم**حق وان الاجر قيراطان
من يمش يتبع من جميع جوانب**لكن فقط من خلف للركبان
حرم اتباع بالصياح ومجمر**أسرع وقارب سرعة الرملان
نسخ القيام لها بأظهر مسند**صح الدليل لمن له عينان
باب فيمن يصلى عليه للجنازة ومواضع صلاتها وأوقات النهي عنها
وصلاة ميت بالكفاية فرضها **للمسلمين وعصبة الايمان
الا على طفل كذا مستشهد **ندبت بلا فرض و لا خسران
ويجوز دينا للامام ومثله**ترك الصلاة على ذوي العصيان
وكذاك مرجوم وقاتل نفسه**للزجر والتأديب بالهجران
وتصح وسط مقابر أو مساجد**أو في المصلى أو بطهر مكان
لا دفن أيضا لا صلاة جنازة**عند البزوغ والاستواء وقتان
وكذاك من قبل الغروب دليلها**بحديث عقبة قال فيه :نهاني
باب في كيفية الصلاة على الميت
يقف الامام تجاه منتصف النسا**وتجاه رأس رجالنا ببيان
كبر عليها أربعا بدليلها **خمسا وتسعا صح بالبرهان
وسواه موقوف وليس بحجة**ارفع يديك بأول لا ثاني
واقرأ بفاتحة الكتاب وسورة**ثم الصلاة على النبي العدناني
وادعوا بخالص دعوة من بعدها**كحديث عوف واخش من حرمان
بختامها سلم بواحدة وقد**صح الدليل وجازت الثنتان
باب في الدفن وأحكام القبور(340/5)
أوسع وأعمق ان حفرت وجائز**لحد وشق ها هما نوعان
واللحد أفضل و الكراهة حققت **في الدفن ليلا لا تقل عناني
ضعه على الجنب اليمين مقابلا**بيت الحرام و كعبة الديان
عند الفراغ ثلاث حثيات أتت**هي سنة من عند رأس الفاني
و القبر شبرا فارفعن ولا تزد**وسواه حرم بدعة الشيطان
باب في التعزية وأحكام زيارة المقابر
لا مشي فوق القبر لا ذبح ولا**تشييد مسجدها مع العمران
ويجوز زور مقابر من نسوة**في ندرة لا غالب الاحيان
صنع الطعام مع العزاء مؤكد**لذويه من أهل أو الجيران
الزكاة
ان الزكاة على المكلف أوجبت**أصنافها عشر بلا نقصان
باب في زكاة الذهب والفضة
ذهب وربع العشر فيه اذا غدا**عشرين دينارا من الاثمان
مع فضة ونصابها بدراهم**مئتان فيها ربع عشر داني
بهما وبالانعام شرط حاصل**حول يحول نهاية الحولان
باب في زكاة الانعام
غنم وأبقار وابل بعدها**هذي هي الانعام خير بيان
ونصابها أنس رواه مفصلا**فاحفظه حفظا موثق البنيان
ومعاذ يروي سنة البقر التي **صحت فعض عليه بالاسنان
باب في زكاة الزروع
وزكاة زرع أوجبت في أربع**قمح شعير والزبيب يداني
والتمر رابعها وما في غيرها**شيء وعشر حقها لمعاني
الا لمسني فنصف العشر خذ**أوساقها خمس نصاب بيان
عسل الحمى البري فيه زكاته**والعشر يؤخذ صحب بالبرهان
باب في تعجيل الزكاة,وزكاة الحلي والركاز وعروض التجارة و الدين
لا ليس تعجيل الزكاة بجائز**وحديثه فمهدم الاركان
والحلي زكيه وصح دليله**بعمومه وخصوصه نصان
ما في التجارة من زكاة بينت**أو جوهر وعقاره وحصان
والخمس فرض في الركاز وغير ذا**ليس الزكاة به على الرجحان
والدين ليس به زكاة أثبتت**ان كان مضمونا وغير ضمان
باب في مصارف الزكاة
حرمت على ذي قوة وغنيها**مع ال هاشم والموالي ثاني
صرفت كما قال الاله باية **في سورة لبراءة الفرقان
باب في أحكام زكاة الفطر
وزكاة فطر فرضها متعين**وقت الوجوب يكون في رمضان(340/6)
وجبت على حر وعبد مسلم **وصغيرها وكبيرها صنوان
أصنافها تمر شعير بعده** أقط زبيب و الطعام يداني
والكل صاعا أخرجوا لكنما**قمح يصح ويخرج المدان
اخراج قيمتها اجتهاد باطل**والنص فوق تهافت الحيران
شرط الوجوب ملاكه من قيمة**ما فوق قوت اليوم بالايقان
والوقت في رمضان قبل صلاتنا**للعيد أو من قبلها يومان
كتاب الصيام
هذا الصيام وفقهه بنصاعة**اذ انه ركن من الاركان
يجب الصيام على الجميع برؤية**صحت بأيتها من البلدان
صوموا اذا رؤي الهلال وأفطروا**وثبوته أن يشهد العدلان
ان غم أكمل عدة بتمامها**واعرف فهذا أفضل الحسبان
يجب الصيام بنية قد بينت**من قبل فجر دونما عدوان
باب في واجبات الصيام ومبطلاته
والمبطلات تعمد للقيء أو**أكل وشرب مع جماع جاني
يقضي الصيام مريضنا ومسافر**أو ذات حيض مع نفاس ثاني
من بعدها الحبلى كذلك مرضع **من دونما كفارة العصيان
اذ انها وجبت على متعمد**ذاك الجماع مع القضا نصان
والصوم يسقط دونما كفارة**عن عاجز بالسقم كالشيخان
ان كان في سفر المسافر شقة **حرم الصيام وصح مع عصيان
لكن بدون مشقة افطاره **هو يستحب برخصة الرحمان
وجب السحور ولا يجوز وصالنا **الا الى سحر بلا بهتان
باب في الصوم المحرم
والصوم يحرم يوم شك فافهموا**مع صوم دهر بعده العيدان
مع يوم سبت مفردا أو جمعة**فيه النصوص تظاهرت بتداني
أيام تشريق حرمن وانها **جازت لفاقد هديه الحيران
مع نصف شعبان وما يتلواله**الا لمعتاد على جريان
باب في الصيام المستحب
و المستحب صيام يوم بعده **فطر ليوم وضح اليومان
وكذاك الاثنين خميس مثله**أيام بيض فضلها متساني
مع ستة من عرض شوال أتت**ومحرم و العظم من شعبان
سنة يكفر صوم عاشوراء مع**عرفات فيه كفرت سنتان
باب في أحكام الاعتكاف
والاعتكاف تقرب ومحله ** المسجد الاقصى كذا الحرمان
واللبث شرط والنكاح مفسد**والصوم ليس بواجب الاتيان
لا تحسبوا نفي اعتكاف أنه**نفي بأن المكث من قربان(340/7)
فالمكث في كل المساجد طاعة **وتقرب وولاية الرحمان
كتاب الحج و العمرة
والحج هاك بيانه بدلائل ** تسري مع التحقيق والبرهان
فالحج فورا واجب مع قدرة**من متعة أو مفرد وقران
باب في معنى الركن و الواجب و السنة في الحج
والأصل في كل المناسك أنها ** وجبت لقول خذوا بأمر بيان
الا اذا دل الدليل بنقلها ** اما لندب أو الى الاركان
والركن ان يترك فحجك باطل ** ترك الوجوب فليس بالبطلان
لكن أثمت اذا تركت لواجب **وبترك ندب ليس من عصيان
باب في محظورات الاحرام
من محرم حرم التطيب بعده **ونقاب أنثى ثم قفازان
لا فسق لا رفث ولا جدل ولا**صيد ولا نكح من الانسان
اقتل عقورا والغراب وحدأة**أفعى وعقربها مع الفئران
لا تقطع الاشجار الا اذخرا**اذ مكة مع طيبة حرمان
باب في أركان الحج
أركان حج أربع هي نية **عرفات قف فيها بلا هذيان
ووقوف جمع مع طواف افاضة**تمت ,سواها ليس من أركان
باب في وجبت الحج وكيفيته
أحرم من الميقات أول واجب**واجهر بتلبية بكل مكان
فاذا وصلت فطف وسعي بعده**قصر حللت بمتعة في الان
من ساق هديا يبق في احرامه**سردا ليوم النحر بالايقان
أحرم بثامنها أهل بحجة **لمنى فسر بالذكر والاحسان
نم في منى حتى الشروق وسر الى **عرفات كبر لب مجتمعان
حتى غروب الشمس ثم أفض الى ** جمع وصل الفجر فرض بيان
من بعدها عند الشروق فسر الى **جمرات رمي واجب الاتيان
فالذبح بعد الرمي ثم احلق كذا**طف للافاضة أوكد الطوفان
لا تنس سعيا واحدا عن قارن**لكنه مع متعة سعيان
والحلق والتقصير ذا لرجالنا**قصر فقط لجماعة النسوان
قدم وأخر دونما حرج بها **وبذا حللت تمام حل زمان
أيام تشريق بها ارم بجمرة**بعد الزوال وليله مثلان
من بعدها طف للوداع فانه **ختم لحجك دونما ادهان
واذا تركت من المناسك منسكا**عجزا مع الحرج الشديد الجاني
فيصح حجك دونما كفارة**الا اذا المتروك من أركان
باب في الاحصار و الدماء(340/8)
والحكم في الاحصار فهو اعادة**للحج مع هدي بلا عدوان
الا اذا حصل اشتراط سابق**فعليك حج دون هدي معاني
ان جاء نص في دم فاعمل به **وسواه فارفض فهو دون كيان
باب في أحكام العمرة
لا ليست العمرات فرض واجب**لكنها من سنة العدناني
أعمالها كالحج دون معرف**رمي زيارة مشعر الرحمان
الجهاد
ان الجهاد فريضة بكفاية**بل يجز ان يرفض الابوان
ووجوبه متعين لضرورة**مستنفرا واذا التقى الزحفان
سقط الجهاد عن السقيم وأعرج**ثم النسا والعمي والصبيان
باب في مشروعية الجهاد
يبقى الجهاد الى قيام قيامة **ولحاجة قصوى أجز لهدان
ندعوا الطغاة المشركين جميعهم **للدين أو دفع الجزى بهوان
ان لم يجيبوا فالقتال جوابنا **حتى يحكم منهج القران
باب في أحكام التولي
ان التولي و الفرار كبيرة**الا بحالات اتت ببيان
بتحيز و تحرف أو كثرة ** لعدوهم من دونها الضعفان
باب في أحكام قتال الكفار
قتل الضعيف محرم ان لم يكد **كالطفل والاشياخ والنسوان
الا بتبييت فذاك مخصص**لعموم نهي بين الامران
ومحرم حرق النبات سوى الذي**مد العدو كناصر معوان
والحرب فيها الكذب جاز وخدعة**لا تستعن بالمشرك الخوان
باب في أحكام الغنيمة وتقسيمها
والاربع الاخماس عند غنيمة **لمقاتلين بأوضح التبيان
والخمس يقسم خمسة بالنص زد**سهم النبي لمن تلا زمان
نفل الغنيمة ثابت بأدلة ** ثم الصفي كلاهما نصان
لا نفل الا بعد خمس لا تزد **في النفل عن ثلث بنص داني
باب في أحكام الغنيمة وتقسيمها
لا قسم بل رضخ لعبد والنسا ** والاكل جاز بغيرما سهمان
ان يأخذ الكفار ملكا مسلما ** ان يسترد بعد له بأمان
ويجوز تقتيل الاسير ورقه**ثم الفداء و منة الرحمان
ان الغلول ضلالة وغواية**وسبيله بدكادك النيران
باب في أحكام الفيء
والفيء يقسم خمسة من أسهم **في الحشر جاء النص كالعنوان
والسلب لا تخميس فيه ,وجائز** القتل للمتجسس الخوان
واعرف حديث المصطفى بجزيرة**للعرب أن لا يجتمع دينان
كتاب الايمان والنذور(340/9)
لا حلف الا بالاله أو اسمه **أو وصفه هذا هدى الأيمان
ان اليمين اذا عقدت عددتها ** و سواه لغو ليس بالحسبان
كيمين ناس أو باكراه كذا** خطأ جرى عفوا بطرف لسان
لا ليس في الحلف الغموس مكفر **بل توبة موثوقة البنيان
باب في الاستثناء باليمين و تكريرها وأنها على نية المحلف
لا حنث ان قيدتها بمشيئة ** أو أي قيد بعده بثواني
ان اليمين بنية لمحلف **الا بنص ضرورة وبيان
واذا تكررت اليمين مؤكدا**ومغلظا عدت من الوحدان
باب في كفارة اليمين
كفر قبيل الحنث أو من بعده ** وبذاك صحح عندنا النصان
كفارة الايمان أطعم عشرة ** أو فاكس من مسكينها العريان
أو رقبة أعتق لها مهما تكن ** ونفيسها ندبت مع الايمان
وثلاثة الايام صم ان لم تجد ** بتفرق و تتابع مثلان
باب في أحكام النذور
والنذر مكروه وأوجب للوفا **الا اذا المنذور من عصيان
أو لم تطق أو لم تسميه فذا ** كفر له كفارة الأيمان
باب في كفارة النذر
و المال يجزي الثلث فيه لناذر**انفاقه بالكل لا نقصان
من ينذر المشي الطويل لمكة **يركب ويمش بدون هدي الجاني
من حرم الشيء الحلال فقوله** خطأ ولا تكفير في الاتيان
كتاب الاضاحي و الذبائح و الصيد
ان الاضاحي واجب وزمانها ** العيد و التشريق خير زمان
بالابل و الابقار ثم ثنية**للمعز ضح كذا وجذع الضان
باب ما لا يجزئ وما لا يجزئ في الاضاحي
لا تجزئ العجفاء ثم مريضة ** والعرج بينها مع العوران
والبيع منها لم يجز بل أطعموا**وتصدقواواذخر من اللحمان
في العشر لا تأخذ لأظفار وشع**ر ان ترد أضحية الاحسان
باب في أحكام العقيقة
ان العقيقة سنة بدليلها ** للبنت شاة للفتى شاتان
و الكبش جاز عن الجميع ووقتها** من يوم سابعه بلا دوران
وتصدقن عن شعره من فضة** من بعد حلق قدره بوزان
باب في الذبح وأحكام التذكية
والذبح جاز بكل شيء ما عدا ** سنا وظفرا هاهما نصان
ومحله كالنحر حلق انما ** تتميمه أن يقطع الودجان(340/10)
وذكاة أم للجنين ذكاته ** جل للجراد الميت مع حيتان
باب فيمن يجوز منه الذبح
و الذبح جاز من الجميع سوى الذي ** هو مشرك أو جن مع سكران
مع فرض تسمية بشرط تذكر** واذا نسيت , العفو في النسيان
باب في أحكام الصيد
و الصيد جاز لاكل لا لاعب ** يرميه مثل المترف الشبعان
و الصيد جاز بخارق لا غيره ** سم الاله وصد برمح طعان
و الصيد للوحشي ليس لالف ** الا اذا ذو الالف ند كجاني
باب في أحكام الصيد بالجوارح
كل الجوارح ان تعلم , صيدها ** حل بتسمية ودون لعان
والكل ان يأكل وان يك غيره ** معه فدع ما صاد كالادران
و الصيد ان ماغاب ثم لقيته ** و السهم فيه فكل بلا انتان
الا اذا في الماء كان وقوعه ** أو فيه من أثر سوى السهمان
كتاب الاطعمة و الاشربة واللباس و الزينة
باب في أحكام الاطعمة
كل الطعام محلل الا الذي ** يأتيك منصوصا مع التبيان
مخنوقة موقوذة مع ميتة ** و نطيحة مع أكل سبع جاني
ذات التردي و التي ما ذكيت **ودم وخنزير هما شران
جلالة مع كل ذي ناب سوى ** ضبع و ذات مخالب الطيران
وحمارها الاهلي مع بغل أتى ** مع كل ذي ضرر من العدوان
باب في أحكام الاشربة
ثم الشراب محلل الا الذي ** خمر غدا وبضاعة السكران
شرب النبيذ محرم ان يختلط ** أو كان منقوعا الى الغليان
من كان مضطرا يجوز أكله **ما كان ممنوعا بلا عصيان
باب في أحكام اللباس
ان اللباس له شروط عدة **بالستر للعورات في احسان
ودعوا الحرير فللرجال محرم ** الا الضرورة أو سدى القمصان
ودعوا المعصفر و المزعفر و الذي ** هو شهرة وتشبه النسوان
وكذاك اسبال الازار و صورة ** كانت من الانسان و الحيوان
ومن الحديد خواتم قد حرمت ** و كذاك من ذهب على الذكران
كتاب النكاح و الطلاق و العد و النفقات
فرض الزواج لقادر اذ لم يجز ** فعل التبتل مسلك الخصيان
للخاطبين يسن نظرة ناظرة ** متأملا و مرددا بعيان
لا عقد الا مع رضاء وليها ** شرطا و الا رد بالبطلان(340/11)
عضل الولي وكفره سبب غدا ** في جعل هذا الامر للسلطان
اذن النساء لخطبة شرط بها **أعلن نكاحا غاية الاعلان
شرط الصداق و ليس من حد له ** بل جاز في اي من القران
وجب الصداق جميعه بالموت أو **بعد الدخول تبين الوصفان
باب في المحرمات من النساء
ومن النساء أعد كل محرم ** الامهات مع البنات تداني
و الاخت و العمات و الخالات زد ** بنت الشقيقة و الشقيق الحاني
والجمع بين شقيقين , ومرأة **مع عمة أو خالة ضران
مع زوجة لاب وابن حرمت **وزيادة عن أربع النسوان
مع أم زوجته كذلك بنتها ** مع شرط عقد والدخول لثاني
و المشركات ومن جلدن بزنية ** اذ كل زانية تحل لزاني
ورضاعة كولادة رضعاتها ** خمس قبيل الفطم في الأزمان
باب في النكاح المحرم
ثم النكاح بعدة فمحرم ** ثم الشغار ومتعة البطلان
ومحلل ثم النكاح لمحرم ** و جميعها بغي من العدوان
ونكاح عبد جائز من حرة ** و العكس ليس بجائز الحدثان
لكن نكاح العبد شرط حصوله**اذن لسيده بلا روغان
باب في حقوق الزوجين
ثم النساء حقوقهن بكسوة ** وكذاك انفاق و ترك هوان
وله عليها حق طاعتها له** والويل ان تركته كالغضبان
باب في أحكام الطلاق
ان الطلاق لواقع في لفظه ** أو شبهه مع نية شرطان
ليس الطلاق بواقع من هازل **أو مخطئ بالكره و السكران
لفظ الثلاث على الصحيح بطلقة **لكن أثمت لبدعة الشيطان
ووقوعه في الحمل أ طهر اذا ** ترك الجماع به هما وصفان
باب في أقسام الطلاق
أقسامه الرجعي أيضا بائن **الاول الرجعي خذ ببيان
في الطلقة الاولىوثانية أجز**لرجوعها في عدة بأمان
ان تمض عدتها يصح رجوعها **لكن بعقد مبتدي الحدثان
بعد الثلاث طلاقها بانت به ** لا عود الا بعد زوج ثاني
ويجوز تخيير النساء وواجب**في رجعة أن يشهد العدلان
باب في عدد المطلقات
من طلقت قبل الدخول فما لها ** من عدة تعتدها بأوان
أو طلقت بعد الدخول فانها ** بثلاث حيضات أتت ببيان
أو ذات حمل وضعه أجل لها **حتى ولولم يبق غير ثوان(340/12)
من لم تحض وذوات يأس قدرها** بثلاثة من أشهر الازمان
حكم الحرائر و الاماء جميعها ** في عدة في الشرع مستويان
بولادة أو أشهر هي أربع ** مع عشرة ذي عدة الموتان
باب في نفقة المطلقات
من طلقت رجعية وجبت لها ** نفقاتها طرا مع الاسكان
أما التي بتت فلا ,الا اذ ** حبلى غدت أنفق بلا نكران
وجب المتاع لكل من قد طلقت ** حقا على ذي الدين و الاحسان
باب في أحكام الاحداد
حرم لاحداد غدا متجاوزا ** لثلاثة الايام للنسوان
الا على زوج شهور أربع ** مع عشرة الايام بالرجحان
حرم التكحل و التطيب و الحلي ** وثيابها مصبوغة الألوان
لاليس احداد على من طلقت ** بثلاث طلقات طلاق مبان
باب في أحكام الخلع
و الخلع فسخ جائز بمسبب ** عن قيمة للمهر أو نقصان
تعتد فيه حيضة لا غيرها ** فخذ الصحيح و دونما شنان
باب في أحكام الايلاء
وزمان ايلاء شهور أربع ** اما الرجوع أو الطلاق بأن
ان يرفض التطليق يجبر راغما ** في طلقة رجعية الاركان
باب في أحكام الظهار
ثم الظهار ولفظه متقيد ** في زوجة لا غيرها لمعان
ان عاد فيما قال وهو نكاحها **كفر كما قد جاء في القران
أعتق فان لم تستطع صم ساردا ** شهرين ان لم تستطع لتدان
أطعم مساكينا يكون عدادهم ** ستين من أهل أو الجيران
باب في أحكام اللعان
واذا رمى زوج لزوجنه خنا ** وجب اللعان فهاك حكم لعان
الكل يشهد أربعا مع لعنة ** و يكون نفريق لطول زمان
ان صدقت ما قال ترجم بتة ** أو عاد يجلد جلدة البهتان
ليس اللعان بجائز ان لم يكن ** بحضور أهل الامر و السلطان
باب في أحكام الحضانة
ان الحضانة أثبتت للأم ان ** هي لم تزوج دائم الاحيان
من بعدها لأب مقام قد تلا ** من بعده الخالات دون تواني
من بعدها الرحم القريبة قد تلت ** فولاية الارحام في القران
ويجوز تخيير الصغير اذا وعى ** أما لأم أو أب ببيان
باب في النفقات
أنفق على الزوجات حقا واجبا **ومثالهن الابن و الأبوان(340/13)
وبدون علم الزوج تأخذ ما كفى **بدليل هند مع ابي سفيان
و على الأقارب أنفق بكفاية **فالأقربون أحق بالقربان
كتاب البيوع و المعاملات
و البيع ان الأصل في البيع الرضا ** مع حل ما قد بيع مشترطان
باب في البيوع المحرمة
فمحرم بيع لأي محرم ** أو بيع ذي غرر من الاهوان
خذ كل بيع منكر و محرم ** في سنة وأدلة القران
الخمر و الخنزير ثم الكلب زد ** صنما و سنورا دم السيلان
عسب الفحول وميتة و تنابذ ** وتزابن و تحاقل يا حاني
وتعاون و تلامس وتخاضر ** وتناجش وقفيز.ذا الطحان
مع بيعتين ببيعتة و كذلكم—في البيع حرم عندنا الشرطان
سلف وبيع ثم فضل مياهنا**مع كل ربح فاقد لضمان
مع بيع ما لم تملكوه وهكذا**حرم التلقي اليوم للركبان
بيع على بيع وبيع حصاتهم ** تسعيرنا و السعر للرحمان
بيع الحواضرللبدى مع حكرة ** مع عينة ضع جائحات زمان
رطب بتمر لا يحوز بخرصه ** الا العرايا وهي للسغبان
باب في أحكام البيوع
لا بيع الا بعد قبض انما **بجزافه وجب انتقال مكان
قبل التفرق فالخيارمثبث ** بالعيب جاز الرد دون تواني
ان قام خلف فالمقال لبائع **عند انعدام شهادة وبيان
باب في البيع بالتفاضل و النسيئة
في ستة الاصناف لا في غيرها**حرم التفاضل والنسا الاثنان
هي فضة ذهب شعير قمحها **ملح وتمر خذ لها بتهاني
فاذا اختلفن فحرموا لنسيئة ** وأجز تفاضلها بلا دوران
لكن سواها فيه خلف قائم **والحق حصر النص بالرجحان
اذ في سواها جاز أي تفاضل ** و نسيئة وكلاهما سيان
باب في السلم
هذا هو السلم المعرف أنه **سلف بقبض عاجل لأوان
و الشرط معرفة لكيل مسلف ** أو وزنه واعرف لوقت زمان
باب في أحكام القروض
و القرض خير رده متعين **مثل بمثل وزنه بوزان
ويجوز في حسن القضاء زيادة **عند الوفاء غدا من الاحسان
باب في أحكام الاجارة
ان الاجارة عقد نفع جائر** بمعرف ومحلل ركنان
فمحرم مهر البغي وأجرة ** لمؤذن مع كسب الكهان
وكذاك تعليم لقران اتى **ثم القفيز لذلك الطحان(340/14)
كره اكتساب حجامة بدليله**وف الاجير بغيرما نقصان
و الارض جاز كراؤها بدراهم ** وتجوز أيضا منحة الاحسان
لكن بربع أو بثلث جوزت ** بكراهة وبذا التقى النصان
باب في أحكام شركة المضاربة
ان المضاربة التي قد جوزت **وصفت بأن يتشارك الشخصان
المال من هذا و هذا جهده **بوضوح سهم الربح و التبيان
هو جائز بدراهم وبغيرها ** من دونما غرر ولا تيهان
باب في أحكام الشركات
والشركة المسموح في اتيانها ** في كل معلوم حلال داني
فتجوز بالأموال ثم بغيرها**مثل العروض وسائر الأعيان
باب في أحكام الشفعة
في كل شرك شفعة قد أوجبت ** من قبل تقسيم بلا حيدان
ثبتت لجار باتحاد طريقه **بالبيع تثبت ليس بالاحسان
باب في أحكام الرهن
و الرهن جاز لحاضر و مسافر**في أب شيء حل بالبرهان
وخراج رهن للذي هو منفق**بحليبه وركوبه صنفان
ويجوز بيع الرهن عند حلوله ** حتى يرد الحق دون هوان
باب في أحكام الحوالة
واذا أحلت على مليء فاتبع **فقه الحوالة خذه بالاذعان
بالفقر أو جحد المليء فاننا** نحو المحيل نرد بالرجعان
باب في أحكام الوكالة
ان الوكالة جوزت في كل ما **قد حل مع شرط الرضا وصفان
اذ لا تجوز وكالة في منكر ** ورضا الموكل رأس هذا الشأن
باب في أحكام الكفالة
ان الزعيم لغارم بكفالة**هذي الخلاصة بينت لضمان
وكفالة بالوجه فاسدة هنا** لكن تصح كفالة الأعيان
باب في أحكام الحجر
و الحجر يثبت للصبي ومثله **ثم السفيه مبذرالاعيان
ويزول ان انست رشدا صالحا **ومع البلوغ فذاك شرط ثاني
باب في الغصب وأحكامه
و الغصب اثم رده متعين**بالمثل أو من قيمة الأثمان
واذا زرعت لأرض قوم غاصبا **نفقات زرع خذ ولا من ثاني
**واقلع لعرق ظالم و لتضمنوا **بالليل شر جناية الحيوان
باب في أحكام اللقاطة
للقاطة قد جاز أخذ معرف ** وانشد بمكة غاية النشدان
أشهد ذوي عدل و قيد وصفها**ان كان قيمتها بذات الشان
من بعد حول الانتفاع محلل**ان يأت صاحبها نكن بضمان(340/15)
ان التقاط الابل ليس بجائز **لكن سواها جاز من حيوان
باب في أحكام الهدايا
ان الهدية تستحب بجائز **كافئ عليها فهو خير ثاني
حرم الرجوع بها لغير أب كذا**سو العطاء لعصبة الولدان
وهدية من مشرك قد حرمت **الا لتأليف القلوب الحاني
باب في أحكام الوقف
و الوقف هدي طيب اذ أجره **بعد الممات يظل في جريان
من يشترط بالوقف شرطا فاسدا**فاردد عليه الشرط بالبرهان
باب في أحكام الودائع
فرض عليك اذ ائتمنت وديعة **الحفظ مع رد لها بأمان
ان أتلفت تضمن ولكن ان تكن** من غيرتقصير فغير ضمان
كتاب السبق و الرمي
ومحرم سبق بغير ثلاثة **مصل وخف حافر الحيوان
وسواه جاز بغير جخل انما ** من واحد هو جاز لا الطرفان
كتاب الوصايا و المواريث
ان الوصية تستحب وانما ** وجبت بحق واجب الاتيان
نسخت مواريث الاله وصية** للوارثين فكن على تبيان
ان الوصية فوق ثلث حرمت**والشرط فيها طاعة الرحمان
باب في الوارثين على الدوام
هذي الفرائض هذبت بعناية ** تأتيك كالثمر القريب الداني
الوارثون على الدوام أب **أم وأبناء كذا الزوجان
فالسدس للأب ان يكن لمورث **ولد ويأخذ ما بقي ببيان
ان لم يكن ولد ينله جميعه ** من بعد من ورثوا بكل أوان
للأم سدس ان يكن لمورث **ولد كذا أو اخوة حالان
ان لم يكن ولد له أو اخوة **للأم ثلث دونما نقصان
للزوج ربع ان يكن ولد هنا **للزوج ان هو لم يكن ربعان
ولزوجة ثمن اذا ولد هنا ** ان لم يكن ولد لها ثمنان
والابن يأخذ كل مال مورث ** من بعد من يرثون دوم زمان
لكن اذا يتنوع الابناء قل ** للبنت حظ للفتى حظان
ثم البنات نصيبهن مبين **فالاثنتان وما علا ثلثان
لكن واحدة لها نصف أتى ** يتلى بأيات من القران
باب في الميراث الجد و الجدة
ان نفقد الأب وارثا فمقامه **للجد يحجب عصبة الاخوان
و الجد فهو أبو أب لا غيره ** فافهم مقالي فهم ذي عرفان
ولجدة سدس فحقق وصفها ** أم لأم أو أب ببيان
والشرط في الميراث أن لا حاجب ** كأب وأم اذ هما حيان(340/16)
باب في مواريث الكلالة
هذي مواريث الكلالة فقدنا ** لأب مع ابن ها هما طرفان
فلاخوة لأب و أم حجبهم ** اخوانهم لأب مدى الأزمان
الا اذا كانت هناك شقيقة ** مع أختها لأب فهاك بياني
لشقيقة نصف وأما من غدت ** لأب فسدس يكمل الثلثان
والأخت تأخذ وحدها نصفا كذا ** مع أختها أو ما علا ثلثان
لكن اذا معها أخ فزيادة ** ورثوا بتعصيب بلا نكران
ومع البنات فانها هي عصبة ** نقل ابن مسعود مع البرهان
أما الذكور فعصبة قد بينت **بأدلة عن ورثة الاخوان
باب في ميراث الاخوة لأم
ولاخوة للام ثلث بينهم ** لجماعة وأقلها اثنان
لا فرق بين مذكرومؤنث**الفرد سدس ضعفه سدسان
ورث ذوي الأرحام دون تردد ** بأدلة معمورة البنيان
مسائل أخرى تتعلق بتوزيع التركات
واعلم فهذا كله من بعدما ** تقضى الديون و كلفة الأكفان
أو بعد تنفيذ الوصية ان تكن ** شرعية لا في هوى الشيطان
لا ليس ميراث لمن هو قاتل ** وكذاك لا يتوارث الدينان
كتاب القصاص و الحدود
ان القصاص شريعة نبوية ** وبها انتظام الناس و الأكوان
فالقتل حق لقاتل متعمد **لا فرق بين الحر والعبدان
وكذلك الأنثى بحكم واحد ** مع شرط اسلام بلا كفران
لا قتل للأب بابنه ولمسلم **بالكافرين وعصبة الأوثان
وكذا القصاص بكل جرح عامد ** من بعد برء الجرح بالتبيان
باب في أحكام الديات
ان الديات وجبن من خطا ومن ** شبه التعمد غلظت بأمان
و العمد بعد العفو فيه غلظت ** دية كشبه العمد للعدوان
وعداه ما قد صولحوا في أخذه ** عن قتل عمد أو جراح هوان
باب في القصاص و ديات الاعضاء
ان القصاص تماثل و لتقتلوا ** للقاتلين ولو هم ألفان
و المسلمون تماثلوا بدياتهم ** لا فضل للذكران عن نسوان
لكن ديات الكافرين بنصفهم ** نص يبدد ظلمة العميان
ولكل عضو قدره بأدلة **مشروحة محدودة الأركان
باب في حد الزاني
مئة من الجلدات للبكر الذي ** يزني مع التغريب عام زمان
وثبوثته بشهادة من أربع ** وظهور حمل واعتراف الزاني(340/17)
والرجم حتى الموت حكم الهنا ** و النص جاء به لذي الاحصان
باب في حد القذف
قذف النفوس المحصنات كبيرة **فدع الهوى واحذر شرور لسان
الجلد مع رفض الشهادة حكمه ** حتى وان هو تاب في اعلان
الا اذا قامت شهادة أربع ** في صدق ما قد قال بالايقان
باب في حد السرقة
ولسارق ربعا من الدينار أو ** ما فوقه قطع يد العدوان
لا قطع في غزو و لا في خلسة**أو مثمر أو نهبة الخوان
باب في حد شرب الخمر
في الخمر جلد الأربعين مثبت ** في أربع المرات قتل فاني
باب في اللواط واتيان البهائم
حكم اللواط لثيب أو غيره **بدليله أن بقتل الطرفان
وكذا الذي يأتي البهيمة انه ** يجزى بقتل ماحق وهوان
باب في الردة
والقتل للمرتد شرع واجب ** بعد استتابته على الرجحان
باب في التعزير
و الحبس و التعزير حاز بتهمة ** حتى يبين القصد من روغان
و الجلد في التعزير غير مجاوز**عشرا من الجلدات بالبرهان
ولساحر عززه حتى يتقي **ويتوب عن أكذوبة الكهان
ترك الزكاة أو الصلاة تكاسلا**فيها من التعزير كل هوان
باب في الحرابة و البغي
والقاطعون الطرق أهل حرابة **نوع العقوبة جاء في القران
ثم الامام مخير في أيها ** يختاره بتناسب الميزان
باب في قتال البغاة و الخارجين
قتل البغاة الخارجين وجوبه ** حق اذا نهضوا الى العدوان
لا سلب منهم ثم لا سبي ولا ** قتل الجريح و لا الأسير العاني
كتاب القضاء و الشهادات
ان القضاء قوامه بالعدل مع ** وصف اجتهاد ليس للنسوان
ثم الهداية حرمت وقضاؤنا ** في حالة التشويش كالغضبان
ان القضاء نفوذه في ظاهر **اذ كل ما في الغيب للرحمان
صح القضاء على الذي هو غائب *ان عاد صح النقض بالبرهان
باب في أحكام الشهادة
ان الشهادة عند حق أوجبت **بادر اليها سرعة العجلان
حد الزنا بشهادة من أربع** وسواه يقبل عنده الاثنان
ويجوز حلف لليمين و شاهد ** بالرضع جاز شهادة الوحدان
و الكافران على الوصية أشهدا ** في حالة الأسفار مقبولان(340/18)
والمرأتان تجوز عن رجل وفي **كل تجوز شهادة النسوان
باب في المرفوضين من الشهود
وارفض شهادة فاسق أو قانع **أوقاذف أو صاحب الشنان
واذا ادعى الاثنان شيئا و استوى** فيه الدليل يرد للسهمان
والحكم بالاقرار حق واجب **ودليله كالشمس في الأكوان
الخاتمة
اني وان أجهدت نفسي ناظما ** ومراجعا و محققا ببيان
لعلى يقين بانفطاري ساهيا** والسهو مولود مع الانسان
فانشر محاسنها وكن لي ناصحا ** فالنصح منهج عصبة الايمان(340/19)
النفحة القدسية والتحفة الأنسية
بسم الله الرحمن الرحيم
منظومة الشيخ أحمد بن عبد القادر الحِفظِىّ
هذه القصيدة مما كان متداولاً في الحجاز وعسير ونجد واليمن , وقد وزعت مع غيرها بشكل واسع في الحجاز بمشورة العالمين الجليلين : العلامة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ , والعلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع
فتحُ نظمي ومقالي حمدُ ربِّ العالمينا
وصلاةُ الله تالي تبلغُ الهادي الأمينا
وعلي صحب وآل وجميع التابعينا
ما بدا نُورُ الوصالِ في وجوه الساجدينا
فاز من قام الليالي بصلاةِ الخاشعينا
أيُّها الناسُ استجيبُوا إن دُعيتُم للحياة
واستقيموا وأنيبوا قبل تعجيل الممات
إنه وعدٌ قريبٌ عن قليلٍ سوف ياتي
فأعدوُّا للرِّحالِ وارحلوا حيناً فحينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
أيها الإنسانُ خبرِّ ما الذي غرَّك بالله
واستمع قول المذكرِّ للذي قد فاق رُُُُسُله
يا مُدثر قم فأنذر ثم طهر كُل شمله
ثم صل تصل معالي قاب قوسين يقينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
ثم ناداهُ جهاراً لا تَزَّمل بالبجاد(1)
وقم الليل اصطباراً وتزود للمعاد
واقترب واسجد مراراً واجتنب طول الرقاد
فظلامُ الليل جالى لوُجوه القائمينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
قُم لنا ليلاً طويلاً هكذا أُوحى إليه
كُلهُ (إلا قليلا نصفه – أو زد عليه)
انهُ (أقومُ قيلا) حجة بين يديه
قام بالسور الطوال واستقام بها سنينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
عائشة قالت كثيراً لا تَكلَّف وأنت ناج
للمُناجى في الدياجى
قال شُكراً يا حميرا(2)ليس هذا بالعلاج
راحتي فيما أضالى(3)من شهود الشاهدينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
قام في الليل وتاها في جلال الله ساري
__________
(1) الغطاء من وبكت دمعاً غزيراً الثياب
(2) تصغير حمراء وهو لقب السيدة عائشة ولكن قال المحدثون كل حديث فيه يا حميراء فهو ضعيف.
(3) أضاء لي.(341/1)
واشتكت أقدام طه(1)ورُمّا بالانفطار
وأقرا منه ما تيسر ومن الليل تهجد
تارةً بالسر واجهر تارةً يا أيُّها العبد
وهو للساعات قدر لست تُحصى الليل بالعد
توبةً من ذي النوال رحمة بالمؤمنينا
فاز من قام الليالي بصلاةِ الخاشعينا
وبسوق الليل فاجلب واتجر فيه وماكس
ولخير الزاد فاطلب ومع العطار جالس
ولحزب النفس فاغلب ولأهل العلم نافس
والخسارةُ في المطال والتوالي تستبينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
كدكد النفس احتمالاً ولها حمِّل وكلِّف
عامل الله فعالاً لا تعدهُ ثُم تُخلف
وابذُل النقدين حالاً لا تُؤجل أو تسوف
من شرى كالى بكالى قد يُدان كما يدينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
واحضر الأسحار واجعل قرَّها للعينُ قرهُ
وعن الأكوان فارحل إن عند الله حضره
دار فيها الكأس فاعجل فعسى تحظى بقطره
لا تجلل بالجلال والأجلا جائلينا
فأتاهُ الوحيُ طه تشقى في جواري
ساعةً فارقُد وتالي ساعةً فاسجد وحينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
لو يكُن أدنى النصيب منه في الأسبوع مره
وإلى هذا الكثيب سفرة من بعد سفره
ببُكاء ونحيب واستكانات وزفره
فأدِمْ جرِّ الحِبالِ تقطع الصخر الثخينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
قُم حبيبي قُم حبيبي قُم فإن الليل راحا
والثريا للمغيب قد دنت والديكُ صاحا
والمطايا بالنجيب قد سرت والصُبحُ لاحا
والكسالى في عقال أصبحوا مُتخبطينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
عقد الشيطانُ عقداً ثم في الآذان بالا
ثُم قال ارقُد وشدَّا فعليك الليلُ طالا
فاغسل الماعون عدّا من ولوغ الكلب حالاً
ثُم أطلق للشكال أطلق الله اليمينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
لا يكونُ الديكُ أكيس منك واسمع للصياح
وعن المعنى تحسس فهُو في صفق الجناح
وادخُل الوادي المقدس وأجب داع الفلاح
__________
(1) ليس إسم طه إسماً من أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم -(341/2)
واسعَ واخلع للنعال واقتبس نُوراً مبينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
من سرى بالليل يَحمد للسُّري عند الصباح
وينالُ الجد من جد ويُداوى للجراح
فاستعن بالله واجهد في غُدُوً ورواح
إن أهل الاشتغال هكذا والمُدلجينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
ويكونُ الملح حالي من كؤوس الشاربينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
ونعيمُ الأُنس بالله جنة الفردوس يُنسِى
وسميرٌ ما أجله عندهُ قُدسي وأنُسي
ومناجاة لمن له سجدا عرش وكُرسي
وهو وقت الاتصال موسمُ المُستغفرينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
وإذا ما شئت قدم فعله قبل المنام
وبفعل الوتر فاختم فهوُ من حُسن الختام
وإذا استيقظت فاحُكم بالإعادة للقيام
عُل وانهل من زُلال ورِدِ الماء المعينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
وعلي هذا الأجلا من شُيوخ العصر الأول
كأبي بكر المولي وأبي السنور(1)عول
كلهم قام وصلي أول الليل وعجل
واختلاف في الفعال حسبَ حال الفاعلينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
إنما قالوا التهجُد فيه أسرار عجيبة
في فُؤاد المُتعبد طعمُ أذواق غريبة
وإذا طال التسجُّد هبت الريحُ الرطيبة
وأذاناً من بلالٍ أدخلوها آمينينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
قالهُ المُختار جهراً في حديث الاستطاعة
فتقرب منهُ شبراً لتري منه ذراعه
والقليلُ من امتثالٍ يستجرُّ الأكثرينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
وأفر فيه قل هو الله مرة من بعد أخري
وكذا يس كله تعدل القرآن عشرا
آية الكرسي فاتلُه وثلاث الحشر فاقرأ
واسر في سُود الليالي وتحرك مُستعينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
ركعتان أقل وردٍ حسْب الطاقة فالزم
كل شخص قدر جهد وأحب الشيء أدوم
واقضه إن لم تؤد وبهذا الحزب فاهتم
والليالي كالجمال والسراة الراكبينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
__________
(1) أي الصحابي الجليل صخر بن دوس ( أبو هريرة ) - رضي الله عنه -(341/3)
لو تري حال الصحابة وبني الزهرا الأئمة
ظلمة الليل مثابة لهم والأنس ثمة
لازموا بالصدق بابه في مناجاة مهمة
كالإمام أبى الرجال أنزع الوجه البطينا(1)
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
وعلي بن الحسين كل ليلة ألف ركعة(2)
مسبلاً من كل عين دمعة من بعد دمعة
وهو بين الجنتين في النعيم بكل هجعه
وعلي هذا المثال كان زين العابدينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
ثم ذو النورين صلي ركعتين بختمتين
وتجلي الله جلا عند طول السجدتين
جامع القرآن كلا(3)بين تلك الدفتين
واستحي السبع العوال منه إجلالاً ودينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
لو تراهم في الظلام كالنخيل الباسقات
كالملائكة الكرام في محاريب الصلاة
عندهم طول القيام كورود الضاحيات
لم يبالوا بالكلال للذيول مشمرينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
سجدا لله ركع في حضور وشهود
كلهم سماه تلمع في الوجوه من السجود
وكأن الطير وُقَّع فوقهم عند الورود
خاشعين لذي الجلال راغبين وراهبينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
ورسول الله عشراً وثلاث كلهنه
ورده شفعاً ووتراً لا تسل عن طولهنه
وهو أهني وهو أمراً يا حبيبي فاشربنه
إن كاسات الوصال من يد الساقي سقينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
وهو أتقانا وأعلم وهو العبد الشكور
وهو في ذاك المخيم ما دجى الداجي سمير
وعباد الله نوم وهو يقظان سفير
جال في ذاك المجال واستقر به قطينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
قال: لي وقت مع الله لا يسعني فيه حي
ومبيتي عند من له سجدا ظل وفي
الله الله الله الله ليس مثل الله شيء
طاح ميزان الجدال واستراح البله فينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
__________
(1) الأنزع والبطين من صفات أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - ونصبا علي المدح
( إن هذا العدد من الركعات من المستحيل ولكن الناس غفلوا عن الممكن والمستحيل والممنوع شرعاً والله أعلم
(3) أي حقاً .(341/4)
فاسلك اليسرى وعاجل تسمعن للكون رجه
واجعل الوقت مراحل دلجة من بعد دلجه
زاحم القوم ونازل فعسي تحظي بفرجه
واجتنب ذات الشمال إنما اليمني يمينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
والجنيد يقول طاحت كل علم وإشارة
ورسومات تلاشت وانمحت تلك العبارة
وركيعات توالت سحراً فيها البشارة
ورأينا في المآل ذلك الكنز الدفينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
واطلب العلم لتحيا وتداوي كل علة
وترى بالعين حيآ في الحمى يبقون ظله
واطو حجب الكون طيا ثم ذرهم وتوله
وتهيأ للنزال وجهاد للذينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
فإذا أتممت فانصب من علاء في علاء
(وإلي ربك فارغب) لازمَا حق الحياء
لا تقم تلهو وتلعب واغتنم وقت الصفاء
بانكسار واختجال من إله العالمينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
يا عنائي من ورائي وأنا صب عليل
ليت أوصافي لدائي إنه الفعل الجميل
وإلي الله ندائي وهو لي نعم الوكيل
آه من حالٍ وقالٍ ليتني في الباكيينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
ليت شعري ليت شعري ما يقول العندليب
هل لهجري هل لوزري هل لتقصيري طبيب
قال إني لست أدري فأنا فيهم غريب
قلت دعني وارتجالي لنظام الياسمينا
فاز من قام الليالي بصلاة الخاشعينا
فقم قارعا للباب والناب نادما
علي ما جري وارفعْ دعاءك يصعد
وقم سائلا والدمع في الخد سائل
تجد مَاتَشَا مِنْ لُطْفِه وكَأَن قَدِ
وقم زلفا في الليل إن نشر الدجى
جَنَاح غُدَافٍ يُلبِسُ الكون يد
ورد ظلام الليل بالذكر مشرقاً
فقد فاز من بالذكر يَهْدي وَيهْتدَيِ(1)
ولله در سابق البربي حين يقول لعمر بن عبد العزيز
ولو كان يسهر لليلي ذكر آخرتي
كما يؤرقني للعاجل السَّفَرُ
إذاً داويت قلبا قد أضَرَّ به
طول السقام وكسر العظم ينجبر(2)
__________
(1) موارد الظمآن للسلمان 3/575 .
(2) موارد الظمآن 3/370(341/5)
إلهنا ما أعدلك
( أبو نواس )
الحسن بن هاني
إلهنا ما أعدلك مليك كل من ملك
لبيك قد لبيت لك
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
ما خاب عبد سألك أنت له حيث سلك
لولاك يا رب هلك
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
كل نبي وملك وكل من أهل لك
وكل عبد سألك سبح أو لبى فلك
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
والليل لما أن حلك والسابحات في الفلك
على مجاري المنسلك
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
اعمل وبادر أجلك واختم بخير عملك
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
////////////////(342/1)
إلهي قد دعوتك يا معينا
1. إلهي قد دعوتك يا معينا فكن عوناً لنا في كل حينا
2. وألهمنا الصواب نقول حقاً ولا نشطط ولا نغلوا بدينا
3. وثبتنا على علم وتقوى نطبق ما علمنا ما حيينا
4. ونحيي شرعة الإسلام دوماً على آدابه نحن ربينا
5. نرحب بالضيوف إذا أتونا وحق الضيف ترحيب علينا
6. فأهلاً ثم سهلاً ما وطئتم فأنتم في القلوب وفي العيونا
7. على شرف الأولى زادوا بهاءُ ومن قادوا زمام الأمر فينا
8. بني التعليم يا أهلاً جميعاُ برفقة سالم الرجل الأمينا
9. جمال الحفل طلتكم بنور كما القمر المنير المستبينا
10. يشرفنا بمركزنا لقاكم وقفنا في الجنوب مرحبينا
11. أرحب بالنيابة عن سعيد وعن كل المديرين ابتدينا
12. فنحن بمركز الإشراف تقنا للقياكم فأبدينا الحنينا
13. فهذا محفل في كل عام تعودنا نرد به الديونا
14. نكرّم فيه من يبني ويعلي ويسقي غرسه عرق الجبينا
15. فذاك مدير مدرسة تفانى وقوض عزمه تعب السنينا
16. فزاد همومه الطلاب هماً ويَكمُل همّه بمعلمينا
17. وذاك معلم أعطى عطاءً فأصبح في ذرا المتميزينا
18. على طلابه يقسو ويحنو حنو الوالدين على البنينا
19. وذا متقاعد أفنى زماناً وضحى بالنفيس وبالمَهينا
20. وقدّم خدمةً عظمى لجيلٍ على مر السنين بلا أنينا
21. وهذا طالب سهر الليالي يروم تفوقاً من غير مَينا
22. وراح ينافس الأقران شوقاً إلى الآمال تسبقه الشجونا
23. وكل في بلادي قام يبني بإخلاص وعزم لا يلينا
24. تنادوا في بلاد الخير هيا لنحمي دولة الحق المبينا
25. نخلّص دارنا من كل فكر دخيل تافه وبه ابتلينا
26. نجنبها خيانة كل نذل ربته ، ثمّ من يده رمينا
27. يسفّه حاكماً ويذم شيخاً ويخرب ما بأيدينا بنينا
28. ويقتل عزلاً وَيشل جنداً وفوا أوطانهم عهداُ يقينا
29. يقول: قتالنا فيكم جهاد ويحسدنا عليه الحاسدونا
30. أما والله ما صدقوا ولكن خيال أخيهم ابليس اللعينا(343/1)
31. يوسوس كل يوم في رؤؤس خلت منها عقول العاقلينا
32. يريدون البلاء لدار عز تحكّم شرع رب العالمينا
33. أتى عبدالعزيز بكل عزم لجمع رجالها المتفرقينا
34. ووحدها على عز وشرع وآخى شعبها المتناحرينا
35. وسار بنو الإمام على خطاه لحفظ مكانة الملك المكينا
36. سعود فيصل وكذا ك خالد تساموا في ذرا مجد متينا
37. وفهد عهده عهدٌ مليءٌ بإنجازات ملك لا يلينا
38. ويشدد أزره وبكل فخر بإخوان تفانوا مخلصينا
39. وشعبٍ كلما خطب تبدّى تلاحم صفهم متوحدينا
40. كبنيان إذا ما رُص حتى غدوا لبلادهم حصناً حصينا
41. يسد على العدا درباً خطوه ويلحق فيهم منا الطعونا
42. فعيشي يا بلادي في أمان وربي في علاه لك معينا(343/2)
إلهي لا تعذبني فإني
الأغاني - (ج 1 / ص 382) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 235)
إلهي لا تعذبني فإني ... مقرٌّ بالذي قد كانَ مني
فما ليَ حيلةٌ إلا رجائي ... لعفوكَ إن عفوت وحُسْنَ ظني
وكم مِنْ زَلْةٍٍ لي في الخطايا ... وأنت عليَّ ذو فضل ومَنِّ
إذا فكرتُ في نَدَمي عليها ... عضضت أناملي وقَرَعْتُ سني
أجنُّ بزهرة الدنيا جنوناً ... وأقطعُ طولَ عمري بالتمني
ولو أنِّي صدقتُ الزهدَ عنها ... قلبتُ لأهلها ظهرَ المجنِّ
يظنُّ الناسُ بي خيراً وإني ... لَشَرُّ الناس إن لم تعف عني(344/1)
إلهي يا مجيب
1
وعدت الذي يدعو وها انا سيدي دعوتك مضطرا وانت سميع
2
وحققت يأسي من سواك لفقره وجئتك محتاجا فكيف اضيع
3
وناديت والآمال فيك قوية
وقلبي من ضرب الذنوب وجيع
4
وفي عملي سقم وعلمي شهوة
وفي الصدر روع للحساب مروع
5
أتطردني عن باب فضلك سيدي
وروضك للعافي الفقير مريع
6
وكيف يرى ظني لديك مضيعا
وعندي على طردي اليك رجوع
7
وهل لي من مولى سواك ارومه
تعاليت .. وصلي من سواك قطيع
8
واي نوال غير فضلك يرتجى
واي حمى الا حماك منيع
9
لئن حجبتني عن نوالك زلة
تلظت لها مني حشا وضلوع
10
واخلدني منها الى الارض شهوة
وقهقرني وجد بها وولوع
11
فما بيدي حول ولا لي حيلة
سوى انني نحو الدعاء سريع
12
باذنك توفيقي وفضلك واسع
اذا لم توفقني فكيف اطيع
13
اسوف بالاقلاع قلبا مقلبا
وعالم حلم منك فيك طموع
14
وقد صدني عن ذاك قلب مغفل
له كل يوم في هواه وقوع
15
عسى اثر العصيان بالذنب ينمحى
ولله في اهل الرجاء صنيع
16
فكم سعة وافت على حين شدة
وقد يرتجى بعد الغروب(345/1)
إلى الأنصار قد وصل الرسولُ
د.عبد المعطي الدالاتي
(ووصل المهاجرون إلى الأنصار، يحملون لهم الهِداية لا الهَدايا ..
فاستقبلوهم بالحب والإيثار..
ولولا الأنصار، لما عُرف معنى الإيثار..
ولولا الهجرة ، لكان محمدٌ من الأنصار..
وقبل الهجرة في الأرض، كان المعراج في السماء ..
وبهما يتعلم المسلم من المهاجر الأكرم صلى الله عليه وسلم ،
كيف يهاجر على كافة المحاور).
إلى الأنصار ترتحلُ الحُمولُ مهاجرةً ، وقائدُها الرسولُ
فيثربُ تنتشي السّعَفاتُ فيها ومكةُ تشتكي فيها الطلولُ
أيرحلُ بدرُها في الليل منها؟! سَلوا التاريخَ عن هادٍ يقولُ
لصاحبه:(أبا بكرٍ! تصبّرْ ولا تحزنْ، فثالثنا الجليلُ )
دليلُ الدرب في البيداء يسري مع المختارِ في دربٍ تطولُ
دليلَ الدرب! تدري، لستَ IIتدري بهذا الدربِ أيّكما الدليلُ !
ألم تبصرْ ؟!.. له الآفاقُ ترنو وبين يديهِ تَرتعشُ السبيلُ !
خُطى القَصواء في الصحراء تحكي بُراقاً في سماواتٍ يجولُ
خُطى التاريخ قد وطأتْ خُطاها ليبدأ بعدها عهدٌ جميلُ
همُ الأنصارُ .. قائلُهم يقولُ: أيا بُشرى لقد وصل الرسولُ
همُ الأنصارُ .. إيثارٌ وحبٌ وأحمدُ في قلوبهمُ نزيلُ
همُ الأنصارُ .. قائلُهم يقولُ : ( وربِّك يا محمدُ لا نقيلُ.. )
همُ الأنصارُ .. إيمانٌ ونصرٌ وراياتٌ.. وتاريخٌ يطولُ
وحولَ محمدٍ حامتْ قلوبٌ و طافتْ حول ناقتهِ الخيولُ
وها إنّا و إنْ كنا غفلنا فإنّا بعد صحوتنا نقولُ:
هو الإسلامُ دينُ الله يبقى ويحمل صرحَه جيلٌ فجيلُ
وإنّا في العقيدة قد غُرسنا كما غُرستْ بطيبتنا النخيلُ
مع الهادي وصُحبتِه هوانا وشرحُ الحبِّ أمرٌ يستحيلُ
مهاجرةً وأنصاراً سنحيا رعيلُ الفتحِ يتبعُهُ الرعيلُ Œ(346/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حار س التنديد ورهبانه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد .. فقد وصلتني في شهر رجب من سنة 1417 هـ قصيدة بعنوان (يا حارس الأمن) للمدعو محمد بن هادي بن علي المدخلي المحاضر بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة
يثني فيها على آل سعود ويدعو لهم ويخص بالذكر منهم نايف بن عبد العزيز ، في الوقت الذي يشن غارته فيها على كل داعية قام في وجه طواغيته وحكومتهم .. ويقول بين يديها : (بمناسبة القبض على مجرمي !! حادث التفجير بحي العليا بمدينة الرياض ، وما بذله رجال الأمن من الجهود الجبارة حتى وصلوا إلى هذه النتيجة المشرفة !!(1)وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وسمو نائبه ... قلت هذه القصيدة ، وهي عبارة عن تهنئة لرجل الأمن الأول في مملكتنا الحبيبة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز حفظه الله تعالى..آمين) أهـ
ويقول في مطلعها :
سر يابن من كان للتوحيد !! منتصرا ... وهازما كل طاغوت وشيطان
ورافعا راية الإسلام عالية ... رغم العدو ورغم الحاقد الشاني
ويقول :
أما الملوك فهم آل السعود لهم ... سمع وطاعتهم حتم بقرآن
إلى قوله :
ولا يحل لشخص خلع بيعتهم ... ومن يخن فعليه إثم خوان
إلى أن يختم بقوله :-
يا حارس الأمن بعد الله في وطني ... الله يحميك في سر وإعلان
أبا سعود أطال الله عمركم ... في نصرة الدين والملهوف والعان
الله الله في كتب قد انتشرت ... بها مناهج تكفير وإخوان
كل المناطق من أرضي قد امتلأت ... بها بسعر زهيد أو بمجان
قوموا عليها بحرق مع معاقبة ... لمن يروجها في صف شبان
فقلت ردا على هذا المدخلي :-
إلى حارس التنديد ورهبانه
__________
(1) النتيجة المشرفة عند هذا الصبي : هي قتل أربعة من خيار الإخوة الموحدين المجاهدين .. لزراق عيون الأمريكان المشركين .. مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في الحديث الصحيح ( .. ولا يقتل مسلم بكافر ) . !!(347/1)
نم يا بن من كان للتنديد منتصرا ... في حضن كل طويغيت وشيطان
يا رافعا راية الإشراك عالية ... وساعيا جاهدا في هدم إيمان
نم يا بن من تعرف الأعراب غدرته ... والعجم تعرفها رايات خُوّان
عبد العزيز الذي قد شن غارته ... في ذبح أهل التقى من جند إخوان(1)
عبد العزيز الذي قد شب مشتملا ... ثوب الخيانة في كوت وأوثان(2)
في دولة الكفر من قد كان يكفرها ... من أهل نجد أساطين ببرهان
وتلك أفراخه من بعده درجت ... في نصر شرعة طاغوت وفتان
لا همّ عندهمو إلا محاربة ... لكل داعية يدعو لإيمان
شادوا لقانونهم في أرض قبلتنا ... محاكما قد بنوها شر بنيان
__________
(1) ... الإشارة إلى (إخوان من طاع الله) أتباع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذين كانت لهم اليد الطولى في تثبيت دعائم حكم عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل مؤسس الدولة السعودية الثالثة الذي أوهمهم أنه من أنصار التوحيد وكان عميلا للإنكليز ثم الأمريكان ، ولما ثبت له الأمر غدر بالإخوان في موقعة السبلة قرب القصيم فذبح قياداتهم وشتت شملهم ثم قامت بريطانيا بعد ذلك بتعقب الفارين منهم إلى حدود الكويت ، وسلمتهم لعميلها آنذاك عبدالعزيز .
(2) ...
(2) كانت الكويت تعرف بالكوت لما لجأ إليها عبد العزيز وأبوه ، قبل أن يرجع إلى بلاده ، وقد نشأ وترعرع فيها في ظل ولاية ورعاية مبارك الصباح عميل بريطانيا ، ومعلوم أن علماء نجد كانوا يكفرون الكويت ويرون أنها دار كفر لا تحل الإقامة فيها لما فيها من عبادة القبور والأوثان ، ولموالاتها لبريطانيا ولما كان يستحل فيها من فسق وفجور ، أنظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية ونحوها من كتب وفتاوي علماء نجد ، وفي هذا رد على المدخلي الذي عير في قصيدته بعض الدعاة للجوئهم إلى بعض بلاد الكفر فرارا من بطش آل سعود وأمثالهم من الحكام الكفرة .. فحكامه وولاة أمره قد ترعرعوا في ديار الكفر ورضعوا من ألبان العمالة والكفر والخيانة ، فصح فيه قولهم : (رمتني بدائها وانسلت).(347/2)
كذاك والوا أولي الإشراك إخوتهم ... من جنس كل يهودي ونصراني
أعلام كفر على أرض مباركة ... تزهوا جهارا كذا رايات صلبان
وشيدوا للربا في أرض كعبتنا ... صرحا يضاهوا به صرحا لهامان
والفسق قد نشروا والعهر مستعر ... آل السعود رعوه كالأب الحاني
إن كنت تجهل ذا فاقرأ كواشف من ... جلّى الحقيقة للقاصي وللداني(1)
هم الذين يقول العُمي (إن لهم ... سمعٌ وطاعتهم حتمٌ بقران)
(ولا يحل لشخص خلع بيعتهم ... ومن يخن فعليه إثم خوان)(2)
فلعنة الله تترى لا انقطاع لها ... لمن يقول بذا من شر رهبان
رهبان سوء كغربان تمر بمن ... يمشي مكبا على رجس وأنتان
قد أفسدوا الدين ضلوا في فتاويهم ... وضللوا الناس عن آيات قرآن
وسلموا الأمر وانقادوا لبيعة من ... لا شرط عقل ولا أركان إيمان(3)
وشوهوا كذبا في كل داعية ... يدعو لحق وتوحيد وإيمان
__________
(1) الإشارة إلى كتاب (الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية) .
(2) مابين القوسين هو قول المدخلي بحروفه من قصيدته ، وهو قول علماء الضلالة ممن بايعوا الحكام الكفرة وتولوهم .
(3) معلوم أن أول وأهم شروط الإمام القوام الذي يبايع له بالإمرة على المسلمين أن يكون مسلما ومنها العقل والقرشية ونحوها مما هو معلوم في مواضعه بأدلته الشرعية ، وهؤلاء الحكام الكفرة الذين بايعهم هؤلاء الرهبان وأعطوهم صفقة أيديهم وثمرة أفئدتهم يفتقرون لأدنى هذه الشروط كالعقل إذ من يفعل أفاعيلهم من تضييع البلاد والعباد وجعل خيراتها نهبا لأعدائها ناهيك عن استبدالهم زبالات شرائع البشر يأحكام الله المطهرة ؛ من يفعل مثل هذا فهو دون شك من أسفه السفهاء ، قال تعالى : ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) وقال ( ألا إنهم هم السفهاء ولكن لايعلمون ) .. ناهيك عن فقدانهم لأهم ذلك كله وهو شرط الإسلام والإيمان !!(347/3)
قالوا خوارج هم ،مع أنهم خرجوا ... لما رأوا حكمهم كفرا ببرهان(1)
كفرا بواحا صراحا لا خفاء به ... لكنه سفها يحلو لعميان
يرونه شططا إيمان مرجئة ... وينعتونه كفرا دون كفران
وقايسوا سفها حكام ردتهم ... على حكومات إسلام وإيمان(2)
لا عجب قد خنعوا فالجبن صيّرهم ... حربا على الدين أجنادا لقرصان
هذي طريقة أهل الغي ديدنهم ... مع أهل توحيدنا في كل أزمان(3)
ويحسبون غباء أنهم سلكوا ... نهجا لأسلافنا أرباب إحسان
مع أن أسلافنا كانت طريقتهم ... إعراضهم دائما عن باب سلطان
هذي طريقهموا في عهد عزتنا ... عهد الخلافة لا عهدا لطغيان
ليسوا كعميانكم ليسوا كأرذالكم ... ليسوا ومن بايعوا الطاغوت سيان
كالبهم يقتادهم مع كل سارحة ... يفتون ما يرتضي أهواء سلطان
بلعام قدوتهم كالكلب لهثتهم ... كالحمر تحمل أسفارا لإنسان(4)
من ثم ذا المدخلي يدخلهمو كذبا ... في زمرة العلما من أهل إيمان
__________
(1) إشارة إلى حديث عبادة بن الصامت مرفوعا : ( ... وأن لاننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ) .
(2) إشارة إلى بعض شبهات وتلبيسات علماء الضلالة من أهل التجهم والإرجاء الذين يقايسون حكومات الردة في هذا الزمان على حكومات الخلافة ، وينزلون أقاويل السلف في الحكام المسلمين الظلمة الذين كان كفرهم كفرا دون كفر ، على أئمة الكفر المشرعين المرتدين المتولين للكفار المحاربين لدين الله في هذا الزمان .
(3) من طريقة أهل البدع التي يورثها بعضهم بعضا على مر العصور؛ رمي أهل الحق واتهامهم بأنهم خوارج ، ومن ثم الوشاية بهم إلى السلاطين وتحريش الحكام وتأليبهم عليهم .
(4) إشارة إلى قوله تعالى : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين .. ) إلى قوله : ( فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث ... . ) الآية 176 الأعراف
وقوله تعالى : ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ... . ) الآية 5 الجمعة .(347/4)
يشن غارته في ذم من برؤوا ... من كفر أربابه لبّاس صلبان(1)
يدعو لحكامه والله يسأله ... طول البقاء لعمر الكافر الجاني
يهيم ممتدحا حراس أمنهمو ... والله ما حرسوا إلا لطغيان
والأمنُ لو فقهوا يعطيه بارؤنا ... لقوم لم يلبسوا ظلما بإيمان(2)
أما من احتكموا للكفر أو ركنوا ... للشرك في مجلس للأمن فتان
فليس يأمن من في سربهم أبدا ... حتى وإن حرسوا بالإنس والجان
سحقا لمبتدع يمدحهموا كذبا ... تبا لأحبارهم أفٍّ لرهبان
ويشتكي لهموا من كتبنا علنا ... تلك التي فضحت حكما لطغيان
يأوي لسلطانه من نور دعوتنا ... كمثل خفاشهم تعميه نيراني
يأوي لسطوتهم البطش ملجؤه ... لو كان ذا حجة يأتي ببرهان
يعوي لأسياده كي يحرقوا كتبنا ... محذرا نشرها في صف شبان
فالله أسأله حرقا لقلبكمو ... في غمر توحيدنا أرجاء أوطان
والله أسأله حرقا لكبدكمو ... في نصر أهل التقى أنصار إيمان
والله أسأله حرقا لشرككمو ... في دحر طغيانكم من كل بلداني
أتحسبن الهدى صحفا تحرّقها ... أو ينطفي نورها من نفخة الجاني
أتحسبن غباءً أن جمعكمو ... يُطفي هدى الله أويقوى لفرقان
أما علمت بأن الله منتصر ... وغالب أمره في نص قرآن
موتوا بغيظكمو فالله صيرنا ... شوكا بحلقكمو يبقى كسعدان(3)
موتوا بغيظكمو فالحق منتصر ... والشمس لم تنكسف يوما بذبان
أبو محمد
رجب 1417 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
( هذه قصيدة بعث بها أحد إخواننا مقابلة لقصيدة الرد على المدخلي ) :
__________
(1) 10) عندما لبس فهد بن عبدالعزيز الصليب في بريطانيا وتناقلت صورته وكالات الأنباء وسئل عالمهم عن ذلك، هل يصل إلى الكفر ؟؟ فقال : (لا هذه أمور عادية .. هذي أمور عادية !!!!!!!!) .
(2) 11) إشارة إلى قوله تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) .
(3) 12) السعدان: شوكٌ معروف وصفت به كلاليب جهنّم.(347/5)
أخي الحبيب ..أبا محمد أخط لك هذه العجالة الشعرية والتي كتبتها من وحي قصيدتك ( إلى حارس التنديد ورهبانه ) التي أثرت في نفسي معانيها ، والتي كان صداها في قلبي كثيرا ومثيرا ، وأأمل أن نلتقي دائما على الخير والحق ورفعة الدين ..
أبكي لحزنك أم تبكي لأحزاني إن المصاب الذي أبكاك أبكاني
إن الهموم التي أنيابها نشبت في لحنك العذب عضت وحي ألحاني
بتنا نصارع غول القهر في زمن قادته زمرة خوّان وخصيان
بتنا نقارع وحش الذل يتبعه شعب أطال الكرى في حضن ثعبان
يا مقدسي لكم عانيت مثلك من تجار عهر أباحوا عرض أوطاني
فقمت أقدح .. أهجوا قبح ديدنهم كي أخمد النار في أصقاع وجداني
وكي أداوي جراحا أججت لهبا في القلب فاستعرت نارا بأجفاني
لكنني صرت لا الأنات تسعفني ولا صروف اللظى من فرط إدماني
يا مقدسي طريق النصر واحدة السيف رائدها في كل ميدان
هذي بلادي غدت للهون منتجعا لما اعتلى عرشها الخوان والخاني
ومزقتها ظبات الغدر وانتكست أمجادها فانزوت في قبو أشجاني
وأصبحت للعدى نهبا ومنتهبا وبات يسري الردى في جسمها الواني
والأمة القمة المرهوب جانبها بالأمس .. دانت لأمر الفاحش الزاني
وأصبح الذل عنوانا لرايتها وكيف لا وغدت وطأً لعبدان
فلا تلُذ أبدا في طغمة سجدوا هونا لشرع طواغيت وأوثان
ولا تؤمل رجاء فيمن اعترفوا بالذل نهجا وعلوا صرح شيطان
فليس يرجى بهم خيرا ولست أرى فيهم – وربي – سوى موتى بأكفان
فاشحذ حسامك واقحم صمت واقعهم واقهر ضجيج الغوى في صوت إيمان
واصبر محمد .. فجر النصر منبعث - بأمر بارئنا – من ليل طغيان
الأحد 8/ 12 / 1996 م ، k(347/6)
اليوم عادت علوج الروم فاتحة *** وموطن العرب المسلوب والسلب
البردّوني
ما أصدق السيف ! إن لم ينضه الكذب *** وأكذب السيف إن لم يصدق الغضب
بيضُ الصفائح أهدى حين تحملها *** أيد إذا غلبت يعلو بها الغلب
وأقبح النصر نصر الأقوياء بلا *** فهم سوى فهم كم باعوا وكم كسبوا
أدهى من الجهل علم يطمئن إلى *** أنصاف ناس طغوا بالعلم واغتصبوا
قالوا : هم البشر الأرقى ، وما أكلوا *** شيئاً كما أكلوا الإنسان أو شربوا
? * * * * * * * * * * * * * * * * *
ماذا جرى يا أبا تمام تسألني *** عفواً سأروي ولا تسأل وما السبب
يدمى السؤال حياء حين نسأله *** كيف احتفت بالعدا حيفا أو النقب
من ذا يلبي أما إصرار معتصم *** كلا وأخزى من الأقشين (1) ما صُلبوا
اليوم عادت علوج الروم فاتحة *** وموطن العرب المسلوب والسلب
ماذا فعلنا ؟ غضبنا كالرجال ولم *** نصدق وقد صدق التنجيم والكتب
فأطفأت شهب الميراج أنجمنا *** وشمسنا وتحدت نارَها الخطب
وقاتلت دوننا الأبواق صامدة *** أما الرجال فماتوا ثم أو هربوا
حكامنا إن تصدوا للحمى اقتحموا *** وإن تصدى له المستعمر انسحبوا
هم يفرشون لجيش الغزو أعينهم *** ويدّعون و ثوباً قبل أن يثبوا
الحاكمون وواشنطن حكومتهم *** واللامعون وما شعوا ولا غربوا
القاتلون نبوغ الشعب ترضية *** للمعتدين وما أجدتهم الخطب
لهم شموخ المثنى ظاهراً ولهم *** هوى إلى بابك الخرمي ينتسب
ماذا ترى يا أبا تمام هل كذبت *** أحسابنا أو تناسى عرقَه الذهب
عروبة اليوم أخرى لا ينم على *** وجودها اسم ولا لون ولا لقب
تسعون ألفاً لعمورية ( انتفضوا ) *** وللمنجم قالوا : إننا الشهب
قيل انتظار قطاف الكرم ما انتظروا *** نضج العناقيد لكن قبلها التهبوا
واليوم تسعون مليوناً (2) وما بلغوا *** نضجاً وقد عصر الزيتون والعنب
تنسى الرؤوس العوالي نار نخوتها *** إذا امتطاها إلى أساده الذنب
شرقت غربت من وال إلى ملك *** يحثك الفقر أو يقتادك الطلب(348/1)
طوفت حتى وصلت الموصل انطفأت *** فيك الأماني ولم يشبع لها أرب
لكن موت المجيد الفذ يبدؤه *** ولادة من صباها ترضع الحقب
حبيب ما زال في عينيك أسئلة *** تبدو وتنسى حكاياها فتنتقب
وما تزال بحلقي ألف مبكية *** من رهبة البوح تستحيي وتضطرب
يكفيك أن عدانا أهدروا دمنا *** ونحن من دمنا نحسو ونحتلب
سحائب الغزو تشوينا وتحجبنا *** يوماً ستحبل من إرعادنا السحب
أما ترى يا أبا تمام بارقنا *** إن السماء ترجى حين تحتجب
ديسمبر 1971 م
=======================
(1) (حيدر الاقشين) كان قائد جيش المعتصم ، فخانه ، فصلب وأحرق ، وقال أبو تمام في حرقه رائيته المشهورة : ا لحق أبلج والسيوف عواري ... إلخ .
(2) كانوا في ذلك الوقت تسعين مليوناً ، أما الآن فقد تضاعفوا عدة أضعاف والحال كما هو ولا حول ولا قوة إلا بالله .
-----------------------------------
** مع الشكر للفاضل العزيزي من الساحات(348/2)
أمّا تميمٌ فقد ذاقتْ عداوتَنا
الأغاني - (ج 6 / ص 150)
وقال الأعشى في ذلك:
لو أن كل معد كان شاركنا ... في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
لما أتونا كان الليل يقدمهم ... مطبق الأرض تغشاها لهم سدف
بطارق وبنو ملك مرازبة ... من الأعاجم في آذانها النطف
من كل مرجانة في البحر أحرزها ... تيارها ووقاها طينها الصدف
وظعننا خلفنا تجري مدامعها ... أكبادها وجلاً مما ترى تجف
يحسرن عن أوجه قد عاينت عبراً ... ولاحها غبرة ألوانها كسف
ما في الخدود صدود عن وجوههم ... ولا عن الطعن في اللبات منحرف
عوداً على بدئهم ما إن يلبثهم ... كر الصقور بنات الماء تختطف
لما أمالوا إلى النشاب أيديهم ... ملنا ببيض فظل الهام يقتطف
وخيل بكر فما تنفك تطحنهم ... حتى تولوا وكاد اليوم ينتصف
وقال أعشي بكر:
أمّا تميمٌ فقد ذاقتْ عداوتَنا ... وقيسَ عَيلان مَسَّ الخِزْيُ والأسَفُ
وجُند كِسْرى غداة الحِنْو صَبَّحهم ... منّا غَطاريف تُزجي الموتَ فانْصرفوا
لَقُوا مُلَمْلَمةَ شَهْبَاء يَقْدمها ... للموتِ لا عاجزٌ فيها ولا خَرِف
فَرْعٌ نَمَتْهُ فُروع غيرُ ناقصةٍ ... مُوفَّق حازمٌ في أمره أُنف
فيها فوارسُ محمود لقاؤهمُ ... مِثْل الَأسنَّة لا مِيل ولا كُشف
بِيضُ الوُجوهِ غداةَ الروع تَحْسَبهم ... جِنَّان عَبْس عليها البَيْض والزَّغَف
لما التقينا كَشَفْنا عن جَماجمنا ... لِيَعْلَموا أننا بَكْرٌ فينْصَرفوا
قالوا البقيَّةَ والهِنْديُ يحْصدهم ... ولا بقيَّةَ إلا السيف فانكَشفوا
لو أَنَ كلَّ معدِّ كان شارَكَنَا ... في يوْم ذي قار ما أَخطاهُمُ الشَّرَف
لما أَمالوا إلى النّشّاب أيديَهم ... مِلْنا بِبيض فَظل الهام يُخْتَطف
إذا عَطْفنا عليهم عَطْفَةً صَبَرتْ ... حتى تولَّت وكاد اليومُ يَنْتَصف
بطارق وبنو مُلْك مرازبة ... من الأعاجم في آذانها النَّطف
مِنْ كل مَرْجانة في البحر أحرَزها ... تيارُها ووقاها طينَها الصّدَف(349/1)
كأنما الآلُ في حافاتِ جَمْعهم ... والبِيض بَرْق بدا في عارضٍ يَكِف
ما في الخُدود صدود عن سيُوفهم ... ولا عن الطَّعْنِ في الَّلبَّات مُنْحَرفُ(349/2)
أمَا لِجَمِيلٍ عِنْدَكُنّ ثَوَابُ
أبو فراس
أمَا لِجَمِيلٍ عِنْدَكُنّ ثَوَابُ، وَلا لِمُسِيء عِنْدَكُنّ مَتَابُ؟
لَقَد ضَلّ مَنْ تَحوِي هوَاهُ خَرِيدة ٌ، و قدْ ذلَّ منْ تقضي عليهِ كعابُ
و لكنني - والحمدُ للهِ - حازمٌ أعزُّ إذا ذلتْ لهنَّ رقابُ
وَلا تَمْلِكُ الحَسْنَاءُ قَلْبيَ كُلّهُ و إنْ شملتها رقة ٌ وشبابُ
وَأجرِي فلا أُعطي الهوَى فضْلَ مقوَدي، وَأهْفُو وَلا يَخْفَى عَلَيّ صَوَابُ
إذا الخِلّ لَمْ يَهْجُرْكَ إلاّ مَلالَة ً، فليسَ لهُ إلا الفراقَ عتابُ
إذَا لَمْ أجِدْ مِنْ خُلّة ٍ ما أُرِيدُهُ فعندي لأخرى عزمة ٌ وركابُ
وَلَيْسَ فرَاقٌ ما استَطَعتُ، فإن يكُن فراقٌ على حالٍ فليسَ إيابُ
صبورٌ ولوْ لمْ تبقَ مني بقية ٌ قؤولٌ ولوْ أنَّ السيوفَ جوابُ
وَقُورٌ وأحْدَاثُ الزّمَانِ تَنُوشُني، وَفي كُلّ يَوْمٍ لَفْتَة ٌ وَخِطَابُ
وَألْحَظُ أحْوَالَ الزّمَانِ بِمُقْلَة ٍ بها الصدقُ صدقٌ والكذابُ كذابُ
بِمَنْ يَثِقُ الإنْسَانُ فِيمَا يَنُوبُهُ وَمِنْ أينَ للحُرّ الكَرِيمِ صِحَابُ؟
وَقَدْ صَارَ هَذَا النّاسُ إلاّ أقَلَّهُمْ ذئاباً على أجسادهنَّ ثيابُ
تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوة ً بِمَفْرِقِ أغْبَانَا حَصى ً وَتُرَابُ
وَلَوْ عَرَفُوني حَقّ مَعْرِفَتي بهِم، إذاً عَلِمُوا أني شَهِدْتُ وَغَابُوا
وَمَا كُلّ فَعّالٍ يُجَازَى بِفِعْلِهِ، و لا كلِّ قوالٍ لديَّ يجابُ
وَرُبّ كَلامٍ مَرّ فَوْقَ مَسَامِعي
إلى الله أشْكُو أنّنَا بِمَنَازِلٍ تحكمُ في آسادهنَّ كلابُ
تَمُرّ اللّيَالي لَيْسَ للنّفْعِ مَوْضِعٌ لديَّ ، ولا للمعتفينَ جنابُ
وَلا شُدّ لي سَرْجٌ عَلى ظَهْرِ سَابحٍ، ولا ضُرِبَتْ لي بِالعَرَاءِ قِبَابُ
و لا برقتْ لي في اللقاءِ قواطعٌ وَلا لَمَعَتْ لي في الحُرُوبِ حِرَابُ
ستذكرُ أيامي " نميرٌ" و" عامرٌ" و" كعبٌ " على علاتها و" كلابُ "(350/1)
أنا الجارُ لا زادي بطيءٌ عليهمُ وَلا دُونَ مَالي لِلْحَوَادِثِ بَابُ
وَلا أطْلُبُ العَوْرَاءَ مِنْهُمْ أُصِيبُهَا، وَلا عَوْرَتي للطّالِبِينَ تُصَابُ
وَأسْطُو وَحُبّي ثَابِتٌ في صُدورِهِمْ وَأحلُمُ عَنْ جُهّالِهِمْ وَأُهَابُ
بَني عَمّنا ما يَصْنعُ السّيفُ في الوَغى إذا فلَّ منهُ مضربٌ وذبابُ ؟
شِدَادٌ عَلى غَيْرِ الهَوَانِ صِلابُ
بَني عَمّنَا نَحْنُ السّوَاعِدُ والظُّبَى ويوشكُ يوماً أنْ يكونَ ضرابُ
حَرِيّونَ أنْ يُقْضَى لَهُمْ وَيُهَابُوا
فَعَنْ أيّ عُذْرٍ إنْ دُعُوا وَدُعِيتُمُ أبَيْتُمْ، بَني أعمَامِنا، وأجَابُوا؟
وَمَا أدّعي، ما يَعْلَمُ الله غَيْرَهُ رحابُ " عليٍّ " للعفاة ِ رحابُ
و أفعالهُ للراغبين َ كريمة ٌ و أموالهُ للطالبينَ نهابُ
و لكنْ نبا منهُ بكفي صارمٌ و أظلمُ في عينيَّ منهُ شهابُ
وَأبطَأ عَنّي، وَالمَنَايَا سَرِيعة ٌ، وَلِلْمَوْتِ ظُفْرٌ قَدْ أطَلّ وَنَابُ
و لا نسبٌ بينَ الرجالِ قرابُ
فأَحْوَطَ لِلإسْلامِ أنْ لا يُضِيعَني و لي عنهُ فيهِ حوطة ٌ ومنابُ
ولكنني راضٍ على كل حالة ٍ ليعلمَ أيُّ الحالتينِ سرابُ
و ما زلتُ أرضى بالقليلِ محبة ً لديهِ وما دونَ الكثيرِ حجابُ
وَأطلُبُ إبْقَاءً عَلى الوُدّ أرْضَهُ، و ذكرى منى ً في غيرها وطلابُ
كذاكَ الوِدادُ المحضُ لا يُرْتَجى لَهُ ثوابٌ ولا يخشى عليهِ عقابُ
وَقد كنتُ أخشَى الهجرَ والشملُ جامعٌ و في كلِّ يومٍ لقية ٌ وخطابُ
فكيفَ وفيما بيننا ملكُ قيصرٍ وَللبَحْرِ حَوْلي زَخْرَة ٌ وَعُبَابُ
أمنْ بعدِ بذلِ النفسِ فيما تريدهُ أُثَابُ بِمُرّ العَتْبِ حِينَ أُثَابُ؟
فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاة ُ مَرِيرَة ٌ، وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ
وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ و بيني وبينَ العالمينَ خرابُ(350/2)
أمات الليثُ أم حيّ بقوم ..
قصيدة الشيخ حامد العلي في رثاء شامل باسييف رحمه الله
http://www.9q9q.org/index.php?image=ScioNMFDc975
سمعنا صائحا يبكي أنينا
ويندب شاملا ندبا حزينا
يقول الأسدُ لاتَبكي ولكنْ
لهذا الليث فلتبكي السنينا
فكم كانت به الصلبان تشقى
وكم من أهلها قتل المئينا
ترى بوتين من جزع كفأر
وجيش الروس مكسورا مهينا
وكم أذكى بهمْ نيران حرب
وأنبأهم بصارمه اليقينا
حمى الإسلام بالقوقاز حُرّا
مثال الليث إذ يحمي العرينا
ونادى الجندَ للإسلام قوموا
أذيقوا الروس بالسيف المنونا
فثاروُا من مرابضهمْ أسودا
تراهمْ في الوغى متبسّمينا
رجالٌ كالصواعقٍ ملهباتٍِ
بأجنحة الفخار مرفرفينا
أمات الليثُ أم حيّ بقوم
يرون حياة ذي ذلّ جنونا
يرون الموت أولى من حياة
يذلّ المرءُ فيها مستكينا
سيخلف شاملا بطل أبيُّ
ويرجعُ بالجيوش مظفّرينا
فهذا الدين ينجب من بنيه
بنينا ليس مثلُهُمُ بنينا
كأنّ رجاله تيجان عزّ
سحائبُ تمطرُ النصرَ المبينا
حامد بن عبدالله العلي(351/1)
إمام المرسلين فداك روحي...
صالح بن علي العمري
ردّا عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقياما ببعض حقّه...
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحي وأرواحُ الأئمةِ والدُّعاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقاةِ
ويا علم الهدى يفديك عمري ومالي.. يا نبي المكرماتِ!!
ويا تاج التُّقى تفديك نفسي ونفسُ أولي الرئاسةِ والولاةِ
فداكَ الكون يا عَطِرَ السجايا فما للناس دونك من زكاةِ..
فأنتَ قداسة ٌ إمَّا استُحلّتْ فذاكَ الموتُ من قبل الممات!!
ولو جحد البريّةُ منك قولاً لكُبّوا في الجحيم مع العُصاةِ
وعرضُك عرضُنا ورؤاكَ فينا بمنزلة الشهادةِ والصلاةِ
رُفِعْتَ منازلاً.. وشُرحت صدرا ودينُكَ ظاهرٌ رغمَ العُداةِ
وذكرُكَ يا رسولَ اللهِ زادٌ تُضاءُ بهِ أسَاريرُ الحَيَاةِ
وغرسُك مُثمرٌ في كلِّ صِقعٍ وهديُكَ مُشرقٌ في كلِّ ذاتِ
ومَا لِجنان ِ عَدنٍ من طريقٍ بغيرِ هُداكَ يا علمَ الهُداةِ
وأعلى اللهُ شأنكَ في البَرَايا وتلكَ اليومَ أجلى المُعجزاتِ
وفي الإسراءِ والمعراج ِ معنى لقدركَ في عناقِ المكرماتِ
ولمْ تنطقْ عنْ الأهواءِ يوما وروحُ القدسِِ مِنكَ على صِلاتِ
بُعثتَ إلى المَلا بِرّاً ونُعمى ورُحمى.. يا نبيَ المَرْحَمَاتِ
رَفَعْتَ عن البريّةِ كلُّ إصرٍ وأنتَ لدائها آسي الأُساةِ
تمنّى الدهرُ قبلك طيفَ نورٍ فكان ضياكَ أغلى الأمنياتِ
يتيمٌ أنقذ َ الدّنيا.. فقيرٌ أفاضَ على البريّةِ بالهِبَاتِ
طريدٌ أمّنَ الدنيا.. فشادت على بُنيانِهِ أيدي البُنَاةِ..
رحيمٌ باليتيمة والأُسارى رفيقٌ بالجهولِ وبالجُنَاة ِ
كريمٌ كالسحابِ إذا أهلّت شجاعٌ هدَّ أركانَ البُغَاةِ
بليغٌ علّم الدنيا بوحي ٍ ولم يقرأ بلوح ٍ أو دواةِ
حكيمٌ.. جاءَ باليُسْرى.. شَفيقٌ فلانتْ منهُ أفئدة ُ القُساةِ
فمنكَ شريعتي.. وسكونُ نفسي ومنكَ هويتي.. وسمو ذاتي
ولي فيكَ اهتداءٌ .. واقتفاءٌ لأخلاقِِ العُلا والمَكْرماتِ(352/1)
وفيك هدايتي.. وشفاءُ صدري بعلمكَ أو بحلمكَ والأناةِ
ومنك شفاعتي في يومِِ عَرْض ٍ ومن كفيّكَ إرواءُ الظُّماةِ
ومنك دعاءُ إمسائي وصحوي وإقبالي وغمضي والتفاتي
رسولَ اللهِ قد أسبلتُ دَمْعي ونزَّ القلبُ من لَجَجِ ِ البُغَاةِ
فهذي أمّةُ الإسلام ضجّتْ وقد تُجبى المُنى بالنائباتِ!!
هوانُ السيفِ من هُونِ المُباري ولِينُ الرمحِ من لِينِ القناةِ
وقد تَشفى الجسومُ على الرزايا ويعلو الدينُ من كيدِ الوشاةِ!!
وفي هزِّ اللواءِ رؤى اتحادٍ ولمُّ الشمل ِ من بعد الشتاتِ !!
وقد تصحو القلوبُ إذا اسْتُفزّتْ ولَفحُ التَّارِ يوقظ ُ من سُبَاتِ!!
ألا بُترتْ روافدُ كلِّ فضٍّ تمرّغَّ في وحول ِ السيئاتِ
ألا أبْلِغْ بَنِي عِلمان عنّي وقد عُدَّ العميلُ من الجُنَاةِ !!
أراكمْ ترقصونَ على أَسانا وتَسْتَحْلون مَيْلَ الغانياتِ!!
وإن مسَّ العدوَ مَسيسُ قَرح ٍ رفعتمْ بيننا صوتَ النُّعاةِ!!
وإنْ عَبستْ لكم "ليزا"* خَنَعْتمْ خُنوع َ المُوفضينَ إلى مَناةِ !!
وإن ما هَاجتْ الشُبُهاتُ خُضْتم ْ بألسنةٍ شِحاح ٍ فاجراتِ !!
"حوارُ الآخرِ " استشرى فذبّوا عن المعصومِ ألسنةَ الجُفاةِ !!
وصوت "الآخرِ " استعلى فردّوا عن الهادي سهامَ الإفتئاتِ ..
رميتمْ بالغلو دُعاة ديني فهل من حُجّةٍ نحو الغُلاة ؟!!
أكُرّارٌ على قومي كُماة وفي عينِ المصيبةِ كالبنات ِ؟!!
ومن يرجو بني علمان عوناً كراجي الروح ِ في الجسدِ الرُّفات!!
رسولَ الحُبِّ في ذكراك قُربى وتحتَ لواكَ أطواقُ النجاةِ
عليك صلاةُ ربِّكَ ما تجلى ضياءٌ .. واعتلى صوتُ الهُداةِ
يحارُ اللفظُ في نجواكَ عجزا وفي القلب اتقادُ المورياتِ
ولو سُفكتْ دمانا ما قضينا وفاءك والحقوقَ الواجباتِ... Œ(352/2)
أماوي قد طال التجنب والهجر،
حاتم الطائي
أماوي! قد طال التجنب والهجر، ... وقد عذرتني، من طلابكم، العذرُ
أماوي! إن المال غادٍ ورائح، ... ويبقى ، من المال، الآحاديث والذكرُ
أماوي! إني لا أقول لسائلٍ، ... إذا جاءَ يوْماً، حَلّ في مالِنا نَزْرُ
أماوي! إما مانع فمبين، ... وإما عطاءٌ لا ينهنهه الزجرُ
أماوي! ما يغني الثراءُ عن الفتى ، ... إذا حشرجت نفس وضاق بها الصدرُ
إذا أنا دلاني، الذين أحبهم، ... لِمَلْحُودَة ٍ، زُلْجٌ جَوانبُها غُبْرُ
وراحوا عجلاً ينفصون أكفهم، ... يَقولونَ قد دَمّى أنامِلَنا الحَفْرُ
أماوي! إن يصبح صداي بقفرة ٍ ... من الأرض، لا ماء هناك ولا خمرُ
ترى ْ أن ما أهلكت لم يك ضرني، ... وأنّ يَدي ممّا بخِلْتُ بهِ صَفْرُ
أماوي! إني، رب واحد أمه ... أجرت، فلا قتل عليه ولا أسرُ
وقد عَلِمَ الأقوامُ، لوْ أنّ حاتِماً ... أراد ثراء المال، كان له وفرُ
وإني لا آلو، بكالٍ، ضيعة ، ... فأوّلُهُ زادٌ، وآخِرُهُ ذُخْرُ
يُفَكّ بهِ العاني، ويُؤكَلُ طَيّباً ... وما إن تعريه القداح ولا الخمرُ
ولا أظلِمُ ابنَ العمّ، إنْ كانَ إخوَتي ... شهوداً، وقد أودى ، بإخوته، الدهرُ
عُنينا زماناً بالتّصَعْلُكِ والغِنى ... كما الدهر، في أيامه العسر واليسرُ
كَسَينا صرُوفَ الدّهرِ لِيناً وغِلظَة ً ... وكلاً سقاناه بكأسيهما الدهرُ
فما زادنا بأواً على ذي قرابة ٍ، ... غِنانا، ولا أزرى بأحسابِنا الفقرُ
فقِدْماً عَصَيتُ العاذِلاتِ، وسُلّطتْ ... على مُصْطفَى مالي، أنامِلِيَ العَشْرُ
وما ضَرّ جاراً، يا ابنة َ القومِ، فاعلمي ... يُجاوِرُني، ألاَ يكونَ لهُ سِترُ
بعَيْنيّ عن جاراتِ قوْميَ غَفْلَة ٌ ... وفي السّمعِ مني عن حَديثِهِمِ وَقْرُ(353/1)
أمتى هل لك بين الأمم
منبر للسيف أو للقلمِ
أتلقاك وطرفي مطرقٌ
خجلاً من أمسك المنصرمِ
ويكاد الدمع يهمي عابثاً
ببقايا كبرياء الألمِ
أين دنياك التي أوحت إلى
وتري كلَّ يتيم النغم
كم تخطيت على أصدائه
ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديتُ كأني ساحبٌ
مئزري فوق جباه الأنجم
أمتى كم غصت دامية
خنقت نجوى علاك في فمي
أي جرح في إبائي راعف
فاته الآسي ، فلم يلتئمِ
ألاسرئيل تعلو رايةٌ
في حمى المهدِ وظلِّ الحرم
كيف اغضيت على الذل ولم
تنفضي عنك غبار التهمِ
أو ما كنت إذا البغى اعتدى
موجة من لهبٍ أو من دمِ
إسمعي نوح الحزنى واطربي
وانظري دمع اليتامى وابسمى
ربَّ ( وامعتصماه) انطلقت
ملء أفواه الصبايا اليتمِ
لامست اسماعهم لكنها
لم تلامس نخوة المعتصمِ
التوقيع / عمر ابو ريشه(354/1)
أمن أمِّ أَوفَى دمنةٌ لم تكلَّمِ
زهير بن أبي سلمى
العصر ... جاهلي
عدد الأبيات ... 58
البحر ... طويل
الروي ... ميم
الغرض ... مدح
مصدر القصيدة ... الديوان (9-20) بتحقيق فخر الدين قباوة، دار الآفاق الجديدة
1
أمن أمِّ أَوفَى دمنةٌ لم تكلَّمِ *** بِحَوْمَانَةِ الدُّرَّاجِ فالمُتَثَلَّمِ
2
دِيارٌ لها بالرَّقْمَتَينِ كأنَّها *** مَرَاجِعُ وَشْمٍ في نَوَاشِرِ مِعْصمِ
3
بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً *** وأطلاؤُها يَنْهَضْنَ مِن كلِّ مَجْثَمِ
4
وقفتُ بها مِن بعدِ عشرينَ حِجَّةً *** فلأيًا عَرَفْتُ الدارَ بعدَ التَّوَهُمِ
5
أَثَافِيَّ سُفْعًا في مُعَرَّسِ مِرْجَلٍ *** ونُؤْيًا كَجِذْمِ الحوضِ لم يَتَثَلَّمِ
6
فلمَّا عرفتُ الدَّارَ قلتُ لِرَبْعِها: *** ألا انعمْ صباحًا أيُّها الرَّبعُ وَاسْلَمِ
7
تَبَصَّرْ خَلِيلِيْ هل ترى مِن ظَعَائنٍ *** تَحَمَّلْنَ بالعلياءِ مِن فوقِ جُرْثُمِ
8
عَلَونَ بأَنْمَاطٍ عِتاقٍ وكِلَّةٍ *** وِرَادٍ حَوَاشِيها مُشَاكِهَةِ الدَّمِ
9
وفيهنَّ مَلْهَى لِلصَّديقِ ومنظرٌ *** أنيقٌ لعينِ الناظرِ المُتَوَسِّمِ
10
بَكَرْنَ بُكورًا وَاسْتَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ *** فهنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كاليدِ للفمِ
11
جَعَلْنَ القَنَانَ عن يمينٍ وَحَزْنَهُ *** ومَن بالقَنَانِ مِن مُحَلٍّ وَمُحْرمِ
12
ظَهَرْنَ مِن الُّسوبانِ ثمّ جَزَعْنَهُ *** على كلِّ قَيْنِيٍّ قَشِيبٍ مُفَأَّمِ
13
كأنَّ فُتَاتَ العِهْنِ في كلِّ مَنْزِلٍ *** نَزَلْنَ بهِ حبُّ الفَنَا لم يُحَطَّمِ
14
فلمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقًا جِمَامُهُ *** وَضَعْنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيَّمِ
15
سَعَى سَاعِيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بعدما *** تَبَزَّلَ ما بينَ العشيرةِ بالدَّمِ
16
فأقْسَمْتُ بالبيتِ الذي طافَ حولهُ *** رجالٌ بنوهُ مِن قريشٍ وجُرْهُمِ
17
يَمِينًا لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجِدْتُمَا *** على كلِّ حالٍ مِن سَحِيلٍ ومُبْرَمِ
18(355/1)
تَدَارَكْتُما عَبْسًا وذُبْيانَ بعدما *** تَفَانَوا وَدَقُّوا بينَهم عِطْرَ مَنْشِمِ
19
وقد قُلتما: إنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ واسعًا *** بمالٍ ومعروفٍ مِن الأمرِ نَسْلَمِ
20
فأصبحتما مِنها على خير مَوْطِنٍ *** بَعِيدينِ فيها مِن عقوقٍ ومَأْثَمِ
21
عَظِيمينِ في عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيتُما *** ومَن يَسْتَبِحْ كنزًا مِن المجدِ يَعْظُمِ
22
فأصبح يَجْرِيْ فيهمُ مِن تِلادِكمْ *** مَغَانمُ شتَّى مِن إِفَالِ المُزَنَّمِ
23
تُعَفَّى الكلومُ بالمِئِينَ فأصبحتْ *** يُنَجِّمُها مَن ليس فيها بِمُجْرِمِ
24
يُنَجِّمُها قومٌ لقومٍ غرامةً *** ولم يُهْرِيقُوا بينَهم مِلءَ مِحْجَمِ
25
فَمَن مُبْلِغُ الأحلافِ عنِّي رسالةً *** وذبيانَ: هل أقسمتُمُ كلَّ مُقْسَمِ
26
فلا تَكْتُمُنَّ اللهَ ما في نفوسِكم *** لَيَخْفَى ومهما يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَمِ
27
يُؤَخَّرْ فيُوضَعْ في كتابٍ فَيُدَّخَرْ *** ليومِ الحسابِ أو يُعَجَّلْ فيُنْقَمِ
28
وما الحربُ إِلاَّ ما عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ *** وما هوَ عنها بالحديثِ المُرَجَّمِ
29
متى تَبْعَثُوها تَبْعَثُوها ذَمِيمةً *** وَتَضْرَ إذا ضَرَّيْتُمُوها فَتَضْرَمِ
30
فَتَعْرُكُكمُ عَرْكَ الرَّحا بِثِفَالِهَا *** وَتَلْقَحْ كِشَافًا ثمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِمِ
31
فَتُنْتَجْ لكم غِلمانَ أَشْأَمَ كُلُّهمْ *** كأحمرِ عادٍ ثم تُرْضَعْ فَتَفْطِمِ
32
فَتُغْلِلْ لكم ما لا تُغِلُّ لأهلِها *** قُرًى بالعِراقِ مِن قَفِيزٍ ودِرْهَمِ
33
لَعَمْرِي لِنَعْمَ الحَيُّ جرَّ عليهمُ *** بمالا يُوَاتِيهم حُصَينُ بنُ ضَمْضَمِ
34
وكان طَوَى كَشْحًا على مُسْتَكِنَّةٍ *** فلا هوَ أَبْدَاها ولم يَتَقَدَّمِ
35
وقال: سأقضي حَاجَتِي ثمَّ أَتَّقِي *** عَدُوِّي بألفٍ مِن وَرَائِيَ مُلْجَمِ
36
فَشَدَّ ولم تَفْزَعْ بيوتٌ كثيرةٌ *** لدى حيثُ ألقتْ رَحْلَها أمُّ قَشْعَمِ
37(355/2)
لدى أسدٍ شاكي السِّلاحِ مُقَذَّفٍ *** له لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لم تُقَلَّمِ
38
جَرِيءٍ متى يُظْلَمْ يُعَاقِبْ بِظُلْمِهِ *** سريعًا وإلاَّ يُبْدَ بالظُّلمِ يَظْلِمِ
39
رَعَوا ما رَعَوا مِن ظِمْئِهم ثمّ أَوْرَدُوا *** غِمارًا تسيلُ بالسّلاحِ وبالدّمِ
40
فَقَضَّوا منايا بينَهم ثمّ أَصْدَرُوا *** إلى كلأٍ مُسْتَوبَلٍ مُتَوَخَّمِ
41
لعمركَ ما جرَّتْ عليم رماحُهمْ *** دمَ ابنِ نهيكِ أو قتيلِ المُثَلَّمِ
42
ولا شاركُوا في الموتِ في دمِ نَوْفَلٍ *** ولا وَهَبٍ منها ولا ابنِ المُحَزَّمِ
43
فكلاًّ أراهمْ أصبحوا يَعْقِلُونَهُم *** علالةَ ألفٍ بعدَ ألفٍ مُصَتَّمِ
44
تُساقُ إلى قومٍ لقومٍ غرامةً *** صحيحاتِ مالٍ طالعاتٍ بِمَخْرمِ
45
لحيٍّ حِلالٍ يعصمُ الناسَ أمرُهُمْ *** إذا طَلَعَتْ إحدى الليالي بمعظمِ
46
سَئِمْتُ تكاليفَ الحياةِ ومن يَعِشْ *** ثمانينَ حولاً لا أبا لكَ يسأمِ
47
رأيتُ المنايا خبطَ عشواءَ مَن تُصِبْ *** تُمِتْهُ ومَن تُخْطِىءْ يُعَمَّرْ فيَهْرَمِ
48
وأَعْلَمُ عِلْمَ اليومِ والأمسِ قبلَهُ *** ولكنني عن عِلْمِ ما في غدٍ عَمِي
49
ومَنْ لا يُصَانِعْ في أُمورٍ كثيرةٍ *** يُضَرَّسْ بأنيابٍ ويُوْطَأْ بِمَنْسِمِ
50
ومَن يكُ ذا فضلٍ فيبخلْ بفضلهِ *** على قومهِ يُسْتَغْنَ عنهُ ويُذْمَمِ
51
ومَنْ يجعلِ المعروفَ مِن دونِ عِرْضِهِ *** يَفِرْهُ ومَن لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ
52
ومَنْ لا يَذُدْ عن حَوْضِهِ بسلاحِهِ *** يُهَدَّمْ ومَن لا يَظْلِمِ الناسَ يُظْلَمِ
53
ومَن هابَ أسبابَ المَنِيَّةِ يَلْقَهَا *** ولو رامَ أسبابَ السماءِ بسُلَّمِ
54
ومَن يعصِ أطرافَ الزِّجاجِ فإنهُ *** يطيعُ العوالي رُكِّبَتْ كلَّ لَهْذَمِ
55
ومَن يُوفِ لا يُذْمَمْ ومَن يُفْضِ قَلْبُهُ *** إلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ
56(355/3)
ومَن يَغْتَرِبْ يَحْسِبْ عَدُوًّا صَدِيقَهُ *** ومَن لا يُكَرِّمْ نفسَهُ لا يُكَرَّمِ
57
ومهما تكنْ عندَ امرىءٍ مِن خَلِيقَةٍ *** وإنْ خالَها تَخْفَى على النّاسِ تُعْلَمِ
58
ومَن لا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نفسَهُ *** ولا يُغْنِها يومًا مِن الناسِ يَسْأَمِ(355/4)
إن الذوائب من فهر و إخوتهم
...
واحده من اجمل قصائد الفخر في صدر الاسلام القاها حسان ابن ثابت بين يدي الرسول صلي الله علية وسلم
=================
إن الذوائب من فهرٍ و إخوتهم ... قد بينوا سنةً للناس تتبع
يرضى بها كل من كانت سريرته ... تقوى الإله و بالأمر الذي شرعوا
قومٌ إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجيةٌ تلك منهم غير محدثةٍ ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لا يرفع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع و لا يوهون ما رقعوا
إن كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبقٍ لأدنى سبقهم تبع
و لا يضنون عن مولى بفضلهم ... و لا يصيبهم في مطمعٍ طبع
لا يجهلون و إن حولت جهلهم ... في فضل أحلامهم عن ذاك متسع
أعفةٌ ذكرت في الوحي عفتهم ... لا يطبعون و لا يرديهم الطمع
كم من صديقٍ لهم نالوا كرامته ... و من عدوٍ عليهم جاهدٍ جدعوا
أعطوا نبي الهدى و البر طاعتهم ... فما ونا نصرهم و ما نزعوا
إن قال سيروا أجدوا السير جهدهم ... أو قال عوجوا علينا ساعةً ربعوا
ما زال سيرهم حتى استقاد لهم ... أهل الصليب ومن كانت له البيع
خذ منهم ما أتى عفواً إذا غضبوا ... و لا تكن همك الأمر الذي منعوا
فإن في حربهم فاترك عداوتهم ... شراً يخاض عليه الصاب و السلع
نسمو إذا الحرب نالتنامخالبها ... إذا الزعانف من أظفارها خشعوا
لا فخر إن هم أصابوا من عدوهم ... و إن أصيبوا فلا خورٌ و لا جزع
كأنهم في الوغى و الموت مكتنعٌ ... أسدٌ ببيشة في أرساغها فدع
إذا نصبنا لقومٍ لا ندب لهم ... كما يدب إلى الوحشية الذرع
أكرم بقومٍ رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء و الشيع
أهدى لهم مدحي قلبٌ يوازره ... فيما يحب لسانٌ حائكٌ صنع
فإنهم أفضل الأحياء كلهم ... إن جد بالناس جد القول أو شمعوا(356/1)
أنا ابنُ جَلا وطلاّعِ الثَّنايا
وقال سحيم بن وثيل الرياحيّ:
أنا ابنُ جَلا وطلاّعِ الثَّنايا ... متى أضعِ العمامةَ تعرفوني
وإنَّ مكاننا منْ حميريٍّ ... مكانَ اللَّيثِ منْ وسطِ العرينِ
وإنِّي لنْ يعودَ إليَّ قرني ... غداةَ الغبِّ إلاَّ في قرينِ
كذِي لبدٍ يصدُّ الرَّكبَ عنهُ ... ولا تُؤتى قرينتهُ لحِينِ
عذرتُ البزلَ إن هيَ خاطرتْني ... فما بالي وبالُ ابنيْ لبوني
وماذا يدَّري الشُّعراءُ منِّي ... وقدْ جاوزتُ حدَّ الأربعينِ
أخو الخمسينَ مجتمعٌ أشدِّي ... ونجَّذني مداورةُ الشُّؤونِ
فإنَّ علالَتي وجراءَ حولٍ ... لذو شقٍّ على الضَّرعِ الظَّنونِ
كريمُ الخالِ منْ سلفيْ رياحٍ ... كنصلِ السَّيفِ وضّاحُ الجبينِ
متى أحللْ إلى قطنٍ وزيدٍ ... وسلمى تكثرُ الأصواتُ دُوني
وهمّامٌ متى أحللْ إليهِ ... يحلُّ اللَّيثُ في عيصٍ أمينِ
ألفَّ الجانبينِ بهِ أُسودٌ ... منطَّقةٌ بأصلابِ الجفونِ
وإنَّ قناتَنا مشظٌ شظاها ... شديدٌ مدُّها عنقَ القرينِ
************
سُحَيْم بن وَثِيلٍ الرِياحيّ
أَنَا ابنُ جَلَا وطلّاعُ الثَّنايَا ... متَى أضَعِ العِمامَةَ تَعرِفُوني
فإنَّ مكانَنَا منْ حِميَريٍّ ... مَكانُ الليثِ من وسَطِ العَرينِ
وإنِّي لا يعُودُ إلىَّ قِرنِي ... غداةَ الغِبِّ إلَّا في قَرِينِ
بِذِي لِبَدٍ يصدٌّ الرَّكب عنهُ ... ولا تُؤْتى فريستُهُ لحِينِ
عذَرْتُ البُزْلَ إذْ هيَ خاطَرَتنِي ... فمَا بَالي وبالُ ابنيْ لبونِ
وماذَا يدّري الشعراءُ منّي ... وقدْ جاوزْتُ رأْسَ الأرْبعينِ
أخو خمسينَ مُجْتَمِعٌ أشُدّي ... ونجّذني مجاورةُ الشؤونِ
فإنَّ عُلالتيْ وجِراءَ حَوْلي ... لذو شِقٍّ على الضّرَعِ الظَّنونِ
سأُحيي ما حييتُ وإنَّ ظهري ... لمشتدٌّ إلي نصْرٍ آمينِ
كَرِيمُ الخالِ مِنْ سلَفيْ رياحٍ ... كنصْلِ السيْفِ وضّاحُ الجبينِ
فإنَّ قناتنا مشِظٌ شظاها ... شديدٌ مدُّها عُنُقَ القرينِ(357/1)
أنا السببْ
Hosny_Salem@adma.ae
>Subject: FW: ???? ???
>Date: Wed, 24 Mar 2004 08:26:00 +0400
"شَتْ ابْ " !
أنا السببْ .
في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ .
سلبتُكم أنهارَكم والتينَ والزيتونَ والعنبْ .
أنا الذي اغتصبتُ أرضَكم وعِرضَكم ،
وكلَّ غالٍ عندكم
أنا الذي طردتُكم من هضْبة الجولان والجليلِ والنقبْ .
والقدسُ ، في ضياعها ، كنتُ أنا السببْ .
نعم أنا .. أنا السببْ .
أنا الذي لمَّا أتيتُ : المسجدُ الأقصى ذهبْ .
أنا الذي أمرتُ جيشي ، في الحروب كلها بالانسحاب فانسحبْ .
أنا الذي هزمتُكم
أنا الذي شردتُكم
وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ .
أنا الذي كنتُ أقول للذي
يفتح منكم فمَهُ : " شَتْ ابْ " !.
نعم أنا .. أنا السببْ .
في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ .
وكلُّ من قال لكم ، غير الذي أقولهُ ،
فقد كَذَبْ .
فمن لأرضكم سلبْ .؟!
ومن لمالكم نَهبْ .؟!
ومن سوايَ مثلما اغتصبتكم قد اغتَصبْ .؟!
أقولها صريحةً ،
بكل ما أوتيتُ من وقاحةٍ وجرأةٍ ،
وقلةٍ في الذوق والأدبْ .
أنا الذي أخذتُ منكم كل ما هبَّ ودبْ .
ولا أخاف أحداً ، ألستُ رغم أنفكم
أنا الزعيمُ المنتخَبْ .!؟
لم ينتخبني أحدٌ لكنني
إذا طلبتُ منكمو
في ذات يوم ، طلباً
هل يستطيعٌ واحدٌ أن يرفض الطلبْ .؟!
أشنقهُ ، أقتلهُ ،
أجعلهُ يغوص في دمائه حتى الرُّكبْ .
فلتقبلوني ، هكذا كما أنا ، أو فاشربوا " بحر العربْ " .
ما دام لم يعجبْكم العجبْ .
مني ، ولا الصيامُ في رجبْ .
ولتغضبوا ، إذا استطعتم ، بعدما
قتلتُ في نفوسكم روحَ التحدي والغضبْ .
وبعدما شجَّعتكم على الفسوق والمجون والطربْ .
وبعدما أقنعتكم أن المظاهراتِ فوضى ، ليس إلا ، وشَغَبْ .
وبعدما علَّمتكم أن السكوتَ من ذهبْ .
وبعدما حوَّلتُكم إلى جليدٍ وحديدٍ وخشبْ .
وبعدما أرهقتُكم وبعدما أتعبتُكم حتى قضى عليكمُ الإرهاقُ والتعبْ .
>* **
يا من غدوتم في يديَّ كالدُّمى وكاللعبْ .
نعم أنا .. أنا السببْ .(358/1)
في كل ما جرى لكم
فلتشتموني في الفضائياتِ ، إن أردتم ، والخطبْ .
وادعوا عليَّ في صلاتكم وردِّدوا :
>" تبت يداهُ مثلما تبت يدا أبي لهبْ ".
قولوا بأني خائنٌ لكم ، وكلبٌ وابن كلبْ .
ماذا يضيرني أنا ؟!
ما دام كل واحدٍ في بيتهِ، يريد أن،
يسقطني بصوتهِ
وبالضجيج والصَخبْ
أنا هنا ، ما زلتُ أحمل الألقاب كلها وأحملُ الرتبْ .
أُطِلُّ ، كالثعبان ، من جحري عليكم فإذا
ما غاب رأسي لحظةً ، ظلَّ الذَنَبْ .!
فلتشعلوا النيران حولي واملأوها بالحطبْ .
إذا أردتم أن أولِّيَ الفرارَ والهربْ .
وحينها ستعرفون ، ربما ،
مَن الذي ـ في كل ما جرى لكم ـ كان السببْ .!؟
أهـ .
لا تنسوا بعد الإنتهاء من القراءة أن تصمتوا (شت أب)
شعر / أحمد مطر
---
Protect your PC - Click here for McAfee.com VirusScan Online(358/2)
أنا الفقير إلى رب البريات
قال ابن القيم : وبعث إليّ في آخر عمره ( أي : شيخه ابن تيمية ) قاعدة في التفسير بخطه , وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه :
أنا الفقير إلى رب البريات *- * أنا المسيكين في مجموع حالاتي .
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي *- * والخير إن يأتنا من عنده يأتي.
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة *- * ولا عن النفس لي دفع المضرات.
وليس لي من دونه مولى يُدبرني *- * ولا شفيع , إذا حاطت بي خطيئاتي.
إلا بإذن من الرحمن خالقنا *- * إلى الشفيع , كما قد جاء في الآيات .
ولست أملك شيئاً دونه أبداً *- * ولا شريك , أنا في بعض ذرات .
ولا ظهير له , كي يستعين به *- * كما يكون لأرباب الولايات.
والفقر لي وصف ذات , لازم أبداً *- * كما الغنى وصف له ذات .
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم *- * وكلهم عنده عبد له آتي
فمن بغى مطلباً من غير خالقه *- * فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمد لله ملء الكون أجمعه *- * ما كان منه , وما من بعد قد يأتي .(359/1)
لبشر بن أبي عوانة العبدي
*
أفاطم لو شهدتِ ببطن خبتٍ
وقد لاقى الهزبرُ أخاك بشرا
*
*
إذاً لرأيتِ ليثاً أمّ ليثاً
هزبراً أغلباً لاقى هزبرا
*
*
تبهنس إذا تقاعس منه مهري
محاذرةً ، فقلت عقرت مهرا
*
*
أنلْ قدميّ ظهر الأرض إني
رأيتُ الأرض أثبت منك ظهرا
*
*
فحين نزلت مدّ إليّ طرفاً
يُخال الموتُ يلمع منه شزرا
*
*
فقلتُ له وقد أبدى نصالاً
محددة ووجها مكفهرا
*
*
وفي يمناي ماضي الحد أبقى
بمضربه قراعُ الدهر أثرا
*
*
ألم يبلغكَ مافعلتْ ظباه
بكاظمةٍ غداة قتلتُ عمرا
*
*
وقلبي مثلُ قلبك ليس يخشى
مصاولةً فكيف يخاف ذُعرا
*
*
نصحتك فالتمس يا ليث غيري
طعاماً إن لحمي كان مرّا
*
*
فلمّا ظنّ أن النصحَ غشٌ
فخالفني كأني قلتُ هُجرا
*
*
خطا وخطوتُ من أسدْين راما
مراما كان إذ طلباه وعرا
*
*
يكفكف غيلة إحدى يديه
ويبسطُ للوثوب إليّ أخرى
*
*
هززتُ له الحسامَ فخلتُ أني
شققت به من الظلماءِ فجرا
*
*
وأطلقتُ المهندَ من يميني
فقدّ له من الأضلاع عشرا
*
*
فخرّ مضرجاً بدمٍ كأني
هدمتُ به بناء مشمخِرا
*
*
فقلتُ له يعزُّ عليّ أني
قتلتُ مماثلي جلداً وقهرا
*
*
ولكن رمتَ أمراً لم يرمهُ
سواك فلم أطق ياليث صبرا
*
*
تحاولُ أن تعلمني فراراً
لعمرُ أبيك قد حاولت نُكرا
*
*
فلا تجزع فقد لا قيت حُراً
يُحاذِرُ أن يعاب فمتَّ حُرا
*
*
أفاطم لو شهدتِ ببطن خبتٍ
وقد لاقى الهزبرُ أخاك بشرا
*
*
إذاً لرأيتِ ليثاً أمّ ليثاً
هزبراً أغلباً لاقى هزبرا
*
*
تبهنس إذا تقاعس منه مهري
محاذرةً ، فقلت عقرت مهرا
*
*
أنلْ قدميّ ظهر الأرض إني
رأيتُ الأرض أثبت منك ظهرا
*
*
فحين نزلت مدّ إليّ طرفاً
يُخال الموتُ يلمع منه شزرا
*
*
فقلتُ له وقد أبدى نصالاً
محددة ووجها مكفهرا
*
*
وفي يمناي ماضي الحد أبقى
بمضربه قراعُ الدهر أثرا
*
*
ألم يبلغكَ مافعلتْ ظباه
بكاظمةٍ غداة قتلتُ عمرا
*
*(360/1)
وقلبي مثلُ قلبك ليس يخشى
مصاولةً فكيف يخاف ذُعرا
*
*
نصحتك فالتمس يا ليث غيري
طعاماً إن لحمي كان مرّا
*
*
فلمّا ظنّ أن النصحَ غشٌ
فخالفني كأني قلتُ هُجرا
*
*
خطا وخطوتُ من أسدْين راما
مراما كان إذ طلباه وعرا
*
*
يكفكف غيلة إحدى يديه
ويبسطُ للوثوب إليّ أخرى
*
*
هززتُ له الحسامَ فخلتُ أني
شققت به من الظلماءِ فجرا
*
*
وأطلقتُ المهندَ من يميني
فقدّ له من الأضلاع عشرا
*
*
فخرّ مضرجاً بدمٍ كأني
هدمتُ به بناء مشمخِرا
*
*
فقلتُ له يعزُّ عليّ أني
قتلتُ مماثلي جلداً وقهرا
*
*
ولكن رمتَ أمراً لم يرمهُ
سواك فلم أطق ياليث صبرا
*
*
تحاولُ أن تعلمني فراراً
لعمرُ أبيك قد حاولت نُكرا
*
*
فلا تجزع فقد لا قيت حُراً
يُحاذِرُ أن يعاب فمتَّ حُرا
*****
القصيدة لأبي العتاهية
إسماعيل بن القاسم بن سويد العَنَزي من قبيلة عنزة بالولاء
الدَّهْرُ ذو دُولٍ والموتُ ذو عِلَلٍ
ولم تزل عِبَرٌ فِيهنَّ مُعْتَبرٌ
يبكي ويضحكُ ذو نفسٍ مُصَرَّفَةٍ
والمُبتلى فهوَ المهجور جانبهُ
والخَلْقُ مِنْ خَلْقِ ربي قد يُدَبِّرُهُ
طُوبى لعبدٍ لِمولاهُ إنابتهُ
يا بائع الدين بالدنيا وباطِلها
حتى متى أنت في لهوٍ وفي لعبِ
ما كلُ ما يتمنى المرءُ iiيدرِكهُ
إن المنى لَغُرورٌ ضِلةً وَهَوىً
تَغْتَرُّ لِلجهل بالدنيا وَزُخرفها
كأنَّ حَيًّا وقد طالتْ سلامتُهُ
والناسُ في رَقْدَةٍ عما يُرادُ iiبهم
أنصفْ هُدِيتَ إذا ما كنتَ iiمُنتصفاً
يارُبَّ يوْمٍ أتت بُشراهُ مُقْبِلةً
لا تحقرنَّ من المعروف iiأصغرهُ
وكُلُّ أمرٍ لهُ لابُدَّ iiعاقِبةٌ
تلهو وللموت مُمسانا ومُصبحنا
كم من فتىً قد دنت للموت رِحلتُهُ
ما أقرب الموتَ في الدنيا وأفظَعَهُ
كم نافسَ المرءُ في شيءٍ وكايدَ فِيـ
بينا الشفيقُ على إلْفٍ يُسّرُّ بهِ
يبكي عليه قليلاً ثم يخرجهُ
وكلُ ذِي أجلٍ يوماً سيبلغهُ
والمرءُ ذو أملٍ والناسُ أشباهُ
يجري بها قدرٌ والله أجراهُ(360/2)
والله أضحكهُ والله أبكاهُ
والناسُ حيثُ يكونُ المالُ والجاهُ
كُلٌّ فمستعبدٌ والله مولاهُ
قد فاز عبدٌ مُنيبُ القلبِ أواهُ
ترضى بِدينك شيئاً ليس يَسْواهُ
والموتُ نحوك يهوي فاغراً فاهُ
رُبَّ امرىءٍ حَتفُهُ فيما ُ
لعل حتفَ امرىءٍ في الشيءِ iiيَهواهُ
إن الشقيَّ لَمَنْ غرته iiدنياهُ
قد صار في سكراتِ الموت تغشاهُ
ولِلحوادثِ تَحْريكٌ وإنباهُ
لا ترضَ لِلناس شيئاً لستَ ترضاهُ
ثم استحالت بصوتِ النَّعيِ iiبُشْراهُ
أحسنْ فعاقِبَةُ الإحسانِ حُسناهُ
وخيرُ أمركَ ما أحمدتَ عَقباهُ
من لم يُصبِّحْهُ وَجْهُ الموتِ مَسَّاهُ
وخيرُ زاد الفتى للموت تقواهُ
وما أمَرَّ جنى الدنيا وأحلاهُ
ــهِ الناسَ ثُم مضى عنهُ وخلاهُ
إذ صار أغمضهُ يوماً iiوسجاهُ
فَيُمْكِنُ الأرضَ مِنهُ ثم ينساهُ
وكُلُّ ذِي عملٍ يوماً سيلقاهُ
*****
هذه القصيدة للشاعر محمد مهدي الجواهري
*
لفَ العباءةَ واستقلاَّ
بقطيعهَ عجلاً .. ومهلا
*
*
وانصاع يسحبُ خلفه
ركْباً يُعرِّس حيث حلاَّ
*
*
يرمي بها جبلاً فتتـ
ـــبعُ خَطْوَهُ..ويحطُّ سهلاَّ
*
*
أبداً يقاسمها نصيـ
ــباَ من شَظيِف العيشِ سهلاَّ
*
*
يَصلى كما تَصلى الهجيرَ
ويستقي ثَمداً وضحلا
*
*
يومي فتفهم ما يريـ
ـدُ ويرتمي فتهُبُّ عجلى
*
*
وتكادُ (تُعرِبُ) بالثُغا
ء (هلاَ ) و (حيهلاَ ) وهلاَّ
*
*
يقفو بعين النسر تَرْ
قُبُ أجْدَلاً ذئباً أزلاَّ
*
*
ويحوطُ كالأسدِ اجتبى
أشباله .. جدياً وسَخلا
*
*
أوفى على روض الحيا
ةِ يجوبُهُ حقلاً فحقلا
*
***
***
*
ياراعي الأغنام : أنت
أعزُّ مملكةً وأعلى
*
*
لله ملْكُك ما أدقَّ
وما أرقَّ . . وما أجلاَّ
*
*
يرويكَ من رشفاتهِ
قمرُ السماء إذا أطلاَّ
*
*
ويَقِيكَ في وعْثِ السُرى
وَهَجُ المجرة أن تَضِلاَّ
*
*
وتَلُمُّ في الأسحار عنـ
ــقودَ النجومِ إذا تدلى
*
*
أبداً تَشيمُ الجوَّ تعـ
ـــرفُ عنده خِصباً ومَحلا
*
*(360/3)
وتودُ لو حَنَتِ الفصو
لُ على الربيعِ فكُنَّ فصلا
*
*****
هذه القصيدة للشاعر إيليا أبو ماضي
قصة الحرية ....
في حياة وردة ....
صاغها الشاعر كأروع ما يكون ....
رآها يحلُّ الفجرُ عقد جفونها
*
*
ويُلقي عليها تبرهُ فيذوبُ
وينفض عن أعطافها النورَ لؤلؤاً
*
*
من الطلِّ ما ضُمت عليه جيوبُ
فعالجها حتى استوت في يمينه
*
*
وعاد إلى مغناه وهو طروبُ
وشاء فأمست في الإناء سجينةً
*
*
لتشبع منها أعينٌ وقلوبُ
فليست تحيي الشمس عند شروقها
*
*
وليست تحيي الشمس حين تغيبُ
ومن عُصبت عيناه فالوقت كله
*
*
لديه وإن لاح الصباحُ غروبُ
لها الحجرة الحسناءُ في القصر إنما
*
*
أحب إليها روضةٌ وكثيبُ
وأجمل من نور المصابيح عندها
*
*
حُباحبُ تمضي في الدجى وتؤوبُ
وأحلى من السقف المزخرف بالدمى
*
*
فضاءٌ تشع الشهبُ فيه رحيبُ
تحنُ إلى مرأى الغدير وصوته
*
*
وتُحرم منه ، والغدير قريبُ
وكانت قليل الطل ينعش روحها
*
*
وكانت بميسور الشعاع تطيبُ
تمشى الضنى فيها وأيار في الحمى
*
*
وجفت وسربال الربيع قشيبُ
إسارك يا أخت الرياحين مفجعٌ
*
*
وموتك يا بنت الربيع رهيبُ
*
هذه القصيدة للشاعر محمد مهدي الجواهري
*
إذا خانتك موهبةٌ فحقُ
سبيل العيشِ وَعْرٌ لا يُشَقُ
*
*
وما سهلٌ حياةُأخي شعورٍ
من الوجدان ينبضُ فيه عرقُ
*
*
أحلَّتْهُ وداعته محيطاً
حمته جوارحٌ للصيد زُرقُ
*
*
تفيض وضاحةً والعيش غِشٌ
سلاحك فيه أن يعلوك رَنقُ
*
*
وتحملُ ما يجلُ من الرزايا
قُواك وقد تخورُ لما يَدِقُ
*
*
وقد تقسو ظروفٌ مُحوِجاتٌ
عليك وأنت وَهمُ بما ظنوا مُحِقُ
*
*
قليلٌ عاذروك على انقباضِ
أحب الناس عند الناس طَلْقُ
*
*
ووجهٌ تقطرُ الأحزان منه
على الخلطاء مَحمِلهُ يشِقٌ
*
*
شريكُكَ في مزاجك من تُصافي
له شِقٌ وطوعُ يديك شِقُ
*
*
وقبلاً قال ذا أدبٍ ظريفٍ
قِرى الأضياف قبل الزاد خُلقُ
*
*
وعذرُك أنت آلام ثِقالٌ(360/4)
لهنَّ بعيشةِ الأدباء لَصْقُ
*
*
أحقُ الناس بالتلطيفِ يغدو
وكل حياته عَنَتٌ وزَهْقُ
*
*
تسير بك العواطفُ للمنايا
وعاطفةٌ تسوءُ الظُفرَ حُمْقُّ
*
*
وحتى في السكوتِ يُرادُ حزمٌ
وحتى في السلام يُراد حذقُ
*
*
يريد الناسُ أوضاعاً كثاراً
وفيك لما يُريد الناس خَرقُ
*
*
خضوع الفرد للطبقات فرضٌ
وقاسيةٌ عقوبةُ من يَعِقُ
*
*
نسيجٌ من روابطَ محكماتٍ
شذوذُ العبقرية فيه فَتْقُ
*
*
وعندكَ قوةُ التعبير عما
تُحسُّ وميزةُ الشُعراء نُطقُ
*
*
حياتك أن تقول ولو لهاثاً
وحُكمٌ بالسكوتِ عليك شَنقُ
*
*
فما تدري أتُطلق من عنان الـ
قريحةِ أم تُسِفُ فتُستَرق
*
*
غريبٌ عالم الشعراءِ تقسو
ظروفهم وألسنهم تَرِقُّ
*
*
كبعض الناس هم فإذا استُثِروا
فبينهم وبين الناس فرقُ
*
*
شذوذ الناس مُختلق ولكنْ
شذوذ الشاعر الفنان خَلْقُ
*
*
وإن تعجب فمن لَبِقٍ أريبٍ
عليه تساويا سَطْحٌ وعُمق
*
*
تضيق به المسالك وهو حُرٌّ
ويُعوِزُهُ التقلب وهو ذَلْقُ
*
*
وسر الشاعرية في دماغٍ
ذكيٍ وهو في التدبير خَرْقُ
*
*
تخبط في بسائطهِ وحَلَّت
على يده من الأفكار غُلقُ
*
*
مشاهيرٌ وما طَلَبوا اشتهاراً
مشتْ بُردٌ بهم وأُثِيرَ برقُ
*
*
ومرموقون من بُعدٍ وقُربٍ
لهم أُفقٌ وللقمرين أُفْقُ
*
****
هذه القصيدة للشاعر ايليا أبي ماضي
السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
والشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
والبحر ساجٍ صامتٌ فيه خشوع الزاهدين
لكنما عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ...بماذا تفكرين؟
سلمى ...بماذا تحلمين؟
أرأيت أحلام الطفولة تختفي خلف التخوم؟
أم أبصرتْ عيناك أشباح الكهولة في الغيوم؟
أم خفتْ أن يأتي الدُّجى الجاني ولا تأتي النجوم؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنما
أظلالها في ناظريك
تنم ، ياسلمى ، عليك
إني أراك كسائحٍ في القفر ضل عن الطريق(360/5)
يرجو صديقاً في الفلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى البروق وضوءها ، ويخاف تخدعهُ البروق
بلْ أنت أعظم حيرة من فارسٍ تحت القتام
لا يستطيع الانتصار
ولا يطيق الانكسار
هذي الهواجس لم تكن مرسومة في مقلتيك
فلقد رأيتك في الضحى ورأيته في وجنتيك
لكن وجدتُك في المساء وضعت رأسك في يديك
وجلست في عينيك ألغازٌ ، وفي النفس اكتئاب
مثل اكتئاب العاشقين
سلمى ...بماذا تفكرين
بالأرض كيف هوت عروش النور عن هضباتها؟
أم بالمروج الخُضرِ ساد الصمت في جنباتها؟
أم بالعصافير التي تعدو إلى وكناتها؟
أم بالمسا؟ إن المسا يخفي المدائن كالقرى
والكوخ كالقصر المكينْ
والشوكُ مثلُ الياسمين
لا فرق عند الليل بين النهر والمستنقع
يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجعِ
إن الجمالَ يغيبُ مثل القبح تحت البرقعِ
لكن لماذا تجزعين على النهار وللدجى
أحلامه ورغائبه
وسماؤُهُ وكواكبهْ؟
إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج ولا المياه خريرها
كلا ، ولا منعَ النسائم في الفضاءِ مسيرُهَا
ما زال في الوَرَقِ الحفيفُ وفي الصَّبَا أنفاسُها
والعندليب صداحُه
لا ظفرُهُ وجناحهُ
فاصغي إلى صوت الجداول جارياتٍ في السفوح
واستنشقي الأزهار في الجنات مادامت تفوح
وتمتعي بالشهب في الأفلاك مادامتْ تلوح
من قبل أن يأتي زمان كالضباب أو الدخان
لا تبصرين به الغدير
ولا يلذُّ لك الخريرْ
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إن التأمل في الحياة يزيد إيمان الفتاة
فدعي الكآبة والأسى واسترجعي مرح الفتاةْ
قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى متهللاً
فيه البشاشة والبهاءْ
ليكن كذلك في المساءْ
*****
هذه القصيدة قالها : المُهلهِل التغلبي يرثي أخاه كليباً
أهاج قذاء عينيَ الادكارُ ؟
هُدوءاً فالدموعُ لها انهمارُ
وصار الليل مشتملاً علينا
كأن الليلَ ليس له نهارُ
وبتُّ أراقبُ الجوزاء حتى
تقارب من أوائلها انحدارُ(360/6)
أصرفُ مقلتي في إثرِ قومٍ
تباينت البلادُ بهم فغاروا
وأبكي والنجومُ مُطَلعات
كأن لم تحوها عني البحارُ
على من لو نُعيت وكان حياً
لقاد الخيلَ يحجبُها الغبارُ
***
***
دعوتكَ يا كليبُ فلم تجبني
وكيف يجيبني البلدُ القَفارُ
أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ
ضنيناتُ النفوس لها مَزارُ
أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ
لقد فُجِعتْ بفارسها نِزارُ
سقاك الغيثُ إنك كنت غيثاً
ويُسراً حين يُلتمسُ اليسارُ
أبت عيناي بعدك أن تَكُفا
كأن غضا القتادِ لها شِفارُ
وإنك كنت تحلمُ عن رجالٍ
وتعفو عنهُمُ ولك اقتدارُ
وتمنعُ أن يَمَسّهُمُ لسانٌ
مخافةَ من يجيرُ ولا يجارُ
وكنتُ أعُدُ قربي منك ربحاً
إذا ماعدتْ الربْحَ التِّجار
فلا تبعُد فكلٌ سوف يلقى
شعوباً يستدير بها المدارُ
يعيشُ المرءُ عند بني أبيه
ويوشك أن يصير بحيث صاروا
أرى طول الحياة وقد تولى
كما قد يُسْلب الشيء المعارُ
كأني إذ نعى الناعي كليباً
تطاير بين جنبي الشرار
فَدُرتُ وقد غشى بصري عليه
كما دارت بشاربها العُقار
سألتُ الحي أين دفنتموهُ
فقالوا لي بأقصى الحي دارُ
فسرتُ إليه من بلدي حثيثاً
وطار النومُ وامتنع القرارُ
وحادت ناقتي عن ظلِ قبرٍ
ثوى فيه المكارمُ والفَخارُ
لدى أوطان أروع لم يَشِنهُ
ولم يحدث له في الناس عارُ
أتغدو يا كليبُ معي إذا ما
جبان القوم أنجاه الفِرارُ
أتغدو يا كليبُ معي إذا ما
حُلُوق القوم يشحذُها الشَّفارُ
أقولُ لتغلبٍ والعزُ فيها
أثيرُها لذلكم انتصارُ
تتابع أخوتي ومضَوا لأمرٍ
عليه تتابع القوم الحِسارُ
خُذِ العهد الأكيد عليَّ عُمري
بتركي كل ما حوت الديارُ
ولستُ بخالعٍ درعي وسيفي
إلى أن يخلع الليل النهارُ
******
هذه القصيدة للشاعر محمود سامي البارودي
*
رُدواعَليَّ الصِّبَا من عصري الخالي
وهل يعود سَوَادُ اللِّمَّةِ البالي؟
*
*
ماضٍ من العيش ما لاحت مخايِلُهُ
في صفحة الفكر إلا هاج بَلْبَالي؟
*
*(360/7)
سَلَتْ قلوبٌ ، فَقَرتْ في مضاجِعِها
بعد الحنين وقلبي ليس بالسالي
*
*
لَمْ يَدْرِ من بات مسروراً بِلَذتِهِ
أني بنار الأسى من هجره صَالي
*
*
يا غاضبين علينا ! هل إلى عِدةٍ
بالوصل يَوْمٌ أُناغي فيه إقبالي
*
*
غبتم ، فأظلم يومي بعد فُرقَتِكم
وساء صُنعُ الليالي بعد إجمالي
*
*
قد كنت أحسبُني مِنكم على ثِقَةٍ
حتى مُنِيتُ بما لم يَجْرِ في بالي
*
*
لم أجنِ في الحُبِّ ذنباً أستحق به
عَتْباً ، ولكنها تحريفُ أقوالي
*
*
ومن أطاعَ رواةَ السُّوءِ - نَفَّرَهُ
عن الصديق سماعُ القيل والقالِ
*
*
أدهى المصائب غَدْرٌ قبلهُ ثِقَةٌ
وأقبح الظُّلم صدٌّ بعد إقبالِ
*
******
من شعر محمود سامي البارودي
بادرِ الفُرصةَ ، واحذر فَوتها
فَبُلُوغُ العزِّ في نَيلِ الفُرص
واغتنم عُمْركَ إبانَ الصِبا
فهو إن زادَ مع الشيبِ نَقَصْ
إنما الدنيا خيالٌ عارضٌ
قلَّما يبقى ، وأخبارٌ تُقصْ
تارةً تَدْجو ، وطوراً تنجلي
عادةُ الظِلِّ سجا ، ثمَّ قَلَصْ
فابتدر مسعاك ، واعلم أنَّ من
بادرَ الصيدَ مع الفجرِ قنص
لن ينال المرءُ بالعجز المنى
إنما الفوزُ لِمن همَّ فنص
يَكدحُ العاقلُ في مأمنهِ
فإذا ضاقَ به الأمرُ شَخَصْ
إن ذا الحاجةِ مالمْ يغتربْ
عَنْ حماهُ مثْلُ طَيْرٍ في قفصْ
وليكن سعيك مجداً كُلُّهُ
إن مرعى الشر مَكْرُوهٌ أَحَصْ
واتركِ الحِرصَ تعِشْ في راحةٍ
قَلَّما نالَ مُنَاهُ مَنْ حَرَصْ
قد يَضُرُّ الشيءُ ترجُو نَفعَهُ
رُبَّ ظَمْآنَ بِصَفوِ الماءِ غَصْ
مَيزِ الأشياء تعرفْ قَدرها
ليستِ الغُرَّةُ مِنْ جِنسِ البرصْ
واجتنبْ كُلَّ غَبِيٍ مَائِقٍ
فهو كَالعَيْرِ ، إذا جَدَّ قَمَصْ
إنما الجاهلُ في العين قذًى
حيثما كانَ ، وفب الصدرِ غَصَصْ
واحذرِ النمامَ تأمنْ كَيْدَهُ
فهو كالبُرغُوثِ إن دبَّ قرصْ
يَرْقُبُ الشَرَّ ، فإن لاحتْ لهُ
فُرْصَةٌ تَصْلُحُ لِلخَتْلِ فَرصْ
سَاكنُ الأطرافِ ، إلا أنهُ(360/8)
إن رأى منَشبَ أُظْفُورٍ رَقَصْ
واختبر من شئت تَعْرِفهُ ، فما
يعرفُ الأخلاقَ إلا مَنْ فَحَصْ
هذهِ حِكمةُ كَهلٍ خابرٍ
فاقتنصها ، فهي نِعْمَ المُقْتَنَصْ
******
هذه القصيدة للشاعر معن بن أوس المزني
*
وذي رَحِمٍ قَلَّمتُ أظفارَ ضِغْنِه
بحلمي عنه وهو ليس له حِلم
*
*
يُحاولُ رَغمي لا يحاولُ غيره
وكالموت عندي أن يَحُلَّ به الرَّغْم
*
*
فإن أعْفُ عنه أُغضِ عَيْناً على قَذى
وليس له بالصفح عن ذنبه عِلم
*
*
وإن أنتصر منه أكُنْ مثل رائشٍ
سهامَ عَدُوٍ يُستهاض بها العَضم
*
*
صبرتُ على ماكان بينى وبينه
وما تستوي حربُ الأقارب والسلمُ
*
*
وبادرتُ منه النأيَ والمرءُ قادر
على سهمه مادام في كفهِ السهمُ
*
*
ويَشْتمُ عرضِي في المُغَيَّب جاهدا
وليس له عندي هوانٌ ولا شَتْمُ
*
*
إذا سمتُه وَصْلَ القرابة سامني
قطيعتها تلك السفاهةُ والإثمُ
*
*
وإن أدَعُهُ للنِّصف يأبَ ويَعصني
ويدعُو لحُكْم جائر غَيْرهُ الحكم
*
*
فلولا اتقاءُ الله والرحمِ التي
رِعايتُها حقٌ وتَعطيلُها ظُلمُ
*
*
إذاً لعلاهُ بارقي وخَطَمْتُهُ
بوسم شَنَارٍ لا يشاكهُه وَسمُ
*
*
ويسعى إذا أبني ليهدم صالحي
وليس الذي يبني كمن شأنه الهدمُ
*
*
يودُ لو أني مُعْدِمٌ ذو خَصَاصةٍ
وأكره جُهدي أن يُخالطه العُدْمُ
*
*
ويَعتَدُّ غُنْماً في الحوادث نَكبتي
وما إن له فيها سَنَاءٌ ولا غُنْمُ
*
*
فما زلت في ليني له وتعطفي
عليه كما تحنو على الولد الأمُ
*
*
وخفضٍ له مني الجناح تألفاً
لتدنيه مني القرابةُ والرِّحْمُ
*
*
وقولي إذا أخشى عليه مصيبة
ألا اسلم فداك الخالُ ذو العَقْد والعَمُّ
*
*
وصبري على أشياءَ منه تُرِيبُني
وكظمي على غيظي وقد ينفع الكَظمُ
*
*
لأستل منه الضِّغن حتى استللتُه
وقد كان ذا ضِغْنٍ يضيقُ به الجِرْمُ
*
*
رأيتُ انْثلاماً بيننا فرقعته
برفقي وإحيائي وقد يُرقْعَ الثَلمُ
*
*(360/9)
وأبرأتُ غِلَّ الصَّدْر منه تَوَسُّعاً
بحلمي كما يُشفى بالادْوِيَة الكَلْمُ
*
*
فداويته حتى ارْفَأَنَّ نِفاره
فَعُدنا كأنا لم يكن بيننا صَرْم
*
*
وأطفأَ نار الحرب بيني وبينه
فأصبح بعد الحرب وهو لنا سَلْمُ
*
******
هذه القصيدة للشاعر عبدالرحمن العشماوي
هزي جذوعك يا غصون اللوز
في وطني الحبيب
فلربما صار البعيد لنا قريب
ولربما غنت عصافير الصفاء
وغرد القمري
وابتسم الكئيب
هزي غصونك
وانثري في الأرض لوزك يا جذوع
ودعي النسيم يثير أشجان الفروع
ودعي شموخك يا جذوع اللوز
يهزأُ بالخضوع
هزي غصونك
ربما سمع الزمان صدى الحفيف
ولربما وصل الفقير إلى رغيف
ولربما لثم الربيع فم الخريف
هزي غصونك
ربما بعث الصفاء إلى مشاعرنا
بريدَهْ
ولربما تتفيأ الكلمات في درب المنى
ظل القصيدة
أنا يا جذوع اللوزِ
أغنيةٌ على ثغر اليقين
أنا طفلة نظرت إلى الأفاق
رافعة الجبين
أنا من ربا المرزوق
تعرفني ربوع بني كبير
أملي يغرد يا جذوع اللوز
في قلبي الصغير
وأبي الحبيب يكادُ بي
من فرط لهفته يطير
أنا ياجذوع اللوز من صنعت لها المأساة
مركبةً صغيرة
أنا مَنْ قدحْتُ على مدى الأحلام
ذاكرة البصيرة
لأرى خيال أبي وكان رعيتي
وأنا الأميرة
كم كنت أمشط رأسهُ
وأجر أطراف العمامةْ
وأريه من فرحي رُباً خضراً
ومن أملي غمامةْ
كم كنت أصنع من تجهمه
إذا غضب، ابتسامهْ
أنا ياجذوع اللوز
بنت فقيد واجبه مساعد
أنا مَنْ تدانى الحزن من قلبي
وصبري عن حمى قلبي
تباعدْ
أنا طفلة تُدعى عهود
أنا صرخةٌ للجرح
تلطم وجه من خان العهودْ
أنا بسمةٌ في ثغر هذا الكونِ
خالطها الألمْ
صوتي يردد في شمم
عفواً أبي الغالي ، إذا أسرجت
خيل الذكرياتْ
فهي التي تُدني إلى الأحياء
صورة من نأى عنهم
وماتْ
عفواً
إذا بلغت بي الكلماتُ حدَّ اليأس
واحترق الأملْ
فأنا أرى في وجه أحلامي خجلْ
وأنا أرددُ في وجلْ
يا ويل عباد الإمامة والإمامْ
أو ما يصونون الذِّمامْ
كم روعوا من طفلةٍ مثلي(360/10)
وكم قتلوا غلامْ
ولكم جنوا باسم السلامِ
على قوانين السلامْ
ياويل عُبَّاد القبورْ
هُمْ في فؤاد الأمة الغراء آلامٌ
وفي وجه الكرامة كالبثور
هُمْ - يا أبي الغالي - قذىً في عين أمتنا
وضيقٌ في الصدور
يا ويل أرباب الفتنْ
كم أوقدوا ناراً وكم نسجوا كفنْ
كم أنبتوا شوكاً على طرقات أمتنا
وكم قطعوا فَنَنْ
كنا نظن بأنهم يدعون للإسلام حقاً يا أبي
فإذا بهم
يدعون للبغضاءِ فينا والإِحنْ
عفوا أبي الغالي
أراك تُشيح عني ناظريكْ
وأنا التي نثرتْ خُطاها في دروب الشوق
ساعيةً إليك
ألبستنا ثوب الوقار
ورفعتَ فوق رؤوسنا تاج افتخارْ
إني لأطرب حين أسمع من يقول
هذا شهيد أمانته
بذل الحياة صيانةً لكرامته
أواهُ لو أبصرتَ
زهوَ الدَّمع في أجفان غامدْ
ورأيت - يا أبتاه - كيف يكون
إحساس الأماجدْ
أواه لو أبصرت ما فعل الأسى
ببني كبير
كل القلوب بكتْ عليك
وأنت يا أبتي جدير
أنا يا أبي الغالي عهود
أنسيتَ يا أبتي عهود
أنا طفلةٌُ عزفتْ على أوتار بسمتها
ترانيم الفرح
رسمتْ جدائلُها لعين الشمس
خارطة المرَحْ
كم ليلةٍ أسرجتَ لي فيها قناديل ابتسامتك الحبيبهْ
فصفا فؤادي وانشرحْ
أختايَ يا أبتي وأمي الغاليهْ
يسألنَ عنك رحاب قريتنا
وصوت الساقيهْ
أرحلت يا أبتي الحبيب؟؟
كلُّ النجوم تسابقت نحوي
تزفُّ لي العزاءْ
والبدر مدَّ إليَّ كفاً من ضياءْ
والليل هزَّ ثيابه
فانهلَّ من أطرافها حزنُ المساء
تتساءل المرزوق يا أبتي الحبيب
ما بال عينِ الشمس ترمقنا
بأجفان الغروبْ
وإلى متى تمتدُّ رحلتك الطويلةُ يا أبي
ومتى تؤوب؟؟
وإلى متى تجتثُّ فرحتنا
أعاصير الخطوب
هذا لسان الطَّلِّ يُنشِدُ للربا
لحن البكاءْ
هذي سواقي الماء في وديان قريتنا
على جنباتها انتحر الغُثاءْ
هذا المساءْ
يُفضي إلى آفاق قريتنا
بأسرار الشَّقاء
يتساءل الرمان يا أبتي
ودالية العنب
والخوخ والتفاح يسألُ
والرطبْ
وزهور وادينا تشارك في السؤالْ
ويضجُّ وادينا بأسئلةٍ
تنمُّ عن انفعالْ(360/11)
ماذا أصاب حبيبنا الغالي مساعد
كيف غابْ؟
ومتى تحركت الذئابْ؟
ومتى اختفى صوتُ البلابلِ
وانتشى صوتُ الغراب؟
يا ويح قلبي من سؤالٍ
لا أطيق له جوابْ
ما زلتُ - يا أبتي - أصارع حسرتي
وأسد ساقية الدموعْ
أهوى رجوعك يا أبي الغالي
ولكنْ
لا رجوعْ
إن مُتَّ يا أبتي
وفارقت الوجودْ
فالموتُ فاتحة الخلودْ
ما مُتَّ في درب الخيانة والخنى
بل مت صوناً للعهود
يا حزنُ
لا تثبتْ على قدمٍ
ولا تهجر فؤادْ
فأنا أراك لفرحتي الكبرى امتدادْ
إن ماتَ - يا حزني - أبي
فالله حيٌّ لايموتْ
الله حيٌّ لايموتْ
******
هذه القصيدة للشاعر محمد مهدي الجواهري
*
في ذمة الله ما ألقى وما أجدُ
أهذهِ صخرةٌ أم هذه كبدُ
*
*
قد يقتلُ الحزنُ مَنْ أحبابه بعُدوا
عنه فكيف بمَنْ أحبابُه فُقِدوا
*
*
تجري على رسلها الدنيا ويتبعها
رأيٌ بتعليلِ مجراها ومعتقدُ
*
*
أعيا الفلاسفةَ الأحرار جهلُهُم
ماذا يخبي لهم في دفَّتيه غدُ
*
***
***
*
حُييتِ ( أم فراتٍِ ) إن والدةً
بمثل ما أنجبتْ تُكنى بما تلدُ
*
*
تحيةً لم أجد من بَثِّ لاعجها
بُداً وإن قام سداً بيننا اللحدُ
*
*
بالروحِ رُدي عليها إنها صِلةٌ
بين المحبين ماذا ينفع الجسدُ
*
*
بكيتُ حتى بكى من ليس يعرفني
ونُحتُ حتى حكاني طائرٌ غردُ
*
*
كما تفجر عيناً ثرَّة حجرٌ
قاسٍ تفجر دمعاً قلبي الصلدُ
*
*
مدي إليَّ يداً تُمدَدْ إليكِ يدٌ
لا بد في العيش أو في الموت نتحدُ
*
*
ناجيتُ قبرك أستوحي غياهبه
عن حال ضيفٍ عليه معجلاً يفدُ
*
*
ولفني شبحٌ ما كان أشبَهه
بجَعدِ شعركِ حول الوجه ينعقدُ
*
*
مُنىٍ وأتعسْ بها أن لا يكونَ على
توديعها وهي في تابوتها رصدُ
*
*
لعلني قارئ في حُرِّ صفحتها
أي العواطفِ والأهواء تحتشدُ
*
******
للشاعر الأستاذ / سعد الشريف
تعالي إليَّ شعاع الشروق
رحلتِ فصرتُ سجيناً بداري
أنوءُ بحمل الفراق الذي
أطوفُ بأرجاء بيتي وحيداً
أبعد الحياة وصوت iiالربيع(360/12)
وبعد النجومِ ونور iiالثريا
بدونك إني سلوتُ الأنام
فأنتِ الحبيبُ وأنتِ الفؤادُ
وأنتِ الزُلال وكوثرُ iiنفسي
أنام وطيفُكِ يجثو عليَّ
فأسألُ عنكِ زجاجَ المرايا
وأنظرُ في أحمر الشفتينِ
وأسألُ شعري ألا زلت تشكو
تعالِي إليَّ شعاعاً iiجميلاً
تعالي فما العمر إلا iiثواني
وعودي فبعدُكِ ضاع الطريق
وإن عُدتِ عُدتُ كطيرٍ طليق
تئن له الساجعات الحليق
فتَملؤُ نفسي بما لا أطيق
سكونٌ رهيبٌ وليلٌ iiسحيق
يسود الظلام ويخبو البريق
سئمتُ حروفي سئمتُ الصديق
وأنتِ الرجاءُ وأنتِ الرفيق
وأنتِ الزفيرُ وأنت الشهيق
وأرنو خيالَكِ أن أستفيق
وإسوارتيكِ وعقد iiالعقيق
وأسألُ هل لنواك يُطيق؟!
تحنُ للمس يديها iiالرقيق
يضيءُ جوانبَ قلبي العتيق
وكوني إليَّ كثوبٍ iiلصيق
******
للشاعر / معروف الرصافي
سِرْ في حياتك سيرَ نابِهْ
ولُمِ الزمان ولا تُحابه
وإذا حللتَ بموطنٍ
فاجعل محلك في هضابه
واخترْ لنفسكَ منزلاً
تهفو النجومُ على قِبابه
ورُمِ العلاءَ مُخاطراً
فيما تُحاول مِن لُبابه
فالمجد ليس ينالهُ
إلا المُخاطرُ في طِلابه
وإذا يخاطبك اللئيـ
ــمُ فَصُمّ سَمعكَ عن خِطابه
وإذا انبرى لكَ شاتماً
فاربأ بنفسك عن جوابه
فالروضُ ليس يضيرهُ
ما قد يطنطن من ذُبابه
ولَرُب ذئبِ قد أتا
ك من ابن آدم في إهابه
ما امتاز قط عن ابن آ
وى شخصُهُ بسوى ثيابه
وإذا ظفرتَ بذي الوفا
ء فحُطّ رحلكَ في رحاله
فأخوكَ مَنْ إن غاب عنْـ
ـك رعى وِدادك في غيابه
وإذا أصابكَ ما يسو
ءُ رأى مُصابكَ من مُصابه
وتراهُ ييجعُ إن شكوْ
تَ كأن مابكَ بعضُ مابه
****
***************************************88(360/13)
أنشودة المطر
بدر شاكر السياب
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،
أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر .
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ
يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر
كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ...
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء ،
دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،
والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛
فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر !
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ المطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :
بأنَّ أمّه – التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "
لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر ؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه والقَدَر
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر ..
مطر ..
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟
بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،
كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ .
أَصيح بالخليج : " يا خليجْ
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "
فيرجعُ الصّدى
كأنّه النشيجْ :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى .. "
أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ(361/1)
ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،
حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ
لم تترك الرياح من ثمودْ
في الوادِ من أثرْ .
أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع القرى تئنّ ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،
عواصف الخليج ، والرعود ، منشدين :
" مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر ...
وكم ذرفنا ليلة الرحيل ، من دموعْ
ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...
مطر ...
مطر ...
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطل المطر ،
وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .
مطر ...
مطر ...
مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ .
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة !
مطر ...
مطر ...
مطر ...
سيُعشبُ العراق بالمطر ... "
أصيح بالخليج : " يا خليج ..
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "
فيرجع الصدى
كأنَّه النشيج :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى . "
وينثر الخليج من هِباته الكثارْ ،
على الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ظلّ يشرب الردى
من لجَّة الخليج والقرار ،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى .
وأسمع الصدى
يرنّ في الخليج
" مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ(361/2)
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة . "
ويهطل المطرْ ..(361/3)
أنّى اتجهت إلى الإسلام في بلد
مالي وللنجم يرعاني وأرعاه أمسى كلانا يعاف الغمض جفناه
لي فيك يا ليل آهات أرددها أواه لوأجدت المحزون أواه
إني تذكرت والذكرى مؤرقة مجدا تليدا بأيدينا أضعناه
أنّى اتجهت إلى الإسلام في بلد تجده كالطير مقصوصا جناحاهُ
ويح العروبة كان الكون مسرحها فأصبحت تتوارى في زواياه
كم صرفتنا يد كُنا نُصرفها وبات يملكنا شعب ملكناه(362/1)
إني شهيد المحنة
---
لا تحزنوا يا إخوتي ... إني شهيد المحنة
يا فرحتي بمنيتي ... اليوم أنهي غربتي
و كرامتي بشهادتي ... هى فرحتي و مسرتي
في ظل عرش الهنا ... أبغي لقاء أحبتي
معهم أعيش مكرما ... و مفعما بسعادتي
و لئن صرعت فذا دمي ... يوم القيامة آيتي
الريح منه عاطر ... و اللون لون الوردة
و كرامتي يا إخوتي ... برصاصة أو طعنة
ذكر الأحبة سلوتي ... في خلوتي و الجلوة
تقوى الإله وذلتي ... عند الصلاة طريقتي
و القلب دوما شاكر ... أو صابر في شدة
و سلامتي في وقفتي ... يوم الوغى بشجاعة
نصرا لديني و الدما ... بشرى بقرب شهادة
آجالنا محدودة ... و لقؤنا في الجنة
و لقاؤنا بحبيبنا ... محمد والصحبة
و سلاحنا إيماننا ... و حياتنا في عزة(363/1)
أهاجَ قذاةَ عيني الادّكارُ
للمهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليباً :
أهاجَ قذاةَ عيني الادّكارُ ***** هدوءاً فالدموعُ لها انحدارُ
وَصارَ الليلُ مشتملاً علينا ***** كأنَّ الليلَ ليسَ لهُ نهارُ
وَبتُّ أراقبُ الجوزاءَ حتى ***** تقاربَ منْ أوائلها انحدارُ
أُصرّفُ مقلتي في إثرِ قومٍ ***** تباينتِ البلادُ بهمْ فغاروا
وَأبكي وَالنجومُ مطلعاتٌ ***** كأنْ لمْ تحوها عني البحارُ
على منْ لوْ نُعيت وَكانَ حياً ***** لقادَ الخيلَ يحجبها الغبارُ
دعوتكَ يا كليبُ فلمْ تجبني ***** وَكيفَ يجيبني البلدُ القفارُ
أجبني يا كليبُ خلاكَ ذمٌّ ***** ضنيناتُ النفوسِ لها مزارُ
أجبني يا كليبُ خلاكَ ذمُّ ***** لقدْ فجعتْ بفارسها نزارُ
سقاكَ الغيثُ إنكَ كنت غيثاً ***** وَيسراً حينَ يُلتمسُ اليسارُ
أبتْ عينايَ بعدكَ أنْ تكفا ***** كأنَّ غضا القتادِ لها شفارُ
وَإنكَ كنتَ تحلمُ عنْ رجالٍ ***** وَتعفو عنهمُ وَلكَ اقتدارُ
وَتمنعُ أنْ يمسهمُ لسانٌ ***** مخافةَ منْ يجيرُ وَلاَ يجارُ
وَكنتُ أعدُّ قربي منكَ ربحاً ***** إذا ما عدتِ الربحَ التجارُ
فلاَ تبعدْ فكلٌّ سوفَ يلقى ***** شعوباً يستديرُ بها المدارُ
يعيشُ المرءُ عندَ بني أبيهِ ***** وَيوشكُ أنْ يصيرَ بحيثُ صاروا
أرى طولَ الحياةِ وقدْ تولى ***** كما قدْ يسلبُ الشيءُ المعارُ
كأني إذْ نعى الناعي كليباً ***** تطايرَ بينَ جنبيَّ الشرارُ
فدرتُ وقدْ عشى بصري عليهِ ***** كما دارتْ بشاربها العقارُ
سألتُ الحيَّ أينَ دفنتموهُ ***** فقالوا لي بسفحِ الحيَّ دارُ
فسرتُ إليهِ منْ بلدي حثيثاً ***** وَطارَ النومُ وَامتنعَ القرارُ
وَحادتْ ناقتي عنْ ظلَّ قبرٍ ***** ثوى فيهِ المكارمُ وَالفخارُ
لدى أوطانِ أروعَ لمْ يشنهُ ***** وَلمْ يحدثْ لهُ في الناسِ عارُ
أتغدو يا كليبُ معي إذا ما ***** جبانُ القومِ أنجاهُ الفرارُ
أتغدو يا كليبُ معي إذا ما ***** حلوقُ القومِ يشحذها الشفارُ(364/1)
أقولُ لتغلبٍ وَالعزُّ فيها ***** أثيروها لذلكمُ انتصارُ
تتابعَ إخوتي وَمضوا لأمرٍ ***** عليهِ تتابعَ القومُ الحسارُ
خذِ العهدَ الأكيدَ عليَّ عمري ***** بتركي كلَّ ما حوتِ الديارُ
وَهجري الغانياتِ وَشربَ كأسٍ ***** وَلبسي جبةً لاَ تستعارُ
وَلستُ بخالعٍ درعي وَسيفي ***** إلى أنْ يخلعَ الليلَ النهارُ
و إلاَّ أنْ تبيدَ سراةُ بكرٍ ***** فلاَ يبقى لها أبداً أثارُ(364/2)
أوَلستُ ثالثَ مسجدين
---
قُطع الطريقُ عليّ يا أحبابي ... ووقفتُ بين مكابر ومحابي
ذكرى احتراقي ما تزالُ حكاية ... تُروى لكم مبتورة الأسبابِ
في كل عامٍ تقرؤون فصولَها ... لكنكم لا تمنعون جَنابي
أوَ ما سمعتم ما تقول مآذ ني ... عنها ، وما يُدلي به محرابي؟
أوَ ما قرأتم في ملامح صخرتي ... ما سطّرته معاولُ الإرهابِ؟
أوَ ما رأيتم خنجرَ البغي الذي ... غرسته كفُّ الغدر بين قِبَابي؟
أخَواي في البلد الحرامِ وطيبةٍ ... يترقبانِ على الطريقِ إيابي
يتساءلان متى الرجوع إليهما ... يا ليتني أستطيعُ ردّ جوبِ
وَأنا هُنا في قبضة وحشيّة ... يقف اليهوديُّ العنيدُ ببابي
في كفّه الرشاش يُلقي نظرة ... نارية مسممومةَ الأهدابِ
يرمي به صَدرَ المصلّي كلُما ... وافى إليّ مطهّرَ الأثوابِ
وإذا رأى في ساحتي متوجّهاً ... للهِ ، أغلقَ دونَه أبوابي
يا ليتني أستطيعُ أن ألقاهما ... وأرى رحابَهما تضمُّ رحابي
أَوَلستُ ثالثَ مسجدينِ إليهما ... شُدّتْ رِحالُ المسلم الأوّابِ؟
أوَ لم أكن مهدَ النبوّاتِ التي ... فتحت نوافذَ حكمةٍ وصوابِ؟
أوَ لم أكن معراجَ خير مبلّغٍ ... عن ربّه للناس خيرَ كتابِ ؟
أنا مسجد الإسراء أفخرُ أنني ... شاهدتُه في جيْئة وذَهابِ
يا ويحكم يا مسلمون ، كانّما ... عَقِمَتْ كرامتكم عن الإنجابِ
وكأنَّ مأساتي تزيدُ خضوعكم ... ونكوص همّتكم على الأعقابِ
وكأنّ ظُلْمَ المعتدين يسرُّكم ... وكأنّكم تستحسنون عذابي
غيّبتموني في سراديب الأسى ... يا ويلَ قلبي من أشدّ غيابِ
عهدي بشدْو بلابلي يسري إلى ... قلبي ، فكيف غدا نعيقَ غُرابِ ؟!
وهلال مئذنتي يعانق ماعلا ... من إنجمِ وكواكبٍ وسحابِ
أفتأذنون لغاصبٍ متطاولٍ ... أنْ يدفن العلياء تحت ترابي؟!
يا مسلمون ، إلى متى يبقى لكم ... رَجعُ الصدى ، وحُثالةُ الأكوابِ ؟؟
يا مسلمون ، أما لديكم هِمّة ... تجتاز بالإيمان كلّ حجابِ ؟؟
أنا ثالث البيتين هل أدركتمو ... أبعادَ سرّ تواصُل الأقطابِ؟!
إني رأيتُ عيونَ من ضحكوا لكم ... وأنا الخبيرُ بها ، عيونَ ذئابِ(365/1)
هم صافحوكم والدماءُ خضابُهم ... وا حرّ قلبي من أعزّ خَضَابِ
هذي دماءُ مناضلٍ ، ومنافحٍ ... عن عرضه ، ومقاوم وثّابِ
ودماءُ شيخٍ كان يحملُ مصحفاً ... يتلو خَواتَم سورة الأحزابِ
ودماءُ طفلٍ كان يسألُ أمّهُ ... عن سرّ قتل أبيه عندَ البابِ
إني لأخشى أن تروا في كفّ مَن ... صافحتموه ، سنابلَ الإغضابِ
هم قدّموا حطباً لموقد ناركم ... وتظاهروا بعداوة الحطّابِ
عجَباً أيرعى للسلام عهوده ... مَنْ كان معتاداً على الإرهابِ؟؟
أما مسجد الإسراء أدعوكم إلى ... سفْرِ الزمان ودفتر الأحقابِ
فلعلّكم تجدون في صفحاتهِ ... ما قلتُهُ ، وتُثمّنون خطابي!!(365/2)
قصيدة:أيا فلوجةً فاحت أريجاً
عبد الناصر رسلان
جنيتم في الجهاد ِ لنا انتصارا *** ومن طلبَ الجهادَ جنى الفخارا
دفنتم في الوغى أعتى جنود ٍ *** فما زادَ العِدا إلا فِرارا
كسرتم شوكةَ الحصنٍ المنيع ِ*** بعزم ٍ أحمدي ٍ لا يُجارى
وكنتم في الجهادِ منارَ عزٍّ *** فمن رامَ الجهادَ عليهِ سارا
رفعتم راية َ التوحيدِ درعاً *** وما أغلاهُ في الهيجا شعارا
حملتم همَّ أبناءِ الثكالى *** وصنتم إرثَ أيتام ٍ حيارى
رجالٌ عاهدوا اللهَ الكريمَ *** فما وهنوا ولا خافوا العثارا
يمينَ الله ِ أنّي رغمَ ضعفي *** أتوقُ عناقَ هاتيك الديارا
أيا فلوجة ً فاحت أريجا ً *** كما الأزهار لا تخشى انكسارا
أُداري دمعتي تحتَ الجفونِ *** ودمعُ النصرِ حاشى أن يُدارى
يكادُ القلبُ يقصدُ حيثُ أنتم *** فلو حَمَلَتهُ أجنحة ٌ لطارا(366/1)
أيُّها العالمُ ما هذا السكوتُ
---
أيُّها العالمُ ما هذا السكوتُ
أوما يؤذيك هذا الجبروتُ؟
أوما تُبصر في الشيشان ظلماً
أوما تُبصر أطفالاً تموتُ؟
أوما يُوقظ فيك الحسَّ شعبٌ
جمعُه من شدَّة الهول شَتِتُ؟
أرضه تُصلى بنيران رصاصٍ
وشظايا هُدمت منها البيوتُ
أوما تُبصر آلاف الضحايا
ما لها اليوم مقيلٌ أو مبيتُ؟
شرَّدتها الحربُ في ليلٍ بهيمٍ
ما لها في زحمة الأحداث قُوتُ
تأكل الأخضر واليابس حربٌ
كل ما فيها من الأمر مقيتُ
أين منها مجلس الأمن وماذا
صنع الحلفُ وأين الكهنُوتُ؟
أيها العالمُ ما هذا التغاضي
كيف وارى صوتك العالي الخفوتُ؟
أوما صُنعت قوانين سلامٍ
عجزت عن وصف معناها النُعوتُ؟
قاذفات الروس إعلان انتهاكٍ
لقوانينك ، واللًّص فَلُوتُ
فرصة أن تُعلن الحق ولكن
فرص الحق على الباغي تفوت
ربما تعلن قول الحق لكن
بعد ما يعلنه في البحر حوت
أيها الأحباب في الشيشان صبراً
إن من ينصر حقاً يستميتُ
إن يكن للروس آلات قتالٍ
فلنا في هجعة الليل القنوتُ(367/1)
بالدين يلعب يوسف
[الكاتب؛ عبد العزيز البكري]
أعلى الهوى ظُلْمًا يلامُ المُدنِفُ؟ أوَليس يحتملُ الضّمانَ المُتلِفُ؟
سرحت بقلبي حيث شاءت في الهوى لعِبًا كما بالدين يلعبُ يوسُفُ
فتوى مباشرةً تجيء على (الهوى) وكتابَ سوءٍ للضلالِ يؤلَّفُ
جمعت برودة ذهنه وفجوره لله كيف تحمّلتها الأرففُ
إن كان يُضْحَكُ للبليَّة فاضحكوا أو كان يوسَف كان يوسُفُ يوسِفُ
لو جاءَ آخرُ مثله لم يبقَ في ديوان إبليس اللعين موظَّفُ
أوليس باسم الدِّين يهدِمُ أصلهُ وبصوت إبليسَ –المعازفِ- يعزفُ؟!
كان الغنا أبدًا بريدًا للزِّنا والشيخ ساعٍ للبريد مكلَّفُ
ويرى مشاققة الرسول تقدّمًا وسبيلَ غيرِ المؤمنينَ يُزخرِفُ
وإذا أتاه النصّ نصّ منافقًا للنافقاء فقال ذاك تخلُّفُ
لو كان واجد ملجئٍ ومغارةٍ منهُ ومدّخلاً لولّى يزرِفُ
وهو الفقيه بـ(فقه تيسير الهوى) واليُسرُ وصفٌ بالشَّريعةِ يُعرفُ
والله يبغي أن يخفف عنكمُ وأخو الهوى لضلالكم يتلهّفُ (1)
لو كان يتبعُ دينُنا أهواءَهم فسدت مع الأرضِ السماء وأُردِفواُ (2)
ولو الرسول يجيبهم ويطيعهم في الأمر يعنتهم بذاك ويُتلِفُ (3)
هي حكمة الديّان لا آراؤهم نسخ الطلول من العقول المصحف
فاعجب ليوسف ما عجبت لجاهلٍ يهذي ويهرف بالذي لا يعرفُ
ملّ التّلاعب بالفروع وفقهها فعدا على أصل العقائد يزحفُ
جحد البراءة من عدو الله بل والى عدوَّ الله لا يستنكفُ
ويقول هم إخواننا إيمانهم إيماننا ولنا روابِطُ تعطِفُ
فأخوه في الإيمان عبدٌ مسلمٌ وأخوه في الإيمان علجٌ أقلفُ
هل فاه ذوْ دينٍ -والاستثناء منـ ـقطع- سواه بما تفوّه يوسُفُ؟
لُعِنَ اليهودُ ترى كثيرًا منهمُ كفرًا تولّوا كافرًا وتألّفوا
فلبئس ما اختاروا عذابًا خالدًا ولمن يتابعهم عذابٌ مُضعَفُ (4)
نعم الفتى لعدوِّه أسعدتهم وكفيتَهم أن يفتروا ويؤلِّفوا
أفلا تؤامرُ في العظائمِ عاقلاً إذ لم تكن في العاقلين تُصَنَّفُ؟!(368/1)
إن كان مؤتمرٌ لكفرٍ معلِنًا تقريب أديانٍ أتيتَ تُخطرِفُ
أُفٍّ لمؤتمر يدير كؤوسه شيخٌ وحاخامُ اليهودِ وأسقفُ!
ما قال ديني لي ودينكمو لكم بل قال: (دينكما لنا) يتزلَّفُ
هذي الفظائع والفضائح كُلُّها شقٌّ وفي الشّقِّ الّذي يأتي قِفوا
إن يعرَ من ثوب الدِّيانة في الذي أسلفتُ فهو من الدّياثة مُلحفُ
ما بعد ما هدم العقائد جاهدًا غرضٌ سوى الأعراضِ إذ يتشوَّفُ
لم يكفِه إرساله لبناته لمعاقل الكفّار لا يتخوَّفُ
حتّى دعا أهل العفاف لفعله ورمى المخالفَ أنَّه مُتخلِّفُ
قل إي وربِّي فالتخلُّف خُلْقُنا عن كُلِّ فاحشةٍ نصدُّ ونصدفُ
يقضي النهارَ وليلَه في سرِّه والجهر يدعو للسُّفور فيُسرِفُ
ويتابع التلفاز في سهراتِه وبمدح أفلام السَّوافرِ يهتفُ
أوليس يدعو مثلهنَّ لفتنةٍ لكنّهنّ أعزُّ منه وأشرفُ
أسموه يوسف لم يصيبوا رسمه وصوابه بالقَلْبِ لكنْ صحّفوا
وقضى الحديث لمن دعا بالجاهليّـ ـة أن يعضَّ هنا أبيهِ ويُلقفُ
يا يوسفُ الصديق آهٍ لو ترى من يوسف الكذّابِ حالاً تقرِفُ
زان الكريم ابن الكريم عفافهُ ويويسفُ القرضاوِ لا يتعفُّفُ؟
ويهودُ فتنتُها النساءُ وعالمٌ سوءٌ وفي كلٍّ يُشارك يوسُفُ
لله درُّ فوارس التوحيد لا يخشون لومة لائمٍ يُتَخَوَّفُ
لمّا عوى الدكتور يوسُفُ إذ غوى وافاه مقبلُ بالحجارةِ يُسعِفُ (5)
وكتاب (ما أهوى حلالٌ) جاءه من صالح الفوزان نار تقصفُ (6)
وأتى سليمانُ الخراشيُّ الفتى آساسه فبناؤه يتقصّفُ (7)
ومحمد أعني المنجّد فضّ في عرض (التراجع) فاهُ لا يتلطّفُ (8)
واذكر كتابًا للعدينيْ أحمدٍ رَفَعَ اللثام ، وليس سرٌّ يُكشفُ؟ (9)
ولناصر الفهدِ الهمامِ رسالة جمعت له أقوال فُحشٍ تُعرِفُ
لله دَرُّ عصابةٍ أغراهمُ ربُّ العبادِ فليس ينجو المُرجِفُ (10)
طول المصاب وعرضه يغنيك عن وصف المصاب وعرضه لو يوصفُ
وادٍ تفجّر بالفجور وسيلُه زبدٌ هم الإخوان حزب يُعرَفُ(368/2)
رحمٌ ولودٌ أنجبت أمثاله ما كان بِدْعًا ذو الأوابدِ يوسُفُ
أُمَّ (الطريق إلى الجماعة) (11) إنهم بعد (الحصادِ المرّ) (12) قاعٌ صفصفُ
وكتبه سائلاً الله الإخلاص والقبول:
عبد العزيز البكري
--------------------------------------------------------------------------------
(1) قال تعالى : "والله يريد أن يخفِّف عنكم ويريد الذين يتّبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيمًا"
(2) قال تعالى : "ولو اتّبع الحقُّ أهواءهم لفسدت السموات والأرض"
(3) قال تعالى : "لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتِّم"
(4) قال تعالى : "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل .... * ترى كثيرًا منهم يتولّون الّذين كفروا لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون"
(5) رد الشيخ مقبل الوادعي على القرضاوي وأسماه "إسكات الكلب العاوي"
(6) رد الشيخ صالح الفوزان "الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام" وقد كان يوسُف في أوّل أمره متماسكًا ، وكتابه المردود عليه فيه أهون أقواله.
(7) كتاب يوسف القرضاوي في الميزان.
(8) شريط للشيخ محمد المنجِّد "فتنة التراجع تحت ضغط الواقع" من أحسن ما كُتِب عن هذه الفتنة وإن تعدّدت أسماؤها.
(9) كتاب "رفع اللثام عن مخالفة القرضاوي لشريعة الإسلام" وهو من أجمع الكتب لضلالات القرضاوي موثّقة عنه.
(10) اقتباس من قوله تعالى : {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجوفون في المدينة لنغرينَّك بهم}
(11) كتاب "الطريق إلى الجماعة الأمِّ" لعثمان عبد السلام نوح.
(12) كتاب "الحصاد المر" لأيمن الظواهري ، والكتابان من أحسن ما كتب في إنصاف الإخوان ، بالانتصاف للدين منهم.(368/3)
بَانَ الخَليطُ وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَاناَ
جرير
بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا، و قطعوا منْ حبالِ الوصلِ أقرانا
حَيِّ المَنَازِلَ إذْ لا نَبْتَغي بَدَلاً بِالدارِ داراً، وَلا الجِيرَانِ جِيرَانَا
قَدْ كنْتُ في أثَرِ الأظْعانِ ذا طَرَبٍ مروعاً منْ حذارِ البينِ محزانا
يا ربَّ مكتئبٍ لوْ قدْ نعيتُ لهُ بَاكٍ، وآخَرَ مَسْرُورٍ بِمَنْعَانَا
لوْ تعلمينَ الذي نلقى أويتِ لنا أوْ تَسْمَعِينَ إلى ذي العرْشِ شكوَانَا
كصاحبِ الموجِ إذْ مالتْ سفينتهُ يدعو إلى اللهِ أسراراً وإعلانا
يا أيّهَا الرّاكِبُ المُزْجي مَطيّتَهُ، بَلِّغْ تَحِيّتَنَا، لُقّيتَ حُمْلانَا
بلغْ رسائلَ عنا خفَّ محملها عَلى قَلائِصَ لمْ يَحْمِلْنَ حِيرَانَا
كيما نقولَ إذا بلغتَ حاجتا أنْتَ الأمِينُ، إذا مُستَأمَنٌ خَانَا
تُهدي السّلامَ لأهلِ الغَوْرِ من مَلَحٍ، هَيْهَاتَ مِنْ مَلَحٍ بالغَوْرِ مُهْدانَا
أحببْ إلى َّ بذاكَ الجزعِ منزلة ً بالطلحِ طلحاً وبالأعطانِ أعطانا
يا ليتَ ذا القلبَ لاقى منْ يعللهُ أو ساقياً فسقاهُ اليومَ سلوانا
أوْ لَيْتَهَا لمْ تُعَلِّقْنَا عُلاقَتَهَا؛ غدْرَ الخَلِيلِ إذا ماكانَ ألْوَانَا
هَلا تَحَرّجْتِ مِمّا تَفْعَلينَ بِنَا؛ يا أطيَبَ النّاسِ يَوْمَ الدَّجنِ أرَدَانَا
قالَتْ: ألِمّ بِنا إنْ كنتَ مُنْطَلِقاً، وَلا إخالُكَ، بَعدَ اليَوْمِ، تَلقانَا
يا طَيْبَ! هَل من مَتاعٍ تمتِعينَ به ضيفاً لكمْ باكراً يا طيبَ عجلانا
ما كنتُ أولَ مشتاقٍ أخي طربٍ هَاجَتْ لَهُ غَدَوَاتُ البَينِ أحْزَانَا
يا أمَّ عمرو جزاكَ اللهُ مغفرة ً رُدّي عَلَيّ فُؤادي كالّذي كانَا
ألستِ أحسنَ منْ يمشي على قدمٍ يا أملحَ الناسِ كلَّ الناسِ إنساناً
يلقى غريمكمُ منْ غيرِ عسرتكمْ بالبَذْلِ بُخْلاً وَبالإحْسَانِ حِرْمانَا
لا تأمننَّ فانيَّ غيرُ آمنهِ غدوَ الخليلِ إذا ما كانَ ألوانا(369/1)
قد خنتِ منْ لمْ يكنْ يخشى خيانتكْ ما كنتِ أولَ موثوقٍ به خانا
لقدْ كتمتُ الهوى حتى تهيمنى لا أستطيعُ لهذا الحبَّ كتمانا
كادَ الهوى يومَ سلمانينَ يقتلني وَكَادَ يَقْتُلُني يَوْماً بِبَيْدَانَا
وَكَادَ يَوْمَ لِوَى حَوّاء يَقْتُلُني لوْ كُنتُ من زَفَرَاتِ البَينِ قُرْحانَا
لا بَارَكَ الله فيمَنْ كانَ يَحْسِبُكُمْ إلاّ عَلى العَهْدِ حتى كانَ مَا كانَا
من حُبّكُمْ؛ فاعلَمي للحبّ منزِلة ً، نَهْوَى أمِيرَكُمُ، لَوْ كَانَ يَهوَانَا
لا بَارَكَ الله في الدّنْيَا إذا انقَطَعَتْ أسبابُ دنياكِ منْ أسبابِ دنيانا
يا أمَّ عثمانَ إنَّ الحبَّ عنْ عرضٍ يُصبي الحَليمَ ويُبكي العَينَ أحيانا
ضَنّتْ بِمَوْرِدَة ٍ كانَتْ لَنَا شَرَعاً، تَشفي صَدَى مُستَهامِ القلبِ صَديانَا
كيفَ التّلاقي وَلا بالقَيظِ مَحضَرُكُم مِنّا قَرِيبٌ، وَلا مَبْداكِ مَبْدَانَا؟
نَهوَى ثرَى العِرْقِ إذ لم نَلقَ بَعدَكُمُ كالعِرْقِ عِرْقاً وَلا السُّلاّنِ سُلاّنَا
ما أحْدَثَ الدّهْرُ ممّا تَعلَمينَ لكُمْ للحَبْلِ صُرْماً وَلا للعَهْدِ نِسْيَانَا
أبُدّلَ اللّيلُ، لا تسرِي كَوَاكبُهُ، أمْ طالَ حتى َّ حسبتُ النجمَ حيرانا
يا رُبّ عائِذَة ٍ بالغَوْرِ لَوْ شَهدَتْ عزّتْ عليها بِدَيْرِ اللُّجّ شَكْوَانَا
إنّ العُيُونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ، قتلننا ثمَّ لمْ يحيينَ قتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُّبّ حتى لا حَرَاكَ بهِ، و هنَّ أضعفُ خلقْ اللهِ أركانا
يا رُبّ غابِطِنَا، لَوْ كانَ يطلُبُكُم، لا قَى مُباعَدَة ً مِنْكمْ وَحِرْمَانَا
أرَيْنَهُ المَوْتَ، حتى لا حَيَاة َ بِهِ؛ قَدْ كُنّ دِنّكَ قَبلَ اليَوْمِ أدْيَانَا
طارَ الفؤادُ معَ الخودِ التي طرقتْ في النومِ طيبة َ الأعطافِ مبدانا
مثلوجة َ الريقِ بعدَ النومِ واضعة ً عنْ ذي مثانٍ تمجُ المسكَ والبانا
قالتْ تعزفانَّ القومَ قدْ جعلوا دونَ الزيارة ِ أبواباً وخزانا(369/2)
لَمّا تَبَيّنْتُ أنْ قَد حِيلَ دُونَهُمُ ظلتْ عساكرُ مثلُ الموتِ تغشانا
ماذا لقيتُ منَ الأظعانِ يومَ قنى ً يتبعنَ مغترباً بالبينِ ظعانا
أتبعتهمْ مقلة ٌ انسانها غرقٌ هلْ ما ترى تاركٌ للعينْ انسانا
كأنَّ أحداجهمْ تحدى مقفية ً نخْلٌ بمَلْهَمَ، أوْ نَخلٌ بقُرّانَا
يا أمَّ عثمانَ ما تلقى رواحلنا لو قستِ مصبحنا منْ حيثُ ممسانا
تخدي بنا نجبٌ مناسمها نَقْلُ الخرَابيُّ حِزّاناً، فَحِزّانَا
ترمي بأعينها نجداً وقدْ قطعتَ بينْ السلوطحِ والروحانِ صوانا
يا حبذا جبلُ الريانِ منْ جبلٍ وَحَبّذا ساكِنُ الرّيّانِ مَنْ كَانَا
وَحَبّذا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِية ٍ تأتيكَ من قبلَ الريانِ أحيانا
هبتْ شمالاً فذكرى ما ذكرتكمْ عندَ الصفاة ِ التي شرقيَّ حورانا
هلَ يرجعنَّ وليسَ الدهرُ مرتجعاً عيشٌ بها طالما احلولي وما لانا
أزْمانَ يَدعُونَني الشّيطانَ من غزَلي، و كنَّ يهوينني إذْ كنتُ شيطانا
منْ ذا الذي ظلَّ يغلي أنْ أزوركمْ أمْسَى عَلَيْهِ مَلِيكُ النّاسِ غَضْبانَا
ما يدري شعراءُ الناسِ ويلهمْ مِنْ صَوْلَة ِ المُخدِرِ العادي بخَفّانَا
جهلاً تمنى َّ حدائي منْ ضلالتهمْ فَقَدْ حَدَوْتُهُمُ مَثْنَى وَوُحْدَانَا
غادرتهمْ منْ حسيرٍ ماتَ في قرنٍ وَآخَرِينَ نَسُوا التَّهْدارَ خِصْيَانَا
ما زالَ حبلى في أعناقهمْ مرساً حتى اشتَفَيْتُ وَحتى دانَ مَنْ دانَا
منْ يدعني منهمْ يبغي محاربتي فَاسْتَيِقنَنّ أُجِبْهُ غَيرَ وَسْنَانَا
ما عضَّ نابي قوماً أوْ أقولَ لهمْ إياكمْ ثمَّ إياكمُ وإيانا
إنيَّ امرؤٌ لمْ أردْ فيمنْ أناوئهُ للناسِ ظلماً ولا للحربِ إدهانا
قالَ الخليفة ُ والخنزيرُ منهزمٌ ما كنتَ أولَ عبدٍ محلبٍ خانا
لاقَى الأخَيْطِلُ بالجَوْلانِ فاقِرَة ً، مثلَ اجتِداعِ القَوَافي وَبْرَ هِزّانَا
يا خزرَ تغلبَ ماذا بالُ نسوتكمْ لا يستفقنَ إلى َ الديرينِ تحناتا(369/3)
لنْ تدركوا المجدَ أو تشروا باءكمُ بالخزَّ أوْ تجعلوا التنومَ ضمرانا
يا خزرَ تغلبَ ماذا بالُ نسوتكمْ لا يستفقنَ إلى َ الديرينِ تحناتا
لنْ تدركوا المجدَ أو تشروا باءكمُ بالخزَّ أوْ تجعلوا التنومَ ضمرانا(369/4)
بانتْ سعادُ فَقَلْبِي اليومَ مَتْبُولُ
كعب بن زهير
العصر ... مخضرم
عدد الأبيات ... 55
البحر ... بسيط
الروي ... لام
الغرض ... اعتذار
مصدر القصيدة ... الديوان (6 - 25) نشر دار الكتب المصرية
1
بانتْ سعادُ فَقَلْبِي اليومَ مَتْبُولُ *** مُتيَّمٌ إثْرَها لم يُجْزَ مَكْبُولُ
2
وما سعادُ غَداةَ البَيْنِ إذْ رَحَلُوا *** إلاَّ أَغَنُّ غَضَيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
3
تَجْلُو عوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابتسَمتْ *** كأنَّه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مُعْلُولُ
4
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحْنِيَةٍ *** صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهو مَشْمولُ
5
تَجْلُو الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَهُ *** مِن صَوْبٍ سارِيةٍ بِيضٌ يَعَالِيلُ
6
يا وَيْحَها خُلَّةً لو أَنَّها صَدَقَتْ *** ما وَعَدَتْ أو لو انَّ النُّصحَ مَقْبُولُ
7
لكنَّها خُلَّةٌ قد سِيطَ مِن دَمِها *** فَجْعٌ ووَلْعٌ وإخْلاَفٌ وتَبْدِيلُ
8
فما تدومُ على حالٍ تكونُ بها *** كما تلَّونُ في أَثْوَابِهَا الغُولُ
9
وما تَمَسَّكُ بالوَصْلِ الذي زَعَمَتْ *** إِلاَّ كما تُمْسِكُ الماءَ الغَرَابِيلُ
10
كانت مواعيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً *** وما مَوَاعيدُها إلاَّ الأباطِيلُ
11
أرجو وآملُ أنَ يَعْجَلْنَ في أَبَدٍ *** وما لَهُنَّ طَوالَ الدَّهْرِ تَعْجِيلُ
12
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ *** إِنَّ الأَمَانِيَّ والأحلامَ تَضْلِيلُ
13
أَمْسَتْ سُعَادُ بأرضٍ لا يُبَلِّغُها *** إِلاَّ العِتَاقُ النَّجِيباتُ المَرَاسِيلُ
14
وَلَنْ يُبَلِّغَها إِلاَّ عُذَافِرَةٌ *** فيها على الأَيْنِِ إِرْقَالٌ وَتَبْغِيلُ
15
مِن كلِّ نَضَّاخَةٍ الذِّفْرَى إذا عَرِقتْ *** عُرْضَتُها طَامِسُ الأعلامِ مَجْهُولُ
16
تَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرِدٍ لَهِقٍ *** إذا تَوَقَّدَتِ الحُزَّانُ والمِيلُ
17
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها *** في خَلْقِها عن بَنَاتِ الفَحْلِ تَفْضِيلُ
18(370/1)
حَرْفٌ أَخُوها أَبُوها مِن مُهَجَّنَةٍ *** وعَمُّها خَالُها قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ
19
يَمْشِي القُرَادُ عليها ثم يُزْلِقُهُ *** مِنها لَبَانٌ وَأَقْرَابٌ زَهَالِيلُ
20
عَيْرانةٌ قُذِفَتْ في اللَّحْم عن عُرُضٍ *** مِرْفَقُها عن بَنَاتِ الزَّوْرِ مَفْتولُ
21
كأنَّ ما فات عَيْنَيْها ومَذْبَحَها *** مِن خَطْمِها ومِن اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
22
تُمِرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ *** في غارِزٍ لم تَخَوَّنْهُ الأَحَاليلُ
23
قَنْوَاءُ في حُرَّتَيْها لِلْبَصِيرِ بِهَا *** عِتْقٌ مُبِينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
24
تَخْدِي على يَسَرَاتٍ وهي لاحِقَةٌ *** ذَوَابِلٌ وَقْعُهُنَّ الأرضَ تَحْلِيلُ
25
سُمْرُ العَجَاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيَمًا *** لم يَقِهِنَّ رُؤُوسَ الأَكْمِ تَنْعِيلُ
26
يومًا يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِمًا *** كأنَّ ضَاحِيَهُ بالنَّارِ مَمْلُولُ
27
كأَنَّ أَوْبَ ذَرَاعَيْها وقد عَرِقتْ *** وقدْ تَلَفَّعَ بالقَوْرِ العَسَاقِيلُ
28
وقالَ للقومِ حَادِيهمْ وقد جَعَلَتْ *** وُرْقُ الجَنَادِبِ يَرْكُضْنِ الحصى : قِيْلُوا
29
شَدَّ النهارِ ذِرَاعَا عَيْطَلٍ نَصَفٍ *** قَامَتْ فَجَاوبَها نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
30
نَوَّاحَةٌ رَخْوَةُ الضَّبْعَيْنِ ليس لَهَا *** لَمَّا نَعَى بِكْرَها النَّاعونَ مَعْقُولُ
31
تَفْرِي اللَّبانَ بِكَفَّيْهَا وَمِدْرَعُهَا *** مُشَقَّقٌ عَنْ تَرَاقِيها رَعَابِيلُ
32
يَسْعَى الوُشاةُ بِجَنْبيْها وقولُهُمُ *** إِنَّك يا بنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتُولُ
33
وقال كلُّ خَلِيلٍ كنتُ آمُلُهُ *** لا أُلْفِيَنَّكَ إِنِّي عنك مَشْغُولُ
34
فقلتُ خَلُّوا طَرِيقي لا أَبَا لكمُ *** فكلُّ ما قَدَّرَ الرحمنُ مَفْعولُ
35
كلُّ ابنِ أَنْثَى وإِنْ طالتْ سَلامَتُهُ *** يومًا على آلةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ
36(370/2)
أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدنِي *** والعَفْوُ عندَ رسولِ اللهِ مَأْمُولُ
37
مهلاً هداكَ الذي أعطاكَ نَافِلَةَ الـ *** ـقُرْآنِ فيها مَوَاعِيظٌ وتفصِيلُ
38
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الوُشَاةِ ولَمْ *** أُذْنبْ ولو كَثُرتْ عَنِّي الأَقَاوِيلُ
39
لقد أَقُومُ مَقَامًا لو يقومُ بهِ *** أرى وأسمعُ ما لو يَسْمَعُ الفِيلُ
40
لظَلَّ يُرْعَدُ إِلاَّ أَنْ يكونَ لَهُ *** مِن الرَّسولِ بإذنِ اللهِ تَنْوِيلُ
41
حتّى وَضَعْتُ يَمِيني لا أُنَازِعُهُ *** في كَفِّ ذي نَقَمَاتٍ قِيْلُهُ القِيلُ
42
لذَاكَ أَهْيَبُ عندي إذْ أُكلِّمُه *** وقيل إِنَّكَ مَسْبُورٌ ومَسْؤُولُ
43
مِن ضَيْغَمٍ مِن ضِرَاءِ الأُسْدِ مُخْدَرُهُ *** ببَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَه غِيلُ
44
يغدو فَيُلْحِمُ ضِرْغَامَيْنِ عَيْشُهُما *** لَحْمٌ مِن القومِ مَعْفُورٌ خَرَاذِيلُ
45
إذا يُسَاوِرُ قِرْنًا لا يَحِلُّ لَهُ *** أَنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وهو مَفْلُولُ
46
منهُ تَظَلُّ حَمِيرُ الوَحْشِ ضَامِرَةً *** ولا تُمَشِّي بِوادِيهِ الأَرَاجِيلُ
47
ولا يزالُ بواديهِ أَخُو ثِقَةٍ *** مُطَرَّحُ البَزِّ والدِّرْسانِ مَأْكُولُ
48
إِنَّ الرَّسولَ لَسَيْفٌ يُسْتَضَاءُ بهِ *** مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
49
في عُصْبةٍ مِن قُرَيشٍ قال قَائِلُهمْ *** ببَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
50
زالُوُا فما زال أَنْكَاسٌ ولا كُشُفٌ *** عند اللِّقَاءِ ولا مِيْلٌ مَعَازِيلُ
51
شُمُّ العَرَانِينِ أبطالٌ لَبُوسُهمُ *** مِن نَسْجِ دَاودَ في الهَيْجَا سَرَابِيلُ
52
بِيضٌ سَوَابِغُ قدْ شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ *** كأنَّها حَلَقُ القَفْعاءِ مَجْدُولُ
53
يَمْشُونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهمْ *** ضَرْبٌ إذا عَرَّدَ السُّودُ التَنَابيل
54
لا يفرَحون إذا نالتْ رِماحُهمُ *** قومًا ولَيْسُوا مَجازِيعًا إذا نِيلُوا
55(370/3)
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحُورِهمُ *** ما إِنْ لهمْ عنِ حياضِ الموتِ تَهْليلُ(370/4)
بانت سعاد لكعب بن زهير
كعب ابن زهير
من الشعراء المخضرمين بين الجاهلية والإسلام ومن أعرق الناس في الشعر، فأبوه زهير وأخوه بُجير وابنه عقبة وحفيده العوّام وكلّهم شعراء، أسلم أخوه بُجير فلامه كعب ، وهجا النبي والإسلام فأهدر رسول الله"صلي الله علية وسلم دمه ، فأرسل إليه أخوه أن يُقبِل إلى النبي معتذراً ففعل وأنشد قصيدته اللاّمية المشهورة المعروفة "بالبُرْدَة "التي طبعت عدة مرات في الشرق والغرب وترجمت إلى لغات متعددة ، ومطلعها : بانَتْ سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتْبُولُ متيمٌ إثرها لم يُفْدَ مكبولُ فعفا عنه النبي"صلي الله علية وسلم وخلع عليه بُردته (ولذلك سميت القصيدة بالبردة ) فأسلم وحسن إسلامه، وله ديوان شعر مطبوع
قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير
1. بانت سعاد فقلبي اليوم متبول **متيم إثرها لم يفد مكبول
2. وما سعاد غداة البين إذ رحلوا **إلا أغن غضيض الطرف مكحول
3. هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة **لا يشتكى قصر منها ولا طول
4. تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت **كأنه منهل بالروح معلول
5. شجت بذي شيم من ماء محنية **صاف بأبطح أضحى وهو مشمول
6. تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه **من صوب غادية بيض يعاليل
7. فيا لها حلة لو أنها صدقت **بوعدها أو لو إن النصح مقبول
8. لكنها خلة قد سيط من دمها **فجع وولع وإخلاف وتبديل
9. فما تدوم على حال تكون بها **كما تلون في أثوابها الغول
10. وما تمسك بالعهد الذي زعمت **إلا كما يمسك الماء الغرابيل
11. فلا يغرنك ما منت وما وعدت **إن الأماني والأحلام تضليل
12. كانت مواعيد عرقوب لها مثلا **وما مواعيدها إلا الأباطيل
13. أرجو وآمل أن تدنو مودتها **وما إخال لدينا منك تنويل
14. أمست سعاد بأرض لا يبلغها **إلا العتاق النجيبات المراسيل
15. ولن يبلغها إلا عذافرة **لها على الأين إرقال وتبغيل
16. من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت **عرضتها طامس الأعلام مجهول(371/1)
17. ترمي الغيوب بعيني مفرد لهق **إذا توقدت الحزان والميل
18. ضخم مقلدها فعم مقيدها **في خلقها عن بنات الفحل تفضيل
19. غلباء وجناء علكوم مذكرة **في دفها سعة قدامها ميل
20. وجلدها من أطوم ما يؤيسه **طلح بضاحية المتنين مهزول
21. حرف أخوها أبوها من مهجنة **وعمها خالها قوداء شمليل
22. يمشي القراد عليها ثم يزلقه **منها لبان وأقراب زهاليل
23. عيرانة قذفت بالنحض عن عرض **مرفقها عن بنات الزور مفتول
24. كأنما فات عينيها ومذبحها **من خطمها ومن اللحيين برطيل
25. تمر مثل عسيب النخل ذا خصل **في غارز لم تخونه الأحاليل
26. قنواء في حرتيها للبصير بها **عتق مبين وفي الخدين تسهيل
27. تخدي على يسرات وهي لاحقة **ذوابل مسهن الأرض تحليل
28. سمر العجايات يتركن الحصى زيما **لم يقهن رءوس الأكم تنعيل
29. كأن أوب ذراعيها وقد عرقت **وقد تلفع بالقور العساقيل
30. يوما يظل به الحرباء مصطخدا **كأن ضاحيه بالشمس مملول
31. وقال للقوم حاديهم وقد جعلت **ورق الجنادب يركضن الحصا قيلوا
32. شد النهار ذراعا عيطل نصف **قامت فجاوبها نكد مثاكيل
33. نواحة رخوة الضبعين ليس لها **لما نعى بكرها الناعون معقول
34. تفري اللبان بكفيها ومدرعها **مشقق عن تراقيها رعابيل
35. تسعى الغواة جنابيها وقولهم **إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
36. وقال كل صديق كنت آمله **لا ألهينك إني عنك مشغول
37. فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم **فكل ما قدر الرحمن مفعول
38. كل ابن أنثى وإن طالت سلامته **يوما على آلة حدباء محمول
39. نبئت أن رسول الله أوعدني **والعفو عند رسول الله مأمول
40. مهلا هداك الذي أعطاك نافلة ال **قرآن فيها مواعيظ وتفصيل
41. لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم **أذنب ولو كثرت في الأقاويل
42. لقد أقوم مقاما لو يقوم به **أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل
43. لظل يرعد إلا أن يكون له **من الرسول بإذن الله تنويل(371/2)
44. حتى وضعت يميني ما أنازعه **في كف ذي نقمات قيله القيل
45. فلهو أخوف عندي إذ أكلمه **وقيل إنك منسوب ومسئول
46. من ضيغم بضراء الأرض مخدره **في بطن عثر غيل دونه غيل
47. يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما **لحم من الناس معفور خراديل
48. إذا يساور قرنا لا يحل له **أن يترك القرن إلا وهو مفلول
49. منه تظل سباع الجو نافرة **ولا تمشي بواديه الأراجيل
50. ولا يزال بواديه أخو ثقة **مضرج البز والدرسان مأكول
51. إن الرسول لنور يستضاء به **مهند من سيوف الله مسلول
52. في عصبة من قريش قال قائلهم **ببطن مكة لما أسلموا زولوا
53. زالوا فما زال أنكاس ولا كشف **عند اللقاء ولا ميل معازيل
54. شم العرانين أبطال لبوسهم **من نسج داود في الهيجا سرابيل
55. بيض سوابغ قد شكت لها حلق **كأنها حلق القفعاء مجدول
56. ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم **قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا
57. يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم **ضرب إذا عرد السود التنابيل
58. لا يقع الطعن إلا في نحورهم **وما لهم عن حياض الموت تهليل(371/3)
بغدادُ ماذا أرى في حالِكِ الظُّلَم
بغدادُ ماذا أرى في حالِكِ الظُّلَم نجمًا يلوحُ لنا أم لفحةَ الحِمَمِ
أرى النواحي وضوءُ النارِ يلفَحُها فكيف تجتمعُ النيرانُ بالظُّلمِ؟
بغدادُ لا تسكتي رُدي على طلبي وامحي سؤالي الذي أحكيه ملءَ فمي
بغدادُ أين زمانُ العِزِّ في بلدٍ كان السلام به أسمى من العَلَمِ؟
دارَ السلامِ أيا بغدادُ، هل بعُدت عنك الجحافلُ في يومِ الوغى النَّهِمِ
بغدادُ أين سحابُ المزنِ إذ حكمت يَدُ الرشيدِ بعدلِ اللهِ في الأُممِ؟
يقولُ أنَّى سَكَبتِ المزنَ سوف أرى منه الخراجَ ويأتيني بلا غُرُمِ
أين الجحافلُ يا بغدادُ عن زمنٍ تخاذَلَ العُرْبُ عن أفعالِ مُعتصِمِ ؟
قادَ الجحافلَ لم يهنأ بشربَتِه حتى أتى ثأرَهُ في الأنجُمِ الحُرُم
بالله لا تخجلي واحكي حقيقتَنا ولتكشفي حالنا حالٌ من السَّدَمِ
بالله يا نخلةً مدَّت جذائرَها بين الفراتين في شطٍ من السَّقَمِ
هل روَّعتكِ المآسي فوق طينتِها؟ وهل سقتكِ دمًا تجريهِ بعدَ دَمِ ؟
وهل ستأتي أسودُ العُربِ يدفعُها نبضُ الكرامَةِ في قلبٍ لها هَرِمِ
النارُ نارُك يا بغدادُ فاصطبري فما يفيدكِ بعدَ الحَرقِ من نَدَمِ
واستنجدي ببني الإسلامِ إنهمو أُسدُ الوغى وأسودُ الشرك كالعَدمِ
بالله قولي أيا بغدادُ ما فتئت يَدُ المغولِ تزيدُ الجرحَ بالكَلِمِ
مرت قرونٌ ثمانٍ والجراحُ بنا تغورُ من رجسِ ما صبُّوه من نِقَمِ
تبًا لمستعصمٍ لم يحمِ دولتَه فاستهدفتها عبيدُ الرجس والصنَمِ
تبًا لمستعصمٍ كانت بطانَتُهُ تُزيغُهُ عن طريق الحقِ والقيَم
تبًا لمستعصمٍ أمست حواشيهِ تُشارك الناسَ في الأرزاقِ واللُّقمِ
تبًا لمستعصمٍ أفنى خزينتَهُ على الغواني وأهلِ الرَّقصِ والنَّغَم
تبًا لمستعصمٍ يخشى رعيَته وآمِنٌ بينَ أعداءٍ على الحُرَمِ
تبًا لمستعصمٍ لا يستحي أبدًا ينقادُ ذلاً من الأعداءِ كالبَهَم
تبًا لمستعصمٍ أبدى شجاعتَه على الرَّعِيةِ بالتنكيل والتُهَمِ(372/1)
حانَ الوداعُ أيا بغدادُ فانتحبي فقد أصيبَ جميعُ القومِ بالصَّمَم
حانَ الوداعُ أيا بغدادُ قد نُحِرَتْ رجولةُ القَومِ في ميدانِ مُنتقِمِ
حان الوداعُ وعذرُ القومِ أنهمو لا يقدرون على الأرماحِ والحُسُمِ
هذا الوداعُ فموتى خيرَ عاصمةٍ مذبوحةً ربما ماتتْ بلا ألَم!(372/2)
بكاؤكُما يَشْفِي وإنْ كان لا يُجدي
ابن الرومي (علي بن العباس بن جريج)
العصر ... عباسي
عدد الأبيات ... 41
البحر ... طويل
الروي ... دال
الغرض ... رثاء
مصدر القصيدة ... الديوان (2/624-627) بتحقيق حسين نصار، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1994م
1
بكاؤكُما يَشْفِي وإنْ كان لا يُجدي *** فجودا فقد أودى نظيرُكمَا عندي
2
بُنَيَّ الذي أهدْتهُ كَفَّايَ للثَّرَى *** فيا عزَّةَ المُهْدَى ويا حَسْرَةَ المُهْدِي
3
ألا قَاتَلَ الله المنايا وَرَمْيَها *** منِ القومِ حَبّاتِ القلوبِ على عَمْدِ
4
توخَّى حِمَامُ الموتِ أوسطَ صبيتي *** فلله كيف اخْتارَ واسطةَ العِقْدِ
5
على حين شمتُ الخيرَ مِنْ لَمَحاتِهِ *** وآنستُ مِن أفعالِه آيةَ الرُّشدِ
6
طواهُ الرَّدى عنِّي فأضحى مَزَارُهُ *** بعيدًا على قُربٍ قريبًا على بُعدِ
7
لقد أنجزتْ فيه المنايا وعيدَها *** وأخْلَفَتِ الآمالُ ماكان مِنْ وَعْدِ
8
لقد قلَّ بين الْمَهْدِ واللَّحْدِ لُبْثُهُ *** فلم ينسَ عهْدَ المهدِ إذ ضمَّ في اللَّحدِ
9
تنغَّصَ قَبلَ الرِّيِّ ماءُ حَياتِهِ *** وفُجِّعَ منه بالعُذُوبَةِ والبَرْدِ
10
ألحَّ عليه النَّزفُ حتى أحالَهُ *** إلى صُفرةِ الجاديِّ عَنْ حُمْرَةِ الوردِ
11
وظلَّ على الأيدي تَسَاقَطُ نَفْسُه *** ويَذْوِي كما يَذْوِي القضيبُ مِن الرَّنْدِ
12
ِفَيالكِ مِنْ نَفْسٍ تَسَاقَطُ أنفسًا *** تَسَاقُطَ دُرٍّ مِنْ نِظَامٍ بلا عِقْدِ
13
عَجبتُ لقلبي كيف لم ينفطرْ لهُ *** ولوْ أنَّهُ أقسى من الحَجَرِ الصَّلد
14
ِبودِّيَ أني كنتُ قُدِّمْتُ قَبْلَهُ *** وأنَّ المنايا دُونَهُ صَمَدَتْ صَمْدِي
15
ولكنَّ ربِّي شاءَ غيرَ مشيئتي *** وللرَّبِّ إمضاءُ المشيئةِ لا العبدِ
16
وما سرَّني أَنْ بِعْتُهُ بثوابِه *** ولوْ أنَّه التَّخْليدُ في جنَّةِ الخُلدِ
17
ولا بِعْتُهُ طَوعًا ولكن غُصِبْتُه *** وليس على ظُلْمِ الحوداثِ مِنْ مُعْدي
18(373/1)
ِوإنّي وإن مُتِّعْتُ بابْنَيَّ بعْده *** لَذاكرُه ما حنَّتِ النِّيبُ في نجدِ
19
وأولادُنا مثلُ الجَوارحِ أيُّها *** فقدناه كان الفاجعَ البَيِّنَ الفَقْدِ
20
لكلٍّ مكانٌ لا يسُدُّ اخْتِلاَلَهُ *** مكانُ أخيه في جَزُوعٍ ولا جَلْدِ
21
هلِ العينُ بعدَ السَّمْعِ تكفي مكانَهُ *** أم السَّمعُ بعد العينِ يَهْدِي كما تَهْدي
22
لَعمْري:لقد حالتْ بيَ الحالُ بعدهُ *** فيا ليتَ شِعري كيف حالتْ به بعدِي
23
ثَكِلتُ سُرُوري كُلَّه إذْ ثَكِلْتُهُ *** وأصبحتُ في لذَّاتِ عيشي أَخا زُهْدِ
24
أرَيحانَةَ العَينينِ والأنفِ والحشا *** ألا ليتَ شعري هلْ تغيَّرتَ عنْ عَهْدي
25
سأسقيكَ ماءَ العين ما أَسْعدتْ به *** وإن كانَتِ السُّقيا مِنَ الدَّمعِ لا تُجدي
26
أعينيَّ:جودا لي فقد جُدْتُ للثَّرى *** بأنْفَسَ ممَّا تُسأَلانِ من الرِّفدِ
27
أعينيَّ:إنْ لا تُسعداني أَلُمْكُما *** وإن تُسعداني اليومَ تَستوجِبَا حَمْدي
28
عذرتُكما لو تُشْغلانِ عَنِ البكا *** بنومٍ وما نومُ الشَّجِيِّ أخي الجَهْدِ
29
أَقُرَّةَ عَيْني:قدْ أَطَلْتَ بُكاءَها *** وغادرْتَها أقْذَى مِنَ الأعْيُنِ الرُّمْدِ
30
أَقُرَّةَ عيني:لو فَدى الحَيُّ ميِّتًا *** فديتُك بالحوباء أوَّلَ مَنْ يَفْدِي
31
كأنِّيَ ما استَمْتَعتُ منك بنظرة *** ولا قُبلَةٍ أحلى مذَاقًا مِن الشَّهدِ
32
كأنَّيَ ما استمتعتُ منك بِضَمَّةِ *** ولا شمَّةٍ في ملْعبٍ لك أو مَهْدِ
33
ألامُ لِمَا أُبدي عليْك مِنَ الأسى *** وإني لأخفي منه أضعافَ ما أبدي
34
محمَّدُ:ما شيءٌ تُوهِّمُ سَلوةً *** لقلبي إلاَّ زاد قلبي مِنَ الوجْدِ
35
أرى أَخَوَيْكَ الباقِيَيْنِ فإنما *** يكونان للأحزَانِ أوْرَى مِنَ الزَّنْدِ
36
إذا لعِبا في مَلْعَبٍ لك لذَّعا *** فؤادي بمثْلِ النارِ عنْ غيرِ ما قَصدِ
37
فما فيهما لي سَلوةٌ بلْ حَزَازَةٌ *** يَهيجانِها دُوني وأَشقى بها وحدي
38(373/2)
وأنتَ وإن أُفردْتَ في دار وحْشةٍ *** فإنِّي بدارِ الأنسِ في وَحْشَةِ الفرد
39
أودُّ إذا ما الموتُ أوفدَ مَعشَرًا *** إلى عَسْكِر الأمواتِ أنِّي مِنَ الوفْدِ
40
ومَنْ كانَ يَستَهْدي حَبِيبًا هَديَّةً *** فطيفُ خيالٍ منكَ في النومِ أستهدي
41
عليك سلامُ الله منِّي تَحِيَّةً *** ومِنْ كلِّ غيثٍ صادقِ البرْقِ والرَّعدِ(373/3)
بكَيتَ، وما يُبكيكَ مِنْ طَلَلٍ قفرِ
حاتم الطائي
بكَيتَ، وما يُبكيكَ مِنْ طَلَلٍ قفرِ ... بسيف اللوى بين عموران فالغمر
بمُنْعَرَجِ الغُلاّنِ، بينَ سَتيرَة ٍ ... إلى دارِ ذاتِ الهَضْبِ، فالبُرُفِ الحُمرِ
إلى الشِّعبِ، من أُعلى سِتارٍ، فثَرْمَدٍ ... فبَلْدَة ِ مَبنى سِنْبسٍ لابنتَيْ عَمرِو
وما أهلُ طودٍ، مكفهرٍ حصونه، ... منَ الموْتِ، إلاّ مثلُ مَن حلّ بالصَّحرِ
وما دارِعٌ، إلاّ كآخَرَ حاسِرٍ ... وما مُقتِرٌ، إلاّ كآخَرَ ذي وَفْر
تنوطُ لنا حب الحياة نفوسنا، ... شَقاءً، ويأتي الموْتُ من حيثُ لا ندري
أماوي! إما مت، فاسعي بنطفة ٍ ... من الخَمرِ، رِيّاً، فانضَحِنَّ بها قبرِي
فلو أن عين الخمر في رأس شارفٍ، ... من الأسد، وردٍ، لأعتجلنا على الخمر
ولا آخذُ المولى لسوءٍ بلائه، ... وإنْ كانَ مَحنيّ الضّلوعِ على غَمْرِ
متى يأتِ، يوماً، وارثي يبتغي الغنى ، ... يجد جمع كف، غير ملء، ولا صفر
يجدْ فرساً مثل العنان، وصارماً ... حُساماً، إذا ما هُزّ لم يَرْضَ بالهَبرِ
وأسمر خطياً، كأن كعوبهُ ... نوى القسب، قدراً أرمى ذراعاً على العشر
وإنّي لأستَحيي منَ الأرْضِ أنْ أرَى ... بها النّابَ تَمشي، في عشِيّاتها الغُبْرِ
وعشتُ مع الأقوام بالفقر والغنى ، ... سَقاني بكأسَي ذاكَ كِلْتَيهِما دَهري(374/1)
إسم الكتاب : قصيدة بلقيس
المؤلف : نزار قباني
الطبعة الأولى : 1982م .
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
المصدر : المجلد الرابع من الأعمال الشعرية الكاملة لنزار قباني ( " قصيدة بلقيس " الكتاب الثامن عشر )- منشورات نزار قباني – بيروت – لبنان 1997 .
أعدّ المادة وراجعها حسب النص الأصلي : صالح زيادنة
===================
شُكراً لكم ..
شُكراً لكم . .
فحبيبتي قُتِلَت .. وصار بوُسْعِكُم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدهْ
وقصيدتي اغْتِيلتْ ..
وهل من أُمَّةٍ في الأرضِ ..
- إلا نحنُ - تغتالُ القصيدة ؟
بلقيسُ ...
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
بلقيسُ ..
كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
كانتْ إذا تمشي ..
ترافقُها طواويسٌ ..
وتتبعُها أيائِلْ ..
بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..
ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ
هل يا تُرى ..
من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟
يا نَيْنَوَى الخضراءَ ..
يا غجريَّتي الشقراءَ ..
يا أمواجَ دجلةَ . .
تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا
أحلى الخلاخِلْ ..
قتلوكِ يا بلقيسُ ..
أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..
تلكَ التي
تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟
أين السَّمَوْأَلُ ؟
والمُهَلْهَلُ ؟
والغطاريفُ الأوائِلْ ؟
فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..
وثعالبٌ قَتَلَتْ ثعالبْ ..
وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..
قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..
تأوي ملايينُ الكواكبْ ..
سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ
فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟
أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟.
بلقيسُ
لا تتغيَّبِي عنّي
فإنَّ الشمسَ بعدكِ
لا تُضيءُ على السواحِلْ . .
سأقول في التحقيق :
إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ
وأقول في التحقيق :
إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ ..
وأقولُ :
إن حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ ..
فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ
هذا هو التاريخُ . . يا بلقيسُ ..
كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ..(375/1)
ما بين الحدائقِ والمزابلْ
بلقيسُ ..
أيَّتها الشهيدةُ .. والقصيدةُ ..
والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ ..
سَبَأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا
فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ ..
يا أعظمَ المَلِكَاتِ ..
يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ
بلقيسُ ..
يا عصفورتي الأحلى ..
ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى
ويا دَمْعَاً تناثرَ فوق خَدِّ المجدليَّةْ
أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ
ذاتَ يومٍ .. من ضفاف الأعظميَّةْ
بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا ..
وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ..
وفي مفتاح شِقَّتِنَا ..
وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ..
وفي وَرَقِ الجرائدِ ..
والحروفِ الأبجديَّةْ ...
ها نحنُ .. يا بلقيسُ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ..
ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ..
والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ ..
حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ
بينِ الشَّظيّةِ .. والشَّظيَّةْ
حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا ..
صارَ القضيَّةْ ..
هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ ؟
فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ
كانتْ مزيجاً رائِعَاً
بين القَطِيفَةِ والرخامْ ..
كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا
ينامُ ولا ينامْ ..
بلقيسُ ..
يا عِطْرَاً بذاكرتي ..
ويا قبراً يسافرُ في الغمام ..
قتلوكِ ، في بيروتَ ، مثلَ أيِّ غزالةٍ
من بعدما .. قَتَلُوا الكلامْ ..
بلقيسُ ..
ليستْ هذهِ مرثيَّةً
لكنْ ..
على العَرَبِ السلامْ
بلقيسُ ..
مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ ..
والبيتُ الصغيرُ ..
يُسائِلُ عن أميرته المعطَّرةِ الذُيُولْ
نُصْغِي إلى الأخبار .. والأخبارُ غامضةٌ
ولا تروي فُضُولْ ..
بلقيسُ ..
مذبوحونَ حتى العَظْم ..
والأولادُ لا يدرونَ ما يجري ..
ولا أدري أنا .. ماذا أقُولْ ؟
هل تقرعينَ البابَ بعد دقائقٍ ؟
هل تخلعينَ المعطفَ الشَّتَوِيَّ ؟(375/2)
هل تأتينَ باسمةً ..
وناضرةً ..
ومُشْرِقَةً كأزهارِ الحُقُولْ ؟
بلقيسُ ..
إنَّ زُرُوعَكِ الخضراءَ ..
ما زالتْ على الحيطانِ باكيةً ..
وَوَجْهَكِ لم يزلْ مُتَنَقِّلاً ..
بينَ المرايا والستائرْ
حتى سجارتُكِ التي أشعلتِها
لم تنطفئْ ..
ودخانُهَا
ما زالَ يرفضُ أن يسافرْ
بلقيسُ ..
مطعونونَ .. مطعونونَ في الأعماقِ ..
والأحداقُ يسكنُها الذُهُولْ
بلقيسُ ..
كيف أخذتِ أيَّامي .. وأحلامي ..
وألغيتِ الحدائقَ والفُصُولْ ..
يا زوجتي ..
وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياءَ عيني ..
قد كنتِ عصفوري الجميلَ ..
فكيف هربتِ يا بلقيسُ منّي ؟..
بلقيسُ ..
هذا موعدُ الشَاي العراقيِّ المُعَطَّرِ ..
والمُعَتَّق كالسُّلافَةْ ..
فَمَنِ الذي سيوزّعُ الأقداحَ .. أيّتها الزُرافَةْ ؟
ومَنِ الذي نَقَلَ الفراتَ لِبَيتنا ..
وورودَ دَجْلَةَ والرَّصَافَةْ ؟
بلقيسُ ..
إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي ..
وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ .. لا تدري جريمتَها
وبيروتُ التي عَشقَتْكِ ..
تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها ..
وأطفأتِ القَمَرْ ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ ..
يا بلقيسُ
كلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ ..
فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا ..
بلقيسُ .. كيف رَحَلْتِ صامتةً
ولم تَضَعي يديْكِ .. على يَدَيَّا ؟
بلقيسُ ..
كيفَ تركتِنا في الريح ..
نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ ؟
وتركتِنا - نحنُ الثلاثةَ - ضائعينَ
كريشةٍ تحتَ المَطَرْ ..
أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي ؟
وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ .. مثلَ (زينبَ) أو (عُمَرْ)
بلقيسُ ..
يا كَنْزَاً خُرَافيّاً ..
ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً ..
وغابَةَ خَيْزُرَانْ ..
يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً ..
مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ ؟
بلقيسُ ..
أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ ..
والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ ..
ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ ..
ضاقَ بنا المكانْ ..
بلقيسُ : ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ ..(375/3)
فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ ..
بلقيسُ ..
تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا ..
وتجلُدني الدقائقُ والثواني ..
فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ
ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ ..
تغمُرُني ،كعادتِها ، بأمطار الحنانِ
ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ ..
على الستائرِ ..
والمقاعدِ ..
والأوَاني ..
ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ ..
من الخواتم تطْلَعِينَ ..
من القصيدة تطْلَعِينَ ..
من الشُّمُوعِ ..
من الكُؤُوسِ ..
من النبيذ الأُرْجُواني ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ ..
في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ ..
وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ ..
فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ ..
هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ ..
هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ ..
وتدخُلينَ على الضيوفِ ..
كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني ..
بلقيسُ ..
أين زجَاجَةُ ( الغِيرلاَنِ ) ؟
والوَلاّعةُ الزرقاءُ ..
أينَ سِجَارةُ الـ (الكَنْتِ ) التي
ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ ؟
أين (الهاشميُّ ) مُغَنِّيَاً ..
فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ ..
تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها ..
فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا ..
هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني ؟
بلقيسُ : صَعْبٌ أنْ أهاجرَ من دمي ..
وأنا المُحَاصَرُ بين ألسنَةِ اللهيبِ ..
وبين ألسنَةِ الدُخَانِ ...
بلقيسُ : أيتَّهُا الأميرَةْ
ها أنتِ تحترقينَ .. في حربِ العشيرةِ والعشيرَةْ
ماذا سأكتُبُ عن رحيل مليكتي ؟
إنَ الكلامَ فضيحتي ..
ها نحنُ نبحثُ بين أكوامِ الضحايا ..
عن نجمةٍ سَقَطَتْ ..
وعن جَسَدٍ تناثَرَ كالمَرَايَا ..
ها نحنُ نسألُ يا حَبِيبَةْ ..
إنْ كانَ هذا القبرُ قَبْرَكِ أنتِ
أم قَبْرَ العُرُوبَةْ ..
بلقيسُ :
يا صَفْصَافَةً أَرْخَتْ ضفائرَها عليَّ ..
ويا زُرَافَةَ كبرياءْ
بلقيسُ :
إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ ..(375/4)
ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ ..
ويبقُرَ بطْنَنَا عَرَبٌ ..
ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ ..
فكيف نفُرُّ من هذا القَضَاءْ ؟
فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً
بين أعناقِ الرجالِ ..
وبين أعناقِ النساءْ ..
بلقيسُ :
إنْ هم فَجَّرُوكِ .. فعندنا
كلُّ الجنائزِ تبتدي في كَرْبَلاءَ ..
وتنتهي في كَرْبَلاءْ ..
لَنْ أقرأَ التاريخَ بعد اليوم
إنَّ أصابعي اشْتَعَلَتْ ..
وأثوابي تُغَطِّيها الدمَاءْ ..
ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ
نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ ...
البحرُ في بيروتَ ..
بعد رحيل عَيْنَيْكِ اسْتَقَالْ ..
والشِّعْرُ .. يسألُ عن قصيدَتِهِ
التي لم تكتمِلْ كلماتُهَا ..
ولا أَحَدٌ .. يُجِيبُ على السؤالْ
الحُزْنُ يا بلقيسُ ..
يعصُرُ مهجتي كالبُرْتُقَالَةْ ..
الآنَ .. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ
أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ ..
وأنا الذي اخترعَ الرسائِلَ ..
لستُ أدري .. كيفَ أَبْتَدِئُ الرسالَةْ ..
السيف يدخُلُ لحم خاصِرَتي
وخاصِرَةِ العبارَةْ ..
كلُّ الحضارةِ ، أنتِ يا بلقيسُ ، والأُنثى حضارَةْ ..
بلقيسُ : أنتِ بشارتي الكُبرى ..
فَمَنْ سَرَق البِشَارَةْ ؟
أنتِ الكتابةُ قبْلَمَا كانَتْ كِتَابَةْ ..
أنتِ الجزيرةُ والمَنَارَةْ ..
بلقيسُ :
يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارِةْ ..
سَأَقُولُ في التحقيقِ ..
إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ ..
والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ ..
وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي ..
ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ ..
وأقول : إنَّ عفافَنا عُهْرٌ ..
وتَقْوَانَا قَذَارَةْ ..
وأقُولُ : إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ
وأنْ لا فَرْقَ ..
ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ !!
سَأَقُولُ في التحقيق :
إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ
وأقُولُ :(375/5)
إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ
وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ ..
وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ ..
حتّى العيونُ الخُضْرُ ..
يأكُلُهَا العَرَبْ
حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ
والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ ..
حتّى النجومُ تخافُ من وطني ..
ولا أدري السَّبَبْ ..
حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني ..
و لا أدري السَّبَبْ ..
حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ
حتى الدفاترُ .. والكُتُبْ ..
وجميعُ أشياء الجمالِ ..
جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ ..
لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ
يا بلقيسُ ،
لُؤْلُؤَةً كريمَةْ
فَكَّرْتُ : هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ
أم أنّنا في الأصل ، مُحْتَرِفُو جريمَةْ ؟
بلقيسُ ..
يا فَرَسِي الجميلةُ .. إنَّني
من كُلِّ تاريخي خَجُولْ
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
مِنْ يومِ أنْ نَحَرُوكِ ..
يا بلقيسُ ..
يا أَحْلَى وَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يعيشُ في هذا الوَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يموتُ في هذا الوَطَنْ ..
ما زلتُ أدفعُ من دمي ..
أعلى جَزَاءْ ..
كي أُسْعِدَ الدُّنْيَا .. ولكنَّ السَّمَاءْ
شاءَتْ بأنْ أبقى وحيداً ..
مثلَ أوراق الشتاءْ
هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ ؟
وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ
في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ ؟
أم أنّني وحدي الذي
عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ ؟
سَأقُولُ في التحقيق :
كيف غَزَالتي ماتَتْ بسيف أبي لَهَبْ
كلُّ اللصوص من الخليجِ إلى المحيطِ ..
يُدَمِّرُونَ .. ويُحْرِقُونَ ..
ويَنْهَبُونَ .. ويَرْتَشُونَ ..
ويَعْتَدُونَ على النساءِ ..
كما يُرِيدُ أبو لَهَبْ ..
كُلُّ الكِلابِ مُوَظَّفُونَ ..
ويأكُلُونَ ..
ويَسْكَرُونَ ..
على حسابِ أبي لَهَبْ ..
لا قَمْحَةٌ في الأرض ..
تَنْبُتُ دونَ رأي أبي لَهَبْ
لا طفلَ يُوْلَدُ عندنا
إلا وزارتْ أُمُّهُ يوماً ..(375/6)
فِراشَ أبي لَهَبْ !!...
لا سِجْنَ يُفْتَحُ ..
دونَ رأي أبي لَهَبْ ..
لا رأسَ يُقْطَعُ
دونَ أَمْر أبي لَهَبْ ..
سَأقُولُ في التحقيق :
كيفَ أميرتي اغْتُصِبَتْ
وكيفَ تقاسَمُوا فَيْرُوزَ عَيْنَيْهَا
وخاتَمَ عُرْسِهَا ..
وأقولُ كيفَ تقاسَمُوا الشَّعْرَ الذي
يجري كأنهارِ الذَّهَبْ ..
سَأَقُولُ في التحقيق :
كيفَ سَطَوْا على آيات مُصْحَفِهَا الشريفِ
وأضرمُوا فيه اللَّهَبْ ..
سَأقُولُ كيفَ اسْتَنْزَفُوا دَمَهَا ..
وكيفَ اسْتَمْلَكُوا فَمَهَا ..
فما تركُوا به وَرْدَاً .. ولا تركُوا عِنَبْ
هل مَوْتُ بلقيسٍ ...
هو النَّصْرُ الوحيدُ
بكُلِّ تاريخِ العَرَبْ ؟؟...
بلقيسُ ..
يا مَعْشُوقتي حتّى الثُّمَالَةْ ..
الأنبياءُ الكاذبُونَ ..
يُقَرْفِصُونَ ..
ويَرْكَبُونَ على الشعوبِ
ولا رِسَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من فلسطينَ الحزينةِ ..
نَجْمَةً ..
أو بُرْتُقَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من شواطئ غَزَّةٍ
حَجَرَاً صغيراً
أو محَاَرَةْ ..
لو أَنَّهُمْ من رُبْعِ قَرْنٍ حَرَّروا ..
زيتونةً ..
أو أَرْجَعُوا لَيْمُونَةً
ومَحوا عن التاريخ عَارَهْ
لَشَكَرْتُ مَنْ قَتَلُوكِ .. يا بلقيسُ ..
يا مَعْبُودَتي حتى الثُّمَالَةْ ..
لكنَّهُمْ تَرَكُوا فلسطيناً
ليغتالُوا غَزَالَةْ !!...
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ، يا بلقيسُ ..
في هذا الزَمَانِ ؟
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ؟
في العَصْرِ الشُّعُوبيِّ ..
المَجُوسيِّ ..
الجَبَان
والعالمُ العربيُّ
مَسْحُوقٌ .. ومَقْمُوعٌ ..
ومَقْطُوعُ اللسانِ ..
نحنُ الجريمةُ في تَفَوُّقِها
فما ( العِقْدُ الفريدُ ) وما ( الأَغَاني ) ؟؟
أَخَذُوكِ أيَّتُهَا الحبيبةُ من يَدِي ..
أخَذُوا القصيدةَ من فَمِي ..
أخَذُوا الكتابةَ .. والقراءةَ ..
والطُّفُولَةَ .. والأماني
بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
يا دَمْعَاً يُنَقِّطُ فوق أهداب الكَمَانِ ..
عَلَّمْتُ مَنْ قتلوكِ أسرارَ الهوى(375/7)
لكنَّهُمْ .. قبلَ انتهاءِ الشَّوْطِ
قد قَتَلُوا حِصَاني
بلقيسُ :
أسألكِ السماحَ ، فربَّما
كانَتْ حياتُكِ فِدْيَةً لحياتي ..
إنّي لأعرفُ جَيّداً ..
أنَّ الذين تورَّطُوا في القَتْلِ ، كانَ مُرَادُهُمْ
أنْ يقتُلُوا كَلِمَاتي !!!
نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ ..
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ ..
تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ ..
وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ
تقرأُ عنكِ . . أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ ...
وسيعرفُ الأعرابُ يوماً ..
أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
ق .. ت .. ل ..و .. ا
ال .. ر .. س .. و .. ل .. ة
نزار قباني – بيروت في 15/12/1981
===================
انتهى بعون الله
نتمنى لك دوام التقدم والنجاح ، ونأمل أن نكون قد قدمنا بذلك
خدمة لك ولكل قراء العربية .
وندعوك دائماً لزيارة موقعنا ، لأننا ننوي إضافة العديد من المؤلفات
لشعرائنا الكبار ، فكونوا معنا على اتصال :
http://www.khayma.com/salehzayadneh
--------------------------------------(375/8)
بنينا حقبة في الأرض ملكا
بنينا حقبة في الأرض ملكا **********يدعمه شباب طامحونا
شباب ذللوا سبل المعالي********** وما عرفوا سوى الإسلام دينا
تعهدهم فأنبتهم نباتا **********كريما طاب في الدنيا غصونا
إذا شهدوا الوغى كانوا كماة********** يدكون المعاقل والحصونا
شباب لم تحطمه الليال**********ي ولم يسلم الى الخصم العرينا
وإن جن المساء فلا تراهم********** من الإشفاق إلا ساجدينا
كذلك أخرج الإسلام قومي **********شبابا مخلصا حرا أمينا
وعلمه الكرامة كيف تبنى********** فيأبى أن يقيد أو يهونا(376/1)
تاج المدائح في حبيبنا و رسولنا محمد عليه الصلاة و السلام
03 /02 /2006 م 06:46 صباحا
عائض القرني
الكاتب: فسطاط المسلمين
القراءات: 112
التعليقات: 0
المشاركات: 176
التسجيل: 05 /03 /2005 م
أنصت لميمة من أمم مدادها من معاني نون و القلمِ
سالت قريحة صب في محبتكم فيضاً تدفق مثل الهاطل العممِ
كالسيل كالليل كالفجر اللحوج غدا يطوي الروابي ولا يلوي علي الأكمِ
أجش كالرعد في ليل السعود و لا يشابه الرعد في بطش و في غشمِ
كدمع عيني إذا ما عشت ذكركم أو خفقِ قلبٍ بنار الشوق مضطرمٍ
يزري بنابغة النعمان روانقها و مَنْ زهير ؟ و ماذا قال في هرمِ
دع سيف ذي يزنٍ صفحاً ومادحه و تبّعا وبني شداد في إرمِ
و لا تعرّج علي كسرى و دولته وكل أصيد أو ذي هالة و كمي
و انسخْ مدائح أرباب المديح كما كانت شريعته نسخا لدينهمِ
رصّعْ بها هامة التأريخ رائعة كالتاج في مفرق بالمجد مرتسمِ
فالهجر و الوصل و الدنيا وما حملتْ و حبُ مجنونِ ليلى ضلة لعمي
دع المغاني و أطلال الحبيب و لا تلمح بعينك برقاً لاح في أضمِ
و انسَ الخمائلَ و الأفنان مائلة وخيمةً و شويهان بذي سلمِ
هنا ضياء هنا ري هنا أملٌ هنا رواء هنا الرضوان فاستلمِ
لو زُينتْ لامرء القيس انزوى خجلاً ولو رآها لبيدُ الشعرِ لم يقمِ
ميمية لو فتي بوصير أبصرها لعوذوه برب الحل و الحرمِ
سل شعرَ شوقي أيروي مثل قافيتي أو أحمد بن حسين في بني حكمِ
ما زار سوقَ عكاظ مثلُ طلعتِها هامتْ قلوبٌ بها من روعة النغمِ
أُثني علي منْ ؟ أتدري من أبجله ؟ أما علمت بمن أهديته كلمي
في أشجع الناسِ قلباً غير منتقم و أصدق الخلق طراً غير متهمِ
أبهى من البدر في ليل التمام و قل أسخى من البحر بل أرسى من العلمِ
أصفى من الشمسِ في نطق و موعظةٍ أمضى من السيف في حكم و في حكمِ
أغرٌ تشرق من عينيه ملحمةٌ من الضياء لتجلو الظلم و الظلمِ
في همة عصفت كالدهر و اتقدتْ كم مزقت من أبي جهل و من صنمِ(377/1)
أتي اليتيم أبو الأيتام في قَدَرٍ أنهى لأمته ما كان من يُتمِ
محرر العقل باني المجد باعثنا من رقدة في دثار الشرك و اللممِ
بنور هديك كحلنا محاجرنا لما كتبنا حروفنا صغتها بدمِ
من نحن قبلك إلا نقطةٌ غرقتْ في اليم بل دمعة خرساء في القدمِ
أكاد أقتلع الآهات من حُرقي إذا ذكرتكَ أو أرتاعُ من ندمي
لما مدحتك خلتُ النجمَ يحملني و خاطري بالسنا كالجيش محتدمِ
شجعتُ قلبي أن يشدو بقافية فيك القريض كوجه الصبح مبتسمِ
صه شكسبير من التهريج أسعدنا عن كل إلياذة ما جاء في الحكمِ
الفرسُ و الرومُ و اليونان إن ذكروا فعند ذكراه أسمال على قزمِ
هم نمّقوا لوحة للرق هائمةً و أنت لوحك محفوظ من التهمِ
أهديتنا منبر الدنيا و غار حرا و ليلة القَدر و الإسراء للقممِ
و الحوضَ و الكوثرَ الرقراق جئت به أنت المزمل في ثوب الهدى فقمِ
الكونُ يسأل و الأفلاكُ ذاهلة و الجنُ و الإنسُ بين اللاء والنعمِ
و الدهر محتلف و الجو مبتهجٌ و البدر ينشق و الأيام في حلمِ
سربُ الشياطينِ لما جئتنا احترقتْ و نار فارس تخبو منك في ندمِ
و صفد الظُلْم و الأوثان قد سقطت و ماء ساوة لما جئت كالحممِ
قحطان عدنان حازوا منك عزتهم بك التشرّفُ للتأريخ لا بهمِ
عقود نصرك في بدر و في أحد و عدلاً فيك لا في هيئة الأممِ
شادوا بعلمك حمراء و قرطبة لنهرك العذب هب الجيل و هو ظمي
و من عمامتك البيضاء قد لبست دمشق تاج سناها غير منثلمِ
رداء بغداد من برديك تنسجه أيدي رشيد و مأمون و معتصمِ
و سدرة المنتهى أولتك بهجتها علي بساط من التبجيل محترمِ
دارستَ جبريل آيات الكتاب فلم ينس المعلم أو يسهو و لم يهمِ
اقرأ و دفترك الأيام خط به وثيقة العهد يا من بر في القسمِ
قربت للعالم العلوي أنفسنا مسكتنا متن حبل غير منصرمِ
نُصرتَ بالرعب شهراً قبل موقعة كأن خصمك قبل الحرب في صممِ
إذا رأوا طفلاً في الجو أذهلهم ظنوك بين بنود الجيش و الحشمِ(377/2)
بك استفقنا علي صبح يؤرقه بلال بالنغمة الحرّا علي الأطمِ
إن كان أحببت بعد الله مثلك في بدو و حضر و من عرب و من عجمِ
فلا اشتفى ناظري من منظر حسن ولا تفوه بالقول السديد فمي(377/3)
تَبصّر تجدْ حزبَه حِزبَ مُفسدٍ
بني العُرْب هل من سامعٍ فأدلّه ** دلالة حرّ بالحقيقة عالمِ
أرى الشرّ يدنو من هويّة ديننا**ونحن جميعا في عمايةِ نائمِ
وليس الذي أخشى ذهابُ صغيرةٍ**ولكنْ ذهابُ المسنَداتِ الدعائمِ
أرى النّاس جهلاً يهدمون بناءَهم ** بتأييّد حزبٍ للضلالةِ لازمِ
أرى النّاس جهلاً يحتفُون بمُبطلٍ ** تلبّس حقّا في خَباثَةِ ظالمِ
يقوم ينادي للجهادِ ويدّعي **ويخفي سمُوما من بلاد الأعاجمِ
أراه يُعِدَّ المكرَ للدّين مبطناً ** بقلبٍ لهُ من شدّة الحقْدِ وارمِ
تأمّلت في الأعداءِ طراًّ فلمِ أَجدْ** عدوّا كأَهلِ الرّفضِ سُودِ العمائمِ
خؤونٌ إلى الأعداءِ يبقى ولاؤُه ** وتحتَ صليبِ الخُبثِ أخدمُ خادمِ
يخاصمُ في القرآنِ كُفراً وَجُرأةً ** وَيلعنُ جيلَ الصّحبِ أَهلَ المكارمِ
ويرمي على الفحشاءِ أمّا عفيفةً **ونزّل فيه اللُه آياتِ محكَمِ
يريدُ بأَخبثِ مكرٍ عرضَ محمّدٍ ** فَديتُ نَبيَّ اللهِ نفسِي وَمِنْ دَمِي
وكائنْ تَرى مِنْ صالحٍ مُتظاهرٍ ** سَعتْ أفعالُه بالسُّوء سَعْي الهوادمِ
وكائن ترى من مُظهرٍ إحسانَه ** وَمُخفٍ نوايابارتكابِ الجرائمِ
تَبصّر تجدْ حزبَه حِزبَ مُفسدٍ ** كثيرِ المخَازي عامراً بالمظالمِ
ولابُد أَنْ تُجتثّ يوما جذرُوه ** وتقلعُها إحدى السيوفِ الصوارمِ
حامد بن عبدالله العلي(378/1)
تجليات شعبان
شعر الأستاذ : خير الدين وانلي رحمه الله تعالى
في ليلةِِ النصفِ ربي السامعُ الرائي يَمحو الخطايا سِوى شرْكٍ و شحْناء
اللهُ يعلمُ كمْ للشركِ من سُبُلٍ خفيةٍ كَدبيبٍ تحت ظلماء
مَنْ كانَ يَحلفُ بالمخلوقِ معتقِداً بفضلِه كانَ في شرْكٍ و عمياء
وناذرُ النذْرِ للمخلوق عابدُه كالمستغيثِ بهِ في كلِّ بَلواء
كَمَنْ دعا عندَ قبْرٍ كيْ يوسِّطَه في كشْفِ ضُرٍّ وفي تَخْفيفِ بأْساءِ
كَمَنْ تقرَّبَ للمقبورِ في نُسُكٍ أَو استعانَ بهِ للبُرْءٍ مِنْ داءِ
كَمَنْ توكَّلَ في أَمْرٍ على أَحَدٍ أَو قالَ يعلَمُ غيباً دونَ إِنْباءِ
أَو ظَنَّهُ مالكاً ضُراً ومنفعةً فالنفْعُ والضُّر إظهارٌ لآلاء
لا يَستطيعُ الورى تغييرَ مُسْتَطَرِ من المقاديرِ دانيها أو النائي
من خافَ من ميّتٍ بطْشاً ومُفْجِعَةً كَمَنْ رجاهُ لإِسعادٍ وسرّاء
وَمَنْ تعلَّق شيئاً من تمائِمِهم لدفْعِ عَيْنٍ وحُسّادٍ وإِيذاء
كَمَنْ تعلِّقُ خيْطاً عندَ مقبرةٍ يذكِّرُ الميْتَ إِسْراعاً بإِمضاء
وَمَنْ يعظِّمْ مزاراتٍ وأَضرحةً ويلثمُ القبرَ في ذلٍّ وإِغضاء
الشرْكُ منتشرٌ في كلِّ ناحيةٍ والناسُ من أَمرهِ في شرِّ أَخطاء
ظنّوه أَمراً على الكفّارِ مقتصراً وما دَرَوا أَنه كالملْحِ في الماء
كُفّارُ مكَّةَ ما ضَلّوا وما كفروا إلا بتوسيطِ أمواتٍ وأَحياء
فتلكَ أصنامُهم زُلْفى تقرِّبُهم مِنْ ربِّهم فهو ذو منْعٍ وإِعطاء
همْ وحّدوا اللهَ رباً خالقاً أَحَداً لكنَّ إِشراكَهم تحكيمُ آراء
همْ شبّهوا اللهَ بالمخلوقِ واخترعوا له بناتٍ وأَعواناً بأَسماء
همْ أيقنوا أَنَّ ربَّ الكونِ خالقُهم وأَنه رزاقٌ غفّارُ أَسواء
لكنْ عبادتُهم تقليدُ مَنْ سَبَقوا حتى ولو كان تَقليداً لغوغاء
فسيَّبوا البُدْنَ بالأَهواءِ وابتدعوا ذَبْحاً على النُّصْبِ تقطيعاً لأَشلاء
واستسقموا ثَمَّ بالأَزلامِ واحتكموا لسادنٍ قادهم في ذلَّةِ الشاء(379/1)
والناسُ في عصرِنا صاروا مقلدةً للجاهليّين في فكْرٍ وإجْراء
فالحلْفُ والنذْرُ للمخلوقِ دَيْدَنُهم والاستعانةُ بالموتى لإِبراء
فكيف نُنكِرُ في الكفّارِ شركَهُمُ ومثلهُ واقعٌ في كلِّ أَنحاء
شِرْكُ العبادَةِ كلُّ الناس واقعةٌ فيه سوى من وَقاه الحافظُ الرائي
واللهُ لا يغفرُ الإشراكَ من أَحَدٍ مهما تبَاعَدَ عن سُوءٍ ونكْراء
وليسَ يُجدي مع الإِشراكِ صالحةٌ فكلُّها كهبَاءٍ بيْنَ أَنواء
رأسُ السعادةِ إِيمانٌ له أَثَرٌ في مَسْلَكِ المرْء تَقويماً لأَخطاء
وكلُّ معصيةٍ في الشرْعِ خادشَةٌ إِيمانَ فاعِلِها ويْحاً لخطّاء
وما انتفاعٌ بإيمانٍ بلا عملٍ كالغصْنِ دون ثمارٍ دونَ أَفياء
و ما لسعيٍ ثوابٌ عند خالِقِه بلا يَقينٍ وصبْرٍ عندَ ضَرّاء
فلنسأَلِ اللهَ في شعبانَ مغفرةً في ليلةِ النصْفِ تَمحو كلَّ أَسواء
إنّا نتوبُ من الإِشراكِ قاطبةً ومن قبائحِ شَحْناء وبَغْضاء(379/2)
تحية وتقدير لصقور الشيشان
---
اخفض جناحك ؛ إنهم أحرار ... لا يحرق الإلحاد إلا النارُ
النار .. لا السلم الجبان ، فطفلهم ... منذ المهاد وعشقه البتارُ
اخفض جناحك ؛ إنهم لم يصرخوا ... يا مجلس الأمن ! اعتدى الفجارُ
لكنهم رفعوا أعدوا فانطوى ... تحت اللواء أشاوس أبرارُ
اخفض جناحك ؛ شوكة الشيشان لم ... تكسر ، وإن حفت بها الأخطارُ
عجباً .. لساني كيف يكذب مسمعي ... بل كيف تخدع قومنا الأخبارُ ؟
قالوا : تهاوت قلعة الشيشان ، إن ال ... قول زور ، صاغه مكارُ
هبت رياح العز فوق جبالها ... وسهولها شمخت بها الأشجارُ
هب الشباب الملتحون فديتهم ... ما فيهم متقاعس خوارُ
يا فتية الشيشان ! كل قصائدي ... خجلى ، وكل مشاعري إكبارُ
من عين دوداييف صغت قصائدي ... جمراً .. ومن أصلان طارُ شرارُ
اخفض جناح الكبر ؛ ليل جباههم ... يبكي وتشهد دمعه الأسحارُ
اخفض جناح الكبر ؛ ليل جهادهم ... يزهو وتشهد زهوه الأقمارُ
تلك الجبال الشم تعرف أهلها ... لا ينثنون ؛ فعزمهم جبارُ
تترقب الأبواق رقصة موتهم ... ليزفها في أذننا المزمارُ
الروس فوق رؤوسهم ، ووراءهم ... حقد الصليب ، وجهدنا الإنكارُ
هذي دماء الأبرياء على الذرى ... والمدفع الرشاش فيه سعارُ
والروس تحفر قبرها بشمالها ... وغداً .. سيكسر كأسه الخمار(380/1)
تخميس قصيدة البردة للبوصيري
للشاعر
محمد رضا بن احمد النحوي
المتوفى سنة 1226 هـ
تحقيق
اسعد الطيب
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق لي أن فهرست ما دار حول البردة البوصيريّة من أعمال شعريّة وشروح في مقال نشر في مجلّة تراثنا في العددين المزدوجين 38 ـ 39 و 41 ـ 42، وتخميس محمّد رضا النحويّ للبردة جزء من عمل أرجو تمامه من الله تعالى في نشر الاَعمال الشعريّة التي دارت حول هذه القصيدة الرائعة.
وسيدور الكلام هنا في عدّة سبل:
ترجمة المخمّس:
هو محمّد رضا بن أحمد بن حسن بن عليّ بن الخواجة(1)، النجفيّ الحلّيّ، المعروف بالنحويّ.
لم تذكر كتب التراجم تأريخ مولده، نشأ في الحلّة على أبيه فأقرأه الاَوّليّات ومرّنه على نظم الشعر.
____________
(1) طبقات اعلام الشيعة ـ ق 13 ـ : 545 .
( 306 )
ثمّ درس في النجف الفقه والاَُصول على السيّد محمّد مهدي بحرالعلوم (ت 1212) واختصّ به، وله فيه مدائح كثيرة، وحضر أيضاً على جعفر كاشف الغطاء، وتوفّي والده خلال ذلك فلازم السيّد صادق الفحّام الشاعر ودرس عليه علوم الاَدب.
وكان من أعضاء معركة الخميس المعروفة في تاريخ أدب مدينة النجف، وذلك في عهد أُستاذه الاَوّل بحر العلوم(1).
وكان أحد الخمسة الّذين كان بحر العلوم يعرض عليهم منظومته الفقهيّة المسمّاة بـ: الدرّة(2) فيصلحونها من جهة الاَدب والعروض.
ومن مدائحه لاَُستاذه المذكور أن خمّس «المقصورة الدريديّة» وجعلها في مدحه. ويقال: إنّ أُستاذه سأل: كم أجاز ابنُ ميكال ابنَ دريد؟ فقيل له: بألف دينار ذهباً، فأعطى شاعره ألفَ تومان ذهباً، وذلك في سنة 1204 هـ.
وكان مجيداً للتخميس فخمّس جملة من القصائد، منها «الدريديّة» و «بانت سعاد» و «البردة البوصيريّة» و «ميميّة ابن الفارض».
وله تخاميس وتشطيرات كثيرة في مجموع في مكتبة علي كاشف الغطاء، برقم 58 مجاميع(3).
وجمع محمّد السماويّ ديوانه وديوان أخيه هادي وديوان أبيه أحمد(4).(381/1)
____________
(1) طبقات اعلام الشيعة : 547 ، البابليات ـ لليعقوبي ـ 2 \ 3.
(2) البابليات 2 \ 3 .
(3) طبقات أعلام الشيعة : 547 .
(4) طبقات أعلام الشيعة : 547 .
( 307 )
وتوفّي في 1226 هـ، ودفن مع والده.
تخميسه للبردة:
أشار عليه أُستاذه بحر العلوم بتخميسها كما سيجيء في التقاريظ، ونصّ على ذلك السيّد محسن الاَمين في أعيان الشيعة 9|303.
وفرغ من هذا التخميس في يوم الثلاثاء 24 رجب 1200 هـ.
وقد طبع هذا التخميس في إسلامبول ـ عاصمة الدولة العثمانيّة سابقاً ـ في سنة 1306 هـ منضمّاً إلى تخميس «ميميّة ابن الفارض»:
شربنا على ذِكر الحبيب مدامةً * سكرنا بها من قبل أن تخلق الكرمُ
وتخميس «بانت سعاد» لكعب بن زهير:
بانت سعاد فقلبي اليومَ متبولُ * متيّمٌ إثرها لم يُفْدَ مكبولُ
مقرّظو هذا التخميس:
ظفرنا بعدّة من أسمائهم وعدّة من تقاريظهم، وهاك أسماءهم مرتّبة حسب الحروف الاَُوَل من أسمائهم:
1 ـ إبراهيم العطّار.
2 ـ محمّد رضا الاَزريّ.
3 ـ صادق الفحّام (ت 1204)، وله تقريظان.
4 ـ علي بن محمّد حسين بن زين العابدين العامليّ الكاظميّ (ت 1215).
( 308 )
5 ـ محمّد علي الاَعسم.
6 ـ محمّد بن زين الدين الحسنيّ (ت 1216).
7 ـ هادي النحويّ، أخو المخمّس.
ولم نظفر من التقريظ الاَوّل إلاّ بمطلعه وهو:
فرائدُ درٍّ ليس تحصى عجائبُه * وقد بهرت منّا العقولَ غرائبُه
وكذلك التقريظ الثاني لم نظفر به.
والتقاريظ التالية وجدناها كلّها والحمد لله.
* * *
( 309 )
* التقريظ الاَوّل لصادق الفحّام(1):
رُوَيدَكَ هَل أبْقَيْتَ قَولاً لِقائلِ؟ * وحَسْبُكَ هل غادَرْتَ سِحْراً لِبابِلِ؟
لَعَمْري لقد أنْشَرْتَ سَحْبانَ وائِلٍ * وَقُسَّ إيادٍ مِن طَوِيِّ الجَنادِلِ
وَطُلْتَ على الضِلِّيلِ(2) حتّى كَأنّهُ * على طَوْلِهِ لَم يَأْتِ يَوماً بِطائلِ(3)(381/2)
وجارَيْتَ في تَسمِيطِ أفضَلِ مِدْحَةٍ * لاََِفْضَلِ مَمْدُوحٍ لاََِفْضَلِ قائلِ
فَوارِسَ رامُوا أنْ يَنالُوا فَقَصَّرُوا * وأينَ الثُرَيّا مِن يدِ المُتَناوِلِ؟!
فَكُنْتَ المُجَلِّي مُحْرِزاً قَصَباتِهِ * وكانوا وقد جَدُّوا مكانَ الفَساكِلِ(4)
وما كُلُّ مَن رامَ المَعالي بِبالِغٍ * وما كُلُّ مَن رامَ النِضالَ بِناضِلِ
قَرَنْتَ إِلى عَذْراءِ بُوصِيرَ كُفْأَها * وكانتْ لِفَقْدِ الكُفْءِ إِحْدَى الثَواكِلِ
____________
(1) هذا التقريظ في مخطوطة الرضوية : ذ ظ.
(2) هو امرؤ القيس الشاعر الجاهلي المعروف .
(3) هذه مبالغة واضحة .
(4) الفساكل ، جمع « فسكل » : وهو الفرس الذي يجيء في الحلبة آخر الخيل.
( 310 )
ومُذ شَفَّها التَعْطِيلُ صُغْتَ لِجِيدِها * حُلىً من فَرِيدٍ أُرْدِفَتْ بِخَلاخِلِ
فَأَنتَ وإِن كُنتَ الاََخيرَ زَمانُهُ * لآَتٍ بِما لم يُسْتَطَعْ لِلاََوائلِ
فَدُونَكَها مِنّي شَهادةَ صادِقٍ * كَثِيرٌ ذَوو تَصْدِيقِها في المَحافِلِ
وعِشْ سالماً ما افْتَرَّ مَبْسِمُ بارِقٍ * وَأَضْحَكَ دَمعُ المُزْنِ زَهْرَ الخَمائِلِ
* التقريظ الثاني للفحّام نفسه(1):
كذا فَلْيَكُنْ نَظْمُ العُقودِ ولم أَخَلْ * تُنَظَّمُ مِن لفظٍ عُقودُ فَرِيدِ
هِيَ الرَوضةُ الغَنّاءُ فَتَّقَتِ الصَّبا * أَكِمَّةَ أَزهارٍ لها(2) وَوُرُودِ
وَغادَةُ حُسْنٍ أُبْرِزَت من حِجالِها * تَبَيْهَسُ(3) من نَسْجِ البَها بِبُرودِ
رُوَيدَكَ هل أَبقَيْتَ قَولاً لِقائلٍو * لِلْمُتَحَدِّي مَطْمَعاً بِمَزيدِ
____________
(1) هذا التقريظ في مخطوطة الرضوية : 1 ظ ـ 2 و ، وهو موجود في رواية الأمين في « معادن الجواهر ».
(2) في معادن الجواهر : بها .
(3) أي : تتبختر ، وقد حذفت إحدى تاءّ ى « تتبيهس ».
( 311 )
أَتيتَ بِتَسْمِيطٍ تُضاهِي شُطُورُه * سُمُوطَ فَرِيدٍ(1) في مَخانِقِ غِيدِ(381/3)
شَأَوْتَ بهِ مَن كان قَبْلكَ مُجْرِيَاً * إِلى أَمدٍ إِلاّ عليكَ بَعِيدِ
بَرَعْتَ فيا للهِِ دَرُّكَ فارِساً * تَرَكْتَ جَهِيداً قامَ إِثْرَ جَهِيدِ
رَأَوْا طافِحاً من لامِعٍ فَتَوَهَّمُوا * نِطافَ زُلالٍ بالعَراءِ بَرُودِ
فَأَجْرَوْا إِلَيهِ جاهِدِينَ وأَصْدَرُوا * بِخَيْبَةِ آمالٍ وتَعْسِ جُدُودِ
فَكُنْتَ كَمُوسى حِينَ أَلْقَوْا عِصِيَّهُمْ * وأَلْقَى فِكِيدُوا وانْبَرَوْا لِسُجُودِ
كَمَلْتَ فَإِنْ عابَ الحَسُودُ فإنَّما * فَضِيلَةُ مَحْسُودٍ بِعَيْبِ حَسُودِ
جَلَوتَ على الاََسماعِ قَولَ سُلافَةٍ * يَرُدُّ طَرُوباً قَلْبَ كُلِّ كَميدِ(2)
قَرَنْتَ إِلى عَذراءِ بُوصِيرَ كُفْأَها * فكان كما شاءتْ قِرانَ سُعُودِ
ولمّا أَتَتْ تَشْكُو العُطُولَ رَدَدْتَها * بَأَحْسَنِ حَلْيٍ زانَ أَحْسَنَ جِيدِ
____________
(1) الفريد : اللؤلؤ .
(2) هذا البيت ساقط من الرضوية ، وزدناه من « معادن الجواهر ».
( 312 )
لذلك قد أَنْشأْتُ فيها مُؤَرِّخاً * على جِيدِها عَلَّقْتَ عِقدَ فَرِيدِ
* تقريظ علي بن محمّد حسين بن زين العابدين العامليّ(1):
أَلحانُ داوُد أم ضَربُ النَواقِيسِ * أَم رَوْحُ أَرواحِ جَنّاتِ الفَراديسِ
أم ابنُ أَحمدَ مولانا مُحَمَّدٌ الرِ * ضا جَلاَ كالدَرارِي عِقدَ تَخْمِيسِ
أَحْيا بهِ الفَضلَ إِذ لم يَبقَ مِنه سِوى * ذَماءِ(2) مُنْقَطِعِ الآمالِ مأْيُوسِ
تباركَ اللهُ هذا ما يُنافِسُ في * أَمثالِهِ القَومُ لا بَعْضُ الوَساويسِ
هذا الطريقُ الذي قد ضَلَّ عنهُ بنو الـ * آدابِ ما بينَ تَخْميسٍ وتَسْديسِ
هذا هو الفَضْلُ لا ما يَدَّعُونَ به * ِمِن رَدِّ عَجزٍ على صدرٍ وتَجْنِيسِ
فَضائلٌ فُقْتَ فيها يَا بْنَ بَجْدَتِها * وهل يُكابَرُ في إِنْكارِ مَحْسُوسِ؟!
نَظمٌ غدا مِن سِهامِ الفَضْلِ فيهِ لكَ الـ * ـقِدْحُ المُعَلَّى بلا شَكٍّ وتَدليسِ
____________
((381/4)
1) هذا التقريظ في مخطوطة الرضوية : 3 و ـ 3 ظ .
(2) الذماء : آخر لحظة من عمر المحتضر.
( 313 )
سَهمٌ أَصَبْتَ بهِ القِرطاسَ دُونَهُمُ * وسَهْمُهُمْ منهُ تَسْوِيدُ القَراطِيسِ
جَرَى فَقَصَّرَ مَن جاراكَ فيهِ إِلى * غُلْواءِ مَطْبُوعِ نَظْمٍ منهُ مأْنُوسِ
وابنُ اللَبُونِ إِذا ما لُزَّ في قَرَنٍ * لم يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيسِ(1)
للهِِ دَرُّكَ يا سَحْبانَ وائِلِها * رِئاسةً أَنتَ فيها غَيْرُ مَرْؤوسِ
نَسَجْتَ لِلْبُرْدَةِ الغَرَّاءِ بُرْدَةَ تَسْـ * ـميطٍ حَكى وَشْيُها وَشْيَ الطَواويسِ
وقد تَنَمَّرْتَ إِذ لم تَرْضَ ما نَظمُوا * الها تَنَمُّرَ لَيثِ الخِيسِ في الخِيسِ
وجِئتَ في ما بهِ سَيَّرْتَها مَثَلاً * به تَغَنَّتْ حُداةُ العِيسِ لِلْعِيسِ
فَكُنتَ آصِفَ ذاكَ الصَرْحِ حيثُ حَكى * منهُ لنا كلُّ بيتٍ عَرشَ بلقيسِ
أَبْرَزْتَ فيهِ خَبايا حُسْنِها فَحَكَتْ * زُهْرَ النُجومِ تَجّلَتْ في الحَنادِيسِ
قَلَّدْتَها سِمْطَ تَسْمِيطٍ وَصُغْتَ لها * عِقداً يُلابِسُها من غيرِ تَلْبِيسِ
____________
(1) ضمن المقرظ هذا البيت وهو لجرير ؛ الصحاح 6 \ 2192 مادة « قرن »
( 314 )
مَلَّكْتَها من نِصابِ الحُسنِ غَايتَهُ * فيهِ فَأَرَّخْتُ أَزْكَى كلِّ تَخْمِيسِ
تقريظ محمّد علي الاَعسم(1):
فَرائدُ للاَديبِ ابنِ الاََدِيبِ * وَرَدَّ شُمُوسَها بعدَ المَغِيبِ
فَتىً أَعيا الوَرَى فَضلاً و حِلْما * نُجُومٌ ما جَنَحْنَ إِلى المَغِيبِ
وَوَشَّى البُردةَ الممدوح فيها * رسول الله بالوَشْيِ العجيبِ
بِتَسميطٍ يزيدُ الاََصلَ حُسْنَاً * على حُسْنٍ وَطِيباً فوقَ طِيبِ
وكَم مَلأَ المَسامِعَ مِن مَعانٍ * لها وَقْعٌ عَظِيمٌ في القُلوبِ
محمّدٌ الرِضا المَرْضيُّ قَولاً * وَفِعلاً ناصِعُ الحَسَبِ الحَسِيبِ
رَمَى فأَصابَ قِرطاساً رَماهُ * كَثِيرٌ ليس فيهم مِن مُصِيبِ(381/5)
وكم أشياءَ قد غُيِّبْنَ عنهم * بَرَزْنَ إليه مِن حُجُبِ الغُيُوبِ
____________
(1) هذا التقريظ في شعراء الغري ـ لعلي الخاقاني ـ 10 \ 13 ـ 14.
( 315 )
لقد أَغْرَبْتَ في تلك المعاني * وما هِيَ منك بالاََمرِ العَجيبِ
أَخذتَ بها بأطَواقِ المعالي * ولم تَتْرُكْ لِغَيرِكَ مِن نَصِيبِ
دعاك لِمثلِها المهدِيُّ(1) إذ لم * يَجِدْ في الكَوْنِ مِثلَك مِن مُجِيبِ
ففاضَ عليك حين دعاكَ نورٌ * هُدِيتَ به إلى مَدحِ الحَبيبِ
بِأَشطارٍ كأَمثالِ اللآلي * تَفُوقُ الرَوضَ في حُسْنٍ وَطِيبِ
وخَمَّسها الفُحولُ بِأَجْنَبِيٍّ * بَعيدٍ عن مَقاصِدِها غَريبِ
ولم يَأْلُوا بها الآباءُ جهداً * ولكنْ دُوْنَها أَرَبُ الاََريبِ
فَحَطَّت قَدْرَ كُلَّ أخي كَمالٍ * تَعَرَّضَها بِمَدحٍ أَو نَسيبِ
وَحيثُ رَفَعْتَها رَفَعَتْكَ قَدْراً * بِضَربٍ منه نَدَّ عن الضَريبِ
كَأَنَّك فيه تَغْرِفُ من بِحارٍ * وباقي القَومِ تَمْتَحُ مِن قَليبِ
____________
(1) أي استاذه بحر العلوم .
( 316 )
ولِلتَسمِيطِ في الحُسْنِ اختلافٌ * وقد يَخْفَى على الفَطِنِ اللَبِيبِ
ولكن حينَ تَقْرُنُها جميعاً * يَبِينُ لك الصحيحُ من المَعيبِ
ترى مثلَ الاََجانبِ تلكَ عنها * وذا التَسميطُ كالرَحِمِ القَريبِ
كَأَنَّهما رضيعا ثَدْيِ أُمٍّ * زَكَتْ وَسَقَتْهُما صافي الحَلِيبِ
وَمُذ كَمَلَتْ بِذا التَسمِيطِ أَرّخْ * قد كَمَلَتْ بتسميطٍ عجيبِ
* تقريظ محمّد بن زين الدين الحسنيّ(1):
آياتُ نَظْمٍ أَرَتْنا جامِعَ الكَلِمِ * وأَعْجَزَتْ أُدَباءَ العُرْبِ والعَجَمِ
هُنَّ الدَرارِي سَمَتْ عَن أَن تُنالَ فما * يُنالُ منها سِوى الاِِشراقِ في الظُّلَمِ
وَعِقْدُ دُرٍّ يَسُرُّ الناظِرِينَ حَوَى * مَنْثُورَ حُسْنٍ بِلفظٍ منهُ مُنْتَظِمِ
ورَوضَةٌ جادَها صَوْبُ الحَيا فَغَدَتْ * أَزْهارُها بينَ مُفْتَرٍّ وَمُبْتَسِمِ
____________
((381/6)
1) هذا التقريظ في مخطوطة الرضوية : 2 و ـ 3 .
( 317 )
تَقْرِي المَسامِعَ من أَسرارِ حِكْمَتِها * ما كان مُنْكَتِمَاً أَو غيرَ مُنْكَتِمِ
قد شَنَّفَتْها بِلَحْنٍ مِن فَصاحَتِها * فَلَم تُصِخْ بَعْدُ لِلاََلحانِ والنَغَمِ
وبَرْزَةُ الوجهِ أَعْيَتْ مَن يُبارِزُها * مِن مِصْقَعٍ لَسِنٍ أَو حاذِقٍ فَهِمِ
بِكْرٌ فما افْتَرَعَتْها كَفُّ مِحْبَرَةٍ * ولا تَرَقَّتْ إِليها هِمَّةُ القَلَمِ
يتيمةُ الدَهرِ لم تَبْرَحْ مُؤَمِّلَةً * أَبَاً تَلُوذُ به من ضَيْعَةِ اليُتُمِ
وخامِسٌ لم تُصادِفْ مَن يُخَمِّسُها * فالقَلْبُ مِنها إِلى ذاك الزُّلالِ ظَمِ
حتّى إِذا بَعَثَ اللهُ الرَؤوفُ لها * أَباً وبَعْلاً فلم تَيْتَمْ ولم تَئِمِ
أَعني أَبا عُذْرِها المَوْلَى مُحَمَّداً الرِ * ضا رَضِيَّ السَجايا طاهِرَ الشِيَمِ
أَضْحَتْ بِتَسْمِيطِهِ غَرّا مُحَجَّلَةً * فَأَوْضَحَتْ كلَّ دَهماءٍ من الظُلَمِ
لو سُمِّيَتْ بُردةً ذا اليوم حُقَّ لها * إِذْ صارَ مُلْبِسَها بُرْدَاً من الحِكَمِ
( 318 )
كيف امْرُؤُ القَيسِ أَو قُسٌّ يُقاسُ به * ِوَهْوَ المُبَرِّزُ ما باراهُ مِن أَرِمِ(1)
فكم حديثٍ حَدِيثُ الفَضْلِ منهُ فَشا * فسادَ فيهِ على مَن سادَ في القِدَمِ
للهِِ دَرُّكَ من دارٍ له بُنِيَتْ * دارٌ بِهامِ الدَرارِي حيثُ لم تُرَمِ
زَيَّنْتَها بِمَصابِيحِ الفَصاحةِ إِذْ * كانتْ سَماءً سَمَتْ عن كُلِّ مُسْتَنِمِ
أَرْشَدْنَ ذا عَمَهٍ، بَصَّرْنَ ذا كَمَهٍ * أَنْطَقْنَ ذا بَكَمٍ، أَسْمَعْنَ ذا صَمَمٍ
يا غايةً بَذَلَتْ أَشواطَها أُمَمٌ * فيها فَخابُوا ونِلْتَ القَصْدَ مِن أَمَمِ
وكيفَ يُدرِكُ شيئاً من دَقائِقها * منَ ليس يَفرِقُ بينَ الفَرْقِ والقَدَمِ
أَبْدَعْتَ نَحْوَاً من التَسْمِيطِ عَرَّفَنا * خَفْضَ الغَبِيِّ وَرَفْعَ الحاذِقِ الفَهِمِ(381/7)
لَفظاً ومَعنىً أَرانا الفَضْلَ مُنْسَجِمَاً * في طَيِّ مُنْسَجِمٍ في طَيِّ مُنْسَجِمِ
إِنْ كان قد خَمَّسُوا أَو سَدَّسُوا وَشَأَوْا * فَإنّما أَنتَ فِيهِمْ صاحِبُ العَلَمِ
____________
(1) يقال : ما بالدار أريم وما بها أرِم ، اي ما بها أحد.
( 319 )
فَتِهْ بِبُرْدَةِ فَضْلٍ أَنتَ ناسِجُها * على ذَوي الفَضلِ مِن عُربٍ ومِن عَجَمِ
قد نالَ غايةَ مَطلوبٍ مُؤَرِّخُها * تَسْمِيطُها مُعْرِبٌ عن مُعجِزِ الكَلِمِ
* تقريظ هادي النحويّ(1):
ذي زُبدةُ الشِعرِ بل ذي نُخْبةُ الاََدَبِ * أَستغفرُ اللهَ من زُورٍ ومن كَذِبِ
تَقاصَرَ الشِعرُ أَن يجري لغايتِها * وهل يُجارِي جِيادَ الخَيلِ ذُو خَبَبِ
قد أَصبحتْ خيرَ مدحٍ في الزمانِ كما * قد كان ممدوحُها في الكَونِ خيرَ نَبِي
بَدَت وتِيجانُها مَدحُ الحَبيبِ كما * بدت لنا الراحُ في تاجٍ من الحَبَبِ
غادرتَ قُسّاً غَبِيَّاً في بلاغتِه * وذاك أَمرٌ على الاََفهام غَيرُ غَبِي
فيا لِراحٍ سَكِرْنا من شَمِيمِ شَذَا * عَبِيرِها وهي في الاََستارِ والحُجُبِ
____________
(1) هذا التقريظ من البابليات ـ لليعقوبي ـ 2 \ 59 ترجمة 64 .
( 320 )
قَد سَمَّطوا وأَجادوا حسبَ ما بَلَغُوا * لكنَّ في الخمرِ مَعْنىً ليس في العِنَبِ(1)
فالبعضُ كاد يُوَشّي ثَوبَ بُردَتِها * والبَعضُ جاؤوا عَلَيهِ بِالدَمِ الكَذِبِ(2)
ما أُنشِدَتْ قَطُّ في سَمعٍ وفي مَلاٍََ * إلاّ وقامَت مقامَ الذِكرِ والخُطَبِ
وما تَجَلّت لذي شَكٍّ وَذِي رِيَبٍ * إلاّ وَجَلَّتْ ظَلامَ الشَكِّ والرِّيَبِ
ولا بَدَتْ في دُجَى الاََنقاسِ(3) ساطِعَةً * إلاّ وَخِلنا هُبوطَ البَدرِ والشُهُبِ
ولا شَدا قَطُّ في نادٍ أَخُو طَرَبٍ * إلاّ وَقُلنا بِها يَشْدُو أَخُو الطَّرَبِ
للهِِ معجزةٌ حارَ الاَنامُ بِها * كَأَنَّها حين تُتْلَى واحدُ الكُتُبِ(381/8)
إنّي أكادُ أَقولُ الوَحْيُ أَنزلَها * لَو كان يُبْعَثُ مِن بَعدِ النَبِيِّ نَبِي(4)
تباركَ اللهُ ما فضلٌ بِمُنْتَحَلٍ * تَبارَكَ اللهُ ما وَحْيٌ بِمُكْتَسَبِ
____________
(1) هذا العجز تضمين اخذه من المتنبي ، ديوانه ـ بالشرح المنسوب الى العكبري ـ 1 \ 91 ق 18 ب 20 ، والقصيدة في رثاء اخت سيف الدولة الحمداني .
(2) إشارة الى الآية الكريمة من سورة يوسف 12 : 18 .
(3) الأنقاس ، جمع « نقس » : وهو الحِبر الذي يكتب به .
(4) هذا هو الغلو الذي لا مزيد عليه .
( 321 )
قد شَعْشَعَتْ سائرَ الاََكوانِ مُذ جُلِيَتْ * فَقُلتُ يَنبوعُ نُورٍ فارَ بِاللَهَبِ
السمعُ في طَرَبٍ والذَوقُ في ضَرَبٍ * والجوُّ في لَهَبٍ والقَومُ في عَجَبِ
آياتُ نظمِكَ قد سَيَّرْتَها مَثلاً * كالشَّمْسِ تطلعُ في ناءٍ وَمُقْتَرِبِ
أَبعدتَ شَوْطَكَ في مِضمارِ سَبْقِهِم * ولم تَدَعْ لِلمُجاري فيه من قَصَبِ
فصرتَ تمشي الهُوَينا إِذ بلغتَ مَدىً * قَد أَمْعَنُوا فيه بِالتَقرِيبِ والخَبَبِ
فَلْتَسْمُ قَدْرَاً وَتَزْدَدْ رُتْبَةً وعُلاً * مَع ما لها مِن رَفيعِ القَدْرِ والرُّتَبِ
نسخة التخميس:
اعتمدنا في تحقيقنا لهذا الكتاب على النسخة المخطوطة المحفوظة في المكتبة الرضوية في مشهد، برقم 12788 مجموعة، آلت إليها من مكتبة «حسينية إرشاد» في طهران.
واستعنّا بكتاب معادن الجواهر ونزهة الخواطر، للسيّد محسن الاَمين (ت 1370)، حيث نقل التخميس كلّه وبعض التقاريظ، وفيه اختلافات قليلة أشرنا إليها في التعليق.
( 322 )
عملنا:
أخرجنا من مخطوطة الرضويّة ونسخة الاَمين نصّاً قدّمنا له وضبطناه بالشكل وعلّقنا عليه، ونرجو أن نكون قد نشرنا أرجاً عطراً من مدائح المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، ونسأل الله الاَجر والثواب من جوده ومنّه وكرمه.
أسعد الطيّب
( 323 )
مصادر المقدّمة(381/9)
1 ـ البابليّات، محمّد علي اليعقوبيّ، أُوفست دار البيان ـ قم، بدون تاريخ. وتاريخ إجازة طبع الاَصل 1951 م.
والترجمة في ج 2 الصفحات 3 ـ 17، ترجمة رقم 61.
2 ـ شعراء الغريّ ـ أو: النجفيّات ـ، علي الخاقاني، المطبعة الحيدرية في النجف، الطبعة الاَُولى 1373 هـ|1954 م، ج 10|13.
3 ـ طبقات أعلام الشيعة، الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة، محسن الطهرانيّ، 2|545 ـ 548 ترجمة رقم 990.
طبع دار المرتضى للنشر، مطبعة سعيد، مشهد، ط 2 في 1404 هـ، أُوفست.
4 ـ معادن الجواهر ونزهة الخواطر، السيّد محسن الاَمين العاملي، أُوفست دار الزهراء ـ بيروت 1401، 3|110 ـ 137، الفصل السابع في منتخبات من أنواع الشعر، النوع الاَوّل ـ المديح.
* * *
( 324 )
صورة الصفحة الاَُولى من المخطوطة
( 325 )
صورة الصفحة الاَخيرة من المخطوطة(381/10)
تربية النشئ على المحبة
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
أدبوا النشئ وأغرسوا حب "طه"
علموه (القرآن) يغد هماما
واغرسوا الحب في القلوب فإن
الحب يهدي ويشحذ الافهاما
وأغرسوه في الطفولة كي
يثغر الطفل مسلما مقداما
كرياض قد سقتها الغوادي
رشفات تفتحت اكماما
علموهم (حب الرسول ) تفوزوا
انما (الحب) نعمة تتسامى
أدبوهم وبالتقى زودوهم
ان (تقوى)الاله تنفي السقامى
ان (حب الحبيب) فيه شفاء
لنفوس تجرعت آلاما
ان (حب الحبيب ) فيه غذاء
لقلوب حرى تذوب هياما
واذا هيمنت"محبة طه"
بفؤاد غدا سعيدا اذاما
ان نفسا تشربت بمعاني الحب
اولى بأن تشيع دواما
عطر الكون بمديح " أبي الزهراء"
وانشر لواءه اسلاما
واملأ الكون من شمائله الغرّ
ورتل ذكراه تطف الاواما
ايها المصلحون يا من رعيتم
فلذات الأكباد والأيتاما
أنقذوا النشئ ان في شقوة
النشئ شقاء وذلة وانهزاما
حصنوه بالعلم والخلق دوما
وامنحوه رعاية واحتراما
ينشأ الطفل مثلما عودوه
كل من ألهم الصواب استقاما
ان اردت الاصلاح هذا سبيل
فهو أولى رعاية واهتماما
فسلاما يا أنس روحي ابتداء
وسلاما يا نور عيني ختاما(382/1)
1. تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
2. فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
3. وكم من صغار يرتجي طول عمرهم وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
4. وكم من عروس زينوها لزوجها وقد قبضت أرواحهم ليلة القدر
5. وكم من صحيح مات من غير علة وكم من عليل عاش حينا من الدهر(383/1)
تسليم غرناطة
ولقد صاغ الشاعر عدنان مردم بك هذه الصورة على لسان موسى بن أبي غسان فقال:
أنا لن أقرّ وثيقةً ... ... فرضت وأخضع للعِدَا
ما كان عذري إن جبنت ... ... وخفت أسباب الردى
والموت حقٌ في الرقاب ... ... أطال أم قصر المدى
إني رسمت نهايتي ... ... بيدي ولن أترددا
كنت الحسام لأمتي ... ... واليوم للوطن الفدى
أنا لن أعيش العمر ... ... عبداً بل سأقضي سيدا(1)(384/1)
تَقولُ العاذِلاتُ أَكُلَّ يَومٍ
مالك بن الحارث الهذلي
العصر ... جاهلي
عدد الأبيات ... 19
البحر ... وافر
الروي ... حاء
الغرض ... فخر
مصدر القصيدة ... شرح أشعار الهذليين (1/237-241)، صنعة أبي سعيد الحسن السكري، حققه عبد الستار فراج، مكتبة دار العروبة
1
تَقولُ العاذِلاتُ أَكُلَّ يَومٍ *** لِسُرْبَةِ مالِكٍ عُنُقٌ شِحاحٌ
2
فَيَوْمًا يَغْنَمُونَ مَعي وَيَومًا *** أََؤُوبُ بِهِمْ وَهُمْ شُعثٌ طِلاحُ
3
وَيَومًا نَقتُلُ الأَبْطَالَ شَفعًا *** فَنَترُكُهُمْ تَنوبُهُمْ السِراحُ
4
وَقَد خَرَجَت نُفُوسُهُمُ فَماتوا *** عَلى إِخوانِهِمْ وَهُمُ صِحاحُ
5
فَلَستُ بِمُقصِرٍ ما سافَ مالي *** ولَو عُرِضَت للَبَّتِيَ الرِماحُ
6
فَلوموا ما قَصَدْتُ لَكُم فَإِنّي *** سَأَعتِبكُم إِذا انفَسَحَ المُراحُ
7
وَمَن تَقلِل حَلوبَتُهُ وَيَنكُل *** عَنِ الأَعداءِ يَغبِقُهُ القَراحُ
8
رَأَيتُ مَعاشِرًا يُثنى عَلَيهِمْ *** إِذا شَبِعوا وَأَوجَهُهُمْ قِباحُ
9
يَظَلُّ المُصرِمونَ لَهُمْ سُجودًا *** وَلَو لَم يُسقَ عِندَهُمْ ضَياحُ
10
شَنِئْتُ العَقرَ عَقرَ بَني شُلَيلٍ *** إِذا هَبَّتِ لِقارئها الرِياحُ
11
كَرَهتُ بَني جَذيمَةَ إِذ ثَرَونا *** قَفا السَلَفَينِ وَانتَسَبوا فَباحوا
12
فَأَمّا نِصفُنا فَنَجا جَريضًا *** وَأَمّا نِصفُنا الأَوفى فَطاحوا
13
وَصَمَّمَ وَسطَهُمْ سُفيانُ لَمّا *** أَلَمَّ بِهِمْ عَن الوِردِ الشِياحُ
14
فَأَلْقَى غِمْدَهُ وَهَوَى إليهمْ *** كَما يَتَكَفَّتُ العِلجُ الوَقاحُ
15
لِعادَتِهِ التي قَد كانَ يُبلي *** إِذا ما كَفَّتَ الظُعنَ الصَباحُ
16
إِذا خَلَّفتُ بَاطِنَتَيْ سَرارٍ *** وَبَطنَ هُضاضَ حَيثُ غَدا صُباحُ
17
تَرَكتَ صَديقَنا وَبَلَغتَ أَرضًا *** بِها عُذرٌ لِنَفسِي أَو نَجاحُ
18
فَلا يَنجو نَجائي ثُمَّ حَيٌّ *** مِنَ الحَيَوانِ لَيسَ لَهُ جَناحُ
19(385/1)
عَلى أَنّي غَداةَ لَقيتُ قَسرًا *** لَم ارمِهِمُ وَقَد كَمِلَ السِلاحُ(385/2)
تلك السنون
إيليا أبو ماضي
في حفلة اليوبيل الفضي لجريدة "السمير"
---------------
تلك السنون الغاربات ورائي ... سفر كتبت حروفه بدمائي
ما عشتها لأعدّها بل عشتها ... لتبين في سمائها سمائي
سيّلن لو أني قنعت بعدّها ... عمري وعمر الصخرة الصماء
ولبذّني يوم التفاخر شاطىء ... ما فيه غير رماله الخرساء
لا حت لي العلياء في آفاقها ... فأردتها دربا ألى العلياء
ومحبة للخير تسري في دمي ... ورعاية للضعف والضعفاء
وعبادة للحق أين وجدته ... والحسن في الأحياء والأشياء
لتدور بعدي قصة عن عاشق ... رقصت به الدنيا جناح ضياء
نشر الطيوب على دروب حياته ... وسرى هوى في الطيب و الأنداء
وأطلّ في قلب البخيل سماحة ... وشجاعة في السلم والهيجاء
ومشى ألى المظلوم بارق رحمة ... وهوى على الظلام سوط بلاء
متعوّ دنيا قد طوت آبائي ... وتهش دنيا أطلعت أبنائي
تلك السنون ببؤسها ونعيمها ... مالت بعودي وانطوت بروائي
أين الشباب ألفّ أحلامي به ... ليس الشباب الآن لي برداء
نفسي تحس كأنما أثقالها ... قد خيرت فتخيرت أعضائي
كم من رؤى طلعت على جنباتها ... ركبا من الأضواء و الأشذاء
قلبت فيها بعد لأي ناظري ... فتعثرت عيناي بالأشلاء
يا للضحايا لا يرفّ لموتها ... جفن ولا تحصى مع الشهداء
ودعت للذّات الخيال وعفتها ... ورضيت أن أشقى مع الحكماء
فعرفت مثلهم بأني موخد ... بؤسي،وأني خالق نعمائي
...
إني أراني بعد ما كابدته ... كالفلك خارجة من لأنواء
وكسائح بلغ المدينة بعدما ... ضلّ الطريق وتاه في البيداء
شكرا لأصحابي فلولا حبهم ... لم أقترب من عالم اللألاء
بهم اقتحت العاصفات بمركي ... وبهم عقدت على النجوم لوائي
...
شكرا لأعدائي فلولا عيشهم ... لم أدر أنهمو الغوغاء
نهش الأسى لما ضحكت قلوبهم ... عرس المحبة مأتم البغضاء
ذني إلى الحسّاد أني فتّهم ... وتركهم يتعثرون ورائي
وخطيئتي الكبرى إليهم أنهم ... قعدوا ولم أقعد على الغبراء
عفو المروءة والرجولة أنني ... أخطأت حين حسبتهم نظرائي
...(386/1)
شكرا لكلّ فتى مزجت بروحه ... روحي فطاب ولاؤه وولائي
من كان يحلم بالسماء فإني ... في قلب إنسان وجدت سمائي
ليس الجمال هو بذاته ... الحسن يوجد حين يوجد رآء
ما الكون؟ ما في الكون لولا آدم ... إلا هباء عالق بهباء
وأبو البرية ما أبان وجوده ... وأنتم غايته سوى حواء
إني سكبت الخمر حين سكبتها ... للناس ، لا للأنجم الزهراء
لا تشرب الخمر النجوم وإن تكن ... معصورة من أنفس الشعراء
...
تلك السنون ، عقيمها كولودها ... حلو ليّ، كذا يشاء وفائي
فالليلة العسراء من عمري ... وعمر الدهر مثل الليلة السمحاء
يا من يقول (ظلمت نفسك فاتئد) ... دعني ، فلست بحامل أعبائي
إنّ الحياة الروح بعض عطائها ... وأنا ثمار الروح كلّ عطائي
ما العمر؟ إان هو كالإناء وإنني ... بالطيّب الغالي ملأت إنائي
فإذا بقيت ، فللجمال بقائي ... وإذا فنيت ، ففي الجمال فنائي
...
للّه ما أحلى وأسنى ليلتي ... هي في كتاب العمر كالطغراء
يا صحب لن أنسى جميل صنيعكم ... حتى تفارق هيكلي حوبائي
وتقول عيني "قد فقدت ضيائي" ... ويقول قلبي"قد فقدت رجائي"(386/2)
تَوْبَة
---
شكوت إلى إلهي سوء حالي ... فقد فاقت مصيباتي احتمالي
فقلتُ وقد دنا فجرٌ جديدٌ : ... ألا رفقاً إلهي ذا الجلالِ
فمرَّ بخاطري شيءٌ يقولُ : ... ألم تذ كر ذنوباً كالجبالِ
فكم يومٍ عصيتَ الله جهراً، ... بإتيان المحرَّم لم تُبالِ
وترجو بعدها عيشاً هنيئاً ... بلا تَوبٍ ولا تغييرِ حالِ
فَتُب لله حقاً ثُمَّ أقبِل ... بُعيد التّوب والدّمع المسالِ
ستلقى الله توّاباً رحيماً ... مجيباً للدعاءِ وللسؤالِ
فيا ربّي أنَبْتُ إليك طَوعاً ... تقبّل تَوبتي والطف بحالي
فَعهداً أن أُلازمَ كُلَّ وقتٍ ... دُروبَ الخير، غيرك لا أوالي
فثبِّتني على التَّقوى فإنِّي ... لأرجو مِنكَ حُسناً في المآلِ(387/1)
توكلت في رزقي على الله خالقي **** وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يكون من رزقي فليس يفوتني **** ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله **** ولو لم يكن مني اللسان بناطق
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة **** وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
إن الفقيه هو الفقيه بفعله ***** ليس الفقيه بنطقه ومقاله
وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقه **** ليس الرئيس بقومه ورجاله
وكذا الغني هو الغني بحاله **** ليس الغني بملكه وبماله
يا هاتكا حرم الرجال وقاطعا **** سبل المودة وعشت غير مكرم
لو عشت حرا من سلالة ماجد **** ما كنت هتاكا لحرمة مسلم
من يزن يزن به ولو بجداره **** إن كنت يا هذا لبيا فافهم
بموقف ذلي دون عزتك العظمى **** بمخفي سر لا أحيط به علما
بإطراق رأسي باعترافي بذلتي **** بمدي يدي استمطر الجود والرحمى
باسمائك الحسنى التي بعض وصفها **** لعزتها يستغرق النثر والنظما
بعهد قديم من ألست بربكم ***** بمن كان مجهولا فعرف بالأسما
أذقنا شراب الأنس يا من إذا سقى **** محبا شرابا لا يضام ولا يظما
لا يكن ظنك إلا سيئا **** إن سوء الظن من أقوى الفطن
ما رمى الإنسان في مخمصة *** غير سوء الظن والقول الحسن
الدَّهْرُ يَوْمَانِ ذَا أَمْنٌ وَذَا خَطَرُ
وَالعَيْشُ عَيْشَانِ ذَا صَفْوُ وَذَا كَدَرُ
أَمَا تَرَى البَحْرَ تَعْلُو فَوْقَهُ جِيَفٌ
وَتَسْتَقِرُّ بِأَقْصَى قَاعِهِ الدُّرَرُ
وَفِي السَّمَاءِ نُجُومٌ لا عِدَادَ لَهَا
وَلَيْسَ يُكْسَفُ إِلاَّ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ
عُفّوا تَعُفُّ نِسَاؤكُمْ فِي المَحْرَمِ
وَتَجَنَّبُوا مَا لا يَلِيقُ بِمُسْلِمِ
إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإنْ أَقْرَضْتَهُ
كَانَ الوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكِ فَاعْلَمِ
لاَ تَحْمِلَّنَ لِمَنْ يَمُنّ
مِنَ الأَنَامِ عَلَيْكَ مِنَّه
وَاخْتَر لِنَفْسِكَ حَظَّهَا
وَاصْبِرْ فَإِنَّ الصَبْرَ جُنَّه
مِنَنُ الرِّجَالِ عَلَى القُلُوبِ(388/1)
أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ الأَسِنَّه
إكرام النفس
قَنَعْتُ بِالقُوتِ مِنْ زَمَانِي
وَصُنْتُ نَفْسِي عَنِ الهَوَانِ
خَوفاً مِنَ النَّاسِ أَنْ يَقُولُوا
فَضْلُ فُلانِ عَلَى فُلانِ
مَنْ كُنْتُ عَنْ مَالِهِ غَنِيّاً
فَلاَ أُبَالِي إِذَا جَفَانِي
وَمَنْ رآنِي بِعَينِ نَقْصٍ
رَأَيْتُهُ بِاللتِي رَآنِي
وَمَنْ رَآنِي بِعَينِ تَمٍّ
رَأَيْتُهُ كَامِلَ المَعَانِي
خبرا عني المنجم أني ******* كافر بالذي قضته الكواكب
عالما أن ما يكون وما كان ***** قضاء من لمهيمن واجب
إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى وحظك موفور وعرضك صين
فلا ينطلق منك اللسان بسوءة فكلك سوءات و للناس ألسن
و عينك إن أبدت إليك معايبا فصنها وقل ياعين للناس أعين
و عاشر بمعروف و سامح من اعتدى ودافع و لكن بالتي هي أحسن(388/2)
جادك الغيث
لـ: لسان الدين بن الخطيب
جادك الغيث إذا الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندلسِ
لم يكن وصلك إلا حلما
في الكرى أو خلسة المختلس
*****
في ليالٍ كتمت سرّ الهوى
بالدجى لولا شموس الغرر
مال نجم الكأس فيه وهوى
مستقيم السير سعد الأثر
وطرٌ ما فيه من عيب سوى
أنه مرّ كلمح البصر
حين لذّ الأنس شيئا أو كما
هجم الصبح هجوم الحرس
غارت الشهب بنا أو ربما
أثّرت فينا عيون النرجس
*****
يا أهيل الحي من وادي الغضى
وبقلبي مسكن أنتم به
ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا
لا أبالي شرقه من غربه
فأعيدوا عهد أنس قد مضى
تعتقوا عبدكم من كربه
واتقوا الله وأحيوا مغرما
يتلاشى نفَساً في نفَس
حبَس القلب عليكم كرماً
أفترضون عفاء الحبس
*****
وبقلبي منكم مقترب
بأحاديث المنى وهو بعيدْ
قمرٌ أطلع منه المغربُ
شقوة المغرى به وهو سعيدْ
قد تساوى محسنٌ أم مذنبٌ
في هواه بين وعد ووعيدْ
ساحر المقلة معسول اللمى
جال في النفْس مجال النفَس
سدّد السهم فأصمى إذ رمى
بفؤادي نبلة المفترس
*****
إن يكن جار وخلب الأمل
ففؤاد الصبّ بالشوق يذوبْ
فهو للنفس حبيب أول
ليس في الحب لمحبوب ذنوبْ
أمره معتمل ممتثلٌ
في ضلوع قد براها وقلوبْ
حكم اللحظ بها فاحتكما
لم يراقب في ضعاف الأنفس
ينصف المظلوم ممن ظلما
ومجازي البِرِّ منها والمسي
*****
ما لقلبي كلما هبّت صبا
عاده عيد من الشوق جديدْ
جلب الهم له والوصبا
فهو للأشجان في جهدٍ جهيدْ
كان في اللوح له مكتتبا
قوله إن عذابي لشديدْ
لاعجٌ في أضلعي قد أضرما
فهي نار في هشيم اليبسِ
لم يدع في مهجتي إلا الدما
كبقاء الصبح بعد الغلس
*****
جادك الغيث إذا الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلا حلما
في الكرى أو خلسة المختلس(389/1)
جرحٌ على جرحٍ حَنانَكِ جِلَّقُ
رقم القصيدة : 9613 ... نوع القصيدة : فصحى ... ملف صوتي: لا يوجد
جرحٌ على جرحٍ! حَنانَكِ جِلَّقُ ... حمِّلتِ ما يوهي الجبالَ ويزهقُ
صبراً لباة الشرقِ ؛ كلُّ مصيبة ٍ ... تبْلَى على الصبر الجميلِ وتخلق
أنسيتِ نارَ الباطشينَ ، وهزّة ً ... عرتِ الزمانَ ، كأن روما تحرقُ
رعناءَ أرسلها ودسّ شواظها ... في حجرة ِ التاريخِ أرعنُ أحمقُ
فمشتْ تحطِّمُ باليمينِ ذخيرة ً ... وتَلُصُّ أُخرى بالشمال وتَسْرِق؟
جُنَّتْ، فضعضعها، وراضَ جِمَاحَها ... من نشئكَ الحمسُ الجنونُ المطبقُ
لقيَ الحديدُ حميَّة ً أمويَّة ً ... لا تكتسي صدأً ، ولا هي تطرقُ
يا واضعَ الدّستورِ أَمسِ كخُلْقِه ... ما فيه من عِوَجٍ، ولا هُو ضيِّق
نظمٌ من الشورى ، وحكمٌ راشدٌ ... أدبُ الحضارة ِ فيهما والمنطقُ
لا تَخْشَ ممّا ألحقوا بكتابه ... يَبقَى الكتابُ وليس يبقَى المُلْحق
مَيْتَ الجلالِ، من القوافي زَفْرة ٌ ... تجري، ومنها عبْرَة ٌ تترقرق
ولقد بعثتهما إليكَ قصيدة ً ... أَفأَنتَ مُنتَظِرٌ كعهْدكَ شَيِّق؟
أَبكي ليالِينَا القِصار وصحبة ً ... أخذتْ مخيلتها تجيشُ وتبرقُ
لا أَذكرُ الدنيا إليك؛ فربّما ... كره الحديثَ عن الأجاجِ المغرقُ
طبعتْ من السمّ الحياة ، طعامها ... وشرابُها، وهواؤها المتنشَّق
والناسُ بين بطيئها وذعافها ... لا يعلمون بأيِّ سمِّيها سقوا
أما الوليُّ فقد شقاكَ بسمِّه ... ما ليس يَسقيك العدوُّ الأَزرق
طلبوك والأَجلُ الوَشِيكُ يَحُثُّهم ... ولكلِّ نفسٍ مُدَّة ٌ لا تُسبَق
لمّا أعان الموتُ كيدَ حبالهم ... علقتْ ، وأسبابُ المنية ِ تعلقُ
طَرَقَتْ مِهادَك حَية ٌ بَشَرية ٌ ... كفرتْ بما تنتابُ منه وتطرُق
يا فوز ، تلك دمشقُ خلفَ سوادها ... ترمي مكانكَ بالعيون وترمقُ
ذكرتْ لياليَ بدرها ، فتلفَّتتْ ... فعساك تَطلُع، أو لعلَّك تُشْرِق
برَدَى وراءَ ضِفافِه مُستعبِرٌ ... والحورُ محلولُ الضفائر مطرقُ
والطيرُ في جَنَباتِ دُمَّرَ نُوَّحٌ ... يجدُ الهومَ خليُّهن ويأرقُ(390/1)
ويقول كلُّ محدِّثً لسميره ... أبذاتِ طوقٍ بعدَ ذلك يوثق ؟
عشقتْ تهاويلَ الجمالِ ، ولم تجدْ ... في العبقرية ما يحبُّ ويعشقُ
فمشتْ كأنَّ بنانها يدُ مدمنٍ ... وكأَن ظلَّ السمِّ فيها زِئْبَق
ولو أنّ مقدوراً يردُّ لردِّها ... بحياته الوطنُ المَرُوعُ المُشْفِق
أَشقى القضاءُ الأَرض، بعدَك أُسرة ... لولا القضاء من السماءِ لما شَقوا
قَسَتِ القلوبُ عليهمُ وتحجَّرَتْ ... فانظر فؤادَك، هل يلينُ ويَرفُق؟
إن الذين نزلْتَ في أَكنافهم ... صَفحوا، فما منهم مَغِيظٌ مُحْنَق
سَخِروا من الدنيا كما سَخِرَتْ بهم ... وانبَتَّ من أَسبابها المُتَعَلَّق
يا مأتماً من عبدِ شمسً مثله ... للشمس يصنعُ في الممات وينشق
إن ضاق ظهرُ الأرضِ عنك فبطنها ... عمّا وراءَكَ من رُفاتٍ أَضْيق
لما جَمَعْتَ الشامَ من أَطرافِه ... وافى يعزِّي الشامَ فيك المشرقُ
يبكي لواءً من شبابِ أميّة ٍ ... يَحمي حِمَى الحق المبينِ ويخفق
لمستْ نواصيها الحصونُ ترومه
ركنُ الزعامة ِ حين تطلب رأيه ... فَيَرَى ، وتسْأَلُه الخطابَ فينْطِق
ويكاد من سحرِ البلاغة ِ تحتَه ... عودُ المنابرِ يستخف فيورق
فيحاءُ، أَين على جِنانِك وردة ٌ ... كانت بها الدنيا ترفُّ وتعبقُ ؟
علويّة تجد المسامع طيها ... وتُحِسُّ ريَّاها العقولُ وتَنشَق
وأرائكُ الزّهر الغصون ، وعرشها ... يدُ أمة ٍ وجبينها والمفرق
منْ مبلغٌ عني شبولة جلَّق ... قولاً يَبرُّ على الزمان ويصْدُق؟
بالله جلَّ جلالُه، بمحمدٍ ... بيسوعَ ، بالغزِّيِّ لا تتفرقوا
قد تُفْسِدُ المرْعَى على أخواتها ... شاة ٌ تندُّ من القطيعِ وتمرقُ(390/2)
جوهرة الإسلام
د/ عبدالله قادري الأهدل
( 1 )
الْمُقَدِّمَةُ
قَالَ الْفَقِيرُ قَادِرِي ““““““““ رَاجِي الإِلَهِ الْغَافِرِ
الْحَمْدُ لِلرَّحْمانِ ““““““““ ذِي الْجُودِ وَالإِحْسَانِ
مَنْ عَلَّمَ الإِنْسَانَا ““““““““““ النُّطْقَ والْبَيَانَا
وَحَضَّهُ أَنْ يَعْلَمَا ““““““““ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ عَلِمَا
وَأَنْ يَكُونَ صَالِحَا ““““““““ وَلِلْفَسَادِ مُصْلِحَا
ثُمَّ صَلاَةُ اللَّهِ ““““““““““ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ
وَآلِهِ الْكِرَامِ “““““““““ عَلَى مَدَى الأَيَّامِ
وَبَعْدُ فَالأَطْفَالُ “““““““““ هُمُ غَداً رِجَالُ
مِنْهُمْ يَكُونُ الْقَادَهْ ““““““““ وَالْحُكَمَا وَالسَّادَهْ
فَلْنُحْسِنِ الإِعْدَادا ““““““““““ لِيُحْرِزُوا السَّدَادَا
وَيَنْصُرُوا الإِيْمَانَا ““““““““““ وَيَعْمُرُوا الْبُلْدَانَا
وَمِثْلُ نَقْشِ الْحَجَر “““““““““ تَعْلِيمُهُمْ فِي الصِّغَرِ
فَلْنُعْطِهِمْ مَا يَسْهُلُ “““““““““““ حَتَّى إِلَيْهِ يُقْبِلُوا
وَالنَّظْمُ فِي الطُّفُولَةِ “““““““““لاِشَكَّ ذُو سُهُولَةِ
لأَنَّهُ لَطِيفُ ““““““““ وَلَفْظُهُ خَفِيفُ
وَهَذِهِ أُنْشُودَهْ “““““““““ ظَرِيفَةٌ مُفِيدَهْ
تَضَمَّنَتْ مَا نَعْتَقِدْ ““““““““ نَحْوَ الإِلَهِ الْمُنْفَرِدْ
وَنَحْوَ مَنْ قَدْ أَرْسَلَهْ “““““““““““““ مُعَزّراً وَفَضَّلَهْ
وَأَدَباً وَخُلُقا “““““““ وَذِكْرَ شَرٍّ يُتَّقَى
وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ ““““““““ أَسْأَلُهُ أَنْ تَكْمُلاَ
وَهْيَ إِلَى شَبَابِنَا “““““““““ تَحْمِلُ هَدْيَ رَبِّنَا
وَأَنْ يَكُونَ النَّاظِمْ “““““““““ أَرَادَ وَجْهَ الْعَالِمْ
فَالْجِدَّ يَاأشْبَالُ ““““““““““ لاَيَغْشَكُمْ إِهْمَالُ
فَهَذِهِ الْهِدَايَةُ “““““““““ لِسَيْرِكُمْ بِدَايَةُ
( 2 )
توحيد الربوبية الرُبُوبِيَّةُ
اللَّهُ رَبِّي خَالِقِي “““““““ وَمَالِكِي وَرَازِقِي(391/1)
وَخَالِقُ السَّمَاءِ ““““““““ وَالأَرْضِ والْهَوَاء
وَخَالِقُ الشَّمْسِ الَّتِي “““““““““““ تُضِيءُ للْخَلِيقَةِ
مُنْعِشَةً حَيَاتَنَا “““““““ وَكُلَّ شَيْءٍ حَوْلَنَا
وَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ “““““““ يُضِيءُ فِي الدَّيْجُورِ
وَالنَّجْمِ يَهْدِي الْحَائِرَا ““““““““““““ لاَ سِيَمَا الْمُسَافرَا
وَخَالِقُ الأَشْجَارِ ““““““““““ وَالِدَةِ الثِّمَارِ
كَالنَّخْلِ وَالزَّيْتُونِ ““““““““““ وَعِنَبٍ والتِّينِ
وَكُلِّ شَيْءٍ طَيِّبِ ““““““““““ مِن مَّأْْكَلٍ وَمَشْرَبِ
وَمَلْبَسٍ وَمَسْكَنِ ““““““““““ وَمَرْكَبٍ مُزَيَّنِ
وَخَالِقُ الْبِحَارِ “““““““““ وَالْوَحْشِ وَالْقِفَارِ
وَخَالِقُ الأَطْوَادِ “““““““““ لِلأَرْض كَالأَوْتَادِ
وَكُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهْ ““““““““““ أَحْسَنَهُ وَنَسَّقَهْ
فَهْوَ الإِلَهُ الْوَاحِدُ “““““““““ وَمَا سِوَاهُ الْعَابِدُ
( 3 )
““““““““ مُنَاظَرَةٌ مَعَ مُلْحِدٍ ““““““““
وَقُلْ لِذِي الْجُحُود ““““““““““ وَمُنْكِرِ الْوُجُودِ
حَدِّقْ بِعَيْنِ الْحِكْمَةِ ““““““““““ فِيمَا تَرَى مِنْ ذَرَّةِ
أَنَفْسَهَا قَدْ أَوْجَدَتْ ““““““““““أَمْ دُونَ شَيْءٍ وُجِدَتْ
أَمَ اْنَّهَا مَخْلُوقَهْ ““““““““ لِبَارِئِ الْخَلِيقَهْ
فَإِنْ أَقَرَّ وَاعْتَرَفْ ““““““““““ فَذَاكَ فَضْلٌ وَشَرَفْ
وَإنْ أَبَى فَلْيُخْبَرَا ““““““““““ بِزَوْرَقٍ قَدْ سَافَرَا
مِنْ بَصْرَةٍ لِعَدَنِ ““““““““““““ ثُمَّ غَدَا لِلَنْدَنِ
وَيَنْقُلُ الْبَضَائِعَا “““““““““ مُنَزِّلاً وَرَافِعَا
وَمَا لَهُُ مِنْ صَانِعْ “““““““““ أَوْ قَائِدٍ أَوْ دَافِعْ
وَعِنْدَ ذَا سَيُظْهِرُ ““““““““““ تَعَجُّباً وَيُنْكِرُ
فَقُلْ لَهُ يَا صَاحِبِي “““““““““ انْظُرْ إِلَى الْعَجَائِبِ
فِي الأَرْضِ والسَّمَاءِ ““““““““““““ وَسَائِرِ الأَشْيَاءِ
أَسَائِغٌ أَنْ تُوجَدَا ““““““““ بِدُونِ رَبٍّ أَوْجَدَا(391/2)
وَلاَ يَسُوغُ ذَاكَا ““““““““““ فِي مَرْكَبٍ ؟ كَفَاكَا
بَلْ أخبر الْمُرْتَابَا “““““““““““ أَنَّ هُنَا كِتَابَا
أَوْرَاقُهُ جَمِيلَهْ ““““““““““““ لَمَّاعَةٌ صَقِيلَهْ
مُبَوَّبٌ مُفَصَّلُ ““““““““ مُنَظَّمٌ مُكَمَّل
أُسْلُوبُهُ جَذّابُ “““““““““““““ أَلْفَاظُهُ عِذَابُ
قَدْ دَقَّ فِي مَغْزَاهُ ““““““““““ وَجَلَّ فِي مَعْنَاهُ
غِلاَفُهُ مُذَهَّبُ ““““““““““ وَغَيْرُ ذَاكَ أعْجَبُ
لَيْسَ لَهُ مُؤَلِّفُ ““““““““““ أَصْلاً وَلاَ مُغَلِّفُ
بَلْ صُدْفَةً قَدْ وُجِدَا ““““““““““ فَصَاحَ مَنْ قَدْ أَلْحَدَا
أَمْسِكْ عَنِ التَّخْرِيفِ “““““““““““ وَزَائِفِ التَّحْرِيف
فَقُلْ عَجِيبٌ أَمْرُكَا ““““““““““ أَبْكَى كَمَا قَدْ أَضْحَكَا
تُنْكِرُ يَا مُرْتَاب ““““““““““““ أَنْ يُوجَدَ الْكِتَابُ
عَنْ صُدْفَةٍ وَلاَ تَرَى “““““““““““ لِلْكَوْنِ رَبّاً قَدْ بَرَى؟
وَقُلْ لَهُ أَلاَ تَرَى “““““““““ قَصْراً لَنَا قَدْ ظَهَرا
فِي غَايَةِ الإِتْقَانِ ““““““““““ بِدُونِ أَيِّ بَانِ
إِذَ أَتَى الْمَسَاءُ “““““““““ بَدَتْ بِهِ أَضْوَاءُ
فِي غَايَةِ التَّنْسِيقِ ““““““““““ وَالنُّورِ والْبَرِيقِ
وَكُلَّ صُبْحٍ تَنْطَفِي “““““““““ بِنَفْسِهَا وَتَخْتَفِي
تَعَجَّب الْمَفْتُونُ “““““““““ وَقَالَ يَا مَجْنُونُ
إِنَّ الَّذِي تَقُولُ ““““““““ تُحِيلُهُ الْعُقُولُ
فَقُلْ لَهُ يَا رَجُلُ ““““““““ أَمِثْلُ ذَا لاَ يُعْقَلُ
وَالشَّمْسُ حِينَ تُشْرِقُ “““““““““ بِدُونِ رَبٍّ يَخْلُقُ
وَأَنْجُمٌ وَالْقَمَرُ “““““““ وَيَابِسٌ وَالأَبْحُرُ
عَقْلُكَ مَا أَحَالاَ “““““““ وُجودَها ارْتِجَالاَ؟
قَالَ الْيَقِينُ يَفْتَقِرْ “““““““““ لِرُؤْيَةٍ كَيْ يَسْتَقِرْ
فَهَلْ رَأَيْتُمْ رَبَّكُمْ “““““““ حَتَّى رَسَا يَقينُكُمْ ؟
قُلْتُ أَجِبْ مُلْتَزِمَا ““““““““““ عَلَى سُؤَالٍ رُسِمَا(391/3)
أَكُلُّ مَا لاَ تُبْصِرُهْ ------- تَجحَدُهُ وَتُنْكِرُه ؟
قَالَ نَعَمْ وَالْعَقْلَ لاَ ““““““““ يَرَى سِوَى ذَا بَدَلاَ
قُلْتُ لَهُ لَوْ كَانَ مَا “““““““““““ تَقُولُهُ مُسَلَّمَا
لَكُنْتَ غَيْرَ عَاقِلِ “““““““““ وَغَيْرَ حَيٍّ فَاعِلِ
فَمَا رَأيْنَا بِالْبَصَرْ “““““““““ رُوحاً وَلاَ عَقْلاً ظَهَرْ
فَقَالَ أنْتَ ذُو جَدَلْ “““““““““ يَغْلِبُ كُلَّ مَنْ عَقَلْ
وَالآنَ إِنِّي مُؤْمِنُ ““““““““““ وَرَبِّيَ الْمُهَيْمِنُ
وَكُلَّ شَيءٍ خَلَقَهْ “““““““““ لَكِنْ هُوَ مَن خَلَقَهْ ؟
قُلْتُ الإِلهُ خَلَقَا ““““““““““ وَمَا سِوَاهُ خُلِقَا
فَهَلْ هُنَاكَ بَاقِ “““““““ يُوصَفُ بِالْخَلاَّق ؟
كَلاَّ فَإِنَّ الْعَدَمَا “““““““ هُوَ الَّذِي سِوَاهُمَا
هُنَا أَقَرَّ الْمُلْحِدُ “““““““““ وَقَالَ رَبِّي أَعْبُدُ
(4)
توحيد الألوهية
فَلَيْسَ لِي مَنْ أَعْبُدُ ““““““““““ إِلاَّ الإلَهُ الصَّمَدُ
أَخُصُّ بِالصَّلاَةِ “““““““““ وَالصَّوْمِ والزَّكَاةِ
وَالْحَجِّ بَلْ حَيَاتِي ““““““““““ لَهُ مَعَ الْمَمَاتِ
أَدعُوهُ فِي اضْطِرَارِي ““““““““““““ وَحَالَةِ اخْتِيَارِي
وَلَسْتُ قَطُّ أَنْحَرُ “““““““““““ لِغَيْرِهِ أَوْ أَنْذُرُ
إِيَّاهُ أَسْتَعِينُ ““““““““ لأَنَّهُ الْمُعِينُ
وَمَنْ سِوَاهُ عَبَدَا “““““““““ فَكَافِرٌ تَمَرَّدَا
كَمِثْلِ عُبَّادِ الْبَقَر “““““““““ أَوِ الْقُبُورِ وَالْبَشَرْ
وَمَنْ يَرَى الْحُكْمَ بِمَا “““““““““ لَمْ يَرْضَهُ رَبُّ السَّمَا
( 5 )
أَرْكَانُ الإِسْلاَمِ
وَأَوَّل الأَرْكَانِ ““““““““ هُمَا الشَّهَادَتَان
وَتَتْبَعُ الصَّلاَةُ “““““““““وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ
والْحَجُّ لِلْمُقْتَدِر ““““““““ كَمَا أَتَتْ فِي الْخَبَرِ
أَرْكَانُ الإِيمَانِ
إِيمَانُنَا تَحَقَّقا “““““بَعْدَ الَّذِي قَدْ سَبَقَا ( 1 )(1)
__________
(1) -وهو الإيمان بالله كما مضى في الفصول السابقة .(391/4)
بِأَنْبِيَاءِ رَبِّنَا “““““““““ وَكُتْبِهِ فَالْحَقْ بِنَا
كَذَاكَ بِالْمَلاَئِكَهْ “““““““““ وَهْيَ الْكِرَامُ النَّاسِكَهْ
وَبالْمَعَادِ وَالْقَدَرْ “““““““““ كَذَاكَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرْ
““““““““““““““““““
( 1 ) وهو الإيمان بالله كما مضى في الفصول السابقة .
( 6 )
تربية الأولاد
““““““ الْقَدَر والأَسْبَابُ ““““““
أُبَاشِرُ الأَسْبَابَا “““““““““ فَأَقْرَأُ الْكِتَابَا
حَتَّى أَكُونَ عَالِمَا “““““““““““ وَأُحْرِزَ الْمَكَارِمَا
وَآخذُ الدَّوَاءَ ““““““““ لِيُذْهِبَ الْوباءَ
وَأحْمِلُ السِّلاَحَا “““““““““““ لأُتْقِنَ الْكِفَاحَا
وَأقصِد الأَسْوَاقَا ““““““““““ لأَكْسِبَ الأَرْزَاقَا
فَإِنْ وَجَدْتُ بُغْيَتِي ““““““““““ شَكَرْتُ رَبَّ نِعْمَتِي
وَإن غَدَوْتُ مُخْفِقَا ““““““““““ صَبَرْتُ صَبْراً صَادِقَا
مُسَلِّماً لِلْقَدَرِ “““““““ مِنْ غَيْرِ مَ تَضَجُّرِ
لأَنَّ مَا قَدْ قُدِّرَا ““““““““““ لَسْتُ لَهُ مُغَيِّرَا
لَكِنَّ ذَاكَ لاَ يَصُدْ ““““““““ عَنْ عَمَلِ السَّاعِي الْمُجِدْ
بَلْ إنَّهُ لَيَدْفَعُ ““““““““““ دَفْعاً إِلَى مَا يَنْفَعُ
وَفِي النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ “““““““““ وَالصَّحْبِ خَيْرُ مَثَلِ
وَالْقَدَريْ والْجَبْرِيْ ““““““““““ قَدْ أَخْطَآ فَاسْتَقْر
شِفَاءَ أَهْلِ السَّقَمِ ““““““““““ مُؤَلَّفِ ابْنِ الْقَيِّمِ ( 1 )
( 1 ) كتاب جليل في القضاء والقدر والتعليل ، فيه بحوث عميقة ، ودحض كثير من الشبه ، وإيضاح لكثير من حكم هذا الباب ، قلما توجد في سواه من كتب المحققين . واسمه ( شفاء العليل في القضاء والقدر والتعليل )
( 7 )
صِفَاتُ اللَّهِ
وَبِصِفَاتِ رَبِّيَا ““““““““ أُومِنُ يَا إِخْوانِيَا
أُثْبِتُهَا مُنَزِّهَا “““““““ أَلُومُ مَنْ قَدْ شَبَّهَا
فَهْوَ سَمِيعٌ وَبَصِيرْ ““““““““““ وَهْوََ رَحِيمٌ وَقَدِيرْ
وَأوَّلٌ وَآخِرُ ““““““““ وَبَاطِنٌ وظاهر(391/5)
وَعَالِمٌ بِمَا ظَهَرْ “““““““““ وَمَا عَنِ الْخَلْقِ اسْتَتَرْ
وَهْوَ عَلِيٌّ وَقَرِِيبْ ““““““““““ وَلَيْسَ هَذَا بِغَرِيبْ
لأنَّ وَصْفَ رَبِّنَا ““““““““““ لَيْسَ كَمِثْل وَصْفِنَا
وَالْقَولُ فِي صِفَاتِهْ “““““““““““ كَقَوْلِنَا فِي ذَاتِهْ
وَهْوَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ““““““““““““ فَلاَ تُطِعْ مَنْ قَدْ غَوَى
وَكُلُّ وَصْفٍ صَحَّ بِهْ “““““““““““ نَصٌّ فَقُلْ آمَنْتُ بِهْ
( 8 )
محبة الله تعالى
وَخَالِصُ الْمَحَبَّةِ “““““““““ حَتْمٌ عَلَيْنَا إِخْوَتِي
لِرَبِّنَا الَّذِي لَهُ ““““““““““ مَا لاَ نُطِيقُ عَدَّهُ
مِنْ نِعَمٍ مَوْصولَةِ ““““““““ وَنِقَمٍ مَدْفُوعةِ
صَحيحَةٌ أَبْدَانُنَا “““““““ سَلِيمةٌ عُقُولُنَا
نَسْمَعُ بِالآذَانِ ““““““““““ وَتَبْطِشُ الْيَدَانِ
أَرْجُلُنَا نَمْشِي بِهَا ““““““““““ وَإنْ نُرِدْ نَسْعَى بِهَا
وَأَكْبَرُ الإنْعَامِ ““““““““““ هِدَايَةُ الإِسْلاَم
إِذَا عَرَفْتُمْ نِعْمَتَهْ ““““““““““ فَحقِّقُوا مَحَبَّتَهْ
وَعَظِّمُوهُ تَظْفَرُوا “““““““““ خَابَ الَّذِينَ كَفَرُوا
( 9 )
مَحَبَّةُ الرَّ سُولِ صلى الله عليه وسلم
وَحُبُّنَا لِلْمُصْطَفَى “““““““““““ بِهِ الإلَهُ كَلَّفَا
وَكُلُّنَا نُحِبُّهُ “““““““““ كَمَا يُرِيدُ رَبُّهُ
أَحَبُّ مِنْ أَرْوَاحِنَا “““““““““““ أَعَزُّ مِنْ آبَائِنَا
فَهْوَ الَّذِي بلَّغَنَا “““““““““““ عَمَّنْ بِهِ أَنْقَذَنَا
قُولُوا جَمِيعاً إِنَّنَا “““““““““ نُحِبُّهُ مِنْ قَلْبِنَا
دَلِيلُ الْمَحَبَّةِ
وَالًصِّدْقُ فِي الْمَحَبَّةِ ““““““““““ مُشْتَرَطٌ يَا إخْوَتِي
فَمَا الدَّلِيلُ أَنَّنَا ““““““““““ نُحِبُّه جَمِيعُنَا؟
دَلِيلُهُ أَنْ نَتَّبِعْ “““““““““ سُنَّتَهُ لاَ نَبْتَدِعْ
بِأَمْرِهِ نَأْتَمِرُ “““““““ عَنْ نَهْيِهِ نَنْزَجِرُ
وَزَاعِمٌ مَحَبَّتَهْ ““““““ وَقَدْ عَصَى شَرِيعَتَهْ(391/6)
مُكَذَّبٌ فِيمَا ادَّعَى “““““““ لَدَى جَمِيعِ مَنْ وَعَى
يَا أَصْدِقَائِي الشُّرَفَا ““““““““““ صَلُّوا عَلَى ذَا الْمُصْطَفَى
أَسْئِلَةُ الْقَبْرِ
يَا سَائِلِي عَنْ رَبِّيَا ““““““““““ اللَّهُ أَيْ خَالِقِيَا
وَقُلْتَ مَنْ نَبِيُّنَا “““““““““ مُحَمَّدٌ رَسُولُنَا
وَدِينِيَ الإِسْلاَمُ “““““““““““ صَارَ بِهِ الْخِتَامُ
وَمَنْ بِذَا يُجِيبُ “““““““““““ فِي الْقَبْرِ لاَ يَخِيبُ
وَمَنْ يَكُنْ تَلَعْثَمَا ““““““““““ عَذَابُهُ قَدْ عُلِمَا
الْكِتَابُ الثَّانِي
فِي
الْعِبَادَاتِ
( 10)
1-الطَّهَارَةِ
مَا أَحْسَنَ الطَّهَارهْ “““““““““““ تُورِثُنَا النَّضَارَهْ
وَهْيَ عَلَى قِسْمَيْنِ “““““““““““ فِي شَرْعِنَا الْمَتِينِ
طَهَارَةُ الْقُلُوبِ “““““““““ مِنْ دَرَنِ الذُّنُوبِ
وَمَلْؤُهَا إِيمَانَا “““““““ لِنَعْبُدَ الرَّحْمَانَا
وَبَعْدَ هَذَا الْقِسْمِ ““““““““““ تَطْهِيرُنَا لِلْجِسْمِ
وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ ““““““““““ وَذَا بِفَصْلٍ ثَانِ
( 11 )
2-الْمَاءُ وَأَقْسَامُهُ
وَالْمَاءُ حَيْثُ أُطْلِقَا “““““““““““ فَهْوَ طَهُورٌ مُطْلَقَا
وَإِنْ يَكُنْ تَغَيَّرَا ““““““““““ بِنَجَسٍ فَلْيُحْظَرَا
3-آداب قَضَاْءُ الْحَاجَةِ
وَهَذِهِ آدَابُنَا ““““““ عِنْدَ قَضَا حَاجَتِنَا
فَإِنْ تُرِدْ بَيْتَ الْخَلاَ ““““““““““ فَسُنَّ أَنْ تُبَسْمِلاَ
وَمَا بِهِ قَدْ كُتِبَا ““““““““““ اِسْمُ الإِلَهِ جَنِّبَا
مَا لَمْ تَكُنْ مُضْطَرَّا “““““““““““ فَقَدْ وُقِيتَ الْحَظْرَا
وَابْدأ بِيُسْرَاكَ إِذَا “““““““““ دَخَلْتَ وَاخْرُجَ عَكْسَ ذا
وَاحْمَدْهُ حَيْثُ يَسَّرَا ““““““““““ فَصْلَ الأَذى واسْتَغْفِرَا
وَابْتَعِدَنْ مُسْتَتِرَا “““““““““““““ وَلاَ تَؤُمَّ مُثْمِرَا
وَلاَ طَرِيقاً أَوْ ظِلاَل ““““““““““ فَكُلُّ ذَاكَ ذُو انْحِظَالْ(391/7)
ثُمَّ الْمَكَانَ طَهِّر ““““““““““ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْحَجَرِ
أَوْ أَيِّ شَيْءٍ طَهَّرَا “““““““““ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حُظِرَا
مُثَلِّثاً مُمْتَثِلاَ “““““““ نَصّاً صَحِيحاً نُقِلاَ
وَاسْتَعْمِلَنْ يُسْرَاكَا “““““““““““ مُنَزِّهاً يُمْنَاكَا
وَقِبْلَةً قَدْ حُظِلاَ ““““““““ عَلَيْكَ أَنْ تَسْتَقْبِلاَ
كَذَاكَ الاِستِدْبَارُ““““““““““ عَنْهُ نَهَى الْمُخْتَارُ
وَالْخُلْفُ فِي ذَا الْبَابِ ““““““““““““ قَدْ بَانَ ذَا انْشِعَابِ
( 12 )
تابع للطهارة
4-صِفَةُ الْوُضُوءِ
بِاسْمِ الإِلَهِ فَابْدَأَ ““““““““““ إِذْ تَقْصِدِ التَّوَضُّأَ
ثُمَّ ثَلاَثاً فَاغْسِلِ “““““““ كَفَّيْكَ لِلنَّصِّ الْجَلِي
وَمَضْمِضَنْ وَاسْتَنْشِقِ ““““““““““““ وَاسْتَنْثِرَنَّ يَا تَقِي
وَالْوَجْهَ بَعْدَ ذَلِكَا ““““““““““““ ثَلاَثاً اْغْسِلْ دَالِكَا
ثُمَّ لِمِرْفَقَيْكَا “““““““““ فَلْتَغْسِلَنْ يَدَيكَا
وَرَأْسَكَ امْسَحْ مُفْرِدَا ““““““““““ مُسْتَوْعِباً نِلْتَ الْهُدَى
وَاغْسِلْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ “““““““““““ كُلاًّ مِنَ الرِّجْلَيْنِ
وَالسُّنَّةُ التَّثْلِيثُ فِي “““““““““ أَعْضَاءِ غُسْلٍ اْ قْتُفِي
وَالْفَرْضُ أَنْ تُعَمِّمَا “““““““““““““ بِمَرَّةٍ فَلْيُعْلَمَا
( 13 )
5-صِفَةُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ
وَإِنْ تُرِدْ أَنْ تَغْتَسِلْ “““““““““““ فَانْوِ وَعَمِّمْ تَمْتَثِلْ
وَأَزِلِ الأَذَى ولاَ “““““““““““ تُفَوِّتَنَّ الأَكْمَلاَ
تَوَضَّأَنْ مُسْتَكْمِلاَ ““““““““““ وَالرَّأسَ بَعْدُ فَاغْسِلاَ
وَلأُصُولِ الشَّعَرِ ““““““““““ رَوِّ لِنَصِّ الْخَبَرِ
وَسَائِرَ الْجِسْمِ اغْسِلِ “““““““““““““ مُثَلِّثاً كالأَوَّلِ
وَابْدأ بِشِقِّ الأَيْمَنِ ““““““““““ وَاعْنَ بِدَلْكِ الْبَدَنِ
وَبَعْدَ ذَاك انْتَقِلِ ““““““““““ وَقَدَمَيْكَ فَاغْسِل
( 14 )
الصَّلاَةُ
1-عَدَدُ رَكَعَات الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَةِ(391/8)
وَرَكَعَاتُ الظُّهْرِ “““““““““““ مِثْلُ الْعِشَا والْعَصْر
أَرْبَعٌ أْمَّا الْمَغْرِبُ “““““““““““ فَهْيَ ثَلاَثاً تُحْسَبُ
وَالْفَجْرُ رَكْعَتَانِ ““““““““““ فَاحْذَرْ مِنَ التَّوَانِي
( 15 )
2-صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدْ
يَا أَيُّهَا الصَّغِيرُ “““““““““ هَيَّا بِنَا نَسِيرُ
جَمِيعُنَا لِلْمَسْجِدِ “““““““““““ لِلْفَوْزِ بِالتَّعَبُّدَ
بَعْدَ الطُّهُورِ الْمُقْتَفَى ““““““““““““““ عَنِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى
أَمَا سَمِعْتُمُ النِّدَا “““““““““ يَدْعُو إِلَى خَيْرِ هُدَى
يَقُولُ فِي إِيضَاحِ “““““““““ (حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ )
هَيَّا الصَّلاَةَ السَّاعَهْ “““““““““ صَلُّوا مَعَ الْجَمَاعهْ
فَفَضْلُهَا عَظِيمُ ““““““““““““ وَنَفْعُهَا عَمِيمُ
نَحْنُ لَهَا نَشْتَاقُ ““““““““““““ وَتَرْكُهَا نِفَاقُ
بِهَا يَتِمُّ رَبْطُنَا “““““““““ يَا إخْوَتِي بِرَبِّنَا
تُمْحَى بِهَا الذُّنُوبُ “““““““““““ وَتُفْرَجُ الْكُرُوبُ
تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ “““““““““““ بِالْحُسْنِ فِي الأَدَاءِ
بِأَنْ تُؤَدَّى مِثْلَمَا ““““““““““ أَدَّى إِمَامُ الْعُلَمَا
وَلِصَلاَة الْفَجْرِ ““““““““““ نَنْهَضُ عِنْدَ الذِّكْرِ
وَإِنْ غُلِبْنَا نُوقَظُ “““““““““ مِنْ وَالِدٍ إِذْ يَنْهَضُ
وَرَبُّنَا الْمُوَفِّقُ “““““““““ لِصَادِقٍ إِذْ يَصْدُقُ
وَكُلُّنَا الصِّغَارُ ““““““““““ يُؤْسِفُنَا الْكِبَارُ
إِنْ تَرَكُوا الْمَسَاجِدَا “““““““““““ وَارْتَكَبُوا الْمَفَاسِدَا
لأَنَّهُمْ آبَاءُ ““““““““ فِيهِمْ لَنَا اقْتِدَاءُ
( 16 )
““““““““““تابع للعبادة”“““““““““
3- صِفَةُ الصَّلاَةِ
وَقِفْ مَعَ التَّذَلُّلِ “““““““““““ وَقِبْلَةً فَاسْتَقْبِلِ
وَكَبِّرَنَّ مُحْرِمَا ““““““““““ مُفْتَتِحاً مُعَظِّمَا
وَاسْتَعِذَنْ مُبَسْمِلاَ “““““““““““ سِرَّا وَجَهْراً نُقِلاَ(391/9)
وَبَعْدَ ذَاكَ رَتِّلِ ““““““““““ أُمَّ الْكِتَابِ الْمُنْزَلِ
فَسُورةً مِنَ السُّوَرْ “““““““““ أَوْ بَعْضَهَا حَسْبَ الْوطَرْ
فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَهْرَا “““““““““““““ إِنْ لَمْ يَكُنْ فَسِرَّا
وَيَكْتَفِي مَنْ يَقْتَدِي ““““““““““““ بِالأُمِّ فَافْهَمْ تَهْتَدِ
وَاهْوِ إِلَى رُكُوعِكَا ““““““““““““ مُسَوِّياً لِظَهْرِكَا
وَسَبِّحَنْ مُسْتَغْفِرَا “““““““““ وَاحْمَدْ وَعَظِّمْ مُكْثِرَا
ثُمَّ ارْفَعَنْ مُعْتَدِلاَ ““““““““““ مُسَمْعِلاً مُحَمْدِلاَ
وَبَعْدَ ذَاكَ فَاسْجِدِ “““““““““““ مُسَبِّحاً للصَّمَدِ
وَدَاعِياً مُنَاجِيَا ““““““““““ وَلِلْقَبُولِ رَجِيَا
ثُمَّ ارْفَعَنَّ وَاقْعُدَا “““““““““““ وَافْتَرِشَنْ مُتَّئِدَا
وَاسْتغفِرَنْ لِذَنْبِكَا “““““““““ مُسْتَرْحِماً إلَهَكَا
وَاسْجُدْ أَخِيراً مِثْلَمَا ““““““““““ سَجَدْتَ قَبْلُ فَافْهَمَا
ثُمَّ افْعَلَنْ فِي اللاَّحِقَهْ “““““““““““ مَا قَدْ مَضَى فِي السَّابِقَهْ
وَبَعْدَهَا فَلْتَقْعُدَا “““““““““ لِتَقْرَأَ التَّشَهُّدَا
وَبِالسَّلاَمِ فَاخْتَتِمْ ““““““““““ فَجْراً وَإِلاَّ فِلْتَقُمْ
لِمَا بَقِيْ مُسْتَكْمِلاَ ““““““““““ كَمَا مَضَى مُفَصَّلاَ
( 17 )
4-الزكاة
وَلِلزَّكَاة دَوْرُ ““““““““““ بِهَا يَقِلُّ الْفَقْرُ
وَقَدْ يُوَلِّي هَارِبَا “““““““““ وَيَخْتَفِي نِيرُ الرِّبَا
إِنْ أُدِّيَتْ بِدِقَّةِ “““““““““ كَمَا أَتَتْ فِي الشِّرْعَةِ
تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الثَّرَى ““““““““““ مَصْرُوفَةً لِلْفُقَرَا
وَلَيْسَ فِيهَا مِنَّةُ “““““““““ عَلَيْهِمُ أَوْ ذِلَّةُ
فَالْمَالُ مِلْكُ رَبِّنَا “““““““““ أَصْلاً وَلَيْسَ مِلْكَنَا
يَقْسِمُهُ تَعَالَى ““““““““ كَمَا يَشَا إِفْضَالاَ
بَلِ الْجِهَادَ تَدْعَمُ ““““““““““ وَهْوَ سَبِيلٌ أَقْوَمُ
وَابْنُ السَّبِيلِ الْمُعْدِمُ ““““““““““ لَهُ نَصِيبٌ مُحْكَمُ(391/10)
وَتَمْنَحُ الْحُرِّيَّهْ ““““““““ لِلْعَبْدِ فِي الْبَرِيَّهْ
وَتُبْدِلُ الْغَارِمَ مَا “““““““““ فِي غَيْرِ شَرٍّ غَرِمَا
وَمَنْ بِهَا يُؤَلَّفُ ““““““““““ لِلدِّينِ فِيهَا مَأْلَفُ
لِذَا تَرَى زَكَاتَنَا “““““““““ تُذْكَرُ مَعْ صَلاَتِنَا
جَاحِد أَيٍّ مِنْهُمَا “““““““““ فِي الشَّرْعِ لَيْسَ مُسْلِمَا
وَوَاجِبُ الْحُكُومَةِ “““““““““““ قَبْضُ زَكَاةِ الأُمَّةِ
وَصَرْفُهَا لأَهْلِهَا “““““““““““ وَقَهْرُ ذِي بُخْلٍ بِهَا
وَمَوْقِفُ الصِّدِّيقِ “““““““““““ فِي غَايَةِ التَّوْفِيقِ
وَتَرْكُ نَهْجِ دِينِنَا “““““““““““ أَنْزَلَ مَا حَلَّ بِنَا
إِذْ زَادَتِ الضَّرَائِبُ “““““““““ وَحَدثَتْ عَجَائِب
وَزَادَ حَجْمُ الْفُقَرَا ““““““““““““ وَفَقْرُهُمْ كَمَا تَرَى
وَكُلُّ ذَاكَ مِنْ أَثَرْ “““““““““““ إِبْعَادِ دِينِنَا الأَغَرْ
عَنْ سَيْرِهِ فِي دَرْبِه ““““““““““““ مُوَجِّهاً لِحِزْبِهِ
يا أَغْنِيَاء الأُمَّهْ “““““““““ تَفَهَّمُوا الْمُهِمَّهْ
وَأخْرِجُوا مَا وَجَبَا “““““““““““““ إِلَهُكُمْ تَقَرُّبَا
وَبَيِّنُوا يَا عُلَمَا “““““““““ خَابَ الَّذِي قَدْ كَتَمَا
الصَّوْمُ
بُشْرَاكُمُ يَا قَوْمِي “““““““““““ أَهَلَّ شَهْرُ الصَّوْمِ
شَهْرٌ بِهِ الْقُرْآنُ ““““““““““““ أَنْزَلَهُ الرَّحْمَانُ
نَهَارُهُ صِيَامُ “““““““““““ وَلَيْلُهُ قِيَامُ
تُزَفُّ فِيهِ لَيْلَةُ ““““““““““ عَظِيمَةٌ جَلِيلَةُ
تَفُوقُ أَلْفَ شَهْرِ “““““““““““ كَمَا أَتَى فِي الذِّكْرِ
وَتُفْتَحُ الْجِنَانُ ““““““““““ وَتُغْلَقُ النِّيرَانُ
إِنَّ الصِّيَامَ جُنَّهْ ““““““““““““ وَرَوْضَةٌ وَمِنَّهْ
وَمَعْهَدٌ للتَّرْبِيَهْ “““““““““““ وَسِمَةٌ للتَّضْحِيَهْ
تَظْهَرُ فِيهِ الطَّاعَةُ “““““““““““ وَالطُّهْرُ وَالنَّزَاهَةُ
لِلْفَوْزِ بِالْغُفْرَانِ “““““““““ وَطَلَبِ الْجِنَانِ(391/11)
نَشْعُرُ فِيهِ عِنْدَمَا ““““““““““ نُحِسُّ جُوعاً أَوْ ظَمَا
بِأَنَّ إخْوَاناً لَنَا ““““““““““ قَدْ حُرِمُوا مِنْ عَطْفِنَا
وَأَنَّنَا فِي مَا مَضَى ““““““““““ فِي غَفْلَةٍ لاَ تُرْتَضَى
وَتَصْمُتُ الأَلْسِنَةُ “““““““““““ عَمَّا الإِلَهُ يَمْقُتُ
مَشْغُولَةً بِذِكْرِهِ ““““““““““ رَاغِبَةً فِي أَجْرِهِ
وَالْحَقُّ أَنَّ صَوْمَنَا “““““““““““ فِيهِ غِذَاءُ رُوحِنَا
وَصِحَّةُ الأَجْسَامِ ““““““““““ تَكْمُنُ فِي الصِّيَامِ
فَهَلْ بَدَا لِقَوْمِي ““““““““““ حِكَمُ شَهْرِ الصَّومِ
وَحقَّقُوا لِرَبِّهِمْ “““““““““ تَقْوَاهُ فِي نُفُوسِهِم
نَعَمْ وَلَكِنْ قِلَّة “““““““““ وفي القليل قدوة
وَلِلعُصَاةِ الْفَجَرَهْ “““““““““““ لَظَاهُمُ الْمُسْتَعِرَهْ
وَبِزَكَاةِ الْفِطْرِ ““““““““““ يُعَفُّ أَهْلُ الْفَقْرِ
وَيَحْصُلُ الطُّهْرُ لَنَا “““““““““““ عِنْدَ خِتَامِ صَوْمِنَا
وَكُلُّنَا مُكْتَئِبُ ““““““““““ لِضَيْفِنَا إِذْ يَذْهَبُ
وَلِمُحِبِّي الطَّاعَةِ “““““““““““ صِيَامُ سِتٍّ حَانَتِ
بَلْ إِنَّ هَذَا الزَّمَنَا ““““““““““““ لِلْحَجِّ جَاءَ مُعْلِنَا
وَالآنَ يَا إِخْوَتَنَا “““““““““““ أَطَلَّ يَوْمُ عِيدِنَا
فَلْنَلْبَسِ الْجَدِيدَا ““““““““““ وَنُنْشِدِ النَّشِيدَا
وَلْيَأْتِ فِي الْمُقَدِّمَهْ “““““““““““ أَكْلُ لَذِيذِ الأَطْعِمَهْ
وَلْنَرْكَبِ الْخُيُولاَ “““““““““““ وَلْنَطْرُدِ الْخُمُولاَ
فَالْيَومُ يَوْمُ فَرَحِ “““““““““““ وَطَرَبٍ وَمَرَحِ
وَهَاهُنَا قَالَ الْكَبِيرْ “““““““““““““ عَبْدُ الْمُهَيْمِن الْخبِيرْ
لَكِنْ أَخُونَا الْحَسَنُ ““““““““““““““ يَبْدُو عَلَيْهِ الْحَزَنُ
قُومُوا إِلَيْهِ لِنَرَى “““““““““ إِنْ كَانَ خَطْبٌ قَد عَرَا
فَقَالَ عَبْدُ الْبَرِّ “““““““““ مُسْتَوْضِحاً للأمْرِ
مَالِي أَرَاكَ مُتْعَبَا “““““““““““ وَغَاضِباً مُكْتَئِبَا(391/12)
فِي يَوْمِ عِيدِ الْمُسْلِمِ ““““““““““““ وَلِمْ تَكُنْ بِالْمُعْدِم
فَقَالَ يَا إخْوَانِي “““““““““““ جَدَّدْتُمُ أَحْزَانِي
كَيْفَ يُسَرُّ الْمُسْلِمُ “““““““““““ بِالْعِيدِ وَهْوَ يَعْلَمُ
بِالْقَتْلِ وَالتَّشْرِيدِ ““““““““““ فِي يَوْمِ هَذَا الْعِيدِ
لِلإِخْوَةِ الأَطْهَارِ “““““““““““ مِنْ قِبَلِ الْكُفَّارِ
وَبَعْضُهُمْ مِنَ الظَّمَا ““““““““““ وَالْجُوعِ رُوحاً أَسْلَمَا
بَلْ كَيْفَ يَلْهُو الْمُسْلِمُ “““““““““““““ مَا دَامَ كُفْرٌ يَحْكُمُ
وَلَيْسَ لِلْقُرْآنِ “““““““““ هُنَاكَ مِنْ سُلْطَانِ
أَلَيْسَ عِيدُ الْفِطْرِ ““““““““““““ قَدْ جَاءَ بَعْدَ بَدْرِ
وَكَانَ فِيهَا النَّصْرُ “““““““““““““ لَنَا وَذَلَّ الْكُفْرُ؟
وَأَخَذَ الْمُكْتَئِبُ ““““““““““““ أَمَامَنَا يَنْتَحِبُ
وَكُلُّنَا قَدْ أَدْرَكَا “““““““““ السِّرَّ فِي هَذَا الْبُكَا
قَالَ الْحُسَيْنُ عَجَبُ ““““““““““““ لأَمْرِنَا أَنَطْرَبُ
وَالْمُسْلِمُونَ فِي حَزَنْ “““““““““““ لَقَدْ نَصَحْتَ يَا حَسَن
وَخَيَّمَ الْوُجُومُ “““““““““ وَعَمَّتِ الْهُمُومُ
وَذَابَتِ الأَفْرَاحُ “““““““““ وَرَسَتِ الأَتْرَاحُ
وَسَالَتِ الدُّمُوعُ “““““““““ وَانْتَحَبَ الْجَمِيعُ
فَقَامَ فِينَا الْحَسَنُ ““““““““““ يَنْصَحُنَا وَيُعْلِنُ
دَعُوا الْبُكَاءَ الْبَائِسَا“““““““““““ خَابَ الَّذِي بِهِ ائْتَسَى
قُلْنَا أَلَسْتَ الْبَادِيَا “““““““““““ قَالَ وَلَكِنْ حَادِيَا
إِلَى الْجِهَادِ الدَّائِمِ “““““““““““ وَالْحَفْزِ لِلْعَزَائِم
لِنَصرِ إِخْوَانٍ لَنَا “““““““““““““ أَذَلَّهُمْ أَعْدَاؤُنَا
فَعَاهِدُوا بِأَنَّكُمْ ““““““““ جُنْدٌ لِنَصْرِ دِينِكُمْ
بِالنَّفْسِ وَالأَمْوَالِ “““““““““““ وَكُلِّ أَمْرٍ غَالِ
قُلْنَا نَعَمْ نُعَاهِدُ “““““““““““ وَأَنْتَ فِينَا الْقَائِدُ(391/13)
فَسِرْ بِنَا فِي حَرَكَهْ ““““““““““ لِخَوْضِ أَيِّ مَعْرَكَهْ
وَلِمُصَلَّى الْعِيدِ “““““““““ سِرْنَا مَعَ التَّرْدِيدِ
لِلْحَمْدِ وَالتَّكْبِيرِ “““““““““““ لِرَبِّنَا الْقَدِيرِ
وَصَارَ كُلُّ هَمِّنَا “““““““““““ إِرْضَاؤُنَا لِرَبِّنَا
نَخُصُّهُ بِالرَّغَبِ “““““““““ وَخَشْيَةٍ وَالرَّهَبِ
هُنَا انْبَرَى مُحَمَّدُ ““““““““““ وَحَمْزَةٌ وَأَحْمَدُ
وَمَعَهُمْ أَسَامَةُ “““““““““ وَاتّفَقَ الأَرْبَعَةُ
أَنْ يَرْفَعُوا الإنْشَادَا “““““““““““ وَيَتْبَعُوا الْمِقْدَادَا
وَرَدَّدَ الإِخْوَانُ “““““““““ لَبَّيْكَ يَا رَحْمَانُ
حَيَّ عَلَى الْجِهَادِ ““““““““““““ لِكُلِّ بَاغٍ عَادِ
وَلْيَسْقُطِ الطُّغَاةُ “““““““““““ وَلْيَثْبُتِ الدُّعَاةُ
ولْيَعْلَمِ الْيَهُودُ ““““““““““ أَنَّا هُنَا جُنُودُ
نُحَطِّمُ السُّدُودَا “““““““““ وَنَطْرُدُ الْقُرُودَا
مِنْ اَرْضِنَا الْمُبارَكَهْ “““““““““““ إلَى الْبِحَارِ الْمُهْلِكَهْ
وَكُلُّ مَنْ وَالاَهُمُ “““““““““““ سَيَحْتَسِي كَأْسَهُمُ
وَنَصْرُنَا مُحَقَّقُ “““““““““ وَمَنْ سِوَانَا مُخْفِقُ (1)
““““““““““““““““““““““““““““““
-أجرى الناظم هذا الحوار على لسان أبنائه التسعة المذكورين.
الْحَجُّ : وأَسْرَارهُ
وَكَمْ مِنَ الأَسْرَارِ فِي “““““““““““ مَنَاسِكِ الْحَجِّ تَفِي
أَوَّلُهَا التَّلْبِيَةُ ““““““““““ بِهَا تُنَادِي الأُمَّةُ
مُعْلِنَةً طَاعَتَهَا “““““““““““ دَائِمَةً لِرَبِّهَا
مُخْلِصَةً لاَ تُشْرِكُ “““““““““““ عَدُوُّهَا مَنْ يُشْرِكُ
تُثْنِي بِكُلِّ الْحَمْدِ “““““““““““ عَلَى الإِلَهِ الْفَرْد
مُقِرَّةً بِالنِّعْمَةِ ““““““““““ وَالْمُلْكِ وَالْهَيْمَنَةِ
نَافِيَةً مَا أُدْخِلاَ “““““““““ مِنْ شِركِ جِيلٍ قَدْ خَلاَ
إِذْ كَانَ لَفْظُ الْقَوْمِ ““““““““““ يَحْمِلُ كُلَّ الْجُرْم(391/14)
“ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكْ “““““““““““ إِلاَّ شَرِيكاً هُوَ لَكْ
تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكْ “ ““““““““““ بَلْ حَامِلُ الشِّرْكِ هَلَكْ
وَلَوْ فَقِهْتِ أُمَّتِي “““““““““““““ مَعَانِيَ التَّلْبِيَةِ
فِقْهاً عَلَيْهِ يَنْبَنِي “““““““““““ تَحَرُّكٌ لاَ يَنْثَنِي
لِلطَّاعَةِ الْمُطْلَقَةِ ““““““““““““ لِبَارِئِ الْخَلِيقَة
لَعَادتِ السِّيَادَةُ “““““““““““ وَالْمَجْدُ وَالْقِيَادَةُ
فِي كُلِّ هَذَا الْعَالَمِ ““““““““““ لِقَوْمِنَا الأَعَاظِمِ
“““““““““““““ الإِحْرَامُ ““““““““““““““““
وَالأَمْنُ والسَّلاَمُ “““““““““““ يَضْمَنُهُ الإحْرَامُ
فَظُفْرُنَا لاَ يُقْلَمُ “““““““““““ وَقَصُّ شَعْرٍ يَحْرُمُ
بَلْ يَخْطُرُ الصَّيْدُ فَلاَ ““““““““““““ يَخَافُ قَتْلاً مُسْجَلاَ
وَالطَّيْرُ لاَ يُنَفَّرُ ““““““““““ وَلاَ يُجَزُّ الشَّجَرُ
وَكُلُّنَا فَدْ أَشْفَقَا ““““““““““ مُحَاذِراً أَنْ يَفْسُقَا
أَوْ أَنْ يَكُونَ جَادَلاَ ““““““““““ ظُلْماً يُرِيدُ الْبَاطِلاَ
وَكُلُّ دَاعٍ يُوصِلُ “““““““““ إِلَى الْجِمَاعِ يُحْظَلُ(1)
فَالزَّوْجُ مَعْ زَوْجَتِهِ ““““““““““ مِثْلُ أَخٍ مَعْ أُخْتِهِ
كُلٌّ لَهُ مَا يَشْغَلُهْ ““““““““““ عَنْ ذَاكَ مِمَّا يَعْمَلُهْ
لِبَاسُنَا مُذَكِّرُ “““““““““ بِمَوْتِنَا إِذْ نُقْبَرُ
“““““““““““ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ ““““““““““
وَفِي الطَّوَافِ تَظْهَرُ “““““““““““““““ قِبْلَتُنَا فَنَنْظُرُ
وَتَلْتَقِي بِقَلْبِهَا ““““““““““ قُلُوبُنَا بِشَوْقِهَا(1)
نَذْكُر عِنْدَ الأَسْوَدِ ““““““““““ مَأْوَى الْمُطِيعِ الْمُهْتَدِي
ونَأمَلُ الْغُفْرَانَا ““““““““ وَالْفَوْزَ وَالْجِنَانَا
وَالْعَدْلَ فِي الأَحْكَامِ “““““““““““ مِنْ سَيِّدِ الأَنَامِ
تَرَى الْجُمُوعَ الْحَاشِدَهْ ““““““““““ ذَاهِبَةً وَعَائِدَهْ
كَحَلْقَةٍ مُفرَغَةِ ““““““““““ لَيْسَ بِهَا مِنْ ثُلْمَةِ(391/15)
وَالأَلْسُنُ الطَّاهِرَةُ ““““““““““““ لِرَبِّهَا ذَاكِرَةُ
وَهَاهُنَا نَسْتَحْضِرُ “““““““““““ نَهْياً شَدِيداً يَحْظُرُ
طَوَافَ شَخْصٍ عَارِ ““““““““““““““ وَالْحَجَّ لِلْكُفَّار
لَكِنَّ مَا نَرَاهُ ““““““““ لاَ يَرْتَضِيهِ اللَّهُ
فَكَمْ تَرَى مِنْ عَابِدِ ““““““““““ يَخْشَى مِنَ الْمَصَائِدِ
عِنْدَ الْمَقَامِِ الطَّاهِرِ ““““““““““ وَأَعْظَمِ الْمَشَاعِرِ
فَحَافِظِي يَا أُمَّتِي ““““““““““““““ عَلَى مَقَامِ الْكَعْبَةِ
وَعَلِّمِي الطَّلِيعَهْ ““““““““““““ مَحَاسِنَ الشَّرِيعَهْ
وَبِالْعَصَا فَقَوِّمِي “““““““““““ كُلَّ عَنِيدٍٍ مُجْرِمِ
وَعِنْدَمَا يَنْقَطِعُ ““““““““““““ طَوَافُنَا نَنْدَفِعُ
إِلَى مَقَامِ جَدِّنَا ““““““““““ وَمَنْ بَحَجٍّ أَذَّنَا
بَعْدَ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ ““““““““““““ مَعَ ابْنِهِ للأُمَّةِ
نَقُومُ بِالشُّكْرَانِ “““““““““““ لِرَبِّنَا الرَّحْمَانِ
وَالْوَصْفَةُ الطِّبِّيَّةُ ““““““““““““ مِنْ زَمْزَمٍ هَدِيَّةُ
دَوَاءَ كُلِّ دَاءِ “““““““““““ لِلْقَلْبِ وَالأَعْضَاءِ
فَلاَ تَكُنْ مُصَدِّقَا “““““““““““ مُشَكِّكاً تَزَنْدَقَا
فِي شُرْبِ مَاءِ زَمزَمِ “““““““““““““ فَذَاكَ ذُو قَلْبٍ عَمِ(1)
وَبَعْدَ ذَاكَ نَرْتَقِي “““““““““““ إِلَى الًصَفَا لِنَلْتَقِي
بِهَاجَرَ السَّاعِيَةِ ““““““““““““ بَاحِثَةً عَنْ جُرْعَةِ
تَسْقِي بِهَا ذَا الْحُرْقَةِ “““““““““““““ جَدِّ رَسُولِ الأُمَّةِ
فِي فِعْلِهَا قَدْ جُمِعَا “““““““““““““ سَعْيٌ حَثِيثٌ وَدُعَا
وَذَاكَ يَا إخْوَتَنَا ““““““““““ مَا جَاءَ فِي شِرْعَتِنَا
__________
(1) -في هذا إشارة إلى رد زعم تلوث ماء زمزم وانتشار الأمراض المعدية بسببه ، إثارة للشبه وتنفيرا للمسلمين من الثقة في نصوص سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، ومزاولة شعائر دينهم التي وردت بها تلك السنة .(391/16)
فَلْنَجْتَهِدْ فِي الْعَمَلِ ““““““““““““ مَعْ غَايَةِ التَّوَكُّلِ
وَلْنَذْكُرِ الَّذِي نَصَرْ ““““““““““““ عَلَى جَمِيعِ مَنْ كَفَرْ
نَبِيَّنَا حَتَّى غَدَا “““““““““ هُوَ الْمُطَاعَ السَّيِّدَا
هُنَا النِّظَامُ يَظْهَرُ “““““““““ وَفَضْلُهُ يُسَيْطِرُ
وَتُبْغَضُ الْفَوْضَى الَّتِي “““““““““““ بِهَا هَلاَكُ الأُمَّةِ
الْوُقُوفُ بِعَرَفَات
وَبِمُنَانَا نَنْزِلُ ““““““““ وَهْوَ النُّزُولُ الأَوَّلُ
كُلٌّ يُعِدُّ عُدَّتَهْ “““““““““““ لِكَيْ يَنَالَ بُغْيَتَهْ
فِي يَوْمِ الْمُسْتَقْبَلِ “““““““““““ يَوْمِ الْوُقُوفِ الأَكْمَلِ
يَوْمٌ بِهِ الدُّمُوعُ ““““““““““ تَذْرِفُهَا الْجُمُوعُ
ضَارِعَةً لِرَبِّهَا ““““““““ تَرْجُوهُ غَفْرَ ذَنْبِهَا
وَهْيَ بِذَاكَ تَذْكُرُ “““““““““ مَا يَحْتَوِيهِ الْمَحْشَرُ
إِذْ تَظْهَرُ الأَعْمَالُ ““““““““““ وَتَعْظُمُ الأَهْوَالُ
وَتَخْفِقُ الْقُلُوبُ ““““““““““ تَهُزُّهَا الْكُرُوبُ
وَكُلُّ مَنْ قَدْ وَقَفَا ““““““““““ يَذْكُرُ أَنَّ الْمُصْطَفَى
قَدْ أعْلَنَ الْمِنْهَاجَ فِي “““““““““““““ مَوْقِفِهِ الْمُشَرَّفِ
مُحَرِّماً أَمْوَالَنَا ““““““““““ وَعَاصِماً دِمَاءَنَا
وَبِالنِّسَاءِ مُوصِيَا “““““““““““ خَيْراً فَكُنْ مُهْتَدِيَا
وَدِينُنَا قَدْ أُكْمِلاَ ““““““““““ هُنَا بِنَصٍ أُنْزِلاَ
هُنَا اللُّغَاتُ تَخْتَلِطْ “““““““““““““ وَتَلْتَقِي وَتَنْخَرِطْ
فِي سِلْكِهَا الْمُوَحَّدِ ““““““““““““ نَحْوَ الإِلَهِ الصَّمَدِ
هُنَا اللِسَان يَنْطِقُ “““““““““ مُسَبِّحاً مَنْ يَخْلُقُ
يَلْهَجُ بِالشَّهَادةِ ““““““““““ وَالذِّكْرِ والتَّلْبِيَةِ
هُنَا الإِلَهُ يَغْفِرُ “““““““““ وَذَنْبَ عَبْدٍ يَسْتُرُ
هُنَا اللَّعِينُ يَصْغُرُ ““““““““““ لِلْقُرْبِ مِمَّن نَذْكُر
فَاغْتَنِمُوا يَا إِخْوَتِي “““““““““ وَقْتاً شَدِيدَ النُّدْرَةِ(391/17)
قَدْ لاَ يَرَاهُ بَعْضُنَا “““““““““ بَعْدَ وُقُوفِ يَوْمِنَا
الدَّفْعُ إِلَى مُزْدَلِفَةِ
وَالشَّمْسُ حِينَ تَغْرُبُ “““““““ تَرَى الْجُمُوعَ تَذْهَبُ
قَاصِدَةً مُزْدَلِفَهْ “““““““““““ أَمْوَاجُهَا مُؤْتَلِفَهْ
مُعْنِقَةً فِي الْفَجْوَة “““““““““““ هَادِئَةً فِي الزَّحْمَةِ
وَهْيَ بِذَاكَ تَقْتَدِي “““““““““““ بِالْمُصْطَفَى وَتَهْتَدِي
أَيْنَ رِجَالُ الْقُوَّةِ “““““““““““““ مُرُورِهَا وَالنَّجْدَةِ
مِمَّنْ أَشَارَ فِي الْمَلاَ ““““““““““““““ بِيَدِهِ فَامْتُثِلاَ
ثُمَّ بِجَمْعٍ نَنْزِلُ “““““““““““ صَلاَتَنَا نُعَجِّلُ
وَعَاجِلاً نَنَامُ ““““““““““ لَيْسَ لَنَا قِيَامُ
لِلنَّصَبِ الَّذِي سَبَقْ “““““““““““ وَغَدُنَا يَوْمٌ أَشَقْ
وَبَعْدَ فَجْرٍ يَظْهَرُ “““““““““““ صَلاَتَنَا نُبَكِّرُ
وَالْكُلُّ مِنَّا خَاشِعُ ““““““““““““ إِلَى الإِلَهِ ضَارِعُ
مُمْتَثِلاً فِيمَا دَعَا “““““““““ أَمْراً بِهِ قَدْ صُدِعَا
أعمال يَوْمُ النَّحْرِ
وَدَفَعَتْ جُمُوعُنَا “““““““““““ عَائِدَةً إِلَى مِنَى
عَظِيمَةَ الأَفوَاجِ ““““““““ كَالْبَحْرِ ذِي الأَمْوَاجِ
وَكُلُّنَا مُهَلِّلُ “““““““““ مُكَبِّرٌ لا يَغْفُلُ
أَصْوَاتُنَا تَرْتَفِعُ ““““““““““ إِلَى الإِلَهِ تَضْرَعُ
نَسْأَلُه السَّلاَمَهْ “““““““““ وَالْفَوْزَ بِالْكَرَامَهْ
هُنَاكَ نَرْمِي كُلُّنَا ““““““““ كُبْرَى الْجِمَارِ فِي مِنَى
لِلامْتِثَالِ الْوَاجِبِ “““““““““ وَالاقْتِدَاءِ بِالنَّبِي
وَعِنْدَهَا نَسْتَحْضِرُ ““““““““““ بَيْعَةَ رَهْطٍ قَرَّرُوا
نَصْرَ الرَّسُولِ الْمُصْطَفَى “““““““““““ وَالْكُلُّ مِنْهُمْ قَدْ وَفَى
هُنَا يُصِيبُ النَّدَمُ “““““““““““ إِبْلِيسَ وَهْوَ الْمُجْرِمُ
فَهْوَ عَدُوُّ جَدِّنَا ““““““““““ وَلَمْ يَزَلْ عَدُوَّنَا
لَكِنَّنَا وَا أَسَفِي “““““““““““ نُرْضِيهِ بِالتّكَلُّفِ(391/18)
كَالرَّمْيِ بِالنِّعَالِ ““““““““““ مِنْ قِبَلِ الْجُهَّالِ
وَبِالْحَصَا الْكِبَارِ “““““““““““ مُسَبِّبِ الأَضْرَارِ
هُنَا يَتُوقُ الْمُتَّقِي ““““““““““ إِلَى جِهَادِ مَنْ شَقِي
بِذِي الْجُمُوعِ الْكَاثِرَ “““““““““““““ وَهْيَ تَؤُمُّ الآخِرَهْ
لَكِنَّهُ يُحَوْقِلُ ““““““““ مُسْتَحْضِراً مَا يُنْقَلُ
عَنِ النَّبِيِّ فِي الْخَبَر “““““““““““ أَنَّا غُثَاءٌ فِي الْبَشَرْ
ثُمَّ يَزِيدُ شُكْرُنَا ““““““““““““ بِنَحْرِنَا لِهَدْيِنَا
هُنَا الْخَلِيلُ يُذْكَرُ “““““““““““ وَذِبْحُهُ الْمُصْطَبِرُ
فَلْنَقْتَدِ يَا عُلَمَا “““““““““ إِذَا ابْتُلِينَا بِهِمَا
وَبَعْدَ نَحْرٍ نَحْلِقُ ““““““““““““““ وَتَفَثاً نُفَارِقُ
ثُمَّ نَزُورُ بَيْتَنَا ““““““““ لِكَيْ يَتِمَّ حَجُّنَا
وَسُنَّةٌ تَرْتِيبُ مَا “““““““““““ مَضَى وَلَيْسَ لاَزِمَا
بِذَاكَ أَفْتَى الْمُصْطَفَى “““““““““““““ وَمَنْ يُضَيِّقْ خَالَفَا
ثُمَّ يَعُودُ جَمْعُنَا “““““““““““ لِيَسْتَقِرَّ فِي مِنَى
وَيُكْثِرُ الأَذْكَارَا “““““““““““ لِتُذْهِبَ الأَوْزَارَا
وَلِتَتِمَّ الْمِنَّهْ “““““““““ حَيْثُ الْجَزَاءُ الْجَنَّهْ
وَبَعْدَ ذَاكَ نَذْكُرُ ““““““““““““ إِلَهَنَا وَنُكْثِرُ
أِشَدَّ مِنْ آبَائِنَا “““““““““““ زِيَادةً فِي شُكْرِنَا
هَذَا وَخَيْرُ الْعَمَل ““““““““““““ أدْوَمُهُ عِنْدَ الْعَلِي
آثارُ مَنَاسِكِ الحج
فِي حَجِّنَا الأُخُوَّةُ ““““““““““““ تَظْهَرُ وَالْمَوَدَّةُ
وَيَلْتَقِي الإِخْوَانُ “““““““““ يَحْدُوهُمُ الإِيمَانُ
شِعَارُهُمْ تَحِيَّةُ ““““““““““ وَالذِّكْرُ وَالتَّلْبِيَةُ
وَتُبْحَثُ الْمَشَاكِلُ ““““““““““““ وَيَحْصُلُ التَّكافُلُ
لِذَا تَرَى عَدُوَّنَا “““““““““ فِي وَجَلٍ مِنْ جَمْعِنَا
لَكِنَّنَا لِجَهْلِنَا “““““““““ لَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ حَجِّنَا(391/19)
بَلْ قَدْ عَمِلْنَا عَمَلاَ “““““““““““““ مِنَ اللُّبَابِ قَدْ خَلاَ
لِذَا تَرَى التَّدَافُعَا “““““““““ وَالشَّتْمَ وَالتَّصَافُعَا
فِي رَمْيِنَا وسَعْيِنَا “““““““““““ بَلْ عِنْدَ رُكْنِ بَيْتِنَا
فَكَمْ مُسِنٍّ يُدفعُ ““““““““““““ مِنَ الْقَوِيِّ يُوجَعُ
بِدُونِ أَنَى رَحْمَةِ “““““““““““““ وَذَا دَلِيلُ الشِّقْوَةِ
بَلْ طَالِبُ الْغُفْرَانِ ““““““““““““ يَلْهَجُ بِاللِّسَانِ
يَدْعُو مَعَ الْمُعَلِّمِ “““““““““ يَا رَبَّنَا اغْفِرْ وارْحَمِ
وَيَدهُ تُؤْذِي البَشَرْ ““““““““““ لاَ سِيَمَا عِنْدَ الْحَجَرْ
هُنَا يَحَارُ النَّاظِرُ ““““““““““ وَتَفْحُشُ الْمَنَاظِرُ
رَبَّاهُ مَا ذَا الْمَنْظَرُ “““““““““““ هَلْ مَا نَرَاهُ بَشَرُ
أَمْ هُمْ وُحُوشٌ عَادِيَهْ “““““““““““““ عَلَى الْعِرَاكِ ضَاريَهْ
حُجَّاجَ بَيْتِ اللَّهِ ““““““““““ رِفْقاً بِحَلْقِ اللَّهِ
لِكَيْ تَنَالُوا جَنَّتَهْ “““““““““““ وَفَضْلَهُ وَرَحْمَتَهْ
وَأرشِدُوا يَا عُلَمَا “““““““““““ فَخَيْرُكُمْ مَنْ عَلَّمَا
وَاحْتَسِبُوا فَاللَّهُ لا ““““““““““““ يضيع قَطُّ عَمَلاَ
وَائْتَمِرُوا فِي حَجِّكُمْ “““““““““““ وَاتَّحِدُوا فِي نَهْجِكُمْ
وَادْعُوا إِلَى وَحْدَتِنَا “““““““““““““ وَاجْتَنِبُوا فُرقَتَنَا
وَلِصِرَاطِ اللَّهِ “““““““““ فَاهْدُوا عِبَادَ اللَّهِ
وَمَنْ بِهِ لَمْ يَكْتَف “““““““““““““ فَالْخَيْرُ عَنْهُ قَدْ نُفِي
وَإِنْ تُرِدْ أَنْ تَرْجِعَا “““““““““““““ فَبِالطَّوَافِ وَدِّعَا
وَكُنْ حَليفَ الطَّاعَةِ “““““““““““““““ مُجَانِبَ الْغِوَايَةِ
فَقَدْ قَطَعْتَ الْعَهْدَ يَا ““““““““““““““““ مُحِبَّنَا مُلَبِّيَا
وَخُلْفُ وَعْدٍ صِفَةُ ““““““““““““ مُنَافِقٍ لاَ يَثْبُتُ
زيارة المسجد النبوي
وَكَمْ مِنَ الزُّوَّارِ ““““““““““ لِمَسْجِدِ الْمُخْتَارِ(391/20)
وَحُبُّهُمْ لِلْبَانِي “““““““““““ لَهُ عَظِيمُ الشَّانِي
يَأْتُونَ فِي الْمَوَاسِمِ “““““““““““““ لِلْفَوْزِ بِالْمَرَاحِم
وَالْجَهْلُ فِهِمْ سَارِي “““““““““““““ بِمَا أَرَادَ الْبَارِي
مِنِ اعْتِقَادٍ وَعَمَلْ ““““““““““ وَمِنْ سُلُوكٍ اكْتَمَلْ
وَهُمْ عَلَى اسْتِعْدَادِ “““““““““““ للأَخْذِ بِالإِرْشَادِ
مِنْ سَاكِنِي الْمَدِينَةِ “““““““““““ مَهْبِطِ وَحْيِ الْمِلَّة
وَطُرُقُ التَّعْلِيمِ “““““““““ فِي قُدْوَةِ الْحَكِيمِ
وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِمَا “““““““““““““ قُرِّرَ فِي بَابِهِمَا
فَمَا الَّذِي بِهِ وَفَى ““““““““““ أَهْلُ بِلاَدِ الْمُصْطَفَى
هَلْ فِيهِمُ تَجَسَّدَا “““““““““““ حَقّاً سُلُوكُ أَحْمَدَا
وَهَلْ تَرَاهُمْ أَرْشَدُوا ““““““““““““ ضُيُوفَهُمْ واجْتَهَدُوا
وَبَيَّنُوا لِلنَّاسِ مَا ““““““““““ وَجَبَ أَوْ مَا حُرِّمَا
وَهَلْ أَفَادُوا يَا تُرَى “““““““““““““ مِنْ غَزَوَاتٍ عِبَرَا
كَبَدْرٍ اْلنَّيِّرَةِ ““““““““““ وَأُحُدِ الشَّهِيرَة
وَالْمَوْقِفِ الْمَجِيدِ ““““““““““““ مِنْ غَادِرِي الْيَهُودِ
هَلْ قَامَ أهْلُ طَيْبَةِ “““““““““““““ بِهَذِهِ الْمُهِمَّةِ
لاَ شَكَّ أَنَّ الْبَلَدَا ““““““““““““ بِهَا دُعَاةٌ لِلْهُدَى
لَكِنْ جُمُوعُ الأُمَّةِ ““““““““““ تَبْغِي مَزِيدَ هِمَّةِ(1)
وَزُرْ أَخِي قَبْرَ النَّبِي “““““““““““““““ مُتَّصِفاً بِالأَدَبِ
لاَ تَرْفَعِ الصَّوْتَ وَلاَ “““““““““““““ تَزِيدُ شَيئاً حُظِلاَ
__________
(1) -العلماء في هذه البلاد يقومون بما يستطيعون القيام به من توجيه حجاج بيت الله “
“ ولكن كثرة الحجاج تستدعي المزيد من الاهتمام والمزيد من المرشدين ، كما أن ذلك يستدعي أيضا من سكان الحرمين الشريفين أن يكونوا قدوة حسنة في معاملتهم للحجاج ، سواء كان في السكن أو في السوق أو في غير ذلك ، اقتداء بالأنصار والمهاجرين .(391/21)
وَزُرْ بَقِيعَ الْغَرْقَدِ ““““““““““““ وَالشُّهَدَا بِأُحُدِ
مُعْتَبِراً وَعَامِلاَ “““““““““ لاَ غَافِلاً وَمُهْمِلاَ
وَالسَّبْعَةُ الْمَسَاجِدُ “““““““““““ مُحْدَثَةٌ لاَ تُقْصَدُ
كَغَيْرِهَا إِلاَّ قُبَا ““““““““““““““ مِنْ طَيْبَةٍ قَدْ نُدِبَا
“““““““““ الحج والأقصى الأسير! ““““““““““““
بذلنا المال، وأعددنا العدة للسفر،وأحرمنا، ولبينا-والتلبية عهد على طاعة الله ورسوله-وطفنا وسعينا، وقمنا بكل مناسك الحج _ومنها ركنه الأعظم الوقوف بعرفات، وهانحن نؤدي اليوم ركن الحج العظيم-طواف الإفاضة- وزرنا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض المذكرة برجال الجهاد، كالبقيع، وأحد، والخندق.... فهل تذكرنا ذلك الأسير الذي يدنسه أبناء القردة والخنازير، وأبناء الصحابة والنابعين في الأرض المباركة، الذين يقذفهم اليهود بالقنابل والرشاشات والمدافع، والطائرات والدبابات، ويهدمون منازلهم ويخرجونهم منها في العراء، ويحاصرونهم في قطع من الأرض، حتى لا يقدر القريب أن يزور قريبه، ويمنعون عنهم وصول الغذاء والدواء والملبس والمشرب؟
هل تذكرنا قبلتنا الأولى، ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم ومعراجه؟ هل تذكرنا أن من أهم ثمرات حج بيت الله الحرام أن الله قد أذن للذين يقاتلهم أعداء الله بقتال الأعداء؟ هل تذكرنا أن من ثمرات الحج المبرور الدفاع عن المساجد والمعابد؟ هل تذكرنا أن الجبن عن دخول الأرض المقدسة لإخراج العدو منها، هو من صفات اليهود، وليس من صفات المسلمين؟!
هاهو الأقصى الحزين يذكرنا، إن لم نكن قد تذكرنا. فهل من سامع للتذكير، وهل من مجيب لمستغيث
وَهَاهُنَا الْقُدْسُ الْحَزِينْ ““““““““““““ يَشْكُو جَفَاءَ الْمُسْلِمينْ
مَجْمَعِ كُلِّ الرُّسُلِ ““““““““““ مَسْرَى الرَّسُولِ الأَكْمَلِ
قِبْلَتُنَا فِي التَّالِدِ ““““““““““ وَثَالِثُ الْمَسَاجِدِ
غَدَا أَسِيراً زَمَنَا ““““““““““ عِنْدَ الْيَهُودِ الْجُبَنَا(391/22)
قَدْ أُحْرِقَتْ جَوَانِبُهْ ““““““““““““ وَصُدَّ عَنْهُ رَاغِبُهْ
كَمْ قَدَمٍ قَدْ دَنَّسَهْ ““““““““““““ لِفَاجِرٍ وَمُومِسَهْ
يَقُولُ فِي تَحَزُّنِ “““““““““““ أَيْنَ الَّذِي يُنْقِذُنِي
هَلْ مِنْ إِمَامٍ كَعُمَرْ “““““““““ أَوْ كَصَلاَحٍ الأَغَرْ(1)
وَأَيْنَ أَهْلُ الْحَجِّ “““““““““““ هَلْ أُسْقِطُوا لِلدَّرْجِ
فَأسْقَطُوا الْجِهَادَا “““““““““““ وَضَيَّعُوا الأَمْجَادَا
وَالإِذْنُ بِالْقِتَالِ “““““““““ فِي الْحَجِّ جَاءَ التَّالِي(2)
دَفْعاً عَنِ الْمَسَاجِدِ “““““““““““““““ وَسَائِر الْمَعَابِدِ
عَيْبٌ عَلَى مَنْ طَافَا ““““““““““““““ لِلَّهِ أَنْ يَخَافَا
مِنْ كَافِرٍ رِعْدِيدِ ““““““““““““ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدِ
قَالَ لِمَن يَقُودُ ““““““““““ إِنَّا هُنَا قُعُودُ
مَا دَامَ هَذَا الْمُعْتَدِي ““““““““““““ مُسَيْطِراً فِي الْبَلَدِ
وَإِنَّنَا لَنْ نَلِجَا ““““““““““ إِلاَّ إِذَامَا خَرَجَا
فَقَاتِلَنْ وَرَبَّكَا ““““““““ إِذَا تَشَا عَدُوَّكَا
فَهَلْ غَدَوْنَا أَجْبَنَا ““““““““ مِنْ هَؤُلاَءِ الْجُبَنَا(3)
أَليْسَ فِي طِفْلِ الْحَجَرْ ““““““““““““ لِلْجُبَنَاءِ مُعْتَبَرْ
إِنِّي هُنَا أَنْتَظِرُ “““““““““ مُجَاهِداً يُحَرِّرُ
““““““““““““““““““““““““““““
(1) أي هل من زعيم مسلم ، مثل عمر بن الخطاب ، أول فاتح للقدس في التاريخ الإسلامي أو مثل صلاح الدين الذي حرر القدس من الصليبيين ؟!
((391/23)
2) في هذا البيت إشارة إلى آيات سورة الحج في قوله تعالى : ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) إلى قوله تعالى : { ولله عاقبة الأمور } الآيات : 26-41 من السورة المذكورة –أرجو من الإخوة القراء العودة إليها في المصحف الشريف- حيث جاء الإذن بالقتال - في قوله تعالى : { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا } إلى آخر الآيات – بعد الآيات المتعلقة بالحج . ولعل من حكمة ذلك أن الحج من أعظم دوافع الجهاد في سبيل الله ، لما فيه من قوة الصلة بالله تعالى ، فلا يليق بمن طاف بالبيت الحرام أن يتأخر عن تحرير بيت الله في أرضه المباركة ( القدس ) وهو صنو الكعبة ، وبخاصة أن الآيات أشارت إلى حفظ بيوت العبادة ، سواء كانت مساجد المسلمين أو غيرها من كنائس النصارى وبيع اليهود .
(3)في هذه الأبيات إشارة إلى آيات سورة المائدة : 20 – 26 التي تضمنت موقف اليهود وجبنهم عن دخول بيت المقدس الذي وعدهم الله بدخوله وبالنصر على عدوهم فيه ، إذا قاتلوه مع نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم ، فأبوا وقالوا له معلنين جبنهم : { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون } وهاهي قد انطبقت حالهم تلك علينا نحن المسلمين اليوم ، حيث احتل اليهود الجبناء بيت المقدس ودنسوه ، وعاثوا في الأرض المباركة فسادا ، فلم يجدوا من المسلمين من ينصر المجاهدين الذين يسومهم اليهود سوء العذاب في أرض فلسطين المباركة !!!
الأسفار تظهر الخلق الأصيل ( 27)
وَلِرَفِيقِي فِي السَّفَرْ “““““““““““ مِنِّيَ بِشْرٌ يُنْتَظَرْ
وَالصَّبْر وَالإِيثَارُ ““““““““““ لاَ سِيَمَا الْكِبَارُ
وَالْغَيْظَ سَوْفَ أَكْظُمُ “““““““““““““ وَبِارْتِيَاحٍ أَخْدُمُ
وَالْخُلُقُ الأَصِيلُ فِي ““““““““““““ أَسْفَارِنَا لاَ يَخْتَفِي
لاَ سِيَمَا فِي الْحَجِّ أَو “““““““““““““ جِهَادِ كُفَّارٍ طَغَوا
وَسَلْ مِنَ اللَّهِ الأَجَلْ ““““““““““ تُقًى وَبِرًّا وَعَمَلْ “1”(391/24)
بِه رِضَاهُ تَكْسِبُ ““““““““““ وَسُخْطَهُ تَجْتَنِبُ
فَفِي دُعَاءِ السَّفَرِ “““““““““““ وِقَايَةٌ مِنْ مُنْكَرِ
كَمَا بِهِ التَّحَصُّنُ “““““““““ مِنَ الأَذَى وَمَأْمَنُ
منْ حُزْنٍ اوْ كَآبةِ “““““““““““ أَوْ خَللٍ في الأُسرَة
فَاللهُ إِذْ يَصْحَبُنَا ““““““““““ يَخْلُفُنَا فِي أَهْلِنَا
“““““““““““““““““““““““““
“ 1 “ يشير الناظم في هذه الأبيات إلى حديث ابن عمر في دعاء السفر الذي رواه مسلم وغيره ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وأنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل . وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون تأبون عابدون لربنا حامدون
الثقلاء
وَكُنْ خَفِيفَ الظِّلِّ لاَ “““““““““““““““ مُثَرْثِراً مُثَقِّلاَ
مِنْكَ الصَّدِيقُ يَجْفِل ““““““““““““““ إذَا رَآكَ تُقْبِلُ
وَتُقْفَلُ الأَبْوَابُ فِي ““““““““““ وَجْهِكَ حَتَّى تَخْتَفِي
الْكِتَابُ الثَّالِثُ
مِنْ
آدَابِ السُّلُوكِ
بر الوالدين
وَوَالِدَيَّ أُكْرِمُ “““““““““““حَقَّهُمَا أُقَدِّمُ
عَلَى الَّذِي أَهْوَاهُ ““““““““““ إِذَا ارْتَضَاهُ اللَّهُ
أُمِّي بِحَمْلِي أَثْقَلَتْ “““““ وَعِنْدَ وَضْعِي تَعِبَتْ
قَامَتْ عَلَيَّ فِي الصِّغَرْ “““““ وَضَرَرِي بِهِ تُضَرْ
وَدَائِماً بِي تَعْتَنِي “““““““ فِي مَلْبَسٍ وَمَسْكَنِ
وَمَأْكَلٍ مُنْسَجِمِ ““““““““ مَعْ حَالَتِي مُنْتَظِمِ
وَكُلُّ شَيْءٍ يُكْسَرُ ““““““““ يَكُونُ فِيهِ خَطَرُ
تَرْمِيهِ عَنِّي خَاشِيَهْ ““““““““ مِنْ ضَرَرٍ يَأْتِينِيَهْ(391/25)
وَوَالِدِي بِي يُشْفِقُ ““““““““ وَهْوَ عَلَيَّ يُنْفِقُ
وَيَشْتَرِي الثِّيَابَا ““““““““ وَالْسَّيْفَ وَالْكِتَابَا
وَسَاعَةً وَقَلَمَا ““““““““““ وَلَمْ يَزَلْ مُكَرِّمَا
وَهْوَ الَّذِي غَذّانِي ““““““““ بِالْعِلْمِ والْعِرْفَانِ
كَمْ قُبْلَةٍ قَبَّلَنِي ““““““““““ وَغَالِباً يُفْرِحُنِي
وَضَرْبُهُ التَّأْدِيبِيَ ““““““““ يَرْمِي إِلَى تَهْذِيبِي
فَأَبْشِرِي وَالِدَتِي ““““““““ وَوَالِدِي بِطَاعَتِي
وَسَأَكُونُ خَادِمَا “““““““““ مُسَافِراً وَقَادِمَا
أَكْسُوكُمَا وَأُنْفِقُ “““““““““ وَبِكُمَا سَأُرْفِقُ
جَزَاءَ مَا قَدَّمْتُمَا ““““““““ فِي صِغَرٍ لاِبْنِكُمَا
وَمَنْ يَعُقَّ وَالِدَا ““““““““ كَانَ لَئِيماً حَائِدَا
الْمَدْرَسَة
بَعْدَ الصًّلاَةِ أُفْطِرُ ““““““ وَلِي نَشَاطٌ يُذْكَرُ
فَأَحْمِلُ الْحَقِيبَهْ ““““““““ وَهْيَ لَنَا حَبِيبَهْ
تُحْفَظُ فِيهَا الْكُتُبُ ““““““ وَبَعْدَ ذَاكَ أَذْهَبُ
مُتَّجِهاً لِلْمَدْرَسَهْ ““““““ وَنِعْمَتِ الْمُؤَسَّسَهْ
أَبْدأُ بِالتَّقْدِيرِ “““““““““““ سِيَادَةَ الْمُدِيرِ
أُهْدِي لِمَنْ أَمَامِي ““““““““ تَحِيَّةَ الإسْلاَمِ
بِدُونِ رَفْعٍ لِيَدِي ““““““““ فَلَيْسَ ذَا بِجَيِّدِ
لَوْ كَانَ مِنْ سُنَّتِنَا ““““““““ لَجَاءَ عَنْ نَبِيِّنَا
وَلِلْبَعِيدِ أَرْفَعُ ““““““““““ لأَنَّهُ لاَ يَسْمَع
وَبِهُدُوءٍ أَدْخُلُ ““““““ فَصْلِي و نِعْمَ الْمَوْئِلُ
أَصَافِحُ الإِخْوَانَا “““““““““ وَألْزَمُ الْمَكَانَا
مَنْتَظِراً أُسْتَاذِيَا ““““““““ وَلاَ أَكُونُ مُؤْذِيَا
أَحْتَمِلُ الزَّلاَّتِ ““““““““ وَأسْتُرُ الْعَوْرَاتِ
أُرْشِدُ ذَا الْخَطِيئَةِ “““““““ بِأَدَبٍ وَحِكْمَةِ
وَذَاكَ نُصْحٌ يُقْبَلُ “““““““ عِنْدَ لَبِيبٍ يَعْقِلُ
اللَّعِبُ الْمُفيدُ
نَحْنُ الشَّبَابَ نَلْعَبُ ““““““ يُعْجِبُنَا التَّدَرُّبُ(391/26)
حَتَّى نُزِيلَ الْكَسَلاَ ““““““““ وسَأَماً وَمَللاَ
وَنَجْعَلُ الأجْسَامَا ““““““““ تُقَاوِمُ الأَسْقَامَا
لَكِنَّنَا لاَ نَقْتَرِفْ “““““ شَيئاً بِسُوءٍ قَدْ عُرِفْ
كَالْكَشْفِ لِلْعَوْرَاتِ “““““ وَالتَّرْكِ لِلصَّلاَتِ
وَنَحْنُ فِي اشْتِيَاقِ “““““““ لِلرَّمْي والسِّبَاقِ
وَهَكَذَا الْقِيَادةُ ““““““““ وَالْقَفْزُ وَالسِّبَاحةُ
وَقَصْدُنَا مِنَ الْقُوَى ““““ دَحْرُ عَدُوٍّ قَدْ غَوَى
لاَ أَنْ نُضِيفَ لِلْبقَرْ “““ عُجُولاً مِنْ بَنِي الْبَشَرْ
قُدْوَتُنَا نَبيُّنَا ““““““““““ صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَا
الْعِلْمُ
الْعِلْمُ نُورٌ وَهُدَى “““““ كَمْ حَائِرٍ بِهِ اهْتَدَى
وَكَمْ وَضِيعٍ رَفَعَا “““““ فَصَارَ نَجْماً لاَ مِعَا
الْعِلْمُ نُورُ قَلْبِي “““““““““ بِهِ عَرَفْتُ رَبِّي
وَمَا عَلَيَّ أَوْ لِيَا “““““““ فِي عَاجِلِي وَدِينِيَا
فَلْنَجْتَهِدْ فِي الطَّلَبِ “““““ لِنَيْل خَيْرِ مَطْلَبِ
وَكُلُّ عِلْمٍ يَنْفَعُ ““““““““ فَنَحْنُ فِيهِ نَبْرَعُ
مِنَّا الْخَبِيرُ الصَّانِعْ ““““““ وَتَاجِرٌ وَالزَّارِعْ
كَذَا الطَّبِيبُ الْمَاهِرْ ““““ وَالْعَسْكَرِيُّ الْقَاهِرْ
وَالسَّائِسُ الْمُنَاضِلْ ““““ وَذُو الْقَضَاءِ الْعَادِلْ
حَتَّى يَصِيرَ شَعْبُنَا “““““““ شَعْبَ رُقِيٍّ وَبِنَا
وَذَا الَّذِي يَرْضَاهُ ““““““““ مِنَ الْعِبَادِ اللَّهُ
وَلاَ تَفُوزُ أُمَّةُ ““““““““ فِي جَهْلِهَا غَارِقَة
وَبِالْخُمُولِ وَالْكَسَلْ “““““““ وَالْجَهْلِ ذُقْنَا مَا حَصَل
مِنْ فُرْقَةٍ مُمِيتَةِ ““““““““““ وَفَقْدِنَا لِلْعِزَّةِ
حَتَّى غَدَا أَعْدَاؤُنَا “““““““ هُمْ أَوْلِيَاءَ أَمرُنَا
وَأَيُّ عِلْمٍ يُفْقَدُ “““““ وَهْوَ لَدَى مِنْ يَجْحَدُ
فَلْنَسْتَفِدْهُ مِنْهُمُ “““““““““ لِكَيْ نُعِدَّ لَهُمُ
عُدَّتَنَا الَّتِي أَمَرْ ““““““““ بِهَا الإِلَهُ الْمُقْتَدِرْ(391/27)
وَيَأْسَفُ الأَبْنَاءُ “““““““““ أَنْ يَتْبَعَ الآبَاءُ
أَعْدَاءَنَا فِي الْمُنْكَرِ “““““““ لاَ نَافِعٍ لِلْبَشَرِ
لَمْ يَحْكُمُوا بِمَا نَزَل “““““ منْ رَبِّنَا عز وجل
بَلْ حَكَّمُوا الأَهْوَاءَ ““““““ وَقَلَّدُوا الأَعْدَاءَ
فِي الإِثْمِ وَالْفُجُورِ ““““““ وَغَدْرِهِمْ وَالزُّورِ
حَتَّى غَدَا شَبَابُنَا “““““““““ مُعَادِياً لِدِينِنَا
وَإِنَّنَا لَفِي وَجَلْ ““““““ مِنْ ذُلِّنَا بِمَا حَصَلْ
فَانْتَبِهُوا آبَاءنَا ““““““““ وَاسْعَوْا لِنَيْلِ عِزِّنَا
وانأَوْا عَنِ الْفَسَاد ““““““““ لِمَهْيَعِ الرَّشَادِ
يَا إخْوَتِي الًصُّلاَّحَا “““““ سَلُوا لَنَا النَّجَاحَا
العِنَايَة بِكِتَابِ اللَّهِ
إِلَى كِتَابِ رَبِّيَا ““““““““ يَحِنُّ دَوْماً قَلْبِيَا
أَتْلُوهُ بِاللِّسَانِ ““““““““ بِغَايَةِ الإِتْقَانِ
وَالْفَهْمِ وَالتَّدَبُّرِ ““““““““ وَخَشْيَةِ الْمُقْتَدِرِ
مُمْتَثِلاً أَوَامِرَهْ ““““““““ مًجْتَنِباً زَوَاجِرَهْ
وَكُلُّ مَا أَخْبَرَ بِهْ “““““““ فَصِدْقُهُ نَجْزِمُ بِهْ
أَحْكَامُهُ فِي الْقِمَّةِ “““““ فِي عَدْلِهِ وَالْحِكْمَةِ
وَلَيْسَ بِالْمَخْلُوقِ “““““ عِنْدَ أُولِي التَّحْقِيقِ
بِهِ تَحَدَّى اللَّهُ ““““““““ جَمِيعَ مَنْ سِوَاهُ
فَهْوَ الْقَضَاء الْفَاصِلْ “““““ وَمَا سِوَاهُ الْبَاطِلْ
وَلَوْ دَرَى شَبَابُنَا ““““““ مَا قَدْ حَوَى كِتَابُنَا
وَعَادَ مِنْهُ يَنْهَلُ “““““““““ وَبِهُدَاهُ يَعْمَلُ
لأَنْقَذَ الْخَلِيقَهْ ““““““““ وَقَدْ غَدَتْ غَرِيقَهْ
وَقَادَهَا بِرْفْقِ “““““““““ إِلَى سَنَامِ الْحَقِّ
يَا رَبِّ حَقِّقْ رَغْبَتِي “““““ فِي حِفْظِهِ بِسُرْعَةِ
وَاهْدِ إِلَى الْحُكْمِ بِهِ “““ مَنْ بَالَغُوا فِي حَرْبِهِ
العنايةِ بسنة رَسُولِ اللَّهِ
وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَهْ “““““ تَضَمَّنَتْ تَوْضِيحَهْ(391/28)
فَالأَمْرُ بِالًصَّلاَةِ “““““““ أُجْمِلَ فِي الآيَاتِ
كَذَا زَكَاةُ الْمَالِ “““““““ وَغَالِبُ الأَعْمَالِ
بَلْ جَاءَ فِي سُنَّتِنَا ““““““ أَكثَرُ مَا فِي دِينِنَا
وَحُكْمُهَا فِي الْعَمَلِ ““““““ كَمِثْلِ حُكْمِ الْمُنْزَلِ
وَنَابِذُ الآحَادِ “““““““““ حَادَ عَنِ الرَّشَادِ
وَلَسْتُ بِالْمُتَّبِعِ ““““““““ لِكَاذِبٍ مُبْتَدِعِ
يُنْسَبُ لِلْقُرْآنِ ““““““““ بِالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ
يَدْعُو لِنَبْذِ السُّنَّةِ ““““““ وَذاكَ جَحْدُ الْمِلَّةِ
وَالسِّيرَةُ الْمُطَهَّرَهْ ““““““ قُدْوَةُ كُلِّ الْبَرَرَهْ
لِذَا تَرَانَا نُقْبِلُ “““““““““ لِفَيْضِهَا وَنَنْهَلُ
وَالْكُلُّ مِنَّا يَقْتَدِي ““““ بِالْمُصْطَفَى وَيَهْتَدِي
الاِهْتِمَامُ بِذِكْرِ الله
وَلَمْ يَزَلْ لِسَانِيَا ““““““““ رَطْباً بِذِكْرِ رَبِّيَا
مُقْتَدِياً بِالْمُصْطَفَى ““““““ دُونَ غُلُوٍّ أَوْجَفَا
وَأَفْضَلُ الأَذْكَارِ ““““““““ للأَتْقِيَا الأَطْهَارِ
قَاعِدَةُ التَّوْحِيدِ ““““““““““ نَافِيَةُ التَّنْدِيدِ
عَنِ الإِلَهِ الْوَاحِدِ “““““ رَغْمَ الْعَنِيدِ الْجَاحِدِ
وَالاِخْتِصَارُ فِهَا “““““““ يَصْدُرُ مِنْ جَافِيهَا
وَإنْ يَكُنْ مُدَّعِيَا “““““ سُلُوكَ دَرْب الأَنبِيَا
وَغَيْرُهَا مِمَّا وَرَدْ ““““““ وَصَحَّ فَهْوَ مُعْتمَدْ
نُقَيِّدُ الْمُقَيَّدَا ““““““““ وَقْتاً وَوَصْفاً عَدَدَا
وَكُلُّ ذِي إِطْلاَقِ ““““““““ فَهْوَ عَلَيْهِ بَاقِ
وَلْنَكْتَفِ بِمَا شُرِعْ “““““ مَعَ اجْتِنَابِ مَا ابْتُدِعْ
كَذَا عَلَى نَبِيِّنَا ““““““““ نُكْثِرُ مِنْ صَلاَتِنَا
وَيَنْبَغِي أَنْ نُكْثِرَا ““““““ فِي ذِكْرِنَا التَّدَبُّرَا
مَعَ الْخُشُوعِ وَالأَدََبْ “““““““ لِنَرْتَقِي أَعْلَى الرُّتَبْ
وَذِكْرُنَا لِرَبِّنَا “““““““ فِيهِ حَيَاةُ قَلْبِنَا
الْجَلِيسُ الصَّالِحُ(391/29)
أُلاَزِمُ الْكِتَابَا ““““““ أَعْنِي بِهِ مَا طَابَا
فَفِي الْكِتَابِ يُوجَدُ “““““ لِقَارئٍ مَا يُحْمَدُ
يَزِيدُ فِي ثَقَافَتِهْ ““““““““ وَفِي عُلُوِّ هِمَّتِهْ
وَفِي الذَّكَا وَالْحِكْمَةِ ““““““ وَصَبْرِهِ فِي الْمِحْنَةِ
لِلصِّلَةِ الْوَثِيقَةِ “““““““ بِصَالِحِي الْخَلِيقَةِ
فَهْوَ الْجَلِيسُ الصَّالِحُ ““““““ وَالْمُرْشِدُ الْمُصَارِحُ
لاَ يَعْرِفُ الْمُجَامَلَهْ “““““ وَلاَ خُضُوعَ الْسَّفَلَهْ
وَرَأْسُ كُلِّ الْكُتُبِ” “““““““ هُوَ الْقُرَانُ الْعَرَبِ
فَسُنَّةُ الرَّسُولِ ““““““““ شَارِحَةُ التَّنْزِيلِ
ثُمَّ يَلِيهَا الأَقْرَبُ ““““““ إلَيْهِمَا فَالأَقْرَبُ
وَالسَّبْقُ عِنْدَ الْعَاقِلِ ““““““ لِسِفْرِ حَبْرٍ عَامِلِ
يَكْشِفُ لِلْقُرَّاءِ “““““““ مَوَاطِنَ الأَدْوَاءِ
مُقَدِّماً لِلآسِي “““““““““ أَدْوِيَةً لِلنَّاسِ
مُنَبِّهاً لِلْعَالَمِ “““““““““ يُشِيرُ لِلْمَعَالِمِ
واصْحَبْ سَوِيًّا صَالِحَا “““““ يَمْنَحْكَ مِسْكًا فَائِحَا
وَإِنْ تُجَالِسْ فَاسِقَا ““““““““ نَافِخَ كِيرٍ مَارِقَا
تَنَل لَهِيباً مُحْرِقَا ““““““““ أَوْ مُنْتِناً مُسْتَنْشِقَا
الْمُعَلِّمُ
إِذَا أَتَى الْمُعَلِّمُ “““““““ فِي وَجْهِهِ أَبْتَسِمُ
أُبْدِي لَهُ احْتِرَامِي ““““““ أَهْلاً بِذِي الْمَقَامِ
وَبِدْعَةُ الْقِيَامِ “““““““ لَيْسَتْ مِنَ الإسْلاَمِ
لَوِ ارْتَضَاهَا الْمُصْطَفَى “““““““ مِنْ خَيْرِ مَنْ قَدْ سَلَفَا
لَقُمْتُ لِلْمُعَلِّمِ ““““““““ خِلاَلَ كُلِّ مَقْدَمِ
مُعَلِّمِ مِثْلُ أَبِي “““““““““ يُمِدُّنِي بِالأَدَبِ
مُقَوِّمٌ لِسَانِيَا ““““““““““ مُهَذِّبٌ أَخْلاَقِيَا
وَكُلُّ مَعْنًى يُشْكِلُ ““““““““ يَشْرَحُهُ فَيَسْهُلُ
يَرْبِطُ بَيْنَ دَرْسِنَا ““““““““ لِيَوْمِنَا وَأَمْسِنَا
إِلْقاؤُهُ غَرِيبُ “““““““““ أُسْلُوبُهُ عَجِيبُ(391/30)
فَتَارَةً يَسْأَلُنَا “““““““““““ وَمَرَّةً يُخْبِرُنَا
يَخْتَارُ خَيْرَ الأَمْثِلَهْ “““““ عِنْدَ بَيَانِ الْمَسأَلَهْ
لَهُ نِكَاتٌ مُضْحِكَهْ ““““““ بِدَرْسِنَا مُشْتَبِكَهْ
يَجْعَلُ كُلَّ الزُّمَلاَ “““““ لاَ يَعْرِفُونَ الْمَللاَ
مُكْتَمِلُ الشَّخْصِيَّةِ ““““““ فِي لُبْسِهِ وَالْهَيْئَةِ
إِذَا أَتَى بِفَائِدَهْ “““““““ عَنِ الْكِتَابِ زَائِدَهْ
قَيَّدْتُهَا بِالْقَلَمِ “““““““““ لِلْحِفْظِ والتَّفَهُّمِ
وَلَسْتُ بِالْمُشْتَغِل “““““ عَنْ دَرْسِه الْمُفَضَّلِ
وَفِعْلُهُ لاَ يَخْتَلِفْ ““““ عَنْ قَوْلِهِ الَّذِي عُرِفْ
مِنْ أَجْلِ ذَاكَ نَقْتَدِي ““““““ بِفِعْلِهِ وَنَهْتَدِي
وَلَوْ بَدَا مُخَالِفَا “““““““ لَكَانَ شَخْصاً تَالِفَا
مَنْ فِعْلُهُ مَا وَافَقَا ““““““““ أَقْوَالَهُ قَدْ نَافَقَا
“““ “ أَخْذُ الْعلْمِ مِنْ أَهْلِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَان”“““ “““
وَإِنْ وَجَدْتَ عَالِمَا “““““ فَعِلْمَهُ اطْلُبْ غَانِمَا
مُغْتَرِفاً مِنْ بَحْرِهِ “““““““ قَبْلَ انْتِهَاء عُمْرِهِ
فَالْعُلَمَاءُ فَقْدُهُمْ ““““““““ خَسَارَةٌ لِقَوْمِهِم
وكَمْ كَسُولٍ نَدِمَا ““““ إِذْ غَابَ ذُو عِلْمٍ سَمَا
وَكَانَ قَبْلَ ذَلكَا ““““““““ مُسَوِّفاً وَتَارِكَا
وَالْحِرْصُ مَأْمُورٌ بِهِ “““““ وَالنَّصُّ قَدْ جَاءَ بِهِ
وَالْبَعْضُ قَدْ يُخَلِّفُ “““““““ بَعْدَهُ مَا يؤَلِّفُ
وَذَاكَ لاَ شَكَّ بِهِ ““““““““ فَوَائِدٌ فَاعْنَ بِهِ
لَكِنَّ ذَاكَ قَاصِرُ ““““““““ عَنْ عَالِمٍ تُبَاشِرُ
وَالْعِلْمُ لاَ بُدَّ لَهُ “““““““““ مِنْ عَالِمٍ يَبْذُلُهُ
لِطَالِبٍ مُجْتَهِدَ ““““““““ عَلَى يَدَيْهِ يَهْتَدِي
يَلْتَزِمُ التَّوَاضُعَا ““““““““““ وَيَنْبُذُ التَّرَفُّعَا
أَمَا تَرَى جِبْرِيلاَ “““““““ قَدْ حَمَلَ التَّنْزِيلاَ
مُعَلِّماً لِلْمُصْطَفَى ““““““““ مِنْ رَبِّهِ مُكَلَّفَا(391/31)
وَصَحْبُهُ قَدْ حَازُوا ““““““““ عُلُومَهُ فَفَازُوا
وَهَؤُلاَءِ عَلَّمُّوا ““““““ مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهُمُ
عَلَى أُصُولٍ سَامِيَهْ “““““ مِثْلَ الْجِبَالِ الرَّاسِيَهْ
فَحَقَّقُوا لِلأُمَّةِ “““““““““ كُلَّ مَعَانِي الْعِزَّةِ
وَلَمْ تَزَلْ آثَارُهُمْ ““““““““ رَافِعَةً أَقْدَارَهُمْ
وَمَا أَضَلَّ الْفِرَقَا ““““““““ وَسَبَّبَ التَّزَنْدُقَا
فِي كُلِّ عَصْرٍ غَابِرِ ““““ وَفِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ
إِلاَّ السُّلُوكُ الشَّارِدْ “““““ عَنِ السَّبِيلِ القَاصِدْ
ثُمَّ أَتَتْ أَزْمَانُ “““““““““ خَفَّ بِهَا الإِيمَانُ
وَقَلَّ فِيهَا الْعُلَمَا ““““““““ وَالْعُقَلاَ وَالْحُكَما
وَصَارَ فِيهَا الْجَهَلَه “““““““ بَيْنَ الْمَلاَ مُبَجَّلَهْ
وَنَبَتَتْ شَرَاذِمُ ““““““““““ سِيمَاهُمُ التَّعَالُمُ
شُيُوخُهُمْ دَفَاتِرُ ““““““““ صَمَّا وَفَهْمٌ قَاصِرُ
لِذَا أَسَاؤُوا الأَدَبَا ““““““““ وَجَهْلُهُمْ تَرَكَّبَا
حَتىَّ إِذَا مَا ذُكِرَا ““““““““ إِمامُ عِلْمٍ غَبَرَا
مِثْلُ إِمَامِ الدَّارِ (1) “ ““““““ وَرَكْبِهِ الأَبْرَارِ
قَالُوا -وَهُمْ أَذْيَالُ ““““““ نَحْنُ وَهُمْ رِجَالُ
وَخَبَطُوا فِي الْفَتْوَى ““““ لِلنَّاسِ خَبْطَ عَشْوَى
وَأَصْبَحَ التَّكْفِيرُ ““““““““““ لَدَيْهُمُ يَسِيرُ
رَمَوْا ذَوِي الْجِهَادِ ““““““““ بِأَلْسُنٍ حِدَادِ
وَقَدْ تَرَى الْخَوَارِجَا “““““ أَعْدَلَ مِنْهُمْ مَنْهَجَا
لِذَا تَرَى الشَّبَابَا ““““““ يَضْطَرِبُ اضْطِرَابَا
“““““““““““““““““““““““““““
(1) أي إمام دار الهجرة ، وهو الإمام مالك رحمه الله ، وركبه هم أئمة العلم من المفسرين والمحدثين والفقهاء .
وَاجِبُ الْعُلَمَاء
يَا عُلَمَاءَ الأُمَّهْ ““““““““ شَبَابُكُمْ فِي ظُلْمهْ
قَدْ حَادَ عَنْ إِسْلاَمِهْ ““““““ وَغَاصَ فِي آثَامِهْ
وَصَارَ جُلُّ هِمَّتِهْ ““““““““ إِشْبَاعَهُ لِشَهْوَتِهْ(391/32)
وَقَادهُ الأَعَادِي ““““““““ لِلْكُفْرِ وَالْفسَادِ
فَفَقَدَ الشَّخْصِيَّهْ ““““““““ وَالنُّبْلَ وَالْحَمِيَّهْ
حَتَّى غَدَا مُنَاصِرَا “““““““ لِمَنْ بِكُفْرٍ جَاهَرَا
وَأنْتُمُ فِي غَفْلَةِ “““““““““ يَا عُلَمَاءَ الأُمَّةِ
فَمَالَكُمْ لَمْ تَنْهَضُوا “““““ وَكَسَلاً لَمْ تَرْفُضُوا
مَنْ غَيْرُكُمْ لِلْجِيلِ ““““““““ يَهْدِيهِ لِلسَّبِيلِ
أَلَيْسَ فِي الْقُرآنِ “““““““ وَالسُّنَنِ الْحِسَانِ
قَدْ جَاءَنَا وَعِيدُ ““““““““““ مُغَلَّظٌ شَدِيدُ
لِكُلِّ ذِي كِتْمَانِ “““““““““ وَتَارِكِ الْبَيَانِ
فَانتَبِهُوا يَا عُلَمَا ““““““““ لِخَطَرٍ قَدْ دَهَمَا
وَكُلُّ مَا لاَ يَحْسُنُ “““““““ فَلِلشَّبَابِ بَيِّنُوا
فِي مَنْزِلٍ وَمَسْجِدِ “““““““ وَمَصْنَعٍ وَمَعْهَدِ
وَمَكْتَبٍ وَنَادِ “““““““““““ لِحَاضِرٍ وَبَادِ
كَذَاكَ كَانَ الْمُصْطَفَى ““““““““ قُدْوةُ كُلِّ مَنْ قَفَا
لا تكونوا مطايا للظلمة
يَا عَالِماً قَدْ خَضَعَا ““““““““ لِظَالِمٍ تَطَوُّعًا
فَصَارَ جِسْراً يَعْبُرُ ““““““ عَلَيْهِ قَوْمٌ فَجَرُوا
يُحِلُّ فِي فَتْوَاهُ ““““““““ مَا اللَّهُ لاَ يَرْضَاهُ
فِي الْمَالِ وَالدِّمَاءِ “““““““ وَسَائِرِ الأَشْيَاءِ
تَرَاهُ دَوْماً مُسْرِعاً “““““ إِلَى الطُّغَاةٍ خَاضِعَا
مُتَّبِعاً أهْوَاءَهُم ““““““““ وَطَالباً عَطَاءَهِم
مُحَلِّلاً في اللاَّحِقِ “““ مَحْظُورَهُ فِي السَّابِقِ
خَفِ الإِلَهَ الْمُنْتَقِمْ ““““ مِنْ ظَالِمٍ لِمَنْ ظُلِمْ
وَلاَ تَكُنْ مُقْتَدِيَا “““““ بِالْخَاسِرِينَ الأَشْقِيَا
أَعْنِي الَّذِينَ حَرَّفُوا ““““ كِتَابَهُمْ واعْتَسَفُوا
بَلِ اقْتَدِ بِالْكُمَّلِ ““““ كَصَحْبِ خَيْرِ الرُّسُلِ
وَغَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفْ ““““““ مِمَّنْ عَلَى الْحَقِّ وَقَفْ
وَلَمْ يُبَالِ بِالأَذَى ““““““ بَلْ كَانَ خَيْرَ مُحْتَذَى(391/33)
مِثْلَ الإِمَامِ الأَعْدَلِ “““““““ أَعْنِي بِهِ ابْنَ حَنْبَلِ
وَكُلَّ عَصْرٍ قَدَّمَا ““““““ فِيهِ الدِّمَاءَ الْعُلَمَا
تَحَدِّياً لِلْكَافِر “““““““““ وَقُدْوَةً لِلسَّائِرِ
وَالْفَوْزَ بِالسَّعَادةِ ““““““ وَالنَّصْرِ وَالشَّهَادةِ
وَلاِبْنِ عَبْدِ الْبَرِّ ““““““ وَلِلْعِرَاقِي الْبَدْرِي
سِفْرَانِ قَدْ تَضَمَّنَا “““““ فِي الْبَابِ مَا يُهِمُّنَا
وَفِي ظِلاَلِ الْوَحْيِ مَا “““““““ يَكْفِي الَّذِي قَدْ أَحْجَمَا
حُبُّ السَّلَفِ الصَّالِحِ
وَحُبُّ صَحْبِ الْهَادِي ““““““““ منْ أَعْظَمِ الرَّشَادِ
وَبُغْضُهُمْ نِفَاقُ “““““““““ يُكِنُّهُ الْفُسَّاقُ
أَلَيْسَ للأَصْحَابِ مَا “““““““ يَدْعُوكَ أَنْ تَحْتَرِمَا
وَأَنْ تَكُونَ بِهِمُ ““““““““ بَرّاً مُحِبًّا لَهُمُ
حَمَوا رَسُولَ اللَهِ “““““ وَجَاهَدُوا فِي اللَّهِ
بِالْمَالِ وَالْوَجَاهَةِ ““““““ وَالأَنْفُسِ الْغَالِيَةِ
وَهَجَرُوا الأَوْطَانَا ““““““ لِيَنْصُرُوا الإِيمَانَا
وَكَان لِلأَنْصَارِ مَا “““““ بِهِ الْكِتَابُ أَعْلَمَا
سَمَتْ نُفُوسُ الْكُلِّ ““““ لِسَبْقِهِم فِي الْفَضْلِ
مِنْ كَرَمٍ وَنَخْوَةِ ““““““““ وَهِمَّةٍ عَظِيمَةِ
وَمَا جَرَى بَيْنَهُمُ “““““““ فَلاِجْتِهَادٍ مِنْهُمُ
الْخَوْضُ فِيهِ جُرْمُ ““““““““ وَسَفَهٌ وَظُلْمُ
وَالآلُ أَوْصَى بِهِمُ ““““““““ أُمَتَهُ جَدُّهُمُ
فَهُمْ لَنَا أَحِبَّةُ “““““““““ وَبُغْضُهُمْ مَظْلَمَةُ
وَاحْذَرْ مِنَ الرَّوَافِضِ ““““““ أَئِمَّةِ التّنَاقُضِ
قَوْمٌ أحَبُّوا الْفِتَنَا “““““““ وَحَاوَلُوا إِضْلاَلَنَا
وَحَرَّفُوا الْكِتَابَا “““““““ وَكَفَّرُوا الأَصْحَابَا
وَلِلرَّسُولِ نَسَبُوا “““““ مَا لَمْ يَقُلْ بَلْ كَذَبُوا
وَكُتْبُهُمْ كَثِيرَةُ ““““““““ بِمَا مَضَى شَهِيرَةُ
كَمَنْهَجِ الْكَرَامَهْ ““““““ بَلْ بُؤْرَةِ النَّدَامهْ(1)(391/34)
فَعُدْ إِلَيْهِ لِتَرَى “““““““ مَا عِنْدَهُمْ مِنِ افْترَا
وَلِلإِمَامِ الْبَارِعْ “““““““ مِنْهَاجُهُ الْمُقَارِعْ (1)
كَذَا كِتَابُ الْكَافِي “““ ذِي الظُّلْمِ والإجحَافِ
وَدَعْوَةُ التَّقَارُبِ “““““ مِنْ أَعْجَبِ الأَعَاجِب
فَالْخُلْفُ فِي الأُصُول لاَ “““““““““ يَمْنَحُنَا التَّسَاهُلاَ
وَالْعَمَلُ السِّيَاسِي “““““““ لَيْسَ بِهِ مِنْ بَاسِ
إِنْ كَانَ فِي التَّحَالُفِ “““““““ مَصْلَحَةٌ لاَ تَخْتَفِي
وَكُلُّ مَنْ سَار عَلَى “““““ نَهْجِ الصَّحَابِ الْفُضَلاَ
لاَ سِيَمَا الأَئِمَّهْ ““““““““ رُوَّادَ هَذِي الأُمَّهْ
فِي الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ ““““““““ وَدَعْوةِ الْعِبَادِ
رَضِيَ عَنْهُم رَبُّهُمْ “““ فَرْضٌ (2) عَلَيْنَا حُبُّهُمْ
وَالطَّعْنُ فِيهِمْ مُنْكَرُ “““““““ مِنَ السَّفِيهِ يَصْدُرُ
لَكِنَّنَا لاَ نُلْزَمُ ““““““““““ بِكُلِّ رَأْيٍ لَهُمُ
لأَنَّ ذَاكَ لاَ يَتِمْ “““““““ إِلاَّ لِمُخْتَارٍ عُصِمْ
وَأيُّ خُلْفٍ بَيْنَنَا ““““““““ رُدَّ لِشَرْعِ دِينِنَا
=============
“1” المقصود بالإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وكتابه المشار إليه هو منهاج السنة
الذي لم يبق للرافضة شبهة إلا كشفها ، ولا مفسدة إلا دحضها وعراها ، ورد عليها ردا مفحما مقنعا لمن يريد الحق ، كما بين مقابل ذلك مذهب أهل السنة في كل مسألة مدعما ذلك بالأدلة النقلية والعقلية . والكتاب الذي رد عليه ابن تيمية سماه مؤلفه ( منهاج الكرامة ) وسماه ابن تيمية ( منهاج الندامة ) .
(2) خبر للمبتدأ “ كل “ قوله : “ وكل من سار ... “
حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ
سِتٌّ لِكُلِّ مُسْلِمِ ““““““““ إِنْ تَلْقَهُ فَسَلِّمِ
وَإِنْ دَعَاكَ فَأَجِبْ “““ وَابْذُلْ لَهُ نُصْحَ الْمُحِب
وَعَاطِساً إِنْ حَمِدَا ““““ شَمِّتْ وَذَا ضُرٍّ عُدَا
وَعِنْدَ مَوْتٍ فَاتْبَعَا ““““““““ جَنَازَةً مُشَيِّعَا
الصِّدْقُ وَالْوفَاء(391/35)
نَحْنُ الشَّبَابَ نَصْدُقُ “““““““““““ وَوَعْدَنَا نُحَقِّقُ
وَالْكِذْبُ عَيْبٌ عِنْدَنَا ““““““““ كَذَاكَ خُلْفُ وَعْدِنَا
وَالشَّكُّ فِي ذِي الْكَذِبِ “““““““““ أَصْلٌ وَلَوْ لَمْ يَكْذِبِ
وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ أَبِي “““““““““ مَعْنَى حَدِيثٍ لِلنَّبِي
الصِّدْقُ لِلْبِرِّ هَدَى ““““““““““ فِي جَنَّةٍ قَدْ خَلَّدَا
وَالْمَيْنُ يَهْدِي مَنْ كَذَبْ “““““““““““““ إِلَى فُجُورٍ يُجْتَنَبْ
وَذَا إِلَى النَّارِ هَدَا ““““““““““ وَالنَّارُ مَأْوَى لِلرَّدَى
فَكَيْفَ بَعْدَ مَا ذُكِرْ ““““““““““““ نَتْرُكُ وَصْفاً هُوَ بِرْ
وَنَعْمَلُ الْفُجُورَ “““““““““ أَلَيْسَ بِنَا جَدِيرَا؟
الرِّفْقً واللين
وَمَنْ يُرِدْ تَوْفٍيقَا “““““““““ فَلاَ يَزَل رَفِيقَا
وَكُلُّ أَمْرٍ يُقْرَنُ “““““““ بِالرِّفْقِ فَهْوَ حَسَنُ
يُعْطِي عَلَيْهِ اللَّهُ ““““““““ مَا لَمْ يَنَلْ سِوَاهُ
بِخَادِمٍ تَرَفَّقِ “““““““ عَلَى الضَّعِيفِ أَشْفِقِِ
وَاجْتَنَبِِ التَّكَبُّرَا ““““““ وَصْفَ شَقِيٍّ كَفَرَا
وَالرِّفْقُ فِي الأُمُورِ لاَ “““ يَمْنَعُ حَزْماً مُسْجَلاَ
وَمَنْ يُحَارِبْ دِينَنَا ““““““ فَاغْلُظْ عَلَيْهِ عَلَنَا
حَتَّى يَصِيرَ صَاغِرَا “““““““ وَدِينُنَا مُسَيْطِرَا
الشَّجَاعَةُ
أَنَا الشُّجَاعُ الرَّادِعْ “““““““ مَنْ أُمَّتِي يُخَادِعْ
أَنَا الشُّجَاعُ الْمُنْتَصِرْ “““““ عَلَى عَدُوِّي الْمُنْدَحِرْ
نَحْنُ أُبَاةَ الضَّيْمِ “““““““ لاَ نَنْحَنِي لِلظُّلْمِ
وَنُبْرِزُ الشَّجَاعَهْ “““““““ فِيمَا يَكُونُ طَاعهْ
لاَ نَعْتَدِي عَلَى أَحَدْ ““““““ فِي خَارِجٍ أَوْ فِي الْبَلَدْ
لأَنَّ كُلَّ مُعْتَدِ ““““““““ لِنَصْرِهِ لاَ يَهْتَدِي
لَسْنَا بِهَا نُفَاخِرُ “““““““ لَكِنْ ظَلُوماً نَأطِرُ
يَا أَيُّهَا الشبَّانُ “““““““““ جَمِيعُنَا شُجْعَانُ
وَنَكْرَهُ الْجَبَانَا ““““““““ مِنْ أَيِّ قَوْمٍ كَانَا(391/36)
وَلاَ نُوَالِي الْكَافِرَا ““““““ مُرَاوِغاً أَوْ ظَاهِرَا
وَلَسْتُ بِالْمُحَايِدْ “““““““ بَلْ إِنَّنِي مُجَاهِدْ
مُقَاتِلٌ مَنْ كَفَرَا “““““““ حَتَّى أَنَالَ الظَّفَرَا
وَغَايَتِي يَا قَوْمِيَا ““““““““ إِعْلاَءُ دِينِ رَبِّيَا
وَلَمْ أُرِدْ إِطْرَائِي “““““““ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِي
الْكَرَمُ وَالْبُخْلُ
لاَ خَيْرَ فِي بَخِيلِ ““““““ أَوْ مُسْرِفٍ جَهُولِ
وَالْوَسَطُ الْمَحْمُودُ ““““ وَمِنْ صِفَاتِي الْجُودُ
أُخْرِجُ مَا فِي مَالِي “““““ أَوْجَبَ ذُو الْجَلاَلِ
مُزَكِّياً أَوْ مُنْفِقَا “““““““““ وَأُكْثِرُ التَّصَدُّقَا
مُحْتَسِباً مُبْتَغِيَا “““““““ خَيْرَ الْجَزَا مِنْ رَبِّيَا
وَهْوَ لِمُعْطٍ مُخْلِفُ “““““““ وَلِبَخِيلٍ مُتْلِفُ
وَكَمْ غَنِيٍّ صَرَفَا ““““““““ أَمْوَالَهُ فَأَسْرَفَا
فِي الإِثْمِ وَالْفُجُورِ ““““““ كَشَارِبِي الْخُمُور
وَحَرَمُوا الْفَقِيراَ “““““““““ وَأَنْفَقُوا تَقْتِيرَا
الظُّلْمُ وَالْعَدْلُ ( 42 )
وَالظُّلْمَ رَبِّي حَرَّمَا “““““““ فَلاَ أَكُونُ ظَالِمَا
لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرِ “““““““ خَوْفَ الإِلَهِ الْقَاهِرِ
فِي عِرْضِهِ أَوِ الدَّمِ “““““““ أَوْ مَالِهِ الْمُحَرَّمِ
وَالظُّلْمُ لاَ يُحِبُّهُ “““““““““ إِلاَّ خَبِيثٌ قَلْبُهُ
لأَنَّهُ عُدْوَانُ “““““““““ يَدْعُو لَهُ الشَّيْطَانُ
فَابْتَعِدُوا إِخْوَانِي “““““““ عَنْهُ مَدَى الأَزْمَانِ
واسْتَمْسِكُوا بِالْعَدْلِ ““““““ فَفِيهِ كُلُّ الْفَضْلِ
فِي الْقَوْلِ والْمُعْتَقَدِ ““““““ وَالْعَمَلِ الْمُعْتَمَدِ
تَحْريمُ دَمِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ
وَقَتْلَ أَيِّ مُسْلِمِ “““““““ بِالنَّصِّ دَوْماً حَرِّمِ
إِلاَّ الَّذِي قَدْ أَحْصَنَا ““““““ وَبَعْدَ ذَاكَ قَدْ زَنَا
وَقَاتِلَ النَّفْسِ الَّتِي “““ فِي الشَّرْعِ ذَاتُ عِصْمَةِ
وَتَارِكاً لِلْمِلَّةِ ““““““““““ مُفَارِقَ الْجَمَاعَةِ(391/37)
““““““حق الْجارُ ( 43 )”“““““““““““
وَأَنْتًمُ جِيرَانِي “““““““““ يَنَالُكُمْ إحْسَانِي
إِكْرَامُكُمْ مِنْ خُلُقِي ““““““““ وَضُرَّكُمْ سَأَتَّقِي
وَأَبْشِرُوا بِخِدْمَتِي “““““““ لَكُمْ بِكُلِّ سُرْعَةِ
وَمَا عَلَيْكُمْ أَبْخَلُ ““““““““ بِأَيِّ خَيْرٍ يُبْذَلُ
جَمِيلَكُمْ سَأنْشُرُ ““““““““ وَمَا عَدَاهُ أسْتُرُ
أَوصَى بِكُمْ جِبْرِيلُ “““““““ وَبَلَّغَ الرَّسُولُ
وَكُلُّنَا قَدْ أَذْعَنَا ““““““““ لِذَاكَ يَا جِيرَانَنَا
““““““““““““ الضَّيْفُ “““““““““““
وَبَيْتُنَا لِضَيْفِنَا ““““““““““ كَبَيْتِهِ فَانْزِلْ بِنَا
تَرَ الْوُجُوهَ تَحْتَفِي ““““““ بِضَيْفِهَا الْمُشَرَّفِ
وَالضَّيْفُ بَيْنَ قَوْمِنَا “““““ كَالْفَرْدِ مِنْ أفْرَادِنَا
لاَ تَعْتَرِيهِ كُرْبَهْ “““““““““ وَلاَ يُحِسُّ غُرْبَهْ
وَلاَ يَرَى سَآمَهْ ““““““““ مَهْمَا يُطِلْ مَقَامهْ
قِرَى الضُّيُوفِ طَبْعُنَا ““““““ حَثَّ عَلَيْهِ دِينُنَا
وَالطَبْعُ والدِّينُ إِذَا “““““““ يَجْتِمِعَانِ حَبَّذَا
وَبِئْسَ طَبْعُ الْغرْبِي ““““““ لاَ سِيَمَا الأُورُبِّي
فَضيْفُهم لاَ يُكْرَم ““““““ وَإن يجُعْ لاَ يُطْعَمُ
وَيَكْثُرُ اكْتئَابُنَا ““““““““ عِنْدَ رَحِيلِ ضَيْفِنَا
تَرَى الصَّغِيرَ بَاكِيَا ““““““ وَمَنْ سِوَاهُ دَاعِيَا
يَا رَبِّ وَفِّقْ ضَيْفَنَا ““““““ ألاَّ يُطِيلَ هَجْرَنَا
فِطْرَةٌ وَقُدْوَةٌ
وَلِحْيَتِي الْمُوَقَّرَهْ ““““““ فِي السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَهْ
لَسْتُ لَهَا بِحَالِقِي ““““““ مُسْتَحِياً مِنْ خَالِقِ
لأَنَّهَا مِنْ فِطْرَتِي ““““““““ وَمِنْ شِعَارِ مِلَّتِي
وَالأَصْلُ أَنَّ حَلْقَهَا “““ لِلْمُشْرِكِينَ السَّفَهَا (1)
وَتَرْكُهَا رُجُولَةُ ““““““““““ وَحَلْقُهَا أُنُوثََةُ
وَمِنْ عَجِيبِ الْمُنْكَرِ ““““““““ أَنَّ النِّظَامَ الْعَسْكَرِي(391/38)
فِي غَالِبِ الْبَسِيطَةِ ““““““ يُوجِبُ حَلْقَ اللِّحْيَةِ
وَالفرْضُ فِي الْجُنُودِ ““““““““ خُشُونَةُ الأُسُودِ
لاَ رِقَّةُ الأَرَانِبِ “““““““ وََالنِّسْوَةِ الْكَوَعِبِ
وَالأَمْرُ بِالإعْفَاءِ ““““““““ صَحَّ بِلاَ امْتِرَاءِ
وَهْوَ إِذَامَا أُطْلِقَا ““““““““ وُجُوبُهُ تَحَقَّقَا
كَذَا عَنِ التَشَبُّهِ “““““ بِالْمُشْرِكِينَ قَدْ نُهِي
وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ ““““““ فِي شِرْعَةِ الْحَكِيمِ
وَالْمَرءُ مَعْ مُحِبِّهِ “““““““ وَأُنْسُهُ فِي قُرْبِهِ
فَهَلْ يَكُونُ الاِقْتِدَا ““““ بِالْمُصْطَفَى أَمْ بِالْعِدَا
وَهَاهُنَا يَجْدُرُ بِي ““““““ ذِكْرُ مِثَالٍ مَرَّ بِي
أَلْقَاهُ بَعْضُ الْفُضَلاَ ““““““ لِلَفْتِ أَنْظَارَ الْمَلاَ
قَالَ احْصُرُوا الْجَرَائِم ““““““ فِي السِّجْنِ وَالْمَحَاكِمْ
أَغَالِبُ الْعُصَاةِ ““““““““““ وَأَكْثَرُ الْجُنَاةِ
ذَوُو لِحىً مُوَفَّرَهْ ““““““ أَمْ حَالِقُونَ مَكَرَهْ
هَذَا هُوَ الْمِثَالُ “““““““““ فَلْيَفْهَمِ الْعُقَّالُ
فَلاَ تُطِعْ مُنَافِقَا “““““““ أَوْ كَافِراً أَوْ فَاسِقَا
يَرْمِيكَ بِالْغَبَاءِ ““““““““““ بِسَبَبِ الإِعفَاءِ
فَقَدْ كَفَاكَ الْمُصْطَفَى “““““““““ وَالْعُلَمَا والْخُلَفَا
وَاذْمُمْ ذَوِي التَّنَافُسِ ““““““““ فِي بِدْعَةِ الْخَنَافِسِ
=================
( 1 ) -يشير الناظم بهذا البيت إلى حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( خالفوا المشركين ، وفروا اللحى ، واحفوا الشوارب ) وهو متفق عليه . وغيره في معناه كثير .
الْكِتَابُ الرَّابِعُ
فِي
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الأمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عن المنكر
وَكُلُّ أَمْرٍ مُنْكَرِ “““““““ فِي شَرْعِنَا الْمُطَهَّرِ
فَوَاجِبٌ إِنْكَارُهْ ““““““““ وَلَمْ يَجُزْ إِنْظَارُهْ(391/39)
عَلَى جَمِيعِ الأُمَّةِ “““““““ إِنْ لَمْ يَزُل بِفِرْقَةِ
وَبِيَدِيَّ أُنْكِرُ ““““““““ إِنْ كُنْتُ مِمَّنْ يَقْدِرُ
مُتَّصِفاً بِالْحِكْمَةِ ““““““ وَالصَّبْرِ عِنْدَ الْمِحْنَةِ
وَعَالِماً بِالأَمْرِ ““““““““ مِنْ شَرْعِنَا والْحَظْرِ
مُتَّقِياً أَنْ يَحْصُلاَ ““““““““ أعْظَمُ مِمَّا عُمِلاَ
وَبَعْدَ ذَا اللِّسَانُ “““““““““ ثُّمَّ يَلِي الْجَنَانُ
وَفَاقِدُ الثَّلاَثَةِ “““““““““““ إِيمانُهُ لَمْ يَثْبُتِ
وَجَاهِلٌ لاَ يَأمُرُ “““““““““ أَيْضاً وَلاَ يُنَكِّرُ
لأَنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ ““““““““““ بِمَا الإِلَهُ يَحْظُرُ
وَيَمْنَعُ الَّذِي شُرِِعْ ““““““ وَذَا يُضِلُّ الْمُتَّبِعْ
وَتَارِكُ الإِنْكَارِ “““““““ فَالْعَنْ بِنَصِّ الْبَارِي
وَالأُمَّةُ الْتَّارِكَةُ “““““““““ لِمُنْكَرٍ هَالِكَةُ
وَالأمْرُ بِالْمَعْرُوفِ “““““““ فِي دِينِنَا الْحَنِيفِ
وُجُوبُهُ تَحَتَّمَا ““““““ فِي وَاجِبٍ قَدْ عُلِمَا
وَمَا يُسَنُّ لاَ يَجِبْ “““ أَمْرٌ بِهِ وَقَدْ يَجِبْ (1)
““““““““““““““““““““““““““
(1) كالأذان إذا تركه أهل بلد .
الْجِدُّ وَاللَهْوُ
وَاجْتَنِب الْمَلاَهِيَا ““““““““ لِكَوْنِهَا مَنَاهِيَا
وَلاَ تَكْنْ مُصَاحِبَا “““““““ لأَهْلِهَا بَلْ جَانِبَا
وَالْمَرْءُ بِالْقَرِينِ “““““““ فَاظْفَرْ بِأَهْلِ الدَّينِ
وَاللَّهْوُ وَالْخَلاَعَهْ ““““““ لَيْسَا لأَهْلِ الطَّاعَهْ
بَلْ لَهُمُ الصَّلاَةُ ““““““““ وَالْحَجُّ وَالزَّكَاةُ
وَالذِّكْرُ وَالصِّيَامُ “““““““ وَالْوَعْظُ وَالْقِيَامُ
وَمَنْهَجُ الْجِهَادِ ““““““““ وَنَافِعُ الْعِبَادِ
وَالشُّغْلُ بِالتِّجَارَةِ ““““““ والزَّرْعِ وَالصِّنَاعَةِ
وَالنَّافِعِ الْعُمُومِي ““““““ كَالْعَمَلِ الْحُكُومِي
فَأَيْنَ وَقْتُ الْمَرَحِ “““““ فِي مَرْقَصٍ وَمَسْرَحِ
لِذِي الْمَرَامِ الْعَالِي “““““ يَا مَعْشَرَ الأولاد(391/40)
لاَ سِيَمَا فِي عَصْرِنَا “““““ حَيْثُ الْعَدُوُّ هَيْمَنَا
قُولُوا جَمِيعاً مَعِيَا ““““““ لاَ نَبْتَغِي الْمَلاَهِيَا
اجْتِنَابُ المضرات من المسكرات والمخدرات وغيرها
وَلْنَجْتَنِبْ مَا أَسْكَرَا ““““ أَوْ أَيَّ شَيءٍ خَدَّرَا
كَالْخَمْرِ والأفْيُونِ ““““““ مُسَبِّبِ الْجُنُونِ
نَحْنُ شَبَابٌ مُسْلِمُ “““““““ لِرَبِّهِ مُسْتَسْلِمُ
وَهْوَ الَّذِي قَدْ حَرَّمَا ““““ خَمْراً بِنَصٍّ عُلِمَا
وَالْمُصْطَفَى قَدْ حَظَرَا ““““““““ فِي سُنَّةٍ مَا خَدَّرَا
وَالْقَاتُ يَا شَعْبَ الْيَمَنْ “““““““““ مُزْرٍ بِكُمْ وَبِالْوَطَنْ
مُضَيِّعٌ أَوْقَاتَكُمْ ““““““““ وَمُهْدِرٌ أَمْوَالَكُمْ
ثَابِتَةٌ مَفَاسِدُهْ “““““““““ زَاهِقَةٌ فَوَائِدُهْ
فَفِي الْحُقُولِ الغاليهْ ““““““ يَزْحَمُ خَيْرَ الأَغْذِيَهْ
بَلْ إِنَّهُ لمَانِعْ ““““““““ للاِقْتِصَادِ النَّافِعْ
وَهْوَ عَدُوُّ الصِّحَّةِ ““““““ وَمُضْعِفٌ لِلْبَاءَةِ
فَيَا وُلاَةَ الأُمَّة ِ “““““““““ وَيَا رُؤوس َالدَّعوَةِ
وَيَا رِجَالَ الأَدَبِ ““““ وَالْفِكْرِ فِي الشَّعْبِ الأَبِي
بَذْلاً لِنُصْحٍ نَافِعِ “““““““ وَقُدْوَةً لِلتَّابِعِ
وَلَسْتُ بِالْمُدَخِّنِ ““““ فِي السِّرِّ أَوْ فِي الْعَلَنِ
لِمْ أَسْتَبِحْ إحْرَاقِيَا ““““““““ بِلاَ حَيَاءٍ مَالِيَا
وَلاَ أبِيعُ صِحَّتِي “““““““ وَأَشْتَرِي مَضَرَّتِي
فَكَمْ صُدُورٍ جَرَّحَا ““““““ وَكَمْ رِئَاتٍ قَرَّحَا
وَالسَّرَطَانُ الْهَائِجُ “““““““ عَنْهُ كَثِيراً نَاتِجُ
فكَيْفَ يَا إخْوَانِي ““““““ نَرْغَبُ فِي الدُّخَانِ
الرِّبَا وَأضْرَارُهُ
وَآكِلٌ مَالَ الرِّبَا “““““““““ لِرَبِّهِ قَدْ حَارَبَا
وَضاعَفَ الْجُهُودَا ““““““““ لِيَدْعَمَ الْيَهُودَا
لأَنَهُمْ مَآلُهْ “““““““““ بِيَدِهِمْ حِبَالُهْ
وَلِبُنُوكِ وقْتِنَا “““““ مَا قَدْ كَفَى لِخُسْرِنَا(391/41)
وَشَرْْعُنَا ذُو الثَّرْوَةِ ““““““ عَنِ الرِّبَا فِي غُنْيَةِ
فِيهِ الْحُلُولُ الْمُوصِلَهْ “““““““ لِحَلِ أَيِّ مُعْضِلَهْ
إذَا أرادَا الْعُلَمَا ““““““““““ وَالأُمَرَا تَقَدُّمَا
لَكِنَّ تَقْلِدَ الْعِدَا ““““““““ عَنْ فَهْمِهِ قَدْ أبْعَدَا
وَفِي “الرِّبَا” الْمَوْدُودِي ““““““ يُنْبِيكَ فِي مَقْصُودِي (1)
لَكِنَّنَا نُبَشِّرُ ““““““ بِمَصْرِفٍ ( 2 ) يَنْتَشِرُ
مُسَدِّداً مُقَارِبَا “““““““““ مُحَاوِلاً تَرْكَ الرِّبَا
“““““““““““““““““““““
( 1 ) كتاب الربا للأستاذ المودودي رحمه الله .
( 2 ) اسم جنس يشمل كل المصارف الإسلامية .
تَحريمُ الْغِيبَةِ وَالنَمِيمَةِ والتَّجَسُّسِ وَالسُّخْرِيَّةِ
وآكِلٌّ لَحْمَ الْبَشَرْ “““““ مَنْ غَائِباً يَرْمِي بِشَرْ
مَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَكِيَا ““““““ أَوْ سَائِلاً مُسْتَفْتِيَا
لِذَا تَرَانَا نَنفِرُ ““““““““ مِنْ غِيبَةٍ وَنُنْكِرُ
وَنَاقِلُ الْكَلاَمِ ““““““““““““ لِفُرْقَةِ الأَنَامِ
نَفَى صَحِيحُ السُّنَّةِ “““““““ دُخُولَهُ فِي الْجنَّةِ
فَكَيْف بِالْكَابُوسِ “““““““ مُخَالِفِ النَّامُوسِ
أَعْنيِ بِهِ الْجَاسُوسَا “““ أَلَيْسَ يَحْكِي السُّوسَا
أَمَا تَرَاهُ يَحْتَرِفْ “““““ مِنَ النِّفَاقِ الْمُنْحِرِفْ
فَإِنْ يَكُنْ قَدْ أُفْرِزَ “““““““ الِذِي تُقًى تَمَيَّزَا
بَدَا تَقِيًّا مُصْلِحَا ““““““““ مُصَلِّياً قَدِ الْتَحَى
أَمَّا إِذَا مَا انْتَدَبَا “““““““ لِفَاسِقٍ قَدْ أَذْنَبَا
فَالْفِسْقُ خَيْرُ مَلْبَسِهْ “““““ لِلفَوْزِ فِي تَجَسُّسِهْ
حَتىَّ غَدَا الْقَرِيبُ ““““““““ قَرِيبَهُ يُرِيبُ
تَبَدَّلَتْ أَحْوَالُ “““““““““ وَفَسَدَتْ أَجْيَالُ
كُنَّا جَميعاً أَعْيُنَا ““““““““ عَلَى عَدُوِّ دِينِنَا
وَالْيَوْمَ صَارَ بَعْضُنَا ““““““““ لَهُ عَلَيْنَا أَعْيُنَا
وَغَالِبُ الْعُمَّالِ ““““““ فِي مِثْلِ ذَا الْمَجَالِ(391/42)
لَهُمْ نُفُوسٌ ثَقُلَتْ “““““““ وَهِمَمٌ قَدْ سَفَلَتْ
سِيمَاهُمُ الْجَهَالَهْ “““““““ وَاللُّؤْمُ وَالْبِطَالَهْ
فَاكْتَشَفُوا مَا يُمْكِنُ ““““““““ لَهُمْ بِهِ تَمَكُّنُ
وَيُصْبِحُونَ فِي الْمَلاَ ““““““ جُنُودَ ظُلْمٍ عُمَلاَ
إِذْ تَأْمُرُ الثَّعَالِبُ ““““““““ وتَخْضَعُ الأَغَالِبُ
أَعْدَادُهُمْ قَدْ أَرْبَتِ ““““““ عَلَى جُيُوشِ الأُمَّةِ
وَالشَّرْطُ فِي التَّأْهِيلِ ““““““ الْجِدُّ فِي التَّنْكِيلِ
بِكُلِّ شَهْمٍ يَأْمُرُ “““““““ بِالْعُرْفِ أَوْ مَنْ يُنْكِرُ
لأَنَّ هَذَا الْعَمَلاَ ““““““““ يُوقِظُ مَنْ قَدْ غَفَلاَ
مِنَ الشُّعُوبِ الْمُسْلِمَهْ ““““ عَلَى الطُّغَاةِ الظَّلَمَهْ
مَنْ حَارَبُوا الْقُرْآنَا “““““““ وَالسُّنَنَ الْحِسَانَا
وَفَاعِلُ السُّخْرِيَّةِ ““““““““ مِنْ ألأَم الْخَلِيقَةِ
كَمْ سَاخِرٍ تَكَبَّرَا ““““““ مِنْ غَيْرِه قَدْ سَخِرَا
وَهْوَ لَدَى الإلَهِ “““““““““ أَذَلُّ خَلْقِ اللَّهِ
وَالْحجُرَاتُ فِيهَا ““““““““ آدَابُ مَنْ يَعِيهَا
الْهَدامُونَ
وَكُلُّنَا مُعَادِ ““““““““ لِلْكُفْرِ وَالإلحادِ
غَرْبيِّهِ والشَّرْقِي “““““““““ نَدْحَضُه بِالْحَقِّ
لاَ نَرْتَضِي إِمَامَا ““““““““ يُحَارِبُ الإِسْلاَمَا
فَاحْذَرْ مِنَ الْمَاسُونِي ““““““““ الْخَائِنِ المَلْعُونِ
مَنْ عَاثَ فِي صُفُوفِنَا ““““““““ فَسَادَهُ وَهَيْمَنَا
وَتَابِعُ الصُّهْيُوني “““““““““ أَوْ صِنْوِهِ لِينِينِ
فِي حرْبِه لِلدِّينِ “““““““““ فَذَكَ ذُو بُهْتَانِ
لَسْنَا لَهُ نَصَدِّقُ “““““““““ بَلْ كُفْرُهُ مُحَقَّقُ
وَنَحْنُ فِي غَنَاءِ ““““““““ بِدِينِنَا الْوَضَّاءِ
فَهْوَ صَلاَةٌ وَصِيَامْ ““““““ وَهْو سُلُوكٌ وَقِيَامْ
وَهْوَ نِظَامٌ وَاقْتِصَادْ “““““ وَهْوَ قَضَاءٌ وَجِهَادْ
وَهْوَ يَحُضُّ دَائِمَا ““““““ أَنْ نُحْرِزَ الْمَكَارِمَا(391/43)
بِكُلِّ شَيءٍ يَنْفَعُ “““““““““ وَمَا يَضُرُّ يَمْنَعُ
وَقَدْ مَضَى التَّفْصِيلُ “““““ فِي الْعِلْمِ يَا خَلِيلُ
وَدِينُنَا الإسْلاَمِي “““““““ لاَ شَكَّ ذُو تَمَامِ
عَقِيدَةً وَخُلُقَا ““““““““ وَشِرْعَةً ذَاتَ ارْتِقَا
وَهْوَ لِكُلِّ الْبَشَرِ “““““““““ مُحَقِّقٌ لِلْوَطَرِ
فَلْيخْرَسِ الْعَلْمَانِي “““““““ مُحَارِبُ الأَدْيَانِ
ومُدَّعِي الْقَومِيَّةِ “““““““““ مَعْ ظُلْمِهِ للأُمَّةِ
وَعَبْدُ رَأيِ الأَغْلَبِ ““ وَلَوْ قَلَى هَدْيَ النَّبِي (1)
وَهَذِهِ نَصِيحَتِي ““““““““ أَصْغِي لَهَا يَا أُمَّتِي
كَفَاكِ مَا حَلَّ بِكِ “““““ مِنَ الْعِدَا فِي أَرْضِكِ
فَكُلُّ مَا لَدَيْهِمُ “““““““ مِنْ مَبْدأ قَدْ عَظَّمُوا
جُرِّبَ فِي بِلاَدِنَا ““““““““ فَبَانَ هَدْماً وَفَنَا
لأَنَّهُ مُسْتَوْرَدُ ““““““““““ مِنْ بَشَرٍ تَمَرَّدُوا
وَهْوَ دَخِيلٌ بَيْنَنَا ““““““ وَطَارئٌ كَابْنِ الزِّنَا
“““““““““““““““
( 1 ) تضمن هذا البيت ذم الديمقراطية التي يؤله أهلها الشعب من دون الله في التشريع . و انظر الإسلام والمدنية الحديثة للمودودي . وكتاب الشورى للناظم .
دَوْرُ أَعْدَاءِ الإسْلامِ فِي إِفْسَادِ الْمرأةِ وَمَوْقِفُ الإسلاَمِ مِنْهُ
وَنَهْجُهُمْ فِي الْمرْأَةِ “““““ نَهْجٌ شَدِيدُ الْفِتْنَةِ
دَعَوا إِلَى السُّفُورِ ““““““ وَالعُهْرِ وَالْفُجُورِ
وَلاِخْتِلاَطٍ مُنكَرِ “““““ عِنْدَ سَلِيمِي الْفِطَرِ
وَفِيهِمَا الْخسَارَهْ ““““““““ جَالِبَةُ الدَّعَارهْ
وَالْفَقْدِ لِلْكَرَامهْ ““““““““ وَعِظَمِ الْمَلاَمَهْ
وَخَلْوةٍ آثَارُهَا ““““““ أَقَدْ ظَهَرَت أَضْرَارُهَا
وَلِلتَّسَاوِي الْكَامِل ““““ فِي الْحَقٍّ أَوْ فِي الْبَاطِلِ
وَقَدْ أَجَابَ الدَّاعِيَا “““““ مَنْ صَارَ مِنَّا غَاوِيَا
وأَسْنَدُوا لِلْمَرْأَةِ ““““““““ تَدْبِيرَ شَأن الأُمَّةِ(391/44)
أَرْضَوْا بِذَاكَ مَنْ كَفَرْ “““““ وَأَغْضَبُوا رَبَّ الْبَشَر
وَمَنَعُوا التَّعَدُّدَا “““““““ وَأَوْغَلُوا تَمًرُّدَا
وَزَعَمُوا التَّحْرِيرَا ““““““““ سَفَاهَةً وَزُورَا
وَقَدْ غَدَتْ كَالْكُرَةِ “““““ تُقُوذِفَتْ فِي اللُّعْبَةِ
وَبَعْدَ أَنْ تُخَرَّقَا “““““““ يَرْمِي بِهَا مَنْ مَزَّقَا
وَأَنْتِ يَا أخْتَاهُ ““““““““ أَصْغِي حَمَاكِ اللَّهُ
لِشَرْعِنَا الْحَنِيفِ ““““ ذِي الفَضْلِ وَالتَّشْرِيفِ
فَأَنْتِ فِيهِ حُرَّةُ “““““““ وَعِنْدَهُمْ أَسِيرَةُ
فَفِي الْحِجَابِ صَوْنُكِ ““““““““ عَنْ أعْيُنٍ تَخُونُكِ
وَهْوَ دَلِيلُ الْعِفَّةِ “““““““ وَالطُّهْرِ لِلْمُسْلِمَةِ
وَالْمرْأَةُ الْغَربِيَّةُ “““““““““ لِعَمَلٍ مُضْطَرَّةُ
فَمَالَهَا مِنْ عَائِل “““““““ وَلاَ شَرِيفٍ كَافِلِ
وَأَنْتِ مَا يَكْفِيكِ “““““ يَأتِيكِ مِنْ أَهْلِيكِ
قَدْ أَوْجَبَتْهُ الشِّرْعَةُ “““““““““ وَلَيْسَ فِيهِ مِنَّةُ
وَبَيْتُ مَالٍ يَرْزُقُ ““““ مَنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يُنْفِقُ
إِنْ لَمْ يَكُنْ فَاكْتَسِبي “““““ وَالْتَزِمِي بِالأَدَبِ
وَجَائِزٌ خُرُوجُكِ “““““““ لِحاجة مِن بيْتِكِ
وَالأَصْلُ أَنْ تَبْقَي بِهِ “““““ وَالنَّصُّ قَدْ جَاء بِهِ
حَتَّى تَكُونِي مُؤْنِسَة “““““““ وَلِلبَنِينَ مَدْرَسَهْ
مُشْرِفَةً مُنَظِّمَهْ ““““““““ مُطِيعَةً مُكَرِّمَهْ
لِزَوْجِكِ الْقَوَّامِ ““““““ رَاعِي الْعِيَالِ الْحَامِي
إِن غَابَ عنْكِ يَأْمَنُ ““““““ وإِنْ يَعُدْ فَسَكَنُ
وَأَنتِ مِثْلُ الرَّجُلِ ““““““ فِي عِلْمِهِ وَالْعَمَلِ
وَالْمِلْكِ وَالْجَزَاءِ ““““““““ وَسَائِر الأَشْيَاءِ
مَا لَمْ يَرِدْ فِي شَرعِكِ “““““““ مَا صَحَّ فِيهِ مَنْعُكِ
لَكِنْ لَهُ الْقِيَادَةُ ““““““““ كَمَا عَيْكِ الطَّاعَةُ
لأَنَّ جُلَّ الثِّقَلِ ““““““““““ مَرْجُعُهُ لِلرَّجُلِ
يَضْرِبُ فِي الآفَاقِ ““““““ فِي طَلَبِ الأرْزَاقِ(391/45)
وَهْوَ الْقِوِيُّ النَّافِعْ ““““““ عَنْ عِرْضِهِ يُدَافِعْ
وَهْوَ لِفِعْلٍ مُتْقِنُ “““““““““ فِي أَمرِهِ مُتَّزِنُ
وَالإرْثُ أَيْضاً فَضَّلا ““““““ اللَّهُ فِيهِ الرَّجُلاَ
لأَنَّ مَا يُنْفِقُهُ “““““““““““ مُكَلِّفٌ يُرْهِقُهُ
وَالأَصْلُ فِي الْمَغَانم “““““““ الْقَيْسُ بِالْمَغَارِمِ
وَشِرْعَةُ الْحَكِيمِ ““““““““ وَاجِبَةُ الْتَّسْلِيمِ
وَأَوْجِدَا بَيْنَكُمَا “““““““““ تَعَاوُناً مُحْتَرَماً
وَمَانِعُ التَّعَدُّدَ ““““““““““ مُضَلَّلٌ لَمْ يَهْتَدِ
وَهَلْ يُبِيحُ رَبُّنَا ““““““““ مَا لَيْسَ فِيهِ نَفْعُنَا
وَهْوَ الْحَكِيمُ يَعْلَمُ “““““““ وَغَيْرُهُ لاَ يَعْلَمُ
وَالْعَدْلُ فِي الإبَاحَةِ “““““““ قَيْدٌ بِنَصِ الآيَةِ
تَدَيُّناً وَلِلقَضَا ““““““““ الْفَصْلُ فِيمَا عُرِضَا
وَكَمْ مِنَ الْمآسِي ““““““ قَدْ حَدَثَتْ لِلنَّاسِ
وَحَلُّهَا الْمُؤَكَّدُ “““““““““ يَضْمَنُهُ التَّعَدُّدُ
وَقَدْ أَبَاحَ الْمَانِعُ “““““““ تَعَدُّداً لاَ يُشْرَعُ
وَلَيْسَ يَخْفَى مَا بِهِ ““““““ مِنْ ضَرَرٍ يَأْتِي بِهِ
مِثْلُ وَبَاءِ الزُّهْرِي “““““““ وَبَاءِ هَذَا الْعَصْرِ
وَالْفَقْدِ لِلْمَنَاعهْ ““““““““ وَهْوَ وَبَاءُ الساعَهْ
وَالْخُلُقُ الرَّفِيعُ “““““““““ فِي أَهْلِهِ يَضِيعُ
هَذَا بَيَانٌ أُجْمِلاَ “““““““ وَفِقْهُنَا قَدْ فَصَّلاَ
فَاسْتَمْسِكِي يَا مُسْلِمَهْ “““““““ بِالشِّرْعَةِ الْمُحْتَرَمَهْ
وَلاَ تَكُونِي إِمَّعَهْ “““““““““ لِخَاسِرٍ مُتَّبِعَهْ
وَأَثْبِتِي فِي عِزَّةِ ““““““ لِلنَّاسِ حُسْنَ الْمِلَّةِ
غَلاَءُ الْمَهْرِ وَالرَّغْبَةُ عَنِ الزَّوَاج
وَفِي غَلاَءِ الْمَهْر “““““ إِعْنَاتُ مَنْ يَسْتَبْري
لأَنَّهُ قَدْ أخَّرَا ““““““““““ تَحَصُّناً مُبَكِّرَا
بِهِ الشَّبَابُ يَطْهُرُ “““““““ مِنْ دَنَسٍ يَنْتَشِرُ
فَكَمْ فَتَاةٍ وَفَتَى ““““““““ فِي مُنْكَرٍ تَهَافَتَا(391/46)
لِلرَّغْبَةِ الْمُلِحَّةِ “““““““ بَيْنَهُمَا فِي الْعِشْرَةِ
لَكِنْ وَلِيُّ أَمْرِهَا ““““““““ لِجَشَعٍ أَخَّرَهَا
وَلَوْ دَرَى لَسَارَعَا “““““““ إِلَى زَوَاجٍ شُرِعَا
لَكِنَّهُمْ وَاأَسَفِي “““““ قَدْ فَرَّطُوا فِي الشَّرَفِ
وَالْبَعْضُ مِنْ شَبَابِنَا ““““““ قَدْ أَهْمَلُوا سُنَّتَنَا
بِالزُّهْدِ فِي النِّكَاحِ “““““ عَمْداً إِلَى السِّفَاحِ
لاَ يَرْغَبُونَ فِي الْهُدَى ““““““ مُقَلِّدِينَ لِلْعِدَا
وَزَاعِمُو التَّقَرُّبِ “““““““““ لِلَّهِ بِالتَّرَهُّبِ
كَذِي الصًّلِيبِ الْكَافِرِ ““““ وَالْمَانَوِيِّ الْخَاسِرِ
حَادُوا عَنِ الشَّرَائِعِ ““““““ وَصَالِحِ الطَّبَائِعِ
وَتَرْكُ نَهْجِ الْمُصْطَفى “““““ فِيهِ الشَّقَاءُ وَالْجَفَا
الْحذَرُ مِنَ الأَعْدَاءِ
وَكُنْ شَدِيدَ الْحَذَرِ “““““ مِنْ كُلِّ ذِي تَآمُرِ
عَلَى كِتَابِ رَبِّنَا ““““““ وَصَرْفِنَا عَن دَرْبِنَا
فَهُم لَنَا أعْدَاءُ “““““““““ وَفِكرهُمْ وَبَاءُ
وَكُّلُّهُمْ تَكَالَبُوا ““““““ وَالْمُسْلِمِينَ حَارَبُوا
حَرْبَ سِلاَحٍ سَافِرِ ““““ وَحَرْبَ فِكْرٍ مَاكِرِ
فَبَعْضُهُمْ مُسْتَشْرِقُ ““““““ مُشَكِّكٌ مُخْتَلِقُ
وَيَزْعُمُ التَّحْقِيقَا “““““““ وَالْعِلْمَ وَالتَّدْقِيقَا
وَبَعْضُهُمْ يبنَصِّرُ ““““““““ أَبْنَاءَنَا وَيَمْكُرُ
وَآخَرُونَ أَوْجَدُوا ““““ مِن بَيْنِنَا مَنْ أَلْحَدُوا
وغَيرُهُمْ قَدْ شَرَّعَا ““““ مَا شَرْعَنَا قَدْ ضَيِّعَا
فِي الْحُكْمِ وَالأَمْوَالِ ““““ وَالْمَسْخِ لِلرِّجَالِ
بِسُبُلٍ مُنَظَّمَهْ ““““““““ خَطِيرَةٍ مُحَطِّمَهْ
كَالْحَالِ فِي الإعْلاَمِ ““““““““ وَفَاسِدِ الأَفْلاَمِ
وَمَنْهَجِ التَّعْلِيمِ “““““““ الْمَلِيءِ بِالتَّسْمِيمِ
إِلاَّ الْقَلِيلَ النَّادِرْ “““““ بِفَضْلِ لُطْفِ الْقَادِرْ
فَهَلْ يَلِيقُ إِخْوَتِي ““““““““ إهْمَالُنَا للأُمَّةِ(391/47)
تَسِيرُ فِي الظَّلاَمِ ““““““““ كَسَائِم الأَنْعَامِ
الْكِتَابُ الْخَامِسُ
فِي
النِّظَامِ وَ الإِدَارةِ
النِّظَامُ
وَالضَّبْطُ وَالنّظَامُ ““““““““ دَعَا لَهُ الإِسْلاَمُ
فِي كُلِّ مَا يُهِمُّنَا “““““““ فِي حَرْبِنَا وَسِلْمِنَا
فِي الْبَيْتِ رَبُّ الأُسْرَةِ “““““ يُدِيرُهَا بِحِكْمَةِ
مُصَرِّفاً مُنَظِّمَا “““““““““ مُؤَدِّباً مُعَلِّمَا
وَفِي الصَّلاَةِ صَفُّنَا ““““““ نُحْكِمُهُ مِثْلَ الْبِنَا
وَنَسْتَوِي فِي رَفْعِنَا “““““ وخَفْضِنَا وَصَوْتِنَا
وَبِالإِمَامِ نَقْتَدِي ““““““ وَمَنْ يُخَالِفْ يَعْتَدِ
وَأَمْرُنَا فِي السَّفَرِ “““““““ مُنَظَّمٌ كَالْحَضرِ
نَنْتَخِبُ الأَمِيرَا ““““““““ لِنُحْسِنَ الْمَسِيرَا
بَلْ قَدْ يَكُونُ فِي السفَرْ “““““ أَعْظَمَ مِنْ ضَبْطِ الْحَضَرْ
وَفِي جِهَادِ الْمُصْطَفَى “““““““““ مِنَ النِّظَام مَا كَفَى
وَالْوَقْتَ لاَ نُضَيِّعُ “““““““ بَلْ كُلَّهُ نُوَزِّعُ
لِلنَّوْمِ والْعِبَادةِ ““““““والأَكْلِ وَالدِّرَاسَةِ
وَالزَّائِر ينَ الأَقْرِبَا ““““““ وَمَنْ لَدَيْنَا اغْتَرَبَا
وَلِدُرُوسِي أَسْتَعِدْ ““““ بِالْحِفْظِ مَعْ فَهْمٍ وَجِدْ
مِنْ مَبْدَأ الدِّرَاسَة “““““““““ أَسِيرُ لِلنِّهَايَةِ
بِالْحِرْصِ وَ النِّظَامِ “““““““ مُحَقّقاً مَرَامِي
وَهْوَ النَّجَاح الْفَائِقُ ““““““ يُعْجِبُنِي التَّسابُقُ
وَلاَ تَقُلْ مُرَائِي “““““““ بَلْ طِرْ إِلَى أَجْوَائِي
وَالْتَزِمِ الإِخْلاَصَا “““““““ تَجِدْ بِهِ الْخَلاَصَا
لاَ بُدَّ يَا إخْوانِي “““““““ للْوَقْتِ مِن مِيزَانِ
وَالْبَدْءِ بِالأَهَمِّ “““““““““ فَعَاجِلِ الْمُهِمِّ
وَكُلُّ أَمْرٍ فَوْضَوِي ““““ عَنْهُ النَّجَاحُ قَدْ طُوِي
الْخِلاَفَةُ
وَالنَّصْبُ لِلْخَلِفَةِ ““““““““ يَلْزَمُ كُلَّ الأُمَّةِ
مَا لَمْ تَقُم طَائِفَةُ ““““““““ بِوَاجِبٍ كَافِيَةُ(391/48)
وَلَمْ يَجُزْ بَقَاؤُنَا ““““““““ يَسُوسُنَا أَعْدَاؤُنَا
نَجْنِي ثِمَارَ الْفُرْقَةِ ““““““ وَالْحِقْدِ والْعَدَاوَةِ
وَالْغَاشِمُ الْمُسْتَعْمِرُ “““““““ مُسْتَأثِرٌ مُسَيْطِرُ
يَجْنِي ثِمَار أرْضِنَا “““““““ وَيَجْلِبُ الْعَارَ لَنَا
وَعَجَبٌ لأُِمَّتِي “““““““ تَرْضَى بِهَذِي الذِّلَّةِ
وَتُسْلِمُ الْقِيَادَا “““““““““ لِمُجْرِمٍ قَدْ حَادَا
وَهْوَ الَّذِي يُقَرِّرُ “““““““مَصِيرَهَا وَيَغْدُرُ
وَلاَ نَرَى مِنْ رَجُلِ ““““““ يَرْضَى لِغَيْرِ عَاقِلِ
يَقُودُهُ فِي مَرْكَبَهْ ““““““““ طَائِرَةٍ أَوْ عَرَبَهْ
خَشْيَةَ ضُرٍّ يَحْصُلُ ““““ أَقْصَاهُ مَوْتٌ يَنْزِلُ
فَهَلْ هَلاَكُ فَرْدِنَا “““““ يَفُوقُ حَتْفَ جَمْعِنَا؟
طَاعَةُ الإِمَامِ
وَطَاعَةُ السُّلْطَانِ ““““““ مِنْ طَاعَةِ الرَّحْمَانِ
وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْلَمَا ““““““ بَلْ نَصْرُهُ تَحَتَّمَا
وَالأَمْرُ بِالْمَعْصِيَةِ ““““““““ نَرْفُضُهُ بِجُرْأَةِ
لأَنَّنَا بِالطَّاعَةِ “““““““ نَسْعَى لِنيْلِ لْجَنَّةِ
وَعَمَلُ الْعِصْيَانِ ““““““ يُفْضِي إِلَى النِّيرَانِ
وَمَنْ يُقَارِفْ مُنْكَرَا “““““““ فَنُصْحُهُ تَقَرَّرَا
بِحِكْمَةٍ وَلُطْفِ “““““““ لاَ صَلَفٍ وَعُنْفِ
وَ كُفْرُهُ إِنْ وَقَعَا “““““““ أَلْزَمَنَا أَنْ نَخْلَعَا
وَامْنَعْ خُرُوجاً يَنْجُمُ ““““““ بِهِ فَسَادٌ أَعْظَمُ
وَالْمَرْجِعُ الْمُنَزَّلُ ““““““ إِنِ اخْتِلاَفٌ يحْصُلُ
وَاجِبَاتُ الإِمَامِ
وَوَاجِبُ الإِمَامِ ““““““““““ النُّصْحُ للأَنَامِ
بِجَلْبِ كُلِّ خَيْرِ “““““““““ وَدَفْعِ كُلِّ شَرِّ
وَالشِّرْعَةُ الْمُحَدِّدَهْ ““““““ مَصْلَحَةً وَمَفْسَدهْ
وَلَيْس لِلحُكُومَةِ “““““““““ وَسَائر الرَّعِيَّةِ
تَقْرِيرُ مَا نَهْوَاهُ “““““““““““ إِذا أَبَاهُ اللّهُ
وَلْيَتَّخِذْ وَزِيرَا “““““““““ بِعَمَلٍ جَدِيرا(391/49)
وَلاَ يُوَلِّ عَامِلاَ “““““““““ إِلاَّ قَوِيًّا عَادِلاَ
وَعَالِماً بِمِهْنَتِهْ ““““““““ لِلْفَوْزِ فِي وَظِيفَتِهْ
وَكُلُّ أَمْرٍ أُسْنِدَا ““““““““ لِخَائِنٍ تَمَرَّدَا
أَوْ عَاجِزٍ أَوْ جَاهِلِ “““““ فَذَاكَ جِدُّ فَاشِلِ
الشُّورَى
وَكُلُّنَا سَنَنْتَقِدْ “““““““ أَيَّ عَنِيدٍ يسْتَبِدْ
وَنَمْنَحُ التّقْدِيرَا “““““““ مَنْ قَادَنَا بِالشُّورَى
حَيْثُ بِهَا قَدْ أُمِرَا “““““““““ نَبِيُّنَا فَأتَمَرَا
وَالْمؤمِنُونَ أَمْرُهُمْ ““““ شُورَى يَكُونُ بَيْنَهُمْ
وَلَيْسَ فِيمَا يَرِدُ ““““““ نَصٌّ لِشُورَى مَوْرِدُ
مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ قَبِلاَ ““““““ مَعْنَاهُ خُلْفٌ نُقِلاَ
وَهَلْ تَكُونُ مُلْزِمَهْ ““““““ رأْيٌ وَقِيلَ مُعْلِمَهْ
لَكِنْ خِلاَفُ الْعُلَمَا “““““““ لَهُ مَجَالٌ عُلِمَا
وَذَاكَ أَنَّ الْوَالِي “““““““ فِي غَابِرِ الأَجْيَالِ
مُجْتَهِدٌ فِي الْعِلْمِ “““““““ عَدْلٌ قَلِيلُ الظُّلْمِ
وَرَأْيُهُ حَصِيفُ “““““““““ وَقَصْدُهُ شَرِيفُ
وَيَجْلِبُ الْمَصَالِحَا “““““““ وَيَدْرَأُ الْقَبَائِحَا
وَهَذِهِ الْمَعَانِي ““““““““ فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ
صَارَتْ كَعَنْقَا الْمَغْرِبِ ““““““““ مَقْبُورَةٍ فِي الْكُتُبِ
فَالْخُلْفُ فِيمَا قَدْ مَضَى “““““““ فِي عَصْرِنَا لاَ يُرْتَضَى
وَالْقَوْلُ بِالإِلْزَامِ ““““““ فِي الْعَصْرِ فِقْهٌ سَامي
الْقَضَاءُ
وَأَنْتَ يَا قَاضِينَا “““““““““ خَفِ الإلَهَ فِينَا
وَ لاَ تَجُرْ فِي حُكْمِكَا “““““““““ وَلَوْ عَلَى عَدُوِّكَا
وَكُنْ حَكِيماً وَانْتَبِهْ ““““““““ لِوَارِدٍ قَدْ يَشْتَبِهْ
وَاحْذَرْ مِنَ الْحُكْمِ بِلاَ “““““““““ عِلْمٍ بِهِ قَدْ حَصَلاَ
مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَنْ “““““““““ أَوِ اجْتِهَادٍ مُؤْتَمَنْ
وَالْعُلَمَاءَ سَائلِ ““““““““““ فِي مُعْضِلِ الْمَسَائِلِ
وَلاَ تَظُنَّ نَفْسَكَا “““““““““ مُكْتَفِياً بِعِلْمِكَا(391/50)
فَذَاكَ بَابُ الْعَوْدَةِ “““““““ لِلْجَهْلِ وَالْمَذَمَّةِ
وعَزِّرِ الرَّاشِينَا “““““““ وَاحْذَرْ مِنَ الْمُهْدِينَا
وَسَوِّ بَيْنَ الْخُصَمَا ““““““ وَ لاَ تَكُنْ مُتَّهَمَا
وَكُنْ قَوِيًّا لَيِّنَا ““““““““ لِلْحَقِّ دَوْماً مُعْلِنَا
وَ لاَ تَكُنْ ضَعِيفَا ““““““““ أَوْ شَرساً عَنِيفَا
وَالْحُكْمَ حَالَ الْغَضَبِ “““““““““““““ وَنَحْوِهُ فَاجْتَنِبِ
بِلاَدُ الإسْلاَمِ وَجِنْسِيَّةُ الْمُسْلِمِ
جِنْسِيَّتِي عَقِيدَتِي “““““““ وَكُلُّ أَرْضٍ بَلْدَتِي
مَا قَامَ فِيهَا الدِّينُ “““““““““ وَثَبَتَ الْيَقِينُ
وَالْحُكْمُ بِالشَّرِيعَةِ ““““““ لاَ النُّظُمِ الْوَضْعِيَّةِ
وَسَمَتِ الأَخْلاَقُ “““““““ وَارْتَدَعَ الْفُسَّاقُ
وَمَا عَدَا بِلاَدَنَا ““““““““ إِنْ وَقَفَتْ لِحَرْبِنَا
فَهْيَ بِلاَدُ حَرْبِ “““““““““ عَدُوَّةٌ لِلرَّبِّ
جِهَادُهَا شَرْعاً لَزِمْ ““““““ وَنَصْرُ مَنْ بِهَا ظُلِمْ
لَيْسَتْ بِلاَدَ سِلْمِ (1) “““““““““““ لَكِنْ بِلاَدَ جُرْمِ
يُعْصَى بِهَا الرَّحْمَانُ ““““““““““ وَيُعْبَدُ الشَّيْطَانُ
وَتَحْكُمُ الأَهْوَاءُ ““““““““““ بِكُلِّ مَا تَشَاءُ
وَتُنْشَرُ الرَّذِيلَهْ ““““““““ وَتُطْرَدُ الْفَصِيلَهْ
وَتُفْتَحُ الأَبْوَابُ “““““““““ لِيُفْتَنَ الشَّبَابُ
وَيَذْهَبَ الْحَيَاءُ “““““““““ فَتُسْفِرُ النِّسَاءُ
وَالأَوْلِيَاءُ اللُّؤَمَا “““““““ يَرَوْنَ ذَاكَ مَغْنَمَا
قَدِ اشْتَرَوْا بِالْعِزَّةِِ ““““““ والنُّبْلِ كُلَّ خِسَّةِ
وَذَاتُ عَهْدٍ مُبْرَمِ(2) “““““ مُوفىً بِهِ فَاحْتَرِمِ
وَقَدْ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ “““““ يُؤْوِيهِ ذَاكَ الْوَطَنُ
فَإِنْ يَكُنْ مَقَامُ “““““““““ صِينَ بِهِ إِسْلاَمُهْ
فَلْيَلْزَمِ الْبَقَاءَ “““““““““ وَ يُحْسِنِ الأَدَاءَ
وَلْيُنْكِرِ الْمَفَاسِدَا “““““““ مُحْتَسِباً مُجَاهِدَا(391/51)
وَإِنْ يَكُنْ مسْتَضْعَفَا ““““““ يَفْقِدُ فِيهِ الشّرَفَا
فَبِالرَّسُولِ يَقْتَدِي “““““““ فِي هَجْرِهِ لِلْبَلَدِ
إِلَى بِلاَدٍ أَهْلُهَا “““““““““ بِدِينِهِم يُحْيُونَهَا
إِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصْبِرَا ““““ عَلَى بَلاَءٍ قَدْ جَرَى
( 1 ) أي ليست بلاد إسلام .
(2) أي البلاد التي هي ذات عهد مع المسلمين
الإدََارةُ
يَا أَيُّهَا الإِدَارِي ““““ خَفْ مِنْ عَذَابِ الْبَارِي
وَاعْمَلْ و لاَ تُقَصِّرِ ““““““ لِغَائِبٍ أَوْ حَاضِرِ
فَقَدْ يَنَالُ الضَّرَرُ ““““““““ مَنْ شَأْنَهُ تُؤَخِّرُ
يَشْكُوكَ عِنْدَ رَبِّهِ ““““““ وَأَنْتَ لاَ تَدْرِي بِهِ
وَ اللَّهُ لاَ يَغِيبُ ““““““““ بَلْ شَاهِدٌ رَقِيبُ
وَأَنْتَ إِذْ تَخْشَاهُ “““““““““ لاَ بُدَّ أَنْ تَرَاهُ
لَكِنْ إِذَا لَمْ تَرَهُ “““““““ يَرَاكَ فَاقْدُرْ قَدْرَهُ
وَهَاهُنَا الإِحْسَانُ ““““““““ يَحُلُّ وَالإتْقَانُ
وَاسْتَقْبِلِ الْمُرَاجِعَا ““““““ مُبْتَهِجاً لاَ جَازِعَا
وَ لاَ تَكُنْ عَبُوسَا “““““““ أَوْ صَلِفاً تَعِيسَا
فَالْبَسْمَةُ الْمُنْطَلِقَهْ “““ قَدْ سُجِّلَتْ فِي الصَّدَقَهْ
ولَيْسَ مِنْ فَخَارِ ““““““““ فِي مَقْعَدٍ دَوَّارِ
أَوْ فُرُشٍ وَطَاوِلَهْ “““““““ وَأَنْتَ ذُو مُمَاطَلَهْ
فَمَا يَضُمُّ الْمَكْتَبُ “““““““ تَتْرُكُهُ وَتَذْهَبُ
بِفَصْلٍ اْوْ تَقَاعُدِ “““““““ أَوْ مَوْتِكَ الْمُؤَكَّدِ
وَقَدْ يُدِيرُ الْمَكْتَبَا “““““ مَنْ ذَاقَ مِنْكَ نَصَبَا
فَتَصْطَلِي بِنَارِهِ ““““““““ لأَخْذِهِ بِثَارِهِ
والْتَزِمِ الأَمَانَهْ ““““““““ وَاجْتَنِبِ الْخِيَانَهْ
وَكُنْ خَبِيراً بِالْعَمَلْ ““““ فَالْجَهْلُ بَابٌ لِلزَّلِلْ
واصْبِرْ وَكُنْ مُقْتَدِرَا ““““““ مَا خَابَ مَنْ قَدْ صَبَرَا
وَارْحَمْ صَغِيراً تَأْمُرُهْ “““““““ وَ لاَ تَكُنْ تَحْتَقِرُه
وَإِن يُقَصِّر فَانْصَحِ “““““““ بِدُونِ ذَا لَمْ تَنْجَحِ(391/52)
وَإِنْ بَدَا الْحَقُّ فَلاَ “““““““ تَبْغِ سِوَاهُ بَدَلاَ
وَامْنَحْ نَصِيراً ثِقَتَكْ “““““““ تَجِدْ لَدَيْهِ بُغْيَتَكْ
وَوَزِّعِنْ أعْمَالَكْ “““““““ مُوَجِّهاً عُمَّالَكْ
وَاجتَنِبِ التَّرَدُّدَا ““““““ فَذَاكََ بَابٌ لِلرَّدَى
وَاحْتَرِمِ الْمَسْئُولاَ ““““““ وَلاَ تَكُنْ عَجُولاَ
تَزْهُو بِمَا تَرَاهُ “““““““““ مُحْتَقِراً سِوَاهُ
فَلِلرّئِيسِ حِنْكَتُهْ “““““““ وَرَأْيُهُ وَحِكْمَتُهْ
وَإِنْ ظَنَنْتَ أَنَّهَ ““““““““ أَخْطَأَ فَانْصَحَنَّهُ
مُسْتَشْكِلاً مُسْتَفْسِرَا ““““ لاَ جَازِماً وَمُنْكِرَا
فَذَاكَ أَدْعَى لِلرِّضَا “““ مِنَ الرَّئِيسِ الْمُرْتَضَى
وَإِنْ يَكُنْ مِنْ وَاجِبِهْ ““““ قَبُولُ مَا يُنْصَحُ بِهْ
وَكُنْ وَفِيًّا مُوصِلاَ “““““ خَيْراً لِكُلِّ الزُّمَلاَ
وَأحسِنِ الْعلاَقهْ ““““““ تَكْتَسِبِ الصَّدَاقَهْ
وَلِلْمُدِيرِ ذِي الْخَطَلْ ““““““““ عَجَائِبٌ مِنَ الزَّلَلْ
فَفِي اخْتِيَارِ الْعَامِلِ “““““““““ يُبْعِدُ كُلَّ فَاضِلِ
وَكُلُّ مَنْ يَعْنِيهِ ““““““““ مِنْ خَاسِرٍ يُدْنِيهِ
فَيَمْلأُ الْمُؤسٍّسَهْ “““““““ بِالأَشْقِيَاءِ التَّعَسَهْ
وَكُلُّ مَا لاَ يُعْجبُهْ “““““““ مِنَ الْبِنَا يُحَارِبُهْ
وَكَمْ مُدِيرٍ وُضِعَا “““““““ فِي عَمَلٍ فَضَيَّعَا
لأَنَّهُ لاَ يَتَّفِقْ “““““““““ وَقَصْدَهُ بَلْ يَفْتَرِقْ
وَالْعَمَلُ الْمُشَاهَدُ “““““ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ شَاهِدُ
الْكِتَابُ الْسَّادِسُ
فِي
الدَّعْوةِ والدُّعَاةِ
الْجَمَاعةُ وَالشُّذُوذُ
وَاعْمَلْ مَعَ الْجَمَاعَةِ “““““““ لِتَنْجَحُوا فِي الدَّعْوَةِ
فَالْعَمَلُ الْمُنْفَرِدُ “““““““““ نَجَاحُهُ مُهَدَّدُ
لِذَا تَرَى كِتَابَنَا ““““““ حَثَّ عَلَى اعْتِصَامِنَا
كَمَا نَهَى أُمَّتَنَا ““““““““ عَنِ النِّزَاعِ بَيْنَنَا
مُبيِّناً مَا يَحْصُلُ “““““““ مِنْهُ وَذَاكَ الْفَشَلُ(391/53)
وَالذِّئْبُ لَيْسَ يَعْتَدِي ““““““““ إِلاَّ عَلَى الْمُنْفَرِدِ
والْعُودُ إذْ يَنْفَرِدُ ““““““““ بِالنَّارِ لاَ يَتَّقِدُ
وَكَسْرُهُ مُيَسَّرُ ““““““““ وَمَعْ سِواهُ يَعْسُرُ
وَانْظُرْ لِحَال اللَّبِنِ ““““““““ مُفَرَّقاً وَمَا بُنِي
وَالْمُؤْمِنُونَ كَالْبِنَا “““““““ صَحَّتْ بِذَا سُنَّتُنَا
وَالْمُصْطَفَى شَبَّهَنَا ““““““““ بِجَسَدٍ جَمِيعَنَا
أَعْضَاؤُهُ يُصِيبُهَا ““““““ مَا قَدْ أَصَابَ بَعْضَهَا
لِذَا رَأَيْنَا السّلَفَا “““““““ قَدْ حَقَّقُوا التَّكَاتُفَا
وَالوُدَّ وَالتَّرَاحُمَا ““““ وَالْعَدْلُ فِيهِمْ قَدْ سَمَا
وَنَحْنُ يَا شَبَابَنَا ““““““““““ عَدُوُّنَا فَرَّقَنَا
مُتَّخِذاً وَسَائِلاَ “““““““““ يَبُثُّهَا بَيْنَ الْمَلاَ
أَثْمَرَتِ التَّنَافُرَا “““““““ وَالْبُغْضَ والتَّنَاحُرَا
فَسَهُلَ اسْتِعْبَادُنَا ““““““ وَاغْتُصِبَتْ أَوْطَانُنَا
وَبَعْدَ عِزٍّ وَثَرى “““““““ صِرْنَا عَبِيداً فُقَرَا
وَالْحَلُّ يَا إخْوَتَنَا ““““““ يَكْمُنُ فِي وَحْدَتِنَا
فَأَكْمِلُوا بِهِمَّةِ ““““ فِي الْحَالِ صَفَّ الدَّعْوَة
وَأَهْمِلُوا الثَّرْثَارَا ““““““““ الْمَاكِرَ الْغَدَّارَا
فَمَن سَفِيهاً أَهْمَلاَ ““““““““ أَذَلَّهُ بَيْنَ الْمَلاَ
وَاللهُ يَكْفِي الْحَذِرَا “““““““ مَكْرَ لَئِيمٍ غَدَرَا
وَ لاَ تُبَالُوا بِالْعِدَا ““““““ مِنْ أَيِّ نِكْسٍ قَعَدَا
مُثَبِّطاً لِلنَّاسِ “““““ عَنْ صَبْرِهِمْ فِي الْبَاسِ
غَايَةُُ الْمُسْلِمِ
وَفِي الْحَيَاةِ غَايَتِي ““““““““ الْفَوْزُ بِالْهِدَايَةِ
وَأَنْ أَكُونَ دَاعِيَا “““““““ لأُمَّتِي وَهَادِيَا
لِيَطْمَئِنَّ الْعَالَمُ ““““““““ وَ لاَ يَقُودَ الظَّالِمُ
وَلَيْسَ لِي مِنْ أرَبِ “““““ غَيْرَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ
مُصْطَبِراً مُضَحِّيَا ““““““““ بِمُهْجَتِي وَمَالِيَا
لَسْتُ أَسِيرَ شَهْوَةِ ““““““ لاِمرْأَةٍ وَضِيئَةِ(391/54)
أَوْ لُقْمَةٍ لَيِّنَةِ ““““““““ أَوْ نَوْمَةٍ مُرِيحَةِ
أَوْ مَظْهَرٍ كَذَّابِ “““““““ أَوْ فَارِغِ الألْقَابِ
وَإِنْ يَكُنْ غَالِبُنَا ““““““ لِمَا مَضَى قَدِ انْحَنَى
وَتِلْكَ أُمُّ الْعِلَلِ “““““““““ لِذلِّنَا والْفَشَلِ
وَمَصْدَرِي فِيمَا مَضَى “““““““ كِتَابُ رَبِّي الْمُرْتَضَى
وَسُنَّةُ الْمُخْتَارِ ““““““““ وَصَحْبِهِ الأَبْرَارِ
وَسَائِلُ تَحْقِقِ تِلْكَ الْغَايَةِ
لاَ بُدَّ مِنْ وَسِيلَةِ “““““““““ تُوصِلُنَا لِلْغَايَةِ
أَرْكَانُهَا ثَلاَثَةُ “““““““““““ قِيَادَةٌ حَازِمَةُ
وَفَارِسٌ لَمْ يَكْسَلِ “““““““ بَلْ قَائِمٌ بِالْعَمَلِ
وَمَنْهَجٌ بَانَ وَصَحْ ““““ مَنْ حَازَهَا فَقَدْ نَجَحْ
وَعِزُّ أَيِّ أُمَّةِ “““““““““ فِي الْقُوَّةِ النّفْسِيَّةِ
بِقُوَّةِ الإِرَادَةِ “““““““ وَبِالْوَفَاءِ الثَّابِتِ
وَالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ “““““““ بِالْفِكْرِ وَالتَّضْحِيَةِ
وَهْيَ إِذَا مَا تُفْقَدُ ““““““ مِنْ عَمَلٍ لاَ يُحْمَدُ
وَقوَّةُ الْعَتَادِ “““““““““““ وَاجِبَةُ الإعدَادِ
مِنْ أَجْلِ أَنْ نَتْتَصِرَا ““““““ عَلَى عَدُوٍّ كَفَرَا
لَكِنَّ تِلْكَ الْقَاعِدَهْ (1)“““““““““““ بِدُونِهَا لاَ فَائِدهْ
مِنْ أجْلِ ذَا أُطَهِّرُ “““““““““““ قَلْبِي وَلاَ أقَصِّرُ
----------
( 1 ) وهي ما ذكر قبل قوة العتاد في هذا الفصل .
هل وَسَائِلُ الدَّعْوَةِ توقيفية؟
وَأَيُّمَا وَسِيلَةِ ““““““““““ مُوصِلَةٌ لِلدَّعْوةِ
وَلَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ “““““ نَصٌّ صَرِيحُ الْمَنْعِ
فَإِنَّهَا مَطلُوبَةُ ““““““““““ بِحُكْمِهَا مَنُوطَةُ
الْفَرْضُ فِيمَا وَجَبَا ““““““ وَالنَّدْبُ فِيمَا نُدِبَا
وَلَمْ يَدَعْ مُحَمَّدُ ““““““ صَلَّى عَلَيْهِ الصَّمَدُ
وَسِيلَةً يُطِيقُهَا “““““““ مِنْ دُونِ أَنْ يَطْرُقَهَا
بِنفْسِه قَدْ بَشَّرَا ““““““ – مُبَلِّغاً – وَأَنْذَرَا(391/55)
دَعَا الأَنَامَ جًهْرَا ““““““““ وَخُفْيَةً مُضْطَرَّا
مَشَى عَلَى أرْجُلِه “““““ فِي حَالِ فَقْدِ رَحْلِهِ
وَ فِي الرُّكُوب اسْتَعْمَلاَ “““““““ كُلَّ رَكُوب حَصَلاَ (1)
كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ “““““““ وَالأُتْنِ والْجِمَالِ
وَقصَدَ الأَسْوَاقَا “““““““““ مُبَلِّغاً مَنْ لاَقَا
كَمَا دعَا أَهْلَ الْقُرَى “““““““ عَلَى الأَذَى مُصْطَبِرَا
وَقَامَ فَوقَ الْجَبَلِ “““““““ يَدْعُو لِتَوْحِيدِ الْعَلِي
وقَابَلَ الْحُجَّاجَا “““““““ لِيَنْصُرُوا الْمِنْهَاجَا
فَفَازَ عِنْدَ الْعَقَبَهْ “““““““ بِالنُّصْرَةِ الْمُرْتَقَبَهْ
وَضَرَبَ الأَمْثَالاَ ““““““ وَاسْتَعْملَ السُّؤَالاَ
وَأرْسَلَ الرَّسَائِلاَ ““““““ وَ صَحْبَهُ الأَفَاضِلاَ
دَعَوا رُءُوسَ الأُمَمِ “““““““ لِدِينِهِ الْمُعَظَّمِ
وَبَلّغُوا الرِّسَالَهْ “““““““ إِلَى ذَوِي الْجَهَالهْ
وَسَنَّ لِلْمُضْطَهَدِ ““““““““ بِدِينِهِ فِي الْبَلَدِ
هِجْرَتَهُ لِيَتَّقِي “““““ شَرَّ اضْطِهَادِ مَنْ شَقِي
وَيَنْشُرَ الدِّينَ الأَغَرْ “““““““ فِي بَلَدَةٍ بِهَا استَقَرْ
كَهِجْرةِ الصَّحْبِ إِلَى ““““““““ أَرْضِ النَّجَاشِي أَوَّلاَ
ثُمَّ اخْتِيارِ طَيْبَةِ ““““““ مَأْوىً لِخَيْرِ هِجْرَةِ
وَكَانَ لِلْخَطَابَةِ ““““““““ شَأْنٌ وَلِلْكِتَابَةِ
وَبِالْجِهَادِ أَدَّبَا ““““““ مَنْ دَعْوَةً قَدْ حَارَبَا
وَكُلُّ جِيلٍ حَمَلاَ “““““ فِي عَصْرِهِ وَسَائِلاَ
لَكِنْ جَدِيدُ عَصْرِنَا ““““““ قَدْ فَاقَ تِلكَ الأزْمُنَا
لِذَاكَ صَارَ حِمْلُنَا “““““““أَثْقَلَ مِنْ سَابِقِنَا
وَلَيْسَ عِنْدَ مَنْ يَرَى ““““““ التَوْقِيفَ نَصٌّ ظَهَرَا
بَلْ كُلُّ شَيْءٍ يَنْفَعُ “““““““ بِشَرْطِهِ لاَ يُمْنَعُ (1)
“““““““““““““““
( 1) عدم ورود الدليل الشرعي الصحيح بمنعه ، كما سبق في مطلع هذا الفصل .
الكِتْمَانُ(391/56)
وَالسِّرُّ يَا إخْوَانِي “““““““ يُحْفَظُ بِالْكِتْمَانِ
وَلَيْسَ مِثْلُ صَدْرِكَا “““““““ مُتَّسَعاً لِسِرِّكَا
وَكَمْ مِنَ الأَسْرَارِ “““““““ تُكْشَفُ بِاخْتِيَارِ
مِنْ داخِلِ الْجَمَاعَةِ “““““ عَنْ جَهْلٍ اْو خِيَانةِ
وَذَا الَّذِي يُرِيدُ ““““““““““ عَدُوُّنَا الْعَنِيدُ
يَبني عَلَى مَا يَسْمَعُهْ ““““““ مُخَطَّطَاتٍ تَنْفَعُهْ
فِي كَيْدِهِ ومَكْرِهِ “““““““ وَخَافِيَاتِ غَدْرِهِ
مِنْ أَجْلِ مَا تَقَدَّمَا “““““““ رَسُولُنَا قَدْ كَتَمَا
فِي سِلْمِهِ وَحَرْبِهِ “““““““ وَذَاكَ فِعْلُ صَحْبِهِ
وَصُنْعُهُ فِي الْهِجْرَةِ “““““““ مِنْ أَبْرَزِ الأَدِلَّةِ
وَغَزْوَةُ الْفَتْحِ جَرَى “““““ كِتْمَانُهَا لِمَنْ دَرَى
وَالأَمْرُ بِالْكِتْمَانِ فِي ““““““ رَسَائِلٍ قدِ اقْتُفِي
وَخَائِنُ الْخَلِيقَةِِ ““““““““ مَنْ بَثَّ سِرَّ الأُمَّةِ
لاَ سِيَمَا سِرًّا بَدَا ““““““ عَنْ حَرْبِنَا مَعَ الْعِدَا
وَذَا الَّذِي يُكَرَّرُ “““““““““ وَقَلَّ مَنْ يُنَكِّرُ
وَلَيْسَ مِنْ أَعْدَائِنَا ““““““ مَنْ بَاحَ بِالسِّرِّ لَنَا
فَهَل تُفِيقُ أُمَّتِي ““““““ مِنْ مِثْلِ هَذِي الْغَفْلَةِ
أَوْ لاَ تَزَالُ الثَّرْثَرَهْ “““““““ مُعْتَادَةً مُنْتَشِرَهْ
“““““““““““““““
(1) الركوب الأول بضم الراء مصدر ركب الدابة ، أي اعتلاها ، وركوب الثاني بفتح الراء ، معناه الدابة المركوبة .
““““ الاهْتِمَامُ بِأُمُورِ الْمسْلِمِينَ ““““
وَمَا تُعَانِي أُمَّتِي “““““ فِي الْحَالِ يُعْلِي هِمَّتِي
لِذَاكَ لاَ أَعْتَزِلُ ““““““““ عَنْ حَادِثَاتٍ تَنْزِلُ
بَلْ سَأَكُونُ دَائِمَا “““““““““ مُنَبِّهاً مُعَلِّمَا
وَمُرْشِداً مُرَبِّيَا “““““““ أَرْجو الْجَزَا مِنْ رَبِّيَا
وَسَأٌقُولُ لِلْمَلاَ ““““““ إ”ذَا رَأَيْتُ النُّكْرَ لاَ
وَمَا أَرَى فِي أُمَّتِي “““““““ مِنْ حَسَدٍ وَفُرْقَةِ(391/57)
وَعَدَمِ اهْتِمَامِ “““““““““ بِنُصْرَةِ الإسْلاَمِ
والْمُسْلِمِينَ الضُّعَفَا “““““ لاَ يَرْتَضِيهِ الشُّرَفَا
وَالشَّرُّ قَدْ حَاقَ بِنَا ““““““ مُخَيِّماً فِي أَرْضِنَا
وَقَدْ غَدَا عَدُوُّنَا “““““““““ فِي أَرْضِنَا يُذِلُّنَا
وَنَحْنُ فِي سُبَاتِ ““““““““ نُعَدُّ كَالأَمْواتِ
أَلَيْسَ فِي إسْلاَمِنَا ““““““““ حَيَاتُنَا يَا قَوْمَنَا
والْكُفْرُ فِيهِ الْعَارُ “““““““ وَالذُّلُّ والصَّغَارُ
بَلَى وَرَبِّي فَاذْكُرُوا ““““““مَجْدَكُمُ وَشَمِّرُوا
الابْتِلاَءُ فِي سبِيلِ اللَّهِ ( 67 )
وَالابْتِلاَءُ قَدْ غَدَا “““““ دَأْباً لأَصْحَابِ الْهُدَى
مِنْ رُسُلٍ وَ أَنْبِيَا ““““““““ وَمِنْ دُعَاةٍ أَتْقِيَا
كَمْ ذَاقَ مِنْ بَلاَءِ “““““““ مَنْ جَاءَ بِالْبَيْضَاءِ
وَصَحْبُهُ الأَبْرَارُ “““““““““ آذَاهُمُ الْكُفَّارُ
وَنَحْنُ يَا إِخْوَتَنَا “““““““““ سَبِيلُهُمْ سَبِيلُنَا
وَالنَّصْرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ “““““““““““ لِدِينِنَا الْمُفَضَّلِ
وَالنَّاسُ فِي الْقُرْآنِ “““““““ جَمِيعُهُمْ حِزْبَانِ
حِزْبٌ أَطَاعَ رَبَّهُ ““““““““ فَلاَ يُضِيعُ حِزْبَهُ
بَلْ وَعْدُهُ بِالْغَلَبِ “““““““ أَنْزَلَهُ عَلَى النَّبِي
إِنْ لَم يَكُنْ قَد فَرَّطَا “““““““ فِي مَا عَلَيْهِ اشْتُرِطَا
هَذَا وَ أَمَّا الثَّانِي ““““““““ فَعَابِدُ الشَّيْطَانِ
وَقَدْ يَصُولُ زَمَنَا ““““““““ مُنْتَفِخاً مُهَيْمِنَا
لَكِنَّهُ غُثَاءُ ““““““““““““ يُزِيلُهُ الْمضَاءُ
فَلْنَمْضِ يَا إِخْوَانِي “““““ فِي طَاعَةِ الرَّحْمَانِ
عَلَى الصِّرَاطِ الْوَاحِدِ ““““““ رَغْمَ الْعَنِيدِ الْجَاحِدِ
وَ لاَ نُبَالِ بِالأَذَى ““““ وَقَدْ مَضَى مَنْ يُحْتَذَى
وَلْنَلْزَمِ الصُّمُودَا ““““““““ لِمَنْ غَدَا عَنِيدَا
فَبِالْجِهَادِ الدَّائِبِ ““““““““ نَفُوزُ بِالْمَنَاقِبِ
وَكُلُّنَا بِقُوَّةِ “““““““““ مُنَاصِرٌ لِلشِّرْعَةِ(391/58)
لاَ نَرْتَضِي سِوَاهَا “““““““““““ بَلْ كُلُّنَا فِدَاهَا
وَرَبُّنَا غَايَتُنَا “““““““““ وَالْمُصْطَفَى قُدْوَتُنَا
وَمَوْتُنَا لِدِينِنَا “““““““ أَسْمَى الأَمَانِي عِنْدَنَا
وَكَيْفَ نَغْدُو جُبَنَا ““““““““ وَمَوْتُنَا حَيَاتُنَا
فَأَبْشِرِي أَرْوَاحَنَا ““““““““ غَداً لِقَاءُ رَبِّنَا
وَجَنَّةُ الْخُلْدِ لَنَا “““““““ فَغَادِرِي دَار الْفَنَا
أَمَلٌ وَقُدْوَةٌ
سَوْفَ نَسُودُ الْعَالَمَا ““““““ وَنُحْرِزَ التَّقَدُّمَا
إِذَا سَلَكْنَا دَرْبَنَا “““““ دُونَ الْتِوَاءٍ وَانْحِنَا
لأَنَّ نَصْرَ اللَهِ ““““““““ يُحِيطُ جُنْدَ اللَّهِ
وَلَيْسَ غَيْرُ دِينِنَا “““““““““ بِمُنْقِذٍ عَالَمَنَا
فَاسْعَوا إِلَى الأَمَامِ “““““““ يَا فِتْيَةَ الإٍِسْلاَمِ
وَكَبِّرُوا وَهَلِّلُوا ““““““ وَكُلَّ صَعْبٍ ذَلِّلُوا
بِالْعَزْمِ وَالإِيمَانِ ““““““““ وَالصَّبْرِ والْعِرْفَانِ
وَ لاَ تَمَلُّوا فَالْمَلَلْ ““““ يَثْنِي عَنِ الأَمْرِ الْجَلَلْ
وَفِي الطَّرِيقِ فَاذْكُرُوا “““““ أَئِمَّةً قَدْ شَمَّرُوا
طَالَ الطَّرِيقُ بِهِمُ ““““““ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُحْجِمُوا
بَلْ كُلُّهُمْ قَدْ صَارَا “““““““ فِي دَرْبِنَا مَنَارَا
يُعْطِيكَ نُوحٌ مَثَلاَ ““““ إِذْ كَان يَدْعُو مُرْسَلاَ
فِي ألْفِ عَامٍ تَقْصُرُ ““““ خَمْسِينَ وَهْوَ يُنْذِرُ
فَاسْعَوْا وَلاَ تَلْتَفِتُوا ““““““ إِلَى عَدُوٍّ يَشْمِتُ
فَنَهْجُكُمْ سَوِيُّ ““““““““““ وَرَبُّكُمْ قَوِيُّ
وَمَا لَكُمْ مِنْ حِيلَةِ ““““ فِي تَرْكِ ذِي الطَّرِيقَةِ
التَّوْبَةِ والاسْتِغْفَارِ ( 69 )
وَتُبْ إِلَى مَوْلاَكَا “““““““ مِمَّا جَنَتْ يَدَاكَا
فَهْوَ رَحِيمٌ يَقْبَلُ “““““““““ تَوْبَةَ عَبْدٍ يُقْبِلُ
وَيَغْفِرُ الذُّنُوبَا ““““““““ وَيَسْتُرُ الْعُيُوبَا
وَحَاسِبِ النَّفْسَ وَلاَ “““““““““ تَسْتَكْثِرَنَّ الْعَمَلاَ(391/59)
وَاعْكُفْ عَلَى نَجْوَاهُ “““““““ مَا خابَ مَنْ نَاجَاهُ
وَاسْتَغْفِرَنَّ مُكْثِرَا “““““““““ وَلاَ تَكُنْ مُثَرْثِرَا
وَاطْلُبْهُ أَنْ يَخْتِمَ لَكْ ““““““ بِالصَّالِحَاتِ عَمَلَكْ
فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارهْ “““““““““ فِي هَذِهِ التِّجَارَهْ
الْخَاتِمَةُ
وَتَمَّ نَظْمُ الْجَوْهَرَهْ “““““““ فِي الْبلْدَةِ الْمُطَهَّرَهْ
مَدِينَةِ الْمُخْتَارِ “““““““““ وَصَحْبِهِ الأَبْرَارِ
قَدْ بَرَزَت كَالْبَدْرِ ““““““““ بَيَانُهَا كَالسِّحْرِ
وَلَفْظُهَا مُيَسَّرُ “““““““““ وَمَا حَوَاهُ أَيْسَرُ
مَنْهَجُهَا فَرِيدُ ““““““““ وَنَوْعُهَا جَدِيدُ
فَاظْفَرْ بِهَا مُبْتَهِجَا ““““““““ مُرْتَقِياً مَعَارِجَا
وَالْفَضْلُ فِي الإِكْمَالِ ““““““““ لِلَّهِ ذِي الْجَلاَلِ
وَكُلُّ مَا أَرْجُو لَهَا “““““““ مِنْ جِيلِنَا قَبُولُهَا
وَأَنْ تَكُونَ فَاتِحَهْ ““““““ لِبَابِ سُوقٍ رَابِحَهْ
مُدْرَجَةً فِي عَمِلِي ““““““ مَرْضِيَّةً عِنْدَ الْعَلِي
وَأَنْ يَكُونَ مَا صَدَرْ ““““““““ مِنْ خَطَأٍ لِي مُغْتَفَرْ
والْبَذْلَ لِلدُّعَاءِ ““““““““ أَرْجُو مِنَ الْقُرَّاءِ
وَهَاهُنَا الرِّحَالُ “““““““““ تُحَطُّ يَا أِشْبَالُ
لِنُقْلَةٍ بَعِيدَةِ ““““““““ تُوصِلُكُمْ لِلْغَايَةِ
هَذَا وَصَلَّى اللَّهُ ““““““ عَلَى الَّذِي ارْتَضَاهُ
مُبَلِّغاً لِدَعْوَتِهْ ““““““““““ وَنَاصِحاً لأُمَّتِهْ
وَكُلِّ مَنْ سَار عَلَى ““““ نَهْجِ الصَّحَابِ الْفُضَلاَ (1)
““““““““““““““““““““
((391/60)
1 ) غالب هذه المنظومة بين واضح ، سهل ميسر ، ولكن بعض كلماتها ، في حاجة إلى شيء من التوضيح ، وبعض الإشارات إلى الأدلة تفتقر إلى البيان ، وكنت أود أن أكتب تعليقا يكشف لأشبالها ما قد يخفى عليهم إدراكه ، حتى يكون البيان أتم ، والفهم أعم ، ومعلوم أن أهل مكة أدرى بشعابها وأعلم ، ولكني لم أتمكن من ذلك ، لكثرة المشاغل وتوالي المخارج والمداخل ، وأملي كبير في أن يتوصل كل شبل بنفسه إلى فهم ذلك وهضمه لما رزقه الله من ذكاء بفضله ومنه.
ولعل الله تعالى يوفقني – إن طال العمر – لتحقيق ما كنت أرغب في توضيحه وإعرابه ، فما خاب من توكل عليه ورجاه وأكثرَ الطرقَ ببابه ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ، وكل من سار على دربه من أحبابه .
جاكرتا 3/5/1421هـ – 3/8/2000هـ )(391/61)
حروف مقطعة
---
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشدّدة وهاء
من هاهنا ابتدأ العناء
من هاهنا جرّ السماسرة الرداء
وطغى على النهر الغثاء
عين . وتنتفض العمالة والعناد
لام . ويظهر في ملامح وجه عالمنا الكساد
ميم . ويرفع ملحد علم الفساد
ألف . ويبتدأ الحصاد
نون . وتبدأ نكسة كبرى ويجتاح الجراد
ياء . وتغرق أمتي في اليانصيب
هاء . وتقطع هامة الأمل الحبيب
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
هذي حروف الوهم في زمن الضياع
هذي حروف اليأس في بحر ... يبدد موجه حلم الشراع
هذي حروف الموت في وجدان أمتنا ... .. وقنطرة الصراع
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
عين . عذاب
لام . لهيب واضطراب
ميم . مجافاة الكتاب
ألف . أسىً
نون . نقيق ضفادع وصدى نعاب
ياء . يد سوداء موحشة الخضاب
هاء . هوى يغتال قلب الحر يلتهم الصواب
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
من أين نخرج أيها الليل البهيم
من أين نبدأ رحلة الأمل العظيم
من أين ... وانكسر السؤال
وسمعت صوتا من وراء الأفق موفور الجلال
يا سائلا في ثغره اشتعل السؤال
هذا الطريق أمام عينك يا غريق
وأمامك الروض المندى والرحيق
وأمامك القرآن زادك في الطريق
وحديث خير الناس والبيت العتيق
سل أيها الشاكي حراء
سل غار ثور حينما التفت الزمان إلى الوراء
ورأى النبي يقول للصديق لا تحزن ... .فربك في السماء
ورأى أبو جهل ... وفي عينيه نبرة كبرياء
مائة من الإبل العتاق فأين عشاق الثراء
أين الرجال الأقوياء
سل يا أبا جهل سراقة عن إمام الأنبياء
وأصغ بسمعك عن للنداء
اسمع صهيل الخيل في بدر
وقعقعة السيوف الراشفات من الدماء
لكأنني بالرمل يصرخ في وجوه الأشقياء
شاهت وجوه القوم خاب الأدعياء
وكأنني بالصوت جلجل في الفضاء
بشراك خير الأنبياء
صهوات خيل المشركين طريقهم نحو الفناء
فاصبر فإن الله يفعل ما يشاء
يا سائلا في ثغره اشتعل السؤال
أوما ترى عيناك وجه الشمس ... ..ناصية الهلال
قاف وراء
ألف لها مد ونون(392/1)
هذي الحروف هي اليقين
هذي الحروف هي اليقين الحق يعصف بالظنون
نبع فأين الواردون
نهر صفا من كل ما لا يستسيغ الشاربون
قرآنكم يا مسلمون
قاف . قيم
راء . رقي في سماء المجد سعي للقيم
ألف . أباء في زمان الذل ... أيمان برب الكون ..إخلاص شمم
نون . نقاء الروح من دنس التذلل للصنم
قاف وراء
ألف لها مد ونون
هذا هو الفجر الذي اكتسح الظلام
وأضاء درب السالكين إلى رحاب الخير في البلد الحرام
قد فاز من سلك الطريق إلى الأمام
عين ولام ثم ميم
ألف ونون
ياء مشددة وهاء
سيزول هذا الوهم في ظل العقيدة
ولسوف يعرف كل مغرور حدوده
ولسوف تبدأ أمتي بالحق رحلتها السعيدة(392/2)
حريق القدس
أغسطس عام 1969م حرق الصهاينة المسجد الأقصى ومازالت الحرائق في فلسطين السليبة كلها مشتعلة..
شعر المهندس: صبري أحمد الصبري
حريقُ القدس مشتعل ينادي
... ... ... ... ... جميع المسلمين إلى الجهاد
هلموا كلكم إني بناري
... ... ... ... ... تشبُّ على الروابي والوهاد
ومازالت على أهب اتساع
... ... ... ... ... بأكناف الحواضر والبوادي
فنيران اليهود فشت وهاجت
... ... ... ... ... بأقصى النور في فحش امتداد
وصارت ملتقى صهيون يرمي
... ... ... ... ... رحاب القدس بالقصف المعادي
وهاجت نقمة الغرباء حقداً
... ... ... ... ... شديداً شاملاً كل البلاد
فمنذ النكبة الكبرى تداعى
... ... ... ... ... علينا بغي طغيان الأعادي
وعاثوا بالفساد الفظِّ إفكاً
... ... ... ... ... بنار الظلم مستعر المهاد
وحرقوا المسجد الأقصى بشرر
... ... ... ... ... بويل الغلِّ والأهوال غاد
سجاجيد الضياء جثى عليها
... ... ... ... ... دخان النار ملتهب السواد
وهذا منبر الأنوار يَصْلى
... ... ... ... ... حريق الإثم في شر اطراد
بأخطر نكسة عمت بلايا
... ... ... ... ... بأقصانا المكبل بالعتاد
وساد الحزن بلداناً تولَّت
... ... ... ... ... بها الأحزان أفئدة العباد
فدمع العين منهمر بألمٍ
... ... ... ... ... وكل الناس في ثوب الحداد
وهذا ما احتوى قلبي بوجلٍ
... ... ... ... ... لما للقدس من هذا التمادي
يهود الإفك مازالوا ببغي
... ... ... ... ... بأقصى المسلمين على انفراد
يعيثون المفاسد في فجورٍ
... ... ... ... ... سرى بالقدس في بؤس الكساد
أفيقوا كلكم فالشرُّ يعلو
... ... ... ... ... ويأخذنا لهاوية الفساد
فعز المسلمين بشرع خير
... ... ... ... ... به يجنون خيرات الحصاد
بسعي دائب في درب حق
... ... ... ... ... بهدي الله في طهر اعتقادي
بصحوة أمة الإسلام ترقى
... ... ... ... ... ذرا الأمجاد في عز اتحاد
فهبوا هبة الفرسان دوماً
... ... ... ... ... بسيف الحق منطلق الجياد
فإن عدونا المسعور يبقى
... ... ... ... ... فظيع المكر مغرور العناد
ضعيف العزم في كَرِّ وفر
... ... ... ... ... خبيث الفكر مزدهر المداد
بغيض السمت يؤذينا بفسق
... ... ... ... ... بخطط الهول من تحت الرماد
أقيموا وحدة لجيوش زحفٍ
... ... ... ... ... لأقصى مُحبط يبكي ينادي
أعيدوا ما مضى من نصر قدسٍ
... ... ... ... ... به الشجعان في قمم السداد
(صلاح الدين) يقدمهم بشمم(393/1)
... ... ... ... ... وعزمٍ فَتَّ جلمود الجماد
بهذا السعي لن يبقى عدوٌ
... ... ... ... ... بأرض الخير من زمن العوادي
حريق القدس نبهنا لخطر
... ... ... ... ... وكارثة بآلام افتقاد
لمسرى سيد الثقلين يسمو
... ... ... ... ... بتشريف وتوقير لهادي
فهيا أمة القرآن نسعى
... ... ... ... ... لأقصى عاش في نبض الفؤاد
وصلى الله ربي كل وقت
... ... ... ... ... على الممدوح في (ن) و (ص)!!(393/2)
حسبي ربي جل الله
حسبي ربي جل الله ما في القلب غير الله
على الهادي صلى الله لا إله إلا الله
امح يا ربي ذنوبي مثل رمل لا تعد
شافني واستر عيوبي واصفح الصفح الجميل
عافني من كل داء واقض عني حاجتي
إن لي قلبا سقيما أنت من يشفي العليل
أنت شافي أنت كافي في مهمات الأمور
أنت حسبي أنت ربي أنت لي نعم الوكيل
كيف حالي يا إلهي ليس لي خير العمل
سوء أعمالي كثير زاد طاعاتي قليل
خذ بلطفك يا إلهي من له زاد قليل
مفلس في الذل ثاوٍ عند بابك يا جليل
لا تدبر لك أمراً فذوو التدبير هلكى
سلم الأمر إليه فهو أولى بك منكا
أيها الحامل هما إن هذا لا يدوم
مثلما تفنى المسرة هكذا تفنى الهموم(394/1)
حسرة في قلب امرأة صومالية
---
قم يا محمد نامت الأعراب ... وتقطعت ببلادك الأسباب
جاء الصليب مدججا بسلاحه ... ووراءه التطبيل والإرهاب
قم يا محمد عرض أمك خائف ... وأمام كوخي يا بني كلاب
انظر إلى العلج الذي تروعني ... نظراته فأنا بها أرتاب
ماذا يريد بكوخنا هذا الذي ... ما فيه زاد يبتغى وشراب
كوخ حقير فيه شيخ هده ... سقم وطفل جائع ودلاب
وعباءة سترت بقايا هيكل ... مني وثوب هالك وحجاب
وبقية من ثوب عرسي ما لها ... كمٌ وحبر جامد وكتاب
قم يا محمد إن مقديشو على ... جمر تغلّق دونها الأبواب
هذا أزيز الطائرات يروعها ... والجند فيها جيئة وذهاب
ما بالهم جاءوا سراعا نحونا ... وعلى سراييفوا يصيح غراب
هلا حموا أطفالها من صربهم ... وتبرؤوا مما جنوه وتابوا
أإعادة الأمل الجميل سجية ... للغرب ، هذا يا بني كلاب
كم علقونا بالوعود وما وفوا ... وكذاك وعد الكافرين سراب
ساق الغرور جنودهم فعقولهم ... سكرى وما لعيونهم أهداب
هذي الصفوف من الجنود كأنها ... نعم وإن عظمت لها الألقاب
أوما تراها لا تصلي ركعة ... أوما تراها والقلوب خراب
قالوا لنا سيؤمنون غذاءنا ... أتؤمن الغنم الجياع ذئاب
قم يا محمد جاءنا مستعمر ... قد سال منه على البلاد لعاب
عين على الصومال والأخرى ... على سوداننا فليوقن المرتاب
قم يا بني فإن أمك تشتكي ... وهنا وجرح فؤادها ثغاب
وبثغرها أطلال أسئلة عفت ... آثارهن فهل هناك جواب
ما بال إخوان العقيدة فرطوا ... حتى خلت من مائها الأكواب
حتى تولى المعتدون شؤوننا ... وجرى القطار وسافر الركاب
ما بالهم لم يستجيبوا عندما ... صحنا وحين دعى العدو أجابوا
ما بالهم لما أتى أعداؤنا ... جاءوا ولو غاب العدو لغابوا
خطأ كبير يا بني وقومنا ... حلفوا يمينا إنه لصواب
أصواب قومك أن تسلم أرضنا ... للغاصبين ويحزن المحراب
قم يا بني إلى الجهاد فإنه ... للعز في عصر المذلة باب
قم يا بني إلى الجهاد وقل معي ... خسر الطغاة الماكرون وخابوا
يا أرض أحلامي جفافك راحل ... فغدا سيغسل راحتيك سحاب(395/1)
حكم المنية في البرية جارِ
لأبي الحسن التهامي :
حكم المنية في البرية جارِ ***** ما هذه الدنيا بدار قرارِ
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا ***** حتى يُرى خبراً من الأخبار
طُبعتْ على كدر وأنت تريدها ***** صفواً من الأقذار والأكدار
ومُكلّفُ الأيام ضد طباعها ***** مُتطلبٌ في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما ***** تبني الرجاء على شفيرٍ هار
فالعيش نوم والمنية يقظة ***** والمرء بينهما خيالٌ سار
فاقضوا مآربكم عجالا إنما ***** أعماركم سفرٌ من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا ***** أنْ تُسترد فإنهن عوار
فالدهر يخدع بالمنى ويغص أن ***** هنّا ويهدم ما بنى يبوار
ليس الزمان وإن حرصت مسالما ***** خُلُقُ الزمان عداوة الأحرار
إني وُترتُ بصارم ذي رونق ***** أعددته لطِلابة الأوتار
والنفس إن رضيت بذلك أوأبت ***** منقادة بأزمّةِ المقدار
أثني عليه بأثره ولو انه ***** لم يغتبط أثنيت بالآثار
يا كوكبا ما كان أقصر عمره ***** وكذاك عمر كواكب الأسحار
وهلال أيام مضى لم يستدر ***** بدراً ولم يمهل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه ***** فمحاه قبل مظنة الإبدار
واستُل من أترابه ولِداته ***** كالمقلة استلت من الأشفار
فكأن قلبي قبره وكأنه ***** في طيِّهِ سِرٌّ من الأسرار
إن يعتبط صِغَراً فرب مُقَمّم ***** يبدو ضئيل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو محلها ***** لَتُرى صغاراً وهي غير صغار
وَلدُ المعزَّى بعضُه فإذا مضى ***** بعض الفتى فالكل في الآثار
أبكيه ثم أقول معتذرا له ***** وُفّقْتَ حين تركتَ ألأمَ دار
جاورتُ أعدائي وجاور ربه ***** شتان بين جواره وجواري
أشكو بعادك لي وأنت بموضع ***** لولا الردى لسمعتَ فيه مزاري
والشرق نحو الغرب أقرب شقة ***** من بعد تلك الخمسة الأشبار
هيهات قد علقتك أسباب الردى ***** واغتال عمرك قاطع الأعمار
ولقد جريتَ كما جريتُ لغاية ***** فبلغتَها وأبوك في المضمار(396/1)
فإذا نطقتُ فأنت أول منطقي ***** وإذا سكتُ فأنت في أضماري
أُخفي من البرحاء نارا مثل ما ***** يخفي من النار الزناد الواري
وأُخفّضُ الزفرات وهي صواعق ***** وأكفكف العبرات وهي جوار
وشهاب نار الحزن إن طاوعته ***** أورى وإن عاصيته متواري
وأكفُّ نيرانَ الأسى ولربما ***** غلب التبصر فارتمت بشرار
ثوب الرياء يَشِفُّ عما تحته ***** وإذا التحفت به فإنك عار
قصرت جفوني أم تباعد بينها ***** أم صُوّرتْ عيني بلا أشفار
جَفَتِ الكرى حتى كأن غِرَاره ***** عند اغتماض العين وخزُ غِرار
ولو استزارت رقدةً لَطحا بها ***** ما بين أجفاني من التيار
أُحيي الليالي التُّمِّ وهي تُميتني ***** ويُميتهن تبلّجُ الأسحار
حتى رأيت الصبح تهتِك كفُّه ***** بالضوء رفرف خيمة كالقار
والصبح قد غمر النجوم كأنه ***** سيل طغى فطفا على النّوار
لو كنتَ تُمنعُ خاض دونك فتيةٌ ***** منا بحارَ عوامل وشِفار
ودَحَوا فُويقَ الأرض أرضاً من دم ***** ثم انثنوا فبنوا سماء غبار
قومٌ إذا لبسوا الدروع حسبتها ***** خلجا تَمُدُّ بها أكُفَّ بحار
لو شرّعوا أيمانهم في طولها ***** طعنوا بها عِوضَ القنا الخطّار
جنبوا الجياد إلى المطى وراوحوا ***** بين السُّروج هناك والأكوار
وكأنما ملؤوا عياب دروعهم ***** وغمود أنصلهم سراب قفار
وكأنما صَنِعُ السوابغ عَزّه ***** ماءُ الحديد فصاغ ماء قرار
زَرَداً فأحكم كل موصِل حلقةٍ ***** بحبابة في موضع المسمار
فتسربلوا بمتون ماء جامد ***** وتقنعوا بحباب ماء جار
أُسْدٌ ولكن يؤثرون بزادهم ***** والأسد ليس تدين بالإيثار
يتزين النادي بحسن وجوههم ***** كتزين الهالات بالأقمار
يتعطفون على المجاور فيهم ***** بالمنفسات تعطف الآظار
من كل من جعل الظُبى أنصاره ***** وكَرُمْنَ واستغنى عن الأنصار
وإذا هو اعتقل القناة حسبتها ***** صِلاً تأبطه هزبر ضار
والليث إن ثاورته لم يعتمد ***** إلا على الأنياب والأظفار(396/2)
زَرَدُ الدلاص من الطعان يريحه ***** في الجحفل المتضايق الجرار
ما بين ثوب بالدماء مُضمّخٍ ***** زَلِقٍ ونقعٍ بالطراد مثار
والهون في ظل الهوينا كامن ***** وجلالة الأخطار في الإخطار
تندى أسِرّةُ وجهه ويمينه ***** في حالة الإعسار والإيسار
ويمدُّ نحو المكرمات أناملاً ***** للرزق في أثنائهن مجار
يحوي المعالي كاسباً أو غالباً ***** أبداً يُدارَى دونها ويُداري
قد لاح في ليل الشباب كواكب ***** إن أُمهلت آلت إلى الإسفار
وتَلَهُّبُ الأحشاء شيَّبَ مفرقي ***** هذا الضياء شواظ تلك النار
شاب القذال وكل غصن صائر ***** فينانُه الأحوى إلى الإزهار
والشبه منجذب فلم بيض الدمى ***** عن بيض مفرقه ذوات نفار
وتود لو جعلت سواد قلوبها ***** وسواد أعينها خضاب عذار
لا تنفر الظبيات عنه فقد رأت ***** كيف اختلاف النبت في الأطوار
شيئان ينقشعان أول وهلة ***** ظل الشباب وخلة الأشرار
لا حبذا الشيب الوفي وحبذا ***** ظل الشباب الخائن الغدار
وطري من الدنيا الشباب وروقه ***** فإذا انقضى فقد انقضت أو طاري
قصرت مسافته وما حسناته ***** عندي ولا آلاؤه بقصار
نزداد همّاً كلما ازددنا غنى ***** والفقر كلُّ الفقر في الأكثار
ما زاد فوقَ الزاد خُلِّفَ ضائعاً ***** في حادث أو وارث أو عار
إني لأرحم حاسديّ لحرّما ***** ضمنت صدورهم من الأوغار
نظروا صنيع الله بي فعيونهم ***** في جنة وقلوبهم في نار
لا ذنب لي قد رُمت كتم فضائلي***** فكأنما بَرقعتُ وجه نهار
وسترتها بتواضعي فتطلّعت ***** أعناقها تعلو على الأستار
ومن الرجال معالمٌ ومجاهل ***** ومن النجوم غوامضٌ ودراري
والناس مشتبهون في إيرادهم ***** وتفاضلُ الأقوام في الإصدار
عمري لقد أوطأتهم طرق العلا ***** فعموا فلم يقفوا على آثاري
لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا ***** وعمى البصائر من عمى الأبصار
هلّا سعوا سعي الكرام فأدركوا ***** أو سلّموا لمواقع الأقدار(396/3)
وفشت خيانات الثقات وغيرهم ***** حتى اتّهمنا رؤية الأبصار
ولربما اعتضد الحليم بجاهل ***** لا خير في يمنى بغير يسار(396/4)
حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل
ديوان عنترة بن شداد - (ج / ص )
حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل واذا نزلتْ بدار ذلَّ فارحل
وإذا بُليتَ بظالمٍ كُنْ ظالماً واذا لقيت ذوي الجهالة ِ فاجهل
وإذا الجبانُ نهاكَ يوْمَ كريهة ٍ خوفاً عليكَ من ازدحام الجحفل
فاعْصِ مقالَتهُ ولا تَحْفلْ بها واقْدِمْ إذا حَقَّ اللِّقا في الأَوَّل
واختَرْ لِنَفْسِكَ منْزلاً تعْلو به أَوْ مُتْ كريماً تَحْتَ ظلِّ القَسْطَل
فالموتُ لا يُنْجيكَ منْ آفاتِهِ حصنٌ ولو شيدتهُ بالجندل
موتُ الفتى في عزهِ خيرٌ له منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل
إنْ كُنْتُ في عددِ العبيدِ فَهمَّتي فوق الثريا والسماكِ الأعزل
أو أنكرتْ فرسانُ عبس نسبتي فسنان رمحي والحسام يقرُّ لي
وبذابلي ومهندي نلتُ العلاَ لا بالقرابة ِ والعديدِ الأَجزل
ورميتُ مهري في العجاجِ فخاضهُ والنَّارُ تقْدحُ منْ شفار الأَنْصُل
خاضَ العجاجَ محجلاً حتى إذا شهدَ الوقعية َ عاد غير محجل
ولقد نكبت بني حريقة َ نكبة ً لما طعنتُ صميم قلب الأخيل
وقتلْتُ فارسَهُمْ ربيعة َ عَنْوَة ً والهيْذُبانَ وجابرَ بْنَ مُهلهل
وابنى ربيعة َ والحريسَ ومالكا والزّبْرِقانُ غدا طريحَ الجَنْدل
وأَنا ابْنُ سوْداءِ الجبين كأَنَّها ضَبُعٌ تَرعْرَع في رُسومِ المنْزل
الساق منها مثلُ ساق نعامة ٍ والشَّعرُ منها مثْلُ حَبِّ الفُلْفُل
والثغر من تحتِ اللثام كأنه برْقٌ تلأْلأْ في الظّلامَ المُسدَل
يا نازلين على الحِمَى ودِيارِهِ هَلاَّ رأيتُمْ في الدِّيار تَقَلْقُلي
قد طال عزُّكُم وذُلِّي في الهوَى ومن العَجائبِ عزُّكم وتذَلُّلي
لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل(397/1)
حلتْ بثينةُ منْ قلبي بمنزلةٍ
جميل بثينة
حلتْ بثينةُ منْ قلبي بمنزلةٍ بينَ الجوانحِ لم ينزلْ بها أحدُ
صادتْ فؤادي بعينها ومبتسمٍ كأنهُ حينَ أبدتهُ لنا بردُ
عذبٍ كأنّ ذكيَّ المسكِ خالطهُ والزّنجبيلُ وماءُ المزنِ والشّهدُ
وجيدِ أدماءَ تحنوهُ إلى رشإٍ أغنَّ لمْ يتّبعها مثلهُ ولد
رجراجةٌ رخصةُ الأطرافِ ناعمةٌ تكادُ من بدنها في البيتِ تنخضدُ
خدلٌ مخلخلها وعثٌ مؤزّرها هيفاءُ لم يغذها بؤسٌ ولا وبدُ
هيفاءُ مقبلةً عجزاءُ مدبرةً، تمتْ فليسَ يرى في خلقها أودُ
نعمَ لحافُ الفتى المقرورِ يجعلها شعارهُ حين يخشى القرُّ والصّردُ
وما يضرُّ امرأً يمسي وأنتِ لهُ ألاّ يكونَ منَ الدّنيا له سبدُ
يا ليتنا، والمنى ليستْ مقرّبةً، أنّا لقيناكِ والأحراسُ قد رقدوا
فيستفيقَ محبٌّ قد أضرّ بهِ شوقٌ إليكِ ويشفى قلبهُ الكمدُ
تلكمْ بثينةُ قد شفتْ مودّتها قلبي، فلمْ يبقَ إلاّ الرّوحُ والجسدُ(398/1)
حننتُ إلى الأجبال، أجبال طيءٍ،
حاتم الطائي
حننتُ إلى الأجبال، أجبال طيءٍ، ... وحَنّتْ قَلوصي أن رَأتْ سوْطَ أحمرَا
فقُلتُ لها: إنّ الطّريقَ أمامَنا ... وإنّا لَمُحْيُو رَبْعِنا إنْ تَيَسّرَا
فيا راكبيْ عليا جديلة ، إنما ... تُسامانِ ضَيْماً، مُسْتَبيناً، فتَنْظُرَا
فَما نَكَراهُ غيرَ أنّ ابنَ مِلْقَطٍ ... أراهُ، وقد أعطى الظُّلامة َ، أوجَرَا
وإنّي لمُزْجٍ للمَطيّ على الوَجَا ... وما أنا مِنْ خُلاّنِكِ، ابنَة َ عفزَرا
وما زلتُ أسعى بين نابٍ ودارة ٍ ... بلَحْيانَ، حتى خِفتُ أنْ أتَنَصّرا
وحتى حسِبتُ اللّيلَ والصّبحَ، إذا بدا ... حصانين سيالين جوذاً وأشقرا
لشعبٌ من الريان أملك بابه، ... أنادي به آلَ الكبير وجعفرا
أحَبُّ إليّ مِنْ خَطيبٍ رَأيْتُهُ ... إذا قُلتُ مَعروفاً، تَبَدّلَ مُنْكَرَا
تنادي إلى جارتها: إن حاتماً ... أراهُ، لَعَمْري، بَعدنا، قد تغَيّرَا
تغيرت، إني غير آتٍ لريبة ٍ، ... ولا قائلٌ، يوْماً، لذي العُرْفِ مُنكَرَا
ولا تَسأليني، واسألي أيُّ فارِسٍ ... إذا بادَرَ القوْمُ الكَنيفَ المُستَّرَا
فلا هي ما ترعى جميعاً عشارها، ... ويُصْبحُ ضَيْفي ساهِمَ الوَجهِ، أغبرَا
متى تَرَني أمشي بسَيفيَ، وَسْطَها ... تخفني وتضمره بينها أن تجزَّرا
وإني ليغشى أبعد الحي جفمتي، ... إذا ورقُ الطلح الطوال تحسَّرا
فلا تَسْأليني، واسألي بيَ صُحْبَتي ... إذا ما المطيّ، بالفلاة ، تضورا
وإني لوهاب قطوعي وناقتي، ... إذا ما انتشيت، والكمت المصدِّرا
وإنّي كأشلاءِ اللّجام، ولنْ ترَى ... أخا الحرب إلا ساهمَ الوجه، أغبرا
أخو الحرب، إن عضت به الحرب عضها ... وإن شمَّرت عن ساقها الحربُ شمرا
وإني، إذا ما الموتُ لم يكُ دونهُ ... قَدَى الشّبرِ، أحمي الأنفَ أن أتأخّرَا
متى تَبْغِ وُدّاً منْ جَديلَة َ تَلْقَهُ ... مَعَ الشِّنْءِ منهُ، باقياً، مُتأثّرَا
فإلاّ يُعادونا جَهَاراًنُلاقِهِمْ ... لأعْدائِنا، رِدْءاً دَليلاً ومُنذِرَا(399/1)
إذا حالَ دوني، من سُلامانَ، رَملة ٌ ... وجدتُ توالي الوصل عندي أبترا(399/2)
حننت إلى ريا ونفسك باعدت
يزيد بن الطثرية
ما وجد علوي الهوى جن واجتوى بوادي الشرى والغور ماء ومرتعا
تشوق عضّه القيد واجتوى مراتعه من بين قف وأجرعا
ورام بعينيه جبالا منيفة وما لا يرى فيه أخو الَقيد مطمعا
إذا رام منها مطمعا رد شأوه أمين القوى عض اليدين فأوجعا
وما أم أحوى الطرتين خلالها أراك بذي الأحناء اجنى وأيفعا
غدت من عليه تنفض الطل بعدما رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
بأكبر ممن وجد بريا وجدته غداة دعا داعي الفراق فأسمعا
ألا يا خليلي الذين تواصيا بي اللوم إلا أن أطيع وأسمعا
قفا فانظرالابُدَّ من رجع نظرة مصعدة شتى بها القوم أومعا
لمغتصب قد عزه القوم أمره يُسِرُّ حياء عبرة أن تطلعا
تهيج له الأحزان والذكر كلما ترنم أو أفى من الأرض ميفعا
وإن كنتم ترجون أن يذهب الهوى يقينا ونروي بالشراب فننقعا
فردوا هبوب الريح أو غيروا الجوى إذا حل ألواذ الحشا فتمنعا
ولما رأيت البِشْر قد حال بيننا وجالت بنات الشوق يحنن نُزَّعا
تلفت نحو الحي حتى وجدتني وجعت من الإصغاء ليتاً وأخدعا
أجد جفون العين في بطن دمنة بذي العطف همت أن تحم فتدمعا
قفا ودعا نجدا ومن حل بالحمى وقل لنجد عندنا أن تودعا
ساثني على نجد بما هو أهله قفا راكي نجد لنا قلت أسمعا
حننت إلى ريا ونفسك باعدت مزارك من ريا وشعبا كما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعا وتجزع إن داعي الصبابة ودعا
وليست عشيات الحمى برواجع عليك ولكن خل عينيك تدمعا
أمن أجل دار بالرقاشين أعصفت عليها رياح الصيف بدءً ورُجَّعا
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
وأذكر أيام الحمى ثم أثني على كبدي من خشية أن تَقَطَّعا
أما وجلال الله لو تذكرينني كذكريك ما كفكفت للعين أدمعا
فقالت: أما والله ذكر لَوَ أنه يصب على الصخر الأصم تصدعا
على حين صارمت الأخلاء كلهم إليك وأصفيت الهوى لك أجمعا
وزدتك أضعافا وغادرت في الحشا عظام البلايا باديات ورجعا(400/1)
جزيتك فرض الود ثمت خلتني كذي الشك أدنى شكه فتطوعا
فلما تنازعا سقاط حديثها غشاشا فلان الطرف منها فأطمعا
على إثر هجران وساعة خلوة من الناس نخشى غُيَّباً أن تطلعا
فرشت بقيل كاد يشفى من الهوى تكادله أكبادنا أن تقطعا
كما استكره الصادي وقائع مزنة ركاما تولى مزنها حين نقَّعا
أعوذ نجديك الكريمين أن يرى لنا حاسدً في غُبَّر الوصل مطمعا
وعن تخلطي في طيب الشرب بيننا من الكدر المأبي شربا مطبَّعا
أعاف الذي لا هول دون لقائه وأهوى من الشرب الحريز الممنعا(400/2)
حَنَنتَ إلى رَيّا، وَنَفسُكَ بَاعَدَتْ
شعر يزيد بن الطثرية
أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال، رحمه الله، أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري أنشدني أبي ليزيد بن الطثرية، والطثر عند العرب: الخصب وكثرة اللبن:
ما وَجْدُ عَلْوِيِّ الهَوَى حَنّ وَاجتَوَىبِوَادِي الشَّرَا وَالغَوْرِ ماءً وَمَرْتَعَا
تَشّوَقَ لمّا عَضّهُ القَيدُ وَاجتَوَى ... مَرَاتِعَهُ من بَينِ قُفٍّ وَأجْرَعَا
وَرَامَ بِعَينَيهِ جِبِالاً مُنيفَةً، ... وَمَا لا يَرَى فِيهِ أخو القَيدِ مَطمَعَا
إذا رَامَ مِنهَا مَطلَعاً رَدّ شَأوَهُ ... أمينُ القُوَى، عَضّ اليَدينِ فأوْجَعَا
بِأكْبَرَ مِنْ وَجْدٍ برَيّا، وَجَدتُهُ، ... غَداةَ دَعَا دَاعي الفِرَاقِ فَأسمَعَا
خَليليَ قِفْ، لا بُدّ مِنْ رَجعِ نَظرَةٍ ... مُصَعَّدَةٍ، شتّى بها القَوْمُ أوْ مَعَا
مغتَصَبٍ قَد عَزّهُ الشّوْقُ أمرَهُ، ... يُسِرّ، حَياءً، عَبرَةً إنْ تَطَلّعَا
تَهيجُ لَهُ الأحزَانُ وَالذّكرُ، كُلّمَا ... تَرَنّمَ، أوْ أوْفَى من الأرضِ مَيَفَعا
تَلَفّتُّ للإصغَاءِ، حَتّى وَجَدْتُني ... وَجِعتُ مِنَ الإصغَاءِ لِيتاً وَأخدَعَا
قِفا وَدِّعا نَجداً وَمَن حَلّ بالحِمَى، ... وَقَلّ لنَجدٍ عِندَنَا أنْ يُوَدَّعَا
حَنَنتَ إلى رَيّا، وَنَفسُكَ بَاعَدَتْ ... مَزَارَكَ مِنْ رَيّا وَشِعبَاكُمَا مَعَا
فَمَا حَسَنٌ أنْ تَأتيَ الأمْرَ طَائِعاً، ... وَتَجزَعَ إن داعي الصّبَابة أسمَعَا
وَلَيسَتْ عَشِيّاتُ الحِمَى بِرَوَاجِعٍ ... عَلَيكَ، وَلكِن خَلِّ عَينيكَ تَدمَعَا
بكَتْ عَينيَ اليُسرَى، فَلمّا زَجَرْتُها ... عَنِ الجَهلِ بَعدَ الحِلمِ أسبَلتَا مَعَا
وَأذكُرُ أيّامَ الحِمَى ثُمّ أنثَني ... عَلى كَبدِي من خَشيَةٍ أن تَصَدّعَا
تزيين الأسواق في أخبار العشاق - (ج 1 / ص 72)
أخبار الصمة وصاحبته ريا(401/1)
هو أبو مالك الصمة بن عبد الله بن مسعود بن رقاش القشيري التغلبي من بني ربيعة، كان أديباً شجاعاً عارفاً بأيام العرب ووقائعها ومواضعها وكثيراً ما يسند إليه ابن دريد والأصمعي، قال ابن الفوار والوزير أنه أدرك أوائل الاسلام.
وريا هي بيت مسعود بن رقاش أيضاً، كانت ذات ظرافة وفراسة ومعرفة وحسن نشأت مع الصمة صغيرين وكانا يتذاكران الأدب وملح الأشعار فأعجب بها وتمكنت منه ولم يكن عندها منه مقدار ما عنده منها، فلما شكا ما يجد منها إلى بعض أصدقائه أرشده إلى تزوجها، فخطبها إلى عمه، فأنعم على مائة من الابل، فمضى الصمة إلى أبيه فأعطاه تسعاً وتسعين فأبى مسعود إلا التمام وعد الله إلا ذلك وحلف كل على ما قال وأقفوا الأمر فحملت الصمة الانفة على أن خرج عنهما إلى العراق.
فقالت الريا ما رأيت رجلاً أضاعه أبوه وعمه ببعير إلا الصمة لما عندهما من العلم بحبه لها، فلما طال عليه الأمر وتنازعه الشوق والشهامة المانعة له من العود بلا طلب مرض حتى أضناه السقم، وقيل أتى كاهناً بالعراق فسأله عما أضمر فأخبره أنه لا يتزوج بها أبداً فضعف، والصحيح كما حكاه صاحب قوت القلوب في أخبار المحب والمحبوب أنه قدم رجل يقال له غاوي بن رشيد بن طلابة المذحجي على مسعود فخطب منه ريا وأمهرها ثلثمائة ناقة برعائها، فزوجه بها فحملها إلى مذحج فبلغ الصمة ذلك فلزم الوساد وطال أمره، فدخل عليه رجل كان يألفه فعنفه وسلاه فأنشد:
أمن ذكر دار بالرقاشين أعصفت ... به بارحات الصيف بدأ ورجعا
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وسعياً كما معا
فما حسن أن يأتي الأمر طائعاً ... وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
كأنك لم تسمع وداع مفارق ... ولم تر شعبي صاحبين تقطعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
الحماسة البصرية - (ج 1 / ص 162)
وقال أيضاً
حَنَنْتَ إلى رَيَّا، ونَفْسُكَ باعَدَتْ ... مَزارَكَ مِن ريّا وشَعْباكُما مَعا(401/2)
فَما حَسَنٌ أنْ تَأْتِيَ الأَمْرَ طائِعاً ... وتَجْزَعَ إنْ داعِي الصَّبابَةِ أَسْمعا
قَفا وَدِّعا نَجْداً ومَنْ حَلَّ بالحِمى ... وقَلَّ لَنَجْدٍ عِنْدَنا أَنْ يُوَدَّعا
ولمَّا رَأَيْتُ البِشْرَ أَعْرَضَ دُونَنا ... وجالَتْ بَناتُ الشَّوْقِ يَحْنِنَّ نُزَّعا
تلفت نحو المي حتى وجدتني ... وجعت من الإصفاء ليتا وأخدعا
تَلَفَّتُّ عَيْنِيَ اليُمْنَى فلمَّا زَجَرْتُهاعن الجَهْلِ بَعْدَ الحِلْمِ أَسْبَلَتا مَعا
وأَذْكُرُ أيَّامَ الحِمَى ثُمّ أنْثَنِي ... على كَبِدِي مِن خَشْيَةٍ أَنْ تَصَدَّعا
فلَيْسَتْ عَشِيّاتُ الحِمَى برَواجِعٍ ... عليكَ، ولكنْ خَلِّ عَيْنَيْكَ تَدْمَعا
ولَمْ أرَ مِثْلَ العامِرِيَّةِ قَبْلَها ... ولا بَعْدَها يومَ ارْتَحَلْنا مُوَدِّعا
تُرِيكَ غَداةَ البَيْنِ مُقْلَةَ شادِنٍ ... وجِيدَ غَزالٍ في القَلائِدِ أَتْلَعا
فلَيْتَ جِمالَ الحَيِّ يومَ تَرَحَّلُوا ... بِذِي سَلَمٍ أَضْحَتْ مَزاحِيفَ ظُلَّعا
كأنَّكَ بِدْعٌ لَمْ تَرَ البَيْنَ قَبْلَها ... ولَمْ تَكُ بالأُلاَّفِ قَبْلُ مُفَجَّعا
شرح ديوان الحماسة - (ج 1 / ص 372)
وقال الصمة بن عبد الله القشيري
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وشعبا كما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً ... وتجزع أن داعي الصببابة أسمعا(401/3)
الحنين: تألم من الشوق وتشك. وريا؛ اسم امرأة. فإن قيل: هلا قيل روى، لأن فعلى إذا جاء اسماً من بنات الياء يقلب ياؤه واواً، على هذا الفتوى والشروى والتقوى والبقوى؟ قلت: إنه سمي به منقولاً عن الصفة، وفعلى صفة يصح فيه الياء، على هذا قولهم: خزيا وصديا وريا كأنه تأنيث ريان في الأصل، كما يقال عطشان وعطشى، ثم نقل من باب الصفات إلى بابالتسمية بها فترك على بنائه. وقوله (ونفسك باعدت) الواو واو الحال، وهي للابتداء، ومعنى باعدت بعدت، وهو كمل يقال ضاعفت وضعفت. وفي القرآن: باعد بين أسفارنا، والمزار: اسم مكان الزيارة. والشعب. شعب الحي، يقال: التأم شعبهم، أي اجتمعوا بعد تفرق، وشت شعبهم، إذا افترقوا بعد تجمع. وقوله (وشعبا كما معا) الواو واو الحال أيضاً، والعامل في (ونفسك باعدت) حننت، وفي قوله: (وشعبا كما) باعدت. ومعنى قوله: (معا) مجتمعان و مصطحيان، وموضعه خبر المبتدأ.
وقوله (فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً) في حسن وجوه: يجوز أن يكون مبتدأ، وجاز الابتداء به وهو نكرة لاعتماده على حرف النفي، و (أن تأتى) في موضع الفاعل لحسن، واستغنى بفاعله عن خبره، والتقدير: ما يحسن إتيانك الأمر طائعاً. وانتصب طائعاً على الحال من أن تأتي.ويجوز أن يرتفع حسن على أنه خبر مقدم، وأن تأتي في موضع المبتدأ. ويجوز أن يرتفع حسن بالابتداء وأن تأتي في موضع الخبر، وهذا أضعف الوجوه لكون المبتدأ نكرةً والخبر معرفة.وقوله (وتجزع أن داعي الصبابة) أن مخففة من أن الثقيلة، والمراد: وتجزع من أن داعي الصبابة أسمعك صوته ودعاك. ومعنى البيتين: شكوت شوقك إلى هذه المرأة، وأنت آثرت البعد عنها بعد أن كان حياً كما مجتمعين، وليس بجميل اختيارك الأمر طائعاً غير مكره. وجزعك بعده، لأن داعي الشوق والعائد منه إليك أسمعك وحرك منك.
قفا ودعا نجداً ومن حل بالحمى ... وقل لنجد عندنا أن يودعا
وليست عشيات الحمى برواجع ... عليك ولكن خل عينيك تدمعا(401/4)
يخاطب صاحبين له يستوقفهما ويكلفهما توديع نجد معه والناول بالحمى منه. ثم استأنف فقال ملتفتاً: ويقل لنج وساكنه التوديع من، لأن حقهما أعظم من ذلك، ولكنا لانقدر على غيره. والحمى: موضع فيه ماء وكلأ يمنع منه الناس. ويقال: أحميت المكان، إذا جعلته حمى. وحكى ابن الأعرابي أنهم يقولون للمكان وقد أبطل وأبيح ولم يحم: بهرج. وأنشد:
فخيرت بين حمىً وبهرج ... ما بين أجراذ إلى وادي الشجى
وقوله (أن يودعا) في موضع الفاعل لقل. ومعنى قوله (وليست عشيات الحمى برواجع) أنك وإن أفرطت في الجزع، فإن أوقات المواصلة بالحمى مع أحبابك لاتكاد تعود، ولكن أدم البكاء لها، مع التوجع في إثرها، تجد فيه راحةً. وفي هذا إلمام بقول الآخر:
فنلت له إن البكاء لراحة ... به يشتفي من ظن ألا تلاقيا
وقوله (تدمعا) جواب الأمر. ولو قال تدمعان، لكان حالاً للعينين.
ولما رأيت البشر أعرض دوننا ... وحالت بنات الشوق يحنن نزعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
البشر: جبل. وأعرض دوننا: ابدى عرضه. وحالت: تحركت. يقال: استحلت الشخص، إذا نظرت هل يتحرك. ومنه لاحول ولا قوة إلا بالله! والمعنى: لما تباعدنا عن نجد؛ وحجز بيننا وبينه البشر، تحركت بنات الشوق نوازع كثيرة الحنين، مظهرةً ضعف الصبر. وجواب لما قوله (بكت عيني اليمنى). وأراد ببنات الشوق مسبباته. وهذا كما قال الآخر:
يضم إلى الليل أطفال حبها ... كما ضم أزرار القميص البنائق(401/5)
فأطفال الحب كبنات الشوق. والنزع، الأشهر فيه أن يكون جمع نازع بمعنى كاف، فوضعها موضع نوازع، واللفظتان المتواخيتان لكونهما من أصل واحد يستعار ما إحداهما للأخرى. وإنما قال (بكت عيني اليمنى) لأنه كان أعور ممتعا بعينه اليسرى. والعين العوراء لاتدمع. فيقول: بكت عيني الصحيحة؛ فاجتهدت في زجرها عن تعاطي الجهل بعد أن كنت تحلمت وتركت الصبي، فلما تكلفت ذاك لها أقبلت العوراء تدمع معها وتبكي. ونبه بهذا على عصيان النفس والقلب، وقلة ائتمارهما له، وأنهما إذا زجرا وردا عن مواردهما زادا على المنكر منهما
تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتاً وأخدعا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدعا
يقول: أخذت في مسيري من لما أبصرت حال نفسي في تأثير الصبابة فيها، ملتفتاً إلى ما خلفته من الحي وأرض نجد، حتى وجدتني وجع الليت - وهو عرق فيها - لطول إصغائي، ودوام التفاتي؛ كل ذلك تحسراً في إثر الفائت من أحبابي وديارها، وتذكراً لطيب أوقاتي معهم فيها. وقد قيل فيه: إن من رموزهم أن من خرج من بلد فالتفت وراءه رجع إلى ذلك البلد.
الأغاني - (ج 2 / ص 118)
أخبرني عمي قال حدثنا عبدالله بن أبي سعد قال حدثني مسعود بن عيسى بن إسماعيل العبدي عن موسى بن عبدالله التيمي قال.
خطب الصمة القشيري بنت عمه وكان لها محباً، فاشتط عليه عمه في المهر فسأل أباه أن يعاونه وكان كثير المال فلم يعنه بشيء فسأل عشيرته فأعطوه، فأتى بالإبل عمه، فقال: لا أقبل هذه في مهر ابنتي، فاسأل أباك أن يبدلها لك فسأل ذلك أباه فأبى عليه، فلما رأى ذلك من فعلهما قطع عقلها وخلاها، فعاد كل بعير منها إلى ألافه. وتحمل الصفة راحلاً. فقالت بنت عمه حين رأته يتحمل: تالله ما رأيت كاليوم رجلاً باعته عشيرته بأبعرة. ومضى من وجهه حتى لحق بالثغر فقال وقد طال مقامه واشتاقها وندم على فعله:
أتبكي على ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وشعباكما معا(401/6)
فماحسن أن تأتي الأمرطائعا ... وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
وقد أخبرني بهذا الخبر جعفر بن قدامة قال حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه عن الهيثم بن عدي: أن الصمة خطب ابنة عمه هذه إلى أبيها فقال له: لا أزوجكها إلا على كذا وكذا من الإبل، فذهب إلى أبيه فأعلمه بذلك وشكا إليه ما يجد بها فساق الإبل عنه إلى أخيه فلما جاء بها عدها عمه فوجدها تنقص بعيراً، فقال: لا آخذها إلا كاملة، فغضب أبوه وحلف لا يزيده على ما جاء به شيئاً. ورجع إلى الصمة، فقال له: ما وراءك. فأخبره، فقال: تالله ما رأيت قط ألأم منكما جميعاة وإني لألأم منكما إن أقمت بينكما ثم ركب ناقته ورحل إلى ثغر من الثغور، فأقام به حتى مات. وقال في ذلك:
أمن ذكر دار بالرقاشين أصبحت ... بها عاصفات الصيف بدءأ ورجعا
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وشعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعا ... وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
كأنك لم نشهد وداع مفارق ... ولم ترشعبي صاحبين تقطعا
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
تحمل أهلي من قنين وغادروا ... به أهل ليلى حين جيد وأمرعا
ألا يا خليلي اللذين تواصيا ... بلومي إلا أن أطيع وأسمعا
قفا إنه لا بد من رجع نظرة ... يمانية شتى بها القوم أو معا
لمغتصب قد عزه القوم أمره ... حياء يكف الدمع أن يتطلعا
تبرض عينيه الصبابة كلما ... دنا الليل أو أوفى من الأرض ميفعا
فليست عشيات الحمى برواجع ... إليك ولكن خل عينيك تدمعا
قل لأسماء أنجزي الميعادا ... وانظري أن تزودي منك زادا
إن تكوني حللت ربعاً من الشأ ... م وجاورت حميراً أومرادا
أوتناءت بك النوى فلقد قد ... ت فؤادي لحينه فانقادا
ذاك أني علقت منك جوى الح ... ب وليداً فزدت سناً فزادا
=====================
الصمة بن عبد الله
المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - (ج 1 / ص 147)
وأما ما قصد به التوسع خاصة فكقول الصمة بن عبد الله من شعراء الحماسة:(401/7)
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وشعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً ... وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
وقد ورد بعد هذين البيتين ما يدل إلى أن المراد بالتجريد فيهما التوسع،لأنه قال:
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدعا
بنفسي تلك الأرض ما لأطيب الربا ... وما أحسن المصطاف والمتربعا
تزيين الأسواق في أخبار العشاق - (ج 1 / ص 72)
أخبار الصمة وصاحبته ريا
هو أبو مالك الصمة بن عبد الله بن مسعود بن رقاش القشيري التغلبي من بني ربيعة، كان أديباً شجاعاً عارفاً بأيام العرب ووقائعها ومواضعها وكثيراً ما يسند إليه ابن دريد والأصمعي، قال ابن الفوار والوزير أنه أدرك أوائل الاسلام.
وريا هي بيت مسعود بن رقاش أيضاً، كانت ذات ظرافة وفراسة ومعرفة وحسن نشأت مع الصمة صغيرين وكانا يتذاكران الأدب وملح الأشعار فأعجب بها وتمكنت منه ولم يكن عندها منه مقدار ما عنده منها، فلما شكا ما يجد منها إلى بعض أصدقائه أرشده إلى تزوجها، فخطبها إلى عمه، فأنعم على مائة من الابل، فمضى الصمة إلى أبيه فأعطاه تسعاً وتسعين فأبى مسعود إلا التمام وعد الله إلا ذلك وحلف كل على ما قال وأقفوا الأمر فحملت الصمة الانفة على أن خرج عنهما إلى العراق.
فقالت الريا ما رأيت رجلاً أضاعه أبوه وعمه ببعير إلا الصمة لما عندهما من العلم بحبه لها، فلما طال عليه الأمر وتنازعه الشوق والشهامة المانعة له من العود بلا طلب مرض حتى أضناه السقم، وقيل أتى كاهناً بالعراق فسأله عما أضمر فأخبره أنه لا يتزوج بها أبداً فضعف، والصحيح كما حكاه صاحب قوت القلوب في أخبار المحب والمحبوب أنه قدم رجل يقال له غاوي بن رشيد بن طلابة المذحجي على مسعود فخطب منه ريا وأمهرها ثلثمائة ناقة برعائها، فزوجه بها فحملها إلى مذحج فبلغ الصمة ذلك فلزم الوساد وطال أمره، فدخل عليه رجل كان يألفه فعنفه وسلاه فأنشد:(401/8)
أمن ذكر دار بالرقاشين أعصفت ... به بارحات الصيف بدأ ورجعا
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وسعياً كما معا
فما حسن أن يأتي الأمر طائعاً ... وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
كأنك لم تسمع وداع مفارق ... ولم تر شعبي صاحبين تقطعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
الرقاشين اسم واد بين نجد واليمن كانت تنزله بنو ربيعة، والبارحات رياح معلومة صيفية تستبشر بها العرب والضمير يعود على الوادي.
وفي قوت القلوب أعصفت بها سانحات الصيف يريد بالدار، والسانحات أيضاً رياح لكنها لا تخص الصيف فيشكل التعيين هنا وقوله وسعياً كما معطوف على قوله ونفسك باعدت يريدان السعي والنفس أبعداه عن المحبوبة وغلط في قوت القلوب حيث أعرب وسعييكما نصباً بالياء على أنه معمول باعدت عطفاً على مزارك.
وقوله فما حسن أن يأتي الأمر وبكت عيني اليمنى البيتين قد استعارهما المجنون وباقي الشعر واضح ويقال إن في القصيدة طولاً:
ولما رأيت البشر أعرض دوننا ... وجالت بنات الشوق تحتي نزعا
تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... رجعت من الاصغاء الوي وأجزعا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثنى ... على كبدي من خشية أن تصدعا
فليست عشيات الحمى برواجع ... عليك ولكن خل عينيك تدمعا
أما وجلال اللّه لو تذكرينني ... كذكراك ما كففت للعين مدمعا
فقالت بلى واللّه ذكرى لو أنه ... تضمنه صم الصفا لتصدعا
ولما طالت عليه دعا له صاحبه العراقي بطبيب حاذف، فلما تأمله قال إنما يشكو العشق لا غيره وأرى أن يلزم النزهة والفرح بنحو البساتين ليتشاغل عما هو فيه فأخرجه صاحبه مع بعض الخدم إلى الثغور، فبينا هو يوماً على شاطىء نهر وقد وجد به الكرب إذ سمع امرأة تنادي ابنتها يا ريا فسقط مغشياً عليه فاحتملوه إلى بستان هناك وأضجعوه، فلما أفاق أنشد:
تعز بصبر لا وجدك لا ترى ... سنام الحمى إحدى الليالي الغوابر
كان لساني من تذكري الحمى ... وأهل الحمى يهفو به ريس طائر(401/9)
ولم يزل يرددها حتى قضى، ولما وصل خبره إلى الريا داخلها من الوجد ما أمسكت معه عن الطعام والشراب وجعلت تبكي حتى ماتت،
الحماسة البصرية - (ج 1 / ص 162)
وقال أيضاً
حَنَنْتَ إلى رَيَّا، ونَفْسُكَ باعَدَتْ ... مَزارَكَ مِن ريّا وشَعْباكُما مَعا
فَما حَسَنٌ أنْ تَأْتِيَ الأَمْرَ طائِعاً ... وتَجْزَعَ إنْ داعِي الصَّبابَةِ أَسْمعا
قَفا وَدِّعا نَجْداً ومَنْ حَلَّ بالحِمى ... وقَلَّ لَنَجْدٍ عِنْدَنا أَنْ يُوَدَّعا
ولمَّا رَأَيْتُ البِشْرَ أَعْرَضَ دُونَنا ... وجالَتْ بَناتُ الشَّوْقِ يَحْنِنَّ نُزَّعا
تلفت نحو المي حتى وجدتني ... وجعت من الإصفاء ليتا وأخدعا
تَلَفَّتُّ عَيْنِيَ اليُمْنَى فلمَّا زَجَرْتُهاعن الجَهْلِ بَعْدَ الحِلْمِ أَسْبَلَتا مَعا
وأَذْكُرُ أيَّامَ الحِمَى ثُمّ أنْثَنِي ... على كَبِدِي مِن خَشْيَةٍ أَنْ تَصَدَّعا
فلَيْسَتْ عَشِيّاتُ الحِمَى برَواجِعٍ ... عليكَ، ولكنْ خَلِّ عَيْنَيْكَ تَدْمَعا
ولَمْ أرَ مِثْلَ العامِرِيَّةِ قَبْلَها ... ولا بَعْدَها يومَ ارْتَحَلْنا مُوَدِّعا
تُرِيكَ غَداةَ البَيْنِ مُقْلَةَ شادِنٍ ... وجِيدَ غَزالٍ في القَلائِدِ أَتْلَعا
فلَيْتَ جِمالَ الحَيِّ يومَ تَرَحَّلُوا ... بِذِي سَلَمٍ أَضْحَتْ مَزاحِيفَ ظُلَّعا
كأنَّكَ بِدْعٌ لَمْ تَرَ البَيْنَ قَبْلَها ... ولَمْ تَكُ بالأُلاَّفِ قَبْلُ مُفَجَّعا
شرح ديوان الحماسة - (ج 1 / ص 372)
وقال الصمة بن عبد الله القشيري
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وشعبا كما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً ... وتجزع أن داعي الصببابة أسمعا(401/10)
الحنين: تألم من الشوق وتشك. وريا؛ اسم امرأة. فإن قيل: هلا قيل روى، لأن فعلى إذا جاء اسماً من بنات الياء يقلب ياؤه واواً، على هذا الفتوى والشروى والتقوى والبقوى؟ قلت: إنه سمي به منقولاً عن الصفة، وفعلى صفة يصح فيه الياء، على هذا قولهم: خزيا وصديا وريا كأنه تأنيث ريان في الأصل، كما يقال عطشان وعطشى، ثم نقل من باب الصفات إلى بابالتسمية بها فترك على بنائه. وقوله (ونفسك باعدت) الواو واو الحال، وهي للابتداء، ومعنى باعدت بعدت، وهو كمل يقال ضاعفت وضعفت. وفي القرآن: باعد بين أسفارنا، والمزار: اسم مكان الزيارة. والشعب. شعب الحي، يقال: التأم شعبهم، أي اجتمعوا بعد تفرق، وشت شعبهم، إذا افترقوا بعد تجمع. وقوله (وشعبا كما معا) الواو واو الحال أيضاً، والعامل في (ونفسك باعدت) حننت، وفي قوله: (وشعبا كما) باعدت. ومعنى قوله: (معا) مجتمعان و مصطحيان، وموضعه خبر المبتدأ.
وقوله (فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً) في حسن وجوه: يجوز أن يكون مبتدأ، وجاز الابتداء به وهو نكرة لاعتماده على حرف النفي، و (أن تأتى) في موضع الفاعل لحسن، واستغنى بفاعله عن خبره، والتقدير: ما يحسن إتيانك الأمر طائعاً. وانتصب طائعاً على الحال من أن تأتي.ويجوز أن يرتفع حسن على أنه خبر مقدم، وأن تأتي في موضع المبتدأ. ويجوز أن يرتفع حسن بالابتداء وأن تأتي في موضع الخبر، وهذا أضعف الوجوه لكون المبتدأ نكرةً والخبر معرفة.وقوله (وتجزع أن داعي الصبابة) أن مخففة من أن الثقيلة، والمراد: وتجزع من أن داعي الصبابة أسمعك صوته ودعاك. ومعنى البيتين: شكوت شوقك إلى هذه المرأة، وأنت آثرت البعد عنها بعد أن كان حياً كما مجتمعين، وليس بجميل اختيارك الأمر طائعاً غير مكره. وجزعك بعده، لأن داعي الشوق والعائد منه إليك أسمعك وحرك منك.
قفا ودعا نجداً ومن حل بالحمى ... وقل لنجد عندنا أن يودعا
وليست عشيات الحمى برواجع ... عليك ولكن خل عينيك تدمعا(401/11)
يخاطب صاحبين له يستوقفهما ويكلفهما توديع نجد معه والناول بالحمى منه. ثم استأنف فقال ملتفتاً: ويقل لنج وساكنه التوديع من، لأن حقهما أعظم من ذلك، ولكنا لانقدر على غيره. والحمى: موضع فيه ماء وكلأ يمنع منه الناس. ويقال: أحميت المكان، إذا جعلته حمى. وحكى ابن الأعرابي أنهم يقولون للمكان وقد أبطل وأبيح ولم يحم: بهرج. وأنشد:
فخيرت بين حمىً وبهرج ... ما بين أجراذ إلى وادي الشجى
وقوله (أن يودعا) في موضع الفاعل لقل. ومعنى قوله (وليست عشيات الحمى برواجع) أنك وإن أفرطت في الجزع، فإن أوقات المواصلة بالحمى مع أحبابك لاتكاد تعود، ولكن أدم البكاء لها، مع التوجع في إثرها، تجد فيه راحةً. وفي هذا إلمام بقول الآخر:
فنلت له إن البكاء لراحة ... به يشتفي من ظن ألا تلاقيا
وقوله (تدمعا) جواب الأمر. ولو قال تدمعان، لكان حالاً للعينين.
ولما رأيت البشر أعرض دوننا ... وحالت بنات الشوق يحنن نزعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
البشر: جبل. وأعرض دوننا: ابدى عرضه. وحالت: تحركت. يقال: استحلت الشخص، إذا نظرت هل يتحرك. ومنه لاحول ولا قوة إلا بالله! والمعنى: لما تباعدنا عن نجد؛ وحجز بيننا وبينه البشر، تحركت بنات الشوق نوازع كثيرة الحنين، مظهرةً ضعف الصبر. وجواب لما قوله (بكت عيني اليمنى). وأراد ببنات الشوق مسبباته. وهذا كما قال الآخر:
يضم إلى الليل أطفال حبها ... كما ضم أزرار القميص البنائق(401/12)
فأطفال الحب كبنات الشوق. والنزع، الأشهر فيه أن يكون جمع نازع بمعنى كاف، فوضعها موضع نوازع، واللفظتان المتواخيتان لكونهما من أصل واحد يستعار ما إحداهما للأخرى. وإنما قال (بكت عيني اليمنى) لأنه كان أعور ممتعا بعينه اليسرى. والعين العوراء لاتدمع. فيقول: بكت عيني الصحيحة؛ فاجتهدت في زجرها عن تعاطي الجهل بعد أن كنت تحلمت وتركت الصبي، فلما تكلفت ذاك لها أقبلت العوراء تدمع معها وتبكي. ونبه بهذا على عصيان النفس والقلب، وقلة ائتمارهما له، وأنهما إذا زجرا وردا عن مواردهما زادا على المنكر منهما
تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتاً وأخدعا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدعا
يقول: أخذت في مسيري من لما أبصرت حال نفسي في تأثير الصبابة فيها، ملتفتاً إلى ما خلفته من الحي وأرض نجد، حتى وجدتني وجع الليت - وهو عرق فيها - لطول إصغائي، ودوام التفاتي؛ كل ذلك تحسراً في إثر الفائت من أحبابي وديارها، وتذكراً لطيب أوقاتي معهم فيها. وقد قيل فيه: إن من رموزهم أن من خرج من بلد فالتفت وراءه رجع إلى ذلك البلد. وأنشد فيه أبيات منها قوله:
عيل صبري بالثعلبية لما ... طال ليلى وملني قرنائي
كلما سارت المطايا بناميلاً تنفست والتفت ورائي
قالوا: التفت لكي يقضى له الرجوع، لكونه عاشقاً وانتصب (ليتاً) لأنه تمييز، وهذا من باب ما نقل الفعل عنه، كأن الأصل: وجع ليتني وأخدعي، فلما شغل الفعل عنهما بضميره أشبها المفعول فنصبهما. ومثله: تصببت عرقاً، وقررت به عيناً.(401/13)
وقوله (وأذكر أيام الحمى ثم أنثني) يقول: وأتذكر أوقاتي بالحمى لما كان من أسباب الوصال تساعد، وبين دورنا ودور الأحبة تقارب، وللتراسل إمكان، ومع الحبيب في الوقت بعد الوقت تلاق واجتماع، ثم أنعطف على كبدي وأقبض عليها مخافة تشققها، وخروجها من مواضعها، شوقاً إلى أمثالها، وحسرة في إثر منقطعها. وقد ذكر هذه الأبيات أبو عبد الله المفجع رحمه الله، في حد الغزل من كتابه المعروف بالترجمان، فنذكر بيتين منها في (باب الصبابة)، وهما:
حننت إلى ريا ونفسك باعدت
و
فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً
وقال في تفسيرهما:(يقول: الحرب بينك وبين قومك تمنعك من قربها ولقائها). وذكر مع البيتين قول عنترة:
علقتها عرضاً وأقتل قومها ... زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم
ثم جاء إلى (باب الحنين)، فذكر ما في الأبيات،
وأذكر أيام الحمى
و
وليست عشيات الحمى برواجع
و
بكت عيني اليمنى
الأبيات، وقال في تفسيرها: هذا كان مجروراً لأحبابه وهم منتجعون بجنوب الحمى فنشأت عين - والعين: سحابة تجيء من ناحية القبلة - فنشأت من عين يسار القبلة، فارتاع لذلك، وخشى الفرقة إذا اتصل الغيث، فذلك معنى قوله: بكت عيني اليسرى، كنايةً عن السحاب. وجهلها: كثرة مطرها. وجعل ارتياعه منها زجراً لها. ثم نشأت أخرى من عن يمين القبلة، فأيقن حينئذ بالفراق. فذلك معنى قوله: أسبلتا معا. ثم قال معترفاً بالبين: خل عينيك تدمعا، يعني السحابتين. وقال جرير:
إن السواري والغوادي غادرت ... للريح منخرقاً بها ومجالا).
هذا كلامه في كتابه، وقد حكيناه على ما أورده لازيادة فيه ولا نقصان. وأظن أنه تذكر أبيتاً غير هذه، ثم تصرف في تفسيرها وذكر هذه الأبيات في أثناء تفسير ما ذكره، ولم يأت بها. وقد أحسنت الظن مستطرفاً فعله. والله أعلم.
الأغاني - (ج 2 / ص 117)(401/14)
أخبرني أبو الطيب بن الوشاء قال: قال لي إبراهيم بن محمد بن سليمان الأزدعي: لو حلف حالف أن أحسن أبيات قيلت في الجاهلية والإسلام في الغزل قول الصمة القشيري ما حنث:
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وشعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعا ... وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدعا
فليست عشيات الحمى برواجع ... عليك ولكن خل عينيك تدمعا
غنت في هذين البيتين قرشية الزرقاء لحناً من الثقيل الأول عن الهشامي. وهذه الأبيات التي أولها " حننت إلى ريا تروى لقيس بن ذريح في أخباره وشعره بأسانيد قد ذكرت في مواضعها، ويروى بعضها للمجنون في أخباره، بأسانيد قد ذكرت أيضاً في أخباره. والصحيح في البيتين الأولين أنهما لقيس بن ذريح وروايتهما له، آثبت، وقد تواترت الروايات بأنهما له من عدة طرق، والأخر مشكوك فيها أهي للمجنون أم للصمة.
أنشدنا محمد بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم للصمة القشيري قال: وكان أبو حاتم يستجيدهما، وأنشدنيهما عمي عن الكراني عن أبي حاتم، وأنشدنيهما الحسن بن علي عن ابن مهرويه عن أبي حاتم:
إذا نأت لم تفارقني علاقتها ... وإن دنت فصدود العاتب الزاري
فحال عيني من يوميك ... واحدة تبكي لفرط صدود أونوى دار
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عبيد الله بن إسحاق بن سلام قال حدثني أبي عن شعيب بن صخر عن بعض بني عقيل قال: مررت بالصمة بن عبدالله القشيري يوماً وهو جالس وحده يبكي ويخاطب نفسه ويقول: لا والله ما صدقتك فيما قالت، فقلت: من تعني. ويحك! أجننت! قال: اعني التي أقول فيها:
أما وجلال الله لو تذكرينني ... كذكريك ماكفكفت للعين مدمعا
فقالت بلى والله ذكراً لوأنه ... يصب على صم الصفا لتصدعا
أسلي نفسي عنها وأخبرها أنها لو ذكرتني كما قالت لكانت في مثل حالي.(401/15)
أخبرني عمي قال حدثنا عبدالله بن أبي سعد قال حدثني مسعود بن عيسى بن إسماعيل العبدي عن موسى بن عبدالله التيمي قال.
خطب الصمة القشيري بنت عمه وكان لها محباً، فاشتط عليه عمه في المهر فسأل أباه أن يعاونه وكان كثير المال فلم يعنه بشيء فسأل عشيرته فأعطوه، فأتى بالإبل عمه، فقال: لا أقبل هذه في مهر ابنتي، فاسأل أباك أن يبدلها لك فسأل ذلك أباه فأبى عليه، فلما رأى ذلك من فعلهما قطع عقلها وخلاها، فعاد كل بعير منها إلى ألافه. وتحمل الصفة راحلاً. فقالت بنت عمه حين رأته يتحمل: تالله ما رأيت كاليوم رجلاً باعته عشيرته بأبعرة. ومضى من وجهه حتى لحق بالثغر فقال وقد طال مقامه واشتاقها وندم على فعله:
أتبكي على ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وشعباكما معا
فماحسن أن تأتي الأمرطائعا ... وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
وقد أخبرني بهذا الخبر جعفر بن قدامة قال حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه عن الهيثم بن عدي: أن الصمة خطب ابنة عمه هذه إلى أبيها فقال له: لا أزوجكها إلا على كذا وكذا من الإبل، فذهب إلى أبيه فأعلمه بذلك وشكا إليه ما يجد بها فساق الإبل عنه إلى أخيه فلما جاء بها عدها عمه فوجدها تنقص بعيراً، فقال: لا آخذها إلا كاملة، فغضب أبوه وحلف لا يزيده على ما جاء به شيئاً. ورجع إلى الصمة، فقال له: ما وراءك. فأخبره، فقال: تالله ما رأيت قط ألأم منكما جميعاة وإني لألأم منكما إن أقمت بينكما ثم ركب ناقته ورحل إلى ثغر من الثغور، فأقام به حتى مات. وقال في ذلك:
أمن ذكر دار بالرقاشين أصبحت ... بها عاصفات الصيف بدءأ ورجعا
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ... مزارك من ريا وشعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعا ... وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
كأنك لم نشهد وداع مفارق ... ولم ترشعبي صاحبين تقطعا
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها ... عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
تحمل أهلي من قنين وغادروا ... به أهل ليلى حين جيد وأمرعا(401/16)
ألا يا خليلي اللذين تواصيا ... بلومي إلا أن أطيع وأسمعا
قفا إنه لا بد من رجع نظرة ... يمانية شتى بها القوم أو معا
لمغتصب قد عزه القوم أمره ... حياء يكف الدمع أن يتطلعا
تبرض عينيه الصبابة كلما ... دنا الليل أو أوفى من الأرض ميفعا
فليست عشيات الحمى برواجع ... إليك ولكن خل عينيك تدمعا(401/17)
حوار أمام بوابة الهزيمة
---
طاب المكان و طاب فيه مقام ... و تفتقت عن زهرها الأكمام
و جرت سواقي الحب ينبت حولها ... نخل و ترتع حولها الأغنام
و الشمس تعزف للروابي نورها ... فيذوب طل تحتها و غمام
و الأرض تروي بالنبات حكاية ... خضراء يكبر عندها الإلهام
صور من الأحلام تثلج خاطري ... و لقد تسر العاشق الأحلام
صور رسمت أمام قلبي لوحة منها ... لعل جراحه تلتام
صور و تنسفها وقائع أمتي ... نسفا و يبتلع المكان ظلام
و علي رصيف الليل طفل واهم ... نظراته نحو القلوب سهام
و سؤاله الملهوف يحرق مهجتي ... أو ليس ديني يا أبي الإسلام
أو ليس منهج أمتي قرآنها ... فبه لها في العالمين مقام
أو ليس قدوتنا الرسول محمد ... تهدي إليه صلاتنا و سلام
أو ما لنا في المجد ألف حكاية ... تعبت علي تدوينها الأقلام
أو ما جرت أنهارنا رقراقة ... بالخير ترفع فوقها الأعلام
أو ما لدينا النبع يصفو ماؤه ... و عليه من شفق القلوب زحام
أو لم نكن جسر النجاة لعالم ... يشقي به الضعفاء و الأيتام
أو لم تصغ بدر بداية مجدنا ... لما تهاوت عندها الأرقام
ألف تقابل ثلث ألف إنها ... لأدلة للواهمين تقام
أو يكن بالفتح صرف عقيدة ... في صدرها للمكرمات وسام
أو ما تري في الكون صوت بلالنا ... و علي صداه تهاوت الأصنام
أو لم تكن ذات السلاسل لوحة ... مرسومة و إباؤنا الرسام
أو ما رأي اليرموك كيف استبشرت ... ببزوغ فجر المسلمين الشام
أو لم تكن للقادسية قصة ... أدلي بوصف شموخها الصمصام
أو لم نعلق في المدائن شمعة ... بيضاء فر أمامها الإظلام
أو لم نلقن قيصرا و حشوده ... درسا تحار أمامه الأفهام
أو لم ندع كسري علي إيوانه ... يبكي و تأكل صدره الآلام
أو لم يسلم جاذويه سلاحه ... فرقا و يندب حظه بهرام
أو لم تخض بحر البطولة خيلنا ... و بقلب أندلس لها إعظام
أو لم تقل للصين خيل قتيبة ... جئنا يزف صهيلنا الإقدام
أو لم تفض حطين لحنا خالدا ... تهفو إلي أنغامه الأنغام
أو لم تكن في عين جالوت لنا ... همم لردع المعتدين عظام
أو هكذا ننسي المفاخر مثلما ... ينسي الصغير هوي الرضاع فطام(402/1)
أو هكذا أبتاه تسكر أمتي ... سكرا يقدم كأسه الإعلام
أو هكذا تطوي عزائم جيلنا ... قصص تصور فحشها الأفلام
قل لي أبي أنظل نأكل خبزنا ... و عليه من دمنا المراق إدام
قل لي أبي أنظل نشرب ماءنا ... والقدس يهتك عرضها و تضام
قل لي أبي أيبيت طفل ساهرا ... في كفه حجر و نحن ننام
ورمت عيون المخبرين وراءه ... و علي شفاه الصامتين خطام
سكتوا لأن السيف مسلول إذا ... نطقوا بما لا يرغب الأقزام
سيفان يا أبتاه سيف عدونا ... صلت و سيف سله الحكام
و غرور أمريكا أحال رجالنا ... خشبا تسمر فوقه الأحلام
أو ما لنا أبتاه عزم صادق ... أو ليس بين صفوفنا مقدام
أو ما لنا في السلم نهج واضح ... أو ما لنا وقت الحروب حسام
أو ما لنا في عالم اليوم الذي ... يجري طريق واضح و نظام
أبتاه هذا بيتنا قد هدمت ... درانه و أمامنا الهدام
أبتاه هذا جسم أمتنا تري ... يه اللظى و استشرت الأورام
أبتاه هذا درب أمتنا شكى ... يه الثري ما تصنع الألغام
كفر و ربك يا أبي ينوي بنا ... را و نحن كأننا الأنعام
قل لي أبي أنظل نعلق صمتنا ... علي الأنوف مذلة و رغام
أنظل نخفض للصليب رؤوسنا ... ينام فوق فراشنا الحاخام
أو هكذا أبتاه ننسي ديننا ... و يزيحنا عن مجدنا استسلام
كان الأب المسكين يحبس دمعه ... لحزنه بين الضلوع ضرام
أبني لا تنطق فقد ألجمتني ... واه كم يؤذي الكريم لجام
هذه هي الأمراض قد فتكت بنا ... ي عصرنا و دواءها الإسلام(402/2)
الحمد لله، الحمد لله قضى ألا تعبدوا إلا إياه لامانع لما أعطاه ولا راد لما قضاه ولا مظهر لما أخفاه ولاساتر لما أبداه ولامضل لمن هداه ولاهادي لمن أعماه سبحانه خلق آدم بيده وسواه وأمره ونهاه ثم تاب عليه ورحمه واجتباه حاله ينذر من سعى فيما اشتهاه طرد إبليس فأصمه وأعماه وأبعده وأشقاه وفي قصته نذير لمن خالف الله وعصاه أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له أخذ موسى من أمه طفلا ورعاه وساقه إلى حجر عدوه فرباه وجاد عليه بالنعم وأعطاه فمشى في البحر وما ابتلت قدماه وأهلك عدوه بالغرق وواراه خرج يطلب ناراً فشرفه الله وناداه ((إنني أنا الله لاإله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري))
حمداً لمن نبيه قد بعثا *** فدوخت بعوثه من قد عثا
ثم الصلاة والسلام ما حكت *** حمائم حمائماً إذا بكت
وهزت الغصون أنفاس الصبا *** فهيجا صبابة لمن صبا
ولمع البرق إذا الغيث وكف *** وطاف بالبيت منيب واعتكف
على أجل مرسل وآله ***وصحبه وتابعي منواله
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون))
عباد الله إن الناظر بعين البصر والبصيرة إلى الخلق يجد عجبا يجدهم غادين جادين ، جادين في بيع أنفسهم ففائز رابح ومغبون خاسر
فرابح قد رجحت ميزانه *** وخاسر أوبقه عدوانه
رابح دان نفسه وحاسبها وعمل لما بعد الموت فزكى صعد بها وارتقى وخاض المتاعب وركب الأهوال وانتقى وإلى العلياء ارتقى فكان الكيس العاقل الفطن ذا الذكا خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فآفة المرء الهوى فمن علا *** على هواه عقله فقد نجا
أعتق نفسه وشرفها وزكاها وقد أفلح من زكاها
فأربح بها من صفقة لمبايع *** وأعظم بها أعظم بها ثم أعظم(403/1)
وخاسر نسي مصيره فنغمس في المحرمات على غير بصيرة أقبل على الدنيا لاهثاً في شره بهيمة يجيد السباحة من أجلها في كل بحر ويلبس لها أكثر من ثوب ويمثل بها أكثر من دور ويتكلم لها بأكثر من لسان ويركب لها كل مطية باع دينه بعرض منها وهبط والهبوط هين والهابط لم تكن نفسه يوماً أبية أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني حتى داهمته المنية
فهمه في اليوم أكل وكسا *** وهمه بالليل خمر ونسا
خاب عاجز خائر بائر خسر نفسه فأهلكها وأوبقها وبثمن بخس باعها فيالها من رزية دساها وقد خاب من دساها
فكان كفاق عينيه عمداً فأصبح لا يضيء له نهار بل كان
كان كالحمار لايذكى *** فيدفع الجوع ولا يزكى.
شاد للأولى فهلا كان للأخرى يشيد ((من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد)) لا نعجب من خطأه واتباع هواه معشر المؤمنين إذ لاعجب ولاغرابة أن يخطأ الإنسان وتصدر منه الإساءة والسفه والجهل والظلم فكل ابن آدم خطاء والمعصوم من عصمه الله لكن العجب منه يوم يدرك خطأه وإساءته وسفهه وجهله وظلمه ثم يظل متلبساً بذلك مصراً عليه آمناً مكر الله به ووعيده له ((أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)) يقول ابن القيم رحمه الله (( الذنب بمنزلة شرب السم والتوبة ترياقه ودواؤه والطاعة هي الصحة والعافية وصحة وعافية مستمرة خير من صحة يتخللها مرض وشرب سم وصحة يتخللها مرض وشرب سم خير من بلاء دائم
من حاد عن حب الكمال تعنتا *** يتبدل الأدنى ويبقى الأحقرا
فاغتنم حياتك عمرك فلكل غاد روحة ولكل وضاء سرار يامن بدرت منه الخطيئة وكلنا ذاك عودة عودة إلى أفياء الطاعة الباب مفتوح والظل والرخاء من وراء الباب فالزم سدة الباب وقم في الدجى واصرخ بلسان الذل مع وجيف القلب وواكف الدمع ((ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر)) هيا فالنفس يخرج ولا يعود فالعين تطرف ولاتطرف الأخرى إلا بين يدي العزيز الحميد(403/2)
فلا بد من ساعة قاهرة *** تكون الرؤوس بها فاغرة
إذا استوفت النفس مكيالها*** وزلزلت الأرض زلزالها
فمالك من فرصة للإياب *** ولن يرجع العمر بعد الذهاب.
تقدم فمازال للصلح باب *** وبالموت يغلق باب المتاب
((والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيما))
ريدي حياض النجاة يا نفس واطرحي *** حياض حب الهوى للشاء والنعم
بادر قبل أن تبادر بادر بالإقلاع عن الذنب في شعور بالألم يقض المضاجع ويأرق المنام ويقرح الجفون ويزرع في القلب الحسرة والندامة مع عزم أكيد على استئناف حياة صالحة نقية تقية طاهرة بادر فإن تأخير التوبة عن الذنب ذنب يحتاج إلى توبة ((وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن)) بادر فإن الذنب يجر إلى الذنب فكم من ذنب صغير كانت النهاية معه بالتسويف أن يحال بين صاحبه وقلبه وقد يسلب إيمانه فبادر أرأيت لو أن رجلاً أمر باقتلاع شجرة باسقة كبيرة أصولها وهو شاب فرآها كبيرة فهابها وقال فلندعها إلى الغد فلما جاء الغد قال لندعها إلى العام القادم إلى الذي يليه إلى الذي يليه فإنه بمرور الوقت تضعف قوته و يخور ثم لايستطيع بعدها قلعها فما لاتقدر عليه في الشباب لا تقدر عليه غالباً وقت المشيب فمن العناء رياضة الهرم ومن التعذيب تهذيب الذيب والقضيب الرطب يقبل الانحنا فإذا جف وطال عليه الوقت صعب واستعصى والغصن أقرب تقويماً من الخشب وما عجزت عنه اليوم قد تكون غدا أشد عجزاً
فلا تبق فعل الصالحات إلى غد *** لعل غدا يأتي وأنت فقيد(403/3)
فباد يفعل الذنب فيخلق الإيمان في القلب كما يخلق الثوب ثم يغلف بالران فيذبل ثم يقسو ((فويل للقاسة قلوبهم من ذكر الله)) ثم يموت وعندها يحرم الإنسان لذة مناجاة الله فعباداته بعد ذلك آلية لاروح فيها لاتزكي نفساً ولاتطهر رجساً تلك عقوبة وبلية أي بلية ثم ينسى القرآن إن كان معه شيء من القرآن ثم يهمل الاستغفار ثم يحرص على الذنب مع عدم التلذذ به كلما حاول أن يعود أركس في ذنبه مع هم وغم وحزن وخوف وذل لايفارقه أبى الله إلا أن يذل من عصاه.(403/4)
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ
الشافعي
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ وطبْ نفساً إذا حكمَ القضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثة الليالي فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ
وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ
ولا ترجُ السماحة ََ من بخيلٍ فَما فِي النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي وليسَ يزيدُ في الرزقِ العناءُ
وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرورٌ ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ
وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا فلا أرضٌ تقيهِ ولا سماءُ
وأرضُ الله واسعة ً ولكن إذا نزلَ القضا ضاقَ الفضاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ فما يغني عن الموت الدواءُ(404/1)
دعِ المكارم لا ترحل لبغيتها
للحطيئة ، يمدح آل شماس ويهجو الزبرقان بن بدر :
والله ما معشرٌ لاموا امرأً جنباً ***** من آل لأيِ بن شمّاس بأكياس
علامَ كلّفتني مجد ابنِ عمِّكمُ ***** و العيسُ تخرج من أعلام أوطاس
ما كان ذنبُ بغيضٍ لا أبا لكمُ ***** في بائسٍ جاء يحدو آخر الناس
لقد مريتكم لو أنّ درّتكمْ ***** يوماً يجيء بها مسحي و إبساسي
وقد مدحتكمُ عمداً لأرشدكم ***** كيما يكون لكم منحي و إمراسي
و قد نظرتكمُ إعشاء صادرةٍ ***** للخمس طال بها حوزي وتنساسي
فما ملكتُ بأن كانت نفوسكمُ ***** كفاركٍ كرهت ثوبي و إلباسي
حتى إذا ما بدا لي غيبُ أنفسكمْ ***** ولم يكن لجراحي فيكمُ آسي
أزمعت يأساً مبيناً من نوالكمُ ***** ولن ترى طارداً للحرِّ كالياس
ما كان ذنبُ بغيضٍ أن رأى رجلاً ***** ذا فاقةٍ عاش في مستوعرٍ شاس
جاراً لقومٍ أطالوا هون منزله ***** و غادروه مقيماً بين أرماس
ملُّوا قراهُ و هرَّتهُ كلابهمُ ***** و جرّحوهُ بأنيابٍ و أضراس
سيري أمامَ أولاكِ الأكثرون حصىً ***** و الأكرمون أباً من آل شمّاس
دعِ المكارم لا ترحل لبغيتها ***** واقعدْ فإنّك أنت الطاعم الكاسي
وابعثَ يساراً إلى وفرٍ مذمّمةٍ ***** و احدج عليها بذي عركين قنعاس
من يفعل الخير لا يعدم جوازيهُ ***** لا يذهب العرف بين الله و الناس
ما كان ذنبيَ أن فلّت معاولكمْ ***** من آل لأيٍ صفاةٌ أصلها راسي
قد ناضلوك فسلّوا من كنانتهم ***** مجداً تليداً و نبلاً غيرَ أنكاس(405/1)
دع الوشاة
دع الوشاة وما قالوا وما نقلوا************بيني وبينكم ما ليس ينفصلُ
لكم سرائر في قلبي مخبأةً************لا الكتب تنفعني فيها ولا الرُسُل
رسائل الشوق عندي لو بعثت بها**********إليكم لم تسعها الطرق والسبل
وأستلذ نسيماً من دياركم **** كأن أنفاسهُ من نشركم قبلُ
وارحمتاه لصب قل ناصرهُ***********فيكم وضاق عليه السهل والجبل
يزداد شعري حُسناً حين أذكركم*********** إن المليحة فيها يحسن الغزل
يا غائبين وفي قلبي أشاهدهم********وكلما انفصلوا عن ناظري اتصلوا
قد جدد البعد قرباً في الفؤاد لهم********* حتى كأنهم يوم النوى وصلوا
البهاء زهير(406/1)
دع ذا وعد القول في هرمٍ
زهر الآداب وثمر الألباب - (ج 1 / ص 292)
وكان زهيرٌ كثيرَ المدح لهرم، ويروى أن بنتاً لسنان بن أبي حارثة رأت بنتاً لزهير بن أبي سلمى في بَعض المحافل، وإذا لها شارةٌ وحالٌ حسنة، فقالت: قد سرّني ما أرى من هذه الشارة والنعمة عليك فقالت: إنها منكم. فقالت: بلى والله لك الفضل، أعطيناكم ما يَفْنَى، وأعطيتمونا ما يبقى!.
وقد قيل: إن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال لابنة هرم بن سنان: ما وهَب أبوك لزهير؟ قالت: أعطيناه مالاً وأثاثاً أفْناه الدهر. قال: لكن ما أعطاكموه لا تفْنِيه الدهور. وقد صدق عمر، رضي الله عنه، لقد أبقى زهير لهم ما لا تفنيه الدهور، ولا تُخْلِقه العصور، ولا يزال به ذكر الممدوح سامياً، وشرفه باقياً، فقد صار ذكرهم عَلَماً منصوبَاَ، ومثلاً مضروباً، قال الطائي، وذكرهم في شعره: البسيط:
مالي ومالك شِبْةٌ حين أذكرهُ ... إلاّ زهير وقد أصْغَى له هرم
وقال يوسف الجوهري يمدح الحسن بن سَهْل: البسيط:
لو أن عَيْنَي زهيرٍ أبصرت حَسَناً ... وكيف يصنعُ في أموالِه الكرمُ
إذن لقال زهيرٌ حين يبصِرهُ ... هذا الجوادُ على العلاتِ لا هَرِمُ
وقال آخر، ويدخل في باب تفضيل الشعر: البسيط:
الشعرُ يَحفَظُ ما أَودَى الزمان به ... والشعرُ أفضل ما يجنى من الكرَمِ
لولا مقالُ زهير في قصائدهِ ... ما كان يعرف جُودٌ كان من هَرِم
وقيل: أعطى هرم العطاء الجزيل قول زهير فيه: الكامل:
تاللَّه قد عَلِمَتْ سَرَاةُ بني ... ذُبْيَانَ عَامَ الْحَبْسِ والأصْرِ
أنْ نِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أنت إذا ... دُعِيَتْ نَزَالِ ولُجَّ في الذُّعْرِ
حامي الذِّمارِ على مُحَافظة ال ... جُلَى أمينُ مُغَيَّبِ الصَّدْرِ
حَدِبٌ على المَوْلَى الضَّرِيكِ إذا ... ضاقت عليه نوائبُ الدَهْرِ
ومُرَهَقُ النيران يُحْمَدُ في ال ... لأْواء غيرُ مُلَعَّنِ القِدْرِ
والسِّتْر دونَ الفاحشاتِ، وما ... يلقاكَ دونَ الخيرِ من سِتْرِ(407/1)
خزانة الأدب - (ج 2 / ص 370)
دع ذا وعد القول في هرمٍ ... خير البداة وسيد الحضر
تالله قد علمت سراة بني ... ذبيان عام الحبس والأصر
إن نعم معترك الجياع إذا ... خب السفير وسابئ الخمر
ولنعم حشو الدرع أنت إذا ... دعيت نزال ولج في الذعر
ولنعم مأوى القوم قد علموا ... إن عضهم جلٌّ من الأمر
ولنعم كافي من كفيت ومن ... تحمل له تحمل على ظهر
حامي الذمار على محافظة ال ... جلى أمين مغيب الصدر
حدبٌ على المولى الضريك إذا ... نابت عليه نوائب الدهر
عظمت دسيعته وفضله ... جز النواصي من بني بدر
أيام ذبيانٌ مراغمةٌ ... في حربها ودماؤها تجري
ومرهق النيران يطعم في ال ... لأواء غير ملعن القدر
ويقيك ما وقي الأكارم من ... حوبٍ تسب به ومن غدر
وإذا برزت به برزت إلى ... ضافي الخليقة طيب الخبر
متصرفٍ للمجد معترفٍ ... للنائبات يراح للذكر
جلدٍ يحث على الجميع إذا ... كره الظنون جوامع الأمر
ولأنت تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفري
ولأنت أشجع حين تتجه ال ... أبطال من ليثٍ أبي أجر
يصطاد أحدان الرجال فما ... تنفك أجريه على ذخر
والستر دون الفاحشات وما ... يلقاك دون الخير من ستر
أثني عليك بما علمت وما ... أسلفت في النجدات والذكر(407/2)
قوله: وعد القول في هرم وهو بفتح الهاء وكسر الراء، أحد الأجواد في الجاهلية من بني مرة. أي: دع ما أنت فيه من وصف الديار، وعد القول، أي: اصرفه، إلى مدح هرم. والبداة: جمع باد. والحضر: جمع حاضر، كصحب جمع صاحب. وقوله: تالله قد علمت إلخ، السراة: جمع سريٍّ، وهو الكريم. والحبس والأصر والأزل، بفتح الهمزة واحد، وهو أن يحدق العدو بالقوم، فيحبسوا أموالهم، ولا يخرجوها إلى الرعي، خشية أن يغار عليها. والأصر: الضيق أيضاً وسوء الحال. وقوله: أن نعم معترك إلخ، أن بفتح الهمزة مخففة من الثقيلة مؤولة مع مدخولها بمصدر، سادة مسد مفعولي علمت. ومترك: فاعل نعم، والمخصوص محذوف، وهو اسم مكان، أي: نعم موضع ازدحام الفقراء أنت. وأصله في الحرب، فاستعاره هنا. وخب السفير، أي: أسرع، وطار مع الريح. والسفير: ما جف من الورق وسقط، وذلك في شدة البرد وقحط الزمان. وسابئ: معطوفٌ على مترك، وهو مهموز الآخر، اسم فاعل من سبأ الخمر، إذا اشتراها، وإنما وصفه بسباء الخمر في شدة الزمان، ليدل على كرمه وتناهي جوده، فلا تمنعه شدة الزمان من إنفاق ماله. وقوله: ولنعم حشو الدرع إلخ، جعل لابس الدرع حشواً لها لاشتمالها عليه، كما يشتمل الإناء على ما فيه. وهو العامل في إذا، لأنه بمعنى لابس، وقيل: متعلق بنعم لما فيه من معنى الثناء كما فيما قبله. والجل، بالضم: الحادث العظيم كالجلى. وقوله: على ظهر، أي: ظهر حمولٍ قوي. والذمار: ما يجب عليه أن يحميه من حرمه. والجلى: النائبة الجليلة وجمعها جلل، وقيل هنا بمعنى: جماعة العشيرة. وقوله: أمين مغيب الصدر، أي: لا يضمر إلا الجميل، ولا ينطوي إلا على الوفاء والخير وحفظ السر، فهو مأمونٌ على ما غاب في صدره. والحدب: المتعطف المشفق. والمولى: ابن العم. والضريك: الفقير والمحتاج. والدسيعة: العطية الجزيلة. وجز الناصية تكون في الأسير، إذا أنعم عليه وأطلق جزت ناصيته وأخذت للافتخار. وراغمهم: نابذهم وهجرهم وعاداهم.(407/3)
وقوله: ومرهق النيران، أي: تغشى ناره؛ يقال: رهقت الرجل، إذا غشيته وأحطت به؛ والمشدد للتكثير. يصف أنه يوقد النار بالليل للطبخ وإطعام الناس، وليعشو إليها الضيف والغريب. وكثرة النيران، للإخبار عن سعة معروفة. والأواء: شدة الزمان والقحط. وقوله: غير ملعن القدر، أي: لا يؤكل ما فيها دون الضيف، والجار، واليتيم، والمسكين، فهو محمود القدر، لا مذمومها. وأوقع اللعن على القدر مجازاً، وهو يريد صاحبها. وقوله: ويقيك ما وقي الأكارم إلخ، وقي بالبناء للمفعول. والحوب: الإثم، أي: إن الأكارم وقوا أن يسبوا فيقيك ذلك أنت أيضاً، أي: إنه لا يغدر، ولا يسب، فبأتي بإثم. وروي: ما وقى الأكارم بالبناء للفاعل ونصب الأكارم. وقوله: وإذا برزت به، أي: برزت إليه، يعني: إذا صرت إليه صرت إلى رجل واسع الخلق طيب الخبر. وقوله: متصرف للمجد إلخ، أي: يتصرف في كل باب من الخير، لاكتساب المجد. والمعترف: الصابر، أي: يصبر لما نابه من الأمر، ويحتمله. وقوله: يراح، أي: يخش ويخف ويطرب، لأن يفعل فعلاً كريماً يذكر به، ويمدح من أجله. وقوله: جلد يحث إلخ، أي: قوي العزم، مجتهد فيما ينفع العشيرة من التآلف والاجتماع، فهو يحث على ذلك ويدعو إليه، إذا كره الظنون الاجتماع والتآلف، لما يلزمه عند ذلك، من المشاركة والمواساة بماله ونفسه. والظنون: الذي لا يوثق بما عنده، لما علم من قلة خيره. وجوامع الأمر: ما يجمع الناس في شأنهم. وقوله: ولأنت تفري إلخ، هذا مثلٌ ضربه. والخالق: الذي يقدر الأديم ويهيئه لأن يقطعه ويخرزه. والفري: القطع. والمعنى: إنك إذا تهيأت لأمرٍ مضيت له، وأنفذته ولم تعجز عنه، وبعض القوم يقدر الأمر ويتهيأ له، ثم لا يعزم عليه ولا يمضيه، عجزاً وضعف همة. قال ابن قتيبة في أدب الكتاب: فرى الأديم: قطعه على جهة الإصلاح، وأفراه: قطعه على جهة الإفساد. وقال ابن السيد: هذا قول جمهور اللغويين، وقد وجدنا فرى مستعملاً في القطع على جهة الإفساد،(407/4)
مختارات شعراء العرب - (ج 1 / ص 18)
ولزهير أيضاً
وقال يمدحه:
لمنِ الديارُ بقنةِ الحجرِ ... أقوينَ من حجج ومنْ شهرِ
القنة: الجبل؛ أي من أجل الحججَ والشهور التي مرت بها.
لعبَ الرياحُ بها وغيرها ... بعدي سوافي المورِ والقطرِ
قفراً بمندفعِ النحائتِ منْ ... ضفويْ أولاتِ الضالِ والسدْرِ
النحائت: آبار معروفة. من ضفوى أي جانبي. والواحد ضفاً.
دع ذا وعدِّ القولَ في هرمٍ ... خيرِ الكهولِ وسيِّد والحضرِ
عد القول: اصرفهُ.
تاللهِ ذا قسماً لقد علمتْ ... ذبيانُ عامَ الحبْسِ والأصرِ
ذا: مما يوصل به اليمينُ، كما قالوا: ايمُ الله ذا، ولا ها الله ذا. عام الحبس: أي يحبسون أموالهم من الخوف.
والأصر: الضيق؛ يقال أصرهُ يأصره: إذا حبسه وضيق عليه.
خزانة الأدب - (ج 3 / ص 404)
والبيت مطلع قصيدة لزهير بن أبي سلمى، مدح بها هرم بن سنان بن أبي حارثة المري، عدتها تسعة عشر بيتاً، وبعده: الكامل
لعب الرياح بها وغيرها ... بعدي سوافي المور والقطر
قفر بمندفع النحائت من ... ضفوي أولات الضال والسدر
دع ذا وعد القول في هرم ... خير الكهول وسد الحضر
تراجم شعراء موقع أدب - (ج 21 / ص 152)
العصر الجاهلي >> زهير بن أبي سلمى >> لِمَنِ الديارُ، بقنة ِ الحجرِ؟
لِمَنِ الديارُ، بقنة ِ الحجرِ؟
رقم القصيدة : 19477
-----------------------------------
1. لِمَنِ الديارُ، بقنة ِ الحجرِ؟ أقْوَينَ من حِجَجٍ ومِن شَهْرِ؟
2. لعبَ الرياحُ، بها، وغيرَها بَعْدي سَوَافي المُورِ والقَطْرِ
3. قَفْراً بمِنْدَفَعِ النّحائِتِ مِنْ ضَفَوَى أُولاتِ الضّالِ والسِّدْرِ
4. دَعْ ذا، وعدِّ القولَ في هرمٍ خَيرِ البُداة ِ وسَيّدِ الحَضْرِ
5. تاللَّهِ قَدْ عَلِمَتْ سَرَاة ُ بَني ذبيانُ، عامض الحبسِ، والأصرِ
6. أنْ نعمَ معتركُ الجياع، إذا خَبّ السّفِيرُ وسابىء ُ الخَمْرِ
7. وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدّرْعِ أنْتَ إذا دعيتْ: نزالِ، ولجَّ في الذعرِ(407/5)
8. حامي الذّمارِ على مُحافَظَة ِ الجُلّى أمِينُ مُغَيَّبِ الصّدْرِ
9. حدبٌ على المولى الضريكِ، إذا نابتْ، عليهِ، نوائبُ الدهرِ
10. ومرهقُ النيرانِ، يحمدُ في الـ الّلأواءِ غَيرُ مُلَعَّنِ القِدْرِ
11. وَيَقيكَ ما وَقّى الأكارِمَ مِنْ حُوبٍ تُسَبّ بهِ وَمِنْ غَدْرِ
12. وإذا بَرَزْتَ بهِ بَرَزْتَ إلى صَافي الخَليقَة ِ طَيّبِ الخُبْرِ
13. مُتَصَرّفٍ للمَجْدِ، مُعْتَرِفٍ للنائباتِ، يراحُ للذكرِ
14. جلدٍ، يحثُّ على الجميعِ، إذا كرهَ الظنونُ جوامعَ الأمرِ
15. ولأنتَ تفري ما خلفتَ، وبعـ ـضُ القومِ يخلقُ، ثمَّ لا يفري
16. ولأنتَ أشجعُ، حينَ تتجهُ الـ أبطالُ، من ليثٍ، أبي أجرِ
17. وَرْدٌ عُراضُ السّاعدينِ حَديدُ ـدِ النابِ، بين ضراغمٍ، غثرِ
18. يَصْطادُ أُحْدانَ الرّجالِ فَمَا تَنْفَكّ أجْريهِ على ذُخْرِ
19. لوْ كُنتَ مِنْ شيءٍ سِوَى بَشَرٍ كنت المنوِّر ليلةَ البدرِ
20. اَلِّستْرُ دُونَ الفاحشاتِ ولا ... يَلْقاكَ دُونَ الخَيْرِ من سِتْرِ
21. أثني عليكَ، بما علمتُ، وماأسلفتَ، في النجداتِ والذكرِ(407/6)
دع عنك حزنك
دع عنك حزنك واترك التنهيدا
حتى تعيش مدى الحياة سعيدا
واصبر على ظلم الأنام فإنه
ما كنت تقدر أن تعيش وحيدا
واقبل معاذير الكرام تسامحا
فالحر يأبى أن يكون حقودا
وانثر أزاهير الصفاء ببسمة
واصفح وقابل بالوفاء جحودا
إن نلت ظلما فالجزاء بمثله
ولئن عفوت عن الكرام فجودا
مهما يصبك مداهن في غيبة
جد بالترفع عنه واسم صعودا
إما أتاك الحاسدون فقل لهم
لولا التميز لم ألاق حسودا
موتوا بغيظ لن أضام من الأذى
فالله حسبي في الزمان ودودا
واصبر إذا الأعداء زادوا ببغيهم
واهجم كليث بالغداة عنيدا
إذ أظلمت سحب الظلام كليلة
جد بالفعال وغادر النتديدا
أو فارق الخلان أصحاب الوفا
أو أبدلوك بهم عداة سودا
لا تقبلن سوى الوفاء فإنه
كان الوفي على المدى محمودا
وانثر عطورا للفضائل كلها
كن كالضياء على الأنام شهيدا(408/1)
دعما للإرهاب .. ضد الذئاب
تشطير لقصيدة الإرهابي المؤقت الجميل .. الأستاذ / فرحان الفرحان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلوجة العزً إن الذلَّ أرهقنا
................................... ( وأعشب القهرَ في الأعماق يكوينا )
( بتنا على الضيم ، والأرزاءُ مغتبقٌ )
........................................ فأصبح العزُ شيئا ًمن أمانينا
يا من هدمت ِ جدار الخوف غاضبة ً
.................................... ( فما وهنتِ ، وأوهى الخوف أيدينا )
( كأس التردي على مضض تشرذمنا )
..................................... كيف أستطعت ِ فكاكا ً من تردينا
أما استمعت ِ لشيخ ٍ فوق منبره
................................... ( يبيّن الحكم في الإرهاب تبيينا )
( أرغى ، وأزبد ، والإعلام يدعمه )
...................................... يقول : لا تخرجي عن أمر والينا
هذا جهاد ٌ كتاب الله يرفضه !
.................................... ( ويزرع الرعبَ في أرجاء وادينا ! )
( وصاحب الأمر لم يجهر به علنا ! )
.................................... نبرَى إلى الله .. قد قلنا فتاوينا
وآية الله في ظلماء حوزته !
.................................... ( يحتال في لغطٍ ؛ لًّيا ، وتلوينا ! )
( زاغت بصائره للغنم فانطمست )
................................... يقول قومي إلى الأخماس فاعطينا !!
أهل العمائم لا ثابوا و لا رشدوا
.................................... ( فاتخذوا درهم الوالي لهم دينا )
( كالوا الفتاوى على مقدار ما أخذوا )
................................... ضلوا على غيّهم من عهد صفين َ
وساسة ُُ في عُروش الخوف خانعة
................................ ( تصطك أضراسهم لو ثار عادينا )
( لامتك يوم انتخى الفرسان وانتفضوا )
................................... تقول يا ويحكم من جند حامينا
نحن ارتهنا لأمريكا و قوتها
............................... ((409/1)
والأمن في حجرها .. فوضى ، وتمكينا )
( وحكمة النفع تستدعي تخيَّرنا )
.............................. فليذهب الشعب لو تبقى كراسينا
إن مات مليون طفل فالثرى رحب
................................ ( كأس المنايا قضاء .. ما بأيدينا )
( هذا جناه خروج عن أوامرنا )
.................................. دون الجنائز لم نقفل صحارينا
أما كفتكم بيانات نرددها
................................. ( لمجلس الأمن كم صغنا عناوينا )
( وكم شجبنا على مضض لنحميَكم )
................................ قاتلكم الله من شعب ٍ سيفنينا
يتاجرون بدين الله ما علموا
................................. ( أن الولاة ولاة .. إن رعوا دينا )
( منعوا الجهاد وما فطنوا لغايته )
................................. إن الجهاد من الفردوس يُدنينا
فلّوجة العزّ . هذى حال أمتنا
................................ ( قهر .. وضيم .. وإذلال سرى فينا )
( لا ترقبي مددا .. من ذا سيمددكم ؟!! )
............................... حُكمٌ عميل , وشيخ عطّل الدين َ ؟!!
__________________
إنِّ الذِّينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنيَ عَنْهُم أمْوَالُهُم وَلا أَوْلادُهُم مِّنَ اللهِ شَيْئا وأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونِ * مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌ أصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أنْفُسَهُم فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَ لَكِنْ أنْفُسَهُم يَظْلِمُون *
صدق الله العظيم ..
( 116 ـ 117 آل عمران )(409/2)
دَعوتُكَ للجَفن القريْحِ المسهَّدِ
قصيدة الفداء خرج ابن أخت ملك الروم إلى نواحي منبج في ألف فارس من الروم، فصادف أبا فراس يتصيد سبعين فارسا، فقاتلهم حين لم يجد من لقائهم بدا بغير الفرار، فأصيب بسهم فأخذوه أسيرا، وطلب الروم فداء لأبي فراس إطلاق سراح أخي "بودرس" ابن أخت ملك الروم الذي كان أسيرا لدى سيف الدولة، فكتب إليه أبو فراس يحثه على الفداء:
دَعوتُكَ للجَفن القريْحِ المسهَّدِ
لديّ، وللنوم القليل المُشرَّدِ
وما ذاك بُخلا بالحياةِ وإنها
لأولُ مبذولٍ لأولِ مُجتدِ
وما الأسر مما ضقت ذرعا بحمله
وما الخطب مما أن أقول له قَدِ
وما زل عني أن شخصا معرضا
لنبل العد ىإن لم يصب فكأنْ قَدِ
ولست أبالي إنْ ظفرت بمطلبٍ
يكونُ رخيصًا أو بوسْمٍ مُزوَّدِ
ولكنني أختار موت بني أبي
على صهوات الخيل غير موسد
وتأبى وآبى أن أموتَ مُوسدًا
بأيدي النصارى موتَ أكمدَ أكبدِ
نضوت على الأيام ثوب جلادتي
ولكنني لم أنض ثوب التجلدِ
دعوتك والأبواب ترتجُ دوننا
فكن خيرَ مدعوٍّ وأكرمَ منجدِ
فمثلك من يُدعى لكلِّ عظيمة
ومثلي منْ يفدى بكلِّ مُسَوَّدِ
أناديكَ لا أني أخافُ من الرَّدى
ولا أرتجيْ تأخيرَ يومٍ إلى غَدِ
متى تُخلفُ الأيامُ مثلي لكُمْ فتى
طويلَ نجادِ السيف رحبَ المقلَّدِ
متى تلدُ الأيام مثلي لكم فتى
شديدًا على البأساءِ غيرَ مُلَهَّدِ
يطاعنُ عن أعراضكم بلسانِهِ
ويضربُ عنكمْ بالحسامِ المُهنَّدِ
فما كلُّ منْ شاء المعالي ينالها
ولا كل سيَّارٍ إلى المجد يَهتَدِي
وإنك للمولى الذي بكَ أقتدي
وإنك للنجمُ الذي به أهتَدي
وأنت الذي عرَّفتني طُرقَ العلا
وأنت الذي أهويتني كلَّ مقصدِ
وأنت الذي بلغتني كل رتبة
مشيت إليها فوق أعناق حُسَّدي
فيا مُلبسي النعمى التي جلَّ قدرها
لقد أخْلَقَتَ تلك الثيابُ فجَدِّدِ!(410/1)
دفاع عن الصحابة ... ...
... عائض بن عبد الله القرني
8/6/1422هـ
...
1- ... دع عنكَ لومي يا حسود وأبعدِ ... فأنَا على نهج النَّبيّ محمدِ
2- ... قضّيتُ في علمِ الرسولِ شبيبتي ... ونهلتُ بالتعليمِ أعذبَ موردِ
3- ... تابعتُ أصحابَ الحديثِ كأحمدٍ ... وكمالكٍ ومسدد بن مسرهدِ
4- ... وبرئتُ من أهلِ الضلالِ وحزبهم ... أو رأي زنديقٍ وآخر ملحدِ
5- ... ونبذتُ رأي الجهم نبذَ مسافرٍ ... لحذائه والجعدِ عصبة معبدِ
6- ... لا للخوارجِ لستُ من أتباعهم ... هل أرتضي نهج الغوي المفسدِ
7- ... فولاة أمرِ المسلمينَ نطيعهم ... نأبى الخروجَ على الإمامِ المهتدي
8- ... والمرجؤون نفضتُ كفي منهمو ... والصقر لا يأوي لبيت الهدهدِ
9- ... والرفضُ أخلعهُ وأخلعُ أهله ... هم أغضبوا بالسبِ كل موحدِ
10- ... كلا ولا أرضى التصوفَ مشرباً ... تباً لهم من فرقةٍ لم تهتدِ
11- ... كتبُ ابن تيمية حسوتُ علومها ... ونسختُها في القلبِ فعل الأمجدِ
12- ... ومع المجددِ قد ركبتُ مطيتي ... من نجدِ أشرقَ مثل نورِ الفرقدِ
13- ... لا تسمعنَّ لحاسدي في قوله ... والله ما صدقوا أيصدقُ حسدي؟
14- ... والله لو كرِهتْ يدي أسلافنا ... لقطعتها ولقُلتُ سُحقاً يا يدي
15- ... أو أن قلبي لا يُحبُ محمداً ... أحرقتهُ بالنَّار لم أتردّدِ
16- ... فأنا مع الأسلاف أقفو نهجهم ... وعلى الكتاب عَقِيدتي وتَعبدي
17- ... واشكر سليمان الخراشي إنه ... كالسيف في رأس الضلال مهندِ
18- ... قد جاءني يهدي المشورة قائلاً ... امدح رعاك الله صحب محمدِ
19- ... فالله يشكر سعيه ويثيبه ... لله قصدٌ صالحٌ من مقصدِ
20- ... فعلى الرسولِ وآله وصحابه ... مني السلام بكل حب مسعدِ
21- ... هم صفوة الأقوام فاعرف قدرهم ... وعلى هداهم يا موفق فاهتدِ
22- ... واحفظ وصية أحمد في صحبه ... واقطع لأجلهم لسان المفسدِ
23- ... عرضي لعرضهموا الفداء وإنهم ... أزكى وأطهر من غمام أبردِ
24- ... فالله زكاهم وشرّف قدرهم ... وأحلهم بالدين أعلى مقعدِ
25- ... شهدوا نزول الوحي بل كانوا له ... نعم الحماة من البغيض الملحدِ
26- ... بذلوا النفوس وأرخصوا أموالهم ... في نصرة الإسلام دون ترددِ(411/1)
27- ... ما سبهم إلا حقيرٌ تافهٌ ... نذلٌ يشوههم بحقدٍ أسودِ
28- ... لغبارُ أقدام الصحابة في الردى ... أغلى وأعلى من جبين الأبعدِ
29- ... ما نال أصحابَ الرسول سوى امرء ... تمت خسارته لسوء المقصدِ
30- ... هم كالعيون ومسها إتلافها ... إياك أن تدمي العيون بمرودِ
31- ... من غيرهم شهد المشاهد كلها ... بل من يشابههم بحُسن تعبدِ
32- ... ويلٌ لمن كان الصحابة خصمَه ... والحاكمُ الجبارُ يوم الموعدِ
33- ... كل الصحابة عادلون وليس في ... أعراضهم ثلبٌ لكل معربدِ
34- ... أنسيت قد رضي الإله عليهم ... في توبةٍ وعلى الشهادة فاشهدِ
35- ... فإذا سمعت بأن مخذولاً غدا ... في ثلبهم فاقطع نياط المعتدي
36- ... مفتاح سبهم الموفق خالنا ... أزجي التحايا للحليمِ الأرشدِ
37- ... أعني معاوية الجليلَ وحسبُه ... إذ كان كاتبَ وحينا ثبتَ اليدِ
38- ... ما اختاره المختار إلا أنه ... حَبرٌ أمين في صراطٍ مهتدِ
39- ... ودعا له خير الأنام وبوركت ... أيامه في مُلك عدلٍ أرغدِ
40- ... حتى تقيُ الدين قال: دُعا النبي ... لا أشبع الرحمن بطن الأبعدِ
41- ... هو من مناقبه وخيرُ خصاله ... فأضف إلى تلك المناقب واعددِ
42- ... ولِعمرو داهية الدواهي حبُنا ... مهما جرى حاز الرضى بتفردِ
43- ... أنعم بفاتح مصر من قوادنا ... لله درك من همامٍ أوحدِ
44- ... لو كان في إيمانه شك لما ... ولاه خير الخلق جيش المسجدِ
45- ... صلى بأصحاب الرسول ولم يكن ... حاشاه من أهل النفاق بمشهدِ
46- ... لكنّ مبغضهم يحاول ثلبهم ... بتربصٍ وتحرشٍ وترصدِ
47- ... هو كالذباب على الجراح وهمّه ... وضع الأذى فعل الحقود الأنكدِ
48- ... حبُ الصحابة واجبٌ في ديننا ... هم خير قرنٍ في الزمان الأحمدِ
49- ... ونكفُ عن أخطائهم ونعدها ... أجراً لمجتهدٍ أتى في المسندِ
50- ... ونصونهم من حاقدٍ ونحوطهم ... بثنائنا في كل جمع أحشدِ
51- ... قد جاء في نص الحديث مصحّحاً ... الله في صحبي وصية أحمدِ
52- ... فبحبهم حب الرسول محقق ... فاحذر تنقصهم وعنه فأبعدِ
53- ... هم أعمق الأقوام علماً نافعاً ... وأقلهم في كلفة وتشددِ
54- ... وأبرهم سعياً وأعظمهم هدىً ... وأجلهم قدراً بأمسٍ أو غدِ(411/2)
55- ... وأسدهم رأياً وأفضلهم تقىً ... طول المدى من منتهٍ أو مبتديِ
56- ... قول ابن مسعود الصحابي ثابتٌ ... في فضلهم وإذا رويت فأسندِ
57- ... وعلامة السنّي كثرة ذكرهم ... بالفضل إنّ الفضل تاجُ مسوّد
58- ... ثم الدعاءُ لهم وبثُ علومهم ... وسلوكُ منهجهم برغم الحسّدِ
59- ... وبراءةٌ من مبغضيهم دائماً ... والكره للضلاّل والرأي الرديِ
60- ... ووجوبُ نصرتهم على أعدائهم ... من رافضٍ أو ناصبٍ أو ملحدِ
61- ... يا لائمي في حب صحبِ محمدٍ ... تبت يداك وخبتَ يوم الموعدِ
62- ... نحن الفداء لهم وليت فداؤنا ... أعداءهم خيرٌ بشرٍ نفتدي
63- ... طهّر لسانك من تنقصهم ولا ... تسمع لنذلٍ للغواة مقلّدِ
64- ... واذهب مع الأسلاف في توقيرهم ... لصحابةٍ والزم هداهم تسعدِ
65- ... واركب سفينة نوح تنجُ من الردى ... فالسنة الغراء حصنُ موحدِ
66- ... هو مذهب الأخيار كابن مسيّبٍ ... وكمالكٍ والشافعيّ وأحمدِ
67- ... ولابن تيميةٍ كلامٌ صادقٌ ... في سِفره المنهاج في حرب الردي
68- ... من سبهم فالفيء عنه محرّم ... بل ليس من أتباعهم هو معتدي
69- ... واقرأ كلاماً في الإصابة رائعاً ... وكذا ابن عبد البر إذ يشفي الصدي
70- ... وانصت إلى الذهبيّ في أخباره ... عن فضلهم وكذا المحب وأوردِ
71- ... لابن الكثير فإنه ذو سنّة ... وعليه في نجدٍ كلامُ مجددِ
72- ... في لمعةٍ والواسطية نهجنا ... فعلى قواعدها بنانك فاعقدِ
73- ... رتب منازلهم على ما جاء في ... تفضيلهم واحذر كلامَ مفندِ
74- ... فالراشدون أجلهم قدراً على ... ترتيبهم بخلافةٍ وتسيّد
75- ... ومبشّرون بجنةٍ فضّلهموا ... وكمن أتى بدرًا بحسن المشهدِ
76- ... ولبيعة الرضوان فضلٌ زائد ... ولأهل بيت المصطفى خيرُ الندي
77- ... يا رب أنقذ صحبه من ظالمٍ ... من يُنجد المظلوم إن لم تُنجدِ
78- ... فالله يجمعنا بهم في جنةٍ ... في مقعدٍ عند المليك مخلّدِ
79- ... ما عائضُ القرني إلا خادمٌ ... لعلومهم والله ربي مقصدي
80- ... صلى الإله على الرسول وآله ... وصحابه ولكل عبدٍ مهتدي(411/3)
دِمَانَا فِدَاكَ وَ آباؤُنَا
وَأبنَاؤُنَا يَا رَسُولَ الهُدَى
نَذَرْنَا لِأجْلِكَ أَرْوَاحَنَا
فَمَا غَيْرُكَ اليَوْمَ مِنْ مُفْتَدَى
هُوَ اللهُ كَمَّلَ أَوْصَافَهُ
وَسَمَّاهُ بَيْنَ الوَرَى أَحْمَدَا
فَمَا مُنْقِصٌ فَضْلَهُ جَاحِدٌ
وَمَنْ يَحْجُبُ النُّوْرَ إِنْ مَا بَدَا
مَقَامُكَ يَا سَيِّدِي صَيِّنٌ
وَعَنْكَ الإِلَهُ يَكُفُّ العِدَا
وَشَاهَتْ وُجُوْهُ الَّذِيِنَ اعْتَدَوْا
وَبِالسُّوْءِ وَالشَّرِّ مَدُّوْا الْيَدَا
أَلَمْ يَأْتِهِمْ مَا جَرَى قَبْلَهُمْ
لِمَنْ عَاثَ فِي الأَرْضِ أَوْ أَفْسَدَا
لِفِرْعَوْنَ لَمَّا هَوَى غَارِقًا
وَقَدْ عَابَ مُوسَى فَهَلْ أُنْجِدَا
هُمُوْ أَظْهَرُوا لِلدُّنَا حُبَّنَا
لِمَنْ كَانَ فِينَا السَّنَا المُفَرَدَا
وَإِنَّا .. وَرَبُّ الوَرَى شَاهِد
لَنَارٌ عَلَى مَنْ عَلَيْكَ اعتَدَى
هِيَ الرُّوْحُ ذَابَتْ بِأَشْوَاقِهَا
وَغَنَّى الحَنِيْنُ بِهَا مُنْشِدَا
وَفِيْكَ اسْتَطَابَ الفُؤَادُ الهَوَى
وَدَمْعِيَ مِنْ مُقْلَتِيْ غَرَّدَا(412/1)
دمعة على الأندلس
وبعد شهور من مصرع غرناطة غادر أبو عبدالله الصغير إلى الغرب مع أسرته وأمواله ، ونزل مدينة مليلة ثم استقر في فاس(1)، مستجيرا بالسلطان أبي عبدالله محمد الشيخ زعيم بني وطاس ، معتذرا عما أصاب الإسلام في الأندلس على يديه ونظم هذا الاعتذار شعرا أبو عبدالله محمد بن عبدالله العربي العُقيلي، وقدمه على لسان أبي عبدالله الصغير لزعيم بني وطاس في رسالة ومنها في مطلعها :
مولى الملوك ملوك العرب والعجم ... ... ... رعيْاً لما مثله يُرْعى من الذِّممِ
بك استجرنا ونعم الجار أنت لمن ... ... ... جار الزمان عليه جَوْرَ منتقمِ
حتى غدا ملكه بالرغم مستلباَ ... ... ... وأفظع الحظ ما يأتي على الرغم
حكمٌ من الله حتى لامردَّ له ... ... ... وهل مرد لحكم منه منحتم
وهي الليالي وقاك الله صوْلتها ... ... ... تصول حتى على الآساد في الأجَمِ
كنا ملوكا لنا في أرضنا دول ... ... ... نمنا بها تحت أفنان من النعمِ
فايقظتنا سهامٌ للردى صبب ... ... ... يرمي بأفجع حتف من بهنَّ رُمي
فلا تنم تحت ظل الملك نومتنا ... ... ... وأي ملك بظلّ الملك لم ينمِ
يبكي عليه الذي قد كان يعرضه ... ... ... بأدمع مزجت أمواهها بدَمِ(1)
(1) انظر: نفح الطيب (6/618 الى 288).(413/1)
دموع في مآقي الزمن
(قصيدة رثاء لشهداء الحرب الصليبية في أفغانستان)
مولوي/ محب الله القندهاري
فما لامرئ نهي على الدهر أو أمر ... هو الدهر والأقدار يجري بها الدهر
وإن جل خطب الدهر، واستفظع الأمر ... فصبرا ، ولا تجزع لما فعل القضى
فإن جميل الصبر يتبعه اليسر ... إذا حل عسر فاصبرن لزواله
تصبر، فإن الصبر يأتي به الصبر ... وإن لم تطق صبرا بأول صدمة
مصابُك هذا قد يكون له عذر ... تصبر، ولو أن الذي عال صبرَه
على عتبات الكفر ينحرها الكفر ... مصاب به هانت مصائب أمة
وتنتحب الأرضون والبر والبحر ... مصاب بمن من فقدهم تذرف السما
لديها دليل بيننا ولها وتر ... كأن المنايا إذ تغير وتنتقي
كأن لها ثأرا ، وليس لها ثأر ... فسبحان من أغري المنايا بأهله
له الحكمة العليا ، له النهي والأمر ... ليختار من يختار منهم ويصطفي
خيارا كراما مثلما ينتقى التبر ... توخي الردى فاختار في الناس وانتقى
يوحدهم دين ، ويجمعهم فكر ... عصائب نزاع من الأرض كلها
ولا نسب غير العقيدة أو صهر ... توحدهم في الله أقوى عقيدة
وما ضمهم حي ، ولم يحوهم قطر ... فما جمعتهم في الأصول قبيلة
فطاروا سراعا ما لهم دونها صبر ... دعتهم ثغور العز من كل موطن
يوحدهم همّ ،ٌ وأوطانهم كثر ... ثباتٍ ، ووحدانا من الأرض كلها
فأبدانهم شعث ، وأثوابهم غبر ... نفى عنهم همًّ التنعم همُّهم
وتحمد عند الطعن شعث القنا السمر ... نحافا وسمرا كالرماح تراهم
ـ ويحسن في الخيل المسومة الضمر ... ويحمد في العضب البلى وهو قاطع ـ
ولوأن طعم الموت مستثقل مر ... مضوا يشربون الموت كأسا شهية
لمن أ شرب الإيمان ، يستعذب الصِّبر ... ولكن في ذات الإله ودينه
تحكم فيه الظلم ، واستحكم الكفر ... أبوا أن يعيشوا كالعبيد بعالم
ولا يقبل الإذلال في دينه حر ... فليست تطيق الضيم نفس أبية
وفي الموت منأى عنه إن لزم الأمر ... ففي الأرض منأى للكريم عن الأذى
ولو طال ذاك العيش ما بقي الدهر ... فما عاش من عاش الحياة بذلة
حياتهم من حيثما ينتهي العمر ... وما مات من في الله ماتوا ، فمبتدا(414/1)
بها منهم ذكر ، وفي ثغرها قبر ... أولئك إخواني مَن كل جبهة
يباعد منها السهل والجبل الوعر ... قبورهم بين الثغور غريبة
وفي الملإ الأعلي له الشأن والذكر ... وكم من غريب في بلاد غريبة
وفي أرضهم باكون – لو علموا – كثر ... تقل هناك الباكيات عليهم
وأوطانهم منهم مرابعها قفر ... تعمر آفاق الثغور قبورهم
حيا مستمرا ، لا بطيء ولا نزر ... سقاهم إله العرش من بحرجوده
بمثلهم يستنزل النصر والقطر ... أولئك إخواني فمن لي بمثلهم؟
فصحبتهم فخر لمن همه الفخر ... رفاق بدرب العز والمجد والعلا
ودين به في الله يلتمس الأجر ... وعز به يثنى على الرء في الدنا
فطابت بها الدنيا وطاب بها العمر ... وكانت بها الأيام أحلى من المنى
لئن كان أفناكم من الدهر صرفه ... فإن لكم ذكرا سيفنى به الدهر
لدى ذكركم تحيى المحامد والعلى ... وما مات من في ذكره للعلى ذكر
فإن سترت تلك القبور جسومكم ... فثم خصال ليس يسترها قبر
فثم التقى والجود والحلم والنقا ... وصدق اللقا يوم الكريهة والطهر
مغاوير في الهيجا مصابيح في الدجى ... بكم في ليالي الكرب يستطلع الفجر
تجودون بالأرواح إن ضن غيركم ... وما تستوى الأرواح في البذل والوفر
من المجد نلتم غاية بعد غاية ... يقودكم عزم ويدفعكم صبر
ونلتم خصالا لا يغير أهلها ... إذا حل عسر بينهم ، أو أتى يسر
وثم خصال دونها في علوها ... وإشراقها في ليلنا الأنجم الزهر
ولو رام شعر حصر كل خصالكم ... لأحصر ثم الحصر وانقطع الشعر
لوَ ان امرأً أنجاه بر من الردى ... لأنجاكم مما أصابكم البر
ولكنها الآجال إن حان حَينها ... فما لامرئ بر يقيه ولا بحر
شربتم بكأس قد سقيتم بمثلها ... مرارا ، وما في ذاك عار ولا نكر
ففتكتكم في الكفر لم ُير مثلها ... وما فاق حتى الآن من هو لها الكفر
ولا زال مصعوقا بها مترنحا ... كأن به سكرا ، وليس به سكر
من السكر ما تاتي به الخمر غالبا ... ومنه الذي يأتي به الذعر لا الخمر
فلله عزم من أولي العزم صادق ... ولله صبر ما رآى مثله الصُّبر
ولله ضرب لم تر البيض مثله ... ولا سمعت عنه الردينية السمر(414/2)
ولا فعلة في الكفر كانت كفعله ... ولا فتكة فيه عوان ولا بكر
نطحتم بعزم هامة الكفر نطحة ... تهشم منها الرأس ، وانقصم الظهر
فخرت قلاع الكفر للأرض بعدما ... تبخر منه الشطر واشتعل الشطر
فقامت من الهول الرهيب قيامة ... تحير في أوصافها الفكر والشعر
وأضحى حمى الأعداء للنار مرتعا ... وكان حمى حظرا وما نفع الحظر
ففروا فرارا ، يجمحون كأنهم ... من الذعر فئران تملكها الذعر
فأدركتم ثأرا من الكفر ضائعا ... بثأر كهذا الثأر فاليدرك الثأر
فأنهلتم منه الردى ثََم فارتوى ... وعل ولم يعجله عن عله صدر
شفيتم صدورا ملؤها الغيظ قبلكم ... ألا بعد طول الغيظ قد شفي الصدر
وأيقظتم التاريخ بعد سباته ... فقد نهضت حطين ، واستيقظت بدر
كتبتم نشيدا خالدا بصنيعكم ... تغني به الدنيا وينشده الدهر
سنبقى كما كنا على العهد بيننا ... غزاة بنا يشقى وقد شقي الكفر
نذلل سبل المجد بالبذل والعطا ... و بالصبر للأعدا إذا جزع الصُّبر
عن الدرب ماحدنا ، على العهد لم نزل ... إلى أن يحين الحَين أو يسعف النصر
إذا ما نزلنا ساحة الكفر في الوغى ... تفشى هناك الموت وانتشر الذعر
فإن نحن نلنا ما نريد ونبتغي ... فذاك ، وإلا كان في موتنا عذر
يذكرنيكم كل حزن يصيبني ... وكل سرور لي بكم عنده فكر
ولا عجب ، إن الشجى يبعث الشجى ... وكل سرور منه في جنسه ذكر
إذا طلعت شمس النهار ذكرتكم ... وأذكركم ذكرا إذا طلع البدر
وإن جن جنح الليل جدد ذكركم ... وجدده فجري إذا طلع الفجر
ففيكم ولو سطرت كل قصائدي ... لما بلغت في القدر ما أوجب القدر
يعزي أخاكم أنه لاحق بكم ... وإن مد في الآجال وانفسح العمر
والله الموفق(414/3)
أحمَد مَطَر
إنّى المشنوق أعْلاه
المُوجزْ
ليسَ فى النّاسِ أمانْ .
ليسَ للنّاسِ أمانْ .
نِصفُهم يَعْملُ شرطّياً لدى الحاكمِ
.. و النصفُ مُدانْ !
أحمد مطر
ما قبل البدَاية
كنتُ فى (الرَحْمِ) حزيناً
دونَ أن أعرفَ للأحزانِ أدنى سببِ !
لَمْ أكنْ أعرفُ جنسيَّةَ أُمّى
لَمْ أكنْ أعرفُ ما دينُ أبى
لَمْ أكنْ أعلمُ أنّى عَرَبى !
آهِ .. لو كنتُ على عِلْمٍ بأمرى
كُنْتُ قَطَّعْتُ بنفسى (حَبْلَ سِرّى)
كُنتُ نَفَّسْتُ بنفسى و بأُمّى غَضَبى
خَوفَ أن تَمْخُضَ بى
خَوفَ أن تقذفَ بى فى الوطنِ المغتربِ
خَوفَ أن تحبلَ من بَعْدى بغيرى
ثُمَّ يغدو - دونَ ذنبٍ -
عربيّاً .. فى بلادِ العَرَبِ !
علامة الموت
يَومَ ميلادى
تَعَلَّقْتُ بأجراسِ البُكاءْ
فأفاقَتْ حُزَمُ الوردِ , على صوتى ,
وفَزَّتْ فى ظَلامِ البيتِ أسرابُ الضِياءْ
وتداعى الأصدقاءْ
يَتَقَصَّونَ الخَبْر .
ثُمَّ لَّما عَلِموا أنّى ذَكَرْ
أجهشوا .. بالضحك ,
قالوا لأبى ساعةَ تقديمِ التهانى :
يا لها من كبرياء
صوتُهُ جاوزَ أعنان السَماءْ .
عَظَّمَ اللهُ لكَ الأجر
على قَدْرِ البَلاءْ !
الختان
ألبسونى بُردَةً شَفّافَةً
يَومَ الخِتانْ .
ثُمَّ كانْ
بَدءُ تاريخ الهَوانْ !
شَفَّتِ البُرْدَةُ عن سِرّى ,
وفى بِضْعِ ثوانْ
ذَبَحوا سِرّى .
و سالَ الدَمُ فى حِجْرى
فقامَ الصوتُ من كُلِّ مكانْ :
ألفَ مبروكٍ
.. وعُقبى لِلِّسانْ !
توبَة
صاحبى كانَ يُصَلِّى
- دونَ ترخيصٍ -
و يتلو بعضَ آياتِ الكتابْ .
كان طفلاً
و لذا لم يَتعرَّضْ للعقابْ .
فلقد عَزَّرَهُ القاضى
.. وَ تابْ !
مرسُوم
نحنُ لسنا فُقَراءْ .
بَلَغَتْ ثَروتُنا مليونَ فَقْرِ
وغدا الفَقْرُ لدى أمثالِنا
وصفاً جديداً للثَّراءْ !
وَحْدَهُ الفقرُ لدينا
كانَ أغنى الأغنياءْ !
* *
بَيتُنا كانَ عراءْ .
و الشبابيكُ هواءٌ قارسٌ
و السقفُ ماءْ !
فشكونا أمرَنا عندَ ولىِّ الأمرِ
فاغتنمَّ
و نادى الخبراءْ(415/1)
و جميعَ الوزراءْ
و أُقيمت نَدوةٌ واسعةٌ
نُوقِشَ فيها وَضْعُ (إيرْلَندا)
و أنفُ (الجيوكندا)
و فَساتينُ (أميلدا)
و قضايا (هونو لولو)
و بطولاتُ جيوش الحُلفاء !
ثُمَّ بَعدَ الأخذِ و الرّدِّ
صباحاً و مساءْ
أصدر الحاكمُ مرسوماً
بإلغاءِ الشتاءْ !
ملحوظَة
تَركَ اللّصُ لنا ملحوظةً
فوقَ الَحصير
جاءَ فيها :
لَعَن الله الأمير
لم يَدَع شيئاً لنا نَسرقهُ
... إلاّ الشَخيرْ !
الرّحمة فوق القَانونْ
ذاتَ يومٍ
رقَصَ الشعبُ وغَنّى
واحتسى بَهجَتَهُ حتّى الثمالَةْ
إذ رأى أوَّل حالَة
تَنْعم ُالبلدةُ فيها بالعدالَةْ :
زَعَموا أنَّ فتًى سبَّ نِعالَهْ
فأحالوهُ إلى القاضى
ولم يُعْدَمْ
بدعوى شَتْمِ أصحابِ الجلالَةْ !
تبْليط !
رَصَفوا البَلْدةَ ، يوماً ،
بالبَلاط
ثُمَّ لمّا وضعوا فيهِ الِملاط
مَنَعوا أىَّ نَشاطْ
فالتزمْنا الدورَ
حتّى يتأتّى للمُلاطْ
زمَنٌ كافٍ لكى يَلصُقَ جِدّاً
بالبِلاطْ!
مجهُود حَربى
لأبى كانَ مَعاشٌ
هو أدنى من معاشِ المَيِّتيْن !
نِصفُهُ يَذهَبُ للدَّينِ
وما يَبقى
لِغوثِ اللاّجئينْ
ولتحريرِ فلسطينَ من المُغتَصبِين .
وعلى مَرِّ السنين
كانَ يزدادُ ثَراءُ الثائرينْ !
والثرى ينقصُ من حينٍ لحينْ
وسُيوفُ الفتحِ تَندقُّ إلى المقبضِ
فى أدبارِ جيشِ ( الفاتحينْ )
فَتَلِين
ثُمَّ تَنحَلُّ إلى أغصانِ زيتونٍ
وتَنحَلُّ إلى أوراقِ تينْ
تتدلّى أسفلَ البطنِ
وفى أعلى الجبَينْ !
وأخيراً قَبِلَ الناقِصُ بالتقسيمِ
فانشقَّتْ فَلَسطينُ إلى شقّينِ :
للثوّارِ : فَلْسٌ
ولإسرائيلَ : طِينْ !
*****
وأبى الحافى المَدينْ
أبىَ المغصوبُ من أخمصِ رجليهِ
إلى حبل الوَتينْ
ظَلَّ - لايدرى لماذا -
وَحْدَهُ
يَقبضُ باليُسرى ويُلْقى باليَمين ْ
نفقاتِ الحربِ والغوثِ
بأيدى الخلفاءِ الشاردينْ !
بَدائل
فَتَحَتْ شُبّاكَها جارَتُنا .
فَتَحَتْ قلبى أنا
لمَحْةٌ ..
واندلعتْ نافورةُ الشمسِ
وغاصَ الغدُ فى الأمسِ(415/2)
وقامتْ ضجّةٌ صامتةٌ ما بينَنا !
لَمْ نَقُلْ شيئاً..
وقُلنا كُلَّ شئٍ عِندنا !
* *
- يا أباها المؤمنا
سالتِ النارُ من الشُبّاكِ
فافتحْ جَنَّةَ البابِ لَنا
يا أباها إنّنا ..
لَستُم على مذهبِنا .
- لكنّنا ...
- لَستُم ذوى جاهٍ
ولا أهلَ غِنَى .
- لكنّنا ...
- لَستُم تَليقونَ بِنا .
- لكنّنا ..
- شَرَّفتنَا !
* * *
أُغلقَ البابُ ..
وظَلَّتْ فتحةُ الشُبَّاكِ جُرْحاً فاغِراً
يَنزفُ أشلاءَ مُنى
وخيالاتِ انتحارٍ
ومواعيدَ زِنى !
جَدليَّة
كانَ جارى
مُلْحداً
لكنَّهُ يُؤمِنُ جداً
بأبى ذَرِّ الغِفارى .
ويَرى أنَّ الغِفارى
" بروليتارىْ "!
رائدٌ للاشتراكيَّةِ فى هذى
الصحارى !
كانَ جارى
يَضَعُ الراكِبَ من تحتِ الحمارِ !
قُلتُ : هذا رَجُلٌ آمَنَ باللهِ
وقد جاهَدَ فى اللِه
بأمرِ اللهِ
فى عَصْرِ الغُبارِ
قَبلَ تدليكِ " الديالتكتيكِ "
أو عَصْرِ البخارِ !
قالَ : إنْ صَحَّ وجودُ اللهِ ،
فاللهُ إذَنْ ..
أوَّلُ موجودٍ يَسارى !
العهْد الجَديد
كان حتَّى الإكتِئابْ
غارقاً في الإكتئابْ
فَجميعُ الناسِ في بلدتِنا
بينَ قَتيلٍ ومُصابْ
والّذي ليسَ على جُثَّتهِ بصمةُ ظُفْرٍ
فعلى جُثّتهِ بَصمةُ نابْ
كُلُّنا يحملُ خَتْمَ الدولةِ الرسمىِّ
من تحتِ الثيابْ !
*******
ذاتَ فَجرٍ
مادتِ الأرضُ
وسَادَ الإضطرابْ
واستفزَّ الناسَ من مَرْقَدِهمْ
صوتٌ مُجَنْزَرْ:
( تُمْ تِرَمْ اللهُ أكبَرْ
تُمْ تِرَمْ اللهُ أكبَرْ)
إنقلاب.
تُمْ تِرَمْ تَمْ . . .
وانتهىعَهْدُ الكِلابْ !
*******
بَعْدَ شَهْرٍ
لَمْ نَعُدنخرجُ للشارعِ لَيْلاً .
لَمْ نَعُدْ نَحْمِلُ ظِلاً .
لَمْ نَعُدْ نَمْشي فُرادى .
لَمْ نَعُدْ نَمْلِكُ زادا .
لَمْ نَعُدْ نَفْرحُ بالضيفِ
إذا ما دُقَّ عندَ الفجرِ بابْ
لَمْ يَعُدْ للفجرِ بابْ !
*******
فُصُّ مِلْحِ الصُبحِ
في مُسْتَنقَع الظُلْمةِ ذابْ .
هذهِ الأنجمُ أحْداقٌ
وهذا البَدرُ كَشَّافٌ
وهذي الريحُ سَوطٌ(415/3)
والسماواتُ نِقابْ !
تُمْ
تِرَمْ
تَمْ
كُلَّنا من آدمٍ نحنُ
وما آدمُ إلاَّ من تُرابْ
فَوقَهُ تَسرحُ .. قِطعانُ الذئابْ!
حَبيبُ الشَعبْ
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتّجاهْ
أينَما سِرْنا نراهْ !
في المقاهي
في الملاهي
في الوزاراتِ
وفي الحاراتِ
وا لبارا تِ
وا لأسوا قِ
وا لتلفازِ
والمسرحِ
والمبغى
وفي ظاهرِ جدران المصحّاتِ
وفي داخلِ دوراتِ المياهْ .
أيَنما سِرْنا نَراهْ !
*****
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتجّاهْ
باسِمٌ
في بَلَدٍ يبكي من القهرِ بُكاهْ !
مُشرقٌ
في بَلدٍ تلهوالليالي في ضُحاهْ !
ناعِمٌ
في بَلدٍ حتى بَلاياهُ
بأنواعِ البلايا مبتلاهْ !
صادحٌ
فى بَلدٍ مُعتَقلِ الصَوتِ .
ومنزوعِ الشِّفَاهْ !
سالمٌ
في بَلدٍ يُعْدَمُ فيهِ الناسُ
بالآلا فِ ، يوميّاً
بدعوى الإشتباهْ .
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتّجاهْ ؟
نِعمةٌ منهُ عَلَينا
إذْ نَرى ، حين نراهْ ،
أنَّهُ لَمَّا يَزَلْ حَيَّاً
. . وما زِلنا على قيدِ الَحياهْ !
إصلاح زراعى !
قرَّرَ الحاكِمُ إصلاحَ الزراعَةْ .
عُيِّنَ الفَلاَّحُ شُرطيَ مُرورٍ ،
وابنةُ الفلاَّحِ بيّاعةَ فولٍ ،
وابنهُ نادِلَ مقهى
في نقاباتِ الصناعَةْ !
وأخيرأ
عُيِّنَ المحراثُ في القِسمِ الفُولوكْلوريِّ
والثورُ. . مُديرأ للإذاعَهْ !
*****
قَفْزةٌ نَوعيَّةٌ في الإقتصادْ
أصبحتْ بَلدتُنا الأولى
بتصديرِ الجَرادْ
وبإنتاجِ المجاعةْ !
صَاحِبَة الجهَالة
مَرَّةً ، فَكَّرتُ في نَشْرِ مَقالْ
عن مآسي الإحتلالْ
عن دفاعِ الحجرِ الأعزلِ ،
عن مِدفَعِ أربابِ النِضالْ !
وعن الطِفل الذي يُحرَقُ في الثورةِ
كي يَغرَقَ في الثروةِ ، أشباهُ الرّجالْ !
******
قَلَّبِ المسؤولُ أوراقي ، وقالْ :
إجتَنِبْ أىَّ عباراتٍ تُثيرُ الإنفعالْ .
مَثَلاً:
خَفِّفْ (ماسي )
لِمَ لا تَكْتُبُ ( ماسي ) ؟
أو ( مُوا سي ) ؟
أو ( أ ما سي ) ؟
شَكْلُها الحاضِرُ إحراجٌ لأصحابِ الكراسي !
إحْذِفْ ( الأعْزَلَ ) . .(415/4)
فالأعْزَلَ تحريضٌ على عَزْلِ السلاطيِن
وتعريضٌ بِخَطِّ الإنعزالْ !
إحْذِ فِ ( المِد فعَ ) . .
كي تدفعَ عنكَ الاعتقالْ .
نحنُ في مرحلةِ السِّلمِ
وَقَدْ حُرِّمَ فى السِّلْمِ القِتالْ
إحْذِفِ ( الأربا بَ )
لا ربَّ سوى اللهِ العظيم المُتَعالْ !
إحذِفِ (ا لطِفلَ ) . .
فلا يحَسُنُ خَلْطُ الجِدِّ في لُعْبِ العِيالْ !
إحذ فِ ( الثورةَ )
فالأوطانُ في افضلِ حالْ !
إحذفِ ( الثروةَ ) و ( الأ شباهَ )
ما كُلُّ الذي يُعْرفُ ، يا هذا ، يُقالْ !
قُلتُ : إنيِّ لَستُ إبليسَ
وأنتمْ لا يُجاريكم سوى إبليس
في هذا المجالْ .
قالَ لي : كانَ هُنا . .
لكنّهُ لم يتأقلَمْ
فاستقالْ !
المُعْجِزَة
ماتَ خالي !
هكذا ! !
دونَ اغتيالِ !
دونَ أن يُشنَقَ سهواً !
دونَ أن يسقطَ ، بالصدفةِ ، مسموماً
خلالَ الإِعتقالِ !
ماتَ خالي
ميتةً أغربَ مِمّا في الخيالِ !
أسْلَمَ الروحَ لعزرائيلَ سِرّاً
ومضى حُرّاً . . محاطاً بالأمانِ !
فدفنّاهُ
وعُدْنا نَتَلقّى فيهِ من أصحابِنا
. . أسمى التهاني !
المُنشَقّ!
أكثرُ الأشياءِ في بَلدتِنا
الأحزا بُ
والفقرُ
وحالاتُ الطلاقِ .
عِندَنا عَشْرةُ أحزابٍ وَنِصفُ الحِزبِ
فى كُلِّ زُقاقِ !
كلُّها يَسعى الى نَبْذِ الشِّقاقِ !
كلُّها يَنشَقُّ في الساعةِ شَقّينِ
وَيَنشقُّ على الشَّقّينِ شقّانِ
وَيَنشقّانِ عن شَقَّيْهما . .
من أجلِ تحقيقِ الوفاقِ !
جَمَراتٌ تتهاوى شَرَراً
وَالبَردُ باقِ
ثُمَّ لايبقى لها
إلاَّ رَمَادُ الإحتراقِ !
* *
لم يَعُدْ عندي رفيقٌ
رُغْمَ أنَّ البلدَةَ اكتظَّتْ
بآلافِ الرفاقِ !
وَلِذ ا
شَكَّلتُ من نَفسيَ حِزباً
ثُمّ انيّ
- مثلَ كلِّ الناسِ -
أعلنتُ عن الحزبِ انشقاقي !
الجريمة وَالعِقْاب
مَرَّةً ، قالَ أبي :
إنَّ الذُباب
لا يُعابْ .
إنَّهُ أفضَلُ مِنَّا
فَهوَ لا يقبَلُ مَنَّا
وهوَ لا ينكِصُ جُبْنا
وهوَ إنْ لم يلقَ ما يأكُلُ
يَستَوفِ الحسابْ
يُنشِبُ الأرجُلَ في الأرجُلِ(415/5)
والأعيُنِ
والأيدي
وَيجتاحُ الرِّقَابْ .
فَلَهُ الجِلْدُ سِماطٌ
وَدَمُ الناسِ شَرابْ !
* *
مَرَّةً قالَ أبي . . .
لكنَّهُ قالَ وغابْ .
وَلقد طالَ الغيابْ !
* *
قيلَ لي انَّ أبي ماتَ غريقاً
في السَرابْ !
قيلَ : بلْ ماتَ بداءِ ( التراخوما ) !
قيلَ : جَرَّاءَ اصطدامٍ
بالضبابْ !
قيلَ ما قيلَ ، وما اكثرَما قيلَ
فراجَعنا أطبّاءَ الحكومَة
فأفادوا أنّها ليستْ ملومَة
ورأوا أنَّ أبى
أهلكَهُ "حَبُ الشَبابْ " !
الغَريبْ
كّلُّ ما في بلدتي
يَملأُ قلبي بالكَمَدْ .
بَلدتي غُربةُ روحٍ وجَسَدْ
غربةٌ من غيِر حَدّْ
غربةٌ فيها الملايينُ
وما فيها أحَدْ .
غربةٌ موصولةٌ
تبدأُ في المهْدِ
ولا عودةَ منها . . للأبدْ !
شِئتُ أن أغتالَ مَوتى
فَتسلّحتُ بِصوتي :
أيُّها الشِعرُ لقد طالَ الأمَدْ
أهلَكَتنْي غُربتي ، يا أيُّها الشِعرُ ،
فكُنْ أنتَ البَلَدْ .
نَجِّني من بلدةٍ لا صوتَ يَغشاها
سوى صوتَ السكوتْ !
أهلُها موتى يخافونَ المنايا
والقبورُ انتشرتْ فيها على شَكْلِ بُيوتْ
ماتَ حتّى الموتُ
.. والحاكمُ فيها لا يموتْ !
ذُرَّ صوتي ، أيُّها الشِعرُ ، بُروقاً
في مفازات ِالرَمَدْ .
صُبَّهُ رعداً على الصمتِ
ونارأ فى شرايينِ الَبَرْد .
ألقِهِ أفعى
الى أفئدةِ الحُكّاِم تسعى
وافلِقِ البحرَ
وأطبِقْةُ على نَحْرِ الأساطيلِ
وأعناقِ المساطيلِ
وَطَهِّرْ من بقاياهُم قَذاراتِ الزَبَذْ .
إنَّ فرعونَ طغى ، يا أيُّها الشِعرُ ،
فأيقِظْ من رَقَدْ .
قُلْ هُوَاللهُ أحَدْ
قُلْ هُوَ اللهُ أحَدْ
قُلْ هُوَاللهُ أحَدْ .
****
قالَها الشِعرُ
وَمَدَّ الصوتَ ، والصوتُ نَفَذْ
وأتى من بَعْد بَعدْ
واهنَ الروحِ مُحاطأ بالرَصَدْ
فوقَ أشداقِ دراويشٍ
يَمُدُّونَ صدى صوتى على نحريَ
حبلاًمن مَسَدْ
ويصيحونَ " مَدَ ْد "
مَا بَعد النهَاية
إنَّني المشنوقُ أعلاهُ
على حبلِ القوافى
خُنتُ خوفي وارتجافي
وتَعرَّيتُ من الزيفِ
وأعلنتُ عن العهْرِ انحرافى .(415/6)
وأرتكبتُ الصِدقَ كيْ أكتُبَ شِعرا
واقترفتُ الشِعرَكَيْ أكتُبَ فجرا
وَتَمَرَّدتُ على أنظمةِ خَرفى
وحُكامٍ خِرافِ .
وعلى ذلِكَ . .
وَقَّعْتُ اعترافى!
لافتات 2
البَيانُ الأولْ
قلمي وَسْطَ دُواةِ الحبرِ غاصْ
ثُمَّ غاصْ
ثُمَّ غاصْ.
قلمي في لُجَّةِ الحبرِ اختَنق
وَطَفتْ جُثَّتُهُ هامِدةً فوقَ الورق.
روحُهُ في زَبَدِ الأحرفِ ضاعتْ في المَدَى
ودمى في دمه ضاع سُدى
ومضى العُمرُ ولم يأتِ الخلاصْ.
آهِ يا عصرَ القماصْ
بَلْطةُ الجزّارِ لا يذبحُها قَطْرُ الندى
لا مَنَاصْ
آنَ لي أن أتركَ الحِبرَ
وأنْ أكتُبَ شعري بالرصاصْ!
======================
إنجيل بوليس!
في البدء كانَ الكلمةْ
ويومَ كانتْ أصبحتْ مُتَّهمَهْ
فطورِدَتْ
وحوصِرَتْ
واعتُقِلَتْ
.. وأَعْدمَتْهَا الأنظمهْ
... * *
في البدءِ كانَ الخاتمهْ !
=====================
العِلَّة
قالَ ليَ الطبيبْ :
خُذْ نَفَساً .
فكِدتُ - مِن فَرْطِ اختناقي
بالأسى والقهْرِ - أَستجيبْ
لكنَّني
خَشيتُ أن يلمحَني الرَّقيبْ .
وقالَ : مِمَّ تشتكي ؟
أردتُ أن أُجيب
لكنَّني
خشيتُ أن يسمعَني الرقيبْ .
وعندما حيَّرتُهُ بصمتيَ الرهيبْ
وَجَّهَ ضَوءاً باهِراً لمقلتي
حاولَ رفْعَ هامتي
لكنَّني خَفضتُها
وَلُذتُ بالنحيبْ
قلتُ لَهُ : معذرةً يا سيِّدي الطبيبْ
أوَدُّ أن أرفَعَ رأسي عالياً
لكنَّني
أخافُ أن .. يحذِفَهُ الرَّقيبْ !
======================
صندوق العجائب
في صِغَرى
فتحتُ صندوقَ اللُّعَبْ .
أخرجتُ كرسيّاً مُوَشَّى بالذَّهبْ
قامتْ عليهِ دُميةٌ من الخشب
في يدها سيفُ قَصَبْ .
خَفضتُ رأسَ دُميتي
رفعت رأس دميتي
خلَعتُها.
نصبتُها.
خَلعتُها .. نَصبتُها
حتى شَعَرتُ بالتعبْ
فما اشتكتْ من اختلافِ رغبتي
ولا أحسَّت بالغضبْ !
ومثلُها الكُرسيُّ تحتَ راحتي
مُزَوَّقٌ بالمجدِ . . وَهُوَ مُستَلبْ.
فإنْ نَصبْتُهُ انتصبْ
وإن قَلبْتُهُ انقلبْ !
أَمتعني المشهَدُ ،
لكنَّ أبي(415/7)
حين رأى المشهَدَ خافَ واضطرَبْ
وخبَّأَ اللعبةَ في صُندوقِها
وَشَدَّ أُذْنِي . . وانسحَبْ !
... * *
وعِشْتُ عُمري غارقاً في دَهْشَتي.
وعندما كَبِرتُ أدركتُ السّبَبْ
أدركتُ أنَّ لُعبتي
قد جَسَّدَتْ
كلَّ سلاطينِ العَربْ !
======================
التقرير
كلبُ وَالينَا المُعَظَّمْ
عضَّني ، اليومَ ، وماتْ !
فدعاني حارسُ الأمنِ لأُعدَمْ
بعدما أثبتَ تقريرُ الوفاةْ
أنّ كلبَ السيِّدِ الوالي
تسمَّمْ !
=====================
قيصريةْ
في البلادِ العربيَّهْ
عندما ترفضُ أن تُولدَ عبداً
يَسْحَبُ الجرَّاحُ رِجليكَ
فتأتى مُرْغَماً . . بالقيصريَّهْ.
حاملاً حُريَّةً في يَدِكَ اليمنى
وفى اليُسرى . . وَصِيَّهْ.
فإذا عِشْتَ . .تَموتْ
حَسْبَ قانونِ السُّكوتْ
وكما جِئْتَ تُوافيكَ المَنيَّهْ :
يَسْحَبُ (الجرَّاحُ) رِجليكَ
إلى القبرِ
فتمضى مُرْغَماً . . بالقيصريَّهْ !
======================
التكفِير والثورة
كَفَرْتُ بالأقلامِ والدفاتِرْ .
كفرتُ بالفصحى التي
تحبَلُ وهْيَ عاقِرْ .
كفرتُ بالشِّعر الذي
لا يُوقِفُ الظُّلمَ ولا يُحرِّك الضمائرْ
لَعَنتُ كُلَّ كِلْمَةٍ
لم تنطلِقْ من بعدِها مسيرَهْ.
ولم يَخُطَّ الشعبُ في آثارِها مَصِيرَهْ .
لَعَنتُ كُلَّ شاعِرْ
ينامُ فوق الجُمَلِ النديَّةِ الوثيرهْ
وشعبُهُ ينامُ في المقابرْ .
لَعَنتُ كلَّ شاعِرْ
يستلهمُ الدمعةَ خمرأً
والأسى صَبَابَةً
والموتُ قُشْعَرِيرَهْ .
لَعَنتُ كلّ شاعِرْ
يُغازلُ الشِّفاهَ والأثداءَ و الضفائِرْ
في زمنِ الكلابِ و المخافرْ
ولا يرى فوهةَ بُندقيةٍ
حين يرى الشِّفاهَ مستجيرهْ !
ولا يرى رُمَّانةً ناسِفةً
حين يرى الأثداء مُستديرَهْ!
ولا يرى مشنقةً
حينَ يرى الضفيرهْ !
... * *
في زمن الآتينَ للحكمِ
على دبَّابَةٍ أجيرهْ
أو ناقةِ العشيرهْ
لَعَنتُ كلّ شاعرٍ
لا يقْتني قنبلةً
كي يكتُبَ القصيدة الأخيرهْ !
======================
هذِه الأرضُ لنا(415/8)
قُوتُ عِيالنا هُنا
يُهدِرُهُ جلالةُ الحِمارْ
في صالةِ القُمارْ
وكلُّ حقِّهِ بهِ
أنَّ بعيرَ جدِّهِ
قد مَرَّ قبلَ غيرهِ
بهذهِ الآبارْ !
... * * *
يا شُرفاء
هذِه الأرضُ لَنا.
والزرعُ فوقَها لنا
والنِفطُ تَحتها لنا
وكُلُّ ما فيها بماضيها وآتيها لنا .
فما لَنا
في البردِ لا نلبسُ إلاَّ عُرْيَنا ؟
وما لَنا
في الجوعِ لا نأكُلُ إلاّ جوعَنا ؟
وما لنا نغرقُ وَسْطَ القارْ
في هذهِ الآبارْ
لكي نصوغَ فَقْرنا
دِفئاً ، وزاداً ، وغِنى
من أجلِ أولادِ الزِّنى ؟!
========================
الطبُّ يضرُّ بصحتكْ
لي صاحبٌ
يَدرسُ في الكُلِّية الطبيَّهْ
تأكَّدَ المُخبِرُ من ميولِهِ الحزبيَّهْ
وقام باعتقالِهِ
حينَ رآهُ مَرَّةً
يَقرأُ عن تَكَوُّنِ (الخليَّهْ) !
... * *
وبعدَ يومٍ واحدٍ
أُفرجَ عن جُثَّتِهِ
بحالةٍ أمْنِيَّهْ :
في رأسِهِ رَفْسَةُ بُندقيَّهْ
في صدرِه قُبلةُ بُندقيَّهْ !
في ظَهْرِهِ صورةُ بُندقيَّهْ
لكنَّني
حينَ سألتُ حارِسَ الرَّعيَّهْ
عن أَمرِهِ
أخبرني
أنَّ وفاةَ صاحبي قد حَدَثتْ
بالسكتةِ القلبيَّهْ !
========================
حالات
بِالتَّمادى
يُصبِحُ اللصُّ بأورُوبّا
مديراً للنوادي .
وبأمريكا
زَعيماً للعصاباتِ وأوكارِ الفسادِ .
وبأوطاني التي
من شَرعِها قَطْعُ الأيادي
يُصْبِحُ اللصُّ
. . رئيساً للبلادِ !
========================
المُتَّهمْ
كنتُ أمشى في سلامْ
عازفاً عن كُلِّ ما يخدِشُ
إحساسَ النظامْ .
لاَ أصيخُ السمعَ
لا أنظرُ
لا أبلعُ ريقي .
لا أرومُ الكَشفَ عن حُزني
وعن شِدَّةِ ضيقي .
لا أُميطُ الجفنَ عن دمعي
ولا أرمِى قِناعَ الابتسامْ .
كُنتُ أمشى . . والسلامْ .
فإذا بالجُندِ قد سدُّوا طريقي
ثُمّ قادوني إلى الحَبْسِ
وكان الاتهامْ :
أنّ شَخصاً مرَّ بالقصرِ
وقد سَبَّ الظلامْ
قبلَ عامْ .
ثُم بعدَ البَحثِ والفحصِ الدَّقيقِ
عَلِمَ الجُندُ بأنَّ الشخصَ هذَا
كان قد سلَّمَ في يومٍ
على جارِ صَديقي !(415/9)
========================
الجِدَار
وقفتُ في زنزانتى
أُقلِّبُ الأفكارْ :
أنا السّجينُ ها هُنا
أم ذلك الحارسُ بالجوارْ ؟
فكلُّ ما يفصلنا جدارْ
وفي الجدارِ فتحةٌ
يرى الظلامَ من ورائها
وألمحُ النهارْ !
... * * *
لحارسى ، ولي أنا . . صِغارْ
وزوجةٌ ودارْ
لكنَّهُ مثلى هُنا
جاءَ بِهِ وجاءَ بى قَرارْ
وبيننا الجدارْ
يوشِكُ أن ينهارْ !
... * *
حدَّثنى الجدارْ
فقالَ لى : إنَّ الذى ترثي لهُ
قد جاءَ باختيارهِ
وجئتَ بالإجبارْ .
وقبل أن ينهارَ فيما بيننا
حدَّثنى عن أسدٍ
سجَّانُهُ حمار !
========================
إضرابْ
الوردُ في البستانْ
ممالِكٌ مُترفةٌ ، طريَّةُ الجدرانْ
تيجانُها تسبحُ في بَرْدِ الندى
والنورِ و العطورْ
في ساعةِ البكورْ
وتستوي كَسْلى على عُروشِها .
وتحتَ ظُلْمةِ الثرى
والبؤسِ والهوانْ
تسافِرُ الجذور في أحزانِها
كى تضحكَ التيجانْ !
... * *
الوردُ في البستانْ
ممالِكٌ مُترفةٌ تسبحُ في الغُرورْ
بذكرِها تُسَبِّحُ الطيورْ
ويسبحُ الفراشُ في رحيقها
وتسبحُ الجذورْ
في ظُلمةِ النَّسيانْ
... * *
الوردُ في البستانْ
أصبحَ . . ثُمَّ كانْ
في غَفلةٍ تهدَّلتْ رؤوسُهُ
وخرَّت السَّيقانْ
إلى الثَّرى
ثُمَّ هَوَتْ من فوقِها التيجانْ !
... * *
مرّت فراشتانْ
وردَّدت إحداهُما :
قدْ أعلنتْ إضرابَها الجذورْ !
... * *
ما أجبنَ الإنسانْ
ما أجبنَ الإنسانْ
ما أجبنَ الإنسانْ !
======================
سلاحٌ بَارد
يا أيُّها الإنسانْ
يا أيُّها المُجوَّعُ، المخوَّفُ، المهانْ
يا أيُّها المدفونُ فى ثيابهِ
يا أيُّها المشنوقُ من أهدابهِ
يا أيُّها الراقِصُ مذبوحاً
على أعصابِهِ .
يا أيُّها المنفىُّ من ذاكرةِ الزمانْ
شبعتَ موتاً فانتفضْ
آن النشورُ الآنْ
بأغلظِ الايمانِ واجِهْ أغلظَ المآسى
بقبضتيكَ حَطِّم الكراسى
أمَّا إذا لم تستطِعْ
فَجَرِّدِ اللسانْ
قُل : يسقطُ السلطانْ.
أمَّا إذا لم تستطِعْ
فلا تدعْ قلبك فى مكانِهِ
لأنَّهُ مُدان(415/10)
فدَقَّةُ القلبِ سلاحٌ باردٌ
يتركهُ الشجاعُ بعد موتِهِ
تحت يَدِ الجبانْ
لكى يدارى ضَعْفَهُ
بأضعفِ الايمانْ !
========================
إذا الضحايا سُئِلت
طالعتُ فى صحيفةِ الرحيلْ
قافلةً تائهةٌ
دليلُها يسترُ قُبْحَ فِعلِهِ
بصبرِها الجميلْ .
رأيتُها تغرقُ فى دمائِها
والدّمعِ و العويلْ
لكنّها
رغمَ الضياعِ و الرَّدى
تُعِدُّ من نُعوشِها سفينةً
تَخيطُ من أكفانِها أَشرِعةً
كَى تُنقِذَ الدليل !
وقيل إنَّ الدَّمَ لا يُصبِحُ ماءً ،
هُزِلَتْ
فالدمُ أصبحَ ماءَ نِيلْ
والدمُ قد أصبحَ ماءَ زمْزمٍ
وكأسَ زَنْجَبيلْ
في صِحَّةِ الأمواتِ مِنْ أَحيائِنا
يَشربُهُ القاتِلُ ما بينَ يَدَيْ
مُمثِّلِ القتيلْ !
... * *
إذا الضحايا سُئلَتْ
بأَيِّ ذَنبٍ قُتِلتْ ؟
لانتفضتْ أشلاؤها وجَلْجَلَتْ :
بِذَنبِ شَعْبٍ مُخْلِصٍ
لِقائدٍ عَمِيلْ !
========================
الرمادُ والعواصف
مَضى عَقْدٌ على قَطْعِ الجذورِ
ولم يزلْ رأسي
يصارعُ بالرمادِ عواصفَ اليأسِ !
ومازالتْ حبالُ الشوقِ تشنُقني
على بَوَّابةِ الزمنِ
فَأَلمحُ في الأسى نفسي
خيوطاً من دَمٍ تنثالُ في كأْسِي
وألمحُها بأيدِيكُمْ .. بأيدِيكُمْ
تُجرِّعُني
فِراقَ الأُمِّ مُزْدَوَجاً
.. فِراقَ الأُمِّ و الوطنِ !
... * *
على أبوابِ حَضْرتِكُمْ
جَلالَتِكُمْ
سِيادَتِكم
مَعَالِيكُم
سأَطرحُ رأسيَ الذاوي
وأُطلِقُ صوتيَ الدَّاوي :
) أَريد اللهْ يِبَيِّنْ حوبِتي بيكُمْ
أَريد اللهْ على الفَرْقَهْ يِجازيكُمْ )* !
_________________________
* أغنية من الفولكلور العراقي معناها : أريد من الله أن يأخذ منكم بثأري ويعاقبكم لأنكم سبب الفراق.
========================
النبات
أنا ليسَ لى عِلْمُ الحواةْ
كَىْ أُخرج الجبَلَ العظيمَ من الحصاةْ
وأَجُرُّ آلافَ الفوارسِ كالأرانِبِ
من بُطونِ القبَّعاتْ .
أنا ليسَ لى عِلْمٌ
بتعبئةِ الشجاعةِ في القناني
أو فنِّ تحويل الخروفِ إلى حصانِ !(415/11)
أنا لستُ إلاّ شاعراً
أبْصرتُ نار العار
ناشِبةً بأرديةِ الغُفاهْ
فصرختُ .. هُبُّوا للنجاهْ .
فإذا أفاقوا للحياةِ
ستحتفى بِهمُ الحياةْ
وإذا تلاشَتْ صرختى
وسْطَ الحرائقِ كالدُّخانِ
فَلأنَّ صرخةَ شاعرٍ
لاتَبعثُ الرُّوحَ الطّليقةَ فى الرُّفاتْ !
... * *
أنا شاعرٌ حُرٌّ أُعانى
من حُرقةِ الآباءِ أَقتبسُ المعانى
ومِدادُ أَشْعاري تَقاطَرَ
من دُموعِ الأمهاتْ .
فمَتى ستُوحى بالهوى شَفَةُ الهوانِ ؟
ومتى ستطلعُ وردةُ الآمالِ
فى تلكَ الدّواةْ ؟
... * *
شِعرى عُصارةُ عصرِنا
لاتطلبوا منِّى اصطناع المعجزاتْ .
أوطانُنا رَهْنَ المنيَّةِ . .
والبقيَّةُ فى حياةِ الصولجانِ .
ورَقابُنا تحتَ السيوفِ
وحتْفُنا فوق اللسانِ
ودِماؤنا .. تجرى دراهِمَ
فوقَ أفخاذِ الغوانى .
وذَواتُنا سجَّادةٌ
لِنعالِ أبناءِ الذّواتْ .
هذى بُذورُ حياتِنا
واللافِتاتُ هى النّباتْ .
لاسُوقَ عندىَ للأمانى
روحوا اشتروا تلك البِضاعةَ
من دكاكينِ الولاهْ
أنا لا أبيعُ مخدِّراتْ !
==============
لن أُنافقْ
نافقْ
ونافقْ
ثُمَّ نافقْ , ثُمَّ نافقْ .
لا يَسلَمُ الجسدُ النحيلُ من الأذى
إنْ لم تُنافقْ .
نافقْ
فماذا فى النفاقِ
إذا كَذَبْتَ وأنتَ صادِقْ ؟
نافقْ
فإنَّ الجهل أن تَهوِى
ليرقى فوق جُثَّتِكَ المنافقْ .
لكَ مَبدأٌ ؟ لا تَبْتئِسْ
كُن ثابتاً
لكنْ .. بمُختلِفِ المناطِقْ !
واسبِق سِواكَ بكلِّ سابِقةٍ
فإنَّ الحكمَ محجوزٌ
لأربابِ السَّوابقْ !
... * *
هَذي مقالةُ خائِفٍ
مُتملِّقٍ , متسلِّقٍ
ومقالتي : أنا لنْ أُنافقْ
حتَّى ولو وضعوا بِكَفَّيَّ
المغارِبَ والمشارقْ .
يا دافنينَ رؤسَكُم مثل النَّعامِ
تَنعَّموا .
وتنقَّلُوا بين المبادئِ كاللقالِقْ
ودَعُوا البطولةَ لى أَنا
حيثُ البطولةُ باطلٌ
والحقُّ زاهِقْ !
هذا أنا
أُجرى مع الموتِ السِّباقَ
وإنَّنى أدرِى بأنَّ الموتَ سابِقْ
لكنَّما سَيظلُّ نعلى عالياً أبداً
وحسْبى أنّني فى الخفضِ شاهقْ !(415/12)
فإذا انتهى الشوطُ الأخيرُ
وصفَّقَ الجمْعُ المُنافقْ
سَيَظلُّ نعْلى عالياً
فوق الرُّؤوسِ
أذا علا رأسِي
على عُقَدِ المشانقْ !
========================
إعتذار
صِحْتُ من قَسْوةِ حالى :
فوقَ نَعْلِى
كُلُّ أصحابِ المعالى !
قِيلَ لى : عَيبٌ
فكرَّرتُ مقالى .
قِيلَ لى : عَيبٌ
وكرَّرتُ مقالى .
ثُمّ لمَّا قِيل لى : عَيبٌ
تَنبَّهْتُ إلى سوءِ عِباراتى
وَخَفَّفْتُ انفعالى .
ثُمّ قدَّمتُ اعتذاراً
.. لِنِعالى !
======================== رُبَّما
رُبَّما الزَّانى يتوبْ !
رُبَّما الماءُ يرُوبْ !
رُبَّما يُحْمَلُ زيتٌ فى الثُّقوبْ !
رُبَّما شمسُ الضحى
تُشرقُ من صَوبِ الغروبْ !
رُبَّما يبرأُ إبليسُ من الذنب
فيعفو عنهُ غَفَّار الذُّنوبْ !
إنَّما لا يَبرأُ الحُكَّامُ
فى كُلِّ بلادِ العُرْبِ
من ذنبِ الشُّعوبْ !
========================
المنتحرون
إسْكُتوا
لا صوتَ يعْلُو
فوقَ صوتِ النائحهْ
نحنُ أمواتٌ
وليستْ هذِه الأوطانُ إلاَّ أضرحهْ
قُسِّمتْ أشلاؤها
بين دِبابٍ و نِسورْ
وأُقيمت فى زواياها القُصورْ
لكلابِ المشرحهْ !
... * *
نحنُ أمواتٌ
ولكنَّ اتَّهامَ القاتِلِ المأجورِ
بُهتانٌ وزورْ
هو فردٌ عاجزٌ
لكننا نحن وَضَعْنَا بيديهِ الأسلحهْ
ووَضَعْنَا تحت رجليهِ النُّحورْ
وتواضَعنا على تكليفِهِ بالمذبحَهْ !
... * *
أيها الماشون ما بين القُبورْ
أيها الآتُون من آتى العُصورْ
لعَنَ اللهُ الذى يتلو علينا الفاتحهْ !
=======================
بلاد الكتمان
أكَل الصَّمتُ فَمِى
لكنَّنِى
أشكو من الصَّمتِ بصَمتْ
خوفَ أن يأكُلَنى
لو أنا بالصَّوتِ شكوتْ
رَبِّ إنّ الصّوتَ مَوْتْ
رَبِّ إنّ الصّمتَ مَوْتْ
كيف أحيا فى بلادٍ
تكتُمُ الصوتَ بإطلاقةِ إسكاتٍ
وحتَّى كاتِمُ الصوتِ بها
فى فمِهِ .. (كاتمُ صوتْ) !
=======================
مصادرة
من بعدِ طول الضَّربِ والحبْسِ
والفحص ، والتدقيقِ ، والجَسِّ
والبحثِ فى أمتِعتى
والبحث فى جسمى(415/13)
وفى نفسى
لم يَعثُرِ الجُندُ على قصيدتى
فَغادَروا من شِدّةِ اليأسِ .
لكنّ كَلْباً ماكراً
أَخبرهم بأنَّنى
أحمِلُ أشعارىَ فى ذاكرتى
فأطْلقَ الجُندُ سَراحَ جُثَّتى
وصادروا رأسِى !
... * *
تقولُ لى والدتى :
يا وَلَدى
إن شِئتَ أن تنجو من النَّحْسِ
وأن تكونَ شاعراً مُحتَرَمَ الحِسِّ
سبِّحْ لربَّ ( العَرشِ )
.. واقرأ آية (الكُرسى) !
=======================
مأساةُ أعواد الثقاب
أوطانى عُلْبةُ كِبريتٍ
والعلبةُ مُحكمةُ الغلقْ
وأنا فى داخِلها
عُودٌ محكومٌ بالخنقْ .
فإذا ما فَتَحتْها الأيدى
فَلِكَىْ تُحرِقَ جِلدى
فالعلبةُ لا تُفتحُ دَوْمَا
إلاّ للغرب أو الشرقِ
أَمّا لِلحرقِ، أو الحرقْ !
... * *
يا فاتحَ عُلبتِنا الآتى
حاول أن تأتىَ بالفرقْ .
الفتحُ الراهِنُ لا يُجدي
الفتحُ الراهِنُ مرسومٌ ضِدِّي
مادامَ لحرقٍ أو حَرقْ .
إسحقْ عُلبتَنَا ، وانثُرْنا
لا تأبَهْ لَوْ ماتَ قليلٌ مِنَّا
عِندَ السحقِ .
يكفي أن يحيا أغلبُنا حُراًّ
في أرضٍ بالغةِ الرِّفقْ .
الأسوارُ عليها عُشْبٌ
.. والأبوابُ هَواءٌ طَلقْ !
======================
مكسبٌ شعبى
آبارُنا الشَّهيدهْ
تنزف ناراً ودماً
للأُمَمِ البعيدهْ .
ونحنُ فى جوارِها
نُطعِمَ جوعَ نارِها
لكنّنا نجوعْ !
ونَحمِلُ البرد على جُلودِنا
ونَحمِلُ الضُّلوعْ
ونَسْتَضِىءُ فى الدُّجى
بالبدرِ والشُّموعْ
كى نقرأَ القرآنَ
والجريدةَ الوَحيدهْ !
حملتُ شكوى الشعبِ
فى قصيدتى
لحارسِ العقيدهْ
وصاحِبِ الجلالةِ الأكيده .
قُلتُ لهُ :
شعبُكَ يا سيِّدَنا
صار ( على الحديدَهْ )
شعبُكَ يا سيِّدَنا
تهرَّأتْ من تَحتِه الحديدَهْ .
شعبُك يا سيِّدَنا
قد أَكَلَ الحديدَه !
وقبلَ أن أفرُغَ
من تلاوةِ القصيدَهْ
رأيتُهُ يغْرقْ فى أحزانِهِ
ويذرِفُ الدُّموعْ .
وبعدَ يومٍ
صدَر القرارُ فى الجريدَهْ :
أن تصْرِفَ الحكومةُ الرَّشيدهْ
لكلَّ ربِّ أسرةٍ
.. حديدةٌ جديدهْ !
========================
الهارب(415/14)
فى يقظتى يقفِزُ حوْلى الرُّعبْ
فى غفوتى يصحو بقلبى الرعبْ
يُحيطُ بى فى منزلى
يرصدُنى فى عملى
يتبعُنى فى الدَّربْ !
ففى بلاد العُربْ
كلُّ خيالٍ بدْعةٌ
وكل فِكْرٍ جُنْحةٌ
وكُلُّ صوتٍ ذنبْ !
... * * *
هَربتُ للصحراءِ من مدينتى
وفى الفضاء الرَّحبْ
صرختُ مِلءُ القلبْ :
إلطُفْ بنا يا ربَّنا من عُملاءِ الغربْ
إلطُفْ بنا يا ربْ
سَكَتُّ .. فارتدَّ الصَّدى :
خَسَأْتَ يابنَ الكلبْ !
=========================
حادث مرتقب
إنى أرى سيّارةٌ
تسيرُ فى اضطرابْ .
قائدها مُسْتهتِرٌ
أفْرَط فى الشرابْ .
والدّربُ طينٌ تحتَها
وحولها ضبابْ .
مُسرِعةٌ
مُسرِعةٌ
السِكْرُ لَنْ يَلْجِمَها
والطينُ لنْ يَرحمها
والنّارُ والحديدُ إن تحدَّرا
طاحا
ولم يُمسكْهما (الضبابْ)
. . . . . . . . . . . . . . .
سَيَحْدثُ انقلابْ !
=========================
حكمة الغاب
تَعدو حميرُ الوحشِ فى غاباتِها
مُسَوَّمَهْ .
قويَّةً منتقِمهْ
لا تقبلُ الترويضَ والمسالمهْ .
فالغابُ قد علَّمها
أن تركلَ السِّلمَ وراء ظهرِها
لكى تظلُ سالِمهْ !
... * * *
وفى زَرائب القُرى .. المُنظَّمهْ
تغفو الحميرُ الخادمهْ
ذليلةً مُسْتَسلِمه
لأنها قد نَزَعت جُلودها المُقلَّمهْ
وعافتِ المُقاومهْ
وأصبحتْ مُطيعَةً ..
تسيرُ حَسْبَ الأنظمَهْ !
========================
واعظ السلطان
حدَّثنا الإمامْ
فى خُطبةِ الجُمْعةِ
عن فضائل النظامْ
والصبرِ والطّاعةِ والصيامْ .
وقالَ ما معناهْ :
إذا أرادَ ربُّنا
مُصيبةً بعبدِهِ ابتلاهُ
بكثرةِ الكلامْ .
لكنَّهُ لم يَذْكُرِ الجِهادَ فى خُطْبتهِ
وحينَ ذَكَّرناهْ
قال لنا : عليكم السلامْ !
وبعدَها قامَ مُصلِّياً بِنَا
وعندما أُذِّن للصلاهْ
قال :
نَعَمْ .. إلهَ إلاَّ الله !
=========================
الطفل الأعمى
وَطنى طِفلٌ كَفِيفْ
وضَعِيفْ .
كان يمشى آخِرَ الليلِ
وفى حَوْزَتِهِ
ماءٌ ، وزَيْتٌ ، ورَغِيفْ(415/15)
فَرآهُ اللصُّ وانهَالَ بسكِّينٍ عليهْ
وتَوارى
بعدما استوْلى على ما فى يَدَيْهْ
... * * *
وَطَنى مازالَ مُلْقى
مُهْملاً فوق الرَّصيفْ
غارقاً فى سَكَراتِ الموْتِ
والوالى هو السِّكِّينْ
.. والشَّعبُ نَزِيفْ !
========================
أنشوده
شَعبُنا يومَ الكِفاحْ
رأسُهُ .. يَتبعُ قَولَهْ !
لا تَقُلْ : هَاتِ السِّلاحْ .
إنَّ للبَاطِلِ دَوْلهْ .
ولنا خصْرٌ ، ومِزمارٌ ، وطَبلَهْ
ولنا أنظِمَةٌ
لولا العِدا
ما بَقِيَتْ فى الحُكمِ لَيلَهْ !
========================
آه لو يُجدى الكلام
الملايينُ على الجُوعِ تَنامْ
وعلى الخَوفِ تنامْ
وعلى الصَّمتِ تنامْ .
والملايينُ التى تُسرقُ من جَيبِ النيامْ
تتهاوَى فوقَهم سيلَ بنادِقْ
ومَشانِقْ
وقَرراراتِ اتِّهامْ
كُلَّما نادَوا بتقطِيعِ ذراعَى
كُلِّ سارقْ
وبتوفير الطَّعامْ !
... * * *
عِرضُنا يُهتَكُ فوقَ الطُّرقاتْ
وحُماةُ العِرْضِ .. أولادُ حَرامْ
نهضوا بعدَ السُّباتْ
يفرشون البُسُطَ الحَمْرَاءَ
مِن فَيْضِ دِمانا
تحتَ أقدامِ السَّلامْ !
... * * *
أرضُنا تصغُرُ عاماً بعدَ عامْ
وحُماةُ الأَرْضِ .. أبناءُ السَّماءْ
عُمَلاءْ
لا بِهم زَلزَلةُ الأرضِ
ولا فى وَجهِهِم قَطْرةُ ماءْ .
كُلَّما ضاقَتْ بِنا الأرضُ
أفَادُونا بتوسِيعِ الكَلامْ
حَول جَدْوى القُرْفُصَاءْ
وأبادُوا بَعْضَنا
من أجلِ تَخْفيفِ الزِّحامْ !
... * * *
آهِ لو يُجْدِى الكَلاَمْ
آهِ لو يُجْدِى الكَلاَمْ
آهِ لو يُجْدِى الكَلاَمْ
هذِهِ الأُمَّةُ ماتتْ
.. والسَّلام !
========================
هَوِيَّه
فى مَطارٍ أجنبى
حدَّقَ الشُّرطِىُّ بى
- قَبْلَ أن يطلُبَ أوراقى -
ولمَّا لم يجِدْ عِندى لساناً أو شَفَهْ
زمَّ عَيْنيْهِ وأبْدى أسَفَهْ
قائلاً أهلاً وسهْلاً
.. يا صديقى العربِى !
========================
الرَّجُلُ المُناسِبْ
باسم وَالِينَا المُبجَّلْ
قرَّرُوا شنْقَ الذى اغتَالَ أخِى
لكنَّهُ كانَ قصيراً(415/16)
فمضى الجلاَّدُ يسألْ :
رأسُهُ لا يصلُ الحبْلَ
فماذا سوفَ أفعَلْ ؟
بعد تفكِيرٍ عميقْ
أمَرَ الوالى بشنقى بدلاً مِنهُ
لأنِّى كنتُ أَطْوَلْ !
=========================
البُؤَساء
آهِ لو يُدرِكُ حُكَّامُ بلادى
مَنْ أكُونْ .
آهِ لو هُم يُدرِكُونْ
لَدَعُوا لى بالبقَاءْ
كُلَّ صُبْحٍ و مساءْ .
أنا مَجنُونٌ ؟
أَجَلْ أدْرِى ،
وأدْرِى أنَّ أشْعارِى جُنُونْ .
لكِنِ الحُكَّامُ لَوْلاىَ
ولوْلا هذهِ الأشعَارِ ماذا يعمَلونْ ؟
فإذا لم أكْتُبِ الشِّعرَ أنا
كيفَ يَعيشُ المُخْبِرونْ ؟
وإذا لم أَشْتمِ الحُكَّامَ
مَنْ يعْتَقِلونْ ؟
وإذا لَم أُعْتقَلْ حَيّاً
فمَن يسْتجْوِبُون ؟
وبماذا يُطْلِقُ الصَّوتَ وكِيلُ الإدِّعَاءْ ؟
وبماذا ياتُرَى
يعملُ أَرْبَابَ القضاءْ ؟
وعلى مَن يحكُمونْ ؟
وإذا لم يَسجِنُونى
فلِمَنْ تُفْتَحُ أبوابَ السجونْ ؟
هؤلاءِ البُؤساءْ
هُمْ يَدُ الحُكمِ
ولولا أننى حَىٌّ لطَاروا فى الهواءْ !
فَأنا أَرْكُضُ ..
والمُخْبِرُ ، والشُّرطِىُّ ، والسَّجَّانُ ،
والجلاَّدُ ، والفرَّاشُ ، والكَاتِبُ ،
والحاجِبُ ، والقَاضى
ورَائى يركُضُونْ !
كلُّهُم باسمِى أنا يشْتَغِلونْ .
كلُّهُم من خيرِ شِعرِى يأكُلونْ !
... * * *
آهِ لو يُدرِكُ حُكَّامُ بلادى العُقَلاءْ
آهِ لو هُم يُدرِكُونْ
أنَّهُم لولا جُنونِى .. عاطِلونْ
لَرَمُوا تِيجَانَهُم تحتَ الحِذاءْ
وأتَوْا من تُهمَتِى .......
=========================
القضيّه
زَعمُوا أنَّ لنا
أرضاً ، وعِرْضاً ، وحَمِيَّهْ
وسُيوفاً لا تُبارِيها المَنِيَّهْ .
زَعمُوا ..
فالأرضُ زَالتْ
ودِماءُ العِرضِ سالتْ
ووُلاةِ الأمرِ لا أمْرَ لَهُمْ
خارِجَ نَصِّ المسرحيَّهْ
كُلُّهُم راعٍ ومسْئُولٌ
عنِ التَّفرِيطِ فى حَقِّ الرَّعِيَّهْ !
وعن الإرهابِ والكَبْتِ
وتقْطيعِ أيادى النَّاسِ
من أجلِ القضيَّهْ !
... * * *
القضيَّهْ
سَاعةَ الميلادِ ، كانت بُندُقِيّهْ
ثمَّ صارت وتداً فى خَيمةٍ(415/17)
أَغْرَقَهُ (الزَّيتُ)
فأضحى غُصنَ زَيْتُونٍ
.. وأمسَى مِزْهَرِيَّهْ
تُنعِشُ المائدَةَالخضراءَ
صُبْحاً و عَشِيَّهْ
فى القُصورِ المَلَكِيَّهْ
... * * *
ويقولون لى :اضْحَكْ !
حَسَناً
ها إنَّنى أضحكُ من شَرَّ البَلِيَّهْ !
==========================حِكْمَهْ
قالَ أبى :
فى أىَّ قُطْرٍ عرَبى
إن أعلَنَ الذَّكِىُّ عن ذَكَائهِ
فَهُوَ غَبِى !
========================
المثلُ المشْهُورْ
من قسوة الأصداف،
من ظلمتها
تنبلج الدُّرَّةْ.
من رحم الهجير يولد الندى
وفى انتهاء الصوت يبدأ الصدى
لك الحياة في الردى
أيتها الزهرة
أيتها الفكرة
أيتها الأرض التي
تؤمن دوما أنها حرّة.
... ... أحمد مطر
===================
كم على السيف مشيتْ
كم بجمر الظلم و الجور اكتويتْ
كم تحملت من القهر
وكم من ثقل البلوى حويتْ
غير أنى ما انحنيتْ.
كم هوى السّوط على ظهري
وكم حاولَ أن أُنكر صبري
فأبيتْ
وهوى، ثم هوى، ثم هوى..
حتى هويت
غير أنى عندما طاوعني دمعي .. عصيتْ.
مذهبي أنى كريمٌ بدمائي،
وبخيلٌ ببكائي
غير أنى يا حبيبهْ
حينما سرتُ إلى طائرة النفيِ
إلى الأرض الغريبةْ
عامداَ طأطأتُ رأسي،
ولعينيكِ انحنيتْ.
وعلى صدركِ علّقتُ بقايا كبريائي،
وبكيتْ.
آهِ .. يا فتنة روحي كم بكيتْ،
آهِ .. يا فتنة روحي كم بكيتْ!
كنتُ من فرطِ بكائي
دمعَةٌ حيرى على خدِّكِ تمشى
يا كويتْ !
... ... أحمد مطر
===================
===============================================================
وثنٌ تضيقُ برجسهِ الأوثانُ ...
... ... وفريسةٌ تبكى لها العقْبانُ!
ودمٌ يضمِّدُ للسيوف جراحَتها ...
... ... ويعيذُها من شرِّهِ الشريانُ!
هي فتنةٌ عصفتْ بكيدِكَ كُلَّهُ
... ... فانفذ بجلدكَ أيُّها الشيطانُ!
ماذا لديكَ؟ غِوايةٌ؟ صُنْهَا ...
... ... فقد أغوى الغوايةَ نفسها السُّلطان!
مكرٌ؟ وهل حلَّفتَ بالقرآن
... ... قرآناً ليُنكِرَ أنَّهُ قرآنُ!
كُفْرٌ؟ بماذا ؟ دينُنا أمسى بلا
... ... دينٍ، وأعلنَ كُفرَهُ الإيمانُ!(415/18)
كَذِبٌ؟ ألا تدرى بأنَّ وجوهَنا
... ... زورٌ ، وأَنَّ نفوسَنا بُهتان؟
قَرنانِ؟ ويْلكَ، عندنا عشرونَ
... ... شيطانًا، وفوقَ قُرونِهم تيجانُ!
... ... ... * * *
يا أيُّها الشيطانُ إنَّك لم تزلْ
... ... غِرًّا، وليس لِمثلِكَ الميدانُ
قفْ جانبًا للإنسِ أو للجِنِّ
... ... واترُكنَا، فلا إنسٌ هُنا أو جانُ
قفْ جانبًا كي لا تبوءَ بِذَنبِنا
... ... أو أن يَدِينَكَ باسْمِنا الديَّانُ
إنْ يصْفحِ الغفَّارُ عنكَ فإنَّنَا
... ... لا يحتوينا الصَّفْحُ و الغُفْرانُ!
أُنْبِيكَ أنَّا أُمَّةٌ أَمَةٌ
... ... تُبَاعُ وتُشْترى ونصيبُها الحرمانُ.
أُنْبِيكَ أنَّا أُمَّةٌ أَسْيادُهَا
... ... خَدَمٌ، وخيرُ فُحولهِم خِصيانُ
قِطَعٌ منَ الكَذِبِ الصَّقِيلِ، فليسَ في
... ... تاريخِهِم رَوْحٌ ولا ريْحانُ
أُسْدٌ، ولكن يُحْدِثُونَ بِثَوبِهم
... ... لو حرَّكتْ أذْنابَها الفِئْرانُ!
مُتعفِّفُونَ، وصُبْحُهُم سَطْوٌ على
... ... قُوتِ العبادِ، وليلُهُم غِلْمانُ
متديِّنُونَ، ودِينُهم بِدِنَانِهمْ
... ... ومُسهَّدُونَ، وسُكْرُهمْ سَكرانُ
عربٌ، ولكنْ لو نزعْتَ قُشُورَهُم
... ... لَوَجدْتَ أنّ اللُّبَّ أمْريكانُ!
... ... ... * * *
جِيلانِ مَرَّا، لمْ يكُنْ في ظلِّهِم
... ... ظِلُّ، ولا بِوُجُودِهِمْ وِجدَانُ
حتَّى المرَارةُ أَقْلعَتْ عَن نفْسِها
... ... ولنا على إدْمانِها إدمانُ
نأتي إلى الدُّنيا وفى أعْناقِنا
... ... نيرٌ، وفى أعْماقِنا نِيرانُ
تخصي لنا الأسْماعُ منذُ مَجِيئِنا،
... ... شرْعاً، ويُعملُ للشِّفاهِ خِتانُ
ونسيرُ مقْلوبينَ حتَّى لا ترى
... ... مقْلوبَةً بِعيُونِنَا البُلْدانُ
والدَّرْبُ متَّضِحٌ لنا فَورَاءنَا
... ... مُتعقِّبٌ، وأمامَنا سَجَّانُ
فَيخافُ من فَرْطِ السُّكوتِ سُكوتُنا
... ... من أن تَمُرَّ بذِهْنِنَا الأذْهانُ
ونَخافُ أنْ يشيَ السُّكوتُ بِصَمْتِنا
... ... فكأنَّما لسُكوتِنَا آذَانُ
لو قِيلَ للحيوانِ: كُنْ بَشَراً هنا،
... ... لبَكَى وأعْلنَ رفْضَهُ الحيوانُ !
... ... ... * * *
كم باسْمِنَا نَشَبَ النِّزاعُ ولم يكُنْ(415/19)
... ... رأىٌ لنَا بِنُشُوبِهِ أو شَانُ
وعَدَتْ عليْنا العَادِياتُ، فليْلُنا
... ... ثوبُ الحِدَادِ، وصُبْحُنا الأكْفَانُ
وهواؤُنا آهاتُنا، وتُرابنَا
... ... دمْعٌ دمُ، وسماؤنَا أجْفَانُ
صِحْنا فلم يُشفِقْ علينا عقْربٌ
... ... نُحْنَا ولم يرفُقْ بِنا ثُعبانُ
ومَنِ المُجيرُ وقدْ جرتْ أقْدارُنا
... ... في أن يَجُورَ الأهلُ والجِيرانُ؟
قُلنا، ومِطرقَةُ العذابِ تدُقٌنا:
... ... سَيجِيءُ دَوْرُكَ أيُّها السِّنْدانُ
وسيأكُلُ السِّرْحانُ لحْم صِغَارِهِ
... ... إن لم يجِدْ ما يأكُلُ السِّرحانُ
فَتَمرَّتِ الضَّحكاتُ في دمَعاتِنا
... ... وتكدَّرت من صحونا الكِيزانُ
حتّى إذا ما سكْرةٌ راحتْ
... ... وجاءتْ فِكرةٌ، وتثاءبَ النَّعسانُ
غَفَلتْ زوايا الحَانِ عن ألحانِها
... ... وانحطَّت الشُّرفاتُ و الحيطانُ
وهوى الهوى مُتضرِّجاً بهَوَانِهِ
... ... وانهدَّ من نَدمٍ بها النُّدْمانُ
لكنَّنا في الحالتينِ سفينةٌ
... ... غَرَقتْ، فقامَ يلُومُهَا الرُّبَّان!
أَمِنَ العَدَالةِ أن نُشَكَّ ونُشْتكى؟
... ... أو أن نُبَاعَ وجلدُنا الأثمانُ؟!
... ... ... * * *
في لحظةٍ .. لعَنتْ مصَانِعَها الدُّمَى
... ... وتبرَّأتْ من نفسِها الأدرانُ!
وانساب ( سيركُ) المعجِزاتِ، فها هُنا
... ... قَدمٌ فَمٌ، وفصاحةٌ هَذَيانُ
يُلقى بها الإعلامُ فوقَ رؤوسِنَا
... ... صُحُفاً يقيئُ لِعُهْرِها الغَثَيانُ!
فزِبالةٌ واستُبدِلتْ بزبالةٍ
... ... أخرى، ولم تُستَبْدلِ الجُرْذانُ!
وهُنَا مَلِيكٌ مُغرمٌ بتُراثِهِ
... ... يَحسُو الخُمورَ وكأسُهُ فِنجانُ!
وهُناكَ ثوريٌ يؤسِّسُ دَولةً
... ... في كَرْشِهِ، فتصفِّقُ الثيرانُ
وهُنا مَلِيكٌ ليسَ يملكُ نفسَهُ
... ... فَمُهُ صدىً ، وضَميرُهُ دُكَّانُ
ومُفكِّرٌ مُتَخصِّصٌ بعلومِ فَرْكِ
... ... الخِصيَتينِ ، ففِكرُهُ سَيَلانُ
وشَواعرٌ ، كي لا أُسَمِّى واحداً،
... ... يتستَّرُونَ وسِترُهُمْ عُريانُ!
يَزِنُونَ بالقَبَّانِ أبيَاتاً لهمْ
... ... فَيمِيلُ من أوزارِهِ القَبَّانُ
في كِفَّةٍ تَسبيلةٌ ودَراهِم
... ... وبكِفَّةٍ تفعيلةٌ وبَيانُ(415/20)
مُتفاعِلُنْ مُتفاعِلُنْ عِلاَّنُهُ
... ... مُتفاعِلُنْ مُتفاعِلُنْ عِلاَّنُ
وتُفَرْقِعُ الأوزَانُ دونَ مبادئٍ
... ... لمبادئٍ ليسَت لها أوزانُ
فالحاكمُ المُغتالُ طِفلٌ وادِعٌ
... ... والمُودَعُونَ بسِجْنهِ .. غِيلانُ!
وابنُ الشوارعِ فارسٌ في ساعةٍ
... ... وبساعةٍ هو غادِرٌ وجبانُ!
هل يَنثنى الجزَّارُ عن جُرْمٍ ؟ وهل
... ... ترتدُّ عن أخلاقِها الفرسانُ؟!
كَلاَّ، ولكنَّ (الأنَا) ورمٌ ، وإنْ
... ... زادتْ فكلُّ زيادةٍ نُقصانُ
يبدو التناقُضُ عندها متناسِقاً
... ... واللونُ في صفحاتِها ألوانُ
هو فَارسٌ ما دامَ يَفترِسُ الورى
... ... فإذا قُرِصْتُ فإنَّهُ قُرصانُ!
وحدي .. ولو ذهبَ الأنامُ جميعُهم
... ... وإذا ذهبتُ فبعديَ الطوفانُ!
... ... ... * * *
يا آيةَ الله الجديد، ومن لقي
... ... آياتِهِ الحشراتُ والديدانُ
آمنتُ أنَّكَ آيَةٌ، فبحدِّكَ
... ... اتَّحدَ الهوى وتفرَّقَ الفُرقانُ
طُوبى لِنُبْلِكَ في الجِهادِ، فمَرَّةٌ
... ... أرضُ الكويتِ، ومَرَّةٌ إيرانُ
وكأنَّ خارطةَ الجهادِ أعَدَّها
... ... (ميخا) وأكَّدَ رسمَها (المعْدانُ)!
القُدسُ ليستْ من هُنا تُؤتى
... ... ونعلمُ أنَّها من دونِها عَمَّانُ
والفَقرُ ليسَ بأرضِنا، فمياهُنا
... ... تُروِى المياهُ، ونَفطُنا غُدرانُ
وبوارجُ الغُرباءِ قد كانتْ هُنا
... ... تحمى حماكَ، وهُم هُنا قد كانوا
إن كنتَ تنسى أنَّهم نَصَبُوكَ
... ... محرقةً لنا، فسيذكرُ النسيانُ
لكنَّما قَضَتِ الروايةُ أن يُبدَّل
... ... مشهدٌ، فتبدَّلَ البُنيانُ
مهما تخلَّى، في الروايةِ، بعضُكم
... ... عن بعضِكم، فجميعكُم خلاَّنُ!
... ... ... * * *
قيلَ الهوى. فالضمُّ ضَمُّ حبيبةٍ
... ... عجباً، أتَنبُتُ للهوى أسنانُ؟!
أتُعِدُّ قُنبُلةً فتُدعى قُبلةً
... ... ويُعَدُّ عيداً ذلك العُدوانُ؟!
وأسيرةٌ قد حُرَّرَتْ. وعَجِبتُ من
... ... حرَّيةٍ نَسَماتُها قُضْبَانُ!
وشريدةٌ رَجَعتْ لمنزلِ أهلِهَا
... ... أيَنالها الإعراضُ والنكرانُ؟
أيموتُ دونَ عفافِها إخوانُها
... ... أم يستبِيحُ عفافَها الإخوانُ؟!
هي سُنَّةٌ قد سَنَّها وثنٌ فماذا(415/21)
... ... لو قَفَتْ آثارُهُ الأوثَانُ!
إنَّ اللواحِقَ للسوابقِ تنتمي
... ... وصُنانِ أتباعِ العدا صُنوانُ!
قُلْ للجزيرةِ: كيفَ حالتْ حائلٌ؟
... ... وبمَنْ جَرَتْ لخَرابِها نَجرانُ؟
وبِكفَّ مَنْ كفُّ القَطَيفِ تَقَطَّفَتْ؟
... ... وبمَنْ تَعَسَّرَ في عَسيرَ أَمانُ؟
ومَن احتسى الإحساءَ؟ أو من ذا الذي
... ... حَجَزَ الحجازَ، وجُندُهُ رُهبانُ؟
هل عِندَنا شيخٌ يُسمّى (شِكْسِبيرَ)؟
... ... وهل تطيرُ وتقصِفُ البُعْرانُ؟!
لا. بل قضى شرعُ الأهِلَّةِ أن
... ... تخوضَ جهادَها وسيوفُها الصُّلبانُ
كَرَمُ الضيافةِ دائماً يقضى بأنْ
... ... تُطوى الجفونُ. وتُفتحُ السيقانُ!
معنى الجهادِ بعصرنا، إجهادُنا
... ... أو عصرُنا، وثوابُنا خُسرانُ
عثمانُ يُقتلُ كلَّ يومٍ باسمِنا
... ... وتُخاطُ من أطمَارِنا القُمصانُ!
... ... ... * * *
أنا ضِدَّ أمريكا إلى أن تنقضي
... ... هذى الحياةُ ويوضعَ الميزانُ
أنا ضِدَّها حتَّى وإن رقَّ الحَصى،
... ... يوماً، وسالَ الجَلْمَدُ الصَّوانُ!
بغضي لأمريكا لو الأكوانُ
... ... ضَمَّتْ بَعضَهُ لانهارتِ الأكوانُ
هيَ جَذْرُ دَوحِ الموبقاتِ، وكلُّ ما
... ... في الأرضِ من شَرٍّ هو الأغصانُ!
مَنْ غَيرُها زَرَعَ الطغاةَ بأرضِنا؟
... ... وبِمنْ سِواها أثمرَ الطُغيانُ؟
حَبَكَتْ فصولَ المسرحيّةِ حَبْكةً
... ... يَعْيَا بها المُتمرِّسُ الفنَّانُ
هذا يَكِرُّ، وذا يفِرُّ، وذا بهذا
... ... يستَجيرُ، ويبدأُ الغَليانُ
حتَّى إذا انقشَعَ الدُّخان، مضَى لنا
... ... جُرحٌ، وحلَّ محلَّهُ سَرَطانُ!
وإذا ذئابُ الغربِ راعِيةٌ لنا
... ... وإذا جميعُ رُعاتِنا خِرفانُ!
وإذا بأصنامِ الأجانبِ قد رَبَتْ
... ... وإذا الكويتُ وأهلُها القُربانُ!
... ... ... * * *
أنا يا كويتُ قد اكتويتُ، ورُبَّما
... ... بشُواظِ ناري تكتوي النيرانُ
صَحراءُ همي ما لَها من آخِرٍ
... ... و بحارُ حزني ما لها شُطآنُ
تبكى شراييني دماً في مَدْمَعِى
... ... وبأدمُعى تتضاحكُ الأحزانُ
أنتِ القريبَةُ في اللقاءِ وفى النَّوى
... ... وأنا بحبي الغَارقُ الظَّمآنُ(415/22)
لي مِنكِ ما للقلبِ من خفقَاتِهِ
... ... ولديكِ مِنِّى الوجهُ والعُنوانُ
فلقدْ حَمَلتُكِ في الجُفونِ مُسَهَّداً
... ... كي لا يُسهَّدَ جَفنُكِ الوسْنانُ
وملأتُ روحي منكِ حتَّى لم يَعُدْ
... ... منِّى لروحي موضعٌ و مكانُ!
ما ذابَ مِن فَرْطِ الهوى بِكِ عاشِقٌ
... ... مثلى، ولا عرَفَ الأسى إنسانُ
... ... ... * * *
قالوا هَجَرْتِ، فقُلتُ إنَّا واحدٌ
... ... وكفى وِصالاً ذَلكَ الهِجرانُ
هي موطني، ولها فؤادي موطنٌ
... ... أَتَفِرُّ مِن أوطانها الأوطانُ
ماذا على شَجَرٍ إذا طَرَدَ الخريفُ
... ... هَزارَها لتُغرِّدَ الغِربانُ
في الكُحلِ لا تجدُ الأذى إلاّ إذا
... ... عَمِلتْ على تكحيلِك العُميانُ
... ... ... * * *
أنا لاَ أزالُ أدُقُّ قلبي خائفاً
... ... ويكادُ يُخفى دقتي الخَفقَانُ
لاَ تنكري تعبي، ولا تستنكري
... ... غضَبى، فإني العاشقُ الولهانُ
نُبِّئْتُ أنَّكِ قدْ هَرِمْتِ، وغاضَ
... ... مِن غَيظِ الخطوبِ شبابُكِ الرَّيانُ
وَعَلِمْتُ أنَّ الدارعينَ تَدرَّعوا
... ... بطنينهم، وسلاحُهم أطنانُ
وأقُول كلُّ بلادنا مُحتلَّةٌ
... ... لاَ فرقَ إن رَحَلَ العِدا أو رانوا!
ماذا نَفيدُ إذا استقلَّتْ أرضُنا
... ... واحتُلَّتِ الأرواحُ والأبدانُ؟!
ستعودُ أوطانى إلى أوطانِها
... ... إن عادَ إنساناً بها الإنسانُ!
... ... ... ... ... ... أحمد مطر
... لندن 20/9/1990
===============================================================
...
لافتات 2
البَيانُ الأولْ
قلمي وَسْطَ دُواةِ الحبرِ غاصْ
ثُمَّ غاصْ
ثُمَّ غاصْ.
قلمي في لُجَّةِ الحبرِ اختَنق
وَطَفتْ جُثَّتُهُ هامِدةً فوقَ الورق.
روحُهُ في زَبَدِ الأحرفِ ضاعتْ في المَدَى
ودمى في دمه ضاع سُدى
ومضى العُمرُ ولم يأتِ الخلاصْ.
آهِ يا عصرَ القماصْ
بَلْطةُ الجزّارِ لا يذبحُها قَطْرُ الندى
لا مَنَاصْ
آنَ لي أن أتركَ الحِبرَ
وأنْ أكتُبَ شعري بالرصاصْ!
======================
إنجيل بوليس!
في البدء كانَ الكلمةْ
ويومَ كانتْ أصبحتْ مُتَّهمَهْ
فطورِدَتْ
وحوصِرَتْ
واعتُقِلَتْ
..(415/23)
وأَعْدمَتْهَا الأنظمهْ
... * *
في البدءِ كانَ الخاتمهْ !
=====================
العِلَّة
قالَ ليَ الطبيبْ :
خُذْ نَفَساً .
فكِدتُ - مِن فَرْطِ اختناقي
بالأسى والقهْرِ - أَستجيبْ
لكنَّني
خَشيتُ أن يلمحَني الرَّقيبْ .
وقالَ : مِمَّ تشتكي ؟
أردتُ أن أُجيب
لكنَّني
خشيتُ أن يسمعَني الرقيبْ .
وعندما حيَّرتُهُ بصمتيَ الرهيبْ
وَجَّهَ ضَوءاً باهِراً لمقلتي
حاولَ رفْعَ هامتي
لكنَّني خَفضتُها
وَلُذتُ بالنحيبْ
قلتُ لَهُ : معذرةً يا سيِّدي الطبيبْ
أوَدُّ أن أرفَعَ رأسي عالياً
لكنَّني
أخافُ أن .. يحذِفَهُ الرَّقيبْ !
======================
صندوق العجائب
في صِغَرى
فتحتُ صندوقَ اللُّعَبْ .
أخرجتُ كرسيّاً مُوَشَّى بالذَّهبْ
قامتْ عليهِ دُميةٌ من الخشب
في يدها سيفُ قَصَبْ .
خَفضتُ رأسَ دُميتي
رفعت رأس دميتي
خلَعتُها.
نصبتُها.
خَلعتُها .. نَصبتُها
حتى شَعَرتُ بالتعبْ
فما اشتكتْ من اختلافِ رغبتي
ولا أحسَّت بالغضبْ !
ومثلُها الكُرسيُّ تحتَ راحتي
مُزَوَّقٌ بالمجدِ . . وَهُوَ مُستَلبْ.
فإنْ نَصبْتُهُ انتصبْ
وإن قَلبْتُهُ انقلبْ !
أَمتعني المشهَدُ ،
لكنَّ أبي
حين رأى المشهَدَ خافَ واضطرَبْ
وخبَّأَ اللعبةَ في صُندوقِها
وَشَدَّ أُذْنِي . . وانسحَبْ !
... * *
وعِشْتُ عُمري غارقاً في دَهْشَتي.
وعندما كَبِرتُ أدركتُ السّبَبْ
أدركتُ أنَّ لُعبتي
قد جَسَّدَتْ
كلَّ سلاطينِ العَربْ !
======================
التقرير
كلبُ وَالينَا المُعَظَّمْ
عضَّني ، اليومَ ، وماتْ !
فدعاني حارسُ الأمنِ لأُعدَمْ
بعدما أثبتَ تقريرُ الوفاةْ
أنّ كلبَ السيِّدِ الوالي
تسمَّمْ !
=====================
قيصريةْ
في البلادِ العربيَّهْ
عندما ترفضُ أن تُولدَ عبداً
يَسْحَبُ الجرَّاحُ رِجليكَ
فتأتى مُرْغَماً . . بالقيصريَّهْ.
حاملاً حُريَّةً في يَدِكَ اليمنى
وفى اليُسرى . . وَصِيَّهْ.
فإذا عِشْتَ . .تَموتْ
حَسْبَ قانونِ السُّكوتْ(415/24)
وكما جِئْتَ تُوافيكَ المَنيَّهْ :
يَسْحَبُ (الجرَّاحُ) رِجليكَ
إلى القبرِ
فتمضى مُرْغَماً . . بالقيصريَّهْ !
======================
التكفِير والثورة
كَفَرْتُ بالأقلامِ والدفاتِرْ .
كفرتُ بالفصحى التي
تحبَلُ وهْيَ عاقِرْ .
كفرتُ بالشِّعر الذي
لا يُوقِفُ الظُّلمَ ولا يُحرِّك الضمائرْ
لَعَنتُ كُلَّ كِلْمَةٍ
لم تنطلِقْ من بعدِها مسيرَهْ.
ولم يَخُطَّ الشعبُ في آثارِها مَصِيرَهْ .
لَعَنتُ كُلَّ شاعِرْ
ينامُ فوق الجُمَلِ النديَّةِ الوثيرهْ
وشعبُهُ ينامُ في المقابرْ .
لَعَنتُ كلَّ شاعِرْ
يستلهمُ الدمعةَ خمرأً
والأسى صَبَابَةً
والموتُ قُشْعَرِيرَهْ .
لَعَنتُ كلّ شاعِرْ
يُغازلُ الشِّفاهَ والأثداءَ و الضفائِرْ
في زمنِ الكلابِ و المخافرْ
ولا يرى فوهةَ بُندقيةٍ
حين يرى الشِّفاهَ مستجيرهْ !
ولا يرى رُمَّانةً ناسِفةً
حين يرى الأثداء مُستديرَهْ!
ولا يرى مشنقةً
حينَ يرى الضفيرهْ !
... * *
في زمن الآتينَ للحكمِ
على دبَّابَةٍ أجيرهْ
أو ناقةِ العشيرهْ
لَعَنتُ كلّ شاعرٍ
لا يقْتني قنبلةً
كي يكتُبَ القصيدة الأخيرهْ !
======================
هذِه الأرضُ لنا
قُوتُ عِيالنا هُنا
يُهدِرُهُ جلالةُ الحِمارْ
في صالةِ القُمارْ
وكلُّ حقِّهِ بهِ
أنَّ بعيرَ جدِّهِ
قد مَرَّ قبلَ غيرهِ
بهذهِ الآبارْ !
... * * *
يا شُرفاء
هذِه الأرضُ لَنا.
والزرعُ فوقَها لنا
والنِفطُ تَحتها لنا
وكُلُّ ما فيها بماضيها وآتيها لنا .
فما لَنا
في البردِ لا نلبسُ إلاَّ عُرْيَنا ؟
وما لَنا
في الجوعِ لا نأكُلُ إلاّ جوعَنا ؟
وما لنا نغرقُ وَسْطَ القارْ
في هذهِ الآبارْ
لكي نصوغَ فَقْرنا
دِفئاً ، وزاداً ، وغِنى
من أجلِ أولادِ الزِّنى ؟!
========================
الطبُّ يضرُّ بصحتكْ
لي صاحبٌ
يَدرسُ في الكُلِّية الطبيَّهْ
تأكَّدَ المُخبِرُ من ميولِهِ الحزبيَّهْ
وقام باعتقالِهِ
حينَ رآهُ مَرَّةً
يَقرأُ عن تَكَوُّنِ (الخليَّهْ) !
... * *(415/25)
وبعدَ يومٍ واحدٍ
أُفرجَ عن جُثَّتِهِ
بحالةٍ أمْنِيَّهْ :
في رأسِهِ رَفْسَةُ بُندقيَّهْ
في صدرِه قُبلةُ بُندقيَّهْ !
في ظَهْرِهِ صورةُ بُندقيَّهْ
لكنَّني
حينَ سألتُ حارِسَ الرَّعيَّهْ
عن أَمرِهِ
أخبرني
أنَّ وفاةَ صاحبي قد حَدَثتْ
بالسكتةِ القلبيَّهْ !
========================
حالات
بِالتَّمادى
يُصبِحُ اللصُّ بأورُوبّا
مديراً للنوادي .
وبأمريكا
زَعيماً للعصاباتِ وأوكارِ الفسادِ .
وبأوطاني التي
من شَرعِها قَطْعُ الأيادي
يُصْبِحُ اللصُّ
. . رئيساً للبلادِ !
========================
المُتَّهمْ
كنتُ أمشى في سلامْ
عازفاً عن كُلِّ ما يخدِشُ
إحساسَ النظامْ .
لاَ أصيخُ السمعَ
لا أنظرُ
لا أبلعُ ريقي .
لا أرومُ الكَشفَ عن حُزني
وعن شِدَّةِ ضيقي .
لا أُميطُ الجفنَ عن دمعي
ولا أرمِى قِناعَ الابتسامْ .
كُنتُ أمشى . . والسلامْ .
فإذا بالجُندِ قد سدُّوا طريقي
ثُمّ قادوني إلى الحَبْسِ
وكان الاتهامْ :
أنّ شَخصاً مرَّ بالقصرِ
وقد سَبَّ الظلامْ
قبلَ عامْ .
ثُم بعدَ البَحثِ والفحصِ الدَّقيقِ
عَلِمَ الجُندُ بأنَّ الشخصَ هذَا
كان قد سلَّمَ في يومٍ
على جارِ صَديقي !
========================
الجِدَار
وقفتُ في زنزانتى
أُقلِّبُ الأفكارْ :
أنا السّجينُ ها هُنا
أم ذلك الحارسُ بالجوارْ ؟
فكلُّ ما يفصلنا جدارْ
وفي الجدارِ فتحةٌ
يرى الظلامَ من ورائها
وألمحُ النهارْ !
... * * *
لحارسى ، ولي أنا . . صِغارْ
وزوجةٌ ودارْ
لكنَّهُ مثلى هُنا
جاءَ بِهِ وجاءَ بى قَرارْ
وبيننا الجدارْ
يوشِكُ أن ينهارْ !
... * *
حدَّثنى الجدارْ
فقالَ لى : إنَّ الذى ترثي لهُ
قد جاءَ باختيارهِ
وجئتَ بالإجبارْ .
وقبل أن ينهارَ فيما بيننا
حدَّثنى عن أسدٍ
سجَّانُهُ حمار !
========================
إضرابْ
الوردُ في البستانْ
ممالِكٌ مُترفةٌ ، طريَّةُ الجدرانْ
تيجانُها تسبحُ في بَرْدِ الندى
والنورِ و العطورْ
في ساعةِ البكورْ(415/26)
وتستوي كَسْلى على عُروشِها .
وتحتَ ظُلْمةِ الثرى
والبؤسِ والهوانْ
تسافِرُ الجذور في أحزانِها
كى تضحكَ التيجانْ !
... * *
الوردُ في البستانْ
ممالِكٌ مُترفةٌ تسبحُ في الغُرورْ
بذكرِها تُسَبِّحُ الطيورْ
ويسبحُ الفراشُ في رحيقها
وتسبحُ الجذورْ
في ظُلمةِ النَّسيانْ
... * *
الوردُ في البستانْ
أصبحَ . . ثُمَّ كانْ
في غَفلةٍ تهدَّلتْ رؤوسُهُ
وخرَّت السَّيقانْ
إلى الثَّرى
ثُمَّ هَوَتْ من فوقِها التيجانْ !
... * *
مرّت فراشتانْ
وردَّدت إحداهُما :
قدْ أعلنتْ إضرابَها الجذورْ !
... * *
ما أجبنَ الإنسانْ
ما أجبنَ الإنسانْ
ما أجبنَ الإنسانْ !
======================
سلاحٌ بَارد
يا أيُّها الإنسانْ
يا أيُّها المُجوَّعُ، المخوَّفُ، المهانْ
يا أيُّها المدفونُ فى ثيابهِ
يا أيُّها المشنوقُ من أهدابهِ
يا أيُّها الراقِصُ مذبوحاً
على أعصابِهِ .
يا أيُّها المنفىُّ من ذاكرةِ الزمانْ
شبعتَ موتاً فانتفضْ
آن النشورُ الآنْ
بأغلظِ الايمانِ واجِهْ أغلظَ المآسى
بقبضتيكَ حَطِّم الكراسى
أمَّا إذا لم تستطِعْ
فَجَرِّدِ اللسانْ
قُل : يسقطُ السلطانْ.
أمَّا إذا لم تستطِعْ
فلا تدعْ قلبك فى مكانِهِ
لأنَّهُ مُدان
فدَقَّةُ القلبِ سلاحٌ باردٌ
يتركهُ الشجاعُ بعد موتِهِ
تحت يَدِ الجبانْ
لكى يدارى ضَعْفَهُ
بأضعفِ الايمانْ !
========================
إذا الضحايا سُئِلت
طالعتُ فى صحيفةِ الرحيلْ
قافلةً تائهةٌ
دليلُها يسترُ قُبْحَ فِعلِهِ
بصبرِها الجميلْ .
رأيتُها تغرقُ فى دمائِها
والدّمعِ و العويلْ
لكنّها
رغمَ الضياعِ و الرَّدى
تُعِدُّ من نُعوشِها سفينةً
تَخيطُ من أكفانِها أَشرِعةً
كَى تُنقِذَ الدليل !
وقيل إنَّ الدَّمَ لا يُصبِحُ ماءً ،
هُزِلَتْ
فالدمُ أصبحَ ماءَ نِيلْ
والدمُ قد أصبحَ ماءَ زمْزمٍ
وكأسَ زَنْجَبيلْ
في صِحَّةِ الأمواتِ مِنْ أَحيائِنا
يَشربُهُ القاتِلُ ما بينَ يَدَيْ
مُمثِّلِ القتيلْ !
... * *
إذا الضحايا سُئلَتْ(415/27)
بأَيِّ ذَنبٍ قُتِلتْ ؟
لانتفضتْ أشلاؤها وجَلْجَلَتْ :
بِذَنبِ شَعْبٍ مُخْلِصٍ
لِقائدٍ عَمِيلْ !
========================
الرمادُ والعواصف
مَضى عَقْدٌ على قَطْعِ الجذورِ
ولم يزلْ رأسي
يصارعُ بالرمادِ عواصفَ اليأسِ !
ومازالتْ حبالُ الشوقِ تشنُقني
على بَوَّابةِ الزمنِ
فَأَلمحُ في الأسى نفسي
خيوطاً من دَمٍ تنثالُ في كأْسِي
وألمحُها بأيدِيكُمْ .. بأيدِيكُمْ
تُجرِّعُني
فِراقَ الأُمِّ مُزْدَوَجاً
.. فِراقَ الأُمِّ و الوطنِ !
... * *
على أبوابِ حَضْرتِكُمْ
جَلالَتِكُمْ
سِيادَتِكم
مَعَالِيكُم
سأَطرحُ رأسيَ الذاوي
وأُطلِقُ صوتيَ الدَّاوي :
) أَريد اللهْ يِبَيِّنْ حوبِتي بيكُمْ
أَريد اللهْ على الفَرْقَهْ يِجازيكُمْ )* !
_________________________
* أغنية من الفولكلور العراقي معناها : أريد من الله أن يأخذ منكم بثأري ويعاقبكم لأنكم سبب الفراق.
========================
النبات
أنا ليسَ لى عِلْمُ الحواةْ
كَىْ أُخرج الجبَلَ العظيمَ من الحصاةْ
وأَجُرُّ آلافَ الفوارسِ كالأرانِبِ
من بُطونِ القبَّعاتْ .
أنا ليسَ لى عِلْمٌ
بتعبئةِ الشجاعةِ في القناني
أو فنِّ تحويل الخروفِ إلى حصانِ !
أنا لستُ إلاّ شاعراً
أبْصرتُ نار العار
ناشِبةً بأرديةِ الغُفاهْ
فصرختُ .. هُبُّوا للنجاهْ .
فإذا أفاقوا للحياةِ
ستحتفى بِهمُ الحياةْ
وإذا تلاشَتْ صرختى
وسْطَ الحرائقِ كالدُّخانِ
فَلأنَّ صرخةَ شاعرٍ
لاتَبعثُ الرُّوحَ الطّليقةَ فى الرُّفاتْ !
... * *
أنا شاعرٌ حُرٌّ أُعانى
من حُرقةِ الآباءِ أَقتبسُ المعانى
ومِدادُ أَشْعاري تَقاطَرَ
من دُموعِ الأمهاتْ .
فمَتى ستُوحى بالهوى شَفَةُ الهوانِ ؟
ومتى ستطلعُ وردةُ الآمالِ
فى تلكَ الدّواةْ ؟
... * *
شِعرى عُصارةُ عصرِنا
لاتطلبوا منِّى اصطناع المعجزاتْ .
أوطانُنا رَهْنَ المنيَّةِ . .
والبقيَّةُ فى حياةِ الصولجانِ .
ورَقابُنا تحتَ السيوفِ
وحتْفُنا فوق اللسانِ
ودِماؤنا .. تجرى دراهِمَ(415/28)
فوقَ أفخاذِ الغوانى .
وذَواتُنا سجَّادةٌ
لِنعالِ أبناءِ الذّواتْ .
هذى بُذورُ حياتِنا
واللافِتاتُ هى النّباتْ .
لاسُوقَ عندىَ للأمانى
روحوا اشتروا تلك البِضاعةَ
من دكاكينِ الولاهْ
أنا لا أبيعُ مخدِّراتْ !
==============
لن أُنافقْ
نافقْ
ونافقْ
ثُمَّ نافقْ , ثُمَّ نافقْ .
لا يَسلَمُ الجسدُ النحيلُ من الأذى
إنْ لم تُنافقْ .
نافقْ
فماذا فى النفاقِ
إذا كَذَبْتَ وأنتَ صادِقْ ؟
نافقْ
فإنَّ الجهل أن تَهوِى
ليرقى فوق جُثَّتِكَ المنافقْ .
لكَ مَبدأٌ ؟ لا تَبْتئِسْ
كُن ثابتاً
لكنْ .. بمُختلِفِ المناطِقْ !
واسبِق سِواكَ بكلِّ سابِقةٍ
فإنَّ الحكمَ محجوزٌ
لأربابِ السَّوابقْ !
... * *
هَذي مقالةُ خائِفٍ
مُتملِّقٍ , متسلِّقٍ
ومقالتي : أنا لنْ أُنافقْ
حتَّى ولو وضعوا بِكَفَّيَّ
المغارِبَ والمشارقْ .
يا دافنينَ رؤسَكُم مثل النَّعامِ
تَنعَّموا .
وتنقَّلُوا بين المبادئِ كاللقالِقْ
ودَعُوا البطولةَ لى أَنا
حيثُ البطولةُ باطلٌ
والحقُّ زاهِقْ !
هذا أنا
أُجرى مع الموتِ السِّباقَ
وإنَّنى أدرِى بأنَّ الموتَ سابِقْ
لكنَّما سَيظلُّ نعلى عالياً أبداً
وحسْبى أنّني فى الخفضِ شاهقْ !
فإذا انتهى الشوطُ الأخيرُ
وصفَّقَ الجمْعُ المُنافقْ
سَيَظلُّ نعْلى عالياً
فوق الرُّؤوسِ
أذا علا رأسِي
على عُقَدِ المشانقْ !
========================
إعتذار
صِحْتُ من قَسْوةِ حالى :
فوقَ نَعْلِى
كُلُّ أصحابِ المعالى !
قِيلَ لى : عَيبٌ
فكرَّرتُ مقالى .
قِيلَ لى : عَيبٌ
وكرَّرتُ مقالى .
ثُمّ لمَّا قِيل لى : عَيبٌ
تَنبَّهْتُ إلى سوءِ عِباراتى
وَخَفَّفْتُ انفعالى .
ثُمّ قدَّمتُ اعتذاراً
.. لِنِعالى !
======================== رُبَّما
رُبَّما الزَّانى يتوبْ !
رُبَّما الماءُ يرُوبْ !
رُبَّما يُحْمَلُ زيتٌ فى الثُّقوبْ !
رُبَّما شمسُ الضحى
تُشرقُ من صَوبِ الغروبْ !
رُبَّما يبرأُ إبليسُ من الذنب
فيعفو عنهُ غَفَّار الذُّنوبْ !(415/29)
إنَّما لا يَبرأُ الحُكَّامُ
فى كُلِّ بلادِ العُرْبِ
من ذنبِ الشُّعوبْ !
========================
المنتحرون
إسْكُتوا
لا صوتَ يعْلُو
فوقَ صوتِ النائحهْ
نحنُ أمواتٌ
وليستْ هذِه الأوطانُ إلاَّ أضرحهْ
قُسِّمتْ أشلاؤها
بين دِبابٍ و نِسورْ
وأُقيمت فى زواياها القُصورْ
لكلابِ المشرحهْ !
... * *
نحنُ أمواتٌ
ولكنَّ اتَّهامَ القاتِلِ المأجورِ
بُهتانٌ وزورْ
هو فردٌ عاجزٌ
لكننا نحن وَضَعْنَا بيديهِ الأسلحهْ
ووَضَعْنَا تحت رجليهِ النُّحورْ
وتواضَعنا على تكليفِهِ بالمذبحَهْ !
... * *
أيها الماشون ما بين القُبورْ
أيها الآتُون من آتى العُصورْ
لعَنَ اللهُ الذى يتلو علينا الفاتحهْ !
=======================
بلاد الكتمان
أكَل الصَّمتُ فَمِى
لكنَّنِى
أشكو من الصَّمتِ بصَمتْ
خوفَ أن يأكُلَنى
لو أنا بالصَّوتِ شكوتْ
رَبِّ إنّ الصّوتَ مَوْتْ
رَبِّ إنّ الصّمتَ مَوْتْ
كيف أحيا فى بلادٍ
تكتُمُ الصوتَ بإطلاقةِ إسكاتٍ
وحتَّى كاتِمُ الصوتِ بها
فى فمِهِ .. (كاتمُ صوتْ) !
=======================
مصادرة
من بعدِ طول الضَّربِ والحبْسِ
والفحص ، والتدقيقِ ، والجَسِّ
والبحثِ فى أمتِعتى
والبحث فى جسمى
وفى نفسى
لم يَعثُرِ الجُندُ على قصيدتى
فَغادَروا من شِدّةِ اليأسِ .
لكنّ كَلْباً ماكراً
أَخبرهم بأنَّنى
أحمِلُ أشعارىَ فى ذاكرتى
فأطْلقَ الجُندُ سَراحَ جُثَّتى
وصادروا رأسِى !
... * *
تقولُ لى والدتى :
يا وَلَدى
إن شِئتَ أن تنجو من النَّحْسِ
وأن تكونَ شاعراً مُحتَرَمَ الحِسِّ
سبِّحْ لربَّ ( العَرشِ )
.. واقرأ آية (الكُرسى) !
=======================
مأساةُ أعواد الثقاب
أوطانى عُلْبةُ كِبريتٍ
والعلبةُ مُحكمةُ الغلقْ
وأنا فى داخِلها
عُودٌ محكومٌ بالخنقْ .
فإذا ما فَتَحتْها الأيدى
فَلِكَىْ تُحرِقَ جِلدى
فالعلبةُ لا تُفتحُ دَوْمَا
إلاّ للغرب أو الشرقِ
أَمّا لِلحرقِ، أو الحرقْ !
... * *
يا فاتحَ عُلبتِنا الآتى
حاول أن تأتىَ بالفرقْ .(415/30)
الفتحُ الراهِنُ لا يُجدي
الفتحُ الراهِنُ مرسومٌ ضِدِّي
مادامَ لحرقٍ أو حَرقْ .
إسحقْ عُلبتَنَا ، وانثُرْنا
لا تأبَهْ لَوْ ماتَ قليلٌ مِنَّا
عِندَ السحقِ .
يكفي أن يحيا أغلبُنا حُراًّ
في أرضٍ بالغةِ الرِّفقْ .
الأسوارُ عليها عُشْبٌ
.. والأبوابُ هَواءٌ طَلقْ !
======================
مكسبٌ شعبى
آبارُنا الشَّهيدهْ
تنزف ناراً ودماً
للأُمَمِ البعيدهْ .
ونحنُ فى جوارِها
نُطعِمَ جوعَ نارِها
لكنّنا نجوعْ !
ونَحمِلُ البرد على جُلودِنا
ونَحمِلُ الضُّلوعْ
ونَسْتَضِىءُ فى الدُّجى
بالبدرِ والشُّموعْ
كى نقرأَ القرآنَ
والجريدةَ الوَحيدهْ !
حملتُ شكوى الشعبِ
فى قصيدتى
لحارسِ العقيدهْ
وصاحِبِ الجلالةِ الأكيده .
قُلتُ لهُ :
شعبُكَ يا سيِّدَنا
صار ( على الحديدَهْ )
شعبُكَ يا سيِّدَنا
تهرَّأتْ من تَحتِه الحديدَهْ .
شعبُك يا سيِّدَنا
قد أَكَلَ الحديدَه !
وقبلَ أن أفرُغَ
من تلاوةِ القصيدَهْ
رأيتُهُ يغْرقْ فى أحزانِهِ
ويذرِفُ الدُّموعْ .
وبعدَ يومٍ
صدَر القرارُ فى الجريدَهْ :
أن تصْرِفَ الحكومةُ الرَّشيدهْ
لكلَّ ربِّ أسرةٍ
.. حديدةٌ جديدهْ !
========================
الهارب
فى يقظتى يقفِزُ حوْلى الرُّعبْ
فى غفوتى يصحو بقلبى الرعبْ
يُحيطُ بى فى منزلى
يرصدُنى فى عملى
يتبعُنى فى الدَّربْ !
ففى بلاد العُربْ
كلُّ خيالٍ بدْعةٌ
وكل فِكْرٍ جُنْحةٌ
وكُلُّ صوتٍ ذنبْ !
... * * *
هَربتُ للصحراءِ من مدينتى
وفى الفضاء الرَّحبْ
صرختُ مِلءُ القلبْ :
إلطُفْ بنا يا ربَّنا من عُملاءِ الغربْ
إلطُفْ بنا يا ربْ
سَكَتُّ .. فارتدَّ الصَّدى :
خَسَأْتَ يابنَ الكلبْ !
=========================
حادث مرتقب
إنى أرى سيّارةٌ
تسيرُ فى اضطرابْ .
قائدها مُسْتهتِرٌ
أفْرَط فى الشرابْ .
والدّربُ طينٌ تحتَها
وحولها ضبابْ .
مُسرِعةٌ
مُسرِعةٌ
السِكْرُ لَنْ يَلْجِمَها
والطينُ لنْ يَرحمها
والنّارُ والحديدُ إن تحدَّرا
طاحا(415/31)
ولم يُمسكْهما (الضبابْ)
. . . . . . . . . . . . . . .
سَيَحْدثُ انقلابْ !
=========================
حكمة الغاب
تَعدو حميرُ الوحشِ فى غاباتِها
مُسَوَّمَهْ .
قويَّةً منتقِمهْ
لا تقبلُ الترويضَ والمسالمهْ .
فالغابُ قد علَّمها
أن تركلَ السِّلمَ وراء ظهرِها
لكى تظلُ سالِمهْ !
... * * *
وفى زَرائب القُرى .. المُنظَّمهْ
تغفو الحميرُ الخادمهْ
ذليلةً مُسْتَسلِمه
لأنها قد نَزَعت جُلودها المُقلَّمهْ
وعافتِ المُقاومهْ
وأصبحتْ مُطيعَةً ..
تسيرُ حَسْبَ الأنظمَهْ !
========================
واعظ السلطان
حدَّثنا الإمامْ
فى خُطبةِ الجُمْعةِ
عن فضائل النظامْ
والصبرِ والطّاعةِ والصيامْ .
وقالَ ما معناهْ :
إذا أرادَ ربُّنا
مُصيبةً بعبدِهِ ابتلاهُ
بكثرةِ الكلامْ .
لكنَّهُ لم يَذْكُرِ الجِهادَ فى خُطْبتهِ
وحينَ ذَكَّرناهْ
قال لنا : عليكم السلامْ !
وبعدَها قامَ مُصلِّياً بِنَا
وعندما أُذِّن للصلاهْ
قال :
نَعَمْ .. إلهَ إلاَّ الله !
=========================
الطفل الأعمى
وَطنى طِفلٌ كَفِيفْ
وضَعِيفْ .
كان يمشى آخِرَ الليلِ
وفى حَوْزَتِهِ
ماءٌ ، وزَيْتٌ ، ورَغِيفْ
فَرآهُ اللصُّ وانهَالَ بسكِّينٍ عليهْ
وتَوارى
بعدما استوْلى على ما فى يَدَيْهْ
... * * *
وَطَنى مازالَ مُلْقى
مُهْملاً فوق الرَّصيفْ
غارقاً فى سَكَراتِ الموْتِ
والوالى هو السِّكِّينْ
.. والشَّعبُ نَزِيفْ !
========================
أنشوده
شَعبُنا يومَ الكِفاحْ
رأسُهُ .. يَتبعُ قَولَهْ !
لا تَقُلْ : هَاتِ السِّلاحْ .
إنَّ للبَاطِلِ دَوْلهْ .
ولنا خصْرٌ ، ومِزمارٌ ، وطَبلَهْ
ولنا أنظِمَةٌ
لولا العِدا
ما بَقِيَتْ فى الحُكمِ لَيلَهْ !
========================
آه لو يُجدى الكلام
الملايينُ على الجُوعِ تَنامْ
وعلى الخَوفِ تنامْ
وعلى الصَّمتِ تنامْ .
والملايينُ التى تُسرقُ من جَيبِ النيامْ
تتهاوَى فوقَهم سيلَ بنادِقْ
ومَشانِقْ
وقَرراراتِ اتِّهامْ(415/32)
كُلَّما نادَوا بتقطِيعِ ذراعَى
كُلِّ سارقْ
وبتوفير الطَّعامْ !
... * * *
عِرضُنا يُهتَكُ فوقَ الطُّرقاتْ
وحُماةُ العِرْضِ .. أولادُ حَرامْ
نهضوا بعدَ السُّباتْ
يفرشون البُسُطَ الحَمْرَاءَ
مِن فَيْضِ دِمانا
تحتَ أقدامِ السَّلامْ !
... * * *
أرضُنا تصغُرُ عاماً بعدَ عامْ
وحُماةُ الأَرْضِ .. أبناءُ السَّماءْ
عُمَلاءْ
لا بِهم زَلزَلةُ الأرضِ
ولا فى وَجهِهِم قَطْرةُ ماءْ .
كُلَّما ضاقَتْ بِنا الأرضُ
أفَادُونا بتوسِيعِ الكَلامْ
حَول جَدْوى القُرْفُصَاءْ
وأبادُوا بَعْضَنا
من أجلِ تَخْفيفِ الزِّحامْ !
... * * *
آهِ لو يُجْدِى الكَلاَمْ
آهِ لو يُجْدِى الكَلاَمْ
آهِ لو يُجْدِى الكَلاَمْ
هذِهِ الأُمَّةُ ماتتْ
.. والسَّلام !
========================
هَوِيَّه
فى مَطارٍ أجنبى
حدَّقَ الشُّرطِىُّ بى
- قَبْلَ أن يطلُبَ أوراقى -
ولمَّا لم يجِدْ عِندى لساناً أو شَفَهْ
زمَّ عَيْنيْهِ وأبْدى أسَفَهْ
قائلاً أهلاً وسهْلاً
.. يا صديقى العربِى !
========================
الرَّجُلُ المُناسِبْ
باسم وَالِينَا المُبجَّلْ
قرَّرُوا شنْقَ الذى اغتَالَ أخِى
لكنَّهُ كانَ قصيراً
فمضى الجلاَّدُ يسألْ :
رأسُهُ لا يصلُ الحبْلَ
فماذا سوفَ أفعَلْ ؟
بعد تفكِيرٍ عميقْ
أمَرَ الوالى بشنقى بدلاً مِنهُ
لأنِّى كنتُ أَطْوَلْ !
=========================
البُؤَساء
آهِ لو يُدرِكُ حُكَّامُ بلادى
مَنْ أكُونْ .
آهِ لو هُم يُدرِكُونْ
لَدَعُوا لى بالبقَاءْ
كُلَّ صُبْحٍ و مساءْ .
أنا مَجنُونٌ ؟
أَجَلْ أدْرِى ،
وأدْرِى أنَّ أشْعارِى جُنُونْ .
لكِنِ الحُكَّامُ لَوْلاىَ
ولوْلا هذهِ الأشعَارِ ماذا يعمَلونْ ؟
فإذا لم أكْتُبِ الشِّعرَ أنا
كيفَ يَعيشُ المُخْبِرونْ ؟
وإذا لم أَشْتمِ الحُكَّامَ
مَنْ يعْتَقِلونْ ؟
وإذا لَم أُعْتقَلْ حَيّاً
فمَن يسْتجْوِبُون ؟
وبماذا يُطْلِقُ الصَّوتَ وكِيلُ الإدِّعَاءْ ؟
وبماذا ياتُرَى
يعملُ أَرْبَابَ القضاءْ ؟(415/33)
وعلى مَن يحكُمونْ ؟
وإذا لم يَسجِنُونى
فلِمَنْ تُفْتَحُ أبوابَ السجونْ ؟
هؤلاءِ البُؤساءْ
هُمْ يَدُ الحُكمِ
ولولا أننى حَىٌّ لطَاروا فى الهواءْ !
فَأنا أَرْكُضُ ..
والمُخْبِرُ ، والشُّرطِىُّ ، والسَّجَّانُ ،
والجلاَّدُ ، والفرَّاشُ ، والكَاتِبُ ،
والحاجِبُ ، والقَاضى
ورَائى يركُضُونْ !
كلُّهُم باسمِى أنا يشْتَغِلونْ .
كلُّهُم من خيرِ شِعرِى يأكُلونْ !
... * * *
آهِ لو يُدرِكُ حُكَّامُ بلادى العُقَلاءْ
آهِ لو هُم يُدرِكُونْ
أنَّهُم لولا جُنونِى .. عاطِلونْ
لَرَمُوا تِيجَانَهُم تحتَ الحِذاءْ
وأتَوْا من تُهمَتِى .......
=========================
القضيّه
زَعمُوا أنَّ لنا
أرضاً ، وعِرْضاً ، وحَمِيَّهْ
وسُيوفاً لا تُبارِيها المَنِيَّهْ .
زَعمُوا ..
فالأرضُ زَالتْ
ودِماءُ العِرضِ سالتْ
ووُلاةِ الأمرِ لا أمْرَ لَهُمْ
خارِجَ نَصِّ المسرحيَّهْ
كُلُّهُم راعٍ ومسْئُولٌ
عنِ التَّفرِيطِ فى حَقِّ الرَّعِيَّهْ !
وعن الإرهابِ والكَبْتِ
وتقْطيعِ أيادى النَّاسِ
من أجلِ القضيَّهْ !
... * * *
القضيَّهْ
سَاعةَ الميلادِ ، كانت بُندُقِيّهْ
ثمَّ صارت وتداً فى خَيمةٍ
أَغْرَقَهُ (الزَّيتُ)
فأضحى غُصنَ زَيْتُونٍ
.. وأمسَى مِزْهَرِيَّهْ
تُنعِشُ المائدَةَالخضراءَ
صُبْحاً و عَشِيَّهْ
فى القُصورِ المَلَكِيَّهْ
... * * *
ويقولون لى :اضْحَكْ !
حَسَناً
ها إنَّنى أضحكُ من شَرَّ البَلِيَّهْ !
==========================حِكْمَهْ
قالَ أبى :
فى أىَّ قُطْرٍ عرَبى
إن أعلَنَ الذَّكِىُّ عن ذَكَائهِ
فَهُوَ غَبِى !
========================
المثلُ المشْهُورْ
...
من قسوة الأصداف،
من ظلمتها
تنبلج الدُّرَّةْ.
من رحم الهجير يولد الندى
وفى انتهاء الصوت يبدأ الصدى
لك الحياة في الردى
أيتها الزهرة
أيتها الفكرة
أيتها الأرض التي
تؤمن دوما أنها حرّة.
... ... أحمد مطر
===================
كم على السيف مشيتْ
كم بجمر الظلم و الجور اكتويتْ(415/34)
كم تحملت من القهر
وكم من ثقل البلوى حويتْ
غير أنى ما انحنيتْ.
كم هوى السّوط على ظهري
وكم حاولَ أن أُنكر صبري
فأبيتْ
وهوى، ثم هوى، ثم هوى..
حتى هويت
غير أنى عندما طاوعني دمعي .. عصيتْ.
مذهبي أنى كريمٌ بدمائي،
وبخيلٌ ببكائي
غير أنى يا حبيبهْ
حينما سرتُ إلى طائرة النفيِ
إلى الأرض الغريبةْ
عامداَ طأطأتُ رأسي،
ولعينيكِ انحنيتْ.
وعلى صدركِ علّقتُ بقايا كبريائي،
وبكيتْ.
آهِ .. يا فتنة روحي كم بكيتْ،
آهِ .. يا فتنة روحي كم بكيتْ!
كنتُ من فرطِ بكائي
دمعَةٌ حيرى على خدِّكِ تمشى
يا كويتْ !
... ... أحمد مطر
===================
===============================================================
وثنٌ تضيقُ برجسهِ الأوثانُ ...
... ... وفريسةٌ تبكى لها العقْبانُ!
ودمٌ يضمِّدُ للسيوف جراحَتها ...
... ... ويعيذُها من شرِّهِ الشريانُ!
هي فتنةٌ عصفتْ بكيدِكَ كُلَّهُ
... ... فانفذ بجلدكَ أيُّها الشيطانُ!
ماذا لديكَ؟ غِوايةٌ؟ صُنْهَا ...
... ... فقد أغوى الغوايةَ نفسها السُّلطان!
مكرٌ؟ وهل حلَّفتَ بالقرآن
... ... قرآناً ليُنكِرَ أنَّهُ قرآنُ!
كُفْرٌ؟ بماذا ؟ دينُنا أمسى بلا
... ... دينٍ، وأعلنَ كُفرَهُ الإيمانُ!
كَذِبٌ؟ ألا تدرى بأنَّ وجوهَنا
... ... زورٌ ، وأَنَّ نفوسَنا بُهتان؟
قَرنانِ؟ ويْلكَ، عندنا عشرونَ
... ... شيطانًا، وفوقَ قُرونِهم تيجانُ!
... ... ... * * *
يا أيُّها الشيطانُ إنَّك لم تزلْ
... ... غِرًّا، وليس لِمثلِكَ الميدانُ
قفْ جانبًا للإنسِ أو للجِنِّ
... ... واترُكنَا، فلا إنسٌ هُنا أو جانُ
قفْ جانبًا كي لا تبوءَ بِذَنبِنا
... ... أو أن يَدِينَكَ باسْمِنا الديَّانُ
إنْ يصْفحِ الغفَّارُ عنكَ فإنَّنَا
... ... لا يحتوينا الصَّفْحُ و الغُفْرانُ!
أُنْبِيكَ أنَّا أُمَّةٌ أَمَةٌ
... ... تُبَاعُ وتُشْترى ونصيبُها الحرمانُ.
أُنْبِيكَ أنَّا أُمَّةٌ أَسْيادُهَا
... ... خَدَمٌ، وخيرُ فُحولهِم خِصيانُ
قِطَعٌ منَ الكَذِبِ الصَّقِيلِ، فليسَ في
... ... تاريخِهِم رَوْحٌ ولا ريْحانُ(415/35)
أُسْدٌ، ولكن يُحْدِثُونَ بِثَوبِهم
... ... لو حرَّكتْ أذْنابَها الفِئْرانُ!
مُتعفِّفُونَ، وصُبْحُهُم سَطْوٌ على
... ... قُوتِ العبادِ، وليلُهُم غِلْمانُ
متديِّنُونَ، ودِينُهم بِدِنَانِهمْ
... ... ومُسهَّدُونَ، وسُكْرُهمْ سَكرانُ
عربٌ، ولكنْ لو نزعْتَ قُشُورَهُم
... ... لَوَجدْتَ أنّ اللُّبَّ أمْريكانُ!
... ... ... * * *
جِيلانِ مَرَّا، لمْ يكُنْ في ظلِّهِم
... ... ظِلُّ، ولا بِوُجُودِهِمْ وِجدَانُ
حتَّى المرَارةُ أَقْلعَتْ عَن نفْسِها
... ... ولنا على إدْمانِها إدمانُ
نأتي إلى الدُّنيا وفى أعْناقِنا
... ... نيرٌ، وفى أعْماقِنا نِيرانُ
تخصي لنا الأسْماعُ منذُ مَجِيئِنا،
... ... شرْعاً، ويُعملُ للشِّفاهِ خِتانُ
ونسيرُ مقْلوبينَ حتَّى لا ترى
... ... مقْلوبَةً بِعيُونِنَا البُلْدانُ
والدَّرْبُ متَّضِحٌ لنا فَورَاءنَا
... ... مُتعقِّبٌ، وأمامَنا سَجَّانُ
فَيخافُ من فَرْطِ السُّكوتِ سُكوتُنا
... ... من أن تَمُرَّ بذِهْنِنَا الأذْهانُ
ونَخافُ أنْ يشيَ السُّكوتُ بِصَمْتِنا
... ... فكأنَّما لسُكوتِنَا آذَانُ
لو قِيلَ للحيوانِ: كُنْ بَشَراً هنا،
... ... لبَكَى وأعْلنَ رفْضَهُ الحيوانُ !
... ... ... * * *
كم باسْمِنَا نَشَبَ النِّزاعُ ولم يكُنْ
... ... رأىٌ لنَا بِنُشُوبِهِ أو شَانُ
وعَدَتْ عليْنا العَادِياتُ، فليْلُنا
... ... ثوبُ الحِدَادِ، وصُبْحُنا الأكْفَانُ
وهواؤُنا آهاتُنا، وتُرابنَا
... ... دمْعٌ دمُ، وسماؤنَا أجْفَانُ
صِحْنا فلم يُشفِقْ علينا عقْربٌ
... ... نُحْنَا ولم يرفُقْ بِنا ثُعبانُ
ومَنِ المُجيرُ وقدْ جرتْ أقْدارُنا
... ... في أن يَجُورَ الأهلُ والجِيرانُ؟
قُلنا، ومِطرقَةُ العذابِ تدُقٌنا:
... ... سَيجِيءُ دَوْرُكَ أيُّها السِّنْدانُ
وسيأكُلُ السِّرْحانُ لحْم صِغَارِهِ
... ... إن لم يجِدْ ما يأكُلُ السِّرحانُ
فَتَمرَّتِ الضَّحكاتُ في دمَعاتِنا
... ... وتكدَّرت من صحونا الكِيزانُ
حتّى إذا ما سكْرةٌ راحتْ
... ... وجاءتْ فِكرةٌ، وتثاءبَ النَّعسانُ
غَفَلتْ زوايا الحَانِ عن ألحانِها
... ... وانحطَّت الشُّرفاتُ و الحيطانُ(415/36)
وهوى الهوى مُتضرِّجاً بهَوَانِهِ
... ... وانهدَّ من نَدمٍ بها النُّدْمانُ
لكنَّنا في الحالتينِ سفينةٌ
... ... غَرَقتْ، فقامَ يلُومُهَا الرُّبَّان!
أَمِنَ العَدَالةِ أن نُشَكَّ ونُشْتكى؟
... ... أو أن نُبَاعَ وجلدُنا الأثمانُ؟!
... ... ... * * *
في لحظةٍ .. لعَنتْ مصَانِعَها الدُّمَى
... ... وتبرَّأتْ من نفسِها الأدرانُ!
وانساب ( سيركُ) المعجِزاتِ، فها هُنا
... ... قَدمٌ فَمٌ، وفصاحةٌ هَذَيانُ
يُلقى بها الإعلامُ فوقَ رؤوسِنَا
... ... صُحُفاً يقيئُ لِعُهْرِها الغَثَيانُ!
فزِبالةٌ واستُبدِلتْ بزبالةٍ
... ... أخرى، ولم تُستَبْدلِ الجُرْذانُ!
وهُنَا مَلِيكٌ مُغرمٌ بتُراثِهِ
... ... يَحسُو الخُمورَ وكأسُهُ فِنجانُ!
وهُناكَ ثوريٌ يؤسِّسُ دَولةً
... ... في كَرْشِهِ، فتصفِّقُ الثيرانُ
وهُنا مَلِيكٌ ليسَ يملكُ نفسَهُ
... ... فَمُهُ صدىً ، وضَميرُهُ دُكَّانُ
ومُفكِّرٌ مُتَخصِّصٌ بعلومِ فَرْكِ
... ... الخِصيَتينِ ، ففِكرُهُ سَيَلانُ
وشَواعرٌ ، كي لا أُسَمِّى واحداً،
... ... يتستَّرُونَ وسِترُهُمْ عُريانُ!
يَزِنُونَ بالقَبَّانِ أبيَاتاً لهمْ
... ... فَيمِيلُ من أوزارِهِ القَبَّانُ
في كِفَّةٍ تَسبيلةٌ ودَراهِم
... ... وبكِفَّةٍ تفعيلةٌ وبَيانُ
مُتفاعِلُنْ مُتفاعِلُنْ عِلاَّنُهُ
... ... مُتفاعِلُنْ مُتفاعِلُنْ عِلاَّنُ
وتُفَرْقِعُ الأوزَانُ دونَ مبادئٍ
... ... لمبادئٍ ليسَت لها أوزانُ
فالحاكمُ المُغتالُ طِفلٌ وادِعٌ
... ... والمُودَعُونَ بسِجْنهِ .. غِيلانُ!
وابنُ الشوارعِ فارسٌ في ساعةٍ
... ... وبساعةٍ هو غادِرٌ وجبانُ!
هل يَنثنى الجزَّارُ عن جُرْمٍ ؟ وهل
... ... ترتدُّ عن أخلاقِها الفرسانُ؟!
كَلاَّ، ولكنَّ (الأنَا) ورمٌ ، وإنْ
... ... زادتْ فكلُّ زيادةٍ نُقصانُ
يبدو التناقُضُ عندها متناسِقاً
... ... واللونُ في صفحاتِها ألوانُ
هو فَارسٌ ما دامَ يَفترِسُ الورى
... ... فإذا قُرِصْتُ فإنَّهُ قُرصانُ!
وحدي .. ولو ذهبَ الأنامُ جميعُهم
... ... وإذا ذهبتُ فبعديَ الطوفانُ!
... ... ... * * *
يا آيةَ الله الجديد، ومن لقي(415/37)
... ... آياتِهِ الحشراتُ والديدانُ
آمنتُ أنَّكَ آيَةٌ، فبحدِّكَ
... ... اتَّحدَ الهوى وتفرَّقَ الفُرقانُ
طُوبى لِنُبْلِكَ في الجِهادِ، فمَرَّةٌ
... ... أرضُ الكويتِ، ومَرَّةٌ إيرانُ
وكأنَّ خارطةَ الجهادِ أعَدَّها
... ... (ميخا) وأكَّدَ رسمَها (المعْدانُ)!
القُدسُ ليستْ من هُنا تُؤتى
... ... ونعلمُ أنَّها من دونِها عَمَّانُ
والفَقرُ ليسَ بأرضِنا، فمياهُنا
... ... تُروِى المياهُ، ونَفطُنا غُدرانُ
وبوارجُ الغُرباءِ قد كانتْ هُنا
... ... تحمى حماكَ، وهُم هُنا قد كانوا
إن كنتَ تنسى أنَّهم نَصَبُوكَ
... ... محرقةً لنا، فسيذكرُ النسيانُ
لكنَّما قَضَتِ الروايةُ أن يُبدَّل
... ... مشهدٌ، فتبدَّلَ البُنيانُ
مهما تخلَّى، في الروايةِ، بعضُكم
... ... عن بعضِكم، فجميعكُم خلاَّنُ!
... ... ... * * *
قيلَ الهوى. فالضمُّ ضَمُّ حبيبةٍ
... ... عجباً، أتَنبُتُ للهوى أسنانُ؟!
أتُعِدُّ قُنبُلةً فتُدعى قُبلةً
... ... ويُعَدُّ عيداً ذلك العُدوانُ؟!
وأسيرةٌ قد حُرَّرَتْ. وعَجِبتُ من
... ... حرَّيةٍ نَسَماتُها قُضْبَانُ!
وشريدةٌ رَجَعتْ لمنزلِ أهلِهَا
... ... أيَنالها الإعراضُ والنكرانُ؟
أيموتُ دونَ عفافِها إخوانُها
... ... أم يستبِيحُ عفافَها الإخوانُ؟!
هي سُنَّةٌ قد سَنَّها وثنٌ فماذا
... ... لو قَفَتْ آثارُهُ الأوثَانُ!
إنَّ اللواحِقَ للسوابقِ تنتمي
... ... وصُنانِ أتباعِ العدا صُنوانُ!
قُلْ للجزيرةِ: كيفَ حالتْ حائلٌ؟
... ... وبمَنْ جَرَتْ لخَرابِها نَجرانُ؟
وبِكفَّ مَنْ كفُّ القَطَيفِ تَقَطَّفَتْ؟
... ... وبمَنْ تَعَسَّرَ في عَسيرَ أَمانُ؟
ومَن احتسى الإحساءَ؟ أو من ذا الذي
... ... حَجَزَ الحجازَ، وجُندُهُ رُهبانُ؟
هل عِندَنا شيخٌ يُسمّى (شِكْسِبيرَ)؟
... ... وهل تطيرُ وتقصِفُ البُعْرانُ؟!
لا. بل قضى شرعُ الأهِلَّةِ أن
... ... تخوضَ جهادَها وسيوفُها الصُّلبانُ
كَرَمُ الضيافةِ دائماً يقضى بأنْ
... ... تُطوى الجفونُ. وتُفتحُ السيقانُ!
معنى الجهادِ بعصرنا، إجهادُنا
... ... أو عصرُنا، وثوابُنا خُسرانُ
عثمانُ يُقتلُ كلَّ يومٍ باسمِنا(415/38)
... ... وتُخاطُ من أطمَارِنا القُمصانُ!
... ... ... * * *
أنا ضِدَّ أمريكا إلى أن تنقضي
... ... هذى الحياةُ ويوضعَ الميزانُ
أنا ضِدَّها حتَّى وإن رقَّ الحَصى،
... ... يوماً، وسالَ الجَلْمَدُ الصَّوانُ!
بغضي لأمريكا لو الأكوانُ
... ... ضَمَّتْ بَعضَهُ لانهارتِ الأكوانُ
هيَ جَذْرُ دَوحِ الموبقاتِ، وكلُّ ما
... ... في الأرضِ من شَرٍّ هو الأغصانُ!
مَنْ غَيرُها زَرَعَ الطغاةَ بأرضِنا؟
... ... وبِمنْ سِواها أثمرَ الطُغيانُ؟
حَبَكَتْ فصولَ المسرحيّةِ حَبْكةً
... ... يَعْيَا بها المُتمرِّسُ الفنَّانُ
هذا يَكِرُّ، وذا يفِرُّ، وذا بهذا
... ... يستَجيرُ، ويبدأُ الغَليانُ
حتَّى إذا انقشَعَ الدُّخان، مضَى لنا
... ... جُرحٌ، وحلَّ محلَّهُ سَرَطانُ!
وإذا ذئابُ الغربِ راعِيةٌ لنا
... ... وإذا جميعُ رُعاتِنا خِرفانُ!
وإذا بأصنامِ الأجانبِ قد رَبَتْ
... ... وإذا الكويتُ وأهلُها القُربانُ!
... ... ... * * *
أنا يا كويتُ قد اكتويتُ، ورُبَّما
... ... بشُواظِ ناري تكتوي النيرانُ
صَحراءُ همي ما لَها من آخِرٍ
... ... و بحارُ حزني ما لها شُطآنُ
تبكى شراييني دماً في مَدْمَعِى
... ... وبأدمُعى تتضاحكُ الأحزانُ
أنتِ القريبَةُ في اللقاءِ وفى النَّوى
... ... وأنا بحبي الغَارقُ الظَّمآنُ
لي مِنكِ ما للقلبِ من خفقَاتِهِ
... ... ولديكِ مِنِّى الوجهُ والعُنوانُ
فلقدْ حَمَلتُكِ في الجُفونِ مُسَهَّداً
... ... كي لا يُسهَّدَ جَفنُكِ الوسْنانُ
وملأتُ روحي منكِ حتَّى لم يَعُدْ
... ... منِّى لروحي موضعٌ و مكانُ!
ما ذابَ مِن فَرْطِ الهوى بِكِ عاشِقٌ
... ... مثلى، ولا عرَفَ الأسى إنسانُ
... ... ... * * *
قالوا هَجَرْتِ، فقُلتُ إنَّا واحدٌ
... ... وكفى وِصالاً ذَلكَ الهِجرانُ
هي موطني، ولها فؤادي موطنٌ
... ... أَتَفِرُّ مِن أوطانها الأوطانُ
ماذا على شَجَرٍ إذا طَرَدَ الخريفُ
... ... هَزارَها لتُغرِّدَ الغِربانُ
في الكُحلِ لا تجدُ الأذى إلاّ إذا
... ... عَمِلتْ على تكحيلِك العُميانُ
... ... ... * * *
أنا لاَ أزالُ أدُقُّ قلبي خائفاً
... ... ويكادُ يُخفى دقتي الخَفقَانُ(415/39)
لاَ تنكري تعبي، ولا تستنكري
... ... غضَبى، فإني العاشقُ الولهانُ
نُبِّئْتُ أنَّكِ قدْ هَرِمْتِ، وغاضَ
... ... مِن غَيظِ الخطوبِ شبابُكِ الرَّيانُ
وَعَلِمْتُ أنَّ الدارعينَ تَدرَّعوا
... ... بطنينهم، وسلاحُهم أطنانُ
وأقُول كلُّ بلادنا مُحتلَّةٌ
... ... لاَ فرقَ إن رَحَلَ العِدا أو رانوا!
ماذا نَفيدُ إذا استقلَّتْ أرضُنا
... ... واحتُلَّتِ الأرواحُ والأبدانُ؟!
ستعودُ أوطانى إلى أوطانِها
... ... إن عادَ إنساناً بها الإنسانُ!
... ... ... ... ... ... أحمد مطر
... لندن 20/9/1990
===============================================================
حي على الجماد
حي على الجهاد ؛
كنا وكانت خيمة تدور في المزاد،
تدور ثم إنها تدور ثم إنها يبتاعها الكساد ؛
حي على الجهاد ؛
تفكيرنا مؤمم وصوتنا مباد ،
مرصوصة صفوفنا كلا على انفراد ،
مشرعة نوافذ الفساد ،
مقفلة مخازن العتاد ،
والوضع في صالحنا والخير في ازدياد ؛
حي على الجهاد ؛
رمادنا من تحته رماد ،
أموالنا سنابل مودعة في مصرف الجراد ،
ونفطنا يجري على الحياد ،
والوضع في صالحنا فجاهدوا ياأيها العباد ،
رمادنا من تحته رماد ،
من تحته رماد ،
من تحته رماد ،
.حي على الجماد
سفارة
يريدون مني بلوغ الحضارة ،
وكل الدروب إليها سدى ،
والخطى مستعارة ،
فما بيننا ألف باب وباب ،
عليها كلاب الكلاب ،
تشم الظنون، وتسمع صمت الإشارة ،
وتقطع وقت الفراغ بقطع الرقاب ،
فكيف سأمضي لقصدي وهم يطلقون الكلاب ،
على كل درب وهم يربطون الحجارة ؛
يريدون مني بلوغ الحضارة ،
وما زلت أجهل دربي لبيتي ،
وأعطي عظيم اعتباري لأدني عبارة ،
لأن لساني حصاني كما علموني ،
وأن حصاني شديد الإثارة ،
وأن الإثارة ليست شطارة ،
وأن الشطارة في ربط رأسي بصمتي ،
وربط حصاني على باب تلك السفارة ،
.وتلك السفارة
صلاة الجماعة
اسمعوني قبل أن تفتقدوني ياجماعة ،
لست كذابا فما كان أبي حزبا ولا أمي إذاعة ،
كل ما في الأمر أن العبد صلى مفردا بالأمس في القدس،
.(415/40)
ولكن الجماعة سيصلون جماعة
\بيت وعشرون راية
أسرتنا بالغة الكرم ،
تحت ثراها غنم حلوبة، وفوقه غنم ،
تأكل من أثدائها وتشرب الألم ،
لكي تفوز بالرضى من عمنا صنم ،
أسرتنا فريدة القيم ،
وجودها عدم ،
جحورها قمم ،
لاآتها نعم ،
والكل فيها سادة لكنهم خدم ،
أسرنا مؤمنة تطيل من ركوعها، تطيل من سجودها ،
وتطلب النصر على عدوها من هيئة الأمم ،
أسرتنا واحدة تجمعها أصالة، ولهجة، ودم ،
وبيتنا عشرون غرفة به ، لكن كل غرفة من فوقها علم ،
يقول إن دخلت في غرفتنا فأنت متهم ،
.أسرتنا كبيرة ، وليس من عافية أن يكبر الورم
ورثة إبليس
وجوهكم أقنعة بالغة المرونة ،
طلاؤها حصافة، وقعرها رعونة ،
صفق إبليس لها مندهشا، وباعكم فنونه ،
".وقال : " إني راحل، ماعاد لي دور هنا، دوري أنا أنتم ستلعبونه
ودارت الأدوار فوق أوجه قاسية، تعدلها من تحتكم ليونة ،
فكلما نام العدو بينكم رحتم تقرعونه ،
لكنكم تجرون ألف قرعة لمن ينام دونه ،
وغاية الخشونة،
أن تندبو : " قم ياصلاح الدين ، قم " ، حتى اشتكى مرقده من حوله العفونة ،
كم مرة في العام توقظونه ،
كم مرة على جدار الجبن تجلدونه ،
أيطلب الأحياء من أمواتهم معونة ،
دعوا صلاح الدين في ترابه واحترمو سكونه ،
.لأنه لو قام حقا بينكم فسوف تقتلونه
عزف على القانون
يشتمني ويدعي أن سكوتي معلن عن ضعفه ،
يلطمني ويدعي أن فمي قام بلطم كفه ،
يطعنني ويدعي أن دمي لوث حد سيفه ،
فأخرج القانون من متحفه ،
وأمسح الغبار عن جبينه ،
أطلب بعض عطفه ،
لكنه يهرب نحو قاتلي وينحني في صفه ،
يقول حبري ودمي : " لا تندهش ،
".من يملك القانون في أوطاننا ، هو الذي يملك حق عزفه
شعراء البلاط
من بعد طول الضرب والحبس ،
والفحص ، والتدقيق ، والجس ،
والبحث في أمتعتي ، والبحث في جسمي، وفي نفسي ،
لم يعثر الجند على قصيدتي، فغادروا من شدة اليأس ،
لكن كلبا ماكرا أخبرهم بأنني أحمل أشعاري في ذاكرتي،(415/41)
فأطلق الجند شراح جثتي وصادروا رأسي ،
تقول لي والدتي : " ياولدي ، إن شئت أن تنجو من النحس،
وأن تكون شاعرا محترم الحس ،
. "سبح لرب العرش ، واقرأ آية الكرسي
لبنان الجريح
صفت النية يالبنان ، صفت النية ،
لم نهملك ولكن كنا مختلفين على تحديد الميزانية ،
كم تحتاج من التصفيق؟
ومن الرقصات الشرقية ؟
مامقدار جفاف الريق في التصريحات الثورية ؟
وتداولنا في الأوراق، حتى أذبلها التوريق ،
والحمد له صفت النية ، لم يفضل غير التصفيق ،
وسندرسه ، في ضوء تقارير الوضع بموزمبيق ،
صفت النية ، فتهانينا يالبنان ،
جامعة الدول العرية تهديك سلاما وتحية ،
.تهديك كتيبة ألحان ، ومبادرة أمريكية
اللغز
: قالت أمي مرة
يا أولادي عندي لغز من منكم يكشف لي سرة ،"
تابوت قشرته حلوى،
ساكنه خشب والقشرة" ،
قالت أختي: " التمرة " ،
حضنتها أمي ضاحكة لكني خنقتني العبرة ،
."قلت لها : " بل تلك بلادي
بين يدي القدس
ياقدس يا سيدتي معذرة فليس لي يدان ،
وليس لي أسلحة وليس لي ميدان ،
كل الذي أملكه لسان ،
والنطق ياسيدتي أسعاره باهضة، والموت بالمجان ،
سيدتي أحرجتني، فالعمر سعر كلمة واحدة وليس لي عمران ،
أقول نصف كلمة ، ولعنة الله على وسوسة الشيطان ،
جاءت إليك لجنة، تبيض لجنتين،
تفقسان بعد جولتين عن ثمان ،
وبالرفاء والبنين تكثر اللجان ،
ويسحق الصبر على أعصابه ،
ويرتدي قميصه عثمان ،
سيدتي، حي على اللجان ،
.حي على اللجان
ثورة الطين
وضعوني في إناء ،
ثم قالو لي تأقلم ،
وأنا لست بماء ،
أنا من طين السماء ،
أنا من روح السماء ،
وإذا ضاق إنائي بنموي يتحطم ،
خيروني بين موت وبقاء ،
بين أن أرقص فوق الحبل، أو أرقص تحت الحبل ،
فاخترت البقاء : قلت أعدم ،
قلت أعدم ،
فاخنقو بالحبل صوت الببغاء ،
.وأمدوني بصمت أبدي يتكلم
التهمة
كنت أسير مفردا أحمل أفكاري معي ،
ومنطقي ومسمعي ،
فازدحمت من حولي الوجوه ،
قال لهم زعيمهم خذوه ،
سألتهم ماتهمتي ؟
.(415/42)
"فقيل لي: " تجمع مشبوه
على باب الشعر
حين وقفت بباب الشعر ،
فتش أحلامي الحراس ،
أمروني أن أخلع رأسي،
وأريق بقايا الإحساس ،
ثم دعوني أن أكتب شعرا للناس ،
فخلعت نعالي بالباب وقلت خلعت الأخطر ياحراس ،
.هذا النعل يدوس ولكن هذا الرأس يداس
أصنام البشر
ياقدس معذرة ومثلي ليس يعتذر،
مالي يد في ما جرى فالأمر ما أمروا ،
وأنا ضعيف ليس لي أثر ،
عار علي السمع والبصر ،
وأنا بسيف الحرف أنتحر ،
وأنا اللهيب وقادتي المطر ،
فمتى سأستعر ؟
لو أن أرباب الحمى حجر ،
لحملت فأسا فوقها القدر ،
هوجاء لا تبقي ولا تذر ؛
لكنما أصنامنا بشر ،
الغدر منهم خائف حذر ،
والمكر يشكو الضعف إن مكروا ؛
فالحرب أغنية يجن بلحنها الوتر ،
والسلم مختصر ،
ساق على ساق ، وأقداح يعرش فوقها الخدر ،
وموائد من حولها بقر ،
ويكون مؤتمر ؛
هزي إليك بجذع مؤتمر يساقط حولك الهذر ،
.عاش اللهيب ويسقط المطر
كلمات فوق الخرائب
قفوا حول بيروت صلو على روحها واندبوها ،
وشدوا اللحى وانتفوها ،
لكي لاتثيرو الشكوك ،
وسلو سيوف السباب لمن قيدوها ،
ومن ضاجعوها ،
ومن أحرقوها ،
لكي لاتثيرو الشكوك ،
ورصو الصكوك
على النار كي تطفؤوها ،
ولكن خيط الدخان سيصرخ فيكم : "دعوها" ،
ويكتب فوق الخرائب
."إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها "
كلب الوالي
كلب والينا المعظم عظني اليوم ومات ،
فدعاني حارس الأمن لأعدم ،
بعدما أثبت تقرير الوفاة
.أن كلب السيد الوالي تسمم
حلم
وقفت مابين يدي مفسر الأحلام ،
قلت له : "ياسيدي رأيت في المنام ،
أني أعيش كالبشر ،
وأن من حولي بشر ،
وأن صوتي بفمي، وفي يدي الطعام ،
وأنني أمشي ولا يتبع من خلفي أثر "،
فصاح بي مرتعدا : "ياولدي حرام ،
لقد هزئت بالقدر ،
ياولدي ، نم عندما تنام" ؛
وقبل أن أتركه تسللت من أذني أصابع النظام ،
.واهتز رأسي وانفجر
عملاء
الملايين على الجوع تنام ،
وعلى الخوف تنام ،
وعلى الصمت تنام ،
والملايين التي تصرف من جيب النيام ،(415/43)
تتهاوى فوقهم سيل بنادق ،
ومشانق ،
وقرارات اتهام ،
كلما نادو بتقطيع ذراعي كل سارق ،
وبتوفير الطعام ؛
عرضنا يهتك فوق الطرقات ،
وحماة العرض أولاد حرام ،
نهضوا بعد السبات ،
يبسطون البسط الحمراء من فيض دمانا،
تحت أقدام السلام ،
أرضنا تصغر عاما بعد عام ،
وحماة الأرض أبناء السماء ،
عملاء ،
لابهم زلزلة الأرض ولا في وجههم قطرة ماء ،
كلما ضاقت الأرض، أفادونا بتوسيع الكلام ،
حول جدوى القرفصاء ،
وأبادوا بعضنا من أجل تخفيف الزحام ،
آه لو يجدي الكلام ،
آه لو يجدي الكلام ،
آه لو يجدي الكلام ،
.هذه الأمة ماتت والسلام
سلاطين بلادي
الأعادي،
يتسلون بتطويع السكاكين ،
وتطبيع الميادين،
وتقطيع بلادي،
وسلاطين بلادي
يتسلون بتضييع الملايين،
وتجويع المساكين،
وتقطيع الأيادي،
ويفوزون إذا ما أخطؤوا الحكم بأجر الإجتهاد ،
عجبا، كيف اكتشفتم آية القطع، ولم تكتشفو رغم العوادي
.آية واحدة من كل آيات الجهاد
زنزانة
صدري أنا زنزانة قضبانها ضلوعي ،
يدهمها المخبر بالهلوع،
يقيس فيها نسبة النقاء في الهواء ،
ونسبة الحمرة في دمائي ،
وبعدما يرى الدخان ساكنا في رئتي، والدم في قلبي كالدموع،
يلومني لأنني مبذر في نعمة الخضوع ،
شكرا طويل العمر إذ أطلت عمر جوعي ،
لو لم تمت كل كريات دمي الحمراء، من قلة الغذاء،
.لانتشل المخبر شيئا من دمي ثم ادعى بأنني شيوعي
بلاد العرب
بعد ألفي سنة تنهض فوق الكتب ،
نبذة عن وطن مغترب ،
تاه في ارض الحضارات من المشرق حتى المغرب ،
باحثا عن دوحة الصدق ولكن عندما كاد يراها حية مدفونة وسط بحار اللهب ،
قرب جثمان النبي ،
مات مشنوقا عليها بحبال الكذب ،
وطن لم يبق من آثاره غير جدار خرب ،
لم تزل لاصقة فيه بقايا من نفايات الشعارات وروث الخطب ،
عاش حزب الـ...، يسقط الخا...، عائدو...، والموت للمغتصب ،
وعلى الهامش سطر ،
أثر ليس له اسم ،
.إنما كان اسمه يوما بلاد العرب
عبد الذات
بنينا من ضحايا أمسنا جسرا ،(415/44)
وقدمنا ضحايا يومنا نذرا ،
لنلقى في غد نصرا ،
ويممنا إلى المسرى،
وكدنا نبلغ المسرى ،
ولكن قام عبدالذات يدعو قائلا: "صبرا" ،
فألقينا بباب الصبر قتلانا ،
وقلنا إنه أدرى ،
وبعد الصبر ألفينا العدى قد حطموا الجسرا ،
فقمنا نطلب الثأرا ،
ولكن قام عبدالذات يدعو قائلا: "صبرا" ،
فألقينا بباب الصبر آلافا من القتلى،
وآلافا من الجرحى ،
وآلافا من الأسرى ،
وهد الحمل رحم الصبر حتى لم يطق صبرا ،
فأنجب صبرنا صبرا ،
وعبدالذات لم يرجع لنا من أرضنا شبرا،
ولم يضمن لقتلانا بها قبرا ،
ولم يلق العدا في البحر، بل ألقى دمانا وامتطى البحرا،
فسبحان الذي أسرى بعبدالذات من صبرا إلى مصرا،
.وما أسرى به للضفة الأخرى
رقاص الساعة
منذ سنين،
يترنح رقاص الساعة ،
يضرب هامته بيسار، يضرب هامته بيمين ،
والمسكين ، لا أحد يسكن أوجاعه ،
لو يدرك رقاص الساعة، أن الباعة
يعتقدون بأن الدمع رنين ،
وبأن استمرار الرقص دليل الطاعة ،
لتوقف في أول ساعة ،
عن تطويل زمان البؤس، وكشّف عن سكين ،
يارقاص الساعة ،
دعنا نقلب تاريخ الأوقات بهذي القاعة ،
وندجن عصر التدجين ،
ونؤكد إفلاس الباعة ،
قف وتأمل وضعك ساعة ،
لا ترقص، قتلتك الطاعة ،
.قتلتك الطاعة
أحمَد مَطَر
إنّى المشنوق أعْلاه
المُوجزْ
ليسَ فى النّاسِ أمانْ .
ليسَ للنّاسِ أمانْ .
نِصفُهم يَعْملُ شرطّياً لدى الحاكمِ
.. و النصفُ مُدانْ !
أحمد مطر
ما قبل البدَاية
كنتُ فى (الرَحْمِ) حزيناً
دونَ أن أعرفَ للأحزانِ أدنى سببِ !
لَمْ أكنْ أعرفُ جنسيَّةَ أُمّى
لَمْ أكنْ أعرفُ ما دينُ أبى
لَمْ أكنْ أعلمُ أنّى عَرَبى !
آهِ .. لو كنتُ على عِلْمٍ بأمرى
كُنْتُ قَطَّعْتُ بنفسى (حَبْلَ سِرّى)
كُنتُ نَفَّسْتُ بنفسى و بأُمّى غَضَبى
خَوفَ أن تَمْخُضَ بى
خَوفَ أن تقذفَ بى فى الوطنِ المغتربِ
خَوفَ أن تحبلَ من بَعْدى بغيرى
ثُمَّ يغدو – دونَ ذنبٍ –
عربيّاً .. فى بلادِ العَرَبِ !
علامة الموت
يَومَ ميلادى(415/45)
تَعَلَّقْتُ بأجراسِ البُكاءْ
فأفاقَتْ حُزَمُ الوردِ , على صوتى ,
وفَزَّتْ فى ظَلامِ البيتِ أسرابُ الضِياءْ
وتداعى الأصدقاءْ
يَتَقَصَّونَ الخَبْر .
ثُمَّ لَّما عَلِموا أنّى ذَكَرْ
أجهشوا .. بالضحك ,
قالوا لأبى ساعةَ تقديمِ التهانى :
يا لها من كبرياء
صوتُهُ جاوزَ أعنان السَماءْ .
عَظَّمَ اللهُ لكَ الأجر
على قَدْرِ البَلاءْ !
الختان
ألبسونى بُردَةً شَفّافَةً
يَومَ الخِتانْ .
ثُمَّ كانْ
بَدءُ تاريخ الهَوانْ !
شَفَّتِ البُرْدَةُ عن سِرّى ,
وفى بِضْعِ ثوانْ
ذَبَحوا سِرّى .
و سالَ الدَمُ فى حِجْرى
فقامَ الصوتُ من كُلِّ مكانْ :
ألفَ مبروكٍ
.. وعُقبى لِلِّسانْ !
توبَة
صاحبى كانَ يُصَلِّى
- دونَ ترخيصٍ -
و يتلو بعضَ آياتِ الكتابْ .
كان طفلاً
و لذا لم يَتعرَّضْ للعقابْ .
فلقد عَزَّرَهُ القاضى
.. وَ تابْ !
مرسُوم
نحنُ لسنا فُقَراءْ .
بَلَغَتْ ثَروتُنا مليونَ فَقْرِ
وغدا الفَقْرُ لدى أمثالِنا
وصفاً جديداً للثَّراءْ !
وَحْدَهُ الفقرُ لدينا
كانَ أغنى الأغنياءْ !
* *
بَيتُنا كانَ عراءْ .
و الشبابيكُ هواءٌ قارسٌ
و السقفُ ماءْ !
فشكونا أمرَنا عندَ ولىِّ الأمرِ
فاغتنمَّ
و نادى الخبراءْ
و جميعَ الوزراءْ
و أُقيمت نَدوةٌ واسعةٌ
نُوقِشَ فيها وَضْعُ (إيرْلَندا)
و أنفُ (الجيوكندا)
و فَساتينُ (أميلدا)
و قضايا (هونو لولو)
و بطولاتُ جيوش الحُلفاء !
ثُمَّ بَعدَ الأخذِ و الرّدِّ
صباحاً و مساءْ
أصدر الحاكمُ مرسوماً
بإلغاءِ الشتاءْ !
ملحوظَة
تَركَ اللّصُ لنا ملحوظةً
فوقَ الَحصير
جاءَ فيها :
لَعَن الله الأمير
لم يَدَع شيئاً لنا نَسرقهُ
... إلاّ الشَخيرْ !
الرّحمة فوق القَانونْ
ذاتَ يومٍ
رقَصَ الشعبُ وغَنّى
واحتسى بَهجَتَهُ حتّى الثمالَةْ
إذ رأى أوَّل حالَة
تَنْعم ُالبلدةُ فيها بالعدالَةْ :
زَعَموا أنَّ فتًى سبَّ نِعالَهْ
فأحالوهُ إلى القاضى
ولم يُعْدَمْ
بدعوى شَتْمِ أصحابِ الجلالَةْ !
تبْليط !(415/46)
رَصَفوا البَلْدةَ ، يوماً ،
بالبَلاط
ثُمَّ لمّا وضعوا فيهِ الِملاط
مَنَعوا أىَّ نَشاطْ
فالتزمْنا الدورَ
حتّى يتأتّى للمُلاطْ
زمَنٌ كافٍ لكى يَلصُقَ جِدّاً
بالبِلاطْ!
مجهُود حَربى
لأبى كانَ مَعاشٌ
هو أدنى من معاشِ المَيِّتيْن !
نِصفُهُ يَذهَبُ للدَّينِ
وما يَبقى
لِغوثِ اللاّجئينْ
ولتحريرِ فلسطينَ من المُغتَصبِين .
وعلى مَرِّ السنين
كانَ يزدادُ ثَراءُ الثائرينْ !
والثرى ينقصُ من حينٍ لحينْ
وسُيوفُ الفتحِ تَندقُّ إلى المقبضِ
فى أدبارِ جيشِ ( الفاتحينْ )
فَتَلِين
ثُمَّ تَنحَلُّ إلى أغصانِ زيتونٍ
وتَنحَلُّ إلى أوراقِ تينْ
تتدلّى أسفلَ البطنِ
وفى أعلى الجبَينْ !
وأخيراً قَبِلَ الناقِصُ بالتقسيمِ
فانشقَّتْ فَلَسطينُ إلى شقّينِ :
للثوّارِ : فَلْسٌ
ولإسرائيلَ : طِينْ !
*****
وأبى الحافى المَدينْ
أبىَ المغصوبُ من أخمصِ رجليهِ
إلى حبل الوَتينْ
ظَلَّ – لايدرى لماذا –
وَحْدَهُ
يَقبضُ باليُسرى ويُلْقى باليَمين ْ
نفقاتِ الحربِ والغوثِ
بأيدى الخلفاءِ الشاردينْ !
بَدائل
فَتَحَتْ شُبّاكَها جارَتُنا .
فَتَحَتْ قلبى أنا
لمَحْةٌ ..
واندلعتْ نافورةُ الشمسِ
وغاصَ الغدُ فى الأمسِ
وقامتْ ضجّةٌ صامتةٌ ما بينَنا !
لَمْ نَقُلْ شيئاً..
وقُلنا كُلَّ شئٍ عِندنا !
* *
- ... يا أباها المؤمنا
سالتِ النارُ من الشُبّاكِ
فافتحْ جَنَّةَ البابِ لَنا
يا أباها إنّنا ..
لَستُم على مذهبِنا .
- ... لكنّنا ...
- ... لَستُم ذوى جاهٍ
ولا أهلَ غِنَى .
- ... لكنّنا ...
- ... لَستُم تَليقونَ بِنا .
- ... لكنّنا ..
- ... شَرَّفتنَا !
* * *
أُغلقَ البابُ ..
وظَلَّتْ فتحةُ الشُبَّاكِ جُرْحاً فاغِراً
يَنزفُ أشلاءَ مُنى
وخيالاتِ انتحارٍ
ومواعيدَ زِنى !
جَدليَّة
كانَ جارى
مُلْحداً
لكنَّهُ يُؤمِنُ جداً
بأبى ذَرِّ الغِفارى .
ويَرى أنَّ الغِفارى
" بروليتارىْ "!
رائدٌ للاشتراكيَّةِ فى هذى
الصحارى !
كانَ جارى
يَضَعُ الراكِبَ من تحتِ الحمارِ !(415/47)
قُلتُ : هذا رَجُلٌ آمَنَ باللهِ
وقد جاهَدَ فى اللِه
بأمرِ اللهِ
فى عَصْرِ الغُبارِ
قَبلَ تدليكِ " الديالتكتيكِ "
أو عَصْرِ البخارِ !
قالَ : إنْ صَحَّ وجودُ اللهِ ،
فاللهُ إذَنْ ..
أوَّلُ موجودٍ يَسارى !
العهْد الجَديد
كان حتَّى الإكتِئابْ
غارقاً في الإكتئابْ
فَجميعُ الناسِ في بلدتِنا
بينَ قَتيلٍ ومُصابْ
والّذي ليسَ على جُثَّتهِ بصمةُ ظُفْرٍ
فعلى جُثّتهِ بَصمةُ نابْ
كُلُّنا يحملُ خَتْمَ الدولةِ الرسمىِّ
من تحتِ الثيابْ !
*******
ذاتَ فَجرٍ
مادتِ الأرضُ
وسَادَ الإضطرابْ
واستفزَّ الناسَ من مَرْقَدِهمْ
صوتٌ مُجَنْزَرْ:
( تُمْ تِرَمْ اللهُ أكبَرْ
تُمْ تِرَمْ اللهُ أكبَرْ)
إنقلاب.
تُمْ تِرَمْ تَمْ . . .
وانتهىعَهْدُ الكِلابْ !
*******
بَعْدَ شَهْرٍ
لَمْ نَعُدنخرجُ للشارعِ لَيْلاً .
لَمْ نَعُدْ نَحْمِلُ ظِلاً .
لَمْ نَعُدْ نَمْشي فُرادى .
لَمْ نَعُدْ نَمْلِكُ زادا .
لَمْ نَعُدْ نَفْرحُ بالضيفِ
إذا ما دُقَّ عندَ الفجرِ بابْ
لَمْ يَعُدْ للفجرِ بابْ !
*******
فُصُّ مِلْحِ الصُبحِ
في مُسْتَنقَع الظُلْمةِ ذابْ .
هذهِ الأنجمُ أحْداقٌ
وهذا البَدرُ كَشَّافٌ
وهذي الريحُ سَوطٌ
والسماواتُ نِقابْ !
تُمْ
تِرَمْ
تَمْ
كُلَّنا من آدمٍ نحنُ
وما آدمُ إلاَّ من تُرابْ
فَوقَهُ تَسرحُ .. قِطعانُ الذئابْ!
حَبيبُ الشَعبْ
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتّجاهْ
أينَما سِرْنا نراهْ !
في المقاهي
في الملاهي
في الوزاراتِ
وفي الحاراتِ
وا لبارا تِ
وا لأسوا قِ
وا لتلفازِ
والمسرحِ
والمبغى
وفي ظاهرِ جدران المصحّاتِ
وفي داخلِ دوراتِ المياهْ .
أيَنما سِرْنا نَراهْ !
*****
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتجّاهْ
باسِمٌ
في بَلَدٍ يبكي من القهرِ بُكاهْ !
مُشرقٌ
في بَلدٍ تلهوالليالي في ضُحاهْ !
ناعِمٌ
في بَلدٍ حتى بَلاياهُ
بأنواعِ البلايا مبتلاهْ !
صادحٌ
فى بَلدٍ مُعتَقلِ الصَوتِ .
ومنزوعِ الشِّفَاهْ !
سالمٌ(415/48)
في بَلدٍ يُعْدَمُ فيهِ الناسُ
بالآلا فِ ، يوميّاً
بدعوى الإشتباهْ .
صورةُ الحاكمِ في كُلِّ اتّجاهْ ؟
نِعمةٌ منهُ عَلَينا
إذْ نَرى ، حين نراهْ ،
أنَّهُ لَمَّا يَزَلْ حَيَّاً
. . وما زِلنا على قيدِ الَحياهْ !
إصلاح زراعى !
قرَّرَ الحاكِمُ إصلاحَ الزراعَةْ .
عُيِّنَ الفَلاَّحُ شُرطيَ مُرورٍ ،
وابنةُ الفلاَّحِ بيّاعةَ فولٍ ،
وابنهُ نادِلَ مقهى
في نقاباتِ الصناعَةْ !
وأخيرأ
عُيِّنَ المحراثُ في القِسمِ الفُولوكْلوريِّ
والثورُ. . مُديرأ للإذاعَهْ !
*****
قَفْزةٌ نَوعيَّةٌ في الإقتصادْ
أصبحتْ بَلدتُنا الأولى
بتصديرِ الجَرادْ
وبإنتاجِ المجاعةْ !
صَاحِبَة الجهَالة
مَرَّةً ، فَكَّرتُ في نَشْرِ مَقالْ
عن مآسي الإحتلالْ
عن دفاعِ الحجرِ الأعزلِ ،
عن مِدفَعِ أربابِ النِضالْ !
وعن الطِفل الذي يُحرَقُ في الثورةِ
كي يَغرَقَ في الثروةِ ، أشباهُ الرّجالْ !
******
قَلَّبِ المسؤولُ أوراقي ، وقالْ :
إجتَنِبْ أىَّ عباراتٍ تُثيرُ الإنفعالْ .
مَثَلاً:
خَفِّفْ (ماسي )
لِمَ لا تَكْتُبُ ( ماسي ) ؟
أو ( مُوا سي ) ؟
أو ( أ ما سي ) ؟
شَكْلُها الحاضِرُ إحراجٌ لأصحابِ الكراسي !
إحْذِفْ ( الأعْزَلَ ) . .
فالأعْزَلَ تحريضٌ على عَزْلِ السلاطيِن
وتعريضٌ بِخَطِّ الإنعزالْ !
إحْذِ فِ ( المِد فعَ ) . .
كي تدفعَ عنكَ الاعتقالْ .
نحنُ في مرحلةِ السِّلمِ
وَقَدْ حُرِّمَ فى السِّلْمِ القِتالْ
إحْذِفِ ( الأربا بَ )
لا ربَّ سوى اللهِ العظيم المُتَعالْ !
إحذِفِ (ا لطِفلَ ) . .
فلا يحَسُنُ خَلْطُ الجِدِّ في لُعْبِ العِيالْ !
إحذ فِ ( الثورةَ )
فالأوطانُ في افضلِ حالْ !
إحذفِ ( الثروةَ ) و ( الأ شباهَ )
ما كُلُّ الذي يُعْرفُ ، يا هذا ، يُقالْ !
قُلتُ : إنيِّ لَستُ إبليسَ
وأنتمْ لا يُجاريكم سوى إبليس
في هذا المجالْ .
قالَ لي : كانَ هُنا . .
لكنّهُ لم يتأقلَمْ
فاستقالْ !
المُعْجِزَة
ماتَ خالي !
هكذا ! !
دونَ اغتيالِ !(415/49)
دونَ أن يُشنَقَ سهواً !
دونَ أن يسقطَ ، بالصدفةِ ، مسموماً
خلالَ الإِعتقالِ !
ماتَ خالي
ميتةً أغربَ مِمّا في الخيالِ !
أسْلَمَ الروحَ لعزرائيلَ سِرّاً
ومضى حُرّاً . . محاطاً بالأمانِ !
فدفنّاهُ
وعُدْنا نَتَلقّى فيهِ من أصحابِنا
. . أسمى التهاني !
المُنشَقّ!
أكثرُ الأشياءِ في بَلدتِنا
الأحزا بُ
والفقرُ
وحالاتُ الطلاقِ .
عِندَنا عَشْرةُ أحزابٍ وَنِصفُ الحِزبِ
فى كُلِّ زُقاقِ !
كلُّها يَسعى الى نَبْذِ الشِّقاقِ !
كلُّها يَنشَقُّ في الساعةِ شَقّينِ
وَيَنشقُّ على الشَّقّينِ شقّانِ
وَيَنشقّانِ عن شَقَّيْهما . .
من أجلِ تحقيقِ الوفاقِ !
جَمَراتٌ تتهاوى شَرَراً
وَالبَردُ باقِ
ثُمَّ لايبقى لها
إلاَّ رَمَادُ الإحتراقِ !
* *
لم يَعُدْ عندي رفيقٌ
رُغْمَ أنَّ البلدَةَ اكتظَّتْ
بآلافِ الرفاقِ !
وَلِذ ا
شَكَّلتُ من نَفسيَ حِزباً
ثُمّ انيّ
- مثلَ كلِّ الناسِ -
أعلنتُ عن الحزبِ انشقاقي !
الجريمة وَالعِقْاب
مَرَّةً ، قالَ أبي :
إنَّ الذُباب
لا يُعابْ .
إنَّهُ أفضَلُ مِنَّا
فَهوَ لا يقبَلُ مَنَّا
وهوَ لا ينكِصُ جُبْنا
وهوَ إنْ لم يلقَ ما يأكُلُ
يَستَوفِ الحسابْ
يُنشِبُ الأرجُلَ في الأرجُلِ
والأعيُنِ
والأيدي
وَيجتاحُ الرِّقَابْ .
فَلَهُ الجِلْدُ سِماطٌ
وَدَمُ الناسِ شَرابْ !
* *
مَرَّةً قالَ أبي . . .
لكنَّهُ قالَ وغابْ .
وَلقد طالَ الغيابْ !
* *
قيلَ لي انَّ أبي ماتَ غريقاً
في السَرابْ !
قيلَ : بلْ ماتَ بداءِ ( التراخوما ) !
قيلَ : جَرَّاءَ اصطدامٍ
بالضبابْ !
قيلَ ما قيلَ ، وما اكثرَما قيلَ
فراجَعنا أطبّاءَ الحكومَة
فأفادوا أنّها ليستْ ملومَة
ورأوا أنَّ أبى
أهلكَهُ "حَبُ الشَبابْ “ !
الغَريبْ
كّلُّ ما في بلدتي
يَملأُ قلبي بالكَمَدْ .
بَلدتي غُربةُ روحٍ وجَسَدْ
غربةٌ من غيِر حَدّْ
غربةٌ فيها الملايينُ
وما فيها أحَدْ .
غربةٌ موصولةٌ
تبدأُ في المهْدِ
ولا عودةَ منها . . للأبدْ !(415/50)
شِئتُ أن أغتالَ مَوتى
فَتسلّحتُ بِصوتي :
أيُّها الشِعرُ لقد طالَ الأمَدْ
أهلَكَتنْي غُربتي ، يا أيُّها الشِعرُ ،
فكُنْ أنتَ البَلَدْ .
نَجِّني من بلدةٍ لا صوتَ يَغشاها
سوى صوتَ السكوتْ !
أهلُها موتى يخافونَ المنايا
والقبورُ انتشرتْ فيها على شَكْلِ بُيوتْ
ماتَ حتّى الموتُ
.. والحاكمُ فيها لا يموتْ !
ذُرَّ صوتي ، أيُّها الشِعرُ ، بُروقاً
في مفازات ِالرَمَدْ .
صُبَّهُ رعداً على الصمتِ
ونارأ فى شرايينِ الَبَرْد .
ألقِهِ أفعى
الى أفئدةِ الحُكّاِم تسعى
وافلِقِ البحرَ
وأطبِقْةُ على نَحْرِ الأساطيلِ
وأعناقِ المساطيلِ
وَطَهِّرْ من بقاياهُم قَذاراتِ الزَبَذْ .
إنَّ فرعونَ طغى ، يا أيُّها الشِعرُ ،
فأيقِظْ من رَقَدْ .
قُلْ هُوَاللهُ أحَدْ
قُلْ هُوَ اللهُ أحَدْ
قُلْ هُوَاللهُ أحَدْ .
****
قالَها الشِعرُ
وَمَدَّ الصوتَ ، والصوتُ نَفَذْ
وأتى من بَعْد بَعدْ
واهنَ الروحِ مُحاطأ بالرَصَدْ
فوقَ أشداقِ دراويشٍ
يَمُدُّونَ صدى صوتى على نحريَ
حبلاًمن مَسَدْ
ويصيحونَ " مَدَ ْد "
مَا بَعد النهَاية
إنَّني المشنوقُ أعلاهُ
على حبلِ القوافى
خُنتُ خوفي وارتجافي
وتَعرَّيتُ من الزيفِ
وأعلنتُ عن العهْرِ انحرافى .
وأرتكبتُ الصِدقَ كيْ أكتُبَ شِعرا
واقترفتُ الشِعرَكَيْ أكتُبَ فجرا
وَتَمَرَّدتُ على أنظمةِ خَرفى
وحُكامٍ خِرافِ .
وعلى ذلِكَ . .
وَقَّعْتُ اعترافى!(415/51)
ذكر الله
يقول الشاعر:
إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحياناً فننتكسُ
*****************
وقال آخر:
وكن ذاكراً لله في كل حالةٍ فليس لذكر الله وقتٌ مُقيدُ
فذكر اله العرش سراً ومعلنا يُزيل الداء والهم عنك ويطردُ
ويجلب للخيرات دنيا وآجلا وإن يأتك الوسواس يوماً يشردُ
فقد أخبر المختار يوماً لصحبه بأن كثير الذكر في السبق المفردُ
*****************
وقال آخر:
حنين قلوب العارفين إلى الذكر وتذكارهم وقت المناجاة للسر
أديرت كؤوس للمنايا عليهم فأغفوا عن الدنيا كإغفاء ذي الشكر
همومهم جوالة بمعسكر به أهل ود الله كالأنجم الزهر
فأجسامهم في الأرض قتلى بحبه وأرواحهم في الحجب نحو العلا تسري
فما عرسوا إلا بقرب حبيبهم وما عرجوا من مس بؤس ولا ضر
***************(416/1)
ذم الحرص
قال الشاعر:
لا تحمدنَّ أخا حرصٍ على سعةٍ وانظر إليه بعين الماقت القالي
إنّ الحريص لمشغول بشوقته عن السُّرور بما يحوي من المال
***************
وقال محمود الوراق:
علام يشقى الحريص في طلب الرِّز ق بطول الرَّواح والدَّلج
يا قارع الباب ربّ مجتهدٍ قد أدمن القرع ثم لم يلج
وربّ مستولجٍ على مهلٍ لم يشق من قرعه ولم يهج
فاطوا على الهمِّ كشح مصطبرٍ فآخر الهمِّ أول الفرج
***************
وكان المأمون يعجبه قول أبي العتاهية:
تعالى الله يا سلم بن عمرٍو أذلَّ الحرص أعناق الرِّجال
***************
وقال أبو الفتح الملقب بكشاجم:
بالحرص في الرِّزق ذّل الفتى وفي القنوع الشَّرف الشَّامخ
***************
وقال آخر:
نعى نفسي إليّ من الَّليالي تصرُّفهنَّ حالاً بعد حال
فما لي لست مشغولاً بنفسي ومالي لا أخاف الموت مالي
لقد أيقنت أنِّي غير باقٍ ولكنِّي أراني لا أبالي
تعالى الله يا سلم بن عمرٍو أذلّ الحرص أعناق الرِّجال
هب الدُّنيا تساق إليك عفواً أليس مصير ذاك إلى زوال
فما ترجو بشيءٍ ليس يبقى وشيكاً ما تغيِّره الَّليالي
*****************
وقال ابن الرومي:
لعمرُك ما الدُّنيا بدارِ إقامةٍ إذا زال عن عَيْنِ البصيرِ غِطاؤها
وكيف بقاءُ الناسِ فيها وإنما يُنال بأسْبَاب الفَنَاء بقاؤها؟
*****************
وقال الشاعر:
قد شاب رأسي ورأس الدهر لم يشب إن الحريص على الدنيا لفي تعب
*****************
وقال محمد بن نصر المديني:
يا كثير الحرص مشغولاً بدنيا ليس تبقى
ما رأيت الحرص أدنى من حريص قط رزقا
لا ولكن في قضاء الله أن يعيا ويشقى
تعرف الحق ولكن لا ترى للحق حقا
*****************
وقال الشاعر:
وذي حرص تراه يلم وفراً لوارثه ويدفع عن حماه
ككلب الصيد يمسك وهو طاوٍ فريسته ليأكلها سواه
*****************
وقال الشاعر:
إذا ما نازعتك النفس حرصاً فأمسكها عن الشهوات أمسك
ولا تحرص ليوم أنت فيه وعد فرزق يومك رزق أمسك(417/1)
*****************
وقال آخر:
حتى متى أنا في حل وترحال وطول سعي وإدبار وإقبال
ونازح الدار لا أنفك مغترباً عن الأحبة لا يدرون ما حالي
بمشرق الأرض طوراً ثم مغربها لا يخطر الموت من حرصي على بالي
ولو قنعت أتاني الرزق في دعه إن القنوع الغني لا كثرة المال
*****************
وقال آخر:
يفنى الحريص بجمع المال مدته وللحوادث ما يبقى وما يدع
كدودة القز ما تبنيه يهلكها وغيرها بالذي تبنيه ينتفع
****************
وقال آخر:
أراك يزيدك الإثراء حرصاً على الدنيا كأنك لا تموت
فهل لك غاية إن صرت يوماً إليها قلت حسبي قد رضيت
*****************(417/2)
ذم الشبع
وقال آخر:
ثلاثٌ مُهلكات للأنام وداعية الصحيح إلى السقام
دوام منامة ٍ ودوام وطءٍ وإدخال الطعام على الطعام ِ
*****************
وقال آخر:
يُميت الطعام القلب إن زاد كثرةً كزرع ٍ إذا بالماء قد زاد سقيُه
وإن لبيبا يرتضي نقص عقله يأكل لقيمات ٍقد ضلَّ سعيه(418/1)
ذم النوم
يقول عمر الخيام:
فما أطاَل النّوم عمراً ولا قصَّر في الأعمارِ طول السهَر(419/1)
ذم سؤال المخلوق
قال الشاعر:
لا تسألن من ابن آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
*****************
وقال آخر:
لا تحسبن الموت موت البلى إنما الموت سؤال الرجال
كلاهما موت ولكن ذا أخف من ذاك لذل السؤال
*****************
وقال آخر:
لا تسألن إلى صديق حاجة فيحول عنك كما الزمان يحول
واستغن بالشيء القليل فانه ما صان عرضك لا يقال قليل
من عف خف على الصديق لقاؤه وأخو الحوائج وجهه مملول
وأخوك من وفرت ما في كفه ومتى علقت به فأنت ثقيل
*****************
يقول أبو العتاهية:
من أرادَ الغِنَى فلا يسأل النَّاسَ فإنّ السّؤالَ ذُلّ وَلُومُ
إنّ في الصّبرِ وَالقُنوعِ غنى الدّهرِ حِرْصُ الحريصِ فقرٌ مُقيمُ
إنمَا الناسُ كالبهائِمِ في الرزقِ سَواءٌ جَهولُهمْ وَالعليمُ
ليسُ حزمُ الفتى يجرُّ لهُ الرزْقَ ولا عاجزاً يُعدُّ العديمُ
************************
يقول سليمان بن عبد العزيز الشقحاء:
ولست أرجو سوى الرحمن مسألة و لن أمد يدي يوما و لا قدمي
************************
يقول المتنبي:
لا تشتكي للناس جرحاً أنت صاحبه لا يشعرن بالجرح إلا من به ألم
************************(420/1)
ذم من يضرب النساء
قال الشاعر:
رأيت رجالا يضربون نساءهم فشلت يميني يوم تضرب زينب
أأضربها من غير ذنب أتت به فما العدل مني ضرب من ليس يذنب
فزينب شمس والنساء كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب(421/1)
الصارم المسلول لشاتمي الرسول
عمر طرافي البوسعادي / الجزائر
amartharrafi@yahoo.fr
رسول الله خير الخلق iiيلقى
وأمته الجريحة في iiشتات
فلا تقوى على التأديب iiثأرا
التجهم من حديث
تفطرت السماء وخرّ iiصخرُ
وهمّ الأخشبان بدكّ iiقومٍ
فلو فعلوا الذي فعلوه iiقدْما
رأيتَ الأسْدَ في البيداء هبّتْ
هنالكَ سهمُ حمزةَ صار iiبرقا
وثمة رمح وحشيٍّ iiقنيص
أيغدو الوهن فينا اليوم iiيسري
فنلقى العجم في خترٍ و وَجرٍ
وهمّوا بالرسول ولم iiينالوا
ترى ماذا جنى المختار iiطه
ألم يكُ في البرية خير iiإنسٍ
ويعفو في سماح عن أناسٍ
ويرفق بالأسارى ..لو iiسألتم
هلموا للزمان سلوه iiحقا
شمائله الزكية قد تسامتْ
وناطحت النجوم هدىً iiوصارتْ
وأخرجنا من الظلمات iiطرّا
كفاكِ صحيفة الدنمرك iiهزءًا
سننفذ منه في ألمٍ iiوحنقٍ
أراكِ الآن في ضحكٍ iiوزهوٍ
مهٍ " يولاندُ " ربّ البيت iiيصغي
ستلقين الجزاء المرّ دهرا
كذاك القول للنرويج iiمثلٌ
وأيمُ الله يأتي اليوم iiغرّ
من الأعداء في الدنمرك iiنابا
تراه على صحيفتهم سِبابا
سوى التنديد بالأقوال نابا وما عبنا
ولكن حبّذا الأقوى اقتضابا
وأرعدت الغيوم صدىً iiغضابا
أساؤوا للحبيب هوىً iiكِذابا
وكان العهد في الماضي iiمهابا
تردّ العزّ للهادي iiغلابا
وسيف ابن الوليد غدا iiلهابا
لمن شتم الرسول عَدًا iiوعابا
وقد أغثى بنا الوادي iiحبابا
أهانوا الدين والنسل iiالعرابا
سوى الآثام تمحقهم iiيبابا
إزاء الناهشين له عقابا ii؟!
رحيم عادل يتلو الكتابا ii؟
له كانوا خصوما أو ذئابا ii!!
هدى التاريخ تلقون iiالجوابا
عن الأخلاق والتزموا الصوابا
إلى العلياء تخترق السحابا
ثرياتٍ جميلاتٍ iiشهابا
إلى الأنوار حيث الأنس iiطابا
وحسبكِ ما فتحتِ اليوم iiبابا
ببركان سنسكبه iiانسكابا
وقهقهة تنادين iiالشرابا
ويمهلُ ما اجترحتِ غداً iiحسابا
فتحترمي المآذن iiوالقبابا
" مغازيناتُ " لم ترع iiالجنابا(422/1)
يعم الدين في الأرجا iiرحابا(422/2)
رامي
يا رامي إجلس يا ولدي ... ... وتجنًب قصفهم الدًامي
يا رامي اجلس من خلفي ... ... وتترس منهم بعظامي
اجلس يا ولدي من خلفي ... ... لا تنهض فالموت أمامي
طلقات رصاص يا ويحي ... ... إلصق في ظهري يارامي
طلقات رصاص يا ويحي ... ... ادخل في جسمي يارامي
احذر فالأرض بما صنعوا ... ... تتزلزل تحت الأقدامي
طلقات رصاص يا أبني ... ... أُسكت ياولدي يا رامي
أفديك بروحي يا أبتي ... ... أُسكت يا ولدي يارامي
أحميك بجسمي يا أبتي ... ... أسكت فالله هو الحامي
احذر يا ولدي قد فتحوا ... ... رشاش الحقد المتنامي
طلقات رصاص صرخات ... ... ترسم خارطة الآلام
طلقات رصاص وسكون ... ... يتحدًث عن موت غُلام
طلقات رصاص ما بالي ... ... لا أسمع صوتك يارامي
يا فرحة عمري يا ولدي ... ... يا سرّ صفائي يا رامي
ما بالُ يديك قد ارتختا ... ... ما بالك تجمد يارامي
قل لي ياولدي حدثني ... ... بالغ في شتمي وخصامي
لكن يا ولدي لا تسكت ... ... لا تقتل زهرة أحلامي
انفاسك يارامي سكنت ... ... سكنت أنفاسك يا رامي
هل مات حبيبي هل طويت ... ... صفحته قبل الإتمام ِ
يا أهل النًخوة من قومي ... ... من يمن العرب إلى الشامِ
يا أهل صلاة وخشوع ... ... يا أهل لباس الإحرام
يا كلّ أب يرحم ابناً ... ... يا كلّ رجال الإسلام
يا أهل الأبواق أجيبوا ... ... يا أهل السَّبق الإعلامي
يا هيئة أمم مقعدة ... ... تشكو آلاف الأورامِ
يا مجلس خوف أحسبه ... ... أصبح مأجور الأقلامِ
يا أهل العولمة الكبرى ... ... يا أخلص جندالحاخامِ
يا من سطرتم مأساتي ... ... ورفعتم شأن الأقزامِ
يا أهل النّخوة في الدنيا ... ... أولستم أنصار سلام ؟
أسلام أن تسرق أرضي ... ... أن يقتل في حضني رامي ؟
ما بالي يتلاشى صوتي ... ... لم أبصر جبهة مقدامِ
طلقات رصاص أشلاءٌ ... ... نارٌ كالحة الإضرامِ
طلقات رصاص صُبُّوها ... ... إن شئتم في قلبي الدامي
صبُّوها في هامة رأسي ... ... وجميع عروقي وعظامي
فالآن تساوت في نظري ... ... أوصاف ضياءٍ و ظلامِ
والآن تشابه في سمعي ... ... صوت الرشاش وأنغامي
والآن سيمكث في قلبي ... ... لن يرحل من قلبي رامي
لن أنسى نظرته العطشى ... ... لن أنسى مبسمه الدّامي(423/1)
لن أنسى الخوف يعلّقه ... ... بذراعي اليمنى وحزامي
حاولت استجداء الباغي ... ... وبعثت نداء استرحام
لكنِّ نداءاتي اصطدمت ... ... بجمود قلوب الأصنام
هل قتلوا رامي ؟ ما قتلوا ... ... فحبيبي مصدر إلهامي
مازال حبيبي يتبعني ... ... ويسير ورائي و أمامي
سأجهز إخوته حتى ... ... يتألِّق فجرُ الإسلام !(423/2)
راية الاسلام عودى
رَايَةَ الإِسْلاَمِ يَا خَضْرَاءُ عُودِي وَانْشُرِي هَدْيَكِ في رَحْبِ الوُجُودِ
إِنَّ في هَدْيِكِ تَحْطِيمَ القُيُودِ وَبُلُوغَاً لِلمَعَالي مِنْ جَدِيدِ
رَايَةَ التَّوْحِيدِ يَا ذَاتَ البَهَاءِ غَصَّتِ الأَرْضُ بِرِجْسِ الأَدْعِيَاءِ
فَابْعَثي في الأَرْضِ آياتِ السَّمَاءِ وَاخْفُقي بِالعَدْلِ فِينَا وَالإِبَاءِ
رَايَةَ القرآنِ يَا حَتْفَ المُغِيرِ ضَجَّتِ الآفَاقُ بِاللَّيْلِ الضَّرِيرِ
وَتَوَارَى ضَارِعاً صَوْتُ الضَّمِيرِ فَاكْتُبِي صُبْحَكِ وَهَّاجَ السُّطُورِ
رَايَةَ العُبَّادِ وَالزُّهَّادِ هَاتي مِنْ كِتَابِ الدَّهْرِ أَحْلَى الذِّكْرَيَاتِ
حَدِّثِينَا عَنْ مَغَاوِيرٍ كُمَاةِ.. جَلْجَلُوا كَالْوَيْلِ في وَجْهِ الطُّغَاةِ
رَايَةَ الأَحْرَارِ يَا رَمْزَ السِّيَادَة أَنْتِ مَنْ عَرَّفْتِنَا مَعْنَى الشَّهَادَة
فَانْثَنَيْنَا لا نُبَالي بِالإِبَادَة زَحْفُنَا في نُصْرَةِ الحَقِّ عِبَادَة
رَايَةَ الإِسْلاَمِ يَا خَضْرَاءُ عُودِي أنْذِرِي بِالهَوْلِ فُجَّارَ اليَهُودِ
وَابْعَثي في الأَرْضِ أَمْجَادَ الجُدُودِ ذَائِعَاتٍ في الوَرَى عِطْرَ الشَّهِيدِ(424/1)
رأيتُ الشامَ في حُلمي
للشاعر: سعود الأسدي
saudalasadi@yahoo.com
هتفتُ بالشام ِ ما أحْلاكِ يا شامُ ii! ... والشامُ تشهدُ أنّ اللهَ iiرَسّامُ
بريشة ِالحُسْن ِربُّ الكون iiِزَخرَفَها ... كالشعرِ زَخرَفهُ مَعْنىً وأنغامُ
يا شامُ يا شامة َالدّنيا iiوبسمتها ... لولاكِ ما قلتُ : ثغرُ الدهرِ بسّامُ
ولم اُعَيِّدْ فأعيادي رَحَلنَ iiوما ... تفتحتْ في رياض ِالرّوح iiِأكمامُ
ولاعَزَفتُ على قيثارتي iiنغما ... عَذباً لتدْمُرَ قد نَدّاهُ iiإحكامُ
ولا شدَوْتُ بأشعارٍ iiمُعَتَّقّةٍ ... غَنّى بها بَعْدَ عشتاروتَ iiآرامُ
من " جاسم ٍ" وأبو تمّامٍ iiاتّسقتْ ... أشعارُه ، وهو للأشعار iiتمّامُ
وهوَ الذي اعتامَ من شعر الحماسةِ iiما ... يَعْتامُهُ الذوقُ ، والأشعارُ iiتُعْتامُ
" ألسيفُ أصدقُ " لمّا هَلَّ مطلعُها ... قالتْ لهُ : قلتَ قولَ الصِّدق ِ أقلامُ
والكُتْبُ في الدُّرْج ِ قالتْ في iiسرائرها ... لايعرفُ الصّدقَ في التنجيم iiِنَجّامُ
وَ " مَنبج ٍ" ووليدُ الشعْر iiأرْسَله ... كالغيم يَهْمي لهُ في الحِسّ iiإرْهامُ
حتى غَدَا كلّ قوس ٍفوقهُ قزَحاً ... مُضَمَّخا تستقي رَياهُ iiأنسامُ
رَعْياً لحِمْص ٍو"ديكِ الجنِّ " iiشاعرِها ... فكمْ لهُ في بديع الشعر iiإسهامُ
أفديهِ من شاعر ٍ والمُجْنُ iiغَرَّمَهُ ... غُرْماً ثقيلاً ، وأهلُ المُجْن ِ غُرّامُ
قد رقصَ الجنَّ حتى غابَ iiفانتحبوا ... والجنُّ مُذ ْ غابَ ديكُ الجن ِ أيتامُ
يا شعرُ عَرِّجْ على الشهباءِ شامخة iiً ... بما ابتناهُ زكيُّ العِرْق iiِمقدامُ
قد كانَ سيفاً وَصَمْصَاماً iiلدولتِهِ ... ما كلُّ سيفٍ بيومِ الرّوْع iiِصَمْصَامُ
وَسَلْ رُباها ورَبَّ الشعرِ ملحمة iiً ... تعيدُ مجدَ الألى في مجدها iiهاموا
للهِ دَرّكَ يا " كِنديُّ " كمْ iiدُرَرٍ ... لكَ اشتهَى نظمَها في السِلكِ iiنَظّامُ
أقمْتَ بالشعر مُلكاً لا حُدودَ iiله ... بمثلهِ أبداً ما همّ iiهَمّامُ
ونلتَ خلداً وذي الأحقابُ iiشاهدةٌ ... وسائرُ الناس ِأيام iiٌوأعوامُ(425/1)
وفي المَعَرّةِ عِمْلاقٌ به iiطلعتْ ... شمسٌ فزالَ عن الأفكار iiإظلامُ
عَرّى الحقائقَ حتى بانَ iiغامضُها ... كالصبح ِ وانزاحَ تضليلٌ iiوإيهامُ
قد شادَ للعقلِ لمّا أن أشادَ iiبهِ ... صَرحًا ، ولكنْ قليلُ العقل iiِهَدّامُ
من لي بعقل ِ"رهين ِالعقل iiِ"أعبُدُهُ ... رَبّاً ، فما تعبدُ الجُهّالُ iiأصْنامُ
يا شعرُعُدْ بي إلى الفيحاء iiأسألها ... رَشفاً لروحيَ مِمّا تسكبُ iiالجَامُ
فإن سَكِرْتُ فإنّ الوَجْدَ iiأسْكرَني ... شوقاً إليها وبعضُ الوَجْدِ iiإكرامُ
وإن شَققتُ ثيابي فاعْذروا iiرجلاً ... صلّى وصامَ لمنْ صَلَّوا ومنْ iiصاموا
كأنّ أنفاسَ "مُحْي الدين"ِ في iiجسدي ... " ببابِ توما" وقد أعياهُ iiتهْيامُ
إنّي لأسجدُ في الفيحاءِ iiمستلماً ... رُكناً لتاريخِها والعدلُ iiقوّامُ
على ضفافٍ لنهرٍ جَالَ في iiخَلدي ... منذ ُ الطفولةِ ، فيه الطيرُ عَوّامُ
كأنّما الطيرُ خيلٌ فيه iiسابحة ... لها من الرّيح إسراجٌ iiوإلجامُ
والزهرُ في ضِفتيه نرجسٌ عَبقٌ ... أنفاسهُ ، لاغَضَىً يُؤذي iiوقلاّمُ
وظبية ُالأنس تشدو في iiرفارفِهِ ... " يا ليل" والليلُ رَغْمَ السِّتر iiنَمّامُ
والراقصاتُ حواري النبع ِقد iiأنِسَتْ ... والوارداتُ ضفافَ النهرِ iiآرامُ
والحاملاتُ بَخُورًا مِسْنَ من iiطرَبٍ ... مَيْساً ، وَرَفتْ مناديلٌ iiوأكمامُ
سُمْرٌ وشقرٌ بناتُ الشام ِقد iiوُصِفتْ ... بشعرِمن شِعْرُهُمْ تهْواه iiأفهامُ
فذا نِزارٌ وقد أصْغى الوجودُ iiلهُ ... مُذ جادهُ من إلهِ الشعر إلهامُ=
أعادَ سحرَ الهَوَى يا حسنَه iiغزَلاً ... فذ ّاً ، همومٌ بهِ تُجْلَى iiوأسقامُ
وذاكَ" شبلي" الذي غنّت قصايدُهُ ... ببأس ِقوم ٍعلى الأتراك ِ قد iiقامُوا
وإنّ " سلطانَ باشا " قائد iiٌعلمٌ ... بالنصر ِ يخفقُ ما وارَتهُ iiأعلامُ
قد ثارَ والناسُ قد ثاروا iiلثورثهِ ... ورامَ فوزاً وقد فازوا بما iiرامُوا
و" ميسلونَ " ثوَى ليثٌ iiبساحتها ... هُوَ" ابنُ عَظمَة َ" قد وَافاهُ إعظامُ(425/2)
أولاءِ أقطابُ مََجْد ٍ تمَّ iiعِقدُهُمُ ... لمّا أتى الشيخُ عزُّالدين ِ iiقسّامُ
كم صالَ في ساحةِ الهيجا وجالَ iiبها ... كأنّهُ في رَحَى الميدان ِ iiضِرْغَامُ
وهو الشهيدُ قضَى في " يَعْبَدٍ " ولقد ... قامَتْ تظلّلهُ في الأرض iiآجامُ
أولاءِ قومي وقد اُرضِعْتُ iiمجدَهُمُ ... وقد كَبرْتُ ولمّا يَأن ِ iiإفطامُ
من صُغر سنّي حلمتُ الشامَ iiأقدُمُها ... وهي التي صاغَها عَزمٌ وإقدامُ
قد كنتُ طفلاً بأحلامي iiويسعدُني ... بأنْ أظلَّ ، وهلْ في الحُلم iiِاُلتامُ
واليومَ حينَ رأيْتُ الشامَ في iiحُلمي ... وقد سَعِدْتُ ، فهلْ لي بعدُ iiأحلامُ
حقّقتُ حُلْميَ في حُلْمي iiفوافرَحي ... فللحزين ِمن الأفراح iiأيّامُ
آلامُ روحيَ قد زالتْ iiبرُؤيتِها ... فعَنْ فلسطينَ هلْ تنزاحُ iiآلامُ
فالقدسُ في جُرْحِها والجُرْحُ iiيُؤلمُها ... والشامُ ينتابُها للجرح iiإيلامُ
والقدسُ ما أغمضَتْ في ليل iiِغُرْبتِها ... والشامُ قد سَهرَتْ ليلاً لمن iiناموا
ناموا! أجلْ نومَ أهل ِالكهف ِ ما فتِئوا ... وقدْ تقومُ لداعي الفجر ِ أغنامُ
طوباكِ ياشامُ كمْ عِبءٍ نهضت iiِبهِ ... ففيكِ للمجدِ أخوالٌ iiوأعمامُ
في الشام أهلي وقلبي فيه iiموضعُهمْ ... فلنْ يَضُرَّ بحبِّي الشامَ iiلوّامُ
إنّ العروبة َإنْ ضاقتْ بها iiسُبُلٌ ... نادَتكِ فانفرجتْ ، لبّيكِ ياشامُ ii!
هوامش :
1) تدمر: مدينة سورية تاريخية ازدهرت حضارتها . من أشهرملوكها أذينة وزوجته زنوبيا .(425/3)
2) عشتاروت إلهة الحب والحرب عند البابليين . عشتار عند الفينيقيين . 3) آرام : أبو الشعوب الآراميية / السورية . 4) جاسم : مدينة في حوران ولد فيها أبو تمّام حبيب بن أوس الطائي الشاعر الحكيم صاحب ديوان الحماسة .5) ألسيف أصدق : مطلع قصيدة أبي تمام يوم فتح عمّورية أيام الخليفة المعتصم العبّاسي . 6) منبج : مدينة في شمال سوريا ولد فيها الوليد بن عبادة وهو الشاعر البحتري . 7) ديك الجنّ : لقب الشاعر عبد السلام بن رغبان . ولد وعاش في مدينة حمص وكان ماجناً بديع الشعر . 8) الكِنديّ : هو أبو الطيّب المتنبي شاعر العرب الأكبر، نسبة إلى كندة وهي محلّة قرب الكوفة . 9) رهين العقل : هو رهين المحبسين الشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعرّيّ نسبة إلى معّرة النعمان بين حماة وحلب الشهباء/ البيضاء مدينة سيف الدولة الحمداني . 10) الفيحاء : هي دمشق ويسمّيها الفلسطينيون الشام . لقّبت بالفيحاء لاتساعها.11)محي الدين: هو الشيخ الأكبرمحي الدين بن العربي الأندلسي شاعر صوفي كبير قدم إلى دمشق وتوفي فيها، له نحو اربعمائة كتاب . 12)باب توما: هو أحد أبواب سور دمشق في الجهة الشمالية الشرقية منها.13) النهر : نهر بردى. 14) نزار : هو نزار قبّاني شاعر الغزل والحب والسياسة . 15) شبلي : هو شبلي الأطرش : أمير شعراء العامة في سورية. له ديوان ضخم يحوي قصائد ملحمية مطوّلة تحكي عن أمجاد ثورة جبل حوران علىالأتراك ، وفيه تصوير لمعاناة جبل حوران من بطش الأتراك ، وشدة بأس بني معروف في قراع مدحت باشا وعسكره ، وما لاقاه شبلي الأطرش من نفي وتشريد عن الأهل والوطن في الأناضول وجزيرة رودس ومالطة وسواها ، ولكن ديوان شبلي للأسف غير مخدوم بالشرح والتعليق ناهيك عن طباعته السيئة . 16) سلطان : هو سلطان باشا الأطرش قائد عام الثورة السورية ضد المستعمرين الفرنسيين حتى نالت سوريا استقلالها .(425/4)
17) ميسلون: موقعة قرب دمشق استشهد فيها القائد يوسف العظمة في معركة ضد الفرنسيين . 18) الشيخ عز الدين القسّام : ثائرمن جبلة في سورية قدم إلى فلسطين ، وقاد ثورة 36 على الإنجليز ، استشهد في أحراش يعبد قرب جنين .(425/5)
رب وا معتصماه انطلقت
عمر أبو ريشة
أمتي هل لك بين الأمم = منبر للسيف أوللقلم
أتلقاك وطرفي مطرق = خجلا من أمسك المنصرم
ويكاد الدمع يهمي عابثا= ببقايا كبرياء الألم
ألإسرائيل تعلو راية= في حمى القدس وظل الحرم
كيف أغضيت على الذل = ولم تنفضي عنك غبار التهم
أوما كنت إذا البغي اعتدى = موجة من لهب أو من دم
اسمعي نوح الحزانى واطربي = وانظري دمع اليتامى وابسمي
رب وا معتصماه انطلقت = ملأ أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهم لكنها= لم تلامس نخوة المعتصم(426/1)
رباه أظلم ليلهم
---
رباه أظلم ليلهم و تمادى ... و إشتد عود ضلالهم و إزدادا
جلبوا إلينا خيلهم و رجالهم ... و إستجلبوا فوق العتاد عتادا
لم يتركوا فى الدرب موطئ حافر ... إلا و قد غرسوا عليه قتادا
يا رب هذه ريشة الأحزان فى قلبى ... تسطر فى الجفون سهادا
ما زلت يا ربى أناشدها ... فما تصغى و تظهر جفوة و عنادا
يا ريشة الأحزان فى قلبى قفي ... فلقد رسمت لحسرتى الأبعادا
و نقشت فى قلبى الجراح ... فلم أجد إلا نقوشا تحرق الأكبادا
إنى أرى فى الكون تمثالا له ... وجه قبيح يحمل الأحقادا
و أرى كهوفا فى الطريق أمامها ... أسراب نمل لا تمل حصادا
و أرى زبانية و غصنا زابلا ... و حمامة تستعطف الصيادا
يا بؤسنا جمع العدو صفوفه ... و نظل في سكراتنا نتعادا
نعطى مجال القول كل مخرب ... و نحارب الإصلاح و الإرشادا
إن قام داعية أثرنا حوله ... شبها و جهزنا له الأصفادا
و إذا تحدث ملحد قلنا له ... حرية و إن إدعى و تمادى
العالم العربى خيمة حسرة ... لم تعرف الأطناب والأوتادا
نصبت على ذل فلا هى ظللت ... أهلا و هى ظللت روادا
رباه وجدانى و كل جوارحى ... تلقى إليك مع القياد قيادا
والله لو لم يستجب قلمى لما ... ترضى به لقطعت عنه الزاد
وتركته ظمئان يندب حظه ... لا يستقر ولا يذوق مدادا
يا أحرفى قولى لمن فتح الهوى ... بابا وأوصد عقله إيصادا
يا سوط جلاد الشعوب غدا نرى ... سوط العدالة يلهب الجلادا
يا بوق تجار السلام غدا نرى ... فجر الحقيقة يفضح الأوغادا
يا باعة الأفكار فى سوق الهوى ... لا تفرحوا ستواجهون كسادا
أنهار صحوتنا ستغسل كل ما ... دنستموه و تطرد الإلحادا
كنا نرى الموساد رمزا واحدا ... فبدا لنا ما يغلب الموسادا
شبكات رعب أحكمت حلقاتها ... فى عالم يتواصل إستبدادا
رباه أخرجت المخابئ أوجها ... تلقى على معنى السواد سوادا
رسموا لنا طوق الفناء بزعمهم ... كلا و لكن قربوا الميلادا
هم يسحبون ذيول ليل كالح ... والفجر يعلن بيننا إستعدادا
ظنوا وبعض الظن إثم أننا ... ضعنا وأن الجمر صار رمادا
كلا فما زالت بواعث حبنا ... لله توقد نارنا إيقادا(427/1)
رحم البطولة لم يزل فى أمتي ... يعطى وينجب للعلا الأولادا
يا من تسيئون الظنون بنا أسكتوا ... لا تحسبوا أنا نقر فسادا
إنا لنعشق أرضنا وربوعها ... ونحب فيها غصنها الميادا
ونحب فيها شيحها وخزامها ... ونخيلها وجبالها ووهادا
لكن دين الله أثمن عندنا ... فهو الذى يهدى القلوب رشادا
إنى أقول لأمتى وهى التى ... تركت جفونى لا تذوق رقادا
ستدوسنا قدم التآمر جهرة ... ولسوف يحصدنا الضياع حصادا
إن لم نقم علم الجهاد على التقى ... ما عز قوم يتركون جهادا(427/2)
رُبى الأقصى
شعر: عدنان النحوي
---
رُويدَكَ .. دَعْ هَوى دَعْدٍ وهندِ ... وَهُبَّ.. وأنجِدْ الطَّللَ الحزينا
وداراً بارك الرحمنُ فيها ... تَمُدُّ بِفَيْضِ رحمتِه ِ السِّنينا
رُبى الأقصى. فديتُكِ مِنْ جِراحٍ ... حَمَلْتُ على الزَّمانِ بها الشُّجونا
مَرابِعُ كلَّما مرَّت ْ عليها ... عُصُورٌ طأطأتْ وَحَنَتْ جَبينا
وألْقتْ في روابيها غِراساً ... بابَ عقيدةٍ متحمِّسينا
فتحملُ من دمِ الشُّهداء مِسكاً ... تنشرُ من ظلالِ الوحيِ دينا
وقفتِ على رُبوع الشَّرْقِ باباً ... يصدُّ عن الرُّبوعِ المُعتدينا
شَمَخْتِ على الرَّزايا فاستذلَّتْ ... أمامَكِ زَهْوَةُ المتكبرينا
تظلُّ يدُ العُداةِ تدُقُّ فيهِ ... تفتحَ دُونَه فَتْقاً مُهينا
وتخرقَ من سياجِ الحقِّ خرقاً ... مَزِّقُ شملَنا ذُلاً وهُونا
فتنهبَ منهُ خيراتٍ حِساناً ... وَوِدْياناً جَرتْ رَغَداً وَلِينا
وأفياءً حَمَلْنَ بها ثِماراً ... مباركةً.. وفِضْنَ بها عُيونا
وتاريخاً يَفُضُّ بِراحَتيهِ ... لآلِئَ تنشرُ الوَهْجَ المُبينا
وأمجادَ النبوة ِ زاهِياتٍ ... يَصِلْنَ على مرابعها القُرونا
رُبى الأقصى. فديْتُكِ. أيّ طَيْفٍ ... أَلَمَّ.. فألهبَ الجُرحَ الدَّفينا
لَمَحْتُ على جناحِ الغَيْبِ مَسْرىً ... لأحمدَ. حيثُ لاقى المُرسَلينا
يَؤُمُّهُمْ بِساحِكَ.. ثم يمضي ... يشقُّ بُراقُه سقفاً متينا
دنا شوقاً.. فماجَ النُّورُ بحراً ... تذوبُ به قلوبُ الخاشِعينا
وفتَّحتِ الغيوبُ لِناظِريهِ ... وآياتٌ جرتْ دُنيا ودينا
وظلَّ نِداكِ لِلإسلامِ مَغْنىً ... وعِطرُكِ ظلَّ نفحَ المؤمنينا
جَمَعْتِ بِسيِّد ِ الرُّسُلِ الأماني ... وبالقرآنِ ذِكراً مُسْتبينا
هو الإسلامُ آصرةٌ وقُربى ... يُوَثَّقُ في عُراهُ الْمُسْلِمينا
فواعجباً..لمنْ مُسِخوا قُروداً ... جزاءَ الكافرينَ المُعْتَدينا
وَمَنْ عَبَدُوا على الأهواءِ عجلاً ... على دَنَسِ الضلالة مُبْلِسينا
وقد مَلأوا الدُّنى فِسْقاً وكُفْراً ... وما حَفِظُوا لِعَهْدِهِم يَمينا(428/1)
أيزعمُ هؤلاءِ إليكِ قُربى ... رُبى الأقصى بَرِئْتِ وَطِبْتِ طينا
وَطِبْتِ رُبىً.. وساحاتٍ.. وأرضاً ... وأنساماً جَرَينَ هَوىً وَلِينا
وشُطْآناً نَثَرْنَ على يديها ... لآلِئَها.. وزَيَّنَّ الجَبينا
وَوِدْياناً جَمَعْنَ لها عقوداً ... وفَتَّقْنَ الشَّذا والياسَمينا
كأنَّ على مباسِمها دُعاءً ... وتُغْضي مِنْ تَبَتُّلِها الجُفونا
إلهي.. أينَ أبنائي وقومي ... وَمَنْ رفعوا العَلْيا الحُصُونا
مشاعِلُهُم مِنَ الإيمانِ وقدْ ... أضاؤوا دُونها الدَّرْبَ الأمينا
جُنُودُ محمَّدٍ.. ستَهُبُّ.. تُوفي ... بِعَهْدٍ صادِقٍ للهِ فينا
سأنتظرُ الليالي لا أبالي ... لأصنعَ ذلك النصرَ المُبينا
يظلُّ صدىً من الإسراءِ يَسْري ... يُحَرِّكُ بينَ أضلاعي الحَنينا(428/2)
ربيع الهدى
بقلم: محمد ضياء الدين الصابوني (شاعر طيبة)
تجلى مولد "الهادي" علينا
فضاء الكون وابتهج الزمان
وعاد البشر يملأ كل قلب
كما غمر الهدى وعلى الأذان
ربيعك قد زهت فيه الاماني
وطاب الشدو وانطلق اللسان
محبة"أحمد" كنز عظيم
ففيها الفوز حقا والجنان
محبته تحقق كل خير
ويحلو الود فيها والحنان
تزود من معين الحب تسمو
فما لحوادث الدنيا أمان
لقد شرف (الربيع ) وكم تباهى
"بأحمد"مثلما شرف الزمان!!
وأنت لنا على خلق عظيم
ومنك الفضل والمنن الحسان
وأسوتنا "رسول الله"حقا
ففيها عزنا وبها نزان
ولو أنا نهجنا نهج "طه"
لكنا مثلما الاجداد كانوا
ولنا سادة الدنيا فلما
هجرنا الدين حل بنا الهوان
فهلا عودة ترجى لماض
يسود العدل فيها والامان ؟
"محمد"سيد الكونين طرّ عم
وجاء بمدحه السامي القران(429/1)
رثاء
للخنساء ترثي أخاها صخرا
أعيني جودا و لا تجمدا ألا تبكيان لصخر الندى
ألا تبكيان الجرئ الجميل ألا تبكيان الفتى السيدا
طويل النجاد رفيع العماد ساد عشيرته أمردا
************************
تقول الخنساء أيضا
قذى بعينيك أم بالعين عوار أم خلت من أهلها الدار
و إن صخراً لمولانا و سيدنا و إن صخرا إذا نشتو لنحار
و إن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم قي رأسه نار
************************
قال كعب بن مالك يرثي حمزة بن عبد المطلب
بكت عيني و حق به بكاها و ما يغني البكاء و لا العويل
على أسد الاله غداة قالوا أحمزة ذاكم الرجل القتيل ؟
أصيب المسلمون به جميعاً هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلى لك الأركان هدت وأنت الماجد البر الوصول
************************
يقول الدكتور القرضاوي يرثي حسن البنا
نمْ في جوارِ زعيمِكَ الهادي فمَا شَيَّدتَ يا "بَنَّاءُ" لمْ يتهدَّمِ
سيظلُّ حبُّكَ في القلوبِ مُسطَّرًا وَسَناكَ في الألبابِ واسمُكَ في الفَمِ
************************(430/1)
رثاء إشبيلية
أبو البقاء الرندي
1 - لِكُلِّ شَيءٍ إذا ما تمَّ نُقصَانُ ... ... فلا يغرُّ بطِيب العَيشِ إنسانُ
2 - هيَ الأمورُ كما شاهدتُها دُولٌ ... - من سره زمنٌ ساءتهُ أزمانُ
3 - وَهَذِهِ الدَّارُ لا تبقِي على أحدٍ ... ولا يدُومُ عَلَى حَالٍ لَهَا شانُ
4 - أين المُلُوكُ ذوي التُيجانِ مِن يمنٍ ... وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
5 - وأين ما شادهُ شدادُ في إرمٍ ... ... وأين ما ساسهُ في الفُرسِ ساسانُ
6 - وأين ما حازه قارون من نهبٍ - ... وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
7 - أتى على الكل أمرٍ لا مرد لهُ - ... حتى قضوا فكأن القوم ما كانُوا
8 - وصار ما كان من ملك و من ملكٍ ... - كما حكى عن خيال الطيف وسنانُ
9 - كأنما الصعب لم يسهل له ... سببٌ - يوماً ولا ملك الدنيا سليمانُ
10 - فجائع الدنيا أنواعٌ منوعةٌ - وللزمان مسراتٌ وأحزانُ
11 - وللحوادث سلوانُ يسهلها - ... وما لما حل بالإسلام سلوانُ
12 - ههى الجزيرة أمرٌ لا عزاء لهُ - ... هوى له أحدٌ وانهد شهلانُ
13 - أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتُ - ... حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
14 - فاسأل بلنسية ما شأن مرسية - ... وأين شاطبة أم أين جيانُ
15 - وأين قرطبةُ دار العلوم فكم - ... من عالم قد سما فيها له شأنُ
16 - وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ - ... ونهرها العذب فياض وملآنُ
17 – قواعد كن أركان البلاد فما - ... عسى البقاء إذا لم تبق أركانُ
18 - تبكي الحنفيةُ البيضاءُ من أسفٍ ... - كما بكى لفراقِ الإلف هيمانُ
19 – على ديارِ من الإسلامِ خاليةٌ - ... قد اقفرت ولها بالكفر عمرانُ
20 – حيث المساجدُ صارت كنائس - ... مافيهنَّ إلاّض نواقيسٌ وصلبانُ
21 – حتى المحاريب تبكي وهي جامدةٌ ... - حتى المنابرُ تبكي وهي عيدانُ
22 – ياغافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ - ... إن كنت في سنةٍ فالدهرُ يقظانُ
23 – وماشياً مرحاً يلهيه موطنهُ - ... أبعد حِمصٍ تغرُّ المرءُ أوطانُ
24 – تلك المُصيبةُ أنست ماتقدمها - ... ومالها من طوالِ الدهرِ نسيانُ(431/1)
25 -ياراكبين عتلق الخيل ضامرة - ... كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
26 -وحاملين سيوف الهند مرهفةً - ... كأنها في ظلام النقع نيرانُ
27 – وَرَاتِعِين وراء البحر في دَعَةٍ - ... لَهُم بأوطانهم عزٌ وسلطانُ
28 – أعندكم نبأٌ من أهلِ أندلُسٍ - ... فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
29 – كم يستغيثُ بنا المُستضعفُونَ وهم - ... قتلى وأسرى فما يهتزَّ إنسانُ
42 – لمثلِ هذا يبكي القلب من كمدٍ ... - أن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ(431/2)
رثاء الابن
يقول ابن الرومي
بكاؤكما يَشفي وإن كان لا يُجدي فجودا فقد أودى نظيرُكُما عندي
بُنيَّ الذي أهدَتهُ كفّاي للثرى فيا عزة المُهدَى ويا حسرة المَهدي
على حينَ شِمتُ الخير من لمحاتِهِ وآنستُ من أفعاله آية الرشد
طواه الردى عني فَأضحى مزاره بعيداً على قربٍ قريباً على بعد
************************
يقول ابن الرومي أيضا
وإني وإن مُتِّعتُ بابنيَّ بعده لَذاكِرُهُ ما حنّتِ النِّيَبُ في نجد
وأولادنا مثل الجوارح أيها فقدناه كان الفاجعَ البَيِّنَ الفَقد
لكلٌّ مكانٌ لا يَسُدُّ اختلالَهُ مكانُ أخيه في جَزوعٍ ولا جَلد
هل العينُ بعد السمع تكفي مكانَهُ أم السمعُ بعد العين يهدي كما تَهدي؟
لعمري: لقد حالت بيَ الحالُ بعده فياليت شعري كيف حالت به بَعدي؟
ثكِلتُ سروري كلّه إذ ثَكلتٍه وأصبحتُ في لذات عيشي أخا زهد
أريحانةَ العينين والأنف والحشا ألا ليت شعري هل تغيرتَ عن عهدي
سأسقيك ماء العين ما أسعَدَت به وإن كانت السُّقيا من الدمع لا تُجدي
************************(432/1)
رثاء الإسلام في الأندلس
لأبو البقاء الرندي .
1. لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان
2. هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
3. وعالم الكون لا تبقى محاسنه ولا يدوم على حال لها شان
4. يمزق الدهر حتما كل سابغة إذا نبت مشرفيات وخرصان
5. وينتضى كل سيف للفناء ولو كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
6. أين الملوك ذوو التيجان من يمن وأين منهم أكاليل وتيجان ؟
7. وأين ما شاده شداد من إرم وأين ما ساسه في الفرس ساسان ؟
8. وأين ما حازه قارون من ذهب وأين عاد وشداد وقحطان ؟
9. أتى على الكل أمر لا مرد له حتى قضوا فكأن الكل ما كانوا
10. وصار ما كان من ملك ومن ملك كما حكى عن خيال الطيف وسنان
11. دار الزمان على دارا وقاتله وأم كسرى فما آواه إيوان
12. كأنما الصعب لم يسهل له سبب يوما ولم يملك الدنيا سليمان
13. فجائع الدهر أنواع منوعة وللزمان مسرات وأحزان
14. وللمصائب سلوان يهونها وما لما حل بالإسلام سلوان
15. دهى الجزيرة خطب لا عزاء له هوى له أحد وانهد ثهلان
16. أصابها العين في الإسلام فامتحنت حتى خلت منه أقطار وبلدان
17. فسل بلنسية ما شان مرسية وأين شاطبة أم أين جيان ؟
18. وأين قرطبة دار العلوم فكم من عالم قد سما فيها له شان
19. وأين حمص وما تحويه من نزه ونهرها العذب فياض وملآن
20. وأين غرناطة دار الجهاد وكم أسد بها وهم في الحرب عقبان ؟
21. وأين حمراؤها العليا وزخرفها كأنها من جنان الخلد عدنان ؟
22. قواعد كن أركان البلاد فما عسى البكاء إذا لم تبق أركان
23. والماء يجري بساحات القصور بها قد حف جدولها زهر وريحان
24. ونهرها العذب يحكي في تسلسله سيوف هند لها في الجو لمعان
25. وأين جامعها المشهور كم تليّت في كل وقت به آي وفرقان
26. وعالم كان فيه للجهول هدى مدرس وله في العلم تبيان
27. وعابد خاضع لله مبتهل والدمع منه على الخدين طوفان(433/1)
28. وأين مالقة مرسى المراكب كم أرست بساحتها فلك وغربان ؟
29. وكم بداخلها من شاعر فطن وذي فنون له حذق وتبيان
30. وكم بخارجها من منزه فرج وجنة حولها نهر وبستان
31. وأين جارتها الزهرا الزعفران فهل رأى شبيها لها في الحسن إنسان ؟
32. وكم شجاع زعيم في الوغى بطل بدا له في العدا فتك وإمعان
33. كم جندلت يده من كافر فغدا تبكيه من أرضه أهل وولدان
34. وواديا من غدت بالكفر عامرة ورد توحيدها شرا وطغيان
35. كذا المرية دار الصالحين فكم قطب بها علم غوث له شان
36. تبكى الحنيفية البيضاء من أسف كما بكى لفراق الإلف ميمان
37. حتى المحاريب تبكى وهي جامدة حتى المنابر تبكى وهي عيدان
38. على ديار من الإسلام خالية قد أقفرت ولها بالكفر عمران
39. حيث المساجد قد أمست كنائس ما بهن إلا نواقيس وصلبان
40. يا غافلا وله في الدهر موعظة إن كنت في سنة فالدهر يقظان
41. وماشيا رحلة يلهيه موطنه أبعد حمص تغر المرء أوطان
42. تلك المصيبة أنست ما تقدمها وما لها مع طويل الدهر نسيان
43. يا راكبين عتاق الخيل ضامرة كأنها في مجال السبق عقبان
44. وحاملين سيوف الهند مرهفة كأنها في ظلام الليل نيران
45. وراتعين وراء النهر من دعة لهم بأوطانهم عز وسلطان
46. أعندكم نبأ من أمر أندلس فقد سرى بحديث القوم ركبان
47. كم يستغيث صناديد الرجال وهم أسرى وقتلى فلا يهتز إنسان
48. ماذا التقاطع في الإسلام بينكم وأنتم يا عباد الله إخوان ؟
49. ألا نفوس أبيات لها همم أما على الخير أنصار وأعوان
50. يا من لنصرة قوم قسموا فرقا سطا عليهم بها كفر وطغيان
51. بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم واليوم هم في قيود الكفر عبدان
52. فلو تراهم حيارى لا دليل لهم عليهم من ثياب الذل ألوان
53. فلو رأيت بكاهم عند بيعهم لهالك الأمر واستهوتك أحزان
54. يارُب طفل وأم حيل بينهما كما تفرق أرواح وأبدان(433/2)
55. وغادة ما رأتها الشمس بارزة كأنما هي ياقوت ومرجان
56. يقودها العلج عند السبي صاغرة والعين باكية والقلب حيران
57. لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان
58. هل للجهاد بها من طالب فلقد تزخرفت جنة المأوى لها شان
59. وأشرف الحور والولدان من غرف فازت لعمري بهذا الخير شجعان
60. ثم الصلاة على المختار من مضر ما هب ريح الصبا واهتز أغصان(433/3)
رثاء الأندلس
أبو البقاء الرندي
---
لكل شيء إذا ما تم نقصان * فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ * من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد * ولا يدوم على حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ* إذا نبت مشرفيات وخرصان
وينتضي كل سيف للفناء ولو * كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ * وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ * وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
وأين ما حازه قارون من ذهب * وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
أتى على الكل أمر لا مرد له* حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلك * كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ
دار الزمان على دارا وقاتله * وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سببُ * يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان
فجائع الدهر أنواع منوعة * وللزمان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهلها * وما لما حل بالإسلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له * هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ * حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ * وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم * من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ * ونهرها العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما * عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ * كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما * فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ * حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ * إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ * أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها * وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً * كأنها في مجال السبقِ عقبانُ(434/1)
وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ * كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ * لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ * فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم * قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ * وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ * أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ * أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم * واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ * عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ * لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما * كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ * إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً * والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ * إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
---(434/2)
هذه قصيدة للشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي ( حفظه الله ) نشرت في مجلة الجامعة الإسلامية عدد ( 4 ) سنة 6 ربيع الثاني 1394 هـ والشيخ صاحب ملكة شعرية منذ ان كان طالباً في الجامعة وله ديوان سيصدر بإذن الله .
القصيدة :ـ وداعاً يااماه !!!!!!!!
سكن الوجود ولم تنم عيناه ...........ومضى الهزيع وحظه ينعاه
في خيمة نصب الشقاء حبالها .......... والهم فيها قد أطال سراه
والنجم في نهر المجرة خافق ........... كفؤاده حين ادكار أساه
واساه في السهر الطويل وليته ........... فيما أصاب فؤاده واساه
يتذكر الخطب الأليم إذا غفا ............فتشب نار الحزن من ذكراه
خطب الم وما أشد خطوبه ......... سرقت عليه شبابه وصباه
والرعب يعشي ناظريه وقد بدت ........ تلقاء أشباحه ورؤاه
لاصبر لاسلوان يربط قلبه .............لاصاحب يشكو إليه نواه
لم يبق غير حنان أمٍ برة ..............من بعد ماقتل العداة أباه
مسحت بأناماها الرقيقة دمعة ............وبكت بحزن لايحد مداه
وتوسلت : نم يابني ،وما مضى ........... ولى وآن الآن أن تنساه
فتنهد القلب المعذب قائلاً ............ كفي ـ هداك الله ـ ياأماه
هل تذكرين سقوط مسجد قريتي .............وبه أبنيت أذرع وجباه
أو تذكرين القدس كنت أزورها ............واليوم طافت حولها الأشباه
أو تذكرين الكوخ: كوخ جدودنا .............. إذ أضرم الأعداء فيه لظاه
أو تذكرين النهر :نهر حقولنا ............إذ غيروا عن ارضنا مجراه
أماه ، هل أنسى رفاق طفولتي .......... في موطن تحنو علي رباه
إذ نحن نجني من زهور حقوله ............... ونبل أنفينا ببرد نداه
ونسير والأفراح تكتنف الربا ...............ما بين لطف نسيمه وصباه
ونظل بين رياضه ومياهه .............. تشدو القلوب ةتنشد الأفواه
لا...والذي بالقدس شرف ارضه ............ ما كان لي يا أمّ أن أسلاه
لا..والذي بالطهر أنقى تربه ................ماكنت ارضى أن يداس حماه(435/1)
كم في خيام الذل من فتياننا ....................ورضيت دربا لااريد سواه
لكنني عفت الحياة مشرداً ................. ورضيت درباً لااريد سواه
لاتمسحي دمعي ولكن ودعي ............ بطلاً يبارك ربه مسعاه
لاتجزعي فلقد يطول غيابه .............. عن مقلتيك وتختفي رؤياه
وإلى اللقاء لدى الإله وخلده ............... في عالم الأرواح يا أماه
..ومضى الفدائي الشهيد لربه ..............عجلاً إليه كي ينال رضاه(435/2)
رثاء بغداد
لتقي الدين بن أبي اليسر
لسائل الدمع عن بغداد إخبار
فما وقوفك والأحباب قد ساروا
يا زائرين إلى الزوراء لا تفدوا
فما بذاك الحمى والدار ديّار
تاجُ الخلافة والربع الذي شرفت
به المعالم قد عفّاه إقفار
أضحى لعصف البِلى في ربعه أثر
وللدموع على الآثار آثار
يا نار قلبي من نار لحرب وغى
شبت عليه ووافى الربع إعصار
علا الصليب على أعلى منابرها
وقام بالأمر من يحميه زنّار
وكم حريم سبته الترك غاصبة
وكان من دون ذاك الستر أستار
وكم بدور على البدرية انخسفت
ولم يعد لبدور الحي إبدار
وكم ذخائر أضحت وهي شائعة
من النهاب وقد حازته كفار
وكم حدود أقيمت من سيوفهم
على الرقاب وحطّت فيه أوزار
ناديت والسبي مهتوك تجرهم
إلى السفاح من الأعداء ذعّار
وهم يساقون للموت الذي شهدوا
النار يا رب من هذا ولا العار
والله يعلم أن القوم أغفلهم
ما كان من نعم فيهن إكثار
فأهملوا جانب الجبّار إذ غفلوا
فجاءهم من جنود الكفر جبّار
يا للرجال بأحداث يحدّثنا
بما غدا فيهم إعذار وإنذار
من بعد أسر بني العباس كلهم
فلا أنار لوجه الصبح إسفار
ما راق لي قط شيء بعد بينهم
إلا أحاديث أرويها وآثار
لم يبق للدين والدنيا وقد ذهبوا
شوق لمجد وقد بانوا وقد باروا
إن القيامة في بغداد قد وجدت
وحدّها حين للإقبال إدبار
آل النبي وأهل العلم قد أسروا
فمن ترى بعدهم يحويه أمصار
إليك يا ربنا الشكوى فأنت ترى
ما حل بالدين والباغون فجّار
ما كنت آمل أن أبقى وقد ذهبوا
لكن أتت دون ما أختار أقدار(436/1)
رثاء توحيدة
---
إن سال من غرب العيون بحور ... .............................
فلكل عين حق مدارا الدما ... ولكل قلب لوعة وثبور
سُتر السنا وتحجبت شمس الضحى ... وتغيبت بعد الشروق بدورُ
ومضى الذي اهوى وجرَّعني الأسى ... وغدت بقلبيَ جذوة وسعيرُ
يا ليته لمَّا نوى عهد النَّوى ... وافى العيون من الظلام نذيرُ
ناهيك ما فعلت بماء حشاشتي ... نارٌ لها بين الضلوع زفيرُ
لو بُث حزني في الورى لم يُلتفت ... لمصاب قيس والمصاب كبيرُ
طافت بشهر الصوم كاسات الرَّدى ... سَحَراً وأكواب الدموع تدورُ
فتناولت منها ابنتي فتغيرت ... وجناتُ خدٍ شانَها التغييرُ
فذوت أزاهير الحياة بروضها ... وانقدَّ منها مائس ونضيرُ
لبست ثياب السقم في صِغَر وقد ... ذاقت شراب الموت وهو مريرُ
جاء الطبيب ضحىً وبشَّر بالشفا ... إن الطبيب بطبِّه مغرورُ
وصف التَّجرُّع وهو يزعم أنه ... بالبُرءِ من كل السِّقام بشيرُ
فَتَنَفَّسَت للحُزن قائلةٌ له ... عجِّل ببُرئيَ حيث أنت خبيرُ
وارحم شبابي إن والدتي غدت ... ثكلى يُشير لها الجوى وتشيرُ
وارأف بعين حرَّمت طيب الكَرَى ... تشكو السُّهاد وفي الجفون فُتُورُ
لمَّا رأت يأس الطبيب وعجزه ... قالت ودمع المقلتين غزيرُ
أماه ! قد كًلًّ الطبيب وفاتني ... مما أؤمِّل في الحياة نَصيرُ
ياروع روحي حلَّها نزع الضنى ... عمَّا قليل وُرْقها ستطيرُ
أمَّاه قد عزَّ اللقاء وفي غدٍ ... سترين نعشيَ كالعروس يسيرُ
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي ... هو منزلي ! وله الجموعُ تصيرُ
قولي لرب اللحد رفقاً بابنتي ... جاءت عروساً ساقها التيسيرُ
كانت كأحلام مضت وتخلَّفت ... مُذ بَانَ يوم البين وهو عسيرُ
عودي إلى رَبْع خلا ومآثر ... قد خُلِّفت عني لها تأثيرُ
صوني جهازَ العُرْس تذكاراً فلي ... قد كان منه إلى الزفاف سرورُ
أمَّاه لا تنسي بحق بُنوتي ... قبري لئلا يحزن المقبورُ
ورجاء عفو أو تلاوة مُنْزَل ... فَسِواك من لي بالحنين يزورُ
فلعلما أحظى برحمة خالق ... هو راحمٌ برُ بنا ورحيمُ
فأجبتها والدَّمع يحبس منطقي ... والدهرُ من بعد الجوار يجورُ(437/1)
بنْتاه ! يا كبدي ولوعةُ مهجتي ... قد زال صفوٌ شانه التكديرُ
لا توصِ ثكلى قد أذاب فؤادها ... حزنٌ عليك وحسرةٌ وزفيرُ
والله لا أسلو التَّلاوة والدُّعا ... ما غرَّدت فوق الغصون طيورُ
إني ألِفْتُ الحزن حتى أنني ... لو غاب عني ساءني التأخيرُ
قد كنت لا أرضى التباعد برهة ... كيف التصبر والبعاد دهورُ
أبكيك حتى نلتقي في جنةٍ ... برياض خُلدٍ زيَّنتها الحورُ
وَلَهي على " توحيدة " الحسن التي ... قد غاب بدرُ جمالها المستورُ
قلبي وجفني واللسان وخالقي ... راض وباك شاكرٌ وغفورُ
مُتِّعت بالرضوان في خُلد الرضا ... ما ازَّيَّنت لك غرفة وقصورُ
وسمعتِ قول الحق للقوم ادخلوا ... دار السلام فسعيكم مشكورُ
هذا النعيم به الأحبة تلتقي ... لا عيش إلا عيشه المبرورُ(437/2)
رثاء صلاح الدين الأيبوى
قصيدة لعبدالله بن أسعد أبو الفرج الحمصي في رثاء صلاح الدين الأيبوى
ما عذر عيني لا تفيض فتسكب **** لليوم تدخر الدموع وتطلب
واذا اردت على الصبابة شاهدا **** فالدمع اعدل شاهد لا يكذب
لم يستبق في العين ماء شؤونها **** الا ونار القلب حرى تلهب
لا مرحبا بالأرحبية أوردت **** خبرا يضيق به الفضاء الارحب
غلب الأسى فيها التجلد بعد ما **** كان التجلد بالاسى لا يغلب
فسقى الغمام الصيب الخضل الندى **** قرا بمصر به الغمام الصيب
غيث البلاد اذا يصوح نبتها **** ودعا الحيا منها المكان المعشب
بادي السكينة في النفوس محكم **** حسن اللقاء الى القلوب محبب
يا ثلمة ثلم الزمان بها العلى **** ما إن تسد وصدعها ما يرأب
عظمت رزيته فاقصر عاجز **** عن وصف شدتها وقصر مطنب
لهفي عليك وما يرد تلهفي **** ميتا ولكن التأسف يعذب
ترك القلوب على الاسى موقوفة **** أبدا على ان القلوب تقلب
نحنا عليه كما **** مدحا فأبكانا عليه المطرب
وإذا عتبت على الليالي بعده **** قال التأسي ما عليها معتب
ما عهدنا بالشمس قبلك برجها **** نعش ولا بين المقابر تغرب
أصبحت تحت الأرض ترغب في الأسى **** من كان نحوك في الحوائج يرغب
يهدي إليه بعرفه طيب الثرى **** من كان يهديه الثناء الطيب
ما كنت احسب قبل دفنك في الثرى **** أن المكارم في التراب تغيب
ما العيش بعدك بالهني وإنما **** من عاش بعدك بالحياة معذب
ولئن قضيت لقد تركت كآبة **** ما تنقضي وحرارة ما تذهب
أتعبت بعدك دون شأوك كل من **** وطىء الحصا بل دون شأوك متعب
من للمعالي ترتقى أو تنثني **** من للمحامد تقتنى أو تكسب
من للأمور المشكلات يحلها **** من للثغور المستضامة يغضب
من للأرامل واليتامى كافلا **** يكفيهم اذ لا خليل ولا اب
من للمقانب والكتائب ردها **** إن فل جيش او تقنع مقنب
صلى عليك الله في ملكوته **** والصالحون وبعض ما تستوجب(438/1)
فاسلم صلاح الدين ما هبت صبا **** أ و لاح برق أو تبدا كوكب
لا زال عزمك ماضيا ما ينثني **** وشديد بأسك ماضيا ما يذهب
وجميل صبرك في الرزايا يعتلي **** وكريم عودك في الحوادث يصلب
حاشى وقارك أن يطير به الأسى **** أو أن يزعزعه المرام الأصعب
أي اجتماع لم يرع بتفرق **** يوما وأية فرقة ما تنكب
كم قد دجا خطب وجأشك ثابت **** وتقلبت حال وقلبك قلب
وإذا تخطاك الردى وأصابنا **** فسوى إذا سلم الذرى والمنكب(438/2)
رثاء وحداء في الفتى عاصم
قصيدة
رثاء وحداء في الفتى عاصم
للشيخ أبي يحيى الليبي
قدم لها الشيخ الفاضل محمود حسن حفظه الله
ورحل الفتى عاصمٌ على عجل..!
بقلم الشيخ / محمود حسن
عظماء ، في بساطتهم ..
أتقياء أخفياء ..
ضعفة المسلمين ومساكينهم ، كل ضعيف متضعّف ..
الشعث الغبر الذين لو أقسموا على الله لأبرّهم ..
الزهّاد العباد ..
أولياء الله ..!
الأبدال (على قول من يثبت هذا الاسم بمعنى صحيح من علمائنا).
من أي هذه الأقسام شئتَ فقل ، وفي أي خانة شئتَ أن تضعه فافعل ..!
نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا ..
إنه الفتى عاصم الأفغاني المهاجري الأنصاريّ ، الفتى الفارسيّ من أهل بغمان أهل الجهاد والبذل والكرم والجود ..
وما على مَنْ دخل من باب من تلك الأبواب من ضرورة ، وأما عاصم فأرجو أن يدخل من تلك الأبواب كلها ..
رؤيته تذكرك بالله ، كلماته رفعٌ للمعنويات ورجاء وأمل وفأل حسن ، قسمات وجهه ترسم معالم الطريق ..!
مجالسته تواضع وسكينة ووقار، معاملته محبة وصدق ووفاء وإيثار وبذل وعطاء .
طول الصمت فيه علامة ، والبشاشة وحسن السمت والحياء أمارات له معروفة .
من رآه أحبه ..
ومن خالطه أجلّه ..
كان شهيدا يمشي على الأرض ، ولسنا نقول على الله بلا علمٍ ولكن قد جعل الله لكل شيئا علامة ..
الذين عرفوه كانوا يكادون يجمعون على أنه شهيد ..
كانوا يقولون : هذا ما يطوّل ..!
فزع الشيخ أبو الليث وإخوانه بعدما عرفوه وسجّلوا له مقاطع فيديو لإحساسهم أنه "ما يطوّل" ..!
عاصم نموذج لمن أراد الشهادة وتعلّق بالله ورجا اليوم الآخر ..
صفات الشهيد حيّا اجتمعت فيه أوضح اجتماع ..
وقد عرفنا الشهداء ورأينا نماذجهم الطيبة وأنواعهم وأقسامهم ..
وصفاتهم التي يشترك فيها أغلبهم :
سلامة الصدر
التواضع والخدمة لإخوانهم والذلة والمسكنة
تصميم وإصرار على الوصول إلى الغاية العليا
تجافٍ عن سفاسف دار الغرور .(439/1)
إنهم الشهداء ، أمرهم عجب ، والكتابة عنهم شيء صعب ، وقد يظن البعيد أننا نبالغ ، والحق أنا لما نوفي حقهم ، ولئن سطرنا بالمداد كلمة في أثرهم ، فلقد سطروا أبلغ وأزكى منها بدمائهم :
وفي القتلى لأقوامٍ حياةٌ ** وفي الأسرى فدىً لهمُ وعتقُ
رحم الله عاصماً ، ومطيعَ اللهِ وإخوانهم جميعا ، ورفع الله منزلتهم ، وأعلى الله درجتهم في الفردوس الأعلى ..
اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم ..
اللهم بارك على أوصالهم ، وارزق أهلهم وإخوانهم وأحبابهم منهم العوض واخلفهم فيهم يا رب العالمين ..
اللهم إذ قد أدبرت أيامنا من عاصم بسلامٍ منك ، فأمتعنا من خلفه بإقبال برحمتك ولطفك ..
وإذ قد أخذتَ برحمتك مطيعا ، فاجعل من خلفه معتصماً بحبلك يا كريم .
آمين
حق لعاصمٍ وإخوانه أن يقال فيهم الشعر وأن تسطّر سيرهم الطيبة ، لتكون تذكاراً لمن عرفهم ومن يسمع عنهم ، وجزى الله أخانا الشيخ أبا يحيى حسن قايد خيرا على ما جادت به قريحته في ذكرهم والتنويه بهم ، وبارك الله فيه وحفظه ورعاه ..
والحمد لله رب العالمين .
? قف بالمنازل واقصد نحو ناديها =واستمطر الدمع غيثاً من مآقيها
? وقلب الفكر في ذكرى حوادثها=واذهب وأُب بالمراثي في نواحيها
? وسل دياراً عفت من بعد بهجتها=ما بال أثواب أحزان تغطيها
? ربوع أُنسٍ عهدناها مفتَّحة=أبوابُها للمعالي يُرتقى فيها
? واليوم صارت-وقد أوهى قواعدَها=فجائعُ الدهر – قفراً بلقعاً تِيها
? أين الوضاءة أم أين الصباحة بل=أين المسراتُ تلقى من يلاقيها
? قل للقوافي أما آن الآوان لأن=تصوغَ شعراً رصيناً من معانيها
? ناديتها صارخاً والبثُّ يدفعني=فكم سأبقى بآلامي أُناديها
? فاضرب عن الشعر صفحاً وافتتح صحفاً=فيها المكارمُ ألوانٌ توشيها
? واقرأ سطوراً من الأخلاق سامية=حروفها الجود والإحسانُ تاليها
? مدادها الصبر يُجريه اليراع بها=يراعُ صدق وإيمان فيُبديها(439/2)
? وقف ملياً على معنى الوداد ترى=عجائباً من خبايا الحُب يخفيها
? وإن ترُم أحرفاً خُطَّ الحياء بها=سبَتْكَ أنوارُها حسناً يُحليها
? مكارمٌ سامياتٌ كيف يدركها=في شأوها غيرُ أهليها ويحويها
? قد عشتُ حيناً أحييها فتسمعُني=وها أنا اليوم أبكيها وأَرثيها
? يا (عاصم) كنت فينا البدرَ نرقبُه=كلا بل الشمس كلا بل تُساميها
? سمتٌ ودينٌ وبذلٌ لا تكِلُّ به=وبسمة مثلُ ضَوء الصبح تُهديها
? نديُّ قلب سخيُّ النفس قد جُبلت=فيك الفضائل لا زوراً وتمويها
? أبيتَ إلا حياة يُستطاب بها=عيشٌ عزيز بلا ذل يغشِّيها
? فلم تزل في بروج المجد مرتقياً=بالعزم تسمو وبالإصرار تُدنيها
? في همةٍ كلما حلت بمنزلة=قالت : سواها وطارت في معاليها
? كم جرعتك الليالي كأس محنتها=فلم تَهبْها ولا أضناك داعيها
? ريح المنايا إذا هبت بساحتها=قلتَ المنايا بنفسي سوف أشريها
? لما رأيتَ المَنى يسري بأمتنا=آليتَ إلا ببذل الروح تُحييها
? فغبتَ عنا وأعقبت الفؤاد لظىً=إذا خبتْ جاءت الذكرى فتذكيها
? آهٍ أخي من صروف الدهر ما فتئت=تفت فينا وما زلنا نعانيها
? لكنما الصبر زاد كلما هجمت =جند البلايا وهدَّتنا دواهيها
? فمن فؤادي إلى قبر ثويت به=أهدي تحايا صفاءُ الود يسقيها(439/3)
رسالة الى الشهيد عبد الله عزام
---
جرحي بجرحك يا عزام مقرون ... جرح تشاركنا فيه الملايين
همومنا يا أخا الإسلام واحدة ... فالنفس شاكية والقلب مطعون
خريطة الحس في قلبي موزعة ... على جراحي ، ولم تخل الميادين
ما زال يرهقني قلبي بأسئلة ... جوابها خلف باب الصمت مسجون
يا شاعر الحزن سل الحزن صارمه ... فهل سيحميك شعر منه موزون
اعانك الله فالأحداث عاصفة ... والجرح منتفخ الأوداج مجنون
هذا هو الليل قد طالت نوائبه ... والنجم مستسلم والبدر مدفون
سفينة الحزن في الأعماق مبحرة ... فيها من الألم القاسي أفانين
خاضت بحار أحاسيسي فما وقفت ... إلا وقد غرست في القلب سكين
هذي [بشاور] تبكي فقد فارسها ... فيستجيب لها بالدمع [جيحون]
جبال [بامير] غطت وجهها أسفا ... على فراقك وارتاعت فلسطين
أبنتك اليوم والأحزان عاصفة ... لوكان يرجع من قد مات تأبين
يافارسا غاب عن أرض الجهاد وفي ... أجفانه حلم بالدمع معجون
أراحك الله من عصر قد اختلطت ... فيه الأمور وخانته الموازين
سمت بك الروح في آفاق عزتها ... عن كل خاطرة يدعو لها الطين
عزفت عن زينة الدنيا وزخرفها ... لأن قلبك بالايمان مسكون
انى تغرك في الدنيا جواهرها ... والدر في جنة الرحمن مكنون
كانني بك والأعراس قائمة ... تزف فيها إليك الحور و العين
كانني بك والأنهار جارية ... على شواطئها ورد ونسرين
على شواطئها الأشجار مورقة ... طلح وتين ورمان وزيتون
ما مت بل نحن متنا في تخاذلنا ... وأنت حي وفي القرآن تبيين
لا تحسبن الألى في الله قد قتلوا ... ماتوا ، فمنزلهم في الخلد مضمون
كأنني بك والألغام جاثمة ... على طريقك والبارود مشحون
تقول لابنيك لوذا بالإله ففي ... جواره لدعاة الحق تمكين
أوصيت أهلك بالصبر الجميل وإذ ... ساقت اليك المنايا الكاف والنون
لوخيرت آلة التفجير ما انفجرت ... ولا استجابت لما ترجو الشياطين
قضاء ربك أمضى من تآمرهم ... لو لم يقد ر لما أرداك مأفون
يا فارس الحق في عصر يقام به ... قدر الغنى ويجفى فيه مسكين
وسائل النشر والإعلام يشغلها ... عنكم لقاء وتوديع وتدشين(440/1)
تذوب وجدا إذا ماتت مغنية ... ولاتبالي إذا مات الملايين
وقفت تنظر والتجار قد شغلوا ... بمالهم ، فأعف القوم مبطون
نظرت والأمة الغراء واقفة ... على الرصيف وصك الدار مرهون
أواه كم حطمت آمال أمتنا ... وقدمت للطواغيت القرابين
نحن الصغار نداري أنفسا جبلت ... على السكوت ، وغرتها العناوين
نحن الصغار وقد هانت عزائمنا ... وأرغمتنا على التسليم صهيون
نحن الصغار فأقصى مانؤمله ... أن يشمل الدار تشييد وتزيين
وأن تدوم لنا أصناف مأكلنا ... وأن يكون لنا في البنك تأمين
يا فارسا كان للرشاش في يده ... زهو وفي قلبه تغلي البراكين
أبكيك من أجل أيتام يداهمهم ... برد الشتاء وجوزيف وكوهين
أبكيك من أجل ثكلى كنت تمنحها ... من الرعاية ما أوصي به الدين
أبكيك من أجل شيخ لا معين له ... فالرجل مشلولة والظهر عرجون
أبكيك من أجل قوم تاه مرشدهم ... وضللتهم عن الحق القوانين
تفرقوا وامتطى كل رغائبه ... ودق ما بينهم للذل إسفين
أبكيك من أجل أوطان يساومها ... على الكرامة شامير ورابين
أبكيك من أجل إخوان لنا شربوا ... كأس التعاسة مما سن لينين
أبكيك من أجل أجيال أسلت لهم ... نهر الكرامة فاخضرت بساتين
أبكيك يا فارسا تبكيه أمته ... حزنا عليه ويبكيه المساكين
يا فارسا لم يكن يعطي رغائبه ... بالا ففي قلبه للحزم تكوين
أحييت في أمتي روح الجهاد وقد ... قضى عليها من الأعداء توهين
شباب أمتنا، ماتت عزائمهم ... حينا ، فطال علينا ذلك الحين
مرت عليهم سني الخوف مجدبة ... وقد أقامت على الذل الشواهين
تدار فيها كؤوس الوهم أن بنا ... ضعفا وقد أرغمت منا العرانين
حتى إذا جئت شد الفجر مئزره ... فينا ودارت بما فيها الطواحين
فجن مما رأى فرعونهم وبكى ... هامانهم وانتهى بالخسف قارون
حركت همة أجيال أبنت لها ... أن الجهاد لنيل الخلد عربون
غرست في كل قلب يائس أملا ... في الله فارتد خوان ومأفون
كسرت حاجز خوف كان يحجزنا ... فسار من خلفك الغر الميامين
بعت اللذائذ والدنيا شريت بها ... أخراك ، فابشر فان الربح مضمون
ما كان قولك ألفاظا ترددها ... جوفاء لكنه بالفعل مقرون(440/2)
أخي الحبيب وما أحببتكم عبثا ... وليس في الحب تزويق وتلوين
فالحب حين يصير الصدق منهجه ... يسمو ، ولايزدريه المنطق الدون
أحببت فيك أخا في الله ميزه ... في الحرب حزم ، وعند الإخوة اللين
ماكان يشغله تلميع مظهره ... لكن طائره في الخير ميمون
ما قيمة الشكل في قول وفي عمل ... إذا حوى سيء الأفكار مضمون
عزيت فيك فؤادي بات من ألم ... يشكو ، وضاقت عن الحزن الشرايين
عزيت فيك بلاد العرب قاطبة ... والمسلمين ومن في قلبه دين
عزيت فيك ربى الأفغان أحزنها ... أن تنفث السم في الدرب الثعابين
رحلت عنا وقد علمتنا لغة ... من الإباء لها يرنو السلاطين
كأنني بك تدعونا وقد نبتت ... أمام رجلك في الدرب الرياحين
من سره أن يرى تاريخ أمتنا ... تعود منه لنا بدر وحطين
فبين كابول والأقصى له صور ... بها تقام على الباغى البراهين(440/3)
رسالة إلى بوش وأمته الأمريكية
[الكاتب: أبو مصعب السوري]
سنجعلُ صبحكمْ ليلاً بئيسا ... ... كوجهِ النحسِ وجهِ الكونديليسا
ونرغمُ أنفكمْ بين البرايا ... ... ليصبحَ مثلها أنفاً فطيسا
ونجعلُ حالكمْ حيصاً وبيصاً ... ... كحالةِ شَعْرِها إذ ما تميسا
فيصبحُ منكمُ الغادي حزيناُ ... ... ويمسي فيكمُ الساري تعيسا
ونخمدُ منكمُ الأنفاسَ قهراً ... ... فلا يُسمعْ لناديكمْ حسيسا
علوجَ الرومْ قد جئنا رجالاً ... ... وركباناً لنجعلكمْ هريسا
ندكُ بروجكمْ إذ ما تسامتْ ... ... إلى العليا تنافسُ من يقيسا
فيصبحُ رسمها خلقاً وتمسي ... ... يباباً بعدَ أنْ كانتْ عروسا
فتصفرُ بينها الأرياحُ أن قدْ ... ... تحولَ عِزُّها كوماً هميسا
فما ظهرُ المطايا خيلُ قومي ... ... ولكنْ عبوةً حملتْ عريسا
يسارعُ للجنانِ خفيفَ حاذٍ ... ... ليْلقَ الحورَ والقصرَ النفيسا
يفرُ الموتُ منا خوفَ ضرٍ ... ... فندركهُ ونصحبهُ أنيسا(441/1)
وقفة مع أبيات في قصيدة هاشم الرفاعي
( رسالة في ليلة التنفيذ )
يقول هاشم الرفاعي في قصيدته الرائعة ( رسالة في ليلة التنفيذ ) والتي صوّر فيها محكوماً بالإعدام يخاطب أباه في أخر ليلة من عمره قبل تنفيذ حكم الإعدام .. والتي مطلعها :-
أبتاه ماذا قد يخطُّ بَنَاني ... والحبل والجلاد ينتظراني
هذا الكتاب إليك من زنزانةٍ ... مقرورة صخرية الجدرانِ
لم تبق إلا ليلة أحيَا بها ... وأَحسّ أنّ ظلامها أكفاني
قد عشت أُوقن بالإله ولم أذق ... إلا أخيراً لذة الإيمان
إلى أن يقول :
والصمت يقطعه رنين سلاسلٍ ... عبثت بهنّ أصابع السجّان
من كوّةٍ في الباب يرقب صيده ... ويعود في أمن إلى الدورانِ
أنا لا أحس بأي حقدٍ نحوه ... ماذا جنى فتمسّه أضغاني
إلى أن يقول :
لكنه إن نام عني لحظةً ... ذاق العيالُ مرارة الحرمانِ
فأقول: قد جنى تكثير سواد الظالمين ونصرة باطلهم وإعانتهم على ظلمهم. ورزق العيال عند الله،
ولا يُنال ما عند الله بمعصيته، وأقوله شعراً :-
قف ها هنا يا صاحِ هوناً فلنا ... مع هذه الأبياتِ قولٌ ثاني
إن الذي نصرَ الطغاة وعانهم ... ذاك الخؤون وناصر الطغيان
ذاك الذي خذل الشريعة والهدى ... ومضى لينصر شرعة الشيطان
يغدو ويأتي مكثراً لسوادهم ... الشانئين لشرعة الرحمن
يُمسي ويصبح مغضباً لإلهنا ... إن شئت فانظر ما روى الطبراني(1)
واذكر إجابة ذلك العلم التقي ... أعني سعيداً ذلك الرباني
في سجنِ حجّاج هناك لسائلٍ ... هل عونَ ظالم مهنةَ السجّان
فيقول بل ذاك الظلوم بعينه ... فاحذر هديت مزالق الشيطان
لا بدّ من بغضٍ وكرهٍ نحوهم ... هذي دعائم عروة الإيمان(2)
وكذاك لا يُرضى اعتذارك عنهمو ... بالرزق أو خوفاً من الحرمان
لولاهمو ما دام فيها ظالمٌ ... لولاهمو شُلّت يد الطغيان
__________
(1) روى الإمام أحمد والطبراني حديث ( يكون في أخر الزمان شرطة يغدون في غضب الله ويروحون في لعنته ) وفي زيادة الطبراني ( فإيّاك أن تكون من بطانتهم )
(2) حديث ( من أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله )(442/1)
إن الطغاة بغيرهم لا يصمدوا ... كالفأس مشدوداً إلى العيدان
أوَليسَ قد قالوا مثالاً نافعاً ... عن غابةٍ مقطوعة الأغصانِ
قالت وقد قرب الفناءُ يلفها ... من فأس حطّاب عنيد جان
يا فأس هوناً قد قطعت فروعنا ... وأصولنا قد قربت من الهويان
فأجابها الفأس العنيد بغلظة ٍ ... أوَليسَ أغصاناً لك أعواني
لو لم يكن عَوْني غصونك لم أكن ... لأقطِّع الأغصان في البستانِ
وكذاك طغيان الطغاة فإنه ... لا يستمرّ بفقده الأعوان
ولذلك قد شمل الإلهُ عذابهُ ... أجناد فرعون معَ هامانِ
وكتبه/ أبو محمد عاصم المقدسي
صفر 1415 هـ
سجن المخابرات - زنزانة رقم 32(442/2)
رسالة من الشهيد محمد الدّرة إلى قنّاص يهوديّ
د. مباركة بنت البراء 19/8/1425
03/10/2004
كُتِبت هذه القصيدة أيام قيام الانتفاضة الثانية بعد استشهاد محمد الدّرة بيومين
رصاصَكَ سدّدْ فالصدورُ مواقدُ
وبالأرض من همّي جوًى متصاعدُ
رصاصَكَ سدّدْ يا حقودُ فلا أنا
من القتل مُزْوَرٌّ ولا أنا شاردُ
أنا من دمي تخضَرّ أرضي وتنتشي
وينبتُ جيلٌ يألفُ الهمّ واعدُ
وتنبت من كل الشظيّات أذرعٌ
وتنبتُ هاماتٌ وتنمو سواعدُ
تراهن أن تبقى لها الأرضُ موطناً
وفي كل فج كل صوبٍ تجالدُ
أناالأرضُ عشقي حيث كنت يظلّ
بي إليها حنينٌ عالقُ الحبّ آبِدُ
ولستُ أُبالي أن يُفجّر صاعِقٌ
ولستُ أُبالي أن يُهوّم راعدُ
أنا ماجدُ الأعراقِ جدّيَ ماجِدٌ
أبي ماجدٌ عمي كذلك ماجدُ
غَذَتنيَ أمّ برةٌ بِلِبانها
نمانيَ أصلٌ طارقُ العرقِ تالِدُ
وبالرّملِ منّي لو تبيّنتَ جوهرٌ
وفي الماء منّي لو تعلّقْت ماردُ
وأُومنُ أنّ الأرضَ حِضني ومَوْئلي
وأُومنُ أنّ اللهَ ربّيَ واحدُ
وأحفظُ تاريخي أَعيهِ حكايةً
تلقّنتُها طفلاً ووعييَ راشِدُ
وأعلم أنّ القدسَ أوّلُ قِبلةٍ
أتاها من الرحمن في الليل وافدُ
بها موكبُ الإسراءِ حلّ يؤُمّهُ
محمّدُ محمودٌ لدى اللهِ حامدُ
تقدّمْ وسدّدْ كلّ حقدِك دفعةً
فأنت قضاءٌ في البلاد وشاهدُ
تعيث بقُدسي عابثاً بمساجدٍ
بها راكعٌ لله دوماً وساجدُ
سنابلُ قمحي من عنائِيَ أجدبتْ
وزهرُ الرّوابي لوعةٌ ومواجدُ
فيا وجعَ الآباءِ يوم فراقِنا
ويا حُزنَ الماماتِ ماذا تكابدُ
أبي ضُمّني لا تأسَ ما أنا ميّت
شهيدٌ أنا حيٌّ وبالأرض خالدُ
نعم ها أنا أختالُ تيهًا يحفّ بي
من الله روحٌ والجنانُ زغاردُ
أقمْ عرسَكَ العلويَّ واجمعْ أحبّةًّ
فللهِ يا اللهُ تلك المقاعدُ!
وبلّغ لأمي أن تُزَيّن جيدَها
قلائدَ صبرٍ نعم هنّ قلائدُ
سنبقى بأرضٍ نحنُ فيها أوائلٌ
ونحن لها شمسٌ ونحن فراقدُ
سينصرُ ربّي دينَه وستنجلي
مع الزمن الدّوارِ تلك الشدائدُ(443/1)
أيا قانصَ الأطفالِ دربُك مغلقٌ
وكفّك مشلولٌ ويومُك بائدُ
فمهما سطوْتَ اليومَ إنّك زائلٌ
ومهما تعدْ يوماً فإنّيَ عائدُ
فكلّ دماءِ الرائحين سنابلٌ
وكلّ الدموعِ الهامياتِِ قصائدُ(443/2)
رسالة من تحت الماء
نزار قباني
إن كنتَ صديقي.. ساعِدني
كَي أرحَلَ عَنك..
أو كُنتَ حبيبي.. ساعِدني
كَي أُشفى منك
لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً
ما أحببت
لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً
ما أبحرت..
لو أنِّي أعرفُ خاتمتي
ما كنتُ بَدأت...
إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني
أن لا أشتاق
علِّمني كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق
علِّمني كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق
علِّمني كيفَ يموتُ القلبُ وتنتحرُ الأشواق
إن كنتَ قويَّاً.. أخرجني
من هذا اليَمّ..
فأنا لا أعرفُ فنَّ العوم
الموجُ الأزرقُ في عينيك.. يُجرجِرُني نحوَ الأعمق
وأنا ما عندي تجربةٌ
في الحُبِّ .. ولا عندي زَورَق
إن كُنتُ أعزُّ عليكَ فَخُذ بيديّ
فأنا عاشِقَةٌ من رأسي حتَّى قَدَمَيّ
إني أتنفَّسُ تحتَ الماء..
إنّي أغرق..
أغرق..
أغرق..(444/1)
رسول الهدى (1)
محمد صلى الله عليه وسلم ...
بقلم الدكتورعدنان علي رضا النحوي
عَانِقي المجْدَ وَاخْفقي يَا بيدُ ... ... كُلُّ يَوْمٍ عَلى رِمَالِكِ عِيدُ
... ...
رَايةٌ بَعْدَ رَايَةٍ وَزُحوفٌ ... ... في مَيَادِينها وَفجْرٌ جَديدُ
... ...
لاَ يَزَالُ التّاريخُ يَدْفَعُهُ النَّصْـ ... ... ــرُ ويَبنِيهِ مُؤمِنٌ وشَهيدُ
... ...
وَالنُّبُوَّاتُ آيَةُ الله يُجْلَى الحَـ ... ... ـقُّ في نُورِها ويُجْلَى الوُجُودُ
... ...
تَصِلُ الأَرْضَ والزَّمَانَ فَتَمتَـ ... ... ــدُّ مَواثِيقُ أُمَّةٍ وَعُهُودُ
... ...
يَا لَحَقٍّ جُذُورُهُ ضَرَبَتْ في الأَ ... ... رْض وامْتَدَّ سَاقُهُ والعُودُ
... ...
إِنَّهُ جَوْهَرُ الحَيَاةِ وَفَيْضٌ ... عَبْقَرِيٌّ وَفاؤُهُ وَالجُودُ
... ...
إِنّهُ الوَحْيُ والرِّسَالةُ لِلنَّا ... ... سِ و هذا رَسُولُها المَشْهودُ
... ...
سَيِّدُ النَّاس ! بَيْنَ نَصْرٍ من اللَّـ ... ... ــهِ وَعِزًّ لِوَاؤُه مَعْقُودُ
... ...
إِنَّهُ أَحْمَدُ النّبيُّ ! فَبُشْرَى ... ... بَيْنَ آياتِ رَبِّهِ وَوَعِيدُ
... ...
فَمِنَ اللهِ كُلُّ فَضْلٍ عَلَيهِ ... ... آيَةُ الحقِّ والهُدَى التّوحِيدُ
... ...
* * ... * ... * *
يَا جَلالَ الإِسْراء : يحْمله الشـ ... ... ـوْقُ وَجِبْريلُ والبُرَاقُ الشَّديدُ
... ...
والفَضَاءُ الممتَدُّ يَنْشُرُ أَنْوا ... ... راً فَتَنَشَقُّ ظُلْمَةٌ وسُدُودُ
... ...
أَيُّ نُورٍ يَطُوفُ بالكَوْن تُجلى ... ... مِنْ سَنَاه أَحْنَاؤُنَا و الكُبُودُ
... ...
إِنه المُصْطَفَى ! أَطلَّ فَهَبَّتْ ... ... لِلقَاهُ نُبُوَّةٌ وَجُدُودُ
... ...
وإِذا السِّيدُ العَظِيمُ إِمَامٌ ... ... وجَلاَلٌ يَحُوطهُ وحُشودُ
... ...
وإِذا أَنْتِ يا فِلَسْطِينُ نُورٌ ... ... يَتَلاَلاَ وَجَوْهَرٌ وَعُقُودُ
... ...
فاخْشَعي يا رُبَى فهذِي دُرُوبٌ ... ... لجِنانٍ وَمَحشَرٌ وخُلُودُ
... ...
وَربَاطُ للهِ تَحْرُسُهُ العَيْـ ... ... ــنُ و قَلَبٌ ووثْبَةٌ وَزُنُودُ
* * ... * ... * *
يَا ظِلاَلَ الأَقْصَى ! نَدَاكِ غَنيُّ ... ... بالرَّجَا ، صَادِقُ الوَفَاءِ ، رَغيدُ
... ...(445/1)
كلُّ شِبْرٍ بِهِ مَوَاقِعُ وَحْيٍ ... ... وَجِهادٌ عَلَى الزّمَانِ جَديدُ
... ...
إِنَّ دَاراً يحَوطُها اللهُ تأْبى ... ... أَنْ يُخَانَ الوَفَا وتُطْوَى الوُعُودُ
... ...
إِن أَرضاً لله لاَ يَتَوَلّى ... ... عن حِمَاهَا فتىً أَبَرُّ جَلودُ
... ...
مَنْ يَخُنْ عَهْدَهُ مَعَ الله يُرْهِقْـ ... ... ـهُ عَذَابٌ مِنْ ربِّهِ وَصَعُود (2)
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! سَلاَمٌ مِنَ اللَّـ ... ... ـهِ ومِنْ مُؤمِنٍ لَهُ تَرْديدُ
... ...
وصَلاةٌ عَلَيْكَ ، تَخْشَعُ فِيها ... ... أَضْلُعٌ أَسْلَمتْ وهذِي الكُبُودُ
... ...
كُلُّ فَتْح بَلغْتَهُ هَو آيا ... ... تٌ مِن الله خَيْرُها مَمدودُ
... ...
غَيْرَ أَنَّ القُلوبَ أقسى على الفَتْـ ... ... ـحِ وَأغْلى سبيلُها والجهُودُ
... ...
فَسَبيلُ القُلوبِ هَدْيٌ من اللـ ... ... ــه ، سَبيلُ البِلادِ سَيْفٌ حَدِيدُ
... ...
فإذا مَا التَقى على الحقِّ سَيْفٌ ... ... وَبَلاغٌ فَذَاك فَتحٌ مَجِيدُ
... ...
فَبَنَيْتَ الَّذي تُقَصِّرُ عَنْهُ ... ... عَبْقَرِياتُ أَعْصُرٍ وَحُشودُ
... ...
أُمّةُ لمْ تَزَلْ إِلى الله تَسْعَى ... ... هي فَتْحٌ مِنْهُ وَنَصْرٌ فَريدُ
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! سَلاَمٌ مِن اللَّـ ... ... ـهِ ومِنّا الوَفاءُ والتوحِيدُ
... ...
وَصَلاةٌ عَلَيكَ نَعْبُد فِيها اللَّـ ... ... ـهَ نرجو رضاءَه ونُعيدُ
... ...
رَحْمةٌ أَنْتَ لِلعِبَادِ مِنَ اللَّـ ... ... ــهِ وفَضْلٌ مُهْدًى وَخَيْرٌ مَدِيدُ
... ...
فاذْكُرِي " أُمَّ مَعْبَدٍ " قِصَّة الشَّـ ... ... ـاةِ وَقَدْ جَفَّ ضَرْعُها والوَرِيدُ (3)
... ...
مَسَحَ الضَّرْعَ في يَدَيْه رَسُولُ الـ ... ... لَّه فاشَتدَّ دَرُّهَا والجُودُ
... ...
رَوي الصَّحْبُ وانْثَنَوا وكأَنّ الضَّـ ... ... ـرعَ تَدْعو : لَئِن ظَمِئتُمْ فعودوا
... ...
آيةُ الله في يَدَيْهِ وَذِكْرُ الـ ... ... ـله في قَلْبِهِ خُشُوعُ وَحِيدُ
... ...
إِن رَوَى الصَّحْبَ كَفُّهُ فَهُدَاه ... ... يَرْتَوِي منه صَاحِبُ وَبَعيدُ
... ...(445/2)
يَرْتَوي الدَّهْرُ من هُدَاه فَيَدْنُو ... ... مؤمِنُ خَاشِعُ وَيَنْأَى كَنُودُ
* * ... * ... * *
أَيُّها المصطفى ! تَفَرَّدْتَ في الخَلْـ ... ... ـقِ نَبِيّاً عُلاَكُ أُفْقُ فَرِيدُ
... ...
أَنْتَ مَعْنَى الوَفَاءِ : ذِكْرُكَ في الأَرْ ... ... ضِ حميدٌ وفي السَّماءِ حَميدُ
... ...
زَانَكَ اللهُ ! حُسْنُ وَجْهكَ إِشْرَا ... ... قٌ وإِشْرَاقُهُ جَلاَلٌ وَدُودُ
... ...
لا تَكادُ الشُّهُودُ تَملأ عَيْنَيْـ ... ... ـها فَيُغْضِي مِنَ الجَلاَل الشُّهُودُ
... ...
ذِرْوَةُ البَأْسِ في فُؤادك في الحَرْ ... ... ب إِذا احْمرَّ بأَسُهُا وَرُعُودُ
... ...
لَوْ تَنَادَوا مَن الفَوَارسُ في الدَّهْـ ... ... ــر لَقالُوا : ذا الفَارِسُ المَعْدُودُ
... ...
أَنْتَ في الحَرْب يَحْتَمي بِكَ أَبْطا ... ... لٌ وَيأْوي لِظِلِّكَ الصِّنديدُ
... ...
حَسْبُكَ المَدْحُ أَنْ تكون عَلَى خُلْـ ... ... ـقٍ عَظيمٍ يُتْلَى بِهِ الكِتابُ المُجيدُ
... ...
كُلُّ آيٍ مِنَ الكِتابِ وَذِكْرٍ ... ... هُوَ ذِكْرٌ على الزَّمَانِ جَدِيدُ
* * ... * ... * *
يَا رسُولَ الهُدَى ! حَمَلْتَ إِلى النَّا ... ... سِ سَلاماً يَرْعاه دِينٌ وصِيدُ
... ...
كم مَسحْتَ الدُّمُوعَ آسيتَ مَحْزَو ... ... ناً فَحَنَّتْ إِليك مِنْهُمْ كبُودُ
... ...
وَدَفَعْتَ الأَسَى وَرَعْشَة خَوفٍ ... ... فاطمأَنْت إِلى الوَفاءِ العُهودُ
... ...
أَنْتَ أَرجَعْتَ لابنِ آدَمَ حَقّاً ... ... كَمْ أَضاعَتْهُ فِتنةُ وجُحُودُ
... ...
وَعُتأةٌ بَغَوا عَلى النّاس حَتَّى ... ... تَاهَ في الدرْب جَائعٌ وطَرِيدُ
... ...
يا حُقُوقَ الإِنسان ! هذا هو الحَـ ... ... ـقُّ ! سِواهُ فباطِلٌ مَرْدودُ
... ...
إِنَّها مِنْحَةٌ مِن الله ! حَقٌّ ... ... لمْ تُشَرِّعْهُ عُصْبَةٌ وَعَبيدُ
... ...
فاسْتَقيموا للهِ نَبْنِ سَلاماً ... ... لمْ تخالِطْهُ فِتْنَةٌ ووعودُ
* * ... * ... * *
يَا رَسُولَ الهُدَى ! عَدَلْتَ وسَاوَيْـ ... ... ـتَ فَمَا جَارَ سَيِّدٌ ومَسُودُ
... ...
جَمَعَ اللَّهُ أُمَّةَ الحَقِّ إِخْوَا ... ... ناً فَهبّتْ عَزائِمٌ وَجُهودُ
... ...(445/3)
غَيْرَ أَنَّ الزَّمَانَ حَالَ فَعَادتْ ... ... للشّياطِين دَولَةٌ وجُنودُ
... ...
أَشْعَلُوا الأَرْضَ فَجَّروهَا بَرَاكِيـ ... ... ـنَ فَمَادَتْ ذُراً ومَادَ عَمُودُ
... ...
صاحَ من هَوْل مَكْرِهم كُلُّ جَبّا ... ... رٍ وَجُنَّ اللَّهيبُ " والأُخدودُ "
... ...
غَيرَ أَنَّ اليقينَ يَبقَى ويمضي ... ... مَوكِبُ الحَقِّ يَجْتَلي وَيَرودُ
* * ... * ... * *
كَيْفَ أَرْقَى إِلى مَديحِكَ لكنْ ... ... غَلَبَ الشَّوقُ والحَنينُ الشّديدُ
... ...
غَلَبَ الشوقُ رَهْبَتي ، وصِرَاعٌ ... ... في فُؤادِي يَغيبُ ثُمَّ يَعُودُ
... ...
كُلَّما لَجَّ في فُؤادِيَ شَوْقٌ ... ... دَفَعَ الشَّوْقُ رَهْبَتي فَتَزيدُ
... ...
وإذا بالخُشُوعِ يَرْفَعُ أَشْوَا ... ... قي فَتَصْفُو وتَرْتَقي فَتَجُودُ
... ...
إِنما الله وَ الرَّسُولُ هُمَا الحُـ ... ... ــبُّ وَ لله وَحْدَه التَوحِيِدُ
... ...
يا لدَرْبٍ شَقَقَتَهُ " في سَبِيل الـ ... ... ـلَّه " عَهْدٌ عَلَى الزَّمَانِ جديدُ
... ...
مَاجَ فِيهِ مِنَ الهِدَاية نُورٌ ... ... وسَرَايا تتابَعَتْ وحُشوُدُ
* * ... * ... * *
... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ...
... (1) ألقيت هذه القصيدة في مؤتمر حول ( المدائح النبوية تاريخها وأساليبها ) . أورانج أباد في الهند خلال الفترة : ( 26 ـ 28 )/2/1409هـ الموافق (7ـ9)/أكتوبر 1988م ثم جعلت هذه القصيدة جزءاً من ملحمة الأقصى وديوان مهرجان القصيد . وقدّمت في هذا المؤتمر بحثاً حول ( الإِطار الصحيح والأسلوب الأمثل للمدائح النبوية ) .
(2) صَعُود : جَبَلُ في جهنم ، عقبة شاقة .
(3) ( أمُّ معبد ) صاحبة الخيمة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسألان لحماً وتمراً يشتريانه منها . فلم يصيبوا شيئاً . فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة خلفها الجهد عن الغنم ودعا وسمى الله تعالى ، فتفاجَت عليه وذرت وروي الجميع . فآمنت وبايعت على الإسلام . ...(445/4)
رعشة الشهداء
بسم الله الرحمن الرحيم
محمد الزهيري
رعشة الشهداء
في رثاء الشهيد القائد ابي الخطاب عمر الحديد
قائد ملحمة الفلوجة
يا نافحاً عطراً تنزّه حرفُهُ
****************** عِقداً ترفّل رقّة َ العشاق ِ
هذا قريض ٌ بالإباء مُخضّب ٌ
*************** عَبِق ٌ سأحرق بعده أوراقي
يا سيد الشعراء قد أتحفتنا
************ وقريض ُ شعرك نُزهة ُ المشتاق ِ
جعل الإله بكل ِ حرف ٍ منزلا ً
************* وأضاء َ وجهك َ لامح ُ الإشراق ِ
عَرّج ْ لنَرقُبَ في خشوع ٍ
***********رعشة َ المتوضئين بأحمر ٍ دفاق ِ
يا نخوة َ الشرفاء ِ إن بلادنا
*********** ديست ْ وملئوا الإرض بالسُراق ِ
فلوجة ُ الشهداء ِ صرخة ُ باذل ٍ
ِ*********** أسرج ْ الي َّ بصافنات ِ عِتاقِ ِ
لبّى أبو الخطاب ِ يطرق ُ لحمُه ُ
*********** باب َ السماء ِ بآخر ِ الأرماق ِ
أنا حدة ُ التوحيد ِ وابنُ عقيدة ٍ
********* يُفدى حماها بالدم ِ المهراق ِ
نادي على عمر َ الحديد ليفتدي
********* طُهر َ الفرات ِ وعزة َ الأعناق ِ
ومكبر ٍ عصف َ الحنين ُ بوجده ِ
******** ليفوح َ ريح ُ المسك ِ من أعذاق ِ
لمّا رأى سهم َ المنية ِ حثّهُ
********* صوب َ الفؤاد ِ بنغمة ِ الأشواق ِ
ويرد َ عادية َ المغير ِ بصدره ِ
********** حتى تسربل َ من دم ِ الخفاق ِ
من أهل بدر ٍ فيك َ نخوة ُ مقبل ٍ
********** يا ابن َ العراق ِ وأطهر َ الاعراق ِ
قوم ٌ على سُرُج ِ العِتاق ِ توالدوا
******** والقاصمون الخصم َ حين َ تلاقي
ولدوا على فُرُش ِ المروءة ِ والندى
*********** ما حاد آخرهم ْ عن الميثاق ِ
ُفطموا على ُطهر ِ الحنيف ِ وُأترعوا
************* من ثدي عز ٍ أنبل َ الأخلاق ِ
شَبّوا على عِشق ِ الشهادة ِ والفدا
*********** ولكل ِ مكرمة ٍ خيول ُ سباق ِ
وتشبثوا ِبعُرى اليقين وكلما
********* جاش َ الغُزاة ُ تشمّروا عن ساق ِ(446/1)
مقدمة القصيدة موجهة لشاعر وحيد كتب عدة ابيات لعمر حديد
وعندما علقت على ابياته وهي ستة ابيات قال لماذا لا تكتب انت رثاءً في عمر الحديد
الحمد لله اني فعلت
الحقنا الله بك يا عمر الحديد يا عقال رأس الشرفاء من اهل التوحيد [B][/B](446/2)
رفض الذل
يقول عمرو بن مكثوم
بأي مشيئة عمرو بن هند تطيع الوشاة و تزدرينا
تهددنا و توعدنا ؟ رويدا متى كنا لأمك مقتوينا
فإن قناتنا يا عمرو أعيت على الأعداء قبلك أن تلينا
إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفاً َبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِيْنَا
مَلأْنَا البَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا وَظَهرَ البَحْرِ نَمْلَؤُهُ سَفِيْنَا
إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِيٌّ تَخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجِديْنَا(447/1)
رمضان وفراقه
يقول الشاعر:
فيا عين جودي بالدمع من أسف على فراق ليالي ذات أنوارِ
على ليالي لشهر الصوم ما جعلت إلا لتمحيص آثام وأوزارِ
ما كان أحسننا والشمل مجتمع منا المصلى ومنا القانط القاري
فابكوا على ما مضى في الشهر و اغتنموا ما قد بقى إخواني من فضل أعماري
******************
يقول الشاعر: يس الفيل
يصف حبه لشهر رمضان
أنا فيك .. من ولهي أكاد أذوب ولديك طيش عن عماه يتوب
أهواك .. لا سفه يدور بلهفتي أبدا .. ولا أنا عن سناك أغيب
إني إلى ملأ الهداية أنتمي وتفيض منك على هداي طيوب
لله صومي فيك يرفعني مدى عن كل ما يصم التقى ويعيب
إن جف حلقي أو تضورت الخطى من جوعها.. وبها استبد شحوب
أدمنت صبري، واستعنت بخالقي هو لم يزل ممن يحب قريب
فإذا بإيماني يقود مطيتي لذرا .. بها لا تستقيم عيوب
وإذا بأنداء الصفاء تلفني وإذا بصومي للجراح طبيب
دُر بي كما تهوى فأنت حبيب أو نحّني.. فأنا الهوى المشبوب
ثقة الجوارح أنها بك تحتمي إن حاصرتها في الوهاد ذنوب
تحياك .. إما جئت .. صدق محبة على هداك من الضياع تؤوب
وإذا رحلت وأنت أكرم راحل فشذا يقينك أنت .. ليس يغيب
إن الخطى بك تستجير فكن لها سندا إذا عصفت بهن خطوب
رمضان يا نغم الهداية لم تزل تفديك منا أنفس وقلوب
طف بالهدى واغمر بفيضك ساحة عطشى لعل قوى الضلال تثوب
وأعد بني زمني لدوحتك التي بالطهر تنضح، أيها المطلوب
ها نحن طول العام في غفواتنا نمضي.. ولكن خطونا مقلوب
شهواتنا خيل بغير قلادة أنى تكرّ .. فعدوها مرغوب
حتى إذا جنحت لأرض خطيئة ورست.. نطقنا: إنه المكتوب
أو ليس عارا أن نؤكد أننا خير الخلائق .. والرداء ثقوب؟
أو ليس يخجلنا عناد خيولنا وهي الفخارُ يصونه التهذيب؟
إني لأعجب من نعاس أحبتي عاما ولو أن الزمان عجيب
لكنها همم السمو تقلصت وبها التوت خلف التلال دروب
رمضان يا أملا لكل مؤمل القول فيك و إن أطلت يطيبُ
لو لم تكن .. أترى تعود سفائن والموج في إبعادهن دؤوب(448/1)
العام يمضي والرياح تردنا والشط ممن يسبحون قريب
حتى إذا ما رف طيرك وانتشت بك في المرافئ أنفس وقلوب
عدنا وعاد بك الترفع.. ما علا صوت بنا للمكرمات يهيب
فلتنطلق فوق المآذن دعوة لله أن لا تستجيب كروب
وكن الملاذ لأمة بك تحتمي إن حاصرتها في الدروب حروب
******************(448/2)
سؤال المخلوق
قال الشاعر:
لا تسألن من ابن آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
*****************
وقال آخر:
لا تحسبن الموت موت البلى إنما الموت سؤال الرجال
كلاهما موت ولكن ذا أخف من ذاك لذل السؤال
*****************
وقال آخر:
لا تسألن إلى صديق حاجة فيحول عنك كما الزمان يحول
واستغن بالشيء القليل فانه ما صان عرضك لا يقال قليل
من عف خف على الصديق لقاؤه وأخو الحوائج وجهه مملول
وأخوك من وفرت ما في كفه ومتى علقت به فأنت ثقيل
*****************
يقول أبو العتاهية:
من أرادَ الغِنَى فلا يسأل النَّاسَ فإنّ السّؤالَ ذُلّ وَلُومُ
إنّ في الصّبرِ وَالقُنوعِ غنى الدّهرِ حِرْصُ الحريصِ فقرٌ مُقيمُ
إنمَا الناسُ كالبهائِمِ في الرزقِ سَواءٌ جَهولُهمْ وَالعليمُ
ليسُ حزمُ الفتى يجرُّ لهُ الرزْقَ ولا عاجزاً يُعدُّ العديمُ
************************
يقول سليمان بن عبد العزيز الشقحاء:
ولست أرجو سوى الرحمن مسألة و لن أمد يدي يوما و لا قدمي
************************
يقول المتنبي:
لا تشتكي للناس جرحاً أنت صاحبه لا يشعرن بالجرح إلا من به ألم
************************(449/1)
سأحمل روحي على راحتي = وألقي بها في مهاوي الردى
فإمّا حياة تسرّ الصديق = وإمّا مماتٌ يغيظ العدى
ونفسُ الشريف لها غايتان = ورود المنايا ونيلُ المنى
وما العيشُ؟ لاعشتُ إن لم أكن = مخوف الجناب حرام الحمى
إذا قلتُ أصغى لي العالمون = ودوّى مقالي بين الورى
لعمرك إنّي أرى مصرعي = ولكن أغذّ إليه الخطى
أرى مصرعي دون حقّي السليب = ودون بلادي هو المبتغى
يلذّ لأذني سماع الصليل = ويبهجُ نفسي مسيل الدما
وجسمٌ تجدّل في الصحصحان = تناوشُهُ جارحاتُ الفلا
فمنه نصيبٌ لأسد السماء = ومنه نصيبٌ لأسد الشّرى
كسا دمه الأرض بالأرجوان = وأثقل بالعطر ريح الصّبا
وعفّر منه بهيّ الجبين = ولكن عُفاراً يزيد البها
وبان على شفتيه ابتسامٌ = معانيه هزءٌ بهذي الدّنا
ونام ليحلم َ حلم الخلود= ويهنأُ فيه بأحلى الرؤى
لعمرك هذا مماتُ الرجال = ومن رام موتاً شريفاً فذا
فكيف اصطباري لكيد الحقود = وكيف احتمالي لسوم الأذى
أخوفاً وعندي تهونُ الحياة = وذُلاّ وإنّي لربّ الإبا
بقلبي سأرمي وجوه العداة = فقلبي حديدٌ وناري لظى
وأحمي حياضي بحدّ الحسام = فيعلم قومي أنّي الفتى(450/1)
سحقاً ثم سحقاً
عندما كنت أبين لأنصار الشرك والقوانين حكم عملهم وأعظهم وأدعوهم إلى البراءة منه ومن أوليائه، كان بعضهم يعظني ويخوفني من التكفير، ويدّعي الإيمان والإسلام والإحسان، ويعجب من تكفيري له ولأوليائه، فكنت أتذكر قول أبي فراس الحمداني يوم وَعَظَه بعض الكفار في الحلال والحرام:
وما من أعجب الأشياء علجٌ يُعَرّفني الحلال من الحرام
وأنا أقول :
وأعجب منه جلادٌ كفورٌ ... وفيّ في مناصرة اللئام
ويسهر في اجتثاث الحق دوماً ... ويلقاني بمعسول الكلام
ويعجب ثمّ تكفيري لمثله ... وقطعي للمودة والسلام
وقد أسمعته حججي مراراً ... صراحاً بالكتابة والكلام
وكم أسهبت في شرح الدلائل ... على تكفير أنصار النظام
( ولكن لا حياة لمن أنادي ) ... فنور القلب يطمس بالحرام
كذاك الشرك يَختم كل قلبٍ ... ويورثه القساوة كالسِّلام(1)
فسحقاً ثم سحقاً ثم سحقاً ... لمن حُرم البصيرة في الأنام
وسحقاً ثم سحقاً ثم سحقاً ... لمن يُخدع بمعسول الكلام
وسحقاً ثم سحقاً ثم سحقاً ... لمن يجثو ويخنع كالنعام
وكتب/ أبو محمد المقدسي
سجن المخابرات
عُشّاق الظلام
هذه قصيدة كتبها أحد الأخوة ( ك ) لما أطلع على قصيدتي ( سحقاً ثم سحقاً ) التي عارضت بها أبيات لأبي فراس ومطلعها :
وأعجب منه جلاد كفور وفيٌّ في مناصرة اللئام
يقول ( ك )، حفظه الله:-
تمادى بالعماية والتعامي دعاة الغي عشاق الظلام
وشاءوا أن نسير كما أرادوا بلا رأي كقطعان السوام(2)
وألقونا بجب(3)القهر قسراً نعاني من جحيم الانهزامي
وساسونا بقانون دميم(4)يزيد بشاعة في كل عام
وغالوا(5)في غوايتهم علينا وباهوا في مصادرة الكلام
وفوق رقابنا شهروا بحقد حساماً للنجيع(6)الحرّ ظامي(7)
__________
(1) السِّلام: بكسر السين، صخر جلمد.
(2) السوام : الأنعام
(3) الجب : البئر
(4) دميم : قبيح
(5) غالوا : تمادوا
(6) النجيع : الدم
(7) ظامي : العطشان(451/1)
وفي أحلامنا النشوى تفشوا(1)سريعا –ويلهم- مثل الجُذام
ومازلنا نكابد بطش جرح توغل في صميم القلب دامي
ولم نفتأ نسامر دمع عينٍ تحدّر في ليالي القهر هامي(2)
وفوق رؤوسنا انقلبت أمور وندفنها بحمق كالنعام
وفي سوق الهوان نباع جهراً ولا حام يذب(3)ولا محامي
أتعجب من جاهلة جاهلي عقيم الفكر مكبوح المرام ؟
أتعجب من سفاهة من أراه حماراً هام عشقاً باللجام ؟
أتعجب مقدسيٌ ؟ وأي أمر عجيب أن ترى لؤم اللئام؟
فإن ابن الحرام يتيه(4)فخراً إذا ما طاف في دنيا الحرام
وأعجب من تكالبنا بطيش على عيش المهانة والخصام
وأعجب أن نعيش بُعيد(5)عز عزيز شامخ العيش الهوام(6)
فبالأمس المفارق قد ملكنا زمام الكون في حد الحسام
وكنا للعلا نمضي أباة نُدمدم مثل موج البحر طامي(7)
ها صرنا –فوا أسفاه- صرنا مداساً تحت أقدم الأنام(8)
وصرنا بعدما حزنا المعالي بقدرتنا ، صعاليك السلام
وبعنا مجدنا الزاهي بزهد وتهنا في فيافي(9)الانقسام
وضعنا في سراب الحقد حتى تروينا من صديد الانتقام
فيا ليت الزمان يعود حتى نشم شذى(10)الكرامة والكرام
وياليت الزمان يعود يوماً فننشد فيه أغنية الوئام(11)
ونعلن فيه عن أمل دفين يعبر عن طموحات عظام
فيا علّ الزمان يعود يوماً ولو حتى كطيف في منام
أخوك في الله (ك)
ملاحظة : أحس من خلال شعرك – دون مجاملة- أن به روحاً عاصفة وثورة جارفة على ذوي الأفكار الجائفة ، فإلى الأمام أخي أبا محمد ويداً بيد فلنقاوم سفلة وخونة العصر الحديث وبكافة الأساليب المتاحة فالقلم سلاحاً تماماً كالرشاش يؤدي دوره أن وظف بشكل صحيح وبالوقت الصحيح ..
مع تحيات أخيك في الله .
__________
(1) تفشوا : انتشروا
(2) الهامي : المنسكب
(3) يذب : يدافع
(4) 10) يتيه : يزهوا ويفاخر
(5) 11) بُعيد: تصغير بعد
(6) 12) الهوام : الحشرات
(7) 13) طامي : المرتفع
(8) 14) الأنام : الخلق
(9) 15) فيافي :صحاري
(10) 16) شذى : رائحة
(11) 17) الوئام : الحب(451/2)
تعليقاً على قصيدة (سحقا ثمً سحقاً) .(451/3)
سر ياقلم وأكتب لآهل القريتين ...
السلام عليكم .
وبعد هذه القصيده هديه ألى اخي الكريم على بن محمد الشراري
سر ياقلم وأكتب لآهل القريتين ........ ....سلام يزيد على ذرات الرمالي
القريتين قدرها على الراس والعين .............أعزها لاجل انها ديرة خوالي
تربيت فيها وعشت عشر وسنتين .............طيفها دايم الدوم في خيالي
من لاعز القريتين عساها للبين .............عساها يذوق من سود اليالي
ياعلي حب راس امي مرتين ............وياعلي حب راس خالي بدالي
حداني عنكم البعد والبعد شين ............ ماني في السعوديه مرتاح بالي
ليتني معكم ومامعي غير قرشين ............أخير من عيشه فيها زايد الريالي
شوفت أمي ياعلي تسوا الملايين ............ودي أنها دايم تجلس قبالي
على من أشكي جرحي المكين.............والشكوى للبشر كلها ذللاالي
تمت وصلوا عدد سجد المصلين ............على شفيعنا يوم هول الاهوالي
كاتب القصيده أبن عدوان(452/1)
سِربٌ مَحاسِنُهُ حُرِمتُ ذَواتِها
المتنبي
سِربٌ مَحاسِنُهُ حُرِمتُ ذَواتِها دَانِي الصِّفاتِ بَعيدُ مَوصوفاتِها
أَوفَى فَكُنتُ إِذا رَمَيتُ بِمُقلَتِي بَشَراً رَأَيتُ أَرَقَّ مِن عَبَراتِها
يَستاقُ عيسَهُمُ أَنينِي خَلفَها تَتَوَهَّمُ الزَّفَراتِ زَجرَ حُداتِها
وَكَأَنَّها شَجَرٌ بَدَت لَكِنَّها شَجَرٌ جَنَيتُ المَوتَ مِن ثَمَراتِها
لا سِرتِ مِن إِبِلٍ لَوَ أَنِّي فَوقَها لَمَحَت حَرارَةُ مَدمَعَيَّ سِماتِها
وَحَمَلتُ مَا حُمِّلتِ مِن هَذي المَها وَحَمَلتِ مَا حُمِّلتُ مِن حَسَراتِها
إِنِّي عَلى شَغَفي بِما فِي خُمرِها لأَعِفُّ عَمَّا فِي سَراويلاتِها
وَتَرَى الفُتُوَّةَ وَالمُرُوَّةَ وَالأُبُوَةَ فِيَّ كُلُّ مَليحَةٍ ضَرَّاتِها
هُنَّ الثَّلاثُ المانِعاتِي لَذَّتِي فِي خَلوَتِي لاَ الخَوفُ مِن تَبِعاتِها
وَمَطالِبٍ فِيهَا الهَلاكُ أَتَيتُها ثَبتَ الجَنانِ كَأَنَّنِي لَم آتِها
وَمَقانِبٍ بِمَقانِبٍ غَادَرتُها أَقواتَ وَحشٍ كُنَّ مِن أَقواتِها
أَقبَلتُها غُرَرَ الجِيادِ كَأَنَّما أَيدِي بَنِي عِمرانَ فِي جَبَهاتِها
الثَّابِتينَ فُروسَةً كَجُلودِها فِي ظَهرِها وَالطَعنُ فِي لَبَّاتِها
العَارِفينَ بِها كَما عَرَفتُهُم وَالرَّاكِبينَ جُدودُهُم أُمَّاتِها
فَكَأَنَّما نُتِجَت قِياماً تَحتَهُم وَكَأَنَّهُم وُلِدُوا عَلى صَهَواتِها
إِنَّ الكِرامَ بِلا كِرامٍ مِنهُمُ مِثلُ القُلوبِ بِلا سُوَيداواتِها
تِلكَ النُّفوسُ الغالِباتُ عَلى العُلَى وَالمَجدُ يَغلِبُها عَلى شَهَواتِها
سُقِيَت مَنابِتُها الَّتِي سَقَتِ الوَرَى بِيَدَي أَبِي أَيُّوبَ خَيرِ نَباتِها
لَيسَ التَّعَجُّبُ مِن مَواهِبِ مالِهِ بَل مِن سَلامَتِها إِلَى أَوقاتِها
عَجَباً لَهُ حَفِظَ العِنانَ بِأَنمُلٍ مَا حِفظُها الأَشياءَ مِن عَاداتِها
لَو مَرَّ يَركُضُ فِي سُطورِ كِتابَةٍ أَحصَى بِحافِرِ مُهرِهِ ميماتِها(453/1)
يَضَعُ السِّنانَ بِحَيثُ شاءَ مُجاوِلاً حَتَّى مِنَ الآذانِ فِي أَخراتِها
تَكبو وَراءَكَ يا ابنَ أَحمَدَ قُرَّحٌ لَيسَت قَوائِمُهُنَّ مِن آلاتِها
رِعَدُ الفَوارِسِ مِنكَ فِي أَبدانِها أَجرَى مِنَ العَسَلانِ فِي قَنَواتِها
لا خَلقَ أَسمَحُ مِنكَ إِلاَّ عَارِفٌ بِكَ رَاءَ نَفسَكَ لَم يَقُل لَكَ هاتِها
غَلِتَ الَّذي حَسَبَ العُشورَ بِآيَةٍ تَرتيلُكَ السوراتِ مِن آياتِها
كَرَمٌ تَبَيَّنَ فِي كَلامِكَ مَاثِلاً وَيَبينُ عِتقُ الخَيلِ فِي أَصواتِها
أَعيا زَوالُكَ عَن مَحَلٍّ نِلتَهُ لا تَخرُجُ الأَقمارُ عَن هالاتِها
لا نَعذُلُ المَرَضَ الَّذي بِكَ شائِقٌ أَنتَ الرِّجالَ وَشائِقٌ عِلاَّتِها
فَإِذا نَوَت سَفَراً إِلَيكَ سَبَقنَها فَأَضَفتَ قَبلَ مُضافِها حالاتِها
وَمَنازِلُ الحُمَّى الجُسومُ فَقُل لَنا مَا عُذرُها فِي تَركِها خَيراتِها
أَعجَبتَها شَرَفاً فَطالَ وُقوفُها لِتَأَمُّلِ الأَعضاءِ لاَ لأَذاتِها
وَبَذَلتَ مَا عَشِقَتهُ نَفسُكَ كُلَّهُ حَتَّى بَذَلتَ لِهَذِهِ صِحَّاتِها
حَقُّ الكَواكِبِ أَن تَزورَكَ مِن عَلٍ وَتَعودَكَ الآسادُ مِن غَابَاتِها
وَالجِنُّ مِن سُتُراتِها وَالوَحشُ مِن فَلَواتِها وَالطَيرُ مِن وُكناتِها
ذُكِرَ الأَنامُ لَنا فَكانَ قَصيدَةً كُنتَ البَديعَ الفَردَ مِن أَبياتِها
فِي النَّاسِ أَمثِلَةٌ تَدُورُ حَياتُها كَمَمَاتِها وَمَماتُها كَحَياتِها
هِبتُ النِّكاحَ حِذارَ نَسلٍ مِثلِها حَتَّى وَفَرتُ عَلى النِّساءِ بَناتِها
فَاليَومَ صِرتُ إِلَى الَّذي لَو أَنَّهُ مَلَكَ البَرِيَّةَ لاَستَقَلَّ هِباتِها
مُستَرخَصٌ نَظَرٌ إِلَيهِ بِما بِهِ نَظَرَت وَعَثرَةُ رِجلِهِ بِدِياتِها(453/2)
سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق
دم الثوار تعرفه فرنسا وتعلم أنه نور وحق
نصحت ونحن مختلفون دارا ولكن، كلنا في الهم شرق
ومغتم بين موت أو حياة فإن رمتم نعيم الدهر، فاشقوا
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق(454/1)
سلي الرماح العوالي عن معالينا
قصيدة لصفي الدين الحلي
سلي الرماح العوالي عن معالينا **** واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا
وسائلي العرب والاتراك ما فعلت **** في ارض قبر عبيد الله ايدينا
لما سعينا فما رقت عزائمنا **** عما نروم ولا خابت مساعينا
يا يوم وقعة زوراء العراق وقد **** دنا الاعادي كما كانوا يدينونا
بضمر ما ربطناها مسومة **** الا لنغزو بها من بات يغزونا
وفتية ان نقل اصغوا مسامعهم **** لقولنا او دعوناهم اجابونا
قوم اذا استخصموا كانوا فراعنة **** يوما وان حكموا كانوا موازينا
تدرعوا العقل جلبابا فان حميت **** نار الوغى خلتهم فيها مجانينا
اذا ادعوا جاءت الدنيا مصدقة **** وان دعوا قالت الايام امينا
ان الزرازير لما قام قائمها **** توهمت انها صارت شواهينا
ظنت تاني البزاة الشهب عن جزع **** وما درت انه قد كان تهوينا
بيادق ظفرت ايدي الرخاخ بها **** ولو تركناهم صادوا فرازينا
ذلوا بأسيافنا طول الزمان فمذ **** تحكموا اظهروا احقادهم فينا
لم يغنهم مالنا عن نهب انفسنا **** كانهم في امان من تقاضينا
اخلوا المساجد من اشياخنا وبغوا **** حتى حملنا فاخلينا الدواوينا
ثم انثنينا وقد ظلت صوارمنا **** تميس عجبا ويهتز القنا لينا
وللدماء على اثوابنا علق **** بنشره عن عبير المسك يغنينا
فيا لها دعوة في الارض سائرة **** قد اصبحت في فم الايام تلقينا
انا لقوم ابت اخلاقنا شرفا **** أن نبتدي بالاذى من ليس يؤذينا
بيض صنائعنا سود وقائعنا **** خضر مرابعنا حمر مواضينا
لا يظهر العجز منا دون نيل منى **** ولو رأينا المنايا في امانينا
اذا جرينا الى سبق العلى طلقا **** ان لم نكن سبقا كنا مصلينا
تدافع القدر المحتوم همتنا **** عنا ونخصم صرف الدهر لو شينا
نغشى الخطوب بايدينا فندفعها **** وان دهتنا دفعناها بايدينا
ملك اذا فوقت نبل العدو لنا **** رمت عزائمه من بات يرمينا(455/1)
عزائم كالنجوم الشهب ثاقبة **** ما زال يحرق منهن الشياطينا
اعطى فلا جوده قد كان عن غلط **** منه ولا اجره قد كان ممنونا
كم من عدو لنا امسى بسطوته **** يبدي الخضوع لنا ختلا وتسكينا
كالصل يظهر لينا عند ملمسه **** حتى يصادف في الاعضاء تمكينا
يطوي لنا الغدر في نصح يشير به **** ويمزج السم في شهد ويسقينا
وقد نغض ونغضي عن قبائحه **** ولم يكن عجزا عنه تغاضينا
لكن تركناه اذ بتنا على ثقة **** ان الأمير يكافيه فيكفينا
--------------------------------------------------------------------------------(455/2)
سوء الظن
يقول المتنبي:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
***********************
ويقول أيضاً:
ومن يك ذا فم مرٍ مريضٍ يجد مراً به الماء الزلالا
************************(456/1)
سواد الليل يمحوه الصباح ***** وذل الوجه يمحوه السلاح
ومن يرتع بمرعى الظلم يوما ***** تؤدبه الصوارم والرماح
وللمظلوم حق يقتضيه ***** وإن غارت بلبته الجراح
ومهما حاول الطاغوت كيدا ***** لدين الله بادرهم كفاح
ورام الروم للإسلام كيدا ***** يظن الروم أنا نستباح
يظنون الفوارس في سبات ***** وأن الأسد يفزعها نباح
تركناكم على اليرموك صرعى ***** تنازعكم نسور والسراح
ومعتصم وهارون غزاكم ****** وفي حطين حطمكم صلاح
وفي الروس الجبابر خير وعظ ****** فإن الاتعاظ بهم يباح
فمزقنا أواصرهم فصاروا ****** كأعشاب تذريها الرياح
وقوضنا بأمريكا صروحا ******* أأنكرتم وهل تخفى براح
غزوناكم بأجنحة المنايا ****** ولم يخطر ببالكم الطلاح
على صهواتها فرسان عز ****** ترى أن اعتناق الموت راح
فعانقنا الصروح عناق غيظ ****** فخرت إذ ألم بها الجلاح
دككناها بفضل الله دكا ****** ودب القتل فيكم والجراح
ومعقد حربكم أضحى ركاما ******* كسرنا أنفكم وهى الطماح
فلو عاينت بوشا حين ينمى ******* إليه الرعب والخزي الصراح
لقد واجهت إعصارا شديدا ******* فخابت أن تواجهه الرياح
وأما الحية الرقطى فذاقت ******* بلندن بأسنا وعلا النواح
ونازلنا جموعكم كفاحا ******* ببغداد فخانكم النجاح
حصدنا منكم الآلاف مهما ******* تسترتم فخزيكم بواح
وإن تأتوا إلى السودان يوما ******* فأسد الله ديدنها الكفاح
سنحصدكم بألغام وقنص ****** وتعلو فوق هامكم الصفاح
فعقبى الكفر خسر ثم نار ******** وعاقبة المضحين الفلاح(457/1)
سيدي يا رسول الله ...!!
صالح محمد جرار
ها أنا ذا أقف بين يدي ذكراك المجيدة ، والبيان ضعيف الجناح ، لا يستطيع التحليق عالياً ليبلغ علاك !!
فكيف للهباءة أن تصف الشمس ؟ وكيف للسفح أن يرنو إلى القمة الشماء ؟
وكيف للقطرة أن تتحدث عن المحيط العظيم ؟
بل كيف للإنسان الملطخ برذائل الدنيا أن يقف بين يدي ذكرى سيد الأنبياء والمرسلين ؟
ولكنك ، يا سيدي ، يا رسول الله ، حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم ، وإنك لعلى خلق عظيم !
وهل نحن مثلنا بين يدي ذكراك الكريمة تائبين إلى الله ، مستغفرين ، نرجو شفاعتك يوم الدين، فننال بها – إن شاء الله – دار المتقين !!
وصلى الله عليك وسلم ، يا من بعثت رحمة للعالمين !!
في ذكرى المولد النبوي الشريف
لمن الضياء أطل من علياء ii؟ ... لمن البهاء بليلة غرّاءِ ii؟!
لمن البشاشة فاض نبع iiبهائها ... وافترّ ثغر الكون عن لألاءِ ii؟!
لمن البشائر في الوجود iiتراقصت ... ما بين ذي الغبراء والخضراء iiِ
لمن البشائر أرّجت كل iiالدنا ... فتضاءل المعطار في استحياءِ
ولد الحبيب محمد iiببهائه ... ميلاد فجرٍ بعد طول iiرجاءِ!!
ولد الذي غرس الحياة iiفضائلاً ... واختطّ درب رشادها iiبحراءِ!
ولد الذي لولاه ما خفقت iiلنا ... هذي القلب بخشية iiورجاءِ!
هيّا اشكروا الرّحمن فهو iiيعمّنا ... بالنعمة المهداةِ والأنداءِ ii!
هيا اشكروا رب الوجود فإنه ... رحم الوجود بسيد iiالرّحماءِ!
صلى عليك الله يا علم iiالهدى ... ما أشرقت شمسٌ من iiالعلياءِ
صلى عليك الله يا خير iiالورى ... ما أولج الأنْوار في iiالظّلماءِ
صلى وسلم ما أقام iiبكونه ... سنناً تقوم بقدرة البناء
قد شاء ربك أن تكون iiرسوله ... للعالمين ورحمة iiالأحياءِ
قد شاء ربك أن تكون iiمبشراً ... للمؤمنين ومنذر iiالسفهاءِ
فرعاك في الأزل المغيب iiذرّةً ... حتى ولدت فكنت خير iiعطاءِ
وحباك من خلق السّماء iiرفيعها ... حتى عرِفْتَ بأشرف الأسماءِ
وشببت في البلد الحرام مطهّراً ... من كل رجسٍ عمّ في iiالأرجاءِ(458/1)
ودعاك قومك بالأمين iiوإنهم ... بهرتهم الأخلاق بهر iiذُكاءِ
لكنهم –يا ويحهم – عبدوا الهوى ... حتى عموا عن أوضح iiالأشياءِ
فلقد أتيتهم بشرع إلههم ... فتنكّروا للشّرعة iiالسمحاءِ
أسْمَعْتَهُم آيات ربك iiفانتضوا ... سيفَ الجهالة يا لسوءِ iiجزاءِ
عرفوك كالشمس المنيرة iiفوقهم ... لكنهم صدّوا عن iiالأضواءِ
وصبرت يا خير الأنام على iiالأذى ... حتى هُدُوا للسّمحةِ iiالبيضاءِ
لو كنت فظاً جافياً لتفرّقوا ... عما دعوتَ إليه من iiنعماءِ
لكنك المختار من بين الورى ... لتكون فيهم أرحم الرحماءِ
فلقد بذذتَ العالمين iiمروءةً ... وحباك ربك صفوة iiالفضلاءِ
قد جاء في التنزيل ذكرك iiعالياً ... فلأنت مفطور على iiالعلياءِ
علّمتَ صحبك أن، تكون iiحياتهم ... لله خالصةً iiبلاأقذاءِ
ووضعتَ في أيمانهم علم iiالهدى ... كيما يرفرف في سما الأحياءِ
فتركتَ فيهم هاديين على iiالمدى ... ذاك الكتاب وسنةَ iiالمعطاءِ
حملوا الأمانة مخلصين iiلربهم ... وتجردوا للدعوةِ iiالغرّاءِ
بالحكمة المثلى وحسن فعالهم ... وبحدّ سيف الحق في iiالهيجاءِ
دانت لهم دول تتيه iiببأسها ... وهوَت عروشُ الكفرِ iiوالظلماءِ
وبدوحةِ الدين الحنيف iiتفيّأَتْ ... تلك الشعوبُ بنعمةٍ iiوصفاءِ
ويدور دولاب الزمان فما iiنرى ... للعزّة القعساءِ أيَّ iiلواءِ
أين الذين بهمّةٍ بلغوا iiبنا ... كبد السماء وقبة الحوراءِ ii؟
أين الألى اعتصموا بحبل iiإلههم ... حتى غدوا كالطود في iiالنكباءِ؟
أين الألى طاروا نسوراً في العلا ... بجناح إيمانٍ وصدقِ iiفداءِ؟!
أين الذين فتوحهم شهدت iiلهم ... بالرحمة المسداة iiللضعفاءِ؟!
أين الخليفة حين جاء iiمكبّراً ... من روضة الهادي إلى ii"إيلياءِ"
لتكون قدس المسلمين على iiالمدى ... وتُذَكّرَ الحنفاءَ iiبالإسراءِ!
بل أين أنت أيا صلاحُ لكي ترى ... ما حلّ بالأقصى من الأرزاءِ؟!
قد غاب عنه الصادقون فما iiترى ... إلا نفاقَ الطغمةِ iiالحمقاءِ!
وترى شعوباً ذُلّلَت iiأعناقُها ... بالبطش والتقتيل والإفناءِ ii!(458/2)
قد غاب جند الله عن ساح الفدا ... وأتى عبيدُ المالِ iiوالأهواءِ
قد غاب أحرارٌ مَضَوْا بشهامةٍ ... وأتى العبيدُ بذلّةٍ iiوغباءِ!
فأولئك الأطهارُ فاحَ iiأريجهم ... واليومَ يخلُفُهُم كريهُ iiبذاءِ!
ماذا أقول أيا طبيب iiقلوبنا ... والله يعلمُ ما بِنا من iiداءِ؟!
ماذا أقول وقد تركنا iiشرعةً ... هي شِرْعَةُ الرّحمنِ iiللأحياءِ
فيها لما في الصدرِ طبٌّ ناجعٌ ... لاطبَّ يشفي غيرُ وحي iiسماءِ
ها قد أضعنا قدسَنا iiوبلادَنا ... من بعد هجر شريعةٍ iiسمْحاءِ
ها قد تحوّلنا غثاءً iiطافياً ... فوق السيولِ بغير ما iiاسماءِ
لم يبق من شيم الكرام iiسجيةٌ ... في مدّعي الإسلامِ iiوالعرباءِ
إنا لبسنا عارَنا iiبجدارةٍ ... حتى غدَوْنا سبّةَ iiالأحياءِ
مالي أطلْتُ القوْلَ في وصف الدّجى ... ويلوحُ نجمٌ في حشى iiالظلماءِ؟!
ما النجمُ إلا فتيةٌ نشؤوا iiعلى ... حبّ الإلهِ ودينهِ iiالمعطاءِ!
عمروا المساجدَ مخلصين iiلربّهم ... وتنزّلوا كتنزّلِ iiالأنداءِ!!
فلقد أضاؤوا ليلنا iiبشعاعهم ... حتى ارتقبنا دولةَ الأضواءِ
ما ضلّ سعيُ المسلمين إذا iiاهتدوا ... بشعاع شمسِ المصطفى iiالوضّاءِ
إني أتيتكَ يا حبيب iiقلوبنا ... بنجومِ شبّانٍ وضوءِ iiرجاءِ
إنا أتينا مطرقينَ iiرؤوسنا ... مما عليه القومُ من iiغلواءِ
وإلى رياضك جاء يسعى iiجمعنا ... وإلى رياضكِ رحلةُ iiالسّعَداءِ
أنت الرحيم بنا وصدرك واسعٌ ... فكن الشفيعَ لأمّةِ iiالغرباءِ
غفرانك اللهم فارحم iiجمعَنا ... وكن النصيرَ لنا على iiالأعداءِ(458/3)
سيفتح باب إذا سد باب
---
سيفتح باب إذا سد باب ... نعم وتهون الامورالصعاب
ويتسع العيش من بعد ما ... تضيق المذاهب فيها الرحاب
مع الهم يسران هون عليك ... فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب
فكم ضقت ذرعا بما هبته ... فلم ير من ذاك قدر يهاب
وكم برد خفته من سحاب ... فعوفيت وانجاب عنك السحاب
ورزق اتاك ولم تاته ... ولا ارق العين منه الطلاب
وناء عن الاهل من بعدما ... علاه من الموج طام عباب
اذا احتجب الناس عن سائل ... فما دون سائل ربي حجاب
يعود بفضل على من رجاه ... وراجيه في كل حين يجاب
فلا تاس يوما على فائت ... وعندك منه رضاء واحتساب
فلا بد من كون ما خط في ... كتابك , تحبى به او تصاب
فمن حائل دون ما في الكتاب ... ومن مرسل ما اباه الكتاب
اذا لم تكن تاركا زينة ... اذا المرء جاء بها يستراب
تقع في مواقع تردى بها ... وتهوي اليك السهام الصياب
تبين زمانك ذا واقتصد ... فان زمانك هذا عذاب
واققل عتابا فما فيه من ... يعاتب حين يحق العتاب
مضى الناس طرا وبادو سوى ... اراذل عنهم تجل الكلاب
يلاقيك بالبشر دهمائهم ... وتسليم من رق منهم سباب
فاحسن وما الحر مستحسن ... صيان لهم عنهم واجتناب
فان يغنه الله عنهم يفر ... ر والا فذالك فيما الخطاء والصواب
فدع ما هويت فان الهوى ... يقود النفوس الى ما يعاب
وميز كلامك قبل الكلام ... فان لكل كلام جواب
فرب كلام يمص الحشاء ... وفيه من المزح ما يستطاب(459/1)
شاعر يرثي نفسه .......للشيخ الاديب علي الطنطاوي رحمة الله ...
واحةالادبواحةالادب لقد وعدتكم أن أضرب لكم في هذه الأحاديث بكل سهل، وأسلك كل واد، وأتحدث عن رجال الفن كما أتحدث عن رجال العلم، وأن أجيئكم مرة مع شاعر أو موسيقي، كما أجيئكم مرات مع الأئمة والقواد. وهاأنذا آتي اليوم ومعي شاعر. شاعر لم يغن مع الحمائم في الروض الأغنّ، ولم يَهِم مع السواقي في الوادي الضائع، ولم يدلج مع النجم في الأسحار الندية بعطر الفجر، ولم يتبع الشمس في العشايا السكرى بخمر الغروب، ولم يرقب طيف الحبيب في الليالي التي تكتم أسرار الهوى. ولأن سابقت شاعرية الشعراء الزمان فسبقت الشباب، وظهرت بوادرها في مدارج الصبا، وملاعب الفتوة، فإن هذا الشاعر لم تنبثق شاعريته إلا على سرير الموت، وشفا المردى، على عتبة الدنيا خارجاً منها، وعتبة الآخرة داخلاً إليها. في الساعة التي يَعيا فيها الشاعر، ويؤمن فيها الكافر، ويضعف فيها القوي، ويفتقر فيها الغني، ولم تنبثق إلا بقصيدة واحدة، ولكنها كانت نفحة من عالم الخلود فخلد فيها.
* * * * * * * * * *
قصيدة وهبها للموت، إن تغنى له فيها، فوهب له الموت بها الحياة. لم يتفلسف فيها تفلسف المعري، ولا تجبر تجبر المتنبي، ولا أغرب إغراب الدريدي، ولكنه جاء بأقرب الأفكار، في أسهل الألفاظ، فجاءت من هذه السهولة عظمة القصيدة. والفنون كلها تموت يا سادة إن أكرهتها على الحياة في جو التكلف، التكلف في التفكير أو التعبير. إن الفنون لا تحيا إلا في الانطلاق والحرية. كل الفنون: الكتابة والشعر والتصوير والموسيقى، حتى الإلقاء، فليفهم ذلك من يظن أن الإلقاء الجيد هو التشدق والتقعر، وإمالة اللسان، وقلب الحناجر، وضخامة الأصوات...
وما نسمعه كل يوم في الإذاعات.
* * * * * * * * * *(460/1)
شاعر لم يعش شاعراً، ولكنه مات شاعراً. عاش عمره كله يغني بسنانه للحرب، لا يغني بلسانه للحب، لا يعمل لوصال الأحبة، وسلب القلوب، ولكن يعمل لقطع الطرق، وسلب القوافل. كان لصاً من أشهر لصوص العصر، ثم تاب ومشى إلى الجهاد في جيش ابن عفان، حتى أدركته الوفاة وهو على أبواب خراسان، فرثى نفسه بهذه القصيدة، التي لا أعرف في موضوعها ((أي رثاء الشاعر نفسه)) إلا قصائد معدودة في آداب الأمم كلها. وإنها لتختلف الألسنة والألوان، وتتبدل المذاهب والأديان، وتتباعد المنازل والبلدان، ولكن شيئاً واحداً لا يختلف بين نفس ونفس، ولا يتبدل بتبدل الأعصار والأمصار، هو العواطف البشرية، إن أناشيد المجنون لليلى أناشيد كل عاشق أينما كان، وقصة (بول وفرجيني) قصة كل شاب مغرم في كل زمان، وخطب (فيخته) هي خطب كل أمة قد هبت تبني المجد، وتعمل للحياة. ومن هنا جاءت عظمة الأدب، وجاء خلوده، إنه ليس كالعلوم. إن قرأ طالب الطب في كتاب ألّف قبل أربعين سنة فقط سقط في الامتحان، أما طالب الأدب فيقرأ شعراً قيل من ألف وخمسمائة سنة ولا يزال جديداً كأنه قيل اليوم، لا، لا تقولوا إن العلوم تترقى وتتقدم وتسعى إلى الكمال، لأن الجواب حاضر، إن الأدب قد بلغ سن الرشد، وحدّ الكمال، من قبل أن يولد العلم، وقد عاش البشر دهوراً بلا علم، ولكنهم لم يعيشوا يوماً بلا أدب. إن آدم قال لحواء كلمة الحب، لم يحدثها في الكيمياء، ولا حل معها مسائل الجبر في رياض الجنة ((هذا كلام الأدباء)). الشعر أخلد من الكيمياء، وأبقى من الرياضيات. كم مرة تبدلت نظريات العالم، منذ نظم هوميروس قصيدته، إلى اليوم. وأشعار هوميروس لا يزال لها رونقها ومنزلتها. لا أعني الشعر الذي هو الرنات والأوزان، ولا الألفاظ المنمقة التي تحمل معنى، ولكن أعني بالشعر، حديث النفس، ولغة القلوب، وكل ما يهز ويشجي ويبعث الذكريات، وينشئ الآمال، ويقيم النهضات، ويحيي الأمم.(460/2)
الشعر الذي يشعرك أنه يحملك إلى عالم غير هذا العالم. وسواء بعد ذلك أكان منظوماً أم كان نثراً. إن عقد اللؤلؤ لا ينزل قيمته أن ينتثر، لأن ثمن الخيط نصف قرش! وإليكم الآن مقاطع من هذه القصيدة، ولو اتسع المجال لشرحتها شرحا ينسي الناس الأصل، ولكن أين المجال، والوقت ربع ساعة؟ عربي عاش عمره كله في جزيرته، ما استمتع بحياته، ولا ناجى طيف ذكرياته، ولا انتشى برحيق آماله، لأنه لم يجد يوم راحة، يخلو نفسه إلى نفيه فيحس لذة الأحلام، وجمال التذكر، وسحر الأمل، لينبثق في نفسه الشعر المخبوء فيها، كما يختبئ الماء في بطن الجبل، يرقب معولاً يفتح له الطريق. وهاهو ذا الآن ملقى على صعيد غريب عنه، في بلاد لا يعرفها ولا تعرفه، ولا يألفها ولا تألفه، فهو يتذكر الآن (الآن فقط) بلده وأرضه، ويدرك قيمة تلك النعم الجسام، ولا يدرك المرء قيمة النعم إلا بعد زوالها، وتثور في نفسه الأماني، فلا يتمنى إلا أن يبيت ليلة أخرى بجنب الغضى، وأن يسوق كرة أخرى إبله إلى المرعى، ويذكر كيف كان يزدري هذه النعمة التي يراها الآن عظيمة، ويتمنى (وليس ينفع التمني) لو أنه لم يسر من تلك الديار، أو لو أنه طال الطريق حتى يستمتع بها. واسمعوه الآن يقول بألفاظه ورنّته، وقافيته الباكية التي تذكركم بقصيدة أخرى من وزنها وروّيها، لشاعر يماني غريب هو عبد يغوث:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * * * * * بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا 1
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه * * * * * وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى (لو دنا الغضا) * * * * * مرار ولكن الغضى ليس دانيا
ويلوم نفسه ويعجب منها كيف سوّغت له أن يقبل بهذا النفي راضياً مختاراً، ويعجب من أبويه كيف لم ينهياه، وما الذي جاء به إلى باب خراسان وقد كان نائياً عنه:
ألم تراني بعت الضلالة بالهدى * * * * * وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا 2(460/3)
لعمري لئن غالت خراسان هامتي * * * * * لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فلله درّي يوم أترك طائعاً * * * * * بنيّ بأعلى الرقمتين وماليا 3
ودرّ الظباء السانحات عشية * * * * * يخبِّرن أني هالك من ورائيا
ودرّ كبيريّ اللذين كلاهما * * * * * عليّ شفيق ناصح لو نهانيا
واسمعوه كيف يفتش عمن يبكي عليه فلا يجد أحداً، لا يجد من يبكيه إلا سيفه وفرسه، وليس ينفع الميت أن يذكره ذاكر إلا ذاكراً بدعاء أو صدقه، ولا يضره أن ينساه الناس، وما حفلات التأبين للميت ولكن للأحياء يصعدون على قبر الميت ليقولوا للناس انظروا إلينا، واسمعوا بياننا، وصفقوا لنا، ولقد صدق سبنسر إذ قال: كلنا يبكي في المآتم وكل يبكي على ميته. ليس ينفع بكاء ولا نواح ولكنها غريزة التمسك بالحياة والاستكثار منها.
تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد * * * * * سوى السيف والرمح الردينيّ باكيا 4
وأشقر خنذيذ يجرَّ عنانه * * * * * إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيا 5
وأرجو أن تتجاوزوا عن كلمة (خنذيذ) التي ترونها غريبة ولم تكن غريبة أيامه. وانظروا إلى جمال الصورة وروعتها. هذا الحصان يتلفت يمنة ويسرة ويدور وينعطف ويفتش عن صاحبه فلا يلقاه، فينسى الطعام والشراب، حتى يبرّح به العطش ولا يجد من يسقيه، فيجر عنانه (انتبهوا إلى دقة الوصف في جر العنان أي الرسن) إلى الماء. لو أن مصوراً صور معنى هذا البيت لكان لوحة من لوحات العبقرية، وما أكثر ما في هذه القصيدة من صور.
* * * * * * * * * *
وهاكم هذه اللوحة التي بلغت من الروعة أبعد الغايات، والتي تذيب القلوب، فتسيلها دموعاً. هذه اللوحة التي أعرضها كما هي، لا أحب أن أفسدها بشرح أو تعليق:
ولما تراءت عند مرو منيّتي * * * * * وخلَّ بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي: ارفعوني فإنني * * * * * يقرّ لعيني أن سُهيلٌ بدا ليا 6
فيا صاحبي رحلي دنا الموتُ فانزلا * * * * * برابية ؛ إني مقيم لياليا(460/4)
أقيما علي اليوم أو بعض ليلة * * * * * ولا تعجلاني؛ وقد تبيّن ما بيا
وقوما إذا ما استُلّ روحي وهيئا * * * * * لي السَّدر والاكفان ثم ابكيا ليا 7
وخطّا بأطراف الأسنّة مَضْجَعي * * * * * ورُدّا على عيني فضْلَ ردائيا
ولا تحسداني – بارك الله فيكما - * * * * * من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجراني ببُردي إليكما * * * * * فقد كنت قبل اليوم صعباً قياديا
ويعلم أنه لن يجد من يقوم على قبره، ويشيد بذكره، فيرثي نفسه، ويكشف عن فعاله بمقاله:
وقد كنت عطّافاً إذا الخيل أدبرت * * * * * سريعاً إلى الهَيْجا إلى من دعانيا
وقد كنت محموداً لدى الزاد والقرى * * * * * وعن شتمي ابن العم والجار وانيا
وقد كنت صبّاراً على القرن في الوغى * * * * * ثقيلاً على الأعداء عَضْباً لسانيا
ويعود إلى إتمام هذه اللوحة الرائعة، فيتصور مسيرة أصحابه وبقاءه، وحيداً في هذه الفلاة:
غذاة غد يالَهْف نفسي على غد * * * * * إذا أدلجوا عني وخُلّفت ثاويا
وأصبح مالي من طريف وتالد * * * * * لغيري وكان المال بالأمس ماليا
* * * * * * * * * *
ويسأل رفيقيه حاجة له هي آخر حاجاته من دنياه، أن يحملوا نعيه إلى أهله، إلى بئر الشبيك، حيث يزدحم بنات الحيّ، يملأن الجرار، ويستقين، فيصرخ، فيدعن ما هنّ فيه، ويلتفتن إليه، وتسمع زوجته، فيلقي إليها بوصاته، وما وصاته إلا أن تقف على القبور. علَّها تذكرها بقبره الضائع، حيث لا زائر ولا ذاكر:
وقوما على بئر الشُّبَيك فأسمعا * * * * * بها الوحش والبيض الحسان الروانيا
بأنكما خَلّفتُماني بِقَفْرَةٍ * * * * * تهيل عليّ الريحُ فيها السوافيا ولا تنسيا
عهدي خليليّ إنني * * * * * تَقَطّعُ أوصالي وتبلى عظاميا
فلن يعدم الوالون بيتاً يُجنُّني * * * * * ولن يعدم الميراث مني المواليا
* * * * * * * * * *
ويا ليت شعري هل تغيرت الرحى * * * * * رحى المثل أو أضحت بفلج كما هيا 8(460/5)
إذا مت فاعتادي القبور فسلمي * * * * * على الرّيم أسقيتِ الغمام الغواديا 9
ويعود إلى حاضره، ويشتغل بنفسه، ويرجع إلى ذكر بلده وأهله، ويختم القصيدة بهذا المقطع:
قلِّب طرْفي فوق رحلي فلا أرى * * * * * به من عيون المؤنسات مراعيا
وبالرمل منا نسوة شَهِدنني * * * * * بكَين فَدينَ ا لطبيب المداويا
فمنهن أمي وابنتاها وخالتي * * * * * وباكية أخرى تهيج البواكيا 10
وما كان عهد الرّمل مني وأهله * * * * * ذميما ولا بالرمل ودّعتُ قاليا
* * * * * * * * * *
يا سادة. لقد مات مع مالك في تلك السفرة آلاف وآلاف، ولا يزال الناس قبله وبعده يموتون، فينساهم ذووهم، ويسلوهم أهلوهم، وهذا الشاعر جعلكم تذكرونه، وتبكونه بعد ألف وثلاثمئة سنة، وأنتم لا تعرفونه. وهذه هي عظمة الشعر، وهذا هو خلود الشاعر.
* * * * * * * * * *
الغضى: نبت من نبت البادية. أزجي: أسوق سوقا رفيقاً. القلاص: الأبل. النواجي: السريعة. هو سعيد بن عفان، وباع الظلالة بالهدى، أي اهتدى بعد الضلال، لأن ما تدخل عليه الباء يكون هو ثمن المبيع هما موضعان في بداية البصرة الرمح الرديني: منسوب إلى ردينة، وهي امرأة كانت تثقف الرماح، أي تقومها خنذيذ: الفرس الطويل الصلب سهيل نجم يطلع من نحو بلده السدر: شجر كالأشنان يغسل بمائه الميت مواضع في ديار قومه القبر باكية: زوجته وكانوا يكنون عن الزوجة المصدر: http://www.alnoor-world.com/ali/15.htm ...(460/6)
شاعر يرثي نفسه
أمالي المرزوقي - (ج 1 / ص 48)
وقال مالك بن الريب يذكر غربته ومرضه ويرثي نفسه:
ألا ليتَ شعري هل أبيتنَّ ليلةً ... بجنبِ الغضى أزجي القلاصَ النَّواجيا
فليتَ الغضى لم يقطعِ الرَّكبُ عرضهُ ... وليتَ الغضى ماشى الرِّكابَ لياليا
أقولُ لزيدٍ وهو مثلي به جوى ... أرى الرأيَ منَّا أن نزورَ المعاويا
وكيفَ زيارٌ للمعاويّ بعدما ... وجدنا طبيبا دون ذاك مداويا
فباتَ يعلّلني بمن يسكنُ الغضى ... وإن لم يكنْ يا زيدُ إلاّ الأمانيا
أراني من حبِّ الغضى لاحقاً بهِ ... فيمسكهُ أهلي وراعيه ماليا
لقد كانَ في أهل الغضى لو دنا الغضى ... مزارٌ ولكنَّ الغضى ليسَ دانيا
خليليَّ من عليا ربيعةَ مازنٍ ... بسمنانَ هل يغنيكما ما غنانيا
حسبتُ الغضى يشفي الهيامَ فلم أجدْ ... شميمَ الغضى يشفي الهيام هياميا
وكنتُ حسبتُ الحنَّ قد مات فانقضى ... فقضَّيتُ عن حنِّ النّساءِ لياليا
فلمَّا هبطنا أرضَ عمرٍو من الغضى ... دماثِ الروابي والحقوقِ المخابيا
إذاً في الغضى يا سقيَ من يسكنُ الغضى ... شبيهةُ سوداءَ التي لستُ ناسيا
ألمْ ترني بعتُ الضَّلالةَ بالهدى ... وأصبحتُ في جيشِ ابنِ عفَّانَ غازيا
وأصبحتُ في أرضِ الأعاجمِ بعدما ... أرانيَ عن أرضِ الأعاجم قاصيا
دعاني الهوى من أهلِ أوْدَ وصحبتي ... بذي الطِّبسينِ فالتفتُّ ورائيا
أجبتُ الهوى لما دعاني بعبرةٍ ... تقنَّعتُ منها أن ألامَ ردائيا
أقولُ وقد حالتْ قرى الكردِ دوننا ... جزى الله عمراً خيرَ ما كانَ جازيا
إنِ اللهُ يرجعني من الغزو لا أرى ... وإن قلَّ مالي طالباً ما ورائيا
لعمري لئنْ غالتْ خراسان هامتي ... لقد كنتُ عن بابيْ خراسانَ نائيا
فلله درِّي يومَ أتركُ طائعا ... بنيَّ بأعلى الرَّقمتينِ وماليا
ودرُّ الظِّباءِ السَّانحاتِ عشيَّةً ... يخبِّرنَ أنّي هالكٌ من أماميا
ودرُّ كبيريَّ اللَّذيْن كلاهما ... عليَّ شفيقٌ ناصحٌ لو نهانيا(461/1)
ودرُّ الرِّجالِ الشَّاهدينَ تفتُّكي ... بأمريَ ألاَّ يقصروا من وثاقيا
ودرُّ الهوى من حيثُ يدعو صحابهُ ... ودرٌّ لحاجاتي ودرُّ انتهائيا
تذكرتُ من يبكي عليَّ فلم أجدْ ... سوى السيفِ والرُّمحِ الرُّدينيِّ باكيا
وأشقرَ محذوفٍ يجرُّ عنانهُ ... إلى الماءِ لم يتركْ لهُ الدَّهرَ ساقيا
يقوِّدهُ قومٌ وقد ماتَ ربُّهُ ... يباعُ بوكسٍ بعدَ ما كان غاليا
ولكن بأكنافِ السُّمينةِ نسوةٌ ... عزيزٌ عليهنَّ العشيَّةَ ما بيا
عجوزي وبنتايَ اللَّتانِ هما ليا ... وبنتٌ لأيوبٍ تبكِّي البواكيا
صريعٌ على أيدي الرِّجالِ بقفرةٍ ... يسوُّونَ خدِّي حيثُ حمَّ قضائيا
ولمَّا تراءتْ عندَ مروَ منيَّتي ... وخلَّ بها جسمي وحانتْ وفاتيا
أقولُ لأصحابي ارقبوني فإنَّني ... يقرُّ بعيني أنْ سهيلٌ بدا ليا
فيا صاحبيْ رحلي دنا الموتُ وانزلا ... برابيةٍ إنِّي مقيمٌ لياليا
أقيما عليَّ اليومَ أو بعضَ ليلةٍ ... ولا تُعجلاني قد تبيَّنَ شانيا
وقوما إذا ما استلَّ روحي وهيِّئا ... ليَ السِّدرَ والأكفانَ عند فنائيا
وخُطَّا بأطرافِ الرّماحِ مضجعي ... وردَّا على عينيَّ فضلَ ردائيا
ولا تحسداني باركَ اللهُ فيكُما ... من الأرضِ ذاتِ العرضِ أنْ توسعا ليا
خُذاني فجرَّاني ببُردي إليكما ... فقد كنتُ قبلَ اليومِ صعباً قياديا
وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخيلُ أدبرتْ ... سريعاً لدى الهيجا إلى ما دعانيا
وقد كنتُ محموداً لذي الزَّادِ والقرى ... ثقيلاً على الأعداءِ عضبٌ لسانيا
وقد كنتُ صبَّاراً على القرنِ في الوغى ... وعن شتمي ابنَ الغمِّ والجارِ وانيا
فطوْراً تراني في ظلالٍ ونعمةٍ ... ويوماً تراني والعتاقُ ركابيا
ويوماً تراني في رحاً مستديرةٍ ... تخرِّقُ أطرافَ الرِّماحِ ثيابيا
وقوماً على بئرِ السُّمينةِ أسمِعا ... بها الغرَّ والبيضَ الحسانَ الرَّوانيا
بأنَّكما خلَّفتماني بقفرةٍ ... تهيلُ عليَّ الرِّيحُ فيها السَّواقيا(461/2)
ولا تنسيا عهدي خليليَّ بعدما ... تقطَّعُ أوصالي وتبلى عظاميا
ولنْ يعدمَ الوالونَ بثَّاً يصيبهمْ ... ولنْ يعدمَ الميراثَ منِّي المواليا
يقولونَ لا تبعدْ وهم يدفنونني ... وأينَ مكانُ البعدِ إلاّ مكانيا
غداةَ غدٍ يا لهفَ نفسي على غدٍ ... إذا أدلجوا عنِّي وأصبحتُ ثاويا
وأصبحَ مالي من طريفٍ وتالدٍ ... لغيري وكانَ المالُ بالأمسِ ماليا
أرجِّي شباباً مُطرهمَّاً وصحةً ... وكيفَ رجاءُ الشَّيخِ ما ليسَ لاقيا(461/3)
شباب هاشم الرفاعي الإسلام
ملكنا هذه الدنيا iiقرونا ... وأخضعها جُدودٌ خالدونا
وسطّرنا صحائفَ من iiضياءٍ ... فما نسيَ الزمانُ ولا iiنسينا
حملناها سيوفاً لامعاتٍ ... غداةَ الرَّوعِ تأبى أنْ iiتلينا
إذا خرجتْ من الأغمادِ iiيوماً ... رأيت الهولَ والفتْحَ المبينا
وكنَّا حينَ يأخذنا iiولِيٌّ ... بطغيانٍ ندوسُ له iiالجبينا
تفيض قلوبُنا بالهدي iiبأساً ... فما نغضي عن الظلمِ الجفونا
وما فتئ الزمانُ يدورُ iiحتى ... مضى بالمجدِ قومٌ iiآخرونا
وأصبحَ لا يرى في الركب قومي ... وقد عاشوا أئمته iiسنينا
وآلَمني وآلَمَ كلّ iiحُرٍّ ... سؤالُ الدهرِ أين iiالمسلمونا؟
ترى هل يرجع الماضي فإني ... أذوب لذلك الماضي iiحنينا
بنينا حقبةً في الأرض iiملكاً ... يُدعِّمه شبابٌ iiطامحونا
شبابٌ ذلّلوا سبلَ iiالمعالي ... وما عرفوا سوى الإسلام iiدينا
تعهَّدهم فأنبتهم iiنباتاً ... كريماً طابَ في الدنيا غصونا
همُ وردوا الحياضَ iiمباركات ... فسالتْ عندهم ماءً iiمعينا
إذا شهدوا الوغى كانوا iiكماةً ... يدكّونَ المعاقلَ والحصونا
وإن جنَّ المساءُ فلا iiتراهم ... من الإشفاق إلا iiساجدينا
شباب لَم تحطّمه الليالي ... ولم يُسلِم إلى الخصمِ iiالعرينا
ولَم تشهدهُمُ الأقداحُ يوماً ... وقد ملأوا نواديهم iiمُجونا
وما عرفوا الأغاني iiمائعاتٍ ... ولكن العلا صيغتْ iiلحونا
وقد دانوا بأعظُمهم iiنضالاً ... وعلماً لا بأجرئهم iiعيونا
فيتّحدون أخلاقاً iiعِذاباً ... ويأتلفون مُجتمعاً iiرزينا
فما عرف الخلاعةَ في iiبناتٍ ... ولا عرف التخنّث في iiبنينا
ولَم يتشدقوا بقشورِ iiعلْمٍ ... ولَم يتقلّبوا في iiالملحدينا
ولَم يتبجّحوا في كل أمرٍ ... خطير كي يقالَ iiمثقفونا
كذلك أخرج الإسلام iiقومي ... شباباً مخلصاً حرّاً أمينا
وعلمه الكرامة كيف iiتبنى ... فيأبى أن يُقيَّد أو iiيهونا
دعوني من أمانٍ iiكاذباتٍ ... فلم أجد المنى إلا ظنونا
وهاتوا لي من الإيمانِ نوراً ... وقوّوا بين جنبيَّ iiاليقينا
أمدُّ يدي فأنتزع iiالرواسي ... وأبني المجد مؤتلفاً مكينا(462/1)
شر البلاد
يقول المتنبي:
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ(463/1)
شر الناس
يقول الشاعر:
إن شر النفوس في الأرض نفس تتوفى قبل الرحيل رحيلا
تبصر الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوق الندى إكليلا(464/1)
شرح المعلقات العشر
معلقة امرئ القيس
أمرىء القيس ...
هذه المعلقة هي الأولى في المعلقات و هي من أغنى الشعر الجاهلي و قد أولاها الأقدمون عناية بالغة ، و جعلها رواة المعلقات فاتحة كتبهم ، كما جعلها رواة الديوان القصيدة الأولى فيه ، و عني بها الدارسون المحدثون من عرب و مستشرقين ، فترجموها إلى عدة لغات أجنبية . و أما الشاعر امرؤ القيس فهو امرؤ القيسبن حُجْر بن الحارث من قبيلة كندة القحطانيّة ، ولد بنجد ، كان أبوه ملكاً من سلالة ملوك ، و ابن عمته عمرو بن هند ملك الحيرة ، و أمه فاطمة أخت مهلهل و كليب من سادة تغلب . ما كاد الشاعر يشب و يصلب عوده حتى انطلق لسانه بالشعر متأثراً بخاله مهلهل ، و كان يهوى التشبيب في شعره ، حتى قيل إنه شبّب بزوجة أبيه ، فما كان من أبيه إلا أن نهاه عن النسيب ثم طرده من كنفه حين لم ينته عن قول الشعر البذيْ ، فلحق الشاعر بعمه شرحبيل ، و إذا بابنة عمه فاطمة المعروفة بعنيزة ، تمد شاعريته و تخصبها حتى تكون المعلقة إحدى ثمار هذا المد . و قد كان حجر والد الشاعر ملكاً على بني أسد و غطفان و قد نقم أهلها عليه فقتلوه و أوصى رجلاً أن يخبر أولاده بمقتله ، و قد بلغ الخبر امرأ القيس و أقسم أن يثأرلأبيه ممن قتلوه . بلغ شعر امرىء القيس الذي وصل إلينا زهاء ألف بيت منجمة في مائة قطعة بين طويلة و قصيرة نجدها في ديوانه ، و من يستعرض هذا الديوان يجد فيه موضوعات كثيرة أبرزها الغزل ، و وصف الطبيعة و الظعائن ، ثم الشكوى و المدح و الهجاء و الرثاء إلى جانب الفخر و الطرد . منزلته الشعرية : أجمع الأقدمون على أن امرأ القيس واحد من شعراء الطبقة الأولى في العصر الجاهلي و هم زهير و النابغة و الأعشى و امرؤ القيس و قد شهد له بالسبق نقاد و رواة و شعاء و بلغاء ، لأن خصائصه الفنية جعلته يفوق سواه . و أخيراً توفي امرؤ القيس في الطريق قريباً من أنقرة بقروح تشبه الجدري ...(465/1)
1 ... بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْ مَلِ ... قَفَاَ نَبْكِ مِنْ ذِكُرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ
2 ... لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ ... فَتُوِضحَ فَاْلِمقْرَاةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُهَا
3 ... وقِيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ ... تَرى بَعَرَ الآرْآمِ فِي عَرَضَاتِها
4 ... لَدَى سَمُراتِ الَحْيِّ نَاقِف حَنْظَلِ ... كَأَنِّي غَدَاةَ الْبَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا
5 ... يقُولُونَ: لا تَهلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ ... وُقُوفاً بِهَا صَحْبي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ
6 ... فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ ... وإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهْراقَةٌ
7 ... وَجَارَتِها أُمِّ الرِّبابِ بِمَأْسَلِ ... كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الْحَوْ يرِثِ قَبْلَها
8 ... نَسِيمَ الْصِّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا الْقَرَنْفُلِ ... إِذَا قَامَتا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا
9 ... عَلى الْنَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي محْمَليِ ... فَفَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً
10 ... وَلا سِيمَّا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُلِ ... أَلا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ
11 ... فَيَا عَجَباً مِنْ كُورِهَا الُمتَحَمَّلِ ... وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيِّتي
12 ... وَشَحْمٍ كهُدَّابِ الدِّمَقْسِ الُمَفَّتلِ ... فَظَلَّ الْعَذَارَى يَرْتِمَينَ بِلَحْمِهَا
13 ... فَقَالَتْ لَكَ الْوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلي ... وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْرِ خَدْرَ عُنَيْزَةٍ
14 ... عَقَرْتَ بَعيري يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ ... تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيط بِنَامَعاً
15 ... وَلا تُبْعِدِيني مِنْ جَنَاكِ اُلْمعَلَّلِ ... فَقُلْتُ لَهَا سِيري وأرْخِي زِمَامَهُ
16 ... فَأَلهيْتُهَا عَنْ ذِي تَمائِمَ مُحْوِلِ ... فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٍ
17 ... بِشِقٍّ وَتحْتي شِقّها لم يُحَوَّلِ ... إِذا ما بَكى مَنْ خَلْفِها انْصَرَفَتْ لهُ(465/2)
18 ... عَليَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ ... وَيَوْماً على ظَهْرِ الْكَثيبِ تَعَذَّرَتْ
19 ... وَإِن كنتِ قد أَزْمعْتِ صَرْمي فأَجْمِلي ... أَفاطِمَ مَهْلاً بَعْضَ هذا التَّدَلّلِ
20 ... وَأَنَّكِ مهما تأْمري الْقلبَ يَفْعَلِ ... أغَرَّكِ منِّي أن حبَّكِ قاتِلي
21 ... فسُلِّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ ... وَإِنْ تَكُ قد ساء تك مِني خَليقةٌ
22 ... بِسَهْمَيْكِ في أَعْشارِ قلْبٍ مُقَتَّلِ ... وَما ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتضرِبي
23 ... تَمتَّعْتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ ... وَبَيْضةِ خِدْرٍ لا يُرامُ خِباؤُها
24 ... علّي حِراصاً لَوْ يسرُّونَ مقتَلي ... تجاوَزتُ أَحْراساً إِلَيْها وَمَعْشراً
25 ... تَعَرُّضَ أَثْناءِ الْوِشاحِ الُمفَصَّلِ ... إِذا ما الثّرَيَّا في السَّماءِ تَعَرَّضَتْ
26 ... لدى السّترِ إِلا لِبْسَةَ الُمتَفَضِّلِ ... فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثيابَها
27 ... وَما إِنْ أَرى عنكَ الغَوايةَ تَنْجلي ... فقالتْ: يَمينَ اللهِ مالكَ حِيلَةٌ
28 ... على أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ ... خَرَجْتُ بها أَمْشي تَجُرِّ وَراءنَا
29 ... بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ ... فلمَّا أَجَزْنا ساحَة الحيّ وَانْتَحَى
30 ... علّي هضِيمَ الْكَشْحِ رَيَّا الْمَخْلخَلِ ... هَصَرْتُ بِفَوْدَيْ رأْسِهاَ فَتمايَلَتْ
31 ... ترائبُها مَصْقولَةٌ كالسَّجَنْجَلِ ... مُهَفْهَفَةٌ بَيْضاءُ غيرُ مُفاضَةٍ
32 ... غذاها نَميرُ الماءِ غيرُ الُمحَلّلِ ... كَبَكْرِ الُمقاناةِ البَياضَ بَصُفْرَةٍ
33 ... بناظرَةٍ من وَحشِ وَجْرَةَ مُطَفِلِ ... تصُدّ وَتُبْدي عن أَسيلٍ وَتَتَّقي
34 ... إِذا هيَ نَصَّتْهُ وَلا بمُعَطَّلِ ... وجِيدٍ كجِيدِ الرّئْمِ ليْسَ بفاحشٍ
35 ... أَثِيثٍ كَقِنْوِ النّخلةِ الُمتَعَثْكِل ... وَفَرْعٍ يَزينُ اَلمتنَ أَسْودَ فاحِمٍ
36 ... تَضِلّ العِقاصُ في مُثَنَّى وَمُرْسَلِ ... غدائِرُه مُسْتَشْزِراتٌ إِلى العُلا(465/3)
37 ... وَسآَقٍ كاْنبوبِ السَّقيّ الُمذَلَّلِ ... وكَشْحٍ لطيفٍ كالجديل مُخَصَّرٍ
38 ... نؤُومَ الضُّحى لم تَنْتُطِقْ عن تفضُّل ... وتضحي فتيتُ المِسكِ فوقَ فراشها
39 ... أَساريعُ ظْبيٍ أوْ مساويكُ إِسْحِلِ ... وَتَعْطو برَخْصٍ غيرِ شَئْن كأنهُ
40 ... مَنارَةُ مُمْسَى راهِبٍ مُتَبَتِّلِ ... تُضيءُ الظَّلامَ بالعِشاءِ كأَنَّها
41 ... إِذا ما اسبَكَرَّتْ بينَ درْعٍ ومجْوَلِ ... إِلى مِثْلِها يَرْنو الَحليمُ صَبابَةَ
42 ... وليسَ فُؤَادي عن هواكِ بُمنْسَلِ ... تَسَلَّتْ عَماياتُ الرِّجالِ عَنِ الصِّسبا
43 ... نصيحٍ على تَعذا لهِ غيرِ مُؤتَلِ ... أَلا رُبَّ خصْمٍ فيكِ أَلْوَى رَدَدْتُه
44 ... عليَّ بأَنْواعِ الُهمُومِ ليبْتَلي ... وَليلٍ كمَوْجِ الْبَحْرِ أَرْخَى سُدو لَهُ
45 ... وَأَرْدَفَ أَعْجَازاً وَناءَ بكَلْكَلِ ... فَقلْتُ لَهُ لَّما تَمَطَّى بصُلْبِهِ
46 ... بصُبْحٍ وما الإِصْباحُ مِنكَ بأَمْثَل ... أَلا أَيُّها الَّليْلُ الطَّويلُ أَلا انْجَلي
47 ... بأَمْراسِ كتَّانٍ إِلى صُمِّ جندَلِ ... فيا لكَ مِن لَيْلٍ كأَنَّ نُجومَهُ
48 ... على كاهِلٍ منِّي ذَلُولٍ مُرَحَّل ... وَقِرْبَةِ أَقْوامٍ جَعَلْتُ عِصَامَها
49 ... بهِ الذئبُ يَعوي كالَخليعِ الُمعَيَّلِ ... وَوَادٍ كجَوْفِ الْعَيرِ قَفْرٍ قطعْتُهُ
50 ... قليلُ ألْغِنى إِنْ كنتَ لَّما تَموَّلِ ... فقُلتُ لهُ لما عَوى: إِنَّ شأْنَنا
51 ... وَمَنْ يْحترِث حَرْثي وحَرْثَك يهزِل ... كِلانا إِذا ما نالَ شَيْئاً أَفاتَهُ
52 ... بُمنْجَرِدٍ قَيْدِ الاوابِدِ هيْكلِ ... وَقَدْ أَغْتَدي والطَّيُر في وُكُناتِها
53 ... كجُلْمُودِ صَخْرٍ حطَّهُ السَّيْل من عَلِ ... مِكَر مِفَرِّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً
54 ... كما زَلَّتِ الصَّفْواءُ بالُمَتَنِّزلِ ... كُمَيْتٍ يَزِل الّلبْدُ عن حالِ مَتْنِهِ
55 ... إِذا جاشَ فيهِ حميُهُ غَليُ مِرْجَلِ ... على الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كَأَنَّ اهتزامَهُ(465/4)
56 ... أَثَرْنَ الْغُبارَ بالكَديدِ المرَكلِ ... مِسَحِّ إِذا ما السَّابحاتُ على الوَنَى
57 ... وَيُلْوي بأَثَوابِ الْعَنيفِ الُمثَقَّلِ ... يَزِلّ الْغُلامَ الخِفُّ عَنْ صَهَواتِهِ
58 ... تَتابُعُ كفّيْهِ بخيْطٍ مُوَصَّلِ ... دَريرٍ كَخُذْروفِ الْوَليدِ أمَرَّهُ
59 ... وَإِرْخاءُ سِرحانٍ وَتَقْرِيبُ تَتْفُلِ ... لَهُ أَيْطَلا ظَبْي وسَاقا نَعامةٍ
60 ... بضاف فُوَيْقَ الأَرْض ليس بأَعزَلِ ... ضليعٍ إِذا استَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ
61 ... مَدَاكَ عَروسٍ أَوْ صَلايَةَ حنظلِ ... كأنَّ على الَمتْنَينِ منهُ إِذا انْتَحَى
62 ... عُصارَةُ حِنَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ ... كأنَّ دِماءَ الهادِياتِ بِنَحْرِهِ
63 ... عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيّلِ ... فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كأنَّ نِعاجَهُ
64 ... بِجِيدِ مُعَمِّ في الْعَشيرةِ مُخْوَلِ ... فأَدْبَرْنَ كالجِزْعِ المَفصَّل بَيْنَهُ
65 ... جَواحِرُها في صَرَّةٍ لم تُزَيَّلِ ... فأَلحَقَنا بالهادِياتِ ودُونَهُ
66 ... درَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِماءٍ فَيُغْسَلِ ... فَعادى عِداءً بَيْنَ ثوْرٍ وَنَعْجَةٍ
67 ... صَفِيفَ شِواءٍ أَوْ قَدِيرٍ مُعَجَّلِ ... فظَلَّ طُهاةُ اللّحْم من بَيْنِ مُنْضجِ
68 ... مَتَى مَا تَرَقَّ الْعَيْنُ فيهِ تَسَفّلِ ... وَرُحْنَا يَكادُ الطّرْفُ يَقْصُر دُونَهُ
69 ... وباتَ بِعَيْني قائِماً غَيْرَ مُرْسَلِ ... فَبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلِجامُهُ
70 ... كَلمْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَبيِّ مُكلّلِ ... أَصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ وَمِيضَهُ
71 ... أَمَالَ السَّلِيطَ بالذُّبَالِ الُمُفَتَّلِ ... يضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيحُ راهِبٍ
72 ... وَبَيْنَ الْعُذَيْبِ بَعْدَ مَا مُتَأَمَّلي ... قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتي بَيْنَ ضَارِجٍ
73 ... وَأَيْسَرُهُ على الْسِّتَارِ فَيُذْبُلِ ... على قَطَن بالشَّيْم أيْمنُ صَوْتهِ
74 ... يَكُبُّ على الأذْقانِ دَوْجَ الكَنَهْبَلِ ... فَأَضْحَى يَسُحُّ الْماءَ حوْلَ كُتَفْيَهٍ(465/5)
75 ... فَأَنْزَلَ منْه العُصْمَ من كلّ منزِلِ ... وَمَرَّ على الْقَنّانِ مِنْ نَفَيَانِهِ
76 ... وَلا أُطُماً إِلا مَشِيداً بِجَنْدَلِ ... وَتَيْماءَ لَمْ يَتْرُكْ بها جِذْعَ نَخْلَةٍ
77 ... كَبيرُ أْنَاسٍ فِي بِجَاد مُزَمَّلِ ... كَأَنَّ ثَبيراً فِي عَرانِينِ وَبْلهِ
78 ... من السَّيْلِ وَالأَغْثَاءِ فَلْكَهُ مِغْزلِ ... كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ الُمجَيْمِرِ غُدْوَةً
79 ... نزُولَ اليماني ذي العِيابِ المحمَّلِ ... وَألْقَى بصَحراءِ الْغَبيطِ بَعاعَهُ
80 ... صُبِحْنَ سُلافاً من رَحيقٍ مُفَلْفَلِ ... كَأَنَّ مَكاكّي الجِواءِ غُدَيَّةً
81 ... بِأَرْجَائِهِ الْقُصْوَى أَنَابِيشُ عُنْصُلِ ... كانَّ الْسِّباعَ فِيهِ غَرْقَى عَشِيَّةً
شرح معلقة أمرؤ القيس(465/6)
خاطب الشاعر صاحبيه ، وقيل بل خاطب واحدا وأخرج الكلام مخرج الخطاب لاثنين ، لان العرب من عادتهم إجراء خطاب الاثنين على الواحد والجمع ، فمن ذلك قول الشاعر: فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر، وأن ترعياني أحمِ عِرضاً ممنّعاً خاطب الواحد خطاب الاثنين ، وإنما فعلت العرب ذلك لان أدنى أعوان الرجل هم اثنان : راعي إبله وراعي غنمه ، وكذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة ، فجرى خطاب الاثنين على الواحد لمرور ألسنتهم عليه ، ويجوز أن يكون المراد به : قف قف ، فإلحاق الألف إشارة الى أن المراد تكرير اللفظ كما قال أبو عثمات المازني في قوله تعالى : "قال رب أرجعون " المراد منه أرجعني أرجعني ، جعلت الواو علما مشعرا بأن المعنى تكرير اللفظ مرارا ، وقيل : أراد قفن على جهة التأكيد ، فقلب النون ألفا في حال الوصل ، لأن هذه النون تقلب ألفا في حال الوقف ، فحمل الوصل على الوقف ، ألا ترى أنك لو وقفت على قوله تعالى : "لنسفعن" قلت : لنسفعا . ومنه قول الأعشى: وصلِّ على حين العشيّات والضحى ولا تحمد المثرين واللهَ فاحمدا = أراد فاحمدَن ، فقلب نون التأكيد ألفا ، يقال يكى يبكي بكاء وبكى ، ممدودا ومقصورا ، أنشد ابن الأنباري لحسان بن ثابت شاهدا له: بكت عيني وحق لها بكاها، وما يعني البكاء ولا العويل فجمع بين اللغتين ، السقط : منقطع الرمل حيث يستدق من طرفه ، والسقط أيضا ما يتطاير من النار ، والسقط أيضا المولود لغير تمام ، وفيه ثلاث لغات : سَقط وسِقط وسُقط في هذه المعاني الثلاثة ، اللوى:رمل يعود ويلتوي ، الدخول وحومل: موضعان . يقول : قفا وأسعداني وأعيناني ، أو : قف وأسعدني على البكاء عند تذكري حبيباً فارقته ومنزلا خرجت منه ، وذلك المنزل أو ذلك الحبيب أو ذلك بمنقطع الرمل المعوج بين هذين الموضعين 1(465/7)
توضح والمقراة موضعان ، وسقط بين هذه المواضع الأربعة ، لم يعف رسمها ، أي لم ينمح أثرها ، الرسم: ما لصق بالأرض من آثار الدار مثل البقر و الرماد وغيرهما ، والجمع أرسم ورسوم ، وشمال ، فيها ست لغات : شمال وشمال وشأمل وشمول وشَمْل و شَمَل ، نسج الريحين: اختلافهما عليها وستر إحداهما إياها بالتراب وكشف الأخرى التراب عنها . وقيل : بل معناه لم يقتصر سبب محوها على نسج الريحين بل كان له أسباب منها هذا السبب ، ومر السنين ، وترادف الامطار وغيرها . وقيل : بل معناه لم يعف رسم حبها في قلبي وإن نسجتها الريحان . والمعنيان الاولان أظهر من الثالث ، وقد ذكرها كلها ابن الانبارى 2
الآرآم : الظباء البيض الخالصة البياض ، وأحداهما رئم ، بالكسر ، وهي تسكن الرمل ، عرصات (في المصباح) عرصة الدار : ساحتها ، وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء ، والجمع عراص مثل كلبة الكلاب ، وعرصات مثل سجدة وسجدات ،وعن الثعالبي : كل بقعة ليس فيها بناء فهي عرصة ، و(في التهذيب) : سميت ساحة الدار عرصة لأن الصبيان يعرصون فيها أي يلعبون ويمرحون ؛ قيعان : جمع قاع وهو المستوي من الأرض ، وقيعة مثل القاع ، وبعضهم يقول هو جمع ، وقاعة الدار : ساحتها ، الفلفل قال في القاموس : كهدهد وزبرج ، حب هندي . ونسب الصاغاني الكسر للعامة : و(في المصباح) ، الفلفل: بضم الفاءين ، من الأبرار ، قالوا : لايجوز فيه الكسر . يقول الشاعر : انظر بعينيك تر ديار الحبيبة التي كانت مأهولة بأهلها مأنوسة بهم خصبة الأرض كيف غادرها أهلها وأقفرت من بعدهم أرضها وسكنت رملها الظباء ونثرت في ساحتها بعرها حتى تراه كأنه حب الفلفل . في مستوى رحباتها 3(465/8)
غداة : (في المصباح) ، الغداة : الضحوة ، وهي مؤنثة ، قال ابن الأنباري . ولم يسمع تذكيرها ، ولو حملها حامل على معنى أول النهار جاز له التذكير ، والجمع غدوات ، البين : الفرقة ، وهو المراد هنا ، وفي القاموس : البين يكون فرقة ووصلا ، قال الشارح : بأن يبين بينا وبينونة ، وهو من الأضداد ، اليوم : معروف ، مقدارة من طلوع الشمس إلى غروبها ، وقد يراد باليوم والوقت مطلقا ، ومنه الحديث : "تلك أيام الهرج" أي وقته ، ولا يختص بالنهار دون الليل ، تحملوا واحتملوا : بمعنى : ارتحلوا ، لدي : بمعنى عند ، سمرات ، بضم الميم : من شجر الطلح ، الحي: القبيلة من الأعراب ، والجمع أحياء ، نقف الحنظل : شقة عن الهبيد ، وهو الحب ، كالإنقاف والانتفاف ، وهو ، أي الحنظل ، نقيف ومنقوف ، وناقفة وهو الذي يشقه . والشاعر يقول : كأني عند سمرات الحي يوم رحيلهم ناقف حنظل ، يريد ، وقفت بعد رحيلهم في حيرة وقفة جاني الحنظلة ينقفها بظفره ليستخرج منها حبها 4
نصب وقوفا على الحال ، يريد ، قفا نبك في حال وقف أصحابي مطيتهم علي ، والوقوف جمع واقف بمنزلة الشهود والركوع في جمع شاهد وراكع ، الصحب : جمع صاحب ، ويجمع الصاحب على الأصحاب والصحب والصحاب والصحابة والصحبة والصحبان ، ثم يجمع الأصحاب على الأصاحيب أيضا ، ثم يخفف فيقال الأصاحب ، المطي : المراكب ، واحدتها مطية ، وتجمع المطية على المطايا والمطي والمطيات ، سميت مطية لأنه يركب مطاها أي ظهرها ، وقيل : بل هي مشتقة من المطو وهو المد في السير ، يقال : مطاه يمطوه ، فسميت الرواحل به لانها تمد في السير ، نصب الشاعر أسى على أنها مفعول له. يقول : لقد وقفوا علي ، أي لاجلي أو على رأسي وأنا قاعد ، رواحلهم ومراكبهم ، يقول لي : لا تهلك من فرط الحزن وشدة الجزع وتجمل بالصبر . وتلخيص المعنى : انهم وقفوا عليه رواحلهم يأمرونه بالصبر وينهونه عن الجزع 5(465/9)
المهراق والمراق: المصبوب ، وقد أرقت الماء وهرقته وأهرقته أي صببته ، المعول : المبكى ، وقد أعول الرجل وعول إذا بكى رافعا صوته به ، والمعول : المعتمد والمتكل عليه أيضا ، العبرة : الدمع ، وجمعها عبرات ، وحكى ثعلب في جمعها العبر مثل بدرة وبدر. يقول : وإن برئي من دائي ومما أصابنى وتخلصي مما دهمني يكون بدمع أصبه ، ثم قال : وهل من معتمد ومفزع عند رسم قدر درس ، أو هل موضع بكاء عند رسم دارس ؟ وهذا استفهام يتضمن معنى الإنكار ، والمعنى عند التحقيق : ولا طائل في البكاء في هذا الموضع ، لأنه لا يرد حبيبا ولا يجدى على صاحبه خيراً، أو لا أحد يعول عليه ويفزع إليه في هذا الموضع . وتلخيص المعنى : وإن مخلصي مما بي هو بكائي . ثم قال : ولا ينفع البكاء عند رسم دارس 6
الدأب والدأب ، بتسكين الهمزة وفتحها : العادة ، وأصلها متابعة العمل والجد في السعي ، يقال : دأب يدأب دأبا ودئابا ودؤوبا ، وأدأبت السير : تابعته ، مأسل ، بفتح السين: جبل بعينه ، ومأسل ، بكسر السين : ماء بعينه ، والرواية فتح السين. يقول عادتك في حب هذه كعادتك من تينك ، أي قلة حظك من وصال هذه ومعاناتك الوجد بها كقلة حظك من وصالها ومعاناتك الوجد بهما ، قبلها أي قبل هذه التي شغفت بها الآن 7
ضاع الطيب وتضوع ؛ انتشرت رائحته ، الريا : الرائحة الطيبة. يقول : إذا قامت أم الحويرث وأم الرباب فاحب ريح المسك منهما كنسيم الصبا إذا جاءت بعرف القرنفل ونشره . شبه طيب رياهما بطيب نسيم هب على قرنفل وأتى برياه ، ثم لما وصفهما بالجمال وطيب النشر وصف حاله بعد بعدهما 8(465/10)
الصبابة ، رقة الشوق ،وقد صب الرجل يصب صبابة فهو صب ، والأصل صبب فسكنت العين وأدغمت في اللام ، والمحمل : حمالة السيف، والجمع المحامل ،والحمائل جمع الحمالة . يقول : فسالت دموع عيني من فرط وجدي بهما وشدة حنيني إليهما حتى بل دمعي حمالة سيفي . نصب صبابة على أنه مفعول له كقولك : زرتك طمعا في برك ، قال الله تعالى : " من الصواعق حذر الموت " ، أي لحذر الموت ، وكذلك زرتك للطمع في برك ، وفاضت دموع العين مني للصبابة 9
في رب لغات : وهي ، رُبْ ورُبَ ورُبُ ورَبَ ، ثم تلحق التاء فتقول : ربة وربت ، ورب : موضوع في كلام العرب للتقليل ، وكم : موضوع للتكثير ، ثم ربما حملت رب على كم في المعني فيراد بها التكثير ، وربما حملت كم على رب في المعني فيراد بها التقليل . ويروى ؛ ألا رب "يوم" كان منهن صالح ، والسي : المثل ، يقال : هما سيان أم مثلان . ويجوز في يوم الرفع والجر ، فمن رفع جعل ما موصولة بمعني الذي ، والتقدير : ولا سيّ اليوم الذي هو بدارة جلجل ، ومن خفض جعل ما زائدة وخفضه بإضافة سي إليه فكأنه قال : ولا سي يومأي ولا مثل يوم دارة جلجل ، وهو غدير بعينه . يقول : رب يوم فزت فيه بوصال النساء وظفرت بعيش صالح ناعم منهن ولا يوم من تلك الأيام مثل يوم دارة جلجل ، يريد أن ذلك اليوم كان أحسن الأيام وأتمها ، فأفادت ولا سيما التفضيل والتخصيص 10(465/11)
العذراء من النساء : البكر التي لم تفتض ، والجمع العذارى ، الكور : الرحل بأداته ، والجمع الأكوار والكيران ، ويروى : من رحلها ، المتحمل : الحمل . فتح يوم بسبب من كونه معطوفا على مجرور أو مرفوع وهو يوم أو يوم بدارة جلجل ، لأنه بناه على الفتح لما أضافه إلى مبني وهو الفعل الماضي ، وذلك قوله : عقرت . وقد يبنى المعرب إذا أضيف إلى مبني ، ومنه قوله تعالى:"إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" ، فبنى مثل على الفتح مع كونه نعتا لمرفوع لما أضافه إلى ما وكانت مبنية ، ومنه قراءة من قرأ :"ومن خزي يومئذ" ، بنى يوم على الفتح لما أضافه إلى إذ وهي مبنية وإن كان مضافا إليه ، ومثله قول النابغة الذبياني: على حين عاتبت المشيب على الصبا فقلت ألما تصح والشيب وازع بنى حين على الفتح لما أضافه إلى الفعل الماضي ، وقد فضل الشاعر يوم دارة جلجل ، ويم عقر مطيته للابكار على سائر الأيام الصالحة التي فاز بها من حبائبه ، ثم تعجب من حملهن رحل مطيته وأداته بعد عقرها واقتسامهن متاعه بعد ذلك ، فيا عجبا : الألف فيه بدل من ياء الإضافة ، وكان الأصل هو فيا عجبي ، وياء الإضافة يجوز قلبها ألفا في النداء نحو يا غلاما في يا غلامي ، فإن قيل : كيف نادى العجب وليس مما يعقل ؟ قيل قي جوابه: إن المنادى محذوف ، والتقدير : ياهؤلاء ، أو يا قوم ، اشهدوا عجبي من كورها المتحمل ، فتعجبوا منه ، فانه قد جاوز المدى والغاية القصوى ، وقيل : بل نادى العجب اتساعا ومجازا ، فكأنه قال : ياعجبي تعال واحضر فإن هذا أوان إتيانك وحضورك 11(465/12)
يقال : ظل زيد قائما إذا أتى عليه النهار وهو قائم ، وبات زيد نائما إذا أتى عليه الليل وهو نائم ، وطفق زيد يقرأ القرآن إذا أخذ فيه ليلا ونهارا ، الهداب والهدب : اسمان لما استرسل من الشيء نحو ما استرسل من الأشفار ومن الشعر ومن أطراف الأثواب ، الواحد هدابة وهدبة ، ويجمع الهدب على الأهداب ، الدمقس والمدقس: الإبريسم ، وقيل هو الأبيض منه خاصة. يقول : فجعلن يلقي بعضهن إلى بعض شواء المطية استطابة أو توسعا فيه طول نهارهن وشبه لحمها بالإبريسم الذي أجيد قتله وبولغ فيه ، وقيل هو القز 12(465/13)
الخدر : والهودج ، والجمع الخدور ، ويستعار للستر والحجلة وغيرهما ، ومنه قولهم : خدرت الجارية وجارية مخدرة أي مقصورة في خدرها لا تبرز منه ، ومن ذلك قولهم : خدر الأسد يخدر خدرا وأخدر إخدارا . إذا لزم عرينه ، ومنه قول ليلى الأخيلية: فتى كان أحيا من فتاة حيية وأشجع من ليث يخفان خادر وقول الشاعر: كالأسد الورد غدا من مخدره والمراد بالخدر في البيت الهودج ، عنيزة : اسم عشيقته وهي إبنة عمه وقيل : هو لقب لها واسمها فاطمة ، وقيل بل اسمها عنيزة ، وفاطمة غيرها ، قوله : فقالت لك الويلات ، أكثر الناس على أن هذا دعاء منها عليه ، والويلات : جمع ويلة ، والويلة والويل: شدة العذاب ، وزعم بعضهم أنه دعاء منها له في معرض الدعاء عليه ، والعرب تفعل ذلك صرفا لعين الكمال عن المدعو عليه . ومنه قولهم : قاتلة الله ما أفصحه ! ومنه قول جميل : رمى الله في عيني بثينة بالقذى وفي الغر من أنيابها بالقوادح ، ويقال : رجل الرجل يرجل رجلا فهو راجل ، وأرجلته أنا صيرته راجلا ، خدر عنيزة بدل من الخدر الأول والمعنى : ويوم دخلت خدر عنيزة ، وهذا مثل قوله تعالى : "لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات " ومنه قول الشاعر: يا تيم ياتيم عدي لا أبا لكمو لا يلفينكمو في سوأة عمر وصرف عنيزة لضرورة الشعر وهي لا تنصرف ، للتأنيث والتعريف. يقول: ويوم دخلت هودج عنيزة فدعت علي أو دعت لي في معرض الدعاء علي ، وقالت إنك تصيرني راجلة لعقرك ظهر بعيري ، يريد أن هذا اليوم كان من محاسن الأيام الصالحة التي نالها منهن أيضا 13
الغبيط : ضرب من الرحال ، وقيل بل ضرب من الهوادج ، الباء في قوله : بنا للتعدية وقد أمالنا الغبيط جميعا ، عقرت بعيري: أدبرت ظهره ، من قولهم : كلب عقور ، ولا يقال في ذي الروح إلا عقور. يقول : كانت هذه المرأة تقول لي في حال إمالة الهودج أو الرحل إبانا : قد أدبرت ظهر بعيرى فأنزل عن البعير 14(465/14)
جعل العشيقة بمنزلة الشجرة ، وجعل ما نال من عناقها وتقبيلها وشمها بمنزلة الثمرة ليتناسب الكلام ، المعلل : المكرر ، من قولهم : عله يعله إذا كرر سقيه ، وعلله للتكثير والتكرير . والمعلل : الملهى ، من قولك : عللت الصبي بفاكهة أي ألهيته بها : وقد روي اللفظ في البيت بكسر اللام وفتحها ، والمعنى على ما ذكرنا يقول : فقلت للعشيقة بعد أمرها إياي بالنزول : سيري وأرخي زمام البعير ولا تبعديني مما أنال من عناقك وشمك وتقبيلك الذي يلهيني أو الذي أكرره . ويقال لمن على الدابة سار يسير ، كما يقال للماشي كذلك قال: سيري وهي راكبة ، الجنى : اسم لما يجتنى من الشجر ، والجنى المصدر ، يقال : جنيت الثمرة واجتنيتها 15(465/15)
خفض فمثلك بإضمار رب ، أراد فرب امرأة حبلى . الطروق : الإتيان ليلا ، والفعل طرف يطرق ، المرضع : التي لها ولد رضيع ، إذا بنيت على الفعل أنثت فقيل : أرضعت فهي مرضعة ، وإذا حملوها على انها بمعنى ذات إرضاع أو ذات رضيع لم تلحقها تاء التأنيث ، ومثلها حائض وطالق وحامل ، لا فصل بين هذه الأسماء فيما ذكرنا ، وإذا حملت على انها من المنسوبات لم تلحقها علامة التأنيث ، وإذا حملت على الفعل لحقتها علامة التأنيث ، ومعنى المنسوب في هذا الباب ان يكون الاسم بمعنى ذي كذا أو ذات كذا ، والاسم إذا كان من هذا القبيل عرته العرب من علامة التأنيث كما قالوا : امرأة لابن أي ذات لبن وذات تمر ، ورجل لابن تامر أي ذو لبن وذو تمر ، ومنه قوله تعالى :"السماء منفطر بها" نص الخليل على أن المعنى : السماء ذات انفطار به ، لذلك تجرد لفظ منفطر عن علامة التأنيث . وقوله تعالى :"لا فارض ولا بكر عوان" أي لا ذات فرض ، وتقول العرب : جمل ضامر وناقة ضامر ، وجمل شائل وناقة شائل ، ومنه قول الأعشى: عهدى بها في الحي قد سربلت بيضاء مثل المهرة الضامر أي ذات لبن وذات تمر ، وقول الآخر: وغررتني وزعمت أنك لابن في الصيف تامر أي ذات لبن وذات تمر ، وقول الآخر: رابعتني تحت ليل ضارب بساعد فعم وكف خاضب أي ذات خضاب ، وقال أيضا: ياليت أم العمر كانت صاحبي مكان من أمسى على الركائب أي ذات صبحتي ، وأنشد النحويون: وقد تخذت رحلي لدى جنب غرزها نسيفا كأفحوص القطاة المطرق أي ذات التطريق . والمعول في هذا الباب على السماع إذ هو غير منقاد للقياس ، لهيت عن الشيء ألهى عنه لهيا إذا شغلت عنه وسلوت ، وألهيته إلهاء إذا شغلته ، التميمة : العوذة ، والجمع التمائم ، يقال : احول الصبي إذا تم له حول فهو محول ، ويروى : عن ذي تمائم مغيل ، يقال : غالت المرأة ولدها تغيل غيلا وأغالت تغيل إغيالا إذا أرضته وهي حبلى ويروى : ومرضع بالعطف على حبل .(465/16)
ويروى: ومرضعا على تقدير طرقتها ، ومرضعا تكون معطوفة على ضمير المفعول يقول : فرب امرأة حبلى قد أتيتها ليلا ، ورب امرأة ذات رضيع أتيتها ليلا فشغلتها عن ولدها الذي علقت عليه العوذة وقد أتى عليه حول كامل أو قد حبلت أمه بغيره فهي ترضعه على حبلها ، وإنما خص الحبلى والمرضع لانهما أزهد النساء في الرجال وأقلهن شغفا بهم وحرصا عليهم ، فقال : خدعت مثلهما مع اشتغالهما بأنفسهما فكيف تتخلصين مني ؟ قوله : فمثلك ، يريد به فرب امرأة مثل عنيزة في ميله إليها وحبه لها ، لان عنيزة في هذا الوقت كانت عذراء غير حبلى ولا مرضع 16
شق الشيء: نصفه . يقول . إذا ما بكى الصبي من خلف المرضع انصرفت إليه بنصفها الاعلى فأرضعته وأرضته بينما بقي تحتي نصفها الاسفل لم تحوله عني ، وبذلك وصف غاية ميلها إليه وكلفها به حيث لم يشغلها عن مرامه ما يشغل الامهات عن كل شيء 17
الكثيب : رمل كثير ، والجمع أكثبه وكثب وكثبان، التعذر: التشدد والالتواء ، والإيلاء والائتلاء والتألي: الحلف ، يقال : آلى وتألى إذا حلف ، واسم اليمين الالية والالوة معا ، والحلف المصدر ، والحلف بكسر اللام ، الاسم ، الحلفه : المرة . التحلل في اليمين : الاستثناء . نصب حلفه لأنها حلت محل الإيلاء كأنه قال : وآلت إبلاء ، والفعل يعمل فيما وافق مصدره في المعنى كعمله في مصدره نحو قولهم : إني لأشنؤه بغضا وإني لأبغضه كراهية . يقول : وقد تشددت العشيقة والتوت وساءت عشرتها يوما على ظهر الكثيب المعروف وحلفت حلفا لم تستثن فيه أنها تصارمني وتهاجرني ، هذا ويحتمل أن يكون صفة حال اتفقت له مع عنيزة ، ويحتمل أنها مع المرضع التي وصفها 18(465/17)
مهلا :أي رفقا ، الإدلال والتدليل : أن يثق الإنسان بحب غيره إياه فيؤذيه على حسب ثقته به ، والاسم الدل والدال والدلال ، أزمعت الأمر وأزمعت عليه : وطنت نفسي عليه يقول : يافاطمة دعي بعض دلالك وإن كنت وطنت نفسك على فراقي فأجملي الهجران . نصب بعض لأن مهلا ينوب مناب دع ، الصرم : المصدر ، يقال : صرمت الرجل أصرمه صرما إذا قطعت كلامه ، والصرم هو الاسم ، فاطمه : اسم المرضع واسم عنيزة ، عنيزة لقب لها فيما قيل 19
يقول : قد غرك مني كون حبك قاتلي وكون قلبي منقادا لك بحيث مهما أمرته بشيء فعله . وألف الاستفهام دخلت على هذا القول للتقرير لا للاستفهام والاستخبار ، ومنه قول جرير: ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح يريد أنهم خير هؤلاء ، وقيل : بل معناه قد غرك مني أنك علمت أن حبك مذللي ، والقتل التذليل ، وأنك تملكين قؤادك فمهما أمرت بقلبك بشيء أسرع إلى مرادك فتحسبين أني أملك عنان قلبي كما ملكت عنان قلبك حتى سهل علي فراقك كما سهل عليك فراقي ، ومن الناس من حمله على مقتضى الظاهر وقال : عنى البيت: أتوهمت وحسبت أن حبك يقتلني أو أنك مهما أمرت قلبي بشيء فعله ؟ قال : يريد أن الأمر ليس على ما خيل إليك فإني مالك زمام قلبي ، والوجه الأمثل هو الوجه الأول وهذا القول أرذل الأقوال لأن مثل هذا الكلام لا يستحسن في النسيب 20(465/18)
من الناس من جعل الثياب في هذا البيت بمعنى القلب ، كما حملت الثياب على القلب في قول عنتره : فشككت بالرمح الأصم ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم وقد حملت الثياب في قوله تعالى:"وثيابك فطهر" على أن المراد به القلب ، فالمعنى على هذا القول : إن ساءك خلق من أخلاقي وكرهت خصلة من خصالي فردي علي قلبي أفارقك ، والمعنى على هذا القول : استخرجي قلبي من قلبك يفارقه ، النسول : سقوط الريش والوبر والصوف والشعر ، يقال : نسل ريش الطائر ينسل نسولا ، واسم ما سقط النسيل والنسال ، ومنهم من رواه تنسلي وجعل الانسلاء بمعنى التسلي ، والرواية الأولى أولاهما بالصواب ، ومن الناس من حمل الثياب في البيت على الثياب الملبوسة وقال : كنى بتباين الثياب وتباعدها عن تباعدهما ، وقال : إن ساءك شيء من أخلاقي فاستخرجي ثيابي من ثيابك أي ففارقيني وصارميني كما تحبين ، فإني لا اؤثر إلا ما آثرت ولا اختار إلا ما اخترت ، لانقيادي لك وميلي إليك ، فإذا آثرت فراقي آثرته وإن كان سبب هلاكي 21(465/19)
ذرف الدمع يذرف ذريفا وذرفانا وتذرافا إذا سال ، ثم يقال ذرفت كما يقال دمعت عينه ، وللأئمة في البيت قولان ، قال الأكثرون : استعار للحظ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب وجرحهما إياها كما ان السهام تجرح الأجسام وتؤثر فيها ، الأعشار من قولهم : برمة أعشار إذا كانت قطعا ، ولا واحد لها من لفظها ، المقتل : المذلل غاية التذليل ، والقتل في الكلام التذليل ، ومنه قولهم : قتلت الشراب إذ فللت غرب سورته بالمزاج ، ومنه قول الأخطل : فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها وحب بها مقتولة حين تقتل وقال حسان: إن التي ناولتني فرددتها قتلت قتلت فهاتها لم تقتل ومنه : قتلت أرض جاهلها وقتل ارضا عالمها ، ومنه قوله تعالى : "وما قتلوه يقينا" عند أكثر الأئمة : أي ما ذللوا قولهم بالعلم اليقين . وتلخيص المعنى على هذا القول : وما دمعت عيناك وما بكيت إلا لتصيدي قلبي بسهمي دمع عينيك وتجرحي قطع قلبي الذي ذللته بعشقك غاية التذليل ، أي نكايتها في قلبي نكاية السهم في المرمى ، وقال آخرون : أراد بالسهمين المعلى والرقيب من سهام الميسر والجزور يقسم بهذين القدحين فقد فاز بجميع الاجزاء وظفر بالجزور ، وتلخيص المعنى على هذا القول: وما بكيت إلا لتملكي قلبي كله وتفوزي بجميع أعشاره وتذهبي به ، والأعشار على هذا القول جمع عشر لأن اجزاء الجزور عشرة ، والله أعلم 22(465/20)
أي ورب بيضة خدر ، يعني ورب امرأة لزمت خدرها ، ثم شبهها بالبيض ، والنساء بشبهن بالبيض من ثلاثة أوجه : أحدهما بالصحة والسلامة عن الطمث ، ومنه قول الفرزدق: خرجن إلي لم يطمئن قبلي وهن أصح من بيض النعام ويروى : دفعن إلي ، ويروى : برزن إلي . والثاني في الصيانة والستر لأن الطائر يصون بيضه ويحضنه . والثالث في صفاء اللون ونقائه لأن البيض يكون صافي اللون نقية إذا كان تحت الطائر . وربما شبهت النساء ببيض النعام ، وأريد أنهن بيض تشوب ألوانهن صفرة يسيرة وكذلك لون بيض النعام ، ومنه قول ذي الرمة : كأنها فضة قد مسها الذهب ، الروم : الطلب ، والفعل منه يروم ، الخباء : البيت إذا كان من قطن أو وبر أو صوف أو شعر ، والجمع الأخبية ، التمتع : الانتفاع وغيره ، يروى بالنصب والجر ، فالجر على صفة لهو والنصب على الحال من التاء في تمتعت يقول : ورب امرأة - كالبيض في سلامتها من الافتضاض أو في الصون والستر أو في صفاء اللون ونقائه أو بياضها المشوب بصفرة يسيرة - ملازمة خدرها غير خراجه ولاجة انتفعت باللهو فيها على تمكث وتلبث لم اعجل عنها ولم أشغل عنها بغيرها 23
الاحراس : يجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة صاحب وأصحاب وناصر وأنصار وشاهد واشهاد ، ويجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة خادم وخدم وغائب وغيب وطالب وطلب وعابد وعبد ، المعشر: القوم ، والجمع المعاشر ، الحراص: جمع حريص ، مثل ظراف وكرام ولئام في جمع ظريف وكريم ولئيم ، الإسرار :الإظهار والاضمار جميعا . وهو من الأضداد ، ويروى : لو يشرون مقتلي ، بالشين المعجمة ، وهو الاظهار لاغير يقول : تجاوزت في ذهابي اليها وزيارتي إياها أهو الا كثيرة وقوما يحرسونها وقوما حراصا على قتلي لو قدروا عليه في خفية لأنهم لا يجترثون على قتلي جهارا ، أو حراصا على قتلي او امكنهم قتلي ظاهرا لينزجر ويرتدع غيري عن مثل صنيعي ، وحمله على الاول أولى لأنه كان ملكا والملوك لا يقدر على قتلهم علانية 24(465/21)
التعرض : الاستقبال ، والتعرض إبداء العرض ، وهو الناحية ، والتعرض الأخذ في الذهاب عرضا، الاثناء : النواحي ، والاثناء الاوساط ، واحدها ثنى مثل عصى وثني مثل معي وثني بوزن فعل مثل نحي ، وكذلك الآناء بمعنى الاوقات والآلاء بمعنى النعم في واحدها ، هذه اللغات الثلاث ، المفصل : الذي فصل بين خرزه بالذهب أو غيره يقول : تجاوزت إليها في وقت إبداء الثريا عرضها في السماء كإبداء الوشاح الذي فصل بين جواهره وخرزه بالذهب أو غيره عرضة يقول : أتيتها عند رؤية نواحي كواكب الثريا في الافق الشرفي ، ثم شبه نواحيها بنواحي جواهر الوشاح ، هذا أحسن الاقوال في تفسير البيت ، ومنهم من قال شبه كواكب الثريا بجواهر الوشاح لان الثريا تأخذ وسط السماء كما أن الوشاح يأخذ وسط المرأة المتوشحة ، ومنهم من زعم إنه أراد الجوزاء فغلط وقال الثريا لان التعرض للجوزاء دون الثريا ، ، وهذا قول محمد بن سلام الجمحي ، وقال بعضهم : تعرض الثريا - هو انها إذا بلغت كبد السماء أخذت في العرض ذاهبة ساعة كما ان الوشاح يقع مائلا إلى أحد شقي المتوحشة به 25
نضا الثياب ينضوها نضوا إذا خلعها ، ونضاها ينضيها إذا أراد المبالغة ، اللبسة : حالة الملابس وهيئة لبسه الثياب بمنزلة الجلسة والقعدة والركبة والردية الازرة ، المتفضل : اللابس ثوبا واحدا إذا أراد الخفة في العمل ، والفضلة والفضل إسمان لذلك يقول : اتيتها وقد خلعت ثيابها عند النوم غير ثوب واحد تنام فيه وقد وقفت عند الستر مترقبة ومنتظرة لي وإنما خلعت الثياب لتري أهلها أنها تريد النوم 26(465/22)
اليمين : الحلف ، الغواية والغي: الضلالة ، والفعل غوي يغوى غواية ويروي العماية وهي العمى ، الانجلاء : الانكشاف ، وجلوته كشفته فانجلى ، الحيلة أصلها حولة فأبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها. وإن في قوله : وما إن ، إن زائدة ، وهي تزاد ما النافية : وما إن طبنا جبن ولكن منايا ودولة آخرينا يقول : فقالت الحبيبة أحلف بالله ما لك حيلة أي ما في لدفعك عني حيلة ، وقيل : بل معناه ما لك حجة في ان تفضحني بطروقك إياي وزيارتك ليلا ، يقال : ماله حيلة أي ما له عذر وحجة ، وما أرى ضلال العشق وعماه منكشفا عنك ، وتحرير المعنى أنها قالت : مالي سبيل إلى دفعك أو ما لك عذر في زياتي وما أراك نازعا عن هواك وغيك ، ونصب يمين الله كقولهم : الله لاقومن ، على إضمار الفعل ، وقال الرواة : هذا أغنج بيت في الشعر 27
خرجت بها ، أفادت الباء تعدي الفعل ، والمعنى : اخرجتها من خدرها ، الأثر والإثر واحد ، وأما الاثر ، بفتح الهمزة وسكون الثاء : فهو فرند السيف ، ويروى : على إثرنا أذيال ، والذيل يجمع على الاذيال والذيول ، المرط عند العرب : كساء من خز أو مرعزى أو من صوف ، وقد تسمى الملاءة مرطا ايضا ، والجمع المروط ، المرحل : المنقش بنقوش تشبه رحال الابل ، يقال : ثوب مرحل وفي هذا الثوب ترحيل يقول : فأخرجتها من خدرها وهي تمشي وتجر مرطها على أثرنا لتعفي به آثار أقدامنا ، والمرط كان موشى بأمثال الرحال ، ويروى : نير مرط ، والنير : علم الثوب 28(465/23)
يقال : أجزت المكان وجزته إذا قطعته إجازة وجوازا ، الساحة تجمع على الساحات والسوح مثل قارة وقارات وقار وقور ، والقارة : الجبيل الصغير، الحي : القبيلة ، والجمع الأحياء ، وقد تسمى الحلة حيا ، الانتحاء والتنحي والنحو: الاعتماد على الشئ ، ذكره ابن الأعرابي . للبطن : مكان مطمئن ، الحقف : رمل مشرف معوج ، والجمع أحقاف وحقاف ويروى : ذي قفاف ، وهي جمع قف ، وهو ما غلظ وارتفع من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلا ، العقنقل: الرمل المنعقد المتلبد . وأصله من العقل وهو الشد . وزعم أبو عبيدة وأكثر الكوفيين إن الواو في وانتحى - مقحمة زائدة . وهو عندهم جواب لما ، وكذلك قولهم في الواو في قوله تعالي : "وناديناه أن يا ابراهيم" والواو لا تقحم زائدة في جواب لما عند البصريين ، والجواب يكون محذوفا في مثل هذا الموضع تقديره في البيت : فلما كان كذا وكذا تنعمت وتمتعت بها ، أو الجواب قوله هصرت ، وفي الآية فازا وظفرا بما أحبا ، وحذف جواب لما كثير في التنزيل وكلام العرب . ويقول : فلما جاوزنا ساحة الحلة وخرجنا من بين البيوت وصرنا إلى أرض مطمئنة بين حقاف ، يريد مكانا مطمئنا أحاطت به حقاف أو قفاف منعقدة ، والعقنقل من صفة الخبت لذلك لم يؤنثه ، ومنهم من جعله من صفة الحقاف وأحلة محل الأسماء معطله من علامة التأنيث لذلك . وقوله : وانتحى بنا بطن خبت ، أسند الفعل إلى بطن خبت ، والفعل عند التحقيق لهما لكنه ضرب من الاتساع في الكلام ، والمعنى صرنا إلى مثل هذا المكان ، وتلخيص المعنى : فلما خرجنا من مجمع بيوت القبيلة وصرنا إلى مثل هذا الموضع طاب حالنا وراق عيشنا 29(465/24)
الهصر : الجذب ، والفعل هصر يهصر ، الفودان . جانبا الرأس ، تمايلت أي مالت . ويروى ، بغصني دومة ، والدوم . شجر المقال ، واحدتها دومة ، شبهها بشجرة الدوم وشبه ذؤابتيها بغصنين وجعل ما نال منها كالثمر الذي بجتنى من الشجر ، ويروى : إذا قلت هاتي ناولينتي تمايلت ، والنول والإنالة والتنويل : الاعطاء ، ومنه قيل للعطية نوال ، هضيم الكشح لأنه يدق بذلك الموضع من جسده فكأنه هضيم عند قرار الردف والجنبين والوركين ، ريا : تأنيث الريان ، المخلخل : موضع الخلخال من الساق ، والمسور : موضع السوار من الذراع ، والمقلد : موضع القلادة من العنق ، والمقرط : موضع القرط من الأذن . عبر عن كثرة لحم الساقين وامتلائهما بالري . هصرت : جواب لما من البيت السابق عند البصريين ، وأما الرواية الثالثة وهي إذا قلت فإن الجواب مضمر محذوف على تلك الرواية على ما مر ذكره في البيت الذى قبله يقول : لما خرجنا من الحلة وأمنا الرقباء جذبت ذؤابتيها إلى فطاوعتني فيما رما منها ومالت علي مسعفة بطلبتي في حال ضمور كشحيها وامتلاه ساقيها باللحم ، والتفسير على الرواية الثالثة : إذا طلبت منها ما أحببت وقلت أعطيني سؤلي كان ما ذكرنا ، ونصب هضيم الكشح على الحال ولم يقل هضيمة الكشح لأن فعيلا إذا كان بمعنى مفعول لم تلحقه علامة التأنيث للفصل بين فعيل إذا كان بمعنى الفاعل وبين فعيل إذا كان بمعنى المفعول ، ومنه قوله تعالى : "إن رحمة الله قريب من المحسنين 30(465/25)
المهفهفة : اللطيفة الخصر الضامرة البطن ، المفاضة : المرأة العظيمة البطن المسترخية اللحم ، الترائب جمع التريبة : وهي موضع القلادة من الصدر ، السقل والصقل ، بالسين والصاد : إزالة الصدإ والدنس وغيرهما ، والفعل منه سقل يسقل وصقل بصقل ، السجنجل : المرآة ، لغة رومية عربتها العرب ، وقيل بل هو قطع الذهب والفضة يقول : هي المرأة دقيقة الخصر ضامرة البطن غير عظيممة البطن و لا مسترخية وصدرها براق اللون متلألىء الصفاء كتلألؤ المرآة 31(465/26)
البكر من كل صنف : مالم يسبقه مثله ، المقاناة . الخلط ، يقال : قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر ، والمقاناة في البيت مصوغة للمفعول دون المصدر ، النمير : الماء النامي في الجسد ، المحلل : ذكر أنه من الحلول وذكر أنه من الحل ِ، ثم إن للائمة في تفسير البيت ثلاثة أقوال : أحدها أن المعنى كبكر البيض التي قوني بياضها بصفرة ، يعني بيض النعام وهي بيض تخالط بياضها صفرة بسيرة ، شبه بلون العشيقة بلون بيض النعام في أن في كل منهما بياضا خالطته صفرة ، ثم رجع إلى صفتها فقال : غذاها ماء غير عذب لم يكثر حلو الناس عليه فيكدره ذلك ، يريد أنه عذب صاف ، وإنما شرط هذا لأن الماء من أكثر الأشياء تأثيرا في الغذاء لفرط لحاجة إليه فإذا عذب وصفا حسن موقعه في غذاء شاربه ، وتلخيص المعنى على هذا القول : إنها بيضاء تشوب بياضها صفرة وقد غذاها الماء نمير عذب صاف ، والبياض شابته صفرة هو أحسن ألوان النساء عند العرب . والثاني أن المعنى كبكر الصدفة التي خولط بياضها بصفرة ، وأراد ببكرها درتها التي لم ير مثلها ، ثم قال : قد غذا هذه الدرة ماء نمير وهي غير محللة لمن رامها لأنها في قعر البحر لاتصل إليها الأيدي ، وتلخيص المعنى على هذا القول : إنه شبهها في صفاء وكذلك لون الصدفة ، ثم ذكر أن الدرة التي أشبهتها حصلت في ماء نمير لاتصل إليها أيدي طلابها ، وإنما شرط النمير والدر لايكون إلا في الماء الملح لأن الملح له بمنزلة العذب لنا إذ صار سبب نمائه كما صار العذب سبب نمائنا . والثالث أنه أراد كبكر البردي التي شاب بياضها صفرة وقد غذا البردي ماء نمير لم يكثر حلول الناس عليه ، وشرط ذلك ليسلم الماء عن الكدر وإذا كان كذلك لم يغير لون البردي ، والتشبيه من حيث أن بياض العشيقة خالطته صفرة كما خالطت بياض البردي .(465/27)
ويروى البيت بنصب البياض وخفضه ، وهما جيدان ، بمنزلة قولهم : زيد الحسن الوجه ، والحسن الوجه ، بالخفض على الاضافة والنصب على التشبيه كقولهم : زيد الضارب الرجل 32
الصد والصدود : الاعراض ، والصد أيضا الصرف والدفع ، والفعل منه صد يصد ، والاصداد الصرف أيضا ، الإبداء : الاظهار ، الأسالة : امتداد وطول الخد ، وقد أسل أسالة فهو أسيل ، الاتقاء : الحجز بين الشيئين ، يقال : اتقيته بترس أي جعلت الترس حاجزا بيني وبينه ، وجرة : موضع ، المطفل : التي لها طفل ، الوحش . جمع وحشي مثل زنج وزنجي وروم ورومي . يقول : تعرض العشيقة عني وتظهر خدا اسيلا وتجعل بيني وبينها عينا ناظرة من نواظر وحش هذا الموضع التي لها أطفال ، شبهها في حسن عينيها بظبية مطفل أو بمهاة مطفل . وتلخيص المعنى : إنها تعرض عني فتظهر في أعراضها خخدا أسيلا وتستقبلني بعيون مثل عيون ظباء وجرة أو مهاها اللواتي لها أطفال ، وخصهن لنظرهن إلى أولادهن بالعطف والشفقة وهن أحسن عيونا في تلك الحال منهن في سائر الأحوال . قوله : عن أسيل ، أي عن خد اسيل ، فحذف الموصوف لدلالة الصفة عليه كقولك . مررت بعاقل ، إي بانسان عاقل ، وقوله : من وحش وجرة ، أي من نواظر وحش وجرة ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامة كقوله تعالى : "وسأل القرية" أي أهل القرية 33
الرئم . الظبي الأبيض الخالص البياض ، والجمع ارآم ، النص : الرفع ، ومنه سمي ما تجلي عليه العروس منصة ، ومنه النص في السير وهو حمل البعير على سير شديد ؛ ونصصت الحديث أنصه نصا : رفعته ، الفاحش : ما جاوز القدر المحمود من كل شيء يقول : وتبدي عن عنق كعنق الظبي غير متجاوز قدره المحمود إذا ما رفعت عنقها وهو غير معطل عن الحلي ، فشبه عنقها بعنق الظبية في حال رفعها عنقها ، ثم ذكر أنه لا يشبه عنق الظبي في التعطل عن الحلي 34(465/28)
الفرع : الشعر التام ، والجمع فروع ، ورجل أفرع وامرأة فرعاء ، الفاحم : الشديد السواد مشتق من الفحم ، يقال : هو فاحم بين الفحومة ، الأثيث: الكثير ، والأثاثة الكثرة ، يقال : أث الشعر والنبت ، القنو يجمع على الإقناء والقنوان ، العثكول والعثكال قد يكونان بمعنى القنو وقد يكونان بعنى قطعة من القنو ، والنخلة المتعثكلة : التي خرجت عثاكيلها أي قنوانها يقول : وتبدي عن شعر طويل تام يزين ظهرها إذا ارسلته عليه ؛ ثم شبه ذؤابتيها بقنو نخلة خرجت قنوانها ، والذوائب تشبه بالعناقيد ، والقنون يراد به تجعدها وأثاثتها 35
الغدائر جمع الغديرة : وهي الخصلة من الشعر ، الاستشزار: الارتفاع والرفع جميعا ، فيكون الفعل من ه مرة لازما ومرة متعديا ، فمن روى مستشزرات بكسر الزاي جعله من اللازم ، ومن روى بفتح الزاي جعله من المتعدي ، العقيصة : الخصلة المجموعة من الشعر ، والجمع عقص وعقائص ، والفعل من الضلال والضلالة ضل يضل يقول : ذوائبها وغدائرها مرفوعات أو مرتفعات إلى فوق ، يراد به شدها على الرأس بخيوط ، ثم قال : تغيب تعاقيصها في شعر بعضه مثنى وبعضه مرسل ، أراد به وفور شعرها . والتعقيص التجعيد 36(465/29)
الجديل خطام يتخذ من الادم ، والجمع جدل ، المخصر : الدقيق الوسط ، ومنه نعل مخصرة ، الانبوب : ما بين العقدتين من القصب وغبره ، والجمع الأنابيب . السقي هاهنا : بمعنى المسقي كالجريح بمعنى المجروح ، والجني بمعنى المجني ويقول : وتبدي عن كشح ضامر يحكي في دقته خطاما متخذا من الادم و عن ساق يحكي في صفاء لونه انابيب بردي بين نخل قد ذللت بكثرة الحمل فأظلت أغصانها هذا البردي ، شبه ضمور بطنها بمثل هذا الخطام ، وشبه صفاء لون ساقها ببردي بين نجيل تظلله أغصانها ، وإنما شرط ذلك ليكون أصفى لونا وأنقى رونقا ، وتقدير قوله كأنبوب السقي كأنبوب النخل المسقي ، ومنهم من جعل السقي نعتا للبردي ايضا ، والمعنى على هذا القول : كأنبوب البردي المذلل بالارواء 37
الاضحاء . مصادفة الضحى ، وقد يكون بمعنى الصيرورة ايضا ، يقال : أضحى زيد غنيا أي صار ، ولا يراد به إنه صادف الضحى على صفة الغنى ، ومنه قول عدي بن زيد : ثم أضحوا كأنهم ورق جف فألوت به الصبا والدبور أي صاروا ، الفتيت الفتات : أسم لدقاق الشيء الحاصل بالفت ، قوله : نؤوم الضحى ، عطل نؤوما عن علامة التأنيث لأن فعولا إذا كان بمعنى الفاعل يستوي لفظ صفة المذكر والمؤنث فيه ، يقال : رجل ظلوم وامرأة ظلوم ، ومنه قوله تعالى :"توبة نصوحا" ، قوله : لم تنتطق عن تفضل ، أي بعد تفضل ، كما يقال : استغنى فلان عن فقره أي بعد فقره ، والتفضل : ليس الفضلة ، وهي ثوب واحد يلبس للخفة في العمل يقول : تصادف العشيقة الضحى ودقاق المسك فوق فراشها الذي باتت عليه وهي كثيرة النوم في وقت الضحى ولا تشد وسطها بنطاق بعد لبسها ثوب المهنة ، يريد إنها مخدومة منعمة تخدم ولا تخدم ، وتلخيص المعنى : أن فتات المسك يكثر على فراشها وأنها تكفى أمورها فلا تباشر عملا بنفسها وصفها بالدعة والنعمة وخفض العيش وإن لها من يخدمها ويكفيها أمورها 38(465/30)
العطو : التناول ، والفعل عطا يعطو عطوا ، والاعطاء المناولة ، والتعاطي التناول ، والمعطاة الخدمة ، والتعطية مثلها . الرخص : اللين الناعم ، الشثن : الغليظ الكز ، وفد شثن شثونة ، والأسروع واليسروع : دود يكون في البقل والاماكن الندية ، تشبه أنامل النساء به ، والجمع الاساريع واليساريع ، ظبي: موضع بعينه ، المساويك : جمع المسواك ، الاسحل : شجرة تدق أغصانها في استواء ، تشبه الاصابع بها في الدقة والاستواء يقول : وتتناول الاشياء ببنان رخص لين ناعم غير غليظ ولا كز كأن تلك الانامل تشبه هذا الصنف من الدود أو هذا الضرب من المساويك وهو المنخذ من أغصان الشجر المخصوص المعين 39
الاضاءة : قد يكون الفعل المشتق منها لازما وقد يكون متعديا ، تقول : أضاء الله الصبح فأضاء ، والضوء والضوء واحد ، والفعل ضاء يضوء ضوءا ، وهو لازم ، المنارة : المسرجة ، والجمع المناور والمنائر ، الممسى : بمعنى الامساء والوقت جميعا ، ومنه قول أمية : الحمد لله ممانا ومصبحنا بالخير صبحنا ربي ومسانا ، الراهب يجمع على الرهبان مثل راكب وركبان وراع ورعيان ، وقد يكون الرهبان واحدا ويجمع حينئذ على الرهبانة والرهابين كما يجمع السلطان على السلاطنة ، أنشد الفراء: لو أبصرت رهبان دير في جبل لانحدر الرهبان يسعى ويصل جعل الرهبان واحدا ، لذلك قال يسعى ولم يقل يسعون ، المتبتل : المنقطع إلى الله بنيته وعمله ، والبتل : القطع ، ومنه قيل مريم البتول لانقطاعها عن الرجال واختصاصها بطاعة الله تعالى ، فالتبتل إذن الانقطاع عن الخلق والاختصاص بطاعة الله تعالى ، ومنه قوله تعالى : "وتبتل إليه تبتيلا" يقول : تضيء العشيقة بنور وجهها ظلام الليل فكأنها مصباح راهب منقطع عن الناس ، وخص مصباح الراهب لأنه يوقده ليهتدي به عند الضلال فهو يضيئه أشد الإضاءة ، يريد ان نور وجهها يغلب ظلام الليل كما أن نور مصباح الراهب يغلبه 40(465/31)
الاسبكرار. الطول والامتداد ، الدرع : هو قميص المرأة ، وهو مذكر ، ودرع ودروع ، المجول : ثوب تلبسه الجارية الصغيرة يقول : إلى مثلها ينبغي أن ينظر العاقل كلفا بها وحنينا إليها إذا طال قدها وامتدت قامتها بين من تلبس الدرع وبين من تلبس المجول ، أي بين اللواتي أدركن الحلم وبين اللواتي لم يدركن الحلم ، يريد أنها طويلة القد مديدة القامة وهي اليوم لم تدرك الحلم وقد ارتفعت عن سن الجواري الصغار . قوله - بين درع ومجول ، تقديره - بين لابسة درع ولابسة مجول ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه 41
سلا فلان حبيبه يسلو سلوا ، وسلى يسلي سليا ، وتسلى تسليا ، وانسلى انسلاء أي زال حبه من قلبه أو زال حزنه ، العماية والعمى واحدا ، والفعل عمي يعمى . زعم أكثر الائمة أن في البيت قلبا تقديره : تسك لرجالات عن عمايات الصبا أي خرجوا من ظلماته وليس فؤادي بخارج من هواها وزعم بعضهم أن عن في البيت بمعنى بعد ، تقديره : انكشفت وبطلت ضلالات الرجال بعد مضي صباهم بينما ظل فؤادي في ضلالة هواها ، وتلخيص المعنى : أنه زعم أن عشق العشاق قد بطل وزال ، وعشقه إياها باق ثابت لا يزول ولا يبطل 42(465/32)
الخصم لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث في لغة شطر من العرب ، ومنه قوله تعالى:"وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب" ، ويثنى ويجمع في لغة الشطر الآخر من العرب ، ويجمع على الخصام والخصوم الألوي: الشديد الخصومة كأنه يلوي خصمه عن دعواه النصيح : الناصح التعذال والعذل : اللوم ، والفعل عذل يعذل . الألو والائتلاء : التقصير ، والفعل ألا يألو ، وائتلى يأتلي يقول : ألا رب خصم شديد الخصومة كان ينصحني على فرط لومه إياي على هواك غير مقصر في النصيحة واللوم رددته ولم انزجر عن هواك بغذله ونصحه . وتحرير المعنى : أنه بخبرها ببلوغ حبه إياها الغاية القصوى حتى إنه لا يرتدع عنه بردع ناصح ولا ينجح فيه لوم لائم ، وتقدير لفظ البيت : ألا رب خصم ألوى نصيح على تعذاله غير مؤتل - رددته 43
شبه ظلام الليل في هوله وصعوبته ونكارة أمره بامواج البحر ، السدول : الستور ، الواحد منها سدل ، الإرخاء . إرسال السدل وغيره ، الابتلاء:الاختبار ، الهموم : جمع الهم ، بمعنى الحزن وبمعنى الهمة . الباء في قوله : بأنواع الهموم ، بمعنى مع يقول : ورب ليل يحاكي أمواج البحر في توحشه ونكارة أمره وقد أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع الأحزان ، أو مع فنون الهم ، ليختبرني أأصبر على ضروب الشدائد وفنون النوائب أم أجزع منها . ولقد أمعن الشاعر في النسيب من أول القصيدة إلى هنا حيث انتقل منه إلى التمدح بالصبر والجلد 44(465/33)
تمطى أي تمدد ، ويجوز أن يكون التمطي مأخوذا من المطا ، وهو الظهر ، فيكون المتمضي مد الظهر ، ويجوز أن يكون منقولا من التمطط فقبلت إحدى الطاءين ياء كما قالوا ، تظنى تظنيا والأصل تظنن تظننا ، وقالوا : تقضى البازى تقضيا أي تقضض تقضضا ، والتمطط التفعل من المط ، وهو المد ، وفي الصلب ثلاث لغات مشهورة ، وهي : الصلب ، بضم الصاد وسكون اللام ، والصلب بضمهما ، والصلب ، بفتحهما ، ومنه قول العجاج يصف جارية : ريا العظام فخمة المخدم في صلب مثل العنان المؤدم ولغة غريبة وهي الصالب ، وقال العباس عم النبي ، صلى الله عليه وسلم يمدح النبي ، عليه السلام : تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق ، الإرداف : الإتباع والاتباع وهو بمعنى الأول هاهنا ، الأعجاز : المآخير ، الواحد عجز ، ناء: مقلوب نأي بمعنى بعد ، كما قالوا راء بمعنى رأى وشاء بمعنى شأى ، الكلكل : الصدر، والجمع كلاكل . الباء في قوله ناء بكلكل للتعدية ، وكذلك هي في قوله تمطي بصببة ، استعار الليل صلبا واستعار لطوله لفظ التمطي ليلائم الصلب ، واستعار لأوائله لفظ الكلكل ولمآخيره الأعجاز يقول : فقلت لليل لما مد صلبه يعني لما أفرط طوله ، وأردف أعجازا يعني ازدادت مآخيره امتدادا وتطاولا ، وناء بكلكل يعني أبعد صدره ، أي بعد العهد بأوله ، وتلخيص المعنى : قلت لليل لما افرط طوله وناءت أوائله وازدادت أواخره تطاولا ، وطول الليل ينبئ عن مقاساة الأحزان والشدائد والسهر المتولد منها ، لأن المغموم يستطيل ليله ، والمسرور يستقصر ليله 45(465/34)
الانجلاء: الانكشاف ، يقال : جلوته فانجلى أي كشفته فانكشف . الأمثل : الأفضل ، والمثلى الفضلى ، الأماثل الأفاضل. يقول : قلت له ألا أنها الليل الطويل انكشف وتنح بصبح ، أي ليزل ظلامك بضياء من الصبح ، ثم قال : وليس الصبح بأفضل منك عندي لأني أقاسي الهموم نهارا كما اعانيها ليلا ، أو لأن نهاري أظلم في عيني - لأزدحام الهموم علي حتى حكى الليل ، وهذا إذا رويت - وما الإصباح منك بأمثل ، وأن رويت "فيك بأفضل" كان المعنى : وما الإصباح في جنبك أو في الإضافة إليك أفضل منك ، لما ذكرنا من المعنى لما ضجر بتطاول ليله خاطبه وسأله الانكشاف . وخطابه ما لا يعقل يدل على فرط الوله وشدة التحير ، وإنما يستحسن هذا الضرب في النسيب والمرائي وما يوجب حزنا وكآبة ووجدا وصبابة 46
الأمراس جمع مرس: وهو الحبل ، وقد يكون المرس جمع مرسة وهو الحبل أيضا فتكون الامراس حينئذ جمع الجمع ، وقوله : بأمراس كتان ، من إضافة البعض إلى الكل ، أي بأمراس من كتان ، كقولهم : باب حديد ، وخاتم فضة ، وجبة خز ، الاصم : الصلب ، وتأنيثه الصماء ، والجمع الصم ، الجندل : الصخرة ، والجمع جنادل يقول مخاطبا الليل : فيا عجبا لك من ليل كأن نجومه شدت بحبال من الكتان إلى صخور صلاب ، وذلك أنه استطال الليل فيقول إن نجومه لا تزول من أماكنها ولا تغرب فكأنها مشدودة بحبال إلى صخور صلبة ، وإنما استطال الشاعر الليل لمعاناته الهموم ومقاساته الاحزان فيه وقوله : بأمراس كتان ، يعني ربطت ، فحذف الفعل لدلالة الكلام على حذفه ، ومنه قول الشاعر : مسسنا من الآباء شيئا فكلتنا إلى حسب في قومه غير واضع يعني لفكلنا يعتزي أو ينتمي أو ينتسب إلى حسب ، فحذف الفعل لدلالة باقي الكلام عليه . ويروى : كأن نجومه بكل مغار الفتل شدت بيذبل ، هذا أعرف الروايتين وأسيرهما ، الاغارة : إحكام الفتل ، يذبل : جبل بعينه يقول : كأن نجومه قد شدت إلى يذبل بكل حبل محكم الفتل 47(465/35)
لم يرو جمهور الائمة هذه الابيات الاربعة في هذه القصيدة وزعموا أنها لتأبط شرا ، أعني : وقربة أقوام .. الى قوله وقد اعتدي .. ورواها بعضهم في هذه القصيدة هنا ، العضا : وكاء القزبة ، والجمع العصم ، الكاهل : أعلى الظهر عند مركب العنق فيه ، والجمع الكواهل ، الترحيل : مبالغة الرحل ، يقال : رحلته إذا كررت رحله يقولِ: ورب قربة أقوام جعلت وكاءها على كاهل ذلول قد رحل مرة بعد اخرى منى ، وفي معنى البيت قولان : احدهما انه تمدح بتحم أثقال الحقوق وذوائب الاقوام من قرى الاضياف وإعطاء العفاة والعفو عن القاتلين وغير ذلك ، وزعم انه قد تعود التحمل للحقوق والنوائب ، واستعار حمل القربة لتحمل الحقوق ، ثم ذكر الكاهل لانه موضع القربة من حاملها ، وعبر بكون الكاهل ذلولا مرحلا عن اعتياده تحمل الحقوق . والقول الآخر انه تمدح بخدمته الرفقاء في السفر وحمله سقاء الماء على كاهل قد مرن عليه 48(465/36)
الوادي يجمع على الاودية الاوديات ، الجوف: باطن الشيئ ، والجمع أجواف : العير : الحمار ، والجمع الاعيار ، القفر : المكان الخالي ، والجمع القفار ، ويقال : أقفر المكان إقفارا إذا خلا ، ومنه خبز قفار لا إدام معه ، الذئب يجمع على الذئاب والذياب والذؤبان ، ومنه قيل ذؤبان العرب للخبثاء المتلصصين ، وأرض مذأبة : كثيرة الذئاب ، وقد تذأبت الريح وتذاءبت إذا هبت من كل ناحية كالذئب اذا حذرت من ناحية أتى من غيرها . الخليع : الذي قد خلعه أهله لخبثه ، وكان الرجل منهم يأتي بابنه الى الموسم ويقول : إلا إني قد خلعت ابني فان جر لم أضمن وان جر عليه لم اطلب ، فلا يؤخذ بجرائره ، وزعم الائمة ان الخليع في هذا البيت المقامر ، المعيل : الكثير العيال ، وقد عيل تعييلا فهو معيل إذا كثر عياله ، العواء : صوت الذئب وما أشبهه من السباع ، والفعل عوى يعوي عواء ، زعم صنف من الائمة انه شبه الوادي في خلائه من الانس ببطن العير ، وهو الحمار الحشي ، إذا خلا من العلف : وقيل:بل شبه في قلة الانتفاع به بجوف العير لانه لايركب ولا يكون له در ، وزعم صنف منهم انه أراد كجوف الحمار فغير اللفظ إلى ما وافقه في المعنى لاقامة الوزن ، وزعموا ان حمارا كان رجلا من بقية عاد وكان متمسكا بالتوحيد فسافر بنوه فأصابتهم صاعقة فأهلكهم وعندئذ أشرك بالله وكفر بعد التوحيد ، فأحرق الله أمواله وواديه الذي كان يسكن فيه فلم ينبت بعده شيئا ، فشبه امرؤ القيس هذا الوادي بواديه في الخلاء من النبات والإنس يقول رب واد يشبه وادي الحمار في الخلاء من النبات والانس أو يشبه بطن الحمار فيما ذكرنا طويته سيرا وقطعته بينا كان الذئب يعوي فيه من فرط الجزع كالمقامر الذي كثر عياله ويطالبونه بالنفقة وهو يصبح بهم ويخاصمهم إذ لا يجد مايرضيهم به 49(465/37)
قوله : ان شأننا قليل الغنى ، يريد : ان شأننا وامرنا قليل الغنى ، ومن روى طويل الغنى فمعناه طويل طلب الغنى ، وقد تمول الرجل إذا صار ذا مال . لما : بمعنى لم في البيت كما كانت في قوله تعالى : "ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم" كذلك يقول : قلت للذئب لما صاح إن شأننا وأمرنا أننا يقل عنانا إن كنت غير متمول كما كنت غير متمول . وإذا روي ، طويل الغنى، المعنى: قلت له إن شأننا اننا نطلب الغنى طويلا ثم لا نظفر به إن كنت قليل المال كما كنت قليل المال 50
اصل الحرث إصلاح الارض وإلقاء البذر فيها ، ثم يستعار السعي والكسب كقوله تعالى:" من كان يريد حرث الآخرة" الآية : وهو في البيت مستعار يقول: كل واحد منا إذا ظفر بشيء فوته على نفسه ، أي إذا ملك شيئا أنفقه وبذره ، ثم قال : ومن سعي سعيي وسعيك افتقر وعاش مهزول العيش 51(465/38)
غدا يغدو غدوا ، واغتدى اغتداء ، واحد ، الطير : جمع طائر مثل الشرب في جمع شارب والتجر في جمع تاجر والركب في جمع راكب . ثم يجمع على الطيور مثل بيت وبيوت وشيخ وشيوخ ، الوكنات : مواقع الطير ، واحدتها وكنة ، وتقلب الواو همزة فيقال : أكنة ، ثم تجمع الوكنة على الوكنات ، بضم الفاء والعين ، وعلى الوكنات ، بضم الفاء والعين ، وعلى الوكنات ، بضم الفاء وفتح العين ، وعلى الوكنات ، بضم الفاء وسكون العين ، وتكسر على الوكن ، وهكذا حكم فعله ، نحو ظلمة وظلمات وظلمات وظلمات وظلم ، المنجرد : الماضي في السير ، وقيل : بل هو قليل الشعر ، الأوابد : الوحوش ، وقد أبد الوحش يأبد أبودا ، ومنه تأبد الموضع إذا توحش وخلا من القطان ، ومنه قيل للفذ آبدة لتوحشه عن الطباع ، الهيكل ، قال ابن دريد : هو الفرس العظيم الجرم ، والجمع الهياكل يقول: وقد اغتدي والطير بعد مستقرة على مواقعها التي باتت عليها على فرس ماض في السير قليل الشعر يقيد الوحوش بسرعة لحاقه إياها كما أنه عظيم الألواح والجرم ، وتحرير المعنى : انه تمدح بمعاناة دجى الليل وإهواله ، ثم تمدح بتحمل حقوق العفاة والأضياف والزوار ، ثم تمدح بطي الفيافي والاودية ، ثم أنشأ الآن يتمدح بالفروسية . يقول : وربما باكرت الصيد قبل نهوض الطير من أوكارها على فرس هذه صفته . وقوله : قيد الأوابد ، جعله لسرعة إدراكه الصيد كالقيد لأنها لا يمكنها الفوت منه كما أن المقيد غير متمكن من الفوت والهرب 52(465/39)
الكر : العطف ، يقال : كر فرسه على عدوه أي عطفه عليه ، والكر والكرور جميعا الرجوع ، يقال : كر من قرنه يكر كرا وكرورا ، والمكر مفعل من كر يكر ، ومفعل يتضمن مبالغة كقولهم : فلان مسعر حرب وفلان مقول ومصقع ، وإنما جعلوه متضمنا مبالغة لان مفعلا قد يكون من اسماء الأدوات نحو المعول والمخرز ، فجعل كأنه أداة للكرور وآلة لتسعير الحرب غير ذلك ، مفر : مفعل من فر يفر فرارا ، والكلام فيه نحو الكلام في مكر . الجلمود والجلمد : الحجر العظيم الصلب ، والجمع جلامد وجلاميد ، الصخر: الحجر ، الواحد صخرة ، وجمع الصخر صخور ، الحط : إلقاء الشيء من علو إلى أسفل ، يقال : أتيته من عل ، مضمونة اللام ، ومن علو ، بفتح الواو وضمها وكسرها ، ومن علي ، بياء ساكنة ، ومن عال مثل قاض ، ومن معال مثل معاد ، ولغة ثامنة يقال من علا ، وأنشد الفراء : باتت تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجوان الفلا وقوله : كجلمود صخر ، من إضافة بعض الشيء إلى كله مثل باب حديد وجبة خز ، أي كجلمود من صخر يقول : هذا الفرس مكر إذا أريد منه الكر ومفر إذا إذا أريد منه الفر ومقبل إذا أريد منه إقباله ودبر إذا أريد منه إدباره . وقوله : معا ، يعنى أن الكر والفر والإقبال والإدبار مجتمعة في قوته لا في فعله لأن فيها تضادا ، ثم شبهه في سرعة مره وصلابة خلقه بحجر عظيم ألقاه السيل من مكان عال إلى حضيض 53(465/40)
زال الشيء يزل زليلا وأزالته أنا ، الحال: مقعد الفارس من ظهر الفرس ، الصفواء والصفوان والصفا : الحجر الصلب ، الباء في قوله بالمتنزل للتعدية يقول : هذا الفرس الكميت يزل لبده عن متنه لانملاس ظهره واكتناز لحمه يحمدان من الفرس ، كما يزل الحجر الصلب الأملس المطر النازل عليه ، وقيل : بل أراد الإنسان النازل عليه ، والتنزل والنزول واحد ، والمتنزل في البيت صفة المحذوف وتقديره : بالمطر المتنزل او الانسان المتنزل ، وتحرير المعنى : أنه لاكتناز لحمه وانملاس صلبه يزل لبده عن متنه كما أن الحجر الصلب يزل المطر أو الانسان عن نفسه . وجر كميتا وما قبله من الأوصاف لأنها نعوت لمنجرد 54
الذبل والذبول واحد ، والفعل ذبل يذبل ، الجياش :مبالغة جائش وهو فاعل من جاشت القدر تجيش جيشا وجيشانا إذا غلت ، وجاش البحر جيشا وجيشانا إذا هاجت أمواجه ، الاهتزاز : التكسر ، الحمي : حرارة القيظ وغيره ، والفعل حمي يحمي . المرجل : القدر من صفر أو حديد أو نحاس أو شبهه ، والجمع المراجل ، وروى ابن الانبارى وابن مجاهد عن ثعلب أنه قال : كل قدر من حديد أو صفر أو حجر أو خزف أو نحاس أو غيرها فهو مرجل يقول: تغلي فيه حرارة نشاطه على ذبول خلقه وضمر بطنه ، ثم شبه تكسر صهيله في صدره بغليان القدر 55(465/41)
سح يسح : قد تكون بمعنى صب يصب وقد يكون بمعنى انصب ينصب ، فيكون مرة لازما ومرة متعديا ، زمصدره إذا كان متعديا السح والسحوح ، تقول : سح الماء فسح هو ن ومسح مفعل من المعتدي ، وقد قررنا أن مفعلا في الصفات يقتضي مبالغة ، فالمعنى انه يصب الجري والعدو صبا بعد صب السابح من الخيل : الذي يمد يديه في عدوه ، شبه بالسابح في الماء ، الوني : الفتور ، والفعل ونى يني ونيا وونى ، الكديد : الأرض الصلبة المطمئنة ، المركل من الركل : وهو الدفع بالرجل والضرب بها ، والفعل منه ركل يركل ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام :"فركلني جبريل" . والتركيل التكرير والتشديد والمركل : الذي يركل مرة بعد أخرى يقول : هذا الفرس عدوه وجريه صبا بعد صب ، أي يجيء به شيئا بعد شيء ، إذا أثارت حياد الخيل التي تمد أيديها في عدوها الغبار في الارض الصلبة التي وطئت بالاقدام والمناسم والحوافر مرة بعد أخرى في حال فتورها في السير وكلالها . وتحرير المعنى : انه يجيء يجري بعد جري إذا كلت الخيل والسوابح وأعيت وأثارت الغبار في مثل هذا الموضع وجر مسحا لانه صفة الفرس المنجرد ، ولو رفع لكان صوابا ، وكان حينئذ خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مسح ، ولو نصب لكان صوبا أيضا وكان انتصابه على المدح ، والتقدير : أذكر مسحا أو أعني مسحا ، كذلك القول فيما قبله من الصفات نحو كميت : يجوز في كل هذه الالفاظ الاوجه الثلاثة من الإعراب ويروى المرحل 56(465/42)
الخف : الخفيف الصهوة : مقعد الفارس من ظهر الفارس ، والجمع الصهوات ، وفعلة تجمع على فعلات ، بفتح العين ، إذا كانت اسما ، نحو شعرة وشعرات وضربة وضربات ، إلا إذا كانت عينها واوا أو ياء أو مدغمة في اللام فإنها كانت صفة تجمع على فعلات ، مسكنة العين أيضا ، نحو ضخمة وضخمات وخدلة وخدلات ، ألوى بالشيء : رمى به ، وألوى به ذهب به ، العنيف : ضد الرفيق يقول : إن هذا الفرس يزل ويزلق الغلام الخفيف عن مقعده من ظهره ويرمي بثياب الرجل العنيف الثقيل ، يريد إنه يزلق عن ظهره من لم يكن جيد الفروسية عالما بها ويرمي بأثواب الماهر الحاذق في الفروسية لشدة عدوه وفرط مرحه في جريه ، وإنما عبر بصهواته ولا يكون له إلا صهوة واحدة ، لأنه لا لبس فيه فجرى الجمع والتوحيد مجرى واحدا عند الاتساع لأن إضافتها إلى ضمير الواحد تزيل اللبس كما يقال : رجل عظيم المناكب وغليظ المشافر ، ولا يكون له إلا منكبان وشفتان ، ورجل شديد مجامع الكتفين ، ولا يكون له إلى مجمع واحد ويروى : يطير الغلام ، أي يطيره ويروى : يزل الغلام الخف ، بفتح الياء من يزل ورفع الغلام ، فيكون فعلا لازما 57(465/43)
الدرير : من در يدر ، وقد يكون در لازما زمتعديا يقال : درت الناقة اللبن فدر اللبن ، ثم الدرير ههنا يجوز أن يكون بمعنى الدار من در إذا كان متعديا ، والفعيل يكثر مجيئه بمعنى الفاعل نحو قادر وقدير وعالم وعليم ، يجوز أن يكون بمعنى المدر من الادرار وهو جعل الشيئ دارا ، وقد يكثر الفعيل بمعنى المفعل كالحكيم بمعنى المحكم والسميع بمعنى المسمع ، ومنه قول عمرو بن معد يكرب: أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع أي المسمع ، الخذروف : حصاة مثقوبة يجعل الصبيان فيها خيطا قيديرها الصبي على رأسه شبه سرعة هذا الفرس بسرعة دوران الحصاة على رأس الصبي ، الوليد : الصبي ، والجمع الولدان ، وجمع خذروف خذاريف ، والوليدة : الصبية ، وقد يستعار للأمة ، والجمع : الولائد ، الامرار : إحكام الفتل يقو ل: هو يدر العدو والجري أي يديمها ويواصلها ويتابعهما ويسرع فيها إسراع خذروف الصبي إذا أحكم فتل خيطه وتتابعت كفاه في فتله وتحرير المعني : أنه مديم السير والعدو متابع لهما ، ثم شبهه في سرعة مره وشدة عدوه بالخذروف في دورانه إذا بولغ في فتل خيطه 58
الأيطل والأطل : الخاصرة ، والجمع الاياطل والآطال ، أجمع البصريوه على أنه لم يأت على فعل من الاسماء إلا إبل ، ومن الصفات إلا بلز وهي الجارية التارة السمينة الضخمة ، الظبي : يجمع على أظب وظباء ، والساق على الأسوق والسوق ، والنعامة تجمع النعامات والنعام والنعائم ، الإرخاء : ضرب من عدو الضئب يشبه خبب الدواب ، السرحان : الذئب ، التقريب: وضع الرجلين موضع اليدين في العدو ، التنفل : ولد الثعلب شبه خاصرتي هذا الفرس بخاصرتي الظبي في الضمر ،وشبه ساقيه بساقي النعامة وعدوه بإرخاء الذئب ، وتقريبه بتقريب ولد الذئب 59(465/44)
الضليع : العظيم الاضلاع المتنفخ الجبين ، والجمع ضلعاء ، والمصدر ضلاعة الاستدبار: النظر إلى دبر الشيء ، وهو مؤخره ، الفرج : الفضاء بين اليدين والرجلين ، والجمع الفروج ، الضفو : السبوغ والتمام ، فويق تصغير فوق وهو تصغير التقريب مثل قبيل وبعيد في تصغير قبل وبعد ، الأعزل : الذي يميل عظم ذنبه إلى أحد الشقين يقول : هذا الفرس عظيم الاضلاع منتفخ الجبين قد سد الفضاء بين رجليه بذنبه وهو غير مائل إلى أحد الشقين 60
المتنان : تثنيه متن وهما ما عن يمين الفقار وشماله ، الانتحاء : الاعتماد والقصد ، المداك : الحجر الذي يسحق به الطيب ، الصلاية : الحدر الآملس الذي يسحق عليه شيء كالهبيد وهو حب الحنظل . شبه انملاس ظهره واكتناز باللحم بالحجر الذي تسحق العروس به أو عليه الطيب ، أو الذي كسر عليه الحنظل ويسخرج الحب 61
نثنية الدم والدمان والدميان والجمع دماء ودمى ، والتصغير دمي ، الهاديات : المتقدمات والاوائل ، وسمى المتقدم هاديا لأن هادى القوم يتقدمهم ، عصارة الشيئ: ما خرج منه عند عصره ، الترجيل : تسريح الشعر ، المرجل : المسرح بالمشط يقول : كأن دماء أوائل الصيد والوحوش على نحر هذا الفرس عصارة حناء على شعر الأشيب وأتى بالمرجل لإقامة القافية 62
عن : أي عرض وظهر ، السرب : القطيع من الظباء أو النساء ، النعاج : اسم لإناث الضأن وبقر الوحش ، والمراد بالنعاج في هذا البيت إناث بقر الوحوش ، العذراء:البكر التي لم تمس ، الدوار : حجر ينصبه أهل الجاهلية ويطوفون حوله الملاء: جمع ملاءة ، المذيل : الذي أطيل ذيله وأرخي يقول : فعرض لنا وظهر قطيع من بقر الوحش كان نساءه عذارى يطفن حول حجر منصوب ويطاف حوله في ملاء طويلة ذيولها 63(465/45)
الجزع : الخرز اليماني ، الجيد : العنق ، والجمع أجياد ، المعم : الكريم الاعمام . المخول : الكريم الاخوال، وقد أعم الرجل وأخول إذا كرم اعمامه واخواله يقول: فأدبرت النعاج كالخرز اليماني الذي فصل بينه بغيره من الجواهر في عنق صبي كرم أعمامه وأخواله ، شبه البقر الوحشي بالخرز اليماني 64
الهاديات : الاوائل المتقدمات ، الجواحر: المنخلفات ، الصرة : الجماعة ، والزيل والتزييل : التفريق ، والتزيل : الانزلاق والتفرق يقول : فألحقنا هذا الفرس بأوائل الوحش ومتقدماته وجاوز بنا متخلفاته فهي دونه أي أقرب منه 65
المعاداة والعداء : الموالاة ، الدراك : المتابعة يقول : فوالى بين ثور ونعجة من بقر الوحش في طلق واحد ولم يعرق عرقا مفرطا يغسل جسده ، ودراكا أي مدراكة 66
الطهو والطهي: الإنضاج ، والفعل طها يطهو ويطهي ، الإنضاج يشتمل على طبخ اللحم وشيه ، الصفيف : المصفوف على الحجارة لينضج ، القدير : اللحم المطبوخ في القدر يقول : ظل المنضجون اللحم وهم صنفان : صنف ينضج شواء مصفوفا على الحجارة في النار وصنف يطبخون اللحم في القدر 67
الطرف : اسم لما يتحرك من أشفار العين ، وأصله للتحرك ، والفعل منه طرف يطرف ، القصور: العجز ، الفعل قصر يقصر ، الترقي والارتقاء والرقي واحد ، والفعل من الرقي رقي يرقي يقول : ثم أمسينا وتكاد عيوننا تعجز عن ضبط حسنه واستقصاء محاسن خلقه ، ومتى ماترقت العين في أعالي خلقه وشخصه نظرت إلى قوائمه وتلخيص المعنى : أنه كامل الحسن والصورة 68
يقول : بات الجواد مسرجا ملجما قائما بين يدي غير مرسل إلى المرعى 69(465/46)
أصاح : أراد أصاحب أي ياصاحب فرخم كما تقول في ترخيم حارث ياحار ، وفي ترخيم مالك يامال أراد يارحارث ، والألف نداء للقريب دون البعيد ، ويا: نداء للبعيد والقريب، وأي وأيا وهيا : لنداء البعيد دون القريب، الوميض والإيماض : اللمعان ، اللمع التحريك والتحرك جميعا ، الحبي: السحاب المتراكم ، وجعله مكللا لأنه صار كالإكليل يقول : ياصاحبي هل ترى برقا أريك لمعانه وتلألؤه وتألقه فى سحاب متراكم صار أعلاه كالأكليل متبسم بالبرق يشبه برقه تحريك يدين 70
السناء : الضوء ، والسناء : الرفعة ، السليط : الزيت ، الذبال: جمع ذبالة وهي الفتيلة ، يقول : هذا البرق يتلالأ ضوءه فهو يشبه في تحركه اليدين أو مصابيح الرهبان أميلت فتائلها بصب الزيت عليها في الإضاءة 71
ضارج والعذيب: موضعان ، بعدما : أصله بعد ما فخففه فقال بعد ،وتقديره : بعد متأملي يقول : قعدت وأصحابي للنظر إلى السحاب بين هذين الموضعين وكنت معهم فبعد ما كنت أتأمل فيه ، وتقديره : بعد ماهو متأملي ، فحذف المبتدأ الذي هو هو ، وتقديره على هذا القول بعد السحاب الذي هو متأملي 72
ويروى : علا قطنا ، من علا يعلو علوا ، أي هذا السحاب ، القطن : جبل ، الصوب : المطر، الشيم : النظر إلى البرق مع ترقب المطر يقول : أيمن هذا السحاب على قطن وأيسره على الستار ويذبل ، وقوله : بالشيم ، أراد : إني إنما أحكم به حدسا وتقديره لأنه لا يرى ستارا ويذبل وقطن معا 73(465/47)
الكب : إلقاء الشيئ على وجهه ، نحو: قعد وأقعدته ، وقام وأقمته ، وجلس وأجلسته ، الذقن : مجتمع الحيين ، والجمع الأذقان ، الدوحة : الشجرة العظيمة ، والجمع دوح ، الكنهبل ، بضم الباء وفتحها : ضرب من شجر البادية يقول : فاضحى هذا الغيث أو السحاب يصب الماء فوق هذا الموضع المسمى كتيفة ، وتلخيص المعنى : أن سيل هذا الغيث ينصب من الجبال والآكام فيقلع الشجر العظام . . ويروى : يسح الماء من كل فيقة ، أي بعد كل فيقة ، والفيقة من الفواق : وهو مقدار ما بين الحلبتين ، ثم استعارة الشاعر لما بين الدفعتين من المطر 74
القنان : اسم جبل لبني أسد ، النفيان : ما يتطاير من قطر المطر وقطر الدلو ومن الرمل عند الوطء ومن الصوف عند النقش وغير ذلك ، العصم : جمع أعصم ، وهو الذي في إحدى يديه بياض من الأوعال وغيرها ، المنزل : موضع الإنزال يقول : ومر على هذا الجبل مما تطاير وانتشر وتناثر من رشاش هذا الغيث فأنزل الأوعال العصم من كل موضع من هذا الجبل لهولها من قطرة على الجبل وفرط انصبابه هناك 75
تيماء قرية عادية في بلاد العرب ، الجذع يجمع على الأجذاع والجذوع ، والنخلة على النخلات ، الأطم : القصر ، الشيد : الجص ، الجندل : الصخر ، يقول : لم يترك هذا الغيث شيئا من جذوع النخل بقرية تيماء ولا شيئا من القصور والأبنية إلا ماكان منها مرفوعا بالصخور أو مجصصا 76
ثبير : جبل بعينه ، العرنين الانف ، البجاد: كساء مخطط ، التزميل : التلفيف بالثياب ، الوبل جمع وابل وهو المطر الغزير العظيم القطر ، يقول : كأن ثبيرا في اوائل مطر هذا السحاب سيد أناس قد تلفف بكساء مخطط ، شبه تغطيته بالغثاء بتغطي هذا الرجل بالكساء 77(465/48)
الذروة : أعلى الشيء ، المجيمر: أكمة بعينها ، الغثاء : ماجاء به السيل من الحشيش والشجر والكلا والتراب وغير ذلك ، المغزل بضم الميم وفتحها وكسرها معروف يقول : كأن هذه الأكمة غدوة مما أحاط بها من أغثاء السيل فلكة مغزل ، شبه الشاعر استدارة هذه الأكمة بما أحاط بها على الاغثاء باستدارة فلكه المغرز وإحاطتها بها بإحاطة المغزل 78
الصحراء تجمع على الصحارى والصحارى معا ، الغبيط هنا أكمة قد أنخفض وسطها وارتفع طرفاها ، وسميت غبيطا تشبيها بغبيط البعير ن البعاع : الثقل ، قوله : نزول اليماني ، العياب : جمع عيبة الثياب . شبه الشاعر نزول المطر بنزول التاجر وشبه ضروب النبات الناشئة من هذا المطر بصنوف الثياب التي نشرها التاجر عند عرضها للبيع وتقدير البيت : وألقى ثقله بصحراء الغبيط فنزل بها نزولا مثل نزول التاجر اليماني صاحب العياب من الثياب 79
المكاء ضرب من الطير ، الجواء : الوادي ، غدية : تصفير غدوة أو غداة ، الصبح : سقى الصبوح ، والاصطباح والتصبح : شرب الصبوح ، السلاف : أجود الخمور وهو ماانعصر من العنب من غير عصر ، المفلفل : الذي ألقي فيه الفلفل ، يقول : كأن هذا الضرب من الطير سقى هذا الضرب من الخمر صباحا في هذا الأودية ، وإنما جعلها كذلك لحدة ألسنتها وتتابع أصواتها ونشاطها في تغربدها لأن الشراب المفلفل يحدي اللسان ويسكر 80
الغرقى : جمع غريق ، العشي والعشية : مابعد زوال إلى طلوع الفجر وكذلك العشاء ، والأرجاء : النواحي ، الواحد رجا ، مقصور ، والتثنية رجوان ، تأنيث الأقصى : وهو الأبعد : والياء لغة نجد والواو لغة سائرالعرب ، الأنابيش : أصول النبت ، وأحدتها أنبوشة ، العنصل : البصل البري يقول : كأن السباع حين غرقت في سيول هذا المطر عشيا أصول البص البري ؛ شبه الشاعر تلطخها بالطين والماء الكدر بأصول البصل البري لأنها متلطخة بالطين والتراب 81
===========
معلقة الحارث بن حلّزة اليشكري(465/49)
الحارث بن حلزة ...
هو الحارث بن ظليم بن حلزّة اليشكري ، من عظماء قبيلة بكر بن وائل ، كان شديد الفخر بقومه حتى ضرب به المثل فقيل : أفخر من الحارث بن حلزة ، ولم يبق لنا من أخباره إلا ما كان من أمر الاحتكام إلى عمرو بن هند سنة ( 554 ـ 569 ) لأجل حل الخلاف الذي وقع بين القبيلتين بكر و تغلب توفي سنة 580 للميلاد أي في أواخر القرن السادس الميلادي على وجه التقريب . أنشد الشاعر هذه المعلقة في حضرة الملك عمرو بن هند رداً على عمرو بن كلثوم و قيل أنه قد أعدّها و روّاها جماعة من قومه لينشدوها نيابة عنه لأنه كان برص و كره أن ينشدها من وراء سبعة ستور ثم يغسل أثره بالماء كما كان يفعل بسائر البرص ثم عدل عن رأيه و قام بإنشادها بين يدي الملك و بنفس الشروط السابقة فلما سمعها الملك و قد وقعت في نفسه موقعاً حسناً أمر برفع الستور و أدناه منه و أطمعه في جفنته و منع أن يغسل أثره بالماء ... كان الباعث الأساسي لإنشاد المعلقة دفاع الشاعر عن قومه و تفنيد أقوال خصمه عمرو بن كلثوم ـ تقع المعلقة في ( 85 ) خمس و ثمانين بيتاً نظمت بين عامي ( 554 و 569 ) . شرحها الزوزني ـ و طبعت في اكسفورد عام 1820 ثم في بونا سنة 1827 و ترجمت إلى اللاتينية و الفرنسية و هي همزية على البحر الخفيف تقسم المعلقة إلى : 1 ـ مقدمة : فيها وقوف بالديار ـ و بكاء على الأحبة و وصف للناقة ( 1 ـ 14( 2 ـ المضمون : تكذيب أقوال التغلبيين من ( 15 ـ 20 ) عدم اكتراث الشاعر و قومه بالوشايات ( 21 ـ 31 ) مفاخر البكريين ( 32 ـ 39 ) مخازي التغلبيين و نقضهم للسلم ( 40 ـ 55 ) استمالة الملك ـ ذكر العداوة ( 59 ـ 64 ) مدح الملك ( 65 ـ 68 ) خدما البكريين للملك ( 69 ـ 83 ( القرابة بينهم وبين الملك ( 84 ـ 85 ( .(465/50)
قيمة المعلقة : هي نموذج للفن الرفيع في الخطابة و الشعر الملحمي و فيها قيمة أدبية و تاريخية كبيرة تتجلى فيها قوة الفكر عند الشاعر و نفاذ الحجة كما أنها تحوي القصص و ألواناً من التشبيه الحسّي كتصوير الأصوات و الاستعداد للحرب و فيها من الرزانة ما يجعلها أفضل مثال للشعر السياسي و الخطابي في ذلك العصر . و في الجملة جمعت المعلَّقة العقل و التاريخ و الشعر و الخطابة ما لم يجتمع في قصيدة جاهلية أخرى ...
آذَنَتْنا ببَيْنهِا أَسْمَاءُ ... ربَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ اُلْثَّوَاءُ ... 1
بَعْدَ عَهْدٍ لَنَا بِبُرْقَةِ شَمّا ... ءَ فَأَدْنَى دِيَارِهَا اٌلْخَلْصاءُ ... 2
فَالُمحَيَّاةُ فالصِّفاحُ فَأَعْنا ... قُ فِتَاقٍ فَعادِبٌ فَالْوَفَاءُ ... 3
فَرِياضُ اُلْقَطَا فأوْدِيَةُ الشُّرْ ... بُبِ فالشُّعْبَتَانِ فالأَبْلاءُ ... 4
لا أرى مَنْ عَهِدْتُ فيهَا فأبكي اٌلْـ ... ـيَوْمَ دَلْهاً وَمَا يُحِيرُ اُلْبُكَاء ... 5
وَبِعَيْنَيْكَ أَوْقَدَتْ هِنْدٌ اُلْنَّا ... رَ أَخِيراً تُلْوِي بِها اُلْعَلْيَاءُ ... 6
فَتَنَوَّرْتُ نَارَهَا مِنْ بَعيدٍ ... بِخَزَازَى هَيْهاتَ منْكَ الصَّلاءُ ... 7
أوْقَدَتْها بَينَ اُلْعَقِيقِ فَشَخْصَيْـ ... نِ بِعُودٍ كما يَلُوحُ الضٍّيَاءُ ... 8
غَيْرَ أَنّي قَدْ أَسْتَعِينُ على اٌلَهْمٍّ ... إذا خَفَّ بالثَّوِيٍّ النٍّجاءُ ... 9
بِزَفُوفٍ كَأُنَّهَا هقْلَةٌ أُمُّ ... رئَالٍ دوِّيَّةٌ سَقْفاءُ ... 10
آنَسَتْ نَبْأَةَ وَأفزَعَها الْقُـ ... ـّناصُ عَصْراً وقَدْدَنَا الإِمْساءُ ... 11
فَتَرَى خَلْفَهَا مِنَ الرَّجْعِ وَالْوَ ... قْعِ مَنِيناً كأَنَّهُ إِهْبَاءُ ... 12
وَطِراقاً مِنْ خَلْفِهِنَّ طِراقٌ ... سَاقِطَاتٌ أَلْوَتْ بها الصَّحْراءُ ... 13
أَتَلَهَّى بها الَهوَاجِرَ إِذْ كُلَّ ابْـ ... ـنِ هَمٍّ بَلِيَّةٌ عَمْياءُ ... 14
وَأَتَانَا مِنَ الْحَوَادِثِ وَالأَنْبَا ... ءٍ خَطْبٌ نُعْنَى بِهِ وَنسَاءُ ... 15
إِنَّ إِخْوَانَنَا الأَرَاقِمَ يَغْلُو ... نً عَلَيْنا، في قِيلِهِمْ إِحْفاَءُ ... 16(465/51)
يَخْلِطُونَ الْبَرِيءَ مِنَّا بذِي الذَّنْـ ... ـبِ وَلا يَنْفَعُ الْخَليَّ الْخَلاءُ ... 17
زَعَمَوا أَنَّ كُلَّ مَنْ ضَرَبَ الْعَيْـ ... ـرَ مُوَالٍ لَنَا وَأَنَّا الْوَلاءُ ... 18
أجْمَعُوا أمْرَهُمْ عِشَاءَ فلَمَّا ... أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لُهمْ ضَوْضَاءُ ... 19
مِنْ مُنادٍ وَمِنْ مُجِيبٍ وَمِنْ تَصْـ ... ـهالِ خَيْلٍ خِلالَ ذاكَ رُغَاءُ ... 20
أَيُّهَا النَّاطِقُ الُمرَقِّشُ عَنَّا ... عِنْدَ عَمْرٍو وَهَلْ لِذَاكَ بَقَاءُ ... 21
لا تَخَلْنَا على غَرَاتِكَ إنَّا ... قَبْلُ ما قَدْ وَشَى بِنَا الأعْدَاءُ ... 22
فَبَقِينا على الشَّنَاءَةِ تَنْمِيـ ... ـنا حُصُونٌ وَعِزَّةٌ قَعْساءُ ... 23
قَبَلَ ما الْيَوْمِ بَيَّضَتْ بعُيُونِ النـ ... ـاسِ فيهَا تَغَيُّظٌ وَإِبَاءُ ... 24
وَكأَنَّ الَمنُونَ تَرْدِي بنَا أَرْ ... عَنَ جوْناً يَنْجَابُ عَنْهُ الْعَماءُ ... 25
مُكْفَهِرّاً على الَحوَادِثِ لا تَرْ ... تُوهُ للدَّهْرِ مُؤَيَّدٌ صَمَّاءُ ... 26
أَيُّما خُطَّةٍ أَرَدْتُمْ فَأَدُّوهَ ... ـا إِلَيْنَا تُشْفَى بها الأمْلاءُ ... 27
إِنْ نَبَشْتُمْ ما بَيْنَ مِلْحَةَ فَالصَّا ... قِبِ فِيهِ الأَمْوَاتُ وَالأحْياءُ ... 28
أَوْ نَقَشْتُمْ فالنَّقْشُ يجْشَمُهُ النَّا ... سُ وَفِيهِ الإِسْقَامُ وَالإِبْرَاءُ ... 29
أَوْسَكَتُّمْ عَنَّا فكُنَّا كَمنْ أَغْـ ... ـَمضَ عَيْناً في جَفْنِهَا الأَقذَاءُ ... 30
أَوْ مَنَعْتُمْ مَا تُسْأَلُونَ فَمنْ حُدِّ ... ئْتُمُوهُ لَهْ عَلَيْنَا الْعَلاءُ ... 31
هَلْ عَلِمْتُمُ أَيّامَ يُنتَهَبُ الْنا ... سُ غِوَاراً لِكُلِّ حَيِّ عُوَاءُ ... 32
إِذْ رَفَعْنَا الجِمالَ مِنْ سَعَفِ البَحْـ ... ـرَينِ سَيْراً حتَّى نَهاهَا الحِساءُ ... 33
ثم مِلْنا على تَميمٍ فأَحرَمْـ ... ـنا وَفِينا بَنَاتُ قَوْمِ إِمَاءُ ... 34
لا يُقيمُ الْعزِيزُ بالبَلَدِ السَّهْـ ... ـلِ وَلا يَنْفَعُ الذَّلِيلَ النَّجَاءُ ... 35
لَيْسَ يُنْجِي الّذِي يُوَائِلُ مِنا ... رَأُسُ طَوْدٍ وَحَرًَّةٌ رَجْلاءُ ... 36(465/52)
فَملَكْنا بذلكَ النّاس حتّى ... مَلَكَ المنْذِرُ بنُ ماءِ السَّماءُ ... 37
مَلِكٌ أَضْرَعَ الْبَرِيَّةَ لا يُو ... جَدُ فِيها لِما لَدَيْهِ كِفَاءُ ... 38
فاْترُكوا الطَّيْخَ والتعاشِي وَإِمَّا ... تَتَعَاشَوْا فَفي التَّعاشِي الدَّاءُ ... 39
وَاذكُرُوا حِلْفَ ذي الَمجازِ وما قدِّ ... مَ فيهِ الْعُهُودُ وَالْكُفَلاءُ ... 40
حَذَرَ الَجوْرِ وَالْتَّعَدِّي وَهَلْ يَنْـ ... ـقُضُ ما في الَمَهارِقِ الأَهوَاءُ ... 41
وَاعْلَمُوا أَنَّنا وَإِيَّاكُمْ فِيـ ... ـمَا اشْتَرَطْنا يَوْمَ اخْتَلَفْنا سَوَاءُ ... 42
عَنَناً باطِلاً وَظُلْماً كما تُعْـ ... ـتَرُ عَنْ حُجْرَةِ الرَّبيضِ الْظِّباءُ ... 43
أَعَلَيْنا جُناحُ كِنْدَةَ أَنْ يَغْـ ... ـنَمَ غازِيهِمُ وَمِنَّا الجَزَاءُ ... 44
أَمْ عَلَيْنا جَرَّى إِيَادٍ كما نِيـ ... ـطَ بِجَوْزِ الُمحَمَّلِ الأَعبَاءُ ... 45
أَمْ عَلَيْنا جَرَّى قُضاعَةَ أَمْ لَيْـ ... ـسَ عَلَيْنا فيما جَنَوْا أَنْدَاءُ ... 46
أَمْ جَنَايَا بَني عَتيقٍ فَإنَّا ... مِنْكُمُ إِنْ غَدَرْتُمْ بُرَآءُ ... 47
وَثَماُنون مِنْ تَمِيمٍ بِأَيْدِيـ ... ـهِمْ رِمَاحٌ صُدُورُهُنَّ الْقَضاءُ ... 48
ثمَّ جَاؤوا يَسْتَرْجعُونَ فَلَمْ تَرْ ... جِعْ لَهُمْ شَامَةٌ وَلا زَهْرَاءُ ... 49
لَيْسَ مِنَّا الُمَضَّربُونَ وضلا قَيْـ ... ـسٌ وَلا جَنْدَلٌ وَلا الحَذَّاءُ ... 50
تَرَكُوهُمْ مُلَحَّبِينَ وآبُوا ... بِنهَابٍ يَصُمُّ مِنْها الحُدَاءُ ... 51
أمْ عَلَيْنا جَرَّى حَنيفَةَ أَمْ مَا ... جَمَّعَتْ مِنْ مُحارِبٍ غَبْرَاءُ ... 52
لَمْ يُحِلوا بَني رِزَاحٍ بِبَرْقَا ... ءِ نِطاعٍ لَهُمْ عَلَيْهمْ دُعَاءُ ... 53
ثُمَّ فَاؤوا مِنْهُمْ بِقَاصَمةِ الظَّهْـ ... ـرِ وَلا يَبْرُدُ الْغَلِيلَ الَماءُ ... 54
مَا أَصَابُوا مِنْ تَغْلِبِّي فَمطُلو ... لٌ عَلَيْهِ إِذا أُصِيب الْعَفَاءُ ... 55
كَتَكاليفِ قَوْمِنا إِذْ غَزَا الُمْنـ ... ـذِ رُهَلْ نَحْنُ لاْ بنِ هِندٍ رِعَاءُ ... 56(465/53)
إِذْ أَحَلَّ الْعَلْيَاءَ قُبَّةَ مَيْسُو ... نَ فَأدْنَى دِيَارِها الْعوصَاءُ ... 57
فَتَأَوَّتْ لَهُ قَرَاضِبَةٌ مِنْ ... كُلِّ حَيِّ كَأَنهُمْ أَلْقَاءُ ... 58
فَهدَاهُمْ بالأَسْوَدَيْن وَأَمْرُ اللّـ ... ـهِ بِلْغٌ تَشْقَى بِهِ الأَشْقيَاءُ ... 59
إذْ تَمَّنوْنَهُمْ غُرُوراً فَسَاقَتْـ ... ـهُمْ إِلَيْكُمْ أُمْنِيَّة أَشْراءُ ... 60
لَمْ يَغُرُّوكُمُ غُرُوراً وَلكِنْ ... رَفَعَ الآلُ شَخْصَهُم وَالْضَّحَاءُ ... 61
أَيُّها الناطِقُ الُمَبلِّغُ عَنا ... عندَ عَمْرٍو وَهَلْ لذَاكَ انْتِهَاءُ ... 62
إِنّ عَمراً لَنا لَدَيْهِ خِلالٌ ... غَيْر شَكِّ في كُلِّهنَّ البَلاء ... 63
مَلِكٌ مُقْسِطٌ وَأَفْضَلُ مَنْ يَمْ ... ـشي وَمِنْ دُونِ مَا لَدَيْهِ الثَّنَاءُ ... 64
إِرَمِيٌّ بِمثْلِهِ جَالَتِ الْخَيْـ ... ـلُ وَتَأْبَى لَخصْمِهَا الإِجْلاءُ ... 65
مَنْ لَناِ عِندهُ مِنَ الَخْيْرِ آيا ... تٌ ثلاثٌ في كِّلهِنَّ الْقَضَاءُ ... 66
آيَةٌ شَارِقُ الْشَّقِيقَةِ إِذْ جَا ... ءَتْ مَعَدٌّ لِكُلِّ حَيِّ لِوَاءٌ ... 67
حَوْلَ قَيْسٍ مُسْتَلْئِمِين بَكَبْشٍ ... قَرَظِي كَأَنّهُ عَبْلاءُ ... 68
وصَيتٍ مِن الْعواتِكِ لا تَنـ ... ـهَاهُ إِلا مُبْيَضَّةُ رَعْلاءُ ... 69
فَرَددْنَاهُمُ بطعْنٍ كما يَخْـ ... ـرُجُ مِنْ خُرْبَةِ الَمزادِ الَماءُ ... 70
وحَمَلْنَاهُمُ على حَزْمِ ثَهْلا ... نَ شِلالاً وَدُمِّيَ الأَنْسَاءُ ... 71
وجَبَهْناهُمُ بطعْنٍ كما تُنْـ ... ـهَزُ في جَمَّةِ الطّوِيِّ الدِّلاءُ ... 72
وفَعلْنا بِهِمْ كما عَلَمِ اللهُ ... ومَا إِنْ للحَائِنينَ دِمَاءُ ... 73
ثُمَّ حُجْراً أَعْني ابنَ أُمِّ قَطامٍ ... ولَهُ فَارِسِيَّةٌ خَضْرَاءُ ... 74
أَسَدٌ في اللِّقاءِ وَرْدٌ هَمُوسٌ ... ورِبيعٌ إِنْ شَمَّرَتْ غَبْرَاءُ ... 75
وفَكَكْناُ غُلَّ امرِىءِ القيسِ عنْـ ... ـهُ بَعْدَما طَالَ حَبْسُهُ والْعناءُ ... 76
وأَقَدْنَاهُ رَبَّ غَسَّانَ بالُمنْـ ... ـذِرِ كَرْهاً إِذْا لا تُكالُ الدِّماءُ ... 77(465/54)
وأَتَيْناهُمُ بِتِسْعَةِ أَمْلا ... كٍ كِرَامٍ أَسْلابُهُم أَغْلاءُ ... 78
ومَعَ الجَوْنِ جَوْنِ آلِ بَني الأَوْ ... سِ عَنُودٌ كأَنّها دَفُوَاءُ ... 79
مَا جَزٍعُنا تَحْتَ الْعُجاجَةِ إِذا وّلـ ... ـوا شِلالاً وَإِذْ تَلظَّى الصَّلاءُ ... 80
وَولَدْنا عَمْرو بنَ أُمِّ أُنَاسٍ ... مِنْ قَريبٍ لَما أَتَانا الحِبِاءُ ... 81
مثْلُها تُخْرِجُ النصيحةُ للقَوْ ... مِ فَلاةٌ مِنْ دُونِها أَفْلاءُ ... 82
ثُمَّ خَيْلٌ مِنْ بَعدِ ذاكَ الْغَلاّ ... قِ لا رأْفَةٌ وَلا إِبْقاءُ ... 83
وَهو الرَّبُّ والشَّهِيدُ على يَوْ ... مِ الِحيَارَينِ وَالْبلاء بَلاءُ ... 84
الإيذان : الإعلام ، البين : الفراق ، الثواء والثوي : الإقامة ، والفعل ثوى يثوي يقول : أعلمتنا أسماء بمفارقتها إيانا ، أي بعزمها على فراقنا , ثم قال : رب مقيم تمل إقامته ولم تكن أسماء منهم ، يريد أنها وإن طالت إقامتها لم أمللها ، والتقدير : رب ثاو يمل من ثوائه 1
العهد : اللقاء ، والفعل عهد يعهد يقول : عزمت على فراقنا بعد أن لقيتها ببرقة شماء وخلصاء التي هي أقرب ديارها إلينا 2
هذه كلها مواضع عهدها بها يقول : وقد عزمت على مفارقتنا بعد طول العهد 4-3
الاحارة : الرد من قولهم : حار الشيء يحور حورا ، أي رجع ، وأحرته أنا أي رجعته فرددته يقول : لا أرى في هذه المواضع من عهدت فيها ، يريد أسماء ، فأنا أبكي اليوم ذاهب العقل وأي شيء رد البكاء على صاحبه ؟ وهذا استفهام يتضمن الجحود ، أي لا يرد البكاء على صاحبه فائتا ولا يجدي عليه شيئا .. تحرير المعنى: لما خلت هذه المواضع منها بكيت جزعا لفراقها مع علمي بأنه لا طائل في البكاء ، الدله : ذهاب العقل ، والندليه إزالته 5
ألوى بالشيئ : أشار به . العلياء : البقعة العالية يخاطب نفسه ويقول : وإنما أوقدت هند النار بمرآك ومنظر منك ، وكأن البقعة العالية التي أوقدتها عليها كانت تشير إليك بها .. يريد أنها ظهرت لك أتم ظهور فرأيتها أتم رؤية 6(465/55)
التنور : النظر إلى النار ، خزازى : بقعة بعينها ، هيهات : بعد الأمر جدا ، الصلاء : مصدر صلى النار ، وصلي بالنار يصلى صلى ويصلا إذا احترق بها أو ناله حرها يقول : ولقد نظرت إلى نار هند بهذه البقعة على بعد بيني وبينها لأصلاها ، ثم قال : بعد منك الاصطلاء بها جدا ، أي أردت أن آتيها فعاقتني العوائق من الحروب وغيرها 7
يقول : أوقدت هند تلك النار بين هذين الموضعين بعود فلاحت كما يلوح الضياء 8
غير أني : يريد لكني ، انتقل من النسيب إلى ذكر حاله في طلب المجد ، الثوي والثاوي : المقيم ، النجاء : الاسراع في السير ، والباء للتعدية يقول : ولكني أستعين على إمضاء همي وقضاء أمري إذا أسرع المقيم في السير لعظيم الخطب وفظاعة الخوف 9
الزفيف : إسراع النعامة في سيرها ثم يستعار لسير غيرها ، والفعل زف يزف ، والنعت زاف ، والزفوف مبالغة ، الهقلة : النعامة ، والظليم هقل ، الزأل : ولد النعامة ، والجمع : رئال ، الدوية منسوبة إلى الدو وهي المفازة ، سقف : طول مع انحناء ، والنعت أسقف يقول : أستعين على إمضاء همي وقضاء أمري عند صعوبة الخطب وشدته بناقة مسرعة في سيرها كأنها في إسراعها في السير نعامة لها أولاد طويلة منحنية لا تفارق المفاوز 10
النبأة : الصوت الخفي يسمعه الانسان أو يتخيله ، القناص : جمع قانص وهو الصائد ، الإفزاع : الاخافة ، العصر : العشي يقول : أحست هذه النعامة بصوت الصيادين فأخافها ذلك عشيا وقد دنا دخولها في المساء . لما شبه ناقته بالنعامة وسيرها بسيرها - بالغ في وصف النعامة بالاسراع في السير بأنها تؤوب إلى أولادها مع إحساسها بالصيادين وقرب المساء ، فإن هذه الأسباب تزيدها إسراعا في سيرها 11
المنين : الغبار الرقيق ، الأهباء : جمع هباء ، والإهباء إثارته يقول : فترى أنت أيها المخاطب خلف هذه الناقة من رجعها قوائمها وضربها بالأرض بها غبارا رقيقا كأنه هباء منبث ، وجعله رقيقا إشارة إلى غاية إسراعها 12(465/56)
الطراق : يريد بها أطباق نعلها ، ألوى بالشيء : أفناه وأبطله وألوى بالشيء أشار به يقول : وترى خلفها أطباق نعلها في أماكن مختلفة قد قطعها وأبطلها قطع الصحراء ووطؤها 13
يقول : أتلعب بالناقة في أشد ما يكون الحر إذا تحير صاحب كل هم مثل تحير الناقة البلية العمياء يقول : أركبها وأقتحم بها لفح الهواجر إذا تحير غيري في أمره ، يريد أنه لا يعوقه الحر عن مرامه 14
يقول : ولقد أتانا من الحوادث والأخبار أمر عظيم نحن معنيون محزونون لأجله ، عني الرجل بالشيء يعنى به فهو معني به ، وعني يعنى إذا كان ذا عناء به ، وسؤت الرجل سوءا ومساءة وسوائية : أحزنته 15
الأراقم : بطون من تغلب ، سموا بها لأن امرأة شبهت عيون آبائهم بعيون الأراقم ، الغلو : مجاوزة الحد ، الإلحاح . ثم فسر ذلك الخطب فقال : هو تعدي إخواننا من الأراقم علينا وغلوهم في عدوانهم علينا في مقالتهم 16
يريد بالخلي : البريء الخالي من الذنب يقول : هم يخلطون براءنا بمذنبينا فلا تنفع البريء براءة ساحته من الذنب 17
العير في البيت يفسر : بالسيد ، والحمار ، والوتد ، والقذى ، وجبل بعينه . قوله : وأنا الولاء ، أي أصحاب ولائهم ، فحذف المضاف ، ثم إن فسر العير بالسيد كان تحرير المعنى : زعم الأراقم أن كل من يرضى بقتل كليب وائل بنو أعمامنا وأنا أصحاب ولائهم تلحقنا جرائرهم ، وإن فسر بالحمار كان المعنى : أنهم زعموا أن كل من صاد حمر الوحش موالينا أي ألزموا العامة جناية الخاصة ، وإن فسر بالوتد كان المعنى : زعموا أن كل من ضرب الخيام وطنبها بأوتاد موالينا ، أي ألزموا العرب جناية بعضنا ، وإن فسر بالقذى كان المعنى : زعموا أن كل من صار الى هذا الجبل موال لنا . وتفسير آخر البيت في جميع الأقوال على نمط واحد 18
الضوضاء : الجلبة والصياح ، إجماع الأمر : عقد القلب وتوطين النفس عليه . يقول : أطبقوا على أمرهم من قتالنا وجدالنا عشاء فلما أصبحوا أجلبوا وصاحوا 19(465/57)
التصهال ، كالصهيل ، وتفعال لا يكون إلا مصدرا وتفعال لا يكون إلا إسما يقول : اختلطت أصوات الداعين والمجيبين والخيل والإبل ، يريد بذلك تجمعهم وتأهبهم 20
يقول : أيها الناطق عند الملك الذي يبلغ عنا الملك ما يريبه ويشككه في محبتنا إياه ودخولنا تحت طاعته وانقيادنا لحبل سياسته .. هل لذلك التبليغ بقاء ؟ وهذا استفهام معناه النفى ، أي لا بقاء لذلك ، لأن الملك يبحث عنه فيعلم أن ذلك من الأكاذيب الخترعة والأباطيل المبتدعة وتحرير المعنى : أنه يقول : أيها المخرب ما بيننا وبين الملك بتبليغك اياه عنا ما يكرهه ، لا بقاء لما أنت عليه الأن .. بحث الملك عنه يعرفه أنه كذب محض 21
الغراة : اسم بمعنى الإغراء . يخاطب من يسمي بهم من بنى تغلب الى عمرو بن هند ملك العرب يقول : لا تظننا متذللين متخاشعين لإغرائك الملك بنا فقد وشى بنا أعداؤنا الى الملوك قبلك ، وتحرير المعنى : ان اغراءك الملك لا يقدح في أمرنا كما لم يقدح اغراء غيرك فيه . قوله على غراتك ، أي على امتداد غرأتك ، والمفعول الثاني لتخلنا محذوف تقديره : لا تخلنا متخاشعين ، وما أشبه ذلك 22
الشناءة : البغض ، تنمينا : ترفعنا يقول : فبقينا على بغض الناس ايانا واغرائهم الملوك بنا نرفع شأننا ونعلي حصونا منيعة وعزة ثابته لا تزول 23
الباء في بعيون زائدة ، أي بيضت عيون الناس ، وتبييض العين : كناية عن الإعماء . وما في قوله : قبل ما ، صلة زائدة يقول : قد أعمت عزتنا قبل يومنا الذي نحن فيه عيون أعدائنا من الناس ، يريد أن الناس يحسدوننا على إباء عزتنا على من كادها وتغيظها على من أرادها بسوء حتى كأنهم عموا عند نظرهم الينا لفرط كراهيتهم ذلك وشدة بغضهم ايانا ، وجعل التغيظ والإباء للعزة مجازا ، وهما عند التحقيق لهم 24(465/58)
الردى : الرمي ، والفعل منه ردي يردى . قوله : بنا ، أي تردينا ، الأرعن : الجبل الذي له رعن ، الجون : الأسود والأبيض جميعا ، والجمع الجون ، والمراد به الأسود في البيت ، الانجياب : الانكشاف والانشقاق ، العماء : السحاب يقول : وكأن الدهر برميه ايانا بمصائبه ونوائبه يرمي جبلا أرعن أسود ينشق عنه السحاب ، أي يحيط به ولا يبلغ أعلاه .. يريد أن الزمامن وطوارق الحدثان لا تؤثر فيهم ولا تقدح في عزهم كما لا تؤثر في مثل هذا الجبل الذي لا يبلغ السحاب أعلاه ، لسموه وعلوه 25
الاكفهرار : شدة العبوس والقطوب ، الرتو : الشد والإرخاء جميعا ، وهو من الأضداد ، ولكنه في البيت بمعنى الارخاء ، المؤيد : الداهية العظيمة ، مشتقة من الأيد وا لادوهما القوة ، الصماء : الشديدة ، من الصمم الذي هو الشدة والصلابة ، والبيت من صفة الأرعن يقول : يشتد ثباته على انتياب الحوادث ، لا ترخيه ولا تضعفه داهية قوية شديدة من دواهي الدهر . يقول : ونحن مثل هذا الجبل في المنعة والقوة 26
الخطة : الامر العظيم الذي يحتاج الى مخلص منه ، أدوها : فوضوها ، الأملاء : الجماعات من الاشراف ، الواحد ملأ ، لأنهم يملأون القلوب والعيون جلالة والعيون جلالة وجمالا يقول : فوضوا الى آرائنا كل خصومة أردتم تشفي بها جماعات الأشراف والرؤساء بالتخلص منها اذ لا يجدون عنها مخلصا ، يريد أهم أولو رأي وحزم يشفى به ويسهل عليهم ما يتعذر على غيرهم من الأشراف في فصل الخصومات والقضاء في المشكلات في رواية أخرى : تسعى ، وفي رواية التبريزي : تمشي ، والشروح مختلفة عما هي عليه هنا 27
يقول أن بحثتم عن الحروب التي كانت بيننا وبين هذين الموضعين وجدتم قتلى لم يثأر بها وقتلى ثئر بها ، فسمى الذين لم يثأر بهم أمواتا ، والذين ثئر بهم أحياء لأنهم لما قتل بهم من أعدائهم كأنهم عادوا أحياء اذ لم تذهب دماؤهم هدرا ، أي أنهم ثاروا بقتلاهم وتغلب لم تثأر بقتلاها 28(465/59)
الإسقام : مصدر، والأسقام جمع سقم ، الابراء : الصدر ، والأبراء جمع برء ، النقش : الاستقصاء ، ومنه قيل لاستخراج الشوك من اليدن نقش . والفعل منه نقش ينقش يقول : فإن استقصيتم في ذكر ما جرى بيننا من جدال وقتال فهو شئ قد يتكلفه الناس ويتبين فيه المذنب من البريء ، كنى بالسقم عن الذنب وبالبراءة عن براءة الساحة ، يريد أن الاستقصاء فيما ذكر من شأنه يبين برائتنا من الذنب والذنب ذنبكم 29
الأقذاء : جمع القذي ، والقذي جمع قذاة يقول : وان أعرضتم عن ذلك أعرضنا عنكم مع إضمارنا الحقد عليك كمن أغضى الجفون على القذى 30
يقول : وان منعتم ما سألنكم من المهادنة والموادعة فمن الذي احدثتم عنه انه عزنا وعلانا ، أي فأي قوم أخبرتم عنهم أنهم فضلونا ، أي لا قوم أشرف منا ، فلا نعجز عن مقابلتكم بمثل صنيعكم 31
الغوار : المغاورة ، العواء : صوت الذئب ونحون ، وهو هنا مستعار للضجيج والصياح يقول : علمتم غنائنا في الحروب وحمايتنا أيام اغارة الناس بعضهم على بعض وضجيجهم وصياحهم مما ألم بهم من الغارات . وهي في البيت بمعنى قد ، لأنه يحتج عليهم بما علمون ، الانتهاب : الاغارة 32
السعف : أغصان النخلة ، والواحدة سعفة . قوله : سيرا ، أي فسارت سيرا ، فحذف الفعل لدلالة المصدر عليه ، موضع بعينه يقول : حين رفعنا جمالنا على أشد السير حتى سارت من البحرين سيرا شديدا الى أن بلغت هذا الموضع الذي يعرف بالحساء ، أي طوينا ما بين هذين الموضعين سيرا واغارة على القبائل فلم يكفينا شيء عن مرامنا حتى انتهينا الى الأحساء 33
أحرمن أي دخلنا في الشهر الحرام يقول : ثم ملنا من الاحساء فأغرنا على بني تميم ، ثم دخل الشهر الحرام وعندنا سبايا القبائل قد استخدمناهن ، فبنات الذي أغرنا عليهم كن إماء لنا 34(465/60)
النجاء ، ممدودا ومقصورا : الاسراع في السير يقول : وحين كان الأحياء الأعزة يتحصنون بالجبال ولا يقيمون بالبلاد السهلة والأذلاء كان لا ينفعهم اسراعهم في الفرار ، يريد أن الشر كان شاملا عاما لم يسلم منه العزيز ولا الذليل 35
وأل وواءل : هرب وفزع ، الرجلاء : الغليظة الشديدة يقول : لم ينج الهارب منا بفضل تحصنه بالجبل ولا بالحرة الغليظة الشديدة 36
أضرع : ذلل وقهر ، ومنه قولهم في المثل : الحمى أضرعتني لك ، الكفاءة والمكافأة : المساواة يقول : هو ملك ذلل وقهر الخلق فما يوجد فيهم من يساويه في معاليه والكفاءة بمعنى المكافئ ن فالمصدر موضع اسم الفاعل 38-37
الطيخ : التكبر ، العاشي : التعامي ، وهما تكلف العشى والعمى ممن ليس به عشى وعمى وكذلك التفاعل اذا كان بمعنى التكلف يقول : فاتركوا التكبر وإظهار التجبر والجهل وان لزمتم ذلك ففيه الداء ، يعني أفضى بكم ذلك الى شر عظيم 39
ذو المجاز : موضع جمع به عمرو ابن هند بكرا وتغلب وأصلح بينهما واخذ الوثائق والرهون يقول : واذكروا العهد الذي كان منا بهذا الموضع وتقديم الكفلاء فيه 40
المهارق : جمع المهرق ، وهو فارسي معرب ، يأخذون الخرقة ويطلونها بشيء ثم يصقلونها ثم يكتبون عليها شيئا ، والمهرق : معرب مهركرد يقول : وانما تعاقدنا هناك حذر الجور والتعدي من احدى القبيلتين فلا ينقض ما كتب في المهارق الأهواء الباطلة ، يريد أن ما كتب في العهود لا تبطله أهواؤكم الضالة 41
واعلموا أننا واياكم في تلك الشرائط التي أوثقناها يوم تعاقدنا مستوون 42
العنن : الاعتراض والفعل عن يعن ، العتر : ذبح العتيرة ، وهي ذبيحة كانت تذبح للاصنام في رجب ، الحجرة : الناحية ، والجمع الحجرات وقد كان الرجل ينذر إن بلغ الله غنمه مائة ذبح منها واحدة للاصنام ثم ربما ضنت نفسه بها فأخذ ظبيا وذبحه مكان الشاة الواجبة عليه يقول : ألزمتمونا ذنب غيرنا باطلا كما يذبح الظبي لحق وجب في الغنم 43(465/61)
الجناح . الأثم يقول : أعلينا ذنب كندة أن يغنم غانمهم منكم ومنا يكون جزاء ذلك ؟ يوبخهم ويعيرهم أن كندة غزتهم فغنمت منهم وقومه لا يلزمهم جزاء ذلك 44
الجراء والجري ، بالمد والقصر : الجناية ، النوط : التعليق ، الجوز الوسط ، والجمع الأجواز ، العبء : الثقل يقول : أم علينا جناية إياد ؟ ثم قال : الزمتمونا ذلك كما تعلق الأثقال على وسط البعير المحمل 45
يقول : أم علينا جناية قضاعة ؟ بل ليس علينا في جنايتهم ندى أي لا تلحقنا ولا تلزمنا تلك الجناية 46
يقول : أم علينا جنايا بني عتيق ؟ ثم قال : إن نقضتم العهد فإنا براء منك 47
القضاء : القتل يقول : وغزاكم ثمانون من تميم بأيديهم رماح أسنتها القتل ، أي القاتلة وصدر كل شيء : أوله 48
يقول : ثم جاؤوا يسترجعون الغنائم فلم ترد عليهم شاة زهراء ، أي بيضاء ، ولا ذات شامة ، هذه الأبيات كلها تعيير لهم وإبانة عن تعديهم وطلبهم المحال لأن مؤاخذة الإنسان بذنب غيره ظلم صرا ح 49
يقول : هؤلاء المضربون ليسوا منا ، عيرهم بأنهم منهم 50
التلحيب : التقطيع ، الأوب والإياب : الرجوع يقول : تركت بني تميم هؤلاء القوم مقطعين بالسيوف وقد رجعوا إلى بلادهم مع غنائم يصم حداء حداتها آذان السامعين ، أشار بذلك إلى كثرتها 51
يقول : أم علينا جناية بني حنيفة أم جناية ما جمعت الأرض أو السنة الغبراء من محارب 52
أحللته : جعلته حلالا يقول : ما أحل قومنا محارم هؤلاء القوم وما كان منهم دعاء على قومنا يعريهم بأنهم أحلوا محارم هؤلاء القوم بهذا الموضع فدعوا عليهم 53
الفيء : الرجوع ، والفعل فاء يفيئ يقول : ثم انصرفوا منهم بداهية قصمت ظهورهم ، وغليل الجوف لا يسكنه شرب الماء لأنه حرارة الحقد لا حرارة العطش ، يريد أنهم فاؤوا وقتلوا ولم يثأروا بقتلاهم 54(465/62)
طل دمع وأطل : أهدر ، العفاء : الدروس ، وهو أيضا التراب الذي يغطي الأثر يقول : ما قتلوا من بني تغلب أهدرت دماؤهم حتى كأنهم غطيت بالتراب ودرست ، يريد أن دماء بني تغلب تهدر ودماءهم تهدر بل يدركون ثأرهم 55
التكاليف : المشاق والشدائد يقول : هل قاسيتم من الشاق والشدائد ما قاسى قومنا حين غزا منذر أعداءه فحاربهم ؟ وهل كنا رعاء لعمرو بن هند كما كنتم رعاءه ؟ ذكر أنهم نصروا الملك حين لم ينصره بنو تغلب وعيرهم بأنهم رعاء الملك وقومه يأنفون من ذلك 56
ميسون : امرأة يقول : وإنما كان هذا حين أنزل الملك قبة هذه المرأة علياء وعوصاء التي هي أقرب ديارها إلى الملك 57
القرضوب والقرضاب : اللص الخبيث ، والجمع القارضبة ، التأوي : التجمع ، الألقاء لقوة وهي العقاب يقول : تجمعت له لصوص خبثاء كأنهم عقبان لقوتهم وشجاعتهم 58
الاسودان : الماء والتمر ، هداهم أي تقدمهم يقول : وكان يتقدمهم ومعه زادهم من الماء والتمر ، وقد يكون هدى بمعنى قاد ، والمعنى : فقاد هذا العسكر وزادهم التمر والماء ، ثم قال : وأمر الله بالغ مبالغة يشقى به الأشقياء في حكمه وقضائه 59
الأشر : البطر ، الأشراء : البطرة يقول : حين تمنيتم قتالهم إياكم ومصيرهم إليكم اغترارا بشوكتكم وعدتكم فساقتهم إليكم أمنيتكم التي كانت مع البطر 60
الآل : ما يرى كالسراب في طرفي النهار ، الضحاء : بعيد الضحى يقول : لم يفاجئوا مفاجأة ولكن أتوكم وأنتم ترونهم خلال السراب حتى كأن السراب يرفع أشخاصهم لكم 61
يقول : أيها الناطق المبلغ عنا عند عمرو بن هند الملك ألا تنتهي عن تبليغ الأخبار الكاذبة عنا ؟ فلنا عنده أفضال كلها خبرة صادقة 63-62
الإقساط : العدل يقول : هو ملك عادل وهو أفضل ماش على الارض ، أي أفضل الناس والثناء قاص عما عنده 64(465/63)
إرم : جد عاد ، وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام يقول : هو إرمي من الحسب قديم الشرف بمثله ينبغي أن تجول الخيل وأن تأبي لخصمها أن يجلي صاحبها عن أوطانه ، يريد أن مثله يحمي الحوزة ويذب عن الحريم 65
يقول : هو الذي لنا عنده ثلاث آيات ، أي ثلاث دلائل من دلائل غنائنا وحسن بلائنا في الحروب والخطوب ، يقضي لنا على خصومنا في كلها ، أي يقضي الناس لنا بالفضل على غيرنا فيها 66
الشقيقة : أرض صلبة بين رملتين ، والجمع الشقائق ، الشروق : الطلوع والإضاءة يقول : إحداها شارق الشقيقة حين جاءت معد بألوبتها وراياتها . وأراد بشارق الشقيقة : الحرب التي قامت بها 67
أراد قيس ين معد يكرب من ملوك حمير ، الاستلئام : لبس اللآمة وهي الدرع ، القرظ : شجر يدبغ به الأديم ، الكبش : السيد ، مستعار له بمنزلة القرم ، العبلاء : هضبة بيضاء يقول : جاءت مع راياتها حول قيس متحصنين بسيد من بلاد القرظ ، وبلاد القرظ : اليمن ، كأنه في منعته وشوكته هضبة من الهضاب ، يريد أنهم كفوا عادية قيس وجيشه عن عمرو بن هند 68
الصتيت : الجماعة المصوتة ، العواتك : الشواب الحرائر والخيار من النساء ، الرعلاء : الطويلة الممتدة يقول : والثانية جماعة من أولاد الحرائر الكرائم الشواب لا يمنعها عن مرامها ولا يكفيها عن مطالبها إلا كتيبة مبيضة ببياض دروعها وبيضها عظيمة ممتدة ، وقيل : بل معناه إلا سيوف مبيضة طوال ، وقوله : من العواتك ، أي من أولاد العواتك 69
خربة المزاد : ثقبها ، والمزاد جمع مزادة وهي زق الماء خاصة يقول : رددنا هؤلاء القوم بطعن خرج الدم من جراحه خروج الماء من أفواه القرب وثقوبها 70
الحزم : آغلظ من الحزن ، ثهلان : جبل بعينه ، الشلال : الطراد . الأنساء : جمع النساء وهو عرق معروف في الفخذ ، التدمية والإدماء : اللطخ بالدم يقول : ألجأذهم إلى التحصن بغلظ هذا الجبل والالتجاء اليه في مطاردتنا إياهم وأدمينا أفخاذهم بالطعن والضرب 71(465/64)
الجبة : أعنف الردع ، والفعل جبه يجبه ، النهز : التحريك ، الجمة : الماء الكثير المتجمع ، الطوي : البئر التي طويت بالحجارة أو اللبن يقول : منعناهم أشد منع وأعنف ردع فتحركت رماحنا في أجسامهم كما تحرك الدلاء في ماء البئر المطوية بالحجارة 72
حان : تعرض للهلاك ، وحان : هلك ، يحين حينا يقول : فعلنا بهم فعلا بليغا لا يحيط به علما إلا الله ، ولا دماء للمتعرضين للهلاك أو الهالكين ، أي لم يطلب بثأرهم ودمائهم 73
يقول : ثم قاتلنا بعد ذلك حجر بن قطام وكانت له كتيبة فارسية خضراء لما ركب دروعها وبيضها من الصدأ . وقيل بل أراد : وله دروع فارسية خضراء لصدئها 74
الورد : الذي يضرب لونه إلى الحمرة ، الهمس : صوت القدم . وجعل الأسد هموسا لأنه يسمع من رجليه في مشية صوت ، شمرت : استعدت ، الغبراء السنة الشديدة لاغبرار الهواء فيها يقول : كان حجرا أسدا في الحرب بهذه الصفة ، وكان للناس بمنزلة الربيع اذا تهيأت واستعدت السنة الشديدة للشر ، يريد أنه كان ليث الحرب غيث الجدب 75
يقول : وخلصنا امرأ القيس من حبسه وعنائه بعدما طال عليه 76
أقدته : أعطيته القود يقول : وأعطيناه ملك غسان قودا بالمنذر حين عجز الناس عن الاقتصاص وارداك الثأر ، وجعل الدماء مستعارا للقصاص 77
يقول : وأتيناهم بتسعة من الملوك وقد أسرناهم وكانت أسلابهم غالية الأثمان لعظم أخطارهم وجلالة أقدارهم ، الأسلاب : جمع السلب وهو الثياب والسلاح والفرس 78
يقول : وكانت مع الجون كتيبة شديدة العناد كأنها في شوكتها وعدتها هضبة دفئة . والجون الثاني بدل من الأول ، والأول في التقدير محذوف كقوله تعالي : "لعلي أبلغ الاسباب أسباب السموات" 79
العجاجة: الغبار ، تلظى . تلهب ، الصلاء والصلي . مصدر صليت حين تلهب نار الحرب 80
يقول : وولدنا هذا الملك بعد زمان قريب لما أتانا الحباء ، أي زوجنا أمه من أبيه لما أتانا مهرها ، يريد أنا أخوال هذا الملك 81(465/65)
يقول : مثل هذه القرابة تستخرج النصيحة للقوم الأقارب قربى أرحام يتصل بعضها ببعض لفلوات يتصل بعضها بعض . الفلاة تجمع مع الفلا ثم تجمع الفلا على الأفلاء . وتحرير المعنى : ان مثل هذه القرابة التي بيننا وبين الملك توجب النصيحة له اذ هي أرحام مشتبكة 82
يقول : ثم جاءتكم خيل من الغلاق فأغارت عليكم ولم ترحمكم ولم تبق عليكم 83
يقول : وهو الملك والشاهد على حسن بلائنا يوم قتالنا بهذا الموضع والعناء عناء ، أي قد بلغ الغاية ، يريد عمرو بن هند فانه شهد غناءهم هذا ، والله سبحانه وتعالى أعلم 84
=============(465/66)
هو عنترة بن شداد العبسي من قيس عيلان من مضر و قيل : شداد جده غلب على اسم أبيه ، و إنما هو عنترة بن عمرو بن شداد ، و اشتقاق اسم عنترة من ضرب من الذباب يقال له العنتر و إن كانت النون فيه زائدة فهو من العَتْرِ و العَتْرُ الذبح و العنترة أيضاً هو السلوك في الشدائد و الشجاعة في الحرب . و إن كان الأقدمون بأيهما كان يدعى : بعنتر أم بعنترة فقد اختلفوا أيضاً في كونه اسماً له أو لقباً . كان عنترة يلقب بالفلحاء ـ لفلح ـ أي شق في شفته السفلى و كان يكنى بأبي المعايش و أبي أوفى و أبي المغلس لجرأته في الغلس أو لسواده الذي هو كالغلس ، و قد ورث ذاك السواد من أمه زبيبة ، إذ كانت أمه حبشية و بسبب هذا السواد عدة القدماء من أغربة العرب . و شاءت الفروسية و الشعر والخلق السمح أن تجتمع في عنترة ، فإذا بالهجين ماجد كريم ، و إذا بالعبد سيد حر . و مما يروى أن بعض أحياء العرب أغاروا على قوم من بني عبس فأصابوا منهم ، فتبعهم العبسيون فلحقوهم فقاتلوهم عما معهم و عنترة فيهم فقال له أبوه : كر يا عنترة ، فقال عنترة : العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلاب و الصر ، فقال كر و أنت حر ، فكر و أبلى بلاء حسناً يومئذ فادعاه أبوه بعد ذلك و ألحق به نسبه ، و قد بلغ الأمر بهذا الفارس الذي نال حريته بشجاعته أنه دوخ أعداء عبس في حرب داحس و الغبراء الأمر الذي دعا الأصمعي إلى القول بأن عنترة قد أخذ الحرب كلها في شعره و بأنه من أشعر الفرسان . أما النهاية التي لقيها فارسنا الشاعر فالقول فيها مختلف فئة تقول بأن إعصاراً عصف به و هو شيخ هم ( فان ) فمات به و فئة تقول بأنه أغار يوماً على قوم فجرح فمات متأثراً بجراحه و لعل القول الثاني هو الأقرب إلى الصحة .(465/67)
بدأ عنترة حياته الأدبية شاعراً مقلاً حتى سابه رجل من بني عبس فذكر سواده و سواد أمه و أخوته و عيره بذلك و بأنه لا يقول الشعر ، فرد عنترة المذمة عن نفسه و ابتدر ينشر المعلقة ثم صار بعدها من الشعراء و مما لا شك فيه أن حبه لعبلة قد أذكى شاعريته فصار من الفرسان الشعراء
هَلْ غَادَرَ الْشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ ... أمْ هَل عَرَفْتَ الْدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
يَا دارَ عَبْلَةَ بِالَجِوَاءِ تَكَلَّمِي ... وَعِمِي صَبَاحاً دارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِي
فَوَقَفْتُ فِيها نَاقَتي وَكَأَنَّهَا ... فَدَنٌ لاَ قْضِي حَاجَةَ الُمَتَلِّومِ
وَتَحُلُّ عَبْلَةُ بِالَجوَاءِ وَأَهْلُنَا ... باْلَحزْنِ فَالصَّمَّانِ فَاُلمتَثَلَّمِ
حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ ... أَقْوَى وَأَقْفَرَ بَعْد أُمِّ الَهيَثْمِ
حَلَّتْ بِأَرْضِ الزَّائِرِينَ فَأَصْبَحَتْ ... عَسِراً عَلَيَّ طِلاُبكِ ابْنَةَ مَخْرَمِ
عُلِّقْتُها عَرضَاً وَأَقْتُلُ قَوْمَها ... زَعْماً لَعَمْرُ أَبيكَ لَيْسَ بِمَزْعَمِ
وَلَقَدْ نَزَلْتِ فلا تَظُنِّي غَيْرَهُ ... مِنِّي بِمَنْزِلَةِ الُمحَبِّ الُمكْرَمِ
كَيْفَ الَمزَارُ وَقَدْ تَرَبَّعَ أَهْلُها ... بعُنَيْزَتَيْنِ وَأَهْلُنا بِالغَيْلَمِ
إِنْ كُنْتِ أَزْمَعْتِ الْفِراقَ فإِنَّما ... زَّمتْ رِكابُكُم بلَيْلٍ مُظْلمِ
مَا راعَنيْ إِلا حَمُولَةُ أَهْلِها ... وَسْطَ الدِّيَارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
فيها أثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً ... سُوداً كخَافِيَةِ الْغُرابِ الأَسْحَمِ
إِذَ تَسْتَبِيكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ ... عَذْبٌ مُقَبَّلُهُ لَذِيذِ الَمطْعَمِ
وكَأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ ... سَبَقَتْ عَوَارِضَهَا إِلَيْكَ من الْفَمِ
أَوْ رَوْضَةً أْنُفاً تَضمَّنَ نَبْتَهَا ... غَيْثٌ قَلِيلُ الدِّمْنِ لَيْسَ بِمَعْلَمِ
جادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ بِكْرِ حُرَّةٍ ... فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ(465/68)
سَحًّا وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّةٍ ... يَجْرِي عَلَيْهَا الَماءُ لَمْ يَتَصَرَّمِ
وَخَلا الذبابُ بها فَلَيْسَ بِبارِحٍ ... غَرِداً كفِعْلِ الْشَّارِبِ الُمتَرَنِّمِ
هَزِجاً يَحُكُّ ذِرَاعَهُ بِذِرَاعِهِ ... قَدْحَ الُمكِبِّ على الزِّنَادِ الأَجْذَمِ
تُمسِي وَتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشِيَّةٍ ... وَأَبِيتُ فَوْقَ سَراةِ أَدْهَمَ مُلْجَمِ
وَحَشِيَّي سَرْجٌ على عَبْلِ الْشَّوَى ... نَهْدٍ مَراِكلُهُ نَبِيلِ الَمحْزِمِ
هَلْ تُبْلِغَنِّي دَارَهَا شَدَنِيَّةٌ ... لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرَابِ مُصَرَّمِ
خَطَّارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَةٌ ... تَطِسُ الإِكامَ بوَخْدِ خُفِّ ميثمِ
وكَأَنَّما تَطِسُ الإِكامَ عَشيَّةً ... بقَرِيبِ بَيْنَ الَمنْسِمَيْنِ مُصَلَّمِ
تَأْوِي لَهُ قُلْصُ الْنّعامِ كما أَوَتْ ... حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ
يَتْبَعْنَ فُلَّةَ رَأْسِهِ وكَأنَّةُ ... حِدْجٌ على نَعْشٍ لُهنَّ مُخَيَّمِ
صَعْلٍ يَعُودُ بذي الْعُشَيْرَةِ بَيْضَهُ ... كالعبْدِ ذي اّلفَرْوِ الْطويل الأصْلَمِ
شَرِبتْ بماءِ الدُّحْرُ ضَيْنِ فأَصْبَحتْ ... زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ
وكَأَنَّما تَنْأَى بجانِبِ دَفَّهَا الْـ ... وَحْشِيِّ منْ هَزِجِ الْعشِيِّ مُؤَوَّمِ
هِرِّ جَنِيبٍ كُلمّا عَطَفَتْ لَهُ ... غَضْبَى اتَّقَاهَا باليَدَيْنِ وَبالفَمِ
بَرَكَتْ على جَنْبِ الرّداع كأنَّما ... بَرَكتْ على قَصَبٍ أجَشَّ مُهَضَّمِ
وكأنَّ رُبَّاً أَو كُحَيْلاً مُعْقَداً ... حَشَّ الْوَقُودُ بهِ جَواِنبَ قُمقُمِ
يَنْبَاع مِنْ ذِفْرَى غضوبٍ جَسْرَةٍ ... زَيَّافَةٍ مِثْلَ الْفَنِيقِ الُمكْدَمِ
إِنْ تُغْدِفي دُوني الْقِناعَ فإِنَّنِي ... طَب بأخْذِ الْفَارِسِ الُمستَلْئِمِ
أَثْنِي عَلَيَّ بما عَلِمْتِ فَإِنَّني ... سَمْحٌ مُخَالَقَتي إِذا لَمْ أُظْلَمِ
وَإِذَا ظُلِمْتُ فَإِنَّ ظُلْمِي بَاسِلٌ ... مُرٌّ مَذَاقَتُهُ كَطَعْمِ الْعَلْقَمِ(465/69)
ولَقَدْ شَرِبْتُ مِنَ الُمدَامةِ بِعدمَا ... رَكَدَ الَهواجِرُ بالَمشُوفِ الُمْعَلمِ
بِزُجَاجَةٍ صَفْرَاءَ ذَاتِ أَسِرَّةٍ ... قُرِنَت بأَزْهَرَ في الشَّمالِ مُفَدَّمِ
فَإِذا شَرِبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِكٌ ... مَالي وعِرْضِي وافِرٌ لَمْ يُكْلَمِ
وإِذا صَحوْتُ فَما أَقَصِّر عن نَدًى ... وكما عَلِمْتِ شَمَائِلي وتَكَرُّمي
وحَلِيلِ غَانِيَةٍ تَركْتُ مُجَدَّلاً ... تَمكُو فَرِيصَتُهُ كَشِدْقِ الأَعْلَمِ
سَبَقَتْ يَدَايَ لَهُ بِعاجِلِ طَعنَةٍ ... وَرَشَاشِ نَافِذَةٍ كَلَوْنِ الْعَنْدَمِ
هَلاَ سأَلْتِ الَخيْلَ يا ابْنَةَ مَالِكٍ ... إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِما لَمْ تَعْلَمِي
إِذْ لا أَزَالُ على رِحَالَةِ سَابحٍ ... نَهْدٍ تَعاوَرُةُ الْكمُاةُ مُكَلَّمِ
طَوْراً يُجَرِّدُ للطِّعانِ وَتَارَةً ... يأوِي إِلى حَصْدِ الْقِسيّ عَرَمرَمِ
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهَدَا لْوقِيعَةَ أَنّني ... أَغْشَى الْوَغَى وَأَعِفُّ عِنْدَ الَمغْنَمِ
وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الْكُماةُ يِزَالَهُ ... لا مُمْعِنٍ هَرَبَاً وَلا مُسْتَسْلِمِ
جَادَتْ لَهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنَةٍ ... بُمثَقفٍ صَدْقِ الْكُعوبِ مُقَوَّمِ
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثيابَهُ ... لَيْسَ الْكَرِيمُ على القَنَا بُمحَرَّمِ
فَتَرَكتُهُ جَزَرَ الْسٍّبَاعِ يَنُشْنَهُ ... بَقْضُمْنَ حُسْنَ بنانِهِ وَالِمعْصَمِ
وَمِشَكِّ سابِغَةٍ هَتَكْتُ فُروجَهَا ... بالسَّيْفِ عن حامي الَحقيقَةِ مُعْلِم
رَبِذٍ يَداهُ بالقِدَاحِ إِذا شَتَا ... هَتَّاكِ غَايَاتِ التِّجَارِ مُلَوَّمِ
لَمَّا رَآني قَدْ نَزَلْتٌ أُرِيدُهُ ... أَبْدَي نَوَاِجذَهُ لِغَيْرِ تَبَسُّمِ
عَهْدِي بِهِ مَدَّ النّهَارِ كأنَّما ... خُضِبَ الْبَنَانُ وَرَأْسُهُ بالعِظْلِمِ
فَطَعَنْتُهُ بالرُّمْحِ ثُمَّ عَلَوْتُهُ ... بِمُهَنَّدٍ صَافي الحَدِيدَةِ مْحِذَمِ
بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيابَهُ في سَرْحَةٍ ... يُحذَى نِعَالَ السَّبْتِ ليْسَ بتَوْأَمِ(465/70)
يا شاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلّتْ لَهُ ... حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْرُمِ
فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فقُلْتُ لها اذْهَبي ... فَتَجَسَّسي أَخْبَارَهَا ليَ وَاعْلَمِي
قاَلتْ رَأَيْتُ مِنَ الأَعادِي غِرَّةً ... وَالشَّاةُ مُمْكِنَ~ لِمنْ هُوَ مُرْتَمِ
وكأَنّما الْتَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايَةٍ ... رَشَا منَ الْغِزْلانِ حُرٍّ أَرْثَمِ
نُبِّئْتُ عمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتي ... وَالْكُفْرُ مَخَبَثَةٌ لِنَفْسِ الُمْنعِمِ
وَلَقَدْ حَفِظتُ وَصَاةَ عِّميَ بالضُّحى ... إِذ تقلِصُ الشفَتَانِ عن وَضَحِ الْفَمِ
في حَوْمَةِ اَلجرْبِ الّتي لا تشْتَكي ... غَمراتِهَا الأبْطالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ
إِذْ يَتَّفُونَ بَي الأَسِنَّةَ لم أخِمْ ... عنها وَلكِنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمي
لمّا رَأَيْتُ الْقوْمَ أَقْبَلَ جَمْعُهمْ ... يَتَذامَرُونَ كَرَرْتُ غيرَ مُذَّممِ
يَدُعونَ عَنْتَرَ وَالرِّماحُ كأنّها ... أَشْطانُ بئْرٍ في لَبَانٍ الادْهَمِ
ما زِلْتُ أَرْمِيهمْ بثُغْرَةِ نَحْرِهِ ... وَلَبَانِهِ حتى تَسَرْ َبَل بالدَّمِ
فازْوَرَّ مِنْ وَقْع الْقنَا بلَبَانِهِ ... وشَكا إِلَيَّ بِعَبْرَةٍ وَتَحَمْحُمِ
لَوْ كانَ يَدْرِي مَا اُلمحاوَرَةُ أشْتَكَى ... وَلَكَانَ لَوْ عَلِمَ الْكَلامَ مُكَلِّمِي
ولَقَدْ شَفَى نَفْسي وَأَذْهَبَ سُقْمَهَا ... قِيلُ الْفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقْدِمِ
وَالَخيْلُ تَقْتَحِمُ الَخبَارَ عَوَابِساً ... من بينِ شَيْظَمَةٍ وَآخرَ شَيْظَمِ
ذُلُلٌ رِكابي حَيْثُ شِئْتُ مُشايعِي ... لُبِّي وَأَحْفِزُهُ بأَمْرٍ مُبْرَمِ
وَلَقَدْ خَشِيتُ بأَنْ أَمُوتَ وَلمْ تَدُرْ ... لِلْحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِميْ عِرضِي وَلَمْ أَشْتِمْهُما ... وَالْنَّاذِرَيْنِ إِذا لَمَ الْقَهُما دَمي
إِنْ يَفْعَلا فَلَقَدْ تَرَكْتُ أَبَاهُمَا ... جَزَرَ السِّبَاعِ وَكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ(465/71)
المتردم : الموضع الذي يترقع ويستصلح لما اعتراه من الوهن ، والتردم أيضا مثل الترنم ، وهو ترجيع الصوت مع تحزين يقول : هل تركت الشعراء موضعا مسترقعا إلا وقد رقعوه وأصلحوه ؟ وهضا استفهام يتضمن معنى الإنكار ، أي لم يترك الشعراء شيئا يصاغ فيه شعر إلا وقد صاغوه فيه ؛ وتحرير المعنى : لم يترك الأول للآخر شيئا ، أي سبقني من الشعراء قوم لم يتركوا لي مسترقعا أرقعه ومستصلحا أصلحه . وإن حملته على الوجه الثاني كان المعنى : أنهم لم يتركوا شيئا إلا رجعوا نغماتهم بإنشاء الشعر وإنشاده في وصفة ورصفه . ثم أضرب الشعر عن هذا الكلام وأخذ في فن آخر فقال مخاطبا نفسه : هل عرفت دار عشيقتك بعد شكك فيها ، وأم ههنا معناه بل أعرفت ، وقد تكون أم بمعنى بل مع همزة الاستفهام ، كما قال الأخطل : كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا أي : بل أرأيت ، ويجوز أن تكون هل ههنا ، بمعنى قد ، كقوله عز وجل : (هل أتى على الإنسان) أي قد أتى 1
الجو : الوادي ، والجمع الجواء ، والجواء في البيت موضع بعينه ، عبلة : اسم عشيقته : وقد سبق القول في قوله : عمي صباحا يقول : يا دار حبيبتي بهذا الموضع ، تكلمي وأخبريني عن أهلك ما فعلوا . ثم أضرب عن استخباره إلى تحيتها فقال : طاب عيشك في صباحك وسلمت يا دار حبيبتي 2
الفدن : القصر ، والجمع الأفداه ، المتلوم : المتمكث يقول : حبست ناقتي في دار حبيبتي ، ثم شبه الناقة بقصر في عظمها وضخم جرمها ، ثم قال : وإنما حبستها ووقفتها فيها لأقضي حاجة المتمكث يجزعني من فراقها وبكائي على أيام وصالها 3
يقول : وهي نازلة بهذا الموضع وأهلنا نازلون بهذه المواضع 4(465/72)
الإقواء والإقفار : الخلاء ، جمع بينهما لضرب من التأكيد كما قال طرفة : ( متى أدن منه ينأ عني ويبعد ) جمع بين النأي والبعد لضرب من التأكيد ، أم الهيثم : كنية عبلة يقول : حييت من جملة الأطلال ، أي خصصت بالتحية من بينها ، ثم أخبر أنه قدم عهده بأهله وقد خلا عن المكان بعد ارتحال حبيبته عنه 5
الزائرون : الأعداء ، جعلهم يزأرون زئير الأسد ، شبه توعدهم وتهددهم بزئير الأسد يقول : نزلت الحبيبة بأرض أعدائي فعسر علي طلبها ، وأضرب عن الخبر في الظاهر إلى الخطاب ، وهو شائع في الكلام ، قال الله تعالى : (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح) 6
قوله : غرضا ، أي فجأة من غير قصد له ، التعليق هنا : التفعيل من العلق والعلاقة والعشق والهوى ، يقال: علق فلان بفلانة ، إذا كلف بها علقا وعلاقة ، العمر والعمر ، بفتح العين وضمها : الحياة والبقاء ، ولا يستعمل في القسم إلا بفتح العين ، الزعم : الطمع . والمزعم : المطمع يقول : عشقتها وشغفت بها مفاجأة من غير قصد مني : أي نظرت إليها نظرة أكسبتني شغفا وشغفت بها وكلفا مع قتلي قومها ، أي مع ما بيننا من القتال ، ثم قال : أطمع في حبك طمعا لا موضع له لأنه لا يمكنني الظفر بوصالك مع ما بين الحيين من القتال والمعاداة ؛ والتقدير : أزعم زعما ليس بمزعم أقسم بحياة أبيك أنه كذلك 7
يقول : وقد نزلت من قلبي منزلة من يحب ويكرم فتيقني هذا واعلميه قطعا ولا تظني غيره 8
يقول : كيف يمكنني أن أزورها وقد أقام أهلها زمن الربيع بهذين الموضعين وأهلنا بهذا الموضع وبينهما مسافة بعيدة وشقة مديدة ؟ أي كيف يتأتى لي زيارتها وبين حلتي وحلها مسافة ؟ المزار في البيت : مصدر كالزيارة ، التربع : الإقامة زمن الربيع 9(465/73)